Professional Documents
Culture Documents
ّ
في مواجهة االعتباطية
كتاب في
ومنهج البالغة
)
تاليف
الباحث والمفكر
0
المقدمة
أخذت مباحػػث افلفػػاز حيػ از كبيػ ار فػػي اللغػػة وكانػػت تفرعاتهػػا م ػػتركة بػػيف علػػـ المػػنـ مػػف جهػػة
اء كاف للنص القرآني أو غيػػر وأصوؿ الفقه مف جهة أخرى واستعملت على نطاؽ واسع في التفسير سو ا
ك رح الحديث ودراسة متوف المرويات ونصوص الصحابة ونصػػوص وخطػػب اف(مػػة ع ) ك ػػروح نهػ
وقػػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػد البنغة وغيرها .
أضيق وبمصطلحات مختلفة في علـ البياف أو البنغة .
ٍ نطاؽ
ٍ ِ
استعملت على
آني ) واعجاز للقرآف مف خنؿ هذا النظاـ ،ولما كانػػت روح هػػذا النظػػاـنظاـ قر
ٍ أتحدث عف
ولما كنت ّ
ٍّ
تتم ّثل في صورته الظاهرة لنا – حاليا في افقل – في القواعد المذكورة في ذلؾ المتاب النظػػاـ القرآنػػي
ّ
ولم ػ ػ ػػا كان ػ ػ ػػت تل ػ ػ ػػؾ – للمؤلف ).
ػي فػػي الصػػوت وحركػ ٍة القواعد تلغي المترادفات وتعيػػد تفسػػير اللغػػة علػػى نحػ ٍػو آخػ ٍػر هػػو وجػػود معنػػى ذاتػ
ٍّ ا
ػوتي – وهػػو مػػا تػ ّػـ ػػرح القسػ ِـ افمبػػر منػػه فػػي كتػػاب كل تعاقب صػ ومحدد ٍة إجما اال في ّ
ّ عام ٍة معين ٍة )
ٍّ
اللغػػة الموحػػدة ) ،وتػ ّػـ تفنيػػد ونسػػف االعتباطيػػة فػػي اللغػػة ووحػػداتها افصػػلية خنف ػا لم ػزاعـ البنيويػػة
الغربية أو ال كّلية النظمية العربية بقيادة دي سوسير في ّ
افولى وعبد القاهر الجرجاني في الثانية.
أقوؿ لما كاف ذلؾ قد تػ ّػـ فقػػد أريػػت مػػف الضػػروري أف أبا ػػر بنفسػػي البػػدء ب لغػػاء ونسػػف البنػػى الفوقيػػة
تـ تأسيسها على هذ النظرية االعتباطية لّلغػة . التي ّ
افوؿ منهػػا هػػو فػػي تفنيػػد مباحػػث السػػلف فػػي افلفػػاز والقسػػـ فوضعت رسال اة مف ثن ثػػة أقسػ ٍ
ػاـ ،القسػػـ ّ ُ
الثاني هو في إبطاؿ بنغة الجرجاني أسػرار البنغػػة ) والقسػػـ الثالػػث هػػو فػػي دال (ػػل إعجػػاز .وهػػذاف
مكمنت هذا المتاب حيث اخترنا مف كتابيه أمثل اة ع ػوا(ي اة كنمػػاذج لنعتبػػا
القسماف افخيراف هما مف ّ
.
أف الغايػػة مػػف ذلػػؾ هػػو المسػػاعدة فػػي البػ ِ
ػدء فػػو ار بتأسػػيس البنػػى الفوقيػػة علػػى القواعػػد التػػي ومعلػػوـ ّ
ػاـ آخػ ٍػر للحػػديث النبػػوي فػػي
ػي ونظػ ٍ ػاـ قرآنػ
وضػػعناها فػػي قصػػدية اللغػػة ) ومػػا يترتػػب عليهػػا مػػف نظػ ٍ
ٍّ
نصوصه ،وما يترتب على ذلؾ مف إعػػاد ٍة للنظػػر فػػي جميػػع الم ػػاريع السػػابقة المتعّلقػػة ب ػػرح وتفسػػير
النصوص الدينية والعقا(دية وبال كل الذي يعيد جزءا مف حقا(قها الخافية الى افذهاف .
ِ ِ
اؼ فػػي كتابنػػا اللغػػة الموحػػدة ) ّ .
أمػػا هػػذ الرسػػالة إف موضوع إثبات قصدية اللغة قػػد ُف ّصػػل وب ػ ّ
ػكل و ٍ
فهي بمثابة النتا( المترّتبة على ذلؾ .فهي تقوـ بتفنيد هػػذ المباحػػث وفروعهػػا وتطبيقاتهػػا مػػف خػػنؿ
تناقضاتها والغاءها لنفسها .
تـ ّ
التعرؼ على معاني الحروؼ وابطاؿ الجزافية في الوحػػدات الصػػوتية نفسػػها في كتاب اللغة الموحدة ّ
عمليا ) ،عنوة على إبطاؿ االعتباطية ذاتها مف خنؿ تناقضاتها الداخلية .
1
ِ
ػبق مػػف وقػػت التأسػػيس النظػػرّي لهػػا .والفػػار ُ
ؽ أف على أف مظاهر ) االعتباطية في اللغة هي فمػػرأة أسػ ُ
التردد بيف ما هو صحيح وبيف مػػا هػػو خػػاطّ يتحػ ّػوؿ الػػى قواعػػد أميػػدة لمػػا هػػو خػػاطّ .
التأسيس جعل ّ
وقد ظهرت اآلثار السي(ة لنعتباطية في اللغة على كافة مستويات الفكر سواء أماف منطقيا محضا كعلـ
المػػنـ أو فقهيػا فػػي افصػػوؿ أو لغويػا فػػي المعػػاجـ وعلػػوـ اللغػػة والصػػرؼ والنحػػو والبنغػػة وفروعهػػا أو
فلسفيا محضا كما فػػي الفلسػػفة عمومػا وا سػػنمية منهػػا خصوصػا أو فػػي ال ػػروح والتفاسػػير للنصػػوص
المختلفة ،مثلما ّأدت ثمارها في افدب عموما .
وترى تلؾ اآلثار واضح اة مػػف خػػنؿ إفسػػاد هػػذ البحػػوث وت ػػتيت المعػػارؼ المستحصػػلة الػػى فػػروع كثيػػرة
ُ
ومت ّعب ٍة لدرجة فقداف الػرابط بينهػػا ،وكػػذلؾ ضػػياع طاقػػات إضػػافية فػػي منحقػػة مواضػػيع ) وهميػ ٍة ال
ياء أساسي ٍة ،با ضػػافة إلػػى الت ػػويه المرعػػب لألسػػس المنطقيػػة نفسػػها – بحيػػث أف
وجود لها وترؾ أ ٍ
وقد اعترؼ يء ُيقاؿ يمكف أف يأخذ حي از مف الفكر والعناية ولو كاف وهم ا مف افوهاـ .
ٍ اي
َّ
بصور ػػتى ،بمػػا فػػي ذلػػؾ أدب الروايػػة .عػػنوة
ٍ الجميع أف الحقيقة ضا(عة وقد ظهرت تلؾ االعترافات
جدي اة في التفسير – وال أعني هنػػا علمػػاءعلى أّنؾ مف اليسير جدا أف تجدها في نصوص أمثر العلماء ّ
كل ن ا تفسيري ،بما في ذلؾ النقػػد افدبػػي فػػي الغػػربكل خاص بل ّ
ا سنـ فقط أو علماء افدياف ب ّ
ولما كنت أعتقػػد أف .
المثير مف هذ الن اطات في هذ الجوانب م تركة وانهػػا تتحػػرؾ مػػف جماعػ ٍة الػػى أخػػرى واف لػػـ تعتػػرؼ
ػل
افخيرة بفضل افولى في تضليلها ) ،ولما كنت اعتقد أف الجػػزء االمبػػر مػػف أسػػس وأبنيػػة هػػذا الهيكػ ّ
ػػـ إحكامػػه ) فػػي الم ػػرؽ ا سػػنمي ،فػ ّف نسػػف مباحػػث افلفػػاز هػػو أحػػد الط ار(ػػق التػػي
الوهمي قػػد تػ ّ
اعتبرتهػػا نافعػػة إف ػػاء ى تعػػالى فػػي تأسػػيس علػػـ لغػػوي ونقػػدي يػػؤّثر فػػي جميػػع الن ػػاطات المػػذكورة
لتعيد الجماعات المختلفة نظرها في كافة ما تعتقد مف مسِّلمات أو قواعد ثابتة .
مباحث مختصرٍة جدا على طريقتهـ في ذكرهػػا بمثػػل ذلػػؾ ،سػػوى ٍ كل
وسأجعل صورة هذ الرسالة على ّ
لمل منها لتيسير افمر علػػى القػػارئ ،ولمنػي بػػالطبع سػ ّ
ػأتحدث بأسػػلوب جديػػد يمكػػف أني سأضع العنواف ّ
فهمه بخنؼ أساليبهـ .
2
القسـ افوؿ
نقػػػػػػد
3
افوؿ
المبحث ّ
داللػة اللفػظ
في هذا الفرع مباحث فرعية كثيرة جدا ،ولهـ فيها مجادالت واسعة جػػدا ،واذا أردنػػا جمعهػػا فهػػي ترجػػع
الى أصل واحػػد ومسػػألة واحػػدة .ذلػػؾ أف مباحػػث هػػذا الفػػرع هػػي فػػي الدال لػػة وطبيعتهػػا مػػف حيػػث كونهػػا
وال يمك ػ ػ ػ ػػف كّلية يمكف تجز(تها أو ال يمكف ؟ وسأوضح المقصود بذلؾ .
الخػػوض فػػي تفاصػػيلهـ أل ذلػػؾ ف ّنهػػـ تحػ ّػدثوا عػػف الدال لػػة بلغػػة وألفػػاز كانػػت هػػي افخػػرى ورغم ػا عػػنهـ
وأعنػػي بػػذلؾ أل موضوع البحث .
أف هناؾ خلط في افمثاؿ المضروبة للمناق ات فقد كانت تلؾ افمثاؿ تحمل فػػي ذاتهػػا نفػػس الم ػػكلة ،
ولهػػذا فػػن يقػػدر فػػرد واحػػد وال مجموعػػة أيضػا علػػى تصػػحيح هػػذا المػػـ الها(ػػل مػػف المجػػادالت إالّ بمعرفػػة
يتػـ بموجبها نسف الموضوع مف أصله وتحويل وجهته الى اتجا آخر . قضية حقيقية وأساسية ّ
فمفردة مثل ال مس ) ال تحمل عندهـ في ذاتها ّأية داللة ،وا ّف داللتها تأتي مف االسػػتعماؿ واالتفػػاؽ
وهنػػا يظهػػر .
سؤاؿ آخر عندهـ هو أل هل تحمل المفردة في الػػنص جميػػع المعػػاني التػػي تسػػتعمل لهػػذ المفػػردة ؟ فػ ّف
المعػػاني متعػ ّػددة مػػف حيػػث ػموليتها – فال ػػمس المعلومػػة فػػي السػػماء ) ،و لمػػف قػػد يقػػوؿ زيػػد
جلسػػت فػػي ال ػػمس ) ،ويقصػػد ضػػوء ال ػػمس وبالتػػالي فهػػو يعنػػي جػػزء ) مػػف المعنػػى اف ػػمل ،أو
لمنن ػػا ننح ػػظ إغف ػػاؿ المّلي .
أمور أخرى ،ففي مثل هذا البحث توجد ثنث م امل أغفلت أل
ن لمي يكوف مصد ار لألمثاؿ المضروبة – إذ قػػد افولى أل ال يوجد لديهـ نص ) مفروغ مف صحته أص ا
أقوؿ بل أجزـ أف القوؿ جلسػػت فػػي ال ػػمس ) هػػو تركيػػب خػػاطّ لغويػا – إذ يتوجػػب مػػثنا أف يقػػوؿ
و معلػ ػػوـ عرضت ثوبي لل مس ليجف ) ..الخ . جلست متعرضا لل مس ) و ّ
أنه بغيػػر أمثػػاؿ صػػحيحة ) مفػػروغ مػػف صػػحتها ال يمكػػف اسػػتمرار المناق ػػة .وفػػي الجملػػة الجديػػدة ال
م كلة مف هذا النوع .
الثانيػػة أل إف الػػنص المفػػروغ مػػف صػػحته إف وجػػد ) مثػػل الق ػرآف ) ف نػػه قػػد اسػػتعمل ولمػػف بصػػورة
ػحتها أو التػػي يجػػب أف تمػوف
معكوسة .أي أف المباحػػث اسػػتعملت ال ػواهد والعبػػارات الم ػػكوؾ فػػي صػ ّ
ػنص المفػػروغ موضع التصحيح اللغوي جنبا إلى ٍ
جنب مع عبػػارات القػرآف ،ثػػـ اسػػتعملت النتػػا( لفهػػـ الػ ّ
اعتباطي .وقد ّددت على هذا التناقض في كتاب النظاـ القرآني . ٌّ صحته أي القرآف !! وهذا أ
عمل مف ّ
4
إف موضوع البحث هو داللة اللفظ في عمومها أل هل هي ّ
فردية أـ ّ
مركبػػة مػػف أجػزاء؟ وهػػل لهػػا الثالثة أل ّ
محدد أـ يمكف إطنقها على أ ياء أمثر ؟ .
أصل ّ
ػاز عػ ّػد ٍة .أي أف أخػػذ مفػػردة مثػػل ال ػػمس ) لد ارسػػة مركبػػات ) مػػف ألفػ ٍ
ّ فػػي حػػيف أف ال ػواهد هػػي
داللتهػػا ال يمكػػف أف يكػػوف داخػػل جمػػل وتراميػػب مؤّلفػػة مػػف وحػػدات أخػػرى مػػع لفػػظ ال ػػمس ف ّنهػػـ إنمػػا
يبغوف أص ا
ن فهـ داللة اللفظ ّ
مجردا مف أي تركيب .
ن.متهاو بنفسه وال قيمة له ولو لـ تعرؼ له بدي ا
ٍ وبهذا يمكف القوؿ أف مبحث الداللة
مجرٍد حركػ أة ّ
عامػ أة ) .ويمكنػػؾ مػػف خػػنؿ لمل ٍ
لفظ ّ لمننا في المنه اللفظي أدركنا البديل .فقد أصبح ّ
هػػذ الحركػػة الحكػػـ علػػى مػػا يمكػػف أف يطلػػق عليػػه اللفػػظ وهػػو ال زاؿ مجػّػردا مػػف أي تركيػػب .ففػػي هػػذا
المنه ال تظهر ّأية واحد ٍة مف تلؾ الم امل اآلنفة الذكر .
أما الفروع افخرى أل الداللة المطابقة ،الداللة افلتزامية ،الداللة التضػ ّػمنية فهػػي سػػاقطة عػػف االعتبػػار
ّ
وفي لتناقضها في نفسها .
توجيه البحث إلى وجه ٍة أخرى وهػػي البحػػث عػػف افخطػػاء وتصػػحيحها فػػي عمليػػة
ُ يتوجب
المنه الجديد ّ
أعمق لتلؾ الحركة مف خػػنؿ النصػػوصٍ العامة ٍ
لفهـ التصحيح الخاص بالنصوص ّأو اال واستعماؿ الحركة ّ
فه ػػذا التأس ػػيس ه ػػو المفروغ مف صحتها عند امتحانها بالمنه نفسه ثانيا .
وسنوضػػح هػػذ
ّ ػي للمعرفػػة بخػػنؼ التأسػػيس االعتبػػاطي تمامػا ، ػاعد كمػ منطقي ّ
ويؤدي إلػػى تصػ ٍ ٌّ تأسيس
ٍّ أ
الفكرة أمثر في ما يلي مف المباحث .
5
المبحث الثاني
المركب في اللفظ ومدلوله
المفرد و ّ
افقساـ المعتمدة عندهـ للعنقة بيف اللفظ المفرد والمركب في مدلوله ) وبيف المعنى هي أربعة أقسػػاـ
كل لفظ أما مفرد أو مركب وكنهما أما يدؿ على معنى أو ال يػدؿ على معنى وهذ افقسػػاـ
،فف مدلوؿ ّ
هي أل
آخر واآلخر غيػػر داؿ علػػى معنػػى ) مثػػل حػػروؼ المعجػػـ أل ألػػف ،بػػاء ،
مفرد ٍ
لفظ ٍ مفرد ٌّ
داؿ على ٍ ٖ .أ
… الخ .
للمقدمات أل ّ
كل مػػدلوؿ إمػػا مفػػرد أو مركػػب مػػف ألفػػاز .و هػػذاف همػػا ّ افوؿ أل إف التقسيـ لـ يكف مطابقا
ّ
نوعا اللفظ .و هذاف النوعاف أما يدؿ على معنى أو ال يدؿ فاالحتماالت المتمونػػة للفػػظ افصػػلي سػػتة ال
ػداؿ علػػى معنػػى مركػػب حيػػث لػػـ الداؿ علػػى مفػػرد ّ
داؿ بػػدور علػػى معنػػى – والمفػػرد الػ ّ أربعة ومنها المفرد ّ
يذك ار .
موحدة لدراسة الوحدة اللغوية .فلو قاؿ أل الفعل – بأؿ التعريػػف فػػي الثاني أل إف التقسيـ لـ يلتزـ ظروفا ّ
افوؿ أسوة بػػالنوع الثػػاني الخبػػر ) لمػػاف لهػػذا الفعػػل بػػالمعنى معنػػى مركبػا – فف الفعػػل الحقيقػػي
النوع ّ
ا
و مػ ػ ػ ػ ػ ػػف هو ما ال يعبر عنه إال بجملة مركبة أو عدة جمل .
جهة أخرى لو قاؿ خبر ) بغير أؿ التعريف في النوع الثاني لمػػاف المفهػػوـ هػػو مػػف النػػوع ّ
افوؿ – أي
الخبر في النحو ومف غير ذلؾ كّله يمكنؾ نقل المفاهيـ مف المفرد الى المركب في افمثاؿ المضروبة –
فلفظة كلمة ) مثنا قد تعني خطبة طويل اة أو قصيراة ال مفردة وهكذا .
إذف تب ػػرز نف ػػس الم ػػكلة المػ ػراد وض ػػع حل ػػوؿ له ػػا خ ػػنؿ محاول ػػة الح ػ ّػل .إذ يس ػػتحيل ال ػػتخّلص م ػػف
اعتباطية ) التأسيس لمبادئ لغوية تعتقد سلفا أنها لغة اعتباطية !!
منطقي واضػ أ
ػح تجػػاهلو .وهػػذ المناقضػػة المذهلػػة وقػػع فيهػػا جميػػع علمػػاء اللغػػة فػػي الغػػرب أ امر
و هذا أ
وال ػػرؽ بػػن اسػػتثناء ،ولمػػنهـ اسػػتمروا فػػي تأسػػيس مبػػادئ اعتباطيػػة بػػل أقػّػر سوسػػير بمػػا سػػما بػػػ
6
رت في كتاب اللغة الموحدة ) الى التناقض في نفس العبػػارة بػػيف مفردتػػي المبدأ االعتباطي ) .وقد أ ُ
الثال ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػث أل مبدأ – واعتباطي ) حيث ال يمكف وصف االعتبا بالمبد(ية أو المبدأ باالعتبا .
ػدؿ ضػػمنا علػػى وجػػود ألفػػاز أخػرى – هناؾ م امل أخرى أل فمػػث ا
ن إف النػػوع ال اربػػع الهػػذياف ) هػػو لفػػظ يػ ّ
و هػػ ػ ػ ػ ػػذا غيػػ ػ ػ ػ ػػر قالوا ال يدؿ على معنى .
ػدؿ علػػى معنػػى – إذا سػػلمنا أف الهػػذياف خػػاؿ تمامػا مػػف كػ ّػل معنػػى – هػػو الجمػػل
صػػحيح فف الػػذي ال يػ ّ
وفػ ػػي النػ ػػوع والتراميب ال الوحدات المركبة منها وهي موضوع البحث ؟!! .
الثالث ال تجد اللفظ الثاني في حػػروؼ المعجػػـ إالّ أف يكػػوف المقصػػود أل أ – ب – ج مػػف النظػػاـ المتػػابي
الى نظاـ صوتي بنطق التسمية هكذا ألف – باء ،جيـ .و هذا بالطبع خنؼ المنهجيػػة فػػي البحػػث وال
إذف فالتقسػػيـ قيمة له بهذا المعنى .
متناقض في داخله وال يؤدي الى نتا( علمية .ومعلػػوـ أننػػا أظهرنػػا القيمػػة الفعليػػة للوحػػدات الصػػوتية
وليس للمفردات افلفاز ) فقط في كتاب اللغة الموحدة ) وبالتالي فن قيمة لهذا التقسيـ في منهجنا
.ومع أني أعتمد في هذ افبحاث علػػى خنصػ ٍة لػػػ لممػػاؿ الػػديف ميػػثـ بػػف علػػي البح ارنػػي ) – ت سػػنة
ٜٙٚهػػػ – فػػي ِّ
مقدمتػػه ل ػػرح نهػ البنغػػة ،إالّ أف المسػػا(ل المػػذكورة وحلولهػػا االعتباطيػػة ال تختلػػف
أبحاث لغوي ٍة حديث ٍة قا(م ٍة على مبػػدأ االعتباطيػػة فػػي الغػػرب فيمػػا يخػػص العنقػ ُة
ٍ ب يء جوهرٍّي عف ّأية
بيف الداؿ والمدلوؿ .
ػأف افلفػػاز ال قيمػػة ذاتيػػة لهػػا هػػو أمػػر ال يختلػػف حولػػه إثن ػاف ،وأمػػا
و قػػد ذكػػر سوسػػير أف االعتقػػاد بػ ّ
افصوات ف ّف االعتقاد بوجود قيمة لها هو ضػػرب مػػف الخيػػاؿ و ػػيء ال يخطػػر علػػى بػػاؿ .وهػػو بهػػذا ال
يختلف عف ميثػـ ) ب يء في نظرته لألصوات إذ اعتبرها غير دال ٍة على يء ،وكذلؾ افلفاز ال تػػدؿ
على المعاني إالّ بعد التركيب كما سيأتيؾ .
7
المبحث الثالث
الدالالت المختلفة للفظ
هذا العنواف مف وضعنا لنجمع فيه عدة أبحاث لعلماء االعتبا كّلها تدور في فلؾ واحد ،ومػػف الواضػػح
أف من ػػأ المترادفػػات أيضػا ،ولمػػنهـ كثيػ ار مػػا كػػاف يعجػػبهـ تفريػػع أبحػػاث عديػػدة فصػ ٍػل واحػ ٍػد وم ػ ِػكل ٍة
واحد ٍة .فالم كلة نفسها ال تحسـ بحل منطقي ػ أما التفرعات فيحاولوف إيجاد حلوؿ لها !!
ومف تلؾ الم امل الفرعية أف اللفظ قد يعطي دالالت مختلفة فما هػػي الدال لػػة الحقيقيػػة لػػه مػػف بػػيف تلػػؾ
ن الصنة ) في قوله تعالى أل إف ى ومن(كته يصّلوف على النبػػي يػػا أيهػػا الػػذيف آمنػوا
الدالالت ؟ مث ا
صّلوا عليه وسّلموا تسليما / افحزاب ) ٘ٙ
كقوله تعالى أل ألـ تر أف ى يسجد له مف في السماوات ومف في افرض وال ػػمس والقمػػر والنجػػوـ
/الح ) ٔٛ
فالسػػجود مػػف المن(كػػة خ ػػوع ) ومػػف النػػاس وأمثػػالهـ هػػو المتصػػور مػػف وضػػع الجبهػػة علػػى افرض
قسرية الحركة واحتياجها الى الصانع .
ومف الجمادات هو ّ
وهذا افصل دخل أبحاثا فرعية مختلفة ػ مثل اللفظ الم ترؾ هل يستعمل في معانيػػه علػػى الجمػػع أـ ال ؟
أجاز ذلؾ الباقنني والجبا(ي والقاضي عبد الجبار وال افعي ومنع منه أبػػو ها ػػـ وأبػػو الحسػػف البصػػري
والمرخي وغيرهـ .
المنحظ أف المدخل الى المبحث متناقض منذ البدء في المسألة أنه أف جميػػع تفرعػػات علػػـ اللغػػة
) االعتباطي .وقد أوضحت المسألة في كتاب اللغػػة الموحػػدة لغػػرض آخػػر ػ وأ ػػرت فػػي الختػػاـ الػػى أف
نتا(جه ستلغي جميع تفرعات المسا(ل االعتباطية .
فأصل البحث هو عف مدلوالت أو مدلوؿ ) اللفظ ػ ومف ثـ التراميػػب مجتمعػػة مػػف ألفػػاز ولػػيس ا ػػتراؾ
افلفاز في المدلوؿ .ولمننا ننحظهـ وكما فعل علماء اللغػػة فػػي الغػػرب منػػذ سوسػػير يعتبػػروف افلفػػاز
بمعنى آخر أل
ا
افوؿ .افخرى ػ والتي هي مدلوالت المفردة افولى مف معاني اللفظ ّ
ن تعطيػػه ثن ثػػة مػػدلوالت .ولمػػف هػػذ
أنػػت تبحػػث عػػف معػػاني افلفػػاز ومػػدلوالتها فػػاللفظ رقػػـ ٔ ) مػػث ا
المدلوالت استعملت ظهارها ثنثة ألفاز أخرى ،وهذ افلفاز هي جػػزء مػػف أبحاثػػؾ يفتػػرض أّنػػؾ تبحػػث
عف مدلوالتها أيضا فهذا العمل ال يقػػوـ بػػه ػػخص عاقػػل مطلقػا ف نػػه إذا كػػاف يػػؤمف بػػػ المترادفػػات ) ػ
8
فليؤمف ولمف يتوجب عليه أف يكوف منطقيا فيبحث في المرادفات نفسها وال يبحػػث عػػف الدال لػػة افصػػلية
ِ
بتخريب وتدمير تلؾ الداللة المبحوث عنها ؟! لمل لفظ ماداـ يبدأ فو ار مف افمثلة
أو الفعلية ّ
امل منهجية أل
في المثاؿ السابق وجميع افمثلة عدة م ّ
ٔ .الص نة مف ى رحمة ) أل هو معنى للصنة صيغ بلفظ جديد هػػو رحمػػة ) ػ وهػػو لفػػظ يحتػػاج هػػو
اآلخر الػػى دال لػػة وبحػػث كمػػا أ ػػرت .فالبحػػث ال يفسػػر لغػ اة إعتباطيػ اة ) وحسػػب وانمػػا اسػػلوب البحػػث
نفسه اعتباطي ال كل والمضموف .
ٕ .إف هذا التحديد تدمير لنظاـ المترادفات ) حتى حينما يػػؤمف المػػرء بهػػا ػ إذ المفػػروض وجػػود حػػدود
معينة للمترادفات فتحديد الصنة مف ى على أنها رحمة هو منتهػػى التعسػػف بحػػق المترادفػػات ) التػػي
هي في افصل تعسف بحػػق اللغػػة .وهػػذا يعنػػي أف مباحػػث افلفػػاز ال تقػػوـ اال بالمزيػػد مػػف التخريػػب أو
التدمير للنظاـ اللغوي .
يمكف للمرء أف يقوؿ أل إف الصنة مف ى هػػي لطػػف ) ،أو مػػودة ) أو تأييػػد ) أو عنايػػة ) أو
ذكر ) ػ كمػػا قػػاؿ اذكرونػػي أذكػػركـ أو ّأيػػة ألفػػاز أخػػرى ذات صػػلة بالموضػػوع ومػػا أمثرهػػا .فالتحديػػد
بكونها رحمة هو هتؾ لمجموعة افلفاز الم تركة في نفس موضػػوع اللفػػظ الم ػػترؾ ) وفػتح المحػػدود
للمترادفات .
ٖ .دخػػل هػػذا المبحػػث الػػى الفقػػه الت ػػريعي أيضػا أل فػػاختلفوا فػػي مبحػػث افوامػػر) حػػوؿ القصػػدية فػػي
ن ػ هل المقصود تلؾ العبادة الخاصة التػػي تتضػػمف حركػػات وقػراءة معينػػة
افمر أل أقيموا الصنة مث ا
أـ المعنى افعـ المرتبط بالصلة ؟
فعلي ػ وما يقػػاؿ مػػف مصدر المتاب ب كل إسنمي ومف جراء ذلؾ كانت النتيجة هي عدـ وجود ) فق ٍه
ٍّ ٍّ ُ ٍّ
إدعاء ػ ففي أوضح آيات التقسيـ في ا رث مث ا
ن ال ٍ أف المتاب هو أحد مصادرهـ في الت ريع فهو ّ
مجرد ّ
يء معتمػػد وحاسػ ٍػـ لفهػػـ آيػػات الت ػػريع بصػػورة دقيقػػة كمػػا حػ ّػددتها السػَّػنة) ػ والتػػي
ٍ يمكف الركوف الى
قطعي الصػػدور غيػػر ٌّ ظنوا أف نصوصها ) قطعية الداللة غير قطعية الصدور ػ بعكس المتاب الذي هو
إذ أف الػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػنص مجرد احتياؿ على الموضوع .
قطعي الداللة وهذا ّ
ّ
ملسو هلآو هيلع هللا ىلص ) على أنػػه أوتػػي جوامػػع بكل ما يتضمنه معنى النص مف إحكاـ وقد أمد الرسوؿ ي
النبو هو نص ّ
9
الملػػـ ػ واف فػػي كنمػػه ػبه ا مػػف كػػنـ ى ،مػػف حيػػث أفػػاد نػػص آخػػر ل مػػاـ علػػي ع ) أف كنمهػػـ
يفسر بعضه بعضا ) ػ وهذا يعني وجود نظػػاـ لفظػػي فػػي كنمهػػـ كمػػا هػػو الحػػاؿ فػػي القػرآف مػػع اخػػتنؼ
جوهري ذكرنا سابق ا .
قاؿ أحد ال ّراح أل لـ أجد فهل اللغة فرقا بيف ا ن اء وا بتداء )ٔ .
واعتبػػر ال ػػارح غيػػاب التفريػػق م ػػكلة ) ػ بخاصػػة إذا أردنػػا صػػوف كنمػػه ع ) عػػف التمػرار !! وهػػذ
مفر منها ومحتوم أة العتباطية اللغة وا يماف بالمترادفات .
نتيجة ال ّ
الموحدة ) واخضػاع هػػذ الفقػرة فقػػط ّ ولو أردنا استعماؿ معاني افصوات وقصدية اللغة في كتاب اللغة
لهػػا ػ فسػػنكوف ب ػ ز ِاء نظري ػ ٍة متمامل ػ ٍة عػػف خلػػق العػػالـ ال عنقػػة لهػػا بكػ ّػل مػػا ذكرتػػه الميتافيزيقيػػا مػػف
أطروحات ػ مع التأميد على ترتيب ونسق افلفاز في هذ الجملة .
ٍ
وحاوؿ أحد راح ا لنه في العصػػر الحػػديث تجػػاوز هػػذا السػػأـ الػػذي وقػػع فيػػه جميػػع ػراح الػػنه قبلػػه
وهـ علماء سنة ومعتزلة و يعة مختلفوف ،ولمنػػه اعتػػرؼ فػػي النهايػػة وبخاصػػة فػػي مػػا يتعلػػق بوصػػف
ن حتػػى مللػػت ) أو عبػػارة أ ػػبه بػػذلؾ .علمػا أف انسػػاؽ ) هػػذ المكػػررات مختلفػػة
الػػدنيا واآلخػػرة قػػا( ا
اختنفا ديدا .
وعلى ذلؾ ف ّف المباحث ) الخاصة بافلفاز لـ تؤدي الى ّأية نتا( ٍ علمي ٍة لها قيمة تذكر على الصعيد
أي ن ا فمري .
العملي في ّ
ٗ .إذا أخػػذنا مثػػاؿ السػػجود – ننحػػظ عػػنوة علػػى اآليػػة اآلنفػػة – السػػجود آلدـ فػػي آيػػة ٔ ) – و
سجود الظنؿ فػػي آيػػة ٕ ) – و غيػر ذلػػؾ كمػػا فػػي آيػػة ٖ ) و ٗ ) وتمػػوف الحصػػيلة أف السػػجود
كلفظ يحل محل ألفاز أخرى على محورافلفاز أو المعاني ) التي هي ألفاز على ال كل اآلتي أل
10
سجود
إذعاف انكباب خ وع احتراـ حركة
آدـ )
ليحل ّ
محل لفظ ) آخر ػ كّلما تغير الفاعػػل وموضػػوعه المكتػػوب أسػػفل ّ كل مرة
فاللفظ سجود ) أل يقفز ّ
المحور .فهػػو مػػف الجمػػادات إذعػػاف ومػػف ا نسػػاف الوضػػع الخػػاص المعػػروؼ ومػػف المن(كػػة خ ػػوع ..
الخ .
هذ العملية هي عبارة عف ت قريب للمعاني ) ويقوـ بها أدنػػى النػػاس معرفػػة باف ػػياء واللغػػة وهػػي فػػي
النهايػػة ليسػػت سػػوى جعػػل ) افلفػػاز افخػػرى تػػدؿ علػػى معػػاني ذهنيػػة ) للفػػظ سػػجود ) ال غيػػر ػ
ودخولها بصورتها البدا(ية السػػاذجة فػػي متػػوف ال ػػروح المتعلقػػة بدال لػػة اللفػػظ ػ ال يعنػػي ػػي(ا سػػوى أف
علمػػاء اللغػػة يرغبػػوف فػػي تأسػػيس مبػػادئ ثابتػػة لهػػذ ا عتباطيػػة والفهػػـ البػػدا(ي لأللفػػاز والػػذي ي ّتسػػـ
بالنمنطقية والسذاجة .
الموحدة وأمكػػف الػػتخّلص مػػف هػػذ الم ػػكلة بالم ػػف عػػف معػػاني ّ مثل هذا الرسـ وضعته في كتاب اللغة
افصوات ،فالتعاقب س ػ ج ػ د ) لػػه حركػػة عامػػة ويمتلػػؾ قيمػػة أصػػلية ال تتغيػػر ،وهػػو مػػا كػػاف ولػػف
خ ػ ش ػ ع ) أو ا – ف – ؾ – ب ) … الخ .. يكوف بحركة التعاقبات افخرى مثل
كل بحسب طبيعتهػػا وقػػدراتها وهػػذ الحركػػة مطلقػػة فػػن يمكػػف أداء وتؤدي الذوات المختلفة هذ الحركة ّ
سػػجود ) بمعنػػا المطلػػق اال مػػف المجموعػػة كّلهػػا أي الموجػػودات بأسػػرها ػ فهػػي فػػي حالػػة سػػجود فعلػػي
مطلق دا(م ا كمجموع ويمكف للذات ػ حاؿ كونهػػا مختػػارة وحػػرة أف تسػػجد بالصػػورة المرضػػية فلػػيس هنػػاؾ
حدود للحركة فػػي التعاقبػػات اال حػػدود نفػػس التعاقػػب مػػف حيػػث أف حركتػػه افصػػلية محػػددة بوجػػود وهػػذا
الموحدة ).
ّ كل تعاقب ذكرت منه م(ات افمثلة في كتاب اللغة
يء عاـ ينطبق على ّ
لمل لفظ ) ألفاظا أخرى للداللة على معنا ػ يتوجب بػػد اال مػػف ذلػػؾ د ارسػػة حركػػة كػ ّػل
وبدالا مف أف نجعل ّ
لفظ لمعرفة المزيد مف نفس الحركة فهذا يؤدي الى معرفة صحيحة للغة واف ياء ويجنبنا العبث بالنظاـ
اللغوي ويقضي على م امله جميعا .
11
٘ .إذف يمكف القوؿ أف البحث اللفظي المنسيكي ) المتعلق باستعماؿ اللفظ على الجمع هل يجػػوز او
ال يجوز هو مبحث ساقط عف االعتبار ومثاله قوله يصّلوف ) هل المقصػػود مجمػػوع صػػنة هػؤالء لمػ ّػل
ذات مػػنهـ وكػ ّػل نػػوع أو غيػػر ذلػػؾ ؟ فقػػوؿ المجػ ِّػوزيف مػػثنا أل أف ضػػمير الجمػػع فػػي الفعػػل يص ػّلوف )
بمنزلة الضػػما(ر المتعػػددة المقتضػػية ففعػػاؿ متعػ ّػددة – هػػو محاولػػة لتبريػػر المرادفػػات علػػى المحػػور وهػػو
يء ال يمكف لهـ تحقيقه .أما الػػذيف منعػوا مػػف ذلػػؾ فلػػيس هػػو بسػػبب قصػػدية اللغػػة ) – وانمػػا هػػو
آف و ٍ
احد – وهو عػػيف مػػا يفعلػػه دي سوسػػير فػػي علػػـ اللغػػة محاولة للجمع بيف االعتبا و القصدية في ٍ
العاـ .
قاؿ ميثـ أل واف أريد أنه يجوز اسػػتعماؿ اللفػػظ علػػى الجميػػع كيفمػػا اتفػػق فهػػو يصػػح مػػع داللتهػػا علػػى
اففراد فردا فردا تضمنا ) .
ارة المحفزة ) داخل التركيب والموجودة ضػػمنا سما سوسير ا وهذا التضمف القصدي هو نفس ما ّ
وبالنسػػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػبة ) في النظاـ النقصدي أواالعتباطي ومعلوـ أف هذا هو الهراء بعينه .
للتنظير اللغوي في ال رؽ ا سنمي فهو مخالف لألسػػس المنطقيػػة فػػي خصػػا(ص الجػػزء والمػ ّػل .فالمػ ّػل
هنػػا اعتبػػاطي كيفمػػا اتفػػق والجػػزء قصػػدي وهػػو مقلػػوب المبػػدأ المنطقػػي مػػرتيف ال مػػرة واحػػدة .الصػػورة
النها(يػػة للحػػل القصػػدي تتوضػػح بالرسػػـ اآلتػػي المختلػػف فػػي االتجػػا فقػػط عػػف الرسػػـ فػػي كتػػاب اللغػػة
رسـ لوحد ٍة لغوي ٍة واحد ٍة مثل َس َج َد ) لمجرد التوضيح أل
الموحدة ،وهو أ
فالمفردة اليحل محلها مفردة اخرى وانما يمكف فقػػط منحقػػة نفػػس حركتهػػا واذا اريػػد وصػػف هػػذ الحركػػة
لذات معينة فيجب وصػػفها بجملػػة طويلػػة مػػع م ارعػػاة الحركػػة االصػػلية وال توصػػف بمفػػردة واحػػدة او لفػػظ
آخر .
12
المبحث الرابع
التخصيص وا جماؿ
وهذا المبحث يخص اللفظ الم ترؾ .ذكروا أف اللفظ إذا كاف موضوعا لمعنيػػيف أو امثػػر فػ ف اقترنػػت بػػه
تخصص أحد المعاني فهو ذلؾ المعنى واف لـ تقترف به قرينػػة مػػف هػػذا النػػوع بقػػي مجمػنا .وهنػػا
قرينة ّ
امثر مف أ كاؿ أل
افوؿ أل أف القرينة هي لفظ أيض ا وم كلته في العموـ ا جماؿ ) والتخصيص هي نفػػس م ػػكلة اللفػػظ
ّ
موضوع البحث !! .
تغافل أو غفل ُة عف افساس المنطقػػي للبحػػث .وهػػذا التغافػػل هػػو مػػف طبيعػػة ا عتباطيػػة ولهػػا منػػه
أ وهذا
أهداؼ معينة كما سترى .
الثاني أل إف القرينة مع وضػػوحها المػػافي ال تخػػرج عػػف المعنػػى الػػذهني أو االصػػطنحي وهػػي بػػذلؾ تقػػوـ
بمزيد مف ا يهاـ حوؿ اللفظ موضوع البحث .وستنحظ في المواضيع النحقة أف ا يهاـ ) هدؼ مػػف
أهداؼ االعتباطية أيض ا وليس أسلوبا في البحث فقط .
تفرع البحث اللفظػػي هنػػا الػػى فػػروع ر(يسػػية أربعػػة بحيػػث أُدخلػػت وبسبب هذيف ا كاليف المنطقييف فقد ّ
المرادفات والمجاز والمناية واالستعارة وأدوات النفػػي وعلػػـ المنطػػق كّلػػه للػػتخلص مػػف االلتباسػػات الواقعػ ِػة
ِ
مجلدات مف كنمهـ في هذا المبحث . ٍ بيف القرينة واللفظ بحيث يمكنؾ َ
جمع
الخذالف واضحا والف ل ظاه ار حينما تنحظ عبارات مف هػػذا النػػوع كمػػا فػػي
ُ ولمل فرع ،كاف
وفي النهاية ّ
النصوص الختامية آالتية أل
ف ف كاف الراجح مف تلؾ المجازات هو مجاز الحقيقة الراجحة ػ علمػ ا أف الحقيقػػة الراجحػػة هنػػا مجازيػػه
وتخمينيػػة ال غيػػر ػ تعػ َّػيف الحمػ ُػل عليػػه أو مجػػاز الحقيقػػة المرجوحػػة فيقػػع التعػػارض بينػػه وب ػيف مجػػاز
مرجح آخر).كل منهما بنوع ترجيح الى أف يظهر ّ الحقيقة الراجحة الختصاص ّ
المرجح اآلخر وموضوع البحث هو تركيػػب لغػػوي ػ جملػػة
ّ ونعلق على ذلؾ بالقوؿ أل مف أيف ومتى سيأتي
مفيدة هي بيف أيدينا ؟؟ .
وأمػػا ذا تسػػاوت الحقػػا(ق ف ػ ف اختلفػػت مجازاتهػػا بػػالقرب والبعػػد منهػػا حمػػل اللفػػظ علػػى نػػص آخػػر أل
المجاز افقرب واف لـ تختلف في القرب والبعػػد بقػػي التعػػارض بينهمػػا متسػػاويا لتسػػاوي حقا(قهػػا الػػى أف
مرجح !! ) ..
يظهر ّ
13
ػل
االنتظار الى حيف ظهور الحػ ّ
ُ الحل االعتباطي الى نتيج ٍة أخيرٍة بعد البحث والعناء مفادها
وهكذا ينتهي ّ
!! .
ومثػ ُػل هػػذ النت ػا( متوقع ػ أة بصػػورٍة حتمي ػ ٍة ،يحتمهػػا افسػػاس المتنػػاقض لمبػػدأ الحػ ّػل والػػذي جعػػل حػ ّ
ػل
يخصص له معنا !! ِ معضلة تخصيص معنى اللفظ في يد ٍ ِ
آخر ػ كاف هو بدور ينتظر مف ّ لفظ ٍ
ِ
القا(ل فاقد ال يء ال يعطيه – أو المفتقر لل يء ال يعطيه ) . وهذا خنؼ مبدأهـ المنطقي
الحل القصدي يلغي الموضوع مبا ػػرة كمػػا أريػػت فػػن يبقػػى موضػػوع لهػػذا البحػػث وينتقػػل ومف الواضح أف ّ
التخص ػػيص و افجم ػػاؿ ال ػػى الحرك ػ ِػة العام ػػة للتسلس ػػل أو حرك ػػات التعاق ػػب .وبالت ػػالي تحت ػػاج افلف ػػاز
ف لحركتها لمعرفة كيفية قيامها بهذا الفعل – ففي الح ّل القصدي المجاورُة – فاعلة الحركة مثنا الى ك ٍ
ِ ِ
تصػػبح افلفػػاز الداخلػػة فػػي الجملػػة جميعػا هػػي موضػػوع البحػػث – وعلػػى خػػنؼ الحػ ّ
ػل االعتبػػاطي الػػذي
الحل القصدي بتقوية عناصر بعضها ببعض .
يؤدي الى مزيد مف التخريب والعبث – يقوـ ّ
ػي فػػي بحػػث الفقػػرة وجعلنػػا فيهػػا رواسػػي مػػف فوقهػػا مػػف ػاؿ علػػى ذلػػؾ اسػػلوب الحػػل افولػ
الحػػظ كمثػ ٍ
ّ ّ ِّ
ػاص مػػف كتػػاب النظػػاـ القرآنػػي ) .علمػا أف هػػذا الحػ ّ
ػل لػػيس هػػو الحػ ّػل مجموعػػة التراميػػب فػػي فصػ ٍػل خػ ٍ
ػدا(ي للحركػ ِػة الخاصػ ِػة بالتعاقػػب مػػف خػػنؿ
ػف ابتػ أ المّل ّي فنه لـ يتضمف معػػاني افصػوات وانمػػا هػػو ك ػ أ
نص مفروٍغ مف صحته ) وغايتي مف افسلوبيف أل النظاـ القرآني وقصدية اللغة هو إثبات خطأ المباحث ٍّ
ِ
ػل االبتػػدا(ي و ّ
المتمثلػػة بالسػؤاؿ ال ػػكلي ػب الثغػػرَة الوحيػػدة فػػي الحػ ّ
اللغوية على جميع المسػػتويات ،وتجنػ ُ
لمف ال يؤمف بوحي القرآف وهو أل
نص َّ
الهي ) ؟ النص القر
آني هو ّ مف أيف لنا أف نعلـ أف َّ
ّ
فوؿ مػػرة فػػي التػػاريخ ا نسػػاني حينمػػا يك ػػف عػػف قيمػػة
القصدي ليجيب على هذا التساؤؿ ّ
ّ الحل
فيأتي ّ
النص المفروغ مف صحته صح اة مطلق اة مف خنؿ التطبيق . افصوات وبالتالي داللة المفردة وأخي ار عف ّ
ػي إلهػػي بسػػبب التػواتر عػػف النبػػي )الحل هو الوحيد المنطقي فف ا جابة القديمػػة إف القػرآف وحػ أ وهذا ّ
ِ
ػت كونػػه رسػو اال مػػف خػػنؿ القػرآف فػػن هػػي إجابػػة مخالفػ أة ومناقضػ أة للنبػػوة والرسػػالة ذلػػؾ فف الرسػ َ
ػوؿ أثبػ َ
يمكػػف إثبػػات الق ػرآف مػػف خػػنؿ الرسػػوؿ – وقػػد ك ػػفت عػػف هػػذا التنػػاقض فػػي ذلػػؾ المتػػاب أيض ػ ا .أمػػا
ا جابة افخرى وهي كونه بليغ ) أو فيه أخبار بالمغيبات فهي غيػػر معتمػػد ٍة عنػػد الجميػػع فنهػػا عبػػارأة
ػل القصػػدي ،وهػػذا أمػأػر اف ) حػػوؿ ا عجػػاز ،أمػػا ا عجػػاز نفسػػه فلػػـ يك ػػف قبػػل ظهػػور الحػ ّ
عػػف دور ٍ
اضح جدا .
و أ
14
المبحث الخامس
افوؿ مػػف وضػػع افلفػػاز المفػػردة إفادتهػػا لمسػػمياتها المفػػردة ) وبػػذلؾ يلغػػي ميػػثـ وجػػود
لػػيس الغػػرض ّ
افولى للتعاقب الصوتي مف خنؿ التعبيػػر عػػف هػػذ القصػػدية بػػػ المفػػردة ) لأللفػػاز المفػػردة . القصدية ّ
ثـ رح ذلؾ موضحا إ كاؿ افسبقية فقاؿأل
بياف ذلؾ يستلزـ أف إفادتها لها موقوف أة علػػى العلػػـ بكونهػػا موضػػوعة لهػػا وهػػذا يسػػتلزـ العلػػـ بهػػا قبػػل
الوضػػع ) .والضػػمير فػػي بهػػا ) افخيػػر ارجػػع بػػالطبع الػػى افلفػػاز ال المسػػميات اف ػػياء ) والتػػي
يسميها سوسر أحيانا اففمار ) .ومعنػػى العبػػارة أف الواضػػع لػػو كػػاف يضػػع اللفػػظ خصيصػا للمعنػػى أو
ّ
قصدية اللفظ ػ وهي يء رفضػػو رفضػا َّ لمل لفظ فهذ هي الفكرة لماف ذلؾ يعني أنه يدرؾ معنى محددا ّ
قاطع ا .وهنا قاؿ ميثـ أل فلو توقفت إفادتها ػ أي تلؾ اففمار ػ على الوضع لزـ الدور ) .
15
أمػ ٍة حيػػث
فهداؼ أوضحتها وميوؿ ذكرتها في ذلؾ المتاب ،ولها جميعا بقايا ظػػاهرأة وواضػػح أة فػػي كػ ّػل ّ
ػتفد سوسػػير مػػف هػػذ ػى واحػ ٍػد حسػػب المنػػاطق ،فلػػـ يسػ ْ ُتستعمل ألفازأ عد أة في نفس اللغػػة الواحػ ِ
ػدة لمعنػ
ا ُ
الظػػاهرِة لفهػػـ طريقػػة ن ػػوء اللغػػات وتجاهػػل هػػذا الن ػػوء تمامػػا .وانمػػا اسػػتعمل الظػػاهرة كػػدليل علػػى
تغافل عتباطية .وقد أوضحت أف هذا هوِ ا
افوؿ وافخير هػػو صػػياغة دال لػػة اللفػػظ ديد ػ فف ا كاؿ ّ أ أ
المتعددة .
ّ إيضاح لداللتها
ٍ ألفاز أخرى تحتاج هي بدورها الى ٍ عف طريق
وقد أعلف ميثـ أف الداللة تظهر متأخرة بعد ا طنؽ وهو ما زعمه سوسير فيما بعد .قاؿ ميثـ أل
أما ميثـ ػ فقد ترؾ هػػذا االعتػراض الجػػوهري ليصػػوغه بطريقػ ٍة تخػػص المركبػػات المّليػػة ػ ليتجػػاوز م ػػكلة
ن أل
العنقة بيف الداؿ والمدلوؿ فاعترض على نفسه قا( ا
قا(ـ بعينه فػػي المركبػػات إذ المركػػب ال يفيػػد مدلولػػه إال عنػػد العلػػـ بكػػوف افلفػػاز
ال يقاؿ أل ما ذكرتمو أ
موضوعه لتلؾ المعاني ) .ال نسّلـ بذلؾ ػ فمتػػى علمنػػا وضػػع كػ ّػل واحػػد مػػف تلػػؾ افلفػػاز المفػػردة لمػ ّ
ػل
واحد مف تلؾ المعػػاني المفػػردة فػ ذا توالػػت افلفػػاز المفػػردة بحركاتهػػا المخصوصػػة علػػى السػػمع ارتسػػمت
المعاني المفردة في الذهف مستلزمة للعلـ بنسبة بعضها الى بعض ) .
إذف فالقيمة افصلية للمفردة غيػػر موجػػودة وانمػػا تظهػػر مػػف خػػنؿ نسػػبة افلفػػاز بعضػػها الػػى بعػػض أي
خنؿ الجملة .
كاؿ افخير على هذا النص هو إذا كاف افمر كذلؾ فن يوجد ػػيء اسػػمه الهػػذياف ) وهػػو القسػػـ وا
ال اربػػع مػػف أقسػػاـ اللفػػظ والػػذي مركباتػػه ال تعنػػي ػػي(ا ،إذ أف النسػػبية يفتػػرض أف تعمػػل دا(م ػا فتعطػػي
علماء اللغة جميعا ػ ولمنػػه اسػػتنتاج حتمػػي ػ وسػػوؼ
ُ أمر ال يقرُ
افلفاز مدلوالت كيفما اتفق المنـ وهو أ
ننحظه واضح ا في بنغة الجرجاني حيث أصبح الهذياف ػ عمليا عند مف احسف البنغات!!.
ػػـ نسػػف هػػذا المبحػػث مػػف جػػذور إذ يتنػػاقض المفهػػوـ البسػػيط والبػػدا(ي عػػف وفػػي الحػ ّػل القصػػدي يتػ ّ
المترادفات وهو وجود حػػدود معينػػة لأللفػػاز المترادفػػة حتػػى وفػػق النظػػرة ا عتباطيػػة العامػػة فػػن يمكػػف أف
يقفز لفظ بحر ) ليكوف أحيانا بمعنى تفاح ) .وهذ الحدود وفق نفس المبدأ االعتباطي تقوـ ب لغاء
أصوؿ هذا المبحث أي أف هذ الحدود المعترؼ بها حتم ا في ا عتباطية تستلزـ وجود قصدية أولػػى )
لمل لفظ على حدة ؟.
.فميف إذا تسّنى لنا معرفة القيمة الفعلية لألصوات وبالتالي القيمة الحركية ّ
16
المبحث السادس
المجػػاز والحقيقػػة
تعاريف ولمنها تؤدي الى نتيج ٍة واحد ٍة .وافمثرية علػػى أف المجػػاز هػػو أل ٍ عرفوا المجاز والحقيقة ّ
بعدة ّ
ػاز مػػف جػػاز إذا تعػ ّػدا بمعنػػى أف الػػذهف إذا انتقػػل ِ ػف بأّنػ ُ
ػه مجػ أ ِ
إذا عػػدؿ بػػاللفظ عػػف وضػػعه اللغػػوي ُوصػ َ
أمػػا الحقيقػػة فقػػالوا أل كػ ّػل كلمػػة أُفيػػد بهػػا مػػا
غير معنا الذي وضع له فهو مجاز ) ّ . باللفظ الى معنى ِ
ا
وضعت له في أصل االصطنح الذي وقع التخاطب به ) .
حذر جدا في تعريف الحقيقة ،فنه أدرؾ أف تعريف المجاز منػػاقض أف ميثـ ػ وهذ هي عبارته ػ أ اضح ّ
و أ
لفكرة االعتباطيػػة حينمػػا حػ ّػدد أف لمػ ّػل لفػػظ معنػى ُوضػػع لػػه واذف فػػن اعتباطيػػة .وأراد الػػتخلص مػػف ذلػػؾ
عند تعريف الحقيقة فجعلهػػا تظهػػر خػػنؿ التخاطػػب تخلصػا مػػف ا قػرار بوجػػود قيمػ ٍة مسػػتقل ٍة لمػ ّػل لفػػظ .
وهذا هو عيف ما حاوؿ اللغويوف في الغػػرب إبػراز مػػف بعػػد بػػل هػػو جػػوهر مػػا قامػػت وتقػػوـ بػػه البنيويػػة
الحديثة والتفكيكية افخيرة .ولمف هنا م كلة أخرى هي أف ّ
تغير الدال لػػة خػػنؿ التراميػػب المختلفػػة كانػػت
هي الظاهرة التي أثبتوا مف خنلها مبدأ ظهور الداللة بعد االستعماؿ – وهي بالتالي داللة متغيرة حسب
أي مف تلمػػـ
اقرو تعدد المعاني للمفردة ) – فميف يمكف بعد ذلؾ معرفة ٍّ التراميب – وهو أيضا مبحث ّ
الػػدالالت هػػو المقصػػود فػػي عبارتػػه أصػػل االصػػطنح الػػذي وقػػع بػػه التخاطػػب ) ؟ .إذف فػػالتعريف
ِ
الموضوعة قبل المبا رة بالتطبيق الفعلي . يناقض المبادئ
ُ
الناس مف اسػػتعماله كمعنػػى للفػػظ هػػو ذلػػؾ
ُ وقد رضي علماء اللغة بهذ الحاؿ – ف ّنهـ ظنوا أف ما أمثر
ا
االصطنح افصلي وهو خطأ نيع .
وأقوؿ أيضا أل إف ميثـ قد احتا بصورٍة م دد ٍة في انتقاء العبارات وهو يػػدرؾ جيػػدا أف المؤسسػػيف لهػػذ
اففمار أعني الجرجاني والػرازي وغيػػرهـ قػػد ظهػػرت لػػديهـ التناقضػ ُ
ػات بصػػورٍة مك ػػوف ٍة وميػػثـ هػػو أمثػػرهـ
رغب اة في إحكاـ القضية واف كاف َّ
اقلهـ هراة في الم رؽ والمغرب .
ومعلوـ أف التأميد على أف افصل هو اصطنح واالعتراؼ بهذا افمر يناقض مػػف جهػ ٍة أخػػرى تعريػػف
للتغيػػر زيػػادة علػػى
الحقيقة ) بما هي حقيقة في علػػـ المػػنـ العػػاـ .فف االسػػتعماؿ االصػػطنحي عرضػػة ّ
متعدد بنفسه – ال ُيعلـ ما هو حقيقة ) على التعريف وما هو مجاز ) واذف فنحف بازاء حقيقػػة كونه ّ
متغيػػرة دوم ػا – وهػػو افمػػر الػػذي اقػّػر دي سوسػػير فػػي علػػـ اللغػػة وأجػػاب علػػى تناقضػػاته بطريق ػ ٍة تثيػػر
العجب حيث زعـ أف التغير نفسه اعتباطي ولمف نظاـ اللغة يعيد توازنه كّلما حدث التغير وقد سألنا عند
ذلؾ أل ما فا(دة علـ اللغة إذا كانت اللغة تقوـ تلقا(يا بتعديل الوضع واعادة التوازف ؟ .كما سألنا أس(لة
17
عدة عف العنقػػة بػػيف التغيػػر االعتبػػاطي والتػوازف االنتظػػامي ) بمػػا يػ ّ
ػؤدي الغػػرض الهػ ّ
ػاـ وهػػو أف هػػذ
اففمار ال تمت الى العلـ بصلة تذكر .
الحل القصدي ال توجد م كلة مف هذا النوع فنه ببساطة ال يوجػػد مجػػاز وحقيقػػة – مثلمػػا ال يوجػػد وفي ّ
ػل لفػػظ والػػدواؿ افخػػرى مػػف افلفػػاز .الحػػظ
تعدد لمدلوؿ اللفظ ومثلما ال يوجد خلط فاضػ أخ بػػيف مػػدلوؿ كػ ّ
ّ
المبحث النحق .
18
المبحث السابع
أقسػػػاـ المجػػػػاز
وفي هذا م امل أخرى غير ما ذكر سػػابقا ػ فالم ػػامل السػػابقة ال ازلػػت قا(مػػة أمػػا الم ػػكلة الجديػػدة فهػػي
ػح وقػػد ال تصػ ّ
ػح ػ فاالسػػتعماؿ حتػػى لػػو كػػاف كثيػ ار أف التراميب المذكورة هي مقوالت ) مستعملة قػػد تصػ ّ
فن عنقة له بصحة االستعماؿ وخطأ على نفس الفهـ االعتباطي ػ إذ المفروض أف الغاية هي معرفػػة
يصح مف المنـ ػ وافبحاث تبػػدأ بػػدالالت افلفػػاز أو اال وخػػنؿ مػػا هػػي تبحػػث عػػف الدال لػػة
ّ يصح وما ال
ّ ما
ػل مػػا ُيفتػػرض أف تفعلػػه هػػو أخػػذ نصػ ٍ
ػوص مختػػارٍة ممػػف تستعمل النص العاـ والعادي جدا في حيف أف اقػ ّ
ف ػ ػ ػػيمكف للم ػ ػ ػػرء أف يق ػ ػ ػػوؿ أف قدر ولو إجماال أنه يتحدث بلغ ٍة صحيح ٍة .
يػُ ّ
متغيأر وانه كاف يوما ما غير افسد مثل الليث أو الضيغـ أو غير ذلػػؾ ،مثلمػػا
االسـ االصطنحي نفسه ّ
ػح .كػػذلؾ يمكػػف القػػوؿ أف إطػػنؽ يمكػػف القػػوؿ أف هػػذا ا طػػنؽ نفسػػه افسػػد علػػى ال ػػجاع ) ال يصػ ّ
وم ػ ػ ػػف جه ػ ػ ػػة أخ ػ ػ ػػرى فػ ػ ػ ػ ف يصح .
ّ الحمار على البليد ال
المدلوالت لـ يتـ استعراضها لمعرفة ما هو افصل في االصػػطنح وتجػػد نفسػػؾ فػػو ار أمػػاـ مػػدلوالت فرغػوا
تصور معانيها افصلية ! .وهذ العملية بمجموعها ال تمت الى العلـ بصل ٍة .
مف ّ
ففػػي الػػنص القرآنػػي ننحػػظ أنػػه تجنػػب إطػػنؽ ل فػػظ الحمػػار علػػى ا نسػػاف البليػػد .لمػػاذا ؟ ف نػػه إذا كػػاف
المجػػاز هػػو تجػػاوز الحقيقػػة ) والحقيقػػة هػػي الصػػحيح فالمجػػاز إذف خطػػأ .وهػػي مسػػال أة هامػػ أة فػػي
المنطق أهملوها رغـ كثرة ما تفاخروا بدقة منطقهـ.
استعمل القػرآف معادلػ اة مختلفػ اة لهػػذا ا طػػنؽ ،وذلػػؾ بالقيػػاـ بػػأربع عمليػػات لتبريػػر إطػػنؽ لفػػظ الحمػػار
على ا نساف إذا اعتبرنا أف ما فعله نوعا مف ا طنؽ مع أنه ليس كػػذلؾ كمػػا سػػترى .وذلػػؾ فػػي اآليػػة
المريمة أل مثل الذيف حملوا التوراة ثـ لـ يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفا ار آية ٘ /الجمعة .
19
فعل ٍ
كا(ف وهو أ
فعل ّ
محدأد مف أفعاؿ ا نساف كما قاـ افولى أل أنه قاـ بتسمية ٍ
ِ
افسفار . فعل مف أفعاؿ الحمار هو حمُله
بتسمية ٍ
ن مثل الذيف ُح ِملوا التوراة ثـ لـ يحملوها .
الثانية أل أنه جعل لهذا الفعل مث ا
الرابعة أل أنه عقد الت ابه بيف مثلي الفعليف ال بيف الفعليف وال بيف الما(نيف .
ِ
حملوا ] التوراة [ ؾ ] [ مثل ] الحمار [ يحمل ] أسفا ار
[ مثل ] الذيف [ ّ
وكػ ّػل مػػا فعلػػه هػػو عقػػد الت ػػابه ولػػيس ا طػػنؽ المبا ػػر .فابتعػػد بػػذلؾ عػػف إطػػنؽ لفػػظ الحمػػار علػػى
ا نساف بخمس خطوات كمجموع .
ػيف وفعػػل الملػػب ،ولمنػػه هنػػا ابتعػػد ظاهريػ ا ثػػنث ػاف معػ ٍ
وكذلؾ فعل حينمػػا أراد عقػػد ال ػػبه بػػيف فعػػل إنسػ ٍ
ِ
تمثيل فعل ّ
كل منهمػػا بم َثػ ٍػل ْ ) بالفعػػل نفسػػه ولػػـ يػػذكر أنػػه م َثػػل خطوات بيد أنه أحا الخطوتيف وهما ّ
للفعل فامتفى بعقد ال به بيف مثليهما ػ ولمف العدد يبقى نفسه .
وفعلػػه جػػزء منػػه ) ثػػـ قػػاـ بعقػػد ال ػػبه بػػيف إذا الحظنػػا بدايػػة اآليػػة حيػػث أمػػر الرسػػوؿ أف يتلػػو نبػػأ
المثليف أل
اتل عليهـ نبأ الذي آتينا آياتنا فانسلخ منها فاتبعه ال يطاف فماف مػػف الغػػاويف .ولػػو ػػ(نا لرفعنػػا و ُ
بهػػا ولمنػػه أخلػػد الػػى افرض وا ّتبػػع ه ػوا فمثلػػه كمثػػل الملػػب إف تحمػػل عليػػه يلهػػث أو تتركػػه يلهػػث
افعراؼ . ٔٚٙ
فال بػه ػ إذا تركنا ّأي ة محاولة للتدخل ػ بعيػػد بثن ثػػة م ارحػػل ف نػػه ت ػػبيه ال إطػػنؽ هػػذا أوالا .وثانيػ ا هػػو
مثل وال به هو بيف المثليف ونحف بالطبع ال نعلـ المثليف فلمل واحد منهما ْ كل منهما ػ ّ ت بيه بيف مثلي ّ
.
وفػػي آيػػات أخػػرى كػػاف السػػياؽ يبػػدأ بقولػػه واضػػرب لهػػـ مػػث ا
ن ..ثػػـ يػػذكر المثػػل ويفتػػرض أف يقػػوـ
أصح للت بيه ولمػػف يبػػدو انهػػـ فهمػوا أف
الرسوؿ ملسو هلآو هيلع هللا ىلص ) لو سألو بأخبارهـ بالمثل المجهوؿ لفهـ أدؽ و ّ
هذا هو المثل واستمر العلمػػاء يػػذكروف أمثػػاؿ القػرآف ػ فػػي حػػيف أف افمثػػاؿ نفسػػها ظّلػػت خافيػػة فػػي كػ ّ
ػل
تـ فيه الت بيه بيف ال يء ومثله أو بيف المثليف .بينما كاف الت بيه مبا ار في آيات أخرى . سياؽ ّ
وعلى ذلؾ يظهر جليا أف إطنؽ لفظ على معنى لفظ آخػػر للدال لػػة عليػػه أو نقلػػه مػػف أصػػله لمعنػػى آخػػر
لـ يحدث في القرآف مطلقا .
وقد عالجنا بعض المجازات والمنايات واالستعارات افخرى في كتاب "النظػػاـ القرآنػػي" وتػ ّػـ توضػػيح ذلػػؾ .
إذف فقد استعمل القرآف الت بيهات ولـ يستعمل المجازات .
20
القسـ الثاني أل هو أف يقع المجاز في المركب فقط .
كل لفظ وقع على افصل ولمف الجملة المتمونة غير مطابقة للوجود على ّ
حد تعبير ميثـ وهو ومعنا أف ّ
ينقل اختصارات عبد القاهر .
بأف الثمرات التػػي أما المثاؿ ف ني ال استحي أف أقوؿ أنه يدؿ على الحمق وقد ذكرت سابقا أف القوؿأل ّ
تخرج مف أممامها ) مجاز وكل فعػػل منسػػوب الػػى غيػػر فاعلػػه افصػػلي أو صػػفة ل ػػيء غيػػر فاعػػل فيهػػا
مثػػل سػػيف ضػػارب وزورؽ غػػارؽ هػػي مجػػازات – وقػػد ذكػػروا هػػذ افمثػػاؿ نفسػػها فػػي متػػوف ال ػػروح –
ذكػػرت سػػابقا أننػػا إذا سػػرنا بهػػذا الطريػػق فػػي تحديػػد المجػػاز المركػػب فالنتيجػ ُة الواضػػح ُة أف افغلػػب هػػو
المجاز وليس الحقيقي .
ن أل فلػػيكف .فف النتيجػػة تخػػالف أصػػوؿوال يمكػػف أف نتصػػور أف أحػػدا مػػا لػػف يعبػػأ بهػػذ النتيجػػة قػػا( ا
المبحػػث فػػي التعػػاريف – إذ يفهػػـ منػػه أف لمػػل لفػػظ أصػػل اصػػطنحي وضػػع لػػه – وال يمكػػف بػػالطبع هنػػا
القياـ بأية محاولة لنحتياؿ على افمر ،فنؾ إذا قلت أف هناؾ لفظ واحد فقط لـ يوضع فػػي االصػػطنح
الفخ إذ يسقط فو ار موضوع المجاز برمته .
وقعت في ّ
َ لمعنى ما
ذاؽ ) وقػػد أخػػذ منػػه العلمػػاء أثبتنػػا فػػي كتػػاب النظػػاـ القرآن ػي بحػػدود ثن ثػػيف اسػػتعماالا مختلف ػا للػػػفظ
معينة في حيف أف الموارد الثنثيف كلهػػا يبنبغػػي أف تمػػوف مجػػازات مورديف فقط ثبات أو رح مجازات ّ
وفقا لتلؾ القاعدة التي حػ ّػددت افصػػل وتسػ ُ
ػاءلت هنػػاؾ أل أيػػف هػػو االسػػتعماؿ افصػػلي ؟ فػ ذا لػػـ يػػرد فػػي
جميع الموارد القرآنية وهي كثيرة فأيف هو ؟ .
21
استعماؿ جز(ي ) هو دوما اقل عددا مف االسػػتعماؿ الحقيقػػي ُ في حيف أف الفكرة العامة هي أف المجاز
لمل لفظ – واذا تـ وضع ثبت بكافة افلفاز في كتػػاب مثػػل القػرآف فالنتيجػػة هػػي مثػػل النتيجػػة فػػي لفػػظ
ذاؽ ) .
وفي مثاؿ افرض – وجميع الجمادات م امل وقعوا فيها ففي قوله تعالى أل
ثـ استوى إلى السماء وهي دخاف فقاؿ لها ولألرض اتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طا(عيف)ٔٔ ٗٔ/
برهنت على نحو واضح ومف خنؿ االستعماؿ القرآنػػي المحكػػـ النظػػاـ أف القػػوؿ ) هػػو غيػػر المػػنـ )
وأنه ممكف أف يصدر منهما أي السماء وافرض ) قوؿ حقيقي ،وهذا يدؿ داللة أميدة على أف افصل
االصطنحي هو اآلخر اعتباطي ولمف المؤسػػف أنػػه هنػػا لػػيس اعتباطػا فػػي االسػػتعماؿ بػػل اعتبػػاطي فػػي
أذهاف علماء اللغة بينما هو ليس كذلؾ عند العواـ !! .
اعلموا أف ى يحي افرض بعد موتها قد ّبينا لمـ اآليات لعّلمـ تعقلوف الحديد .ٔٚ /
عدد
في مثل هذا النص ال يمكف فحد القوؿ أنه مجاز – إذ أف إحياء افرض ورد في النص القرآني في ٍ
كبير مف ّ
المرات .ونلفت هنػػا أنظػػار القػراء ألػػى أنػػه قػػد تقػ ّػدـ فػػي هػػذا الػػنص أمػأػر بػػالعلـ أل اعلمػوا ، ٍ
وعقب بعد فو ار أل قد بينا لمـ اآليات لعلمـ تعقلوف . فالعلـ والتبييف ال يقعاف وبينهما استعماؿ غير
حقيقي .
22
افميد هو أف االصطنح الذهني الساذج والعاـ جدا غلب في أذهانهـ على ما ارتمز مف مفػػاهيـ ودالالت
فعلي للغة . لأللفاز – فحسبوا أف ذلؾ ِّ
يمكَنهـ مف تأسيس علـ
ٍ ٍّ
الحل القصدي ،إذ الواضػػح أف المبحػػث ال وال حاجة فف نذكر مرة أخرى ب سهاب موضع هذا البحث في ّ
الحل القص دي ف نػػه موضػػوع ال أصػػل لػػه سػػوى االعتباطيػػة التػػي قضػػى عليهػػا هػػذاالحل .
موضوع له في ّ
الحل القصدي يتحوؿ مفهوـ المجاز الى نوٍع مف المبالغة – حينما يكوف اللفظ المسػػتعمل واقعػ ا إّنما في ّ
ضمف الحركة افصلية أو يكوف استعما اال خاط(ا حينما ال يقع فيها .فمػػث ا
ن لفػػظ البحػػر ) – ففػػي الحػ ّػل
القصدي يػػتـ السػؤاؿ عػػف سػػبب تسػػمية البحػػر ) المعػػروؼ بهػػذا اللفػػظ بالػػذات ولػػيس بلفػػظ الحػػرب )
نسػػق )
الػػذي يتػػألف مػػف نفػػس الحػػروؼ .واالعتباطيػػة تبػػالغ فػػي المػػذب حينمػػا تػػدعي أف الواضػػع ّ
الحروؼ هكذا لمل منهما اعتباطا .
إذ في الحػ ّػل القصػػدي يػػتـ ك ػػف الحركػػة العامػػة ضػػمف الحركػػة الخاصػػة بالتعاقػػب حػػرب ) .وفػػي هػػذ
الحالة نفهـ أف التعاقب بحر ) لػػيس مقصػػو ار علػػى البحػػر الػػذي نعلمػػه بػػل ي ػػمل كػ ّػل مػػف يتميػػز بهػػذ
وكل ما يتميز بها أيض ا .
إف هػػذا التمػػويف المسػػتقل القػػا(ـ بنفسػػه والػػذي ه ػػو مصػػدر المػػاء ومصػػدر الحيػػاة بعػػد ذلػػؾ وال ازخ ػػر
بالتموينػػات الجز(يػػة افخػػرى – أعنػػي البحػػر المعػػروؼ – يمكػػف أف نطلقػػه علػػى ال ػػخص إذا ّ
تميػػز بهػػذ
رباني وهو مصدر للحيػػاة والمعرفػػة مثػػل النبػػي صػػلى ى
الخصاؿ ،ومعلوـ أف مثل هذا ال خص كا(ف ّ
وال يمك ػ ػ ػ ػػف عليه وآله و سلـ ) أو المسيح ع ) .
أف يكػػوف ممػػدوحا فحػػد ال ػػعراء ) مػػث ا
ن .فالقا(ػػل مادحػا أل أنػػت بحػػر نػػدى ) ..فحػػد الخلفػػاء ،إنمػػا
قوؿ ال ينطبق في الخارج فقػػط قوله هذا هو نوع مف المبالغة وليس هو إخراجا للفظ عف معنا ،بل هو أ
وهذ المبالغة .
هي بطبيعة الحاؿ كذب ) وافتراء لمخالفتها الحقيقة والمقصود مخالفتها الحقيقة الواقعية للممدوح ال
الحقيقة اللغوية ) .
وحينما يقوؿ ا ماـ علي ع ) في الدعاء أل وقفت على ساحل بحر جػػودؾ وكرمػػؾ فانػػه ال يسػػتعمل
هنا أي نوع مػػف المجػػاز المػػذكور ،وانمػػا هػػو اسػػتعماؿ حقيقػػي فف البحػػر المعهػػود لنػػا إنمػػا سػػمي بػػذلؾ
ومعلوـ أف لوقوعه في الحركة العامة لتعاقب البحر .
جود ى ) له وجود حقيقي وهو ي تمل على استقنؿ وتموينات جز(ية وهو مصدر للحياة بل هو مصػػدر
وبهذا ننحظ أف الحػ ّػل البحر ) المعهود نفسه .
الحل االعتباطي الػػذي يقػػوـ بالعمػػل العبثػػي المسػتمر فػػي
القصدي يتعمق في مفهوـ اللفظ نفسه بخنؼ ّ
ومف هنا تنحظ مثنا أل أننا وجػػدنا أف نقل معنى اللفظ الى معنى لفظ آخر .
لفػػظ بحػػر ) فػػي الق ػرآف يسػػتعمل للمػػوف الفسػػيح الػػذي يتضػػمف تموينػػات أخػػرى وأفػػنؾ ونظػػـ متحركػػة
آليات كثيػػرٍة كانػػت بالنسػػبة لهػػـ ت ػػكل معضػػلة ال حػػل لهػػا – حيػػث عبػػر
ٍ حلوؿ امل ٍة
ٍ وأمكف بذلؾ وضع
23
الفضػػاء ) كمػػا نسػػميه بلفػػظ البحػػر .كػػذلؾ ننحػػظ أف اف ػػخاص المعتػػديف بأنفسػػهـ والعػػارفيف عػػف
بأسرار اللغة لـ يستعملوا ّأية عبارة أو لفظ بداللة لفظ آخػػر واقصػػد بهػػـ النبػػي صػػلى ى عليػػه وآلػػه و
ففي مقاـ التحدي يمكنني أف ّأدعي أف أحػػدا سلـ ) أو مف يعلـ عنه معاني وحركات افصوات .
ن عف المجاز وردت عف أحػػد الستعماالت فيها مبالغة أو كذب فض ا
ٍ ال يمكنه أف يأتي بمثاؿ واحد صحيح
هؤالء الرجاؿ العارفيف .على أف داللة ) اللفظ يء وانطباقه على موضػػوعه الخػػارجي ػػيء آخػػر –
وفي هذا الموضوع بالذات تتخبط االعتباطية كما سيأتيؾ في أمثلة أخرى .
24
المبحث الثامف
أصنػػػػاؼ المجػػػػػاز
ِّ
حددت أصناؼ المجاز بصورٍة نها(ية على يد فخر الػػديف الػرازي الملقػػب عنػػدهـ با مػػاـ ) بػػاثني ع ػػر
صنفا .ويمكننا أف ننحظ أف ا كاالت السابقة تجتمع أو تفتػػرؽ فػػي جميػػع هػػذ افصػػناؼ .وبػػالطبع
ويبدوا أف هذا الخلػػط فػػي ا عتباطيػػة هػػو سػػبب ظهػػور الم ػػكلة المنميػػة التػػي ظهػػرت فػػي الفلسػػفة بػػيف
المتمّلميف والمتعّلقة بػ رؤية ى ) .فبعضهـ ّادعى أف ى ُيرى في اآلخرة وبعضهـ ّادعى أنه ُيرى فػػي
كل مػػنهـ الػػنص القرآنػػي لتأييػ ِػد قولػ ِػه .ولمػػف يوجػػد
الدنيا وبعضهـ أنكر رؤيتهُ في كليهما .وقد استعمل ّ
إ كاؿ لغوي في هذا المثاؿ أل
فقوله نظرتػػه ) أي رأيتػػه ) هػػو اسػػتعماؿ خػػاطّ فف َنظػَػر ) فعػػل ال يعمػػل االّ بواسػػطة والسػػبب فػػي
ذلؾ أف الحركة العامة فيه ذاتية وداخلية ،فحينما يكوف هدؼ الحركة خارجيا تحتاج الى واسػػطة فتقػػوؿ
نظرت إليه ) أو تقوؿ نظرت في كتابؾ لي ) . أل
25
أو لـ ينظروا في ملموت السماوات وافرض افعراؼ ٔٛ٘/
وحينما يكوف هدؼ الحركة داخليا ػ وغاية الناظر هي الفحص أو التأمػػل وانتظػػار النتػػا( فأنػػه ال يحتػػاج
الى واسطة .
ننحظ كذلؾ أف رأى ) ال يحتاج الى واسطة دوما فف حركته خارجية في نفس التعاقب فهػػو يقػػع علػػى
مفعولػػه مبا ػػرة .فػ ذا أردت بػػالنظر المعنػػى الخػػارجي فيجػػب أف تقػػوؿ نظػػرت الػػى فػػنف ) وال تقػػوؿ
نظرت فننا ) فافخير معنا أّنؾ تأملت مجي(ه أو رجوعه متمهنا عليه .
إذف فاالستعماؿ نظرته ) بمعنى رأيته ) الوجود له االّ في أذهاف علماء اللغة.
نظػػر ) فػػي القػرآف لػػتعلـ أف القاعػػدة اآلنفػػة ويمكنػػؾ منحظػػة مػػا يقػػرب مػف ٓ ) ٜاسػػتعما اال للفعػػل
صحيحة .وأهل اللغػػة االعتبػػاطيوف ال يمكػػنهـ بعػػد ذلػػؾ أف يأتونػػا ب ػ ٍ
ػاهد واحػ ٍػد علػػى هػػذا الصػػنف ممػػف
يعتقدوف أنه ينطق بلغة سليمة فالتحدي قا(ـ على ا تياف ب اهد نبوي أو علوي مف النه أو صػػحا(ف
الدعاء أو الرسا(ل أو غيرها ،بل ال واهد كلها بخنؼ ما ذكرو .
26
المػْػرـ ) وهػػذا االسػػتعماؿ ػػمل عمليػػة التوليػػد بلفػػظ بنػػت ) .وتسػػمى
الخمرة أحيانا للولعيف بها بنػػت َ
افوؿ في الصحة . عند ال عراء بنت العنب ) وهو على مثاؿ ّ
ػب ) وهػػو ي ػػير الػػى افصػػل وال يجعػػل اللفػػظ بػػدين
صػػهباء أصػػلها العنػ ُ ولػػيس فػػي ال ػػعر االّ مػػف مثػػل
إذا ما مت فادفني بأصل كرم ٍة ) فف المرمة ليست خمػ ار لمنػػه ِ
أمػ َػل أف لآلخر .ولـ يكتف اآلخر بقوله
َْ
عظامي بعد موتي عروقها ) . يتخمر في عروقها فقاؿ تروي
الحل القصدي عف اليد نفسها لماذا سميت يدا ؟ وعنػػد ذلػػؾ يك ػػف
وفي هذا النوع مف المجازات يتسا(ل ّ
لؾ عف قيمة التعاقب يد ) مجردا عف أي استعماؿ .فالتعاقب نفسه يحمل صفة حركية تفيد في معنى
القوة ) والسيطرة المبا ػػرة أو الػػتحكـ ومػػا ػػابه ،وحين(ػ ٍػذ تمػػوف تسػػمية اليػػد المعلومػػة ) جػػزءا مػػف
الحركة تنطبق عليها حركة التعاقب .فبهذ الحركة العامة يمكف القوؿ أف هلل يد ) لمنهػػا ليسػػت ذ ارعػػا
مجسما ولل مس يد أيض ا ولمل قوة فاعلة يد ،وهذ اليد هي القوة المتصلة بػػيف الفاعػػل والواقػػع عليػػه
الفعل .يد ى فوؽ أيديهـ .
ال مكاف إذف الست هاد المجسمة ) بمثل هذ اآلية وال مكاف كذلؾ للرّاد عليهـ بػ ّ
ػأف هػػذا مجػػاز بػػل هػػو
استعماؿ حقيقي .ويد ا نساف هي استعماؿ حقيقي أيضا .
كاؿ المنطقي يتعلق بالرابطة بيف النوع وتعريف المجاز وهو كما ترى إ كاؿ معقوؿ . وهذا ا
27
القابلية ذاتية في الوادي واذف فهي موجودة على نحو ما في لفظ الوادي نفسػػه .والحػ ّػل القصػػدي يجعػػل
الوادي اسما عاما ػ والوادي المعهود هو أحد مسميات هذا اللفظ ػ وقػػد ينطػػوي علػػى نػػوع مػػف المجازفػػة ػ
بمعنى أف الوادي الحقيقي ليس هػػو الػوادي فػػي افذهػػاف ولمػػف الػػذي فػػي افذهػػاف ظػػرؼ ) لمعنػػى هػػذا
اللفػػظ مػػف ظروفػػه المختلفػػة ػ ففػػي الفكػػر وافخػػنؽ يوجػػد وادي ) حقيقػػي مطػػابق للحركػػة وهػػو انحػػدار
الفكر وافخنؽ بجري سريع مف افعالي الى الهاوية .
وقد ظهػػر ذلػػؾ فػػي التعبيػػر القرآنػػي فػػي كػ ّػل واد يهيمػػوف ) ػ إذ المعلػػوـ أف ال ػػعراء ليسػوا هػػا(ميف فػػي
الودياف االصطنحية ) .
الحل القصدي قدرة فا(قة في استيعاب االستعماالت المتنوعة مػػع الحفػػاز علػػى أصػػل
وللحركة العامة في ّ
الحركة وتجنب الخلط بيف الدالالت .
فػ ذا كػػاف اللطػػف ا لهػػي مػػثنا فػػي افعلػػى فػ ّف المنحػػدر هػػو موضػػع لتجمػػع فيػػوض هػػذا اللطػػف ويمكػػف
تسميته واديا ولمنه سيل مف الفيوضات أو العنايات ا لهية .
ويمكف أف يكوف له موضع جغرافي أيضا في بقعة ما مباركة ومثل هذا الوادي ذكر في القرآف أيضا.
ػي آخػ ٍػر أ ػػار الػػى سػػيولة الػوادي بػػل افوديػػة علػػى الجميػػع .واذا الحظػػت ذلػػؾ بد ّقػ ٍة علػػى وفي مثػ ٍػل قرآنػ
ٍّ
طريقػػة الحػ ّػل القصػػدي علمػػت أف الدال لػػة هنػػا ال تخػػص الوديػػاف ) المعهػػودة ،ولمػػف تلػػؾ الوديػػاف هػػي
وسالت أودية بقدرها ظرؼ لها وذلؾ في قوله تعالى أل
فػػي الحػ ّػل القصػػدي تنحػػظ بوضػػوح أف المعػػاني المختلفػػة فػػي منػػاه البحػػث المختلفػػة مثػػل افدبيػػة ،
ػل القصػػدي ػ بخػػنؼالفقهية ،العرفانية ،الباطنية ،الم فية والتاريخية ) وغيرها تتجمػػع فػػي دال لػػة الحػ ّ
الحل االعتباطي .
التبعثر والضياع في ّ
الصنف الثاني أل إطنؽ المسبب على السبب .
مثاله عندهـ إطنؽ اسـ الموت على المرض ال ديد .وكما تنحظ فهنا ضعف ديد في اختيػػار المثػػاؿ
المناسب .
فنه إذا كانت االستعماالت في ذلؾ بسبب تػرابط العلػػل مػػع بعضػػها الػػبعض فهػػو بمثابػػة التوقػػع ) أو
الحدس ) أو اليأس مف الحياة ،على أف لفظ الموت ) نفسه ال يعنػػي ػػي(ا سػػوى انقطػػاع الحركػػة )
الحل القصدي .
وهذا المعيار صحيح قبل ّ
إذ لو الحظت االستعماالت القرآنية في موت افرض أو كما في قوله أل
28
أومف كاف ميتا فأحيينا وجعلنا له نو ار يم ي به في الناس كمف مثله في الظلمات ليس بخػػارج منهػػا
زيف للمافريف ما كانوا يعملوف فنعاـ ٕٕٔ/ كذلؾ ّ
افوؿ للخروج مف الظلمػػات ،فػػي حػػيف تقػػوـ الظلمػػات نفسػػها ب عاقػػة الحركػػة ،
لوجدت حركة دؤوبة في ّ
كل حالة تنقطع فيها الحركة الحيوية الن يطة مهمػػا ومف هنا ف ّف إطنؽ لفظ الموت ممكف حقيقية في ّ
كاف نوع الحركة ػ وأهمها حركة الفكر أو حركة ا نساف .
والمػػرض ال ػػديد المعقػػد والقػػاطع للحركػػة هػػو بأيػػة صػػورة مػػوت ) ،فػػاللفظ لػػيس مقصػػو ار علػػى أهػػل
القبور بالمعنى االصطنحي للقبور أيضا .وعلى ذلؾ معنى قوله تعالى في اآلية أل
وغيرها المثير جدا بحيث أف العمل ا حصػػا(ي ينػػت كمػػا فػي لفػػظ ذاؽ ) كمػا امبػػر مػػف المجػػازات وقػػد
ينػػدر أو ينعػػدـ وجػػود االسػػتعماؿ الحقيقػػي وفػػق التعريػػف االعتبػػاطي ،وعليػػه فػػالتعريف خػػاطّ بنفسػػه
ومخالف للنظاـ اللغوي .
ويمكف من اق ة هػػذ الفقػرات علػػى أسػػاس اللغػػة المسػػتعملة للحػػل االعتبػػاطي قبػػل معرفػػة أي حػػل آخػػر .
فهو يقوؿ إطنؽ اسـ ال يء على ما ي ابهه .
فهو عندهـ ت ػػبيه وقػػد يعلػػـ السػػامع بمػػاذا هػػو كالحمػػار إذ المفػػروغ منػػه أنػػه ال ػػبه بينهمػػا اال إذا أراد
كقوة االحتماؿ أو البندة ػ فهو كالحمار في تلؾ الصفة وحسب .
نوعا مف السلوؾ ّ
ولمف إذا قاؿ المرء هذا الرجل حمار) ػ فهذا االستعماؿ هو المجاز والذي هو مف نوع االستعارة.
وهذا تهاوف في الحدود المسموح بها للمجاز في نفس اففمار االعتباطية ومخالف للجملة المنطقية فػػي
مباحثهـ حيث ال يكوف الرجل حمػػا ار قػػط ػ وهػػو ال يختلػػف ب ػػيء عػػف عبػػارة مثػػل اففعػػى كلبػػة ) ،
السفرجل يقطيف ) ... ،أو ما امله مف عبارات ال منطقية .
علما أنه لـ يؤثر عف الفصحاء أمثاؿ ذلؾ وانما يؤثر عنهـ الت بيه ومع ذلػػؾ فػ ّف الحمػػار سػػمي كػػذلؾ
الحل القصدي لمثل هذ المسألة . لوقوعه في الداللة العامة للتعاقب الصوتي وهذا هو ّ
29
الصنف الرابع أل مجاز تسمية ال يء باسـ ضد أل
كتسمية ِ
العقاب بسبب الجريمة بالجزاء المختص بمقابلة ا حساف بمثله .
والمناق ػػة هنػػا بسػػيطة للغايػػة ،فػ ّف اختصػػاص الجػزاء با حسػػاف هػػو مػػف مبتمػراتهـ اللغويػػة وجػػزء مػػف
اعتباطيتهـ ال مف اعتباطية النظاـ اللغوي .
خصص الجزاء با حساف فقط ،والجزاء ليس عقابا وال ثوابػا وانمػػا هػػو نفسػػه إذ ال يوجد وما وجد عربي ّ
مقابلة ال يء بما هو مف جنسػػه ػ ولػػو كػػاف مخصصػا لمػػا قػػاؿ العربػػي جػزاؾ ى خيػ ار ) ولمػػاف امتفػػى
بقوله جزاؾ ى ) ،وال يستطيع العربي قوؿ هذ العبارة مطلقا فنه يتحػّػرج مػػف انتظػػار السػػامع لتمملػػة
العبارة بنوع الجزاء إذ يمكف أف يكوف خي ار أو ار .
الجػزاء ) ػ ومف ناحية االستعماؿ فقد استعمله نفس أهل اللغة بهذا العموـ في جػواب ال ػػر إذ سػػمو
ولوال إفادته عموـ اففعاؿ لما كاف يصلح لعموـ أجوبة ال ر أل إف تفعل كذا فعلت كذا .
والزعـ أف النص القرآني هو مصػػدر مباحػػث افلفػػاز هػػو أمذوبػػة .وقػػد ألمحػػت بػػتحفظ الػػى أف افمػػر قػػد
يكوف مختلفا أو معكوس ا ال في المنهجية بل في افهداؼ أي أف النص القرآنػػي هػػو الهػػدؼ مػػف تمػػريس
ا عتباطية في اللغة .
وامتلؾ وثيقة سرية سأعلف عنها يوما ما تدؿ على نحو قاطع على هذا افمر .
30
ٖٗ / ٜ فجزاؤ جهنـ خالدا فيها )
وع رات أخرى مف الموارد التي ذكر فيها لفظ الجزاء مقترنا بالعقاب وليس مختصا بالثواب وحد .
وكذلؾ ننحظ المعنى العاـ للجزاء في القرآف أيضا ػ ف ذا زعموا وكثي ار ما نعتقد انهـ يجػػرءوف علػػى الػػزعـ
بأف جميع تلؾ الموارد هي مجازات ) ف ّف موارد العموـ ػ بالعقاب والثػواب سػػوية ػ هػػي مػػف النػػوع الػػذي
ّ
ال تتمكف االعتباطية مف تفسير فنه يتضمف العقاب والثواب .ومثل هذ الموارد هي في اآليات أل
ٗ٘ / ٕٛ كل أمة تدعى الى كتابها اليوـ تجزوف ما كنتـ تعملوف )
ػ ّ
فهذ الموارد مثن ػ يستحيل تصور مجاز فيهػػا وهػػي تجمػػع فػػي الجػزاء باعتبػػار لفظػا يفيػػد مقابلػػة العمػػل
بجنس جزاء مف جنسه إف خي ار فخي ار واف ار ف ػ ار ،وهػػي تجمػػع العقػػاب والثػواب فػػن تمػػوف مجػػا از مػػف
جهة وحقيقة مف جهة أخرى .
وال يتوقػػف افمػػر علػػى ذلػػؾ ففػػي خطػػوة ثالثػػة ننحػػظ تخصيصػا غريبػػا فػػي القػرآف وكأنػػه يتنبػػأ بمحػػاوالت
ن فيػػتـ فػػي إحػػدى اآليػػات حصػػر الجػزاء بهػػذا المعنػػى حصػ ار .أي كونػػه مقابلػػة مػػف
لتدمير اللغػػة مسػػتقب ا
جنس العمل وذلؾ في قوله أل
ومف جاء بالسي(ة فن يجزى الذيف عملوا السي(ات اال ما كانوا يعملوف ) ٕٗٛ / ٛ
ترؾ التصريح بنوعه وحصر بػػأداة الحصػػر االّ ) بػػػ العمػػل ) وذلػػؾ لمػػوف الجػزاء عػػاـ فػػي العقػػاب
فقد َ
والثواب وليس مختصا بالعقاب .
ف ّف إظهار المعنى بلفظ عف طريق لفظ مضاد تحتاج الى تفسير ،فهو في هذ الحالة نػػوع مػػف التوريػػة
المهدد بالعذاب والخػػزي ال ي ارعػػى فػػي اسػػتعماؿ لفػػظ مػػا ػ كمػػا لػػو
ّ ػ وفي هذا اللفظ ال توجد تورية ما .إذ
قاؿ أحد أف افم ر يحتاج الػػى إظهػػار العقػػاب كمػػا لػػو كػػاف مثوبػػة بػػل الواقػػع خنفػػه .وفػػي كتػػاب اللغػػة
الموحػػدة ) إذا راجعػػت التسلسػػل ع ػ ـ ػ ا ) فانػػؾ تجػػد بحثػا لطيفػا عػػف لفظػػي العمػػى ) و البصػػر )
ّ
وكػػذلؾ الرؤيػػة ) ػ بحيػػث أف إطػػنؽ لفػػظ بصػػير ) علػػى أعمػػى النظػػر هػػو اسػػتعماؿ حقيقػػي يػراد بػه
31
مراعاة كونه غير أعمى فػػي مجمػػوع الصػػفات إنمػػا هػػو أعمػػى العينػػيف ومػػف المحتمػػل أف يكػػوف بصػػي ار ،
فف ا بصار مف أفعاؿ القلب ال مف أفعاؿ العيف .
تـ التفريػػق هنػػاؾ بػػيف افلفػػاز الثن ثػػة وعنقاتهػػا بظآلتهػػا أل فػػالنظر الخػػارجي للحاسػػة والبصػػر للقلػػب
وقد ّ
والرؤية للعقل ،وبذلؾ يسقط البحث المنمي المسمى رؤية ى ) سػػقوط ا لغويػا ويصػػبح االسػػتناد الػػى
اآليات القرآنية استنادا ع وا(يا ِّ
لخلو مف هذا التفريق .
والسؤاؿ افوؿ هو أل أليس الزنجي أسود اللوف ؟ والجواب أل نعـ .فهذ الصفة م تركة لمافة الزنوج .
إذف فاالستعماؿ مف نوع الحقيقي ) ال المجازي ) فف التعريف ذكر الحقيقي وفي بعض ػػروحهـ لػػـ
يذكر ما هو المجازي إذ امتفى بالقوؿ ما هو عكس ذلؾ ) .
افسود إذف صفة لـ تنقل مف معناها الى معنى لفظ آخر ػ بػػل بقيػػت عاملػػة وهػػي مثػػل أف يقػػوؿ المػػرء
َ
افسود ) ف نه لػػـ يجعلػػه محػػل الزنجػػي
َ الرازي ) مرة ويقوؿ مرة أخرى فخر الديف ) ػ ف ذا قاؿ القا(ل أل
أو بمعنا حيث ي ير الػػى افصػػل أو السػػنلة أو الجػػنس بػػل اسػػتعمل صػػفة عامػػة أخػػرى ،وهػػذ الصػػفة
كل منها حقيقي في موضعه .
هي يء عاـ لمل مف كاف له اسـ ولقب وكنية وصفة يعرؼ بها ػ ّ
إذف فهذا الصنف مف المجػػاز هػػو مجػػرد وهػػـ مثػػل بػػاقي أصػػنافه ال وجػػود لػػه االّ فػػي التصػػورات الذهنيػػة
الضيقة المعنى في أذهاف علماء اللغة . ِّ المحددة بنوع مف االصطنحات
ّ
علما أف هناؾ التباس في افمر فف العاـ هو المػػل والخػػاص هػػو الجػػزء ،فػ ّف كػػاف المقصػػود مػػا يحػػدث
فػػي ا ن ػػاءات المتنوعػػة مثػػل قػػولي أل وهػػذا ب ػػكل عػػاـ هػػو كػػذا ) ػ وافمػػر خػػاص فػػنحف بػػازاء نسػػبية
ن ،هػػو خػػاص
يقػػرر فيهػػا مػػا هػػو خػػاص وعػػاـ الموضػػوع والمن ػػأ ػ فف مػػا هػػو عػػاـ فػػي فػػرع فقهػػي مػػث ا
32
بالنسػػبة فبحػػاث الفقػػه ػ عنػػد الم ارقػػب الخػػارجي وهػػذ النسػػبية ال عنقػػة لهػػا بموضػػوع المجػػاز والحقيقػػة
مطلقا .
فالزارع يقوؿ أل الحنطة جيدة هذا العاـ ) .إذ مع أنه في أوؿ الموسـ فقػػد أ ػػار الػػى الػػزرع أنػػه بحالػػة
جيػػدة ،والنجػػار يسػػمي الخ ػػب ا َّ
لمقطػػع المعػػد لصػػنع سػػرير لزيػػد أل سػػرير زيػػد ) ويقػػوؿ للصػػانع هيػػّ
سرير زيد مع أنه ليس سري ار بالفعل وانما بػػالقوة والمنحػػظ هنػػا أف ذلػػؾ اقػػرب الػػى البحػػث الفلسػػفي منػػه
الػػى اللغػػوي ولمػػف عنػػد الرجػػوع الػػى تعريػػف المجػػاز والحقيقػػة ننحػػظ فػػي جميػػع افمثلػػة المحتملػػة أف
االستعماؿ هنا حقيقي وال يطابق تعريف المجاز .
طع ػ هػػو حقيقػػة لصػػنع سػػرير واليصػػلح لصػػنع دوالب والػػزرع هػػو زرع الحنطػػة ال ػػعير وال
فالخ ب المق ّ
باقنء مثنا وكذلؾ مافي الدف هو خمر أو مسكر وليس ي( ا آخر وافصػػل أف تلػػؾ التسػػميات مميػػزة فلػػـ
زرع الحنطػػة ) أو الخ ػػب المعػػد لسػػرير زيػػد ) ػ فهػػذا تػػذكر العبػػارات كامػػل لوضػػوح المطلػػب مثػػل
اختصار ال مجاز .
الحل االعتباطي عف اللفظ اآلخر الذي نقل أف اللفظ االوؿ في مثاؿ الػػزرع والخ ػػب المعػػد
ولنا أف نساؿ ّ
ػ فهذ افلفاز عامة المعنى واللفظ اآلخر هو كما تنحظ نفس اللفظ االوؿ حنطة وسرير ...الخ .
الصنف الثامف أل مجاز إطنؽ الم تق بعد زواؿ الم تق منه أل
33
في هذا النوع تمفل ميثـ البحراني بالغاء حينما قاؿ أل وقد عرفت أف ذلؾ هل هو مجاز أـ حقيقة ؟).
الفعل المستمر يرزقمـ ) ي تمل على افزماف كلها أي يرزقمـ دوما .
ولمف حينما ال يريد المتملـ إبراز الزمف فانه يأتي بصيغة الفاعل مثػػل أل باسػػط ذراعيػػه ) ػ أي أف حالػػه
هو كذلؾ بغير ا ارة الى الزماف .
اليس ذلؾ أم ار غريبا ؟ لمنػػه اختػػار فػػي الضػػرب ) العتقػػاد أف الضػػرب فعػػل ال يكػػوف إال مػػرة واحػػدة !
وهو خطأ نيع فف الضارب صفة منزمة متلبسة حتى لو كاف مػػرة واحػػدة لمػػا يسػػتلزـ بعػػدها تبعػػة مػػف
القاتػػل ) و الضػػارب ) لمحاممتػػه ػ فانػػه يسػػأؿ لغويػا نوع مػػا مثػػل قاتػػل ) ػ فالحػػامـ إذ يسػػأؿ عػػف
تلبس الفعل بالفاعل ولو مرة واحدة لمنه اتصف بهذ الصفة وكونه موصوؼ بها ال تنفؾ عنه .
عف ّ
الحل القصدي مع ميػػثـ فػػي تخريجػػه لػػػ باسػػط ) فػ ّف عػػدـ ظهػػور الزمػػاف فػػي
والى أف تتوضح مناق ة ّ
صيغة الفاعل ليس فف المتملـ اليريد التنويه عف الزما ف بل لظهػػور التػػاـ فػػي نفػػس الصػػيغة مػػف حيػػث
أف الفاعل متصف بها فن ضرورة لذكر زماف آخر .
وعند المناق ة على أصل التعريف تنحظ المخالفة مع التعريف ػ زيد ضرب عمرو ػ فهػػو الضػػارب أل هػػل
هذا حقيقة أـ اخراج لمعنى ضرب الى معنى آخر ؟
والسؤاؿ اآلخر ماهو اللفظ اآلخر المنقوؿ إليه معنى اللفظ وفق تعريف المجاز ؟
الحل القصػػدي أف اففعػػاؿ التػػي ال تتضػػمف التمػرار علػػى نحػػو مػػا أو المنزمػػة الزمنيػػة المسػػتمرة ػ
ينحظ ّ
ينحظ فيما إذا كانت كالصنف االوؿ تحتاج الى اختصار أـ ال ،خنؿ التركيب أل
34
ال تتضػػمف هػػذ الحػػاؿ اختصػػا ار مػػف نػػوع مػػا كالحالػػة السػػابقة ،فف هػػذا التركيػػب مقصػػود وغايتػػه ابقػػاء
التبعة على الضارب فهي مرافعة له فلو قػػاؿ كػػاف ضػػاربا ) ،فالعبػػارة ت ػػير الػػى التهػػاوف فػػي المسػػألة
مف حيث اال ارة الى انتهاء الفعل .
لمف اللغة ليست جامدة ،وانما ِّ
تعبر عف المعايير الفكرية واالخنقية بما تمتلمه مف قدرة علػػى التعبيػػر ،
مر زمانه ػ أي اتصف بهذ الصفة المنزمػػة فقوله ايف الرجل الضارب ) إنما هو استعماؿ حقيقي واف َّ
وهي ت ير فلسفيا الى أف فاعل ال يء مرة ػ له القدرة على فعله مرات أخرى وهذ القدرة ال عنقة لها
بنوع الفعل فاالمر سواء في الصانع والعامل والماتب ...الخ مع االختنؼ في حركة التعاقب .
الصنف التاسع أل مجاز أطنؽ اسـ الحقيقة العرفية على غيرها أل
وقد امتألت كتب التراث باستعماؿ صيغة الجمع الدواب ) لن ارة الى مختلف الما(نات المتحركة حركػػة
انتقالية .
تعرؼ هذا النوع مف المجاز تنػػاقض أيضػا مػػع أصػػل التعريػػف إذ التعريػػف أصػ ا
ن للمجػػاز وفي الفقرة التي ّ
والحقيقة في اللغة ال كوف اللفظ حقيقػػه عرفيػ ة وبخاصػػة إذا لػػـ يعػػرؼ هػػذ الحقيقػػة أحػػد ) .ولفظػػة
الموحػػدة
ّ الحل القصدي ت ير إلى ّ
كل متحرؾ ولو بغير انتقاؿ في مل النبػػات انظػػر اللغػػة الدواب ) في ّ
) ػ لفظ دب ) .
نوق ت القضية مف جه ٍة ما سابقا غير ما نريد مناق ته ،وهي كوف ا عراب والحكـ النحوي ال عػ ػػػنقة
له بصدؽ أو كذب العبارة في النسػػب الداخلػػة بػػيف افلفػػاز وضػػرب البح ارنػػي لػػذلؾ مػػثن قػػاؿ أل لػػو قلػػت
لمسػػت السػػماء ) ػ فالسػػماء مفعػػوؿ بػػه ويسػػتحق النصػػب حقيقػػة وكػػذلؾ القريػػة فػػي المثػػاؿ .ثػػـ نػػاقش
النسبة في نفسها فادعى أف المجاز في النسبة والتراميب .
35
إما نحف فقد َّ
فندن ا هذا المجاز بأدلة واضحة مف النظػػاـ القرآنػػي فػػي المتػػاب المتضػػمف هػػذا العنػواف ومػَّػر
ػيل أظهػػر جػػزء مػػف دقػػا(ق هػػذا النظػػاـ فػػي اسػػتعماؿ أهػػل القريػػة ) فػػي مػوارد واسػػتعماؿ
هنػػاؾ تفصػ أ
القرية ) في موارد أخرى بغير لفظ أهل ) .
وقد علػػق أحػػدهـ علػػى ذلػػؾ ال ػػرح قػػا(ن أنػػه يبػػرهف علػػى جهػػل وتخػػبط السػػلف واعتبػػاطيتهـ فػػي تفسػػير
التراميب القرآنية وعدـ االنتفاع بها في النحو والبنغة .
36
المبحث التاسع
الفرؽ بيف الحقيقػػة والمجػػػاز
في مػػا تنفصػػل بػػه الحقيقػػة عػػف المجػػاز ،أنػػه أمػػا أف يقػػع بالتنصػػيص أو االسػػتدالؿ .إمػػا التنصػػيص
ٔ
فمف وجو أل أحدها أف يقوؿ الواضع هذا حقيقة وهذا مجاز )
واليمكف للمرء هنا االّ التوقف ػ فف افبحاث اللفظية كانت قد بدأت دومػا بدال لػػة ) اللفػػظ .وقػػد ظهػػرت
في بحث الداللة م كلتاف لـ ُتحنّ بعد وهما الداللة نفسها ػ الرتباطها بالوضع ػ والوضع .
ومعلوـ إننا ال يمكف لنا الوصوؿ الى الواضع لنسأله عف طريقته في الوضػػع .ولمػػف المثيػػر للده ػػة أف
الباحث يزعـ بعد ذلؾ أف هناؾ نص ) على كوف اللفظ كذا للمعنى كػػذا هػػو حقيقػػة واآلخػػر فػػي المعنػػى
كذا هو مجاز وأف هذا النص هو مف الواضع !!! بل يدعي أف الواضع يقوؿ ) هذا حقيقػػة وهػػذا مجػػاز
؟
رح إضافي كما لو كاف الخلق بلهاء والسامعوف والقراء قد فقدوا العقل
ومف ثـ ُتركت العبارة هكذا بغير ٍ
والذكاء !!.
ولـ يكتف بذلؾ بل نسب الى الواضع أ ياء أخرى فقاؿ أل
أو يذكر واحدا منهما وثالثا أف يذكر خواصهما وأما االستدالؿ ) ...
وهكذا فهػػو قػػد تػػرؾ النػػاس فػػي حيػػرة مػػف أمػػرهـ إذ ال يعلمػػوف إف كػػاف ا مػػاـ الباحػػث ) يلتقػػي بواضػػع
اللغة س ار في مكاف ما أو ي ار في افحنـ !!.
37
واذا أردنا مناق ة الطريقة افخرى لتمييز الحقيقة عػػف المجػػاز والتػػي هػػي االسػػتدالؿ ) كمػػا عبػػر عنهػػا
ننحظ المزيد مف التخبط والتناقض .فقد قاؿ أل
واما االستدالؿ فالحقيقة تعػػرؼ مػػف وجهػػيف أحػػدهما أف يسػػبق المعنػػى مػػف ذلػػؾ اللفػػظ الػػى فهػػـ بعػػض
السامعيف مف أهل تلؾ اللغة فيحكـ أنه حقيقة في ذلؾ المعنى ) .
افوؿ أل إف هذا العمل لػػيس اسػػتدالالا وال يمػت الػػى االسػػتدالؿ بعنقػػة مػػا ػ فف مايسػػبق االسػػتدالؿ هػػو
استقراء ) لجميع الموارد ومف بينها المجاز ) لذلؾ اللفظ عينه .فػ ذا افترضػػنا أف الجماعػػة المػػذكورة ػ
ػرجح لصػػحة اسػػتعماؿ
ال تنطق بالمجاز ػ فهناؾ مف يستعمل نفس اللفظ في المعنػػى اآلخػػر ػ فمػػا هػػو المػ ّ
تلؾ الجماعة دوف افخرى واعتبار هذا االستعماؿ حقيقة دوف افخرى ؟ .ومعلوـ أف افتراضنا هذا محاؿ
وانما نقوله جدالا ،إذ أف أهل اللغة أنفسهـ يستعملوف اللفظ في تلؾ المعاني جميعػا علػػى قػػدـ المسػػاواة
.
لقد أثبتوا وكما فعل سوسير بعد ذلؾ أف المعنى ػ أو الداللة ػ ال تظهر االّ بعد التركيػػب وقػػد أريػػت أقػوالهـ
في افبحاث السابقة .إذف فما يسبق الى فهـ السامعيف ) حسب فمرتهـ هو الداللة التي تظهر خنؿ
الجملة .فاللفظ نفسه عديـ القيمة قبل التركيب ،ومعلػػوـ أف السػػامعيف يسػػبق الػػى فهمهػػـ المعنيػػيف أو
المعػػاني المثيػػرة بػػاطراد كلمػػا تغيػػػّر نسػػق التركيػػب ،وسػػوؼ تظهػػر المعػػاني جميع ػ ا بالنسػػبة لهػػـ خػػنؿ
ػتمكف السػػامعوف مػػف الحكػػـ علػػى أحػػدها فقػػط علػػى أنػػه هػػو االسػػتعماؿ الحقيقػػي دوف
التراميب .فميف يػ ّ
غير ؟ .
كاؿ على الطريقة التي تسمى االسػػتدالؿ ) هػػو إ ػػكاؿ حقيقػػي ال يمكػػف فحػػد ومف الواضح أف هذا ا
تفنيد أو ا جابة عليه بما يطابق إطروحات النظرية ا عتباطية.
واما ثانيهما ف ّف أهل اللغة إذا أرادوا إفهاـ غيرهـ اقتصروا على عبارات مخصوصة )
38
إما النص فلـ يذكر افمر على هذا النحو تخلصا مف م كلة أف يتملـ المرء بكػػنـ ال يقصػػد منػػه االفهػػاـ
واذا قصػػدوا بػػالتعبير الحسػػف بعػػد الفهػػـ عبػػروا عبػػارات أخػػرى ) وهػػذ واحػػدة مػػف فقػػاؿ أل
ػل لهػػا فػػي
طرا(قهـ الملتوية التي الحصر لها .وفي هػػذا الطريػػق االسػػتداللي الغريػػب نطػػرح أسػػ(لة ال حػ ّ
ا عتباطية أل
السؤاؿ افوؿ أل إف البحث هو عف تمييػػز دال لػػة المفػػردة بػػيف الحقيقػػة والمجػػاز فمػػا عنقػػة العبػػارات التػػي
عدة؟.
تتضمف مفردات ّ
نحددهـ ؟ .
السؤاؿ الثاني أل مف هـ أهل اللغة ؟ وكيف ّ
السؤاؿ الثالث أل كيف يعبروف أوالا لغرض ا فهاـ ) ويعبروف ثانيا لمجرد المنـ الحسػػف بعػػد الفهػػـ )
يكرروف كنمهـ بعد الفهـ ؟ ومف منهـ كاف يقوـ بذلؾ وأيف ومتى ؟؟ ولماذا ّ
السؤاؿ الرابع أل كيف يعلـ السامع أف العبارات افولى ل فهاـ ) والتي بعدها هػػي المػػنـ الحسػػف ؟ وهػػل
عبػػارات ا فهػػاـ ) تختلػػف فػػي الحسػػف عػػف العبػػارات افخػػرى ؟ ولمػػاذا ال يكػػوف العكػػس متوقعػػا ؟ .
ويمكنؾ أف تضع اس(لة غريبة أخرى ولمنها لف تموف أغرب مف الح ّل االعتباطي ّ
بأية صورة .
39
المبحث العا ر
دواعػػػػػي المجػػػػػػػػاز
عدة عوامل اعتبروها دواعي لذكر المػػتملـ المعنػػى المجػػازي للػػػفظ حدد العلماء ػ في التفسير االعتباطي ػ ّ ّ
بد اال عف اللفػػظ الحقيقػػي .وال تسػػلـ تلػػؾ الػػدواعي مػػف المناق ػػة فنهػػا لػػـ تقػػـ علػػى أسػػس علميػػة ،ولػػـ
توضػػع لهػػا جػػداوؿ السػػتقراء النصػػوص بدقػػػّة لفهػػـ م ػراد المػػتملـ ،وانمػػا أُعلنػػت تلػػؾ الػػدواعي اسػػتنادا
للحدس والتخميف والظف ال غير .
مجرد ادعاء ال يستند الى ّأية معطيات لغوية .ويفترض هنا أف يأتوا بم(ات إف لـ نقل بػ ٍ
ػظالؼ مػػف وهذا ّ
ال واهد فجل إيضاح لفظ المعنى الحقيقي والذي هو متنافر التركيب أو ثقيل االجػزاء ويضػػعو بػػد اال عػػف
اللفظ المجازي المزعوـ ويبرهنػوا علػػى نحػػو واضػػح علػػى أف اللفػػظ المعػػدوؿ عنػػه هػػو الحقيقػػي مػػف خػػنؿ
استعماالت أخرى م هود لها أنها قيلت بصورة عفوية ػ ال إن ا(ية فغراض البحث ػ .
ولمػػف ذلػػؾ لػػـ يحػػدث ال بهػػذ ال ػػرو العلميػػة القاسػػية للبحػػث وال بغيرهػػا وال بػػدوف ػػرو .علمػا أّنػػؾ
ادركت أف المجاز وفق االصناؼ المذكورة سابقا قد طاؿ أغلب االستعماالت اللغوية حسب اعتقادهـ .
الثاني أل أف يكوف فجل المعنى إذا قصد التعظيـ لما هو ليس كذلؾ أو إذا قصػػد التحقيػػر وهػػو كػػا(ف فػػي
الحقيقة .مثػػاؿ افوؿ قػػوؿ القا(ػػل أل سػػنـ علػػى المجلػػس السػػامي ) ومثػػاؿ الثػػاني التعبيػػر عػػف قضػػاء
الحاجة بالغا(ط .
ومعنى ذلؾ أف االستعماؿ العنقة له بانطباؽ أو عدـ انطباؽ الداللة على الموضوع الخػػارجي فف لػػديؾ
دال لػػة لهػػذا اللفػػظ سػػامي ) فالدال لػػة لػػـ تتغيػػر وعػػدـ مطابقتهػػا لصػػفة المجلػػس هػػو قصػػد المػػتملـ مػػف
40
التحقير فلو كانت مطابقة لصفة المجلس لـ يكف ثمة تحقير ػ بل لماف مدحا ّ
يمجد المجلس ! ومثل هػػذا
الذهوؿ في ا عتباطية هو صفة دا(مة فيها .
ومف جهػػة أخػػرى فهنػػاؾ خلػػل فاضػػح أل فالمجػػاز علػػى التعريػػف هػػو لػػيس ا تيػػاف بلفػػظ بػػدؿ لفػػظ افوؿ
الداخل على الجملة هو المجازي والمتروؾ هو الحقيقي ) وانما هو العدوؿ عف معنى اللفظ الحقيقي الى
معنى آخر مجازي .فلػػو كػػاف التعريػػف هػػو تبػ ّػدؿ الفػػاز مػػع بعضػػها لمػػاف يصػ ّ
ػح ،إذ نتصػػور أف المػػتملـ
يريد في اف صل أف يقوؿ المجلس الحقير ) فعدؿ الى لفظ السامي ) ،ولمنه لـ يغيػػر معنػػى السػػامي
بل أبقا على معنا وهذا هو من أ التحقير مف حيث أنه مخالف للواقع .
فاالس ػػتعماؿ ل ػػه حقيقت ػػاف أل داخلي ػػة ف ػػي التركي ػػب وخارجي ػػة ف ػػي االنطب ػػاؽ عل ػػى الموض ػػوع الخ ػػارجي .
وا عتباطية مف الجرجاني ا لى سوسير ال تفتأ تخلط بينهما خلطا فاضحا بل ومخزيا .وهذا الخلػػط يهتػػؾ
طـ النظاـ اللغوي .وهػػو مخػػالف ومنػػاقض فسػػس ا عتباطيػػة نفسػػها
عملية التعبير ) وفي النهاية يح ّ
ػػارات ػ فهػػي إذف مسػػتقلة عػػف الموضػػوع ػ ولػوال هػػذا االسػػتقنؿ لمػػا ومػػف بينهػػا أف اللغػػة رمػػوز مػػف ا
كانت هناؾ قدرات متفاوتة علػػى التعبيػػر ) عػػف نفػػس الفكػػرة بتراميػػب مختلفػػة قربػا وبعػػدا فػػي االنطبػػاؽ
ارات والم ار إليػػه ػػي( ا واحػػدا ولمانػػت اللغػػة جامػػدة جمػػود على الموضوع الخارجي ولوال ذلؾ لمانت ا
الصخر .
وهذا التصػػور فػػي ا عتباطيػػة قػػد ّأدى الػػى تجميػػد اللغػػة .حيػػث اعتػػرؼ بػػذلؾ الع ػرات مػػف البػػاحثيف ،
بحيث ادعى فصحاء وبلغاء ) أنهـ لـ يقدروا بعد بنغة الجرجاني والسكامي مف إن اء جملة واحػػدة
التصور الػػى نفػػس النتيجػػة
ّ ب جاعة تامة ) ػ فنها قد تموف مخالفة ل رو بنغتهما .وكذلؾ ّأدى هذا
41
وفي الحل القصدي ينفصل االستعماؿ عف موضوعه وبذلؾ يمكف تبرير ن وء أو إن اء علـ للغػػة حيػػث
يكوف واجب هذا العلػػـ تقيػػيـ ) االسػػتعماؿ وهػػو مػػا تفتقػػر إليػػه ا عتباطيػػة ،وقػػد وضػػعنا هػػذا التسػػاؤؿ
الموحدة ) أماـ علماء ا عتباطية .
ّ المبير في اّللغة
الثالث أل الداعي الثالث مف دواعي استعماؿ المجاز .قاؿ أل وهػػو حصػػوؿ اللػػذة .فػ ذا عبػػر عػػف ال ػػيء
باللفظ الداؿ عليه على سبيل الحقيقة حصل تماـ العلـ به فن تحصل اللذة .
إف هذا التفسير السايكولوجي الغريب هو اآلخر ال عنقة له بالمجاز .فالمرء حاؿ القياـ بمثل ذلػػؾ أ ػػبه
بمف يقوـ بمداعبة المتلقي والمتلقي يعلـ جيدا إف كاف االسػػتعماؿ فػػي موضػػوعه اـ أنػػه يرمػػز لػػه برمػػوز
أبعد في التعبير؟ .وهذا العنقة له باالستعماؿ اللفظي للتراميب ػ حاؿ كونها بعيدة أو قريبة فػػي التعبيػػر
،فمل منها حقيقة في موضوعه واالختنؼ هو أنه ال يعبػّر عف الموضػػوع نفسػػه وانمػػا يعبػػػّر عمػػا هػػو
بجوار ) أو ما يحيط به مف مواضيع ) فمل منها حقيقي في موضػػوعه .وهػػو كمػػا تنحػػظ ذهػػوؿ آخػػر
غريب عف موضوع البحث .
الرابع أل وهو السبب افخير مف أسباب الدواعي أل اف يكوف صالحا لل عر وللسجع وأصػػناؼ البػػديع دوف
الحقيقي .
اليختلف هذا الداعي ب يء عما سبقه ف ننا نتصور عددا مف االحتماالت أل
أ .أف يكوف االستعماؿ مقحما لت نظػػيـ ال ػػكل مػػع إغفػػاؿ المضػػموف فهػػذا التزويػػق اللفظػػي ػ العنقػػة لػػه
بالمجاز فاذا ابتعد بعدا كبي ار وخرج عف المضموف كاف استعما اال خاط(ا .
ب .أف يكوف متن(مػا مػػع المقصػػود أل فهػػذا حقيقػػي ال مجػػازي وهػػو اذا ّ
تمكػػف مػػف المحافظػػة علػػى إبػراز
الفكرة مع االعتناء بااللفاز ،فهذا االحتماؿ العنقة له بالمجاز المذكور في التعريف .
ج .أف يقصد ذلؾ أل أي أنه يقصد االبتعاد عف التصريح بالفكرة ويكتفػػي بػػالتلميح الػػى مػػا حولهػػا ػ وهػػو
أوسع بكل تأميد ػ وموضوعه يساعد في ذلؾ كأف يكوف عدـ التصػػريح مبػػر ار علػػى نحػػو كػ ٍ
ػاؼ اجتماعيػا
أو دينيا أو غير ذلؾ .
واذف فالقصدية في االبتعاد تختار ألفاظا ػ تصلح لمػػا هػػو حػػوؿ الموضػػوع وال تصػػلح للموضػػوع المكتػػوـ ػ
فهي حقيقية في موضوعها فأيف هو المجاز ؟ .
ػػارة وداللتهػػا وبػػيف الموضػػوع نعـ .هنا أيضػػا يظهػػر المجػػاز إذا أصػػرت ا عتباطيػػة علػػى الخلػػط بػػيف ا
الذي تنطبق أو ال تنطبق عليه وقد الحظت فساد ال نيع .
42
المبحث الحادي ع ر
االعتباطيػػة و مجػػاز القرآف
قدـ علمػػاء ا عتباطيػػة فػػي اّللغػػة تفسػػيرهـ االعتبػػاطي ليجػػدوا ا لحلػػوؿ المناسػػبة للظػواهر اللغويػػة فمانػػت
ّ
النتيجػػة هػػي خلػػو ا عتباطيػػة مػػف أيػػة قواعػػد ػػاملة تػػتمكف مػػف تفسػػير تلػػؾ الظػواهر ،سػػوى االعتبػػا
نفسػػه ػ ولمػػا كػػاف االعتبػػا يرتمػػز علػػى االسػػتعماؿ ػ ويخلػػط أو اال بػػيف اال ػػياء الثن ثػػة أل الواقػػع الخػػارجي
والدال لػػة واللفػػظ ،ويخلػػط ثانيػا بػػيف الدال لػػة المسػػتقلة للفػػظ وبػػيف ظهورهػػا فػػي التركيػػب ويخلػػط ثالثػا فػػي
ال واهد أل هل هي موضوع ستنبا القواعد أـ هػػي موضػػوع لنقػػد تطبيقػػات نتػػا( المباحػػث ؟ فمػػاف مػػف
المحتوـ ظهور ا عتباطية ) في نفس التفسير االعتباطي .
فػراد وفي موضوع المجاز لـ تمتػػف ا عتباطيػػة بافصػػناؼ الع ػػرة المػػار ذكرهػػا فػػانبرى علمػػاء االعتبػػا
كتب خاصة عف مجاز القرآف ) .ولما كاف النظاـ القرآني ) غا(با عنهـ أو كانوا هـ غا(بيف عػػف
النظاـ القرآني ) أصنا فمف المتوقع أف يجد المجاز ) ضالته في القرآف خصوصا .
واذا أردنا جمع افنواع االصلية للمجاز القرآني ف نها بلغت عندهـ ما يربػػو علػػى افربعػػيف نوعػا ! وتحػػت
كل نوع منها فروع ِعّدة أل سبعة أو ثمانية أو ثنثة حسب اخػػتنؼ النػػوع وتحػػت كػ ّػل فػػرع عػػدد كبيػػر مػػف
ّ
ال واهد .
واذا أردنا استعماؿ نظاـ إحصا(ي أو ع وا(ي لع ر صفحات أو حزب كامل مف القػرآف ) لبيػػاف ظهػػور
تلؾ المجا ازت في النموذج ) تموف النتيجة أف الحاسب ا لمترونػػي يحتػػاج الػػى اسػػتعراض القػرآف كلػػه
بحثا عف االسػػتعماؿ الحقيقػػي الػػذي قػػد ينػػدر وجػػود لدرجػػة أنػػه لػػف يكػػوف فػػي مجموعػػه آيػػة كاملػػة !! .
ويبدو أف التفسير االعتباطي كاف يسعى الى تحقيق هذ الغاية .
[ وأنكر المجاز جماعة منهـ ابف القاص مف ال ػػافعية وابػػف خػػويز منػػداد ؟ ) مػػف المالميػػة و ُ ػ َ
ػبهتهـ
أف المجاز أخو المذب والمتملـ ال يعدؿ إليه إال إذا ضاقت به الحقيقػػة وهػػو علػػى ى محػػاؿ والقػرآف منػ ّػز
عنه ]
أقوؿ أل مع ذلؾ ف ف هذا االتجا غاب عف الساحة اللغوية ولػػـ يصػػلنا منػػه االّ سػػطر هنػػا كهػػذا أو سػػطر
آخػػر هنػػاؾ ومثػػل هػػذا افمػػر واضػػح جػػدا إذا علمنػػا أف االتهػػاـ َّ
موجػػه الػػى هػػذا االتجػػا فػػي ذلػػؾ السػػطر
43
ػػبهات ) ػ ال فمػرة معينػػة يجػػب احترامهػا وال أطروحػػة يتوجػػب الوقػػوؼ الوحيد أيضا كونه اتجا يحمػػل
عليها .
ػػبهة باطلػػة لػػو سػػقط المجػػاز مػػف القػرآف سػػقط منػػه " ػػطر الحسػػف" فقػػد اتفػػق البلغػػاء علػػى أف وهذ
ٔ
المجاز أبلغ مف الحقيقة )
وبمثل هذ العبػػارة تػػـ القضػػاء علػػى ذلػػؾ االتجػػا فػػي مهػػد .وبػػالطبع يتجنػػب علمػػاء االعتبػػا ا جابػػة
على اال كاالت المنطقية لنتجا والمتضمنة عنقة تعريفه بما يجوز أو ال يجوز على الخالق عػ ّػز وجػػل
اضح جدا أف هدؼ الحل االعتبػػاطي هػػو القػرآف
نحو و ٍ
.وذلؾ فف هذا هو موضوعهـ ،وقد برهنت على ٍ
ولػػيس الق ػرآف هػػو الموضػػوع ) الػػذي يسػػت قي منػػه الحػػل االعتبػػاطي ركػػا(ز .وصػػورة هػػذ الفك ػرة قػػد
توضحت لدى مناق ة بنغػػة الجرجػػاني وخنصػػتها أنػػه إذا كػػاف ال يمكػػف للخلػػق أف يػػأتوا بمثػػل القػرآف ،
فاف الحل اآلخر هو أف يكوف القرآف مثل كنـ الخلق .وال ن ؾ مطلقا في قصدية الحل االعتباطي لهػػذا
الهػػدؼ وهػػو مػػا يظهػػر جلي ػا عنػػد د ارسػػة كتػػاب "إعجػػاز الق ػرآف" للجرجػػاني حيػػث النتيجػػة المحتومػػة مػػف
الد ارسػػة والتػػي تسػػتعمل افسػػلوب ا حصػػا(ي تبيػػػّف علػػى نحػ ٍػو واضػ ٍ
ػح أف الغايػػة هػػي أف يفهػػـ المتلقػػي
بالنتيجػػة افوجػػه ا عجازيػػة ) لل ػواهد جميعػا والتػػي حضػػى القػرآف المػػريـ بالنصػػيب افدنػػى منهػػا ػ أو
خلت أحيانا مف ال اهد القرآني .
وفي كتاب أسرار البنغة ) تـ تأسيس مبادئ للبنغة على الحل االعتباطي تتضمف في الجزء افمبػػر
االستعماؿ الحقيقي ) في حيف تقدـ اآلخروف ل جهاز على النص القرآني بالمجاز .وذلؾ عدا الف(ػػات
الفلسػػفية التػػي أدخلػػت القواعػػد المنطقيػػة الفلسػػفية ػ وبػػػاللغة ا عتباطيػػة ػ الػػى مبػػادئ افصػػوؿ .وكانػػت
افعمػػاؿ متماتفػػة ومتنحمػػة مػػف أجػػل الهػػدؼ الم ػػترؾ وكانػػت الضػػحايا بػػالطبع كثيػػرة أيضػػا إذ ال يمكػػف
وصف الجميع بقصدية هذا العمل .
قسػػـ واذا عدنا الى سطر السيوطي الذي يقمع به االتجا المضاد ػ فانؾ تنحظ الهدؼ بجنء ٍّ
تاـ حينمػػا َّ
طر ٍ
آخر عليؾ أف تفهـ ما هو بمفردؾ !. الح ْسف ) و ٍ
طر ُ القرآف بطريقة غير مبا رة الى طريف
ػػطر الحسػػف ) فػػي وطبيعي أف البلغاء ) الذيف اتفقوا عنػػد علػػى أف المجػػاز أبلػػغ مػػف الحقيقػػة وأف
القرآف هو في هذا المجاز هـ جماعة يعلمهـ هػػو ػ إذ لػػيس مػػنهـ البلغػػاء الػػذيف نعلمهػػـ كػػالنبي ص )
ػطلح إالّ فػػي وقػ ٍػت متػػأخر
أو علي بف أبي طالب ع ) وال حتى معاصريهما ،فف المجاز لـ يظهر كمصػ ٍ
بعد ظهور ا سنـ .
وذلػػؾ فف النبػػي ص ص ) وا مػػاـ علػػي ع ) واف(مػػة ع ) كػػانوا يؤكػػدوف بصػػورة مسػػتمرة علػػى أف
القرآف ماء واحد ) يجري أوله على آخر وأنه واحد مف عند واحد ) وأنػػه ال يختلػػف وال يخػػالف ) ،
44
وأف باطنه عميق وظػػاهر أنيػػق ) ،وأف الرجػػاؿ قصػػرت عقػػولهـ عػػف إدراؾ مراميػػه ) ،وهػػي عبػػارات
كثيػػرة جػػدا ال أحسػػب أف ال ػػاطر ) الػػذي ي ػػطر الػػى ػػطريف بعيػػد عنهػػا أو بعيػػدة عنػػه وهػػو مخػػتص
بعلوـ القرآف ،فاف غابػػت عنػػه فليسػػت العبػػارات القرآنيػػة التػػي تتنػػاغـ معهػػا وت ػػير إليهػػا تلػػؾ افحاديػػث
بغا(بة عنه وهي جزء مف النص القرآني أل
..الػػى غيرهػػا مػػف اآليػػات التػػي تؤكػػد وحدتػػه اللغويػػة العجيبػػة ونظامػػه المحكػػـ ومصػػاديقه النمتناهيػػة
والتي يكوف ادعاء المجاز فيها على التعريف نوع مف عدـ ا قرار بهذ الخصا(ص بطريقة غيػػر مبا ػػرة
امتنفتها واحتضنتها عبػػارات التبجيػػل واالحتػراـ ) والتعظػػيـ للقػرآف والتػي كػػاف هػػدفها تمريػػر ا عتباطيػػة
الى هذا المتاب بأية صورة .
الدعا(ػػه ال ػػبهات ) فػػي التيػػار السػّني فقػػد ُقمػػع نفػػس تػـ قمع االتجا المضاد وقتله في مهػػد ّ ومثلما ّ
االتجا في الفكر ال يعي بصػػورة حاسػػمة .ولمنػػه احتػػاج الػػى وقػ ٍػت أطػػوؿ زمنيػا لتمتػػػّل التنمػػذة افوا(ػػل
ل ماـ الثاني ع ر ع ) مع بعضهـ على قلػّتهـ ووقػػوفهـ بوجػػه التأسػػيس االعتبػػاطي لمباحػػث افلفػػاز
الخاص بعلـ افصػػوؿ عنػػدما افتقػػدت القواعػػد زعيمهػػا الػػذي أوصػػى باعتمػػاد افخبػػار المرويػػة فػػي السػّنة
المؤكَّدة فقط لمعرفة حقا(ق الديف لحػػيف مجػػيء أمػػر ى ) .فأحاطػػت افمثريػػة ا عتباطيػة بهػػذ القّلػػة
وسمتها بأسػػماء غريبػػة لعػػل أهونهػػا هػػو جماعػػة ا خبػػارييف ) ،حيػػث
وأجهضت محاوالتها في مهدها ّ
اعتبرتها جماعة ال تمت في فمرها الى العلـ الحقيقي بصلة مستغلة ضرورة التحقق مػػف سػػند الخبػػر )
التحقػػق ) مػػف افلفػػاز وافسػػس المنطقيػػة للعمليػػة االجتهاديػػة
ّ ورقػ اة ت ػػهرها ضػػدها تػػدؿ علػػى ضػػرورة
برمتهػػا .وهكػػذا دخلػػت جميػػع المبػػادئ السػػنية التػػي ال تػػؤمف بضػػرورة لوجػػود معصػػوـ ) يحمػػل علػػـ
المتاب افزلي والنمتناهي الى دور وأقبية ودراسات ومسػػاجد التيػػار ال ػػيعي الػػذي يػػؤمف بهػػذ الضػػرورة
جامعا بيف تناقضاتها ػ بيف ا قرار بوجود ا ماـ الفعلي وبيف ضرورة البحث االعتباطي ػ .
ويبدو أف جميع افبحاث كانت جاهزة على يد التيار السني واف كاف التيػػار االعتبػػاطي للت ػػيع ينكػػر هػػذا
الفضل ) أحيانا ،وكل ما احتاجه هذا التيار هو إدخػػاؿ هػػذ افبحػػاث فػػي قالبهػػا ا مػػامي ) واضػػفاء
طػػابع الت يػػػّع عليهػػا ومػػف ثػػـ كانػػت الزعامػػة المطلقػػة للتيػػار افصػػولي االعتبػػاطي علػػى جميػػع القواعػػد
االمامية للقروف الع رة الماضية .
ولمف الحق يقاؿ أف التيار القصدي ا خباري ) الذي استطاع أف يحدس بذكاء منقطع النظيػػر يظهػػر
مف دراسة مجادالته القليلة جدا التي وصلتنا ) اسػػتطاع أف يحػػدس مػػا سػػتؤوؿ إليػػه العمليػػة االجتهاديػػة
مف جمود ،يبلػػغ درجػػة أف توضػػع اللغػػة نفسػػها فػػي قوالػػب جامػػدة تعػػزؿ القػرآف والفقػػه عػػف افمػػة ػ هػػذا
45
التيػػار لػػـ يمػػت نها(يػا فػػي الفكػػر ال ػػيعي .لمػػف يمكػػف القػػوؿ أنػػه عػػاش طالبػا افمػػاف ) بجػوار التيػػار
اآلخر ب رو ضمنية يعرفها الطرفاف أهمها أالّ يدَّعي المرجعية والفتوى ويكتفػػي بتسػػجيل افخبػػار بعيػػدا
ػت بالمسػػا(ل الفقهيػػة ػ وقػػد انتفػػع كػػن الطرفػػاف بهػػذا االتفػػاؽ فػػأبقى ا خبػػاري علػػى وجػػود علػػىعػػف البػ ّ
النحو المعلوـ مف العيش فػػي الظػػل فػػي وقػػت انتفػػع فيػػه التيػػار اآلخػػر مػػف تلػػؾ افخبػػار ليختػػار منهػػا مػػا
ين(ـ أصوله ويهجر ما ال ين(مه منها بعملية انتقاء محضػػة .وقػػد خضػػع هػػذا االنتقػػاء ) الػػى ػػرو
إطارها العاـ هو التحقيق ) ولمف جوهرها هو تمريس االنتقاء خدمة لألصوؿ ا عتباطية .
وقػػد تػػـ تمػػريس الجهػػود فػػي العمليػػة االجتهاديػػة وحصػػرها فػػي نطػػاؽ العبػػادات والمعػػامنت وفػػتح بػػاب
االجتهػػاد وهمػػا خطوتػػاف حػػاوؿ ف يهػػا افصػػوليوف تجّنػػب الم ػػامل التػػي تػػنجـ عػػف االعتبػػا والمتمثلػػة
بالتصادـ بيف أصوؿ العملية االجتهادية وافصوؿ العامة للديف على طريقة المذهب االمامي في الخطػػوة
وح ػػاوؿ التي ػػار افولى وحالة الجمود والتحجر كصفة دا(مة لنعتبا في الثانية .
افصولي ب صدار المراسات بيف الحيف واآلخر تبرير العملية االجتهادية كلما سمع بدقات نبض يصدرها
قلب االتجػػا ا خبػػاري المضػػاد والػػذي ربمػػا يظهػػر ب ػػكل مفػػاجّ داخػػل مجلػػس المرجعيػػة نفسػػه فيمػػا إذا
اب قاد حدسه العميق الى ك ف التناقض بيف افمريف وتساءؿ ب غف عف مبررات االجتهاد .
تقدـ ٌّ
وعلى ا لطرؼ اآلخر للفكر االعتباطي تـ التخلص مف هػػذ الم ػػكلة ب يقػػاؼ العمػػل االجتهػػادي واختيػػار
أربعة أ(مة ) مف بػػيف ع ػرات المجتهػػديف واعتبػػارهـ أربػػاب المػػذاهب التػػي يمكػػف لبػراءة الذمػػة أف تلحػػق
المكلف باتباعهـ وهؤالء هـ الذيف اتخذتهـ الدولة القا(مة على الفكر السػِّني فػػي أوج قوتهػػا ممثلػػيف لهػػا
في باب الفتيػػا والقضػػاء ،فػػا ّتبعهـ أمثريػػة النػػاس مثلمػػا يتبعػػوف أي ت ػػريع جديػػد تضػػعه الدولػػة وتجعلػػه
للبت في ؤوف الناس وانجاز معامنتهـ حيػػث موضع التنفيذ في المحامـ والجامعات ومؤسسات الدولة ِّ
المحيص للجمهور مف اتباعهـ .
ولـ يقـ التيار القصدي بنقض االتفاؽ فلػػـ يػزاحـ افصػػولييف علػػى مقاعػػدهـ ولػػـ يفسػػر القػرآف ولػػـ يفػ ِػت
ب يء يذكر .ولمف رجاؿ هذا التيار كػػانوا بػػالقرب مػػف افصػػولييف دا(مػا ػ وغالبػا مػػا كػػانوا رجػػا اال ازهػػديف
منتهى الزهد في الدنيا وغالبا ما تذكر أسماؤهـ تحت عنواف الفاضل افجػػل ) وغالبػا مػػا فتقػػر تػراجمهـ
ن جلػػي ا
ن ولػػه تبجل افصولييف ويكتفى بالقوؿ عف أي و ٍ
احد منهـ أل فػػنف ػ كػػاف فاضػ ا الى العبارات التي ّ
آراء عجيبة ورؤى صادقة مثل فلق الصبح رأيته في سنة كذا … له تصانيف كثيرة نافعة )! .
لـ يفعل التيار القصدي ي(ا مف ذلؾ ولـ يحض باالحتراـ الػػنزـ وال ػػهرة ولمنػ ه فعػػل مػػا هػػو افضػػل مػػف
كل ذلؾ .فقد حافظ هذا التيار على القصدية وكاف ال يسأـ مف تسجيل كػ ّػل ػػاردة وواردة ،وكػػاف يقطػػع ّ
الجبػػاؿ ويخػػوض المسػػتنقعات وافهػوار عػػادة استنسػػاخ جملػػة واحػػدة أو حػػديثا مفػػردا وكػػاف صػػادقا كػ ّػل
الصدؽ فن يكذب أبدا .وما درى التيار افصولي أنه حينما كاف ينتقي الحديث حسب هوا فيأخػػذ ويتػػرؾ
،وأنه حينما يأخذ بغيته ويترؾ غيرها ،ما درى أف مقتله ونهايته على يد هذا المتروؾ.
46
ويبدو أف التيػػار االعتبػػاطي قػػد ػػعر بػػالخطر عنػػد ظهػػور الطباعػػة الميكانيكيػػة واسػػتقرارها وانت ػػار كتػػب
الحػػديث للتيػػار القصػػدي لخدمػػة افصػػولية الرا(جػػة فوقعػػت بأيػػدي الجمػػاهير وازاء ذلػػؾ حػػاوؿ افصػػوليوف
مغازلػػة التيػػار القصػػدي بادعػػاء أو تبنػػي ) العرفانيػػة وا عػػنف عػػف أسػػماء أصػػولية عرفانيػػة فػػي ذات
ػتمكف مػػف معرفػػة الحقػػا(ق الدينيػػة بأسػػلوب بعيػػد
الوقت ،حيث يفهـ مف العرفػػاني ) أنػػه الرجػػل الػػذي يػ ّ
عف المنطق االرسطي والنحو البصري والموفي و قاقهما مػػع بعضػػهما والبنغػػة الجرجانيػػة أو السػػكامية
وبعي ػػدا ع ػػف الج ػػدؿ الهيجل ػػي والوجودي ػػة الس ػػارتريه والبنيوي ػػة السوس ػػرية والص ػػوفية الغزالي ػػة والفلس ػػفة
الفيضية ػ إسلوب يتميز بالتأمل في النص القرآنػػي مجػػردا عػػف أيػػة تػػأوينت سػػابقة أو أصػػوؿ موضػػوعة
لمف مف يزعـ أف هناؾ مف استطاع التوصل فعن الى الهػػدى بهػػذا الطريػػق السػػهل الػػذي ال يمػػر بالبصػػرة
أو الموفة وال يحتاج الى حفظ ألفية ابف مالؾ ؟ .المدَّعوف كثيروف بيد أننا إذا افترضػػنا أف أحػػدا مػػا قػػد
وصل بهذا الطريق فأنه سيصبح مفارقا ) للعالـ بأسر وسيحاوؿ جاهدا أف ال يعرفػػه أحػػد بهػػذ الصػػفة
فضن عف أف يدعيها .وكل ما يمكنه أف يفعله هو أف يحاوؿ تمرير القصدية بطريقة ما ػ كما فعػػل أهػػل
ربمػػا التيار القصدي في مؤلفاتهـ فاآلخروف قد يزعمػػوف بعػػد مػػوت أحػػدهـ معتػػرفيف أو مخمنػػيف أنػػه
كاف مف افولياء أو افبداؿ ) .فليس مف المعقػػوؿ أف يتحػ ّػدث المفسػػر بالمجػػاز وي ػػرح اآليػػات القرآنيػػة
بطريقة الحذؼ واالستعارة ويكوف أيضا مف افولياء !! ملمح ا أو مصػػرحا أو يتػػرؾ المريػػديف ) يفعلػػوف
هذ الدعاية لصالحػػه !! .
فقد آف افواف لنمة أف تعلـ أنه ليس مف أولياء ى واحد مػػف التيػػار االعتبػػاطي ،واذا كػػاف يصػػلح أحػػد
مػػنهـ لتلػػؾ الواليػػة ) فػػاف ال ػػيخ دي سوسػػير ) يصػػلح لهػػا إذ هػػو أعنهػػـ كعب ػا وأمثػػرهـ عم ػنا فػػي
تأسػػيس ا عتباطيػػة فػػي الفكػػر اللغػػوي العػػاـ مػػع أف ال ػػيخ لػػـ يتعػػرض لمجػػاز ) الق ػرآف كمػػا تعرض ػوا
بصورة مبا رة ولـ ي طر الى طريف طر الحسف وهو مػػا فيػػه المجػػاز و ػػطر آخػػر ....ولػػـ تمػػف لػػه
غاية مما فعل سوى مباركة ) ما فعلوا وتثبيته في نظري ٍة تن ر فػػي الغػػرب خ ػػية أف يصػػحو ) يومػا
ما فيعيد النظر في نصوص العهديف .
حقا ..لقد انتفع الفنسفة المؤمنوف ) أو المحبػّوف ) للمسيح ع ) فػػي الغػػرب مػػف ال ػػيخ وصػػدؽ
ظنػّه .فحينما أدخل سبينو از ) ا لحاد بجلباب ا يماف الى المسػػيحية و ارجػػع فلسػػفتها انتفػػع بمػػا فعلػػه
47
ال يخ مف مبادئ اعتباطية لتفسير النصوص بطريق االستعارة ) على طريقة ال ػػيخ الجرجػػاني حينمػػا
وجدها تصطدـ مع فلسفتهٔ .
وازاء هػػذا المػػـ الها(ػػل مػػف الت ػراث االعتبػػاطي فلػػيس با مكػػاف مناق ػػة جميػػع تفاصػػيله فمػػاف ال بػػد مػػف
استعماؿ أسرع وأنجح الطرؽ وقػػد تػػـ ذلػػؾ بػػا عنف عػػف النظػػاـ القرآنػػي ) وقصػػدية اللغػػة فػػي اللغػػة
الموحػػدة ) والمتػػب النحقػػة ومنهػػا هػػذا المتػػاب المكػ ّػرس لهػػدـ مبتنيػػات ا عتباطيػػة فػػي مباحػػث افلفػػاز
ّ
ومناق ة جملة مف التفاصيل خنؿ ذلؾ .
ولما كاف المجػػاز القرآنػػي وهػػو الجػػزء الهػػاـ مػػف تطبيقػػات ا عتباطيػػة واحػػد أهػػـ نتػػا( المرادفػػات والقػػا(ـ
بأمبر قدر مف التخريب اللغوي واخفاء معالـ النظاـ القرآني فاني ساذكر أهـ ما تفتقت عنه عقلية الفكػػر
االعتباطي مف أنواع المجاز القرآني و واهدها مع التعليق السريع عليها .وسبب ذلؾ أف التفصيل غير
وتنحػػظ جميػػع مػوارد ممكف في مثل ذلؾ ،فف مف طبيعة اللفظ في القصدية أف ُينحق في كػ ّ
ػل القػرآف ُ
ػل
وه ػػذا يعن ػػي أف ك ػ ّ لغرض التفنيد التاـ للمجاز .
صفحة في كتب ا عتباطية و واهدها تحتاج الػػى كتػػاب بأمملػػه لهػػذا الغػػرض .ويكفػػي أننػػا فنػػدنا أسػػس
مباحث افلفاز .وستستخدـ إ ارات ورموز النظاـ القرآني هنا لتنبيه القارئ إلى مكمػػف الخطػػأ .ومعنػػى
ذلؾ أننا نطلب مف القارئ المريـ االطنع بل دراسة كتاب "النظاـ القرآني" قبل دراسة هذ المباحث .
48
أصناؼ أخرى للمجاز المزعوـ
في القرآف
أقوؿ أل بل فيهف جميعا لمػػا أثبتػػػه علػػـ الفيزيػػاء المعاصػػر مػػف اسػػتمر ٍار لحركػػة النػػور فػػي أنحػػاء الفضػػاء
بغير انقطاع فالنور في السماوات جميعا .فيتحقق المعنى مف لفظ فيهف ) .
الحظ بنفسؾ ا عتباطية في التطبيق أيضا ػ وكأنما ارتقوا افسباب و أروا السبع الطباؽ .
للتعجػػل .
ّ أقوؿ أل ولذلؾ قاؿ في يوميف ػ حيث أف في ) تعمل كظرؼ زماف فاليوماف زماف أصبحا ظرفػػا
ويصح هذا الزعـ لو قاؿ ليوميف ) .
أقوؿ أل بل جنتاف ومف دونهما جنتاف فبأي آالء ربكما تمذباف ؟؟
انظر بنفسؾ الى التعسػف ػ انظر الى ادعاء معرفة الملموت ممف ال يحسنوف .
أقػػوؿ أل بػػل الجمػػع مقصػػود وهػػو مسػػاوؽ للفعػػل قتلػػتـ فنهػػـ أخفػوا القاتػػل وتػػدافعوا التهمػػة بعضػػهـ علػػى
بعػػض فمػػانوا ارضػػيف بفعػػل الواحػػد وال ارضػػي بفعػػل قػػوـ م ػػارؾ معهػػـ لػػذلؾ قػػاؿ أل وى مخػػرج مػػا كنػػتـ
تمتموف ) وهي صيغ جمػػوع متعػػددة فػػي اآليػػة .فػ ذا أخػػذنا بػػزعمهـ أف قتلػػتـ ) مجػػاز ظهػػرت مجػػازات
أخرى في اآلية في افلفاز ّادار(تـ ،كنتـ ،تمتموف ) ،ولـ تقتصر على مجاز واحد .إذف فاآليػػة فػػي
إ ارتها الى المجموع كانت تقصد أف تتهـ المجموع بالقتل فن مجاز .
49
والقصة على خطأ التفسير مثبتة كذلؾ في روح القصػػص أف إحيػػاء القتيػػل كػػاف فجػػل أف يحػػدد القاتػػل
عقب بالقوؿ وى مخرج ما كنتـ تمتموف ) .
الذي رفضوا الم ف عنه ولذلؾ ّ
هػ .فاف كاف له أخوة فألمه السدس )
أقػػوؿ أل هػػو ال يحسػػف الفػػرؽ فمػػا بالػػه لػػـ يسػػكت ؟ وأخػػذوها عنػػه ودخلػػت التفاسػػير .وافخػواف واالخػػوة
كنهما جمع أخ ) .الحظ الفارؽ في النظاـ القرآني ) تجد ا عجاز بأجلى صورة .
و .قاؿ رب ارجعوف )
بل "ارجعوف" فالخطاب مع الرب ليأذف ب رجاعه مف قبػػل المثػػرة المنفػػذة لأل وامػػر والتػػي يكػػر االعتبػػاطيوف
معرفة أسماءها أو ذكرها .
أقوؿ أل بػػل "المرسػػلوف" وهػػـ رسػػل الملمػػة ػ أرسػػلتهـ بهديػػة الػػى سػػليماف ع ) وتنظػػر بػػـ يرجعػػوف .و
ارجع إليهـ ) خطاب منه الى الهدهد يحمل الجواب المنتظر ػ وافمر واضح في القػرآف واذا كػػاف الخطػػاب
لهـ فيصح أيضا فف الملؾ ال يخاطب االّ الرسوؿ الفعلي ر(يس الوفد ) .
قالوا أل وانما هو خصـ واحد ،فهو عندهـ مفرد جاء بصيغة المثنى .
الحظ االعتبا .المتملـ واحد وهو يتحدث عػػف نفسػػه وعػػف خصػػمه فيصػػوغ الجملػػة علػػى صػػيغة المثنػػى
كل منهما يتملـ كما يدؿ عليه لفظ "قػػالوا" .أي أف كػ ّػل واحػػد منهمػػا كػػاف يقػػوؿ أنػػه خصػػـ فميف إذا كاف ّ
لآلخر .علما أف الخصـ ال بػد له مف خصـ آخػػر يقابلػػه فهػػذا اللفػػظ مثػػل لفػػظ الػػزوج إذ أف كػ ّػل فػػرد مػػف
الزوج يدعى زوجا .
.نسيا حوتهما )
ولػػو قػػاؿ نسػػي حوتػػه ) العترضػػت ا عتباطيػػة بهػػذا االعتػراض أو قالػػت المعنػػى نسػػيا ) وهػػو مجػػاز
فنها مولعة بقلب اال ياء بخاصة في القػرآف .أمػػا قػػوؿ يو ػػع بعػػد ذلػػؾ لموسػػى ع ) أل أنػػي نسػػيت
50
الحػػوت ) فمػػا أراد إ ػرامه فيمػػا كػػاف هػػو مسػػؤوالا عنػػه وذلػػؾ لتأدبػػه مػػع الرسػػوؿ ع ) ػ فالنسػػياف مػػف
موسى وفتا والمسؤولية على الفتى فف الحوت معه .
ي .الطنؽ مرتاف )
بل هو مرتاف وفي الثالثة ُتباف . .واالعتباطية ال تدافع عف المذهب بل هي مصدر المذاهب المتعددة .
وهو ال يلتبس مع الطلقات الثنثة ) ػ فف هذ المسألة كيفية فقد اختلفوا في كػػوف لفػػظ الطػػنؽ ثػػنث
ػػكاؿ بهػػذ اآليػػة فنهػػا تحػػدد المػرات الفعليػػة مػرات فػػي مجلػػس واحػػد أـ مجػػالس متفرقػػة وانمػػا ُيحػػل ا
كل مرة .للطنؽ ال صيغة الطنؽ المكررة في ّ
ؾ .فنادته المن(كة )
بل المن(كة .إنهـ يختلفوف في الواضحات ويزعموف معرفة الخفيات فما أدراهـ أف المنادي واحد ؟
معرفة واسػػعة لنعتباطيػػة بأسػرار البحػػار أيضػػا ! علمػػا أف القػػدامى مػػف الغواصػػيف أعلنػوا أف اللؤلػػؤ مػػف
المحػػار والمرجػػاف مػػف ػواطّ المرجػػاف والػػدر مػػف نػػوع مػػف الحي ػواف البحػػري ،وأس ػرار البحػػار ال ازلػػت
غامضة في احدث التقنيات العلمية فمف أيف لنعتباطية هذا التحديد ؟ هناؾ غ ار(ػػب عػػف البحػػار كوجػػود
ماء عذب داخل الماء المالح وغيرها .
ـ .القيا في جهنـ )
ِ
ألق ) .فعدؿ عف المفرد الى المثنى . قالوا أل أي
اللؤلؤ و َ
المرجاف ) ُ ف َ .ي ُ
خرج منهما
بل يخرج منهما واالعتباطية ال تفهـ ي(ا في اللغة العامة فميف تفهـ لغة النظاـ القرآني ؟ وهي ال تعلـ
ما في البحار المعلومة فضن عف البحريف ) !
51
بل ا نساف اال الذيف آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر ) .
فرؽ بيف جاء ) و أتى ) وتؤمف بترادفهما ،وانمػػا يكمػػف وطبيعي أف تدَّعي ا عتباطية ذلؾ وهي ال ت ّ
النظاـ القرآني وا عجاز كله في هذا التفريق وفي القضاء على المرادفات وهي المهمة التػػي سػػتقوـ بهػػا
القصدية وتجابػػه مػػف خنلهػػا العػػالـ بأسػػر فػػي الم ػػرؽ والمغػػرب .يػػأتي ال ػػرح الػوافي فمثػػاؿ ذلػػؾ فػػي
مباحث ألفاز الطور المهدوي حيث سنرى أف اآلتي لػػـ يجػػيء بعػػد فيصػػح الماضػػي أتػػى ) مػػع افمػػر
فن تستعجلو ) .
ب .ونفخ في الصور )
سينفخ .
قالوا أل أي ُ
تتجاهػػل ا عتباطيػػة االنتقػػاؿ الزمنػػي للػػذهف فػػي السػػياقات القرآنيػػة الػػى المسػػتقبل لتقريػػر افح ػواؿ التػػي
تسبقها بالماضي ػ فف غايتها البحث عف واهد للمجاز ال تفسػػير اّللغػػة وال تفسػػير القػرآف .ومثػػل ذلػػؾ
جميع اآليات الم ابهة في الزمف ) والتي لف اذكرها هنا .
أمة ) مف أهل المتاب لماف المقصود أسػػنفهـ فقػػط ػ إنمػػا هػػو مضػػارع يفيػػد لو كاف كذلؾ والمخاطبوف ّ
استمرار قيامهـ بهذا العمل ! ومػػا يػػدريؾ لعلهػػـ أصػػحاب الفكػػر االعتبػػاطي الفعليػػيف والمخططػػيف لػػه مػػف
وراء الستار ! ؟ .
دفاع آخر لنعتباطية عف ال ياطيف واتباعهـ فقد تلو ) بالماضي وال يتلوف اآلف وليس ثمة اآلف مػػف
سحرة ) !!
1انظر القرافي في كتابه "االستغناء في أحكاـ االستثناء " في قوله تعالى أل ما كاف استغفار إبراهيـ فبيه إالّ عف موعدة وعدها ّإيا ) .
52
فلـ تقتلوف أنبياء ى )
َ هػ .
بل تقتلوف فف الراضي بفعل قوـ م ارؾ لهـ .وذلؾ إذا اعتبرنا القتل وسفؾ الدماء ي(ا واحدا .فميػػف
معنى َّ
اعـ بكثير ؟
ا
إذا كاف القتل يأخذ
و .فريقا َّ
كذبتـ وفريقا تقتلوف )
الحظ إصرار ا عتباطية على تفسيرها رغـ اتفاؽ الموارد في الصيغة ومثل هػػذا كثيػػر جػػدا كػػاف يمكػػف لػػه
أف يك ف عف النظاـ القرآني لوال أف النوايا وافهداؼ مختلفة ،فنحظ دفاع ا عتباطية عف المكػػذبيف
) رغـ وضوح صيغة الفعل المستمر علما أف القتل غير مرتبط ب هراؽ الدـ على افصل ولذلؾ قاؿ جعفػػر
بف ص ع) أل
وى ما ضربوهـ بسيف وال طعنوهـ برمح ولمف أحّلوا حرامهـ َّ
وحرموا حنلهـ ) .
ن)
ز .ويقوؿ الذيف كفروا لست مرس ا
قالوا أل أي قالوا ) ؟
انظر الى سلوؾ ا عتباطية ! وأهدافها ! .غياب تاـ للذيف كفروا بعد نزوؿ القػرآف !! وكػػأف افمػػـ تخلػوا
اليوـ ممف يقوؿ للنبي ص) لست مرسنا ! .
قالوا أل سيجمعوف .وهذا فعل وليس صفة مثل لفػػظ مجمػػوع ) والػػذي ي ػ ّػكل مػػع جملػػة مجمػػوع لػػه
الناس ) صفة لذلؾ اليوـ .
انظر إلى ا عتباطية وهي ال تفرؽ بيف الصفة باسـ المفعػػوؿ كونهػػا حقيقػػة فػػي الحػػاؿ ) وصػػفة لليػػوـ
وبيف اففعاؿ !! ذلؾ أف اسـ المفعوؿ حقيقة في الحاؿ حيث وصف به اليوـ وليس فعػنا فػػأيف مجمػػو أع
سيجمعوف ) ؟.
ُ له الناس ) مف الفعل
53
قالوا أل ونحف حاملوف ،بدليل وانهـ لماذبوف ) والمذب إنما على الخبر.
الحظ تعسف ا عتباطية فما قالو بمجمله هو خبر والمذب يرد عليه فما عنقة ذلؾ بالجزاء ولنحمل )
؟ .فانهـ ال يعلموف تلؾ الخطايا ومقدارها وانما يقولوف ولنحمل عنكـ خطايػػامـ فػػي الػػدنيا ويػػوـ القيامػػة
ن ػ ولمنهـ كاذبوف اآلف بهذ المقالة ! فالحمل م رو باالتباع فن يقولوف "نحػػف حػػاملوف" .
أي مستقب ا
هل تظف أف ذلؾ مف معضنت المسا(ل اللغوية ؟ أـ أنه ديدف ا عتباطية ؟
المطهروف )
ّ يمسه اال
ب .ال ّ
يمسه بمعنى افمر ) .
قالوا أل أي ال ّ
وهو مف أعجب مبتدعات االعتبا .فحينما ال تختلف صيغة المضارع عف الطلب في مثل هػػذا التركيػػب
تجتهد ا عتباطية في ا يحاء الى أنه أمر ) وذلؾ لصػػرؼ افنظػػار عػػف تمييػػز المجموعػػات فػػي النظػػاـ
القرآني ،وتحويل الطهارة مف المعنى العقا(ػػدي الػػى المعنػػى الفقهػػي وتحويػػل المػػػس مػػف المعنػػى العػػػلمي
الى المػادي !! .
فلمػّا ّ
خروا له سجدا علـ أنهـ ّ
أقروا حقيقة بخنفته ورسالته وآمنوا وتابوا فقاؿ مستيقنا يغفر ى لمـ )
.
غايات االعتبا مف ذلؾ صرؼ هذ الفضا(ل عف الرسل واخفاء السنف الخاصة بالمغفرة .
ػػـ
هذا بالرغـ مف أف آخر اآلية معّلػق ب رادة ا نساف يرضػػعف أوالدهػػف حػػوليف كػػامليف ػ لمػػف أراد أف يتػ ّ
حرية ا نساف أيضا ،تحاربها في كافة الجبهات! . الرضاعة ) .واالعتباطية تحارب َّ
54
وضع جمع القلة موضع المثرة أل
قبل ذكر ال واهد ِّ
أنبػه القارئ المريـ إلى أف جمع القلة الذي زعموا أنه لما دوف الع رة وجمع المثػػرة لمػػا
هو أمثر ليس سوى مجرد بدعه لغوية ال تمت الى الحقيقة بصلة .
علما أف الخلل في الجموع المتعددة مف افمور العجيبة حيث دخل المعاجـ ولػػـ ّ
يفرقػوا بػػيف تلػػؾ الجمػػوع
فعدوها ي( ا واحدا رغػػـ التعػػدد فػػي الصػػيغ .مػػر فػػي كتػػاب النظػػاـ القرآنػػي مثػػاؿ
ومعانيها التي تقتضيها ّ
عف العباد والعبيد ) وآخر عػػف االخػػوة وافخػواف ) بتفصػػيل فراجعػػه لتػػدرؾ أف الجمػػوع تحكمهػػا قواعػػد
الداللة اللفظية نفسها وال تحكمها قواعدهـ .
مع أف جمع المؤنػػث السػػالـ غرفػػة ػ غرفػػات ) وهػػو غيػػر محػػدد بعػػدد كالع ػػرة ػ إنمػػا التحديػػد فػػي أصػػل
اللفظ أل ال ُغرؼ ػ استعماؿ لحػػاؿ بناءهػػا المسػػتمر والػػذي هػػو غيػػر محػػدد بعػػدد ) و غرفػػات ػ لمػػا هػػو
ن ولو كاف ألف غرفة ) .فلما أراد وصف حالهـ فػػي الغرفػػات كػػونهـ آمنػػوف ) جػػاء بػػالجمع
موجود فع ا
الذي يفيد الموجود الفعلي ) ػ فف النظاـ القرآني يك ف أف الجنة نفسها في توسع دا(ـ .
واذا رأيت بنػػاءا يػػػُبنى وال تعلػػـ عػػدد الغػػرؼ فيػػه فيجػػوز لػػؾ بػػل يتوجػػب أف تقػػوؿ أل مػػا هػػذ الغػػرؼ ؟ )
حتى لو كانت ثنثة فف البناء مستمر وقد يضاؼ عليه غرؼ أخػػرى .ولمػػف ال تقػػوؿ أل انػػتـ تسػػكنوف
هذ الغرؼ ) بل الغرفات ) .
غػػرؼ ) فظنػوا أف افوؿ ِقلػػػّة نعـ .وجدوا العرب تقوؿ للموجود الفعلػػي غرفػػات ) ولمػػا ال يعلػػـ عػػدد
لما دوف الع رة واآلخر لما هو أمثر !! .
ب .أياما معدودات )
سبحاف ربؾ رب العزة عما يصفوف .يظنوف أو يوحوف أف ى يخالف الحقيقة ) فسػػبابهـ ا عتباطيػػة
.
لو قاؿ معػػدودة ) علػػى جمػػع التمسػػير لمػػا كانػػت محػػدودة .ولمػػا قػػاؿ معػػدودات فممػػا فػػي غرفػػات ) ػ
موجودة فعنا في هر معلوـ ال يزيد على ثنثيف يوم ا .فانظر بنفسؾ الى قيمة الحلوؿ ا عتباطية .
55
فػػبعض النفػػوس يتوّفاهػػا ملػػؾ المػػوت قػػل يتوفػػامـ ملػػؾ المػػوت الػػذي وكػػل بكػػـ ) .والػػبعض المن(كػػة
الذيف توفاهـ المن(كة ) .والبعض تتوّفػػا الرسػػل توفتػػه رسػػلنا ) والجميػػع يتوّفػػا ى فػػي الليػػل وهػػو
الذي يتوفامـ بالليل ) .
فالتوّفي الػػذي يقػػع إذا جػػاء المػػوت هػػو بحسػػب الطبقػػات والمجموعػػات وافصػػناؼ وبأنظمػػة محػػددة ولمػػل
نوع منها عدد مف الموارد .فلو قػػاؿ ى يتػػوفى النفػػوس حػػيف موتهػػا ) ػ فهػػو حػػق ف نػػه هػػو المتػػوفي
الفعلػػي وهػػذا افمػػر الواضػػح ال يحتػػاج الػػى بيػػاف مخصػػوص لػه ،ولمنػػه يحػػدث إربامػػا فػػي جميػػع المػوارد
االخرى وخل ا
ن في النظاـ العاـ واختنفا أل ولو كاف مف عند غير ى لوجدوا فيه اختنفا كثي ار ) .
وافنفس التي يتوفاها ى هنا في هذا المورد هي مجموعة خاصة جدا .
قاؿ "الجوهري" أل أي إحساف ى قريب فهي على هذا المعنى .ذكر ذلؾ تخلصا مف عدـ تأنيػػث قريػػب
) وهو غير صحيح .فف القرآف لـ يستعمل فعيلة ) تأنيثا لفعيل مطلقا في الظرفيف .
فف هذ المفردات قريب ،بعيد ) ليست صفات لتؤنث وانما هػػي ظػروؼ ولػػو كانػػت م ػػتقة مػػف أفعػػاؿ
متصػػرفة .ومعلػػوـ أف الظػػرؼ ال يحتػػاج الػػى تحػػوينت ف نػػه ظػػرؼ يسػػتوعب الحركػػة الفاعلػػة سػواء كػػاف
الفاعل مذك ار أـ مؤنث ا .ولمف المفردة ترجع الى تصرفها حينما ال تسلؾ سلوؾ الظرؼ ف ذا اقترنػػت بنكػػرة
تحولت الى صفة وأعربت فتحا قريبا ) ،عرضا قريبا ) ،عذابا قريبا ) .فػػي حػػيف أنهػػا كانػػت فػػي
اآليات موضع ال اهد بمثابة الظرؼ وليس الظػػرؼ كالصػػفة ولػػيس فحػػد أف يجعػػل رحمػػة ى ) بػػنفس
معنى إحساف ى ) بصورة اعتباطية .
إذا أخذنا قولهـ على محمل الجد فاف افلفاز المافروف ) ،المؤمنوف ) وما أمثرها فػػي القػرآف إمػػا ال
ت تمل على النساء أو تموف كلها مجازات خنؼ االستعماؿ الحقيقي .
فقل لهؤالء المتفيقهي ف ػ ماذا يطلق على المجموعة مف الذكور وبينهـ إناث ػ لفظ الذكور أـ لفػػظ ا نػػاث
؟
56
إف لفظ ا ناث خاص فف افنثػػى الحقػػة بالػػذكر مػػف أوؿ الخلػػق وأف السػػجود كػػاف آلدـ دوف حػواء بينمػػا
الذكر عاـ ي مل على ا ناث بهذا ا لحاؽ أل وألحقنا بهـ أزواجهـ ) .
وهػػـ يتحػػدثوف عػػف الح قيقػػة ) العرفيػػة كنػػوع مػػف أنػواع الحقيقػػة فػ ذا جػػاء وفػػد يضػػـ النسػػاء بػػل لػػتمف
النساء أغلبية فهل يقاؿ مثنا فػػي الحقيقػػة العرفيػػة ) أل جػػاءت بنػػات تمػػيـ أـ بنػػو تمػػيـ ؟ .وهػػل يقػػوؿ
المػػرء فػػي العػػرؼ إذا خػػرج النػػاس مػػف الجامعػػة عنػػد انتهػػاء الػػدواـ الرسػػمي خػػرج الطػػنب ) أـ خرجػػت
الطالبات ؟
لقد َّ
تبخرت الحقيقة العرفية لنعتبا خنؿ بحثه الدؤوب عف مجاز القرآف! .
افصل كما قالوا يجهلوف) .وجاء بالتاء لتغليب أنتـ على قوـ ػ فف الياء أص ا
ن صفة للقوـ /أ .هػ
هل سمعت بفلسفة لغوية مثل فلسفة االعتبا ! المتملـ يخاطب قوما بطريقة حاضرة ويقوؿ أل بل أنتـ
قوـ تجهلوف ) واالعتبا يقوؿ كاف عليػػه أف يقػػوؿ أل بػػل أنػػتـ قػػوـ يجهلػػوف ) ػ غيػػر مػػدركيف أف اليػػاء
ستحوؿ الخطاب مف الحاضر الى الغا(ب في التفات ال يصح مطلقػا فػػي جملػػة خبريػػة كهػػذ .وهػػي مثػػل
أف يقوؿ المرء لصػػاحبه أنػػت يعلػػـ أنػػي أحبػػؾ ) !! ذلػػؾ فف الوضػػع كلػػه وضػػع خطػػاب ومجػػيء مفػػردة
"قوـ" ال يسمح بذلؾ .
اعترفت ا عتباطية أف هذا العدوؿ ) مف الغا(ب جزاؤهـ ) الػػى المخاطػػب مػػف محاسػػف المجػػاز فنهػػـ
لما كانوا تبعا للمخاطب في المعصية جعلهـ تبعا في اللفظ ،لمػػف ا عتباطيػػة توهمػػت فلػػيس ثمػػة عػػدوؿ
عف لفظ أصلي بالغا(ب فف الحاؿ حاؿ خطاب مبا ر وحينما ذكر افتباع ) ذكرهـ خػػنؿ الخطػػاب ولػػو
قاؿ أل جزاؤهـ ) فهذا يعني أف إبليس ليس معهـ !! .فهذا هو مقدار فهـ ا عتباطية ّللغة ! .
قالوا أل َّ
عد منهـ باالستثناء تغليبا لمونه كاف بينهـ .لـ َّ
يعد منهـ باالستثناء ػ فننا رأينػػا أمثػػر مػػف مػػرة
أف المستثنى ال ي تر أف يكوف مف جنس المستثنى منه كما في قوله تعالى أل
ما كاف استغفار إبراهيـ ) ..اآلية .وهو رأي القرافي أيضا المتخصص ب ؤوف االستثناء .
57
وأما افمر بالسجود فقد مله هذا افمر لمونه بينهـ لمنه ليس منهـ لقوله تعالى فػػي الموضػػع اآلخػػر أل
االّ إبليس كاف مف الجّنة ففسق عف أمر ربه ) .وهو ما في سورة المهف .
فاالعتباطية ال تهتـ لظهور االختنؼ ) في القرآف ،بل رأيت في مبحث التناقض ) أنها هػػي مصػػدر
التروي لهذا االختنؼ .
قالوا أل أي الم رؽ والمغرب وسماهما م رقيف فف الم رؽ أ هر !! فغلب على المغرب !!
الحظ مػػرة أخػػرى مقػػدار فهػػـ ا عتباطيػػة و ػػرحها للنصػػوص .وقػػد نسػػت تمامػا أف الم ػػرقيف والمغػػربيف
احد ػ بل افولى أف نقوؿ تناست ) ػ فنه مما ال ينسى أل
نص و ٍ
ذك ار سوية في ٍ
رب الم رقيف ورب المغربيف ) /الرحمف
قالوا أل أي درجات ودركات للمؤمنيف والمفار فالدرجات للعلو والدركات للسفل ف َغَّلب اال رؼ .
الحػػظ مػػرة أخػػرى ا عتباطيػػة بػػأجلى صػػورها .فتغليػػب الػػدرجات ف نػػه أ ػػرؼ ػ لغويػا ػ أهػػـ مػػف التنػػاقض
الذي ينت مف تسمية مراتب أهل النار بنفس الم ارتػػب ال ػػريفة فهػػل الجنػػة فهػػذا هػػو فهػػـ ا عتباطيػػة .
ومعلوـ أف التحديد المذكور هو تحديد اعتباطي ال أصل له عند العرب وال العجـ ػ فالدرجات هػػي درجػػات
سالبة كانت أـ موجبة .
بل فيها فف الفردوس جنات وهي جمع مؤنث ،والعواـ أعلـ منهـ بالسليقة إذ جعلوها اسما ل نػػاث الػػى
هذا اليوـ .
فف القاعػػدة فػػي افعػػداد الع ػػرة أف يكػػوف جػػنس العػػدد خػػنؼ المعػػدود أل ع ػػرة قالوا أل افصل ع ػػرة
رجاؿ ،ع ر أمهات ) .وقاؿ آخروف لمراعاة المعنػػى فف مػػا هػػو مثػػل الحسػػنة المؤنثػػة يكػػوف مؤنثػا !!
58
وكل ذلؾ كأف افمثاؿ عندهـ مذكر ! وهكذا تنسى ا عتباطية أف صيغ الجمع علػػى وزف أفعػػاؿ ) كلهػػا
وليس هذا ) اال ياء وهذ افعماؿ ،افحكػػاـ ،افنهػػار ،افسػػماء مؤنثة فأنت بل هـ يقولوف أل هذ
،وتلؾ افقدار ،افعداد ..الخ .فن ت ذ "افمثاؿ" عنها وقد أنثت بمفردها ) بمعزؿ عف الحسنات في
القرآف فقاؿ تعالى أل
وكذلؾ أل
كػػذلؾ قػػاؿ فػػي الحػػاالت التػػي اقترنػػت فيهػػا ع ػػر بػػالجمع المؤنػػث أل وليػػاؿ ع ػػر ) ،ثن ثػػيف ليلػػة
وأتممناها بع ر ) والمقصػػود ليػػاؿ واف أتممػػت ع ػ ار فمػػف عنػػدؾ ) ػ والمقصػػود حجػ ،فػػأتوا بع ػػر
سور مف مثله ) .
إسناد الفعل الى غير ما هو له أصالة .أي الى غير فاعله افصلي ) .
جرة تؤتي أملها ) وغيرها في كتاب النظاـ القرآني .فبصفة عامػػة نسػػبت وقد تذكر أخي القارئ مثاؿ
ا عتباطية جميػػع اففعػػاؿ الػػى ى تعػػالى مبا ػػرة وتركػػت المسػػببات المػػذكورة فػػي القػرآف لتحقيػػق المجػػاز
واذا أخذنا آراءهـ بجدية فليس ثمة فعل يصلح فف يكوف حقيقيا .
وفرعوف نفسه تخّلص مف التهـ القرآنية بفضل مجػػاز ا عتباطيػػة ففػػي قولػػه يػ ِّ
ػذبح أبنػػاءهـ ) ػ قػالوا أل
هو مجاز فف الفاعل افعواف ال فرعوف ! .
ِ
الخلع والجػوا(ز ) ليسػػت مػػف بالطبع ال يقدر علماء االعتبا أف يقولوا للخلفاء ) الذيف يكرمونهـ أف
الخليفة وأنه إذا قاؿ أل أعطوا لفنف كذا درهـ ) فالخالع الحقيقي هو الخػػادـ ) الػػذي يسػّلمهـ الػػدراهـ
..صحيح أنه مجاز ولمف ا عنف عنه خطر للغاية !! .
ما هي غاية ا عتباطية مف ذلؾ ؟ واضحة أل آيات القرآف إذا تليت ال تزيد ا يمػػاف ! وليسػػت م ػػكلة أف
ى ) إذا كانت آيات ى ال تتلى فنه ال تزيد ا يماف فلماذا تتلى ؟ . تنسب الزيادة الى
59
قالوا أل مجاز فنهـ تسببوا في كفرهـ فنهـ أمروهـ به ػ وهذا يعني أنهـ لـ يحّلوا ) على الحقيقة.
لمف رح المجاز هو بخػػنؼ المجػػاز ػ النهػػـ يقولػػوف أنهػػـ تسػػببوا فػػي كفػػرهـ حيػػث أمػػروهـ فالػػذي احػ َّػل
قومه دار البوار هـ ،ويكوف االستعماؿ حقيقيا فأيف المجاز ؟
محاولػػة أخػػرى فا ػػلة لنعتباطيػػة للػػدفاع عػػف جماعػػات محػػددة أحبطتهػػا بنفسػػها خػػنؿ ال ػػرح وذلػػؾ
الستعصاء صدر اآلية على هذ المحاولة .
ألـ تر الى الذيف بدَّلوا نعمة ى كف ار واحّلوا قومهـ دار البوار ) /إبراهيـ ٕٛ
أ .فوّلوا وجوهكـ طر )
ربما تعتقد ا عتباطية أف هناؾ ذوات ) وجوههـ في جهة معامسػػة لجهػػة صػػدورهـ ،أو ذوات يصػّلوف
ورؤوسهـ تنظر الى الوراء !! .
كل ذلؾ إذا كاف الوجه على االصطنح ! أما إذا كاف الوجػػه علػػى المعنػػى افعػػـ فػػي القصػػدية فالمصػػيبة
ّ
أعظـ .فلماذا عدلت االعتباطية بالتوجه مف الوجو الى الصدور ؟
إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات وافرض حنيفا وما أنا مف الم ركيف ) افنعاـ ٜٚ /
60
نسػػت ا عتباطيػػة أف ذاتػػه ) تعػػالى منزهػػة مػػف حيػػث أرادت التنزيػػه ػ فػػن يضػػع نفسػػه افزليػػة مقابػػل
الموجودات الفانيػػة فػػن يقػػوؿ كػ ّػل مػػف عليهػػا فػػاف ويبقػػى وجػػه ربػػؾ ذو الجػػنؿ وا مػراـ ) ػ ليكػػوف جػػزاء
ممػػف عليهػػا .فالتفسػػير االعتبػاطي لػػـ يفعػػل ػػي(ا سػػوى تأميػػد النتنزيػػه ) مػػف خػػنؿ محاولػػة ظاهرهػػا
التنزيه .
أما الوجه فهو كما هو في اّللغة لـ يتغير ولـ يتبدؿ معنػػا ،وال يفنػػى مثػػل بقيػػة الموجػػودات ف نػػه ارتػػبط
به مف جهة الربوبية ػ وهي الما(نات التي عبدته مقرة بفنا(ها .اق أر البحث الحادي ع ر.
الحػػظ كيػػف تجعػػل ا عتباطيػػة الوجػػو مػػرة أجسػػادا ومػػرة ذوات ػا ! أو لػػيس ظهػػور النعػػيـ والخ ػػوع علػػى
الوجػػو خصوصػا ؟ واذا القػػى المػػرء صػػديقه وقػػاؿ أل قػػد ّ
تغيػػرت بعػػدي ) ػ أنفهػػـ منػػه أنػػه أدرؾ التغييػػر
بالنظر الى قدمي صديقه أو بطنه أـ عند النظر الى وجهه ؟! .
لذلؾ قاؿ في موضع آخر أل تعرؼ في وجوههـ نظػػرة النعػػيـ ) ػ حيػػث لػػـ تػػأت بػػه االعتباطيػػة ك ػػاهد
على المجاز فنها ال تقدر على إبداله الى أجساد ) .
ومثله قوله تعالى أل يد ى فوؽ أيديهـ ) حيػػث زعمػوا أنهػػا قػػوة وسػػلطاف أو سػػلطاف والغايػػة مػػف ذلػػؾ
صرؼ اليد على االصطنح عف أف تموف له تعالى .وهػػذا وهػػـ آخػػر أو تحريػػف ظػػاهر التنزيػػه .أوالا أل
فف اليد ليست مقصورة على اليد على االصطنح بل هي في نفس االصطنح ليست محددة بالذراع فػػي
االستعماؿ لمف لف تموف بأ ية حاؿ هي عيف السلطاف والقوة .فاللفظ له أصل ويمكنػػؾ منحظػػة افصػػوؿ
الموحدة .وثانيا أل هل هذ هي محنتهـ بالفعل ؟ ال وربؾ ليست هي ! فف هلل تعػػالى يػأػد
ّ في كتابنا اللغة
فعلية مثل يد ا نساف وأنها ليد ! وليست يد عدو ! ذلؾ فف ا ضافة ال تعني الجز(ية فمػػف أيػػف جػػاء
هذا القانوف ؟ بل هي لفظة مضافة مثل أية لفظة أخرى أل أرض ى ) ،ناقة ى ) ػ فما العجػػب فػػي
أف تموف هلل يد غير متصلة كما له أرض ليس سكنا فيها ؟ وناقة ال ي رب منها ؟! .
61
إطنؽ المصدر على المفعوؿ .
مف بعض واهد أل
ال أ ػػؾ أنػػؾ تنحػػظ ػ أيهػػا القػػارئ النبيػػه أف ا عتباطيػػة ترغػػب فػػي إيجػػاد مجػػازات أمثػػر مػػف رغبتهػػا بػػأي
يء آخر ،فالمجاز واالعتباطية ػ فػػي الجانػػب اللغػػوي يظهػراف كمػػا لػػو كانػػا همػػا الغايػػة وبػػالطبع هنػػاؾ
هدؼ نها(ي ولمنه قطعا ليس فهـ اّللغة .
رأيت في كتاب النظػػاـ القرآنػػي أف ا عتباطيػػة جعلػػت ال يحيطػػوف ) مجػػا از ،وتنحػػظ هنػػا أنهػػا جعلػػت
مف علمه ) مجا از آخر ،والمتملموف أخذوا ال ػػيء ) بالنسػػبة للػػذات والعلػػـ ػ وهػػو عنػػد بعضػػهـ مجػػاز
ثالث .والنتيجة ثنث مجازات متجاورة في تركيب مف أربع مفردات مف آية المرسي ! .
ثنث مفردات ليست حقيقة في االستعماؿ مف آية تعد أعظـ ) آية نزؿ بها الوحي ا لهي فػػي التػػاريخ
الب ري .
واذا أخذنا معنى اآلية ) بمعناها المطلق وفسرنا الحديث النبوي ال ريف بهذا ا طنؽ فهي أعظـ آيػػة
كونية أيضػ ا ػ ف نػػه ال فػػرؽ فػػي منطػػق النبػػي ص ) بػػيف اآليػػات المونيػػة والمنميػػة سػػوى التفاضػػل فػػي
العظمة والمبر ػ والقرآف سمى الجميع آيات .
إذا كنت ال تعتقد أف علـ الفلؾ هو نفس الفلؾ فاف تحويل العلـ الى المعلوـ هو نوع مف التحريف والػػذي
ال تخفى عليؾ أهدافػػه المتعلقػػة بالػػذات ا لهيػػة وصػػفاتها المسػػتقلة عػػف الما(نػػات بوجودهػػا ػ وهػػي نفػػس
الخصا(ص التي تؤكدها عبارات حي ػ قيوـ ػ ال تأخذ سنة ػ وال نوـ ػ لػػه مػػا فػػي السػػماوات وافرض )
.
أما ا حاطة فقد فنػّدنا المجاز المذكور في هذا اللفظ سابقا فراجعه ) .
ب .صنع ى )
مف المعلوـ أف الصنع غير المصنوع .فالصنع مفرد ت ير الى فاعلية الصانع وغاياته والمصنوع نتػػاج
للصانع .
62
واالعتباطيػػة ال تتأمػػل بػػالمفردات المجػػاورة وال ػػأف لهػػا بهػػا والتػػي توضػػح القصػػدية فػػي اختيػػار اللفػػظ
كل يء ) .
صنع ى الذي أتقف ّ
عدو لي اال رب العالميف )
ج .ف نهـ ّ
قالوا أل افصل أل أعداء
ن ضمف هذا الباب ولمنهـ وضعو فيه لعدـ وجود باب خاص به .
وهذا ليس داخ ا
فف عدو ) في اآلية ليس مصد ار ػ فالعدو يمكف أف يكوف فردا أو أفرادا كثيريف مجتمعيف على ٍ
أمر مػػا
.
وقاؿ بعضهـ أل ولذلؾ أفردو ) ػ والمصػػدر هػػو مػػا فػػي قولػػه تعػػالى علػػى صػػورة الحػػاؿ عػ ْػدوا وظلمػا )
فعبارة ولذلؾ أفردو ) هػػي مػػف أوهػػاـ ا عتباطيػػة ػ فف العػ ّػدو هػػو صػػفة بمعنػػى كثيػػر العػػداء .عػػدا ػ
وعدو ) والعرب تقػػوؿ هػؤالء النػػاس عػ أ
ػدو لنػػا ػ أي كثيػػرو العػػداء ،ويسػػتعمل ّ عدوا ػ فهو عاد ي)
يعدو ػ ْ
الموحدة ) .
ّ للجمع والمفرد سواء لوجود المثرة في داخله كحركة انظر اّللغة
لمف إذا كاف الجسـ ي ير الى واقعة أو خبر ػ أفن يوصف الجسـ بالمػػذب لتعّلقػػه بهػػذ اال ػػارة مثػػل الػػدـ
المسفوؾ يمكف أف يكوف صدقا أو كذبا ؟ ذلؾ فف المذب صفة ال اسـ .
لقد الحظت أمثلة كثيرة في النظاـ القرآني ) استعمل في تخريجها االصطنح الذهني ) ،وهػػو ػػيء
ال عنقة له بعلـ اّللغة مف حيث أف االصطنح هػػو الموضػػوع ) النقػػدي لهػػذا العلػػـ .وقػػد أ ػػكلنا علػػى
ذلؾ با كاالت كثيرة والمذب هنا ليس مصد ار إنما هو صفة يوصف بها مػػا هػػو غيػػر حقيقػػي جسػػما كػػاف
أو قػو اال فػ ذا أريػػت دميػػة علػػى هي(ػػة أسػػد يجػػب أف تقػػوؿ هػػذا أسػػد كػػذب ) فف اللفػػظ صػػفة مثػػل أل
خ ف ) تصلح لوصف افجساـ وغيرها ) .
63
ح .استعماؿ الحروؼ في غير معانيها .
في هذا الصنف ال يمكف ا حاطة بالموارد فهي بالم(ات .وقد جاءؾ أمثلة منها في كتاب النظاـ القرآني
موحػػدة ) حيػػث يتوجػػب إعػػادة المعػػاني المختلفػػة
ػػ وننػػاقش القسػػـ افمبػػر فػػي أجػزاء مػػف كتػػاب اّللغػػة ال ّ
للحروؼ الى أصل الحركة ونمر كذلؾ ببعض الموارد القرآنية .
.الحػػذؼ أل
وعدو مف المجاز وهو أسوأ منه في تدمير اّللغة والتجاوز علػػى النصػػوص بأنواعهػػا ولػػيس علػػى الػػنص
ّ
القرآني فقط وهو ما تنحظه في الموضوع النحق المبحث الثالث ع ر ) .
موارد الحذؼ بالم(ات وال يمكف ا حاطة بها وقد سقنا نماذج منها في كتاب النظاـ القرآني .
وبهذا استطاع االعتبا مف خػػنؿ المجػػاز تحقيػػق الجػػزء افمبػػر مػػف غاياتػػه وأهدافػػه وهػػو تقطيػػع القػرآف
واسػػقا االحتجػػاج بػػه مػػف خػػنؿ التػػداخل بػػيف الحقيقػػة والمجػػاز وتجز(ػػة العقيػػدة الػػى أصػػوؿ وفػػروع ال
تنسػػجـ مػػع بعضػػها الػػبعض ػ وذلػػؾ عػػدا الطػػرؽ االخػػرى مثػػل ا بهػػاـ وتعػػدد الوجػػو والتقػػديـ والتػػأخير
كل منها ما كاف مخططا لها مف أهداؼ في ا عتباطية .
وغيرها والتي أدت ّ
64
المبحث الثاني ع ر
قيمة النص عند ا عتباطية
يتوجػػه الػػى
هذا العنواف مػػف مباحثنػػا ا ضػػافية ،يضػػاح القيمػػة التػػي ت ارهػػا ا عتباطيػػة فػػي الػػنص .إذ ّ
ػمني لتفسػػير فيك ػػف أحػػدهـ نوعػا مػػف
ٍّ
ػاؽ ضػنفػػس الػػنص علمػػاء ) كثيػػروف باتفػػاؽ أو بدونػػه أو باتفػ ٍ
المجاز ويك ف اآلخػػروف أنواعػا أخػػرى وقػػد يتحػػوؿ الػػنص بكاملػػه الػػى مجػػاز فػػي نهايػػة افمػػر .فالعمػػل
التطبيقي لنعتباطية هو اآلخر اعتباطي ال كل ػ فف التفسيرات تتصادـ فن ينتبػػػه علمػػاء االعتبػػا الػػى
التصادـ وانما يذكرها المتأخروف على أنها أقػواؿ ) أو آراء ) قػػد تجتمػػع ،وقػػد يػػأتي المجػػاز النحػػق
ليصحح السابق .
ن أل رأيت أنهـ في النص القرآني أل وال يحيطوف ب يء مف علمه ) قرروا في النحو فقط مجازيف ألفمث ا
مف علمه أي معلومه و يحيطوف ) قالوا أل ا حاطة مجازية وحسب عبػػاراتهـ ليسػػت ك حاطػػة السػوار
بالمعصـ ) .المجػػاز الثػػاني جػػاء صػػنح التخريػػب الػػذي فعلػػه االوؿ .فف المعلومػػات بعلمػػه كال ػػمس
والنجػػوـ ال يمكػػف ا حاطػػة الماديػػة بهػػا ػ إذ ا حاطػػة الماديػػة عنػػدهـ هػػي االسػػتعماؿ الحقيقػػي ،بينمػػا
المسألة مف افصل أف المعلوـ غير العلـ .
فالنتػػا( ا عتباطيػػة ال تتػرامـ فػػوؽ بعضػػها الػػبعض وتعلػػو بػػل تتمػػدس متجػػاورة مثػػل أي بحػػث اعتبػػاطي
كالفكر الفلسفي مثنا ػ وحينما ُتحرج في بعض الموارد والنتا( المتناقضػػة ف نهػػا تحػػاوؿ تبريرهػػا بػػالطرؽ
الذرا(عية ) أو افسػػاليب السوفسػػطا(ية وتقػػوـ بتقػػدير جمػػل أو مركبػػات أو حػػروؼ أو ألفػػاز مػػف عنػػدها
إتماما لنتا( العمل االعتباطي .
إف ا عتباطية ال تحترـ النص أبدا وال تنظر إليه على أنه م ِ
لؾ المتملـ أو القا(ل بل تنظػػر إليػػه علػػى أنػػه ُ
ملمها هي ) ػ وتلؾ في الحقيقة ليست م كلة لغوية وانما هي م كلة فمرية وأخنقية .ذلؾ فف رجاؿ
ا عتباطية أنفسهـ يرغب كػ ّػل مػػنهـ أف يؤتيػػه ى دينػا ) علػػى حسػػب مطالبػػه وهػػو يريػػد أف يختػػار فػػي
عبػػر القػرآف عػػف ذلػػؾ بػػالقوؿ أل بػػل داخل الديف ) الواحد دينا آخر َّ
يخصه وينسجـ مػػع تطلعاتػػه وقػػد َّ
كل امرئ منهـ أف يؤتى صحفا من رة ) المدثر ٕ٘/
يود ّ
ّ
ويخبرنا النظاـ القرآني ػ كما سوؼ ترى في مؤلفات الحقة ب ذنه تعالى أنه ليس مف أحد ي ػػؾ فػػي ا لػػه
ن وانمػػا أمثػػر النػػاس ال يؤمنػػوف لسػػبب آخػػر هػػو الذاتيػػة التػػي ال
نفسه كما ال ي ؾ أ حد أف ى يرسل رس ا
65
تتطػػابق مػػع متطلبػػات ا ذعػػاف للرسػػل والتسػػليـ فمػػرهـ .فالحيلػػة ا نسػػانية حاولػػت الػػتخلص مػػف هػػذا
ػػكاؿ مػػف خػػنؿ الجمػػع بػػيف افمػػريف أل ا يمػػاف بالرسػػل ب ػػكل عػػاـ إذا اقتضػػت الضػػرورة وتفسػػير ا
مقػوالتهـ وكتػػبهـ بطريقػػه ذاتيػػة .ولػػذلؾ ف ننػػا نجػػد عنػػد المقارنػػة أف ا عتباطيػػة نفسػػها تحػػرص حرصػا
ِ
ديدا على المحافظة على نصوص بعضها البعض لحػ ّػد ضػػبط أخطػػاء ّ
النسػػاخ بحػػرؼ أو حػػرفيف واطالػػة
المنـ حوؿ لفظ غامض في أحد السياقات .وحينما يعجبها تمثير قراءات ) النص القرآني الػػى أقصػػى
حد فهي ال تتنعب بالنص ا نساني وال تقدـ أو تؤخر أو ِّ
تقدر في هػػذا الػػنص ،بػػل الرجػػوع الػػى الػػنص ٍّ
ال ػػعري وضػػبط حروفػػه هػػو أحػػد الط ار(ػػق المسػػتعملة عنػػد نحػػاة البصػػرة والموفػػة بطػػاؿ قواعػػد بعضػػهـ
البعض كما هو الحاؿ في واهد كثيرة تنحظها في كتب الخػػنؼ .فػػي حػػيف أنهػػا ال تتعامػػل مػػع الػػنص
القرآني بحذر كهػػذا ،بػػل تبحػػث عػػف قػراءة ػػاذة أو سػػياؽ ػػاذ وتبتمػػر مػػف نفسػػها قػراءة معينػػة لتبريػػر
الوجه النحوي .وما ذلؾ االّ فف القرآف هو الهدؼ النها(ي مف العملية اللغوية برمتها .
وهذا يعني أف ا عتباطية تدرؾ جيدا أف النص ) أثر مػػف اآلثػػار يػػدؿ علػػى مقاصػػد المػػتملـ وهػػو محػَّػرـ
على التنعػػب حرمػػة الػػنص اف ثػػري اف ثػػر المػػادي ) ،واف التقػػديـ والتػػأخير وتقػػدير ألفػػاز معينػػة داخػػل
السياؽ إنما هو محاولة لم اركة القا(ل في وضع النص .
ويفتػػرض أننػػا إذ نحػػاوؿ تقيػػيـ العمػػل اللغػػوي أف نػػدرؾ مسػػبقا أف علػػـ اّللغػػة تتػػداعى فيػػه كافػة التيػػارات
واالتجاهات المختلفة ػ فف الفكر بمختلف فروعه إنما يعتمد على اّللغة كأداة وحيدة لظهور اففمار .
وعلػػى ذلػػؾ فػػاف تقيػػيـ العمػػل اللغػػوي لػػيس أمػ ار يسػػي ار وفػػي اعتقػػادي أف أعلػػى العلمػػاء رتبػػة ال يسػػتطيع
القياـ بذلؾ ما لـ يتصف بالحكمة قبل كػ ّػل ػػيء فف اّللغػػة وأسػػرارها أمبػػر مػػف العقػػل العػػادي بكثيػػر ،أو
كما قاؿ ال افعي ال يدركها االّ نبػػي ،أي أف التقسػػيـ يجػػب أف يتػوافر علػػى ارتبػػا الفكػػر عمومػا بعلػػوـ
اّللغة المتنوعة وهذا عمل عسير للغاية ما لـ يعتمد على مسلمات ) ّ
يتمكف المرء مػػف الحصػػوؿ عليهػػا
بطريقة مستقلة .
ربمػػا أمػػوف قػػد أوضػػحت ػػي( ا مػػف هػػذ الفكػػرة فػػي النظػػاـ القرآنػػي ) والػػذي يحػػدد لنػػا بطريقػػه صػػارمة
تختلف عف المتعارؼ عليه العنقة بيف الخالق والمخلوؽ وبهذ الطريقة وبهذا النظاـ يمكف السػػير قػػدما
في استخراج الحقا(ق بعضها مف بعض .
فمػػف تلػػؾ الحقػػا(ق أل إف ا عتباطيػػة فمػػر عػػاـ فػػي كػ ّػل فػػرع مػػف فػػروع المعرفػػة ا نسػػانية باسػػتثناء علػػـ
تمرر التجارب وظهور الحقا(ق الصػػارمة بفػػوز الذاتيػػة ،فهػػي تأخػػذ طريقهػػا الطبيعة والذي ال يسمح بعد ّ
كل فرع مف فروع المعرفة افخػػرى .فاعتباطيػػة اللغػػة هػػي مػػف المصػػادر افساسػػية التػػي
الخاص بها في ّ
تعمل بها كافة الفروع .
إف إصرار ا عتباطية على تمثير المجاز والمبهـ واالستعارة في النص القرآني دوف سوا ػ إالّ ما أريد به
مهاجمػػة الػػنص القرآنػػي فػػي النتيجػػة ػ وبلوغهػػا حػػدا أف تعتقػػد أف عبػػارة ال إلػػه إال ى ) هػػي عبػػارة
66
مجازيػػةٔينطػػوي علػػى مسػػألة فلسػػفية ال لغويػػة وحسػػب .فمػػثنا كػػاف إنكػػار الماديػػة التاريخيػػة للحقيقػػة
المطلقة ) واعتبارها الحقا(ق نسبية هو نات حتمػػي للتفكيػػر المػػادي ينسػػجـ مػػع مقدماتػػه .واالعتباطيػػة
تحػػاوؿ االسػػتقنؿ عػػف التسػػليـ للرسػػل بطريقتهػػا فهػػي تجعػػل عبػػارة الحقيقػػة المطلقػػة نسػػبية فػػي المعنػػى
والنتيجة واحدة .
فالمجاز على التعريف هو غير الحقيقة .وما المفاجظت التي تحدث يوـ القيامة اال مف هذا النوع يػػوـ
ػل أنػػاس ب مػػامهـ ) ػ فمػػف المحتمػػل أف يػػأتي السػػيوطي مفسػػػّر الق ػرآف خلػػف مػػاركس أو يػػأتي
نػػدعو كػ ّ
ماركس صاحب رأس الماؿ خلف السيوطي ػ والذيف ال يفاج(وف بمثل هذ الحوادث حسب النظاـ القرآنػػي
هـ فقط الذيف أوتػوا العلػػـ ) وتعريػػف العلػػـ هنػػا بػػأؿ التعريػػف مقصػػود إذ المػراد منػػه العلػػـ الػػذي يجمػػع
العلػػوـ ويوصػػل الػػى نػػوع مػػف الحكمػػة فف هػػذا النػػوع هػػو الوحيػػد المػػرتبط بالنوايػػا والتسػػليـ بػػافمر الواقػػع
والوحيد الذي يمكف أف نعرّفه على أنػػه هػػو العلػػـ ) ! فمعرفػػة المػػافوؽ ) ػػيء وطاعتػػه ػػيء آخػػر
وهػػذا أمػػر متعػػارؼ عليػػه ،ولمنػػه فػػي الػػديف ) بصػػفة خاصػػة أصػػبح معكوسػ ا أو مختلفػا حيػػث حاولػػت
ا عتباطية الربط بيف كمية المعلومات والطاعة ،فالمافر عند ا عتباطية هو المنكػػر لوجػػود ى أو الػػذي
ال يعرفػػه أو المنكػػر للنبػػوة فػػي حػػيف أف الػػنص القرآنػػي ينبػػػّهنا الػػى أف المفػػر هػػو قضػػية ذاتيػػة وا يمػػاف
قضية ذاتية ال عقلية وأف هناؾ نوعا واحدا فقط مف ال رؾ هو ال رؾ العقلي المنحى .لذلؾ خاطب هذا
ال رؾ بالقضايا العقلية وضرب افمثاؿ وساؽ له افدلة ،فنه عبارة عف خطأ عقلي يغفر ثػػـ يبػػدأ المػػرء
بعقل جديد ويحاسب على المعرفة العقلية الجديدة بعد اتخاذ هذا الموقف .
أمػػا المفػػر وا يمػػاف فلػػيس فيهمػػا ذلػػؾ االتجػػا العقلػػي فف مصػػدرهما االرادة الذاتيػػة .فالػػذي يػػؤمف بػػاهلل
ورسله وكتبه ولمنه في فقرة واحدة مف م(ات الفقرات يحاوؿ الت ريع فيها وم اركة ا لػػه علػػى أي نحػػو
كاف لغويا أو فقهيا أو كنميا فقد كفر بتلؾ الفقرة مف الت ريع .واذا بقي على هػػذا الحػػاؿ فهػػو عنػػد ى
سف قاعدة ذكػػر فيهػػا أف المفػػر بػػالبعض كفػػر بالمػػل وجعػػل إبلػػيس مػػث ا
ن لػػذلؾ حينمػػا قػػاـ كافر فف ى قد ّ
خاص وذاتي المنحى لعملية خلقه وخلق آدـ ،في حيف كانػػت غايتػػه تحقيػػق وجػػود الػػذاتي ) ٍ بتفسير
ٍ
مقابل الوجود الذاتي ) ل له .قاؿ تعالى أل
ويقولوف نؤمف ببعض ونكفر ببعض أول(ؾ هـ المافروف حقا ) النساء .ٔ٘ٓ/
فمثل هذا المخلوؽ يك ف عف طبيعته الخاصة مف خنؿ تجربة ذاتية مع افوامر االلهية .
واذف فمعرفػػة ا لػػه ػػيء وطاعتػػه ػػيء آخػػر .فيظهػػر مػػف ذلػػؾ أف ا يمػػاف الفعلػػي ال يبػػدأ اال حػػيف
التخلص مف تلؾ الذاتية .أي مف لحظة التسليـ والتي تعني ا قرار بالن ي(ية والفناء .وهذا الفهػػـ هػػو
الذي حاولت ا عتباطية القضاء عليه .
الحظ دفاع السيوطي في ا تقاف عف مجازية العبارة /جٕ / ٜٛ /دار المتب العلمية ) 1
67
عمدية على مستوى اففراد فردا فػػردا بصػػور دا(مػػة .فاالعتباطيػػة
ّ ومف المعروؼ أف هذ العملية ليست
وهي فمر عاـ ) وعقيدة معينة تجِّند لنفسها أعدادا كثيراة تقوـ بخدمة الفكرة بصورة غيػػر واعيػػة أحيانػ ا
.وتقوـ ا عتباطية بمداعبة النوعي والرغبات المامنة في النفس لتحقيق ذاتها بخدعة كبيرة تػػؤمف بهػػا
مثلما يفعل ال يطاف تماما .والناس ينجرفوف في الفكر بطريقة أسهل وأسرع مف االنجػراؼ فػػي السػػلوؾ
الذي ينعكس عف الفكر ػ فاالنجراؼ في الفكر هو البداية لمل سلوؾ خارجي يظهر على الساحة .
أما التناقضات التي أفرزتها ا عتباطيػػة والم ػػامل التػػي وقعػػت فيهػػا فػػن يمكػػف إحصػػاؤها فف ا عتباطيػػة
تيػػارات محػػدودة تجتمػػع فػػي هػػذ الصػػفة أي فػػي النظػػرة ا عتباطيػػة للغػػة وبالتػػالي ا عتباطيػػة فػػي الفكػػر
والسلوؾ .فمحاولة جمػػع آثارهػػا مػػرة واحػػدة هػػو ضػػرب مػػف الخيػػاؿ ،فهػػي تضػػـ علػػى مسػػتوى المػػذاهب
المجموعات المذهبية كلها وعلى مستوى الفلسفة االتجاهات الفلسفية جميعا وعلى مستوى اّللغػػة والنقػػد
المدارس اللغوية والنقدية كلها .
أما القصدية ف نها تظهر بصورتها الفردية المنعزلة دا(ما ػ والعزلػػة هػػي سػػلوؾ ) جميػػع افنبيػػاء ع )
وافولياء قبل صدور افمر ا لهي بوجوب القياـ بالتبليغ .
68
الخطػػوة الثالثػػة أجهػػزت عليػػه أو ألبسػػته لباسػا آخ ػ ار فا جابػػة تمػػوف عسػػيرة مػػف جهػػة أنهػػا تحتػػاج الػػى
تفصيل واعادة رث الجماعات كلها .
ويقوـ مبدأ ا عتباطية على فمرة تحويل ما هو يقيني الى م كوؾ فيه .ف ف مف طبيعة ا عتباطية أنهػػا
تنكر الحقا(ق المطلقة وتحمل الناس على هذا ا نكار الذي تزرعه في النفوس زرعػا واف لهجػػت افلسػػف
با قرار بالحقا(ق فهذا ا قرار ال أهمية له وهو ال يء الوحيد الصحيح منطقيا فػػي كػ ّػل الفكػػر االعتبػػاطي
.
وي ير القرآف بوضوح الى ا رث الم كوؾ فيه عند ا عتباطية بقوله أل
ومعلوـ أنه يتحدث عػػف المتػػاب باعتبػػار حقيقػػة مػػف الحقػػا(ق ال ػػؾ فيهػػا وأف الػػذيف ي ػػكوف هػػـ الػػذيف
ِّ
وتوضػػحها ،فػػالقرآف أورثوا المتػػاب وهػػـ بػػالطبع الجماعػػات ِّ
القيمػػة عليػػه ظاهريػ ا والتػػي تتبنػػى اطروحاتػػه
يتهـ بصراحة واضحة علماء افدياف كونهـ أوؿ الناس كا فػػي المتػػاب وعملهػػـ بالتػػالي هػػو تعمػػيـ هػػذا
ال ؾ .وفي لفػػظ أورثػوا ) بالبنػػاء للمجهػػوؿ قضػػية مػػف قضػػايا النظػػاـ القرآنػػي المهولػػة فػػي إعجػػاز ال
تتوضح االّ باستعراض االقترانات فموضعها ليس هنا .
وقد تسأؿ سؤاالا آخ ار أل إذا كانت القصدية فردية فػػي وجودهػػا وغريبػػة عػػف هػػذا العػػالـ بمػػا تتميػػز بػػه مػػف
حكمة وترى أف الفكر ا نساني ما خن القصدي فيه هو فمر اعتباطي ،وأف التوجه الػػى أحػػد االتجػػاهيف
المفر أو ا يماف ) هو أمر ذاتي المن أ مرتبط بالدرجة افولى بنظرة ا نساف الى نفسه والػػى ى والػػى
العالـ ف ذا كاف مسِّلما للخالق تسليما كام ا
ن فهو قصدي واذا كاف غير ذلؾ بدرجة ما فهػػو اعتبػػاطي ػ إذا
كاف افمر كذلؾ فما الداعي لمثل هذ افبحاث ؟
والجواب قريب جدا مف الذهف فالداعي هو استدعاء أمبػػر عػػدد مػػف اففػراد القصػػدييف الػػذيف يعملػػوف بػػن
وعػػي مػػنهـ وال إدراؾ فػػي خدمػػة ا عتباطيػػة ليعػػودوا الػػى اتجػػاههـ افوؿ وينتم ػوا الػػى مػػا يرغبػػوف فػػي
االنتماء إليه والذي احتوته ا عتباطية بكثرة تظليفها وتنوع اتجاهاتها المختلفة ظاهريا فقػػط .ذلػػؾ فنهػػـ
إذا كانوا ِّ
مقريف بالعبودية هلل فع ا
ن فليس ثمة عند ى إال انتماءيف مصير أحدهما الجنة وأفػراد هػػـ أل
ثلة مف افوليف وقليل مف اآلخريف ) الواقعة ٖٔ /
ومصير اآلخر النار وهو االنتماء الذي يضـ أمما و عوبا كاملة أل
69
الرب ) تفسير الوحيد هو إتماـ ال رو المتعلقة بفعل ا نساف تماـ تحقيق إرادته مف وجود هذا العدد
القليػػل ،فمػػا داـ الخلػػط مسػػتم ار تبقػػى م ػػي(ة تحقيػػق ا رادة وتغيػػر العػػالـ معلػػػّقة الػػى اجػػل غيػػر مسػػمى
تسمية محتومة .إذف فغاية هذ افبحاث هي ا سراع بهذا التغيير المن ود .
والفكر القصدي هو أصنا لهذ الغاية التي تحقق له الهدؼ افبعد عالـ آخر ) أي تمييز القصدي عف
االعتباطي فيتوجب على القصدي أف يعرؼ نفسه ويميزها عف التيػػار االعتبػػاطي .وقػػد أمػػد القػرآف علػػى
ذلؾ في مواضع عديدة .فالفرز بيف االتجاهيف هو المدخل الى الجنة وهذا المدخل هو بداية التغيير أل
أـ حسبتـ أف تدخلوا الجنة ولما يعلـ ى الذيف جاهدوا منكـ ويعلـ الصابريف ) افنعاـ ٕٗٔ
وهػػذا فػػرز بػػيف المجموعػػة المتصػػفة بػػذلؾ وافخػػرى والتػػي لػػـ تػػذكر بافلفػػاز فنهػػا واضػػحة فهػػي الضػػد
والنقيض لألولى وقد ذكرت في اآلية السابقة فف هذ اآلية جاءت عقب إرادة التمحيص أل
فالف(ػػة االخػػرى مػػذكورة لفظ ػ ا فػػي مػػا قبلهػػا مبا ػػرة .وكػػذلؾ فػػي موضػػع اخػػر حيػػث الهػػدؼ هػػو إخ ػراج
المجموعه المقصودة مف هذا المل أل
ماماف ى ليذر المؤمنيف على ماانتـ عليه حتى يميز الخبيث مف الطيب ) آؿ عمراف . ٜٔٚ
ػل بالمجموعػػة
فلػػو تأملػػت لفػػظ "المػػؤمنيف" ثػػـ االلتفػػات الػػى الخطػػاب "مػػاأنتـ عليػػه" فدركػػت عنقػػات المػ ّ
المقصودة .
فػػي اآليػػة السػػابقة كػػاف دخػػوؿ الجنػػة م ػػروطا بهػػذا التمييػػز .وطبعػا المفهػػوـ هػػو المفهػػوـ القصػػدي ال
االعتباطي للجنة .فنه ثمة جنتاف .فافبد ية بعػػد إلغػػاء النظػػاـ المػػوني الحػػالي والمعػػروؼ لػػدينا ال نعلػػـ
موضعها وال يدخلها االّ مف ذاؽ الموت .وافخرى قبل الغاء النظاـ والعنقة لها بالموت مف هػػذ الجهػػة
.
اما عند ا عتباطية فهذا الفهـ ال يحمل خطورة وحسب بػػل هػػو ال ػػيء الػػذي تحاربػػه فػػي حقيقػػة افمػػر ػ
فف الجّنػػة السػػابقة بػػاب للػػدخوؿ إلػػى َّ
الجنػػة النحقػػة ،وكنهمػػا لهمػػا مػػدخل واحػػد هػػو العبوديػػة )
المتصفة بالتسليـ الطوعي والذي هو مضاد لطبيعة وتوجهات ا عتباطية القا(مة على الذاتيػػة وتفخػػيـ
افنا )ٔ .
وهػػذ اال ػػياء ال يمكػػف توضػػيحها هنػػا بالتفصػػيل ولمنػػي سػػقتها ك جاب ػ ٍة علػػى الس ػؤاؿ اآلنػػف الػػذكر ػ
القصدية.
َّ فالتفاصيل تأتي تباعا خنؿ افبحاث
1الحظ محاوالت ا عتباطية جعل الجنتيف جنة واحدة مف خنؿ المجاز وهي واحدة مف ع رات المحاوالت فيما يخص الجنات والعذاب ومايتعلق
بهما .
70
وقػػد تنحػػظ ػ إذا كنػػت ممػػف يطػػالع هػػذ السلسػػلة كلهػػا ػ أننػػا نحػػاوؿ التحػػدث عػػف أ ػػياء مت ػػابهة كلمػػا
سنحت الفرصة بأساليب مختلفة وسبب ذلؾ هػػو إدرامنػػا أف اففػراد المقصػػوديف بهػػا مػػوزعيف ب ػػكل غيػػر
ػلوب معػ أ
ػيف فػػي المتابػػة لػػذلؾ توزعػػت هػػذ السلسػػلة بػػيف َّ
منظـ في تيارات ا عتباطية والتي لمػ اػل منهػػا اسػ أ
ا سلوب االدبي النقدي الحديث والمنمي والفلسفي والػػديني السػػلفي ،فػػي حػػيف كػػاف الجػػزء االوؿ مػػف
الموحدة ) قد روعيت فيه مصالح الترجمة .
ّ اللغة
واذا كانػػت ا عتباطيػػة بمثػػل ه ػذا التنػػوع والسػػعة فهػػذا ال يعنػػي أف المػػرء يعجػػز عػػف النظػػر اليهػػا بنظػػرٍة
موحد ٍة مف خنؿ الخصا(ص الم ػػتركة لهػػا ،بػػل يمكنػػه ذلػػؾ فف تلػػؾ الخصػػا(ص تظهػػر بصػػور متعػػددة
في الفكر والسلوؾ االعتبػػاطي ،علػػى حػػد سػواء .وقػػد أريػػت فػػي المؤلفػػات السػػابقة وفػػي أبحػػاث افلفػػاز
وأنواع المجاز في هذا المتػػاب مػػدى التخػّػبط والنعقننيػػة فػػي تلػػؾ افبحػػاث والػػذي هػػو سػػمتها الم ػػتركة
نحدد الخصا(ص الم تركة للفكر االعتباطي .واف فهـ افمور بصػػورة ػػاملة أفضػػل وبذلؾ يمكف لنا اف ّ
مف مناق ة الحاالت الجز(ية ولذلؾ وضعت هذا البحث العاـ عف ا عتباطيػػة بػػيف ػػطريف مػػف التفاصػػيل
الجز(يػػة ليػػتمكف القػػارئ مػػف الػػربط بػػيف السػػلوؾ العملػػي لنعتبػػا وبػػيف خططػػه وأهدافػػه ال ػػاملة .فمػػف
الخصا(ص الم تركة للفكر االعتباطي أل
تحدد افسس والقواعد ا عتباطية وبعد ذلؾ ف ف للمرء حرية كاملة فػػي أف يفعػػل مػػايحلو لػػهفا عتباطية ِّ
ضمف هذا ا طار ػ وينصب غضب االعتبا على المػػرء اذا خػػرج عػػف ا طػػار الموضػػوع ،أمػػا فػػي داخلػػه
فليفعل مف المتناقضات ما اء .
والقاعدة مقبولة ظاهري ا ،فف التعدد مف خصا(ص الناقص وا له كامػػل وال يصػػدر عػػف المامػػل اال كامػػل
والمماؿ في الوحدة ) واذف فن يصدر عف الواحد االّ واحد .
وبعدما حدد االعتبا القاعػػدة أل فيمكنػػؾ أف تفتػػرض مػػا ػػ(ت لهػػذا الواحػػد الصػػادر عػػف ا لػػه مػػف وجػػو
وصػػور كػػالهيولى علػػى طريقػػة افنطػػوف أو ِ
المثػػاؿ علػػى اسػػلوب ارسػػطوا أو الماهيػػة افولػػى علػػى طريقػػة
71
ِّ
المنميػػيف أو العقػػل ّ
الفعػػاؿ علػػى طريقػػة الفػػارابي أو ال ػػيء الػػذي اليتصػػف بصػػفات المػػادة علػػى طريقػػة
بعض الغربييف في فرضية االنفجار الموني افوؿ .
ِ
فالحل االعتباطي في افصل واحػػد والتعػػدد إنمػػا هػػو إطػػار هػػذا الحػػل ،وهػػو دومػا حػ ٌّػل يسػػتلزـ ) التعػ ّػدد
ّ
فنه المؤدي الى ا عتباطية .
لهدؼ ّ
محد ٍد وهو ضرب الوحػػدة ا لهيػػة نفسػػها ٍ وبتأمل تجدها موضوعة
ٍ ولمف لو نظرت الى القاعدة مليا
آخر .فف الواحد منفرد ولوال ذلؾ لما قلنا أنػػه واحػػد ػ أي أف أقػػل مػػا يصػػدر عنػػه
احد ٍ
مف خنؿ صدور و ٍ
هو إثناف ) ال واحد .
أحد إثنػػيف .واذا كػػاف الواحػػد افوؿ بينما ا عتباطية تسعى الى إزالة صفته كونه واحد ) لتجعله واحدا َ
أسبق فليست تلؾ م كلة ،المهـ أف يتصف غير بالوحدة ) فػ ف الػػذيف اتخػػذوا آلهػػة متعػػددة مػػا قػػالوا
كل منهػػا مسػػتقل بنفسػػه بػػل مخلوقػػة بعضػػها مػػف بعػػض وهنػػاؾ كبيػػر لآللهػػة الػػذي خلقهػػا هػػو الواحػػد
أف ّ
افوؿ .
والتهتـ ا عتباطية بمخالفة المنطق الرياضي الصارـ بعد ذلؾ .ف نؾ اذا قلت أل ٔ ٖ ، ٕ ،فاف الرقـ
ٕ ) هو غير الرقـ ٔ ) افوؿ وهو يدؿ على أف الواحد مستقل وأقل ما يصدر عنه اثناف ) في البدء
.
تفسر تفسي ار فلسفيا ،فف النص واضح في بيػػاف هػػذ يهمها أف تخالف النص ّ
المنزؿ حيث أنها ّ كما ال ّ
المسألة وهي اف الواحد هو واحد دوما وأف غير ال يكػػوف االّ زوجػا .والػػذي يتصػػف بالوحػػدة دومػا ال بػػد
اف يتصف غير بالمثرة دوما فليس هناؾ مف واحد غيػػر .وتظهػػر الفكػػرة فػػي نصػػوص قرآنيػػة كثيػػرة مثػػل
قوله تعػػالى أل جعػػل لمػـ مػػف انفسػػكـ ازواجػ ا ومػػف االنعػػاـ ازواجػ ا يػػذرؤكـ فيػػه لػػيس كمثلػػه
يء وهو السميع البصير ) /ال ورى ٔٔ .
فأعلف عػػف الوحػػدة وانعػػداـ المثليػػة عنػػد ذكػػر الزوجيػػة العامػػة والتػػي هػػي المن ػػأ الػػذي ذ أر المثػرة فيػػه أو
كل يء خلقنا زوجيف )
ومف ّ كقوله تعالى أل
ومػػف االتجػػا اللغػػوي تجػػد أمثلػػة الحصػػر لهػػا .فالمجػػاز قاعػػدة عامػػة لتفسػػير اّللغػػة والتراميػػب مػػف بػػيف
قواعد عديدة .
72
وحينمػػا يػػؤمف المػػرء بػػذلؾ فهػػو حػٌّػر فػػي اسػػتخراج المجػػازات المتنوعػػة أو امت ػػاؼ أنػواع جديػػدة غيرهػػا .
ويفخػػر علمػػاء ا عتباطيػػة بعضػػهـ علػػى بعػػض فػػي امت ػػاؼ ) المزيػػد مػػف اف ن ػواع ا عتباطيػػة فػػي
استخداـ الحروؼ في غير معانيها ) أو ا بهاـ ) في القرآف أو المجاز ) في النصوص المختلفة .
وا ف ػػياء الهامػػة فػػي نظػػر االعتبػػا تقػػوـ بصػػياغتها علػػى صػػورة قصػػا(د ػػعرية أو منحػػـ ) لتأميػػد
أهميتها .
ففػػي البػػدء كانػػت افلفػػاز التػػي امت ػػفتها ) ا عتباطيػػة فػػي القػرآف والتػػي عػ ّػدتها مػػف لغػػات أخػػرى غيػػر
ػل مػػرة علػػى يػػد اعتبػ
ػاطي جديػ ٍػد تمػػت زيػػادة العػػدد كػ ّ
العربية كانت قد اقتصرت على ثنثيف مفػػردة .ولمػػف ّ
ٍّ
فيضيفها ع ار على القصيدة افولى بنفس الوزف والروي حتى بلغت م(تي مفردة أو م(تي أصػػل لغػػوي .
قصدية ) على هذا العمل لـ يعبأ بها احد وغالبا مػػا ال تػػذكر أسػػماء المعترضػػيف
ّ وحينما اعترضت فمرة
وانما يجمل المنـ على صورة خبػػر مػػف قبيػػل وقػػاؿ بعضػػهـ أو زعػػـ الػػبعض ) .وتػػـ إهمػػاؿ النصػػوص
تؤكد عربية لسانه .
القرآنية التي ّ
فالحدود المسموح بها للعمل الجزافي والميفي ال نهاية لها في إطار االعتبا ما لـ تخرج مف هذا االطار
الى القصدية .
دية أل
االيحاء باالعتبا مف خنؿ القص َّ
يقوـ الفكر االعتباطي مف أجل ن ر افمار باستعماؿ أساليب متنوعة أحدها مػػا هػػو مسػػتعمل فػػي وسػػا(ل
ا عػػنـ والدعايػػة ػ وهػػي جػػزء مػػف المؤسسػػة ا عتباطيػػة ػ ولمػػف هػػذا افسػػلوب هػػو فػػي جميػػع الن ػػاطات
الفكرية ،أعنػػي ح ػػر الفكػػرة المػراد ن ػػرها مػػف خػػنؿ نقيضػػها القصػػدي ،وهػػذا افسػػلوب يسػػتعمل عػػادة
التوصل الى الفكرة بطريقة أخػػرى عمػ ا
ن عسػػي ار أو مك ػػوفا .فمػػث ا
ن حينمػػا تريػػد إيصػػاؿ فمػػرة ّ حينما يكوف
عف ال إعجاز القػرآف ) ػ وهػػي فمػػرة تحمػػل خطػػورة فػػي ا عػػنف عنهػػا تسػػتعمل مػػف أجػػل ذلػػؾ افسػػلوب
المذكور فتوحي للمتلقي بعدـ االعجاز مف خنؿ مؤلفات أو كتب تتحدث عف االعجاز وتدافع عنه .
الهامػػة لهػػذا
ّ مثاؿ ذلؾ أل كتاب البرهاف الما ف عف إعجاز القػرآف ) للزملمػػاني الػػذي هػػو أحػػد الم ارجػػع
الموضوع في التػراث أو كتػػاب دال (ػػل االعجػػاز ) ال ػػهير للجرجػػاني .فػ ذا أخػػذنا كتػػاب البرهػػاف فسػػنجد
ػتـ الػػدفاع عػػف ا عجػػاز بط ار(ػػق تػػوحي للمتلقػػي أف افمػػر مختلػػف فيػػه وأف
فػػي الفصػػوؿ افولػػى أنػػه يػ ّ
االعجاز غير ظاهر ولو كاف ظاه ار لما اختلفوا .
ن للمعضلة ويدافع عنه فالحل هو باب دخاؿ ا عتباطيػػة وأسػػاليبها .ففػػي هػػذا المتػػاب وحينما يقترح ح ا
وغيػػر ػ كمػػا سػػوؼ تػػرى الحقػا ػ تػ َّػـ تبّنػػي فمػػرة الػػنظـ ) ػ اي أف ا عجػػاز هػػو فػػي نظػػـ كنمػػه ال فػػي
73
المفػػردات وال ع ػوارض الحركػػات أو المػػدلوالت أو المجمػػوع الملػػي أو أمػػر خػػارج عػػف كػ ّػل ذلػػؾ ػ وهػػي
الػػنظـ ) أي ال ػػكل احتماالت حػػاوؿ الزملمػػاني تفنيػػدها .وبعػػد مػػا أبطػػل كافػػة الوجػػو لػػـ يبػػق غيػػر
النهػػا(ي لتركيػػب الجمػػل .والمتلقػػي فػػي هػػذ اللحظػػة ينتظػػر مػػف المؤلػػف أف ِّ
يوضػػح لػػه كيػػف يمكنػػه أف
يفرؽ بيف ماهو معجز وغير معجز مف خنؿ النظـ ؟ .وهذ لحظػػة حاسػػمة فػػي االفتػراؽ بػػيف القصػػدية
لمػػح لػػه مػرات
المفتعلػػة واالعتبػػا فف الغايػػة افولػػى هػػي إيصػػاؿ المتلقػػي الػػى هػػذ النتيجػػة ،ومػػع أنػػه َّ
عديدة قبل ذلؾ ما هو بمعنػػى إذا بلغ نػػا تلػػؾ النتيجػػة فػػن تسػػألني عػػف التفريػػق ) .فقػػد ينسػػى المتلقػػي
ن ولذلؾ يح ػػر هنػػا قصػػة خياليػػة يفتعلهػػا لتػػذكير القػػارئ بػػأف افمػػر ذلؾ إذا كاف م غوفا ّ
بحب القرآف فع ا
هو كذلؾ وهذ القصة هي أل
..وحكي أف إعرابيا حضر صنة جماعة فُق ِّدـ فق أر في افولى أل " أال يامهلؾ الفيل ومف سار مع الفيل
صبه ى على الفيل ابابيل ضحى مف طيف سجيل فصار القوـ في قػػاع وكيد القوـ في تب وتضليل بطير َّ
ا
ثـ مأموؿ " .وقػ أر فػػي الثانيػػة أل " قػػد أفلػػح مػػف هيػػنـ فػػي صػػنته وأطعػػـ المسػػكيف مػػف مخن تػػه
كعصف َّ
واجتنب الرجس وفعنته بورؾ في بقر و اته " .
ٔ
ولـ ي ؾ ال َج ُ
مع في أف ماق أر سورتاف مف القرآف ) .
وهذا النص واضح في ا يحاء الػػى المتلقػػي أف المؤلػػف أو االع اربػػي ) لػػو قػػاؿ مثػػل هػػذا وأ ػػباهه فػػاف
الناس ال ت ؾ أنه مف القرآف ومف ثـ ف ف التمييز بيف المعجز وغير لػػيس االّ فػػي الػػنظـ ّ
ولمػػا كػػاف نظػػـ
هذا المنـ حسف للغاية ويؤدي المعنى المطلوب فذلؾ هو ا عجاز .
وهدؼ االعتبا مف ذلؾ هو تعمػػيـ االعجػػاز الػػى جميػػع مػػا هػػو حسػػف الػػنظـ كمػػا سػػتنحظه فػػي كتػػاب
اعجاز القرآف ) للجرجاني أيضا .
والمؤلػػف لػػـ يعّلػػق ب ػػيء علػػى القصػػة فيمػػا اذا كانػػت عبػػارة لػػـ ي ػػؾ الجمػػع ...الػػخ ) هػػي جػػزء مػػف
الحكاية ال مف كنمه .
كل صفحة تحدثت بها ا عتباطية عف إعجاز القرآف ػ والقصديوف السػػا(روف ومثل هذا االيحاء تجد في ّ
في ركػػاب االعتبػػا الينتبهػػوف لػػذلؾ وتنطلػػي علػػيهـ العبػػارات المجػػاورة ل يحػػاء االعتبػػاطيي التػػي ِّ
تمجػػد
الق ػرآف والػػنص س ػواء بس ػواء .وقػػد تسػػتغل ا عتباطيػػة اعجػػاز الق ػرآف للتقليػػل مػػف ػػأف النبػػي ص) ،
فابتػػداعها فمػػرة أميػػة النبػػي ) وتفسػػيرها االعتبػػاطي للػػنص القرآنػػي أل الرسػػوؿ النبػػي افمػػي ) منحهػػا
طريقة فذة ل يحاء بذلؾ وكمثاؿ انظر عبارة الزملماني في البرهاف المذكور أل
هذا وانه لصادر على لساف مف لـ يمارس الخط والخطب وينافس في معرفػػة الػ ّػدر مػػف المخ ػػلب )ٕ .
وهذا إيحاء للمتلقي ِّ
ليكوف صورة غير محترمة عػػف صػػاحب الرسػػالة ص) ،وهػػو ينػػاقض فمػػرة الػػنظـ .
74
ذلؾ فف االعجاز اذا كاف في ذات القػرآف فلػػيكف صػػاحب الرسػػالة مػػا يكػػوف مػػف العلػػـ والمعرفػػة فمػػا هػػي
عنقته بالمعجز االلهي المطلق ؟ .
لمف إدراج هذ العبارات وهو يتحدث عف اعجاز النص القرآني له مػػدلوالف أل افوؿ االسػػاءة للنبػػي ص)
،والثػػاني هػػو ضػػمف الفكػػرة نفسػػها ..بمعنػػى أف الػػنظـ ) هػػو موضػػع ا عجػػاز ولمػػف مػػع حكايػػات
ا عرابي وغير ف ف التفريق بيف ما هو معجز وغير معجػػز ػػيء غيػػر ممكػػف .واذف فيجػػب البحػػث عػػف
يميػػز بػػيف الػ ّػدر والمخ ػػلب وال يحسػػف الخطابػػة
دليل آخر وهذا الدليل هو أف الصادر عنه هذا المتػػاب ال ّ
وال يعرؼ الخط فمف أيف له هذ البنغة وا طنع ؟! واذا بلغ الموضوع هذ الغايػػة فػػالمؤلف يتخػػذ واديػا
هب الػرح مسػ ٍيهرب فيه مف وجه القارئ ..ففي تلؾ النقطة هرب الزملماني تاركا الموضػػوع الر(يسػػي ل ػ ٍ
طعة في أوا(ل السػػور واتخاذهػػا سػّلما يحػػاءات أخػػرى .ومػػف ذلػػؾ العػػدوؿ
طا(ل مف وراء للحروؼ المق ّ
َّ
المقطعة هي أل افمية الى فمرة أخرى ضمنية مفادها أف افحرؼ
عف فمرة ّ
للتنبيه على أف تعداد هذ الحروؼ ممف لـ يمارس الخط ولـ يعاف النظر فيه متنزؿ منزلة افقاصيص
عف افمـ السالفة ممف ليس له إطنع على ذلؾ ) .
وهذ الفقرة هي نهاية المقالة الموضػػوعة ل عجػػاز وهػػي الهػػدؼ مػػف وراء البحػػث الملػػي .فػػالمخبر عػػف
يء لـ يطلع عليه إنما يخبر عنه سماعا وجمعا لألحداث مف السماع وهي الفكرة القديمة نفسها التػػي
ذكرها القرآف أل وقالوا اساطير االوليف امتتبها فهي تملى عليه بكرة واصين ) /الفرقاف ٘
سجلها بالرمز المتابي بػػل طلػػب أف تمػػوف كتابػا ويمكػػف للمػػرء الحسػػف الحفػػظ
ومعلوـ أف امتتبها ال تعني َّ
أف يكتب اال ياء في ذامرته ،فف القا(ليف مثل المؤلف يعلموف أف النبي ص) ال يكتب بالرمز المتػػابي
.
مهػد لهذ الفكرة وقبولها قبيل ذلؾ بعبارة يمكنؾ التأمل فيها مليا قاؿ أل
وقد ّ
رجل عليه مهابة وجنلة قد قاـ مقاـ أولي الرسالة . ) ..
السيما وهي صادرة عف ٍ
فانظر الى عبارات التنكير في افلفاز أل رجل ،عليه مهابة ،وجنلة وانظر الػػى قولػػه قػػاـ مقػػاـ أولػػي
الرسالة ) .
75
كل صفحة مف صفحات الفكر االعتباطي تجد مخططا لل ؾ ) وتحويل الحقا(ق وهذ مجرد نماذج ففي ّ
الى أ ياء نسبية .وعلى ذلؾ يمكنؾ القوؿ أف ا عتباطيػػة التػػي حاربػػت النبػػي ص) هػػي التػػي اسػػتولت
عل ػػى كتاب ػػه المعج ػػز وت ارث ػػه وجمي ػػع إرث ػػه وقام ػػت بتقديم ػػه للن ػػاس بالص ػػورة الت ػػي أرادته ػػا فيم ػػا بع ػػد .
فا عتباطية التي حاربها النبي ص) هي اآلف الجزء افمبر واف هر مف فمر الذي وصلنا .
وفػػي نصػػوص متفرقػػة للقصػػدية المطمػػورة فػػي كتػ ٍػب قديمػ ٍة تجػػد إ ػػارات للنبػػي ص) نفسػػه يحكػػي فيهػػا
أمته وغربة كتابه وجهل الناس به وهجرها له رغـ زخرفتهـ المساجد وتزيينهـ
غربته في ّ
المصاحف في آخر الزماف .فهل هذا هو آخر الزماف يا ترى ؟ ! .
ا بهاـ وا يهاـ
وهػػو أحػػد أركػػاف ا عتباطيػػة ومبػػدأ أساسػػي مػػف مباد(هػػا ولػػذلؾ اجتهػػدت فػػي إدخالػػه علػػى صػػورة قػوانيف
بنغيػػة أو تركيبيػػة فػػي اّللغػػة .فاّللغػػة أداة للتفػػاهـ والرقػػي والتطػػور الفكػػري وهػػي ال ػػيء الوحيػػد الػػذي
تحتفظ الذامرة ) عف طريقه بالمعلومات .
فليس عجبا أف تتصػ ّػدى ا عتباطيػػة بكػػل مػػا أوتيػػت مػػف قػػوة دخػػاؿ ا بهػػاـ وا يهػػاـ الػػى القػرآف المتػػاب
الذي يرد فيه لفظ الذامرة ) فهميتها القصوى في بلوغ غاية ى مف الخلػػق بنحػ ٍػو مػػف ٓ ) ٖٚمػػورد
تقاقات عف هذا اللفظ . بمختلف ا
وحاولت تبرير هذا ا بهاـ وا يهاـ بمختلف الوسػػا(ل والطػػرؽ .إذ مػػع أف القػرآف يػػذكر عػػف نفسػػه أنػػه
مفصنت ) ومع أنه على عمقه وغزارته فهو مف نوع السهل الممتنع الذي ِ مبيف ) وآياته ِّبينات ) و
ّ
النبوية بهذا الصػػدد االّ أف االعتبػػا حػػاوؿ تأويػػل هػػذ
ّ يفي بجميع متطلبات المعرفة ومع كثرة النصوص
ن اعتباطيا لصرفها عف مؤداها الذي يعبر عف سمة الوضوح فيها . النصوص تأوي ا
ومف جهة أخرى ابتعػػدت فػػي خصػػا(ص البهػػاـ مػػف كونػػه وسػػيلة للمػػتملـ ػ يرمػػي مػػف وراءهػػا الػػى هػػدؼ
عيف ػ الى اعتبار غاية في ذاته .
مّ
إف الفكر االعتباطي هو نفسه ركاـ مف المتناقضات ،ولذلؾ فن بد أف يكوف ا بهاـ فػػي نظػػر غايػػة فػػي
ذاته .
الحظ مثنا نص الزملماني اآلتي والذي ينقل وي رح فيه أفمار استاذ الجرجاني أل
إف االبهػػاـ يلقػػي فػػي الػػنفس ت ػػوقا الػػى مػػا هػػو الم ػراد ويعظػػـ لتمثيػػر الم ػوارد الوهميػػة ويعلقػػه الػػوهـ
معرضػ ا عػػف المػػذكور بمػػا لػػـ يػػذكر تعليقػا وهمي ػ ا مػػف غيػػر أف يخّلصػػه لمعنػػى ذهنػػي أو خػػارجي فيرجػػع
76
الذهف متقاص ار عف إدرامه عػػاج از عػػف مػراـ صػػيد ب ػػبامه وآيسػ ا عػػف اعتنقػػه ب ػرامه فعنػػد ذلػػؾ يعظػػـ
أنه ويعلو في النفس مكانه )ٔ .
يتعمد المتملـ فجل أف يترؾ المتلقي معّلقا بأملػػه فػػي اصػػطياد المػراد هػػو هػػدؼ بحػ ّػد إذف فاالبهاـ الذي ّ
ذاتػػه يعطػػي للمػػتملـ ميػػزة هػػي علػػو كنمػػه فػػي نفػػس المتلقػػي .وهػػذ الفكػػرة كلهػػا هػػي نقػػيض لفك ػرة
المتاب المبيف ) .
واذا رجعنا الى أنواع افلفاز والتراميب نجد أف هذ الصفة موجودة في الهذياف ) فنه تراميػػب مترابطػػة
يعدها المتلقي هذيانا ؟ .
ال يفهـ المتلقي المراد منها فلماذا ّ
تعد المنـ الذي يوهـ المتلقي هو المنـ الذي يعلو ،وبالتالي فما المػػنـ البليػػغ إال ذاؾ إذف فا عتباطية ّ
الموهـ والمػػبهـ .ومعلػػوـ أف النتيجػػة هػػذ تخػالف تعريػػف البنغػػة ،فف البنغػػة هػػي أف يبِّلػػغ المػػتمِّلـ
م ػراد مػػف المعػػاني مػػف خػػنؿ المػػنـ ،وتنػػاقض كػػذلؾ أبحػػاث الدال لػػة اللفظيػػة وغاياتهػػا ،وهػػي نقػػيض
للهدؼ مف اّللغة وغاياتها .فالحركات الصورية أمثر إبهاما وايهاما ويتوجػػب إذ ذاؾ تػػرؾ اللغػػة الصػػوتية
فجل علو تلؾ ال حركات وما تفعله مف ػػو ٍؽ فػػي النفػػوس لمعرفػػة الحقيقػػة ،صػػـ بكػػـ عمػػي ) .وتلػػؾ
هي فلسفة ا عتباطية وذلؾ هو مقدار حرصها على العقل الب ري وتطور واّللغة وغاياتها.
االستبداد والتعّنت
مستبد في خصا(صػػه الذاتيػػة علػػى مسػػتوى أفػراد وبالتػػالي تػػنعكس اسػػتبداديته بصػػورٍة
أ فمر
إف االعتبا أ
جليػ ٍة فػػي ن ػػاطاته المختلفػػة .ويظهػػر االسػػتبداد علػػى جميػػع المسػػتويات ػ افسػػلوب وصػػياغة العبػػارات
واستعماؿ وسا(ل التهديد غير المبا ر حتماؿ ولػػوج الحػػل القصػػدي والتلػػويح بافعلميػػة و ّادعػػاء الواليػػة
والقرب مف الرضا ا لهي و ّادعاء افولوية في امت اؼ الحلوؿ وعدـ ذكػػر أصػػحاب الفكػػرة افولػػى واعػػادة
النصوص ا عتباطية واالفمار بل وال ػواهد نفسػػها والصػػياغات نفسػػها م(ػػات المػرات فػػي مؤلفػػات عديػػدة
وحقب طويل ٍة مف غير ا ارٍة الى أنها مزبورة جميعا فػػي مؤلفػػات السػػابقيف ..الػػخ وهػػي خصػػا(ص كثيػػرة
ٍ
جدا تجمع السلوؾ االعتباطي .
فا عتباطية ال تسػػأـ مػػف التمػرار وا جتػرار قرونػا طويلػ اة لػػنفس اففمػػار ويعجبهػػا دومػا أف تضػػفي عليهػػا
ُحّل اة جديد اة فهي مثل كا(ف عتيق ّ
يبدؿ زينته كلما رأى أف منبسه مختلفة عف منبس اآلخريف .
وذلؾ فف ا عتباطية وهي فمر عاـ تغفو أحيانا العتمادها على ن ا في جانب معػػيف فتأخػػذ ارحػػة أو
بحلػ ٍة جديػػد ٍة
ولما تصحو تجد أف منبسػػها غػػدت نا ػػزة فتمتسػػي ُ
إجازة ) مف العمل في الجانب المقابل ػ ّ
وتخرج مف مخدعها .
1البرهاف ػ . ) ٕٖٜ
77
وا عتباطيػػة ت ّتصػػف كػػذلؾ ػ ونتيجػػة السػػتبدادها ػ بالعجلػػة والحكػػـ السػػريع علػػى اف ػػياء بغيػػر رؤيػػة أو
جدية وحينما تقع في م امل معينة ف نهػػا تحّلهػػا بطريقػػة أسػػرع بكثيػ ٍػر مػػف وقوعهػػا فيهػػا والنتيجػػة
دراسة ّ
هػػي المزيػػد والمزيػػد مػػف االعتبػػا ،وهػػي تتصػػف بػػالغرور والعنجهيػػة مػػف جهػػة تعاملهػػا مػػع الحلػػوؿ
القصدية والذّلة والتمّلق مف جهػػة تعاملهػػا مػػع بعضػػها الػػبعض حيػػث تميػػل المػػديح والثنػػاء لهػؤالء وتميػػل
ّ
ال ػػتا(ـ والسػػباب فول(ػػؾ ،وتف عػػل ذلػػؾ حتػػى فػػي لحظػػات الهدنػػة مػػع التيػػار القصػػدي وقيػػاـ الحػػرب بػػيف
اتجاهاتها !!
وا عتباطية بعد ذلؾ هي مصدر الفقر المادي والفكػػري وعنػواف البػػؤس والتبػػاؤس علػػى مػّػر التػػاريخ وهػػو
ما ستنحظه فيها خنؿ أبحاثنا وفي الواقع الفعلي المعاش .
78
المبحث الثالث ع ر
الحػػػػذؼ
إف ا عتباطية تؤكد على موضوع الحذؼ وما ال واهد المثيرة جدا مف ال عر وافقواؿ المأثورة والمكذوبة
أو المبتدعة منها ووضعها بجوار اآليػػات القرآنيػػة االّ تأميػػد علػػى ػػموؿ ا ثنػػيف بػػنفس التقيػػيـ البنغػػي
والنحوي ومنه الحذؼ .
ن هػػو موضػػوع هػػاـ عنػػد ا عتباطيػػة ف نػػه يمنحهػػا إمكانيػػة التقػػدير ) االنتقػػا(ي للجملػػة أو
فالحػػذؼ مػػث ا
افلفاز المحذوفة وهذا افمر يمنحها الحرية في ا عراب والتفسير االعتباطي .
مخل بفا(دة المحػػذوؼ وتغفػػل عمػػا ل بهػػاـ وا يهػػاـ مػػف التفخػػيـ وا عظػػاـ َّ ،
ورب عساؾ تقوؿ الحذؼ ّ
صمت أفصح مف المنـ ورمز آلـ مف لذع الحساـ )ٔ.
فهذا اتهاـ مبا ر للمتلقي أنه اذا قاؿ ذلؾ فهي غفلة ومف ثـ فالمبررات هي االبهاـ وااليهاـ .
ومعلػػوـ أف الرمػػز والصػػمت ال عنقػػة لػػه بموضػػوع الحػػذؼ ػ فال ػواهد مػػثن تخػػالف المبػػدأ والغايػػة مػػف
الحػػذؼ .فف ال ػواهد قػػد بػّػرر المؤلفػػوف لم ػوارد للحػػذؼ فيهػػا علػػى أنػػه لظهػػور الم ػراد ّ
إمػػا فػػي الجملػػة
السابقة أو في نهاية الجملة .وا عتباطية هي الغافلة ،فف ذلؾ يجب أف يكػػوف موضػػوعه هػػو التقػػديـ
والتأخير ال الحذؼ .
/افنعاـ ػ ٙ واف أحد مف الم ركيف استجارؾ ) ن قوله تعالى أل
مث ا
79
التقدير أل واف استجارؾ أحد مف الم ركيف استجارؾٕ.
يكرر لفظ "استجارؾ" بعد نقله الى موضعه افصلي على الزعـ ؟
فلماذا ّ
فػػي النظػػاـ القرآنػػي الحظنػػا أف هػػذا ال ػػاهد نفسػػه عنػػد البصػػرة والموفػػة فػػي خصػػامهما المفتعػػل تحػػت
موضوع هل يجوز تقديـ الفاعل على فعله أـ ال ) ؟ .هذا في موضػػوع النحػػو ،وأمػػا فػػي البنغػػة فقػػد
أوتي به تحت عنواف الحذؼ ) .
وقد ذكرنا هناؾ أف المػػتملـ لػػه حريتػػه فػػي ا ختيػػار فػ ذا أراد التنبيػػه الػػى الفاعػػل َّ
قدمػػه واذا أراد االهتمػػاـ
بالفعػػل َّ
قدمػػه .فػػالنص يحمػػل فػػي ذاتػػه مػراد القا(ػػل ،والتقػػدير إنمػػا هػػو محاولػػة لم ػػاركته فػػي أقوالػػه .
فالمستجير والمرأة الخا(فة مف بعلها ن و از في قوله تعالى أل
بل تزعـ ا عتباطية أف هناؾ ما هو دا(ر بيف الحذؼ والػػذكر مثػػل أل والسػػماء رفعهػػا ) ،إذا ال ػػمس
ػع السػػماء ) و كػ ِّػورت ال ػػمس )ٔ .وهػػيتدعي أف لهذ العبارات أصل هػػو َرفػ َ
كورت ) .فا عتباطية ّ
ن أوأ ياء تحاوؿ بها تفكيؾ النص بخنؼ مراد وغايات القا(ل .وفي أمثله أخرى تقػ ّػدر ا عتباطيػػة جمػ ا
أفعا اال أو ألفاظا محذوفة مثل قوله تعالى أل
ٕ٘ وعندهـ قاصرات الطرؼ اتراب .هذا ماتوعدوف ليوـ الحساب ) /ص
قاؿ أل المحذوؼ تقدير أل يقاؿ لهـ هذا ما توعدوف ليوـ الحساب .
ػديه تسػػأؿ أل ِلػ َػـ ال تمػػوف اآليػػة المقػ ّػدر لهػػا هػػي جملػػة جديػػدة ؟ .وهػػي بالفعػػل آيػػة جديػػدة فػػي
والقصػ ّ
المصػػحف والقا(ػػل المبا ػػر هػػو ى تعليقػا بعػػد الوصػػف أل هػػذا مػػا توعػػدوف ليػػوـ الحسػػاب ) مػػع وجػػود
النـ الدالة على الغاية المستقبلية .فما أدرى االعتباطييف أف افصل هو أل يقاؿ لهـ هذا ؟ .
وكذلؾ ِّ
يقدر االعتبا جملة بعد جملة مثل أل ى أمبر قاؿ أل
80
كل كبير ) هي مفهوـ مف مفاهيـ المفر ) حسػػب نػػص عػػف افمػػاـ علػػي ع ) . فعبارة ى أمبر مف ّ
ومعلوـ أف هؤالء ال يبلغوف بنغته ومعرفته باسرار اّللغة .حيث ُذكر أنه سمع رجنا يقوؿ ذلؾ فقاؿ أل
إذف َّ
حددته ) .
كل كبير غير ى فهو محدود مهما بلغ فاذا كػػاف ى أمبػػر الجميػػع فهػػو محػػدود أيضػا
وهذا واضح أل فف ّ
بالنتيجة فنه قد قيس إلى غير ! .والرجل قد فهـ افمر بسرعة فسأؿ أل فميف أقوؿ جعلنػػي ى فػػداؾ
؟)
وهذا التعميـ هو السبب في ترؾ المفضوؿ في صيغة التفضيل .بمعنى أف عبارة " ى امبر " هي عبػػارة
المتخيػػل أو المعػػروؼ
َّ ولما كاف أقصى مػػا يمكػػف أف يكػػوف كبيػ ار هػػو
مستمرة دوم ا مهما جاء ما بعدها ّ .
كل محػػدود لػػه معرفػػة محػ ّػددة وى تعػػالىإجماالا فالعبارة مطلقة ،فهو أمبر مف القدرة على معرفته ػ فف ّ
أي معرفة .
أمبر مف أف تناله ِّ
توهمػػه أو تصػػور أو ّ
تخيلػػه قلػػت ى أمبػػر تخيلت السموات واففػػنؾ تقػػوؿ أل بػػل ى أمبػػر واذا أردت ّ
ف ذا ّ
واذا أردت معرفػػة مػػا كػػاف قبػػل الخلػػق قلػػت ى أمبػػر .واذف فالصػػيغة متػػروؾ آخرهػػا النهػػا مطلقػػة غيػػر
كل جزء ومكػػاف وهػػي تقػّػرر بعبػػارات ملؤهػػا
متضمنة لحدود ،ولمف ا عتباطية ال تتورع عف التخريب في ّ
الزهو واالفتخار وستأتيؾ نماذج منها في بنغة الجرجاني .
وفي ال واهد االخرى مثل ذيوؿ اآليات أل لقوـ ي كروف ) قاؿ أي ي كروف ى وقد حذؼ لظهور .
ترى اذا كاف المحذوؼ ظاه ار عند المتلقي ومعلوما فما فا(دة أف تخبر ا عتباطية بػػه ؟ ولمػػاذا ال تسػػكت
وتتػرؾ المتلقي يستمع للمقوؿ الظاهر الذي يفهمه جيدا ؟ .
بمحػػذوفات ) مقػػدَّرة إذ يفترض أف يعطي علـ اللغة للمتلقي معلومة جديدة عػػف الػػنص .أمػػا أف يخبػػر
رجل ظنه أحد المن(كة ناسكا إذ رآ ويقوؿ له أيضا أل إنها حذفت فنؾ تفهمها ) .فهذا مثل ما يفعله أ
جبل ! وذلؾ في حكاية قديمة فسػػأؿ ى أف يريػػه مكانػػه فػػي الجنػػة فػرآ فػػي أدنػػى مرتبػػة
يبكي على قمة ٍ
فقاؿ الملؾ أل لـ ذلؾ يارب ؟ فقاؿ له ى تعالى أل ِ
لقلة عقله إذهب فػػانظر مػ َّػـ بكػػاؤ ؟ .فلمػػا جػػاء الملػػؾ
وسأله قاؿ أل إني أنظر الى هذا الح ػػيش فػػأقوؿ مػػا أمثػػر فلػػو أف حمػػا ار جا(عػا يأملػػه ،ثػػـ إنػػي أريػػت أف
الحمار قد ال يقدر ع لى ارتقػػاء الجبػػل وكلمػػا بلػػغ موضػػعا تػػدحرج فمػػا زلػػت علػػى هػػذا الحػػاؿ حتػػى أبكػػاني
امر !! .
وقد يكوف الناسؾ معذو ار إذ الحمير الجا(عة لها وجود حقيقي على افرض وربما لػػدى الناسػػؾ ُعقػػدة )
نفسية قديمػػة مػػف جػػوع حمػػار خاصػػة ! أمػػا محػػذوفات ا عتباطيػػة فلػػـ يرهػػا أحػػد موجػػودة حتػػى تػػدعونا
ا عتباطيػػة للبحػػث عنهػػا والتبػػامي عليهػػا .فهػػي تقػػوؿ للمتلقػػي بقػػوة خػػذها ! ) وبعػػد هنيهػػة تقػػوؿ
وبضعف أل ال تأخذها فنها عندؾ وتعلمها ! .
81
وأمثلة الحذؼ بعد ذلؾ ال تحصى عددا واليمكػػف لمنهجنػػا ذكػػر هػػذ المثػػرة والبحػػث عنهػػا ف نهػػا قػػد ّ
عمػػت
النص القرآني مف أوله الى آخر وما نستطيع ذكػػر هػػو مػػا أمكننػػا جمعػػه أو مػػا وجػػدناهـ قػػد جمعػػو فػػي
مقدماتهـ أو روحهـ البنغية والنحوية فهذ نماذج أخرى غير ما َّ
مر عليؾ أل
قبل أف نذكر الحل القصدي ب مكاننا أف نرى أنه لػػيس ثمػػة حػػذؼ .فهػػذا مسػػتعمل فػػي العػػادة فػػي جميػػع
المخاطبات وافخبار مثل أل سألته أل أيف كنت ؟ قاؿ أل في السوؽ .فهل ترى أف مف الضػػروري أف يقػػوؿ
كنت ) في السوؽ ؟ .
إذ السا(ل يسأؿ عف المكاف واالجابة تضمنت المكاف .أما المينونة فمعلومة لمليهما .والسا(ل يعلػػـ أنػػه
كاف ) ولمنه ال يعلـ أيف ) .
لمف ا عتباطية ما فتأت تخطّ وتتوهـ أف ما ) أداة استفهاـ و ذا ) اسػػـ إ ػػار وحينمػػا يقػػاؿ للػػذيف
ارة إلى المنزؿ فهو منحظ للسا(ل .ولػوال أنػػه منحػػظ لمػػا سػػأؿ عنػػه يتوجه اسـ ا
اتقوا أل ماذا أنزؿ ػ ّ
مػػا ) حادث النػػزوؿ ) بػػل يسػػأؿ عػػف واقػػع مػػا نػػزؿ وطبيعتػػه وهػػو مػػا تفيػػد باسمه فهو ال يسأؿ عف
االستفهامية .فماذا يكوف الجواب ؟ الجواب بالطبع يبدأ باعطاء السا(ل مراد فػػن يقػػاؿ لػػه أنػػزؿ ) ثػػـ
يقاؿ له خي ار ) .فهذا هو مثل ما يفعله الطالب المسوؿ ) عندما ُيسأؿ فيتػ ّ
ػردد ويريػػد اسػػتنفاذ الوقػػت
فيقوؿ أل أنزؿ أنزؿ ..نعـ أنزؿ خي ار . .الخ .
وهذا يحدث فػػي المخاطبػػات ،ولمػػف هػػل يقػػاس القػرآف المػػريـ علػػى المخاطبػػات ال ػػاذة والخاط(ػػة ؟ وهػػل
يقاس الذيف اتقوا ) بالطنب المسالى ؟
هبهـ لـ ينتفعوا مف القرآف في تصحيح المخاطبات أفيكوف البديل هو حكػػـ القػرآف بالمخاطبػػات الخاط(ػػة
واعتمادها لتبرير وجود الحذؼ ؟ .
82
بسبب مف أف االستفهاـ هو عف الفعل تحديدا ػ وهو أ
أمر تعلمه جميع االمـ اللغوية االّ أمتنا !! ٍ الجواب
.
واذا كػػاف ذلػػؾ عجيب ػا فافعجػػب منػػه تس ػالـ مػػف جػػاء بعػػدهـ علػػى هػػذ افخطػػاء حػ ّػد أف بلػػغ افمػػر فػػي
العصور النحقة أف الدارسيف صاروا ينظروف الى أبحاث السلف نظر الجاهل الى ما فعله العػػالـ ولسػػاف
العاميػػة أف نبلػػغ
ّ حالهـ يقوؿ أل إذا كانت اللغة لغتهـ والفصحى كنمهـ فأّنى لنا ونحف نتحدث باللهجػػات
ما بلغو مف معرفتها ؟ .
وماعلموا أنهـ لف يبلغوا ما بلغوا مف تدميرها وهذا هو منتهى التراجع وانعداـ الثقة بالنفس .
فاالعتبا قد أعلف عف نفسػػه وأهدافػػه فػػي مواضػػيع ومؤلفػػات ال حصػػر لهػػا ػ ولػػيس ك ػػفها عسػػي ار علػػى
المبتد(يف فضنا عف ذوي الدراسات المتخصصة .
وبهذ المناسبة ت كر القصدية جماعات االعتبا على إصدارهـ هذا القانوف االحتيػػاطي ،ولمنهػػا تسػػأؿ
التردد بيف القبيح وما هو أقبح منه مف وجهػػة نظػػر جماعػػة لغويػػة أخػػرى ؟ ! أيض ا ما هو ّ
الحل اذا كاف ّ
.
قوله تعالى أل جعل ى المعبة البيت الحراـ قيام ا للناس ) /الما(دة ٜٚ
هذ اآليػػة اسػػتخدمت كتطبيػػق للقػػانوف السػػابق .فاآليػػة هػػي جملػػة مكونػػة مػػف فعػػل وفاعػػل ومفعػػوؿ بػػه
وايضاح للمفعوؿ ومفعوؿ ثاف و به جملة مف جار ومجرور ...والتركيب كله بالترتيب القياسي البسيط
تصر ا عتباطية على تقدير لفظ محذوؼ قبل لفظ المعبة ) هػػو
ليس فيه تقديـ وال تأخير ! .فلماذا ّ
قدر أبو علي ) أو حرمة ) على ّ
ماقدر غير !. نصب ) على ما ّ
فقدرو بهذا اللفظ .
ثـ وجدوا أف حرمة ) أحسف مف نصب ) ّ
فما فا(دة حرمة ) وهناؾ تمييز أو بدؿ َّ
موضح للمعبة كونها البيت الحراـ ) ؟ فقالوا أل فف حرمػػة )
نصب ) … وتركوا اآلية وتجادلوا حوؿ الحرمة والنصب مع غياب تلمـ افلفاز فيها! . أفصح مف
83
ػػأف ) ..الػػخ مثل أل وجعل ال مس سراجا ) فتقوؿ أل وجعػػل فلػػؾ ) أو ضػػوء ) أو وجػػود ) أو
نقدر أي يء من(ـ في ّ
كل تركيب .ولنستمر في المناق ة حوؿ المقدرات ونترؾ اآليات ف ننا يمكف أف ّ
قرآني بن استثناء إذا أخذنا بقوانيف ا عتباطية وفذلماتها ! .
المقدر عندهـ هو خلقهـ ) ثاف يجب أف يضاؼ إلى اآلية ! ولمف أيف يضعو ؟
ّ فاللفظ
قاؿ قوـ أل بعد لفظ الجنلة .وقاؿ آخروف بل قبل لفظ الجنلةٔ .وافخير اختار السيوطي .
ٔ ) فف السؤاؿ مػػف ) يسػػأؿ عػػف الفاعػػل فاعػػل الخلػػق المتعلػػق بهػػـ ) وكما ترى فهذا مثل الفقر
فالجواب عليه أل ى ) .
وتقديرهـ سؤاله أل كيف وجدتـ ؟ يصح أف يكوف جوابه الميفية التي تحتاج الػػى فاعػػل فيقولػػوف أل خلقهػػـ
ى.
ا عتباطيػػة اذف ال تفػػرؽ بػػيف الصػػيغ المتعػػددة لنسػػتفهاـ واالجوبػػة المن(مػػة لمػػل منهػػا وال تػػدري كيػػف
تعمل أدوات االستفهاـ ،فنها في الواقع ال تريد أف تدري .
خلطػػت ا عتباطيػػة بػػيف هػػذ اآليػػة وبػػيف قولػػه عػػالـ الغيػػب وال ػػهادة ) ػ بػػيف ا لػػه العػػالـ واالنسػػاف
المػػؤمف بالغيػػب ) ػ إذ كيػػف يػػؤمف المػػرء بال ػػهادة وال ػػهادة حضػػور اآلنػػي ولمػػل كػػا(ف حػػي ػػهادته
84
وحضور ! فخلطت بيف العلػػـ وا يمػػاف وبػػيف اآليتػػيف .وفػػي هػػذا تنحػػظ االعتبػػا غارقػا فػػي الوحػػل الػػى
أذنيه ! .
حػػاولوا اسػػتجنب نسػػق سػػورة المعػػارج أل فػػن أقسػػـ بػػرب الم ػػارؽ والمغػػارب ) ػ لتقػػدير فػػي نسػػق
الصافات .ول(ف سألتهـ أل هل نسي المتملـ المغارب ) ؟ ليقولف أل معاذ ى ،ول(ف سألتهـ أل هػػل كػػاف
فأذف لمـ أف تأخذوا لفظا مف موضع فتجعلو في موضػػع عجنا فتركه هنا ؟ ليقولف أل سبحاف ى ،قل أل ِ
آخر ؟ سيقولوف أل ال ! ،قل أل فهل تعلموف مافي نفسه كما يعلـ مافي انفسكـ ؟ سػػيقولوف أل ال ،قػػل أل
فهػػل تػػرؾ لفػػظ المغػػارب ) هنػػا لغايػػة يقتضػػيها المعنػػى أـ اعتباطػا ؟ ...فسينغضػػوف اليػػؾ رؤوسػػهـ
ويقولوف . ) ...
ويتضح لؾ مف هذ التساؤالت المفترضة طبيعة الحػػل القصػػدي وعنقتػػه بػػالنص مقابػػل ا عتباطيػػة التػػي
المحددة للنص بحسب مراد القا(ل .
ّ تحاوؿ إغفاؿ الغايات
وهػػذا طبيعػػي ب النسػػبة لنعتباطيػػة .فػػالحق عنػػدها نوعػػاف واضػػح وغيػػر واضػػح تمامػا مثػػل القػػا(ليف فػػي
النص ت ابهت قلوبهـ ) .
85
الحظ أساليب االعتبا للدفاع عف إخوانهـ في قصة ذبح البقرة علػػى اعتبػػار أف مػػا ذكػػر موسػػى ع )
لهـ مف الصفات كاف حقا ولمنه غير واضح !! .
وهػػذ جملػػه مػػف المنػػوز ) التػػي كانػػت محذوفػػة فػػي الػػنص القرآنػػي واسػػتخرجتها ا عتباطيػػة لألمػػة
المرحومة أل
86
ز .فن نقيـ لهـ يوـ القيامة وزنا ) /المهف ٘ٓٔ
أي نافعا وحػػذؼ ،علمػا أف مػػف اليقػػيـ لػػه وزنػػا ال وزف لػػه وأسػوأ ممػػف خفػػت موازينػػه ) ! فػػانظر الػػى
مدى فهـ ا عتباطية .
واذا قدَّروا الجملة أف تاملوا ) مثنا يجب أف يقوؿ حرـ عليكـ أف تاملوا ) والنتيجػػة واحػػدة فهػػذ التػػاء
بالنسبة لهـ م كلة حرمتهـ مف تحديد أي تقدير ! .
علما أف الموارد التي تركت ا عتباطية االست هاد بهػػا مػػع أنهػػا داخلػػة فػػي أحػػد أقسػػاـ الحػػذؼ هػػو لهػػذا
السػػبب فػػأمثر التراميػػب القرآنيػػة ال يمكػػف إدخػػاؿ لفػػظ غريػػب عليهػػا مػػا لػػـ يحػػدث تغييػ ار آخػ ار فػػي افلفػػاز
المجاورة فتجنبت ا عتباطية ذكرها .
87
ؿ .قالوا سنم ا ) /هود ٜٙ
مع أف المسّلـ ) على خص ال يأتي بالفعل بل يقوؿ سنـ علػػيكـ أو السػػنـ علػػيكـ وال يقػػوؿ أل أسػِّلـ
سنما عليكـ وقد فات االعتبا أف سنما ) هنػػا لػػيس المقػػوؿ نفسػػه وانمػػا هػػو مفعػػوؿ بػػه لػػػ قػػالوا )
وسػػنم ا ال زاؿ مػػف أخبػػار المػػتملـ ولػػيس صػػيغة السػػنـ .فػػالقرآف يخبرنػػا انهػػـ قػػالوا سػػنم ا معينػ ا تحيػػة
وسبب براهيـ بلغة متعارفة بينهـ يوجب اال عار بالسنـ ) نفسه بمعنا ال مجرد التحية .
ذلؾ أنهـ ي عروف أنه يوجس منهـ خيفة فحققػوا معنػػى السػػنـ ) بمػػا هػػو سػػنـ ) ال بمػػا هػػو تحيػػة
فلػػػذلؾ قػػػاؿ خنؿ التحية .
سنـ ) بالرفع وهذ المرة هو مقوؿ ابراهيـ اقتصر على كلمة واحد تحي اة ّ
وردا على السػػنـ وظهػػر فيهػػا أ
التػػوجس واضػػحا ال نػػه لػػـ يػػزد علػػى ذلػػؾ ولػػذلؾ جػػاء بػػالرفع علػػى االبتػػداء فهػػو مقػػوؿ .أال تػػرى كيػػف
ـ .سػ ػػنـ قوـ منكروف ) .
أسرع بعدها با عنف عف التوجس سنـ ! أ
قوـ منكروف ) قالوا المحذوؼ أنتـ ) قوـ منكروف وأخطأ االعتبا هنا أيضا لعػػدـ فهػػـ ال ػػطر االوؿ .
إذ
حسبوا أنه قاؿ لهـ ذلؾ في وجوههـ ػ إنما القرآف يخبرنا بطريقة العرض الحيوي للوقػػا(ع أنػػه قػػاؿ سػػنـ
وفي نفس الوقت قاؿ في نفسه ) قوـ منكروف ػ فجعلها جملة واحدة فنها في لحظػػة واحػػدة ولػػو كػػانوا
قد سمعوا منه هذ المقالة فجابو فو ار ال تخف إنا رسل ربؾ ) أو ال توجل ) .وهذ ا جابة تػػأخرت
لمػػا بعػػد دخػػولهـ الػػدار وتقػػديـ الطعػػاـ .فحينمػػا قػػاؿ لهػػـ إنػػا مػػنكـ وجلػػوف ) أجػػابو فػ ا
ػور ال توجػػل )
يفرؽ أجزاء الحدث وال ّ
يكرر كما تدعي وهذ المقالة غير تلؾ ومختلفة عنها زمانا خنؿ الحدث فالقرآف ّ
ا عتباطية عند دراستها ما تسميه بالتمرار .
88
المبحث الرابع ع ر
تقديـ الخبر على المبتدأ
يقدـ االعتبا تأوينته للنصوص على انها مسّلمات يتوجػػب أخػػذها بغيػػر مناق ػػة .علػػى أف مبػػادئ تلػػؾ
ّ
التأوينت هي االعتبا نفسه ،ذلؾ فف هذا االتجا العاـ في الفكر ال ناقد له االّ نفسه فمما أسلفت أف
ػدية ػ خصػػمه الوحيػػد ػ هػػي حالػػة فرديػػة ومنعزلػػة .فالسػػلطاف والصػػولجاف والفكػػر والن ػػر وا عػػنف
القصػ ّ
والحل والعقد هي جميعا في يد ا عتباطية .فمثن إف المعنػػى الػػذاتي ) للمفػػردة غا(ػػب دومػا وال يظهػػر
االّ عند التركيب أي أف المعنى تابع للفظ دوما ػ فهذا مبدأ اساسي في علـ اّللغة االعتباطي.
ويقوـ االعتبا بتأسيس هػػذ الفكػػرة المتناقضػػة ويبػػذؿ الجهػػد لجعلهػػا حقيقػػة فػػي فصػػل كامػػل أو فصػػوؿ
ن وفػػي نفػػس المتػػاب فيلتقػػي بال ػواهد يتحػػوؿ الػػى الفكػػرة
وهي المتعلقػػة بالدال لػػة ولمنػػه حينمػػا يبتعػػد قلػػي ا
المناقضػػة لهػػذا المبػػدأ كلمػػا دعتػػه حاجػػة التفسػػير الػػى ذلػػؾ .ففػػي موضػػوع تقػػديـ الخبػػر قػػاؿ الزملمػػاني
مبغوـ ) قاؿ أل
ُ داع يناديه باسـ الماء
ٍ ب اف ال اهد
أي بالماء ،ف ذا ثبت أف اللفظ تبع المعنى وجب أف يقضى على بنونا ) في قوله أل
ِ
افباعد ) بنوهف أبناء الرجاؿ بنونا بنو أبنا(نا وبناتنا
فػػتنحظ أف االعتبػػا يفاجػػأؾ دوم ػا بالتناقضػػات فبعػػد ثبػػوت تبعيػػة المعنػػى للفػػظ ) فػػي بحػػث الدال لػػة
المتقدـ يثبت فجأة العكس تبعية اللفظ للمعنى ) خنؿ التطبيق ..فا عتباطية واحدة ػ الحامـ المسػػتبد
ِّ
المتغيػػر افهػواء واللغػػوي المسػػتبد تيػػار واحػػد وفمػػر واحػػد .ثػػـ قػػاؿ أل إذا ثبػػت ذلػػؾ فػ ف بنونػػا ) هػػو
الخبر و بنو أبنا(نا ) هو المبتدأ إذ المعنى على جعػػل بنػػي البنػػيف بنػػيف ولػػيس علػػى جعػػل البنػػيف بنػػي
ٔ
البنيف !! )
وانما جماؿ البيت هػػو فػػي تقػػديـ المبتػػدأ ػ فأل نػػه معلػػوـ إذ ال أحػػد ال يػػدرؾ مػػف هػػـ البنػػوف ) كػػاف ذلػػؾ
بمثابة ا ثارة للسامع ليسمع تعريفا جديدا للبنيف مقصو ار على بني افبناء .إذف المعنى هو علػػى جعػػل
البنيف بني البنيف تحديدا .فليست غايػػة ال ػػاعر أصػ ا
ن تعريػػف بنػػي افبنػػاء وانمػػا هػػو التعريػػف بافبنػػاء
89
أبناء فعلييف ! فهو يجعػػل البنػػيف الفعليػػيف بنػػي البنػػيف دوف بنػػي البنػػات .وال يعػػزب
الذيف يراهـ هو ) ا
هذا الفهـ عف اال عتباطييف المولعيف بافنساب وافحساب ،والذيف يقصػػروف البنػ ّػوة لبنػػي افبنػػاء الػػذكور
تملقػا للتيػػار العباسػػي الػػذي يجابػػه التيػػار العلػػوي بمثػػل هػػذ اففمػػار باعتبػػارهـ بنػػي افبنػػاء وأول(ػػؾ بنػػي
البنات إ ارة الى الزهراء ع ) بنت النبي ص ) ػ ال تعزب هذ المفاهيـ عف التيار االعتباطي ػ والبيػػت
ولمػػ ػ ػ ػػف مػػ ػ ػ ػػا داـ إنما هو مف وسا(ل الدعاية لهذ المسألة .
يتحوؿ الى بنػػي افبنػػاء ػ وهػػـ أمثػػر أهميػػة فنهػػـ المقصػػودوف بػػذلؾ ومػػا داـ ذلػػؾ لػػيس فيػػه إالّ
التعريف ّ
مزيد رؼ للممػػدوحيف ويحػػل ا ػػكا اال فػػي التقػػديـ وتأخػػذ النػػاس علػػى أنػػه ػػاهد لتقػػدـ الخبػػر فلمػػاذا ال
تحاولػػه ا عتباطيػػة ؟ بػػل تحاولػػه حتػػى لػػو نػػاقض مباحػػث الدال لػػة ونػػاقض المنطػػق اللغػػوي ونػػاقض مػراد
ال اعر ػ فف التناقض ليس اسلوب ا في ا عتباطية ػ بل التناقض هو هدفها مف العملية كلها .
90
المبحث الخامس ع ر
وب مكانػػؾ أف تقػ ِّػيـ فلسػػفة ا عتباطيػػة بكاملهػػا مػػف خػػنؿ هػػذا السػػلوؾ وحػػد ولهػػا فػػي هػػذا الموضػػوع
أسلوباف أل
افوؿ أل ففيما يخص النصوص التي ال يمكف تبديلها تقدي ار أو حذفا والتي هي عبارة عف أجزاء تعبيريػػة
مركبات ) مثل أل وهو العزيز الغفور ، الرحمف الرحيـ ، العلي
ّ أو ما أطلقنا عليه في النظاـ أل
العظيـ ، وليا وال نصي ار .
يحدد التقديـ والتأخير عنػ دهـ هػػو الرتبػػة المتعلقػػة هنػػا بمفهػػوـ أو معنػػى اللفػػظ وهػػذا مثػػاؿ متمػػرر
والذي ّ
لنعتبا أل
الغفور الرحيـ أل المغفرة سنمة والرحمة غنيمة والسنمة مطلوبة قبل الغنيمةٔ.
تغير الترتيب وهو الػػرحيـ الغفػػور ) قالػػت ا عتباطيػػة بضػػرورة قػراءة اآليػػات ولما َ
وجَد ْت في سورة سبأ ّ ّ
عامػػة والمغفػػرة خاصػػة والعػػاـ مقػ ّػدـ علػػى
ّ ػة
ػم الرح
و ػا
ػهكل ػات
ػن الما( عف هو فيها الحديث أف فوجدت ةا ل كام
الخاص .
91
متغيأر وظروؼ الدراسة متغيرة َ .أو ليسػػت الما(نػػات ِّ
تفضػػل السػػنمة قبػػل الغنيمػػة إذف فمنه االعتباطية ّ
كما في اآليات االخرى ؟ َأو ليس ا نساف مف الما(نات ؟
وفي المرة الثانية المقيػػاس هػػو سػػياؽ الحػػديث وموضػػوعه فيمػػا هػػو خػػاص وعػػاـ مػػف جهػػة الصػػدور أي
صدور المغفرة والرحمة مف ى !! .
وهذا يعني أف اسػػتعماؿ اللفػػظ فػػي القػرآف اعتبػػاطي وال يقػػع ضػػمف قاعػػدة محػػددة ػ فهػػذا هػػو مرادهػػا مػػف
افبحاث .وحينذاؾ ال تستطيع ا عتباطية ا جابة على ترتيب االلفاز في التغيرات بالصورة ال ػػاملة فػػي
العزيز ) بألفاز عديدة تقديما وتأخي ار ..بل امتفى االعتبا بػػذكر ػػرح تراميب متنوعة جدا مثل ارتبا
الزملماني هذا متفاخ ار به منذ ألف عاـ فػػي جميػػع المصػػادر والم تػػب والد ارسػػات قػػديمها وحػػديثها ! الحػػظ
الموارد المتنوعة التي تركها االعتبا والمرتبطة بلفظ العزيز ) فقط أل
92
اميب متباينة جدا في الترتيب .
وهي تر أ
وحينما تعجز ا عتباطيػػة عػػف تقػػديـ الحلػػوؿ وتمتفػػي ب ػػاهد واحػػد مػػف ألػػف مػػورد متنػػوع تػػزعـ فيػػه أنهػػا
امت فت العّلػة السببية لنستعماؿ فأنها ال تعجػػز وهػػي مػػف هػػي فػػي التنػػوع وكثػػرة االتجاهػػات عػػف تقويػػة
نفسها بمختلف الوسا(ل فتـ وضػػع أحاديػػث نبويػػة) حػػوؿ ذيػػوؿ اآليػػات ػ ففػػي التفسػػير المنسػػوب البػػف
عباس عف رواة كلهـ ثقاة ) بالطبع أف النبي قاؿ بصدد حدوث تقديـ وتأخير في آيات القرآف ) قػػاؿ
أل كّله كنـ ى العلي العظيـ ،العزيز العليـ ال فرؽ ما لـ تجعلوا آية رحمة آية عذاب أو آيػػة عػػذاب
آية رحمة ) .
وحينما يسأؿ المرء أيف ا عجاز إذف إذا لـ يكف في ألفاظه وألفاظه عربية وال هو في نظمه والنظـ ليس
هاما فأيف هو ا عجاز وما سببه ؟
وتستطيع ا عتباطية أف تجيب مف خنؿ اتجاهاتها المتعددة إجابات مختلفة مثػػل أف ا عجػػاز لػػيس فيػػه
إنمػػا هػػو فػػي صػػرؼ ) الخلػػق عػػف ا تيػػاف بمثلػػه ! وقػػد أ ػػكلنا علػػى هػػذ الفكػػرة فػػي كتػػاب " النظػػاـ
القرآني " في فصل خػػاص باالعتبػػا فػػي مسػػألة ا عجػػاز ) .أو أف ا عجػػاز مثػػل المنحػػة ) ُي َحػ ّ
ػس وال
ظري االعتبا اللغوي . ُيفهـ ! وهي مف أفمار الجرجاني أوؿ من ّ
النصوص المتمونة مف جملة طويلة نسبيا يمكف إحػػداث تقػػديرات ) للتقػػديـ والتػػأخير فيهػػا
ُ الثاني أل في
.
وضػػربنا لػػذلؾ مثػػا اال فػػي كتػػاب " النظػػاـ القرآنػػي " وهػػو واحػػد مػػف م(ػػات التقػػديرات وكمػػا مػّػرت عليػػؾ فػػي
فصوله افخرى تقديرات مماثلة لتراميب متوسطة وحروؼ .
وفي هذا النوع يجد االعتبػػا لنفسػػه مرتعػا ) غنيػا بػػأنواع التػػأوينت والتقػػديرات مػػف التقػػديـ والتػػأخير ػ
تحوؿ المعنى الى ضد ) ػ ولمف افنا المتعاظـ في ذات ا عتباطيػػة يجػػد َ
بغيتػ ُ
ػه متناسيا إقرار باحتماؿ ّ
في تحويل المعنى الى ضد في مقابل المتملـ!
وللتأمد مف ذلؾ ماعليؾ االّ أف تفتح أي كتاب تفسيري أو نحوي مف أي موضع ت اء لتعثر هناؾ علػػى
تـ فيها تحريف النص عف قصد ) عف سياقه الذي وضعه القا(ل فيه ! وسأذكر نصوص قرآنية وأدبية ّ
لؾ اآلف المثاؿ الذي أمامي للزملماني أل
ففي قوله تعالى أل وجعلوا هلل ركاء الجف ) ػ فهذا النص ال يحتاج الػػى تقػػدير وانمػػا الػػى ػػرح ػ ولمػػف
هل يمر االعتبا لي رح النص مف غير أف يلقي عليه ظنله وذاتيته ؟
93
وأنت تنحػػظ جيػػدا أف الفعػػل جعػػل ) يعمػػل بصػػورة متنوعػػة فيأخػػذ مفعػوالا واحػػدا مثػػل جاعػػل الظلمػػات
والنور ) أو مفعوليف اذا كاف الجعل على االصطنح بمعنى التحويل ) لل يء مف هي(ة الى هي(ػػة مثػػل
أل جعلت الماء ثلجا ) .وبحسب النحو ف ف هذا يمكف أف َّ
يعد حاالا ولمنه يعرب كمفعوؿ .
ولمػػف حينمػػا تقػػوؿ أل جعلػػت لػػؾ حارسػا أو راتبػ ا ..الػػخ ) فػػالمفعوؿ واحػػد وافصػػل جعلػػت حارسػ ا ولمػػف
السامع يسأؿ أل لمف ؟ فتقوؿ أل جعلت لؾ حارسا .
وفي اآلية أل أنهـ جعلوا الجف ركاء هلل ،فلفظ الجنلة لػػـ يقػػع عليػػه فعػػل وانمػػا لزمػػه تمليػػؾ ػػركاء لػػـ
ينزؿ بهـ سلطاف .والجعل منصب على ال ركاء الذيف هـ الجف .
ثـ زعـ أف هذا التخري هو الذي يجعل ا ن كار على إطنقه قاؿ أل كأنه قيػػل أل فمػػف جعلػوا ػػركاء ؟ قيػػل
أل الجف .
ديد أل إف افمر لو كاف على هذا التقػػدير لمػػا كػػاف هنػػاؾ إنكػػار علػػى مطلػػق ال ػػركاء
ٍ الحظ معي بانتبا ٍ
بل على نوعهـ فقط أل مف جعلوا ركاء هلل ؟ الجواب أل الجف .هذا مستنكر جدا يجب أف يجعلػوا غيػػرهـ
ركاء !! فهل فهمت اآلف ما تبغيه ا عتباطية ؟ .
فػػي حػػيف أف السػؤاؿ المصػػاغ علػػى الػػنص القرآنػػي هػػو أل مػػاذا جعلػوا هلل ؟ السػؤاؿ نفسػػه اآلف تهتػػز لػػه
الجبػػاؿ وتن ػػق افرض ف نػػه لػػيس ثمػػة مخلػػوؽ يجعػػل هلل ػػي(ا االّ أف يكػػوف فػ ا
ػداء أو حمػػدا أو نػػذ ار .
فالسا(ل يترّقب وهو خا(ف أف يجعلوا ي(ا آخر .
أما سؤاؿ الزملماني فهو خنؼ الترتيب ويجعل موضوع ال ركاء مفروغ ا منػػه والسػػا(ل يسػػتفهـ فقػػط عػػف
نوعهـ ! إذ يبدو أنه يريد أف يكوف أحدهـ ! السؤاؿ القصدي هو أل مػػاذا جعلػوا هلل ؟ الجػواب أل جعلػوا هلل
ػػركاء ! يػػا للهػػوؿ ! ومػػف ذا ي ػػارؾ ى !؟ فيقػػوـ السػػياؽ بتهويػػل جديػػد للسػػامع فيقػػوؿ كمػػا هػػو فػػي
مسػػرح ) وكػػنـ حػػي مسػػتمر أل الجػػف ! فيصػػعقه اآلف بلفػػظ يحػ ّػدد نػػوع ال ػػركاء كػػونهـ مخلوقػػات فانيػػة
خلقها ى .
مسرور المت افه قانونا في اللغة تعليقا على رحه اآلية أل
أ ثـ قاؿ وكأنه
فف الصفة إذا ذكرت مجردة عف الموصوؼ كاف الذي تعلق بها مف النفػػي عامػا فػػي كػ ّػل مػػا يجػػوز أف
ّ
تموف له تلؾ الصفة ) .
افوؿ أل كيف تذكر الصفة مجردة عف الموصوؼ ومع ذلؾ يكوف النفي عاما في كػ ّػل مػػا يجػػوز أف تمػػوف
له تلؾ الصفة ؟
94
فالجواز يعني إمكاف االتصاؼ بتلؾ الصفة والنفي في هذ الحالة ال يكوف حقيقيا ! فضنا عف أف يكػػوف
مطلقا .
الثالػػث أل هػػل الجملػػة تلػػؾ متعلقػػة بالتقػػدير وال ػػرح والم ػراد أف نفهػػـ أف صػػفة ال ػػركاء جػػا(زة ولمنهػػا ال
تجوز للجف وحدهـ مف جميع الوجو ! فا طنؽ منحصر بهـ وحدهـ ؟
الرابع أل إذا كاف افمر كما ذكرنا فلماذا تراجع بعد هذ السطور فقاؿ أل لو قاؿ وجعلوا الجف ركاء هلل
كاف الجف مفعوالا أوؿ وال ركاء مفعوؿ ثاف ولتوجه ا نكار الى خصوص الجف ) وهو كػػنـ صػػحيح اآلف
ولمف هذا التركيب هو جواب السؤاؿ المقدر أل فمف جعلوا ركاء هلل ) ؟ الجواب أل جعلوا الجف ! والػػذي
جعله لتركيب اآلية .
تفسر هذا التصرؼ على أنه اعتبا محض أـ أنه عر بتجػػاوز الحػػدود المسػػموح بهػػا فأضػػاؼ هػػذ ِ
هل ّ
الفقػػرة ،والتػػي غفػػل إنهػػا قػػد أبطلػػت الس ػؤاؿ المقػ ّػدر الػػذي وضػػعه قبيػػل ذلػػؾ وأثبتػػت بػػدالا عنػػه الس ػؤاؿ
القصدي ؟ ! .
افوؿ أل إف الجملة في المثاؿ منفية فما عنقتها بالجملػػة القرآنيػػة التػػي تفيػػد ا ثبػػات حيػػث أثبػػت علػػيهـ
جعلهـ ركاء هلل .وا نكار إنما هو ضمني لموف ال ػػركاء محػػاؿ بينمػػا وجػػود كػػريـ فػػي الػػدار للجملػػة
المنفية ) ليس محاالا !
الثاني أل المتعلقات الخاصة بافلفاز ػ فالدار تتصف بوجود كػػريـ أو انتفػػاء هػػذ الصػػفة عنهػػا مػػف خػػنؿ
جملة خبرية فهنا طرفاف فقط .
اما اآلية فافطراؼ ثنثة ػ الجاعلوف ،ولفظ الجنلة ،وال ركاء فأيف المتصػػف جػوا از بصػػفة نفيػػت عنػػه
با نكار الذي حكمه حكػ ـ النفػػي فلػػيس ثمػػة نفػػي أو إنكػػار بػػالمعنى اللغػػوي فػػي اآليػػة ػ بػػل ا نكػػار أمػػر
يخص السامع وهو تحصيل حاصل مف إثباتهـ ركاء .واذا قاؿ هو ى ) فذلؾ غايته .
وقد ذكرت في كتاب سابق أف أي تمثيل للنص القرآني مف قوؿ الخلق هو تحجػػيـ للػػنص القرآنػػي وعمػػل
اعتباطي يقلب معنى النص الى ضد .
95
وفي الجمل الطويلة أيضا يقوـ االعتبػػا بتقػػدير مفػػردات والفػػاز يضػػعها هػػو مثػػل وضػػع يقولػػوف ) فػػي
سياؽ آيتيف فيتحوؿ المقوؿ مف كونه مقوال هلل الى مقػػوؿ للمػػافريف ويػػتـ بػػذلؾ تمريػػر افمػػار فلسػػفية فػػي
الجبػػر والقػػدر وغيرهػػا وهػػي جػػزء مػػف الفكػػر االعتبػػاطي مػَّػر عليػػؾ مثػػاؿ لهػػا فػػي آيػػة ومػػا أصػػابؾ مػػف
مصيبة فمف نفسؾ ػ في كتاب النظاـ القرآني .
إف الذيف آمنوا والذيف هادوا والصاب(وف والنصارى مف امف بػػاهلل واليػػوـ االخػػر فػػن خػػوؼ علػػيهـ والهػػـ
يحزنوف / الما(دة ػ ٘ٛ
قاؿ االعتبػػاطيوف أل افصػػل إف الػػذيف آمنػوا والػػذيف هػػادوا والنصػػارى حكمهػػـ هػػو كػػذا ،والصػػاب(وف كػػذلؾ
على حد ما قاله ال اعر أل
ٔ
بغاة مابقينا في قاؽ أال فاعلموا إّنا وأنتـ
قاؿ أل أي فاعلموا إّنػػا بغػػاة وكػػذلؾ أنػػتـ فف الخبػػر يجػػب أف يػػأتي أوالا ّ
فتعجػػل ال ػػاعر ذكػػرهـ فنهػػـ أمثػػر
بغيا مف قومه .
وهكذا ترؾ االعتبا اآلية وعّلقها على مػػا هػػو مثػػل معنػػى بيػػت ال ػػعر .وأود مػػف القػػارئ أف ينتبػػه معػػي
اآلف ويراجع نص اآلية فاف المجموعات المعطوؼ بعضها على بعض هي بالترتيػػب اربػػع مجموعػػات أل
إف الذيف آمنوا ،والذيف هادوا ،والصاب(وف ،والنصػػارئ ) .واالع تبػػا أخػػرج الصػػاب(يف فقػػط مػػف الػػنص
وقدـ الخبر وتـ تزحيف النصػػارى مػػع أف الصػػاب(يف ) قبػػل النصػػارى فػػي الترتيػػب .لمػػاذا ؟ فف المؤلػػف
ّ
أراد اعتبار الصاب(يف ) أ ار ار بما يكفي بعػػادهـ وتػػأخيرهـ .مػّػرة أخػػرى أؤكػػد أنػػه قػػد قػػاـ بػػذلؾ بػػالرغـ
مف أف ترتيبهـ هو الثالث والنصارى هو الرابع .
انظر مػػا قػػاؿ أل ذلػػؾ فف الصػػاب(يف أبػػيف هػؤالء المعػػدوديف ضػػنالا وأ ػػدهـ غيػا ومػػا ُسػػموا صػػاب(يف االّ
فنهـ صب(وا عف افدياف كلها ) !!
وقيل فيه تقديـ وتأخير كأنه قػػاؿ أف الػػذيف هػػادوا والنصػػارى مػػف آمػػف مػػنهـ بػػاهلل واليػػوـ اآلخػػر والػػذيف
آمنوا )ٕ .والوجو مذكورة في أمثر التفاسير المطولة .وخن هذا الوجه تماما مف الصاب(يف كما ترى .
ولمف االعتبا ينسى أنه حينما يريد تعريف الملل ،فقريبا جدا يقوؿ عف الصاب(ة أل
إنهـ قوـ يعبدوف الموامب ويذهبوف مذهب الزنادقة ويقولوف ب ثنيف ال كتاب لهـ وال علـ لنا بهـ )
96
ومعلوـ أف هذ العبارة متناقضة فالزنادقة ػػيء وعبػػدة الموامػػب ػػيء وأهػػل ا لهػػيف قػػوـ غيػػرهـ وكلهػػا
تنػػاقض القػػوؿ ال علػػـ لنػػا بهػػـ ) فمػػف أيػػف جػػاءوا إذف بهػػذ المعلومػػات ؟ وكمػػا تنحػػظ فػػي العمػػل
التفسيري فاف را(حة ) التروي لليهود والنصارى دوف الف(ات افخرى واضحة وظاهرة .
واالعتبا ال يدرؾ بالطبع أف هناؾ آيتيف مت ابهتيف ) في هػػذا السػػياؽ وأنػػه يقػػوـ بعمػػل مختلػػف عنػػد
كل منهما في موردها .ففي آية البقرة أل
رح ّ
إف الػػذيف آمن ػوا والػػذيف هػػادوا والنصػػارى والصػػاب(يف مػػف آمػػف بػػاهلل واليػػوـ اآلخػػر وعمػػل صػػالحا فلهػػـ
أجرهـ عند ربهـ وال خوؼ عليهـ والهـ يحزنوف
حيث جاء ترتيب الصاب(يف رابعا استبعدوهـ مف افجر وافماف مف الخوؼ وفي آيه الما(دة حيػػث جػػاءوا
أخروهـ مع خبرهـ ) في جملة مقدرة الى الترتيب الرابع وفػػي كػ ّػل ذلػػؾ ال نجػػد ػػي(ا لػػه
بالترتيب الثالث ّ
عنقة بالتفسير ..إنما له عنقة بافهداؼ والصراعات المّلية .فميف تريد مف الفكر االعتباطي اللغػػوي
التغيػػر فػػي الترتيػػب بػػيف النصػػارى والصػػاب(يف دوف الف(تػػيف افخػػرييف فػػي الػػنص
أف يخبػػرؾ عػػف سػػبب ّ
خصه هو مقابل النص ؟؟ . القرآني بيف الما(دة والبقرة واالعتبا م غوؿ بالبحث عف ترتيب جديد ي ّ
ن عف افدياف كلها ؟
وانظر اآلف مف هو الذي صبأ فع ا
ف ف هذيف النصيف قد فضحا الفكر االعتباطي مف جهة أخرى .فالمجموعات افربعة جمعها ى فػػي مّلػػة
موحدة هي افيماف باهلل واليػػوـ اآلخػػر والعمػػل الصػػالح ) ػ ولػػـ ي ػػتر ػػروطا أخػػرى
واحدة بمواصفات ّ
ماتميز به االسنـ الصي ) ،ف ذا آمنوا ب ريعة النبي ص ّ تخصص ا يماف برسوؿ معيف وذلؾ هو
ّ
) فقد خرجوا مف تسمية نصارى وصاب(يف وهادوا ) ػ والنص القرآني أبقاهـ في مّلتهـ مع تلؾ ال ػػرو
الػػذيف آمنػوا ) بػػه ولمػػل ف َ ْتمهـ والػ ّ
ػتهجـ علػػيهـ ال يتجػ أز أي أنػػه ػػتيمة ل سػػنـ الػػصي وللصػػحابة
كل افمامف وافزماف حيث هـ إحدى المجموعات افربعة .فػػأق ار اآليػػة لتػػرى مؤمف باهلل يعمل صالحا مف ّ
أف ا عتباطية وهػػي تسػػب إحػػدى المجموعػػات إنمػػا ُتخػ ِػرج بهػػذا السػػب نفسػػها مػػف المجموعػػات افربعػػة .
فا عتباطية ت تـ الصحابة والتابعيف والتابعيف لهـ باحساف ) وكل مؤمف الى يوـ الديف .
فردية متفرقة في الملل ، ولربما تدرؾ جيدا أف المجموعات افربعة هي االتجا القصدي وهي مجموعات ّ
واف االعتبػػا هػػو افمثريػػة وغايػػة االعتبػػا بػػالطبع هػػو تػػأجي الص ػراعات والحػػروب واثػػارة الفػػتف وهػػو
نقيض الغايات التي جاء بها االسنـ مف الجمع والتوحيد .
وا عتباطيػػة لػػـ تسػػتخدـ هػػذيف المػػورديف فقػػط لتحقيػػق أهػػدافها فػػي الصػراعات وتفريػػق الملػػل وال ػػعوب
وانما استخدمت ّ
كل النصوص ذات العنقة .
واالسػػلوب هػػو نفسػػه اي ػػتـ القصػ ّػدية وحػػرؼ النػػاس عنهػػا مػػف خػػنؿ القصػػدية ونصوصػػها ػ فحيػػث ال
يمكف لنعتبا مف الجهر بمحاربة ِّ
الديف يقوـ بمحاربته مػػف داخلػػه ػ واالعتبػػا فػػي الملػػل االخػػرى يػػؤدي
المسيحي واليهػػودي ) الدور نفسه .ففي الغرب يستخدـ مصطلح الصيوف الوثنيوف ) ،واالعتبا
97
يتمّلػػق الػػديف ب ػػتـ نفػػس الػػديف مػػف خػػنؿ تسػػمية أخػػرى ػ تمامػ ا مثلمػػا يفعػػل االعتبػػا فػػي ا سػػنـ )
حينما يقوـ بمحاربة ا سنـ مف خنؿ عناويف أخرى .
فمف النصوص المستخدمة جميػػع النصػػوص المتعلقػػة بالتسػػميات أل النصػػارى ،أهػػل ا نجيػػل ،اليهػػود ،
الذيف هادوا ،بني إسرا(يل ،الذيف أوتوا المتاب ،الذيف آتيناهـ المتاب ..الخ .ومعلوـ أف هذ االلفػػاز
والمركبػػػات المتنوعػػػة فػػػي القػ ػرآف تحمػػػل داللتهػػػا المسػػػتقّلة ،فمانػػػت المرادفػػػات هػػػي السػػػنح المكػػػيف
لنعتباطيػػة لخلػػط افمػػور وتمريػػر أفمارهػػا ػ ومثػػاؿ ذلػػؾ أنهػػا اسػػتعملت اآليػػات التػػي تهػػاجـ ف(ػػات معينػػة
لتفسػػير آيػػات أخػػرى تتحػػدث عػػف القصػػدية ووحػػدتها العامػػة فػػي الق ػرآف ػ وا ػػاعت أف العهػػديف القػػديـ
والجديد ليس فيه يء مف كنـ ى ،واف وجد فهػػو منسػػوخ وذلػػؾ فػراغ القػرآف مػػف محتػوا ال ػػمولي
مصدقا ) لما بيف يديه مػػف المتػػاب و ػػارحا لغوامضػػه بمػػا فيػػه مػػف
ّ مهيمنا ) على المتاب و باعتبار
نظاـ محكـ وصػػارـ فمانػػت تلػػؾ الفكػػرة التػػي هاجمػػت ظاهريػ ا أهػػل المتػػاب هػػي بغيػػة ا عتباطيػػة فػػي أهػػل
المتاب وهدفها ػ كما في قوله تعالى أل كلما أوقدوا نا ار للحرب اطفأها ى ) ػ إذ التفريق وتأجي الحػػروب
هو طبيعة مف طبا(ع االعتبا .
ونور يحكـ بها النبيوف الذيف أسػػلموا للػػذيف هػػادوا والربػػانيوف واالحبػػار بمػػا
إنا أنزلنا التوراة فيها هدى أ
اسػ ُػتحفظوا مػػف كتػػاب ى وكػػانوا عليػػه ػػهداء فػػن تخ ػوا النػػاس واخ ػػوف والت ػػتروا بظيػػاتي ثمنػا قلػػين
ومف لـ يحكـ بما انزؿ ى فاول(ؾ هـ المافروف الما(دة ٗٗ /
وي ير النص بوضوح الى التيار القصدي الذي يدرؾ ما استحفظ مف المتاب والذي يخ ى الحكـ به مػػف
ولما أ ار الػػنص الثالػػث المتعلػػق بهػػذا التػرابط بػػيف المتػػب فػػي
الناس فيطالبه القرآف االّ يخ ى الناس ّ .
تصديق بعضها لبعض وطالب النبي ص ) بالحكـ لـ يذكر الحكـ بما أنزؿ ى في القرآف خصوصػا بػػل
طالبه بالحكـ بما انزؿ ى بصف ٍة مطلق ٍه و موؿ المتب كلها بالحكـ الحظ النص أل
ػاحكـ بيػػنهـ بمػػا أنػػزؿ ىمصدقا لما بيف يديػػه مػػف المتػػاب ومهيمنػا عليػػه فػ ْ
ّ وأنزلنا إليؾ المتاب بالحق
لمل جعلنا رعة ومنهاجا ولػػو ػػاء ى لجعلمػػـ أمػ اة واحػػد اة ولمػػف وال تتبع أهوا(هـ عما جاءؾ مف الحق ٍ
ليبلوكـ في ما آتامـ الما(دة ٗٛ /
فال رعة والمنهاج يء وا يماف باهلل واليوـ اآلخػػر والعمػػل الصػػالح ػػيء آخػػر .إف ال ػػرعة والمنهػػاج
هي اسلوب العمل الصالح .ولؾ أف تنحػػظ أف الػػنص ا ػػار الػػى إنػزاؿ المتػػاب وهػػو فػػي منهجنػػا القرآنػػي
قطعا ليس القرآف فقط .وانما هو المتاب الملي الذي ي تمل على ّ
كل المتب السابقة ويزيد عليها فنحػػظ
98
دخػػوؿ مػػف ) البعضػػية علػػى المتػػاب الثػػاني ػ فالمػػل مهػػيمف ومصػ ّػدؽ لجميػػع افجػزاء .وا عتباطيػػة ال
تدرؾ بل ال تريد أف تدرؾ الفوارؽ اللفظية وال ّ
تميز بيف الوحي والتنزيػػل وا نػزاؿ ،وال تفػّػرؽ بػػيف المتػػاب
والقرآف وما هو مف المتاب وال تعلـ وال تريد أف تعلـ الفرؽ بيف اهػػل المتػػاب والػػذيف أوتػػو المتػػاب ..الػػخ
فعملها وغايتها هو االعتبا .
التأويل الممكف معرفته والذي هو جزء مف المطلق ،إذ لو كاف المعنى ال يعلـ أحد تأويله مطلقا ِّ
بأي ٍ
حد
مف الحدود ف نزاله عبث واذا كاف يعلمه أفراد على الخصوص ِ
فلـ ال َّ
تتبع االعتباطية أول(ؾ اففراد؟
والثانيػػة أل إف تأويلػػه أي حقيقػػة مطابقػػة معانيػػه فلفاظػػه ) إذا لػػـ يكػػف ممكنػػا فمػػف أجػػاز لنعتبػػا
التصدي لتأويله ؟! إذ السكوت أولى بها ! .
ّ
لمف ا عتباطية أنها التناقض أبدا في المبادئ والسلوؾ فوجود اففراد القصػػدييف القػػادريف علػػى تأويلػػه
يمنعهػػا مػػف القيػػاـ بتأويلػػه وبهػػذا الخصػػوص تقػّػرر أف ال أحػػد يعلػػـ تأويلػػه .وعنػػد غيػػابهـ تقػّػرر إمكانيػػة
تعديد االحتماالت والوجو لتأويله ،فأخذ القليل خير مف ترؾ المثير ! .لمف القليل مف االعتبا هو ر
فما بالؾ بالمثير ! فا عتباطية حصرت التأويل بنفسها وهذا هو المطلوب.
وحينما يقوـ اففراد بمتابعة تأويػػل ا عتباطيػػة ف نمػػا يقومػػوف بمتابعػػة مػػف هػػو مثػػل الحمػػار ) فف ذلػػؾ
يحمل افمانة ل خوص ال يحملوها أمان َة َف ْهـ النص ا لهي ) أل ِ
هو المثل القرآني لمف ّ
ِ ِ ِ
يحمل أسفا ار .
ُ الحمار كمثل مثل الذيف ّح ّملوا التوراة ثـ َ
لػـ ْ يحملوها
والتابع أدنى رتبة مف المتبوع فيلزمه انطباؽ المثل عليه بصورة أ مل .
ومعلػػوـ أف االعتبػػا يحتػػاؿ علػػى هػػذا الػػنص كمػػا يحتػػاؿ علػػى غيػػر ال نػػه ي ػػعر أف الػػنص يتحػػدث عػػف
االعتبا .
بيد اننا نك ف في النظاـ القرآني الفوارؽ المبيرة بيف الذيف آتينػػاهـ المتػػاب ) و الػػذيف أوتػوا المتػػاب
) .فالمجموعة افولى نسب فيهػػا ا تيػػاف الػػى السػػماء والسػػماء ال تختػػار االّ رجػػاالا صػػالحيف يػػؤتيهـ ى
لدني ا لمعرفة المتب المنزلة وأنظمتها .أما الذيف أوتوا المتاب بالبناء للمجهػػوؿ فهػـ مػػذموموف فػػي علما َّ
جميع الموارد بعكػػس المجموعػػة افولػػى ،فف هػؤالء سػَّػلمتهـ افمػػـ مهمػػة المتػػاب ولػػـ يسػِّلمهـ ى هػػذ
تحمػػل افمانػػة وخػػانتهـ اللغػػة ونظامهػػا ففضػػحوا
المهمة وقبلػوا بػػذلؾ لحمقهػػـ وغبػػاءهـ فلػػـ يقػػدروا علػػى ّ
أنفسهـ.
99
والذيف ُح ِّملوا التوراة إنما هـ مجموعة فرعية مف أول(ؾ .
لمف االعتبا حاوؿ االحتياؿ على هذا النظاـ الدقيق لنستعماؿ القرآني فزعـ أف الذيف آتينػػاهـ المتػػاب
واالعتبػػػا دومػ ػا ) هـ أهل المتاب ) حسب المرادفات وهـ اليهود والنصارى .
يفسر بها ألفاظا أخرى .مػػف اجػػل ذلػػؾ تميػػز كتػػاب "النظػػاـ القرآنػػي" بوضػػع قواعػػد قاسػػية
يصنع ألفاظا ّ
لمجابهة االعتبا وسلؾ منهجا محددا فػػي قصػػدية افلفػػاز القرآنيػػة سػػمينا هنػػاؾ المػػنه اللفظػػي ) ،
كتب الحق ٍة .لمننا نعتقػػد أف االمػػر واضػ أ
ػح إذا قػرأت مػػا مفصلة في ٍ
ومثل هذ المباحث قد تأتي ب ذف ى َّ
بتأف وراجعت الموارد القرآنية بخصوص تلؾ االلفاز ،وعليػػؾ أف تعلػػـ أف الػػنص اذا كػػاف يقصػػد
ذكرته ٍ
يميز به هذا االستعماؿ هػػو مػػف قػػبلمـ ) ػ وعنػػد غيابػػه فالمقصػػود اليهود والنصارى ) فقط جاء بمركب ّ
بالطبع الحمير ) االعتباطييف مف جميع الملػػل علػػى التمثيػػل القرآنػػي مػػع االعتػػذار للقصػػدية هنػػا فػػي
استعماؿ اللفظ مجردا عف أدوات الت بيه وعلى الطريقة ا عتباطية ) .
100
المبحث السادس ع ر
التقدـ
في أسباب ّ
َّ
تدعي االعتباطيػػة أف ذلػػؾ خاضػ أ
ػع للرتبػػة فالواحػ ُػد مقػ ّػدـ علػػى االثنػػيف واالثنػػيف مقػػدـ علػػى الثن ثػػة وهكػػذا
افقل مقدَّـ على افمثر وتسوؽ لذلؾ واهد مف القرآف واللغة .
ولمنػػؾ تعلػػـ أنػػؾ إذا وصػػفت بخػػينا فتقػػوؿ أل ...ال يعطػػي السػػا(ل ع ػػرة دنػػانير بػػل ال يعطػػي دينػػا ار وال
دوف ذلؾ ) .
فأنت بصدد البخيل تنزؿ بافعداد مقدم ا المثرة على القلة .والذي يفعل العكس ُيعػػد جػػاهنا تمامػا .وهػػو
أمػأػر يحسػػنه افميػػوف ب تقػ ٍ
ػاف تػ ٍ
ػاـ ،ف نػػؾ حا ػػاؾ لػػو قلػػت ال يعطػػي دينػػا ار ) فمػػف افولػػى أف ال يعطػػي
ع رة دنانير .
ولمنػػؾ إذا قلػػت فخيػػؾ المحتػػاج ال يهمػػؾ ..فػػأني أعطيػػؾ ع ػػرة دنػػانير وم(ػػة دينػػار بػػل أعطيػػؾ ألفػ ا )
فأنت ترِّتب افعداد ترتيبا تصاعديا ػ وكذلؾ تفعل إذا وصفت كريما .
ومف هذا المثاؿ البسيط تدرؾ جيدا أف افلفاز ) تمتلؾ قيمة بالمعنى كافعداد وأنها تخضع في التقديـ
والتػػأخير لمغػػزى المػػنـ وغاياتػػه فػػن يحكمهػػا قػػانوف الرتبػػة ) ػ ومعنػػى ذلػػؾ أف افلفػػاز كلهػػا علػػى هػػذا
عتباطية ّ
قسمت افمر الى أقساـ ورتب في افعداد وافلفاز . ّ النحو وليس افعداد فقط .ولمف ا
آف و ٍ
احد بػػيف لفظػػيف أحد النصوص القرآنية الذي قدـ وأخر في ٍ
والمثاؿ الذي يؤكد لؾ ما ذكرته اآلف هو ُ
في آي ٍة واحد ٍة هي قوله تعالى أل
واذا أروا تجػػاراة أو له ػوا انفض ػوا أليهػػا وتركػػوؾ قا(م ػ ا قػػل مػػا عنػػد ى خيػػر مػػف اللهػػو ومػػف التجػػارة
الجمعة ٔٔ /
101
لمػػا كانػػت التجػػارة مصػػد ار لجمػػع المػػاؿ فعنػػد اقترانهػػا بػػاللهو الػػذي يسػػتهلؾ المػػاؿ تتقػ ّػدـ فػػي معػػرض
إذ ّ
ا قباؿ عليها ػ ولمف عندما تريد مف السامع ا عراض فانه يبدأ با عراض مف افدنى الى افعلى فيتقدـ
اللهو على التجارة .
تغرنؾ افلف دينار والع رة آالؼ فاف العلـ أفضل مف اف لػػف ومػػف الع ػػرة
فحد ما أل ال َّ
وكذلؾ إذا قلت ٍ
آالؼ ) .
فالتقديـ والتأخير خاضع إذف لقوانيف متحركة غير ثابتة .فما يتقػػدـ فػػي حػػاؿ يتػػأخر فػػي حػػاؿ آخػػر ومػػا
يتقدـ مع لفظ معيف يتأخر مع لفظ آخر في نفس الحاؿ .واحتماالت تقدـ وتأخر اللفظ ال حدود لها .إذ
ال حدود القترانه بافلفاز االخرى وال حدود لمراد المتملـ في اللغػػة .ومػػا يحػػدد هػػو د ارسػػة ) كػ ّ
ػل نػػص
على حدة باعتبار قضية مستقلة تحمل تفسيرها في ذاتها .
الثاني مف افسباب هو التقدـ بالذات كتقدـ الواحد مع االثنيف ومنه قوله تعالى أل
وقػػد تقػ ّػدـ افعلػػى علػػى افدنػػى خنف ػ ا للقاعػػدة فػػي ألػػوؼ أو منيػػيف االسػػتعماالت الب ػػرية مثلمػػا تقػػدـ
القنطار على الدينار في النص القرآني أل
مػػف أهل المتاب مػ ْػف إف تأمنػػه بقنطػػار يػػؤد إليػػؾ ومػػنهـ مػ ْػف إف تأمنػػه بػػدينار ال يػػؤد إليػػؾ / آؿ
عمراف ػ ٘ٚ
النموذج الثاني أل أرادت االعتباطية وضع قواعد الرتبة لأللفاز أيضا أسواة بافعداد ! .
/التغابف ٔ٘ - فزعمت أف قوله تعالى أل إنما أموالمـ وأوالدكـ فتنة
تقديـ افمواؿ مف تقديـ السػػبب ف نمػػا ي ػػرع فػػي النكػػاح عنػػد قدرتػػه فهػػو سػػبب التػػزوي والنكػػاح سػػبب
التناسل فالماؿ سبب للتنعـ بالولد وفقد سبب لل قاء به ) .
عتباطيػػة ولػػيس بعيػػدا عػػف هػػذا الموضػػع بػػل فػػي نفػػس الصػػفحة ومػػا يتلوهػػا ذكػػرت سػػبب تقػػدـ
ّ ولمػػف ا
افلفاز والمسميات في قوله تعالى أل
102
ُ زَّيف للناس حب ال هوات مف النساء والبنيف والقناطير المقنطرة مف الػػذهب والفضػػة والخيػػل المسػ َّػومة
وافنعاـ والحرث /آؿ عمرافٔٗ /
فقد َّ
تقدـ البنيف هنا على الماؿ !
وقاؿ الزملماني أل فحين(ػػذ ػ أي عنػػدما تمػػوف فػػي كػ ّػل مػػف ال ػػي(يف صػػفة تقتضػػي تقدمػػه ػ يكػػوف التػػرجيح
فهمها في ذلؾ المحل !! . َّ
فالنص المذكور متناقض مف حيث أنه ال صفة ثابتػػة لل ػػيء تقتضػػي تعارضػا مػػع اآلخػػر ػ لمنػػه اضػػطر
اضط ار ار لمتابعة المحل ) ػ وعنػػد التطبيػػق كمػػا الحظػػت جعػػل السػػبب نفسػػه يػػنعكس ولػػـ ُيسػػعفه المحػػل
ب ػػيء ف نػػه ال غايػػة لػػه حقيقيػػة فػػي تػػدبر .فمػػذلؾ فعػػل فػػي السػػماء وافرض ) قػػاؿ أل وأمػػا تقػػديـ
السماء على افرض فألنها أممل رفا ومستق ار ) .
واف تأخيرها في آيػػة أخػػرى آيػػة يػػونس ) ٙٔ /هػػو بسػػبب المحػػل إذ يتحػػدث وبحسػػب مػػا تقدمػػه مػػف
آيات عف هادته تعالى فعماؿ الخلق .
ولما كانت آية سبأ تتحدث عف نفس الموضوع ومع ذلؾ تقدـ فيها ذكر السماء على افرض فانه حػػاوؿ
إظهػػار افمػػر واخفػػاء فػػي ٍ
آف واحػ ٍػد بعبػػارة غامضػػة حيػػث قػػاؿ أل وهػػذا بخػػنؼ اآليػػة فػػي سػػبأ فأنهػػا
منتظمة في سياؽ علـ الغيب )ٔمع أف اآليتيف تذكراف افمر بصيغ مت ابهة وعلى النحو آالتيأل
يعزب عف ّ
ربؾ مف مثقاؿ ذرة في افرض وال في السماء / يونسٙٔ- آية يونس أل وما ُ
103
آية سبأ أل ال يعزب عنه مثقاؿ ذرٍة في السماو ِ
ات وال في افرض / سبأ ٖ - ُ ُ
فمنهما يتحدث في البدء عف هذا العلـ فانظر الى كذب االعتبا ومكر !
التخبط .
ّ عتباطية أبعد ما تموف عف فهـ هذا التقديـ والتأخير وهي بهذا
ّ ومعلوـ أف ا
ومع ذلؾ فاف تقديـ السماء على افرض ) ػ فنها أممل ػػرفا ومسػػتق ار ػ علػػى حػ ِّػد تعبيػػر يتنػػاقض هػػو
اآلخػػر مػػع مػػورد فصػػلت ) الػػذي لػػـ يػػذكر والػػذي يتقػػدـ فيػػه افرض علػػى السػػماء ػ مػػع أف الموضػػوع
متصل بػ ال ػػرؼ واالسػػتقرار ) ػ فف المػػورد يتحػ ّػدث عػػف م ارحػػل الخلػػق ومػػا تعلػػق بػػه مػػف أرزاؽ مقػػدَّرة
تقدي ار .
ربػػع أل قػػالوا أل ومػػف نػػوع التقػ ّػدـ بالرتبػػة سػػميع علػػيـ ) فف ذلػػؾ يتضػ ّػمف التهديػػد !!
النمػػوذج ال ا
ولتعلقه بافصوات ،فمف يسمع ِح ّسؾ قد يكوف أقرب إليؾ في العادة ممف يعلـ )ٔ.
إذف فاالعتباطية تزعـ أف سميع أعظـ في التهديد مف عليـ فالرتبة هي مف افعلى الى افدنى .
افولػػى أل إف الصػػفات المػػذكورة بهػػذا الترتيػػب ليسػػت فػػي موضػػع التهديػػد .واف هػػذا الرجػػل االعتبػػاطي
ليتخبط .الحظ بعض هذ الموارد أل
َّ
مف كاف يرجو لقاء ى فاف أجل ى آلت وهو السميع العليـ / العنكبوت ٘
المرك ػػب س ػػميع عل ػػيـ ) مخ ػػتص بالرحم ػػة ،واذا ورد ف ػػي ح ػػاالت التج ػػاوز
ّ ب ػػل يمك ػػف الق ػػوؿ إف ه ػػذا
فالمقصود به والمخاطب به أول(ؾ المبرءوف مف التجاوز مثل أل
104
مركب االطم(ناف ) ونزوؿ الرحمة وتبديل السي(ات الى حسنات فنحظ بنفسؾ بقيػػة
فالسميع العليـ ) ّ
الموارد .
الثانية أل إف الترتيب التنازلي هذا يقتضي أف تمػػوف صػػفاته تعػػالى متفاوتػػة وهػػي م ػػكلة كنميػػة ال تقػ ِػدر
االعتباطية على حّلها إذا افترضنا أنها لـ تمف تنوي أص ا
ن أثارتها .
أي موضع بنغي يكوف الترتيب تنازليا في مسألة خصا(ص وصفات للمتملـ ؟ فهذا خػػنؼ الثالثة أل في ِّ
البنغة إذ يجب أف تتصاعد الصفات ليسمع المتلقي ما هو أعلى ال ما هو أدنى .
فنحظ أف المتنبي لو قػػاؿ أل القلػػـ والقرطػػاس يعرفنػػي ) قبػػل الخيػػل والليػػل والسػػيف والػػرمح لمػػاف هنػػاؾ
خلل ال ينجبر .ذلؾ فف ال جاعة في الحرب أمبر مف الخروج في الظلمػػة وهػػي عامػػة غيػػر مخصوصػػة
ضـ إليها المعرفة بالقلـ والقرطاس وهي صػػفة أمبػػر زادت مػػف خصػػا(ص ال ػػجاعة ػ
بعالـ أو جاهل فلما َّ
إذ فهـ السامع أف الرجل ليس متهو ار أو جاعته ػػجاعة الجاهػػل بػػل ػػجاعة معهػػا معرفػػة وعلػػـ وهػػذا
يندر حصوله .ويبقى الحل القصدي سا( ار في نظاـ القرآف خاصة ونظاـ اللغة أل فالسػػميع) صػػيغة تفيػػد
أنػػه سػػامع لمػػل مػػا يقػػاؿ ويفهػػـ جيػػدا مػػا يسػػمعه ولمػػف لمػػا كػػاف المركػػب بخصػػوص الرحمػػة وعصػػمة
المؤمنيف مف مصا(ب االعتباطية وقولها الزور فيحتاج الى علـ ) بالذوات ونواياهـ ػ وهػػذا هػػو السػػبب
ِ
استخدامه مع الرسل وافولياء فنه سميع للدعاء ولمل كنـ س ار وجه ار وعليـ بنوايا ومصادر ومػوارد في
هذا المنـ .
وحينما ال يتعلق افمر بالذوات ونواياهـ يقترف مع السميع لفظ البصير حيث موارد الخاصة تحتاج الػػى
رؤية الحوادث والوقا(ع والحركات فيجتمع هنا الفعل ا نساني ) بكامله فف فعل ا نساف الخػػارجي هػػو
عبارة عف قوؿ وحركة ) فالصفات متعلقة بالمخاطبيف وترتيبها هو للمخاطبيف .الحظ الموارد أل
فالنية لـ تذكر ػ فنه يعلمها وال ضرورة لػػذكرها ت ػػريفا للنبػػي ص ) وبقػػى الفعػػل الخػػارجي فجمعػػه فػػي
مركب السميع البصير ) ،على أف النية ظاهرة في أوؿ اآلية أيضا .
ج .إنا خلقنا ا نساف مف نطفة أم اج نبتليه فجعلنا سميعا بصي ار ) /ا نساف ٕ -
105
فالنية ابتليت بقوله نبتليه وظهور فعلها فػػي الخػػارج فلػػـ يجعلػػه أصػػم ا وأعمػػى بػػالمعنى القصػػدي ) بػػل
جعله سميعا بصي ار .
فلـ ال يكفي لفظ عليـ ) فػػي مػوارد السػػميع العلػػيـ
وهكذا بقية الموارد ،وقد يقاؿ إذا كاف افمر كذلؾ َ
وهػػذا مجػػرد )؟
وهـ فف السميع ليس هػػو السػػامع فف السػػامع يسػػمع حينػا دوف حػػيف ػ والسػػميع عنػػد ى صػػفة فيػػه ال
عنقػػة لهػػا ب رادتػػه للسػػماع فلػػيس ثمػػة ػػيء ال يريػػد سػػماعه فػػي ملمػػه فػ ذا انفػػردت صػػفة علػػيـ ) ،
اقتصرت على المعرفة والعلػػـ فػ ذا كػػاف العلػػـ باف ػػياء يتػػأخر بعػػد حصػػوؿ المعلػػوـ فػػي الوقػػا(ع فالسػػميع
يتقدـ لحصوؿ اآلنية وا طنؽ في العلـ .وهو خنؼ الرأي االعتباطي القا(ل باف ى يعلـ باف ػػياء بعػػد
تقدـ على السميع في موارد الرحمة لماف هذا الرأي صحيح ا .
وقوعها .ولو كاف لفظ عليـ ) قد ّ
في قوله تعالى أل واسجدي واركعي مع الرامعيف / آؿ عمراف ٖٗ -
عتباطية في تخري تقدـ السػػجود علػػى الركػػوع فػػي افولػػى وانعكاسػػه فػػي الثانيػػة .فلػػـ تػػتمكف
ّ تخبطت ا
ّ
حل هذا ا كاؿ ولذلؾ قػػدمت متواضػػعة ) هػػذ المػػرة بعػػض االقت ارحػػات االعتباطيػػة بواسطة الرتبة مف ّ
وذلؾ حينما جوبهت بالسؤاؿ أل
إف اركعػ ػػي ) بمعنػ ػػى ا ػ ػػكري ) ! وهكػ ػػذا تتخلػ ػػى االعتباطيػ ػػة عػ ػػف الدال لػ ػػة ال ػ ػػرعية والعرفيػ ػػة
أّ .
واالقتضا(ية والتضمنية وجميع الدالالت ! .
ب .إف اسجدي ) بمعنى صلي ػ كي تتقدـ الصنة في عمومها على الركوع وهو مثل االوؿ .
ّ
ج .إف اسػػجدي أل صػػلي فػػي بيتػػؾ واركعػػي أل صػػلي جماع ػ اة .وهػػي محاولػػة لنسػػتفادة مػػف عبػػارة مػػع
ّ
الرامعيف ) وذلؾ بالرغـ مف أف المأمور امرأة .ولما كانت الصنة في الجماعة أفضل ) دوما في الحػػل
االعتبػػاطي فقػػد انػػتقض الحػػل واختػػل الترتيػػب .فقػػالوا أل بػػل يبقػػى فف صػػنة الم ػرأة منفػػردة أفضػػل مػػف
صنتها في جماعة في جميع التفاسير المطولة )ٔ.
106
ِّ
الصديقة فيحرمها ى مف الصنة اففضل ولماذا ال يمنحها الحرية كػػي ال والقصدية تسأؿ أل ما ذنب هذ
مرة ّ
أقل ومرة أمثر ما دامت صنة الجماعة جا(زة لها وليست محرمة ؟ . تحتسب حسناتها ّ
وكاف المفروض أف اآلية افولى سا(رة في الحػ ّػل َّ
فف السػػجود مقػػدـ بالرتبػػة علػػى الركػػوع ) فلمػػا وجػػدوا
تقدـ الركوع في الثانية وفي قوله تعالى تػراهـ َّ
ركعػا سػػجدا ) ووجػػدوا تقػػدـ الركػػوع فػػي الزمػػاف ومسػػاس ّ
افرض في الصنة انعكس افمر فأصبحت اآلية افولى هي المخالفة للحل االعتباطي.
الموجه لمريـ ع) وهي امرأة ،أجاز لهػػا ال ػػرع أ ػػياء لػػـ يجزهػػا للرجػػل وتسػػامح فػػي عبادتهػػا
ّ فالخطاب
في مواضع عديدة معلومة ػ في مثل هذا الخطاب يتوجه افمر مػػف الحركػػة افدنػػى الػػى الحركػػة افعلػػى .
تحرؾ قلينا ) ثـ تقوؿ أل أمش ثػػـ تقػػوؿ أل بػػل اركػػض إف قػػدرت ) ػ ولػػو بػػدأت
ّ نساف ما أل
ٍ مثلما تقوؿ
بالركض أو اال لما كانت هناؾ فرصة الست(ناسه وتطمينه على موافقتؾ إذا اقتصر على الم ػػي أو الحركػػة
.فهذا الترتيب يمنحه العزيمة على فعل اف ياء كما رّتبتها له وهذا واضح .فالحركة ب أف مػػريـ ع )
انتقلت مف اقنتي ) حيث القنػػوت مناجػػاة ال تحتػػاج الػػى حركػػة الػػى اسػػجدي ) وهػػو أمػػر أعلػػى حركػػة
وصرؼ للطاقة وان تقلت بعد ذلؾ الى اركعػػي ) وهػػو أعنهػػا حركػػة فقػػاؿ مػػع الػرامعيف ) كػػي ال يفوتهػػا
الركوع الذي يفعله الرسل وافولياء فليس ثمة صنة مفردة وصنة جماعة ػ إنما هي معية فمثالهػػا مػػف
كل افزماف .
افولياء في ّ
أما اآليات افخرى فهي بحركة معكوسة الختنؼ المخاطبيف والموضوع .
افمر ا لهي براهيـ واسماعيل هو تطهير البيت وطه ار بيتي ) والسؤاؿ المفترض اآلف هػػو أل لمػػف ؟
والجػواب هػػو للطػػا(فيف ) ومعلػػوـ أف الطػػا(ف ػ يطػػوؼ ويخػػرج فالحركػػة اآلف تصػػاعدية أل بػػل للقػػا(ميف
أيض ا ! وهؤالء زمنهـ أطوؿ والخدمة التي يحتاجونها أمبر وال ازلػػت الحركػة تتصػػاعد و ّ
الركػػع السػػجود )
الركػػع وذلػػؾ مكانيػػة
وهؤالء بقاءهـ أطوؿ وخدمتهـ أمثر فأعطى السجود ) داللة وصفية ووصػػف بػػه ّ
للركػػع بضػػرورة السػػجود مثلمػػا أوحػػى للقػػا(ميف
الركع بالسجود وتجّنػػب ذكػػر طا(فػػة رابعػػة وأوحػػى ّ
أف يقوـ ّ
بضرورة الركوع ومثلما أوحى للطا(فيف بضرورة القياـ .
فبالنسبة للزا(ريف كاف الترتيب تنازلي ا وبالنسبة للمأمور بالتطهير وهو مركػػز هػػذا الترتيػػب كػػاف تصػػاعدي ا
إذا خدمت الطا(فيف فاخدـ القا(ميف ) فميف ال يخدـ والعبادة تتصاعد ؟ واذا خػػدمت القػػا(ميف فاخػػدـ
الركع السجود ) فمذلؾ يفعل .
أما الرتبة الذاتية للمفردة فهي موضوع آخر في العبادة وتلػػؾ مسػػألة ػػرعية ،فالترتيػػب نفسػػه أعلػػف أف
وبػػالطبع فلػػيس القياـ مع الطواؼ أفضل لنفس ال خص ) مف الطواؼ وحد .
وكذلؾ أعلف أف الركػػوع ثمة قياـ بن طواؼ ! والقياـ أسهل والمثوبة أعظـ .
107
مع القياـ أفضل وليس ثمة ركوع بن قياـ ! وكذلؾ افمر في السجود ػ وليست هناؾ أفضليات قا(مػػة فػػي
افلفاز والرتب فافمر هنا عاـ للخلق كلهـ ػ وهناؾ خطاب خاص مػرأة صػ ّػديقة ،فػػيحكـ ترتيػػب افلفػػاز
موضوعها والمخاطب بها ومراد المتملـ وأحواؿ المتلقي وعنقته به ػ أنه أف ّأية عبارة يرتبها المػػتملـ
فػػي موضػػوعها وأحوالػػه .وفػػي القػرآف تمػػوف الم ػػكلة أمبػػر بكثيػػر بػػل ال يمكػػف تقػػدير حجمهػػا فف اآليػػة
ليست منتظمة في ذاتها فقط وانما هي متصلة لفظيا بجميع اآليػػات بػػاالقتراف المبا ػػر وغيػػر المبا ػػر ػ
فتحديد رتبة للفظ إنما هو خروج تاـ عف هذا النسي وفرار مف نظامه .
ػى محػ أ
ػدد فػػي المػػنه اللفظػػي يػػتـ بموجبػػه
ا
نعػػـ للمفػػردة معنػ
توضح لمـ كما ينبغي . إلغاء المترادفات وهذا ال عنقة له بالرتبة المذكورة في االعتباطية وقد ّ
108
المبحث السابع ع ر
همزة االستفهاـ
يقػػوـ الحػػل االعتبػػاطي بتقريػػر وضػػع الدال لػػة الخاصػػة بكػػل لفػػظ خػػنؿ معاناتػػه ) تجربػػة ا جابػػة علػػى
ػػكاؿ يػػنعكس نفسػػه اال كاالت اللغوية ،فيضع الحل خنؿ العملية ال قبلها ،وهذا يعني أف موضػػوع ا
ػػكاؿ لػػيس عليهػػا إال الػػتخلص مػػف كل حالة مف حػػاالت ا معيف على الحل ػ فمأف االعتباطية وفي ّ ٍ بأثر
ٍ
ذلػػؾ المػػورد وحسػػب سػواء كػػاف أدبيػا أو خطابيػ ا أو قرآنيػ ا أو غيػػر ذلػػؾ .وهػػي تمػػر أيضػ ا وضػػع مػػنه
محدد فف ذلؾ ّ
يقيدها ويغاير أهدافها . ّ
حينما تدخل همزة االستفهاـ على افلفاز ػ فػػن حػػدود معينػػة لهػػذا الػػدخوؿ إذ يمكػػف ترتيػػب نفػػس الجملػػة
كل منها يؤدي غرضا ما .وحاوؿ معػػي اآلف أف تجػػرب بطريقتػػؾ وباالسػػتعماالت العاميػػةبصور مختلفة ّ
جدا كيفية طرح سؤاؿ عف قياـ خص معيف وخروجه مف عندؾ .فمراة أنػػت تطلػػب قيػػاـ زيػػد فػػي حاجػػة
ما واآلف فأنت ال ت ار أمامؾ وعند(ذ تسأؿ أل أَقاـ زيد ؟ ) ليذهب فػػي الحاجػػة ؟ وبػػالطبع فيتوجػػب اآلف
على المجيب إف أراد الدقة أف يقوؿ أل ال أو نعـ .ف ذا كاف عمرو قػد ذهػػب بػػد اال عنػػه يقػػوؿ أل ال بػػل قػػاـ
عمروا .
قاـ أحدهما ليذهب في الحاجة ولمنؾ ال تعلـ مف هو أل زيد أـ غير ؟ فميػػف تصػػوغ السػؤاؿ أل مثػػل افوؿ
أـ بصورة أخرى ؟ ُ .
الع ّواـ وعلى السليقة يصوغونه بطريقة مختلفة حيث يقػػدموف االسػػـ فيقولػػوف أزيػ أػد
قاـ ) ؟ والمجيب اآلف يعلـ أنؾ تسأؿ عف الفاعل .
أما الفعل ف نؾ تعلـ أف أحدا ما فعلػػه .فػػي هػػذ الحالػػة إذا كػػاف هػػو فيقػػوؿ أل نعػػـ .زيػػد قػػاـ .واذا كػػاف
غيػػر يقػػوؿ أل بػػل عمػػرو قػػاـ .وال يتوجػػب عليػػه أف يقػػوؿ أل ال .لمػػاذا ؟ فف السػؤاؿ السػػابق كػػاف عػػف
الفعػػل وال بػػديل للفعػػل ف نػػه ثابػػت وهػػو القيػػاـ ) ،أمػػا فػػي هػػذا السػؤاؿ فالبػػديل موجػػود وهػػو عمػػرو فف
السؤاؿ عف الفاعل ف ذا قاؿ لؾ أل بل عمرو .علمت أنه يريد عمرو ال زيد فن يحتاج أف يبدأ بنفػػي قيػػاـ
زيد .ولمف المجيب إذا َعِلـ أنؾ ال تبحث عف الخبػػر مجػػردا بػػل تبحػػث عمػػف فعػػل أي قيػػاـ فيجػػب عند(ػػذ
أف يبدأ ا جابة بالنفي أل ال .لـ يقـ زيد بل عمرو .ليخّلص زيدا مف القياـ مطلقا .كػػذلؾ إذا كػػاف يريػػد
الو اية على زيد وتذكيرؾ بعدـ تنفيذ افمر .
وهذا موضوع خارج عما نحف بصدد اآلف ػ إذ سيقوـ بالو اية أو بالتذكير لغػػرض آخػػر واحتمػػاالت ذلػػؾ
ونبرة إطنؽ المنـ كثيرة جدا ،ونحف نتحدث اآلف في صياغة الجملة لغويا خالية مف كػ ّػل غػػرض سػػوى
المجرد عف قياـ أحدهما .
ّ ا خبار
109
عتباطيػػة تػػػزعـ أف جػػواب الهمػػزة هػػو دومػػ ا بػػػ نعػػـ )أو ال ) وأف بػػل ) ال تصػػلح لتصػػدير
ّ لمػػف ا
ٔ
أف السػػؤاؿ وجواب ػػه هػػو مح ػػاورة متصػػلة دومػ ػا وأف
المػػػػنـ .واالعتباطي ػػة ليسػػت غافل ػػة بػػالطبع ع ػػف ّ
المخاطبػػات فػػي المحػػاورات تجػػري دا(مػا علػػى أف المػػنـ مسػ أ
ػتمر ولػػيس متجػػددا ػ وأف المجيػػب والمحػػاور
كل ذلؾ ليس بغا(ب عف االعتبا . ن وعبارات ّ يكمل أحدهما لآلخر جم ا
فلماذا فعلت ذلؾ ومتى ؟
أما لماذا فعلػػت ذلػػؾ ؟ ،فػػألف المجيػػب إذا قػػاؿ أل ال .لػػـ افعلػػه بػػل فعلػػه فػػنف ) يكػػوف قػػد أنكػػر وقػػوع
الفعل منه بصفة مطلقة وحينما ال يأتي بػ ال ) فهو ي ير الى الفاعػػل وحسػػب ويمكػػف فػػي هػػذ الحالػػة
بالتبعية ولمنه يجيب عف الفاعل الحقيقي .
ّ أف يكوف هو فاعل أيضا بالم اركة أو
مثػػاؿ ذلػػؾ أل إذا عاتبػػت موظفػا حكوميػا فقلػػت أل أأنػػت فعلػػت هػػذا ؟ فػ ذا قػػاؿ أل ال بػػل فعلػػه القاضػػي )
ن واذا قاؿ أل بل فعله القاضي ) يكوف المعنى أنه فعلػػه ولمػػف فمعنا أف القاضي قاـ بنفسه بالعمل كام ا
الفعل الحقيقي وافمر صادر مف القاضي .
وحينما وصل االعتبا الى هذ النتيجة بلغ غايته مف السرور لحدوث التناقض الػػذي يحتػػاج الػػى حػػل ،
تخيل المؤلف أف رج ا
ن ) محبا للقرآف يحاور ويعرض عليه حلو اال لتقػػدير الجملػػة واالعتبػػاطي يػػأبى وقد ّ
ويفّند تلؾ الحلوؿ وعند(ذ قاؿ القصدي ) المسكيف أل يلزـ على ما ذكرت أف يكوف الخلػػف واقعػا ) ..
أي التناقض !
واآلف وقػػد بلػػغ القصػػدي غايتػػه مػػف ا حبػػا قػػاؿ متوسػنا ) لنعتبػػاطي أل فػػن بػػد مػػف ذكػػر مػػا يكػػوف
مخّلصا مف الخلف ) !
110
فقػػاؿ االعتبػػاطي مسػػرو ار ق ػرار القصػػدي بوجػػود التنػػاقض وتوسػػله أف فػػي تخلػػيص افمػػة ا سػػنمية
ليكف على خاطرؾ .ٔ) ... والقرآف منه ) قاؿ أل
ومبتدع ُه .
َ ا(د
لتناقض كاف هو ر َ
ٍ ثـ يبدأ بسرد أربعة حلوؿ مقترحة
فػػانظر الػػى عبػػارة لػػيكف علػػى خػػاطرؾ ، ) ...فانػػه يتوجػػب علػػى المثقػػف ) االّ تفوتػػه فرصػػة التحليػػل
النفسي للعبارات في ذات الوقػػت ػ فالمحػػاور هنػػا واف كػػاف رمػ از ل ػػخص ولمنػػه فػػي حقيقتػػه يمثػػل القػرآف
نفسه فالقرآف هو الذي يطلب مف االعتباطي تخليصه مف م كلة التناقض ػ وهذا هدؼ هػػاـ مػػف أهػػداؼ
البينات ) .
اآليات ّ ويبينوا بطريقتهـ عتباطية ػ أف يكونوا ّ
قيميف على المتب المنزلة ّ ّ ا
وقػػد تقػػوؿ أف المناق ػػة ال ازلػػت قا(مػػة مػػع وجػػود هػػذا العػػرض الواضػػح لحيثياتهػػا فمػػا الػػذي انتفعػػت بػػه
تباطية مف ا صرار على تضمف الجواب ال ) ؟ إذ بػػدونها يبقػػى التنػػاقض قا(مػ ا ف نػػه يقػػوؿ أل بػػل
ا ع ّ
فعله كبيرهـ ) ؟ ونحف نعلـ أنه هو الفاعل .
والجػواب علػػى ذلػػؾ أف هنػػاؾ فا(ػػدة ،فالفا(ػػدة التػػي جنتهػػا االعتباطيػػة هػػي جعػػل التنػػاقض ػػديدا بحيػػث
حله بأي مقترح لغوي مع وجود ال ) . يستحيل َّ
أما هكذا وعلى ألفاز اآلية فافمر يأخذ اتجاه ا آخػػر إذ أف إبػراهيـ ع ) لػػـ ينػػف الفعػػل عػػف نفسػػه وانمػػا
نسبه الى كبيرهـ ) فالمناق ة في صحة هذ النسبة فقط .
إف بل ) تفيد ا ضراب ) دوما .وهػػي فػػي الحػػل القصػػدي كػػأي لفػػظ آخػػر ال تتغيػر فػػي المعنػػى الحػػظ
اآلية اآلتية مثن أل
فا ضراب مف صفة الى أخرى أو فعل الى آخر ال يلغي كوف السابق حقيقة ف ذا كانوا في ػػؾ منهػػا فػػن
يدارؾ في اآلخرة واذا كانوا منها عمػػوف ) فػػن يعنػػي أنهػػـ ليسػوا فػػي ػػؾ منهػػا بػػل
يعني أف علمهـ لـ ّ
تدرج في تحديد وتخصيص وت خيص حالتهـ ػ أي ليسوا في ؾ فقط إنما هـ منهػػا عمػػوف أيضػا هناؾ ّ
.
واآلف انقل هذا المعنى للفظ بل ) وطريقته في العمل الى المحاورة أل
111
إذف فهذا الحل هو نقيض التقدير االعتباطي الػػذي ال يفوتػػه معنػػى بػػل ) وفا(ػػدتها فػػي إممػػاؿ المحػػاورة
مف حيث انتهت واالنتقاؿ الى فاعل امثر تخصيصا .فاف لفظ بل ) ال يلغي ما كاف قبله مف وقا(ع .
الثانية أل إف محاورة ديدة اللهجة حصلت بينه وبيػػنهـ قبػػل تمسػػير افصػػناـ كانػػت افصػػناـ موضػػوعها ػ
انظر الصافات ٛ٘ /ػ ٘. ٜ
والتوقع هو أف ينكر إبراهيـ ع) الفعل وينسبه الى غير أو ال ينسبه فلـ يجب با جابات المتوقعػػة وانمػػا
أجاب بػ أل
وقد علمنا أف بل ) ال تنفي ما سبقها مف أفعاؿ وهي تظهر في المحاورات بخػػنؼ ظهورهػػا فػػي المػػنـ
المتصل مف غير محاورة .بمعنى أف بل ) ال تتصػػدر المػػنـ مطلقػا مػػا لػػـ يكػػف هنػػاؾ كػػنـ سػػابق مػػف
ِ
المحاور .والمنـ السابق هو أَأنت فعلت هذا بظلهتنا يا إبراهيـ ؟
والجواب بل فعله كبيرهـ .إذف فلفظ بل ) يبني عمله على ما سبقه وهو ال يلغي أو ينفي االتهاـ إنما
يضيف إليه فاعنا آخر هو كبيرهـ .
فجعلهػػـ جػػذاذا اال إ ارة الى المنه اللفظي الذي يحدد أف عبارة فتػوالهـ ضػربا بػػاليميف فػػاقبلوا ..الػػخ ) هػػي لواقعػػة غيػػر واقعػػة 1
كبي ار لهـ ) والتي صمموا فيها على إحراقه بالنار وهي غيرها مف حيث ترتيبها الزمني ) .
112
إف كانوا ينطقوف
ْ وهذا خطأ فف إبراهيـ ع) ال يعِّلق افمر بسؤاؿ افصناـ على ال ر
وانما يمكف أف يعلق الفعل المرتبط بهـ فقط أي بافصناـ ال بالناس .
أي أف كبيرهـ فعل هذا إف كانوا ينطقوف وجملة فاسألوهـ )جملة معترضة .
إف إبراهيـ ع) يعلـ أنهـ يعلموف أف افصناـ ال ينطقوف .لذلؾ فن يعلق السؤاؿ على هذا ال ر .فف
السا(ل ال بد أف يسأؿ ناطقا ال جامدا يستحيل نطقه .وقد ظهػػر ذلػػؾ فػػي عبػػارتهـ بػراهيـ ع) أل لقػػد
أف هؤالء ال ينطقوف ! فن يعلق السؤاؿ على النطق . عػلمت ْ
َ
فلماذا ربط بػػيف النطػػق والفعػػل ؟ مػػف الواضػػح أنػػه ع) ال يػػأمرهـ ب ػػيء يدركونػػه جيػػدا .أنػػه يثيػػر فػػيهـ
تساؤ اال آخ ار ويوضح عنقة أخرى هي العنقة بيف الفعل والنطق ) .
ن ّ
وكسر أحد افصناـ أو بعضها لما كاف فعله مقصػػودا . وهو ليس كأي فعل فلو دخل حيواف كالعجل مث ا
كبير افصناـ فهو فعل ينطوي على تخطيط مف ٍ
كا(ف ذي عقل . تمسروا اال َ
أما أف يجدوا الجميع ّ
بأية صورة .
طط للفعل هو ناطق ّ
ومعلوـ أف العاقل أو المخ ّ
المخ ّ
طػػط لػػه ال بػػد أف تتقػػدـ عليػػه الفكػػرة المحمولػػة فػػي اللغػػة فػػالنطق جػػزء ال يتجػ أز مػػف ذلػػؾ الف الفعػػل ُ
الفعل العقلي .
واذف فال ر إف كانوا ينطقوف تقدـ عليه في السياؽ جوابه الذي تضمف عدـ إنكار فعله عف طريق
اللفظ بل ونسبة الفعل الى كبيرهـ ر أف يكونوا ناطقيف وهي جملة بل فعله كبيرهـ هذا.
إف هذا ال يعني االّ ي(ا واحدا وهو أنه ع) نسب الفعل لنفسه فقط وأنكر إنكا ار تاما أف يكوف َكبيرُهـ قد
فعله فنه ال ينطق أنه أنهـ .أما لماذا استعمل هذ الطريقػػة ولمػػاذا فعلهػػا عػػف طريػػق إبقػػاء َكبيػػرُهـ
فهناؾ منحظتاف أل
تمػػت المحػػاورة ولمػػا أمكػػف الػػربط بػػيف الفعػػل والنطػػق .فف ا نسػػاف كسػػر الجميػػع لمػػا ّافولػػى أل أنػػه لػػو ّ
ن فلػػف يقػػدر علػػى النطػػق بعػػد ذلػػؾ فػػن بػػد مػػف إبقػػاء نمػػوذج واحػػد مػػف افصػػناـ
فاعل ف ذا قتل نفسػػه مػػث ا
كسػػروا
لتحقيػػق هػػذ المحاججػػة إذ قػػد يقػػاؿ أنهػػـ فعل ػوا ذلػػؾ بأنفسػػهـ ولػػـ يقػػدروا علػػى النطػػق بعػػد إف ّ
أنفسهـ ثبات قدرتهـ على الفعل .
ػه وبػػيف كبيػػرهـ هػػي نمػػوذج مصػ ّغر بطػػاؿ ال ػػرؾ . الثانية أل إف هػػذ النسػػبة والم ػػاركة فػػي الفعػػل بينػ ُ
فمما ال يجوز نسبة هذا الفعل لهـ بل حتى لمبيرهـ والػػذي هػػو بحاجػػة ماسػػة لننفػراد بالعبػػادة والػػتخّلص
مف مجموعة ركاء فمذلؾ ال تجوز مف باب أولى نسبة الفاعلية لهـ بأية صورة .بمعنى أنه إذا بطلػػت
فاعليتهـ في تجربة عملية مع إنساف هو إبراهيـ ع) فمف المحاؿ أف تثبت لهـ فاعلية كونيػػة مػػع ا لػػه
ُ
ومعنػػى هػػذا أف إبػراهيـ الواحد.
113
الفعل لنفسه وجاء بجميع افلفاز للتأميد على فعله هػػو تمػػاـ المحاججػػة َ ع ) في هذ المحاورة اثبت
وهو كما ترى نقيض الحل االعتباطي الذي يجعل إبراهيـ منك ار لفعل التمسير ملقيا بالتبعػ ِػة علػػى كبيػػرهـ ػ
فف ذلؾ يستلزـ انعكاس النتا( كلها ومف بينها إثبات الفاعلية لألصناـ !
إذا فال ػػر إف ك ػػانوا ينطق ػػوف
ػ جوابػػه عبػػارة بػػل فعلػػه كبيػػرهـ هػػذا المتقدمػػة وليسػػت عبػػارة فاسػػألوهـ ) المتقدمػػة علػػى ال ػػر
فيسقط فعل كبيرهـ لعدـ تحقق ال ر .
114
أمثلة متنوعة لنعتباطية
لمف االعتبا يزعـ أف السؤاؿ عف الفعل .وحينما رح ذلؾ جاء بفعل المينونة ح ار ،فانتبه جيػػدا الػػى
اسلوب ال رح قالوا أل
وهذا التغيير والتواء العبارة وادخػػاؿ أف يكػػوف ) هػػو لجعػػل السػؤاؿ عػػف الفعػػل عػػف طريػػق فعػػل المينونػػة
وهو دليل أميد على التخبط .
والحل القصدي يقوؿ وعلى غرار ذلؾ عبارة واضحة إذا أراد هي أل
وقاؿ االعتبا هنا أل فأنت اؾ في الباني إذ إ ارتؾ نحو تغنيؾ عف ا خبار .
وهػػذا صػػحيح اآلف ػ فلمػػاذا خالفهػػا االعتبػػا فػػي نفػػس الموضػػوع فػػي أزيػػد قػػا(ـ ؟ ) ػ حيػػث ّادعػػى أف
السػؤاؿ عػػف القيػػاـ ؟ بينمػػا الهمػػزة دخلػػت علػػى الفاعػػل فالسػؤاؿ عػػف زيػػد والقيػػاـ معلػػوـ كمػػا فػػي المثػػاؿ
التغير هو لعنقته باآلية ػ آية إبراهيـ ع ) .
السابق وقد أوضحنا أف هذا ّ
فلمػػا انتهػػى بحػػث اآليػػة سػػها االعتبػػا فجػػاء بمثػػاؿ علػػى الضػػمير أنػػت ) وكأنػػه يحكػػي لػػؾ التخػػبط
والتناقض ػ الف المثاؿ أأنت بنيت ) ..بيه جدا بصيغة اآلية أل
ج .جػعػلت االعتباطية لهػمزة االستفهاـ استعماليف أحدهما حقيقي ولهذا افخير ثمانية معاني هي أل
التسػػوية ،ا نكػػار ا بطػػالي ،ا نكػػار التػػوبيخي ،التقريػػر ،الػػتهكـ ،افمػػر ،التعجػػب ،االسػػتبطاء ،
وبعضهـ ذكر أنواع ا أخرى ال صحة لها ) حسب تعبير ابف ه اـٔ .
موحدة أف هذ المعاني ليست للهمزة ومثلهػػا مثػػل أي حػػرؼ جعلػوا معػػاني مػػا وقد ذكرنا في كتاب اللغة ال ّ
بعػػد فػػي االسػػتعماالت المتنوعػػة معػػاني تخػػص هػػذا الحػػرؼ أو ذاؾ .فػػالحرؼ مهمػػا كػػاف ػ ال معنػػى لػػه
115
سوى معنا الذي فيه حركته .ومثاؿ ذلػػؾ أل إف نػػوع افمػػر هػػو مثػػل أل أأسػػلمتـ ) ؟ .فػػي حػػيف أف هػػذا
استفهاـ أيضا لقوله بعد ذلؾ فاف أسلموا فقد اهتدوا .
. بينما مثاؿ التقريػػر قولػػه تعػػالى أل ومثاؿ التعجب أل هو قوله تعالى ألـ تر الى ربؾ كيف َّ
مد الظل
كل يء قدير . ألـ تعلـ أف ى على ّ
فالمفهوـ عندهـ مػػف التعجػػب ارجػػع الػػى الجملػػة والمفهػػوـ مػػف التقريػػر كػػذلؾ وال عنقػػة لػػه بػػالهمزة التػػي
تدخل الصيغ والتراميب المتنوعة التي تفيد معاني ال حصر لها.
ػى ّ
موحػ ٍػد لمػػل حػػرؼ وتفصػػيل ذلػػؾ تجػػد فػػي المتػػاب ففي القصدية تجتمػػع كػ ّػل المعػػاني المػػذكورة فػػي معنػ
ا
المذكور باب الهمزة ) .
116
المبحث الثامف ع ر
أحػكاـ غيػر
وبغض النظر عف ّأية مؤثرات دينية مسبقة يمكػػف القػػوؿ أف لنعتبػػا أفمػػار الخاصػػة التػػي ال تمػػت الػػى
اللغػػة ونظامهػػا بصػػل ٍة تػػذكر ػ ول ػوال ذلػػؾ لمػػا أعلن ػوا تنكيػػر ه ػذ الجملػػة الطويلػػة المؤلفػػة مػػف مفػػردتيف
معػّػرفتيف كػ ّػل منهػػا بػػأؿ التعريػػف الص ػ ار ) و المسػػتقيـ ) واضػػافة صػػفة المسػػتقيـ الػػى الص ػ ار وهػػو
تعريف آخر اسمه عندهـ النعت ) ػ ولو خلتا مف أؿ التعريف لمانتا معرفتيف ببعضهما ص ار مسػػتقيـ
أخػػرى ) كصػػفة وموصػػوؼ ،ثػػـ عػػاد فعػّػرؼ الص ػ ار نفسػػه ب عادتػػه واضػػافته الػػى معرفػػة
ص ار الذيف أنعمت عليهـ ػ وتاء المخاطبة ت ير الى أعظـ معروؼ في الذهف وهو ى .
وكل هذ الضمانات لتعريف الص ار لـ تمنع االعتباطية مف اعتبار نكػػرة مخالفػػة بػػذلؾ قواعػػدها اللغويػػة
التي وضعتهأ.
والسبب الذي دعاها الى ذلؾ ظاهري ا هو حكـ غير ) التي تأتى بعد ذلػػؾ فػػي عبػػارة غيػػر المغضػػوب
) ػ حيػػث ّادعػػت االعتباطيػػة أف غيػػر ) أ ػػد افلفػػاز إبهام ػا .وهػػي ل ػػدة إبهامهػػا ال تتعػػرؼ حتػػى
با ضػػافة ) ،وأف غيػػر ) المضػػافة لفظػا تسػػتعمل علػػى جهتػػيف إحػػداهما أف تمػػوف صػػفة للنكػػرة أو مػػا
اب ه النكرة وأف ما قبلها في سورة الحمد هو نكرة أو قريب مف النكرة .ويمكننا أف نناقش الحكػػـ نفسػػه
وهو إبهاـ غير ) فهذا ا بهاـ هو تصور اعتباطي ال غير .
وفي عبارتي افخيرة حينما قلت ال غير ) فهمت أيها القػػارئ أننػػي قصػػدت أنػػه ال ػػيء غيػػر االعتبػػا
وليس مف يء غير االعتبا سوى القصدية واذف ف ف غير ) أ ػػارت الػػى اآلخػػر مػػف خػػنؿ المػػذكور
وعرفت المتروؾ مف خنؿ المخبر عنه فميف قالوا أنها ديدة ا بهاـ في ما ت ير إليه ؟
اقروا أف غير ) إذا وقعت بيف ضديف ضعف إبهامها ) ػ وحينما قاؿ ابف السػّػراج ) أنهػػا حين(ػػذ وقد ّ
ردو بقولػػه تعػػالى أل نعمػػل صػػالحا غيػػر الػػذي كنػػا نعمػػل ) مػػف غيػػر أف يقومػوا ب ػػرح ا بهػػاـ
تتعػػرؼ ّ
المزعوـ .
117
فنحظ بنفسؾ أليس العمل الصالح معروف ا ومعلوما للسامع ؟ وانظر أل أليس الذي هو غير مف العمل ال
يكوف إال عمنا طالح ا ؟ ،إذ ليس ثمة تصنيف لألعماؿ في مثل هذا العموـ االّ هذا التصنيف فمػػل عمػػل
أما أف يكوف صالحا أو طالحا وهو ما نعبر عنه اختصا ار بقولنا أل صالح ا أو غير ذلؾ ) .
ف ف غير ) هنػػا ت ػػير الػػى اآلخػػر ) المتػػروؾ ذكػػر مػػف العمػػل وقػػد تػػـ تعريفػػه مػػف خػػنؿ ذكػػر افوؿ ػ
فأيف ا بهاـ في لفظ
وأود أف أذكرؾ أف القراءات السبع ) و القػراءات ال ػػاذة ) وهػػو االسػػـ الػػذي أطلػػق علػػى غيػػر السػػبع
آف و ٍ
احد أل ف ذا لـ يعجبها تخري اآليات والنصوص على قراءة معينػػة قالػػت أل تستخدمها االعتباطية في ٍ
هذ القراءة خارج السبع المتواترة!.
..وما يؤيد ذلؾ ورود قراءة على هذا النحو ) ...ػ والقراءة المذكورة هنا بالطبع خارج السبع !.
واذا رجعنا للقػراءات السػػبع وتضػػارب افقػواؿ فيهػػا والخلػػط بينهػػا وبػػيف افحػػرؼ السػػبعة ) فػػن ن ػػؾ أف
هػػذ الػػػ السػػبع ) كانػػت اسػػتغنالا ب ػػعأ لنعتباطيػػة لمرويػػات العنقػػة لهػػا بػػالقراءات الموضػػوعة
كل ما في افمػػر أف السػػبع) تمكنػػت مػػف اسػػتيعاب أم ػػػبر قػػػدر مػػف االعتبػػا وعنػػد
لتمريس االعتبا ّ .
حدوث ذوذ يستعاف بال اذة وعند حدوث مجابهات يستعاف بالسبع ! .
Formatted: Centered, None
للغل وهي على قوله تعالى ومف يغلل يأت بما غل يوـ القيامة
كانت استغن اال أل العبارة مقصودة وليست خاط(ة أي طلبا ّ 1
118
المبحث التاسع ع ر
نماذج مف الحلوؿ االعتباطية
للم كنت القرآنية
الحظنػػا أوالا فػػي كتػػاب "النظػػاـ القرآنػػي" تنػػاقض االعتباطيػػة فػػي فهػػـ التنػػاقض ) بػػيف اآليػػات القرآنيػػة
والحظنػػا ثانيػا فهمهػػا آليػػة الزيػػغ المحػ ّذرة مػػف أهػػل الفتنػػة الػػذيف يجتهػػدوف فػػي افتعػػاؿ التنػػاقض القرآنػػي
والحظنا ثالثا نماذج مف الحلوؿ االعتباطية هناؾ ونماذج متفرقة فػػي هػػذا المتػػاب .وتأتيػػؾ نمػػاذج كثيػػرة
إف ػػاء ى فػػي هػػذ السلسػػلة مػػف المؤلفػػات والتػػي غايتهػػا القضػػاء علػػى االعتباطيػػة وتأسػػيس المػػنه
القصدي .وسأذكر هنا نماذج أخرى متفرقة مف حلوؿ االعتباطية للم كنت القرآنية أل
النموذج االوؿ
ال يجػػوز تعػػارض آي القػرآف واآلثػػار ومػػا يوحيػػه العقػػل فلػػذلؾ لػػـ يجعػػل قولػػه تعػػالى أل ى خػػالق كػ ّػل
ػػيء ) معارضػا لقولػػه وتخلقػػوف إفمػا ) وقولػػه واذ يخلػػق مػػف الطػػيف ) ػ لقيػػاـ الػػدليل العقلػػي أنػػه ال
ػؤوؿ تخلقػػوف ) علػػى تمػػذبوف ) و تخلػػق ) علػػى
خالق له غير ى فتعػّػيف تأويػػل مػػا عارضػػه ،فيػ ّ
تصور ) ٔ)..انتهى .
ّ
ِ
تمتف بجعل يصنع ،يعمل ،يفعل ،يذ أر ،يبدع ،يكػ ّػوف ويوجػػد وغيرهػػا فنحظ تعسف االعتباطية إذ لـ
ويصور وجعلتهما معاني أخػػرى لمفردة يخلق ) حتى ابتدعت مفردتيف أخرييف هما يكذب ّ مرادفات
لمفردة يخلق ػ فاالعتباطية تجد الحل دوما مف خنؿ المرادفػػات التػػي تضػػعها كيػػف ػػاءت لتػػتخلص بهػػا
مف الم امل اللغوية حيثما واجهتها تلؾ الم امل .وكأف ى تعالى اء لها أف تبقى سادرة في ضنلها
حتى في أوضح الواضحات .
لقد رأيت في قوله تعالى فتبارؾ ى احسف الخالقيف ػ رأيت كثرة الخالقيف فن تنافي بيف نسبة الخلػػق
الى المخلوؽ لتعػػدد الخػػالقيف فػػي الػػنص القرآنػػي ػ ال تنػػافي وال تعػػارض بينػػه وبػػيف وحػػدة خػػالق اف ػػياء
119
كل يء ػ هو الذي يجّنب المتلقي
كلها فافمريف يقرهما النص القرآني نفسه وقوله تعالى ى خالق ّ
مف الوقوع في أي وهـ مف هذا النوع فأبت االعتباطية االّ التوهـ ! .
كل الخالقيف م موليف بال ي(ية فهـ أ ياء وما خلقو أ ياء فقوله ى خػػالق كػ ّػل ػػيء ػ يعنػػي
فف ّ
كل يء . أنه خالق لهؤالء الخالقيف ممف هـ سوا إذ هو أحسف الخالقيف وخالق ّ
فأيف التعارض لتقوؿ ا عتباطية أف تخلقوف ) هنا بمعنى تمذبوف ؟ وكيػػف تصػػح الجملػػة عنػػد افبػػداؿ
بهذا اللفظ ؟ فهل يصح القػػوؿ أنػػتـ تمػػذبوف إفمػا ) ؟ .فا فػػؾ نفسػػه ػ أ
ػيء وهمػػي الوجػػود لػػه مرمػػوز
ب يء له وجود يخلقه اف ّفاؾ .
ولػػـ تنحػػظ ا عتباطيػػة فػػي الػػنص اآلخػػر واذ تخلػػق مػػف الطػػيف كهي(ػػة الطيػػر بػ ذني ػ لػػـ تنحػػظ أف
المخاطػػب مخلػػوؽ وهػػو المسػػيح ع ) والطػػيف الػػذي اسػػتعمله كمػػادة للخلػػق مخلػػوؽ أيضػ ا مػػع التحػػو
بعبارة ب ذني ) المكررة مرتيف أل فيكوف طي ار ب ذني .
الحػػظ أف الحػػل القصػػدي يعتمػػد علػػى ا حكػػاـ فػ ي النظػػاـ القرآنػػي ) وثبػػات الدال لػػة اللفظيػػة بينمػػا الحػػل
االعتباطي يعتمد على إثارة التناقضات مف خنؿ اعتباطية الداللة ػ فهػػذ هػػي قيمػػة النظريػػة االعتباطيػػة
بدءا بالجرجاني وانتهػػاءا بعلػػـ اللغػػة المعاصػػر مػػرو ار ب ػػيخ االعتبػػا دي سوسػػر .وانػػي إذ أسػػوؽ هػػذ
كل موضوع لغوي وكل لفػػظ وكػػل نػػص أدبػػي أو دينػػي أو روا(ػػي قػػد النماذج ف نما ِّ
أذكر القارئ بحقيقة أف ّ
نػػاؿ قسػػطه افوفػػر مػػف التعسػػف علػػى أيػػدي االعتبػػاطييف فهػػذ الفصػػوؿ نمػػاذج جز(يػػة ليػػدرؾ القػػارئ مػػا
حصل للمل مف أ باهها وهي جميع النصوص بن استثناء ػ فعلـ اللغة الحقيقػػي سػػوؼ ينبثػػق مػػف الحػػل
الق ّصدي وحد .
َ
لقد كاف على االعتباطية بد اال مف ذلؾ إثػػارة سػؤاؿ وجيػػه حػػوؿ الػػنص ف نػػه قػػاؿ إنمػػا تعبػػدوف مػػف دوف
ى أوثانا وتخلقوف إفما ػ فف افوثاف عند االعتبا مػرادؼ لألصػػناـ فهػػـ يخلقونهػػا فنهػػا مػػف الحجػػارة
ويعبدوف ا فؾ الذي ابتدعو فيتوجب على قواعد االعتبا أف يقوؿ عبارة معكوسة في الترتيػػب واففعػػاؿ
مثل إنما تخلقوف أوثان ا وتعبدوف إفما ) فهو أولى مف الترتيػػب افوؿ وفػػق قواعػػدهـ وأبلػػغ فػػي التقريػػع
إذ يجعل ما يخلقوف معبودا لهـ .
لػػـ تفعػػل ذلػػؾ فنهػػا لػػف تقػػدر علػػى ا جابػػة .والحػػل القصػػدي ب نكػػار المرادفػػات هػػو وحػػد القػػادر علػػى
تفسير هذا الترتيب .فافوثاف غير افصناـ ،افوثاف خوص يتبعهـ المخاطبوف فػػن يجػػوز أف يقػػوؿ
تخلقوف أوثانا ) النهـ خلق مف خلق ى لمنهـ طغاة وجبابرة .وا فؾ أل هو الػػوهـ الػػذي يتجسػػد بصػػورة
مف الصور أل كنـ ،عمل ،عر ،تمثاؿ ،صػػورة .... ،الػػخ ويقػػوـ اف ّفػاؾ بخلػػق الصػػورة التػػي تجسػػد
المصورة والمنحوتة والمرموزات المبتدعة عندهـ ل له ػ
ّ هذا الوهـ ػ وهو هنا ي ير الى جميع المعبودات
فهذا ا فؾ مخلوؽ لهـ وسببه وعلته هو عبادتهـ للطغاة افوثاف ) لذلؾ قدـ العبػػادة علػػى خلػػق ا فػػؾ
فقاؿ إنما تعبدوف مف دوف ى أوثانا وتخلقوف أفما ػ تنفيذا ِ
فمر مف تعبدوف .
120
النموذج الثاني
كاؿ أف المراد باالستفهاـ هنػػا النفػػي والمعنػػى ال أحػػد اظلػػـ فيكػػوف خبػ ار واذا كػػاف خبػ ار وأخػػذت ووجه ا
اآليات على ظاهرها أدى الى التناقضٔ.
ثـ قاؿ أل وأُجيب على ذلؾ بأوج ٍه فأحصى منها ثنثة هي أل
كل موضع بمعنى أي ال أحد مف المفتريف أظلـ ممػػف افتػػرى علػػى ى .وال أحػػد
الوجه افوؿ أل تخصيص ّ
مف المانعيف أظلـ ممف منع المساجد وكذا باقيها ف ذا تخصص بالصنت زاؿ التناقض ! .
أقوؿ أل إف االعتباطية ال تستحي مطلقا مف أية إجابة مهما كانت ال منطقية فمأف المفتريف للمذب أنػواع
وأظلـ هؤالء هـ مف افترى على ى ،وكأف الحػػق أجػزاء وصػػور ػتى ! .لقػػد فػػات االعتبػػا أف ى هػػو
الحق ) وأف االفتراء ) ػ عمل واحد فػػي تجػػاوز الحػػق فلػػيس ثمػػة افتػراء فيػػه ظلػػـ الحق ومف أسماء
أقل مػػف افتػراء آخػػر ! .مثلمػػا ال يوجػػد سػػارؽ سػػيء وآخػػر أسػوأ منػػه فسػػارؽ الػػدينار وسػػارؽ المليػػوف
حكمه واحد في ال ريعة .
هؤالء هـ الفقهاء الذيف جعلوا القرآف عضيف ) ػ قطعا متنافراة ومتناقض اة مع بعضها ػ هؤالء هػػـ الػػذيف
مزقوا العقا(د واففمار والقيـ .وال تعزب عنؾ وأنت بهذا الذكاء غايات االعتباطية مف وراء ذلؾ كلػػه ومػػا
ّ
توضحه الوجو افخرى .
النسبية في االفتراء ) وهو أمر ّ يجنيه المفتروف مف هذ
أقػػوؿ أل أخرجػػت االعتباطيػػة نفسػػها مػػف الظلػػـ أو االظلميػػة بهػػذا الوجػػه فنهػػا إذ تفتػػري المػػذب علػػى ى
بجعػػل م ػراد فػػي ػػيء خػػنؼ مػػا يعنيػػه الػػنص فهػػي تعػػال م ػػكلتها خػػنؿ ػػرح الػػنص .فػػأوؿ مػػانع
للمسػػاجد أظلػػـ وأوؿ مفتػػري أظلػػـ ..ولمػػا كػػاف التػػدرج فػػي الظلػػـ أصػػبح زمانيػا وحسػػب افسػػبقية فػػاف
المّلة اآلخرة ) ػ وهي آخر الملل زمانا لـ تتصف إال بأقل افجزاء مف الظلـ ومف يػػدري لعلػػه ينتهػػي ولعػػل
121
االفتراء لـ يعد يتصف بهػػذ الصػػفة أصػنا إذا اعتبرنػػا قابيػػل ) أوؿ ظػػالـ علػػى افرض ! فمػػا زاؿ الظلػػـ
يقل عف المفتريف كلما تقادمت افزماف !! .
ػ فاالعتبػػا يجهػػل أو يتجاهػػل النظػػاـ القرآنػػي فف تفاصػػيل المػوارد لمػػف االعتباطيػػة تحلػػـ بهػػذ النتػػا(
الثنثة موجودة في سور غير تلؾ الموارد والنتا( فيها بخنؼ ما تحلـ به االعتباطية فهػػذ مػػثنا نتػػا(
االفتراء ) في سياؽ متصل مف سورة افعراؼأل
ِ حتى إذا ّأداركوا فيها جميعا قالت أُخراهـ فوالهـ َّ
ربنا هؤالء أضػ ُ
ػلونا فػػظتهـ عػػذابا ضػػعفا مػػف النػػار قػػاؿ
لمل ضعف ولمف ال تعلموف افعراؼ ٖٛ ٍ
وقالت أوالهػػـ فخراهـ فما كاف لمـ علينا مف فضل فذوقوا العذاب بما كنتـ تمسبوف / افعراؼ ػٖٜ
مفصل علػػى
الثالثة أل إف التفاصيل موجودة في اآليات نفسها فهي ال تحتاج إليهـ لتوضيحها فنه كتاب ّ
علـ ػ لمنهـ أرادوا تمرير أفمارهـ مف خنله .
الرابعة أل إف السابق في االفتراء والنحق واتباعهـ م تركوف في العذاب وهـ بنفس الدرجة مف الظلـ .
ومػػف هنػػا يظهػػر الحػػل القصػػدي تلقا(يػا فالصػػفات الثن ثػػة أو اففعػػاؿ الثن ثػػة ػ االفتػراء ،منػػع المسػػاجد
وا عػراض عػػف اآليػػات ػ هػػي مػػف أفعػػاؿ نفػػس ال ػػخوص ،فالمتصػػف باالظلميػػة هػػو نفسػػه فػػي اآليػػات
الثن ثػػة فف مػػف يفتػػري يعػػرض عػػف التفصػػيل الػػذاتي للمتػػاب ) ويحػػاوؿ أف يػػأتي بتفصػػيل مػػف عنػػد
وبالتالي فهو يمنع مساجد ى أف يذكر فيها اسمه ويسعى في خرابها ػ فهي خراب مف ا يماف الحقيقػػي
وليست خرابا مف البناء ! وفي ذلؾ نص نبوي عف حوادث الزماف التي تجري بعد في أمته قاؿ ص )
أل
122
..فمساجدهـ يوم(ذ عامرة مف البنياف خراب مػػف ا يمػػاف .ٔ) ..فػػاالفتراء وا عػراض ومنػػع المسػػاجد
وتخريبها ػ بالفكر المخالف للعقيدة ا لهية ػ هي عملية واحدة متعددة الجوانب يقوـ بها تيػػار واحػػد وهػػذا
التيار هو نفسه الذي يقدـ لؾ الديف بطريقته الخاصة ويفسر لؾ القرآف ..ومف هنا فالقصدية تؤمف أف
افمة قد وقعت في محن ٍة عظيم ٍة أعظـ ما فيها أنها ال تدري أنها واقعة فيها ! .
فقػػد مهػػدت االعتباطيػػة لألف ػراد جميع ػا دين ػا ) متعػػدد الوجػػو وين (ػػـ جميػػع افذواؽ والمطالػػب ّ
ويمكػػف
الجميػػع مػػف تحقيػػق أهػػدافهـ الذاتيػػة وتحقيػػق ان ػواتهـ ) ػ إذ المعلػػوـ أف م ػػكلة ا يمػػاف والمفػػر هػػي
كل امرئ منهـ أف يؤتى صحفا من رة / المدثر ٕ٘
ػ إذ يود أل ّ
ٕ
م كلة أالنا ) في ا نساف
واذف فاآليات الثنثة تتحدث عف خصية واحدة تقوـ بافعماؿ سوية .
الوجه الثالث أل قاؿ أل وقاؿ بعض المتأخريف هذا استفهاـ مقصود به التهويل والتفضيع مف غيػػر قصػػد
إثبات االظلمية للمذكور حقيقة وال نفيها عف غير ! ) .
أقوؿ أل وأي يء هو االفتراء سوى ما يقوله االعتبا في هذا الوجه ؟ وهػػل هنػػاؾ مػػف حاجػػة الػػى دليػػل
مفسر االفتراء هو المفتري ؟
ليبرهف أف ّ
ػردوا علػػى
ها هـ نقلوا المعنى بطريقتيف تخدماف االعتباطية فيما سبق ػ وها هـ قد بلغوا مػػف الجػرأة أف يػ ّ
قا(ل النص كنمه يقولوف له أل أنت تمػػذب ..أنػػت تهػػوؿ افمػػر ..أنػػت ّ
تفضػػع الوصػػف ..أنػػت ال تثبػػت
افظلمية للمذكور حقيقة وال تنفيها عف غير ..كنمؾ إذف ليس حقيقيا … أنػػه ال يطػػابق المعنػػى الػػذي
فيه !! .
لو قاؿ هذا القوؿ أعلى الناس مقامػػا فدنػػاهـ لعػ ّػدوا ذلػػؾ إهانػػة وتجػػاو از عليػػه واتهامػا لػػه بالمػػذب .لمػػف
علماء االعتباطية تجاوزوا الجرأة التي امتلمها إبليس على الرب ..فنه قاؿ أل فغوينهـ أجمعيف ثػػـ
تذكر أف هذا تجاوز منه على مقاـ الربوبية فاستثنى قا(نا أل االّ عبادؾ منهـ المخلصيف ػ أما جنػػود
فمف الطبيعي أف يكونوا أمثر جرأة فيقولوا للرب وجه ا لوجػػه أل أنػػت كػػاذب ! أنػػت تبػػالغ … ) تعػػالى ى
عف ذلؾ علوا كبي ار وال حوؿ وال قوة االّ باهلل العلي العظيـ .
فهذا الذي أسوقه مف أمثلة في هذا المتاب إف هو االّ نماذج يسيرة جدا مف ظلمات البحر االعتبػػاطي ..
فػػن تغرّنػػؾ عبػػارات التبجيػػل وا مػراـ للقػرآف التػػي امتنفػػت أمثػػاؿ تلػػؾ ال ػػروح والتفاسػػير فف الغايػػة منهػػا
التغطية على مؤامرة التحريف ال امل لجوهر الفكر مف خنؿ النفاذ الى أصوله ػ فما فا(دة ا يمػػاف الػػذي
يخاطػػب الػػرب بالربوبيػػة ويكذبػػه ويعانػػد ويعصػػيه فػػي التفاصػػيل وتنفيػػذ افوامػػر ؟ .ف ػ بليس يخاطبػػه
123
بالربوبية أيضا وهو ال ي ؾ مطلقا في كونه ربه وخالقه إنما جعل مػػف نفسػػه ذاتػ ا مقابػػل ذات ا لػػه ف نػػه
يفسر فعل ا له كما ي اء هو .ومف هنا كاف كفر …أل
أنا خير منه خلقتني مف نار وخلقته مف طيف / افعراؼ ٕٔ -
وزعموا أف هناؾ وجها رابعا نتيجته أف هؤالء متساووف فػػي افظلميػػة وال يػػدؿ علػػى أف أحػػدهـ أظلػػـ مػػف
اآلخر .ولمنه في الحقيقة نفس الوجه االوؿ .
فانظر الى وجو التفسير ف نؾ ال تجد بينها االحتماؿ الوحيد المتبقي وهو أف يكوف الموصوؼ بافظلمية
هو نفس الموصوؼ وله أفعاؿ متعددة ػ فن يفعل أحد اففعاؿ الثنثة إال ويفعػػل الفعلػػيف اآلخػػريف للتػرابط
النفسي والغا(ي في اففعاؿ عند الفاعػػل فػػالمعرض المػػانع المفتػػري ) صػػفات ثن ثػػة ال تتفػػرؽ إنمػػا هػػي
مجتمعة دوم ا حتى لو لـ يظهر لؾ إال أحدهما .لـ يذكر االعتبا هذا االحتماؿ فنه يترتب عليه معرفػػة
قضػػايا نفسػػية وعقا(ديػػة بػػل ونبػػوءات وقػػوانيف اجتماعيػػة وسػػنف إلهيػػة كونيػػة ػ وهػػي أ ػػياء تلحػػق
باالعتباطية ضر ار فادحا .
واآلف فلنفتح بصورة ع وا(ية مف أي موضع لنجد نموذجا ثالثا لنعتبا أل
النموذج الثالث
وينقسـ باعتبار آخر الى مؤكد وهو ما حذفت فيه افداة نحو وهي تمػػر مػػر السػػحاب ، وأزواجػػه
أمهػػاتهـ و وجنػػة عرضػػها السػػماوات وافرض . ومرسػػل وهػػو مػػا لػػـ تحػػذؼ فيػػه افداة كاآليػػات
تجو از ) ػ انتهى
السابقة ،والمحذوؼ افداة ابلغ فنه نزؿ فيه الثاني منزلة االوؿ ّ
خيػػل ) و يحسػػب ) كقولػػهأقوؿ أل يريد بافداة أداة الت بيه نحو الماؼ ) و مثل ) و كأف ) و ُي ّ
تعالى أل يحسبه الضمظف ماء ، وقوله يخيػػل إليػػه مػػف سػػحرهـ أنهػػا تسػػعى ، أو كرمػػاد ا ػػتدت
بػػه الػػريح .. وأمثػػاؿ ذلػؾ .فقولػػه والمحػػذوؼ افداة أبلػػغ يسػػتلزـ منػػه قطعػا اخػػتنؼ القػرآف فػػي درجػػة
البنغة مف آية الى أخرى ومف ت بيه الى آخر ونتيجته أف هذا المنـ ليس مف كنـ ا لػػه لقولػػه تعػػالى
أل ولو كاف مف عند غير ى لوجدوا فيه اختنفا كثيرا / النساء – ٕٛ
124
فالتمايز في البنغة بي ف الت بيهات هو مف االختنؼ المثير فانظر الى تخبط االعتباطية إذ ال يكاد يمػػر
سطر حتى تناقض أقوالها علما أف هذ الفقػػرة وردت تحػػت عنػواف مػػف وجػػو إعجػػاز القػرآف ت ػػبيهاته
واستعاراته ) في كتاب مخصص عجاز القرآفٔ.
وانظر مرة أخرى الى ما فعله االعتبا في هػػذا التقسػػيـ ! إذ دخػػل فػػي الت ػػبيه مػػا خػػن مػػف افداة فقولػػه
تعالى أل وجنة عرضها السماوات وافرض وضعها االعتبا فػػي الت ػػبيهات التػػي حػػذفت فيهػػا افداة ػ
بينما هي حقيقة ال ت بيه فالسماوات وافرض معروضة المتنمهػػا فنهػػا الوضػػع الفعلػػي للجنػػة والػػذي ال
يدرؾ لحيف نزوؿ افمر ا لهػػي وهػػذ مسػػألة كبيػػرة جػػدا وهػػي الغايػػة مػػف خلػػق الملمػػوت ػ تحولػػت بفضػػل
االعتبا الػػى ت ػػبيه اسػػتعاري ػ وقػػد أ ػػرنا إليهػػا فػػي كتػػاب النظػػاـ القرآنػػي بصػػورة ملخصػػة إمػػا تفاصػػيل
ن فػػي كتػػاب
الموضوع ودخوؿ هذ اآلية في نظاـ اآليات التػػي تتحػػدث عػػف االسػػتخنؼ فسػػتجد مفصػ ا
طور االستخنؼ ) وفيه تفصيل الفوارؽ بيف الجنتيف .
النموذج الرابع
آيات القسـ
أقسـ بهذا البلد ػ قالوا أل نفي القسـ ولمنه أقسـ بالبلد في موضع
ُ أ كل على االعتبا قوله تعالى ال
وهذا البلد افميف . آخر فقاؿ أل
وأجاب االعتبا على ذلؾ متفػػاخ ار بقولػػه أل سػػأؿ رجػػل بعػػض العلمػاء عػػف ذلػػؾ فقػػاؿ أل أيمػػا احػػب إليػػؾ
أجيبؾ ثـ اقطعؾ أو أقطعؾ ثـ أجيبؾ ؟ فقاؿ الرجل اقطعني ثـ اجبني !
فقاؿ أل إعلـ أف هذا القرآف نزؿ على رسوؿ ى ص ) بحضرة رجاؿ كانوا أحرص الخلق على أف يجدوا
فيه مغم از ..الػػى قولػػه ..ولمػػف القػػوـ علمػوا وجهلػػت فلػػـ ينكػػروا مػػا أنكػػرت ثػػـ قػػاؿ لػػه أل أف العػػرب قػػد
تدخل ال ) في أثناء كنمها وتلغي معناها وأن د فيه أبياتإ !
افولى أل إف هذا التعارض مفتعػػل مػػرتيف أي علػػى قواعػػد االعتبػػا أل ال أقسػػـ ) هػػو بمعنػػى أقسػػـ ) ػ
ن فػػي كتػاب "اللغػػة الموحػػدة" حيػػث أظهرنػػا الجػرأة فيػػه علػػى
وقد مػػر عليػػؾ هػػذا النمػػوذج وتجػػد لػػه تفصػػي ا
125
الخػػالق تعػػالى .فػػأيف التعػػارض المزعػػوـ فنهػػـ لػػـ يػػذكروا لمعنػػى ال أُقسػػـ ) سػػوى هػػذا المعنػػى أي
فُقسـ ) .وقالوا أيضا أف ال ) تفيد توكيد القسـ !! .
الثانيػػة أل إف قطػػع السػػا(ل كػػاف عمػنا إرهابيػا ال غيػػر ػ فف االعتبػػا إذا زعػػـ أف افسػػلوب القرآنػػي هػػو
افسلوب العربي فن إعجاز فيه ! فف ألفاظه عربيػػة ونظامػػه الصػػوتي عربػػي فػػن يبقػػى إالّ طريقػػة تػػأليف
افلفاز في الجمل ف ذا كاف هذا التأليف هو اآلخر عربيا وجاري ا علػػى أسػػاليب العػػرب فلػػـ ال يقػػدر الخلػػق
علػػى ا تيػػاف بمثلػػه ؟ .أ ػػكلنا علػػيهـ ذلػػؾ وأثبتنػػا أيضػا أنهػػـ بهػػذ الػػدعوى كػػانوا مصػػدر الت ػػكيؾ فػػي
إعجاز لذلؾ ابتدعوا طرقا ملتوي اة ثبات ا عجاز مػػف حيػػث قػػاموا بنفيػػه كالصػػرفة أو باسػػتعماؿ أسػػاليب
ا رهاب كقوله هنا علموا وجهلت ولـ ينكروا ما أنكرت ) .
الثالثة أل إف المجيػػب يكػػذب والػػذي يكذبػػه القػرآف ػ فػالقرآف لعّلػػو لػػـ ينكػػر أنهػػـ أنكػػروا منػػه ذلػػؾ بػػل ذكػػر
ن أيضا كقوله تعالى أل بل أضغاث أحنـ بل افت ار بل هو اعر / افنبياء ػ ٘
وذكر مفص ا
وقوله أل ويقولوف أإننا لتاركوا آلهتنا ل اعر مجنوف / الصافات ػ ٖٙ
وال اعر عندهـ يجوز له ما ال يجوز لغير فيخالف أساليبهـ المعتادة .
وذلؾ الف فيه س ار نظاما ) يثبت أنه كنـ ى فافعجاز ال يثبته ػػيء خػػارج المعجػػز نفسػػه ،ال يثبتػػه
عدـ إنكارهـ حتى لو صح تاريخيا وال يثبته استخدامه أساليبهـ العربية بل ذلؾ هو المبطل لألعجػػاز مػػف
الناحية المنطقية .
فقولػػه أل ولػػـ ينكػػروا مػػا أنكػػرت إنمػػا هػػو تمػػذيب للواقػػع الػػذي ينقلػػه القػرآف ػ عػػنوة علػػى التػػاريخ ذكرنػػا
نماذج مف عيبهـ على القرآف اللحف ) لجهلهـ بنظامه اللغوي في كتاب النظػػاـ القرآنػػي ػ البػػاب الثالػػث
).
الرابعة أل إف ا جابة تضمنت الخلػػط االعتبػػاطي بػػيف عبػػارة ال أقسػػـ بهػػذا البلػػد ) و عبػػارة وهػػذا البلػػد
افميف ) .إما نحػػف فنفػػرؽ بػػيف العبػػارتيف فػػافولى فػػي الحػػل القصػػدي نفػػي القسػػـ ) والثانيػػة إثبػػات
نفرؽ بيف القسـ الذي يعني البراءة مػػف الموجػػودات واالعتمػػاد علػػى المقسػػـ بػػه الحلف ) وفي هذا الحل ّ
في مجابهة الفناء وبػػيف الحلػػف الػػذي يعنػػي التحػػالف مػػع المحلػػوؼ بػػه .فػػافوؿ ال يجػػوز بحػػق الخػػالق
الموجد لن ياء وال يجوز للمخلوؽ القسـ اال بالخالق بينمػػا الثػػاني يجػػوز فػػي حػػق الخػػالق والمخلػػوؽ إذ
يجػػوز لهمػػا التحػػالف مػػع أي موجػػود ػ وهػػو تفريػػق نفػػيس ومبحػػث ظريػف لػػـ يػػذكر أحػػد قبػػل اليػػوـ تجػػد
تفصيله في كتاب اللغة الموحدة في بابي النـ والواو .وقد برهنا فيه أف القسػػـ بػراءة ) و اعتمػػاد )
براءة مف الموجودات ) لذلؾ لـ يجز القسـ بغيػػر ى ولػػذلؾ ال يجػػوز فػػي حقػػه تعػػالى على المقسـ به
126
أف يقسـ فقػػاؿ ال اقسػػـ ) فػػي جميػػع المػوارد القرآنيػػة فهػػو نفػػي حقيقػػي ال كمػػا زعػػـ االعتبػػا أنػػه يفيػػد
توكيد القسـ !!
وعلى ذلؾ تنحظ أف االعتباطية تخبط خبط الع واء في الليلة الظلمػػاء ال يصػػدها عػػف ركػػـ المتناقضػػات
بعضها فوؽ بعض صاد .
إما قوؿ المجيب أل العرب تدخل في كنمها ال وتنفي معناها ) ! فهو هراء واذا صػػح فهػػو اعتبػػا فػػي
االستعماؿ مخػػالف فصػػوؿ اللغػػة ورموزهػػا ال فػػي الحػػل القصػػدي وحػػد بػػل مخػػالف لهػػا مػػف حيػػث هػػي
حسػ ا
نظاـ اعتباطي ) في االعتباطيػػة نفسػػها ..لمػػف ذلػػؾ لػػـ يصػػح ولػػف يصػػح مطلقػػا فالجماعػػات امثػػر ّ
ووعيا لنظاـ اللغة مػػف علمػػاء اللغػػة فهػػن ذكػػر لنػػا االعتبػػا تلمػػـ اف ػػعار التػػي ان ػػدها المجيػػب للسػػا(ل
ولماذا سكت عنها واالعتباطية مولعة بذكر اف عار ولع قيس بليلى؟
لقد سكت عنها فنها أمذوبة ..مثلما سكت عف اسـ المجيب الذي هو بعض العلماء ) ! مثلما سكت
عف اسـ السا(ل الذي هو رجل ) ! .
النموذج الخامس
مف م كنت الفواصل في القرآف أل وضع االعتبا تساؤالا حوؿ قوله تعالى أل
أجاب االعتبا أل أنها وردت كذلؾ في مصحف أُبي وبها ق أر ابف نبوذ !
ّ
وأضػػافوا أل وفػػي وصػػف الحكػػيـ احت ػراس واف تغفػػر لهػػـ مػػع اسػػتحقاقهـ العػػذاب فػػن يعتػػرض عليػػؾ أحػػد
والحكمة فيما فعلته .انتهىٔ.
أقوؿ أل والحل القصدي ي هد أف الفاصلة هي العزيز الحكيـ ) ولف تموف الغفور الرحيـ مطلقػا ! وذلػؾ
أف هذ اآلية كانت مف جملة آيػػات اختبػػر فيهػػا المػػنه اللفظػػي طرا(قػػه فػػي ك ػػف النظػػاـ القرآنػػي بأخػػذ
أوؿ اآليػػات ومحاولػػة وضػػع الفاصػػلة المن(مػػة وفػػق النظػػاـ ػ وقػػد عػػرض المؤلػػف افنظمػػة علػػى بعػػض
افصدقاء وطلب منهـ وضع الفواصل المتفقة مع النظػػاـ القرآنػػي فنجحػوا أيضػا فػػي وضػػع هػػذ الفاصػػلة
127
خنف ػا للمتبػػادر وتػ ّػـ بػػذلؾ التأمػػد مػػف صػػحة ق ػوانيف المػػنه .وهػػو أمػػر ال أحسػػبكـ ال تػػدركوف أهميتػػه
وخطورته .
العزيز ) ػ وأهمل هذا اللفظ تمام ا . وثانيا أل لـ يذكر الحل سببا لمجيء
وثالث ػا أل أوحػػى للمتلقػػي أف الفاصػػلة يمكػػف أف تمػػوف الغفػػور الػػرحيـ ) وأمػػد علػػى ورودهػػا هكػػذا فػػي
مصحف أُبي معتمدا على رواية لـ يذكر مصدرها وقراءة فبػػف ػػنبوذ ! واذف فأصػػل المسػػألة سػػاقط عػػف
االعتبار عندهـ .
فا جابة بمجموعها خليط اعتباطي ال يمت الى علـ اللغػػة بأيػػة صػػلة فضػنا عػػف نظامػػه المحكػػـ ػ فلمػػاذا
وضعوا السؤاؿ أصنا ؟ .
ال يمكف رح النظاـ المتعلق بهذا المركب ولمننا ن ػػير الػػى أف مركػػب العزيػػز الحكػػيـ ) مركػػب مسػػتقل
مرتبط بموضوع معيف هو االستخنؼ ) في افرض ،فحيثما وجدت أفعاؿ أو وقا(ع أو دعوات مرتبطػػة
با مهػػاؿ والحلػػـ علػػى العبػػاد للوصػػوؿ الػػى هػػذا الطػػور يػػأتي مركػػب العزيػػز الحكػػيـ ) ػ الرتباطػػه بػػالعزة
ا لهية التي ال تضر معها ذنػػوب العبػػاد وظهػػور عػػزة الػػديف وأهلػػه فػػي هػػذا الطػػور ،والمػػرتبط مػػف جهػػة
أخرى بالحكمة التي خلق العالـ بها حيث تتجلى أهداؼ الخلق في هذا الطور وهو بالطبع مختلف تمامػا
عف المركبات المت ابهة أل القوي العزيز ) ،العزيػػز الغفػػور ) ،التػواب الحكػػيـ ) ،العزيػػز العلػػيـ
أف تن ػػاوب هػػػذيف اللفظػػػيف ) ،العزيز الغفار ) ،الحكيـ الخبير ) ،حكيـ عليـ ) ...الخ .
مع غيرهما مف افلفاز تقديم ا وتػػأخي ار ي ػػكل مركبػػات) مختلفػػة لمػػل منهػػا اسػػتعمالها الخػػاص ونظامهػػا
نعػػـ تػػأتي إف ػػاء ى أمثػػاؿ تلػػؾ الخاص ضمف النظاـ القرآني ال امل .
التفاصيل إذا تفرغنا لدراسة النظاـ القرآني بصورة مستقلة بعد االنتهاء مف تدمير االعتباطية علػػى كافػػة
مستوياتها .
128
المبحث الع روف
ذكرنا أنه يتوجػػب احتػراـ الػػنص بمػػا هػػو نػػص خػػنؿ تفسػػير ،واالعتباطيػػة ال تجهػػل هػػذ الحقيقػػة بػػدليل
اهتمامها بالنصوص وألفاظها ػ ولمنهػػا مػػف جهػػة أخػػرى تقػػوـ بتغييػػر الػػنص خػػنؿ التفسػػير .وفػػي البػػدء
كانت العملية مقصودة والذيف قاموا بهػػا يػػدركوف آثارهػػا وبعػػد أف اصػػبح لنعتبػػا مبػػادئ ثابتػػة و ارسػػخة
كاف المتأخروف يتابعوف أسنفهـ وربما بصورة غير مقصودة أحيان ا .لمف ذلؾ ال يعنػػي أنهػػـ معػػذوروف
ػ فالتقليد والمتابعة العمياء إنما هي العدو اللدود لألطروحة الدينية في جميع العصور .
وفيما يلي نماذج سريعة للتفسػير االعتباطي فيما يخص النص القرآني أل
قالوا أل معنا لو كاف أهل افرض من(كة لماف الرسوؿ إليهـ ملما ..الخٔ.
الحظ التغيير بيف ال رح والنص فالنص يقوؿ لو كاف في افرض ) من(كة وال رح يقوؿ لػػو كػػاف أهػػل
افرض النػػاس ) من(كػػة ...فػػالقرآف ال يفتػػرض مثػػل هػػذ الفػػروض االعتباطيػػة ػ فف النػػاس لػػو كػػانوا
من(كة لما كانوا ناس ا ػ فالمخلوؽ في نظاـ ال يمكف أف يكوف مخلوقا في نظاـ آخر فالسػنف ال تتغير وال
تغيرها منطقيا ..
يتـ افتراض ّ
ولف تجد لسنة ى تبدين ولف تجد لسنة ى تحوين / . فاطرٖٗ
ِ
بي أذف َ
فمسكتـ خ ي َة افنفاؽ ا سراءػ ٓٓٔ قل َلو انتـ تمَلموف خز َ
ا(ف رحمة َر َّ
أي لػػو ملمػػتـ الخػزا(ف ف مسػػكتـ عػػف العطػػاء خ ػػية الفقػػر ػ فػػالمراد بافنفػػاؽ عاقبػػة افنفػػاؽ وهػػو الفقػػر
ومفعوؿ أمسكتـ محذوؼٕ .
يغير النص ويقلبه رأسا على عقب .فف النص يقوؿ إنهـ يمسكوف خ ية افنفػػاؽ واالعتبا في هذا ّ
) ػ ال خ ية عاقبة افنفاؽ .فالنص منسجـ مع النظاـ القرآني تمام ا ػ فف خػزا(ف الػّػرب ال نفػػاذ لهػػا فػػن
يخ ى مالمها على هذا الفرض َفق ار وانما هو يكر افنفاؽ نفسه وال تقوى عليػػه نفسػػه ل ػػدة ّ
حبػػه لذاتػػه
التميز عف الخلق وابقاءهـ تحت سطوته .ورغبته في ّ
129
وكذلؾ قاؿ وما أنفقتـ مف يء فهو يخلفه / سبأ – ، ٖٜفمع هذا القانوف ال يحصل فقر ولو لػػـ
يمتلؾ الخزا(ف فميف مع امتنمها ؟
الخطاب في اآلية موجه الى مجموعة تحسد الناس ) على ما آتػػاهـ ى مػػف فضػػله وهػػي تعرقػػل نػػزوؿ
البركػػات فػػأظهر الػػنص حقيقػػة م ػػاعرهـ فهػػـ يرفضػػوف ا نفػػاؽ حتػػى لػػو امتلمػوا الخػزا(ف ػ بينمػػا ال ػػرح
أعطاهـ عذ ار م روعا وهو خوفهـ مف الفقر!! .
ولذلؾ يبدو لؾ واضحا أف غياب هذ ال روح كاف أفضل لنمة واللغة والفكر مف وجودها ػ وهػػذا هػػو فػػي
الواقع حاؿ التراث الديني كله ونحف ال نختار أية نماذج بصورة انتقا(ية وانمػػا نفػػتح أي كتػػاب قريػػب منػػا
مف أي موضوع لنسجل لمـ هذ النماذج كأمثلة ف ف الجػػزء ينبػػّ عػػف المػػل والمػػل هػػو مجمػػوع افجػزاء ػ
فننا إذا أردنا إظهار االعتبا في التراث كله فانه يتوجب كتابة عدد كبير جدا مف المؤلفػػات ػ ومثػػل هػػذا
العمل ال ضرورة له بعد التأمد مف أف القسـ افمبر منه هو الخبيث أل
ٖ .خلطػػت االعتباطيػػة فػػي موضػػوع اللغػػات ) الخاصػػة بالقبا(ػػل بػػيف ألفػػاز الق ػرآف ممػػا أفقػػدها وأفقػػد
أي إحساس با حكاـ القرآني العاـ فض ا
ن عف نظامه الصارـ الذي تؤكد القصدية . المتلقيف َّ
في البػػدء حػػدثت ترجمػػة افلفػػاز القرآنيػػة مػػف اللغػػات مثػػل هػػذيل وكنانػػة والػػيمف وحميػػر وغيرهػػا الػػى لغػػة
قريش بحجة أف هذ افلفاز كانت مف لغات تلؾ القبا(ل ولـ تمف قريش تستعملها ! .
وفيما بعد ذلؾ والػػى اليػػوـ أصػػبحت تلػػؾ الترجمػػة ػػروحا ومعػػاني وترسػػخ بػػذلؾ المبػػدأ االعتبػػاطي القػػا(ـ
على العبث باللغة ونظامها مف خنؿ المرادفات .
ومف القوا(ـ المرفقػػة أدنػػا والنمػػاذج التػػي اذكرهػػا اآلف سػػوؼ تػػدرؾ أف هػػذ العمليػػة كانػػت مدروسػػة منػػذ
البدايػػة إذ ال يمكننػػا أف نتصػػور أف لفظػا مثػػل تف ػػلوا ) ػ ال تسػػتعمله سػػوى حميػػر وأف قري ػا تسػػتعمل
بد اال عنه تجبنوا ) ! إذ يمكننا أف نسػػأؿ عػػف مرادفػػات نفػػس افلفػػاز فػػي القبا(ػػل افخػػرى ال عنػػد قػػريش
وحػػدها ! وعند(ػػذ ال تسػػتطيع االعتباطيػػة أف تجيػػب علػػى ذلػػؾ ب جابػػة واضػػحة ضػػرورة أف الف ػػل ػػيء
والجبف يء آخر .
ِ
المفسػػر أف اللفػػظ معنػػا كػػذا وهػػو فػػي وهذ الترجمة كما تعلـ ال زالت مسػػتعملة فػػي التفسػػير فتػػارة يػػذكر
ّ
لغة كذا قبيلة أو منطقة وتارة يذكر المعنى المرادؼ مف غير إ ارة.
130
عمن في ال قػرآف مثػػل الرجػػز ) فػػي لغػػة هػػذيل بمعنػػى است ِ
يكمف الرد القصدي في أف اللفظ ومقابله قد ُ
العذاب ) ػ لمف الرجػػز والعػػذاب اسػػتعمن فػػي القػرآف فػ ذا افترضػػنا تسػػاوي المعنيػػيف فقػػدنا النظػػاـ القرآنػػي
وا حكاـ واذا افترضنا اختنفهما فذلؾ هو الحل القصدي .
لمننػػا أبطلنػػا المرادفػػات فػػي كتػػاب اللغػػة الموحػػدة ) واذف فهػػذ النمػػاذج هػػي لغػػرض التأمػػد مػػف تخػػبط
االعتباطية .
نعـ ربما سألوا بعض العارفيف عف ألفاز معينػػة فأجػػابوهـ أنهػػا مسػػتعملة فػػي حميػػر أو الػػيمف أو هػوازف
معنى لها يجعل الموضػػوع خارجػا
ا كثي ار ّ
وقربوا لهـ معانيها لمف كثرة هذ افلفاز واستعماؿ القرآف لما هو
عف هذا التعليل الى تعمد االعتبا السير به قدما لتدمير اللغة والحيلولة دوف ك ف النظاـ القرآني .
أُمة أل نسياف
بغيا أل حسدا
طا(ر أل عمله
أغطش أل أظلـ
ينفضوا أل يذهبوا
ّ
القصدية أل كنهما مستعمل في القرآف .
قاؽ أل ضنؿ
131
خي ار أل ماالا
تعدلوا أل تميلوا
لفيفا أل جميعا
محسو ار أل منقطعا
رذمة أل عصابة
الخنؿ أل السحاب
َيغنوا أل يتمتعوا
أراذلنا أل سفلتنا
سور أل الحا(ط
ينسلوف أل يخرجوف
القصدية أل نحف ال نصدؽ أف لفظ خير ) لـ يستعمل في قريش وأنهـ استعملوا بدال عنه لفػػظ مػػاؿ )
..نعـ .نحف نك ّذب االعتبػػا فف قػػريش بحاجػػة الػػى لفػػظ للخيػػر غيػػر المػػاؿ ػػأنها ػػأف جميػػع افمػػـ ػ
فثمة فرؽ بػػيف اللفظػػيف وكػػذلؾ افمػػر فػػي جميػػع قا(مػػة جػػرهـ ) والتػػي اسػػتعمل القػرآف منهػػا العمػػوديف
بجميع ألفاظهما باستثناء عصابة وحا(ط ) !! .
طفقا أل عمدا
ب(يس أل ديد
ِنحلة أل فريضة
حرج أل ضيق
132
ِّ
مضيعوف لخاسروف أل
تفِّندوف أل تستهزءوف
صياصيهـ أل حصونهـ
يلتمـ أل ينقصكـ
رجيـ أل ملعوف
تحبروف أل تنعموف
فجاجا أل طرقات
تبت(س أل تحزف
كل مف أل
في لغات ّ
عذرة أل
إخس(وا أل إخزوا
حضرموت أل
ربيوف أل رجاؿ
ّ
دمرنا أل أهلمنا
ّ
لغوب أل إعياء
منسأته أل عصا
العقود أل العهود
الجناح أل اليد
َ
الرهب أل الفزع
133
ِح َمير أل
مسنوف أل منتف
إماـ أل كتاب !
مظرب أل حاجات
جبار أل مسّلط
ّ
معكوفا أل محبوسا
مرض أل زنا !
ينغضوف أل ّ
يحركوف
خرجا أل ُج ْعنا
ْ
غراما أل بنء
أنكر أل اقبح
ِ
القطر أل النحاس
يتركـ أل ينقصكـ
مدل أل
رفث أل جماع
الوصيد أل الفناء
حقبا أل ده ار
الخرطوـ أل افنف
134
سعد الع يرة أل
حفدة أل أختاف
كل أل عياؿ
ّ
كنانة أل
السفهاء أل الجهاؿ
مو(ن أل ملجأ
مبلسوف أل آيسوف
أسفا ار أل كتبا
الخراصوف أل الم ّذابوف
ّ
ملوكا أل أحرار
معجزيف أل سابقيف
خاس(يف أل صاغريف
طر أل تلقاء
يعزب أل يغيب
هذيل أل
فرقانا أل مخرجا
صلدا أل نقيا
آناء أل ساعات
الرجز أل العذاب
ّ
روا أل باعوا
عزموا أل حققوا
مد ار ار أل متتابعا
135
ِعيلة أل فاقة
ببدنؾ أل بدرعؾ
رجما أل ظنا
دلوؾ أل زواؿ
فور أل وجه
وليجة أل بطانة
انفروا أل إغزوا
السا(حوف أل الصا(موف
إف تعقيب الحل القصدي على هذ القا(مة وغيرها مما تركنا وهو كثير جدا هو نفس التعقيب .فػػالقرآف
اسػػتعمل افلفػػاز المػػذكورة ومػػا قبلهػػا مػػف المعػػاني ،وهػػذا يسػػتلزـ أف تمػػوف مختلفػػة ويبػػدو أف االعتبػػا
يحاوؿ ذلؾ رغـ ظهور الصيغ المقابلة في القرآف ظهو ار واضحا للغايات التي ذكرناها لنعتبا مثل أل
تضـ قا(مة االعتبا خمسيف لغة للعرب وردت بها مفردات قرآنيػػة ترجمػػت الػػى لغػػة قػػريش ونحػػو خمػػس
لغات أعجمية وردت بها مفردات أخرى كثيرة .
ٗٗ ولو جعلنا قرآنا أعجميا لقالوا لوال فصلت آياته / فصلت
فهػػذ اآليػػة مرتبطػػة بظيػػات التفصػػيل) ارتباطػا وثيقػا ػ الف التفصػػيل ظهػ أ
ػور للحقػػا(ق المتطابقػػة المؤيػػدة
بعضها لبعض والما فة عف حقا(ق خفية .فهذا نظاـ .ومعلوـ أف النظاـ فػػي نسػػق المػػنـ ال يمكػػف أف
يتـ باستعماؿ أمثر مف لساف فف النظاـ اللغوي جزء ال يتج أز مف النظاـ الصوتي .
136
واذف ف ذا أمكف قبوؿ بدعة االعتباطية القا(لة أف القرآف اسػػتعمل مفػػردات مػػف خمسػػيف لغػػة عربيػػة مػػف
لغػػات القبا(ػػل ػ علػػى اعتبػػار أف مرجعهػػا الػػى لسػػاف واحػػد بنظػػاـ صػػوتي واحػػد وفػػق الحػػل القصػػدي ػ فػػن
يمكف قبوؿ البدعة افخرى وهي استعماؿ مفردات مف لساف آخر ػ اال بتخري معقػػد علػػى الحػػل القصػػدي
تذعف فيه االعتباطية لهذا الحػػل وهػػي راغمػػة .وخنصػػة هػػذا التخػػري أف المسػػتعمل هػػو مػػف التعاقبػػات
نعػػـ هػػذا الصوتية التي يقع انتظامها في تلمـ المفردات خصوصا وفق النظاـ الصوتي للساف العربي.
يثبت أمومة اللساف العرب ي لأللسف كافة ولمننػػا ال نحتػػاج ثبػػات ذلػػؾ لمثػػل هػػذا التخػػري لثبوتػػه بنفسػػه
في معاني افصوات ومطابقتها في م(ات التعاقبات لنظاـ اللساف العربي الذي أظهػػر البحػػث فػػي كتػػاب
اللغة الموحدة ) ػ والػػذي وقعػػت فيػػه النسػػبة افمثػػر اسػػتعماالا علػػى المعػػاني الحركيػػة افصػػلية لألصػوات ػ
المتميز جدا الػػذي حػػافظ علػػى روح العنقػػة بػػيف افصػوات وبػػيف حػػرؼ اف لػػفّ عنوة على النظاـ المتابي
ومظاهر افربعة .
تنبيػػ ػػػه أل إف مػػا ذكرنػػا فػػي
هذا المتاب وفي كتبنا افخرى حوؿ االعتباطية ال يعني أف االعتباطية فػػي تراثهػػا الواسػػع قػػد خلػػت تمامػا
ن قصدي و ٍ
احد في كػ ّػل ما(ػػة ػػاهد مػػث ا ٍّ حل
ولمف ظهور ٍّ حل قصدي .مف أي ٍّ
أو ظهور إ ارة قصدية واحدة في كػ ّػل فصػػل مػػف فصػػوؿ االعتبػػا ال يعنػػي ػػي(ا بالنسػػبة لنػػا .ذلػػؾ فف
الػػذي يرمػػي الحصػػى فػػي بركػػة مػػاء اعتباط ػا آالؼ الم ػرات ال بػػد أف يقػػع بعضػػها اتفاق ػ ا ) أيض ػا علػػى
الهدؼ المغمور في ركف ما مف افركاف تحػػت المػػاء ػ فلػػيس مػػف العػػدؿ وا نصػػاؼ مسػػاواته بمػػف يحػ ّػدد
وجميػػع تلػػؾ ا ػػارات والحلػػوؿ إنمػػا كانػػت مسػػروقة مػػف الهدؼ وال يرمي االّ فيه .
ػ تحػػت ػػرو قاسػػية القصػػدية أصػنا وقػػد أُخػػذت تحػػت ظػػروؼ خاصػػة جػػدا وح ػػرت فػػي ركػػاـ االعتبػػا
أهمها أنها ال تم ف ػػي(ا عمػػا يحػػيط بهػػا مػػف االعتبػػا ،وافهػػـ مػػف ذلػػؾ أنهػػا ال تػػرتبط بحقيقػػة بالغػػة
تجر الى معرفة حقا(ق أخرى . الخطورة يمكف أف ّ
137
مثاؿ على الفوارؽ بيف
المترادفيف
نأخذ مثاالا واحدا مف مترادفات االعتباطية لننحظ مف خنله مدى التخريب الذي حػ ّػل بالدال لػػة وبالمعرفػػة
المتحصلة مف النص في آف واحد أل
حيث تزعـ االعتباطية أف مسنوف في لغة حمير هو منتف في لغة قريش ! بينما ننحظ بالفحص الدقيق
يسف فهو مسنوف ّ أف مسنوف ال عنقة له باللفظ منتف ) مطلقا .الف المسنوف اسـ مفعوؿ مف َّ
سف
ػ ومعنى الفعل أل وضع ال يء في رعة ومنهاج ػ يقاؿ سف فنن ا سنة ّرع رعا ونه منهاجا ػ أنظػػر
المعاجـ .
ِ ِ
والفعل القريب مػػف منػػتف ) هػػو َسػػنه أل ّ
تغيػػر طعمػػه ولونػػه أو تغيػػر حالػػه ،يقػػاؿ َسػػنه الطعػػاـ إذا ّ
تغيػػر
وتعفف .واستعمل افخير في القرآف في قوله تعالى أل
بينما استعمل مسنوف مكر ار لوصف المادة افولية التي خلق منها ا نساف أل
واذف فمادة الخلق افولى كانت مسنونة ) ػ موضوعة في رعة ومنهاج وليست متعفنة أو منتنة.
ن لنعتبػػا فػػي لفظػػي صلصػػاؿ ) و حمػػأ ) ممػػا يسػػتلزـ لقػػد وجػػدت القصػػدية أف هنػػاؾ تغيي ػ ار ممػػاث ا
االعتقػػاد لحػػد اليقػػيف أف هنػػاؾ قصػػدية فػػي هػػذا العمػػل ) غايتهػػا إخفػػاء المعلومػػات عػػف قصػػة الخلػػق
وتحويل وجهتها ،لتأميد صاحب الرسالة ص ) على أهمية الموضوع في مواقف عديدة .
سف ) في بػػاب
ّ لقد ثبت في جميع التفاسير أف المسنوف هو المنتف في وقت ذكرت فيه المعاجـ اللفظ
مختلف ومعنى مختلف عف اللفظ َسِنه ) القريب مف المنتف .
ولـ نفهـ مغزى ما فعله االعتبا وأهميته االّ بعد إف امت فنا العنقات اللفظية المحكمة بيف هذ القصػػة
الحق ب ذف ى تعالى .
ٍ كتاب
وجميع أركاف الديف في النظاـ القرآني والتي ربما تأتيؾ مفصلة في ٍ
138
المبحث الحادي والع روف
تطػور الداللػػة
ّ
التغيػػر ا يجػػابي أو الترقػػي ،واسػػتعملت المفػػردة قػػد تعنػػي مفػػردة تطػ ّػور ) فػػي ذهػػف السػػامع نوعػا مػػف ّ
لوصف التغير في اللغػػة الػػذي يػػؤدي الػػى تحولهػػا بنسػػبة معينػػة أو تحولهػػا التػػاـ الػػى لغػػة مغػػايرة لألصػػل
التطور ) في كتابػػات علمػػاء اللغػػة المعاصػػريف فػػي الغػػرب على سبيل الفرض ػ وهكذا استعملت مفردة
وأوؿ يء ننحظه هنػػا هػػو التنػػاقض أو التضػػاد بػػيف هػػذيف الهػػدفيف ػ إذ مػػف المعلػػوـ أف مػػا يمكننػػا أف
نعد
غير جا(ز ) ػ هو بداية االستعماؿ الذي يقوـ بنقل الداللة ،أي أنه بداية التطور ف ذا آمف المػػرء
ّ
يجوز وما ال يجوز ،واف آمف بضرورة تحديد االستعماؿ فعليه
بالتطور فعليه أف يتوقف عف الحكـ فيما ُ
أف يتوّقف عف ا يماف بالتطور بهذا المعنى في افقل .
وهذ الم كلة الداللية ال زالت غير مكت فة عند علماء االعتبا الغربييف وتابعهـ علػػى هػػذا الخلػػط بػػيف
افمػػريف علمػػاء اللغػػة فػػي العػػا لـ وفػػي العػػالـ العربػػي .فجمعػوا بػػيف هػػذيف الهػػدفيف المتضػػاديف فػػي وقػػت
موضع و ٍ
احد . ٍ واحد ذاهليف عف تعارضهما حتى أثبت برجستر اسر ) افمريف في
وبصدد هذ الم كلة التي يثيرها الحل القصدي تبرز إ كاالت عديدة أخرى ال يمكف لنعتباطية تفسيرها
ناهيؾ عف حّلػها وال تجد لها تفسي ار وح ا
ن مرضيا االّ في الم روع القصدي للغة .
علـ للغة فضػنا عػػف المبرر المافي لتأسيس ٍ ما ذكرنا في كتاب اللغة الموحدة وهو أف االعتبا ال يملؾ ّ
بالتغير التطػػور) الػػذاتي للغػػة كمػػا وضػػعه دي سوسػير وسػػار اقبة االستعماؿ ما داـ يؤمف مبرر آخر لمر ِ
ٍ
ّ
الجميع مف بعد على تلػػؾ الفكػػرة وهػػي [ أف الدال لػػة جزافيػػة َبيػػػد أف تغيرهػػا لػػيس جزافيػا ] كمػػا فػػي هػػذا
النص أل
وهذا التطور ال يحدث اتفاقا وال يتـ بطريقػػة ع ػوا(ية فمػػف وجهػػة نظػػر علػػـ اللغػػة الحػػديث أف التطػػور
كل لغة ما تزاؿ بها حتى تخرج بها مف حاؿ الى حاؿ )ٔ.
ينجـ عف عوامل كامنة في ّ
139
دي سوسير ) أنه ليس ثمة مف قوة قادرة على تحويل الداللة أو إلغػػاء الدال لػػة وقد ذكر يخ االعتبا
ما لـ يحدث ذلؾ بصورة تلقا(ية مف داخل الجماعة التي تستعمل تلؾ الداللة .
وقد أ كلنا على ذلؾ بالسؤاؿ أل ما فا(دة علـ اللغة إذف ؟ وما معنػػى ثنػػاؤهـ علػػى الػػذيف وضػػعوا فمػػرة مػػا
يجوز وما ال يجوز أو قل وال تقل ؟ وبعبارة أخرى كيف تجتمػػع فمػػرة التطػػور مػػع فمػػرة التصػػحيح إذا كػػاف
التصحيح محاالا في ذاته ؟ إذ ال واجب لعلـ اللغة سوى التصحيح في نهاية المطاؼ .
إف الفا(دة في ذلؾ هو الم عرفة المجردة .معترفة بأف الذيف امتدحوا التصحيح كانوا واهميف وأنهػػـ أقليػػة
في علماء االعتبا مثنا ؟!! .
ولمف هذ ا جابة تتضمف أم ار آخر ي ّتسـ بالنمنطقية فنحف ننكر كمػػا ينكػػر جميػػع العقػػنء وجػػود معرفػػة
في موضوع ال أثر لها بالمرة على ذلػػؾ الموضػػوع ػ وهػػذا ال يحػػدث عػادة االّ إذا كانػػت تلػػؾ المعرفػػة وهمػا
أي أنها في الواقع ليست معرفة .
التغير والتطور يط أر على الداللة الخاصة باللفظ وعلػػـ اللغػػة ينحػػظ التركيػػب ال الدال لػػة وحػػدها وبػػذلؾ
أف ّ
يمكنه تصحيح التراميب بما يتفق والداللة المتطورة .
ولمف هذ ا جاب ة متناقضة في داخلها ومخالفة لمػػا عليػػه االعتباطيػػة مػػف أفمػػار حػػوؿ الدال لػػة وعنقتهػػا
تغير داللة اللفظ والتغيرات المماثلة في التركيب بل العكػػس
بداللة التركيب كله ..فليس هناؾ فصل بيف ّ
تمام ا ..ف عادة التوازف ) ػ الذي وضعه دي سوسر والذي مثل له بالنظاـ ال مسي الػػذي يعيػػد توازنػػه
يغير مف أوضػػاع أفػراد المجموعػػة ػ يمثػػل جػػوهر النظريػػة االعتباطيػػة فػػي تطػػور اللغػػة ػ
كلما حدث حادث ّ
تغير في الداللة ما لػػـ يحػػدث فف اللغة نظاـ وهو ي تمل على المركبات فقط دوف افلفاز فن يحدث أي ّ
فو ار تعديل في التركيب والمركبات .
ػت ظهورهػػا علػػى لسػػاف أحػػد علمػػاء االعتبػػا فهػػي واقعػػة ضػػمف طػػرقهـ الملتويػػة إذف فا جابػػة واف توّقعػ َ
تميػػزت بهػػا االعتباطيػػة فػػي جميػػع إجاباتهػػا قػػديمها وحػػديثها والتػػي تهػػدـ
ل جابة علػػى ا ػػكاالت والتػػي ّ
فيها ما وضعته مف أسس ومبادئ .
معلوـ أف الحل القصدي يؤمف بالتغير ويؤمف بضرورة علـ اللغػػة والمراقبػػة والتصػػحيح ولمنػػه يجمػػع بػػيف
افمػػريف بطريقتػػه الخاصػػة التػػي تنسػػجـ مػػع مباد(ػػه وتقػػوـ بتقويػػة عناصػػر منهجػػه بخػػنؼ مػػا يفعلػػه
كاؿ أوضحه فيما يلي أل االعتبا .وخنصة الحل القصدي لهذا ا
140
التغير ال باعتبار واقعة ال مفر منها وانما باعتبار ظاهرة اجتماعية فعنا . أ .إف الحل القصدي ينحظ ّ
ولمنه ينحظ أيضا أف هذا التغير ليس بالضرورة أف يكػػوف تطػػو ار بػػل قػػد يكػػوف تقهقػ ار للغػػة ،وقػػد يبقػػى
بنسبة مقاربة لألصل .فهػػو ال يختلػػف مطلقػ ا مػػف هػػذ الناحيػػة عػػف ا نسػػاف نفسػػه فالجيػػل النحػػق أمػػا
أمثر وعيا وتطو ار مف الجيل السابق وأما أقل تطو ار أو هو متطور في جهة ومتقهقر في جهة أخرى .
وبصفة عامة فمل الما(نات تتغير أفرادها جميعا مف حقبة الى أخرى ومػػا يصػػدؽ علػػى تلػػؾ الما(نػػات فػػي
التغيػػر يصػػدؽ علػػى اللغػػة ػ واذف فهنػػاؾ تغيػػر فػػي اللغػػة وواجػػب علػػـ اللغػػة هػػو رسػػـ الخػػط البيػػاني لهػػذا
التغيػػر لمنحظػػة اتجػػا التغيػػر ورصػػد ومػػف خن لػػه يػػتـ تأ ػػير مسػػتوى تػػدني أو تنػػامي الػػوعي اللغػػوي
وبالتػػالي المعرفػػي العػػاـ للمجموعػػة اللغويػػة – و بهػػذا يػػربط الحػػل القصػػدي المعرفػػة و التطػػور العػػاـ
بالمعرفة اللغوية وتطورها سلبا وايجابا ويعتبرهما دالتيف متبادلتيف في تأثر إحداهما بافخرى .
فهػػو يػػرفض أف يكػػوف التغيػػر واقع ػا ال مفػػر منػػه ويػػرفض كػػذلؾ أف يكػػوف تلقا(ي ػا بػػالمعنى السػػلبي التػػاـ
ويرفض ثالثا عدـ إمكانية التأثير في االستعماؿ وبذلؾ يعطي لنفسه الحق فػػي تأسػػيس علػػـ اللغػػة خنفػا
لنعتبا ويجعل لهذا العلـ مغزاى وهدفا يسعى إليه .
ب .أما كيف يتمكف الحل القصدي مف ذلؾ ولمػػاذا يمتلػػؾ وحػػد حػػق تأسػػيس علػػـ اللغػػة فػػافمر أوضػػح
أي واضح أل
مف ِّ
ارة اللغوية في الحل القصدي هي أساس ذلؾ الحق ومصدر ) إف قصدية ا
فأنؾ إذا قلت أل أف اللفػػظ ال يمتلػػؾ ّأيػػة دال لػػة مسػػبقة وانمػػا هػػو اتفػػاؽ وتؤكػػد مػػرة أخػػرى أف هػػذا االتفػػاؽ
اعتباطي الصورة وأف ا نكليز اتفقوا جزافا على مثل لفظ ) sisterوالعرب اتفقوا علػػى لفػػظ أخػػت )
وانػػه لػػيس مػػف عنقػػة بػػيف اللفظػػيف وال دال لػػة فيهمػػا علػػى افخػػت الفعليػػة ػ فلػػيس مػػف حقػػؾ بعػػد ذلػػؾ
االعتراض على أي تغير يجري جزافا في هذيف اللفظيف أو عند ظهور لفظيف آخريف يحنف محلهما فف
تلؾ التغيرات واقعة في القاعدة االعتباطية لنستعماؿ التي آمنت بها.
وال تمتلؾ حق التصحيح والمراقبة االّ إذا اعتقدت بوجود عنقة فعلية بػػيف اللفػػظ والفكػػرة بحيػػث أف اللفػػظ
ػت فػػي صػػحة أو خطػػأ االسػػتعماؿ يمتلؾ داللة مسبقة علػػى كػ ّػل اسػػتعماؿ .ففػػي هػػذ الحالػػة تسػػتطيع البػ ّ
الداللي مثلما يمكنؾ مراقبة وتصحيح التراميب المتنوعة التي تتضمف تلؾ الداللة .
ومعنػػى ذلػػؾ أف النحػػو والصػػرؼ والبنغػػة ولػػيس المعػػاني وحػػدها ) فػػي االعتباطيػػة ال تتجػػاوز كونهػػا
وصػػفا للمػػنـ كمػػا هػػو ولػػف يكػػوف بمقػػدورها النفػػاذ الػػى جػػوهر علػػـ اللغػػة لتفسػػيرها فض ػ ا
ن عػػف مراقبتهػػا
وتصحيح استعماالتها .
141
هذا يعنى أف القصدية ترى أف ما فعله السلف مف التصحيح وتحديػػد مػػا يجػػوز ومػػا ال يجػػوز فضػنا عػػف
كونه نقيض االعتباطية فهو قا(ـ على فهـ الداللة فهما اعتباطي ا .
فماف هذا التحديد هو ما يخص حقبة زمنية معينة ومنحظة استعماالتها فمػػف الطبيعػػي بػػل والحتمػػي أف
ال يعتني بتطور اللغة ،بل ال يعتني بالتغيرات العامة ،بل هو فػػي طبيعتػػه وصػػورته نقػ أػد ج ازفػ ٌّ
ػي ال يقػػوـ
على أية قاعدة ثابتة .
إف هذا افمر هو الوحيػػد الػػذي يفسػػر لنػػا االخػػتنؼ النحػػوي والصػػرفي والبنغػػي وظهػػور افوجػػه العديػػدة
عراب الجملة .وذلؾ النعكاس افمر كله خنفا فسس العلـ الحقيقي فالمعنى الػػذهني للمتلقػػي يػػنعكس
على رأيه في تركيب الجملة واعرابها ػ بينما واجب ا عراب تحديد مواضع ومحاؿ افلفػػاز بمػػا يػػؤدي الػػى
تحديد المعنى العاـ للجملة .
كاالت الواردة فػػي الصػػرؼ والنحػػو والبنغػػة وحالػػة التخػػبط المسػػتديمة فيهػػا ويفسػّر لنا كذلؾ جميع ا
كما يفسر لنا سببا مػػف أسػػباب تجػػاوز النصػػوص وعػػدـ احترامهػػا علػػى أيػػدي االعتبػػاطييف حيػػث أسػػقطوا
عليها معانيهـ الذهنية واالصطنحية حذفا وتقدي ار وتقديما وتأخي ار .
ج .إف الحل القصدي يمتلؾ الداللة المسبقة لمل لفظ في ّأية لغة فػػي العػػالـ مػػف خػػنؿ تحديػػد لمعػػاني
فمل تعاقب صوتي هو كا(ف مسػػتقل قػػا(ـ بذاتػػه إذ ال ي ػػبهه أي تسلسػػل آخػػر لألصػػلافصوات وبالتالي ّ
مجسدة ذات صورة حركية . وال يحل محله أي عضو آخر وهو بمجموعه يمثل حركة ّ
وتبرز مف ذلؾ نتا( عديدة أهمها هنا أل
كل استعماؿ أما يكوف جزءا مف تلؾ الحركة العامة أو خارجها .فػ ف كػػاف خارجهػػا فػػالمتملـ افولى أل إف ّ
أحقيػػة التصػػحيح .
اهـ ،إذ هو يريد حركة لفظ آخػػر غيػػر هػػذا اللفػػظ ػ ومػػف هنػػا يمتلػػؾ الحػػل القصػػدي َّ
و أ
واما إذا كاف ضمف تلؾ الحركة فهو استعماؿ حقيقي سواء كاف يحامي الحركػػة ت ػػبيه ا أو تمثػػينا أو فػػي
تسلسػػل افص ػوات أو فػػي نتا(جهػػا فلػػيس فػػي الحػػل القصػػدي أي صػػورة مػػف صػػور المجػػاز الػػذي تػػذكر
االعتباطية .
الثانيػػة أل إف الحركػػات أو العنمػػات ) ػ الفتحػػة والضػػمة والمسػػرة ػ هػػي صػػور وأجػزاء مػػف أحػػرؼ العلػػة
تفعل فعل تلؾ افحرؼ في توجيه الحركة فمل لفظيف ت ػػابها فػػي التعاقػػب واختلفػػا فػػي العنمػػات فالحركػػة
العامة واحدة ولمػػف النتػػا( المتحصػػلة مػػف تلػػؾ الحركػػة وأهػػدافها وغاياتهػػا مختلفػػة بمعنػػى آخػػر أف هػػذ
العنمات تتحكـ في زماف ومكاف ) الحركة العامة .
142
وبناءا على ذلؾ يرفض الحل القصدي رفضا قاطعا وجود مثلث ) مختلف العنمػػات متفػػق المعنػػى مثػػل
الجذوة ) ػ بالفتح والمسر والضـ على الترتيبٔ. الجذوة ِ ،
الجذوة ُ ، َ أل
حيث زعمت االعتباطية فػػي ع ػرات مػػف تلػػؾ افلفػػاز اتفػػاؽ المعنػػى فيهػػا .فالحػػل القصػػدي ال يػػؤمف االّ
بالمثلث المختلف المعاني وهو قادر على تحديد تلؾ المعاني المختلفػػة علػػى مػػا حػ ّػدد مػػف قيمػػة مسػػبقة
لألصوات والعنمات .
افمر بالجزافية بينما الحس اللغوي متمسؾ بما ي عر أنه قيمة ذاتية في التعاقب .و ّ
اما الحقيقة الثانيػػة
فهي أف االعتبا يتوهـ مرتيف ،مرة حينما يتصور المعنى الذهني المتبادر إليه مػػف اسػػتعماؿ واحػػد أنػػه
هو افصل في داللة اللفظ ومرة أخرى حينما ال ّ
يتحرى بصورة ّ
جدية عػػف االسػػتعماالت المتنوعػػة للتعاقػػب
تاريخي ا .
مثاؿ ذلؾ زعمه أف ) hardكانت تستعمل لما هػػو صػػلب مػػف المػػادة كػػالحجر والجػػوز ثػػـ اسػػتعمل لمػػا
هو صلب معنويإ .لمف افصل في الهاء ) فيه هػػو الحػػاء) ومصػػدر افوؿ التعاقػػب العربػػي حػػرد )
تحدد االستعماؿ وفي هذا التعاقػػب
كل يء ػ فحركة التعاقب الداخلية ّ
الذي يعني الخ ونة والصنبة في ّ
تقصي االستعماالت القديمة واالعتماد على اآلثار المادية
ال تحديد بالماديات فقط ويكمف الوهـ في عدـ ّ
يخص الحجر والجوز .
ومخلفات افقواـ التي ورد فيها استعماؿ جز(ي وهو ما ّ
و مثاؿ آخر مف اعتبا العرب أل
المَّلة ) بفتح الميـ في افصل هي الرماد الحار ثـ قػػالوا أل أملنػػا مّلػػة ) ويعنػػوف بػػه نػػوع مػػف
َ قالوا أف
الخبز يوضع على النار ال في التنور .
أقوؿ هذا وهـ عجيب فالناس في قرانا ال زالوا يقولوف أل أملنا خبز مّلة) وال يقولوف أل أملنا ملة ) .
ات ) هو للداللة على أنػػه مطيػػر فتنقػػل دال لػػة أحػػد اللفظػػيف
وهذا مثاؿ آخر أل زعـ أف قولهـ هذا يوـ ٍ
الى اآلخر للعنقة بينهما .وهذ أمذوبة ف ننػػا ال زلنػػا نسػػتعمل هػػذ الجملػػة كلمػػا حػػل ال ػػتاء فػ ذا حػػدث
143
برد مفاجّ وريح بعد دفّ قلنػػا هػػذا يػػوـ ػػات أو هػػذا مػػف أيػػاـ ال ػػتاء وال نريػػد بػػه المطيػػر بػػل نريػػد بػػه
مسػػه سػواء بسػواء .بػػل سػػمعنا أحػػدهـ يقػػوؿ لنػػا أل أنظػػر يوما مف أياـ ال تاء في مطر وبرد وهبو
هذا اليوـ كأنه مػػف أيػػاـ ال ػػتاء وكػػاف صػػحوا داف(ػا قبػػل الموسػػـ فانتبهنػػا لػػذلؾ ونظرنػػا فػ ذا هػػو يريػػد بػػه
هبو ال مس وطوؿ الظل وكاف ال تاء بمطر وبرد قد تأخر فلما تذكرنا أنه أوؿ هر مف ال تاء فعػػن
قلنا له أل لقد صدقت ! وذلؾ فف الصورة صورة تاء .
وهػػذا مثػػاؿ آخػػر أل زعػػـ صػػاحب افضػػداد أف لفػػظ الػػدنيا أصػػله الحيػػاة الػػدنيا وعػ ّػد صػػاحب الت ػرادؼ مػػف
أسباب ظهور الترادؼ وهو حذؼ المضاؼ ف ف صح فهو اختصار ال نقل للداللة وكيف يصح وقػػد أثبتنػػا
في أحد افبحاث أف القرآف استعمل الدنيا والحياة الدنيا بنظاـ صارـ وفػّػرؽ بينهمػػا تفريقػا ّ
بينػا ؟ ووجػػدنا
موضعه أف اء ى .ِ أم ار عظيما في هذا التفريق يأتيؾ في
يتغيػػر فػػي الحػػل القصػػدي فالحركػػة العامػػةالرابعػػة أل ومػػف نتػػا( ذلػػؾ أف فهػػـ افصػػوؿ اللغويػػة سػػوؼ ّ
لألصػوات واحػػدة وعنػػد محاولػػة فهػػـ لفػػظ مثػػل ) makerومػػا يقابلػػه فػػي العربيػػة فلػػيس المقابػػل هػػو
صانع ) بل افقرب في أداء ذلؾ التعاقب بيف الميـ والماؼ والراء وسوؼ تجد فػػي العربيػػة فػػي مكػػر )
أو مامر ) وهو الذي يجد لمل أم ار مخرجا ػ الف المكر ليس صفة ذميمة بل براعة واتقاف وسعة معرفة
استعماله عند العػػرب
ُ سلبا وايجابا سواء بسواء لقوله تعالى أل وى خير المامريف) ػ واف كاف قد تحدد
بأهل المخادعة فهنا يبػػرز دور علػػـ اللغػػة فػػي تصػػحيح وتوضػػيح االسػػتعماؿ تعميمػا أو تقييػػدا أو حسػػب
التعاقب .
فمذلؾ يختلف افمر عند ترجمة المفردات مف نظاـ الى آخر إذ ُيوجب الحل القصدي البحث عف تسلسػػل
افصػػوات ذاتػػه فػػي اللغػػة االخػػرى فػػن يصػػح ترجمػػة نجيػػب) مػػف العربيػػة الػػى ) nobleا نجليزيػػة
والفرنسػػية بػػل يصػػح ترجمػػة نبيػػل ) إليهػػا وذلػػؾ بالمحافظػػة علػػى تعاقػػب افصػوات افساسػػية مػػف غيػػر
أحرؼ علة في افقل أي مجيء الباء بعد النوف ومجيء النـ بعد الباء بهذا الترتيب ذاته .
أننا إذا أخذنا أي تعاقب مثل ر ػ د ) فيمكف إدخاؿ أمثر مف حركة بينهما مثل راد ،رود َ ،ريػػد ِ ،ريػػد
بياء مخففة على زنة يق أر في ا نجليزية ) .
)explorerفي الفرنسػػية ومثػػل لػػه فالمعجـ المسمى مجمع اللغات اثبت لػ راد ) العربية معنى هو
ا
بارتياد القمر .
144
ولمف يتوجب التفتيش عف هذا التعاقب بعينػػه فػػي الفرنسػػية وا نجليزيػػة فػػنحف ننحػػظ فػػي مثػػل أل rade
فػػي الفرنسػػية وقػػد أعطػػا معنػػى porteو haverفػػي الفرنسػػية ولمننػػا ننحػػظ أنػػه أعطػػا معنػػى
في ا نجليزية ميناء أو مرفأ . ) raedsteadوكذلؾ ) harboar
) vaide وقػػد أعطػػا معنػػى أما التعاقب الم ابه فػػي ا نجليزيػػة فهػػو raid
في الفرنسية ومرادؼ هو ) incursionوالمعنى هو إغارة أو غارة .
في ا نجليزية معنى porteفي الفرنسية . ولمنه أعطى للباب door
ػػكاؿ هنػػا فػػي نفػػس سػػطورنا حينمػػا نريػػد توضػػيح افمػػر فػػي اللغػػة العربيػػة فننػػا بػػازاء اعتبػػا ويدخل ا
يجعل تعاقب افصوات مقلوبا ويؤدي بالنهاية الى نفس الداللة وهو ظاهر في تقدـ الداؿ على الراء في
) حيػػث سػػاوى اللفػػظ الػػذي انعكػػس فيػػه التسلسػػل وتقػػدـ door
مف خنؿ مرادؼ لمليهما هو . porte الراء على الداؿ في raide
أف سبب ذلػػؾ هػػو حػػدوث إ ازحػػة ) تدريجيػػة سػػتعماؿ اللفػػظ علػػى المحػػور والػػذي أوضػػحته بأمثلػػة فػػي
كتاب اللغة الموحدة ػ وهو نوع مف التسامح ال ديد في استعماؿ المرادفات والػػذي هػػو نػػوع مػػف االعتبػػا
ارؾ فيه علماء اللغة وطرا(ق الترجمة .
ال نرى في الحػػل القصػػدي أف اللغػػة نظػػاـ ال سػػي طرة عليػػه مطلقػ ا مثػػل مػػا تػ ار االعتباطيػػة فػػي موضػػوع
تغير اللغة ) الذي ابتدعه دي سوسر فنحف نرى العكس مف ذلػػؾ وهػػو أف ّ
التغيػػر فػػي النظػػاـ اللغػػوي هػػو ّ
تغيػػر نػػوعي
نتاج صراع بيف القصدية واالعتبا وبيف العلـ والجهل فالصػراع بػػيف أوؿ طػػرفيف ينػػت عنػػه ّ
تغير كمي فاالعتبا له أثر سػػيء فػػي ّ
التغيػػر النػػوعي بينمػػا ال نجػػد اال وبيف الطرفيف اآلخريف ينت عنه ّ
افثر الحسف نوعا وكما للقصدية .
فاالعتبػػا باعتبػػار أهػػـ م ػػتغل فػػي علػػـ اللغػػة وافدب حػػافظ علػػى اللغػػة مػػف الناحيػػة المميػػة فقػػط بوجػػه
الجهػػل الػػذي ال يحتػػاج االّ الػػى العػػدد افدنػػى مػػف افلفػػاز ولمنػػه أسػػاء الػػى نظػػاـ اللغػػة مػػف جهػػة النػػوع
باسػػتعماله التػرادؼ بطريقػػة تعسػػفية واعتباطيػػة كػػاف مػػف نتا(جهػػا علػػى منهجنػػا جميػػع الخنفػػات الفكريػػة
وضياع الحقا(ق بل وخلق الف(ات المتنافرة ومف ثـ الحروب الفعلية .
فػػنحف ال نفصػػل مطلقػا بػػيف الوجػػو المتعػػددة لنعتبػػا ونعتبػػر منهجػا واحػػدا يعمػػل فػػي كافػػة الن ػػاطات
االجتماعية واالعتبا اللغوي هو أحد أسلحته الفتامة .
إف امت اؼ الحركة العامة لألصوات وقيمتها المسبقة أدى الى تأميد وتوحيد القيمة المسبقة لمػػل تعاقػػب
وبالتالي فقد سقط الترادؼ والمجاز تلقا(يا .واذف فيتوجب اآلف التمييز بيف االستعماؿ القصدي للتعاقػػب
واالسػػتعماؿ االعتبػػاطي .ومػػع ذلػػؾ فأننػػا سػػنناقش موضػػوع التػرادؼ فػػي البحػػث النحػػق لنبػػرهف أف هػػذا
الموضوع ساقط عف االعتبار قبل ك ف أية قيمة مسبقة للتعاقبات .
145
المبحث الثاني والع روف
إبطاؿ الترادؼ
الحظت في بحػػث سػػابق كيػػف أدت المسػػاواة بػػيف لفػػظ مسػػنوف ) و منػػتف ) الػػى ت ػػويه ِقصػػة خلػػق
ا نساف في القرآف بحيث أصبحت ت به افساطير وذلؾ في قا(مة ألفاز ِح ّمير ومرادفاتها مف لغة قريش
كل آية قرآنية وكل مقطع مف آية فليس بأيػػدينا اليػػوـ أي تفسػػير منهجػػي .ومثل هذا التخريب تجد في ّ
للقرآف سوى التفسير االعتباطي .
وال أريد الخوض فػػي مجػػادالتهـ عػػف التػرادؼ وحقيقتػػه فقػػد تمفػػل كتػػاب "اللغػػة الموحػػدة" بنسػػف موضػػوع
الترادؼ مف أصله بك فه عف قيمة افصوات .أريد فقط أف أُبيف وكما جرت العادة في هػػذا المػػنه بػػأف
معذور في إيمانه بالترادؼ ولو كانت القيمة السابقة لألصوات خافية لديه فف أبحاثه عف
ٍ غير
ُ االعتبا
الترادؼ ومسوغاته كانت متناقضة في ذاتها .
ويكفي لفهـ هذ النقطة بصورة عامة أمػأػر واحػأػد وهػػو أف مبػػررات التػرادؼ هػػي عينهػػا مبػػررات اعتباطيػػة
ا ارة اللغوية واذف فسقو هذ عف االعتبار يعني سقو مبررات الترادؼ .
وأما على التفصيل فقد ّادعت االعتباطية أف أدلة المنكريف للترادؼ تقوـ على التوقيف ) الذي يػراد بػػه
وقف اللفظ على معنى محدد وبالتالي فن ألفاز متعددة ت ػػير الػػى ذات المعنػػى وال لفػػظ واحػػد ي ػػير إلػػى
معاني متعددة فف ذلؾ بخنؼ الحكمة مف الوضع فمل لفظ موقوؼ على معنى واحد .
وهذا كما ترى هو نفس فمرتنا القصدية القا(لة بوجود داللة واحدة لمل لفظ سػػوى أننػػا امت ػػفنا أف اللفػػظ
والدال لػػة ػػيء واحػػد لوجػػود القيمػػة المامنػػة فػػي افصػوات وتعاقباتهػػا وهػػو الػػذي جعػػل الفكػػر االعتبػػاطي
يسقط دفعة واحدة بكامله .
أقػػوؿ أل زعػػـ االعتبػػا أف هػػذا الػػدليل ال يقػػوـ علػػى أسػػاس متػػيف بػػدعوى أف أصػػل اللغػػة ال زاؿ موضػػع
خنؼ بيف العلماء ،وثانيا فف الترادؼ ال يرجع الى أصل اللغة وانما المقصود به بعد ما تجاوزت اللغػػة
ذلؾ العهد وتطورت وتوسعت فصار الترادؼ ظاهرة لغوية قا(مة .
146
أما المحققوف مف المحدثيف فيستبعدوف هذ المسألة مػػف دا(ػػرة البحػػث اللغػػوي ويػػروف أف ال جػػدوى مػػف
البحػػث فيهػػا لعػػدـ تػػوّفر افدلػػة للبػػت فيهػػا والتصػػالها بالتػػاريخ البػػدا(ي للب ػػرية .ونحػػف ال ننظػػر الػػى
بالتوسػػع
ّ وتع َّهػػدها االسػػتعماؿ
الت ػرادؼ تبعػػا فصػػل اللغػػة ون ػػأتها وانمػػا بعػػد أف تجػػاوزت طػ ػػػور ن ػػأتها َ
التطور وصارت ظاهػػرة اجتماعية متطورة .ٔ).. و ّ
وي مل ردنا القصدي على هذا الػػنص علػػى تنبيػػه القػػارئ المػػريـ أف هػػذا الػػنص هػػو نػػص اعتبػػاطي فػػي
منطقه وأغراضه .فاالعتباطية وكما أسلفت وكررت م ار ار تخلط اف ياء ببعضػػها وميزتهػػا افساسػػية أنهػػا
بن منطق وال أهداؼ .
فننا نقوؿ أف علـ اللغة هو في افساس للبحث عف الداللة وأصل اللغة وداللتهػػا افصػػلية هػػي موضػػوع
علـ اللغة فميف نستمر في دراسة اللغة ونتجنػػب فػػي عػػيف الوقػػت هػػذ الدال لػػة بحجػػة أف هنػػاؾ نظريػػات
غير مقطوع بها ..فتلؾ النظريات إنما ظهرت كنتيجة للبحث عف الداللة وأقل ما يمكػػف أف يقػػاؿ منطقيػا
هو استمرار المناق ة عف افصل ليجد االعتبا بػػه مسػػوغا السػػتمرار بالحػػديث عػػف اللغػػة ػ أمػػا أف يريػػد
االستحواذ على الموضوع برمته وقطع المناق ة والبت بموضوع الداللة مف حيث ال يدري ما هػػي الدال لػػة
فذلؾ هو استبداد االعتباطية واستمبارها الذي ُعرفت به منذ القدـ.
لقد ّادعى النص أف ابف جّني ) وابف درستويه والعسػػكري وابػػف فػػارس كػػانوا مػػف القػػا(ليف بػػالتوقيف أو
كػػانوا ممػػف لػػـ يقطػػع ب ػػيء فػػي جػواز التػرادؼ وعدمػػه فاالعتبػػا يسػػتعمل سػػكوتهـ للبرهنػػة علػػى جػواز
التػرادؼ ػ بينمػػا سػػكوتهـ ال يعنػػي سػػوى اسػػتمرار الحػػوار ب ػػأف افصػػل وذلػػؾ إذا غضضػػنا الطػػرؼ عػػف
ميلهـ ) الى التوقيف أي الى القصدية في اللغة .
فاالعتبا ال يكتفي بأفراد االعتبػػاطييف علػػى كثػػرتهـ وانمػػا يحػػاوؿ اسػػتعماؿ مقػوالت القصػػدييف لصػػالحه
يدعي أف الذيف يعارضونه على َّ
قلتهـ إنما يؤيدونه مف وجه آخر . مثل أي جبار في افرض ّ
وأما ِّ
االدعاء اآلخر فهو اعتباطي أيض ا نصا وروحػا ف نػػه يػػزعـ أف التػرادؼ المقصػػود هػػو بعػػدما توسػػعت
اللغة وتطورت فمأنه يقوؿ أف اعتباطية ا ارة أصبحت واقعا مفروغا منه ،فحتى لو ثبت رأي المانعيف
مػػف التػرادؼ علػػى أصػػل اللغػػة فعلػػيهـ أف يتنكػػروا لهػػذ الحقيقػػة ويكونػوا اعتبػػاطييف لضػػياع هػػذا افصػػل
وغياب القصدية فيه !
والحجة في ذلؾ هو عدـ توفر افدلة للبت في أصل اللغة التصالها بالتاريخ البدا(ي القديـ ) .
ترى ما الفا(دة مف ذكر هذ الحجػػة والػػنص يػػرفض ا ذعػػاف فصػػل اللغػػة حتػػى لػػو ثبػػت فيهػػا عػػدـ جػواز
الترادؼ ؟
147
كمػػا تنحػػظ فػػأني أقػػوـ بتفكيػػؾ عبػػارات اللغػػو االعتبػػاطي ) ُبػ ِّػيف لػػؾ نموذجػػا مػػف نمػػاذج نصوصػػه
المعاصرة ولترى بعينؾ االعتبا في المنطق العػػاـ ال فػػي ا ػػارة اللغويػػة وحػػدها ػ فف اعتباطيػػة ا ػػارة
يقود الى اعتبا فمري عاـ ال محالة ػ فمل صفحة مف المتػػب المعاصػػرة والقديمػػة لنعتبػػا تتصػػف بهػػذ
الصفة الم تركة .
ومػػف جهػػة أخػػرى أهمػػل االعتبػػا النظػػر فػػي تػػاريخ النظػػاـ المتػػابي وتطػػور المتابػػة وتأثرهػػا فػػي ترسػػيخ
الترادؼ خنفا لألصل .
فاالعتبا يتغاضى عف افبحاث اآلثارية والحقا(ق العلمية فنه ال يجػػد فيهػػا بغيتػػه ػ فهػػو يػػدعي زو ار أف
ذلؾ التاريخ البعيد ال يعطي أية معلومات عف أصل اللغة .
فهذا جورج كونتينو ) ػ اآلثاري الفرنسي ػ فػػي كتابػػه الحيػػاة اليوميػػة لػػبند بابػػل وآ ػػور ) ػ يخصػػص
موضوعا لتطور المتابة مف حالتها المصورة الى المقطعية ويظهر فيها وبصورة جلية افثر ّ
السيّ الذي
تركته المتابة على الداللة ػ بل يظهر منه أف الترادؼ حدث بسبب م كلة العنمات المتابية .قاؿ أل
القى هذا التبديل عونا كبي ار مف التغيير افساسي فػػي المتابػػة وكمػػا قلنػػا فػػاف العنمػػة كانػػت تمثػػل فػػي
افصل ي(ا واحدا ولـ تمف هناؾ طريقة للتعبير عف اففعاؿ والصفات والضما(ر وتصريفات افسماء كما
لـ تمف هناؾ إمكانية نجاز مثل هذ افمػػور دوف وجػػود نػػوع مػػف االتفػػاؽ العػػاـ بػػيف المتبػػة الػػذيف كػػاف
ب مكانهـ إضافة معاني ثانوية الى العنمات .
ن صورة الحصاف كانت تق أر ػ حصاف ػ ف ف الصورة إياهػػا يمكػػف أف تعطػػي معنػػى ػ السػػرعة أو الحركػػة
فمث ا
أو المسافة التي ي ملها السفرٔ.
لـ يكػػف هػػذ ا العػػالـ اآلثػػاري يقصػػد تفسػػير التػرادؼ مطلقػا وانمػػا جػػاء هػػذا الػػنص عرضػا خػػنؿ بحثػػه عػػف
تطور المتابة وم ػػاملها ولمنػػه كمػػا تػػرى مخػػالف العتباطيػػة دي سوسػػر وأتباعػػه .فالعنمػػة كانػػت ت ػػير
الى يء واحد في افصل في نظاـ المتابة كما يقوؿ النص وهػػذا غيػػر ممكػػف أبػػدا االّ إذا كانػػت العنمػػة
ت ير الى ذلؾ ال يء عينه في الواقع ػ ولو كانت هناؾ مترادفات في افصل لظهرت الم كلة منػػذ البػػدء
ارة الى اففعاؿ وبقية التصاريف ومعلوـ أف ذلػػؾ سػػينعكس إنما ظهر الترادؼ فوؿ مرة ليحل م كلة ا
بالتدري على الداللة حينما تحولت المتابة الى صورتها المقطعية ومف ثـ الى المسمارية وبخاصػػة وهػػو
يعتبػػر الم ّتػػاب ) نخبػػة المجتمػػع القػػديـ بحيػػث أف آ ػػور بانيبػػاؿ ) ػ فػػي إحػػدى سػػجنته االفتخاريػػة
يفتخر أنه يتقف المتابة اتقانا تامإ.
148
واحد اة في افصػػل وأنهمػػا مػػف المقبػػوؿ بػػل الواجػػب اعتبارهمػػا م ػػكلة واحػػدة حػػدثت بسػػبب أنظمػػة كتابيػػة
معقدة خنؿ حقب التاريخ أو لجهل وضػػياع الدال لػػة مػػف خػػنؿ تفػػرؽ واجتمػػاع افقػواـ وخػػنؿ الترجمػػة .
وها نحف اليوـ نعثر على نص آخر قريب لمونتينو يؤكد الظاهرتيف حيث قاؿ أل
ونتيجة لذلؾ فاف عنمة أو رمز مفرد يمكف أف يكوف لها أو له في هذ المرحلػػة عػػدة معػػاني .وعلػػى
نقيض هذا نجد أف معنى واحد يمكف أف يكوف له عدد مف العنمات .وهكذا أصبحت المجموعة بأمملها
مف اختصاص الخبراء وتحولػػت الػػى مهػػارة علميػػة راقيػػة و ػػديدة التعقيػػد الػػى درجػػة أف الرجػػل العػػادي ال
يمكف أف يدركها )ٔ.
أقوؿ إف هذا الحاؿ هو حاؿ اللغة اليوـ ػ ولمف أليس مف الغريب أف يكوف هػػذا هػػو حػػاؿ اللغػػة اليػػوـ ػ ال
المتابة ػ مع أف المتابة أصبحت ميسورة للجميع بفضل التحوؿ الى رمػػوز لألصػوات نفسػػها الحػػروؼ )
بد اال مف افلفاز ؟
فبمػػاذا تجيػػب االعتباطيػػة علػػى م ػػكلة االنفصػػاؿ بػػيف الجماعػػة وادراؾ اللغػػة وبقػػاء علػػـ اللغػػة موضػػوعا
خاصا ػ ومع ذلؾ يختلف حوله وفيه المختصوف اختنفا ديدا ؟
ارة قد استمر الى اليوـ ولػػـ يػػتمكف الرمػػز المتػػابي الجديػػد مػػف إنقػػاذ ذلؾ فف غياب الداللة القصدية ل
الداللة ولمنه تمكػػف فقػػط مػػف تثبيػػت االعتبػػا فػػي االسػػتعماؿ إلػػى حػػدود التػػي بلغهػػا ػ أمػػا التػرادؼ فهػػو
اعتبا تفسيري ال لغوي فالناس يدركوف جيدا الفرؽ بيف المترادفات والتػػي يػ ّػدعي االعتبػػا تسػػاويها فػػي
الداللة .
ٔ .إف حجػػة المنكػػريف للت ػرادؼ القا(مػػة علػػى العقػػل والحكمػػة نػػرى فيهػػا نظػػرة منطقيػػة محضػػة وحجػػة
عقلية بحتة مبعثها القوؿ بالتوقيف .وافخػػذ بػػالمنطق العقلػػي والحكمػة فػػي النظػػر الػػى الظػواهر اللغويػػة
فيه إجحاؼ وبعد عف طبيعة اللغة ...فاللغة في كثير مف جوانبها لهػػا منطقهػػا الخػػاص الػػذي يبػػدو فػػي
امثر افحياف على جانب كبير مف الغرابة )ٕ.
لقد بلغت الجرأة باالعتبا أف يجعل االعتبا ) أمػ ار منطقيػا وأف المنطػػق والحكمػػة إجحػػاؼ بحػػق اللغػػة
وبعد عف طبيعتها !
ولؾ أف تسأؿ إذا كاف افمر كذلؾ فما هو الضابط لعلػػـ اللغػػة وكيػػف يمكػػف لنعتبػػا نفسػػه إثبػػات ػػيء
ما دامت اللغة ال تمت بطبيعتها الى أي منطق ؟
149
بػػل مػػا هػػو المبػػرر إذف لضػػبط حركػ ٍة ال تنضػػبط ؟ ومػػا هػػو المبػػرر ّ
لتعقػػل مػػا ال يعقػػل ؟ ومػػا هػػو المبػػرر
لتقعيد ما ال تضبطه قاعدة ؟ .
إنه هنا ينقل عبارات دي سوسر القا(لة أف اللغة نظػػاـ المنطقػػي ) وقػػد ذكرنػػا أمثػػر مػػف مػرة أف العبػػارة
نفسها "المنطقية" فنها تجمع بيف مفردتي نظاـ ) الذي يعني وجود منطق على نحو ما وبيف الوصف
المنطقػػي ) فػػي حيلػػة مػػامرة مك ػػوفة لتبريػػر اال ػػتغاؿ بعل ػـ اللغػػة مػػف حيػػث أف النمنطػػق ) الػػذي
يدعونه في اللغة يوجب عدـ اال تغاؿ بها !! .
ّ
فهل تجعل عبارة منطق يتسـ بالغرابة ) أو عبارات دي سوسر مثل وهذا افمر المتناقض في اللغة )
ػ هل تجعل تلؾ العبارات اللغة منطقية أـ أنها وصف للغة ؟
إذا كانوا صادقيف في وصف اللغة بهذا الوصف فعليهـ التخّلي فو ار عػػف قػػوؿ أي ػػيء فػػي اللغػػة وتػػرؾ
ػل مػػا كتبػػه االعتبػػا عػػف علػػـ اللغػػة هػػو
أي بحػػث فالقصػػدية تلػػزمهـ بهػػذا االعت ػراؼ وتعلػػف للمػػأل أف كػ ّ
محض هراء ب قرار مف االعتبا نفسه ػ لعلهـ يريحوا ويستريحوا .
لو كاف منطق اللغة كمنطق العقل لوجب االّ يكوف للفظ الواحد سوى معنى واحد)ٔ.
أقوؿ أل هذا هو موضوع البحث هل للفظ الواحد معنى واحد على افصل أـ كثػػرة ؟ فػػن يمكػػف اسػػتعماؿ
فػػرض اعتبػػاطي ) يقػػوؿ بتعػػدد الدال لػػة برهانػا علػػى ال منطقيػػة اللغػػة .بػػل االعتبػػا هػػو النمنطقػػي وهػػو
يسمي هذ العملية فػػي جدالػػه بالمصػػادرة علػػى المطلػػوب ) أو الػػدور ) ولمنػػه يسػػتعملها دومػا خنفػا
فسسه المنطقية .
واذ ينكر هؤالء الترادؼ نجدهـ يرووف طا(فة مف افلفاز المختلفة ويذكروف أنها بمعنى واحد ...وهو
يدؿ على عجزهـ عف بياف الفروؽ ...ثـ قاؿ أل وفي مسلؾ هػؤالء تسػػليـ بػػالواقع اللغػػوي وهػػو مػػا يعػػزز
حد كبير )ٕ .
مذهب القا(ليف بالترادؼ الى ٍّ
أقػػوؿ أل قػػد أوضػػحت سػػابق ا مغالطػػات االعتبػػا وخلطػػه بػػيف موضػػوع البحػػث ػ ودال لػػة المفػػردة وبػػيف
االستعماؿ الخارجي على اهد وحيد أو مبتدع أو مكذوب أو موضوع غراض البحث ٖ.
ٔ الترادؼ ػ . ٕٓٚ
ٕ الترادؼ ػ .ٕٜٓ
ٖ راجع هذا الخلط في المبحث العا ر مف هذا المتاب.
150
وأما عدـ التفريق فقد أ ار الماتب وغير الى أنهػػـ اعترفػوا بػػأف الفػػروؽ قػػد تمػػوف مجهولػػة وهػػذا مػػرتبط
باالستعماؿ .إنما موضوع علـ اللغة هػػو بيػػاف قيمػػة اللفػػظ الدالليػػة ليكػػوف رقيبػا علػػى االسػػتعماؿ فلمػػاذا
أثنى االعتبا على علماء عرب اهتموا بما يجػػوز ومػػا ال يجػػوز إذا كػػاف االسػػتعماؿ هػػو المصػػدر الوحيػػد
ل لداللة ؟ ومف هو الػػذي يقػػدر علػػى رد عبػػارة يقولهػػا أي قا(ػػل ويتعمػػد ) فيهػػا اسػػتعماؿ الدال لػػة بصػػورة
ع وا(ية ؟ .إذ كػ ّػل عبػػارة تقػػاؿ سػػتموف مػػف االسػػتعماؿ ) ولػػذلؾ قلنػػا مػ ار ار ال يحػػق للقا(ػػل بػػالترادؼ أف
يزيد ي(ا على هذ العبارة ويتوجب عليه بعدها الصمت مطلقا وال يسمح لنفسه في إجػراء أي بحػػث فػػي
اللغة ليبقى منطقيا ) بالحد افدنى .
ٗ .وقاؿ أيضا أل وتنبه حمزة افصفهاني الى هذ الحقيقة ووجػػه قػػوؿ المنكػػريف للتػرادؼ توجيهػا سػػديدا
حيف قاؿ أل " وينبغي حمل مف منع على منعه في لغة واحدة فأمػػا فػػي لغتػػيف فػػن ينكػػر عاقػػل " ) .ثػػـ
قاؿ أل
أقػػوؿ يقصػػد بػػالترادؼ مػػف لغتػػيف ػ ترجمػػة المفػػردة الػػى مػػا يقابلهػػا وقػػد برهنػػا فػػي اللغػػة الموحػػدة أف لمػػل
تعاقب صوتي قيمته الخاصة به ولذلؾ فػػن يقػػع التػرادؼ فػػي جميػػع اللغػػات فػػي العػػالـ بػػل هػػو محػػاؿ فػػي
ذاته أما أف يكػػوف فػػي اللهجػػة الواحػػدة ) حسػػب مػػا قػػاؿ الماتػػب فقػػد أعجبػػه السػػير فػػي االعتبػػا قػػدما
ففاؽ افوليف وأراد أف يسبق اآلخريف .
ٔ الترادؼ ػ . ٕٓٛ
151
القسـ الثاني
مناق ة كتاب
أسرار البنغة )
152
يتغيػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػر اسػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػلوب
ّ تنبيػػػػػػػػػه ..
المناق ػػة هنػػا عمػػا مػ ّػر سػػابقا حيػػث ي ّتسػػـ بالقسػػوة واسػػتعماؿ مفػػردات هجوميػػة لسػػببيف افوؿ أل أننػػا
سنبرهف إف اء ى أف الرجل كانت له غايػ أة مػػف تػػأليف دال (ػػل افعجػػاز ) هػػي عكػػس مػػا فػػي العنػواف
لتنكػػر للمسػػلمات اللغويػػة والعرفيػػة خدمػػة فغ ػراض
فهػػو يسػػتحق فػػي المناق ػػة مػػف افسػػاليب أقسػػاها ّ
ات قاسية واستعمل ألفاظا نابي اة واتهمها بأمثر ممػػا االعتباطية وثانيا أنه بدأ بالهجوـ على القصدية بعبار ٍ
تجد في هذ الصفحات مف كنمنا وهو ما ذكرنا بعضه هنا تنبيها للقارئ الى أننا ال نفعل اال ما اُمرنا أل
واف عاقبتـ فعاقبوا بمثل ما عوقبتـ به / ..النحل ٕٔٙ -وال حوؿ وال قوؿ اال باهلل .
153
ٔ -بنغة الجرجاني
مقدمػػػػػػة
لسػػنا بحاجػػة الػػى التعريػػف بالجرجػػاني عبػػد القػػاهر الػػذي أضػػيف الػػى اسػػمه لقػػب ا مػػاـ ) ،فقػػد اجمػػع
المتػػأخروف والسػػابقوف ممػػف جػػاء بعػػد ،فػػي ػػرؽ افمػػة وغربهػػا علػػى أنػػه إمػػاـ هػػذا الفػػف ،ور(يسػػه
يذكر قبل الجرجاني وليست البنغػػة وموضح مسالمه .فليس للبياف مف علـ ُ ّ والمب ِّ ر به وواضع أسسه
ي(ا معلوما قبل أف يوضح الجرجاني مسالمها وطرقها وأنواعها فهو واضع أسس هذا العلـ بن منازع .
كل مف جاء بعد ،وأصبحت محػػط أنظػػار وتعد ُكتبه في هذا ال أف دستور البنغة افوؿ الذي أخذ منه ّ ّ
الدارسيف لعلوـ اللغة والقرآف والتفسػػير والفقػػه وافدب والنقػػد افدبػػي و ػّػراح دواويػػف ال ػػعر وغيػػرهـ ممػػف
يتعاطى العلوـ الدينية وا نسانية وال تجد أحدا في هذ المياديف ال يعرؼ مف هػػو عبػػد القػػاهر الجرجػػاني
صػػاحب أعظػػـ ) كتػػابيف فػػي البنغػػة أس ػرار البنغػػة ) و دال (ػػل افعجػػاز ) ،وال فػػرؽ فػػي كػػونهـ
قػػدامى أو محػػدثيف ،فقه ػػاء أو مفسػػريف ،ػػعراء أو نقػػاد ،كت ػػػّاب أو مثقفػػيف وم ػػف جميػػع الم ػػذاهب
والم ارب .فافزهر والقيرواف ومكة والمدينػػة تػ ّػدرس الجرجػػاني كمػػا ّ
تدرسػػه النجػػف وكػػربنء وبغػػداد وقػػـ
ودلهي واستانبوؿ .
ذلؾ أف الجرجاني خرج مف دا(رة الصراع المػػذهبي الضػّػيق مػػف البػػاب الخلفػػي الػػى دا(ػػرة الصػراع افممػػي
محػػاوالا تأسػػيس البنغػػة وعلػػـ البيػػاف واظهػػار كنػػوز القػرآف وأسػرار وجمػػاؿ افدب عمومػا وفػػق مقػػاييس
ومعايير لغوية وتركيبية لـ يسبقه أحد في ك فها فأظهر محاسف اللغة وفػّػرؽ بػػيف مػػا هػػو حسػػف وقبػػيح
فػػي اسػػتعمالها ووضػػع فمػػرة الػػنظـ القرآنػػي وفسػػر سػػحر القػرآف وجمالػػه بك ػػفه عػػف اسػػتعاراته وكناياتػػه
فاحبه الجميع لهذا وأخػػذ عنػػه هػػذا الجميػػع .واف كػػاف تنمذتػػه ومػػف ورموز وا اراته وأمثاله وت بيهاته ّ
ن عف بعض تلؾ القواعد االّ أنهـ يعػ ّػدوف عاّلػػػة عليػػه فمػػا تعّلػػـ أحػػد هػػذا الفػػف
جاء بعدهـ قد انحرفوا قلي ا
اال على يديه .
ولما كاف المنه اللفظي قػػد أنكػػر المجػػاز واالسػػتعارة فػػي كتػػاب ى كا ػػفا عػػف النظػػاـ القرآنػػي ،وخػػالف
ّ
بذلؾ ما أجمعت عليه افمة اللغوية كافة .وجاء بأمر جديد على بعض القلوب ديد ،فقد ارتأى بعض
افخػواف اقػػتنع الفسػػاد مػػف جػػذر أو اجتثاثػػه مػػف أصػػله ،نهػػاؾ فرعػػه وبتػػر نسػػله وأبػػادة خيلػػه ورجلػػه
وك ف حبا(له ومكر وذلؾ ب خضاع هذيف المتابيف لقواعد هذا المنه ومحاممتهما وفػػق النظػػاـ القرآنػػي
والمذهب القصدي للغة الذي خالف االعتباطية مف خنؿ تحديد قيمة مسبقة لألصوات وافلفازٔ.
فالجرجػػاني هػػو حقػػ ا واضػػع هػػذا الفػػف ومؤسسػػه ويػػ ار المػػنه أوؿ مػػف أدخػػل كػػنـ الخػػالق مػػع كػػنـ
المخلوقيف فػػي نفػػس العبػػارة وأ ػػار إليهمػػا بػػنفس ا ػػارة ووصػػمهما بػػنفس المنايػػة أو االسػػتعارة وأجػػرى
ٔ ظهر ذلؾ في كتابي النظاـ القرآني ػ مقدمة في المنه اللفظي ) و اللغة الموحدة ) للمؤلف .
ْ
154
عليهما معا تقسيمه و ملهما بػػنفس القواعػػد لمحاسػػف المػػنـ وسػػقيمه حتػػى صػػار يخػػرج مػػف اآليػػة الػػى
ال عر ومف قوؿ الجاحظ الى اآلية بن حرج مذكور ،فانخدع بمكيدته علماء افمة طواؿ العصور .
القراء
ٕ .التأثيرات النفسية للجرجاني على ّ
ال تحسب أخي القارئ أف الباحث في هذا المنه محبا للسجع مف هذ المقدمة ! لمػػف جػػرى القلػػـ بػػذلؾ
ػلوبه فػػي المػػنـ فػػأراد أف ينقلػػؾ الػػى تلػػؾ
ربمػػا ف نػػه عػػاش لحظػػات وهػػو يتصػػفح بنغػػة الجرجػػاني وأسػ ُ
افجواء .فتلؾ افجواء كانت م حونة بالمنـ المنمق وافلفاز والتراميب ال ديدة الجرس الفارغة المعنى
والمبػػاراة بػػيف أول(ػػؾ المتحػػذلقيف فػػي فػػف النثػػر والمتابػػة ومنادمػػة الخلفػػاء أو الخطابػػة جاريػػة فػػي الحلبػػة
على قدـ وساؽ .
لمػػف الجرجػػاني تخلػػص مػػف هػػذ التهمػػة بلباقػػة حينمػػا قػ ّػدـ لػػؾ ابتػػداءا طبقػا مػػف افلفػػاز واالسػػتعماالت
الجوفاء في مقارنات جميلة لفتح هيتؾ لقبوؿ بنغته خ ية أف يغص النهـ بتعبيػػر قرآنػػي أل ال يػػأتي
دسػػه لػػؾ وسػػط صػػحف ملػػيء بمػػا ل ػ ّذ وطػػاب مػػف أصػػناؼ ال ػػعرالجػػف واف نػػس ولػػو تظػػاهروا بمثلػػه ) ّ
الجػػاهلي وا سػػنمي وافمػػوي والعباسػػي وقػػد ّ
زينػػت حا ػػيته بػػألواف مختلفػػة مػػف افقػواؿ المػػأثورة للسػػلف
ومطعـ بأحاديث نبوية .
ّ الصالح والطالح تتخلّله أقواؿ مأثورة لعهد ما قبل الصحابة
وكػػاف فػػي الحسػػباف أف المػػرء إذا ازدرد مقطعػ ا مػػف اآليػػة القرآنيػػة مػػع مػػا يػػزدرد وهػػو بعػػد لػػـ يػػزؿ جا(عػا
و رب عليه حديثا نبويػا فمػػف المؤمػػل أف يػػزدرد فػػي الوجبػػات النحقػػة أطباقػا مػػف التراميػػب القرآنيػػة ولػػو
يفرؽ بعػػد لنعتيػػاد عليهمػػا بػػيف كانت خالصة ،باعتبار أف الفـ الذي يتذوؽ المجاز واالستعارة فانه لف ّ
مػػا يقولػػه الملػػؾ الضػػليل ومػػا يقولػػه الملػػؾ الجليػػل ،إذا كػػاف حكمهمػػا فػػي مطعػػـ خػػاف البنغػػة واح ػدا ،
ووضعا في قا(مة أسعار افمنت البديعة سوية .
155
وتمػػر ع ػػر صػػفحات ولػػيس فيػػه ػػاهد مػػف كػػنـ الػػوحي االّ حػػديثا واحػػدا للنبػػي ص) .ثػػـ تمػػر أربعػػوف
صفحة قبل أف يأتيؾ ب اهد قرآني يرمي به اهدا آخر مف غير أف ّ
يوضح افوؿ أو يذكر نػػص الثػػاني!
.
ثػػـ انظػػروا فػػي مخػػرج قولػػه تعػػالى ولتصػػنع علػػى عينػػي .واصػػنع الفلػػؾ بأعيننػػا ) فلػػـ يجػػدوا للفظػػة
العػػيف مػػا يتناولػػه علػػى حػػد تنػػاوؿ النػػور مػػثن للهػػدى والبيػػاف ،ارتبكػوا فػػي ال ػػؾ وحػػاموا حػػوؿ الظػػاهر
وحملوا أنفسهـ على لزومه حتى يفضي بهػػـ الػػى الضػػنؿ البعيػػد وارتمػػاب مػػا يقػػدح فػػي التوحيػػد ! ) . .
مهد لألمر ببطء ديد لـ يظهر بنغػػة ) الػػنص افوؿ للت ػػويق والمػػح الػػى نػػص لػػـ يػػذكر آمػ ا
ن وهكذا ّ
في أف يأتيؾ به بعػػد حػػيف ،كمػػف يمػّػرر مػػف أنفػػؾ را(حػػة ال ػواء ّ
ليرغػػب فمػػؾ ومعػػدتؾ فػػي اللحػػـ ..مػػع
وك ػ ػػل ذل ػ ػػؾ يء مف التهديد والترهيب مف الضنؿ أو القدح في التوحيد ! .
عامة مف اف عار وافقواؿ ػ فراجع كتابه وليكف بيف يديؾ وأنت تطػػالع مػػا نػػذكر لػػؾ في ح د مف واهد ّ
مػػف نمػػاذج لتجػػري علػػى مػػا بقػػى منهػػا الحكػػـ الػػذي تدلػػػّؾ عليػػه هػػذ افوراؽ .وتمػػر خمسػػة وأربعػػوف
مزؽ ) ..تمهيدا لوضع ومزقناهـ كػ ّػل ممػ ّػزؽ ) فػػيق ) ،تمهيدا لقبوؿ ّ ّ صفحة ..فيعطيؾ لفظ
طبػػق فيػػه قػػوؿ ال ػػاعر أل صػػفاة الهػػدى مػػف أف تػّػرؽ فتحرقػػا ) وقػػوؿ القا(ػػل خػػرؽ الح ػػمة ) وقػػوؿ
القا(ل ت قق الثوب ) بعد مقدمة عف استعارة الصفاة رغـ صنبتها لمػػا يػػرؽ ويخػػرؽ كػػالثوب ..وانػػت
مزقناهـ ) استعارة مف تمزيق الثوب ) مع حذر ػػديد اآلف قد تهيأت نفسيا وروحيا لقبوؿ فمرة أل أف ّ
هو قوله أنه راجع الى الحقيقػػة مػػف حيػػث أنػػه تفريػػق علػػى كػ ّػل حػػاؿ ) ..فاسػػأله إذف أل إذا كػػاف راجعػا
كل حاؿ فف التمزيق تفريق االّ أنهػػـ ّ
خصػوا مػػا كػػاف مثػػل الثػػوب بػػالتمزيق ) علػػى حػػد الى الحقيقة في ّ
خصوا ) هذا بهذا وأنت البادئ بالتأسيس ؟ ّ عبارته فلماذا إذف االستعارة ومف هـ الذي
وبهذا الحػػذر ال ػػديد ..أرادؾ أف تعبػػر
طعنػػػاهـ فػػػي افرض أّممػػػا ) مػػػا داـ
وق ّ أو يعبر إليؾ أل
تقطيع ) . ! .. التمػػػػػزيق في الحقيقة تفريق والتفريق في الحقيقة
وتلػػؾ لعمػػري أوؿ وجبػػة دسػػمة جػػدا ومنقوعػػة
يقدمها الجرجاني للزبا(ف ،أملوها ،بل ربوها مف غير أف ي عروا .
بالسموـ ّ
156
ٖ .اعتباطية الجرجاني في رح التمزيق والتفريق
ومزقناهـ كػ ّػل ممػػزؽ ) أل ُيعػ ّػد اسػػتعارة مػػف حيػػث أف التمزيػػق للثػػوب فػػي أصػػل اللغػػة !
ّ قاؿ الجرجاني أل
وتمزيق الثوب تفريق بعضه عف بعض .وقاؿ أل وقطعناهـ في افرض أمما ) أل ِ به استعارة ولو كػػاف
المعنى في الموضعيف على إزالة االجتماع ونفيه .
فهذا التمزيق ) في أصل اللغة للثوب فلمف التقطيع في أصل اللغة ؟ لـ يخبرنا الجرجػػاني ولمػػاذا صػػار
التقطيع هو اآلخر استعارة ؟
هػػو قػػاؿ أل أف التمزيػػق والتقطيػػع تفريػػق ) ،فلمػػاذا يكػػوف التمزيػػق اسػػتعارة إذا قصػػد بػػه تمزيػػق قػػوـ
ومعنا تفريق ؟ ومف هو الذي ّحدد أف التمزيق في افصل للثوب ؟ ماذا يقترح أف نضع بدؿ ّ
مزقناهـ
طعنػػاهـ ) علػػى افصػػل ليفيػػد المعنػػى المػػذكور فػػي كليهمػػا علػػى الحقيقػػة تخلصػا مػػف المجػػاز ؟
)و قّ
أيضع ّفرقناهـ ) بدالا عنهما جميع ا ؟
في هذا الحاؿ تصح افلفاز الثنثة سواء إذا آمػػف بصػػحة المعنػػى أو إذا آمػػف أف المعنػػى صػػحيح علػػى
االسػػتعارة فقػػط .فمػػا اللفػػظ المن (ػػـ إذا لػػـ يرغػػب المػػرء بتركيػػب هػػذا المعنػػى علػػى االسػػتعارة وأراد علػػى
الحقيقة ؟ حسنا .لنحاوؿ فهـ ما يقوله الجرجاني وال نعجل فػػي الحكػػـ أل أيقػػوؿ أف التحقيػػق وفرّقنػػاهـ
مفرؽ ) هو االستعماؿ الحقيقي ؟ كل ّ
ّ
لمػػف ى ال يريػػد أف يقػػوؿ فرقنػػاهـ ،فػػرب مفػّػرقيف متنعمػػيف وغيػػر معػ ّذبيف ! أـ الحقيقػػي ق ّ
طعنػػاهـ كػ ّػل
ػح منهمػػا وأقػػربيدعي الجرجػػاني أف التقطيػػع عػػيف التفريػػق والتمزيػػق أو أصػ َّ طع ) ؟ غير معقوؿ أف ّ مق ّ
للحقيقي ! .لمنه قاؿ أل وأنت تعلـ أف تمزيق الثوب تفريق بعضه عف بعض ) !
أهػػو قػػاؿ ذلػػؾ ؟ أي وى فػػي نفػػس السػػطور .ومػػاذا يعنػػي بقولػػه بعضػػه عػػف بعػػض ؟ الػػبعض هػػذا هػػو
المفصلة أصػنا مثػػل المػ ـ والصػػدر أـ القمػػاش نفسػػه لحمػػة وسػػدى ؟ .فػ ذا كػػاف يريػػد بػػه افوؿ
ّ افجزاء
فهػػو فصػػل لألج ػزاء واسػػمه تفتيػػق ) ! ال تفريػػق وال تمزيػػق .واذا كػػاف بريػػد بػػه الثػػاني فهػػو إتػػنؼ
القماش نفسه واسمه تخريق ) ! .
ولـ يقل أف الناس جعلو للثوب وهو صحيح ! على المجاز .
ٔ مف النبوي .
157
ولـ يقل أف الناس جعلو للثوب ولمف ى جعله لتمزيق الناس وما فعله ى أولى باالتباع واصح !
ولـ يسكت إذ لـ يقل خي ار .بل قاؿ ما هػػو اعظػػـ أل اف صػػل فيػػه للثػػوب ،وى جعلػػه للنػػاس اسػػتعارة فف
ليذكر بافصل !
المفردات هربت منه ،وجاء الجرجاني ّ
كل ذلؾ وال اهد لديه مف كنـ العرب أو أ عارهـ !
ّ
كل ممزؽ ) َّ .
فمر ولـ يتطير منه فما أبلد ! دسه في بنغته ومزّقناهـ ّأوؿ يء ّ
مهد به مف الحديث النبوي الظلـ ظلمات يوـ القيامة ) ّ
فمر ولػػـ ّ
يتطيػػر منػػه فمػػا أبلػػد ! . وأوؿ ي ء ّ
تنبيػػػه أل سنبرهف لؾ أف الجرجاني في كتاب دال(ل ا عجاز ) كانت غايته إثبات إعجاز عموـ المػػنـ
ال إعجاز القرآف خصوصا بأدلػّة وافية بأذف ى تعالى –إعجاز المنـ ال إعجاز القرآف .
قاؿ الجرجاني أل الضرب الثالث ) وهو الصميـ الخالص مف االستعارة .وحػ َّػد أف يكػػوف ال ػػبه مػػأخوذا
الحجة كمػػا فػػي قولػػه تعػػالى أل وا ّتبعػوا النػػور الػػذي
مف الصور العقلية وذلؾ كاستعارة النور ) للبياف و ّ
أنزؿ معه ) ،ثـ قاؿ أل فأنت ال ت ّؾ في أنه ليس بيف النور والحجة ما بيف طيراف الطا(ر وجري الفرس
مف اال تراؾ فػػي عمػػوـ الجػػنس ،الف النػػور صػػفة مػػف صػػفات افجسػػاـ المحسوسػػة والحجػػة كػػنـ وكػػذا
ليس بينهما ما بيف الرجل وافسد مف اال تراؾ في طبيعة معلومة كال جاعة .
وقاؿ أيضا أل فليس ال به الحاصل مف النور في البياف والحجة ونحوهػػا االّ أف القلػػب إذا وردت عليػػه
الحجة صار في حاؿ بيهة بحاؿ البصر إذا صادؼ النور ووجهت طن(عه نحو . ) ..
ن ّؾ أو اال في مفردة الحجة ) الغريبة عػػف الػػنص ،فػػالنص لػػـ يتضػػمف هػػذ المفػػردة وانمػػا ذكػػر اتبػػاع
نفس النور الذي أنزؿ معه ) .
ون ؾ ثانيا في قوله أل ليس بيف النور والحجة ما بيف الطا(ر والفرس في الحركة والجري .
ون ّؾ خامسا في قوله أل أف القلب إذا وردت عليه الحجة صار به البصر إذا صادؼ النور ! ..
158
وما أد ار أف الحجػػة كػػنـ ..أـ يػػزعـ أف انفػػنؽ القمػػر ) وهػػو آيػػة ومعجػػزة مػػف معػػاجز النبػػي ص )
ليست بحجة فنها ليست كنما ؟
وما أد ار أف النػػور ال ينصػػرؼ الػػى معػػاجز أخػػرى لػػه ص ) غيػػر القػرآف ؟ فلمػػاذا ّ
قصػػر الحجػػة علػػى
المنـ ؟ .وما أد ار أف النور صفة مف صفات افجساـ ؟ فنحف نقوؿ له أف ما تقصد هو الضوء )
يحسػػػه البصػػػر هػػػو الضػػػوء ولػػػيس النػػػور ..وللنػػػور معنػػػى آخػػػر مختلػػػف عػػػف
ولػػػيس النػػػور ،ومػػػا ّ
ا
المحسوسات المادية .
وما الذي دفعه لهػػذا البحػػر اللجػػي ليخػػوض غمػػار وهػػو ال يػػدرؾ الفػػرؽ بػػيف الضػػوء والنػػور وال يػػدري أف
النػػار تضػػيء ) وال تنيػػر واف النهػػار مضػػيء ) وال يقػػاؿ أف النهػػار منيػػر ؟ .ومػػا أبعػػد عػػف البنغػػة
وهو ال يذكر قوله تعالى أل فلما أضاءت ما حوله وقولػػهأل وداعيػا الػػى الحػػق بأذنػػه وسػراجا منيػ ار
..فالتحقيق في استعماؿ العرب وفي القرآف يثبت أف المحسوس هو الضوء واف النور هو يء آخر .
تنبيػػػػػػػػه أل
ألـ ينحظ هذا الرجل أنه تعالى قاؿ أل النور الذي أنزؿ معه ليسأؿ إف كػػاف أنػػزؿ إليػػه أو أنػػزؿ عليػػه
أو أنزؿ معه كلها سواء أـ بينها فرؽ يذكر ؟ .ف ف النص القرآني قػػد ذكػػر المتػػاب ) و القػرآف ) و
كنـ ى ) و الذي أوح ينا ) عددا كبي ار جدا مف المرات ورد فيها جميع ا أنه أنػػزؿ إليػػه ) أو عليػػه
) االّ هذا المورد الذي ورد فيػػه النػػور فقػػاؿ أنػػزؿ معػػه ) وهػػذا كػػاؼ ثبػػات أنػػه هػػو نفسػػه ص ) قػػد
أنزؿ وأف نو ار ) أنزؿ معه يجب اتباعه ) ال تنوته ) أو ستماعه).
فزعـ أنها استعارة للحجة وزعـ أف الحجة كنـ وزعـ أف النور هو القرآف ولـ يفسػػر لنػػا لمػػاذا .قػػاؿ فػػي
هذا المورد وحػػد أنػػزؿ معػػه ) ال إليػػه وال عليػػه كمػػا فػػي بػػاقي المػوارد .فيػػا لبنغػػة الجرجػػاني محػّػرؼ
الملػػـ عػػف مواضػػعه باسػػتعارته ،جاعػػل النػػور الػػذي أنػػزؿ معػػه الواجػػب ا ّتباعػػه القػرآف الػػذي أنػػزؿ عليػػه
الواجب استماعه ..
159
ا يماف ) .وهذا هو حاؿ االعتبػػا ،أنػػه طػػاغوت فمػػري أ ػػرس مػػف فف له غاية جديدة ..فأضاؼ
الطاغوت السياسي فنه أساس افخير ومنبعه ودعامته .
ومف ذلؾ استعارة القسطاس للعدؿ ونحػػو ذلػػؾ مػػف المعػػاني المعقولػػة ومنػػه اسػػتعارة الجػػاحظ فػػي علػػـ
المػػنـ إذ قػػاؿ أل " وهػػو المعيػػار علػػى كػ ّػل صػػناعة والزمػػاـ علػػى كػ ّػل عبػػارة والقسػػطاس الػػذي بػػه يسػػتباف
كل يء ورجحانه " ) . نقصاف ّ
ضيق جدا وفي فػػرع واحػػد مػػف ضػػرب واحػػد مػػف
ٍ مكاف و ٍ
احد وهكذا دخل كنـ ى وكنـ الجاحظ سوية في ٍ
ضروب بنغة الجرجاني .
فتبا لهذا الجرجاني الذي جعل كنـ الخالق وكنـ المخلوقيف على ٍّ
حد مف البنغة سواء .
ِ
حملوا التوراة ) ػ
.ٙمدارؾ الجرجاني في آية أل ػ مثل الذيف ّ
دقيق في خفايا الت بيه القرآني في قوله تعالى أل
ٍ ببحث
ٍ زعـ الجرجاني أنه جاء
مثل الذيف ُح ّملوا التوراة ثـ لـ يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفا ار
الحمل ) بل القصػػد مػػا يوجبػػه تعػ ّػدي الحمػػل الػػى افسػػفار فادعى أف الت بيه في اآلية ال ينصرؼ الىّ
مع اقتراف الجهل بها .
160
وقضى المثير مف الزمف ثبات يء ال وجود له في اآلية بأمثر مف ثنث صفحات .
ثـ قػػاؿ أل فػ ف قلػػت ففػػي اليهػػود ػػبه مػػف الحمػػل مػػف حيػػث هػػو حمػػل علػػى أيػػة حػػاؿ وذلػػؾ أف الحامػػل
لل يء بقلبه ي به الحامل لل يء على ظهر ومنه يقاؿ حملة الحديث وحملة العلـ ؟ .فالجواب أل أف
االمر واف كاف كذلؾ فاف هذا ال ب ه لػػـ يقصػػد هنػػا وانمػػا قصػػد مػػا يوحيػػه تعػ ّػدي الحمػػل الػػى افسػػفار مػػع
اقتراف الجهل به .ومثله قولؾ لرجل يحمل في كمه دفاتر علـ وهو بليػػد وال يفهػػـ أل إف كػػاف يحمػػل كتػػب
العلـ فالحمار أيضا قد يحمل ،تريػػد أف تبطػػل دعػوا أف لػػه فػػي حملػػه فا(ػػدة ) أ .هػػػ /نقلنػػا بتصػػرؼ
يسير .
ظف الجرجاني أف الت بيه لليهود وانما هو للذيف ُح ِّملوا التوراة ) .وزعـ أف الت ػػبيه هنػػا معقػػود بػػيف
َّ
اليهود والحمار ! .وانما هو ت بيه مؤلف مف أربعة أجزاء ،جزءاف ظاهراف وجزءاف خفياف كمػػا سػػيأتيؾ
هدى وال كتاب منير .
.وزعـ أف افسفار هي دفاتر العلـ مف غير علـ وال ا
وهكذا أخذها أهل التفسير وثبتت هذ المعاني عند جميع المفسريف على مدى قروف ! .
حملوا التوراة )
ّ أ .اليهود والذيف
فهو يناقض نفسه بهذا القوؿ أل فنه زعػػـ أف افسػػفار هػػي كتػػب العلػػـ ومعػػروؼ للجميػػع أف حملػػة العلػػـ
خواص اليهود ال اليهود كلهـ .
ولو كاف الت بيه لليهود لقاله ى تعالى على هذا اللفظ عينه وما كاف يستدعي أف يأتي بهػػذا التركيػػب أل
ُحمّلوا التوراة ) .
وقد أخطأ إذ قرف الحمل بالقلب وأقر به بينما العلـ ال يستقر في القلب إذا كاف قاسيا ..وهذا ظاهر فػػي
قوله تعالى عف تلؾ المجموعة أل ثـ قست قلوبكـ مف بعد ذلؾ فهي كالحجارة .
فلـ ينتبه هذا الرجل الى أف الفعل بني للمجهوؿ ُح ِّملوا ) ولـ يبف على المعلوـ إذ لػػـ يقػػل حملػوا ) .
الف القلب القاسػػي ال يحمػػل العلػػـ وانمػػا ُي ّحمػػل مرغمػا ) .واذف فهػػـ أمػػابر المحػّػرفيف وسػػاداتهـ ولػػيس
المقصود حملة العلـ منهـ فنهـ ممدوحيف في القرآف أل والذيف أوتوا العلـ مف قبله يعلمػػوف أنػػه منػػزؿ
مف ربؾ بالحق .
161
ب .حقيقة ال به
زعـ أف الت بيه بيف اليهود والحمار !
فلو قاؿ الذيف حملوا التوراة كالحمار يحمل أسفا ار ) فختل الت بيه وتهاوى برمته ف نػػه ال ػػبه بينهمػػا
مطلقا فانتبه ،فاف ذلؾ مف آيات ى ،حيث فصلت كاؼ الت بيه بيف المثل والمثل ال بينهما .
الح ْمل
ج .معنى َ
الح ْ
مل غير مقصود وانما ّ
تعدي الحمل الى افسفار هو افساس في الت بيه ! وزعـ أف َ
د .وزعـ أف افسفار هي دفاتر العلـ وانما هي افسفار ) كما هي في اللغة الػػى هػػذا اليػػوـ .والخػػالق
لينو للسامع أف الحمار ال يعلـ ما فيها ! ن بالحمار وهو يحمل دفاتر العلـ ّ أجل مف أف يضرب مث ا
تعالى ّ
أنما أراد أف الحمار يتحمل م اؽ افسفار لغاية رامبه وسػػا(قه ال لغايتػػه هػػو فهػػو مسػػلوب ا رادة منػػزوع
ا ختيار وأسفار ليست ب رادته وال لغاية في نفسه ،فهو بهيمة سا ٍ عف نفسه دوم ا ،فمذلؾ مثل الذيف
فحملػػوهـ علػػـ التػػوراة
نس ػوا ى فأنسػػاهـ أنفسػػهـ ) ف ػ ف ح ػركتهـ وفعلهػػـ كلػػه بػػ رادة الطغػػاة والقػػادة ّ
ويبدلوا ففعلوا ،وما فعلو عف جهل وجهالة بما في كتب العلـ وانما فعلو عف علـ يحرفوها ّوأمروهـ أف ّ
ودراية والذي فقدو كمثل الحمار إنما هػػو اختيػػارهـ وارادتهػػـ وذلػػؾ لمػػي يطػػابق هػػذا المعنػػى مػػا ذكػػر فػػي
مواضع أخرى فػػي القػرآف عػػف قػػدراتهـ فػػي التحريػػف وعػػف زيغهػػـ بعػػد البيػػاف وعػػف اخػػتنفهـ بعػػد مجػػيء
162
العلـ ولو أخػػذنا بأقوالػػه وبنغتػػه لتنػػاقض القػرآف مػػع بعضػػه ولمػػا أمكػػف قػػط الجمػػع بػػيف اآليػػات وال فهػػـ
معاني المفردات ولحدث تخريب في اللغة ال مثيل له في تاريخ افمـ .ولقد وقع ! ..
لقد حسب أف افسفار ) هي أسفار ) التػػوراة فظػػف أنهػػا كتػػب العلػػـ وأف القػرآف ي ػّػبه القػػوـ بالحمػػار
وهو يحمل كتب العلـ ! تطبيقا لترادؼ أسفار مع كتب ) في قا(مة كنانةٔ.
فأي به بينهما ؟! .والمعلػػوـ أف الحمػػار ال يػػدرؾ مػػا يحمػػل سػواء كانػػت كتػػب علػػـ أـ سػػجنّت بيضػػاء
غير مكتوبة أـ غير ذلؾ ؟ .لقد استعمل القرآف لفظ افسػػفار ولفػػظ المتػػب فػػي تغػػاير واضػػح ال ينكػػر االّ
جاهل .
ونسػػي أف مفػػردة أسػػفار ) التػػي يسػػتعملها الق ػرآف إنمػػا يسػػتعملها علػػى أصػػلها اللغػػوي ال علػػى سػػبيل
المجاز كما سميت به أسفار التوراة .علما أف هذا المجاز باطل عندنا إذ القصد أنها كتب لألسػػفار ،ال
أسفا ار بمعنى المتب فانتبػػه .
وهنا ندرؾ أف أساس الت بيه هو الحمل ) وليس التعدي الى افسفار وانما جػػاء بافسػػفار لبيػػاف تػػوزع
حركة الحمار في اتجاهات مختلفة وأزمػػاف مختلفػػة فمػػامف مختلفػػة بحسػػب الػػذيف يركبونػػه فالت ػػبيه فػػي
افصل بيف مثليهم ا في الحمل ) وجاء بالتعدي الى افسفار تماـ الصورة واممػػاؿ خطوطهػػا مػػف حيػػث
كل مكاف وزمػػاف ال ينتبهػػوف مػػف غفلػػتهـ
أف الذيف ُحمّلوا التوراة ) ..ألعوبة بيد الطغاة والجبابرة في ّ
تبدؿ القادة ،فمذلؾ مثل الحمار دا(ـ افسفار ورامبو كثار ال يتبدؿ أنه في افسفار بتبدلهـ . مهما ّ
نعػػـ أنػػه مثػػل لنعتباطيػػة ال ػػؾ فػػي ذلػػؾ ولهػػذا ُهوجمػػت هػػذ اآليػػة فػػي جميػػع افمػػامف وعلػػى جميػػع
المستويات فراغها مف محتواها فقد ُهوجمت في إعرابها وفي نحوها وفي تفسيرها ػ فانظر مػػاذا سػػتفعل
وللعلػػ ػ ػػـ أف يوـ تأتى امية الى ربها مما جرى لها ؟ !
هوجمػػت اآليػػات السػػابقة علػػى هػػذ اآليػػة وعلػػى كافػػة المسػػتويات
السورة كلهػػا حػػوؿ هػػذا الموضػػوع وقػػد ُ
وفي جميع المذاهب ا سنمية .
ٔ انظر صٗٗٔ.
163
دفاع عف الم ّذابيف والمذب
.ٚأ
يؤسسهُ َ
الجرجاني ّ
قاـ الجرجاني بالموازنة بيف مقػػولتيف همػػا خيػػر ال ػػعر أمذبػػه ) والمقولػػة المعارضػػة لهػػا خيػػر ال ػػعر
أصدقه ) .
فال عر ليست فضيلته في المضػػموف ) وانمػػا فػػي ال ػػكل ) .انظػػر الػػى قولػػه أل ومػػف قػػاؿ أف خيػػر
نحل الوضػػيع رفعػػهال عر أمذبه فهذا مراد الف ال عر ال يكتسب فضيلة ونقصا وارتفاعا وانحطاطا باف ي ِ
ُ
أو يصف ال ريف بنقص وعار ،فمـ مف جواد نحله ال عر وبخيل سخا و جاع وسػػمه بػػالجبف وجبػػاف
ساوى به الليث وذي ضعة أمطا العيوؽ وغبي قضى له بػػالفهـ وطػػا(ش ّادعػػى لػػه طبيعػػة الحكػػـ ثػػـ لػػـ
يعتبر ذلؾ في ال عر حيث تنقد دنانير وتن ر ديابيجه ويفتق مسكه فيفوح أريجه ) .
لقد أريػت اآلف ذلػػؾ ا طػراء والتمجيػػد لل ػػعر افمثػػر كػػذبا فليسػػت العبػػرة فػػي مػػا قلبػػه ال ػػعر مػػف مػوازيف
وعكس مف أ ياء وال فيما افتعله مػػف أباطيػػل مػػا داـ فػػي النهايػػة ينت ػػر كالػػدنانير فيفتػػق مسػػكه ويفػػوح
أريجه !.
هػػا هػػو يحكػػـ خػػنؿ السػػرد نفسػػه قبػػل الػػدخوؿ فػػي الموازنػػة المزعومػػة وقبػػل أف يػػأتي الػػى ػػرح المقولػػة
المناقضة ..وهو تمهيد نفسي وتوط(ة بقبوؿ الحكـ النها(ي بترجيح مقولة خير ال عر أمذبه .ومعلوـ
أف ال عر ) كنـ له أثر يترتب عليه كما يترتب على أي كنـ واذا كانت غاية ال ػػعر وضػػع المػػنـ فػػي
ػدوف ويػػدخل افذف بػػن اسػػت(ذاف فمػػف ا قػػبح القبػػا(ح القػػوؿ أف خيػػر ال ػػعر أمذبػػه ػ
نسػػق جميػػل لػػيحفظ ويػ ّ
ػح هػػذا لصػ ّ
ػح ذاؾ ..فهػػل تظػػف أف مثػػل ذلػػؾ يخفػػى لقبح القوؿ العاـ أل خيػػر المػػنـ أمذبػػه ..إذ لػػو صػ ّ
على الجرجاني أف ترى أنه يعي ما يقوؿ لغاية في نفسه ؟ .فلنتابع أقواله في فقرات أل
أ .الموازنة أل
خير ال عر أصدقه ) فقاؿ أل يجوز أف يكوف مراد .. ثـ جاء الى رح المقولة المناقضة
ومف أوؿ مفردة يؤكد لؾ أسلوبه المريض المامف في نفسه فنه قاؿ هناؾ أل فهذا مػراد ) وقػػاؿ هنػػا أل
مراد ) ! يجوز أف يكوف
ػدؿ دال لػػة يقينيػػة علػػى صػػحة توقعػػؾ كػػوف الرجػػل جػػاء بالموازنػػة ال لغػػرض
وهذا االختنؼ في افسػػلوب يػ ّ
الموازنة بل لغرض تثبيت المقولة افولى وا جهاز على المقولة الثانية ! بحيث ال يذكرها ذامر .
164
يمجد المقولػػة الثانيػػة إالّ بكػ ٍ
ػنـ أراد بػػه تضػػعيف حجػػتهـ وتػ َ
ػوهيف مقػػولتهـ والتأميػػد علػػى أف ال ػػعر ال لـ ّ
يستحسف أف يكوف كاذبا بل يتوجب أف يكوف كذلؾ !
أتوقػػف هنػػا فسػػأؿ بلغػػاء العػػالـ كلػػه أل كيػػف تفسػػروف قولػػه أف افوؿ أولػػى مػػع أف الثػػاني أحلػػى وأبقػػى
وأظهر وأمثر ؟؟
ثـ قاؿ أل ومف قاؿ أمذبه فنف الصػػنعة إنمػػا يمػػد باعهػػا ،وين ػػر ػػعاعها ،ويتسػػع ميػػدانها ،وتتفػػرع
أفنانها )..الى آخر كلماته التي بلغت نصف صفحة في رح المقولة افولى وتأويػػل معانيهػػا – أ .هػػ
.
المداني قيد والذي ال تتسع كيف ػػاء َيػػد ُ وما ذلؾ القبيل أي ال عر الصادؽ ) فهو فيه كالمقصور ُ
ػوؿ واف ويتصػػرؼ فػػي أصػ ٍ السامعيف معاَني معروفة ُ
وصػػو ار م ػػهوراة ّ َ يورد على
هو في افمثر ُ وأيد ُ َّ ،
ثـ َ
كانت ريفة فن ُيرجى ازديادها ،كافعياف الجامدة التي ال تَنمي وال تزيد وال َت ُ
ربح وال تفيد )..
165
واذف فال عر الصادؽ ال يربح وال يفيد ! وال يَنمو وال يزيػػد .فمػػا أمػػذب الجرجػػاني إذ قػػاؿ ذلػػؾ ولػػو كػػاف
ػود سػػو َؽ البنغػػة ال سػػو َؽ اففمػػار والمبػػادئ وال سػػو َؽ المعرفػػة والحقػػا(ق وال سػػو َؽ الم ػػاعر
المقصػ ُ
والوجداف وال سوؽ اآلخػػرة والحسػػاب ! وال سػػوؽ المعػػاني والبيػػاف وال سػ ُػو َؽ افخػػنؽ .ذلػػؾ فف الصػػور
المتركبة مف مفػػردات اللغػػة ال حػػدود لهػػا وال نهايػػة فعػػدادها وفيهػػا مػػف االتسػػاع ظهػػار طػػوؿ البػػاع مػػا
ّ
حد سواء ،ولو ػػ(نا أف نػػأتي لهػػذا الرجػػل مػػف الصػػور التػػي ذكرهػػا يفي ويفي للصادقيف والماذبيف على ٍّ
ن عف غيرهـ ما تتضػػا(ل عنػػد بنغػػة ػواهد التافهػػة التػػي كػػاف مبهػػو ار بهػػا .
عراء الصوفية ) فض ا
لمف ال مدعاة لها بعد أصدؽ المنـ ػ كتاب ى .
على أف فلسفة االمر تأخذ منحى آخر ،الف المنـ اففضل بنغػػة هػػو المػػنـ اففضػػل قػػدرة علػػى وصػػف
ا
ال يء بدقة وافمثر قدرة على رسـ صورة له في الذهف اقرب ما تمػػوف الػػى صػ ِ
ػفته الحقيقيػػة ! وال يبقػػى
للبنغة أي موضوٍع حينما ُت َ
ناقش المقولة الغريبة عف البنغػة مػػف افصػػل ػ اعنػػي مقولػػة خيػػر ال ػػعر
أمذبه ) ػ فف البنغة أخذت اسمها هذا مف بلوغ المنـ المراد منه .
سياف ،فػػاف واذا كاف قصد القا(ل لهذا ال عار إعطاء مساحة لحركة ال عر في مجاؿ الت بيهات فافمر ّ
أف الصػػدَّؽ أمػأػر
أبلغ الت بيهات هي التي ترسـ صورة أدؽ لل به مػػف خػػنؿ الم ػّػبه بػػه ،وهػػذا يعنػػي َّ
ِ
البنغة وجزأء منها فن بنغ َة بغير ِصدؽ )ٔ. ذاتي في ِ
نفس
ّ
في هػػذ الحالػػة يصػػبح ال ػػعار ػػعا ار صػػحيحا صػػيغ بصػػياغة لغويػػة كاذبػػة ويكػػوف ال ػػعار نفسػػه لػػيس
بليغا .
166
وافدب عمومػػا يتجهػػاف اتجاهػا مزيف ػ ا فارغػ ا مػػف المحتػػوى الحقيقػػي إرضػػاء لبنغػػة الجرجػػاني وأصػػحابه
وتنمذته .فحيثما ا ّتجه النقد اتجه افدب ..وتلؾ قاعدة مطردة دوما .
هل ترى اع ار يسػػلؾ سػػلوكا مغػػاي ار لميػزاف النقػػد المجمػػع عليػػه ؟ كػػن .االّ أف يكػػوف أوحػػد زمانػػه وعػ ّػدو
كل عصػػر أف فعػػل ِفعػػل مرة في ّ أقرانه والباني لنفسه أساس بنيانه ..ومثل هؤالء ال يجود بهـ الدهر اال ّ
افجواد ،وقلينا ما يفعل .
تمادت هذ افمة في الت بيه والتمثيل حتى َبعدت ال ُ ّقة بػػيف الم َّ ػػبه والم ػ ُ
ػبه بػػه ..وكػػاف عػػدـ إدراؾ
ػدبرها أص ػنا قػػد زاد الطػػيف بلػػة وجعلهػػـ يظنػػوف أنهػػـ جػػاءوا بمػػا يػػؤنس
الت ػػبيهات القرآنيػػة بػػل وعػػدـ تػ ّ
النفوس ويزيد ا فهاـ وينمي الذا(قة .
حد مقرؼ ..والى حػ ِّػد أف لػػـ تمػػف هنػػاؾ أيػػة عنقػػة بػػيف الم ػػبه والم ػػبه بػػه ال فػػي
تمادوا في ذلؾ الى ٍّ
الفكرة وال المادة ،ال في الصورة وال في الحركة بل ذهبوا أمثر مف ذلؾ الى خلػػق الصػػور النمعقولػػة )
..للت بيه بها وادراجها ضمف التمثنت للمعقوالت والمحسوسات .
أسألؾ اآلف أيها الرجل الواعي المثقف عف رأيؾ بهذا الت بيه أل
الحظ التعسف في الت بيه فالبرؽ كأنه مصػػحف ! ثػػـ يجعلػػؾ تت ارجػػع عػػف ذلػػؾ لربطػػه بالحركػػة انفتػػاح
وانطباؽ ) وهذا المنـ أ به بكنـ المصابيف بػػالعي إذ يتوجػػب عليػػؾ صػػرؼ طاقػػة كبيػػرة لجمػػع مفػػرداتهـ
ّ
وفهػػـ مػػا يرمػػوف إليػػه .وفػػي الت ػػبيه افتػر ُ
اؽ آخػػر فػػي الحجػػوـ فػ ذا حجػػزت اآلف عقلػػؾ وأطلقػػت العنػػاف
لتتخيل هذا المصحف ،وزعمت ُمكرها أف حروفه بيضاء وأف انفتاحه السػػريع ) سػػيظهر منػػه ّ لمخيلتؾ
بياض الحروؼ بلمعة سريعة كالبرؽ ،فاف خيالؾ سيبقى عاج از عف ّ
تصور السػػماء مثػػل المصػػحف !
فنؾ أمبر مف المصحف والسماء أمبر منؾ ،اللهـ اال أف تغصب نفسؾ مرة أخرى لتتخيل أنػػؾ ػ حا ػػاؾ
ػ نملة في بطف مصحف ليسعؾ كما تسعؾ السماء!
هػػذا الت ػػبيه الػػذي ابتمػػر ) ابػػف المعتػػز هػػو مػػف الصػػور والت ػػبيهات التػػي أعجبػػت الجرجػػاني ! بػػل
وأذهلته !
قاؿ الجرجاني أل ولـ يكف إعجاب هذا الت بيه لؾ وايناسه إياؾ فف ال ي(يف مختلفاف فػػي الجػػنس أ ػػد
وح ُسػ َػف ور َ
اؽ وَفػػتف) .فػػي أي االختنؼ فقط ! بل فف حصل ب زاء االختنؼ في دة في اال(تنؼ ػ حػػن َ
يء هو اال(تنؼ أيها الناقد العبقري ؟ فأيف العنقة الزمنية بيف البػػرؽ والمصػػحف الػػذي يفػػتح بأزمػػاف
مختلفة وببطء ديد ؟ .وأيف هي المن(مة بيف صورة المتاب المفتػػوح وخػػط البػػرؽ النمػػع المتعػػرج فػػي
بالسحب ؟
صفحة السماء الدامنة الملبدة ّ
167
وما العنقة بيف صػػورة افسػػطر بالمػػداد افسػػود علػػى الػػورؽ افبػػيض بصػػورة البػػرؽ النمػػع فػػي السػػماء
الدامنة ؟ إذا كاف المداد بهذا اللوف والورؽ على لونه المعتاد ؟
تنبيػػػػػػػػه أل
مر الجرجاني بقوله تعالى أل
َّ
بنو ِرهـ
أضاءت ما حوَله ذهب ى ُ
ْ مثُلهـ كم ِ
ثل الذي استوَقد نا ار فّلما َ َ
فلـ يذكر عنه ي(ا بل جعله مثنا مف أقسػػاـ الت ػػبيهات الثن ثػػة التػػي ابتػػدعها وامتفػػى بػػأف هػػذا الت ػػبيه
مف هذا الضرب !
.ٜاختيار ع وا(ي
رح نصف صفحة ،اهد عري فبي نػؤاس ،ػػاهد آخػػر البػػف المعتػػز ،ػػاهد للتنػػوخي ػ بيتػػاف ػ ،
بيتاف البف المعتز يصف سحابة ،ثنث أبيات أخرى في وصف النار ل اعر آخػػر ،خمسػػة أبيػػات لعلػػي
ابف ص في وصف ِ
الدمف ،أربعة أبيات أخرى له ،اهد للبحتري .
اهد آخر ،اهد آخر فبي فراس ثنث أبيات ،بيتاف آخراف له ،ثنثة ػواهد متفرقػػة البػػف المعتػػز ،
اهد آخر لماتب المػػأموف فػػي وصػػف فػػرس أربعػػة أبيػػات ،بيػػت البػػف نباتػػة ،بيػػت آخػػر البػػف المعتػػز ،
بيتاف آخراف و رح نصف صفحة .
ثنثة أبيات في ت بيه النساء البف المعتز ،بيت آخػػر لػػنفس ال ػػاعر ،بيتػػاف للمتنبػػي ،بيتػػاف آلخػػر ،
ػػاهد آخػػر فػػي السػػيف البػػف المعتػػز ،ػػاهد البػػف بابػػؾ ،ثن ثػػة متفرقػػة أخػػرى للسػػري ،بيػػت للبحتػػري
وآخراف بف المعتز ،ت بيه للموامب البف المعتز ،بيتاف للنا ّ وآخراف البف الرومي .ػػاهد للبحتػػري
168
وآخر البف المعتز في النرجس ،ثنثة أخرى البف المعتز ،أبو نؤاس يرثي خلػػف افحمػػر ،أبػػو العبػػاس
الرمة ،رح صفحتاف ل واهد ابف المعتز خصوص ا ،و رح صفحتيف ف ياء متفرقػػة مػػف ال ػواهد
وذو ّ
،واهد أخرى البف المعتز .رح مماثل أربع صفحات .
رح ل اهد نثري البف العميد يدعو فيه على القمر ويظهر التظّلـ مف هنؿ هر رمضاف .
تمثيل المعقوؿ بالمحسوس ،اهد للبحتري و ػػرح للنمػػاذج أل بيػػت بػػف طباطبػػا وآخػػر للتنػػوخي وقطعػػة
أخرى لػػه وأخػػرى فػػافمر طالػػب المػػأموني ،ػواهد بػػف با بػػؾ وابػػف المعتػػز ،ػػرح أخػػذت أربػػع صػػفحات
ل واهد مختلفة لنفس الموضوع .
الخنصة أل
واهد مف عراء الطبقة النحقة كالفرزدؽ وجميل والحطي(ة ومف هـ في طبقتهـ أل ال يوجد !
سؤاؿ نوجهه للذيف وصفوا الجرجاني بالتقوى والورع ! سؤاؿ أعلف عف نفسه ،سؤاؿ عف سبب غياب
هذا التراث الضخـ مف القرآف وافدب في بنغة الجرجاني ؟!
ِ
الفرس افدهـ بالصبح أو العكس ٓٔ .ت بيه ُغرة
ابف المعتز أل
هر أ ِ
قر كأنه ُغرة َم ٍ طرة ٍ
ليل ُمسفر الص ُ
بح في ُ و ُ
أورد الجرجاني فػػي ص ػ ٕ ٔٛودافػػع عػػف الت ػػبيه وأظهػػر محاسػػنه الحقػا فػػي ص ػ ٖ ٜٔوعػ ّػد مػػف
الت بيهات المقلوبة و ّادعى أنه مف محاسف الت بيه .
مف الواضح أف الت بيه يراد به تقريب الصورة وحكايتهػػا بطريقػػة مػػؤثرة كمػػا رآهػػا ال ػػاعر واذا لػػـ يمكنػػه
ذلؾ وكاف التصور العاـ للصورة عنػػد القػػارئ أحسػػف وأدؽ مػػف ت ػػبيه ال ػػاعر فقػػد سػػقط ت ػػبيه ال ػػاعر
كل اعتبار .
عف ّ
169
إف ما يذكر ابف المعتز ال يحكي تصو ار صحيح ا عف الصبح فضنا عػػف أف يكػػوف مػػف محاسػػف الت ػػبيه
.فهنا تنافر مف جميع الوجو !
افوؿ أل ال عنقة مطلقا بيف صورة السماء واففق أو الفضاء وصورة المهػػر فف الفضػػاء يكتنػػف ال ار(ػػي
ويحويه بينما المهر حيواف له حدود اخصة أماـ الرا(ي وهذ م كلة ُتسبب عس ار في ّ
تخيل الصورة .
الثاني أل إف لوف المهر اف قر ) ال عنقة له وال به فيه مع الليل أو الفجر أو منظر السماء ولونهػػا
.
الثالث أل إف الصبح يء مختلف عف الفجر فالصبح طلوع ال مس واذا طلعت ال مس ذهب الليل فأيف
الليل المسفر ) ؟ وكيف يجتمع الصبح مع الليل في صورة واحدة ليكوف في طرة الليل كما الغػػرة فػػي
المهر ؟
كل عارؼ بالعربية أو غيرها مف اللغات عف هذا الت ػػبيه وعػػف وجػػود الصػػبح فػػي طػػرة الليػػل !
إني اسأؿ ّ
أهي جملة مركبة بصورة صحيحة أـ ال ؟
بغرة المهر اف قر ؟
الصورة النصورة ) ّ وأسألهـ ثاني ا عف عنقة هذ
إف ت بيه غرة الفرس بالصبح لـ يقع مف جهة المبالغة في وصفها بالضياء واالنبسا وفر التلؤلؤ ،
وانما قصد أم ار آخر وهو وقوع منير في مظلـ وحصوؿ بياض في سواد ،ثـ البياض قليل با ضافة الى
السواد وأنت تجد هذا الت ػػبيه علػػى هػػذا الحػ ّػد فػػي افصػػل فػ ذا عكسػػت فقلػػت أل كػػأف الصػػبح عنػػد ظهػػور
أوله في الليل غرة في فرس ادهـ لـ تقع في مناقضة كما لو أنؾ ّبهت الصبح فػػي الظػػنـ بعلػػـ بيػ ٍ
ػاض
على ديباج اسود لـ تخرج عف الصواب ) .
أقػػوؿ أل
هل رأيتـ صبحا ي به العلـ افبيض على الديباج افسود ؟
170
الت بيه في أل وأدهـ يستمد الليل منه
وبالرغـ مف مساو(ه االّ أنه تخلص مف جملة مف التناقضات بقوله الثريا فنها تطلع في بقعة مظلمة ..
وتخلص ثانيا مف الترابط في الت بيه بالليل بقوله يسػػتمد ) الليػػل منػػه فلػػـ يجعلػػه كالليػػل لػػيحكـ علػػى
فضاء وافقا له !! بل قاؿ يسػػتمد الليػػل
ا السامع بتصور نفسه نملة على جلد ذلؾ افدهـ ،ويكوف افدهـ
منه .
ومع ذلؾ لـ ينتبه الجرجاني للفارؽ ..ولـ يذكر مقارنة لبيت ابف المعتز مع بيت ابػػف نباتػػه وكأنػػه ينِّفػػذ
بالفعل م روعه القا(ل أل
خير ال عر أمذبه ) ػ فقارف روعة هذا البيت مع بيت ابف المعتز .
تنبيػػػػػػػه أل
أصػػعب ػػيء علػػى الرسػػاـ المحتػػرؼ رسػػـ الفجػػر أو أوؿ بػػزوغ ال ػػمس الضػػطرار إلػػى تػػدري اف ل ػواف
وا ضاءة على صفحة اففق الواسع !
ولو درى الرساموف أنه كالعلـ افبيض على الديباج افسػػود لمػػا أتعبػوا أنفسػػهـ والػػذنب هػػو ذنػػبهـ فنهػػـ
لـ يق أروا بنغة الجرجاني ! .
171
القسـ الثالث
دال(ػل ا عجاز )
172
ٔ .نظرية النظـ واعجاز القرآف عند الجرجاني
واذف فلمػػف كػّػرس الجرجػػاني سػػبعيف صػػفحة مػػف صػػفحات بنغتػػه فػػي الػ ّ
ػرد علػػى مػػف زعػػـ أف الفصػػاحة
تموف في اللفظ خصوصا دوف المنـ ؟
يتحدث عف فصػػاحة اللفػػظ وحػػد ف نمػػا يعنػػي بػػه كػػوف اللفػػظ عربيػا واقعػا علػػى النطػػق
واذا كاف ثمة أحد ّ
الصحيح المتعارؼ عليه مف غير لحف ) أو ت ويه أو مما طاله مػػف التػػأثر بكػػنـ افعػػاجـ ػ فػػذلؾ هػػو
المقصػػود مػػف فصػػاحة اللفػػظ وهػػو أمػػر مختلػػف عػػف فصػػاحة المػػنـ التػػي تعنػػي فصػػاحة اللفػػظ وفصػػاحة
التركيب مع ا بما يؤدي الى بلوغ المعنى المقصود للقا(ل .
ػل مػػرة ينسػػى الجرجػػاني نفسػػه ،وينسػػيه ى تعػػالى مػػا بػػدأ بػػه فيقػػوؿ عبػػارات تنبػػأ الخبيػػر وغيػػر
وفػػي كػ ّ
الخبير عف غياب افمة التي كاف يصارعها الجرجاني مثل العبارات اآلتية أل
وتلؾ عبارات ختاـ الردود ..ولمف عبارات بداية الردود هي االخرى م ابهة لتلؾ أل
وفي وسط الردود كاف يكرر أل وهذا كله فمر في أمور معلومة .
173
سماهـ الجرجاني أل الذيف لهجوا بافباطيل والذيف عموا عف الطريػػق ،ومػػف هػػـ ترى مف هـ اؤل(ؾ الذيف ّ
يفرغػوا خػواطرهـ فػػي تأمػػل مػػا اسػػتخرجنا ) ،ومػػف هػػـ الػػذيف يريػػد الجرجػػاني أف يزيػػدهـ
الػػذيف لػػـ ّ
تبصي ار أنهـ في عمياء مف أمرهـ ) ..الى آخر عباراته وما أمثرها ؟
إني ال أتحدى الجرجاني وهو مف الموتى ولمني أتحدى افمـ كلها بعلما(ها الػػذيف ا ّتبعػوا الجرجػػاني حتػػى
صار إماما لهـ في البنغة ػ أتحداهـ أوالا أف ّ
يردوا على هذ المقاالت ّ
ردا تأخذ به جماهير افمػػة وافمػػـ
كلها وثانيا أف يأتوا ب اهد واحد على لساف رجل واحد قبل الجرجاني ذكر ي(ا ممػػا ذكػػر الجرجػػاني عػػف
معنى الفصاحة ) ػ ليصح معه الرد عليه .
إف الرجل يعمد الى افمور التي ال ي ؾ فيها ) ػ فيزعـ أف هناؾ مف ي ؾ فيها ويصػ ّػور لػػؾ جمعػا مػػف
الناس ي ّكوف في تلؾ الحقيقة وينبري الجرجاني وحد لتفنيد آراءهـ !
كل ذلؾ مف اجل أف تموف له قوة الرد الحقيقية على المذاهب ) التي ليسػػت حقيقيػػة ) وال وجػػود لهػػا
ّ
؟!
أما قوله أل ال يتعلق الفكر بمعاني الملـ أظف واف هذا غير متصور عند فهو هراء .فف المفردات يتعلق
بها الفكر قبل الجملة وانما تتحدد حركة افلفاز وجهاتها مف خنؿ نسبة بعضػػها الػػى بعػػض فػػي الجملػػة
.
لقد زعـ دي سوسر نفس الزعـ وقد سألنا مف قبل في اللغة الموحػػدة كيػػف تظهػػر المعػػاني إذف إذا كانػػت
افج ػزاء افلفػػاز ) ال تمتلػػؾ ايػػة دال لػػة قبػػل التركيػػب ؟ هػػل أريػػت فػػي حياتػػؾ أ ػػياء ال قيمػػة لهػػا ف ػ ذا
جمعتها ظهرت للمجموع قيمة خنفا لألجزاء ؟
كػػن .إف القيمػػة المليػػة إنمػػا هػػي مجمػػوع قيمػػة افج ػزاء كلهػػا وتناسػػب بعضػػها مػػع بعػػض وهػػو قػػانوف
فيزيا(ي ومنطقي عاـ ..لذلؾ اضطر خليفة الجرجػػاني الػػى تسػػمية اللغػػة بالنظػػاـ النمنطقػػي ) وحكمػػه
المبدأ االعتباطي ) . بالمبدأ الذي سما
ف ذا كاف الجرجاني يتحدث عف القيمػػة المسػػبقة ويسػػميها الفصػػاحة ) فلقػػد قلػػب االمػػر كلػػه أرسػا علػػى
عقب !
واني فحسبه ال يتحدث ا عف ذلؾ ومف هنا أصبح النظـ عند أساس المعنى المتحصل .ولمنه خالف
فمرة النظـ نفسها في جميع المواضيع الف غايته أبعد مف تفسير اللغة .
لو كانت افلفاز معدومة الداللة خارج الجمػػل لمانػػت متسػػاوية تمامػا وال فػػروؽ بينهػػا مطلقػا بػػل ولمانػػت
كل جزء منه ؟
مثل قطع الطوب ) المت ابهة فميف تظهر قيمة وداللة للتركيب مع غياب الداللة في ّ
174
وهػػل صػػحيح أخػػي القػػارئ انػػؾ ال تمتلػػؾ أيػػة فمػػرة وال يعلػػق ذهنػػؾ بػػأي معنػػى حينمػػا أتلػػو عليػػؾ افلفػػاز
المجردة اآلتية أل بحر ،تفاح ،سرور ،ألـ ،موت ،جبل ؟
نفتح كتػػاب دال (ػػل ا عجػػاز ب ػػكل ع ػوا(ي لنبػّػيف لمػػـ كيػػف ّ
دس الجرجػػاني مقػػاطع اآليػػات القرآنيػػة بػػيف
افبيات وال واهد ال عرية واللغوية وأنه اخرج الجميع مخرجا واحدا وأنه أجرى على الجميػػع حكمػ ا واحػػدا
نظـ ) القرآف إنما هو في نظـ ) غير القرآف أيضا أل بما يفهـ منه أف ا عجاز الذي هو في
تمهيد نصف صفحة ػ آية فما ربحت تجارتهـ ، ػػرح لهػػذا المقطػػع مػػف اآليػػة ثن ثػػة أسػػطر ،انتقػػاؿ
الى بيت ال عر الوارد في التمهيد .
عر أل يحمى إذا اختر السيوؼ /رح للبيت كونه كنز مف كنػػوز البنغػػة ) ،ػػعر آخػػر أل وسػػالت
بأعناؽ المطػػي االبػػاطح /ػػرح نصػػف صػػفحة ثػػـ عػػودة الػػى اآليػػة ممػػا يظهػػر منػػه بنغػػة كػ ّػل قػػوؿ فػػي
ّ
نفسػػه ونظمػػه وغايتػػه ال فػػرؽ بػػيف اآليػػة وال ػػعر ،ػػاهد آخػػر /بيتػػاف لحػػاجز بػػف عػػوؼ ػػرح لجهػػات
البيتػػيف نصػػف صػػفحة .ػػاهد آخػػر ثن ثػػة أبيػػات لمجنػػوف ليلػػى ،ػػرح لجماليػػات المجػػاز
اللطػػف فػػي ّ
الحكمي في عر المجنوف نصف صفحة .
ػػاهد آخػػر /وصػػاعقة مػػف نصػػله ينكفػػي بهػػا /للبحتػػري .ػػرح السػػتعارة البحتػػري وأس ػرارها الجماليػػة
والبنغية ثلث صفحة /اهد آخر للبحتري أل والبارقات كأنها...
كل هػػذا واآلف يمػػر مقطػػع مػػف آيػػة علػػى النحػػو اآلتػػي أل وال يعػػد هػػذا معػػد مػػا حػػذؼ منػػه المضػػاؼ وأقػػيـ
ّ
المضاؼ إليه مقامه كقوله تعالى أل واسأؿ القرية ومثل قوؿ النابغة الجعدي أل
175
رح للبيتيف نصف صفحة ،اهد آخر للمتنبي ،رح لل اهد نصف صفحة ،مقارنة مع حسبت بغاـ
راحلتي /نهاية الفصل .
المجموع أل ٜصفحات
ال واهد القرآنية أل اهد واحد هو فما ربحت تجارتهـ ) مقطوع عما قبله وبعد .
ال روح أل ثنثة اسطر لل اهد القرآني والباقي لل واهد االخرى .
نتيجة ال رح والمقارنة أل يوجد في ال اهد القرآني مجاز الف التجارة ال تػػربح نفسػػها بػػل يػػربح فيهػػا وهػػو
مجاز عادي جدا ،أما ال واهد ال عرية والنثرية فهي آيات مف آيات الفف والفصاحة والبنغ !
تنبيػػػػػػػػػػه أل
معلػػوـ أننػػا فػػي الحػػل القصػػدي وضػػعنا فوؿ مػّػرة إعجػػاز القػرآف فػػي موضػػعه وك ػػفنا فوؿ مػػرة عػػف سػّػر
الموحػػد والدال لػػة افصػػلية لمػػل
ّ الدفيف الما(ف في النظػػاـ العػػاـ والمػػرتبط ب لغػػاء المترادفػػات وثبػػات المعنػػى
جملػػة مفيػػدة ) مػػف جنسػػه واقعػػة ضػػمف هػػذا لفػػظ ممػ ا يوجػػب العجػػز التػػاـ عػػف ا تيػػاف بػػأي تركيػػب
كتابي النظاـ القرآني واللغة الموحدة في حيف سػػعت نظريػػة ا عتباطيػػة النظاـ ال امل ػ انظر لفهـ الفكرة
َْ
تقوله .
ونظرية النظـ ) الى إثبات أنه ص ) ّ
تمهيد على طوؿ صػػفحة ،ػػاهد ػػعري لب ػػار أل إذا أنكرتنػػي بلػػدة .ػػاهد آخػػر فميػػة أل فا ػػرب هني(ػػا
عليؾ التاج مرتفقا .اهد آخر لوا(لة السدوسي أخذ عف الجاحظ ،ػػاهد آخػػر البػػف السػػكيت ،ػػاهد
آخر للفارسي ،اهد آخر لنخ طل ػ رح نصف صفحة .مثاؿ أل جاءني زيد يسعى غنمه بػػيف يديػػه ،
اهد آخر لعلقمة ،اهد آخر لأليادي .
واآلف يأتي الجرجاني بثنثة مقاطع مف ثنث آيات ليبرهف أمر هذا النوع كلػػه يسػػتمر علػػى الغنػػى عػػف
الواو وعليه التنزيل والمنـ ) .
176
وهذا هو بيت القصيد ...التنزيل والمنـ سواء في هذا افمر .
ال رح وال إضافة على مقاطع اآليات بل تدافعت سوية في سطريف .
اهد آخر للسّلوي ابف هماـ ،اهد آخر للحنفي ،اهد آخر مف قصة عبد ى ويستمر الجرجاني أل
بف عتيؾ حيف دخل على أبي رافع ،اهد آخػػر للػػدارمي بعػػد ػػرح نصػػف صػػفحة ،بيتػػاف عػػف مصػػعب
ابف الزبير لمالؾ بف رفيػػع أل أتػػاني مصػػعب وبنػػو أبيػػه ،ػػاهد مفتػػرض ،ػػاهد مػػف قػػوؿ أبػػي افسػػود ،
اهد آخر لعكر ة ،اهد آخر فرطاة ال اعر افمػػوي وصػػفه بأنػػه لطيػػف جػػدا ) ،ػػاهد آخػػر مثلػػه
في الحسف واللطف ) فع ى همداف ،اهد آخػػر مفتػػرض ،ػػاهد آخػػر لخالػػد بػػف يزيػػد ابػػف معاويػػة
فيػػه جماليػػات ال يهتػػدي الػػى وضػػعها بالموضػػع المرضػػي اال مػػف كػػاف صػػحيح الطبػػع ) حسػػب تعبيػػر
المري ،اهد آخر البف عبد العػ ّػزي ،ػػاهد آخػػر وصػػفه بأنػػه
الجرجاني ،اهد آخر بغير الواو لجندح ّ
في غاية الحسف والجماؿ فحد الخوارج يصف أصحابه كما في الهامش ،بيتػػاف لألع اربػػي ،ػػاهد آخػػر
للفرزدؽ ،اهد آخر البػػف الرومػػي ،ػػرح صػػفحة ونصػػف ،ػػاهد لعلقمػػة ،ػػرح لل ػواهد المفترضػػة
ثنث صػػفحات ،است ػػهاد ب ػػطر ايػػة ثبػػات فرضػػيته بوضػػع الجملػػة مػػف المبتػػدأ والخبػػر موضػػع الفعػػل
والفاعل ،طر مف عر ب ػػار ،ػػرح صػػفحة ،ػػاهد آخػػر لسػػعد بػػف نا ػػب ،ػػرح نصػػف صػػفحة ،
نهاية الفصل .
المجموع أل ٔٙصفحة
ال واهد القرآنية أل اهداف .االوؿ ثنثة أسطر سوية ثبات أمر التنزيػػل والمػػنـ سػواء فػػي الغنػػى عػػف
الواو كما رأيت .والثاني قبل نهاية الفصل ثبات فرض جديد فرضه هو جاء بال اهد القرآنػػي وبسػػطر
واحد على النحو التالي أل
..فف المعنى علػػى النصػػب نحػػو اضػػرب زيػػدا ووضػػعوا الجملػػة موضػػع الفعػػل والفاعػػل فػػي نحػػو قولػػه
تعػػالى أل أدعوتمػػوهـ أـ أنػػتـ صػػامتوف فف افصػػل فػػي المعادلػػة أف تمػػوف أدعوتمػػوهـ إليػػه َصػ َػم ّتـ ) .
انتهى .
وكيػػف يحػػل الفعػػل صػ َػم ّتـ ) محػػل الحػػاؿ وأنػػتـ صػػامتوف ) ػ وفرضػػية الػػنظـ تقتضػػي االخػػتنؼ بػػيف
القػػوليف جػػاءني زيػػد مسػػرعا ) و جػػاءني زيػػد وهػػو يسػػرع ) وهمػػا ػػاهدا الجرجػػاني فػػي أوؿ مػػا بػػدأ
بتأسيس الفكرة ؟
177
وكيػػف تحػػل دال لػػة ا ػػتقاؽ محػػل دال لػػة ا ػػتقاؽ آخػػر فمػػا فا(ػػدة اال ػػتقاؽ إذف ؟ ومػػا فا(ػػدة التنػػوع فػػي
ا تقاؽ الصيغ المختلفة على أصل واحد ؟ وكيف يكوف مراد المػػتملـ واحػػدا والصػػيغ مختلفػػة ؟ ولمػػاذا ال
نعثر على مثل هذا التقدير والتغيير في ال واهد افخرى ونجد دوم ا في ال واهد القرآنية وحدها ؟
إعلـ أف لؾ في الذي ) علما كثي ار وأسػ ار ار جمػػة وخفايػػا إذا بحثػػت عنهػػا وتصػػورتها اطلعػػت علػػى فوا(ػػد
تؤنس النفس وتثل الصدر بما يفضي بؾ إليه مف اليقيف ويؤديه إليؾ مف حسف التبيف ) ..انتهى .
هكػػذا يبػػدأ الجرجػػاني هػػذا الفصػػل ػ وانػػت اآلف تت ػػوؽ لمعرفػػة افسػرار الجمػػة والخفايػػا فػػي الػػذي ) ،
السور ؟
وتساؿ في أي نوع مف ال واهد مف افولى وفي أي ّ
لمنؾ واهـ .فالجرجاني يتحدث عف افجزاء ،افجزاء في المنـ وحسب !
وعنواف المتاب هو دال(ل افجزاء ) .وانت واهـ منذ البداية أدعوتموهـ ظننت أنػػه يتحػػدث عػػف إعجػػاز
القرآف أل
ِ
وفي غػ ٍ
ػرض ..ويؤديه إليؾ مف حسف التبييف ،والوجه في ذلؾ أف تتأمل عبارات لهػػـ فيػػه لػ َػـ ُوضػ َ
ػع ِّ
أُجتلب وأ ياء وصفو بها ) .
وي رح الجرجاني تلؾ افسرار الجمة والخفايا بثنث صفحات فيها ثػػنث ػواهد مفترضػػة .واليػػأتي بأنػػه
اهد قرآني ويخلو الفصل مف أية إ ارة ولو عػػابرة الػػى االسػػتعماالت القرآنػػي لهػػذا االسػػـ الموصػػوؿ !!
وما أظف في القرآف !
لسبب واضح هو أف النظـ عند الجرجػػاني هػػو تسلسػػل افع اربػػي علػػى نحػػو منػػتظـ فػػي العبػػارة بحيػػث أف
يخل بالمعنى الذي يقصد القا(ل .
تغيير مواقعها ّ
إذا فمل آية قرآنية هي معجزة ! وذلؾ أدعوتموهـ افترضنا مثل مػػا رأى اآلخػػروف أنػػه حينمػػا تحػػدث عػػف
ال عر فقد تحدث عف القرآف !
ولمف عندهـ أف القرآف ما تحدى بظية واحدة بل تحدى بسورة واحدة ومعلوـ أف أقػػل سػػورة بعػػدد افولػػى
هي النصر وآياتها ثنثة .
178
أف ولع الجرجاني بنظريته أعما عف هذا السؤاؿ ولو كاف سأؿ نفسه فعرض عف نظريته العجيبة !
أف افجزاء أوسع واعظـ مما تتصور جميع العقوؿ فضنا عف عقل الجرجاني وحد !
ف ذا كاف النظـ هو ترابط المفردات بطريقة معينة ال يؤدي المعنى المقصود سوا فما أحسػػنه مػػف رأي ..
هدمه في جميع سطور حينما قاـ بتأسيس طريقته فػػي تقػػدير الجملػػة بػػنظـ آخػػر وحينمػػا
لمف الجرجاني ّ
قدـ وآخر كما ي اء ف اسأله أل أليس النظـ الجديد المفترض يؤدي الى معنى آخر غير الػػنظـ االوؿ فػػأيف
ّ
ذهبت نظريتؾ ؟ إـ كاف ذلؾ طُعما ) زدراد المزيد مف السموـ ؟
ال تقولػوا ثن ثػػة ) بػػأمثر مػػف وكيف جعلت النظميف أو افربعة بمعنػػى واحػػد حينمػػا قػ ّػدرت قولػػه تعػػالى
صورة مختلفة ؟؟
قدروا هذ العبارة القرآني بقولهـ إنهػػا بمعنػػى وال تقولػوا آلهتنػػا ثن ثػػة ) ػ ارتمبػوا
ليته إذ قاؿ أف الذيف ّ
عظيما في إثبات وجود آلهة ونفى عددها ..فتقديرهـ خاطّ جػػدا الف معنػػا آلهتنػػا عديػػدة لمنهػػا ليسػػت
ثنثة !
ليته إ ذ قاؿ هذا المػػنـ التػػزـ بػػه الػػى اآلخػػر والتػػزـ بنظريػػة الػػنظـ فلػػـ يقػ ّػدر كتقػػديرهـ ..لمنػػه أبػػى اال أف
لحـ في سنارة صيد . يفعل الف قوله هذا أ
فقػػاؿ أل مػػا اسػػتخرجنا أدى هػػذا التقػػدير الػػى الفسػػاد وجػػب العػػدوؿ عنػػه الػػى غيػػر والوجػػه وى اعلػػـ أف
تموف ثنثة صفة مبتػػدأ ويكػػوف التقػ دير وال تقولػوا لنػػا ثن ثػػة آلهػػة ) ثػػـ حػػذؼ الخبػػر لنػػا ) فبقػػى وال
تقولوا آلهة ثنثة ثـ حذؼ الموصوؼ آلهة فبقى ثنثة !
فأنظر ماذا فعل فقد عاد الى ما بدأوا به وفعل أسوأ مما فعلوا .
ذلؾ الف النهي تعّلق مرة أخرى بالعدد أل أي ال تقولوا لنا ثنثة آلهة بل قولوا أربعة أو ع ػرة أو مػػاء ال
فرؽ فالمنهي عنه هو الثنثة فقط .
179
فاف قلت أل أف كاف ال يوجب آلهة فانه ال تنفيه ؟ وأجاب على السؤاؿ بقوله أل
فاسأله أيف هي الم كلة إذا ؟ حتى أدعوتموهـ أدرؾ الغرؽ ت بث بالمقطع النحق ..وقد كنت تناقش
المقطػػع افوؿ منفص ػنا أل أف تقػػدير علػػى هػػذا النحػػو خػػاطّ ..فمػػا ػػطت بػػؾ افرض ولمػػف نقلػػت مػػف
السواد الى السواد !
ولمنه رغـ ذلػػؾ رضػػي بالتقػػدير باعتبػػار ال يثبػػت آلهػػة وال ينفيهػػا ..ونحػػف نقػػوؿ بػػل يثبتهػػا آيػػات مػػاداـ
متعلقا بالعدد ال بوجود اآللهة .
ال تقولػوا لنػػا ثن ثػػة ػػعراء ) فالسػػامع يفهػػـ انهػػـ فنؾ لو قلػػت لجماعػػة أل ال تقولػوا ثن ثػػة أل أف تقػػدير
ثنثة ما بدأ يػػأمر بالمتمػػاف والتسػػتر علػػيهـ فأصػػبح تقػػدير الجرجػػاني ال يثبػػت اآللهػػة وحسػػب بػػل ويثبػػت
عددها آيات !
م ف خنؿ أف النهػػي تعلػػق بالثن ثػػة فقػػط وكػػل عػػدد غيػػر فػػوؽ الثن ثػػة جػػا(ز الف الواحػػد واالثنػػيف يسػػتلزـ
يقدروف الجمل إذا اقتضى التقدير تغيي ار في بقية افلفاز !
تغيي ار في صيغة الجمع آلهة وهـ ال ّ
ػ ال تقولوا ثنثػة ػ
قاؿ الجرجاني أل وال يمتنع أف تجعػػل المحػػذوؼ فػػي موضػػع التمييػػز دوف الموصػػوؼ ويكػػوف الت ػػػقدير أل
وال تقولوا ثنثة آلهة ) وتقدير أل وال تقولوا لنا أو في الوجود ثنثة آلهة ) .
فانظر الى هذا التقدير الذي انجب تقدي ار آخػػر هػػو عػػيف التقػػدير االوؿ والنتيجػػة أل ال تقولػوا فػػي الوجػػود
ثنثة آلهة بل قولوا عددا آخر أو يكوف معنا أل ال تذكروا العدد فنكـ ال تعرفونػػه المبػػدأ كثيػػر ال يحصػػى
ن! متغير ال يعلـ أو يكوف أل امتموا العدد وأحفظوا ّ
السر فانهـ ثنثة فع ا أو ّ
أليس قوله تعالى أل وال تقولوا ثنثة انتهوا خي ار لمـ أنكرتني ى اله واحد مترابط مع بعضه ومػػع مػػا
يسبقه وما يلحقه ؟
180
المقدر مفرد ال جمع هو نفس لفظ الجنلة ى ) والذي اصله ا له ) فأدغمت النماف وأزيلت ّ فاللفظ
الهمػػزة واف لػػف الثػػاني فصػػار ى ) ػ هػػذا تخػػريجهـ للفػػظ الجن لػػة ) ػ ولفػػظ ا لػػه ال يطلػػق اال علػػى
ا له الواحد كما هو معلوـ لوجود أؿ التعريف .
ما استخرجنا كاف البد مف تقدير علػػى عػػادتهـ العجيبػػة فهػػو أل وال تقولػوا ى أمػػة ا لػػه ) ثن ثػػة ..
ػحه أل أنكرتنػػي ى أو ا لػػه ) إلػػه واحػػد ..حيػػث
فيػػدخل نفػػي التعػػدد مػػف أوؿ العبػػارة الػػى آخرهػػا ويوضػ ّ
يتعلق المحذوؼ ) المزعوـ باللفظ المذكور الحقا.
يقدر هو وغير المحذوؼ المزعوـ بصيغة الجمع وهـ يريدوف مف الجملة أف تفيد نفي التعدد؟
فميف ّ
يميز أنه أف الجميع بيف المخاطبيف والمقصوديف مف القوليف أل
فالجرجاني لـ ّ
قوله تعالى لقد كفر الذيف قالوا أف ى ثالث ثنثة / الما(دة ػ ٖٚ
إذ أف هناؾ طا(فتيف تمثنف أسوأ وأهوف القا(ليف بالتثليث مػػف النصػػارى .وتقػػع بينهمػػا أمثػػر مػػف تسػػعة
اتجاهات في فهـ هذا التثليث .
فالذيف قالوا أف ى الذي هو إله ثالث ثنثة فقد اثبتوا ثنثة آلهة وهو أسػوأ َف ْهػػـ للتثليػػث وقػػولهـ كفػػر .
والذيف قػػالوا أل ا لػػه واحػػد لمنػػه ثن ثػػة .وهػػي طا(فػػة فػػي النصػػارى جمعػػت بػػيف القػػوؿ بالتوحيػػد الخػػالص
ومعقد للغاية .ال يفهمه حتى قادة االتجػػا أنفسػػهـ ػ وهػؤالء
وبيف الت عدد في االقانيـ في مفهوـ غامض ّ
لـ يكفروا مثل أول(ؾ فقاؿ أل انتهوا خير لمـ ! الف قولهـ مخالف العتقادهـ فافهـ .
ال تقولوا ثنثة انتهوا خير لمـ ػ بعدها أل أنما ى إله واحد ..
عددوا ى نفسه !
فأوضح للذيف كفروا بقولهـ هو ثالث أل أنه ليس مف إله اال إله واحد فنهـ ّ
وأوضح للذيف قالوا ا له الواحد ثنثة أل أف هذا ا له الذي تؤمنوف بػػه هػػو ى وأنػػه واحػػد .فػػانتهوا عػػف
القوؿ .ولـ وال فروؽ أف ينتهوا عف المفر الف المافر ال ينتهي عف المفر .
أف الذيف كفروا سواء عليهـ أءنذرتهـ إليه لـ تنذرهـ ال يؤمنوف
ثـ انظر الى ا عجاز المذهل في ذكر الفريق الثاني مع افوؿ في مورد الما(دة أل
لقد كفر الذيف قالوا أف ى ثالث ثنثة وما مف إله اال إله واحد ..
ػذكر الفريػػق الثػػاني الػػذي يقػػوؿ ثن ثػػة وال يعنػػي اف الواحػػد فسػػأؿ أل والػػذيف يقولػػوف ذلػػؾ
فمػػأف السػػامع تػ ّ
ويعنوف أنه واحد هل يكفروف ؟
181
فقاؿ أل ول(ف لـ ينتهوا عما يقولوف ّ
ليمسف الذيف كفروا منهـ عذاب اليـ
فجمعهمػػا معػا فػػي مػػورد الما(ػػدة فانتبػػه .فػػبعض هػؤالء كفػػر وبعػػض لػػـ يكفػػر فقػػاؿ مػػنهـ ) بينمػػا َّ
كفػػر
الفريق االوؿ كلهـ لقد كفر الذيف قالوا أف ى ثالث ثنثة .
فافهـ وتأمل وأعد القراءة أف لـ تفهـ فني أوضحت لؾ افمر بطريقػػة تظهػػرؾ علػػى ا عجػػاز الفعلػػي فػػي
تسمى نظرية الجرجاني بالقضـ ) ال النظـ ) فنها قضمت اللغة والتراميب قضما .
كاف الولى أف ّ
أيرى الجرجاني أف الجمل المبدوءة بفعل وهي الجمل الفعلية ليست بليغة ؟
ماذا يرمي الجرجاني بقوله أل ومثل ذلؾ قولػػه أل وقػػد اغتػػدي والطيػػر لػػـ تمّلػػـ ) .أيرمػػي الػػى أف الجمػػل
الفعلية المثيرة في القرآف ليست بليغة ؟ واف أ عار الجاهليف ابلغ منها ؟
لقػػد ظػػف الجرجػػاني أف القا(ػػل أل أتػػى ولػػـ تطلػػع ال ػػمس بعػػد ..أمػػر يػػتملـ بكػػنـ ال يجػػيء اال نابيػا ) .
بينما تموف هذ العبارة ذات معنى مختلف عف العبارة افولى أل أتى وال مس لـ تطلع بعد ) .فف تقديـ
طلوع ال مس كفعل على اسمها ينبّ عف عجلة في المجيء امبر مما يتوقع القا(ػػل ..وخػػنؼ االتفػػاؽ
في الوعد بينهما ،بينما العبارة الثانيػػة تؤكػػد أف مجي(ػػه فػػي عػػيف الوقػػت المتفػػق عليػػه ! لمػػاذا ! ف نػػه
182
قدـ الفعل أوحى الى السامع أف الموعد هو الطلوع بينما العبارة الثانية أوحى إليه فيها أف الموعػػد
حينما ّ
قبل الطلوع !
ويمكنؾ التأمد مف ذلؾ بالتأمل فيه أوالا ووضع االستفهاـ المناسب لمل عبارة ثانيا هكذا أل
المبدأ الثانية فالسؤاؿ فيها أل هل أتػػى وال ػػمس قػػد طلعػػت ؟ وهػػذا التغييػػر فػػي السػؤاؿ وتقػػديـ الفاعػػل
غيػػر العبػػارة كلهػػا وأَفهػػـ السػػامع أف الموعػػد قبػػل الطلػػوع وأنػػه يسػػأؿ عمػػا إذا كػػاف قػػد أتػػى
ال ػػمس ) قػػد ّ
وال مس قد طلعت .وجوابػػه أل أتػػى وال ػػمس لػػـ تطلػػع بعػػد .فػػتـ تقػػديـ ال ػػمس عػػف الفعػػل فػػي صػػيغة
السؤاؿ والجواب معا وهذا كله هو عكػػس مػػا قالػػه الجرجػػاني تمامػا ..وليسػػت الثانيػػة نابيػػة كمػػا زعػػـ بػػل
هو تركيب صحيح لمعنى مختلف .
قاؿ مؤلف هذ افوراؽ أل صدؽ القا(ل ،خذوا الحكمة مف أفػوا المجػػانيف فػػأف جماعػػة ا ّتبعػػت الجرجػػاني
وهو يهينها هذ ا هانة ويمثلها بالناقة الهزيلة المنكسة مف علتها ..المتداعيػػة صػػحتها الخػػا(رة قوتهػػا
ويمثل نفسه فيها طبيبها ..المت ّتبع للداء الذي يسري في عروقها لهي جماعػػة بهػػذا الوصػػف فعػ ا
ن !. .
183
بيػػد أف الػػذيف يؤمنػػوف بوجػػود قيمػػة ذاتيػػة فػػي اللفػػظ هػػـ أمػػة أخػػرى بكػػل تأميػػد .ونسػػجل لػػؾ اآلف ثبتػ ا
بمواضيع هذا الفصل أل
ػ أربػػع صػػفحات ل ػػرح الػػداء الػػذي ذكػػر الجرجػػاني .امػػتألت بعبػػارات التػػبجح والػػتهكـ معػا واصػػفا مػػف ال
يؤمف بأقواله بمختلف افوصاؼ أل دة الغفلة ،خراب العقوؿ ،الغواية ،ا ّتباع الهوى ،تأسيس الفسػػاد
،التور بالجهاالت ..الى ما يصعب إحصاء
ػ مثاؿ قديـ ،بيت للهنلي ،بيت للبيد وآخر للبحتري وثالث براهيـ بف المهدي وآخر البف أبي فنف .
رح صفحة و اهد آخر أل بيتاف للحطي(ة ،رح صفحة أخرى وبيت لحساف ،رح آخر وبيت للمتنبي
وآخر للبحتري .
ػ خمسة صفحات أخرى و واهد عرية ما يقرب مػػف خمسػػيف بيتػا ل ػػعراء مختلفػػيف يتخللهػػا نمػػاذج مػػف
اف عار وأبيا ت لبعض الخوارج وأبي نؤاس مثلما يتخللها نماذج ل عراء جػػاهلييف ،ػػرح صػػفحة ل ػػاهد
أبي نؤاس .
ػ ثنث صفحات مع ستة وع ريف بيتا آخر .رح صفحة واحدة ل اهد المتنبي.
عودة الى ال رح أل ثبات أف ا عجاز ليس في الحروؼ ومذاقها وال في سنمتها مما يثقػػل اللسػػاف مػػف
ّ
حيث يرى الناظر أف كنمهـ ليس كنـ مف خطر ذلؾ منه بباؿ ..الى آخر عباراته .
وبالتالي فػػاف إعجػػاز القػرآف لػػيس فػػي اللفػػظ بػػل بالمعػػاني المتحصػػلة مػػف اللفػػظ .لمػػف قػػارئ الجرجػػاني
سيدرؾ بن ؾ أف ال واهد معجزة والقرآف ربما هو معجز أيض ا واال فميف تصح النتيجة مف المقارنة ؟
لمف الجرجاني آمف مف انك اؼ االمػػر ف نػػه يعلػػـ أنػػه لػػيس هنػػاؾ قػػارئ حقيقػػي بػػل هػػي ناقػػة جربػػاء )
تحتاج الى كي وهاهو يعالجها !
ّ
الخنصة أل
184
عدد الصفحات أل ٖٖ
انتبػػػػػػػػػه !
اسـ المتاب أل دال(ل ا عجاز !! والمفروض أف المقصود إعجاز القرآف ال سوا ولمف أنظر أل
عػػدد الم ػرات التػػي ذكػػر فيهػػا لفػػظ الجن لػػة أو أسػػـ مػػف أسػػماء ى بمػػا فػػي ذلػػؾ ال ػػعر أل ثن ثػػة م ػوارد.
موضوع البحث أل إعجاز القرآف !!! أو هكذا يفهـ مف عنوانه دال(ل ا عجاز ) !
ذلؾ أف يء يؤدي الى اآليات يكوف القرآف معج از ال بما كاف قرآنا وكنـ ى عز وجل ) .
تنبيػػػػه أل
ػل ا عجػػاز عػػف القػرآف ػ بتعمػػيـ أف ا عجػػاز ال يعػػود الػػى القػرآف مػػف
الدسيسة في هذ الفقرة هػػي أل فصػ ُ
حيث هو كنـ ى ) بل مف حيث هو نظـ للمػػنـ ! والػػنظـ عػػاـ فػػي كػ ّػل كػػنـ ولػػيس مقصػػو ار علػػى
كنـ ى .
ولػػذلؾ جمػػع الجرجػػاني القليػػل مػػف كػػنـ ى مػػع المثيػػر جػػدا مػػف كػػنـ غيػػر فػػي نسػػق واحػػد وأجػػرى علػػى
الجميػػع حكمػا واحػػدا ػ مػػع التأميػػد المسػػتمر علػػى م ازيػػا كػػنـ الخلػػق والصػػمت المسػػتمر عػػف م ازيػػا كػػنـ
الخالق .
185
تنبيه آخر على حيلة الجرجاني أل
المتقدـ كانت على النحو اآلتي أل
ّ أف حيلة الجرجاني في الفصل
إذا كانت هذ افمة ترفض أو فيها مف يرفض اآليات ينكر أحد أف القػرآف معجػػز فعنػػد الجرجػػاني طريقػػة
فذة هي أل ليكف معج از ..وليكف كنمنا هو اآلخر معج از ! ..
فالنتيجػػة واحػػدة أل ألسػػتـ تريػػدوف إنكػػار ا عجػػاز ليتسػػاوى كػػنـ ى مػػع كنمنػػا ؟ فػ ذا عجػػزتـ أف تنزلػوا
بالقرآف الى كنمنا فارفعوا كنمنا ليساوي كنـ ى ! .فهني(ا فمتنا ب مامها الجرجاني .
بينما العبارة افولى تضمنت أف التوكيػػد مػػع مػػا الموصػػولة والمعنػػى أف الػػذي حػّػرـ فػػي هػػذا الموضػػع مػػف
محرمات أخرى فػػي مواضػػيع الحديث وما يدور حوله مف افطعمة واف ربة هو الميتة والدـ ..الف هناؾ ّ
أخرى .
يردوا ويصححوا بها كنـ النحػػوييف لػػو كػػانوا يعلمػػوف والدليل على ذلؾ آيات وآيات كاف على الفقهاء أف ّ
محرـ مف الصيد ما دامػوا حرمػا وكػػـ مػػف محػػرـ فػػي وقػػت دوف وقػػت وكػػـ مػػف محػّػرـ فػػي بػػاب
.فمـ مف ّ
دوف باب ؟
186
فميف اخرجوا العبارة القرآنية بطريق الحصر ؟ أـ كاف هؤالء ال يصّلوف وال ّ
يحجوف وال ػػأف لهػػـ ببقيػػة
المحرمات ؟
ّ
قاؿ الجرجاني أل ليس معنى كنمهـ أف المعنى في هذا هو المعنى في ذاؾ ؟
فن ادري كيف يق أر الجرجاني سطورهـ ؟ ألـ يق أر قػػولهـ أل معنػػا مػػا حػّػرـ اال الميتػػة ! فميػػف ال يعنػػي
أف المعنى في هذا ليس المعنى في ذاؾ ؟
ويتخبط الجرجاني لتوضيح مقصودهـ بعبارات عجيبة وأمثلة اعجب فيقوؿ أل
إنما ى إله !
لمف مف الواضح أنه ال يفيد الحصر الف المقارنة خاط(ة مف افصل .
ن أل إنما ّ
حرـ ربي ، ..إنما ّ
حرـ عليكـ .وهػػذ الجملػػة أل مػػا مػػف إلػػه فالجمل المبحوث فيها تضمنت فع ا
اال ى جملة مؤلفة مف نفي دخل على به جملة مع أداة الحصر فما هي عنقته بالجملة الفعلية؟
ال ادري بػػأي ػػيء التػػزـ ه ػؤالء أل بقواعػػدهـ الخاط(ػػة مػػف افصػػل أـ بالمعػػاني أـ بػػالمنطق ..ال ػػيء
التزموا به ..وما هذا اال موضوع اخترعته االعتباطية مف نفسها اختراع ا .
تنبيػػػػػػه أل
راح الجرجاني يسرد افمثلة على النحو الػػذي ال يػػدري مػػا هػػو جامعػا بػػيف اآليػػات وال ػواهد ال ػػعرية فػػي
خلطة واحدة أل
أنت ُم أ
نذر ، مع إنما مصعب هاب مف ى وانمػػا أنػػت والػػد معوف ،وا ّ
نما َ يس ُ يستجي ُب َ
الذيف َ َ إّنما
الرقيات والمتنبي .
أل البف قيس ّ
يكـ َ
الميتة ، مع إنما يدافع عف أحسابهـ أنا ومثلي للفرزدؽ . إنما َّ
حرـ عَل ُ ّ
إف ُ
أنتـ االّ ب أر مثُلنا ... ما وجدت اال هاب ،مع ْ
187
ِ
عمهوف ، مع أل زعـ العواذؿ أنّني في غمرة ...وهكذا دواليػػؾ يستهزئ ِبهـ َ
وي ُ
مدهـ في طُغيانهـ َي ُ َ ى
ُ
.
ػأتوا بمثػ ِػل هػػذا القػرآف ال يػػأتو َف افنس والجف علػػى ْ
أف يػ ُ ُ إجتمعت
ْ وهذ افمة تق أر في كتاب ى أل ُق ْل َلو
بمثلػ ِػه وَلػػو كػػاف َب ُ
عضػػهـ لػ ٍ
ػبعض ظهي ػ ار ) .ومػػع ذلػػؾ فقػػد جمعػػت وال ازلػػت تجمػػع هػػذا الق ػرآف مػػع أق ػواؿ
تجري على الجميع قواعدها التي ابتػػدعتها ! مػػف غيػػر السفهاء مف الجف وافنس في مكاف ضيق واحد ُ
أف يثير ذلؾ غيرَة ٍ
رجل منهـ .
واعلـ أف الذي ت ار في التنزيل مف لفظ قاؿ ) مفصو اال غير معطوؼ هذا هػػو التقػػدير فيػػه كقولػػه تعػػالى
ػوـ ُمنكػَػرُوف جػػاء ػاؿ سػ أ
ػنـ قػ أ المكػػرميف إ ْذ دخلػوا عليػػه فقػػالوا َسػػنما قػ َ حديث ضيف إبػر َ
اهيـ َ ُ هل َ
أتاؾ ْ
على ما يقع في انفس المخلوقيف مف السػؤاؿ فلمػػا كػػا ف فػػي العػػرؼ إذا قيػػل لهػػـ أل دخػػل قػػوـ علػػى فػػنف
فقالوا كذا ،أف يقولوا أل فما هو ؟ ويقوؿ المجيب قاؿ كذا اخرج المنـ ذلؾ المخػػرج الف النػػاس خوطبػوا
بما يتعارفونه ...الخ .
قدر الجرجاني افس(لة المن(مة هكذا أل فقربه إليهـ قاؿ اال تأملوف ؟
ثـ ّ
السؤاؿ هو أل فما قاؿ حيف وضع الطعاـ بيف أيديهـ ؟
قاؿ مؤلف هذا المتاب أل ما أد ار أف السؤاؿ على هذا النحو وما أد ار أف الضرورة العرفية تقتضي خنفه
؟ إذ المتعارؼ أف الرجل إذا وضع الطعاـ بيف يدي قوـ فالسامع للقصة ننتظر منه أف يقػػوؿ أل فمػػا قػػالوا
حيف وضع الطعاـ ؟
وال يسأؿ السامع أل ماذا قاؿ الواضع للطعاـ ! فانتبه أيها القارئ النبيه !
ولذلؾ جاء المنـ بخنؼ المتعارؼ فمػػر مقصػػود تػػرؾ ذكػػر ومػػا تركػػه اال فف السػؤاؿ المقػ ّػدر بخنفػػه ..
فنه لما قاؿ أل اال تأملوف ) فهـ السامع أم ار مضى وجاء بخنؼ توقعاته وهو انهػػـ لػػـ يػػأملوا كمػػا هػػو
حوؿ السامع افف لينظر الى إبراهيـ ع ) الف الصورة التي يعرضها القرآف هي بخنؼ ايػػة المتعارؼ فت ّ
حيػػة متحركػػة كمػػا لػػو كػػاف السػػامع
صورة يعرضها أي كنـ للمخلػػوقيف ..فهػػو يعػػرض الصػػورة اخصػػة ّ
ي اهد الحدث واقعا َ
أماـ عينيه .ونعود الى كنمه فنقوؿ أل هكذا ّ
قدر الجرجاني جميع افسػػ(لة المضػػمرة
يدعي أف كنـ الخالق يختلف عف المنـ المتعػػارؼ بزعمه بحيث ال يبقى معها يء يمكف فيه للمرء أف ّ
قدر ثـ ق ّتل كيف ّ
قدر ! ب يء ..فقتل كيف ّ
المقدرة وأجوبتها ّ
المنزلة أل ّ انظر الى افس(لة
188
تغير ودخلته الخيفة ؟
س أل فما قالوا حيف رأو وقد ّ
ج أل قالوا ال تخف .
فمذبوهما َّ
فعززنا بثالث . ُ وفي قصة مؤمف يس أل
وكأف العقوؿ الب رية عاجزة عف ا تياف بمثل أس(لته المقػ ّػدرة العجيبػػة لسػػياؽ حػواري تػػاـ بػػيف طػػرفيف ال
يحتاج الى أف تقدير مزعوـ ؟ !
على أنؾ تنحظ بوضوح كاؼ أل أنه لما قاؿ أل فمذبوهما فعززنا بثالث ،فالمتوقع كنـ الثالػػث بعػػد تمػػذيب
االثنيف ! واذا كػػاف ثمػػة سػؤاؿ مقػػدر فهػػو أل فمػػا قػػاؿ الثالػػث ؟ ولػػيس فمػػا قػػالوا ..ويفاجػػأؾ القػرآف أف
الجميع قالوا وليس الثالث وحد وهنا تممف البنغة وأسرار علـ الػػنفس وعظمػػة افنبيػػاء والرسػػل وأ ػػياء
أخرى في كنـ ى .
وهكذا يسترسل الجرجاني في تقدير افس(لة المن(مة لجميع نصوص الحكاية )أل
ج(تؾ ب ٍ
يء ُمبيف . ُ قاؿ أو ُلو
فما قاؿ موسى ؟ أل َ
ِ
أف كَنت مف الصادقيف فما قاؿ فرعوف ؟ أل قاؿ فأت به ْ
قاؿ الجرجاني أل جاء ذلؾ كله على تقدير السؤاؿ والجواب كالذي جرت به العادة بيف المخلوقيػػف !
وقد رأيت أنه بخنؼ ما جرت به العػػادة بػػيف المخلػػوقيف ف نػػه بخػػنؼ كػػنـ المخلػػوقيف كونػػه كػػنـ معجػػز
وكنـ المخلوقيف غير معجز ..فاف كاف الجرجاني يريد إثبات أنه ككػػنـ المخلػػوقيف ال فػػرؽ .فلعنػػة ى
على بنغة الجرجاني !
إنتبػػػػػه أل
189
إذا وضعت طعاما لضيوفؾ فانؾ تقوؿ أل تفضلوا كلوا وا ربوا .
وال تقوؿ أل اال تأموا ؟ فأنت ال تقوؿ هػػذ العبػػارة إال حينمػػا يفعلػػوف أمػػريف اثنػػيف معػا االوؿ أل االمتنػػاع
عف افمل والثاني الصمت لحد تلؾ اللحظة ! فنه سؤاؿ يتضمف إنكا ار على امتنػػاعهـ عػػف اف مػػل ،فلػػـ
يفهـ الجرجاني االمر مف صيغة المنـ أيضا مثلما لـ يفهمه مف القصة .
أقوؿ أل أف الذي ال يخفى فساد هو كنـ الجرجاني .فهذ اآلية فيها هندسة هػػي أبعػػد ػػيء عػػف عقػػل
الجرجاني .اال ينحظ هذا المتعسف وجود رطيف فعنا في جملة ال ر وجزاءيف في جملة الجزاء؟
اال ينحظ هذا المتعسف أف أحد ال ػػرطيف تضػػمف ػػرطيف آخػػريف تفرعػا علػػى ال ػػر االوؿ ؟ واف أحػ َػد
الجزاءيف هو نفس ال ر االوؿ ِ
بأحد فروعه مع إضافة مبينا) ؟ ُ
فهذ اآلية العجيبة تضمنت جميع االحتماالت المؤلفة مف ال ر والجزاءات المتعددة في آف واحد .
الجزاء العاـ أل احتمل بهتان ا بالرمي ) و أثما ) كاف خافي ا فأصبح مبينا ) بالرمي أيديهـ .
أ .أف مف يكسب خطي(ة ػ ولـ يرـ بها بري(ا فن تصل تلؾ الخطي(ة الى درجة ا ثـ بل تبقى خطي(ة .
ب .ومف يكسب إثما وال يرـ به بري(ا ػ فقد امتسب إثم ا وحسب .
ج .ومف يكسب خطي(ة ويرـ بها بري(ا فقد احتمل بهتانا واثما بالرمي ) .
د .ومف يكسب أثما ويرـ به بري(ا فقد احتمل بهتانا واثما مبينا .
فالخطي(ة تتحوؿ الى اثـ بالرمي ،وا ثـ يتحوؿ الى إثـ مبيف بالرمي وكل مف العمليتيف هو بهتاف .
190
بيف في الجزاء . ووجود ا ث ِـ في ال ر وتحوله الى ٍ
إثـ ُم ٍ ُ
بهتاف في الجزاء وغيابه في ال ر .
ٍ ووجود
" أنا نعلػػـ أف الجػزاء أمػػر يتعلػػق إيجابػػه بمجمػػوع مػػا حصػػل مػػف الجملتػػيف فلػػيس هػػو المتسػػاب الخطي(ػػة
أق ػ ػ ػ ػػوؿ أل على انفراد وال لرمي البريء على ا طنؽ بل لرمي البريء بخطي(ة كانت مف الرامي " !
وم ػػا عنق ػػة ه ػػذ احد ؟ فهذا اعتراؼ بوجود رطيف ؟ فميف زعـ أوالا أف ال ر َ و أ
احد والجزاء و أ
كل الوضوح بالتخري النحوي الذي انبهرت به افمة اللغوية ؟ أليس ى هػػو القا(ػػل أل النتيجة الواضحة ّ
فف ى م ػ ػ ػػا ق ػ ػ ػػاؿ أل وم ػ ػ ػػف يكسب خطي(ة أو أثما ثـ َيرـ به بري(ا ؟وم ْف ْ
َ
ويوضػػح لنػػا أف الخطي(ػػة
ّ ابف عمه خطي(ػػة أو أثمػػا ثػػـ يػػرـ بػػه بري(ػػا ،ليػػأتي الجرجػػاني
يكس ْب أخو أو َُ
ؽ ف
َيجػ ْػب ) أف تمػػو مػػف ال ارمػػي ؟ نعػػـ لػػو رمػػى عػػف أخيػػه وابػػف ّ
عمػػه بري(ػػا فهػػو كػػالرامي االوؿ ال فػػر .
انتبهوا يا أمة اللغة والنحػػو !
انتبهوا قبل فوات افواف !
فضل ٍ
حذ للبصيرة وزيادة ك ف فيها مف السريرة وغلط الناس في هذ الباب كثير ) ! ُ فيها
رح الجرجاني عنقة اللفظ بالمعنى ثبات ي(يف متناقضػػيف ،ويبػػدو أف هدفػػه هػػدـ المعػػاني الحكميػػة
لتراميب اللغة عموما وتحويلها الى لغة سوفسطا(ية وخالية مف المعنى المحدد الػػذي ترمػػي البنغػػة
) كعلـ الى نقد مف جهة المعنى وجهة اللغة .فقد تح امل علػػى اللغػػة مػػف حيػػث هػػي لغػػة ،وعلػػى معنػػى
اللفػػظ مػػف حيػػث هػػو لفػػظ مجػّػرد ..وأذا تنزلػػت عػػف مناق ػػة كػ ّػل ذلػػؾ وظننػػت أف الجرجػػاني يعتنػػي بػػالنظـ
فاجػػأؾ أيضػا أف الػػنظـ لػػيس هػػو الػػنظـ الػػذي هدفػػه إبػراز المعنػػى ف نػػه مػػف هػػذ الجهػػة يحػػاوؿ تسػػخيف
أول(ؾ الذيف يعتنوف بالمعنى الحاصل مػػف الػػنظـ فمػػاذا يريػػد الجرجػػاني إذف ؟ ال يريػػد سػػوى هػػدـ اللغػػة
كلهػػا وهػػذا مػػف أوضػػح افمػػور إذا قارنػػت كتابػػه دال (ػػل ا عجػػاز ) بمػػا ذكرتػػه لػػؾ فػػي القسػػـ االوؿ مػػف
كلماته في البنغة واعتداء على الصػػدؽ ) وتأييػػد للمػػذب فػػي الفصػػل المعنػػوف بعنػواف دفػػاع عػػف
المذابيف ) وهو الفصل . )ٚ
191
قاؿ بعد أف جاء ب واهد ػػعرية متضػػادة فػػي المعنػػى وهػػي متقاربػػة فػػي قػػوة الػػنظـ) اسػػتعملها كتمهيػػد
للوصوؿ الى غايته أل
دجا اال ؟
قل لي بربؾ أتعد هذا الرجل معتوها ألـ ّ
ألـ يمثل المفردات كونها أداة ) لصياغة المعنى كمػػا الػػذهب مػػادة لصػػياغة الخػػاتـ؟ ألػػيس الخػػاتـ فػػي
مثل للمعنى ؟
هذا المثاؿ هو أ
فميف يعرؼ الناظر العمل ورداءته ؟ أليس الجرجاني هو الذي يطالبه أف ال ينظػػر الػػى الػػذهب بػػل ينظػػر
الى صياغته ؟
بالطبع الجرجاني ما كاف يحسب أف أحدا سػػينظر فػػي عبا ارتػػه كلمػػة كلمػػة ويحاسػػبه كمػػا افعػػل افمثلػػة !
أليس هو الذي ّبه الخاتـ بالمعنى ؟
واذف فالناظر في المنـ ي جب على هذا الت بيه أف ينظػػر للمعنػػى ال للمفػػردات الف مثػػل المعنػػى هػػو مثػػل
الخاتـ ،فمما ينظر للخاتـ ينظر للمعنى ؟
فميف يأمر الجرجاني في نفس العبارة أال ينظر للمعنى ،ويأمر الصا(غ أف ينظر للخاتـ ؟
ومػػادة المػػنـ هػػي المفػػردات والمفػػردات عنػػد الجرجػػاني لػػيس واحػػدة مػػف حديػػد وافخػػرى مػػف ذهػػب الف
الصياغة والنظـ يعطياف للمفردة رونقها ! بماذا ؟
تتركػػب فداء المعنػػى الواضػػح الجلػػي المقبػػوؿ والمعقػػوؿ ..فمػػا عنقػػة المثػػل المضػػروب بنظريػػة
بكونهػػا ّ
النظـ ! إذا كاف الجرجاني في النهاية ال يؤمف بتمايز المفردات وال يؤمف بالمعنى معا ؟ ثـ قاؿ أل
192
كذلؾ إذا فضلنا بيتا أو كنما ) مف اجل معنػػا أف ال يكػػوف تفضػػينا لػػه مػػف حيػػث هػػو ػػعر أو كػػنـ
وهذا قاطع فاعرفه ) .
ماهو القاطع ؟ وما هو الذي عرفنا مف قبل حتى يمكننا أف نعرؼ هذا ؟
أني ال اسأؿ الجرجاني بل اسػػأؿ أول(ػػؾ الػػذيف عبػػدو وال ازلػ وا يعبدونػػه أل مػػف مػػنكـ يرفػػع أرسػػه لي ػػرح لنػػا
كـ ّ
نقدي وفق تلؾ الترهات التي أسميتموها نظرية النظـ ؟ إصدار ُح ٍ
َ نظرية الجرجاني فيقدر المرُء على
تنبيػػػػه أل
تركزت في تلبيس االمر على القارئ بسابق علـ منه وقصػػد الػػى ذلػػؾ ػ
حيلة الجرجاني في المثل السابق ّ
فأني قد دعوتؾ م ار ار أف تق أر كتابي هذا بتأف ّ
وتفكر وتركيز ذهف أل
فف الخاتـ فيه ي(اف منفصنف أل مادته ونفاستها وصياغته المتمثلة في نق ه فرب مادة نفيسة بنقش
رديء وبالعكس .
أما المنـ فصياغته مف مادته افصلية وهي المفردات ال ينت منه ي(اف كالخاتـ بل ػػيء واحػػد هػػو
عبارة ذات معنى ) .فالمعنى والصياغة في المنـ هي يء واحػػد بخػػنؼ الخػػاتـ الػػذي صػػياغته ػػيء
ومادته يء آخر لمل منهما قيمته ..فافهـ ذلؾ فهو االمر القاطع قطع ى رقاب المذابيف .
فف الصياغة الردي(ة في المنـ تؤدي الى رداءة المعنػػى بخػػنؼ الخػػاتـ فالصػػياغة الردي(ػػة ال تػػؤثر علػػى
ن للمعنى.
قيمة الذهب ،فتأمل في حيلته هذ ،إذ جعل الذهب مث ا
وال فا(ػػدة مػػف ذلػػؾ بػػالطبع إالّ مػػا يحلػػـ بػػه الجرجػػاني مػػف هجػػر اف مػػل للقػرآف وتػػرؾ التػػدبر فػػي معانيػػه ،
ولذلؾ امثر ما استطاع مف ال واهد ال عرية االعتباطية المعنى وأنهى الفصل بدسيسة حيث قاؿ أل
193
..ليس كنمنا يفهـ مف مفردتيف نحو قعد وجلس ) ولمف فيما يفهـ مف مجموع كنـ ومجمػػوع كػػنـ
آخػػر ،نحػػو أف تنظػػر فػػي قولػػه تعػػالى ولمػػـ فػػي القصػػاص حيػػاة وقػػوؿ النػاس قتػػل الػػبعض إحيػػاء
للجميع ) فأنه وأف جػػرت عػػادة النػػاس أف يقولػوا فػػي مثػػل هػػذا أنهمػػا عبارتػػاف معبرهمػػا واحػػد فلػػيس هػػذا
القوؿ قو اال يمكف افخذ بظاهر إذ المفهوـ مف أحد المنميف غير المفهوـ مف اآلخر ) .انتهى !
وهكػػذا ينتهػػي الفصػػل مػػف غيػػر أف يوضػػح الجرجػػاني مػػا هػػي ميػػزة أحػػدهما علػػى افخػػر ...وهكػػذا يػػودع
الجرجاني في خلد القارئ أف تساوي العبارتيف هو مما جرت عليه عادة الناس ) !
فمف هـ الناس قبل الجرجاني الذيف مف عادتهـ تساوي العبارتيف ػ عبارة الخالق وعبارة المخلوؽ ؟
ِ
أساطير افوّليف ) ..لمػػف
ُ مثل هذا ْ
إف هذا إالّ اللهـ غفرانؾ أل نعـ هناؾ فعنا مف قاؿ … ّلو (نا ُلقلنا َ
كل الناس !
الجرجاني جعلها مف عادة ّ
194
قوؿ القصدية
أوحى الجرجاني للقارئ في المقارنة اآلخر أف العبارة القرآنيػػة كػػنـ وكػػنـ النػػاس كػػنـ ػ ومػػف يػػدري لعلػػه
لوال الخوؼ أعلف أف عبارة الناس افضل مف العبارة القرآنية ..وكأنه يدفع القارئ دفعا ليؤمف بذلؾ .
ومف هنا نعلػػف للمػػأل أف هػػذ العبػػارة مػػا وجػػدت لهػػا أثػ ار وال عينػا فػػي أي مصػػدر تػػاريخي أو معجمػػي أو
لغوي وانها مف وضع الجرجاني نفسه ! فف عبارتهـ الجاهلية هي القتل أنفى للقتل ) .
ومف يدري لعل البعض ممف أغوا يطاف الجرجاني يظف فعنا أف العبارة يمكف مقارنتها بالعبارة القرآنية
إحياء للجميع ) .
أ ِ
البعض تل
؟! وهي قوله َق ُ
لذلؾ نقوؿ أف عبارة الجرجاني أو الناس ) هي عبارة خاط(ػػة وال تسػػاوي نقيػ ار ال فػػي عػػالـ المعػػاني وال
في عالـ البنغة !
والعبارة القرآنية ذكػػرت القصػػاص ) والقصػػاص عقوبػػة علػػى القتػػل ال ابتػػداء فػػي القتػػل فالفػػارؽ بينهمػػا
هو الفارؽ بيف الحق والباطل .
وقوله قتل البعض ) مف هو هذا البعض ؟ في حيف خلت العبارة القرآنيػػة مػػف ذلػػؾ فهػػل تنصػػح العبػػارة
كل زماف لمي يعيش اآلخروف ؟!.
بقتل نسبة مف الناس في ّ
إحياء للموتى؟
ا وقوله إحياء ) للجميع ،هل الجميع موتى فيكوف في قتل افحياء
ن ؟ ومػػا
وقولػػه للجميػػع ) أف كػػاف يقصػػد الجميػػع مػػف افحيػػاء البػػاقيف فميػػف يحيػػيهـ وهػػـ إحيػػاء أصػ ا
عنقة الجميع ) بقتل البعض ؟ إنما العنقة مع البعض واف كاف القصد يحييهـ دوما فهو باطل فنهػػـ
ال بد أف يموتوا !
بينما ذكرت العبارة القرآنية أف لمـ في القصاص حياة ػ وحيا أة نكػػرة غيػػر ّ
معرفػػة وال معلومػػة والمعنػػى
زيادة معينة في آجػػاؿ بعضػػكـ مػػف جهػػة قتػػل القاتػػل ػ فيقػػل لػػذلؾ القتػػل بهػػذا الػػردع ومػػف جهػػة قلػػة عػػدد
القتلة بالقصاص ومف جهة تطبيق العدؿ والحكـ ا لهي .وقاؿ لمـ ) ولـ يقل إحياء الجميع !
فأي أحمق في هذا العالـ يقارف العبارة القرآنية المحكمة مف جميػػع جهاتهػػا لغػػة ومعػػاني وألفاظػا ونسػػقا
وجماالا بالعبارة الجرجانية الماذبػػة فػػي كػ ّل لفػػظ مػػف ألفاظهػػا المخزيػػة بمعانيهػػا المتناقضػػة فػػي داخلهػػا ؟!
واف كنت ت ؾ فتأمل واف كنت ت ؾ فترجـ العبارتيف الى كّفار ) مف قػػوـ آخػػريف وال تخبػػرهـ بػػل سػػلهـ
فقط أيهما المحكمة البليغة وأيهما الهذياف ؟
195
ال غيرة على القرآف وال غيرة على البنغة .
فػأيف غيػػرة الجرجػػاني علػػى الػػديف وعلػػى القػرآف وقػػد خػػتـ الفصػػل اآلنػػف بمثػػل هػػذا ا يحػػاء الػػى تسػػاوي
أيػ ػ ػػف هػ ػ ػػي العبارتيف عند الناس ؟
يرته على القرآف وقد امتفى بالقوؿ أف هذا االعتقاد اليمكف أف يؤخذ به على ظاهر ،فلـ يطلعنػػا علػػى
َغ ُ
وقبػػ ػػل ذلػ ػ ػػؾ ظاهر فضنا عف باطنه ؟
أيف هي غيرته على البنغػػة ..وفػػي هػػذا افمػػر مجػػاؿ واسػػع ظهػػار الب ارعػػة فػػي البنغػػة ؟ كػػن ..إف
المدافع عف أمذب المنـ وعف مقولػػة أحسػػف ال ػػعر أمذبػػه ) لػػف تطيعػػه نفسػػه للػػدفاع عػػف أصػػدقه !.
ومػػرت ألػػف سػػنة ول ػـ ولو كاف أبلغ المنـ .
يرفع أحد مف تنمػػذة الجرجػػاني ومػػا أمثػػرهـ عقيرتػػه للػػدفاع عػػف اآليػػة أو للػػدفاع عػػف البنغػػة أو للػػدفاع
[ الجرج ػػاني ول ػػد س ػػنة ٓٓٗ عف الصدؽ !
ومات سنة ٔ ٗٚهػ ] هػ
إذف فالعبارة الصحيحة هي إحػػدى عبػػارتيف زيػػد منطلػػق وعمػػرو ) للمعنػػى افوؿ أو زيػػد وعمػػرو همػػا
المنطلقػػاف ) للمعنػػى الثػػاني أمػػا عبػػارة زيػػد المنطلػػق وعمػػرو ) فهػػي خاط(ػػة مػػف جميػػع الجهػػات ...ال
تصح خب ار عف الفاعل الذي هو إثنيف كما تصح افولى وال تصح خب ار عف الحاؿ كما تصح الثانية .
196
ما درى أف السا(ل لو سأؿ أل مف المنطلق مف الناس وأجابه المجيب أل أ
زيد المنطلق ..ثـ قػػاؿ أل وعمػػرو
لصحت العبارة مف جميع الوجو !
المجيب قد أثبت أف االنطنؽ المعلوـ وقع مف اثنيف افوؿ زيد والثػػاني عمػػروا فػػأي ابلػػه فػػي هػػذا
ُ ولماف
يحكـ على الجملة بالخطأ وللجملة مجاؿ واسع لنستعماؿ؟
ُ العالـ
بػػل يصػػح أي عػػدد آخػػر معطوفػ ا علػػى المنطلػػق ) االوؿ ،بػػل يصػػح لػػو قػ ّػدـ الحػػاؿ أو الخبػػر ..إذ لػػو
سأؿ السا(ل أل مف المنطلػػق مػػف النػػاس وقػػاؿ المجيػػب أل المنطلػػق زيػػد وعمػػرو ومالػػؾ ..وسػػعيد ..الػػخ
لصحت العبارة .
انتبهوا الى مقاصد افخرى مف وراء ذلؾ والتي تجدونها فػػي الفصػػوؿ فػػأف إيضػػاح هػػذا المػػـ الها(ػػل مػػف
االعتبا مف قبل رجل واحد هو أمر غير معقوؿ ،وانما أذكر لمـ نماذج وأوضح لمـ المسالؾ .
المرـ وجدته ِ
حاض ار اف تسألهُ
أتيت أبا مرو َ
إذا َ
الجود و ُ
ُ
وجدته َوحاض ار الجود والمرـ ) له سبباف أل
ُ ِ
الجملة عف الواو زعـ أف ِغنى
افوؿ أل أف وجدتػػه هنػػا ليسػػت ممػػا تأخػػذ مفعػػوليف ولمنهػػا المتعديػػة الػػى مفعػػوؿ واحػػد كقولػػؾ أل وجػ ّػد ُت
الضالة ) .والثاني أف لتقديـ الخبر الذي هو حاض ار تأثي ار في الغنى عف الواو .
و رح ذلؾ بقوله أل أنه لو قػػاؿ أل وجدتػػه الجػػود والمػػرـ حاضػ ار لػػـ يحسػػف حسػػنه اآلف وكػػأف السػػبب فػػي
حسنه مع التقديـ أنه يقرب في المعنى مف قولؾ أل وجدته حاضر الجود والمرـ !
إّنا نسأؿ افمة اللغوية العربية واالست راقية معا عف معنى هذا الهذياف ؟
كيف يكوف الفعل وجدت ) هنػػا بمفعػػوؿ واحػػد ؟ وهػػل يػػتـ المعنػػى بقولػػه وجدتػػه ) حيػػث الضػػمير هػػو
المفعػػوؿ االوؿ ؟ أـ أنػػه ال يكتمػػل اال بالجملػػة الخبريػػة التػػي هػػي موضػػع نصػػب علػػى الحػػاؿ تقػػوـ مقػػاـ
المفعوؿ الثاني ؟
197
وقارنه بقوله أل وجدت الضالة أل فػػي حػػيف أف الجملػػة مختلفػػة تمامػا أل فهنػػا وجػػد الضػػالة نفسػػها ال علػػى
حاؿ معيف والصحيح هو المقارنة مع قولؾ أل
وجدت الضاّلة غارق اة في النهر .فأنظر الى حيله ومكر وخداعه فنه مف المحاؿ أف تخفػػي علػػى الرجػػل
هذ افمور الظاهرة .
وأفرد حاض ار الى أل حاضر الجود والمرـ ) ثبات حسػػنه وغنػػا عػػف الػواو فمػػا عنقػػة المفػػرد والمثنػػى
المتحدث عنه ؟ أليس التقدير بالواو أو الغنى عنػػه يبقػػى هػػو نفسػػه أل وجدتػػه وحاضػػر الجػػود
ّ بالموضوع
والمرـ أو وجدته حاضر أو وجدته وحاض ار أو كما في البيت بغير واو ؟ ليست الجملػػة غنيػ اة عػػف الػواو
بل هي مع الواو ذات داللة وبغيرها ذات داللة أخرى ،ومع ا فػراد لهػػا دال لػػة ومػػع التثنيػػة لهػػا أخػػرى!..
وانما البراعة هي في إيضاح هذ الفروؽ الداللية المعلومة بالسليقة والتي ال يمكف للعواـ التعبيػػر عنهػػا
بالرغـ مف عورهـ بالفوارؽ ُ
وه َو أ
أمر لـ يفعله الجرجاني وال تنمذته ،وال أسنؼ االعتبػػا وال أخنفهػػـ
.
إف وجود الواو يفيد في إيقاع الوجداف على الجود والمرـ عطفا على وجداف الممدوح ،وغياب الواو إنمػػا
ي عر بوجداف الجود والمرـ حاؿ وجدانه بغير عطف وكأنهما أصبحا جزاء منه وحا اال متلبسا فيه ّ
كل حيف
ال ينتظر حضورهما أو وجدانهما بعد وجدانه .
وجهه ) ػ قاؿ الجرجاني أل ليست الواو فيها للحاؿ وليس المعنػػى قمػػت صػػاما
أصؾ َفي قولهـ قمت ..و ّ
وجهه ولمف أل أصؾ وجهه !
ومف الذي قاؿ أف الواو هنا للحاؿ ليرد عليه الجرجاني ؟ ومف هػػو الػػذي ي ػػؾ أف المتحػػدث يريػػد وصػػف
حدث مضى بتجسيد في الحاضر وعطف الحركة على قمػػت فيبػػدأ بػػافمر الواضػػح وينتهػػي دومػا بالخطػػأ
الفاضح أل
فأراد أف يثبت هذا الجديد ) المكت ف ويبطل مزاعـ قوـ وهمييف ) ال وجود لهـ فقاؿ أل هو مثل قوله
أل
198
حدث وقع بالماضػػي وقولػػه وأصػػؾ أل نقػػل مػػف الماضػػي الػػى الحاضػػر لتجسػػيد الحركػػة
قمت أل أ
فاف قوله أل ُ
بحادث معيف وقع سلفا.
أما البيت فمراد في المضارع وهو صفة مستمرة لل اعر .كونه يمر على الل(يـ دومػا وحالػػه أنػػه يسػّػبه
..وحاؿ ال اعر دوما أنه يمضي يقوؿ ال يعنيني !
وكػػاف بمقػػدور أف يقػػوؿ أل ولقػػد مػػررت علػػى الل(ػػيـ يسػػبني ػ أي وهػػو يسػػبني ولمنػػه كػػاف سيحصػػر ذلػػؾ
بواقعػػة واحػػدة معينػػة فػػي الماضػػي بينمػػا هػػو يريػػد أف هػػذا الفعػػل يتمػػرر مػػف الل(ػػيـ ػ واف حالػػه دا(مػ ا أنػػه
يمضي ويقوؿ ال يعنيني .
نحف نناقش الجرجاني على قواعد وعلى مسّلمات القوـ النحوية والبنغية وأسرار فػ ف لجملػػة قمػػت .
وأصؾ وجهه ) ..تفسي ار آخر على منهجنا .
فقمت وأضربه على رأسه ) ػ وال يقوؿ وضربته ! ومعناها أل فقمػػت "وحػػالي فػػي القيػػاـ" أنػػي أضػػربه
على رأسه ) .وهذا على تقديرنا الذي ينطوي على جملة ال ضرورة لذكرها تفسي ار للفعل المضارع .
وكمػا ذكػػرت لػػؾ يحػػاوؿ القا(ػػل نقػػل الػػذهف بالفعػػل المضػػارع لتصػػوير الحػػاؿ فػػي الػػزمف الحاضػػر بػػدالا مػػف
تصور الم ػػهد ،وعػػاد المػػتملـ ينقػػل الحػػدث الماضي الذي أمد الفعل الماضي قمت ) .فمأف السامع ّ
مف م هد معايف في الزمف الحاضر وهذا هو سبب االلتفات الزمني المثير التداوؿ.
ولمف فهـ النحوييف القدامى ومف جاء بعدهـ للحاؿ ) أنه ال يجوز االّ عند النصػػب مثػػل قمػػت ضػػاربا
له على رأسه ) ػ استدعى تفسير العبارة وتقدير زمف مغاير لزمنها وصرفها عف الحاؿ وهو خطأ .
وحقيقة االمر أف الواو هي واو الحاؿ بصور المختلفػػة وهػػي تتقلػػب مػػا ػػا(ت فػػي التراميػب ..ومػػف هنػػا
ذكرنا م ار ار أف القواعػػد النحويػػة وضػػعت ج ازفػا وبتعسػػف حتػػى إذا اسػػقط فػػي أيػػديهـ و أروا أف ال ػواذ عػػف
القاعدة أصبحت امثر مف الجارية في القاعدة وضعوا لها قواعد استثنا(ية أو تفسػػيرات جزافيػػة مثػػل هػػذ
وغيرها بالم(ات .
وهذا واضح مف سوء تقدير الجملة ،والفعل المضارع ػ حيث قػ ّػدر الجرجػػاني بالماضػػي علػػى نسػػق قمػػت
فقاؿ قمت وصككت وجهه ) !
ترى فما الذي جعل القا(ل يقوؿ وأصؾ بدال مف صككت ؟ وهل كػػاف يعجػػز أف يقػػوؿ أل صػػككت ) ؟ ومػػا
قدر زمنا مغاي ار للزمف الذي قصد القا(ل ؟
الجديد الذي جاء به إذا ّ
يفسػػر العبػػارة ..اللهػػـ االّ كمػػف فسػػر المػػاء بعػػد الجهػػد بالمػػاء ! ف نػػه
إف هػػذا معنػػا أف الجرجػػان ي لػػـ ّ
ناقض نظريته في النظـ بتغيير نظـ اللفظ .
199
فانظر الى تقديرنا للفعل وتقدير وقارف افمريف بنفسؾ .
تنبيػػػػػه أل
سقطت مرة أخرى نظرية الجرجاني في النظـ وأتلفها بنفسه حينما جعل نظػػـ قمػػت وأصػػؾ وجهػػه ) هػػو
نفس معنى نظـ قمت وصككت وجهه ) !!
حيث قاؿ أل جاءني مسرعا ،وجاءني وهو يسرع ،وجاء وهػػو يسػػرع ،وجػػاءني وقػػد أسػػرع ،وجػػاءني
قد أسرع أل
.ٔٙاختيار ع وا(ي
ٔ .رح صفحتيف في مزايا النظـ ..بكنـ الطا(ل مف وراء مطلقا .
ٖ .بيت للعباس ابف افحنف أل قالوا خراساف أقصى ما يراد بنا ..
ٗ .اهد ثنثة أبيات البف الدمينة .إلفات الى الفصل واالست(ناس في قولػػه تريػػديف قتلػػي قػػد ضػػفرت
بذلؾ ) .
٘ .اهد آخر ثنثة أبيات لل طرنجي على لساف ُعلية أخت الر يد .
قد كنت أحسب أني قد مألت يدي ما أعجب ال يء ترجو فتحرمه
. ٙاهد آخر أل بيتاف فبي داود هكذا ) وهو افيادي اعر جاهلي أل
200
البواب أل أربعة أبيات آخرها أل
.ٚاهد آخر البف ّ
فأني ذلؾ الرجل واف قتل الهوى رجن
تنبيػػػػه أل
قد تقوؿ أف قوؿ ال اعر أل واف قتل الهوى رجنا ف ني ذلؾ الرجل
أجد كنما جمين ونظما حسنا .ولمنؾ إذا حاممتػػه علػػى الحػػق والمنطػػق وجدتػػه كنمػا كاذبػا فػػالمتملـ لػػـ
يقتل ومف هنا قاؿ الجرجاني احسف ال عر أمذبه !
أقوؿ أل سبحاف ربؾ رب العزة عما يصفوف ! وماذا كنا نتملـ مػػف أوؿ مػػا ابتػػدأنا بكتػػاب النظػػاـ القرآنػػي
الموحدة والمعنى الفعلي لأللفاز والحل القصدي والدالالت العامة ؟
ّ واللغة
201
ألـ نقل انظر في افلفػػاز كلهػػا لفظػ ا لفظػا أل فػ ذا نظػػرت فػػي البيػػت وجػػدت ػػرطا هػػو أل إف قتػػل الهػػوى
رجن ) .ثـ جوابا لل ر أل فأني ذلؾ الرجل .فلـ يقتل الهػػوى رجػنا بعػػد وانمػػا هػػو محمػػوؿ علػػى ال ػػر
فلـ يكذب ال اعر .
ألـ نقل ثـ انظر الى اللفظ ومعنا الجذري وقيمته قبل االسػػتعماؿ ثػػـ أنظػػر فػػي االسػػتعماؿ ..فػ ذا فعلػػت
عمػػف وقػػع عليػػه الفعػػل ولػػيس هػػو إهػػنؾ القتػػل بػ خراج وجدت قتل ) على افصل هو إيقاؼ الحركػػة ّ
الػػدـ ) ،اال تػػرى أف ى تعػػالى قػػاؿ فلػػـ تقتلػػوف أنبيػػاء ى ) ػ وهػػـ لػػـ يقتلػوا نبيػا مػػنهـ علػػى المعنػػى
االص طنحي ولمنهـ أماتوا سننهـ وأوقفوا حركة را(عهـ فانظرلفظ " قتل" فػػي معػػاني الحػػروؼ ػ بػػل انظػػر
في ا نكليزية والذي هو نفس اللفظ بتغييػػر بسػػيط تجػػد أحػػد اسػػتعماالته الباقيػػة هػػو أوقػػف الفعل
)ٔ .ثـ انظر قوله الهوى ) وعمومه فلو قاؿ الحب ) أو الغراـ ) أو الع ق ) الختلف المعنى
اختنفا ديدا وهػػي عنػػدهـ مرادفػػات يحػػل بعضػػها محػػل الػػبعض اآلخػػر ػ لمنػػه قػػاؿ الهػػوى ) ػ والهػػوى ػ
التخبط واتباع الخياالت وافوهاـ ال عقل أو ّ
رويػػة ػ ولمنػػه أطلػػق ّ والهواء مف مصدر واحد ومعنا افصلي
ػل الصػػدؽ فػي ذلػػؾ بػػل فلسػػفي ا طػػابق الحكمػػة المعلومػػة مػػف
علػػى المحػػب التصػػافه بػػذلؾ ػ فقػػد صػػدؽ كػ ّ
التنػػاقض بػػيف الحريػػة والوجػػود ػ حيػػث االلت ػزاـ وجػػود والتخػػبط فنػػاء ػ أو االلت ػزاـ بالعقػػل حركػػة وحيػػاة
ومجانبة العقل توقػػف ومػػوت فمػػا تجػػد مػػف جماليػػة وحسػػف فػػي البيػػت إنمػػا مرجعػػه الػػى الصػػدؽ وصػػحة
الوصف ودقة اختيار افلفاز والتناغـ والتن (ـ بػػيف السػػبب والنتيجػػة بصػػورة منطقيػػة .واعلػػـ أف للمػػنه
وتوخي الحقيقة ب غف وقوة ينػػت ال محالػػة ّ القصدي رأي في البنغة خنصته أف الصدؽ ودقة الوصف
كنم ػا بليغ ػا فالبنغػػة ليسػػت هػػدفا وال قصػػدا وال غاي ػ اة وال وسػػيل اة لبلػػوغ أمػػر ػ بػػل هػػي تحصػػيل حاصػػل
للصدؽ عند المتملـ ..وقػػد ذكرنػػا أف بنغػػة القػرآف هػػي تحصػػيل حاصػػل لصػػدقه المطلػػق وانطباقػػه علػػى
حقا(ق الموجودات بأسرها ،بحيث أف المعنى الذي ي ير الى حقيقة ال يمكف أف ي ار إليه بدقة وصدؽ
اال بعبػػارة واحػػدة فقػػط فلسػػفيا ومنطقيػا وكػػل عبػػارة غيػػر تلػػؾ سػػتموف كاذبػػة فػػي جػػزء معػػيف ولػػذلؾ صػػار
القرآف ا بلغ المنـ فنه أصدقه .هذا هو خنصة الرأي القصدي وهػػو نقػػيض البنغػػة الجرجانيػػة القا(مػػة
على المذب والخلط بيف المفردات بالمرادفات والجمود على المعنى الذهني االصطنحي للمفردة .
202
والحمد
هلل رب العالميف
وصلى ى على سيدنا ونبينا
ص االميف النبي المختار وعلى آله
ِّ
الطيبيف الطاهريف
افبرار
203