You are on page 1of 12

‫البعد السيميائي في اللون "رمزيته وكنائيته"‬

‫مقدمة ‪:‬‬
‫وتمنح الطبيع ةَ َس ْحنةَ األلف ِة‪ ،‬وتهب‬
‫ُ‬ ‫لل ون قيم ةٌ تكس ي ِرداء الحي ِاة َه ْيب ةَ الجم ِ‬
‫ال‪،‬‬ ‫َ‬
‫عالم ِه الم رئي‪ ،‬فه و‬
‫ياء لك َّل ماي دور في ِ‬‫واإلدراك بين األش ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ان ثقاف ةَ التَّ ُّ‬
‫ميز‪،‬‬ ‫اإلنس َ‬
‫تتعرفُ هُ في وج و ِه المج ازات‪ ،‬والكناي ات‪ُّ ،‬‬
‫والرم وز‪ ،‬أك َثر من ه حقيق ةً ق َّارةً‬ ‫تعب ٌير‬
‫ِ‬
‫اللون‬ ‫تجدها في‬ ‫ِ‬
‫الدالالت التي قد ُ‬ ‫في وصف األشياء‪ُ ،‬رَّبما يعود ذلك؛ لكثرة‬ ‫وثابتةً‬
‫ات المجتمعي ِة‪،‬‬‫تكوينيةٌ ترتب طُ بالثقاف ِ‬
‫َّ‬ ‫الواح ِد الخ ِ‬
‫الص أو المم زوج‪ ،‬فه و إذن حال ةٌ‬
‫الخاص وهيئتَ هُ الكاشفةَ عن‬ ‫ٍ‬ ‫أن ِ‬
‫والبشرية على مر العصور؛ إذ تجد َّ‬
‫َ‬ ‫لونهُ‬
‫شيء َ‬ ‫لكل‬
‫رب والس الم‬ ‫زن‪ ،‬والفَ ْق ر وللغ نى‪ ،‬والطَّه ارة‪ِ ،‬‬
‫والعفَّة وللح ِ‬ ‫رح والح ِ‬‫معن اه‪ ،‬فللف ِ‬
‫مظاهره ا ودالالتِه ا‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ألوانه ا ال تي تُعبِّر عن ك ِل مظه ٍر من‬
‫وغيره ا من المع اني ُ‬‫ِ‬
‫َّ‬
‫وألهمية ه ذا‬ ‫وان ُك درتِها‪.‬‬
‫ون‪ ،‬ح تى البص ُير ربم ا نالَ هُ ح ظٌ من األل ِ‬ ‫فالحي اةَ بالل ٍ‬
‫يبحث في ثقاف ِة‬
‫َ‬ ‫بقيمن ا وعاداتِن ا وثقافاتن ا؛ آث ر منت دى فيض أن‬
‫وع واتص ِال ِه ِ‬
‫الموض ِ‬
‫ورموزها وكناياتها وب ِ‬
‫عدها العالمي‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األلوان‪ ،‬ومعانيها‪،‬‬
‫ُ‬
‫اللون"في المنظور اللغوي والفلسفي"‪:‬‬
‫المتتب ع للج ذر اللغ وي لم ادة (ل و ن) يج د أن ه يش ير إلى أن "الالم وال واو والن ون‬
‫الش يء‪ ،‬ك الحمرة والس واد‪،‬‬‫ون َّ‬ ‫َّ‬ ‫كلم ةٌ واح دة‪ ،‬وهي َس ْحَنة َّ‬
‫الش يء‪ :‬من ذل ك اللون‪ :‬ل ُ‬
‫فالن‪ :‬اختلفت أخالقُ ه‪ ".‬ابن فارس مقاييس اللغة‪ .‬وه و أيض ا ‪ ":‬هيئ ةٌ‬ ‫ويقال‪ :‬تل َّون ٌ‬
‫ص َل بين ه وبين غ يره‪،‬‬‫والح ْم رة‪ ،‬ولَ َّو ْنتُ ه فتَلَ َّو َن‪ ،‬ولَ ْو ُن ك ِّل ش يء‪ :‬م ا فَ َ‬
‫كالس َواد ُ‬
‫َّ‬
‫روب‪ ".‬لس ان الع رب ابن‬ ‫الض ُ‬ ‫وان ُّ‬
‫والجم ع أَْل َوان‪ ،‬وق د تَلَ َّو َن ولَ َّو َن ولَ َّون ه‪ .‬واألَْل ُ‬
‫منظور‬
‫وتعرض الدكتور إياد محمد الصقر‪ -‬في مقدمة كتابه فلسفة األلوان للون عادا إياه‬
‫من الموض وعات المعق دة ال تي تش كل "ج زء مهم من خبرتن ا اإلدراكي ة الطبيعي ة‬
‫للعالم المرئي واللون ال ي ؤثر في ق درتنا على التمي يز بين األش ياء فق ط ب ل ويغ ير‬
‫من مزاجنا وأحاسيسنا ويؤثر في خبراتنا الجمالية بشكل يكاد يفوق ت أثير أي ُبع د‬
‫آخر يعتمد على حاسة البصر وأي حاسة أخرى" صقر‪.‬فلسفة اللون‪.‬‬
‫والل ون ظ اهرة فس يلوجية أو نفس ية ترتب ط بطبيع ة االنس ان وارتدادات ه االنفعالي ة‬
‫بوصفه كائنا يتأثر باألشياء التي حوله‪ ،‬فتجده أحيانا فرحا وغاضبا‪ ،‬وخجال‪ ،‬وهذه‬
‫االنفع االت النفس ية وغيره ا‪ ،‬تنعكس على محي اه بنح و جلي؛ ل ذلك ت رى بعض‬
‫األنظ ار الفلس فية والس يكولوجية أن اإلنس ان على س بيل المث ال ‪" :‬ف إذا م ا ض حك‬
‫اإلنسان ضحكة صفراء فربم ا ك انت الص فراء (العص ارة المراري ة) تلعب دوراً في‬
‫ه ذا الن وع من الغض ب المكب وت وإ ذا قي ل مثالً إن ه ذا الش خص يتط اير الش رار‬
‫األحم ر من عيني ه ه ذا ألن ال دم ال ذي ي زدحم في ال رأس ويت أثر ب ه النظر"‬
‫صقر‪.‬فلسفة اللون‪.‬‬
‫يميائيا َّ‬
‫يتكش ف من خالل الت دوال اللغ وي‪ ،‬والنظ ام‬ ‫ًّ‬ ‫نلح ظ من ه ذا أن لل ون بع ًدا س‬
‫الس يميولوجي(اإلش اري) ال ذي يع نى بتص نيف العالم ات واإلش ارات ال تي تُس قطها‬
‫األلوان على المجسمات والصور كما سيتضح‪.‬‬

‫سيميائية اللون‪:‬‬
‫الش ك في أن ثم ة عالق ة تالزمي ة بين علم اإلش ارة ودالل ة الل ون؛ والس يما إذا م ا‬
‫س لمنا ب أن لك ل ل ون خاص ية عالمي ة‪ ،‬ورمزي ة‪ ،‬وكنائي ة‪ ،‬خاض عةً لعلم الت داول‬
‫واالستعماالت في مختلف مجاالت الحياة؛ فاللون األبيض على سبيل المثال يرمز‬
‫في بعض دالالت ه الى الطه ارة والنق اء‪ ،‬في حين تج د الل ون األس ود ق د يرم ز إلى‬
‫الح زن والم وت‪ ،‬واألزرق للوف اء‪ ،‬واألص فر للخبث والحس د‪ ،‬واألحم ر للعن ف‪،‬‬
‫تتلبس بهذه األلوان أوغيرها‪ ،‬ويجدر‬
‫واألخضر للرجاء‪ ،‬وغيرها من الكنائيات التي ّ‬
‫الذكر أن ال داللة بات ةً في اللون الواحد‪ ،‬بل قد تجده يخضع الى قرائن استعمالية‪،‬‬
‫أنساق َّ‬
‫ثقافية معينة‪ ،‬أو قد تجده يتأثر بموروث‬ ‫ٌ‬ ‫أو عوامل بيئية أو قد تكون وراءه‬
‫اجتماعي‪ ،‬أو ديني ونحو ذلك من األنساق؛ لذا يقتضي البحث الكشف عنها وبيان‬
‫أوجه التالزمية بين علم السيميولجويا وطبيعة اللون‪.‬‬

‫عالئمية اللون" األيقونة واإلشارة والرمز"‪:‬‬


‫فالس يمولوجيا أو م ايعرف بعلم (اإلش ارات أو العالم ات) يختص ‪ ":‬بدراس ة‬
‫وتص نيف جمي ع أن واع العالم ات واإلش ارات بم ا فيه ا العالم ات اللغوي ة‪ .‬يق ول‬
‫الفيلس وف األم ريكي ‪ : Pierce‬ليس باس تطاعتنا أن ن درس أي ش يء في ه ذا‬
‫الك ون – كالرياض يات واألخالق والع ادات والفل ك والجاذبي ة والكيمي اء والكالم إال‬
‫على أنها أنظمة سيميولوجية (إشارية) " فعلى ه ذا يمكن ع د الل ون ‪ -‬ذل ك النظ ام‬
‫اإلش اري‪ -‬أح د أب رز مص اديق ه ذه النظري ة‪ ،‬إذ إن س طوع األل وان‪ ،‬ووض وحها‪،‬‬
‫وانعكاساتها‪ ،‬التعدو اال أن تكون ترددات وتذبذبات إشارية له رمزيتها‪ ،‬وداللتها‪.‬‬
‫ويمكن أن نلمس حقيقة ذلك عبر التقسيم الذي وضعه بيرس النواع العالمات؛ إذ‬
‫مي ز ب يرس (‪ )Pierce‬ثالث ة أن واع من العالم ات‪ ،‬هي العالم ة األيقوني ة‪ ،‬والعالم ة‬
‫ّ‬
‫اإلشارية‪ ،‬والرمز‪:‬‬
‫‪-1‬العالم ة األيقوني ة (‪ : )Iconic Sign‬ويتض ح م دلول ه ذه العالم ة من طري ق‬
‫المحاكاة‪ ،‬كصور األشياء‪ ،‬والرسوم البيانية‪ ،‬والخرائط‪ ،‬والنماذج‪ ،‬والمجسمات‪.‬‬
‫وعلى وف ق ه ذه العالم ة للب احث أن يط رح س ؤاال‪ :‬ه ل يمكن ع د الل ون عالم ة‬
‫أيقونية؟‬

‫الش ك في أن األل وان تع د عنص را مهم ا في تحدي د مالمح العالم ة االيقوني ة؛ لنأخ ذ‬
‫على سبيل المثال تشكل رسوم الخرائط ومدى أهمية اللون في تحديد سماتها؛ إذ‬

‫إن " األل وان على الخريط ة الطبوغرافي ة تس اعد على فهم التفاص يل المرس ومة‬
‫عليه ا بك ل س هولة وتجع ل الص ورة ال تي تمثله ا أك ثر وض وحا‪ ،‬فعن د مقارنتن ا‬
‫لخريط تين إح داهما مثلت عليه ا التفاص يل والظ واهر الطبوغرافي ة ب اللون األس ود‬
‫رى مثلت عليه ا ه ذه الظ واهر بل ونين أو أك ثر‪ ،‬فإنن ا س نجد أن ه كلم ا‬
‫فق ط واألخ َ‬
‫زادت األل وان ‪،‬كلم ا ت وفرت إمكاني ة التمثي ل ال دقيق والس هل للمظ اهر‬
‫الطبوغرافية* " *(الطبوغرافية‪:‬علم التضاريس ومالمح سطح االرض)‬
‫لذلك تجد أن المختصين في مجال علم التضاريس يجعلون لكل لون أيقونة كاشفة‬
‫عن م دلول بي اني داخ ل الخريط ة‪ ،‬ولع ل أهم األل وان المس تعملة في الخرائ ط‬
‫الطبوغرافية عادة والمتعارف عليها دوليا هي‪:‬‬

‫اللون األسود ‪ :‬وهو خاص بالمظاهر التي استحدثها اإلنسان من مساكن وجسور‬
‫وسكك حديدية وغيرها‪.‬‬
‫الل ون األحمر ‪ :‬يس تخدم لتمثي ل الط رق الرئيس ية‪ ،‬والمجمع ات الس كنية كالم دن‬
‫والقرى الهامة‪.‬‬
‫الل ون األزرق ‪ :‬يس تخدم لتمثي ل ك ل المس طحات المائي ة مث ل البح يرات‪،‬‬
‫والمستنقعات‪ ،‬واألنهار‪ ،‬واألودية‪ ،‬والبحار والمحيطات‪.‬‬
‫الل ون األخض ر ‪ :‬يس تعمل لتمثي ل الغط اء النب اتي مث ل الغاب ات واألش جار المنعزل ة‬
‫والحشائش العالية وغيرها‪.‬‬
‫اللون البني ‪ :‬يستخدم لتمثيل المظاهر التضاريسية بواسطة منحنيات التسوية‪ ،‬كما‬
‫يمثل الصخور والفجاج‪ ،‬والجروف وغيرها‪.‬‬
‫(ينظر‪:‬موسوعة ويكيبيديا‪) /http://ar.wikipedia.org‬‬

‫من هنا يتضح لنا أن اللون يسهم في رسم مالمح العالمة االيقونية ويعد أحد أبرز‬
‫سماتها ومميزاتها‪.‬‬

‫‪-2‬العالم ة اإلش ارية ‪ :))Indexical Sign‬هي العالم ة ال تي تش ير إلى عالق ة‬


‫تالزمية بين األثر والمؤثر‪ ،‬مثل الدخان في داللته على وجود النار‪ ،‬وآثار األرانب‬
‫والحب اري في داللته ا على وج ود ه ذه الحيوان ات‪ ،‬وآث ار المج رم في داللته ا على‬
‫تورط ه في جريمت ه‪ ،‬والحب وب ال تي تظه ر على الجس م عن د المص اب بالحص بة أو‬
‫الجدري ونحو ذلك‪.‬‬
‫ولعل هذه األمثلة تشير بنحو جلي إلى البعد اإلشاري للون عالم ةً مميزة في تالزم‬
‫األثر ومؤثره‪ ،‬فالدخان إشارة لونية إشهارية تدل على أثر النار‪ ،‬ويحدث أن يكون‬
‫ان ُم ِب ٍ‬
‫ين) "الدخان‪ "10 :‬إشارة‬ ‫اء ِب ُد َخ ٍ‬ ‫الدخان في قوله تعالى(فَ ْارتَ ِق ْب َي ْو َم تَأ ِْتي َّ‬
‫الس َم ُ‬
‫لونيا لكشف عالمات الساعة‪ .‬وكذا األثر الذي يترك في المكان يحمل سمة‬ ‫وأثرا ًّ‬
‫لوني ة ت دل وج ود م ؤثر من انس ان او حي وان او غ ير ذل ك‪ ،‬ل ذا من دالالت ه اللغوي ة‬
‫"األَث ر‪ ،‬بالتحري ك‪ :‬م ا بقي من رس م الش يء" (اللس ان‪ :‬م ادة أ ث ر)‪ ،‬والرس م هيئ ة‬
‫لوني ة وملمح إش اري ين بئ بطبيع ة الم ؤثر‪ ،‬وليس ت بعي دةً عن الهيئ ة اللوني ة‪،‬‬
‫األع راض المرض ية ال تي تظه ر على جس د اإلنس ان عن د إص ابته ب البرص أو‬
‫األحمى‪ ،‬فالبياض أو الحمرة الداكنة عالمة سيميائية تؤشر على العلة‪.‬‬
‫‪-3‬الرمز‪ : Symbol(( :‬يمكن ُّ‬
‫عد الرمز عالمة اصطالحية تفيد بأن مدلولها بني‬
‫على اص طالح بين جماع ة من الن اس تع ارفوا علي ه وغ دا موض ع اتف اق‪ ،‬مث ل‪:‬‬
‫إش ارات الم رور الض وئية‪ ،‬وعالم ة ص ح √ وعالم ة خط أ ‪ X‬وعالم ات الموس يقى‬
‫♫ ومف ردات اللغ ة مث ل‪ :‬ش جرة‪ ،‬حص ان‪ ،‬كت اب‪ ،‬ص دق‪ ،‬قت ل‪ .‬وأص وات األب واق‬
‫واألجراس‪.‬‬
‫ف الرمز عالم ة لوني ة ب ارزة في الكش ف عن دالالت األش ياء‪ ،‬ف الترميز للعالم ات‬
‫المرورية بألوان الوقوف (األحمر)‪ ،‬والتهيؤ (األصفر)‪ ،‬والمسير(األخضر) إشارة‬
‫إعالمية واضحة تنظم حالة حضارية تتعارف عليها الشعوب لتنسيق تعامالتهم في‬
‫حركة عجالتهم بانتظام ودقة‪ ،.‬ومن أمثلة الرموز العلم كهوية تعريفية ألي بلد من‬
‫البلدان‪ ،‬ف األلوان تعلب دورا أساسيا وب ارزا في بنائ ه‪ .‬وكذا ب اقي الرم ور األخ رى‬
‫فهي هيئات تصويرية لها أثرها في التمييز بين عدد من المعارف المتعالقة‪ ،‬وذات‬
‫االتفاقات االصطالحية الموضوعة لبيان مغزى الترميز من اللون‪.‬‬
‫كنائية األلوان في القرآن ‪:‬‬
‫الكناي ة لف ظ ال يقص د من ه المع نى الحقيقي وإ نم ا مع نى مالزم ا للمع نى الحقيقي‪ ،‬أو‬
‫هو لفظ أطلق أريد به الزم معناه ال أصل معناه‪.‬‬

‫و الكناية أحد أساليب البالغة التي تصنف ضمن علم البيان‪ .‬فمثال يقول الشاعر‪:‬‬
‫"وكلبك آنس بالزائرين‪ "..‬يريد بذلك أن يصف ممدوحه بالجود‪ ،‬ألن الكلب األنيس‬
‫يل زم أن ه ي رى الكث ير من الن اس فال يه اجمهم وال ينبح عليهم‪ ،‬ورؤي ة الكث ير من‬
‫الناس تستلزم أن هناك ضيوفا‪.‬‬

‫والناظر في حقيقة األلوان يجد أن استعمالها ذو بعد كنائي في الغالب‪ ،‬فقولنا فالن‬
‫أبيض الكلب‪ :‬ي راد أي أن ه نقي‪ ،‬ويق ال ‪ :‬أحم ر وج ه الفت اة‪ ،‬كناي ة عن خجله ا‪،‬‬
‫واس ود قلب المبغض كناي ة عن الحق د‪ ،‬ومن الكناي ات ل دى الع رب ق ولهم‪" :‬أَهل ك‬
‫ِ‬
‫َحمران‪ :‬اللحم والخمر"‬ ‫َح ِ‬
‫مران‪ ،‬يعنون الذهب والزعفران‪ ،‬هلك الرجا َل األ‬ ‫النساء األ ْ‬
‫َ‬
‫(اللسان‪ ،‬مادة‪ :‬ح م ر) واألمثلة على ذلك كثيرة‪.‬‬
‫ولل ون في الق رآن قيم ة كوني ة وحض ارية واجتماعي ة وإ نس انية دعان ا الب اري ع ز‬
‫ض‬‫واألر ِ‬ ‫الس م ِ‬
‫وات‬ ‫الى‪":‬و ِم َن َآيتِ ِه َخل ُ‬
‫ْ‬ ‫ق َّ َ‬ ‫َ‬ ‫وج ل للتأم ل فيه ا؛ إذ يق ول س بحانه وتع‬
‫ين " ( الروم‪ ) 22 :‬وكذا قوله‬ ‫ِِ‬ ‫ٍ‬ ‫ألسَنتِ ُكم’ وأَْل َوانِ ُكم’ِإ َّن ِفي َذِل َ‬
‫ف ِ‬ ‫واختِاَل ُ‬
‫آليات للعالم َ‬ ‫ك َ‬
‫َّ‬ ‫ك َ ِّ‬ ‫ض ُم ْختَِلفً ا أَْل َو ُان هُ ِإ َّن ِفي َذِل َ‬
‫‪":‬و َم ا َذ َرأَ لَ ُك ْم ِفي األ َْر ِ‬
‫آلي ةً لقَ ْوٍم َي ذ َّك ُر َ‬
‫ون " (النح ل‪:‬‬ ‫َ‬
‫‪)13‬‬
‫ورد لفظ ألوان ومشتقاته في سبع آيات فقط من القرآن الكريم‪ ،‬فقد ذكر لفظ ألوان‬
‫وه و جم ع كلم ة (ل ون) في الق رآن الك ريم في مواض ع س بعة أيض اً ولكن في س ت‬
‫آي ات‪ ،‬كإش ارة من الم ولى ع ز وج ل إلى األطي اف اللوني ة الس بعة المعروف ة ال تي‬
‫يتكون منها الضوء األبيض‪ ،‬كما جاء ذكر لف ظ لون مف ردة م رتين في آية واحدة‬
‫من آيات القرآن الكريم‪ .‬ولقد وردت تلك األلفاظ في المواضع التالية‪:‬‬

‫أوالً لفظ لون‪:‬‬

‫اء فَ ِاقعٌ لَّ ْوُنهَ ا تَ ُس ُّر‬ ‫َّ‬


‫ك ُيَبيِّن لَنا َما لَ ْوُنهَا قَا َل ِإَّنهُ َيقُو ُل ِإّنهَا َبقَ َرةٌ َ‬
‫ص ْف َر ُ‬ ‫(قَالُوْا ْادعُ لََنا َرَّب َ‬
‫َّ ِ‬
‫ين) ( البقرة ‪)69‬‬ ‫الناظ ِر َ‬
‫ثانياً لفظ ألوان‪:‬‬
‫َّ‬ ‫ك َ ِّ‬ ‫ض ُم ْختَِلفًا أَْل َو ُانهُ ِإ َّن ِفي َذِل َ‬ ‫(و َما َذ َرأَ لَ ُك ْم ِفي األ َْر ِ‬
‫ون) (النحل ‪)13‬‬ ‫آليةً لقَ ْوٍم َيذ َّك ُر َ‬ ‫َ‬
‫اب ُّم ْختَِل ٌ‬
‫ف‬ ‫ِّك ُذلُالً َي ْخ ُر ُج ِمن ُبطُونِهَ ا َش َر ٌ‬ ‫ات فَاس لُ ِكي س ب َل رب ِ‬
‫ُُ َ‬ ‫ْ‬
‫(ثَُّم ُكِلي ِمن ُك ِّل الثَّم ر ِ‬
‫ََ‬
‫ون) (النحل ‪)69‬‬ ‫ك َ ِّ‬
‫آليةً لقَ ْوٍم َيتَفَ َّك ُر َ‬ ‫اس ِإ َّن ِفي َذِل َ‬ ‫يه ِشفَاء ِل َّلن ِ‬
‫أَْلو ُانه ِف ِ‬
‫َ ُ‬
‫ك آلي ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ض واختِ ُ ِ ِ‬ ‫الس م ِ‬ ‫(و ِم َن َآيتِ ِه َخ ُ‬
‫ات‬ ‫الف ألس َنت ُكم’ وأَْل َوان ُكم’ِإ َّن في َذل َ َ‬ ‫واألر ِ‬ ‫ْ‬ ‫وات‬ ‫لق َّ َ‬ ‫َ‬
‫ين) (الروم ‪)22‬‬ ‫ِِ‬
‫للعالم َ‬
‫ات ُّم ْختَِلفً ا أَْلو ُانه ا و ِم َن اْل ِجَب ِ‬‫َخر ْجَنا بِ ِه ثَم ر ٍ‬ ‫َن اللَّه أ َ ِ‬
‫ال‬ ‫َ َ َ‬ ‫ََ‬ ‫َّماء َماء فَأ ْ َ‬ ‫َنز َل م َن الس َ‬ ‫(أَلَ ْم تََر أ َّ َ‬
‫ود) ( فاطر ‪)27‬‬ ‫يب ُس ٌ‬ ‫ف أَْل َو ُانهَا َو َغ َرابِ ُ‬ ‫يض َو ُح ْمٌر ُّم ْختَِل ٌ‬
‫ُج َد ٌد بِ ٌ‬
‫ف أَْل َو ُانهُ) (فاطر ‪)28‬‬ ‫األن َع ِام ُم ْختَِل ٌ‬
‫اب َو ْ‬ ‫اس و َّ‬
‫الد َو ِّ‬ ‫(و ِم َن َّ ِ‬
‫الن َ‬ ‫َ‬
‫ام ا ِإ َّن ِفي‬
‫طً‬ ‫ص فًَّرا ثَُّم َي ْج َعلُ هُ ُح َ‬‫يج فَتَ َراهُ ُم ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫(ثَُّم ُي ْخ ِر ُج بِ ه َز ْر ًع ا ُّم ْختَلفً ا أَْل َو ُان هُ ثَُّم َي ِه ُ‬
‫اب) (الزمر ‪)21‬‬ ‫ك لَ ِذ ْكرى ألوِلي األَْلَب ِ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫َذل َ َ‬
‫نرى أن استعماالت اللون في القرآن تأخذ بعدا كنائيا في كثير من استعماالتها؛ لذا‬
‫سنعمد الى تحليل عدد من اآليات التي استعملت فيها األلوان‪ ،‬ومنها قوله تعالى‪:‬‬

‫ون﴾ (عمران‪)107 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َّ ِ‬ ‫ت وج ُ ِ‬ ‫ين ْابَي َّ‬ ‫﴿وأ َّ َِّ‬
‫وههُ ْم فَفي َر ْح َمة الله ُه ْم فيهَا َخال ُد َ‬ ‫ضْ ُُ‬ ‫َما الذ َ‬ ‫َ‬
‫فبي اض الوج وه هن ا كناي ة عن س رائر نف وس أه ل الجن ة ممن خلص ت أعم الهم في‬
‫ال دنيا لوج ه اهلل والس يما أن اس تعمال الل ون األبيض في الم وروث اللغ وي يؤي د‬
‫ماتكني فيه اآلية الكريمة من طهارة اإلنسان األبيض ونقائه‪(.‬اللسان‪ ،‬مادة ح م ر)‬
‫وق د يس تعمل الل ون األبيض كناي ة عن الم رض والح زن كم ا يفهم من س ياق قول ه‬
‫ت َع ْيَن اهُ ِم َن اْل ُح ْز ِن فَهُ َو‬ ‫ف َو ْابَي َّ‬
‫ض ْ‬ ‫وس َ‬
‫َس فَ ٰى َعلَ ٰى ُي ُ‬ ‫﴿وتَ َولَّ ٰى َع ْنهُ ْم َوقَ َ‬
‫ال َي ا أ َ‬ ‫تع الى‪َ :‬‬
‫يم﴾ (يوسف‪)84:‬‬ ‫ِ‬
‫َكظ ٌ‬
‫ومن اس تعماالت الل ون في الق رآن قول ه تع الى في كناي ة الل ون األص فر في قول ه‬
‫ِ‬ ‫َّ‬
‫اء فَ اقعٌ‬ ‫ك ُيَبيِّن لَن ا َم ا لَ ْوُنهَ ا قَ ا َل ِإَّنهُ َيقُ و ُل ِإّنهَ ا َبقَ َرةٌ َ‬
‫ص ْف َر ُ‬ ‫تع الى (قَ الُوْا ْادعُ لََن ا َرَّب َ‬
‫لَّوُنها تَس ُّر َّ ِ‬
‫ين) ( البقرة ‪)69‬‬ ‫الناظ ِر َ‬ ‫ْ َ ُ‬
‫فهن ا ن رى بعض الب احثين يفص ل الق ول في ه ذه اآلي ة‪ ،‬ق ائال ‪ " :‬وق د يتب ادر إلى‬
‫الذهن أن (الفاقع ) هو صفة للون ال ذي يث ير العين كم ا ه و دارج بالنس بة للف ظ "‬
‫ف اقع " وه و األم ر ال ذي أث ار في الب احث التس اؤل ح ول م ا آل إلي ه علم اء علم‬
‫النفس بأن اللون األصفر المخلوط باألبيض يعتبر مريحاً للنظ ر ومه دئاً لألعص اب‬
‫ويكس ب النفس الس رور‪ ،‬ول ذلك يس تخدم في طالء غ رف المرض ى النفس يين‪ ،‬أم ا‬
‫الل ون األص فر الس اطع أو ب المفهوم ال دارج " األص فر الف اقع " فه و مث ير للعين‬
‫وغ ير م ريح‪ ،‬وهن ا ي أتي اللبس بين م ا نفهم ه من الق رآن الك ريم وبين م ا ه و‬
‫ص ْف َراء " أي‬
‫مثبت علمياً‪ .... ،‬فقد أجمع جمهور المفسرين في قوله عز وجل‪َ " :‬‬
‫أنه ا ص فراء الل ون من الص فرة المعروف ة و" فَ ِ‬
‫اقعٌ لَّ ْو ُن َه ا " أي ص افية الل ون من‬
‫شدتها‪ .‬وقد ذكر القرطبي عن ابن عب اس " فَ ِ‬
‫اقعٌ لَّ ْو ُن َه ا " أي ش ديدة الص فرة تك اد‬
‫من صفرتها تبيض لتسر الناظرين داللة على جمالها وتألقها وحيويتها "‬
‫اللون عالم فسيح من الدالالت والتصورات تدعونا للتأمل في رمزيته‪ ،‬وأبعاده‪....‬‬
‫‪http://www.feidh.com‬‬
‫السيميائية‪:‬‬
‫تع د الس يميائية العلم ال ذي يهتم بدارس ة األنظم ة والعالم ات واإلشارات دراس ة‬
‫منتظمة في النظام الكوني‪ ،‬إذ ظهرت بعد انحسار البنيوية وانغالقها على النص في‬
‫النص ف األول من الق رن العش رين بع د تي ا رات الحداث ة إال أن بوادره ا الحقيقي ة‬
‫قديمه قدم الكون واختلفت باختالف الثقافات واختالف التاريخ من زمن إلى آخر ‪.‬‬
‫أن مصطلح السيمياء في أبسط تعريفاته هي نظام السمة أو الشبكة من العالقات‬
‫النظمي ة المتسلس لة وف ق قواع د لغوي ة متف ق عليه ا في بيئ ة معين ة‪ .‬إ و�ن ك ل‬
‫المعطي ات الموص وفة في النم وذج اللس اني يمكن أن تتح ول الى ك وة نط ل من‬
‫خالله ا على االنس اق غ ير اللس انية ‪ ،‬ف القوانين ال تي تتحكم في أش تغال األنس اق‬
‫األخرى مبنية وفق قوانين اللسان‪ .‬هكذا تصور سوسير السيميولوجيا‪ .‬ووفق هذا‬
‫المنط ق ح دد موض وعها‪ ،‬فه ذه المعطي ات تق دم معرف ة أولي ة س تقود الى االس تقالل‬
‫بنفس ها والبحث عن هويته ا من خ ال تب ني م ا ي وفره النم وذج اللس اني من أدوات‬
‫ومفاهيم وأساليب في التحليل والرؤية ‪.‬‬
‫إن التفكير السيميائي بمعناه العام يشمل كل عملية تفسير للداللة وآلية اشتغالها‪،‬‬
‫في الشكل واالستعمال والتوظيف‪ ،‬فا ريب إنها تضرب بجذورها في أقدم العصور‬
‫الرتباطه ا الش ديد بالنش اط ال ذهني البش ري عموم ا‪ .‬ومن الممكن تص ور قي ام علم‬
‫ي درس مفه وم الدالل ة ب المجتمع يك ون ج زءا من علم النفس االجتم اعي وبالنتيج ة‬
‫جزءا من علم النفس العام يسمى ‪ semiology‬أي «علم اإلشارة » ويبين ه ذا العلم‬
‫م ا ال ذي يك ون العالم ات وأي ة ق وانين تتحكم به ا‪ ،‬وباإلمك ان تط بيق الق وانين ال تي‬
‫يكتش فها علم اإلش ارة ض من كتل ة الحق ائق االنثروبولوجي ه‪،‬اذ يخلص سوس ير إلى‬
‫الق ول ) إن د ا رس ة الطق وس والع ادات والتقالي د وغيره ا بوص فها إش ا ا رت‬
‫تساعدنا على إلقاء ضوء جديد على هذه الحقائق إ و�ظهار الحاجة إلى ضم هذه‬
‫األم ور إلى علم العالم ات وتفس يره طبق ا لقواع ده (‪ ، (2 ) .‬فالس يمياء هي علم‬
‫العالمة الكامنة وظيفتها في تامين االتصال بين األفكار في المجتمع عبر وسيله من‬
‫خ ال وج ود أداة االتص ال ) ش يء يتكلم علي ه ومرج ع ‪ ،‬وعالم ات ونظ ام إش ا ا‬
‫رت(‪ (3 ) .‬كما هو في المخطط االتي‪:‬‬
‫نظام العالمات )اإلشارات(‬
‫إن م ا تحي ل إلي ه الس يميائية ه و وج ود م اده بين المرس ل والمرس ل إلي ه فالتخطي ط‬
‫يشير إلى‬
‫نظام اتصالي يتحقق وفق العالمة الدالة‪ ،‬وان النظام الكوني بكل ما فيه من إشا ا‬
‫رت ورموز‬
‫هو نظام ذو دالله والداللة وفق المفهوم السيميائي ال توحد كائنات أحادية الجانب‪،‬‬
‫وال تق رب بين لفظين فق ط ‪ ،‬بس بب إن ك ل من ال دال والم دلول ط رف وعالق ة في‬
‫الوقت ذاته وان الدال هو الوسيط «المادي » من مدلول والربط بين الدال والمدلول‬
‫يمكن وص فه بص يغه تعاقدي ه‪ ،‬ه ذا العق د جم اعي منق وش في زمن طوي ل يق ول‬
‫سوسير بان «اللسان‪ .‬دائما‪ .‬ارث ) ‪1) «.‬وهكذا يتعين على عالم اللغة‪ ،‬أن يتس اءل‬
‫عن الش يء ال ذي يح اول وص فه‪ .‬فاللغ ة نظ ام من العالم ات‪ ،‬وال تع د األص وات أو‬
‫الصور لغة إال عندما تعبر عن األفكار‪.‬‬
‫والتص ميم كنظ ام لغ وي بص ري ج زء من العملي ة االجتماعي ة‪ ،‬ال تي تعتم د نظ ام‬
‫العالمات ويلبي االحتياجات اإلنسانية ويدخل في جوهر العملية االجتماعية ويجعل‬
‫من تواترها مقاييس‬
‫في وض ع حل ول التتناس ب فق ط م ع احتياجات ه فحس ب‪ ،‬إ و�نم ا تل بي تل ك الرؤية‬
‫المستقبلية‬
‫ل ذلك المجتم ع‪ ،‬والمص مم كف رد في ه يس تطيع أن يستكش ف ع بر عالم ات مجتمع ة‬
‫ودالالته ا اللوني ة مايجع ل عملي ة التص ميم أح د محركات ه ال تي تعم ل على ديموم ة‬
‫التواصل‪ .‬وهكذا فإن علم السيمياء هو ذلك العلم الذي يدرس حياة اإلشا ا رت في‬
‫قلب المجتم ع‪ ،‬ويهتم بإنت اج اإلش ا ا رت أو العالم ات وأس تعمالها‪ ،‬وتظه ر األنظم ة‬
‫الس يميائية من خ ال العالق ات بين العالم ات‪ .‬وتع د جه ود الفيلس وف األم ريكي‬
‫تشارلز سندرس بيرس‪ ،‬التي جعلت من السيمياء علم اً قائما بذاتة‪ ،‬تبع اً لرؤيته هي‬
‫علم اإلشارة وهو يضم جميع العلوم اإلنسانية والطبيعية‪.‬‬
‫اذ يقول « ليس باستطاعتي أن أدرس أي شيء في هذا الكون كالرياضيات‪ ،‬وعلم‬
‫النفس‪،‬وعلم الصوتيات‪ ،‬وعلم االقتصاد‪ ،‬وغيرها إال على أنه نظام سيميولوجي ) ‪.‬‬
‫« )‪2‬أن نظام بيرس السيميائي )السيميولوجي( هو عبارة عن مثلث‪ ،‬تشكل اإلشارة‬
‫فيه الضلع االول‪ ،‬وهو الذي له صلة حقيقية بالموضوع الذي يشكل الضلع الثاني‬
‫المحدد للمعنى‪ .‬وهذا الضلع الثالث أي المعنى ‪ -‬هو إشارة تعود على موضوعها‬
‫ال ذي أنتج‪ ،‬فالعالم ة عن ده متع ددة االوج ه على خالف العالم ة )ال دليل( عن د‬
‫سوسير‪،‬النها ذات وجهين‪:‬‬
‫دال ‪ Significant‬وم دلول ‪ .( Signifies (3‬كم ا أن الفن ه و تص ميم ش كالني‬
‫يسمية ا رئد‬
‫هذا االتجاه االنكليزي كاليف بل‪ ،‬الشكل الدال ‪ Significant Form‬لذا فقد جاء‬
‫ثورة على‬
‫الفن التقليدي التعليمي‪ .‬ويقول في ذلك‪:‬‬
‫شكل رقم) ‪«(2‬إن االشكال إذ تنتظم وتجتمع وفقا لقوانين معينة مجهولة وغامضة‪،‬‬
‫تح رك مش اعرنا فعال بطريق ة معين ة‪ ،‬وأن مهم ة الفن ان هي أن يجمعه ا وينظمه ا‬
‫وتحرك مشاعرنا ‪.‬هذه التجمعات‬
‫مرجع الشىء دال تصور أو مدلول‬
‫التعبير السيميائي للون‪:‬‬
‫من المتعارف عليه أن للون دورا هاما في لبراز خبايا نفس اإلنسان‪ ،‬فله صلة‬
‫وطي دة تربط ه بالحال ة النفس ية للك اتب و المتلقي‪ ،‬ف اللون لت ة رمزي ة تحم ل دااللت‬
‫عديدة‪ ،‬وهو فضاء واسع له قدرة كبيرة على التأثير والتدليل‪ ،‬وذلك طبعا بحضور‬
‫اللت ة »يمكن للنص وص أن تب نى على حرك ة مش هديه أن تخل ق ليقاع ا لوني ا مقارب ا‬
‫إلليقاع اللوني الذي تنتجه اللوحة حتى )‪) 1‬من دون التصريح بألفاظ األلوان« ‪،‬أي‬
‫أن النص ق د يحم ل ص ورا لوني ة عدي دة ت أتي على ش كل واض ح ب ذكر األل وان‬
‫بألفاظه ا أو دون التص ريح به ا‪ .‬ع د الل ون واح دا من أهم الرم وز اإلش ارية ال تي‬
‫استعان بها اإلنسان لتوضيح أفكاره ‪ ،‬حتى أصبح اللون رسالة يمكن إن ترسل من‬
‫مرسل يقصدها لتجد المتلقي الذي يتبناها‪.‬للون مكانة مهمة ووجه من اوجه النشاط‬
‫االنساني بالفنون عامة وبالرسم خاصة‪،‬ويعد ايضا من العناصر االساسية لتحقيق‬
‫وبناء الفكرة في العمل الفني ‪.‬‬
‫لقد استخدم اإلنسان األلوان منذ بداية نشأته وارتبطت بمنظومته الفكرية وحالته‬
‫النفسية‪ ،‬وحاول التعبير عن رغباته من خالل ارتباط األلوان بعدة دالالت ومعاني‬
‫تحددها دوافع اإلنسان القديم متفاعلة مع تجربته الزمانية والمكانية لمواجهة أخطار‬
‫الحياة في محاولة للوصول إلى المشابهة مع الواقع‪.‬‬
‫ومن ه ذا المنظ ور يع رض ب ارت رؤيت ه ممثال له ا ب )باق ة ال ورد( فه و ي رى‬
‫إنها مجرد «دال » إذا كانت العاطفة هي داللتها‪ .‬وهكذا يكون لدينا دال ومدلول‪،‬‬
‫وقد نتج عن اتحادهما معا في «باقة الورد » مصطلح جديد هو العالمة «التي هي‬
‫نفسها باقة الورد »‪ .‬وباقة الورد بوصفها عالمة تختلف كليا عن وصفها داال‪ ،‬أي‬
‫بوص فها وح دة ز ا رعي ة نباتي ة ك دال‪،‬ش انها في ذل ك ش أن ال دال اللغ وي‪ ،‬مفرغ ة‬
‫تماماً من الداللة‪ ،‬لكنها كعالمة ممتلئة تماماً بالداللة‪ .‬وبسبب شحنها بالداللة لم يأتي‬
‫نتيجة وجودها الطبيعي الز ا رعي النباتي‪ ،‬إ و�نما جاء نتيجة مزيج من القصد‬
‫البشري وطبيعة المجتمع وصيغ أع ا رفه وتقاليده وسبل االتصال ) ‪.(3‬‬

‫والعالم ة االيقوني ة أو الص ورة ‪ Icon‬المتمث ل في ترويس ة الجري دة ‪ :‬تك ون فيه ا‬


‫العالقة‬
‫بين المص ورة )ال دال( والموض وع )المش ار إلي ه( عالق ة تش ابه في المق ام األول‪،‬‬
‫سواء وجد‬
‫الموضوع أو لم يوجد‪ ،‬وسواء كان الشيء نوعيه‪ ،‬أو كائنا موجودا أو عرفا مث ل‬
‫الصورة‬
‫الفوتوغ ا رفية‪ .‬وهذا يعني إنها تقوم على مبدأ المش ابهة بينه ا وبين م دلولها أو‬
‫مرجعها يقول‬
‫«ه وكز » )إنه ا ش يء يص ف ش يئا م ا لإلش ارة إلى الموض وع ال ذي ترم ز إلي ه‬
‫العالمة( ) ‪.(1‬فهي‬
‫إشارة محددة بموضوعها الدينامكي‪ ،‬بمقتض ى طبيعته ا الداخلي ة‪ .‬وعلي ه فالعالم ة‬
‫األيقونية‬
‫تدل على شيء تجمعه إلى شيء آخر عالقة المماثلة‪.‬‬

You might also like