You are on page 1of 225

‫د‪ .

‬بالسم محمد‬

‫‪ 52‬عاماً من العطاء‬
‫الفصل األول‬
‫مبادئ المنػػهج السيميائي‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫االنغ ػػالؽ واالنفػػتاح‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫السيػميولوجيا والسيميوطيقيا‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫تص ػػنيؼ العالم ػػة‪.‬‬ ‫‪‬‬


‫مبادئ المنهج السيميائي‬
‫تمهيد‪:‬‬

‫"السػ ػػيميولوجيا" عبػ ػػانة عػ ػػف عمليػ ػػة التبليػ ػػؿ والتن يػ ػػب‪ ،‬وتبديػ ػػد البنيػ ػػات العميقػ ػػة‬
‫الثانوية وناء البنيات السطبية المتمظهنة في الملفوظ والمنئي‪:‬‬

‫‪22‬‬
‫انها منهج يببث في وعف مولدات النصوص وتولػداتها الدالليػة والبنيويػة‪ .‬تببػث‬
‫جػػادة عػػف أسػػباب التعػػدد‪ ،‬وال نهائيػػة اللطابػػات والبػنامج وتسػػع إلػ ا تشػػاؼ البنيػػات‬
‫العميقة واألسس الجوهنيػة المنطقيػة التػي ت ػوف وناء وبػدة نصػوص مبعثػنة ووناء ليػة‬
‫جمؿ وأش اؿ ملتلفة‪.‬‬

‫إف السػػيميولوجيا ال يهمهػػا مػػا يقػػوؿ "أي نػػص" وال "مػػف لال ػ " بػػؿ مػػا يهمهػػا يػػؼ‬
‫لػ ػ ػػاؿ الػ ػ ػػنص‪ ،‬أي أف السػ ػ ػػيميولوجيا ال يهمهػ ػ ػػا الملػ ػ ػػموف وال سػ ػ ػػينة المبػ ػ ػػدع ال اتيػ ػ ػػة‬
‫"‪ "biography‬بقدن ما يهمها ش ؿ الملموف انطاللاً مف اللطاطة التالية(‪:)1‬‬

‫"فالسػػيميولوجيا د انسػػة ش ػ النية للملػػموف تمػػن عبػػن الش ػ ؿ لمس ػأءلة الػػدواؿ مػػف‬
‫اجػػؿ تبقيػػؽ معنفػػة دليقػػة بػػالمعن ‪ ،‬إنهػػا بهػ ا المعنػ تؤ ػػد "الملػػموف" وال تنفيػ وهػػي‬
‫به ا ملمونية الهدؼ"(‪.)2‬‬

‫ولتبديد منهجية السيميولوجيا ال بد مف مناعاة ثالثة مبادئ لنونية‪.‬‬

‫خصائص المنهج السيميائي(*)‪:‬‬

‫(‪ )1‬ينظن عنوي‪ ،‬مبمد إلباؿ‪ ،‬السيميائيات وتبليلها لظاهنة التنادؼ في اللغة والتفسين في عالـ الف ن ـ‪-22‬‬
‫ع‪ 2‬آ ان ‪ ،6991‬ص‪.691‬‬
‫(‪ )2‬المطلبي مالؾ‪ ،‬مبالنات عل طلبة الدناسات العليا‪ ،‬لية الفنوف الجميلة‪ ،‬نيساف ‪.6991‬‬
‫(*) هناؾ تدالؿ في استعماؿ المصطلح‪ ،‬فاألونبيوف يستعملوف مصطلح سيميولوجيا في بيف يستعمؿ‬
‫االن لوس سوف مصطلح السيميوطيقا‪ ،‬وسنعنض للتفنيؽ بيف المصطلبيف في الفصوؿ القادمة‪ ،‬والبابث‬
‫يتبن مصطلح السيميائية منادفاً للمصطلح الغنبي سيميولوجيا‪ ،‬وسوؼ يند المصطلح في الببث بيثما‬
‫منهج متبع ومقتنف‬ ‫وجدنا لؾ مناسباً بصيغت األجنبية‪ ،‬لؾ عندما ي وف المصطلح منت اًز عل‬
‫‪22‬‬
‫‪ -1‬المحايثة‪:‬‬

‫مهم ػػا تع ػػددت جوان ػػب الم ػػنهج أو اتس ػػعت أص ػػول وفص ػػول فانػ ػ يظ ػػؿ مبتفظػ ػاً‬
‫بلصػػائص عامػػة تظػػؿ تب ػػـ شػػت عناصػػن وتطبػػع سػػائن أدوات ػ المنهجيػػة‪ ،‬وال يلػػنج‬
‫المػػنهج السػػيميائي عػػف ه ػ القاعػػدة فػػاف ل ػ هػػو أيل ػاً‪ ،‬لصػػائص عليهػػا يت ػ ء وبهػػا‬
‫يتميػػز‪ ،‬وأولػ هػ اللصػػائص انػ مػػنهج داللػػي مبايػػث ويعنػػي لػػؾ انػ ينت ػػز عل ػ‬
‫دالػػؿ الػػنص‪ ،‬باعتبػػان أف العاللػػة التػػي تقػػوـ بػػيف العمػػؿ األدبػػي ومبيطػ اللػػانجي ال‬
‫تنلػ ػ بس ػػب هػ ػ ا الن ػػوع م ػػف النق ػػد الػ ػ ي يتشػ ػ ؿ وينتش ػػن م ػػف س ػػياؽ ثق ػػافي وبل ػػاني‬
‫ثـ يتعيف الن وف‬ ‫موسوـ بلصوصيات جوهنية إل تأسيس مستوى عميؽ للنص‪ ،‬ومف ّ‬
‫إل ػ ػ شػ ػػب ة العالل ػ ػػات القائمػ ػػة بػ ػ ػيف عناصػ ػػن ‪ ،‬بمعن ػ ػ أف التبلي ػ ػػؿ المبايػ ػػث يتطل ػ ػػب‬
‫االسػػتقنان الػػداللي للوظػػائؼ النصػػية التػػي تسػػهـ فػػي توليػػد الداللػػة‪ ،‬وال تهمنػػا العاللػػات‬
‫اللانجية وال البيثيات السوسيو‪ -‬تانيلية وااللتصادية التي أفنزت عمؿ المبدع(‪.)3‬‬

‫والب ػػاؿ أف الس ػػيميولوجيا تبب ػػث ع ػػف شػ ػ ؿ المل ػػموف عب ػػن العالل ػػات التشػ ػ لية‬
‫والتلادية الموجودة بيف العناصن دالؿ العمؿ الفني‪.‬‬

‫‪-2‬التبنين‪:‬‬
‫ثػػاني لصػػائص المػػنهج السػػيميائي ان ػ مػػنهج بنيػػوي إ تعػػد السػػيميائيات البنيويػػة‬
‫ثم ػ ػنة مزاوجػ ػػة بػػػيف العالمػ ػػة والبنيػ ػػة‪ ،‬ثم ػ ػنة تبنػػػيف العاللػ ػػات‪ ،‬وه ػ ػ ا وال ػػح م ػػف لػ ػػالؿ‬
‫اللاصية السالفة‪ ،‬القائمة عل التزامنية أي عل شب ة العاللات‪.‬‬

‫بتأسيسات ‪ .‬وسوؼ يبعد البابث التعنيب ال ي تبنا بعض الدانسيف العنب مثؿ علـ العالمات أو‬
‫الدالئلية‪.‬‬
‫(‪ )3‬ينظن عنوي‪ ،‬مبمد إلباؿ ص‪.691‬‬
‫وينظن أيلاً بمداوي‪ ،‬جميؿ‪ :‬السيميوطيقا والعنونة في مجلة عالـ الف ن ـ‪ 21‬ع‪ 2‬آ ان ‪ ،6991‬ص‪19‬‬
‫وما بعدها‪.‬‬
‫‪22‬‬
‫إف السػػميولوجيا ال تفهػػـ المعنػ إالّ مػػف لػػالؿ االلػػتالؼ بػػيف متعالقػػات فسوسػػين‬
‫وهلمسػ ػػليؼ يق ػ ػناف ب ػ ػأف المعن ػ ػ ال يسػ ػػتللص إالّ عبػ ػػن االلػ ػػتالؼ‪ ،‬ولػ ػػد ػ ػػاف مفهػ ػػوـ‬
‫االلتالؼ سبباً مف أسباب تطون الدناسات البنيوية في اللغة واألدب‪.‬‬

‫والسيميولوجيا عندما تقتبـ أغوان النص فإنهػا تػدلؿ مػف نافػ ة العاللػات الدالليػة‬
‫الموج ػػودة والقائم ػػة علػ ػ االل ػػتالؼ ب ػػيف البني ػػات وال ػػدواؿ‪ :‬والتبلي ػػؿ البني ػػوي لػ ػ ل ػػدنة‬
‫ال شؼ عف ش ؿ الملموف وتبديد االلتالفات فػي العاللػات الموجػودة بػيف العناصػن‬
‫الداللية للنسؽ أو النظاـ(‪.)4‬‬

‫ولنألػ ػ علػ ػ س ػػبيؿ المث ػػاؿ مص ػػطلح العالل ػػات فم ػػف المؤ ػػد ل ػػدى البني ػػوييف أف‬
‫المعن ال يقػوـ إالّ بوسػاطة االلػتالؼ‪ ،‬واف هػ ا االلػتالؼ يفتػنض وجػود نسػؽ مبنػيف‬
‫مف العاللات بيف عناصن عدة ال يم ف أف تأل معناهػا‪ ،‬أو ت ػوف دالػة إالّ مػف لػالؿ‬
‫شػػب ة العاللػػات التػػي تقػػوـ بينهػػا‪ ،‬تلػػؾ الشػػب ة التػػي تش ػ ؿ هندسػػة المعن ػ ‪ ،‬أو ش ػ الً‬
‫للمبتوى تتل ها البنيوية مجاالً للتبليؿ(‪.)5‬‬

‫‪ -3‬الكميـة‪:‬‬

‫أم ػ ػػا ثال ػ ػػث هػ ػ ػ اللص ػ ػػائص فإنه ػ ػػا تنب ػ ػػع م ػ ػػف طبيع ػ ػػة المول ػ ػػوع الػ ػ ػ ي تدنسػ ػ ػ‬
‫السػػيميائيات‪ ،‬فمػػف المعلػػوـ أنهػػا تهػػتـ باللطػػاب فػػي بعػػد السػػندي فتتجػػاوز بػ لؾ بػػدود‬
‫االهتماـ بالجملة‪ ،‬بمعن أنهػا تػدنس ال ليػات العامػة وتنظيمهػا وانتاجهػا أو القػدنة علػ‬
‫إنتاج النص‪ ،‬و يفية تولد والتالف سطبياً وعمقياً(‪.)6‬‬

‫(‪ )4‬ينظن المصدناف السابقاف‪ ،‬وينظن إبناهيـ‪ ،‬ز نيا‪ :‬مش لة البنية‪ ،‬دان مصن للطباعة‪ ،‬القاهنة‪ ،‬د‪ .‬ت‬
‫ص‪.24 -1‬‬
‫(‪ )5‬ينظن ميل ‪ ،‬لوي ودانفيؿ مادليف فانف‪ ،‬مقدمة في البنيوية‪ ،‬تنجمة وجي الهنينة‪ ،‬دان الوبدة للنشن‪،‬‬
‫بانيس‪ .‬د‪ .‬ت ص‪ 66‬وما بعدها‪.‬‬
‫(‪ )6‬بمداوي‪ ،‬جميؿ‪ ،‬السيميوطيقا والعنونة ‪ -‬ص‪.16‬‬
‫‪21‬‬
‫مبادئ التركيب العالمي‬
‫بينم ػػا نني ػػد ل ػػوؿ ش ػػيء م ػػا أو تص ػػوين ب ػػدث آو مش ػػهد فإنن ػػا سنس ػػتعيد التن ي ػػب‬
‫العالمػػي مػػف لػػالؿ التج ػػاون أو التلػػاد أو التباعػػد وه ػ ا التن يػػب هػػو القػػدنة البقيقيػػة‬
‫عل صياغة عالـ الفف‪ ،‬أو عالـ الوالػع‪.‬‬

‫"يالبظ في األلواؿ المنسوبة إل بوساف‪ ،‬تواز بيف اللغة المتمفصلة والنسػـ‪ ،‬وهػو‬
‫تمهيد لنظنية التمفصؿ المزدوج في االلسنيات" بيف يب ي عف النسـ يقػاؿ أف بػنوؼ‬
‫األبجديػػة تسػػتعمؿ لتشػ يؿ المنػػا ولإلعػناب عػػف أف اننػػا مثلمػػا تسػػتعمؿ مالمػػح الجسػػـ‬
‫للتعبيػ ػػن عػ ػػف شػ ػػت أه ػ ػواء الػ ػػنفس إلل ػ ػناج مػ ػػا هػ ػػو م نػ ػػوف فػ ػػي الػ ػػنوح واظهػ ػػان إل ػ ػ‬
‫اللانج"(‪.)7‬‬

‫إف أي عمػ ػػؿ فنػ ػػي وبالتبديػ ػػد اللوبػ ػػة التش ػ ػ يلية تعتمػ ػػد فػ ػػي ت وينهػ ػػا عل ػ ػ مبػ ػػدأ‬
‫التن يب‪ ،‬ومعنفة القوانيف العامة التػي تعمػؿ بموجبهػا التجػاونات العالميػة‪ .‬لػؾ أنػ إ ا‬
‫انت الوبدات الفندية ألي نظاـ تستمد معناها مف عاللات عناصنها بعلها ببعض‪،‬‬
‫ف ػإف اللوبػػة التش ػ يلية تبػػدأ أساس ػاً مػػف التن يػػب وال تمػػن بمنبلػػة األف ػناد‪ ،‬ول ننػػا نواج ػ‬
‫مش لة معقدة في الببث عف يفية ه ا التن يب ومفندات ومنجعيات ‪.‬‬

‫هناؾ تن يب داللي للعاللات‪ ،‬ت وف العاللات بيف شػت عناصػن العمػؿ عاللػات‬
‫تواز أو تعانض أو للب أو ت افؤ‪ ...‬الخ و لما بقي ه ا التن يػب للعاللػات "سػليماً" أي‬
‫لػػمف لػػانوف يب ػػـ النسػػـ فػػي زمػػاف وم ػػاف داللػػي ي ػػوف باإلم ػػاف اسػػتقناء التن يػػب‬
‫العالمي ونصد ومف ثـ معنفػة منجعياتػ ‪ .‬وانى أف مشػ لة التن يػب العالمػي فػي الفػف‬

‫لألستزادة ينظن شا ن سالـ‪ ،‬مدلؿ إل عالـ الداللة‪ ،‬تنجمة‪ ،‬مبمد ببياتيف ديواف المطبوعات الجامعية‬
‫تونس ‪.6991‬‬
‫(‪ )7‬شتناوس‪ ،‬لود ليفي‪ ،‬السمع‪ ،‬النظن‪ ،‬القناءة‪ ،‬تعنيب لليؿ ابمد لليؿ‪ ،‬دان الطليعة للطباعة والنشن‪،‬‬
‫بينوت ‪ .6992‬ص‬
‫‪21‬‬
‫التش يلي ال تبددها القيمة الثقافية لمولوع الف لؾ يلنج الفف عػف مغػ از البقيقػي‪،‬‬
‫وال يم ػف إللػػاع إلػ الػ وؽ العػػاـ‪ ،‬ألننػػا فػػي الفػػف‪ ،‬نػنفض المعنػ الوالػػح ونبػػاوؿ‬
‫ػداء م ػػف تبوي ػػؿ العالل ػػة وبتػ ػ‬
‫ب ػػدالً م ػػف ل ػػؾ تبدي ػػد الت ان ي ػػب التشػ ػ يلية العميق ػػة ابت ػ ً‬
‫الت ػويف الشػػامؿ للعاللػػات‪ .‬وال يم ػػف للتن يػػب العالمػي دالػػؿ اللوبػػة أف ي ػػوف ا ليمػػة‬
‫ظاهني ػػة‪ ،‬إِس ػػتناداً إلػ ػ التن ي ػػب الػ ػوالعي‪ .‬وهن ػػا يم ػػف الق ػػوؿ ب ػػاف مبت ػػوى اللوب ػػة ه ػػو‬
‫تن يبها واف مولوعها هو عبانة عف عاللاتها الداللية وأساليبها‪.‬‬

‫"باسػػتطاعتؾ أف تنظػػن إلػ أسػػطونة أو مبػػاناة فػػي المصػػانعة أو نظػػاـ ل انبػػة لبلػػي‬
‫أو لائمػػة مػػأ والت فػػي مطعػػـ أو صػػونة زيتيػػة نظػػاـ إشػػانات ثػػـ تقػػوـ بمباولػػة عػػزؿ‬
‫مجموعة القوانيف التي تنبط ه العاللات لت وف معاني‪ .‬إنها تتجاهؿ بصونة عامة مػا‬
‫تقولػ ػ هػ ػ العالل ػػات فعػ ػالً‪ ،‬وتن ػػز ب ػػدالً م ػػف ل ػػؾ علػ ػ عاللاته ػػا الداللي ػػة لبعل ػػها‬
‫ببعض"(‪.)8‬‬

‫يقوؿ سوسين‪ ،‬ل ؿ إشانة لغويػة معنػ يفصػؿ التالفهػا عػف اإلشػانات األلػنى وال‬
‫يوجد في نظاـ علػـ اللغػة إالّ االلػتالؼ‪ ،‬المعنػ لػيس امنػاً فػي اإلشػانة اللغويػة ول نػ‬
‫وظيفي‪ ،‬ينتج عف التالؼ اإلشانة عف اإلشانات األلنى‪.‬‬

‫واعتقػػد سوسػػين‪ :‬أف علػػـ اللغػػة لػػد يقػػع فػػي ونطػػة إ ا مػػا ن ػػز علػ ال ػػالـ الفعلػػي‬
‫ولـ يهػتـ بػألواؿ النػاس‪ ،‬بػؿ اهػتـ بالتن يػب المولػوعي لإلشػانات والتػي تجعػؿ المهػـ‬
‫مم ن ػاً لبػػؿ ػػؿ شػػيء‪ .‬ولػػد دعاهػػا سوسػػين باللغػػة ولػػـ يهػػتـ سوسػػين باألشػػياء البقيقيػػة‬
‫التػػي ت لػػـ عنهػػا النػػاس‪ .‬ولغػػنض د انسػػة اللغػػة يجػػب إهمػػاؿ مػػا تشػػين إليػ الشػػانات أي‬
‫األشياء التي تعبن عنها(‪.)9‬‬

‫(‪ )8‬ايغلف‪ ،‬تيني‪ ،‬مقدمة في النظنية األدبية‪ ،‬تنجمة إبناهيـ جاسـ العلي‪ ،‬دان الشؤوف الثقافية بغداد‪،6992 ،‬‬
‫ص‪.641‬‬
‫(‪ )9‬المصدن السابؽ‪.‬‬
‫‪21‬‬
‫لقػػد مثلػػت مدنسػػة ب ػناغ لعلػػـ اللغػػة "يػػا وبسػػف وجػػاف مو انوفس ػ ي وغينهمػػا‪"...‬‬
‫مثلت أف ا اًن نظموها عؿ ٍ‬
‫نبو أ ثن ثباتاً لمف إطان لغويات سوسػين‪ ،‬إ أصػبح ينظػن‬
‫إل ػ ػ القصػ ػػائد عل ػ ػ أنهػ ػػا ت ان يػ ػػب وظيفيػ ػػة تب مهػ ػػا مجموعػ ػػة عاللػ ػػات معقػ ػػدة الػ ػػداؿ‬
‫والمدلوؿ‪ .‬واف تدنس ه اإلشانات اللغوية ب اتها وليس انع اسات لبقيقة لانجية‪.‬‬

‫ويػ ػػنى "فػ ػ ػاغنن" إف األدوات المتع ػ ػػددة ألي عم ػ ػػؿ فنػ ػػي ل ػ ػػد تنس ػ ػػؽ بطنيق ػ ػػة ت ػ ػػدفع‬
‫العناصػن االفناديػة لالنػػدماج لالقػة بػ لؾ "تػأثي اًن تن يبيػاً"‪ .‬وفػػي لػوء هػ المقولػة‪ ،‬فػػاف‬
‫التن يػػب مبػػدأ أسػػاس فػػي اللوبػػة التش ػ يلية‪ ،‬لػػؾ أف التجػػاون العالمػػي يعطينػػا إبساس ػاً‬
‫اء مف بيث الش ؿ أو الوظيفة(‪.)10‬‬
‫تش يلياً مت امالً سو ٌ‬
‫إف اللوب ػػة التشػ ػ يلية تب ػػدأ باإليقون ػػة‪ ،‬ث ػػـ تتبػػػوؿ إلػ ػ النم ػػز م ػػف ل ػػالؿ تجػ ػػاون‬
‫العاللػػات وت ان بهػػا‪ .‬ول ػػف هػػؿ يم ػػف ولػػع شػػمس ولمػػن فػػي م ػػاف وابػػد مػػف اللوبػػة ‪.‬‬
‫هػؿ يشػ ؿ لػػؾ نفيػاً للتن يػػب المنطقػي‪ ،‬أـ أف معجػػـ الفػف التشػ يلي المسػتعان ال يبػػدد‬
‫صػػيغاً اسػػتعانية مػػف الوالػػع هػ ا السػؤاؿ يقودنػػا إلػ تتبػػع مبػػون التن يػػب العالمػػي فػػي‬
‫الفف‪.‬‬

‫يصػػبح القػػوؿ بإلصػػاء المعجػػـ أم ػ اًن لػػنونياً‪ ،‬أي الػػتللص فػػي التن يػػب العالمػػي‬
‫للنسػػـ مػػف لػػوؿ الوالػػع‪ ،‬ألننػػا نسػػتطيع أف نتواصػػؿ مػػع الوالػػع عػػف طنيػػؽ آلػػن‪ ،‬وب ػ لؾ‬
‫تشتغؿ اللوبة في ظؿ تن يب معيف تنتقؿ العالمة في مف بن تها الجزئية إل بن تهػا‬
‫ال لية ل ي تبني عاللاتها اللاصة‪ ،‬واف داللتهػا النمزيػة تعبػن عػف وبػدة عقليػة لل ػوف‪،‬‬
‫ولػػيس تبديػػد العاللػػة وابالتهػػا إل ػ منجعهػػا ال ػوالعي‪ ،‬ألنهػػا تبػػدد جغنافيػػا العمػػؿ لػػيس‬
‫بالش ؿ بػؿ ل ونهػا تشػتغؿ بالتن يػب‪ .‬فيظهػن بػ لؾ توليػد جديػد‪ ،‬إبػداع لعاللػات ايقونيػة‬
‫جدي ػػدة‪ ،‬أي انػ ػ يػ ػنتبط بظه ػػون معنػ ػ جدي ػػد أو ليم ػػة داللي ػػة وشػ ػ لية جدي ػػدة بالنس ػػبة‬

‫(‪ )10‬هونزؿ‪ ،‬جيندنيؾ‪ ،‬دينامي ية اإلشانة‪ ،‬تنجمة د‪ .‬أمين وني مجلة البياة المسنبية العدد ‪29-21‬‬
‫‪6911‬ص ‪.21‬‬
‫‪21‬‬
‫لعاللات موجودة أصالً في الوالع‪ ،‬فيسمح لها بالظهون في سيالات لـ تتبقػؽ فيهػا مػف‬
‫لبػؿ(‪ ،)11‬وبػ لؾ يتميػػز التوليػد الػداللي مػػف التوليػد الصػوني الػ ي يػنتبط عمومػاً بظهػػون‬
‫متواليػػة ش ػ لية جديػػدة بمعن ػ جدي ػد مػػا يبصػػؿ فػػي المولػػدات الت ان بيػػة الناتجػػة عػػف‬
‫عمليات االشتقاؽ واالفتناض أو النبت‪.‬‬

‫ويعنض التوليد مػف لػالؿ التن يػب بهػ ا التبديػد جملػة مػف القلػايا تتعلػؽ أساسػاً‬
‫بمسػػتوييف‪ ،‬مسػػتوى التن يػػب الشػ لي‪ ،‬ومسػػتوى التعالقػػات الدالليػػة‪ ،‬ومػػف ثػػـ يجػػب علػ‬
‫أيػػة نظنيػػة أف تبػػدد فػػي الولػػت نفس ػ المبػػادئ المتب مػػة فػػي تأويػػؿ الت ان يػػب المولػػدة‬
‫والقواعد التي تنصػد التنابطػات إف انػت هنػاؾ لواعػد‪ .‬فمػا داـ التن يػب إبػداعاً جديػداً‪،‬‬
‫مػػف لػػالؿ تجػػاون العالمػػات‪ ،‬فانػ يفتػػنض نسػػقاً أو مجموعػػة مػػف القواعػػد التػػي تلػػبط‬
‫لؾ فػاف بإم ػاف‬ ‫إبداع ه الدالالت ما تلبط طنيقة استعمالها‪ .‬ولو لـ ي ف األمن‬
‫األشػػلاص االعتيػػادييف أف يعمل ػوا فػػي النسػػـ البػػديث لطوطػاً وأشػ االً وألوان ػاً ومػػف ثَػػـ‬
‫ٍ‬
‫لوبات تش يلية‪.‬‬ ‫القوؿ بأنهـ أنتجوا‬

‫وعلي فاف دناسة التن يػب "التوليػد" تعنػي تبديػد مػا تسػمح بػ لواعػد الفهػـ السػائدة‬
‫أو السيطنة عل آليات ه ا الفهـ واإلم انات التػي تسػمح للمبػدع بإنتػاج وبػدات جديػدة‬
‫واسػػػتعماالت جديػػػدة مشػػػتقة مػػػف البنيػ ػػة التصػ ػػونية فػ ػػي نبػ ػػط العناصػ ػػن وانجػ ػػاز جملػ ػػة‬
‫"اللوبػػة"‪ .‬ومػػف هنػػا فػػاف سػػميولوجيا التن يػػب تلتلػػؼ فػػي النسػػـ س ػواء أ ػػاف ل ػ منظػػون‬
‫اتػ فػي لوبػات ملتلفػة‬ ‫والعي أـ لـ ي ػف‪ .‬إف بجػـ األشػلاص مػثالً ال يبمػؿ المعنػ‬
‫لمػػا لػػعفت طنيقػػة التمثيػػؿ لويػػت بالمقابػػؿ عمليػػة‬ ‫ويم ننػػا أف نقػػوؿ بش ػ ؿ عػػاـ ان ػ‬
‫تقنيف اإلشانات وابتعادها عف منجعيات الوالع‪.‬‬

‫العالمة والسياق السائد‬

‫(‪ )11‬غليـ‪ -‬مبمد‪ :‬التوليد الداللي في البالغة والمعجـ‪ ،‬دان تويقاؿ للنشن‪ ،‬الدان البيلاء‪ ،6911 ،‬ص‪.1‬‬
‫‪29‬‬
‫الشفرة‪ ،‬التداول‪ ،‬العقد‬

‫مفهوم السياق‪:‬‬

‫إف السياؽ هو الولعية الملموسة التي تولح وتنطؽ مف لاللها مقاصد تلػص‬
‫الم اف والزماف‪ ،‬وهوية المت لميف أو الفاعليف‪ ...‬الخ‪ ،‬و ؿ ما بنػا باجػة إليػ مػف اجػؿ‬
‫فهـ وتقويـ ما يقاؿ وما ينسـ‪ .‬وه ا ندنؾ مقػدان أهميػة السػياؽ بػيف نبػنـ منػ مػثالً‪،‬‬
‫وبػػيف تنقػػؿ إلينػػا المقاصػػد عبػػن وسػػيط وفػػي بالػػة معزولػػة عػػف السػػياؽ ال ػ ي يصػػبح‬
‫منهجػ ػاً عامػ ػاً‪ ،‬وم ػػف دوف ليم ػػة‪ .‬وعلػ ػ ع ػػس ل ػػؾ يم ػػف أف تم ػػن اإلش ػػانات إلب ػ ٍ‬
‫ػان‬
‫تواصلي لتمنين ؿ األلبان السيالية اللنونية للفهـ الجيد(‪ ،)12‬واف السياؽ‪ ،‬في لوء‬
‫ػي يػتم ف المتلقػي مػف إدناؾ عمػؿ‬ ‫ه المقولة‪ .‬هو الغػالؼ المبػيط الػ ي يبػاؿ إليػ‬
‫ما‪.‬‬

‫هو الطالة المنجعيػة التػي يجػني القػوؿ مػف فولهػا فتمثػؿ‬ ‫(*)‬
‫فالسياؽ عند يو ابسف‬
‫للفي ػػة للنسػػػالة تم ػػػف المتلقػ ػػي مػػػف تفس ػػينها‪ .‬فالنسػ ػػالة تقتلػ ػػي اتصػ ػػاالً بػ ػػيف المػ ػػت لـ‬
‫والملاط ػػب‪ ،‬لػػػد ت ػػػوف شػ ػػفوية أو بص ػ ػنية أو ال تنوني ػػة أو أي شػػػيء آل ػػن مػػػا أنهػ ػػا‬
‫‪ -‬أي النسالة ‪ -‬يجب أف تصػاغ بشػ ؿ شػفنة مػا‪ :‬ػالـ أو أنلػاـ أو نسػوـ أو تابػة أو‬
‫ػػؿ م ػػف الم ػػت لـ‬ ‫أشػ ػ اؿ ص ػػوتية‪ ..‬ال ػػخ ويج ػػب أف تش ػػين النس ػػالة إلػ ػ س ػػياؽ يفهمػ ػ‬
‫والملاط ػػب‪ ،‬الب ػػاث والمتلق ػػي‪ ،‬س ػػياؽ يم ػػف النس ػػالة م ػػف أف تعن ػػي ش ػػيئاً(‪ .)13‬وال ت ػػوف‬
‫النس ػػالة ات وظيف ػػة إال إ ا أس ػػعفها "الس ػػياؽ" بأس ػػباب ل ػػؾ ووس ػػائل ‪ ،‬والم ػػنء الػ ػ ي ال‬

‫(‪ )12‬انمينغو‪ ،‬فنانسواز‪ ،‬المقانبة التداولية‪ :‬تنجمة د‪ .‬سعيد علوش‪ ،‬في مجلة النقد العنبي المعاصن‪ ،‬من ز‬
‫اإلنماء القومي‪ ،‬العدد ‪ 26‬بينوت‪ 6911 ،‬ص‪.12‬‬
‫(*) يو ابسف نوماف‪ :‬شلصية عملية ف ة تسلـ نيادة النقد األلسني وتنبؿ في أونبا وأمني ا باثاً ف ن البنيوي‬
‫في عدد ال يبص مف المنيديف‪ .‬ولد سنة ‪ ،6191‬انظن المسدي‪ ،‬األسلوبية ص‪.226‬‬
‫(‪ )13‬ينظن هو ز‪ ،‬تننس‪ ،‬البنيوية وعلـ اإلشانة تنجمة مجيد الماشطة‪ ،‬دان الشؤوف الثقافية‪ ،‬بغداد ط‪6911‬‬
‫ص‪.11‬‬
‫‪24‬‬
‫يعػػنؼ الشػػعن النبطػػي مػػثالً ال يسػػتطيع فهػػـ لصػػيدة نبطيػػة بتػ واف اسػػتمع إليهػػا ألػػؼ‬
‫منة‪ ،‬ألن ال يملؾ سياؽ ه القصيدة(‪.)14‬‬

‫إف ػ ػػؿ عمػ ػػؿ فنػ ػػي ينبثػ ػػؽ عمػ ػػا سػ ػػبق مػ ػػف أعمػ ػػاؿ تماثل ػ ػ فػ ػػي جنس ػ ػ ‪ .‬فالنسػ ػػـ‬
‫االنطبػػاعي انبثػػؽ عػػف الفػػف النومػػانتي ي‪ ،‬واألليػػن عػػف الفػػف ال السػػي ي‪ ،‬ولػػيس ه ػ ا‬
‫السالؼ سوى سياؽ فني له اللوبات التي تمللت عنػ البقػاً‪ .‬لػ لؾ فػاف أي نسػالة‬
‫فػي تبولهػػا إلػ عمػػؿ ال بػػد أف تألػ معهػا "السػػياؽ" وتبػػؿ فيػ ليسػػاعدها علػ تبويػػؿ‬
‫توجههػػا إلػ دالػػؿ نفسػػها‪ ،‬ل ػػف هػ العمليػػة تبمػػؿ لطػػونة بيػنة علػ مصػػين النسػػالة‬
‫الف السػػياؽ ا بػػن وألػػلـ مػػف النسػػالة‪ .‬وهػػو اسػػبؽ منهػػا إل ػ الوجػػود‪ :‬فتصػػبح مهػػددة‬
‫بالسقوط فػي أبلػاف لػؾ السػياؽ الػ ي يتغلػب علػ نصػها ويجعلػ مجػند مبا ػاة لمػا‬
‫سػػبق مػػف نصػػوص مماثلػػة‪ ،‬ولػػو بػػدث هػ ا ‪ -‬و ثيػ اًن مػػا يبػػدث ‪ -‬فػإف الػػنص سيسػػقط‬
‫ويصبح نصاً فاشالً وتقليدياً(‪.)15‬‬

‫لػػد يبػػدث أبيان ػاً فػػي أثنػػاء االتصػػاؿ أف تنقػػؿ النسػػائؿ هاب ػاً واياب ػاً بينمػػا يتنػػاوب‬
‫الباعػ ػػث والمفسػ ػػن األدوان باسػ ػػتمنان‪ .‬وبه ػ ػ ا يتسػ ػػن للمفس ػ ػنيف البصػ ػػوؿ عل ػ ػ تغ يػ ػػة‬
‫ع س ػػية لتأيي ػػد تفس ػػيناتهـ وللتأ ػػد م ػػف أف المعنػ ػ الػ ػ ي يعطونػ ػ لإلش ػػانات يتف ػػؽ م ػػع‬
‫المعنػ ػ الػ ػ ي ػػاف الباع ػػث يقص ػػد إيص ػػال إليػ ػ ‪ ،‬إالّ انػ ػ ف ػػي بع ػػض الظ ػػنوؼ ي ػػوف‬
‫االتصاؿ في االتجػاهيف لػنباً مػف المسػتبيؿ‪ ،‬عػادة مػا يبػدث هػ ا فػي بػاالت تفسػين‬
‫األعماؿ الفنيػة أو المعمانيػة العائػدة إلػ عصػون ملػت علػ الػنغـ مػف أنهػا ال تلػنج‬
‫عف السياؽ ال ي ولػدت فيػ ‪ ،‬وبػنغـ إل انننػا بتأ يػد األعػناؼ االجتماعيػة والسػيالية علػ‬
‫القناعات الشلصية‪ ،‬والسؤاؿ المهـ ال ي يم ف طنب هػو هػؿ يم ػف للسػياؽ أف يلػع‬

‫(‪ )14‬الغ امي‪ ،‬عبد اهلل‪ -‬اللطيئة والت فين‪ ،‬مف البنيوية إل التشنيبية‪ ،‬النادي األدبي الثقافي‪ -‬جدة ط‪،6‬‬
‫‪ 6911‬ص‪.1‬‬
‫(‪ )15‬انظن المصدن السابؽ ص ‪.64 -9‬‬
‫‪26‬‬
‫منظومػة اشػػانية ال يم ػف اللػػنوج عنهػا واالسػػتناد إلػ القػوؿ‪" :‬بأنػ مهمػا بلغػػت دنجػػة‬
‫نلػػج مشػػاعن اإلنسػػاف‪ ،‬فالبػػد ل ػ فػػي أي عمػػؿ بػػانز مػػف أعمال ػ التصػػميمية مػػف أف‬
‫يأل بنظن االعتبان ال وؽ السائد في العصن ال ي يعيشػ بتػ واف بػدا لػ مفتقػ اًن إلػ‬
‫العقالنيػػة"(‪ .)16‬أـ االسػػتناد إل ػ مقولػػة "دان مس ػػتيتي " ‪ ،6111‬القائلػػة بػػأف اللغ ػات ف ػػي‬
‫تطون مستمن‪ ،‬وهي معنلة دائماً إل التعػانض مػع السػياؽ السػائد‪ ...‬إف المنظومػات‬
‫التعبينية في الفف والعمانة معنلة إل لوض صناع جديد بينها وبيف المبافظػة علػ‬
‫التقاليػػد واألسػػاليب السػػائدة‪ .‬فػػالقوى المبافظػػة تبػػاوؿ تبويػػؿ المؤشػنات مػػف دالئػػؿ إلػ‬
‫دالئؿ مقصودة ومف دالئػؿ مقصػودة إلػ إشػانات‪ ،‬هػ القػوى ينػتج عنهػا ثبػات المعنػ‬
‫مع المبالؿ الش ؿ‪ ،‬مف جهة ألػنى هنػاؾ لػوى تبػاوؿ العمػؿ علػ اسػتبداث معػاف‬
‫جديدة‪ ،‬فإ ا اف المعن الجديد معن ملبقػاً أو ملػافاً ػأف ت ػوف فػي سػياؽ اسػتعماؿ‬
‫اإلشػانة فػاف العمليػػة تػؤدي إلػ تبويػػؿ اإلشػانة إلػ دليػػؿ‪ ،‬هػ القػوى لػػد تبػوؿ اإلشػػانة‬
‫إل ػ إشػػانات ألػػنى أو تػػؤدي إل ػ ل ػناءة اإلشػػانات عل ػ أنهػػا دالئػػؿ لمعػػاف ألػػنى(‪.)17‬‬
‫وينتج ؿ لؾ عف طنيؽ لدنة المبدع عل إنتاج شفنت اللاصة‪.‬‬

‫والخالصة أف السيمولوجيا ال تهتـ بالسياؽ اللانجي‪ ،‬إنها تفنض سيالها الػداللي‬


‫ا اال تفاء ال اتي عل السياؽ اللانجي‪ .‬ول نها مع هػ ا اال تفػاء واالسػتقالؿ ال يم ػف‬
‫أف تتجنػػب‬
‫أف تتجنػػب تػػانيخ السػػيالات ال ػ ي يػػت لـ فػػي سػػيالها الػػداللي‪ .‬مػػا ال يم ػػف ْ‬
‫ْ‬
‫ل ػوانيف التػػداوؿ‪ .‬ومػػع لػػؾ فػػأفؽ السػػيالات بالنسػػبة للسػػيميولوجيا والسػػيميوطيقا منظػػون‬
‫إلي مف لالؿ لعبة العاللة أوالً وألي اًن‪.‬‬

‫الشفرة‬

‫(‪ )16‬ينظن بونتا لواف بابا‪ :‬العمانة وتفسينها تنجمة سعاد عبد علي مهدي‪ ،‬دان الشؤوف الثقافية‬
‫بغداد‪ ،6991 -‬ص‪.16-22‬‬
‫(‪ )17‬المصدن السابؽ ص‪.12‬‬
‫‪22‬‬
‫وه ػػي اللصوص ػػية التعبيني ػػة ل ػػنص النسػ ػػالة‪ ،‬وال ب ػػد لهػ ػ الش ػػفنة م ػػف أف ت ػػوف‬
‫متعانفػػة بػػيف البػػاث والمتلقػػي تعانف ػاً لي ػاً أو فػػي األلػػؿ تعانف ػاً جزئي ػاً‪ ،‬وللشػػفنة لاصػػية‬
‫إبداعية فنيدة فهي لابلة للتجػدد والتغيػن والتبػوؿ‪ ،‬بػؿ إف المبػدع نفسػ – فػند ‪ -‬لػادن‬
‫علػ ابت ػػان شػػفنت التػػي تبمػػؿ لصائص ػ جنبػاً إل ػ جنػػب مػػع شػػفنة السػػياؽ اللاصػػة‬
‫بجنس ال ي أبدع في بت تصبح الشفنة اللاصة شفنة عامة‪ ،‬وهػ األليػنة هػي بالػة‬
‫التمي ػػز العلي ػػا الت ػػي ال يبققه ػػا إالّ القالئ ػػؿ م ػػف المب ػػدعيف الػ ػ يف يغي ػػنوف مج ػػنى األدب‬
‫ويطونون إل بد إبداعي جديد(‪ .)18‬وتبنؾ الشفنة به ا الش ؿ يسهـ إسهاماً فعاالً فػي‬
‫تغي ػػن الش ػػفنة ل ػػو اطّ ػػند وش ػػاع ف ػػي جي ػػؿ‬
‫بن ػػاء الس ػػياؽ ال ػػداللي ونم ػػو وازده ػػان ‪ ،‬ول ػػف ّ‬
‫تتلافن إبداعات في ت ويف شفنة تتميز عف سوابقها بتػ تلتلػؼ عنهػا فإننػا عنػد اؾ‬
‫سن وف عل مشهد مف والدة سػياؽ جديػد ينبثػؽ مػف مبصػلة تغيػن الشػفنة الواسػع وهػ ا‬
‫ما بدث اليوـ في ت ويف سياؽ "النسـ التجنيدي" في الفف العنبي‪ ،‬بيث ان فف عنبػي‬
‫ف ػػي ش ػػفنة لاص ػػة ث ػػنت وش ػػاعت وأوشػ ػ ت أف تص ػػبح س ػػيالاً فنيػ ػاً جدي ػػداً علػ ػ ش ػػفنة‬
‫التشليص وطنيقة النسـ التي سادت في ‪.‬‬

‫ول لؾ فالشفنة مهمة جداً في االبت ان ثـ في بمايت مف ال وباف في السياؽ(‪.)19‬‬

‫والعاللػػة بػػيف السػياؽ الػػداللي والشػػفنة متشػػاب ة تشػػاب اً علػػوياً م ينػاً‪ ،‬فػػال وجػػود‬
‫ألب ػػدهما م ػػف دوف اآلل ػػن فاللوب ػػة تس ػػتمد وجوده ػػا م ػػف‪ ،‬النس ػػـ‪ ،‬والنس ػػاـ‪ ،‬وه ػػو ينس ػػـ‬
‫لوبت ‪ ،‬يلع نفس في مواجهة مع ػؿ سػالفي مػف النسػاميف ومػف النسػـ الملػزوف فػي‬

‫(‪ )18‬الغ امي‪ -‬التف ين واللطيئة ص‪.9‬‬


‫اسيت‪ /‬لية الفنوف‬ ‫(‪ )19‬ينظن مبالنات د‪ .‬عناد غزواف عف التناص‪ ،‬غين مطبوعة‪ /‬مسجلة عل‬
‫الجميلة ‪ 6991/1/1‬ألقيت عل طلبة الد تو ان ‪.‬‬
‫‪22‬‬
‫الثقافػة ولػ ا لػاؿ نوالف بػػانت‪" :‬إف الطالئعيػة ليسػت سػوى شػ ؿ مطػون للمالػي واليػػوـ‬
‫انبثؽ مف األمس"‪ .‬فالواسطي ملبوء في جواد سليـ وديال نوا في فائؽ بسف(*)‪.‬‬

‫واللوبػػة توجػػد هويتهػػا بوسػػاطة شػػفنتها "لغتهػػا"‪ ،‬ول ػػف ه ػ الهويػػة ال ت ػػوف ات‬
‫جػػدوى إالّ بوجػػود السػػياؽ‪ ،‬فالسػػياؽ لػػنوني لتبقيػػؽ ه ػ الهويػػة‪ ،‬مػػا أف السػػياؽ ال‬
‫ي وف إالّ بوجود تجمع للوبات عل من الزمف لينبثؽ السياؽ منهػا‪ ،‬وهػ ا يعنػي اعتمػاد‬
‫السياؽ والشفنة أبدهما عل اآللن لتبقيؽ وجودهما‪.‬‬

‫والشػػفنات متعػػددة و ثي ػنة وال ننيػػد اللػػوض فػػي تصػػنيفها بػػؿ نبػػدد إشػػاناتنا إلػ ػ‬
‫الش ػػفنات الجمالي ػػة لاص ػػة‪ ،‬عن ػػدما نني ػػد أف نف ػػنؽ ب ػػيف نمط ػػيف م ػػف الش ػػفنات‪:‬ش ػػفنات‬
‫التجنبة المنطقية وشفنات التجنبة الوجدانية والجمالية‪.‬‬

‫أف اإلشانات المنطقية بشػ لها المجػند لسػنية وتماثليػة‪ ،‬وهػي ػ لؾ مادامػت تعنػي‬
‫الش ؿ وليس المادة أما اإلشانة الجمالية فهي تصوينية ولياسية(‪.)20‬‬

‫إف الفنػػوف عب ػػانة عػػف أنم ػػاط تص ػػون الوالػػع‪ ،‬وال ػػدواؿ الجمالي ػػة عبػػانة ع ػػف أش ػػياء‬
‫مبسوسػػة‪ ،‬وال ػػالـ "نسػػـ تجنيػػدي" ال معن ػ ل ػ الف النسػػـ ل ػ والعػػي‪ .‬أمػػا مػػا يلػػص‬
‫النسـ غين التصويني فانػ يسػتبؽ هػ التسػمية علػ مسػتوى المػدلوؿ‪ ،‬غيػن أف الػداؿ‬
‫التصويني يعد صونة وايقونة له ا الوالع ول ف دونمػا صػونة‪ ،‬ولهػ ا فػاف وظيفػة النسػالة‬
‫الجماليػػة ال ت مػػف فػػي إيصػػاؿ المعنػ فقػط بػػؿ فػػي القيمػػة التػػي تبملهػػا فػػي اتهػػا‪ .‬إنهػػا‬
‫شػػيء ونسػػالة‪ ،‬وت ػػوف ه ػ الفنل ػػية السػػمة األساس ػػية لمػػا ب ػػدد يو ابسػػف "بالوظيف ػػة‬

‫ستنتج البابث ه ا "التناص" مف لالؿ دناست للفناغ في الفف اإلسالمي ويم ف النجوع إل المقاننة‬ ‫(*)‬
‫الفف العنالي‪ ،‬نسالة ماجستين‪ ،‬لية الفنوف الجميلة ‪ -‬نونيو‪-‬‬ ‫بيف الفنوف اإلسالمية وتأثيناتها عل‬
‫‪.6911‬‬
‫ن ‪ -‬علـ اإلشانة ص‪.11‬‬ ‫(‪ )20‬جينو‪ ،‬بيين‪ -‬مصدن سبؽ‬
‫‪22‬‬
‫الشعنية"(*)‪ ،‬وباعتبان أف الفف اتي فان يؤثن في الفاعؿ أي يالمس انطباعيػاً‪ ،‬ويػؤثن‬
‫فعل علينا جسدياً ونفسياً‪ .‬وأما العلـ فهو مولوعي وهو يبني الشيء(‪.)21‬‬

‫إف األنسػ ػػاؽ الجماليػ ػػة تلػ ػػطلع بوظيفػ ػػة ملػ ػػاعفة‪ ،‬فبعلػ ػػها عبػ ػػانة عػ ػػف تمثيػ ػػؿ‬
‫للمجهوؿ وتقع لانج نطاؽ الشفنات المنطقية‪ ،‬وهي أدوات لالمسػاؾ بػالالمنئي والفػائؽ‬
‫الوصػػؼ والالمعقػػوؿ‪ ،‬وهػػي تمسػػؾ بش ػ ؿ عػػاـ بالتجنبػػة النفسػػية المجػػندة عبػػن التجنبػػة‬
‫العلميػػة للبػ ػواس‪ ،‬وأم ػػا بعلػػها اآلل ػػن فيػ ػ هب إل ػ تبدي ػػد نغباتن ػػا بإعػػادة لل ػػؽ ع ػػالـ‬
‫ومجتمع متليؿ "لديـ ومستقبلي" يعوض عػف اللسػانات والبنمػاف فػي العػالـ والمجتمػع‬
‫المعيش‪ ،‬وه ا فاف األول تبدو عبانة عف فنػوف للمعنفػة "واف انػت هػ المعنفػة هػي‬
‫المجهػػوؿ عل ػ وج ػ الدلػػة" وأمػػا الثانيػػة فإنهػػا تبػػدو عبػػانة عػػف فنػػوف للتنفي ػ بػػالمعن‬
‫االشتقالي له ال لمة‪.‬‬

‫العالمة والعقد‬
‫إف األشػػنعة البمػػن والسػػود والبػػيض تشػػين إل ػ اللػػوف األبمػػن واألسػػود واألبػػيض‬
‫فقط‪ ،‬ول ف عندما أببن البطؿ اإلغنيقي "ثيسػيوس" اتفػؽ مػع والػد الملػؾ إيجػيس علػ‬
‫إف األشػػنعة السػػود علػ البػػالنة سػػتعني "الصػػعوبة واألشػػنعة البػػيض سػػتعني النجػػاح"‪.‬‬
‫وه ا النظاـ األولي لإلشانات اف نظاماً لإلشانات الهادفة‪ ،‬فاللوف اف يعني أ ثػن مػف‬
‫لػػوف‪ ،‬ان ػ إشػػانة هادفػػة‪ .‬فاألشػػنعة السػػود بالنسػػبة إليجػػيس انػػت تعنػػي مػػوت ابن ػ أمػػا‬
‫بالنسبة إل ببانة القنف السادس عشن والسابع عشن ف انت تشين إل القناصنة(‪.)22‬‬

‫(*) لألستزادة بوؿ الوظيفة الشعنية‪ ،‬ينظن يو ابسف‪ ،‬نوماف‪ ،‬للايا الشعنية تنجمة مبمد الولي ومبانؾ‬
‫بنوف‪ -‬دان تويقاؿ للنشن‪ ،‬الدان البيلاء ط‪ 6911 6‬ص‪.22‬‬
‫(‪ )21‬المصدن السابؽ ص‪.11‬‬
‫(‪ )22‬أ‪ .‬وندناتوؼ‪ :‬أصوات واشانات‪ ،‬تنجمة أدون يوبنا‪ ،‬و ازنة اإلعالـ‪ ،‬مدينية الثقافة العامة‪ ،‬مطبعة‬
‫الجمهونية‪ .‬بغداد‪ 6916 ،‬ص‪1‬‬
‫‪21‬‬
‫إف العقػػد االجتمػػاعي والتوالػػع االشػػاني ينمػػي إل ػ إعطػػاء معن ػ للعاللػػات بػػيف‬
‫النػػاس‪ ،‬والمجتمػػع‪ ،‬نظػػاـ مػػف العاللػػات بػػيف األفػناد‪ ،‬وهػػو يهػػدؼ إلػ اإلنجػػاب والػػدفاع‬
‫وانشاء التبادالت واإلنتاج والتواصؿ‪ .‬ويم ف أف نلنب مثالً بدون العالمات والالفتػات‬
‫واألزيػػاء‪ ،‬فهػػي تبػػدد االنتمػػاء إل ػ فئػػة اجتماعي ػة‪ ،‬عشػػينة‪ ،‬عائلػػة‪ ،‬صػػنعة‪ .‬ول ػ ا انػػت‬
‫الشعائن واالبتفاالت واألزياء واأللعاب عبانة عف طػنؽ إيصػالية يسػتطيع الفػند بهػا أف‬
‫يعنؼ نفس بإزاء الجماعة والجماعة بإزاء المجتمع‪.‬‬

‫أمػا الفػػف فانػ يبتػػاج إلػ إلػػاءة مػف الوالػػع لفهػـ العناصػػن‪ ،‬لاصػة إ ا مػػا عنفنػػا‬
‫آف العالمات عقدية‪ ،‬وهي بنت بيئتها‪ ،‬بؿ هي عقد بيف المتعالديف فػي بيئػة معينػة أمػا‬
‫العالمات الجمالية‪ ،‬وبسبب طبيعتها االيقونية‪ ،‬فإنها تعػد الػؿ اصػطالباً‪ ،‬وبالتػالي فػاف‬
‫شػػفناتها واجتماعيتهػػا الػػؿ مػػف اإلشػػانات المنطقيػػة واالجتماعيػػة‪ .‬إنهػػا اصػػطالبية ولػػـ‬
‫ي ػػف فيهػػا لػػط سػػمة إلزاميػػة أو لػػنونية أو عامػػة واف اإلشػػانة الجماليػػة تتبػػنن مػػف ػػؿ‬
‫اصطالح‪ ،‬بؿ إنها تشتغؿ في ظؿ تن يب معيف تنتقؿ مف بن تها الجزئية إل بن تها‬
‫ال لية ل ي تبني عاللاتها اللاصة‪ .‬وبه ا المفهوـ ننى عالمية اإلشانة الفنية التي تعبن‬
‫عػػف وبػػدة عقليػػة لل ػػوف واف ه ػ العالميػػة ليسػػت بالش ػ ؿ بػػؿ باشػػتغال تن يبي ػاً‪ ،‬هني ػاً‬
‫ؿ ه ا النوع المسم إنساناً(‪.)23‬‬ ‫وعقلياً ليشتنؾ في‬

‫إف الفنوف تمثيالت عػف الطبيعػة والمجتمػع سػواء أ انػت والعيػة أو متليلػة‪ ،‬منئيػة‬
‫أو غي ػػن منئي ػػة‪ ،‬مول ػػوعية أو اتي ػػة‪ ،‬وتس ػػتعمؿ الفن ػػوف ف ػػي هػ ػ ا الوس ػػائط والش ػػفنات‬
‫المالئمػة‪ ،‬فالفنػاف لػ مطلػؽ البنيػة فػي للػػؽ صػون وتشػ يلها فػي صػيف فنيػدة ال تلبػػث‬
‫أف تعنػػي شػػيئاً إنسػػانياً مشػػتن اً‪ ،‬وبه ػ ا تصػػؿ إل ػ منبلػػة التمثيػػؿ البقيقػػي‪ .‬ويم ػػف أف‬
‫نبدد أنبعة شنوط لمعنفة الشفنة الفنية‪ ،‬وهي أوالً‪ :‬لاصيتها التش يلية التصوينية‪ ،‬مما‬

‫(‪ )23‬المطلبي‪ :‬مبالنات مسجلة عل شنيط تسجيؿ‪ ،‬لية الفنوف الجميلة ‪ ،6991/1/21‬ألقيت عل طلبة‬
‫الد تو ان ‪.‬‬
‫‪21‬‬
‫يعني مولفاً متجهاً إل اعتبان النمػز ال فػي اتػ وانمػا فيمػا ينمػز إليػ ‪ ،‬وثانيػاً‪ :‬لابليتهػا‬
‫للتلقي‪ ،‬أي أف هنػاؾ شػيئاً مثاليػاً غيػن منظػون يتصػؿ بمػا وناء البػس يػتـ تلقيػ بػالنمز‬
‫ال ي يجعل مولوعياً وثالثاً‪ :‬لدنتها ال اتية وطالتها اللاصة المنبعثػة عػف تميزهػا عػف‬
‫اإلشػ ػػانة االيقونيػ ػػة ثػ ػػـ تلقيهػ ػػا نمػ ػػز ممػ ػػا يعنػ ػػي أف النمػ ػػز عميػ ػػؽ الج ػ ػ ون اجتماعي ػ ػاً‬
‫وانسانياً(‪.)24‬‬

‫إف العقػػد والموالػػعة هػػي بطالػػات معن ػ لتبليػػؿ العالمػػات الفنيػػة‪ ،‬وليسػػت بػػديالً‬
‫لها‪.‬‬

‫الجزئية والكمية‬
‫المقصػػود بال ليػػة ‪ -‬هػػو أف البنيػػة ال تتػػألؼ مػػف عناصػػن لانجيػػة ت ان ميػػة مسػػتقلة‬
‫عػف "ال ػؿ" بػؿ تت ػوف مػف عناصػن دالليػػة لالػعة للقػوانيف المميػزة للنسػؽ‪ ،‬مػف بيػػث‬
‫هػػو نسػػؽ‪ ،‬وال تنتػػد ل ػوانيف ه ػ ا النسػػؽ إل ػ انتباطػػات ت ان ميػػة‪ ،‬بػػؿ هػػي تلػػفي عل ػ‬
‫ال ػ ػػؿ‪ ،‬مػ ػػف بيػ ػػث هػ ػػو ػ ػ لؾ‪ ،‬ل ػ ػواص "المجموعػ ػػة" باعتبانهػ ػػا سػ ػػمات متمػ ػػايزة عػ ػػف‬
‫لصائص العناصن‪ .‬وليس المهـ فػي البيئػة هػو العنصػن أو "ال ػؿ" الػ ي يفػنض نفسػ‬
‫علػ العناصػػن باعتبػػان ػ لؾ وانمػػا المهػػـ هػػو العاللػػات القائمػػة بػػيف العناصػػن‪ ،‬اعنػػي‬
‫عمليػػات التػػأليؼ أو الت ػػويف عل ػ اعتبػػان أف ال ػػؿ لػػيس إالّ النتػػاج المتنتػػب عل ػ تلػػؾ‬
‫العاللات(‪.)25‬‬

‫(‪ )24‬ينظن فلؿ‪ .‬صالح‪ :‬النظنية البنائية في النقد األدبي‪ ،‬دان الشؤوف الثقافية العامة‪ ،‬بغداد ‪،6911‬‬
‫ص‪.214‬‬
‫ن ‪ ،‬دان مصن للطباعة‪ ،‬القاهنة‪ ،‬د‪ .‬ت ص‪.22‬‬ ‫(‪ )25‬إبناهيـ‪ ،‬ز نيا‪ ،‬مش لة البنية‪ ،‬مصدن سبؽ‬
‫‪21‬‬
‫وبالفعػػؿ فػػاف المقولػػة األساسػػية فػػي ه ػ ا المنظػػون هػػي ليسػػت مقولػػة ال ينونػػة بػػؿ‬
‫مقول ػػة العاللػ ػػة‪ ،‬وهػ ػػي تؤ ػػد أسػػػبقية ه ػ ػ العالل ػػة عل ػ ػ ال ينون ػػة وأولوي ػػة ال ػ ػػؿ عل ػ ػ‬
‫األجزاء(‪.)26‬‬

‫يعتمػػد التعنيػػؼ األوؿ للبنائيػػة علػ مقابلتهػػا بالجزئيػػة ال نيػػة التػػي تعػػزؿ العناصػػن‬
‫ويعد تجمعها مجند ت ان ب وت ان ـ‪ ،‬فالبنائية تتمثؿ في الببث عف العاللات التي تعطي‬
‫ُ‬
‫للعناصن المتبدة ليمػة ولػعها فػي مجمػوع منػتظـ‪ ،‬ممػا يجعػؿ مػف المم ػف إدناؾ هػ‬
‫المجموعات في أولاعها الدالة‪.‬‬

‫الشمول والعالقات المتبادلة‬


‫ال تعد المجموعات ات صفة ليػة مػا لػـ تنػتظـ فػي تشػ يؿ ي شػؼ عػف بػدودها‬
‫وولػ ػػعها الػ ػػداللي مػ ػػف دوف أف ت ػ ػػوف مجػ ػػند ت ػ ػناص عفػ ػػوي لػ ػػانجي لمجموعػ ػػة مػ ػػف‬
‫العناصػػن المس ػػتقلة‪ .‬و م ػػا يقػػوؿ س ػػانتن "بمناس ػػبة الم ػػنهج الجػػدلي ‪ -‬الػػ ي يتف ػػؽ بهػ ػ ا‬
‫التصون مع المنهج البنائي"‪ .‬إف المهـ دائماً اتلا مولؼ شمولي‪ ،‬وهو يقتلػي مولػؼ‬
‫توصيؿ العناصن القابلػة للتفنيػؽ‪ ،‬والمػنهج هػ ا يػنفض أف يعػالج العناصػن التػي يت ػوف‬
‫منهػا ُ ػ مؿ مػا علػ أنهػا وبػدات مسػتقلة تبعػاً للمبػدأ المنطقػي الػ ي يقلػي بأولويػة ال ػؿ‬
‫عل ػ األج ػزاء‪ ،‬فػػال يم ػػف فهػػـ أي عنصػػن فػػي البنيػػة لػػانج الولػػع ال ػ ي يشػػغل فػػي‬
‫الش ؿ العاـ(‪.)27‬‬

‫(‪ )26‬غانودي‪ ،‬نوجي ‪ ،‬البنيوية‪ :‬فلسفة موت اإلنساف‪ ،‬تنجمة جونج طنابيش‪ ،‬دان الطليعة للطباعة والنشن‬
‫بينوت ط‪ ،6916 2‬ص‪.62‬‬
‫وينظن أيلاً إبناهيـ‪ :‬نبيلة البنيوية مف أيف وال أيف‪ ،‬في مجلة فصوؿ مجلد ‪6‬ع‪.6916 2‬‬
‫ن ص‪.691‬‬ ‫(‪ )27‬ينظن فلؿ‪ ،‬صالح‪ :‬البناتية والنقد األدبي‪ ،‬مصدن سبؽ‬
‫‪21‬‬
‫إف شػجنة بمػناء فػي لوبػػة انطباعيػة ال يم ػػف عزلهػا عػػف مشػهد اللوبػػة باعتبانهػػا‬
‫عنص اًن مستقالً‪ ،‬واالّ اف عنص اًن ينتمي إل بنية ألنى‪ ،‬لؾ أف الشجنة جػزء مػف بنيػة‬
‫ليػػة هػػي "األل ػواف"‪ .‬ونبػػف عنػػد د انسػػتنا ه ػ اللوبػػة سػػوؼ نغفػػؿ الجوانػػب التانيليػػة‬
‫للشجنة أو استدعاءاتها العمودية عل بسب ثنائية سوسين ونن ز عل وصؼ الشجنة‬
‫واللوبة بنيػة وابػدة‪ .‬إف الشػمولية أو الوبػدة أو ال ليػة تبقػؽ اللاصػية األساسػية التػي‬
‫يم ف مف لاللها فهـ الت ان ب والمجاونة والنظاـ(‪.)28‬‬

‫نبمػػا يم ننػػا ه ػ ا التعنيػػؼ مػػف أف نبػػدد مفهومػػات أساسػػية فػػي ال ليػػة وهػػي تعنػػي‬
‫بتوجي ػ ػ العناصػ ػػن نبػ ػػو ليػ ػػة العمػ ػػؿ ونظام ػ ػ ‪ ،‬ولػ ػػيس نظػ ػػاـ العمػ ػػؿ أو الشػ ػػيء سػ ػػوى‬
‫بقيقت (‪.)29‬‬

‫إ ّف "ال لية" بوصفها مفهوماً سيميولوجياً تعني إيجاد القاسػـ المشػتنؾ األعظػـ ل ػؿ‬
‫أفناد النصوص‪ ،‬التي تعد مف وجهة النظن ه ليات تفنيعية‪ ..‬أو عبػانة عػف نايػات‬
‫لمعن ثقافي لي‪ ..‬تصدن عن بقبة أو أبقاب(‪.)30‬‬

‫االنغالق واالنفتاح‬
‫االنغالؽ شػنط لػنوني فػي التصػون البنيػوي‪ ،‬الف االنفتػاح يػؤدي بػؾ إلػ لػانج‬
‫المن ػػز فالبنيػػة انتظػػاـ اتػػي بمعن ػ أف ُبؤنتهػػا ال تبتػػاج إل ػ مػػا هػػو لانجهػػا لت تسػػب‬
‫عملياتهػا التبوليػػة صػػيغة مشػنوعة‪ .‬وتقػػوـ التبػويالت بالمبافظػة علػ القػوانيف ال اتيػػة‬
‫التػػي تجػػني هػ التبػػويالت وتأمينهػػا‪ ،‬ويغلػػؽ النظػػاـ ل ػػي ال تػػتب ـ ب ػ أنظمػػة ألػػنى‪.‬‬
‫"اللوبػػة" مػػثالً ال تقػػوـ بت ػػويف أشػ الها باإلشػػانة إلػ نمػػا ج مػػف الوالػػع بػػؿ علػ أسػػاس‬

‫(‪ )28‬لقد تعنض الجشتالتيوف إل ه النقطة بالتفصيؿ‪ ،‬وسنأتي إليها في مببث الصونة‪ ...‬وتبديداً مفهوـ‬
‫الجشتالت لل لية‪.‬‬
‫(‪ )29‬إبناهيـ نبيلة‪ :‬البنيوية مف أيف إل أيف في مجل فصوؿ ـ‪ 6‬ع‪ 6912 2‬ص‪.619‬‬
‫(‪ )30‬المطلبي‪ ،‬مالؾ‪ ،‬لقاء مع البابث في ‪.6991/1/61‬‬
‫‪29‬‬
‫ل ػوانيف دالليػػة م تفيػػة اتي ػاً‪ ،‬أي أنهػػا تسػػتطيع أف تلػػبط نفسػػها‪ ،‬وه ػ ا اللػػبط ال ػ اتي‬
‫يؤدي إل البفاظ عليها وال نوع مف االنغالؽ(‪.)31‬‬

‫وب ػػيف أف نمي ػػؿ إل ػ ػ اعتب ػػان الػػػنص "أي ن ػػص" نظامػ ػاً مغلق ػ ػاً أو أف نعتب ػػن بنيػػػة‬
‫مفتوب ػػة‪ ،‬نج ػػد أنفس ػػنا مط ػػالبيف نظنيػ ػاً ب ػػأف نق ػػوؿ إف ال ػػنص ه ػػو نس ػػيج م ػػف العالل ػػات‬
‫والمتواليػػات التػػي تتعػػالؽ فيمػػا بينهػػا لتللػػؽ شػػنط تمظهنهػػا‪ ،‬واف أوؿ منطلػػؽ يم ػػف أف‬
‫ي وف هادياً لدينا في اتجا معنفة الػنص هػو الولػوؼ عنػد مفهػومي االنغػالؽ واالنفتػاح‬
‫مػػا طنبػػا مػػف لػػالؿ بعػػض النمػػا ج التصػػونية التػػي سػػعت إل ػ إلامػػة أول ػ الػػدعائـ‬
‫والمنت ػزات النظنيػػة واإلجنائيػػة للػػنص‪ ،‬ولػػد ال نبػػالف إ ا للنػػا إف أوؿ فنلػػية تػػـ الجهػػن‬
‫به ػػا ف ػػي هػ ػ ا الب ػػاب ه ػػو التص ػػون البني ػػوي المس ػػتمد م ػػف اللس ػػانيات السوس ػػينية‪ ،‬وه ػػو‬
‫التصون ال ي ينطلػؽ مػف اعتبػان الػنص نظامػاً مسػتقالً ب اتػ وال يبيػؿ إالّ علػ نفسػ ‪،‬‬
‫إلػ ػ جان ػػب لي ػػاـ العالئ ػػؽ الدالل ػػة ب ػػالتب ـ ف ػػي اش ػػتغال وف ػػي إنت ػػاج معن ػػا ودالالتػ ػ ‪.‬‬
‫فالعالمة في الفف التش يلي تنطلؽ ايقونية أي عاللػة تطابقيػة مغلقػة ومبػددة ل نهػا فػي‬
‫التن يػػب تػػدلؿ فػػي أفػػؽ انفتػػاح‪ ،‬وشػػب ة االنغػػالؽ واالنفتػػاح تػػدلؿ فػػي شػػب ات ألػػنى‬
‫ملتلفة‪ .‬وفي لوء لػؾ نػنى أف ف ػنة االنغػالؽ لػنونية لمعنفػة نظػاـ العمػؿ أو نسػق‬
‫ولانونػ ػ "ألف بني ػػة أي ش ػػيء ليس ػػت ص ػػونت أو هي لػ ػ أو وبدتػػ المادي ػػة أو التص ػػميـ‬
‫فػي‬ ‫(‪)32‬‬
‫ال لي ال ي ينبط أجػزاء فبسػب‪ ،‬وانمػا هػي القػانوف الػ ي يفسػن ت ػوف الشػيء"‬
‫بيف يعطينا االنفتاح لابلية التبوؿ مف بنية إل بنية ألنى‪ .‬مف بنية مغلقة والعية إل‬
‫بنية نمزية ال تبدد طنلها إالّ بالتشعب والتأويؿ‪.‬‬

‫(‪ )31‬بياجي ‪ ،‬جاف‪ :‬البنيوية‪ ،‬تنجمة عانؼ منيمن وبشين أوبني‪ ،‬منشونات عويدات بينوت ‪ 6916‬ص‪.62‬‬
‫ن ص‪.22‬‬ ‫(‪ )32‬إبناهيـ‪ ،‬ز نيا‪ :‬مش لة البنية‪ ،‬مصدن سبؽ‬
‫‪24‬‬
‫لؾ فان إ ا تػـ المعنػ فػي أي عمػؿ فػاف لػؾ يعنػي غلقػ ‪ ،‬وبمػا أف اللوبػة‬ ‫وال‬
‫الفنيػة لابلػػة للتأويػؿ واالنفتػػاح فإنهػا ت تسػػب شػمولية التجنبػػة الفنيػة سػواء فػي الزمػػاف أو‬
‫الم اف‪.‬‬

‫لقػػد طػػونت البنيويػػة األدبيػػة مفهػػوـ االنغػػالؽ االلسػػني السوسػػيني إلػ الببػػث عػػف‬
‫المموؿ للنص‪.‬‬
‫ّ‬ ‫المن ز‬

‫إف المن ز يباوؿ تلليؿ المتلقي بغية ممانسة لعبة جماليػة‪ ،‬وعلػ البابػث علػ‬
‫وفؽ ه ا التطون أف يباوؿ تمييز األطناؼ المقنعة بقناع المن ز عف المن ز ات ‪.‬‬

‫أم ػػا مفه ػػوـ "االنفت ػػاح" فق ػػد طونتػ ػ الد انس ػػات الس ػػيميائية التأويلي ػػة‪ ،‬والتف ي ي ػػة ف ػػي‬
‫التنابهػػا ب ػػوؿ "الالمن ػػز"‪ .‬إف المعنػ ػ ب ػػالمفهوـ التػػأويلي ال يع ػػود التػ ػ ازالً للدالل ػػة ب ػػؿ‬
‫للطبقات الداللية المت ان مة بعلها فوؽ بعض‪.‬‬

‫إف التأويػػؿ هػػو نػػوع مػػف ان يولوجيػػا المعن ػ ‪ ،‬أمػػا التف ي يػػة‪ :‬فهػػي تبػػاوؿ بنفيهػػا‬
‫التمن ػػز االنفػػالت إل ػ لانج ػ دائم ػاً‪ ،‬وبػػنغـ ػػؿ لػػؾ فػػاف االنفتػػاح سػػينغلؽ فػػي أيػػة‬
‫منبلة مف منابؿ التبليؿ‪ ،‬األمن ال ي سيعود بنا إلػ مفهػوـ االنغػالؽ‪ ،‬ويعػزز الػدعوة‬
‫البنيويػ ػػة مػ ػػف إف مػ ػػا نفعل ػ ػ لػ ػػانج المن ػ ػػز هػ ػػو أمػ ػػن متعلػ ػػؽ بتقنيػ ػػات الببػ ػػث ولػ ػػيس‬
‫جوهن (‪.)33‬‬

‫إف اللوبػػة التشػ يلية‪ ،‬عنػػدما تسػػتعمؿ صػػونة بصػػاف أو لػػب ال ألجػػؿ أف تُظ ِهػ َػن‬
‫ألنهمػا ظػاهناف أصػالً‪ ،‬وانمػا لتلػعهما فػػي نظػاـ نمػزي‪ ،‬ول ػػي‬‫فػي البصػاف أو ال لػػب ّ‬
‫تشتغؿ به ا النظاـ النمزي سػت وف بػ لؾ إنسػانية‪ ،‬الف العقػؿ والػ هف يجػنداف وين بػاف‪،‬‬

‫شنيط اسيت نيساف‬ ‫(‪ )33‬المطلبي‪ ،‬مالؾ‪ :‬مبالنات في البنيوية‪ ،‬لية الفنوف الجميلة‪ ،‬مسجلة عل‬
‫‪.6991‬‬
‫‪26‬‬
‫ول ي تفهـ شبنة البصاف عليؾ أف تبػدد مولعػ ووظيفتػ فػي الػنص وهػ ا هػو مفهػوـ‬
‫االنغالؽ‪.‬‬

‫إف االنغػػالؽ واالنفتػػاح هػػو النسػػيج ال ػ ي يعطينػػا لػػدنة التبػػوؿ مػػف بنيػػة إل ػ بنيػػة‬
‫ألنى وهو أيلاً القانوف ال ي يبدد غلؽ البن وانفتابها‪.‬‬

‫السيميولوجيا والسيميوطيقا‬
‫ثي اًن ما تندد مصطلباً السػيميولوجيا والسػيميوطيقا‪ ،‬و أنهمػا متنادفػاف‪ .‬والبػؽ أف‬
‫ثي ػ اًن مػػف الببػػوث عػػالج التطػػابؽ وااللػػتالؼ بػػيف المصػػطلبيف‪ ،‬ل ننػػا نجػػد أف إعػػادة‬
‫الببث في ه النقطة سيغني ببثنا في فف النسـ عل المستوييف النظني والتطبيقي‪.‬‬

‫تصػػدن األببػػاث المعاص ػنة بػػوؿ العالمػػة مػػف منبعػػيف اثنػػيف همػػا‪ :‬شػػانؿ‪ .‬س‪ .‬بيػػنس‬
‫"‪ "6962-6129‬الػػ ػ ي ه ػ ػػو أص ػ ػػؿ ف ػ ػػي التي ػ ػػان الس ػ ػػيميوطيقي وفندينان ػ ػػد دي سوس ػ ػػين‬
‫"‪ "6962-6111‬ال ي هو األصؿ في التيان السيميولوجي(‪.)34‬‬

‫لقػػد ن ػػز "سوسػػين" علػ الوظيفػػة االجتماعيػػة لإلشػػانة فػػي بػػيف ين ػػز بيػػنس علػ‬
‫الوظيفة المنطقية‪ ،‬ل ف المظهنيف عل صلة بميمة وال لمتاف سيميولوجيا وسػيميوطيقا‬
‫تغطي ػػاف الي ػػوـ نظامػ ػاً واب ػػداً‪ ،‬ف ػػاألونبيوف يس ػػتعملوف األوؿ‪ ،‬ف ػػي ب ػػيف يس ػػتعمؿ الث ػػاني‬
‫الناطقوف باالنجليزية‪ ،‬وه ا لد ولعت بداية ه ا القنف نظنية عامة للعالمات(‪.)35‬‬

‫(‪ )34‬ينظن جينان لوداؿ‪ :‬بينس أو سوسين‪ ،‬في مجلة العنب والف ن العالمي العدد‪ 6912 2‬ص‪.662‬‬
‫(‪ )35‬ينظن جينو‪ .‬بين‪ ،‬علـ اإلشانة (السيميولوجيا) تنجمة الد تون من ن عياشي‪ ،‬دان طالس للدناسات‬
‫والتنجمة والنشن‪ ،6992 ،‬ص‪.64‬‬
‫‪22‬‬
‫لػػـ يتلػػؽ بننػػامج سوسػػين إالّ فػػي منبلػػة متػػألنة جػػداً بدايػػة التنفي ػ إل ػ دنجػػة ػػاف‬
‫فيها نوالف بانت في سنة ‪ 6912‬يستطيع أف يقدـ تاب العناصن السيميولوجية(*) وهػو‬
‫يثبت أف السيميولوجيا ما تزاؿ بها باجة إل تصميـ‪ ،‬ونعتقد ان ال يم ف أف يوجد أي‬
‫ت ػػاب وجي ػػز لم ػػنهج التبلي ػػؿ هػ ػ ا‪ ،‬و ل ػػؾ علػ ػ األ ثػ ػن بس ػػبب س ػػمعت المتس ػػعة‪ ،‬الف‬
‫السيميولوجيا ست وف علـ ؿ األنساؽ اإلشانية‪ ،‬واف السيميولوجيا لف تعالج مباشػنة إالّ‬
‫عندما تصمـ ه األنساؽ عل نبو تجنيبي(‪.)36‬‬

‫لق ػػد اشػ ػننا فيم ػػا س ػػبؽ إلػ ػ اعتب ػػان الس ػػيميولوجيا والس ػػيميوطيقا متػ ػنادفيف ول ننػػػا‬
‫نعػػنض إل ػ أوج ػ االلػػتالؼ بينهمػػا ال مصػػطلبيف بسػػب‪ ،‬بػػؿ باعتبانهمػػا مفهػػوميف‬
‫أيلاً‪.‬‬

‫السيميولوجيا‬
‫تن ػػاوؿ سوس ػػين الس ػػيميولوجيا م ػػف وجه ػػة نظ ػػن لغوي ػػة ال فلس ػػفية م ػػا فع ػػؿ بي ػػنس‬
‫ولػ لؾ فانػ يقػيـ عاللػة مباشػنة ووثيقػة بػيف السػيميولوجيا واللغػػة‪ .‬بتػ انػ يعػنؼ اللغػػة‬
‫علػ هػ ا األسػاس فيقػوؿ‪" :‬اللغػة نظػاـ مػف اإلشػانات ‪ System of signs‬التػي تعبػن‬
‫عػػف األف ػػان‪ .‬ويم ػػف تشػػبي ه ػ ا النظػػاـ بنظػػاـ ال تابػػة أو األلػػؼ بػػاء المسػػتعملة عنػػد‬
‫فالػػدي السػػمع والنطػػؽ والطقػػوس النمزيػػة أو الصػػيف المه بػػة أو العاللػػات العس ػ نية أو‬
‫وه ػ ا اتلػ سوسػين "اللغػة" نقطػة انطػالؽ‬ ‫(‪)37‬‬
‫غينها مػف األنظمػة ول نػ أهمهػا جميعػاً"‬

‫(*) يم ف مناجعة تابات بانت بوؿ المولوع في دنس السيميولوجيا‪ ،‬تنجمة بنعبد العالي‪ ،‬دان تويقاؿ‬
‫للنشن‪ ،‬الدان البيلاء ‪ 6992‬ص‪ ،24‬و تاب نقد وبقيقة‪ ،‬تنجمة من ن عياشي‪ ،‬من ز اإلنماء‬
‫البلني‪ ،‬دان لوسي‪ ،‬بلب‪ ،‬سونيا ‪ 6992‬ص‪.12‬‬
‫ن ‪ ،‬ص‪.66‬‬ ‫(‪ )36‬جينو‪ .‬بين‪ ،‬علـ اإلشانة (السيميولوجيا)‪ ،‬مصدن سبؽ‬
‫(‪ )37‬سوسين‪ ،‬فنديناند‪ :‬علـ اللغة العاـ‪ ،‬تنجمة يوئيؿ يوسؼ عزيز‪ ،‬مناجعة د‪ .‬مالؾ المطلبي‪ ،‬دان آفاؽ‬
‫عنبية‪ ،‬بغداد ‪ 6911‬ص‪.22‬‬
‫‪22‬‬
‫وعينػة تمثػؿ بشػموليتها وتنوعهػا و فايتهػا جميػع أنظمػة العالمػات‬
‫لتصون السيميولوجي ّ‬
‫األلنى "نظاـ ال تابة وأبجدية الصـ والب ـ والطقوس‪ ...‬الخ"‪.‬‬

‫وعلػ هػ ا األسػػاس يم ػػف اسػػتلالص مػػا يػػأتي مػػف األسػػطن التػػي نسػػها سوسػػين‬
‫في تاب علـ اللغة العاـ ‪:course in General linguists‬‬

‫األول‪ :‬إف اللغة أهـ نظاـ سيميولوجي‪.‬‬

‫الثاني‪ :‬إنها جزء مف نظاـ عاـ اشمؿ منها هو النظاـ السيميولوجي‪.‬‬

‫الثالــــث‪ :‬إف مػ ػػا لدم ػ ػ سوسػ ػػين لػػػـ ي ػػػف إالّ ملمب ػ ػاً يسػ ػػي اًن لعلػ ػػـ جديػ ػػد هػ ػػو "علػػػـ‬
‫العالمات" م تفياً بتقديـ تصونات عف ه ا العلػـ فػي لػوء ببثػ فػي نظػاـ‬
‫اللغػػة‪ ،‬وعلػ هػ ا فػػاف معنفػػة مػػا تم ػػف تسػػميتها سػػيمولوجية سوسػػين تمػ ّػن‬
‫فقط مف لالؿ ببث في اللغة‪ :‬أو بتعبين أدؽ مف لالؿ ألسنيت ‪.‬‬

‫والسػؤاؿ األهػػـ هػػو‪ :‬هػػؿ نقػػيس األنظمػػة السػػيميولوجية بنظػػاـ اللغػػة أـ تقػػاس اللغػػة‬
‫بالنظػػاـ السػػيميولوجي العػػاـ المجػػند وبعبػػانة ألػػنى َمػػف يبػػوي َمػػف‪ :‬اللغػػة أـ النسػػـ‬
‫نظػػاميف عالميػػيف إف اإلجابػػة عػػف هػ ا السػؤاؿ‪ :‬سػػتنجأ إلػ منالشػػة العالمػػة فػػي فػػف‬
‫النسـ في الفصؿ القادـ‪.‬‬

‫سيميولوجيا سوسير‬
‫ينشأ التوج العلمي عند في سلسلة مف الثنائيات اللػدية أو المتقػابالت‪ ،‬ويم ػف‬
‫وصػػؼ ه ػ الثنائيػػات باللػػدية‪ ،‬مػػا يم ػػف وصػػفها باالسػػتبعادية فهػػي دائم ػاً منشػػبة‬
‫لعمليػػة إلغػػاء عنصػػن مػػف عنصػػني الثنائيػػة و لػػؾ‪ ،‬للػػتم ف عبػػن االسػػتبعاد ه ػ ا‪ ،‬مػػف‬
‫لبط المادة‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫فالثنائيػػة األول ػ ‪ :‬لسػػاف‪ /‬ػػالـ بإبنازهػػا وجهػػي اللغػػة األدائػػي والمؤسسػػي سػػمبت‬
‫لسوسين باف يقوؿ إف الدناسة العلميػة للغػة تهػتـ بالوجػ اللسػاني‬
‫وتس ػػتبعد ال ػػالـ‪ ،‬فاللس ػػاف م ػػادة األلس ػػنية ألنػ ػ مؤسس ػػة إنس ػػانية‬
‫جمعية ال عاللة لها باألداء الفندي‪.‬‬

‫والثنائية الثانيػة‪ :‬عالمػة‪ /‬منجػع‪ :‬فاللسػاف مجموعػة عالمػات " لمػات" ات طبيعػة‬
‫عاللتها بالمنجع "الوالع المادي" اعتباطيػة غيػن‬ ‫(*)‬
‫اتفالية عنفية‬
‫معللة‪ ،‬إ ليس هناؾ ما يعلؿ عاللػة" لػب"بوالػع بيػواف أليػؼ لػ‬
‫ميزات لاصة ولد اف مم ناً تسميت طاولة أو أي شيء آلن‪.‬‬

‫فم ػػادة األلس ػػنية ه ػػي العالم ػػة ول ػػيس المنج ػػع الػ ػ ي تنم ػػز إليػ ػ لاص ػػة إف تط ػػون‬
‫العالمة يلتلؼ ج نياً عف تطون المنجع‪.‬‬

‫أما الثنائية الثالثة التي تلػص العالمػة فتت ػوف مػف وجهػيف‪ /‬الػداؿ‪ /‬المػدلوؿ الػداؿ‬
‫هو الصونة السمعية والمدلوؿ هو الصونة المفهومية عبن الصونة الصوتية(‪.)38‬‬

‫ولد مثؿ سوسين لؾ باللطاطة التالية‪:‬‬

‫شجرة ‪4‬‬ ‫شجرة ‪3‬‬ ‫شجرة ‪2‬‬ ‫شجرة ‪1‬‬

‫ال ب بات الصوتية‬ ‫الصونة السمعية‬ ‫الصونة ال هنية‬ ‫الشيء المادي‬

‫في الوالع‬ ‫الداؿ‬ ‫المدلوؿ‬ ‫في الوالع‬

‫(*) تصدى الببث لمولوع العقد والعنؼ والمنجع في ببثنا في فقنة نظنية المنجع‪ ،‬الفصؿ األوؿ‪.‬‬
‫(‪ )38‬ينظن داس اؿ‪ ،‬مانسيلو‪ :‬االتجاهات السيميولوجية المعاصنة‪ ،‬تنجمة بميد البمداني وآلنيف الدان‬
‫البيلاء ‪ ،6911‬ص‪.22‬‬
‫وينظن دونلياف‪ ،‬جونج‪ ،‬ببثاً عف وجهي سوسين في مجلة الف ن العنبي المعاصن العدد ‪ 26-24‬دان‬
‫اإلنماء القومي بينوت ‪ 6912‬ص‪.622‬‬
‫‪21‬‬
‫ولد استبعد سوسين مف تعنيف العنصنيف‪ 6‬و ‪.)39(2‬‬

‫أمػػا الثنائيػػة ال انبعػػة‪ :‬ت ػزامف‪ /‬تعالػػب فتتعلػػؽ بالطنيقػػة التػػي يجػػب إتباعهػػا لتبليػػؿ‬
‫الظ ػ ػ ػػاهنة اللس ػ ػ ػػانية‪ .‬ويعتق ػ ػ ػػد سوس ػ ػ ػػين أف هن ػ ػ ػػاؾ منهج ػ ػ ػػيف‬
‫متناللػػيف بسػػب نظنتنػػا إل ػ اللسػػاف نسػػؽ لػػائـ أو نسػػؽ‬
‫في تطون‪.‬‬

‫أما الثنائية اللامسة‪ :‬البلون‪ ،‬الغياب‪ /‬وهي الثنائية التي تتعلؽ بالمبون األفقي‬
‫والعمودي أو البلوني والغيابي أو ال نائي واالستعاني‪.‬‬

‫إف عاللات التأليؼ تتبنؾ أفقياً وتعتمد عل التجاون بيف الوبدات المؤلفة‪ ،‬وهػ ا‬
‫يب ػػـ الصػػلة بػػيف الوبػػدات بيػػث ت ػػوف صػػلة تػ لؼ تبادليػػة أو صػػلة تنػػافن ممػػا يجعػػؿ‬
‫التػػأليؼ مم ن ػاً أو غيػػن مم ػػف ف لمػػة "جػػاء" عل ػ صػػلة تبادليػػة مػػع النجػػؿ ممػػا يم ننػػا‬
‫التأليؼ بينهما فنقوؿ‪ :‬جاء النجػؿ‪ .‬ل ػف لمػة جػاء تتنػافن مػع فعػؿ آلػن مثػؿ غػاب وال‬
‫نستطيع أف نؤلؼ بينهمػا فنقػوؿ "جػاء غػاب" ولػ ا فػاف ال لمػة تؤسػس وظيفتهػا بعاللتهػا‬
‫بمجاوناتها‪ .‬وه العاللة تت وف بش ؿ تدنيجي مع لمػة تبػنز فػي الجملػة لت ػوف أليػ اًن‬
‫عاللات تجاونية هي وظيفة الوبدة(*)‪.‬‬

‫أم ػػا االلتي ػػان فه ػػو عالل ػػات غي ػػاب وه ػػو و طبيع ػػة إيبائي ػػة تق ػػوـ علػ ػ إم ػػاف‬
‫االسػػتبداؿ عل ػ مبػػون "عمػػودي"‪ .‬ف ػػؿ لمػػة فػػي أيػػة جملػػة هػػي "التيػػان" بػػدث مػػف‬
‫سلسلة عمودية مف ال لمات التي يصح أف تبؿ مبلها(‪.)40‬‬

‫ن ص‪.12‬‬ ‫(‪ )39‬سوسين ‪ -‬فنديناند‪:‬علـ اللغة العاـ مصدن سبؽ‬


‫(*) تـ دناسة التجاون العالمي في فقنة التن يب العالمي مف ببثنا و لؾ دناسة ال لية في الفقنة اللاصة‬
‫بال لية والجزئية‪ .‬وسوؼ ننبؿ ه المفاهيـ إل دناستنا في العالمة في فف النسـ‪.‬‬
‫ن ص‪.621‬‬ ‫(‪ )40‬الغ امي‪:‬مصدن سبؽ‬
‫‪21‬‬
‫لقد ن ػز "سوسػين" علػ البعػد "السػنتا مي" إ تعتمػد جميػع الوبػدات اللغويػة علػ‬
‫األج ػ ػ ػزاء التاليػ ػ ػػة لهػ ػ ػػا‪ .‬وتقصػ ػ ػػي السػ ػ ػػنية سوسػ ػ ػػين عاللػ ػ ػػات التبػ ػ ػػادؿ بػ ػ ػػيف السػ ػ ػػنتنا ـ‬
‫"عنصن السلسلة" وما يدلؿ مع إيبائياً أو تشا لياً‪.‬‬

‫وسي وف له الثنائيػة تػأثين باسػـ فػي تبليػؿ اواصػن اللوبػة التشػ يلية علػ وفػؽ‬
‫المعطيات التنابطية واإليبائية‪ .‬ويم ف أف نلنب مثالً بجملة‪":‬التعليـ لانوف البياة"‪.‬‬

‫فاف السنتا ـ "التعليـ" يدلؿ في عاللات تنابطيػة "التالفيػة" مػع "لػانوف" و"البيػاة"‬
‫ويدلؿ في عاللات إيبائية مع "التنبية" و"اإلعػداد" و"الطػالب" مػثالً وعاللػات تشػا لية‬
‫مع التنجيـ‪ ،‬التبنيـ‪ ،‬التقديـ‪ .‬الخ(‪.)41‬‬

‫وال ينيػػد البابػػث استقصػػاء ه ػ الثنائيػػات وتطونهػػا فػػي الببػػث‪ ،‬لػػؾ أف مولػػوع‬
‫ه ػ ا الببػػث ال يسػػمح باالستنسػػاؿ فػػي مثػػؿ ه ػ المنالشػػات‪ ،‬واف وندت فإنهػػا سػػت وف‬
‫مفيدة للمقاننة مػع منػاهج السػيميولوجيا التػي تطػونت ثيػ اًن بتػ أدن ػت ظػواهن عديػدة‬
‫في بياتنا ومنها الفف ب ؿ أش ال ‪.‬‬

‫لق ػػد الت ػػنض سوس ػػين م ػػف عل ػػـ االجتم ػػاع ال ػػدون هايمي الق ػػوؿ ب ػػاف اللغ ػػة "ظ ػػاهنة‬
‫لػػؾ أف ه ػ‬ ‫(‪)42‬‬
‫اجتماعيػػة" واللغػػة م ونػػة مػػف الػػنوابط التػػي يؤ ّ ػػدها "االتفػػاؽ الجمعػػي"‬
‫النوابط التي تتش ؿ باللنونة انطاللاً مف الفند هي ما يقاؿ نوابط لانجية‪.‬‬

‫وا ا مػػا اش ػننا ب ػ لؾ إل ػ النسػػـ فػػي صػػونت البص ػنية يم ننػػا تطبيػػؽ مصػػطلبات‬
‫اتفالية عل الش ؿ‪ ،‬باعتبػان أف األشػ اؿ مػا هػي إالّ لػزيف صػوني عنػد اإلنسػاف‪ ،‬واف‬
‫ه األش اؿ هي ولائع وجودية يم ف تلمسػها باالتفػاؽ مػع النابطػة ومػع أصػؿ النابطػة‬
‫أو اإللػػالؿ بمػػا هػػو جمعػػي فػػي النسػػـ ود انسػػة الػػنوابط الفنديػػة "القػػوؿ" بمػػا هػػو فػػندي‪.‬‬

‫ن ‪ -‬ص‪.621‬‬ ‫(‪ )41‬سوسين‪ -‬فنديناند‪ :‬دنوس في علـ اللغة مصدن سبؽ‬


‫ن ص‪.662‬‬ ‫(‪ )42‬ينظن جينان لوداؿ‪ :‬بينس أو سوسين مصدن سبؽ‬
‫‪21‬‬
‫بمعن هؿ يم ف للنسـ أف يقوؿ ما تقول اللغػة أـ أف النسػـ نفسػ لػانج اللغػة‪ .‬يتشػ ؿ‬
‫عل وفؽ نظام اللاص‬

‫لػ ػػؾ مػ ػػا ننيػ ػػد أف نتوصػ ػػؿ إلي ػ ػ فػ ػػي ببثنػ ػػا فػ ػػي الفػ ػػف‪ ...‬وعػ ػػف عاللػ ػػة عالمات ػ ػ‬
‫بمنجعها‪.‬‬

‫السيميوطيقا‬
‫لقد هاجـ "بينس" ال ي عاصن "سوسين" النزعة النفسية‪ ،‬تب يقوؿ‪ :‬إف الف ػنة أو‬
‫"الظػػاهنة" ليسػػت هػػي التػػي نجػػدها عنػػد الفالسػػفة االنجليػػز ال ػ يف يصػػوغوف عل ػ ه ػ‬
‫ال لمة المفهوـ النفسي ال ي اعمؿ دائماً عل استبعاد ‪ ،‬بؿ أنها ػؿ مػا هػو بػأي شػيء‬
‫وأي معن موجود في ال هف ومقابؿ شيء ما والعي أو غين والعي(‪.)43‬‬

‫لمػة التجنبػة‬ ‫لقد استبدؿ بينس البدس العقالنػي بالتجنبػة العلميػة ب ػؿ مػا تبملػ‬
‫سػواء المعنػ الملتبػػني أو المعنػ العقلػػي الػ ي ُيعطػ للفيزيػػاء النيالػػية والػ ي يعنػػي‬
‫ه ػػو أيلػ ػاً ول ػػع الفنل ػػية أو الف ػ ػنة ف ػػي التجنب ػػة‪ ،‬ول ػػد ػػاف االس ػػتغناء ع ػػف الطنيق ػػة‬
‫البدسػػية واسػػتبدالها بالطنيقػػة التجنيبيػػة يعنػػي نفػػض علػػـ الػػنفس االسػػتنباطي لبػػاالت‬
‫ػدء هػي مػػا‬
‫الػوعي واسػتبدال بالعمػػؿ‪ .‬لقػد تسػاءؿ بيػػنس عػف ماهيػػة العالمػة فالعالمػة بػ ً‬
‫تنتجػ ‪ ،‬ومػػا تنتجػ هػػو داللتهػػا‪ ،‬وبعبػػانة ألػػنى هػػو لػػانوف البػػدث‪ ،‬وبػ لؾ ت ػػوف نظنيػػة‬
‫بينس "نظنية اجتماعية" ألنها تنفض فاعؿ اللطاب(‪.)44‬‬

‫"إف ػػؿ ش ػػيء علػ ػ وف ػػؽ بي ػػنس ي ػػدنؾ بص ػػفت عالم ػػة ويش ػػتغؿ عالم ػػة وي ػػدؿ‬
‫باعتبان عالمة‪ ،‬فالتجنبة اإلنسانية لها بدءاً مف صػنلة النلػيع إلػ تأمػؿ الفيلسػوؼ‬
‫ليسػػت سػػوى سلسػػلة مػػف العالمػػات المتنابطػػة والمت ان بػػة‪ .‬إنهػػا تػػدنؾ تػػدالؿ لمسػػتويات‬

‫(‪ )43‬المصدن السابؽ ص‪.661‬‬


‫(‪ )44‬المصدن نفس ‪.‬‬
‫‪21‬‬
‫ػث و ػؿ عنصػن يبػدد ونػاً لػ لوانينػ ول نػ ال يػدنؾ إالّ بعاللتػ‬ ‫ثالثة‪ .‬أوؿ وث ٍ‬
‫ػاف وثال ٌ‬
‫بالعناصن األلنى‪ .‬فال وجود للعنصن لانج الوبػدة التػي تجمػع هػ العناصػن‪ .‬ويبػدد‬
‫األوؿ والثاني والثالث ثالث مقػوالت يطلػؽ عليهػا بيػنس المقػوالت الفينومينولوجيػة وهػي‬
‫وصػػؼ الظػػاهن‪ ،‬والظػػاهن هػػو المجمػػوع الجمػػاعي ل ػػؿ مػػا هػػو بالػػن فػػي الػ هف بأيػػة‬
‫صفة وبأية طنيقة مف دوف االهتماـ بتطابق أو عدـ تطابق مع شيء والعي"(‪.)45‬‬

‫إف نظنية بينس فيها ثين مف التعقيد‪ ،‬وال نهائية الػداؿ وال مجػاؿ للتفصػيؿ‪ ،‬ألننػا‬
‫سنبتعد عف من ز القوؿ وهو التفنيؽ بيف اتجاهيف وما يم ف اإلفادة منهما‪.‬‬

‫تحديد المصطمحين‬
‫وألي ػ ػ اًن يم ػ ػػف أف نػ ػػوند تبديػ ػػد غنيمػ ػػاس للفػ ػػانؽ بػ ػػيف المصػ ػػطلبيف‪ ،‬ب ػ ػأف جعػ ػػؿ‬
‫السػػيميوطيقا تبيػػؿ إل ػ الفػػنوع أي إل ػ د انسػػة أنظمػػة العالمػػات الملتلفػػة نظػػاـ اللغػػة‬
‫والصػػون واألل ػواف وغينهػػا‪ ،‬أي أنهػػا تمثػػؿ المنب ػ التطبيقػػي فػػي تنػػاوؿ العالمػػات‪ ،‬أمػػا‬
‫السػػيميولوجيا فهػػي الهي ػػؿ النظػػني لعلػػـ العالمػػات بصػػونة عامػػة ومػػف دوف تلصػػيص‬
‫لهػ ا النظػػاـ أو اؾ‪ ،‬والػ نبػػو مػػف هػ ا يػ هب "هلمسػػليؼ" الػ ي أبقػ علػ مصػػطلح‬
‫سوسين ل ن يلصص بتعنيؼ مبدد هػو "الميتاسػيميوطيقا" أي اللغػة العلميػة الواصػفة‬
‫لشت األنظمة السيميائية(‪.)46‬‬

‫مبادئ تصنيف العالمة‬


‫يثيػػن تصػػنيؼ العالمػػة ال ثيػػن مػػف التعقيػػد فػػي المجػػاالت الملتلفػػة التػػي يػػدلؿ فػػي‬
‫اهتمامها وليست هناؾ إم انية تناوؿ ؿ جوانب ه ا التصنيؼ بالػدنس والتنقيػب‪ ،‬ل ػف‬

‫(‪ )45‬بن ناد‪ ،‬سعيد‪ :‬سيميائيات بينس‪ ،‬في مجلة عالمات العدد(‪ )6‬السنة(‪ )6‬نبيع ‪ 6992‬ص‪.1‬‬
‫(‪ )46‬عنوي‪ ،‬مبمد إلباؿ‪ :‬السيميائيات وتبليلها لظاهنة التنادؼ‪ ،‬في عالـ الف ن عدد‪ 2‬مانس ‪،6991‬‬
‫ص‪.692‬‬
‫‪29‬‬
‫األمػػن المهػػـ ه ػػو د انسػػة التصػػنيؼ الػ ػ ي نعتقػػد ان ػ يل ػػدـ غػػنض الد انسػػة‪ ،‬وال ن ػػدعي‬
‫إم انية إهمػاؿ التصػنيفات األلػنى للعالمػة مػف بيػث إم اناتهػا وأهميتهػا ولػدنتها علػ‬
‫صياغة مفاهيـ وأنماط وأسس علمية‪ ،‬ل ف ننى لنونة بصن المجاؿ إل ألصا ‪.‬‬

‫إننا نعيش في عالـ عالمػات‪ ،‬عالمػات عػف عالمػات‪ ،‬ولػد دفػع الشػعون المتنػامي‬
‫به ا الوالع اإلنساف البديث إل تغيين منظون للبياة تغيي اًن عظيمػاً‪ ،‬األمػن الػ ي جعلػ‬
‫يقػ ّػن أف البقيقػػة فػػي ه ػ ا العػػالـ ال تتأصػػؿ فػػي األشػػياء نفسػػها‪ ،‬بػػؿ فػػي العالئػػؽ التػػي‬
‫نلبظهػػا بػػيف األشػػياء‪ ،‬أي أنهػػا ال تتأصػػؿ فػػي العناصػػن‪ ،‬بػػؿ فػػي البن ػ نتيجػػة تغييػػن‬
‫المنظون ه ا مف "الشػيء" إلػ العالمػة يسػتتبع منهجيػاً الببػث فػي منظػوني "العالمػة"‬
‫ممثؿ وبديؿ للشػيء "والعالمػة" ممثػؿ وبػديؿ للعالمػة اتهػا‪ ،‬أي تبػوؿ "العالمػة" إلػ‬
‫"عالمػػة" فنيػػة‪ .‬فػػالقوس فػػي بنايػػة فػػي شػػانع هػػو عالمػػة دالػػة علػ ات القَػ ْػوس إلشػػباع‬
‫باجػػة معينػػة فػػي بػػيف يػػدلؿ القػػوس ات ػ فػػي اللوبػػة فػػي لعبػػة تبويػػؿ دائمػػة بت ػ ال‬
‫ينفد‪ .‬أف العالمة "‪ "6‬التي تنمز إل الوالػع تبػؿ مبػؿ الشػيء والعالمػة "‪ "2‬التػي تنمػز‬
‫إل الفف تبؿ مبؿ العالمة "‪ "6‬ما يبيف الش ؿ التالي‪:‬‬

‫‪2‬‬ ‫‪6‬‬
‫وتمث ػػؿ النق ػػاط انتف ػػاء العالل ػػة ليػ ػاً ب ػػيف "الش ػػيء" والعالم ػػة ف ػػي الف ػػف‪ ،‬أم ػػا الل ػػط‬
‫المتصؿ العالمة "‪ "2‬ال يم ف فهـ ما تقوؿ إالّ بفهـ ما تقوؿ العالمة "‪ "6‬واف نفتها‪.‬‬

‫إف النفػػي والتوليػػد والتبويػػؿ و"العالمػػة" الفنيػػة ال توجػػد إالّ ب ػ ات المنفػػي أي بفهػػـ‬
‫العالمة األول وأسسها النظنية والتصنيفية‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫ونتيجة ل لؾ فاف طنائؽ التف ين وأساليب الببث التي يتلػمنها علػـ العالمػات لػد‬
‫أصببت جوهنية لفهـ تلؾ البقيقة‪ ،‬ف يؼ صنؼ ه ا العلـ العالمة‪:‬‬

‫لسمت العالمة إل مجموعتيف‪:‬‬

‫العالم ػ ػ ػ ػػة االص ػ ػ ػ ػػطالبية أو االتفالي ػ ػ ػ ػػة ‪ Conventional‬والعالم ػ ػ ػ ػػة الص ػ ػ ػ ػػونية‬
‫‪ ،figurative‬نقػػوؿ عػػف العالمػػة أنهػػا اصػػطالبية إ ا ػػاف ال ػنابط ال ػ ي ي ػنبط التعبيػػن‬
‫بالمل ػػموف بالنس ػػبة له ػػا غي ػػن معل ػػؿ ل ػػمنياً‪ .‬فم ػػثالً نب ػػف نص ػػطلح علػ ػ أف الل ػػوء‬
‫األللن في إشانات المنون يعني بنيػة المػنون‪ ،‬واألبمػن يعنػي بظػن المػنون‪ ،‬ول ػف‬
‫أف ُيع ػس تمامػاً‪ .‬يالبػظ مػف جهػة ألػنى أف الشػ ؿ‬
‫اف بإم اف ما أصطلح علي هنػا ْ‬
‫ال ي تأل ه ال لمة أو تلؾ في ؿ لساف هػو شػ ؿ مشػنوط تانيليػاً‪ ،‬ل ػف إ ا تن نػا‬
‫العامؿ التانيلي جنباً وأل نا ال لمة نفسػها فػي السػنيف الملتلفػة لوجػدنا إم انيػة التعبيػن‬
‫عػػف المعن ػ نفس ػ باسػػتعماؿ ػػؿ تلػػؾ األش ػ اؿ‪ ،‬ه ػ اإلم انيػػة ت فػػي وبػػدها للبنهػػاف‬
‫عل عدـ وجود أي نابطة لسنية أو إلزامية بيف ملموف ال لمة وش لها(‪.)47‬‬

‫"إف العالمػػة الصػػونية أو االيقونيػػة تفتػػنض تعبيػ اًن وبيػػداً ل ػػؿ داللػػة‪ ،‬تعبيػ اًن يػنتبط‬
‫به ػ الداللػػة بصػػونة طبيعيػػة‪ ،‬والنسػػـ هػػو المثػػاؿ المعػػنوؼ له ػ ا النػػوع مػػف العالمػػات‪،‬‬
‫ومهمػػا باولنػػا التوغػػؿ فػػي تػػانيخ اإلنسػػانية فسػػنجد بتم ػاً عالمتػػيف ثقػػافيتيف مسػػتقلتيف‬
‫ومتعػػادلتيف همػػا ال لمػػة والنسػػـ‪ .‬صػػبيح أف ل ػػؿ منهمػػا تانيلػ اللػػاص إالّ أف التطػػون‬
‫الالبؽ يؤ د ما يبدو لنونة وجود ه يف النظاميف السيميائييف(‪.)48‬‬

‫(‪ )47‬ينظػػن لوتمػػاف‪ ،‬يػػوني‪ :‬للػػايا علػػـ الجمػػاؿ والسػػينما‪ ،‬مػػدلؿ إل ػ سػػيميائية الفلػػـ ت نبيػػؿ الدسػػـ مطبعػػة‬
‫ع نمة دمشؽ ط‪ ،6919 6‬ص‪.64‬‬
‫(‪ )48‬المصدن السابؽ ص‪.66‬‬
‫‪16‬‬
‫تمتاز العالمات الصونية أو االيقونيػة ب ونهػا أ ثػن ولػوباً‪ ،‬أ ثػن لابليػة لػإلدناؾ‬
‫ولنتمثؿ إشانة المنون التي تعبن عنها اللوبة التالية‪:‬‬

‫لاطنة بلانية فوؽ ثالثة لطوط مائلة‪:‬‬

‫تقسػػـ العالمػػة الممثلػػة فػػي ه ػ اللوبػػة إل ػ لسػػميف ابػػدهما لػػاطنة ات لاصػػية‬


‫صونية واآللن اللطوط الثالثة المائلة‪ ،‬و لاصية اصطالبية‪ ،‬وأماـ عالمة ه ال‬
‫بػػد وألي إنسػػاف أف يملػػؾ معنفػػة ولػػو بسػػيطة بالقطػػانات وسػ ؾ البديػػد‪ ،‬أي ان ػ لػػمف‬
‫النسػؽ الثقػافي التػػداولي‪ ،‬بتػ يسػػتطيع التمييػز أو التلمػػيف مػف أف هػ العالمػة تبػ ن‬
‫مف شيء ما عل عاللة مباشنة مع ه المولوعات‪ ،‬وال يتبػتـ علينػا أف ن ػوف علػ‬
‫لبليػة بنظػاـ إشػانات المػنون ل ػػي نتوصػؿ إلػ إدناؾ هػ ا‪ .‬إف مػف أهػـ األسػػباب‬
‫معنفػة ّ‬
‫التي تجعلنا ندنؾ الش ؿ هو وجود لزيف أيقوني ننجع إلي في لبظة النؤية للمطابقة‪،‬‬
‫وبعبانة ألنى نبف نمتلؾ تشػفي اًن أيقونيػاً يم ننػا مػف إدناؾ معػاني األشػياء بالمقاننػة مػع‬

‫‪12‬‬
‫ه ػ ا الل ػزيف‪ ،‬وه ػ ا تبػػدو العالمػػات المنقولػػة عبػػن العالمػػات االصػػطالبية و أنهػػا منم ػزة‬
‫"مشفنة" أي أنها تتطلب معنفة نظاـ نمزي أو شفنة "‪ "code‬لاصة للتوصػؿ إلػ فهمهػا‪ ،‬فػي‬
‫بػيف تبػػدو العالمػػة االيقونيػػة طبيعيػػة ولابلػػة لػػإلدناؾ‪ ،‬ول ػػف لػػعؼ هػ العالمػػة ي مػػف‬
‫في طابعها المبدود ما سنعنض ل لؾ في منالشة األيقونة التش يلية في ببثنا‪.‬‬

‫مػػا يهمنػػا مػػف العالمػػة هػػو فعػػؿ القػػوؿ‪ :‬أي مػػا ا تقػػوؿ‪ ،‬وتقتػػنف معنفػػة مػػا تقػػوؿ‬
‫العالمة بوجود العقد البيئي أو االتفاؽ عل بدود م انية وزمانية لصيغة ه ا القوؿ‪.‬‬

‫فػإ ا افتنلػػنا أننػا نعػػنض لوبػػة "انطباعيػة" أمػػاـ عينػػيف غيػن انطبػػاعيتيف‪ ،‬بمعنػ‬
‫لانج النسؽ الثقافي االنطباعي فػاف تلػؾ اللوبػة تبػدو للمشػاهد و أنهػا تجميػع عشػوائي‬
‫لبقع ال تمثؿ شيئاً‪ ،‬ما أف تباعد الثقافات اإلنسانية هو ال ي يجعلنا نلطئ في تفسػين‬
‫لوبات مف مدانس ملتلفة‪.‬‬

‫الع ْقد" يمثؿ مولعة ويتعانض مع الشموؿ‪ ،‬وبعبانة ألنى يبػدو أف بػؿ شػفنة‬ ‫إف " َ‬
‫عالمػػة منػػوط بتػػداولها فػػي بػػدود تعالديػػة معينػػة‪ ..‬فهػػؿ يعػػد لػػؾ لنل ػاً لمػػا عػػنؼ عػػف‬
‫"الفػػف" مػػف شػػمولية ونيػػة تتلط ػ بػػدود معنفػػة لبليػػة إ ا اعتبننػػا أف العالمػػة "فانغػػة"‬
‫لػ ػػانج التػ ػػداوؿ ف يػ ػػؼ يتسػ ػػن لنػ ػػا زيػ ػػانة المتػ ػػابؼ والمعػ ػػانض والتعامػ ػػؿ مػ ػػع أش ػ ػ اؿ‬
‫وتش الت لـ تسبؽ معنفتها ومف ثـ استلالص معانيها و شؼ نواها وأبعادها‬

‫إف اإلجابػػة عػػف ه ػ ا التعػػانض اإلش ػ الي يتطلػػب الفصػػؿ بػػيف العالمػػة فػػي الوالػػع‬
‫"التمولػػع" والعالمػػة فػػي الفػػف "الشػػموؿ"‪ .‬وا ا نػػا نقػػنن أف العالمػػة‪ ،‬أيػػة عالمػػة‪ ،‬فػػي‬
‫الفػػف هػػي نقػػؿ بنفػػي عػػف تمولػػعات ألػػنى‪ ،‬فػػاللوف مػػألو مػػف "ال يميػػاء" واللػػط مػػف‬
‫"الهندسػػة" واألش ػ اؿ مػػف البيػػاة فإننػػا سنصػػؿ إل ػ ان ػ ال وجػػود للعالمػػة فػػي الفػػف إالّ‬
‫من بة‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫إف اللػ ػػط والف ػ ػناغ واللػ ػػوف ال تع ػ ػػس فػ ػػي لبظػ ػػة نسػ ػػمها بػ ػػدودها بػ ػػؿ تن يباتهػ ػػا‬
‫وتوليداتها‪ ،‬وبه ا فاف تصنيؼ "العالمة" في أي تمولع هو تصنيؼ لها في الفف وفي‬
‫يبية‪.‬‬
‫الولت ات ينتفي التصنيؼ عنها بيف تبدأ دونتها التن ّ‬
‫وفػػي لػػوء ه ػ المق ػوالت يم ننػػا أف نقػػوؿ بػػاف تصػػنيؼ العالمػػة يأل ػ جػػانبيف‪:‬‬
‫عالمػػة طبيعيػػة وعالمػػة صػػناعية‪ ،‬وألجػػؿ الببػػث فػػي لػػؾ سػػنوند تقسػػيـ بيػػنس للعالمػػة‬
‫لما في مف إفادة واغناء له ا التقسيـ‪.‬‬

‫األيقونة‪ ،‬المؤشر‪ ،‬الرمز ‪Icon ,Index and Symbol‬‬

‫جػػاءت توابػػع العالمػػة الثالثػػة المعنوفػػة التػػي افتنلػػها المنطقػػي األمني ػػي‪ ،‬األب‬
‫المؤسس لنظنية السيمياء البديثة "تشانلس ساندنس بينس" ‪ "C.S.peirce‬عل سػبيؿ‬
‫البػػدس لتشػػين إل ػ ابعػػد مػػف ه ػ ا التقابػػؿ البسػػيط بػػيف الطبيعػػي والمصػػطنع "األيقونػػة‬
‫واالصػطالح"‪ .‬فتصػػنيؼ بيػنس بػػالف اإليبػػاء‪ ،‬األيقونػة والشػػاهد والنمػز‪ ،‬ويتوافػػؽ بشػ ؿ‬
‫فعلػػي مػػع إد ان نػػا البػػديهي للػػنوب الػػدواؿ الملتلفػػة‪ ،‬فالبػػدود البينسػػية لتوابػػع العالمػػة‬
‫عنل ػػة للتغيي ػػن وفقػ ػاً لس ػػياؽ ولوعه ػػا‪ .‬وعلػ ػ ال ػػنغـ م ػػف ل ػػؾ يم ػػف أف نع ػػد أف ع ػػدـ‬
‫"التطابؽ" مػع الشػيء والعػي فػي الظػاهنة بػؿ مبلػ عنػد بيػنس مبػدأ التطػابؽ العالئقػي‬
‫بيف الداؿ والمدلوؿ تعني التطابؽ‪ ،‬وتبدد طبيعة العالمة عل وفؽ المبدأ التالي‪:‬‬

‫إ ا انػػت العاللػػة بػيف الػػداؿ والمػػدلوؿ‪ ...‬ف ػإف العالمػػة هػػي‪ ...‬وه ػ ا سػػنجد لػػدينا‬
‫ثالثة أنواع مف العالمات‪:‬‬

‫األيقونــــة‪ :‬المب ػػدأ الػ ػ ي ي ػػتب ـ بالعالم ػػات االيقوني ػػة هػ ػو الش ػػب "‪."similitude‬‬
‫األيقون ػػة يمث ػػؿ مولػػػوعها "أساسػ ػاً بوس ػػاطة الشػ ػػب " الق ػػائـ ب ػػيف بامػ ػػؿ‬
‫العالمة ومدلولها‪ ،‬ان لػانوف عػاـ إلػ بػد بيػن‪ ،‬لػؾ إف أي شػب يقػوـ‬
‫بػػيف العالمػػة ومولػػوعها ي ػػوف افي ػاً مػػف بيػػث المبػػدأ إللامػػة عالل ػػة‬

‫‪12‬‬
‫ايقونيػػة(‪ .)49‬وتلػػـ األمثلػػة التػػي يل ػنبها بيػػنس عػػف األيقونػػة الصػػونة‬
‫ميػػز بػػيف‬
‫الفوتوغنافيػػة والصػػونة التمثيليػػة الشلصػػية‪ ،‬وفػػي ولػػت البػػؽ ّ‬
‫ثالثة أنواع مف األيقونة الصونة والتلطيط واالستعانة‪.‬‬

‫المؤشــر‪ :‬تػنتبط العالمػػة بمولػػوعها انتباطػاً سػػببياً و ثيػ اًن مػػا ي ػػوف هػ ا االنتبػػاط‬
‫ماديػاً أو بالمجػاونة "‪ ."contiguity‬فالمؤشػػن علػ بػد لػػوؿ بيػنس "هػػو‬
‫عالمػػة تبيػػؿ غػػال الشػػيء ال ػ ي تشػػين إلي ػ بفلػػؿ ولػػوع ه ػ ا الشػػيء‬
‫عليها في الوالع"‪ .‬ويدلؿ بينس بيف ه ا النوع مػف العالمػات اإلعػناض‬
‫الطبية التي تشين إل وجود علة عند المنيض واآلثػان التػي ت انهػا علػ‬
‫النماؿ والتي تدؿ عل مػنون النػاس مػف هػ ا الػدنب‪ ،‬أو الػدؿ باإلصػبع‬
‫"السػبابة" وتػننح مشػية الببػػان التػػي تػدؿ علػ مهنتػ والقػنع علػ البػػاب‬
‫ال ي يشين إل وجود شلص‪.)50(....‬‬

‫الرمز‪ :‬هنا ت وف العالمة بيف بامػؿ العالمػة والمػدلوؿ اتفاليػة عنفيػة وغيػن معللػة‬
‫فال يوجد بينهما تشاب أو صػلة أو عاللػة تجػاون‪ .‬يقػوؿ بيػنس "النمػز هػو‬
‫عالمػػة تبيػػؿ إل ػ الشػػيء ال ػ ي تشػػين إلي ػ بفلػػؿ لػػانوف غالب ػاً مػػا يعتمػػد‬
‫علػ ػ الت ػػداعي ب ػػيف أف ػػان عام ػػة "ويع ػػد هػ ػ العالم ػػات أ ث ػػن العالم ػػات‬
‫تجني ػػداً‪ ،‬ويطل ػػؽ عليه ػػا بي ػػنس فػ ػي بع ػػض األبي ػػاف تس ػػمية "الع ػػادات" أو‬
‫القوانيف وهي النب إل ال ليات منها إل البقائؽ المتبققة‪ ،‬ويم ف القػوؿ‬
‫أف العالمات المفندة هي تجليات للنمز وليست النمز نفس ‪.‬‬

‫(‪ )49‬إيالـ‪ ،‬ين‪ :‬سيمياء المسنح والدناما‪،‬تنجمة نئيؼ نـ‪ ،‬المن ز الثقافي العنبي ط‪ ،6‬بينوت ‪،6992‬‬
‫ص‪.21 -21‬‬
‫(‪ )50‬لاسـ‪ ،‬سي از‪ :‬السيميوطيقا بوؿ بعض المفاهيـ واألبعاد في مدلؿ إل السيميوطيقا ص‪.22‬‬
‫‪11‬‬
‫ويصػػعب هنػػا آف نسػػتطند بػػوؿ تقسػػيمات بيػػنس األلػػنى للعالمػػات فإنهػػا متشػػعبة‬
‫للغايػة‪ ،‬بتػ إنهػػا فػػي آلػػن المطػػاؼ تصػػؿ إلػ سػػتة وسػػتيف نوعػاً مػػف العالمػػات ول ػػف‬
‫أشهنها التقسيـ الثالثي‪ ،‬ألن أ ثن جدوى ونفعاً للسيميائيات(‪.)51‬‬

‫ويػػود البابػػث أيلػاً ولػػع ملطػػط بيػػنس ولػػد تػػـ فيػ تفنيػػع العناصػػن الثالثػػة إلػ‬
‫تفنيع ثالثي عل النبو التالي‪:‬‬

‫‪6‬‬

‫‪2‬‬ ‫‪2‬‬

‫استناداً إل ه المفاهيـ ال تستقيـ العالمة بالمعن ال امؿ إالّ بالتئاـ ثالثػة فػنوع‬
‫ػػؿ فػػنع مػػف أبػػد األن ػػاف‪ ،‬فه ػ ا مػػثالً ت ػػوف إشػػانة السػػين عالمػػة تصػػديقية شػػاهدية‬
‫لانونية‪ ،‬و لمة "بيت" عالمة تصونية نمزية لانونية‪ ..‬الخ‪.‬‬

‫والباؿ إف العالمات التي تتوفن فيها دنجة عالية مف الفف والجماؿ هي فػي ثيػن‬
‫م ػػف األبي ػػاف‪ ،‬ولصوصػ ػاً ف ػػي األلاوي ػػؿ الش ػػعنية والنس ػػـ والس ػػينما "وعلػ ػ العم ػػوـ ف ػػي‬

‫(‪ )51‬ينظن د‪ .‬جميؿ بمداوي‪ ،‬السيميوطيقا والعنونة‪ ،‬عالـ الف ن‪ ،‬المجلس الوطني للثقافة والفنوف واآلداب‪،‬‬
‫ن ‪ -‬ص‪.21‬‬ ‫العدد‪ 2‬المجلد ‪ 21‬آ ان ‪ ،6991‬ص‪ .11‬و ين إيالـ‪ :‬سيمياء المسنح مصدن سبؽ‬
‫ولاسـ‪ ،‬سي از‪ :‬السيميوطيقا بوؿ بعض المفاهيـ ص‪ 22‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪11‬‬
‫األنساؽ المتعددة الوسائط" ات تن يب يبدو ان يللػع لقواعػد منلػبطة‪ .‬وبتػ اآلف‬
‫عل بد علمنا‪ .‬لـ يجن تبليؿ ه الت ان يب وتقنيتها(‪.)52‬‬

‫إف ال شػ ػ ػػؼ عػ ػ ػػف ه ػ ػ ػ القواعػ ػ ػػد والت ان يػ ػ ػػب ومػ ػ ػػف ثػ ػ ػػـ تفسػ ػ ػػين مبن ػ ػ ػ العاللػ ػ ػػات‬
‫الفنية‪،‬سي وف ابد أهداؼ ه ا الببث عندما يتناوؿ تبليؿ العالمة في فف النسـ‪.‬‬

‫نظرية المرجع‬
‫العالمة والمرجع‪:‬‬

‫"ال تفصػػؿ الد انسػػة السػػيميوطيقية بػػيف الظػػاهنة التجنيبيػػة الوابػػدة والمبػػيط العػػاـ‬
‫ال ي تظهن في بؿ تفتنض شب ة مف األنساؽ المتداللة تلػع هػ الظػواهن فػي وبػدة‬
‫بػػنى تتػػألؼ مػػف ليػػة هػ األنسػػاؽ الملتلفػػة‪ ،‬فتتػػدالؿ وتتعػػانض وتتقػػاطع فػػي بعػػض‬
‫الموالع‪ ،‬وتتباعد في بعض الموالع األلنى‪.‬‬

‫"فػػإ ا طبقنػػا البعػػديف الم ػ ونيف سػػالفاً" البعػػد األوؿ هػػو الظػػاهنة التجنيبيػػة الوابػػدة‬
‫والبع ػػد الثػ ػػاني ه ػػو المبػ ػػيط العػ ػػاـ‪ ،‬نج ػػد أف السػػػيميوطيقا تنظػ ػػن إلػ ػ األوؿ عل ػ ػ ان ػ ػ‬
‫مجموعة مف العناصن الم ونة "للغة الطبيعية" تتألؼ وتتسؽ طبقػاً لقػوانيف مبػددة‪ ،‬فػال‬
‫بػ ػػد مػ ػػف تبليػ ػػؿ تلػ ػػؾ العناصػ ػػن وال شػ ػػؼ عػ ػػف ماهيتها‪،‬ولػ ػػد يػ ػػؤدي ه ػ ػ ا التبليػ ػػؿ إل ػ ػ‬
‫اسػػتلالص العاللػػات التػػي ت ػنبط ه ػ العناصػػن بعلػػها بػػبعض أي إل ػ معنفػػة النظػػاـ‬
‫ال امف وناء أي عمؿ فني أو أدبي"(‪.)53‬‬

‫أما إ ا التفتنا إل البعد الثاني وهو ما يتعلؽ بالمبيط العاـ ال ي يوجد في الػنص‬
‫"أي نػػص" فان ػ يعن ػ بال شػػؼ عػػف العاللػػات التػػي ت ػنبط بػػيف الػػنص بوصػػف نسػػقاً أو‬
‫نظاماً وبيف غين مػف األنظمػة األلػنى‪ ،‬فػالنص نظػاـ لػ لصوصػيت ومقوماتػ ‪ ،‬ول ػف‬

‫(‪ )52‬المصدن السابؽ‪.‬‬


‫ن ص‪.61‬‬ ‫(‪ )53‬لاسـ‪ ،‬سيزا‪ ،‬السيميوطيقا بوؿ بعض المفاهيـ واألبعاد مصدن سبؽ‬
‫‪11‬‬
‫لػػيس بمعػػزؿ عػػف غيػػن مػػف األنظمػػة السػػيميوطيقية األلػػنى‪ ،‬إ ان ػ يتقػػاطع ويتفاعػػؿ‬
‫معهػػا‪ .‬وفػػي لػػوء لػػؾ فإننػػا عنػػدما نسػػع إل ػ البػػديث عػػف منجعيػػة الػػنص الفنػػي أو‬
‫األدبػػي فػػاف ابػػنز مػػا يطبعهػػا هػػو لػػؾ الغيػػاب المػػادي المباشػػن مػػع البلػػون النمػػزي‬
‫الػ ػ ي يتب ػػوؿ فيػ ػ المنج ػػع إلػ ػ دلي ػػؿ ص ػػوني "ظ ػػؿ" متل ػػؼ لل ػػؼ ال ػػنص لم ػػا ان ػػت‬
‫"العالمات" التي يبفػؿ بهػا ال منجػع لهػا أصػالً‪ ،‬بػالمفهوـ اللػيؽ المبػدود‪ ،‬إ ا انطلقنػا‬
‫"بيػت‬ ‫مف التلنيجات المنطقية والصونية واإلشػانية‪ ،‬فالعالمػات فػي لوبػات‬
‫موندنياف" ال تبيؿ إل منجع بقيقي بؿ هي نظاـ مف العاللات ت ّوف منجعاً اتياً لهػا‬
‫وفي ه ا العمؿ ي وف المنجع والعاً لانج ‪ -‬صوني ويظؿ منتبطاً بمػا هػو متليػؿ إلػ‬
‫جانػػب انػ يتبػػدد ببسػػب طالػػة العمػػؿ الفنػػي ولابليتػ علػ االمتػػداد والػػتقلص والت ثيػػؼ‬
‫مف بيػث المعنػ ومتطلباتػ ‪ ،‬ومػف ثػـ فػأف السػياؽ هػو الػ ي يفػنض نفسػ فػي التف يػؾ‬
‫واالهتداء إل سنف المنجع وهو الػ ي يػتب ـ مػف جهػة ثانيػة فػي بنمجػة عالئػؽ اللوبػة‬
‫الفنية الداللية ونبطها بدنجات التمظهن الش لي(‪.)54‬‬

‫وتمثػػؿ إيبائيػػة الت ػػويف فػػي اللوبػػة التش ػ يلية دنجػػة مػػف دنجػػات تمفصػػؿ الػػنص‬
‫الفنػػي بب ػػـ أنهػػا تع ػػس نظامػاً مػػف الداللػػة اللػػاص بالمظػػاهن التػػي يقػػوـ عليهػػا الػػنص‬
‫أساسػ ػاً وتجعلػ ػ ف ػػي النهاي ػػة ل ػػابالً البتػ ػواء ع ػػدة مل ػػاميف ال تق ػػؼ عن ػػد ب ػػدود البني ػػة‬
‫الس ػػطبية للغ ػػة القائم ػػة ف ػػي ثناي ػػا وانم ػػا تػ ػناهف علػ ػ مس ػػتويات م ػػف النم ػػز واالنزي ػػاح‬
‫واإليباء(‪.)55‬‬

‫يم ننا أف ننظن إل بعض المقانبات السيميائية وللايا الدليؿ والمنجع باعتبانها‬
‫مقانبات ملتلفة‪ ،‬فمف مقانبػة تقتصػن علػ الػداؿ والمػدلوؿ‪ ،‬ومقانبػة ثانيػة تلػيؼ إلػ‬
‫لؾ االيدولوجيا والعالـ والمجتمع‪ ،‬إل مقانبة تعطي مولعاً للشيء‪ ،‬ولد لعػب المناطقػة‬

‫ن ص‪.62 -66‬‬ ‫(‪ )54‬ينظن لمني‪ :‬بشين‪ ،‬شعنية النص النوائي مصدن سبؽ‬
‫(‪ )55‬المصدن السابؽ ص‪.62‬‬
‫‪11‬‬
‫وفالسفة اللغة عل وج اللصوص دو اًن بي اًن فػي تبديػد هػ ا الشػيء وايجػاد ولػع لػ‬
‫دالؿ الدليؿ لاصة أف مولع التواصؿ‪ ،‬في عمومػ ‪ ،‬هػو الوالػع اللػانج لسػاني‪ .‬ومػف‬
‫المعل ػػوـ أف اللس ػػانيات ل ػػـ تػ ػ ن المنج ػػع إالّ لتعتب ػػن مج ػػاالً ينبغ ػػي أبع ػػاد ‪ ،‬ول ػػـ تلج ػػأ‬
‫اللسانيات‪ ،‬ومف ثَـ السيميوطيقا‪ ،‬إل مش لة اإلبالة إالّ تبػت تػأثين المناطقػة وفالسػفة‬
‫اللغة‪ ،‬ولد ظهنت ه المش لة إل الوجود بجانب للايا التداولية وفعؿ القوؿ(‪.)56‬‬

‫والف السػػيميولوجيا تببػػث عػػف الداللػػة والمعنػ فقػػد أثيػػنت نقاشػػات تناولػػت انقسػػاـ‬
‫الداللة إل داللة تعيينية وداللػة إيبائيػة وغيػاب البػدود الفاصػلة بػيف الداللػة والمنجػع‪،‬‬
‫ب ػػؿ إف ال ػػدليؿ ل ػػد اعتب ػػن يانػ ػاً فانغػ ػاً ال وج ػػود لػ ػ ‪ ،‬وعلػ ػ هػ ػ الص ػػونة زب ػػؼ مشػ ػ ؿ‬
‫ؿ مف "فنيج‪ ،‬بػونس‪،‬‬ ‫المنجع عل الدناسات السيموطيقية‪ ،‬فقد ميز بين وبيف المعن‬
‫تش ػػانؿ‪ ،‬مػ ػونيس"‪ .‬إ م ػػف المم ػػف أف ت ػػوف لمنط ػػوؽ مع ػػيف منجعي ػػة واب ػػدة ودالالت‬
‫ملتلف ػػة‪ ،‬م ػػا أف بع ػػض اللطاب ػػات ت ػػدؿ م ػػف دوف أف تع ػػيف أي ش ػػيء‪،‬ل ا وج ػػب نب ػػط‬
‫اللطاب بالصدؽ أو ال ب‪ ،‬واألده مف لؾ أف المنجػع لػد توسػع ليسػتوعب التجنبػة‬
‫(*)‬
‫المعيشػػة فػػانفتح مفهػػوـ عل ػ البعػػد التػػداولي‪ ،‬ه ػ ا إ ف صػػانت شػػنوط فعػػؿ القػػوؿ‬
‫هػ ػػي المبػ ػػددة للفعػ ػػؿ المنجعػ ػػي وب ػ ػ لؾ لػ ػػـ يعػ ػػد الشػ ػػيء افي ػ ػاً عل ػ ػ اإلطػ ػػالؽ لتبديػ ػػد‬
‫المنجػػع(‪ )57‬ويبػػدو ه ػ ا االتجػػا عل ػ ع ػػس سػػيميولوجيا الداللػػة إ ُيلتػػزؿ الػػدليؿ إل ػ‬
‫ثالثة م ونات هي الداؿ والمدلوؿ والمنجع(‪.)58‬‬

‫ويم ف التزاؿ ه االلتالفات في المفاهيـ الثالثة‪ :‬الداؿ‪ /‬المدلوؿ‪ /‬المنجػع التػي‬


‫أثػػانت ج ػػدالً واسػػعاً بوله ػػا‪ ،‬لػػؾ أف هػ ػ الثالث ػػة ولػػعت له ػػا تسػػميات ملتلف ػػة وم ػػف‬

‫(‪ )56‬ينظن مبانؾ‪ ،‬بنوف‪ ،‬دنوس في السيميائيات ص‪.96‬‬


‫(*) فعؿ القوؿ‪ :‬يعبن فعؿ القوؿ عف سلسلة األفعاؿ المنجزة أو اتلي يساوي ملفوظها مبتواها لانج إطان‬
‫الصدؽ وال ب أفعاؿ العقود والبيع والدعاء‪...‬‬
‫(‪ )57‬ينظن داس اؿ‪ ،‬مانسيلو‪ ،‬االتجاهات السيميولوجية المعاصنة مصدن سابؽ ص‪.1-1‬‬
‫(‪ )58‬المصدن السابؽ ص‪.1‬‬
‫‪19‬‬
‫المم ػػف أف تعػػود ه ػ االلتالفػػات المصػػطلبية إل ػ التالفػػات ف نيػػة عميقػػة ونسػػتعين‬
‫الش ؿ التالي مف أمبنتو اي و "‪ "6912‬لتوليح ما أشننا إلي ‪:‬‬

‫المؤوؿ "بينس"‪ .‬اإلبالة "او دف ونيشاندز" المعن "فنيج" القصد " اننب" المشػان‬
‫إليػ "مػػونيس ‪ "6921‬مػػدلوؿ "مػػونيس ‪ "6921‬تصػػون "سوسػػين" إيبػػاء "سػػتيوانت ميػػؿ"‬
‫صونة هنية "سوسين‪ ،‬بينس" مبتوى "هلمسليؼ" بالة الوعي "بويسنس"(‪.)59‬‬

‫ولػيس هػو هػدؼ‬ ‫(**)‬


‫ينى البابث أف دناسة ه التيػانات ستنصػب علػ "المنجػع"‬
‫ه ػ النسػػالة‪ .‬إف مػػا ننيػػد أف نصػػؿ إلي ػ هػػو فعاليػػة المنجػػع أو عػػدمها ومػػف ثػػـ د انسػػة‬
‫دون في التن يب العالمي‪ ،‬وه ا ما سنباوؿ منالشت في النقطة اآلتية‪:‬‬

‫إ يعػػنؼ سوسػػين الػػداؿ علػ انػ "الصػػونة السػػمعية" لسلسػػلة األصػوات فقػػد جػػنى‬
‫العنؼ عل أف يستعمؿ الداؿ عل انػ سلسػلة األصػوات الماديػة الموجػودة فػي الوالػع‪،‬‬
‫وال تهػػتـ الد انسػػات اللغويػػة بمسػػألة "الصػػونة السػػمعية"‪ .‬أمػػا العاللػػة بػػيف الشػػيء المػػادي‬
‫فػػي الوالػػع "الصػػونة ال هنيػػة" المػػدلوؿ فهػػي مولػػع الجػػدؿ واللػػالؼ بػػيف الدانسػػيف مػػا‬
‫أسلفنا‪.‬‬

‫فالعاللة في الوالع هي بقيقة مادية مبسوسػة تثيػن فػي العقػؿ صػو اًن هنيػة ول ػف‬
‫ه ػ الصػػونة هػػي صػػونة هنيػػة لشػػيء موجػػود فػػي الوالػػع‪ ،‬فهػػؿ يػػدلؿ ه ػ ا الشػػيء فػػي‬
‫تعنيؼ العالمة أـ ال إف القلػية ليسػت منالشػة وجػود ‪ ،‬فهػو موجػود ب ػؿ تأ يػد ول ػف‬
‫القلية هي هؿ نأل باالعتبان عند تبديد أبعاد العالمة أـ يم ف أف نغفل ‪.‬‬

‫(‪ )59‬المصدن نفس ص‪.9‬‬


‫(**) لالستزادة في ه المولوعات وتفنيعاتها يم ف مناجعة‪.‬‬
‫اي و‪ ،‬امبنتو‪ :‬القانئ في الب اية‪ ،‬تنجمة أنطواف أبو زيد المن ز الثقافي العنبي ط ‪ ،296991‬ص‪.612‬‬
‫‪14‬‬
‫لقػػد ولػػع سوسػػين لط ػاً شػػب فاصػػؿ بػػيف عػػالـ العالمػػات وعػػالـ الموجػػودات فػػي‬
‫الوالػ ػػع وبصػ ػػن عمليػ ػػات تولػ ػػد الداللػ ػػة فػ ػػي ال ػ ػنبط دالػ ػػؿ النطػ ػػاؽ النفسػ ػػي بػ ػػيف الػ ػػداؿ‬
‫والمدلوؿ(**)‪.‬‬

‫ويعتبن اي و أف مش لة المشان إلي تلنج عػف نطػاؽ علػـ السػيميوطيقا‪ ،‬فػإ ا للػت‬
‫ال ب ػػد أف دان تبت ػػنؽ فس ػػي وف ند فعلػ ػ أف ينطل ػػؽ مه ػػنوالً للتأ ػػد م ػػف ص ػػبة لول ػػؾ‪،‬‬
‫ػنؽ أف ت ػوف‬
‫ويقوؿ اي و‪ :‬إف ه ا ال يهـ عالـ السيميوطيقا‪ :‬أف تبتنؽ الػدان أو ال تبت ٌ‬
‫صادلاً أو ا باً‪ ،‬فه أمون ال تببثهػا السػيميوطيقا بػؿ مػا تببثػ هػو‪ :‬مػا هػي الشػنوط‬
‫التػي يجػب أف تتػوفن ل ػي يفهػـ الشػلص الػ ي تنقػؿ إليػ النسػالة لولػؾ‪ ،‬أي هػؿ هنػػاؾ‬
‫ػي علػ أف‬ ‫شفنة مشتن ة تجمع بينؾ وبيف ه ا الشلص‪ ،‬هؿ توالعتما علػ اتفػاؽ لبل ّ‬
‫يس ػػند معنػ ػ مع ػػيف ل ػػؿ عالم ػػة م ػػف العالم ػػات الت ػػي ت ػػوف النس ػػالة ومعنػ ػ هػ ػ ا أف‬
‫السيميوطيقا ال تهتـ بقلية البقيقػة والػبطالف أي بمطابقػة العالمػة للوالػع‪ ،‬وانمػا ت مػف‬
‫القيمػة السػػيميوطيقية فػػي العاللػػة القائمػػة بػػيف الػػداؿ والمػػدلوؿ دوف التجػػاوز إلػ العاللػػة‬
‫بيف الداؿ والمدلوؿ والشيء ال ي تشين إلي العالمة‪...‬المنجع(‪.)60‬‬

‫وفػي لػوء هػ المقولػة ي ػوف العمػؿ الفنػي باصػؿ تفاعػؿ عناصػن عديػدة بسػب‬
‫التقاليد والنموز الفنية اللالصة واف هػ العوامػؿ لػمف المؤسسػة الفنيػة تولػد "تػأثينات"‬
‫فنيػػة مػػف دوف أيػػة إشػػانة إل ػ الوالػػع الموجػػود لػػانج النظػػاـ نفسػ (‪ ،)61‬ويعتػػنض أو ػػدف‬
‫‪The‬‬ ‫ونيش ػػاندز علػ ػ هػ ػ ا الق ػػوؿ ف ػػي تابهم ػػا معنػ ػ المعنػ ػ‬
‫‪ meaning of meaning‬فيقػوالف "إف نظنيػة العالمػات عنػدما أغفلػت األشػياء التػي‬

‫(**) لالستزادة بوؿ وجهة نظن سوسين يم ف م انجع (السيميولوجيا والسيميوطيقا) ب ينس‪ ،‬سوسين في‬
‫ببثنا‪.‬‬
‫السيميوطيقا مصدن‬ ‫(‪ )60‬ينظن‪ ،‬لاسـ‪ ،‬سيزا‪ ،‬السيميوطيقا‪ ،‬بوؿ بعض المفاهيـ واألبعاد‪ ،‬في مدلؿ إل‬
‫ن ‪.‬ص‪.22‬‬ ‫سبؽ‬
‫(‪ )61‬ـ‪ .‬هػ‪ .‬ابنامز‪ ،‬المدانس النظنية البديثة‪ ،‬في مجلة الثقافة األجنبية العدد ‪ ،6911/2‬ص‪.22‬‬
‫‪16‬‬
‫تبػػؿ العالمػػات مبلهػػا لطعػػت أواصػػنها بمنػػاهج" اإلثبػػات العلمػػي "ويلػػيفاف" إننػػا بنػػا‬
‫باجة إل نظنية تنبط بيف ال لمات واألشياء التػي تنمػز إليهػا هػ ال لمػات مػف لػالؿ‬
‫وساطة األف ان‪ ،‬بمعنػ أننػا نبتػاج إلػ تبليلػيف منفصػليف‪ :‬تبليػؿ يتنػاوؿ العاللػة بػيف‬
‫ال لمات واألف ان وتبليؿ يتناوؿ العاللة بيف األف ان واألشياء"‪.‬‬

‫والتصن أو َ دف ونيتشاندز العاللة التي تنبط بيف األشياء واألف ان وال لمػات فػي‬
‫ش ؿ مثلث اشتهن في الدناسات اللغوية والسيميوطيقية ما في الش ؿ التالي‪:‬‬
‫‪Thought‬‬

‫‪Symbol‬‬ ‫‪Reference‬‬

‫ويتلح مف لؾ أف المشان إلي غين موجود عند سوسين‪ ،‬في بيف يتلػمف هػ ا‬
‫المثلث الشيء ال ي تشين إلي العالمة أو تبؿ مبل ‪ ،‬وب لؾ نبطا العالمة بعالـ الوالع‬
‫اللانجي وولعا في صلب ماهيتها(‪.)62‬‬

‫في بيف ت وف العالمات لانج الفف عالمات مبددة بانتباطهػا بمشػان إليػ ‪ ،‬فإنهػا‬
‫ت ػػوف إش ػػانات اعتيادي ػػة أي إش ػػانة مغلق ػػة‪ ،‬أم ػػا االنغ ػػالؽ ‪ +‬االنفت ػػاح فانػ ػ يتنب ػػؿ إلػ ػ‬
‫انفتاح ‪ -‬انغالؽ ثـ إف ه الشب ة بيف االنفتاح واالنغػالؽ لػد دللػت فػي صػلب ببػث‬
‫مو انوفس ػ ػ ي فػ ػػي ماهيػ ػػة الفػ ػػف‪ ،‬فهػ ػػو ينظػ ػػن للفنػ ػػوف عل ػ ػ أنهػ ػػا عالمػ ػػات‪ ،‬واف ه ػ ػ‬
‫العالمات الفنية تلتلؼ عف غينها بأنها ال تشين إل شيء مبدد في الوالع‪ ،‬بػؿ تشػين‬
‫إل ػ مجمػػوع الظػػنوؼ البلػػانية وااللتصػػادية‪ ،‬واف عالمػػات الوالػػع تشػػين إل ػ شػػيء‬

‫(‪ )62‬ينظن‪ ،‬لاسـ‪ ،‬سيزا‪ ،‬مدلؿ إل السيميوطيقا ط‪ ،6‬ص‪.22‬‬


‫‪12‬‬
‫مبػػدد‪ ،‬واف جميػػع هػ الظػػنوؼ المػ ونة مػػا هػػي إالّ شػػب ة منجػػع‪ ،‬وهػػي شػػب ة غائمػػة‬
‫"سنأتي عليهما في فقنة االنفتاح واالنغالؽ"‪.‬‬

‫ففػػي إطػػان الفػػف ال تللػػع العالمػػات لتبديػػدات منجعيػػة بعينهػػا بػػؿ تنفػػتح عل ػ‬
‫استعانات منجعيػة ثػـ تنفػتح إلػ آفػاؽ ألػنى‪ ،‬لتشػين العالمػة إلػ أ ثػن مػف مشػان إليػ‬
‫بعين ‪ ،‬ومف ثـ تتجاوز األعمػاؿ الفنيػة البعػد التسػجيلي المبػدد وتنتفػع إلػ مسػتوى مػف‬
‫العالمية والعموـ‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫الصورة‬
‫‪ ‬إشك ػػالية الصػ ػػورة‪.‬‬

‫‪ ‬تمي ػ ػيد بالمصطمػ ػح‪.‬‬

‫‪ ‬مفي ػ ػوـ الص ػ ػورة‪.‬‬

‫‪ ‬مفيوـ المحاكاة (الجذر الفمسفي)‪.‬‬

‫‪ ‬المفي ػ ػوـ الجشتالت ػ ػي‪.‬‬

‫‪ ‬المفي ػ ػوـ السيميوطيق ػي‪.‬‬

‫‪ ‬التحمػيؿ البالغي لبنيػة الصورة‪.‬‬

‫‪ ‬التحمػيؿ األدبػي لبنيػة الصورة‪.‬‬

‫‪ ‬فرضػيات في بنيػة العمؿ الفني‪.‬‬

‫‪ ‬منبػ ػ ػع الصػ ػ ػورة‪.‬‬

‫‪ ‬الصػ ػورة التخيميػة (الذىنية)‪.‬‬

‫‪ ‬الصػ ػورة التجريديػ ػ ػة‪.‬‬


‫الصورة‬
‫تمييد بالمصطمح‬
‫إف السؤاؿ المتعمؽ بمصطمح الصورة الذي يحاوؿ ىذا الفصؿ اإلجابػة عنػو سػؤاؿ‬
‫ذو شعبتيف‪ ...‬ما الصورة وما تمايزاتيا؟‬

‫وحيث أف السؤاؿ األوؿ يفضي في إجابتو إلى الجامع المانع في الصورة بوصفيا‬
‫جنس‪ -‬أجناس‪ -‬فإف السؤاؿ الثاني يفضي إلى تمييز مصطمح الصػورة فػي الرسػـ عػف‬
‫‪66‬‬
‫بقية المصطمحات‪ ،‬وىو أحد األىداؼ الرئيسة ليذه الرسالة‪ .‬وبعبػارة أخػرف فنننػا نبحػث‬
‫في اإلجابة عف السؤاؿ األوؿ كواسطة لتنسيس اإلجابة عف السؤاؿ الثاني‪.‬‬

‫إف مصطمح "الصورة" بوصفو مصطمحاً شامالً مصطمح معقد متعػدد المسػتويات‪،‬‬
‫إما إلى شيء ُمحاكى أو شيء متعالؽ أو نظاـ عالمي‪.‬‬
‫ولكف يمكف اختزالو مفيومياً ّ‬
‫يش ػػير مص ػػطمح الص ػػورة بمعن ػػاه الما ػػوي إل ػػى محاك ػػاة ش ػػيء‪ ،‬وبعب ػػارة أخ ػػرف إل ػػى‬
‫موجود بذاتو وبمعناه البنائي إلى مرّكب‪ .‬أي إلى إيجاد ما ىو موجود؟‬

‫وفػػي القػ ػررف الكػ ػريـ تس ػػتقر دنل ػػة الص ػػورة عن ػػد "المرّك ػػب" أي المك ػػوف م ػػف تع ػػالؽ‬
‫أج ػزاء قػػاؿ تعػػالى‪ :‬ﭽ ﭻ ﭼ ﭽ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭼ االنفطاا ‪ .)71(٨ :‬ومػػا ي ػزاؿ اسػػتعماؿ‬
‫مص ػػطمح الص ػػورة س ػػائداً بدنلت ػػو الوجودي ػػة‪ ،‬أي كش ػػيء موج ػػود ف ػػي الزم ػػاف والمك ػػاف‪.‬‬
‫فصورة يد بثالثة أصابع صورة‪ ،‬وصورة يد بخمسة أصابع صورة!‬

‫ىنػػا ن ُيمتفػػت إلػػى الكامػػؿ التػػاـ أو النػػاقص‪ :‬فػػي حػػيف تكػػوف أحػػد مطالػػب المفيػػوـ‬
‫التركيػبي لمصورة ىو التماـ والكماؿ‪ ،‬وىذا ما نحس بو واضػحاً فػي دنلػة ا يػة الشػريفة‬
‫"المذكورة رنفاً"‪.‬‬

‫(‪ )71‬اننفطار‪.8 :‬‬


‫‪67‬‬
‫(*)‬
‫عربػت بالمصػ ّػورة‬
‫حػيف واجيػت المجػامع العمميػػة كممػة "‪ "Camera‬الفوتوغرافيػة ّ‬
‫وىػػو مػػا يشػػير إلػػى نقػػؿ مػػا ىػػو موجػػود بالفعػػؿ إلػػى "سػػطح" مػػا‪ ،‬أمػػا الجانػػب التركيبػػي‬
‫عد الصورة الفوتوغرافيػة صػورة فنيػة خاضػعة لإرغامػات الفنيػة ذاتيػا التػي‬ ‫فينعكس في ّ‬
‫تخضػػع ليػػا الموحػػة فػػي الرسػػـ مػػف قصػػديات التوزيػػع والتشػػويو والامػػوض الفنيػػة‪ ...‬ال ػ‬
‫بحيث أصبح باإلمكاف أف نشيد معارض "فنية" لمفوتوغراؼ(‪.)72‬‬

‫كمركػب بػنف ننتقػؿ بوسػاطتو إلػى منطقػة الصػورة الثالثػة‬ ‫يسمح مصطمح "الصػورة" ّ‬
‫وىػػو الصػػورة "الخياليػػة"‪ ،‬ألف الصػػورة الخياليػػة فػػي أي مسػػتوف‪ ،‬ىػػي عبػػارة عػػف تجميػػع‬
‫أجػ ػزاء موج ػػودة ق ػػبالً واعطائي ػػا بني ػػة جدي ػػدة‪ ،‬ونقص ػػد ب ػػاألجزاء عناص ػػر الرس ػػـ ك ػػالخط‬
‫والموف والكتمة والفراغ‪ ...‬ال أو األشكاؿ الطبيعية‪.‬‬

‫لقػػد نشػػط عمػػـ الػػنفس فػػي تتبػػع مصػػادر الصػػورة الخياليػػة دوافعيػػا وصػػيرورتيا‪..‬‬
‫ومسػار ىػػذا البحػػث ن ييمنػا إنّ بمقػػدار تقديمػػو ضػػوءاً مػا لعمميػػات التحميػػؿ الفنػػي‪ ،‬ألف‬
‫حقم ػػو يظ ػػؿ ما ػػاي اًر‪ ،‬وم ػػا ييمن ػػا ف ػػي ى ػػذا الجان ػػب ى ػػو أف مفي ػػوـ الص ػػورة كمرك ػػب أو‬
‫كتخييػػؿ أفضػػى فػػي النيايػػة "فػػي الفػػف" إلػػى اتجاىػػات الدادائيػػة والتجريديػػة والسػريالية‪...‬‬
‫وغيرىػػا‪ ،‬ومػػف ىنػػا اسػػتمر اننشػػطار انصػػطالحي حتػػى يومنػػا ىػػذا‪ .‬الصػػورة الحقيقيػػة‪،‬‬
‫متع ػػيف‪ ،‬أو ش ػػكؿ الص ػػورة ف ػػي الرس ػػـ‬
‫والص ػػورة الخيالي ػػة‪ ...‬الص ػػورة ف ػػي الرس ػػـ كش ػػيء ّ‬
‫كشػػيء مجػػرد! بػػؿ أدف ذلػػؾ إلػػى عػػدـ انعت ػراؼ بمصػػطمح الصػػورة المجػػردة واسػػتبدالو‬
‫بالشكؿ أو الموحة‪ .‬فيقاؿ الموحة التجريدية أو الشكؿ التجريدي‪ .‬إف قواـ الصورة عنػدىـ‬
‫أف تك ػػوف مرروي ػػة أي تعك ػػس وج ػػوداً س ػػابقاً عميي ػػا وى ػػي‪ ،‬أي الص ػػورة‪ ،‬مش ػػروطة بي ػػذا‬
‫السَّبؽ‪.‬‬

‫(*) المعجـ الوسيط‪ ،‬مجمع الماة العربية‪ :‬قاـ بإخراجو إبراىيـ مصطفى ورخروف ج‪ 1‬مطبعة مصر‪ .‬القاىرة‬
‫‪.1961‬‬
‫(‪ )72‬لممزيد حوؿ الموضوع ينظر بارت‪ ،‬رونف‪ :‬صور مؤثرة في كتاب أسطوريات‪ ،‬ترجمة قاسـ المقداد‪،‬‬
‫مركز اإلنماء الحضاري ‪ -‬حمب ‪ 1996‬ص‪.139‬‬
‫‪68‬‬
‫أما الصورة المركبة‪ .‬الخيالية‪ ،‬فإنيا مف صنع محاؾ يقوـ بالمعب بػالفف أكثػر ممػا‬
‫يقػػوـ بتػػوفير الفػػف‪ ،‬وفػػي الوقػػت الػػذي أطػػرت الصػػورة اإلغريقيػػة فػػي إطػػار فمسػػفي "كمػػا‬
‫سنرف في مبحث المحاكاة" وأُط ّػرت فػي الجماليػة الفمسػفية ‪ Aesthetics‬داخػؿ تكػويف‬
‫القػػيـ مػػف ت ػوازف وتنػػاظر(‪ ،)73‬وأطػػرت فػػي الجش ػتالتية "كمركػػب" ف ػإف مصػػطمح الصػػورة‬
‫منحى تحميميػاً حيػث حممػت الصػورة‬ ‫ً‬ ‫"البالغية"‪ ،‬الشعر‪ ،‬الرواية‪ ،‬القصة‪ ،‬المسرحية اتخذ‬
‫إل ػػى طػ ػرفيف ىم ػػا‪ :‬المش ػ ّػبو والمش ػ ّػبو ب ػػو يػ ػربط بينيم ػػا عالق ػػة تناس ػػب عب ػػر عني ػػا بوج ػػو‬
‫الشبو(‪ .)74‬وقد أولت البالغة القديمة عنايةً خاصػة بمباحػث طويمػة عنػد طرفػي الصػورة‬
‫"المش ػػبو والمش ػػبو ب ػػو" والعالق ػػة بينيم ػػا‪ ،‬وأم ػػدتنا بجي ػػاز اص ػػطالحي عب ػػر المص ػػطمح‬
‫المػ ػرادؼ لمص ػػورة وى ػػو "انس ػػتعارة"‪ .‬وق ػػد تع ػػددت تقس ػػيمات الص ػػورة أو انس ػػتعارة إل ػػى‬
‫صورة أو استعارة بسػيطة والػى اسػتعارة مركبػة "شػكمية أو خياليػة(‪ .")75‬إف مػا ييمنػا مػف‬
‫ىذا الجانب ىػو أف السػيميوطيقا البنائيػة نظػرت إلػى "الصػورة" فػي إطػار منيجيػا ذاتػو‪،‬‬
‫إذ قسمت النتاج الفني واألدبي إلى قسػميف رئيسػيف اسػتناداً إلػى طبيعػة العالمػة ودورىػا‬
‫في إنتاج المعنى‪ .‬وحيث أف أي مركب ىو حاصؿ العالقة بيف عناصػره‪ ،‬فػإف المركػب‬
‫األدبي والنص الماػوي عامػة ‪ Linguistic Text‬يمكػف عػزؿ عناصػره وفيميػا كػنجزاء‬
‫ذوات معنى واف كاف افرادياً‪ .‬فكممة "الميث" في قصيدة المتنبي‪:‬‬

‫إذا رأيت نيوب الميث بارزةً‬

‫(‪ )73‬بالتفاصيؿ‪ ،‬ينظر‪ :‬برتميمي‪ ،‬جاف‪ :‬بحث في عمـ الجماؿ‪ ،‬ترجمة الدكتور أنور عبد العزيز‪ ،‬مؤسسة‬
‫فرانكميف لمطباعة والنشر‪ ،‬القاىرة‪ 1971 ،‬ص‪ 214‬وما بعدىا‪.‬‬
‫وكذلؾ لمتوسعة ينظر‪ :‬تراث اإلنسانية المجمد األوؿ‪ ،‬الييئة المصرية العامة لمتنليؼ والترجمة والنشر‬
‫القاىرة‪ .‬د‪.‬ت‪ ،‬مقاؿ انستطيقا‪ ،‬كرونشة ص‪.291‬‬
‫(‪ )74‬ينظر الجرجاني‪ ،‬عبد القاىر‪ ،‬أسرار البالغة في عمـ البياف‪ ،‬عمؽ عميو محمد رشيد رضا‪ ،‬دار‬
‫المطبوعات العربية لمطباعة والنشر والتوزيع د‪.‬ت ص‪.61-26‬‬
‫(‪ )75‬ينظر‪ :‬كورؾ‪ ،‬جاكوب‪ ،‬الماة في األدب الحديث‪ ،‬ترجمة عزيز يؤئيؿ‪ ،‬دار المنموف لمترجمة والنشر‪،‬‬
‫باداد‪ ،1989 ،‬ص‪.454‬‬
‫‪69‬‬
‫(*)‬
‫الميث يبتسم‬
‫َ‬ ‫تظنن أن‬
‫ّ‬ ‫فال‬

‫تش ػػاؿ بع ػػديف‪ :‬بع ػػداً نص ػػياً وبع ػػداً معجميػ ػاً‪ .‬فف ػػي البع ػػد المعجم ػػي يك ػػوف معناى ػػا‬
‫"األسد" وفي البعد النصي يكوف معناىا السطح اننساني وبنيتو العميقة‪ .‬كما أف الػنجـ‬
‫"سييالً" في إفرادىا تعني أحد نجوـ السماء ولكنيا تعني في نص مالؾ أبف الريب‪:‬‬

‫أقول ألصحابي ارفعوني فإ ّنو‬

‫رررررررررر لعينرررررررررري أن سررررررررررييل‬


‫يقر ّ‬
‫(‪)76‬‬
‫بدالياً ًً‬

‫الع ػػدؿ الك ػػوني‪ ،‬وبعب ػػارة أخ ػػرف ف ػػنف التحوي ػػؿ ب ػػيف المس ػػتوف انفػ ػرادي والمس ػػتوف‬
‫التركيب ػػي يحق ػػؽ "الوس ػػط" ال ػػذي ينبا ػػي مس ػػكو لتحمي ػػؿ الص ػػورة األدبي ػػة وتركيبي ػػا ب ػػإزاء‬
‫النص‪.‬‬

‫مػػف جيػػة أخػػرف‪ ،‬فػإف القائمػػة الفنيػػة مػػف رسػػـ ومسػػرح وسػػينما وموسػػيقى‪...‬الػ ن‬
‫تقػػوـ عمػػى النظػػاـ األدبػػي‪ ،‬ألنيػػا أساس ػاً ن تمتمػػؾ مجػػانً افرادي ػاً أو معجمي ػاً‪ :‬فػػالخطوط‬
‫والكت ػػؿ والفػ ػراغ‪....‬عناص ػػر ىندس ػػية‪ ،‬واأللػ ػواف عناص ػػر كيميائي ػػة‪ ،‬واألفك ػػار والثيم ػػات‬
‫ليست سوف دـ ا خر‪ ،‬إف أي محاولػة لموقػوؼ عمػى نػوع ىػذا الػدـ‪ :‬ستكشػؼ أنػو كػائف‬
‫متطفؿ عميو دائماً‪ .‬إننا سنرسـ ىذا الكائف فقط في حاؿ تبنينو في الموحة‪.‬‬

‫ومػػف ىػػذا المنطمػػؽ‪ ،‬فػإف السػػيمياء تقتػػرح بػػنف الصػػورة فػػي الفػػف ىػػي العالقػػة فقػػط‪،‬‬
‫ألف العالقػػة وحػػدىا تحػػدد معنػػى الجػػزء ولػػيس تحػػوؿ الجػػزء مػػف مجالػػو انف ػرادي إلػػى‬

‫(*) ديوانو‪ ،‬أبي الطيب المتنبي‪ ،‬بشرح أبي البقاء العكبري‪ ،‬تحقيؽ مصطفى السقا ورخروف ج‪ 3‬دار المعرفة‬
‫لمطباعة والنشر‪ ،‬بيروت‪.1978 ،‬‬
‫(‪ )76‬بالتفصيؿ ينظر‪ :‬د‪ .‬المطمبي‪ ،‬مالؾ‪ ،‬جارافية الذئب الحزينة‪ ،‬قراءة بنائية في قصيدة مالؾ بف الريب‬
‫في رثاء نفسو‪ ،‬مجمة األقالـ العدد‪ 1989 14 -11‬ص‪.125‬‬
‫‪71‬‬
‫مجالو التركيبي‪ ،‬كما يتنسس منطؽ الصورة األدبية عمى ذلؾ‪ ،‬ولػيس ىػو ىيمنػة الكػؿ‬
‫عمى الجزء بالمعنى الجشتالتي(*)‪.‬‬

‫وىكذا سنجد "الصورة الفنية" ىي محاولػة لتكػرار مصػطمح وجػو الشػبو فػي الصػورة‬
‫األدبية مع اختالؼ جوىري ىو أف وجو الشبو يعمؿ فػي مسػتوف إفػرادي وتركيبػػي‪ ،‬فػي‬
‫حيف تعمؿ العالقة في الفف داخؿ مستوف تركيبي محض‪.‬‬

‫واذا كاف ىذا المممح لمصطمح الصورة الفنية جمو مممحاً شامالً لمصورة الفنيػة فػي‬
‫جميع تخمقاتيا "سينما‪ ،‬مسرح‪ ،‬موسيقى‪ ،‬نحػت‪ ،‬رسػـ" فػإف مصػطمح الصػورة فػي الرسػـ‬
‫ينباػػي لػػو‪ ،‬فػػي إطػػار ىػػذه الرسػػالة‪ ،‬أف يػػتخمص مػػف التطابقػػات التػػي تشػ ّػده إلػػى معنػػاه‬
‫الكمػػي وتتشػػبث بانختالفػػات التػػي تجعمػػو مصػػطمحاً مسػػتقالً بهلياتػػو واشػػتاالو فػػي إطػػار‬
‫الموحة فقط‪.‬‬

‫لقػػد ُنظػ اػر إلػػى النقطػػة والخػػط كعنصػػري تمػػايز بػػيف الصػػورة فػػي الرسػػـ والصػػورة‬
‫المجػ ػػاورة ليػ ػػا "فػ ػػي المقاربػ ػػات األخػ ػػرف"‪ ،‬ففػ ػػي الوقػ ػػت الػ ػػذي عػ ػػدت الفنػ ػػوف المسػ ػػرحية‬
‫والسػػينمائية والموس ػػيقية "زمانيػػة" ع ػ ّػد الرس ػػـ والنحػػت م ػػف الفنػػوف المكاني ػػة‪ ،‬إنّ أف ى ػػذا‬
‫التفريؽ بالزماف والمكاف لـ يصػمد طػويالً‪ .‬ألف سػمب الزمػاف مػف الموحػة وسػمب المكػاف‬
‫مػػف الصػػور الفنيػػة األخػػرف غيػػر ممكػػف‪ ،‬إذ أف أي تحميػػؿ لموحػػة سػػيجعؿ مقولػػة الزمػػاف‬
‫أساسية فييا‪ ،‬ألف الزماف ىنػا كنايػة عػف "العالقػة" التػي ىػي جػوىر الصػورة فػي الرسػـ‪،‬‬
‫ولكي يتحرر مصطمح الصورة في الرسـ مف ا لية واننعكاسية‪ ،‬فػإف وجػوده يكمػف فػي‬
‫العالق ػػة ب ػػيف أش ػػياء ن يع ػػرؼ بعض ػػيا بعضػ ػاً قب ػػؿ أف تؤس ػػس تم ػػؾ العالق ػػة‪ ،‬وانّ فػ ػإف‬
‫الصورة ستكوف شيئاً منقونً عف "أشياء" مترابطة متعالقة أصالً‪.‬‬

‫فوجػػود شػػجرة عمػػى نيػػر وصػػياد وزورؽ واخض ػرار ىػػو نظػػاـ تالزمػػي ن عالئقػػي‬
‫يقابؿ‪ ‬عاصفة‪ ‬جمؿ‪ ‬سراب‪ ‬احمرار‪" ‬الصحراء"‪ .‬فإف رسػمت لػو مػف غيػر‬

‫(*) يعد أوؿ بياف لمسيمياء بوساطة األلسنية وانقتراح بتنحية األطراؼ في ذاتيا وتنكيد العالقة بينيا فقط‪،‬‬
‫فالداؿ والمدلوؿ ن معنى ليما وانما المعنى لمعالقة‪.‬‬
‫‪71‬‬
‫أف تؤسػػس عالقػػات تشػػوش أو تايػ ّػر أو تحػ ّػوؿ ليؤسػػس تالزمػاً ف ػإف الموحػػة سػػتكوف فػػي‬
‫ح ػػدود الص ػػورة الفوتوغرافي ػػة! ف ػػإذا كن ػػا نتج ػػاوز المع ػػايير الت ػػي ت ػػـ انس ػػتناد إليي ػػا ف ػػي‬
‫التفريؽ في ضوء الزماف والمكاف‪ ،‬ومف الناحية اإلجرائية‪ ،‬فإننا سػننفييما عػف مصػطمح‬
‫الصورة في الرسـ ألنيما يثيراف‪ ،‬شئناً أـ لـ نشن‪ ،‬نوعػاً مػف اننفصػاؿ بينيمػا! واذا كػاف‬
‫الزماف والمكاف وحدة ن تتج أز فػي أثنػاء عمميػة إبػداع الصػورة أو الوصػوؿ إلػى المرّكػب‬
‫الفن ػػي‪ ،‬فإنم ػػا ينبا ػػي أف ن تتجػ ػ أز ف ػػي أثن ػػاء عممي ػػة أب ػػداع الص ػػورة أو الوص ػػوؿ إل ػػى‬
‫المرك ػػب الفن ػػي‪ ،‬وأني ػػا ينبا ػػي أنّ تتجػ ػ أر أيضػ ػاً ف ػػي عممي ػػات التحمي ػػؿ أو الوص ػػوؿ إل ػػى‬
‫التركيب‪ .‬ألف "النقطة" في "الفف" إذا لـ تكف في لحظة معينة فننيا عندئذ لف تكوف‪ ،‬أو‬
‫تكػػوف نوع ػاً م ػػف الفصػػؿ المفت ػػرض ألغ ػراض التعي ػػيف لػػيس أنّ‪ .‬ولك ػػي نتجػػاوز معي ػػار‬
‫الزماف والمكاف سنستبدؿ بيمػا مصػطمح "الفضػاء"‪ .‬فالفضػاء كمصػطمح فنػي يشػير إلػى‬
‫بعد زماني "سنقؼ عند الفضاء في المدف التطبيقػي مػف ىػذه الرسػالة ‪ -‬الفصػؿ ال اربػع"‬
‫لكف ييمنا ىنػا ا ف‪ ،‬مػف أجػؿ تنسػيس ح ّػد مصػطمح الصػورة فػي الرسػـ‪ ،‬أف نسػتند إلػى‬
‫تمايزه عف مقارباتو في السينما والمسرح والموسيقى‪ ...‬وليذا سنمجن إلػى معيػار الفضػاء‬
‫مميػ اًز فػػي الصػػور األربػػع صػػورة السػػينما‪ ،‬وصػػورة المسػػرح‪ ،‬وصػػورة الموسػػيقى‪ ،‬وصػػورة‬
‫ّ‬
‫الرسـ‪.‬‬

‫بينػا وىػػو انسػتعارة‪ ،‬وسنسػتعير مػػف‬


‫أمػا الصػورة "الماويػػة" فقػد افترقػت بانسػػـ كمػا ّ‬
‫عمـ المنطؽ بعض مصطمحاتو لتقريب ىذا األمر وتوضيحو‪:‬‬

‫فالصورة يمثميا في عمـ المنطؽ مصطمح الجنس الذي ىػو مػا يػدؿ عمػى كثيػريف‬
‫مختمفػػيف بػػاألنواع‪ ،‬والفضػػاء يمثمػػو فػػي ذات العمػػـ مصػػطمح الفصػػؿ الػػذي ي ػرادؼ فػػي‬
‫وربمػا يكػػوف لػدينا فصػػؿ‬ ‫(‪)77‬‬
‫المناىج الحديثػة التاػاير والتميػزات أو التقػابالت العالميػة‬
‫ثاف وفصؿ ثالث‪ ...‬ال كمػا يتبيف في الخطاطػة التالية‪:‬‬

‫(‪ )77‬شيء مف التفصيؿ‪ ،‬ينظر‪ ،‬سوسير ‪ -‬فرديناند‪ ،‬عمـ الماة العاـ مصدر سبؽ ذكره‪ ،‬ص‪.12‬‬
‫‪74‬‬
‫‪1‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪4‬‬ ‫‪4‬‬
‫‪3‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪1‬‬

‫‪4‬‬

‫‪73‬‬

‫‪3‬‬

‫الرسـ األكاديمي‬
‫اننطباعي‬
‫الكالسيكي ‪...‬ال‬
‫إف التم ػػايز ب ػػيف فض ػػاء "‪ "1‬وفض ػػاء "‪ "4‬وفض ػػاء "‪ ... "3‬الػ ػ يحت ػػاج إل ػػى ش ػػرح‬
‫دقيؽ وىػذا لػيس مػف أىػداؼ ىػذه الرسػالة‪ ،‬لكننػا سػنقؼ بالتفصػيؿ عمػى تمػايزات صػورة‬
‫الرسـ في ضوء وجودىػا مقارنػة بالصػور األخػرف‪ .‬لكػف لكػي نسػتكمؿ توضػيح مقصػدنا‬
‫كميػاً حتػػى يمكننػػا اسػػتثماره مػػف ثػ َّػـ بػػتفيـ مشػػترؾ‪ ،‬سػػنحاوؿ عقػػد مقارنػػة مػػع بنيػػة الماػػة‬
‫الصوتية ‪ Phonology‬باعتبارىا أقرب األبنية الماوية إلى العمـ الصرؼ‪ ،‬إذ أنيا ترتػد‬
‫إل ػػى عمػػػـ الفيزيػ ػػاء فػػػي منحاىػ ػػا الف ػػونتيكي ‪ Phonetics‬ث ػػـ تتجػ ػػو فػػػي ى ػػذا المنحػػػى‬
‫"الفونولوجي" إلى عمـ الدنلة‪ ،‬لنصؿ مػف ث َّػـ إلػى تمػايزات الصػور األربػع المػذكورة رنفػاً‬
‫"سينما‪ ،‬مسرح‪ ،‬موسيقى‪ ،‬رسـ"‪.‬‬

‫‪72‬‬
‫ينتمي ػػاف معػ ػاً إلػ ػى ج ػػنس‬ ‫(*)‬
‫فمننخ ػػذ م ػػثالً الحػ ػرفيف "ص" و"س" ف ػػي الما ػػة فإنيم ػػا‬
‫ب‬
‫األص ػ ػ ػوات‪ ،‬ولكنيمػ ػ ػػا "فونيمػ ػ ػػاف" مختمفػ ػ ػػاف وىػ ػ ػػذا مػ ػ ػػا نعرفػ ػ ػػو بالسػ ػ ػػميقة‪ .‬إذ أف " اس ػ ػ ػما ا‬
‫ب "ولكػػف لنفتػػرض أننػػا نجيػػؿ ذلػػؾ‪ ،‬وليػػذا سػػنمجن إلػػى معيػػار التمػػايز‬ ‫ص ػما ا‬ ‫"ن تسػػاوي" ا‬
‫الف ػ ػ ػػونيمي بينيم ػ ػ ػػا‪ .‬وس ػ ػ ػػنجد ص ػ ػ ػػوت الص ػ ػ ػػاد يتمي ػ ػ ػػز ب ػ ػ ػػنربع ص ػ ػ ػػفات ى ػ ػ ػػي" الص ػ ػ ػػاد‪:‬‬
‫لثوي‪ -‬احتكاكي ‪ -‬ميموس؟‬

‫وسنجد "السيف" في تحميؿ الصفات الصوتية مكوناً مف‪ :‬السيف‪ :‬الثوي‪ ،‬احتكاكي‪،‬‬
‫ميموس؟‬

‫فإذا كانت الصفات الصػوتية متطابقػة فػي ثػالث فػإف ال اربػع نبػد أف يكػوف مختمفػاً‬
‫ضرورة‪ ،‬وانّ فسيكوف الحرفاف حرفاً واحداً فقط‪ ،‬وليذا سنجد التميز الرابع مختمفاً وعمى‬
‫النحو التالي‪:‬‬

‫ميموس‬ ‫احتكاكي‬ ‫لثوي‬ ‫ص‪/‬‬


‫‪+‬‬ ‫‪+‬‬ ‫‪+‬‬ ‫‪+‬‬

‫ميموس‬ ‫احتكاكي‬ ‫لثوي‬ ‫س‪/‬‬

‫‪-‬‬ ‫‪+‬‬ ‫‪+‬‬ ‫‪+‬‬


‫"مف ّخم"‬ ‫ميموس‬ ‫احتكاكي‬ ‫ص‪ /‬لثوي‬

‫(*) عم ػػـ الما ػػة الع ػػاـ‪ ،‬ؽ س ػػـ األصػ ػوات د‪.‬كم ػػاؿ بش ػػر‪ ،‬دار المع ػػارؼ بمص ػػر د‪.‬ت ينظ ػػر الفص ػػؿ الخ ػػاص‬
‫باألصوات‪.‬‬
‫‪75‬‬
‫"مرقق"‬ ‫ميموس‬ ‫احتكاكي‬ ‫ص‪ /‬لثوي‬

‫إف ىذه الصفة السمبية بينيما "مف ّخم‪ ،‬مرقق" ىي جوىر وجودىما‪ ،‬إذ مػف دونيمػا‬
‫سيفقد أحد الصوتيف وجػوده‪ ،‬وليػذا فػإف التطابقػات فػي ثػالث صػفات لػيس أكثػر عػددياً‬
‫مف انختالؼ فػي صػفة واحػدة‪ ،‬بػؿ العكػس ىػو الصػحيح‪ ،‬فػإف الصػفة السػمبية الواحػدة‬
‫أكثػػر مػػف الصػػفات الػػثالث انيجابيػػة‪ .‬ولكػػي نسػػتمر فػػي تثبيػػت ىػػذه القضػػية عمينػػا أف‬
‫نعيف التمايزات أو الفصؿ بيف فضاءات الصور األربع وعمى النحو التالي‪:‬‬
‫ّ‬
‫السررينما ي‪ :‬فضػػاء عالمػػي‪ ،‬مػػزدوج "سػػمعي‪ ،‬بصػػري" فػػي حركػػي "أي ذو صػػنعة‬
‫مونتاجية"‪.‬‬

‫المسرررحي‪ :‬فضػػاء كتمػػي‪ ،‬واقعػػي مػػزدوج" سػػمعي‪ ،‬بصػػري" فػػي حركػػة ن محاكيػػة‪:‬‬
‫"الحركػػة المونتاجيػػة داخػػؿ المسػػرح مسػػتعارة مػػف السػػينما وىػػذا جػػزء مػػف التقنيػػة ن مػػف‬
‫الجوىر"‪.‬‬

‫أمررررا الفارررراق الموسرررريقي‪ :‬فضػ ػػاء عالمػ ػػي بسػ ػػيط "سػ ػػمعي" فػ ػػي حركػ ػػة متصػ ػػمة‬
‫"ذو طبيعة مونتاجية"‪.‬‬

‫أمرررررا صرررررورة الرسرررررم‪ :‬فالفض ػ ػػاء عالمػ ػػي بس ػ ػػيط‪ ،‬بص ػ ػػري‪ ،‬مػ ػػف حرك ػ ػػة متجم ػ ػػدة‬
‫"ن مونتاجية" متقطعة‪.‬‬

‫وبيذا سنضع تحديػد مصػطمح الصػورة فػي الرسػـ عنػد تحديػدات مصػطمح الصػورة‬
‫في الفنوف األخرف بننو‪:‬‬
‫عالمي بسيط "بصري" ذو حركة متجمدة‪.‬‬

‫وفي ضوء ىػذا يكػوف البحػث قػد أسػس التمػايزات لمصػورة فػي الرسػـ‪ .‬والتػي يمكػف‬
‫مف خالليا فؾ شفراتيا‪.‬‬

‫‪76‬‬
‫مفيوم الصورة‬
‫تقدمو‬

‫األوليػػة مػػا ىػػي إنّ حقيقػػة معقػػدة‬


‫ّ‬ ‫الصػػورة ىػػي المػػادة األساسػػية لمرسػػـ وىػػذه المػػادة‬
‫معاف ميمػة تمزمنػا بنقػؿ العػالـ صػورياً‪ ،‬بمعنػى أف‬ ‫لمااية‪ ،‬وىي في الرسـ تتنسس عمى ٍ‬
‫قوؿ الرسـ ىو قوؿ بصري حيث تتحوؿ وسائؿ اإلدراؾ والتخيػؿ والمعرفػة مجتمعػة إلػى‬
‫حسية "أيقونية تطابقية"‪.‬‬
‫صورة ثـ تتحوؿ ىذه الصورة إلى ّ‬
‫فما بنية ىذه الصورة؟‬

‫‪77‬‬
‫يمكننػ ػػا تحديػ ػػد ذلػ ػػؾ مػ ػػف خػ ػػالؿ انفت ػ ػراض األوؿ بػ ػػنف الصػ ػػورة فػ ػػي الرسػ ػػـ ذات‬
‫خصائص متعددة‪ ،‬يمكف‪ ،‬لمبحث فييا‪ ،‬إيجاد محوريف أساسييف‪:‬‬

‫صورة تحاكي الواقع‪ ،‬وصورة أخرف تعبر عنو‪ .‬صورة الحقيقة وصورة المررة؟‪.‬‬

‫نعػػود بيػػذه الثنائيػػة إلػػى نشػػوء الفػػف‪ ،‬إلػػى اإلنسػػاف القػػديـ وبػػروز طػػاقتي التجريػػد‬
‫والتعميـ عند اإلنساف في المجتمعات القديمة‪.‬‬

‫إف مقػػدمات الصػػورة تكونػػت كمػػا يػػرف غاتشػػيؼ قبػػؿ ظيػػور الصػػورة الفنيػػة نفسػػيا‬
‫بمعناىا انختصاصي بزمف طويؿ‪ ،‬مثمما تولدت المحظػة الجماليػة قبػؿ وندة الفػف‪ .‬وأف‬
‫أبكػػر لحظػػات العمػػؿ والػػوعي ىػػي‪ ،‬فػػي الوقػػت نفسػػو‪ ،‬اسػػتيعاب وادراؾ جمػػالي لمعػػالـ"‬
‫وتقػوـ‬ ‫(‪)78‬‬
‫وبيذا المعنى تكوف الصورة عريقة في القدـ أيضاً شننيا شػنف العمػؿ والػوعي‬
‫عمى أساس وجود صمة مقارنة‪ .‬ولكف ما ىذه الصمة‪ ،‬وكيؼ نقارف بينيا؟‬

‫إف المػػوف األحمػػر لنجمػػة أو كوكػػب كػػاف يػػذ ّكر اإلنسػػاف القػػديـ بالػػدـ‪ ،‬ينبئػػوُ بفػػتف‬
‫وحروب في المجتمع البشري‪ .‬كذلؾ ش ّػبو شػعراء الشػرؽ شػفتي الحبيبػة بالمرجػاف‪ .‬وكػؿ‬
‫ذلػػؾ جػػزء صػػاير مػػف كينونػػة الصػػورة‪ .‬تكػ ّػوف صػػمة ت ػربط بالطبيعػػة والمجتمػػع‪ ،‬وىػػذه‬
‫الصورة ليست حك اًر عمى الفف‪ ،‬إذ أف التناقض بيف المجتمع والطبيعة يكمف في أسػاس‬
‫مجمػػؿ التػػاري اننسػػاني‪ ،‬فػػي حػػيف يظيػػر المجتمػػع والتػػاري بوصػػفيما وسػػيطاً تبادلي ػاً‬
‫لألشياء فيما بينيا‪ ،‬فإف كؿ ما ينتجو العمؿ والوعي ىو صورة ليذه الصمة‪.‬‬

‫ف ػػالحجر ال ػػذي ك ػػاف اإلنس ػػاف الق ػػديـ يق ػػذؼ ب ػػو الوح ػػوش‪ ،‬ل ػػـ يع ػػد إح ػػدف ظػ ػواىر‬
‫الطبيعة "في فعؿ فكرتو‪ ،‬وارادتػو ومخططػو" جػوىر ذلػؾ الحجػر المقػذوؼ لػـ يعػد كامنػاً‬
‫اصػػو الطبيعيػػة‪ ،‬الثقػػؿ‪ ،‬والحجػػـ‪ ،‬والشػػكؿ‪ ،‬بػػؿ فػػي وظيفتػػو وفػػي ذاتػػو‪ ،‬فػػي قيمتػػو‬
‫فػػي خو ّ‬
‫كوسيمة تقذؼ‪ ،‬أي تجسيد لذلؾ المخطط‪.‬‬

‫(‪ )78‬غاتشػػيؼ‪ ،‬غيػػورغي‪ ،‬نشػػوء الصػػورة الفنيػػة فػػي مجمػػة الفكػػر العربػػي المعاصػػر العػػدد‪ ،36‬مركػػز اإلنمػػاء‬
‫القومي‪ ،‬بيروت ص‪.73‬‬
‫‪78‬‬
‫والسؤاؿ ىنا‪ :‬ماذا فعؿ اإلنساف القديـ عندما رأف صورتو منعكسة فػي المػاء؟ ىػؿ‬
‫أدرؾ التشػػابو والتطػػابؽ بينػػو وبػػيف ذاتػػو؟ أـ أف المػػاء صػػار صػػورة لعػػالـ رخػػر غي ػػر‬
‫عالمو؟ أـ ولى ىارباً معتقداً بتعقبو مف قبؿ ا خر‪ ،‬وفي أثناء ىربو خفّت ذاتو أو َّ‬
‫خؼ‬
‫إحساسو بيا وحمت محميا طيوؼ الرؤف فػي أثنػاء انفصػاؿ األنػا عػف ا خػر "الػذي ىػو‬
‫في الماء"؟‬

‫ىذه األسئمة ستجيبنا عف فكرة المماثمة أو الحفظ ثـ التخييؿ أو انستعارة‪.‬‬

‫فاإلنساف القديـ لـ يتعود عمى حفػظ الشػيء فػي ذاكرتػو‪ .‬الػذاكرة ن كخبػرة متراكمػة‬
‫مف انستجابات‪ ،‬وانرتكاسات لػيس ذاكػرة الجسػد‪ ،‬بػؿ "ذاكػرة العقػؿ والقمػب أي كظػاىرة‬
‫اجتماعيػػة ‪ -‬تاريخي ػػة" عمػػى التخط ػػيط المقص ػػود‪ ،‬كػػاف يتص ػػرؼ تبع ػاً لباع ػػث مباش ػػر‪،‬‬
‫تماسػو مػػع الشػػيء تظيػػر صػورة نفسػػو والفعػػؿ كجسػػد لمفكػرة‪،‬‬
‫لنػزوع عفػػوي‪ .‬وفػػي لحظػػة ّ‬
‫كتصور لو‪.‬‬

‫وفي ىذه النقطة ذاتيا يطالعنػا تركيػب متػداخؿ "مػادة‪ ،‬فكػر‪ ،‬فعػؿ" ىػو عمػى درجػة‬
‫قص ػػوف م ػػف األىمي ػػة بالنسػ ػبة لظي ػػور الف ػػف والص ػػورة الفني ػػة‪ .‬إذ أف اإلنس ػػاف ف ػػي ى ػػذه‬
‫المحظة يجد نفسو في ميداف الحرية‪:‬‬

‫انػػو يسػػمو عمػػى الطبيعػػة بكونػػو يتصػػرؼ حياليػػا حسػػب "فك ػرة وتخطػػيط"‪ .‬واألثػػر‬
‫الفنػػي ن يوجػػد كفك ػرة فنيػػة بػػؿ كجسػػد فػػي رف مع ػاً‪ .‬فالتمثػػاؿ ن يوجػػد كمػػادة جامػػدة بػػؿ‬
‫كواقػػع "بني ػػة مركب ػػة"‪ .‬وبي ػػذا يعػػود النق ػػاش ح ػػوؿ ك ػػوف الصػػورة الفني ػػة تفكيػ ػ اًر معرفيػ ػاً أـ‬
‫انعكاس ػاً وانتاج ػاً‪ .‬فجػػوىر ىػػذه المسػػنلة يكمػػف فػػي أف الفػػف يحتػػوي فػػي ذاتػػو عمػػى ك ػ ّؿ‬
‫شكمي لموجود اننساني يقترب مف الطبيعة في شػكمو ويختمػؼ فػي معنػاه‪ ،‬يشػكؿ جانبػو‬
‫البني ػ ػػوي‪ ،‬أو جانب ػ ػػو المعرف ػ ػػي ع ػ ػػف طري ػ ػػؽ انس ػ ػػتعارة م ػ ػػف الطبيع ػ ػػة واع ػ ػػادة تش ػ ػػكيؿ‬
‫مدلونتيا(‪.)79‬‬

‫(‪ )79‬ينظر الصدر السابؽ ص‪ 73‬وما بعدىا‪.‬‬


‫‪79‬‬
‫لقد أوضح بعػض المفكػريف مثػؿ "ديئونػا وفوسػيوف" إف الصػورة الفنيػة ن تنػي تتبػع‬
‫مسػػيرة وجػػود تنتقػػؿ بيػػا مػػف المرحمػػة البدائيػػة أو التجريبيػػة إلػػى المرحمػػة الكالسػػيكية ثػػـ‬
‫مرحمػػة التجريػػد وتنتيػػي إلػػى مرحمػػة المبالاػػة والتشػػويو‪ ،‬واف السػػمات الممي ػزة لكػػؿ ىػػذه‬
‫الم ارحػػؿ تتطػػابؽ وتتحػػد فػػي نقػػاط متباعػػدة جػػداً فػػي ا ف والمكػػاف‪ .‬وقػػد أمكػػف بمقارنػػات‬
‫مثي ػرة إب ػراز التماثػػؿ بػػيف الوجػػوه الاوطيػػة فػػي كاتدرائيػػة ارنػػس مػػف أواخػػر القػػرف الثالػػث‬
‫عشػػر وبػػيف نح ػػوت الرفّػػدة المنج ػزة ف ػػي أفاانسػػتاف فػػي الق ػػرف ال اربػػع المػػيالدي‪ ،‬وى ػػذه‬
‫الشػػخوص الاوطيػػة ذاتيػػا فػػي ارنػػس فورنػػت أيض ػاً حتػػى قورنػػت بف ارئػػد الفػػف اإلغريقػػي‪.‬‬
‫ومجمػػؿ القػػوؿ أف األشػػكاؿ تتناسػػؽ فػػي نظػػاـ شػػبو بيولػػوجي نظيػػر لحػػانت الشػػباب‬
‫والكيولة والشيخوخة التي تتكرر ىي أيضاً لدف جميع الكائنػات ميمػا بمػد عػدـ التوافػؽ‬
‫بيف مميزاتيا الخاصة(‪.)80‬‬

‫وممػػا تقػػدـ نجػػد أف نظام ػاً خاص ػاً يجعػػؿ مػػف الصػػورة الفنيػػة ذاتيػػا منج ػ اًز‪ ...‬فػػي‬
‫عالقاتيا وبنيتيا ثـ في طريقػة تشػكيميا‪ ،‬ويعطينػا ضػوءاً عمػى أف اإلنسػانية تشػترؾ مػف‬
‫حيػػث التواصػػؿ ف ػػي بنػػاء نظػػاـ الص ػػور ن كتعيينػػات "أشػػكاؿ" حس ػػب‪ ،‬بػػؿ ف ػػي إدراؾ‬
‫انطم ػػوجي ع ػػاـ لمطبيع ػػة‪ .‬والمش ػػكمة فق ػػط ى ػػي الق ػػدرة عم ػػى تحويمي ػػا واتس ػػاقيا ووض ػػع‬
‫برنامجي ػػا‪ .‬ومث ػػاؿ ذل ػػؾ فق ػػد فص ػػؿ "انك ػػاردف" م ػػا ب ػػيف العم ػػؿ الفن ػػي كنظ ػػاـ وتج ػػارب‬
‫وانطباعات الفناف والمشاىد‪َّ ،‬‬
‫وعد العمؿ كينونة قصدية‪ ،‬مما يجعؿ مف الممكف تعريؼ‬
‫ػى ذاتيػاً داخميػاً‪ ،‬وفػػي الوقػػت ذاتػػو تؤسػػس مالمػػح‬
‫الموحػػة الفنيػػة بننيػػا عالمػػة تمتمػػؾ معنػ ً‬
‫أنطموجيػػة لصػػنؼ العالمػػات الثقافيػػة كمػػو‪ ،‬ووفق ػاً "ننكػػاردف" ف ػإف الموحػػة موجػػودة عمػػى‬
‫نحػو مسػػتقؿ عػػف اإلدراؾ ومقػػدـ بالطريقػة ذاتيػػا التػػي تقػػدـ بيػا األشػػياء الواقعيػػة‪ ،‬وىػػي‬

‫(‪ )80‬غاتشيؼ‪ ،‬المصدر نفسو‪ ،‬ص‪.72‬‬


‫ولممزيد ينظر بريؿ‪ ،‬ليفي‪ :‬العقمية البدائيػة‪ ،‬ترجمػة محمػد القصػاص‪ ،‬مراجعػة د‪.‬حسػف السػاعاتي‪ ،‬مكتبػة‬
‫مصر‪ ،‬القاىرة‪ ،‬د‪.‬ت ص‪ 41‬وما بعدىا‪.‬‬
‫‪81‬‬
‫نتاج قصدي ذو عناصر كامنة بالنسػبة لتعييناتػو وىػو مشػتؽ أي "مسػتعار" عػف طريػؽ‬
‫أفعاؿ واعية وىو تابع وجودياً(‪.)81‬‬

‫إف كؿ ما تقدـ يرينا التحوؿ الحاد عمى وفؽ مالحظ ىذا البحػث فػي ثالثػة أطػوار‬
‫مفيومية لمصورة‪ :‬مفيوم المحاكاة والمفيوم الجشتالتي والمفيوم السيميوطيقي‪.‬‬

‫مفيوم المحاكاة‬
‫الجذر الفمسفي‬

‫المحاكاة أحػد المصػطمحات األساسػية فػي المحاكػاة األفالطونيػة التػي فسػرت الفػف‬
‫باعتباره‪ ،‬مف حيػث الجػوىر‪ ،‬محاكػاة ألوجػو الكػوف‪ ،‬ولعػؿ ىػذا المصػطمح وىػذا انتجػاه‬
‫ىو أقدـ مبدأ نظري معروؼ لدينا‪.‬‬

‫ػدوف لمفي ػػوـ المحاك ػػاة‪ ،‬موج ػػود ف ػػي مح ػػاورات أفالط ػػوف‪ ،‬لك ػػف‬
‫إف أوؿ تعري ػػؼ م ػ ّ‬
‫أف حقبػػة أو ُحقب ػاً ُشػػامت بمفيػػوـ المحاكػػاة قبػػؿ أفالطػػوف‬‫منطوقػػة األفالطػػوني يعكػػس ّ‬
‫نفسػػو‪ ،‬وأنػػو صػػار عمػػى يػػد أفالطػػوف‪ ...‬ركيػزة منيجيػػة ذات طػػابع شػػمولي‪ .‬حيػػث يقػػوؿ‬
‫سػ ػػقراط‪ :‬إف فنػ ػػوف التصػ ػػوير والشػ ػػعر والموسػ ػػيقى وال ػ ػرقص والنحػ ػػت كميػ ػػا مػ ػػف فنػ ػػوف‬
‫المحاك ػػاة(‪ .)82‬وف ػػي ج ػػوىره ظ ػػؿ مفي ػػوـ المحاك ػػاة يش ػػير إل ػػى عالق ػػة ب ػػيف عنص ػػر ذي‬
‫وجوديف أحدىما زائؼ وا خر حقيقي وبينيما تقع عممية المحاكاة‪.‬‬

‫إف كثي اًر مف نظريات المحاكاة المتنخرة تضع كؿ شػيء فػي صػنفيف فقػط‪ ،‬الشػيء‬
‫الػػذي يمكػػف محاكاتػػو وعمميػػة المحاكػػاة‪ .‬ومػػع ذلػػؾ فالفيمسػػوؼ فػػي محػػاورات أفالطػػوف‬
‫يتميػػز بننػػو يػػؤمف بوجػػود ثالثػػة أصػػناؼ‪ :‬الصػػنؼ األوؿ ىػػو األفكػػار الخالػػدة التػػي ن‬
‫تتايػػر‪ ،‬والصػػنؼ الثػػاني يعكػػس ىػػذه األفكػػار وىػػو عػػالـ الح ػواس الطبيعػػي والمصػػطنع‬

‫(‪of Roman Anita Szczepanska: The structure of Art work in: The Aesthetics )81‬‬
‫‪.Kluwer, Acadimic publishers, The Netherland 1989. P Ingarden‬‬
‫(‪ )82‬ينظر جميورية أفالطوف‪ ،‬ترجمة الشي حنا خباز‪ ،‬المطبعة العصرية ط‪ ،3‬د‪.‬ت ص ‪.453‬‬
‫‪81‬‬
‫منو‪ ،‬والصنؼ الثالث يعكس بدوره الصنؼ الثػاني ويشػمؿ أشػياء مثػؿ الظػالؿ والصػورة‬
‫التي تظير في الماء أو المررة والفنوف الجميمة(‪.)83‬‬

‫لقد صاغ أفالطوف نظريتػو الجدليػة فػي ىػذا اإلطػار ذي األجػزاء الثالثػة‪ ،‬وزاد فػي‬
‫تعقيده في المجوء إلى التفاصيؿ التكميمية المتنوعة وباسػتعمالو ألفاظػاً متعػددة المعػاني‪،‬‬
‫لكنػػو يب ػػرز خ ػػالؿ ىػػذه المج ػػادنت المتايػ ػرة ط ػراز متمي ػػز يتك ػػرر كثي ػ اًر تجس ػػده الفقػ ػرة‬
‫الشييرة الػواردة فػي الكتػاب العاشػر مػف الجميوريػة(‪ .)84‬إذ يشػير سػقراط فػي حديثػو عػف‬
‫طبيعػػة الفػػف إلػػى وجػػود ثالثػػة أسػ ّػرة ىػػي‪ :‬فك ػرة الس ػرير وىػػي جػػوىر الس ػرير‪ ،‬وىػػي مػػف‬
‫صنع اهلل‪ ،‬والسرير الذي صنعو النجار‪ ،‬والسرير الذي نجده في الصورة أو الرسـ‪.‬‬

‫نسػتنتج مػػف ىػػذه المقدمػة التػػي تقػػوؿ بػنف الفػػف "يقمػػد" عػالـ األشػػياء الظػػاىرة ولػػيس‬
‫الجػػوىر‪ ،‬وليػػذا فاألعمػػاؿ الفنيػػة تحتػػؿ منزلػػة دنيػػا فػػي نظػػاـ األشػػياء الموجػػودة فػػي ىػػذا‬
‫العالـ‪ ،‬واف عالـ األفكار ىو المقرر النيائي ليس لمحقيقة فحسب بؿ لمقيمة أيضاً‪ .‬إذف‬
‫فػػالقوؿ بػػنف الفػػف يبتعػػد مػػرحمتيف عػػف الحقيقػػة يعنػػي بالضػػرورة أنػػو يبتعػػد مػػرحمتيف عػػف‬
‫الجم ػػاؿ والخي ػػر‪ .‬وعم ػػى ال ػػرغـ م ػػف الج ػػدؿ المعق ػػد‪ ،‬تبق ػػى فمس ػػفة أفالط ػػوف ذات معي ػػار‬
‫واحد‪ ،‬فجميع األشياء ومنيا الفف تقاس بالنياية بمقياس واحػد‪ ،‬ىػو عالقػة ىػذه األشػياء‬
‫باألفكار التي تمثميا فيكوف الشاعر استناداً إلى ىذا المنطؽ منافساً لصػاحب الصػنعة‬

‫(‪ )83‬المصدر السابؽ ص ‪.452‬‬


‫(‪ )84‬المصدر نفسو ص ‪.456‬‬
‫‪84‬‬
‫ػؽ بمقػب الشػاعر‬ ‫والمشرع ومعمـ األخالؽ‪ ،‬بؿ إف كؿ واحد مػف ىػؤنء يمكػف أف يعػد أح ّ‬
‫الحقيق ػ ػػي‪ ،‬إذ ان ػ ػػو ي ػ ػػنجح ف ػ ػػي تحقي ػ ػػؽ محاك ػ ػػاة األفك ػ ػػار‪ ،‬ف ػ ػػي ح ػ ػػيف يح ػ ػػاوؿ الش ػ ػػاعر‬
‫"الالأخالقي" بالمنظور األفالطوني التقميدي محاكاتيا في ظروؼ تؤدي بو إلى الفشؿ‪.‬‬

‫وىكػػذا‪ :‬يكػػوف الفيمسػػوؼ محاكي ػاً‪ :‬والشػػاعر محاكي ػاً أنّ أنيمػػا مختمفػػاف مػػف جيػػة‬
‫انتج ػ ػػاه والمس ػ ػػافة الم ػ ػػؤديتيف إل ػ ػػى الحقيق ػ ػػة‪ .‬المقم ػ ػػد "الش ػ ػػاعر" "ى ػ ػػو ص ػ ػػانع الخي ػ ػػاؿ"‬
‫والفيمسوؼ ىو صانع الحقيقة(‪ .)85‬ويضع األسػتاذ "جوناتػاف تيػت" يػده عمػى صػمب ىػذا‬
‫انلتباس بقولو "إف لممحاكاة عند اإلغريػؽ معنيػيف ىمػا‪ :‬معنػى حسػف ورخػر سػيء‪ .‬فقػد‬
‫تكػػوف المحاكػػاة عميػػاء زائفػػة‪ ،‬أو قػػد تشػػير إلػػى نشػػاط ابتػػداعي فالشػػاعر‪ .‬ىػػو المحػػاكي‬
‫األعمػى‪ ،‬والمحػاكي اإلبتػػداعي ىػو الفيمسػوؼ(‪ .)86‬وىكػػذا ينيػار مفيػوـ التقميػػد‪ ،‬ألنػو لػػو‬
‫كانت المحاكاة تقميداً لكاف الشاعر أعظـ المبصريف وليس مف العمياف ولػو كػاف كػذلؾ‬
‫عد الفيمسوؼ مقمداً إبتداعياً!‬
‫إلمكننا ّ‬
‫أفالطوف إذف ن يرفض فكرة المحاكاة‪..‬ألف "المحاكاة" ىي جوىر عمؿ الفيمسوؼ‬
‫اإلغريقي "لكنو يرفض فكرة محاكاة الظواىر والنني عف محاكاة العالـ المثالي"(‪.)87‬‬

‫فالتقمي ػػد والمحاك ػػاة إذف مفيوم ػػاف متا ػػايراف‪ ،‬تقمي ػػد الق ػػرد لإنس ػػاف‪ ،‬أم ػػا "المحاك ػػاة‬
‫األفالطونية" في الفف فتعني البعد عف الحقيقة "العمى"‪.‬‬

‫إف التقميػػد يحيػػؿ إلػػى مطابقػػة مػػع شػػيء رخػػر‪ .‬ولمػػا كػػاف أفالطػػوف قػػد ركػػز فػػي‬
‫نظريتو عف المحاكاة عمى "الرساـ" وجعؿ الشاعر ممحقاً بو‪ ،‬أرف الشاعر كالرساـ(‪.)88‬‬

‫أحيػػؿ مصػػطمح المحاكػػاة دائم ػاً عمػػى "التقميػػد" بوصػػؼ الرسػػاـ نػػاقالً عػػف الطبيعػػة‬
‫نقالً حرفياً‪ ،‬ون يسعؼ اعتراض األستاذ "ديجز" ‪ Deiches‬ىنا "لماذا لـ ير "أفالطوف"‬

‫(‪ )85‬نفسو ص‪.429‬‬


‫(‪ )86‬المطمبي‪ ،‬عبد الجبار‪ ،‬مواقؼ في األدب والنقد‪ ،‬دار الرشيد لمنشر‪ ،‬باداد‪ ،1981 .‬ص‪.143‬‬
‫(‪ )87‬المصدر السابؽ ص‪.148‬‬
‫(‪ )88‬جميورية أفالطوف‪ ،‬مصدر سبؽ ذكره‪ ،‬ص‪.451‬‬
‫‪83‬‬
‫الرس ػػاـ يش ػػير برس ػػمو الش ػػيء المث ػػالي إل ػػى الش ػػكؿ المث ػػالي؟ ألف أفالط ػػوف كم ػػا يجي ػػب‬
‫"ديجز" نفسو لـ يستطع تصور أف الحقيقة يمكػف فيميػا بػالحواس وحػدىا(‪ .)89‬وىػذا ىػو‬
‫منزؽ الرساـ والشاعر األفالطوني "انو ابف الحواس؟‬

‫لقد وصؿ أفالطوف إلى نقطة "المررة والحقيقة" وبذلؾ يكوف مصطمح المحاكاة في‬
‫معبػ اًر عنػو بطمػب أفالطػوف "خػذ مػررة وأدرىػا إلػى كػؿ‬
‫منحاه السمبي "البعد عف الحقيقة" ّ‬
‫الجيػػات فننػػؾ فػػي الحػػاؿ تصػػنع الشػػمس وفػػي كػػؿ مػػا فػػي السػػموات والكواكػػب ونفسػػؾ‬
‫وغيرؾ‪ ...‬ظاىرات كثيرة‪ ..‬ولكنيا ليست أشياء موجودة حقيقية(‪.)90‬‬

‫ولكي يتحرر مصطمح المحاكاة مف بعده التقميدي لمظاىر ويكػوف محاكيػاً لممثػاؿ‪،‬‬
‫ينباي لو أف يقفز الظػاىر أو يػتكمـ عمػى المثػاؿ أي يجػب أف يكػوف الشػاعر أو الرسػاـ‬
‫مؤمنػاً بالعقػػؿ الػػذي بػػدوره سػػينتج فنػاً نبػػيالً سػػامياً‪ .‬ولكػػي نػػزداد اقتناعػاً بتاػػاير مفيػػومي‬
‫المحاكاة األفالطونية والتقميد نورد بعضاً مػف انقتباسػات التػي وردت فػي سػياؽ عػرض‬
‫مصطمح "التقميد" في النسخة العربية ومصطمح المحاكاة كما يريده أفالطوف‪:‬‬
‫(‪)91‬‬
‫‪ -‬فف التقميد في رأيي قد طمؽ الحقيقة بتاتاً‬

‫‪ -‬روايات الشعراء نسخة ثالثة مف الحقيقة(‪.)92‬‬

‫‪ -‬الشعراء أناس ن يعرفوف الحقيقة(‪.)93‬‬

‫ويقػػوؿ سػػقراط فػػي محاورتػػو مػػع "غموكػػوف" عػػف "المقمػػد" بننػػو حسػػب رأينػػا "يػػدرؾ‬
‫الظػ ػػاىر دوف الحقيقػ ػػة"(‪...)94‬ويقمػ ػػد أوصػ ػػاؼ الجمػ ػػاؿ المبيمػ ػػة الرائجػ ػػة عنػ ػػد جميػ ػػور‬
‫األمييف(‪.)95‬‬

‫(‪ )89‬المطمبي‪ ،‬عبد الجبار‪ ،‬مصدر سبؽ ذكره‪ ،‬ص‪.143‬‬


‫(‪ )90‬جميورية أفالطوف ص‪.426 -425‬‬
‫(‪ )91‬جميورية أفالطوف‪ ،‬مصدر سبؽ ذكره‪ ،‬ص‪.427‬‬
‫(‪ )92‬المصدر السابؽ ص‪.428‬‬
‫(‪ )93‬المصدر نفسو ص‪.428‬‬
‫‪82‬‬
‫‪ -‬كؿ فف التقميد بوجو عاـ يتناوؿ ما بعد جداً عف الحقيقة(‪.)96‬‬

‫وىكػػذا نسػػتخمص أف المحاكػػاة عنػػد أفالطػػوف إذا خمّصػػناىا مػػف ش ػوائب انشػػااليا‬
‫ب ػػالظواىر وتوس ػػطيا ب ػػالحواس‪ ،‬ن تحت ػػوي عم ػػى نظري ػػة جمالي ػػة ب ػػالمعنى ال ػػدقيؽ لي ػػذه‬
‫المفظػػة‪ .‬فػػال تركيػػب ع ػػالـ أفالطػػوف لس ػمّـ الطبقػػات م ػػف الجميوريػػة‪ ،‬ون أسػػموب جدل ػػو‬
‫يسػػمح لنػػا أف نعػ ّػد الفػػف عنػػده إنتاج ػاً خاص ػاً لػػو كيانػػو طبق ػاً لمقػػاييس خاصػػة ومنطػػؽ‬
‫خاص بو‪ ،‬ولػيس فػي محاو ارتػو سػوف اتجػاه واحػد ومسػنلة واحػدة‪ ،‬وىػي تحسػيف الحالػة‬
‫انجتماعية وحالة اإلنساف ورفعيا إلى منزلة الكماؿ التي ن يمكف أف تنفصػؿ أبػداً عػف‬
‫مسنلة الحقيقة والعدؿ والفضيمة(‪.)97‬‬

‫المحاكاة األرسطية‪:‬‬
‫يعػ ّػرؼ أرسػػطو الفػػف بننػػو محاكػػاة‪ .‬فيػػرف أف الشػػعر الممحمػػي والتراجيػػديا وكػػذلؾ‬
‫الكوميػػديا وشػػعر الػػديثرامب "أو المزمػػار والقيثػػارة"‪ ،‬ىػػي كميػػا عمػػى العمػػوـ ضػػروب مػػف‬
‫المحاكاة‪ ،‬واألمور التي يتناوليا المقمد ىي األعمػاؿ‪ ،‬بيػد أف اخػتالؼ وظيفػة المحاكػاة‬
‫فػػي مؤلفػػات "أرسػػطو" عنيػػا فػػي كتابػػات "أفالطػػوف" إنمػػا يػػدؿ عمػػى اخػػتالؼ جػػذري فػػي‬
‫نظرة الفيمسوفيف إلى الفف‪.‬‬

‫عمػى أف اإلنتػاج الفنػي‬ ‫(*)‬


‫إذ تدؿ لفظة المحاكاة عند أرسطو فػي كتابػو فػف الشػعر‬
‫ينشن طبقاً لنماذج سابقة لو بطبيعة الحاؿ‪ .‬ولما كاف أرسطو قد سم عف فمسفة العالـ‬
‫ا خر "المثالي" لألفكار والمعايير‪ ،‬فمػـ تعػد المحاكػاة تنطػوي عمػى معنػى غيػر مرغػوب‬

‫(‪ )94‬نفسو ص‪. 451‬‬


‫(‪ )95‬جميورية أفالطوف‪ ،‬ص‪.451‬‬
‫(‪ )96‬المصدر السابؽ ص‪.454‬‬
‫(‪ )97‬ينظر ـ‪.‬ىػ‪ .‬ابرامز‪ ،‬انتجاىات األساسية لنظريات النقد ترجمة يوئيؿ يوسفعزيز‪ ،‬في مجمة األقالـ‪ ،‬و ازرة‬
‫الثقافة واإلعالـ‪ ،‬دار الجاحظ‪ ،‬باداد‪ ،‬العدد (‪.1981 )11‬‬
‫(*) فف الشعر عند أرسطو‪ ،‬مصطمح يرادؼ في عصرنا الراىف الفنوف وا داب‪.‬‬
‫‪85‬‬
‫فيو‪ ،‬ثـ أف المحاكػاة تتحػوؿ إلػى لفظػة تخػتص بػالفنوف فحسػب فتميزىػا عػف غيرىػا مػف‬
‫األشػػياء فػػي ىػػذا الكػػوف‪ ،‬وبػػذلؾ تنقػػذ الفنػػوف مػػف التػػورط فػػي منافسػػة الفعاليػػات البشػرية‬
‫األخرف‪.)98(,‬‬

‫وأرسػػطو يرتقػػي "اسػػتناداً إلػػى ىػػذا المفيػػوـ" بالشػػعر والفػػف إلػػى مسػػتوف مػػف إظيػػار‬
‫الحقيقة وعكسيا ويتجاوز عدداً مف أنماط المعارؼ المشػيود ليػا بالموضػوعية والرسػوخ‬
‫‪ -‬العممي‪ -‬كالتاري ‪ -‬الذي يتخذ منو أرسػطو مػثالً فػي مقطػع شػيير مػف مقػاطع فػف‬
‫الشػػعر يقػػرر فيػػو‪ :‬أف الشػػعر أكثػػر فمسػػفة مػػف التػػاري وأعمػػى قيمػػة منػػو‪ .‬ورأف أف الفػػف‬
‫سبب في إضفاء شكؿ خارجي عمى مادة ذات وجود سػابؽ(‪ .)99‬وقػد رأف أف المحػاكي‪:‬‬
‫إما أف يصور األشياء كما كانت‪ ،‬أو كما ىي فػي الواقػع‪ ،‬أو كمػا يصػفيا النػاس وتبػدو‬
‫عميو أو "كما يجب أف تكوف"(‪.)100‬‬

‫لقد وضع أرسطو أربعة مسببات أو "عمػؿ" تتضػافر عمػى تكػويف أي نتػاج طبيعػي‬
‫أو صػػناعي وىػػي‪ :‬الماديػػة‪ ،‬والصػػورية والفاعميػػة والاائيػػة التػػي يعػػرض ليػػا أرسػػطو فػػي‬
‫تسمسميا عمى النحو التالي‪:‬‬

‫‪ .1‬امف عنو يكوف الشيء‪ ،‬وفيو يقوـ‪ ،‬فيو سبب‪" ،‬مثاؿ ذلؾ النحاس لمتمثاؿ"‪...‬‬

‫‪ .4‬يق ػػاؿ أس ػػباب عم ػػى الص ػػورة أو المث ػػاؿ أي الق ػػوؿ ال ػػداؿ عم ػػى ماىي ػػة الش ػػيء‬
‫وأجناسو مثؿ "سبب النامة بالكؿ "‪ "Octave‬ىي ‪...1-4‬وأيضاً‪.‬‬

‫‪ .3‬عف الشيء الذي منو مبدأ الحركة والوقوؼ "كاألب ىو سبب انبف"‬

‫(‪ )98‬ينظر المصدر السابؽ‪ ،‬ص‪.191‬‬


‫(‪ )99‬المطمبي‪ ،‬عبد الجبار‪ ،‬مصدر سبؽ ذكره‪ ،‬ص‪.146‬‬
‫(‪ )100‬فػ ػ ػػف الشػ ػ ػػعر ألرسػ ػ ػػطو طػ ػ ػػاليس‪ ،‬ترجمػ ػ ػػة عبػ ػ ػػد الػ ػ ػػرحمف بػ ػ ػػدوي‪ ،‬دار الثقافػ ػ ػػة ط‪ 4‬بيػ ػ ػػروت‪،1973 ،‬‬
‫ص‪.71-71‬‬
‫‪86‬‬
‫‪ .2‬عمػػى معن ػى الاايػػة المسػػتيدفة أو مػػا مػػف أجمػػو وجػػد الشػػيء "كالصػػحة سػػبباً‬
‫لممشي"(‪.)101‬‬

‫وبيػػذا يختصػػر أرسػػطو القػػوؿ بػػالفف‪ :‬إف موجػػودات ىػػذا العػػالـ مركبػػة مػػف مػػادة‬
‫وصػػورة‪ .‬المػػادة ىػػي النسػػيج الخػػاـ الػػذي يشػػكؿ ق ػواـ الشػػيء‪ ،‬والصػػورة‪ :‬ىػػي الجػػوىر‬
‫المػدرؾ‪ ،‬أو المعقػػوؿ الػػذي نتجػاوب معػػو مػػا أف يعػرض الشػػيء لنػػا لنيتػؼ قػػائميف‪ :‬ىػػذه‬
‫منضدة‪ ،‬عمى حد تعبير جونز(‪.)102‬‬

‫وعم ػػى ى ػػذا النح ػػو ف ػػنف م ػػف وجي ػػة النظ ػػر األرس ػػطية‪ :‬أف تك ػػوف جمي ػػع أنم ػػاط‬
‫اإلدراؾ التػػي تجػػري عػػادة عمػػى ىػػذا النحػػو‪ ،‬ىػػي عفويػػة وخاليػػة مػػف التفكيػػر أو إمعػػاف‬
‫النظر‪ .‬فالناس يميزوف األشياء بمجرد أف تقع أعينيـ عمييا‪ ،‬أي أنيـ ن يتنمموف في‬
‫كيفيػػة وقػػوع ىػػذا اإلدراؾ الػػذي ىػػو فػػي حقيقتػػو سمسػػمة مػػف العمميػػات المركبػػة غيػػر أف‬
‫الفناف ‪ -‬مميز في ذلػؾ مػف الرجػؿ انعتيػادي ‪ -‬ومػف الفيمسػوؼ معػاً ‪ -‬يتوجػو صػوب‬
‫إمع ػػاف النظ ػػر وبك ػػؿ م ػػا يمم ػػؾ م ػػف طاق ػػة باتج ػػاه التعام ػػؿ م ػػع الجان ػػب الص ػػوري م ػػف‬
‫األشياء‪ ،‬منيمكػاً تمامػاً فػي كيفيػة صػبو فػي القالػب المناسػب الػذي يتيحػو لػو نػوع الفػف‬
‫ال ػ ػػذي يمارس ػ ػػو واض ػ ػػعاً نص ػ ػػب عيني ػ ػػو أف يج ػ ػػيء عمم ػ ػػو‪ ،‬محسوسػ ػ ػاً وم ػ ػػدركاً بالش ػ ػػكؿ‬
‫المطموب(‪.)103‬‬

‫وىػػذا يعنػػي أنػػو فػػي الوقػػت الػػذي يفسػػر فيػػو أفالطػػوف اإلنشػػاء الفنػػي متطمبػاً إقامػػة‬
‫تنػػاظر بينػػو وبػػيف األنمػػوذج الكػػوني العقالنػػي الػػذي يصػػنعو فػػي عػػالـ المثػػؿ‪ ،‬ويفسػػر‬
‫الت ػػنثر ب ػػو ب ػػافتراض عالق ػػة مض ػػاىاة الك ػػوف ب ػػالنفس اإلنس ػػانية ف ػػي ن ػػوع م ػػف العالق ػػة‬
‫الشػبيية "بمػوازاة النظػػائر"‪ ،‬فػإف أرسػػطو بإلاائػػو ثنائيػة الكػػوف األفالطػػوني لػـ يعػػد أمامػػو‬

‫(‪ )101‬ينظر ـ‪.‬ىػ‪ .‬مصدر سبؽ ذكره‪.‬‬


‫(‪.Jones,J:on Aristotle and Greek Tragedy G.B.Oxford-1968,P.23. )102‬‬
‫(‪ )103‬المصدر السابؽ ص‪.43‬‬
‫‪87‬‬
‫مف سبيؿ إلى انرتداد إلى الصورة التي يقيميا العقؿ لمشيء المدرؾ بكونيا حقيقة ذلػؾ‬
‫الشيء‪ ،‬الذي ن حقيقة لو سواىا‪.‬‬

‫بمعنى أف الفناف عندما يتجو نحو محاكاة الجانب الصوري مف األشػياء فننػو أنمػا‬
‫يكػػوف محاكيػاً لمجػػزء الحقيقػػي ن ال ازئػػؼ منيػػا كمػػا كػػاف "أفالطػػوف" يعتقػػد‪ ،‬وىػػي محاكػػاة‬
‫تتػ ػ ػ ػػيح لػ ػ ػ ػػو إعػ ػ ػ ػػادة تكػ ػ ػ ػػويف الصػ ػ ػ ػػورة المدركػ ػ ػ ػػة عقمي ػ ػ ػ ػاً ن نسػ ػ ػ ػػخيا بشػ ػ ػ ػػكؿ حرفػ ػ ػ ػػي‬
‫"أي تع ػػذر انختػ ػراؽ لممس ػػافة ب ػػيف ص ػػورية الش ػػيء وب ػػيف التمثي ػػؿ الن ػػاتج ل ػػو ف ػػي م ػػادة‬
‫محسوس ػػة‪ ،‬واذا أخ ػػذنا بانعتب ػػار الجان ػػب الص ػػوري م ػػف الش ػػيء‪ ...‬ي ػػدؿ عم ػػى الماىي ػػة‬
‫الجنس"‪ .‬كما يفعؿ أرسطو‪ -‬فنف محاكاة الفناف لو ن تكوف محاكاة لمفػردي الجزئػي بػؿ‬
‫تجيء تعبي اًر عف الحقيقة الكمية(‪.)104‬‬

‫يعػػرض "السػػير فيميػػب سػػدني" مػػا كػػاف يرمػػي إليػػو أرسػػطو كمػػا يػػنتي‪" :‬الشػػاعر ن‬
‫يصػػور‪ ،‬أو يحػػاكي أو يعبػػر أو يبحػػث فػػي األشػػياء الموجػػودة قبػػؿ ذلػػؾ بػػؿ ىػػو ينتػػزع‬
‫أشياء جديدة"(‪.)105‬‬

‫لقد أصبح التبايف في النظريتيف األفالطونية واألرسطية األساس المنيجي لمتمييػز‬


‫تاريخياً بيف نمطيف مػف المحاكػاة‪ ،‬بػيف أف يكػوف الفنػاف فيمسػوفاً كمػا يػراه "أفالطػوف" أو‬
‫يكوف فناناً كما يراه "أرسطو"‪ :‬يتبع تخييالتو أكثر مما يتبع عقمو وعممو‪ ،‬وىكذا أصبح‬
‫لممحاكػاة مػرادؼ رخػر ىػو "التخييػؿ" حػيف حمّػت معضػمة البعػد والقػرب مػف الحقيقػػة‪ .‬أف‬
‫الفيمسػػوؼ قريػػب جػػداً مػػف الحقيقػػة فػػي حػػيف يصػػنعيا الشػػاعر(‪ .)106‬إف ىػػذا التبػػايف قػػد‬
‫أبقػػى مصػػطمح "المحاكػػاة" لفظػػة ميمػػة بػػارزة فػػي معجػػـ النقػػد زمنػاً طػػويالً بعػػد "أرسػػطو"‬
‫بؿ إنيا استمرت حتػى القػرف الثػامف عشػر‪ ،‬إنّ أف ىػذه المفظػة اختمفػت كثيػ اًر مػف حيػث‬

‫(‪ )104‬بالتفاصػيؿ ينظػػر‪ ،‬سػارتوف‪ ،‬جػػورج‪ ،‬تػاري العمػػـ‪ ،‬مجموعػة مػػف المتػرجميف ط‪ ،3‬دار المعػػارؼ‪ ،‬القػػاىرة‬
‫‪ 1978‬ص‪.64‬‬
‫(‪ )105‬المطمبي‪ ،‬عبد الجبار‪ ،‬مصدر سابؽ ذكره‪ ،‬ص‪.128‬‬
‫(‪ )106‬ىياؿ‪ :‬فكرة الجماؿ‪ ،‬ترجمة جورج طرابيشي‪ ،‬دار الطميعة‪ ،‬بيروت‪ ،‬ص‪.36-35‬‬
‫‪88‬‬
‫أىميتيػػا مػػف ناقػػد إلػػى ناقػػد ومػػف زمػػف إلػػى زمػػف‪ ،‬كمػػا اختمػػؼ الفنػػانوف فػػي نظػرتيـ إلػػى‬
‫الكوف‪.‬‬

‫المحاكاة ما بعد االفالطونية واالرسطية‬


‫سيعرض البحػث إلػى بعػض تفريعػات ىػذه المعضػمة فػي ا راء التػي تبناىػا بعػض‬
‫الفالسفة لإحاطة بمفيوـ المحاكاة‪:‬‬

‫يعرض "ىياػؿ" لنظريػة المحاكػاة عمػى النحػو التػالي‪" :‬يكمػف اليػدؼ األسػاس لمفػف‬
‫بموجب ىذا التصور‪ ،‬في المحاكاة‪ ،‬وفي عبػارة أخػرف‪ ،‬فػي انستنسػاخ البػارع لألشػياء‬
‫كمػا ىػػي موجػػودة فػي الطبيعػػة‪،‬وتكوف ضػػرورة مثػؿ ىػػذا التقميػػد الػذي يػػتـ وفقػاً لمطبيعػػة‬
‫مصد اًر بالتالي لمذة‪.‬‬

‫إف تعريؼ "ىياؿ" ىذا ىػو تعريػؼ ذاتػي محػض إذ يعػزو الفػف لمصػانع ن لمكيفيػة‬
‫التػػي يصػػنعيا ويصػػنع بيػػا‪ ،‬إنيػػا لػػذة الصػػانع‪ .‬وبػػذلؾ فيػػو يعػػزو إلػػى الفػػف ىػػدفاً شػػكمياً‬
‫خالص ػاً‪ .‬ىػػدؼ إعػػادة صػػنع مػػا ىػػو موجػػود فػػي العػػالـ الخػػارجي كمػػا ىػػو موجػػود فيػػو‬
‫بالوسائؿ المتاحة لإنساف‪.‬‬

‫ويػػرف "يػػونج" فػػي كتابػػو نظ ػرات فػػي التػػنليؼ األصػػيؿ‪ :‬المحاكػػاة نوعػػاف محاكػػاة‬
‫الطبيعػػة ومحاكػػاة المػػؤلفيف‪ ،‬فالمؤلفػػات التػػي تعتمػػد عمػػى النػػوع األوؿ تػػدعى باألصػػيمة‪،‬‬
‫بػػؿ إف العبقريػػة األصػػيمة تصػػبح فػػي الحقيقػػة أشػػبو بالبحػػث العممػػي ويمتػػد أماميػػا حقػػؿ‬
‫الطبيعػػ ػػة الواسػ ػ ػػع‪ ،‬حيػػ ػػث تنطمػ ػ ػػؽ فيػػ ػػو مػ ػ ػػف دوف قيػػ ػػد وتكشػ ػ ػػؼ جمي ػ ػػع مػ ػ ػػا تسػ ػ ػػتطيع‬
‫اكتشافو(‪.)107‬‬

‫ويخمػػص "يػػونج" إلػػى التفرقػػة بػػيف نػػوعيف مػػف المحاكػػاة‪ ،‬محاكػػاة الطبيعػػة ومحاكػػاة‬
‫المؤلفيف كما ذكرنا‪ ،‬ومحاكو الطبيعة ىـ أصحاب األصالة في الشعر"(‪.)108‬‬

‫(‪ )107‬ينظر ـ‪.‬ىػ‪ .‬ابرامز‪ ،‬انتجاىات األساسية لنظريات النقد‪ ،‬مصدر سبؽ ذكره‪،‬ص‪.194‬‬
‫(‪ )108‬ينظر فف الشعر‪ ،‬مصدر سبؽ ذكره‪ ،‬ص‪.17‬‬
‫‪89‬‬
‫أمػػا الكػػاىف ج‪ ،،‬مػػوير فقػػد عػ َّػد العبقريػػة" ىػػي القػػدرة عمػػى اكتشػػاؼ ا لػؼ الصػػور‬
‫الجديدة والمميزات وعناصر التشابو في الظواىر المنلوفة لمطبيعة(‪ .)109‬في حػيف يشػير‬
‫شػػارؿ بػػاتو فػػي كتػػاب الفنػػوف الجميمػػة والقاعػػدة الواحػػدة‪" :‬إف المحاكػػاة ليسػػت محاكػػاة‬
‫الفجػػة لمحيػػاة اليوميػػة‪ ،‬بػػؿ محاكػػاة الطبيعػػة الجميمػػة‪ ،‬أي التشػ ّػبو بالحقيقػػة التػػي‬
‫الحقيقػػة ّ‬
‫يمكػػف صػػياغتيا بجمػػع الصػػفات المػػنخوذة مػػف األشػػياء المنفػػردة ووضػػعيا فػػي قالػػب لػػو‬
‫جميع صفات الكماؿ التي يمكف أف تتوفر فيو‪ ...‬واف أكثر القواعد المعروفة ترجػع فػي‬
‫أصػميا إلػى المحاكػػاة وىػي تؤلػؼ نوعػاً مػف الرابطػػة يسػتطيع بيػا الفكػػر أف يفيػـ النتػػائج‬
‫والقواعػػد الس ػريعة نفسػػيا وكننيػػا وحػػدة قػػد اكتمػػؿ بناؤىػػا‪ ،‬يسػػند كػػؿ جػػزء فييػػا األج ػزاء‬
‫األخرف(‪.)110‬‬

‫ويستعير ت‪ .‬س‪ .‬اليوت التفسير األرسطي لمحاكاة الطبيعػة مختػزنً معنػى الخمػؽ‬
‫فػػي المحاكػػاة‪" :‬الشػػاعر يعمػػؿ مػػا تعممػػو الطبيعػػة بقػػوة التخييػػؿ"‪ .‬أو كمػػا يقػػوؿ‪" :‬الفنػػاف‬
‫يحاكي الطبيعة في الخمؽ"(‪.)111‬‬

‫وىكػػذا ينتقػػؿ بنػػا "اليػػوت" إلػػى مػػا تعممػػو الطبيعػػة ن إلػػى مػػا تنتجػػو‪ .‬ألف مػػا ينتجػػو‬
‫يعد الخياؿ منبعيا الرئيس‪.‬‬
‫الفناف ُيج امع مف منابع متعددة ّ‬
‫والخالصرررة‪ :‬إن مصرررطمح المحاكررراة يعررراد أو يسرررتعاد كمفيررروم بطررررق متعرررددة‬
‫ومختمفة‪ .‬بعايم يعيده لمجرد القبض عميو كما يفعل الالوعي البدا ي المستمر فينا‬
‫"الرسررم عمررك الكيررو "(*) وبعارريم يعيررده ليبررالخ وياررخم‪ ،‬كمررا يقترررو الواقعيررون‬

‫(‪ )109‬ينظر ـ‪.‬ىػ‪ .‬ابرامز‪ ،‬مصدر سابؽ ص‪.194‬‬


‫(‪ )110‬المصدر السابؽ ص‪.193‬‬
‫(‪ )111‬الماة الشعرية والماة العممية‪ ،‬في مجمة الفكر العربي المعاصر العدد (‪ ،)11‬شباط‪ 1981 ،‬ص‪.123‬‬
‫(*) تعطػػي الم ارحػػؿ األولػػى مػػف تطػػور الفػػف‪ ،‬نس ػيما التصػػوير ال ازىػػي لإنسػػاف البػػدائي فػػي الكيػػوؼ ورسػػـ‬
‫الحيوانػػات الوحشػػية التػػي وقعػػت عينػػاه عمييػػا واصػػطادىا‪ ،‬تعبيػ اًر جريئػاً عػػف سػػعي اإلنسػػاف إلػػى اسػػتيعاب‬
‫عالمػ ػػو مػ ػػف خػ ػػالؿ الصػ ػػورة واسػ ػػتقرائو‪ ،‬وتكشػ ػػؼ شػ ػػتى صػ ػػور الحيوانػ ػػات عػ ػػف رغبتػ ػػو فػ ػػي أف يسػ ػػجؿ‬
‫‪( -‬ربما ألغراض طقوسية)‪ -‬السمات المميزة ليا‪ ،‬وحركاتيػا وتصػرفاتيا‪ ،‬أنػو يريػد أف يفػيض عمييػا فػي‬
‫‪91‬‬
‫وبعايم ينتزع منو ما ىو غير مر ي كما يقترو التجريديون‪ ،‬في حين يعيد البعض‬
‫تركيب عناصره‪ ،‬كما يقترو الجشتالتيون والبنيويون‪ ،‬وآخرون ييتمون بجاذبيترو كمرا‬
‫يرى الفالسفة الذاتيون "فمسفة العصر الوسيط"‪ ...‬والبعض اآلخر يحاكون برو آليرات‬
‫الفعل لدى المحاكاة كما ميد "أرسطو" لذلك وكما أكده "اليوت"‪.‬‬

‫وأيرا كانررت اإلعررادة‪ ،‬فرإن المحاكرراة األرسررطية سررتظل المركرز الررذي يتنر ّروع حولررو‬
‫مفيوم المحاكاة وشرطو أن ىناك محاكياً ومحاكك وفعل محاكاة‪.‬‬
‫(*)‬
‫المفيوم الجشتالتي‬
‫يعد انتجاه الجشتالتي األساس األوؿ أو المقدمة لالتجاه البنيوي في الفػف واألدب‬
‫مستنداً في ذلؾ إلػى فكػرة‪ :‬أف الكػؿ لػيس جميػع أج ازئػو‪ ،‬بػؿ مختمػؼ عنيػا وأكبػر منيػا‪.‬‬
‫وبرغـ أف ىذا انتجاه قد أرسى الخطوات األولى فػي فيػـ الفػف خػارج لعبػة اننعكاسػات‬
‫الجزئي ػػة أو اننعكاس ػػات الممكنػ ػػة‪ ،‬فإن ػػو ق ػػد جػ ػػرؼ مع ػػو أغم ػػب مق ػػونت عم ػػـ الجمػ ػػاؿ‬
‫"انستطيقا" مف مبدأ التوازف إلى مبدأ التناظر‪.‬‬

‫وعمػػى وفػػؽ ىػػذا المبػػدأ فقػػد أفػػادت نظريػػة األشػػكاؿ بنحػػو كبيػػر فػػي مجػػاؿ اإلدراؾ‬
‫مف الجشتالتييف اعتماداً عمػى التجربػة المباشػرة‪ .‬وقػد قمػؿ الجشػتالتيوف مػف دور اننتبػاه‬
‫والثقافػة فػػي الوظيفػة اإلدراكيػػة عبػػر المعطيػات البصػرية فيػػـ يػروف‪ :‬إف العػػالـ والصػػور‬
‫يفرضاف بنياتيما عمى الذات المتنممة‪ .‬لقد قدـ الجشتالتيوف أربع فرضػيات حػوؿ عالقػة‬
‫الحس ػػي‬
‫ّ‬ ‫الك ػػؿ ب ػػاألجزاء ف ػػي الص ػػورة‪،‬مف ى ػػذه الفرض ػػيات اثنت ػػاف ح ػػوؿ طبيع ػػة اإلدراؾ‬

‫الفف‪ .‬غالباً ما تكشؼ ىذه الرسوـ عف أشكاؿ أكثر‪ ،‬مف ارتباطات أكثر ثقافية ووسطية بيف اإلنساف وبيف‬
‫الطبيعػػة‪ ،‬إنػػو الالوعػػي الػػذي يحػػاوؿ معػػو إنسػػاف الكيػػوؼ مػػف اإلمسػػاؾ بالطبيعػػة مػػف خػػالؿ محاكاتيػػا بػػؿ‬
‫اليجوـ عمييا أف صح التعبير‪.‬‬
‫(*) الجشػػتالت ‪ Gestalt‬كممػػة ألمانيػػة تعنػػي (شػػكؿ‪ ،‬أو نمػػط‪ ،‬أو صػػياة) ينظػػر موسػػوعة عمػػـ الػػنفس‪ ،‬إعػػداد‬
‫أسعد رزوؽ‪ ،‬المؤسسة العربية لمدراسات والنشر‪ ،‬بيروت‪ ،1977 ،‬ص‪.98‬‬
‫‪91‬‬
‫"الكػ ػػؿ‬ ‫لمصػػػور واألشػ ػػكاؿ‪ ،‬واثنتػ ػػاف حػ ػػوؿ طبيعػ ػػة العالقػ ػػة بػ ػػيف المكونػ ػػات‬
‫واألجزاء"(‪.)112‬‬

‫‪ -1‬العالقررة بررين الكررل واألج رزاق‪:‬يبػػيف الجشػػتالتيوف أف إدراؾ صػػورة مػػا‪،‬ىو إدراؾ‬
‫مباشر حدسي‪ ،‬انو في ا ف نفسو إدراؾ شعوري وح ّسي‪.‬‬

‫كػػؿ إدراؾ ىػػو كػػؿ شػػامؿ‪ :‬فالػػذات تػػدرؾ الشػػكؿ كمجموعػػة مبنيػػة ن فاصػػؿ بػػيف‬
‫عناصػرىا‪ ،‬األمػػر الػذي يظيػػر فػي العػػاب الخػدع حيػػث يػتـ عػػرض شػكميف أو صػػورتيف‬
‫تدركاف في تماثميما ولكف بعض عناصػرىما المكونػة تبػرز اختالفػاً ما‪،‬ىػذه انختالفػات‬
‫ن يمكػػف أف تػػدرؾ وترصػػد إنّ عبػػر مجيػػود انتبػاىي ومسػػح بصػػري مػػنظـ‪ ،‬وبنػػاء عمػػى‬
‫ىػػذا يقػػروف بػػنف عمػػى التربيػػة البص ػرية أف تحػػارب الحكػػـ القبمػػي القائػػؿ‪ :‬بننػػو يكفػػي أف‬
‫نبصر لنعتقد أننا فيمنا كؿ شيء وأحسسناه(‪.)113‬‬

‫أولية العالقات‬
‫‪ -‬الكؿ يحتػوي األجػزاء وييػيمف عمييػا‪ .‬فاإلنسػاف لػيس مجمػوع أعضػائو عػيف ‪+‬‬
‫أذف ‪ +‬أنػػؼ ‪ +‬روح‪ ..‬إنمػػا ىػػو أكبػػر منيػػا انػػو مسػػنلة عالقػػات عػػيف × أذف × روح‪...‬‬
‫ال ‪.‬‬

‫إف إدراؾ الكؿ ن يمكف أف يتـ بمجرد الجمع البسيط بيف األجزاء ولننخذ ا لمثػاؿ‬
‫التالي‪:‬‬

‫(‪ )112‬لممزيػػد ينظػػر المػػاكري ‪ -‬محمػػد‪ ،‬الشػػكؿ والخطػػاب‪ ،‬مػػدخؿ لتحميػػؿ ظػػاىراتي‪ ،‬المركػػز الثقػػافي العربػػي‬
‫‪ -‬الدار البيضاء‪ ،1991 ،‬ص‪.19 -17‬‬
‫(‪ )113‬المصدر السابؽ ص‪.19‬‬
‫‪94‬‬
‫فالعناصر المكونة لألشػكاؿ ن تػدرؾ بوصػفيا عناصػر منفصػمة مسػتقمة وانمػا فػي‬
‫إطار كمي أي مثمث ثـ مستطيؿ ثـ دائرة‪.‬‬

‫إف إدراؾ الكػػؿ ن يمكػػف أف يػػتـ بمجػػرد الجمػػع البسػػيط بػػيف األج ػزاء‪ .‬فػػإذا انتزعنػػا‬
‫عنص اًر مف كؿ لتحويمو إلى كؿ رخر‪ ،‬فإف ىذا العنصر المحػوؿ سػينخذ دننت جديػدة‬
‫ومختمفة عف األولى‪ ،‬كما أننا إذا انتزعنا عنص اًر‪ ،‬فنننا سنحصؿ عمى مجموعة مختمفة‬
‫عف األولى وليس عمى الشكؿ األوؿ منقوصاً منو العنصر المحوؿ‪ .‬والشػيء نفسػو فػي‬
‫حالة القياـ بتعويض عنصر بهخر‪.‬‬

‫وكمثػػاؿ عمػػى المعطيػػات البص ػرية التػػي تقػػوـ عمػػى اسػػتثمار الفرضػػية الجشػػتالتية‬
‫ح ػػوؿ عالق ػػة الك ػػؿ واألجػ ػزاء ي ػػورد "كوك ػػون" و"بيروتي ػػت" مث ػػانً م ػػف الك ػػونج ف ػػي الف ػػف‬
‫التشكيمي‪ ،‬فعندما أعاد الفناف "مارسيؿ دوكامػب ‪ "M.Duchamp‬إنتػاج لوحػة "دافنشػي‬
‫‪ -‬الجوكندا" سنة ‪ 1919‬مدمجاً في الموحة ثالثة عناصػر ‪ -‬شػارب خفيػؼ ‪ -‬لحيػة صػايرة‬
‫والعن ػواف "‪ ."LH.O.O.O‬إف النػػاظر ىنػػا ن يػػرف الموحػػة نفسػػيا "جوكنػػدا" إض ػافة إلػػى‬
‫ثالثػة عناصػر ازئػػدة‪ ،‬ولكنػو يػرف صػػورة ذات دننت جديػدة‪ .‬لقػد تحولػػت الجوكنػدا إلػػى‬
‫رجؿ‪.)114( ...‬‬

‫وىنػػا نسػػتخمص أوليػػة العالقػػة بػػيف األج ػزاء داخػػؿ المجموعػػة المقدمػػة عمػػى ذات‬
‫األج ػزاء وبػػذلؾ نػػدرؾ الشػػيء المنظػػور بالعالقػػات القائمػػة بػػيف مكوناتػػو بخػػالؼ الرؤيػػة‬
‫التي ن تتجاوز كونيا رصداً لو في كميتو بعد عالقة الكػؿ بػاألجزاء(‪ .)115‬والحػاؿ يكػوف‬
‫الكؿ ىػو شػيء غيػر مجمػوع العناصػر‪ ،‬فالعناصػر ن تك ّػوف واقعيػة الشػيء ثػـ أف الكػؿ‬

‫(‪ )114‬المصدر نفسو‪ ،‬ص‪.41‬‬


‫(‪ )115‬بشيء مف التفصيؿ ينظر دافيػدوؼ‪ ،‬لنػداؿ‪ :‬مػدخؿ عمػـ الػنفس‪ ،‬ترجمػة د‪.‬سػيد الطػراب ورخػروف‪ ،‬ط‪،3‬‬
‫دار ماكجروىيؿ لمنشر‪ ،‬الدار الدولية لمنشر والتوزيع‪ ،‬القاىرة‪ ،‬د‪.‬ت‪ .‬ص‪.21-38‬‬
‫‪93‬‬
‫– كالعناص ػػر بح ػػد ذاتي ػػا ‪ -‬واقع ػػي‪ ،‬موج ػػود ق ػػائـ مختم ػػؼ ع ػػف عناصػ ػره أو ش ػػيء م ػػا‬
‫غيرىا‪ ،‬وخصائص ىذا الشكؿ مختمفة عف الخصائص الحسية فيو(‪.)116‬‬

‫ارتباط الشكل بالعمق وقوانين التمييز‬


‫‪ -1‬الصورة واألراية‬

‫ندرؾ الصورة "‪ "Figure‬عمى أرضية "‪ "Ground-fond‬ىي أوسع‪:‬‬

‫ندرؾ النجوـ عمػى أرضػية ىػي السػماء‪ ،‬والمػوح عمػى أرضػية ىػي الجػدار‪ ،‬والكممػة‬
‫المكتوبة عمى ورقػة‪ ،‬ونػدرؾ الصػوت عمػى أرضػية ىػي الصػمت‪ ...‬تتميػز الصػورة عػف‬
‫األرضية بننيا تجذب اننتباه وىػي ذات حػدود وتنظػيـ وصػباة خاصػة داخػؿ األرضػية‬
‫التػػي تػػدرؾ بمنزلػػة اإلطػػار العػػاـ‪ ،‬وتكػػوف األرضػػية بػػال شػػؾ غيػػر محػػددة وغيػػر منظمػػة‬
‫وغير عضوية‪ .‬إف كؿ شيء حسي ن يتوحد‪ ..‬إنّ في عالقة مع أرضية ما(‪.)117‬‬

‫ىناؾ دائماً فارؽ ذاتي ممحػوظ بينيمػا وخصػائص وظيفيػة‪ ،‬فميسػت المثيػرات عمػى‬
‫درجػػة متسػػاوية فػػي الحػػدة‪ ،‬بػػؿ ن بػػد مػػف فػػارؽ ليحصػػؿ اإلدراؾ‪ ،‬وقػػد درس الفػػرؽ بػػيف‬
‫الصػػورة "أو الموضػػوع" واألرضػػية أ‪ .‬روبػػف‪" :‬ولػػيس أدؿ عمػػى توضػػيح ذلػػؾ مػػف المجػػوء‬
‫إلى بعػض األمثمػة حيػث تػدرؾ الصػورة عمػى أنيػا تػارة أرضػية وطػو اًر صػورة وبػالعكس‪،‬‬
‫أي أنيما يتعاقباف الدور الواحد ويكوف لكؿ منيما وحدتو أو الكمية الخاصة بو(‪.)118‬‬

‫فػػي الرسػػـ "‪ "1‬يبػػدو الصػػميب الرقيػػؽ األذرع ىػػو الشػػكؿ األشػػد اسػػتق ار اًر والطبيعػػي‬
‫أكثػر مػػف شػػكؿ الصػػميب ا خػر‪ ،‬لكػػف انتقػػاء واحػػد منيمػا كصػػورة يجعػػؿ ا خػػر أرضػػية‬

‫(‪ )116‬ينظر زيعور‪ -،‬عمػي‪ :‬مػذاىب عمػـ الػنفس المعاصػر‪ ،‬دار األنػدلس لمطباعػة والنشػر‪ ،‬بيػروت‪،1971 ،‬‬
‫ص‪.316‬‬
‫(‪ )117‬المصدر السابؽ ص ‪.334‬‬
‫(‪ )118‬المصدر نفسو‪.‬‬
‫‪92‬‬
‫لو‪ ،‬ونحف ن نسػتطيع أف نػرف فػي رف واحػد أو بطريقػة متزامنػة الصػميبيف بعضػيما مػع‬
‫بعض‪ ،‬فإذا بدا واحد اختفى ا خر‪ ،‬ىنا إذف وحدتاف‪ :‬وحدة الصورة ووحدة األرضية‪.‬‬

‫شكل رقم (‪)1‬‬

‫وفػػي ىػػذا المبػػدأ يمكػػف الوقػػوؼ عمػػى معطيػػات بصػرية ن يمكػػف التمييػػز فييػػا بػػيف‬
‫العمػ ػػؽ والشػ ػػكؿ بمثػ ػػؿ ىػ ػػذه السػ ػػيولة السػ ػػالفة مػ ػػف ذلػ ػػؾ مػ ػػثالً الحػ ػػانت التػ ػػي يوردىػ ػػا‬
‫"بوؿ كيوـ" والتي يوجد فييا جػزرف مػف الحقػؿ غيػر متايػريف موضػوعياً ولكػف يمكػف أف‬
‫ينظر إلييمػا بالتنػاوب فػي دوري الشػكؿ والعمػؽ ومػف ذلػؾ مػثالً الحالػة البصػرية التاليػة‬
‫في الشكؿ "‪:"4‬‬

‫شكل رقم (‪)2‬‬

‫في األنموذج يمكف أف أرف صميباً مكونػاً مػف القطاعػات المحتويػة عمػى شػعاعات‬
‫لدائرة منفصالً عػف عمػؽ تكػوف القطاعػات الدائريػة المتعاقبػة‪ ،‬يخمػؽ لػدينا انطباعػاً بػنف‬
‫جسػػماً شػػبو بػػارز يمػػوح عمػػى العمػػؽ‪ ،‬وىػػذا اننطبػػاع يتنكػػد بمجػػرد أف ننخػػذ الصػػورة فػػي‬
‫وحػػدتيا الطبيعيػػة‪ ،‬وىنػػاؾ انطبػػاع رخػػر أكثػػر مفارقػػة ىػػو أف العمػػؽ يتواصػػؿ مختفي ػاً‬
‫أسػػفؿ الصػػورة "الصػػميب"‪ .‬أننػػا نحػػس تواصػػؿ األقػواس الػػدوائر‪ ،‬عمػػى الػػرغـ مػػف أننػػا ن‬
‫‪95‬‬
‫نراه واقعياً‪ .‬إف األمػر ىنػا ن يتعمػؽ بمعرفػة‪ ،‬ذلػؾ إننػا فػي الحقيقػة ن نعػرؼ شػيئاً عػف‬
‫تركيب خفي مف ىذا النوع المجيوؿ(‪.)119‬‬

‫ن يجب أف نقوؿ أننا نتخيؿ العمؽ أسفؿ الصورة‪ ،‬وذلؾ أنو في اإلدراؾ التمقػائي‬
‫ليذا األنموذج‪ ،‬ن نحقػؽ الصػورة بنجزائيػا الخفيػة بالفعػؿ‪ ،‬لكػف إذا تنممنػا ىػذا األنمػوذج‬
‫ل ػػبعض الوق ػػت يمك ػػف أف يح ػػدث تايي ػػر مف ػػاج ‪ ،‬س ػػتبرز ص ػػورة جدي ػػدة غي ػػر متوقع ػػة‪،‬‬
‫صميب رخر مكوف مف أقواس حمزونية‪ ،‬انو ىػو الػذي يبػدو ا ف بػار اًز فػي حػيف اختفػى‬
‫الصػػميب ا خػػر‪ ،‬والحقػػؿ الػػذي يالزمػػو أصػػبح جػػزءاً مػػف العمػػؽ‪ ،‬والشػػعاعات ىػػي التػػي‬
‫تعطي اننطباع المفارؽ بانمتداد عمى نمط واحد أسفؿ الصورة‪.‬‬

‫نستخمص مف المثاؿ المقدـ رنفاً حقيقتػيف‪ :‬أونىمػا أف قواعػد التمييػز والفصػؿ بػيف‬
‫الشكؿ وعمقػو ىػي قػوانيف ن تنسػحب عمػى كػؿ األشػكاؿ البصػرية‪ ،‬إذ يمكػف أف يكػوف‬
‫إدراكن ػػا محكومػ ػاً بخ ػػداع بص ػػري‪ ،‬وثانيتيم ػػا أف لمش ػػكؿ ص ػػورة وحاف ػػات نزم ػػة لمفص ػػؿ‬
‫والتمييز في حيف أف العمؽ ن حافات لو ون صورة(‪.)120‬‬
‫‪ -2‬إدراك الفااق‬

‫يقصد الجشتالتيوف بادراؾ الفضاء كؿ المظاىر اليندسية لألشياء‪:‬‬

‫‪ -‬الموضعة‪.‬‬

‫‪ -‬انتجاه‪.‬‬

‫‪ -‬العظـ‪.‬‬

‫‪ -‬المسافة‪.‬‬

‫(‪ )119‬الماكري‪ ،‬محمد‪ :‬مصدر سبؽ ذكره‪ ،‬ص‪.11‬‬


‫(‪ )120‬وبالتفصيؿ‪ ،‬ينظرويد نيكونس‪ :‬األوىاـ البصرية فنيا وعمميا‪ ،‬ترجمة مي مظفر‪ ،‬دار المنموف لمترجمػة‬
‫والنشر‪ ،‬باداد‪ ،1988 ،‬ص‪.58-45‬‬
‫وينظر‪ -‬الموسوعة الفمسفية العربية‪ ،‬معيد اإلنماء العربي‪ ،‬ط‪ ،1‬بيروت‪ 1988 ،‬ص‪.259‬‬
‫‪96‬‬
‫واعتمػدت نظريػػة الجشػتالت "كػػرد فعػؿ ضػػد كػؿ النظريػػات التحميميػة فػػي القػػرف‪"19‬‬
‫فػػي سػػايكولوجيا العناصػػر‪ ،‬عمػػى سػػايكولوجيا البنػػى واألشػػكاؿ وقػػد بنػػت عمػػى وفػػؽ ذلػػؾ‬
‫مفيومػاً حػػوؿ الفضػػاء وىػػو مفيػػوـ التنػػاظر الفضػػائي والػػذي يمكػػف فيػػو أف تػػؤثر طبيعػػة‬
‫العمؽ عمى خصائص الصورة‪ ،‬ومف ىنا فػإف الرسػـ والتصػوير وفنػوف الػديكور ت ارعػي‬
‫ىذه الحقيقة وىذا التنثير الكبير لمعمؽ‪ ،‬ويمكف في ضوء ىذه النظرة أيػراد قػوانيف إدراؾ‬
‫مجموعة مف العناصر كشكؿ بالقياس إلى عمؽ "فضاء" معيف بما ينتي‪:‬‬

‫‪ -‬قانوف العظـ‪ :‬الشكؿ الصاير يبرز منفصالً عف عمؽ أكثر كب اًر‪.‬‬

‫‪ -‬قانوف البساطة‪ :‬الشكؿ البسيط أبرز مف الشكؿ المعقد‪.‬‬

‫‪ -‬قانوف اإلنتظاـ والتقابؿ‪ :‬يتعمؽ األمػر بالتقسػيـ المػنظـ والتقػابمي لعناصػر شػكؿ‬
‫معيف‪.‬‬

‫‪ -‬قانوف انختالؼ‪ :‬الشكؿ المبيف بكيفية غريبة يبػرز فػي الفضػاء بشػكؿ أفضػؿ‪،‬‬
‫ويمكػ ػػف مالحظػ ػػة أىميػ ػػة ذلػ ػػؾ فػ ػػي اإلعالنػ ػػات والخطابػ ػػات البص ػ ػرية وصػ ػػور‬
‫الحاسوب(*)‪.‬‬

‫وفي ضوء ما تقدـ يمكننا أف نوجز شروط اإلدراؾ البصػري فػي مفيػوـ الجشػتالت‬
‫إلى شرطيف أساسييف مف خالؿ نظرية ارنيايـ وىي‪:‬‬

‫أ‪ -‬إف كؿ شيء يتـ إدراكو يؤخػذ حرفيػاً‪ ،‬واصػؿ ىػذا انتجػاه تػـ التوصػؿ إليػو مػف‬
‫خالؿ الدراسات عمى األطفػاؿ الػذيف تعػامموا مػع الشػيء عمػى أنػو غيػر موجػود‬
‫عندما كاف يتـ استبعاده مف مجاؿ رؤيتيـ البصػرية‪ ،‬فمػا ىػو مخت ٍ‬
‫ػؼ ن يوجػد‪.‬‬
‫والتفكير البصري لمفناف ىو أمر شبيو بيػذا أيضػاً‪ ،‬فػإف مػا يوجػد مرئيػاً بطريقػة‬
‫جزئيػػة يوجػػد فقػػط كجػػزء‪ ،‬والمواضػػع فػػي الفػراغ ن تكػػوف طػػائرة‪ ،‬ومػػا ىػػو قريػػب‬
‫لمعيف يرتبط بطريقة أكثر جوىرية بالنسبة لممشاىد أكثر ممػا ىػو بعيػد‪ ،‬والوجػو‬

‫(*) سنورد ذلؾ بالتفصيؿ في الفصؿ القادـ والخاص بالعالمة في فف الرسـ مف حيث اشتااليا ونظاميا‪.‬‬
‫‪97‬‬
‫الػػذي يظمػػؿ بػػالظالؿ واألل ػواف المعتمػػة تكػػوف الظممػػة أو العتمػػة إحػػدف سػػماتو‬
‫وخصائصو‪.‬‬

‫وطبيعي ػاً فإنػػو خػػالؿ ارتقػػاء المػػرء ف ػإف خصػػائص الصػػور "المباش ػرة" يػػتـ تػػدعيميا‬
‫م ػػف خ ػػالؿ ذاكػ ػرة الخبػ ػرات المبكػ ػرة بحي ػػث ي ػػتـ النظ ػػر إل ػػى الشاش ػػة الت ػػي تس ػػتعمؿ ف ػػي‬
‫تجػػارب األطفػػاؿ عمػػى أنيػػا تخفػػي شػػيئاً موجػػوداً وراءىػػا‪ ،‬جػػزء منيػػا يػػرف وجػػزء يكػػوف‬
‫مختفيػ ػاً‪ ،‬والج ػػزء ال ػػذي ُي ػػرف ى ػػو قطع ػػة م ػػف الج ػػزء المخف ػػي‪ .‬وي ػػتعمـ اإلنس ػػاف ت ػػدريجياً‬
‫وبطريقػػة أكثػػر كفػػاءة أف يميػػز بػػيف المػػوف الجػػوىري والمػػوف المؤقػػت "والػػذي يمكػػف أف‬
‫يتاير"‪.‬‬

‫وىذه التحسينات التي تط أر عمى عمميات اإلدراؾ المباشر ن تقوـ بتعػديؿ فقػط مػا‬
‫التصوير أيضاً‪ ،‬كما في الشكؿ التالي‪:‬‬ ‫(‪)121‬‬
‫تـ رؤيتو في الطبيعة ولكف في فف‬

‫ب‪ -‬الشرط الثاني لمتفكير البصري مف وجية نظر الجشتالت ىو أف كؿ موضوع‬


‫ُمدرؾ ىو موضوع رمزي‪ .‬وىػذا يعنػي أف أي جػزء مختمػؼ عػف مجػاؿ الرؤيػة‬
‫فػ ػإف الاي ػػاب ل ػػيس واح ػػداً م ػػف خصائص ػػو البصػ ػرية والفيزيقي ػػة فحس ػػب‪ ،‬لكن ػػو‬
‫جانب مف جوانب حالة وجوده بالمعنى الواسػع لمكممػة‪ .‬فعنػدما تكػوف قمػة أو‬

‫(‪ )121‬ينظر د‪.‬عبد الحميد‪ ،‬شاكر‪ :‬العممية اإلبداعية في فف التصوير‪ ،‬عالـ المعرفة المجمػس الػوطني لمثقافػة‬
‫والفنوف وا داب‪ ،‬الكويت‪ ،1987 ،‬ص‪.54‬‬
‫‪98‬‬
‫رأس الشكؿ فقط مرئية في لوحة تمجػن إلػى التفكيػر البصػري فػإف الشػكؿ دائمػاً‬
‫ما ُيرف عمى أنو غير مكتمؿ أو مجرد رأس أو بكونو خمواً مف الجسـ بطريقة‬
‫رمزية‪ .‬وعندما يتـ ربط األشياء بعضيا ببعض مف خالؿ المواضع واألشػكاؿ‬
‫واأللػواف فػػنف العالقػػة ن تكػػوف مجػػرد عالقػػة بص ػرية أو "فيزيقيػػة" ولكػػف يجػػب‬
‫فيميا عمى أنيا رابطة وجودية بالمعنى العميؽ ليذه الكممة‪.‬‬

‫إف عتمة الموف األسود في لوحة "الجرنيكا" لبيكاسو يجب أف تفسر بطريقة رمزية‪.‬‬

‫إف التفكيػػر البصػػري يعػػالج مادتػػو مػػف خػػالؿ عمميػػات منلوفػػة لنػػا عػػف انسػػتدنؿ‬
‫التجريدي‪ ،‬انو يطبؽ بعض العالقات المنطقيػة المسػتعممة فػي الماػة مػع التنكيػد بػالطبع‬
‫عم ػػى دنل ػػة األش ػػكاؿ وأىمي ػػة العالق ػػات بيني ػػا‪ ،‬وال ػػدننت العام ػػة والخاص ػػة لك ػػؿ مني ػػا‬
‫وليس مف خالؿ التنكيد عمى الحروؼ والكممات(‪.)122‬‬

‫لممحػػاكى‪ :‬الكػػوف واألفعػػاؿ‬


‫والخالصػػة أف التفكيػػر الجشػػتالتي قػػد أدار ظيػره نيائيػاً ُ‬
‫المحػػاكي‪ :‬وكننػػو ن يحػػاكي إنّ‬
‫التػػي تقػػع فيػػو ‪ -‬وأصػػبح النظػػر مرك ػ اًز فقػػط فػػي ذات ُ‬
‫ذاتػػو‪ .‬وصػػارت ق ػوانيف انئػػتالؼ وانخػػتالؼ واإلدراؾ البصػػري التػػنممي "السػػايكولوجي"‬

‫(‪ )122‬ينظ ػػر المص ػػدر الس ػػابؽ‪ ،‬ص‪ ،54‬ولممزيػ ػػد ينظ ػػر د ارس ػػة ارني ػػيـ لمجيرنيكػ ػػا ص‪ ،53‬وم ػػا بع ػػدىا فػ ػػي‬
‫المصدر نفسو‪.‬‬
‫‪99‬‬
‫فيػػو ىػػو أىػػـ مػػا تقػػدـ بيػػا الجشػػتالتيوف‪ .‬مثممػػا كػػاف "أرسػػطو" مقدمػػة لمتفكيػػر الجشػػتالتي‬
‫ػاف مقدم ػػة لمتفكي ػػر البن ػػائي وم ػػف ث ػػـ لمتفكي ػػر الس ػػيميوطيقي‬
‫فػ ػإف التفكي ػػر الجش ػػتالتي ك ػ ا‬
‫عامة‪.‬‬
‫ّ‬
‫المفيوم السيميوطيقي‬
‫تحديد المفيوم‪:‬‬

‫لعػؿ أوؿ خطػػوة منيجيػػة ينباػػي القيػاـ بيػػا فػػي معالجػػة ىػذا الموضػػوع ىػػي تحديػػد‬
‫المفػػاىيـ الخاص ػػة بالصػػورة والس ػػيميوطيقا‪ .‬يع ػػرؼ "روبيػػرت" "‪ "Robert‬الص ػػورة بنني ػػا‬
‫إعػػادة إنتػػاج طبػػؽ األصػػؿ أو تمثيػػؿ مشػػابو لكػػائف أو شػػيء‪ .‬ويحيػػؿ أصػػؿ المصػػطمح‬
‫انشػػتقاقي عمػػى فك ػرة النس ػ والمشػػابية والتمثيػػؿ والمحاكػػاة " ارجػػع‪ :‬مبحػػث‪ :‬مصػػطمح‬
‫الصػ ػ ػ ػػورة"‪..‬ذلػ ػ ػ ػػؾ إف الفعػ ػ ػ ػػؿ الالتينػ ػ ػ ػػي "‪ "1mitar‬يعنػ ػ ػ ػػي إعػ ػ ػ ػػادة اإلنتػ ػ ػ ػػاج بوسػ ػ ػ ػػاطة‬
‫المحاكاة(‪.)123‬‬

‫أما في انصطالح السيميوطيقي فنف الصورة تنضوي تحت نػوع أعػـ يطمػؽ عميػو‬
‫مصػػطمح "األيقونيػػة ‪ "Iconicity‬وىػػو يشػػمؿ العالمػػات التػػي تكػػوف فييػػا العالقػػة بػػيف‬
‫الداؿ والمرجع قائمة عمى المشابية والتماثؿ‪.‬‬

‫ولع ػػؿ أوؿ م ػػف ق ػػدـ تعريفػ ػاً مرجعيػ ػاً لي ػػذا المفي ػػوـ ى ػػو الع ػػالـ األمريك ػػي "تش ػػارؿ‬
‫سػاندرس بيػرس"‪ .‬فػإذا كانػت العالقػة بػيف العالمػة والمرجػع اعتباطيػة فػي الرمػز ومعممػػة‬
‫بوساطة المجاورة أو السببية في القرينة فػإف مػا يخصػص العالمػة األيقونيػة ىػو شػبييا‬
‫النش ػػوئي بالموض ػػوع المح ػػاؿ عمي ػػو ون يي ػػـ ف ػػي نظ ػػر "بي ػػرس" إف كان ػػت ى ػػذه العالم ػػة‬
‫"بصرية" صورة مثالً أو سمعية(‪.)124‬‬

‫(‪ )123‬المعماري‪ ،‬محمد‪ ،‬الصورة والماة (مقاربة سيميوطيقة) في مجمة فكػر ونقػد الربػاط‪ ،‬الماػرب العػدد ‪،13‬‬
‫نوفمبر‪ ،1998 ،‬ص‪.133‬‬
‫(‪ )124‬المصدر السابؽ‪.‬‬
‫‪111‬‬
‫وليػػذا تعػػد سػػيميوطيقا بيػػرس أنسػػب أنمػػوذج يرجػػع إليػػو لالشػػتااؿ عمػػى الخطابػػات‬
‫البصرية التقنية في مجاؿ التمثيؿ واعادة إنتاج الواقع عمى قمب تاري التمثيؿ البصػري‬
‫التقميػػدي المسػػمى "يقون ػاً" منػػذ مطمػػع القػػرف الحػػالي‪ ،‬فمػػف جيػػة سػػوؼ تحتكػػر الصػػورة‬
‫الفوتوغرافية مجموعة مف مجانت التعبير التي كانت مف نصيب الفنػوف التشػكيمية مػف‬
‫مثػػؿ رسػػـ الطبيعػػة "والصػػور الشخصػػية" إلػػى غيػػر ذلػػؾ‪ .‬ومػػف جيػػة ثانيػػة سػػوؼ تعمػػؿ‬
‫السػػينما عم ػى تطػػوير اسػػتعماؿ الطػػرؽ الفوتوغرافيػػة وتقنياتيػػا‪ ،‬وعمػػى الخصػػوص فيمػػا‬
‫يتعمػػؽ بتمثيػػؿ الوقػػائع والمشػػاىد المتحركػػة مانحػػة بػػذلؾ مجػػانً واسػػعاً ومفيوم ػاً جديػػداً‬
‫لحفػػؿ الع ػػرض ال ػػذي كػػاف حكػ ػ اًر عم ػػى الفػػف المس ػػرحي‪ .‬وم ػػف جيػػة ثالث ػػة س ػػوؼ يا ػػزو‬
‫الحاس ػػوب انلكترون ػػي مج ػػاؿ البصػ ػريات بقدرت ػػو الفائق ػػة عم ػػى إنت ػػاج معطي ػػات بصػ ػرية‬
‫متعػ ػػددة تت ػ ػراوح بػ ػػيف المعطيػ ػػات الفنيػ ػػة الخاصػ ػػة والبيانػ ػػات البص ػ ػرية الدقيقػ ػػة لتحميػ ػػؿ‬
‫المعطيػات‪ ،‬ومجػاؿ تصػميـ األشػكاؿ المتعػػددة لالسػتعمانت التقنيػة فػي مجػانت الرسػػـ‬
‫الصناعي وفنوف الديكور وانتصانت السمعية ‪ -‬البصرية(‪.)125‬‬

‫إف نظريػػة "بيػػرس" ن تيػػتـ بمعرفػػة عالقػػة الظ ػواىر التػػي تدرسػػيا بالوقػػائع ‪ ،‬كمػػا‬
‫تتجاى ػػؿ البح ػػث ف ػػي العالق ػػات الممكن ػػة ب ػػيف فئ ػػات الظػ ػواىر والوق ػػائع الس ػػيكولوجية أو‬
‫غيرىا‪ .‬إنيا تقؼ فقػط عنػد المظػاىر‪ ...‬واذا أبصػرنا "بيػرس" مػف زاويػة أفالطونيػة فإننػا‬
‫سػنجد أف الصػػورة أصػبحت ذات وجػػود مػرروي محػػض‪ ،‬أي مػف غيػػر أف تكػوف ىنػػاؾ‬
‫ذات تقػػؼ قبالتيػػا‪ .‬وكنننػػا نعػػيش حالػػة الم ػررة فقػػط‪ .‬إف "بيػػرس" فػػي سػػعيو إلػػى تناسػػؿ‬
‫الص ػػور ق ػػد س ػػجف البشػ ػرية ف ػػي مػ ػررة وق ػػد أقص ػػى تمامػ ػاً "القط ػػب الثال ػػث" أي المرج ػػع‬
‫الخػػارجي الػػذي كػػاف "سوسػػير" قػػد أقصػػاه أو الػػذي يعػػد ثالػػث ثالثػػة فػػي مثمػػث ريتشػػاردز‬
‫واوجدف(*)‪.‬‬

‫(‪ )125‬الماكري‪ ،‬محمد‪ ،‬الشكؿ والخطاب‪ ،‬مصدر سبؽ ذكره‪ ،‬ص‪.21‬‬


‫"بالتفصيؿ راجع الفصؿ األوؿ حوؿ المرجع"‪.‬‬ ‫(*)‬
‫‪111‬‬
‫وانطالقاً مف ىذا التحديػد نعػرض بإيجػاز لمػا ييمنػا مػف نظريػة "بيػرس" فػي مجػاؿ‬
‫الصورة ونشير بذلؾ لمخطاطة التالية التي تشكؿ الييكؿ العاـ لمنظرية‪:‬‬

‫عالمة نوعية‬

‫عالمة عراية‬ ‫المفسرة‬ ‫عالمة متفردة‬

‫المصورة‬ ‫المواوع‬

‫عقمية‬ ‫واقعية‬ ‫احتمالية‬ ‫رمز‬ ‫مؤشر‬ ‫أيقون‬

‫ػميو مقػ ػػونت األوننيػ ػػة‬


‫وانطالق ػ ػاً مػ ػػف ىػ ػػذا التحديػ ػػد يخمػ ػػص "بيػ ػػرس" إلػ ػػى مػ ػػا يسػ ػ ّ‬
‫والثانيانية والثالثانية‪.‬‬

‫‪ -1‬انوننيػػة‪ :‬ىػػي نمػػط الوجػػود الػػذي يقػػوـ عمػػى واقػػع كػػوف موضػػوع‪ /‬ذات ىػػي‬
‫موضػػوعياً كمػػا ىػػي مػػف دوف اعتبػػار أي شػػيء‪ ،‬رخػػر‪ ،‬أنيػػا وجػػود الشػػيء أو‬
‫الذات‪.‬‬

‫أف مضموف ىػذه المقولػة يتحػدد فػي األحاسػيس والنوعيػات كػاأللـ والخػوؼ والفػرح‬
‫والحػػزف‪ ،‬وكػػاألحمر واألخضػػر والمػػر والخشػػف والمػػيف‪ ،‬ىػػذه األحاسػػيس وىػػذه النوعيػػات‬
‫ىي كما ىي ون تحػدد إنّ مػف خػالؿ خصائصػيا الذاتيػة مػف دوف تسػاؤؿ عػف تجسػدىا‬
‫أو عدـ تجسدىا في شيء رخر‪...‬‬

‫إف الطابع الكمي والالمحدود لالوننية ىو الذي يجعؿ مػف وجودىػا وجػوداً ىشػاً إذ‬
‫أف وعي معطياتيا ىو قتػؿ ليػا‪ :‬إننػي أشػعر بػنلـ" إحسػاس غػامض وغيػر محػدد" لكنػي‬
‫‪114‬‬
‫بمجرد أف أحدد طبيعة ىذا األلـ فننني أكوف قد تجاوزت انوننية لكػي ادخػؿ فػي نظػاـ‬
‫الثانيانية‪.‬‬

‫‪ -4‬الثانيانية‪ :‬وىي وجود الواقعة الفعمية‪ ،‬أي نمط وجود الشيء‪ ،‬أي اننتقػاؿ مػف‬
‫التواصؿ المنفمػت إلػى الوجػود العينػي المتجسػد بمقػولتي الزمػاف والمكػاف‪ ،‬فػإذا‬
‫كاف األحمر في ذاتو غير قابؿ لموصؼ‪ ،‬واذا كاف األلـ والسعادة غير قابميف‬
‫لمتحديد مف خالؿ خصائصيما الذاتية‪ ،‬فإف اننتقاؿ إلػى الثانيانيػة معنػاه نقػؿ‬
‫ىػػذه األحاس ػػيس وى ػػذه النوعي ػػات م ػػف الط ػػابع الالمح ػػدود إل ػػى المح ػػدد ض ػػمف‬
‫وقػػائع قابمػػة لػػإدراؾ كوجػػود عينػػي فػػاألحمر قبػػؿ وجػػود شػػيء أحمػػر لػػـ يكػػف‬
‫سػػوف مكػػاف لكنػػو وقػػد تجسػػد فيثػػوب احمػػر "وعمػػـ أحمػػر" فإنػػو يتحػػوؿ مػػف‬
‫اإلمكاف إلى الوجود‪.‬‬

‫‪ -3‬الثالثانية‪ :‬ىي الشرط الضروري إلنتػاج القػانوف والضػرورة والفكػر والدنلػة فػال‬
‫يمكػػف لػػألوؿ أف يحيػػؿ عمػػى الثػػاني إنّ مػػف خػػالؿ وجػػود عنصػػر ثالػػث ي ػربط‬
‫بينيمػػا‪ ،‬أي ىػػو العنصػػر الوسػػيط‪ .‬أف الع ػػادة التػػي تسػػمح لنػػا بتنويػػؿ س ػػموؾ‬
‫معيف‪ ،‬والقانوف الذي يجعؿ مف الحديد يتمدد بالنػار‪ ،‬والػذي يسػمح لنػا بػالربط‬
‫بػ ػػيف األحمػ ػػر كوجػ ػػود غيػ ػػر محػ ػػدد إلػ ػػى األحمػ ػػر كوجػ ػػود حقيقػ ػػي‪ ،‬كػ ػػؿ ىػ ػػذه‬
‫العناصر تشػتاؿ كثالثانيػة تسػمح لنػا بػالتخمص مػف مقتضػيات الوجػود العينػي‬
‫والتحمي ػػؽ بعي ػػداً‪ ،‬أي خم ػػؽ ع ػػالـ تجري ػػدي نفس ػػر ب ػػو الػ ػواقعي والخي ػػالي عم ػػى‬
‫وفي الوقت ذاتو يتخمص مػف الثانيانيػة ألنػو ن يتجػو نحػو الواقعػة‬ ‫(‪)126‬‬
‫السواء‬
‫الفعمية بؿ ينحرؼ نحو الوسيط حسب حيث يوجد الوجود السيميوطيقي‪.‬‬

‫(‪ )126‬ينظػػر حػػوؿ الموضػػوع بالتفصػػيؿ بنك ػراد‪ ،‬سػػعيد‪ :‬سػػيميائيات بػػورس‪ ،‬فػػي مجمػػة عالمػػات مصػػدر سػػبؽ‬
‫ذكػ ػره ص‪ ،34 -5‬وك ػػذلؾ دال ػػوداؿ جيػ ػرار‪ ،‬بي ػػرس أو سوس ػػير‪ ،‬مص ػػدر س ػػبؽ ذكػ ػره ص‪.142-112‬‬
‫وينظر الماكري‪ ،‬محمد‪ :‬الشكؿ والخطاب ص‪.65-33‬‬
‫‪113‬‬
‫ومما تقدـ فإف "بيرس" ن يعد العالمة وحدة تقصد لذاتيا بؿ كعالقة بيف عالمػات‬
‫جزئية‪ .‬ومف ىنا ن تعد العالمة كذلؾ إن بكونيا مشتممة عمى العناصر الثالثة‪:‬‬

‫‪‬مؤوؿ‬ ‫‪‬موضوع‬ ‫‪‬ممثؿ‬

‫(‪ )2‬مىضىع‬

‫مؤول (‪)3‬‬ ‫ممثل (‪)1‬‬

‫مؤول دينامي‬ ‫مؤول دينامي‬


‫أول‬ ‫ثانٍ‬

‫صيغت تجريبيت‬ ‫صيغت‬


‫افتراضيت‬ ‫استقرائيت‬

‫مؤول نهائي أول‬ ‫مؤول نهائي ثالث‬ ‫مؤول نهائي ثانٍ‬

‫وفي ضوء ىذا المخطط فنننا نورد بعض اإليضاحات في المخططات التالية‪:‬‬
‫الثالثانية‬ ‫الثانيانية‬ ‫االوالنية‬ ‫مراتب الوجود العالمات الجز ية‬

‫‪112‬‬
‫ع‪ .‬قانوف‬ ‫عالمة مفردة‬ ‫ع‪ .‬نوعية‬ ‫ثالثية الممثؿ‬

‫رمز‬ ‫مؤشر‬ ‫أيقوف‬

‫رمز‬ ‫مؤشر‬ ‫أيقوف‬ ‫ثالثية الموضوع‬

‫ع‪ .‬برىاف‬ ‫ع‪ .‬قضائية‬ ‫ع‪ .‬حممية‬ ‫ثالثية المؤوؿ‬

‫أمػػا بخصػػوص المػػؤوؿ س ػواء مػػا اتصػػؿ بػػالمؤوؿ فػػي ذاتػػو "كعالمػػة" أو بػػالمؤوؿ‬
‫الذات "اإلنساف" فيمكف تمثيميا بالجدوؿ التالي(‪:)127‬‬
‫باعتبار المؤول أنساناً‬ ‫باعتبار المؤول عالمة‬ ‫المقوالت الظاىراتية‬

‫المؤوؿ الشعوري‬ ‫المؤوؿ المباشر‬ ‫انوننية‬

‫المؤوؿ الطاقوي‬ ‫المؤوؿ الدينامي‬ ‫الثانيانية‬

‫المؤوؿ المنطقي‬ ‫المؤوؿ النيائي‬ ‫الثالثانية‬

‫لقد اختصر "جيرار دالوداؿ" نظرية "بيرس" في تطبيقاتيا عمى الحقؿ البصري في‬
‫العمؿ الػذي أنجػزه حػوؿ "لوحػة المونػالي از" ل ػ "ليونػاردو دافنشػي" وىػو عمػؿ يتميػز بالدقػة‬
‫والبساطة وانسػتثمار شػبو الحرفػي لمخطػوط العامػة لمنظريػة‪ ،‬ون يريػد الباحػث سػرد ىػذا‬
‫التحميؿ ألف البحث ىنا سيقتصر عمى المفاىيـ(*) ولقد كانت وقفتنا عند النظرية بشيء‬
‫مػػف اإليجػػاز‪ .‬نظ ػ اًر لطابعيػػا التفصػػيمي التفريعػػي الػػذي ن يمكػػف اخت ازلػػو أكثػػر مػػف دوف‬
‫اإلخ ػػالؿ بالمف ػػاىيـ العام ػػة‪ ،‬وألف النظري ػػة تعتب ػػر الط ػػرح األنس ػػب لمعالج ػػة المعطي ػػات‬
‫البصرية‪.‬‬

‫وسػػنعرض بعػػض المفػػاىيـ "السػػيميوطيقية" فػػي الصػػورة التػػي تقتػػرب وتبتعػػد عػػف‬
‫المفيوـ البيرسي‪.‬‬

‫(‪ )127‬ينظر فاخوري‪ ،‬عادؿ‪ ،‬عمـ الدنلة عنػد العػرب‪ ،‬د ارسػة مقارنػة مػع السػيميائيات الحديثػة‪ ،‬دار الطميعػة‪،‬‬
‫بيروت‪ ،1985 ،‬ص‪. 21 -13‬‬
‫يوجد تفصيؿ التحميؿ في الماكري‪ ،‬محمد‪ ،‬مصدر سبؽ ذكره‪ ،‬ص‪. 66-65‬‬ ‫(*)‬
‫‪115‬‬
‫بالنسػػبة لشػػارؿ مػػوريس‪ ،‬فػػإف العالمػػة األيقونيػػة ىػػي "أيػػة عالمػػة تشػػبو مػػف بعػػض‬
‫النواحي ما تشير إليو‪ ،‬فاأليقونية بالتالي ىي قضية درجة(‪.)128‬‬

‫لق ػػد ف ػػو"م ػػوريس" انيقوني ػػة عم ػػى نح ػػو عػ ػريض نوعػ ػاً م ػػا‪ ،‬وأراد أف يطبقي ػػا عم ػػى‬
‫الظواىر المتعددة لمفف‪ ،‬ونحظ في الوقت ذاتػو أف ىػذه العالمػة "انيقونيػة" فػي تشػابييا‬
‫مػػع الموضػػوع تمتمػػؾ تػػنويالت شػػتى عمػػى نحػػو كػػامف‪ .‬ومػػف وجيػػة النظػػر ىػػذه‪ ،‬عػػد‬
‫"موريس" أعماؿ الحركات المتنوعة في الرسػـ والنحػت متجانسػة التكػويف سػيميائياً‪ ،‬كمػا‬
‫اع َّد الفف التجريدي ذا معنى دنليا‪ .‬ففي مقالة بعنواف "عمػـ الجمػاؿ ونظريػة العالمػات"‬
‫كتػػب "الفػػف التجريػػدي لػػيس سػػوف مثػػؿ متطػػرؼ مػػف الشػػمولية العاليػػة لمتعػػالؽ الػػدنلي"‬
‫‪ "Semantic Correlaitons‬ىي شمولية العالمات التصويرية المعقدة(‪.)129‬‬

‫فانيقونيػ ػػة فػ ػػي رأي "مػ ػػوريس" إذف ىػ ػػي مي ػ ػزة الرسػ ػػـ والنحػ ػػت والفنػ ػػوف األخػ ػػرف‬
‫وبضمنيا الموسيقى‪.‬‬

‫"إف التشػابو الخػارجي البسػيط مػع الحيػاة لػػـ يكػف قػط ىػدفاً لمفػف الحقيقػي ون يحػػدد‬
‫معنػػاه الػػداخمي‪ ،‬فتمثيػػؿ الخصػػائص األساسػػية والممي ػزة لمعػػالـ المحػػيط والحيػػاة الروحيػػة‬
‫لإنساف قد جذب اىتماـ الفنانيف العظاـ في شتى العصور عمى نحو ثابػت‪ ،‬لػذلؾ فػنف‬
‫تش ػػابياً معينػ ػاً ب ػػيف الص ػػور الفني ػػة والحي ػػاة ن يمك ػػف أف يس ػػمؾ س ػػموؾ المب ػػدأ التحدي ػػدي‬
‫وطور"موريس" عدـ كفاية ىذا التشػابو الخػارجي لمتعبيػر عػف الجػوىر‬ ‫(‪)130‬‬
‫لتحميؿ الفف"‬
‫الجم ػػالي لمعالم ػػة انيقوني ػػة‪ ،‬ف ػػالفف ف ػػي نظػ ػره ى ػػو لا ػػة م ػػف ن ػػوع خ ػػاص‪ ،‬ل ػػذلؾ اى ػػتـ‬
‫"موريس" أساساً بالوظيفة اننفعالية ‪ -‬التعبيرية لمفف وليس الوظيفة المعرفيػة‪ ،‬ففػي أريػو‬
‫يمتمؾ الفف والماة عمى نحو مشترؾ قابمية تعييف األشياء والظواىر فضالً عػف تصػوير‬

‫(‪ ,Language and Behavior.N.Y.,1946 p.191. ,Signg Charles Morris, )128‬ترجم ػػة‬
‫خاصة بالبحث‪.‬‬
‫(‪ )129‬المصدر السابؽ‪ ،‬ص‪.123‬‬
‫(‪ )130‬المصدر نفسو‪ ،‬ص‪.183‬‬
‫‪116‬‬
‫موقػػؼ تجاىيمػػا‪.‬ثػػـ طػػور فك ػرة المعنػػى والقيمػػة المكتفيػػيف بػػذاتيما لمعالمػػة‪ .‬ويقػػوؿ "أف‬
‫عالمػػة كيػػذه ينباػػي أف تكػػوف ليػػا دنلػػة ولكنيػػا ليسػػت بيػػا حاجػػة إلػػى أف تنػػوب عػػف‬
‫شػػيء‪ ،‬فرسػػـ "القنطػػور" يػػدؿ عمػػى نػػوع معػػيف مػػف الحي ػواف ويمكػػف لممػػرء أف ييػػتـ بيػػذه‬
‫الدنلة مف دوف أف يكوف ىناؾ أي قنظور(‪.)131‬‬

‫ىنػػا يطػػور "مػػوريس" فرضػػيتو األساسػػية فػػي سػػيمياء الفػػف "أف العالمػػة انيقونيػػة‬
‫فريػػدة بػػيف العالمػػات فػػي كونيػػا تػػدؿ بنفسػػيا‪ -‬أعنػػي أف العالمػػة ‪ -‬الوسػػيط نفسػػيا ليػػا‬
‫وبي ػػذا يتوص ػػؿ إل ػػى فرض ػػيتو القائم ػػة باس ػػتقالؿ الف ػػف ع ػػف الحي ػػاة‬ ‫(‪)132‬‬
‫خص ػػائص دال ػػة"‬
‫واكتفائو الذاتي‪ .‬وتمثؿ محاولة "بيرس" في انكتفاء الذاتي لمفف تطوي اًر لممقولة األلسنية‬
‫السوسػػيرية التػػي تُحػػؿ المػػدلوؿ محػػؿ "المرجػػع" " ارجػػع مبحثنػػا فػػي الفصػػؿ األوؿ حػػوؿ‬
‫المرجع" األمر الذي ّأدف إلى اندنع مجاؿ البحث في ىذه النقطة كما سنرف‪:‬‬

‫انيقونيػة ردود أفعػاؿ عديػدة وصػار موضػػوع‬


‫ّ‬ ‫لقػد أثػار مفيػوـ بيػرس ومػوريس عػػف‬
‫مناقشات حيوية‪ .‬إذ إف ىذا المفيوـ لـ يمؽ قبونً واسعاً في أوساط البػاحثيف األوروبيػيف‬
‫واألمريكييف‪ .‬فظيرت مجموعة مف األبحاث تحػاوؿ جاىػدة إضػفاء طػابع المماثمػة عمػى‬
‫الصورة إلى درجة إقامة حدود فاصمة مثالً بيف لاة الصور ولاة الكممات‪.‬‬

‫لقػػد قػػاـ "كرسػػتياف ميتػػز ‪ "C.Metz‬بالكشػػؼ عػػف طروحػػات كػػال انتجػػاىيف‪ .‬ففػػي‬
‫أريػػو إف مػػا يميػػز الصػػورة البص ػرية عػػف بقيػػة األنظمػػة الدالػػة ومنيػػا الماػػة‪ ،‬ىػػو حالتيػػا‬
‫التماثميػػة أو ايقنتيػػا فػػي اصػػطالح السػػيميولوجييف‪ ،‬أي شػػبييا الحسػػي العػػاـ لمموضػػوع‬
‫الػذي تمثمػػو‪ ،‬فصػػورة القػػط تشػبو القػػط فعػالً‪ ،‬فػػي حػػيف ن يشػبو القػػط فػػي شػػيء العنصػػر‬
‫الصػػوتي أو العنصػػر المكتػػوب‪ /‬قػػط‪ .‬غيػػر أف الصػػورة ليسػػت تماثميػػة سػػوف فػػي شػػكميا‬

‫(‪Moris,Singnificance,Cambridge.Mass.1964.P67. )131‬‬
‫(‪ )132‬المصدر السابؽ ص‪.69-68‬‬
‫‪117‬‬
‫الع ػ ػػاـ وى ػ ػػي إض ػ ػػافة إل ػ ػػى ذل ػ ػػؾ تحت ػ ػػوي عم ػ ػػى مجموع ػ ػػة م ػ ػػف العالق ػ ػػات انعتباطي ػ ػػة‬
‫بموضوعيا(‪.)133‬‬

‫فنف نجعؿ عنصر المماثمة الخاصػية المثمػى لمصػورة البصػرية لػيس سػوف إسػقاط‬
‫لمجزء عمى الكؿ‪ .‬وكمػا ن يصػمح أف نعمػـ الظػاىرة الصػوتية فػي الماػة الطبيعيػة عمػى‬
‫النسػؽ العػاـ ليػذه الماػة‪ ،‬فإنػو ن يصػح أف نامػؽ الصػورة عمػى نفسػيا وباسػتقالؿ عػػف‬
‫بقية األنظمة الدالة نتيجة خاصية المماثمة التي ليست سوف جزء مف مكوناتيا العامة‪.‬‬

‫أف أىميػػة المماثمػػة تتجسػػد "وحسػػب ميتػػز" فػػي كونيػػا وسػػيمة لتحويػػؿ"انسػػنف"(*)‪،‬‬
‫فعف طريؽ تشابو الصورة لموضوعيا "الواقعي" تقوـ إمكانية قراءة أو فؾ رموز الصورة‬
‫التػػي تسػػتفيد ىػػي نفسػػيا بانسػػنف التػػي تػػدخؿ فػػي ق ػراءة الموضػػوع نفسػػو‪ ،‬وبػػالرغـ مػػف‬
‫انف ػراد الصػػورة بمجموعػػة مػػف الخصػػائص التػػي تجعميػػا تػػدخؿ طبيعي ػاً ضػػمف الحقػػوؿ‬
‫التطبيقية لمسيميولوجيا البصرية فننيا ن تشكؿ "حسػب ميتػز أيضػاً" إمبراطوريػة مسػتقمة‬
‫أي عالماً منامقاً ن يقيـ أدنى تواصؿ مع ما يحيط بو‪ ،‬إف الصػورة مثػؿ الكممػات ومثػؿ‬
‫كؿ ما تبقى‪ ،‬مف األشياء لـ يكف في إمكانيا أف تتجنب "انرتماء" في لعبة المعنى فػي‬
‫حركتيا لتعالج الدنلة في قمػب المجتمعػات‪ ...‬إف سػيميولوجيا الصػورة ن تضػع نفسػيا‬
‫خارج سيميولوجيا عامة(‪.)134‬‬

‫فالرسػػـ باعتبػػاره "حق ػالً" يمتمػػؾ خاصػػية "مػػادة التعبيػػر" أي أف الصػػورة فػػي الرسػػـ‬
‫تتميز بكونيا مصنوعة باليد‪ ،‬فردية وثابتػة‪ ،‬والشػيء نفسػو بالنسػبة لمصػورة الفوتوغرافيػة‬
‫فيي كالرسـ فردية وثابتة لكنيا تختمؼ عنو وتشكؿ حقالً مستقالً ًً بذاتو‪ ،‬لكونيا منجػزة‬

‫(‪ )133‬ينظػر غ ارفػي‪ ،‬محمػد‪ :‬قػراءة فػػي السػيميولوجية البصػرية فػي مجمػة فكػػر ونقػد السػنة الثانيػة‪ ،‬العػػدد ‪،13‬‬
‫دار النيضة الرباط‪ ،1998 ،‬ص‪.119‬‬
‫(*) جمع سنف‪.‬‬
‫(‪ )134‬المصدر السابؽ ص‪.141 -119‬‬
‫‪118‬‬
‫رليػ ػاً‪ ،‬وك ػػذلؾ الش ػػنف بالنس ػػبة لمص ػػورة الس ػػينمائية فنني ػػا مص ػػنوعة رليػ ػاً ولكني ػػا متع ػػددة‬
‫ومتحركة ومتهلفة مع بقية العناصر السمعية "كالـ موسيقى واشارات كتابية"(*)‪.‬‬

‫أما التحميؿ السيميولوجي‪ ،‬فإف التصػنيفات التػي يقػوـ بيػا ألنظمػة الدنلػة ن تنخػذ‬
‫فػ ػ ػػي انعتبػ ػ ػػار وحػ ػ ػػدات المقصػ ػ ػػدية انجتماعيػ ػ ػػة الواعيػ ػ ػػة‪ .‬فالوحػ ػ ػػدات التػ ػ ػػي تحػ ػ ػػاوؿ‬
‫السػػيميولوجيا اسػػتنباطيا والتوجػػو نحوىػػا ىػػي التشػػكيالت البنيويػػة لألنظمػػة أي األشػػكاؿ‬
‫بػػالمعنى اليممسػػميفي "نسػػبة إلػػى يممسػػميؼ"‪ ،‬أي أشػػكاؿ المحتػػوف وأشػػكاؿ التعبيػػر‪ .‬فقػػد‬
‫انطم ػػؽ يممس ػػميؼ ف ػػي الما ػػة م ػػف مح ػػاور الك ػػالـ ال ػػذي ى ػػو "كي ػػاف عالئق ػػي ق ػػائـ عم ػػى‬
‫اسػػتقالؿ داخمػػي بػػيف عناص ػره" ولػػـ يكتػػؼ بػػالتجزيء عمػػى غ ػرار بعػػض البنيػػوييف‪ ،‬بػػؿ‬
‫وصػػؿ إلػػى مرحمػػة الصػػياغة والتركيػػب مشػػدداً عمػػى تناقضػػيما البنيػػوي‪ ،‬قػػاؿ "إف نظريػػة‬
‫الكػػالـ يجػػب أف تبػػرىف عمػػى فرضػػية وجػػود عالقػػات تركيبيػػة منطويػػة عمػػى العالقػػات‬
‫القياسية(‪ .")135‬وألجؿ إعطاء معنى ليذيف المصطمحيف‪ ،‬فإف "ىممسميؼ" يؤكد عمى أف‬
‫المحور التركيبػي ينطػوي عمػى مجموعػة محػددة مػف العناصػر المتتاليػة تتػداخؿ بعضػيا‬
‫مػػع بعػػض داخػػؿ صػػيد وأوزاف وأشػػكاؿ‪ ،‬ويجم ػع المحػػور القياسػػي عناصػػر عمػػى وفػػؽ‬
‫إمكانػػات لػػداخميا إضػػافة إلػػى قواعػػد تسػػوغ ط ارئػػؽ ىػػذا التػػداخؿ واننسػػجاـ‪ .‬وأكػػد عمػػى‬
‫نػػوعيف مػػف العالقػػات اسػػتبدالية واختالفيػػة‪ ،‬كػػؿ وحػػدة قػػادرة عمػػى التػػداخؿ مػػع الوحػػدات‬
‫األخرف في السياؽ األفقي ذاتو‪ ،‬ىذا يعني أف كؿ وحدة تخالؼ الوحػدات األخػرف التػي‬
‫بإمكاني ػػا التب ػػادؿ معي ػػا ف ػػي المك ػػاف وف ػػي الس ػػياؽ ذاتيم ػػا‪ ...‬وي ػػرف أيضػ ػاً إف التعبي ػػر‬
‫والمحتػػوف ن يعػػرؼ أحػػدىما إنّ فػػي عالقتػػو بػػا خر‪" .‬سوسػػير" يػػومض ىنػػا أيض ػاً فػػي‬
‫إط ػػار العالق ػػة الت ػػي يؤس ػػس فوقي ػػا ال ػػداؿ والم ػػدلوؿ وف ػػي جدلي ػػة التػ ػرابط داخ ػػؿ إط ػػار‬
‫سيميائي(‪.)136‬‬

‫(*) سبؽ أف تمت المقارنة بيف الحقوؿ السيميائية في مبحث مصطمح الصورة‪.‬‬
‫(‪ )135‬ينظر أبو منصور‪ ،‬د‪.‬فؤاد‪ :‬النقد البنيوي الحديث‪ ،‬دار الجيؿ‪ ،‬بيروت‪ ،1985 ،‬ص‪.27‬‬
‫(‪ )136‬المصدر السابؽ‪.‬‬
‫‪119‬‬
‫والحػػاؿ فػإف د ارسػػة الصػػورة عمػػى وفػػؽ ىػػذا المنظػػور ن تقتضػػي البحػػث عػػف نظػػاـ‬
‫وحيػػد وجػػامع ليػػا يقػػوـ وحػػده بإعػػادة انعتبػػار لمجمػػؿ الػػدننت الممحوظػػة فػػي الصػػور‬
‫وينفي إمكانية ظيور ىذه الدننت خارج الصورة‪ ،‬فميس كؿ شيء أيقونياً في انيقونيػة‬
‫في حيف يمكف العثور عمى ما ىو أيقوني خارج انيقونة ويخمص "ميتز" إلػى مجموعػة‬
‫مف المالحظات‪:‬‬

‫‪ .1‬إلػ ػػى جانػ ػػب مشػ ػػكالت انيقونػ ػػة المنطقيػ ػػة التػ ػػي تحػ ػػدث عنيػ ػػا "بيػ ػػرس" ومنيػ ػػا‬
‫بالتحديد انيقونات البصػرية‪ ،‬باسػتطاعة الخطػاب البصػري أف ن يكػوف تماثميػاً‬
‫كميػ ػػة كمسػ ػػنلة درجػ ػػات انيقنػ ػػة فػ ػػي‬
‫ألف المماثمػ ػػة البص ػ ػرية تخضػ ػػع لتاي ػ ػرات ّ‬
‫مستوياتيا المتعددة‪.‬‬

‫‪ .4‬كمػػا يخضػػع الخطػػاب البصػػري أيض ػاً لتايي ػرات كيفيػػة‪ .‬مفيػػوـ التشػػابو يختمػػؼ‬
‫مف ثقافة إلى ثقافة أخرف‪ ،‬وفي الثقافة الواحدة نعثر عمى مجموعة مف محػاور‬
‫التشابو‪ ،‬ألف تشابو شيئيف يتـ دائماً في عالقتيما برابط ما‪.‬‬

‫‪ .3‬إف الخطػػاب البصػػري يسػػتطيع أف يشػػكؿ درجػػة قويػػة مػػف انيقنػػة مػػف دوف أف‬
‫يكػػؼ عػػف احتػواء عالئػػؽ منطقيػػة نسػػقية غيػػر ايقونيػػة "ألف بعضػػيا اعتبػػاطي"‬
‫عمى الرغـ مف أف مجاؿ بروزىا ىو األيقونة‪ ...‬ال ‪.‬‬

‫إف ما يظؿ صحيحاً في نظر ميتز‪ ..‬ىػو أف السػيميولوجيا البصػرية ليسػت أساسػاً‬
‫نشػػاطاً بص ػرياً‪ ،‬وىػػذا مػػا يجعػػؿ إغػػالؽ حقػػؿ الصػػور عمػػى نفسػػو أم ػ اًر نغي ػاً‪ ،‬والنقػػاء‬
‫البص ػػري أس ػػطورة‪ ،‬ولي ػػذا كم ػػو ف ػػنف المماثم ػػة األيقوني ػػة ‪ -‬وى ػػو مفي ػػوـ يج ػػب أف يح ػػاط‬
‫بعناية كاممة ألنػو يحػدد الخاصػية األكثػر حضػو اًر فػي العديػد مػف الصػور‪ ،‬ن يمكػف أف‬
‫يشكؿ بالنسبة إلى التفكير في الصورة غير نقطة انطالؽ‪ ..‬فما ىػو أبعػد مػف المماثمػة‬

‫‪111‬‬
‫ىو نقطة البدايػة‪ ،‬بالنسػبة إلػى السػيميولوجيا وانّ فػال يبقػى ىنػاؾ مػا تقولػو عػف الصػورة‬
‫سوف أنيا مشابية لموضوعيا(‪.)137‬‬

‫والخالصة أن "السيميوطيقا والسيميولوجيا" لم تعد تيتم أوالً بالطابع الذي ينفري‬


‫الكذب والصدق بالنسبة لموقرا ع والمراجرع إلحرراز التبر رة األفالطونيرة‪ ،‬ولرم تعرد تيرتم‬
‫ثانياً بجعميا محاكاة" الفعمي وما ىو محتمل" في المفيوم األرسطي‪ ،‬كما لم تعد تيتم‬
‫ثالثاً بفيرم عمميرات اإلدراك البراطني والتر ممي التري ربطرت بييمنرة كرل المحراكك عمرك‬
‫عناصره والمركب عمك أج از و كما اقترو الجشستالتيون‪ ..‬لكنيرا بردأت تؤسرس عالمراً‬
‫مكتفياً بذاتو بدقاً من زعزعة الفروض األيقونية "التماثمية" ثم زعزعة فروض "الكمية"‬
‫والقوانين الداخمية الحتمية المستعارة مرن المحراكك األول عمرك نحرو أو آخرر لصرالح‬
‫مفيوم االنفتاو العالمي وجدلية الحاور والغياب حيث ال توجد ىرذه العالمرة إالّ فري‬
‫سيرورة تركيبية فقط‪.‬‬

‫ومرن ىرذا المنطمرق العالمري تبردأ عمميررات بنراق الوسرا ط والعال رق عمرك أسرراس‬
‫أنيا الحقيقة الوحيدة‪ ،‬بحيث ال تصبح الغيريرة ىري صرمب عمميرة شرطب التماثرل فري‬
‫األشكال البصرية‪ ،‬بل تتعداىا إلك األفكار والمحتويات التي تعمَّم ىي أيااَ كاألشكال‪،‬‬
‫كما أنيا ال ترترد فري تحميرل أبنيتيرا إلرك عناصرر ذات طرابع مرجعري برل إلرك عناصرر‬
‫ذات طررابع عالمرري محررض يتناسررل فرري داخمررو‪ ،‬يعبررر عنررو بمعبررة العالمررات‪ ،‬إن ىررذه‬
‫المعبررة إذا أزحنررا الداللررة السررمبية لمكممررة‪ ،‬تعررد وقتيررا مثمرررة وىررذه الثمرررة ىرري "روو‬
‫الفن"‪.‬‬

‫إن الشعار الذي رفع في مشار ىذا القرن وىو أن كل ما عمك خشبة المسرو‬
‫عالمة يعود ليشمل كل البنك الفنية بحيث يمكن ترديرده‪ :‬كرل مرا فري الموحرة عالمرة‬
‫ومررا إطررار الموحررة إالّ الحرردود الممسررية ال البصرررية لمعثررور عمررك الموحررة خوف راً مررن‬
‫تبددىا في الزمان‪.‬‬
‫ّ‬

‫(‪ )137‬ينظر‪ ،‬غرافي‪ ،‬محمد‪ :‬قراءة في السيميولوجيا البصرية‪ ،‬مصدر سبؽ ذكره‪ ،‬ص‪.143‬‬
‫‪111‬‬
‫التحميل البالغي لبنية الصورة‬
‫يقوـ تحميؿ بنية الصورة األدبية "انستعارة"عمى ما ينتي‪:‬‬

‫االستعارة البسيطة‬

‫موجو الشبو‬
‫مشبو بو‬
‫ّ‬ ‫مشبو‬
‫ّ‬
‫عالقة انبثاقية‬

‫إف الحركة تكمف في المش ّػبو‪ .‬المش ّػبو بػو وسػيمة إيضػاح إف صػح التعبيػر‪ ،‬ويكػوف‬
‫وجو إما الشبو مربوطاً بخيط و ٍاه‪ ...‬مثؿ قوؿ الشاعر‪:‬‬

‫(‪)138‬‬
‫صب قد آستعذبت ماق مالمي‬
‫ٌ‬ ‫ال تسقنري كر س المالم فإننري‬

‫المش ػ ّػبو ب ػػو الم ػػاء‪ ،‬والعالق ػػة ب ػػيف الم ػػالـ والم ػػاء واىي ػػة ج ػػداً‪ ،‬أو أف يك ػػوف الػ ػرابط‬
‫غميظاً مثؿ‪ :‬صديقي أسد "الشجاعة"‪.‬‬

‫االستعارة المركبة‬

‫(‪ )138‬ا مدي‪ ،‬الحسف بف بشر بف يحيى‪ :‬المدانة بيف أبي تماـ والبحتري‪ ،‬تحقيؽ وتعميػؽ محمػد محػي الػديف‬
‫عبد الحميد‪ ،‬المكتبة العممية‪ ،‬بيروت (د‪ .‬ت)‪ ،‬ص‪.422‬‬
‫‪114‬‬
‫المشبو مرّكب‬
‫ّ‬ ‫وجو الشبو‬ ‫المشبو بو مرّكب‬

‫عالقة متداخمة‬

‫قط ػ ػػة تمػ ػ ػػوء وسػ ػ ػػط الضػ ػ ػػباب‬ ‫كػػػػ‬ ‫سفينة تمخر البحر‬
‫وتجري انستعارة دائماً مف الم ّشبو بو "الموجػود فعػالً" إلػى المش ّػبو الموجػود تخػيالً‪ .‬واذا‬
‫شبو بو غائباً فيذا‬‫المشبو موجوداً والم ّ‬
‫ّ‬ ‫انعكست المسنلة وأصبح‬

‫مػػف انسػػتعارة المقموبػػة إلعطػػاء الصػػورة كيان ػاً اسػػتدنلياً ولكػػف فػػي بنيتيػػا العميقػػة‬
‫مشبو(‪.)139‬‬
‫مشبو بو‪ّ ‬‬
‫ترتد إلى النسؽ المشار إليو ّ‬
‫فف ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػي قولػػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػو تعػػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػالى‪ :‬ﭽ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ‬
‫ﮡ ﮢ ﮣ ﭼ الصا ت ‪" .)140(٣٦ - ٣٦ :‬قيررل منبتيررا فرري قعررر جيررنم وأغصررانيا ترتفررع‬
‫إلك دركاتيا"‪ .‬والطمع لمنخمة‪ .‬فاستعير لما طمع مف شجرة الزقوـ مف حمميا أما اسػتعارة‬
‫لفظية أو معنوية وشبو برؤوس الشياطيف دنلة عمى تناىيو في الك ارىػة وقػبح المنظػر‪،‬‬
‫ألف الشػػيطاف مكػػروه مسػػتقبح فػػي طبػػاع النػػاس نعتقػػادىـ أنػػو شػػر محػػض ن يخالطػػو‬
‫خيػػر‪ ،‬فيقولػػوف فػػي قبػػيح الصػػورة‪ :‬كننػػو وجػػو شػػيطاف‪ ،‬واذا صػػوره المصػػوروف جػػاءوا‬
‫بصورتو عمى أقبح ما يقدر وأىولو‪ ،‬كما أنيـ اعتقدوا فػي ذلػؾ أنػو خيػر محػض ن شػر‬
‫فيو فشبيوا بو الصورة الحسنة‪.‬‬

‫ﭺ ﭼ يوسااااا ‪.٦٣ :‬‬ ‫ﭰ ﭱ‬ ‫ق ػ ػػاؿ اهلل تع ػ ػػالى‪ :‬ﭽ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ‬


‫وىذا تشبيو تخييمػي(‪ .)141‬فنصػبح ىنػا المش ّػبو بػو تخيػيالً والمش ّػبو واقعيػاً‪ ،‬لكػف التخييػؿ‬
‫كمػػا ىػػو واضػػح رنف ػاً يػػرد المشػ ّػبو والمشػ ّػبو بػػو إلػػى ط ػرفيف نتحادىمػػا أو اشػػتراكيما فػػي‬

‫(‪ )139‬ينظػػر‪ ،‬القزوينػػي (الخطيػػب)‪ :‬التمخػػيص فػػي عمػػوـ البالغػػة‪ ،‬ضػػبطو وشػػرحو‪ ،‬عبػػد الػػرحمف البرقػػوقي‪،‬‬
‫المكتبة التجارية الكبرف‪ :‬مصر‪ ،‬د‪.‬ت‪ .‬ص‪.438‬‬
‫(‪ )140‬الصافات‪.65 :‬‬
‫(‪ )141‬الزمخشري‪ :‬أبي القاسـ جار اهلل محمود الخوارزمي‪ :‬الكشاؼ عف حقائؽ التنزيؿ وعيػوف األقاويػؿ‪ ،‬دار‬
‫المعرفة لمطباعة والنشر ج‪ ،3‬بيروت‪ .‬د‪.‬ت ص‪.324‬‬
‫‪113‬‬
‫صفة أو حالػة أو مجموعػة مػف الصػفات واألحػواؿ وىػذه العالقػة قػد تسػتند إلػى مشػابية‬
‫حس ػػية‪ ،‬وق ػػد تس ػػتند إل ػػى مش ػػابية فػ ػي الحك ػػـ‪ .‬أو المقتض ػػى ال ػػذىني ال ػػذي يػ ػربط ب ػػيف‬
‫الط ػرفيف المقػػارنيف مػػف دوف أف يكػػوف مػػف الضػػروري أف يشػػترؾ الطرفػػاف فػػي دورتيمػػا‬
‫األولى في الييئة المادية أو في كثير مف الصفات المحسوسة(‪.)142‬‬

‫ابتداء مف القرف الرابع أف التشبيو قد يكوف في الييئة ‪-‬‬


‫ً‬ ‫مف ىنا كاف يقاؿ‬

‫رسم حصان = حصان في الواقع‬

‫حصان = قوة ‪ -‬في المعنك‬

‫قد يقع تارة بالصورة‪ ،‬والصفة األخرى بالحال والطريقة‬

‫حصان = الركض‬

‫حصان = واق‬

‫حصان = أبيض‬

‫حصان = أبيض (لون)‬

‫(‪ )142‬ينظػػر عصػػفور‪ .‬د‪ .‬جػػابر‪ :‬الصػػورة الفنيػػة فػػي الت ػراث النقػػدي والبالغػػي عنػػد العػػرب‪ ،‬دار التنػػوير لمطباعػػة‬
‫والنشر‪ ،‬بيروت‪ ،1983 ،‬ص ‪.174‬‬
‫‪112‬‬
‫وسػواء كانػػت المشػػابية بػػيف الط ػرفيف تقػػوـ عمػػى أسػػاس مػػف الحػػس أـ أسػػاس مػػف‬
‫العقؿ فإف العالقة التي تربط بينيما ىي عالقة مقارنة وليسػت عالقػة اتحػاد أو تفاعػؿ‪،‬‬
‫بمعنى أنػو ن يحػدث داخػؿ التشػبيو تجػاوز مفػرط فػي الدنلػة ولػو عمػى سػبيؿ اإلييػاـ‪،‬‬
‫أو تفاع ػػؿ دننت األطػ ػراؼ مكون ػػة دنل ػػة جدي ػػدة ى ػػي محصمػ ػػة لي ػػذا التفاع ػػؿ‪ ،‬ب ػػؿ إف‬
‫التشبيو ىو محض مقارنة بيف طرفيف متمايزيف نشتراؾ في الصفة أو فػي مقتضػى أو‬
‫حكـ ليا كما يقوؿ عبد القاىر الجرجاني(‪.)143‬‬

‫ويػ ػػرف الجػ ػػاحظ أف التشػ ػػبيو يفيػ ػػد الايريػ ػػة ن العينيػ ػػة(‪ ،)144‬واف الشػ ػػبو ن يخػ ػػرج‬
‫المشبيات مف أحكاميا وحدودىا‪ ،‬واف إطالؽ الكمب عمى اإلنساف ن يعنػي الخمػط بػيف‬
‫تعريفييما‪ .‬ويرف الجاحظ أف الحيواف يشبو بهخر في الصورة واألعضاء أو فػي الثػوب‬
‫والتخمع في المشي والموف(‪.")145‬‬

‫(‪ )143‬المصػػدر السػػابؽ‪ ،‬ص‪ ،174‬ولممزيػػد ينظػػر‪ ،‬دىمػػاف‪ ،‬أحمػػد عمػػي‪ :‬الصػػورة البالغيػػة عنػػد عبػػد القػػاىر‬
‫الجرجاني منيجاً وتطبيقاً ج‪ ،1‬دار طالس لمدراسات والترجمة والنشر ط‪ ،1‬دمشؽ ‪ ،1986‬ص‪.45‬‬
‫(‪ )144‬الحيواف‪ :‬ج‪ ،1‬ص‪.99‬‬
‫(‪ )145‬المصدر السابؽ‪.‬‬
‫‪115‬‬
‫إف وج ػػود الش ػػبو ىن ػػا أم ػػر يرت ػػد إل ػػى األش ػػكاؿ والييئ ػػات الخارجي ػػة ون يق ػػوـ عم ػػى‬
‫مالحظػػة نػػوع مػػف النسػػبة المنطقيػػة بػػيف األطػراؼ المقارنػػة‪ ،‬بػػؿ يقػػوـ عمػػى مػػا يمكػػف أف‬
‫نسميو بالتناسب الذي يشكؿ نسيج التجربة اإلنسانية‪.‬‬

‫ممػػا تقػػدـ سػػوؼ نػػرف مكانػػة انسػػتعارة فػػي الرسػػـ كمػػا فػػي الماػػة‪ .‬وتظػػؿ انسػػتعارة‬
‫مبدأ جوىرياً كما يقوؿ "أرسطو"‪ :‬إن أعظم شيق أن تكون سيد االستعارات‪ ،‬االستعارة‬
‫عالمة العبقرية‪ ،‬إنيا ال يمكن أن تعمّم أنيا ال تمنح لآلخرين(‪.")146‬‬

‫ربمػػا نسػػنؿ مػػا عالقػػة الماػػة فػػي قػراءة بنيػػة الصػػورة البصػرية أو التسػػاؤؿ بإمكانيػػة‬
‫اشتااؿ الصورة كماة‪ ،‬وىؿ يمكػف الحػديث عػف لاػة لمصػورة عمػى غػرار الماػة الطبيعيػة‬
‫التي تشتاؿ عمييا المسانيات؟ ىؿ يمكف التسميـ بوجود تشػاكؿ عػاـ بػيف الصػورة والماػة‬
‫مػػف حيػػث انتظػػاـ بنياتيػػا؟ والباحػػث ن ي ػػود أف يطػػوؿ البحػػث فػػي إشػػكالية "التمفص ػػؿ‬
‫المػػزدوج" لمسػػيميولوجيا البص ػرية‪ ،‬ولكػػف مػػف الميػػـ اإلشػػارة إلػػى أنػػو فػػي تنػػاوؿ أنظمػػة‬
‫التواص ػػؿ تػ ػرفض بع ػػض الد ارس ػػات انعتػ ػراؼ بك ػػؿ نظ ػػاـ ن يخض ػػع لمب ػػدأ "التمفص ػػؿ‬
‫الم ػػزدوج" كم ػػا ى ػػو ق ػػائـ ف ػػي الما ػػة الطبيعي ػػة وتن ػػزع عن ػػو بالت ػػالي ص ػػفة لا ػػة‪ ،‬وأشػػػار‬
‫"شػػتراوس" إلػػى انػػو يعػ ّػد الرسػػـ لاػػة‪ ،‬ألف ىػػذا الفػػف يتػػوفر فػػي أريػػو عمػػى وحػػدات مػػف‬
‫الدرجػػة األولػػى ىػػي بمنزلػػة مػػدلوؿ حيػػث يقابميػػا فػػي الماػػة مفيػػوـ ألمػػونيـ ويعػػد أشػػكاؿ‬
‫الرسـ وألوانو وحدات إختالفية يقابميا في الماة مفيوـ الفونيـ(‪.)147‬‬

‫وتتحد بعض ا راء التي ن مجاؿ لػذكرىا فػي القاسػـ المشػترؾ بػيف الماػة والصػورة‬
‫خاصة في مفاىيـ مثؿ العالقة والػداؿ والمػدلوؿ والرسػالة‪ ،‬إضػافة إلػى أف ىػذه المفػاىيـ‬

‫(‪ )146‬ناصؼ‪ .‬د‪ .‬مصػطفى‪ :‬الصػورة األدبيػة‪ ،‬دار األنػدلس لمطباعػة والنشػر والتوزيػع ط‪ ،3‬بيػروت‪،1983 ،‬‬
‫ص‪.142‬‬
‫(‪ )147‬ينظر غرافي‪ ،‬محمد‪ :‬قراءة في السيميولوجيا البصرية‪ :‬مصدر سبؽ ذكره‪ ،‬ص‪.147‬‬
‫‪116‬‬
‫تشػػكؿ عناصػػر مشػػتركة بػػيف جميػػع أنظمػػة التواصػػؿ‪ ،‬ففػػي الرسػػوـ البيانيػػة والعالمػػات‬
‫الطرقية ثمة بشػكؿ عػاـ وحػدات اعتباطيػة‪ ،‬وفػي صػور أخػرف مثػؿ الرسػـ فػإف وحػداتيا‬
‫ذات طابع رمزي "بالمعنى السوسري" لممصطمح‪.‬‬

‫وىكذا فنف السحاب المرسوـ "داؿ يمثػؿ" فػي رأي ج ‪ -‬مونػاف السػحاب فػي الواقػع‬
‫"المػدلوؿ"‪ ،‬وصػورة كػرة حمػراء تػػدؿ عمػى كػرة حمػراء‪ ،‬وىػػذا مػا يشػبو انسػتعارة البسػػيطة‬
‫ػداء م ػ ػػف العالم ػ ػػات‬
‫ف ػ ػػي الما ػ ػػة‪ .‬ولك ػ ػػف األم ػ ػػر يختم ػ ػػؼ فين ػ ػػاؾ‪ ،‬تح ػ ػػونت ننيائي ػ ػػة ابت ػ ػ ً‬
‫انعتباطية التامػة "اليػالؿ األخضػر الخػاص بالصػيدليات" مػرو اًر بػالرموز األشػد عرفيػة‬
‫"شػػوكة الطعػػاـ والسػػكيف بالنسػػبة لممطػػاعـ" حتػػى الرمػػوز الخالصػػة "صػػورة البيػػت التػػي‬
‫تدؿ عمى أف األمر يتعمؽ بيذا البيت"‪ ،‬وتصير المسنلة أكثػر تعقيػداً حػيف يتعمػؽ األمػر‬
‫بالصػػور األشػػد كثافػػة فػػي بنائيػػا الػػدنلي "لوحػػات الفػػف الس ػريالي مػػثالً"حيػػث يايػػب كػػؿ‬
‫مؤشػ ػ ػر اعتبػػ ػػاطي أو رمػ ػ ػػزي يمكػػ ػػف أف يسػ ػ ػػيـ فػػ ػػي ق ػ ػ ػراءة الص ػ ػػورة وحص ػ ػػر مجاليػػ ػػا‬
‫التنويمي(‪.)148‬‬

‫وألف مجاؿ بحثنا ىو بنية الصورة فال بد مف إيجػاد طػرؽ توجػو القػراءة الصػحيحة‬
‫لمصػػورة‪ ،‬فنمػػاـ بعػػض الصػػور يػػتـ إدراؾ وفيػػـ الصػػورة تمقائيػاً ومػػف دوف تعمػػـ أو إدراؾ‬
‫مسبؽ‪ ،‬وذلؾ عف "طريؽ نقط قوية إلييا يتجػو النظػر بشػكؿ طبيعػي" كمػا يػرف الباحػث‬
‫"بميسي" ‪ A.Plecy‬في كتابو "نحو أولي لمصورة"‪ .‬وىنا يمكف الحديث عف وجػود نظػاـ‬
‫سيميولوجي مدرؾ‪ ،‬لكنػو ن يظيػر بشػكؿ واع أو فػي أغمػب األحيػاف ن يوجػد أي نظػاـ‬
‫سيميولوجي عمى اإلطالؽ‪ ،‬وىنا يجب عمػى القػارئ خمقػو وتشػكيمو عبػر رصػد مكونػات‬
‫ومعطيات الصورة أي عبػر معالجػة الصػورة وبتعبيػر "ا‪.‬بميسػي"‪ :‬يجػب معالجػة الصػورة‬
‫إلغناء رؤيتيا"‪.‬‬

‫التحميل األدبي لبنية الصورة‬

‫(‪ )148‬المصدر السابؽ ص‪.148‬‬


‫‪117‬‬
‫يمك ػػف ال ػػدخوؿ إل ػػى تحمي ػػؿ بني ػػة الص ػػورة ف ػػي الرس ػػـ إجرائيػ ػاً م ػػف خ ػػالؿ المييمن ػػة‬
‫الياكوبسانية "نسبة إلى روماف يوكابسف" التي تقترح ما ينتي‪:‬‬

‫السياق "المرجع"‬

‫الرسالة‬

‫المتمقي‬ ‫المرسل‬

‫االتصال "القناة"‬
‫(‪)149‬‬
‫الشفرة "السنن"‬

‫إف ليذا األنموذج دو اًر مؤث اًر في تحميػؿ نصػوص الماػة انشػارية البحػت‪ ،‬الكالميػة‬
‫منيا وانيقونية‪ ،‬غير انو يتطمب مزيداً مف التفصػيؿ عنػدما يطبػؽ عمػى نصػوص أكثػر‬
‫تركيبػ ػاً م ػػف الما ػػة الطبيعي ػػة انش ػػارية ويتمي ػػز ال ػػنص المرك ػػب ف ػػي أساس ػػو بوج ػػود قيم ػػة‬
‫إيحائية إلى جانب القيمة انشارية‪ .‬وسنحرؾ المييمنة عند "ياكوبسف" في المييمنػة فػي‬
‫فف الرسـ‪ ،‬فإذا اعتبرنا اسػتناداً إلػى المػنيج السػيميوطيقي البنػائي أف المييمنػة فػي الفػف‬
‫ىػػي "الرسػػالة" فنننػػا سػػنعتبر أف الرسػػالة ىػػي كػػؿ حسػػابي متكػػوف قػػبالً مػػف سػػتة أطػراؼ‬
‫وسنبحث مف جديد عف مييمنة أولى ىي‪:‬‬

‫الخ ػػط أو الم ػػوف أو المس ػػاحة أو الظ ػػالؿ‪ ...‬الػ ػ ‪ ،‬والخ ػػط عن ػػد "تولوزلوتري ػػؾ" ى ػػو‬
‫عنصر الرسالة المييمف األوؿ الػذي تتفػرع منػو البنيػة الكميػة لمعمػؿ‪ ،‬حتػى صػار الرسػـ‬
‫أكثر توضيحاً وميالً لإعالف وأسس لو‪.‬‬

‫ف ػػي ح ػػيف تك ػػوف المس ػػاحة الموني ػػة عنصػ ػ اًر مييمنػ ػاً عن ػػد م ػػا ت ػػيس والظ ػػالؿ عن ػػد‬
‫رامبرانت والضوء الشمسي عند اننطباعييف‪ ...‬ال ‪.‬‬

‫(‪ )149‬ياكوبسػػف‪ ،‬روم ػػاف‪ :‬قض ػػايا الش ػػعرية‪ ،‬ترجم ػػة‪ ،‬محم ػػد الػػولي ومب ػػارؾ حن ػػوف دار توبق ػػاؿ لمنش ػػر‪ ،‬ال ػػدار‬
‫البيضاء ‪ 1988‬ص‪.47‬‬
‫‪118‬‬
‫يمكننا رسـ خطاطة تمثؿ المحتوف المركزي لممييمنة كما ينتي‪:‬‬

‫عالماث‬ ‫السياق‬
‫شارحت‬

‫مركز الصىرة‬

‫المرسل إليه‬ ‫المرسل‬


‫االتصال‬

‫عالماث جى‬ ‫الشفرة‬

‫إف جميع األطراؼ ىي متحققة عمى وفؽ ىذا المخطط لكف الرسالة ىػي العنصػر‬
‫المركزي الذي سوؼ ينفتح عمى تخطيط رسـ الصورة‬

‫العالمات انيقونية الطبيعية‬

‫عالمات‬ ‫مركز الصورة‬ ‫عالمات‬


‫جو‬ ‫صارف‬
‫المركز الخطي مثالً ًً‬
‫خطية‬

‫العالمات الشارحة‬

‫ويخضع ىذا التقسيـ إلى تفريعات مييمنة أخرف ىي‪:‬‬


‫‪ .1‬قانون األىمية ‪Law of Principality‬‬

‫‪119‬‬
‫فالش ػػيء الب ػػارز والكبي ػػر ف ػػي بني ػػة الص ػػورة غالبػ ػاً م ػػا يك ػػوف مس ػػؤونً ع ػػف الوح ػػدة‪،‬‬
‫ويكػػوف بمجموعػػة عناصػػر مييمنػػة‪ .‬ثػػـ تكػػوف العالمػػات المصػػاحبة ىػي وحػػدات فرعيػػة‬
‫شارحة ومصاحبة‪.‬‬

‫‪ .2‬قانون التكرار ‪Law of Repetition‬‬

‫حيػػث تكػػوف بنيػػة العمػػؿ أو المييمنػػة ىػػو خمػػؽ نػػوع مػػف التعػػاطؼ والتػرابط سػواءاً‬
‫في الحجـ أو المػوف‪ ،‬مػف حيػث جعػؿ ىػذه المكونػات مجػرد صػدف أو تكػرار أقػؿ أىميػة‬
‫لمكونػػات أخػػرف مييمنػػة يػػتـ تنكيػػدىا‪ ،‬كمػػا فعػػؿ "تيرنػػر" فػػي إحػػدف لوحاتػػو حػػيف رسػػـ‬
‫إحػػدف سػػفف الصػػيد بػػالموف األحمػػر ورسػػـ سػػفينة بػػالموف األبػػيض وعمػػى الشػػاط رسػػـ‬
‫نوعاً مف السمؾ احمر الموف ونوعاً رخر أبيض الموف‪.‬‬

‫‪ .3‬قانون االستمرار ‪Law of continuity‬‬

‫تتكوف البنية ىنا مف قوانيف تناظرية كما في "األوب ررت" الفف البصري‪.‬‬

‫‪ .4‬قانون التقويس ‪Law of curvature‬‬

‫أي أف األشػكاؿ فػي الموحػة عػادة مػا تخضػػع لنػوع معػيف مػف المنحنيػات واألقػواس‬
‫التػػي يمكػػف رسػػميا لتوضػػيح األشػػكاؿ البػػارزة منيػػا‪ .‬ويػػرف "ركسػػف" إف ىػػذا القػػانوف قػػد‬
‫ىيمف عمى فف عصر الباروؾ ونتاجو الفني(‪.)150‬‬

‫وىناؾ مييمنات أساسية عمػى وفػؽ المخطػط السػابؽ قػد تتفػرع إلػى مييمنػات ذات‬
‫طبيعػػة مختمفػػة مرجعيػػة أو جماليػػة‪ ...‬وىػػذا مػػا شػػكؿ انتجاىػػات األساسػػية لمرسػػـ فػػي‬
‫حقبو المتعددة‪.‬‬ ‫تاري‬

‫فرايات في بنية العمل الفني‬


‫‪ -1‬البنية المتراتبة ‪Stratified structure‬‬

‫(‪ )150‬ينظر عبد الحميد شاكر‪ .‬العممية اإلبداعية في فف التصوير‪ ،‬مصدر سبؽ ذكره‪ ،‬ص‪.127‬‬
‫‪141‬‬
‫بتحميمو لبنى أنمػاط مختمفػة مػف األعمػاؿ الفنيػة‪ ،‬يمفػت "انكػاردف" النظػر لػيس فقػط‬
‫إل ػػى عناص ػػرىا المتع ػػددة‪ ،‬وشخص ػػيتيا المتع ػػددة المس ػػتويات‪ ،‬ب ػػؿ ك ػػذلؾ إل ػػى العالق ػػات‬
‫الوثيقة الوجودية والوظيفية بػيف الطبقػات المختمفػة ففػي مقطػع مسػتعرض تظيػر أغمبيػة‬
‫األعمػػاؿ الفنيػػة كننظمػػة مترابطػػة تػػؤدي طبقاتيػػا الػػدنيا دور األسػػس الوجوديػػة لمطبقػػات‬
‫العميا‪ .‬فالطبقة "األدنى" مؤسسة عمى خاص ّػيات منتخبػة مػف األسػاس المػادي‪ .‬ويوضػح‬
‫انكاردف متطمبات ىذه البنية كالتالي‪:‬‬

‫أ‪ .‬العمؿ الفني يؤلؼ مف عناصر متايرة الخواص "فػي الرسػـ‪ :‬األلػواف‪ ،‬األشػياء‬
‫المصورة‪ ،‬الخطوط‪ ...‬ال "‪.‬‬

‫تنضػػـ فػػي مجموعػػات ذات نظػػاـ أعمػػى مػػثالً‪ :‬معػػاني‬ ‫ب‪ .‬العناصػػر المتجانسػػة‪ّ :‬‬
‫العالمػػات‪ ،‬معػػاني األشػػكاؿ‪ ،‬وىػػذا النظػػاـ األخيػػر ينضػػـ بػػدوره إلػػى تكوينػػات‬
‫فنيػة أعمػى منػػو مجمػوع العالمػات فػػي التركيػب‪ .‬وىكػذا تتحػػد فػي نيايػة األمػػر‬
‫كؿ التكوينات المبتدعة في عنصر مفرد مف العمؿ‪ ،‬منتشر عادة عمى امتداد‬
‫العمؿ كمو "مثالً طبقة المعنى في العمؿ نفسو"(‪.)151‬‬

‫ج‪ .‬إف العػػف فػػي كميػػة العمػػؿ ولكنػػو يبقػػى عنص ػ اًر واضػػح المعػػالـ فػػي الك ػ ّؿ فػػي‬
‫حالتيف معاً‪ :‬بنية العمؿ‪ ،‬والشكؿ الذي يتخذه في التقبؿ الجمالي‪.‬‬

‫د‪ .‬ينباي أف توجد رابطة عضوية بػيف العناصػر األساسػية ذات الػنمط المػذكور‬
‫تنش ػػن م ػػف ماىياتي ػػا وتض ػػعيا جميعػ ػاً ف ػػي ك ػػؿ العم ػػؿ "المف ػػرد"(‪ .)152‬عنص ػػر‬
‫األساس لمعمؿ‪ ،‬يجب أف ن يفقد شخصيتو الفردية المستقمة‪.‬‬

‫‪ -2‬البنية الكيفية ‪Qualitative structure‬‬

‫(‪ )151‬ينظر ‪ The Structure of Artworks‬مصدر سبؽ ذكره‪ ،‬ص‪.38‬‬


‫(‪ )152‬المصدر السابؽ ص‪.39‬‬
‫‪141‬‬
‫عن ػػد تحمي ػػؿ بني ػػة العم ػػؿ الفن ػػي يمك ػػف أف نش ػػير إل ػػى إمكاني ػػة اكتش ػػاؼ الطبق ػػات‬
‫المختمفػة فػي أنمػاط مسػتقمة مػف األعمػاؿ وبمعػزؿ عػف الػدقائؽ البنيويػة المحػض بعػض‬
‫الكيفيػػات الفعالػػة جماليػاً‪ .‬فالكيفيػػات ذات التكػػافؤ الجمػػالي فػػي األنمػػاط المختمفػػة تظيػػر‬
‫فػػي كػػؿ طبقػػة مػػف طبقػػات العمػػؿ وتخمػػؽ بنيػػة كيفيػػة مميػزة ذات أىميػػة حاسػػمة بالنسػػبة‬
‫لقيمػػة العمػػؿ‪ .‬وىنػػا سنضػػع تعريف ػاً لفك ػرة ىػػذه البنيػػة محػػاوليف فػػي الوقػػت ذاتػػو أف نبػ ّػيف‬
‫صمتيا بالبنية المتراتبة المذكورة رنفاً‪.‬‬

‫مػػف بػػيف تسػػع مجموعػػات كيفيػػة فػػي تحميػػؿ "انكػػاردف" سػػنمفت اننتبػػاه إلػػى اثنتػػيف‬
‫منيا‪ .‬مجموعة الكيفيات المادية ومجموعة الدقائؽ الشكمية‪ ،‬بوصػفيما مجمػوعتيف ليمػا‬
‫أىميتيم ػػا‪ ،‬يق ػػوؿ‪" :‬ل ػػيس صػ ػػحيحاً أف ك ػػؿ ال ػػدقائؽ الشػ ػػكمية‪ ،‬وح ػػدىا فق ػػط ذات تكػ ػػافؤ‬
‫جمالي‪ ،‬الكيفيات المادية ليا ىذه الميزة"(‪.)153‬‬

‫إف ظي ػػو اًر ل ػػنمط مع ػػيف م ػػف التكيي ػػؼ األساس ػػي مص ػػحوب بم ػػا ى ػػو "ممثّػػؿ" لك ػػؿ‬
‫مجموع ػػة خاص ػػة م ػػف الكيفي ػػات‪ .‬وبك ػػالـ رخ ػػر‪ :‬إف ظي ػػور بع ػػض الكيفي ػػات م ػػف ك ػػؿ‬
‫مجموع ػػة خاص ػػة ذات تك ػػافؤ جم ػػالي ى ػػو نتيج ػػة‪ ..‬ن يمك ػػف اجتنابي ػػا‪ ..‬وعم ػػى س ػػبيؿ‬
‫المثػػاؿ‪ ،‬إف انبثػػاؽ كيفيػػة أساسػػية يجػػب أف يت ارفػػؽ مػػع سػػموؾ محػػدد‪ ،‬ايجػػابي أو سػػمبي‬
‫لتمظيرىا في العمؿ‪،‬وىو سموؾ يمثؿ "تفوقاً" مؤكداً ودرجة معينة مف األصالة والجدة‪.‬‬

‫وبيػػذه الطريقػػة يسػ ّػوغ "انكػػاردف" فرضػػيتو القائمػػة بػػنف فػػي العمػػؿ الفنػػي ثمػػة نظام ػاً‬
‫لمكيفيػػات الدالػػة جمالياً‪،‬ومخططػاً متناسػػقاً لكيفيػػات منظومػػة تراتبي ػاً‪ ،‬ىػػذا النظػػاـ أو ىػػذا‬
‫المخطػػط حاسػػـ بالنسػػبة لمتحديػػد الن ػوعي لمعمػػؿ(‪" .)154‬سػػنتعرض لنظػػاـ الكيفيػػات فػػي‬
‫المبحث القادـ"‪.‬‬

‫إف الماػػزف النظػػري ليػػذه القضػػايا يكمػػف فػػي إمكانيػػة الوصػػوؿ إلػػى مقاربػػة جديػػدة‬
‫تمام ػاً "لمشػػكمة موضػػوع العمػػؿ الفنػػي‪ ،‬وبنيتػػو‪ ،‬وقيمتػػو الجماليػػة"‪ .‬وىػػذا يتطمػػب إسػػياباً‬

‫(‪Ingarden:Studies in Aesthetics,Vol.II.300-301.)153‬‬
‫(‪ )154‬ينظر المصدر السابؽ‪.‬‬
‫‪144‬‬
‫واسعاً في ىذه المشكالت‪ ،‬ىنا أود أف المح فقط إلى مسنلة العالقة بيف البنيتيف‪ :‬البنية‬
‫الكيفيػة‪ ،‬والبنيػػة المتراتبػػة لمعمػػؿ الفنػػي‪ .‬ىػػذه العالقػة قػػد ّأولػػت أحيانػاً عمػػى نحػػو ماػػاير‪،‬‬
‫وعوممػػت مػػع الكيفيػػات ذات التكػػافؤ الجمػػالي بوصػػفيا طبقػػة أخػػرف‪ .‬والباحػػث يعتقػػد أف‬
‫العوامػؿ التػي تقػػرر شػكؿ التعيػػيف يمكػف العثػػور عمييػا فػػي عنصػريف معػاً‪ :‬العمػؿ الفنػػي‬
‫والمالمح الثقافية لممرحمة التاريخية التي يحدث فييا التعييف‪.‬‬

‫إف التعييف ىو في المقاـ األوؿ تعبير عف العالقة بيف العمؿ الفني والمناخ الفنػي‬
‫لممرحمػة‪ ،‬فالعمػؿ عػػادة يقتػرح شػكالً أنموذجيػاً لممرحمػة المعنيػة‪ ،‬أمػػا تػنثير البنػاء الفػػردي‬
‫لممتقبؿ فعادة ىو ذو أىمية ثانوية‪.‬‬
‫ّ‬
‫منبع الصورة‬
‫‪ -1‬الصورة التخييمية "الذىنية"‬

‫غالب ػاً مػػا يكػػوف لمصػػورة الذىنيػػة فػػي العمػػؿ الفنػػي "إلػػى جانػػب دوافعيػػا الواضػػحة‬
‫معنى خاؼ ن ندركػو عمػى نحػو مباشػر عمػى الػرغـ مػف أف ىػذا المعنػى قػد يكػوف بػالد‬‫ً‬
‫التنثير منذ البداية‪.‬‬

‫تػنتي ىػذه الصػورة نتيجػة لفعػؿ إبػػداعي نشػعوري بصػفة جزئيػة وتعمػؿ عمميػا فػػي‬
‫الػػذىف "المشػػاىد أو الفنػػاف" مػػف دوف وعػػي منػػو فػػي قميػػؿ أو كثيػػر‪ ،‬يرجػػع تعقيػػدىا إلػػى‬
‫تمػػؾ الحقيقػػة عينيػػا الماثمػػة فػػي عػػدـ وضػػوح معانييػػا عمػػى نحػػو مباشػػر‪ ،‬إف إدراكيػػا ن‬
‫يتـ إنّ عمى خطوات مف خالؿ مبادرات ومراجعات وتخمينات وتساؤنت(‪.)155‬‬

‫إف المعرفة بالصورة الذىنية‪ ،‬كما يسػتدؿ مػف التسػمية‪ ،‬شػكؿ متوسػط مػف المعرفػة‬
‫بػػيف أوجػػو اإلدراؾ والػػذاكرة والخيػػاؿ‪ ،‬والمعرفػػة عنػػد سػػارتر ليسػػت فعػػؿ قصػػد بػػذاتيا بػػؿ‬

‫(‪ )155‬ينظػػر‪ ،‬ىػػاوز‪ ،‬أرنولػػد‪ ،‬فمسػػفة الفػػف‪ ،‬الييئػػة العامػػة لمكتػػب واألجي ػزة العمميػػة‪ ،‬مطبعػػة جامعػػة القػػاىرة‪،‬‬
‫القاىرة‪ ،1968 ،‬ص‪.111-119‬‬
‫‪143‬‬
‫نظاـ مف القواعد تستند إليو أفعاؿ القصد‪ ،‬وىي فضمة لتجربة سابقة يستفيد منيػا المػرء‬
‫حيف يكوف أفكا اًر وصو اًر ذىنية جديدة‪.‬‬

‫ويمكػػف تعريػػؼ الصػػورة الذىنيػػة نفسػػيا مػػف ىػػذا المنظػػور عمػػى أنيػػا معنػػى كامػػؿ‬
‫يكونو قصد يستند إلى معرفة‪" :‬ن يمثؿ المرء لنفسػو سػوف الصػورة الذىنيػة التػي يعرفيػا‬ ‫ّ‬
‫إلػػى ح ػػد م ػػا‪ ،‬فالصػػورة الذىني ػػة ن يمك ػػف أف يكػػوف لي ػػا وج ػػود مػػف غي ػػر المعرف ػػة الت ػػي‬
‫تؤلفيػػا"‪ .‬أي أف المعرفػػة تحقػػؽ فػػي الصػػورة الذىنيػػة التكامػػؿ البػػدييي فػػي ىيئػػة موضػػوع‬
‫محدد(‪.)156‬‬

‫يتخيػػر الشػػاعر لفظػاً بعينػػو والفنػػاف شػػكالً محػػدداً بػػدنً مػػف لفػػظ رخػػر وبػػدنً مػػف‬
‫قػػد ّ‬
‫شكؿ رخر مف دوف أف يػدري سػبباً محػدداً لػذلؾ‪ ،‬قػد ينتقػي الشػاعر صػورة تعبيريػة ذات‬
‫دنلػػة قػػد ن تكػػوف ماثمػػة لعقمػػو ال ػواعي‪ ،‬واف كػػاف ليػػا مػػع ذلػػؾ أبمػػد األثػػر فػػي عممػػو‬
‫الفني‪ .‬ويحدثنا الفنانوف عف أنيـ ربمػا راودتيػـ بػيف حػيف وحػيف رخػر فكػرة إلاػاء بعػض‬
‫التفاصػػيؿ فػػي عمػػؿ رخػػر مػػف أعمػػاليـ لعجػػزىـ فػػي الوىمػػة األولػػى عػػف إدراؾ العالقػػة‬
‫بينيػػا وبػػيف بقيػػة أج ػزاء العمػػؿ الفنػػي‪ ،‬بيػػد أنػػو سػػرعاف مػػا يتبػ ّػيف ليػػـ بعػػد ذلػػؾ سػػالمة‬
‫األسػػباب التػػي دعػػت إلػػى انحتفػػاظ بيػػذه التفاصػػيؿ بػػؿ وحيويتيػػا البالاػػة وأنيػػـ كػػانوا‬
‫يمتزم ػ ػ ػػوف ف ػ ػ ػػي واق ػ ػ ػػع األم ػ ػ ػػر‪ ،‬ح ػ ػ ػػيف ابت ػ ػ ػػدعوا ى ػ ػ ػػذه التفاص ػ ػ ػػيؿ بن ػ ػ ػػوع م ػ ػ ػػف المنط ػ ػ ػػؽ‬
‫الالشعوري‪،‬ويتضػػح مػػف ذلػػؾ أف الفنػػاف قػػد يضػ ّػمف عممػػو أكثػػر ممػػا تصػػؿ إليػػو مداركػػو‬
‫ويستمد مادتو مف مصادر تدلنا نظرية التحميػؿ النفسػي فػي الاالػب عمػى أقصػر الطػرؽ‬
‫إلييا(‪.)157‬‬

‫وف ػػي ض ػػوء ذلػػػؾ ف ػػنف عمميػ ػػة تركي ػػب أو إع ػػادة تركي ػػب الواق ػػع تب ػػدأ م ػػف صػػػورة‬
‫ذىنيػػة‪،‬وىي أمػػر يرجػػع إلػػى الخيػػاؿ أكثػػر منػػو إلػػى التشػػابو‪ .‬مثػػاؿ ذلػػؾ لوحػػة "ارداكي ػاً"‬
‫لممصػػور "بوسػػاف" وىػػي لوحػػة خياليػػة بحػػت ومػػع ذلػػؾ فيػػي مقبولػػة ألف المنػػاظر التػػي‬

‫(‪ )156‬رأي‪ ،‬وليـ‪ ،‬المعنى األدبي (مصدر سبؽ ذكره)‪ ،‬ص‪.31‬‬


‫(‪ )157‬ىاوزر‪ ،‬المصدر السابؽ‪ ،‬ص‪111‬‬
‫‪142‬‬
‫يستعيدىا في ذاكرتػو ن تتعػارض مػع مػا نعػرؼ‪ ،‬ومػع أف النػواحي التاريخيػة والجارافيػة‬
‫التػػي نعرفيػػا عػػف موضػػوع الموحػػة قػػد صػػورت بنمانػػة‪ ،‬فإنيػػا تخضػػع لخ ػواطر ذىنيػػة‬
‫الفناف(‪.)158‬‬

‫الشػػيء الػػذي يصػ ّػوره المصػػور يمكػػف أيض ػاً أف يػػتخمص إف لػػزـ األمػػر مػػف اشػػد‬
‫القوانيف طبيعية وثباتاً وأكثرىا عموماً‪ ،‬فيػو يعتمػد التخييػؿ فػي انجػاز مادتػو وتركيبيػا‪.‬‬
‫لقػػد كػػاف "انجػػر" رسػػاماً يعػػرؼ عمػػـ التش ػريح معرفػػة عميقػػة لكػػف قصػػة لوحتػػو "الجاريػػة‬
‫الكبرف"‪ ..‬ىذه العارية التي تموح اليوـ طبيعية لمااية يمكف أف تكػوف طبقػاً لمواقػع وحشػاً‬
‫حػػاوؿ الفنػػاف تشػريحو‪ ،‬ولقػػد اكتشػػؼ بعػػض العػػارفيف أف ىػػذه الجاريػػة رسػػمت وتنقصػػيا‬
‫فقرتاف مف العمود الفقري واف أحد ثديييا لـ يكػف فػي موضػعو‪ ...‬أف "انجػر" حػيف رسػـ‬
‫أدار ظيره عف الحقيقة التشػريحية أو مطابقػة الواقػع بػؿ رسػـ المػرأة عمػى وفػؽ صػورة‬
‫ذىنية مف خيالو(‪.)159‬‬

‫إف ىناؾ مفارقة بعيدة المدف بيف ما يرتسـ في ذىػف الفنػاف مػف صػور ذىنيػة مػف‬
‫جيػػة وبػيف الواقػػع مػػف حولػػو مػػف جيػػة أخػػرف‪ ،‬فالفنػػاف كممػػا أراد أف يحيػػؿ صػػورة ذىنيػػة‬
‫إلػػى واقػػع فعمػػي فيمػػا ينتجػػو مػػف فػػف فننػػو يعجػػز عػػف ترجمػػة مػػا يػػدور فػػي ذىنػػو ترجمػػة‬
‫وافية‪ .‬بؿ يجد أف وسائط التعبير الفني ذاتيا ميما بمات تقنياً مف الجػودة‪ ..‬فإنيػا تظػؿ‬
‫قاصرة عف الوفاء بػالتعبير عػف الصػورة التخييميػة‪ .‬عمػى أف ىػذه الثنائيػة "واقػع‪ ،‬تخييػؿ"‬
‫ياػ ّذي بعضػػيا بعضػاً‪ ،‬إف الصػػورة التخييميػػة تسػػتمد عناصػػرىا مػػف الواقػػع ولكػػف مػػا تفتػػن‬
‫تستقؿ عنو‪ ،‬وأسباب ىذا انستقالؿ يمكف أف نوجز بعضيا‪:‬‬

‫(‪ )158‬ينظر‪ ،‬شتراوش‪ ،‬كمود بيؼ‪ :‬النظر‪ ،‬السمع‪ ،‬البصر (مصدر سبؽ ذكره)‪ ،‬ص‪.11‬‬
‫(‪ )159‬ينظػػر‪ ،‬برتميمػػي‪ ،‬جػػاف‪ :‬نبحػػث فػػي عمػػـ الجمػػاؿ ترجمػػة الػػدكتور أنػػور عبػػد العزيػػز‪ ،‬دار نيضػػة مصػػر‬
‫لمطباعة والنشر‪ ،‬القاىرة‪ 1971 ،‬ص‪.431‬‬
‫‪145‬‬
‫أ‪ .‬تػ ػراكـ الخبػ ػرة‪ :‬اإلنس ػػاف يتمق ػػى ص ػػو اًر ذىني ػػة م ػػف الواق ػػع حولو‪،‬ى ػػذه الص ػػورة‬
‫المستعارة مػف الواقػع يتػراكـ بعضػيا فػوؽ بعػض ويتفاعػؿ أيضػاً بصػورة معقػدة‬
‫ثـ ينشيء ىذا التفاعؿ صو اًر جديدة‪.‬‬

‫ب‪ .‬الاربمػػة والتصػػفية‪ :‬الفنػػاف ن يكتفػػي بػػالتجميع بػػؿ ب ػإجراء عمميػػة تنقيػػة لمزوائػػد‬
‫مف ىذا الركاـ‪.‬‬

‫ج‪ .‬العامؿ الثالث مف عوامؿ تركيب الصورة الذىنية ىػو القػدرة عمػى تنسػيس نمػو‬
‫جديػػد مػػف المعرفػػة‪ ،‬حيػػث يكػػوف أنسػػاقاً صػػورية أي التحػػوؿ مػػف التجميػػع إلػػى‬
‫التركيب(‪.)160‬‬

‫د‪ .‬مسػػاىمة الواقػػع الحسػػي فػػي نشػػوء التاييػػر الػػدائـ فػػي الصػػورة الذىنيػػة بمتواليػػة‬
‫ىندسية‪ ،‬تتـ عمى وفؽ تاير المنظور والرؤية لمعالـ‪.‬‬

‫يمكننػػا رد الصػػورة بيػػذا المعنػػى إلػػى شػػيء ذاتػػي‪ ،‬وىػػي نػػوع مػػف اسػػتعماؿ المجػػاز‬
‫إزاء الواقػػع‪ ،‬فيقػػاؿ عػػف النػػاس الػػذيف يسػػتعمموف بطػػبعيـ انسػػتعارة والتشػػبيو‪ ،‬خاصػػة إف‬
‫كانت ىذه انستعارة والتشبيو مػف نػوع غيػر مػنلوؼ‪ ،‬يقػاؿ بػنف لػدييـ ممكػة خيػاؿ‪ ،‬ومػف‬
‫الجػػائز أف يصػػحب ىػػذا المعنػػى أو ن يصػػحبو معػػاف أخػػرف لمخيػػاؿ‪ ،‬وينباػػي لنػػا أف ن‬
‫ننس ػػى أف انس ػػتعارة والتش ػػبيو يقوم ػػاف بع ػػدة وظ ػػائؼ متباين ػػة ف ػػي الف ػػف " ارج ػػع مبحثن ػػا‬
‫السابؽ حوؿ الموضوع" فقد تكوف انستعارة ىػي التوضػيح‪ ،‬أي أف تقػدـ مػثالً محسوسػاً‬
‫لعالقػػة كانػػت ن بػػد مػػف وضػػعيا فػػي لاػػة مجػػردة لػػون ىػػذه انسػػتعارة‪ ،‬ويكػػاد يكػػوف قػػوؿ‬
‫"شيمي" "الحياة مثؿ قبة زجاجية متعددة األلواف" ىو المثؿ الػذي يطػ أر لمػذىف ليػذا النػوع‬
‫مػػف المجػػاز‪ .‬إف انسػػتعارة ىػػي وسػػيمة متقدمػػة يجمػػع الػػذىف بوسػػاطتيا فػػي الفػػف أشػػياء‬
‫مختمفة لـ توجد بينيا عالقة مػف قبػؿ‪ ،‬وذلػؾ ألجػؿ التػنثير والػدوافع‪ ،‬ويػنجـ ىػذا التػنثير‬
‫عػػف جمػػع ىػػذه األشػػياء وعػػف العالقػػات التػػي ينشػػئيا الػػذىف بينيػػا‪ ،‬أف انسػػتعارة ىػػي‬

‫(‪ )160‬ينظػػر‪ ،‬أسػػعد‪ ،‬يوسػػؼ ميخائيػػؿ‪ ،‬سػػيكولوجية اإلبػػداع فػػي الفػػف وا داب‪ ،‬دار الشػػؤوف الثقافيػػة‪ ،‬باػػداد‪،‬‬
‫‪ ،1982‬ص‪.91‬‬
‫‪146‬‬
‫وسػ ػػيمة شػ ػػبو خفيػ ػػة يػ ػػدخؿ بوسػ ػػاطتيا فػ ػػي نسػ ػػيج التجربػ ػػة عػ ػػدد كبيػ ػػر مػ ػػف العناصػ ػػر‬
‫المتنوعة‪ ،‬ولكف العناصر المطموبػة نكتمػاؿ التجربػة ن تكػوف دائمػاً موجػودة عمػى نحػو‬
‫طبيعػػي‪ ،‬ولػػذلؾ فػػنف انسػػتعارة تخمػػؽ الفرصػػة إلدخػػاؿ ىػػذه العناصػػر المطموبػػة "خمسػػة"‬
‫وىذا ىو أحد الشواىد لظاىرة غريبة جداً تط أر دائماً في الفنوف(‪.)161‬‬

‫إذ يبدو أف أكثر العناصر لزوماً في الفف قد وجػد بمحػض المصػادفة‪ ،‬أي كمػا لػو‬
‫كػاف مجػرد عػرض لػـ يقصػد لذاتػو وانمػػا أدخػؿ لوجػود عناصػر أخػرف‪ ،‬وىػذا مػا يجعػػؿ‬
‫الرسـ يعجز مف أف يحدث أي أثر في نفوسنا حينما تبدو الموحة جمية وواضػحة أكثػر‬
‫مما ينباي‪.‬‬

‫يرف "كػولردج" أف صػورة الخيػاؿ ىػي تمػؾ الصػورة التركيبيػة السػحرية التػي تكشػؼ‬
‫لنػػا عػػف ذاتيػػا فػػي خمػػؽ التػوازف أو التوفيػػؽ بػػيف الصػػفات المتضػػادة أو المتعارضػػة بػػيف‬
‫اإلحس ػػاس بالج ػػدة والرؤي ػػة المباشػ ػرة والموض ػػوعات القديم ػػة المنلوف ػػة‪ ،‬ب ػػيف حال ػػة غي ػػر‬
‫اعتيادية مف اننفعاؿ ودرجة عالية مػف النظػاـ‪ ،‬بػيف الحكػـ المتػيقظ أبػداً وضػبط الػنفس‬
‫المتواصؿ والحماس البالد واننفعاؿ القديـ"(‪.)162‬‬

‫إف وصػػفاً لمفنػػاف يؤكػػد أىميػػة سػػيطرتو عمػػى تجربتػػو واتسػػاع مجػػاؿ اإلثػػارة الػػذي‬
‫يقبم ػػو‪ ،‬وكم ػػاؿ اس ػػتجابتو‪ ،‬وبمقارنت ػػو باإلنس ػػاف انعتي ػػادي نج ػػد أف اإلنس ػػاف انعتي ػػادي‬
‫يكب ػػت دوافع ػػو‪ ،‬ألن ػػو ن يس ػػتطيع أف يشػ ػبعيا جميعػ ػاً م ػػف دوف أف تح ػػؿ ب ػػو الفوض ػػى‪،‬‬
‫والفناف يتمتع بقدرة اكبر عمى تنظيـ تجاربو‪ .‬إف الفناف يقوـ بعممية اختيػار غيػر واعيػة‬
‫تفػوؽ سػػمطاف العػادة‪ ،‬واف الػػدوافع التػي يوقظيػػا تتحػرر‪ ،‬عػػف طريػؽ تمػػؾ الوسػائؿ ذاتيػػا‬
‫التي تثيرىا‪ ،‬مف ذلؾ الكبت الذي تشجعو الظروؼ انعتيادية‪ ،‬وتستبعد الدوافع الدخيمة‬
‫أو التي ن عالقة ليا بالموضوع‪ ،‬ويكاد يقوـ بالجزء الرئيس مف عممػو دائمػاً مػف خػالؿ‬

‫(‪ )161‬ينظر‪ ،‬رتشارد‪.‬أ‪ .‬أ‪ :‬مبادئ النقد األدبي‪ ،‬ترجمة د‪ .‬مصطفى بدوي‪ ،‬المؤسسة المصرية العامػة لمتػنليؼ‬
‫والطباعة والنشر ‪ ،1963‬ص‪.311-319‬‬
‫(‪ )162‬المصدر السابؽ ص‪.114‬‬
‫‪147‬‬
‫تمؾ الدوافع التي تتبيف لنا والتي يثيرىا ما يسمى "بالعناصر الشكمية" فػي الفػف أىػـ مػف‬
‫غيرىا وىو انو يمكف انعتماد عمى ىذه العناصر لتوليد استجابات مماثمة(‪.)163‬‬

‫أمػ ػػا الخيػ ػػاؿ عنػ ػػد "باشػ ػػالر" فيػ ػػو أشػ ػػبو بعمميػ ػػة ديناميػ ػػة منظمػ ػػة لمػ ػػنفس البش ػ ػرية‬
‫وبعنصر تنسيؽ لمتصورات العقمية ن يمكنيما بنية حاؿ مف األحػواؿ أف يكونػا انعكاسػاً‬
‫لعمميػػة اإلدراؾ أو وظيفػػة بدائيػػة مػػف وظػػائؼ العقػػؿ‪ ،‬كمػػا كػػاف يظػػف بعػػض المفك ػريف‬
‫أمثػػاؿ "لوسػػياف ليفػػي بريػػؿ" صػػاحب فك ػرة العقميػػة البدائيػػة‪ ،‬ألف الخيػػاؿ فػػي جػػوىره ىػػو‬
‫فعؿ التصور نفسو بمحوريو الجذرييف التصور "انستعاري" والتصػور "التجػاوري" وعمػى‬
‫ىػػذا األسػػاس تظيػػر الصػػورة كنػػوع مػػف التناسػػؽ الػػدينامي والتوافػػؽ الجػػدلي بػػيف المعنػػى‬
‫والرمز وىي تسبؽ في الزماف بفضػؿ كيانيػا ذاتػو كػؿ تصػور عقمػي مركػب وكػؿ تفكيػر‬
‫انعكاسي‪ ،‬إف ىذه األسبقية المالزمة لمنفس البشرية تحدد "الخيػاؿ" كإطػار أولػي ينطمػؽ‬
‫منو كؿ فكر وما يواكبو مف دننت(‪.)164‬‬

‫‪ -2‬الصورة التجريدية‬

‫إف المرك ػػز المح ػػرؾ لممدرس ػػة "التكعيبي ػػة" ف ػػي الرس ػػـ ى ػػو إع ػػادة تك ػػويف األش ػػكاؿ‬
‫المنخوذة مف العالـ الخارجي لمصمحة النظاـ واإلدراؾ‪ ،‬وغالباً ما يعػزف عمػى وفػؽ ىػذا‬
‫انتجاه إلى رسوـ بيكاسو وبراؾ بننيػا تقػوـ عمػى إيجػاد أسػموب جديػد يسػتند إلػى مقولػة‬
‫"الشعور بنف الكوف المرئي ما ىو إنّ تجريد لكوف مكثػؼ مطػرد أو غابػة مػف العمميػات‬
‫المتشابكة كما تصوره "وايتييد"‪ ..‬واف الرساـ التكعيبي يؤمف بنف الموحة الفنية يجب أف‬
‫ن تكوف مجرد تسجيؿ لمتفسير السطحي الذي تمنحو العيف عف العالـ‪.‬‬

‫(‪ )163‬المصدر نفسو مف ص‪.315-313‬‬


‫(‪ )164‬ينظر‪ :‬الكردي‪ ،‬محمد عمي‪ .‬نظرية الخياؿ عند جاستوف باشالر في مجمة عالـ الفكػر‪ ،‬و ازرة اإلعػالـ‪،‬‬
‫الكويت‪ ،‬ـ‪ 11‬ع‪ ،481981‬ص‪.199‬‬
‫‪148‬‬
‫"والتجريد" ىو صورة عف الواقع كما يػراه العقػؿ‪ ،‬ن بتسػجيؿ الممحػة الخاطفػة التػي‬
‫تقػػدميا الصػػورة التقميديػػة فحسػػب‪ ،‬بػػؿ تصػػور الواقػػع فػػي طبيعتػػو الجوىريػػة كشػػيء معقػػد‬
‫مستمر ومتشابؾ لمعالقات المركبة‪.‬‬

‫فالرساـ التجريدي يرسـ ما يعرفو ومػا يشػعر بػو إضػافة إلػى مػا يػراه‪ ،‬وىدفػو األوؿ‬
‫فػ ػي ذل ػػؾ ى ػػو التنكي ػػد الم ػػنظـ لحقيق ػػة أف الموح ػػة ى ػػي رب ػػط لمواض ػػع مختمف ػػة بعض ػػيا‬
‫ببعض‪.‬‬

‫لق ػػد حاول ػػت التكعيبي ػػة إعط ػػاء التفس ػػير الحقيق ػػي لظ ػػاىرة التجري ػػد عن ػػدما ق ػػدمت‬
‫نماذجيػا لتعميػؿ ىػػذا انتجػاه‪ ،‬والمقػونت التػػي تريػد تنكيػدىا بػػنف لألشػياء وجوىػاً مختمفػػة‬
‫لمدنلة‪ ،‬ىناؾ شيء مرئػي خمػؼ الشػيء المرئػي‪ ،‬وبمقولػة ميرلوبػونتي "إف المػدلونت ن‬
‫مرئية"(‪.)165‬‬

‫ويرف "سونماكرس" إف الصػورة التجريديػة ىػي الوسػيمة التػي بفضػميا يمكػف تحويػؿ‬
‫الواقع إلى تعبير تشكيمي مف خالؿ عالقات محددة‪ ،‬وىي اختراؽ ليػذا الواقػع مػف اجػؿ‬
‫اإلمس ػػاؾ بتركيب ػػو ال ػػداخمي ع ػػف طري ػػؽ إدراؾ بنيات ػػو الت ػػي يمك ػػف إخض ػػاعيا إلشػ ػراؼ‬
‫العقػػؿ‪ ،‬حتػػى نسػػتطيع بعػػد ذلػػؾ أف نعيػػد ىػػذه البنيػػات وىػػذه التػػهليؼ نفسػػيا فػػي حقيقػػة‬
‫مختمفة ىػي حقيقػة اختػراؽ الطبيعػة بوسػائؿ الرؤيػة التشػكيمية وتحطػيـ توازنيػا اإلد اركػي‬
‫المنطقي(‪.)166‬‬

‫إف البحػػث فػػي الواقػػع ولػػد الصػػورة التجريديػػة كنسػػاس واسػػتقالؿ اسػػتنبطت أص ػالً‬
‫ألدراؾ أنػ ػواع جدي ػػدة م ػػف ال ػػنظـ الت ػػي دعاى ػػا "رونف ب ػػارت" "بالفاعمي ػػة البنيوي ػػة" وى ػػي‬
‫محاكػػاة تػ ّػـ تبنييػػا ن مػػف اجػػؿ نسػ الواقػػع بتقميػػد جػػوىره بػػؿ بجعمػػو مفيومػاً عػػف طريػػؽ‬

‫(‪ )165‬ينظػػر بػػوينتي‪ ،‬مػػوريس ميرلػػو‪ :‬المرئػػي والالمرئػػي‪ ،‬ترجمػػة سػػعاد محمػػد خضػػر‪ ،‬دار الشػػؤوف الثقافيػػة‬
‫العامة باداد ‪ ،1987‬ص‪.132‬‬
‫(‪ )166‬ينظػ ػ ػػر‪ :‬أميػ ػ ػػز‪ ،‬محمػ ػ ػػود‪ ،‬الفػ ػ ػػف التشػ ػ ػػكيمي المعاصػ ػ ػػر‪ ،‬التصػ ػ ػػوير‪ ،‬دار المثمػ ػ ػػث لمطباعػ ػ ػػة والنشػ ػ ػػر‪،‬‬
‫بيروت‪ ،1981،‬ص‪.127‬‬
‫‪149‬‬
‫مضػػاعفة وظائفػػو‪ ،‬ويقػػر "بػػارت" بػػنف عمػػؿ أص ػحاب البنيويػػة التحميميػػة الػػذيف يػػدركوف‬
‫عالق ػػات مج ػػردة يش ػػبو عم ػػؿ الفن ػػانيف المعاصػ ػريف ال ػػذيف يخمق ػػوف أعم ػػانً فني ػػة طبقػ ػاً‬
‫لممبػػادئ المسػػتقمة لموحػػدة‪ ،‬واجػراءاتيـ المتميػزة ىػػي عبػػارة عػػف انتقػػاء لمتنظػػيـ حيػػث يػػتـ‬
‫انتخاب وحدة ما مف الواقع‪ ،‬ليس لمجرد معناىا المتنصؿ بػؿ ألنيػا قػادرة عمػى الػدخوؿ‬
‫فػ ػػي عالقػ ػػات حاسػ ػػمة مػ ػػع وحػ ػػدات أخػ ػػرف وىػ ػػذا يسػ ػػتخرجيا مػ ػػف مضػ ػػمونيا المػ ػػنلوؼ‬
‫ويضػػعيا فػػي تنظػػيـ يعكػػس تنظيم ػاً مقصػػوداً وتكػػوف النتيجػػة استع ارض ػاً لمعمميػػة التػػي‬
‫تسػػبد بموجبيػػا المعػػاني عمػػى األشػػياء ولػػيس األشػػياء كصػػورة لمظ ػواىر الخارجيػػة كمػػا‬
‫ينظر إلييا تقميدياً(‪.)167‬‬

‫إف نم ػػط الص ػػورة التجريدي ػػة يق ػػوـ إذف عم ػػى خمخم ػػة "التعي ػػيف" ف ػػي خمي ػػة الش ػػيء‬
‫المرئي الواقعي لتوليد عالقات ومف ثَّّـ تكوينات غيػر مر ّئيػة وتحفيػز نظػاـ اإلدراؾ لػدف‬
‫المتمقي عمى تايير مساره‪.‬‬

‫(‪ )167‬ينظر كورؾ‪ ،‬جاكوب‪ :‬الماة فػي األدب الحػديث‪ ،‬الحداثػة والتجريػب‪ ،‬ترجمػة ليػوف يوسػؼ وزميمػو‪ ،‬دار‬
‫المنموف لمترجمة والنشر‪ ،‬باداد‪ ،1989 ،‬ص‪.35-33‬‬
‫‪131‬‬
131
‫الفصل الثالث‬

‫طبيعة العالقة في فف الرسـ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫بعػػدا االنغالؽ واالنفتاح‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫الب ػػعد المع ػػجمي‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫التعػػالؽ والدالل ػػة‪.‬‬ ‫‪‬‬


‫طبيعة العالمة في فن الرسم‬
‫إف المش ػػالة الت ػػي ت ير ػػا "س ػػيمياع العالق ػػة الب ػ ػرية" عام ػػةك مش ػػالة مع ػػدة وق ػػد‬
‫ت ػػدل ل ػػا عػػدد مػػف البػػا يفك واتخػػذت د ارسػػت ا اتجا ػػات متباينػػة وتفريعػػات مختلفػػةك‬
‫ػؿ م ػدد و ػو‬ ‫وسوؼ يراز الب ث على خال ة ذا التمدد الب ي لإلفػادة منػ فػي‬
‫"العالمػػة فػػي فػػف الرسػػـ" الت ػػي يماػػف توجي ػ الب ػػث إل ػػى د ارسػػة مسػػلايف رميسػػيف م ػػف‬
‫المتعرجةك و ي السمات التي تـ الترايز علي ا دامما‪.‬‬
‫ّ‬ ‫مسالا ما‬

‫ي ة إف العالمة "في الرسـ" ذات ا بمالم ا الواقعية العديدةك غير‬ ‫األول‪:‬‬


‫مشروطة بالخا يات الداخلية للموضوع الذي تنوب عن ‪.‬‬

‫ػػلة‬ ‫إف أن ػػار ػػذل السػػمة (الذاتيػػة والشػػالية والتجريديػػة فػػي الفػػف) ينفػػوف أيػػة‬
‫تذار لألعمػاؿ الفنيػة باألشػياع والظػا رات الفعليػة فمػف رأي ػـ أف اػؿ إنتػاج إبػداعي ػو‬

‫‪431‬‬
‫نتاج مست ؿ تماـ االسػت الؿ عػف ال يػاة االجتماعيػةك و ػـ يعارضػوف بػذلؾ اػؿ م اولػة‬
‫للبر نة على وجود أية ارتباطات أو عالقات متبادلػة بػيف الفػف والواقػل م لمػا يعارضػوف‬
‫اإلقرار بوجود عالمات جمالية تدؿ على األشياع والظا رات الفعلية التي يجري التعبير‬
‫عن ػػا ف ػػي ال اف ػػة الفني ػػةك و ػػـ يشػ ػ ّاوف أيض ػػا بالرابط ػػة ب ػػيف األش ػػياع وعملي ػػات الواق ػػل‬
‫ويؤاػدوف وجود ػػا المسػػت ؿك فػإذا ارتبطػػت العالمػػة بالظػا رة التػػي تشػػير إلي ػا بفاػرة مػػف‬
‫األفا ػػار فإن ػػا ل ػػف ت ػػؤدي م ػػف النا ي ػػة المنط ي ػػة إالّ ع ػػف ش ػػيع ال معن ػػى لػ ػ ام ػػا ت ػػرل‬
‫"ارستيفا" ذلؾ ب ول ا "أف ضو ار للواقل في أي عمؿ فني يتعذر ال بوؿ ب "(‪.)161‬‬

‫وأشار "موريس" ضمف ذا التوجي بأف جعؿ العالمػة فػي اون ػا تػدؿ بنفسػ اك أي‬
‫إف العالمػػة الوسػػيط بػػيف الشػػيع والعالمػػة الفنيػػة – نفسػ ا ‪ -‬ل ػػا خ ػػامص دالػػة خػػارج‬
‫اي ونيت ػػاك وتو ػػؿ أخيػ ػ ار إل ػػى أف العالم ػػة ف ػػي الف ػػف تتمي ػػز أيض ػػا باس ػػت الل ا الاام ػػؿ‬
‫وااتفام ا الذاتي(‪.)162‬‬

‫الثاااا ي‪ :‬يػػذ ب إلػػى بػػات العالمػػة واسػػتم ارريت ا فػػي عالقات ػػا بالظػػا رة الم ػػدلوؿ‬
‫علي ػ ػػا "الموضػ ػػوع والفعػ ػػؿ" فاالعتباطيػ ػػة النسػ ػػبية للتعػ ػػالؽ بػ ػػيف الموضػ ػػوع‬
‫ػػ ػػي "ف ػ ػػي رأي ػ ػ ػؤالع" الج ػ ػػذور االجتماعي ػ ػػة والتاريخيػػ ػػة‬ ‫والعالم ػ ػػة ال ي‬
‫لعالمات عديدة أخرل(‪.)163‬‬

‫وسنجد أف ناؾ ‪ -‬مل توا ؿ الب ث م اوالت لدمج الرؤيتيف ‪ -‬فبخالؼ بيػرس‬
‫وم ػػوريس ترا ػػز ا تم ػػاـ البني ػػوييف والش ػػاالنييف عل ػػى الس ػػمات التوا ػػلية ونظ ػػروا إل ػػى‬
‫العالمة الفنية على أن ا شبي ة بالعالمة اللغوية ل ا شخ ية العالمة وتتميز بالتعبير‪.‬‬

‫(‪ )161‬ينظر‪ :‬خرابتشناو وآخروف‪ :‬طبيعة اإلشارة الجماليةك دراساتك ترجمة م طفى عبودك دار ال مداني للطباعة‬
‫والنشر عدف ‪ 4981‬ص‪.6‬‬
‫(‪.Morris Signification and Significance, Cambridge Mass,1964,p. 67 )162‬‬
‫(‪ )163‬خرابتشناو‪ :‬وآخروف‪ :‬ص‪.9 -7‬‬
‫‪431‬‬
‫وبػ ػرأي موراافس ػػاي ف ػػاف العالم ػػة ف ػػي الف ػػف يما ػػف رؤيت ػػا عل ػػى ن ػػو خ ػػاص ف ػػي‬
‫عالقت ػػا بػػالمجتمل ي ػػوؿ‪" :‬تنشػػأ الشخ ػػية العالماتيػػة للعمػػؿ الفنػػي أساسػػا مػػف الطبيعػػة‬
‫االجتماعي ػػة للف ػػفك فالبني ػػة الداخلي ػػة للعم ػػؿ الفن ػػي تتجػ ػ إل ػػى اون ػػا منعاس ػػة ف ػػي ذ ػػف‬
‫المسػت بؿ اااتسػػاب لموقػؼ م ػػدد تجػػال الواقػلك و ػػذل الداللػػة االجتماعيػة للعمػػؿ تضػػع‬
‫في عالقة معينة مل نظاـ ال يـ الموجود في المجتمػل الم دد أيدلوجيا"(‪.)164‬‬

‫في يف ي ػدد لوتمػاف سػمات العالمػة فػي الفػف بأن ػا توا ػلية و ػي نظػاـ نمذجػة‬
‫في آف وا دك فاألعماؿ الفنية تتضمف رسامؿ ألغراض التوا ػؿ وت ػدـ فػي الوقػت ذاتػ‬
‫أنموذجػػا متفػػردا للواقػػل ي ػػوؿ‪"" :‬إف التشػػديد علػػى الخ ػػامص التوا ػػلية للفػػف وعالقت ػ‬
‫بػػالواقل بشػػال العػػاـ أمػػر غيػػر قابػػؿ للن ػػاش""(‪ .)165‬وب ػػذا يػػرل لوتمػػاف ان ػ فضػػال عػػف‬
‫الشػػفرات التػػي تنب ػػؽ مػػل إبػػداع األعمػػاؿ الفنيػػة مػػة "لمسػػت لاي" الفػػف شػػفرات ـ الخا ػػة‬
‫األا ر تنوعػاك فػإدراؾ الفػف ػو ترجمػة الشػفرات العالميػة واعػادة تشػفير اك وعلػى مت بػؿ‬
‫العمػػؿ الفنػػي تاػرار فػػؾ شػػفرات الرسػػالة بمسػػاعدة شػػفرة معينػػة‪ .‬بمعنػػى انػ يؤسػػس "لغػػة‬
‫الشفرة"‪.‬‬

‫وفي ضوع ما سبؽ فإننا مدعووف للب ث في ذل األفاار ومناقشت ا للو وؿ إلى‬
‫ا‪.‬‬ ‫قراعة سيميامية لطبيعة العالمة في فف الرسـ واإللماـ بخ ام‬

‫ل د دد "سوسير" العالمة بأن ػا و ػدة ناميػة المبنػى تتاػوف مػف داؿ ومػدلوؿ "امػا‬
‫بينا ذلؾ تف يال فػي الف ػؿ األوؿ مػف الد ارسػة" ويػرل أف سلسػلة األ ػوات ػي الػداؿ‬
‫ػػورة ذ نيػػة ػػي المػػدلوؿ‪ .‬وتنشػػأ داللػػة العالمػػة مػػف‬ ‫التػػي تسػػتدعي فػػي ذ ػػف المسػػتمل‬

‫(‪.Mokarovsky,Jan. Studies in Asthetics praha1966. p. 121 )164‬‬


‫(‪. .Lotman,Yuri:Struktura Khodozhestvennog bckstd,Moscow1970. p31 )165‬‬
‫مأخوذ عف قرص ليزر مف ال اسوب‪ R ""Microsoft""Sign language :‬ترجمة خا ة بالب ث‬
‫للجمعية العراقية للترجمة‪1996-Encyclope did ."R"Encarta .‬‬
‫‪436‬‬
‫الربط بيف الداؿ والمدلوؿك فإذا الت طػت األذف سلسػلة مػف األ ػوات ال ت يػر فػي الػذ ف‬
‫شيما م ددا فال يتـ توليد الداللة وتظؿ ذل األ وات مجرد ضوضاع‪.‬‬

‫واذا افترضػػنا أف الػػداؿ فػػي الرسػػـ ػػو الخطػػوط واأللػواف والعنا ػػر األخػػرل أماػػف‬
‫ػػا التعبيػػر ألن ػػا‬ ‫ال ػػوؿ أف ػػذل العنا ػػر فػػي ترايب ػػا تشػػاؿ "ضوضػػاع ب ػرية" إف‬
‫ورة ذ نية معترفا ب ا "يماف مال ظػة ذلػؾ فػي‬ ‫ترايبيا ت ل خارج الفف و ي ال تشاؿ‬
‫اللو ػػات التجريديػػة بشػػاؿ واضػػا"‪ .‬وعلي ػ فػػاف توليػػد الداللػػة فػػي الرسػػـ ال يػػتـ بالنظػػاـ‬
‫ال وتي نفس ‪ .‬فػال وؿ مػ ال "أيػا بيػت" أو أيػة المػة مرابػة ترايبػا خػارج النظػاـ ال ػارـ‬
‫للغػػة يماػػف أف ي ػػدث شػػرخا فػػي المػػدلوؿ ومػػف ػػـ ال تػػتـ عملي ػة اإلي ػػاؿك فػػي ػػيف‬
‫ياوف المدلوؿ في الرسـ مختلفا اليا عف المدلوؿ اللغػوي ويعتمػد علػى زعزعػة الفػروض‬
‫الدالة أساسا‪.‬‬

‫ونػػرل أف مشػػالة المػػدلوؿ ػػي المشػػالة الم مػػة واألساسػػية لت ديػػد طبيعػػة العالمػػة‬
‫في فف الرسـ‪.‬‬

‫ر عمليات توليػد‬ ‫ل د أق ى "سوسير" مف تعريف عالـ الموجودات في الواقل و‬


‫الداللة في نطاؽ نفسي وذ ني واذا مػا افترضػنا مػل سوسػير أف عمليػة الداللػة تػتـ بػيف‬
‫المف وـ وال ورة السمعية فإن ػا فػي الرسػـ ال تاػوف اػذلؾك ألف متػا ؼ الفػف واللو ػات‬
‫المعا ػ ػرة يج ػػب أف تعتم ػػد ف ػػي تفس ػػير ا عل ػػى ال ػػورة الذ ني ػػة للمش ػػا د‪ .‬وعل ػػى ػػذا‬
‫األسػػاس توجػػب أف ن ػػيـ قواعػػد تعاقديػػة ػػوؿ مػػدلوالت األل ػواف يماػػف ت بل ػػا مػػف قبػػؿ‬
‫مجموعة معينة م ؿ اللغةك و ذا ما ال يرتضي الفف‪.‬‬

‫وتأسيس ػػا عل ػػى ذل ػػؾ ف ػػاف العالم ػػة ف ػػي ف ػػف الرس ػػـ ت ػػدخؿ ف ػػي نظ ػػاـ آخ ػػر وتنف ػػرد‬
‫بخ امص يماف متابعت ا اما يأتي‪:‬‬

‫‪437‬‬
‫إف أيػػة عالمػػة داخػػؿ اللو ػػة التشػػايلية ػػي عالمػػة اي ونيػػة الف ال َّر ْسػػـ نفس ػ يبػػدأ‬
‫بالعالمػػة االي ونيػػة‪ .‬نػػاؾ داممػػا شػػاؿ ب ػػري معػػيف يماػػف عزل ػ اي ونيػػا أو مؤش ػريا ال‬
‫رمزياك على سبيؿ الم اؿ‪ :‬فعالمة غيمة تؤشر ما تتضمف و و المطر‪.‬‬

‫و ا ػػذا يمانن ػػا تأاي ػػد أف العالم ػػة المؤش ػػر تػ ػرتبط بج ػػانبيف األوؿ وظيف ػػي وال ػػاني‬
‫راز علي ػا "بيػرس"‬ ‫تداوليك و ذاف الجانباف يب ياف في دود السيمياع االجتماعية التي ّ‬
‫نفس ػ ‪ .‬الجانػػب األوؿ ػػو تأسػػيس نػػوع مػػف الم ػوالت "ال ادفػػة" أو التوا ػػليةك و ػػذا مػػا‬
‫يدفعنا إلى تأايد أف ػذا النػوع مػف العالمػات قػد أسػس اتجا ػات م ػددة فػي الفػف ػي‪:‬‬
‫البوسػػتر أو اإلعػػالف الػػذي تشػػير العالمػػة في ػ إلػػى داللػػة وظيفيػػة فػػي داخػػؿ المجتمػػل‬
‫ويما ػػف قراعت ػػا م ػػف خ ػػالؿ الع ػػود داخ ػػؿ ال اف ػػة اإلنس ػػانية‪ .‬إف مجموع ػػة أ ػػابل ف ػػي‬
‫ف فارغ تشير مباشرة إلى الجوع أو الغػذاع‪ ..‬وا ػر انػزالؽ عجلػة السػيارة يػدؿ علػى‬
‫وقوع ادث وتشير خطوط العبور في الشارع إلى وجود نظاـ للمرور‪.‬‬

‫إف العالمات التي تاتسب داللت ا مف الطبيعة االجتماعية و"االي ونية" أو تاتسب‬
‫مالزمات ػػا م ػػف الس ػػياؽ الت ػػاريخي لل ػػذ ف البش ػػري اال ػػدخاف للن ػػار والط ػػرؽ عل ػػى الب ػػاب‬
‫للعاقؿ أو مف سياؽ تاريخي م ػدد اػاألبيض لل ػزف فػي مجتمػل مػا وللفػرح فػي مجتمػل‬
‫آخػػر‪ ...‬ػػذل العالمػػات تنسػػب إلػػى مر لتي ػػا االي ونيػػة والمؤشػريةك يماػػف التعامػػؿ مع ػػا‬
‫"داخؿ اللو ة" على أسػاس رات ػا الترايبيػة إي المر لػة الرمزيػة للعالمػة علػى سػاب‬
‫وبعبارة أخرل ستاوف ذل العالمات عبارة عف شد مف الجزميات توجد في‬ ‫(‪)166‬‬
‫بيرس‬
‫ػاف تجػدل‬ ‫ال وؿ األدبية والفنية ال ا مف شعر ورواية ومسػرح وسػينما‪ ..‬الػ فػرأس‬
‫عند امرئ ال يس وعند جواد سليـك وبيااسو وفيالساز‪.‬‬

‫إف ػػذل الم اربػػات ػػوؿ طبيعػػة العالمػػة الجماليػػة يماػػف أف تأخػػذ مػػديات مختلفػػةك‬
‫فالعالمة يماف أف تنوع بم موالت متعػددة اشػارية أو اي ونيػة لان ػا تتجػ ن ػو تػأويالت‬
‫مختلفػػة ب سػػب أسػػلوب عرض ػ ا وترتيب ػػاك وف ػػي الرسػػـ يماػػف ت ديػػد ػػذل االتجا ػػات‬

‫(‪ )166‬ينظر‪ :‬داؿك لوجيرارك بيرس أو سوسيرك م در سبؽ ذارل ص‪.441‬‬


‫‪438‬‬
‫ػ ػػر ا‪ :‬س ػ ػرياليك واقعػ ػػيك رومانسػ ػػيك تاعيبػ ػػي‪ ...‬ال ػ ػ ‪ .‬أمػ ػػا إذا أ ػ ػػب ت ب سػ ػػب‬ ‫و‬
‫األسلوب خارج ال درة التأويلية للمتل ي فاف قبول ا يشاؿ ب د ذات مشالة و ذا ما يفسر‬
‫النفور مف الفف ال ديث‪.‬‬

‫إف س ػػمات العالم ػػة "المنط ي ػػة والتعبيري ػػة" تتع ػػارض م ػػطل ا بم ػػطلا ف ػػاوراؽ‬
‫الشجر خضر بشاؿ عاـ و ػو أمػر منط ػيك لاػف لػيس اػؿ األوراؽ خضػ ار وليسػت اػؿ‬
‫األش ػػياع الخض ػػر أو ارق ػػا بالض ػػرورة(‪ .)167‬و ػػذا م ػػاي ػػدد معن ػػى األخب ػػارك ل ػػذلؾ ا ػػاف‬
‫بإماػػاف الرسػػاـ الاالسػػياي أف يرسػػـ األوراؽ خض ػ ار واالنطبػػاعي يرسػػم ا م ػ ار باامػػؿ‬
‫ريت ك َّ‬
‫ولاف ناؾ انساقا أخػرل تاػوف في ػا األوراؽ شػيما آخػر‪ ..‬أي شػيع‪ ..‬امػا فعػؿ‬
‫موندرياف في لو ة الشجرةك ففي الرسـ يماف لداؿ وا د أف يتخذ مدلوالت عديػدة أو أف‬
‫مدلوال وا دا يستطيل أف يعبر عف نفس بعدد مف الدواؿك و ذا و ػاؿ العالمػة الفنيػة‬
‫التي ياوف في ا التواضل ضعيفا وتاوف الوظيفة الت ويرية متطورة واإلشارة مفتو ة‪.‬‬

‫والس ػ ػؤاؿ الػ ػػذي يماػػػف أف ي ػ ػػار اوف ػػػو ػ ػػؿ يماػ ػػف أف ت ػػدؽ مر لتػ ػػا اي ونيػ ػػة‬
‫العالمة ومؤشريت ا على الفف ال ديث‪.‬‬

‫إف لو ات "ااندنساي" ال تشير إلػى موضػوعة معينػةك فالعالمػات ػي عبػارة عػف‬


‫ايفيػػات متعػػددة "أل ػوافك وأشػػااؿ غيػػر منتظمػػة ومسػػا ات "وب ػػذا المعنػػى ال يماننػػا أف‬
‫ن ػػوؿ شػػيما" فػػي الت ليػػؿ "مػػف دوف عالمػػة مؤولػػةك إذ أف اػػؿ ت ليػػؿ للعالمػػات يسػػتدعي‬
‫م ؿ ذل العالمة التػي ت يػؿ المم ػؿ إلػى الموضػوع الػذي يم لػ ك فمػاذا تم ػؿ ػذل الب ػل‬
‫ػػؿ تؤشػػر ػػذل إلػػى األلػواف إلػػى م ػوالت م ػػددة أـ أف األلػواف نفسػ ا عالمػػة‬ ‫اللونيػػة‬
‫مغل ػػة علػػى نفسػ ا وبػػذات ا وال ت يػػؿ إلػػى شػػيع خارج ػػا‪ .‬واذا اػػاف األمػػر اػػذلؾ فػػاللوف‬
‫والخػػط والن طػػة ػػي داؿ اللػػوف والخػػط‪ ...‬الػ واف المػػدلوؿ ػػو الرسػػـ نفسػ مػػف خػػالؿ‬
‫طري ػػة إنتاج ػ وت ابالت ػ وترايب ػ ‪ .‬فوجػػود ن طػػة م ػراع فػػي لو ػػة وفػػي الجانػػب اوخػػر‬

‫(‪ )167‬ينظر جيروك بير‪ :‬علـ االشارلك م در سبؽ ذارل ص‪.19-41‬‬


‫‪439‬‬
‫ن طة خضراع ال تدؿ إالّ على "األبعاد" بيف اللونيف والمسػافة بػيف الن طتػيف ػي مػدلوؿ‬
‫ذا الترايب‪.‬‬

‫الس ػؤاؿ ال ػػاني الػػذي يالمػػس ت ليػػؿ العالمػػة فػػي الرسػػـ ػػو ػػؿ ل ػػذا النػػوع مػػف‬
‫األعماؿ الفنية ال درة على تشايؿ أنموذج ما لمعنى م دد‬

‫إف مف ػوـ النمذجػة الػذي ن ػض بػ أ‪ -‬ايفػػانوؼ جػدير بت ليػؿ طبيعػة العالمػة فػػي‬
‫غير للعالـ مف يث وجود ػا واف أي عمػؿ‬ ‫فف الرسـك فاللو ة اما يرل ي أنموذج‬
‫فنػػي يضػػل العػػالـ الخػػارجي فػػي ت ػػور ذ نػػي ػػو نسػػؽ أو أنمػػوذج ومػػف ػػـ فػػاف الرسػػـ‬
‫يختلؼ مف يث طبيعت على خلؽ األنموذج ويضل ايفانوؼ الرسـ والفنػوف فػي درجػة‬
‫اق ّؿ أو ي انوية في خلؽ النمذجة(‪ .)168‬وربما فات ايفانوؼ أف نظاـ الرسـ ال ي تػرب‬
‫م ػػف ي ػػث م ػػا ػػو منط ػػي ف ػػي النمذج ػػةك ب ػػؿ إف ػػذا النظ ػػاـ ػػو أعل ػػى م ػػف المنط ػػؽ‬
‫المفترض سلفاك ذلؾ إف النمذجة تشاؿ في د ذات ا دودا معترفا ب اك إما ال دود فػي‬
‫الرسػػـ ف ػػي ػػدود قابليتػ علػػى تشػػايؿ نفسػ وخلػػؽ نمذجػػة بػػذات اك وب ػػذا ال يماػػف عػػد‬
‫الرسـ وسيلة لن ػؿ المعلومػاتك واذا مػا افترضػنا انػ اػذلؾ فاللو ػة سػتنت ي بانت ػاع ف ػـ‬
‫ػا التعبيػرك علػى الػرغـ مػف انػ ال‬ ‫ػ فا تاريخيػة إف‬ ‫م ولت ا وت با متػا ؼ الفػف‬
‫يماػ ػػف نا ػ ػراف إف الرسػ ػػـ يتضػ ػػمف معلومػ ػػات وم ػ ػوالت ولان ػ ػ ال يماػ ػػف ت ػ ػػنيؼ ػ ػػذل‬
‫المعلومات على أن ا "إعالنية" أو ي في نطاؽ علـ السبرنطي ا(*)‪.‬‬

‫وفػػي ضػػوع ذلػػؾ يماػػف ال ػػوؿ إف للرسػػـ مرونػػة دالليػػة تنطلػػؽ من ػػا قابليػػة العالمػػة‬
‫لالنفتػػاح علػػى أا ػػر مػػف مػػدلوؿ ومػػف ػػـ تتجػػاوز بعػػد ا التسػػجيلي وترتفػػل إلػػى العالميػػة‬
‫والعموـ‪.‬‬

‫وب ػػدي ي أف ف ػػـ اللو ػػة م ػػف جان ػػب "المتل ػػي" أم ػػر ض ػػروري ت ػػى تس ػػتطيل ػػذل‬
‫اللو ػػة العمػػؿ ب ػػورة فعالػػةك فاللو ػػة رسػػمت اػػي "تُشػػا د" علػػى أف أم ػ ار م ػػؿ ػػذا ال‬

‫(‪ Lotman,Yuri in Artistic Creativity and man p. 489 )168‬م در سبؽ ذارل‪.‬‬
‫(*) علـ السبرنطي ا‪ :‬و العلـ الخاص بتخزيف ون ؿ المعلومات آليا ودراسة الذااع ال ناعي‪.‬‬
‫‪411‬‬
‫يتمخض عف عرؼ جمالي ‪ -‬اجتماعي وانما يعد بمنزلة استيعاب مت رؾ للنتػامج التػي‬
‫يػػتمخض عن ػػا اإلدراؾ الفنػػي للعػػالـ فضػػال عػػف ذلػػؾ ‪ -‬و ػػذا جانػػب بػػال األ ميػػة ‪ -‬فػػاف‬
‫التعميمػ ػػات اإلبداعيػ ػػة الابػ ػػرل غالبػ ػػا مػ ػػا ال يػ ػػتـ االعت ػ ػراؼ ب ػ ػػا علػػػى الفػ ػػور مػػػف قبػ ػػؿ‬
‫المشػػا ديفك امػػا أن ػػا ال تمػػارس أي تػػأ ير أساسػػي علي ػ ك فللعالمػػة الفنيػػة عػػادة معنػػى‬
‫ي ػاوـ تعػدد التفسػػيرات وذلػؾ لفتػرة معينػػة مػف الوقػػت فػي األقػؿك و ػػذا أمػر طبيعػػيك ألف‬
‫تعػػدد المعػػاني الػػذي ال يماػػف أف ترتدي ػ العالمػػة يعيػػؽ وجود ػػا وتػػوفر قػػد ار معينػػا مػػف‬
‫الف ـ ال ابت يعد شرطا م ما مف شروط عمؿ العالمػة‪ .‬وال ػؽ انػ إذا مػا بػدلت الداللػة‬
‫مف معنا ا فاف عالقت ا بما تدؿ عليػ تف ػد ديمومت ػا فػي داخػؿ ال افػة السػامدة والػوعي‬
‫إذف البد للعالمة في الرسػـ مػف أف تنفػتا فػي نظػاـ رمػزي وتفسػر‬ ‫(‪)169‬‬
‫المعرفي في آن‬
‫في ضوع ذا النظاـ ي وؿ "بارت" في معػرض دفاعػ عػف التفسػير الرمػزي للفػف إف أي‬
‫عمػؿ فنػػي باعتبػارل رمػ از ينطػوي علػػى مع ي‬
‫ػاف متعػػددة ويرجػل سػػبب ذلػؾ إلػػى بنػاع العمػػؿ‬
‫ػػادر عػػف الػػذيف ي رمونػ ‪ .‬و ػػذا األمػػر بالػػذات ػػو الػػذي جعػػؿ مػػف‬ ‫ذاتػ ال إلػػى عجػػز‬
‫ػورةك وانمػا ػو مجموعػة مػف المعػاني المتعػددة(‪.)170‬‬ ‫العمؿ عمال رمزيػاك الرمػز لػيس‬
‫و اذا‪ ..‬فإننا اوف بإزاع نوعيف مف العالمات‪:‬‬

‫أ‪ .‬عالمات الموضوع‪:‬‬

‫"االي ونية والمؤشرية في قيمت ػا االجتماعيػة "الع ديػة" والتاريخيػة "التوا ػلية" "الفػف‬
‫الاالسياي"‪.‬‬
‫ب‪.‬عالمات ب ية العرض‪:‬‬

‫الخطػػوط األل ػوافك الاتػػؿك الفضػػاعك المسػػافةك المنظػػورات مجػػردة عػػف موضػػوع ا‬
‫"الرسـ ال ديث"‪.‬‬

‫(‪ )169‬ينظر خرابتشاو وآخريف‪ -‬م در سبؽ ذارل ص‪.43‬‬


‫(‪ )170‬الم در السابؽ ص‪.41‬‬
‫‪414‬‬
‫واذا ااف ذلؾ أوؿ و لة يفػرض علػى الب ػث أف يسػتعمؿ أداتػيف مختلفتػيف لت ليػؿ‬
‫ػي ػذل ال ناميػة‬ ‫الرسـ على سب الطبيعة "الواقعيػة والتجريديػة"‪ :‬فانػ يفضػي لاػي ي‬
‫و ػ ػوال إل ػػى الو ػػدة المن جي ػػة ف ػػي الت لي ػػؿ الس ػػيميامي أف يعي ػػد عالم ػػات بني ػػة الرس ػػـ‬
‫المجػػردة إلػػى مر لػػة االي ونيػػة والمؤش ػرية لاػػي يػػدمج ا فػػي عالمػػات الموضػػوع وب ػػذا‬
‫يماف أف نرل شاؿ العيف امػا نػرل خطػا متعرجػا أو ن ػس ب ػؿ بطػف امػا ن ػس ب ػؿ‬
‫اتلة‪.‬‬

‫أف مربعا خالص الزرقة ليس و عالمة قادمة مف الزرقة للمػاع والربيػل بػؿ يماػف‬
‫ػيفتا فػي‬
‫أف تاوف عالمة مبنية على وفؽ عالقات ا مػل األلػواف األخػرل‪ ...‬واػؿ ػذا س ّ‬
‫مب ث (( ُبعدي االنغالؽ واالنفتاح))‪.‬‬

‫ُب ْعدا اال غالق واال فتاح‬

‫النسػػؽ الػػداؿ إلنتاجػ ومػػف ػ َّػـ‬


‫طب ػا للمػػن ج السػػيمياميك فإننػا مػػدعووف للب ػػث فػي َّ‬
‫ب يػػا عػػف طريػػؽ إنتػػاج النسػػؽ الػػداللي‪ ...‬المػػتالـ علػػى النسػػؽ الػػداؿ‪ .‬أف اللو ػػة ػػي‬
‫ؽ الداؿ وما نتالـ في اوف على "اللو ة" و ما يتجاوز الاالـ الخارجي أو الاػالـ‬ ‫َّ‬
‫النس ُ‬
‫المفس ػػر إل ػػى بن ػػاع نس ػػؽ يوض ػػل ب ػػإزاع نس ػػؽ اإلب ػػداع وذل ػػؾ بت لي ػػؿ عالم ػػات األخي ػػرك‬
‫ّ‬
‫ونظام ػ الترايبػػي والتػػداخالت السػػياقية "السػػياؽ المتما ػػؿ" الػػذي يتاػػوف فػػي الػػنص ومػػا‬
‫ي ػيط بػ ك ممػا يعػزز شػرح الو ػدات الماونػػة للرسػـ قبػؿ أف تػدخؿ فػي شػباة تعال ات ػػاك‬
‫ففي لو ة الشجرة "لموندرياف" يعد ف ـ العنا ر نوعا مف اإلضاعة التي تُفيػد فػي األقػؿ‬
‫في تعزيز الب ثك غير أف السياؽ الخارجي أو السػياؽ "الالمتما ػؿ" قػد يتجػاوز سػلطت‬
‫ب يػػث يسػػلب الػػنص جػػو رل الفنػػيك و اػػذا ُينظػػر للسػػيمياع أو "المػػن ج السػػيميامي" علػػى‬
‫رد فع ػػؿ عل ػػى المن ػػا ج التاريخي ػػة واالجتماعي ػػة والنفس ػػية الت ػػي اان ػػت تنطل ػػؽ م ػػف‬
‫أن ػػا ّ‬
‫السياؽ الالمتما ؿ(*) لتفسير النصك فمػ ال لت ليػؿ عمػؿ فنػي اانػت المنػا ج والد ارسػات‬

‫(*) ويعني السياؽ الذي ليس مف طبيعة الفف سب م ولة تدوروؼ في الفار العربي المعا ر مراز اإلنماع‬
‫ال ومي العدد ‪11‬ك بيروت‪ 4986‬ص‪.49‬‬
‫‪411‬‬
‫الت ليدية ن ب جؿ ا تمام ا على ياة الفناف وال راعات االجتماعية في أ ناع انجػاز‬
‫العمؿ وااليدلوجيات الم يمنة والتطور االقت ػادي للمجتمػل‪ ...‬الػ أي د ارسػة أشػياع ال‬
‫ت ػػدـ نفس ػ ا اعنا ػػر "ن ػ ّػية" وانمػػا اعنا ػػر فػػوؽ ن ػ ّػية أو فػػوؽ لغػػة الرسػػـ نفس ػ ا‪.‬‬
‫وعلى وفؽ ذلؾ فالسؤاؿ المطروح نا و‪:‬ايؼ يماف ت ويـ الم اربػة السػيميامية ووضػل‬
‫من جا في تفسير اللو ة ‪.‬‬

‫ال ينبغػػي لنػػا ‪ -‬فػػي ضػػوع ػػذا المػػن ج‪ -‬أف نتسػػاعؿ‪ :‬ػػؿ‪ .‬تم ػػؿ ػػذل اللو ػػة تلػػؾ‬
‫ػػو ل ػػيس م ػػاذا ت ػػوؿ ػػذل اللو ػػةك وم ػػا‬ ‫ال ي ػػة أـ ال‪ ...‬الش ػػيع الو ي ػػد ال ػػذي نبغيػ ػ‬
‫معنا ػػاك بػػؿ ايفيػػة تشػػايل ا واشػػتغال ا ألن ػ ال ينبغػػي لنػػا البر نػػة علػػى مػػا ػػو ُمبػ ْػر ْف‬
‫علي ػ سػػلفا وموضػػوع فػػي برنػػامج قبلػػي للتفسػػير‪ .‬لػػذلؾ يتطلػػب ت ليػػؿ العالمػػة فػػي فػػف‬
‫الرسـ‪ -‬من جيا ‪ -‬ت ديد اإلطار الذي ي اػـ راتنػا علػى أطػراؼ عمليػة اإلنتػاج الفنػي‬
‫وعلى أ ـ عنا ر ذا العمؿ و ي "اللو ة" المتضمنة "رسالة" ما‪.‬‬

‫يماننػػا الػػدخوؿ إلػػى ذلػػؾ مػػف التأايػػد مػػل نػػري فوسػػيوف" "ب ػأف الفػػف يشػػاؿ عالمػػا‬
‫ت ام ػ ق ػوانيف خا ػػة ب ػ و ػػو آلػػة فػػي مجموع ػة الظ ػوا ر اإلنسػػانيةك لاػػف ل ػػذل اولػػة‬
‫نبرت ػػا الخا ػػة ووقع ػػا الخػػاص ول ػػا فػػوؽ ذلػػؾ تاوين ػػا المختلػػؼ عػػف تاػػويف غير ػػا‬
‫ويخضل استعمال ا ل واعد موضوعة ل ا سلفا""(‪.)171‬‬

‫واذا أمعنػػا النظػػر فػػي ػػذل الم ولػػة فسػػتاوف آليػػات تأويػػؿ الفػػف مختلفػػة عػػف آليػػات‬
‫تأويػػؿ الواقػػل وسػػنذ ب مػػل الفا ػرة التػػي ت ػػوؿ أف باسػػتطاعة الفػػف أف يفػػتا التأويػػؿ إلػػى‬
‫المطلؽ واف أي م اولة لغلؽ ذا التأويؿ والتفسير ومف ـ غلػؽ الم مػوالت التػي ينػوع‬
‫ب ا ال امؿ "الشاؿ في اللو ة الذي ي وـ بم موالت املة ليس ل ا ن اية" سترجعنا إلى‬
‫اعتبار الفف جزعا مف الوقامل االجتماعية االزواج وال ب والا ار ية وال رب‪ ...‬الػ ك أو‬
‫إرجاع ػ إلػػى الوقػػامل الوجوديػػة التػػي تتعلػػؽ بػػالموت و ال يػػاة و"الميتافيزي ػػا" أو الوقػػامل‬

‫الح برمدا ج‪ 4‬منشورات و ازرة ال افة واإلرشاد‬ ‫(‪ )171‬ينظر وين ك ريني ‪ :‬الفف تأويل وسبيل ك ترجمة‬
‫ال ونيك دمشؽ‪4978‬ص‪.17‬‬
‫‪413‬‬
‫النفسية المتلع ة بالذاتك وعند ذاؾ سن مل في تفسػيراتنا فاػرة المشػا دة ذات ػا وسػنت رؾ‬
‫على أطراؼ ذل الم والت الم ددة والم ررة سلفا(‪.)172‬‬

‫أف الم ولػػة التػػي يجػػب تأايػػد ا ػػي أف آليػػة التأويػػؿ بػػالفف ال تشػػب آليػػة التأويػػؿ‬
‫بػػالواقل ولػػو اانػػت اتػػاف اوليتػػاف متشػػاب تيف لاػػاف الفػػف قػػد نفػػد منػػذ زمػػف بعيػػد يػػث‬
‫ي ػػبا المشػػا د مػػزودا بالتفس ػػير ال بلػػي للعػػروض التش ػػايلية وت مػػل المشػػا دة نفسػ ػ اك‬
‫ا يث إماانية االستعاضة عن بطريؽ آخػر للو ػوؿ إلػى‬ ‫وياوف ال جدول الفف مت‬
‫المايػؼ" وفػؽ نظػاـ معمػوؿ ومبػرمج قػبالك وب ػذا المعنػى‬ ‫ال ي ة التي يب ػث المشػا د " ّ‬
‫ياػػوف الو ػػوؿ إلػػى ال ي ػػة المف ػػودة أ ػػـ مػػف اللو ػػة الفنيػػةك و ػػذا مػػاال يرتضػػي الفػػفك‬
‫ألف ال امؽ في الفف ي ليست ال امؽ المنط ية والمدراة في الواقػل(‪ )173‬ال ي ػة فػي‬
‫ي‬
‫لمعاف متعددة في أف يجعلؾ مب و ار ومد وشا مػف‬ ‫الفف ي تماسؾ العمؿ الفني و مل‬
‫خ ػػالؿ إطالقػ ػ شػ ػ نات"م ػػف النا ي ػػة االنطباعي ػػة "ال أف يعطين ػػا أو يو ػػلنا إل ػػى درس‬
‫أخالق ػػي "واف تض ػػمن " الف اللو ػػة الفني ػػة ال ب ػػد أف تنط ػػوي عل ػػى مض ػػاميف اجتماعي ػػة‬
‫ودروس أخالقية وفي ا تسجيؿ مف خالؿ شاؿ م ػدد م مػا اػاف ػذا الشػاؿ "مجػردا أو‬
‫معينػػا" ألف ػػذا الشػػاؿ سػػينفتا بعػػد أف ُي ّمػػؿ بم م ػوالت ال ن اميػػة عنػػدما يت ػػوؿ مػػف‬
‫شاؿ إلى معنى وعند ذاؾ ياوف ذا الشاؿ "الذي و معنى في الوقػت نفسػ " يتضػمف‬
‫"لو ػػة بج ػػو ر تأويل ػػا المنف ػػتا مطل ػػؽ‬ ‫بالتض ػػمف أش ػػياع ا يػ ػرة وتا ػػوف اللو ػػة‬
‫التأويؿ" وبغير ذا سوؼ ال تنتمي ذل اللو ة للفف بؿ للوقامل وت با وسػيلة إعالنيػة‬
‫لم ولة ما(‪.)174‬‬

‫(‪ )172‬د‪ .‬غزوافك عنادك م اضرات على طلبة الداتورال وؿ تأويؿ النص الوتناميك الية الفنوف الجميلةك‬
‫مسجل على شريط "ااسيت"‪.‬‬
‫(‪ )173‬ينظر‪ :‬المسديك عبد السالـ‪ :‬في آليات الن د األدبيك دار الجنوب للنشرك تونس ‪ 4991‬ص‪ 34‬وما‬
‫بعد ا‪.‬‬
‫ايـك دار الشؤوف ال افيةك بغداد ‪4986‬‬ ‫(‪ )174‬ينظر‪ :‬فلسفة الفف عند سوزاف النجرك إعداد راضي‬
‫ص‪.18‬‬
‫‪411‬‬
‫(‪)175‬‬
‫فالجماليػػة مراػزة ويغػػدو الجمػػاؿ ػػو قػوانيف‬ ‫وبت ريػػر أف الفػػف "مطلػػؽ التأويػػؿ"‬
‫تماسػػا وتنػػاظرل وتوازن ػ ك بػػؿ يماػػف ال ػػوؿ مػػف أف ػػذل ال ػوانيف مضػػمرة بالشػػاؿ الػػذي‬
‫يتلبس المعنػى وال ي ويػ ك فالعالقػة بػيف الشػاؿ والمعنػى عالقػة نسػيجية وليسػت وعاميػة‬
‫واذا مػػا افترضػػنا أف باسػػتطاعتنا إخ ػراج نسػػيج الشػػاؿ وعنا ػرل مػػف ػػذل العالقػػة و ػػي‬
‫سيسلب‪.‬‬
‫عنا ر "اللوفك الخطك الاتلة‪ ...‬ال " فإننا ن اـ علي بالموت ألف وجودل ُ‬
‫ل ػػد اان ػػت المن ػػا ج م ػػا قب ػػؿ الس ػػيميامية تنظ ػػر إل ػػى الش ػػاؿ والمعن ػػى اظ ػػا رتيف‬
‫منف ػػلتيف والعالقػػة بين مػػا عالقػػة وعاميػػة وعنػػدما اػػاف الفػػف يف ػػـ علػػى ان ػ انعاػػاس‬
‫ػػب زمانيػة بعيػػدة‬ ‫للواقػل اانػػت معرفػة الواقػػل ػي التػػي تػدير عمليػػات معرفػة الفػػف فػي‬
‫ومتع ػػددةك ف ػػالواقل ي ػػدير عملي ػػات الف ػػف وي ػػزودل بشلياتػ ػ ك وب ػػذا المعن ػػى فالش ػػاؿ وع ػػاع‬
‫المضموفك وااف الم ّـ ما في الوعاع وليس الوعػاع ذاتػ (‪ .)176‬وظلػت ػذل المعرفػة فػي‬
‫بعػػض وج ػػات النظػػر المعا ػرة تػػى اليػػوـ تؤاػػد ػػذا الف ػػؿك بػػؿ إف اتجا ػػات الن ػػد‬
‫الت ليدية ما تزاؿ تس ط آليات المضموف على الشاؿ وت ددل سػلفا ومػف ػـ أسسػت ػذل‬
‫المنا ج معجما مف المترادفات ال بلية التي تمان ا مف قراعة العمؿ الفني بوضل مبػادئ‬
‫للت ليؿ والتفسير في ضوع ذلؾ المعجـ‪ .‬واستمر الن ػد التشػايلي يػؤطر مفا يمػ بإطػار‬
‫"المعجػػـ" واضػػعا قياسػػات بالم ارنػػة والتطبيػػؽ‪ .‬وألجػػؿ تطبيػػؽ ذلػػؾ من جيػػا فػػاف الب ػػث‬
‫سػيمر ب ػذا "المعجػـ" و ػوال إلػى بنيػة التعال ػػات التػي يؤسسػ ا داخػػؿ اللو ػةك لاػف قبػػؿ‬
‫ذل ػػؾ علين ػػا أف ن ػػتالـ عل ػػى تل ػػؾ الو ػػدات أو "الموتيف ػػات" أو التم ػػايزات "الالم ػػات ف ػػي‬
‫المعجـ اللغوي" داخػؿ نظػاـ الرسػـ والسػؤاؿ ػو‪ :‬ػؿ تم ػؿ الو ػدات داخػؿ نظػاـ الرسػـ‬
‫عالمػػات نتنػػاوؿ بػػادئ ذي بػػدع الطري ػػة التػػي تػػؤدي ب ػػا األنظمػػة الجماليػػة و"الرسػػـ‬
‫خا ة" وظيفت ا‪.‬‬

‫(‪ )175‬مفتاح‪ :‬د‪ .‬م مد‪ :‬التل ي والتأويؿك المراز ال افي العربيك بيروت ‪4991‬ص‪.98-91‬‬
‫(‪ )176‬د‪ .‬المطلبيك مالؾك م اضرات على طلبة الدراسات العليا وؿ الت ليؿ البنوي للرسـ مسجلة على‬
‫شريط "ااسيت"‪.‬‬
‫‪411‬‬
‫إف قض ػ ػػية وج ػ ػػود الو ػ ػػدات تط ػ ػػرح نفسػ ػ ػ ا للمناقش ػ ػػة بالنس ػ ػػبة للفن ػ ػػوف التش ػ ػػايلية‬
‫"الت ػػويرك الرسػػـك الن ػػت‪ ...‬ال ػ ك والس ػؤاؿ ػػو عػػف طبيعػػة ػػذل الو ػدات ف ػإذا تعلػػؽ‬
‫األمر باأللواف فعلينا أف نعترؼ أن ا تشاؿ سلما يماف تخ يص درجات األساسية مف‬
‫تعيف ويشار إلي ا ولان ا تشير إلى شػيع خارج ػا وال تػو ي بشػيع‬ ‫خالؿ تسميت اكإن ا ّ‬
‫ابػػت معػػروؼ أو م ػػدد إذ يختػػار الفنػػاف األل ػواف ويخلط ػػا وي ػػوغ ا ايػػؼ شػػاع علػػى‬
‫اللو ػػةك وال تُش ػ َّػا ْؿ ػػذل األلػ ػواف تش ػػايال ن امي ػػا س ػػول داخ ػػؿ "التا ػػويف" نفسػ ػ وتاتس ػػب‬
‫داللت ا ف ط في اون ا واقعة في عالقة أي نافية لذات ا‪.‬‬

‫إف الفنػػاف يخل ػػؽ س ػػيميوطي ا خا ػػة بػ ػ ويؤس ػػس تعارضػػات ف ػػي خط ػػوط يض ػػفي‬
‫علي ػػا الداللػػة مػػف خػػالؿ تنسػػي ا "الترايػػب" و ػػو بػػذلؾ ال يتسػػلـ قاممػػة مػػف العالمػػات‬
‫جػػا زة قبليػػا معترفػػا ب ػػا فػػي ضػػوع الع ػػد البيمػػي وال ػػو ي ػػوـ بتأسػػيس قاممػػة أيضػػا‪..‬‬
‫ف ػػاللوف ‪ -‬ػػػذل المػ ػػادة الخػ ػػاـ ‪ -‬يشػػػتمؿ عل ػػى تش ػ ػايلة ال ن امي ػػة م ػػف الف ػ ػوارؽ الدقي ػػػة‬
‫المتدرجة غير أن ا ال تجد م ابال لغويا ل ا أو معنى معجميا‪.‬‬

‫الفنوف التشايلية تنتمي إلى مسػتول آخػر ػو مسػتول التم يػؿك يػث يتػشلؼ الخػط‬
‫والل ػػوف وال را ػػة وت ػػدخؿ ف ػػي مجموع ػػات ت ام ػػا ض ػػرورات داخلي ػػةك إف ػػذل األنظم ػػة‬
‫متمي ػ ػزة وذوات تع يػ ػػدات جمػ ػػة وال ت ػ ػػدد و ػ ػػدات ا إالّ مػ ػػف خػ ػػالؿ سػ ػػيمولوجيا تاتشػ ػػؼ‬
‫العالق ػػات الدال ػػة ف ػػي اللغ ػػة الفني ػػة داخ ػػؿ العم ػػؿ الفن ػػي نفسػ ػ و ػػذا م ػػا ي ػػاوؿ الب ػػث‬
‫الو ػػوؿ إلي ػ ‪ .‬الفػػف لػػيس سػػول عمػػؿ معػ ّػيف يسػػتند إلػػى تعارضػػات وقػػيـ مػػف دوف أف‬
‫ينظر إلى "إ الة" يث ي ل علػى عات ػ التعبيػر عػف رؤيػة تخضػل لمعػايير‪ -‬واعيػة أو‬
‫غير واعية ‪ -‬يجسد ا العمؿ وي با في جملت شا دا علي ا‪.‬‬

‫واذا اػػاف ممانػػا أف نفػػرؽ بػػيف األنظمػػة التػػي يطبػػل الااتػػب الداللػػة علي ػػا والتػػي‬
‫تعبر في ا عف ذل الداللة الو دات األولية منفردة بمعزؿ عف العالقػات التػي يماػف أف‬
‫تدخؿ في اك فاف الداللة في الفف ال ت يؿ أبدا إلى عرؼ يسػت بل أطػراؼ ال ػوار بطػرؽ‬

‫‪416‬‬
‫ويت تـ الاشؼ عػف ػذل الداللػة إذ ال ن ايػة ل ػا مػف خػالؿ العػدد امػا أن ػا‬ ‫(‪)177‬‬
‫متما لة‬
‫ذات طبيعة تل امية ولػذلؾ فػال بػد مػف إعػادة ااتشػاف ا فػي اػؿ عمػؿ علػى ػدة ومػف ػـ‬
‫فإن ػ ػػا ال ت ػ ػػلا لا ػ ػػي ت ب ػ ػػت ف ػ ػػي منظوم ػ ػػة ولا ػ ػػف ام ػ ػػا يوج ػ ػػد ف ػ ػػي ال ػ ػػوؿ الموس ػ ػػي ي‬
‫ت سيمات"جمؿ مست لة"تف ل ا فوا ؿ أو "وقفات" وتميػز ػذل األقػواؿ "موتيفػات" يماػف‬
‫تعرف ا فإننا نجد في الفنوف التشايلية مبادئ عامة "لل رؼ" أو المستول ال رفي للفف‬ ‫ّ‬
‫إف ػػا التعبي ػػر‪ .‬وبم ارن ػػة بس ػػيطة لألنظم ػػة الجمالي ػػة الس ػػينماك المس ػػرحك الموس ػػي ىك‬
‫ػػـ يما ػػف تأس ػػيس قػ ػراعة‬ ‫(*)‬
‫الرس ػػـ يمانن ػػا تلم ػػس طبيع ػػة الو ػػدات الخا ػػة لا ػػؿ نظ ػػاـ‬
‫خا ة للعالقة في فف الرسـ‪ .‬و نا ينبغي التشديد على أف ذل "الو دات" أو "الوقفػات"‬
‫ليسػػت سػػول افت ارضػػات تمييزيػػة "ب ػرية" وليسػػت ماونػػات "‪ "Constituent‬بػػالمعنى‬
‫"الن وي" ألن ا ت ل خارج اللو ة مف ج تيف‪:‬‬

‫العرؼ" الداللي أو الع د البيمي‪.‬‬


‫‪ .4‬الج ة األولى أن ا ت ل خارج " ُ‬
‫‪ .1‬الج ة ال انية إن ا ليست عنا ر "لمراب الرسـ" ألننا لو للنا اللو ػة بموجػب‬
‫ػػذل العنا ػػر لمػػا اػػاف ل ػػا وجػػود ت ليلػػي وسػػتاوف مجموعػػة الخطػػوط م ػ ال‬
‫ضػػمف المراػػب ال ندسػػي واللػػوف ضػػمف المراػػب الفيزيػػامي" أو الايميػػامي" واػػذا‬
‫الفضاع والزماف‪.‬‬

‫إف ذا المعجـ ي دؼ إلى تلمس إماانات "التمايزات" في الرسـ يػث يسػتند إلي ػا‬
‫الرساـ في إنشاع الموجود الفني الف ػذل التمػايزات ستشػاؿ بنيػة التعػالؽ وطبيعت ػا فػي‬
‫توليد اللو ات‪.‬‬

‫(‪ )177‬ينظر بنفستك أميؿ‪ :‬سيميولوجيا اللغةك ترجمة سي از قاسـ في مدخؿ إلى السيميوطي ا م در سبؽ‬
‫ذارل ص‪.13 -49‬‬
‫(*) سبؽ تف يؿ ذا الموضوع في الف ؿ ال اني مف الب ث‪.‬‬
‫‪417‬‬
‫إف دود ذا المب ث و أف يرينا عدد "الموتيفات" ف ط‪ ..‬التي سػتاوف شػرطا أو‬
‫ضرورة فػي وجػود اللو ػةك ولان ػا تختفػي داخػؿ اللو ػة فػي ضػوع عمليػات التعػالؽ امػا‬
‫سنرل‪.‬‬

‫اال غالق‬
‫البعد المعجمي‬

‫ػػغي ار للتواضػػعات فػػي‬ ‫إ ّف ػػذا الب ػػث إذ يضػػل ػػذل "ال اممػػة" التػػي ت تػػؿ ُمعجمػػا‬
‫الرس ػػـك إنم ػػا ي ػػاوؿ تأاي ػػد وجود ػػا ع ػػف طري ػػؽ "االنفت ػػاح"‪( .‬ينظ ػػر المب ػػث الخ ػػاص‬
‫بالتعالؽ والداللة داخؿ العمؿ الفني" "والف ؿ الخاص بت ليؿ األعماؿ")‪.‬‬

‫ػ ػػد ت ّبػ ػػؿ لعبػ ػػة‬ ‫‪ -‬تأايػ ػػد وجود ػ ػػا بالتطبي ػ ػػات لترسػ ػػي الجانػ ػػب ""اإلي ػ ػػامي"" ب‬
‫االنفتاح‪.‬‬

‫‪ -‬تأايد وجود ا باعتبار ا عالمات تاميلية منط ية‪.‬‬

‫تنشػػط الن طػػة األولػػى فػػي الرسػػـ ""ال ػػديث"" والن طتػػاف ال انيػػة وال ال ػػة فػػي الرسػػـ‬
‫الت ليدي‪ .‬و ذا ما سنرال في ف ؿ ت ليؿ األعماؿ‪.‬‬
‫الداللة‬ ‫الداللة الم غلقة المعجمية‬ ‫مجموعة األلوان‬
‫الم فتحة‬
‫السيميائيه‬

‫يدؿ على المااف والمسافة واألبعاد وال يمة ويضفي‬ ‫التدرج اللوني‬
‫على األشياع البروز أو الضمور‪ .‬يدؿ بوساطت‬
‫على فارة الزماف والضوع والظلمةك ويعطينا‬
‫اإل ساس بالتمايز ويخلؽ إ ساسا بالشاؿ والدراما‬
‫والشعور بالنمط‪.‬‬

‫‪418‬‬
‫التنافر بيف األشياع مف خالؿ ألوان ا‪ .‬ااألبيض‬ ‫التضاد اللوني‬
‫واألسودك يدؿ أيضا على الشعور باالشممزاز والعداع‬
‫والدراما‪.‬‬

‫ُيشبل مدراات اإلنساف الجماليةك يدؿ على األلفة‪.‬‬ ‫التوافؽ اللوني‬

‫يضفي على األشياع إ ساسا بالاماؿ وال درة على‬ ‫ال فاع اللوني‬
‫إعطاع معنى واضا لألشياع ويدؿ على األ الة‪.‬‬

‫يدؿ على التشويش وعدـ المااشفة والغرابة‬ ‫االمتزاج اللوني‬


‫واالن راؼ عف ال ي ة‪.‬‬

‫رمزية األلوان‬

‫قوةك إ ارةك شجاعةك غضبك ياجك خطرك نار‪.‬‬ ‫‪ -‬األ مر‬

‫ال دوعك البردك ال فاعك النورك الط ارةك ال امة‪.‬‬ ‫‪ -‬األزرؽ‬

‫الطبيعةك البعثك التجددك الربيلك الروح‪.‬‬ ‫‪ -‬األخضر‬

‫رمز التوبةك ال داسةك اإلخالصك الخيانة‪.‬‬ ‫‪ -‬البنفسجي‬

‫اال تراـك ملايك ا نوتي‪.‬‬ ‫‪ -‬األرجواني‬

‫مرضك الخبثك الغيرةك السطوعك الذبوؿك الشيخوخة‪.‬‬ ‫‪ -‬األ فر‬

‫ناعيك غامضك وقور‪.‬‬ ‫م ايدك‬ ‫‪ -‬الر ا ي‬

‫ادؽك شريؼك واضاك واسل‪.‬‬ ‫اؼك طا رك‬ ‫ن يك‬ ‫‪ -‬األبيض‬

‫سميؾك متشامـك ظالميك سريك ع يبك زيف‪.‬‬ ‫‪ -‬األسود‬

‫داافك زيفك يؿ‪.‬‬ ‫‪ -‬النيلي‬

‫منشطك متو جك دافئك وم ير‪.‬‬


‫ّ‬ ‫‪ -‬البرت الي‬

‫مجموعة الخطوط‬

‫‪419‬‬
‫‪ -‬الخػ ػ ػ ػػط األف ػ ػ ػ ػػي‪ -‬العدؿ‪ .‬االست رارك الوضوحك ال دوعك السما ةك‬

‫االنضباط‪.‬‬ ‫المست يـ‪.‬‬

‫السموك ال درةك ال وةك التسلطك النموك ال بات‪.‬‬ ‫‪ -‬الخط العمودي‬

‫مت رؾك غير مست رك الس وطك ال اوية‪.‬‬ ‫‪ -‬الخط المامؿ‬

‫ليفك عاطفيك ادئك متواضل‪.‬‬ ‫‪ -‬الخط المن ني‬

‫م يرك ضاج بال راةك الن امي‪.‬‬ ‫‪ -‬الخط المتعرج‬

‫يويك دامـ ال راةك الن امي‪.‬‬ ‫‪ -‬الخط ال لزوني‬

‫رتابةك الن امية‪.‬‬ ‫‪ -‬خطيف متما ليف‬

‫راعك توازف‪.‬‬ ‫‪ -‬الخط ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػوط‬


‫المت اطعة‬

‫ارـ‪.‬‬ ‫لبك متماسؾك‬ ‫‪ -‬الخط السميؾ‬

‫مر ؼك س ؿك امس‪.‬‬ ‫‪ -‬الخط الرفيل‬

‫مجموعااااااة األشاااااا ال‬


‫اله دسية‬

‫متناسبك مست رك ابتك ويعنيك الج ات المتساوية‪.‬‬ ‫‪ -‬المربل‬

‫ال فاعك الطمأنينةك الالن امية‪.‬‬ ‫‪ -‬الدامرة‬


‫مختزؿك بسيطك منطلؽك ي‬
‫متناـك مست رك ادئ‪.‬‬ ‫‪ -‬الم لث‬

‫التمددك والتوازي‪.‬‬ ‫‪ -‬المستطيؿ‬

‫الفضاعك ال وةك الغموض‪.‬‬ ‫‪ -‬الماعب‬

‫االنطالؽك االست رارك الديمومة‪.‬‬ ‫‪ -‬ال رـ‬

‫التد رجك ال راة‪.‬‬ ‫‪ -‬االسطواني‬

‫‪411‬‬
‫مجموعة الع اصر‬

‫المج وؿك السماعك األعلىك اال تواعك الضياعك‬


‫المطلؽك‬ ‫"الفراغ"‬
‫الساوفك الال ياة‪.‬‬

‫تناظرك است رارك ت ابؿك تاافؤ‪.‬‬ ‫التوازف‪:‬‬

‫يدؿ على ال يمة في شاؿ م اااة للواقل‪ .‬األبعاد‬


‫التجسيـ‪:‬‬
‫ال ال ة‪.‬‬

‫تدؿ على المرازك البدايةك االنطالؽ‪.‬‬ ‫الن طة‪:‬‬

‫تبادؿك توازيك انتشار‪.‬‬ ‫التب يل‪:‬‬

‫تجسيـك غموضك ظلمة‪.‬‬ ‫التضليؿ‬

‫البعدك رابط بيف السماع واألرضك التالشي‪.‬‬ ‫خط األفؽ‬

‫توازيك است رارك ت ار ؼ‪.‬‬ ‫التناظر‬

‫تـ استنباط ذا المعجـ مف مجموعة م ادر نورد بعض من ا‪:‬‬


‫‪ ‬مػػارتفك مارسػػيؿ‪ -‬اللغػػة السػػينماميةك ترجمػػة سػػعد ماػػاويك مراجعػػة فريػػد الم ػزاوي المؤسسػػة‬
‫الم رية العامة للتأليؼ واألنباع والنشرك د ت‪ .‬ص‪.13‬‬

‫‪ ‬جػػرادؽ ‪ -‬لػػيـ ‪ -‬ت ػوالت الخػػط والل ػػوفك دار الن ػػار للنشػػر بي ػػروت ‪ 4971‬ص ‪ 47‬وم ػػا‬
‫بعد ا‪.‬‬

‫‪ ‬ري ػػدك رب ػػرتك معن ػػى الف ػػفك ترجم ػػة س ػػامي خش ػػبة مراجع ػػة م ػػطفى بي ػػبك دار الش ػػؤوف‬
‫ال افيةك بغدادك ص‪.74‬‬

‫‪ ‬عبػػوك فػػرجك علػػـ عنا ػػر الفػػف‪ .‬جامعػػة بغ ػػدادك اليػػة الفنػػوف الجميلػػة ج‪4‬ك بغ ػػدادك ‪4981‬‬
‫ص‪.436‬‬

‫‪ ‬اولييرك غ ار اـك الفف والشعور اإلبداعي‪ .‬م در سبؽ ذارل ص‪.119‬‬

‫‪ ‬آف زمر وزميل ك ال ورة في عملية االت اؿك م در سبؽ ذارل ص‪ 11‬وما بعد ا‪.‬‬

‫‪414‬‬
‫‪ ‬قلػ ػػج‪ -‬سػ ػػعد عبػ ػػد الػ ػػر مف ‪ -‬جماليػ ػػات اللػ ػػوف فػ ػػي السػ ػػينماك م ػ ػػدر سػ ػػبؽ ذا ػ ػرل ص‪13‬‬
‫ومابعد ا‪.‬‬

‫‪ ‬ستيغنسوفك رالؼ وزميل ‪ :‬السينما فنا ترجمة خالد دادك دمشؽ ‪4993‬ص‪.143‬‬

‫‪ ‬مودةك د‪ .‬ي يىك نظرية اللوفك م در سبؽ ذارل ص‪.434‬‬

‫‪ ‬ل د قاـ البا ث بإجراع بعض ال وارات مل الفنانيف ورؤيت ـ وؿ المعجـ المذاورك ومػف‬
‫ؤالعك الفناف عبػد الػر يـ ياسػرك والفنػاف وليػد شػيثك والفنػاف مػا ود ا مػدك والفنػاف سػعد‬
‫الطامي‪ ...‬وغير ـ‪.‬‬

‫وقد تـ استالؿ بعض م والت ـ ووضعت داخؿ ذا المعجـ‪.‬‬

‫التعالق والداللة داخل العمل الف ي‬


‫"اال فتاح"‬

‫مػػف المماػػف اسػػتعماؿ عنا ػػر الرسػػـ علػػى سػػطا اللو ػػة انػػوع مػػف أنػواع "البنػػاع"‬
‫ػػديك وس ػػوؼ أطل ػػؽ "افت ارض ػػا" تس ػػمية معم ػػار عل ػػى اللو ػػة التش ػػايليةك وس ػػيتراز‬ ‫ال‬
‫رح ذا المعمار ونس ك فم لما ت وـ اؿ قطعة‬ ‫الب ث على الطري ة التي "ينبني" ب ا‬
‫ػػو بنيػػة‬ ‫مػػف ال جػػر والمػواد األخػػرل بػػدور يػػدعـ ال طػػل األخػػرلك وم لمػػا البنػػاع بأاملػ‬
‫مرابة مف عنا ر وو دات عديدة ومتنوعةك اذلؾ تستطيل اؿ عالمة مػف الفرشػاة إف‬
‫تبني سطا اللو ة بطري ة معمارية مػف خػالؿ العالقػات ال اممػة بػيف العنا ػرك وضػبط‬
‫ذل العالقاتك ف مة ما يدؿ على أف بػيف ػذل العالقػات مػا ػو أساسػي ومػا ػو ػانوي‬
‫وتابل‪ .‬األمػر اوخػر أف العالقػات بػيف العنا ػر التػي يتراػب من ػا العمػؿ الفنػي جميعػا‬
‫ػ ػػي " ػ ػػالت" عينيػ ػػة‪ :‬أل ػ ػواف وقطػ ػػل قمػ ػػاش وخطػ ػػوط وق ا ػ ػػات أو ورؽ‪ ...‬و ػ ػػذل‬
‫‪411‬‬
‫العنا ر يماػف بالتأايػد أف تف ػؿ عػف األشػياع بػذات ا ويعػاد تاوين ػا أو اسػتعراف ا فػي‬
‫أشػػياع أخػػرل غيػػر أن ػػا تب ػػى علػػى المسػػتول ذاتػ مػػف عينيػػة ػػذل األشػػياع ف ػػي تخضػػل‬
‫لالسػػتعماؿ أو الت ليػػبك للتفايػػؾ واعػػادة الترايػػب(‪ .)178‬إف الب ػػل مػػف األل ػواف والخطػػوط‬
‫تت ػػرؾ وتنشػػأ بين ػػا عالقػػات ونسػػب فتاتسػػب اللو ػػة قػػدرة علػػى التعبيػػر وت ػػبا نظامػػا‬
‫م ػػف األ ج ػػاـك وت دي ػػدا نظام ػػا يؤا ػػد المس ػػاقات ومواض ػػل االرتا ػػاز ف ػػي ػػذل األ ج ػػاـ‬
‫واألبعاد فت با اللو ة اليا و ما يسمى "باللو ة" ‪ Picture-Space‬يتألؼ مف أبعاد‬
‫ال ة أو بعديف وفي الشخ يات المم لة للاتؿ ال لبة بأوزان ا ونسيج ا وتأ يرات ا‪.‬‬

‫اللو ػػة إذف ػػي عملي ػػات ت ػػأليؼ و ػػذا م ػػا س ػػما (لغي ػػر ت ػػرود ش ػػتايف) أف تؤا ػػد‬
‫(‪)179‬‬
‫علػػى‬ ‫انػ "الشػػيع يتغيػػر مػػف جيػػؿ إلػػى جيػػؿ‪ ..‬إالّ الشػػيع الػػذي يػػرل والػػذي يؤلػػؼ"‬
‫الػػرغـ ممػػا يظ ػػر مػػف خطػوات مضػػاعفة فػػي المجػػاؿ الزمنػػي الطويػػؿ أ يانػػا الػػذي يمػػأل‬
‫بما يماف استغالل مف المادة الوسيطة ااأل باغ أو الخطوط‪.‬‬

‫وفي ضػوع ذلػؾ فإننػا سػنت دث عػف "المشػالة التشػايلية" المؤلفػةك و ػذا الم ػطلا‬
‫ألنػ أسػػاس فػػي ػػذل المناقشػػة وسػػوؼ نشػػير إلػػى جػػانبيف مػػف جوانػػب‬ ‫ال بػػد مػػف شػػر‬
‫ذا الفعؿ‪:‬‬

‫‪ .4‬الجانب التشايلي‪ :‬إعطاع شاؿ ذي بعػديف أو ال ػة لمػادة مطوعػة مػاك أاانػت‬


‫طالع يد ف أو رخاما ين ت‪ ..‬لخلؽ الشاؿ الفني الضروري‪.‬‬

‫‪ .1‬الجانب الداللي‪:‬االاتشاؼ في ومػف خػالؿ عمليػة تشػايؿ األشػااؿ التػي تجسػد‬


‫األفاار‪.‬‬

‫وبالنسػػبة لمعالجػػة "التعال ػػات التشػػايلية" ال تفريػػؽ بػػيف ػػذيف الجػػانبيف مػػف الفعػػؿك‬
‫إذ يبدو إن ما يعمالف في الوقت نفس على‪ -‬تشايؿ وانفتاح داللػي مػف خػالؿ التشػايؿ‬

‫(‪ )178‬ينظر‪ :‬اويزني ك جاف‪ :‬البنيويةك في الفار العربي المعا ر العدد‪ 7 /6‬تشريف ‪4‬و‪ 4981 1‬ص‪.11‬‬
‫(‪ )179‬روجرزك فراناليفك الشعر والرسـ م در سبؽ ذارل ص‪.97‬‬
‫‪413‬‬
‫ريف في نسيج الفعؿ(‪ .)180‬أو تت وؿ األشااؿ مف بعد ا "المغلؽ" إلػى‬ ‫وي ب اف من‬
‫ػورة شػجرة يعمػي‬ ‫بعد ا المنفتا ومف اي ونيت ا إلى بعد ا الرمزيك فالرساـ الذي ين ؿ‬
‫ػد التشػايؿ‪ :‬سػػياوف لػدينا شػجرة نػػاؾ‬ ‫نفسػ عػف الشػػجرة ال ي يػة تػى وا ْف ن ل ػػا فب‬
‫وشجرة ناك فما بالؾ بأف األشياعك ال ا قابلة للت وؿ‪ ...‬ألن ػا ال تعػود أشػياع مغروسػة‬
‫إف تُْن ػ ُؿ تػػى ُيعػػاد تشػػايل ا مػػف جديػػد‬
‫فػػي الطبيعػػة بػػؿ اأن ػػا قطػػل مػػف العجػػيف‪ ...‬مػػا ْ‬
‫ي ػ ػػوؿ بااس ػ ػػو‪"" :‬إنن ػ ػػي أرل األش ػ ػػياع عل ػ ػػى ن ػ ػػو مغ ػ ػػاير إذ يما ػ ػػف لش ػ ػػجرة أف ت ػ ػػبا‬
‫ػانا عنػد بيااسػو فإن ػا تػدخؿ فػي بعػد تشػايلي‬ ‫انا""(‪ .)181‬ولاػي ت ػبا الشػجرة‬
‫مف خالؿ تعال ات تشايلية خا ة‪.‬‬

‫ومف المناسب اوف أف ن لؿ فػي العمػؽ مػا يجعػؿ مػف اػؿ عمػؿ فنػي انفتا ػا واف‬
‫ودة وبعبػارة أخػرل سػن اوؿ الب ػث‬ ‫نب ث ايؼ تنظـ ذل "االنفتا ية" التي باتت م‬
‫في‪ :‬لماذا ياوف العمؿ الفني مفتو ا وايػؼ ينػدرج ػذا االنفتػاح فػي بنيتػ وأي تمػايزات‬
‫في البنية تاوف م ترنة بتمايزات االنتفاح‬

‫إف لاؿ عمؿ فني منذ الرسوـ المن وتة علػى ال ػخر و ػوال إلػى األعمػاؿ الفنيػة‬
‫فػػي ا ػػوؼ "التمبػ ار" ػو موضػػوع مفتػػوح علػػى تػػذوؽ الن ػػامي "ال لاػػي ياػػوف ػػذا الفعػػؿ‬
‫مجػرد علػػة لتمػػاريف ذاتيػػة تتػراوح ول ػػا مزاجيػػات الل ظػػة" ولاػف ألف ػػذا العمػػؿ يت ػػدد‬
‫ف ػػي ذاتػ ػ بو ػػف م ػػد ار ال ينف ػػد م ػػف التج ػػارب الم ػػا ت ػػـ تس ػػليط الض ػػوع عليػ ػ بايفي ػػة‬
‫متنوعػػة إالّ وأعطػػى فػػي اػػؿ م ػرة جانبػػا جديػػدا في ػ ‪ ...‬إف م ػػطلا أو مف ػػوـ العالميػػة‬
‫الذي نطب عادة على التجربة الجمالية مرتبط في الن اية ب ذل الظا رة(‪.)182‬‬

‫وزرة‬
‫ال ي اال ب ي منشورات ا‬ ‫(‪ )180‬ينظر اولييرك غ ار اـ‪ :‬الفف والشعور اإلبداعيك ترجمة منير‬
‫ال افة واإلرشاد ال ومي دمشؽ ‪ 4983‬ص‪.48-47‬‬
‫ندي اوبزرفر "‪ "Sunday observer‬لندفك ‪ 411‬تموز‪ 4911‬ال سـ "‪ "1‬ص‪.4‬‬ ‫(‪ )181‬بابلو بيااسو‪:‬‬
‫(‪ )182‬اياوك امبرتوك ت ليؿ اللغة الشعريةك في أ وؿ الخطاب الن دي الجديدك ترجمة وت ديـ ا مد المدينيك‬
‫دار الشؤوف ال افيةك بغداد‪4987‬ص‪.84‬‬
‫‪411‬‬
‫فعنػػدما نرسػػـ األشػػياع فإننػػا ال ن ػػوـ بترجمػػة فوريػػة لألشػػااؿ فػػي مجال ػػا ال ػواقعي‬
‫الػػذي يسػػتنفد إماانات ػػا فػػي الداللػػةك بػػؿ نسػػتدعي سلسػػلة مػػف الػػدالالت التػػي مػػا تنفػػؾ‬
‫ػورة م ػغرة عػف العػالـ الػ ‪ .‬فايػؼ ي ػدث‬ ‫تتعمؽ إلى ال د الػذي ت ػؿ إلػى تشػايؿ‬
‫ذلؾ ايؼ يوجد فف وأيف‬

‫نعػػود "من جيػػا" إلػػى مش ػػالة المرجػػل لم اولػػة تعريػػؼ العم ػػؿ الفنػػيك لن ػػيـ تجرب ػػة‬
‫التع ػ ػػالؽ الػ ػ ػواقعي م ػ ػػل التع ػ ػػالؽ الفن ػ ػػي لو ػ ػػدات متع ػ ػػارؼ علي ػ ػػاك ل ػ ػػا معجم ػ ػػا ول ػ ػػا‬
‫افتراضات ا‪.‬‬

‫ولاػػي يتسػػنى لنػػا ذلػػؾ سػػن وؿ االتجػػال مػػف السػػطاك االمتػػداد األف ػػي إلػػى مجػػاؿ‬
‫العمػػؽ تػػى يماننػػا مػػف فػػتا آفػػاؽ راػػة العمػػؿ الفنػػيك فػػإذا اػػاف العمػػؿ الفنػػي شػػيما‬
‫يشػااؿ جميػػل األشػياع بػػالظ ورك اػػأف تخػتلط شػػجرة مونػػدرياف بشػجرة تػػوتك أو برت ػػاؿك‬
‫فب ػػذا المعنػػى يماػػف أف ياػػوف العمػػؿ الفنػػي موجػػودا فػػي بػػدع التعريػػؼ خػػارج رمزيت ػ ك‬
‫وب ذا التمظ ر الشيمي وب ذا ال فر األوؿ يماننػا "مػف ػب ال شػرة" وي تضػي ذلػؾ فػ ار‬
‫آخػػرك إذ الشػػيع ي يػػؿ تمػػا إلػػى شػػيميةك بػػافتراض أف العمػػؿ الفنػػي ي يػػؿ إلػػى ظ ػػور‬
‫ارفل إلى "رمز" ل داللة أوسل مف شيميت ألن يتظم ر فػي شػيع مػف دوف أف ين ػبس‬
‫في دود ذلؾ الشيعك ويبدو ال فر في ذا السياؽ و ب ػث فػي الموجػود سػواع ظ ػر‬
‫أو لـ يظ ر ولاننا سن طدـ مرة أخرل في المغلؽ ألف األشػياع داؿ عػاـ يشػتمؿ علػى‬
‫أشػػياع ت ريبيػػة وأخػػرل " ي يػػة" فػػي المتعػػارؼ علي ػ و ػػي جامػػدة ومغل ػػة م ػػؿ ال جػػارة‬
‫والط ػػوب والورق ػػةك وي ػػزداد مف ػػوـ الش ػػيع ض ػػغطا ف ػػي متا ػػررات أ ػػب ت متداول ػػة ف ػػي‬
‫(‪)183‬‬
‫سنتناوؿ ذل األشياع علػى‬ ‫التفاير اليومي لإلنساف وشامعة في استعماالت اليومية‬
‫ي ػة‬ ‫عالت اك و ػذا "التأويػؿ" ػو األقػدـ فػي تػاري المعرفػةك وياشػؼ ػذا التأويػؿ عػف‬
‫م مػػة فػػي د ارسػػة العمػػؿ الفنػػي و ػػي أف التعريػػؼ المػػادي للشػػاؿ ي تضػػي مباشػرة وجػػود‬

‫(‪ )183‬ينظر‪ :‬الايالني م طفى‪ /‬وجود النص ‪ -‬نص الوجود الدار التونسية للنشرك تونس ‪ 4991‬ص‪-43‬‬
‫‪.41‬‬
‫‪411‬‬
‫شػػال ‪ .‬إف التػػأليؼ بػػيف العالمػػات واألشػػااؿ ي ػػرر مف ػػوـ الشػػيع مػػف التعتػػيـ المطلػػؽ‬
‫سواع ااف ذا الشيع متأتيا مف الطبيعة أو االستعماؿ(‪.)184‬‬

‫إف وضل العمؿ الفني في إطارل الخاص ي ددل فػي تموضػع وفػي انغالقػ وتظػؿ‬
‫قراعات ػ التأويليػػة متن لػػة فػػي اػػؿ اتجػػال مػػف دوف أف ت سػػـ ال ػػوؿ فػػي مسػػامؿ ال يماػػف‬
‫ال سػػـ في ػػا داخػػؿ ػػدود الطػػوؽ المػػوروث "المعجمػػي"‪ .‬فالعمػػؿ الفنػػي اػػذا ال يػػدرؾ‬
‫ػػنع أو ايفي ػػة اس ػػتعمال ك ف ػػي ػػيف‬ ‫بالو ػػؼ أو التفس ػػير اال ػػذاع ن ػػؼ م ار ػػؿ‬
‫تاشػػؼ لنػػا لو ػػة "فػػاف اػػوخ" عػػف ال ػػذاع إذ تبػػدو اللو ػػة انفتا ػػا للمنتػػوج امػػا ػػو فػػي‬
‫ال ي ػػة وتت ػػوؿ "" ي ػػة الموجػػود"" فػػي العمػػؿ الفنػػي إلػػى "عمػػؿ" واذا ػػذاع الفػػالح فػػي‬
‫اللو ػػة يشػػل أو يتوا ػػؿ إشػػعاع ك وب ػػذا الم ػػاؿ ياػػوف الفػػف اعتمػػادا علػػى العمػػؿ الفنػػي‬
‫في تشال وعنا ر تاوين ‪ ..‬تشغيال ل ي ة "الموجػود" أيػا اػاف شػال ك ولػيس أبػدع فػي‬
‫ترايػػب العمػػؿ الفنػػي مػػف تلػػؾ ال ػػدرة علػػى االلت ػػاـ بػػيف الموجػػود لذات ػ وبػػيف "الموجػػود‬
‫بتشاالت "‪ .‬إف البناع والن ات يستعمالف ال جرك لاف الفرؽ إف الن ػات ياسػب ال جػر‬
‫معنى ويتجاوز الوظيفة النفعية عند اوخر‪ .‬ومل يدجر فاف الب ث داخؿ العمؿ الفني‬
‫ي يلنا غالى م در الترايب والتعالؽ الفاعؿ دومػا وياػوف "للنسػياف" فػي ترايػب العمػؿ‬
‫الفن ػػي ضػ ػور م ػػـ ألنػ ػ الض ػػماف ال ػػذي ين ػػذل دامم ػػا م ػػف التالش ػػي ويجع ػػؿ انغالقػ ػ‬
‫مشروطا باالنفتاح(‪.)185‬‬

‫ػ ػ ػػارمة للمعادلػ ػ ػػة‪:‬‬ ‫واػ ػ ػػذلؾ يػ ػ ػػذ ب اروتش ػ ػ ػ إلػ ػ ػػى ضػ ػ ػػرورة "التشػ ػ ػػييد" وبايفيػ ػ ػػة‬
‫الشػػاؿ الفنػػي = الالػػي "لاػػف مػػف دوف أف يوج نػػا إلػػى األدوات التػػي تسػػما بإقامػػة ػػذل‬
‫العالقػػة‪ .‬امػػا ت ػػدث (دوي) ػػو أيضػػا عػػف ""معنػػى الاػػؿ المػػدمج ضػػمنا"" فػػي التجربػػة‬
‫االعتيادية والذي أراد الرمزيوف أف ياوف الفف التعبير األم ؿ عنػ ك فػي اػؿ موضػوع أو‬
‫ػػورة نػػاؾ امػػوف فػػي الضػػمني ال يماػػف إد ارا ػ إالّ مػػف خػػالؿ مػػا نػػدعول "ت ػػميـ"‬

‫(‪ )184‬الم در السابؽ ص‪.47‬‬


‫(‪ )185‬ينظر الم در نفس ص ‪.13-11‬‬
‫‪416‬‬
‫(‪)186‬‬
‫ف ػػيف ننظػػر إل ػػى‬ ‫العمػػؿ أو إخ ارج ػ ك إذ يت ػػدد شػػال م ػػف الضػػغط ال ػػوي للداللػػة‬
‫ضفدع بيااسو نجػد أف اإلرسػاؿ التشػايلي ومػف خاللػ اإلرسػاؿ الػداللي يعمػالف بشػاؿ‬
‫متسػػاوك فاإلي اعػػات والنسػػج "لمسػػيا فػػي األقػػؿ" ي ػػدداف بػػأف الضػػفدع ت ػػت يػػدؾك وفػػي‬
‫الوقػػت نفس ػ يػػدرؾ المػػرع إف ػػذا الشػػاؿ يمتلػػؾ فخامػػة امػػا ل ػواف بيااسػػو قػػد ااتشػػؼ‬
‫المظ ػػر ‪ shape‬الضػػفدعي األساسػػي الػػذي تن ػػدر من ػ جميػػل الضػػفادع األخػػرلك أف‬
‫الترايػػب التشػػايلي ل ػػذل ال ػػورة م نػػل مػػف النا يػػة ال ياتيػػة لدرجػػة يبػػدو أف بيااسػػو قػػد‬
‫ػػامؽ‬ ‫ي ػػة تشػػايلية جو ريػػة مػػف‬ ‫ااتشػػؼ مظ ػ ار ال يماػػف إلي اعات ػ إالّ أف تعاػػس‬
‫الطبيعة(‪.)187‬‬

‫م ػػف الواض ػػا أف ػػذل الفاػ ػرة ت ودن ػػا إل ػػى ال ػػوؿ أف وظيف ػػة الف ػػف ال ت ت ػػر عل ػػى‬
‫التو يؿ المباشر وت ديد الم والت سلفا بؿ تتعػدل ذلػؾ إلػى ترميػز العػالـ الػذي يم لػ ك‬
‫وياوف العمؿ الفني سػلطة ت ػورية يمػارس تػأ يرل علينػاك ويػدفعنا إلػى تبنػي نظػـ ترميػز‬
‫معينة تاوف بمنزلة أسس افية للتفاير ل د أشار سباتير إلى ذلؾ بال وؿ‪"" :‬في يػوـ مػا‬
‫ستبدو م اولة ف ػـ األعمػاؿ الفنيػة البداميػة ممانػة مػف دوف االسػتعانة بػالمؤرخ الػذي ال‬
‫يس ػػتطيل الظف ػػر بالو ػػامؽ األ ػػلية ع ػػف ال ض ػػارة الت ػػي ي ػػف ا‪ ..‬س ػػياوف الف ػػف ج ػػا از‬
‫سػيميامياك لػيس م متػ التعبيػػر وال ػوؿك بػؿ إن ػػا البنيػة التػي تػػت اـ فػي التعبيػر وتضػػفي‬
‫علي نماذج ا(‪.)188‬‬

‫التعالق والرمز‬
‫ترتػػب علػػى ػػذا المف ػػوـ ت ديػػد وتخ ػػيص طبيعػػة الرسػػـك وسػػنوج الب ػػث إلػػى‬
‫د ارسػػة العالقػػات بػػيف و ػػدات العمػػؿ الفنػػي فػػي المرتبػػة األولػػى قبػػؿ د ارسػػة الو ػػدات فػػي‬
‫ػػغرت ال يماػػف معرفػػة طبيعت ػػا إالّ فػػي وجػػود‬ ‫ذات ػػاك بػػافتراض أف اػػؿ و ػػدة م مػػا‬

‫(‪ )186‬ينظر في أ وؿ الخطاب الن دي الجديد م در سبؽ ذارل ص‪.81‬‬


‫(‪ )187‬ينظر غ ار اـك اولييرك الفف والشعور اإلبداعي م در سبؽ ذارل ص‪.13‬‬
‫(‪ )188‬ينظر الغانمي سعيد‪ :‬أقنعة النصك م درك سبؽ ذارل ص‪.14-11‬‬
‫‪417‬‬
‫و ػػدات أخػػرل وبػػالنظر فػػي طبيعػػة العالقػػة بين مػػاك ألف العنا ػػر أو الو ػػدات ليسػػت‬
‫قابل ػػة للت لي ػػؿ باعتبار ػػا و ػػدات مس ػػت لة "الل ػػوفك الخ ػػطك الن ط ػػة‪ " ..‬وانم ػػا ػػي قابل ػػة‬
‫للت ليػػؿ مػػف يػػث ػػي عنا ػػر ذات عالقػػات م ػػددة مػػل عنا ػػر أخػػرل داخػػؿ بنيػػة‬
‫معينة(‪.)189‬‬

‫تنفػػتا فػػي الن ايػػة ومػػف خػػالؿ الترايػػب الفنػػي إلػػى عالم ػػا الرمػػزي سػػن اوؿ توجيػ‬
‫الد ارسػػة إلػػى ن طتػػيف‪ :‬األولػػى التعال ػػات الفنيػػة وال انيػػة التوليػػد والم تػػول الرمػػزي ل ػػذل‬
‫التعال اتك والبرنامج الذي ي اـ ذا النسؽ ومف ـ الب ث في قوانين ‪.‬‬

‫إف التا ػرار والت ػوازف واالسػػتم اررية وتنظػػيـ األل ػواف والخطػػوط فػػي الفنػػوف الب ػرية‬
‫ػػي وسػػامؿ تنظيميػػة لتعال ػػات العنا ػػر بعض ػ ا مػػل بعػػضك لاػػف لاػػؿ شػػاؿ فنػػي أو‬
‫لو ة تشايلية تعال ات متغايرة ل ذل الوسامؿ التنظيمية‪ .‬قد يف ػـ الرسػـ علػى انػ ترايػب‬
‫ي‬
‫مستو ذي بعديف أو قد ينظر إلي وسيلة أي ا مية ت ػدـ نظيػ ار‬ ‫ألشااؿ لونية على سطا‬
‫لشػػاؿ ذي ال ػػة أبعػػاد علػػى سػػطا ذي بعػػديف‪ .‬وفػػي اػػال ال ػػالتيف فػػاف وسػػامؿ التنظػػيـ‬
‫المو د(‪.)190‬‬
‫الجمالي يماف تطبي ا للو ؿ إلى التنظيـ ّ‬
‫إذا نظرنػػا فػػي الرسػػـ علػػى وفػػؽ مضػػمون ال ي ػػي ذي البعػػديف فػػاف المنط ػػة التػػي‬
‫يجب تنظيم ا ي تلؾ الم ددة بأطراؼ ال ماشة‪ ..‬إف المستول األمامي يسمى ""سطا‬
‫ال ػػورة"" و ػػيف ي ػػولي الفن ػػاف س ػػطا ال ػػورة أ مي ػػة ف ػػو يفا ػػر عل ػػى وف ػػؽ األش ػػااؿ‬
‫المسػػتوية التػػي قػػد تختلػػؼ فػػي ال جػػـ والشػػاؿ واللػػوف والنسػػؽك وقػػد ترتػػب ػػذل األشػػااؿ‬
‫ى‪.‬‬ ‫على سطا اللو ة المستوي في أوضاع وتعال ات متنوعة ال تعد وال ت‬

‫(‪ )189‬ب ليؿ مف التعديؿ يماف است مار نظرية لمسليؼ في اللغة لدراسة الرسـ‪:‬ينظر د‪ .‬لمي خليؿك‬
‫العربية وعلـ اللغة البنوي دراسة في الفار اللغوي العربي ال ديثك الية اودابك جامعة اإلساندريةك‬
‫دار المعرفة الجامعيةك االساندرية ‪ 4988‬ص ‪.436‬‬
‫(‪ )190‬ينظر‪:‬نوبلرك نا افك وار الرؤيةك م در سبؽ ذارل ص‪443‬ك ‪.411‬‬
‫‪418‬‬
‫بإالماػػاف ت ليػػؿ مػػا رسػػم بػػابلو بيااسػػو فػػي مػػا أسػػمال " يػػاة سػػاانة مػػل اسػػماؾ"‬
‫بو ػف تنظيمػػا لسػطا ال ػػورة المسػتوي لاػػي نسػتطيل مػػف خػالؿ تعال ػػات ػذا التنظػػيـ‬
‫أف ن وؿ باف ناؾ "شالنة للمضموف"‪ .‬انظر الشاؿ التالي‪:‬‬

‫ناؾ تارار ألشػااؿ م ػددةك ف ػي مرابػة مػف م ػاطل م ل ػة ب افػات مسػت يمة وقػد‬
‫ادخػػؿ عػػددا مػػف األشػػااؿ الم وسػػة إلػػى اليسػػار وتاػػررت ػػذل األقػواس فػػي أسػػفؿ الػرداع‬
‫األيمػف وفػػي ذنػػب السػػماة السػفلي وتطغػػي األشػػااؿ الم ل ػػة علػى التنظػػيـ لاػػف األقػواس‬
‫"نفسػ ا" فػػي المجموعػػات ال انويػػة تسػػاعد علػػى تو يػػد الت ػػميـك ل ػػد وضػػل اللػػوف أيضػػا‬
‫في توزيل ماررك اما وضعت األشااؿ السود والخضر والبرت الية في تػداخؿ مع ػدك ػـ‬
‫أف ال جوـ تختلؼ مف منط ة إلى منط ة أخرل(‪.)191‬‬

‫(‪ )191‬الم در السابؽ ص‪.441‬‬


‫‪419‬‬
‫إف ت ليال بناميا إضافيا ل ذل اللو ة سيرينا إف ناؾ موضوعا يف ا عن الرسـك‬
‫مف خالؿ ذل التعال ات(*)‪.‬‬

‫فعنػدما نػرل ب عػة مػراع علػى سػػجادةك ال يماػف ف ػل ا عػف مجموعػة مػف‪:‬مادت ػػا‬
‫ال وفيةك وموقع ا مل الب ل األخرلك جم اك لون ا‪ . . .‬الػ ك وعنػد ا ال يماػف ف ػؿ‬
‫ذل الب عة عف جميل ذل الشباة وعلى ما قال سيزاف‪"" :‬إننا ال نرل فػي التفا ػة لون ػا‬
‫األ مر ف طك بؿ نا ت ا أيضا""‪ .‬واف ما ندرا مف الرعد ليس مجرد الرعد بؿ الرعد ×‬
‫ساوف سابؽ × ساوف ال ؽك على قوؿ وليـ جيمز(‪.)192‬‬

‫وال ػػاؿك فػػاف د ارسػػة الشػػاؿ فػػي اللو ػػة يسػػاعدنا علػػى تلمػػس ق ػوانيف تبػػدو دقي ػػة‬
‫ويماػػف االسػػتفادة من ػػا فػػي د ارسػػة فػػف الرسػػـ د ارسػػة علميػػة‪ .‬ألنػ سػػيراز اال تمػػاـ علػػى‬
‫موضػػوع الرسػػـ نفسػ اجػػنس لػ خ ػػامص فػػي التعػػالؽك واف د ارسػػة الشػػاؿ ت ودنػػا إلػػى‬
‫ف ػػـ المضػػموف ودالالت ػ ‪ .‬وال ػػاؿ أف جميػػل العالقػػات التػػي تؤسػػس لألشػػااؿ وال ػػورك‬
‫ػػي عالقػػات ت مػػؿ فػػي ذات ػػا أفاػػا ار غامضػػة يماػػف أف تتخػػذ معػػاني مختلفػػة " سػػب‬
‫الموضػػوع" وطري ػػة البنػػاع والتػػأليؼك ويماػػف أف تنفػػتا إلػػى مجػػاالت ال ػػدود ل ػػا مػػف‬
‫خػػالؿ العالقػػات الم ضػػة بػػيف األشػػياع بػػدال مػػف وضػػل جوا ر ػػا سػػلفا لنت ػػور أبسػػط‬
‫األم لػػة‪ :‬ف نالػػؾ فػػي ال ػػورة التجريديػػة أشػػااؿ لػػـ يسػػبؽ إف شػػو دت أو عرفػػت و يػػث‬
‫""ال يس ػػتطيل التم ي ػػؿ"" أف يت ػػدخؿ انف ػػوذ م ػػنظـك فعلين ػػا أف نمي ػػز وج ػػود م ػػادر نف ػػوذ‬
‫منظمة أخرل إضافة إلى التشاب و ػي م ػادر نفػوذ ت ػبا بػدون ا ال ػورة التجريديػةك‬
‫سػػط ا ال شػػاؿ ل ػ ك وي ػػوي ب ػػدود غامضػػة أو أي شػػيع آخػػر وامػػا قػػاؿ سػػارتر‪ :‬أف‬
‫العػػيف يجػػب أف تجػػد ػػاف از قويػػا جػػدا علػػى الت بػػؿ لاػػي ت ػػوـك بػػدوف الب ػػث عػػف وج ػ‬
‫ورة(‪.)193‬‬ ‫شب (**)ك بتو يد ذل البع رل التي ي‬

‫(*) يماف الاشؼ عف الداللة في الف ؿ ال ادـ "ت ليؿ األعماؿ"‪.‬‬


‫(‪ )192‬ينظر‪ :‬مولنارك فرانسوا‪ :‬الو دة والاؿك م در سبؽ ذارل ص‪.78‬‬
‫نا ""المرجل""‪.‬‬ ‫د بوج الشب‬ ‫(**) يبدو أف سارتر ي‬
‫‪461‬‬
‫ونس ػػتنج م ػػف ػػذا الم ػػاؿ إف أي ش ػػاؿ يس ػػتطيل أف ينف ػػتا عل ػػى دالالت ومع ػػاف‬
‫متعددة تى واف لـ ياف ناؾ تعارؼ الي علي ا‪ .‬فايؼ ي دث ذلؾ‪.‬‬

‫تؤل ػػؼ العنا ػػر التش ػػايلية للفن ػػوف الب ػ ػرية المف ػػردات األساس ػػية الت ػػي يس ػػتعمل ا‬
‫الفنػػاف لبنػػاع العمػػؿك لاػػف الطري ػػة التػػي يػػنظـ ب ػػا ػػذل العنا ػػر ػػي التػػي تميػػز العمػػؿ‬
‫الفنػػي الوا ػػد مػػف اوخػػر‪ .‬قػػد يجمػػل الرسػػاـ بػػيف اللػػوف والشػػاؿ والنسػػيج والخػػط لينػػتج‬
‫ورة تشبي يةك وفي الة أخرل يجمل بػيف ػذل العنا ػر نفسػ ا بطري ػة مختلفػة اليػاك‬
‫د الداللي الػذي يفػرض فػي بعػض األ يػاف‬ ‫وما و جو ري مف اؿ عمؿ فني و ال‬
‫ضغطا على اتخاذ ال رار في عدد العنا ر وأنواع ا أو الطري ة التي سينظـ ب ا‪.‬‬

‫فمف النا ية الم الية اؿ عن ر في العمػؿ الفنػي يجػب أف يؤلػؼ مفػردة ضػرورية‬
‫في المعنى التشبي يك والوظيفيك والتعبيري والمجاليك ان النسيج الػذي يو ػد العنا ػر‬
‫ػػلة قويػػة بػػيف التعال ػػات ورمزيت ػػا‪.‬‬ ‫المنت ػػاة الػػذي يعطػػي العمػػؿ داللت ػ ‪ .‬أف فػػي الفػػف‬
‫فالمعنى التعبيري للشاؿ األزرؽ في لو ة ما إنما يت ؽ بفضؿ وضع بطري ة خا ػة‬
‫للوف التاويف وشال ‪ .‬وبفضؿ تداخؿ ذا الجزع مف الرسـ واألجزاع األخرل التي ت ػيط‬
‫ب‪.‬‬

‫فالشػػاؿ األزرؽ قػػد ياػػوف جػػزعا مػػف نسػػؽ لألل ػواف أو األشػػااؿ ياشػػؼ عػػف نفس ػ‬
‫لمف ـ على علـ بأف ذا النسؽ موجود وسيتسل مضمون في اللو ة ويتعزز(‪.)194‬‬

‫تجليات الرمز‬
‫ػػي انفتا ػ الرمػػزيك واف‬ ‫الخال ػػة أف د ارسػػة الترايػػب الفنػػي وتعال ات ػ ت ػػدد‬
‫الب ػػث السػػيميامي سػػي ودنا إلػػى د ارسػػة ػػذا النظػػاـ الػػداؿ ""مػػا دامػػت األنسػػاؽ والوقػػامل‬
‫ال ػا دالػة" امػػا ي ػوؿ بػارت "فعنػػدما نشػير إلػى الفػػف بأنػ ""شػاؿ رمػػزي"" يظ ػر أف ػػذل‬

‫(‪ )193‬الم در السابؽ ص‪.81‬‬


‫(‪ )194‬ينظر نوبلر نا افك م در سبؽ ذارل ص‪97‬‬
‫‪464‬‬
‫العبػػارة تفتػػرض أ ػػال أف ػػذا الميػػداف م ػػدد فػػي بنػػاع فاػػري ي يػػؿ إلػػى طب ػػة بداميػػة‬
‫ق ول مف الواقل ال تظ ػر فػي ػذا الميػداف مػف خػالؿ "مػادةك وواسػطة"‪ .‬ويبػدو أننػا ال‬
‫ي ة األشااؿ وخ و يت ا إال مف خالؿ ما يستتر وراع ا ومػا يظ ػر‬ ‫تستطيل إدراؾ‬
‫في ا‪.‬‬

‫فالوظػػامؼ األوليػػة نفس ػ ا التػػي ت ػػدد عػػالـ الفاػػر وطابع ػ وميزت ػ الخا ػػة تبػػدو‬
‫اانعااسػػات متعػػددة تطػ أر علػػى الاينونػػة التػػي ػػي ت ديػػدا وا ػػدة متجانسػػة وذلػػؾ مػػا إف‬
‫تػػدرا ا ""ذات"" وتمتلا ػػا‪ .‬امػػا يػػرل "ارنسػػت ااسػػيرس"‪ .‬يػػث يشػػير إلػػى أف لألشػػااؿ‬
‫الرمزية فلسفة إذا نظر إلي ا مف ذا المنظار و ي م اولة لربط اؿ شاؿ مف األشااؿ‬
‫إذا جاز التعبير بمؤشر اناسار نوعي‪ .‬وبذلؾ فاف ذل الفلسفة تسػعى لمعرفػة األوسػاط‬
‫الااسرة بطييعت ا الخا ة لاشؼ تاويف اؿ من ا وف ـ أ وؿ بنيت (‪.)195‬‬

‫واذا ما تو لنا إلى معرفة ذا االناسار فإننا نستطيل أف ن دد معنى أوليػا للرمػز‬
‫داخؿ العمؿ الفني‪.‬‬

‫فمر لػػة ت ػػوؿ العالمػػة مػػف طبيعت ػػا المجػػردة أو المعجميػػة إلػػى مر لت ػػا الرمزيػػةك‬
‫ػػو عمليػػة إق ػػاع الداللػػة المعجميػػة والتعػػارؼ ال بلػػي ل ػػاك ومػػف ػػـ تت ػػوؿ مػػف مجال ػػا‬
‫الترايبي الجديد إلى دالالت مختلفة ذات طابل رمزي‪.‬‬

‫لنر ايؼ تت وؿ ال ورة أو التم اؿ أو اونية والعالمػات الفرعيػة أو التطبي يػة فػي‬
‫ػػور ا يػ ػرة‬ ‫أعم ػػاؿ الفن ػػاف الفرنس ػػي ن ػػري "م ػػاتيس ‪ "4911-4869‬ػػذا الفن ػػاف لػ ػ‬
‫يرسم ا لنساع في مداخؿك ب ا ستامر وم اعد وسجاد ومناضد ومز ريات في ا ورد‪ .‬فلػو‬
‫قلنػػا أف الموضػػوع الػػذي يعبػػر عن ػ ‪"" :‬ام ػرأة فػػي مػػدخؿ"" أو ""إمػػاـ بيػػانو"" فإننػػا سػػن مل‬
‫ورةك ت ولت إلى اياف جديد يلعب دورل‬ ‫االنفتاح ألف المرأة ينما أ ب ت جزعا مف‬
‫فػػي بنػػاع تلػػؾ ال ػػورةك ولػػذلؾ تتايػػؼ أوضػػاع ا تبعػػا لمػػا تملي ػ ب يػػة األج ػزاع وتاتسػػي‬

‫(‪ )195‬ينظر ااسيريرك ارنست‪ :‬فلسفة األشااؿ الرمزيةك في العرب والفار العالمي عدد ‪ 3‬مراز اإلنماع‬
‫ال وميك بيروت ‪ 4988‬ص‪.63-64‬‬
‫‪461‬‬
‫بألواف تفرض ا التواف ات أو األضداد العامة التي تخضػل ل ػاك فػالمرأة لػـ تعػد موضػوعا‬
‫بػػالمعنى المعجمػػي بػػؿ ػػي جػػزع مػػف خطػػاب داؿ ي ػرتبط بػػال وانيف التػػي فرضػػت ا سػػامر‬
‫العالقػػات السػػامدة‪ .‬فػػالمرأة قػػد تظ ػػر خضػراع أو مػراع أو بنفسػػجية تبعػػا للم ػػيط الػػذي‬
‫زّاى ػذا اللػوف أو ذاؾك ويػد ا قػد تظ ػر ب ال ػة أ ػابل الف موضػوعية اليػد المتعػارؼ‬
‫علي ػػا ذات خمسػػة أ ػػابل تختلػػؼ عػػف اليػػد التػػي دخلػػت اجػػزع مػػف تعال ػػات النسػػيج‬
‫الفن ػػي‪ .‬ول ػػذلؾ ف ػػي إط ػػار ال ػػورة تاتس ػػب العالم ػػات خػ ػواص جدي ػػدة ام ػػا تف ػػد بع ػػض‬
‫و اذا ننت ي إلى أف العالقة بػيف العنا ػر مػف ج ػة والخطػاب مػف ج ػة‬ ‫(‪)196‬‬
‫ا‬ ‫خوا‬
‫أخرل إنما ي عالقة ذات بعديف ما‪:‬‬

‫‪ .4‬عالقات الت اـ "العالقات الترابطية المنط ية"‪.‬‬

‫‪ .1‬العالقات الداللية‪.‬‬

‫العالقات الترابطية الم طقية‪:‬‬


‫‪"Edouard‬‬ ‫ف ػ ػػي لو ػ ػػة "غ ػ ػػداع عل ػ ػػى العش ػ ػػب" للفن ػ ػػاف ادورد مانيػ ػ ػ ‪Manet‬‬
‫‪."4883-4831‬‬

‫الػػرجالف الظػػا راف فػػي اللو ػػة قػد يل ا مػػا المػػرع م ػػادفة و مػػا يرتػػدياف الػػزي ذاتػ‬
‫في شارع مف شوارع باريس واف قواـ المرأة العارية الجالسة يخلو مف أية م الية ويجسػد‬
‫ق ػواـ امػ ػرأة مألوف ػػة ووجػ ػ ام ػرأة مألوف ػػة فع ػػالك وآم ػػا الضػػوع فبا ػػت وطبيع ػػيك وال ػػورة‬
‫بأامل ا تمتلؾ سمة واقعية تناقض الوضل الشاذ الذي عرضت في الشخوص‪.‬‬

‫إف الم ػػـ فػػي ػػذا العمػػؿ ليسػػت العالقػػة التػػي تاػػوف أو ال تاػػوف بػػيف شخو ػ ا‬
‫الرميسػػية بػػؿ تلػػؾ التػػي ت ػػوـ بػػيف األل ػواف وبػػيف األشػػااؿ ذات ػػاك ف ػػيف أراد "ماني ػ " أف‬
‫يضيؼ ب عة ضوع رسـ امرأة عارية و يف شػاع أف يضػاد ب عػة اللػوف ػذل ب عػة معتمػة‬
‫رسػػـ رجػػال بسػػترة سػػوداع‪ .‬إف العالقػػات الترابطيػػة بػػيف الشخ ػػيات والمنظػػر العػػاـ ػػي‬

‫(‪ )196‬ينظر البسيوني‪ .‬د‪ .‬م مود‪ :‬الفف في ال رف العشريفك دار المعارؼك ال ا رة ‪ 4981‬ص‪.31‬‬
‫‪463‬‬
‫ػور اي ونيػة لمرجػل موجػود خػارج‬ ‫عالقات منط ية‪ :‬واذا تـ ف ػص اػؿ األشػااؿ ف ػي‬
‫نظاـ اللو ةك لاف ناؾ مشااؿ متعددة ومختلفة ت ار في ػذا السػياؽ‪:‬مػا ماونػات ػذل‬
‫العالقػ ػػات االي ونيػػػة و ػػػؿ سنسػػػمي الموضػ ػػوع الم ػػػور تسػ ػػمية ت يػ ػػؿ إلػػػى الموضػ ػػوع‬
‫الػواقعي لاػػف إالّ ن ػػوـ بال ضػػاع علػػى اللغػػة الت ػػويرية بػػاختزاؿ ماونات ػػا فػػي ماونػػات‬
‫مشػ ػ د خ ػػارج اللو ػػة ف ػػي ػػيف أف اللغ ػػة الخا ػػة باللو ػػة ػػي لغ ػػة خط ػػوط وأش ػػااؿ‬
‫وألواف‪...‬‬

‫سنضػل مف ػوـ "التم ػػؿ" نفسػ الػػذي ي ػوـ عليػ الت ػوير التم يلػػي موضػل تسػػاؤؿ‪.‬‬
‫إف الواقػػل الػػذي تػػـ تم يل ػ فػػي لو ػػة "ماني ػ " يماػػف أف يال ػػظ فػػي أف لغػػة اللو ػػة تمػػر‬
‫ب ال ة م اور‪.‬‬

‫ي‪:‬‬ ‫(‪)197‬‬
‫اما يرل شيفر "‪"J. C. Schefer‬‬

‫أ‪ .‬التنظيـ الداخلي للعنا ر بعدد م دد للو ة في بنية مغل ة "توليؼ العنا ر‬
‫ف ػ ػػي تع ػ ػػارض متػ ػ ػرابط"‪ .‬ال ػ ػػور اإلنس ػ ػػانيةك األش ػ ػػياع الملموس ػ ػػةك األش ػ ػػااؿ‬
‫المنظورات‪ ...‬ال " إن ا الشفرة التشخي ية‪ ..‬ويماف مال ظة ذلؾ في "عمػؿ‬
‫ماني " في لعبة اللوف‪.‬‬

‫األسود والعتمة= الرجاؿ‬

‫الضوع واألبيض= النساع‬

‫األشجار تتوزع بيف اللونيف‬

‫ذا العالـ‪:‬‬ ‫ب‪.‬الواقل الذي ي يؿ إلي‬

‫ي ػػي لاػػف ترايػػب الجلسػػة‬ ‫ػػذل اللو ػػة ػػو عػػالـ‬ ‫إف العػػالـ الػػذي ت يػػؿ إليػ‬
‫واللػػوف والمنظ ػر العػػاـ جعػػؿ مػػف الرسػػـ غايػػة فػػي ػػد ذات ػ ك واػػأف التاػػويف‬

‫(‪ )197‬ينظر ارستيفاك جوليا‪ :‬اللغة المرمية‪:‬الت ويرك ترجمة بنيونس عميروش في مجلة نوافذك العدد السابل‬
‫شباط ‪ 4999‬ص‪.96‬‬
‫‪461‬‬
‫بدعة غير مألوفة فػي ين ػا وقػ ّؿ إف ت بل ػا أمزجػة الجم ػورك بػؿ قػد تتػراعل‬
‫ودا وامت انا لذوق ‪.‬‬ ‫ل ت ديا م‬

‫ار العالـ الواقعي في ترايب وو دات عالما غير مألوؼ‪.‬‬ ‫لد‬

‫‪" .1‬العالقات الداللية"‪:‬‬

‫الخطااااب(*) الػػذي يػػتـ اإلعػػالف في ػ عػػف الشػػفرة التشخي ػػية والواقػػل أي الخطػػاب‬
‫الداؿ المعبر ب الذي يجمل اؿ ماونات اللو ةك وبتعبير آخر اللو ة ليست شػيما آخػر‬
‫(‪)198‬‬
‫ذا النص ي با ملت ػى الػدواؿ‬ ‫غير النص الذي ي وـ بت ليل ا اما ترل "ارستيفا"‬
‫وو دات ػ الترايبيػػة والدالليػػة ت يػػؿ إلػػى ن ػػوص مختلفػػة يػػث تاػػوف الفضػػاع ال ػػافي‬
‫لل ػراعة‪ .‬ناشػػؼ شػػفرة اللو ػػة مػػل إعطػػاع اػػؿ وا ػػد مػػف عنا ػػر ا "ال ػػورك األشػػااؿك‬
‫الوض ػػعيات" معن ػػى وا ػػدا أو أا ػػر ا ػػاف م ػػف المما ػػف أف تعطيػ ػ "ملخ ػػات فلس ػػفيةك‬
‫روايػػةك شػػعر‪ ...‬ال ػ " المشػػار إلي ػػا فػػي عمليػػة ال ػراعة‪ .‬أف شػػفرة اللو ػػة تتمف ػػؿ ػػوؿ‬
‫التاري الذي ي يط ب ا وتنتج ب ذا الشاؿ النص الذي تاون اللو ة‪.‬‬

‫فػػي ػػذا ال ػػنص نف ػػـ أف اللو ػػة "وم ػػف ػػـ العالم ػػة االي ونيػػة" ال تم ػػؿ واقع ػػا ب ػػؿ‬
‫أنموذجػػا مفتو ػػا علػػى تأويػػؿ رمػػزي بػػيف العػػالـ واللغػػة التػػي تسػػتند إلي ػػا مجموعػػة مػػف‬
‫الن ػػوص التػػي تت ػػاطل وتضػػاؼ لل ػراعة للمسػػمى لو ػػةك قػراعة غيػػر تامػػةك فمػػا توقعنػػال‬
‫تم يال بسيطا بدا دما للبنية المم لة في لعبة ال ن امية ل الت اللغة‪.‬‬

‫نػػرل ايػػؼ لعػػب الترايػػب والتعػػالؽ فػػي مػػادة الرسػػـ دورل فػػي تشػػايؿ الداللػػة‪ .‬والػػى‬
‫أي د ي ودنا الشاؿ االي وني في ااتشاؼ سبؾ الترميز‬

‫‪M.‬ك ف ػ ػ ػ ػ ػ ػإف تػ ػ ػ ػ ػ ػػدخؿ سػ ػ ػ ػ ػ ػػيزاف‬ ‫سػ ػ ػ ػ ػ ػػب مال ظػ ػ ػ ػ ػ ػػة لػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ـ‪ .‬بلينػ ػ ػ ػ ػ ػػي ‪pleynet‬‬
‫‪ "4916-4839 "Paul Cezanne‬في الت وير األوربي غير شروط اللغة الت ويرية‪.‬‬

‫(*) الخطابك نا و العمؿ في اؿ النظر إلي مف خالؿ شروط إنتاج ‪.‬‬


‫(‪ )198‬الم در السابؽ ص‪.97‬‬
‫‪461‬‬
‫لنأخذ م ال لو ة سبزاف " ياة ساانة" ‪.4911- 4891‬‬

‫فػػإف الطبيعػػة المرسػػومة لػػـ تف ػػد شػػيما مػػف طراوت ػػا وشػػدت ا وتشخي ػ ا "مجموعػػة‬
‫فواا على منضدة" لاف الترايب ن ا بأشاال ا ن ػو ال ياسػية والتاامػؿ ال ابػت لألشػااؿ‬
‫ال ندسػػية وأعطػػى اللو ػػة قيمػػة أساسػػية فمػػف نا يػػة دالليػػةك جعلنػػا نت ػػور أننػػا لػػـ نػػذؽ‬
‫ػػذل الفوااػ مػػف قبػػؿك تجا ػػؿ الرسػػـ لب ػػا وطعم ػػا ولانػ مػػف خػػالؿ تشػػايل ا ػػرـ ػػذل‬
‫ا التي أسبغت ا الطبيعة علي ا لي ل ا بال ياة التي و ب ا الفف ل ا‬ ‫األشياع بعض خوا‬
‫وأ ػػب ت طوعػػا للب ػػث التشػػايلي الخػػالص(‪ )199‬فػػي عمػػؿ "سػػيزاف" وا يػػر مػػف أعمػػاؿ‬
‫الذيف تلول فاف السيرورة التي ""تزيا عف المراز"" بنية اللو ػة تجػاوز الشػفرة الت ػويرية‬
‫نفس ا ‪ -‬السيرورة التي ت تمي في نػص اللو ػة فػي الت ػوير الاالسػياي "أو فػي نػص‬
‫الذات التػي تػرال" تػدخؿ فػي الموضػوع نفسػ ك الموضػوع يتوقػؼ إذف أف ياػوف موضػوعا‬
‫م و ار لاي ي با سػيرورة ال متنا يػة تأخػذ فػي ال سػباف مجموعػة ال ػول التػي تنتج ػا‬
‫وت ول ا إلى متعددات رمزية(‪.)200‬‬

‫(‪ )199‬ينظر مخطط األشااؿ وت سيمات ا‪ :‬مجلة ‪ REGARDS‬العدد ‪ 44‬باريس ‪ 4988‬ص‪.11‬‬


‫(‪ )200‬ينظر ارستيفياك جوليا‪ :‬م در سبؽ ذارل ص‪.411‬‬
‫‪466‬‬
‫وسػػيتافؿ الف ػػؿ ال ػػادـ فػػي الاشػػؼ عػػف ت ػػوؿ اللو ػػة إلػػى متعػػددات رمزيػػة فػػي‬
‫ضوع األسس النظرية للمػن ج السػيميامي الػذي ا تػدل بػ الب ػث فػي شػؽ طري ػ وسػط‬
‫غاية اللو ة المغطى بطب ة سمياة مف قطل الليؿ المعرفي‪.‬‬

‫‪467‬‬
‫الفصل الرابع‬

‫د ارس ػػة تطبيق ػػية‪.‬‬ ‫‪‬‬


‫يقدـ ىذا الفصؿ تحميلً سيميائياً لموحات فنية (عراقية) ويحاوؿ البحث استثمار‬
‫المياد النظري لمفصوؿ السابقة‪...‬‬

‫لقد تـ اختيار ىذه األعماؿ لضرورات منيجية وبحثية‪ ،‬في ضوء عمـ العلمات‬
‫وىو بحث ال يعنى بالمؤشرات الخارجية أو إطار العمؿ بؿ يعنى البحث في داخؿ‬
‫العمؿ الفني‪ ،‬وعمى ىذا األساس فاف العينات قد خضعت فقط العتبار تنوع األساليب‬
‫الفنية‪ ،‬الذي يتيح القدرة عمى قراءة سيمائية ليذه األساليب‪ ،‬واألمر اآلخر أف ىذه‬
‫األعماؿ ليا حضورىا داخؿ الحركة الفنية الواقعية وتمثؿ مراحؿ مختمفة زمنياً‪.‬‬

‫وأخي اًر فاف تسمسؿ األعماؿ في داخؿ البحث ال يخضع العتبارات التمييز بؿ‬
‫لضرورات فنية حسب‪.‬‬

‫‪710‬‬
‫انظر قائمة الصور باأللوان في الممحق نهاية الكتاب‬

‫المسح البصري‬
‫تتبنيف الموحة بالمسح البصري في وحدتيف يقسـ بينيما خط األفؽ‪ ،‬ىذا الخط‬
‫يمثؿ عالمي الموحة األرض والسماء‪.‬‬

‫الخط ينكسر بعد حركة مستقيمة ويختفي ثـ يظير عمى شكؿ شريحة مستطيمو‬
‫في جية اليسار‪ .‬لكف خط األفؽ ال ينتمي إلى فكرة الخط المستقيـ (الواقعي)‪ .‬انو‬
‫ينتمي إ لى صنؼ التحديدات المونية التي تتداخؿ في تضادىا مكونة تكسيرات في بنية‬
‫الخط‪ ،‬وىي في الوقت نفسو تنمو وتضمحؿ في لعبة التداخؿ (أعمى ‪ -‬أسفؿ)‪ .‬ولذلؾ‬
‫فإطلؽ كممة خط األفؽ عمى ىذا التقسيـ ىي تسمية افتراضية لمعزؿ بيف بنيتي‬

‫‪717‬‬
‫فضاء الموحة‪ ،‬ووحدتيا األرضية‪ ،‬ونسجؿ أيضاً أف ىذه التكسرات ىي علمة عمى‬
‫تحكـ لعبة األضداد بيف األلواف والتكوينات األخرى‪.‬‬

‫إف ىذا التقسيـ يؤدي بنا لمبحث عف الوحدات األساسية وىي‪:‬‬

‫وحدة الفضاء‪ :‬تؤسس ىذه الوحدة عمى لوف فاتح اصفر ‪ +‬ابيض‪ .‬يتحدد ىذا‬
‫الموف مف أعمى الموحة إلى نقطة التقاطع مع تحديدات وحدة األرض‪ ،‬بتدرج لوني‬
‫ينتيي إلى األبيض‪.‬‬

‫وال يصطدـ األبيض مع األحمر في وحدة األرض‪ ،‬بؿ يتشكؿ لوف وسيط‬
‫(برتقالي) يعمؿ عمى تفعيؿ فكرة التدرج‪.‬‬

‫ابيض‬ ‫اصفر‬ ‫برتقالي‬ ‫احمر‬

‫إف ىذا التدرج يشكؿ الجو العاـ لمعمؿ‪ ،‬وىو جو ينتمي إلى األلواف الحارة‪،‬‬
‫العاممة عمى تمظير داللي يحيؿ خطاب الموحة الشكمي إلى مقولة الحرب ‪ -‬النار‬
‫التي يعد األحمر احد علماتيا‪ .‬عمى مستوى الداللة والبنية‪ .‬فالفضاء في تدرجو ال‬
‫يشكؿ انحدا اًر بؿ علمة كاشفة لألشكاؿ التي تشبيح داخمو‪ .‬مف دوف ارتكاز‪ ،‬الف ىذه‬
‫األشكاؿ تعتمد في تمظيرىا عمى التدرج نفسو بيف األحمر واألصفر الفاتح‪ ،‬وتدرجو‬
‫الوردي‪ .‬المشتؽ مف األحمر نفسو‪.‬‬

‫يمكف لمخطاطة‪ ،‬اآلتية أف تبيف النظاـ العلمي لموف‪.‬‬

‫تعميـ األشكاؿ‬ ‫الوردي‪ :‬علمة مصاحبة‬

‫ضوء × ظؿ‬ ‫البرتقالي‪ :‬علمة وسيط‬

‫ينتيي دور البرتقالي في نياية (الفضاء) بيف الوحدتيف األرض والسماء‪ .‬لكنو ال‬
‫يقؼ عف ىذا الحد بؿ يؤسس الدور نفسو في بنية التبقيع العاممة في فضاء الموحة‪:‬‬

‫يمكن مالحظة البقعة‬ ‫احمر‬


‫في أعمى اليمين‬ ‫برتقالي‬
‫‪711‬‬

‫ظل‬
‫إف وجػػود البرتقػػالي (وجػػود ظمػػي)‪ ،‬ظػػؿ متخػ ن‬
‫ػؼ لكنػػو فػػي حقيقتػػو المرجعيػػو‪ ،‬وجػػود‬
‫ضوئي؛ فالتدرج بيف األحمر والبرتقالي تدرج بيف (ظؿ=احمر) ضوء=برتقالي‬

‫في حيف يعمؿ البرتقالي في فضاء العمؿ قانوف عكسي‬

‫احمر= ضوء‬ ‫برتقالي= ظؿ‬

‫إف األحمػػر (ضػػوء) يعمػػؿ كعلمػػة مييمنػػة (الضػػوء‪ ،‬نػػاطؽ) باسػػتمرار فػػي حػػيف‬
‫تكوف الظممة‪ ،‬سكوف‪( .‬في السكوف كؿ األشياء صامتة)‪.‬‬

‫البرتقالي= ساكف‪ ،‬مصاحب‪ ،‬ظؿ‪ ،‬معمّـ لألشكاؿ‬

‫األحمر= متحرؾ‪ ،‬مركزي‪ ،‬ضوء‪ ،‬شكؿ‬

‫وف ػػي ض ػػوء ى ػػذه المعادل ػػة‪ ،‬ف ػػاألحمر‪ ،‬يق ػػوـ عم ػػى أش ػػكاؿ إنس ػػانية‪ ،‬ف ػػوؽ س ػػطح‬
‫البرتقالي (الظؿ) (ناطؽ) ويمكف أف نستنتج القانوف اآلتي‪:‬‬

‫مسبوؽ بالبرتقالي‪ +‬األصفر المبيض‬ ‫وجود األحمر‬

‫إف ىذا القانوف في فضاء العمػؿ يمكػف أف نجػده فػي تنويعػات متعػددة لأللػواف فػي‬
‫أعمػػاؿ الفنػػاف‪ ،‬وبمراجعػػة بسػػيطة يمكػػف العثػػور عمػػى القػػانوف بػػنلواف مختمفػػة تنتمػػي مػػف‬
‫حيث وجودىا إلى أمثمو متعددة مثلً‪:‬‬

‫مسبوؽ بالموف الفستقي ‪ +‬األصفر المخضر‬ ‫فضاء اخضر‬

‫مسػ ػػبوؽ بػ ػػالموف البيجػ ػػي ‪ +‬األبػ ػػيض‪ ...‬الػ ػػذ والػ ػػذي‬ ‫فضاء اصفر‬
‫يمكػػف مػػف خللػػو عػػزؿ التفػػرد النػػوعي لمػػوف فنقػػوؿ الموحػػة الصػػفراء‪ ،‬والموحػػة الحم ػراء‪،‬‬

‫‪711‬‬
‫والموحة الزرقاء‪ .‬في فضاء العمؿ نمسػؾ فػي بنيػة التبقيػع لػوف ازرؽ‪ ،‬ىػو المػوف الوحيػد‬
‫الذي يعمؿ معاكساً لمبنية المونية المييمنة‪ ،‬لكنو يشترؾ معيا في مظيرىا الشكمي‬

‫ازرق‬
‫وردي‬

‫إف ىذا الموف ينتشر باألسموب نفسو الذي عمؿ البرتقالي عمى تحديده‪.‬‬

‫وجود اآلخر‬ ‫علمة تضاد‬ ‫األزرؽ=‬

‫وىنا يمكف تسجيؿ اآلخر مف خلؿ الشكؿ االنساني المقموب‪ ،‬والمتجمد‪.‬‬

‫اتجاه أفقي‬ ‫شكؿ إنساني احمر‬

‫شكؿ أنساني ازرؽ اتجاه عمودي‬

‫أف كل الشكميف يعملف وفؽ قانوف التضاد إذ يقوؿ كؿ منيما (أنا ىنا)‬
‫أحمر ‪ +‬تدرج‬ ‫ازرؽ ‪ +‬تدرج‬

‫علمة مصاحبة‬ ‫علمة مصاحبة‬

‫يمكف أف نصؿ إلى القانوف الذي يتحكـ في فضاء الموحة‬

‫فضاء العمؿ ‪ +‬تدرج الموف المييمف‬

‫فضاء العمؿ ‪ +‬تدرج الموف المضاد = أشكاؿ طائرة = اتجاىات مختمفة‬

‫يتح ّكـ ىذا القانوف بنعماؿ الفناف ىاشػـ حنػوف‪ ،‬وال يوجػد مػا يخالِفُػوُ إالّ التنويعػات‬
‫المونية العاممة وفؽ نفس المقياس (يمكف مراجعة أعمالو بنلواف مختمفػة محكومػة بػنفس‬
‫القانوف)‪ .‬فيما يخص وحدة الفضاء‪.‬‬

‫الوحدة األرضية‬
‫‪711‬‬
‫تؤسػس ىػذه الوحػػدة بػالموف األحمػػر الػذي يتصػػؿ بزاويػة القاعػػدة (اليمػيف) وبتدرجػػو‬
‫البرتقالي (زاوية اليسار) أسفؿ الموحة‪ .‬نجد أف البرتقالي ال ينوء بمحموالت أخرى سػوى‬
‫الوساطة بيف بنيتي الضوء والظؿ‪ .‬إذ يتخفى في وحدة األرض‪ ،‬كما فػي وحػدة الفضػاء‬
‫تحت األحمر‪ ،‬ويتخذ في مساره القانوف نفسو‪.‬‬

‫برتقالي = ظؿ‬ ‫احمر = ضوء‬

‫يػػػدخؿ األسػػػود فػ ػػي وحػػػدة األرض كمػ ػػا دخػ ػػؿ األزرؽ معػ ػػادالً مضػ ػػاداً فػ ػػي وحػ ػػدة‬
‫الفضاء (انا ىنا)‪.‬‬

‫إذ يحيػػؿ األسػػود األحمػػر إلػػى سػػطح‪ ،‬رغػػـ كػػؿ انبثاقػػو وىمينتػػو‪ ...‬يحكمػػو قػػانوف‬
‫التشكمف الذي ساد الفضاء‪.‬‬

‫ازرؽ × فضاء= برتقالي ‪ +‬اصفر‬

‫اسود × ارض= احمر ‪ +‬برتقالي‬

‫اسود ‪ +‬ازرؽ= أشكاؿ ‪ -‬اتجاىات مضادة‬

‫احمر ‪ +‬برتقالي ‪ +‬اصفر= سطوح‬

‫وبيػػذا يك ػػوف ك ػػؿ تػػدرج لألحم ػػر ف ػػي البنيػػة الكمي ػػة لمعم ػػؿ= سػػطح وك ػػؿ األش ػػكاؿ‬
‫ازرؽ أو اسود‪.‬‬ ‫االيقونية تعمؿ كبنية تضاد‪ .‬فاإلنساف‬

‫احمر ‪ +‬تدرجاتو‪.‬‬ ‫ظؿ اإلنساف= سطح‬

‫وبمتابعة لوحات أخرى لمفناف نجد أف ىناؾ تنويعات تنبني عمى القانوف نفسو‬

‫سطح = حار أو بارد‬

‫تعييف = تضاد‬

‫‪711‬‬
‫ولننخ ػػذ ى ػػذا العم ػػؿ مث ػػاؿ‪ ،‬يتقاب ػػؿ المون ػػاف األزرؽ واألس ػػود مش ػػكميف تق ػػابلً لم ػػوف‬
‫اآلخر وتدرجاتو ويمكف أف نوضح ذلؾ بتقطيع الموحة إلى مثمثيف‪ ،‬يحتؿ مثمث القاعدة‬
‫(األسود) ويمثؿ مثمث الزاوية المقابمة األزرؽ كما ينتي‪:‬‬

‫انظر قائمة األشكال‬

‫الموناف خارجاف مف المػوف األحمػر الػذي يمثػؿ أرضػيتيما ىنػا وامتػدادىما الزمنػي‪،‬‬
‫فػػاألزرؽ ىػػو لحظػػة تجمػػد األحمػػر (الػػدـ مػػثلً) واألسػػود ى ػو ال ػرأس األخيػػر فػػي تػػدرج‬
‫األحمر‪ ،‬وبيذا فإف الموف األحمر يعد العلمة المونية المركزية (النواة) في الموحػة عمػى‬
‫مستويي الداللة والبنية‪.‬‬

‫الخطوط‬
‫تنبن ػػي الوح ػػدة األرض ػػية بع ػػد تج ػػاوز الخط ػػوط الخارجي ػػة لموح ػػة (اإلط ػػار) داخ ػػؿ‬
‫مثمث ػػيف كم ػػا أوض ػػحنا‪ ،‬األوؿ يمث ػػؿ القاع ػػدة المس ػػتقرة والثػ ػاني يمث ػػؿ القاع ػػدة المقموب ػػة‬

‫‪ -‬يش ػ ؿ المثمػػث ذو القاعػػدة المسػػتقرة الكيانػػات السػػوداء كقنػػاع )‪ (mask‬يخفػػي وراءهُ‬


‫أشكاؿ‪ ..‬بيوت وأبواب وشػبابيؾ‪ .‬إف األشػكاؿ اإلنسػانية واضػحة المعػالـ وكػؿ مػا يفعمػو‬
‫األسود ىو أف ي طي ما تحتو‪ ،‬ليتقدـ باتجاه السطح‪.‬‬

‫‪711‬‬
‫االنبثاق‬

‫األسود‬

‫تعتيم‬
‫لكػػف األسػػود بانبثاقػػو مػػف األحمػػر واتصػػالو بػػو يعمّػػـ األشػػكاؿ اإلنسػػانية مػػف خػػلؿ‬
‫البقع السوداء المحززة بخطوط بيضاء‪ ،‬تشػكؿ معػالـ توضػيحية‪ .‬يصػبح األسػود علمػة‬
‫يخترقيا األبيض‪ ،‬الضوء × الظلـ‪.‬‬

‫المثمػػث الثػػاني (المقمػػوب‪ :‬يشػ ؿ المثمػػث المقمػػوب أشػػكاالً إنسػػانية معمقػػو ومتجمػػده‬
‫باتجاىات مختمفة‪ ،‬وألوانػاً مختمفػة تنبثػؽ مػف األزرؽ وتمتػزج مػف األحمػر وصػوالً غػالى‬
‫البنفسػػجي‪ ،‬تبػػدو األشػػكاؿ قريبػػو‪ ،‬يسػػيـ فػػي ذلػػؾ حجميػػا ووضػػوح المػػوف الػػذي تتشػػكؿ‬
‫منو‪ ،‬إذ تعمؿ عمى تفعيؿ دور خط التلشي وأبعاده‪.‬‬

‫التبقيع‬
‫ينتشػ ػػر التبقيػ ػػع داخػ ػػؿ العمػ ػػؿ ليضػ ػػعؼ بنيػ ػػة الوضػ ػػوح ل ػػنلحظ ذلػ ػػؾ مػ ػػف خ ػ ػلؿ‬
‫الخطاطة اآلتية‪:‬‬

‫‪711‬‬
‫انظر قائمة األشكال‬

‫جمي ػع البقػػع بػػالموف األحمػػر‪ ،‬فػػي حػػيف تسػػتعير بقعتػػيف بػػالموف البرتقػػالي وبقعتػػيف‬
‫بالموف األزرؽ وىنا يمكف القوؿ أف البقع المونية تسود باألحمر في حيف تستعير بعض‬
‫منيػػا أل ػواف األشػػكاؿ اإلنسػػانية انػػوُ تػػداخؿ ومجػػاورة بػػيف اإلنسػػاف ومحيطػػو فػػي المػػوف‬
‫والييئة‪.‬‬

‫يمكػػف أف نخمػػص أف قانونػاً يحكػػـ بنيػػة التبقيػػع فيػػي تسػػتعير مػػف المييمنػػة المونيػػة‬
‫فػػي وحػػدة األرض لونيػػا وتنتشػػر فػػي الموحػػة فػػي حػػيف تعمػػؿ بعػػض البقػػع عمػلً مضػػاداً‬
‫مػػف الناحيػػة المونيػػة وىػػذا ممػػا يجعػػؿ أعمػػاؿ الفنػػاف ىاشػػـ حنػػوف قائمػػة عمػػى الط ػػابع‬
‫التكراري في طريقة العرض والتبقيع‪.‬‬

‫األشكال الهندسية‪:‬‬
‫تمأل األشكاؿ اليندسية كؿ بنية التقاطع‪ ،‬دائرة ونصػؼ دائػرة ومسػتطيؿ ومربػع‪...‬‬
‫وىي تعمؿ عمى مستوييف‪.‬‬

‫‪ .7‬روابط لبنية التقاطع‪.‬‬

‫‪711‬‬
‫‪ .1‬وعم ػػى مس ػػتوى الدالل ػػة‪:‬تق ػػوـ بتبقي ػػع متص ػػؿ لمق ػػرص الس ػػماوي (دائػ ػرة خطي ػػة)‬
‫وتعمػ ػػؿ األسػ ػػيـ والخطػ ػػوط المنسػ ػػابة عمػ ػػى اسػ ػػتمرار ىػ ػػذا التبقيػ ػػع وتفعيػ ػػؿ دور المػ ػػوف‬
‫البرتقالي إلخراجو مف الحافات المستقيمة‪.‬‬

‫وىكذا نجد أف قانوناً يحكـ حركة األلواف واألشخاص واألشكاؿ كما ينتي‪:‬‬

‫‪ .7‬يعم ػػؿ التبقي ػػع علميػ ػاً ك ػػنجزاء متمم ػػو لتنكي ػػد الط ػػابع االنتش ػػاري لم ػػوف الس ػػائد‬
‫واأللواف المصاحبة‪.‬‬

‫‪ .1‬الفضاء يؤكد باستمرار مف خلؿ تدرجو مف الموف السائد‪.‬‬

‫وعمػػى مسػػتوى الداللػػة‪ ،‬فػػنف األشػػكاؿ التػػي تمألىػػا تمثػػؿ انفجػػارات المػػوف السػػائد‬
‫وتشظياتو‪ ،‬كما أف التبقيع الذي اشػرنا إليػو المسػتمر بخطػوط االنسػياب والمحػدد باتجػاه‬
‫األسيـ سيجعؿ منو غطاءاً شاملً لموحة‪.‬‬

‫إف متابعة أعماؿ الفناف ىاشػـ حنػوف (معرضػو عمػى قاعػة دجمػة ‪ 7111‬ومعرضػو فػي‬
‫عماف ‪ )7111‬تعيد القانوف ذاتو‪ ،‬يسود لوف مييمف ليسػحب معػو كػؿ البنيػة إلػى منطقػة‬
‫لونية أخرى م ايرة تعمؿ عمى‪:‬‬

‫‪ .7‬تعييف ألشكاؿ‪.‬‬

‫‪ .1‬وحدة أرضية سائدة‪.‬‬

‫‪ .1‬وحدة فضائية مشتقة‪.‬‬

‫‪ .1‬انبثاؽ لونيف مضاديف لمبنية يتوزاف عمى وحدتي األرض والسماء‪.‬‬

‫ىذه النظـ العلمية تؤدي إلى مركزىػا العلمػي (التشػظّي) الػداؿ عمػى إعػادة لعبػة‬
‫الخْمؽ‪.‬‬
‫َ‬

‫‪711‬‬
‫لوحة الفنان ضياء الخزاعي‬

‫مف معرضو الشخصي قاعة حوار ‪7111‬‬


‫الموحة ممونة في قائمة األشكال‬

‫المسح البصري‬
‫أوؿ م ػػا يطف ػػو عم ػػى س ػػطح البني ػػة العام ػػة لمعم ػػؿ ى ػػو األب ػػيض‪ ،‬وتتك ػػوف األلػ ػواف‬
‫األخػػرى عمػػى سػػطح األبػػيض بنشػػكاؿ وعلمػػات وتنػػاظرات‪ ،‬وسػػننتي عمػػى ذكرىػػا مػػف‬
‫خلؿ تقسيـ العمؿ كاآلتي‪:‬‬

‫‪710‬‬
‫انظر قائمة األشكال‬

‫األبػػيض فضػػاء العمػػؿ ويحتػػؿ المسػػاحة الكبػػرى داخػػؿ الموحػػة‪ ،‬باعتبػػاره الس ػػطح‬
‫الدافع لكؿ األلواف حتى يمكف القوؿ بننو يػدفع (األبػيض نفسػو) فػي بعػض المواقػع إلػى‬
‫األماـ مف خلؿ تبقيع األخير عمى السطح (لعبة الضوء والظؿ)‪.‬‬

‫إف سمس ػػمة التبقي ػػع الت ػػي تق ػػوـ عميي ػػا بني ػػة الم ػػوف تعم ػػؿ تن ػػاظرات إذ يمك ػػف إيج ػػاد‬
‫معادليػػا المػػوني فػػي حالػػة (انتشػػار) دائػػـ عمػػى السػػطح التصػػويري‪ .‬ويتشػػكؿ المػػوف مػػف‬
‫حالة متوازنة مرتبطة بيذا اإليقاع ومف اجؿ تحريػؾ العمػؿ يمكػف حصػر حركػة األلػواف‬
‫واالتجاىات التي تعمؿ بيا ومف ثـ طريقػة التكػرار التػي تنبنػي عمييػا الموحػة مػف خػلؿ‬
‫فػرز العناصػػر المونيػػة‪ ،‬كوحػػدات وتنػػاظرات كمػػا يػػنتي‪ ،‬فػػالموف البنفسػػجي يشػػكؿ القاعػػدة‬
‫الظمية لألشكاؿ مثمما يشػكؿ المػوف األبػيض الفضػاء العػاـ وبيػذا المعنػى تنبنػي الموحػة‬
‫عمى‪:‬‬

‫ضوء = األبيض‬

‫ظؿ = البنفسجي‬

‫وبيف الضوء والظؿ تعمؿ مشتقات األلواف باعتبارىا تدريجات لونية‪.‬‬

‫أف السطح الكمي لموحة مقسـ عمى ثلثة حزـ كما في الشكؿ اآلتي‪:‬‬

‫‪717‬‬
‫انظر قائمة األشكال‬

‫‪ -7‬تتكػػوف الحزمػػة العميػػا مػػف خطػػوط وض ػربات وكتػػؿ طوبوغرافيػػة (تنقػػيط فرشػػاة‬
‫عمى السطح ال امؽ)‪.‬‬

‫‪ -1‬تبدو الحزمة الوسطية فضاء (ابيض)‪.‬‬

‫‪ -1‬الحزم ػػة عم ػػى يس ػػار العم ػػؿ تعم ػػؿ كتػ ػواز (كتم ػػي) م ػػع الحزم ػػة األول ػػى يب ػػدو‬
‫السطح لمعمؿ مضبباً يعمؿ باعتباره بنية ضبابية‪.‬‬

‫‪711‬‬
‫يمكف تمثيؿ التخطيط العاـ لموحة كما ينتي‪:‬‬

‫السطح الكمي‬

‫تداخل بقع لونية‬ ‫تداخل بقع لونية‬

‫عمى نفس المستوى‬ ‫ألوان محددة‬ ‫منتشرة عمى ظل‬

‫(تناظر)‬ ‫(وضوح)‬

‫الفضاء‬

‫تداخل عمى األبيض‬ ‫ابيض (ضباب)‬ ‫تداخل بقع بدرجات لونية‬


‫بقع ظمية بدرجات مختمفة باألبيض‬

‫والحقيقة أف التقسيـ يمكف تسميتو (افتراضاً بالسباحة داخؿ الفضاء)‪.‬‬


‫لنمػ ِ‬
‫ؽ اآلف نظػرة عمػػى الوجػػوه المتعػػددة لمتركيػػب الممػػوف المتواجػػد فػػي كػػؿ جػػزء مػػف‬
‫ىذه األجزاء‪.‬‬

‫ألواف ضبابية × ألواف معتمة‬

‫ظاىرة‬ ‫متوارية‬

‫يقوـ العمؿ عمى بنية وضوح ظاىرة اصفر ‪ +‬بنفسجي ‪ +‬احمر ‪ +‬اخضر‬

‫بنفس ػ ػ ػ ػػجي ‪ +‬ابػ ػ ػ ػ ػػيض‬ ‫اصػ ػ ػ ػ ػػفر ‪ +‬ابػػ ػ ػ ػػيض‬ ‫بنيػػ ػ ػ ػػة ضػػ ػ ػ ػػبابية‬
‫أخضر ‪ +‬ابيض‬ ‫احمر ‪ +‬ابيض‬

‫‪711‬‬
‫البنية العميقة‬ ‫البنية الظاهرة‬

‫تداخل لوني‬ ‫تدرج لوني‬ ‫تناظر لوني‬ ‫انتشار لوني‬

‫وينشػ ػن ى ػػذا التركي ػػب ليكم ػػؿ النس ػػؽ الرب ػػاعي ث ػػـ ينح ػػؿ بع ػػد اكتمال ػػو عن ػػد تلش ػػي‬
‫العلمػػات داخػػؿ األبػػيض‪ .‬فػػاألبيض يعمػػؿ كفضػػاء لػػوني وفػػي ذات الوقػػت ينحػػدر إلػػى‬
‫اللنيائي فاسحاً المجاؿ لأللواف لمتدفؽ إلى أماـ‪ ،‬فيكوف ال امؽ أماماً‪ ،‬والفاتح م يباً‪.‬‬

‫غامؽ‬

‫فاتح‬

‫التنظيم العالمي‬
‫تعمػػؿ الموحػػة بنظػػاـ التبقيػػع فػػي بنيػػة الوضػػوح عم ػى متواليػػة رياضػػية مػػف حيػػث‬
‫التقسػػيـ‪ ،‬حيػػث يوجػػد معػػادؿ عػػددي متقػػارب لض ػربات الفرشػػاة فػػي كػػؿ لػػوف ممػػا يتػػيح‬
‫لموحة أف تنبني عمى نظاـ مف التكرار الموني (التجريدي)‪.‬‬

‫العلقة التي تحيؿ عمى التشخيص (االيقونية) ىي داؿ (دراجة ىوائية) تبدأ بنيػة‬
‫الوض ػػوح ث ػػـ تض ػػيع معالمي ػػا ف ػػي الفض ػػاء األب ػػيض وتش ػػتبؾ ف ػػي نيايتي ػػا م ػػع األلػ ػواف‬
‫األخرى‪ ،‬في حيف تشكؿ البقع المونية الوحدات التجريدية‪.‬‬

‫تسمح ىذه الموحة باكتنػاه العلقػات التػي تتكػوف منيػا الوحػدات الشػكمية‪ ،‬ولػو قمنػا‬
‫افت ارضػػا بعػػزؿ أي مػػف الوحػػدات فانػػو يمكػػف ليػػذه الوحػػدة عمػػى مسػػتوى البنيػػة أف تكػػوف‬
‫(لوحػػة) ت ػوازي أو تشػػابو الموحػػة الكبػػرى‪ ،‬لننخػػذ المقطػػع فػػي أعمػػى اليمػػيف ثػػـ المقطػػع‬
‫الوس ػػطي يمك ػػف ملحظ ػػة التش ػػابو عم ػػى مس ػػتوى البني ػػة ف ػػي طريق ػػة االنتش ػػار وتوزي ػػع‬

‫‪711‬‬
‫يقسػػـ نفسػػو مػػف خػػلؿ التبقيػػع عمػػى المسػػاحة‬
‫األلػواف‪ ،‬إذ يبػػدو أف كػػؿ لػػوف فػػي الفرشػػاة ّ‬
‫الكمية لمعمؿ بضربات عشوائية‪.‬‬

‫ىذه الحركة (العشوائية) تحيؿ إلى نظاـ شكمي تجريػدي‪ ،‬يبنػى عمػى فكػرة التػداخؿ‬
‫العلمي مف خلؿ التداخؿ الموني‪ .‬فالعلمػات تػدور فػي المكػاف (الفضػاء) إذ ال وجػود‬
‫لمسند‪ ،‬واف اإليياـ باالستقرار علمة عمى التباعد (االحياز) ال غير‪.‬‬

‫يمكػػف عػػزؿ التػػنثير الواضػػح لمعلمػػات المصػػاحبة كعلمػػات ديكوريػػة حيػػث توجػػد‬
‫في كؿ مساحة العمػؿ وىػي (األصػفر ‪ +‬األخضػر ‪ +‬البنفسػجي) مركبػة تركيبػا متنػاظ اًر‬
‫فوؽ األبيض‪.‬‬

‫يبدو أف األبيض ىػو أعمػى االضػداء فػي بنيػة الوضػوح مػع األلػواف األخػرى الػذي‬
‫يجعؿ مف أعماؿ الفناف ضياء الخزاعي تنبني عمى فكرة األلػواف (الصػريحة) وتبايناتيػا‬
‫مع األبيض‪ .‬وىي بنية ضوئية تشت ؿ عمى أعمى معادؿ لػوني بػيف صػراحة البنفسػجي‬
‫واألخضر واالخمر فوؽ األبػيض‪( .‬الظػاىر) وبػيف خمػط نيايػات األلػواف فقػط بػاألبيض‬
‫لعمؿ تدرج غير محدد لموف (الم يب)‪.‬‬

‫م يب‬ ‫ظاىر‬

‫تظيػػر العلق ػػات االيقوني ػػة ف ػػي الم ي ػػب والعلقػػات التجريدي ػػة ف ػػي الظ ػػاىر ق ػػانوف‬
‫توزيع العلمات ىذا يكشؼ عف بنية تضاد مقموبة تتكمـ عمى فقد (األشياء)‪.‬‬

‫‪711‬‬
‫لوحة الفنان سعد الطائي‬

‫مف معرضو الشخصي‪ /‬دبي ‪7111‬‬


‫الموحة ممونة في قائمة األشكال‬

‫التنظيم العالمي‬
‫تنبني الموحة عمى فضاء واحد يحكمػو قػانوف التػداخؿ بػيف األلػواف والخطػوط‪ ،‬فػي‬
‫علمياً عمى‪:‬‬
‫ّ‬ ‫حركة متموجة‪ ،‬تتشاكؿ الواحدة منيا مع األخرى ويقوـ ىذا التشاكؿ‬

‫التضاد الموني = احمر ‪ +‬تدرجاتو األخضر ‪ +‬تدرجاتو‬

‫الضوء والظؿ = التضاد الموني × األسود‬

‫االتجاه والمساحة = حجـ السطوح المونية × حركة شكؿ السطح‬

‫تتموضع العلمات في بنية التموج حيث تُحػدد األشػكاؿ داخػؿ التمػوج مػف حػلؿ‬
‫تحديػػدات بس ػػيطة باألس ػػود ال ػػذي يعم ػػؿ ظمي ػاً لألش ػػكاؿ‪ .‬والستكش ػػاؼ أف ػػؽ ى ػػذا التب ػػايف‬
‫يمكف أف نحدد مستويات الفضاء بالتقسيـ اآلتي‪:‬‬

‫‪711‬‬
‫اخضر‬ ‫الموف = احمر ‪+‬‬

‫ازرؽ‬ ‫وردي‬

‫بارد‬ ‫حار‬

‫وعمػى تبػايف الحػػار والبػارد تتنسػػس األشػكاؿ داخػؿ فضػػاء العمػؿ وفػػؽ مبػدأ العمػػؽ‬
‫والشػػكؿ وقػػانوف النظػػاـ والتقابػػؿ‪ ،‬يتعمػػؽ األمػػر ىنػػا بالتقسػػيـ التقػػابمي لعناص ػر الشػػكؿ‬
‫(التداخؿ)‪.‬‬

‫يدخؿ األسود باعتباره مكوناً ثالثاً لتحديػد وابػراز معػالـ ىػذا التػداخؿ ويبػدو األسػود‬
‫رابطاً بيف األلواف واألشكاؿ‪.‬‬

‫يتقػػدـ األس ػػود لإلمػػاـ ويعم ػػؿ كبنيػػة دافع ػػة لمحػػزوز لتبي ػػاف معػػالـ األش ػػكاؿ‪ .‬وم ػػف‬
‫خ ػ ػ ػػلؿ االح ػ ػ ػػزوز ين ػ ػ ػػدفع ف ػ ػ ػػي وس ػ ػ ػػط الموح ػ ػ ػػة ش ػ ػ ػػكؿ امػ ػ ػ ػرأة وفت ػ ػ ػػاة تمتحف ػ ػ ػػاف بعب ػ ػ ػػاءة‬
‫(شكؿ واقعي) يمكف ليػذا التشػاكؿ مػف تنديػة وظيفتػيف‪ :‬األولػى وظيفػة تشخيصػية تتخػذ‬
‫مػػف ملمػػح الوجػػوه اإلنسػػانية مجػػاالً لمظيػػور أمػػا الوظيفػػة األخػػرى فيػػي تحديػػد معػػالـ‬
‫أرضية العمؿ‪ ،‬حيث تستند المرأة والفتاة إلػى قاعػدة الموحػة ومػف ىنػا يحػدد األسػود ىػذه‬
‫المعالـ ويػؤدي الػوظيفتيف سػابقتي الػذكر‪ .‬ليصػبح الفضػاء فػي مثػؿ ىػذه الحالػة منقسػماً‬
‫إلى فضائيف أعمى وأسفؿ كما في الخطاطة اآلتية‪:‬‬

‫‪711‬‬
‫حركػػة المػػوف فػػي الفضػػاء األعمػػى تسػػاوي حركػػة المػػوف فػػي الفضػػاء األسػػفؿ‪ ،‬لكػػف‬
‫الف ػػرؽ البص ػػري يتخ ػػذ م ػػف حرك ػػة الخط ػػوط مج ػػاال لظي ػػور األش ػػكاؿ مس ػػتعينة باألس ػػود‬
‫باعتباره أرضية لمتموجات التي تسبح األخيرة داخمو‪.‬‬

‫كػػؿ شػػكؿ ينبثػػؽ مػػف األخػػر‪ ،‬ويمتػػؼ عميػػو‪ ،‬األفػػؽ والفضػػاء يمتػػؼ عمػػى األشػػكاؿ‬
‫والعبػػاءة تمتػػؼ عمػػى األجسػػاد‪ ،‬ويبػػدو أف ال مػػوض ييػػيمف داللي ػاً عمػػى الموحػػة‪ .‬حيػػث‬
‫تتك ػػوف الوح ػػدة العام ػػة لمعم ػػؿ م ػػف ت ارس ػػؿ سمس ػػمة متش ػػابية م ػػف العلم ػػات تك ػػوف فكػ ػرة‬
‫االمتداد واللنيائية في حيف يعمؿ الوجياف لممرأة والفتاة عمى غمؽ ىذا االمتداد‪.‬‬

‫ول ػػو أع ػػدنا تركي ػػب العم ػػؿ خ ػػارج ال ػػوجييف ف ػػاف الدالل ػػة تنف ػػتح عم ػػى أف ػػؽ التم ػػوج‬
‫والتكػ ػرار اللنيػ ػػائي‪ .‬لك ػػف التشػػػخيص المص ػػاحب لبني ػػة التم ػػوج ي ػػؤطر العم ػػؿ محػ ػػاوال‬
‫‪711‬‬
‫االبتعاد عف التجريد الخػالص إلػى إضػافة بعػض التعيينػات العلميػة التػي تػرتبط عرفيػا‬
‫بمؤشرات بيئية‪.‬‬

‫إف علمة التموج ىنا ىي ىياج النيائي يظير في داخمو قوة مف نوع ما‪.‬‬

‫داخػػؿ المػػوج كػػؿ األشػػياء متحركػػة ففػػوؽ األجسػػاد تتمػػوج العبػػاءة السػػوداء لتخفػػي‬
‫حركة األجساد‪.‬‬

‫إف داؿ التموج الموني والظؿ والضوء ما ىو إال لعبػة ضػياع الملمػح التػي اعتمػد‬
‫عمييػػا األسػػموب الػػذي ي ّيػػب التفاصػػيؿ داخػػؿ حركػػة التسػػطيح والتشػػاكؿ المػػوني ولولبيػػة‬
‫الخطوط‪.‬‬

‫ويكوف تحديد التنظيـ العلمي كما ينتي‪:‬‬

‫علمة مييمنة‬ ‫األخضر (لوف صريح)‬

‫علمة مصاحبة‬ ‫األحمر (لوف صريح)‬

‫علمة مصاحبة‬ ‫االوكر (لوف مزيج)‬

‫علمة تشخيصية‬ ‫األسود (لوف صريح)‬

‫ويعم ػػؿ األس ػػود ك ط ػػاء ش ػػكمي داخ ػػؿ الموح ػػة‪ ،‬وم ػػف ث ػػـ دالليػ ػاً كعلم ػػة عرفي ػػة‬
‫(عباءة)‪.‬‬

‫الخط ‪ :‬يعمػؿ الخػط عمػى تفعيػؿ التشػخيص وعػزؿ المػوف‪ ،‬إف جميػع الخطػوط فػي‬
‫ىػذا العمػؿ خطػوط (منحنيػة) يتشػاكؿ بعضػػيا مػع بعػض لتكػوف علمػة كبػرى (التمػػوج)‬
‫داخػػؿ الموحػػة‪ .‬ويعمػػؿ الخػػط إضػػافة إلػػى ىػػذه الوظيفػػة فػػي تمظيػػر األشػػكاؿ االيقونيػػة‬
‫(الوجوه)‪.‬‬

‫‪711‬‬
‫إف ص ػراحة الخػػط والمػػوف (علمػػة) وتجنػػب الخمػػط (علمػػة) يرم ػزاف إلػػى صػػفاء‬
‫الضػػوء وتبايناتػػو‪ ،‬ومػػف ثػػـ ت ييػػب األشػػكاؿ وتجريػػدىا‪ ،‬ويمثػػؿ التمػػوج الخطّػػي النيائيػػة‬
‫ذلؾ التجريد ليعمف عف لعبة الوجود‪.‬‬

‫إف ىذا األسموب لمفناف يمكف متابعتو في أعمالو التي أطمقت عمييا الفناف تسمية‬
‫صيادوف‪ ،‬نساء‪ ،‬أزقة‪ ،‬وىو أسموب يعتمد التشفير العلمي والبعد الداللي آنِفَي الذكر‪.‬‬

‫‪710‬‬
‫لوحة الفنان ضياء العزاوي‬

‫زيت عمى قماش مف معرضو الشخصي‪ ،‬لندف‪7111 ،‬‬


‫الموحة ممونة في الممحق‬

‫في محاولة لتقطيع ىذا العمػؿ‪ ،‬يمكػف ضػبط التقسػيمات البنائيػة إلػى أربػع وحػدات‬
‫كما في الخطاطة التالية‪:‬‬

‫‪717‬‬
‫إف ىذا التقطيع يشكؿ الوحدات التركيبية لمعمؿ‪ ،‬التي تتمحػور حوليػا كػؿ البنيػات‬
‫األخػػرى‪ ،‬يمكػػف تممػػس بنيػػة التسػػطيح والتقػػابلت المونيػػة بػػيف األسػػود واألبػػيض والبنػػي‬
‫(واالوكػػر)‪ ،‬وتتمظي ػػر عمػػى التس ػػطيح بنيػػة أخ ػػرى ى ػػي بنيػػة التبقي ػػع‪ ،‬التػػي تح ػػوي ك ػػؿ‬
‫العلمات في نظاـ يعتمد عمى وضع البقع عمى سطح لوني مف درجة واحدة‪.‬‬

‫وىكذا نكوف بإزاء مواجية بيف المكاف (السطح) والموضػوعات عمػى السػطح‪ ،‬بػيف‬
‫التسػػطيح والتبقيػػع‪ ،‬وتتركػػز ىػػذه المقولػػة عمػػى بنيػػة البعػػد‪ ،‬أو التبػػايف البعػػدي‪ ،‬باعتبارىػػا‬
‫نواة مركزية في أعماؿ الفناف‪ .‬لكف مف الضروري اإلشارة إلى أف ىذا التبايف فػي البعػد‬
‫ال يحدد في الفضاء بؿ تحدده علقات لونية (درجات)‪( .‬الموف الفػاتح فػي اإلمػاـ) لكػف‬
‫يمكػػف‪ ،‬قمػػب المعادلػػة (المػػوف ال ػػامؽ فػػي اإلمػػاـ)‪ ،‬وألجػػؿ حصػػر المفيػػوـ يمكػػف تقسػػيـ‬
‫العمؿ إلى وحدات متباينة بيف السطح والبقعة)‪.‬‬

‫الوحدة األولى‪ :‬الموف يعمؿ كسطح لمعمؿ يخترقو التبقيع في األعمى‪.‬‬

‫‪711‬‬
‫الوحددددة اليانيدددة‪ :‬المػػوف (االوكػػر)‪ :‬يعمػػؿ سػػطحا معػػادالً لألبػػيض ويعمػػؿ التبقيػػع‬
‫عمى السطحيف بدرجات متقاربة‪.‬‬

‫الوحدة اليالية‪ :‬األسود‪.‬‬

‫يخترؽ التبقيع ىذه الوحدة مف األعمى‬

‫وتصبح القيمة المونية (قيمة مممس) وال تحيؿ إلى المرجع (أو العرؼ المعجمي)‪.‬‬

‫األسود = األبيض = االوكر = البني‪.‬‬

‫تقػػوـ بنيػػة السػػطح عمػػى نظػػاـ ىندسػػي (مربعػػات ومسػػتطيلت) (اسػػتقرار) (مكػػاف‬
‫تجمد)‪.‬‬

‫(فكرة التحديد أو المحيط أو الحصر)‪.‬‬

‫بنية التبقيع‪:‬‬

‫‪711‬‬
‫إف النسػػؽ الػػذي تقػػوـ عميػػو ىػػذه البنيػػة ىػػو نسػػؽ المتواليػػات وىػػي بنيػػة انفػػلت‪:‬‬
‫ويتبنػػيف عمػػى حركػػة الفرشػػاة (االتجػػاه) والتقػػابلت المونيػػة (محػػددة‪ ،‬سػػائبة)‪ .‬ومػػف ىػػذا‬
‫التشاكؿ تظير لنا الداللة العامة لمشكؿ‪ .‬تقوـ بنية التبقيع عمى مجموعة مف العلمات‬

‫خطوط = يدخؿ فييا (شكؿ حروؼ عربية)‪.‬‬

‫ألواف = مستطيلت لونية وخطوط لونية‪ ،‬عناصر= (دوائر‪ ،‬أشكاؿ ىندسية)‪.‬‬

‫الػ ػػداالّت التػ ػػي تقػ ػػع عمػ ػػى المحػ ػػور األفقػ ػػي فػ ػػي بنيػ ػػة التبقيػ ػػع وىػ ػػي داالت تتعمػ ػػؽ‬
‫بالتشػػكيؿ‪ ،‬وتبػػدو نسػػيجا مػػف ريػػش لطػػائر (غ ػراب) ويحػػدد اتجػػاه ال ػريش حركػػة الفرشػػاة‬
‫والنسيج الذي تنبني عميو جميػع األشػكاؿ مػف خػلؿ المييمنػة التػي ذكرناىػا‪( ،‬تسػطيح‪/‬‬
‫تبقيع)‪.‬‬

‫فاألسػػود يحػػدد شػػكؿ ال ػراب والتبقيػػع يحػػدد تفصػػيمو و يشػػكؿ المسػػتطيؿ األحمػػر‬
‫السػػطح الخػػامس فػػي بنيػػة التسػػطيح معػػادالً مسػػتقلً‪( ،‬ذاتيػاً) وفاصػػل بػػيف كػػؿ السػػطوح‬
‫األخرى‪.‬‬

‫سنقوـ بدراسة ىذه الوحدات في نطاؽ العلقة القائمة في ما بينيا كمقػوـ اتصػالي‬
‫داخؿ نسؽ الموحة‪ .‬كما في الخطاطة اآلتية‪:‬‬

‫وىك ػػذا وم ػػع د ارس ػػة ى ػػذه العناص ػػر وكش ػػؼ انس ػػاؽ العلق ػػات االتص ػػالية يمكنن ػػا‬
‫الكشؼ عف قانونيف رئيسييف يحكماف ىذه العلقات‬

‫‪ -7‬قددانون االتصدددال المدددوني – (التوزيػػع) واالنفجػػار المػػوني (االنفتػػاح) فػػي بنيػػة‬


‫التجريد‪.‬‬

‫‪ -1‬قانون االنقطاع‪ :‬وتحدده وحدتيف رأس ال راب والحرؼ العربي‪.‬‬

‫يمكف اعتبار ىاتيف العلمتيف وحػدتيف رمػزيتيف‪ ،‬وىمػا فػي داخػؿ ىػذا العمػؿ‬
‫تمثلف الداللة الم مقة‪ .‬بؿ ىما العلمتاف المتاف تحدداف الشكؿ‪.‬‬

‫‪711‬‬
‫رأس ال راب ‪ +‬حرؼ عربي= تحديد‬

‫سطوح ‪ +‬تبقيع = تجريد‬

‫تتجمػ ػػى ىػ ػػذه اآلليػ ػػة التػ ػػي تحكػ ػػـ الحػ ػػركتيف مػ ػػف خػ ػػلؿ‪ :‬عػ ػػالـ الحركػ ػػة الثانيػ ػػة =‬
‫تبقيع – تسطيح مف متواليات لونية تجريدية‪ ،‬يمكف رصد مكوناتيا كما ينتي ‪:‬‬

‫مستطيلت = حركة فرشاة‬

‫خطوط عمودية = ىيكؿ العمؿ‬

‫دوائر حمراء وبنية = منطقة كسر البنى الخطية‪.‬‬

‫رأس ال ػراب ‪ +‬الحػػرؼ العرب ػي‪ ،‬ىمػػا وحػػدتا ال مػػؽ التػػي يقػػؼ عنػػدىما الػػنص فػػي‬
‫حالة الصراع‬

‫× تضميف‬ ‫تعييف‬

‫وجو ال راب × سطح تبقيع‬

‫ويمكف مف خلؿ ذلؾ تعميـ العلقة المتداخمة ليذا الصراع‪:‬‬

‫غراب = ميت‬

‫حرؼ = م يب‬

‫تيػػيمف الوحػػدات التجريديػػة‪ ،‬حيػػث نقػػؼ بػػإزاء نػػص يحمػػؿ فػػي داخمػػو ص ػراع مػػف‬
‫التباينات(أضداد ألواف)‪ .‬اسود × ابيض احمر × بني مع أضداد مف العلمات‪.‬‬

‫وضوح‪ /‬ابياـ‬

‫محاكاة‪ /‬خياؿ‬

‫تعييف‪ /‬تجريد‬

‫‪711‬‬
‫إف الوحدات العقدية (بنية الوضوح) تحاوؿ تنكيد ذاتيا مف خلؿ موت دالالتيا‬

‫ال راب يطير‪ /‬ال راب مخنوؽ‬

‫الحرؼ العربي صوت‪ /‬الحرؼ صامت‬

‫نلحػػظ أف ىػػذه األفعػػاؿ تخفػػي ىػػدفيا الػػذي ىػػو فػػي الموحػػة إنشػػاء لعبػػة (التبػػايف)‬
‫وىػػو األسػػموب الػػذي يمكػػف أف تُحػ ّػد ْد مق ػوالت الفنػػاف مػػف خللػػو‪ ،‬أي الخصوصػػية التػػي‬
‫تممسيا مف إعادة تركيب التحميؿ‪:‬‬ ‫يمكف ّ‬
‫(غراب ‪ +‬حرؼ) (سطح ‪ +‬تبقيع ‪ +‬تجريد)‬

‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪+‬‬ ‫‪+‬‬

‫واذ كان ػػت علمت ػػا (‪ )+‬ق ػػد وس ػػمتا ال ػ ػراب والح ػػرؼ معجميػ ػاً فننيم ػػا يرت ػػداف إل ػػى‬
‫علمتي سمب (‪( )-‬ال راب متوقؼ والحػرؼ صػامت) وبيػذا يحقػؽ التبػايف وحدتػو التػي‬
‫يسعى إلييا‪.‬‬

‫‪711‬‬
‫الموحة الفنان عالء بشير‬

‫معرضه (محنة)‬
‫الموحة ممونة في ممحق االشكال‬

‫المسح البصري‪:‬‬
‫تنبني الموحة في وحدتيف‪:‬‬

‫‪ .7‬وحدة الضوء‪.‬‬

‫‪ .1‬وحدة الظؿ‪.‬‬

‫وتتداخؿ الوحدتيف بالتضايؼ واالستعارة كؿ منيما مف األخرى كما فػي الخطاطػة‬


‫التالية‪:‬‬
‫‪7‬‬
‫الوحدة األولػى تعمػؿ كبنيػة ضػوء ‪ -‬مػف خػلؿ المػوف (الرصاصػي المحمػر) الػذي‬
‫ينتش ػػر عم ػػى س ػػطح الموح ػػة مش ػػكلً أرض ػػية لمعم ػػؿ تتخممي ػػا خط ػػوط عرض ػػية وىندس ػػية‬
‫‪1‬‬
‫‪711‬‬
‫متشابكة تحدد الملمح البصرية لصخور في جدار‪ .‬وتبدو الموحة كننيا مقطع مف ىػذا‬
‫الجدار الصخري‪.‬‬

‫المون في الوحدة األولى‪:‬‬


‫ينتشر الموف الرصاصي مف خلؿ حركة الفرشاة مف األعمى وينحدر إلػى األسػفؿ‬
‫ثـ يتحدد مساره عند ملمستو الوحدة الثانية (الرصاصي ال امؽ‪ /‬رصاصي مزرؽ)‪.‬‬

‫ينتقؿ ىذا الموف مف حد التوقؼ إلػى الوحػدة الثانيػة عمػى شػكؿ بقػع ضػوئية معممػاً‬
‫لألشكاؿ داخؿ الوحدة األخيرة بوساطة التضاد بيف الضوء والظؿ‪.‬‬

‫تنقسػ ػػـ الوحػ ػػدة األولػ ػػى إلػ ػػى إحيػ ػػاز (صػ ػػخور) شػ ػػبو ىندسػ ػػية يحػ ػػددىا أطػ ػػار‬
‫(رصاصػػي فػػاتح) يعمػػؿ باعتبػػاره خطػاً متص ػلً بػػيف الصػػخور‪ ،‬وفػػي نفػػس الوحػػدة يمتػػد‬
‫خط عرضي يعمؽ عميو مربعاف األوؿ مربع أخمر والثاني مربػع أخضػر‪ ،‬وىمػا المونػاف‬
‫الوحيداف خارج بنية الرصاصي لتفعيؿ التمركز‪.‬‬

‫ويوضح الجدوؿ اآلتي العلقات المونية في الوحدة األولى‪:‬‬

‫عالمة مهيمنة‪ /‬فضاء العمل‬ ‫قاعدة العمل‬ ‫الرصاصي المحمر غامق‬

‫علمة خطية مصاحبة‬ ‫يشكؿ إحيا اًز داخؿ القاعدة‬ ‫الرصاصي الفاتح‬

‫علمتاف نوعيتاف‬ ‫علمتاف مرجعيتاف‬ ‫األخضر‬

‫األحمر‬

‫يمكػ ػػف إدراؾ العلمػ ػػة المييمنػ ػػة (الرصاصػ ػػي المحمػ ػػر) فػ ػػي مظي ػ ػره العلئقػ ػػي ال‬
‫النػػوعي‪ ،‬وىكػػذا فالرصاصػػي المحمػػر ىػػو المسػػاحة التػػي أشػػت ؿ عمييػػا العمػػؿ كتشػػكيؿ‬
‫(بالخط) (علقة احتواء) وىذا العمؽ يتضمف شكؿ المربعيف (علقة احتواء وتضمف)‪.‬‬

‫فالعمؽ األكبر يتضمف الشكؿ األص ر منو وىكذا‬

‫‪711‬‬
‫يمكف التدرج فضائياً مف (فضاء الموحػة ‪ ‬فضػاء الصػخور ‪ ‬فضػاء األشػكاؿ‬
‫اإلنسانية في الوحدة الثانية)‪.‬‬

‫الوحدة اليانية‪:‬‬
‫يػدرؾ الظػػؿ (الرصاصػي ال ػػامؽ المائػػؿ إلػى الزرقػػة) فػػي كميتػو كبنيػػة أي ككػػؿ‬
‫شػػامؿ‪ ،‬وىػػو أيضػاً مجموعػػة مػػف علمػػات نوعيػػة تكػػوف التفاصػػيؿ التػػي تمػػنح األشػػكاؿ‬
‫ىيئتيا ويمكف فرز العلمات النوعية في ىذه البنية كاآلتي‪:‬‬

‫‪ ‬علمات خطية ‪ ‬علمات لونية ‪ ‬رسوـ أشياء (أشكاؿ)‬

‫‪ ‬علمػػات خطيػػة‪ :‬ينحػػدر الخػػط مػػف الوحػػدة األولػػى ويكسػػر ىندسػػتو فػػي دخولػػو‬
‫منطقػػة الظػػؿ فيشػػت ؿ كمكػػوف خطػػي آخػػر (ينحػػدر) باتجػػاه يمػػيف وأسػػفؿ الموحػػة‪ ،‬عمػػى‬
‫شكؿ أخاديد عندما يتحوؿ لونو مف الرصاصي الفاتح المحمر‪ ،‬إلػى الرصاصػي المائػؿ‬
‫إلى السواد‪.‬‬

‫وىنا يمكف فرز العلمات التي تتشكؿ مف ىذا التحوؿ إلى‪:‬‬

‫‪ ‬علمات لونية‬

‫يعطين ػػا ى ػػذا التح ػػوؿ أيضػ ػاً إحي ػػا اًز ب ػػيف الخط ػػوط وى ػػي إحي ػػاز لوني ػػة باتجاى ػػات‬
‫متس ػػاوية‪ ،‬تعم ػػؿ عم ػػى كس ػػر البني ػػة اليندس ػػية ف ػػي الوح ػػدة األول ػػى م ػػف حي ػػث االتج ػػاه‬
‫والسطح‪:‬‬

‫السطح في الوحدة األولى‪ :‬مضيء (ىندسي)‪.‬‬

‫السطح في الوحدة الثانية‪ :‬مظمـ (أشكاؿ غير ىندسية)‪.‬‬

‫وفػػي ضػػوء ذلػػؾ يمكػػف إدراؾ األشػػكاؿ اليندسػػية عمػػى أنيػػا تنوعػػات أيقونيػػة‪ ،‬واذا‬
‫وقفنا عند التماثؿ نجد أنيا تحيؿ عمى موضوع محدد ىػو فػي صػيرورتو (صػخور) ‪‬‬
‫جماد ‪ ‬ضوء‪.‬‬

‫‪711‬‬
‫أما األشكاؿ فيي نوعيات لتميزىا مػادة وشػكلً وىػي أيقونػات ألنيػا تحيػؿ بموجػب‬
‫علقة المماثمة عمى أشكاؿ إنسانية تنبني عمى‪:‬‬

‫بنية ظمية = الرصاصي ال امؽ المزرؽ = إنساف‬

‫وفي ضوء ذلؾ يمكف أف نحقؽ القانوف اآلتي‪:‬‬

‫ليتجمد (فراغ)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫كؿ ضوء يتجو إلى أعمى‬

‫وكؿ ظؿ ينحدر إلى أسفؿ ليتحرؾ (شكؿ إنساف)‪.‬‬

‫ومف خلؿ ىذا القانوف نجد أف شكؿ اإلنساف في أعمى الموحة وفي أسفميا ينبنػي‬
‫عمى الظؿ في حيف يعطينا الضوء بنية جماد عمى المستوى الكمي لموحة‪.‬‬

‫تحديد المعالم‪:‬‬
‫الوح ػػدة األول ػػى (األيقوني ػػة) وتض ػػـ رأس إنسػ ػػاف بملم ػػح تشخيص ػػية ينخ ػػذ شػػػكؿ‬
‫ص ػػخرة م ػػف الج ػػدار ال ػػذي يح ػػيط باألش ػػكاؿ ث ػػـ الص ػػخور كنش ػػكاؿ ىندس ػػية والمػ ػربعيف‬
‫األخضر واألحمر‪ .‬وىي جميعيا علمات أيقونية‪.‬‬

‫أما الوحدة الثانية‪( :‬الرمزية) وتضـ‪:‬‬

‫حزوز ‪ +‬أسود ‪ +‬ظؿ‪.‬‬

‫ىػ ػػذا التقابػ ػػؿ بػ ػػيف الوحػ ػػدتيف يؤسػ ػػس عمػ ػػى المسػ ػػتوى العلمػ ػػي والبنػ ػػائي تصػ ػػاعداً‬
‫تدريجياً بالتعييف ثـ ينتيي إلى تجريد‪.‬‬

‫يبدأ التعييف حيث ينتيي الضوء‪.‬‬

‫ويبدأ التجريد مف بداية الظؿ‪.‬‬


‫تماه‬
‫‪‬‬
‫تجريد‬ ‫تضايؼ‬ ‫تعييف أشكاؿ إنسانية‬
‫‪‬‬
‫خطوط (حزوز)‬ ‫لوف‬ ‫مربعاف‬
‫‪‬‬
‫‪ 100‬تدرج‬
‫رصاصي‬ ‫أحمر ‪ +‬أخضر‬
‫أسود (ظؿ)‬
‫الرصاصي‬ ‫(ضوء)‬

‫أنبثاؽ التعييف مف التجريد‬

‫اإلنساف مف الصخور‬

‫انبثاؽ التجريد مف التعييف‬

‫الصخور= أجساد‬
‫يقع التضايؼ بيف البنيتيف التجريدية والتشخيصية في نسػؽ علمػي لػوني وخطػي‬
‫واحد‪ ،‬يمكف لمرسـ إيضاح ذلؾ مف خلؿ تفكيؾ الشكؿ‪:‬‬

‫رأس الم ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػرأة‬ ‫صخرة تتخذ نفس‬ ‫رأس إنساف‬


‫يتخذ شكؿ‬

‫الصػػخرة وشػػكؿ‬ ‫الشػػكؿ اإلنسػػاني مػػف حيػػث المظيػػر‬ ‫يتخػػذ شػػكؿ صػػخرة‬
‫الرأس‬

‫وبذلؾ ينتفي دور الجنس ذكر‪ /‬أنثى‪.‬‬

‫وال يمكػػف تحديػػد االشػػت اؿ الػػداللي إالّ مػػف حيػػث تفاصػػيؿ التنظػػيـ العلمػػي الػػذي‬
‫يعتمد عمى‪:‬‬

‫‪( ‬الحجـ)‬

‫‪107‬‬
‫‪ ‬التنظيـ‬

‫‪ ‬النسؽ‬

‫‪ ‬نسبة التدرج الموني‬

‫أبيض × أسود‬

‫ُيشػػكؿ اإلنسػػاف الحجػػـ األكبػػر داخػػؿ العمػػؿ مػػف بػػيف العلمػػات األخػػرى‪ ،‬والحجػػـ‬
‫علمة يشترؾ فييا ذلؾ اإلنساف مع المحػيط العلمػي داخػؿ الموحػة‪ ،‬فاإلنسػاف والجمػاد‬
‫يشتركاف في علقة لونية وخطية واحدة في حيف يحػدد الحجػـ الصػفة الدالليػة لكػؿ مػف‬
‫الشكميف‪.‬‬

‫(الجماد ‪ ‬سطح) (اإلنساف مركز)‪.‬‬

‫النقط ػػة األخ ػػرى ى ػػي التنظ ػػيـ ال ػػذي ي ػػؤدي إل ػػى إس ػػتراتيجية خاص ػػة ف ػػي ص ػػياغة‬
‫األسموب‪ ،‬ويبػرز التنظػيـ فػي ىػذه الموحػة مػف خػلؿ االتجػاه الػذي يتمركػز فػي التفػاوت‬
‫بيف تنظيـ الوحدة األولى والثنائية‪.‬‬

‫تنبني األولى عمى ‪ ‬ضوء ‪ +‬أشكاؿ ىندسية ‪ +‬حزوز فاتحة‪.‬‬

‫تنبني الوحدة الثانية عمى ‪ ‬ظؿ ‪ +‬أشكاؿ إنسانية ‪ +‬حزوز سوداء‪.‬‬

‫تتجو الوحدة األولى إلى منظور أفقي في حيف تتجو الثانية إلى منظور مائؿ‪.‬‬

‫أما النسؽ الذي تنبني عميو الموحػة فػي برنامجيػا العػاـ فيػو نسػؽ مػف التبػايف بػيف‬
‫بنيػػة لونيػػة سػػائدة وبنيػػة أخػػرى مصػػاحبة تتمحػػور حػػوؿ فك ػرة التضػػاد المػػوني‪ ،‬فالموحػػة‬
‫تتشكؿ عمى نسؽ عاـ مف لوف رصاصي في حيف يعمؿ المربعػاف عمػى تفعيػؿ التضػاد‬
‫المػػوني باعتبػػار أف ىػػذا التضػػاد يعمػػؿ عمػػى تحفيػػز ومػػف ثػػـ تشػ يؿ فكػرة االنفجػػار بػػيف‬
‫السائد والعرضي‪.‬‬

‫‪101‬‬
‫وعمػػى ىػػذا األسػػاس يمكػػف الحػػديث عػػف اشػػت اؿ علمػػي جديػػد يعمػػؿ آلي ػاً عمػػى‬
‫تحديد مراكز ذات دالالت رمزية تؤطرىا الموضعة المونية‪.‬‬

‫الػػدور الػػذي تؤديػػو البياضػػات (الضػػوء) كمؤشػػر عمػػى إمكانيػػة التوقػػؼ واالسػػتم ارر‬
‫بكونيػا العنصػريف البصػرييف المػذيف يمكػف أف ينجػ از ىػذا الػدور‪ .‬فحيػث يخػتمط األبػػيض‬
‫مػػع األل ػواف األخػػرى ينبثػػؽ عنصػػر مؤشػػر عمػػى بنيػػاف نسػػؽ لػػوني (انفجػػاري) وحيثمػػا‬
‫ي يب األبيض ينفجر الظؿ في محتوياتو الخطية‪.‬‬

‫ممػػا تقػػدـ نسػػتخمص تمييػػز االنتمػػاء األسػػموبي ألعمػػاؿ الفنػػاف بنزوعػػو إلػػى تجػػذير‬
‫س ػريالية مػػف نػػوع خػػاص‪ ،‬تنبنػػي عمػػى المفاجػػنة البص ػرية لمػػوف الػػذي يعمػػؿ فػػي أقصػػى‬
‫الظممة وأقصى الضوء‪( .‬يمكف ملحظة التبايف لممربعيف)‪.‬‬

‫وانطلقػاً مػػف االسػػتنتاجات التػػي ذكرناىػػا فػاف اإللػزاـ فػػي المعنػػى التشػػكيمي ىػػو‬
‫إلزاـ لممعنى القولي‪ ،‬فاألشكاؿ البصرية منبيات شننيا شنف األصوات‪ ،‬وىػي كفيمػة مػف‬
‫حيث البنية بإثارة دالالت عميقة ودالالت سطحية‪.‬‬

‫التحميل العالمي‪:‬‬
‫يثيػػر التنظػػيـ المػػذكور االلتفػػات إلػػى الػػدليؿ المػػوني والخطػػي فػػي نطػػاؽ وصػػؼ‬
‫التعبي ػػر والمحت ػػوى ف ػػي بن ػػاء التش ػػكلت‪ ،‬وىك ػػذا انطلقػ ػاً م ػػف مب ػػدأ التػ ػراكـ ال ػػذي تق ػػوـ‬
‫التشكلت عمى أساسو وبعد توسيع مفيوـ التشػاكؿ ليشػمؿ مسػتوى التشػكلت التعبيريػة‬
‫إلى جانب التشاكؿ الداللي عف طريؽ تفكيؾ محتوى الموحة إلى مجاليف‪:‬‬

‫المجاؿ التركيبي والمجاؿ الداللي‪.‬‬

‫مف خلؿ المجاؿ التركيبي نجػد أف الموحػة تنبنػي عمػى فكػرة التجمػد‪ ،‬فاإلنسػاف‬
‫والحجر يشتركاف في الشكؿ لكف عمى مستوى البنية الدالة يقوـ خطاب مختمؼ‬

‫إنساف متجمد = حجر متجمد ‪ ‬اشتراؾ شكمي‪.‬‬

‫‪101‬‬
‫إنساف متجمد = موت ‪ ‬حجر = اشتراؾ شكمي‬

‫ينزع اإلنساف ثوب الحياة مف خلؿ الشكؿ ويرتدي ثوب الجماد والصخور ترتػدي‬
‫ثػػوب الحيػػاة فػػي تطورىػػا التركيب ػػي‪ ،‬مػػف ىػػذا المنطمػػؽ تنبنػػي الموحػػة فػػي بنيتيػػا العميقػػة‬
‫عمى التبادؿ بيف‪:‬‬

‫إنساف = موت = = أسود = ظؿ‪.‬‬

‫جماد = حياة = أبيض = نور‬

‫ىػػذا المنطػػؽ الس ػريالي فػػي قمػػب التركيػػب يعمػػؿ عمػػى تقػػاطع داللػػي يتموضػػع‬
‫عمػػى فك ػرة ت ييػػب اإلنسػػاف فػػي ص ػراعو مػػع المحػػيط‪ ...‬أمػػا اإلضػػاءة االنفجاريػػة فػػي‬
‫المربعيف فتعمؿ كنثر إنساني‪ ،‬يبعث الحياة ويؤكد ديمومتيا‪.‬‬

‫إف االنفج ػػار الم ػػوني والم ػػايرة تق ػػوـ بتض ػػميؿ الم ػػدلوؿ وم ػػف ث ػػـ تخفيف ػػو ف ػػي لعب ػػة‬
‫الداؿ‪.‬‬

‫اإلنساف ‪ ‬موت ‪ ‬تجمد‬

‫األثر ‪ ‬حي ‪ ‬انفجار‬

‫ىػ ػػذه الثنائيػ ػػة تتك ػ ػػرر فػ ػػي لوحػ ػػات ع ػ ػػلء بشػ ػػير باسػ ػػتمرار (ينظ ػ ػػر إلػ ػػى أعمال ػ ػػو‬
‫المعروض ػػة ف ػػي معرض ػػو محن ػػة اإلنس ػػاف‪ .)7111 -‬ل ػػذلؾ ن ػػرى األعم ػػاؿ بش ػػكؿ ع ػػاـ‬
‫تجتمػػع عمػػى ظػػؿ فػػي أسػػفؿ الموحػػة × ضػػوء أعمػػى الموحػػة أو العكػػس ويفقػػد اإلنسػػاف‬
‫خاص ػ ػػيتو الحيوي ػ ػػة‪ ،‬فنم ػ ػػا أف يك ػ ػػوف ظػ ػ ػلً أو ح ػ ػػزو اًز أو حجػ ػ ػ اًر‪ ..‬الػ ػ ػذ‪ .‬أم ػ ػػا اإلض ػ ػػاءة‬
‫االنفجاري ػػة فإني ػػا تظي ػػر عم ػػى ش ػػكؿ تنويع ػػات‪ ..‬ل ػػوف‪ ،‬مرب ػػع‪ ،‬حمام ػػة‪ ،‬غػ ػراب وتنبن ػػي‬
‫الموحات أيضاً عمى فكرة األرض‪ ،‬جدار‪ ،‬شقوؽ في تربة‪ ،‬شخوص مف طيف‪ ..‬الذ‪.‬‬

‫وتشير ىذه العلقات إلى نسؽ‪ ،‬حيث يقطع َخػط الموحػة إلػى وحػدتيف ظػؿ وضػوء‬
‫ومف ثَـ يبدأ التراسؿ بيف الوحدتيف‪.‬‬

‫‪101‬‬
‫اإلنساف ينبثؽ مف الظؿ‪ ،‬وينبثؽ الجماد مف الضوء‪ .‬ليوازيا موارية العقػؿ وسػطوعُ‬
‫ال ريزة في الخميقة األسطورية لموحة‪.‬‬

‫‪101‬‬
‫لوحة الفنان عمي طالب‬

‫برون بولد من مقتضيات األستاذ مريوش فالح ‪ -‬بغداد ‪6891‬‬


‫الموحة ممونة في ممحق األشكال‬

‫المسح البصري‬
‫إف الموحػة علمػة مفػردة تشػػت ؿ عمػى مسػاحة لونيػة تتحػػدد لمسػياً باإلطػار‪ ،‬نعتبػػر‬
‫الموحة كعلمة مفردة ألنيا (تحقؽ وجود واقعي لشيء يعتبر علمة) ولكف كوف الموحة‬
‫علمة مفردة يعنػي أنيػا تػتـ عبػر خصائصػيا أي عبػر العلمػات الفرعيػة المكونػة ليػا‪،‬‬
‫والتػػي تعتبػػر بػػدورىا بم ارعػػاة تشػػكميا ال ػواقعي (مجػػاؿ الرسػػـ)‪ ،‬والحػػاؿ أف الموحػػة التػػي‬
‫رصػػدناىا كعلم ػػة مف ػػردة فػػي كميتي ػػا‪ ،‬تق ػػدـ كتركي ػػب لمجموعػػة م ػػف العلم ػػات الفرعي ػػة‬
‫المتجسدة مادياً والبانية لموحة كعلمة مفردة‪.‬‬

‫وبالمسػػح البصػػري نػػرى أف الموحػػة‪ ،‬مػػنخوذة بكميتيػػا‪ ،‬تتشػػكؿ مػػف علمػػات فرعيػػة‬
‫تختمػػؼ مػػادة وطبيعػػة وكػػؿ منيػػا يمكػػف أف يكػػوف بمفػػرده موضػػوع سػػيرورة سػػيميوطيقية‬
‫‪101‬‬
‫مسػػتقمة تشػػت ؿ فػػي إطػػار السػػيرورة األكبػػر لموحػػة باعتبارىػػا بنيػػة كميػػة كبػػرى‪ ،‬وتنسيس ػاً‬
‫عمى ما تقدـ يمكننا تمييز العلمات النوعية المركبة كاآلتي‪:‬‬

‫‪ ‬فضاء العمؿ (سطح الموحة)‪.‬‬

‫‪ ‬األشكاؿ البصرية‪.‬‬

‫‪ ‬العمؽ‪.‬‬

‫وداخؿ كؿ علمة نوعية عمى حدة‪ ،‬يمكف تمييز مكونات فرعيػة وىػذا مػا سػيجري‬
‫توضيحو بتناوؿ كؿ علمة نوعية عمى حدة‪.‬‬

‫‪ .7‬تركيب السطح (الفضاء)‬


‫يشػػت ؿ المػػوف الػػذي ي طػػي مسػػاحة العمػػؿ الكميػػة علمػػة مركزيػػة تمػػنح العلمػػات‬
‫األخرى نوعاً مف التوافؽ الموني‪.‬‬

‫ويوظػػؼ المػػوف كتسػػطيح والػػى جانػػب التسػػطيح نرصػػد مكون ػاً آخػػر داخػػؿ السػػطح‬
‫تمثمػػو حركػػة الفرشػػاة وىػػي حركػػة متنوعػػة تقػػوـ فػػي األغمػػب بتكسػػير بنيػػة السػػطح ط ػوالً‬
‫وعرض ػاً‪ ،‬وىػػذا المظيػػر يمكػػف رصػػده فػػي المسػػاحة الكميػػة لمعمػػؿ‪ ،‬الػػذي تشػػكؿ كثافػػة‬
‫المػػوف أحػػد مظػػاىره‪ ،‬المػػوف العػػاـ (البنفسػػجي) يػػدخؿ فػػي علقػػة تركيبيػػة مػػع األشػػكاؿ‬
‫األخرى‪.‬‬

‫األشكال البصرية‬
‫في وسط الموحة شكؿ بصري (رأس إنساف) مركب تركيبػاً خاصػاً يقػدـ فػي تركيبػو‬
‫تقابلً خطياً عرضياً في األعمى وفي األسفؿ كما في الشكؿ اآلتي‪:‬‬

‫‪101‬‬
‫انظر قائمة األشكال‬

‫فتكوف قاعدة الرأس في العمؿ موازية لقمتو‪ ،‬ونشير ىنا إلػى أرضػية الػرأس (ظػؿ)‬
‫(اسود) الذي يحدد الملمح بالتضاد مع أرضية العمؿ‪ .‬ىذا الشكؿ مركب عمػى ملمػح‬
‫ايقونيػػة‪ ،‬مػػف حيػػث الشػػكؿ وطريقػػة العػػرض عمػػى علمػػات مؤش ػرية (تلزميػػة)‪ .‬يعتمػػد‬
‫الموف والمسػاحة كمػادة تشػكيمية عمػى التسػطيح المػوني ويقػوـ عمػى المػوف األسػود‪ ،‬الػذي‬
‫ين ػػوء بمحمػ ػوالت علمي ػػة متع ػػددة ف ػػي داخم ػػو‪ ،‬ويمك ػػف الق ػػوؿ أف الػ ػرأس (األس ػػود) ى ػػو‬
‫العلمة المركزية الكبرى مف زاوية التركيب والحجـ والعمؽ‪.‬‬

‫تحت ػػوي ى ػػذه العلم ػػة عم ػػى علم ػػات داخمي ػػا دائرت ػػاف ف ػػي أعم ػػى الػ ػرأس وانفج ػػار‬
‫ضوئية لموف (تبقيع) تحفر في داخؿ الرأس حزو اًز واخاديد متداخمة‪ .‬يمكف حصرىا مف‬
‫خلؿ الموف كما في الجدوؿ اآلتي‪:‬‬
‫وحدة السطح‬ ‫وحدة الرأس‬

‫انتشار في المساحة الكمية‬ ‫البنفسجي = تدرجات البنفسجي‬

‫×‬ ‫األزرؽ = توزيع منظـ‬

‫تداخؿ‬ ‫األصفر = توزيع منظـ = تنقيط‬

‫تداخؿ‬ ‫األبيض = توزيع متداخؿ = تنقيط‬

‫×‬ ‫األسود = تحديد منظـ‬

‫يمكف لمشكؿ اآلتي مف توضيح اإليقاع الذي تنشر فيو األلواف‪.‬‬

‫‪101‬‬
‫×× األصفر‬
‫‪ ///‬األسود‬
‫‪ ...‬األزرؽ‬
‫األبيض‬ ‫‪‬‬

‫((( البنفسجي‬

‫يقدـ لنا ىذا التوزيع مجاالً في تحديد القيمة العلمية داخؿ بنية الموحة‪.‬‬

‫البنفسجي = علمة مركزية‪.‬‬

‫األبيض = علمة كاشفة‪.‬‬

‫السود = علمة سطح‪.‬‬

‫األزرؽ ‪ +‬األصفر = علمات جو‪.‬‬

‫إف كػػؿ علمػػة نوعيػػة تشػػت ؿ بمػػا ينسػػجـ مػػع طبيعتيػػا فالعلمػػات المونيػػة داخػػؿ‬
‫الرأس متحكمة فػي حركتيػا الكميػة فػي بنيػة التنقػيط واألسػود يعمػؿ كسػطح ثػاني لتحديػد‬
‫المعالـ بيف سطح الموحة خارج الرأس وسطحيا داخؿ الرأس‪.‬‬

‫ولكػػي نؤكػػد اشػػت اؿ األسػػود باعتبػػاره وسػػيطاً فنننػػا يمكػػف أف نعيػػد رسػػـ الشػػكؿ‬
‫األسود مع بعض التعديؿ‪.‬‬

‫‪101‬‬
‫نجػػد عندئػػذ تحػػوؿ فػػي الشػػكؿ االنسػػاني إلػػى مسػػتطيؿ‪ ،‬وتتحػػوؿ الموحػػة مػػف البنيػػة‬
‫التشخيصية إلى البنية التجريدية‪ ،‬فاألسود يعمؿ عمى تفعيؿ الشكؿ وتعمميو‪.‬‬

‫العمق‬
‫يبقى أف نشير إلى علمة ال يمكف إغفاليا علمة نوعية ثالثة تقع بػيف العلمتػيف‬
‫(السطح‪ ،‬والشكؿ االنساني) (الضوء) فيذا األخير يمكف رصده مف منظوريف‪:‬‬

‫‪ ‬منظور وظيفتو في التوزيع والتنظيـ كما سبقت اإلشارة إلػى تفعيػؿ التضػاد بػيف‬
‫بنيػػة التسػػطيح لألسػػود وبػػيف بنيػػة التبقيػػع‪ ،‬فػػاألبيض يعتبػػر العمػػؽ الػػذي تنفصػػؿ عنػػو‬
‫مكونات الفضاءيف كنشكاؿ وسطوح‪ .‬ويتنسػس ىػذا االنفصػاؿ عمػى قػوانيف التمييػز بػيف‬
‫الشكؿ والعمؽ (منظور جشتالتي)‪.‬‬

‫وىكذا يمكف القوؿ في ختاـ ىذه النقطة أف الموحة تعتبر مف زاوية تركيبيا علمة‬
‫مفردة تتضافر مف أجؿ بنائيا علمات فرعية متعددة تتوزع كاآلتي‪:‬‬

‫علمات تخص فضاء الموحة (السطح) =‪ ‬علمة لونية مركزية‪.‬‬

‫‪ ‬علمات خطية مصاحبة‪.‬‬

‫‪ ‬تدرج األبيض واألسود‪.‬‬

‫‪ ‬الشكؿ األسود = إنساف‬ ‫علمات نوعية تخص األشكاؿ =‬

‫‪170‬‬
‫‪ ‬أشكاؿ ىندسية = دوائر ومستطيلت‪.‬‬

‫التحميل العالمي‪:‬‬
‫البنية والدال لة‪:‬‬

‫أننػػا أمػػاـ شػػكميف أيقػػونييف عمػػى صػػعيد البنيػػة (شػػكؿ إنسػػاف) و (أشػػكاؿ ىندسػػية)‬
‫دائرتيف ومستطيؿ أسفؿ العمؿ‪.‬‬

‫تتضػػايؼ األشػػكاؿ األيقونيػػة مػػع محػػيط العمػػؿ عمػػى صػػعيد البنيػػة فيػػدخؿ المػػوف‬
‫البنفسػجي مػف السػطح فػي عمميػة اختػراؽ لألسػود فػي أشػكاؿ خطيػة تعمػؿ عمػى تقطيػػع‬
‫األسػود‪ .‬يصػاحب ىػذا المػوف ألػواف أخػرى تػـ ذكرىػا‪ ،‬أصػفر‪ ،‬أزرؽ‪ ،‬أبػيض حيػث تمػنح‬
‫ىػذه األلػواف أمكانيػة االختػراؽ وتسػتثمر إمكانيػة التػدرج المػوني فػي لعبػة التبقيػع والعمػػؽ‬
‫واالنتقاؿ مػف المواقػع المسػطحة إلػى المواقػع األكثػر سػمكاً‪ ،‬فػي مسػار تنػازلي إلػى أبعػد‬
‫نقطة في العمؽ (األسود)‪.‬‬

‫عمينا اآلف الكشؼ عف العلقات القائمػة بػيف مكونػات الشػكؿ اإلنسػاني‪ ،‬الخطػوط‬
‫وال ػػدوائر واأللػ ػواف وى ػػي م ػػادة التش ػػكيؿ الت ػػي ت ػػدخؿ ف ػػي علق ػػة بصػ ػرية خ ػػارج العلق ػػة‬
‫األيقونية (اإلنساف) ووتنفتح عمى أفؽ رمزي‪.‬‬

‫ي ػرتبط االنتشػػار المػػوني لمبنفسػػجي بتحديػػد لممنػػاخ العػػاـ‪ ،‬الػػذي يضػػع الموحػػة فػػي‬
‫سياقيا‪ ،‬عمى صعيد األسموب ويؤسس االنتشار في ذات الوقت لممكاف (الجو العاـ)‪.‬‬

‫فػػي حػػيف تؤكػػد العلمػػات األخػػرى فػػي بنيػػة التنقػػيط والتبقيػػع عمػػى صػػعيد البنيػػة‬
‫المونية فكرة الزماف والحركة‪.‬‬

‫البنفسجي = مكاف = تجمد‬

‫أصفر ‪ +‬أزرؽ ‪ +‬أبيض = زماف = حركة‪.‬‬

‫الحجـ= إنساف ‪ +‬زماف ‪ +‬حركة‪.‬‬

‫‪177‬‬
‫التسطيح = مكاف ‪ +‬تجمد‬

‫مػػف خػػلؿ متابعػػة أعمػػاؿ الفنػػاف عمػػي طالػػب فػػي سمسػػمة معارضػػو (‪ -11‬كػػانوف‬
‫الثػػاني معرضػػو الشخصػػي قاعػػة الػػرواؽ‪ ،‬والمعػػارض السػػابقة) نسػػتطيع القػػوؿ أف قانونػاً‬
‫عاماً يحكـ أعمالو ينبني عمى‪:‬‬

‫وحدة السطح = تشكؿ فضاء تسطيحياً بموف واحد مييمف‪.‬‬

‫وحدة اإلنساف = تحمؿ تفاصيؿ تجريدية وأيقونية‪.‬‬

‫وحيثمػػا وجػػد المػػوف فػػي السػػطح يتضػػايؼ فػػي بنيػػة اخت ػراؽ مػػع الوجػػود اإلنسػػاني‪.‬‬
‫ويعمػؿ األسػػود رابطػاً فػػي تحديػد معػػالـ الشػكؿ‪ .‬وأينمػػا يكػف الجسػػد اإلنسػاني تعمػػؿ بنيػػة‬
‫التبقي ػػع والتنق ػػيط والخط ػػوط‪ ،‬وبتنويع ػػات لوني ػػة يي ػػيمف فيي ػػا ل ػػوف س ػػائد‪ /‬ل ػػوف الس ػػطح‪/‬‬
‫وتعمؿ األلواف األخرى علمات جو لخدمة مركز العمؿ عمى صعيد البنية والداللة‪.‬‬

‫يمكػػف أف نخمػػص إلػػى القػػانوف اآلتػػي الػػذي يػػتحكـ فػػي الخطػػاب التشػػكيمي لمفنػػاف‬
‫عمي طالب‪.‬‬

‫إنساف = مركز (مف خلؿ الحجـ) ‪ +‬مصاحبات داخؿ اإلنساف‬

‫ألواف ‪ +‬دخوؿ السطح ‪ +‬حركة‪.‬‬

‫(المحيط) السطح= مركز سطح ‪ +‬لوف مييمف ‪ +‬تجمد‪.‬‬

‫إف ىذا القػانوف يحػدد الشػفرة وىػي الخصوصػية األسػموبية التػي يعمػؿ الفنػاف عمػى‬
‫تفعيؿ تفرده بيا داخؿ حقؿ الرسـ العراقي‪.‬‬

‫‪171‬‬
‫لوحة الفنان عاصم عبد األمير‬

‫من معرضه الشخصي ‪ -‬قاعة أير ‪7111‬‬


‫اللوحة ملونة في ملحق األشكال‬

‫تنبني ىذه الموحة في وحدتيف السطح والعلمات التي تتراكب عمى السطح‪:‬‬

‫وحدة السطح‪:‬‬
‫تؤسػ ػػس وحػ ػػدة السػ ػػطح بػ ػػالموف الرصاصػ ػػي (مائػ ػػؿ إلػ ػػى الحم ػ ػرة) وىػ ػػو خػ ػ ن‬
‫ػاؿ مػ ػػف‬
‫الػػػدرجات المونيػػػة المشػ ػػتقة مػ ػػف الرصاصػ ػػي‪ ،‬يعمػ ػػؿ ى ػػذا الم ػػوف باعتبػ ػػاره سػ ػػطحاً يعمّػ ػػـ‬
‫العلمات األخرى‪ ،‬ويخمو أيضاً مف خط األفؽ المفترض في التقسيمات البصرية‪.‬‬

‫يختػػرؽ السػػطح الوحػػدات األخػػرى فػػي بعػػض المنػػاطؽ مػػف خػػلؿ تشػػكيؿ األخي ػرة‬
‫خطاً (إطا اًر) فقط وتكوف أرضية الوحدة أرضية السطح نفسو‪.‬‬

‫تحديدد المعالدم‪:‬‬
‫ف ػػي وسػػػط الموح ػػة رأس إنسػ ػػاف بملمػ ػػح أيقوني ػػة‪ ،‬وينبنػػػي عمػػػى قاع ػػدة م ػػف ل ػػوف‬
‫برتقالي‪ ،‬يتمايز مع وحدة السطح في علقة تضاد لونية فيحدد الشكؿ‪.‬‬

‫‪171‬‬
‫فػػي داخػػؿ ال ػ أرس اإلنسػػاني تبػػدو الملمػػح واضػػحة مػػف خػػلؿ تحديػػدات األسػػود‬
‫واألبيض عمى شكؿ خطوط وحزوز لحصر الملمح ومف ثـ تشػكيؿ بنيػة خطيػة داخػؿ‬
‫الػ ػرأس تعم ػػؿ عم ػػى توص ػػيلت م ػػع العلم ػػات األخ ػػرى المنتشػ ػرة عم ػػى الس ػػطح ولك ػػف‬
‫البرتقالي (قاعدة الػرأس) يتحػرؾ بتدريجاتػو مكونػاً تجسػيماً لمملمػح‪ ،‬ثػـ تبػدأ سمسػمة مػف‬
‫األلواف في منطقة القمة عمى شكؿ مستطيلت لونية متسمسمة‪ ،‬تنتيي في نيايتو‪.‬‬

‫وىي‪ /‬نيمي ‪ +‬أزرؽ ‪ +‬برتقالي‪ +‬بنفسجي ‪ +‬أصفر‪.‬‬

‫أمػػا العلمػػات األخػػرى التػػي تنتشػػر عمػػى السػػطح وتحػػيط بػػالرأس فإنيػػا تنتمػػي إلػػى‬
‫العلمػػات األيقونيػػة‪ ،‬وقػػد رسػػمت بنسػػموب بسػػيط يعتمػػد عمػػى إطػػار خط ػي (يقتػػرب مػػف‬
‫رسوـ األطفاؿ)‪.‬‬

‫فػػي أسػػفؿ الموحػػة عمػػى اليسػػار صػػورة لدميػػة سػػاقطة‪ ،‬وعلمػػة قنبمػػة وشػػكؿ جػػدار‬
‫طف ػػولي ث ػػـ نخم ػػة وش ػػجرة وش ػػكؿ ط ػػائر ف ػػي األعم ػػى وش ػػكؿ طف ػػؿ عم ػػى اليم ػػيف ووج ػػو‬
‫مقموب‪.‬‬

‫تنبن ػػي جمي ػػع ى ػػذه العلم ػػات عم ػػى الخ ػػط والتبقيع ػػات الموني ػػة داخ ػػؿ الش ػػكؿ وى ػػي‬
‫تتضايؼ مع مركز الموحة بمونيا البرتقالي‪.‬‬

‫تستخدم الموحة نوعين من التضمينات‬

‫فراغ ثنائي البعد‬ ‫فراغ أحادي البعد‬


‫الرأس (تدرجات البرتقالي)‬ ‫الوحدات حوؿ الرأس ‪ +‬سطح‬
‫‪171‬‬
‫الموحة‬
‫تنتقؿ داخؿ الموحػة بنيػة مػف التنقػيط تبػدأ مػف وسػط الػرأس (فػوؽ الفػـ) كمػا أسػمفنا‬
‫ثـ تنتشر بنفس األلواف وحجـ التنقيط إلى العلمػات األخػرى خػارج الػرأس وتعمػؿ عمػى‬
‫تفعيؿ فكرة التشظي مف المركز كما ىو مبيف في التخطيط اآلتي‪:‬‬

‫يسػػجؿ العمػػؿ لحظػػة انفجػػار‪ ،‬يؤكػػدىا المػػوف والعلمػػات والحجػػوـ فتسػػج العلمػػات‬
‫داخػػؿ الموحػػة بػػل قاعػػدة وتبػػدو كننظمػػة مػػف التنقيطػػات تص ػ ر وتكبػػر حسػػب موقعيػػا‬
‫وعند ىذه النقطة تبدو العلمات عمى السطح داخمو في امتداد زمنػي ُيحػدده فقػط إطػار‬
‫العمؿ‪...‬‬

‫إف تحديػػد األصػػناؼ البص ػرية المسػػتخدمة فػػي ىػػذه الموحػػة وتحميػػؿ العلقػػة بػػيف‬
‫قريناتيا تمكننا مف توضػيح التضػميف عمػى صػعيد الشػكؿ والداللػة‪ ،‬ىنػاؾ شػيئاف يمكػف‬
‫قوليما عف ىذا التركيب‪.‬‬

‫‪171‬‬
‫‪ -6‬التشددددابه‪ :‬الػ ػػذي يمكػ ػػف إد اركػ ػػو بػ ػػيف الوحػ ػػدة الكبػ ػػرى (اإلنسػ ػػاف) والعلمػ ػػات‬
‫المصاحبة‪ ،‬وىو تشابو لوني وخطي‪.‬‬

‫‪ -2‬االنتظام‪ :‬وتمثمو الحركة ‪ +‬المسافة‪.‬‬

‫الحركة تعطينا اإليحاء فالطفؿ في مستوى أفقػي = نػائـ والوجػو المقمػوب ال يسػتند‬
‫إلى حركة الواقع‪.‬‬

‫إف انعػػداـ السػػند فػػي انتفػػاء وجػػود خػػط األرض يحػ ّػوؿ العمػػؿ إلػػى بنيػػة تشػػظي فػػي‬
‫الزماف والمكاف‪ .‬تساىـ في ذلؾ المسافة بيف العلمات‪.‬‬

‫أعمى = البعد‬

‫أسفؿ = القرب‬

‫يولػػد التك ػرار‪ ،‬الػػزمف‪ ،‬وينػػتج نمػػوه‪ ،‬ونمػػو ىػػذا الػػزمف ىػػو الػػذي يض ػ منطػػؽ ىػػذا‬
‫التكػرار‪ ،‬ويجعػػؿ التعبيػػر المتماثػػؿ بذاتػػو ل ػػة‪ .‬تبػػدو الحركػػة األولػػى باألسػػود الػػذي يمثػػؿ‬
‫فػػي بنائػػو الطبقػػة العميػػا فػػي العمػػؿ ويشػػكؿ مركػػز الثقػػؿ فػػي وسػػط الموحػػة واألسػػود نفسػػو‬
‫يعمؿ كوحدة لونية لكشؼ الداللة مف خلؿ التحزيز‪ ،‬ويتوقؼ نموه فػي الوجػو‪ .‬إنػو داؿ‬
‫كاشؼ لمملمح وسط التشظي‪.‬‬

‫أف توقػػؼ األسػػود فػػي مركػػز العمػػؿ يحػػد مػػف حركػػة الوضػػوح فػػي داخػػؿ التشػػظي‬
‫فتكوف البنيػة األخيػرة مضػمرة وشػبحية‪ .‬أمػا البرتقػالي (الحػار) فإنػو ينتشػر وسػط الموحػة‬
‫ولكف ببساطة (اإلبلغ المحكـ) ليؤكػد بنيػة االنفجػار والتحميػؽ‪ ،‬ىاتػاف البنيتػاف ترتكػزاف‬
‫كما أسمفنا عمى المسافة والتنظيـ‪.‬‬

‫في الموحة ىناؾ طائر‪ ،‬وقنبمة‪ ،‬وأشجار‪ ،‬والجو العاـ ىو (الحرب)‪ .‬إذ تعمػؿ ىػذه‬
‫الحركػة عمػػى (الحاضػػر) ‪ -‬اآلف الػػذي يجعػػؿ مػػف العلمػػات واألشػػياء تػػدور ال بتكرارىػػا‬
‫بػؿ بصػػي تيا‪ .‬وجػو اإلنسػػاف القريػػب يحمػػؿ مػف خػػلؿ أسػػموب العػػرض‪ ،‬ملمػػح التعبيػػر‬
‫عف الجو العاـ‬
‫‪171‬‬
‫الوجو = برتقالي = حار = حرب= وضوح‪.‬‬

‫العلمػػات المصػػاحبة = برتقػػالي ‪ +‬خطػػوط توضػػيحية ‪ +‬لػػوف السػػطح = تشػػبيح‬


‫السطح = لحظة االنفجار = الزمف‪.‬‬

‫طيػ ػراف األش ػػكاؿ عم ػػى الس ػػطح ليس ػػت حال ػػة طيػ ػراف منظم ػػة‪ ،‬وى ػػي ليس ػػت ص ػػورة‬
‫لألش ػػياء ف ػػي حالتي ػػا العادي ػػة أف الحرك ػػة والخ ػػط والم ػػوف‪ ،‬ى ػػي ص ػػي إب ػػلغ‪ ،‬ب ػػؿ ى ػػي‬
‫الخصوصية األسموبية (الشفرة)‪.‬‬

‫إف الدوراف‪ ،‬والحركة‪ ،‬والمسػافة بػيف العلمػات‪ ،‬واأللػواف التػي ذكرناىػا تعمػؿ عمػى‬
‫تفعيػػؿ فك ػرة (الحػػرب)‪ .‬إذ تمعػػب ىػػذه العوامػػؿ عمػػى حركػػة المتناقضػػات‪ ،‬بػػيف السػػطح‬
‫المستوي وبيف االنتشار العلمي الموني والخطي‪.‬‬

‫وىي خصيصة أسموبية لمفنػاف عاصػـ‪ ،‬فػي جميػع لوحاتػو التػي تنبنػي عمػى قاعػدة‬
‫االسػػتقرار المسػػطح واالنتشػػار الخطػػي‪ ،‬وتقػػع ىػػذه الثنائيػػة بػػيف أسػػموب التجريػػد وكسػػر‬
‫التجريػػد بعلمػػات أيقونيػػة غيػػر مسػػتقرة‪ ،‬ونافيػػة لقػػانوف الظػػؿ والضػػوء‪ .‬وىػػو مػػا دعون ػاه‬
‫بنية التشبيو‪.‬‬

‫‪171‬‬
‫لوحة الفنان فاخر محمد‬

‫من معرضه الشخصي قداعة حدوار (‪)6889‬‬


‫اللوحة ملونة في ملحق األشكال‬

‫المسح البصري‬
‫في ىذا العمؿ نممس علقة بنائية تتركػب عمػى فكػرة الطبقػات (الت اركػب) حيػث‬
‫يشكؿ الفضاء الطبقة األخيرة في ىذا السمـ‪ ،‬والفضاء ينبني عمى التسطيح الموني (مف‬
‫األبيض المصفر) الذي ينتشر (كسطح) عمى المساحة الكمية لموحة‪.‬‬

‫يدخؿ التبايف بيف الطبقات في نظاـ علمي توزيعي يقسـ العمؿ إلى وحػدتيف‪:‬‬
‫وح ػػدة الفػ ػراغ ووح ػػدة األش ػػكاؿ‪ .‬تحت ػػؿ الوح ػػدة األول ػػى مرك ػػز العم ػػؿ باعتبارى ػػا متوالي ػػة‬
‫ضوئية تخالؼ القواعػد المنظوريػة فػي تمثيػؿ الفػراغ والبعػد‪ ،‬فػالفراغ كمػا أسػمفنا يقػع فػي‬
‫المرتبػػة األخي ػرة فػػي المػػدى البصػػري ويتشػػاكؿ مػػع الوحػػدات األخػػرى مػػف خػػلؿ الموقػػع‬
‫والمسافة مما يجعؿ الفراغ يمتد إلى ال نيائية باتخاذه الموف سطحاً واحداً وبعداً واحداً‪.‬‬

‫إف البعػػد الواحػػد الػػذي ينبنػػي عميػػو السػػطح مػػف دوف اخت ػراؽ فػػي بنيتػػو يظػػؿ قائم ػاً‬
‫دوف إمكانية مسكو‪ .‬تبنيف الرعد مثلً في ثنائيػة السػكوف والصػوت‪ ،‬فمػيس الرعػد صػوتاً‬
‫وال سكوناً بؿ تعاقب الصوت والسكوف‪ ..‬والسطح في ىذا العمؿ ليس سطحاً‪ .‬بؿ شكؿ‬
‫مف األشكاؿ التي تعمؿ بالتبايف معو نظاماً يبيف ىوية التشاكؿ بيف الوحػدتيف – سػطح‬
‫‪ -‬أشكاؿ وتبيف الخطاطة اآلتية نوع التشاكؿ‪:‬‬

‫‪171‬‬
‫تتخػ ػػذ األشػ ػػكاؿ فػ ػػي سػ ػػمـ الطبقػ ػػات وضػ ػػعيا فػ ػػي قػ ػػانوف علمػ ػػي تبػ ػػدأ الطبقػ ػػات‬
‫بالتراكيب كما ينتي‪:‬‬

‫الطبقة األولى‪ :‬األسود (اقرب الطبقات)‪.‬‬

‫الطبقة اليانية‪ :‬البنفسجي‪.‬‬

‫الطبقة اليالية‪ :‬األخضر‪.‬‬

‫الطبقة الرابعة‪ :‬االوكر‪.‬‬

‫أمػػا األحمػػر‪ ،‬فيشػػكؿ طبقػػة منفصػػمة مػػف السػػمـ سػػننتي عمييػػا الحق ػاً وجميػػع ىػػذه‬
‫الطبقػػات تنبنػػي عمػػى نظػػاـ التراكيػػب حيػػث يشػػكؿ ىػػذا الت اركػػب علمػػة كبػػرى فػػي تبنػػيف‬
‫الموحة‪.‬‬

‫تتخػػذ األل ػواف ومػػف ثػػـ أشػػكاليا طابع ػاً تمايزي ػاً يحػػدد إطػػار المػػوف والعمػػؿ بنجمعػػو‬
‫عمى السواء‪.‬‬

‫باإلمكاف حصر التبػايف إلػى أقصػاه بػيف الطبقػة األولػى (األسػود) والطبقػة األخيػرة‬
‫(األبيض المصفر)‪.‬‬

‫‪‬‬
‫‪ ‬أعمى‬ ‫األسود‬
‫علمات مركزية‬

‫‪171‬‬
‫‪ ‬أسفؿ‬ ‫األبيض‬

‫بنفسجي ‪ +‬اوكر ‪ +‬اخضر ‪ +‬احمر ‪ ‬علمات مصاحبة‬

‫إف األسود واأللواف المصاحبة ال تحاوؿ سد فجػوة فػي وعػي األبػيض بػؿ إظيارىػا‬
‫(إيجاد العدـ)‪ ،‬وىكذا يوجد الجسـ الفراغ ليوجد الفراغ بالجسـ‪.‬‬

‫األس ػػود اق ػػرب إل ػػى التش ػػخيص وتب ػػدأ األلػ ػواف بالت ػػدرج بإذاب ػػة التش ػػخيص إل ػػى‬
‫األبيض الذي يعمؿ كمعادؿ تجريدي في بنية العمؿ‪.‬‬

‫اسود = تشخيص‬

‫ابيض = تجريد‬

‫تنبثؽ األلواف مف وعػي التػدرج‪ ،‬فالطبقػات بػيف األسػود واألبػيض‪ ،‬علمػة عمػى‬
‫التزاوج الذي ال يخرج عف بنيتي الضوء والظؿ = التشخيص والتجريد‬
‫اسود = ضوء = تشخيص‬
‫بنفسجي = ضوء = تشخيص‬
‫االوكر = ضوء = تشخيص‬
‫األحمر= ضوء = تشخيص‬
‫األبيض = ظؿ = تجريد‬

‫تحديد المعالم‪:‬‬
‫ف ػ ػػي ض ػ ػػوء المس ػ ػػح البص ػ ػػري ال ػ ػػذي أوردن ػ ػػاه وض ػ ػػمف اإلدراؾ الحس ػ ػػي التركيب ػ ػػي‬
‫لمعلمات‪ ،‬تدخؿ التضمينات الشكمية في علقة تبادؿ لوني‪ ،‬وخطي في آف واحد‪.‬‬

‫يحاوؿ األسود مف خلؿ تشكيمو إعطػاء صػورة لشػكؿ إنسػاني‪ ،‬يقابمػو فػي الجانػب‬
‫األيس ػػر م ػػف العم ػػؿ ش ػػكؿ إنس ػػاني آخ ػػر‪ .‬لك ػػف األس ػػود ال يتوق ػػؼ ف ػػي ح ػػدود األش ػػكاؿ‬

‫‪110‬‬
‫التشخيصية بؿ يتوضح في نسػؽ مػف األشػكاؿ الخطيػة والنقطويػة وفػي سمسػمة متنػاظرة‬
‫يمكف رصد مكوناتيا كاآلتي‪:‬‬

‫األخضر ‪ +‬االوكر = تناظر (أشكاؿ تجريدية)‪.‬‬

‫األحمر = علمة منفردة (ىندسية)‬

‫مف خلؿ تشكيؿ األسود يمكف القوؿ أف العلمات المصػاحبة لأللػواف األخػرى‬
‫تعمؿ كعلمات ظؿ لألسود وفي ذات الوقت علمات مرىونة بالمكاف‪.‬‬

‫لنلحظ كيؼ تتـ مقولة االحياز مف خلؿ األلواف المصاحبة؟‬

‫يوضح المخطط اآلتي ىذه الفكرة‪.‬‬

‫األحمر‬ ‫‪ ‬األخضر‬ ‫‪ ‬البنفسجي‬

‫بنفسجي‬ ‫‪ ‬األوكر‬

‫‪ ‬األسود‬
‫األسود‬

‫أخضر‬

‫أوكر‬

‫ينتشر البنفسجي في ‪ 1‬مناطؽ = يسار وسط يميف (تجريد)‬

‫ينتشر األخضر في ‪ 1‬مناطؽ = وسط الموحة (تجريد)‬

‫ينتشر االوكر في منطقتيف (تجريد)‬

‫ينتشر األبيض في منطقتيف (تجريد)‬

‫احمر منطقة واحد (تعييف)‬

‫‪117‬‬
‫ينتشر األسود في ‪ 1‬مناطؽ (تعييف)‬

‫وفػػي ضػػوء ذلػػؾ يمكػػف القػػوؿ أف األحمػػر واألسػػود يشػػكلف فػػي الناحيػػة الجماليػػة‬
‫تعيينػػات متضػػادة بػػيف بنيتػػيف ىندسػػية وخطيػػة‪ .‬تتكػػوف البنيػػة اليندسػػية مػػف مثمثػػيف فػػي‬
‫يسار الموحة ودائرة حمراء‪ .‬في حيف تتمركز البنية الخطية عمى األسود وبنية التسػطيح‬
‫عمى األلواف المصاحبة والفضاء‪.‬‬

‫جميػػع أعمػػاؿ الفنػػاف فػػاخر محمػػد تنبنػػي عمػػى ىػػذا القػػانوف ويمكػػف تحميػػؿ مقوالتػػو‬
‫الشكمية أيضاً إلى ما ينتي‪:‬‬

‫األبيض= قاعدة العمؿ يتخذ شكمو مف خلؿ اختراقو لأللواف المصاحبة‪.‬‬

‫األسود= بنية تحديد لألشكاؿ ويتوضح في الطبقة األولى‪.‬‬

‫األحمر= بنية ىندسية مع األسود‪.‬‬

‫األلواف المصاحبة= بنية سطحية متناظرة‪.‬‬

‫إف الضػػوء والظػػؿ‪ ،‬يعمػػؿ كمركػػز فػػي تحديػػد الػػداؿ وتكتسػػب الداللػػة وضػػعيا مػػف‬
‫خلؿ فكرة المكاشفة وال موض في الزحاـ االنسػاني تضػيع المعػالـ داخػؿ لعبػة الكشػؼ‬
‫وال موض‪.‬‬

‫إف ىذا التبايف ىو المقولػة التػي تنػوء بيػا أعمػاؿ الفنػاف فػاخر محمػد‪ ،‬ومػف خػلؿ‬
‫متابعة ألعمالو (ينظر إلى سمسمة أعمالو في السنوات األخيرة والتي عرضت في حوار‬
‫الفن ػػوف) نج ػػد أني ػػا تس ػػتند إل ػػى مح ػػور التب ػػايف والتكػ ػرار ب ػػيف الظ ػػؿ والض ػػوء‪ ،‬الكش ػػؼ‬
‫والظلـ‪ ،‬إف العلقة الواحدة تتكرر بمجموعة مف التنويعات‪.‬‬

‫وضمف ىذا التصور فالعمؿ يقوـ بمسػاءلة تجريديػة لمضػوء؛ عبػر الطبقػات‪ ،‬وىػي‬
‫مساءلة انطولوجية عف لعبة المرئي واللمرئي مف األشياء‪ ،‬عف تكرارىا وصيرورتيا‪.‬‬

‫‪111‬‬
111
‫معجم المصطمحات‬
‫أخرى لفعاليتيا داخل الكتاب‪ ،‬كما أنني‬
‫تبني بعض المصطمحات دون ُ‬ ‫احاول ّ‬
‫أورد بعضاً من التعريفات اإلجرائية ليذه المصطمحات‪ ،‬لعميا تكون محاولة إضافية‬
‫في زيادة المفاىيم التي ينطوي عمييا وستكون لقائمة المصطمح األساس شيء من‬
‫االفاضة في الشرح‪ ،‬أو اإليجاز في المصطمحات الفرعية التي تشتبك مجاالتيا‬
‫المعرفية مع الموضوع بشكل عام‪.‬‬

‫واحسب أنني استفدت من جميع المحاوالت التي سبقتني محاوالً مع اجتياداتي‬


‫الخاصة‪ ..‬لتأسيس المصطمح الخاص بالفن‪ ،‬والرسم منو بالذات‪.‬‬

‫الحقل المعجمي‬
‫ىو حقل التواضعات في الرسم‪( ،‬حقل االنغالق)‪ ،‬الذي أكدتو المقوالت النفسية‬
‫( ‪)5‬‬
‫واالجتماعية‪ ،‬كاأللوان مثالً‪ ،‬األحمر لمقوة واألخضر لمسعادة والمتعة ‪ ...‬والخ‬
‫والسيمياء تحاول تأكيد وجود ىذه التواضعات لنفييا فيما بعد عن طريق االنفتاح‬
‫(التعالق)‪ ..‬أي تأكيد وجودىا لترسيخ الجانب اإلييامي بقصد تقبل لعبة االنفتاح‪ ،‬ومن‬
‫ثم بوصفيا عالمات منطقية مقبولة‪.‬‬

‫تضايف‬
‫ويعني تقابل حدين بحسب المنطق‪ ،‬ومن الوجية السيميائية فأن التضايف يعني‬
‫تقابل حدين أو خاصيتين بحيث يتوقف كل منيما عمى تصور اآلخر‪ .‬فاألسود في‬
‫الرسم يتوقف اشتغالو عمى تضايفو مع األبيض‪ ،‬والبقعة تتضايف مع السطح حيث‬
‫تتشكل خواص جديدة‪.‬‬

‫(‪ )5‬ينظر الفصل الثالث من بحثنا‪ /‬بعدي االنغالق واالنفتاح‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫البنية ‪Structure‬‬

‫مكون من عناصر أو وحدات متماسكة يتوقف‬ ‫كل تركيب عمى مستوى الشكل ّ‬
‫كل منيا عمى ما عداىا وال يمكنو أن يكون ما ىو إالّ بفضل عالقتو بما عداه‪.‬‬

‫والبنية نظام تحويمي يشتمل عمى قوانين ويغتني عبر لعبة تحوالتو نفسيا من‬
‫دون أن تتجاوز ىذه التحوالت حدوده أو تمجأ إلى عناصر خارجية‪.‬‬

‫والبنية في الرسم ىي تعالق بين الوحدات التكوينية لموحة‪.‬‬

‫بنية التشبيه‬
‫ىو عقد مقارنة بين طرفين بواسطة عالقة تدعى اصطالحاً وجو الشبو‪ ..‬أما‬
‫إجرائياً‪ ،‬فالمقصود بالتشبيو ىي البنية التي تمزج بين البنية الواقعية والبنية التجريدية‬
‫وىي بيذا المعنى بنية ىجينة تسمح بتداخل البنى‪.‬‬

‫التكوين ‪Composition‬‬

‫كل مرّكب يمكن أن تكون فيو العناصر موزعة بطريقة تخضع لنظام معين في‬
‫فإما إن يكون تكويناً انتشارياً‪ ،‬أو محورياً أو تكويناً مركزياً‪.‬‬
‫الموحة ّ‬
‫االعتباط‪ :‬تعريف إجرائي‬
‫يقوم االعتباط في الرسم عمى عدم وجود عالقة الزمة بين (الشكل) الدال وبين‬
‫المعنى (المدلول) فاألسود في ثقافة ما يدل عمى الحزن في حين يدل في ثقافة أخرى‬
‫عمى الفرح‪ .‬وتنظر السيمياء باالعتباطية إلى مرجعيات الموحة‪ ،‬خارج إطارىا‬
‫السايكولوجي واالجتماعي‪.‬‬

‫مرجعية‬
‫ىي العالقة التي تكون بين العالمة ومرجعيا (الشيء الواقعي من العالم‪ ،‬إذ تدل‬
‫عميو‪ ،‬كالمرجعية النفسية لمخطوط واأللوان‪ ،‬واألشكال)‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫توليف‬
‫ىو مجموع يمتمك وحدة مشتركة بين جميع عناصره‬

‫‪ -‬اختيار عناصر من نفس المستوى‪.‬‬

‫‪ -‬اختيار وحدات ذات بعد واحد وعالقات ذات نمط واحد والتوليف في الموحة‬
‫التشكيمية ىو تعالق بين وحدات تنتمي إلى فصائل متقاربة‪ ،‬كالفضاء‬
‫والسطح‪ ،‬والمسافة والتدرج الموني‪.‬‬

‫الشكل‬
‫ىو مجموع العالقات التي تعرف نظام العالقات في تعارض مع الجوىر‪.‬‬
‫ولمشكل مفيومان‬

‫الشكل المجرد )‪.(Form‬‬

‫الم َعيَّن )‪.(Figure‬‬


‫الشكل ُ‬
‫مفيوم الشكل المجرد‪ُ ،‬ع ّرف بكونو تشكيالً يدل عمى معنى ضيق أو ال يدل عمى‬
‫أي معنى إطالقاً‪.‬‬

‫عين فقد عرف‪ :‬بكونو تشكيالً يمتمك معنى محدداً يكتسبو‬


‫الم ّ‬
‫أما مفيوم الشكل ُ‬
‫بحكم عرف سائد في حضارة مجتمع ما‪.‬‬

‫النسق الدال‬
‫ُيعَّرف النسق السيميوطيقي بكونو (لعبة دالئل) لعبة نمط من الدالئل أو عدة‬
‫أنماط‪ ،‬مضاعفة بنسق من القواعد التي تتحكم في تأليفيا في المحظة التي يعد فييا‬
‫نصاً سيموطيقياً‪.‬‬

‫َّرف من اعتبار التواصل منقسماً إلى عدة قطاعات تواصمية ويسمي كل‬
‫ويع ُ‬‫َ‬
‫قطاع تواصمي (نسق دالئل)‪ .‬وىو‪ :‬مجموعة جدلية مكونة من أنواع سننية ومن‬

‫‪51‬‬
‫رسائل تتحقق في الواقع بين مرسمين ومتمقين في ظروف مالئمة وتحتوي ىذه األنساق‬
‫في طييا عمى قواعد استعماليا الخاص‪.‬‬

‫إن النسق الدال ىو مجموعة من الدالئل تنسج فيما بينيا مجموعة من العالقات‬
‫االختالقية والتعارضية حتى تقوم بتأدية وظائف داللية متميزة بين مرسل ومتمق‪،‬‬
‫ولتأدية ىذا الدور المتحور حول نقل الرسالة ال بد من أن تخضع ىذه الرسالة لقوانين‬
‫وقواعد تركيبية ‪ -‬تأليفية عمى وفق شروط خاصة‪.‬‬

‫التَّشاكل‬
‫بأنو الوحدات المختمفة التي تشترك في بعض العناصر وتتباين‬
‫عرف التشاكل ّ‬
‫ُي ّ‬
‫في عناصر أخرى‪ ،‬والتشاكل مرتبط بالتباين وال يمكن فصل احدىما عن اآلخر‪،‬‬
‫ويتولد عنيما تراكم تعبيري ومضموني تحكمو طبيعة العمل‪.‬‬

‫وفي الرسم ىو اليوية الشكمية لبنيتين أو أكثر مثل البنية المونية والبنية الخطية‬
‫والبنية التنقيطية‪ ...‬وفي تشاكل ىذه البنى فإنيا تحيل عمى تصميم سيميائي مختمف‬
‫يمكن التعرف عميو بفضل التماثل الممكن لقنوات العالقات المكونة لو‪.‬‬

‫التناص‬
‫ىو فسيفساء من نصوص أخرى أدمجت فيو بتقنيات مختمفة‪ ،‬وىو يمتصيا‬
‫ويجعميا من محتوياتو لتنسجم مع فضاء بنائو ومع مقاصده‪ ،‬وىو أيضاً تعالق نص‬
‫مع نصوص أخرى بكيفيات متعددة بشرط الالوعي فان توفر القصد يحول التناص‬
‫إلى (اقتباس) أو (تضمين) أو (سرقة)‪.‬‬

‫ومثال التناص في الرسم ىو لوحات فائق حسن مخبوء فييا لوحات الرومانسية‬
‫لمفنان ديالكروا‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫النظام‬
‫النظام في الفن ىو المركب الداللي الذي تتفاعل فيو مجموعة من العالمات‪،‬‬
‫بعالقات تركيبية متبادلة التأثير فيما بينيا وكذلك بين الجزء والكل في داخل المركب‬
‫إلنتاج وحدة البناء الفني ليس باعتماد المنطف الرياضي أو الواقعي فقط بل باالمتثال‬
‫إلى خصوصية وشروط العمل الفني بوصفو كياناً (قائماً) بذاتو حتى وان خرج عن‬
‫المطمق‬
‫دائرة المنطق إلى مديات الحكم والسحر والالقانون‪ .‬كما ىي الحال في الرسم ُ‬
‫في تجريده‪.‬‬

‫النسق‬
‫عرف كمية بآنية عالقاتو‬
‫وي َّ‬
‫نظام ينطوي عمى استقالل ذاتي يشكل كالً موحداً‪ُ ،‬‬
‫التي ال قيمة لألجزاء خارجيا‪ ،‬ولكل اثر إبداعي نسق يميزه عن اثر إبداعي آخر‪.‬‬

‫ويرجع التركيز عمى مفيوم النسق إلى تحول بؤرة اىتمام التحميل البنيوي عن‬
‫مفيوم (الذات) (أو الوعي الفردي) كمصدر لممعنى إلى أنظمة الشفرات النسقية التي‬
‫تتراوح فييا الذات عن المركز وعمى نحو ال تغدو معو لمذات أية فاعمية في تشكيل‬
‫النسق الذي تنتمي إليو بل تغدو مجرد أَداة أو وسيط من وسائطو ولذلك يرتبط مفيوم‬
‫النسق ارتباطاً وثيقاً بمفيوم (الذات المزاحة عن المركز)‪ .‬وفي الرسم تتكون الموحة من‬
‫مجموعة انساق بنائية كالنسق الموني والنسق الخطي والنسق التركيبي والنسق‬
‫الضوئي وتتمظير ىذه األنساق في الموحة بوصفيا انساقاً عالمية يرتبط بعضيا‬
‫ببعض بعالقات ظاىرية وباطنية‪.‬‬

‫التقابل ‪Contrastive‬‬

‫‪ .5‬توافق في النظرية الجمالية‪ ،‬يدرك بالحس‪ ،‬اعتماداً عمى ممارسة مشتركة بين‬
‫الفنون في قواعد اإلبداع والمحاكاة‪.‬‬

‫‪ .2‬تقابل بين رموز الحقائق النفسية‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫‪ .3‬تناظر يقوم عمى كون صدق قضية في تعبيرىا عن الواقع‪.‬‬

‫المسافة ‪Distance‬‬

‫مسافة بعدية‪ ،‬في مساحة لوحة‪ ،‬يستيدف القارئ تنظيميا وتمنح كل لوحة العديد‬
‫من المسافات غير المتعادلة لممالحظ‪ .‬وال تستعمل المسافة كثي اًر في السيميائية‪ ،‬إالّ‬
‫أنيا تفرض نفسيا بالتدريج ال في حدود تنظيميا لمعناصر التي تنجزىا‪ ،‬بل كمنظور‬
‫(دينامي) وىكذا نتكمم عن (المسافة السردية) (وعن المسافة التوليدية) لمخطاب وعن‬
‫المسافة الثيمية والتصويرية‪.‬‬

‫التداعي ‪Association‬‬

‫المبدأ الذي يتحكم في تجميع األشكال واإلحالة التي تشكميا لممعنى‪ ،‬ليتمكن‬
‫المتمقي من إدراكو‪.‬‬

‫والتداعي آن تراكمي ويحصل عن طريق ربط وتجميع المعاني العامة مع‬


‫الخاصة والجزئية مع الكمية والمسببة مع المسبب ليا‪.‬‬

‫التأويل ‪Interpretation‬‬

‫يرادف المصطمح مفيوم التحميل ‪ Analysis‬وىو مصطمح يوناني األصل يشير‬


‫إلى عممية التفسير‪ ،‬والتأويل ىو تفسير لمعمل وبحث معناه الثاوي خمف المعنى‬
‫الظاىر وتخريج لقواعده‪.‬‬

‫ك الكميات المتحكمة في مدلوليا‪.‬‬


‫والتأويل لمعمل الفني (الموحة) ىو ف ّ‬

‫‪22‬‬
‫المصادر والمراجع‬
‫‪ .1‬القران الكريم‬
‫‪ .1‬اآلمدي‪ :‬الحسن بن بشر بن يحيى اآلمدي‪:‬‬

‫المدانة بين أبي تمام االبحتاري‪ ،‬تحقيا اتلميا محماد محاي الادين لباد الحمياد‪،‬‬
‫المكتبة اللممية‪ ،‬بيرات‪( ،‬د‪ .‬ت)‪.‬‬

‫‪ .2‬ابراهيم‪ ،‬زكريا‬

‫مشكمة البنية‪ ،‬دار مصر لمطبملة‪ ،‬القمهرة‪( ،‬د‪.‬ت)‪.‬‬

‫‪ .3‬أبو الطيب المتنبي بشرح أبي البقاء العكبري‬

‫تحقي ا ا مصا ااط ى السا ااقم ا ا ااران‪ ،‬ج‪ 3‬دار الملرفاااة لمطبمل ااة االنشا اار‪ ،‬بيا اارات‬
‫‪.1987‬‬
‫‪ .4‬أبو منصور‪ ،‬فؤاد‬

‫النقد البنياي الحديث‪ ،‬دار الجيل‪ ،‬بيرات ‪.1985‬‬

‫‪ .5‬ارسطو طاليس‬

‫فن الشلر‪ ،‬ترجمة لبد الرحمن بداي‪ ،‬دار الثقمفة‪ ،‬بيرات ‪.1973‬‬

‫‪ .6‬ارمينغو‪ ،‬فرانسواز‬

‫المقمربااة التدااليااة‪ ،‬ترجمااة د‪.‬سااليد لماااش‪ ،‬مركااز اإلنماام القااامي الاادار البي اام‬
‫‪.1986‬‬

‫‪ .7‬اسعد‪ ،‬يوسف ميخائيل‬

‫سيكالاجية اإلبداع في ال ن ااألدب‪ ،‬دار الشؤان الثقمفية اللممة‪ ،‬بغداد ‪.1984‬‬

‫‪225‬‬
‫‪ .8‬أفالطون‬

‫جمهارية أفالطان‪ ،‬ترجمة الشيخ حنم بمز‪ ،‬المطبلة اللصرية (د‪.‬ت)‪.‬‬

‫‪ .9‬امهز‪ ،‬محمود‬

‫ال ا اان التش ا ااكيمي الملمص ا اار‪ ،‬التص ا اااير‪ ،‬دار المثم ا ااث لمطبمل ا ااة االنش ا اار بي ا اارات‬
‫‪.1981‬‬
‫‪ .11‬ايغمن‪ ،‬تيري‬

‫مقدمااة فااي النظريااة األدبيااة‪ ،‬ترجمااة إب اراهي جمس ا اللمااي‪ ،‬دار الشااؤان الثقمفيااة‪،‬‬
‫بغداد ‪.1992‬‬

‫‪ .11‬ايكو‪ ،‬امبرتو‬

‫الق اامرئ ف ااي الحكمي ااة‪ ،‬ترجم ااة انظ اامن أب ااا زي ااد‪ ،‬المرك ااز الثق اامفي اللرب ااي‪ ،‬بي اارات‬
‫‪.1996‬‬

‫تحمياال المغااة الشاالرية فااي اصااال ال طاامب النقاادي الجديااد‪ ،‬ترجمااة اتقاادي احمااد‬
‫المديني‪ ،‬دار الشؤان الثقمفية اللممة‪ ،‬بغداد ‪.1987‬‬

‫‪ .12‬ايالم‪ ،‬كير‬

‫ك اار ‪ ،‬المرك ااز الثق اامفي اللرب ااي‪ ،‬بي اارات‬ ‫س اايميم المس اارح اال اادرامم‪ ،‬ترجم ااة ر يا ا‬
‫‪.1992‬‬

‫‪ .13‬بارت‪ ،‬روالن‬

‫درس الس اايميالاجيم‪ ،‬ترجم ااة بنلب ااد الل ااملي‪ ،‬دار تايق اامل لمنش اار‪ ،‬ال اادار البي اام‬
‫‪.1993‬‬

‫نقد احقيقة ترجمة منذر ليمشي‪ ،‬مركز اإلنمم الح ري‪ ،‬ساريم‪ ،‬حمب‪.1994 ،‬‬

‫‪226‬‬
‫‪ .14‬برتممي‪ ،‬جان‬

‫بح ااث ف ااي لما ا الجم اامل‪ ،‬ترجم ااة ال اادكتار أن ااار لب ااد اللزي ااز‪ ،‬مؤسس ااة فا ارانكمين‬
‫لمطبملة االنشر‪ ،‬القمهرة ‪.1971‬‬

‫‪ .15‬بريل‪ ،‬ليفي‬

‫اللقمي اال البدا ي ااة‪ ،‬ترجم ااة محم ااد القص اامص‪ ،‬مراجل ااة ال اادكتار حس ااين الس ااملمتي‪،‬‬
‫مكتبة مصر‪.‬د‪.‬ت‪.‬‬

‫‪ .16‬البسيوني‪ ،‬محمود‬

‫ال ن في القرن اللشرين‪ ،‬دار الملمر ‪ ،‬القمهرة ‪.1982‬‬

‫‪ .17‬بنفست‪ ،‬اميل‬

‫ساايميالاجيم المغااة‪ ،‬ترجمااة ساايت ار ‪،‬مس ا ‪ ،‬فااي مااد ل إلااى الساايمياطيقم‪ ،‬منشااارات‬
‫ليان‪ ،‬الدار البي م ‪.1986‬‬

‫‪ .18‬بونتا‪ ،‬خوان بابا‬

‫اللماامرة ات س اايرهم‪ ،‬ترجم ااة ساالمد لب ااد لم ااي مهاادي‪ ،‬دار الش ااؤان الثقمفي ااة‪ ،‬بغ ااداد‬
‫‪.1996‬‬

‫‪ .19‬بونتي‪ ،‬موريس‬

‫اار‪ ،‬دار الشااؤان الثقمفااة اللممااة بغااداد‬ ‫المر ااي االالمر ااي‪ ،‬ترجمااة ساالمد محمااد‬
‫‪.1987‬‬

‫‪ .21‬بياجيه‪ ،‬جان‬

‫البناية‪ ،‬ترجمة منيمنل‪ ،‬ابشير اابري‪ ،‬منشارات لايدات‪ ،‬بيرات ‪.1971‬‬

‫‪227‬‬
‫‪ .21‬تودروف‪ ،‬تزفيتان‬

‫نقااد النقااد‪ ،‬ترجمااة الاادكتار سااممي سااايدان‪ ،‬مراجلااة د‪.‬ليمياامن سااايدات‪ ،‬منشااارات‬
‫مركز اإلنمم القامي‪ ،‬بيرات ‪.1986‬‬

‫‪ .22‬الجاحظ‪( ،‬أبو عثمان عمرو بن بحرت ‪255‬هـ)‬

‫الحيا ااان‪ ،‬تحقيا ا اشا اارح لب ااد السا ااال محم ااد ه اامران‪ ،‬مكتبا ااة ال اامنجي‪ ،‬القا اامهرة‬
‫‪.1986‬‬

‫‪ .23‬الجرجاني‪ ،‬عبد القاهر‬

‫اس ارار البال ااة فااي لم ا البياامن‪ ،‬لم ا لمياال محمااد رشاايد ر اام‪ ،‬دار المطبالاامت‬
‫اللربية لمطبملة االنشر االتازيع د‪.‬ت‪.‬‬

‫‪ .24‬جرداق‪ ،‬حميم‬

‫تحاالت ال ط االمان‪ ،‬دار النهمر لمنشر‪ ،‬بيرات ‪1975‬‬

‫‪ .25‬جيرو‪ ،‬بير‬

‫لما االشاامرة‪ ،‬السايميالاجيم‪ ،‬ترجمااة الاادكتار مناذر ليمشااي‪، ،‬ااد لال الاادكتار ماامزن‬
‫الالر‪ ،‬دار طالس لمدراسمت االترجمة االنشر‪ ،‬دمش ‪.1992‬‬

‫‪ .26‬خرابتشنكو واخرون‬

‫طبيلة اإلشمرة الجمملية‪ ،‬دراسمت‪ ،‬ترجمة مصاط ى لبااد‪ ،‬دار الهماداني لمطبملاة‬
‫االنشر‪ ،‬الملال‪ ،‬لدن ‪.1984‬‬

‫‪ .27‬خميل‪ ،‬د‪.‬حممي‬

‫اللربية الم المغة البنياي‪ ،‬دراسة في ال كر المغااي اللرباي الحاديث كمياة اآلداب‪،‬‬
‫جمملة اإلسكندرية‪ ،‬دار الملمر الجمملية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر ‪.1988‬‬

‫‪228‬‬
‫‪ .28‬داسكال‪ ،‬مارسيمو‬

‫االتجمها اامت السا اايميالاجيل الملمص ا ارة‪ ،‬ترجما ااة حميا ااد الحما ااداني ا ا ااران‪ ،‬الا اادار‬
‫البي م ‪.1987‬‬

‫‪ .29‬دافيدوف‪ ،‬لندال‬

‫مد ل لم الن س‪ ،‬ترجمة د‪.‬سيد الطارب ا اران‪ ،‬دار ممكجراهيال لمنشار‪ ،‬الادار‬
‫الدالية‪ ،‬القمهرة‪.‬د‪.‬ت‪.‬‬

‫‪ .31‬دهمان‪ ،‬احمد عمي‬

‫الصارة البال ية لند لبد القمهر الجرجمني منهجمً اتطبيقمً‪ ،‬دار طالس لمدراسمت‬
‫االترجمة االنشر‪ ،‬دمش ‪.1986‬‬

‫‪ .31‬دي سوسير‪ ،‬فردناند‬

‫لزياز‪ ،‬مراجلاة د‪.‬مملا المطمباي‪ ،‬دار فام‬ ‫لم المغة اللم ‪ ،‬ترجمة يا يل ياس‬
‫لربية‪ ،‬بغداد ‪.1985‬‬
‫‪ .32‬رأي‪ ،‬وليم‬

‫لزياز‪ ،‬دار‬ ‫الملنى األدبي من الظمهراتية إلى الت كيكياة‪ ،‬ترجماة د‪ .‬يا يال ياسا‬
‫المأمان لمترجمة االنشر‪ ،‬بغداد ‪.1987‬‬
‫‪ .33‬روجرز‪ ،‬فرانكمين‬

‫الشلر االرس ‪ ،‬ترجمة مي مظ ر‪ ،‬دار المأمان لمترجمة االنشر‪ ،‬بغداد ‪.1991‬‬

‫‪ .34‬ريتشارد‪ ،‬أ‬

‫مباامدئ النقااد االدبااي‪ ،‬ترجمااة مصااط ى بااداي‪ ،‬المؤسسااة المص ارية اللممااة لمتااألي‬
‫االطبملة االنشر‪ ،‬القمهرة ‪.1963‬‬

‫‪229‬‬
‫‪ .35‬ريد‪ ،‬هربرت‬

‫ملنى ال ن‪ ،‬ترجمة سممي شبة‪ ،‬مراجلة مصاط ى حبياب‪ ،‬دار الشاؤان الثقمفياة‪،‬‬
‫بغداد د‪.‬ت‪.‬‬

‫‪ .36‬الزمخشري‪ ،‬أبو القاسم جار اهلل محمود الخوارزمي‬

‫التنزي اال الي ااان األ‪،‬ماي اال‪ ،‬دار الملرف ااة لمطبمل ااة االنش اار‪،‬‬ ‫ل اان حق اام‬ ‫الكش اام‬
‫بيرات د‪.‬ت‪.‬‬

‫‪ .37‬زيارة‪ ،‬معن (رئيس التحرير)‬

‫الماسالة ال مس ية اللربية‪ ،‬ملهد اإلنمم اللربي‪ ،‬ط‪ ،1‬بيرات ‪.1988‬‬

‫‪ .38‬زيعور‪ ،‬ي‪ ،‬عمي‬

‫مذاهب‪ ،‬لم الن س الملمصر‪ ،‬دار األندلس لمطبملة االنشر‪ ،‬بيرات ‪.1971‬‬

‫‪ .39‬سارتون‪ ،‬جورج‬

‫تمريخ اللم ‪ ،‬مجمالة من المترجمين‪ ،‬دار الملمر ‪ ،‬القمهرة ‪.1987‬‬

‫‪ .41‬شيغنسون‪ ،‬رالف وزميمه‬

‫السينمم فنمً‪ ،‬ترجمة ملد حداد‪ ،‬دمش ‪.1993‬‬

‫‪ .41‬سمدن‪ ،‬رومان‬

‫النظريا ااة األدبيا ااة الحديثا ااة‪ ،‬ترجما ااة سا االيد الغا اامنمي‪ ،‬المؤسسا ااة اللربيا ااة لمد ارسا اامت‬
‫االنشر‪ ،‬بيرات‪ ،‬ط‪.1996 1‬‬
‫‪ .42‬شاكر‪ ،‬سالم‬

‫م ااد ل إل ااى لما ا االدل اال‪ ،‬ترجم ااة محم ااد بحي اامتي‪ ،‬ديا ااان المطبال اامت الجمملي ااة‪،‬‬
‫(رانيا) تانس ‪.1997‬‬

‫‪231‬‬
‫‪ .43‬شتراوس‪ ،‬كمود ليفي‬

‫السمع‪ ،‬النظر‪ ،‬القا ار ة‪ ،‬تلرياب ميال احماد ميال‪ ،‬دار الطميلاة لمطبملاة االنشار‪،‬‬
‫بيرات ‪.1994‬‬

‫‪ .44‬شولتز‪ ،‬روبرت‬

‫الس اايميم االتأاي اال‪ ،‬ترجم ااة س االيد الق اامنمي‪ ،‬المؤسس ااة اللربي ااة لمد ارس اامت االنش اار‬
‫بيرات ‪.1994‬‬

‫‪ .45‬عبد الحميد‪ ،‬شاكر‬

‫اللممي ااة اإلبدالي ااة فا ااي ف اان التصااااير‪ ،‬ل اامل الملرف ااة‪ ،‬المجم ااس ال اااطني لمثقمفاااة‬
‫اال نان ااآلداب‪ ،‬الكايت ‪.1987‬‬

‫‪ .46‬عبو‪ ،‬فرج‬

‫لم لنمصر ال ن‪ ،‬جمملة بغداد‪ ،‬كمية ال نان الجميمة‪ ،‬بغداد ‪.1982‬‬

‫‪ .47‬عصفور‪ ،‬جابر‬

‫الص ااارة ال ني ااة ف ااي التا اراث النق اادي االبال ااي لن ااد الل اارب‪ ،‬دار التن اااير لمطبمل ااة‬
‫االنشر‪ ،‬بيرات ‪.1983‬‬

‫م ها الشلر‪ ،‬دراسة في التراث النقدي‪ ،‬دار التناير لمطبملة‪ ،‬بيرات ‪.1983‬‬

‫‪ .48‬غاتشيف‪ ،‬غيوري‬

‫ال ااالي اال اان‪ ،‬ترجم ااة د‪.‬ناف اال ني ااا ‪ ،‬مراجل ااة د‪.‬س االد مص اام ‪ ،‬ل اامل الملرف ااة‪،‬‬
‫الكايت ‪.1991‬‬

‫‪ .49‬غارودي‪ ،‬روجية‬

‫‪231‬‬
‫البنياي ااة فمسا ا ة م ااات اإلنس اامن‪ ،‬ترجم ااة ج ااارج طرابيش ااي‪ ،‬دار الطميل ااة لمطبمل ااة‬
‫االنشر‪ ،‬بيرات ‪.1981‬‬

‫‪ .51‬الغانمي‪ ،‬سعيد‬

‫ا‪،‬نلة النص‪ ،‬دار الشؤان الثقمفية اللممة‪ ،‬بغداد ‪.1991‬‬

‫‪ .51‬الغذامي‪ ،‬عبد اهلل‬

‫ال طي ااال االتك يا اار مااان البنيايا ااة إلا ااى التش ا اريحيل‪ ،‬النا اامدي اللرباااي الثقا اامفي‪ ،‬جا ااد‬
‫‪.1985‬‬

‫‪ .52‬غميم‪ ،‬محمد‬

‫التاليد الداللي في البال ة االملج ‪ ،‬دار تايقمل لمنشر‪ ،‬الدار البي م ‪.1987‬‬

‫‪ .53‬فاخوري‪ ،‬عادل‬

‫لم ا الداللااة لنااد اللاارب‪ ،‬د ارسااة مقمرنااة مااع الساايميم يمت الحديثااة‪ ،‬دار الطميلااة‪،‬‬
‫بيرات ‪.1985‬‬
‫‪ .54‬فضل‪ ،‬د‪.‬صالح‬

‫النظرية البنم ية في النقد األدبي‪ ،‬دار الشؤان الثقمفية‪ ،‬بغداد ‪.1987‬‬

‫‪ .55‬فوكو‪ ،‬ميشيل‬

‫الكمممت ااألشيم ‪ ،‬ترجمة مطمع ص دي ا اران‪ ،‬مركاز اإلنمام القاامي‪ ،‬بيارات‬


‫‪.1991‬‬

‫‪ .56‬قاسم‪ ،‬سي از‬

‫سااي از ‪،‬مس ا‬ ‫الساايمياطيقم‪ ،‬حااال بلااض الم اامهي ‪ ،‬مااد ل إلااى الساايمياطيقم‪ ،‬إش ا ار‬
‫انصر حممد أبا زيد‪ ،‬منشارات ليان‪ ،‬الدار البي م ‪.1986‬‬

‫‪232‬‬
‫‪ .57‬القزويني‪ ،‬الخطيب‬

‫اابطل اشاارحل‪ ،‬لب ااد الاارحمن البر‪ ،‬ااا‪،‬ي‪ ،‬المكتب ااة‬ ‫التم اايص ف ااي لمااا البال ااة‪،‬‬
‫التجمرية الكبرى‪ ،‬مصر‪.‬د‪.‬ت‪.‬‬
‫‪ .58‬قمري‪ ،‬بشير‬

‫شاالرية الاانص الراا ااي‪ ، ،‬ا ار ة تنمصااية فااي كتاامب التجمياامت‪ ،‬شااركة البياامدر لمنشاار‬
‫االتازيع‪ ،‬الربمط ‪.1991‬‬

‫‪ .59‬كريستوفر‪ ،‬تورس‬

‫الت كيكيااة النظريااة االتطبي ا ‪ ،‬ترجمااة رلااد لبااد الجمياال ج اااد‪ ،‬دار الح ااار لمنشاار‬
‫االتازيع‪ ،‬سارية ‪.1996‬‬

‫‪ .61‬كمال‪ ،‬بشر‬

‫لم المغة اللم ‪، ،‬س األصاات‪ ،‬دار الملمر ‪ ،‬مصر‪.‬د‪.‬ت‪.‬‬


‫‪ .61‬كورك‪ ،‬جاكوب‬

‫المغ ااة ف ااي األدب الح ااديث‪ ،‬ترجم ااة يا ي اال لزي ااز‪ ،‬دار الم ااأمان لمترجم ااة االنش اار‪،‬‬
‫بغداد ‪.1989‬‬
‫‪ .62‬كوليير‪ ،‬غراهام‬

‫ال ن االشالار اإلبادالي‪ ،‬ترجماة منيار صارحي االصابحي‪ ،‬منشاارات ا ازرة الثقمفاة‬
‫ااإلرشمد القامي‪ ،‬دمش ‪.1983‬‬
‫‪ .63‬كوندراتوف‬

‫‪233‬‬
‫أص ااات ااشاامرات‪ ،‬د ارسااة فااي لم ا المغااة‪ ،‬نقماال لاان االنكميزيااة أدار ياحناام‪ ،‬ا ازرة‬
‫اإللال ‪ ،‬مديرية الثقمفة اللممة‪ ،‬بغداد ‪.1971‬‬

‫‪ .64‬الكيالني‪ ،‬مصطفى‬

‫اجاد النص‪ ،‬نص الاجاد‪ ،‬الدار التانسية لمنشر‪ ،‬تانس ‪.1992‬‬


‫‪ .65‬لوتمان‪ ،‬يوري‬

‫‪ ،‬ااميم لما ا الجم اامل االس ااينمم‪ ،‬م ااد ل إل ااى س اايميم ية ال ما ا ‪ ،‬ترجم ااة نبي اال الرسا ا ‪،‬‬
‫مطبلة لكرمة‪ ،‬دمش ‪.1989‬‬

‫‪ .66‬مارتن‪ ،‬مارسيل‬

‫المغااة السااينمم ية‪ ،‬ترجمااة ساالد مكااماي‪ ،‬مراجلااة فريااد الم ازااي‪ ،‬المؤسسااة اللمم ااة‬
‫ااألنبم االنشر‪ ،‬القمهرة ‪.1964‬‬ ‫لمتألي‬

‫‪ .67‬الماكري‪ ،‬محمد‬

‫الشكل اال طمب‪ ،‬مد ل لتحميل ظمهراتي‪ ،‬المركز الثقمفي اللربي‪ ،‬الادار البي ام‬
‫‪.1991‬‬

‫‪ .68‬مبارك‪ ،‬حنون‬

‫دراس في السيميم يمت‪ ،‬دار تاي مل لمنشر‪ ،‬الدار البي م ‪.1987‬‬


‫‪ .69‬محمد‪ ،‬خريف‬

‫تأايل التأايل‪ ،‬حكي االستلمرة‪ ،‬استلمرة الحكي‪ ،‬ط ‪ ،1‬تانس ‪.1996‬‬

‫‪ .71‬المسدي‪ ،‬عبد السالم‬

‫في ليمت النقد األدبي‪ ،‬دار الجناب لمنشر‪ ،‬تانس ‪.1994‬‬

‫‪234‬‬
‫مم ا ار المغة‪ ،‬بحث في ال م يمت الملر اية‪ ،‬مؤسساة لباد الكاري لباد اش لمنشار‬
‫االتازيع‪ ،‬تانس ‪.1994‬‬

‫‪ ،‬ميم في اللم المغاي‪ ،‬الدار التانسية لمنشر‪ ،‬تانس ‪.1994‬‬

‫‪ ،‬ية البناية‪ ،‬دراسة انممذج‪ ،‬دار أمية‪ ،‬تانس ‪.1991‬‬

‫‪ .71‬المطمبي‪ ،‬عبد الجبار‬

‫في األدب االنقد‪ ،‬دار الرشيد لمنشر‪ ،‬بغداد ‪.1981‬‬ ‫ماا‪،‬‬

‫‪ .72‬مفتاح‪ ،‬د‪.‬محمد‬

‫التمقي االتأايل‪ ،‬المركز الثقمفي اللربي‪ ،‬بيرات ‪.1994‬‬

‫تحميا اال ال طا اامب الشا االري إسا ااتراتيجية التنا اامص‪ ،‬دار التنا اااير لمطبملا ااة االنشا اار‪،‬‬
‫بيرات ‪.1985‬‬

‫فااي ساايميم الشاالر القاادي ‪ ،‬د ارسااة نظريااة اتطبيقيااة‪ ،‬دار الثقمفااة الاادار البي اام‬
‫‪.1982‬‬
‫‪ .73‬محمد‪ ،‬عمي عبد المعطي‬

‫رؤية ملمصرة في لم المنمهج‪ ،‬دار الملرفة الجمملية‪ ،‬اإلسكندرية ‪.1985‬‬

‫‪ .74‬ميميه لوي‪ ،‬ودافيل مادلين فارن‬

‫مقدمل في البنياية‪ ،‬ترجمة اجيل الهريرة‪ ،‬دار الاحدة لمنشر‪ ،‬بمريس‪ ،‬د‪.‬ت‪.‬‬
‫‪ .75‬ناصف‪ ،‬د‪ .‬مصطفى‬

‫الصارة األدبية‪ ،‬دار األندلس لمطبملة االنشر االتازيع‪ ،‬بيرات ‪.1983‬‬

‫‪ .76‬نوبمر‪ ،‬ناثان‬

‫‪235‬‬
‫ح ااار الرؤي ااة‪ ،‬م ااد ل إلااى ت ااذا ال اان االتجرب ااة الجممليااة‪ ،‬ترجم ااة ف ااري مي اال‪،‬‬
‫مراجلة جب ار إبراهي جبرا‪ ،‬دار المأمان لمترجمة االنشر‪ ،‬بغداد ‪.1987‬‬

‫‪ .77‬هاوزر‪ ،‬ارنولد‬

‫فمس ة تمريخ ال ن‪ ،‬الهي اة اللمماة لمكتامب ااألجهازة اللممياة‪ ،‬مطبلاة جمملاة القامهرة‬
‫‪.1968‬‬

‫‪ .78‬هوكز‪ ،‬ترانس‬

‫البنيايا ااة الم ا ا االشا اامر ‪ ،‬ترجما ااة مجيا ااد الممشا ااطة‪ ،‬دار الشا ااؤان الثقمفيا ااة‪ ،‬بغا ااداد‬
‫‪.1986‬‬

‫‪ .79‬هويغ‪ ،‬رينيه‬

‫ال ا اان تأايما اال اسا اابيمل‪ ،‬ترجما ااة ص ا ااالح برما اادا‪ ،‬منشا ااارات ا ازرة الثقمفا ااة ااإلرش ا اامد‬
‫االقامي‪ ،‬دمش ‪.1978‬‬

‫‪ .81‬هيغل‬

‫فكرة الجممل‪ ،‬ترجمة جارج طرابيشي‪ ،‬دار الطميلة‪ ،‬بيرات‪.‬‬

‫‪ .81‬ويد‪ ،‬نيكوالس‬

‫األاهم البصرية‪ ،‬فنهم الممهم‪ ،‬ترجمة ماي مظ ار‪ ،‬دار الماأمان لمترجماة االنشار‪،‬‬
‫بغداد ‪.1988‬‬

‫‪ .82‬يوكابسن‪ ،‬رومان‬

‫‪236‬‬
‫‪ ،‬ااميم الشاالرية‪ ،‬ترجمااة محمااد الااالي امباامر حنااان‪ ،‬دار تايقاامل لمنشاار‪ ،‬الاادار‬
‫البي م ‪.1988‬‬

‫الدوريات‬
‫‪ .84‬اب ارمز‪ ،‬هـ‪.‬م‬

‫المدارس النظرية الحديثة‪ ،‬مجمة الثقمفة األجنبية اللدد ‪ ،3‬بغداد ‪.1987‬‬

‫‪ .85‬إبراهيم‪ ،‬نبيمة‬

‫البنيايل من أين االى أين‪ ،‬مجمة فصال مجمد ‪ 1‬ع‪ ،2‬القمهرة ‪.1981‬‬
‫‪ .86‬بنغراد‪ ،‬سعيد‬

‫سيميم يمت بيرس‪ ،‬مجمة لالممت اللدد (‪ ،)1‬الدار البي م ‪.1994‬‬

‫‪ .87‬حمداوي‪ ،‬جميل‬

‫السيمياطيقم االلنانة‪ ،‬لمل ال كر‪ 25 ،‬ع‪ ،3‬الكايت ‪.1997‬‬


‫‪ .88‬دورليان‪ ،‬جورج‬

‫بحثمً لن اجهي ساسير‪ ،‬مجمة ال كار اللرباي الملمصار‪ ،‬مركاز االنمام القاامي‪،‬‬
‫اللدد ‪ ،31/31‬بيرات ‪.1984‬‬
‫‪ .89‬عروي‪ ،‬محمد اقبال‬

‫فا ا ااي المغا ا ااة االت سا ا ااير‪ ،‬لا ا اامل ال كا ا اار‬ ‫السا ا اايميم يمت اتحميمها ا اام لظا ا اامهرة الت ا ا اراد‬
‫‪ ،34/24‬الكايت ‪.1996‬‬

‫‪237‬‬
‫‪ .91‬العماري‪ ،‬محمد‬

‫الصارة االمغة‪ ،‬مقمربة سيمياطيقيل‪ ،‬مجمة فكر انقد الربمط‪ ،‬المغرب‪ ،‬اللدد ‪،13‬‬
‫‪.1998‬‬

‫‪ .91‬الغرافي‪ ،‬محمد‬

‫‪ ،‬ار ة في السيميالاجيم البصرية‪ ،‬مجمة فكر انقد اللدد ‪ ،13‬المغرب ‪.1998‬‬


‫‪ .92‬فاخوري‪ ،‬عادل‬

‫حال إشكملية السيميالاجيم‪ ،‬لمل ال كر‪ ،‬اللدد ‪ 13‬ذار‪ ،‬الكايت ‪.1996‬‬

‫‪ .93‬فرانسوا‪ ،‬مولنار‬

‫الاحاادة االكاال‪ ،‬ترجمااة نجاادة فتحااي ص ا ات فااي مجمااة فنااان لربياال‪ ،‬دار ااسااط‬
‫لمنشر‪ ،‬اللدد ‪ ،3‬لندن ‪.1983‬‬

‫‪ .94‬كاسيرير‪ ،‬ارنست‬

‫فمس ا ة األشااكمل الرمزيااة‪ ،‬مجمااة اللاارب اال كاار اللااملمي‪ ،‬مركااز اإلنماام القااامي‪،‬‬
‫اللدد ‪ ،3‬بيرات ‪.1988‬‬
‫‪ .95‬الكردي‪ ،‬محمد عمي‬

‫نظريااة ال ياامل لنااد جمسااتان بمشااالر‪ ،‬مجمااة لاامل ال كاار ا ازرة األلااال ‪ ،‬الكاياات‬
‫‪/11‬ع‪.1981/2‬‬
‫‪ .96‬كرستيفا‪ ،‬جوليا‬

‫المر يااة‪ ،‬التصاااير‪ ،‬ترجمااة بنيااانس لميااراش‪ ،‬مجمااة ناافااذ‪ ،‬جاادة اللاادد الساامبع‬
‫‪.1999‬‬
‫‪ .97‬كويزنية‬

‫‪238‬‬
‫البنيايااة‪ ،‬مجمااة ال كاار اللربااي الملمصاار‪ ،‬دار اإلنماام القااامي اللاادد ‪ 7/6‬بياارات‬
‫‪.1981‬‬

‫‪ .98‬لودال‪ ،‬جيرار‬

‫بي اارس أا ساس ااير‪ ،‬مجم ااة الل اارب اال ك اار الل ااملمي‪ ،‬مرك ااز اإلنم اام الق ااامي ع‪3‬‬
‫بيرات ‪.1983‬‬

‫‪ .99‬المطمبي‪ ،‬مالك‬

‫جغرافية الذ ب الحزينة‪ ، ،‬ار ة فاي ‪،‬صايدة مملا بان الرياب فاي رثام ن سال‪ ،‬مجماة‬
‫األ‪،‬ال ‪ ،‬ع‪ ،12/11‬بغداد ‪.1989‬‬

‫‪ .111‬هونزل‪ ،‬جندريك‬

‫دينمميكيااة اإلشاامرة‪ ،‬ترجمااة أمياار كاريااة‪ ،‬مجمااة الحياامة المساارحية‪ ،‬اللاادد ‪29-28‬‬
‫‪.1987‬‬

‫المحاضرات‬
‫‪ .111‬المطمبي د‪.‬مالك‬

‫د ارساامت بنيايااة فااي الرسا ‪ ،‬محم ارات لمااى طمبااة الد ارساامت اللمياام‪ ،‬كميااة ال نااان‬
‫الجميمة‪ ،‬مسجمة لمى شريط تسجيل نيسمن ‪.1996‬‬

‫‪ .112‬غزوان‪ ،‬عناد‬

‫محم ارات فااي الساايمياطيقم‪ ،‬كميااة ال نااان الجميمااة ‪ 1996‬مسااجمة لمااى ش اريط‬
‫تسجيل‪.‬‬

‫‪239‬‬
‫المصادر األجنبية‬
1. Ingarden;Roman :(On the Structure of Painting) (Cracow
1946).
2. (Studies in Aesthetics) 2nd ed (Warsaw-1958).
3. (On the Literary work of Art) Warsaw - 1960.
4. Jones,John:Aristole and Greek Tragedy,G.B.Oxford,1968.
5. Lotman,Yuri;Struktura Khodozhest vennog
beksta,Moscow,1970.
6. In:Sign Language,((Microfot)) R,Encarta
(R),1996.Encyclopeadia.
7. Mokarovsky,Jan;Studuies in Aesthetics,Praha,1964.
8. Morris: Signification and significance, cambrige,
Mass.,1964.
9. Morris,Charles;Signs,Language and Behavior,N.Y.,1946.
10. Ozgonol,Aksoy :(Some Effects of Lines, shapes and
colours)in Semiotics Unfolding No.1. III . Mouton
Publishers. 1979.

241
11. Szczepanaska,Anita:Structure of Art work in; The
Aesthetics of Roman Ingaraden,Kluwer Academic
Puplishers,The Netherland,1989.

241

You might also like