You are on page 1of 204

‫الحػل القصدي لل ّغػة‬

‫ّ‬
‫في مواجهة االعتباطية‬

‫كتاب في‬

‫نقد المباحث االعتباطية لاللفاظ‬

‫ومنهج البالغة‬

‫( ويليه كتاب الرد على الجرجاني‬

‫)‬

‫تاليف‬

‫الباحث والمفكر‬

‫المهندس عالـ سبيط النيلي‬

‫‪0‬‬
‫المقدمة‬
‫أخذت مباحػػث افلفػػاز حيػ از كبيػ ار فػػي اللغػػة وكانػػت تفرعاتهػػا م ػػتركة بػػيف علػػـ المػػنـ مػػف جهػػة‬
‫اء كاف للنص القرآني أو غيػػر‬ ‫وأصوؿ الفقه مف جهة أخرى واستعملت على نطاؽ واسع في التفسير سو ا‬
‫ك رح الحديث ودراسة متوف المرويات ونصوص الصحابة ونصػػوص وخطػػب اف(مػػة ع ) ك ػػروح نهػ‬
‫وقػػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػد‬ ‫البنغة وغيرها ‪.‬‬
‫أضيق وبمصطلحات مختلفة في علـ البياف أو البنغة ‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫نطاؽ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫استعملت على‬

‫آني ) واعجاز للقرآف مف خنؿ هذا النظاـ ‪ ،‬ولما كانػػت روح هػػذا النظػػاـ‬‫نظاـ قر‬
‫ٍ‬ ‫أتحدث عف‬
‫ولما كنت ّ‬
‫ٍّ‬
‫تتم ّثل في صورته الظاهرة لنا – حاليا في افقل – في القواعد المذكورة في ذلؾ المتاب النظػػاـ القرآنػػي‬
‫ّ‬
‫ولم ػ ػ ػػا كان ػ ػ ػػت تل ػ ػ ػػؾ‬ ‫– للمؤلف )‪.‬‬
‫ػي فػػي الصػػوت وحركػ ٍة‬ ‫القواعد تلغي المترادفات وتعيػػد تفسػػير اللغػػة علػػى نحػ ٍػو آخػ ٍػر هػػو وجػػود معنػػى ذاتػ‬
‫ٍّ‬ ‫ا‬
‫ػوتي – وهػػو مػػا تػ ّػـ ػػرح القسػ ِـ افمبػػر منػػه فػػي كتػػاب‬ ‫كل تعاقب صػ‬ ‫ومحدد ٍة إجما اال في ّ‬
‫ّ‬ ‫عام ٍة معين ٍة )‬
‫ٍّ‬
‫اللغػػة الموحػػدة ) ‪ ،‬وتػ ّػـ تفنيػػد ونسػػف االعتباطيػػة فػػي اللغػػة ووحػػداتها افصػػلية خنف ػا لم ػزاعـ البنيويػػة‬
‫الغربية أو ال كّلية النظمية العربية بقيادة دي سوسير في ّ‬
‫افولى وعبد القاهر الجرجاني في الثانية‪.‬‬

‫أقوؿ لما كاف ذلؾ قد تػ ّػـ فقػػد أريػػت مػػف الضػػروري أف أبا ػػر بنفسػػي البػػدء ب لغػػاء ونسػػف البنػػى الفوقيػػة‬
‫تـ تأسيسها على هذ النظرية االعتباطية لّلغػة ‪.‬‬ ‫التي ّ‬
‫افوؿ منهػػا هػػو فػػي تفنيػػد مباحػػث السػػلف فػػي افلفػػاز والقسػػـ‬ ‫فوضعت رسال اة مف ثن ثػػة أقسػ ٍ‬
‫ػاـ ‪ ،‬القسػػـ ّ‬ ‫ُ‬
‫الثاني هو في إبطاؿ بنغة الجرجاني أسػرار البنغػػة ) والقسػػـ الثالػػث هػػو فػػي دال (ػػل إعجػػاز ‪ .‬وهػػذاف‬
‫مكمنت هذا المتاب حيث اخترنا مف كتابيه أمثل اة ع ػوا(ي اة كنمػػاذج لنعتبػػا‬
‫القسماف افخيراف هما مف ّ‬
‫‪.‬‬
‫أف الغايػػة مػػف ذلػػؾ هػػو المسػػاعدة فػػي البػ ِ‬
‫ػدء فػػو ار بتأسػػيس البنػػى الفوقيػػة علػػى القواعػػد التػػي‬ ‫ومعلػػوـ ّ‬
‫ػاـ آخػ ٍػر للحػػديث النبػػوي فػػي‬
‫ػي ونظػ ٍ‬ ‫ػاـ قرآنػ‬
‫وضػػعناها فػػي قصػػدية اللغػػة ) ومػػا يترتػػب عليهػػا مػػف نظػ ٍ‬
‫ٍّ‬
‫نصوصه ‪ ،‬وما يترتب على ذلؾ مف إعػػاد ٍة للنظػػر فػػي جميػػع الم ػػاريع السػػابقة المتعّلقػػة ب ػػرح وتفسػػير‬
‫النصوص الدينية والعقا(دية وبال كل الذي يعيد جزءا مف حقا(قها الخافية الى افذهاف ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اؼ فػػي كتابنػػا اللغػػة الموحػػدة ) ‪ّ .‬‬
‫أمػػا هػػذ الرسػػالة‬ ‫إف موضوع إثبات قصدية اللغة قػػد ُف ّصػػل وب ػ ّ‬
‫ػكل و ٍ‬
‫فهي بمثابة النتا( المترّتبة على ذلؾ ‪ .‬فهي تقوـ بتفنيد هػػذ المباحػػث وفروعهػػا وتطبيقاتهػػا مػػف خػػنؿ‬
‫تناقضاتها والغاءها لنفسها ‪.‬‬

‫تـ ّ‬
‫التعرؼ على معاني الحروؼ وابطاؿ الجزافية في الوحػػدات الصػػوتية نفسػػها‬ ‫في كتاب اللغة الموحدة ّ‬
‫عمليا ) ‪ ،‬عنوة على إبطاؿ االعتباطية ذاتها مف خنؿ تناقضاتها الداخلية ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ِ‬
‫ػبق مػػف وقػػت التأسػػيس النظػػرّي لهػػا ‪ .‬والفػػار ُ‬
‫ؽ أف‬ ‫على أف مظاهر ) االعتباطية في اللغة هي فمػػرأة أسػ ُ‬
‫التردد بيف ما هو صحيح وبيف مػػا هػػو خػػاطّ يتحػ ّػوؿ الػػى قواعػػد أميػػدة لمػػا هػػو خػػاطّ ‪.‬‬
‫التأسيس جعل ّ‬
‫وقد ظهرت اآلثار السي(ة لنعتباطية في اللغة على كافة مستويات الفكر سواء أماف منطقيا محضا كعلـ‬
‫المػػنـ أو فقهيػا فػػي افصػػوؿ أو لغويػا فػػي المعػػاجـ وعلػػوـ اللغػػة والصػػرؼ والنحػػو والبنغػػة وفروعهػػا أو‬
‫فلسفيا محضا كما فػػي الفلسػػفة عمومػا وا سػػنمية منهػػا خصوصػا أو فػػي ال ػػروح والتفاسػػير للنصػػوص‬
‫المختلفة ‪ ،‬مثلما ّأدت ثمارها في افدب عموما ‪.‬‬

‫وترى تلؾ اآلثار واضح اة مػػف خػػنؿ إفسػػاد هػػذ البحػػوث وت ػػتيت المعػػارؼ المستحصػػلة الػػى فػػروع كثيػػرة‬
‫ُ‬
‫ومت ّعب ٍة لدرجة فقداف الػرابط بينهػػا ‪ ،‬وكػػذلؾ ضػػياع طاقػػات إضػػافية فػػي منحقػػة مواضػػيع ) وهميػ ٍة ال‬
‫ياء أساسي ٍة ‪ ،‬با ضػػافة إلػػى الت ػػويه المرعػػب لألسػػس المنطقيػػة نفسػػها – بحيػػث أف‬
‫وجود لها وترؾ أ ٍ‬
‫وقد اعترؼ‬ ‫يء ُيقاؿ يمكف أف يأخذ حي از مف الفكر والعناية ولو كاف وهم ا مف افوهاـ ‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫اي‬
‫َّ‬
‫بصور ػػتى ‪ ،‬بمػػا فػػي ذلػػؾ أدب الروايػػة ‪ .‬عػػنوة‬
‫ٍ‬ ‫الجميع أف الحقيقة ضا(عة وقد ظهرت تلؾ االعترافات‬
‫جدي اة في التفسير – وال أعني هنػػا علمػػاء‬‫على أّنؾ مف اليسير جدا أف تجدها في نصوص أمثر العلماء ّ‬
‫كل ن ا تفسيري ‪ ،‬بما في ذلؾ النقػػد افدبػػي فػػي الغػػرب‬‫كل خاص بل ّ‬
‫ا سنـ فقط أو علماء افدياف ب ّ‬
‫ولما كنت أعتقػػد أف‬ ‫‪.‬‬
‫المثير مف هذ الن اطات في هذ الجوانب م تركة وانهػػا تتحػػرؾ مػػف جماعػ ٍة الػػى أخػػرى واف لػػـ تعتػػرؼ‬
‫ػل‬
‫افخيرة بفضل افولى في تضليلها ) ‪ ،‬ولما كنت اعتقد أف الجػػزء االمبػػر مػػف أسػػس وأبنيػػة هػػذا الهيكػ ّ‬
‫ػػـ إحكامػػه ) فػػي الم ػػرؽ ا سػػنمي ‪ ،‬فػ ّف نسػػف مباحػػث افلفػػاز هػػو أحػػد الط ار(ػػق التػػي‬
‫الوهمي قػػد تػ ّ‬
‫اعتبرتهػػا نافعػػة إف ػػاء ى تعػػالى فػػي تأسػػيس علػػـ لغػػوي ونقػػدي يػػؤّثر فػػي جميػػع الن ػػاطات المػػذكورة‬
‫لتعيد الجماعات المختلفة نظرها في كافة ما تعتقد مف مسِّلمات أو قواعد ثابتة ‪.‬‬
‫مباحث مختصرٍة جدا على طريقتهـ في ذكرهػػا بمثػػل ذلػػؾ ‪ ،‬سػػوى‬ ‫ٍ‬ ‫كل‬
‫وسأجعل صورة هذ الرسالة على ّ‬
‫لمل منها لتيسير افمر علػػى القػػارئ ‪ ،‬ولمنػي بػػالطبع سػ ّ‬
‫ػأتحدث بأسػػلوب جديػػد يمكػػف‬ ‫أني سأضع العنواف ّ‬
‫فهمه بخنؼ أساليبهـ ‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫القسـ افوؿ‬

‫نقػػػػػػد‬

‫المباحث ا عتباطية لأللفاز‬

‫‪3‬‬
‫افوؿ‬
‫المبحث ّ‬
‫داللػة اللفػظ‬

‫في هذا الفرع مباحث فرعية كثيرة جدا ‪ ،‬ولهـ فيها مجادالت واسعة جػػدا ‪ ،‬واذا أردنػػا جمعهػػا فهػػي ترجػػع‬
‫الى أصل واحػػد ومسػػألة واحػػدة ‪ .‬ذلػػؾ أف مباحػػث هػػذا الفػػرع هػػي فػػي الدال لػػة وطبيعتهػػا مػػف حيػػث كونهػػا‬
‫وال يمك ػ ػ ػ ػػف‬ ‫كّلية يمكف تجز(تها أو ال يمكف ؟ وسأوضح المقصود بذلؾ ‪.‬‬
‫الخػػوض فػػي تفاصػػيلهـ أل ذلػػؾ ف ّنهػػـ تحػ ّػدثوا عػػف الدال لػػة بلغػػة وألفػػاز كانػػت هػػي افخػػرى ورغم ػا عػػنهـ‬
‫وأعنػػي بػػذلؾ أل‬ ‫موضوع البحث ‪.‬‬
‫أف هناؾ خلط في افمثاؿ المضروبة للمناق ات فقد كانت تلؾ افمثاؿ تحمل فػػي ذاتهػػا نفػػس الم ػػكلة ‪،‬‬
‫ولهػػذا فػػن يقػػدر فػػرد واحػػد وال مجموعػػة أيضػا علػػى تصػػحيح هػػذا المػػـ الها(ػػل مػػف المجػػادالت إالّ بمعرفػػة‬
‫يتػـ بموجبها نسف الموضوع مف أصله وتحويل وجهته الى اتجا آخر ‪.‬‬ ‫قضية حقيقية وأساسية ّ‬
‫فمفردة مثل ال مس ) ال تحمل عندهـ في ذاتها ّأية داللة ‪ ،‬وا ّف داللتها تأتي مف االسػػتعماؿ واالتفػػاؽ‬
‫وهنػػا يظهػػر‬ ‫‪.‬‬
‫سؤاؿ آخر عندهـ هو أل هل تحمل المفردة في الػػنص جميػػع المعػػاني التػػي تسػػتعمل لهػػذ المفػػردة ؟ فػ ّف‬
‫المعػػاني متعػ ّػددة مػػف حيػػث ػموليتها – فال ػػمس المعلومػػة فػػي السػػماء ) ‪ ،‬و لمػػف قػػد يقػػوؿ زيػػد‬
‫جلسػػت فػػي ال ػػمس ) ‪ ،‬ويقصػػد ضػػوء ال ػػمس وبالتػػالي فهػػو يعنػػي جػػزء ) مػػف المعنػػى اف ػػمل ‪ ،‬أو‬
‫لمنن ػػا ننح ػػظ إغف ػػاؿ‬ ‫المّلي ‪.‬‬
‫أمور أخرى ‪ ،‬ففي مثل هذا البحث توجد ثنث م امل أغفلت أل‬

‫ن لمي يكوف مصد ار لألمثاؿ المضروبة – إذ قػػد‬ ‫افولى أل ال يوجد لديهـ نص ) مفروغ مف صحته أص ا‬
‫أقوؿ بل أجزـ أف القوؿ جلسػػت فػػي ال ػػمس ) هػػو تركيػػب خػػاطّ لغويػا – إذ يتوجػػب مػػثنا أف يقػػوؿ‬
‫و معلػ ػػوـ‬ ‫عرضت ثوبي لل مس ليجف ) ‪ ..‬الخ ‪.‬‬ ‫جلست متعرضا لل مس ) و ّ‬
‫أنه بغيػػر أمثػػاؿ صػػحيحة ) مفػػروغ مػػف صػػحتها ال يمكػػف اسػػتمرار المناق ػػة ‪ .‬وفػػي الجملػػة الجديػػدة ال‬
‫م كلة مف هذا النوع ‪.‬‬

‫الثانيػػة أل إف الػػنص المفػػروغ مػػف صػػحته إف وجػػد ) مثػػل الق ػرآف ) ف نػػه قػػد اسػػتعمل ولمػػف بصػػورة‬
‫ػحتها أو التػػي يجػػب أف تمػوف‬
‫معكوسة ‪ .‬أي أف المباحػػث اسػػتعملت ال ػواهد والعبػػارات الم ػػكوؾ فػػي صػ ّ‬
‫ػنص المفػػروغ‬ ‫موضع التصحيح اللغوي جنبا إلى ٍ‬
‫جنب مع عبػػارات القػرآف ‪ ،‬ثػػـ اسػػتعملت النتػػا( لفهػػـ الػ ّ‬
‫اعتباطي ‪ .‬وقد ّددت على هذا التناقض في كتاب النظاـ القرآني ‪.‬‬ ‫ٌّ‬ ‫صحته أي القرآف !! وهذا أ‬
‫عمل‬ ‫مف ّ‬

‫‪4‬‬
‫إف موضوع البحث هو داللة اللفظ في عمومها أل هل هي ّ‬
‫فردية أـ ّ‬
‫مركبػػة مػػف أجػزاء؟ وهػػل لهػػا‬ ‫الثالثة أل ّ‬
‫محدد أـ يمكف إطنقها على أ ياء أمثر ؟ ‪.‬‬
‫أصل ّ‬
‫ػاز عػ ّػد ٍة ‪ .‬أي أف أخػػذ مفػػردة مثػػل ال ػػمس ) لد ارسػػة‬ ‫مركبػػات ) مػػف ألفػ ٍ‬
‫ّ‬ ‫فػػي حػػيف أف ال ػواهد هػػي‬
‫داللتهػػا ال يمكػػف أف يكػػوف داخػػل جمػػل وتراميػػب مؤّلفػػة مػػف وحػػدات أخػػرى مػػع لفػػظ ال ػػمس ف ّنهػػـ إنمػػا‬
‫يبغوف أص ا‬
‫ن فهـ داللة اللفظ ّ‬
‫مجردا مف أي تركيب ‪.‬‬
‫ن‪.‬‬‫متهاو بنفسه وال قيمة له ولو لـ تعرؼ له بدي ا‬
‫ٍ‬ ‫وبهذا يمكف القوؿ أف مبحث الداللة‬

‫مجرٍد حركػ أة ّ‬
‫عامػ أة ) ‪ .‬ويمكنػػؾ مػػف خػػنؿ‬ ‫لمل ٍ‬
‫لفظ ّ‬ ‫لمننا في المنه اللفظي أدركنا البديل ‪ .‬فقد أصبح ّ‬
‫هػػذ الحركػػة الحكػػـ علػػى مػػا يمكػػف أف يطلػػق عليػػه اللفػػظ وهػػو ال زاؿ مجػّػردا مػػف أي تركيػػب ‪ .‬ففػػي هػػذا‬
‫المنه ال تظهر ّأية واحد ٍة مف تلؾ الم امل اآلنفة الذكر ‪.‬‬
‫أما الفروع افخرى أل الداللة المطابقة ‪ ،‬الداللة افلتزامية ‪ ،‬الداللة التضػ ّػمنية فهػػي سػػاقطة عػػف االعتبػػار‬
‫ّ‬
‫وفي‬ ‫لتناقضها في نفسها ‪.‬‬
‫توجيه البحث إلى وجه ٍة أخرى وهػػي البحػػث عػػف افخطػػاء وتصػػحيحها فػػي عمليػػة‬
‫ُ‬ ‫يتوجب‬
‫المنه الجديد ّ‬
‫أعمق لتلؾ الحركة مف خػػنؿ النصػػوص‬‫ٍ‬ ‫العامة ٍ‬
‫لفهـ‬ ‫التصحيح الخاص بالنصوص ّأو اال واستعماؿ الحركة ّ‬
‫فه ػػذا التأس ػػيس ه ػػو‬ ‫المفروغ مف صحتها عند امتحانها بالمنه نفسه ثانيا ‪.‬‬
‫وسنوضػػح هػػذ‬
‫ّ‬ ‫ػي للمعرفػػة بخػػنؼ التأسػػيس االعتبػػاطي تمامػا ‪،‬‬ ‫ػاعد كمػ‬ ‫منطقي ّ‬
‫ويؤدي إلػػى تصػ ٍ‬ ‫ٌّ‬ ‫تأسيس‬
‫ٍّ‬ ‫أ‬
‫الفكرة أمثر في ما يلي مف المباحث ‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫المبحث الثاني‬
‫المركب في اللفظ ومدلوله‬
‫المفرد و ّ‬

‫افقساـ المعتمدة عندهـ للعنقة بيف اللفظ المفرد والمركب في مدلوله ) وبيف المعنى هي أربعة أقسػػاـ‬
‫كل لفظ أما مفرد أو مركب وكنهما أما يدؿ على معنى أو ال يػدؿ على معنى وهذ افقسػػاـ‬
‫‪ ،‬فف مدلوؿ ّ‬
‫هي أل‬

‫عل ‪ ،‬اسـ ‪ ،‬كّلم أة ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫معنى ٍ‬ ‫مفرد ٌّ‬


‫داؿ على‬
‫مفرد أل كلػفظ أل ف أ‬ ‫ا‬ ‫أ‬
‫داؿ علػػى معنػى مركػػب مثػػل أل الخبػػر ‪ ،‬المػػنـ ‪ ،‬القػػوؿ ‪.‬‬ ‫مفرد ٌّ‬
‫داؿ على لفظ آخر مركب هو بػػدور ٌّ‬ ‫أ‬ ‫ٕ‪.‬‬
‫مركب مف ألفاز وهي داّلة على معنى مركب مف زيد والمتابة أو فعل المتابة‬ ‫فالخبر مثل زيد كاتب ػ َّ‬

‫آخر واآلخر غيػػر داؿ علػػى معنػػى ) مثػػل حػػروؼ المعجػػـ أل ألػػف ‪ ،‬بػػاء ‪،‬‬
‫مفرد ٍ‬
‫لفظ ٍ‬ ‫مفرد ٌّ‬
‫داؿ على ٍ‬ ‫ٖ‪ .‬أ‬
‫… الخ ‪.‬‬

‫آخر مركب وافخير غير ٍّ‬


‫داؿ كلفظ الهذياف والهذر ‪ ..‬الخ ‪.‬‬ ‫لفظ ٍ‬
‫داؿ على ٍ‬ ‫ٗ‪ .‬لفظأ أ‬
‫مفرد ٌّ‬
‫امل وتناقضات أل‬
‫ننحظ في التقسيـ عدة م ّ‬

‫للمقدمات أل ّ‬
‫كل مػػدلوؿ إمػػا مفػػرد أو مركػػب مػػف ألفػػاز ‪ .‬و هػػذاف همػػا‬ ‫ّ‬ ‫افوؿ أل إف التقسيـ لـ يكف مطابقا‬
‫ّ‬
‫نوعا اللفظ ‪ .‬و هذاف النوعاف أما يدؿ على معنى أو ال يدؿ فاالحتماالت المتمونػػة للفػػظ افصػػلي سػػتة ال‬
‫ػداؿ علػػى معنػػى مركػػب حيػػث لػػـ‬ ‫الداؿ علػػى مفػػرد ّ‬
‫داؿ بػػدور علػػى معنػػى – والمفػػرد الػ ّ‬ ‫أربعة ومنها المفرد ّ‬
‫يذك ار ‪.‬‬

‫موحدة لدراسة الوحدة اللغوية ‪ .‬فلو قاؿ أل الفعل – بأؿ التعريػػف فػػي‬ ‫الثاني أل إف التقسيـ لـ يلتزـ ظروفا ّ‬
‫افوؿ أسوة بػػالنوع الثػػاني الخبػػر ) لمػػاف لهػػذا الفعػػل بػػالمعنى معنػػى مركبػا – فف الفعػػل الحقيقػػي‬
‫النوع ّ‬
‫ا‬
‫و مػ ػ ػ ػ ػ ػػف‬ ‫هو ما ال يعبر عنه إال بجملة مركبة أو عدة جمل ‪.‬‬
‫جهة أخرى لو قاؿ خبر ) بغير أؿ التعريف في النوع الثاني لمػػاف المفهػػوـ هػػو مػػف النػػوع ّ‬
‫افوؿ – أي‬
‫الخبر في النحو ومف غير ذلؾ كّله يمكنؾ نقل المفاهيـ مف المفرد الى المركب في افمثاؿ المضروبة –‬
‫فلفظة كلمة ) مثنا قد تعني خطبة طويل اة أو قصيراة ال مفردة وهكذا ‪.‬‬

‫إذف تب ػػرز نف ػػس الم ػػكلة المػ ػراد وض ػػع حل ػػوؿ له ػػا خ ػػنؿ محاول ػػة الح ػ ّػل ‪ .‬إذ يس ػػتحيل ال ػػتخّلص م ػػف‬
‫اعتباطية ) التأسيس لمبادئ لغوية تعتقد سلفا أنها لغة اعتباطية !!‬
‫منطقي واضػ أ‬
‫ػح تجػػاهلو ‪ .‬وهػػذ المناقضػػة المذهلػػة وقػػع فيهػػا جميػػع علمػػاء اللغػػة فػػي الغػػرب‬ ‫أ‬ ‫امر‬
‫و هذا أ‬
‫وال ػػرؽ بػػن اسػػتثناء ‪ ،‬ولمػػنهـ اسػػتمروا فػػي تأسػػيس مبػػادئ اعتباطيػػة بػػل أقػّػر سوسػػير بمػػا سػػما بػػػ‬

‫‪6‬‬
‫رت في كتاب اللغة الموحدة ) الى التناقض في نفس العبػػارة بػػيف مفردتػػي‬ ‫المبدأ االعتباطي ) ‪ .‬وقد أ ُ‬
‫الثال ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػث أل‬ ‫مبدأ – واعتباطي ) حيث ال يمكف وصف االعتبا بالمبد(ية أو المبدأ باالعتبا ‪.‬‬
‫ػدؿ ضػػمنا علػػى وجػػود ألفػػاز أخػرى –‬ ‫هناؾ م امل أخرى أل فمػػث ا‬
‫ن إف النػػوع ال اربػػع الهػػذياف ) هػػو لفػػظ يػ ّ‬
‫و هػػ ػ ػ ػ ػػذا غيػػ ػ ػ ػ ػػر‬ ‫قالوا ال يدؿ على معنى ‪.‬‬
‫ػدؿ علػػى معنػػى – إذا سػػلمنا أف الهػػذياف خػػاؿ تمامػا مػػف كػ ّػل معنػػى – هػػو الجمػػل‬
‫صػػحيح فف الػػذي ال يػ ّ‬
‫وفػ ػػي النػ ػػوع‬ ‫والتراميب ال الوحدات المركبة منها وهي موضوع البحث ؟!! ‪.‬‬
‫الثالث ال تجد اللفظ الثاني في حػػروؼ المعجػػـ إالّ أف يكػػوف المقصػػود أل أ – ب – ج مػػف النظػػاـ المتػػابي‬
‫الى نظاـ صوتي بنطق التسمية هكذا ألف – باء ‪ ،‬جيـ ‪ .‬و هذا بالطبع خنؼ المنهجيػػة فػػي البحػػث وال‬
‫إذف فالتقسػػيـ‬ ‫قيمة له بهذا المعنى ‪.‬‬
‫متناقض في داخله وال يؤدي الى نتا( علمية ‪ .‬ومعلػػوـ أننػػا أظهرنػػا القيمػػة الفعليػػة للوحػػدات الصػػوتية‬
‫وليس للمفردات افلفاز ) فقط في كتاب اللغة الموحدة ) وبالتالي فن قيمة لهذا التقسيـ في منهجنا‬
‫‪ .‬ومع أني أعتمد في هذ افبحاث علػػى خنصػ ٍة لػػػ لممػػاؿ الػػديف ميػػثـ بػػف علػػي البح ارنػػي ) – ت سػػنة‬
‫‪ ٜٙٚ‬هػػػ – فػػي ِّ‬
‫مقدمتػػه ل ػػرح نهػ البنغػػة ‪ ،‬إالّ أف المسػػا(ل المػػذكورة وحلولهػػا االعتباطيػػة ال تختلػػف‬
‫أبحاث لغوي ٍة حديث ٍة قا(م ٍة على مبػػدأ االعتباطيػػة فػػي الغػػرب فيمػػا يخػػص العنقػ ُة‬
‫ٍ‬ ‫ب يء جوهرٍّي عف ّأية‬
‫بيف الداؿ والمدلوؿ ‪.‬‬

‫ػأف افلفػػاز ال قيمػػة ذاتيػػة لهػػا هػػو أمػػر ال يختلػػف حولػػه إثن ػاف ‪ ،‬وأمػػا‬
‫و قػػد ذكػػر سوسػػير أف االعتقػػاد بػ ّ‬
‫افصوات ف ّف االعتقاد بوجود قيمة لها هو ضػػرب مػػف الخيػػاؿ و ػػيء ال يخطػػر علػػى بػػاؿ ‪ .‬وهػػو بهػػذا ال‬
‫يختلف عف ميثػـ ) ب يء في نظرته لألصوات إذ اعتبرها غير دال ٍة على يء ‪ ،‬وكذلؾ افلفاز ال تػػدؿ‬
‫على المعاني إالّ بعد التركيب كما سيأتيؾ ‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫المبحث الثالث‬
‫الدالالت المختلفة للفظ‬

‫هذا العنواف مف وضعنا لنجمع فيه عدة أبحاث لعلماء االعتبا كّلها تدور في فلؾ واحد ‪ ،‬ومػػف الواضػػح‬
‫أف من ػػأ المترادفػػات أيضػا ‪ ،‬ولمػػنهـ كثيػ ار مػػا كػػاف يعجػػبهـ تفريػػع أبحػػاث عديػػدة فصػ ٍػل واحػ ٍػد وم ػ ِػكل ٍة‬
‫واحد ٍة ‪ .‬فالم كلة نفسها ال تحسـ بحل منطقي ػ أما التفرعات فيحاولوف إيجاد حلوؿ لها !!‬

‫ومف تلؾ الم امل الفرعية أف اللفظ قد يعطي دالالت مختلفة فما هػػي الدال لػػة الحقيقيػػة لػػه مػػف بػػيف تلػػؾ‬
‫ن الصنة ) في قوله تعالى أل ‪ ‬إف ى ومن(كته يصّلوف على النبػػي يػػا أيهػػا الػػذيف آمنػوا‬
‫الدالالت ؟ مث ا‬
‫صّلوا عليه وسّلموا تسليما ‪ / ‬افحزاب ‪) ٘ٙ‬‬

‫فالصنة مف ى رحمة ) ومف المن(كة ومف الناس استغفار ) ‪.‬‬

‫كقوله تعالى أل ‪ ‬ألـ تر أف ى يسجد له مف في السماوات ومف في افرض وال ػػمس والقمػػر والنجػػوـ ‪‬‬
‫‪ /‬الح ‪) ٔٛ‬‬

‫فالسػػجود مػػف المن(كػػة خ ػػوع ) ومػػف النػػاس وأمثػػالهـ هػػو المتصػػور مػػف وضػػع الجبهػػة علػػى افرض‬
‫قسرية الحركة واحتياجها الى الصانع ‪.‬‬
‫ومف الجمادات هو ّ‬
‫وهذا افصل دخل أبحاثا فرعية مختلفة ػ مثل اللفظ الم ترؾ هل يستعمل في معانيػػه علػػى الجمػػع أـ ال ؟‬
‫أجاز ذلؾ الباقنني والجبا(ي والقاضي عبد الجبار وال افعي ومنع منه أبػػو ها ػػـ وأبػػو الحسػػف البصػػري‬
‫والمرخي وغيرهـ ‪.‬‬

‫المنحظ أف المدخل الى المبحث متناقض منذ البدء في المسألة أنه أف جميػػع تفرعػػات علػػـ اللغػػة‬
‫) االعتباطي ‪ .‬وقد أوضحت المسألة في كتاب اللغػػة الموحػػدة لغػػرض آخػػر ػ وأ ػػرت فػػي الختػػاـ الػػى أف‬
‫نتا(جه ستلغي جميع تفرعات المسا(ل االعتباطية ‪.‬‬

‫فأصل البحث هو عف مدلوالت أو مدلوؿ ) اللفظ ػ ومف ثـ التراميػػب مجتمعػػة مػػف ألفػػاز ولػػيس ا ػػتراؾ‬
‫افلفاز في المدلوؿ ‪ .‬ولمننا ننحظهـ وكما فعل علماء اللغػػة فػػي الغػػرب منػػذ سوسػػير يعتبػػروف افلفػػاز‬
‫بمعنى آخر أل‬
‫ا‬
‫افوؿ ‪.‬‬‫افخرى ػ والتي هي مدلوالت المفردة افولى مف معاني اللفظ ّ‬
‫ن تعطيػػه ثن ثػػة مػػدلوالت ‪ .‬ولمػػف هػػذ‬
‫أنػػت تبحػػث عػػف معػػاني افلفػػاز ومػػدلوالتها فػػاللفظ رقػػـ ٔ ) مػػث ا‬
‫المدلوالت استعملت ظهارها ثنثة ألفاز أخرى ‪ ،‬وهذ افلفاز هي جػػزء مػػف أبحاثػػؾ يفتػػرض أّنػػؾ تبحػػث‬
‫عف مدلوالتها أيضا فهذا العمل ال يقػػوـ بػػه ػػخص عاقػػل مطلقػا ف نػػه إذا كػػاف يػػؤمف بػػػ المترادفػػات ) ػ‬

‫‪8‬‬
‫فليؤمف ولمف يتوجب عليه أف يكوف منطقيا فيبحث في المرادفات نفسها وال يبحػػث عػػف الدال لػػة افصػػلية‬
‫ِ‬
‫بتخريب وتدمير تلؾ الداللة المبحوث عنها ؟!‬ ‫لمل لفظ ماداـ يبدأ فو ار مف افمثلة‬
‫أو الفعلية ّ‬
‫امل منهجية أل‬
‫في المثاؿ السابق وجميع افمثلة عدة م ّ‬
‫ٔ‪ .‬الص نة مف ى رحمة ) أل هو معنى للصنة صيغ بلفظ جديد هػػو رحمػػة ) ػ وهػػو لفػػظ يحتػػاج هػػو‬
‫اآلخر الػػى دال لػػة وبحػػث كمػػا أ ػػرت ‪ .‬فالبحػػث ال يفسػػر لغػ اة إعتباطيػ اة ) وحسػػب وانمػػا اسػػلوب البحػػث‬
‫نفسه اعتباطي ال كل والمضموف ‪.‬‬

‫ٕ‪ .‬إف هذا التحديد تدمير لنظاـ المترادفات ) حتى حينما يػػؤمف المػػرء بهػػا ػ إذ المفػػروض وجػػود حػػدود‬
‫معينة للمترادفات فتحديد الصنة مف ى على أنها رحمة هو منتهػػى التعسػػف بحػػق المترادفػػات ) التػػي‬
‫هي في افصل تعسف بحػػق اللغػػة ‪ .‬وهػػذا يعنػػي أف مباحػػث افلفػػاز ال تقػػوـ اال بالمزيػػد مػػف التخريػػب أو‬
‫التدمير للنظاـ اللغوي ‪.‬‬

‫يمكف للمرء أف يقوؿ أل إف الصنة مف ى هػػي لطػػف ) ‪ ،‬أو مػػودة ) أو تأييػػد ) أو عنايػػة ) أو‬
‫ذكر ) ػ كمػػا قػػاؿ ‪ ‬اذكرونػػي أذكػػركـ ‪ ‬أو ّأيػػة ألفػػاز أخػػرى ذات صػػلة بالموضػػوع ومػػا أمثرهػػا ‪ .‬فالتحديػػد‬
‫بكونها رحمة هو هتؾ لمجموعة افلفاز الم تركة في نفس موضػػوع اللفػػظ الم ػػترؾ ) وفػتح المحػػدود‬
‫للمترادفات ‪.‬‬

‫واذا كاف النص القرآني أو أي نص آخػػر ػ هػػو الغايػػة والوسػػيلة فػػي ٍ‬


‫آف واحػ ٍػد لهػػذا البحػػث ػ فػ ّف عمليػػة‬
‫غيريػ اة بػػيف الصػػنة‬
‫التخريػػب لػػنفس الػػنص قػػد بػػدأت منػػذ أف ابتػػدأ البحػػث ‪ .‬فعلػػى سػػبيل المثػػاؿ ننحػػظ َّ‬
‫َّ‬
‫مركػػب ) واحػػد مػػف الػػنص القرآنػػي مثػػل أل ‪ ‬أول(ػػؾ علػػيهـ صػػلوات مػػف ربهػػـ‬ ‫والرحمػػة فػػي اسػػتعماؿ‬
‫ِ‬ ‫دليل أ‬
‫الرحمة ‪.‬‬ ‫مختلف عف‬
‫أ‬ ‫يء‬
‫أ‬ ‫أميد على أف الصنة‬ ‫ورحمة‪ / ‬البقرة ‪ .) ٔ٘ٚ‬وهو أ‬
‫وكذلؾ افمر في معناها أي الصنة ػ مف المن(كة ومف الناس ‪ .‬إذف فالباحث بدأ بتخريب النصػػوص )‬
‫كّلها منذ بداية البحث ‪.‬‬

‫ٖ‪ .‬دخػػل هػػذا المبحػػث الػػى الفقػػه الت ػػريعي أيضػا أل فػػاختلفوا فػػي مبحػػث افوامػػر) حػػوؿ القصػػدية فػػي‬
‫ن ػ هل المقصود تلؾ العبادة الخاصة التػػي تتضػػمف حركػػات وقػراءة معينػػة‬
‫افمر أل ‪ ‬أقيموا الصنة ‪ ‬مث ا‬
‫أـ المعنى افعـ المرتبط بالصلة ؟‬

‫فعلي ػ وما يقػػاؿ مػػف‬ ‫مصدر المتاب ب كل‬ ‫إسنمي‬ ‫ومف جراء ذلؾ كانت النتيجة هي عدـ وجود ) فق ٍه‬
‫ٍّ ٍّ‬ ‫ُ‬ ‫ٍّ‬
‫إدعاء ػ ففي أوضح آيات التقسيـ في ا رث مث ا‬
‫ن ال‬ ‫ٍ‬ ‫أف المتاب هو أحد مصادرهـ في الت ريع فهو ّ‬
‫مجرد‬ ‫ّ‬
‫يء معتمػػد وحاسػ ٍػـ لفهػػـ آيػػات الت ػػريع بصػػورة دقيقػػة كمػػا حػ ّػددتها السػَّػنة) ػ والتػػي‬
‫ٍ‬ ‫يمكف الركوف الى‬
‫قطعي الصػػدور غيػػر‬ ‫ٌّ‬ ‫ظنوا أف نصوصها ) قطعية الداللة غير قطعية الصدور ػ بعكس المتاب الذي هو‬
‫إذ أف الػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػنص‬ ‫مجرد احتياؿ على الموضوع ‪.‬‬
‫قطعي الداللة وهذا ّ‬
‫ّ‬
‫ملسو هلآو هيلع هللا ىلص ) على أنػػه أوتػػي جوامػػع‬ ‫بكل ما يتضمنه معنى النص مف إحكاـ وقد أمد الرسوؿ‬ ‫ي‬
‫النبو هو نص ّ‬

‫‪9‬‬
‫الملػػـ ػ واف فػػي كنمػػه ػبه ا مػػف كػػنـ ى ‪ ،‬مػػف حيػػث أفػػاد نػػص آخػػر ل مػػاـ علػػي ع ) أف كنمهػػـ‬
‫يفسر بعضه بعضا ) ػ وهذا يعني وجود نظػػاـ لفظػػي فػػي كنمهػػـ كمػػا هػػو الحػػاؿ فػػي القػرآف مػػع اخػػتنؼ‬
‫جوهري ذكرنا سابق ا ‪.‬‬

‫يؤدي ذلؾ الى بحث لغوي ) قا(ـ علػػى أسػ ٍ‬


‫ػس علميػ ٍة ومنطقيػ ٍة ‪ ،‬لمػػف ذلػػؾ لػػـ‬ ‫وكاف مف المفترض أف ّ‬
‫يحػػدث ػ واعتػػرؼ ػّػراح نهػ البنغػػة ػ مثلمػػا اعتػػرؼ مفسػػروا القػرآف بعجػػزهـ عػػف الفصػػل فػػي الم ػػترؾ‬
‫المعنوي أو اللفظي مف قبيل قوؿ ا ماـ علي ع ) في خلق الموف أل‬

‫أن أ الخلق إن اءا وابتدأ ابتداءا ‪ ..‬الخ )‬

‫قاؿ أحد ال ّراح أل لـ أجد فهل اللغة فرقا بيف ا ن اء وا بتداء )ٔ ‪.‬‬

‫واعتبػػر ال ػػارح غيػػاب التفريػػق م ػػكلة ) ػ بخاصػػة إذا أردنػػا صػػوف كنمػػه ع ) عػػف التمػرار !! وهػػذ‬
‫مفر منها ومحتوم أة العتباطية اللغة وا يماف بالمترادفات ‪.‬‬
‫نتيجة ال ّ‬
‫الموحدة ) واخضػاع هػػذ الفقػرة فقػػط‬ ‫ّ‬ ‫ولو أردنا استعماؿ معاني افصوات وقصدية اللغة في كتاب اللغة‬
‫لهػػا ػ فسػػنكوف ب ػ ز ِاء نظري ػ ٍة متمامل ػ ٍة عػػف خلػػق العػػالـ ال عنقػػة لهػػا بكػ ّػل مػػا ذكرتػػه الميتافيزيقيػػا مػػف‬
‫أطروحات ػ مع التأميد على ترتيب ونسق افلفاز في هذ الجملة ‪.‬‬
‫ٍ‬

‫ػح لتفسػػير التراميػػب القرآنيػػة والنصػَّػية افخػػرى والتػػي ظهػػرت‬‫وسأـ ) واضػ ٍ‬


‫ٍ‬ ‫ملل‬
‫ٍ‬ ‫وقد أدى ذلؾ الى حالة‬
‫لهـ ) على صورة مكررات وكانت واضػػح اة وصػػريح اة جػػدا فػػي التفاسػػير التػػي أحالػػت تفسػػير بعضػػها علػػى‬
‫سابق رغـ االختنؼ في النسق ػ والذي زعموا أنه ِّ‬
‫يغير المعنى المّلي للجملة ومع ذلؾ فلـ يلتزمػوا‬ ‫ٍ‬ ‫بعض‬
‫ٍ‬
‫بما ألزموا أنفسهـ به مف دراسة افنساؽ ‪.‬‬

‫وحاوؿ أحد راح ا لنه في العصػػر الحػػديث تجػػاوز هػػذا السػػأـ الػػذي وقػػع فيػػه جميػػع ػراح الػػنه قبلػػه‬
‫وهـ علماء سنة ومعتزلة و يعة مختلفوف ‪ ،‬ولمنػػه اعتػػرؼ فػػي النهايػػة وبخاصػػة فػػي مػػا يتعلػػق بوصػػف‬
‫ن حتػػى مللػػت ) أو عبػػارة أ ػػبه بػػذلؾ ‪ .‬علمػا أف انسػػاؽ ) هػػذ المكػػررات مختلفػػة‬
‫الػػدنيا واآلخػػرة قػػا( ا‬
‫اختنفا ديدا ‪.‬‬

‫وعلى ذلؾ ف ّف المباحث ) الخاصة بافلفاز لـ تؤدي الى ّأية نتا( ٍ علمي ٍة لها قيمة تذكر على الصعيد‬
‫أي ن ا فمري ‪.‬‬
‫العملي في ّ‬
‫ٗ‪ .‬إذا أخػػذنا مثػػاؿ السػػجود – ننحػػظ عػػنوة علػػى اآليػػة اآلنفػػة – السػػجود آلدـ فػػي آيػػة ٔ ) – و‬
‫سجود الظنؿ فػػي آيػػة ٕ ) – و غيػر ذلػػؾ كمػػا فػػي آيػػة ٖ ) و ٗ ) وتمػػوف الحصػػيلة أف السػػجود‬
‫كلفظ يحل محل ألفاز أخرى على محورافلفاز أو المعاني ) التي هي ألفاز على ال كل اآلتي أل‬

‫‪.132 /‬‬ ‫ميثم بن عمي البحراني ‪ /‬شرح النهج ‪ /‬ج‪1‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪10‬‬
‫سجود‬
‫إذعاف‬ ‫انكباب‬ ‫خ وع‬ ‫احتراـ‬ ‫حركة‬

‫جمادات‬ ‫انساف‬ ‫من (كة‬ ‫من(كة‬ ‫ظنؿ‬

‫آدـ )‬

‫ليحل ّ‬
‫محل لفظ ) آخر ػ كّلما تغير الفاعػػل وموضػػوعه المكتػػوب أسػػفل‬ ‫ّ‬ ‫كل مرة‬
‫فاللفظ سجود ) أل يقفز ّ‬
‫المحور ‪ .‬فهػػو مػػف الجمػػادات إذعػػاف ومػػف ا نسػػاف الوضػػع الخػػاص المعػػروؼ ومػػف المن(كػػة خ ػػوع ‪..‬‬
‫الخ ‪.‬‬

‫هذ العملية هي عبارة عف ت قريب للمعاني ) ويقوـ بها أدنػػى النػػاس معرفػػة باف ػػياء واللغػػة وهػػي فػػي‬
‫النهايػػة ليسػػت سػػوى جعػػل ) افلفػػاز افخػػرى تػػدؿ علػػى معػػاني ذهنيػػة ) للفػػظ سػػجود ) ال غيػػر ػ‬
‫ودخولها بصورتها البدا(ية السػػاذجة فػػي متػػوف ال ػػروح المتعلقػػة بدال لػػة اللفػػظ ػ ال يعنػػي ػػي(ا سػػوى أف‬
‫علمػػاء اللغػػة يرغبػػوف فػػي تأسػػيس مبػػادئ ثابتػػة لهػػذ ا عتباطيػػة والفهػػـ البػػدا(ي لأللفػػاز والػػذي ي ّتسػػـ‬
‫بالنمنطقية والسذاجة ‪.‬‬

‫الموحدة وأمكػػف الػػتخّلص مػػف هػػذ الم ػػكلة بالم ػػف عػػف معػػاني‬ ‫ّ‬ ‫مثل هذا الرسـ وضعته في كتاب اللغة‬
‫افصوات ‪ ،‬فالتعاقب س ػ ج ػ د ) لػػه حركػػة عامػػة ويمتلػػؾ قيمػػة أصػػلية ال تتغيػػر ‪ ،‬وهػػو مػػا كػػاف ولػػف‬
‫خ ػ ش ػ ع ) أو ا – ف – ؾ – ب ) … الخ ‪..‬‬ ‫يكوف بحركة التعاقبات افخرى مثل‬

‫كل بحسب طبيعتهػػا وقػػدراتها وهػػذ الحركػػة مطلقػػة فػػن يمكػػف أداء‬ ‫وتؤدي الذوات المختلفة هذ الحركة ّ‬
‫سػػجود ) بمعنػػا المطلػػق اال مػػف المجموعػػة كّلهػػا أي الموجػػودات بأسػػرها ػ فهػػي فػػي حالػػة سػػجود فعلػػي‬
‫مطلق دا(م ا كمجموع ويمكف للذات ػ حاؿ كونهػػا مختػػارة وحػػرة أف تسػػجد بالصػػورة المرضػػية فلػػيس هنػػاؾ‬
‫حدود للحركة فػػي التعاقبػػات اال حػػدود نفػػس التعاقػػب مػػف حيػػث أف حركتػػه افصػػلية محػػددة بوجػػود وهػػذا‬
‫الموحدة )‪.‬‬
‫ّ‬ ‫كل تعاقب ذكرت منه م(ات افمثلة في كتاب اللغة‬
‫يء عاـ ينطبق على ّ‬
‫لمل لفظ ) ألفاظا أخرى للداللة على معنا ػ يتوجب بػػد اال مػػف ذلػػؾ د ارسػػة حركػػة كػ ّػل‬
‫وبدالا مف أف نجعل ّ‬
‫لفظ لمعرفة المزيد مف نفس الحركة فهذا يؤدي الى معرفة صحيحة للغة واف ياء ويجنبنا العبث بالنظاـ‬
‫اللغوي ويقضي على م امله جميعا ‪.‬‬

‫ػػـ ذلػػؾ ػ وبموجبػػه‬


‫وبالطبع يحتاج هذا افمر الى معرفػػة أوليػػة بقيمػػة افصػوات ومػػف ثػػـ التعاقبػػات وقػػد تػ ّ‬
‫ػػـ امت ػػاؼ أف القػرآف هػػو كػػذلؾ‬ ‫يمكف تمييز النظاـ اللغوي المطلق مف المنـ عف غير مف المػػنـ وقػػد تػ ّ‬
‫فماف المنه اللفظي ) مقدمة ّأولية في محاولة الدخوؿ الى ذلؾ النظاـ ‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫٘‪ .‬إذف يمكف القوؿ أف البحث اللفظي المنسيكي ) المتعلق باستعماؿ اللفظ على الجمع هل يجػػوز او‬
‫ال يجوز هو مبحث ساقط عف االعتبار ومثاله قوله يصّلوف ) هل المقصػػود مجمػػوع صػػنة هػؤالء لمػ ّػل‬
‫ذات مػػنهـ وكػ ّػل نػػوع أو غيػػر ذلػػؾ ؟ فقػػوؿ المجػ ِّػوزيف مػػثنا أل أف ضػػمير الجمػػع فػػي الفعػػل يص ػّلوف )‬
‫بمنزلة الضػػما(ر المتعػػددة المقتضػػية ففعػػاؿ متعػ ّػددة – هػػو محاولػػة لتبريػػر المرادفػػات علػػى المحػػور وهػػو‬
‫يء ال يمكف لهـ تحقيقه ‪ .‬أما الػػذيف منعػوا مػػف ذلػػؾ فلػػيس هػػو بسػػبب قصػػدية اللغػػة ) – وانمػػا هػػو‬
‫آف و ٍ‬
‫احد – وهو عػػيف مػػا يفعلػػه دي سوسػػير فػػي علػػـ اللغػػة‬ ‫محاولة للجمع بيف االعتبا و القصدية في ٍ‬
‫العاـ ‪.‬‬
‫قاؿ ميثـ أل واف أريد أنه يجوز اسػػتعماؿ اللفػػظ علػػى الجميػػع كيفمػػا اتفػػق فهػػو يصػػح مػػع داللتهػػا علػػى‬
‫اففراد فردا فردا تضمنا ) ‪.‬‬
‫ارة المحفزة ) داخل التركيب والموجودة ضػػمنا‬ ‫سما سوسير ا‬ ‫وهذا التضمف القصدي هو نفس ما ّ‬
‫وبالنسػػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػبة‬ ‫) في النظاـ النقصدي أواالعتباطي ومعلوـ أف هذا هو الهراء بعينه ‪.‬‬
‫للتنظير اللغوي في ال رؽ ا سنمي فهو مخالف لألسػػس المنطقيػػة فػػي خصػػا(ص الجػػزء والمػ ّػل ‪ .‬فالمػ ّػل‬
‫هنػػا اعتبػػاطي كيفمػػا اتفػػق والجػػزء قصػػدي وهػػو مقلػػوب المبػػدأ المنطقػػي مػػرتيف ال مػػرة واحػػدة ‪ .‬الصػػورة‬
‫النها(يػػة للحػػل القصػػدي تتوضػػح بالرسػػـ اآلتػػي المختلػػف فػػي االتجػػا فقػػط عػػف الرسػػـ فػػي كتػػاب اللغػػة‬
‫رسـ لوحد ٍة لغوي ٍة واحد ٍة مثل َس َج َد ) لمجرد التوضيح أل‬
‫الموحدة ‪ ،‬وهو أ‬

‫سجد‬ ‫سجد‬ ‫سجد‬ ‫سجد‬


‫سجود‬
‫المعنى المطلق‬

‫جماد‬ ‫انساف‬ ‫من(كة‬ ‫ظنؿ‬ ‫سجد )‬

‫فالمفردة اليحل محلها مفردة اخرى وانما يمكف فقػػط منحقػػة نفػػس حركتهػػا واذا اريػػد وصػػف هػػذ الحركػػة‬
‫لذات معينة فيجب وصػػفها بجملػػة طويلػػة مػػع م ارعػػاة الحركػػة االصػػلية وال توصػػف بمفػػردة واحػػدة او لفػػظ‬
‫آخر ‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫المبحث الرابع‬
‫التخصيص وا جماؿ‬

‫وهذا المبحث يخص اللفظ الم ترؾ ‪ .‬ذكروا أف اللفظ إذا كاف موضوعا لمعنيػػيف أو امثػػر فػ ف اقترنػػت بػػه‬
‫تخصص أحد المعاني فهو ذلؾ المعنى واف لـ تقترف به قرينػػة مػػف هػػذا النػػوع بقػػي مجمػنا ‪ .‬وهنػػا‬
‫قرينة ّ‬
‫امثر مف أ كاؿ أل‬

‫افوؿ أل أف القرينة هي لفظ أيض ا وم كلته في العموـ ا جماؿ ) والتخصيص هي نفػػس م ػػكلة اللفػػظ‬
‫ّ‬
‫موضوع البحث !! ‪.‬‬

‫تغافل أو غفل ُة عف افساس المنطقػػي للبحػػث ‪ .‬وهػػذا التغافػػل هػػو مػػف طبيعػػة ا عتباطيػػة ولهػػا منػػه‬
‫أ‬ ‫وهذا‬
‫أهداؼ معينة كما سترى ‪.‬‬

‫الثاني أل إف القرينة مع وضػػوحها المػػافي ال تخػػرج عػػف المعنػػى الػػذهني أو االصػػطنحي وهػػي بػػذلؾ تقػػوـ‬
‫بمزيد مف ا يهاـ حوؿ اللفظ موضوع البحث ‪ .‬وستنحظ في المواضيع النحقة أف ا يهاـ ) هدؼ مػػف‬
‫أهداؼ االعتباطية أيض ا وليس أسلوبا في البحث فقط ‪.‬‬

‫تفرع البحث اللفظػػي هنػػا الػػى فػػروع ر(يسػػية أربعػػة بحيػػث أُدخلػػت‬ ‫وبسبب هذيف ا كاليف المنطقييف فقد ّ‬
‫المرادفات والمجاز والمناية واالستعارة وأدوات النفػػي وعلػػـ المنطػػق كّلػػه للػػتخلص مػػف االلتباسػػات الواقعػ ِػة‬
‫ِ‬
‫مجلدات مف كنمهـ في هذا المبحث ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫بيف القرينة واللفظ بحيث يمكنؾ َ‬
‫جمع‬

‫الخذالف واضحا والف ل ظاه ار حينما تنحظ عبارات مف هػػذا النػػوع كمػػا فػػي‬
‫ُ‬ ‫ولمل فرع ‪ ،‬كاف‬
‫وفي النهاية ّ‬
‫النصوص الختامية آالتية أل‬

‫ف ف كاف الراجح مف تلؾ المجازات هو مجاز الحقيقة الراجحة ػ علمػ ا أف الحقيقػػة الراجحػػة هنػػا مجازيػػه‬
‫وتخمينيػػة ال غيػػر ػ تعػ َّػيف الحمػ ُػل عليػػه أو مجػػاز الحقيقػػة المرجوحػػة فيقػػع التعػػارض بينػػه وب ػيف مجػػاز‬
‫مرجح آخر)‪.‬‬‫كل منهما بنوع ترجيح الى أف يظهر ّ‬ ‫الحقيقة الراجحة الختصاص ّ‬
‫المرجح اآلخر وموضوع البحث هو تركيػػب لغػػوي ػ جملػػة‬
‫ّ‬ ‫ونعلق على ذلؾ بالقوؿ أل مف أيف ومتى سيأتي‬
‫مفيدة هي بيف أيدينا ؟؟ ‪.‬‬

‫وأمػػا ذا تسػػاوت الحقػػا(ق ف ػ ف اختلفػػت مجازاتهػػا بػػالقرب والبعػػد منهػػا حمػػل اللفػػظ علػػى‬ ‫نػػص آخػػر أل‬
‫المجاز افقرب واف لـ تختلف في القرب والبعػػد بقػػي التعػػارض بينهمػػا متسػػاويا لتسػػاوي حقا(قهػػا الػػى أف‬
‫مرجح ‪!! ) ..‬‬
‫يظهر ّ‬

‫‪13‬‬
‫ػل‬
‫االنتظار الى حيف ظهور الحػ ّ‬
‫ُ‬ ‫الحل االعتباطي الى نتيج ٍة أخيرٍة بعد البحث والعناء مفادها‬
‫وهكذا ينتهي ّ‬
‫!! ‪.‬‬

‫ومثػ ُػل هػػذ النت ػا( متوقع ػ أة بصػػورٍة حتمي ػ ٍة ‪ ،‬يحتمهػػا افسػػاس المتنػػاقض لمبػػدأ الحػ ّػل والػػذي جعػػل حػ ّ‬
‫ػل‬
‫يخصص له معنا !!‬ ‫ِ‬ ‫معضلة تخصيص معنى اللفظ في يد ٍ‬ ‫ِ‬
‫آخر ػ كاف هو بدور ينتظر مف ّ‬ ‫لفظ ٍ‬
‫ِ‬
‫القا(ل فاقد ال يء ال يعطيه – أو المفتقر لل يء ال يعطيه ) ‪.‬‬ ‫وهذا خنؼ مبدأهـ المنطقي‬

‫الحل القصدي يلغي الموضوع مبا ػػرة كمػػا أريػػت فػػن يبقػػى موضػػوع لهػػذا البحػػث وينتقػػل‬ ‫ومف الواضح أف ّ‬
‫التخص ػػيص و افجم ػػاؿ ال ػػى الحرك ػ ِػة العام ػػة للتسلس ػػل أو حرك ػػات التعاق ػػب ‪ .‬وبالت ػػالي تحت ػػاج افلف ػػاز‬
‫ف لحركتها لمعرفة كيفية قيامها بهذا الفعل – ففي الح ّل القصدي‬ ‫المجاورُة – فاعلة الحركة مثنا الى ك ٍ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تصػػبح افلفػػاز الداخلػػة فػػي الجملػػة جميعػا هػػي موضػػوع البحػػث – وعلػػى خػػنؼ الحػ ّ‬
‫ػل االعتبػػاطي الػػذي‬
‫الحل القصدي بتقوية عناصر بعضها ببعض ‪.‬‬
‫يؤدي الى مزيد مف التخريب والعبث – يقوـ ّ‬
‫ػي فػػي بحػػث الفقػػرة ‪ ‬وجعلنػػا فيهػػا رواسػػي مػػف فوقهػػا ‪ ‬مػػف‬ ‫ػاؿ علػػى ذلػػؾ اسػػلوب الحػػل افولػ‬
‫الحػػظ كمثػ ٍ‬
‫ّ ّ ِّ‬
‫ػاص مػػف كتػػاب النظػػاـ القرآنػػي ) ‪ .‬علمػا أف هػػذا الحػ ّ‬
‫ػل لػػيس هػػو الحػ ّػل‬ ‫مجموعػػة التراميػػب فػػي فصػ ٍػل خػ ٍ‬
‫ػدا(ي للحركػ ِػة الخاصػ ِػة بالتعاقػػب مػػف خػػنؿ‬
‫ػف ابتػ أ‬ ‫المّل ّي فنه لـ يتضمف معػػاني افصػوات وانمػػا هػػو ك ػ أ‬
‫نص مفروٍغ مف صحته ) وغايتي مف افسلوبيف أل النظاـ القرآني وقصدية اللغة هو إثبات خطأ المباحث‬ ‫ٍّ‬
‫ِ‬
‫ػل االبتػػدا(ي و ّ‬
‫المتمثلػػة بالسػؤاؿ ال ػػكلي‬ ‫ػب الثغػػرَة الوحيػػدة فػػي الحػ ّ‬
‫اللغوية على جميع المسػػتويات ‪ ،‬وتجنػ ُ‬
‫لمف ال يؤمف بوحي القرآف وهو أل‬

‫نص َّ‬
‫الهي ) ؟‬ ‫النص القر‬
‫آني هو ّ‬ ‫مف أيف لنا أف نعلـ أف َّ‬
‫ّ‬
‫فوؿ مػػرة فػػي التػػاريخ ا نسػػاني حينمػػا يك ػػف عػػف قيمػػة‬
‫القصدي ليجيب على هذا التساؤؿ ّ‬
‫ّ‬ ‫الحل‬
‫فيأتي ّ‬
‫النص المفروغ مف صحته صح اة مطلق اة مف خنؿ التطبيق ‪.‬‬ ‫افصوات وبالتالي داللة المفردة وأخي ار عف ّ‬
‫ػي إلهػػي بسػػبب التػواتر عػػف النبػػي )‬‫الحل هو الوحيد المنطقي فف ا جابة القديمػػة إف القػرآف وحػ أ‬ ‫وهذا ّ‬
‫ِ‬
‫ػت كونػػه رسػو اال مػػف خػػنؿ القػرآف فػػن‬ ‫هػػي إجابػػة مخالفػ أة ومناقضػ أة للنبػػوة والرسػػالة ذلػػؾ فف الرسػ َ‬
‫ػوؿ أثبػ َ‬
‫يمكػػف إثبػػات الق ػرآف مػػف خػػنؿ الرسػػوؿ – وقػػد ك ػػفت عػػف هػػذا التنػػاقض فػػي ذلػػؾ المتػػاب أيض ػ ا ‪ .‬أمػػا‬
‫ا جابة افخرى وهي كونه بليغ ) أو فيه أخبار بالمغيبات فهي غيػػر معتمػػد ٍة عنػػد الجميػػع فنهػػا عبػػارأة‬
‫ػل القصػػدي ‪ ،‬وهػػذا أمػأػر‬ ‫اف ) حػػوؿ ا عجػػاز ‪ ،‬أمػػا ا عجػػاز نفسػػه فلػػـ يك ػػف قبػػل ظهػػور الحػ ّ‬
‫عػػف دور ٍ‬
‫اضح جدا ‪.‬‬
‫و أ‬

‫‪14‬‬
‫المبحث الخامس‬

‫وقت ظهور داللة المفردة‬


‫الموحػػدة ‪ ،‬وهػػي ال‬
‫ّ‬ ‫احتاؿ دي سوسر براز وقت ظهور داللة المفردة بطريق ٍة ّ‬
‫تػـ تفنيدها في كتاب اللغػػة‬
‫تختلف مطلقا عف ظهورها عنػػد قػػدامى المسػػلميف فػػالمعنى يظهػػر بعػػد ا طػػنؽ أي إطػػنؽ المفػػردة علػػى‬
‫بأف عكسه يستلزـ وجود افسماء قبل المسػ َّػميات ‪،‬‬ ‫ال يء وليس قبله ‪ .‬ومثلما أ كل سوسير على ذلؾ ّ‬
‫فقد صاغ العبػػارات بصػػورٍة غامضػ ٍة ّ‬
‫لتمريػػر القصػػدية مػػف خػػنؿ النقصػػدية ‪ ،‬ف نػػه وجػػد إ ػػكا اال فػػي ذلػؾ‬
‫فأقر بافمريف معا في موضعيف مختلفيف ‪.‬‬
‫َّ‬
‫ػػكاؿ والػػذي‬ ‫ِ‬
‫عتباطية علػػى هػػذا ا‬ ‫أما ميثـ البحراني ت ػ ‪ ٜٙٚ‬هػ ) فماف واضحا في تأسيس مبدأ ا‬
‫هػػو غيػػر منطقػػي متابع ػا ال ػرازي والجرجػػاني ‪ .‬وانطبػػاع ا ػػارِة فػػي الػػذهف عنػػد سوسػػير يسػ َّ‬
‫ػميه ميػػثـ‬
‫ارتسػػاـ ) ومثػػل هػػذا ا ػػكاؿ فػػي افسػػبقية عنػػد أهػػل الم ػػرؽ يسػ ّػمى فػػي االصػػطنح الػػدور ) وبقيػػة‬
‫ِ‬
‫لمل منهما بهذا المعنى ‪ .‬وميثـ البحراني هو‬ ‫المفاهيـ هي نفسها بل هناؾ ت ابه في افلفاز المستعملة ّ‬
‫أما المؤسس الفعلي فهو عبد القاهرالجرجاني ‪.‬‬ ‫أحد راح ا عتباطية ‪ّ ،‬‬
‫ولما كنت قد أوضحت ذلؾ بالنسبة لسوس ير فامتفي ب يراد نص ميثـ الذي يقوؿ أل‬

‫افوؿ مػػف وضػػع افلفػػاز المفػػردة إفادتهػػا لمسػػمياتها المفػػردة ) وبػػذلؾ يلغػػي ميػػثـ وجػػود‬
‫لػػيس الغػػرض ّ‬
‫افولى للتعاقب الصوتي مف خنؿ التعبيػػر عػػف هػػذ القصػػدية بػػػ المفػػردة ) لأللفػػاز المفػػردة ‪.‬‬ ‫القصدية ّ‬
‫ثـ رح ذلؾ موضحا إ كاؿ افسبقية فقاؿأل‬

‫بياف ذلؾ يستلزـ أف إفادتها لها موقوف أة علػػى العلػػـ بكونهػػا موضػػوعة لهػػا وهػػذا يسػػتلزـ العلػػـ بهػػا قبػػل‬
‫الوضػػع ) ‪ .‬والضػػمير فػػي بهػػا ) افخيػػر ارجػػع بػػالطبع الػػى افلفػػاز ال المسػػميات اف ػػياء ) والتػػي‬
‫يسميها سوسر أحيانا اففمار ) ‪ .‬ومعنػػى العبػػارة أف الواضػػع لػػو كػػاف يضػػع اللفػػظ خصيصػا للمعنػػى أو‬
‫ّ‬
‫قصدية اللفظ ػ وهي يء رفضػػو رفضػا‬ ‫َّ‬ ‫لمل لفظ فهذ هي‬ ‫الفكرة لماف ذلؾ يعني أنه يدرؾ معنى محددا ّ‬
‫قاطع ا ‪ .‬وهنا قاؿ ميثـ أل فلو توقفت إفادتها ػ أي تلؾ اففمار ػ على الوضع لزـ الدور ) ‪.‬‬

‫ولمف ميثـ تجاهل أم ار آخ ار هو أف االستمرار باالعتقاد أنه ال يوجد زماف ّ‬


‫تـ فيػػه الوضػػع هػػو اآلخػػر دور‬
‫‪ .‬وهػػذا افمػػر اقػ ّػر سوسػػير واعتػػرؼ بػػه ولمنػػه اعتػػرؼ لغاي ػ ٍة خاص ػ ٍة وهػػو إدخػػاؿ الناعتبػػا ) داخػػل‬
‫االعتبا بطريق ٍة مامرة ‪.‬‬

‫دور إذا افترضػػنا أف الواضػػع ّ‬


‫افوؿ يعلػػـ جيػػدا الرمػػوز الحركيػػة والقيمػػة‬ ‫والحقيق ػ ُة هػػي أنػػه ال يوجػػد هنػػا أ‬
‫ػدود علػػى اف ػػياء فقػػد أدخػػل‬
‫ػدد محػ ٍ‬ ‫الفعليػػة لألصػوات ‪ .‬وحينمػػا أطلػػق تعاقبػػات معينػػة حتػػى لػػو كانػػت بعػ ٍ‬
‫أوضحتها فػػي‬
‫ُ‬ ‫وتمونت اللغات بالطريقة التي‬‫المتنوع ّ‬
‫ّ‬ ‫ا ارة الى افذهاف ضمن ا وحدث بعد ذلؾ اال تقاؽ‬
‫ػات لغوي ػ ٍة مسػػتقلة تػػدريجيا‬
‫ػتـ ت ػكيل تموينػ ٍ‬
‫الموحػػدة ) والتػػي مرجعهػػا الػػى المترادفػػات فػ ّ‬
‫ّ‬ ‫كتػػاب اللغػػة‬

‫‪15‬‬
‫أمػ ٍة حيػػث‬
‫فهداؼ أوضحتها وميوؿ ذكرتها في ذلؾ المتاب ‪ ،‬ولها جميعا بقايا ظػػاهرأة وواضػػح أة فػػي كػ ّػل ّ‬
‫ػتفد سوسػػير مػػف هػػذ‬ ‫ػى واحػ ٍػد حسػػب المنػػاطق ‪ ،‬فلػػـ يسػ ْ‬ ‫ُتستعمل ألفازأ عد أة في نفس اللغػػة الواحػ ِ‬
‫ػدة لمعنػ‬
‫ا‬ ‫ُ‬
‫الظػػاهرِة لفهػػـ طريقػػة ن ػػوء اللغػػات وتجاهػػل هػػذا الن ػػوء تمامػػا ‪ .‬وانمػػا اسػػتعمل الظػػاهرة كػػدليل علػػى‬
‫تغافل‬ ‫عتباطية ‪ .‬وقد أوضحت أف هذا هو‬‫ِ‬ ‫ا‬
‫افوؿ وافخير هػػو صػػياغة دال لػػة اللفػػظ‬ ‫ديد ػ فف ا كاؿ ّ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫المتعددة ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫إيضاح لداللتها‬
‫ٍ‬ ‫ألفاز أخرى تحتاج هي بدورها الى‬ ‫ٍ‬ ‫عف طريق‬

‫وقد أعلف ميثـ أف الداللة تظهر متأخرة بعد ا طنؽ وهو ما زعمه سوسير فيما بعد ‪ .‬قاؿ ميثـ أل‬

‫افوؿ منها ػ أي افلفاز ػ تمكف ا نسػػاف مػػف ّ‬


‫تفهػػـ مػػا يتركػػب مػػف تلػػؾ المسػػميات بواسػػطة‬ ‫بل الغرض ّ‬
‫تركيب تلؾ افلفاز المفردة) ‪ .‬وفي هذا النص إ كاؿ منطقي تخّلػػص منػػه سوسػػير بتجاهلػػه وباسػػتعماؿ‬
‫أساليب ملتوية وهو أل إف ا نساف ال يمكنه التفهـ مما يتركب مف المسميات مػػا لػػـ يػػدرؾ سػػلفا لمػػا هػػي‬
‫موضوعة له مف المعاني المفردة ‪.‬‬

‫أما ميثـ ػ فقد ترؾ هػػذا االعتػراض الجػػوهري ليصػػوغه بطريقػ ٍة تخػػص المركبػػات المّليػػة ػ ليتجػػاوز م ػػكلة‬
‫ن أل‬
‫العنقة بيف الداؿ والمدلوؿ فاعترض على نفسه قا( ا‬
‫قا(ـ بعينه فػػي المركبػػات إذ المركػػب ال يفيػػد مدلولػػه إال عنػػد العلػػـ بكػػوف افلفػػاز‬
‫ال يقاؿ أل ما ذكرتمو أ‬
‫موضوعه لتلؾ المعاني ) ‪ .‬ال نسّلـ بذلؾ ػ فمتػػى علمنػػا وضػػع كػ ّػل واحػػد مػػف تلػػؾ افلفػػاز المفػػردة لمػ ّ‬
‫ػل‬
‫واحد مف تلؾ المعػػاني المفػػردة فػ ذا توالػػت افلفػػاز المفػػردة بحركاتهػػا المخصوصػػة علػػى السػػمع ارتسػػمت‬
‫المعاني المفردة في الذهف مستلزمة للعلـ بنسبة بعضها الى بعض ) ‪.‬‬

‫إذف فالقيمة افصلية للمفردة غيػػر موجػػودة وانمػػا تظهػػر مػػف خػػنؿ نسػػبة افلفػػاز بعضػػها الػػى بعػػض أي‬
‫خنؿ الجملة ‪.‬‬

‫كاؿ افخير على هذا النص هو إذا كاف افمر كذلؾ فن يوجد ػػيء اسػػمه الهػػذياف ) وهػػو القسػػـ‬ ‫وا‬
‫ال اربػػع مػػف أقسػػاـ اللفػػظ والػػذي مركباتػػه ال تعنػػي ػػي(ا ‪ ،‬إذ أف النسػػبية يفتػػرض أف تعمػػل دا(م ػا فتعطػػي‬
‫علماء اللغة جميعا ػ ولمنػػه اسػػتنتاج حتمػػي ػ وسػػوؼ‬
‫ُ‬ ‫أمر ال يقرُ‬
‫افلفاز مدلوالت كيفما اتفق المنـ وهو أ‬
‫ننحظه واضح ا في بنغة الجرجاني حيث أصبح الهذياف ػ عمليا عند مف احسف البنغات!!‪.‬‬

‫ػػـ نسػػف هػػذا المبحػػث مػػف جػػذور إذ يتنػػاقض المفهػػوـ البسػػيط والبػػدا(ي عػػف‬ ‫وفػػي الحػ ّػل القصػػدي يتػ ّ‬
‫المترادفات وهو وجود حػػدود معينػػة لأللفػػاز المترادفػػة حتػػى وفػػق النظػػرة ا عتباطيػػة العامػػة فػػن يمكػػف أف‬
‫يقفز لفظ بحر ) ليكوف أحيانا بمعنى تفاح ) ‪ .‬وهذ الحدود وفق نفس المبدأ االعتباطي تقوـ ب لغاء‬
‫أصوؿ هذا المبحث أي أف هذ الحدود المعترؼ بها حتم ا في ا عتباطية تستلزـ وجود قصدية أولػػى )‬
‫لمل لفظ على حدة ؟‪.‬‬
‫‪ .‬فميف إذا تسّنى لنا معرفة القيمة الفعلية لألصوات وبالتالي القيمة الحركية ّ‬

‫‪16‬‬
‫المبحث السادس‬

‫المجػػاز والحقيقػػة‬

‫تعاريف ولمنها تؤدي الى نتيج ٍة واحد ٍة ‪ .‬وافمثرية علػػى أف المجػػاز هػػو أل‬ ‫ٍ‬ ‫عرفوا المجاز والحقيقة ّ‬
‫بعدة‬ ‫ّ‬
‫ػاز مػػف جػػاز إذا تعػ ّػدا بمعنػػى أف الػػذهف إذا انتقػػل‬ ‫ِ‬ ‫ػف بأّنػ ُ‬
‫ػه مجػ أ‬ ‫ِ‬
‫إذا عػػدؿ بػػاللفظ عػػف وضػػعه اللغػػوي ُوصػ َ‬
‫أمػػا الحقيقػػة فقػػالوا أل كػ ّػل كلمػػة أُفيػػد بهػػا مػػا‬
‫غير معنا الذي وضع له فهو مجاز ) ‪ّ .‬‬ ‫باللفظ الى معنى ِ‬
‫ا‬
‫وضعت له في أصل االصطنح الذي وقع التخاطب به ) ‪.‬‬

‫حذر جدا في تعريف الحقيقة ‪ ،‬فنه أدرؾ أف تعريف المجاز منػػاقض‬ ‫أف ميثـ ػ وهذ هي عبارته ػ أ‬ ‫اضح ّ‬
‫و أ‬
‫لفكرة االعتباطيػػة حينمػػا حػ ّػدد أف لمػ ّػل لفػػظ معنػى ُوضػػع لػػه واذف فػػن اعتباطيػػة ‪ .‬وأراد الػػتخلص مػػف ذلػػؾ‬
‫عند تعريف الحقيقة فجعلهػػا تظهػػر خػػنؿ التخاطػػب تخلصػا مػػف ا قػرار بوجػػود قيمػ ٍة مسػػتقل ٍة لمػ ّػل لفػػظ ‪.‬‬
‫وهذا هو عيف ما حاوؿ اللغويوف في الغػػرب إبػراز مػػف بعػػد بػػل هػػو جػػوهر مػػا قامػػت وتقػػوـ بػػه البنيويػػة‬
‫الحديثة والتفكيكية افخيرة ‪ .‬ولمف هنا م كلة أخرى هي أف ّ‬
‫تغير الدال لػػة خػػنؿ التراميػػب المختلفػػة كانػػت‬
‫هي الظاهرة التي أثبتوا مف خنلها مبدأ ظهور الداللة بعد االستعماؿ – وهي بالتالي داللة متغيرة حسب‬
‫أي مف تلمػػـ‬
‫اقرو تعدد المعاني للمفردة ) – فميف يمكف بعد ذلؾ معرفة ٍّ‬ ‫التراميب – وهو أيضا مبحث ّ‬
‫الػػدالالت هػػو المقصػػود فػػي عبارتػػه أصػػل االصػػطنح الػػذي وقػػع بػػه التخاطػػب ) ؟ ‪ .‬إذف فػػالتعريف‬
‫ِ‬
‫الموضوعة قبل المبا رة بالتطبيق الفعلي ‪.‬‬ ‫يناقض المبادئ‬
‫ُ‬
‫الناس مف اسػػتعماله كمعنػػى للفػػظ هػػو ذلػػؾ‬
‫ُ‬ ‫وقد رضي علماء اللغة بهذ الحاؿ – ف ّنهـ ظنوا أف ما أمثر‬
‫ا‬
‫االصطنح افصلي وهو خطأ نيع ‪.‬‬

‫وأقوؿ أيضا أل إف ميثـ قد احتا بصورٍة م دد ٍة في انتقاء العبارات وهو يػػدرؾ جيػػدا أف المؤسسػػيف لهػػذ‬
‫اففمار أعني الجرجاني والػرازي وغيػػرهـ قػػد ظهػػرت لػػديهـ التناقضػ ُ‬
‫ػات بصػػورٍة مك ػػوف ٍة وميػػثـ هػػو أمثػػرهـ‬
‫رغب اة في إحكاـ القضية واف كاف َّ‬
‫اقلهـ هراة في الم رؽ والمغرب ‪.‬‬

‫ومعلوـ أف التأميد على أف افصل هو اصطنح واالعتراؼ بهذا افمر يناقض مػػف جهػ ٍة أخػػرى تعريػػف‬
‫للتغيػػر زيػػادة علػػى‬
‫الحقيقة ) بما هي حقيقة في علػػـ المػػنـ العػػاـ ‪ .‬فف االسػػتعماؿ االصػػطنحي عرضػػة ّ‬
‫متعدد بنفسه – ال ُيعلـ ما هو حقيقة ) على التعريف وما هو مجاز ) واذف فنحف بازاء حقيقػػة‬ ‫كونه ّ‬
‫متغيػػرة دوم ػا – وهػػو افمػػر الػػذي اقػّػر دي سوسػػير فػػي علػػـ اللغػػة وأجػػاب علػػى تناقضػػاته بطريق ػ ٍة تثيػػر‬
‫العجب حيث زعـ أف التغير نفسه اعتباطي ولمف نظاـ اللغة يعيد توازنه كّلما حدث التغير وقد سألنا عند‬
‫ذلؾ أل ما فا(دة علـ اللغة إذا كانت اللغة تقوـ تلقا(يا بتعديل الوضع واعادة التوازف ؟ ‪ .‬كما سألنا أس(لة‬

‫‪17‬‬
‫عدة عف العنقػػة بػػيف التغيػػر االعتبػػاطي والتػوازف االنتظػػامي ) بمػػا يػ ّ‬
‫ػؤدي الغػػرض الهػ ّ‬
‫ػاـ وهػػو أف هػػذ‬
‫اففمار ال تمت الى العلـ بصلة تذكر ‪.‬‬

‫الحل القصدي ال توجد م كلة مف هذا النوع فنه ببساطة ال يوجػػد مجػػاز وحقيقػػة – مثلمػػا ال يوجػػد‬ ‫وفي ّ‬
‫ػل لفػػظ والػػدواؿ افخػػرى مػػف افلفػػاز ‪ .‬الحػػظ‬
‫تعدد لمدلوؿ اللفظ ومثلما ال يوجد خلط فاضػ أخ بػػيف مػػدلوؿ كػ ّ‬
‫ّ‬
‫المبحث النحق ‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫المبحث السابع‬
‫أقسػػػاـ المجػػػػاز‬

‫افوؿ مف المجاز أل وقوعه في اللفظ المفرد ‪.‬‬


‫القسـ ّ‬
‫مثل لفظ افسد إذا أطلق على ال جاع ‪ .‬ولفظ الحمار على البليدٔ‪.‬‬

‫وفي هذا م امل أخرى غير ما ذكر سػػابقا ػ فالم ػػامل السػػابقة ال ازلػػت قا(مػػة أمػػا الم ػػكلة الجديػػدة فهػػي‬
‫ػح وقػػد ال تصػ ّ‬
‫ػح ػ فاالسػػتعماؿ حتػػى لػػو كػػاف كثيػ ار‬ ‫أف التراميب المذكورة هي مقوالت ) مستعملة قػػد تصػ ّ‬
‫فن عنقة له بصحة االستعماؿ وخطأ على نفس الفهـ االعتباطي ػ إذ المفروض أف الغاية هي معرفػػة‬
‫يصح مف المنـ ػ وافبحاث تبػػدأ بػػدالالت افلفػػاز أو اال وخػػنؿ مػػا هػػي تبحػػث عػػف الدال لػػة‬
‫ّ‬ ‫يصح وما ال‬
‫ّ‬ ‫ما‬
‫ػل مػػا ُيفتػػرض أف تفعلػػه هػػو أخػػذ نصػ ٍ‬
‫ػوص مختػػارٍة ممػػف‬ ‫تستعمل النص العاـ والعادي جدا في حيف أف اقػ ّ‬
‫ف ػ ػ ػػيمكف للم ػ ػ ػػرء أف يق ػ ػ ػػوؿ أف‬ ‫قدر ولو إجماال أنه يتحدث بلغ ٍة صحيح ٍة ‪.‬‬
‫يػُ ّ‬
‫متغيأر وانه كاف يوما ما غير افسد مثل الليث أو الضيغـ أو غير ذلػػؾ ‪ ،‬مثلمػػا‬
‫االسـ االصطنحي نفسه ّ‬
‫ػح ‪ .‬كػػذلؾ يمكػػف القػػوؿ أف إطػػنؽ‬ ‫يمكػػف القػػوؿ أف هػػذا ا طػػنؽ نفسػػه افسػػد علػػى ال ػػجاع ) ال يصػ ّ‬
‫وم ػ ػ ػػف جه ػ ػ ػػة أخ ػ ػ ػػرى فػ ػ ػ ػ ف‬ ‫يصح ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الحمار على البليد ال‬
‫المدلوالت لـ يتـ استعراضها لمعرفة ما هو افصل في االصػػطنح وتجػػد نفسػػؾ فػػو ار أمػػاـ مػػدلوالت فرغػوا‬
‫تصور معانيها افصلية ! ‪ .‬وهذ العملية بمجموعها ال تمت الى العلـ بصل ٍة ‪.‬‬
‫مف ّ‬
‫ففػػي الػػنص القرآنػػي ننحػػظ أنػػه تجنػػب إطػػنؽ ل فػػظ الحمػػار علػػى ا نسػػاف البليػػد ‪ .‬لمػػاذا ؟ ف نػػه إذا كػػاف‬
‫المجػػاز هػػو تجػػاوز الحقيقػػة ) والحقيقػػة هػػي الصػػحيح فالمجػػاز إذف خطػػأ ‪ .‬وهػػي مسػػال أة هامػػ أة فػػي‬
‫المنطق أهملوها رغـ كثرة ما تفاخروا بدقة منطقهـ‪.‬‬

‫يبحث عما هو صحيح ّ‬


‫ويميز عما هو خطأ في االسػػتعماؿ فػػالتعريف إذف للمجػػاز‬ ‫َ‬ ‫وعلـ اللغة ُيفترض أف‬
‫والحقيقة يحمل ضمنا إق ار ار بجواز االستعماؿ الخاطّ ‪ ،‬والت ابه بيف المقوالت ال يحل ا كاؿ ‪.‬‬

‫استعمل القػرآف معادلػ اة مختلفػ اة لهػػذا ا طػػنؽ ‪ ،‬وذلػػؾ بالقيػػاـ بػػأربع عمليػػات لتبريػػر إطػػنؽ لفػػظ الحمػػار‬
‫على ا نساف إذا اعتبرنا أف ما فعله نوعا مف ا طنؽ مع أنه ليس كػػذلؾ كمػػا سػػترى ‪ .‬وذلػػؾ فػػي اآليػػة‬
‫المريمة أل ‪ ‬مثل الذيف حملوا التوراة ثـ لـ يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفا ار ‪ ‬آية ٘ ‪ /‬الجمعة ‪.‬‬

‫وهذ العمليات هي أل‬

‫‪ 1‬انظر البرهاف الما ف عف إعجاز القرآف للزملماني‪ /‬المجاز والمثل نفسه ُي ّ‬


‫كرُر في المباحث ا عتباطية في جميع أو امثر المؤلفات ‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫فعل ٍ‬
‫كا(ف وهو أ‬
‫فعل ّ‬
‫محدأد مف أفعاؿ ا نساف كما قاـ‬ ‫افولى أل أنه قاـ بتسمية ٍ‬
‫ِ‬
‫افسفار ‪.‬‬ ‫فعل مف أفعاؿ الحمار هو حمُله‬
‫بتسمية ٍ‬
‫ن ‪ ‬مثل الذيف ُح ِملوا التوراة ثـ لـ يحملوها ‪. ‬‬
‫الثانية أل أنه جعل لهذا الفعل مث ا‬

‫الثالثة أل أنه جعل لفعل الحمار مث ا‬


‫ن ‪ ..  .‬كمثل الحمار يحمل أسفا ار ‪. ‬‬

‫الرابعة أل أنه عقد الت ابه بيف مثلي الفعليف ال بيف الفعليف وال بيف الما(نيف ‪.‬‬
‫ِ‬
‫حملوا ] التوراة [ ؾ ] [ مثل ] الحمار [ يحمل ] أسفا ار‬
‫[ مثل ] الذيف [ ّ‬
‫وكػ ّػل مػػا فعلػػه هػػو عقػػد الت ػػابه ولػػيس ا طػػنؽ المبا ػػر ‪ .‬فابتعػػد بػػذلؾ عػػف إطػػنؽ لفػػظ الحمػػار علػػى‬
‫ا نساف بخمس خطوات كمجموع ‪.‬‬

‫ػيف وفعػػل الملػػب ‪ ،‬ولمنػػه هنػػا ابتعػػد ظاهريػ ا ثػػنث‬ ‫ػاف معػ ٍ‬
‫وكذلؾ فعل حينمػػا أراد عقػػد ال ػػبه بػػيف فعػػل إنسػ ٍ‬
‫ِ‬
‫تمثيل فعل ّ‬
‫كل منهمػػا بم َثػ ٍػل ْ ) بالفعػػل نفسػػه ولػػـ يػػذكر أنػػه م َثػػل‬ ‫خطوات بيد أنه أحا الخطوتيف وهما ّ‬
‫للفعل فامتفى بعقد ال به بيف مثليهما ػ ولمف العدد يبقى نفسه ‪.‬‬

‫وفعلػػه جػػزء منػػه ) ثػػـ قػػاـ بعقػػد ال ػػبه بػػيف‬ ‫إذا الحظنػػا بدايػػة اآليػػة حيػػث أمػػر الرسػػوؿ أف يتلػػو نبػػأ‬
‫المثليف أل‬

‫اتل عليهـ نبأ الذي آتينا آياتنا فانسلخ منها فاتبعه ال يطاف فماف مػػف الغػػاويف ‪ .‬ولػػو ػػ(نا لرفعنػػا‬ ‫‪‬و ُ‬
‫بهػػا ولمنػػه أخلػػد الػػى افرض وا ّتبػػع ه ػوا فمثلػػه كمثػػل الملػػب إف تحمػػل عليػػه يلهػػث أو تتركػػه يلهػػث ‪‬‬
‫افعراؼ ‪. ٔٚٙ‬‬

‫فال بػه ػ إذا تركنا ّأي ة محاولة للتدخل ػ بعيػػد بثن ثػػة م ارحػػل ف نػػه ت ػػبيه ال إطػػنؽ هػػذا أوالا ‪ .‬وثانيػ ا هػػو‬
‫مثل وال به هو بيف المثليف ونحف بالطبع ال نعلـ المثليف‬ ‫فلمل واحد منهما ْ‬ ‫كل منهما ػ ّ‬ ‫ت بيه بيف مثلي ّ‬
‫‪.‬‬

‫وفػػي آيػػات أخػػرى كػػاف السػػياؽ يبػػدأ بقولػػه ‪ ‬واضػػرب لهػػـ مػػث ا‬
‫ن ‪  ..‬ثػػـ يػػذكر المثػػل ويفتػػرض أف يقػػوـ‬
‫أصح للت بيه ولمػػف يبػػدو انهػػـ فهمػوا أف‬
‫الرسوؿ ملسو هلآو هيلع هللا ىلص ) لو سألو بأخبارهـ بالمثل المجهوؿ لفهـ أدؽ و ّ‬
‫هذا هو المثل واستمر العلمػػاء يػػذكروف أمثػػاؿ القػرآف ػ فػػي حػػيف أف افمثػػاؿ نفسػػها ظّلػػت خافيػػة فػػي كػ ّ‬
‫ػل‬
‫تـ فيه الت بيه بيف ال يء ومثله أو بيف المثليف ‪ .‬بينما كاف الت بيه مبا ار في آيات أخرى ‪.‬‬ ‫سياؽ ّ‬
‫وعلى ذلؾ يظهر جليا أف إطنؽ لفظ على معنى لفظ آخػػر للدال لػػة عليػػه أو نقلػػه مػػف أصػػله لمعنػػى آخػػر‬
‫لـ يحدث في القرآف مطلقا ‪.‬‬

‫وقد عالجنا بعض المجازات والمنايات واالستعارات افخرى في كتاب "النظػػاـ القرآنػػي" وتػ ّػـ توضػػيح ذلػػؾ ‪.‬‬
‫إذف فقد استعمل القرآف الت بيهات ولـ يستعمل المجازات ‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫القسـ الثاني أل هو أف يقع المجاز في المركب فقط ‪.‬‬

‫كل لفظ وقع على افصل ولمف الجملة المتمونة غير مطابقة للوجود على ّ‬
‫حد تعبير ميثـ وهو‬ ‫ومعنا أف ّ‬
‫ينقل اختصارات عبد القاهر ‪.‬‬

‫ومثاله أل ‪ ‬وأخرجت افرض أثقالها ‪ ‬الزلزلة ‪.ٕ/‬‬

‫فاضح للغاية ‪ .‬فننا إذا رجعنا‬


‫أ‬ ‫وهنا أيضا إ كاؿ وتناقض في تعريف المجاز ال يمكف السكوت عليه فنه‬
‫الى مسألة ظهور المعنى – ننحظ أنه يظهر بعد وجود اللفػػظ فػػي التركيػػب وهػػو كػػذلؾ عنػػد سوسػػير فػػي‬
‫ػل منهمػػا إال مػػف‬
‫افوؿ والثاني والثالث … الخ في المركب ال يعلـ مػػدلوؿ كػ ّ‬
‫الغرب ‪ .‬وهذا يعني أف اللفظ ّ‬
‫كل منها حقيقي فػػي موضػػعه‬ ‫خنؿ االستعماؿ والمركب منهما بالطبع فميف أصبح مجموع افجزاء والتي ّ‬
‫– أجزاء المركب – كيف اصبح المجموع مجازيا والمفروض أّنؾ ال تعلـ افصل إالّ مف االستعماؿ ؟ ‪ .‬قػػد‬
‫بأف االسػػتعماؿ افمثػػر حػ ّػدد سػػابقا معنػػى معينػ ا أطلػػق عليػػه افصػػل ‪ .‬ولمػػف المنحػػظ أف‬
‫يجاب على ذلؾ ّ‬
‫ا‬
‫وقت و ٍ‬
‫احد ‪ ،‬ثـ نسأؿ مػػف أيػػف جػػاء افصػػل ونحػػف‬ ‫هذا يناقض افسلوب والغاية مف إن اء علـ اللغة في ٍ‬
‫نبحث عنه ؟ فف افسلوب ّادعى أنه يدرس افنساؽ وهو كذلؾ عند سوسير ف ذا كاف ثمة تحديػػد سػػابق‬
‫للدال لػػة ف ػ ّف د ارسػػة افنسػػاؽ ال فا(ػػدة منهػػا ‪ ،‬إذ ال تسػػمح الدال لػػة السػػابقة بتغييػػر المعنػػى فػػي التراميػػب‬
‫المتجػػددة واذا كانػػت تسػػمح بحػػدوث المجػػاز ف ػ ّف معػػايير المجػػاز ليسػػت متجػ ّ‬
‫ػددة وانمػػا محػػددة والنتيجػػة‬
‫واحدة – إذ يبقى افسد يطلػػق علػػى ال ػػجاع ولػػف يطلػػق علػػى المػػريـ ) وال علػػى افرض ) وال يتجػ ّػدد‬
‫مطلقا‪.‬‬

‫بأف الثمرات التػػي‬ ‫أما المثاؿ ف ني ال استحي أف أقوؿ أنه يدؿ على الحمق وقد ذكرت سابقا أف القوؿأل ّ‬
‫تخرج مف أممامها ) مجاز وكل فعػػل منسػػوب الػػى غيػػر فاعلػػه افصػػلي أو صػػفة ل ػػيء غيػػر فاعػػل فيهػػا‬
‫مثػػل سػػيف ضػػارب وزورؽ غػػارؽ هػػي مجػػازات – وقػػد ذكػػروا هػػذ افمثػػاؿ نفسػػها فػػي متػػوف ال ػػروح –‬
‫ذكػػرت سػػابقا أننػػا إذا سػػرنا بهػػذا الطريػػق فػػي تحديػػد المجػػاز المركػػب فالنتيجػ ُة الواضػػح ُة أف افغلػػب هػػو‬
‫المجاز وليس الحقيقي ‪.‬‬

‫ن أل فلػػيكف ‪ .‬فف النتيجػػة تخػػالف أصػػوؿ‬‫وال يمكػػف أف نتصػػور أف أحػػدا مػػا لػػف يعبػػأ بهػػذ النتيجػػة قػػا( ا‬
‫المبحػػث فػػي التعػػاريف – إذ يفهػػـ منػػه أف لمػػل لفػػظ أصػػل اصػػطنحي وضػػع لػػه – وال يمكػػف بػػالطبع هنػػا‬
‫القياـ بأية محاولة لنحتياؿ على افمر ‪ ،‬فنؾ إذا قلت أف هناؾ لفظ واحد فقط لـ يوضع فػػي االصػػطنح‬
‫الفخ إذ يسقط فو ار موضوع المجاز برمته ‪.‬‬
‫وقعت في ّ‬
‫َ‬ ‫لمعنى ما‬

‫ذاؽ ) وقػػد أخػػذ منػػه العلمػػاء‬ ‫أثبتنػػا فػػي كتػػاب النظػػاـ القرآن ػي بحػػدود ثن ثػػيف اسػػتعماالا مختلف ػا للػػػفظ‬
‫معينة في حيف أف الموارد الثنثيف كلهػػا يبنبغػػي أف تمػػوف مجػػازات‬ ‫مورديف فقط ثبات أو رح مجازات ّ‬
‫وفقا لتلؾ القاعدة التي حػ ّػددت افصػػل وتسػ ُ‬
‫ػاءلت هنػػاؾ أل أيػػف هػػو االسػػتعماؿ افصػػلي ؟ فػ ذا لػػـ يػػرد فػػي‬
‫جميع الموارد القرآنية وهي كثيرة فأيف هو ؟ ‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫استعماؿ جز(ي ) هو دوما اقل عددا مف االسػػتعماؿ الحقيقػػي‬ ‫ُ‬ ‫في حيف أف الفكرة العامة هي أف المجاز‬
‫لمل لفظ – واذا تـ وضع ثبت بكافة افلفاز في كتػػاب مثػػل القػرآف فالنتيجػػة هػػي مثػػل النتيجػػة فػػي لفػػظ‬
‫ذاؽ ) ‪.‬‬

‫وفي مثاؿ افرض – وجميع الجمادات م امل وقعوا فيها ففي قوله تعالى أل‬

‫ثـ استوى إلى السماء وهي دخاف فقاؿ لها ولألرض اتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طا(عيف)ٔٔ ‪ٗٔ/‬‬

‫برهنت على نحو واضح ومف خنؿ االستعماؿ القرآنػػي المحكػػـ النظػػاـ أف القػػوؿ ) هػػو غيػػر المػػنـ )‬
‫وأنه ممكف أف يصدر منهما أي السماء وافرض ) قوؿ حقيقي ‪ ،‬وهذا يدؿ داللة أميدة على أف افصل‬
‫االصطنحي هو اآلخر اعتباطي ولمف المؤسػػف أنػػه هنػػا لػػيس اعتباطػا فػػي االسػػتعماؿ بػػل اعتبػػاطي فػػي‬
‫أذهاف علماء اللغة بينما هو ليس كذلؾ عند العواـ !! ‪.‬‬

‫القسـ الثالث مف المجاز أل ما وقع في اللفظ والمركب معا على حد تعبيرهـ )‬


‫ػػكاالت اآلنفػػة الػػذكر ‪ .‬ولمنػػه افسػػوء فيهػػا جميعػا مػػف حيػػث اعتبػػار االسػػتعماؿ‬ ‫وفيػػه بػػالطبع جميػػع ا‬
‫الخاطّ صحيحا ومحاولة تأسيس قواعد الستيعاب هذا االستعماؿ الخاطّ ‪.‬‬

‫ومثاله على حد تعبيرهـ قولؾ لمف ُت ّ‬


‫حب ُه أل أحياني امتحالي بطلعتؾ مف أمثلة عبد القػػاهر نقلػػو جميعػا‬
‫في كتبهـ ) ‪ .‬وافخطاء هنا مترامبة ‪.‬‬
‫فمػػف جه ػ ٍة أف االسػػتعماؿ الحقيقػػي لػػيس واضػػح ا وانمػػا هػػو مػػف تصػػورات الباحػػث الذهنيػػة – ف نػػه مػػف‬
‫ظ بحركػ ٍة عامػ ٍة وأف عمليػػة إحيػػاء المػػوتى هػػي أحػػد مصػػاديق هػػذا‬
‫الممكػػف القػػوؿ أف ا حيػػاء ) هػػو لفػ أ‬
‫ػح قػػوؿ القا(ػػل أل أحيػػاني ) إذ الحيػػاة هػػي م ارتػػب متنوعػػة للحيويػػة وعنػػد ذلػػؾ فهػػذا القػػوؿ‬
‫المعنػػى فيصػ ّ‬
‫داخل في المبالغة ) وليس إخ ارجػا للفػػظ عػػف معنػػا ‪ .‬ومػػف جهػ ٍة أخػػرى يمكػػف القػػوؿ عػػف امتحػػالي )‬
‫نفس ال يء مع منحظة الخطأ الذي وقع فيه القا(ل إذ يتوجب القوؿ امتحػػاؿ عينػػي بطلعتػػؾ ) حينمػػا‬
‫ّ‬
‫ن‪.‬‬‫يكوف االمتحاؿ حركة غير ممكنة الصدؽ على تماـ الجسـ ومقصورة على العيف فقط ا‬
‫مث‬

‫ومثاؿ الحالة افولى قوله تعالى أل‬

‫‪ ‬اعلموا أف ى يحي افرض بعد موتها قد ّبينا لمـ اآليات لعّلمـ تعقلوف ‪ ‬الحديد ‪.ٔٚ /‬‬

‫عدد‬
‫في مثل هذا النص ال يمكف فحد القوؿ أنه مجاز – إذ أف إحياء افرض ورد في النص القرآني في ٍ‬
‫كبير مف ّ‬
‫المرات ‪ .‬ونلفت هنػػا أنظػػار القػراء ألػػى أنػػه قػػد تقػ ّػدـ فػػي هػػذا الػػنص أمػأػر بػػالعلـ أل ‪ ‬اعلمػوا ‪، ‬‬ ‫ٍ‬
‫وعقب بعد فو ار أل ‪ ‬قد بينا لمـ اآليات لعلمـ تعقلوف ‪ . ‬فالعلـ والتبييف ال يقعاف وبينهما استعماؿ غير‬
‫حقيقي ‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫افميد هو أف االصطنح الذهني الساذج والعاـ جدا غلب في أذهانهـ على ما ارتمز مف مفػػاهيـ ودالالت‬
‫فعلي للغة ‪.‬‬ ‫لأللفاز – فحسبوا أف ذلؾ ِّ‬
‫يمكَنهـ مف تأسيس علـ‬
‫ٍ ٍّ‬
‫الحل القصدي ‪ ،‬إذ الواضػػح أف المبحػػث ال‬ ‫وال حاجة فف نذكر مرة أخرى ب سهاب موضع هذا البحث في ّ‬
‫الحل القص دي ف نػػه موضػػوع ال أصػػل لػػه سػػوى االعتباطيػػة التػػي قضػػى عليهػػا هػػذاالحل ‪.‬‬
‫موضوع له في ّ‬
‫الحل القصدي يتحوؿ مفهوـ المجاز الى نوٍع مف المبالغة – حينما يكوف اللفظ المسػػتعمل واقعػ ا‬ ‫إّنما في ّ‬
‫ضمف الحركة افصلية أو يكوف استعما اال خاط(ا حينما ال يقع فيها ‪ .‬فمػػث ا‬
‫ن لفػػظ البحػػر ) – ففػػي الحػ ّػل‬
‫القصدي يػػتـ السػؤاؿ عػػف سػػبب تسػػمية البحػػر ) المعػػروؼ بهػػذا اللفػػظ بالػػذات ولػػيس بلفػػظ الحػػرب )‬
‫نسػػق )‬
‫الػػذي يتػػألف مػػف نفػػس الحػػروؼ ‪ .‬واالعتباطيػػة تبػػالغ فػػي المػػذب حينمػػا تػػدعي أف الواضػػع ّ‬
‫الحروؼ هكذا لمل منهما اعتباطا ‪.‬‬

‫إذ في الحػ ّػل القصػػدي يػػتـ ك ػػف الحركػػة العامػػة ضػػمف الحركػػة الخاصػػة بالتعاقػػب حػػرب ) ‪ .‬وفػػي هػػذ‬
‫الحالة نفهـ أف التعاقب بحر ) لػػيس مقصػػو ار علػػى البحػػر الػػذي نعلمػػه بػػل ي ػػمل كػ ّػل مػػف يتميػػز بهػػذ‬
‫وكل ما يتميز بها أيض ا ‪.‬‬

‫إف هػػذا التمػػويف المسػػتقل القػػا(ـ بنفسػػه والػػذي ه ػػو مصػػدر المػػاء ومصػػدر الحيػػاة بعػػد ذلػػؾ وال ازخ ػػر‬
‫بالتموينػػات الجز(يػػة افخػػرى – أعنػػي البحػػر المعػػروؼ – يمكػػف أف نطلقػػه علػػى ال ػػخص إذا ّ‬
‫تميػػز بهػػذ‬
‫رباني وهو مصدر للحيػػاة والمعرفػػة مثػػل النبػػي صػػلى ى‬
‫الخصاؿ ‪ ،‬ومعلوـ أف مثل هذا ال خص كا(ف ّ‬
‫وال يمك ػ ػ ػ ػػف‬ ‫عليه وآله و سلـ ) أو المسيح ع ) ‪.‬‬
‫أف يكػػوف ممػػدوحا فحػػد ال ػػعراء ) مػػث ا‬
‫ن ‪ .‬فالقا(ػػل مادحػا أل أنػػت بحػػر نػػدى‪ ) ..‬فحػػد الخلفػػاء ‪ ،‬إنمػػا‬
‫قوؿ ال ينطبق في الخارج فقػػط‬ ‫قوله هذا هو نوع مف المبالغة وليس هو إخراجا للفظ عف معنا ‪ ،‬بل هو أ‬
‫وهذ المبالغة‬ ‫‪.‬‬
‫هي بطبيعة الحاؿ كذب ) وافتراء لمخالفتها الحقيقة والمقصود مخالفتها الحقيقة الواقعية للممدوح ال‬
‫الحقيقة اللغوية ) ‪.‬‬

‫وحينما يقوؿ ا ماـ علي ع ) في الدعاء أل ‪ ‬وقفت على ساحل بحر جػػودؾ وكرمػػؾ ‪ ‬فانػػه ال يسػػتعمل‬
‫هنا أي نوع مػػف المجػػاز المػػذكور ‪ ،‬وانمػػا هػػو اسػػتعماؿ حقيقػػي فف البحػػر المعهػػود لنػػا إنمػػا سػػمي بػػذلؾ‬
‫ومعلوـ أف‬ ‫لوقوعه في الحركة العامة لتعاقب البحر ‪.‬‬
‫جود ى ) له وجود حقيقي وهو ي تمل على استقنؿ وتموينات جز(ية وهو مصدر للحياة بل هو مصػػدر‬
‫وبهذا ننحظ أف الحػ ّػل‬ ‫البحر ) المعهود نفسه ‪.‬‬
‫الحل االعتباطي الػػذي يقػػوـ بالعمػػل العبثػػي المسػتمر فػػي‬
‫القصدي يتعمق في مفهوـ اللفظ نفسه بخنؼ ّ‬
‫ومف هنا تنحظ مثنا أل أننا وجػػدنا أف‬ ‫نقل معنى اللفظ الى معنى لفظ آخر ‪.‬‬
‫لفػػظ بحػػر ) فػػي الق ػرآف يسػػتعمل للمػػوف الفسػػيح الػػذي يتضػػمف تموينػػات أخػػرى وأفػػنؾ ونظػػـ متحركػػة‬
‫آليات كثيػػرٍة كانػػت بالنسػػبة لهػػـ ت ػػكل معضػػلة ال حػػل لهػػا – حيػػث عبػػر‬
‫ٍ‬ ‫حلوؿ امل ٍة‬
‫ٍ‬ ‫وأمكف بذلؾ وضع‬

‫‪23‬‬
‫الفضػػاء ) كمػػا نسػػميه بلفػػظ البحػػر ‪ .‬كػػذلؾ ننحػػظ أف اف ػػخاص المعتػػديف بأنفسػػهـ والعػػارفيف‬ ‫عػػف‬
‫بأسرار اللغة لـ يستعملوا ّأية عبارة أو لفظ بداللة لفظ آخػػر واقصػػد بهػػـ النبػػي صػػلى ى عليػػه وآلػػه و‬
‫ففي مقاـ التحدي يمكنني أف ّأدعي أف أحػػدا‬ ‫سلـ ) أو مف يعلـ عنه معاني وحركات افصوات ‪.‬‬
‫ن عف المجاز وردت عف أحػػد‬ ‫الستعماالت فيها مبالغة أو كذب فض ا‬
‫ٍ‬ ‫ال يمكنه أف يأتي بمثاؿ واحد صحيح‬
‫هؤالء الرجاؿ العارفيف ‪ .‬على أف داللة ) اللفظ يء وانطباقه على موضػػوعه الخػػارجي ػػيء آخػػر –‬
‫وفي هذا الموضوع بالذات تتخبط االعتباطية كما سيأتيؾ في أمثلة أخرى ‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫المبحث الثامف‬
‫أصنػػػػاؼ المجػػػػػاز‬

‫ِّ‬
‫حددت أصناؼ المجاز بصورٍة نها(ية على يد فخر الػػديف الػرازي الملقػػب عنػػدهـ با مػػاـ ) بػػاثني ع ػػر‬
‫صنفا ‪ .‬ويمكننا أف ننحظ أف ا كاالت السابقة تجتمع أو تفتػػرؽ فػػي جميػػع هػػذ افصػػناؼ ‪ .‬وبػػالطبع‬

‫توجد خصا(ص ذاتيػػة أخػػرى فػػي افمثلػػة فف لمػ ّ‬


‫ػل تعاقػػب حركتػػه الخاصػػة بػػه كمػػا أسػػلفت وبالتػػالي فلمػ ّػل‬
‫مختلف في النظاـ القصدي ‪ .‬ولذلؾ فافمثلة المضروبة ال تستوعب جميع االحتماالت المتوقػػع‬ ‫أ‬ ‫حل‬
‫مثاؿ ٌّ‬
‫أف تػػدخل فيهػػا ‪ .‬ولمػػف يكفػػي تفنيػػد افمثلػػة ومػػف ثػ ّػـ حػ ّػل إ ػػكاالتها ك ػواهد علػػى طريقػػة وأسػػلوب الحػ ّ‬
‫ػل‬
‫القصدي في معالجتها ‪ .‬فلنمض قدما في هذا العمل ‪.‬‬

‫افوؿ أل إطنؽ السبب على المسبب ‪.‬‬


‫الصنف ّ‬
‫يتفرع إلى أربعة أنواع أل‬
‫وهذا الصنف ّ‬
‫افوؿ أل المجػػاز الفاعلي أل‬
‫ّ‬
‫مثل إطنؽ النظر على الرؤية ‪.‬‬

‫قالوا أل يقاؿ نظرته أي رأيته ) ‪.‬‬

‫ويبدوا أف هذا الخلػػط فػػي ا عتباطيػػة هػػو سػػبب ظهػػور الم ػػكلة المنميػػة التػػي ظهػػرت فػػي الفلسػػفة بػػيف‬
‫المتمّلميف والمتعّلقة بػ رؤية ى ) ‪ .‬فبعضهـ ّادعى أف ى ُيرى في اآلخرة وبعضهـ ّادعى أنه ُيرى فػػي‬
‫كل مػػنهـ الػػنص القرآنػػي لتأييػ ِػد قولػ ِػه ‪ .‬ولمػػف يوجػػد‬
‫الدنيا وبعضهـ أنكر رؤيتهُ في كليهما ‪ .‬وقد استعمل ّ‬
‫إ كاؿ لغوي في هذا المثاؿ أل‬

‫فقوله نظرتػػه ) أي رأيتػػه ) هػػو اسػػتعماؿ خػػاطّ فف َنظػَػر ) فعػػل ال يعمػػل االّ بواسػػطة والسػػبب فػػي‬
‫ذلؾ أف الحركة العامة فيه ذاتية وداخلية ‪ ،‬فحينما يكوف هدؼ الحركة خارجيا تحتاج الى واسػػطة فتقػػوؿ‬
‫نظرت إليه ) أو تقوؿ نظرت في كتابؾ لي ) ‪.‬‬ ‫أل‬

‫ولـ يستعمل في القرآف االّ بواسطة أل‬

‫‪ ‬وجوأ يوم(ذ ناظرة الى ربها ناظرة ‪ / ‬القيامة ٖٕ‬

‫‪ ‬أرني انظر إليؾ ‪ / ‬افعراؼ ٖٗٔ‬

‫‪‬وتراهـ ينظروف إليؾ وهـ ال يبصروف ‪ / ‬افعراؼ ‪ٜٔٛ‬‬

‫‪25‬‬
‫‪‬أو لـ ينظروا في ملموت السماوات وافرض ‪ ‬افعراؼ ‪ٔٛ٘/‬‬

‫‪‬وال يكلمهـ ى وال ينظر إليهـ ‪ ‬آؿ عمراف ‪ٚٚ /‬‬

‫‪‬فلينظراالنساف الى طعامه ‪ ‬عبس ‪ٕٗ/‬‬

‫إلى آيات أخرى كثيرة ‪.‬‬

‫وحينما يكوف هدؼ الحركة داخليا ػ وغاية الناظر هي الفحص أو التأمػػل وانتظػػار النتػػا( فأنػػه ال يحتػػاج‬
‫الى واسطة ‪.‬‬

‫قاؿ تعالى أل‬

‫ص ‪ٔ٘/‬‬ ‫‪‬ما ينظر هؤالء اال صيحة واحدة ‪‬‬

‫النمل ‪ٕٛ/‬‬ ‫توؿ عنهـ فانظر ماذا يرجعوف ‪‬‬


‫‪ ‬فالقه إليهـ ثـ َّ‬
‫ال ورى‪ٗ٘ /‬‬ ‫‪ ‬ينظروف مف طرؼ خفي ‪‬‬

‫النمل ‪ٕٚ /‬‬ ‫‪ ‬قاؿ سننظر أصدقت أـ كنت مف الماذبيف ‪‬‬


‫النساء ‪ٗٙ /‬‬ ‫‪ ‬ولو انهـ قالوا سمعنا وأطعنا واسمع وانظرنا ‪‬‬
‫أنظر ) ػ يعمل نفس العمل سوى أف الفاعل يخرج النظر ) منه ويعطيه الى مػػف وقػػع عليػػه‬
‫َ‬ ‫والرباعي‬
‫الفعل ‪ ،‬فهو يعطيه مهلة لمدة كافية للنظر مثل أل ‪‬انظرني الى يوـ يبعثوف ‪ ‬افعراؼ ‪.ٔٗ /‬‬

‫ننحظ كذلؾ أف رأى ) ال يحتاج الى واسطة دوما فف حركته خارجية في نفس التعاقب فهػػو يقػػع علػػى‬
‫مفعولػػه مبا ػػرة ‪ .‬فػ ذا أردت بػػالنظر المعنػػى الخػػارجي فيجػػب أف تقػػوؿ نظػػرت الػػى فػػنف ) وال تقػػوؿ‬
‫نظرت فننا ) فافخير معنا أّنؾ تأملت مجي(ه أو رجوعه متمهنا عليه ‪.‬‬

‫إذف فاالستعماؿ نظرته ) بمعنى رأيته ) الوجود له االّ في أذهاف علماء اللغة‪.‬‬

‫نظػػر ) فػػي القػرآف لػػتعلـ أف القاعػػدة اآلنفػػة‬ ‫ويمكنػػؾ منحظػػة مػػا يقػػرب مػف ٓ‪ ) ٜ‬اسػػتعما اال للفعػػل‬
‫صحيحة ‪ .‬وأهل اللغػػة االعتبػػاطيوف ال يمكػػنهـ بعػػد ذلػػؾ أف يأتونػػا ب ػ ٍ‬
‫ػاهد واحػ ٍػد علػػى هػػذا الصػػنف ممػػف‬
‫يعتقدوف أنه ينطق بلغة سليمة فالتحدي قا(ـ على ا تياف ب اهد نبوي أو علوي مف النه أو صػػحا(ف‬
‫الدعاء أو الرسا(ل أو غيرها ‪ ،‬بل ال واهد كلها بخنؼ ما ذكرو ‪.‬‬

‫الثاني أل المجػػػاز الغا(ي أل‬

‫كتسميتهـ العنب بالخمر )‬


‫ننحظ في هذا الصنف ضعف ال اهد بصورٍة جلي ٍة ‪ .‬ذلؾ فف هذا االستعماؿ لـ يذكر عف أحد قط سػػوى‬
‫لمجرد أف غاية العنب أف يكوف خم ار فػػي النهايػػة ! بػػل تسػػمى‬
‫علماء اللغة ‪ .‬فن أحد يسمي العنب خم ار ّ‬

‫‪26‬‬
‫المػْػرـ ) وهػػذا االسػػتعماؿ ػػمل عمليػػة التوليػػد بلفػػظ بنػػت ) ‪ .‬وتسػػمى‬
‫الخمرة أحيانا للولعيف بها بنػػت َ‬
‫افوؿ في الصحة ‪.‬‬ ‫عند ال عراء بنت العنب ) وهو على مثاؿ ّ‬
‫ػب ) وهػػو ي ػػير الػػى افصػػل وال يجعػػل اللفػػظ بػػدين‬
‫صػػهباء أصػػلها العنػ ُ‬ ‫ولػػيس فػػي ال ػػعر االّ مػػف مثػػل‬
‫إذا ما مت فادفني بأصل كرم ٍة ) فف المرمة ليست خمػ ار لمنػػه ِ‬
‫أمػ َػل أف‬ ‫لآلخر ‪ .‬ولـ يكتف اآلخر بقوله‬
‫َْ‬
‫عظامي بعد موتي عروقها ) ‪.‬‬ ‫يتخمر في عروقها فقاؿ تروي‬

‫والسؤاؿ افخير أل مف هـ الذيف نسب إليهـ التسمية بقوله تسميتهـ ) ؟‬

‫الثالث أل المجػػاز الصوري أل‬


‫كتسميتهـ القدرة يد )‬

‫الحل القصدي عف اليد نفسها لماذا سميت يدا ؟ وعنػػد ذلػػؾ يك ػػف‬
‫وفي هذا النوع مف المجازات يتسا(ل ّ‬
‫لؾ عف قيمة التعاقب يد ) مجردا عف أي استعماؿ ‪ .‬فالتعاقب نفسه يحمل صفة حركية تفيد في معنى‬
‫القوة ) والسيطرة المبا ػػرة أو الػػتحكـ ومػػا ػػابه ‪ ،‬وحين(ػ ٍػذ تمػػوف تسػػمية اليػػد المعلومػػة ) جػػزءا مػػف‬
‫الحركة تنطبق عليها حركة التعاقب ‪ .‬فبهذ الحركة العامة يمكف القوؿ أف هلل يد ) لمنهػػا ليسػػت ذ ارعػػا‬
‫مجسما ولل مس يد أيض ا ولمل قوة فاعلة يد ‪ ،‬وهذ اليد هي القوة المتصلة بػػيف الفاعػػل والواقػػع عليػػه‬
‫الفعل ‪  .‬يد ى فوؽ أيديهـ ‪. ‬‬

‫ال مكاف إذف الست هاد المجسمة ) بمثل هذ اآلية وال مكاف كذلؾ للرّاد عليهـ بػ ّ‬
‫ػأف هػػذا مجػػاز بػػل هػػو‬
‫استعماؿ حقيقي ‪ .‬ويد ا نساف هي استعماؿ حقيقي أيضا ‪.‬‬

‫الرابع أل المجػػاز القابلي أل‬

‫وهو قولهـ ساؿ الوادي ) ‪.‬‬


‫وفي هذا االستعماؿ إ كاؿ خاص به ‪ .‬فالقابلي اسـ لهذا النوع يقصد به أنػػه قابػػل طػػنؽ اللفػػظ عليػػه‬
‫واستيعاب الحركة مثل الوادي فهو قابل للسينف ‪ .‬ولمف إذا كػػاف كػػذلؾ فاالسػػتعماؿ حقيقػػي فلمػػاذا يػػدخل‬
‫في صنف المجاز ؟‬

‫كاؿ المنطقي يتعلق بالرابطة بيف النوع وتعريف المجاز وهو كما ترى إ كاؿ معقوؿ ‪.‬‬ ‫وهذا ا‬

‫ػمي كػػذلؾ مجػػردا بغػػض‬


‫وقػػد يقػػاؿ أف سػػينف الػوادي ال يلغػػي وجػػود فػػالوادي يبقػػى لمػػف مػػف قػػاؿ أنػػه سػ َّ‬
‫النظر عف القابلية للسينف ؟‬

‫‪27‬‬
‫القابلية ذاتية في الوادي واذف فهي موجودة على نحو ما في لفظ الوادي نفسػػه ‪ .‬والحػ ّػل القصػػدي يجعػػل‬
‫الوادي اسما عاما ػ والوادي المعهود هو أحد مسميات هذا اللفظ ػ وقػػد ينطػػوي علػػى نػػوع مػػف المجازفػػة ػ‬
‫بمعنى أف الوادي الحقيقي ليس هػػو الػوادي فػػي افذهػػاف ولمػػف الػػذي فػػي افذهػػاف ظػػرؼ ) لمعنػػى هػػذا‬
‫اللفػػظ مػػف ظروفػػه المختلفػػة ػ ففػػي الفكػػر وافخػػنؽ يوجػػد وادي ) حقيقػػي مطػػابق للحركػػة وهػػو انحػػدار‬
‫الفكر وافخنؽ بجري سريع مف افعالي الى الهاوية ‪.‬‬

‫وقد ظهػػر ذلػػؾ فػػي التعبيػػر القرآنػػي فػػي كػ ّػل واد يهيمػػوف ) ػ إذ المعلػػوـ أف ال ػػعراء ليسػوا هػػا(ميف فػػي‬
‫الودياف االصطنحية ) ‪.‬‬

‫الحل القصدي قدرة فا(قة في استيعاب االستعماالت المتنوعة مػػع الحفػػاز علػػى أصػػل‬
‫وللحركة العامة في ّ‬
‫الحركة وتجنب الخلط بيف الدالالت ‪.‬‬

‫فػ ذا كػػاف اللطػػف ا لهػػي مػػثنا فػػي افعلػػى فػ ّف المنحػػدر هػػو موضػػع لتجمػػع فيػػوض هػػذا اللطػػف ويمكػػف‬
‫تسميته واديا ولمنه سيل مف الفيوضات أو العنايات ا لهية ‪.‬‬

‫ويمكف أف يكوف له موضع جغرافي أيضا في بقعة ما مباركة ومثل هذا الوادي ذكر في القرآف أيضا‪.‬‬

‫ػي آخػ ٍػر أ ػػار الػػى سػػيولة الػوادي بػػل افوديػػة علػػى الجميػػع ‪ .‬واذا الحظػػت ذلػػؾ بد ّقػ ٍة علػػى‬ ‫وفي مثػ ٍػل قرآنػ‬
‫ٍّ‬
‫طريقػػة الحػ ّػل القصػػدي علمػػت أف الدال لػػة هنػػا ال تخػػص الوديػػاف ) المعهػػودة ‪ ،‬ولمػػف تلػػؾ الوديػػاف هػػي‬
‫‪ ‬وسالت أودية بقدرها ‪‬‬ ‫ظرؼ لها وذلؾ في قوله تعالى أل‬

‫فهذا االستعماؿ هو اآلخر استعماؿ حقيقي ‪.‬‬

‫فػػي الحػ ّػل القصػػدي تنحػػظ بوضػػوح أف المعػػاني المختلفػػة فػػي منػػاه البحػػث المختلفػػة مثػػل افدبيػػة ‪،‬‬
‫ػل القصػػدي ػ بخػػنؼ‬‫الفقهية ‪ ،‬العرفانية ‪ ،‬الباطنية ‪ ،‬الم فية والتاريخية ) وغيرها تتجمػػع فػػي دال لػػة الحػ ّ‬
‫الحل االعتباطي ‪.‬‬
‫التبعثر والضياع في ّ‬
‫الصنف الثاني أل إطنؽ المسبب على السبب ‪.‬‬
‫مثاله عندهـ إطنؽ اسـ الموت على المرض ال ديد ‪ .‬وكما تنحظ فهنا ضعف ديد في اختيػػار المثػػاؿ‬
‫المناسب ‪.‬‬

‫فنه إذا كانت االستعماالت في ذلؾ بسبب تػرابط العلػػل مػػع بعضػػها الػػبعض فهػػو بمثابػػة التوقػػع ) أو‬
‫الحدس ) أو اليأس مف الحياة ‪ ،‬على أف لفظ الموت ) نفسه ال يعنػػي ػػي(ا سػػوى انقطػػاع الحركػػة )‬
‫الحل القصدي ‪.‬‬
‫وهذا المعيار صحيح قبل ّ‬
‫إذ لو الحظت االستعماالت القرآنية في موت افرض أو كما في قوله أل‬

‫‪28‬‬
‫‪ ‬أومف كاف ميتا فأحيينا وجعلنا له نو ار يم ي به في الناس كمف مثله في الظلمات ليس بخػػارج منهػػا‬
‫زيف للمافريف ما كانوا يعملوف ‪ ‬فنعاـ ‪ٕٕٔ/‬‬ ‫كذلؾ ّ‬
‫افوؿ للخروج مف الظلمػػات ‪ ،‬فػػي حػػيف تقػػوـ الظلمػػات نفسػػها ب عاقػػة الحركػػة ‪،‬‬
‫لوجدت حركة دؤوبة في ّ‬
‫كل حالة تنقطع فيها الحركة الحيوية الن يطة مهمػػا‬ ‫ومف هنا ف ّف إطنؽ لفظ الموت ممكف حقيقية في ّ‬
‫كاف نوع الحركة ػ وأهمها حركة الفكر أو حركة ا نساف ‪.‬‬

‫والمػػرض ال ػػديد المعقػػد والقػػاطع للحركػػة هػػو بأيػػة صػػورة مػػوت ) ‪ ،‬فػػاللفظ لػػيس مقصػػو ار علػػى أهػػل‬
‫القبور بالمعنى االصطنحي للقبور أيضا ‪ .‬وعلى ذلؾ معنى قوله تعالى في اآلية أل‬

‫‪‬وكنتـ أمواتا فأحيامـ ‪‬‬

‫وغيرها المثير جدا بحيث أف العمل ا حصػػا(ي ينػػت كمػػا فػي لفػػظ ذاؽ ) كمػا امبػػر مػػف المجػػازات وقػػد‬
‫ينػػدر أو ينعػػدـ وجػػود االسػػتعماؿ الحقيقػػي وفػػق التعريػػف االعتبػػاطي ‪ ،‬وعليػػه فػػالتعريف خػػاطّ بنفسػػه‬
‫ومخالف للنظاـ اللغوي ‪.‬‬

‫الصنف الثالث أل مجاز إطنؽ اسـ ال يء على ما ي ابهه أل‬


‫ك طنؽ لفظ الحمار على البليد وهو االستعارة ‪.‬‬

‫ويمكف من اق ة هػػذ الفقػرات علػػى أسػػاس اللغػػة المسػػتعملة للحػػل االعتبػػاطي قبػػل معرفػػة أي حػػل آخػػر ‪.‬‬
‫فهو يقوؿ إطنؽ اسـ ال يء على ما ي ابهه ‪.‬‬

‫ف ذا قاؿ المرء فنف كالحمار ) ‪.‬‬

‫فهو عندهـ ت ػػبيه وقػػد يعلػػـ السػػامع بمػػاذا هػػو كالحمػػار إذ المفػػروغ منػػه أنػػه ال ػػبه بينهمػػا اال إذا أراد‬
‫كقوة االحتماؿ أو البندة ػ فهو كالحمار في تلؾ الصفة وحسب ‪.‬‬
‫نوعا مف السلوؾ ّ‬
‫ولمف إذا قاؿ المرء هذا الرجل حمار) ػ فهذا االستعماؿ هو المجاز والذي هو مف نوع االستعارة‪.‬‬

‫وهذا تهاوف في الحدود المسموح بها للمجاز في نفس اففمار االعتباطية ومخالف للجملة المنطقية فػػي‬
‫مباحثهـ حيث ال يكوف الرجل حمػػا ار قػػط ػ وهػػو ال يختلػػف ب ػػيء عػػف عبػػارة مثػػل اففعػػى كلبػػة ) ‪،‬‬
‫السفرجل يقطيف ) ‪ ... ،‬أو ما امله مف عبارات ال منطقية ‪.‬‬

‫علما أنه لـ يؤثر عف الفصحاء أمثاؿ ذلؾ وانما يؤثر عنهـ الت بيه ومع ذلػػؾ فػ ّف الحمػػار سػػمي كػػذلؾ‬
‫الحل القصدي لمثل هذ المسألة ‪.‬‬ ‫لوقوعه في الداللة العامة للتعاقب الصوتي وهذا هو ّ‬

‫‪29‬‬
‫الصنف الرابع أل مجاز تسمية ال يء باسـ ضد أل‬
‫كتسمية ِ‬
‫العقاب بسبب الجريمة بالجزاء المختص بمقابلة ا حساف بمثله ‪.‬‬

‫والمناق ػػة هنػػا بسػػيطة للغايػػة ‪ ،‬فػ ّف اختصػػاص الجػزاء با حسػػاف هػػو مػػف مبتمػراتهـ اللغويػػة وجػػزء مػػف‬
‫اعتباطيتهـ ال مف اعتباطية النظاـ اللغوي ‪.‬‬

‫خصص الجزاء با حساف فقط ‪ ،‬والجزاء ليس عقابا وال ثوابػا وانمػػا هػػو نفسػػه‬ ‫إذ ال يوجد وما وجد عربي ّ‬
‫مقابلة ال يء بما هو مف جنسػػه ػ ولػػو كػػاف مخصصػا لمػػا قػػاؿ العربػػي جػزاؾ ى خيػ ار ) ولمػػاف امتفػػى‬
‫بقوله جزاؾ ى ) ‪ ،‬وال يستطيع العربي قوؿ هذ العبارة مطلقا فنه يتحػّػرج مػػف انتظػػار السػػامع لتمملػػة‬
‫العبارة بنوع الجزاء إذ يمكف أف يكوف خي ار أو ار ‪.‬‬

‫الجػزاء ) ػ‬ ‫ومف ناحية االستعماؿ فقد استعمله نفس أهل اللغة بهذا العموـ في جػواب ال ػػر إذ سػػمو‬
‫ولوال إفادته عموـ اففعاؿ لما كاف يصلح لعموـ أجوبة ال ر أل إف تفعل كذا فعلت كذا ‪.‬‬

‫والزعـ أف النص القرآني هو مصػػدر مباحػػث افلفػػاز هػػو أمذوبػػة ‪ .‬وقػػد ألمحػػت بػػتحفظ الػػى أف افمػػر قػػد‬
‫يكوف مختلفا أو معكوس ا ال في المنهجية بل في افهداؼ أي أف النص القرآنػػي هػػو الهػػدؼ مػػف تمػػريس‬
‫ا عتباطية في اللغة ‪.‬‬

‫وامتلؾ وثيقة سرية سأعلف عنها يوما ما تدؿ على نحو قاطع على هذا افمر ‪.‬‬

‫فهذا هو استعماؿ النص القرآني ِللفظ الجزاء أل‬

‫ذلؾ جزيناهـ ببغيهـ ) ‪ٙ / ٔٗٙ‬‬

‫ٕ٘ٔ ‪ٚ /‬‬ ‫وكذلؾ نجزي المفتريف )‬

‫٘‪ٕٔ / ٚ‬‬ ‫وكذلؾ نجزي الظالميف )‬

‫ٓٗ ‪ٚ /‬‬ ‫وكذلؾ نجزي المجرميف )‬

‫‪ٕٔ / ٕٜ‬‬ ‫فذلؾ نجزيه جهنـ )‬

‫‪ٗٔ / ٕٚ‬‬ ‫ولنجزينهـ أسوأ الذي كانوا يعملوف )‬

‫‪ٖ٘ / ٖٙ‬‬ ‫كذلؾ نجزي ّ‬


‫كل كفور )‬

‫ٖ‪ٙ / ٜ‬‬ ‫اليوـ تجزوف عذاب الهوف )‬

‫‪ٖ / ٛٚ‬‬ ‫جزاؤهـ أف عليهـ لعنة ى )‬

‫‪ٔٚ / ٜٛ‬‬ ‫ذلؾ جزاؤهـ بأّنهـ كفروا )‬

‫‪ٔٛ / ٔٓٙ‬‬ ‫ذلؾ جزاؤهـ جهنـ بما كفروا )‬

‫‪30‬‬
‫ٖ‪ٗ / ٜ‬‬ ‫فجزاؤ جهنـ خالدا فيها )‬

‫‪ٔٓ / ٕٚ‬‬ ‫اء سي(ة بمثلها )‬


‫جز ُ‬
‫ٗٔ ‪٘ٗ /‬‬ ‫ج از اء لمف كفر )‬

‫‪ٜ / ٕٙ‬‬ ‫وذلؾ جزاء المافريف )‬

‫وع رات أخرى مف الموارد التي ذكر فيها لفظ الجزاء مقترنا بالعقاب وليس مختصا بالثواب وحد ‪.‬‬

‫وكذلؾ ننحظ المعنى العاـ للجزاء في القرآف أيضا ػ ف ذا زعموا وكثي ار ما نعتقد انهـ يجػػرءوف علػػى الػػزعـ‬
‫بأف جميع تلؾ الموارد هي مجازات ) ف ّف موارد العموـ ػ بالعقاب والثػواب سػػوية ػ هػػي مػػف النػػوع الػػذي‬
‫ّ‬
‫ال تتمكف االعتباطية مف تفسير فنه يتضمف العقاب والثواب ‪ .‬ومثل هذ الموارد هي في اآليات أل‬

‫‪ٗ٘ / ٕٛ‬‬ ‫كل أمة تدعى الى كتابها اليوـ تجزوف ما كنتـ تعملوف )‬
‫ػ ّ‬

‫ػ إف الساعة آتية أماد أخفيها فيها لتجزى ّ‬


‫كل نفس بما تسعى ) ٘ٔ ‪ٕٓ /‬‬

‫‪ٗٓ / ٔٚ‬‬ ‫ػ اليوـ تجزى ّ‬


‫كل نفس بما كسبت )‬

‫فهذ الموارد مثن ػ يستحيل تصور مجاز فيهػػا وهػػي تجمػػع فػػي الجػزاء باعتبػػار لفظػا يفيػػد مقابلػػة العمػػل‬
‫بجنس جزاء مف جنسه إف خي ار فخي ار واف ار ف ػ ار ‪ ،‬وهػػي تجمػػع العقػػاب والثػواب فػػن تمػػوف مجػػا از مػػف‬
‫جهة وحقيقة مف جهة أخرى ‪.‬‬

‫وال يتوقػػف افمػػر علػػى ذلػػؾ ففػػي خطػػوة ثالثػػة ننحػػظ تخصيصػا غريبػػا فػػي القػرآف وكأنػػه يتنبػػأ بمحػػاوالت‬
‫ن فيػػتـ فػػي إحػػدى اآليػػات حصػػر الجػزاء بهػػذا المعنػػى حصػ ار ‪ .‬أي كونػػه مقابلػػة مػػف‬
‫لتدمير اللغػػة مسػػتقب ا‬
‫جنس العمل وذلؾ في قوله أل‬

‫ومف جاء بالسي(ة فن يجزى الذيف عملوا السي(ات اال ما كانوا يعملوف ) ٗ‪ٕٛ / ٛ‬‬

‫ترؾ التصريح بنوعه وحصر بػػأداة الحصػػر االّ ) بػػػ العمػػل ) وذلػػؾ لمػػوف الجػزاء عػػاـ فػػي العقػػاب‬
‫فقد َ‬
‫والثواب وليس مختصا بالعقاب ‪.‬‬

‫وهناؾ مناق ات أخرى أل‬

‫ف ّف إظهار المعنى بلفظ عف طريق لفظ مضاد تحتاج الى تفسير ‪ ،‬فهو في هذ الحالة نػػوع مػػف التوريػػة‬
‫المهدد بالعذاب والخػػزي ال ي ارعػػى فػػي اسػػتعماؿ لفػػظ مػػا ػ كمػػا لػػو‬
‫ّ‬ ‫ػ وفي هذا اللفظ ال توجد تورية ما ‪ .‬إذ‬
‫قاؿ أحد أف افم ر يحتاج الػػى إظهػػار العقػػاب كمػػا لػػو كػػاف مثوبػػة بػػل الواقػػع خنفػػه ‪ .‬وفػػي كتػػاب اللغػػة‬
‫الموحػػدة ) إذا راجعػػت التسلسػػل ع ػ ـ ػ ا ) فانػػؾ تجػػد بحثػا لطيفػا عػػف لفظػػي العمػػى ) و البصػػر )‬
‫ّ‬
‫وكػػذلؾ الرؤيػػة ) ػ بحيػػث أف إطػػنؽ لفػػظ بصػػير ) علػػى أعمػػى النظػػر هػػو اسػػتعماؿ حقيقػػي يػراد بػه‬

‫‪31‬‬
‫مراعاة كونه غير أعمى فػػي مجمػػوع الصػػفات إنمػػا هػػو أعمػػى العينػػيف ومػػف المحتمػػل أف يكػػوف بصػػي ار ‪،‬‬
‫فف ا بصار مف أفعاؿ القلب ال مف أفعاؿ العيف ‪.‬‬

‫تـ التفريػػق هنػػاؾ بػػيف افلفػػاز الثن ثػػة وعنقاتهػػا بظآلتهػػا أل فػػالنظر الخػػارجي للحاسػػة والبصػػر للقلػػب‬
‫وقد ّ‬
‫والرؤية للعقل ‪ ،‬وبذلؾ يسقط البحث المنمي المسمى رؤية ى ) سػػقوط ا لغويػا ويصػػبح االسػػتناد الػػى‬
‫اآليات القرآنية استنادا ع وا(يا ِّ‬
‫لخلو مف هذا التفريق ‪.‬‬

‫الصنف الخامس أل مجاز إطنؽ اسـ الجزء على المل أل‬

‫افسود على الزنجي ‪.‬‬


‫َ‬ ‫مثل إطنؽ لفظ‬
‫وعند منحظة تعريف المجاز نجد افتراقا بيف التعريف وهذا الصنف ‪.‬‬

‫والسؤاؿ افوؿ هو أل أليس الزنجي أسود اللوف ؟ والجواب أل نعـ ‪ .‬فهذ الصفة م تركة لمافة الزنوج ‪.‬‬

‫والسؤاؿ الثاني أل هل السواد في الزنجي حقيقة ؟ والجواب أل نعـ ‪.‬‬

‫إذف فاالستعماؿ مف نوع الحقيقي ) ال المجازي ) فف التعريف ذكر الحقيقي وفي بعض ػػروحهـ لػػـ‬
‫يذكر ما هو المجازي إذ امتفى بالقوؿ ما هو عكس ذلؾ ) ‪.‬‬

‫افسود إذف صفة لـ تنقل مف معناها الى معنى لفظ آخر ػ بػػل بقيػػت عاملػػة وهػػي مثػػل أف يقػػوؿ المػػرء‬
‫َ‬
‫افسود ) ف نه لػػـ يجعلػػه محػػل الزنجػػي‬
‫َ‬ ‫الرازي ) مرة ويقوؿ مرة أخرى فخر الديف ) ػ ف ذا قاؿ القا(ل أل‬
‫أو بمعنا حيث ي ير الػػى افصػػل أو السػػنلة أو الجػػنس بػػل اسػػتعمل صػػفة عامػػة أخػػرى ‪ ،‬وهػػذ الصػػفة‬
‫كل منها حقيقي في موضعه ‪.‬‬
‫هي يء عاـ لمل مف كاف له اسـ ولقب وكنية وصفة يعرؼ بها ػ ّ‬
‫إذف فهذا الصنف مف المجػػاز هػػو مجػػرد وهػػـ مثػػل بػػاقي أصػػنافه ال وجػػود لػػه االّ فػػي التصػػورات الذهنيػػة‬
‫الضيقة المعنى في أذهاف علماء اللغة ‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫المحددة بنوع مف االصطنحات‬
‫ّ‬

‫الصنف السادس أل مجاز إطنؽ تسمية المل على الجزء أل‬

‫ك طنؽ لفظ العاـ على الخاص ‪.‬‬


‫امتفى بهذا المثاؿ وال أعلـ ما هي مقاصد مف ذلؾ إذ ال نجػػد أحػػدا يطلػػق لفػػظ العػػاـ علػػى الخػػاص ػ بػػل‬
‫التفريق على أ ّد في علـ المنـ أو الفلسفة أو أصوؿ الفقه أو النقد افدبي مع اختنؼ المصطلحات‪.‬‬

‫علما أف هناؾ التباس في افمر فف العاـ هو المػػل والخػػاص هػػو الجػػزء ‪ ،‬فػ ّف كػػاف المقصػػود مػػا يحػػدث‬
‫فػػي ا ن ػػاءات المتنوعػػة مثػػل قػػولي أل وهػػذا ب ػػكل عػػاـ هػػو كػػذا ) ػ وافمػػر خػػاص فػػنحف بػػازاء نسػػبية‬
‫ن ‪ ،‬هػػو خػػاص‬
‫يقػػرر فيهػػا مػػا هػػو خػػاص وعػػاـ الموضػػوع والمن ػػأ ػ فف مػػا هػػو عػػاـ فػػي فػػرع فقهػػي مػػث ا‬

‫‪32‬‬
‫بالنسػػبة فبحػػاث الفقػػه ػ عنػػد الم ارقػػب الخػػارجي وهػػذ النسػػبية ال عنقػػة لهػػا بموضػػوع المجػػاز والحقيقػػة‬
‫مطلقا ‪.‬‬

‫الصنف السابع أل مجاز إطنؽ ما بالفعل على ما بالقوة أل‬

‫المسكر على الخمر في ِّ‬


‫الدف ‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫ك طنؽ لفظ‬

‫هنا التباس في افلفاز ػ َّ‬


‫حتمه فقداف ألفاز من(مة للمثاؿ لعدـ وجود موضوع حقيقي له في الخارج‪.‬‬
‫فف الخمر ) هو ِّ‬
‫مسكر فع ا‬
‫ن ولمنه اختػػار علػػى أمػػل أف نفهػػـ منػػه أنػػه ال زاؿ فػػي طريقػػه للتخمػػر فهػػو‬
‫خمر بالقوة أيضا وهذا أقصى ما نستطيع به الدفاع عف المثاؿ‪.‬‬

‫ػل فعػػل مسػػتمر كبنػػاء الػػدور والػػزرع وطػػبخ الطعػػاـ وخياطػػة‬


‫وافمثلة بهذا الصدد ال حصر لها فهػػي فػػي كػ ّ‬
‫الثياب وصنع افثاث ‪ ...‬الخ ‪.‬‬

‫فالزارع يقوؿ أل الحنطة جيدة هذا العاـ ) ‪ .‬إذ مع أنه في أوؿ الموسـ فقػػد أ ػػار الػػى الػػزرع أنػػه بحالػػة‬
‫جيػػدة ‪ ،‬والنجػػار يسػػمي الخ ػػب ا َّ‬
‫لمقطػػع المعػػد لصػػنع سػػرير لزيػػد أل سػػرير زيػػد ) ويقػػوؿ للصػػانع هيػػّ‬
‫سرير زيد مع أنه ليس سري ار بالفعل وانما بػػالقوة والمنحػػظ هنػػا أف ذلػػؾ اقػػرب الػػى البحػػث الفلسػػفي منػػه‬
‫الػػى اللغػػوي ولمػػف عنػػد الرجػػوع الػػى تعريػػف المجػػاز والحقيقػػة ننحػػظ فػػي جميػػع افمثلػػة المحتملػػة أف‬
‫االستعماؿ هنا حقيقي وال يطابق تعريف المجاز ‪.‬‬

‫طع ػ هػػو حقيقػػة لصػػنع سػػرير واليصػػلح لصػػنع دوالب والػػزرع هػػو زرع الحنطػػة ال ػػعير وال‬
‫فالخ ب المق ّ‬
‫باقنء مثنا وكذلؾ مافي الدف هو خمر أو مسكر وليس ي( ا آخر وافصػػل أف تلػػؾ التسػػميات مميػػزة فلػػـ‬
‫زرع الحنطػػة ) أو الخ ػػب المعػػد لسػػرير زيػػد ) ػ فهػػذا‬ ‫تػػذكر العبػػارات كامػػل لوضػػوح المطلػػب مثػػل‬
‫اختصار ال مجاز ‪.‬‬

‫معػػد ال ػػياء كثيػػرة ػ‬


‫واليمكف للنجار اختصػػار العبػػارة الػػى الخ ػػب المعػػد ) فف فػػي المحػػل خ ػػب كثيػػر ّ‬
‫فاالختصار الغى مفردة زرع والغى عبارة الخ ب المعد ) وامتفى بمظؿ وهدؼ الحركة والفعػػل ػ وبالتػػالي‬
‫فهو لـ يتجاوز باللفظ مف موضعه الى معنى لفظ آخر على تعريف المجاز ‪.‬‬

‫الحل االعتباطي عف اللفظ اآلخر الذي نقل أف اللفظ االوؿ في مثاؿ الػػزرع والخ ػػب المعػػد‬
‫ولنا أف نساؿ ّ‬
‫ػ فهذ افلفاز عامة المعنى واللفظ اآلخر هو كما تنحظ نفس اللفظ االوؿ حنطة وسرير ‪ ...‬الخ ‪.‬‬

‫فنيجد ولف يجد االعتبا اللفظ المنقوؿ أف معنى االوؿ ‪.‬‬

‫الصنف الثامف أل مجاز إطنؽ الم تق بعد زواؿ الم تق منه أل‬

‫مثل ضارب على مف فرغ مف الضػػػرب ‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫في هذا النوع تمفل ميثـ البحراني بالغاء حينما قاؿ أل وقد عرفت أف ذلؾ هل هو مجاز أـ حقيقة ؟)‪.‬‬

‫وخرج المسألة بطريقة ذكية‬


‫ويقصد بهذ العبارة ماذكر في المقدمات مف أف ذلؾ هو مف النوع الحقيقي َّ‬
‫باسط ذراعيه بالوصيد ) ‪.‬‬ ‫في قوله تعالى أل‬

‫خنصته أف مثل قوله أل‬

‫مف إله غير ى يرزقمـ مف السماء وافرض )‬

‫الفعل المستمر يرزقمـ ) ي تمل على افزماف كلها أي يرزقمـ دوما ‪.‬‬

‫ولمف حينما ال يريد المتملـ إبراز الزمف فانه يأتي بصيغة الفاعل مثػػل أل باسػػط ذراعيػػه ) ػ أي أف حالػػه‬
‫هو كذلؾ بغير ا ارة الى الزماف ‪.‬‬

‫والمناق ه هنا ّأو اال مع واضع هذا الصنف فعلى رأيه أف ّ‬


‫كل اسـ فاعػػل هػػو بالنهايػػة مجػػاز فف كػ ّ‬
‫ػل فاعػػل‬
‫قد يفرغ مف الفعل مثل كاتب ‪ ،‬عامل ‪ ،‬راحل ‪ ،‬سامف ‪ ...‬الخ !!‬

‫اليس ذلؾ أم ار غريبا ؟ لمنػػه اختػػار فػػي الضػػرب ) العتقػػاد أف الضػػرب فعػػل ال يكػػوف إال مػػرة واحػػدة !‬
‫وهو خطأ نيع فف الضارب صفة منزمة متلبسة حتى لو كاف مػػرة واحػػدة لمػػا يسػػتلزـ بعػػدها تبعػػة مػػف‬
‫القاتػػل ) و الضػػارب ) لمحاممتػػه ػ فانػػه يسػػأؿ لغويػا‬ ‫نوع مػػا مثػػل قاتػػل ) ػ فالحػػامـ إذ يسػػأؿ عػػف‬
‫تلبس الفعل بالفاعل ولو مرة واحدة لمنه اتصف بهذ الصفة وكونه موصوؼ بها ال تنفؾ عنه ‪.‬‬
‫عف ّ‬
‫الحل القصدي مع ميػػثـ فػػي تخريجػػه لػػػ باسػػط ) فػ ّف عػػدـ ظهػػور الزمػػاف فػػي‬
‫والى أف تتوضح مناق ة ّ‬
‫صيغة الفاعل ليس فف المتملـ اليريد التنويه عف الزما ف بل لظهػػور التػػاـ فػػي نفػػس الصػػيغة مػػف حيػػث‬
‫أف الفاعل متصف بها فن ضرورة لذكر زماف آخر ‪.‬‬

‫وعند المناق ة على أصل التعريف تنحظ المخالفة مع التعريف ػ زيد ضرب عمرو ػ فهػػو الضػػارب أل هػػل‬
‫هذا حقيقة أـ اخراج لمعنى ضرب الى معنى آخر ؟‬

‫والسؤاؿ اآلخر ماهو اللفظ اآلخر المنقوؿ إليه معنى اللفظ وفق تعريف المجاز ؟‬

‫الحل القصػػدي أف اففعػػاؿ التػػي ال تتضػػمف التمػرار علػػى نحػػو مػػا أو المنزمػػة الزمنيػػة المسػػتمرة ػ‬
‫ينحظ ّ‬
‫ينحظ فيما إذا كانت كالصنف االوؿ تحتاج الى اختصار أـ ال ‪ ،‬خنؿ التركيب أل‬

‫يقوؿ القاضي أل أيف الرجل الضارب عم ار ؟ )‬

‫ويقوؿ أل أيف الرجل الذي كاف ضاربا لعمرو ؟ )‬

‫واضافة كاف هنا لتاسيس الفكرة عف الفراغ مف العمل ‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫ال تتضػػمف هػػذ الحػػاؿ اختصػػا ار مػػف نػػوع مػػا كالحالػػة السػػابقة ‪ ،‬فف هػػذا التركيػػب مقصػػود وغايتػػه ابقػػاء‬
‫التبعة على الضارب فهي مرافعة له فلو قػػاؿ كػػاف ضػػاربا ) ‪ ،‬فالعبػػارة ت ػػير الػػى التهػػاوف فػػي المسػػألة‬
‫مف حيث اال ارة الى انتهاء الفعل ‪.‬‬
‫لمف اللغة ليست جامدة ‪ ،‬وانما ِّ‬
‫تعبر عف المعايير الفكرية واالخنقية بما تمتلمه مف قدرة علػػى التعبيػػر ‪،‬‬
‫مر زمانه ػ أي اتصف بهذ الصفة المنزمػػة‬ ‫فقوله ايف الرجل الضارب ) إنما هو استعماؿ حقيقي واف َّ‬
‫وهي ت ير فلسفيا الى أف فاعل ال يء مرة ػ له القدرة على فعله مرات أخرى وهذ القدرة ال عنقة لها‬
‫بنوع الفعل فاالمر سواء في الصانع والعامل والماتب ‪ ...‬الخ مع االختنؼ في حركة التعاقب ‪.‬‬

‫الصنف التاسع أل مجاز أطنؽ اسـ الحقيقة العرفية على غيرها أل‬

‫الدابة للفرس على الحمار وغير مجازا عرفي ا ‪.‬‬


‫كاطنؽ لفظ ّ‬
‫اعتقد أف بطنف هذا الصنف هو مف الوضوح بحيث اليحتػػاج الػػى مناق ػػة ‪ .‬إذ لػػـ يخصػػص أحػػد لفػػظ‬
‫الدابة ) للفرس ‪ .‬وهذ العرب ال زالت في جميع المناطق القروية تطلق اسـ الدابة على الجاموس والبقر‬
‫والخيل والحمير بغير تخصيص لصنف منها كما هو أصل اللفظ في اللغة ‪.‬‬

‫وقد امتألت كتب التراث باستعماؿ صيغة الجمع الدواب ) لن ارة الى مختلف الما(نات المتحركة حركػػة‬
‫انتقالية ‪.‬‬

‫تعرؼ هذا النوع مف المجاز تنػػاقض أيضػا مػػع أصػػل التعريػػف إذ التعريػػف أصػ ا‬
‫ن للمجػػاز‬ ‫وفي الفقرة التي ّ‬
‫والحقيقة في اللغة ال كوف اللفظ حقيقػػه عرفيػ ة وبخاصػػة إذا لػػـ يعػػرؼ هػػذ الحقيقػػة أحػػد ) ‪ .‬ولفظػػة‬
‫الموحػػدة‬
‫ّ‬ ‫الحل القصدي ت ير إلى ّ‬
‫كل متحرؾ ولو بغير انتقاؿ في مل النبػػات انظػػر اللغػػة‬ ‫الدواب ) في ّ‬
‫) ػ لفظ دب ) ‪.‬‬

‫الصنف العا ر أل المجاز بسبب النقصاف والزيادة أل‬


‫قاؿ فخر الديف أل وتحقيقه أف الملمة كما أنها توصف بالمجاز لنقلها عف معناها فقػػد توصػػف بالمجػػاز‬
‫لنقلها عف حكـ كاف لها الى حكـ ليس هي بحقيقة منه كقوله تعالى أل‬

‫واس(ل القرية ) والتقدير واسأؿ اهل القرية )‪ .‬انتهى ‪.‬‬

‫نوق ت القضية مف جه ٍة ما سابقا غير ما نريد مناق ته ‪ ،‬وهي كوف ا عراب والحكـ النحوي ال عػ ػػػنقة‬
‫له بصدؽ أو كذب العبارة في النسػػب الداخلػػة بػػيف افلفػػاز وضػػرب البح ارنػػي لػػذلؾ مػػثن قػػاؿ أل لػػو قلػػت‬
‫لمسػػت السػػماء ) ػ فالسػػماء مفعػػوؿ بػػه ويسػػتحق النصػػب حقيقػػة وكػػذلؾ القريػػة فػػي المثػػاؿ ‪ .‬ثػػـ نػػاقش‬
‫النسبة في نفسها فادعى أف المجاز في النسبة والتراميب ‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫إما نحف فقد َّ‬
‫فندن ا هذا المجاز بأدلة واضحة مف النظػػاـ القرآنػػي فػػي المتػػاب المتضػػمف هػػذا العنػواف ومػَّػر‬
‫ػيل أظهػػر جػػزء مػػف دقػػا(ق هػػذا النظػػاـ فػػي اسػػتعماؿ أهػػل القريػػة ) فػػي مػوارد واسػػتعماؿ‬
‫هنػػاؾ تفصػ أ‬
‫القرية ) في موارد أخرى بغير لفظ أهل ) ‪.‬‬

‫وقد علػػق أحػػدهـ علػػى ذلػػؾ ال ػػرح قػػا(ن أنػػه يبػػرهف علػػى جهػػل وتخػػبط السػػلف واعتبػػاطيتهـ فػػي تفسػػير‬
‫التراميب القرآنية وعدـ االنتفاع بها في النحو والبنغة ‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫المبحث التاسع‬
‫الفرؽ بيف الحقيقػػة والمجػػػاز‬

‫ػػـ فيمػػا مضػػى مػػف أبحػػاث التحقػػػّق مػػف‬


‫الغاية مف هذا العنواف ليست هي مناق ة الموضػػوع نفسػػه فقػػد تػ ّ‬
‫غياب المجاز مف أصله في التعريف االصلي له مرة ومف خنؿ نصوص التفرعات واالصناؼ مرة أخرى ػ‬
‫ومرة ثالثة مف خنؿ عدـ انطباؽ افمثلة المضػػروبة علػػى التعػػاريف افصػػلية والفرعيػػة عػػدا الم ػػف عػػف‬
‫قيمة افصوات ‪ .‬إف الغاية هي مناق ة فقرة وردت في هذا المبحث وهي قولهـ أل‬

‫في مػػا تنفصػػل بػػه الحقيقػػة عػػف المجػػاز ‪ ،‬أنػػه أمػػا أف يقػػع بالتنصػػيص أو االسػػتدالؿ ‪ .‬إمػػا التنصػػيص‬
‫ٔ‬
‫فمف وجو أل أحدها أف يقوؿ الواضع هذا حقيقة وهذا مجاز )‬

‫واليمكف للمرء هنا االّ التوقف ػ فف افبحاث اللفظية كانت قد بدأت دومػا بدال لػػة ) اللفػػظ ‪ .‬وقػػد ظهػػرت‬
‫في بحث الداللة م كلتاف لـ ُتحنّ بعد وهما الداللة نفسها ػ الرتباطها بالوضع ػ والوضع ‪.‬‬

‫ومعلوـ إننا ال يمكف لنا الوصوؿ الى الواضع لنسأله عف طريقته في الوضػػع ‪ .‬ولمػػف المثيػػر للده ػػة أف‬
‫الباحث يزعـ بعد ذلؾ أف هناؾ نص ) على كوف اللفظ كذا للمعنى كػػذا هػػو حقيقػػة واآلخػػر فػػي المعنػػى‬
‫كذا هو مجاز وأف هذا النص هو مف الواضع !!! بل يدعي أف الواضع يقوؿ ) هذا حقيقػػة وهػػذا مجػػاز‬
‫؟‬

‫رح إضافي كما لو كاف الخلق بلهاء والسامعوف والقراء قد فقدوا العقل‬
‫ومف ثـ ُتركت العبارة هكذا بغير ٍ‬
‫والذكاء !!‪.‬‬

‫ولـ يكتف بذلؾ بل نسب الى الواضع أ ياء أخرى فقاؿ أل‬

‫أو يذكر واحدا منهما وثالثا أف يذكر خواصهما وأما االستدالؿ ‪) ...‬‬

‫وهكذا فهػػو قػػد تػػرؾ النػػاس فػػي حيػػرة مػػف أمػػرهـ إذ ال يعلمػػوف إف كػػاف ا مػػاـ الباحػػث ) يلتقػػي بواضػػع‬
‫اللغة س ار في مكاف ما أو ي ار في افحنـ !!‪.‬‬

‫التخبط والتدليس ‪ ..‬فف البحث عف الداللة قاد الى البحث‬


‫ّ‬ ‫كل ما أستطيع قوله هنا أل إف هذا هو منتهى‬
‫ّ‬
‫عف الحقيقة والمجاز والفرؽ بينهما وخنؿ البحث عف الفرؽ يفترض الباحث أنه فرغ مف معرفػػة الفػػرؽ‬
‫!! وهذ الطريقة الملتوية العنقة لها بالعلـ والبحث العلمي ‪.‬‬

‫‪ 1‬البرهاف الما ف عف إعجاز القرآف ‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫واذا أردنا مناق ة الطريقة افخرى لتمييز الحقيقة عػػف المجػػاز والتػػي هػػي االسػػتدالؿ ) كمػػا عبػػر عنهػػا‬
‫ننحظ المزيد مف التخبط والتناقض ‪ .‬فقد قاؿ أل‬

‫واما االستدالؿ فالحقيقة تعػػرؼ مػػف وجهػػيف أحػػدهما أف يسػػبق المعنػػى مػػف ذلػػؾ اللفػػظ الػػى فهػػـ بعػػض‬
‫السامعيف مف أهل تلؾ اللغة فيحكـ أنه حقيقة في ذلؾ المعنى ) ‪.‬‬

‫والمناق ة هنا على ي(يف أل‬

‫افوؿ أل إف هذا العمل لػػيس اسػػتدالالا وال يمػت الػػى االسػػتدالؿ بعنقػػة مػػا ػ فف مايسػػبق االسػػتدالؿ هػػو‬
‫استقراء ) لجميع الموارد ومف بينها المجاز ) لذلؾ اللفظ عينه ‪ .‬فػ ذا افترضػػنا أف الجماعػػة المػػذكورة ػ‬
‫ػرجح لصػػحة اسػػتعماؿ‬
‫ال تنطق بالمجاز ػ فهناؾ مف يستعمل نفس اللفظ في المعنػػى اآلخػػر ػ فمػػا هػػو المػ ّ‬
‫تلؾ الجماعة دوف افخرى واعتبار هذا االستعماؿ حقيقة دوف افخرى ؟ ‪ .‬ومعلوـ أف افتراضنا هذا محاؿ‬
‫وانما نقوله جدالا ‪ ،‬إذ أف أهل اللغة أنفسهـ يستعملوف اللفظ في تلؾ المعاني جميعػا علػػى قػػدـ المسػػاواة‬
‫‪.‬‬

‫الحل القصدي تتغير المسأله تغي ار جذريا ‪.‬‬


‫وفي ّ‬
‫حوله بصورة جذرية ‪ ،‬إذ أصػػبح أحػػد مصػػاديق الحركػػة‬
‫فالحل القصدي لـ يلغ مصطلح المجاز ) ولمنه َّ‬
‫العامة للتعاقب وهو يقترب ويبتعد عنها بنسب متفاوتة ‪ ،‬ولمنه اليخرج مطلقا عف ذلؾ التسلسػػل المعػَّػيف‬
‫لحروؼ اللفظ والي ارؾ لفظا آخر في تلؾ الحركة أبدا ‪.‬‬

‫الثاني أل أف الذي يسبق مف المعاني متغيػّر بيف الحقيقة والمجاز ‪.‬‬

‫وتوضيح هذا افمر كاآلتي أل‬

‫لقد أثبتوا وكما فعل سوسير بعد ذلؾ أف المعنى ػ أو الداللة ػ ال تظهر االّ بعد التركيػػب وقػػد أريػػت أقػوالهـ‬
‫في افبحاث السابقة ‪ .‬إذف فما يسبق الى فهـ السامعيف ) حسب فمرتهـ هو الداللة التي تظهر خنؿ‬
‫الجملة ‪ .‬فاللفظ نفسه عديـ القيمة قبل التركيب ‪ ،‬ومعلػػوـ أف السػػامعيف يسػػبق الػػى فهمهػػـ المعنيػػيف أو‬
‫المعػػاني المثيػػرة بػػاطراد كلمػػا تغيػػػّر نسػػق التركيػػب ‪ ،‬وسػػوؼ تظهػػر المعػػاني جميع ػ ا بالنسػػبة لهػػـ خػػنؿ‬
‫ػتمكف السػػامعوف مػػف الحكػػـ علػػى أحػػدها فقػػط علػػى أنػػه هػػو االسػػتعماؿ الحقيقػػي دوف‬
‫التراميب ‪ .‬فميف يػ ّ‬
‫غير ؟ ‪.‬‬

‫كاؿ على الطريقة التي تسمى االسػػتدالؿ ) هػػو إ ػػكاؿ حقيقػػي ال يمكػػف فحػػد‬ ‫ومف الواضح أف هذا ا‬
‫تفنيد أو ا جابة عليه بما يطابق إطروحات النظرية ا عتباطية‪.‬‬

‫أما الطريق اآلخر لنستدالؿ فقد قاؿ أل‬

‫واما ثانيهما ف ّف أهل اللغة إذا أرادوا إفهاـ غيرهـ اقتصروا على عبارات مخصوصة )‬

‫عبروا بعبارات أخرى ‪ ،‬فنعلـ مف الفرؽ أف افوؿ حقيقة ‪.‬‬


‫في حيف أنهـ على رأيه إذا لـ يقصدوا االفهاـ َّ‬

‫‪38‬‬
‫إما النص فلـ يذكر افمر على هذا النحو تخلصا مف م كلة أف يتملـ المرء بكػػنـ ال يقصػػد منػػه االفهػػاـ‬
‫واذا قصػػدوا بػػالتعبير الحسػػف بعػػد الفهػػـ عبػػروا عبػػارات أخػػرى ) وهػػذ واحػػدة مػػف‬ ‫فقػػاؿ أل‬
‫ػل لهػػا فػػي‬
‫طرا(قهـ الملتوية التي الحصر لها ‪ .‬وفي هػػذا الطريػػق االسػػتداللي الغريػػب نطػػرح أسػػ(لة ال حػ ّ‬
‫ا عتباطية أل‬
‫السؤاؿ افوؿ أل إف البحث هو عف تمييػػز دال لػػة المفػػردة بػػيف الحقيقػػة والمجػػاز فمػػا عنقػػة العبػػارات التػػي‬
‫عدة؟‪.‬‬
‫تتضمف مفردات ّ‬
‫نحددهـ ؟ ‪.‬‬
‫السؤاؿ الثاني أل مف هـ أهل اللغة ؟ وكيف ّ‬
‫السؤاؿ الثالث أل كيف يعبروف أوالا لغرض ا فهاـ ) ويعبروف ثانيا لمجرد المنـ الحسػػف بعػػد الفهػػـ )‬
‫يكرروف كنمهـ بعد الفهـ ؟ ومف منهـ كاف يقوـ بذلؾ وأيف ومتى ؟‬‫؟ ولماذا ّ‬
‫السؤاؿ الرابع أل كيف يعلـ السامع أف العبارات افولى ل فهاـ ) والتي بعدها هػػي المػػنـ الحسػػف ؟ وهػػل‬
‫عبػػارات ا فهػػاـ ) تختلػػف فػػي الحسػػف عػػف العبػػارات افخػػرى ؟ ولمػػاذا ال يكػػوف العكػػس متوقعػػا ؟ ‪.‬‬
‫ويمكنؾ أف تضع اس(لة غريبة أخرى ولمنها لف تموف أغرب مف الح ّل االعتباطي ّ‬
‫بأية صورة ‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫المبحث العا ر‬
‫دواعػػػػػي المجػػػػػػػػاز‬

‫عدة عوامل اعتبروها دواعي لذكر المػػتملـ المعنػػى المجػػازي للػػػفظ‬ ‫حدد العلماء ػ في التفسير االعتباطي ػ ّ‬ ‫ّ‬
‫بد اال عف اللفػػظ الحقيقػػي ‪ .‬وال تسػػلـ تلػػؾ الػػدواعي مػػف المناق ػػة فنهػػا لػػـ تقػػـ علػػى أسػػس علميػػة ‪ ،‬ولػػـ‬
‫توضػػع لهػػا جػػداوؿ السػػتقراء النصػػوص بدقػػػّة لفهػػـ م ػراد المػػتملـ ‪ ،‬وانمػػا أُعلنػػت تلػػؾ الػػدواعي اسػػتنادا‬
‫للحدس والتخميف والظف ال غير ‪.‬‬

‫وافسباب الداعية لذكر المجاز عندهـ هي أل‬

‫افوؿ أل أف يكوف اللفظ الداؿ بالحقيقة ثقي ا‬


‫ن على اللساف إما لثقل أجزاء أو لتنافر تركيبه أو لثقػػل وزنػػه‬
‫ويكوف المجاز عذبا‪.‬‬

‫مجرد ادعاء ال يستند الى ّأية معطيات لغوية ‪ .‬ويفترض هنا أف يأتوا بم(ات إف لـ نقل بػ ٍ‬
‫ػظالؼ مػػف‬ ‫وهذا ّ‬
‫ال واهد فجل إيضاح لفظ المعنى الحقيقي والذي هو متنافر التركيب أو ثقيل االجػزاء ويضػػعو بػػد اال عػػف‬
‫اللفظ المجازي المزعوـ ويبرهنػوا علػػى نحػػو واضػػح علػػى أف اللفػػظ المعػػدوؿ عنػػه هػػو الحقيقػػي مػػف خػػنؿ‬
‫استعماالت أخرى م هود لها أنها قيلت بصورة عفوية ػ ال إن ا(ية فغراض البحث ػ ‪.‬‬

‫ولمػػف ذلػػؾ لػػـ يحػػدث ال بهػػذ ال ػػرو العلميػػة القاسػػية للبحػػث وال بغيرهػػا وال بػػدوف ػػرو ‪ .‬علمػا أّنػػؾ‬
‫ادركت أف المجاز وفق االصناؼ المذكورة سابقا قد طاؿ أغلب االستعماالت اللغوية حسب اعتقادهـ ‪.‬‬

‫الثاني أل أف يكوف فجل المعنى إذا قصد التعظيـ لما هو ليس كذلؾ أو إذا قصػػد التحقيػػر وهػػو كػػا(ف فػػي‬
‫الحقيقة ‪ .‬مثػػاؿ افوؿ قػػوؿ القا(ػػل أل سػػنـ علػػى المجلػػس السػػامي ) ومثػػاؿ الثػػاني التعبيػػر عػػف قضػػاء‬
‫الحاجة بالغا(ط ‪.‬‬

‫كاؿ الهاـ حوؿ ظهور التحقير ) مف خػػنؿ المجػػاز ‪.‬‬ ‫حل ا‬


‫تتمكف ا عتباطية مف ّ‬
‫في هذا الداعي ال ّ‬
‫نوضحه كاآلتي أل‬
‫وهو إ كاؿ منطقي ّ‬
‫إذا أراد المتملـ تحقير المجلس مف خنؿ اطنؽ لفظ السامي ) فميػػف يفهػػـ السػػامع ‪ ،‬أو اللغػػوي ‪ ،‬أف‬
‫اللفظ للتحقير وليس للحقيقة إذا لـ يكف لفظ سامي ) بالمعنى الحقيقي ؟ فننا إذا اعتبرنا مجا از وفق‬
‫التعريف انصرؼ المعنى ػ معنى هذا اللفظ ػ الى معنى آخر فن يظهر التحقير ‪ !!...‬فتأمل في ال منطقية‬
‫االعتبا اللغوي ‪.‬‬

‫ومعنى ذلؾ أف االستعماؿ العنقة له بانطباؽ أو عدـ انطباؽ الداللة على الموضوع الخػػارجي فف لػػديؾ‬
‫دال لػػة لهػػذا اللفػػظ سػػامي ) فالدال لػػة لػػـ تتغيػػر وعػػدـ مطابقتهػػا لصػػفة المجلػػس هػػو قصػػد المػػتملـ مػػف‬

‫‪40‬‬
‫التحقير فلو كانت مطابقة لصفة المجلس لـ يكف ثمة تحقير ػ بل لماف مدحا ّ‬
‫يمجد المجلس ! ومثل هػػذا‬
‫الذهوؿ في ا عتباطية هو صفة دا(مة فيها ‪.‬‬

‫ومف جهػػة أخػػرى فهنػػاؾ خلػػل فاضػػح أل فالمجػػاز علػػى التعريػػف هػػو لػػيس ا تيػػاف بلفػػظ بػػدؿ لفػػظ افوؿ‬
‫الداخل على الجملة هو المجازي والمتروؾ هو الحقيقي ) وانما هو العدوؿ عف معنى اللفظ الحقيقي الى‬
‫معنى آخر مجازي ‪ .‬فلػػو كػػاف التعريػػف هػػو تبػ ّػدؿ الفػػاز مػػع بعضػػها لمػػاف يصػ ّ‬
‫ػح ‪ ،‬إذ نتصػػور أف المػػتملـ‬
‫يريد في اف صل أف يقوؿ المجلس الحقير ) فعدؿ الى لفظ السامي ) ‪ ،‬ولمنه لـ يغيػػر معنػػى السػػامي‬
‫بل أبقا على معنا وهذا هو من أ التحقير مف حيث أنه مخالف للواقع ‪.‬‬

‫فاالس ػػتعماؿ ل ػػه حقيقت ػػاف أل داخلي ػػة ف ػػي التركي ػػب وخارجي ػػة ف ػػي االنطب ػػاؽ عل ػػى الموض ػػوع الخ ػػارجي ‪.‬‬
‫وا عتباطية مف الجرجاني ا لى سوسير ال تفتأ تخلط بينهما خلطا فاضحا بل ومخزيا ‪ .‬وهذا الخلػػط يهتػػؾ‬
‫طـ النظاـ اللغوي ‪ .‬وهػػو مخػػالف ومنػػاقض فسػػس ا عتباطيػػة نفسػػها‬
‫عملية التعبير ) وفي النهاية يح ّ‬
‫ػػارات ػ فهػػي إذف مسػػتقلة عػػف الموضػػوع ػ ولػوال هػػذا االسػػتقنؿ لمػػا‬ ‫ومػػف بينهػػا أف اللغػػة رمػػوز مػػف ا‬
‫كانت هناؾ قدرات متفاوتة علػػى التعبيػػر ) عػػف نفػػس الفكػػرة بتراميػػب مختلفػػة قربػا وبعػػدا فػػي االنطبػػاؽ‬
‫ارات والم ار إليػػه ػػي( ا واحػػدا ولمانػػت اللغػػة جامػػدة جمػػود‬ ‫على الموضوع الخارجي ولوال ذلؾ لمانت ا‬
‫الصخر ‪.‬‬

‫وهذا التصػػور فػػي ا عتباطيػػة قػػد ّأدى الػػى تجميػػد اللغػػة ‪ .‬حيػػث اعتػػرؼ بػػذلؾ الع ػرات مػػف البػػاحثيف ‪،‬‬
‫بحيث ادعى فصحاء وبلغاء ) أنهـ لـ يقدروا بعد بنغة الجرجاني والسكامي مف إن اء جملة واحػػدة‬
‫التصور الػػى نفػػس النتيجػػة‬
‫ّ‬ ‫ب جاعة تامة ) ػ فنها قد تموف مخالفة ل رو بنغتهما ‪ .‬وكذلؾ ّأدى هذا‬

‫في الغرب ػ وقد عّلقنا باسػػلوب قصصػػي ّ‬


‫ولمػػا نػػزؿ فػػي مرحلػػة الد ارسػػة الثانويػػة علػػى هػػذا العمػػل بػػالقوؿ‬
‫نتهيب مف إعننه أل‬
‫الذي كّنا ّ‬
‫وسيقوـ الجيش اللغوي اللجػػب بقيػػادة الفػػارس المغػوار ليفػػي ػػتراوس ب ػػف هجػػوـ تمتيكػػي بنيػػوي مػػع‬
‫الضياء افوؿ على الجبهة ال عرية آللويت فيحيلها عنػػد طلػػوع ال ػػمس الػػى ركػػاـ مػػف الحػػروؼ المبعثػرة‬
‫وأم واـ مف جثث االلفاز الميتة ‪ ،‬وسيقوـ بتوزيع غنا(ـ المعركة المثيػػرة والتػػي هػػي "ال ػػيء" علػػى جميػػع‬
‫كل حسب جاعته ‪. ) ..‬‬
‫الم اركيف في الهجوـ ّ‬
‫وهػػذا هػػو المسػػار الػػذي تتحػػرؾ فيػػه ا عتباطيػػة الػػى هػػذا اليػػوـ ػ فاللغػػة عنػػدها ليسػػت اال هيامػػل أثاريػػة‬
‫بترو ديد بحثا عف افقب ية المطمورة والهيامل العظمية النخرة ولو كانت مف إحدى النصوص ‪.‬‬
‫تحفرها ٍ‬
‫الموحػػدة ) يعطػػي اال ػػارة اللغويػػة ػ قيمػػة حركيػػة عليػػا ال حػػدود‬
‫ّ‬ ‫والحػػل القصػػدي كمػػا أريػػت فػػي اّللغػػة‬
‫الستعمالها ولمف ال عبثية فيها وال اعتبا ‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫وفي الحل القصدي ينفصل االستعماؿ عف موضوعه وبذلؾ يمكف تبرير ن وء أو إن اء علـ للغػػة حيػػث‬
‫يكوف واجب هذا العلػػـ تقيػػيـ ) االسػػتعماؿ وهػػو مػػا تفتقػػر إليػػه ا عتباطيػػة ‪ ،‬وقػػد وضػػعنا هػػذا التسػػاؤؿ‬
‫الموحدة ) أماـ علماء ا عتباطية ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫المبير في اّللغة‬

‫الثالث أل الداعي الثالث مف دواعي استعماؿ المجاز ‪ .‬قاؿ أل وهػػو حصػػوؿ اللػػذة ‪ .‬فػ ذا عبػػر عػػف ال ػػيء‬
‫باللفظ الداؿ عليه على سبيل الحقيقة حصل تماـ العلـ به فن تحصل اللذة ‪.‬‬

‫إف هذا التفسير السايكولوجي الغريب هو اآلخر ال عنقة له بالمجاز‪ .‬فالمرء حاؿ القياـ بمثل ذلػػؾ أ ػػبه‬
‫بمف يقوـ بمداعبة المتلقي والمتلقي يعلـ جيدا إف كاف االسػػتعماؿ فػػي موضػػوعه اـ أنػػه يرمػػز لػػه برمػػوز‬
‫أبعد في التعبير؟ ‪ .‬وهذا العنقة له باالستعماؿ اللفظي للتراميب ػ حاؿ كونها بعيدة أو قريبة فػػي التعبيػػر‬
‫‪ ،‬فمل منها حقيقة في موضوعه واالختنؼ هو أنه ال يعبػّر عف الموضػػوع نفسػػه وانمػػا يعبػػػّر عمػػا هػػو‬
‫بجوار ) أو ما يحيط به مف مواضيع ) فمل منها حقيقي في موضػػوعه ‪ .‬وهػػو كمػػا تنحػػظ ذهػػوؿ آخػػر‬
‫غريب عف موضوع البحث ‪.‬‬

‫الرابع أل وهو السبب افخير مف أسباب الدواعي أل اف يكوف صالحا لل عر وللسجع وأصػػناؼ البػػديع دوف‬
‫الحقيقي ‪.‬‬

‫اليختلف هذا الداعي ب يء عما سبقه ف ننا نتصور عددا مف االحتماالت أل‬

‫أ ‪ .‬أف يكوف االستعماؿ مقحما لت نظػػيـ ال ػػكل مػػع إغفػػاؿ المضػػموف فهػػذا التزويػػق اللفظػػي ػ العنقػػة لػػه‬
‫بالمجاز فاذا ابتعد بعدا كبي ار وخرج عف المضموف كاف استعما اال خاط(ا ‪.‬‬

‫ػاـ هػػو أل إف ا عتباطيػػة ال تخ ِّ‬


‫طػػّ أي اسػػتعماؿ وبالتػػالي ال تجيػػب علػػى‬ ‫ونػػود اف ننبػػػّه هنػػا الػػى أمػ ٍػر هػ ٍ‬
‫السؤاؿ أل لماذا اذف علـ اّللغة ؟ ‪.‬‬

‫ب ‪ .‬أف يكوف متن(مػا مػػع المقصػػود أل فهػػذا حقيقػػي ال مجػػازي وهػػو اذا ّ‬
‫تمكػػف مػػف المحافظػػة علػػى إبػراز‬
‫الفكرة مع االعتناء بااللفاز ‪ ،‬فهذا االحتماؿ العنقة له بالمجاز المذكور في التعريف ‪.‬‬

‫ج ‪ .‬أف يقصد ذلؾ أل أي أنه يقصد االبتعاد عف التصريح بالفكرة ويكتفػػي بػػالتلميح الػػى مػػا حولهػػا ػ وهػػو‬
‫أوسع بكل تأميد ػ وموضوعه يساعد في ذلؾ كأف يكوف عدـ التصػػريح مبػػر ار علػػى نحػػو كػ ٍ‬
‫ػاؼ اجتماعيػا‬
‫أو دينيا أو غير ذلؾ ‪.‬‬

‫واذف فالقصدية في االبتعاد تختار ألفاظا ػ تصلح لمػػا هػػو حػػوؿ الموضػػوع وال تصػػلح للموضػػوع المكتػػوـ ػ‬
‫فهي حقيقية في موضوعها فأيف هو المجاز ؟ ‪.‬‬

‫ػػارة وداللتهػػا وبػػيف الموضػػوع‬ ‫نعـ ‪ .‬هنا أيضػػا يظهػػر المجػػاز إذا أصػػرت ا عتباطيػػة علػػى الخلػػط بػػيف ا‬
‫الذي تنطبق أو ال تنطبق عليه وقد الحظت فساد ال نيع ‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫المبحث الحادي ع ر‬
‫االعتباطيػػة و مجػػاز القرآف‬

‫قدـ علمػػاء ا عتباطيػػة فػػي اّللغػػة تفسػػيرهـ االعتبػػاطي ليجػػدوا ا لحلػػوؿ المناسػػبة للظػواهر اللغويػػة فمانػػت‬
‫ّ‬
‫النتيجػػة هػػي خلػػو ا عتباطيػػة مػػف أيػػة قواعػػد ػػاملة تػػتمكف مػػف تفسػػير تلػػؾ الظػواهر ‪ ،‬سػػوى االعتبػػا‬
‫نفسػػه ػ ولمػػا كػػاف االعتبػػا يرتمػػز علػػى االسػػتعماؿ ػ ويخلػػط أو اال بػػيف اال ػػياء الثن ثػػة أل الواقػػع الخػػارجي‬
‫والدال لػػة واللفػػظ ‪ ،‬ويخلػػط ثانيػا بػػيف الدال لػػة المسػػتقلة للفػػظ وبػػيف ظهورهػػا فػػي التركيػػب ويخلػػط ثالثػا فػػي‬
‫ال واهد أل هل هي موضوع ستنبا القواعد أـ هػػي موضػػوع لنقػػد تطبيقػػات نتػػا( المباحػػث ؟ فمػػاف مػػف‬
‫المحتوـ ظهور ا عتباطية ) في نفس التفسير االعتباطي ‪.‬‬

‫فػراد‬ ‫وفي موضوع المجاز لـ تمتػػف ا عتباطيػػة بافصػػناؼ الع ػػرة المػػار ذكرهػػا فػػانبرى علمػػاء االعتبػػا‬
‫كتب خاصة عف مجاز القرآف ) ‪ .‬ولما كاف النظاـ القرآني ) غا(با عنهـ أو كانوا هـ غا(بيف عػػف‬
‫النظاـ القرآني ) أصنا فمف المتوقع أف يجد المجاز ) ضالته في القرآف خصوصا ‪.‬‬

‫واذا أردنا جمع افنواع االصلية للمجاز القرآني ف نها بلغت عندهـ ما يربػػو علػػى افربعػػيف نوعػا ! وتحػػت‬
‫كل نوع منها فروع ِعّدة أل سبعة أو ثمانية أو ثنثة حسب اخػػتنؼ النػػوع وتحػػت كػ ّػل فػػرع عػػدد كبيػػر مػػف‬
‫ّ‬
‫ال واهد ‪.‬‬

‫واذا أردنا استعماؿ نظاـ إحصا(ي أو ع وا(ي لع ر صفحات أو حزب كامل مف القػرآف ) لبيػػاف ظهػػور‬
‫تلؾ المجا ازت في النموذج ) تموف النتيجة أف الحاسب ا لمترونػػي يحتػػاج الػػى اسػػتعراض القػرآف كلػػه‬
‫بحثا عف االسػػتعماؿ الحقيقػػي الػػذي قػػد ينػػدر وجػػود لدرجػػة أنػػه لػػف يكػػوف فػػي مجموعػػه آيػػة كاملػػة !! ‪.‬‬
‫ويبدو أف التفسير االعتباطي كاف يسعى الى تحقيق هذ الغاية ‪.‬‬

‫بسطر أو سطريف في مؤلفاتهـ كقوؿ السػػيوطي فػػي ا تقػػاف‬


‫ٍ‬ ‫اقروا بوجود اتجا ) مضاد ذكر‬
‫ومع أنهـ ّ‬
‫أل‬

‫[ وأنكر المجاز جماعة منهـ ابف القاص مف ال ػػافعية وابػػف خػػويز منػػداد ؟ ) مػػف المالميػػة و ُ ػ َ‬
‫ػبهتهـ‬
‫أف المجاز أخو المذب والمتملـ ال يعدؿ إليه إال إذا ضاقت به الحقيقػػة وهػػو علػػى ى محػػاؿ والقػرآف منػ ّػز‬
‫عنه ]‬

‫أقوؿ أل مع ذلؾ ف ف هذا االتجا غاب عف الساحة اللغوية ولػػـ يصػػلنا منػػه االّ سػػطر هنػػا كهػػذا أو سػػطر‬
‫آخػػر هنػػاؾ ومثػػل هػػذا افمػػر واضػػح جػػدا إذا علمنػػا أف االتهػػاـ َّ‬
‫موجػػه الػػى هػػذا االتجػػا فػػي ذلػػؾ السػػطر‬

‫‪43‬‬
‫ػػبهات ) ػ ال فمػرة معينػػة يجػػب احترامهػا وال أطروحػػة يتوجػػب الوقػػوؼ‬ ‫الوحيد أيضا كونه اتجا يحمػػل‬
‫عليها ‪.‬‬

‫ويكتفي السيوطي بالرد على ال بهة ) ػ بسطر واحد قا(نا أل‬

‫ػػبهة باطلػػة لػػو سػػقط المجػػاز مػػف القػرآف سػػقط منػػه " ػػطر الحسػػف" فقػػد اتفػػق البلغػػاء علػػى أف‬ ‫وهذ‬
‫ٔ‬
‫المجاز أبلغ مف الحقيقة )‬

‫وبمثل هذ العبػػارة تػػـ القضػػاء علػػى ذلػػؾ االتجػػا فػػي مهػػد ‪ .‬وبػػالطبع يتجنػػب علمػػاء االعتبػػا ا جابػػة‬
‫على اال كاالت المنطقية لنتجا والمتضمنة عنقة تعريفه بما يجوز أو ال يجوز على الخالق عػ ّػز وجػػل‬
‫اضح جدا أف هدؼ الحل االعتبػػاطي هػػو القػرآف‬
‫نحو و ٍ‬
‫‪ .‬وذلؾ فف هذا هو موضوعهـ ‪ ،‬وقد برهنت على ٍ‬
‫ولػػيس الق ػرآف هػػو الموضػػوع ) الػػذي يسػػت قي منػػه الحػػل االعتبػػاطي ركػػا(ز ‪ .‬وصػػورة هػػذ الفك ػرة قػػد‬
‫توضحت لدى مناق ة بنغػػة الجرجػػاني وخنصػػتها أنػػه إذا كػػاف ال يمكػػف للخلػػق أف يػػأتوا بمثػػل القػرآف ‪،‬‬
‫فاف الحل اآلخر هو أف يكوف القرآف مثل كنـ الخلق ‪ .‬وال ن ؾ مطلقا في قصدية الحل االعتباطي لهػػذا‬
‫الهػػدؼ وهػػو مػػا يظهػػر جلي ػا عنػػد د ارسػػة كتػػاب "إعجػػاز الق ػرآف" للجرجػػاني حيػػث النتيجػػة المحتومػػة مػػف‬
‫الد ارسػػة والتػػي تسػػتعمل افسػػلوب ا حصػػا(ي تبيػػػّف علػػى نحػ ٍػو واضػ ٍ‬
‫ػح أف الغايػػة هػػي أف يفهػػـ المتلقػػي‬
‫بالنتيجػػة افوجػػه ا عجازيػػة ) لل ػواهد جميعػا والتػػي حضػػى القػرآف المػػريـ بالنصػػيب افدنػػى منهػػا ػ أو‬
‫خلت أحيانا مف ال اهد القرآني ‪.‬‬

‫وفي كتاب أسرار البنغة ) تـ تأسيس مبادئ للبنغة على الحل االعتباطي تتضمف في الجزء افمبػػر‬
‫االستعماؿ الحقيقي ) في حيف تقدـ اآلخروف ل جهاز على النص القرآني بالمجاز ‪ .‬وذلؾ عدا الف(ػػات‬
‫الفلسػػفية التػػي أدخلػػت القواعػػد المنطقيػػة الفلسػػفية ػ وبػػػاللغة ا عتباطيػػة ػ الػػى مبػػادئ افصػػوؿ ‪ .‬وكانػػت‬
‫افعمػػاؿ متماتفػػة ومتنحمػػة مػػف أجػػل الهػػدؼ الم ػػترؾ وكانػػت الضػػحايا بػػالطبع كثيػػرة أيضػػا إذ ال يمكػػف‬
‫وصف الجميع بقصدية هذا العمل ‪.‬‬

‫قسػػـ‬ ‫واذا عدنا الى سطر السيوطي الذي يقمع به االتجا المضاد ػ فانؾ تنحظ الهدؼ بجنء ٍّ‬
‫تاـ حينمػػا َّ‬
‫طر ٍ‬
‫آخر عليؾ أف تفهـ ما هو بمفردؾ !‪.‬‬ ‫الح ْسف ) و ٍ‬
‫طر ُ‬ ‫القرآف بطريقة غير مبا رة الى طريف‬

‫ػػطر الحسػػف ) فػػي‬ ‫وطبيعي أف البلغاء ) الذيف اتفقوا عنػػد علػػى أف المجػػاز أبلػػغ مػػف الحقيقػػة وأف‬
‫القرآف هو في هذا المجاز هـ جماعة يعلمهـ هػػو ػ إذ لػػيس مػػنهـ البلغػػاء الػػذيف نعلمهػػـ كػػالنبي ص )‬
‫ػطلح إالّ فػػي وقػ ٍػت متػػأخر‬
‫أو علي بف أبي طالب ع ) وال حتى معاصريهما ‪ ،‬فف المجاز لـ يظهر كمصػ ٍ‬
‫بعد ظهور ا سنـ ‪.‬‬

‫وذلػػؾ فف النبػػي ص ص ) وا مػػاـ علػػي ع ) واف(مػػة ع ) كػػانوا يؤكػػدوف بصػػورة مسػػتمرة علػػى أف‬
‫القرآف ماء واحد ) يجري أوله على آخر وأنه واحد مف عند واحد ) وأنػػه ال يختلػػف وال يخػػالف ) ‪،‬‬

‫‪ 1‬ا تقاف في علوـ القرآف ‪ /‬جٕ ‪.ٚٚ /‬‬

‫‪44‬‬
‫وأف باطنه عميق وظػػاهر أنيػػق ) ‪ ،‬وأف الرجػػاؿ قصػػرت عقػػولهـ عػػف إدراؾ مراميػػه ) ‪ ،‬وهػػي عبػػارات‬
‫كثيػػرة جػػدا ال أحسػػب أف ال ػػاطر ) الػػذي ي ػػطر الػػى ػػطريف بعيػػد عنهػػا أو بعيػػدة عنػػه وهػػو مخػػتص‬
‫بعلوـ القرآف ‪ ،‬فاف غابػػت عنػػه فليسػػت العبػػارات القرآنيػػة التػػي تتنػػاغـ معهػػا وت ػػير إليهػػا تلػػؾ افحاديػػث‬
‫بغا(بة عنه وهي جزء مف النص القرآني أل‬

‫كقوله تعالى أل مت ابها مثاني ) ‪.‬‬

‫وقوله أل ال يأتيه الباطل مف بيف يديه وال مف خلفه ) ‪.‬‬

‫وقوله أل كتاب أحكمت آياته ثـ فصلت مف لدف حكيـ خبير ) ‪.‬‬

‫‪ ..‬الػػى غيرهػػا مػػف اآليػػات التػػي تؤكػػد وحدتػػه اللغويػػة العجيبػػة ونظامػػه المحكػػـ ومصػػاديقه النمتناهيػػة‬
‫والتي يكوف ادعاء المجاز فيها على التعريف نوع مف عدـ ا قرار بهذ الخصا(ص بطريقة غيػػر مبا ػػرة‬
‫امتنفتها واحتضنتها عبػػارات التبجيػػل واالحتػراـ ) والتعظػػيـ للقػرآف والتػي كػػاف هػػدفها تمريػػر ا عتباطيػػة‬
‫الى هذا المتاب بأية صورة ‪.‬‬

‫الدعا(ػػه ال ػػبهات ) فػػي التيػػار السػّني فقػػد ُقمػػع نفػػس‬ ‫تػـ قمع االتجا المضاد وقتله في مهػػد ّ‬ ‫ومثلما ّ‬
‫االتجا في الفكر ال يعي بصػػورة حاسػػمة ‪ .‬ولمنػػه احتػػاج الػػى وقػ ٍػت أطػػوؿ زمنيػا لتمتػػػّل التنمػػذة افوا(ػػل‬
‫ل ماـ الثاني ع ر ع ) مع بعضهـ على قلػّتهـ ووقػػوفهـ بوجػػه التأسػػيس االعتبػػاطي لمباحػػث افلفػػاز‬
‫الخاص بعلـ افصػػوؿ عنػػدما افتقػػدت القواعػػد زعيمهػػا الػػذي أوصػػى باعتمػػاد افخبػػار المرويػػة فػػي السػّنة‬
‫المؤكَّدة فقط لمعرفة حقا(ق الديف لحػػيف مجػػيء أمػػر ى ) ‪ .‬فأحاطػػت افمثريػػة ا عتباطيػة بهػػذ القّلػػة‬
‫وسمتها بأسػػماء غريبػػة لعػػل أهونهػػا هػػو جماعػػة ا خبػػارييف ) ‪ ،‬حيػػث‬
‫وأجهضت محاوالتها في مهدها ّ‬
‫اعتبرتها جماعة ال تمت في فمرها الى العلـ الحقيقي بصلة مستغلة ضرورة التحقق مػػف سػػند الخبػػر )‬
‫التحقػػق ) مػػف افلفػػاز وافسػػس المنطقيػػة للعمليػػة االجتهاديػػة‬
‫ّ‬ ‫ورقػ اة ت ػػهرها ضػػدها تػػدؿ علػػى ضػػرورة‬
‫برمتهػػا ‪ .‬وهكػػذا دخلػػت جميػػع المبػػادئ السػػنية التػػي ال تػػؤمف بضػػرورة لوجػػود معصػػوـ ) يحمػػل علػػـ‬
‫المتاب افزلي والنمتناهي الى دور وأقبية ودراسات ومسػػاجد التيػػار ال ػػيعي الػػذي يػػؤمف بهػػذ الضػػرورة‬
‫جامعا بيف تناقضاتها ػ بيف ا قرار بوجود ا ماـ الفعلي وبيف ضرورة البحث االعتباطي ػ ‪.‬‬

‫ويبدو أف جميع افبحاث كانت جاهزة على يد التيار السني واف كاف التيػػار االعتبػػاطي للت ػػيع ينكػػر هػػذا‬
‫الفضل ) أحيانا ‪ ،‬وكل ما احتاجه هذا التيار هو إدخػػاؿ هػػذ افبحػػاث فػػي قالبهػػا ا مػػامي ) واضػػفاء‬
‫طػػابع الت يػػػّع عليهػػا ومػػف ثػػـ كانػػت الزعامػػة المطلقػػة للتيػػار افصػػولي االعتبػػاطي علػػى جميػػع القواعػػد‬
‫االمامية للقروف الع رة الماضية ‪.‬‬

‫ولمف الحق يقاؿ أف التيار القصدي ا خباري ) الذي استطاع أف يحدس بذكاء منقطع النظيػػر يظهػػر‬
‫مف دراسة مجادالته القليلة جدا التي وصلتنا ) اسػػتطاع أف يحػػدس مػػا سػػتؤوؿ إليػػه العمليػػة االجتهاديػػة‬
‫مف جمود ‪ ،‬يبلػػغ درجػػة أف توضػػع اللغػػة نفسػػها فػػي قوالػػب جامػػدة تعػػزؿ القػرآف والفقػػه عػػف افمػػة ػ هػػذا‬

‫‪45‬‬
‫التيػػار لػػـ يمػػت نها(يػا فػػي الفكػػر ال ػػيعي ‪ .‬لمػػف يمكػػف القػػوؿ أنػػه عػػاش طالبػا افمػػاف ) بجػوار التيػػار‬
‫اآلخر ب رو ضمنية يعرفها الطرفاف أهمها أالّ يدَّعي المرجعية والفتوى ويكتفػػي بتسػػجيل افخبػػار بعيػػدا‬
‫ػت بالمسػػا(ل الفقهيػػة ػ وقػػد انتفػػع كػػن الطرفػػاف بهػػذا االتفػػاؽ فػػأبقى ا خبػػاري علػػى وجػػود علػػى‬‫عػػف البػ ّ‬
‫النحو المعلوـ مف العيش فػػي الظػػل فػػي وقػػت انتفػػع فيػػه التيػػار اآلخػػر مػػف تلػػؾ افخبػػار ليختػػار منهػػا مػػا‬
‫ين(ـ أصوله ويهجر ما ال ين(مه منها بعملية انتقاء محضػػة ‪ .‬وقػػد خضػػع هػػذا االنتقػػاء ) الػػى ػػرو‬
‫إطارها العاـ هو التحقيق ) ولمف جوهرها هو تمريس االنتقاء خدمة لألصوؿ ا عتباطية ‪.‬‬

‫وقػػد تػػـ تمػػريس الجهػػود فػػي العمليػػة االجتهاديػػة وحصػػرها فػػي نطػػاؽ العبػػادات والمعػػامنت وفػػتح بػػاب‬
‫االجتهػػاد وهمػػا خطوتػػاف حػػاوؿ ف يهػػا افصػػوليوف تجّنػػب الم ػػامل التػػي تػػنجـ عػػف االعتبػػا والمتمثلػػة‬
‫بالتصادـ بيف أصوؿ العملية االجتهادية وافصوؿ العامة للديف على طريقة المذهب االمامي في الخطػػوة‬
‫وح ػػاوؿ التي ػػار‬ ‫افولى وحالة الجمود والتحجر كصفة دا(مة لنعتبا في الثانية ‪.‬‬
‫افصولي ب صدار المراسات بيف الحيف واآلخر تبرير العملية االجتهادية كلما سمع بدقات نبض يصدرها‬
‫قلب االتجػػا ا خبػػاري المضػػاد والػػذي ربمػػا يظهػػر ب ػػكل مفػػاجّ داخػػل مجلػػس المرجعيػػة نفسػػه فيمػػا إذا‬
‫اب قاد حدسه العميق الى ك ف التناقض بيف افمريف وتساءؿ ب غف عف مبررات االجتهاد ‪.‬‬
‫تقدـ ٌّ‬
‫وعلى ا لطرؼ اآلخر للفكر االعتباطي تـ التخلص مف هػػذ الم ػػكلة ب يقػػاؼ العمػػل االجتهػػادي واختيػػار‬
‫أربعة أ(مة ) مف بػػيف ع ػرات المجتهػػديف واعتبػػارهـ أربػػاب المػػذاهب التػػي يمكػػف لبػراءة الذمػػة أف تلحػػق‬
‫المكلف باتباعهـ وهؤالء هـ الذيف اتخذتهـ الدولة القا(مة على الفكر السػِّني فػػي أوج قوتهػػا ممثلػػيف لهػػا‬
‫في باب الفتيػػا والقضػػاء ‪ ،‬فػػا ّتبعهـ أمثريػػة النػػاس مثلمػػا يتبعػػوف أي ت ػػريع جديػػد تضػػعه الدولػػة وتجعلػػه‬
‫للبت في ؤوف الناس وانجاز معامنتهـ حيػػث‬ ‫موضع التنفيذ في المحامـ والجامعات ومؤسسات الدولة ِّ‬
‫المحيص للجمهور مف اتباعهـ ‪.‬‬

‫ولـ يقـ التيار القصدي بنقض االتفاؽ فلػػـ يػزاحـ افصػػولييف علػػى مقاعػػدهـ ولػػـ يفسػػر القػرآف ولػػـ يفػ ِػت‬
‫ب يء يذكر ‪ .‬ولمف رجاؿ هذا التيار كػػانوا بػػالقرب مػػف افصػػولييف دا(مػا ػ وغالبػا مػػا كػػانوا رجػػا اال ازهػػديف‬
‫منتهى الزهد في الدنيا وغالبا ما تذكر أسماؤهـ تحت عنواف الفاضل افجػػل ) وغالبػا مػػا فتقػػر تػراجمهـ‬
‫ن جلػػي ا‬
‫ن ولػػه‬ ‫تبجل افصولييف ويكتفى بالقوؿ عف أي و ٍ‬
‫احد منهـ أل فػػنف ػ كػػاف فاضػ ا‬ ‫الى العبارات التي ّ‬
‫آراء عجيبة ورؤى صادقة مثل فلق الصبح رأيته في سنة كذا … له تصانيف كثيرة نافعة )! ‪.‬‬

‫لـ يفعل التيار القصدي ي(ا مف ذلؾ ولـ يحض باالحتراـ الػػنزـ وال ػػهرة ولمنػ ه فعػػل مػػا هػػو افضػػل مػػف‬
‫كل ذلؾ ‪ .‬فقد حافظ هذا التيار على القصدية وكاف ال يسأـ مف تسجيل كػ ّػل ػػاردة وواردة ‪ ،‬وكػػاف يقطػػع‬ ‫ّ‬
‫الجبػػاؿ ويخػػوض المسػػتنقعات وافهػوار عػػادة استنسػػاخ جملػػة واحػػدة أو حػػديثا مفػػردا وكػػاف صػػادقا كػ ّػل‬
‫الصدؽ فن يكذب أبدا ‪ .‬وما درى التيار افصولي أنه حينما كاف ينتقي الحديث حسب هوا فيأخػػذ ويتػػرؾ‬
‫‪ ،‬وأنه حينما يأخذ بغيته ويترؾ غيرها ‪ ،‬ما درى أف مقتله ونهايته على يد هذا المتروؾ‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫ويبدو أف التيػػار االعتبػػاطي قػػد ػػعر بػػالخطر عنػػد ظهػػور الطباعػػة الميكانيكيػػة واسػػتقرارها وانت ػػار كتػػب‬
‫الحػػديث للتيػػار القصػػدي لخدمػػة افصػػولية الرا(جػػة فوقعػػت بأيػػدي الجمػػاهير وازاء ذلػػؾ حػػاوؿ افصػػوليوف‬
‫مغازلػػة التيػػار القصػػدي بادعػػاء أو تبنػػي ) العرفانيػػة وا عػػنف عػػف أسػػماء أصػػولية عرفانيػػة فػػي ذات‬
‫ػتمكف مػػف معرفػػة الحقػػا(ق الدينيػػة بأسػػلوب بعيػػد‬
‫الوقت ‪ ،‬حيث يفهـ مف العرفػػاني ) أنػػه الرجػػل الػػذي يػ ّ‬
‫عف المنطق االرسطي والنحو البصري والموفي و قاقهما مػػع بعضػػهما والبنغػػة الجرجانيػػة أو السػػكامية‬
‫وبعي ػػدا ع ػػف الج ػػدؿ الهيجل ػػي والوجودي ػػة الس ػػارتريه والبنيوي ػػة السوس ػػرية والص ػػوفية الغزالي ػػة والفلس ػػفة‬
‫الفيضية ػ إسلوب يتميز بالتأمل في النص القرآنػػي مجػػردا عػػف أيػػة تػػأوينت سػػابقة أو أصػػوؿ موضػػوعة‬

‫كل يء ذلؾ المتاب ال ريب فيه هػ ا‬


‫ػدى للمتقػػيف ) ػ‬ ‫ويبدأ دا(م ا مف ألف الـ ميـ ػ ال يمكنني أف اعرؼ ّ‬
‫حيث يفهـ منه أف الهدى ) معرفة مػػف النػػوع المتعػػالي ) وهػػو ال يحتػػاج االّ الػػى التقػػوى ػ واف الفكػػرة‬
‫افصولية القا(لة باف المرء إذا كاف م غوالا بحاجات الدنيا وغيػػر متفػػرغ لمعرفػػة الػػديف فػػاف هػػذ المعرفػػة‬
‫تسقط عنه باتباعه أحد المذاهب ػ تبدو للمتأمل في هذا النص غير صحيحة ػ فف الهػػدى معرفػػة ولػػيس‬
‫ثمة مف يسقط عنه التمليف بالهدى أو يحتمر لنفسه ػ وليس ثمة أيضا مف يػػزعـ أف علػػى الجميػػع تػػرؾ‬
‫م اغلهـ والتوجه لمعرفة حقا(ق الديف وبناء على ذلؾ فػػن بػػد أف يكػػوف طريػػق معرفػػة الػػديف هػػو طريػػق‬
‫آخر غير افصولية القا(مة على االعتبا ‪.‬‬

‫لمف مف يزعـ أف هناؾ مف استطاع التوصل فعن الى الهػػدى بهػػذا الطريػػق السػػهل الػػذي ال يمػػر بالبصػػرة‬
‫أو الموفة وال يحتاج الى حفظ ألفية ابف مالؾ ؟ ‪ .‬المدَّعوف كثيروف بيد أننا إذا افترضػػنا أف أحػػدا مػػا قػػد‬
‫وصل بهذا الطريق فأنه سيصبح مفارقا ) للعالـ بأسر وسيحاوؿ جاهدا أف ال يعرفػػه أحػػد بهػػذ الصػػفة‬
‫فضن عف أف يدعيها ‪ .‬وكل ما يمكنه أف يفعله هو أف يحاوؿ تمرير القصدية بطريقة ما ػ كما فعػػل أهػػل‬
‫ربمػػا‬ ‫التيار القصدي في مؤلفاتهـ فاآلخروف قد يزعمػػوف بعػػد مػػوت أحػػدهـ معتػػرفيف أو مخمنػػيف أنػػه‬
‫كاف مف افولياء أو افبداؿ ) ‪ .‬فليس مف المعقػػوؿ أف يتحػ ّػدث المفسػػر بالمجػػاز وي ػػرح اآليػػات القرآنيػػة‬
‫بطريقة الحذؼ واالستعارة ويكوف أيضا مف افولياء !! ملمح ا أو مصػػرحا أو يتػػرؾ المريػػديف ) يفعلػػوف‬
‫هذ الدعاية لصالحػػه !! ‪.‬‬

‫فقد آف افواف لنمة أف تعلـ أنه ليس مف أولياء ى واحد مػػف التيػػار االعتبػػاطي ‪ ،‬واذا كػػاف يصػػلح أحػػد‬
‫مػػنهـ لتلػػؾ الواليػػة ) فػػاف ال ػػيخ دي سوسػػير ) يصػػلح لهػػا إذ هػػو أعنهػػـ كعب ػا وأمثػػرهـ عم ػنا فػػي‬
‫تأسػػيس ا عتباطيػػة فػػي الفكػػر اللغػػوي العػػاـ مػػع أف ال ػػيخ لػػـ يتعػػرض لمجػػاز ) الق ػرآف كمػػا تعرض ػوا‬
‫بصورة مبا رة ولـ ي طر الى طريف طر الحسف وهو مػػا فيػػه المجػػاز و ػػطر آخػػر ‪ ....‬ولػػـ تمػػف لػػه‬
‫غاية مما فعل سوى مباركة ) ما فعلوا وتثبيته في نظري ٍة تن ر فػػي الغػػرب خ ػػية أف يصػػحو ) يومػا‬
‫ما فيعيد النظر في نصوص العهديف ‪.‬‬

‫حقا ‪ ..‬لقد انتفع الفنسفة المؤمنوف ) أو المحبػّوف ) للمسيح ع ) فػػي الغػػرب مػػف ال ػػيخ وصػػدؽ‬
‫ظنػّه ‪ .‬فحينما أدخل سبينو از ) ا لحاد بجلباب ا يماف الى المسػػيحية و ارجػػع فلسػػفتها انتفػػع بمػػا فعلػػه‬

‫‪47‬‬
‫ال يخ مف مبادئ اعتباطية لتفسير النصوص بطريق االستعارة ) على طريقة ال ػػيخ الجرجػػاني حينمػػا‬
‫وجدها تصطدـ مع فلسفتهٔ ‪.‬‬

‫وازاء هػػذا المػػـ الها(ػػل مػػف الت ػراث االعتبػػاطي فلػػيس با مكػػاف مناق ػػة جميػػع تفاصػػيله فمػػاف ال بػػد مػػف‬
‫استعماؿ أسرع وأنجح الطرؽ وقػػد تػػـ ذلػػؾ بػػا عنف عػػف النظػػاـ القرآنػػي ) وقصػػدية اللغػػة فػػي اللغػػة‬
‫الموحػػدة ) والمتػػب النحقػػة ومنهػػا هػػذا المتػػاب المكػ ّػرس لهػػدـ مبتنيػػات ا عتباطيػػة فػػي مباحػػث افلفػػاز‬
‫ّ‬
‫ومناق ة جملة مف التفاصيل خنؿ ذلؾ ‪.‬‬

‫ولما كاف المجػػاز القرآنػػي وهػػو الجػػزء الهػػاـ مػػف تطبيقػػات ا عتباطيػػة واحػػد أهػػـ نتػػا( المرادفػػات والقػػا(ـ‬
‫بأمبر قدر مف التخريب اللغوي واخفاء معالـ النظاـ القرآني فاني ساذكر أهـ ما تفتقت عنه عقلية الفكػػر‬
‫االعتباطي مف أنواع المجاز القرآني و واهدها مع التعليق السريع عليها ‪ .‬وسبب ذلؾ أف التفصيل غير‬
‫وتنحػػظ جميػػع مػوارد‬ ‫ممكف في مثل ذلؾ ‪ ،‬فف مف طبيعة اللفظ في القصدية أف ُينحق في كػ ّ‬
‫ػل القػرآف ُ‬
‫ػل‬
‫وه ػػذا يعن ػػي أف ك ػ ّ‬ ‫لغرض التفنيد التاـ للمجاز ‪.‬‬
‫صفحة في كتب ا عتباطية و واهدها تحتاج الػػى كتػػاب بأمملػػه لهػػذا الغػػرض ‪ .‬ويكفػػي أننػػا فنػػدنا أسػػس‬
‫مباحث افلفاز ‪ .‬وستستخدـ إ ارات ورموز النظاـ القرآني هنا لتنبيه القارئ إلى مكمػػف الخطػػأ ‪ .‬ومعنػػى‬
‫ذلؾ أننا نطلب مف القارئ المريـ االطنع بل دراسة كتاب "النظاـ القرآني" قبل دراسة هذ المباحث ‪.‬‬

‫‪ 1‬قصة الفلسفة ‪ /‬ووؿ ديورانت ػ سبينوزا ‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫أصناؼ أخرى للمجاز المزعوـ‬
‫في القرآف‬

‫إطنؽ واحد مف المفرد والمثنى والجمع على آخر‬


‫ال واهد أل‬

‫أ ‪ .‬وجعل القمر فيهف نو ار )‬

‫قالوا وهو في إحداهف ‪ / .‬أ‪.‬هػ ‪.‬‬

‫أقوؿ أل بل فيهف جميعا لمػػا أثبتػػػه علػػـ الفيزيػػاء المعاصػػر مػػف اسػػتمر ٍار لحركػػة النػػور فػػي أنحػػاء الفضػػاء‬
‫بغير انقطاع فالنور في السماوات جميعا ‪ .‬فيتحقق المعنى مف لفظ فيهف ) ‪.‬‬

‫الحظ بنفسؾ ا عتباطية في التطبيق أيضا ػ وكأنما ارتقوا افسباب و أروا السبع الطباؽ ‪.‬‬

‫ب ‪ .‬فمف تعجل في يوميف )‬

‫قالوا أل والتعجيل في اليوـ الثاني ‪ /‬أ‪.‬هػ‬

‫للتعجػػل ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫أقوؿ أل ولذلؾ قاؿ في يوميف ػ حيث أف في ) تعمل كظرؼ زماف فاليوماف زماف أصبحا ظرفػػا‬
‫ويصح هذا الزعـ لو قاؿ ليوميف ) ‪.‬‬

‫جػ ‪ .‬ولمف خاؼ مقاـ ربه جّنػتاف )‬

‫قالوا أل والمعنى جنة واحدة ‪ /‬ا‪.‬هػ‬

‫أقوؿ أل بل جنتاف ومف دونهما جنتاف فبأي آالء ربكما تمذباف ؟؟‬

‫انظر بنفسؾ الى التعسػف ػ انظر الى ادعاء معرفة الملموت ممف ال يحسنوف ‪.‬‬

‫د ‪ .‬واذ قتلتـ نفسا ّ‬


‫فادار(تـ فيها )‬

‫قالوا أل والقاتل واحد ‪.‬‬

‫أقػػوؿ أل بػػل الجمػػع مقصػػود وهػػو مسػػاوؽ للفعػػل قتلػػتـ فنهػػـ أخفػوا القاتػػل وتػػدافعوا التهمػػة بعضػػهـ علػػى‬
‫بعػػض فمػػانوا ارضػػيف بفعػػل الواحػػد وال ارضػػي بفعػػل قػػوـ م ػػارؾ معهػػـ لػػذلؾ قػػاؿ أل وى مخػػرج مػػا كنػػتـ‬
‫تمتموف ) وهي صيغ جمػػوع متعػػددة فػػي اآليػػة ‪ .‬فػ ذا أخػػذنا بػػزعمهـ أف قتلػػتـ ) مجػػاز ظهػػرت مجػػازات‬
‫أخرى في اآلية في افلفاز ّادار(تـ ‪ ،‬كنتـ ‪ ،‬تمتموف ) ‪ ،‬ولـ تقتصر على مجاز واحد ‪ .‬إذف فاآليػػة فػػي‬
‫إ ارتها الى المجموع كانت تقصد أف تتهـ المجموع بالقتل فن مجاز ‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫والقصة على خطأ التفسير مثبتة كذلؾ في روح القصػػص أف إحيػػاء القتيػػل كػػاف فجػػل أف يحػػدد القاتػػل‬
‫عقب بالقوؿ وى مخرج ما كنتـ تمتموف ) ‪.‬‬
‫الذي رفضوا الم ف عنه ولذلؾ ّ‬
‫هػ ‪ .‬فاف كاف له أخوة فألمه السدس )‬

‫قالوا أل المقصود إخواف ‪.‬‬

‫أقػػوؿ أل هػػو ال يحسػػف الفػػرؽ فمػػا بالػػه لػػـ يسػػكت ؟ وأخػػذوها عنػػه ودخلػػت التفاسػػير ‪ .‬وافخػواف واالخػػوة‬
‫كنهما جمع أخ ) ‪ .‬الحظ الفارؽ في النظاـ القرآني ) تجد ا عجاز بأجلى صورة ‪.‬‬

‫و ‪ .‬قاؿ رب ارجعوف )‬

‫قالوا أل والمعنى أرجعني فف الرب واحد ‪.‬‬

‫بل "ارجعوف" فالخطاب مع الرب ليأذف ب رجاعه مف قبػػل المثػػرة المنفػػذة لأل وامػػر والتػػي يكػػر االعتبػػاطيوف‬
‫معرفة أسماءها أو ذكرها ‪.‬‬

‫ز ‪ .‬فناظرة بـ يرجع المرسلوف )‬

‫قالوا أل والرسوؿ واحد بدليل قوله ارجع إليهـ ) !‬

‫أقوؿ أل بػػل "المرسػػلوف" وهػػـ رسػػل الملمػػة ػ أرسػػلتهـ بهديػػة الػػى سػػليماف ع ) وتنظػػر بػػـ يرجعػػوف ‪ .‬و‬
‫ارجع إليهـ ) خطاب منه الى الهدهد يحمل الجواب المنتظر ػ وافمر واضح في القػرآف واذا كػػاف الخطػػاب‬
‫لهـ فيصح أيضا فف الملؾ ال يخاطب االّ الرسوؿ الفعلي ر(يس الوفد ) ‪.‬‬

‫ح ‪ .‬قالوا ال تخف خصماف )‬

‫قالوا أل وانما هو خصـ واحد ‪ ،‬فهو عندهـ مفرد جاء بصيغة المثنى ‪.‬‬

‫الحظ االعتبا ‪ .‬المتملـ واحد وهو يتحدث عػػف نفسػػه وعػػف خصػػمه فيصػػوغ الجملػػة علػػى صػػيغة المثنػػى‬
‫كل منهما يتملـ كما يدؿ عليه لفظ "قػػالوا" ‪ .‬أي أف كػ ّػل واحػػد منهمػػا كػػاف يقػػوؿ أنػػه خصػػـ‬ ‫فميف إذا كاف ّ‬
‫لآلخر ‪ .‬علما أف الخصـ ال بػد له مف خصـ آخػػر يقابلػػه فهػػذا اللفػػظ مثػػل لفػػظ الػػزوج إذ أف كػ ّػل فػػرد مػػف‬
‫الزوج يدعى زوجا ‪.‬‬

‫‪ .‬نسيا حوتهما )‬

‫قالوا أل والناسي واحد هو يو ع ع ) ‪.‬‬

‫بل نسيا ػ إذ لو كاف موسى ذام ار لقيل لـ ال ّ‬


‫يذكر ؟!‬

‫ولػػو قػػاؿ نسػػي حوتػػه ) العترضػػت ا عتباطيػػة بهػػذا االعتػراض أو قالػػت المعنػػى نسػػيا ) وهػػو مجػػاز‬
‫فنها مولعة بقلب اال ياء بخاصة في القػرآف ‪ .‬أمػػا قػػوؿ يو ػػع بعػػد ذلػػؾ لموسػػى ع ) أل أنػػي نسػػيت‬

‫‪50‬‬
‫الحػػوت ) فمػػا أراد إ ػرامه فيمػػا كػػاف هػػو مسػػؤوالا عنػػه وذلػػؾ لتأدبػػه مػػع الرسػػوؿ ع ) ػ فالنسػػياف مػػف‬
‫موسى وفتا والمسؤولية على الفتى فف الحوت معه ‪.‬‬

‫ي ‪ .‬الطنؽ مرتاف )‬

‫قالوا أل وانما هو مر واحدة ‪.‬‬

‫بل هو مرتاف وفي الثالثة ُتباف ‪ . .‬واالعتباطية ال تدافع عف المذهب بل هي مصدر المذاهب المتعددة ‪.‬‬
‫وهو ال يلتبس مع الطلقات الثنثة ) ػ فف هذ المسألة كيفية فقد اختلفوا في كػػوف لفػػظ الطػػنؽ ثػػنث‬
‫ػػكاؿ بهػػذ اآليػػة فنهػػا تحػػدد المػرات الفعليػػة‬ ‫مػرات فػػي مجلػػس واحػػد أـ مجػػالس متفرقػػة وانمػػا ُيحػػل ا‬
‫كل مرة ‪.‬‬‫للطنؽ ال صيغة الطنؽ المكررة في ّ‬
‫ؾ ‪ .‬فنادته المن(كة )‬

‫قالوا أل وانما هو واحد جبرا(يل ع) ‪.‬‬

‫بل المن(كة ‪ .‬إنهـ يختلفوف في الواضحات ويزعموف معرفة الخفيات فما أدراهـ أف المنادي واحد ؟‬

‫كل تأملوف لحما طريا وتستخرجوف حلي اة )‬


‫ؿ ‪ .‬ومف ّ‬
‫قالوا أل وانما الحلية مف المالح ! أي ليس مف العذب ) ‪.‬‬

‫معرفة واسػػعة لنعتباطيػػة بأسػرار البحػػار أيضػػا ! علمػػا أف القػػدامى مػػف الغواصػػيف أعلنػوا أف اللؤلػػؤ مػػف‬
‫المحػػار والمرجػػاف مػػف ػواطّ المرجػػاف والػػدر مػػف نػػوع مػػف الحي ػواف البحػػري ‪ ،‬وأس ػرار البحػػار ال ازلػػت‬
‫غامضة في احدث التقنيات العلمية فمف أيف لنعتباطية هذا التحديد ؟ هناؾ غ ار(ػػب عػػف البحػػار كوجػػود‬
‫ماء عذب داخل الماء المالح وغيرها ‪.‬‬

‫ـ ‪ .‬القيا في جهنـ )‬

‫ِ‬
‫ألق ) ‪ .‬فعدؿ عف المفرد الى المثنى ‪.‬‬ ‫قالوا أل أي‬

‫طنع آخر لنعتباطية على الغيب !‬


‫إّ‬

‫اللؤلؤ و َ‬
‫المرجاف )‬ ‫ُ‬ ‫ف ‪َ .‬ي ُ‬
‫خرج منهما‬

‫قالوا أل يخرج مف أحدهما وهو افُجاج ‪.‬‬

‫بل يخرج منهما واالعتباطية ال تفهـ ي(ا في اللغة العامة فميف تفهـ لغة النظاـ القرآني ؟ وهي ال تعلـ‬
‫ما في البحار المعلومة فضن عف البحريف ) !‬

‫س ‪ .‬أف ا نساف لفي ُخسر )‬

‫قالوا ألأي افناسي لوجود االستثناء ‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫بل ا نساف اال الذيف آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر ) ‪.‬‬

‫والمستثنى ال ي تر أف يكوف مف جنس المستثنى منهٔ ‪.‬‬

‫إطنؽ الماضي على المستقبل وعكسهأل‬


‫أ ‪ .‬أتى أمر ى فن تستعجلو )‬

‫قالوا أل أي سيأتي ‪.‬‬

‫فرؽ بيف جاء ) و أتى ) وتؤمف بترادفهما ‪ ،‬وانمػػا يكمػػف‬ ‫وطبيعي أف تدَّعي ا عتباطية ذلؾ وهي ال ت ّ‬
‫النظاـ القرآني وا عجاز كله في هذا التفريق وفي القضاء على المرادفات وهي المهمة التػػي سػػتقوـ بهػػا‬
‫القصدية وتجابػػه مػػف خنلهػػا العػػالـ بأسػػر فػػي الم ػػرؽ والمغػػرب ‪ .‬يػػأتي ال ػػرح الػوافي فمثػػاؿ ذلػػؾ فػػي‬
‫مباحث ألفاز الطور المهدوي حيث سنرى أف اآلتي لػػـ يجػػيء بعػػد فيصػػح الماضػػي أتػػى ) مػػع افمػػر‬
‫فن تستعجلو ) ‪.‬‬

‫ب ‪ .‬ونفخ في الصور )‬

‫سينفخ ‪.‬‬
‫قالوا أل أي ُ‬
‫تتجاهػػل ا عتباطيػػة االنتقػػاؿ الزمنػػي للػػذهف فػػي السػػياقات القرآنيػػة الػػى المسػػتقبل لتقريػػر افح ػواؿ التػػي‬
‫تسبقها بالماضي ػ فف غايتها البحث عف واهد للمجاز ال تفسػػير اّللغػػة وال تفسػػير القػرآف ‪ .‬ومثػػل ذلػػؾ‬
‫جميع اآليات الم ابهة في الزمف ) والتي لف اذكرها هنا ‪.‬‬

‫ج ‪ .‬أتأمروف الناس بالبر )‬

‫قالوا أل أي أمرتـ ‪.‬‬

‫أمة ) مف أهل المتاب لماف المقصود أسػػنفهـ فقػػط ػ إنمػػا هػػو مضػػارع يفيػػد‬ ‫لو كاف كذلؾ والمخاطبوف ّ‬
‫استمرار قيامهـ بهذا العمل ! ومػػا يػػدريؾ لعلهػػـ أصػػحاب الفكػػر االعتبػػاطي الفعليػػيف والمخططػػيف لػػه مػػف‬
‫وراء الستار ! ؟ ‪.‬‬

‫د ‪ .‬واتبعوا ما تتلوا ال ياطيف على ملؾ سليماف ) ‪.‬‬

‫قالوا أل أي تلت ) بالماضي ‪.‬‬

‫دفاع آخر لنعتباطية عف ال ياطيف واتباعهـ فقد تلو ) بالماضي وال يتلوف اآلف وليس ثمة اآلف مػػف‬
‫سحرة ) !!‬

‫‪ 1‬انظر القرافي في كتابه "االستغناء في أحكاـ االستثناء " في قوله تعالى أل ما كاف استغفار إبراهيـ فبيه إالّ عف موعدة وعدها ّإيا ) ‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫فلـ تقتلوف أنبياء ى )‬
‫َ‬ ‫هػ ‪.‬‬

‫قالوا أل أي قتلتـ ) ‪.‬‬

‫بل تقتلوف فف الراضي بفعل قوـ م ارؾ لهـ ‪ .‬وذلؾ إذا اعتبرنا القتل وسفؾ الدماء ي(ا واحدا ‪ .‬فميػػف‬
‫معنى َّ‬
‫اعـ بكثير ؟‬
‫ا‬
‫إذا كاف القتل يأخذ‬
‫و ‪ .‬فريقا َّ‬
‫كذبتـ وفريقا تقتلوف )‬

‫قالوا أل قتلتـ ‪.‬‬

‫الحظ إصرار ا عتباطية على تفسيرها رغـ اتفاؽ الموارد في الصيغة ومثل هػػذا كثيػػر جػػدا كػػاف يمكػػف لػػه‬
‫أف يك ف عف النظاـ القرآني لوال أف النوايا وافهداؼ مختلفة ‪ ،‬فنحظ دفاع ا عتباطية عف المكػػذبيف‬
‫) رغـ وضوح صيغة الفعل المستمر علما أف القتل غير مرتبط ب هراؽ الدـ على افصل ولذلؾ قاؿ جعفػػر‬
‫بف ص ع) أل‬

‫وى ما ضربوهـ بسيف وال طعنوهـ برمح ولمف أحّلوا حرامهـ َّ‬
‫وحرموا حنلهـ ) ‪.‬‬

‫ن)‬
‫ز ‪ .‬ويقوؿ الذيف كفروا لست مرس ا‬
‫قالوا أل أي قالوا ) ؟‬

‫انظر الى سلوؾ ا عتباطية ! وأهدافها ! ‪ .‬غياب تاـ للذيف كفروا بعد نزوؿ القػرآف !! وكػػأف افمػػـ تخلػوا‬
‫اليوـ ممف يقوؿ للنبي ص) لست مرسنا ! ‪.‬‬

‫ح ‪ .‬ذلؾ يوـ مجموع له الناس )‬

‫قالوا أل سيجمعوف ‪ .‬وهذا فعل وليس صفة مثل لفػػظ مجمػػوع ) والػػذي ي ػ ّػكل مػػع جملػػة مجمػػوع لػػه‬
‫الناس ) صفة لذلؾ اليوـ ‪.‬‬

‫انظر إلى ا عتباطية وهي ال تفرؽ بيف الصفة باسـ المفعػػوؿ كونهػػا حقيقػػة فػػي الحػػاؿ ) وصػػفة لليػػوـ‬
‫وبيف اففعاؿ !! ذلؾ أف اسـ المفعوؿ حقيقة في الحاؿ حيث وصف به اليوـ وليس فعػنا فػػأيف مجمػػو أع‬
‫سيجمعوف ) ؟‪.‬‬
‫ُ‬ ‫له الناس ) مف الفعل‬

‫‪ .‬إف الديف لواقع )‬

‫قالوا أل سيقع ‪َّ .‬‬


‫عد السيوطي مف لواحق المجاز !‬

‫بينما هو تعبير عف صفة اليوـ باسـ الفاعل وحقيقته في االستعماؿ ‪.‬‬

‫إطنؽ الطلب على الخبر وعكسه أل‬


‫ا ‪ .‬اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطايامـ )‬

‫‪53‬‬
‫قالوا أل ونحف حاملوف ‪ ،‬بدليل وانهـ لماذبوف ) والمذب إنما على الخبر‪.‬‬

‫الحظ تعسف ا عتباطية فما قالو بمجمله هو خبر والمذب يرد عليه فما عنقة ذلؾ بالجزاء ولنحمل )‬
‫؟ ‪ .‬فانهـ ال يعلموف تلؾ الخطايا ومقدارها وانما يقولوف ولنحمل عنكـ خطايػػامـ فػػي الػػدنيا ويػػوـ القيامػػة‬
‫ن ػ ولمنهـ كاذبوف اآلف بهذ المقالة ! فالحمل م رو باالتباع فن يقولوف "نحػػف حػػاملوف" ‪.‬‬
‫أي مستقب ا‬
‫هل تظف أف ذلؾ مف معضنت المسا(ل اللغوية ؟ أـ أنه ديدف ا عتباطية ؟‬

‫المطهروف )‬
‫ّ‬ ‫يمسه اال‬
‫ب ‪ .‬ال ّ‬
‫يمسه بمعنى افمر ) ‪.‬‬
‫قالوا أل أي ال ّ‬
‫وهو مف أعجب مبتدعات االعتبا ‪ .‬فحينما ال تختلف صيغة المضارع عف الطلب في مثل هػػذا التركيػػب‬
‫تجتهد ا عتباطية في ا يحاء الى أنه أمر ) وذلؾ لصػػرؼ افنظػػار عػػف تمييػػز المجموعػػات فػػي النظػػاـ‬
‫القرآني ‪ ،‬وتحويل الطهارة مف المعنى العقا(ػػدي الػػى المعنػػى الفقهػػي وتحويػػل المػػػس مػػف المعنػػى العػػػلمي‬
‫الى المػادي !! ‪.‬‬

‫وبالطبع فن أذكى مف ا عتباطية حينما يتعلق افمر بالتخريب ! ‪.‬‬

‫ج ‪ .‬ال تثريب عليكـ اليوـ يغفر ى لمـ )‬

‫قالوا أل أي اللهـ اغفر لهـ ‪.‬‬


‫بل يغفر ى لهـ وهو ما يعلمه يوسف ) مف قواعد وسنف للغفراف وما َّ‬
‫علمػػه ى مػػف تأويػػل افحاديػػث ػ‬
‫وهي جميع الوقا(ع وليست تلؾ التي في الرؤى فقط ‪.‬‬

‫فلمػّا ّ‬
‫خروا له سجدا علـ أنهـ ّ‬
‫أقروا حقيقة بخنفته ورسالته وآمنوا وتابوا فقاؿ مستيقنا يغفر ى لمـ )‬
‫‪.‬‬

‫غايات االعتبا مف ذلؾ صرؼ هذ الفضا(ل عف الرسل واخفاء السنف الخاصة بالمغفرة ‪.‬‬

‫د ‪ .‬والوالدات يرضعف أوالدهف )‬

‫قالوا أل هي أمر بصيغة المضارع ‪.‬‬

‫ػػـ‬
‫هذا بالرغـ مف أف آخر اآلية معّلػق ب رادة ا نساف يرضػػعف أوالدهػػف حػػوليف كػػامليف ػ لمػػف أراد أف يتػ ّ‬
‫حرية ا نساف أيضا ‪ ،‬تحاربها في كافة الجبهات! ‪.‬‬ ‫الرضاعة ) ‪ .‬واالعتباطية تحارب َّ‬

‫‪54‬‬
‫وضع جمع القلة موضع المثرة أل‬
‫قبل ذكر ال واهد ِّ‬
‫أنبػه القارئ المريـ إلى أف جمع القلة الذي زعموا أنه لما دوف الع رة وجمع المثػػرة لمػػا‬
‫هو أمثر ليس سوى مجرد بدعه لغوية ال تمت الى الحقيقة بصلة ‪.‬‬

‫علما أف الخلل في الجموع المتعددة مف افمور العجيبة حيث دخل المعاجـ ولػػـ ّ‬
‫يفرقػوا بػػيف تلػػؾ الجمػػوع‬
‫فعدوها ي( ا واحدا رغػػـ التعػػدد فػػي الصػػيغ ‪ .‬مػػر فػػي كتػػاب النظػػاـ القرآنػػي مثػػاؿ‬
‫ومعانيها التي تقتضيها ّ‬
‫عف العباد والعبيد ) وآخر عػػف االخػػوة وافخػواف ) بتفصػػيل فراجعػػه لتػػدرؾ أف الجمػػوع تحكمهػػا قواعػػد‬
‫الداللة اللفظية نفسها وال تحكمها قواعدهـ ‪.‬‬

‫أ ‪ .‬وهـ في الغرفات آمنوف )‬

‫قالوا أل وغرؼ الجنة أمثر مف ع رة ! ‪.‬‬

‫مع أف جمع المؤنػػث السػػالـ غرفػػة ػ غرفػػات ) وهػػو غيػػر محػػدد بعػػدد كالع ػػرة ػ إنمػػا التحديػػد فػػي أصػػل‬
‫اللفظ أل ال ُغرؼ ػ استعماؿ لحػػاؿ بناءهػػا المسػػتمر والػػذي هػػو غيػػر محػػدد بعػػدد ) و غرفػػات ػ لمػػا هػػو‬
‫ن ولو كاف ألف غرفة ) ‪ .‬فلما أراد وصف حالهـ فػػي الغرفػػات كػػونهـ آمنػػوف ) جػػاء بػػالجمع‬
‫موجود فع ا‬
‫الذي يفيد الموجود الفعلي ) ػ فف النظاـ القرآني يك ف أف الجنة نفسها في توسع دا(ـ ‪.‬‬

‫واذا رأيت بنػػاءا يػػػُبنى وال تعلػػـ عػػدد الغػػرؼ فيػػه فيجػػوز لػػؾ بػػل يتوجػػب أف تقػػوؿ أل مػػا هػػذ الغػػرؼ ؟ )‬
‫حتى لو كانت ثنثة فف البناء مستمر وقد يضاؼ عليه غرؼ أخػػرى ‪ .‬ولمػػف ال تقػػوؿ أل انػػتـ تسػػكنوف‬
‫هذ الغرؼ ) بل الغرفات ) ‪.‬‬

‫غػػرؼ ) فظنػوا أف افوؿ ِقلػػػّة‬ ‫نعـ ‪ .‬وجدوا العرب تقوؿ للموجود الفعلػػي غرفػػات ) ولمػػا ال يعلػػـ عػػدد‬
‫لما دوف الع رة واآلخر لما هو أمثر !! ‪.‬‬

‫ب ‪ .‬أياما معدودات )‬

‫قالوا أل جعله لما دوف الع رة ل يحاء بسهولة الصياـ ! ‪.‬‬

‫سبحاف ربؾ رب العزة عما يصفوف ‪ .‬يظنوف أو يوحوف أف ى يخالف الحقيقة ) فسػػبابهـ ا عتباطيػػة‬
‫‪.‬‬

‫لو قاؿ معػػدودة ) علػػى جمػػع التمسػػير لمػػا كانػػت محػػدودة ‪ .‬ولمػػا قػػاؿ معػػدودات فممػػا فػػي غرفػػات ) ػ‬
‫موجودة فعنا في هر معلوـ ال يزيد على ثنثيف يوم ا ‪ .‬فانظر بنفسؾ الى قيمة الحلوؿ ا عتباطية ‪.‬‬

‫ج ‪ .‬ى يتوفى افنفس )‬

‫قالوا أل والمعنى نفوس ) فعدؿ عنه ‪.‬‬

‫بل افنفس ) لغرض تحديد المجموعة التي يتوّفاها ى ‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫فػػبعض النفػػوس يتوّفاهػػا ملػػؾ المػػوت قػػل يتوفػػامـ ملػػؾ المػػوت الػػذي وكػػل بكػػـ ) ‪ .‬والػػبعض المن(كػػة‬
‫الذيف توفاهـ المن(كة ) ‪ .‬والبعض تتوّفػػا الرسػػل توفتػػه رسػػلنا ) والجميػػع يتوّفػػا ى فػػي الليػػل وهػػو‬
‫الذي يتوفامـ بالليل ) ‪.‬‬

‫فالتوّفي الػػذي يقػػع إذا جػػاء المػػوت هػػو بحسػػب الطبقػػات والمجموعػػات وافصػػناؼ وبأنظمػػة محػػددة ولمػػل‬
‫نوع منها عدد مف الموارد ‪ .‬فلو قػػاؿ ى يتػػوفى النفػػوس حػػيف موتهػػا ) ػ فهػػو حػػق ف نػػه هػػو المتػػوفي‬
‫الفعلػػي وهػػذا افمػػر الواضػػح ال يحتػػاج الػػى بيػػاف مخصػػوص لػه ‪ ،‬ولمنػػه يحػػدث إربامػػا فػػي جميػػع المػوارد‬
‫االخرى وخل ا‬
‫ن في النظاـ العاـ واختنفا أل ولو كاف مف عند غير ى لوجدوا فيه اختنفا كثي ار ) ‪.‬‬

‫وافنفس التي يتوفاها ى هنا في هذا المورد هي مجموعة خاصة جدا ‪.‬‬

‫د ‪ .‬إف رحمة ى قريب مف المحسنيف )‬

‫قاؿ "الجوهري" أل أي إحساف ى قريب فهي على هذا المعنى ‪ .‬ذكر ذلؾ تخلصا مف عدـ تأنيػػث قريػػب‬
‫) وهو غير صحيح ‪ .‬فف القرآف لـ يستعمل فعيلة ) تأنيثا لفعيل مطلقا في الظرفيف ‪.‬‬

‫ومثله وما يدريؾ لعل الساعة قريب ) ‪.‬‬

‫فف هذ المفردات قريب ‪ ،‬بعيد ) ليست صفات لتؤنث وانما هػػي ظػروؼ ولػػو كانػػت م ػػتقة مػػف أفعػػاؿ‬
‫متصػػرفة ‪ .‬ومعلػػوـ أف الظػػرؼ ال يحتػػاج الػػى تحػػوينت ف نػػه ظػػرؼ يسػػتوعب الحركػػة الفاعلػػة سػواء كػػاف‬
‫الفاعل مذك ار أـ مؤنث ا ‪ .‬ولمف المفردة ترجع الى تصرفها حينما ال تسلؾ سلوؾ الظرؼ ف ذا اقترنػػت بنكػػرة‬
‫تحولت الى صفة وأعربت فتحا قريبا ) ‪ ،‬عرضا قريبا ) ‪ ،‬عذابا قريبا ) ‪ .‬فػػي حػػيف أنهػػا كانػػت فػػي‬
‫اآليات موضع ال اهد بمثابة الظرؼ وليس الظػػرؼ كالصػػفة ولػػيس فحػػد أف يجعػػل رحمػػة ى ) بػػنفس‬
‫معنى إحساف ى ) بصورة اعتباطية ‪.‬‬

‫د ‪ .‬إعطاء ال يء حكـ غير أل‬


‫وسمو بالتغليب أو الترجيح ػ وهو كما ترى خنؼ الحقيقة فهو عندهـ مجاز ‪.‬‬
‫ّ‬
‫أ ‪ .‬وكانت مف القانتيف )‬

‫قالوا أل وافصل القانتات ‪.‬‬

‫إذا أخذنا قولهـ على محمل الجد فاف افلفاز المافروف ) ‪ ،‬المؤمنوف ) وما أمثرها فػػي القػرآف إمػػا ال‬
‫ت تمل على النساء أو تموف كلها مجازات خنؼ االستعماؿ الحقيقي ‪.‬‬

‫فقل لهؤالء المتفيقهي ف ػ ماذا يطلق على المجموعة مف الذكور وبينهـ إناث ػ لفظ الذكور أـ لفػػظ ا نػػاث‬
‫؟‬

‫‪56‬‬
‫إف لفظ ا ناث خاص فف افنثػػى الحقػػة بالػػذكر مػػف أوؿ الخلػػق وأف السػػجود كػػاف آلدـ دوف حػواء بينمػػا‬
‫الذكر عاـ ي مل على ا ناث بهذا ا لحاؽ أل وألحقنا بهـ أزواجهـ ) ‪.‬‬

‫وهػػـ يتحػػدثوف عػػف الح قيقػػة ) العرفيػػة كنػػوع مػػف أنػواع الحقيقػػة فػ ذا جػػاء وفػػد يضػػـ النسػػاء بػػل لػػتمف‬
‫النساء أغلبية فهل يقاؿ مثنا فػػي الحقيقػػة العرفيػػة ) أل جػػاءت بنػػات تمػػيـ أـ بنػػو تمػػيـ ؟ ‪ .‬وهػػل يقػػوؿ‬
‫المػػرء فػػي العػػرؼ إذا خػػرج النػػاس مػػف الجامعػػة عنػػد انتهػػاء الػػدواـ الرسػػمي خػػرج الطػػنب ) أـ خرجػػت‬
‫الطالبات ؟‬
‫لقد َّ‬
‫تبخرت الحقيقة العرفية لنعتبا خنؿ بحثه الدؤوب عف مجاز القرآف! ‪.‬‬

‫ب ‪ .‬بل أنتـ قوـ تجهلوف )‬

‫افصل كما قالوا يجهلوف) ‪.‬وجاء بالتاء لتغليب أنتـ على قوـ ػ فف الياء أص ا‬
‫ن صفة للقوـ ‪/‬أ ‪.‬هػ‬

‫هل سمعت بفلسفة لغوية مثل فلسفة االعتبا ! المتملـ يخاطب قوما بطريقة حاضرة ويقوؿ أل بل أنتـ‬
‫قوـ تجهلوف ) واالعتبا يقوؿ كاف عليػػه أف يقػػوؿ أل بػػل أنػػتـ قػػوـ يجهلػػوف ) ػ غيػػر مػػدركيف أف اليػػاء‬
‫ستحوؿ الخطاب مف الحاضر الى الغا(ب في التفات ال يصح مطلقػا فػػي جملػػة خبريػػة كهػػذ ‪ .‬وهػػي مثػػل‬
‫أف يقوؿ المرء لصػػاحبه أنػػت يعلػػـ أنػػي أحبػػؾ ) !! ذلػػؾ فف الوضػػع كلػػه وضػػع خطػػاب ومجػػيء مفػػردة‬
‫"قوـ" ال يسمح بذلؾ ‪.‬‬

‫ج ‪ .‬إذهب فمف تبعؾ منهـ فاف جهنـ جزاؤكـ )‬

‫قالوا أل افصل جزاؤهـ ‪.‬‬

‫اعترفت ا عتباطية أف هذا العدوؿ ) مف الغا(ب جزاؤهـ ) الػػى المخاطػػب مػػف محاسػػف المجػػاز فنهػػـ‬
‫لما كانوا تبعا للمخاطب في المعصية جعلهـ تبعا في اللفظ ‪ ،‬لمػػف ا عتباطيػػة توهمػػت فلػػيس ثمػػة عػػدوؿ‬
‫عف لفظ أصلي بالغا(ب فف الحاؿ حاؿ خطاب مبا ر وحينما ذكر افتباع ) ذكرهـ خػػنؿ الخطػػاب ولػػو‬
‫قاؿ أل جزاؤهـ ) فهذا يعني أف إبليس ليس معهـ !! ‪ .‬فهذا هو مقدار فهـ ا عتباطية ّللغة ! ‪.‬‬

‫إنما أبقى الخطاب مسػػتم ار َ‬


‫وجمػػع المػػل فلػػـ يقػػل لػػه أل جػزاؤؾ ) فيخػػرج افتبػػاع أيضػػا ػ فالنظػػاـ القرآنػػي‬
‫يقرر دوما صيغة واحدة المحيص عنها ‪ .‬وبالتالي فن عدوؿ وال مجاز ‪.‬‬

‫د ‪ .‬فسجد المن(كة كلهـ أجمعوف االّ إبليس ) ‪.‬‬

‫قالوا أل َّ‬
‫عد منهـ باالستثناء تغليبا لمونه كاف بينهـ ‪.‬لـ َّ‬
‫يعد منهـ باالستثناء ػ فننا رأينػػا أمثػػر مػػف مػػرة‬
‫أف المستثنى ال ي تر أف يكوف مف جنس المستثنى منه كما في قوله تعالى أل‬

‫ما كاف استغفار إبراهيـ ‪ ) ..‬اآلية ‪ .‬وهو رأي القرافي أيضا المتخصص ب ؤوف االستثناء ‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫وأما افمر بالسجود فقد مله هذا افمر لمونه بينهـ لمنه ليس منهـ لقوله تعالى فػػي الموضػػع اآلخػػر أل‬
‫االّ إبليس كاف مف الجّنة ففسق عف أمر ربه ) ‪ .‬وهو ما في سورة المهف ‪.‬‬

‫فاالعتباطية ال تهتـ لظهور االختنؼ ) في القرآف ‪ ،‬بل رأيت في مبحث التناقض ) أنها هػػي مصػػدر‬
‫التروي لهذا االختنؼ ‪.‬‬

‫هػ ‪ .‬يا ليت بيني وبينؾ ُبعد الم رقيف ) ‪.‬‬

‫قالوا أل أي الم رؽ والمغرب وسماهما م رقيف فف الم رؽ أ هر !! فغلب على المغرب !!‬

‫الحظ مػػرة أخػػرى مقػػدار فهػػـ ا عتباطيػػة و ػػرحها للنصػػوص ‪ .‬وقػػد نسػػت تمامػا أف الم ػػرقيف والمغػػربيف‬
‫احد ػ بل افولى أف نقوؿ تناست ) ػ فنه مما ال ينسى أل‬
‫نص و ٍ‬
‫ذك ار سوية في ٍ‬
‫رب الم رقيف ورب المغربيف ) ‪ /‬الرحمف‬

‫وجهاله أل هل حقا أف الم رؽ أ هر مف المغرب ؟‬


‫ّ‬ ‫واني فساؿ العالـ بأسر علماء‬

‫و ‪ .‬ولمل درجات ) ‪.‬‬

‫قالوا أل أي درجات ودركات للمؤمنيف والمفار فالدرجات للعلو والدركات للسفل ف َغَّلب اال رؼ ‪.‬‬

‫الحػػظ مػػرة أخػػرى ا عتباطيػػة بػػأجلى صػػورها ‪ .‬فتغليػػب الػػدرجات ف نػػه أ ػػرؼ ػ لغويػا ػ أهػػـ مػػف التنػػاقض‬
‫الذي ينت مف تسمية مراتب أهل النار بنفس الم ارتػػب ال ػػريفة فهػػل الجنػػة فهػػذا هػػو فهػػـ ا عتباطيػػة ‪.‬‬
‫ومعلوـ أف التحديد المذكور هو تحديد اعتباطي ال أصل له عند العرب وال العجـ ػ فالدرجات هػػي درجػػات‬
‫سالبة كانت أـ موجبة ‪.‬‬

‫فهذا ي به اآلنف مف قولهـ أف الم رؽ أ هر مف المغرب !!‬

‫هػ ‪ .‬تأنيث المذكر أل‬


‫أ ‪ .‬الذيف يرثوف الفردوس هـ فيها )‬

‫قالوا أل افصل هـ فيه ‪.‬‬

‫بل فيها فف الفردوس جنات وهي جمع مؤنث ‪ ،‬والعواـ أعلـ منهـ بالسليقة إذ جعلوها اسما ل نػػاث الػػى‬
‫هذا اليوـ ‪.‬‬

‫ب ‪ .‬مف جاء بالحسنة فله ع ر أمثالها )‬

‫فف القاعػػدة فػػي افعػػداد الع ػػرة أف يكػػوف جػػنس العػػدد خػػنؼ المعػػدود أل ع ػػرة‬ ‫قالوا أل افصل ع ػػرة‬
‫رجاؿ ‪ ،‬ع ر أمهات ) ‪ .‬وقاؿ آخروف لمراعاة المعنػػى فف مػػا هػػو مثػػل الحسػػنة المؤنثػػة يكػػوف مؤنثػا !!‬

‫‪58‬‬
‫وكل ذلؾ كأف افمثاؿ عندهـ مذكر ! وهكذا تنسى ا عتباطية أف صيغ الجمع علػػى وزف أفعػػاؿ ) كلهػػا‬
‫وليس هذا ) اال ياء وهذ افعماؿ ‪ ،‬افحكػػاـ ‪ ،‬افنهػػار ‪ ،‬افسػػماء‬ ‫مؤنثة فأنت بل هـ يقولوف أل هذ‬
‫‪ ،‬وتلؾ افقدار ‪ ،‬افعداد ‪..‬الخ ‪ .‬فن ت ذ "افمثاؿ" عنها وقد أنثت بمفردها ) بمعزؿ عف الحسنات في‬
‫القرآف فقاؿ تعالى أل‬

‫وتلؾ افمثاؿ نضربها للناس وما يعقلها اال العالموف ) العنكبوت‬

‫وكذلؾ أل‬

‫وتلؾ افمثاؿ نضربها للناس لعلهـ يتفكروف ) الح ر‬

‫لمف ا عتباطية ال تتدبر القرآف بل تبحث عف ال واهد ‪.‬‬

‫كػػذلؾ قػػاؿ فػػي الحػػاالت التػػي اقترنػػت فيهػػا ع ػػر بػػالجمع المؤنػػث أل وليػػاؿ ع ػػر ) ‪ ،‬ثن ثػػيف ليلػػة‬
‫وأتممناها بع ر ) والمقصػػود ليػػاؿ واف أتممػػت ع ػ ار فمػػف عنػػدؾ ) ػ والمقصػػود حجػ ‪ ،‬فػػأتوا بع ػػر‬
‫سور مف مثله ) ‪.‬‬

‫فهل المجاز في جميع تلمـ التراميب والمعدود فيها مؤنث ؟‬

‫إسناد الفعل الى غير ما هو له أصالة ‪ .‬أي الى غير فاعله افصلي ) ‪.‬‬

‫واهد أخرى لنعتباطيةأل‬ ‫وتـ تفنيد هذا النوع المزعوـ وهذ‬


‫الحظت أمثاؿ ذلؾ في النظاـ القرآني ‪ّ ،‬‬
‫أ ‪ .‬واذا تليت عليهـ آياته زادتهـ إيمانا )‬

‫قالوا أل وهو مجاز فف الزيادة مف ى ال مف اآليات ‪.‬‬

‫جرة تؤتي أملها ) وغيرها في كتاب النظاـ القرآني ‪ .‬فبصفة عامػػة نسػػبت‬ ‫وقد تذكر أخي القارئ مثاؿ‬
‫ا عتباطية جميػػع اففعػػاؿ الػػى ى تعػػالى مبا ػػرة وتركػػت المسػػببات المػػذكورة فػػي القػرآف لتحقيػػق المجػػاز‬
‫واذا أخذنا آراءهـ بجدية فليس ثمة فعل يصلح فف يكوف حقيقيا ‪.‬‬
‫وفرعوف نفسه تخّلص مف التهـ القرآنية بفضل مجػػاز ا عتباطيػػة ففػػي قولػػه يػ ِّ‬
‫ػذبح أبنػػاءهـ ) ػ قػالوا أل‬
‫هو مجاز فف الفاعل افعواف ال فرعوف ! ‪.‬‬
‫ِ‬
‫الخلع والجػوا(ز ) ليسػػت مػػف‬ ‫بالطبع ال يقدر علماء االعتبا أف يقولوا للخلفاء ) الذيف يكرمونهـ أف‬
‫الخليفة وأنه إذا قاؿ أل أعطوا لفنف كذا درهـ ) فالخالع الحقيقي هو الخػػادـ ) الػػذي يسػّلمهـ الػػدراهـ‬
‫‪ ..‬صحيح أنه مجاز ولمف ا عنف عنه خطر للغاية !! ‪.‬‬

‫ما هي غاية ا عتباطية مف ذلؾ ؟ واضحة أل آيات القرآف إذا تليت ال تزيد ا يمػػاف ! وليسػػت م ػػكلة أف‬
‫ى ) إذا كانت آيات ى ال تتلى فنه ال تزيد ا يماف فلماذا تتلى ؟ ‪.‬‬ ‫تنسب الزيادة الى‬

‫ب ‪ .‬واحّلوا قومهـ دار البوار )‬

‫‪59‬‬
‫قالوا أل مجاز فنهـ تسببوا في كفرهـ فنهـ أمروهـ به ػ وهذا يعني أنهـ لـ يحّلوا ) على الحقيقة‪.‬‬

‫لمف رح المجاز هو بخػػنؼ المجػػاز ػ النهػػـ يقولػػوف أنهػػـ تسػػببوا فػػي كفػػرهـ حيػػث أمػػروهـ فالػػذي احػ َّػل‬
‫قومه دار البوار هـ ‪ ،‬ويكوف االستعماؿ حقيقيا فأيف المجاز ؟‬

‫محاولػػة أخػػرى فا ػػلة لنعتباطيػػة للػػدفاع عػػف جماعػػات محػػددة أحبطتهػػا بنفسػػها خػػنؿ ال ػػرح وذلػػؾ‬
‫الستعصاء صدر اآلية على هذ المحاولة ‪.‬‬

‫ألـ تر الى الذيف بدَّلوا نعمة ى كف ار واحّلوا قومهـ دار البوار ) ‪/‬إبراهيـ ‪ٕٛ‬‬

‫ومعلوـ أف القادة واالتباع هـ في النهاية مجموعة واحدة ‪.‬‬

‫ػل حػػيف ) ‪،‬‬


‫ج ‪ .‬عي ػػة ارضػػية ) ‪ ،‬ف ػ ذا عػػزـ االمػػر ) ‪ ،‬فمػػا ربحػػت تجػػارتهـ ) ‪ ،‬تػػؤتي أملهػػا كػ ّ‬
‫مجازات مختلفة عندهـ ‪.‬‬

‫وقد نوق ت بوضوح في كتاب النظاـ القرآني ) ‪.‬‬

‫و ‪ .‬إطنؽ اسـ المل على الجزء وعكسه ‪.‬‬


‫مرت مناق ة هذا القسـ و واهد وهذ جملة مف ال واهد افخرى ‪.‬‬

‫أ ‪ .‬فوّلوا وجوهكـ طر )‬

‫قالوا أل أي ذواتمـ إذ االستقباؿ يجب بالصدر ‪.‬‬

‫ربما تعتقد ا عتباطية أف هناؾ ذوات ) وجوههـ في جهة معامسػػة لجهػػة صػػدورهـ ‪ ،‬أو ذوات يصػّلوف‬
‫ورؤوسهـ تنظر الى الوراء !! ‪.‬‬

‫كل ذلؾ إذا كاف الوجه على االصطنح ! أما إذا كاف الوجػػه علػػى المعنػػى افعػػـ فػػي القصػػدية فالمصػػيبة‬
‫ّ‬
‫أعظـ ‪ .‬فلماذا عدلت االعتباطية بالتوجه مف الوجو الى الصدور ؟‬

‫وجهت وجهي ) ! ‪.‬‬


‫ّ‬ ‫وجهت صدري ) ال‬
‫ّ‬ ‫على ذلؾ كاف يجب على إبراهيـ ع) أف يقوؿ‬

‫إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات وافرض حنيفا وما أنا مف الم ركيف ) افنعاـ ‪ٜٚ /‬‬

‫ب ‪ .‬ويبقى وجه ربؾ ذو الجنؿ وا مراـ )‬

‫قالوا أل أي ذاته ‪.‬‬

‫‪60‬‬
‫نسػػت ا عتباطيػػة أف ذاتػػه ) تعػػالى منزهػػة مػػف حيػػث أرادت التنزيػػه ػ فػػن يضػػع نفسػػه افزليػػة مقابػػل‬
‫الموجودات الفانيػػة فػػن يقػػوؿ كػ ّػل مػػف عليهػػا فػػاف ويبقػػى وجػػه ربػػؾ ذو الجػػنؿ وا مػراـ ) ػ ليكػػوف جػػزاء‬
‫ممػػف عليهػػا ‪ .‬فالتفسػػير االعتبػاطي لػػـ يفعػػل ػػي(ا سػػوى تأميػػد النتنزيػػه ) مػػف خػػنؿ محاولػػة ظاهرهػػا‬
‫التنزيه ‪.‬‬

‫أما الوجه فهو كما هو في اّللغة لـ يتغير ولـ يتبدؿ معنػػا ‪ ،‬وال يفنػػى مثػػل بقيػػة الموجػػودات ف نػػه ارتػػبط‬
‫به مف جهة الربوبية ػ وهي الما(نات التي عبدته مقرة بفنا(ها ‪ .‬اق أر البحث الحادي ع ر‪.‬‬

‫ج ‪ .‬وجو يوم(ذ ناعمة ) و وجو يوم(ذ خا عة )‬

‫قالوا أل افصل أل افجساد وعدؿ عنه الى الوجو ‪.‬‬

‫الحػػظ كيػػف تجعػػل ا عتباطيػػة الوجػػو مػػرة أجسػػادا ومػػرة ذوات ػا ! أو لػػيس ظهػػور النعػػيـ والخ ػػوع علػػى‬
‫الوجػػو خصوصػا ؟ واذا القػػى المػػرء صػػديقه وقػػاؿ أل قػػد ّ‬
‫تغيػػرت بعػػدي ) ػ أنفهػػـ منػػه أنػػه أدرؾ التغييػػر‬
‫بالنظر الى قدمي صديقه أو بطنه أـ عند النظر الى وجهه ؟! ‪.‬‬

‫لذلؾ قاؿ في موضع آخر أل تعرؼ في وجوههـ نظػػرة النعػػيـ ) ػ حيػػث لػػـ تػػأت بػػه االعتباطيػػة ك ػػاهد‬
‫على المجاز فنها ال تقدر على إبداله الى أجساد ) ‪.‬‬

‫ومثله قوله تعالى أل يد ى فوؽ أيديهـ ) حيػػث زعمػوا أنهػػا قػػوة وسػػلطاف أو سػػلطاف والغايػػة مػػف ذلػػؾ‬
‫صرؼ اليد على االصطنح عف أف تموف له تعالى ‪ .‬وهػػذا وهػػـ آخػػر أو تحريػػف ظػػاهر التنزيػػه ‪ .‬أوالا أل‬
‫فف اليد ليست مقصورة على اليد على االصطنح بل هي في نفس االصطنح ليست محددة بالذراع فػػي‬
‫االستعماؿ لمف لف تموف بأ ية حاؿ هي عيف السلطاف والقوة ‪ .‬فاللفظ له أصل ويمكنػػؾ منحظػػة افصػػوؿ‬
‫الموحدة ‪ .‬وثانيا أل هل هذ هي محنتهـ بالفعل ؟ ال وربؾ ليست هي ! فف هلل تعػػالى يػأػد‬
‫ّ‬ ‫في كتابنا اللغة‬
‫فعلية مثل يد ا نساف وأنها ليد ! وليست يد عدو ! ذلؾ فف ا ضافة ال تعني الجز(ية فمػػف أيػػف جػػاء‬
‫هذا القانوف ؟ بل هي لفظة مضافة مثل أية لفظة أخرى أل أرض ى ) ‪ ،‬ناقة ى ) ػ فما العجػػب فػػي‬
‫أف تموف هلل يد غير متصلة كما له أرض ليس سكنا فيها ؟ وناقة ال ي رب منها ؟! ‪.‬‬

‫الزخرؼ ‪ٖٙ /‬‬ ‫وفبيػف لمـ بعض الذي تختلفوف فيه )‬


‫ّ‬ ‫د‪.‬‬

‫قالوا أل أي كّله ‪.‬‬

‫تحوؿ ا عتباطية اللفظ الى آخر ولو كاف عكسه ‪.‬‬


‫الحظ كيف ّ‬
‫وي ير النص القرآني إلى أنهـ اختلفوا بعد المسيح ‪...‬ولمف اختلفوا فمنهـ مف آمف ومنهـ مف كفر)‬

‫لتحدد أنه كله ) ال بعضػػه ؟ وهػػي ال‬


‫فمف أيف تعلـ ا عتباطية وجه االختنؼ في الذيف مف بعدهـ ) ّ‬
‫كل الذي يختلفوف فيه ؟!‬
‫يقص على بني إسرا(يل أمثر ) ال ّ‬
‫تعلـ القرآف أيضا والذي ّ‬
‫تفرؽ بمرادفاتها بيف المتاب ) و القرآف ) و ما أنزؿ ) كالقصدية ؟!‬
‫واالعتباطية ال ّ‬

‫‪61‬‬
‫إطنؽ المصدر على المفعوؿ ‪.‬‬
‫مف بعض واهد أل‬

‫أ ‪ .‬وال يحيطوف ب يء مف علمه )‬

‫قالوا أل أي مف معلومه ‪.‬‬

‫ال أ ػػؾ أنػػؾ تنحػػظ ػ أيهػػا القػػارئ النبيػػه أف ا عتباطيػػة ترغػػب فػػي إيجػػاد مجػػازات أمثػػر مػػف رغبتهػػا بػػأي‬
‫يء آخر ‪ ،‬فالمجاز واالعتباطية ػ فػػي الجانػػب اللغػػوي يظهػراف كمػػا لػػو كانػػا همػػا الغايػػة وبػػالطبع هنػػاؾ‬
‫هدؼ نها(ي ولمنه قطعا ليس فهـ اّللغة ‪.‬‬

‫رأيت في كتاب النظػػاـ القرآنػػي أف ا عتباطيػػة جعلػػت ال يحيطػػوف ) مجػػا از ‪ ،‬وتنحػػظ هنػػا أنهػػا جعلػػت‬
‫مف علمه ) مجا از آخر ‪ ،‬والمتملموف أخذوا ال ػػيء ) بالنسػػبة للػػذات والعلػػـ ػ وهػػو عنػػد بعضػػهـ مجػػاز‬
‫ثالث ‪ .‬والنتيجة ثنث مجازات متجاورة في تركيب مف أربع مفردات مف آية المرسي ! ‪.‬‬

‫ثنث مفردات ليست حقيقة في االستعماؿ مف آية تعد أعظـ ) آية نزؿ بها الوحي ا لهي فػػي التػػاريخ‬
‫الب ري ‪.‬‬

‫واذا أخذنا معنى اآلية ) بمعناها المطلق وفسرنا الحديث النبوي ال ريف بهذا ا طنؽ فهي أعظـ آيػػة‬
‫كونية أيضػ ا ػ ف نػػه ال فػػرؽ فػػي منطػػق النبػػي ص ) بػػيف اآليػػات المونيػػة والمنميػػة سػػوى التفاضػػل فػػي‬
‫العظمة والمبر ػ والقرآف سمى الجميع آيات ‪.‬‬

‫هل تعتقد أيها القارئ أف العلـ بال يء هو وال يء المعلوـ سواء ؟‬

‫إذا كنت ال تعتقد أف علـ الفلؾ هو نفس الفلؾ فاف تحويل العلـ الى المعلوـ هو نوع مف التحريف والػػذي‬
‫ال تخفى عليؾ أهدافػػه المتعلقػػة بالػػذات ا لهيػػة وصػػفاتها المسػػتقلة عػػف الما(نػػات بوجودهػػا ػ وهػػي نفػػس‬
‫الخصا(ص التي تؤكدها عبارات حي ػ قيوـ ػ ال تأخذ سنة ػ وال نوـ ػ لػػه مػػا فػػي السػػماوات وافرض )‬
‫‪.‬‬

‫أما ا حاطة فقد فنػّدنا المجاز المذكور في هذا اللفظ سابقا فراجعه ) ‪.‬‬

‫ب ‪ .‬صنع ى )‬

‫قالوا أل افصل أل المصنوع ‪.‬‬

‫مف المعلوـ أف الصنع غير المصنوع ‪ .‬فالصنع مفرد ت ير الى فاعلية الصانع وغاياته والمصنوع نتػػاج‬
‫للصانع ‪.‬‬

‫‪62‬‬
‫واالعتباطيػػة ال تتأمػػل بػػالمفردات المجػػاورة وال ػػأف لهػػا بهػػا والتػػي توضػػح القصػػدية فػػي اختيػػار اللفػػظ‬
‫كل يء ) ‪.‬‬
‫صنع ى الذي أتقف ّ‬
‫عدو لي اال رب العالميف )‬
‫ج ‪ .‬ف نهـ ّ‬
‫قالوا أل افصل أل أعداء‬

‫ن ضمف هذا الباب ولمنهـ وضعو فيه لعدـ وجود باب خاص به ‪.‬‬
‫وهذا ليس داخ ا‬

‫فف عدو ) في اآلية ليس مصد ار ػ فالعدو يمكف أف يكوف فردا أو أفرادا كثيريف مجتمعيف على ٍ‬
‫أمر مػػا‬
‫‪.‬‬

‫وقاؿ بعضهـ أل ولذلؾ أفردو ) ػ والمصػػدر هػػو مػػا فػػي قولػػه تعػػالى علػػى صػػورة الحػػاؿ عػ ْػدوا وظلمػا )‬
‫فعبارة ولذلؾ أفردو ) هػػي مػػف أوهػػاـ ا عتباطيػػة ػ فف العػ ّػدو هػػو صػػفة بمعنػػى كثيػػر العػػداء ‪ .‬عػػدا ػ‬
‫وعدو ) والعرب تقػػوؿ هػؤالء النػػاس عػ أ‬
‫ػدو لنػػا ػ أي كثيػػرو العػػداء ‪ ،‬ويسػػتعمل‬ ‫ّ‬ ‫عدوا ػ فهو عاد ي)‬
‫يعدو ػ ْ‬
‫الموحدة ) ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫للجمع والمفرد سواء لوجود المثرة في داخله كحركة انظر اّللغة‬

‫د ‪ .‬وجاءوا على قميصه بدـ كذب )‬

‫قالوا أل افصل مكذوب فيه فف المذب مف صفات افقواؿ وافجساـ ‪.‬‬

‫لمف إذا كاف الجسـ ي ير الى واقعة أو خبر ػ أفن يوصف الجسـ بالمػػذب لتعّلقػػه بهػػذ اال ػػارة مثػػل الػػدـ‬
‫المسفوؾ يمكف أف يكوف صدقا أو كذبا ؟ ذلؾ فف المذب صفة ال اسـ ‪.‬‬

‫لقد الحظت أمثلة كثيرة في النظاـ القرآني ) استعمل في تخريجها االصطنح الذهني ) ‪ ،‬وهػػو ػػيء‬
‫ال عنقة له بعلـ اّللغة مف حيث أف االصطنح هػػو الموضػػوع ) النقػػدي لهػػذا العلػػـ ‪ .‬وقػػد أ ػػكلنا علػػى‬
‫ذلؾ با كاالت كثيرة والمذب هنا ليس مصد ار إنما هو صفة يوصف بها مػػا هػػو غيػػر حقيقػػي جسػػما كػػاف‬
‫أو قػو اال فػ ذا أريػػت دميػػة علػػى هي(ػػة أسػػد يجػػب أف تقػػوؿ هػػذا أسػػد كػػذب ) فف اللفػػظ صػػفة مثػػل أل‬
‫خ ف ) تصلح لوصف افجساـ وغيرها ) ‪.‬‬

‫وحرمنا عليه المراضع ) ‪ ،‬مػػاء دافػػق )‬


‫َّ‬ ‫هػ ‪ .‬آيات متفرقة ويوـ يعرض الذيف كفروا على النار ) ‪،‬‬
‫‪ ،‬حجابا مستو ار ) ‪ .‬لوحظت جميعا في كتاب النظاـ القرآني ‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫ح ‪ .‬استعماؿ الحروؼ في غير معانيها ‪.‬‬
‫في هذا الصنف ال يمكف ا حاطة بالموارد فهي بالم(ات ‪ .‬وقد جاءؾ أمثلة منها في كتاب النظاـ القرآني‬
‫موحػػدة ) حيػػث يتوجػػب إعػػادة المعػػاني المختلفػػة‬
‫ػػ وننػػاقش القسػػـ افمبػػر فػػي أجػزاء مػػف كتػػاب اّللغػػة ال ّ‬
‫للحروؼ الى أصل الحركة ونمر كذلؾ ببعض الموارد القرآنية ‪.‬‬

‫‪ .‬الحػػذؼ أل‬
‫وعدو مف المجاز وهو أسوأ منه في تدمير اّللغة والتجاوز علػػى النصػػوص بأنواعهػػا ولػػيس علػػى الػػنص‬
‫ّ‬
‫القرآني فقط وهو ما تنحظه في الموضوع النحق المبحث الثالث ع ر ) ‪.‬‬

‫موارد الحذؼ بالم(ات وال يمكف ا حاطة بها وقد سقنا نماذج منها في كتاب النظاـ القرآني ‪.‬‬

‫ي ‪ .‬الت بيه أل‬


‫َّ‬
‫عد بعض االعتباطييف مف المجاز ػ وعارض ذلؾ افمثرية ‪ .‬ونقل السيوطي عف عػػز الػػديف أنػػه قػػاؿ إذا‬
‫كاف بحرؼ أي حرؼ ت بيه ) فهو حقيقة واف حػػذؼ فهػػو مجػػاز ‪ .‬وهػػو كثيػػر أيضػػا ‪ .‬ويبػػدو أف مػػف‬
‫قدر ) فيه مفردات مف عند فهو َّ‬
‫يعد مف المجاز ومف لـ يفعل اعتبر حقيقة ‪.‬‬ ‫ّ‬
‫وتأتي أمثلة في سلسلة النظاـ القرآني مف غير حرؼ ت بيه نثبت فيها أنه حقيقية فيها ‪.‬‬

‫ؾ ‪ .‬الموضوعات ال رعية أل مثل الصنة ‪ ،‬الصوـ ‪ ،‬الح ‪ ،‬الزكاة ‪ ،‬الصدقة ‪.‬‬


‫أرادوا اعتبارها مجازات واختلفوا فيها ثـ استقر الرأي على اعتبارها حقا(ق في ال رع ‪ ،‬مجػػازات فػػي نظػػر‬
‫فمكف هذا االتفاؽ ) الضمني الفقهاء مف االجتهاد في افحكاـ ومكَّف علماء المنـ مف االستفادة‬ ‫اّللغة ِّ‬
‫منها لتأميد مذاهبهـ المختلفة ما دامت مجازات لغوية ‪.‬‬

‫وبهذا استطاع االعتبا مف خػػنؿ المجػػاز تحقيػػق الجػػزء افمبػػر مػػف غاياتػػه وأهدافػػه وهػػو تقطيػػع القػرآف‬
‫واسػػقا االحتجػػاج بػػه مػػف خػػنؿ التػػداخل بػػيف الحقيقػػة والمجػػاز وتجز(ػػة العقيػػدة الػػى أصػػوؿ وفػػروع ال‬
‫تنسػػجـ مػػع بعضػػها الػػبعض ػ وذلػػؾ عػػدا الطػػرؽ االخػػرى مثػػل ا بهػػاـ وتعػػدد الوجػػو والتقػػديـ والتػػأخير‬
‫كل منها ما كاف مخططا لها مف أهداؼ في ا عتباطية ‪.‬‬
‫وغيرها والتي أدت ّ‬

‫‪64‬‬
‫المبحث الثاني ع ر‬
‫قيمة النص عند ا عتباطية‬

‫يتوجػػه الػػى‬
‫هذا العنواف مػػف مباحثنػػا ا ضػػافية ‪ ،‬يضػػاح القيمػػة التػػي ت ارهػػا ا عتباطيػػة فػػي الػػنص ‪ .‬إذ ّ‬
‫ػمني لتفسػػير فيك ػػف أحػػدهـ نوعػا مػػف‬
‫ٍّ‬
‫ػاؽ ضػ‬‫نفػػس الػػنص علمػػاء ) كثيػػروف باتفػػاؽ أو بدونػػه أو باتفػ ٍ‬
‫المجاز ويك ف اآلخػػروف أنواعػا أخػػرى وقػػد يتحػػوؿ الػػنص بكاملػػه الػػى مجػػاز فػػي نهايػػة افمػػر ‪ .‬فالعمػػل‬
‫التطبيقي لنعتباطية هو اآلخر اعتباطي ال كل ػ فف التفسيرات تتصادـ فن ينتبػػػه علمػػاء االعتبػػا الػػى‬
‫التصادـ وانما يذكرها المتأخروف على أنها أقػواؿ ) أو آراء ) قػػد تجتمػػع ‪ ،‬وقػػد يػػأتي المجػػاز النحػػق‬
‫ليصحح السابق ‪.‬‬

‫ن أل رأيت أنهـ في النص القرآني أل وال يحيطوف ب يء مف علمه ) قرروا في النحو فقط مجازيف أل‬‫فمث ا‬
‫مف علمه أي معلومه و يحيطوف ) قالوا أل ا حاطة مجازية وحسب عبػػاراتهـ ليسػػت ك حاطػػة السػوار‬
‫بالمعصـ ) ‪ .‬المجػػاز الثػػاني جػػاء صػػنح التخريػػب الػػذي فعلػػه االوؿ ‪ .‬فف المعلومػػات بعلمػػه كال ػػمس‬
‫والنجػػوـ ال يمكػػف ا حاطػػة الماديػػة بهػػا ػ إذ ا حاطػػة الماديػػة عنػػدهـ هػػي االسػػتعماؿ الحقيقػػي ‪ ،‬بينمػػا‬
‫المسألة مف افصل أف المعلوـ غير العلـ ‪.‬‬

‫وحينما يأتي المفسروف ل رح النص ٌّ‬


‫فمل حسب ما يقع في يد مف اآلراء اللغوية ػ يقوـ بتفسػػير الػػنص‬
‫معتمدا على تلؾ اآلراء والتي ستختلف حتما عند ورود مثل ألفاظها في نص آخر لنفس المتملـ ‪.‬‬

‫فالنتػػا( ا عتباطيػػة ال تتػرامـ فػػوؽ بعضػػها الػػبعض وتعلػػو بػػل تتمػػدس متجػػاورة مثػػل أي بحػػث اعتبػػاطي‬
‫كالفكر الفلسفي مثنا ػ وحينما ُتحرج في بعض الموارد والنتا( المتناقضػػة ف نهػػا تحػػاوؿ تبريرهػػا بػػالطرؽ‬
‫الذرا(عية ) أو افسػػاليب السوفسػػطا(ية وتقػػوـ بتقػػدير جمػػل أو مركبػػات أو حػػروؼ أو ألفػػاز مػػف عنػػدها‬
‫إتماما لنتا( العمل االعتباطي ‪.‬‬
‫إف ا عتباطية ال تحترـ النص أبدا وال تنظر إليه على أنه م ِ‬
‫لؾ المتملـ أو القا(ل بل تنظػػر إليػػه علػػى أنػػه‬ ‫ُ‬
‫ملمها هي ) ػ وتلؾ في الحقيقة ليست م كلة لغوية وانما هي م كلة فمرية وأخنقية ‪ .‬ذلؾ فف رجاؿ‬
‫ا عتباطية أنفسهـ يرغب كػ ّػل مػػنهـ أف يؤتيػػه ى دينػا ) علػػى حسػػب مطالبػػه وهػػو يريػػد أف يختػػار فػػي‬
‫عبػػر القػرآف عػػف ذلػػؾ بػػالقوؿ أل بػػل‬ ‫داخل الديف ) الواحد دينا آخر َّ‬
‫يخصه وينسجـ مػػع تطلعاتػػه وقػػد َّ‬
‫كل امرئ منهـ أف يؤتى صحفا من رة ) المدثر ‪ٕ٘/‬‬
‫يود ّ‬
‫ّ‬
‫ويخبرنا النظاـ القرآني ػ كما سوؼ ترى في مؤلفات الحقة ب ذنه تعالى أنه ليس مف أحد ي ػػؾ فػػي ا لػػه‬
‫ن وانمػػا أمثػػر النػػاس ال يؤمنػػوف لسػػبب آخػػر هػػو الذاتيػػة التػػي ال‬
‫نفسه كما ال ي ؾ أ حد أف ى يرسل رس ا‬

‫‪65‬‬
‫تتطػػابق مػػع متطلبػػات ا ذعػػاف للرسػػل والتسػػليـ فمػػرهـ ‪ .‬فالحيلػػة ا نسػػانية حاولػػت الػػتخلص مػػف هػػذا‬
‫ػػكاؿ مػػف خػػنؿ الجمػػع بػػيف افمػػريف أل ا يمػػاف بالرسػػل ب ػػكل عػػاـ إذا اقتضػػت الضػػرورة وتفسػػير‬ ‫ا‬
‫مقػوالتهـ وكتػػبهـ بطريقػػه ذاتيػػة ‪ .‬ولػػذلؾ ف ننػػا نجػػد عنػػد المقارنػػة أف ا عتباطيػػة نفسػػها تحػػرص حرصػا‬
‫ِ‬
‫ديدا على المحافظة على نصوص بعضها البعض لحػ ّػد ضػػبط أخطػػاء ّ‬
‫النسػػاخ بحػػرؼ أو حػػرفيف واطالػػة‬
‫المنـ حوؿ لفظ غامض في أحد السياقات ‪ .‬وحينما يعجبها تمثير قراءات ) النص القرآني الػػى أقصػػى‬
‫حد فهي ال تتنعب بالنص ا نساني وال تقدـ أو تؤخر أو ِّ‬
‫تقدر في هػػذا الػػنص ‪ ،‬بػػل الرجػػوع الػػى الػػنص‬ ‫ٍّ‬
‫ال ػػعري وضػػبط حروفػػه هػػو أحػػد الط ار(ػػق المسػػتعملة عنػػد نحػػاة البصػػرة والموفػػة بطػػاؿ قواعػػد بعضػػهـ‬
‫البعض كما هو الحاؿ في واهد كثيرة تنحظها في كتب الخػػنؼ ‪ .‬فػػي حػػيف أنهػػا ال تتعامػػل مػػع الػػنص‬
‫القرآني بحذر كهػػذا ‪ ،‬بػػل تبحػػث عػػف قػراءة ػػاذة أو سػػياؽ ػػاذ وتبتمػػر مػػف نفسػػها قػراءة معينػػة لتبريػػر‬
‫الوجه النحوي ‪ .‬وما ذلؾ االّ فف القرآف هو الهدؼ النها(ي مف العملية اللغوية برمتها ‪.‬‬

‫وهذا يعني أف ا عتباطية تدرؾ جيدا أف النص ) أثر مػػف اآلثػػار يػػدؿ علػػى مقاصػػد المػػتملـ وهػػو محػَّػرـ‬
‫على التنعػػب حرمػػة الػػنص اف ثػػري اف ثػػر المػػادي ) ‪ ،‬واف التقػػديـ والتػػأخير وتقػػدير ألفػػاز معينػػة داخػػل‬
‫السياؽ إنما هو محاولة لم اركة القا(ل في وضع النص ‪.‬‬

‫ويفتػػرض أننػػا إذ نحػػاوؿ تقيػػيـ العمػػل اللغػػوي أف نػػدرؾ مسػػبقا أف علػػـ اّللغػػة تتػػداعى فيػػه كافػة التيػػارات‬
‫واالتجاهات المختلفة ػ فف الفكر بمختلف فروعه إنما يعتمد على اّللغة كأداة وحيدة لظهور اففمار ‪.‬‬

‫وعلػػى ذلػػؾ فػػاف تقيػػيـ العمػػل اللغػػوي لػػيس أمػ ار يسػػي ار وفػػي اعتقػػادي أف أعلػػى العلمػػاء رتبػػة ال يسػػتطيع‬
‫القياـ بذلؾ ما لـ يتصف بالحكمة قبل كػ ّػل ػػيء فف اّللغػػة وأسػػرارها أمبػػر مػػف العقػػل العػػادي بكثيػػر ‪ ،‬أو‬
‫كما قاؿ ال افعي ال يدركها االّ نبػػي ‪ ،‬أي أف التقسػػيـ يجػػب أف يتػوافر علػػى ارتبػػا الفكػػر عمومػا بعلػػوـ‬
‫اّللغة المتنوعة وهذا عمل عسير للغاية ما لـ يعتمد على مسلمات ) ّ‬
‫يتمكف المرء مػػف الحصػػوؿ عليهػػا‬
‫بطريقة مستقلة ‪.‬‬

‫ربمػػا أمػػوف قػػد أوضػػحت ػػي( ا مػػف هػػذ الفكػػرة فػػي النظػػاـ القرآنػػي ) والػػذي يحػػدد لنػػا بطريقػػه صػػارمة‬
‫تختلف عف المتعارؼ عليه العنقة بيف الخالق والمخلوؽ وبهذ الطريقة وبهذا النظاـ يمكف السػػير قػػدما‬
‫في استخراج الحقا(ق بعضها مف بعض ‪.‬‬

‫فمػػف تلػػؾ الحقػػا(ق أل إف ا عتباطيػػة فمػػر عػػاـ فػػي كػ ّػل فػػرع مػػف فػػروع المعرفػػة ا نسػػانية باسػػتثناء علػػـ‬
‫تمرر التجارب وظهور الحقا(ق الصػػارمة بفػػوز الذاتيػػة ‪ ،‬فهػػي تأخػػذ طريقهػػا‬ ‫الطبيعة والذي ال يسمح بعد ّ‬
‫كل فرع مف فروع المعرفة افخػػرى ‪ .‬فاعتباطيػػة اللغػػة هػػي مػػف المصػػادر افساسػػية التػػي‬
‫الخاص بها في ّ‬
‫تعمل بها كافة الفروع ‪.‬‬

‫إف إصرار ا عتباطية على تمثير المجاز والمبهـ واالستعارة في النص القرآني دوف سوا ػ إالّ ما أريد به‬
‫مهاجمػػة الػػنص القرآنػػي فػػي النتيجػػة ػ وبلوغهػػا حػػدا أف تعتقػػد أف عبػػارة ال إلػػه إال ى ) هػػي عبػػارة‬

‫‪66‬‬
‫مجازيػػةٔينطػػوي علػػى مسػػألة فلسػػفية ال لغويػػة وحسػػب ‪ .‬فمػػثنا كػػاف إنكػػار الماديػػة التاريخيػػة للحقيقػػة‬
‫المطلقة ) واعتبارها الحقا(ق نسبية هو نات حتمػػي للتفكيػػر المػػادي ينسػػجـ مػػع مقدماتػػه ‪ .‬واالعتباطيػػة‬
‫تحػػاوؿ االسػػتقنؿ عػػف التسػػليـ للرسػػل بطريقتهػػا فهػػي تجعػػل عبػػارة الحقيقػػة المطلقػػة نسػػبية فػػي المعنػػى‬
‫والنتيجة واحدة ‪.‬‬

‫فالمجاز على التعريف هو غير الحقيقة ‪ .‬وما المفاجظت التي تحدث يوـ القيامة اال مف هذا النوع يػػوـ‬
‫ػل أنػػاس ب مػػامهـ ) ػ فمػػف المحتمػػل أف يػػأتي السػػيوطي مفسػػػّر الق ػرآف خلػػف مػػاركس أو يػػأتي‬
‫نػػدعو كػ ّ‬
‫ماركس صاحب رأس الماؿ خلف السيوطي ػ والذيف ال يفاج(وف بمثل هذ الحوادث حسب النظاـ القرآنػػي‬
‫هـ فقط الذيف أوتػوا العلػػـ ) وتعريػػف العلػػـ هنػػا بػػأؿ التعريػػف مقصػػود إذ المػراد منػػه العلػػـ الػػذي يجمػػع‬
‫العلػػوـ ويوصػػل الػػى نػػوع مػػف الحكمػػة فف هػػذا النػػوع هػػو الوحيػػد المػػرتبط بالنوايػػا والتسػػليـ بػػافمر الواقػػع‬
‫والوحيد الذي يمكف أف نعرّفه على أنػػه هػػو العلػػـ ) ! فمعرفػػة المػػافوؽ ) ػػيء وطاعتػػه ػػيء آخػػر‬
‫وهػػذا أمػػر متعػػارؼ عليػػه ‪ ،‬ولمنػػه فػػي الػػديف ) بصػػفة خاصػػة أصػػبح معكوسػ ا أو مختلفػا حيػػث حاولػػت‬
‫ا عتباطية الربط بيف كمية المعلومات والطاعة ‪ ،‬فالمافر عند ا عتباطية هو المنكػػر لوجػػود ى أو الػػذي‬
‫ال يعرفػػه أو المنكػػر للنبػػوة فػػي حػػيف أف الػػنص القرآنػػي ينبػػػّهنا الػػى أف المفػػر هػػو قضػػية ذاتيػػة وا يمػػاف‬
‫قضية ذاتية ال عقلية وأف هناؾ نوعا واحدا فقط مف ال رؾ هو ال رؾ العقلي المنحى ‪ .‬لذلؾ خاطب هذا‬
‫ال رؾ بالقضايا العقلية وضرب افمثاؿ وساؽ له افدلة ‪ ،‬فنه عبارة عف خطأ عقلي يغفر ثػػـ يبػػدأ المػػرء‬
‫بعقل جديد ويحاسب على المعرفة العقلية الجديدة بعد اتخاذ هذا الموقف ‪.‬‬

‫أمػػا المفػػر وا يمػػاف فلػػيس فيهمػػا ذلػػؾ االتجػػا العقلػػي فف مصػػدرهما االرادة الذاتيػػة ‪ .‬فالػػذي يػػؤمف بػػاهلل‬
‫ورسله وكتبه ولمنه في فقرة واحدة مف م(ات الفقرات يحاوؿ الت ريع فيها وم اركة ا لػػه علػػى أي نحػػو‬
‫كاف لغويا أو فقهيا أو كنميا فقد كفر بتلؾ الفقرة مف الت ريع ‪ .‬واذا بقي على هػػذا الحػػاؿ فهػػو عنػػد ى‬
‫سف قاعدة ذكػػر فيهػػا أف المفػػر بػػالبعض كفػػر بالمػػل وجعػػل إبلػػيس مػػث ا‬
‫ن لػػذلؾ حينمػػا قػػاـ‬ ‫كافر فف ى قد ّ‬
‫خاص وذاتي المنحى لعملية خلقه وخلق آدـ ‪ ،‬في حيف كانػػت غايتػػه تحقيػػق وجػػود الػػذاتي )‬ ‫ٍ‬ ‫بتفسير‬
‫ٍ‬
‫مقابل الوجود الذاتي ) ل له ‪ .‬قاؿ تعالى أل‬

‫ويقولوف نؤمف ببعض ونكفر ببعض أول(ؾ هـ المافروف حقا ) النساء ‪.ٔ٘ٓ/‬‬

‫فمثل هذا المخلوؽ يك ف عف طبيعته الخاصة مف خنؿ تجربة ذاتية مع افوامر االلهية ‪.‬‬

‫واذف فمعرفػػة ا لػػه ػػيء وطاعتػػه ػػيء آخػػر ‪ .‬فيظهػػر مػػف ذلػػؾ أف ا يمػػاف الفعلػػي ال يبػػدأ اال حػػيف‬
‫التخلص مف تلؾ الذاتية ‪ .‬أي مف لحظة التسليـ والتي تعني ا قرار بالن ي(ية والفناء ‪ .‬وهذا الفهػػـ هػػو‬
‫الذي حاولت ا عتباطية القضاء عليه ‪.‬‬

‫الحظ دفاع السيوطي في ا تقاف عف مجازية العبارة ‪ /‬جٕ ‪ / ٜٛ /‬دار المتب العلمية )‬ ‫‪1‬‬

‫‪67‬‬
‫عمدية على مستوى اففراد فردا فػػردا بصػػور دا(مػػة ‪ .‬فاالعتباطيػػة‬
‫ّ‬ ‫ومف المعروؼ أف هذ العملية ليست‬
‫وهي فمر عاـ ) وعقيدة معينة تجِّند لنفسها أعدادا كثيراة تقوـ بخدمة الفكرة بصورة غيػػر واعيػػة أحيانػ ا‬
‫‪ .‬وتقوـ ا عتباطية بمداعبة النوعي والرغبات المامنة في النفس لتحقيق ذاتها بخدعة كبيرة تػػؤمف بهػػا‬
‫مثلما يفعل ال يطاف تماما ‪ .‬والناس ينجرفوف في الفكر بطريقة أسهل وأسرع مف االنجػراؼ فػػي السػػلوؾ‬
‫الذي ينعكس عف الفكر ػ فاالنجراؼ في الفكر هو البداية لمل سلوؾ خارجي يظهر على الساحة ‪.‬‬

‫أما التناقضات التي أفرزتها ا عتباطيػػة والم ػػامل التػػي وقعػػت فيهػػا فػػن يمكػػف إحصػػاؤها فف ا عتباطيػػة‬
‫تيػػارات محػػدودة تجتمػػع فػػي هػػذ الصػػفة أي فػػي النظػػرة ا عتباطيػػة للغػػة وبالتػػالي ا عتباطيػػة فػػي الفكػػر‬
‫والسلوؾ ‪ .‬فمحاولة جمػػع آثارهػػا مػػرة واحػػدة هػػو ضػػرب مػػف الخيػػاؿ ‪ ،‬فهػػي تضػػـ علػػى مسػػتوى المػػذاهب‬
‫المجموعات المذهبية كلها وعلى مستوى الفلسفة االتجاهات الفلسفية جميعا وعلى مستوى اّللغػػة والنقػػد‬
‫المدارس اللغوية والنقدية كلها ‪.‬‬

‫أما القصدية ف نها تظهر بصورتها الفردية المنعزلة دا(ما ػ والعزلػػة هػػي سػػلوؾ ) جميػػع افنبيػػاء ع )‬
‫وافولياء قبل صدور افمر ا لهي بوجوب القياـ بالتبليغ ‪.‬‬

‫فهي تظهر في إبراهيـ ع) أل واعتزلمـ وما تعبدوف )‬

‫وفي مريـ ع) أل فاتخذت مف دونهـ حجابا )‬


‫وفي عيسى ع) في الفترة الواقعة بيف تمليمهـ في المهد وكهنا أل ويكلـ الناس في المهد وكهن )‬

‫وفي يوسف ع) مف غيابت الجب الى السجف ‪.‬‬

‫وفي أصحاب المهف ع) أل واذ اعتزلتموهـ وما يعبدوف )‬

‫وفي صالح ع) أل قد كنت فينا مرجوا )‬

‫وفي رسوؿ ى ص ص) أل فقد لبثت فيكـ عم ار مف قبله أفن تعقلوف )‬


‫وبصفة عامة في جميع الرسل وافولياء مثل السامف في مجمع البحريف ) ومػػؤمف آؿ يػػس الػػذي جػػاء‬
‫يسعى مف أقصى المدينة ػ وهي عبارة تػػدؿ علػػى السػػكف بعزلػػة فػػي افطػراؼ ػ واللفػػظ افخيػػر موجػػود فػػي‬
‫تفسير لآلية عف ا ماـ علي ع ) حيث قاؿ أل كاف قد اعتزؿ قومه قبل مجيء الرسل ) ‪.‬‬

‫فردية في وجودها ‪.‬‬


‫فالقصدية إذف ّ‬
‫توضح القصدية فمرتها وتحاوؿ تعميمها كما تفعل ا عتباطية ؟ ‪.‬‬
‫وقد يقاؿ أل لماذا لـ ّ‬
‫آف واحػ ٍػد فهػػي واضػػحة مػػف حيػػث أف القصػػدية قامػػت بمػػا يجػػب‬
‫وا جابة علػػى ذلػػؾ واضػػحة وعسػػيرة فػػي ٍ‬
‫عليها مف التوضيح فهذا ب كل عاـ ‪ ،‬ولمنها عسيرة مف حيث أف ا عتباطية قامت بما هو مناسب مف‬
‫العمػػل المضػػاد خفػػاء هػػذا التوضػػيح باعتبارهػػا ِّ‬
‫قيمػػة علػػى تػراث وأرث القصػػدية فاحتوتػػه َّ‬
‫وفرقتػػه ثػػـ فػػي‬

‫‪68‬‬
‫الخطػػوة الثالثػػة أجهػػزت عليػػه أو ألبسػػته لباسػا آخ ػ ار فا جابػػة تمػػوف عسػػيرة مػػف جهػػة أنهػػا تحتػػاج الػػى‬
‫تفصيل واعادة رث الجماعات كلها ‪.‬‬

‫ويقوـ مبدأ ا عتباطية على فمرة تحويل ما هو يقيني الى م كوؾ فيه ‪ .‬ف ف مف طبيعة ا عتباطية أنهػػا‬
‫تنكر الحقا(ق المطلقة وتحمل الناس على هذا ا نكار الذي تزرعه في النفوس زرعػا واف لهجػػت افلسػػف‬
‫با قرار بالحقا(ق فهذا ا قرار ال أهمية له وهو ال يء الوحيد الصحيح منطقيا فػػي كػ ّػل الفكػػر االعتبػػاطي‬
‫‪.‬‬

‫وي ير القرآف بوضوح الى ا رث الم كوؾ فيه عند ا عتباطية بقوله أل‬

‫واف الذيف أورثوا المتاب لفي ؾ منه مريب ) ال ورى ‪ٔٗ/‬‬

‫ومعلوـ أنه يتحدث عػػف المتػػاب باعتبػػار حقيقػػة مػػف الحقػػا(ق ال ػػؾ فيهػػا وأف الػػذيف ي ػػكوف هػػـ الػػذيف‬
‫ِّ‬
‫وتوضػػحها ‪ ،‬فػػالقرآف‬ ‫أورثوا المتػػاب وهػػـ بػػالطبع الجماعػػات ِّ‬
‫القيمػػة عليػػه ظاهريػ ا والتػػي تتبنػػى اطروحاتػػه‬
‫يتهـ بصراحة واضحة علماء افدياف كونهـ أوؿ الناس كا فػػي المتػػاب وعملهػػـ بالتػػالي هػػو تعمػػيـ هػػذا‬
‫ال ؾ ‪ .‬وفي لفػػظ أورثػوا ) بالبنػػاء للمجهػػوؿ قضػػية مػػف قضػػايا النظػػاـ القرآنػػي المهولػػة فػػي إعجػػاز ال‬
‫تتوضح االّ باستعراض االقترانات فموضعها ليس هنا ‪.‬‬

‫وقد تسأؿ سؤاالا آخ ار أل إذا كانت القصدية فردية فػػي وجودهػػا وغريبػػة عػػف هػػذا العػػالـ بمػػا تتميػػز بػػه مػػف‬
‫حكمة وترى أف الفكر ا نساني ما خن القصدي فيه هو فمر اعتباطي ‪ ،‬وأف التوجه الػػى أحػػد االتجػػاهيف‬
‫المفر أو ا يماف ) هو أمر ذاتي المن أ مرتبط بالدرجة افولى بنظرة ا نساف الى نفسه والػػى ى والػػى‬
‫العالـ ف ذا كاف مسِّلما للخالق تسليما كام ا‬
‫ن فهو قصدي واذا كاف غير ذلؾ بدرجة ما فهػػو اعتبػػاطي ػ إذا‬
‫كاف افمر كذلؾ فما الداعي لمثل هذ افبحاث ؟‬

‫والجواب قريب جدا مف الذهف فالداعي هو استدعاء أمبػػر عػػدد مػػف اففػراد القصػػدييف الػػذيف يعملػػوف بػػن‬
‫وعػػي مػػنهـ وال إدراؾ فػػي خدمػػة ا عتباطيػػة ليعػػودوا الػػى اتجػػاههـ افوؿ وينتم ػوا الػػى مػػا يرغبػػوف فػػي‬
‫االنتماء إليه والذي احتوته ا عتباطية بكثرة تظليفها وتنوع اتجاهاتها المختلفة ظاهريا فقػػط ‪ .‬ذلػػؾ فنهػػـ‬
‫إذا كانوا ِّ‬
‫مقريف بالعبودية هلل فع ا‬
‫ن فليس ثمة عند ى إال انتماءيف مصير أحدهما الجنة وأفػراد هػػـ أل‬
‫ثلة مف افوليف وقليل مف اآلخريف ) الواقعة ‪ٖٔ /‬‬
‫ومصير اآلخر النار وهو االنتماء الذي يضـ أمما و عوبا كاملة أل‬

‫كلما دخلت أمة لعنت أختها ) افعراؼ ‪ٖٛ /‬‬


‫فه ػؤالء افف ػراد علػػى قّلػػتهـ هػػـ فػػي منتهػػى افهميػػة مػػف ثػػنث ن ػواح أل افولػػى حرمػػاف ا عتباطيػػة مػػف‬
‫جه ػػودهـ واس ػػتغنؿ ق ػػدراتهـ والثاني ػػة اس ػػتحقاقهـ ال خص ػػي لب ػػذؿ أي جه ػػد ممك ػػف رج ػػاعهـ وانتف ػػاع‬
‫القصدية بهـ ولهذيف افمريف أهمية في سير افحداث وحركة التاريخ ‪ ،‬فف افمػػر الثالػػث وهػػو إرضػػاء‬

‫‪69‬‬
‫الرب ) تفسير الوحيد هو إتماـ ال رو المتعلقة بفعل ا نساف تماـ تحقيق إرادته مف وجود هذا العدد‬
‫القليػػل ‪ ،‬فمػػا داـ الخلػػط مسػػتم ار تبقػػى م ػػي(ة تحقيػػق ا رادة وتغيػػر العػػالـ معلػػػّقة الػػى اجػػل غيػػر مسػػمى‬
‫تسمية محتومة ‪ .‬إذف فغاية هذ افبحاث هي ا سراع بهذا التغيير المن ود ‪.‬‬

‫والفكر القصدي هو أصنا لهذ الغاية التي تحقق له الهدؼ افبعد عالـ آخر ) أي تمييز القصدي عف‬
‫االعتباطي فيتوجب على القصدي أف يعرؼ نفسه ويميزها عف التيػػار االعتبػػاطي ‪ .‬وقػػد أمػػد القػرآف علػػى‬
‫ذلؾ في مواضع عديدة ‪ .‬فالفرز بيف االتجاهيف هو المدخل الى الجنة وهذا المدخل هو بداية التغيير أل‬

‫أـ حسبتـ أف تدخلوا الجنة ولما يعلـ ى الذيف جاهدوا منكـ ويعلـ الصابريف ) افنعاـ ٕٗٔ‬

‫وهػػذا فػػرز بػػيف المجموعػػة المتصػػفة بػػذلؾ وافخػػرى والتػػي لػػـ تػػذكر بافلفػػاز فنهػػا واضػػحة فهػػي الضػػد‬
‫والنقيض لألولى وقد ذكرت في اآلية السابقة فف هذ اآلية جاءت عقب إرادة التمحيص أل‬

‫وليمحص ى الذيف آمنوا ويمحق المافريف ) ‪.‬‬

‫فالف(ػػة االخػػرى مػػذكورة لفظ ػ ا فػػي مػػا قبلهػػا مبا ػػرة ‪ .‬وكػػذلؾ فػػي موضػػع اخػػر حيػػث الهػػدؼ هػػو إخ ػراج‬
‫المجموعه المقصودة مف هذا المل أل‬

‫ماماف ى ليذر المؤمنيف على ماانتـ عليه حتى يميز الخبيث مف الطيب ) آؿ عمراف ‪. ٜٔٚ‬‬

‫ػل بالمجموعػػة‬
‫فلػػو تأملػػت لفػػظ "المػػؤمنيف" ثػػـ االلتفػػات الػػى الخطػػاب "مػػاأنتـ عليػػه" فدركػػت عنقػػات المػ ّ‬
‫المقصودة ‪.‬‬

‫فػػي اآليػػة السػػابقة كػػاف دخػػوؿ الجنػػة م ػػروطا بهػػذا التمييػػز ‪ .‬وطبعػا المفهػػوـ هػػو المفهػػوـ القصػػدي ال‬
‫االعتباطي للجنة ‪ .‬فنه ثمة جنتاف ‪ .‬فافبد ية بعػػد إلغػػاء النظػػاـ المػػوني الحػػالي والمعػػروؼ لػػدينا ال نعلػػـ‬
‫موضعها وال يدخلها االّ مف ذاؽ الموت ‪ .‬وافخرى قبل الغاء النظاـ والعنقة لها بالموت مف هػػذ الجهػػة‬
‫‪.‬‬

‫اما عند ا عتباطية فهذا الفهـ ال يحمل خطورة وحسب بػػل هػػو ال ػػيء الػػذي تحاربػػه فػػي حقيقػػة افمػػر ػ‬
‫فف الجّنػػة السػػابقة بػػاب للػػدخوؿ إلػػى َّ‬
‫الجنػػة النحقػػة ‪ ،‬وكنهمػػا لهمػػا مػػدخل واحػػد هػػو العبوديػػة )‬
‫المتصفة بالتسليـ الطوعي والذي هو مضاد لطبيعة وتوجهات ا عتباطية القا(مة على الذاتيػػة وتفخػػيـ‬
‫افنا )ٔ ‪.‬‬

‫وهػػذ اال ػػياء ال يمكػػف توضػػيحها هنػػا بالتفصػػيل ولمنػػي سػػقتها ك جاب ػ ٍة علػػى الس ػؤاؿ اآلنػػف الػػذكر ػ‬
‫القصدية‪.‬‬
‫َّ‬ ‫فالتفاصيل تأتي تباعا خنؿ افبحاث‬

‫‪ 1‬الحظ محاوالت ا عتباطية جعل الجنتيف جنة واحدة مف خنؿ المجاز وهي واحدة مف ع رات المحاوالت فيما يخص الجنات والعذاب ومايتعلق‬
‫بهما ‪.‬‬

‫‪70‬‬
‫وقػػد تنحػػظ ػ إذا كنػػت ممػػف يطػػالع هػػذ السلسػػلة كلهػػا ػ أننػػا نحػػاوؿ التحػػدث عػػف أ ػػياء مت ػػابهة كلمػػا‬
‫سنحت الفرصة بأساليب مختلفة وسبب ذلؾ هػػو إدرامنػػا أف اففػراد المقصػػوديف بهػػا مػػوزعيف ب ػػكل غيػػر‬
‫ػلوب معػ أ‬
‫ػيف فػػي المتابػػة لػػذلؾ توزعػػت هػػذ السلسػػلة بػػيف‬ ‫َّ‬
‫منظـ في تيارات ا عتباطية والتي لمػ اػل منهػػا اسػ أ‬
‫ا سلوب االدبي النقدي الحديث والمنمي والفلسفي والػػديني السػػلفي ‪ ،‬فػػي حػػيف كػػاف الجػػزء االوؿ مػػف‬
‫الموحدة ) قد روعيت فيه مصالح الترجمة ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫اللغة‬

‫واذا كانػػت ا عتباطيػػة بمثػػل ه ػذا التنػػوع والسػػعة فهػػذا ال يعنػػي أف المػػرء يعجػػز عػػف النظػػر اليهػػا بنظػػرٍة‬
‫موحد ٍة مف خنؿ الخصا(ص الم ػػتركة لهػػا ‪ ،‬بػػل يمكنػػه ذلػػؾ فف تلػػؾ الخصػػا(ص تظهػػر بصػػور متعػػددة‬
‫في الفكر والسلوؾ االعتبػػاطي ‪ ،‬علػػى حػػد سػواء ‪ .‬وقػػد أريػػت فػػي المؤلفػػات السػػابقة وفػػي أبحػػاث افلفػػاز‬
‫وأنواع المجاز في هذا المتػػاب مػػدى التخػّػبط والنعقننيػػة فػػي تلػػؾ افبحػػاث والػػذي هػػو سػػمتها الم ػػتركة‬
‫نحدد الخصا(ص الم تركة للفكر االعتباطي ‪ .‬واف فهـ افمور بصػػورة ػػاملة أفضػػل‬ ‫وبذلؾ يمكف لنا اف ّ‬
‫مف مناق ة الحاالت الجز(ية ولذلؾ وضعت هذا البحث العاـ عف ا عتباطيػػة بػػيف ػػطريف مػػف التفاصػػيل‬
‫الجز(يػػة ليػػتمكف القػػارئ مػػف الػػربط بػػيف السػػلوؾ العملػػي لنعتبػػا وبػػيف خططػػه وأهدافػػه ال ػػاملة ‪ .‬فمػػف‬
‫الخصا(ص الم تركة للفكر االعتباطي أل‬

‫التحديد والنتحديد أل‬


‫واقصد بذلؾ أف الفكر االعتباطي يقوـ بافمريف في ذات الوقت فف ذلؾ جزأء مف طبيعتػػه ‪ .‬ولمػػف هػػذا ال‬
‫يعن ي أنػػه بػػنفس معنػػى إفعػػل وال تفعػػل ) مػػف غيػػر قاعػػدة ‪ ،‬فالقاعػػدة متضػػمنة فػػي المقػػوؿ ػ أي إفعػػل‬
‫اعتباطا ال قصدا ‪.‬‬

‫تحدد افسس والقواعد ا عتباطية وبعد ذلؾ ف ف للمرء حرية كاملة فػػي أف يفعػػل مػػايحلو لػػه‬‫فا عتباطية ِّ‬
‫ضمف هذا ا طار ػ وينصب غضب االعتبا على المػػرء اذا خػػرج عػػف ا طػػار الموضػػوع ‪ ،‬أمػػا فػػي داخلػػه‬
‫فليفعل مف المتناقضات ما اء ‪.‬‬

‫معيف يحدد االعتبا ب أف مايصدر عف الخػػالق الواحػػد ) قاعػػدة‬


‫ٍّ‬ ‫فمثنا على الصعيد الفلسفي وفي ٍ‬
‫أمر‬
‫اعتباطية هي ال يصدر عف الواحد اال واحد ) ‪.‬‬

‫والقاعدة مقبولة ظاهري ا ‪ ،‬فف التعدد مف خصا(ص الناقص وا له كامػػل وال يصػػدر عػػف المامػػل اال كامػػل‬
‫والمماؿ في الوحدة ) واذف فن يصدر عف الواحد االّ واحد ‪.‬‬

‫وبعدما حدد االعتبا القاعػػدة أل فيمكنػػؾ أف تفتػػرض مػػا ػػ(ت لهػػذا الواحػػد الصػػادر عػػف ا لػػه مػػف وجػػو‬
‫وصػػور كػػالهيولى علػػى طريقػػة افنطػػوف أو ِ‬
‫المثػػاؿ علػػى اسػػلوب ارسػػطوا أو الماهيػػة افولػػى علػػى طريقػػة‬

‫‪71‬‬
‫ِّ‬
‫المنميػػيف أو العقػػل ّ‬
‫الفعػػاؿ علػػى طريقػػة الفػػارابي أو ال ػػيء الػػذي اليتصػػف بصػػفات المػػادة علػػى طريقػػة‬
‫بعض الغربييف في فرضية االنفجار الموني افوؿ ‪.‬‬
‫ِ‬
‫فالحل االعتباطي في افصل واحػػد والتعػػدد إنمػػا هػػو إطػػار هػػذا الحػػل ‪ ،‬وهػػو دومػا حػ ٌّػل يسػػتلزـ ) التعػ ّػدد‬
‫ّ‬
‫فنه المؤدي الى ا عتباطية ‪.‬‬

‫لهدؼ ّ‬
‫محد ٍد وهو ضرب الوحػػدة ا لهيػػة نفسػػها‬ ‫ٍ‬ ‫وبتأمل تجدها موضوعة‬
‫ٍ‬ ‫ولمف لو نظرت الى القاعدة مليا‬
‫آخر ‪ .‬فف الواحد منفرد ولوال ذلؾ لما قلنا أنػػه واحػػد ػ أي أف أقػػل مػػا يصػػدر عنػػه‬
‫احد ٍ‬
‫مف خنؿ صدور و ٍ‬
‫هو إثناف ) ال واحد ‪.‬‬

‫أحد إثنػػيف ‪ .‬واذا كػػاف الواحػػد افوؿ‬ ‫بينما ا عتباطية تسعى الى إزالة صفته كونه واحد ) لتجعله واحدا َ‬
‫أسبق فليست تلؾ م كلة ‪ ،‬المهـ أف يتصف غير بالوحدة ) فػ ف الػػذيف اتخػػذوا آلهػػة متعػػددة مػػا قػػالوا‬
‫كل منهػػا مسػػتقل بنفسػػه بػػل مخلوقػػة بعضػػها مػػف بعػػض وهنػػاؾ كبيػػر لآللهػػة الػػذي خلقهػػا هػػو الواحػػد‬
‫أف ّ‬
‫افوؿ ‪.‬‬

‫والتهتـ ا عتباطية بمخالفة المنطق الرياضي الصارـ بعد ذلؾ ‪ .‬ف نؾ اذا قلت أل ٔ ‪ ٖ ، ٕ ،‬فاف الرقـ‬
‫ٕ ) هو غير الرقـ ٔ ) افوؿ وهو يدؿ على أف الواحد مستقل وأقل ما يصدر عنه اثناف ) في البدء‬
‫‪.‬‬

‫تفسر تفسي ار فلسفيا ‪ ،‬فف النص واضح في بيػػاف هػػذ‬ ‫يهمها أف تخالف النص ّ‬
‫المنزؿ حيث أنها ّ‬ ‫كما ال ّ‬
‫المسألة وهي اف الواحد هو واحد دوما وأف غير ال يكػػوف االّ زوجػا ‪ .‬والػػذي يتصػػف بالوحػػدة دومػا ال بػػد‬
‫اف يتصف غير بالمثرة دوما فليس هناؾ مف واحد غيػػر ‪ .‬وتظهػػر الفكػػرة فػػي نصػػوص قرآنيػػة كثيػػرة مثػػل‬
‫قوله تعػػالى أل جعػػل لمػـ مػػف انفسػػكـ ازواجػ ا ومػػف االنعػػاـ ازواجػ ا يػػذرؤكـ فيػػه لػػيس كمثلػػه‬
‫يء وهو السميع البصير ) ‪ /‬ال ورى ٔٔ ‪.‬‬
‫فأعلف عػػف الوحػػدة وانعػػداـ المثليػػة عنػػد ذكػػر الزوجيػػة العامػػة والتػػي هػػي المن ػػأ الػػذي ذ أر المثػرة فيػػه أو‬
‫كل يء خلقنا زوجيف )‬
‫ومف ّ‬ ‫كقوله تعالى أل‬

‫حقيقي سوا ‪.‬‬ ‫واذف فليس مف و ٍ‬


‫احد‬
‫ٍّ‬
‫فا عتباطية إذف ال تهتـ لػػذلؾ فنهػػا تعتقػػد أف ى صػػادؽ حينمػػا يقػػوؿ أف أمثػػر النػػاس جهػػنء وغػػافلوف‬
‫فهي تستغل هذ الخاصية فيهـ ‪.‬‬

‫ومػػف االتجػػا اللغػػوي تجػػد أمثلػػة الحصػػر لهػػا ‪ .‬فالمجػػاز قاعػػدة عامػػة لتفسػػير اّللغػػة والتراميػػب مػػف بػػيف‬
‫قواعد عديدة ‪.‬‬

‫‪72‬‬
‫وحينمػػا يػػؤمف المػػرء بػػذلؾ فهػػو حػٌّػر فػػي اسػػتخراج المجػػازات المتنوعػػة أو امت ػػاؼ أنػواع جديػػدة غيرهػػا ‪.‬‬
‫ويفخػػر علمػػاء ا عتباطيػػة بعضػػهـ علػػى بعػػض فػػي امت ػػاؼ ) المزيػػد مػػف اف ن ػواع ا عتباطيػػة فػػي‬
‫استخداـ الحروؼ في غير معانيها ) أو ا بهاـ ) في القرآف أو المجاز ) في النصوص المختلفة ‪.‬‬

‫وا ف ػػياء الهامػػة فػػي نظػػر االعتبػػا تقػػوـ بصػػياغتها علػػى صػػورة قصػػا(د ػػعرية أو منحػػـ ) لتأميػػد‬
‫أهميتها ‪.‬‬

‫ففػػي البػػدء كانػػت افلفػػاز التػػي امت ػػفتها ) ا عتباطيػػة فػػي القػرآف والتػػي عػ ّػدتها مػػف لغػػات أخػػرى غيػػر‬
‫ػل مػػرة علػػى يػػد اعتبػ‬
‫ػاطي جديػ ٍػد‬ ‫تمػػت زيػػادة العػػدد كػ ّ‬
‫العربية كانت قد اقتصرت على ثنثيف مفػػردة ‪ .‬ولمػػف ّ‬
‫ٍّ‬
‫فيضيفها ع ار على القصيدة افولى بنفس الوزف والروي حتى بلغت م(تي مفردة أو م(تي أصػػل لغػػوي ‪.‬‬

‫قصدية ) على هذا العمل لـ يعبأ بها احد وغالبا مػػا ال تػػذكر أسػػماء المعترضػػيف‬
‫ّ‬ ‫وحينما اعترضت فمرة‬
‫وانما يجمل المنـ على صورة خبػػر مػػف قبيػػل وقػػاؿ بعضػػهـ أو زعػػـ الػػبعض ) ‪ .‬وتػػـ إهمػػاؿ النصػػوص‬
‫تؤكد عربية لسانه ‪.‬‬
‫القرآنية التي ّ‬
‫فالحدود المسموح بها للعمل الجزافي والميفي ال نهاية لها في إطار االعتبا ما لـ تخرج مف هذا االطار‬
‫الى القصدية ‪.‬‬

‫دية أل‬
‫االيحاء باالعتبا مف خنؿ القص َّ‬
‫يقوـ الفكر االعتباطي مف أجل ن ر افمار باستعماؿ أساليب متنوعة أحدها مػػا هػػو مسػػتعمل فػػي وسػػا(ل‬
‫ا عػػنـ والدعايػػة ػ وهػػي جػػزء مػػف المؤسسػػة ا عتباطيػػة ػ ولمػػف هػػذا افسػػلوب هػػو فػػي جميػػع الن ػػاطات‬
‫الفكرية ‪ ،‬أعنػػي ح ػػر الفكػػرة المػراد ن ػػرها مػػف خػػنؿ نقيضػػها القصػػدي ‪ ،‬وهػػذا افسػػلوب يسػػتعمل عػػادة‬
‫التوصل الى الفكرة بطريقة أخػػرى عمػ ا‬
‫ن عسػػي ار أو مك ػػوفا ‪ .‬فمػػث ا‬
‫ن حينمػػا تريػػد إيصػػاؿ فمػػرة‬ ‫ّ‬ ‫حينما يكوف‬
‫عف ال إعجاز القػرآف ) ػ وهػػي فمػػرة تحمػػل خطػػورة فػػي ا عػػنف عنهػػا تسػػتعمل مػػف أجػػل ذلػػؾ افسػػلوب‬
‫المذكور فتوحي للمتلقي بعدـ االعجاز مف خنؿ مؤلفات أو كتب تتحدث عف االعجاز وتدافع عنه ‪.‬‬

‫الهامػػة لهػػذا‬
‫ّ‬ ‫مثاؿ ذلؾ أل كتاب البرهاف الما ف عف إعجاز القػرآف ) للزملمػػاني الػػذي هػػو أحػػد الم ارجػػع‬
‫الموضوع في التػراث أو كتػػاب دال (ػػل االعجػػاز ) ال ػػهير للجرجػػاني ‪ .‬فػ ذا أخػػذنا كتػػاب البرهػػاف فسػػنجد‬
‫ػتـ الػػدفاع عػػف ا عجػػاز بط ار(ػػق تػػوحي للمتلقػػي أف افمػػر مختلػػف فيػػه وأف‬
‫فػػي الفصػػوؿ افولػػى أنػػه يػ ّ‬
‫االعجاز غير ظاهر ولو كاف ظاه ار لما اختلفوا ‪.‬‬

‫ن للمعضلة ويدافع عنه فالحل هو باب دخاؿ ا عتباطيػػة وأسػػاليبها ‪ .‬ففػػي هػػذا المتػػاب‬ ‫وحينما يقترح ح ا‬
‫وغيػػر ػ كمػػا سػػوؼ تػػرى الحقػا ػ تػ َّػـ تبّنػػي فمػػرة الػػنظـ ) ػ اي أف ا عجػػاز هػػو فػػي نظػػـ كنمػػه ال فػػي‬

‫‪73‬‬
‫المفػػردات وال ع ػوارض الحركػػات أو المػػدلوالت أو المجمػػوع الملػػي أو أمػػر خػػارج عػػف كػ ّػل ذلػػؾ ػ وهػػي‬
‫الػػنظـ ) أي ال ػػكل‬ ‫احتماالت حػػاوؿ الزملمػػاني تفنيػػدها ‪ .‬وبعػػد مػػا أبطػػل كافػػة الوجػػو لػػـ يبػػق غيػػر‬
‫النهػػا(ي لتركيػػب الجمػػل ‪ .‬والمتلقػػي فػػي هػػذ اللحظػػة ينتظػػر مػػف المؤلػػف أف ِّ‬
‫يوضػػح لػػه كيػػف يمكنػػه أف‬
‫يفرؽ بيف ماهو معجز وغير معجز مف خنؿ النظـ ؟ ‪ .‬وهذ لحظػػة حاسػػمة فػػي االفتػراؽ بػػيف القصػػدية‬
‫لمػػح لػػه مػرات‬
‫المفتعلػػة واالعتبػػا فف الغايػػة افولػػى هػػي إيصػػاؿ المتلقػػي الػػى هػػذ النتيجػػة ‪ ،‬ومػػع أنػػه َّ‬
‫عديدة قبل ذلؾ ما هو بمعنػػى إذا بلغ نػػا تلػػؾ النتيجػػة فػػن تسػػألني عػػف التفريػػق ) ‪ .‬فقػػد ينسػػى المتلقػػي‬
‫ن ولذلؾ يح ػػر هنػػا قصػػة خياليػػة يفتعلهػػا لتػػذكير القػػارئ بػػأف افمػػر‬ ‫ذلؾ إذا كاف م غوفا ّ‬
‫بحب القرآف فع ا‬
‫هو كذلؾ وهذ القصة هي أل‬

‫‪ ..‬وحكي أف إعرابيا حضر صنة جماعة فُق ِّدـ فق أر في افولى أل " أال يامهلؾ الفيل ومف سار مع الفيل‬
‫صبه ى على الفيل ابابيل ضحى مف طيف سجيل فصار القوـ في قػػاع‬ ‫وكيد القوـ في تب وتضليل بطير َّ‬
‫ا‬
‫ثـ مأموؿ " ‪ .‬وقػ أر فػػي الثانيػػة أل " قػػد أفلػػح مػػف هيػػنـ فػػي صػػنته وأطعػػـ المسػػكيف مػػف مخن تػػه‬
‫كعصف َّ‬
‫واجتنب الرجس وفعنته بورؾ في بقر و اته " ‪.‬‬
‫ٔ‬
‫ولـ ي ؾ ال َج ُ‬
‫مع في أف ماق أر سورتاف مف القرآف ‪) .‬‬

‫وهذا النص واضح في ا يحاء الػػى المتلقػػي أف المؤلػػف أو االع اربػػي ) لػػو قػػاؿ مثػػل هػػذا وأ ػػباهه فػػاف‬

‫الناس ال ت ؾ أنه مف القرآف ومف ثـ ف ف التمييز بيف المعجز وغير لػػيس االّ فػػي الػػنظـ ّ‬
‫ولمػػا كػػاف نظػػـ‬
‫هذا المنـ حسف للغاية ويؤدي المعنى المطلوب فذلؾ هو ا عجاز ‪.‬‬

‫وهدؼ االعتبا مف ذلؾ هو تعمػػيـ االعجػػاز الػػى جميػػع مػػا هػػو حسػػف الػػنظـ كمػػا سػػتنحظه فػػي كتػػاب‬
‫اعجاز القرآف ) للجرجاني أيضا ‪.‬‬

‫والمؤلػػف لػػـ يعّلػػق ب ػػيء علػػى القصػػة فيمػػا اذا كانػػت عبػػارة لػػـ ي ػػؾ الجمػػع ‪ ...‬الػػخ ) هػػي جػػزء مػػف‬
‫الحكاية ال مف كنمه ‪.‬‬

‫كل صفحة تحدثت بها ا عتباطية عف إعجاز القرآف ػ والقصديوف السػػا(روف‬ ‫ومثل هذا االيحاء تجد في ّ‬
‫في ركػػاب االعتبػػا الينتبهػػوف لػػذلؾ وتنطلػػي علػػيهـ العبػػارات المجػػاورة ل يحػػاء االعتبػػاطيي التػػي ِّ‬
‫تمجػػد‬
‫الق ػرآف والػػنص س ػواء بس ػواء ‪ .‬وقػػد تسػػتغل ا عتباطيػػة اعجػػاز الق ػرآف للتقليػػل مػػف ػػأف النبػػي ص) ‪،‬‬
‫فابتػػداعها فمػػرة أميػػة النبػػي ) وتفسػػيرها االعتبػػاطي للػػنص القرآنػػي أل الرسػػوؿ النبػػي افمػػي ) منحهػػا‬
‫طريقة فذة ل يحاء بذلؾ وكمثاؿ انظر عبارة الزملماني في البرهاف المذكور أل‬

‫هذا وانه لصادر على لساف مف لـ يمارس الخط والخطب وينافس في معرفػػة الػ ّػدر مػػف المخ ػػلب )ٕ ‪.‬‬
‫وهذا إيحاء للمتلقي ِّ‬
‫ليكوف صورة غير محترمة عػػف صػػاحب الرسػػالة ص) ‪ ،‬وهػػو ينػػاقض فمػػرة الػػنظـ ‪.‬‬

‫‪ 1‬البرهاف ‪ / ٘ٙ /‬بغداد ‪.‬‬


‫‪ 2‬نفس المصدر السابق ‪.‬‬

‫‪74‬‬
‫ذلؾ فف االعجاز اذا كاف في ذات القػرآف فلػػيكف صػػاحب الرسػػالة مػػا يكػػوف مػػف العلػػـ والمعرفػػة فمػػا هػػي‬
‫عنقته بالمعجز االلهي المطلق ؟ ‪.‬‬

‫لمف إدراج هذ العبارات وهو يتحدث عف اعجاز النص القرآني له مػػدلوالف أل افوؿ االسػػاءة للنبػػي ص)‬
‫‪ ،‬والثػػاني هػػو ضػػمف الفكػػرة نفسػػها ‪ ..‬بمعنػػى أف الػػنظـ ) هػػو موضػػع ا عجػػاز ولمػػف مػػع حكايػػات‬
‫ا عرابي وغير ف ف التفريق بيف ما هو معجز وغير معجػػز ػػيء غيػػر ممكػػف ‪ .‬واذف فيجػػب البحػػث عػػف‬
‫يميػػز بػػيف الػ ّػدر والمخ ػػلب وال يحسػػف الخطابػػة‬
‫دليل آخر وهذا الدليل هو أف الصادر عنه هذا المتػػاب ال ّ‬
‫وال يعرؼ الخط فمف أيف له هذ البنغة وا طنع ؟! واذا بلغ الموضوع هذ الغايػػة فػػالمؤلف يتخػػذ واديػا‬
‫هب ال‬‫ػرح مسػ ٍ‬‫يهرب فيه مف وجه القارئ ‪ ..‬ففي تلؾ النقطة هرب الزملماني تاركا الموضػػوع الر(يسػػي ل ػ ٍ‬
‫طعة في أوا(ل السػػور واتخاذهػػا سػّلما يحػػاءات أخػػرى ‪ .‬ومػػف ذلػػؾ العػػدوؿ‬
‫طا(ل مف وراء للحروؼ المق ّ‬
‫َّ‬
‫المقطعة هي أل‬ ‫افمية الى فمرة أخرى ضمنية مفادها أف افحرؼ‬
‫عف فمرة ّ‬
‫للتنبيه على أف تعداد هذ الحروؼ ممف لـ يمارس الخط ولـ يعاف النظر فيه متنزؿ منزلة افقاصيص‬
‫عف افمـ السالفة ممف ليس له إطنع على ذلؾ ) ‪.‬‬

‫وبهذا أثبت مقولة للذيف كفروا ) !‪.‬‬

‫ويتوجػػب علػػى القصػػدي التوّقػػف والػ ّ‬


‫ػتمعف فػػي المػراد مػػف هػػذ االنتقالػػة ‪ ،‬إذ يفهػػـ منهػػا أف إعػػنف النبػػي‬
‫طلع على أحوالها ف نػػه‬ ‫أمـ سالف ٍة لـ ي ّ‬
‫ص) عف النص القرآنى هو مثل إعنف الرجل عف أقاصيص مف ٍ‬
‫لـ يعش تلؾ افزماف‪.‬‬

‫وهذ الفقرة هي نهاية المقالة الموضػػوعة ل عجػػاز وهػػي الهػػدؼ مػػف وراء البحػػث الملػػي ‪ .‬فػػالمخبر عػػف‬
‫يء لـ يطلع عليه إنما يخبر عنه سماعا وجمعا لألحداث مف السماع وهي الفكرة القديمة نفسها التػػي‬
‫ذكرها القرآف أل وقالوا اساطير االوليف امتتبها فهي تملى عليه بكرة واصين ) ‪ /‬الفرقاف ٘‬

‫سجلها بالرمز المتابي بػػل طلػػب أف تمػػوف كتابػا ويمكػػف للمػػرء الحسػػف الحفػػظ‬
‫ومعلوـ أف امتتبها ال تعني َّ‬
‫أف يكتب اال ياء في ذامرته ‪ ،‬فف القا(ليف مثل المؤلف يعلموف أف النبي ص) ال يكتب بالرمز المتػػابي‬
‫‪.‬‬

‫مهػد لهذ الفكرة وقبولها قبيل ذلؾ بعبارة يمكنؾ التأمل فيها مليا قاؿ أل‬
‫وقد ّ‬
‫رجل عليه مهابة وجنلة قد قاـ مقاـ أولي الرسالة ‪. ) ..‬‬
‫السيما وهي صادرة عف ٍ‬
‫فانظر الى عبارات التنكير في افلفاز أل رجل ‪ ،‬عليه مهابة ‪ ،‬وجنلة وانظر الػػى قولػػه قػػاـ مقػػاـ أولػػي‬
‫الرسالة ) ‪.‬‬

‫وهكذا يقوـ العلماء ب عادة تأسيس ) المفر داخل مقوالت ِّ‬


‫الديف ‪.‬‬

‫‪75‬‬
‫كل صفحة مف صفحات الفكر االعتباطي تجد مخططا لل ؾ ) وتحويل الحقا(ق‬ ‫وهذ مجرد نماذج ففي ّ‬
‫الى أ ياء نسبية ‪ .‬وعلى ذلؾ يمكنؾ القوؿ أف ا عتباطيػػة التػػي حاربػػت النبػػي ص) هػػي التػػي اسػػتولت‬
‫عل ػػى كتاب ػػه المعج ػػز وت ارث ػػه وجمي ػػع إرث ػػه وقام ػػت بتقديم ػػه للن ػػاس بالص ػػورة الت ػػي أرادته ػػا فيم ػػا بع ػػد ‪.‬‬
‫فا عتباطية التي حاربها النبي ص) هي اآلف الجزء افمبر واف هر مف فمر الذي وصلنا ‪.‬‬

‫وفػػي نصػػوص متفرقػػة للقصػػدية المطمػػورة فػػي كتػ ٍػب قديمػ ٍة تجػػد إ ػػارات للنبػػي ص) نفسػػه يحكػػي فيهػػا‬
‫أمته وغربة كتابه وجهل الناس به وهجرها له رغـ زخرفتهـ المساجد وتزيينهـ‬
‫غربته في ّ‬
‫المصاحف في آخر الزماف ‪ .‬فهل هذا هو آخر الزماف يا ترى ؟ ! ‪.‬‬

‫ا بهاـ وا يهاـ‬
‫وهػػو أحػػد أركػػاف ا عتباطيػػة ومبػػدأ أساسػػي مػػف مباد(هػػا ولػػذلؾ اجتهػػدت فػػي إدخالػػه علػػى صػػورة قػوانيف‬
‫بنغيػػة أو تركيبيػػة فػػي اّللغػػة ‪ .‬فاّللغػػة أداة للتفػػاهـ والرقػػي والتطػػور الفكػػري وهػػي ال ػػيء الوحيػػد الػػذي‬
‫تحتفظ الذامرة ) عف طريقه بالمعلومات ‪.‬‬

‫فليس عجبا أف تتصػ ّػدى ا عتباطيػػة بكػػل مػػا أوتيػػت مػػف قػػوة دخػػاؿ ا بهػػاـ وا يهػػاـ الػػى القػرآف المتػػاب‬
‫الذي يرد فيه لفظ الذامرة ) فهميتها القصوى في بلوغ غاية ى مف الخلػػق بنحػ ٍػو مػػف ٓ‪ ) ٖٚ‬مػػورد‬
‫تقاقات عف هذا اللفظ ‪.‬‬ ‫بمختلف ا‬

‫وحاولت تبرير هذا ا بهاـ وا يهاـ بمختلف الوسػػا(ل والطػػرؽ ‪ .‬إذ مػػع أف القػرآف يػػذكر عػػف نفسػػه أنػػه‬
‫مفصنت ) ومع أنه على عمقه وغزارته فهو مف نوع السهل الممتنع الذي‬ ‫ِ‬ ‫مبيف ) وآياته ِّبينات ) و‬
‫ّ‬
‫النبوية بهذا الصػػدد االّ أف االعتبػػا حػػاوؿ تأويػػل هػػذ‬
‫ّ‬ ‫يفي بجميع متطلبات المعرفة ومع كثرة النصوص‬
‫ن اعتباطيا لصرفها عف مؤداها الذي يعبر عف سمة الوضوح فيها ‪.‬‬ ‫النصوص تأوي ا‬
‫ومف جهة أخرى ابتعػػدت فػػي خصػػا(ص البهػػاـ مػػف كونػػه وسػػيلة للمػػتملـ ػ يرمػػي مػػف وراءهػػا الػػى هػػدؼ‬
‫عيف ػ الى اعتبار غاية في ذاته ‪.‬‬
‫مّ‬
‫إف الفكر االعتباطي هو نفسه ركاـ مف المتناقضات ‪ ،‬ولذلؾ فن بد أف يكوف ا بهاـ فػػي نظػػر غايػػة فػػي‬
‫ذاته ‪.‬‬

‫الحظ مثنا نص الزملماني اآلتي والذي ينقل وي رح فيه أفمار استاذ الجرجاني أل‬

‫إف االبهػػاـ يلقػػي فػػي الػػنفس ت ػػوقا الػػى مػػا هػػو الم ػراد ويعظػػـ لتمثيػػر الم ػوارد الوهميػػة ويعلقػػه الػػوهـ‬
‫معرضػ ا عػػف المػػذكور بمػػا لػػـ يػػذكر تعليقػا وهمي ػ ا مػػف غيػػر أف يخّلصػػه لمعنػػى ذهنػػي أو خػػارجي فيرجػػع‬

‫‪76‬‬
‫الذهف متقاص ار عف إدرامه عػػاج از عػػف مػراـ صػػيد ب ػػبامه وآيسػ ا عػػف اعتنقػػه ب ػرامه فعنػػد ذلػػؾ يعظػػـ‬
‫أنه ويعلو في النفس مكانه )ٔ ‪.‬‬

‫يتعمد المتملـ فجل أف يترؾ المتلقي معّلقا بأملػػه فػػي اصػػطياد المػراد هػػو هػػدؼ بحػ ّػد‬ ‫إذف فاالبهاـ الذي ّ‬
‫ذاتػػه يعطػػي للمػػتملـ ميػػزة هػػي علػػو كنمػػه فػػي نفػػس المتلقػػي ‪ .‬وهػػذ الفكػػرة كلهػػا هػػي نقػػيض لفك ػرة‬
‫المتاب المبيف ) ‪.‬‬

‫واذا رجعنا الى أنواع افلفاز والتراميب نجد أف هذ الصفة موجودة في الهذياف ) فنه تراميػػب مترابطػػة‬
‫يعدها المتلقي هذيانا ؟ ‪.‬‬
‫ال يفهـ المتلقي المراد منها فلماذا ّ‬
‫تعد المنـ الذي يوهـ المتلقي هو المنـ الذي يعلو ‪ ،‬وبالتالي فما المػػنـ البليػػغ إال ذاؾ‬ ‫إذف فا عتباطية ّ‬
‫الموهـ والمػػبهـ ‪ .‬ومعلػػوـ أف النتيجػػة هػػذ تخػالف تعريػػف البنغػػة ‪ ،‬فف البنغػػة هػػي أف يبِّلػػغ المػػتمِّلـ‬
‫م ػراد مػػف المعػػاني مػػف خػػنؿ المػػنـ ‪ ،‬وتنػػاقض كػػذلؾ أبحػػاث الدال لػػة اللفظيػػة وغاياتهػػا ‪ ،‬وهػػي نقػػيض‬
‫للهدؼ مف اّللغة وغاياتها ‪ .‬فالحركات الصورية أمثر إبهاما وايهاما ويتوجػػب إذ ذاؾ تػػرؾ اللغػػة الصػػوتية‬
‫فجل علو تلؾ ال حركات وما تفعله مف ػػو ٍؽ فػػي النفػػوس لمعرفػػة الحقيقػػة ‪ ،‬صػػـ بكػػـ عمػػي ) ‪ .‬وتلػػؾ‬
‫هي فلسفة ا عتباطية وذلؾ هو مقدار حرصها على العقل الب ري وتطور واّللغة وغاياتها‪.‬‬

‫االستبداد والتعّنت‬
‫مستبد في خصا(صػػه الذاتيػػة علػػى مسػػتوى أفػراد وبالتػػالي تػػنعكس اسػػتبداديته بصػػورٍة‬
‫أ‬ ‫فمر‬
‫إف االعتبا أ‬
‫جليػ ٍة فػػي ن ػػاطاته المختلفػػة ‪ .‬ويظهػػر االسػػتبداد علػػى جميػػع المسػػتويات ػ افسػػلوب وصػػياغة العبػػارات‬
‫واستعماؿ وسا(ل التهديد غير المبا ر حتماؿ ولػػوج الحػػل القصػػدي والتلػػويح بافعلميػػة و ّادعػػاء الواليػػة‬
‫والقرب مف الرضا ا لهي و ّادعاء افولوية في امت اؼ الحلوؿ وعدـ ذكػػر أصػػحاب الفكػػرة افولػػى واعػػادة‬
‫النصوص ا عتباطية واالفمار بل وال ػواهد نفسػػها والصػػياغات نفسػػها م(ػػات المػرات فػػي مؤلفػػات عديػػدة‬
‫وحقب طويل ٍة مف غير ا ارٍة الى أنها مزبورة جميعا فػػي مؤلفػػات السػػابقيف ‪ ..‬الػػخ وهػػي خصػػا(ص كثيػػرة‬
‫ٍ‬
‫جدا تجمع السلوؾ االعتباطي ‪.‬‬

‫فا عتباطية ال تسػػأـ مػػف التمػرار وا جتػرار قرونػا طويلػ اة لػػنفس اففمػػار ويعجبهػػا دومػا أف تضػػفي عليهػػا‬
‫ُحّل اة جديد اة فهي مثل كا(ف عتيق ّ‬
‫يبدؿ زينته كلما رأى أف منبسه مختلفة عف منبس اآلخريف ‪.‬‬

‫وذلؾ فف ا عتباطية وهي فمر عاـ تغفو أحيانا العتمادها على ن ا في جانب معػػيف فتأخػػذ ارحػػة أو‬
‫بحلػ ٍة جديػػد ٍة‬
‫ولما تصحو تجد أف منبسػػها غػػدت نا ػػزة فتمتسػػي ُ‬
‫إجازة ) مف العمل في الجانب المقابل ػ ّ‬
‫وتخرج مف مخدعها ‪.‬‬

‫‪ 1‬البرهاف ػ ‪. ) ٕٖٜ‬‬

‫‪77‬‬
‫وا عتباطيػػة ت ّتصػػف كػػذلؾ ػ ونتيجػػة السػػتبدادها ػ بالعجلػػة والحكػػـ السػػريع علػػى اف ػػياء بغيػػر رؤيػػة أو‬
‫جدية وحينما تقع في م امل معينة ف نهػػا تحّلهػػا بطريقػػة أسػػرع بكثيػ ٍػر مػػف وقوعهػػا فيهػػا والنتيجػػة‬
‫دراسة ّ‬
‫هػػي المزيػػد والمزيػػد مػػف االعتبػػا ‪ ،‬وهػػي تتصػػف بػػالغرور والعنجهيػػة مػػف جهػػة تعاملهػػا مػػع الحلػػوؿ‬
‫القصدية والذّلة والتمّلق مف جهػػة تعاملهػػا مػػع بعضػػها الػػبعض حيػػث تميػػل المػػديح والثنػػاء لهػؤالء وتميػػل‬
‫ّ‬
‫ال ػػتا(ـ والسػػباب فول(ػػؾ ‪ ،‬وتف عػػل ذلػػؾ حتػػى فػػي لحظػػات الهدنػػة مػػع التيػػار القصػػدي وقيػػاـ الحػػرب بػػيف‬
‫اتجاهاتها !!‬

‫وا عتباطية بعد ذلؾ هي مصدر الفقر المادي والفكػػري وعنػواف البػػؤس والتبػػاؤس علػػى مػّػر التػػاريخ وهػػو‬
‫ما ستنحظه فيها خنؿ أبحاثنا وفي الواقع الفعلي المعاش ‪.‬‬

‫‪78‬‬
‫المبحث الثالث ع ر‬
‫الحػػػػذؼ‬

‫إف ا عتباطية تؤكد على موضوع الحذؼ وما ال واهد المثيرة جدا مف ال عر وافقواؿ المأثورة والمكذوبة‬
‫أو المبتدعة منها ووضعها بجوار اآليػػات القرآنيػػة االّ تأميػػد علػػى ػػموؿ ا ثنػػيف بػػنفس التقيػػيـ البنغػػي‬
‫والنحوي ومنه الحذؼ ‪.‬‬

‫الموسػػع لل ػواهد ال ػػعرية والمق ػوالت واظهػػار بنغتهػػا‬


‫ّ‬ ‫ف نػػؾ تنحػػظ فػػي جميػػع المؤلفػػات ظػػاهرة ال ػػرح‬
‫وحسنها ومف بعد ذلؾ يأتي ال اهد القرآني بصيغ متقاربة مثل أل ومف هذا الفف قوله تعػػالى ‪ ...‬كػػذا )‬
‫مخصصػػة‬
‫ّ‬ ‫‪ .‬وال ت رح المحاسػػف الخاصػػة بػػالنص ‪ ،‬وال تطػػابق المتػػوف المػػذكورة وعنػػاويف المتػػب ‪ .‬وهػػي‬
‫ن كما ُيفهـ منها ظهار ا عجاز القرآني ػ والذي يحدث هو العكس ػ ا يحػػاء للقػػارئ أف القػرآف نظػػـ‬ ‫أص ا‬
‫مف هذا النظـ وفف مف تلػػؾ الفنػػوف ويبلػػغ ا يحػػاء احيانػا تفضػػي ا‬
‫ن غيػػر مبا ػ ٍػر للنصػػوص الب ػ ّ‬
‫ػرية علػػى‬
‫النص القرآني مف وجو ػ ولمف هػػذا العمػػل يكتنفػػه عػػادة العبػػارات الغامضػػة وثنػػاء علػػى القػرآف فػػي غيػػر‬
‫موضػػعه ػ ثنػػا أء بػػن موضػػوع ومػػديح بػػن اسػػتخراج لمحاسػػنه ّ‬
‫وينبهػػؾ الػػى محػػاوالت ا عتباطيػػة لتمريػػر‬
‫اهدافها وخططها مف خنله ‪.‬‬

‫ن هػػو موضػػوع هػػاـ عنػػد ا عتباطيػػة ف نػػه يمنحهػػا إمكانيػػة التقػػدير ) االنتقػػا(ي للجملػػة أو‬
‫فالحػػذؼ مػػث ا‬
‫افلفاز المحذوفة وهذا افمر يمنحها الحرية في ا عراب والتفسير االعتباطي ‪.‬‬

‫وهـ يبدأوف دوما بافسلوب االستبدادي ) ػ لصرؼ المتلقي عف التفكير ٍّ‬


‫بحل آخر ػ هذا افسػػلوب الػػذي‬
‫يظهر في عبارات مثل أل‬

‫مخل بفا(دة المحػػذوؼ وتغفػػل عمػػا ل بهػػاـ وا يهػػاـ مػػف التفخػػيـ وا عظػػاـ ‪َّ ،‬‬
‫ورب‬ ‫عساؾ تقوؿ الحذؼ ّ‬
‫صمت أفصح مف المنـ ورمز آلـ مف لذع الحساـ )ٔ‪.‬‬

‫فهذا اتهاـ مبا ر للمتلقي أنه اذا قاؿ ذلؾ فهي غفلة ومف ثـ فالمبررات هي االبهاـ وااليهاـ ‪.‬‬

‫ومعلػػوـ أف الرمػػز والصػػمت ال عنقػػة لػػه بموضػػوع الحػػذؼ ػ فال ػواهد مػػثن تخػػالف المبػػدأ والغايػػة مػػف‬

‫الحػػذؼ ‪ .‬فف ال ػواهد قػػد بػّػرر المؤلفػػوف لم ػوارد للحػػذؼ فيهػػا علػػى أنػػه لظهػػور الم ػراد ّ‬
‫إمػػا فػػي الجملػػة‬
‫السابقة أو في نهاية الجملة ‪ .‬وا عتباطية هي الغافلة ‪ ،‬فف ذلؾ يجب أف يكػػوف موضػػوعه هػػو التقػػديـ‬
‫والتأخير ال الحذؼ ‪.‬‬

‫‪ /‬افنعاـ ػ ‪ٙ‬‬ ‫واف أحد مف الم ركيف استجارؾ )‬ ‫ن قوله تعالى أل‬
‫مث ا‬

‫‪ 1‬البرهاف ػ ‪ ٕٖٚ‬ػ بغداد ‪.‬‬

‫‪79‬‬
‫التقدير أل واف استجارؾ أحد مف الم ركيف استجارؾٕ‪.‬‬

‫يكرر لفظ "استجارؾ" بعد نقله الى موضعه افصلي على الزعـ ؟‬
‫فلماذا ّ‬
‫فػػي النظػػاـ القرآنػػي الحظنػػا أف هػػذا ال ػػاهد نفسػػه عنػػد البصػػرة والموفػػة فػػي خصػػامهما المفتعػػل تحػػت‬
‫موضوع هل يجوز تقديـ الفاعل على فعله أـ ال ) ؟ ‪ .‬هذا في موضػػوع النحػػو ‪ ،‬وأمػػا فػػي البنغػػة فقػػد‬
‫أوتي به تحت عنواف الحذؼ ) ‪.‬‬

‫وقد ذكرنا هناؾ أف المػػتملـ لػػه حريتػػه فػػي ا ختيػػار فػ ذا أراد التنبيػػه الػػى الفاعػػل َّ‬
‫قدمػػه واذا أراد االهتمػػاـ‬
‫بالفعػػل َّ‬
‫قدمػػه ‪ .‬فػػالنص يحمػػل فػػي ذاتػػه مػراد القا(ػػل ‪ ،‬والتقػػدير إنمػػا هػػو محاولػػة لم ػػاركته فػػي أقوالػػه ‪.‬‬
‫فالمستجير والمرأة الخا(فة مف بعلها ن و از في قوله تعالى أل‬

‫‪ /‬النساء ‪ٕٛ‬‬ ‫واف امرأة خافت مف بعلها ن و از أو اعراض ا )‬


‫وهو اهد آخر لنا ُقػ ّػدموا لهػػذا الغػػرض ‪ ،‬وفػػي افصػػل ال يوجػػد قػػانوف يقػػوؿ بتػػأخير الفاعػػل حتػػى نبحػػث‬
‫عف تقديمه ‪ ،‬إنما دراسة النص تنحظ ترتيب افلفػػاز لمعرفػػة غايػػات المػػتملـ ‪ .‬فػػاذا َّ‬
‫رتػػب المتلقػػي ألفػػاز‬
‫المتملـ ترتيبا جديدا فهو يكفر بالنص وقا(له ‪.‬‬

‫بل تزعـ ا عتباطية أف هناؾ ما هو دا(ر بيف الحذؼ والػػذكر مثػػل أل والسػػماء رفعهػػا ) ‪ ،‬إذا ال ػػمس‬
‫ػع السػػماء ) و كػ ِّػورت ال ػػمس )ٔ‪ .‬وهػػي‬‫تدعي أف لهذ العبارات أصل هػػو َرفػ َ‬
‫كورت ) ‪ .‬فا عتباطية ّ‬
‫ن أو‬‫أ ياء تحاوؿ بها تفكيؾ النص بخنؼ مراد وغايات القا(ل ‪ .‬وفي أمثله أخرى تقػ ّػدر ا عتباطيػػة جمػ ا‬
‫أفعا اال أو ألفاظا محذوفة مثل قوله تعالى أل‬

‫ٕ٘‬ ‫وعندهـ قاصرات الطرؼ اتراب ‪ .‬هذا ماتوعدوف ليوـ الحساب ) ‪ /‬ص‬

‫قاؿ أل المحذوؼ تقدير أل يقاؿ لهـ هذا ما توعدوف ليوـ الحساب ‪.‬‬

‫ػديه تسػػأؿ أل ِلػ َػـ ال تمػػوف اآليػػة المقػ ّػدر لهػػا هػػي جملػػة جديػػدة ؟ ‪ .‬وهػػي بالفعػػل آيػػة جديػػدة فػػي‬
‫والقصػ ّ‬
‫المصػػحف والقا(ػػل المبا ػػر هػػو ى تعليقػا بعػػد الوصػػف أل هػػذا مػػا توعػػدوف ليػػوـ الحسػػاب ) مػػع وجػػود‬
‫النـ الدالة على الغاية المستقبلية ‪ .‬فما أدرى االعتباطييف أف افصل هو أل يقاؿ لهـ هذا ؟ ‪.‬‬

‫وكذلؾ ِّ‬
‫يقدر االعتبا جملة بعد جملة مثل أل ى أمبر قاؿ أل‬

‫كل كبير )ٕ ‪ ،‬وذلؾ لبناء المسػػألة علػػى الػػوهـ وا بهػػاـ‬


‫وكذا ى أمبر فنها أبلغ مف قولؾ ى أمبر مف ّ‬
‫فهو إذف أبلغ ‪ .‬بينما افمر في القصدية عكس ذلؾ تماما ‪.‬‬

‫البرهاف ػ ٕٔٗ‪.‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪ .1‬نفس المصدر ػ ٕٔٗ ‪.‬‬
‫‪ 2‬البرهاف ٕٓٗ‪.‬‬

‫‪80‬‬
‫كل كبير ) هي مفهوـ مف مفاهيـ المفر ) حسػػب نػػص عػػف افمػػاـ علػػي ع ) ‪.‬‬ ‫فعبارة ى أمبر مف ّ‬
‫ومعلوـ أف هؤالء ال يبلغوف بنغته ومعرفته باسرار اّللغة ‪ .‬حيث ُذكر أنه سمع رجنا يقوؿ ذلؾ فقاؿ أل‬
‫إذف َّ‬
‫حددته ) ‪.‬‬

‫كل كبير غير ى فهو محدود مهما بلغ فاذا كػػاف ى أمبػػر الجميػػع فهػػو محػػدود أيضػا‬
‫وهذا واضح أل فف ّ‬
‫بالنتيجة فنه قد قيس إلى غير ! ‪ .‬والرجل قد فهـ افمر بسرعة فسأؿ أل فميف أقوؿ جعلنػػي ى فػػداؾ‬
‫؟)‬

‫قاؿ أل تقوؿ ى أمبر مف أف يعرؼ ) ‪.‬‬

‫وهذا التعميـ هو السبب في ترؾ المفضوؿ في صيغة التفضيل ‪ .‬بمعنى أف عبارة " ى امبر " هي عبػػارة‬
‫المتخيػػل أو المعػػروؼ‬
‫َّ‬ ‫ولما كاف أقصى مػػا يمكػػف أف يكػػوف كبيػ ار هػػو‬
‫مستمرة دوم ا مهما جاء ما بعدها ‪ّ .‬‬
‫كل محػػدود لػػه معرفػػة محػ ّػددة وى تعػػالى‬‫إجماالا فالعبارة مطلقة ‪ ،‬فهو أمبر مف القدرة على معرفته ػ فف ّ‬
‫أي معرفة ‪.‬‬
‫أمبر مف أف تناله ِّ‬

‫توهمػػه أو تصػػور أو ّ‬
‫تخيلػػه قلػػت ى أمبػػر‬ ‫تخيلت السموات واففػػنؾ تقػػوؿ أل بػػل ى أمبػػر واذا أردت ّ‬
‫ف ذا ّ‬
‫واذا أردت معرفػػة مػػا كػػاف قبػػل الخلػػق قلػػت ى أمبػػر ‪ .‬واذف فالصػػيغة متػػروؾ آخرهػػا النهػػا مطلقػػة غيػػر‬
‫كل جزء ومكػػاف وهػػي تقػّػرر بعبػػارات ملؤهػػا‬
‫متضمنة لحدود ‪ ،‬ولمف ا عتباطية ال تتورع عف التخريب في ّ‬
‫الزهو واالفتخار وستأتيؾ نماذج منها في بنغة الجرجاني ‪.‬‬

‫وفي ال واهد االخرى مثل ذيوؿ اآليات أل لقوـ ي كروف ) قاؿ أي ي كروف ى وقد حذؼ لظهور ‪.‬‬

‫ترى اذا كاف المحذوؼ ظاه ار عند المتلقي ومعلوما فما فا(دة أف تخبر ا عتباطية بػػه ؟ ولمػػاذا ال تسػػكت‬
‫وتتػرؾ المتلقي يستمع للمقوؿ الظاهر الذي يفهمه جيدا ؟ ‪.‬‬

‫بمحػػذوفات ) مقػػدَّرة‬ ‫إذ يفترض أف يعطي علـ اللغة للمتلقي معلومة جديدة عػػف الػػنص ‪ .‬أمػػا أف يخبػػر‬
‫رجل ظنه أحد المن(كة ناسكا إذ رآ‬ ‫ويقوؿ له أيضا أل إنها حذفت فنؾ تفهمها ) ‪ .‬فهذا مثل ما يفعله أ‬
‫جبل ! وذلؾ في حكاية قديمة فسػػأؿ ى أف يريػػه مكانػػه فػػي الجنػػة فػرآ فػػي أدنػػى مرتبػػة‬
‫يبكي على قمة ٍ‬
‫فقاؿ الملؾ أل لـ ذلؾ يارب ؟ فقاؿ له ى تعالى أل ِ‬
‫لقلة عقله إذهب فػػانظر مػ َّػـ بكػػاؤ ؟ ‪ .‬فلمػػا جػػاء الملػػؾ‬
‫وسأله قاؿ أل إني أنظر الى هذا الح ػػيش فػػأقوؿ مػػا أمثػػر فلػػو أف حمػػا ار جا(عػا يأملػػه ‪ ،‬ثػػـ إنػػي أريػػت أف‬
‫الحمار قد ال يقدر ع لى ارتقػػاء الجبػػل وكلمػػا بلػػغ موضػػعا تػػدحرج فمػػا زلػػت علػػى هػػذا الحػػاؿ حتػػى أبكػػاني‬
‫امر !! ‪.‬‬

‫وقد يكوف الناسؾ معذو ار إذ الحمير الجا(عة لها وجود حقيقي على افرض وربما لػػدى الناسػػؾ ُعقػػدة )‬
‫نفسية قديمػػة مػػف جػػوع حمػػار خاصػػة ! أمػػا محػػذوفات ا عتباطيػػة فلػػـ يرهػػا أحػػد موجػػودة حتػػى تػػدعونا‬
‫ا عتباطيػػة للبحػػث عنهػػا والتبػػامي عليهػػا ‪ .‬فهػػي تقػػوؿ للمتلقػػي بقػػوة خػػذها ! ) وبعػػد هنيهػػة تقػػوؿ‬
‫وبضعف أل ال تأخذها فنها عندؾ وتعلمها ! ‪.‬‬

‫‪81‬‬
‫وأمثلة الحذؼ بعد ذلؾ ال تحصى عددا واليمكػػف لمنهجنػػا ذكػػر هػػذ المثػػرة والبحػػث عنهػػا ف نهػػا قػػد ّ‬
‫عمػػت‬
‫النص القرآني مف أوله الى آخر وما نستطيع ذكػػر هػػو مػػا أمكننػػا جمعػػه أو مػػا وجػػدناهـ قػػد جمعػػو فػػي‬
‫مقدماتهـ أو روحهـ البنغية والنحوية فهذ نماذج أخرى غير ما َّ‬
‫مر عليؾ أل‬

‫وقيل للذيف اتقوا ماذا أنزؿ ربكـ قالوا خي ار )‬


‫وا جماع على وجود حذؼ تقدير أل أنزؿ خي ار ‪.‬‬

‫قبل أف نذكر الحل القصدي ب مكاننا أف نرى أنه لػػيس ثمػػة حػػذؼ ‪ .‬فهػػذا مسػػتعمل فػػي العػػادة فػػي جميػػع‬
‫المخاطبات وافخبار مثل أل سألته أل أيف كنت ؟ قاؿ أل في السوؽ ‪ .‬فهل ترى أف مف الضػػروري أف يقػػوؿ‬
‫كنت ) في السوؽ ؟ ‪.‬‬

‫إذ السا(ل يسأؿ عف المكاف واالجابة تضمنت المكاف ‪ .‬أما المينونة فمعلومة لمليهما ‪ .‬والسا(ل يعلػػـ أنػػه‬
‫كاف ) ولمنه ال يعلـ أيف ) ‪.‬‬

‫لمف ا عتباطية ما فتأت تخطّ وتتوهـ أف ما ) أداة استفهاـ و ذا ) اسػػـ إ ػػار وحينمػػا يقػػاؿ للػػذيف‬
‫ارة إلى المنزؿ فهو منحظ للسا(ل ‪ .‬ولػوال أنػػه منحػػظ لمػػا سػػأؿ عنػػه‬ ‫يتوجه اسـ ا‬
‫اتقوا أل ماذا أنزؿ ػ ّ‬
‫مػػا )‬ ‫حادث النػػزوؿ ) بػػل يسػػأؿ عػػف واقػػع مػػا نػػزؿ وطبيعتػػه وهػػو مػػا تفيػػد‬ ‫باسمه فهو ال يسأؿ عف‬
‫االستفهامية ‪ .‬فماذا يكوف الجواب ؟ الجواب بالطبع يبدأ باعطاء السا(ل مراد فػػن يقػػاؿ لػػه أنػػزؿ ) ثػػـ‬
‫يقاؿ له خي ار ) ‪ .‬فهذا هو مثل ما يفعله الطالب المسوؿ ) عندما ُيسأؿ فيتػ ّ‬
‫ػردد ويريػػد اسػػتنفاذ الوقػػت‬
‫فيقوؿ أل أنزؿ أنزؿ ‪ ..‬نعـ أنزؿ خي ار ‪ . .‬الخ ‪.‬‬

‫وهذا يحدث فػػي المخاطبػػات ‪ ،‬ولمػػف هػػل يقػػاس القػرآف المػػريـ علػػى المخاطبػػات ال ػػاذة والخاط(ػػة ؟ وهػػل‬
‫يقاس الذيف اتقوا ) بالطنب المسالى ؟‬

‫هبهـ لـ ينتفعوا مف القرآف في تصحيح المخاطبات أفيكوف البديل هو حكػػـ القػرآف بالمخاطبػػات الخاط(ػػة‬
‫واعتمادها لتبرير وجود الحذؼ ؟ ‪.‬‬

‫إف المثػػاؿ اآلنػػف يك ػػف لػػؾ بصػػورٍة جليػ ٍة ػ كػ ِّ‬


‫ػأي مثػػاؿ آخػػر تناق ػػه القصػ ّػدية ػ يك ػػف لػػؾ عػػف مػػدى‬
‫التحجػػر الػػذي طػػاؿ االعتبػػا بحيػػث أف الم ػوارد التػػي ال ّ‬
‫تحقػػق لػػه غاياتػػه وال تػػرتبط بأهدافػػه لػػـ يحسػػف‬ ‫ّ‬
‫توجيهها ليحيط افمار بأمبر قػػدر مػػف الحيطػػة كمػػا هػػو مفػػروض بػػل عاملهػػا بع ػوا(ية أيضػا ‪ .‬وهػػذا كلػػه‬
‫تحقيق لقوله تعالى أل إف ى اليهدي مف هو مسرؼ ك ّذاب ) ‪ /‬غافر ‪ٕٛ‬‬

‫يضل ى مف هو مسرؼ مرتاب ) ‪ /‬غافر ٖٗ‬


‫أو قوله أل كذلؾ ّ‬
‫ويمكنؾ أف تتأمد في مثل هذ الموارد بوضع صيغة من(مة للسؤاؿ ػ فالتقػػدير االعتبػػاطي أنػػزؿ خيػ ار )‬
‫ليس سؤاله أل ماذا انزؿ ؟ ) بل سؤاله أل ماذا فعل ؟ ) والجواب أل أنزؿ خيػ ار ‪ ،‬فجػػل إدخػػاؿ الفعػػل فػػي‬

‫‪82‬‬
‫بسبب مف أف االستفهاـ هو عف الفعل تحديدا ػ وهو أ‬
‫أمر تعلمه جميع االمـ اللغوية االّ أمتنا !!‬ ‫ٍ‬ ‫الجواب‬
‫‪.‬‬

‫واذا كػػاف ذلػػؾ عجيب ػا فافعجػػب منػػه تس ػالـ مػػف جػػاء بعػػدهـ علػػى هػػذ افخطػػاء حػ ّػد أف بلػػغ افمػػر فػػي‬
‫العصور النحقة أف الدارسيف صاروا ينظروف الى أبحاث السلف نظر الجاهل الى ما فعله العػػالـ ولسػػاف‬
‫العاميػػة أف نبلػػغ‬
‫ّ‬ ‫حالهـ يقوؿ أل إذا كانت اللغة لغتهـ والفصحى كنمهـ فأّنى لنا ونحف نتحدث باللهجػػات‬
‫ما بلغو مف معرفتها ؟ ‪.‬‬

‫وماعلموا أنهـ لف يبلغوا ما بلغوا مف تدميرها وهذا هو منتهى التراجع وانعداـ الثقة بالنفس ‪.‬‬

‫فاالعتبا قد أعلف عف نفسػػه وأهدافػػه فػػي مواضػػيع ومؤلفػػات ال حصػػر لهػػا ػ ولػػيس ك ػػفها عسػػي ار علػػى‬
‫المبتد(يف فضنا عف ذوي الدراسات المتخصصة ‪.‬‬

‫ظريها حوؿ االلفاز المحذوفة أل‬


‫وقد قالت ا عتباطية ب أف الحذؼ واختنؼ من ّ‬
‫ػردد المحػػذوؼ بػػيف الحسػػف وافحسػػف وجػػب تقػػدير افحسػػف فف ى وصػػف كتابػػه بأنػػه أحسػػف‬
‫ومهمػػا تػ ّ‬
‫ٔ‬
‫الحديث فليكف محذوفه أحسف المحذوفات )‬

‫وبهذ المناسبة ت كر القصدية جماعات االعتبا على إصدارهـ هذا القانوف االحتيػػاطي ‪ ،‬ولمنهػػا تسػػأؿ‬
‫التردد بيف القبيح وما هو أقبح منه مف وجهػػة نظػػر جماعػػة لغويػػة أخػػرى ؟ !‬ ‫أيض ا ما هو ّ‬
‫الحل اذا كاف ّ‬
‫‪.‬‬

‫قوله تعالى أل جعل ى المعبة البيت الحراـ قيام ا للناس ) ‪ /‬الما(دة ‪ٜٚ‬‬

‫هذ اآليػػة اسػػتخدمت كتطبيػػق للقػػانوف السػػابق ‪ .‬فاآليػػة هػػي جملػػة مكونػػة مػػف فعػػل وفاعػػل ومفعػػوؿ بػػه‬
‫وايضاح للمفعوؿ ومفعوؿ ثاف و به جملة مف جار ومجرور ‪ ...‬والتركيب كله بالترتيب القياسي البسيط‬
‫تصر ا عتباطية على تقدير لفظ محذوؼ قبل لفظ المعبة ) هػػو‬
‫ليس فيه تقديـ وال تأخير ! ‪ .‬فلماذا ّ‬
‫قدر أبو علي ) أو حرمة ) على ّ‬
‫ماقدر غير !‪.‬‬ ‫نصب ) على ما ّ‬
‫فقدرو بهذا اللفظ ‪.‬‬
‫ثـ وجدوا أف حرمة ) أحسف مف نصب ) ّ‬
‫فما فا(دة حرمة ) وهناؾ تمييز أو بدؿ َّ‬
‫موضح للمعبة كونها البيت الحراـ ) ؟ فقالوا أل فف حرمػػة )‬
‫نصب ) … وتركوا اآلية وتجادلوا حوؿ الحرمة والنصب مع غياب تلمـ افلفاز فيها! ‪.‬‬ ‫أفصح مف‬

‫وتلؾ فصاحة ا عتباطية أل حرمة المعبة البيت الحراـ ) !‬

‫تقدر ا عتباطية اسما آخر بعد ّ‬


‫كل فعل أو بعد ّ‬
‫كل جعل !؟‪.‬‬ ‫وعلى ذلؾ لماذا لـ ّ‬

‫‪ 1‬االتقاف ػ ‪ ٕٜٔ‬ػ جٕ‬

‫‪83‬‬
‫ػػأف ) ‪ ..‬الػػخ‬ ‫مثل أل وجعل ال مس سراجا ) فتقوؿ أل وجعػػل فلػػؾ ) أو ضػػوء ) أو وجػػود ) أو‬

‫نقدر أي يء من(ـ في ّ‬
‫كل تركيب‬ ‫‪.‬ولنستمر في المناق ة حوؿ المقدرات ونترؾ اآليات ف ننا يمكف أف ّ‬
‫قرآني بن استثناء إذا أخذنا بقوانيف ا عتباطية وفذلماتها ! ‪.‬‬

‫قوله تعالى أل ول(ف سألتهـ مف خلقهـ ليقولف ى ) ‪ /‬الزخرؼ ‪ٛٚ‬‬


‫ُنبػه القارئ المريـ الى مسألة لها داللتهػػا فػػي مناق ػػات االعتبػػا ‪ .‬فػ نهـ تجػػادلوا فػػي المكػػاف ) الػػذي‬
‫أّ‬
‫المقدر المحذوؼ وهذا بالنسػػبة للقصػػدية ال يعنػػي االّ ػػي(ا واحػػدا وحسػػب ! وهػػو أل‬
‫ّ‬ ‫يضعوف فيه اللفظ‬
‫مقدر مف عندها ) ‪ .‬فهذا هو الهػػدؼ ولػػيس ذلػػؾ غايػػة لهػ ٍ‬
‫ػدؼ آخػػر‬ ‫أف ا عتباطية تريد دا(ما وضع لفظ ّ‬
‫كالتفسير ونحو ػ إذ المفروض أف المحذوؼ يعلف عف نفسه ويحدد موضعه بنفسه فف المحذوؼ أصػػل‬
‫في الجملة والجملة نسق متمامل واذا حػػذفت منهػػا ػػي(ا في سػػبب فيفتػػرض أف الموضػػع ) الػػذي خػػن‬
‫مف اللفظ يحكي داخل النسق ويعلف عف نفسه ‪ .‬لمف لما كاف افمر ليس كذلؾ عند االعتبا ‪ ،‬فالنتيجة‬
‫الوحيدة هي أف اللفظ غريب ) عف النسق ويحاوؿ االعتبا أف يجد لهذا الغريب موضع ا ‪ .‬ومثػػاؿ ذلػػؾ‬
‫اآلية المريمة السابقة ‪.‬‬

‫المقدر عندهـ هو خلقهـ ) ثاف يجب أف يضاؼ إلى اآلية ! ولمف أيف يضعو ؟‬
‫ّ‬ ‫فاللفظ‬

‫قاؿ قوـ أل بعد لفظ الجنلة ‪ .‬وقاؿ آخروف بل قبل لفظ الجنلةٔ ‪ .‬وافخير اختار السيوطي ‪.‬‬

‫ٔ ) فف السؤاؿ مػػف ) يسػػأؿ عػػف الفاعػػل فاعػػل الخلػػق المتعلػػق بهػػـ )‬ ‫وكما ترى فهذا مثل الفقر‬
‫فالجواب عليه أل ى ) ‪.‬‬

‫وتقديرهـ سؤاله أل كيف وجدتـ ؟ يصح أف يكوف جوابه الميفية التي تحتاج الػػى فاعػػل فيقولػػوف أل خلقهػػـ‬
‫ى‪.‬‬

‫ا عتباطيػػة اذف ال تفػػرؽ بػػيف الصػػيغ المتعػػددة لنسػػتفهاـ واالجوبػػة المن(مػػة لمػػل منهػػا وال تػػدري كيػػف‬
‫تعمل أدوات االستفهاـ ‪ ،‬فنها في الواقع ال تريد أف تدري ‪.‬‬

‫والذيف يؤمنوف بالغيب ويقيموف الصنة ) ‪ /‬البقرة ٖ‬


‫قالت ا عتباطية اي بالغيب وال هادة ) وافخير حذؼٕ ‪.‬‬

‫خلطػػت ا عتباطيػػة بػػيف هػػذ اآليػػة وبػػيف قولػػه عػػالـ الغيػػب وال ػػهادة ) ػ بػػيف ا لػػه العػػالـ واالنسػػاف‬
‫المػػؤمف بالغيػػب ) ػ إذ كيػػف يػػؤمف المػػرء بال ػػهادة وال ػػهادة حضػػور اآلنػػي ولمػػل كػػا(ف حػػي ػػهادته‬

‫انظر االتقاف ػ ٖٓٔ‬ ‫ٔ‬


‫في االتقاف ػ ٖٓٔ ػ وفي مؤلفاتهـ االخرى ػ باب الحذؼ ‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪84‬‬
‫وحضور ! فخلطت بيف العلػػـ وا يمػػاف وبػػيف اآليتػػيف ‪ .‬وفػػي هػػذا تنحػػظ االعتبػػا غارقػا فػػي الوحػػل الػػى‬
‫أذنيه ! ‪.‬‬

‫ورب الم ارؽ ) ‪ /‬الصافات ‪٘/‬‬


‫قالوا أل أي والمغارب فحذؼ المغارب !‬

‫حػػاولوا اسػػتجنب نسػػق سػػورة المعػػارج أل فػػن أقسػػـ بػػرب الم ػػارؽ والمغػػارب ) ػ لتقػػدير فػػي نسػػق‬
‫الصافات ‪ .‬ول(ف سألتهـ أل هل نسي المتملـ المغارب ) ؟ ليقولف أل معاذ ى ‪ ،‬ول(ف سألتهـ أل هػػل كػػاف‬
‫فأذف لمـ أف تأخذوا لفظا مف موضع فتجعلو في موضػػع‬ ‫عجنا فتركه هنا ؟ ليقولف أل سبحاف ى ‪ ،‬قل أل ِ‬
‫آخر ؟ سيقولوف أل ال ! ‪ ،‬قل أل فهل تعلموف مافي نفسه كما يعلـ مافي انفسكـ ؟ سػػيقولوف أل ال ‪ ،‬قػػل أل‬
‫فهػػل تػػرؾ لفػػظ المغػػارب ) هنػػا لغايػػة يقتضػػيها المعنػػى أـ اعتباطػا ؟ ‪ ...‬فسينغضػػوف اليػػؾ رؤوسػػهـ‬
‫ويقولوف ‪. ) ...‬‬

‫ويتضح لؾ مف هذ التساؤالت المفترضة طبيعة الحػػل القصػػدي وعنقتػػه بػػالنص مقابػػل ا عتباطيػػة التػػي‬
‫المحددة للنص بحسب مراد القا(ل ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫تحاوؿ إغفاؿ الغايات‬

‫ومثل الذيف كفروا كمثل الذي ينعق ) ‪ /‬البقرة ٔ‪ٔٚ‬‬


‫ن فػػي كتػػاب النظػػاـ القرآنػػي حيػػث جعلػوا المثػػل للرسػػوؿ ص ) والنػػاعق هػػو بينمػػا المثػػل‬‫مفصػ ا‬
‫ّ‬ ‫الحظنا‬
‫للذيف كفػػروا ‪ ،‬وهػػذا يظهػػر مػػف نظػػاـ المجموعػػات والعنقػػات اللفظيػػة الم ػػتركة ‪ .‬والغايػػة منػػه واضػػحة !‬
‫ف خصية المتلقي للمتاب هي الهدؼ الثاني مف أهداؼ االعتبا ‪.‬‬

‫وله ماسكف في الليل والنهار ) ‪ /‬افنعاـ ػ ٖٔ‬


‫تحرؾ فحذؼ ‪.‬‬
‫قالوا أل أي وما ّ‬
‫ومناق ػػته ػػبيهه بمناق ػػة ورب الم ػػارؽ ) فػػي الفقػػرة ‪ . ٘ /‬وهػػذا علػػى العمػػوـ بطػػاؿ مقػػوالت‬
‫ا عتباطية ‪ .‬اما مناق ة النص نفسه فهي كباقي النصوص غير ممكنة في هذا المختصر ‪.‬‬

‫قالوا االف ج(ت بالحق ) ‪ /‬البقرة ٔ‪ٚ‬‬


‫قالوا أل الحق الواضح ) وحذؼ الواضح ‪.‬‬

‫وهػػذا طبيعػػي ب النسػػبة لنعتباطيػػة ‪ .‬فػػالحق عنػػدها نوعػػاف واضػػح وغيػػر واضػػح تمامػا مثػػل القػػا(ليف فػػي‬
‫النص ت ابهت قلوبهـ ) ‪.‬‬

‫‪85‬‬
‫الحظ أساليب االعتبا للدفاع عف إخوانهـ في قصة ذبح البقرة علػػى اعتبػػار أف مػػا ذكػػر موسػػى ع )‬
‫لهـ مف الصفات كاف حقا ولمنه غير واضح !! ‪.‬‬

‫وهػػذ جملػػه مػػف المنػػوز ) التػػي كانػػت محذوفػػة فػػي الػػنص القرآنػػي واسػػتخرجتها ا عتباطيػػة لألمػػة‬
‫المرحومة أل‬

‫أ ‪ .‬لـ يلبثوا االّ ساعة مف نهار بنغ ) ‪ /‬افحقاؼ ٖ٘‬


‫أي هذ أو هذا بنغ !!‬

‫ب ‪ .‬أيها المؤمنوف ) ‪ /‬النور ٖ٘ٔ‬


‫أي أيها القوـ المؤمنوف !!‬

‫ج ‪ .‬فن خوؼ عليهـ ) ‪ /‬البقرة ‪ٖٛ‬‬


‫يء ) عليهـ !‬ ‫أي فن خوؼ‬

‫د ‪ .‬قالوا أساطير االوليف ) ‪ /‬الفرقاف ٘‬


‫قالوا أي هي أساطير االوليف !‬

‫هػ ‪ .‬إذا بلغت التراقي ) ‪ /‬القيامة ‪ٕٙ‬‬

‫أي الروح علما أف الروح مذكر في ّ‬


‫كل الموارد القرآنية !‬

‫و ‪ .‬ال يستوي منكـ مف أنفق مف قبل الفتح وقاتل ) ‪ /‬الحديد ٓٔ‬


‫أي وم ػػف أنف ػػق بع ػػد ‪ .‬علم ػػا أف اآلي ػػة ت ػػذكر ذل ػػؾ ف ػػي س ػػياقها أنفقػ ػوا م ػػف بع ػػد وق ػػاتلوا ) فم ػػا ه ػػذ‬
‫االمت افات العظيمة !‬

‫‪86‬‬
‫ز ‪ .‬فن نقيـ لهـ يوـ القيامة وزنا ) ‪ /‬المهف ٘ٓٔ‬
‫أي نافعا وحػػذؼ ‪ ،‬علمػا أف مػػف اليقػػيـ لػػه وزنػػا ال وزف لػػه وأسػوأ ممػػف خفػػت موازينػػه ) ! فػػانظر الػػى‬
‫مدى فهـ ا عتباطية ‪.‬‬

‫ح ‪ .‬مف عمل صالحا فلنفسه ) ‪ /‬فصلت ‪ٗٙ‬‬


‫أي عمله لنفسه فحذؼ العمل ! امت اؼ آخر لنعتبا ‪.‬‬

‫‪ .‬الح أ هر معلومات ) ‪ /‬البقرة ‪ٜٔٚ‬‬


‫أي أ هر الح أ هر ‪ .‬أو الح ح ُ أ هر!‬

‫ي ‪ .‬لو نعلـ قتاالا التبعنامـ ) ‪ /‬آؿ عمراف ‪ٔٙٚ‬‬


‫أي مكانا للقتاؿ ! ويبدو أف االعتبا يعتقد ب مكانية القتاؿ في النمكاف ) !‬

‫حرمت عليكـ الميتة ) ‪ /‬الما(دة ٖ‬


‫ؾ‪ّ .‬‬
‫محرمة فف التحريـ يتعلق باففعاؿ ال بافجساـ ! فيعلـ مف ذلؾ وجود‬ ‫قالوا أل العقل يدؿ على انها ليست ّ‬
‫لفظ محذوؼ نحو أمل ) مثنا فنهـ لـ يػػذكروا اللفػػظ المحػ ذوؼ هػػذ المػػرة فػػي أي مصػػدر ‪ .‬ويبػػدو أف‬
‫المحرمة ‪ .‬فاذا قالوا أمل ) يجب تغيير حرمػػت‬
‫ّ‬ ‫السبب هو وجود التاء ) المتعلقة بالميتة نفسها فهي‬
‫الى حرـ ) وهذا غير ممكف ‪.‬‬

‫واذا قدَّروا الجملة أف تاملوا ) مثنا يجب أف يقوؿ حرـ عليكـ أف تاملوا ) والنتيجػػة واحػػدة فهػػذ التػػاء‬
‫بالنسبة لهـ م كلة حرمتهـ مف تحديد أي تقدير ! ‪.‬‬

‫محرمػػة ولػػيس المحػػرـ هػػو أملهػػا فقػػط ػ دمهػػا‬


‫ينحظ الحل القصدي أف هذا ا حكاـ مقصود فالميتة كلهػػا ّ‬
‫وعظمهػػا و ػػعرها ػ أو صػػوفها أو وبرهػػا ػ … الػػخ ‪ .‬فػػأي تقػػدير يجعػػل التحػػريـ جز(يػا ‪ .‬فنحػػظ بنفسػػؾ‬
‫الفرؽ بيف القصدية واالعتبا ‪.‬‬

‫علما أف الموارد التي تركت ا عتباطية االست هاد بهػػا مػػع أنهػػا داخلػػة فػػي أحػػد أقسػػاـ الحػػذؼ هػػو لهػػذا‬
‫السػػبب فػػأمثر التراميػػب القرآنيػػة ال يمكػػف إدخػػاؿ لفػػظ غريػػب عليهػػا مػػا لػػـ يحػػدث تغييػ ار آخػ ار فػػي افلفػػاز‬
‫المجاورة فتجنبت ا عتباطية ذكرها ‪.‬‬

‫‪87‬‬
‫ؿ ‪ .‬قالوا سنم ا ) ‪ /‬هود ‪ٜٙ‬‬

‫أي سّلمنا سنم ا ‪.‬‬

‫مع أف المسّلـ ) على خص ال يأتي بالفعل بل يقوؿ سنـ علػػيكـ أو السػػنـ علػػيكـ وال يقػػوؿ أل أسػِّلـ‬
‫سنما عليكـ وقد فات االعتبا أف سنما ) هنػػا لػػيس المقػػوؿ نفسػػه وانمػػا هػػو مفعػػوؿ بػػه لػػػ قػػالوا )‬
‫وسػػنم ا ال زاؿ مػػف أخبػػار المػػتملـ ولػػيس صػػيغة السػػنـ ‪ .‬فػػالقرآف يخبرنػػا انهػػـ قػػالوا سػػنم ا معينػ ا تحيػػة‬
‫وسبب‬ ‫براهيـ بلغة متعارفة بينهـ يوجب اال عار بالسنـ ) نفسه بمعنا ال مجرد التحية ‪.‬‬
‫ذلؾ أنهـ ي عروف أنه يوجس منهـ خيفة فحققػوا معنػػى السػػنـ ) بمػػا هػػو سػػنـ ) ال بمػػا هػػو تحيػػة‬
‫فلػػػذلؾ قػػػاؿ‬ ‫خنؿ التحية ‪.‬‬
‫سنـ ) بالرفع وهذ المرة هو مقوؿ ابراهيـ اقتصر على كلمة واحد تحي اة ّ‬
‫وردا على السػػنـ وظهػػر فيهػػا‬ ‫أ‬
‫التػػوجس واضػػحا ال نػػه لػػـ يػػزد علػػى ذلػػؾ ولػػذلؾ جػػاء بػػالرفع علػػى االبتػػداء فهػػو مقػػوؿ ‪ .‬أال تػػرى كيػػف‬
‫ـ ‪ .‬سػ ػػنـ‬ ‫قوـ منكروف ) ‪.‬‬
‫أسرع بعدها با عنف عف التوجس سنـ ! أ‬
‫قوـ منكروف ) قالوا المحذوؼ أنتـ ) قوـ منكروف وأخطأ االعتبا هنا أيضا لعػػدـ فهػػـ ال ػػطر االوؿ ‪.‬‬
‫إذ‬
‫حسبوا أنه قاؿ لهـ ذلؾ في وجوههـ ػ إنما القرآف يخبرنا بطريقة العرض الحيوي للوقػػا(ع أنػػه قػػاؿ سػػنـ‬
‫وفي نفس الوقت قاؿ في نفسه ) قوـ منكروف ػ فجعلها جملة واحدة فنها في لحظػػة واحػػدة ولػػو كػػانوا‬
‫قد سمعوا منه هذ المقالة فجابو فو ار ال تخف إنا رسل ربؾ ) أو ال توجل ) ‪ .‬وهذ ا جابة تػػأخرت‬
‫لمػػا بعػػد دخػػولهـ الػػدار وتقػػديـ الطعػػاـ ‪ .‬فحينمػػا قػػاؿ لهػػـ إنػػا مػػنكـ وجلػػوف ) أجػػابو فػ ا‬
‫ػور ال توجػػل )‬
‫يفرؽ أجزاء الحدث وال ّ‬
‫يكرر كما تدعي‬ ‫وهذ المقالة غير تلؾ ومختلفة عنها زمانا خنؿ الحدث فالقرآف ّ‬
‫ا عتباطية عند دراستها ما تسميه بالتمرار ‪.‬‬

‫‪88‬‬
‫المبحث الرابع ع ر‬
‫تقديـ الخبر على المبتدأ‬

‫يقدـ االعتبا تأوينته للنصوص على انها مسّلمات يتوجػػب أخػػذها بغيػػر مناق ػػة‪ .‬علػػى أف مبػػادئ تلػػؾ‬
‫ّ‬
‫التأوينت هي االعتبا نفسه ‪ ،‬ذلؾ فف هذا االتجا العاـ في الفكر ال ناقد له االّ نفسه فمما أسلفت أف‬
‫ػدية ػ خصػػمه الوحيػػد ػ هػػي حالػػة فرديػػة ومنعزلػػة ‪ .‬فالسػػلطاف والصػػولجاف والفكػػر والن ػػر وا عػػنف‬
‫القصػ ّ‬
‫والحل والعقد هي جميعا في يد ا عتباطية ‪ .‬فمثن إف المعنػػى الػػذاتي ) للمفػػردة غا(ػػب دومػا وال يظهػػر‬
‫االّ عند التركيب أي أف المعنى تابع للفظ دوما ػ فهذا مبدأ اساسي في علـ اّللغة االعتباطي‪.‬‬

‫ويقوـ االعتبا بتأسيس هػػذ الفكػػرة المتناقضػػة ويبػػذؿ الجهػػد لجعلهػػا حقيقػػة فػػي فصػػل كامػػل أو فصػػوؿ‬
‫ن وفػػي نفػػس المتػػاب فيلتقػػي بال ػواهد يتحػػوؿ الػػى الفكػػرة‬
‫وهي المتعلقػػة بالدال لػػة ولمنػػه حينمػػا يبتعػػد قلػػي ا‬
‫المناقضػػة لهػػذا المبػػدأ كلمػػا دعتػػه حاجػػة التفسػػير الػػى ذلػػؾ ‪ .‬ففػػي موضػػوع تقػػديـ الخبػػر قػػاؿ الزملمػػاني‬
‫مبغوـ ) قاؿ أل‬
‫ُ‬ ‫داع يناديه باسـ الماء‬
‫ٍ‬ ‫ب اف ال اهد‬

‫أي بالماء ‪ ،‬ف ذا ثبت أف اللفظ تبع المعنى وجب أف يقضى على بنونا ) في قوله أل‬
‫ِ‬
‫افباعد )‬ ‫بنوهف أبناء الرجاؿ‬ ‫بنونا بنو أبنا(نا وبناتنا‬

‫فػػتنحظ أف االعتبػػا يفاجػػأؾ دوم ػا بالتناقضػػات فبعػػد ثبػػوت تبعيػػة المعنػػى للفػػظ ) فػػي بحػػث الدال لػػة‬
‫المتقدـ يثبت فجأة العكس تبعية اللفظ للمعنى ) خنؿ التطبيق ‪ ..‬فا عتباطية واحدة ػ الحامـ المسػػتبد‬
‫ِّ‬
‫المتغيػػر افهػواء واللغػػوي المسػػتبد تيػػار واحػػد وفمػػر واحػػد ‪ .‬ثػػـ قػػاؿ أل إذا ثبػػت ذلػػؾ فػ ف بنونػػا ) هػػو‬
‫الخبر و بنو أبنا(نا ) هو المبتدأ إذ المعنى على جعػػل بنػػي البنػػيف بنػػيف ولػػيس علػػى جعػػل البنػػيف بنػػي‬
‫ٔ‬
‫البنيف !! )‬

‫المتعمػػد والتنعػػب بااللفػػاز فػػي مثػػل هػػذا النمػػوذج ‪.‬‬


‫ّ‬ ‫وأريػػد مػػف القػػارئ هنػػا التوقػػف لمنحظػػة المػػذب )‬
‫فال ػػاعر يقػػوؿ أل بنونػػا ػ علػػى الحقيقػػة ػ هػػـ بنػػو أبنا(نػػا ػ أمػػا البنػػات فأبنػػا(هف مػػف ذريػػة رجػػاؿ أباعػػد ‪.‬‬
‫فالجملة ال يمكف تغييرها ال تركيبا وال معنى بنونػػا بنػػو أبناءنػػا ) ػ وبنونػػا مبتػػدأ وبنػػو أبناءنػػا خبػػر ػ وهػػو‬
‫ا‬
‫تعريف للبنيف ‪ ،‬واجابة على السؤاؿ أل مف هـ بنونا ؟ الجواب أل بنونا بنو أبناءنا ‪.‬‬

‫وانما جماؿ البيت هػػو فػػي تقػػديـ المبتػػدأ ػ فأل نػػه معلػػوـ إذ ال أحػػد ال يػػدرؾ مػػف هػػـ البنػػوف ) كػػاف ذلػػؾ‬
‫بمثابة ا ثارة للسامع ليسمع تعريفا جديدا للبنيف مقصو ار على بني افبناء ‪ .‬إذف المعنى هو علػػى جعػػل‬
‫البنيف بني البنيف تحديدا ‪ .‬فليست غايػػة ال ػػاعر أصػ ا‬
‫ن تعريػػف بنػػي افبنػػاء وانمػػا هػػو التعريػػف بافبنػػاء‬

‫البرهاف ػ ‪. ٕٕٛ‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪89‬‬
‫أبناء فعلييف ! فهو يجعػػل البنػػيف الفعليػػيف بنػػي البنػػيف دوف بنػػي البنػػات ‪ .‬وال يعػػزب‬
‫الذيف يراهـ هو ) ا‬
‫هذا الفهـ عف اال عتباطييف المولعيف بافنساب وافحساب ‪ ،‬والذيف يقصػػروف البنػ ّػوة لبنػػي افبنػػاء الػػذكور‬
‫تملقػا للتيػػار العباسػػي الػػذي يجابػػه التيػػار العلػػوي بمثػػل هػػذ اففمػػار باعتبػػارهـ بنػػي افبنػػاء وأول(ػػؾ بنػػي‬
‫البنات إ ارة الى الزهراء ع ) بنت النبي ص ) ػ ال تعزب هذ المفاهيـ عف التيار االعتباطي ػ والبيػػت‬
‫ولمػػ ػ ػ ػػف مػػ ػ ػ ػػا داـ‬ ‫إنما هو مف وسا(ل الدعاية لهذ المسألة ‪.‬‬
‫يتحوؿ الى بنػػي افبنػػاء ػ وهػػـ أمثػػر أهميػػة فنهػػـ المقصػػودوف بػػذلؾ ومػػا داـ ذلػػؾ لػػيس فيػػه إالّ‬
‫التعريف ّ‬
‫مزيد رؼ للممػػدوحيف ويحػػل ا ػػكا اال فػػي التقػػديـ وتأخػػذ النػػاس علػػى أنػػه ػػاهد لتقػػدـ الخبػػر فلمػػاذا ال‬
‫تحاولػػه ا عتباطيػػة ؟ بػػل تحاولػػه حتػػى لػػو نػػاقض مباحػػث الدال لػػة ونػػاقض المنطػػق اللغػػوي ونػػاقض مػراد‬
‫ال اعر ػ فف التناقض ليس اسلوب ا في ا عتباطية ػ بل التناقض هو هدفها مف العملية كلها ‪.‬‬

‫‪90‬‬
‫المبحث الخامس ع ر‬

‫تقديـ بعض افسماء على بعض‬


‫في القرآف‬

‫تقر ا عتباطية أف أل‬


‫ّ‬
‫ٔ‬
‫ضد )‬
‫تقديـ وتأخير افسماء قد يقلب المعنى الى ّ‬
‫وهي إذ تقرر ذلؾ ‪ ،‬فهي ال تدرس النص كما هو ‪ ،‬وبما يوجبه هذا ا قػرار مػػف االمتنػػاع عػػف التنعػػب‬
‫بالنص تقدي ار أو تخمينا ‪ ،‬بل ترى أف التقديـ والتأخير إذا كاف يغير المعنى العاـ للعبارة ‪ ،‬فهو أمػػر بػػالغ‬
‫المنفعة لنعتبا فف غايته التناقض وا بهاـ وا يهاـ ! وهذا يمثل سر البنغة في نظرها ‪.‬‬

‫وب مكانػػؾ أف تقػ ِّػيـ فلسػػفة ا عتباطيػػة بكاملهػػا مػػف خػػنؿ هػػذا السػػلوؾ وحػػد ولهػػا فػػي هػػذا الموضػػوع‬
‫أسلوباف أل‬

‫افوؿ أل ففيما يخص النصوص التي ال يمكف تبديلها تقدي ار أو حذفا والتي هي عبارة عف أجزاء تعبيريػػة‬
‫مركبات ) مثل أل‪ ‬وهو العزيز الغفور ‪  ، ‬الرحمف الرحيـ ‪  ، ‬العلي‬
‫ّ‬ ‫أو ما أطلقنا عليه في النظاـ أل‬
‫العظيـ ‪  ، ‬وليا وال نصي ار ‪. ‬‬

‫تغيير فيها ولذلؾ فهػػي تمتفػػي هنػػا بمحاولػػة إبػراز‬


‫ٍ‬ ‫المركبات ال تقدر االعتباطية على إحداث‬
‫ّ‬ ‫في مثل هذ‬
‫تقدـ أحد افلفاز على غير ‪ .‬وهي تختػػار المػوارد الواضػػحة وضػػوحا كافيػا ػ وال تبحػػث عػػف المػوارد‬
‫سبب ّ‬
‫يتغيػػر فيهػػا هػػذا الترتيػػب ‪ .‬وتمتفػػي عنػػد ّ‬
‫التغيػػر بػػذكر ػػاهد واحػػد ويسػػتمر االعتبػػا بػػذكر ال ػواهد‬ ‫التي ّ‬
‫نفسها ألف سنة وأربعما(ة سنة أخرى بعد افلف ! ‪.‬‬

‫يحدد التقديـ والتأخير عنػ دهـ هػػو الرتبػػة المتعلقػػة هنػػا بمفهػػوـ أو معنػػى اللفػػظ وهػػذا مثػػاؿ متمػػرر‬
‫والذي ّ‬
‫لنعتبا أل‬

‫‪ ‬الغفور الرحيـ ‪ ‬أل المغفرة سنمة والرحمة غنيمة والسنمة مطلوبة قبل الغنيمةٔ‪.‬‬

‫تغير الترتيب وهو الػػرحيـ الغفػػور ) قالػػت ا عتباطيػػة بضػػرورة قػراءة اآليػػات‬ ‫ولما َ‬
‫وجَد ْت في سورة سبأ ّ‬ ‫ّ‬
‫عامػػة والمغفػػرة خاصػػة والعػػاـ مقػ ّػدـ علػػى‬
‫ّ‬ ‫ػة‬
‫ػ‬‫م‬ ‫الرح‬
‫و‬ ‫ػا‬
‫ػ‬‫ه‬‫كل‬ ‫ػات‬
‫ػ‬‫ن‬ ‫الما(‬ ‫عف‬ ‫هو‬ ‫فيها‬ ‫الحديث‬ ‫أف‬ ‫فوجدت‬ ‫ة‬‫ا‬ ‫ل‬ ‫كام‬
‫الخاص ‪.‬‬

‫البرهان ـ ‪ 222‬الفن الثالث ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫رة في اكثر التفاسير المطولة ‪.‬‬

‫‪91‬‬
‫متغيأر وظروؼ الدراسة متغيرة ‪َ .‬أو ليسػػت الما(نػػات ِّ‬
‫تفضػػل السػػنمة قبػػل الغنيمػػة‬ ‫إذف فمنه االعتباطية ّ‬
‫كما في اآليات االخرى ؟ َأو ليس ا نساف مف الما(نات ؟‬

‫ففي المرة افولى المقياس هو معنى اللفظ وموضوعه المتلقي ! ‪.‬‬

‫وفي المرة الثانية المقيػػاس هػػو سػػياؽ الحػػديث وموضػػوعه فيمػػا هػػو خػػاص وعػػاـ مػػف جهػػة الصػػدور أي‬
‫صدور المغفرة والرحمة مف ى !! ‪.‬‬

‫وهذا يعني أف اسػػتعماؿ اللفػػظ فػػي القػرآف اعتبػػاطي وال يقػػع ضػػمف قاعػػدة محػػددة ػ فهػػذا هػػو مرادهػػا مػػف‬
‫افبحاث ‪ .‬وحينذاؾ ال تستطيع ا عتباطية ا جابة على ترتيب االلفاز في التغيرات بالصورة ال ػػاملة فػػي‬
‫العزيز ) بألفاز عديدة تقديما وتأخي ار ‪ ..‬بل امتفى االعتبا بػػذكر ػػرح‬ ‫تراميب متنوعة جدا مثل ارتبا‬
‫الزملماني هذا متفاخ ار به منذ ألف عاـ فػػي جميػػع المصػػادر والم تػػب والد ارسػػات قػػديمها وحػػديثها ! الحػػظ‬
‫الموارد المتنوعة التي تركها االعتبا والمرتبطة بلفظ العزيز ) فقط أل‬

‫‪ ‬وهو العزيز الحكيـ ‪ / ٗ ‬إبراهيـ‪ / ٔٓ ،‬افنفاؿ … الخ‬

‫‪ ‬وهو العزيز العليـ ‪ / ٚٛ ‬النمل‪ ..‬الخ‬

‫‪ ‬لهو العزيز الرحيـ ‪ / ٜ ‬ال عراء والملي فيها ‪ ٜ‬موارد‬

‫ٖٕ ‪ /‬الح ر‬ ‫‪ ‬العزيز الجبار ‪‬‬

‫ٓٗ ‪ /‬الح‬ ‫‪ ‬لقوي عزيز ‪‬‬

‫‪ ‬وهو القوي العزيز ‪ / ٜٔ ‬ال ورى ‪ ...‬الخ‬

‫‪ / ٜٗ‬الدخاف‬ ‫‪ ‬العزيز المريـ ‪‬‬

‫ٕٗ ‪ /‬القمر‬ ‫‪ ‬عزيز مقتدر ‪‬‬

‫‪ / ٙٙ‬ص‬ ‫‪ ‬العزيز الغفار ‪‬‬

‫٘‪ / ٜ‬الما(دة ‪ ..‬الخ‬ ‫‪ ‬عزيز ذو انتقاـ ‪‬‬

‫‪ / ٛ‬البروج ‪ / ٔ ،‬إبراهيـ ‪.‬‬ ‫‪ ‬العزيز الحميد ‪‬‬

‫كذلؾ يتناوب اللفظ رحيـ وغفور مع غيرهما كما في التراميب أل‬

‫حليما غفو ار )‬ ‫رؤوؼ رحيـ )‬ ‫غفو ار رحيما )‬ ‫عفوا غفو ار )‬

‫غفور حليـ )‬ ‫غفور رحيـ )‬ ‫عزيز غفور )‬ ‫الغفور ال كور )‬

‫‪ ..‬الخ ‪.‬‬ ‫عفوا قدي ار )‬ ‫تواب حكيـ )‬ ‫تواب رحيـ )‬

‫‪92‬‬
‫اميب متباينة جدا في الترتيب ‪.‬‬
‫وهي تر أ‬
‫وحينما تعجز ا عتباطيػػة عػػف تقػػديـ الحلػػوؿ وتمتفػػي ب ػػاهد واحػػد مػػف ألػػف مػػورد متنػػوع تػػزعـ فيػػه أنهػػا‬
‫امت فت العّلػة السببية لنستعماؿ فأنها ال تعجػػز وهػػي مػػف هػػي فػػي التنػػوع وكثػػرة االتجاهػػات عػػف تقويػػة‬
‫نفسها بمختلف الوسا(ل فتـ وضػػع أحاديػػث نبويػػة) حػػوؿ ذيػػوؿ اآليػػات ػ ففػػي التفسػػير المنسػػوب البػػف‬
‫عباس عف رواة كلهـ ثقاة ) بالطبع أف النبي قاؿ بصدد حدوث تقديـ وتأخير في آيات القرآف ) قػػاؿ‬
‫أل كّله كنـ ى العلي العظيـ ‪ ،‬العزيز العليـ ال فرؽ ما لـ تجعلوا آية رحمة آية عذاب أو آيػػة عػػذاب‬
‫آية رحمة ) ‪.‬‬

‫وحينما يسأؿ المرء أيف ا عجاز إذف إذا لـ يكف في ألفاظه وألفاظه عربية وال هو في نظمه والنظـ ليس‬
‫هاما فأيف هو ا عجاز وما سببه ؟‬

‫وتستطيع ا عتباطية أف تجيب مف خنؿ اتجاهاتها المتعددة إجابات مختلفة مثػػل أف ا عجػػاز لػػيس فيػػه‬
‫إنمػػا هػػو فػػي صػػرؼ ) الخلػػق عػػف ا تيػػاف بمثلػػه ! وقػػد أ ػػكلنا علػػى هػػذ الفكػػرة فػػي كتػػاب " النظػػاـ‬
‫القرآني " في فصل خػػاص باالعتبػػا فػػي مسػػألة ا عجػػاز )‪ .‬أو أف ا عجػػاز مثػػل المنحػػة ) ُي َحػ ّ‬
‫ػس وال‬
‫ظري االعتبا اللغوي ‪.‬‬ ‫ُيفهـ ! وهي مف أفمار الجرجاني أوؿ من ّ‬

‫النصوص المتمونة مف جملة طويلة نسبيا يمكف إحػػداث تقػػديرات ) للتقػػديـ والتػػأخير فيهػػا‬
‫ُ‬ ‫الثاني أل في‬
‫‪.‬‬

‫وضػػربنا لػػذلؾ مثػػا اال فػػي كتػػاب " النظػػاـ القرآنػػي " وهػػو واحػػد مػػف م(ػػات التقػػديرات وكمػػا مػّػرت عليػػؾ فػػي‬
‫فصوله افخرى تقديرات مماثلة لتراميب متوسطة وحروؼ ‪.‬‬

‫وفي هذا النوع يجد االعتبػػا لنفسػػه مرتعػا ) غنيػا بػػأنواع التػػأوينت والتقػػديرات مػػف التقػػديـ والتػػأخير ػ‬
‫تحوؿ المعنى الى ضد ) ػ ولمف افنا المتعاظـ في ذات ا عتباطيػػة يجػػد َ‬
‫بغيتػ ُ‬
‫ػه‬ ‫متناسيا إقرار باحتماؿ ّ‬
‫في تحويل المعنى الى ضد في مقابل المتملـ!‬

‫وللتأمد مف ذلؾ ماعليؾ االّ أف تفتح أي كتاب تفسيري أو نحوي مف أي موضع ت اء لتعثر هناؾ علػػى‬
‫تـ فيها تحريف النص عف قصد ) عف سياقه الذي وضعه القا(ل فيه ! وسأذكر‬ ‫نصوص قرآنية وأدبية ّ‬
‫لؾ اآلف المثاؿ الذي أمامي للزملماني أل‬

‫ففي قوله تعالى أل وجعلوا هلل ركاء الجف ) ػ فهذا النص ال يحتاج الػػى تقػػدير وانمػػا الػػى ػػرح ػ ولمػػف‬
‫هل يمر االعتبا لي رح النص مف غير أف يلقي عليه ظنله وذاتيته ؟‬

‫بخاؼ أف ى في موضع مفعوؿ ثاف لػ جعل ) و ركاء مفعوؿ أوؿ ) ‪.‬‬


‫ٍ‬ ‫قاؿ أل وليس‬

‫‪93‬‬
‫وأنت تنحػػظ جيػػدا أف الفعػػل جعػػل ) يعمػػل بصػػورة متنوعػػة فيأخػػذ مفعػوالا واحػػدا مثػػل جاعػػل الظلمػػات‬
‫والنور ) أو مفعوليف اذا كاف الجعل على االصطنح بمعنى التحويل ) لل يء مف هي(ة الى هي(ػػة مثػػل‬
‫أل جعلت الماء ثلجا ) ‪ .‬وبحسب النحو ف ف هذا يمكف أف َّ‬
‫يعد حاالا ولمنه يعرب كمفعوؿ ‪.‬‬

‫ولمػػف حينمػػا تقػػوؿ أل جعلػػت لػػؾ حارسػا أو راتبػ ا ‪ ..‬الػػخ ) فػػالمفعوؿ واحػػد وافصػػل جعلػػت حارسػ ا ولمػػف‬
‫السامع يسأؿ أل لمف ؟ فتقوؿ أل جعلت لؾ حارسا ‪.‬‬

‫وفي اآلية أل أنهـ جعلوا الجف ركاء هلل ‪ ،‬فلفظ الجنلة لػػـ يقػػع عليػػه فعػػل وانمػػا لزمػػه تمليػػؾ ػػركاء لػػـ‬
‫ينزؿ بهـ سلطاف ‪ .‬والجعل منصب على ال ركاء الذيف هـ الجف ‪.‬‬

‫ثـ زعـ أف هذا التخري هو الذي يجعل ا ن كار على إطنقه قاؿ أل كأنه قيػػل أل فمػػف جعلػوا ػػركاء ؟ قيػػل‬
‫أل الجف ‪.‬‬

‫ديد أل إف افمر لو كاف على هذا التقػػدير لمػػا كػػاف هنػػاؾ إنكػػار علػػى مطلػػق ال ػػركاء‬
‫ٍ‬ ‫الحظ معي بانتبا ٍ‬
‫بل على نوعهـ فقط أل مف جعلوا ركاء هلل ؟ الجواب أل الجف ‪ .‬هذا مستنكر جدا يجب أف يجعلػوا غيػػرهـ‬
‫ركاء !! فهل فهمت اآلف ما تبغيه ا عتباطية ؟ ‪.‬‬

‫فػػي حػػيف أف السػؤاؿ المصػػاغ علػػى الػػنص القرآنػػي هػػو أل مػػاذا جعلػوا هلل ؟ السػؤاؿ نفسػػه اآلف تهتػػز لػػه‬

‫الجبػػاؿ وتن ػػق افرض ف نػػه لػػيس ثمػػة مخلػػوؽ يجعػػل هلل ػػي(ا االّ أف يكػػوف فػ ا‬
‫ػداء أو حمػػدا أو نػػذ ار ‪.‬‬
‫فالسا(ل يترّقب وهو خا(ف أف يجعلوا ي(ا آخر ‪.‬‬

‫أما سؤاؿ الزملماني فهو خنؼ الترتيب ويجعل موضوع ال ركاء مفروغ ا منػػه والسػػا(ل يسػػتفهـ فقػػط عػػف‬
‫نوعهـ ! إذ يبدو أنه يريد أف يكوف أحدهـ ! السؤاؿ القصدي هو أل مػػاذا جعلػوا هلل ؟ الجػواب أل جعلػوا هلل‬
‫ػػركاء ! يػػا للهػػوؿ ! ومػػف ذا ي ػػارؾ ى !؟ فيقػػوـ السػػياؽ بتهويػػل جديػػد للسػػامع فيقػػوؿ كمػػا هػػو فػػي‬
‫مسػػرح ) وكػػنـ حػػي مسػػتمر أل الجػػف ! فيصػػعقه اآلف بلفػػظ يحػ ّػدد نػػوع ال ػػركاء كػػونهـ مخلوقػػات فانيػػة‬
‫خلقها ى ‪.‬‬

‫مسرور المت افه قانونا في اللغة تعليقا على رحه اآلية أل‬
‫أ‬ ‫ثـ قاؿ وكأنه‬

‫فف الصفة إذا ذكرت مجردة عف الموصوؼ كاف الذي تعلق بها مف النفػػي عامػا فػػي كػ ّػل مػػا يجػػوز أف‬
‫ّ‬
‫تموف له تلؾ الصفة ) ‪.‬‬

‫التحقق معػػي فػػي هػػذ العبػػارة وأمثالهػػا والتػػي جػػاءت‬


‫ّ‬ ‫وأطلب مف جميع السادة القراء في العالـ االسنمي‬
‫بعػػد نػػص قرآنػػي يتحػ ّػدث عػػف التوحيػػد ) و اتخػػاذهـ ػػركاء هلل ) وعلػػى افمػػة المتابعػػة للجرجػػاني‬
‫وتنمذته ا جابة على افس(لة اآلتية أل‬

‫افوؿ أل كيف تذكر الصفة مجردة عف الموصوؼ ومع ذلؾ يكوف النفي عاما في كػ ّػل مػػا يجػػوز أف تمػػوف‬
‫له تلؾ الصفة ؟‬

‫‪94‬‬
‫فالجواز يعني إمكاف االتصاؼ بتلؾ الصفة والنفي في هذ الحالة ال يكوف حقيقيا ! فضنا عف أف يكػػوف‬
‫مطلقا ‪.‬‬

‫آف واحػ ٍػد لغػ اة أو‬


‫الثاني أل هل هناؾ مف مثاؿ لتجريد الصػػفة عػػف الموصػػوؼ مػػع هػػذا الجػواز والنفػػي فػػي ٍ‬
‫استعماالا أو منطقا سوى اآلية موضوع البحث مف خػػنؿ تقػػدير أف لفػػظ الجن لػػة مفعػػوؿ ثػػاف وأف السػؤاؿ‬
‫هو أل فمف جعلوا هلل ركاء ؟ ) ‪.‬‬

‫كن ‪ .‬لف يجد االعتبا مثاالا مف ّ‬


‫كل َلغو ُ‬
‫افم َـ ! ناهيؾ عف لغاتها ‪.‬‬

‫الثالػػث أل هػػل الجملػػة تلػػؾ متعلقػػة بالتقػػدير وال ػػرح والم ػراد أف نفهػػـ أف صػػفة ال ػػركاء جػػا(زة ولمنهػػا ال‬
‫تجوز للجف وحدهـ مف جميع الوجو ! فا طنؽ منحصر بهـ وحدهـ ؟‬

‫الرابع أل إذا كاف افمر كما ذكرنا فلماذا تراجع بعد هذ السطور فقاؿ أل لو قاؿ وجعلوا الجف ركاء هلل‬
‫كاف الجف مفعوالا أوؿ وال ركاء مفعوؿ ثاف ولتوجه ا نكار الى خصوص الجف ) وهو كػػنـ صػػحيح اآلف‬
‫ولمف هذا التركيب هو جواب السؤاؿ المقدر أل فمف جعلوا ركاء هلل ) ؟ الجواب أل جعلوا الجف ! والػػذي‬
‫جعله لتركيب اآلية ‪.‬‬

‫تفسر هذا التصرؼ على أنه اعتبا محض أـ أنه عر بتجػػاوز الحػػدود المسػػموح بهػػا فأضػػاؼ هػػذ‬ ‫ِ‬
‫هل ّ‬
‫الفقػػرة ‪ ،‬والتػػي غفػػل إنهػػا قػػد أبطلػػت الس ػؤاؿ المقػ ّػدر الػػذي وضػػعه قبيػػل ذلػػؾ وأثبتػػت بػػدالا عنػػه الس ػؤاؿ‬
‫القصدي ؟ ! ‪.‬‬

‫وحينما أراد رح هذا افمر قاؿ أل‬

‫كل مف يكوف المرـ صفة له وحكـ‬


‫إذا قلت ما في الدار كريـ ) كنت قد نفيت المينونة في الدار عف ّ‬
‫ا نكار أبدا حكـ النفي ) ‪ .‬وتتوجه هنا أس(لة أخرى أل‬

‫افوؿ أل إف الجملة في المثاؿ منفية فما عنقتها بالجملػػة القرآنيػػة التػػي تفيػػد ا ثبػػات حيػػث أثبػػت علػػيهـ‬
‫جعلهـ ركاء هلل ‪ .‬وا نكار إنما هو ضمني لموف ال ػػركاء محػػاؿ بينمػػا وجػػود كػػريـ فػػي الػػدار للجملػػة‬
‫المنفية ) ليس محاالا !‬

‫الثاني أل المتعلقات الخاصة بافلفاز ػ فالدار تتصف بوجود كػػريـ أو انتفػػاء هػػذ الصػػفة عنهػػا مػػف خػػنؿ‬
‫جملة خبرية فهنا طرفاف فقط ‪.‬‬

‫اما اآلية فافطراؼ ثنثة ػ الجاعلوف ‪ ،‬ولفظ الجنلة ‪ ،‬وال ركاء فأيف المتصػػف جػوا از بصػػفة نفيػػت عنػػه‬
‫با نكار الذي حكمه حكػ ـ النفػػي فلػػيس ثمػػة نفػػي أو إنكػػار بػػالمعنى اللغػػوي فػػي اآليػػة ػ بػػل ا نكػػار أمػػر‬
‫يخص السامع وهو تحصيل حاصل مف إثباتهـ ركاء ‪ .‬واذا قاؿ هو ى ) فذلؾ غايته ‪.‬‬

‫وقد ذكرت في كتاب سابق أف أي تمثيل للنص القرآني مف قوؿ الخلق هو تحجػػيـ للػػنص القرآنػػي وعمػػل‬
‫اعتباطي يقلب معنى النص الى ضد ‪.‬‬

‫‪95‬‬
‫وفي الجمل الطويلة أيضا يقوـ االعتبػػا بتقػػدير مفػػردات والفػػاز يضػػعها هػػو مثػػل وضػػع يقولػػوف ) فػػي‬
‫سياؽ آيتيف فيتحوؿ المقوؿ مف كونه مقوال هلل الى مقػػوؿ للمػػافريف ويػػتـ بػػذلؾ تمريػػر افمػػار فلسػػفية فػػي‬
‫الجبػػر والقػػدر وغيرهػػا وهػػي جػػزء مػػف الفكػػر االعتبػػاطي مػَّػر عليػػؾ مثػػاؿ لهػػا فػػي آيػػة ‪ ‬ومػػا أصػػابؾ مػػف‬
‫مصيبة فمف نفسؾ ‪ ‬ػ في كتاب النظاـ القرآني ‪.‬‬

‫وبامكانؾ منحظة التقدير االعتباطي لقوله تعالى أل‬

‫‪ ‬إف الذيف آمنوا والذيف هادوا والصاب(وف والنصارى مف امف بػػاهلل واليػػوـ االخػػر فػػن خػػوؼ علػػيهـ والهػػـ‬
‫يحزنوف ‪ / ‬الما(دة ػ ‪٘ٛ‬‬

‫قاؿ االعتبػػاطيوف أل افصػػل إف الػػذيف آمنػوا والػػذيف هػػادوا والنصػػارى حكمهػػـ هػػو كػػذا ‪ ،‬والصػػاب(وف كػػذلؾ‬
‫على حد ما قاله ال اعر أل‬
‫ٔ‬
‫بغاة مابقينا في قاؽ‬ ‫أال فاعلموا إّنا وأنتـ‬

‫قاؿ أل أي فاعلموا إّنػػا بغػػاة وكػػذلؾ أنػػتـ فف الخبػػر يجػػب أف يػػأتي أوالا ّ‬
‫فتعجػػل ال ػػاعر ذكػػرهـ فنهػػـ أمثػػر‬
‫بغيا مف قومه ‪.‬‬

‫وهكذا ترؾ االعتبا اآلية وعّلقها على مػػا هػػو مثػػل معنػػى بيػػت ال ػػعر ‪ .‬وأود مػػف القػػارئ أف ينتبػػه معػػي‬
‫اآلف ويراجع نص اآلية فاف المجموعات المعطوؼ بعضها على بعض هي بالترتيػػب اربػػع مجموعػػات أل‬
‫إف الذيف آمنوا ‪ ،‬والذيف هادوا ‪ ،‬والصاب(وف ‪ ،‬والنصػػارئ ) ‪ .‬واالع تبػػا أخػػرج الصػػاب(يف فقػػط مػػف الػػنص‬
‫وقدـ الخبر وتـ تزحيف النصػػارى مػػع أف الصػػاب(يف ) قبػػل النصػػارى فػػي الترتيػػب‪ .‬لمػػاذا ؟ فف المؤلػػف‬
‫ّ‬
‫أراد اعتبار الصاب(يف ) أ ار ار بما يكفي بعػػادهـ وتػػأخيرهـ ‪ .‬مػّػرة أخػػرى أؤكػػد أنػػه قػػد قػػاـ بػػذلؾ بػػالرغـ‬
‫مف أف ترتيبهـ هو الثالث والنصارى هو الرابع ‪.‬‬

‫انظر مػػا قػػاؿ أل ذلػػؾ فف الصػػاب(يف أبػػيف هػؤالء المعػػدوديف ضػػنالا وأ ػػدهـ غيػا ومػػا ُسػػموا صػػاب(يف االّ‬
‫فنهـ صب(وا عف افدياف كلها ) !!‬

‫وذكر الماتريدي في وجو التفسير ال يء نفسه وأبعد الصاب(يف قاؿأل‬

‫وقيل فيه تقديـ وتأخير كأنه قػػاؿ أف الػػذيف هػػادوا والنصػػارى مػػف آمػػف مػػنهـ بػػاهلل واليػػوـ اآلخػػر والػػذيف‬
‫آمنوا )ٕ ‪ .‬والوجو مذكورة في أمثر التفاسير المطولة ‪ .‬وخن هذا الوجه تماما مف الصاب(يف كما ترى ‪.‬‬

‫ولمف االعتبا ينسى أنه حينما يريد تعريف الملل ‪ ،‬فقريبا جدا يقوؿ عف الصاب(ة أل‬

‫إنهـ قوـ يعبدوف الموامب ويذهبوف مذهب الزنادقة ويقولوف ب ثنيف ال كتاب لهـ وال علـ لنا بهـ )‬

‫‪ 1‬البرهاف ػ ٖٕٔ ‪ ،‬وانظر تأوينت أهل السنة للماتريدي ‪ٔ٘ٛ/‬‬


‫‪ 2‬التأوينت ػ جٔ ػ ‪ٜٔ٘‬‬

‫‪96‬‬
‫ومعلوـ أف هذ العبارة متناقضة فالزنادقة ػػيء وعبػػدة الموامػػب ػػيء وأهػػل ا لهػػيف قػػوـ غيػػرهـ وكلهػػا‬
‫تنػػاقض القػػوؿ ال علػػـ لنػػا بهػػـ ) فمػػف أيػػف جػػاءوا إذف بهػػذ المعلومػػات ؟ وكمػػا تنحػػظ فػػي العمػػل‬
‫التفسيري فاف را(حة ) التروي لليهود والنصارى دوف الف(ات افخرى واضحة وظاهرة ‪.‬‬

‫واالعتبا ال يدرؾ بالطبع أف هناؾ آيتيف مت ابهتيف ) في هػػذا السػػياؽ وأنػػه يقػػوـ بعمػػل مختلػػف عنػػد‬
‫كل منهما في موردها ‪ .‬ففي آية البقرة أل‬
‫رح ّ‬
‫‪ ‬إف الػػذيف آمن ػوا والػػذيف هػػادوا والنصػػارى والصػػاب(يف مػػف آمػػف بػػاهلل واليػػوـ اآلخػػر وعمػػل صػػالحا فلهػػـ‬
‫أجرهـ عند ربهـ وال خوؼ عليهـ والهـ يحزنوف ‪‬‬

‫حيث جاء ترتيب الصاب(يف رابعا استبعدوهـ مف افجر وافماف مف الخوؼ وفي آيه الما(دة حيػػث جػػاءوا‬
‫أخروهـ مع خبرهـ ) في جملة مقدرة الى الترتيب الرابع وفػػي كػ ّػل ذلػػؾ ال نجػػد ػػي(ا لػػه‬
‫بالترتيب الثالث ّ‬
‫عنقة بالتفسير ‪ ..‬إنما له عنقة بافهداؼ والصراعات المّلية ‪ .‬فميف تريد مف الفكر االعتباطي اللغػػوي‬
‫التغيػػر فػػي الترتيػػب بػػيف النصػػارى والصػػاب(يف دوف الف(تػػيف افخػػرييف فػػي الػػنص‬
‫أف يخبػػرؾ عػػف سػػبب ّ‬
‫خصه هو مقابل النص ؟؟ ‪.‬‬ ‫القرآني بيف الما(دة والبقرة واالعتبا م غوؿ بالبحث عف ترتيب جديد ي ّ‬
‫ن عف افدياف كلها ؟‬
‫وانظر اآلف مف هو الذي صبأ فع ا‬
‫ف ف هذيف النصيف قد فضحا الفكر االعتباطي مف جهة أخرى ‪ .‬فالمجموعات افربعة جمعها ى فػػي مّلػػة‬
‫موحدة هي افيماف باهلل واليػػوـ اآلخػػر والعمػػل الصػػالح ) ػ ولػػـ ي ػػتر ػػروطا أخػػرى‬
‫واحدة بمواصفات ّ‬
‫ماتميز به االسنـ الصي ) ‪ ،‬ف ذا آمنوا ب ريعة النبي ص‬ ‫ّ‬ ‫تخصص ا يماف برسوؿ معيف وذلؾ هو‬
‫ّ‬
‫) فقد خرجوا مف تسمية نصارى وصاب(يف وهادوا ) ػ والنص القرآني أبقاهـ في مّلتهـ مع تلؾ ال ػػرو‬
‫الػػذيف آمنػوا ) بػػه ولمػػل‬ ‫ف َ ْتمهـ والػ ّ‬
‫ػتهجـ علػػيهـ ال يتجػ أز أي أنػػه ػػتيمة ل سػػنـ الػػصي وللصػػحابة‬
‫كل افمامف وافزماف حيث هـ إحدى المجموعات افربعة ‪ .‬فػػأق ار اآليػػة لتػػرى‬ ‫مؤمف باهلل يعمل صالحا مف ّ‬
‫أف ا عتباطية وهػػي تسػػب إحػػدى المجموعػػات إنمػػا ُتخػ ِػرج بهػػذا السػػب نفسػػها مػػف المجموعػػات افربعػػة ‪.‬‬
‫فا عتباطية ت تـ الصحابة والتابعيف والتابعيف لهـ باحساف ) وكل مؤمف الى يوـ الديف ‪.‬‬

‫فردية متفرقة في الملل ‪،‬‬ ‫ولربما تدرؾ جيدا أف المجموعات افربعة هي االتجا القصدي وهي مجموعات ّ‬
‫واف االعتبػػا هػػو افمثريػػة وغايػػة االعتبػػا بػػالطبع هػػو تػػأجي الص ػراعات والحػػروب واثػػارة الفػػتف وهػػو‬
‫نقيض الغايات التي جاء بها االسنـ مف الجمع والتوحيد ‪.‬‬

‫وا عتباطيػػة لػػـ تسػػتخدـ هػػذيف المػػورديف فقػػط لتحقيػػق أهػػدافها فػػي الصػراعات وتفريػػق الملػػل وال ػػعوب‬

‫وانما استخدمت ّ‬
‫كل النصوص ذات العنقة ‪.‬‬

‫واالسػػلوب هػػو نفسػػه اي ػػتـ القصػ ّػدية وحػػرؼ النػػاس عنهػػا مػػف خػػنؿ القصػػدية ونصوصػػها ػ فحيػػث ال‬
‫يمكف لنعتبا مف الجهر بمحاربة ِّ‬
‫الديف يقوـ بمحاربته مػػف داخلػػه ػ واالعتبػػا فػػي الملػػل االخػػرى يػػؤدي‬
‫المسيحي واليهػػودي )‬ ‫الدور نفسه ‪ .‬ففي الغرب يستخدـ مصطلح الصيوف الوثنيوف ) ‪ ،‬واالعتبا‬

‫‪97‬‬
‫يتمّلػػق الػػديف ب ػػتـ نفػػس الػػديف مػػف خػػنؿ تسػػمية أخػػرى ػ تمامػ ا مثلمػػا يفعػػل االعتبػػا فػػي ا سػػنـ )‬
‫حينما يقوـ بمحاربة ا سنـ مف خنؿ عناويف أخرى ‪.‬‬

‫فمف النصوص المستخدمة جميػػع النصػػوص المتعلقػػة بالتسػػميات أل النصػػارى ‪ ،‬أهػػل ا نجيػػل ‪ ،‬اليهػػود ‪،‬‬
‫الذيف هادوا ‪ ،‬بني إسرا(يل ‪ ،‬الذيف أوتوا المتاب ‪ ،‬الذيف آتيناهـ المتاب ‪ ..‬الخ ‪ .‬ومعلوـ أف هذ االلفػػاز‬
‫والمركبػػػات المتنوعػػػة فػػػي القػ ػرآف تحمػػػل داللتهػػػا المسػػػتقّلة ‪ ،‬فمانػػػت المرادفػػػات هػػػي السػػػنح المكػػػيف‬
‫لنعتباطيػػة لخلػػط افمػػور وتمريػػر أفمارهػػا ػ ومثػػاؿ ذلػػؾ أنهػػا اسػػتعملت اآليػػات التػػي تهػػاجـ ف(ػػات معينػػة‬
‫لتفسػػير آيػػات أخػػرى تتحػػدث عػػف القصػػدية ووحػػدتها العامػػة فػػي الق ػرآف ػ وا ػػاعت أف العهػػديف القػػديـ‬
‫والجديد ليس فيه يء مف كنـ ى ‪ ،‬واف وجد فهػػو منسػػوخ وذلػػؾ فػراغ القػرآف مػػف محتػوا ال ػػمولي‬
‫مصدقا ) لما بيف يديه مػػف المتػػاب و ػػارحا لغوامضػػه بمػػا فيػػه مػػف‬
‫ّ‬ ‫مهيمنا ) على المتاب و‬ ‫باعتبار‬
‫نظاـ محكـ وصػػارـ فمانػػت تلػػؾ الفكػػرة التػػي هاجمػػت ظاهريػ ا أهػػل المتػػاب هػػي بغيػػة ا عتباطيػػة فػػي أهػػل‬
‫المتاب وهدفها ػ كما في قوله تعالى أل كلما أوقدوا نا ار للحرب اطفأها ى ) ػ إذ التفريق وتأجي الحػػروب‬
‫هو طبيعة مف طبا(ع االعتبا ‪.‬‬

‫الحظ بعض النصوص أل‬

‫ى فأول(ؾ هـ الفاسقوف ‪. ‬‬ ‫وم ْف َل ْـ يحكـ بما َ‬


‫أنزؿ ُ‬ ‫أهل ا نجيل بما َ‬
‫أنزؿ ُ‬
‫ى فيه َ‬ ‫‪ ‬وليحػكـ ُ‬
‫ويدؿ النص على أف ما أنزؿ ى في ا نجيل موجود والقرآف يطالبهـ بالحكـ به بينما ي يع االعتبا أنه‬
‫محرؼ ) !!‬
‫ّ‬ ‫ال وجود له أو منسوخ ) أو‬

‫ونور يحكـ بها النبيوف الذيف أسػػلموا للػػذيف هػػادوا والربػػانيوف واالحبػػار بمػػا‬
‫‪ ‬إنا أنزلنا التوراة فيها هدى أ‬
‫اسػ ُػتحفظوا مػػف كتػػاب ى وكػػانوا عليػػه ػػهداء فػػن تخ ػوا النػػاس واخ ػػوف والت ػػتروا بظيػػاتي ثمنػا قلػػين‬
‫ومف لـ يحكـ بما انزؿ ى فاول(ؾ هـ المافروف ‪ ‬الما(دة ‪ٗٗ /‬‬

‫وي ير النص بوضوح الى التيار القصدي الذي يدرؾ ما استحفظ مف المتاب والذي يخ ى الحكـ به مػػف‬
‫ولما أ ار الػػنص الثالػػث المتعلػػق بهػػذا التػرابط بػػيف المتػػب فػػي‬
‫الناس فيطالبه القرآف االّ يخ ى الناس ‪ّ .‬‬
‫تصديق بعضها لبعض وطالب النبي ص ) بالحكـ لـ يذكر الحكـ بما أنزؿ ى في القرآف خصوصػا بػػل‬
‫طالبه بالحكـ بما انزؿ ى بصف ٍة مطلق ٍه و موؿ المتب كلها بالحكـ الحظ النص أل‬

‫ػاحكـ بيػػنهـ بمػػا أنػػزؿ ى‬‫مصدقا لما بيف يديػػه مػػف المتػػاب ومهيمنػا عليػػه فػ ْ‬
‫ّ‬ ‫‪ ‬وأنزلنا إليؾ المتاب بالحق‬
‫لمل جعلنا رعة ومنهاجا ولػػو ػػاء ى لجعلمػػـ أمػ اة واحػػد اة ولمػػف‬ ‫وال تتبع أهوا(هـ عما جاءؾ مف الحق ٍ‬
‫ليبلوكـ في ما آتامـ ‪ ‬الما(دة ‪ٗٛ /‬‬

‫فال رعة والمنهاج يء وا يماف باهلل واليوـ اآلخػػر والعمػػل الصػػالح ػػيء آخػػر ‪ .‬إف ال ػػرعة والمنهػػاج‬
‫هي اسلوب العمل الصالح ‪ .‬ولؾ أف تنحػػظ أف الػػنص ا ػػار الػػى إنػزاؿ المتػػاب وهػػو فػػي منهجنػػا القرآنػػي‬

‫قطعا ليس القرآف فقط ‪ .‬وانما هو المتاب الملي الذي ي تمل على ّ‬
‫كل المتب السابقة ويزيد عليها فنحػػظ‬

‫‪98‬‬
‫دخػػوؿ مػػف ) البعضػػية علػػى المتػػاب الثػػاني ػ فالمػػل مهػػيمف ومصػ ّػدؽ لجميػػع افجػزاء ‪ .‬وا عتباطيػػة ال‬
‫تدرؾ بل ال تريد أف تدرؾ الفوارؽ اللفظية وال ّ‬
‫تميز بيف الوحي والتنزيػػل وا نػزاؿ ‪ ،‬وال تفػّػرؽ بػػيف المتػػاب‬
‫والقرآف وما هو مف المتاب وال تعلـ وال تريد أف تعلـ الفرؽ بيف اهػػل المتػػاب والػػذيف أوتػػو المتػػاب ‪ ..‬الػػخ‬
‫فعملها وغايتها هو االعتبا ‪.‬‬

‫ويفضػػل الخػػوض فػػي المجػػازات‬


‫ّ‬ ‫وبصػػفة عامػػة أل ف ػ ّف الفكػػر االعتبػػاطي يحػػاوؿ تجّنػػب النظػػاـ القرآنػػي‬
‫يبرر هػػذ العمليػػة ف نػػه يػػرد علػػى نفسػػه ػ فػػالمبرر الػػذي تمػػرر ا عتباطيػػة هػػو أف‬
‫واالحتماالت ‪ .‬وحينما ّ‬
‫تصحاف سكاته ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫القرآف ال يعلـ تأويله إالّ ى ‪ .‬فهنا مناق تاف‬
‫افولػػى أل إف التأويػػل المطلػػق ال يعلمػػه إال ى ػ فف الفػػاز هػػذا الػػنص مطلقػػة فػػن يمنػػع ذلػػؾ مػػف دخػػوؿ‬

‫التأويل الممكف معرفته والذي هو جزء مف المطلق ‪ ،‬إذ لو كاف المعنى ال يعلـ أحد تأويله مطلقا ِّ‬
‫بأي ٍ‬
‫حد‬
‫مف الحدود ف نزاله عبث واذا كاف يعلمه أفراد على الخصوص ِ‬
‫فلـ ال َّ‬
‫تتبع االعتباطية أول(ؾ اففراد؟‬

‫والثانيػػة أل إف تأويلػػه أي حقيقػػة مطابقػػة معانيػػه فلفاظػػه ) إذا لػػـ يكػػف ممكنػػا فمػػف أجػػاز لنعتبػػا‬
‫التصدي لتأويله ؟! إذ السكوت أولى بها ! ‪.‬‬
‫ّ‬
‫لمف ا عتباطية أنها التناقض أبدا في المبادئ والسلوؾ فوجود اففراد القصػػدييف القػػادريف علػػى تأويلػػه‬
‫يمنعهػػا مػػف القيػػاـ بتأويلػػه وبهػػذا الخصػػوص تقػّػرر أف ال أحػػد يعلػػـ تأويلػػه ‪ .‬وعنػػد غيػػابهـ تقػّػرر إمكانيػػة‬
‫تعديد االحتماالت والوجو لتأويله ‪ ،‬فأخذ القليل خير مف ترؾ المثير ! ‪ .‬لمف القليل مف االعتبا هو ر‬
‫فما بالؾ بالمثير ! فا عتباطية حصرت التأويل بنفسها وهذا هو المطلوب‪.‬‬

‫وحينما يقوـ اففراد بمتابعة تأويػػل ا عتباطيػػة ف نمػػا يقومػػوف بمتابعػػة مػػف هػػو مثػػل الحمػػار ) فف ذلػػؾ‬
‫يحمل افمانة ل خوص ال يحملوها أمان َة َف ْهـ النص ا لهي ) أل‬ ‫ِ‬
‫هو المثل القرآني لمف ّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يحمل أسفا ار ‪. ‬‬
‫ُ‬ ‫الحمار‬ ‫كمثل‬ ‫‪ ‬مثل الذيف ّح ّملوا التوراة ثـ َ‬
‫لػـ ْ يحملوها‬
‫والتابع أدنى رتبة مف المتبوع فيلزمه انطباؽ المثل عليه بصورة أ مل ‪.‬‬

‫ومعلػػوـ أف االعتبػػا يحتػػاؿ علػػى هػػذا الػػنص كمػػا يحتػػاؿ علػػى غيػػر ال نػػه ي ػػعر أف الػػنص يتحػػدث عػػف‬
‫االعتبا ‪.‬‬

‫بيد اننا نك ف في النظاـ القرآني الفوارؽ المبيرة بيف الذيف آتينػػاهـ المتػػاب ) و الػػذيف أوتػوا المتػػاب‬
‫) ‪ .‬فالمجموعة افولى نسب فيهػػا ا تيػػاف الػػى السػػماء والسػػماء ال تختػػار االّ رجػػاالا صػػالحيف يػػؤتيهـ ى‬
‫لدني ا لمعرفة المتب المنزلة وأنظمتها ‪ .‬أما الذيف أوتوا المتاب بالبناء للمجهػػوؿ فهػـ مػػذموموف فػػي‬ ‫علما َّ‬
‫جميع الموارد بعكػػس المجموعػػة افولػػى ‪ ،‬فف هػؤالء سػَّػلمتهـ افمػػـ مهمػػة المتػػاب ولػػـ يسػِّلمهـ ى هػػذ‬
‫تحمػػل افمانػػة وخػػانتهـ اللغػػة ونظامهػػا ففضػػحوا‬
‫المهمة وقبلػوا بػػذلؾ لحمقهػػـ وغبػػاءهـ فلػػـ يقػػدروا علػػى ّ‬
‫أنفسهـ‪.‬‬

‫‪99‬‬
‫والذيف ُح ِّملوا التوراة إنما هـ مجموعة فرعية مف أول(ؾ ‪.‬‬

‫لمف االعتبا حاوؿ االحتياؿ على هذا النظاـ الدقيق لنستعماؿ القرآني فزعـ أف الذيف آتينػػاهـ المتػػاب‬
‫واالعتبػػػا دومػ ػا‬ ‫) هـ أهل المتاب ) حسب المرادفات وهـ اليهود والنصارى ‪.‬‬
‫يفسر بها ألفاظا أخرى ‪ .‬مػػف اجػػل ذلػػؾ تميػػز كتػػاب "النظػػاـ القرآنػػي" بوضػػع قواعػػد قاسػػية‬
‫يصنع ألفاظا ّ‬
‫لمجابهة االعتبا وسلؾ منهجا محددا فػػي قصػػدية افلفػػاز القرآنيػػة سػػمينا هنػػاؾ المػػنه اللفظػػي ) ‪،‬‬
‫كتب الحق ٍة ‪ .‬لمننا نعتقػػد أف االمػػر واضػ أ‬
‫ػح إذا قػرأت مػػا‬ ‫مفصلة في ٍ‬
‫ومثل هذ المباحث قد تأتي ب ذف ى َّ‬
‫بتأف وراجعت الموارد القرآنية بخصوص تلؾ االلفاز ‪ ،‬وعليػػؾ أف تعلػػـ أف الػػنص اذا كػػاف يقصػػد‬
‫ذكرته ٍ‬
‫يميز به هذا االستعماؿ هػػو مػػف قػػبلمـ ) ػ وعنػػد غيابػػه فالمقصػػود‬ ‫اليهود والنصارى ) فقط جاء بمركب ّ‬
‫بالطبع الحمير ) االعتباطييف مف جميع الملػػل علػػى التمثيػػل القرآنػػي مػػع االعتػػذار للقصػػدية هنػػا فػػي‬
‫استعماؿ اللفظ مجردا عف أدوات الت بيه وعلى الطريقة ا عتباطية ) ‪.‬‬

‫‪100‬‬
‫المبحث السادس ع ر‬
‫التقدـ‬
‫في أسباب ّ‬

‫عتباطيػػة علػػى صػػورة مسػّلمات ودخلػػت كقواعػػد‬


‫ّ‬ ‫لتقدـ افلفاز على بعضها جعلتها ا‬
‫افسباب الموضوعة ّ‬
‫أساسية في البنغة ‪ ،‬مع العلـ المسبق أنها ال تفسر االستعماالت اللغوية العامػػة فضػنا عػػف النصػػوص‬
‫المميزة ‪ .‬ولـ يكػػف ػػيء يصػػلح منهػػا لتفسػػير مػػا يػػتملـ بػػه ُعػ ّػواـ النػػاس فضػنا عػػف افدبػػاء ناهيػػؾ عػػف‬
‫االستعماؿ القرآني ‪.‬‬

‫وسأذكر لؾ نماذج اعتباطية عديدة أل‬

‫النموذج االوؿ أل ب أف ترتيب افعداد أل‬

‫َّ‬
‫تدعي االعتباطيػػة أف ذلػػؾ خاضػ أ‬
‫ػع للرتبػػة فالواحػ ُػد مقػ ّػدـ علػػى االثنػػيف واالثنػػيف مقػػدـ علػػى الثن ثػػة وهكػػذا‬
‫افقل مقدَّـ على افمثر وتسوؽ لذلؾ واهد مف القرآف واللغة ‪.‬‬

‫ولمنػػؾ تعلػػـ أنػػؾ إذا وصػػفت بخػػينا فتقػػوؿ أل ‪ ...‬ال يعطػػي السػػا(ل ع ػػرة دنػػانير بػػل ال يعطػػي دينػػا ار وال‬
‫دوف ذلؾ ) ‪.‬‬

‫فأنت بصدد البخيل تنزؿ بافعداد مقدم ا المثرة على القلة ‪ .‬والذي يفعل العكس ُيعػػد جػػاهنا تمامػا ‪ .‬وهػػو‬
‫أمػأػر يحسػػنه افميػػوف ب تقػ ٍ‬
‫ػاف تػ ٍ‬
‫ػاـ ‪ ،‬ف نػػؾ حا ػػاؾ لػػو قلػػت ال يعطػػي دينػػا ار ) فمػػف افولػػى أف ال يعطػػي‬
‫ع رة دنانير ‪.‬‬

‫ولمنػػؾ إذا قلػػت فخيػػؾ المحتػػاج ال يهمػػؾ ‪..‬فػػأني أعطيػػؾ ع ػػرة دنػػانير وم(ػػة دينػػار بػػل أعطيػػؾ ألفػ ا )‬
‫فأنت ترِّتب افعداد ترتيبا تصاعديا ػ وكذلؾ تفعل إذا وصفت كريما ‪.‬‬

‫ومف هذا المثاؿ البسيط تدرؾ جيدا أف افلفاز ) تمتلؾ قيمة بالمعنى كافعداد وأنها تخضع في التقديـ‬
‫والتػػأخير لمغػػزى المػػنـ وغاياتػػه فػػن يحكمهػػا قػػانوف الرتبػػة ) ػ ومعنػػى ذلػػؾ أف افلفػػاز كلهػػا علػػى هػػذا‬

‫عتباطية ّ‬
‫قسمت افمر الى أقساـ ورتب في افعداد وافلفاز ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫النحو وليس افعداد فقط ‪ .‬ولمف ا‬

‫آف و ٍ‬
‫احد بػػيف لفظػػيف‬ ‫أحد النصوص القرآنية الذي قدـ وأخر في ٍ‬
‫والمثاؿ الذي يؤكد لؾ ما ذكرته اآلف هو ُ‬
‫في آي ٍة واحد ٍة هي قوله تعالى أل‬

‫‪ ‬واذا أروا تجػػاراة أو له ػوا انفض ػوا أليهػػا وتركػػوؾ قا(م ػ ا قػػل مػػا عنػػد ى خيػػر مػػف اللهػػو ومػػف التجػػارة ‪‬‬
‫الجمعة ‪ٔٔ /‬‬

‫‪101‬‬
‫لمػػا كانػػت التجػػارة مصػػد ار لجمػػع المػػاؿ فعنػػد اقترانهػػا بػػاللهو الػػذي يسػػتهلؾ المػػاؿ تتقػ ّػدـ فػػي معػػرض‬
‫إذ ّ‬
‫ا قباؿ عليها ػ ولمف عندما تريد مف السامع ا عراض فانه يبدأ با عراض مف افدنى الى افعلى فيتقدـ‬
‫اللهو على التجارة ‪.‬‬

‫تغرنؾ افلف دينار والع رة آالؼ فاف العلـ أفضل مف اف لػػف ومػػف الع ػػرة‬
‫فحد ما أل ال َّ‬
‫وكذلؾ إذا قلت ٍ‬
‫آالؼ ) ‪.‬‬

‫فالتقديـ والتأخير خاضع إذف لقوانيف متحركة غير ثابتة ‪ .‬فما يتقػػدـ فػػي حػػاؿ يتػػأخر فػػي حػػاؿ آخػػر ومػػا‬
‫يتقدـ مع لفظ معيف يتأخر مع لفظ آخر في نفس الحاؿ ‪ .‬واحتماالت تقدـ وتأخر اللفظ ال حدود لها ‪ .‬إذ‬

‫ال حدود القترانه بافلفاز االخرى وال حدود لمراد المتملـ في اللغػػة ‪ .‬ومػػا يحػػدد هػػو د ارسػػة ) كػ ّ‬
‫ػل نػػص‬
‫على حدة باعتبار قضية مستقلة تحمل تفسيرها في ذاتها ‪.‬‬

‫عتباطية وهي تحدد التقدـ بقوانيف صارمة حيث قالوا أل‬


‫ّ‬ ‫لمف انظر الى ا‬

‫الثاني مف افسباب هو التقدـ بالذات كتقدـ الواحد مع االثنيف ومنه قوله تعالى أل‬

‫‪ /‬النساء ‪ٖ -‬‬ ‫‪ ‬مثنى وثنث ورباع ‪.‬‬


‫ا‬
‫وقوله تعالى أل ‪ ‬ما يكوف مف نجوى ثنثة اال هو رابعهـ ‪ / . ‬المجادلة ‪ٚ -‬‬
‫ٔ‬
‫وكذلؾ مراتب العػدد فمل مرتبة أدنى مف افخرى فهي متقدمة على ما فوقها)‬

‫وقػػد تقػ ّػدـ افعلػػى علػػى افدنػػى خنف ػ ا للقاعػػدة فػػي ألػػوؼ أو منيػػيف االسػػتعماالت الب ػػرية مثلمػػا تقػػدـ‬
‫القنطار على الدينار في النص القرآني أل‬

‫‪ ‬مػػف أهل المتاب مػ ْػف إف تأمنػػه بقنطػػار يػػؤد إليػػؾ ومػػنهـ مػ ْػف إف تأمنػػه بػػدينار ال يػػؤد إليػػؾ ‪ / ‬آؿ‬
‫عمراف ػ ٘‪ٚ‬‬

‫النموذج الثاني أل أرادت االعتباطية وضع قواعد الرتبة لأللفاز أيضا أسواة بافعداد ! ‪.‬‬

‫‪ /‬التغابف ‪ٔ٘ -‬‬ ‫فزعمت أف قوله تعالى أل ‪ ‬إنما أموالمـ وأوالدكـ فتنة ‪‬‬
‫تقديـ افمواؿ مف تقديـ السػػبب ف نمػػا ي ػػرع فػػي النكػػاح عنػػد قدرتػػه فهػػو سػػبب التػػزوي والنكػػاح سػػبب‬
‫التناسل فالماؿ سبب للتنعـ بالولد وفقد سبب لل قاء به ) ‪.‬‬

‫عتباطيػػة ولػػيس بعيػػدا عػػف هػػذا الموضػػع بػػل فػػي نفػػس الصػػفحة ومػػا يتلوهػػا ذكػػرت سػػبب تقػػدـ‬
‫ّ‬ ‫ولمػػف ا‬
‫افلفاز والمسميات في قوله تعالى أل‬

‫ٔ البرهاف ػ ٓ‪ٕٜ‬ػ ٔ‪. ٕٜ‬‬

‫‪102‬‬
‫‪ُ ‬زَّيف للناس حب ال هوات مف النساء والبنيف والقناطير المقنطرة مف الػػذهب والفضػػة والخيػػل المسػ َّػومة‬
‫وافنعاـ والحرث ‪/‬آؿ عمراف‪ٔٗ /‬‬

‫فقد َّ‬
‫تقدـ البنيف هنا على الماؿ !‬

‫الحب ) اقتضت حكمة الترتيب أف ِّ‬


‫يقدـ ما هو افهـ فػػافهـ فػػي رتبػػة‬ ‫ّ‬ ‫قالت أل فلما ِّ‬
‫صدرت اآلية بذكر‬
‫ِّ‬
‫الجبلية مف المػػاؿ فػػاف‬ ‫المحبوبات فأ َّ‬
‫َخَر ذكر الذهب والفضة عف النساء والبنيف فنهما أقوى في ال هوة‬
‫الطبع يحث على بذؿ الماؿ لتحصيل النكاح والولد ) ‪.‬‬

‫ػب أف يقػػوؿ فػػي اآليػػة افولػػى إنمػػا أوالدكػػـ ) فف‬


‫ويمكف للقصػػدية أف تسػػأؿ أل إذا كػػاف افمػػر كػػذلؾ وجػ َ‬
‫افوالد أقوى في ال هوة وأهـ مف الماؿ الذي يبذؿ بالطبع ) لهما وبالتالي تمػػوف الفتنػػة ) بهمػػا أ ػػد‬
‫وهي موضوع اآلية افولى !‬
‫ففي نفس الصفحة يقدـ االعتبا الماؿ علػػى الولػػد ثػػـ يقػػوـ بتقػػديـ الولػػد علػػى المػػاؿ لتفسػػير آيػػة أخػػرى‬
‫احد متنعب ا بافلفاز !‬ ‫بناءا على ٍ‬
‫سبب و ٍ‬

‫النموذج الثالث أل لقد َّ‬


‫سمت االعتباطية الموارد اآلنفة التقدـ الذي يقع في محل التعارض ) ‪.‬‬

‫وقاؿ الزملماني أل فحين(ػػذ ػ أي عنػػدما تمػػوف فػػي كػ ّػل مػػف ال ػػي(يف صػػفة تقتضػػي تقدمػػه ػ يكػػوف التػػرجيح‬
‫فهمها في ذلؾ المحل !! ‪.‬‬ ‫َّ‬
‫فالنص المذكور متناقض مف حيث أنه ال صفة ثابتػػة لل ػػيء تقتضػػي تعارضػا مػػع اآلخػػر ػ لمنػػه اضػػطر‬
‫اضط ار ار لمتابعة المحل ) ػ وعنػػد التطبيػػق كمػػا الحظػػت جعػػل السػػبب نفسػػه يػػنعكس ولػػـ ُيسػػعفه المحػػل‬
‫ب ػػيء ف نػػه ال غايػػة لػػه حقيقيػػة فػػي تػػدبر ‪ .‬فمػػذلؾ فعػػل فػػي السػػماء وافرض ) قػػاؿ أل وأمػػا تقػػديـ‬
‫السماء على افرض فألنها أممل رفا ومستق ار ) ‪.‬‬

‫واف تأخيرها في آيػػة أخػػرى آيػػة يػػونس ‪ ) ٙٔ /‬هػػو بسػػبب المحػػل إذ يتحػػدث وبحسػػب مػػا تقدمػػه مػػف‬
‫آيات عف هادته تعالى فعماؿ الخلق ‪.‬‬

‫ولما كانت آية سبأ تتحدث عف نفس الموضوع ومع ذلؾ تقدـ فيها ذكر السماء على افرض فانه حػػاوؿ‬
‫إظهػػار افمػػر واخفػػاء فػػي ٍ‬
‫آف واحػ ٍػد بعبػػارة غامضػػة حيػػث قػػاؿ أل وهػػذا بخػػنؼ اآليػػة فػػي سػػبأ فأنهػػا‬
‫منتظمة في سياؽ علـ الغيب )ٔمع أف اآليتيف تذكراف افمر بصيغ مت ابهة وعلى النحو آالتيأل‬

‫يعزب عف ّ‬
‫ربؾ مف مثقاؿ ذرة في افرض وال في السماء ‪ / ‬يونس‪ٙٔ-‬‬ ‫آية يونس أل‪ ‬وما ُ‬

‫‪ 1‬البرهاف ػ ٘‪. ٕٜ‬‬

‫‪103‬‬
‫آية سبأ أل ‪ ‬ال يعزب عنه مثقاؿ ذرٍة في السماو ِ‬
‫ات وال في افرض ‪ / ‬سبأ ‪ٖ -‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫فمنهما يتحدث في البدء عف هذا العلـ فانظر الى كذب االعتبا ومكر !‬

‫التخبط ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫عتباطية أبعد ما تموف عف فهـ هذا التقديـ والتأخير وهي بهذا‬
‫ّ‬ ‫ومعلوـ أف ا‬

‫ومع ذلؾ فاف تقديـ السماء على افرض ) ػ فنها أممل ػػرفا ومسػػتق ار ػ علػػى حػ ِّػد تعبيػػر يتنػػاقض هػػو‬
‫اآلخػػر مػػع مػػورد فصػػلت ) الػػذي لػػـ يػػذكر والػػذي يتقػػدـ فيػػه افرض علػػى السػػماء ػ مػػع أف الموضػػوع‬
‫متصل بػ ال ػػرؼ واالسػػتقرار ) ػ فف المػػورد يتحػ ّػدث عػػف م ارحػػل الخلػػق ومػػا تعلػػق بػػه مػػف أرزاؽ مقػػدَّرة‬
‫تقدي ار ‪.‬‬

‫ربػػع أل قػػالوا أل ومػػف نػػوع التقػ ّػدـ بالرتبػػة سػػميع علػػيـ ) فف ذلػػؾ يتضػ ّػمف التهديػػد !!‬
‫النمػػوذج ال ا‬
‫ولتعلقه بافصوات ‪ ،‬فمف يسمع ِح ّسؾ قد يكوف أقرب إليؾ في العادة ممف يعلـ )ٔ‪.‬‬

‫إذف فاالعتباطية تزعـ أف سميع أعظـ في التهديد مف عليـ فالرتبة هي مف افعلى الى افدنى ‪.‬‬

‫وفي هذا ثنث مناق ات أل‬

‫افولػػى أل إف الصػػفات المػػذكورة بهػػذا الترتيػػب ليسػػت فػػي موضػػع التهديػػد ‪ .‬واف هػػذا الرجػػل االعتبػػاطي‬
‫ليتخبط ‪ .‬الحظ بعض هذ الموارد أل‬
‫َّ‬

‫‪ ‬رحمة مف ربؾ إنه هو السميع العليـ ‪ / ‬الدخاف ‪ٙ‬‬

‫‪ ‬مف كاف يرجو لقاء ى فاف أجل ى آلت وهو السميع العليـ ‪ / ‬العنكبوت ٘‬

‫‪ ‬فصرؼ عنه كيدهف إنه هو السميع العليـ ‪ / ‬يوسف ٖٗ‬

‫‪ ‬وتوكل على ى إنه هو السميع العليـ ‪ / ‬افنفاؿ ٔ‪ٙ‬‬

‫‪ ‬فسيكفيكهـ ى إنه هو السميع العليـ ‪ / ‬البقرة ‪ٖٔٚ‬‬

‫ذرية بعضها مف بعض وى سميع عليـ ‪ / ‬آؿ عمراف ٖٗ‬


‫‪َّ ‬‬

‫ربنا تقبل منا إنؾ أنت السميع العليـ ‪ / ‬البقرة ‪ٕٔٚ‬‬


‫‪َّ ‬‬

‫المرك ػػب س ػػميع عل ػػيـ ) مخ ػػتص بالرحم ػػة ‪ ،‬واذا ورد ف ػػي ح ػػاالت التج ػػاوز‬
‫ّ‬ ‫ب ػػل يمك ػػف الق ػػوؿ إف ه ػػذا‬
‫فالمقصود به والمخاطب به أول(ؾ المبرءوف مف التجاوز مثل أل‬

‫‪ ‬ف نما إثمه على الذيف ِّ‬


‫يبدلونه إف ى سميع عليـ ‪ / ‬البقرة ٔ‪ٔٛ‬‬

‫ٔ البرهاف ‪.ٕٜ٘ /‬‬

‫‪104‬‬
‫مركب االطم(ناف ) ونزوؿ الرحمة وتبديل السي(ات الى حسنات فنحظ بنفسؾ بقيػػة‬
‫فالسميع العليـ ) ّ‬
‫الموارد ‪.‬‬

‫الثانية أل إف الترتيب التنازلي هذا يقتضي أف تمػػوف صػػفاته تعػػالى متفاوتػػة وهػػي م ػػكلة كنميػػة ال تقػ ِػدر‬
‫االعتباطية على حّلها إذا افترضنا أنها لـ تمف تنوي أص ا‬
‫ن أثارتها ‪.‬‬

‫أي موضع بنغي يكوف الترتيب تنازليا في مسألة خصا(ص وصفات للمتملـ ؟ فهذا خػػنؼ‬ ‫الثالثة أل في ِّ‬
‫البنغة إذ يجب أف تتصاعد الصفات ليسمع المتلقي ما هو أعلى ال ما هو أدنى ‪.‬‬

‫فنحظ أف المتنبي لو قػػاؿ أل القلػػـ والقرطػػاس يعرفنػػي ) قبػػل الخيػػل والليػػل والسػػيف والػػرمح لمػػاف هنػػاؾ‬
‫خلل ال ينجبر ‪ .‬ذلؾ فف ال جاعة في الحرب أمبر مف الخروج في الظلمػػة وهػػي عامػػة غيػػر مخصوصػػة‬
‫ضـ إليها المعرفة بالقلـ والقرطاس وهي صػػفة أمبػػر زادت مػػف خصػػا(ص ال ػػجاعة ػ‬
‫بعالـ أو جاهل فلما َّ‬
‫إذ فهـ السامع أف الرجل ليس متهو ار أو جاعته ػػجاعة الجاهػػل بػػل ػػجاعة معهػػا معرفػػة وعلػػـ وهػػذا‬
‫يندر حصوله ‪ .‬ويبقى الحل القصدي سا( ار في نظاـ القرآف خاصة ونظاـ اللغة أل فالسػػميع) صػػيغة تفيػػد‬
‫أنػػه سػػامع لمػػل مػػا يقػػاؿ ويفهػػـ جيػػدا مػػا يسػػمعه ولمػػف لمػػا كػػاف المركػػب بخصػػوص الرحمػػة وعصػػمة‬
‫المؤمنيف مف مصا(ب االعتباطية وقولها الزور فيحتاج الى علـ ) بالذوات ونواياهـ ػ وهػػذا هػػو السػػبب‬
‫ِ‬
‫استخدامه مع الرسل وافولياء فنه سميع للدعاء ولمل كنـ س ار وجه ار وعليـ بنوايا ومصادر ومػوارد‬ ‫في‬
‫هذا المنـ ‪.‬‬

‫وحينما ال يتعلق افمر بالذوات ونواياهـ يقترف مع السميع لفظ البصير حيث موارد الخاصة تحتاج الػػى‬
‫رؤية الحوادث والوقا(ع والحركات فيجتمع هنا الفعل ا نساني ) بكامله فف فعل ا نساف الخػػارجي هػػو‬
‫عبارة عف قوؿ وحركة ) فالصفات متعلقة بالمخاطبيف وترتيبها هو للمخاطبيف ‪ .‬الحظ الموارد أل‬

‫أ ‪ .‬لنريه مف آياتنا أنه هو السميع البصير ) ‪ /‬ا سراء ٔ‬

‫فالنية لـ تذكر ػ فنه يعلمها وال ضرورة لػػذكرها ت ػػريفا للنبػػي ص ) وبقػػى الفعػػل الخػػارجي فجمعػػه فػػي‬
‫مركب السميع البصير ) ‪ ،‬على أف النية ظاهرة في أوؿ اآلية أيضا ‪.‬‬

‫نعما يعضكـ به إف ى كاف سميعا بصي ار ) ‪ /‬النساء ‪٘ٛ -‬‬


‫ب ‪ .‬إف ى ّ‬
‫فالنية خوطبت بالوعظ وللفعل الخارجي سميع بصير ) ‪.‬‬

‫ج ‪ .‬إنا خلقنا ا نساف مف نطفة أم اج نبتليه فجعلنا سميعا بصي ار ) ‪ /‬ا نساف ‪ٕ -‬‬

‫‪105‬‬
‫فالنية ابتليت بقوله نبتليه وظهور فعلها فػػي الخػػارج فلػػـ يجعلػػه أصػػم ا وأعمػػى بػػالمعنى القصػػدي ) بػػل‬
‫جعله سميعا بصي ار ‪.‬‬
‫فلـ ال يكفي لفظ عليـ ) فػػي مػوارد السػػميع العلػػيـ‬
‫وهكذا بقية الموارد ‪ ،‬وقد يقاؿ إذا كاف افمر كذلؾ َ‬
‫وهػػذا مجػػرد‬ ‫)؟‬
‫وهـ فف السميع ليس هػػو السػػامع فف السػػامع يسػػمع حينػا دوف حػػيف ػ والسػػميع عنػػد ى صػػفة فيػػه ال‬
‫عنقػػة لهػػا ب رادتػػه للسػػماع فلػػيس ثمػػة ػػيء ال يريػػد سػػماعه فػػي ملمػػه فػ ذا انفػػردت صػػفة علػػيـ ) ‪،‬‬
‫اقتصرت على المعرفة والعلػػـ فػ ذا كػػاف العلػػـ باف ػػياء يتػػأخر بعػػد حصػػوؿ المعلػػوـ فػػي الوقػػا(ع فالسػػميع‬
‫يتقدـ لحصوؿ اآلنية وا طنؽ في العلـ ‪ .‬وهو خنؼ الرأي االعتباطي القا(ل باف ى يعلـ باف ػػياء بعػػد‬
‫تقدـ على السميع في موارد الرحمة لماف هذا الرأي صحيح ا ‪.‬‬
‫وقوعها ‪ .‬ولو كاف لفظ عليـ ) قد ّ‬

‫النموذج الخامس أل‬

‫في قوله تعالى أل ‪ ‬واسجدي واركعي مع الرامعيف ‪ / ‬آؿ عمراف ‪ٖٗ -‬‬

‫وقوله أل ‪ ‬للطا(فيف والقا(ميف والركع السجود ‪ / ‬آؿ عمراف ‪ٕٙ -‬‬

‫عتباطية في تخري تقدـ السػػجود علػػى الركػػوع فػػي افولػػى وانعكاسػػه فػػي الثانيػػة ‪ .‬فلػػـ تػػتمكف‬
‫ّ‬ ‫تخبطت ا‬
‫ّ‬
‫حل هذا ا كاؿ ولذلؾ قػػدمت متواضػػعة ) هػػذ المػػرة بعػػض االقت ارحػػات االعتباطيػػة‬ ‫بواسطة الرتبة مف ّ‬
‫وذلؾ حينما جوبهت بالسؤاؿ أل‬

‫إف الركوع َّ‬


‫مقدـ على السجود بالزماف والرتبة ومساس افرض ) !‬

‫فمف تلؾ المقترحات أل‬

‫إف اركعػ ػػي ) بمعنػ ػػى ا ػ ػػكري ) ! وهكػ ػػذا تتخلػ ػػى االعتباطيػ ػػة عػ ػػف الدال لػ ػػة ال ػ ػػرعية والعرفيػ ػػة‬
‫أ‪ّ .‬‬
‫واالقتضا(ية والتضمنية وجميع الدالالت ! ‪.‬‬

‫ب ‪ .‬إف اسجدي ) بمعنى صلي ػ كي تتقدـ الصنة في عمومها على الركوع وهو مثل االوؿ ‪.‬‬
‫ّ‬
‫ج ‪ .‬إف اسػػجدي أل صػػلي فػػي بيتػػؾ واركعػػي أل صػػلي جماع ػ اة ‪.‬وهػػي محاولػػة لنسػػتفادة مػػف عبػػارة مػػع‬
‫ّ‬
‫الرامعيف ) وذلؾ بالرغـ مف أف المأمور امرأة ‪ .‬ولما كانت الصنة في الجماعة أفضل ) دوما في الحػػل‬
‫االعتبػػاطي فقػػد انػػتقض الحػػل واختػػل الترتيػػب ‪ .‬فقػػالوا أل بػػل يبقػػى فف صػػنة الم ػرأة منفػػردة أفضػػل مػػف‬
‫صنتها في جماعة في جميع التفاسير المطولة )ٔ‪.‬‬

‫‪ 1‬انظر أصل هذه الوجوه في البرهان ‪. 222 /‬‬

‫‪106‬‬
‫ِّ‬
‫الصديقة فيحرمها ى مف الصنة اففضل ولماذا ال يمنحها الحرية كػػي ال‬ ‫والقصدية تسأؿ أل ما ذنب هذ‬

‫مرة ّ‬
‫أقل ومرة أمثر ما دامت صنة الجماعة جا(زة لها وليست محرمة ؟ ‪.‬‬ ‫تحتسب حسناتها ّ‬
‫وكاف المفروض أف اآلية افولى سا(رة في الحػ ّػل َّ‬
‫فف السػػجود مقػػدـ بالرتبػػة علػػى الركػػوع ) فلمػػا وجػػدوا‬
‫تقدـ الركوع في الثانية وفي قوله تعالى تػراهـ َّ‬
‫ركعػا سػػجدا ) ووجػػدوا تقػػدـ الركػػوع فػػي الزمػػاف ومسػػاس‬ ‫ّ‬
‫افرض في الصنة انعكس افمر فأصبحت اآلية افولى هي المخالفة للحل االعتباطي‪.‬‬

‫الحل القصدي فواضح ػ إذ أنه ال ّ‬


‫يقرر وجود رتبة محددة ّ‬
‫لمل لفظ بل التقديـ والتأخير ّ‬
‫يحدد المػػتملـ‬ ‫أما ّ‬
‫لغاياته اآلنية خنؿ الواقعة وموضوعها ومثلما أوضحنا في بداية هذا الموضوع في افعداد‪.‬‬

‫الموجه لمريـ ع) وهي امرأة ‪ ،‬أجاز لهػػا ال ػػرع أ ػػياء لػػـ يجزهػػا للرجػػل وتسػػامح فػػي عبادتهػػا‬
‫ّ‬ ‫فالخطاب‬
‫في مواضع عديدة معلومة ػ في مثل هذا الخطاب يتوجه افمر مػػف الحركػػة افدنػػى الػػى الحركػػة افعلػػى ‪.‬‬
‫تحرؾ قلينا ) ثـ تقوؿ أل أمش ثػػـ تقػػوؿ أل بػػل اركػػض إف قػػدرت ) ػ ولػػو بػػدأت‬
‫ّ‬ ‫نساف ما أل‬
‫ٍ‬ ‫مثلما تقوؿ‬
‫بالركض أو اال لما كانت هناؾ فرصة الست(ناسه وتطمينه على موافقتؾ إذا اقتصر على الم ػػي أو الحركػػة‬
‫‪ .‬فهذا الترتيب يمنحه العزيمة على فعل اف ياء كما رّتبتها له وهذا واضح ‪ .‬فالحركة ب أف مػػريـ ع )‬
‫انتقلت مف اقنتي ) حيث القنػػوت مناجػػاة ال تحتػػاج الػػى حركػػة الػػى اسػػجدي ) وهػػو أمػػر أعلػػى حركػػة‬
‫وصرؼ للطاقة وان تقلت بعد ذلؾ الى اركعػػي ) وهػػو أعنهػػا حركػػة فقػػاؿ مػػع الػرامعيف ) كػػي ال يفوتهػػا‬
‫الركوع الذي يفعله الرسل وافولياء فليس ثمة صنة مفردة وصنة جماعة ػ إنما هي معية فمثالهػػا مػػف‬
‫كل افزماف ‪.‬‬
‫افولياء في ّ‬
‫أما اآليات افخرى فهي بحركة معكوسة الختنؼ المخاطبيف والموضوع ‪.‬‬

‫افمر ا لهي براهيـ واسماعيل هو تطهير البيت وطه ار بيتي ) والسؤاؿ المفترض اآلف هػػو أل لمػػف ؟‬
‫والجػواب هػػو للطػػا(فيف ) ومعلػػوـ أف الطػػا(ف ػ يطػػوؼ ويخػػرج فالحركػػة اآلف تصػػاعدية أل بػػل للقػػا(ميف‬
‫أيض ا ! وهؤالء زمنهـ أطوؿ والخدمة التي يحتاجونها أمبر وال ازلػػت الحركػة تتصػػاعد و ّ‬
‫الركػػع السػػجود )‬
‫الركػػع وذلػػؾ مكانيػػة‬
‫وهؤالء بقاءهـ أطوؿ وخدمتهـ أمثر فأعطى السجود ) داللة وصفية ووصػػف بػػه ّ‬
‫للركػػع بضػػرورة السػػجود مثلمػػا أوحػػى للقػػا(ميف‬
‫الركع بالسجود وتجّنػػب ذكػػر طا(فػػة رابعػػة وأوحػػى ّ‬
‫أف يقوـ ّ‬
‫بضرورة الركوع ومثلما أوحى للطا(فيف بضرورة القياـ ‪.‬‬

‫فبالنسبة للزا(ريف كاف الترتيب تنازلي ا وبالنسبة للمأمور بالتطهير وهو مركػػز هػػذا الترتيػػب كػػاف تصػػاعدي ا‬
‫إذا خدمت الطا(فيف فاخدـ القا(ميف ) فميف ال يخدـ والعبادة تتصاعد ؟ واذا خػػدمت القػػا(ميف فاخػػدـ‬
‫الركع السجود ) فمذلؾ يفعل ‪.‬‬

‫أما الرتبة الذاتية للمفردة فهي موضوع آخر في العبادة وتلػػؾ مسػػألة ػػرعية ‪ ،‬فالترتيػػب نفسػػه أعلػػف أف‬
‫وبػػالطبع فلػػيس‬ ‫القياـ مع الطواؼ أفضل لنفس ال خص ) مف الطواؼ وحد ‪.‬‬
‫وكذلؾ أعلف أف الركػػوع‬ ‫ثمة قياـ بن طواؼ ! والقياـ أسهل والمثوبة أعظـ ‪.‬‬

‫‪107‬‬
‫مع القياـ أفضل وليس ثمة ركوع بن قياـ ! وكذلؾ افمر في السجود ػ وليست هناؾ أفضليات قا(مػػة فػػي‬
‫افلفاز والرتب فافمر هنا عاـ للخلق كلهـ ػ وهناؾ خطاب خاص مػرأة صػ ّػديقة ‪ ،‬فػػيحكـ ترتيػػب افلفػػاز‬
‫موضوعها والمخاطب بها ومراد المتملـ وأحواؿ المتلقي وعنقته به ػ أنه أف ّأية عبارة يرتبها المػػتملـ‬
‫فػػي موضػػوعها وأحوالػػه ‪ .‬وفػػي القػرآف تمػػوف الم ػػكلة أمبػػر بكثيػػر بػػل ال يمكػػف تقػػدير حجمهػػا فف اآليػػة‬
‫ليست منتظمة في ذاتها فقط وانما هي متصلة لفظيا بجميع اآليػػات بػػاالقتراف المبا ػػر وغيػػر المبا ػػر ػ‬
‫فتحديد رتبة للفظ إنما هو خروج تاـ عف هذا النسي وفرار مف نظامه ‪.‬‬
‫ػى محػ أ‬
‫ػدد فػػي المػػنه اللفظػػي يػػتـ بموجبػػه‬
‫ا‬
‫نعػػـ للمفػػردة معنػ‬
‫توضح لمـ كما ينبغي ‪.‬‬ ‫إلغاء المترادفات وهذا ال عنقة له بالرتبة المذكورة في االعتباطية وقد ّ‬

‫‪108‬‬
‫المبحث السابع ع ر‬
‫همزة االستفهاـ‬

‫يقػػوـ الحػػل االعتبػػاطي بتقريػػر وضػػع الدال لػػة الخاصػػة بكػػل لفػػظ خػػنؿ معاناتػػه ) تجربػػة ا جابػػة علػػى‬
‫ػػكاؿ يػػنعكس نفسػػه‬ ‫اال كاالت اللغوية ‪ ،‬فيضع الحل خنؿ العملية ال قبلها ‪ ،‬وهذا يعني أف موضػػوع ا‬
‫ػػكاؿ لػػيس عليهػػا إال الػػتخلص مػػف‬ ‫كل حالة مف حػػاالت ا‬ ‫معيف على الحل ػ فمأف االعتباطية وفي ّ‬ ‫ٍ‬ ‫بأثر‬
‫ٍ‬
‫ذلػػؾ المػػورد وحسػػب سػواء كػػاف أدبيػا أو خطابيػ ا أو قرآنيػ ا أو غيػػر ذلػػؾ ‪ .‬وهػػي تمػػر أيضػ ا وضػػع مػػنه‬
‫محدد فف ذلؾ ّ‬
‫يقيدها ويغاير أهدافها ‪.‬‬ ‫ّ‬
‫حينما تدخل همزة االستفهاـ على افلفاز ػ فػػن حػػدود معينػػة لهػػذا الػػدخوؿ إذ يمكػػف ترتيػػب نفػػس الجملػػة‬
‫كل منها يؤدي غرضا ما ‪ .‬وحاوؿ معػػي اآلف أف تجػػرب بطريقتػػؾ وباالسػػتعماالت العاميػػة‬‫بصور مختلفة ّ‬
‫جدا كيفية طرح سؤاؿ عف قياـ خص معيف وخروجه مف عندؾ ‪ .‬فمراة أنػػت تطلػػب قيػػاـ زيػػد فػػي حاجػػة‬
‫ما واآلف فأنت ال ت ار أمامؾ وعند(ذ تسأؿ أل أَقاـ زيد ؟ ) ليذهب فػػي الحاجػػة ؟ وبػػالطبع فيتوجػػب اآلف‬
‫على المجيب إف أراد الدقة أف يقوؿ أل ال أو نعـ ‪ .‬ف ذا كاف عمرو قػد ذهػػب بػػد اال عنػػه يقػػوؿ أل ال بػػل قػػاـ‬
‫عمروا ‪.‬‬

‫فلنفرض اآلف فرضا آخر أل‬

‫قاـ أحدهما ليذهب في الحاجة ولمنؾ ال تعلـ مف هو أل زيد أـ غير ؟ فميػػف تصػػوغ السػؤاؿ أل مثػػل افوؿ‬
‫أـ بصورة أخرى ؟ ‪ُ .‬‬
‫الع ّواـ وعلى السليقة يصوغونه بطريقة مختلفة حيث يقػػدموف االسػػـ فيقولػػوف أزيػ أػد‬
‫قاـ ) ؟ والمجيب اآلف يعلـ أنؾ تسأؿ عف الفاعل ‪.‬‬

‫أما الفعل ف نؾ تعلـ أف أحدا ما فعلػػه ‪ .‬فػػي هػػذ الحالػػة إذا كػػاف هػػو فيقػػوؿ أل نعػػـ ‪ .‬زيػػد قػػاـ ‪ .‬واذا كػػاف‬
‫غيػػر يقػػوؿ أل بػػل عمػػرو قػػاـ ‪ .‬وال يتوجػػب عليػػه أف يقػػوؿ أل ال ‪ .‬لمػػاذا ؟ فف السػؤاؿ السػػابق كػػاف عػػف‬
‫الفعػػل وال بػػديل للفعػػل ف نػػه ثابػػت وهػػو القيػػاـ ) ‪ ،‬أمػػا فػػي هػػذا السػؤاؿ فالبػػديل موجػػود وهػػو عمػػرو فف‬
‫السؤاؿ عف الفاعل ف ذا قاؿ لؾ أل بل عمرو ‪ .‬علمت أنه يريد عمرو ال زيد فن يحتاج أف يبدأ بنفػػي قيػػاـ‬
‫زيد ‪ .‬ولمف المجيب إذا َعِلـ أنؾ ال تبحث عف الخبػػر مجػػردا بػػل تبحػػث عمػػف فعػػل أي قيػػاـ فيجػػب عند(ػػذ‬
‫أف يبدأ ا جابة بالنفي أل ال ‪ .‬لـ يقـ زيد بل عمرو ‪ .‬ليخّلص زيدا مف القياـ مطلقا ‪ .‬كػػذلؾ إذا كػػاف يريػػد‬
‫الو اية على زيد وتذكيرؾ بعدـ تنفيذ افمر ‪.‬‬

‫وهذا موضوع خارج عما نحف بصدد اآلف ػ إذ سيقوـ بالو اية أو بالتذكير لغػػرض آخػػر واحتمػػاالت ذلػػؾ‬
‫ونبرة إطنؽ المنـ كثيرة جدا ‪ ،‬ونحف نتحدث اآلف في صياغة الجملة لغويا خالية مف كػ ّػل غػػرض سػػوى‬
‫المجرد عف قياـ أحدهما ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ا خبار‬

‫‪109‬‬
‫عتباطيػػة تػػػزعـ أف جػػواب الهمػػزة هػػو دومػػ ا بػػػ نعػػـ )أو ال ) وأف بػػل ) ال تصػػلح لتصػػدير‬
‫ّ‬ ‫لمػػف ا‬
‫ٔ‬
‫أف السػػؤاؿ وجواب ػػه هػػو مح ػػاورة متصػػلة دومػ ػا وأف‬
‫المػػػػنـ ‪ .‬واالعتباطي ػػة ليسػػت غافل ػػة بػػالطبع ع ػػف ّ‬
‫المخاطبػػات فػػي المحػػاورات تجػػري دا(مػا علػػى أف المػػنـ مسػ أ‬
‫ػتمر ولػػيس متجػػددا ػ وأف المجيػػب والمحػػاور‬
‫كل ذلؾ ليس بغا(ب عف االعتبا ‪.‬‬ ‫ن وعبارات ّ‬ ‫يكمل أحدهما لآلخر جم ا‬
‫فلماذا فعلت ذلؾ ومتى ؟‬

‫قررت االعتباطية هذ القاعدة بصورة مفاج(ة خنؿ بحث اآلية أل‬

‫‪ ‬أأنػػت فعػػػلت هػػذا بظلهتنػػا يػػا إبػراهيـ ‪ .‬قػػاؿ بػػل َفعلػ ُ‬


‫ػه َ‬
‫كبيػػرُهـ هػػذا فاسػػألوهـ أف‬
‫كانوا ينطقوف ‪ / ‬افنبياء – ٖ‪.ٙ‬‬

‫أما لماذا فعلػػت ذلػػؾ ؟ ‪ ،‬فػػألف المجيػػب إذا قػػاؿ أل ال ‪ .‬لػػـ افعلػػه بػػل فعلػػه فػػنف ) يكػػوف قػػد أنكػػر وقػػوع‬
‫الفعل منه بصفة مطلقة وحينما ال يأتي بػ ال ) فهو ي ير الى الفاعػػل وحسػػب ويمكػػف فػػي هػػذ الحالػػة‬
‫بالتبعية ولمنه يجيب عف الفاعل الحقيقي ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫أف يكوف هو فاعل أيضا بالم اركة أو‬

‫مثػػاؿ ذلػػؾ أل إذا عاتبػػت موظفػا حكوميػا فقلػػت أل أأنػػت فعلػػت هػػذا ؟ فػ ذا قػػاؿ أل ال بػػل فعلػػه القاضػػي )‬
‫ن واذا قاؿ أل بل فعله القاضي ) يكوف المعنى أنه فعلػػه ولمػػف‬ ‫فمعنا أف القاضي قاـ بنفسه بالعمل كام ا‬
‫الفعل الحقيقي وافمر صادر مف القاضي ‪.‬‬

‫مقدرة على االستفهاـ وبذلؾ يكوف إبراهيـ قد أنكر وقوع التمسػػير‬


‫غاية االعتبا هو تثبيت ال ) ك جابة ّ‬
‫منه بصورة مطلقة وهو خنؼ الواقع إذ يخبرنا القرآف أنه قاـ بفعل التمسير قبيل ذلؾ ‪.‬‬

‫وحينما وصل االعتبا الى هذ النتيجة بلغ غايته مف السرور لحدوث التناقض الػػذي يحتػػاج الػػى حػػل ‪،‬‬
‫تخيل المؤلف أف رج ا‬
‫ن ) محبا للقرآف يحاور ويعرض عليه حلو اال لتقػػدير الجملػػة واالعتبػػاطي يػػأبى‬ ‫وقد ّ‬
‫ويفّند تلؾ الحلوؿ وعند(ذ قاؿ القصدي ) المسكيف أل يلزـ على ما ذكرت أف يكوف الخلػػف واقعػا ‪) ..‬‬
‫أي التناقض !‬

‫التقدير أل ما أنا فعلته بل َفعله كبيػػرُهـ هػػذا )‬


‫َ‬ ‫الزـ أف يكوف‬
‫فيقوؿ المؤلف االعتباطي مسرو ار أل وانه أ‬
‫مع زيادة الخلف عما أفادته الجملة افولى مػػف التعػػريض إذ منطوقهػػا نفػػي الفعػػل وحصػػوؿ التمسػػير مػػف‬
‫غير ) !‬

‫واآلف وقػػد بلػػغ القصػػدي غايتػػه مػػف ا حبػػا قػػاؿ متوسػنا ) لنعتبػػاطي أل فػػن بػػد مػػف ذكػػر مػػا يكػػوف‬
‫مخّلصا مف الخلف ) !‬

‫ٔ البرهاف الما ف عف إعجاز القرآف ػ ٓ‪ٔٚ‬‬

‫‪110‬‬
‫فقػػاؿ االعتبػػاطي مسػػرو ار ق ػرار القصػػدي بوجػػود التنػػاقض وتوسػػله أف فػػي تخلػػيص افمػػة ا سػػنمية‬
‫ليكف على خاطرؾ ‪.ٔ) ...‬‬ ‫والقرآف منه ) قاؿ أل‬

‫ومبتدع ُه ‪.‬‬
‫َ‬ ‫ا(د‬
‫لتناقض كاف هو ر َ‬
‫ٍ‬ ‫ثـ يبدأ بسرد أربعة حلوؿ مقترحة‬

‫فػػانظر الػػى عبػػارة لػػيكف علػػى خػػاطرؾ ‪ ، ) ...‬فانػػه يتوجػػب علػػى المثقػػف ) االّ تفوتػػه فرصػػة التحليػػل‬
‫النفسي للعبارات في ذات الوقػػت ػ فالمحػػاور هنػػا واف كػػاف رمػ از ل ػػخص ولمنػػه فػػي حقيقتػػه يمثػػل القػرآف‬
‫نفسه فالقرآف هو الذي يطلب مف االعتباطي تخليصه مف م كلة التناقض ػ وهذا هدؼ هػػاـ مػػف أهػػداؼ‬
‫البينات ) ‪.‬‬
‫اآليات ّ‬ ‫ويبينوا بطريقتهـ‬ ‫عتباطية ػ أف يكونوا ّ‬
‫قيميف على المتب المنزلة ّ‬ ‫ّ‬ ‫ا‬

‫وقػػد تقػػوؿ أف المناق ػػة ال ازلػػت قا(مػػة مػػع وجػػود هػػذا العػػرض الواضػػح لحيثياتهػػا فمػػا الػػذي انتفعػػت بػػه‬
‫تباطية مف ا صرار على تضمف الجواب ال ) ؟ إذ بػػدونها يبقػػى التنػػاقض قا(مػ ا ف نػػه يقػػوؿ أل بػػل‬
‫ا ع ّ‬
‫فعله كبيرهـ ) ؟ ونحف نعلـ أنه هو الفاعل ‪.‬‬

‫والجػواب علػػى ذلػػؾ أف هنػػاؾ فا(ػػدة ‪ ،‬فالفا(ػػدة التػػي جنتهػػا االعتباطيػػة هػػي جعػػل التنػػاقض ػػديدا بحيػػث‬
‫حله بأي مقترح لغوي مع وجود ال ) ‪.‬‬ ‫يستحيل َّ‬

‫أما هكذا وعلى ألفاز اآلية فافمر يأخذ اتجاه ا آخػػر إذ أف إبػراهيـ ع ) لػػـ ينػػف الفعػػل عػػف نفسػػه وانمػػا‬
‫نسبه الى كبيرهـ ) فالمناق ة في صحة هذ النسبة فقط ‪.‬‬

‫وسأوضح هذا افمر أل‬

‫إف بل ) تفيد ا ضراب ) دوما ‪ .‬وهػػي فػػي الحػػل القصػػدي كػػأي لفػػظ آخػػر ال تتغيػر فػػي المعنػػى الحػػظ‬
‫اآلية اآلتية مثن أل‬

‫موف ‪ / ‬النحل ‪ٙٙ‬‬ ‫أدارؾ ُ‬


‫علمهـ في اآلخرة بل هـ في ٍؾ منها ْ‬
‫بل هـ منها َع ُ‬ ‫َ‬ ‫‪ ‬بل‬

‫فا ضراب مف صفة الى أخرى أو فعل الى آخر ال يلغي كوف السابق حقيقة ف ذا كانوا في ػػؾ منهػػا فػػن‬
‫يدارؾ في اآلخرة واذا كانوا منها عمػػوف ) فػػن يعنػػي أنهػػـ ليسػوا فػػي ػػؾ منهػػا بػػل‬
‫يعني أف علمهـ لـ ّ‬
‫تدرج في تحديد وتخصيص وت خيص حالتهـ ػ أي ليسوا في ؾ فقط إنما هـ منهػػا عمػػوف أيضػا‬ ‫هناؾ ّ‬
‫‪.‬‬

‫واآلف انقل هذا المعنى للفظ بل ) وطريقته في العمل الى المحاورة أل‬

‫أأنت فعلت هذا بظلهتنا يا إبراهيـ ؟ الجواب أل بل فعله كبيرهـ ‪.‬‬

‫ػدرج مػػف ذكػػر المسػػبب الفرعػػي الػػى المسػػبب‬


‫وهذا إضراب عف الفعل بمعنى فعلته أنػػا بػػل فعلػػه كبيػػرهـ ػ تػ ّ‬
‫افصلي افمثر تخصيصا ‪.‬‬

‫ٔ المحاورة مف البرهاف ػ ٕ‪. ٔٚ‬‬

‫‪111‬‬
‫إذف فهذا الحل هو نقيض التقدير االعتباطي الػػذي ال يفوتػػه معنػػى بػػل ) وفا(ػػدتها فػػي إممػػاؿ المحػػاورة‬
‫مف حيث انتهت واالنتقاؿ الى فاعل امثر تخصيصا ‪ .‬فاف لفظ بل ) ال يلغي ما كاف قبله مف وقا(ع ‪.‬‬

‫اقر بالفعل مع نسػػبته الػػى كبيػػرهـ ‪ ،‬وهػػو يػػدرؾ جيػػدا أف‬


‫هكذا ف براهيـ ع) لـ يكذب في هذ ا جابة بل ّ‬
‫القضية متلبسة فيه وافدلة قا(مة عليهٔويبقى فقط مناق ة صحة النسبة الى كبيرهـ ‪.‬‬

‫فلننحظ اآلف التوقعات أل ماذا يتوقع السا(لوف أف يجيبهـ إبراهيـ ع) ؟‬

‫إف للقضية أوليات معلومة أل‬

‫له إبراهيـ ‪. ‬‬ ‫فتى َ‬


‫يذكرُهـ ُيقاؿ ُ‬ ‫ا‬
‫افولى أل إنهـ سمعوا ‪‬‬

‫الثانية أل إف محاورة ديدة اللهجة حصلت بينه وبيػػنهـ قبػػل تمسػػير افصػػناـ كانػػت افصػػناـ موضػػوعها ػ‬
‫انظر الصافات ‪ ٛ٘ /‬ػ ٘‪. ٜ‬‬

‫الثالثة أل إف إب ارهيـ هو الوحيد الذي يذكرهـ ‪.‬‬

‫كسر افصناـ وضع الفأس على ِجيد كبيرهـ ‪.‬‬


‫الرابعة أل أنه حينما ّ‬
‫إذف فالمتهـ الوحيد هو ) وافدلة كلها ضد وليس هناؾ مف سبيل نكار ما فعله وهو في أي غضػػبه‬
‫و ّدة مجادالته معهـ ‪.‬‬

‫والتوقع هو أف ينكر إبراهيـ ع) الفعل وينسبه الى غير أو ال ينسبه فلـ يجب با جابات المتوقعػػة وانمػػا‬
‫أجاب بػ أل‬

‫كبيرهـ هذا فاسألوهـ إف كانوا ينطقوف‪‬‬


‫‪ ‬بل َفعلهُ ُ‬
‫إذ يتوجب منحظة ترابط هذ ا جابات في ألفاظها بصورة املة ‪.‬‬

‫وقد علمنا أف بل ) ال تنفي ما سبقها مف أفعاؿ وهي تظهر في المحاورات بخػػنؼ ظهورهػػا فػػي المػػنـ‬
‫المتصل مف غير محاورة ‪ .‬بمعنى أف بل ) ال تتصػػدر المػػنـ مطلقػا مػػا لػػـ يكػػف هنػػاؾ كػػنـ سػػابق مػػف‬
‫ِ‬
‫المحاور ‪ .‬والمنـ السابق هو ‪ ‬أَأنت فعلت هذا بظلهتنا يا إبراهيـ ‪ ‬؟‬

‫والجواب بل فعله كبيرهـ ‪ .‬إذف فلفظ بل ) يبني عمله على ما سبقه وهو ال يلغي أو ينفي االتهاـ إنما‬
‫يضيف إليه فاعنا آخر هو كبيرهـ ‪.‬‬

‫إف كانوا ينطقوف ‪ ، ‬والتي يكمف فيها الحل القصدي‪.‬‬


‫بيد أنه يضيفه ب ر موجود في العبارة وهو ‪ْ ‬‬
‫ومعلوـ أف االعتبا ال يرضى بهذا التخري فنه سيزعـ أف جواب هذا ال ر هو فاسألوهـ )‬

‫فجعلهػػـ جػػذاذا اال‬ ‫إ ارة الى المنه اللفظي الذي يحدد أف عبارة فتػوالهـ ضػربا بػػاليميف فػػاقبلوا ‪ ..‬الػػخ ) هػػي لواقعػػة غيػػر واقعػػة‬ ‫‪1‬‬
‫كبي ار لهـ ) والتي صمموا فيها على إحراقه بالنار وهي غيرها مف حيث ترتيبها الزمني ) ‪.‬‬

‫‪112‬‬
‫إف كانوا ينطقوف ‪‬‬
‫‪ْ‬‬ ‫وهذا خطأ فف إبراهيـ ع) ال يعِّلق افمر بسؤاؿ افصناـ على ال ر‬

‫وانما يمكف أف يعلق الفعل المرتبط بهـ فقط أي بافصناـ ال بالناس ‪.‬‬

‫أي أف كبيرهـ فعل هذا إف كانوا ينطقوف وجملة فاسألوهـ )جملة معترضة ‪.‬‬

‫كيف أوضح هذ المسالة الدقيقة ؟‬

‫إف إبراهيـ ع) يعلـ أنهـ يعلموف أف افصناـ ال ينطقوف ‪ .‬لذلؾ فن يعلق السؤاؿ على هذا ال ر ‪ .‬فف‬
‫السا(ل ال بد أف يسأؿ ناطقا ال جامدا يستحيل نطقه ‪ .‬وقد ظهػػر ذلػػؾ فػػي عبػػارتهـ بػراهيـ ع) أل ‪ ‬لقػػد‬
‫أف هؤالء ال ينطقوف ‪ ! ‬فن يعلق السؤاؿ على النطق ‪.‬‬ ‫عػلمت ْ‬
‫َ‬
‫فلماذا ربط بػػيف النطػػق والفعػػل ؟ مػػف الواضػػح أنػػه ع) ال يػػأمرهـ ب ػػيء يدركونػػه جيػػدا ‪ .‬أنػػه يثيػػر فػػيهـ‬
‫تساؤ اال آخ ار ويوضح عنقة أخرى هي العنقة بيف الفعل والنطق ) ‪.‬‬

‫ن ّ‬
‫وكسر أحد افصناـ أو بعضها لما كاف فعله مقصػػودا ‪.‬‬ ‫وهو ليس كأي فعل فلو دخل حيواف كالعجل مث ا‬
‫كبير افصناـ فهو فعل ينطوي على تخطيط مف ٍ‬
‫كا(ف ذي عقل ‪.‬‬ ‫تمسروا اال َ‬
‫أما أف يجدوا الجميع ّ‬
‫بأية صورة ‪.‬‬
‫طط للفعل هو ناطق ّ‬
‫ومعلوـ أف العاقل أو المخ ّ‬

‫المخ ّ‬
‫طػػط لػػه ال بػػد أف تتقػػدـ عليػػه الفكػػرة المحمولػػة فػػي اللغػػة فػػالنطق جػػزء ال يتجػ أز مػػف‬ ‫ذلػػؾ الف الفعػػل ُ‬
‫الفعل العقلي ‪.‬‬

‫واذف فال ر ‪ ‬إف كانوا ينطقوف ‪ ‬تقدـ عليه في السياؽ جوابه الذي تضمف عدـ إنكار فعله عف طريق‬
‫اللفظ بل ونسبة الفعل الى كبيرهـ ر أف يكونوا ناطقيف وهي جملة ‪ ‬بل فعله كبيرهـ هذا‪.‬‬

‫إف هذا ال يعني االّ ي(ا واحدا وهو أنه ع) نسب الفعل لنفسه فقط وأنكر إنكا ار تاما أف يكوف َكبيرُهـ قد‬
‫فعله فنه ال ينطق أنه أنهـ ‪ .‬أما لماذا استعمل هذ الطريقػػة ولمػػاذا فعلهػػا عػػف طريػػق إبقػػاء َكبيػػرُهـ‬
‫فهناؾ منحظتاف أل‬

‫تمػػت المحػػاورة ولمػػا أمكػػف الػػربط بػػيف الفعػػل والنطػػق ‪ .‬فف ا نسػػاف‬ ‫كسػػر الجميػػع لمػػا ّ‬‫افولػػى أل أنػػه لػػو ّ‬
‫ن فلػػف يقػػدر علػػى النطػػق بعػػد ذلػػؾ فػػن بػػد مػػف إبقػػاء نمػػوذج واحػػد مػػف افصػػناـ‬
‫فاعل ف ذا قتل نفسػػه مػػث ا‬
‫كسػػروا‬
‫لتحقيػػق هػػذ المحاججػػة إذ قػػد يقػػاؿ أنهػػـ فعل ػوا ذلػػؾ بأنفسػػهـ ولػػـ يقػػدروا علػػى النطػػق بعػػد إف ّ‬
‫أنفسهـ ثبات قدرتهـ على الفعل ‪.‬‬

‫ػه وبػػيف كبيػػرهـ هػػي نمػػوذج مصػ ّغر بطػػاؿ ال ػػرؾ ‪.‬‬ ‫الثانية أل إف هػػذ النسػػبة والم ػػاركة فػػي الفعػػل بينػ ُ‬
‫فمما ال يجوز نسبة هذا الفعل لهـ بل حتى لمبيرهـ والػػذي هػػو بحاجػػة ماسػػة لننفػراد بالعبػػادة والػػتخّلص‬
‫مف مجموعة ركاء فمذلؾ ال تجوز مف باب أولى نسبة الفاعلية لهـ بأية صورة ‪ .‬بمعنى أنه إذا بطلػػت‬
‫فاعليتهـ في تجربة عملية مع إنساف هو إبراهيـ ع) فمف المحاؿ أف تثبت لهـ فاعلية كونيػػة مػػع ا لػػه‬
‫ُ‬
‫ومعنػػى هػػذا أف إبػراهيـ‬ ‫الواحد‪.‬‬

‫‪113‬‬
‫الفعل لنفسه وجاء بجميع افلفاز للتأميد على فعله هػػو تمػػاـ المحاججػػة‬ ‫َ‬ ‫ع ) في هذ المحاورة اثبت‬
‫وهو كما ترى نقيض الحل االعتباطي الذي يجعل إبراهيـ منك ار لفعل التمسير ملقيا بالتبعػ ِػة علػػى كبيػػرهـ ػ‬
‫فف ذلؾ يستلزـ انعكاس النتا( كلها ومف بينها إثبات الفاعلية لألصناـ !‬
‫إذا فال ػػر ‪ ‬إف ك ػػانوا ينطق ػػوف ‪‬‬
‫ػ‬ ‫جوابػػه عبػػارة ‪ ‬بػػل فعلػػه كبيػػرهـ هػػذا ‪ ‬المتقدمػػة وليسػػت عبػػارة فاسػػألوهـ ) المتقدمػػة علػػى ال ػػر‬
‫فيسقط فعل كبيرهـ لعدـ تحقق ال ر ‪.‬‬

‫‪114‬‬
‫أمثلة متنوعة لنعتباطية‬

‫أ ‪  .‬أأهلل أذف لمـ أـ على ى تفتروف ‪ ‬ػ السؤاؿ عف اآلذف هل هو ى ؟‬

‫لمف االعتبا يزعـ أف السؤاؿ عف الفعل ‪ .‬وحينما رح ذلؾ جاء بفعل المينونة ح ار ‪ ،‬فانتبه جيػػدا الػػى‬
‫اسلوب ال رح قالوا أل‬

‫ف نه إنكار إف يكوف مف ى إذف ) ‪.‬‬

‫وهذا التغيير والتواء العبارة وادخػػاؿ أف يكػػوف ) هػػو لجعػػل السػؤاؿ عػػف الفعػػل عػػف طريػػق فعػػل المينونػػة‬
‫وهو دليل أميد على التخبط ‪.‬‬

‫والحل القصدي يقوؿ وعلى غرار ذلؾ عبارة واضحة إذا أراد هي أل‬

‫أي أف ى لـ يأذف ) ػ فاالستفهاـ عف الفاعل ‪.‬‬

‫ب ‪ .‬أأنت بنيت هذ الدار؟ ) السؤاؿ عف الفاعل أيض ا ‪.‬‬

‫وقاؿ االعتبا هنا أل فأنت اؾ في الباني إذ إ ارتؾ نحو تغنيؾ عف ا خبار ‪.‬‬

‫وهػػذا صػػحيح اآلف ػ فلمػػاذا خالفهػػا االعتبػػا فػػي نفػػس الموضػػوع فػػي أزيػػد قػػا(ـ ؟ ) ػ حيػػث ّادعػػى أف‬
‫السػؤاؿ عػػف القيػػاـ ؟ بينمػػا الهمػػزة دخلػػت علػػى الفاعػػل فالسػؤاؿ عػػف زيػػد والقيػػاـ معلػػوـ كمػػا فػػي المثػػاؿ‬
‫التغير هو لعنقته باآلية ػ آية إبراهيـ ع ) ‪.‬‬
‫السابق وقد أوضحنا أف هذا ّ‬
‫فلمػػا انتهػػى بحػػث اآليػػة سػػها االعتبػػا فجػػاء بمثػػاؿ علػػى الضػػمير أنػػت ) وكأنػػه يحكػػي لػػؾ التخػػبط‬
‫والتناقض ػ الف المثاؿ أأنت بنيت ‪ ) ..‬بيه جدا بصيغة اآلية أل‬

‫أأنت فعلت هذا بظلهتنا ‪. ) ..‬‬

‫ج ‪ .‬جػعػلت االعتباطية لهػمزة االستفهاـ استعماليف أحدهما حقيقي ولهذا افخير ثمانية معاني هي أل‬

‫التسػػوية ‪ ،‬ا نكػػار ا بطػػالي ‪ ،‬ا نكػػار التػػوبيخي ‪ ،‬التقريػػر ‪ ،‬الػػتهكـ ‪ ،‬افمػػر ‪ ،‬التعجػػب ‪ ،‬االسػػتبطاء ‪،‬‬
‫وبعضهـ ذكر أنواع ا أخرى ال صحة لها ) حسب تعبير ابف ه اـٔ ‪.‬‬

‫موحدة أف هذ المعاني ليست للهمزة ومثلهػػا مثػػل أي حػػرؼ جعلػوا معػػاني مػػا‬ ‫وقد ذكرنا في كتاب اللغة ال ّ‬
‫بعػػد فػػي االسػػتعماالت المتنوعػػة معػػاني تخػػص هػػذا الحػػرؼ أو ذاؾ ‪ .‬فػػالحرؼ مهمػػا كػػاف ػ ال معنػػى لػػه‬

‫‪ 1‬مغني اللبيب ‪ /‬جٔ ‪.ٔٛ /‬‬

‫‪115‬‬
‫سوى معنا الذي فيه حركته ‪ .‬ومثاؿ ذلػػؾ أل إف نػػوع افمػػر هػػو مثػػل أل أأسػػلمتـ ) ؟ ‪.‬فػػي حػػيف أف هػػذا‬
‫استفهاـ أيضا لقوله بعد ذلؾ ‪ ‬فاف أسلموا فقد اهتدوا ‪. ‬‬
‫‪ . ‬بينما مثاؿ التقريػػر قولػػه تعػػالى أل‬ ‫ومثاؿ التعجب أل هو قوله تعالى ‪ ‬ألـ تر الى ربؾ كيف َّ‬
‫مد الظل‬
‫كل يء قدير ‪. ‬‬ ‫‪ ‬ألـ تعلـ أف ى على ّ‬
‫فالمفهوـ عندهـ مػػف التعجػػب ارجػػع الػػى الجملػػة والمفهػػوـ مػػف التقريػػر كػػذلؾ وال عنقػػة لػػه بػػالهمزة التػػي‬
‫تدخل الصيغ والتراميب المتنوعة التي تفيد معاني ال حصر لها‪.‬‬
‫ػى ّ‬
‫موحػ ٍػد لمػػل حػػرؼ وتفصػػيل ذلػػؾ تجػػد فػػي المتػػاب‬ ‫ففي القصدية تجتمػػع كػ ّػل المعػػاني المػػذكورة فػػي معنػ‬
‫ا‬
‫المذكور باب الهمزة ) ‪.‬‬

‫‪116‬‬
‫المبحث الثامف ع ر‬
‫أحػكاـ غيػر‬

‫تدعي االعتباطية أف اآلية أل‬


‫ّ‬
‫‪ /‬الفاتحة ٘‬ ‫‪ ‬الص ار المستقيـ ص ار الذيف أنعمت عليهـ ‪‬‬

‫هي جملة نكرة !‬

‫وبغض النظر عف ّأية مؤثرات دينية مسبقة يمكػػف القػػوؿ أف لنعتبػػا أفمػػار الخاصػػة التػػي ال تمػػت الػػى‬
‫اللغػػة ونظامهػػا بصػػل ٍة تػػذكر ػ ول ػوال ذلػػؾ لمػػا أعلن ػوا تنكيػػر ه ػذ الجملػػة الطويلػػة المؤلفػػة مػػف مفػػردتيف‬
‫معػّػرفتيف كػ ّػل منهػػا بػػأؿ التعريػػف الص ػ ار ) و المسػػتقيـ ) واضػػافة صػػفة المسػػتقيـ الػػى الص ػ ار وهػػو‬
‫تعريف آخر اسمه عندهـ النعت ) ػ ولو خلتا مف أؿ التعريف لمانتا معرفتيف ببعضهما ص ار مسػػتقيـ‬
‫أخػػرى ‪‬‬ ‫) كصػػفة وموصػػوؼ ‪ ،‬ثػػـ عػػاد فعػّػرؼ الص ػ ار نفسػػه ب عادتػػه واضػػافته الػػى معرفػػة‬
‫ص ار الذيف أنعمت عليهـ ‪ ‬ػ وتاء المخاطبة ت ير الى أعظـ معروؼ في الذهف وهو ى ‪.‬‬

‫وكل هذ الضمانات لتعريف الص ار لـ تمنع االعتباطية مف اعتبار نكػػرة مخالفػػة بػػذلؾ قواعػػدها اللغويػػة‬
‫التي وضعتهأ‪.‬‬

‫والسبب الذي دعاها الى ذلؾ ظاهري ا هو حكـ غير ) التي تأتى بعد ذلػػؾ فػػي عبػػارة غيػػر المغضػػوب‬
‫) ػ حيػػث ّادعػػت االعتباطيػػة أف غيػػر ) أ ػػد افلفػػاز إبهام ػا ‪ .‬وهػػي ل ػػدة إبهامهػػا ال تتعػػرؼ حتػػى‬
‫با ضػػافة ) ‪ ،‬وأف غيػػر ) المضػػافة لفظػا تسػػتعمل علػػى جهتػػيف إحػػداهما أف تمػػوف صػػفة للنكػػرة أو مػػا‬
‫اب ه النكرة وأف ما قبلها في سورة الحمد هو نكرة أو قريب مف النكرة ‪ .‬ويمكننا أف نناقش الحكػػـ نفسػػه‬
‫وهو إبهاـ غير ) فهذا ا بهاـ هو تصور اعتباطي ال غير ‪.‬‬

‫وفي عبارتي افخيرة حينما قلت ال غير ) فهمت أيها القػػارئ أننػػي قصػػدت أنػػه ال ػػيء غيػػر االعتبػػا‬
‫وليس مف يء غير االعتبا سوى القصدية واذف ف ف غير ) أ ػػارت الػػى اآلخػػر مػػف خػػنؿ المػػذكور‬
‫وعرفت المتروؾ مف خنؿ المخبر عنه فميف قالوا أنها ديدة ا بهاـ في ما ت ير إليه ؟‬

‫اقروا أف غير ) إذا وقعت بيف ضديف ضعف إبهامها ) ػ وحينما قاؿ ابف السػّػراج ) أنهػػا حين(ػػذ‬ ‫وقد ّ‬
‫ردو بقولػػه تعػػالى أل نعمػػل صػػالحا غيػػر الػػذي كنػػا نعمػػل ) مػػف غيػػر أف يقومػوا ب ػػرح ا بهػػاـ‬
‫تتعػػرؼ ّ‬
‫المزعوـ ‪.‬‬

‫ٔ مغني اللبيب ‪ /‬جٕ ػ ٘٘ٔ فقرة أحدهما‪.‬‬

‫‪117‬‬
‫فنحظ بنفسؾ أليس العمل الصالح معروف ا ومعلوما للسامع ؟ وانظر أل أليس الذي هو غير مف العمل ال‬
‫يكوف إال عمنا طالح ا ؟ ‪ ،‬إذ ليس ثمة تصنيف لألعماؿ في مثل هذا العموـ االّ هذا التصنيف فمػػل عمػػل‬
‫أما أف يكوف صالحا أو طالحا وهو ما نعبر عنه اختصا ار بقولنا أل صالح ا أو غير ذلؾ ) ‪.‬‬

‫ف ف غير ) هنػػا ت ػػير الػػى اآلخػػر ) المتػػروؾ ذكػػر مػػف العمػػل وقػػد تػػـ تعريفػػه مػػف خػػنؿ ذكػػر افوؿ ػ‬
‫فأيف ا بهاـ في لفظ‬

‫غير ) ؟ بل لفظ غير ) هو أ د اف لفاز وضوحا ‪.‬‬

‫وحينما ق أر بعض القصدييف ػ بناءا على الخبر ػ قوله تعالى أل‬

‫‪ ‬ال يستوي القاعدوف مف المؤمنيف ِ‬


‫غير أولي الضرر ‪. ‬‬

‫معرفػػة اسػػتعملت االعتباطيػػة معػػه‬ ‫ِ‬


‫غير ) بالجر واعتبرها مضافة للمؤمنيف وبذلؾ تصػػبح ّ‬ ‫حينما قرأها‬
‫أساليب ا رهاب ) حينما قالت أف قراءته خارج القراءات السبع ) ! ‪.‬‬

‫وأود أف أذكرؾ أف القراءات السبع ) و القػراءات ال ػػاذة ) وهػػو االسػػـ الػػذي أطلػػق علػػى غيػػر السػػبع‬
‫آف و ٍ‬
‫احد أل ف ذا لـ يعجبها تخري اآليات والنصوص على قراءة معينػػة قالػػت أل‬ ‫تستخدمها االعتباطية في ٍ‬
‫هذ القراءة خارج السبع المتواترة!‪.‬‬

‫ػل القػّػراء مػػف المختصػػيف‬


‫واذا لـ تجد في السبع المتواترة ما يؤيد قواعػػدها قالػػت عبػػارة م ػػهورة يعلمهػػا كػ ّ‬
‫والمطلعيف هي أل‬

‫‪ ..‬وما يؤيد ذلؾ ورود قراءة على هذا النحو ‪ ) ...‬ػ والقراءة المذكورة هنا بالطبع خارج السبع !‪.‬‬

‫واذا رجعنا للقػراءات السػػبع وتضػػارب افقػواؿ فيهػػا والخلػػط بينهػػا وبػػيف افحػػرؼ السػػبعة ) فػػن ن ػػؾ أف‬
‫هػػذ الػػػ السػػبع ) كانػػت اسػػتغنالا ب ػػعأ لنعتباطيػػة لمرويػػات العنقػػة لهػػا بػػالقراءات الموضػػوعة‬
‫كل ما في افمػػر أف السػػبع) تمكنػػت مػػف اسػػتيعاب أم ػػػبر قػػػدر مػػف االعتبػػا وعنػػد‬
‫لتمريس االعتبا ‪ّ .‬‬
‫حدوث ذوذ يستعاف بال اذة وعند حدوث مجابهات يستعاف بالسبع ! ‪.‬‬
‫‪Formatted: Centered, None‬‬

‫للغل وهي على قوله تعالى ‪ ‬ومف يغلل يأت بما غل يوـ القيامة ‪‬‬
‫كانت استغن اال أل العبارة مقصودة وليست خاط(ة أي طلبا ّ‬ ‫‪1‬‬

‫‪118‬‬
‫المبحث التاسع ع ر‬
‫نماذج مف الحلوؿ االعتباطية‬
‫للم كنت القرآنية‬
‫الحظنػػا أوالا فػػي كتػػاب "النظػػاـ القرآنػػي" تنػػاقض االعتباطيػػة فػػي فهػػـ التنػػاقض ) بػػيف اآليػػات القرآنيػػة‬
‫والحظنػػا ثانيػا فهمهػػا آليػػة الزيػػغ المحػ ّذرة مػػف أهػػل الفتنػػة الػػذيف يجتهػػدوف فػػي افتعػػاؿ التنػػاقض القرآنػػي‬
‫والحظنا ثالثا نماذج مف الحلوؿ االعتباطية هناؾ ونماذج متفرقة فػػي هػػذا المتػػاب ‪ .‬وتأتيػػؾ نمػػاذج كثيػػرة‬
‫إف ػػاء ى فػػي هػػذ السلسػػلة مػػف المؤلفػػات والتػػي غايتهػػا القضػػاء علػػى االعتباطيػػة وتأسػػيس المػػنه‬
‫القصدي ‪ .‬وسأذكر هنا نماذج أخرى متفرقة مف حلوؿ االعتباطية للم كنت القرآنية أل‬

‫النموذج االوؿ‬

‫التعارض بيف آيات الخلق )‬

‫قاؿ القاضي أبو بكر أل‬

‫ال يجػػوز تعػػارض آي القػرآف واآلثػػار ومػػا يوحيػػه العقػػل فلػػذلؾ لػػـ يجعػػل قولػػه تعػػالى أل ى خػػالق كػ ّػل‬
‫ػػيء ) معارضػا لقولػػه وتخلقػػوف إفمػا ) وقولػػه واذ يخلػػق مػػف الطػػيف ) ػ لقيػػاـ الػػدليل العقلػػي أنػػه ال‬
‫ػؤوؿ تخلقػػوف ) علػػى تمػػذبوف ) و تخلػػق ) علػػى‬
‫خالق له غير ى فتعػّػيف تأويػػل مػػا عارضػػه ‪ ،‬فيػ ّ‬
‫تصور ) ‪ٔ)..‬انتهى ‪.‬‬
‫ّ‬
‫ِ‬
‫تمتف بجعل يصنع ‪ ،‬يعمل ‪ ،‬يفعل ‪ ،‬يذ أر ‪ ،‬يبدع ‪ ،‬يكػ ّػوف ويوجػػد وغيرهػػا‬ ‫فنحظ تعسف االعتباطية إذ لـ‬
‫ويصور وجعلتهما معاني أخػػرى‬ ‫لمفردة يخلق ) حتى ابتدعت مفردتيف أخرييف هما يكذب ّ‬ ‫مرادفات‬
‫لمفردة يخلق ػ فاالعتباطية تجد الحل دوما مف خنؿ المرادفػػات التػػي تضػػعها كيػػف ػػاءت لتػػتخلص بهػػا‬
‫مف الم امل اللغوية حيثما واجهتها تلؾ الم امل ‪ .‬وكأف ى تعالى اء لها أف تبقى سادرة في ضنلها‬
‫حتى في أوضح الواضحات ‪.‬‬

‫لقد رأيت في قوله تعالى ‪ ‬فتبارؾ ى احسف الخالقيف ‪ ‬ػ رأيت كثرة الخالقيف فن تنافي بيف نسبة الخلػػق‬
‫الى المخلوؽ لتعػػدد الخػػالقيف فػػي الػػنص القرآنػػي ػ ال تنػػافي وال تعػػارض بينػػه وبػػيف وحػػدة خػػالق اف ػػياء‬

‫ٔ معترؾ افقرآف ‪. ) ٔٓٚ/ ٔ /‬‬

‫‪119‬‬
‫كل يء ‪ ‬ػ هو الذي يجّنب المتلقي‬
‫كلها فافمريف يقرهما النص القرآني نفسه وقوله تعالى ‪ ‬ى خالق ّ‬
‫مف الوقوع في أي وهـ مف هذا النوع فأبت االعتباطية االّ التوهـ ! ‪.‬‬

‫كل الخالقيف م موليف بال ي(ية فهـ أ ياء وما خلقو أ ياء فقوله ‪ ‬ى خػػالق كػ ّػل ػػيء ‪ ‬ػ يعنػػي‬
‫فف ّ‬
‫كل يء ‪.‬‬ ‫أنه خالق لهؤالء الخالقيف ممف هـ سوا إذ هو أحسف الخالقيف وخالق ّ‬
‫فأيف التعارض لتقوؿ ا عتباطية أف تخلقوف ) هنا بمعنى تمذبوف ؟ وكيػػف تصػػح الجملػػة عنػػد افبػػداؿ‬

‫بهذا اللفظ ؟ فهل يصح القػػوؿ أنػػتـ تمػػذبوف إفمػا ) ؟ ‪ .‬فا فػػؾ نفسػػه ػ أ‬
‫ػيء وهمػػي الوجػػود لػػه مرمػػوز‬
‫ب يء له وجود يخلقه اف ّفاؾ ‪.‬‬

‫ولػػـ تنحػػظ ا عتباطيػػة فػػي الػػنص اآلخػػر ‪ ‬واذ تخلػػق مػػف الطػػيف كهي(ػػة الطيػػر بػ ذني ‪ ‬ػ لػػـ تنحػػظ أف‬
‫المخاطػػب مخلػػوؽ وهػػو المسػػيح ع ) والطػػيف الػػذي اسػػتعمله كمػػادة للخلػػق مخلػػوؽ أيضػ ا مػػع التحػػو‬
‫بعبارة ب ذني ) المكررة مرتيف أل ‪ ‬فيكوف طي ار ب ذني ‪. ‬‬

‫الحػػظ أف الحػػل القصػػدي يعتمػػد علػػى ا حكػػاـ فػ ي النظػػاـ القرآنػػي ) وثبػػات الدال لػػة اللفظيػػة بينمػػا الحػػل‬
‫االعتباطي يعتمد على إثارة التناقضات مف خنؿ اعتباطية الداللة ػ فهػػذ هػػي قيمػػة النظريػػة االعتباطيػػة‬
‫بدءا بالجرجاني وانتهػػاءا بعلػػـ اللغػػة المعاصػػر مػػرو ار ب ػػيخ االعتبػػا دي سوسػػر ‪ .‬وانػػي إذ أسػػوؽ هػػذ‬
‫كل موضوع لغوي وكل لفػػظ وكػػل نػػص أدبػػي أو دينػػي أو روا(ػػي قػػد‬ ‫النماذج ف نما ِّ‬
‫أذكر القارئ بحقيقة أف ّ‬
‫نػػاؿ قسػػطه افوفػػر مػػف التعسػػف علػػى أيػػدي االعتبػػاطييف فهػػذ الفصػػوؿ نمػػاذج جز(يػػة ليػػدرؾ القػػارئ مػػا‬
‫حصل للمل مف أ باهها وهي جميع النصوص بن استثناء ػ فعلـ اللغة الحقيقػػي سػػوؼ ينبثػػق مػػف الحػػل‬
‫الق ّصدي وحد ‪.‬‬
‫َ‬
‫لقد كاف على االعتباطية بد اال مف ذلؾ إثػػارة سػؤاؿ وجيػػه حػػوؿ الػػنص ف نػػه قػػاؿ ‪ ‬إنمػػا تعبػػدوف مػػف دوف‬
‫ى أوثانا وتخلقوف إفما ‪ ‬ػ فف افوثاف عند االعتبا مػرادؼ لألصػػناـ فهػػـ يخلقونهػػا فنهػػا مػػف الحجػػارة‬
‫ويعبدوف ا فؾ الذي ابتدعو فيتوجب على قواعد االعتبا أف يقوؿ عبارة معكوسة في الترتيػػب واففعػػاؿ‬
‫مثل إنما تخلقوف أوثان ا وتعبدوف إفما ) فهو أولى مف الترتيػػب افوؿ وفػػق قواعػػدهـ وأبلػػغ فػػي التقريػػع‬
‫إذ يجعل ما يخلقوف معبودا لهـ ‪.‬‬

‫لػػـ تفعػػل ذلػػؾ فنهػػا لػػف تقػػدر علػػى ا جابػػة ‪ .‬والحػػل القصػػدي ب نكػػار المرادفػػات هػػو وحػػد القػػادر علػػى‬
‫تفسير هذا الترتيب ‪ .‬فافوثاف غير افصناـ ‪ ،‬افوثاف خوص يتبعهـ المخاطبوف فػػن يجػػوز أف يقػػوؿ‬
‫تخلقوف أوثانا ) النهـ خلق مف خلق ى لمنهـ طغاة وجبابرة ‪ .‬وا فؾ أل هو الػػوهـ الػػذي يتجسػػد بصػػورة‬
‫مف الصور أل كنـ ‪ ،‬عمل ‪ ،‬عر ‪ ،‬تمثاؿ ‪ ،‬صػػورة ‪ .... ،‬الػػخ ويقػػوـ اف ّفػاؾ بخلػػق الصػػورة التػػي تجسػػد‬
‫المصورة والمنحوتة والمرموزات المبتدعة عندهـ ل له ػ‬
‫ّ‬ ‫هذا الوهـ ػ وهو هنا ي ير الى جميع المعبودات‬
‫فهذا ا فؾ مخلوؽ لهـ وسببه وعلته هو عبادتهـ للطغاة افوثاف ) لذلؾ قدـ العبػػادة علػػى خلػػق ا فػػؾ‬
‫فقاؿ ‪ ‬إنما تعبدوف مف دوف ى أوثانا وتخلقوف أفما ‪ ‬ػ تنفيذا ِ‬
‫فمر مف تعبدوف ‪.‬‬

‫‪120‬‬
‫النموذج الثاني‬

‫آيات ومف أظلـ ‪) ..‬‬


‫قالوا أل ومما أست كل قوله تعالى أل‬

‫‪ ‬ومف اظلـ ممف افترى على ى كذبا ‪ / ‬هود ػ ‪ٔٛ‬‬

‫ذكر بظيات ربه ‪ /  ..‬المهف ػ ‪٘ٚ‬‬


‫‪ ‬ومف اظلـ ممف ّ‬
‫‪ ‬ومف اظلـ ممف منع مساجد ى ‪ / ‬البقرة ػ ٗٔٔ‬

‫كاؿ أف المراد باالستفهاـ هنػػا النفػػي والمعنػػى ال أحػػد اظلػػـ فيكػػوف خبػ ار واذا كػػاف خبػ ار وأخػػذت‬ ‫ووجه ا‬
‫اآليات على ظاهرها أدى الى التناقضٔ‪.‬‬

‫ثـ قاؿ أل وأُجيب على ذلؾ بأوج ٍه فأحصى منها ثنثة هي أل‬

‫كل موضع بمعنى أي ال أحد مف المفتريف أظلـ ممػػف افتػػرى علػػى ى ‪ .‬وال أحػػد‬
‫الوجه افوؿ أل تخصيص ّ‬
‫مف المانعيف أظلـ ممف منع المساجد وكذا باقيها ف ذا تخصص بالصنت زاؿ التناقض ! ‪.‬‬

‫أقوؿ أل إف االعتباطية ال تستحي مطلقا مف أية إجابة مهما كانت ال منطقية فمأف المفتريف للمذب أنػواع‬
‫وأظلـ هؤالء هـ مف افترى على ى ‪ ،‬وكأف الحػػق أجػزاء وصػػور ػتى ! ‪ .‬لقػػد فػػات االعتبػػا أف ى هػػو‬
‫الحق ) وأف االفتراء ) ػ عمل واحد فػػي تجػػاوز الحػػق فلػػيس ثمػػة افتػراء فيػػه ظلػػـ‬ ‫الحق ومف أسماء‬
‫أقل مػػف افتػراء آخػػر ! ‪ .‬مثلمػػا ال يوجػػد سػػارؽ سػػيء وآخػػر أسػوأ منػػه فسػػارؽ الػػدينار وسػػارؽ المليػػوف‬
‫حكمه واحد في ال ريعة ‪.‬‬

‫هؤالء هـ الفقهاء الذيف جعلوا القرآف عضيف ) ػ قطعا متنافراة ومتناقض اة مع بعضها ػ هؤالء هػػـ الػػذيف‬
‫مزقوا العقا(د واففمار والقيـ ‪ .‬وال تعزب عنؾ وأنت بهذا الذكاء غايات االعتباطية مف وراء ذلؾ كلػػه ومػػا‬
‫ّ‬
‫توضحه الوجو افخرى ‪.‬‬
‫النسبية في االفتراء ) وهو أمر ّ‬ ‫يجنيه المفتروف مف هذ‬

‫الوجه الثاني أل أف هذا التخصػػيص هػػو بالنسػػبة الػػى السػػبق ! ّ‬


‫لمػػا لػػـ يسػػبق أحػػد الػػى مثلػػه حكػػـ علػػيهـ‬
‫بأنهـ أظلـ فتأويله في ما سبق مف المانعية واالفتراء ‪.‬‬

‫أقػػوؿ أل أخرجػػت االعتباطيػػة نفسػػها مػػف الظلػػـ أو االظلميػػة بهػػذا الوجػػه فنهػػا إذ تفتػػري المػػذب علػػى ى‬
‫بجعػػل م ػراد فػػي ػػيء خػػنؼ مػػا يعنيػػه الػػنص فهػػي تعػػال م ػػكلتها خػػنؿ ػػرح الػػنص ‪ .‬فػػأوؿ مػػانع‬
‫للمسػػاجد أظلػػـ وأوؿ مفتػػري أظلػػـ ‪ ..‬ولمػػا كػػاف التػػدرج فػػي الظلػػـ أصػػبح زمانيػا وحسػػب افسػػبقية فػػاف‬
‫المّلة اآلخرة ) ػ وهي آخر الملل زمانا لـ تتصف إال بأقل افجزاء مف الظلـ ومف يػػدري لعلػػه ينتهػػي ولعػػل‬

‫ٔ معترؾ افقرآف ‪ /‬جٔ ‪. ٔٓ٘ /‬‬

‫‪121‬‬
‫االفتراء لـ يعد يتصف بهػػذ الصػػفة أصػنا إذا اعتبرنػػا قابيػػل ) أوؿ ظػػالـ علػػى افرض ! فمػػا زاؿ الظلػػـ‬
‫يقل عف المفتريف كلما تقادمت افزماف !! ‪.‬‬

‫ػ فاالعتبػػا يجهػػل أو يتجاهػػل النظػػاـ القرآنػػي فف تفاصػػيل المػوارد‬ ‫لمػػف االعتباطيػػة تحلػػـ بهػػذ النتػػا(‬
‫الثنثة موجودة في سور غير تلؾ الموارد والنتا( فيها بخنؼ ما تحلـ به االعتباطية فهػػذ مػػثنا نتػػا(‬
‫االفتراء ) في سياؽ متصل مف سورة افعراؼأل‬
‫ِ‬ ‫‪ ‬حتى إذا ّأداركوا فيها جميعا قالت أُخراهـ فوالهـ َّ‬
‫ربنا هؤالء أضػ ُ‬
‫ػلونا فػػظتهـ عػػذابا ضػػعفا مػػف النػػار قػػاؿ‬
‫لمل ضعف ولمف ال تعلموف ‪ ‬افعراؼ ‪ٖٛ‬‬ ‫ٍ‬
‫‪ ‬وقالت أوالهػػـ فخراهـ فما كاف لمـ علينا مف فضل فذوقوا العذاب بما كنتـ تمسبوف ‪/ ‬افعراؼ ػ‪ٖٜ‬‬

‫فصلنا على علـ ‪ / ‬افعراؼ ػٕ٘‬


‫‪ ‬ولقد ج(ناهـ بكتاب ّ‬

‫قبل قد جػػاءت رسػ ُ‬


‫ػل ربنػػا بػػالحق فهػػل لنػػا‬ ‫الذيف َ‬
‫نسوُ مف ُ‬ ‫َ‬ ‫تأويله يقوؿ‬
‫ُ‬ ‫تأويله يوـ يأتي‬
‫ُ‬ ‫‪ ‬هل ينظروف إال‬
‫فتروف‬
‫ظل عَن ُهـ ما كانوا َي ُ‬ ‫مل قد َخ ِ‬
‫سروا أن َف َسهـ و ّ‬ ‫نع ُ‬ ‫فنعمل َ‬
‫غير الذي كّنا َ‬ ‫َ‬ ‫فعاء في فعوا لنا أو ُنَّرُد‬
‫َ‬ ‫مف‬
‫‪ / ‬افعراؼ ػ ٖ٘‬

‫وتمعنػػت فػػي تمػػاـ المحػػاورات‬


‫ّ‬ ‫وانت تنحظ في هذا السياؽ المتصل وبخاصة إذا راجعته كامنا فػػي القػرآف‬
‫والموضوع ػ تنحظ أربعة نتا( هامة أل‬

‫افولى أل إف هؤالء المتحاوريف والمتنعنيف في النار هـ المفتروف على ى المذب ‪.‬‬

‫الثانية أل إف موضوع افتراءهـ هو اآليات بأنواعها وتفاصيلها ومنها آيات المتاب‪.‬‬

‫مفصل علػػى‬
‫الثالثة أل إف التفاصيل موجودة في اآليات نفسها فهي ال تحتاج إليهـ لتوضيحها فنه كتاب ّ‬
‫علـ ػ لمنهـ أرادوا تمرير أفمارهـ مف خنله ‪.‬‬

‫الرابعة أل إف السابق في االفتراء والنحق واتباعهـ م تركوف في العذاب وهـ بنفس الدرجة مف الظلـ ‪.‬‬

‫ومػػف هنػػا يظهػػر الحػػل القصػػدي تلقا(يػا فالصػػفات الثن ثػػة أو اففعػػاؿ الثن ثػػة ػ االفتػراء ‪ ،‬منػػع المسػػاجد‬
‫وا عػراض عػػف اآليػػات ػ هػػي مػػف أفعػػاؿ نفػػس ال ػػخوص ‪ ،‬فالمتصػػف باالظلميػػة هػػو نفسػػه فػػي اآليػػات‬
‫الثن ثػػة فف مػػف يفتػػري يعػػرض عػػف التفصػػيل الػػذاتي للمتػػاب ) ويحػػاوؿ أف يػػأتي بتفصػػيل مػػف عنػػد‬
‫وبالتالي فهو يمنع مساجد ى أف يذكر فيها اسمه ويسعى في خرابها ػ فهي خراب مف ا يماف الحقيقػػي‬
‫وليست خرابا مف البناء ! وفي ذلؾ نص نبوي عف حوادث الزماف التي تجري بعد في أمته قاؿ ص )‬
‫أل‬

‫‪122‬‬
‫‪ ..‬فمساجدهـ يوم(ذ عامرة مف البنياف خراب مػػف ا يمػػاف ‪ .ٔ) ..‬فػػاالفتراء وا عػراض ومنػػع المسػػاجد‬
‫وتخريبها ػ بالفكر المخالف للعقيدة ا لهية ػ هي عملية واحدة متعددة الجوانب يقوـ بها تيػػار واحػػد وهػػذا‬
‫التيار هو نفسه الذي يقدـ لؾ الديف بطريقته الخاصة ويفسر لؾ القرآف ‪ ..‬ومف هنا فالقصدية تؤمف أف‬
‫افمة قد وقعت في محن ٍة عظيم ٍة أعظـ ما فيها أنها ال تدري أنها واقعة فيها ! ‪.‬‬

‫فقػػد مهػػدت االعتباطيػػة لألف ػراد جميع ػا دين ػا ) متعػػدد الوجػػو وين (ػػـ جميػػع افذواؽ والمطالػػب ّ‬
‫ويمكػػف‬
‫الجميػػع مػػف تحقيػػق أهػػدافهـ الذاتيػػة وتحقيػػق ان ػواتهـ ) ػ إذ المعلػػوـ أف م ػػكلة ا يمػػاف والمفػػر هػػي‬
‫كل امرئ منهـ أف يؤتى صحفا من رة ‪ / ‬المدثر ٕ٘‬
‫ػ إذ يود أل ‪ّ ‬‬
‫ٕ‬
‫م كلة أالنا ) في ا نساف‬

‫واذف فاآليات الثنثة تتحدث عف خصية واحدة تقوـ بافعماؿ سوية ‪.‬‬

‫الوجه الثالث أل قاؿ أل وقاؿ بعض المتأخريف هذا استفهاـ مقصود به التهويل والتفضيع مف غيػػر قصػػد‬
‫إثبات االظلمية للمذكور حقيقة وال نفيها عف غير ! ) ‪.‬‬

‫أقوؿ أل وأي يء هو االفتراء سوى ما يقوله االعتبا في هذا الوجه ؟ وهػػل هنػػاؾ مػػف حاجػػة الػػى دليػػل‬
‫مفسر االفتراء هو المفتري ؟‬
‫ليبرهف أف ّ‬
‫ػردوا علػػى‬
‫ها هـ نقلوا المعنى بطريقتيف تخدماف االعتباطية فيما سبق ػ وها هـ قد بلغوا مػػف الجػرأة أف يػ ّ‬
‫قا(ل النص كنمه يقولوف له أل أنت تمػػذب ‪ ..‬أنػػت تهػػوؿ افمػػر ‪ ..‬أنػػت ّ‬
‫تفضػػع الوصػػف ‪ ..‬أنػػت ال تثبػػت‬
‫افظلمية للمذكور حقيقة وال تنفيها عف غير ‪ ..‬كنمؾ إذف ليس حقيقيا … أنػػه ال يطػػابق المعنػػى الػػذي‬
‫فيه !! ‪.‬‬

‫لو قاؿ هذا القوؿ أعلى الناس مقامػػا فدنػػاهـ لعػ ّػدوا ذلػػؾ إهانػػة وتجػػاو از عليػػه واتهامػا لػػه بالمػػذب ‪ .‬لمػػف‬
‫علماء االعتباطية تجاوزوا الجرأة التي امتلمها إبليس على الرب ‪ ..‬فنه قاؿ أل ‪ ‬فغوينهـ أجمعيف ‪ ‬ثػػـ‬
‫تذكر أف هذا تجاوز منه على مقاـ الربوبية فاستثنى قا(نا أل ‪ ‬االّ عبادؾ منهـ المخلصيف ‪ ‬ػ أما جنػػود‬
‫فمف الطبيعي أف يكونوا أمثر جرأة فيقولوا للرب وجه ا لوجػػه أل أنػػت كػػاذب ! أنػػت تبػػالغ … ) تعػػالى ى‬
‫عف ذلؾ علوا كبي ار وال حوؿ وال قوة االّ باهلل العلي العظيـ ‪.‬‬

‫فهذا الذي أسوقه مف أمثلة في هذا المتاب إف هو االّ نماذج يسيرة جدا مف ظلمات البحر االعتبػػاطي ‪..‬‬
‫فػػن تغرّنػػؾ عبػػارات التبجيػػل وا مػراـ للقػرآف التػػي امتنفػػت أمثػػاؿ تلػػؾ ال ػػروح والتفاسػػير فف الغايػػة منهػػا‬
‫التغطية على مؤامرة التحريف ال امل لجوهر الفكر مف خنؿ النفاذ الى أصوله ػ فما فا(دة ا يمػػاف الػػذي‬
‫يخاطػػب الػػرب بالربوبيػػة ويكذبػػه ويعانػػد ويعصػػيه فػػي التفاصػػيل وتنفيػػذ افوامػػر ؟ ‪ .‬ف ػ بليس يخاطبػػه‬

‫ٔ انظر السليلي وأبي نعيـ في الفتف ‪.‬‬


‫ٕ انظر الحل الفلسفي للمؤلف ‪.‬‬

‫‪123‬‬
‫بالربوبية أيضا وهو ال ي ؾ مطلقا في كونه ربه وخالقه إنما جعل مػػف نفسػػه ذاتػ ا مقابػػل ذات ا لػػه ف نػػه‬
‫يفسر فعل ا له كما ي اء هو ‪ .‬ومف هنا كاف كفر …أل‬

‫‪ ‬أنا خير منه خلقتني مف نار وخلقته مف طيف ‪ / ‬افعراؼ ‪ٕٔ -‬‬

‫وزعموا أف هناؾ وجها رابعا نتيجته أف هؤالء متساووف فػػي افظلميػػة وال يػػدؿ علػػى أف أحػػدهـ أظلػػـ مػػف‬
‫اآلخر ‪ .‬ولمنه في الحقيقة نفس الوجه االوؿ ‪.‬‬

‫فانظر الى وجو التفسير ف نؾ ال تجد بينها االحتماؿ الوحيد المتبقي وهو أف يكوف الموصوؼ بافظلمية‬
‫هو نفس الموصوؼ وله أفعاؿ متعددة ػ فن يفعل أحد اففعاؿ الثنثة إال ويفعػػل الفعلػػيف اآلخػػريف للتػرابط‬
‫النفسي والغا(ي في اففعاؿ عند الفاعػػل فػػالمعرض المػػانع المفتػػري ) صػػفات ثن ثػػة ال تتفػػرؽ إنمػػا هػػي‬
‫مجتمعة دوم ا حتى لو لـ يظهر لؾ إال أحدهما ‪ .‬لـ يذكر االعتبا هذا االحتماؿ فنه يترتب عليه معرفػػة‬
‫قضػػايا نفسػػية وعقا(ديػػة بػػل ونبػػوءات وقػػوانيف اجتماعيػػة وسػػنف إلهيػػة كونيػػة ػ وهػػي أ ػػياء تلحػػق‬
‫باالعتباطية ضر ار فادحا ‪.‬‬

‫واآلف فلنفتح بصورة ع وا(ية مف أي موضع لنجد نموذجا ثالثا لنعتبا أل‬

‫النموذج الثالث‬

‫حوؿ االستعارات القرآنية‬


‫قالوا في تقسيـ االستعارات القرآنية أل‬

‫وينقسـ باعتبار آخر الى مؤكد وهو ما حذفت فيه افداة نحو ‪ ‬وهي تمػػر مػػر السػػحاب ‪  ، ‬وأزواجػػه‬
‫أمهػػاتهـ ‪ ‬و ‪ ‬وجنػػة عرضػػها السػػماوات وافرض ‪ . ‬ومرسػػل وهػػو مػػا لػػـ تحػػذؼ فيػػه افداة كاآليػػات‬
‫تجو از ) ػ انتهى‬
‫السابقة ‪ ،‬والمحذوؼ افداة ابلغ فنه نزؿ فيه الثاني منزلة االوؿ ّ‬
‫خيػػل ) و يحسػػب ) كقولػػه‬‫أقوؿ أل يريد بافداة أداة الت بيه نحو الماؼ ) و مثل ) و كأف ) و ُي ّ‬
‫تعالى أل ‪ ‬يحسبه الضمظف ماء ‪ ، ‬وقوله ‪ ‬يخيػػل إليػػه مػػف سػػحرهـ أنهػػا تسػػعى ‪ ، ‬أو ‪ ‬كرمػػاد ا ػػتدت‬
‫بػػه الػػريح ‪ .. ‬وأمثػػاؿ ذلػؾ ‪ .‬فقولػػه والمحػػذوؼ افداة أبلػػغ يسػػتلزـ منػػه قطعػا اخػػتنؼ القػرآف فػػي درجػػة‬
‫البنغة مف آية الى أخرى ومف ت بيه الى آخر ونتيجته أف هذا المنـ ليس مف كنـ ا لػػه لقولػػه تعػػالى‬
‫أل ‪ ‬ولو كاف مف عند غير ى لوجدوا فيه اختنفا كثيرا ‪ / ‬النساء – ٕ‪ٛ‬‬

‫‪124‬‬
‫فالتمايز في البنغة بي ف الت بيهات هو مف االختنؼ المثير فانظر الى تخبط االعتباطية إذ ال يكاد يمػػر‬
‫سطر حتى تناقض أقوالها علما أف هذ الفقػػرة وردت تحػػت عنػواف مػػف وجػػو إعجػػاز القػرآف ت ػػبيهاته‬
‫واستعاراته ) في كتاب مخصص عجاز القرآفٔ‪.‬‬

‫وانظر مرة أخرى الى ما فعله االعتبا في هػػذا التقسػػيـ ! إذ دخػػل فػػي الت ػػبيه مػػا خػػن مػػف افداة فقولػػه‬
‫تعالى أل ‪ ‬وجنة عرضها السماوات وافرض‪ ‬وضعها االعتبا فػػي الت ػػبيهات التػػي حػػذفت فيهػػا افداة ػ‬
‫بينما هي حقيقة ال ت بيه فالسماوات وافرض معروضة المتنمهػػا فنهػػا الوضػػع الفعلػػي للجنػػة والػػذي ال‬
‫يدرؾ لحيف نزوؿ افمر ا لهػػي وهػػذ مسػػألة كبيػػرة جػػدا وهػػي الغايػػة مػػف خلػػق الملمػػوت ػ تحولػػت بفضػػل‬
‫االعتبا الػػى ت ػػبيه اسػػتعاري ػ وقػػد أ ػػرنا إليهػػا فػػي كتػػاب النظػػاـ القرآنػػي بصػػورة ملخصػػة إمػػا تفاصػػيل‬
‫ن فػػي كتػػاب‬
‫الموضوع ودخوؿ هذ اآلية في نظاـ اآليات التػػي تتحػػدث عػػف االسػػتخنؼ فسػػتجد مفصػ ا‬
‫طور االستخنؼ ) وفيه تفصيل الفوارؽ بيف الجنتيف ‪.‬‬

‫النموذج الرابع‬
‫آيات القسـ‬

‫أقسـ بهذا البلد ‪ ‬ػ قالوا أل نفي القسـ ولمنه أقسـ بالبلد في موضع‬
‫ُ‬ ‫أ كل على االعتبا قوله تعالى ‪ ‬ال‬
‫‪ ‬وهذا البلد افميف ‪. ‬‬ ‫آخر فقاؿ أل‬

‫وأجاب االعتبا على ذلؾ متفػػاخ ار بقولػػه أل سػػأؿ رجػػل بعػػض العلمػاء عػػف ذلػػؾ فقػػاؿ أل أيمػػا احػػب إليػػؾ‬
‫أجيبؾ ثـ اقطعؾ أو أقطعؾ ثـ أجيبؾ ؟ فقاؿ الرجل اقطعني ثـ اجبني !‬

‫فقاؿ أل إعلـ أف هذا القرآف نزؿ على رسوؿ ى ص ) بحضرة رجاؿ كانوا أحرص الخلق على أف يجدوا‬
‫فيه مغم از ‪ ..‬الػػى قولػػه ‪ ..‬ولمػػف القػػوـ علمػوا وجهلػػت فلػػـ ينكػػروا مػػا أنكػػرت ثػػـ قػػاؿ لػػه أل أف العػػرب قػػد‬
‫تدخل ال ) في أثناء كنمها وتلغي معناها وأن د فيه أبياتإ !‬

‫وللحل القصدي هنا مناق ات أربعة أل‬

‫افولى أل إف هذا التعارض مفتعػػل مػػرتيف أي علػػى قواعػػد االعتبػػا أل ال أقسػػـ ) هػػو بمعنػػى أقسػػـ ) ػ‬
‫ن فػػي كتػاب "اللغػػة الموحػػدة" حيػػث أظهرنػػا الجػرأة فيػػه علػػى‬
‫وقد مػػر عليػػؾ هػػذا النمػػوذج وتجػػد لػػه تفصػػي ا‬

‫ٔ النص في القسـ الرابع مف ػ معترؾ افقرآف في إعجاز القرآف ػ جٔ ‪. ٕٖٚ /‬‬


‫ٕ المعترؾ ‪ / ٜٔٓ / ٔ /‬وا تقاف ‪.‬‬

‫‪125‬‬
‫الخػػالق تعػػالى ‪ .‬فػػأيف التعػػارض المزعػػوـ فنهػػـ لػػـ يػػذكروا لمعنػػى ال أُقسػػـ ) سػػوى هػػذا المعنػػى أي‬
‫فُقسـ ) ‪ .‬وقالوا أيضا أف ال ) تفيد توكيد القسـ !! ‪.‬‬

‫الثانيػػة أل إف قطػػع السػػا(ل كػػاف عمػنا إرهابيػا ال غيػػر ػ فف االعتبػػا إذا زعػػـ أف افسػػلوب القرآنػػي هػػو‬
‫افسلوب العربي فن إعجاز فيه ! فف ألفاظه عربيػػة ونظامػػه الصػػوتي عربػػي فػػن يبقػػى إالّ طريقػػة تػػأليف‬
‫افلفاز في الجمل ف ذا كاف هذا التأليف هو اآلخر عربيا وجاري ا علػػى أسػػاليب العػػرب فلػػـ ال يقػػدر الخلػػق‬
‫علػػى ا تيػػاف بمثلػػه ؟ ‪ .‬أ ػػكلنا علػػيهـ ذلػػؾ وأثبتنػػا أيضػا أنهػػـ بهػػذ الػػدعوى كػػانوا مصػػدر الت ػػكيؾ فػػي‬
‫إعجاز لذلؾ ابتدعوا طرقا ملتوي اة ثبات ا عجاز مػػف حيػػث قػػاموا بنفيػػه كالصػػرفة أو باسػػتعماؿ أسػػاليب‬
‫ا رهاب كقوله هنا علموا وجهلت ولـ ينكروا ما أنكرت ) ‪.‬‬

‫الثالثة أل إف المجيػػب يكػػذب والػػذي يكذبػػه القػرآف ػ فػالقرآف لعّلػػو لػػـ ينكػػر أنهػػـ أنكػػروا منػػه ذلػػؾ بػػل ذكػػر‬
‫ن أيضا كقوله تعالى أل ‪ ‬بل أضغاث أحنـ بل افت ار بل هو اعر ‪ / ‬افنبياء ػ ٘‬
‫وذكر مفص ا‬
‫وقوله أل‪ ‬ويقولوف أإننا لتاركوا آلهتنا ل اعر مجنوف ‪ / ‬الصافات ػ ‪ٖٙ‬‬

‫وال اعر عندهـ يجوز له ما ال يجوز لغير فيخالف أساليبهـ المعتادة ‪.‬‬

‫يتدبرو فقاؿ أل‬


‫إنما أمرهـ أف ّ‬
‫‪‬أفن يتدبروف القرآف أـ على قلوب أقفالها ‪ / ‬ص –ٕٗ‬

‫وذلؾ الف فيه س ار نظاما ) يثبت أنه كنـ ى فافعجاز ال يثبته ػػيء خػػارج المعجػػز نفسػػه ‪ ،‬ال يثبتػػه‬
‫عدـ إنكارهـ حتى لو صح تاريخيا وال يثبته استخدامه أساليبهـ العربية بل ذلؾ هو المبطل لألعجػػاز مػػف‬
‫الناحية المنطقية ‪.‬‬

‫فقولػػه أل ولػػـ ينكػػروا مػػا أنكػػرت إنمػػا هػػو تمػػذيب للواقػػع الػػذي ينقلػػه القػرآف ػ عػػنوة علػػى التػػاريخ ذكرنػػا‬
‫نماذج مف عيبهـ على القرآف اللحف ) لجهلهـ بنظامه اللغوي في كتاب النظػػاـ القرآنػػي ػ البػػاب الثالػػث‬
‫)‪.‬‬

‫الرابعة أل إف ا جابة تضمنت الخلػػط االعتبػػاطي بػػيف عبػػارة ال أقسػػـ بهػػذا البلػػد ) و عبػػارة وهػػذا البلػػد‬
‫افميف ) ‪ .‬إما نحػػف فنفػػرؽ بػػيف العبػػارتيف فػػافولى فػػي الحػػل القصػػدي نفػػي القسػػـ ) والثانيػػة إثبػػات‬
‫نفرؽ بيف القسـ الذي يعني البراءة مػػف الموجػػودات واالعتمػػاد علػػى المقسػػـ بػػه‬ ‫الحلف ) وفي هذا الحل ّ‬
‫في مجابهة الفناء وبػػيف الحلػػف الػػذي يعنػػي التحػػالف مػػع المحلػػوؼ بػػه ‪ .‬فػػافوؿ ال يجػػوز بحػػق الخػػالق‬
‫الموجد لن ياء وال يجوز للمخلوؽ القسـ اال بالخالق بينمػػا الثػػاني يجػػوز فػػي حػػق الخػػالق والمخلػػوؽ إذ‬
‫يجػػوز لهمػػا التحػػالف مػػع أي موجػػود ػ وهػػو تفريػػق نفػػيس ومبحػػث ظريػف لػػـ يػػذكر أحػػد قبػػل اليػػوـ تجػػد‬
‫تفصيله في كتاب اللغة الموحدة في بابي النـ والواو ‪ .‬وقد برهنا فيه أف القسػػـ بػراءة ) و اعتمػػاد )‬
‫براءة مف الموجودات ) لذلؾ لـ يجز القسـ بغيػػر ى ولػػذلؾ ال يجػػوز فػػي حقػػه تعػػالى‬ ‫على المقسـ به‬

‫‪126‬‬
‫أف يقسـ فقػػاؿ ال اقسػػـ ) فػػي جميػػع المػوارد القرآنيػػة فهػػو نفػػي حقيقػػي ال كمػػا زعػػـ االعتبػػا أنػػه يفيػػد‬
‫توكيد القسـ !!‬

‫وعلى ذلؾ تنحظ أف االعتباطية تخبط خبط الع واء في الليلة الظلمػػاء ال يصػػدها عػػف ركػػـ المتناقضػػات‬
‫بعضها فوؽ بعض صاد ‪.‬‬

‫إما قوؿ المجيب أل العرب تدخل في كنمها ال وتنفي معناها ) ! فهو هراء واذا صػػح فهػػو اعتبػػا فػػي‬
‫االستعماؿ مخػػالف فصػػوؿ اللغػػة ورموزهػػا ال فػػي الحػػل القصػػدي وحػػد بػػل مخػػالف لهػػا مػػف حيػػث هػػي‬
‫حسػ ا‬
‫نظاـ اعتباطي ) في االعتباطيػػة نفسػػها ‪ ..‬لمػػف ذلػػؾ لػػـ يصػػح ولػػف يصػػح مطلقػػا فالجماعػػات امثػػر ّ‬
‫ووعيا لنظاـ اللغة مػػف علمػػاء اللغػػة فهػػن ذكػػر لنػػا االعتبػػا تلمػػـ اف ػػعار التػػي ان ػػدها المجيػػب للسػػا(ل‬
‫ولماذا سكت عنها واالعتباطية مولعة بذكر اف عار ولع قيس بليلى؟‬

‫لقد سكت عنها فنها أمذوبة ‪ ..‬مثلما سكت عف اسـ المجيب الذي هو بعض العلماء ) ! مثلما سكت‬
‫عف اسـ السا(ل الذي هو رجل ) ! ‪.‬‬

‫النموذج الخامس‬

‫الفواصل في القرآف المريـ‬

‫مف م كنت الفواصل في القرآف أل وضع االعتبا تساؤالا حوؿ قوله تعالى أل‬

‫العزيز الحكيـ ‪. ‬‬


‫ُ‬ ‫اف تغفر لهـ َّ‬
‫فانؾ َ‬
‫أنت‬ ‫فانهـ ُ‬
‫عبادؾ و ْ‬ ‫‪ ‬إف تعذبهـ ّ‬
‫فقولػػه تغفػػر لهػػـ ) يقتضػػي أف تمػػوف الفاصػػلة أل انػػؾ أنػػت الغفػػور الػػرحيـ ) فلمػػاذا كانػػت العزيػػز‬
‫الحكيـ ) ؟‬

‫أجاب االعتبا أل أنها وردت كذلؾ في مصحف أُبي وبها ق أر ابف نبوذ !‬
‫ّ‬
‫وأضػػافوا أل وفػػي وصػػف الحكػػيـ احت ػراس واف تغفػػر لهػػـ مػػع اسػػتحقاقهـ العػػذاب فػػن يعتػػرض عليػػؾ أحػػد‬
‫والحكمة فيما فعلته ‪ .‬انتهىٔ‪.‬‬

‫أقوؿ أل والحل القصدي ي هد أف الفاصلة هي العزيز الحكيـ ) ولف تموف الغفور الرحيـ مطلقػا ! وذلػؾ‬
‫أف هذ اآلية كانت مف جملة آيػػات اختبػػر فيهػػا المػػنه اللفظػػي طرا(قػػه فػػي ك ػػف النظػػاـ القرآنػػي بأخػػذ‬
‫أوؿ اآليػػات ومحاولػػة وضػػع الفاصػػلة المن(مػػة وفػػق النظػػاـ ػ وقػػد عػػرض المؤلػػف افنظمػػة علػػى بعػػض‬
‫افصدقاء وطلب منهـ وضع الفواصل المتفقة مع النظػػاـ القرآنػػي فنجحػوا أيضػا فػػي وضػػع هػػذ الفاصػػلة‬

‫ٔ البرهاف ‪ & ٜٛ / ٔ /‬والمعترؾ ‪. ٗٙ / ٔ /‬‬

‫‪127‬‬
‫خنف ػا للمتبػػادر وتػ ّػـ بػػذلؾ التأمػػد مػػف صػػحة ق ػوانيف المػػنه ‪ .‬وهػػو أمػػر ال أحسػػبكـ ال تػػدركوف أهميتػػه‬
‫وخطورته ‪.‬‬

‫فسػػر الحكػػيـ ) فػػي عنقتػػه بػػالمغفرة فػػي لفػػظ‬


‫وننحػػظ أف الحػػل االعتبػػاطي لػػـ يجػػب علػػى المسػػألة أي ّ‬
‫الفعػػل تغفػػر لهػػـ ) ػ ولػػـ يػػذكر سػػبب العػػدوؿ عػػف المتبػػادر وهػػو الغفػػور الػػرحيـ ) الػػى العزيػػز الحكػػيـ‬
‫وهذا أوالا ‪.‬‬

‫العزيز ) ػ وأهمل هذا اللفظ تمام ا ‪.‬‬ ‫وثانيا أل لـ يذكر الحل سببا لمجيء‬

‫وثالث ػا أل أوحػػى للمتلقػػي أف الفاصػػلة يمكػػف أف تمػػوف الغفػػور الػػرحيـ ) وأمػػد علػػى ورودهػػا هكػػذا فػػي‬
‫مصحف أُبي معتمدا على رواية لـ يذكر مصدرها وقراءة فبػػف ػػنبوذ ! واذف فأصػػل المسػػألة سػػاقط عػػف‬
‫االعتبار عندهـ ‪.‬‬

‫فا جابة بمجموعها خليط اعتباطي ال يمت الى علـ اللغػػة بأيػػة صػػلة فضػنا عػػف نظامػػه المحكػػـ ػ فلمػػاذا‬
‫وضعوا السؤاؿ أصنا ؟ ‪.‬‬

‫ال يمكف رح النظاـ المتعلق بهذا المركب ولمننا ن ػػير الػػى أف مركػػب العزيػػز الحكػػيـ ) مركػػب مسػػتقل‬
‫مرتبط بموضوع معيف هو االستخنؼ ) في افرض ‪ ،‬فحيثما وجدت أفعاؿ أو وقا(ع أو دعوات مرتبطػػة‬
‫با مهػػاؿ والحلػػـ علػػى العبػػاد للوصػػوؿ الػػى هػػذا الطػػور يػػأتي مركػػب العزيػػز الحكػػيـ ) ػ الرتباطػػه بػػالعزة‬
‫ا لهية التي ال تضر معها ذنػػوب العبػػاد وظهػػور عػػزة الػػديف وأهلػػه فػػي هػػذا الطػػور ‪ ،‬والمػػرتبط مػػف جهػػة‬
‫أخرى بالحكمة التي خلق العالـ بها حيث تتجلى أهداؼ الخلق في هذا الطور وهو بالطبع مختلف تمامػا‬
‫عف المركبات المت ابهة أل القوي العزيز ) ‪ ،‬العزيػػز الغفػػور ) ‪ ،‬التػواب الحكػػيـ ) ‪ ،‬العزيػػز العلػػيـ‬
‫أف تن ػػاوب هػػػذيف اللفظػػػيف‬ ‫) ‪ ،‬العزيز الغفار ) ‪ ،‬الحكيـ الخبير ) ‪ ،‬حكيـ عليـ ) ‪...‬الخ ‪.‬‬
‫مع غيرهما مف افلفاز تقديم ا وتػػأخي ار ي ػػكل مركبػػات) مختلفػػة لمػػل منهػػا اسػػتعمالها الخػػاص ونظامهػػا‬
‫نعػػـ تػػأتي إف ػػاء ى أمثػػاؿ تلػػؾ‬ ‫الخاص ضمف النظاـ القرآني ال امل ‪.‬‬
‫التفاصيل إذا تفرغنا لدراسة النظاـ القرآني بصورة مستقلة بعد االنتهاء مف تدمير االعتباطية علػػى كافػػة‬
‫مستوياتها ‪.‬‬

‫‪128‬‬
‫المبحث الع روف‬

‫نماذج مف التفسير االعتباطي المخالف‬


‫للنص القرآني‬

‫ذكرنا أنه يتوجػػب احتػراـ الػػنص بمػػا هػػو نػػص خػػنؿ تفسػػير ‪ ،‬واالعتباطيػػة ال تجهػػل هػػذ الحقيقػػة بػػدليل‬
‫اهتمامها بالنصوص وألفاظها ػ ولمنهػػا مػػف جهػػة أخػػرى تقػػوـ بتغييػػر الػػنص خػػنؿ التفسػػير ‪ .‬وفػػي البػػدء‬
‫كانت العملية مقصودة والذيف قاموا بهػػا يػػدركوف آثارهػػا وبعػػد أف اصػػبح لنعتبػػا مبػػادئ ثابتػػة و ارسػػخة‬
‫كاف المتأخروف يتابعوف أسنفهـ وربما بصورة غير مقصودة أحيان ا ‪ .‬لمف ذلؾ ال يعنػػي أنهػػـ معػػذوروف‬
‫ػ فالتقليد والمتابعة العمياء إنما هي العدو اللدود لألطروحة الدينية في جميع العصور ‪.‬‬

‫وفيما يلي نماذج سريعة للتفسػير االعتباطي فيما يخص النص القرآني أل‬

‫مطم(نيف ‪ / ‬ا سراء – ٘‪ٜ‬‬


‫ّ‬ ‫ِ‬
‫افرض من(ك أة يم ُ وف‬ ‫ٔ‪ّ  .‬لو كاف في‬

‫قالوا أل معنا لو كاف أهل افرض من(كة لماف الرسوؿ إليهـ ملما ‪ ..‬الخٔ‪.‬‬

‫الحظ التغيير بيف ال رح والنص فالنص يقوؿ لو كاف في افرض ) من(كة وال رح يقوؿ لػػو كػػاف أهػػل‬
‫افرض النػػاس ) من(كػػة ‪ ...‬فػػالقرآف ال يفتػػرض مثػػل هػػذ الفػػروض االعتباطيػػة ػ فف النػػاس لػػو كػػانوا‬
‫من(كة لما كانوا ناس ا ػ فالمخلوؽ في نظاـ ال يمكف أف يكوف مخلوقا في نظاـ آخر فالسػنف ال تتغير وال‬
‫تغيرها منطقيا ‪..‬‬
‫يتـ افتراض ّ‬
‫‪ ‬ولف تجد لسنة ى تبدين ولف تجد لسنة ى تحوين ‪ / . ‬فاطرٖٗ‬
‫ِ‬
‫بي أذف َ‬
‫فمسكتـ خ ي َة افنفاؽ ‪ ‬ا سراءػ ٓٓٔ‬ ‫‪ ‬قل َلو انتـ تمَلموف خز َ‬
‫ا(ف رحمة َر َّ‬
‫أي لػػو ملمػػتـ الخػزا(ف ف مسػػكتـ عػػف العطػػاء خ ػػية الفقػػر ػ فػػالمراد بافنفػػاؽ عاقبػػة افنفػػاؽ وهػػو الفقػػر‬
‫ومفعوؿ أمسكتـ محذوؼٕ ‪.‬‬

‫يغير النص ويقلبه رأسا على عقب ‪ .‬فف النص يقوؿ إنهـ يمسكوف خ ية افنفػػاؽ‬ ‫واالعتبا في هذا ّ‬
‫) ػ ال خ ية عاقبة افنفاؽ ‪ .‬فالنص منسجـ مع النظاـ القرآني تمام ا ػ فف خػزا(ف الػّػرب ال نفػػاذ لهػػا فػػن‬
‫يخ ى مالمها على هذا الفرض َفق ار وانما هو يكر افنفاؽ نفسه وال تقوى عليػػه نفسػػه ل ػػدة ّ‬
‫حبػػه لذاتػػه‬
‫التميز عف الخلق وابقاءهـ تحت سطوته ‪.‬‬‫ورغبته في ّ‬

‫ٔ معترؾ افقرآف ‪. ٕٓٓ / ٕ /‬‬


‫ٕ معترؾ افقرآف ‪. ٕٓٓ / ٕ /‬‬

‫‪129‬‬
‫وكذلؾ قاؿ ‪ ‬وما أنفقتـ مف يء فهو يخلفه ‪ / ‬سبأ – ‪ ، ٖٜ‬فمع هذا القانوف ال يحصل فقر ولو لػػـ‬
‫يمتلؾ الخزا(ف فميف مع امتنمها ؟‬

‫الخطاب في اآلية موجه الى مجموعة تحسد الناس ) على ما آتػػاهـ ى مػػف فضػػله وهػػي تعرقػػل نػػزوؿ‬
‫البركػػات فػػأظهر الػػنص حقيقػػة م ػػاعرهـ فهػػـ يرفضػػوف ا نفػػاؽ حتػػى لػػو امتلمػوا الخػزا(ف ػ بينمػػا ال ػػرح‬
‫أعطاهـ عذ ار م روعا وهو خوفهـ مف الفقر!! ‪.‬‬

‫ولذلؾ يبدو لؾ واضحا أف غياب هذ ال روح كاف أفضل لنمة واللغة والفكر مف وجودها ػ وهػػذا هػػو فػػي‬
‫الواقع حاؿ التراث الديني كله ونحف ال نختار أية نماذج بصورة انتقا(ية وانمػػا نفػػتح أي كتػػاب قريػػب منػػا‬
‫مف أي موضوع لنسجل لمـ هذ النماذج كأمثلة ف ف الجػػزء ينبػػّ عػػف المػػل والمػػل هػػو مجمػػوع افجػزاء ػ‬
‫فننا إذا أردنا إظهار االعتبا في التراث كله فانه يتوجب كتابة عدد كبير جدا مف المؤلفػػات ػ ومثػػل هػػذا‬
‫العمل ال ضرورة له بعد التأمد مف أف القسـ افمبر منه هو الخبيث أل‬

‫أعجبؾ ك َثرُة الخبيث ‪ / . ‬الما(دة ‪ٔٓٓ -‬‬


‫َ‬ ‫الخبيث و ّ‬
‫الطي ُب ولو‬ ‫ُ‬ ‫يستوي‬
‫‪ ‬قل ال َ‬
‫نعـ ربما تجّنب الزمخ ري أو حاوؿ تجّنب هذا ال رح ولمنه جاء بكنـ هو خليط مف القصدية واالعتبا‬
‫في قوله أل أمسكتـ ال مفعوؿ له فف معنا بخلتـ ومعنى اآلية وصف ا نساف بال ػػح وخػػوؼ الفقػػر ‪..‬‬
‫) !!‬

‫ٖ‪ .‬خلطػػت االعتباطيػػة فػػي موضػػوع اللغػػات ) الخاصػػة بالقبا(ػػل بػػيف ألفػػاز الق ػرآف ممػػا أفقػػدها وأفقػػد‬
‫أي إحساس با حكاـ القرآني العاـ فض ا‬
‫ن عف نظامه الصارـ الذي تؤكد القصدية ‪.‬‬ ‫المتلقيف َّ‬
‫في البػػدء حػػدثت ترجمػػة افلفػػاز القرآنيػػة مػػف اللغػػات مثػػل هػػذيل وكنانػػة والػػيمف وحميػػر وغيرهػػا الػػى لغػػة‬
‫قريش بحجة أف هذ افلفاز كانت مف لغات تلؾ القبا(ل ولـ تمف قريش تستعملها ! ‪.‬‬

‫وفيما بعد ذلؾ والػػى اليػػوـ أصػػبحت تلػػؾ الترجمػػة ػػروحا ومعػػاني وترسػػخ بػػذلؾ المبػػدأ االعتبػػاطي القػػا(ـ‬
‫على العبث باللغة ونظامها مف خنؿ المرادفات ‪.‬‬

‫ومف القوا(ـ المرفقػػة أدنػػا والنمػػاذج التػػي اذكرهػػا اآلف سػػوؼ تػػدرؾ أف هػػذ العمليػػة كانػػت مدروسػػة منػػذ‬
‫البدايػػة إذ ال يمكننػػا أف نتصػػور أف لفظػا مثػػل تف ػػلوا ) ػ ال تسػػتعمله سػػوى حميػػر وأف قري ػا تسػػتعمل‬
‫بد اال عنه تجبنوا ) ! إذ يمكننا أف نسػػأؿ عػػف مرادفػػات نفػػس افلفػػاز فػػي القبا(ػػل افخػػرى ال عنػػد قػػريش‬
‫وحػػدها ! وعند(ػػذ ال تسػػتطيع االعتباطيػػة أف تجيػػب علػػى ذلػػؾ ب جابػػة واضػػحة ضػػرورة أف الف ػػل ػػيء‬
‫والجبف يء آخر ‪.‬‬
‫ِ‬
‫المفسػػر أف اللفػػظ معنػػا كػػذا وهػػو فػػي‬ ‫وهذ الترجمة كما تعلـ ال زالت مسػػتعملة فػػي التفسػػير فتػػارة يػػذكر‬
‫ّ‬
‫لغة كذا قبيلة أو منطقة وتارة يذكر المعنى المرادؼ مف غير إ ارة‪.‬‬

‫‪130‬‬
‫عمن في ال قػرآف مثػػل الرجػػز ) فػػي لغػػة هػػذيل بمعنػػى‬ ‫است ِ‬
‫يكمف الرد القصدي في أف اللفظ ومقابله قد ُ‬
‫العذاب ) ػ لمف الرجػػز والعػػذاب اسػػتعمن فػػي القػرآف فػ ذا افترضػػنا تسػػاوي المعنيػػيف فقػػدنا النظػػاـ القرآنػػي‬
‫وا حكاـ واذا افترضنا اختنفهما فذلؾ هو الحل القصدي ‪.‬‬

‫لمننػػا أبطلنػػا المرادفػػات فػػي كتػػاب اللغػػة الموحػػدة ) واذف فهػػذ النمػػاذج هػػي لغػػرض التأمػػد مػػف تخػػبط‬
‫االعتباطية ‪.‬‬

‫نعـ ربما سألوا بعض العارفيف عف ألفاز معينػػة فأجػػابوهـ أنهػػا مسػػتعملة فػػي حميػػر أو الػػيمف أو هػوازف‬
‫معنى لها يجعل الموضػػوع خارجػا‬
‫ا‬ ‫كثي ار ّ‬
‫وقربوا لهـ معانيها لمف كثرة هذ افلفاز واستعماؿ القرآف لما هو‬
‫عف هذا التعليل الى تعمد االعتبا السير به قدما لتدمير اللغة والحيلولة دوف ك ف النظاـ القرآني ‪.‬‬

‫هذ بعض النماذج أل‬

‫في لغة تميـ أل‬

‫أُمة أل نسياف‬

‫بغيا أل حسدا‬

‫القصدية أل المفردات افربعة مستعملة كلها في القرآف !‬

‫في لغة أنمار أل‬

‫طا(ر أل عمله‬

‫أغطش أل أظلـ‬

‫القصدية أل نفس التعليق ‪.‬‬

‫في لغة الخزرج أل‬

‫ينفضوا أل يذهبوا‬
‫ّ‬
‫القصدية أل كنهما مستعمل في القرآف ‪.‬‬

‫في لغة جرهـ أل‬

‫قاؽ أل ضنؿ‬

‫‪131‬‬
‫خي ار أل ماالا‬
‫تعدلوا أل تميلوا‬

‫لفيفا أل جميعا‬

‫محسو ار أل منقطعا‬

‫رذمة أل عصابة‬

‫الخنؿ أل السحاب‬

‫َيغنوا أل يتمتعوا‬

‫أراذلنا أل سفلتنا‬

‫سور أل الحا(ط‬

‫ينسلوف أل يخرجوف‬

‫القصدية أل نحف ال نصدؽ أف لفظ خير ) لـ يستعمل في قريش وأنهـ استعملوا بدال عنه لفػػظ مػػاؿ )‬
‫‪ ..‬نعـ ‪ .‬نحف نك ّذب االعتبػػا فف قػػريش بحاجػػة الػػى لفػػظ للخيػػر غيػػر المػػاؿ ػػأنها ػػأف جميػػع افمػػـ ػ‬
‫فثمة فرؽ بػػيف اللفظػػيف وكػػذلؾ افمػػر فػػي جميػػع قا(مػػة جػػرهـ ) والتػػي اسػػتعمل القػرآف منهػػا العمػػوديف‬
‫بجميع ألفاظهما باستثناء عصابة وحا(ط ) !! ‪.‬‬

‫في لغة غساف أل‬

‫طفقا أل عمدا‬
‫ب(يس أل ديد‬

‫سيء بهـ أل كرههـ‬

‫في لغة مزينة أل‬

‫ال تغلوا أل ال تزيدوا‬

‫في لغة قيس عينف أل‬

‫ِنحلة أل فريضة‬

‫حرج أل ضيق‬

‫‪132‬‬
‫ِّ‬
‫مضيعوف‬ ‫لخاسروف أل‬

‫تفِّندوف أل تستهزءوف‬

‫صياصيهـ أل حصونهـ‬

‫يلتمـ أل ينقصكـ‬

‫رجيـ أل ملعوف‬

‫تحبروف أل تنعموف‬

‫في لغة كندة أل‬

‫فجاجا أل طرقات‬

‫ُب ّست أل فتت‬

‫تبت(س أل تحزف‬

‫كل مف أل‬
‫في لغات ّ‬
‫عذرة أل‬

‫إخس(وا أل إخزوا‬

‫حضرموت أل‬

‫ربيوف أل رجاؿ‬
‫ّ‬
‫دمرنا أل أهلمنا‬
‫ّ‬
‫لغوب أل إعياء‬

‫منسأته أل عصا‬

‫بني حنيفة أل‬

‫العقود أل العهود‬

‫الجناح أل اليد‬
‫َ‬
‫الرهب أل الفزع‬

‫‪133‬‬
‫ِح َمير أل‬

‫مرجوا أل حقي ار !!‬


‫ّ‬
‫السقاية أل ا ناء ػ الوعاء !‬

‫مسنوف أل منتف‬

‫إماـ أل كتاب !‬

‫عتيا أل نحو اال‬

‫مظرب أل حاجات‬

‫مح ورة أل مجموعة‬

‫جبار أل مسّلط‬
‫ّ‬
‫معكوفا أل محبوسا‬

‫مرض أل زنا !‬

‫ينغضوف أل ّ‬
‫يحركوف‬

‫خرجا أل ُج ْعنا‬
‫ْ‬
‫غراما أل بنء‬

‫أنكر أل اقبح‬
‫ِ‬
‫القطر أل النحاس‬

‫يتركـ أل ينقصكـ‬

‫مدل أل‬

‫رفث أل جماع‬

‫الوصيد أل الفناء‬

‫حقبا أل ده ار‬

‫الخرطوـ أل افنف‬

‫مقيتا أل مقتد ار‬

‫‪134‬‬
‫سعد الع يرة أل‬

‫حفدة أل أختاف‬

‫كل أل عياؿ‬
‫ّ‬

‫كنانة أل‬

‫السفهاء أل الجهاؿ‬

‫مو(ن أل ملجأ‬

‫مبلسوف أل آيسوف‬

‫أسفا ار أل كتبا‬
‫الخراصوف أل الم ّذابوف‬
‫ّ‬
‫ملوكا أل أحرار‬

‫معجزيف أل سابقيف‬

‫خاس(يف أل صاغريف‬

‫طر أل تلقاء‬

‫ال خنؽ أل ال نصيب‬

‫يعزب أل يغيب‬

‫هذيل أل‬

‫فرقانا أل مخرجا‬

‫صلدا أل نقيا‬

‫آناء أل ساعات‬

‫الرجز أل العذاب‬
‫ّ‬
‫روا أل باعوا‬

‫عزموا أل حققوا‬

‫مد ار ار أل متتابعا‬

‫‪135‬‬
‫ِعيلة أل فاقة‬

‫ببدنؾ أل بدرعؾ‬

‫رجما أل ظنا‬

‫دلوؾ أل زواؿ‬

‫فور أل وجه‬

‫وليجة أل بطانة‬

‫انفروا أل إغزوا‬

‫السا(حوف أل الصا(موف‬

‫إف تعقيب الحل القصدي على هذ القا(مة وغيرها مما تركنا وهو كثير جدا هو نفس التعقيب ‪ .‬فػػالقرآف‬
‫اسػػتعمل افلفػػاز المػػذكورة ومػػا قبلهػػا مػػف المعػػاني ‪ ،‬وهػػذا يسػػتلزـ أف تمػػوف مختلفػػة ويبػػدو أف االعتبػػا‬
‫يحاوؿ ذلؾ رغـ ظهور الصيغ المقابلة في القرآف ظهو ار واضحا للغايات التي ذكرناها لنعتبا مثل أل‬

‫مو(ن أل ملجأ ‪ ‬لو يجدوف ملجأ ‪‬‬

‫طر أل تلقاء ‪ ‬ولما توجه تلقاء مديف ‪ ... ‬وغيرها‬

‫حيث ظهرت في القرآف بنفس الصيغة في آيات أخرى ‪.‬‬

‫تضـ قا(مة االعتبا خمسيف لغة للعرب وردت بها مفردات قرآنيػػة ترجمػػت الػػى لغػػة قػػريش ونحػػو خمػػس‬
‫لغات أعجمية وردت بها مفردات أخرى كثيرة ‪.‬‬

‫ولـ تهتـ االعتباطية لمخالفة النص القرآني حيث قاؿ أل‬

‫ٗٗ‬ ‫‪ ‬ولو جعلنا قرآنا أعجميا لقالوا لوال فصلت آياته ‪ / ‬فصلت‬

‫فهػػذ اآليػػة مرتبطػػة بظيػػات التفصػػيل) ارتباطػا وثيقػا ػ الف التفصػػيل ظهػ أ‬
‫ػور للحقػػا(ق المتطابقػػة المؤيػػدة‬
‫بعضها لبعض والما فة عف حقا(ق خفية ‪ .‬فهذا نظاـ ‪ .‬ومعلوـ أف النظاـ فػػي نسػػق المػػنـ ال يمكػػف أف‬
‫يتـ باستعماؿ أمثر مف لساف فف النظاـ اللغوي جزء ال يتج أز مف النظاـ الصوتي ‪.‬‬

‫تغيػػر فػػي النظػػاـ اللغػػوي وابتعػػد عػػف النظػػاـ الصػػوتي حػػدث ّ‬


‫تغيػػر متبػػادؿ مماثػػل علػػى النظػػاـ‬ ‫فػ ذا حػػدث ّ‬
‫الصوتي نفسه يؤدي الػػى تمػ ّػوف لسػػاف مختلػػف تػػدريجيا الحػػظ تفاصػػيل الموضػػوع فػػي اللغػػة الموحػػدة )‬
‫وهذ النتيجة ال تقرها االعتباطية بما في ذلػػؾ االعتبػػاطيوف الجػػدد حيػػث إجمػػاعهـ علػػى أف القػرآف حفػػظ‬
‫للعربية نظامها واف كانوا يجهلوف أنه حفظ النظاـ الصوتي للساف العربي أيضا‪.‬‬

‫‪136‬‬
‫واذف ف ذا أمكف قبوؿ بدعة االعتباطية القا(لة أف القرآف اسػػتعمل مفػػردات مػػف خمسػػيف لغػػة عربيػػة مػػف‬
‫لغػػات القبا(ػػل ػ علػػى اعتبػػار أف مرجعهػػا الػػى لسػػاف واحػػد بنظػػاـ صػػوتي واحػػد وفػػق الحػػل القصػػدي ػ فػػن‬
‫يمكف قبوؿ البدعة افخرى وهي استعماؿ مفردات مف لساف آخر ػ اال بتخري معقػػد علػػى الحػػل القصػػدي‬
‫تذعف فيه االعتباطية لهذا الحػػل وهػػي راغمػػة ‪ .‬وخنصػػة هػػذا التخػػري أف المسػػتعمل هػػو مػػف التعاقبػػات‬
‫نعػػـ هػػذا‬ ‫الصوتية التي يقع انتظامها في تلمـ المفردات خصوصا وفق النظاـ الصوتي للساف العربي‪.‬‬
‫يثبت أمومة اللساف العرب ي لأللسف كافة ولمننػػا ال نحتػػاج ثبػػات ذلػػؾ لمثػػل هػػذا التخػػري لثبوتػػه بنفسػػه‬
‫في معاني افصوات ومطابقتها في م(ات التعاقبات لنظاـ اللساف العربي الذي أظهػػر البحػػث فػػي كتػػاب‬
‫اللغة الموحدة ) ػ والػػذي وقعػػت فيػػه النسػػبة افمثػػر اسػػتعماالا علػػى المعػػاني الحركيػػة افصػػلية لألصػوات ػ‬
‫المتميز جدا الػػذي حػػافظ علػػى روح العنقػػة بػػيف افصػوات وبػػيف حػػرؼ اف لػػف‬‫ّ‬ ‫عنوة على النظاـ المتابي‬
‫ومظاهر افربعة ‪.‬‬
‫تنبيػػ ػػػه أل إف مػػا ذكرنػػا فػػي‬
‫هذا المتاب وفي كتبنا افخرى حوؿ االعتباطية ال يعني أف االعتباطية فػػي تراثهػػا الواسػػع قػػد خلػػت تمامػا‬
‫ن‬ ‫قصدي و ٍ‬
‫احد في كػ ّػل ما(ػػة ػػاهد مػػث ا‬ ‫ٍّ‬ ‫حل‬
‫ولمف ظهور ٍّ‬ ‫حل قصدي ‪.‬‬‫مف أي ٍّ‬
‫أو ظهور إ ارة قصدية واحدة في كػ ّػل فصػػل مػػف فصػػوؿ االعتبػػا ال يعنػػي ػػي(ا بالنسػػبة لنػػا ‪ .‬ذلػػؾ فف‬
‫الػػذي يرمػػي الحصػػى فػػي بركػػة مػػاء اعتباط ػا آالؼ الم ػرات ال بػػد أف يقػػع بعضػػها اتفاق ػ ا ) أيض ػا علػػى‬
‫الهدؼ المغمور في ركف ما مف افركاف تحػػت المػػاء ػ فلػػيس مػػف العػػدؿ وا نصػػاؼ مسػػاواته بمػػف يحػ ّػدد‬
‫وجميػػع تلػػؾ ا ػػارات والحلػػوؿ إنمػػا كانػػت مسػػروقة مػػف‬ ‫الهدؼ وال يرمي االّ فيه ‪.‬‬
‫ػ تحػػت ػػرو قاسػػية‬ ‫القصػػدية أصػنا وقػػد أُخػػذت تحػػت ظػػروؼ خاصػػة جػػدا وح ػػرت فػػي ركػػاـ االعتبػػا‬
‫أهمها أنها ال تم ف ػػي(ا عمػػا يحػػيط بهػػا مػػف االعتبػػا ‪ ،‬وافهػػـ مػػف ذلػػؾ أنهػػا ال تػػرتبط بحقيقػػة بالغػػة‬
‫تجر الى معرفة حقا(ق أخرى ‪.‬‬ ‫الخطورة يمكف أف ّ‬

‫‪137‬‬
‫مثاؿ على الفوارؽ بيف‬
‫المترادفيف‬
‫نأخذ مثاالا واحدا مف مترادفات االعتباطية لننحظ مف خنله مدى التخريب الذي حػ ّػل بالدال لػػة وبالمعرفػػة‬
‫المتحصلة مف النص في آف واحد أل‬

‫فلنأخذ مثاالا لذلؾ ما في قا(مة حمير ) أل مسنوف = منتف ‪.‬‬

‫حيث تزعـ االعتباطية أف مسنوف في لغة حمير هو منتف في لغة قريش ! بينما ننحظ بالفحص الدقيق‬
‫يسف فهو مسنوف‬ ‫ّ‬ ‫أف مسنوف ال عنقة له باللفظ منتف ) مطلقا ‪ .‬الف المسنوف اسـ مفعوؿ مف َّ‬
‫سف‬
‫ػ ومعنى الفعل أل وضع ال يء في رعة ومنهاج ػ يقاؿ سف فنن ا سنة ّرع رعا ونه منهاجا ػ أنظػػر‬
‫المعاجـ ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والفعل القريب مػػف منػػتف ) هػػو َسػػنه أل ّ‬
‫تغيػػر طعمػػه ولونػػه أو تغيػػر حالػػه ‪ ،‬يقػػاؿ َسػػنه الطعػػاـ إذا ّ‬
‫تغيػػر‬
‫وتعفف ‪ .‬واستعمل افخير في القرآف في قوله تعالى أل‬

‫‪ ‬وانظر الى طعامؾ و رابؾ لـ يتسّنه ‪ ‬البقرة ‪ٕٜ٘ /‬‬

‫بينما استعمل مسنوف مكر ار لوصف المادة افولية التي خلق منها ا نساف أل‬

‫‪ٔ٘ / ٕٙ‬‬ ‫‪ ‬ولقد خلقنا ا نساف مف صلصاؿ مف حمأ مسنوف ‪‬‬

‫واذف فمادة الخلق افولى كانت مسنونة ) ػ موضوعة في رعة ومنهاج وليست متعفنة أو منتنة‪.‬‬

‫ن لنعتبػػا فػػي لفظػػي صلصػػاؿ ) و حمػػأ ) ممػػا يسػػتلزـ‬ ‫لقػػد وجػػدت القصػػدية أف هنػػاؾ تغيي ػ ار ممػػاث ا‬
‫االعتقػػاد لحػػد اليقػػيف أف هنػػاؾ قصػػدية فػػي هػػذا العمػػل ) غايتهػػا إخفػػاء المعلومػػات عػػف قصػػة الخلػػق‬
‫وتحويل وجهتها ‪ ،‬لتأميد صاحب الرسالة ص ) على أهمية الموضوع في مواقف عديدة ‪.‬‬

‫سف ) في بػػاب‬
‫ّ‬ ‫لقد ثبت في جميع التفاسير أف المسنوف هو المنتف في وقت ذكرت فيه المعاجـ اللفظ‬
‫مختلف ومعنى مختلف عف اللفظ َسِنه ) القريب مف المنتف ‪.‬‬

‫مثل افماـ علػػي ع )‬


‫يكفي أف نخبرؾ اآلف أف قصة خلق آدـ ع ) هي مف افهمية بمكاف بحيث أف َ‬
‫‪ ‬الناس لو عرفوا كيف خلق آدـ لما اختلف رجنف ‪‬‬ ‫يرى أف أل‬

‫ولـ نفهـ مغزى ما فعله االعتبا وأهميته االّ بعد إف امت فنا العنقات اللفظية المحكمة بيف هذ القصػػة‬
‫الحق ب ذف ى تعالى ‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫كتاب‬
‫وجميع أركاف الديف في النظاـ القرآني والتي ربما تأتيؾ مفصلة في ٍ‬

‫‪138‬‬
‫المبحث الحادي والع روف‬

‫تطػور الداللػػة‬
‫ّ‬

‫التغيػػر ا يجػػابي أو الترقػػي ‪ ،‬واسػػتعملت المفػػردة‬ ‫قػػد تعنػػي مفػػردة تطػ ّػور ) فػػي ذهػػف السػػامع نوعػا مػػف ّ‬
‫لوصف التغير في اللغػػة الػػذي يػػؤدي الػػى تحولهػػا بنسػػبة معينػػة أو تحولهػػا التػػاـ الػػى لغػػة مغػػايرة لألصػػل‬
‫التطور ) في كتابػػات علمػػاء اللغػػة المعاصػػريف فػػي الغػػرب‬ ‫على سبيل الفرض ػ وهكذا استعملت مفردة‬

‫وانتقلت الى الم رؽ ‪ .‬وقد ّ‬


‫تػـ نقد قدامى العػػرب علػػى إهمػػالهـ التطػػور الحتمػػي الػػذي يحصػػل فػػي هيكػػل‬
‫التغير في داللة افلفاز ‪.‬‬
‫اللغة بسبب ّ‬
‫ومػػف جهػػة أخػػرى أثنػػػوا علػػى قػػدامى العػػرب لتأميػػدهـ علػػى مػػا يجػػوز فػػي اللغػػة ومػػا ال يجػػوز وعػ ّػدوا ذلػػؾ‬
‫واجبا نافعأ‪.‬‬

‫وأوؿ يء ننحظه هنػػا هػػو التنػػاقض أو التضػػاد بػػيف هػػذيف الهػػدفيف ػ إذ مػػف المعلػػوـ أف مػػا يمكننػػا أف‬
‫نعد‬
‫غير جا(ز ) ػ هو بداية االستعماؿ الذي يقوـ بنقل الداللة ‪ ،‬أي أنه بداية التطور ف ذا آمف المػػرء‬
‫ّ‬
‫يجوز وما ال يجوز ‪ ،‬واف آمف بضرورة تحديد االستعماؿ فعليه‬
‫بالتطور فعليه أف يتوقف عف الحكـ فيما ُ‬
‫أف يتوّقف عف ا يماف بالتطور بهذا المعنى في افقل ‪.‬‬

‫وهذ الم كلة الداللية ال زالت غير مكت فة عند علماء االعتبا الغربييف وتابعهـ علػػى هػػذا الخلػػط بػػيف‬
‫افمػػريف علمػػاء اللغػػة فػػي العػػا لـ وفػػي العػػالـ العربػػي ‪ .‬فجمعػوا بػػيف هػػذيف الهػػدفيف المتضػػاديف فػػي وقػػت‬
‫موضع و ٍ‬
‫احد ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫واحد ذاهليف عف تعارضهما حتى أثبت برجستر اسر ) افمريف في‬

‫وبصدد هذ الم كلة التي يثيرها الحل القصدي تبرز إ كاالت عديدة أخرى ال يمكف لنعتباطية تفسيرها‬
‫ناهيؾ عف حّلػها وال تجد لها تفسي ار وح ا‬
‫ن مرضيا االّ في الم روع القصدي للغة ‪.‬‬

‫كاالت أل‬ ‫فمف تلؾ ا‬

‫علـ للغة فضػنا عػػف‬ ‫المبرر المافي لتأسيس ٍ‬ ‫ما ذكرنا في كتاب اللغة الموحدة وهو أف االعتبا ال يملؾ ّ‬
‫بالتغير التطػػور) الػػذاتي للغػػة كمػػا وضػػعه دي سوسػير وسػػار‬ ‫اقبة االستعماؿ ما داـ يؤمف‬ ‫مبرر آخر لمر ِ‬
‫ٍ‬
‫ّ‬
‫الجميع مف بعد على تلػػؾ الفكػػرة وهػػي [ أف الدال لػػة جزافيػػة َبيػػػد أف تغيرهػػا لػػيس جزافيػا ] كمػػا فػػي هػػذا‬
‫النص أل‬

‫وهذا التطور ال يحدث اتفاقا وال يتـ بطريقػػة ع ػوا(ية فمػػف وجهػػة نظػػر علػػـ اللغػػة الحػػديث أف التطػػور‬
‫كل لغة ما تزاؿ بها حتى تخرج بها مف حاؿ الى حاؿ )ٔ‪.‬‬
‫ينجـ عف عوامل كامنة في ّ‬

‫ٔ التطور النحوي للغة العربية ‪ /‬برجستر اسر ‪. ٕٔٚ /‬‬

‫‪139‬‬
‫دي سوسير ) أنه ليس ثمة مف قوة قادرة على تحويل الداللة أو إلغػػاء الدال لػػة‬ ‫وقد ذكر يخ االعتبا‬
‫ما لـ يحدث ذلؾ بصورة تلقا(ية مف داخل الجماعة التي تستعمل تلؾ الداللة ‪.‬‬

‫وقد أ كلنا على ذلؾ بالسؤاؿ أل ما فا(دة علـ اللغة إذف ؟ وما معنػػى ثنػػاؤهـ علػػى الػػذيف وضػػعوا فمػػرة مػػا‬
‫يجوز وما ال يجوز أو قل وال تقل ؟ وبعبارة أخرى كيف تجتمػػع فمػػرة التطػػور مػػع فمػػرة التصػػحيح إذا كػػاف‬
‫التصحيح محاالا في ذاته ؟ إذ ال واجب لعلـ اللغة سوى التصحيح في نهاية المطاؼ ‪.‬‬

‫قد تجيب االعتباطية على ذلؾ بالقوؿ أل‬

‫إف الفا(دة في ذلؾ هو الم عرفة المجردة ‪ .‬معترفة بأف الذيف امتدحوا التصحيح كانوا واهميف وأنهػػـ أقليػػة‬
‫في علماء االعتبا مثنا ؟!! ‪.‬‬

‫ولمف هذ ا جابة تتضمف أم ار آخر ي ّتسـ بالنمنطقية فنحف ننكر كمػػا ينكػػر جميػػع العقػػنء وجػػود معرفػػة‬
‫في موضوع ال أثر لها بالمرة على ذلػػؾ الموضػػوع ػ وهػػذا ال يحػػدث عػادة االّ إذا كانػػت تلػػؾ المعرفػػة وهمػا‬
‫أي أنها في الواقع ليست معرفة ‪.‬‬

‫وقد تجيب على ذلؾ بالقوؿ أل‬

‫التغير والتطور يط أر على الداللة الخاصة باللفظ وعلػػـ اللغػػة ينحػػظ التركيػػب ال الدال لػػة وحػػدها وبػػذلؾ‬
‫أف ّ‬
‫يمكنه تصحيح التراميب بما يتفق والداللة المتطورة ‪.‬‬

‫ولمف هذ ا جاب ة متناقضة في داخلها ومخالفة لمػػا عليػػه االعتباطيػػة مػػف أفمػػار حػػوؿ الدال لػػة وعنقتهػػا‬
‫تغير داللة اللفظ والتغيرات المماثلة في التركيب بل العكػػس‬
‫بداللة التركيب كله ‪ ..‬فليس هناؾ فصل بيف ّ‬
‫تمام ا ‪ ..‬ف عادة التوازف ) ػ الذي وضعه دي سوسر والذي مثل له بالنظاـ ال مسي الػػذي يعيػػد توازنػػه‬
‫يغير مف أوضػػاع أفػراد المجموعػػة ػ يمثػػل جػػوهر النظريػػة االعتباطيػػة فػػي تطػػور اللغػػة ػ‬
‫كلما حدث حادث ّ‬
‫تغير في الداللة ما لػػـ يحػػدث‬ ‫فف اللغة نظاـ وهو ي تمل على المركبات فقط دوف افلفاز فن يحدث أي ّ‬
‫فو ار تعديل في التركيب والمركبات ‪.‬‬

‫ػت ظهورهػػا علػػى لسػػاف أحػػد علمػػاء االعتبػػا فهػػي واقعػػة ضػػمف طػػرقهـ الملتويػػة‬ ‫إذف فا جابػػة واف توّقعػ َ‬
‫تميػػزت بهػػا االعتباطيػػة فػػي جميػػع إجاباتهػػا قػػديمها وحػػديثها والتػػي تهػػدـ‬
‫ل جابة علػػى ا ػػكاالت والتػػي ّ‬
‫فيها ما وضعته مف أسس ومبادئ ‪.‬‬

‫معلوـ أف الحل القصدي يؤمف بالتغير ويؤمف بضرورة علـ اللغػػة والمراقبػػة والتصػػحيح ولمنػػه يجمػػع بػػيف‬
‫افمػػريف بطريقتػػه الخاصػػة التػػي تنسػػجـ مػػع مباد(ػػه وتقػػوـ بتقويػػة عناصػػر منهجػػه بخػػنؼ مػػا يفعلػػه‬
‫كاؿ أوضحه فيما يلي أل‬ ‫االعتبا ‪ .‬وخنصة الحل القصدي لهذا ا‬

‫ٔ لحف العامة والتطور اللغوي ‪ @ ٖٖ /‬التطور اللغوي التاريخي ‪.ٗٔ /‬‬

‫‪140‬‬
‫التغير ال باعتبار واقعة ال مفر منها وانما باعتبار ظاهرة اجتماعية فعنا ‪.‬‬ ‫أ ‪ .‬إف الحل القصدي ينحظ ّ‬
‫ولمنه ينحظ أيضا أف هذا التغير ليس بالضرورة أف يكػػوف تطػػو ار بػػل قػػد يكػػوف تقهقػ ار للغػػة ‪ ،‬وقػػد يبقػػى‬
‫بنسبة مقاربة لألصل ‪ .‬فهػػو ال يختلػػف مطلقػ ا مػػف هػػذ الناحيػػة عػػف ا نسػػاف نفسػػه فالجيػػل النحػػق أمػػا‬
‫أمثر وعيا وتطو ار مف الجيل السابق وأما أقل تطو ار أو هو متطور في جهة ومتقهقر في جهة أخرى ‪.‬‬

‫وبصفة عامة فمل الما(نات تتغير أفرادها جميعا مف حقبة الى أخرى ومػػا يصػػدؽ علػػى تلػػؾ الما(نػػات فػػي‬
‫التغيػػر يصػػدؽ علػػى اللغػػة ػ واذف فهنػػاؾ تغيػػر فػػي اللغػػة وواجػػب علػػـ اللغػػة هػػو رسػػـ الخػػط البيػػاني لهػػذا‬
‫التغيػػر لمنحظػػة اتجػػا التغيػػر ورصػػد ومػػف خن لػػه يػػتـ تأ ػػير مسػػتوى تػػدني أو تنػػامي الػػوعي اللغػػوي‬
‫وبالتػػالي المعرفػػي العػػاـ للمجموعػػة اللغويػػة – و بهػػذا يػػربط الحػػل القصػػدي المعرفػػة و التطػػور العػػاـ‬
‫بالمعرفة اللغوية وتطورها سلبا وايجابا ويعتبرهما دالتيف متبادلتيف في تأثر إحداهما بافخرى ‪.‬‬

‫فهػػو يػػرفض أف يكػػوف التغيػػر واقع ػا ال مفػػر منػػه ويػػرفض كػػذلؾ أف يكػػوف تلقا(ي ػا بػػالمعنى السػػلبي التػػاـ‬
‫ويرفض ثالثا عدـ إمكانية التأثير في االستعماؿ وبذلؾ يعطي لنفسه الحق فػػي تأسػػيس علػػـ اللغػػة خنفػا‬
‫لنعتبا ويجعل لهذا العلـ مغزاى وهدفا يسعى إليه ‪.‬‬

‫ب ‪ .‬أما كيف يتمكف الحل القصدي مف ذلؾ ولمػػاذا يمتلػػؾ وحػػد حػػق تأسػػيس علػػـ اللغػػة فػػافمر أوضػػح‬
‫أي واضح أل‬
‫مف ِّ‬
‫ارة اللغوية في الحل القصدي هي أساس ذلؾ الحق ومصدر )‬ ‫إف قصدية ا‬
‫فأنؾ إذا قلت أل أف اللفػػظ ال يمتلػػؾ ّأيػػة دال لػػة مسػػبقة وانمػػا هػػو اتفػػاؽ وتؤكػػد مػػرة أخػػرى أف هػػذا االتفػػاؽ‬
‫اعتباطي الصورة وأف ا نكليز اتفقوا جزافا على مثل لفظ ‪ ) sister‬والعرب اتفقوا علػػى لفػػظ أخػػت )‬
‫وانػػه لػػيس مػػف عنقػػة بػػيف اللفظػػيف وال دال لػػة فيهمػػا علػػى افخػػت الفعليػػة ػ فلػػيس مػػف حقػػؾ بعػػد ذلػػؾ‬
‫االعتراض على أي تغير يجري جزافا في هذيف اللفظيف أو عند ظهور لفظيف آخريف يحنف محلهما فف‬
‫تلؾ التغيرات واقعة في القاعدة االعتباطية لنستعماؿ التي آمنت بها‪.‬‬

‫وال تمتلؾ حق التصحيح والمراقبة االّ إذا اعتقدت بوجود عنقة فعلية بػػيف اللفػػظ والفكػػرة بحيػػث أف اللفػػظ‬
‫ػت فػػي صػػحة أو خطػػأ االسػػتعماؿ‬ ‫يمتلؾ داللة مسبقة علػػى كػ ّػل اسػػتعماؿ ‪ .‬ففػػي هػػذ الحالػػة تسػػتطيع البػ ّ‬
‫الداللي مثلما يمكنؾ مراقبة وتصحيح التراميب المتنوعة التي تتضمف تلؾ الداللة ‪.‬‬

‫ومعنػػى ذلػػؾ أف النحػػو والصػػرؼ والبنغػػة ولػػيس المعػػاني وحػػدها ) فػػي االعتباطيػػة ال تتجػػاوز كونهػػا‬
‫وصػػفا للمػػنـ كمػػا هػػو ولػػف يكػػوف بمقػػدورها النفػػاذ الػػى جػػوهر علػػـ اللغػػة لتفسػػيرها فض ػ ا‬
‫ن عػػف مراقبتهػػا‬
‫وتصحيح استعماالتها ‪.‬‬

‫‪141‬‬
‫هذا يعنى أف القصدية ترى أف ما فعله السلف مف التصحيح وتحديػػد مػػا يجػػوز ومػػا ال يجػػوز فضػنا عػػف‬
‫كونه نقيض االعتباطية فهو قا(ـ على فهـ الداللة فهما اعتباطي ا ‪.‬‬

‫فماف هذا التحديد هو ما يخص حقبة زمنية معينة ومنحظة استعماالتها فمػػف الطبيعػػي بػػل والحتمػػي أف‬
‫ال يعتني بتطور اللغة ‪ ،‬بل ال يعتني بالتغيرات العامة ‪ ،‬بل هو فػػي طبيعتػػه وصػػورته نقػ أػد ج ازفػ ٌّ‬
‫ػي ال يقػػوـ‬
‫على أية قاعدة ثابتة ‪.‬‬

‫إف هذا افمر هو الوحيػػد الػػذي يفسػػر لنػػا االخػػتنؼ النحػػوي والصػػرفي والبنغػػي وظهػػور افوجػػه العديػػدة‬
‫عراب الجملة ‪ .‬وذلؾ النعكاس افمر كله خنفا فسس العلـ الحقيقي فالمعنى الػػذهني للمتلقػػي يػػنعكس‬
‫على رأيه في تركيب الجملة واعرابها ػ بينما واجب ا عراب تحديد مواضع ومحاؿ افلفػػاز بمػػا يػػؤدي الػػى‬
‫تحديد المعنى العاـ للجملة ‪.‬‬

‫كاالت الواردة فػػي الصػػرؼ والنحػػو والبنغػػة وحالػػة التخػػبط المسػػتديمة فيهػػا‬ ‫ويفسػّر لنا كذلؾ جميع ا‬
‫كما يفسر لنا سببا مػػف أسػػباب تجػػاوز النصػػوص وعػػدـ احترامهػػا علػػى أيػػدي االعتبػػاطييف حيػػث أسػػقطوا‬
‫عليها معانيهـ الذهنية واالصطنحية حذفا وتقدي ار وتقديما وتأخي ار ‪.‬‬

‫ج ‪ .‬إف الحل القصدي يمتلؾ الداللة المسبقة لمل لفظ في ّأية لغة فػػي العػػالـ مػػف خػػنؿ تحديػػد لمعػػاني‬
‫فمل تعاقب صوتي هو كا(ف مسػػتقل قػػا(ـ بذاتػػه إذ ال ي ػػبهه أي تسلسػػل آخػػر لألصػػل‬‫افصوات وبالتالي ّ‬
‫مجسدة ذات صورة حركية ‪.‬‬ ‫وال يحل محله أي عضو آخر وهو بمجموعه يمثل حركة ّ‬
‫وتبرز مف ذلؾ نتا( عديدة أهمها هنا أل‬

‫كل استعماؿ أما يكوف جزءا مف تلؾ الحركة العامة أو خارجها ‪ .‬فػ ف كػػاف خارجهػػا فػػالمتملـ‬ ‫افولى أل إف ّ‬
‫أحقيػػة التصػػحيح ‪.‬‬
‫اهـ ‪ ،‬إذ هو يريد حركة لفظ آخػػر غيػػر هػػذا اللفػػظ ػ ومػػف هنػػا يمتلػػؾ الحػػل القصػػدي َّ‬
‫و أ‬
‫واما إذا كاف ضمف تلؾ الحركة فهو استعماؿ حقيقي سواء كاف يحامي الحركػػة ت ػػبيه ا أو تمثػػينا أو فػػي‬
‫تسلسػػل افص ػوات أو فػػي نتا(جهػػا فلػػيس فػػي الحػػل القصػػدي أي صػػورة مػػف صػػور المجػػاز الػػذي تػػذكر‬
‫االعتباطية ‪.‬‬

‫الثانيػػة أل إف الحركػػات أو العنمػػات ) ػ الفتحػػة والضػػمة والمسػػرة ػ هػػي صػػور وأجػزاء مػػف أحػػرؼ العلػػة‬
‫تفعل فعل تلؾ افحرؼ في توجيه الحركة فمل لفظيف ت ػػابها فػػي التعاقػػب واختلفػػا فػػي العنمػػات فالحركػػة‬
‫العامة واحدة ولمػػف النتػػا( المتحصػػلة مػػف تلػػؾ الحركػػة وأهػػدافها وغاياتهػػا مختلفػػة بمعنػػى آخػػر أف هػػذ‬
‫العنمات تتحكـ في زماف ومكاف ) الحركة العامة ‪.‬‬

‫‪142‬‬
‫وبناءا على ذلؾ يرفض الحل القصدي رفضا قاطعا وجود مثلث ) مختلف العنمػػات متفػػق المعنػػى مثػػل‬
‫الجذوة ) ػ بالفتح والمسر والضـ على الترتيبٔ‪.‬‬ ‫الجذوة ‪ِ ،‬‬
‫الجذوة ‪ُ ،‬‬ ‫َ‬ ‫أل‬

‫حيث زعمت االعتباطية فػػي ع ػرات مػػف تلػػؾ افلفػػاز اتفػػاؽ المعنػػى فيهػػا ‪ .‬فالحػػل القصػػدي ال يػػؤمف االّ‬
‫بالمثلث المختلف المعاني وهو قادر على تحديد تلؾ المعاني المختلفػػة علػػى مػػا حػ ّػدد مػػف قيمػػة مسػػبقة‬
‫لألصوات والعنمات ‪.‬‬

‫تغي ار واقعا ضػػمف الحركػػة العامػػة‬


‫الثالثة أل إف أمثر ما تذكر االعتباطية مف أمثلة على تطور الداللة كاف ّ‬
‫للتعاقبات وليس خروجا عليها ‪ .‬وقد ذكرت بهػػذا الصػػدد حقيقتػػيف لمسػػتهما مػػف سػػلوؾ االعتباطيػػة أل أمػػا‬
‫افولى فهي أف الحػػس اللغػػوي عنػػد ُ‬
‫العػ ّػواـ أمثػػر صػوابا ودقػػة مػػف قػوانيف االعتبػػا ػ فف االعتبػػا يفسػر‬

‫افمر بالجزافية بينما الحس اللغوي متمسؾ بما ي عر أنه قيمة ذاتية في التعاقب ‪ .‬و ّ‬
‫اما الحقيقة الثانيػػة‬
‫فهي أف االعتبا يتوهـ مرتيف ‪ ،‬مرة حينما يتصور المعنى الذهني المتبادر إليه مػػف اسػػتعماؿ واحػػد أنػػه‬
‫هو افصل في داللة اللفظ ومرة أخرى حينما ال ّ‬
‫يتحرى بصورة ّ‬
‫جدية عػػف االسػػتعماالت المتنوعػػة للتعاقػػب‬
‫تاريخي ا ‪.‬‬

‫مثاؿ ذلؾ زعمه أف ‪ ) hard‬كانت تستعمل لما هػػو صػػلب مػػف المػػادة كػػالحجر والجػػوز ثػػـ اسػػتعمل لمػػا‬
‫هو صلب معنويإ ‪ .‬لمف افصل في الهاء ) فيه هػػو الحػػاء) ومصػػدر افوؿ التعاقػػب العربػػي حػػرد )‬
‫تحدد االستعماؿ وفي هذا التعاقػػب‬
‫كل يء ػ فحركة التعاقب الداخلية ّ‬
‫الذي يعني الخ ونة والصنبة في ّ‬
‫تقصي االستعماالت القديمة واالعتماد على اآلثار المادية‬
‫ال تحديد بالماديات فقط ويكمف الوهـ في عدـ ّ‬
‫يخص الحجر والجوز ‪.‬‬
‫ومخلفات افقواـ التي ورد فيها استعماؿ جز(ي وهو ما ّ‬
‫و مثاؿ آخر مف اعتبا العرب أل‬

‫المَّلة ) بفتح الميـ في افصل هي الرماد الحار ثـ قػػالوا أل أملنػػا مّلػػة ) ويعنػػوف بػػه نػػوع مػػف‬
‫َ‬ ‫قالوا أف‬
‫الخبز يوضع على النار ال في التنور ‪.‬‬

‫أقوؿ هذا وهـ عجيب فالناس في قرانا ال زالوا يقولوف أل أملنا خبز مّلة) وال يقولوف أل أملنا ملة ) ‪.‬‬

‫يء للمنـ فػػاف كنػػت‬ ‫اختصار َّس أ‬


‫أ‬ ‫وال أريد أف ّأدعي أف القا(ل كاذب فنه إف صح فن نقل للداللة وانما هو‬
‫ت ّؾ في ذلؾ فاذهب الى ال يوخ في العراؽ وحادثهـ عف خبز المّلة فاف أريػػتهـ يقولػػوف نأمػػل َمَّلػػة بغيػػر‬
‫ما ذكر لمفردة الخبز ف ّنا نب أر مف كتبنا كلها ‪.‬‬

‫ات ) هو للداللة على أنػػه مطيػػر فتنقػػل دال لػػة أحػػد اللفظػػيف‬
‫وهذا مثاؿ آخر أل زعـ أف قولهـ هذا يوـ ٍ‬
‫الى اآلخر للعنقة بينهما ‪ .‬وهذ أمذوبة ف ننػػا ال زلنػػا نسػػتعمل هػػذ الجملػػة كلمػػا حػػل ال ػػتاء فػ ذا حػػدث‬

‫السيد البطليوسي ػ ٖ‪. ٖٜ‬‬


‫ٔ المثلث ‪ /‬ابف ّ‬
‫ٕ الترادؼ في اللغة ‪ /‬حامـ مالؾ ػ ٖٕ‪.‬‬

‫‪143‬‬
‫برد مفاجّ وريح بعد دفّ قلنػػا هػػذا يػػوـ ػػات أو هػػذا مػػف أيػػاـ ال ػػتاء وال نريػػد بػػه المطيػػر بػػل نريػػد بػػه‬
‫مسػػه سػواء بسػواء ‪ .‬بػػل سػػمعنا أحػػدهـ يقػػوؿ لنػػا أل أنظػػر‬ ‫يوما مف أياـ ال تاء في مطر وبرد وهبو‬
‫هذا اليوـ كأنه مػػف أيػػاـ ال ػػتاء وكػػاف صػػحوا داف(ػا قبػػل الموسػػـ فانتبهنػػا لػػذلؾ ونظرنػػا فػ ذا هػػو يريػػد بػػه‬
‫هبو ال مس وطوؿ الظل وكاف ال تاء بمطر وبرد قد تأخر فلما تذكرنا أنه أوؿ هر مف ال تاء فعػػن‬
‫قلنا له أل لقد صدقت ! وذلؾ فف الصورة صورة تاء ‪.‬‬

‫وهػػذا مثػػاؿ آخػػر أل زعػػـ صػػاحب افضػػداد أف لفػػظ الػػدنيا أصػػله الحيػػاة الػػدنيا وعػ ّػد صػػاحب الت ػرادؼ مػػف‬
‫أسباب ظهور الترادؼ وهو حذؼ المضاؼ ف ف صح فهو اختصار ال نقل للداللة وكيف يصح وقػػد أثبتنػػا‬
‫في أحد افبحاث أف القرآف استعمل الدنيا والحياة الدنيا بنظاـ صارـ وفػّػرؽ بينهمػػا تفريقػا ّ‬
‫بينػا ؟ ووجػػدنا‬
‫موضعه أف اء ى ‪.‬‬‫ِ‬ ‫أم ار عظيما في هذا التفريق يأتيؾ في‬

‫يتغيػػر فػػي الحػػل القصػػدي فالحركػػة العامػػة‬‫الرابعػػة أل ومػػف نتػػا( ذلػػؾ أف فهػػـ افصػػوؿ اللغويػػة سػػوؼ ّ‬
‫لألصػوات واحػػدة وعنػػد محاولػػة فهػػـ لفػػظ مثػػل ‪ ) maker‬ومػػا يقابلػػه فػػي العربيػػة فلػػيس المقابػػل هػػو‬
‫صانع ) بل افقرب في أداء ذلؾ التعاقب بيف الميـ والماؼ والراء وسوؼ تجد فػػي العربيػػة فػػي مكػػر )‬
‫أو مامر ) وهو الذي يجد لمل أم ار مخرجا ػ الف المكر ليس صفة ذميمة بل براعة واتقاف وسعة معرفة‬
‫استعماله عند العػػرب‬
‫ُ‬ ‫سلبا وايجابا سواء بسواء لقوله تعالى أل وى خير المامريف) ػ واف كاف قد تحدد‬
‫بأهل المخادعة فهنا يبػػرز دور علػػـ اللغػػة فػػي تصػػحيح وتوضػػيح االسػػتعماؿ تعميمػا أو تقييػػدا أو حسػػب‬
‫التعاقب ‪.‬‬

‫فمذلؾ يختلف افمر عند ترجمة المفردات مف نظاـ الى آخر إذ ُيوجب الحل القصدي البحث عف تسلسػػل‬
‫افصػػوات ذاتػػه فػػي اللغػػة االخػػرى فػػن يصػػح ترجمػػة نجيػػب) مػػف العربيػػة الػػى ‪ ) noble‬ا نجليزيػػة‬
‫والفرنسػػية بػػل يصػػح ترجمػػة نبيػػل ) إليهػػا وذلػػؾ بالمحافظػػة علػػى تعاقػػب افصػوات افساسػػية مػػف غيػػر‬
‫أحرؼ علة في افقل أي مجيء الباء بعد النوف ومجيء النـ بعد الباء بهذا الترتيب ذاته ‪.‬‬

‫التغيػرات مػػف لغػػة الػػى أخػػرى وضػػبطها وتفسػػيرها ػ فقػػد‬


‫الخامسػػة أل يتوجػػب فػػي الحػػل القصػػدي منحظػػة ّ‬
‫تستعمل أمـ مختلفة نفس التعاقب الصوتي بتمثنت مختلفة لحركته فيتوهـ البعض أنها مفردات مختلفة‬
‫كما يتوجب منحظة االنحراؼ البياني في االستعماؿ مثاؿ ذلؾ أل‬

‫أننا إذا أخذنا أي تعاقب مثل ر ػ د ) فيمكف إدخاؿ أمثر مف حركة بينهما مثل راد ‪ ،‬رود ‪َ ،‬ريػػد ‪ِ ،‬ريػػد‬
‫بياء مخففة على زنة يق أر في ا نجليزية ) ‪.‬‬

‫‪ )explorer‬في الفرنسػػية ومثػػل لػػه‬ ‫فالمعجـ المسمى مجمع اللغات اثبت لػ راد ) العربية معنى هو‬
‫ا‬
‫بارتياد القمر ‪.‬‬

‫‪144‬‬
‫ولمف يتوجب التفتيش عف هذا التعاقب بعينػػه فػػي الفرنسػػية وا نجليزيػػة فػػنحف ننحػػظ فػػي مثػػل أل ‪rade‬‬
‫فػػي الفرنسػػية وقػػد أعطػػا معنػػى ‪ porte‬و ‪ haver‬فػػي الفرنسػػية ولمننػػا ننحػػظ أنػػه أعطػػا معنػػى‬
‫في ا نجليزية ميناء أو مرفأ ‪.‬‬ ‫‪ ) raedstead‬وكذلؾ ‪) harboar‬‬

‫‪) vaide‬‬ ‫وقػػد أعطػػا معنػػى‬ ‫أما التعاقب الم ابه فػػي ا نجليزيػػة فهػػو ‪raid‬‬
‫في الفرنسية ومرادؼ هو ‪ ) incursion‬والمعنى هو إغارة أو غارة ‪.‬‬

‫في ا نجليزية معنى ‪ porte‬في الفرنسية ‪.‬‬ ‫ولمنه أعطى للباب ‪door‬‬

‫ػػكاؿ هنػػا فػػي نفػػس سػػطورنا حينمػػا نريػػد توضػػيح افمػػر فػػي اللغػػة العربيػػة فننػػا بػػازاء اعتبػػا‬ ‫ويدخل ا‬
‫يجعل تعاقب افصوات مقلوبا ويؤدي بالنهاية الى نفس الداللة وهو ظاهر في تقدـ الداؿ على الراء في‬
‫) حيػػث سػػاوى اللفػػظ الػػذي انعكػػس فيػػه التسلسػػل وتقػػدـ‬ ‫‪door‬‬
‫مف خنؿ مرادؼ لمليهما هو ‪. porte‬‬ ‫الراء على الداؿ في ‪raide‬‬

‫أف سبب ذلػػؾ هػػو حػػدوث إ ازحػػة ) تدريجيػػة سػػتعماؿ اللفػػظ علػػى المحػػور والػػذي أوضػػحته بأمثلػػة فػػي‬
‫كتاب اللغة الموحدة ػ وهو نوع مف التسامح ال ديد في استعماؿ المرادفات والػػذي هػػو نػػوع مػػف االعتبػػا‬
‫ارؾ فيه علماء اللغة وطرا(ق الترجمة ‪.‬‬

‫ال نرى في الحػػل القصػػدي أف اللغػػة نظػػاـ ال سػػي طرة عليػػه مطلقػ ا مثػػل مػػا تػ ار االعتباطيػػة فػػي موضػػوع‬
‫تغير اللغة ) الذي ابتدعه دي سوسر فنحف نرى العكس مف ذلػػؾ وهػػو أف ّ‬
‫التغيػػر فػػي النظػػاـ اللغػػوي هػػو‬ ‫ّ‬
‫تغيػػر نػػوعي‬
‫نتاج صراع بيف القصدية واالعتبا وبيف العلـ والجهل فالصػراع بػػيف أوؿ طػػرفيف ينػػت عنػػه ّ‬
‫تغير كمي فاالعتبا له أثر سػػيء فػػي ّ‬
‫التغيػػر النػػوعي بينمػػا ال نجػػد اال‬ ‫وبيف الطرفيف اآلخريف ينت عنه ّ‬
‫افثر الحسف نوعا وكما للقصدية ‪.‬‬

‫فاالعتبػػا باعتبػػار أهػػـ م ػػتغل فػػي علػػـ اللغػػة وافدب حػػافظ علػػى اللغػػة مػػف الناحيػػة المميػػة فقػػط بوجػػه‬
‫الجهػػل الػػذي ال يحتػػاج االّ الػػى العػػدد افدنػػى مػػف افلفػػاز ولمنػػه أسػػاء الػػى نظػػاـ اللغػػة مػػف جهػػة النػػوع‬
‫باسػػتعماله التػرادؼ بطريقػػة تعسػػفية واعتباطيػػة كػػاف مػػف نتا(جهػػا علػػى منهجنػػا جميػػع الخنفػػات الفكريػػة‬
‫وضياع الحقا(ق بل وخلق الف(ات المتنافرة ومف ثـ الحروب الفعلية ‪.‬‬

‫فػػنحف ال نفصػػل مطلقػا بػػيف الوجػػو المتعػػددة لنعتبػػا ونعتبػػر منهجػا واحػػدا يعمػػل فػػي كافػػة الن ػػاطات‬
‫االجتماعية واالعتبا اللغوي هو أحد أسلحته الفتامة ‪.‬‬

‫إف امت اؼ الحركة العامة لألصوات وقيمتها المسبقة أدى الى تأميد وتوحيد القيمة المسبقة لمػػل تعاقػػب‬
‫وبالتالي فقد سقط الترادؼ والمجاز تلقا(يا ‪ .‬واذف فيتوجب اآلف التمييز بيف االستعماؿ القصدي للتعاقػػب‬
‫واالسػػتعماؿ االعتبػػاطي ‪ .‬ومػػع ذلػػؾ فأننػػا سػػنناقش موضػػوع التػرادؼ فػػي البحػػث النحػػق لنبػػرهف أف هػػذا‬
‫الموضوع ساقط عف االعتبار قبل ك ف أية قيمة مسبقة للتعاقبات ‪.‬‬

‫‪145‬‬
‫المبحث الثاني والع روف‬

‫إبطاؿ الترادؼ‬

‫الحظت في بحػػث سػػابق كيػػف أدت المسػػاواة بػػيف لفػػظ مسػػنوف ) و منػػتف ) الػػى ت ػػويه ِقصػػة خلػػق‬
‫ا نساف في القرآف بحيث أصبحت ت به افساطير وذلؾ في قا(مة ألفاز ِح ّمير ومرادفاتها مف لغة قريش‬
‫كل آية قرآنية وكل مقطع مف آية فليس بأيػػدينا اليػػوـ أي تفسػػير منهجػػي‬ ‫‪ .‬ومثل هذا التخريب تجد في ّ‬
‫للقرآف سوى التفسير االعتباطي ‪.‬‬

‫وال أريد الخوض فػػي مجػػادالتهـ عػػف التػرادؼ وحقيقتػػه فقػػد تمفػػل كتػػاب "اللغػػة الموحػػدة" بنسػػف موضػػوع‬
‫الترادؼ مف أصله بك فه عف قيمة افصوات ‪ .‬أريد فقط أف أُبيف وكما جرت العادة في هػػذا المػػنه بػػأف‬
‫معذور في إيمانه بالترادؼ ولو كانت القيمة السابقة لألصوات خافية لديه فف أبحاثه عف‬
‫ٍ‬ ‫غير‬
‫ُ‬ ‫االعتبا‬
‫الترادؼ ومسوغاته كانت متناقضة في ذاتها ‪.‬‬

‫ويكفي لفهـ هذ النقطة بصورة عامة أمػأػر واحػأػد وهػػو أف مبػػررات التػرادؼ هػػي عينهػػا مبػػررات اعتباطيػػة‬
‫ا ارة اللغوية واذف فسقو هذ عف االعتبار يعني سقو مبررات الترادؼ ‪.‬‬

‫وأما على التفصيل فقد ّادعت االعتباطية أف أدلة المنكريف للترادؼ تقوـ على التوقيف ) الذي يػراد بػػه‬
‫وقف اللفظ على معنى محدد وبالتالي فن ألفاز متعددة ت ػػير الػػى ذات المعنػػى وال لفػػظ واحػػد ي ػػير إلػػى‬
‫معاني متعددة فف ذلؾ بخنؼ الحكمة مف الوضع فمل لفظ موقوؼ على معنى واحد ‪.‬‬

‫وهذا كما ترى هو نفس فمرتنا القصدية القا(لة بوجود داللة واحدة لمل لفظ سػػوى أننػػا امت ػػفنا أف اللفػػظ‬
‫والدال لػػة ػػيء واحػػد لوجػػود القيمػػة المامنػػة فػػي افصػوات وتعاقباتهػػا وهػػو الػػذي جعػػل الفكػػر االعتبػػاطي‬
‫يسقط دفعة واحدة بكامله ‪.‬‬

‫أقػػوؿ أل زعػػـ االعتبػػا أف هػػذا الػػدليل ال يقػػوـ علػػى أسػػاس متػػيف بػػدعوى أف أصػػل اللغػػة ال زاؿ موضػػع‬
‫خنؼ بيف العلماء ‪ ،‬وثانيا فف الترادؼ ال يرجع الى أصل اللغة وانما المقصود به بعد ما تجاوزت اللغػػة‬
‫ذلؾ العهد وتطورت وتوسعت فصار الترادؼ ظاهرة لغوية قا(مة ‪.‬‬

‫الرداف سوية في النص التالي أل‬


‫وقد ظهر ّ‬
‫وأما قوؿ هؤالء بدفع جواز الترادؼ وانكار وذلؾ باعتبار أف اللغة توقيف وأف واضػػعها عػػز وجػػل حكػػيـ‬
‫عليـ ال يمكػػف أف يضػػع أمثػػر مػػف لفػػظ علػػى معنػػى واحػػد وهػػو أمػػر تجػ ّػل عنػػه اللغػػة فػ ف فػػي أصػػل اللغػػة‬
‫عدة ال يمكف القطع بأحدها وما تزاؿ موضػػع خػػنؼ بػػيف العلمػػاء ومثػػار قػػوؿ كثيػػر ‪ .‬فػػابف جّنػػي‬ ‫نظريات ّ‬
‫ن حيف عرض افقواؿ ب أنها تردد فيها ولـ يقطع ب يء ‪.‬‬ ‫مث ا‬

‫‪146‬‬
‫أما المحققوف مف المحدثيف فيستبعدوف هذ المسألة مػػف دا(ػػرة البحػػث اللغػػوي ويػػروف أف ال جػػدوى مػػف‬
‫البحػػث فيهػػا لعػػدـ تػػوّفر افدلػػة للبػػت فيهػػا والتصػػالها بالتػػاريخ البػػدا(ي للب ػػرية ‪ .‬ونحػػف ال ننظػػر الػػى‬
‫بالتوسػػع‬
‫ّ‬ ‫وتع َّهػػدها االسػػتعماؿ‬
‫الت ػرادؼ تبعػػا فصػػل اللغػػة ون ػػأتها وانمػػا بعػػد أف تجػػاوزت طػ ػػػور ن ػػأتها َ‬
‫التطور وصارت ظاهػػرة اجتماعية متطورة ‪.ٔ)..‬‬ ‫و ّ‬
‫وي مل ردنا القصدي على هذا الػػنص علػػى تنبيػػه القػػارئ المػػريـ أف هػػذا الػػنص هػػو نػػص اعتبػػاطي فػػي‬
‫منطقه وأغراضه ‪ .‬فاالعتباطية وكما أسلفت وكررت م ار ار تخلط اف ياء ببعضػػها وميزتهػػا افساسػػية أنهػػا‬
‫بن منطق وال أهداؼ ‪.‬‬

‫فننا نقوؿ أف علـ اللغة هو في افساس للبحث عف الداللة وأصل اللغة وداللتهػػا افصػػلية هػػي موضػػوع‬
‫علـ اللغة فميف نستمر في دراسة اللغة ونتجنػػب فػػي عػػيف الوقػػت هػػذ الدال لػػة بحجػػة أف هنػػاؾ نظريػػات‬
‫غير مقطوع بها ‪ ..‬فتلؾ النظريات إنما ظهرت كنتيجة للبحث عف الداللة وأقل ما يمكػػف أف يقػػاؿ منطقيػا‬
‫هو استمرار المناق ة عف افصل ليجد االعتبا بػػه مسػػوغا السػػتمرار بالحػػديث عػػف اللغػػة ػ أمػػا أف يريػػد‬
‫االستحواذ على الموضوع برمته وقطع المناق ة والبت بموضوع الداللة مف حيث ال يدري ما هػػي الدال لػػة‬
‫فذلؾ هو استبداد االعتباطية واستمبارها الذي ُعرفت به منذ القدـ‪.‬‬

‫لقد ّادعى النص أف ابف جّني ) وابف درستويه والعسػػكري وابػػف فػػارس كػػانوا مػػف القػػا(ليف بػػالتوقيف أو‬
‫كػػانوا ممػػف لػػـ يقطػػع ب ػػيء فػػي جػواز التػرادؼ وعدمػػه فاالعتبػػا يسػػتعمل سػػكوتهـ للبرهنػػة علػػى جػواز‬
‫التػرادؼ ػ بينمػػا سػػكوتهـ ال يعنػػي سػػوى اسػػتمرار الحػػوار ب ػػأف افصػػل وذلػػؾ إذا غضضػػنا الطػػرؼ عػػف‬
‫ميلهـ ) الى التوقيف أي الى القصدية في اللغة ‪.‬‬

‫فاالعتبا ال يكتفي بأفراد االعتبػػاطييف علػػى كثػػرتهـ وانمػػا يحػػاوؿ اسػػتعماؿ مقػوالت القصػػدييف لصػػالحه‬
‫يدعي أف الذيف يعارضونه على َّ‬
‫قلتهـ إنما يؤيدونه مف وجه آخر ‪.‬‬ ‫مثل أي جبار في افرض ّ‬

‫وأما ِّ‬
‫االدعاء اآلخر فهو اعتباطي أيض ا نصا وروحػا ف نػػه يػػزعـ أف التػرادؼ المقصػػود هػػو بعػػدما توسػػعت‬
‫اللغة وتطورت فمأنه يقوؿ أف اعتباطية ا ارة أصبحت واقعا مفروغا منه ‪ ،‬فحتى لو ثبت رأي المانعيف‬
‫مػػف التػرادؼ علػػى أصػػل اللغػػة فعلػػيهـ أف يتنكػػروا لهػػذ الحقيقػػة ويكونػوا اعتبػػاطييف لضػػياع هػػذا افصػػل‬
‫وغياب القصدية فيه !‬

‫والحجة في ذلؾ هو عدـ توفر افدلة للبت في أصل اللغة التصالها بالتاريخ البدا(ي القديـ ) ‪.‬‬

‫ترى ما الفا(دة مف ذكر هذ الحجػػة والػػنص يػػرفض ا ذعػػاف فصػػل اللغػػة حتػػى لػػو ثبػػت فيهػػا عػػدـ جػواز‬
‫الترادؼ ؟‬

‫ٔ الترادؼ في اللغة ػ حامـ مالؾ ‪. ٕٓٙ /‬‬

‫‪147‬‬
‫كمػػا تنحػػظ فػػأني أقػػوـ بتفكيػػؾ عبػػارات اللغػػو االعتبػػاطي ) ُبػ ِّػيف لػػؾ نموذجػػا مػػف نمػػاذج نصوصػػه‬
‫المعاصرة ولترى بعينؾ االعتبا في المنطق العػػاـ ال فػػي ا ػػارة اللغويػػة وحػػدها ػ فف اعتباطيػػة ا ػػارة‬
‫يقود الى اعتبا فمري عاـ ال محالة ػ فمل صفحة مف المتػػب المعاصػػرة والقديمػػة لنعتبػػا تتصػػف بهػػذ‬
‫الصفة الم تركة ‪.‬‬

‫ومػػف جهػػة أخػػرى أهمػػل االعتبػػا النظػػر فػػي تػػاريخ النظػػاـ المتػػابي وتطػػور المتابػػة وتأثرهػػا فػػي ترسػػيخ‬
‫الترادؼ خنفا لألصل ‪.‬‬

‫فاالعتبا يتغاضى عف افبحاث اآلثارية والحقا(ق العلمية فنه ال يجػػد فيهػػا بغيتػػه ػ فهػػو يػػدعي زو ار أف‬
‫ذلؾ التاريخ البعيد ال يعطي أية معلومات عف أصل اللغة ‪.‬‬

‫فهذا جورج كونتينو ) ػ اآلثاري الفرنسي ػ فػػي كتابػػه الحيػػاة اليوميػػة لػػبند بابػػل وآ ػػور ) ػ يخصػػص‬
‫موضوعا لتطور المتابة مف حالتها المصورة الى المقطعية ويظهر فيها وبصورة جلية افثر ّ‬
‫السيّ الذي‬
‫تركته المتابة على الداللة ػ بل يظهر منه أف الترادؼ حدث بسبب م كلة العنمات المتابية ‪ .‬قاؿ أل‬

‫القى هذا التبديل عونا كبي ار مف التغيير افساسي فػػي المتابػػة وكمػػا قلنػػا فػػاف العنمػػة كانػػت تمثػػل فػػي‬
‫افصل ي(ا واحدا ولـ تمف هناؾ طريقة للتعبير عف اففعاؿ والصفات والضما(ر وتصريفات افسماء كما‬
‫لـ تمف هناؾ إمكانية نجاز مثل هذ افمػػور دوف وجػػود نػػوع مػػف االتفػػاؽ العػػاـ بػػيف المتبػػة الػػذيف كػػاف‬
‫ب مكانهـ إضافة معاني ثانوية الى العنمات ‪.‬‬

‫ن صورة الحصاف كانت تق أر ػ حصاف ػ ف ف الصورة إياهػػا يمكػػف أف تعطػػي معنػػى ػ السػػرعة أو الحركػػة‬
‫فمث ا‬
‫أو المسافة التي ي ملها السفرٔ‪.‬‬

‫لـ يكػػف هػػذ ا العػػالـ اآلثػػاري يقصػػد تفسػػير التػرادؼ مطلقػا وانمػػا جػػاء هػػذا الػػنص عرضػا خػػنؿ بحثػػه عػػف‬
‫تطور المتابة وم ػػاملها ولمنػػه كمػػا تػػرى مخػػالف العتباطيػػة دي سوسػػر وأتباعػػه ‪ .‬فالعنمػػة كانػػت ت ػػير‬
‫الى يء واحد في افصل في نظاـ المتابة كما يقوؿ النص وهػػذا غيػػر ممكػػف أبػػدا االّ إذا كانػػت العنمػػة‬
‫ت ير الى ذلؾ ال يء عينه في الواقع ػ ولو كانت هناؾ مترادفات في افصل لظهرت الم كلة منػػذ البػػدء‬
‫ارة الى اففعاؿ وبقية التصاريف ومعلوـ أف ذلػػؾ سػػينعكس‬ ‫إنما ظهر الترادؼ فوؿ مرة ليحل م كلة ا‬
‫بالتدري على الداللة حينما تحولت المتابة الى صورتها المقطعية ومف ثـ الى المسمارية وبخاصػػة وهػػو‬
‫يعتبػػر الم ّتػػاب ) نخبػػة المجتمػػع القػػديـ بحيػػث أف آ ػػور بانيبػػاؿ ) ػ فػػي إحػػدى سػػجنته االفتخاريػػة‬
‫يفتخر أنه يتقف المتابة اتقانا تامإ‪.‬‬

‫الموحػػدة موضػػوع العنقػػة بػػيف تعػػدد‬


‫ّ‬ ‫لقػػد عثرنػػا علػػى نصػػوص كونتينػػو ) هػػذ بعػػدما أمػػدنا فػػي اللغػػة‬
‫المعػػاني للمفػػردة وتعػػدد المفػػردات للمعنػػى الواحػػد واعتبرنػػا الظػػاهرتيف مػػف من ػػأ واحػ ٍػد وت ػ ّػكنف م ػػكل اة‬

‫ٔ الحياة اليومية لبند بابل وآ ور ‪ /‬جورج كونتينو ػ ٖٓٔ ‪.‬‬


‫ٕ الحياة اليومية لبند بابل وآ ور ‪ /‬جورج كونتينو ػ ٖٓٓ ‪.‬‬

‫‪148‬‬
‫واحد اة في افصػػل وأنهمػػا مػػف المقبػػوؿ بػػل الواجػػب اعتبارهمػػا م ػػكلة واحػػدة حػػدثت بسػػبب أنظمػػة كتابيػػة‬
‫معقدة خنؿ حقب التاريخ أو لجهل وضػػياع الدال لػػة مػػف خػػنؿ تفػػرؽ واجتمػػاع افقػواـ وخػػنؿ الترجمػػة ‪.‬‬
‫وها نحف اليوـ نعثر على نص آخر قريب لمونتينو يؤكد الظاهرتيف حيث قاؿ أل‬

‫ونتيجة لذلؾ فاف عنمة أو رمز مفرد يمكف أف يكوف لها أو له في هذ المرحلػػة عػػدة معػػاني ‪ .‬وعلػػى‬
‫نقيض هذا نجد أف معنى واحد يمكف أف يكوف له عدد مف العنمات ‪ .‬وهكذا أصبحت المجموعة بأمملها‬
‫مف اختصاص الخبراء وتحولػػت الػػى مهػػارة علميػػة راقيػػة و ػػديدة التعقيػػد الػػى درجػػة أف الرجػػل العػػادي ال‬
‫يمكف أف يدركها )ٔ‪.‬‬

‫أقوؿ إف هذا الحاؿ هو حاؿ اللغة اليوـ ػ ولمف أليس مف الغريب أف يكوف هػػذا هػػو حػػاؿ اللغػػة اليػػوـ ػ ال‬
‫المتابة ػ مع أف المتابة أصبحت ميسورة للجميع بفضل التحوؿ الى رمػػوز لألصػوات نفسػػها الحػػروؼ )‬
‫بد اال مف افلفاز ؟‬

‫فبمػػاذا تجيػػب االعتباطيػػة علػػى م ػػكلة االنفصػػاؿ بػػيف الجماعػػة وادراؾ اللغػػة وبقػػاء علػػـ اللغػػة موضػػوعا‬
‫خاصا ػ ومع ذلؾ يختلف حوله وفيه المختصوف اختنفا ديدا ؟‬

‫ارة قد استمر الى اليوـ ولػػـ يػػتمكف الرمػػز المتػػابي الجديػػد مػػف إنقػػاذ‬ ‫ذلؾ فف غياب الداللة القصدية ل‬
‫الداللة ولمنه تمكػػف فقػػط مػػف تثبيػػت االعتبػػا فػػي االسػػتعماؿ إلػػى حػػدود التػػي بلغهػػا ػ أمػػا التػرادؼ فهػػو‬
‫اعتبا تفسيري ال لغوي فالناس يدركوف جيدا الفرؽ بيف المترادفات والتػػي يػ ّػدعي االعتبػػا تسػػاويها فػػي‬
‫الداللة ‪.‬‬

‫إ كاالت االعتبا حوؿ إنكار الترادؼ أل‬


‫ومف اال ياء التي آثارها االعتبا واعتبرها حجة على وقوع الترادؼ ننحظ ما يلي أل‬

‫ٔ‪ .‬إف حجػػة المنكػػريف للت ػرادؼ القا(مػػة علػػى العقػػل والحكمػػة نػػرى فيهػػا نظػػرة منطقيػػة محضػػة وحجػػة‬
‫عقلية بحتة مبعثها القوؿ بالتوقيف ‪ .‬وافخػػذ بػػالمنطق العقلػػي والحكمػة فػػي النظػػر الػػى الظػواهر اللغويػػة‬
‫فيه إجحاؼ وبعد عف طبيعة اللغة ‪ ...‬فاللغة في كثير مف جوانبها لهػػا منطقهػػا الخػػاص الػػذي يبػػدو فػػي‬
‫امثر افحياف على جانب كبير مف الغرابة )ٕ‪.‬‬

‫لقد بلغت الجرأة باالعتبا أف يجعل االعتبا ) أمػ ار منطقيػا وأف المنطػػق والحكمػػة إجحػػاؼ بحػػق اللغػػة‬
‫وبعد عف طبيعتها !‬

‫ولؾ أف تسأؿ إذا كاف افمر كذلؾ فما هو الضابط لعلػػـ اللغػػة وكيػػف يمكػػف لنعتبػػا نفسػػه إثبػػات ػػيء‬
‫ما دامت اللغة ال تمت بطبيعتها الى أي منطق ؟‬

‫ٔ نفس المصدر ‪. ٖٔٔ /‬‬


‫ٕ الترادؼ ‪. ٕٓٚ /‬‬

‫‪149‬‬
‫بػػل مػػا هػػو المبػػرر إذف لضػػبط حركػ ٍة ال تنضػػبط ؟ ومػػا هػػو المبػػرر ّ‬
‫لتعقػػل مػػا ال يعقػػل ؟ ومػػا هػػو المبػػرر‬
‫لتقعيد ما ال تضبطه قاعدة ؟ ‪.‬‬

‫إنه هنا ينقل عبارات دي سوسر القا(لة أف اللغة نظػػاـ المنطقػػي ) وقػػد ذكرنػػا أمثػػر مػػف مػرة أف العبػػارة‬
‫نفسها "المنطقية" فنها تجمع بيف مفردتي نظاـ ) الذي يعني وجود منطق على نحو ما وبيف الوصف‬
‫المنطقػػي ) فػػي حيلػػة مػػامرة مك ػػوفة لتبريػػر اال ػػتغاؿ بعل ػـ اللغػػة مػػف حيػػث أف النمنطػػق ) الػػذي‬
‫يدعونه في اللغة يوجب عدـ اال تغاؿ بها !! ‪.‬‬
‫ّ‬
‫فهل تجعل عبارة منطق يتسـ بالغرابة ) أو عبارات دي سوسر مثل وهذا افمر المتناقض في اللغة )‬
‫ػ هل تجعل تلؾ العبارات اللغة منطقية أـ أنها وصف للغة ؟‬

‫إذا كانوا صادقيف في وصف اللغة بهذا الوصف فعليهـ التخّلي فو ار عػػف قػػوؿ أي ػػيء فػػي اللغػػة وتػػرؾ‬
‫ػل مػػا كتبػػه االعتبػػا عػػف علػػـ اللغػػة هػػو‬
‫أي بحػػث فالقصػػدية تلػػزمهـ بهػػذا االعت ػراؼ وتعلػػف للمػػأل أف كػ ّ‬
‫محض هراء ب قرار مف االعتبا نفسه ػ لعلهـ يريحوا ويستريحوا ‪.‬‬

‫ٕ‪ .‬قاؿ أيضا أل‬

‫لو كاف منطق اللغة كمنطق العقل لوجب االّ يكوف للفظ الواحد سوى معنى واحد)ٔ‪.‬‬

‫أقوؿ أل هذا هو موضوع البحث هل للفظ الواحد معنى واحد على افصل أـ كثػػرة ؟ فػػن يمكػػف اسػػتعماؿ‬
‫فػػرض اعتبػػاطي ) يقػػوؿ بتعػػدد الدال لػػة برهانػا علػػى ال منطقيػػة اللغػػة ‪ .‬بػػل االعتبػػا هػػو النمنطقػػي وهػػو‬
‫يسمي هذ العملية فػػي جدالػػه بالمصػػادرة علػػى المطلػػوب ) أو الػػدور ) ولمنػػه يسػػتعملها دومػا خنفػا‬
‫فسسه المنطقية ‪.‬‬

‫ٖ‪ .‬وقاؿ أيضا أل‬

‫واذ ينكر هؤالء الترادؼ نجدهـ يرووف طا(فة مف افلفاز المختلفة ويذكروف أنها بمعنى واحد ‪ ...‬وهو‬
‫يدؿ على عجزهـ عف بياف الفروؽ ‪ ...‬ثـ قاؿ أل وفي مسلؾ هػؤالء تسػػليـ بػػالواقع اللغػػوي وهػػو مػػا يعػػزز‬
‫حد كبير )ٕ ‪.‬‬
‫مذهب القا(ليف بالترادؼ الى ٍّ‬
‫أقػػوؿ أل قػػد أوضػػحت سػػابق ا مغالطػػات االعتبػػا وخلطػػه بػػيف موضػػوع البحػػث ػ ودال لػػة المفػػردة وبػػيف‬
‫االستعماؿ الخارجي على اهد وحيد أو مبتدع أو مكذوب أو موضوع غراض البحث ٖ‪.‬‬

‫ٔ الترادؼ ػ ‪. ٕٓٚ‬‬
‫ٕ الترادؼ ػ ‪.ٕٜٓ‬‬
‫ٖ راجع هذا الخلط في المبحث العا ر مف هذا المتاب‪.‬‬

‫‪150‬‬
‫وأما عدـ التفريق فقد أ ار الماتب وغير الى أنهػػـ اعترفػوا بػػأف الفػػروؽ قػػد تمػػوف مجهولػػة وهػػذا مػػرتبط‬
‫باالستعماؿ ‪ .‬إنما موضوع علـ اللغة هػػو بيػػاف قيمػػة اللفػػظ الدالليػػة ليكػػوف رقيبػا علػػى االسػػتعماؿ فلمػػاذا‬
‫أثنى االعتبا على علماء عرب اهتموا بما يجػػوز ومػػا ال يجػػوز إذا كػػاف االسػػتعماؿ هػػو المصػػدر الوحيػػد‬
‫ل لداللة ؟ ومف هو الػػذي يقػػدر علػػى رد عبػػارة يقولهػػا أي قا(ػػل ويتعمػػد ) فيهػػا اسػػتعماؿ الدال لػػة بصػػورة‬
‫ع وا(ية ؟ ‪.‬إذ كػ ّػل عبػػارة تقػػاؿ سػػتموف مػػف االسػػتعماؿ ) ولػػذلؾ قلنػػا مػ ار ار ال يحػػق للقا(ػػل بػػالترادؼ أف‬
‫يزيد ي(ا على هذ العبارة ويتوجب عليه بعدها الصمت مطلقا وال يسمح لنفسه في إجػراء أي بحػػث فػػي‬
‫اللغة ليبقى منطقيا ) بالحد افدنى ‪.‬‬

‫ٗ‪ .‬وقاؿ أيضا أل وتنبه حمزة افصفهاني الى هذ الحقيقة ووجػػه قػػوؿ المنكػػريف للتػرادؼ توجيهػا سػػديدا‬
‫حيف قاؿ أل " وينبغي حمل مف منع على منعه في لغة واحدة فأمػػا فػػي لغتػػيف فػػن ينكػػر عاقػػل " ) ‪ .‬ثػػـ‬
‫قاؿ أل‬

‫على أننا ال ننفي الترادؼ في لهجة واحدة البتة )ٔ‪.‬‬

‫أقػػوؿ يقصػػد بػػالترادؼ مػػف لغتػػيف ػ ترجمػػة المفػػردة الػػى مػػا يقابلهػػا وقػػد برهنػػا فػػي اللغػػة الموحػػدة أف لمػػل‬
‫تعاقب صوتي قيمته الخاصة به ولذلؾ فػػن يقػػع التػرادؼ فػػي جميػػع اللغػػات فػػي العػػالـ بػػل هػػو محػػاؿ فػػي‬
‫ذاته أما أف يكػػوف فػػي اللهجػػة الواحػػدة ) حسػػب مػػا قػػاؿ الماتػػب فقػػد أعجبػػه السػػير فػػي االعتبػػا قػػدما‬
‫ففاؽ افوليف وأراد أف يسبق اآلخريف ‪.‬‬

‫ٔ الترادؼ ػ ‪. ٕٓٛ‬‬

‫‪151‬‬
‫القسـ الثاني‬

‫إبطاؿ بنغة الجرجاني‬

‫مناق ة كتاب‬

‫أسرار البنغة )‬

‫‪152‬‬
‫يتغيػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػر اسػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػلوب‬
‫ّ‬ ‫تنبيػػػػػػػػػه ‪..‬‬
‫المناق ػػة هنػػا عمػػا مػ ّػر سػػابقا حيػػث ي ّتسػػـ بالقسػػوة واسػػتعماؿ مفػػردات هجوميػػة لسػػببيف افوؿ أل أننػػا‬
‫سنبرهف إف اء ى أف الرجل كانت له غايػ أة مػػف تػػأليف دال (ػػل افعجػػاز ) هػػي عكػػس مػػا فػػي العنػواف‬
‫لتنكػػر للمسػػلمات اللغويػػة والعرفيػػة خدمػػة فغ ػراض‬
‫فهػػو يسػػتحق فػػي المناق ػػة مػػف افسػػاليب أقسػػاها ّ‬
‫ات قاسية واستعمل ألفاظا نابي اة واتهمها بأمثر ممػػا‬ ‫االعتباطية وثانيا أنه بدأ بالهجوـ على القصدية بعبار ٍ‬
‫تجد في هذ الصفحات مف كنمنا وهو ما ذكرنا بعضه هنا تنبيها للقارئ الى أننا ال نفعل اال ما اُمرنا أل‬
‫‪ ‬واف عاقبتـ فعاقبوا بمثل ما عوقبتـ به ‪ / ..‬النحل ‪ ٕٔٙ -‬وال حوؿ وال قوؿ اال باهلل ‪.‬‬

‫‪153‬‬
‫ٔ‪ -‬بنغة الجرجاني‬

‫مقدمػػػػػػة‬
‫لسػػنا بحاجػػة الػػى التعريػػف بالجرجػػاني عبػػد القػػاهر الػػذي أضػػيف الػػى اسػػمه لقػػب ا مػػاـ ) ‪ ،‬فقػػد اجمػػع‬
‫المتػػأخروف والسػػابقوف ممػػف جػػاء بعػػد ‪ ،‬فػػي ػػرؽ افمػػة وغربهػػا علػػى أنػػه إمػػاـ هػػذا الفػػف ‪ ،‬ور(يسػػه‬
‫يذكر قبل الجرجاني وليست البنغػػة‬ ‫وموضح مسالمه ‪ .‬فليس للبياف مف علـ ُ‬ ‫ّ‬ ‫والمب ِّ ر به وواضع أسسه‬
‫ي(ا معلوما قبل أف يوضح الجرجاني مسالمها وطرقها وأنواعها فهو واضع أسس هذا العلـ بن منازع ‪.‬‬

‫كل مف جاء بعد ‪ ،‬وأصبحت محػػط أنظػػار‬ ‫وتعد ُكتبه في هذا ال أف دستور البنغة افوؿ الذي أخذ منه ّ‬ ‫ّ‬
‫الدارسيف لعلوـ اللغة والقرآف والتفسػػير والفقػػه وافدب والنقػػد افدبػػي و ػّػراح دواويػػف ال ػػعر وغيػػرهـ ممػػف‬
‫يتعاطى العلوـ الدينية وا نسانية وال تجد أحدا في هذ المياديف ال يعرؼ مف هػػو عبػػد القػػاهر الجرجػػاني‬
‫صػػاحب أعظػػـ ) كتػػابيف فػػي البنغػػة أس ػرار البنغػػة ) و دال (ػػل افعجػػاز ) ‪ ،‬وال فػػرؽ فػػي كػػونهـ‬
‫قػػدامى أو محػػدثيف ‪ ،‬فقه ػػاء أو مفسػػريف ‪ ،‬ػػعراء أو نقػػاد ‪ ،‬كت ػػػّاب أو مثقفػػيف وم ػػف جميػػع الم ػػذاهب‬
‫والم ارب ‪ .‬فافزهر والقيرواف ومكة والمدينػػة تػ ّػدرس الجرجػػاني كمػػا ّ‬
‫تدرسػػه النجػػف وكػػربنء وبغػػداد وقػػـ‬
‫ودلهي واستانبوؿ ‪.‬‬

‫ذلؾ أف الجرجاني خرج مف دا(رة الصراع المػػذهبي الضػّػيق مػػف البػػاب الخلفػػي الػػى دا(ػػرة الصػراع افممػػي‬
‫محػػاوالا تأسػػيس البنغػػة وعلػػـ البيػػاف واظهػػار كنػػوز القػرآف وأسػرار وجمػػاؿ افدب عمومػا وفػػق مقػػاييس‬
‫ومعايير لغوية وتركيبية لـ يسبقه أحد في ك فها فأظهر محاسف اللغة وفػّػرؽ بػػيف مػػا هػػو حسػػف وقبػػيح‬
‫فػػي اسػػتعمالها ووضػػع فمػػرة الػػنظـ القرآنػػي وفسػػر سػػحر القػرآف وجمالػػه بك ػػفه عػػف اسػػتعاراته وكناياتػػه‬
‫فاحبه الجميع لهذا وأخػػذ عنػػه هػػذا الجميػػع ‪ .‬واف كػػاف تنمذتػػه ومػػف‬ ‫ورموز وا اراته وأمثاله وت بيهاته ّ‬
‫ن عف بعض تلؾ القواعد االّ أنهـ يعػ ّػدوف عاّلػػػة عليػػه فمػػا تعّلػػـ أحػػد هػػذا الفػػف‬
‫جاء بعدهـ قد انحرفوا قلي ا‬
‫اال على يديه ‪.‬‬

‫ولما كاف المنه اللفظي قػػد أنكػػر المجػػاز واالسػػتعارة فػػي كتػػاب ى كا ػػفا عػػف النظػػاـ القرآنػػي ‪ ،‬وخػػالف‬
‫ّ‬
‫بذلؾ ما أجمعت عليه افمة اللغوية كافة ‪ .‬وجاء بأمر جديد على بعض القلوب ديد ‪ ،‬فقد ارتأى بعض‬
‫افخػواف اقػػتنع الفسػػاد مػػف جػػذر أو اجتثاثػػه مػػف أصػػله ‪ ،‬نهػػاؾ فرعػػه وبتػػر نسػػله وأبػػادة خيلػػه ورجلػػه‬
‫وك ف حبا(له ومكر وذلؾ ب خضاع هذيف المتابيف لقواعد هذا المنه ومحاممتهما وفػػق النظػػاـ القرآنػػي‬
‫والمذهب القصدي للغة الذي خالف االعتباطية مف خنؿ تحديد قيمة مسبقة لألصوات وافلفازٔ‪.‬‬

‫فالجرجػػاني هػػو حقػػ ا واضػػع هػػذا الفػػف ومؤسسػػه ويػػ ار المػػنه أوؿ مػػف أدخػػل كػػنـ الخػػالق مػػع كػػنـ‬
‫المخلوقيف فػػي نفػػس العبػػارة وأ ػػار إليهمػػا بػػنفس ا ػػارة ووصػػمهما بػػنفس المنايػػة أو االسػػتعارة وأجػػرى‬

‫ٔ ظهر ذلؾ في كتابي النظاـ القرآني ػ مقدمة في المنه اللفظي ) و اللغة الموحدة ) للمؤلف ‪.‬‬
‫ْ‬

‫‪154‬‬
‫عليهما معا تقسيمه و ملهما بػػنفس القواعػػد لمحاسػػف المػػنـ وسػػقيمه حتػػى صػػار يخػػرج مػػف اآليػػة الػػى‬
‫ال عر ومف قوؿ الجاحظ الى اآلية بن حرج مذكور ‪ ،‬فانخدع بمكيدته علماء افمة طواؿ العصور ‪.‬‬

‫القراء‬
‫ٕ‪ .‬التأثيرات النفسية للجرجاني على ّ‬

‫ال تحسب أخي القارئ أف الباحث في هذا المنه محبا للسجع مف هذ المقدمة ! لمػػف جػػرى القلػػـ بػػذلؾ‬
‫ػلوبه فػػي المػػنـ فػػأراد أف ينقلػػؾ الػػى تلػػؾ‬
‫ربمػػا ف نػػه عػػاش لحظػػات وهػػو يتصػػفح بنغػػة الجرجػػاني وأسػ ُ‬
‫افجواء ‪ .‬فتلؾ افجواء كانت م حونة بالمنـ المنمق وافلفاز والتراميب ال ديدة الجرس الفارغة المعنى‬
‫والمبػػاراة بػػيف أول(ػػؾ المتحػػذلقيف فػػي فػػف النثػػر والمتابػػة ومنادمػػة الخلفػػاء أو الخطابػػة جاريػػة فػػي الحلبػػة‬
‫على قدـ وساؽ ‪.‬‬

‫لمػػف الجرجػػاني تخلػػص مػػف هػػذ التهمػػة بلباقػػة حينمػػا قػ ّػدـ لػػؾ ابتػػداءا طبقػا مػػف افلفػػاز واالسػػتعماالت‬
‫الجوفاء في مقارنات جميلة لفتح هيتؾ لقبوؿ بنغته خ ية أف يغص النهـ بتعبيػػر قرآنػػي أل ال يػػأتي‬
‫دسػػه لػػؾ وسػػط صػػحف ملػػيء بمػػا ل ػ ّذ وطػػاب مػػف أصػػناؼ ال ػػعر‬‫الجػػف واف نػػس ولػػو تظػػاهروا بمثلػػه ) ّ‬
‫الجػػاهلي وا سػػنمي وافمػػوي والعباسػػي وقػػد ّ‬
‫زينػػت حا ػػيته بػػألواف مختلفػػة مػػف افقػواؿ المػػأثورة للسػػلف‬
‫ومطعـ بأحاديث نبوية ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الصالح والطالح تتخلّله أقواؿ مأثورة لعهد ما قبل الصحابة‬

‫وكػػاف فػػي الحسػػباف أف المػػرء إذا ازدرد مقطعػ ا مػػف اآليػػة القرآنيػػة مػػع مػػا يػػزدرد وهػػو بعػػد لػػـ يػػزؿ جا(عػا‬
‫و رب عليه حديثا نبويػا فمػػف المؤمػػل أف يػػزدرد فػػي الوجبػػات النحقػػة أطباقػا مػػف التراميػػب القرآنيػػة ولػػو‬
‫يفرؽ بعػػد لنعتيػػاد عليهمػػا بػػيف‬ ‫كانت خالصة ‪ ،‬باعتبار أف الفـ الذي يتذوؽ المجاز واالستعارة فانه لف ّ‬
‫مػػا يقولػػه الملػػؾ الضػػليل ومػػا يقولػػه الملػػؾ الجليػػل ‪ ،‬إذا كػػاف حكمهمػػا فػػي مطعػػـ خػػاف البنغػػة واح ػدا ‪،‬‬
‫ووضعا في قا(مة أسعار افمنت البديعة سوية ‪.‬‬

‫يزكيػػه مثلمػػا ال‬


‫إنمػػا حسػػابه عنػػد ربػػه ) وال يقػػدر أف ّ‬ ‫وال أف للمنه اللفظي بصػػاحب المطعػػـ ونوايػػا‬
‫يبريػػه ومػػا كػػاف ليػػدخل المطعػػـ ليأمػػل فهػػو ال ي ػػعر بجػػوع لتلػػؾ اف مػػنت ‪ ،‬وانمػػا أراد إج ػراء‬
‫يقػػدر أف ّ‬
‫ن ػػدة الزحػػاـ ‪ ،‬واضػػطرار النػػاس الػػى‬ ‫ػحي لهػػذ افطعمػػة مسػػت ّغ ا‬
‫الفحػػص الطبػػي ) واظهػػار البيػػاف الصػ ّ‬
‫المضغ وهـ قياـ وهو ال يدري بعد ماذا يصنع بالنفتة وكيف يعلقهػػا وأيػػف ‪ ،‬وهػػل يرفػػع الجيػػاع رؤوسػػهـ‬
‫إحذروا … الطعاـ مسموـ ! ) ‪.‬‬ ‫ليقرأوها أـ ال ‪ ! ...‬؟ النفتة التي تقوؿ أل‬

‫قاؿ الرسوؿ ص) أل‬

‫رب حامل فقه وما هو بفقيه َّ‬


‫ورب حامل فقه الى مف هو أفقػػػػه منه ) ‪.‬‬ ‫‪َّ ..‬‬

‫‪155‬‬
‫وتمػػر ع ػػر صػػفحات ولػػيس فيػػه ػػاهد مػػف كػػنـ الػػوحي االّ حػػديثا واحػػدا للنبػػي ص)‪ .‬ثػػـ تمػػر أربعػػوف‬
‫صفحة قبل أف يأتيؾ ب اهد قرآني يرمي به اهدا آخر مف غير أف ّ‬
‫يوضح افوؿ أو يذكر نػػص الثػػاني!‬
‫‪.‬‬

‫وعلى النحو آالتي أل‬

‫ثػػـ انظػػروا فػػي مخػػرج قولػػه تعػػالى ولتصػػنع علػػى عينػػي ‪ .‬واصػػنع الفلػػؾ بأعيننػػا ) فلػػـ يجػػدوا للفظػػة‬
‫العػػيف مػػا يتناولػػه علػػى حػػد تنػػاوؿ النػػور مػػثن للهػػدى والبيػػاف ‪ ،‬ارتبكػوا فػػي ال ػػؾ وحػػاموا حػػوؿ الظػػاهر‬
‫وحملوا أنفسهـ على لزومه حتى يفضي بهػػـ الػػى الضػػنؿ البعيػػد وارتمػػاب مػػا يقػػدح فػػي التوحيػػد ‪! ) . .‬‬
‫مهد لألمر ببطء ديد لـ يظهر بنغػػة ) الػػنص افوؿ للت ػػويق والمػػح الػػى نػػص لػػـ يػػذكر آمػ ا‬
‫ن‬ ‫وهكذا ّ‬
‫في أف يأتيؾ به بعػػد حػػيف ‪ ،‬كمػػف يمػّػرر مػػف أنفػػؾ را(حػػة ال ػواء ّ‬
‫ليرغػػب فمػػؾ ومعػػدتؾ فػػي اللحػػـ ‪ ..‬مػػع‬
‫وك ػ ػػل ذل ػ ػػؾ‬ ‫يء مف التهديد والترهيب مف الضنؿ أو القدح في التوحيد ! ‪.‬‬
‫عامة مف اف عار وافقواؿ ػ فراجع كتابه وليكف بيف يديؾ وأنت تطػػالع مػػا نػػذكر لػػؾ‬ ‫في ح د مف واهد ّ‬
‫مػػف نمػػاذج لتجػػري علػػى مػػا بقػػى منهػػا الحكػػـ الػػذي تدلػػػّؾ عليػػه هػػذ افوراؽ ‪ .‬وتمػػر خمسػػة وأربعػػوف‬
‫مزؽ ) ‪ ..‬تمهيدا لوضع ومزقناهـ كػ ّػل ممػ ّػزؽ ) فػػي‬‫ق ) ‪ ،‬تمهيدا لقبوؿ ّ‬ ‫ّ‬ ‫صفحة ‪ ..‬فيعطيؾ لفظ‬
‫طبػػق فيػػه قػػوؿ ال ػػاعر أل صػػفاة الهػػدى مػػف أف تػّػرؽ فتحرقػػا ) وقػػوؿ القا(ػػل خػػرؽ الح ػػمة ) وقػػوؿ‬
‫القا(ل ت قق الثوب ) بعد مقدمة عف استعارة الصفاة رغـ صنبتها لمػػا يػػرؽ ويخػػرؽ كػػالثوب ‪ ..‬وانػػت‬
‫مزقناهـ ) استعارة مف تمزيق الثوب ) مع حذر ػػديد‬ ‫اآلف قد تهيأت نفسيا وروحيا لقبوؿ فمرة أل أف ّ‬
‫هو قوله أنه راجع الى الحقيقػػة مػػف حيػػث أنػػه تفريػػق علػػى كػ ّػل حػػاؿ ) ‪ ..‬فاسػػأله إذف أل إذا كػػاف راجعػا‬
‫كل حاؿ فف التمزيق تفريق االّ أنهػػـ ّ‬
‫خصػوا مػػا كػػاف مثػػل الثػػوب بػػالتمزيق ) علػػى حػػد‬ ‫الى الحقيقة في ّ‬
‫خصوا ) هذا بهذا وأنت البادئ بالتأسيس ؟‬ ‫ّ‬ ‫عبارته فلماذا إذف االستعارة ومف هـ الذي‬
‫وبهذا الحػػذر ال ػػديد ‪ ..‬أرادؾ أف تعبػػر‬
‫طعنػػػاهـ فػػػي افرض أّممػػػا ) مػػػا داـ‬
‫وق ّ‬ ‫أو يعبر إليؾ أل‬
‫تقطيع ) ‪. ! ..‬‬ ‫التمػػػػػزيق في الحقيقة تفريق والتفريق في الحقيقة‬
‫وتلػػؾ لعمػػري أوؿ وجبػػة دسػػمة جػػدا ومنقوعػػة‬
‫يقدمها الجرجاني للزبا(ف ‪ ،‬أملوها ‪ ،‬بل ربوها مف غير أف ي عروا ‪.‬‬
‫بالسموـ ّ‬

‫‪156‬‬
‫ٖ‪ .‬اعتباطية الجرجاني في رح التمزيق والتفريق‬

‫ومزقناهـ كػ ّػل ممػػزؽ ) أل ُيعػ ّػد اسػػتعارة مػػف حيػػث أف التمزيػػق للثػػوب فػػي أصػػل اللغػػة !‬
‫ّ‬ ‫قاؿ الجرجاني أل‬
‫وتمزيق الثوب تفريق بعضه عف بعض ‪ .‬وقاؿ أل وقطعناهـ في افرض أمما ) أل ِ به استعارة ولو كػػاف‬
‫المعنى في الموضعيف على إزالة االجتماع ونفيه ‪.‬‬

‫فهذا التمزيق ) في أصل اللغة للثوب فلمف التقطيع في أصل اللغة ؟ لـ يخبرنا الجرجػػاني ولمػػاذا صػػار‬
‫التقطيع هو اآلخر استعارة ؟‬

‫هػػو قػػاؿ أل أف التمزيػػق والتقطيػػع تفريػػق ) ‪ ،‬فلمػػاذا يكػػوف التمزيػػق اسػػتعارة إذا قصػػد بػػه تمزيػػق قػػوـ‬
‫ومعنا تفريق ؟ ومف هو الذي ّحدد أف التمزيق في افصل للثوب ؟ ماذا يقترح أف نضع بدؿ ّ‬
‫مزقناهـ‬
‫طعنػػاهـ ) علػػى افصػػل ليفيػػد المعنػػى المػػذكور فػػي كليهمػػا علػػى الحقيقػػة تخلصػا مػػف المجػػاز ؟‬
‫)و قّ‬
‫أيضع ّفرقناهـ ) بدالا عنهما جميع ا ؟‬

‫في هذا الحاؿ تصح افلفاز الثنثة سواء إذا آمػػف بصػػحة المعنػػى أو إذا آمػػف أف المعنػػى صػػحيح علػػى‬
‫االسػػتعارة فقػػط ‪ .‬فمػػا اللفػػظ المن (ػػـ إذا لػػـ يرغػػب المػػرء بتركيػػب هػػذا المعنػػى علػػى االسػػتعارة وأراد علػػى‬
‫الحقيقة ؟ حسنا ‪ .‬لنحاوؿ فهـ ما يقوله الجرجاني وال نعجل فػػي الحكػػـ أل أيقػػوؿ أف التحقيػػق وفرّقنػػاهـ‬
‫مفرؽ ) هو االستعماؿ الحقيقي ؟‬ ‫كل ّ‬
‫ّ‬
‫لمػػف ى ال يريػػد أف يقػػوؿ فرقنػػاهـ ‪ ،‬فػػرب مفػّػرقيف متنعمػػيف وغيػػر معػ ّذبيف ! أـ الحقيقػػي ق ّ‬
‫طعنػػاهـ كػ ّػل‬
‫ػح منهمػػا وأقػػرب‬‫يدعي الجرجػػاني أف التقطيػػع عػػيف التفريػػق والتمزيػػق أو أصػ َّ‬ ‫طع ) ؟ غير معقوؿ أف ّ‬ ‫مق ّ‬
‫للحقيقي ! ‪ .‬لمنه قاؿ أل وأنت تعلـ أف تمزيق الثوب تفريق بعضه عف بعض ) !‬

‫أهػػو قػػاؿ ذلػػؾ ؟ أي وى فػػي نفػػس السػػطور ‪ .‬ومػػاذا يعنػػي بقولػػه بعضػػه عػػف بعػػض ؟ الػػبعض هػػذا هػػو‬
‫المفصلة أصػنا مثػػل المػ ـ والصػػدر أـ القمػػاش نفسػػه لحمػػة وسػػدى ؟ ‪ .‬فػ ذا كػػاف يريػػد بػػه افوؿ‬
‫ّ‬ ‫افجزاء‬
‫فهػػو فصػػل لألج ػزاء واسػػمه تفتيػػق ) ! ال تفريػػق وال تمزيػػق ‪ .‬واذا كػػاف بريػػد بػػه الثػػاني فهػػو إتػػنؼ‬
‫القماش نفسه واسمه تخريق ) ! ‪.‬‬

‫ومنه ما في المنحـ أل وتخريق الرايات في السكؾ )ٔ‪.‬‬

‫إذف التمزيق ال عنقة له بالثوب ؟ أي وربؾ !‬

‫فلـ يقل أف الناس جعلو للثوب خطاأ ‪.‬‬

‫ولـ يقل أف الناس جعلو للثوب وهو صحيح ! على المجاز ‪.‬‬

‫ٔ مف النبوي ‪.‬‬

‫‪157‬‬
‫ولـ يقل أف الناس جعلو للثوب ولمف ى جعله لتمزيق الناس وما فعله ى أولى باالتباع واصح !‬

‫ولـ يسكت إذ لـ يقل خي ار ‪ .‬بل قاؿ ما هػػو اعظػػـ أل اف صػػل فيػػه للثػػوب ‪ ،‬وى جعلػػه للنػػاس اسػػتعارة فف‬
‫ليذكر بافصل !‬
‫المفردات هربت منه ‪ ،‬وجاء الجرجاني ّ‬
‫كل ذلؾ وال اهد لديه مف كنـ العرب أو أ عارهـ !‬
‫ّ‬
‫كل ممزؽ ) ‪َّ .‬‬
‫فمر ولـ يتطير منه فما أبلد !‬ ‫دسه في بنغته ومزّقناهـ ّ‬‫أوؿ يء ّ‬
‫مهد به مف الحديث النبوي الظلـ ظلمات يوـ القيامة ) ّ‬
‫فمر ولػػـ ّ‬
‫يتطيػػر منػػه فمػػا أبلػػد ! ‪.‬‬ ‫وأوؿ ي ء ّ‬
‫تنبيػػػه أل سنبرهف لؾ أف الجرجاني في كتاب دال(ل ا عجاز ) كانت غايته إثبات إعجاز عموـ المػػنـ‬
‫ال إعجاز القرآف خصوصا بأدلػّة وافية بأذف ى تعالى –إعجاز المنـ ال إعجاز القرآف ‪.‬‬

‫ٗ‪ .‬قدرات الجرجاني في فهـ الت بيه‬

‫قاؿ الجرجاني أل الضرب الثالث ) وهو الصميـ الخالص مف االستعارة ‪ .‬وحػ َّػد أف يكػػوف ال ػػبه مػػأخوذا‬
‫الحجة كمػػا فػػي قولػػه تعػػالى أل وا ّتبعػوا النػػور الػػذي‬
‫مف الصور العقلية وذلؾ كاستعارة النور ) للبياف و ّ‬
‫أنزؿ معه ) ‪ ،‬ثـ قاؿ أل فأنت ال ت ّؾ في أنه ليس بيف النور والحجة ما بيف طيراف الطا(ر وجري الفرس‬
‫مف اال تراؾ فػػي عمػػوـ الجػػنس ‪ ،‬الف النػػور صػػفة مػػف صػػفات افجسػػاـ المحسوسػػة والحجػػة كػػنـ وكػػذا‬
‫ليس بينهما ما بيف الرجل وافسد مف اال تراؾ في طبيعة معلومة كال جاعة ‪.‬‬

‫وقاؿ أيضا أل فليس ال به الحاصل مف النور في البياف والحجة ونحوهػػا االّ أف القلػػب إذا وردت عليػػه‬
‫الحجة صار في حاؿ بيهة بحاؿ البصر إذا صادؼ النور ووجهت طن(عه نحو ‪. ) ..‬‬

‫واذ لـ يجد الجرجاني الى اليوـ مف ال ي ؾ ‪ ،‬فأّنا َ‬


‫اليوـ ن ّؾ أل‬

‫ن ّؾ أو اال في مفردة الحجة ) الغريبة عػػف الػػنص ‪ ،‬فػػالنص لػػـ يتضػػمف هػػذ المفػػردة وانمػػا ذكػػر اتبػػاع‬
‫نفس النور الذي أنزؿ معه ) ‪.‬‬

‫ون ؾ ثانيا في قوله أل ليس بيف النور والحجة ما بيف الطا(ر والفرس في الحركة والجري ‪.‬‬

‫ون ّؾ ثالثا في قوله أل النور صفة مف صفات افجساـ المحسوسة ! ‪.‬‬

‫ون ّؾ رابعا في قوله أل والحجة كنـ ! ‪.‬‬

‫ون ّؾ خامسا في قوله أل أف القلب إذا وردت عليه الحجة صار به البصر إذا صادؼ النور ‪! ..‬‬

‫يدعي ما اء ويزعـ كيف اء ونحف ن ّؾ في ّ‬


‫كل ما يتناوله ‪.‬‬ ‫وهو ّ‬
‫فلػػيس النػػور فػػي اآليػػة اسػػتعارة للحجػػة ومػػا أد ار أف ال يكػػوف اسػػتعارة للهػػدى أو افيمػػاف أو الحػػق أو‬
‫غيرهـ فلماذا زعـ أنه استعارة للحجة ؟ ‪.‬‬

‫‪158‬‬
‫وما أد ار أف الحجػػة كػػنـ ‪ ..‬أـ يػػزعـ أف انفػػنؽ القمػػر ) وهػػو آيػػة ومعجػػزة مػػف معػػاجز النبػػي ص )‬
‫ليست بحجة فنها ليست كنما ؟‬

‫وما أد ار أف النػػور ال ينصػػرؼ الػػى معػػاجز أخػػرى لػػه ص ) غيػػر القػرآف ؟ فلمػػاذا ّ‬
‫قصػػر الحجػػة علػػى‬
‫المنـ ؟ ‪ .‬وما أد ار أف النور صفة مف صفات افجساـ ؟ فنحف نقوؿ له أف ما تقصد هو الضوء )‬
‫يحسػػػه البصػػػر هػػػو الضػػػوء ولػػػيس النػػػور ‪ ..‬وللنػػػور معنػػػى آخػػػر مختلػػػف عػػػف‬
‫ولػػػيس النػػػور ‪ ،‬ومػػػا ّ‬
‫ا‬
‫المحسوسات المادية ‪.‬‬

‫وما الذي دفعه لهػػذا البحػػر اللجػػي ليخػػوض غمػػار وهػػو ال يػػدرؾ الفػػرؽ بػػيف الضػػوء والنػػور وال يػػدري أف‬
‫النػػار تضػػيء ) وال تنيػػر واف النهػػار مضػػيء ) وال يقػػاؿ أف النهػػار منيػػر ؟ ‪ .‬ومػػا أبعػػد عػػف البنغػػة‬
‫وهو ال يذكر قوله تعالى أل ‪ ‬فلما أضاءت ما حوله‪ ‬وقولػػهأل ‪ ‬وداعيػا الػػى الحػػق بأذنػػه وسػراجا منيػ ار ‪‬‬
‫‪ ..‬فالتحقيق في استعماؿ العرب وفي القرآف يثبت أف المحسوس هو الضوء واف النور هو يء آخر ‪.‬‬

‫تنبيػػػػػػػػه أل‬
‫ألـ ينحظ هذا الرجل أنه تعالى قاؿ أل ‪ ‬النور الذي أنزؿ معه ‪ ‬ليسأؿ إف كػػاف أنػػزؿ إليػػه أو أنػػزؿ عليػػه‬
‫أو أنزؿ معه كلها سواء أـ بينها فرؽ يذكر ؟ ‪ .‬ف ف النص القرآني قػػد ذكػػر المتػػاب ) و القػرآف ) و‬
‫كنـ ى ) و الذي أوح ينا ) عددا كبي ار جدا مف المرات ورد فيها جميع ا أنه أنػػزؿ إليػػه ) أو عليػػه‬
‫) االّ هذا المورد الذي ورد فيػػه النػػور فقػػاؿ أنػػزؿ معػػه ) وهػػذا كػػاؼ ثبػػات أنػػه هػػو نفسػػه ص ) قػػد‬
‫أنزؿ وأف نو ار ) أنزؿ معه يجب اتباعه ) ال تنوته ) أو ستماعه)‪.‬‬

‫فزعـ أنها استعارة للحجة وزعـ أف الحجة كنـ وزعـ أف النور هو القرآف ولـ يفسػػر لنػػا لمػػاذا ‪ .‬قػػاؿ فػػي‬
‫هذا المورد وحػػد أنػػزؿ معػػه ) ال إليػػه وال عليػػه كمػػا فػػي بػػاقي المػوارد ‪ .‬فيػػا لبنغػػة الجرجػػاني محػّػرؼ‬
‫الملػػـ عػػف مواضػػعه باسػػتعارته ‪ ،‬جاعػػل النػػور الػػذي أنػػزؿ معػػه الواجػػب ا ّتباعػػه القػرآف الػػذي أنػػزؿ عليػػه‬
‫الواجب استماعه ‪..‬‬

‫‪ ‬واذا قرئ القرآف فاستمعوا له وأنصتوا لعلمـ ترحموف ‪. ‬‬

‫فلـ ي ّتبع الجرجاني النور ولـ يستمع القرآف ‪.‬‬

‫٘‪ .‬استعارات أخرى للجرجاني‬


‫ن أل هذا والنور يستعار للعلـ ول يماف أيضا )‬
‫وزعـ بعد خمسة أسطر قا( ا‬
‫فاسأله أل لماذا جعلته في اآلية استعارة للحجة وليس فحد هذيف الجديديف ؟‬

‫‪159‬‬
‫ا يماف ) ‪ .‬وهذا هو حاؿ االعتبػػا ‪ ،‬أنػػه طػػاغوت فمػػري أ ػػرس مػػف‬ ‫فف له غاية جديدة ‪ ..‬فأضاؼ‬
‫الطاغوت السياسي فنه أساس افخير ومنبعه ودعامته ‪.‬‬

‫وبعد أسطر قاؿ الجرجاني أل‬

‫ومف ذلؾ استعارة القسطاس للعدؿ ونحػػو ذلػػؾ مػػف المعػػاني المعقولػػة ومنػػه اسػػتعارة الجػػاحظ فػػي علػػـ‬
‫المػػنـ إذ قػػاؿ أل " وهػػو المعيػػار علػػى كػ ّػل صػػناعة والزمػػاـ علػػى كػ ّػل عبػػارة والقسػػطاس الػػذي بػػه يسػػتباف‬
‫كل يء ورجحانه " ) ‪.‬‬ ‫نقصاف ّ‬
‫ضيق جدا وفي فػػرع واحػػد مػػف ضػػرب واحػػد مػػف‬
‫ٍ‬ ‫مكاف و ٍ‬
‫احد‬ ‫وهكذا دخل كنـ ى وكنـ الجاحظ سوية في ٍ‬
‫ضروب بنغة الجرجاني ‪.‬‬

‫فتبا لهذا الجرجاني الذي جعل كنـ الخالق وكنـ المخلوقيف على ٍّ‬
‫حد مف البنغة سواء ‪.‬‬

‫وانظر اآلف الى مدى فهمه ووعيه للنص النبوي أل‬


‫قاؿ الجرجاني أل ومثاؿ افصل الثاني وهو أخذ ال به مف المحسوس للمحسػػوس ثػػـ ال ػػبه عقلػػي قػػوؿ‬
‫النبي ص ) أل إيامـ وخضراء ِ‬
‫الد ّمف ) ‪.‬‬
‫عد الجرجاني مثنا للمرأة الحسناء في منبت السوء فنهـ قالوا أل وما ذاؾ يػػا رسػػوؿ ى فقػػاؿ ص ) أل‬
‫ّ‬
‫كل‬
‫المرأة الحسناء في منبت السوء ) ‪ .‬لقد فات الجرجاني أف ليس في االمر ت بيه فالنص يحذر مف ّ‬
‫خضراء في الػػدمف ‪ .‬والمعػاني هنػػا عامػػة جػػدا لمفػػردة "خضػراء" ولمفػػردة "دمػػف" وليسػػت خاصػػة بال ػػجرة‬
‫ص ) ‪ ..‬وكذلؾ امتفى ولـ يزد فلما سألو ولـ يفهمػوا المػراد ػ أو فهمػوا‬ ‫لتموف ت بيها ل يء لـ يذكر‬
‫وأرادوا التحديد ل حػراج والتضػّػيق ضػػرب لهػػـ مػػث ا‬
‫ن فقػػاؿ المػرأة الحسػػناء فػػي منبػػت السػػوء ) فهػػذا مثػ أ‬
‫ػل‬
‫ن للمرأة الحسناء في منبت السوء كما فهمػػه ! ف نػػه قلػػب افمػػر‬ ‫لخضراء الدمف وليست خضراء الدمف مث ا‬
‫وعلى ذلؾ فمل بدعة أو ضنلة قالهػػا‬ ‫ن والمثل ممث ا‬
‫ن به رغـ وضوحه ‪.‬‬ ‫فجعل الممثل به مث ا‬
‫قاؿ تعالى على لساف هؤالء االتبػػاع الػػذيف‬ ‫افمابر وأصلها منتف فهي مف مصاديق خضراء الدمف ‪.‬‬
‫وكبرا(نػػا فأضػّلونا السػػبين ‪َّ .‬‬
‫ربنػػا وآتهػػـ‬ ‫لـ يطيعوا أمر النبي ص ) أل ‪ ‬وقػػالوا ربنػػا إننػػا أطعنػػا سػػاداتنا ُ‬
‫ضعفا مف العذاب والعنهـ لعنا كبي ار ‪‬‬

‫ِ‬
‫حملوا التوراة ) ػ‬
‫‪ .ٙ‬مدارؾ الجرجاني في آية أل ػ مثل الذيف ّ‬
‫دقيق في خفايا الت بيه القرآني في قوله تعالى أل‬
‫ٍ‬ ‫ببحث‬
‫ٍ‬ ‫زعـ الجرجاني أنه جاء‬

‫‪ ‬مثل الذيف ُح ّملوا التوراة ثـ لـ يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفا ار ‪‬‬

‫الحمل ) بل القصػػد مػػا يوجبػػه تعػ ّػدي الحمػػل الػػى افسػػفار‬ ‫فادعى أف الت بيه في اآلية ال ينصرؼ الى‬‫ّ‬
‫مع اقتراف الجهل بها ‪.‬‬

‫‪160‬‬
‫وقضى المثير مف الزمف ثبات يء ال وجود له في اآلية بأمثر مف ثنث صفحات ‪.‬‬

‫ثـ قػػاؿ أل فػ ف قلػػت ففػػي اليهػػود ػػبه مػػف الحمػػل مػػف حيػػث هػػو حمػػل علػػى أيػػة حػػاؿ وذلػػؾ أف الحامػػل‬
‫لل يء بقلبه ي به الحامل لل يء على ظهر ومنه يقاؿ حملة الحديث وحملة العلـ ؟ ‪ .‬فالجواب أل أف‬
‫االمر واف كاف كذلؾ فاف هذا ال ب ه لػػـ يقصػػد هنػػا وانمػػا قصػػد مػػا يوحيػػه تعػ ّػدي الحمػػل الػػى افسػػفار مػػع‬
‫اقتراف الجهل به ‪ .‬ومثله قولؾ لرجل يحمل في كمه دفاتر علـ وهو بليػػد وال يفهػػـ أل إف كػػاف يحمػػل كتػػب‬
‫العلـ فالحمار أيضا قد يحمل ‪ ،‬تريػػد أف تبطػػل دعػوا أف لػػه فػػي حملػػه فا(ػػدة ) أ ‪ .‬هػػػ ‪ /‬نقلنػػا بتصػػرؼ‬
‫يسير ‪.‬‬

‫ظف الجرجاني أف الت بيه لليهود وانما هو للذيف ُح ِّملوا التوراة ) ‪ .‬وزعـ أف الت ػػبيه هنػػا معقػػود بػػيف‬
‫َّ‬
‫اليهود والحمار ! ‪ .‬وانما هو ت بيه مؤلف مف أربعة أجزاء ‪ ،‬جزءاف ظاهراف وجزءاف خفياف كمػػا سػػيأتيؾ‬
‫هدى وال كتاب منير ‪.‬‬
‫‪ .‬وزعـ أف افسفار هي دفاتر العلـ مف غير علـ وال ا‬
‫وهكذا أخذها أهل التفسير وثبتت هذ المعاني عند جميع المفسريف على مدى قروف ! ‪.‬‬

‫وسنوضح اآلف هذ المزاعـ افربعة فيما يأتي أل‬

‫حملوا التوراة )‬
‫ّ‬ ‫أ ‪ .‬اليهود والذيف‬

‫حملوا التوراة هـ مف اليهود ولمف ليس كػ ّ‬


‫ػل اليهػػود قػػد حملػوا التػػوراة ! ‪ .‬فقولػػه ت ػػبيه لليهػػود )‬ ‫الذيف ّ‬
‫وهػػو يتحػػدث عػػف بنغػػة القػرآف خػػاطّ الف البنغػػة ال تظهػػر بالتعسػػف وانمػػا تظهػػر بػػالنظر الػػدقيق فػػي‬
‫ألفاز اآلية والتفريق ال ديد بيف المجموعات ) وهو أمر أوضحنا م ار ار في كتب أخرى ‪.‬‬

‫فهو يناقض نفسه بهذا القوؿ أل فنه زعػػـ أف افسػػفار هػػي كتػػب العلػػـ ومعػػروؼ للجميػػع أف حملػػة العلػػـ‬
‫خواص اليهود ال اليهود كلهـ ‪.‬‬

‫ولو كاف الت بيه لليهود لقاله ى تعالى على هذا اللفظ عينه وما كاف يستدعي أف يأتي بهػػذا التركيػػب أل‬
‫ُحمّلوا التوراة ) ‪.‬‬

‫وقد أخطأ إذ قرف الحمل بالقلب وأقر به بينما العلـ ال يستقر في القلب إذا كاف قاسيا ‪ ..‬وهذا ظاهر فػػي‬
‫قوله تعالى عف تلؾ المجموعة أل ‪ ‬ثـ قست قلوبكـ مف بعد ذلؾ فهي كالحجارة ‪. ‬‬

‫فلـ ينتبه هذا الرجل الى أف الفعل بني للمجهوؿ ُح ِّملوا ) ولـ يبف على المعلوـ إذ لػػـ يقػػل حملػوا ) ‪.‬‬
‫الف القلب القاسػػي ال يحمػػل العلػػـ وانمػػا ُي ّحمػػل مرغمػا ) ‪ .‬واذف فهػػـ أمػػابر المحػّػرفيف وسػػاداتهـ ولػػيس‬
‫المقصود حملة العلـ منهـ فنهـ ممدوحيف في القرآف أل ‪ ‬والذيف أوتوا العلـ مف قبله يعلمػػوف أنػػه منػػزؿ‬
‫مف ربؾ بالحق ‪. ‬‬

‫وقد أوضحنا في كتاب النظاـ القرآني مدعما بظيات عديدة ‪.‬‬

‫‪161‬‬
‫ب ‪ .‬حقيقة ال به‬
‫زعـ أف الت بيه بيف اليهود والحمار !‬

‫وال يدري أف ى تعالى ّ‬


‫أجل وأعظـ مف أف يعقد مقارنة مبا رة بيف ا نساف والحػػيواف ‪.‬‬

‫ُح ّملوا التػػوراة ) َم َثػ أ‬


‫ػل ال نعلػػـ مػػا كػػاف وللحمػػار يحمػػل أسػػفا ار مثػ أػل ال نعلػػـ مػػا كػػاف وال ػػبه بػػيف‬ ‫فللذيف‬
‫المثل افوؿ والمثل الثاني وليس بيف اليهود والحمار !‬

‫وتلؾ لعمري هي البنغة ال ما زعمه الجرجاني ‪.‬‬

‫فلو قاؿ الذيف حملوا التوراة كالحمار يحمل أسفا ار ) فختل الت بيه وتهاوى برمته ف نػػه ال ػػبه بينهمػػا‬
‫مطلقا فانتبه ‪ ،‬فاف ذلؾ مف آيات ى ‪ ،‬حيث فصلت كاؼ الت بيه بيف المثل والمثل ال بينهما ‪.‬‬

‫الح ْمل‬
‫ج ‪ .‬معنى َ‬
‫الح ْ‬
‫مل غير مقصود وانما ّ‬
‫تعدي الحمل الى افسفار هو افساس في الت بيه !‬ ‫وزعـ أف َ‬

‫وهػػو ال يػػرى أنػػه قػػاؿ اح ّملػوا ػ َيحمػ ُ‬


‫ػل ) ػ للتأميػػد علػػى أف افسػػاس فػػي الت ػػبيه هػػو ا جبػػار ) علػػى‬
‫الحمل ‪ ..‬وانما ّفرؽ بينهما بالبناء للمجهوؿ في افوؿ فنه إنساف وله عقل وهػػو مسػػؤوؿ عػػف ذلػػؾ )‬
‫وبنػػى الثػػاني للمعلػػوـ ف نػػه بهيمػػة ) ػ فهػػو يحمػػل تلقا(يػػا ػ فهنػػا مركػػز البنغػػة ومركػػز الت ػػبيه ولػػيس‬
‫التعدي الى افسفار ‪ .‬فنه لو قاؿ يحمل أثقا اال ػ لبقى أساس الت بيه واختل جزء منه وحسب وال يتهاوى‬
‫وتعمػػد هػػذ‬
‫كما لو قػػاؿ كمثػػل الحمػػار ال يعقػػل ) ! فانتبػػه فػػاف الحمػػل فػػي كليهمػػا هػػو ميػزاف الت ػػبيه ػ ّ‬
‫نبوية جهل النػػاس مغ ازهػػا‬
‫اآلية بالذات لعظمتها عند ى في تفنيد االعتباطية ػ كما أ ارت إليه نصوص ّ‬
‫!‬

‫د ‪ .‬وزعـ أف افسفار هي دفاتر العلـ وانما هي افسفار ) كما هي في اللغة الػػى هػػذا اليػػوـ ‪ .‬والخػػالق‬
‫لينو للسامع أف الحمار ال يعلـ ما فيها !‬ ‫ن بالحمار وهو يحمل دفاتر العلـ ّ‬ ‫أجل مف أف يضرب مث ا‬
‫تعالى ّ‬
‫أنما أراد أف الحمار يتحمل م اؽ افسفار لغاية رامبه وسػػا(قه ال لغايتػػه هػػو فهػػو مسػػلوب ا رادة منػػزوع‬
‫ا ختيار وأسفار ليست ب رادته وال لغاية في نفسه ‪ ،‬فهو بهيمة سا ٍ عف نفسه دوم ا ‪ ،‬فمذلؾ مثل الذيف‬
‫فحملػػوهـ علػػـ التػػوراة‬
‫نس ػوا ى فأنسػػاهـ أنفسػػهـ ) ف ػ ف ح ػركتهـ وفعلهػػـ كلػػه بػػ رادة الطغػػاة والقػػادة ّ‬
‫ويبدلوا ففعلوا ‪ ،‬وما فعلو عف جهل وجهالة بما في كتب العلـ وانما فعلو عف علـ‬ ‫يحرفوها ّ‬‫وأمروهـ أف ّ‬
‫ودراية والذي فقدو كمثل الحمار إنما هػػو اختيػػارهـ وارادتهػػـ وذلػػؾ لمػػي يطػػابق هػػذا المعنػػى مػػا ذكػػر فػػي‬
‫مواضع أخرى فػػي القػرآف عػػف قػػدراتهـ فػػي التحريػػف وعػػف زيغهػػـ بعػػد البيػػاف وعػػف اخػػتنفهـ بعػػد مجػػيء‬

‫‪162‬‬
‫العلـ ولو أخػػذنا بأقوالػػه وبنغتػػه لتنػػاقض القػرآف مػػع بعضػػه ولمػػا أمكػػف قػػط الجمػػع بػػيف اآليػػات وال فهػػـ‬
‫معاني المفردات ولحدث تخريب في اللغة ال مثيل له في تاريخ افمـ ‪ .‬ولقد وقع ‪! ..‬‬

‫لقد حسب أف افسفار ) هي أسفار ) التػػوراة فظػػف أنهػػا كتػػب العلػػـ وأف القػرآف ي ػّػبه القػػوـ بالحمػػار‬
‫وهو يحمل كتب العلـ ! تطبيقا لترادؼ أسفار مع كتب ) في قا(مة كنانةٔ‪.‬‬

‫فأي به بينهما ؟! ‪ .‬والمعلػػوـ أف الحمػػار ال يػػدرؾ مػػا يحمػػل سػواء كانػػت كتػػب علػػـ أـ سػػجنّت بيضػػاء‬
‫غير مكتوبة أـ غير ذلؾ ؟ ‪ .‬لقد استعمل القرآف لفظ افسػػفار ولفػػظ المتػػب فػػي تغػػاير واضػػح ال ينكػػر االّ‬
‫جاهل ‪.‬‬

‫ونسػػي أف مفػػردة أسػػفار ) التػػي يسػػتعملها الق ػرآف إنمػػا يسػػتعملها علػػى أصػػلها اللغػػوي ال علػػى سػػبيل‬
‫المجاز كما سميت به أسفار التوراة ‪ .‬علما أف هذا المجاز باطل عندنا إذ القصد أنها كتب لألسػػفار ‪ ،‬ال‬
‫أسفا ار بمعنى المتب فانتبػػه ‪.‬‬

‫وهنا ندرؾ أف أساس الت بيه هو الحمل ) وليس التعدي الى افسفار وانما جػػاء بافسػػفار لبيػػاف تػػوزع‬
‫حركة الحمار في اتجاهات مختلفة وأزمػػاف مختلفػػة فمػػامف مختلفػػة بحسػػب الػػذيف يركبونػػه فالت ػػبيه فػػي‬
‫افصل بيف مثليهم ا في الحمل ) وجاء بالتعدي الى افسفار تماـ الصورة واممػػاؿ خطوطهػػا مػػف حيػػث‬
‫كل مكاف وزمػػاف ال ينتبهػػوف مػػف غفلػػتهـ‬
‫أف الذيف ُحمّلوا التوراة ) ‪ ..‬ألعوبة بيد الطغاة والجبابرة في ّ‬
‫تبدؿ القادة ‪ ،‬فمذلؾ مثل الحمار دا(ـ افسفار ورامبو كثار ال يتبدؿ أنه في افسفار بتبدلهـ ‪.‬‬ ‫مهما ّ‬
‫نعػػـ أنػػه مثػػل لنعتباطيػػة ال ػػؾ فػػي ذلػػؾ ولهػػذا ُهوجمػػت هػػذ اآليػػة فػػي جميػػع افمػػامف وعلػػى جميػػع‬
‫المستويات فراغها مف محتواها فقد ُهوجمت في إعرابها وفي نحوها وفي تفسيرها ػ فانظر مػػاذا سػػتفعل‬
‫وللعلػػ ػ ػػـ أف‬ ‫يوـ تأتى امية الى ربها مما جرى لها ؟ !‬
‫هوجمػػت اآليػػات السػػابقة علػػى هػػذ اآليػػة وعلػػى كافػػة المسػػتويات‬
‫السورة كلهػػا حػػوؿ هػػذا الموضػػوع وقػػد ُ‬
‫وفي جميع المذاهب ا سنمية ‪.‬‬

‫ٔ انظر صٗٗٔ‪.‬‬

‫‪163‬‬
‫دفاع عف الم ّذابيف والمذب‬
‫‪ .ٚ‬أ‬

‫يؤسسهُ َ‬
‫الجرجاني‬ ‫ّ‬

‫قاـ الجرجاني بالموازنة بيف مقػػولتيف همػػا خيػػر ال ػػعر أمذبػػه ) والمقولػػة المعارضػػة لهػػا خيػػر ال ػػعر‬
‫أصدقه ) ‪.‬‬

‫وانتهى مف الموازنة الى ترجيح القوؿ افوؿ !!‪.‬‬

‫فال عر ليست فضيلته في المضػػموف ) وانمػػا فػػي ال ػػكل ) ‪ .‬انظػػر الػػى قولػػه أل ومػػف قػػاؿ أف خيػػر‬
‫نحل الوضػػيع رفعػػه‬‫ال عر أمذبه فهذا مراد الف ال عر ال يكتسب فضيلة ونقصا وارتفاعا وانحطاطا باف ي ِ‬
‫ُ‬
‫أو يصف ال ريف بنقص وعار ‪ ،‬فمـ مف جواد نحله ال عر وبخيل سخا و جاع وسػػمه بػػالجبف وجبػػاف‬
‫ساوى به الليث وذي ضعة أمطا العيوؽ وغبي قضى له بػػالفهـ وطػػا(ش ّادعػػى لػػه طبيعػػة الحكػػـ ثػػـ لػػـ‬
‫يعتبر ذلؾ في ال عر حيث تنقد دنانير وتن ر ديابيجه ويفتق مسكه فيفوح أريجه ) ‪.‬‬

‫لقد أريػت اآلف ذلػػؾ ا طػراء والتمجيػػد لل ػػعر افمثػػر كػػذبا فليسػػت العبػػرة فػػي مػػا قلبػػه ال ػػعر مػػف مػوازيف‬
‫وعكس مف أ ياء وال فيما افتعله مػػف أباطيػػل مػػا داـ فػػي النهايػػة ينت ػػر كالػػدنانير فيفتػػق مسػػكه ويفػػوح‬
‫أريجه !‪.‬‬

‫هػػا هػػو يحكػػـ خػػنؿ السػػرد نفسػػه قبػػل الػػدخوؿ فػػي الموازنػػة المزعومػػة وقبػػل أف يػػأتي الػػى ػػرح المقولػػة‬
‫المناقضة ‪ ..‬وهو تمهيد نفسي وتوط(ة بقبوؿ الحكـ النها(ي بترجيح مقولة خير ال عر أمذبه ‪ .‬ومعلوـ‬
‫أف ال عر ) كنـ له أثر يترتب عليه كما يترتب على أي كنـ واذا كانت غاية ال ػػعر وضػػع المػػنـ فػػي‬
‫ػدوف ويػػدخل افذف بػػن اسػػت(ذاف فمػػف ا قػػبح القبػػا(ح القػػوؿ أف خيػػر ال ػػعر أمذبػػه ػ‬
‫نسػػق جميػػل لػػيحفظ ويػ ّ‬
‫ػح هػػذا لصػ ّ‬
‫ػح ذاؾ ‪ ..‬فهػػل تظػػف أف مثػػل ذلػػؾ يخفػػى‬ ‫لقبح القوؿ العاـ أل خيػػر المػػنـ أمذبػػه ‪ ..‬إذ لػػو صػ ّ‬
‫على الجرجاني أف ترى أنه يعي ما يقوؿ لغاية في نفسه ؟ ‪ .‬فلنتابع أقواله في فقرات أل‬

‫أ ‪ .‬الموازنة أل‬
‫خير ال عر أصدقه ) فقاؿ أل يجوز أف يكوف مراد ‪..‬‬ ‫ثـ جاء الى رح المقولة المناقضة‬

‫ومف أوؿ مفردة يؤكد لؾ أسلوبه المريض المامف في نفسه فنه قاؿ هناؾ أل فهذا مػراد ) وقػػاؿ هنػػا أل‬
‫مراد ) !‬ ‫يجوز أف يكوف‬

‫ػدؿ دال لػػة يقينيػػة علػػى صػػحة توقعػػؾ كػػوف الرجػػل جػػاء بالموازنػػة ال لغػػرض‬
‫وهذا االختنؼ في افسػػلوب يػ ّ‬
‫الموازنة بل لغرض تثبيت المقولة افولى وا جهاز على المقولة الثانية ! بحيث ال يذكرها ذامر ‪.‬‬

‫‪164‬‬
‫يمجد المقولػػة الثانيػػة إالّ بكػ ٍ‬
‫ػنـ أراد بػػه تضػػعيف حجػػتهـ وتػ َ‬
‫ػوهيف مقػػولتهـ والتأميػػد علػػى أف ال ػػعر ال‬ ‫لـ ّ‬
‫يستحسف أف يكوف كاذبا بل يتوجب أف يكوف كذلؾ !‬

‫ب ‪ .‬الحكـ في الموازنة أل‬


‫قاؿ الجرجاني أل وافوؿ أولى فنهما قوالف متعارضاف في اختيػػار نػػوعي ال ػػعر فمػػف قػػاؿ خيػػر أصػػدقه‬
‫التجوز الى التحقيق والتصػػحيح أحػػب إليػػه وآثػػر عنػػد ػ ال عنػػد الجرجػػاني !‬
‫كاف ترؾ ا غراؽ والمبالغة و ّ‬
‫وال عند البلغاء ػ إذ كاف ثمر أحلى وأثر أبقى وفا(دته اظهر ‪ ،‬وحاصله أمثر ) ‪.‬‬

‫أتوقػػف هنػػا فسػػأؿ بلغػػاء العػػالـ كلػػه أل كيػػف تفسػػروف قولػػه أف افوؿ أولػػى مػػع أف الثػػاني أحلػػى وأبقػػى‬
‫وأظهر وأمثر ؟؟‬

‫إف هذا الخلط مف هذا المسكوف با فتراء ما كاف ّ‬


‫ليمر مػػف غيػػر ك ػػف إالّ فػػي ّ‬
‫أمػػة بلغػػت مػػف الغبػػاء أف‬
‫كل ال رور ُهَو الخلط بيف الحػػق و الباطػػل وخاصػػة فػػي‬ ‫يكوف الجرجاني إمامها في البنغة – ف ف أصل ّ‬
‫تقييـ المنـ ! ‪.‬‬

‫ثـ قاؿ أل ومف قاؿ أمذبه فنف الصػػنعة إنمػػا يمػػد باعهػػا ‪ ،‬وين ػػر ػػعاعها ‪ ،‬ويتسػػع ميػػدانها ‪ ،‬وتتفػػرع‬
‫أفنانها ‪ )..‬الى آخر كلماته التي بلغت نصف صفحة في رح المقولة افولى وتأويػػل معانيهػػا – أ ‪ .‬هػػ‬
‫‪.‬‬

‫دس لؾ السػػـ منػػذ‬


‫فاسأله ما هو اففضل في الموازنة على نفس كلماتؾ ؟ ‪ .‬لقد أجابؾ الجرجاني حيث َّ‬
‫البدايػػة وأعلػػف فػػي الوسػػط أف افولػػى أولػػى ) وجعػػل آخػػر المػػنـ فػػي أمذبػػه حيػػث بػػدأ فػػي أصػػدقه ! ‪.‬‬
‫واسأؿ مترجمي الجرجاني حيث وصفو بػػالتقوى والػػورع ! ‪ ،‬إسػػألهـ لػػو عرضػػت المقولتػػاف علػػى النبػػي‬
‫ص ) وهو سيد البلغاء مف ولد آدـ ع) رغػػـ أنػػف الجرجػػاني فهػػل سػػيؤيد المقولػػة افولػػى أـ الثانيػػة ؟ ‪.‬‬
‫واذا كاف مػػف المحػػاؿ تصػػور أف يحكػػـ مثػػل النبػػي ص ) فػػي هػػذ الموازنػػة بتػػرجيح مقولػػة خيػػر ال ػػعر‬
‫أمذبه ‪ .‬فاسأؿ افمة التابعة للجرجاني مف أيف جاءته التقوى والورع إذف ؟؟‬

‫ج ‪ .‬وانك ف القناع أل‬


‫ثػػـ ك ػػف الجرجػػاني عػػف قناعػػه وأعلػػف عػػف طػػوؿ باعػػه فػػي تأييػػد افماذيػػب حينمػػا انضػػوى تحػػت ل ػواء‬
‫المذابيف حامنا رايتهـ فقاؿأل‬
‫ّ‬

‫المداني قيد والذي ال تتسع كيف ػػاء َيػػد ُ‬ ‫وما ذلؾ القبيل أي ال عر الصادؽ ) فهو فيه كالمقصور ُ‬
‫ػوؿ واف‬ ‫ويتصػػرؼ فػػي أصػ ٍ‬ ‫السامعيف معاَني معروفة ُ‬
‫وصػػو ار م ػػهوراة ّ‬ ‫َ‬ ‫يورد على‬
‫هو في افمثر ُ‬ ‫وأيد ُ ‪َّ ،‬‬
‫ثـ َ‬
‫كانت ريفة فن ُيرجى ازديادها‪ ،‬كافعياف الجامدة التي ال تَنمي وال تزيد وال َت ُ‬
‫ربح وال تفيد ‪)..‬‬

‫‪165‬‬
‫واذف فال عر الصادؽ ال يربح وال يفيد ! وال يَنمو وال يزيػػد ‪ .‬فمػػا أمػػذب الجرجػػاني إذ قػػاؿ ذلػػؾ ولػػو كػػاف‬
‫ػود سػػو َؽ البنغػػة ال سػػو َؽ اففمػػار والمبػػادئ وال سػػو َؽ المعرفػػة والحقػػا(ق وال سػػو َؽ الم ػػاعر‬
‫المقصػ ُ‬
‫والوجداف وال سوؽ اآلخػػرة والحسػػاب ! وال سػػوؽ المعػػاني والبيػػاف وال سػ ُػو َؽ افخػػنؽ ‪ .‬ذلػػؾ فف الصػػور‬
‫المتركبة مف مفػػردات اللغػػة ال حػػدود لهػػا وال نهايػػة فعػػدادها وفيهػػا مػػف االتسػػاع ظهػػار طػػوؿ البػػاع مػػا‬
‫ّ‬
‫حد سواء ‪ ،‬ولو ػػ(نا أف نػػأتي لهػػذا الرجػػل مػػف الصػػور التػػي ذكرهػػا‬ ‫يفي ويفي للصادقيف والماذبيف على ٍّ‬
‫ن عف غيرهـ ما تتضػػا(ل عنػػد بنغػػة ػواهد التافهػػة التػػي كػػاف مبهػػو ار بهػػا ‪.‬‬
‫عراء الصوفية ) فض ا‬
‫لمف ال مدعاة لها بعد أصدؽ المنـ ػ كتاب ى ‪.‬‬

‫على أف فلسفة االمر تأخذ منحى آخر ‪ ،‬الف المنـ اففضل بنغػػة هػػو المػػنـ اففضػػل قػػدرة علػػى وصػػف‬
‫ا‬
‫ال يء بدقة وافمثر قدرة على رسـ صورة له في الذهف اقرب ما تمػػوف الػػى صػ ِ‬
‫ػفته الحقيقيػػة ! وال يبقػػى‬
‫للبنغة أي موضوٍع حينما ُت َ‬
‫ناقش المقولة الغريبة عف البنغػة مػػف افصػػل ػ اعنػػي مقولػػة خيػػر ال ػػعر‬
‫أمذبه ) ػ فف البنغة أخذت اسمها هذا مف بلوغ المنـ المراد منه ‪.‬‬

‫سياف ‪ ،‬فػػاف‬ ‫واذا كاف قصد القا(ل لهذا ال عار إعطاء مساحة لحركة ال عر في مجاؿ الت بيهات فافمر ّ‬
‫أف الصػػدَّؽ أمػأػر‬
‫أبلغ الت بيهات هي التي ترسـ صورة أدؽ لل به مػػف خػػنؿ الم ػّػبه بػػه ‪ ،‬وهػػذا يعنػػي َّ‬
‫ِ‬
‫البنغة وجزأء منها فن بنغ َة بغير ِصدؽ )ٔ‪.‬‬ ‫ذاتي في ِ‬
‫نفس‬
‫ّ‬
‫في هػػذ الحالػػة يصػػبح ال ػػعار ػػعا ار صػػحيحا صػػيغ بصػػياغة لغويػػة كاذبػػة ويكػػوف ال ػػعار نفسػػه لػػيس‬
‫بليغا ‪.‬‬

‫أال ترى أف أسـ البنغػػة يػ ّ‬


‫ػدؿ عليهػػا ؟ فػ ذا لػػـ تبلػػغ بػػالمنـ المػراد الحقيقػػي منػػه ولػػف تبلػػغ السػػامع بهػػذا‬
‫المراد فليست مف البنغة في يء ‪.‬‬

‫صح كنـ الجرجاني الخالي مف ّ‬


‫كل بنغة لمػػاف كػػنـ ى أقػ َّػل المػػنـ بنغػ اة ف نػػه أصػػدقه ‪ ،‬ومػػا أدراؾ‬ ‫لو ّ‬
‫لعل المرَاد مف الموازنة كّلها إيصالؾ الى هذ النتيجة التي يحلـ بتحقيقها هذا الرجل ! ؟‬ ‫ّ‬
‫بلى هي ال غيرها كما سيأتيؾ في مناق ة نماذج مف دال(ل ا عجاز ) ‪.‬‬

‫‪ .ٛ‬ذوؽ الجرجاني في الت بيه‬


‫ِ‬ ‫أفسد الجرجاني ذا(ق َة ِ‬
‫افدبي خصوص ا وزَاد مف فسػػاد ذا(قػػة المبػػدعيف )‬‫النقد َّ‬ ‫أهل اللغة عموم ا وأفسد َ‬
‫مػػف ال ػػعراء والم ّتػػاب بتأسيسػػه ّ‬
‫فوؿ مػػرة منهاجػا نقػػدي ا فاسػػدا ‪ ..‬وكػػاف نتيجػػة ذلػػؾ أف المػػرض الػػذي‬
‫استفحل بسريانه في عروؽ افدب انت أمة نقدية متدنية للغاية في ذا(قتها مثلما جعل ال عر خصوصػا‬

‫ٔ تعتبر هذ العبارة إحدى القواعد الهامة في الحل القصدي للغة ‪.‬‬

‫‪166‬‬
‫وافدب عمومػػا يتجهػػاف اتجاهػا مزيف ػ ا فارغػ ا مػػف المحتػػوى الحقيقػػي إرضػػاء لبنغػػة الجرجػػاني وأصػػحابه‬
‫وتنمذته ‪ .‬فحيثما ا ّتجه النقد اتجه افدب ‪ ..‬وتلؾ قاعدة مطردة دوما ‪.‬‬

‫هل ترى اع ار يسػػلؾ سػػلوكا مغػػاي ار لميػزاف النقػػد المجمػػع عليػػه ؟ كػػن ‪ .‬االّ أف يكػػوف أوحػػد زمانػػه وعػ ّػدو‬
‫كل عصػػر أف فعػػل ِفعػػل‬ ‫مرة في ّ‬ ‫أقرانه والباني لنفسه أساس بنيانه ‪ ..‬ومثل هؤالء ال يجود بهـ الدهر اال ّ‬
‫افجواد ‪ ،‬وقلينا ما يفعل ‪.‬‬

‫تمادت هذ افمة في الت بيه والتمثيل حتى َبعدت ال ُ ّقة بػػيف الم َّ ػػبه والم ػ ُ‬
‫ػبه بػػه ‪ ..‬وكػػاف عػػدـ إدراؾ‬
‫ػدبرها أص ػنا قػػد زاد الطػػيف بلػػة وجعلهػػـ يظنػػوف أنهػػـ جػػاءوا بمػػا يػػؤنس‬
‫الت ػػبيهات القرآنيػػة بػػل وعػػدـ تػ ّ‬
‫النفوس ويزيد ا فهاـ وينمي الذا(قة ‪.‬‬

‫حد مقرؼ ‪ ..‬والى حػ ِّػد أف لػػـ تمػػف هنػػاؾ أيػػة عنقػػة بػػيف الم ػػبه والم ػػبه بػػه ال فػػي‬
‫تمادوا في ذلؾ الى ٍّ‬
‫الفكرة وال المادة ‪ ،‬ال في الصورة وال في الحركة بل ذهبوا أمثر مف ذلؾ الى خلػػق الصػػور النمعقولػػة )‬
‫‪ ..‬للت بيه بها وادراجها ضمف التمثنت للمعقوالت والمحسوسات ‪.‬‬

‫أسألؾ اآلف أيها الرجل الواعي المثقف عف رأيؾ بهذا الت بيه أل‬

‫ف نطباقا مرة وانفتاحا!‬ ‫وكأف البرؽ مصحف قار‬

‫الحظ التعسف في الت بيه فالبرؽ كأنه مصػػحف ! ثػػـ يجعلػػؾ تت ارجػػع عػػف ذلػػؾ لربطػػه بالحركػػة انفتػػاح‬
‫وانطباؽ ) وهذا المنـ أ به بكنـ المصابيف بػػالعي إذ يتوجػػب عليػػؾ صػػرؼ طاقػػة كبيػػرة لجمػػع مفػػرداتهـ‬
‫ّ‬
‫وفهػػـ مػػا يرمػػوف إليػػه ‪ .‬وفػػي الت ػػبيه افتػر ُ‬
‫اؽ آخػػر فػػي الحجػػوـ فػ ذا حجػػزت اآلف عقلػػؾ وأطلقػػت العنػػاف‬
‫لتتخيل هذا المصحف ‪ ،‬وزعمت ُمكرها أف حروفه بيضاء وأف انفتاحه السػػريع ) سػػيظهر منػػه‬ ‫ّ‬ ‫لمخيلتؾ‬
‫بياض الحروؼ بلمعة سريعة كالبرؽ ‪ ،‬فاف خيالؾ سيبقى عاج از عف ّ‬
‫تصور السػػماء مثػػل المصػػحف !‬
‫فنؾ أمبر مف المصحف والسماء أمبر منؾ ‪ ،‬اللهـ اال أف تغصب نفسؾ مرة أخرى لتتخيل أنػػؾ ػ حا ػػاؾ‬
‫ػ نملة في بطف مصحف ليسعؾ كما تسعؾ السماء!‬

‫هػػذا الت ػػبيه الػػذي ابتمػػر ) ابػػف المعتػػز هػػو مػػف الصػػور والت ػػبيهات التػػي أعجبػػت الجرجػػاني ! بػػل‬
‫وأذهلته !‬

‫قاؿ الجرجاني أل ولـ يكف إعجاب هذا الت بيه لؾ وايناسه إياؾ فف ال ي(يف مختلفاف فػػي الجػػنس أ ػػد‬
‫وح ُسػ َػف ور َ‬
‫اؽ وَفػػتف)‪ .‬فػػي أي‬ ‫االختنؼ فقط ! بل فف حصل ب زاء االختنؼ في دة في اال(تنؼ ػ حػػن َ‬
‫يء هو اال(تنؼ أيها الناقد العبقري ؟ فأيف العنقة الزمنية بيف البػػرؽ والمصػػحف الػػذي يفػػتح بأزمػػاف‬
‫مختلفة وببطء ديد ؟ ‪ .‬وأيف هي المن(مة بيف صورة المتاب المفتػػوح وخػػط البػػرؽ النمػػع المتعػػرج فػػي‬
‫بالسحب ؟‬
‫صفحة السماء الدامنة الملبدة ّ‬

‫‪167‬‬
‫وما العنقة بيف صػػورة افسػػطر بالمػػداد افسػػود علػػى الػػورؽ افبػػيض بصػػورة البػػرؽ النمػػع فػػي السػػماء‬
‫الدامنة ؟ إذا كاف المداد بهذا اللوف والورؽ على لونه المعتاد ؟‬

‫الحسػػف والحػػنوة والمن(مػػة واال (ػػتنؼ المقابػػل‬


‫ُ‬ ‫ليوضػػحوا لنػػا أيػػف‬
‫إنػػي أحيػػل المسػػألة الػػى أهػػل الفػػف ! ّ‬
‫لنختنؼ والذي جعل هذا الت بيه يروؽ ويفتف كما يزعـ الجرجاني) ؟ ‪.‬‬

‫تنبيػػػػػػػػه أل‬
‫مر الجرجاني بقوله تعالى أل‬
‫َّ‬
‫بنو ِرهـ ‪‬‬
‫أضاءت ما حوَله ذهب ى ُ‬
‫ْ‬ ‫‪ ‬مثُلهـ كم ِ‬
‫ثل الذي استوَقد نا ار فّلما‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫فلـ يذكر عنه ي(ا بل جعله مثنا مف أقسػػاـ الت ػػبيهات الثن ثػػة التػػي ابتػػدعها وامتفػػى بػػأف هػػذا الت ػػبيه‬
‫مف هذا الضرب !‬

‫فاعتبروا يا أولي افبصار ‪.‬‬

‫‪ .ٜ‬اختيار ع وا(ي‬

‫عند فتح كتاب الجرجاني ع وا(يا أل‬

‫ٓ‪ / ٔٛ‬العنواف ػ قلب الت بيه ) ‪.‬‬ ‫ظهرت الصفحة‬

‫تقدـ في الموازنة بيف الت بيه والتمثيل )‬


‫أوؿ الصفحة أل هذا فف غير ما ّ‬
‫المواضيع أل‬

‫رح نصف صفحة ‪ ،‬اهد عري فبي نػؤاس ‪ ،‬ػػاهد آخػػر البػػف المعتػػز ‪ ،‬ػػاهد للتنػػوخي ػ بيتػػاف ػ ‪،‬‬
‫بيتاف البف المعتز يصف سحابة ‪ ،‬ثنث أبيات أخرى في وصف النار ل اعر آخػػر ‪ ،‬خمسػػة أبيػػات لعلػػي‬
‫ابف ص في وصف ِ‬
‫الدمف ‪،‬أربعة أبيات أخرى له ‪ ،‬اهد للبحتري ‪.‬‬

‫اهد آخر ‪ ،‬اهد آخر فبي فراس ثنث أبيات ‪ ،‬بيتاف آخراف له ‪ ،‬ثنثة ػواهد متفرقػػة البػػف المعتػػز ‪،‬‬
‫اهد آخر لماتب المػػأموف فػػي وصػػف فػػرس أربعػػة أبيػػات ‪ ،‬بيػػت البػػف نباتػػة ‪ ،‬بيػػت آخػػر البػػف المعتػػز ‪،‬‬
‫بيتاف آخراف و رح نصف صفحة ‪.‬‬

‫ثنثة أبيات في ت بيه النساء البف المعتز ‪ ،‬بيت آخػػر لػػنفس ال ػػاعر ‪ ،‬بيتػػاف للمتنبػػي ‪ ،‬بيتػػاف آلخػػر ‪،‬‬
‫ػػاهد آخػػر فػػي السػػيف البػػف المعتػػز ‪ ،‬ػػاهد البػػف بابػػؾ ‪ ،‬ثن ثػػة متفرقػػة أخػػرى للسػػري ‪ ،‬بيػػت للبحتػػري‬
‫وآخراف بف المعتز ‪ ،‬ت بيه للموامب البف المعتز ‪ ،‬بيتاف للنا ّ وآخراف البف الرومي ‪ .‬ػػاهد للبحتػػري‬

‫‪168‬‬
‫وآخر البف المعتز في النرجس ‪ ،‬ثنثة أخرى البف المعتز ‪ ،‬أبو نؤاس يرثي خلػػف افحمػػر ‪ ،‬أبػػو العبػػاس‬
‫الرمة ‪ ،‬رح صفحتاف ل واهد ابف المعتز خصوص ا ‪ ،‬و رح صفحتيف ف ياء متفرقػػة مػػف ال ػواهد‬
‫وذو ّ‬
‫‪ ،‬واهد أخرى البف المعتز ‪ .‬رح مماثل أربع صفحات ‪.‬‬

‫رح ل اهد نثري البف العميد يدعو فيه على القمر ويظهر التظّلـ مف هنؿ هر رمضاف ‪.‬‬

‫تمثيل المعقوؿ بالمحسوس ‪ ،‬اهد للبحتري و ػػرح للنمػػاذج أل بيػػت بػػف طباطبػػا وآخػػر للتنػػوخي وقطعػػة‬
‫أخرى لػػه وأخػػرى فػػافمر طالػػب المػػأموني ‪ ،‬ػواهد بػػف با بػػؾ وابػػف المعتػػز ‪ ،‬ػػرح أخػػذت أربػػع صػػفحات‬
‫ل واهد مختلفة لنفس الموضوع ‪.‬‬

‫الخنصة أل‬

‫مجموع الصفحات أل ٓٗ صفحة‬

‫ال واهد ال عرية أل ‪ ٔٔٚ‬بيتا‬


‫ال واهد القرآنية أل ال يوجد !!‬

‫واهد مف أقواؿ النبي ص ) أل ال يوجد !!‬

‫واهد مف أقواؿ الخطباء أصحاب النبي ص ) أل ال يوجد !‬

‫واهد مف عراء العصر النبوي أل ال يوجد !‬

‫واهد مف ال عر الجاهلي أل ال ُيوجد ‪.‬‬

‫واهد مف عراء الطبقة النحقة كالفرزدؽ وجميل والحطي(ة ومف هـ في طبقتهـ أل ال يوجد !‬

‫سؤاؿ نوجهه للذيف وصفوا الجرجاني بالتقوى والورع ! سؤاؿ أعلف عف نفسه ‪ ،‬سؤاؿ عف سبب غياب‬
‫هذا التراث الضخـ مف القرآف وافدب في بنغة الجرجاني ؟!‬

‫ِ‬
‫الفرس افدهـ بالصبح أو العكس‬ ‫ٓٔ‪ .‬ت بيه ُغرة‬
‫ابف المعتز أل‬

‫هر أ ِ‬
‫قر‬ ‫كأنه ُغرة َم ٍ‬ ‫طرة ٍ‬
‫ليل ُمسفر‬ ‫الص ُ‬
‫بح في ُ‬ ‫و ُ‬
‫أورد الجرجاني فػػي ص ػ ٕ‪ ٔٛ‬ودافػػع عػػف الت ػػبيه وأظهػػر محاسػػنه الحقػا فػػي ص ػ ٖ‪ ٜٔ‬وعػ ّػد مػػف‬
‫الت بيهات المقلوبة و ّادعى أنه مف محاسف الت بيه ‪.‬‬

‫مف الواضح أف الت بيه يراد به تقريب الصورة وحكايتهػػا بطريقػػة مػػؤثرة كمػػا رآهػػا ال ػػاعر واذا لػػـ يمكنػػه‬
‫ذلؾ وكاف التصور العاـ للصورة عنػػد القػػارئ أحسػػف وأدؽ مػػف ت ػػبيه ال ػػاعر فقػػد سػػقط ت ػػبيه ال ػػاعر‬
‫كل اعتبار ‪.‬‬
‫عف ّ‬

‫‪169‬‬
‫إف ما يذكر ابف المعتز ال يحكي تصو ار صحيح ا عف الصبح فضنا عػػف أف يكػػوف مػػف محاسػػف الت ػػبيه‬
‫‪ .‬فهنا تنافر مف جميع الوجو !‬

‫افوؿ أل ال عنقة مطلقا بيف صورة السماء واففق أو الفضاء وصورة المهػػر فف الفضػػاء يكتنػػف ال ار(ػػي‬
‫ويحويه بينما المهر حيواف له حدود اخصة أماـ الرا(ي وهذ م كلة ُتسبب عس ار في ّ‬
‫تخيل الصورة ‪.‬‬

‫الثاني أل إف لوف المهر اف قر ) ال عنقة له وال به فيه مع الليل أو الفجر أو منظر السماء ولونهػػا‬
‫‪.‬‬

‫الثالث أل إف الصبح يء مختلف عف الفجر فالصبح طلوع ال مس واذا طلعت ال مس ذهب الليل فأيف‬
‫الليل المسفر ) ؟ وكيف يجتمع الصبح مع الليل في صورة واحدة ليكوف في طرة الليل كما الغػػرة فػػي‬
‫المهر ؟‬

‫كل عارؼ بالعربية أو غيرها مف اللغات عف هذا الت ػػبيه وعػػف وجػػود الصػػبح فػػي طػػرة الليػػل !‬
‫إني اسأؿ ّ‬
‫أهي جملة مركبة بصورة صحيحة أـ ال ؟‬

‫بغرة المهر اف قر ؟‬
‫الصورة النصورة ) ّ‬ ‫وأسألهـ ثاني ا عف عنقة هذ‬

‫وقاؿ الجرجاني الحقا أل‬

‫إف ت بيه غرة الفرس بالصبح لـ يقع مف جهة المبالغة في وصفها بالضياء واالنبسا وفر التلؤلؤ ‪،‬‬
‫وانما قصد أم ار آخر وهو وقوع منير في مظلـ وحصوؿ بياض في سواد ‪ ،‬ثـ البياض قليل با ضافة الى‬
‫السواد وأنت تجد هذا الت ػػبيه علػػى هػػذا الحػ ّػد فػػي افصػػل فػ ذا عكسػػت فقلػػت أل كػػأف الصػػبح عنػػد ظهػػور‬
‫أوله في الليل غرة في فرس ادهـ لـ تقع في مناقضة كما لو أنؾ ّبهت الصبح فػػي الظػػنـ بعلػػـ بيػ ٍ‬
‫ػاض‬
‫على ديباج اسود لـ تخرج عف الصواب ) ‪.‬‬

‫أقػػوؿ أل‬
‫هل رأيتـ صبحا ي به العلـ افبيض على الديباج افسود ؟‬

‫هل رأيتـ صبحا ي به غرة الفرس افدهـ ؟‬

‫وى ال أدري مػػـ أعجػػب مػػف الجرجػػاني أـ مػػف الػػذيف ّ‬


‫رددوا ألػػف سػػنة ذاهلػػيف ذه ػوالا منقطػػع النظيػػر أف‬
‫سيد البنغة !‬
‫الجرجاني هو ّ‬

‫‪170‬‬
‫الت بيه في أل وأدهـ يستمد الليل منه‬

‫لقد كاف قوؿ ابف نباته أهوف أل‬

‫وتطلع بيف عينيه الثريا‬ ‫وادهـ يستمد الليل منه‬

‫وبالرغـ مف مساو(ه االّ أنه تخلص مف جملة مف التناقضات بقوله الثريا فنها تطلع في بقعة مظلمة ‪..‬‬
‫وتخلص ثانيا مف الترابط في الت بيه بالليل بقوله يسػػتمد ) الليػػل منػػه فلػػـ يجعلػػه كالليػػل لػػيحكـ علػػى‬
‫فضاء وافقا له !! بل قاؿ يسػػتمد الليػػل‬
‫ا‬ ‫السامع بتصور نفسه نملة على جلد ذلؾ افدهـ ‪ ،‬ويكوف افدهـ‬
‫منه ‪.‬‬

‫ومع ذلؾ لـ ينتبه الجرجاني للفارؽ ‪ ..‬ولـ يذكر مقارنة لبيت ابف المعتز مع بيت ابػػف نباتػػه وكأنػػه ينِّفػػذ‬
‫بالفعل م روعه القا(ل أل‬

‫خير ال عر أمذبه ) ػ فقارف روعة هذا البيت مع بيت ابف المعتز ‪.‬‬

‫تنبيػػػػػػػه أل‬
‫أصػػعب ػػيء علػػى الرسػػاـ المحتػػرؼ رسػػـ الفجػػر أو أوؿ بػػزوغ ال ػػمس الضػػطرار إلػػى تػػدري اف ل ػواف‬
‫وا ضاءة على صفحة اففق الواسع !‬

‫ولو درى الرساموف أنه كالعلـ افبيض على الديباج افسػػود لمػػا أتعبػوا أنفسػػهـ والػػذنب هػػو ذنػػبهـ فنهػػـ‬
‫لـ يق أروا بنغة الجرجاني ! ‪.‬‬

‫‪171‬‬
‫القسـ الثالث‬

‫نقد كتاب الجرجاني‬

‫دال(ػل ا عجاز )‬

‫إعجاز القرآف أـ إعجاز المنـ؟‬

‫‪172‬‬
‫ٔ‪ .‬نظرية النظـ واعجاز القرآف عند الجرجاني‬

‫ولػػع الرجػػل ولعػا ػػديدا بػػافتراض أ ػػياء مػػف عنػػد ليػ ّ‬


‫ػرد عليهػػا بنفسػػه فهػػو وحػػد المفتػػرض وهػػو وحػػد‬
‫أمػػة بػػل افمػػـ جميعػا تػػؤمف وتعتقػػد ذلػػؾ الفػػرض ‪..‬‬
‫المعارض لهذا الفرض ‪ ..‬ولمنه يػػوحي لػػؾ أف هنػػاؾ ّ‬
‫لتفرد بالنقد وتوقد ذكا(ه قد امت ف خطأهـ وسوء طريقتهـ ‪.‬‬
‫وأّنه ّ‬
‫مف هي افمة التي آمنت قبل الجرجػػاني أف الفصػػاحة هػػي فػػي اللفػػظ الواحػػد وأي عاقػػل أو جاهػػل صػػغي ار‬
‫كاف أـ كبي ار آثروا عنه أنه ذكر قبل ذلؾ ؟‬

‫واذف فلمػػف كػّػرس الجرجػػاني سػػبعيف صػػفحة مػػف صػػفحات بنغتػػه فػػي الػ ّ‬
‫ػرد علػػى مػػف زعػػـ أف الفصػػاحة‬
‫تموف في اللفظ خصوصا دوف المنـ ؟‬

‫يتحدث عف فصػػاحة اللفػػظ وحػػد ف نمػػا يعنػػي بػػه كػػوف اللفػػظ عربيػا واقعػا علػػى النطػػق‬
‫واذا كاف ثمة أحد ّ‬
‫الصحيح المتعارؼ عليه مف غير لحف ) أو ت ويه أو مما طاله مػػف التػػأثر بكػػنـ افعػػاجـ ػ فػػذلؾ هػػو‬
‫المقصػػود مػػف فصػػاحة اللفػػظ وهػػو أمػػر مختلػػف عػػف فصػػاحة المػػنـ التػػي تعنػػي فصػػاحة اللفػػظ وفصػػاحة‬
‫التركيب مع ا بما يؤدي الى بلوغ المعنى المقصود للقا(ل ‪.‬‬

‫ػل مػػرة ينسػػى الجرجػػاني نفسػػه ‪ ،‬وينسػػيه ى تعػػالى مػػا بػػدأ بػػه فيقػػوؿ عبػػارات تنبػػأ الخبيػػر وغيػػر‬
‫وفػػي كػ ّ‬
‫الخبير عف غياب افمة التي كاف يصارعها الجرجاني مثل العبارات اآلتية أل‬

‫ػ وال أظف أحدا يخالف ذلؾ ‪.‬‬

‫ظف ظنا يؤدي الى خنفه ّ‬


‫ظف ما يخرج به عف المعقوؿ ‪.‬‬ ‫ػ فمف ّ‬
‫ػ وهذا هو الفيصل لمف عقل ‪.‬‬

‫ػ وال أظف أحدا ي ؾ في ذلؾ ‪.‬‬

‫ػ وهذا ما ال عذر لعاقل في خنفه ‪.‬‬

‫وتلؾ عبارات ختاـ الردود ‪ ..‬ولمف عبارات بداية الردود هي االخرى م ابهة لتلؾ أل‬

‫ػ ال يتصور أف يتعلق الفكر بمعاني الملـ إق ار ار‬

‫ػ ليت عري هل مف يتصور وقوع قصد مف ذلؾ‬

‫وما ابهها مف عبارات ‪.‬‬

‫وفي وسط الردود كاف يكرر أل وهذا كله فمر في أمور معلومة ‪.‬‬

‫وهذا كله مما ال ؾ فيه ‪ ..‬الخ ‪.‬‬

‫‪173‬‬
‫سماهـ الجرجاني أل الذيف لهجوا بافباطيل والذيف عموا عف الطريػػق ‪ ،‬ومػػف هػػـ‬ ‫ترى مف هـ اؤل(ؾ الذيف ّ‬
‫يفرغػوا خػواطرهـ فػػي تأمػػل مػػا اسػػتخرجنا ) ‪ ،‬ومػػف هػػـ الػػذيف يريػػد الجرجػػاني أف يزيػػدهـ‬
‫الػػذيف لػػـ ّ‬
‫تبصي ار أنهـ في عمياء مف أمرهـ ) ‪ ..‬الى آخر عباراته وما أمثرها ؟‬

‫إني ال أتحدى الجرجاني وهو مف الموتى ولمني أتحدى افمـ كلها بعلما(ها الػػذيف ا ّتبعػوا الجرجػػاني حتػػى‬
‫صار إماما لهـ في البنغة ػ أتحداهـ أوالا أف ّ‬
‫يردوا على هذ المقاالت ّ‬
‫ردا تأخذ به جماهير افمػػة وافمػػـ‬
‫كلها وثانيا أف يأتوا ب اهد واحد على لساف رجل واحد قبل الجرجاني ذكر ي(ا ممػػا ذكػػر الجرجػػاني عػػف‬
‫معنى الفصاحة ) ػ ليصح معه الرد عليه ‪.‬‬

‫يتحدثوف وفي أي كتاب ولـ يػػذكر عػػف أي ر ٍ‬


‫او اخػػذ مػػا قػػالو عػػف‬ ‫لـ يذكر الجرجاني مف هـ هؤالء الذيف ّ‬
‫الفصاحة ؟‬

‫إف الرجل يعمد الى افمور التي ال ي ؾ فيها ) ػ فيزعـ أف هناؾ مف ي ؾ فيها ويصػ ّػور لػػؾ جمعػا مػػف‬
‫الناس ي ّكوف في تلؾ الحقيقة وينبري الجرجاني وحد لتفنيد آراءهـ !‬

‫كل ذلؾ مف اجل أف تموف له قوة الرد الحقيقية على المذاهب ) التي ليسػػت حقيقيػػة ) وال وجػػود لهػػا‬
‫ّ‬
‫؟!‬

‫أما قوله أل ال يتعلق الفكر بمعاني الملـ أظف واف هذا غير متصور عند فهو هراء‪ .‬فف المفردات يتعلق‬
‫بها الفكر قبل الجملة وانما تتحدد حركة افلفاز وجهاتها مف خنؿ نسبة بعضػػها الػػى بعػػض فػػي الجملػػة‬
‫‪.‬‬

‫لقد زعـ دي سوسر نفس الزعـ وقد سألنا مف قبل في اللغة الموحػػدة كيػػف تظهػػر المعػػاني إذف إذا كانػػت‬
‫افج ػزاء افلفػػاز ) ال تمتلػػؾ ايػػة دال لػػة قبػػل التركيػػب ؟ هػػل أريػػت فػػي حياتػػؾ أ ػػياء ال قيمػػة لهػػا ف ػ ذا‬
‫جمعتها ظهرت للمجموع قيمة خنفا لألجزاء ؟‬

‫كػػن ‪ .‬إف القيمػػة المليػػة إنمػػا هػػي مجمػػوع قيمػػة افج ػزاء كلهػػا وتناسػػب بعضػػها مػػع بعػػض وهػػو قػػانوف‬
‫فيزيا(ي ومنطقي عاـ ‪ ..‬لذلؾ اضطر خليفة الجرجػػاني الػػى تسػػمية اللغػػة بالنظػػاـ النمنطقػػي ) وحكمػػه‬
‫المبدأ االعتباطي ) ‪.‬‬ ‫بالمبدأ الذي سما‬

‫ف ذا كاف الجرجاني يتحدث عف القيمػػة المسػػبقة ويسػػميها الفصػػاحة ) فلقػػد قلػػب االمػػر كلػػه أرسػا علػػى‬
‫عقب !‬

‫واني فحسبه ال يتحدث ا عف ذلؾ ومف هنا أصبح النظـ عند أساس المعنى المتحصل ‪ .‬ولمنه خالف‬
‫فمرة النظـ نفسها في جميع المواضيع الف غايته أبعد مف تفسير اللغة ‪.‬‬

‫لو كانت افلفاز معدومة الداللة خارج الجمػػل لمانػػت متسػػاوية تمامػا وال فػػروؽ بينهػػا مطلقػا بػػل ولمانػػت‬
‫كل جزء منه ؟‬
‫مثل قطع الطوب ) المت ابهة فميف تظهر قيمة وداللة للتركيب مع غياب الداللة في ّ‬

‫‪174‬‬
‫وهػػل صػػحيح أخػػي القػػارئ انػػؾ ال تمتلػػؾ أيػػة فمػػرة وال يعلػػق ذهنػػؾ بػػأي معنػػى حينمػػا أتلػػو عليػػؾ افلفػػاز‬
‫المجردة اآلتية أل بحر ‪ ،‬تفاح ‪ ،‬سرور ‪ ،‬ألـ ‪ ،‬موت ‪ ،‬جبل ؟‬

‫ٕ‪ .‬اختيارات ع وا(ية‬

‫نفتح كتػػاب دال (ػػل ا عجػػاز ب ػػكل ع ػوا(ي لنبػّػيف لمػػـ كيػػف ّ‬
‫دس الجرجػػاني مقػػاطع اآليػػات القرآنيػػة بػػيف‬
‫افبيات وال واهد ال عرية واللغوية وأنه اخرج الجميع مخرجا واحدا وأنه أجرى على الجميػػع حكمػ ا واحػػدا‬
‫نظـ ) القرآف إنما هو في نظـ ) غير القرآف أيضا أل‬ ‫بما يفهـ منه أف ا عجاز الذي هو في‬

‫االختيار االوؿ أل ص ػ ‪ / ٕٛٙ‬طبعة ‪ / ٜٜٔٙ‬القاهرة ‪ /‬الطبعة افولى ‪.‬‬

‫العنواف أل فف مف المجاز لـ نذكر في ما تقػّدـ أل‬

‫التسلسل على النحو اآلتي أل‬

‫تمهيد نصف صفحة ػ آية ‪ ‬فما ربحت تجارتهـ ‪ ، ‬ػػرح لهػػذا المقطػػع مػػف اآليػػة ثن ثػػة أسػػطر ‪ ،‬انتقػػاؿ‬
‫الى بيت ال عر الوارد في التمهيد ‪.‬‬

‫اهد آخر أل فناـ ليلي وتجّلى ّ‬


‫همي ػ مثاؿ رأيت افسد ) ‪.‬‬

‫عر أل يحمى إذا اختر السيوؼ ‪ /‬رح للبيت كونه كنز مف كنػػوز البنغػػة ) ‪ ،‬ػػعر آخػػر أل وسػػالت‬
‫بأعناؽ المطػػي االبػػاطح ‪ /‬ػػرح نصػػف صػػفحة ثػػـ عػػودة الػػى اآليػػة ممػػا يظهػػر منػػه بنغػػة كػ ّػل قػػوؿ فػػي‬
‫ّ‬
‫نفسػػه ونظمػػه وغايتػػه ال فػػرؽ بػػيف اآليػػة وال ػػعر ‪ ،‬ػػاهد آخػػر ‪ /‬بيتػػاف لحػػاجز بػػف عػػوؼ ػػرح لجهػػات‬
‫البيتػػيف نصػػف صػػفحة ‪ .‬ػػاهد آخػػر ثن ثػػة أبيػػات لمجنػػوف ليلػػى ‪ ،‬ػػرح لجماليػػات المجػػاز‬
‫اللطػػف فػػي ّ‬
‫الحكمي في عر المجنوف نصف صفحة ‪.‬‬

‫ػػاهد آخػػر ‪ /‬وصػػاعقة مػػف نصػػله ينكفػػي بهػػا ‪ /‬للبحتػػري ‪ .‬ػػرح السػػتعارة البحتػػري وأس ػرارها الجماليػػة‬
‫والبنغية ثلث صفحة ‪ /‬اهد آخر للبحتري أل والبارقات كأنها‪...‬‬

‫ت بيه و اهد آخر الحق للخنساء رح لل واهد نصف صفحة ‪.‬‬

‫كل هػػذا واآلف يمػػر مقطػػع مػػف آيػػة علػػى النحػػو اآلتػػي أل وال يعػػد هػػذا معػػد مػػا حػػذؼ منػػه المضػػاؼ وأقػػيـ‬
‫ّ‬
‫المضاؼ إليه مقامه كقوله تعالى أل ‪ ‬واسأؿ القرية ‪ ‬ومثل قوؿ النابغة الجعدي أل‬

‫خنلته كأبي مرحب‬


‫ُ‬ ‫وكيف تواصل مف أصبحت‬

‫وقوؿ افعرابي أل حسبت بغاـ راحلتي عناقا ‪ ..‬الخ‬

‫‪175‬‬
‫رح للبيتيف نصف صفحة ‪ ،‬اهد آخر للمتنبي ‪ ،‬رح لل اهد نصف صفحة ‪ ،‬مقارنة مع حسبت بغاـ‬
‫راحلتي ‪ /‬نهاية الفصل ‪.‬‬

‫المجموع أل ‪ ٜ‬صفحات‬

‫ال واهد ال عرية أل ‪ ٜٔ‬بيف مف ال عر‬

‫ال واهد المأثورة أل ٗ واهد‬

‫ال واهد االفتراضية أل ‪ ٚ‬واهد‬

‫ال واهد القرآنية أل اهد واحد هو فما ربحت تجارتهـ ) مقطوع عما قبله وبعد ‪.‬‬

‫ال روح أل ثنثة اسطر لل اهد القرآني والباقي لل واهد االخرى ‪.‬‬

‫نتيجة ال رح والمقارنة أل يوجد في ال اهد القرآني مجاز الف التجارة ال تػػربح نفسػػها بػػل يػػربح فيهػػا وهػػو‬
‫مجاز عادي جدا ‪ ،‬أما ال واهد ال عرية والنثرية فهي آيات مف آيات الفف والفصاحة والبنغ !‬

‫تنبيػػػػػػػػػػه أل‬
‫معلػػوـ أننػػا فػػي الحػػل القصػػدي وضػػعنا فوؿ مػّػرة إعجػػاز القػرآف فػػي موضػػعه وك ػػفنا فوؿ مػػرة عػػف سػّػر‬
‫الموحػػد والدال لػػة افصػػلية لمػػل‬
‫ّ‬ ‫الدفيف الما(ف في النظػػاـ العػػاـ والمػػرتبط ب لغػػاء المترادفػػات وثبػػات المعنػػى‬
‫جملػػة مفيػػدة ) مػػف جنسػػه واقعػػة ضػػمف هػػذا‬ ‫لفػػظ ممػ ا يوجػػب العجػػز التػػاـ عػػف ا تيػػاف بػػأي تركيػػب‬
‫كتابي النظاـ القرآني واللغة الموحدة في حيف سػػعت نظريػػة ا عتباطيػػة‬ ‫النظاـ ال امل ػ انظر لفهـ الفكرة‬
‫َْ‬
‫تقوله ‪.‬‬
‫ونظرية النظـ ) الى إثبات أنه ص ) ّ‬

‫ٖ‪ .‬اختيار ع وا(ي آخر‬


‫الصفحة ػ ‪ / ٕٔٙ‬العنواف فروؽ في الحاؿ لها فضل تعّلق بالبنغة‬

‫تمهيد على طوؿ صػػفحة ‪ ،‬ػػاهد ػػعري لب ػػار أل إذا أنكرتنػػي بلػػدة ‪ .‬ػػاهد آخػػر فميػػة أل فا ػػرب هني(ػػا‬
‫عليؾ التاج مرتفقا ‪ .‬اهد آخر لوا(لة السدوسي أخذ عف الجاحظ ‪ ،‬ػػاهد آخػػر البػػف السػػكيت ‪ ،‬ػػاهد‬
‫آخر للفارسي ‪ ،‬اهد آخر لنخ طل ػ رح نصف صفحة ‪ .‬مثاؿ أل جاءني زيد يسعى غنمه بػػيف يديػػه ‪،‬‬
‫اهد آخر لعلقمة ‪ ،‬اهد آخر لأليادي ‪.‬‬

‫واآلف يأتي الجرجاني بثنثة مقاطع مف ثنث آيات ليبرهف أمر هذا النوع كلػػه يسػػتمر علػػى الغنػػى عػػف‬
‫الواو وعليه التنزيل والمنـ ) ‪.‬‬

‫‪176‬‬
‫وهذا هو بيت القصيد ‪ ...‬التنزيل والمنـ سواء في هذا افمر ‪.‬‬

‫ال رح وال إضافة على مقاطع اآليات بل تدافعت سوية في سطريف ‪.‬‬

‫اهد آخر للسّلوي ابف هماـ ‪ ،‬اهد آخر للحنفي ‪ ،‬اهد آخر مف قصة عبد ى‬ ‫ويستمر الجرجاني أل‬
‫بف عتيؾ حيف دخل على أبي رافع ‪ ،‬اهد آخػػر للػػدارمي بعػػد ػػرح نصػػف صػػفحة ‪ ،‬بيتػػاف عػػف مصػػعب‬
‫ابف الزبير لمالؾ بف رفيػػع أل أتػػاني مصػػعب وبنػػو أبيػػه ‪ ،‬ػػاهد مفتػػرض ‪ ،‬ػػاهد مػػف قػػوؿ أبػػي افسػػود ‪،‬‬
‫اهد آخر لعكر ة ‪ ،‬اهد آخر فرطاة ال اعر افمػػوي وصػػفه بأنػػه لطيػػف جػػدا ) ‪ ،‬ػػاهد آخػػر مثلػػه‬
‫في الحسف واللطف ) فع ى همداف ‪ ،‬اهد آخػػر مفتػػرض ‪ ،‬ػػاهد آخػػر لخالػػد بػػف يزيػػد ابػػف معاويػػة‬
‫فيػػه جماليػػات ال يهتػػدي الػػى وضػػعها بالموضػػع المرضػػي اال مػػف كػػاف صػػحيح الطبػػع ) حسػػب تعبيػػر‬
‫المري ‪ ،‬اهد آخر البف عبد العػ ّػزي ‪ ،‬ػػاهد آخػػر وصػػفه بأنػػه‬
‫الجرجاني ‪ ،‬اهد آخر بغير الواو لجندح ّ‬
‫في غاية الحسف والجماؿ فحد الخوارج يصف أصحابه كما في الهامش ‪ ،‬بيتػػاف لألع اربػػي ‪ ،‬ػػاهد آخػػر‬
‫للفرزدؽ ‪ ،‬اهد آخر البػػف الرومػػي ‪ ،‬ػػرح صػػفحة ونصػػف ‪ ،‬ػػاهد لعلقمػػة ‪ ،‬ػػرح لل ػواهد المفترضػػة‬
‫ثنث صػػفحات ‪ ،‬است ػػهاد ب ػػطر ايػػة ثبػػات فرضػػيته بوضػػع الجملػػة مػػف المبتػػدأ والخبػػر موضػػع الفعػػل‬
‫والفاعل ‪ ،‬طر مف عر ب ػػار ‪ ،‬ػػرح صػػفحة ‪ ،‬ػػاهد آخػػر لسػػعد بػػف نا ػػب ‪ ،‬ػػرح نصػػف صػػفحة ‪،‬‬
‫نهاية الفصل ‪.‬‬

‫المجموع أل ‪ ٔٙ‬صفحة‬

‫ال واهد ال عرية أل ‪ ٕٜ‬بيتا و طر بيت‬

‫ال واهد المأثورة أل ثنثة واهد‬

‫ال واهد المفترضة بجملة زيد وعمرو أل ‪ ٙ‬ستة واهد ‪.‬‬

‫ال واهد القرآنية أل اهداف ‪ .‬االوؿ ثنثة أسطر سوية ثبات أمر التنزيػػل والمػػنـ سػواء فػػي الغنػػى عػػف‬
‫الواو كما رأيت ‪ .‬والثاني قبل نهاية الفصل ثبات فرض جديد فرضه هو جاء بال اهد القرآنػػي وبسػػطر‬
‫واحد على النحو التالي أل‬

‫‪ ..‬فف المعنى علػػى النصػػب نحػػو اضػػرب زيػػدا ووضػػعوا الجملػػة موضػػع الفعػػل والفاعػػل فػػي نحػػو قولػػه‬
‫تعػػالى أل أدعوتمػػوهـ أـ أنػػتـ صػػامتوف فف افصػػل فػػي المعادلػػة أف تمػػوف أدعوتمػػوهـ إليػػه َصػ َػم ّتـ ) ‪.‬‬
‫انتهى ‪.‬‬

‫فأيف هو إعجاز القرآف في هذا الفصل ؟‬

‫وكيػػف يحػػل الفعػػل صػ َػم ّتـ ) محػػل الحػػاؿ وأنػػتـ صػػامتوف ) ػ وفرضػػية الػػنظـ تقتضػػي االخػػتنؼ بػػيف‬
‫القػػوليف جػػاءني زيػػد مسػػرعا ) و جػػاءني زيػػد وهػػو يسػػرع ) وهمػػا ػػاهدا الجرجػػاني فػػي أوؿ مػػا بػػدأ‬
‫بتأسيس الفكرة ؟‬

‫‪177‬‬
‫وكيػػف تحػػل دال لػػة ا ػػتقاؽ محػػل دال لػػة ا ػػتقاؽ آخػػر فمػػا فا(ػػدة اال ػػتقاؽ إذف ؟ ومػػا فا(ػػدة التنػػوع فػػي‬
‫ا تقاؽ الصيغ المختلفة على أصل واحد ؟ وكيف يكوف مراد المػػتملـ واحػػدا والصػػيغ مختلفػػة ؟ ولمػػاذا ال‬
‫نعثر على مثل هذا التقدير والتغيير في ال واهد افخرى ونجد دوم ا في ال واهد القرآنية وحدها ؟‬

‫ٗ‪ .‬اختيار ع وا(ي آخر‬


‫صفحه ػ ٖٕٔ الموضوع أل فصل في الذي ) ‪ .‬قاؿ الجرجاني أل‬

‫إعلـ أف لؾ في الذي ) علما كثي ار وأسػ ار ار جمػػة وخفايػػا إذا بحثػػت عنهػػا وتصػػورتها اطلعػػت علػػى فوا(ػػد‬
‫تؤنس النفس وتثل الصدر بما يفضي بؾ إليه مف اليقيف ويؤديه إليؾ مف حسف التبيف ‪ ) ..‬انتهى ‪.‬‬

‫هكػػذا يبػػدأ الجرجػػاني هػػذا الفصػػل ػ وانػػت اآلف تت ػػوؽ لمعرفػػة افسػرار الجمػػة والخفايػػا فػػي الػػذي ) ‪،‬‬
‫السور ؟‬
‫وتساؿ في أي نوع مف ال واهد مف افولى وفي أي ّ‬
‫لمنؾ واهـ ‪ .‬فالجرجاني يتحدث عف افجزاء ‪ ،‬افجزاء في المنـ وحسب !‬

‫وعنواف المتاب هو دال(ل افجزاء ) ‪ .‬وانت واهـ منذ البداية أدعوتموهـ ظننت أنػػه يتحػػدث عػػف إعجػػاز‬
‫القرآف أل‬
‫ِ‬
‫وفي غػ ٍ‬
‫ػرض‬ ‫‪ ..‬ويؤديه إليؾ مف حسف التبييف ‪ ،‬والوجه في ذلؾ أف تتأمل عبارات لهػػـ فيػػه لػ َػـ ُوضػ َ‬
‫ػع ِّ‬
‫أُجتلب وأ ياء وصفو بها ) ‪.‬‬

‫وي رح الجرجاني تلؾ افسرار الجمة والخفايا بثنث صفحات فيها ثػػنث ػواهد مفترضػػة ‪ .‬واليػػأتي بأنػػه‬
‫اهد قرآني ويخلو الفصل مف أية إ ارة ولو عػػابرة الػػى االسػػتعماالت القرآنػػي لهػػذا االسػػـ الموصػػوؿ !!‬
‫وما أظف في القرآف !‬

‫٘‪ .‬النظـ وا عجاز نتيجة وتناقض‬


‫نظرية النظـ للجرجاني لـ تفسر إعجاز القرآف كما توهـ الناس منذ قروف !‬

‫لسبب واضح هو أف النظـ عند الجرجػػاني هػػو تسلسػػل افع اربػػي علػػى نحػػو منػػتظـ فػػي العبػػارة بحيػػث أف‬
‫يخل بالمعنى الذي يقصد القا(ل ‪.‬‬
‫تغيير مواقعها ّ‬
‫إذا فمل آية قرآنية هي معجزة ! وذلؾ أدعوتموهـ افترضنا مثل مػػا رأى اآلخػػروف أنػػه حينمػػا تحػػدث عػػف‬
‫ال عر فقد تحدث عف القرآف !‬

‫ولمف عندهـ أف القرآف ما تحدى بظية واحدة بل تحدى بسورة واحدة ومعلوـ أف أقػػل سػػورة بعػػدد افولػػى‬
‫هي النصر وآياتها ثنثة ‪.‬‬

‫‪178‬‬
‫أف ولع الجرجاني بنظريته أعما عف هذا السؤاؿ ولو كاف سأؿ نفسه فعرض عف نظريته العجيبة !‬

‫أف افجزاء أوسع واعظـ مما تتصور جميع العقوؿ فضنا عف عقل الجرجاني وحد !‬

‫وتناقض الجرجاني مع نفسه !‬

‫ف ذا كاف النظـ هو ترابط المفردات بطريقة معينة ال يؤدي المعنى المقصود سوا فما أحسػػنه مػػف رأي ‪..‬‬
‫هدمه في جميع سطور حينما قاـ بتأسيس طريقته فػػي تقػػدير الجملػػة بػػنظـ آخػػر وحينمػػا‬
‫لمف الجرجاني ّ‬
‫قدـ وآخر كما ي اء ف اسأله أل أليس النظـ الجديد المفترض يؤدي الى معنى آخر غير الػػنظـ االوؿ فػػأيف‬
‫ّ‬
‫ذهبت نظريتؾ ؟ إـ كاف ذلؾ طُعما ) زدراد المزيد مف السموـ ؟‬

‫ال تقولػوا ثن ثػػة ) بػػأمثر مػػف‬ ‫وكيف جعلت النظميف أو افربعة بمعنػػى واحػػد حينمػػا قػ ّػدرت قولػػه تعػػالى‬
‫صورة مختلفة ؟؟‬

‫‪ .ٙ‬تفسير الجرجاني لقوله تعالى‬


‫ال تقولوا ثنثة ػ‬

‫قدروا هذ العبارة القرآني بقولهـ إنهػػا بمعنػػى وال تقولػوا آلهتنػػا ثن ثػػة ) ػ ارتمبػوا‬
‫ليته إذ قاؿ أف الذيف ّ‬
‫عظيما في إثبات وجود آلهة ونفى عددها ‪ ..‬فتقديرهـ خاطّ جػػدا الف معنػػا آلهتنػػا عديػػدة لمنهػػا ليسػػت‬
‫ثنثة !‬

‫ليته إ ذ قاؿ هذا المػػنـ التػػزـ بػػه الػػى اآلخػػر والتػػزـ بنظريػػة الػػنظـ فلػػـ يقػ ّػدر كتقػػديرهـ ‪ ..‬لمنػػه أبػػى اال أف‬
‫لحـ في سنارة صيد ‪.‬‬ ‫يفعل الف قوله هذا أ‬
‫فقػػاؿ أل مػػا اسػػتخرجنا أدى هػػذا التقػػدير الػػى الفسػػاد وجػػب العػػدوؿ عنػػه الػػى غيػػر والوجػػه وى اعلػػـ أف‬
‫تموف ثنثة صفة مبتػػدأ ويكػػوف التقػ دير وال تقولػوا لنػػا ثن ثػػة آلهػػة ) ثػػـ حػػذؼ الخبػػر لنػػا ) فبقػػى وال‬
‫تقولوا آلهة ثنثة ثـ حذؼ الموصوؼ آلهة فبقى ثنثة !‬

‫فأنظر ماذا فعل فقد عاد الى ما بدأوا به وفعل أسوأ مما فعلوا ‪.‬‬

‫ذلؾ الف النهي تعّلق مرة أخرى بالعدد أل أي ال تقولوا لنا ثنثة آلهة بل قولوا أربعة أو ع ػرة أو مػػاء ال‬
‫فرؽ فالمنهي عنه هو الثنثة فقط ‪.‬‬

‫وكأنه عر بذلؾ فقاؿ أل افوؿ يثبت والثاني ال يثبت آلهة ‪.‬‬

‫‪179‬‬
‫فاف قلت أل أف كاف ال يوجب آلهة فانه ال تنفيه ؟ وأجاب على السؤاؿ بقوله أل‬

‫قيل ينفيه ما بعد وهو قوله تعالى أل أنكرتني ى إله واحد ؟‬

‫فاسأله أيف هي الم كلة إذا ؟ حتى أدعوتموهـ أدرؾ الغرؽ ت بث بالمقطع النحق ‪ ..‬وقد كنت تناقش‬
‫المقطػػع افوؿ منفص ػنا أل أف تقػػدير علػػى هػػذا النحػػو خػػاطّ ‪ ..‬فمػػا ػػطت بػػؾ افرض ولمػػف نقلػػت مػػف‬
‫السواد الى السواد !‬

‫ولمنه رغـ ذلػػؾ رضػػي بالتقػػدير باعتبػػار ال يثبػػت آلهػػة وال ينفيهػػا ‪ ..‬ونحػػف نقػػوؿ بػػل يثبتهػػا آيػػات مػػاداـ‬
‫متعلقا بالعدد ال بوجود اآللهة ‪.‬‬

‫ال تقولػوا لنػػا ثن ثػػة ػػعراء ) فالسػػامع يفهػػـ انهػػـ‬ ‫فنؾ لو قلػػت لجماعػػة أل ال تقولػوا ثن ثػػة أل أف تقػػدير‬
‫ثنثة ما بدأ يػػأمر بالمتمػػاف والتسػػتر علػػيهـ فأصػػبح تقػػدير الجرجػػاني ال يثبػػت اآللهػػة وحسػػب بػػل ويثبػػت‬
‫عددها آيات !‬

‫م ف خنؿ أف النهػػي تعلػػق بالثن ثػػة فقػػط وكػػل عػػدد غيػػر فػػوؽ الثن ثػػة جػػا(ز الف الواحػػد واالثنػػيف يسػػتلزـ‬
‫يقدروف الجمل إذا اقتضى التقدير تغيي ار في بقية افلفاز !‬
‫تغيي ار في صيغة الجمع آلهة وهـ ال ّ‬

‫تقدير آخر للجرجاني في قوله تعالى‬

‫ػ ال تقولوا ثنثػة ػ‬
‫قاؿ الجرجاني أل وال يمتنع أف تجعػػل المحػػذوؼ فػػي موضػػع التمييػػز دوف الموصػػوؼ ويكػػوف الت ػػػقدير أل‬
‫وال تقولوا ثنثة آلهة ) وتقدير أل وال تقولوا لنا أو في الوجود ثنثة آلهة ) ‪.‬‬

‫فانظر الى هذا التقدير الذي انجب تقدي ار آخػػر هػػو عػػيف التقػػدير االوؿ والنتيجػػة أل ال تقولػوا فػػي الوجػػود‬
‫ثنثة آلهة بل قولوا عددا آخر أو يكوف معنا أل ال تذكروا العدد فنكـ ال تعرفونػػه المبػػدأ كثيػػر ال يحصػػى‬
‫ن!‬ ‫متغير ال يعلـ أو يكوف أل امتموا العدد وأحفظوا ّ‬
‫السر فانهـ ثنثة فع ا‬ ‫أو ّ‬

‫قوؿ المنه القصدي في اآلية أل‬


‫ال يوجػػد هنػػا أي احتمػػاؿ في تقػػدير ‪ .‬فف اللفػػظ المقػ ّػدر موجػػود فػػي نفػػس اآليػػة فهػػو لػػـ يحػػذؼ ليقػ ّػدر‬
‫مجددا ‪ .‬وذلؾ أف اآليات مترابطة اليمكف فصل جزء منها ‪.‬‬

‫أليس قوله تعالى أل ‪ ‬وال تقولوا ثنثة انتهوا خي ار لمـ أنكرتني ى اله واحد ‪ ‬مترابط مع بعضه ومػػع مػػا‬
‫يسبقه وما يلحقه ؟‬

‫‪180‬‬
‫المقدر مفرد ال جمع هو نفس لفظ الجنلة ى ) والذي اصله ا له ) فأدغمت النماف وأزيلت‬ ‫ّ‬ ‫فاللفظ‬
‫الهمػػزة واف لػػف الثػػاني فصػػار ى ) ػ هػػذا تخػػريجهـ للفػػظ الجن لػػة ) ػ ولفػػظ ا لػػه ال يطلػػق اال علػػى‬
‫ا له الواحد كما هو معلوـ لوجود أؿ التعريف ‪.‬‬

‫ما استخرجنا كاف البد مف تقدير علػػى عػػادتهـ العجيبػػة فهػػو أل وال تقولػوا ى أمػػة ا لػػه ) ثن ثػػة ‪..‬‬
‫ػحه أل أنكرتنػػي ى أو ا لػػه ) إلػػه واحػػد ‪ ..‬حيػػث‬
‫فيػػدخل نفػػي التعػػدد مػػف أوؿ العبػػارة الػػى آخرهػػا ويوضػ ّ‬
‫يتعلق المحذوؼ ) المزعوـ باللفظ المذكور الحقا‪.‬‬

‫يقدر هو وغير المحذوؼ المزعوـ بصيغة الجمع وهـ يريدوف مف الجملة أف تفيد نفي التعدد؟‬
‫فميف ّ‬
‫يميز أنه أف الجميع بيف المخاطبيف والمقصوديف مف القوليف أل‬
‫فالجرجاني لـ ّ‬
‫قوله تعالى ‪ ‬لقد كفر الذيف قالوا أف ى ثالث ثنثة ‪ / ‬الما(دة ػ ٖ‪ٚ‬‬

‫وقوله ‪ ‬وال تقولوا ثنثة ‪ / ‬النساء ػ ٔ‪ٔٚ‬‬

‫إذ أف هناؾ طا(فتيف تمثنف أسوأ وأهوف القا(ليف بالتثليث مػػف النصػػارى ‪ .‬وتقػػع بينهمػػا أمثػػر مػػف تسػػعة‬
‫اتجاهات في فهـ هذا التثليث ‪.‬‬

‫فالذيف قالوا أف ى الذي هو إله ثالث ثنثة فقد اثبتوا ثنثة آلهة وهو أسػوأ َف ْهػػـ للتثليػػث وقػػولهـ كفػػر ‪.‬‬
‫والذيف قػػالوا أل ا لػػه واحػػد لمنػػه ثن ثػػة ‪ .‬وهػػي طا(فػػة فػػي النصػػارى جمعػػت بػػيف القػػوؿ بالتوحيػػد الخػػالص‬
‫ومعقد للغاية ‪ .‬ال يفهمه حتى قادة االتجػػا أنفسػػهـ ػ وهػؤالء‬
‫وبيف الت عدد في االقانيـ في مفهوـ غامض ّ‬
‫لـ يكفروا مثل أول(ؾ فقاؿ أل انتهوا خير لمـ ! الف قولهـ مخالف العتقادهـ فافهـ ‪.‬‬

‫كل منهما أل‬


‫اف ت ار قاؿ عبارتيف في التوحيد مختلفتيف مع ّ‬
‫‪ ‬لقد كفر الذيف قالوا إف ى ثالث ثنثة ػ بعدها أل وما مف إله إال إله واحد ‪‬‬

‫‪ ‬ال تقولوا ثنثة انتهوا خير لمـ ػ بعدها أل أنما ى إله واحد ‪ ..‬‬

‫عددوا ى نفسه !‬
‫فأوضح للذيف كفروا بقولهـ هو ثالث أل أنه ليس مف إله اال إله واحد فنهـ ّ‬
‫وأوضح للذيف قالوا ا له الواحد ثنثة أل أف هذا ا له الذي تؤمنوف بػػه هػػو ى وأنػػه واحػػد ‪ .‬فػػانتهوا عػػف‬
‫القوؿ ‪ .‬ولـ وال فروؽ أف ينتهوا عف المفر الف المافر ال ينتهي عف المفر ‪.‬‬

‫‪ ‬أف الذيف كفروا سواء عليهـ أءنذرتهـ إليه لـ تنذرهـ ال يؤمنوف ‪‬‬

‫ثـ انظر الى ا عجاز المذهل في ذكر الفريق الثاني مع افوؿ في مورد الما(دة أل‬

‫‪ ‬لقد كفر الذيف قالوا أف ى ثالث ثنثة وما مف إله اال إله واحد ‪..‬‬

‫ػذكر الفريػػق الثػػاني الػػذي يقػػوؿ ثن ثػػة وال يعنػػي اف الواحػػد فسػػأؿ أل والػػذيف يقولػػوف ذلػػؾ‬
‫فمػػأف السػػامع تػ ّ‬
‫ويعنوف أنه واحد هل يكفروف ؟‬

‫‪181‬‬
‫فقاؿ أل ‪ ‬ول(ف لـ ينتهوا عما يقولوف ّ‬
‫ليمسف الذيف كفروا منهـ عذاب اليـ ‪‬‬
‫فجمعهمػػا معػا فػػي مػػورد الما(ػػدة فانتبػػه ‪ .‬فػػبعض هػؤالء كفػػر وبعػػض لػػـ يكفػػر فقػػاؿ مػػنهـ ) بينمػػا َّ‬
‫كفػػر‬
‫الفريق االوؿ كلهـ ‪ ‬لقد كفر الذيف قالوا أف ى ثالث ثنثة ‪. ‬‬

‫فزعـ آخروف مف أمثاؿ الجرجاني أف منهـ ) في اآليات مزيدة !!‬

‫فافهـ وتأمل وأعد القراءة أف لـ تفهـ فني أوضحت لؾ افمر بطريقػػة تظهػػرؾ علػػى ا عجػػاز الفعلػػي فػػي‬

‫نظاما ) محكما ونسيج ا واحدا ال نظما) في ّ‬


‫كل مقطع !‬ ‫كل القرآف باعتبار‬
‫ّ‬

‫‪ . ٚ‬التقديـ والتأخير عند الجرجاني‬


‫الجرجاني هو الذي بنى أساس تخريب اللغة بافتراضاته العجيبػػة التػػي انطلػػت علػػى المػػأل ‪ ،‬ذلػػؾ أف هػػذ‬
‫افمة ولعػػت ولعػا ػػديدا بكثػػرة التػػأليف مػػع ضػػعف النظػػر والتػػدقيق وعلػػى عكػػس مػػا تظػػف ‪ ..‬ف نهػػا أمثػػر‬
‫تحدثا عف اللغػػة مفرداتهػػا ونحوهػػا واعرابهػػا ولمنهػػا فػػي الواقػػع أبعػػد افمػػـ عػػف فهػػـ لغتهػػا الخاصػػة‬
‫افمـ ّ‬
‫ن عف وضع نظرية حصيفة في علـ افلسف ‪.‬‬
‫فض ا‬
‫قاؿ الجرجػػاني فػػي ص ػ ٕ‪ ٔٙ‬أل اف تػػرى إنػػؾ إذا قلػػت أتانػػا وقػػد طلعػػت ال ػػمس) وذلػػؾ أذا اسػػتبطأت‬
‫أنسانا وعكس هذا إذا قلت أتى وال مس لػػـ تطلػػع ) كػػاف أقػػوى فػػي وصػػفؾ لػػه بالعجلػػة والمجػػيء قبػػل‬
‫ظف أنه يجيء فيه مف قولؾ أتى ولـ تطلع ال مس بعد ) ‪ ،‬هذا هو كنـ ال يكاد يجيء اال‬
‫الوقت الذي َّ‬
‫نابيا والمنـ البليغ هو أف تبدأ باالسـ وتبني الفعل عليه‪ .‬انتهى ‪.‬‬

‫تسمى نظرية الجرجاني بالقضـ ) ال النظـ ) فنها قضمت اللغة والتراميب قضما ‪.‬‬
‫كاف الولى أف ّ‬
‫أيرى الجرجاني أف الجمل المبدوءة بفعل وهي الجمل الفعلية ليست بليغة ؟‬

‫ماذا يرمي الجرجاني بقوله أل ومثل ذلؾ قولػػه أل وقػػد اغتػػدي والطيػػر لػػـ تمّلػػـ )‪ .‬أيرمػػي الػػى أف الجمػػل‬
‫الفعلية المثيرة في القرآف ليست بليغة ؟ واف أ عار الجاهليف ابلغ منها ؟‬

‫مبتدء بالفعل ال االسـ أل‬


‫ا‬ ‫كيف وهناؾ المثير في كنـ ى تعالى ما كاف‬

‫سيارة ‪ ،‬وقاؿ فرعوف‬


‫أتى أمر ى ‪ ،‬أتاهـ العذاب ‪ ،‬قد جاء أمر ى ‪ ،‬إذا جاء نصر ى والفتح ‪ ،‬وجاءت ّ‬
‫‪ ،‬وقاؿ الذيف كفروا ‪ ،‬قل ال أسألمـ أج ار ‪ ... .‬الى م(ات الموارد ؟‬

‫لقػػد ظػػف الجرجػػاني أف القا(ػػل أل أتػػى ولػػـ تطلػػع ال ػػمس بعػػد ‪ ..‬أمػػر يػػتملـ بكػػنـ ال يجػػيء اال نابيػا ) ‪.‬‬
‫بينما تموف هذ العبارة ذات معنى مختلف عف العبارة افولى أل أتى وال مس لـ تطلع بعد )‪ .‬فف تقديـ‬
‫طلوع ال مس كفعل على اسمها ينبّ عف عجلة في المجيء امبر مما يتوقع القا(ػػل ‪ ..‬وخػػنؼ االتفػػاؽ‬
‫في الوعد بينهما ‪ ،‬بينما العبارة الثانيػػة تؤكػػد أف مجي(ػػه فػػي عػػيف الوقػػت المتفػػق عليػػه ! لمػػاذا ! ف نػػه‬

‫‪182‬‬
‫قدـ الفعل أوحى الى السامع أف الموعد هو الطلوع بينما العبارة الثانية أوحى إليه فيها أف الموعػػد‬
‫حينما ّ‬
‫قبل الطلوع !‬

‫ويمكنؾ التأمد مف ذلؾ بالتأمل فيه أوالا ووضع االستفهاـ المناسب لمل عبارة ثانيا هكذا أل‬

‫هل أتى وقد طلعت ال مس ؟ الجواب أل أتى ولـ تطلع ال مس بعد‬

‫قدـ الفعل ‪ ،‬فالجواب على نفس الترتيب ‪.‬‬


‫الف السا(ل ّ‬
‫والسؤاؿ ينبّ أف الموعد هو الطلوع ‪.‬‬

‫المبدأ الثانية فالسؤاؿ فيها أل هل أتػػى وال ػػمس قػػد طلعػػت ؟ وهػػذا التغييػػر فػػي السػؤاؿ وتقػػديـ الفاعػػل‬
‫غيػػر العبػػارة كلهػػا وأَفهػػـ السػػامع أف الموعػػد قبػػل الطلػػوع وأنػػه يسػػأؿ عمػػا إذا كػػاف قػػد أتػػى‬
‫ال ػػمس ) قػػد ّ‬
‫وال مس قد طلعت ‪ .‬وجوابػػه أل أتػػى وال ػػمس لػػـ تطلػػع بعػػد ‪ .‬فػػتـ تقػػديـ ال ػػمس عػػف الفعػػل فػػي صػػيغة‬
‫السؤاؿ والجواب معا وهذا كله هو عكػػس مػػا قالػػه الجرجػػاني تمامػا ‪ ..‬وليسػػت الثانيػػة نابيػػة كمػػا زعػػـ بػػل‬
‫هو تركيب صحيح لمعنى مختلف ‪.‬‬

‫‪ .ٛ‬اختيار ع وا(ي آخر‬


‫ػه الملي(ػػة بػػالغرور‬
‫ص ػ ٕٗٗ ‪ .‬بعنػواف فصػػل ) لػػيس تحتػػه عنػواف قػػاؿ الجرجػػاني وبػػنفس نبػػرة كنمػ ُ‬
‫وحيث قاؿ أل‬

‫كل مبلغ ‪ ،‬وانتهينػػا الػػى‬


‫قد بلغنا مف مداواة الناس مف داءهـ ‪ ،‬وعنج الفساد الذي عرض في آراءهـ ّ‬
‫كل غاية ‪ ،‬وأخذنا بهـ عف المجاهل التي كانوا يتعسفوف بها الػػى ّ‬
‫السػػنف النحػػب ‪ ،‬ونقلنػػاهـ مػػف اآلجػػف‬ ‫ّ‬
‫المطػػروؽ الػػى ا لنميػػر الػػذي ي ػػفي غليػػل ال ػػارب ولػػـ نػػدع لبػػاطلهـ عػػرؽ ينػػبض اال كوينػػا وال للخػػنؼ‬
‫لساف ينطق اال أخرسنا ‪ ،‬ولـ نترؾ غطاء على بصر ذي عقل اال أحسرنا ‪. )..‬‬

‫ولما انتهى مف ديباجته قاؿ أل‬


‫ّ‬
‫اعلـ أنه لما كاف الغلط الذي دخل على الناس في حديث اللفظ كالداء الذي يسري في العػػروؽ ويفسػػد‬
‫المزاج وجب أف يتوخى دا(با فيهـ ما يتوخا الطبيب في الناقة مف تعهد بما يزيػػد فػػي منتػػه أي قوتػػه‬
‫) ويبقيه على صحته ويؤمنه النكس في علته ) ‪.‬‬

‫قاؿ مؤلف هذ افوراؽ أل صدؽ القا(ل ‪ ،‬خذوا الحكمة مف أفػوا المجػػانيف فػػأف جماعػػة ا ّتبعػػت الجرجػػاني‬
‫وهو يهينها هذ ا هانة ويمثلها بالناقة الهزيلة المنكسة مف علتها ‪ ..‬المتداعيػػة صػػحتها الخػػا(رة قوتهػػا‬
‫ويمثل نفسه فيها طبيبها ‪ ..‬المت ّتبع للداء الذي يسري في عروقها لهي جماعػػة بهػػذا الوصػػف فعػ ا‬
‫ن ‪!. .‬‬

‫‪183‬‬
‫بيػػد أف الػػذيف يؤمنػػوف بوجػػود قيمػػة ذاتيػػة فػػي اللفػػظ هػػـ أمػػة أخػػرى بكػػل تأميػػد ‪ .‬ونسػػجل لػػؾ اآلف ثبتػ ا‬
‫بمواضيع هذا الفصل أل‬

‫ػ أربػػع صػػفحات ل ػػرح الػػداء الػػذي ذكػػر الجرجػػاني ‪ .‬امػػتألت بعبػػارات التػػبجح والػػتهكـ معػا واصػػفا مػػف ال‬
‫يؤمف بأقواله بمختلف افوصاؼ أل دة الغفلة ‪ ،‬خراب العقوؿ ‪ ،‬الغواية ‪ ،‬ا ّتباع الهوى ‪ ،‬تأسيس الفسػػاد‬
‫‪ ،‬التور بالجهاالت ‪ ..‬الى ما يصعب إحصاء‬

‫ػ واهد أل ثنثة أبيات فبي ُنخيله وبيتاف فبي تماـ ‪.‬‬

‫ػ مثاؿ قديـ ‪ ،‬بيت للهنلي ‪ ،‬بيت للبيد وآخر للبحتري وثالث براهيـ بف المهدي وآخر البف أبي فنف ‪.‬‬

‫رح صفحة و اهد آخر أل بيتاف للحطي(ة ‪ ،‬رح صفحة أخرى وبيت لحساف ‪ ،‬رح آخر وبيت للمتنبي‬
‫وآخر للبحتري ‪.‬‬

‫ػ صفحة أخرى فيها سبعة واهد عرية مختلفة ‪.‬‬

‫ػ صفحة أخرى ليس فيها روح بل أبيات و واهد عددها ع رة ‪.‬‬

‫ػ صفحتاف واثناف وع روف بيتا لطبقات مختلفة مف ال عراء ‪.‬‬

‫ػ خمسة صفحات أخرى و واهد عرية ما يقرب مػػف خمسػػيف بيتػا ل ػػعراء مختلفػػيف يتخللهػػا نمػػاذج مػػف‬
‫اف عار وأبيا ت لبعض الخوارج وأبي نؤاس مثلما يتخللها نماذج ل عراء جػػاهلييف ‪ ،‬ػػرح صػػفحة ل ػػاهد‬
‫أبي نؤاس ‪.‬‬

‫ػ ثنث صفحات مع ستة وع ريف بيتا آخر ‪ .‬رح صفحة واحدة ل اهد المتنبي‪.‬‬

‫ػ رح صفحتاف مع واهد عرية ‪ ،‬ثنثة ع ر بيتا ‪.‬‬

‫ػ صفحتاف أخرياف واثناف وع روف بيتا ‪.‬‬

‫ػ ثنث صفحات وخمسة وثنثيف بيتا ‪.‬‬

‫عودة الى ال رح أل ثبات أف ا عجاز ليس في الحروؼ ومذاقها وال في سنمتها مما يثقػػل اللسػػاف مػػف‬
‫ّ‬
‫حيث يرى الناظر أف كنمهـ ليس كنـ مف خطر ذلؾ منه بباؿ ‪..‬الى آخر عباراته ‪.‬‬

‫تثبيت أف ا عجاز ليس في اللفظ !!!‬

‫وبالتالي فػػاف إعجػػاز القػرآف لػػيس فػػي اللفػػظ بػػل بالمعػػاني المتحصػػلة مػػف اللفػػظ ‪ .‬لمػػف قػػارئ الجرجػػاني‬
‫سيدرؾ بن ؾ أف ال واهد معجزة والقرآف ربما هو معجز أيض ا واال فميف تصح النتيجة مف المقارنة ؟‬
‫لمف الجرجاني آمف مف انك اؼ االمػػر ف نػػه يعلػػـ أنػػه لػػيس هنػػاؾ قػػارئ حقيقػػي بػػل هػػي ناقػػة جربػػاء )‬
‫تحتاج الى كي وهاهو يعالجها !‬
‫ّ‬
‫الخنصة أل‬

‫‪184‬‬
‫عدد الصفحات أل ٖٖ‬

‫ال واهد ال عرية أل ‪ ٜٜٔ‬بيتا ما(ة وتسعة وتسعيف بيتا ! ) ‪.‬‬

‫افمثاؿ أل واحد ‪.‬‬

‫اآليات القرآنية أل ال يوجد !‬

‫الحديث ال ريف أل ال يوجد ! ‪.‬‬

‫انتبػػػػػػػػػه !‬
‫اسـ المتاب أل دال(ل ا عجاز !! والمفروض أف المقصود إعجاز القرآف ال سوا ولمف أنظر أل‬

‫عػػدد الم ػرات التػػي ذكػػر فيهػػا لفػػظ الجن لػػة أو أسػػـ مػػف أسػػماء ى بمػػا فػػي ذلػػؾ ال ػػعر أل ثن ثػػة م ػوارد‪.‬‬
‫موضوع البحث أل إعجاز القرآف !!! أو هكذا يفهـ مف عنوانه دال(ل ا عجاز ) !‬

‫توزيع موارد ذكر أسماء ى أل‬

‫افوؿ أل في البسملة في أوؿ الفصل ‪.‬‬

‫ونصها أل ونسأؿ ى التوفيق والعوف‪.‬‬


‫الثاني أل في الجملة افخيرة في نهاية الفصل ّ‬
‫الثالث أل في روح النتيجة في النص اآلتي ص ‪ ٕ٘ٚ‬أل‬

‫ذلؾ أف يء يؤدي الى اآليات يكوف القرآف معج از ال بما كاف قرآنا وكنـ ى عز وجل ) ‪.‬‬

‫كل كنـ ‪!.‬‬


‫طرد في ّ‬
‫ومعنى ذلؾ أل أنه ليس بمعجز فنه كنـ ى ‪ . .‬بل للنظـ الذي هو م ّ‬
‫والدليل هو ال واهد ‪.‬‬

‫تنبيػػػػه أل‬
‫ػل ا عجػػاز عػػف القػرآف ػ بتعمػػيـ أف ا عجػػاز ال يعػػود الػػى القػرآف مػػف‬
‫الدسيسة في هذ الفقرة هػػي أل فصػ ُ‬
‫حيث هو كنـ ى ) بل مف حيث هو نظـ للمػػنـ ! والػػنظـ عػػاـ فػػي كػ ّػل كػػنـ ولػػيس مقصػػو ار علػػى‬
‫كنـ ى ‪.‬‬

‫ولػػذلؾ جمػػع الجرجػػاني القليػػل مػػف كػػنـ ى مػػع المثيػػر جػػدا مػػف كػػنـ غيػػر فػػي نسػػق واحػػد وأجػػرى علػػى‬
‫الجميػػع حكمػا واحػػدا ػ مػػع التأميػػد المسػػتمر علػػى م ازيػػا كػػنـ الخلػػق والصػػمت المسػػتمر عػػف م ازيػػا كػػنـ‬
‫الخالق ‪.‬‬

‫‪185‬‬
‫تنبيه آخر على حيلة الجرجاني أل‬
‫المتقدـ كانت على النحو اآلتي أل‬
‫ّ‬ ‫أف حيلة الجرجاني في الفصل‬

‫إذا كانت هذ افمة ترفض أو فيها مف يرفض اآليات ينكر أحد أف القػرآف معجػػز فعنػػد الجرجػػاني طريقػػة‬
‫فذة هي أل ليكف معج از ‪ ..‬وليكف كنمنا هو اآلخر معج از ‪! ..‬‬

‫فالنتيجػػة واحػػدة أل ألسػػتـ تريػػدوف إنكػػار ا عجػػاز ليتسػػاوى كػػنـ ى مػػع كنمنػػا ؟ فػ ذا عجػػزتـ أف تنزلػوا‬
‫بالقرآف الى كنمنا فارفعوا كنمنا ليساوي كنـ ى ! ‪ .‬فهني(ا فمتنا ب مامها الجرجاني ‪.‬‬

‫‪ .ٜ‬افتعاؿ الجرجاني فحاديث بن موضوع‬

‫قاؿ الجرجاني تحت عنواف أل فصل في مسا(ل إنما ) أل‬

‫حرـ ربي الفواحش ما ظهر منها ومػػا بطػػف‬


‫أف ناسا مف النحوييف قالوا في نحو قوله تعالى أل ‪ ‬قل إنما ّ‬
‫حرـ ربي اال الفواحش ‪.‬‬
‫‪ ‬أل أف المعنى أل ما ّ‬
‫حرـ اال الميتة والدـ ‪.‬‬
‫حرـ عليكـ الميتة والدـ ‪‬أف معنا ما ّ‬
‫الزجاج قوله في آية ‪ ‬إنما ّ‬
‫وذكر عف ّ‬
‫وراح الجرجاني يحاوؿ تخري كنمهـ في كنـ هػػو الغايػػة فػػي السفسػػطة بػالرغـ مػػف أف كػػنـ هػؤالء هػػو‬
‫أحد المعاوؿ الهادمة لنظرية الجرجاني في الػػنظـ ‪ .‬فمػػاف يكػ ّػد ويتعػػب ثبػػات ػػيء ثػػـ يعػػود الػػى نقضػػه‬
‫فمثله كمثل التي نقضت غزلها مف بعد قوة)‪.‬‬

‫كيف تموف أل إنما ّ‬


‫حرـ الميتة مساوية لقوله ما ّ‬
‫حرـ اال الميتة ؟‬
‫الف العبػػارة اآلخيػػرة هػػي مؤلفػػة مػػف مػا النافيػػة وأداة الحصػػر والمعنػػى أنػػه لػػيس هنػػاؾ مػػف محػّػرـ سػػوى‬
‫الميتة والدـ ‪ ..‬والى آخر اآلية ‪.‬‬

‫بينما العبارة افولى تضمنت أف التوكيػػد مػػع مػػا الموصػػولة والمعنػػى أف الػػذي حػّػرـ فػػي هػػذا الموضػػع مػػف‬
‫محرمات أخرى فػػي مواضػػيع‬ ‫الحديث وما يدور حوله مف افطعمة واف ربة هو الميتة والدـ ‪ ..‬الف هناؾ ّ‬
‫أخرى ‪.‬‬

‫يردوا ويصححوا بها كنـ النحػػوييف لػػو كػػانوا يعلمػػوف‬ ‫والدليل على ذلؾ آيات وآيات كاف على الفقهاء أف ّ‬
‫محرـ مف الصيد ما دامػوا حرمػا وكػػـ مػػف محػػرـ فػػي وقػػت دوف وقػػت وكػػـ مػػف محػّػرـ فػػي بػػاب‬
‫‪ .‬فمـ مف ّ‬
‫دوف باب ؟‬

‫‪186‬‬
‫فميف اخرجوا العبارة القرآنية بطريق الحصر ؟ أـ كاف هؤالء ال يصّلوف وال ّ‬
‫يحجوف وال ػػأف لهػػـ ببقيػػة‬
‫المحرمات ؟‬
‫ّ‬
‫قاؿ الجرجاني أل ليس معنى كنمهـ أف المعنى في هذا هو المعنى في ذاؾ ؟‬

‫فن ادري كيف يق أر الجرجاني سطورهـ ؟ ألـ يق أر قػػولهـ أل معنػػا مػػا حػّػرـ اال الميتػػة ! فميػػف ال يعنػػي‬
‫أف المعنى في هذا ليس المعنى في ذاؾ ؟‬

‫ويتخبط الجرجاني لتوضيح مقصودهـ بعبارات عجيبة وأمثلة اعجب فيقوؿ أل‬

‫كل كنـ يصلح فيه ما ) و اال ) يصلح فيه إنما ) !‬


‫فنه ليس ّ‬
‫فلماذا قلب الجرجاني المعادلػػة ؟ إذ المفػػروض أف يػػأتي ب ػػاهد لػػػ إنمػػا ) ال يصػػلح فيػػه مػػا و اال )‬
‫وليس العكس الف هذا هو موضوعه المبحوث فيه !‬

‫وجاء بال اهد أل قوله تعالى أل وما مف إله اال ى‬

‫قدر كذلؾ لماف أل إنما مف إله ى وهو بن معنى !‬


‫وزعـ أنه لو ّ‬
‫وعلى نفس تقدير المعكوس ومثاله الغريب عف الموضوع فالتقدير ليس كذلؾ بل هو أل‬

‫إنما ى إله !‬

‫لمف مف الواضح أنه ال يفيد الحصر الف المقارنة خاط(ة مف افصل ‪.‬‬

‫ن أل إنما ّ‬
‫حرـ ربي ‪ ، ..‬إنما ّ‬
‫حرـ عليكـ ‪ .‬وهػػذ الجملػػة أل مػػا مػػف إلػػه‬ ‫فالجمل المبحوث فيها تضمنت فع ا‬
‫اال ى جملة مؤلفة مف نفي دخل على به جملة مع أداة الحصر فما هي عنقته بالجملة الفعلية؟‬

‫ال ادري بػػأي ػػيء التػػزـ ه ػؤالء أل بقواعػػدهـ الخاط(ػػة مػػف افصػػل أـ بالمعػػاني أـ بػػالمنطق ‪ ..‬ال ػػيء‬
‫التزموا به ‪ ..‬وما هذا اال موضوع اخترعته االعتباطية مف نفسها اختراع ا ‪.‬‬

‫تنبيػػػػػػه أل‬
‫راح الجرجاني يسرد افمثلة على النحو الػػذي ال يػػدري مػػا هػػو جامعػا بػػيف اآليػػات وال ػواهد ال ػػعرية فػػي‬
‫خلطة واحدة أل‬

‫أنت ُم أ‬
‫نذر ‪ ، ‬مع إنما مصعب هاب مف ى وانمػػا أنػػت والػػد‬ ‫معوف ‪  ،‬وا ّ‬
‫نما َ‬ ‫يس ُ‬ ‫يستجي ُب َ‬
‫الذيف َ‬ ‫َ‬ ‫‪ ‬إّنما‬
‫الرقيات والمتنبي ‪.‬‬
‫أل البف قيس ّ‬

‫يكـ َ‬
‫الميتة ‪ ، ‬مع إنما يدافع عف أحسابهـ أنا ومثلي للفرزدؽ ‪.‬‬ ‫إنما َّ‬
‫حرـ عَل ُ‬ ‫‪ّ ‬‬

‫إف ُ‬
‫أنتـ االّ ب أر مثُلنا ‪... ‬‬ ‫ما وجدت اال هاب ‪ ،‬مع ‪ْ ‬‬

‫‪187‬‬
‫ِ‬
‫عمهوف ‪ ، ‬مع أل زعـ العواذؿ أنّني في غمرة ‪ ...‬وهكذا دواليػػؾ‬ ‫يستهزئ ِبهـ َ‬
‫وي ُ‬
‫مدهـ في طُغيانهـ َي ُ‬ ‫َ‬ ‫ى‬
‫‪ُ ‬‬
‫‪.‬‬

‫ػأتوا بمثػ ِػل هػػذا القػرآف ال يػػأتو َف‬ ‫افنس والجف علػػى ْ‬
‫أف يػ ُ‬ ‫ُ‬ ‫إجتمعت‬
‫ْ‬ ‫وهذ افمة تق أر في كتاب ى أل ُق ْل َلو‬
‫بمثلػ ِػه وَلػػو كػػاف َب ُ‬
‫عضػػهـ لػ ٍ‬
‫ػبعض ظهي ػ ار ) ‪ .‬ومػػع ذلػػؾ فقػػد جمعػػت وال ازلػػت تجمػػع هػػذا الق ػرآف مػػع أق ػواؿ‬
‫تجري على الجميع قواعدها التي ابتػػدعتها ! مػػف غيػػر‬ ‫السفهاء مف الجف وافنس في مكاف ضيق واحد ُ‬
‫أف يثير ذلؾ غيرَة ٍ‬
‫رجل منهـ ‪.‬‬

‫ٓٔ‪ .‬تقديرات الجرجاني االعتباطية‬


‫المقدرة للفعل قاؿ ) أل‬
‫ّ‬ ‫قاؿ الجرجاني وهو ي رح افس(لة‬

‫واعلـ أف الذي ت ار في التنزيل مف لفظ قاؿ ) مفصو اال غير معطوؼ هذا هػػو التقػػدير فيػػه كقولػػه تعػػالى‬
‫ػوـ ُمنكػَػرُوف ‪ ‬جػػاء‬ ‫ػاؿ سػ أ‬
‫ػنـ قػ أ‬ ‫المكػػرميف إ ْذ دخلػوا عليػػه فقػػالوا َسػػنما قػ َ‬ ‫حديث ضيف إبػر َ‬
‫اهيـ َ‬ ‫ُ‬ ‫هل َ‬
‫أتاؾ‬ ‫‪ْ ‬‬
‫على ما يقع في انفس المخلوقيف مف السػؤاؿ فلمػػا كػػا ف فػػي العػػرؼ إذا قيػػل لهػػـ أل دخػػل قػػوـ علػػى فػػنف‬
‫فقالوا كذا ‪ ،‬أف يقولوا أل فما هو ؟ ويقوؿ المجيب قاؿ كذا اخرج المنـ ذلؾ المخػػرج الف النػػاس خوطبػوا‬
‫بما يتعارفونه ‪ ...‬الخ ‪.‬‬

‫قدر الجرجاني افس(لة المن(مة هكذا أل فقربه إليهـ قاؿ اال تأملوف ؟‬
‫ثـ ّ‬
‫السؤاؿ هو أل فما قاؿ حيف وضع الطعاـ بيف أيديهـ ؟‬

‫قاؿ مؤلف هذا المتاب أل ما أد ار أف السؤاؿ على هذا النحو وما أد ار أف الضرورة العرفية تقتضي خنفه‬
‫؟ إذ المتعارؼ أف الرجل إذا وضع الطعاـ بيف يدي قوـ فالسامع للقصة ننتظر منه أف يقػػوؿ أل فمػػا قػػالوا‬
‫حيف وضع الطعاـ ؟‬

‫وال يسأؿ السامع أل ماذا قاؿ الواضع للطعاـ ! فانتبه أيها القارئ النبيه !‬

‫ولذلؾ جاء المنـ بخنؼ المتعارؼ فمػػر مقصػػود تػػرؾ ذكػػر ومػػا تركػػه اال فف السػؤاؿ المقػ ّػدر بخنفػػه ‪..‬‬
‫فنه لما قاؿ أل اال تأملوف ) فهـ السامع أم ار مضى وجاء بخنؼ توقعاته وهو انهػػـ لػػـ يػػأملوا كمػػا هػػو‬
‫حوؿ السامع افف لينظر الى إبراهيـ ع ) الف الصورة التي يعرضها القرآف هي بخنؼ ايػػة‬ ‫المتعارؼ فت ّ‬
‫حيػػة متحركػػة كمػػا لػػو كػػاف السػػامع‬
‫صورة يعرضها أي كنـ للمخلػػوقيف ‪ ..‬فهػػو يعػػرض الصػػورة اخصػػة ّ‬
‫ي اهد الحدث واقعا َ‬
‫أماـ عينيه ‪ .‬ونعود الى كنمه فنقوؿ أل هكذا ّ‬
‫قدر الجرجاني جميع افسػػ(لة المضػػمرة‬
‫يدعي أف كنـ الخالق يختلف عف المنـ المتعػػارؼ‬ ‫بزعمه بحيث ال يبقى معها يء يمكف فيه للمرء أف ّ‬
‫قدر ثـ ق ّتل كيف ّ‬
‫قدر !‬ ‫ب يء ‪ ..‬فقتل كيف ّ‬

‫المقدرة وأجوبتها ّ‬
‫المنزلة أل‬ ‫ّ‬ ‫انظر الى افس(لة‬

‫‪188‬‬
‫تغير ودخلته الخيفة ؟‬
‫س أل فما قالوا حيف رأو وقد ّ‬
‫ج أل قالوا ال تخف ‪.‬‬

‫وفي قصة موسى ع ) أل فما قاؿ موسى له ؟‬


‫ج أل قاؿ رب السمو ِ‬
‫ات وافرض‬

‫فمذبوهما َّ‬
‫فعززنا بثالث ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫وفي قصة مؤمف يس أل ‪‬‬

‫لوف ‪ ‬؟‬ ‫إليكـ َ‬


‫مرس ُ‬ ‫سؤاؿ الجرجاني أل فما قالوا ؟ ج أل ‪ ‬قالوا أنا ُ‬
‫بخ بخ للجرجاني ما هذ المنوز البنغية التي يستخرجها مف التنزيل ؟‬

‫وكأف العقوؿ الب رية عاجزة عف ا تياف بمثل أس(لته المقػ ّػدرة العجيبػػة لسػػياؽ حػواري تػػاـ بػػيف طػػرفيف ال‬
‫يحتاج الى أف تقدير مزعوـ ؟ !‬

‫على أنؾ تنحظ بوضوح كاؼ أل أنه لما قاؿ أل فمذبوهما فعززنا بثالث ‪ ،‬فالمتوقع كنـ الثالػػث بعػػد تمػػذيب‬
‫االثنيف ! واذا كػػاف ثمػػة سػؤاؿ مقػػدر فهػػو أل فمػػا قػػاؿ الثالػػث ؟ ولػػيس فمػػا قػػالوا ‪ ..‬ويفاجػػأؾ القػرآف أف‬
‫الجميع قالوا وليس الثالث وحد وهنا تممف البنغة وأسرار علـ الػػنفس وعظمػػة افنبيػػاء والرسػػل وأ ػػياء‬
‫أخرى في كنـ ى ‪.‬‬

‫وهكذا يسترسل الجرجاني في تقدير افس(لة المن(مة لجميع نصوص الحكاية )أل‬

‫إليكـ َلمجُنوف ‪‬‬


‫سل ُ‬ ‫ولمـ الذي ُأر َ‬
‫رس ُ‬ ‫فما قاؿ فرعوف ؟ أل ‪َ ‬‬
‫قاؿ أف َ‬
‫أف ُكنتـ تعقلوف ‪‬‬ ‫ِ‬ ‫قاؿ رب الم ر َؽ و‬
‫المغرب وما َ‬
‫بينهما ْ‬ ‫فما قاؿ موسى ؟ أل ‪َ ‬‬
‫َّ‬
‫فجعلنؾ مف َ‬
‫المسجونيف ‪‬‬ ‫غيري‬
‫اتخذت إلها َ‬
‫َ‬ ‫فما قاؿ فرعوف ؟ أل ‪ ‬قاؿ ل(ف‬

‫ج(تؾ ب ٍ‬
‫يء ُمبيف ‪. ‬‬ ‫ُ‬ ‫قاؿ أو ُلو‬
‫فما قاؿ موسى ؟ أل ‪َ ‬‬
‫ِ‬
‫أف كَنت مف الصادقيف ‪‬‬‫فما قاؿ فرعوف ؟ أل ‪ ‬قاؿ فأت به ْ‬
‫قاؿ الجرجاني أل جاء ذلؾ كله على تقدير السؤاؿ والجواب كالذي جرت به العادة بيف المخلوقيػػف !‬

‫وقد رأيت أنه بخنؼ ما جرت به العػػادة بػػيف المخلػػوقيف ف نػػه بخػػنؼ كػػنـ المخلػػوقيف كونػػه كػػنـ معجػػز‬
‫وكنـ المخلوقيف غير معجز ‪ ..‬فاف كاف الجرجاني يريد إثبات أنه ككػػنـ المخلػػوقيف ال فػػرؽ ‪ .‬فلعنػػة ى‬
‫على بنغة الجرجاني !‬

‫إنتبػػػػػه أل‬

‫‪189‬‬
‫إذا وضعت طعاما لضيوفؾ فانؾ تقوؿ أل تفضلوا كلوا وا ربوا ‪.‬‬

‫وال تقوؿ أل اال تأموا ؟ فأنت ال تقوؿ هػػذ العبػػارة إال حينمػػا يفعلػػوف أمػػريف اثنػػيف معػا االوؿ أل االمتنػػاع‬
‫عف افمل والثاني الصمت لحد تلؾ اللحظة ! فنه سؤاؿ يتضمف إنكا ار على امتنػػاعهـ عػػف اف مػػل ‪ ،‬فلػػـ‬
‫يفهـ الجرجاني االمر مف صيغة المنـ أيضا مثلما لـ يفهمه مف القصة ‪.‬‬

‫ٔٔ‪ .‬امت افات الجرجاني‬


‫احتمل بهتانا واثم ا مبينا ‪‬‬
‫َ‬ ‫قاؿ تعالى أل ‪ ‬ومف يكسب خطي( اة أو إثما ثـ يرِـ به بري( ا فقد‬

‫ػل واحػػدة منهمػػا علػػى انفػراد وال فػػي‬


‫قاؿ الجرجاني أل ال ر كما ال يخفى في مجموع الجملتيف ال فػػي كػ ّ‬
‫واحدة دوف افخرى فننا أف قلنا أل أنه في ّ‬
‫كل واحػػدة منهػػا علػػى االنفػراد وجعلناهمػػا ػػرطيف ‪ ،‬واذا فعلنػػا‬
‫اء واحػػدا واف قلنػػا أنػػه فػػي واحػػدة منهمػػا دوف االخػػرى لػػزـ منػػه‬
‫ذلػػؾ اقتضػػتا جػزاءيف ولػػيس معنػػا إالّ جػز ا‬
‫إ راؾ ما ليس ب ر في الجزـ بال ر وذلؾ ماال يخفى فساد ) ‪.‬‬

‫أقوؿ أل أف الذي ال يخفى فساد هو كنـ الجرجاني ‪ .‬فهذ اآلية فيها هندسة هػػي أبعػػد ػػيء عػػف عقػػل‬
‫الجرجاني ‪ .‬اال ينحظ هذا المتعسف وجود رطيف فعنا في جملة ال ر وجزاءيف في جملة الجزاء؟‬

‫اال ينحظ هذا المتعسف أف أحد ال ػػرطيف تضػػمف ػػرطيف آخػػريف تفرعػا علػػى ال ػػر االوؿ ؟ واف أحػ َػد‬
‫الجزاءيف هو نفس ال ر االوؿ ِ‬
‫بأحد فروعه مع إضافة مبينا) ؟‬ ‫ُ‬
‫فهذ اآلية العجيبة تضمنت جميع االحتماالت المؤلفة مف ال ر والجزاءات المتعددة في آف واحد ‪.‬‬

‫ال ر االوؿ أل يكسب خطي(ة أو أثما ‪.‬‬

‫ال ر الثاني أل يرـ به بري(ا ‪.‬‬

‫الجزاء العاـ أل احتمل بهتان ا بالرمي ) و أثما ) كاف خافي ا فأصبح مبينا ) بالرمي أيديهـ ‪.‬‬

‫هذا يعني إذا رجعنا لل ر االوؿ والثاني وجزاءيهما أل‬

‫أ ‪ .‬أف مف يكسب خطي(ة ػ ولـ يرـ بها بري(ا فن تصل تلؾ الخطي(ة الى درجة ا ثـ بل تبقى خطي(ة ‪.‬‬

‫ب ‪ .‬ومف يكسب إثما وال يرـ به بري(ا ػ فقد امتسب إثم ا وحسب ‪.‬‬

‫ج ‪ .‬ومف يكسب خطي(ة ويرـ بها بري(ا فقد احتمل بهتانا واثما بالرمي ) ‪.‬‬

‫د ‪ .‬ومف يكسب أثما ويرـ به بري(ا فقد احتمل بهتانا واثما مبينا ‪.‬‬

‫وهذ االحتماالت المتمونة مف اآلية ‪ ..‬والتي ال يعقلها الجرجاني وأمثاله !‬

‫فالخطي(ة تتحوؿ الى اثـ بالرمي ‪ ،‬وا ثـ يتحوؿ الى إثـ مبيف بالرمي وكل مف العمليتيف هو بهتاف ‪.‬‬

‫العطف بالواو في الجز ِاء !‬


‫ُ‬ ‫وجود أو ) في ال ر يقابُله‬
‫وسبب ذلؾ هو أل ُ‬

‫‪190‬‬
‫بيف في الجزاء ‪.‬‬ ‫ووجود ا ث ِـ في ال ر وتحوله الى ٍ‬
‫إثـ ُم ٍ‬ ‫ُ‬
‫بهتاف في الجزاء وغيابه في ال ر ‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫ووجود‬

‫قاؿ في آخر كنمه ب أف افوصاؼ السابقة أل‬

‫" أنا نعلػػـ أف الجػزاء أمػػر يتعلػػق إيجابػػه بمجمػػوع مػػا حصػػل مػػف الجملتػػيف فلػػيس هػػو المتسػػاب الخطي(ػػة‬
‫أق ػ ػ ػ ػػوؿ أل‬ ‫على انفراد وال لرمي البريء على ا طنؽ بل لرمي البريء بخطي(ة كانت مف الرامي " !‬
‫وم ػػا عنق ػػة ه ػػذ‬ ‫احد ؟ فهذا اعتراؼ بوجود رطيف ؟‬ ‫فميف زعـ أوالا أف ال ر َ و أ‬
‫احد والجزاء و أ‬
‫كل الوضوح بالتخري النحوي الذي انبهرت به افمة اللغوية ؟ أليس ى هػػو القا(ػػل أل‬ ‫النتيجة الواضحة ّ‬
‫فف ى م ػ ػ ػػا ق ػ ػ ػػاؿ أل وم ػ ػ ػػف‬ ‫يكسب خطي(ة أو أثما ثـ َيرـ به بري(ا ‪ ‬؟‬‫وم ْف ْ‬
‫‪َ ‬‬
‫ويوضػػح لنػػا أف الخطي(ػػة‬
‫ّ‬ ‫ابف عمه خطي(ػػة أو أثمػػا ثػػـ يػػرـ بػػه بري(ػػا ‪ ،‬ليػػأتي الجرجػػاني‬
‫يكس ْب أخو أو ُ‬‫َ‬
‫ؽ‬ ‫ف‬
‫َيجػ ْػب ) أف تمػػو مػػف ال ارمػػي ؟ نعػػـ لػػو رمػػى عػػف أخيػػه وابػػف ّ‬
‫عمػػه بري(ػػا فهػػو كػػالرامي االوؿ ال فػػر ‪.‬‬
‫انتبهوا يا أمة اللغة والنحػػو !‬
‫انتبهوا قبل فوات افواف !‬

‫ٕٔ‪ .‬اختيار ع وا(ي آخر‬

‫ص ػ ٕٔ٘ ‪ .‬فصل تحت عنواف أل هذ فصوؿ تى في أمر اللفظ والنظـ ‪ .‬قاؿأل‬

‫فضل ٍ‬
‫حذ للبصيرة وزيادة ك ف فيها مف السريرة وغلط الناس في هذ الباب كثير ) !‬ ‫ُ‬ ‫فيها‬

‫رح الجرجاني عنقة اللفظ بالمعنى ثبات ي(يف متناقضػػيف ‪ ،‬ويبػػدو أف هدفػػه هػػدـ المعػػاني الحكميػػة‬
‫لتراميب اللغة عموما وتحويلها الى لغة سوفسطا(ية وخالية مف المعنى المحدد الػػذي ترمػػي البنغػػة‬
‫) كعلـ الى نقد مف جهة المعنى وجهة اللغة‪ .‬فقد تح امل علػػى اللغػػة مػػف حيػػث هػػي لغػػة ‪ ،‬وعلػػى معنػػى‬
‫اللفػػظ مػػف حيػػث هػػو لفػػظ مجػّػرد‪ ..‬وأذا تنزلػػت عػػف مناق ػػة كػ ّػل ذلػػؾ وظننػػت أف الجرجػػاني يعتنػػي بػػالنظـ‬
‫فاجػػأؾ أيضػا أف الػػنظـ لػػيس هػػو الػػنظـ الػػذي هدفػػه إبػراز المعنػػى ف نػػه مػػف هػػذ الجهػػة يحػػاوؿ تسػػخيف‬
‫أول(ؾ الذيف يعتنوف بالمعنى الحاصل مػػف الػػنظـ فمػػاذا يريػػد الجرجػػاني إذف ؟ ال يريػػد سػػوى هػػدـ اللغػػة‬
‫كلهػػا وهػػذا مػػف أوضػػح افمػػور إذا قارنػػت كتابػػه دال (ػػل ا عجػػاز ) بمػػا ذكرتػػه لػػؾ فػػي القسػػـ االوؿ مػػف‬
‫كلماته في البنغة واعتداء على الصػػدؽ ) وتأييػػد للمػػذب فػػي الفصػػل المعنػػوف بعنػواف دفػػاع عػػف‬
‫المذابيف ) وهو الفصل ‪. )ٚ‬‬

‫وهاهو في هذا المتاب يحتاؿ لذلؾ بوسيلة أخرى أل‬

‫‪191‬‬
‫قاؿ بعد أف جاء ب واهد ػػعرية متضػػادة فػػي المعنػػى وهػػي متقاربػػة فػػي قػػوة الػػنظـ) اسػػتعملها كتمهيػػد‬
‫للوصوؿ الى غايته أل‬

‫ػبيل المػػنـ التصػػوير والصػػياغة و ّ‬


‫أف سػػبيل المعنػػى سػػبيل ال َ ػػيء الػػذي يقػػع التصػػوير‬ ‫ومعلػػوـ أف سػ َ‬
‫والصوغ فيه ‪. ) ...‬‬

‫لحد اآلف ولمف انظر ما قاؿ بعد أل‬


‫وهذا المنـ صحيح ّ‬
‫فالفضة والذهب يصاغ منهما خاتـ أو سوار فمما أف محػػاالا إذا أف أردت النظػػر فػػي صػػوغ الخػػاتـ وفػػي‬
‫جودة العمل ورداءته أف تنظر الػػى الفضػػة الحاملػػة لتلػػؾ الصػػورة‪ ،‬كػػذلؾ محػػاؿ إذا أردت أف تعػػرؼ مكػػاف‬
‫ِّ‬
‫مجرد معنا ) ‪.‬‬ ‫الفضل والمزية في المنـ أف تنظر في‬

‫دجا اال ؟‬
‫قل لي بربؾ أتعد هذا الرجل معتوها ألـ ّ‬
‫ألـ يمثل المفردات كونها أداة ) لصياغة المعنى كمػػا الػػذهب مػػادة لصػػياغة الخػػاتـ؟ ألػػيس الخػػاتـ فػػي‬
‫مثل للمعنى ؟‬
‫هذا المثاؿ هو أ‬
‫فميف يعرؼ الناظر العمل ورداءته ؟ أليس الجرجاني هو الذي يطالبه أف ال ينظػػر الػػى الػػذهب بػػل ينظػػر‬
‫الى صياغته ؟‬

‫بالطبع الجرجاني ما كاف يحسب أف أحدا سػػينظر فػػي عبا ارتػػه كلمػػة كلمػػة ويحاسػػبه كمػػا افعػػل افمثلػػة !‬
‫أليس هو الذي ّبه الخاتـ بالمعنى ؟‬

‫واذف فعليه أف ينظر للخاتـ ال للذهب أو الفضة ؟‬

‫واذف فالناظر في المنـ ي جب على هذا الت بيه أف ينظػػر للمعنػػى ال للمفػػردات الف مثػػل المعنػػى هػػو مثػػل‬
‫الخاتـ ‪ ،‬فمما ينظر للخاتـ ينظر للمعنى ؟‬

‫فميف يأمر الجرجاني في نفس العبارة أال ينظر للمعنى ‪ ،‬ويأمر الصا(غ أف ينظر للخاتـ ؟‬

‫نعـ أف الجرجاني ليس غبيا الى هذا الحد ولمنه ّ‬


‫دجاؿ امثر مف هذا الحد ‪.‬‬

‫فضلنا خاتم ا على خاتـ باف تموف فضة هػػذا أجػػود أو ّ‬


‫فصػػه انفػػس لػػـ يكػػف ذلػػؾ‬ ‫ثـ قاؿ أل وكما إننا لو ّ‬
‫ن له مف حيث هو خاتـ ) ‪.‬‬ ‫تفضي ا‬
‫نعـ سيكوف تفضينا له مف حيث أف مادته انفس ثمن ا ال مف حيث صياغته ‪.‬‬

‫ومػػادة المػػنـ هػػي المفػػردات والمفػػردات عنػػد الجرجػػاني لػػيس واحػػدة مػػف حديػػد وافخػػرى مػػف ذهػػب الف‬
‫الصياغة والنظـ يعطياف للمفردة رونقها ! بماذا ؟‬

‫تتركػػب فداء المعنػػى الواضػػح الجلػػي المقبػػوؿ والمعقػػوؿ ‪ ..‬فمػػا عنقػػة المثػػل المضػػروب بنظريػػة‬
‫بكونهػػا ّ‬
‫النظـ ! إذا كاف الجرجاني في النهاية ال يؤمف بتمايز المفردات وال يؤمف بالمعنى معا ؟ ثـ قاؿ أل‬

‫‪192‬‬
‫كذلؾ إذا فضلنا بيتا أو كنما ) مف اجل معنػػا أف ال يكػػوف تفضػػينا لػػه مػػف حيػػث هػػو ػػعر أو كػػنـ‬
‫وهذا قاطع فاعرفه ) ‪.‬‬

‫ماهو القاطع ؟ وما هو الذي عرفنا مف قبل حتى يمكننا أف نعرؼ هذا ؟‬

‫نفضل كنما على كنـ إذا لـ ننظر للمعنى المتحصل مف المنـ ؟‬


‫كيف إذف ّ‬
‫ما هي في افساس فا(دة المنـ أهي فداء المعنى ألـ لمجرد الهذياف ؟‬

‫تتركػػب مػػع بعضػػها فػ ذا كانػػت‬


‫إذا لػػـ ننظػػر للمعنػػى فهػػل يقتػػرح الجرجػػاني أف ننظػػر الػػى المفػػردات كيػػف ّ‬
‫متن(مة نكتفي بذلؾ ولو لـ تؤدي الى أي معنى ؟‬

‫أني ال اسأؿ الجرجاني بل اسػػأؿ أول(ػػؾ الػػذيف عبػػدو وال ازلػ وا يعبدونػػه أل مػػف مػػنكـ يرفػػع أرسػػه لي ػػرح لنػػا‬
‫كـ ّ‬
‫نقدي وفق تلؾ الترهات التي أسميتموها نظرية النظـ ؟‬ ‫إصدار ُح ٍ‬
‫َ‬ ‫نظرية الجرجاني فيقدر المرُء على‬

‫تنبيػػػػه أل‬
‫تركزت في تلبيس االمر على القارئ بسابق علـ منه وقصػػد الػػى ذلػػؾ ػ‬
‫حيلة الجرجاني في المثل السابق ّ‬
‫فأني قد دعوتؾ م ار ار أف تق أر كتابي هذا بتأف ّ‬
‫وتفكر وتركيز ذهف أل‬

‫فف الخاتـ فيه ي(اف منفصنف أل مادته ونفاستها وصياغته المتمثلة في نق ه فرب مادة نفيسة بنقش‬
‫رديء وبالعكس ‪.‬‬

‫أما المنـ فصياغته مف مادته افصلية وهي المفردات ال ينت منه ي(اف كالخاتـ بل ػػيء واحػػد هػػو‬
‫عبارة ذات معنى ) ‪ .‬فالمعنى والصياغة في المنـ هي يء واحػػد بخػػنؼ الخػػاتـ الػػذي صػػياغته ػػيء‬
‫ومادته يء آخر لمل منهما قيمته ‪ ..‬فافهـ ذلؾ فهو االمر القاطع قطع ى رقاب المذابيف ‪.‬‬

‫فف الصياغة الردي(ة في المنـ تؤدي الى رداءة المعنػػى بخػػنؼ الخػػاتـ فالصػػياغة الردي(ػػة ال تػػؤثر علػػى‬
‫ن للمعنى‪.‬‬
‫قيمة الذهب ‪ ،‬فتأمل في حيلته هذ ‪ ،‬إذ جعل الذهب مث ا‬

‫تنبيػػػه آخػػر أل‬


‫أراد الجرجاني مف الفصل السابق أف ُيعّلـ القارئ النظر الى التراميب مف حيث هي تراميب ال معاني!‬

‫وال فا(ػػدة مػػف ذلػػؾ بػػالطبع إالّ مػػا يحلػػـ بػػه الجرجػػاني مػػف هجػػر اف مػػل للقػرآف وتػػرؾ التػػدبر فػػي معانيػػه ‪،‬‬
‫ولذلؾ امثر ما استطاع مف ال واهد ال عرية االعتباطية المعنى وأنهى الفصل بدسيسة حيث قاؿ أل‬

‫‪193‬‬
‫‪ ..‬ليس كنمنا يفهـ مف مفردتيف نحو قعد وجلس ) ولمف فيما يفهـ مف مجموع كنـ ومجمػػوع كػػنـ‬
‫آخػػر ‪ ،‬نحػػو أف تنظػػر فػػي قولػػه تعػػالى ‪ ‬ولمػػـ فػػي القصػػاص حيػػاة ‪ ‬وقػػوؿ النػاس قتػػل الػػبعض إحيػػاء‬
‫للجميع ) فأنه وأف جػػرت عػػادة النػػاس أف يقولػوا فػػي مثػػل هػػذا أنهمػػا عبارتػػاف معبرهمػػا واحػػد فلػػيس هػػذا‬
‫القوؿ قو اال يمكف افخذ بظاهر إذ المفهوـ مف أحد المنميف غير المفهوـ مف اآلخر ) ‪ .‬انتهى !‬

‫وهكػػذا ينتهػػي الفصػػل مػػف غيػػر أف يوضػػح الجرجػػاني مػػا هػػي ميػػزة أحػػدهما علػػى افخػػر ‪ ...‬وهكػػذا يػػودع‬
‫الجرجاني في خلد القارئ أف تساوي العبارتيف هو مما جرت عليه عادة الناس ) !‬

‫فمف هـ الناس قبل الجرجاني الذيف مف عادتهـ تساوي العبارتيف ػ عبارة الخالق وعبارة المخلوؽ ؟‬
‫ِ‬
‫أساطير افوّليف ) ‪ ..‬لمػػف‬
‫ُ‬ ‫مثل هذا ْ‬
‫إف هذا إالّ‬ ‫اللهـ غفرانؾ أل نعـ هناؾ فعنا مف قاؿ … ّلو (نا ُلقلنا َ‬
‫كل الناس !‬
‫الجرجاني جعلها مف عادة ّ‬

‫‪194‬‬
‫قوؿ القصدية‬

‫في العبارة القرآنية والعبارة الجرجانية‬

‫أوحى الجرجاني للقارئ في المقارنة اآلخر أف العبارة القرآنيػػة كػػنـ وكػػنـ النػػاس كػػنـ ػ ومػػف يػػدري لعلػػه‬
‫لوال الخوؼ أعلف أف عبارة الناس افضل مف العبارة القرآنية ‪ ..‬وكأنه يدفع القارئ دفعا ليؤمف بذلؾ ‪.‬‬

‫ومف هنا نعلػػف للمػػأل أف هػػذ العبػػارة مػػا وجػػدت لهػػا أثػ ار وال عينػا فػػي أي مصػػدر تػػاريخي أو معجمػػي أو‬
‫لغوي وانها مف وضع الجرجاني نفسه ! فف عبارتهـ الجاهلية هي القتل أنفى للقتل ) ‪.‬‬

‫ومف يدري لعل البعض ممف أغوا يطاف الجرجاني يظف فعنا أف العبارة يمكف مقارنتها بالعبارة القرآنية‬
‫إحياء للجميع ) ‪.‬‬
‫أ‬ ‫ِ‬
‫البعض‬ ‫تل‬
‫؟! وهي قوله َق ُ‬
‫لذلؾ نقوؿ أف عبارة الجرجاني أو الناس ) هي عبارة خاط(ػػة وال تسػػاوي نقيػ ار ال فػػي عػػالـ المعػػاني وال‬
‫في عالـ البنغة !‬

‫قتل ) بدأ بالقتل ‪ ..‬والقتل ظلـ عظيـ والبدء به جهل في ُ‬


‫الحكـ ‪..‬‬ ‫ُ‬ ‫ال ف قوله‬

‫والعبارة القرآنية ذكػػرت القصػػاص ) والقصػػاص عقوبػػة علػػى القتػػل ال ابتػػداء فػػي القتػػل فالفػػارؽ بينهمػػا‬
‫هو الفارؽ بيف الحق والباطل ‪.‬‬

‫وقوله قتل البعض ) مف هو هذا البعض ؟ في حيف خلت العبارة القرآنيػػة مػػف ذلػػؾ فهػػل تنصػػح العبػػارة‬
‫كل زماف لمي يعيش اآلخروف ؟!‪.‬‬
‫بقتل نسبة مف الناس في ّ‬
‫إحياء للموتى؟‬
‫ا‬ ‫وقوله إحياء ) للجميع ‪ ،‬هل الجميع موتى فيكوف في قتل افحياء‬

‫ن ؟ ومػػا‬
‫وقولػػه للجميػػع ) أف كػػاف يقصػػد الجميػػع مػػف افحيػػاء البػػاقيف فميػػف يحيػػيهـ وهػػـ إحيػػاء أصػ ا‬
‫عنقة الجميع ) بقتل البعض ؟ إنما العنقة مع البعض واف كاف القصد يحييهـ دوما فهو باطل فنهػػـ‬
‫ال بد أف يموتوا !‬

‫بينما ذكرت العبارة القرآنية أف ‪ ‬لمـ في القصاص حياة ‪ ‬ػ وحيا أة نكػػرة غيػػر ّ‬
‫معرفػػة وال معلومػػة والمعنػػى‬
‫زيادة معينة في آجػػاؿ بعضػػكـ مػػف جهػػة قتػػل القاتػػل ػ فيقػػل لػػذلؾ القتػػل بهػػذا الػػردع ومػػف جهػػة قلػػة عػػدد‬
‫القتلة بالقصاص ومف جهة تطبيق العدؿ والحكـ ا لهي ‪ .‬وقاؿ لمـ ) ولـ يقل إحياء الجميع !‬

‫فأي أحمق في هذا العالـ يقارف العبارة القرآنية المحكمة مف جميػػع جهاتهػػا لغػػة ومعػػاني وألفاظػا ونسػػقا‬
‫وجماالا بالعبارة الجرجانية الماذبػػة فػػي كػ ّل لفػػظ مػػف ألفاظهػػا المخزيػػة بمعانيهػػا المتناقضػػة فػػي داخلهػػا ؟!‬
‫واف كنت ت ؾ فتأمل واف كنت ت ؾ فترجـ العبارتيف الى كّفار ) مف قػػوـ آخػػريف وال تخبػػرهـ بػػل سػػلهـ‬
‫فقط أيهما المحكمة البليغة وأيهما الهذياف ؟‬

‫‪195‬‬
‫ال غيرة على القرآف وال غيرة على البنغة ‪.‬‬
‫فػأيف غيػػرة الجرجػػاني علػػى الػػديف وعلػػى القػرآف وقػػد خػػتـ الفصػػل اآلنػػف بمثػػل هػػذا ا يحػػاء الػػى تسػػاوي‬
‫أيػ ػ ػػف هػ ػ ػػي‬ ‫العبارتيف عند الناس ؟‬
‫يرته على القرآف وقد امتفى بالقوؿ أف هذا االعتقاد اليمكف أف يؤخذ به على ظاهر ‪ ،‬فلـ يطلعنػػا علػػى‬
‫َغ ُ‬
‫وقبػػ ػػل ذلػ ػ ػػؾ‬ ‫ظاهر فضنا عف باطنه ؟‬
‫أيف هي غيرته على البنغػػة ‪ ..‬وفػػي هػػذا افمػػر مجػػاؿ واسػػع ظهػػار الب ارعػػة فػػي البنغػػة ؟ كػػن ‪ ..‬إف‬
‫المدافع عف أمذب المنـ وعف مقولػػة أحسػػف ال ػػعر أمذبػػه ) لػػف تطيعػػه نفسػػه للػػدفاع عػػف أصػػدقه ‪!.‬‬
‫ومػػرت ألػػف سػػنة ول ػـ‬ ‫ولو كاف أبلغ المنـ ‪.‬‬
‫يرفع أحد مف تنمػػذة الجرجػػاني ومػػا أمثػػرهـ عقيرتػػه للػػدفاع عػػف اآليػػة أو للػػدفاع عػػف البنغػػة أو للػػدفاع‬
‫[ الجرج ػػاني ول ػػد س ػػنة ٓٓٗ‬ ‫عف الصدؽ !‬
‫ومات سنة ٔ‪ ٗٚ‬هػ ]‬ ‫هػ‬

‫ٖٔ‪ .‬زيد المنطلق وعمرو‬


‫ِ‬
‫المنطلػػق) فػػي أف افولػػى‬‫يتلخص كػػنـ الجرجػػاني فػػي الفػػروؽ بػػيف العبػػارتيف أل زيػأػد منطلػػق ) و زيػ ُػد ُ‬
‫تفيد ا خبػػار عػػف أف المنطلػػق المعلػػوـ انطنقػػه للسػػامع هػػو زيػأػد‬
‫تفيد ا خبار عف انطنؽ زيد ‪ ،‬والثانية ُ‬ ‫ُ‬
‫دوف غير ػ فتأمل تجد هذ الجملة وافية واف هذا افمر واضح بهذا السطر الذي كتبنا وغني عػػف ػػرح‬
‫صػػفحتيف كػػاملتيف أبػػى الجرجػػاني االّ أف يجعلهمػػا بخصػػوص العبػػارتيف ‪ !..‬فهػػو هنػػا يسػػهب ليوضػػح‬
‫البينات ‪.‬‬
‫الواضحات وهناؾ يصمت حينما يتعلق افمر بالمقارنة بيف الترهات واآليات ّ‬
‫ػح‬
‫تصػ ُ‬
‫لمنه ختـ ال رح بواحدة مػػف مسػػوداته حينمػػا أعلػػف أف العبػػارة التاليػػة زيػػد المنطلػػق وعمػػرو ) ال ّ‬
‫بأي حاؿ مف افحواؿ ‪ .‬هذا نص كنمه أل‬ ‫ِّ‬
‫ذلؾ فنؾ أردت أف تثبت انطنقا مخصوصا قد كاف مف واحد ف ذا أثبته لزيد لـ يصػػح إثباتػػه لعمػػرو ثػػـ‬
‫إذا كاف االنطنؽ مف إثنيف ف نه ينبغي أف تجمع بينهما في الخبر فتقوؿ زيػػد وعمػػرو همػػا المنطلقػػاف ال‬
‫أف تفرؽ فتثبته أوالا لزيد ثـ تجيء فتثبته لعمرو‪ ).‬انتهى كنمه ‪.‬‬

‫إذف فالعبارة الصحيحة هي إحػػدى عبػػارتيف زيػػد منطلػػق وعمػػرو ) للمعنػػى افوؿ أو زيػػد وعمػػرو همػػا‬
‫المنطلقػػاف ) للمعنػػى الثػػاني أمػػا عبػػارة زيػػد المنطلػػق وعمػػرو ) فهػػي خاط(ػػة مػػف جميػػع الجهػػات ‪ ...‬ال‬
‫تصح خب ار عف الفاعل الذي هو إثنيف كما تصح افولى وال تصح خب ار عف الحاؿ كما تصح الثانية ‪.‬‬

‫هذ هي براعة الجرجاني ! وهذ هي قدراته اللغوية !‬

‫‪196‬‬
‫ما درى أف السا(ل لو سأؿ أل مف المنطلق مف الناس وأجابه المجيب أل أ‬
‫زيد المنطلق ‪ ..‬ثـ قػػاؿ أل وعمػػرو‬
‫لصحت العبارة مف جميع الوجو !‬

‫المجيب قد أثبت أف االنطنؽ المعلوـ وقع مف اثنيف افوؿ زيد والثػػاني عمػػروا فػػأي ابلػػه فػػي هػػذا‬
‫ُ‬ ‫ولماف‬
‫يحكـ على الجملة بالخطأ وللجملة مجاؿ واسع لنستعماؿ؟‬
‫ُ‬ ‫العالـ‬

‫فمػػا أد ار أف المجيػػب ال يػػرى اال واحػػدا والنػػاس فػػي سػػباؽ مػػث ا‬


‫ن فقػػاؿ أل زيػ ُػد المنطلػػق ثػػـ بعػػد لحظػػة رأى‬
‫غيػػه وغػػرور وتبجحػػه فقػػاؿ ‪ ..‬والجرجػػاني ‪..‬‬ ‫اآلخر فقاؿ وعمرو ثـ رأى بعػػد ذلػػؾ الجرجػػاني منطلقػا فػػي ّ‬
‫فلماذا ال تقع إجابته صحيحة ؟‬

‫بػػل يصػػح أي عػػدد آخػػر معطوفػ ا علػػى المنطلػػق ) االوؿ ‪ ،‬بػػل يصػػح لػػو قػ ّػدـ الحػػاؿ أو الخبػػر ‪ ..‬إذ لػػو‬
‫سأؿ السا(ل أل مف المنطلػػق مػػف النػػاس وقػػاؿ المجيػػب أل المنطلػػق زيػػد وعمػػرو ومالػػؾ ‪ ..‬وسػػعيد ‪ ..‬الػػخ‬
‫لصحت العبارة ‪.‬‬

‫فانتبهوا يا أرباب العربية الى إماـ بنغتمـ ) ‪.‬‬

‫انتبهوا الى مقاصد افخرى مف وراء ذلؾ والتي تجدونها فػػي الفصػػوؿ فػػأف إيضػػاح هػػذا المػػـ الها(ػػل مػػف‬
‫االعتبا مف قبل رجل واحد هو أمر غير معقوؿ ‪ ،‬وانما أذكر لمـ نماذج وأوضح لمـ المسالؾ ‪.‬‬

‫ٗٔ‪ .‬نموذج آخر مف لغويات الجرجاني‬

‫زعـ الجرجاني في قوؿ ال اعر أل‬

‫المرـ‬ ‫وجدته ِ‬
‫حاض ار‬ ‫اف تسألهُ‬
‫أتيت أبا مرو َ‬
‫إذا َ‬
‫الجود و ُ‬
‫ُ‬
‫وجدته َوحاض ار الجود والمرـ ) له سبباف أل‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الجملة عف الواو‬ ‫زعـ أف ِغنى‬

‫افوؿ أل أف وجدتػػه هنػػا ليسػػت ممػػا تأخػػذ مفعػػوليف ولمنهػػا المتعديػػة الػػى مفعػػوؿ واحػػد كقولػػؾ أل وجػ ّػد ُت‬
‫الضالة ) ‪ .‬والثاني أف لتقديـ الخبر الذي هو حاض ار تأثي ار في الغنى عف الواو ‪.‬‬

‫و رح ذلؾ بقوله أل أنه لو قػػاؿ أل وجدتػػه الجػػود والمػػرـ حاضػ ار لػػـ يحسػػف حسػػنه اآلف وكػػأف السػػبب فػػي‬
‫حسنه مع التقديـ أنه يقرب في المعنى مف قولؾ أل وجدته حاضر الجود والمرـ !‬

‫إّنا نسأؿ افمة اللغوية العربية واالست راقية معا عف معنى هذا الهذياف ؟‬

‫كيف يكوف الفعل وجدت ) هنػػا بمفعػػوؿ واحػػد ؟ وهػػل يػػتـ المعنػػى بقولػػه وجدتػػه ) حيػػث الضػػمير هػػو‬
‫المفعػػوؿ االوؿ ؟ أـ أنػػه ال يكتمػػل اال بالجملػػة الخبريػػة التػػي هػػي موضػػع نصػػب علػػى الحػػاؿ تقػػوـ مقػػاـ‬
‫المفعوؿ الثاني ؟‬

‫‪197‬‬
‫وقارنه بقوله أل وجدت الضالة أل فػػي حػػيف أف الجملػػة مختلفػػة تمامػا أل فهنػػا وجػػد الضػػالة نفسػػها ال علػػى‬
‫حاؿ معيف والصحيح هو المقارنة مع قولؾ أل‬

‫وجدت الضاّلة غارق اة في النهر ‪ .‬فأنظر الى حيله ومكر وخداعه فنه مف المحاؿ أف تخفػػي علػػى الرجػػل‬
‫هذ افمور الظاهرة ‪.‬‬

‫وأفرد حاض ار الى أل حاضر الجود والمرـ ) ثبات حسػػنه وغنػػا عػػف الػواو فمػػا عنقػػة المفػػرد والمثنػػى‬
‫المتحدث عنه ؟ أليس التقدير بالواو أو الغنى عنػػه يبقػػى هػػو نفسػػه أل وجدتػػه وحاضػػر الجػػود‬
‫ّ‬ ‫بالموضوع‬
‫والمرـ أو وجدته حاضر أو وجدته وحاض ار أو كما في البيت بغير واو ؟ ليست الجملػػة غنيػ اة عػػف الػواو‬
‫بل هي مع الواو ذات داللة وبغيرها ذات داللة أخرى ‪ ،‬ومع ا فػراد لهػػا دال لػػة ومػػع التثنيػػة لهػػا أخػػرى‪!..‬‬
‫وانما البراعة هي في إيضاح هذ الفروؽ الداللية المعلومة بالسليقة والتي ال يمكف للعواـ التعبيػػر عنهػػا‬
‫بالرغـ مف عورهـ بالفوارؽ ُ‬
‫وه َو أ‬
‫أمر لـ يفعله الجرجاني وال تنمذته ‪ ،‬وال أسنؼ االعتبػػا وال أخنفهػػـ‬
‫‪.‬‬

‫إف وجود الواو يفيد في إيقاع الوجداف على الجود والمرـ عطفا على وجداف الممدوح ‪ ،‬وغياب الواو إنمػػا‬

‫ي عر بوجداف الجود والمرـ حاؿ وجدانه بغير عطف وكأنهما أصبحا جزاء منه وحا اال متلبسا فيه ّ‬
‫كل حيف‬
‫ال ينتظر حضورهما أو وجدانهما بعد وجدانه ‪.‬‬

‫٘ٔ‪ .‬مقارنة أخرى غريبة‬


‫في ص ػ ‪ ٕٜٔ‬أل‬

‫وجهه ) ػ قاؿ الجرجاني أل ليست الواو فيها للحاؿ وليس المعنػػى قمػػت صػػاما‬
‫أصؾ َ‬‫في قولهـ قمت ‪ ..‬و ّ‬
‫وجهه ولمف أل أصؾ وجهه !‬

‫ومف الذي قاؿ أف الواو هنا للحاؿ ليرد عليه الجرجاني ؟ ومف هػػو الػػذي ي ػػؾ أف المتحػػدث يريػػد وصػػف‬
‫حدث مضى بتجسيد في الحاضر وعطف الحركة على قمػػت فيبػػدأ بػػافمر الواضػػح وينتهػػي دومػا بالخطػػأ‬
‫الفاضح أل‬

‫فأراد أف يثبت هذا الجديد ) المكت ف ويبطل مزاعـ قوـ وهمييف ) ال وجود لهـ فقاؿ أل هو مثل قوله‬
‫أل‬

‫فمضيت ثـ قلت ال يعنيني‬ ‫أمر على الل(يـ يسبني‬


‫ولقد ّ‬
‫أمر ) ههنا بمعنى مررت فمذلؾ وأصؾ ) بمعنى صككت !‬
‫قاؿ وكما أف ّ‬
‫ما عنقة هذا بذاؾ ؟ وما هذا التناقض حيث قاؿ ليس هو صاما ولمف أصؾ ثـ يقوؿ بمعنى صككت !!؟‬

‫‪198‬‬
‫حدث وقع بالماضػػي وقولػػه وأصػػؾ أل نقػػل مػػف الماضػػي الػػى الحاضػػر لتجسػػيد الحركػػة‬
‫قمت أل أ‬
‫فاف قوله أل ُ‬
‫بحادث معيف وقع سلفا‪.‬‬

‫أما البيت فمراد في المضارع وهو صفة مستمرة لل اعر ‪ .‬كونه يمر على الل(يـ دومػا وحالػػه أنػػه يسػّػبه‬
‫‪ ..‬وحاؿ ال اعر دوما أنه يمضي يقوؿ ال يعنيني !‬

‫وكػػاف بمقػػدور أف يقػػوؿ أل ولقػػد مػػررت علػػى الل(ػػيـ يسػػبني ػ أي وهػػو يسػػبني ولمنػػه كػػاف سيحصػػر ذلػػؾ‬
‫بواقعػػة واحػػدة معينػػة فػػي الماضػػي بينمػػا هػػو يريػػد أف هػػذا الفعػػل يتمػػرر مػػف الل(ػػيـ ػ واف حالػػه دا(مػ ا أنػػه‬
‫يمضي ويقوؿ ال يعنيني ‪.‬‬

‫نحف نناقش الجرجاني على قواعد وعلى مسّلمات القوـ النحوية والبنغية وأسرار فػ ف لجملػػة قمػػت ‪.‬‬
‫وأصؾ وجهه ) ‪ ..‬تفسي ار آخر على منهجنا ‪.‬‬

‫بصور مختلفة فيقوؿ المعجب بنفسػػه مثلهػػا‬


‫ٍ‬ ‫هذ العبارة وأمثالها ال زالت مستعملة يوميا باللهجة العامية‬
‫كقولهـ أل‬

‫فقمت وأضربه على رأسه ) ػ وال يقوؿ وضربته ! ومعناها أل فقمػػت "وحػػالي فػػي القيػػاـ" أنػػي أضػػربه‬
‫على رأسه ) ‪ .‬وهذا على تقديرنا الذي ينطوي على جملة ال ضرورة لذكرها تفسي ار للفعل المضارع ‪.‬‬

‫وكمػا ذكػػرت لػػؾ يحػػاوؿ القا(ػػل نقػػل الػػذهف بالفعػػل المضػػارع لتصػػوير الحػػاؿ فػػي الػػزمف الحاضػػر بػػدالا مػػف‬
‫تصور الم ػػهد ‪ ،‬وعػػاد المػػتملـ ينقػػل الحػػدث‬ ‫الماضي الذي أمد الفعل الماضي قمت ) ‪ .‬فمأف السامع ّ‬
‫مف م هد معايف في الزمف الحاضر وهذا هو سبب االلتفات الزمني المثير التداوؿ‪.‬‬

‫ولمف فهـ النحوييف القدامى ومف جاء بعدهـ للحاؿ ) أنه ال يجوز االّ عند النصػػب مثػػل قمػػت ضػػاربا‬
‫له على رأسه ) ػ استدعى تفسير العبارة وتقدير زمف مغاير لزمنها وصرفها عف الحاؿ وهو خطأ ‪.‬‬

‫وحقيقة االمر أف الواو هي واو الحاؿ بصور المختلفػػة وهػػي تتقلػػب مػػا ػػا(ت فػػي التراميػب ‪ ..‬ومػػف هنػػا‬
‫ذكرنا م ار ار أف القواعػػد النحويػػة وضػػعت ج ازفػا وبتعسػػف حتػػى إذا اسػػقط فػػي أيػػديهـ و أروا أف ال ػواذ عػػف‬
‫القاعدة أصبحت امثر مف الجارية في القاعدة وضعوا لها قواعد استثنا(ية أو تفسػػيرات جزافيػػة مثػػل هػػذ‬
‫وغيرها بالم(ات ‪.‬‬

‫وهذا واضح مف سوء تقدير الجملة ‪ ،‬والفعل المضارع ػ حيث قػ ّػدر الجرجػػاني بالماضػػي علػػى نسػػق قمػػت‬
‫فقاؿ قمت وصككت وجهه ) !‬

‫ترى فما الذي جعل القا(ل يقوؿ وأصؾ بدال مف صككت ؟ وهل كػػاف يعجػػز أف يقػػوؿ أل صػػككت ) ؟ ومػػا‬
‫قدر زمنا مغاي ار للزمف الذي قصد القا(ل ؟‬
‫الجديد الذي جاء به إذا ّ‬
‫يفسػػر العبػػارة ‪ ..‬اللهػػـ االّ كمػػف فسػػر المػػاء بعػػد الجهػػد بالمػػاء ! ف نػػه‬
‫إف هػػذا معنػػا أف الجرجػػان ي لػػـ ّ‬
‫ناقض نظريته في النظـ بتغيير نظـ اللفظ ‪.‬‬

‫‪199‬‬
‫فانظر الى تقديرنا للفعل وتقدير وقارف افمريف بنفسؾ ‪.‬‬

‫تنبيػػػػػه أل‬
‫سقطت مرة أخرى نظرية الجرجاني في النظـ وأتلفها بنفسه حينما جعل نظػػـ قمػػت وأصػػؾ وجهػػه ) هػػو‬
‫نفس معنى نظـ قمت وصككت وجهه ) !!‬

‫انظر ص ػ ‪ ٔٔٚ‬مف دال(ل ا عجاز ففيها يعرض الجرجاني معنى النظـ !‬

‫حيث قاؿ أل جاءني مسرعا ‪ ،‬وجاءني وهو يسرع ‪ ،‬وجاء وهػػو يسػػرع ‪ ،‬وجػػاءني وقػػد أسػػرع ‪ ،‬وجػػاءني‬
‫قد أسرع أل‬

‫لمل مف ذلؾ موضعه ويجيء به حيث ينبغي له ) ‪.‬‬


‫فيعرؼ ٍ‬
‫فنسػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػى‬ ‫ومعنى ذلؾ أف لمل تركيب مف هذ التراميب معنا وله موضعه !‬
‫مثلم ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػا‬ ‫الجرجاني ذلؾ كله وزعـ أف أصؾ هو صككت !‬
‫نساها في ع رات المواضػػع افخػػرى ‪ ..‬مثلمػػا نسػػاها ع ػرات التنمػػذة المتحمسػػيف للجرجػػاني فػػي م(ػػات‬
‫المواضع ‪ ،‬مف روحهـ في البنغة والخطابة وال عر وآيات القرآف وافحاديث ‪ ..‬الخ ‪.‬‬

‫‪ .ٔٙ‬اختيار ع وا(ي‬

‫الصفحة ٖٕٔ أل‬

‫فصل بعنواف مزايا في النظـ بحسب المعاني وافغراض ) ‪.‬‬

‫ٔ‪ .‬رح صفحتيف في مزايا النظـ ‪ ..‬بكنـ الطا(ل مف وراء مطلقا ‪.‬‬

‫ٕ‪ .‬ثنثة أبيات مف ال عر القديـ ‪.‬‬

‫ٖ‪ .‬بيت للعباس ابف افحنف أل قالوا خراساف أقصى ما يراد بنا ‪..‬‬

‫ٗ ‪ .‬اهد ثنثة أبيات البف الدمينة ‪ .‬إلفات الى الفصل واالست(ناس في قولػػه تريػػديف قتلػػي قػػد ضػػفرت‬
‫بذلؾ ) ‪.‬‬

‫٘‪ .‬اهد آخر ثنثة أبيات لل طرنجي على لساف ُعلية أخت الر يد ‪.‬‬

‫إلفات الى جملة قد احسب في قوله أل‬

‫قد كنت أحسب أني قد مألت يدي‬ ‫ما أعجب ال يء ترجو فتحرمه‬

‫‪ . ٙ‬اهد آخر أل بيتاف فبي داود هكذا ) وهو افيادي اعر جاهلي أل‬

‫ولقد اغتدي يدافع ركني ‪..‬‬

‫‪200‬‬
‫البواب أل أربعة أبيات آخرها أل‬
‫‪ .ٚ‬اهد آخر البف ّ‬
‫فأني ذلؾ الرجل‬ ‫واف قتل الهوى رجن‬

‫إلفات الى العجز ‪.‬‬

‫‪ .ٛ‬اهد آخر لعبد الصمد ابف المعذؿ ت ٕٓٗ هػ ) أل آخر‬


‫يدعو وفوؽ المبد اليسرى‬ ‫يرفع عينا الى ربه‬

‫إلفات الى موضع يدعو‬

‫‪ .ٜ‬اهد آخر لجرير أل آخر‬

‫صدع الزجاجة ما لذاؾ ِ‬


‫تداف‬ ‫صدع الغواني إذ رميف فؤاد‬

‫إلفات الى أل ما لذاؾ‬

‫خنصة الفصل أل‬


‫عدد ال واهد ال عرية أل ٕٓ بيت‬

‫عدد ال واهد القرآنية أل ال يوجد‬

‫الموضوع أل مزايا النظـ بحسب المعاني وافغراض‬

‫اسـ المتاب أل دال(ل ا عجاز‬

‫إعجاز ماذا واعجاز مف ؟‬

‫تنبيػػػػه أل‬
‫قد تقوؿ أف قوؿ ال اعر أل واف قتل الهوى رجنا ف ني ذلؾ الرجل‬

‫أجد كنما جمين ونظما حسنا‪ .‬ولمنؾ إذا حاممتػػه علػػى الحػػق والمنطػػق وجدتػػه كنمػا كاذبػا فػػالمتملـ لػػـ‬
‫يقتل ومف هنا قاؿ الجرجاني احسف ال عر أمذبه !‬

‫فهو يقصد هذ افصناؼ وأ باهها ‪.‬‬

‫أقوؿ أل سبحاف ربؾ رب العزة عما يصفوف ! وماذا كنا نتملـ مػػف أوؿ مػػا ابتػػدأنا بكتػػاب النظػػاـ القرآنػػي‬
‫الموحدة والمعنى الفعلي لأللفاز والحل القصدي والدالالت العامة ؟‬
‫ّ‬ ‫واللغة‬

‫‪201‬‬
‫ألـ نقل انظر في افلفػػاز كلهػػا لفظػ ا لفظػا أل فػ ذا نظػػرت فػػي البيػػت وجػػدت ػػرطا هػػو أل إف قتػػل الهػػوى‬
‫رجن ) ‪ .‬ثـ جوابا لل ر أل فأني ذلؾ الرجل ‪ .‬فلـ يقتل الهػػوى رجػنا بعػػد وانمػػا هػػو محمػػوؿ علػػى ال ػػر‬
‫فلـ يكذب ال اعر ‪.‬‬

‫ألـ نقل ثـ انظر الى اللفظ ومعنا الجذري وقيمته قبل االسػػتعماؿ ثػػـ أنظػػر فػػي االسػػتعماؿ ‪ ..‬فػ ذا فعلػػت‬
‫عمػػف وقػػع عليػػه الفعػػل ولػػيس هػػو إهػػنؾ القتػػل بػ خراج‬ ‫وجدت قتل ) على افصل هو إيقاؼ الحركػػة ّ‬
‫الػػدـ ) ‪ ،‬اال تػػرى أف ى تعػػالى قػػاؿ فلػػـ تقتلػػوف أنبيػػاء ى ) ػ وهػػـ لػػـ يقتلػوا نبيػا مػػنهـ علػػى المعنػػى‬
‫االص طنحي ولمنهـ أماتوا سننهـ وأوقفوا حركة را(عهـ فانظرلفظ " قتل" فػػي معػػاني الحػػروؼ ػ بػػل انظػػر‬
‫في ا نكليزية والذي هو نفس اللفظ بتغييػػر بسػػيط تجػػد أحػػد اسػػتعماالته الباقيػػة هػػو أوقػػف‬ ‫الفعل‬
‫)ٔ ‪ .‬ثـ انظر قوله الهوى ) وعمومه فلو قاؿ الحب ) أو الغراـ ) أو الع ق ) الختلف المعنى‬
‫اختنفا ديدا وهػػي عنػػدهـ مرادفػػات يحػػل بعضػػها محػػل الػػبعض اآلخػػر ػ لمنػػه قػػاؿ الهػػوى ) ػ والهػػوى ػ‬
‫التخبط واتباع الخياالت وافوهاـ ال عقل أو ّ‬
‫رويػػة ػ ولمنػػه أطلػػق‬ ‫ّ‬ ‫والهواء مف مصدر واحد ومعنا افصلي‬
‫ػل الصػػدؽ فػي ذلػػؾ بػػل فلسػػفي ا طػػابق الحكمػػة المعلومػػة مػػف‬
‫علػػى المحػػب التصػػافه بػػذلؾ ػ فقػػد صػػدؽ كػ ّ‬
‫التنػػاقض بػػيف الحريػػة والوجػػود ػ حيػػث االلت ػزاـ وجػػود والتخػػبط فنػػاء ػ أو االلت ػزاـ بالعقػػل حركػػة وحيػػاة‬
‫ومجانبة العقل توقػػف ومػػوت فمػػا تجػػد مػػف جماليػػة وحسػػف فػػي البيػػت إنمػػا مرجعػػه الػػى الصػػدؽ وصػػحة‬
‫الوصف ودقة اختيار افلفاز والتناغـ والتن (ـ بػػيف السػػبب والنتيجػػة بصػػورة منطقيػػة ‪ .‬واعلػػـ أف للمػػنه‬
‫وتوخي الحقيقة ب غف وقوة ينػػت ال محالػػة‬ ‫ّ‬ ‫القصدي رأي في البنغة خنصته أف الصدؽ ودقة الوصف‬
‫كنم ػا بليغ ػا فالبنغػػة ليسػػت هػػدفا وال قصػػدا وال غاي ػ اة وال وسػػيل اة لبلػػوغ أمػػر ػ بػػل هػػي تحصػػيل حاصػػل‬
‫للصدؽ عند المتملـ ‪ ..‬وقػػد ذكرنػػا أف بنغػػة القػرآف هػػي تحصػػيل حاصػػل لصػػدقه المطلػػق وانطباقػػه علػػى‬
‫حقا(ق الموجودات بأسرها ‪ ،‬بحيث أف المعنى الذي ي ير الى حقيقة ال يمكف أف ي ار إليه بدقة وصدؽ‬
‫اال بعبػػارة واحػػدة فقػػط فلسػػفيا ومنطقيػا وكػػل عبػػارة غيػػر تلػػؾ سػػتموف كاذبػػة فػػي جػػزء معػػيف ولػػذلؾ صػػار‬
‫القرآف ا بلغ المنـ فنه أصدقه ‪ .‬هذا هو خنصة الرأي القصدي وهػػو نقػػيض البنغػػة الجرجانيػػة القا(مػػة‬
‫على المذب والخلط بيف المفردات بالمرادفات والجمود على المعنى الذهني االصطنحي للمفردة ‪.‬‬

‫أنظره في معاني الحروف من المغة الموحدة ـ حرف القاف‬ ‫‪1‬‬

‫‪202‬‬
‫والحمد‬
‫هلل رب العالميف‬
‫وصلى ى على سيدنا ونبينا‬
‫ص االميف النبي المختار وعلى آله‬
‫ِّ‬
‫الطيبيف الطاهريف‬
‫افبرار‬

‫‪203‬‬

You might also like