Professional Documents
Culture Documents
بالسم محمد
52عاماً من العطاء
الفصل األول
مبادئ المنػػهج السيميائي.
"السػ ػػيميولوجيا" عبػ ػػانة عػ ػػف عمليػ ػػة التبليػ ػػؿ والتن يػ ػػب ،وتبديػ ػػد البنيػ ػػات العميقػ ػػة
الثانوية وناء البنيات السطبية المتمظهنة في الملفوظ والمنئي:
22
انها منهج يببث في وعف مولدات النصوص وتولػداتها الدالليػة والبنيويػة .تببػث
جػػادة عػػف أسػػباب التعػػدد ،وال نهائيػػة اللطابػػات والبػنامج وتسػػع إلػ ا تشػػاؼ البنيػػات
العميقة واألسس الجوهنيػة المنطقيػة التػي ت ػوف وناء وبػدة نصػوص مبعثػنة ووناء ليػة
جمؿ وأش اؿ ملتلفة.
إف السػػيميولوجيا ال يهمهػػا مػػا يقػػوؿ "أي نػػص" وال "مػػف لال ػ " بػػؿ مػػا يهمهػػا يػػؼ
لػ ػ ػػاؿ الػ ػ ػػنص ،أي أف السػ ػ ػػيميولوجيا ال يهمهػ ػ ػػا الملػ ػ ػػموف وال سػ ػ ػػينة المبػ ػ ػػدع ال اتيػ ػ ػػة
" "biographyبقدن ما يهمها ش ؿ الملموف انطاللاً مف اللطاطة التالية(:)1
"فالسػػيميولوجيا د انسػػة ش ػ النية للملػػموف تمػػن عبػػن الش ػ ؿ لمس ػأءلة الػػدواؿ مػػف
اجػػؿ تبقيػػؽ معنفػػة دليقػػة بػػالمعن ،إنهػػا بهػ ا المعنػ تؤ ػػد "الملػػموف" وال تنفيػ وهػػي
به ا ملمونية الهدؼ"(.)2
( )1ينظن عنوي ،مبمد إلباؿ ،السيميائيات وتبليلها لظاهنة التنادؼ في اللغة والتفسين في عالـ الف ن ـ-22
ع 2آ ان ،6991ص.691
( )2المطلبي مالؾ ،مبالنات عل طلبة الدناسات العليا ،لية الفنوف الجميلة ،نيساف .6991
(*) هناؾ تدالؿ في استعماؿ المصطلح ،فاألونبيوف يستعملوف مصطلح سيميولوجيا في بيف يستعمؿ
االن لوس سوف مصطلح السيميوطيقا ،وسنعنض للتفنيؽ بيف المصطلبيف في الفصوؿ القادمة ،والبابث
يتبن مصطلح السيميائية منادفاً للمصطلح الغنبي سيميولوجيا ،وسوؼ يند المصطلح في الببث بيثما
منهج متبع ومقتنف وجدنا لؾ مناسباً بصيغت األجنبية ،لؾ عندما ي وف المصطلح منت اًز عل
22
-1المحايثة:
مهم ػػا تع ػػددت جوان ػػب الم ػػنهج أو اتس ػػعت أص ػػول وفص ػػول فانػ ػ يظ ػػؿ مبتفظػ ػاً
بلصػػائص عامػػة تظػػؿ تب ػػـ شػػت عناصػػن وتطبػػع سػػائن أدوات ػ المنهجيػػة ،وال يلػػنج
المػػنهج السػػيميائي عػػف ه ػ القاعػػدة فػػاف ل ػ هػػو أيل ػاً ،لصػػائص عليهػػا يت ػ ء وبهػػا
يتميػػز ،وأولػ هػ اللصػػائص انػ مػػنهج داللػػي مبايػػث ويعنػػي لػػؾ انػ ينت ػػز عل ػ
دالػػؿ الػػنص ،باعتبػػان أف العاللػػة التػػي تقػػوـ بػػيف العمػػؿ األدبػػي ومبيطػ اللػػانجي ال
تنلػ ػ بس ػػب هػ ػ ا الن ػػوع م ػػف النق ػػد الػ ػ ي يتشػ ػ ؿ وينتش ػػن م ػػف س ػػياؽ ثق ػػافي وبل ػػاني
ثـ يتعيف الن وف موسوـ بلصوصيات جوهنية إل تأسيس مستوى عميؽ للنص ،ومف ّ
إل ػ ػ شػ ػػب ة العالل ػ ػػات القائمػ ػػة بػ ػ ػيف عناصػ ػػن ،بمعن ػ ػ أف التبلي ػ ػػؿ المبايػ ػػث يتطل ػ ػػب
االسػػتقنان الػػداللي للوظػػائؼ النصػػية التػػي تسػػهـ فػػي توليػػد الداللػػة ،وال تهمنػػا العاللػػات
اللانجية وال البيثيات السوسيو -تانيلية وااللتصادية التي أفنزت عمؿ المبدع(.)3
والب ػػاؿ أف الس ػػيميولوجيا تبب ػػث ع ػػف شػ ػ ؿ المل ػػموف عب ػػن العالل ػػات التشػ ػ لية
والتلادية الموجودة بيف العناصن دالؿ العمؿ الفني.
-2التبنين:
ثػػاني لصػػائص المػػنهج السػػيميائي ان ػ مػػنهج بنيػػوي إ تعػػد السػػيميائيات البنيويػػة
ثم ػ ػنة مزاوجػ ػػة بػػػيف العالمػ ػػة والبنيػ ػػة ،ثم ػ ػنة تبنػػػيف العاللػ ػػات ،وه ػ ػ ا وال ػػح م ػػف لػ ػػالؿ
اللاصية السالفة ،القائمة عل التزامنية أي عل شب ة العاللات.
بتأسيسات .وسوؼ يبعد البابث التعنيب ال ي تبنا بعض الدانسيف العنب مثؿ علـ العالمات أو
الدالئلية.
( )3ينظن عنوي ،مبمد إلباؿ ص.691
وينظن أيلاً بمداوي ،جميؿ :السيميوطيقا والعنونة في مجلة عالـ الف ن ـ 21ع 2آ ان ،6991ص19
وما بعدها.
22
إف السػػميولوجيا ال تفهػػـ المعنػ إالّ مػػف لػػالؿ االلػػتالؼ بػػيف متعالقػػات فسوسػػين
وهلمسػ ػػليؼ يق ػ ػناف ب ػ ػأف المعن ػ ػ ال يسػ ػػتللص إالّ عبػ ػػن االلػ ػػتالؼ ،ولػ ػػد ػ ػػاف مفهػ ػػوـ
االلتالؼ سبباً مف أسباب تطون الدناسات البنيوية في اللغة واألدب.
والسيميولوجيا عندما تقتبـ أغوان النص فإنهػا تػدلؿ مػف نافػ ة العاللػات الدالليػة
الموج ػػودة والقائم ػػة علػ ػ االل ػػتالؼ ب ػػيف البني ػػات وال ػػدواؿ :والتبلي ػػؿ البني ػػوي لػ ػ ل ػػدنة
ال شؼ عف ش ؿ الملموف وتبديد االلتالفات فػي العاللػات الموجػودة بػيف العناصػن
الداللية للنسؽ أو النظاـ(.)4
ولنألػ ػ علػ ػ س ػػبيؿ المث ػػاؿ مص ػػطلح العالل ػػات فم ػػف المؤ ػػد ل ػػدى البني ػػوييف أف
المعن ال يقػوـ إالّ بوسػاطة االلػتالؼ ،واف هػ ا االلػتالؼ يفتػنض وجػود نسػؽ مبنػيف
مف العاللات بيف عناصن عدة ال يم ف أف تأل معناهػا ،أو ت ػوف دالػة إالّ مػف لػالؿ
شػػب ة العاللػػات التػػي تقػػوـ بينهػػا ،تلػػؾ الشػػب ة التػػي تش ػ ؿ هندسػػة المعن ػ ،أو ش ػ الً
للمبتوى تتل ها البنيوية مجاالً للتبليؿ(.)5
-3الكميـة:
أم ػ ػػا ثال ػ ػػث هػ ػ ػ اللص ػ ػػائص فإنه ػ ػػا تنب ػ ػػع م ػ ػػف طبيع ػ ػػة المول ػ ػػوع الػ ػ ػ ي تدنسػ ػ ػ
السػػيميائيات ،فمػػف المعلػػوـ أنهػػا تهػػتـ باللطػػاب فػػي بعػػد السػػندي فتتجػػاوز بػ لؾ بػػدود
االهتماـ بالجملة ،بمعن أنهػا تػدنس ال ليػات العامػة وتنظيمهػا وانتاجهػا أو القػدنة علػ
إنتاج النص ،و يفية تولد والتالف سطبياً وعمقياً(.)6
( )4ينظن المصدناف السابقاف ،وينظن إبناهيـ ،ز نيا :مش لة البنية ،دان مصن للطباعة ،القاهنة ،د .ت
ص.24 -1
( )5ينظن ميل ،لوي ودانفيؿ مادليف فانف ،مقدمة في البنيوية ،تنجمة وجي الهنينة ،دان الوبدة للنشن،
بانيس .د .ت ص 66وما بعدها.
( )6بمداوي ،جميؿ ،السيميوطيقا والعنونة -ص.16
21
مبادئ التركيب العالمي
بينم ػػا نني ػػد ل ػػوؿ ش ػػيء م ػػا أو تص ػػوين ب ػػدث آو مش ػػهد فإنن ػػا سنس ػػتعيد التن ي ػػب
العالمػػي مػػف لػػالؿ التج ػػاون أو التلػػاد أو التباعػػد وه ػ ا التن يػػب هػػو القػػدنة البقيقيػػة
عل صياغة عالـ الفف ،أو عالـ الوالػع.
"يالبظ في األلواؿ المنسوبة إل بوساف ،تواز بيف اللغة المتمفصلة والنسػـ ،وهػو
تمهيد لنظنية التمفصؿ المزدوج في االلسنيات" بيف يب ي عف النسـ يقػاؿ أف بػنوؼ
األبجديػػة تسػػتعمؿ لتشػ يؿ المنػػا ولإلعػناب عػػف أف اننػػا مثلمػػا تسػػتعمؿ مالمػػح الجسػػـ
للتعبيػ ػػن عػ ػػف شػ ػػت أه ػ ػواء الػ ػػنفس إلل ػ ػناج مػ ػػا هػ ػػو م نػ ػػوف فػ ػػي الػ ػػنوح واظهػ ػػان إل ػ ػ
اللانج"(.)7
إف أي عمػ ػػؿ فنػ ػػي وبالتبديػ ػػد اللوبػ ػػة التش ػ ػ يلية تعتمػ ػػد فػ ػػي ت وينهػ ػػا عل ػ ػ مبػ ػػدأ
التن يب ،ومعنفة القوانيف العامة التػي تعمػؿ بموجبهػا التجػاونات العالميػة .لػؾ أنػ إ ا
انت الوبدات الفندية ألي نظاـ تستمد معناها مف عاللات عناصنها بعلها ببعض،
ف ػإف اللوبػػة التش ػ يلية تبػػدأ أساس ػاً مػػف التن يػػب وال تمػػن بمنبلػػة األف ػناد ،ول ننػػا نواج ػ
مش لة معقدة في الببث عف يفية ه ا التن يب ومفندات ومنجعيات .
هناؾ تن يب داللي للعاللات ،ت وف العاللات بيف شػت عناصػن العمػؿ عاللػات
تواز أو تعانض أو للب أو ت افؤ ...الخ و لما بقي ه ا التن يػب للعاللػات "سػليماً" أي
لػػمف لػػانوف يب ػػـ النسػػـ فػػي زمػػاف وم ػػاف داللػػي ي ػػوف باإلم ػػاف اسػػتقناء التن يػػب
العالمي ونصد ومف ثـ معنفػة منجعياتػ .وانى أف مشػ لة التن يػب العالمػي فػي الفػف
لألستزادة ينظن شا ن سالـ ،مدلؿ إل عالـ الداللة ،تنجمة ،مبمد ببياتيف ديواف المطبوعات الجامعية
تونس .6991
( )7شتناوس ،لود ليفي ،السمع ،النظن ،القناءة ،تعنيب لليؿ ابمد لليؿ ،دان الطليعة للطباعة والنشن،
بينوت .6992ص
21
التش يلي ال تبددها القيمة الثقافية لمولوع الف لؾ يلنج الفف عػف مغػ از البقيقػي،
وال يم ػف إللػػاع إلػ الػ وؽ العػػاـ ،ألننػػا فػػي الفػػف ،نػنفض المعنػ الوالػػح ونبػػاوؿ
ػداء م ػػف تبوي ػػؿ العالل ػػة وبتػ ػ
ب ػػدالً م ػػف ل ػػؾ تبدي ػػد الت ان ي ػػب التشػ ػ يلية العميق ػػة ابت ػ ً
الت ػويف الشػػامؿ للعاللػػات .وال يم ػػف للتن يػػب العالمػي دالػػؿ اللوبػػة أف ي ػػوف ا ليمػػة
ظاهني ػػة ،إِس ػػتناداً إلػ ػ التن ي ػػب الػ ػوالعي .وهن ػػا يم ػػف الق ػػوؿ ب ػػاف مبت ػػوى اللوب ػػة ه ػػو
تن يبها واف مولوعها هو عبانة عف عاللاتها الداللية وأساليبها.
"باسػػتطاعتؾ أف تنظػػن إلػ أسػػطونة أو مبػػاناة فػػي المصػػانعة أو نظػػاـ ل انبػػة لبلػػي
أو لائمػػة مػػأ والت فػػي مطعػػـ أو صػػونة زيتيػػة نظػػاـ إشػػانات ثػػـ تقػػوـ بمباولػػة عػػزؿ
مجموعة القوانيف التي تنبط ه العاللات لت وف معاني .إنها تتجاهؿ بصونة عامة مػا
تقولػ ػ هػ ػ العالل ػػات فعػ ػالً ،وتن ػػز ب ػػدالً م ػػف ل ػػؾ علػ ػ عاللاته ػػا الداللي ػػة لبعل ػػها
ببعض"(.)8
يقوؿ سوسين ،ل ؿ إشانة لغويػة معنػ يفصػؿ التالفهػا عػف اإلشػانات األلػنى وال
يوجد في نظاـ علػـ اللغػة إالّ االلػتالؼ ،المعنػ لػيس امنػاً فػي اإلشػانة اللغويػة ول نػ
وظيفي ،ينتج عف التالؼ اإلشانة عف اإلشانات األلنى.
واعتقػػد سوسػػين :أف علػػـ اللغػػة لػػد يقػػع فػػي ونطػػة إ ا مػػا ن ػػز علػ ال ػػالـ الفعلػػي
ولـ يهػتـ بػألواؿ النػاس ،بػؿ اهػتـ بالتن يػب المولػوعي لإلشػانات والتػي تجعػؿ المهػـ
مم ن ػاً لبػػؿ ػػؿ شػػيء .ولػػد دعاهػػا سوسػػين باللغػػة ولػػـ يهػػتـ سوسػػين باألشػػياء البقيقيػػة
التػػي ت لػػـ عنهػػا النػػاس .ولغػػنض د انسػػة اللغػػة يجػػب إهمػػاؿ مػػا تشػػين إليػ الشػػانات أي
األشياء التي تعبن عنها(.)9
( )8ايغلف ،تيني ،مقدمة في النظنية األدبية ،تنجمة إبناهيـ جاسـ العلي ،دان الشؤوف الثقافية بغداد،6992 ،
ص.641
( )9المصدن السابؽ.
21
لقػػد مثلػػت مدنسػػة ب ػناغ لعلػػـ اللغػػة "يػػا وبسػػف وجػػاف مو انوفس ػ ي وغينهمػػا"...
مثلت أف ا اًن نظموها عؿ ٍ
نبو أ ثن ثباتاً لمف إطان لغويات سوسػين ،إ أصػبح ينظػن
إل ػ ػ القصػ ػػائد عل ػ ػ أنهػ ػػا ت ان يػ ػػب وظيفيػ ػػة تب مهػ ػػا مجموعػ ػػة عاللػ ػػات معقػ ػػدة الػ ػػداؿ
والمدلوؿ .واف تدنس ه اإلشانات اللغوية ب اتها وليس انع اسات لبقيقة لانجية.
ويػ ػػنى "فػ ػ ػاغنن" إف األدوات المتع ػ ػػددة ألي عم ػ ػػؿ فنػ ػػي ل ػ ػػد تنس ػ ػػؽ بطنيق ػ ػػة ت ػ ػػدفع
العناصػن االفناديػة لالنػػدماج لالقػة بػ لؾ "تػأثي اًن تن يبيػاً" .وفػػي لػوء هػ المقولػة ،فػػاف
التن يػػب مبػػدأ أسػػاس فػػي اللوبػػة التش ػ يلية ،لػػؾ أف التجػػاون العالمػػي يعطينػػا إبساس ػاً
اء مف بيث الش ؿ أو الوظيفة(.)10
تش يلياً مت امالً سو ٌ
إف اللوب ػػة التشػ ػ يلية تب ػػدأ باإليقون ػػة ،ث ػػـ تتبػػػوؿ إلػ ػ النم ػػز م ػػف ل ػػالؿ تجػ ػػاون
العاللػػات وت ان بهػػا .ول ػػف هػػؿ يم ػػف ولػػع شػػمس ولمػػن فػػي م ػػاف وابػػد مػػف اللوبػػة .
هػؿ يشػ ؿ لػػؾ نفيػاً للتن يػػب المنطقػي ،أـ أف معجػػـ الفػف التشػ يلي المسػتعان ال يبػػدد
صػػيغاً اسػػتعانية مػػف الوالػػع هػ ا السػؤاؿ يقودنػػا إلػ تتبػػع مبػػون التن يػػب العالمػػي فػػي
الفف.
يصػػبح القػػوؿ بإلصػػاء المعجػػـ أم ػ اًن لػػنونياً ،أي الػػتللص فػػي التن يػػب العالمػػي
للنسػػـ مػػف لػػوؿ الوالػػع ،ألننػػا نسػػتطيع أف نتواصػػؿ مػػع الوالػػع عػػف طنيػػؽ آلػػن ،وب ػ لؾ
تشتغؿ اللوبة في ظؿ تن يب معيف تنتقؿ العالمة في مف بن تها الجزئية إل بن تهػا
ال لية ل ي تبني عاللاتها اللاصة ،واف داللتهػا النمزيػة تعبػن عػف وبػدة عقليػة لل ػوف،
ولػػيس تبديػػد العاللػػة وابالتهػػا إل ػ منجعهػػا ال ػوالعي ،ألنهػػا تبػػدد جغنافيػػا العمػػؿ لػػيس
بالش ؿ بػؿ ل ونهػا تشػتغؿ بالتن يػب .فيظهػن بػ لؾ توليػد جديػد ،إبػداع لعاللػات ايقونيػة
جدي ػػدة ،أي انػ ػ يػ ػنتبط بظه ػػون معنػ ػ جدي ػػد أو ليم ػػة داللي ػػة وشػ ػ لية جدي ػػدة بالنس ػػبة
( )10هونزؿ ،جيندنيؾ ،دينامي ية اإلشانة ،تنجمة د .أمين وني مجلة البياة المسنبية العدد 29-21
6911ص .21
21
لعاللات موجودة أصالً في الوالع ،فيسمح لها بالظهون في سيالات لـ تتبقػؽ فيهػا مػف
لبػؿ( ،)11وبػ لؾ يتميػػز التوليػد الػداللي مػػف التوليػد الصػوني الػ ي يػنتبط عمومػاً بظهػػون
متواليػػة ش ػ لية جديػػدة بمعن ػ جدي ػد مػػا يبصػػؿ فػػي المولػػدات الت ان بيػػة الناتجػػة عػػف
عمليات االشتقاؽ واالفتناض أو النبت.
ويعنض التوليد مػف لػالؿ التن يػب بهػ ا التبديػد جملػة مػف القلػايا تتعلػؽ أساسػاً
بمسػػتوييف ،مسػػتوى التن يػػب الشػ لي ،ومسػػتوى التعالقػػات الدالليػػة ،ومػػف ثػػـ يجػػب علػ
أيػػة نظنيػػة أف تبػػدد فػػي الولػػت نفس ػ المبػػادئ المتب مػػة فػػي تأويػػؿ الت ان يػػب المولػػدة
والقواعد التي تنصػد التنابطػات إف انػت هنػاؾ لواعػد .فمػا داـ التن يػب إبػداعاً جديػداً،
مػػف لػػالؿ تجػػاون العالمػػات ،فانػ يفتػػنض نسػػقاً أو مجموعػػة مػػف القواعػػد التػػي تلػػبط
لؾ فػاف بإم ػاف إبداع ه الدالالت ما تلبط طنيقة استعمالها .ولو لـ ي ف األمن
األشػػلاص االعتيػػادييف أف يعمل ػوا فػػي النسػػـ البػػديث لطوطػاً وأشػ االً وألوان ػاً ومػػف ثَػػـ
ٍ
لوبات تش يلية. القوؿ بأنهـ أنتجوا
وعلي فاف دناسة التن يػب "التوليػد" تعنػي تبديػد مػا تسػمح بػ لواعػد الفهػـ السػائدة
أو السيطنة عل آليات ه ا الفهـ واإلم انات التػي تسػمح للمبػدع بإنتػاج وبػدات جديػدة
واسػػػتعماالت جديػػػدة مشػػػتقة مػػػف البنيػ ػػة التصػ ػػونية فػ ػػي نبػ ػػط العناصػ ػػن وانجػ ػػاز جملػ ػػة
"اللوبػػة" .ومػػف هنػػا فػػاف سػػميولوجيا التن يػػب تلتلػػؼ فػػي النسػػـ س ػواء أ ػػاف ل ػ منظػػون
اتػ فػي لوبػات ملتلفػة والعي أـ لـ ي ػف .إف بجػـ األشػلاص مػثالً ال يبمػؿ المعنػ
لمػػا لػػعفت طنيقػػة التمثيػػؿ لويػػت بالمقابػػؿ عمليػػة ويم ننػػا أف نقػػوؿ بش ػ ؿ عػػاـ ان ػ
تقنيف اإلشانات وابتعادها عف منجعيات الوالع.
( )11غليـ -مبمد :التوليد الداللي في البالغة والمعجـ ،دان تويقاؿ للنشن ،الدان البيلاء ،6911 ،ص.1
29
الشفرة ،التداول ،العقد
مفهوم السياق:
إف السياؽ هو الولعية الملموسة التي تولح وتنطؽ مف لاللها مقاصد تلػص
الم اف والزماف ،وهوية المت لميف أو الفاعليف ...الخ ،و ؿ ما بنػا باجػة إليػ مػف اجػؿ
فهـ وتقويـ ما يقاؿ وما ينسـ .وه ا ندنؾ مقػدان أهميػة السػياؽ بػيف نبػنـ منػ مػثالً،
وبػػيف تنقػػؿ إلينػػا المقاصػػد عبػػن وسػػيط وفػػي بالػػة معزولػػة عػػف السػػياؽ ال ػ ي يصػػبح
منهجػ ػاً عامػ ػاً ،وم ػػف دوف ليم ػػة .وعلػ ػ ع ػػس ل ػػؾ يم ػػف أف تم ػػن اإلش ػػانات إلب ػ ٍ
ػان
تواصلي لتمنين ؿ األلبان السيالية اللنونية للفهـ الجيد( ،)12واف السياؽ ،في لوء
ػي يػتم ف المتلقػي مػف إدناؾ عمػؿ ه المقولة .هو الغػالؼ المبػيط الػ ي يبػاؿ إليػ
ما.
هو الطالة المنجعيػة التػي يجػني القػوؿ مػف فولهػا فتمثػؿ (*)
فالسياؽ عند يو ابسف
للفي ػػة للنسػػػالة تم ػػػف المتلقػ ػػي مػػػف تفس ػػينها .فالنسػ ػػالة تقتلػ ػػي اتصػ ػػاالً بػ ػػيف المػ ػػت لـ
والملاط ػػب ،لػػػد ت ػػػوف شػ ػػفوية أو بص ػ ػنية أو ال تنوني ػػة أو أي شػػػيء آل ػػن مػػػا أنهػ ػػا
-أي النسالة -يجب أف تصػاغ بشػ ؿ شػفنة مػا :ػالـ أو أنلػاـ أو نسػوـ أو تابػة أو
ػػؿ م ػػف الم ػػت لـ أشػ ػ اؿ ص ػػوتية ..ال ػػخ ويج ػػب أف تش ػػين النس ػػالة إلػ ػ س ػػياؽ يفهمػ ػ
والملاط ػػب ،الب ػػاث والمتلق ػػي ،س ػػياؽ يم ػػف النس ػػالة م ػػف أف تعن ػػي ش ػػيئاً( .)13وال ت ػػوف
النس ػػالة ات وظيف ػػة إال إ ا أس ػػعفها "الس ػػياؽ" بأس ػػباب ل ػػؾ ووس ػػائل ،والم ػػنء الػ ػ ي ال
( )12انمينغو ،فنانسواز ،المقانبة التداولية :تنجمة د .سعيد علوش ،في مجلة النقد العنبي المعاصن ،من ز
اإلنماء القومي ،العدد 26بينوت 6911 ،ص.12
(*) يو ابسف نوماف :شلصية عملية ف ة تسلـ نيادة النقد األلسني وتنبؿ في أونبا وأمني ا باثاً ف ن البنيوي
في عدد ال يبص مف المنيديف .ولد سنة ،6191انظن المسدي ،األسلوبية ص.226
( )13ينظن هو ز ،تننس ،البنيوية وعلـ اإلشانة تنجمة مجيد الماشطة ،دان الشؤوف الثقافية ،بغداد ط6911
ص.11
24
يعػػنؼ الشػػعن النبطػػي مػػثالً ال يسػػتطيع فهػػـ لصػػيدة نبطيػػة بتػ واف اسػػتمع إليهػػا ألػػؼ
منة ،ألن ال يملؾ سياؽ ه القصيدة(.)14
إف ػ ػػؿ عمػ ػػؿ فنػ ػػي ينبثػ ػػؽ عمػ ػػا سػ ػػبق مػ ػػف أعمػ ػػاؿ تماثل ػ ػ فػ ػػي جنس ػ ػ .فالنسػ ػػـ
االنطبػػاعي انبثػػؽ عػػف الفػػف النومػػانتي ي ،واألليػػن عػػف الفػػف ال السػػي ي ،ولػػيس ه ػ ا
السالؼ سوى سياؽ فني له اللوبات التي تمللت عنػ البقػاً .لػ لؾ فػاف أي نسػالة
فػي تبولهػػا إلػ عمػػؿ ال بػػد أف تألػ معهػا "السػػياؽ" وتبػػؿ فيػ ليسػػاعدها علػ تبويػػؿ
توجههػػا إلػ دالػػؿ نفسػػها ،ل ػػف هػ العمليػػة تبمػػؿ لطػػونة بيػنة علػ مصػػين النسػػالة
الف السػػياؽ ا بػػن وألػػلـ مػػف النسػػالة .وهػػو اسػػبؽ منهػػا إل ػ الوجػػود :فتصػػبح مهػػددة
بالسقوط فػي أبلػاف لػؾ السػياؽ الػ ي يتغلػب علػ نصػها ويجعلػ مجػند مبا ػاة لمػا
سػػبق مػػف نصػػوص مماثلػػة ،ولػػو بػػدث هػ ا -و ثيػ اًن مػػا يبػػدث -فػإف الػػنص سيسػػقط
ويصبح نصاً فاشالً وتقليدياً(.)15
لػػد يبػػدث أبيان ػاً فػػي أثنػػاء االتصػػاؿ أف تنقػػؿ النسػػائؿ هاب ػاً واياب ػاً بينمػػا يتنػػاوب
الباعػ ػػث والمفسػ ػػن األدوان باسػ ػػتمنان .وبه ػ ػ ا يتسػ ػػن للمفس ػ ػنيف البصػ ػػوؿ عل ػ ػ تغ يػ ػػة
ع س ػػية لتأيي ػػد تفس ػػيناتهـ وللتأ ػػد م ػػف أف المعنػ ػ الػ ػ ي يعطونػ ػ لإلش ػػانات يتف ػػؽ م ػػع
المعنػ ػ الػ ػ ي ػػاف الباع ػػث يقص ػػد إيص ػػال إليػ ػ ،إالّ انػ ػ ف ػػي بع ػػض الظ ػػنوؼ ي ػػوف
االتصاؿ في االتجػاهيف لػنباً مػف المسػتبيؿ ،عػادة مػا يبػدث هػ ا فػي بػاالت تفسػين
األعماؿ الفنيػة أو المعمانيػة العائػدة إلػ عصػون ملػت علػ الػنغـ مػف أنهػا ال تلػنج
عف السياؽ ال ي ولػدت فيػ ،وبػنغـ إل انننػا بتأ يػد األعػناؼ االجتماعيػة والسػيالية علػ
القناعات الشلصية ،والسؤاؿ المهـ ال ي يم ف طنب هػو هػؿ يم ػف للسػياؽ أف يلػع
( )14الغ امي ،عبد اهلل -اللطيئة والت فين ،مف البنيوية إل التشنيبية ،النادي األدبي الثقافي -جدة ط،6
6911ص.1
( )15انظن المصدن السابؽ ص .64 -9
26
منظومػة اشػػانية ال يم ػف اللػػنوج عنهػا واالسػػتناد إلػ القػوؿ" :بأنػ مهمػا بلغػػت دنجػػة
نلػػج مشػػاعن اإلنسػػاف ،فالبػػد ل ػ فػػي أي عمػػؿ بػػانز مػػف أعمال ػ التصػػميمية مػػف أف
يأل بنظن االعتبان ال وؽ السائد في العصن ال ي يعيشػ بتػ واف بػدا لػ مفتقػ اًن إلػ
العقالنيػػة"( .)16أـ االسػػتناد إل ػ مقولػػة "دان مس ػػتيتي " ،6111القائلػػة بػػأف اللغ ػات ف ػػي
تطون مستمن ،وهي معنلة دائماً إل التعػانض مػع السػياؽ السػائد ...إف المنظومػات
التعبينية في الفف والعمانة معنلة إل لوض صناع جديد بينها وبيف المبافظػة علػ
التقاليػػد واألسػػاليب السػػائدة .فػػالقوى المبافظػػة تبػػاوؿ تبويػػؿ المؤشػنات مػػف دالئػػؿ إلػ
دالئؿ مقصودة ومف دالئػؿ مقصػودة إلػ إشػانات ،هػ القػوى ينػتج عنهػا ثبػات المعنػ
مع المبالؿ الش ؿ ،مف جهة ألػنى هنػاؾ لػوى تبػاوؿ العمػؿ علػ اسػتبداث معػاف
جديدة ،فإ ا اف المعن الجديد معن ملبقػاً أو ملػافاً ػأف ت ػوف فػي سػياؽ اسػتعماؿ
اإلشػانة فػاف العمليػػة تػؤدي إلػ تبويػػؿ اإلشػانة إلػ دليػػؿ ،هػ القػوى لػػد تبػوؿ اإلشػػانة
إل ػ إشػػانات ألػػنى أو تػػؤدي إل ػ ل ػناءة اإلشػػانات عل ػ أنهػػا دالئػػؿ لمعػػاف ألػػنى(.)17
وينتج ؿ لؾ عف طنيؽ لدنة المبدع عل إنتاج شفنت اللاصة.
الشفرة
( )16ينظن بونتا لواف بابا :العمانة وتفسينها تنجمة سعاد عبد علي مهدي ،دان الشؤوف الثقافية
بغداد ،6991 -ص.16-22
( )17المصدن السابؽ ص.12
22
وه ػػي اللصوص ػػية التعبيني ػػة ل ػػنص النسػ ػػالة ،وال ب ػػد لهػ ػ الش ػػفنة م ػػف أف ت ػػوف
متعانفػػة بػػيف البػػاث والمتلقػػي تعانف ػاً لي ػاً أو فػػي األلػػؿ تعانف ػاً جزئي ػاً ،وللشػػفنة لاصػػية
إبداعية فنيدة فهي لابلة للتجػدد والتغيػن والتبػوؿ ،بػؿ إف المبػدع نفسػ – فػند -لػادن
علػ ابت ػػان شػػفنت التػػي تبمػػؿ لصائص ػ جنبػاً إل ػ جنػػب مػػع شػػفنة السػػياؽ اللاصػػة
بجنس ال ي أبدع في بت تصبح الشفنة اللاصة شفنة عامة ،وهػ األليػنة هػي بالػة
التمي ػػز العلي ػػا الت ػػي ال يبققه ػػا إالّ القالئ ػػؿ م ػػف المب ػػدعيف الػ ػ يف يغي ػػنوف مج ػػنى األدب
ويطونون إل بد إبداعي جديد( .)18وتبنؾ الشفنة به ا الش ؿ يسهـ إسهاماً فعاالً فػي
تغي ػػن الش ػػفنة ل ػػو اطّ ػػند وش ػػاع ف ػػي جي ػػؿ
بن ػػاء الس ػػياؽ ال ػػداللي ونم ػػو وازده ػػان ،ول ػػف ّ
تتلافن إبداعات في ت ويف شفنة تتميز عف سوابقها بتػ تلتلػؼ عنهػا فإننػا عنػد اؾ
سن وف عل مشهد مف والدة سػياؽ جديػد ينبثػؽ مػف مبصػلة تغيػن الشػفنة الواسػع وهػ ا
ما بدث اليوـ في ت ويف سياؽ "النسـ التجنيدي" في الفف العنبي ،بيث ان فف عنبػي
ف ػػي ش ػػفنة لاص ػػة ث ػػنت وش ػػاعت وأوشػ ػ ت أف تص ػػبح س ػػيالاً فنيػ ػاً جدي ػػداً علػ ػ ش ػػفنة
التشليص وطنيقة النسـ التي سادت في .
والعاللػػة بػػيف السػياؽ الػػداللي والشػػفنة متشػػاب ة تشػػاب اً علػػوياً م ينػاً ،فػػال وجػػود
ألب ػػدهما م ػػف دوف اآلل ػػن فاللوب ػػة تس ػػتمد وجوده ػػا م ػػف ،النس ػػـ ،والنس ػػاـ ،وه ػػو ينس ػػـ
لوبت ،يلع نفس في مواجهة مع ػؿ سػالفي مػف النسػاميف ومػف النسػـ الملػزوف فػي
واللوبػػة توجػػد هويتهػػا بوسػػاطة شػػفنتها "لغتهػػا" ،ول ػػف ه ػ الهويػػة ال ت ػػوف ات
جػػدوى إالّ بوجػػود السػػياؽ ،فالسػػياؽ لػػنوني لتبقيػػؽ ه ػ الهويػػة ،مػػا أف السػػياؽ ال
ي وف إالّ بوجود تجمع للوبات عل من الزمف لينبثؽ السياؽ منهػا ،وهػ ا يعنػي اعتمػاد
السياؽ والشفنة أبدهما عل اآللن لتبقيؽ وجودهما.
والشػػفنات متعػػددة و ثي ػنة وال ننيػػد اللػػوض فػػي تصػػنيفها بػػؿ نبػػدد إشػػاناتنا إلػ ػ
الش ػػفنات الجمالي ػػة لاص ػػة ،عن ػػدما نني ػػد أف نف ػػنؽ ب ػػيف نمط ػػيف م ػػف الش ػػفنات:ش ػػفنات
التجنبة المنطقية وشفنات التجنبة الوجدانية والجمالية.
أف اإلشانات المنطقية بشػ لها المجػند لسػنية وتماثليػة ،وهػي ػ لؾ مادامػت تعنػي
الش ؿ وليس المادة أما اإلشانة الجمالية فهي تصوينية ولياسية(.)20
إف الفنػػوف عب ػػانة عػػف أنم ػػاط تص ػػون الوالػػع ،وال ػػدواؿ الجمالي ػػة عبػػانة ع ػػف أش ػػياء
مبسوسػػة ،وال ػػالـ "نسػػـ تجنيػػدي" ال معن ػ ل ػ الف النسػػـ ل ػ والعػػي .أمػػا مػػا يلػػص
النسـ غين التصويني فانػ يسػتبؽ هػ التسػمية علػ مسػتوى المػدلوؿ ،غيػن أف الػداؿ
التصويني يعد صونة وايقونة له ا الوالع ول ف دونمػا صػونة ،ولهػ ا فػاف وظيفػة النسػالة
الجماليػػة ال ت مػػف فػػي إيصػػاؿ المعنػ فقػط بػػؿ فػػي القيمػػة التػػي تبملهػػا فػػي اتهػػا .إنهػػا
شػػيء ونسػػالة ،وت ػػوف ه ػ الفنل ػػية السػػمة األساس ػػية لمػػا ب ػػدد يو ابسػػف "بالوظيف ػػة
ستنتج البابث ه ا "التناص" مف لالؿ دناست للفناغ في الفف اإلسالمي ويم ف النجوع إل المقاننة (*)
الفف العنالي ،نسالة ماجستين ،لية الفنوف الجميلة -نونيو- بيف الفنوف اإلسالمية وتأثيناتها عل
.6911
ن -علـ اإلشانة ص.11 ( )20جينو ،بيين -مصدن سبؽ
22
الشعنية"(*) ،وباعتبان أف الفف اتي فان يؤثن في الفاعؿ أي يالمس انطباعيػاً ،ويػؤثن
فعل علينا جسدياً ونفسياً .وأما العلـ فهو مولوعي وهو يبني الشيء(.)21
إف األنسػ ػػاؽ الجماليػ ػػة تلػ ػػطلع بوظيفػ ػػة ملػ ػػاعفة ،فبعلػ ػػها عبػ ػػانة عػ ػػف تمثيػ ػػؿ
للمجهوؿ وتقع لانج نطاؽ الشفنات المنطقية ،وهي أدوات لالمسػاؾ بػالالمنئي والفػائؽ
الوصػػؼ والالمعقػػوؿ ،وهػػي تمسػػؾ بش ػ ؿ عػػاـ بالتجنبػػة النفسػػية المجػػندة عبػػن التجنبػػة
العلميػػة للبػ ػواس ،وأم ػػا بعلػػها اآلل ػػن فيػ ػ هب إل ػ تبدي ػػد نغباتن ػػا بإعػػادة لل ػػؽ ع ػػالـ
ومجتمع متليؿ "لديـ ومستقبلي" يعوض عػف اللسػانات والبنمػاف فػي العػالـ والمجتمػع
المعيش ،وه ا فاف األول تبدو عبانة عف فنػوف للمعنفػة "واف انػت هػ المعنفػة هػي
المجهػػوؿ عل ػ وج ػ الدلػػة" وأمػػا الثانيػػة فإنهػػا تبػػدو عبػػانة عػػف فنػػوف للتنفي ػ بػػالمعن
االشتقالي له ال لمة.
العالمة والعقد
إف األشػػنعة البمػػن والسػػود والبػػيض تشػػين إل ػ اللػػوف األبمػػن واألسػػود واألبػػيض
فقط ،ول ف عندما أببن البطؿ اإلغنيقي "ثيسػيوس" اتفػؽ مػع والػد الملػؾ إيجػيس علػ
إف األشػػنعة السػػود علػ البػػالنة سػػتعني "الصػػعوبة واألشػػنعة البػػيض سػػتعني النجػػاح".
وه ا النظاـ األولي لإلشانات اف نظاماً لإلشانات الهادفة ،فاللوف اف يعني أ ثػن مػف
لػػوف ،ان ػ إشػػانة هادفػػة .فاألشػػنعة السػػود بالنسػػبة إليجػػيس انػػت تعنػػي مػػوت ابن ػ أمػػا
بالنسبة إل ببانة القنف السادس عشن والسابع عشن ف انت تشين إل القناصنة(.)22
(*) لألستزادة بوؿ الوظيفة الشعنية ،ينظن يو ابسف ،نوماف ،للايا الشعنية تنجمة مبمد الولي ومبانؾ
بنوف -دان تويقاؿ للنشن ،الدان البيلاء ط 6911 6ص.22
( )21المصدن السابؽ ص.11
( )22أ .وندناتوؼ :أصوات واشانات ،تنجمة أدون يوبنا ،و ازنة اإلعالـ ،مدينية الثقافة العامة ،مطبعة
الجمهونية .بغداد 6916 ،ص1
21
إف العقػػد االجتمػػاعي والتوالػػع االشػػاني ينمػػي إل ػ إعطػػاء معن ػ للعاللػػات بػػيف
النػػاس ،والمجتمػػع ،نظػػاـ مػػف العاللػػات بػػيف األفػناد ،وهػػو يهػػدؼ إلػ اإلنجػػاب والػػدفاع
وانشاء التبادالت واإلنتاج والتواصؿ .ويم ف أف نلنب مثالً بدون العالمات والالفتػات
واألزيػػاء ،فهػػي تبػػدد االنتمػػاء إل ػ فئػػة اجتماعي ػة ،عشػػينة ،عائلػػة ،صػػنعة .ول ػ ا انػػت
الشعائن واالبتفاالت واألزياء واأللعاب عبانة عف طػنؽ إيصػالية يسػتطيع الفػند بهػا أف
يعنؼ نفس بإزاء الجماعة والجماعة بإزاء المجتمع.
أمػا الفػػف فانػ يبتػػاج إلػ إلػػاءة مػف الوالػػع لفهػـ العناصػػن ،لاصػة إ ا مػػا عنفنػػا
آف العالمات عقدية ،وهي بنت بيئتها ،بؿ هي عقد بيف المتعالديف فػي بيئػة معينػة أمػا
العالمات الجمالية ،وبسبب طبيعتها االيقونية ،فإنها تعػد الػؿ اصػطالباً ،وبالتػالي فػاف
شػػفناتها واجتماعيتهػػا الػػؿ مػػف اإلشػػانات المنطقيػػة واالجتماعيػػة .إنهػػا اصػػطالبية ولػػـ
ي ػػف فيهػػا لػػط سػػمة إلزاميػػة أو لػػنونية أو عامػػة واف اإلشػػانة الجماليػػة تتبػػنن مػػف ػػؿ
اصطالح ،بؿ إنها تشتغؿ في ظؿ تن يب معيف تنتقؿ مف بن تها الجزئية إل بن تها
ال لية ل ي تبني عاللاتها اللاصة .وبه ا المفهوـ ننى عالمية اإلشانة الفنية التي تعبن
عػػف وبػػدة عقليػػة لل ػػوف واف ه ػ العالميػػة ليسػػت بالش ػ ؿ بػػؿ باشػػتغال تن يبي ػاً ،هني ػاً
ؿ ه ا النوع المسم إنساناً(.)23 وعقلياً ليشتنؾ في
إف الفنوف تمثيالت عػف الطبيعػة والمجتمػع سػواء أ انػت والعيػة أو متليلػة ،منئيػة
أو غي ػػن منئي ػػة ،مول ػػوعية أو اتي ػػة ،وتس ػػتعمؿ الفن ػػوف ف ػػي هػ ػ ا الوس ػػائط والش ػػفنات
المالئمػة ،فالفنػاف لػ مطلػؽ البنيػة فػي للػػؽ صػون وتشػ يلها فػي صػيف فنيػدة ال تلبػػث
أف تعنػػي شػػيئاً إنسػػانياً مشػػتن اً ،وبه ػ ا تصػػؿ إل ػ منبلػػة التمثيػػؿ البقيقػػي .ويم ػػف أف
نبدد أنبعة شنوط لمعنفة الشفنة الفنية ،وهي أوالً :لاصيتها التش يلية التصوينية ،مما
( )23المطلبي :مبالنات مسجلة عل شنيط تسجيؿ ،لية الفنوف الجميلة ،6991/1/21ألقيت عل طلبة
الد تو ان .
21
يعني مولفاً متجهاً إل اعتبان النمػز ال فػي اتػ وانمػا فيمػا ينمػز إليػ ،وثانيػاً :لابليتهػا
للتلقي ،أي أف هنػاؾ شػيئاً مثاليػاً غيػن منظػون يتصػؿ بمػا وناء البػس يػتـ تلقيػ بػالنمز
ال ي يجعل مولوعياً وثالثاً :لدنتها ال اتية وطالتها اللاصة المنبعثػة عػف تميزهػا عػف
اإلشػ ػػانة االيقونيػ ػػة ثػ ػػـ تلقيهػ ػػا نمػ ػػز ممػ ػػا يعنػ ػػي أف النمػ ػػز عميػ ػػؽ الج ػ ػ ون اجتماعي ػ ػاً
وانسانياً(.)24
إف العقػػد والموالػػعة هػػي بطالػػات معن ػ لتبليػػؿ العالمػػات الفنيػػة ،وليسػػت بػػديالً
لها.
الجزئية والكمية
المقصػػود بال ليػػة -هػػو أف البنيػػة ال تتػػألؼ مػػف عناصػػن لانجيػػة ت ان ميػػة مسػػتقلة
عػف "ال ػؿ" بػؿ تت ػوف مػف عناصػن دالليػػة لالػعة للقػوانيف المميػزة للنسػؽ ،مػف بيػػث
هػػو نسػػؽ ،وال تنتػػد ل ػوانيف ه ػ ا النسػػؽ إل ػ انتباطػػات ت ان ميػػة ،بػػؿ هػػي تلػػفي عل ػ
ال ػ ػػؿ ،مػ ػػف بيػ ػػث هػ ػػو ػ ػ لؾ ،ل ػ ػواص "المجموعػ ػػة" باعتبانهػ ػػا سػ ػػمات متمػ ػػايزة عػ ػػف
لصائص العناصن .وليس المهـ فػي البيئػة هػو العنصػن أو "ال ػؿ" الػ ي يفػنض نفسػ
علػ العناصػػن باعتبػػان ػ لؾ وانمػػا المهػػـ هػػو العاللػػات القائمػػة بػػيف العناصػػن ،اعنػػي
عمليػػات التػػأليؼ أو الت ػػويف عل ػ اعتبػػان أف ال ػػؿ لػػيس إالّ النتػػاج المتنتػػب عل ػ تلػػؾ
العاللات(.)25
( )24ينظن فلؿ .صالح :النظنية البنائية في النقد األدبي ،دان الشؤوف الثقافية العامة ،بغداد ،6911
ص.214
ن ،دان مصن للطباعة ،القاهنة ،د .ت ص.22 ( )25إبناهيـ ،ز نيا ،مش لة البنية ،مصدن سبؽ
21
وبالفعػػؿ فػػاف المقولػػة األساسػػية فػػي ه ػ ا المنظػػون هػػي ليسػػت مقولػػة ال ينونػػة بػػؿ
مقول ػػة العاللػ ػػة ،وهػ ػػي تؤ ػػد أسػػػبقية ه ػ ػ العالل ػػة عل ػ ػ ال ينون ػػة وأولوي ػػة ال ػ ػػؿ عل ػ ػ
األجزاء(.)26
يعتمػػد التعنيػػؼ األوؿ للبنائيػػة علػ مقابلتهػػا بالجزئيػػة ال نيػػة التػػي تعػػزؿ العناصػػن
ويعد تجمعها مجند ت ان ب وت ان ـ ،فالبنائية تتمثؿ في الببث عف العاللات التي تعطي
ُ
للعناصن المتبدة ليمػة ولػعها فػي مجمػوع منػتظـ ،ممػا يجعػؿ مػف المم ػف إدناؾ هػ
المجموعات في أولاعها الدالة.
( )26غانودي ،نوجي ،البنيوية :فلسفة موت اإلنساف ،تنجمة جونج طنابيش ،دان الطليعة للطباعة والنشن
بينوت ط ،6916 2ص.62
وينظن أيلاً إبناهيـ :نبيلة البنيوية مف أيف وال أيف ،في مجلة فصوؿ مجلد 6ع.6916 2
ن ص.691 ( )27ينظن فلؿ ،صالح :البناتية والنقد األدبي ،مصدن سبؽ
21
إف شػجنة بمػناء فػي لوبػػة انطباعيػة ال يم ػػف عزلهػا عػػف مشػهد اللوبػػة باعتبانهػػا
عنص اًن مستقالً ،واالّ اف عنص اًن ينتمي إل بنية ألنى ،لؾ أف الشجنة جػزء مػف بنيػة
ليػػة هػػي "األل ػواف" .ونبػػف عنػػد د انسػػتنا ه ػ اللوبػػة سػػوؼ نغفػػؿ الجوانػػب التانيليػػة
للشجنة أو استدعاءاتها العمودية عل بسب ثنائية سوسين ونن ز عل وصؼ الشجنة
واللوبة بنيػة وابػدة .إف الشػمولية أو الوبػدة أو ال ليػة تبقػؽ اللاصػية األساسػية التػي
يم ف مف لاللها فهـ الت ان ب والمجاونة والنظاـ(.)28
نبمػػا يم ننػػا ه ػ ا التعنيػػؼ مػػف أف نبػػدد مفهومػػات أساسػػية فػػي ال ليػػة وهػػي تعنػػي
بتوجي ػ ػ العناصػ ػػن نبػ ػػو ليػ ػػة العمػ ػػؿ ونظام ػ ػ ،ولػ ػػيس نظػ ػػاـ العمػ ػػؿ أو الشػ ػػيء سػ ػػوى
بقيقت (.)29
إ ّف "ال لية" بوصفها مفهوماً سيميولوجياً تعني إيجاد القاسػـ المشػتنؾ األعظػـ ل ػؿ
أفناد النصوص ،التي تعد مف وجهة النظن ه ليات تفنيعية ..أو عبػانة عػف نايػات
لمعن ثقافي لي ..تصدن عن بقبة أو أبقاب(.)30
االنغالق واالنفتاح
االنغالؽ شػنط لػنوني فػي التصػون البنيػوي ،الف االنفتػاح يػؤدي بػؾ إلػ لػانج
المن ػػز فالبنيػػة انتظػػاـ اتػػي بمعن ػ أف ُبؤنتهػػا ال تبتػػاج إل ػ مػػا هػػو لانجهػػا لت تسػػب
عملياتهػا التبوليػػة صػػيغة مشػنوعة .وتقػػوـ التبػويالت بالمبافظػة علػ القػوانيف ال اتيػػة
التػػي تجػػني هػ التبػػويالت وتأمينهػػا ،ويغلػػؽ النظػػاـ ل ػػي ال تػػتب ـ ب ػ أنظمػػة ألػػنى.
"اللوبػػة" مػػثالً ال تقػػوـ بت ػػويف أشػ الها باإلشػػانة إلػ نمػػا ج مػػف الوالػػع بػػؿ علػ أسػػاس
( )28لقد تعنض الجشتالتيوف إل ه النقطة بالتفصيؿ ،وسنأتي إليها في مببث الصونة ...وتبديداً مفهوـ
الجشتالت لل لية.
( )29إبناهيـ نبيلة :البنيوية مف أيف إل أيف في مجل فصوؿ ـ 6ع 6912 2ص.619
( )30المطلبي ،مالؾ ،لقاء مع البابث في .6991/1/61
29
ل ػوانيف دالليػػة م تفيػػة اتي ػاً ،أي أنهػػا تسػػتطيع أف تلػػبط نفسػػها ،وه ػ ا اللػػبط ال ػ اتي
يؤدي إل البفاظ عليها وال نوع مف االنغالؽ(.)31
وب ػػيف أف نمي ػػؿ إل ػ ػ اعتب ػػان الػػػنص "أي ن ػػص" نظامػ ػاً مغلق ػ ػاً أو أف نعتب ػػن بنيػػػة
مفتوب ػػة ،نج ػػد أنفس ػػنا مط ػػالبيف نظنيػ ػاً ب ػػأف نق ػػوؿ إف ال ػػنص ه ػػو نس ػػيج م ػػف العالل ػػات
والمتواليػػات التػػي تتعػػالؽ فيمػػا بينهػػا لتللػػؽ شػػنط تمظهنهػػا ،واف أوؿ منطلػػؽ يم ػػف أف
ي وف هادياً لدينا في اتجا معنفة الػنص هػو الولػوؼ عنػد مفهػومي االنغػالؽ واالنفتػاح
مػػا طنبػػا مػػف لػػالؿ بعػػض النمػػا ج التصػػونية التػػي سػػعت إل ػ إلامػػة أول ػ الػػدعائـ
والمنت ػزات النظنيػػة واإلجنائيػػة للػػنص ،ولػػد ال نبػػالف إ ا للنػػا إف أوؿ فنلػػية تػػـ الجهػػن
به ػػا ف ػػي هػ ػ ا الب ػػاب ه ػػو التص ػػون البني ػػوي المس ػػتمد م ػػف اللس ػػانيات السوس ػػينية ،وه ػػو
التصون ال ي ينطلػؽ مػف اعتبػان الػنص نظامػاً مسػتقالً ب اتػ وال يبيػؿ إالّ علػ نفسػ ،
إلػ ػ جان ػػب لي ػػاـ العالئ ػػؽ الدالل ػػة ب ػػالتب ـ ف ػػي اش ػػتغال وف ػػي إنت ػػاج معن ػػا ودالالتػ ػ .
فالعالمة في الفف التش يلي تنطلؽ ايقونية أي عاللػة تطابقيػة مغلقػة ومبػددة ل نهػا فػي
التن يػػب تػػدلؿ فػػي أفػػؽ انفتػػاح ،وشػػب ة االنغػػالؽ واالنفتػػاح تػػدلؿ فػػي شػػب ات ألػػنى
ملتلفة .وفي لوء لػؾ نػنى أف ف ػنة االنغػالؽ لػنونية لمعنفػة نظػاـ العمػؿ أو نسػق
ولانونػ ػ "ألف بني ػػة أي ش ػػيء ليس ػػت ص ػػونت أو هي لػ ػ أو وبدتػػ المادي ػػة أو التص ػػميـ
فػي ()32
ال لي ال ي ينبط أجػزاء فبسػب ،وانمػا هػي القػانوف الػ ي يفسػن ت ػوف الشػيء"
بيف يعطينا االنفتاح لابلية التبوؿ مف بنية إل بنية ألنى .مف بنية مغلقة والعية إل
بنية نمزية ال تبدد طنلها إالّ بالتشعب والتأويؿ.
( )31بياجي ،جاف :البنيوية ،تنجمة عانؼ منيمن وبشين أوبني ،منشونات عويدات بينوت 6916ص.62
ن ص.22 ( )32إبناهيـ ،ز نيا :مش لة البنية ،مصدن سبؽ
24
لؾ فان إ ا تػـ المعنػ فػي أي عمػؿ فػاف لػؾ يعنػي غلقػ ،وبمػا أف اللوبػة وال
الفنيػة لابلػػة للتأويػؿ واالنفتػػاح فإنهػا ت تسػػب شػمولية التجنبػػة الفنيػة سػواء فػي الزمػػاف أو
الم اف.
لقػػد طػػونت البنيويػػة األدبيػػة مفهػػوـ االنغػػالؽ االلسػػني السوسػػيني إلػ الببػػث عػػف
المموؿ للنص.
ّ المن ز
إف المن ز يباوؿ تلليؿ المتلقي بغية ممانسة لعبة جماليػة ،وعلػ البابػث علػ
وفؽ ه ا التطون أف يباوؿ تمييز األطناؼ المقنعة بقناع المن ز عف المن ز ات .
أم ػػا مفه ػػوـ "االنفت ػػاح" فق ػػد طونتػ ػ الد انس ػػات الس ػػيميائية التأويلي ػػة ،والتف ي ي ػػة ف ػػي
التنابهػػا ب ػػوؿ "الالمن ػػز" .إف المعنػ ػ ب ػػالمفهوـ التػػأويلي ال يع ػػود التػ ػ ازالً للدالل ػػة ب ػػؿ
للطبقات الداللية المت ان مة بعلها فوؽ بعض.
إف التأويػػؿ هػػو نػػوع مػػف ان يولوجيػػا المعن ػ ،أمػػا التف ي يػػة :فهػػي تبػػاوؿ بنفيهػػا
التمن ػػز االنفػػالت إل ػ لانج ػ دائم ػاً ،وبػػنغـ ػػؿ لػػؾ فػػاف االنفتػػاح سػػينغلؽ فػػي أيػػة
منبلة مف منابؿ التبليؿ ،األمن ال ي سيعود بنا إلػ مفهػوـ االنغػالؽ ،ويعػزز الػدعوة
البنيويػ ػػة مػ ػػف إف مػ ػػا نفعل ػ ػ لػ ػػانج المن ػ ػػز هػ ػػو أمػ ػػن متعلػ ػػؽ بتقنيػ ػػات الببػ ػػث ولػ ػػيس
جوهن (.)33
إف اللوبػػة التشػ يلية ،عنػػدما تسػػتعمؿ صػػونة بصػػاف أو لػػب ال ألجػػؿ أف تُظ ِهػ َػن
ألنهمػا ظػاهناف أصػالً ،وانمػا لتلػعهما فػػي نظػاـ نمػزي ،ول ػػيفػي البصػاف أو ال لػػب ّ
تشتغؿ به ا النظاـ النمزي سػت وف بػ لؾ إنسػانية ،الف العقػؿ والػ هف يجػنداف وين بػاف،
شنيط اسيت نيساف ( )33المطلبي ،مالؾ :مبالنات في البنيوية ،لية الفنوف الجميلة ،مسجلة عل
.6991
26
ول ي تفهـ شبنة البصاف عليؾ أف تبػدد مولعػ ووظيفتػ فػي الػنص وهػ ا هػو مفهػوـ
االنغالؽ.
إف االنغػػالؽ واالنفتػػاح هػػو النسػػيج ال ػ ي يعطينػػا لػػدنة التبػػوؿ مػػف بنيػػة إل ػ بنيػػة
ألنى وهو أيلاً القانوف ال ي يبدد غلؽ البن وانفتابها.
السيميولوجيا والسيميوطيقا
ثي اًن ما تندد مصطلباً السػيميولوجيا والسػيميوطيقا ،و أنهمػا متنادفػاف .والبػؽ أف
ثي ػ اًن مػػف الببػػوث عػػالج التطػػابؽ وااللػػتالؼ بػػيف المصػػطلبيف ،ل ننػػا نجػػد أف إعػػادة
الببث في ه النقطة سيغني ببثنا في فف النسـ عل المستوييف النظني والتطبيقي.
تصػػدن األببػػاث المعاص ػنة بػػوؿ العالمػػة مػػف منبعػػيف اثنػػيف همػػا :شػػانؿ .س .بيػػنس
" "6962-6129الػػ ػ ي ه ػ ػػو أص ػ ػػؿ ف ػ ػػي التي ػ ػػان الس ػ ػػيميوطيقي وفندينان ػ ػػد دي سوس ػ ػػين
" "6962-6111ال ي هو األصؿ في التيان السيميولوجي(.)34
لقػػد ن ػػز "سوسػػين" علػ الوظيفػػة االجتماعيػػة لإلشػػانة فػػي بػػيف ين ػػز بيػػنس علػ
الوظيفة المنطقية ،ل ف المظهنيف عل صلة بميمة وال لمتاف سيميولوجيا وسػيميوطيقا
تغطي ػػاف الي ػػوـ نظامػ ػاً واب ػػداً ،ف ػػاألونبيوف يس ػػتعملوف األوؿ ،ف ػػي ب ػػيف يس ػػتعمؿ الث ػػاني
الناطقوف باالنجليزية ،وه ا لد ولعت بداية ه ا القنف نظنية عامة للعالمات(.)35
( )34ينظن جينان لوداؿ :بينس أو سوسين ،في مجلة العنب والف ن العالمي العدد 6912 2ص.662
( )35ينظن جينو .بين ،علـ اإلشانة (السيميولوجيا) تنجمة الد تون من ن عياشي ،دان طالس للدناسات
والتنجمة والنشن ،6992 ،ص.64
22
لػػـ يتلػػؽ بننػػامج سوسػػين إالّ فػػي منبلػػة متػػألنة جػػداً بدايػػة التنفي ػ إل ػ دنجػػة ػػاف
فيها نوالف بانت في سنة 6912يستطيع أف يقدـ تاب العناصن السيميولوجية(*) وهػو
يثبت أف السيميولوجيا ما تزاؿ بها باجة إل تصميـ ،ونعتقد ان ال يم ف أف يوجد أي
ت ػػاب وجي ػػز لم ػػنهج التبلي ػػؿ هػ ػ ا ،و ل ػػؾ علػ ػ األ ثػ ػن بس ػػبب س ػػمعت المتس ػػعة ،الف
السيميولوجيا ست وف علـ ؿ األنساؽ اإلشانية ،واف السيميولوجيا لف تعالج مباشػنة إالّ
عندما تصمـ ه األنساؽ عل نبو تجنيبي(.)36
لق ػػد اشػ ػننا فيم ػػا س ػػبؽ إلػ ػ اعتب ػػان الس ػػيميولوجيا والس ػػيميوطيقا متػ ػنادفيف ول ننػػػا
نعػػنض إل ػ أوج ػ االلػػتالؼ بينهمػػا ال مصػػطلبيف بسػػب ،بػػؿ باعتبانهمػػا مفهػػوميف
أيلاً.
السيميولوجيا
تن ػػاوؿ سوس ػػين الس ػػيميولوجيا م ػػف وجه ػػة نظ ػػن لغوي ػػة ال فلس ػػفية م ػػا فع ػػؿ بي ػػنس
ولػ لؾ فانػ يقػيـ عاللػة مباشػنة ووثيقػة بػيف السػيميولوجيا واللغػػة .بتػ انػ يعػنؼ اللغػػة
علػ هػ ا األسػاس فيقػوؿ" :اللغػة نظػاـ مػف اإلشػانات System of signsالتػي تعبػن
عػػف األف ػػان .ويم ػػف تشػػبي ه ػ ا النظػػاـ بنظػػاـ ال تابػػة أو األلػػؼ بػػاء المسػػتعملة عنػػد
فالػػدي السػػمع والنطػػؽ والطقػػوس النمزيػػة أو الصػػيف المه بػػة أو العاللػػات العس ػ نية أو
وه ػ ا اتلػ سوسػين "اللغػة" نقطػة انطػالؽ ()37
غينها مػف األنظمػة ول نػ أهمهػا جميعػاً"
(*) يم ف مناجعة تابات بانت بوؿ المولوع في دنس السيميولوجيا ،تنجمة بنعبد العالي ،دان تويقاؿ
للنشن ،الدان البيلاء 6992ص ،24و تاب نقد وبقيقة ،تنجمة من ن عياشي ،من ز اإلنماء
البلني ،دان لوسي ،بلب ،سونيا 6992ص.12
ن ،ص.66 ( )36جينو .بين ،علـ اإلشانة (السيميولوجيا) ،مصدن سبؽ
( )37سوسين ،فنديناند :علـ اللغة العاـ ،تنجمة يوئيؿ يوسؼ عزيز ،مناجعة د .مالؾ المطلبي ،دان آفاؽ
عنبية ،بغداد 6911ص.22
22
وعينػة تمثػؿ بشػموليتها وتنوعهػا و فايتهػا جميػع أنظمػة العالمػات
لتصون السيميولوجي ّ
األلنى "نظاـ ال تابة وأبجدية الصـ والب ـ والطقوس ...الخ".
وعلػ هػ ا األسػػاس يم ػػف اسػػتلالص مػػا يػػأتي مػػف األسػػطن التػػي نسػػها سوسػػين
في تاب علـ اللغة العاـ :course in General linguists
الثالــــث :إف مػ ػػا لدم ػ ػ سوسػ ػػين لػػػـ ي ػػػف إالّ ملمب ػ ػاً يسػ ػػي اًن لعلػ ػػـ جديػ ػػد هػ ػػو "علػػػـ
العالمات" م تفياً بتقديـ تصونات عف ه ا العلػـ فػي لػوء ببثػ فػي نظػاـ
اللغػػة ،وعلػ هػ ا فػػاف معنفػػة مػػا تم ػػف تسػػميتها سػػيمولوجية سوسػػين تمػ ّػن
فقط مف لالؿ ببث في اللغة :أو بتعبين أدؽ مف لالؿ ألسنيت .
والسػؤاؿ األهػػـ هػػو :هػػؿ نقػػيس األنظمػػة السػػيميولوجية بنظػػاـ اللغػػة أـ تقػػاس اللغػػة
بالنظػػاـ السػػيميولوجي العػػاـ المجػػند وبعبػػانة ألػػنى َمػػف يبػػوي َمػػف :اللغػػة أـ النسػػـ
نظػػاميف عالميػػيف إف اإلجابػػة عػػف هػ ا السػؤاؿ :سػػتنجأ إلػ منالشػػة العالمػػة فػػي فػػف
النسـ في الفصؿ القادـ.
سيميولوجيا سوسير
ينشأ التوج العلمي عند في سلسلة مف الثنائيات اللػدية أو المتقػابالت ،ويم ػف
وصػػؼ ه ػ الثنائيػػات باللػػدية ،مػػا يم ػػف وصػػفها باالسػػتبعادية فهػػي دائم ػاً منشػػبة
لعمليػػة إلغػػاء عنصػػن مػػف عنصػػني الثنائيػػة و لػػؾ ،للػػتم ف عبػػن االسػػتبعاد ه ػ ا ،مػػف
لبط المادة.
22
فالثنائيػػة األول ػ :لسػػاف /ػػالـ بإبنازهػػا وجهػػي اللغػػة األدائػػي والمؤسسػػي سػػمبت
لسوسين باف يقوؿ إف الدناسة العلميػة للغػة تهػتـ بالوجػ اللسػاني
وتس ػػتبعد ال ػػالـ ،فاللس ػػاف م ػػادة األلس ػػنية ألنػ ػ مؤسس ػػة إنس ػػانية
جمعية ال عاللة لها باألداء الفندي.
والثنائية الثانيػة :عالمػة /منجػع :فاللسػاف مجموعػة عالمػات " لمػات" ات طبيعػة
عاللتها بالمنجع "الوالع المادي" اعتباطيػة غيػن (*)
اتفالية عنفية
معللة ،إ ليس هناؾ ما يعلؿ عاللػة" لػب"بوالػع بيػواف أليػؼ لػ
ميزات لاصة ولد اف مم ناً تسميت طاولة أو أي شيء آلن.
فم ػػادة األلس ػػنية ه ػػي العالم ػػة ول ػػيس المنج ػػع الػ ػ ي تنم ػػز إليػ ػ لاص ػػة إف تط ػػون
العالمة يلتلؼ ج نياً عف تطون المنجع.
أما الثنائية الثالثة التي تلػص العالمػة فتت ػوف مػف وجهػيف /الػداؿ /المػدلوؿ الػداؿ
هو الصونة السمعية والمدلوؿ هو الصونة المفهومية عبن الصونة الصوتية(.)38
(*) تصدى الببث لمولوع العقد والعنؼ والمنجع في ببثنا في فقنة نظنية المنجع ،الفصؿ األوؿ.
( )38ينظن داس اؿ ،مانسيلو :االتجاهات السيميولوجية المعاصنة ،تنجمة بميد البمداني وآلنيف الدان
البيلاء ،6911ص.22
وينظن دونلياف ،جونج ،ببثاً عف وجهي سوسين في مجلة الف ن العنبي المعاصن العدد 26-24دان
اإلنماء القومي بينوت 6912ص.622
21
ولد استبعد سوسين مف تعنيف العنصنيف 6و .)39(2
أمػػا الثنائيػػة ال انبعػػة :ت ػزامف /تعالػػب فتتعلػػؽ بالطنيقػػة التػػي يجػػب إتباعهػػا لتبليػػؿ
الظ ػ ػ ػػاهنة اللس ػ ػ ػػانية .ويعتق ػ ػ ػػد سوس ػ ػ ػػين أف هن ػ ػ ػػاؾ منهج ػ ػ ػػيف
متناللػػيف بسػػب نظنتنػػا إل ػ اللسػػاف نسػػؽ لػػائـ أو نسػػؽ
في تطون.
أما الثنائية اللامسة :البلون ،الغياب /وهي الثنائية التي تتعلؽ بالمبون األفقي
والعمودي أو البلوني والغيابي أو ال نائي واالستعاني.
إف عاللات التأليؼ تتبنؾ أفقياً وتعتمد عل التجاون بيف الوبدات المؤلفة ،وهػ ا
يب ػػـ الصػػلة بػػيف الوبػػدات بيػػث ت ػػوف صػػلة تػ لؼ تبادليػػة أو صػػلة تنػػافن ممػػا يجعػػؿ
التػػأليؼ مم ن ػاً أو غيػػن مم ػػف ف لمػػة "جػػاء" عل ػ صػػلة تبادليػػة مػػع النجػػؿ ممػػا يم ننػػا
التأليؼ بينهما فنقوؿ :جاء النجػؿ .ل ػف لمػة جػاء تتنػافن مػع فعػؿ آلػن مثػؿ غػاب وال
نستطيع أف نؤلؼ بينهمػا فنقػوؿ "جػاء غػاب" ولػ ا فػاف ال لمػة تؤسػس وظيفتهػا بعاللتهػا
بمجاوناتها .وه العاللة تت وف بش ؿ تدنيجي مع لمػة تبػنز فػي الجملػة لت ػوف أليػ اًن
عاللات تجاونية هي وظيفة الوبدة(*).
أم ػػا االلتي ػػان فه ػػو عالل ػػات غي ػػاب وه ػػو و طبيع ػػة إيبائي ػػة تق ػػوـ علػ ػ إم ػػاف
االسػػتبداؿ عل ػ مبػػون "عمػػودي" .ف ػػؿ لمػػة فػػي أيػػة جملػػة هػػي "التيػػان" بػػدث مػػف
سلسلة عمودية مف ال لمات التي يصح أف تبؿ مبلها(.)40
وسي وف له الثنائيػة تػأثين باسػـ فػي تبليػؿ اواصػن اللوبػة التشػ يلية علػ وفػؽ
المعطيات التنابطية واإليبائية .ويم ف أف نلنب مثالً بجملة":التعليـ لانوف البياة".
فاف السنتا ـ "التعليـ" يدلؿ في عاللات تنابطيػة "التالفيػة" مػع "لػانوف" و"البيػاة"
ويدلؿ في عاللات إيبائية مع "التنبية" و"اإلعػداد" و"الطػالب" مػثالً وعاللػات تشػا لية
مع التنجيـ ،التبنيـ ،التقديـ .الخ(.)41
وال ينيػػد البابػػث استقصػػاء ه ػ الثنائيػػات وتطونهػػا فػػي الببػػث ،لػػؾ أف مولػػوع
ه ػ ا الببػػث ال يسػػمح باالستنسػػاؿ فػػي مثػػؿ ه ػ المنالشػػات ،واف وندت فإنهػػا سػػت وف
مفيدة للمقاننة مػع منػاهج السػيميولوجيا التػي تطػونت ثيػ اًن بتػ أدن ػت ظػواهن عديػدة
في بياتنا ومنها الفف ب ؿ أش ال .
لق ػػد الت ػػنض سوس ػػين م ػػف عل ػػـ االجتم ػػاع ال ػػدون هايمي الق ػػوؿ ب ػػاف اللغ ػػة "ظ ػػاهنة
لػػؾ أف ه ػ ()42
اجتماعيػػة" واللغػػة م ونػػة مػػف الػػنوابط التػػي يؤ ّ ػػدها "االتفػػاؽ الجمعػػي"
النوابط التي تتش ؿ باللنونة انطاللاً مف الفند هي ما يقاؿ نوابط لانجية.
وا ا مػػا اش ػننا ب ػ لؾ إل ػ النسػػـ فػػي صػػونت البص ػنية يم ننػػا تطبيػػؽ مصػػطلبات
اتفالية عل الش ؿ ،باعتبػان أف األشػ اؿ مػا هػي إالّ لػزيف صػوني عنػد اإلنسػاف ،واف
ه األش اؿ هي ولائع وجودية يم ف تلمسػها باالتفػاؽ مػع النابطػة ومػع أصػؿ النابطػة
أو اإللػػالؿ بمػػا هػػو جمعػػي فػػي النسػػـ ود انسػػة الػػنوابط الفنديػػة "القػػوؿ" بمػػا هػػو فػػندي.
لػ ػػؾ مػ ػػا ننيػ ػػد أف نتوصػ ػػؿ إلي ػ ػ فػ ػػي ببثنػ ػػا فػ ػػي الفػ ػػف ...وعػ ػػف عاللػ ػػة عالمات ػ ػ
بمنجعها.
السيميوطيقا
لقد هاجـ "بينس" ال ي عاصن "سوسين" النزعة النفسية ،تب يقوؿ :إف الف ػنة أو
"الظػػاهنة" ليسػػت هػػي التػػي نجػػدها عنػػد الفالسػػفة االنجليػػز ال ػ يف يصػػوغوف عل ػ ه ػ
ال لمة المفهوـ النفسي ال ي اعمؿ دائماً عل استبعاد ،بؿ أنها ػؿ مػا هػو بػأي شػيء
وأي معن موجود في ال هف ومقابؿ شيء ما والعي أو غين والعي(.)43
لمػة التجنبػة لقد استبدؿ بينس البدس العقالنػي بالتجنبػة العلميػة ب ػؿ مػا تبملػ
سػواء المعنػ الملتبػػني أو المعنػ العقلػػي الػ ي ُيعطػ للفيزيػػاء النيالػػية والػ ي يعنػػي
ه ػػو أيلػ ػاً ول ػػع الفنل ػػية أو الف ػ ػنة ف ػػي التجنب ػػة ،ول ػػد ػػاف االس ػػتغناء ع ػػف الطنيق ػػة
البدسػػية واسػػتبدالها بالطنيقػػة التجنيبيػػة يعنػػي نفػػض علػػـ الػػنفس االسػػتنباطي لبػػاالت
ػدء هػي مػػا
الػوعي واسػتبدال بالعمػػؿ .لقػد تسػاءؿ بيػػنس عػف ماهيػػة العالمػة فالعالمػة بػ ً
تنتجػ ،ومػػا تنتجػ هػػو داللتهػػا ،وبعبػػانة ألػػنى هػػو لػػانوف البػػدث ،وبػ لؾ ت ػػوف نظنيػػة
بينس "نظنية اجتماعية" ألنها تنفض فاعؿ اللطاب(.)44
"إف ػػؿ ش ػػيء علػ ػ وف ػػؽ بي ػػنس ي ػػدنؾ بص ػػفت عالم ػػة ويش ػػتغؿ عالم ػػة وي ػػدؿ
باعتبان عالمة ،فالتجنبة اإلنسانية لها بدءاً مف صػنلة النلػيع إلػ تأمػؿ الفيلسػوؼ
ليسػػت سػػوى سلسػػلة مػػف العالمػػات المتنابطػػة والمت ان بػػة .إنهػػا تػػدنؾ تػػدالؿ لمسػػتويات
إف نظنية بينس فيها ثين مف التعقيد ،وال نهائية الػداؿ وال مجػاؿ للتفصػيؿ ،ألننػا
سنبتعد عف من ز القوؿ وهو التفنيؽ بيف اتجاهيف وما يم ف اإلفادة منهما.
تحديد المصطمحين
وألي ػ ػ اًن يم ػ ػػف أف نػ ػػوند تبديػ ػػد غنيمػ ػػاس للفػ ػػانؽ بػ ػػيف المصػ ػػطلبيف ،ب ػ ػأف جعػ ػػؿ
السػػيميوطيقا تبيػػؿ إل ػ الفػػنوع أي إل ػ د انسػػة أنظمػػة العالمػػات الملتلفػػة نظػػاـ اللغػػة
والصػػون واألل ػواف وغينهػػا ،أي أنهػػا تمثػػؿ المنب ػ التطبيقػػي فػػي تنػػاوؿ العالمػػات ،أمػػا
السػػيميولوجيا فهػػي الهي ػػؿ النظػػني لعلػػـ العالمػػات بصػػونة عامػػة ومػػف دوف تلصػػيص
لهػ ا النظػػاـ أو اؾ ،والػ نبػػو مػػف هػ ا يػ هب "هلمسػػليؼ" الػ ي أبقػ علػ مصػػطلح
سوسين ل ن يلصص بتعنيؼ مبدد هػو "الميتاسػيميوطيقا" أي اللغػة العلميػة الواصػفة
لشت األنظمة السيميائية(.)46
( )45بن ناد ،سعيد :سيميائيات بينس ،في مجلة عالمات العدد( )6السنة( )6نبيع 6992ص.1
( )46عنوي ،مبمد إلباؿ :السيميائيات وتبليلها لظاهنة التنادؼ ،في عالـ الف ن عدد 2مانس ،6991
ص.692
29
األمػػن المهػػـ ه ػػو د انسػػة التصػػنيؼ الػ ػ ي نعتقػػد ان ػ يل ػػدـ غػػنض الد انسػػة ،وال ن ػػدعي
إم انية إهمػاؿ التصػنيفات األلػنى للعالمػة مػف بيػث إم اناتهػا وأهميتهػا ولػدنتها علػ
صياغة مفاهيـ وأنماط وأسس علمية ،ل ف ننى لنونة بصن المجاؿ إل ألصا .
إننا نعيش في عالـ عالمػات ،عالمػات عػف عالمػات ،ولػد دفػع الشػعون المتنػامي
به ا الوالع اإلنساف البديث إل تغيين منظون للبياة تغيي اًن عظيمػاً ،األمػن الػ ي جعلػ
يقػ ّػن أف البقيقػػة فػػي ه ػ ا العػػالـ ال تتأصػػؿ فػػي األشػػياء نفسػػها ،بػػؿ فػػي العالئػػؽ التػػي
نلبظهػػا بػػيف األشػػياء ،أي أنهػػا ال تتأصػػؿ فػػي العناصػػن ،بػػؿ فػػي البن ػ نتيجػػة تغييػػن
المنظون ه ا مف "الشػيء" إلػ العالمػة يسػتتبع منهجيػاً الببػث فػي منظػوني "العالمػة"
ممثؿ وبديؿ للشػيء "والعالمػة" ممثػؿ وبػديؿ للعالمػة اتهػا ،أي تبػوؿ "العالمػة" إلػ
"عالمػػة" فنيػػة .فػػالقوس فػػي بنايػػة فػػي شػػانع هػػو عالمػػة دالػػة علػ ات القَػ ْػوس إلشػػباع
باجػػة معينػػة فػػي بػػيف يػػدلؿ القػػوس ات ػ فػػي اللوبػػة فػػي لعبػػة تبويػػؿ دائمػػة بت ػ ال
ينفد .أف العالمة " "6التي تنمز إل الوالػع تبػؿ مبػؿ الشػيء والعالمػة " "2التػي تنمػز
إل الفف تبؿ مبؿ العالمة " "6ما يبيف الش ؿ التالي:
2 6
وتمث ػػؿ النق ػػاط انتف ػػاء العالل ػػة ليػ ػاً ب ػػيف "الش ػػيء" والعالم ػػة ف ػػي الف ػػف ،أم ػػا الل ػػط
المتصؿ العالمة " "2ال يم ف فهـ ما تقوؿ إالّ بفهـ ما تقوؿ العالمة " "6واف نفتها.
إف النفػػي والتوليػػد والتبويػػؿ و"العالمػػة" الفنيػػة ال توجػػد إالّ ب ػ ات المنفػػي أي بفهػػـ
العالمة األول وأسسها النظنية والتصنيفية.
14
ونتيجة ل لؾ فاف طنائؽ التف ين وأساليب الببث التي يتلػمنها علػـ العالمػات لػد
أصببت جوهنية لفهـ تلؾ البقيقة ،ف يؼ صنؼ ه ا العلـ العالمة:
العالم ػ ػ ػ ػػة االص ػ ػ ػ ػػطالبية أو االتفالي ػ ػ ػ ػػة Conventionalوالعالم ػ ػ ػ ػػة الص ػ ػ ػ ػػونية
،figurativeنقػػوؿ عػػف العالمػػة أنهػػا اصػػطالبية إ ا ػػاف ال ػنابط ال ػ ي ي ػنبط التعبيػػن
بالمل ػػموف بالنس ػػبة له ػػا غي ػػن معل ػػؿ ل ػػمنياً .فم ػػثالً نب ػػف نص ػػطلح علػ ػ أف الل ػػوء
األللن في إشانات المنون يعني بنيػة المػنون ،واألبمػن يعنػي بظػن المػنون ،ول ػف
أف ُيع ػس تمامػاً .يالبػظ مػف جهػة ألػنى أف الشػ ؿ
اف بإم اف ما أصطلح علي هنػا ْ
ال ي تأل ه ال لمة أو تلؾ في ؿ لساف هػو شػ ؿ مشػنوط تانيليػاً ،ل ػف إ ا تن نػا
العامؿ التانيلي جنباً وأل نا ال لمة نفسػها فػي السػنيف الملتلفػة لوجػدنا إم انيػة التعبيػن
عػػف المعن ػ نفس ػ باسػػتعماؿ ػػؿ تلػػؾ األش ػ اؿ ،ه ػ اإلم انيػػة ت فػػي وبػػدها للبنهػػاف
عل عدـ وجود أي نابطة لسنية أو إلزامية بيف ملموف ال لمة وش لها(.)47
"إف العالمػػة الصػػونية أو االيقونيػػة تفتػػنض تعبيػ اًن وبيػػداً ل ػػؿ داللػػة ،تعبيػ اًن يػنتبط
به ػ الداللػػة بصػػونة طبيعيػػة ،والنسػػـ هػػو المثػػاؿ المعػػنوؼ له ػ ا النػػوع مػػف العالمػػات،
ومهمػػا باولنػػا التوغػػؿ فػػي تػػانيخ اإلنسػػانية فسػػنجد بتم ػاً عالمتػػيف ثقػػافيتيف مسػػتقلتيف
ومتعػػادلتيف همػػا ال لمػػة والنسػػـ .صػػبيح أف ل ػػؿ منهمػػا تانيلػ اللػػاص إالّ أف التطػػون
الالبؽ يؤ د ما يبدو لنونة وجود ه يف النظاميف السيميائييف(.)48
( )47ينظػػن لوتمػػاف ،يػػوني :للػػايا علػػـ الجمػػاؿ والسػػينما ،مػػدلؿ إل ػ سػػيميائية الفلػػـ ت نبيػػؿ الدسػػـ مطبعػػة
ع نمة دمشؽ ط ،6919 6ص.64
( )48المصدن السابؽ ص.66
16
تمتاز العالمات الصونية أو االيقونيػة ب ونهػا أ ثػن ولػوباً ،أ ثػن لابليػة لػإلدناؾ
ولنتمثؿ إشانة المنون التي تعبن عنها اللوبة التالية:
12
ه ػ ا الل ػزيف ،وه ػ ا تبػػدو العالمػػات المنقولػػة عبػػن العالمػػات االصػػطالبية و أنهػػا منم ػزة
"مشفنة" أي أنها تتطلب معنفة نظاـ نمزي أو شفنة " "codeلاصة للتوصػؿ إلػ فهمهػا ،فػي
بػيف تبػػدو العالمػػة االيقونيػػة طبيعيػػة ولابلػػة لػػإلدناؾ ،ول ػػف لػػعؼ هػ العالمػػة ي مػػف
في طابعها المبدود ما سنعنض ل لؾ في منالشة األيقونة التش يلية في ببثنا.
مػػا يهمنػػا مػػف العالمػػة هػػو فعػػؿ القػػوؿ :أي مػػا ا تقػػوؿ ،وتقتػػنف معنفػػة مػػا تقػػوؿ
العالمة بوجود العقد البيئي أو االتفاؽ عل بدود م انية وزمانية لصيغة ه ا القوؿ.
فػإ ا افتنلػػنا أننػا نعػػنض لوبػػة "انطباعيػة" أمػػاـ عينػػيف غيػن انطبػػاعيتيف ،بمعنػ
لانج النسؽ الثقافي االنطباعي فػاف تلػؾ اللوبػة تبػدو للمشػاهد و أنهػا تجميػع عشػوائي
لبقع ال تمثؿ شيئاً ،ما أف تباعد الثقافات اإلنسانية هو ال ي يجعلنا نلطئ في تفسػين
لوبات مف مدانس ملتلفة.
الع ْقد" يمثؿ مولعة ويتعانض مع الشموؿ ،وبعبانة ألنى يبػدو أف بػؿ شػفنة إف " َ
عالمػػة منػػوط بتػػداولها فػػي بػػدود تعالديػػة معينػػة ..فهػػؿ يعػػد لػػؾ لنل ػاً لمػػا عػػنؼ عػػف
"الفػػف" مػػف شػػمولية ونيػػة تتلط ػ بػػدود معنفػػة لبليػػة إ ا اعتبننػػا أف العالمػػة "فانغػػة"
لػ ػػانج التػ ػػداوؿ ف يػ ػػؼ يتسػ ػػن لنػ ػػا زيػ ػػانة المتػ ػػابؼ والمعػ ػػانض والتعامػ ػػؿ مػ ػػع أش ػ ػ اؿ
وتش الت لـ تسبؽ معنفتها ومف ثـ استلالص معانيها و شؼ نواها وأبعادها
إف اإلجابػػة عػػف ه ػ ا التعػػانض اإلش ػ الي يتطلػػب الفصػػؿ بػػيف العالمػػة فػػي الوالػػع
"التمولػػع" والعالمػػة فػػي الفػػف "الشػػموؿ" .وا ا نػػا نقػػنن أف العالمػػة ،أيػػة عالمػػة ،فػػي
الفػػف هػػي نقػػؿ بنفػػي عػػف تمولػػعات ألػػنى ،فػػاللوف مػػألو مػػف "ال يميػػاء" واللػػط مػػف
"الهندسػػة" واألش ػ اؿ مػػف البيػػاة فإننػػا سنصػػؿ إل ػ ان ػ ال وجػػود للعالمػػة فػػي الفػػف إالّ
من بة.
12
إف اللػ ػػط والف ػ ػناغ واللػ ػػوف ال تع ػ ػػس فػ ػػي لبظػ ػػة نسػ ػػمها بػ ػػدودها بػ ػػؿ تن يباتهػ ػػا
وتوليداتها ،وبه ا فاف تصنيؼ "العالمة" في أي تمولع هو تصنيؼ لها في الفف وفي
يبية.
الولت ات ينتفي التصنيؼ عنها بيف تبدأ دونتها التن ّ
وفػػي لػػوء ه ػ المق ػوالت يم ننػػا أف نقػػوؿ بػػاف تصػػنيؼ العالمػػة يأل ػ جػػانبيف:
عالمػػة طبيعيػػة وعالمػػة صػػناعية ،وألجػػؿ الببػػث فػػي لػػؾ سػػنوند تقسػػيـ بيػػنس للعالمػػة
لما في مف إفادة واغناء له ا التقسيـ.
جػػاءت توابػػع العالمػػة الثالثػػة المعنوفػػة التػػي افتنلػػها المنطقػػي األمني ػػي ،األب
المؤسس لنظنية السيمياء البديثة "تشانلس ساندنس بينس" "C.S.peirceعل سػبيؿ
البػػدس لتشػػين إل ػ ابعػػد مػػف ه ػ ا التقابػػؿ البسػػيط بػػيف الطبيعػػي والمصػػطنع "األيقونػػة
واالصػطالح" .فتصػػنيؼ بيػنس بػػالف اإليبػػاء ،األيقونػة والشػػاهد والنمػز ،ويتوافػػؽ بشػ ؿ
فعلػػي مػػع إد ان نػػا البػػديهي للػػنوب الػػدواؿ الملتلفػػة ،فالبػػدود البينسػػية لتوابػػع العالمػػة
عنل ػػة للتغيي ػػن وفقػ ػاً لس ػػياؽ ولوعه ػػا .وعلػ ػ ال ػػنغـ م ػػف ل ػػؾ يم ػػف أف نع ػػد أف ع ػػدـ
"التطابؽ" مػع الشػيء والعػي فػي الظػاهنة بػؿ مبلػ عنػد بيػنس مبػدأ التطػابؽ العالئقػي
بيف الداؿ والمدلوؿ تعني التطابؽ ،وتبدد طبيعة العالمة عل وفؽ المبدأ التالي:
إ ا انػػت العاللػػة بػيف الػػداؿ والمػػدلوؿ ...ف ػإف العالمػػة هػػي ...وه ػ ا سػػنجد لػػدينا
ثالثة أنواع مف العالمات:
األيقونــــة :المب ػػدأ الػ ػ ي ي ػػتب ـ بالعالم ػػات االيقوني ػػة هػ ػو الش ػػب "."similitude
األيقون ػػة يمث ػػؿ مولػػػوعها "أساسػ ػاً بوس ػػاطة الشػ ػػب " الق ػػائـ ب ػػيف بامػ ػػؿ
العالمة ومدلولها ،ان لػانوف عػاـ إلػ بػد بيػن ،لػؾ إف أي شػب يقػوـ
بػػيف العالمػػة ومولػػوعها ي ػػوف افي ػاً مػػف بيػػث المبػػدأ إللامػػة عالل ػػة
12
ايقونيػػة( .)49وتلػػـ األمثلػػة التػػي يل ػنبها بيػػنس عػػف األيقونػػة الصػػونة
ميػػز بػػيف
الفوتوغنافيػػة والصػػونة التمثيليػػة الشلصػػية ،وفػػي ولػػت البػػؽ ّ
ثالثة أنواع مف األيقونة الصونة والتلطيط واالستعانة.
المؤشــر :تػنتبط العالمػػة بمولػػوعها انتباطػاً سػػببياً و ثيػ اًن مػػا ي ػػوف هػ ا االنتبػػاط
ماديػاً أو بالمجػاونة " ."contiguityفالمؤشػػن علػ بػد لػػوؿ بيػنس "هػػو
عالمػػة تبيػػؿ غػػال الشػػيء ال ػ ي تشػػين إلي ػ بفلػػؿ ولػػوع ه ػ ا الشػػيء
عليها في الوالع" .ويدلؿ بينس بيف ه ا النوع مػف العالمػات اإلعػناض
الطبية التي تشين إل وجود علة عند المنيض واآلثػان التػي ت انهػا علػ
النماؿ والتي تدؿ عل مػنون النػاس مػف هػ ا الػدنب ،أو الػدؿ باإلصػبع
"السػبابة" وتػننح مشػية الببػػان التػػي تػدؿ علػ مهنتػ والقػنع علػ البػػاب
ال ي يشين إل وجود شلص.)50(....
الرمز :هنا ت وف العالمة بيف بامػؿ العالمػة والمػدلوؿ اتفاليػة عنفيػة وغيػن معللػة
فال يوجد بينهما تشاب أو صػلة أو عاللػة تجػاون .يقػوؿ بيػنس "النمػز هػو
عالمػػة تبيػػؿ إل ػ الشػػيء ال ػ ي تشػػين إلي ػ بفلػػؿ لػػانوف غالب ػاً مػػا يعتمػػد
علػ ػ الت ػػداعي ب ػػيف أف ػػان عام ػػة "ويع ػػد هػ ػ العالم ػػات أ ث ػػن العالم ػػات
تجني ػػداً ،ويطل ػػؽ عليه ػػا بي ػػنس فػ ػي بع ػػض األبي ػػاف تس ػػمية "الع ػػادات" أو
القوانيف وهي النب إل ال ليات منها إل البقائؽ المتبققة ،ويم ف القػوؿ
أف العالمات المفندة هي تجليات للنمز وليست النمز نفس .
( )49إيالـ ،ين :سيمياء المسنح والدناما،تنجمة نئيؼ نـ ،المن ز الثقافي العنبي ط ،6بينوت ،6992
ص.21 -21
( )50لاسـ ،سي از :السيميوطيقا بوؿ بعض المفاهيـ واألبعاد في مدلؿ إل السيميوطيقا ص.22
11
ويصػػعب هنػػا آف نسػػتطند بػػوؿ تقسػػيمات بيػػنس األلػػنى للعالمػػات فإنهػػا متشػػعبة
للغايػة ،بتػ إنهػػا فػػي آلػػن المطػػاؼ تصػػؿ إلػ سػػتة وسػػتيف نوعػاً مػػف العالمػػات ول ػػف
أشهنها التقسيـ الثالثي ،ألن أ ثن جدوى ونفعاً للسيميائيات(.)51
ويػػود البابػػث أيلػاً ولػػع ملطػػط بيػػنس ولػػد تػػـ فيػ تفنيػػع العناصػػن الثالثػػة إلػ
تفنيع ثالثي عل النبو التالي:
6
2 2
استناداً إل ه المفاهيـ ال تستقيـ العالمة بالمعن ال امؿ إالّ بالتئاـ ثالثػة فػنوع
ػػؿ فػػنع مػػف أبػػد األن ػػاف ،فه ػ ا مػػثالً ت ػػوف إشػػانة السػػين عالمػػة تصػػديقية شػػاهدية
لانونية ،و لمة "بيت" عالمة تصونية نمزية لانونية ..الخ.
والباؿ إف العالمات التي تتوفن فيها دنجة عالية مف الفف والجماؿ هي فػي ثيػن
م ػػف األبي ػػاف ،ولصوصػ ػاً ف ػػي األلاوي ػػؿ الش ػػعنية والنس ػػـ والس ػػينما "وعلػ ػ العم ػػوـ ف ػػي
( )51ينظن د .جميؿ بمداوي ،السيميوطيقا والعنونة ،عالـ الف ن ،المجلس الوطني للثقافة والفنوف واآلداب،
ن -ص.21 العدد 2المجلد 21آ ان ،6991ص .11و ين إيالـ :سيمياء المسنح مصدن سبؽ
ولاسـ ،سي از :السيميوطيقا بوؿ بعض المفاهيـ ص 22وما بعدها.
11
األنساؽ المتعددة الوسائط" ات تن يب يبدو ان يللػع لقواعػد منلػبطة .وبتػ اآلف
عل بد علمنا .لـ يجن تبليؿ ه الت ان يب وتقنيتها(.)52
إف ال شػ ػ ػػؼ عػ ػ ػػف ه ػ ػ ػ القواعػ ػ ػػد والت ان يػ ػ ػػب ومػ ػ ػػف ثػ ػ ػػـ تفسػ ػ ػػين مبن ػ ػ ػ العاللػ ػ ػػات
الفنية،سي وف ابد أهداؼ ه ا الببث عندما يتناوؿ تبليؿ العالمة في فف النسـ.
نظرية المرجع
العالمة والمرجع:
"ال تفصػػؿ الد انسػػة السػػيميوطيقية بػػيف الظػػاهنة التجنيبيػػة الوابػػدة والمبػػيط العػػاـ
ال ي تظهن في بؿ تفتنض شب ة مف األنساؽ المتداللة تلػع هػ الظػواهن فػي وبػدة
بػػنى تتػػألؼ مػػف ليػػة هػ األنسػػاؽ الملتلفػػة ،فتتػػدالؿ وتتعػػانض وتتقػػاطع فػػي بعػػض
الموالع ،وتتباعد في بعض الموالع األلنى.
"فػػإ ا طبقنػػا البعػػديف الم ػ ونيف سػػالفاً" البعػػد األوؿ هػػو الظػػاهنة التجنيبيػػة الوابػػدة
والبع ػػد الثػ ػػاني ه ػػو المبػ ػػيط العػ ػػاـ ،نج ػػد أف السػػػيميوطيقا تنظػ ػػن إلػ ػ األوؿ عل ػ ػ ان ػ ػ
مجموعة مف العناصن الم ونة "للغة الطبيعية" تتألؼ وتتسؽ طبقػاً لقػوانيف مبػددة ،فػال
بػ ػػد مػ ػػف تبليػ ػػؿ تلػ ػػؾ العناصػ ػػن وال شػ ػػؼ عػ ػػف ماهيتها،ولػ ػػد يػ ػػؤدي ه ػ ػ ا التبليػ ػػؿ إل ػ ػ
اسػػتلالص العاللػػات التػػي ت ػنبط ه ػ العناصػػن بعلػػها بػػبعض أي إل ػ معنفػػة النظػػاـ
ال امف وناء أي عمؿ فني أو أدبي"(.)53
أما إ ا التفتنا إل البعد الثاني وهو ما يتعلؽ بالمبيط العاـ ال ي يوجد في الػنص
"أي نػػص" فان ػ يعن ػ بال شػػؼ عػػف العاللػػات التػػي ت ػنبط بػػيف الػػنص بوصػػف نسػػقاً أو
نظاماً وبيف غين مػف األنظمػة األلػنى ،فػالنص نظػاـ لػ لصوصػيت ومقوماتػ ،ول ػف
وتمثػػؿ إيبائيػػة الت ػػويف فػػي اللوبػػة التش ػ يلية دنجػػة مػػف دنجػػات تمفصػػؿ الػػنص
الفنػػي بب ػػـ أنهػػا تع ػػس نظامػاً مػػف الداللػػة اللػػاص بالمظػػاهن التػػي يقػػوـ عليهػػا الػػنص
أساسػ ػاً وتجعلػ ػ ف ػػي النهاي ػػة ل ػػابالً البتػ ػواء ع ػػدة مل ػػاميف ال تق ػػؼ عن ػػد ب ػػدود البني ػػة
الس ػػطبية للغ ػػة القائم ػػة ف ػػي ثناي ػػا وانم ػػا تػ ػناهف علػ ػ مس ػػتويات م ػػف النم ػػز واالنزي ػػاح
واإليباء(.)55
يم ننا أف ننظن إل بعض المقانبات السيميائية وللايا الدليؿ والمنجع باعتبانها
مقانبات ملتلفة ،فمف مقانبػة تقتصػن علػ الػداؿ والمػدلوؿ ،ومقانبػة ثانيػة تلػيؼ إلػ
لؾ االيدولوجيا والعالـ والمجتمع ،إل مقانبة تعطي مولعاً للشيء ،ولد لعػب المناطقػة
ن ص.62 -66 ( )54ينظن لمني :بشين ،شعنية النص النوائي مصدن سبؽ
( )55المصدن السابؽ ص.62
11
وفالسفة اللغة عل وج اللصوص دو اًن بي اًن فػي تبديػد هػ ا الشػيء وايجػاد ولػع لػ
دالؿ الدليؿ لاصة أف مولع التواصؿ ،في عمومػ ،هػو الوالػع اللػانج لسػاني .ومػف
المعل ػػوـ أف اللس ػػانيات ل ػػـ تػ ػ ن المنج ػػع إالّ لتعتب ػػن مج ػػاالً ينبغ ػػي أبع ػػاد ،ول ػػـ تلج ػػأ
اللسانيات ،ومف ثَـ السيميوطيقا ،إل مش لة اإلبالة إالّ تبػت تػأثين المناطقػة وفالسػفة
اللغة ،ولد ظهنت ه المش لة إل الوجود بجانب للايا التداولية وفعؿ القوؿ(.)56
والف السػػيميولوجيا تببػػث عػػف الداللػػة والمعنػ فقػػد أثيػػنت نقاشػػات تناولػػت انقسػػاـ
الداللة إل داللة تعيينية وداللػة إيبائيػة وغيػاب البػدود الفاصػلة بػيف الداللػة والمنجػع،
ب ػػؿ إف ال ػػدليؿ ل ػػد اعتب ػػن يانػ ػاً فانغػ ػاً ال وج ػػود لػ ػ ،وعلػ ػ هػ ػ الص ػػونة زب ػػؼ مشػ ػ ؿ
ؿ مف "فنيج ،بػونس، المنجع عل الدناسات السيموطيقية ،فقد ميز بين وبيف المعن
تش ػػانؿ ،مػ ػونيس" .إ م ػػف المم ػػف أف ت ػػوف لمنط ػػوؽ مع ػػيف منجعي ػػة واب ػػدة ودالالت
ملتلف ػػة ،م ػػا أف بع ػػض اللطاب ػػات ت ػػدؿ م ػػف دوف أف تع ػػيف أي ش ػػيء،ل ا وج ػػب نب ػػط
اللطاب بالصدؽ أو ال ب ،واألده مف لؾ أف المنجػع لػد توسػع ليسػتوعب التجنبػة
(*)
المعيشػػة فػػانفتح مفهػػوـ عل ػ البعػػد التػػداولي ،ه ػ ا إ ف صػػانت شػػنوط فعػػؿ القػػوؿ
هػ ػػي المبػ ػػددة للفعػ ػػؿ المنجعػ ػػي وب ػ ػ لؾ لػ ػػـ يعػ ػػد الشػ ػػيء افي ػ ػاً عل ػ ػ اإلطػ ػػالؽ لتبديػ ػػد
المنجػػع( )57ويبػػدو ه ػ ا االتجػػا عل ػ ع ػػس سػػيميولوجيا الداللػػة إ ُيلتػػزؿ الػػدليؿ إل ػ
ثالثة م ونات هي الداؿ والمدلوؿ والمنجع(.)58
المؤوؿ "بينس" .اإلبالة "او دف ونيشاندز" المعن "فنيج" القصد " اننب" المشػان
إليػ "مػػونيس "6921مػػدلوؿ "مػػونيس "6921تصػػون "سوسػػين" إيبػػاء "سػػتيوانت ميػػؿ"
صونة هنية "سوسين ،بينس" مبتوى "هلمسليؼ" بالة الوعي "بويسنس"(.)59
إ يعػػنؼ سوسػػين الػػداؿ علػ انػ "الصػػونة السػػمعية" لسلسػػلة األصػوات فقػػد جػػنى
العنؼ عل أف يستعمؿ الداؿ عل انػ سلسػلة األصػوات الماديػة الموجػودة فػي الوالػع،
وال تهػػتـ الد انسػػات اللغويػػة بمسػػألة "الصػػونة السػػمعية" .أمػػا العاللػػة بػػيف الشػػيء المػػادي
فػػي الوالػػع "الصػػونة ال هنيػػة" المػػدلوؿ فهػػي مولػػع الجػػدؿ واللػػالؼ بػػيف الدانسػػيف مػػا
أسلفنا.
فالعاللة في الوالع هي بقيقة مادية مبسوسػة تثيػن فػي العقػؿ صػو اًن هنيػة ول ػف
ه ػ الصػػونة هػػي صػػونة هنيػػة لشػػيء موجػػود فػػي الوالػػع ،فهػػؿ يػػدلؿ ه ػ ا الشػػيء فػػي
تعنيؼ العالمة أـ ال إف القلػية ليسػت منالشػة وجػود ،فهػو موجػود ب ػؿ تأ يػد ول ػف
القلية هي هؿ نأل باالعتبان عند تبديد أبعاد العالمة أـ يم ف أف نغفل .
ويعتبن اي و أف مش لة المشان إلي تلنج عػف نطػاؽ علػـ السػيميوطيقا ،فػإ ا للػت
ال ب ػػد أف دان تبت ػػنؽ فس ػػي وف ند فعلػ ػ أف ينطل ػػؽ مه ػػنوالً للتأ ػػد م ػػف ص ػػبة لول ػػؾ،
ػنؽ أف ت ػوف
ويقوؿ اي و :إف ه ا ال يهـ عالـ السيميوطيقا :أف تبتنؽ الػدان أو ال تبت ٌ
صادلاً أو ا باً ،فه أمون ال تببثهػا السػيميوطيقا بػؿ مػا تببثػ هػو :مػا هػي الشػنوط
التػي يجػب أف تتػوفن ل ػي يفهػـ الشػلص الػ ي تنقػؿ إليػ النسػالة لولػؾ ،أي هػؿ هنػػاؾ
ػي علػ أف شفنة مشتن ة تجمع بينؾ وبيف ه ا الشلص ،هؿ توالعتما علػ اتفػاؽ لبل ّ
يس ػػند معنػ ػ مع ػػيف ل ػػؿ عالم ػػة م ػػف العالم ػػات الت ػػي ت ػػوف النس ػػالة ومعنػ ػ هػ ػ ا أف
السيميوطيقا ال تهتـ بقلية البقيقػة والػبطالف أي بمطابقػة العالمػة للوالػع ،وانمػا ت مػف
القيمػة السػػيميوطيقية فػػي العاللػػة القائمػػة بػػيف الػػداؿ والمػػدلوؿ دوف التجػػاوز إلػ العاللػػة
بيف الداؿ والمدلوؿ والشيء ال ي تشين إلي العالمة...المنجع(.)60
وفػي لػوء هػ المقولػة ي ػوف العمػؿ الفنػي باصػؿ تفاعػؿ عناصػن عديػدة بسػب
التقاليد والنموز الفنية اللالصة واف هػ العوامػؿ لػمف المؤسسػة الفنيػة تولػد "تػأثينات"
فنيػػة مػػف دوف أيػػة إشػػانة إل ػ الوالػػع الموجػػود لػػانج النظػػاـ نفسػ ( ،)61ويعتػػنض أو ػػدف
The ونيش ػػاندز علػ ػ هػ ػ ا الق ػػوؿ ف ػػي تابهم ػػا معنػ ػ المعنػ ػ
meaning of meaningفيقػوالف "إف نظنيػة العالمػات عنػدما أغفلػت األشػياء التػي
(**) لالستزادة بوؿ وجهة نظن سوسين يم ف م انجع (السيميولوجيا والسيميوطيقا) ب ينس ،سوسين في
ببثنا.
السيميوطيقا مصدن ( )60ينظن ،لاسـ ،سيزا ،السيميوطيقا ،بوؿ بعض المفاهيـ واألبعاد ،في مدلؿ إل
ن .ص.22 سبؽ
( )61ـ .هػ .ابنامز ،المدانس النظنية البديثة ،في مجلة الثقافة األجنبية العدد ،6911/2ص.22
16
تبػػؿ العالمػػات مبلهػػا لطعػػت أواصػػنها بمنػػاهج" اإلثبػػات العلمػػي "ويلػػيفاف" إننػػا بنػػا
باجة إل نظنية تنبط بيف ال لمات واألشياء التػي تنمػز إليهػا هػ ال لمػات مػف لػالؿ
وساطة األف ان ،بمعنػ أننػا نبتػاج إلػ تبليلػيف منفصػليف :تبليػؿ يتنػاوؿ العاللػة بػيف
ال لمات واألف ان وتبليؿ يتناوؿ العاللة بيف األف ان واألشياء".
والتصن أو َ دف ونيتشاندز العاللة التي تنبط بيف األشياء واألف ان وال لمػات فػي
ش ؿ مثلث اشتهن في الدناسات اللغوية والسيميوطيقية ما في الش ؿ التالي:
Thought
Symbol Reference
ويتلح مف لؾ أف المشان إلي غين موجود عند سوسين ،في بيف يتلػمف هػ ا
المثلث الشيء ال ي تشين إلي العالمة أو تبؿ مبل ،وب لؾ نبطا العالمة بعالـ الوالع
اللانجي وولعا في صلب ماهيتها(.)62
في بيف ت وف العالمات لانج الفف عالمات مبددة بانتباطهػا بمشػان إليػ ،فإنهػا
ت ػػوف إش ػػانات اعتيادي ػػة أي إش ػػانة مغلق ػػة ،أم ػػا االنغ ػػالؽ +االنفت ػػاح فانػ ػ يتنب ػػؿ إلػ ػ
انفتاح -انغالؽ ثـ إف ه الشب ة بيف االنفتاح واالنغػالؽ لػد دللػت فػي صػلب ببػث
مو انوفس ػ ػ ي فػ ػػي ماهيػ ػػة الفػ ػػف ،فهػ ػػو ينظػ ػػن للفنػ ػػوف عل ػ ػ أنهػ ػػا عالمػ ػػات ،واف ه ػ ػ
العالمات الفنية تلتلؼ عف غينها بأنها ال تشين إل شيء مبدد في الوالع ،بػؿ تشػين
إل ػ مجمػػوع الظػػنوؼ البلػػانية وااللتصػػادية ،واف عالمػػات الوالػػع تشػػين إل ػ شػػيء
ففػػي إطػػان الفػػف ال تللػػع العالمػػات لتبديػػدات منجعيػػة بعينهػػا بػػؿ تنفػػتح عل ػ
استعانات منجعيػة ثػـ تنفػتح إلػ آفػاؽ ألػنى ،لتشػين العالمػة إلػ أ ثػن مػف مشػان إليػ
بعين ،ومف ثـ تتجاوز األعمػاؿ الفنيػة البعػد التسػجيلي المبػدد وتنتفػع إلػ مسػتوى مػف
العالمية والعموـ.
12
الفصل الثاني
الصورة
إشك ػػالية الصػ ػػورة.
وحيث أف السؤاؿ األوؿ يفضي في إجابتو إلى الجامع المانع في الصورة بوصفيا
جنس -أجناس -فإف السؤاؿ الثاني يفضي إلى تمييز مصطمح الصػورة فػي الرسػـ عػف
66
بقية المصطمحات ،وىو أحد األىداؼ الرئيسة ليذه الرسالة .وبعبػارة أخػرف فنننػا نبحػث
في اإلجابة عف السؤاؿ األوؿ كواسطة لتنسيس اإلجابة عف السؤاؿ الثاني.
إف مصطمح "الصورة" بوصفو مصطمحاً شامالً مصطمح معقد متعػدد المسػتويات،
إما إلى شيء ُمحاكى أو شيء متعالؽ أو نظاـ عالمي.
ولكف يمكف اختزالو مفيومياً ّ
يش ػػير مص ػػطمح الص ػػورة بمعن ػػاه الما ػػوي إل ػػى محاك ػػاة ش ػػيء ،وبعب ػػارة أخ ػػرف إل ػػى
موجود بذاتو وبمعناه البنائي إلى مرّكب .أي إلى إيجاد ما ىو موجود؟
وفػػي القػ ػررف الكػ ػريـ تس ػػتقر دنل ػػة الص ػػورة عن ػػد "المرّك ػػب" أي المك ػػوف م ػػف تع ػػالؽ
أج ػزاء قػػاؿ تعػػالى :ﭽ ﭻ ﭼ ﭽ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭼ االنفطاا .)71(٨ :ومػػا ي ػزاؿ اسػػتعماؿ
مص ػػطمح الص ػػورة س ػػائداً بدنلت ػػو الوجودي ػػة ،أي كش ػػيء موج ػػود ف ػػي الزم ػػاف والمك ػػاف.
فصورة يد بثالثة أصابع صورة ،وصورة يد بخمسة أصابع صورة!
ىنػػا ن ُيمتفػػت إلػػى الكامػػؿ التػػاـ أو النػػاقص :فػػي حػػيف تكػػوف أحػػد مطالػػب المفيػػوـ
التركيػبي لمصورة ىو التماـ والكماؿ ،وىذا ما نحس بو واضػحاً فػي دنلػة ا يػة الشػريفة
"المذكورة رنفاً".
كمركػب بػنف ننتقػؿ بوسػاطتو إلػى منطقػة الصػورة الثالثػة يسمح مصطمح "الصػورة" ّ
وىػػو الصػػورة "الخياليػػة" ،ألف الصػػورة الخياليػػة فػػي أي مسػػتوف ،ىػػي عبػػارة عػػف تجميػػع
أجػ ػزاء موج ػػودة ق ػػبالً واعطائي ػػا بني ػػة جدي ػػدة ،ونقص ػػد ب ػػاألجزاء عناص ػػر الرس ػػـ ك ػػالخط
والموف والكتمة والفراغ ...ال أو األشكاؿ الطبيعية.
لقػػد نشػػط عمػػـ الػػنفس فػػي تتبػػع مصػػادر الصػػورة الخياليػػة دوافعيػػا وصػػيرورتيا..
ومسػار ىػػذا البحػػث ن ييمنػا إنّ بمقػػدار تقديمػػو ضػػوءاً مػا لعمميػػات التحميػػؿ الفنػػي ،ألف
حقم ػػو يظ ػػؿ ما ػػاي اًر ،وم ػػا ييمن ػػا ف ػػي ى ػػذا الجان ػػب ى ػػو أف مفي ػػوـ الص ػػورة كمرك ػػب أو
كتخييػػؿ أفضػػى فػػي النيايػػة "فػػي الفػػف" إلػػى اتجاىػػات الدادائيػػة والتجريديػػة والسػريالية...
وغيرىػػا ،ومػػف ىنػػا اسػػتمر اننشػػطار انصػػطالحي حتػػى يومنػػا ىػػذا .الصػػورة الحقيقيػػة،
متع ػػيف ،أو ش ػػكؿ الص ػػورة ف ػػي الرس ػػـ
والص ػػورة الخيالي ػػة ...الص ػػورة ف ػػي الرس ػػـ كش ػػيء ّ
كشػػيء مجػػرد! بػػؿ أدف ذلػػؾ إلػػى عػػدـ انعت ػراؼ بمصػػطمح الصػػورة المجػػردة واسػػتبدالو
بالشكؿ أو الموحة .فيقاؿ الموحة التجريدية أو الشكؿ التجريدي .إف قواـ الصورة عنػدىـ
أف تك ػػوف مرروي ػػة أي تعك ػػس وج ػػوداً س ػػابقاً عميي ػػا وى ػػي ،أي الص ػػورة ،مش ػػروطة بي ػػذا
السَّبؽ.
(*) المعجـ الوسيط ،مجمع الماة العربية :قاـ بإخراجو إبراىيـ مصطفى ورخروف ج 1مطبعة مصر .القاىرة
.1961
( )72لممزيد حوؿ الموضوع ينظر بارت ،رونف :صور مؤثرة في كتاب أسطوريات ،ترجمة قاسـ المقداد،
مركز اإلنماء الحضاري -حمب 1996ص.139
68
أما الصورة المركبة .الخيالية ،فإنيا مف صنع محاؾ يقوـ بالمعب بػالفف أكثػر ممػا
يقػػوـ بتػػوفير الفػػف ،وفػػي الوقػػت الػػذي أطػػرت الصػػورة اإلغريقيػػة فػػي إطػػار فمسػػفي "كمػػا
سنرف في مبحث المحاكاة" وأُط ّػرت فػي الجماليػة الفمسػفية Aestheticsداخػؿ تكػويف
القػػيـ مػػف ت ػوازف وتنػػاظر( ،)73وأطػػرت فػػي الجش ػتالتية "كمركػػب" ف ػإف مصػػطمح الصػػورة
منحى تحميميػاً حيػث حممػت الصػورة ً "البالغية" ،الشعر ،الرواية ،القصة ،المسرحية اتخذ
إل ػػى طػ ػرفيف ىم ػػا :المش ػ ّػبو والمش ػ ّػبو ب ػػو يػ ػربط بينيم ػػا عالق ػػة تناس ػػب عب ػػر عني ػػا بوج ػػو
الشبو( .)74وقد أولت البالغة القديمة عنايةً خاصػة بمباحػث طويمػة عنػد طرفػي الصػورة
"المش ػػبو والمش ػػبو ب ػػو" والعالق ػػة بينيم ػػا ،وأم ػػدتنا بجي ػػاز اص ػػطالحي عب ػػر المص ػػطمح
المػ ػرادؼ لمص ػػورة وى ػػو "انس ػػتعارة" .وق ػػد تع ػػددت تقس ػػيمات الص ػػورة أو انس ػػتعارة إل ػػى
صورة أو استعارة بسػيطة والػى اسػتعارة مركبػة "شػكمية أو خياليػة( .")75إف مػا ييمنػا مػف
ىذا الجانب ىػو أف السػيميوطيقا البنائيػة نظػرت إلػى "الصػورة" فػي إطػار منيجيػا ذاتػو،
إذ قسمت النتاج الفني واألدبي إلى قسػميف رئيسػيف اسػتناداً إلػى طبيعػة العالمػة ودورىػا
في إنتاج المعنى .وحيث أف أي مركب ىو حاصؿ العالقة بيف عناصػره ،فػإف المركػب
األدبي والنص الماػوي عامػة Linguistic Textيمكػف عػزؿ عناصػره وفيميػا كػنجزاء
ذوات معنى واف كاف افرادياً .فكممة "الميث" في قصيدة المتنبي:
( )73بالتفاصيؿ ،ينظر :برتميمي ،جاف :بحث في عمـ الجماؿ ،ترجمة الدكتور أنور عبد العزيز ،مؤسسة
فرانكميف لمطباعة والنشر ،القاىرة 1971 ،ص 214وما بعدىا.
وكذلؾ لمتوسعة ينظر :تراث اإلنسانية المجمد األوؿ ،الييئة المصرية العامة لمتنليؼ والترجمة والنشر
القاىرة .د.ت ،مقاؿ انستطيقا ،كرونشة ص.291
( )74ينظر الجرجاني ،عبد القاىر ،أسرار البالغة في عمـ البياف ،عمؽ عميو محمد رشيد رضا ،دار
المطبوعات العربية لمطباعة والنشر والتوزيع د.ت ص.61-26
( )75ينظر :كورؾ ،جاكوب ،الماة في األدب الحديث ،ترجمة عزيز يؤئيؿ ،دار المنموف لمترجمة والنشر،
باداد ،1989 ،ص.454
69
(*)
الميث يبتسم
َ تظنن أن
ّ فال
تش ػػاؿ بع ػػديف :بع ػػداً نص ػػياً وبع ػػداً معجميػ ػاً .فف ػػي البع ػػد المعجم ػػي يك ػػوف معناى ػػا
"األسد" وفي البعد النصي يكوف معناىا السطح اننساني وبنيتو العميقة .كما أف الػنجـ
"سييالً" في إفرادىا تعني أحد نجوـ السماء ولكنيا تعني في نص مالؾ أبف الريب:
الع ػػدؿ الك ػػوني ،وبعب ػػارة أخ ػػرف ف ػػنف التحوي ػػؿ ب ػػيف المس ػػتوف انفػ ػرادي والمس ػػتوف
التركيب ػػي يحق ػػؽ "الوس ػػط" ال ػػذي ينبا ػػي مس ػػكو لتحمي ػػؿ الص ػػورة األدبي ػػة وتركيبي ػػا ب ػػإزاء
النص.
مػػف جيػػة أخػػرف ،فػإف القائمػػة الفنيػػة مػػف رسػػـ ومسػػرح وسػػينما وموسػػيقى...الػ ن
تقػػوـ عمػػى النظػػاـ األدبػػي ،ألنيػػا أساس ػاً ن تمتمػػؾ مجػػانً افرادي ػاً أو معجمي ػاً :فػػالخطوط
والكت ػػؿ والفػ ػراغ....عناص ػػر ىندس ػػية ،واأللػ ػواف عناص ػػر كيميائي ػػة ،واألفك ػػار والثيم ػػات
ليست سوف دـ ا خر ،إف أي محاولػة لموقػوؼ عمػى نػوع ىػذا الػدـ :ستكشػؼ أنػو كػائف
متطفؿ عميو دائماً .إننا سنرسـ ىذا الكائف فقط في حاؿ تبنينو في الموحة.
ومػػف ىػػذا المنطمػػؽ ،فػإف السػػيمياء تقتػػرح بػػنف الصػػورة فػػي الفػػف ىػػي العالقػػة فقػػط،
ألف العالقػػة وحػػدىا تحػػدد معنػػى الجػػزء ولػػيس تحػػوؿ الجػػزء مػػف مجالػػو انف ػرادي إلػػى
(*) ديوانو ،أبي الطيب المتنبي ،بشرح أبي البقاء العكبري ،تحقيؽ مصطفى السقا ورخروف ج 3دار المعرفة
لمطباعة والنشر ،بيروت.1978 ،
( )76بالتفصيؿ ينظر :د .المطمبي ،مالؾ ،جارافية الذئب الحزينة ،قراءة بنائية في قصيدة مالؾ بف الريب
في رثاء نفسو ،مجمة األقالـ العدد 1989 14 -11ص.125
71
مجالو التركيبي ،كما يتنسس منطؽ الصورة األدبية عمى ذلؾ ،ولػيس ىػو ىيمنػة الكػؿ
عمى الجزء بالمعنى الجشتالتي(*).
وىكذا سنجد "الصورة الفنية" ىي محاولػة لتكػرار مصػطمح وجػو الشػبو فػي الصػورة
األدبية مع اختالؼ جوىري ىو أف وجو الشبو يعمؿ فػي مسػتوف إفػرادي وتركيبػػي ،فػي
حيف تعمؿ العالقة في الفف داخؿ مستوف تركيبي محض.
واذا كاف ىذا المممح لمصطمح الصورة الفنية جمو مممحاً شامالً لمصورة الفنيػة فػي
جميع تخمقاتيا "سينما ،مسرح ،موسيقى ،نحػت ،رسػـ" فػإف مصػطمح الصػورة فػي الرسػـ
ينباػػي لػػو ،فػػي إطػػار ىػػذه الرسػػالة ،أف يػػتخمص مػػف التطابقػػات التػػي تشػ ّػده إلػػى معنػػاه
الكمػػي وتتشػػبث بانختالفػػات التػػي تجعمػػو مصػػطمحاً مسػػتقالً بهلياتػػو واشػػتاالو فػػي إطػػار
الموحة فقط.
لقػػد ُنظػ اػر إلػػى النقطػػة والخػػط كعنصػػري تمػػايز بػػيف الصػػورة فػػي الرسػػـ والصػػورة
المجػ ػػاورة ليػ ػػا "فػ ػػي المقاربػ ػػات األخػ ػػرف" ،ففػ ػػي الوقػ ػػت الػ ػػذي عػ ػػدت الفنػ ػػوف المسػ ػػرحية
والسػػينمائية والموس ػػيقية "زمانيػػة" ع ػ ّػد الرس ػػـ والنحػػت م ػػف الفنػػوف المكاني ػػة ،إنّ أف ى ػػذا
التفريؽ بالزماف والمكاف لـ يصػمد طػويالً .ألف سػمب الزمػاف مػف الموحػة وسػمب المكػاف
مػػف الصػػور الفنيػػة األخػػرف غيػػر ممكػػف ،إذ أف أي تحميػػؿ لموحػػة سػػيجعؿ مقولػػة الزمػػاف
أساسية فييا ،ألف الزماف ىنػا كنايػة عػف "العالقػة" التػي ىػي جػوىر الصػورة فػي الرسػـ،
ولكي يتحرر مصطمح الصورة في الرسـ مف ا لية واننعكاسية ،فػإف وجػوده يكمػف فػي
العالق ػػة ب ػػيف أش ػػياء ن يع ػػرؼ بعض ػػيا بعضػ ػاً قب ػػؿ أف تؤس ػػس تم ػػؾ العالق ػػة ،وانّ فػ ػإف
الصورة ستكوف شيئاً منقونً عف "أشياء" مترابطة متعالقة أصالً.
فوجػػود شػػجرة عمػػى نيػػر وصػػياد وزورؽ واخض ػرار ىػػو نظػػاـ تالزمػػي ن عالئقػػي
يقابؿ عاصفة جمؿ سراب احمرار" الصحراء" .فإف رسػمت لػو مػف غيػر
(*) يعد أوؿ بياف لمسيمياء بوساطة األلسنية وانقتراح بتنحية األطراؼ في ذاتيا وتنكيد العالقة بينيا فقط،
فالداؿ والمدلوؿ ن معنى ليما وانما المعنى لمعالقة.
71
أف تؤسػػس عالقػػات تشػػوش أو تايػ ّػر أو تحػ ّػوؿ ليؤسػػس تالزمػاً ف ػإف الموحػػة سػػتكوف فػػي
ح ػػدود الص ػػورة الفوتوغرافي ػػة! ف ػػإذا كن ػػا نتج ػػاوز المع ػػايير الت ػػي ت ػػـ انس ػػتناد إليي ػػا ف ػػي
التفريؽ في ضوء الزماف والمكاف ،ومف الناحية اإلجرائية ،فإننا سػننفييما عػف مصػطمح
الصورة في الرسـ ألنيما يثيراف ،شئناً أـ لـ نشن ،نوعػاً مػف اننفصػاؿ بينيمػا! واذا كػاف
الزماف والمكاف وحدة ن تتج أز فػي أثنػاء عمميػة إبػداع الصػورة أو الوصػوؿ إلػى المرّكػب
الفن ػػي ،فإنم ػػا ينبا ػػي أف ن تتجػ ػ أز ف ػػي أثن ػػاء عممي ػػة أب ػػداع الص ػػورة أو الوص ػػوؿ إل ػػى
المرك ػػب الفن ػػي ،وأني ػػا ينبا ػػي أنّ تتجػ ػ أر أيضػ ػاً ف ػػي عممي ػػات التحمي ػػؿ أو الوص ػػوؿ إل ػػى
التركيب .ألف "النقطة" في "الفف" إذا لـ تكف في لحظة معينة فننيا عندئذ لف تكوف ،أو
تكػػوف نوع ػاً م ػػف الفصػػؿ المفت ػػرض ألغ ػراض التعي ػػيف لػػيس أنّ .ولك ػػي نتجػػاوز معي ػػار
الزماف والمكاف سنستبدؿ بيمػا مصػطمح "الفضػاء" .فالفضػاء كمصػطمح فنػي يشػير إلػى
بعد زماني "سنقؼ عند الفضاء في المدف التطبيقػي مػف ىػذه الرسػالة -الفصػؿ ال اربػع"
لكف ييمنا ىنػا ا ف ،مػف أجػؿ تنسػيس ح ّػد مصػطمح الصػورة فػي الرسػـ ،أف نسػتند إلػى
تمايزه عف مقارباتو في السينما والمسرح والموسيقى ...وليذا سنمجن إلػى معيػار الفضػاء
مميػ اًز فػػي الصػػور األربػػع صػػورة السػػينما ،وصػػورة المسػػرح ،وصػػورة الموسػػيقى ،وصػػورة
ّ
الرسـ.
فالصورة يمثميا في عمـ المنطؽ مصطمح الجنس الذي ىػو مػا يػدؿ عمػى كثيػريف
مختمفػػيف بػػاألنواع ،والفضػػاء يمثمػػو فػػي ذات العمػػـ مصػػطمح الفصػػؿ الػػذي ي ػرادؼ فػػي
وربمػا يكػػوف لػدينا فصػػؿ ()77
المناىج الحديثػة التاػاير والتميػزات أو التقػابالت العالميػة
ثاف وفصؿ ثالث ...ال كمػا يتبيف في الخطاطػة التالية:
( )77شيء مف التفصيؿ ،ينظر ،سوسير -فرديناند ،عمـ الماة العاـ مصدر سبؽ ذكره ،ص.12
74
1 1
4 4
3 3
1
4
73
3
الرسـ األكاديمي
اننطباعي
الكالسيكي ...ال
إف التم ػػايز ب ػػيف فض ػػاء " "1وفض ػػاء " "4وفض ػػاء " ... "3الػ ػ يحت ػػاج إل ػػى ش ػػرح
دقيؽ وىػذا لػيس مػف أىػداؼ ىػذه الرسػالة ،لكننػا سػنقؼ بالتفصػيؿ عمػى تمػايزات صػورة
الرسـ في ضوء وجودىػا مقارنػة بالصػور األخػرف .لكػف لكػي نسػتكمؿ توضػيح مقصػدنا
كميػاً حتػػى يمكننػػا اسػػتثماره مػػف ثػ َّػـ بػػتفيـ مشػػترؾ ،سػػنحاوؿ عقػػد مقارنػػة مػػع بنيػػة الماػػة
الصوتية Phonologyباعتبارىا أقرب األبنية الماوية إلى العمـ الصرؼ ،إذ أنيا ترتػد
إل ػػى عمػػػـ الفيزيػ ػػاء فػػػي منحاىػ ػػا الف ػػونتيكي Phoneticsث ػػـ تتجػ ػػو فػػػي ى ػػذا المنحػػػى
"الفونولوجي" إلى عمـ الدنلة ،لنصؿ مػف ث َّػـ إلػى تمػايزات الصػور األربػع المػذكورة رنفػاً
"سينما ،مسرح ،موسيقى ،رسـ".
72
ينتمي ػػاف معػ ػاً إلػ ػى ج ػػنس (*)
فمننخ ػػذ م ػػثالً الحػ ػرفيف "ص" و"س" ف ػػي الما ػػة فإنيم ػػا
ب
األص ػ ػ ػوات ،ولكنيمػ ػ ػػا "فونيمػ ػ ػػاف" مختمفػ ػ ػػاف وىػ ػ ػػذا مػ ػ ػػا نعرفػ ػ ػػو بالسػ ػ ػػميقة .إذ أف " اس ػ ػ ػما ا
ب "ولكػػف لنفتػػرض أننػػا نجيػػؿ ذلػػؾ ،وليػػذا سػػنمجن إلػػى معيػػار التمػػايز ص ػما ا "ن تسػػاوي" ا
الف ػ ػ ػػونيمي بينيم ػ ػ ػػا .وس ػ ػ ػػنجد ص ػ ػ ػػوت الص ػ ػ ػػاد يتمي ػ ػ ػػز ب ػ ػ ػػنربع ص ػ ػ ػػفات ى ػ ػ ػػي" الص ػ ػ ػػاد:
لثوي -احتكاكي -ميموس؟
وسنجد "السيف" في تحميؿ الصفات الصوتية مكوناً مف :السيف :الثوي ،احتكاكي،
ميموس؟
فإذا كانت الصفات الصػوتية متطابقػة فػي ثػالث فػإف ال اربػع نبػد أف يكػوف مختمفػاً
ضرورة ،وانّ فسيكوف الحرفاف حرفاً واحداً فقط ،وليذا سنجد التميز الرابع مختمفاً وعمى
النحو التالي:
(*) عم ػػـ الما ػػة الع ػػاـ ،ؽ س ػػـ األصػ ػوات د.كم ػػاؿ بش ػػر ،دار المع ػػارؼ بمص ػػر د.ت ينظ ػػر الفص ػػؿ الخ ػػاص
باألصوات.
75
"مرقق" ميموس احتكاكي ص /لثوي
إف ىذه الصفة السمبية بينيما "مف ّخم ،مرقق" ىي جوىر وجودىما ،إذ مػف دونيمػا
سيفقد أحد الصوتيف وجػوده ،وليػذا فػإف التطابقػات فػي ثػالث صػفات لػيس أكثػر عػددياً
مف انختالؼ فػي صػفة واحػدة ،بػؿ العكػس ىػو الصػحيح ،فػإف الصػفة السػمبية الواحػدة
أكثػػر مػػف الصػػفات الػػثالث انيجابيػػة .ولكػػي نسػػتمر فػػي تثبيػػت ىػػذه القضػػية عمينػػا أف
نعيف التمايزات أو الفصؿ بيف فضاءات الصور األربع وعمى النحو التالي:
ّ
السررينما ي :فضػػاء عالمػػي ،مػػزدوج "سػػمعي ،بصػػري" فػػي حركػػي "أي ذو صػػنعة
مونتاجية".
المسرررحي :فضػػاء كتمػػي ،واقعػػي مػػزدوج" سػػمعي ،بصػػري" فػػي حركػػة ن محاكيػػة:
"الحركػػة المونتاجيػػة داخػػؿ المسػػرح مسػػتعارة مػػف السػػينما وىػػذا جػػزء مػػف التقنيػػة ن مػػف
الجوىر".
أمررررا الفارررراق الموسرررريقي :فضػ ػػاء عالمػ ػػي بسػ ػػيط "سػ ػػمعي" فػ ػػي حركػ ػػة متصػ ػػمة
"ذو طبيعة مونتاجية".
أمرررررا صرررررورة الرسرررررم :فالفض ػ ػػاء عالمػ ػػي بس ػ ػػيط ،بص ػ ػػري ،مػ ػػف حرك ػ ػػة متجم ػ ػػدة
"ن مونتاجية" متقطعة.
وبيذا سنضع تحديػد مصػطمح الصػورة فػي الرسػـ عنػد تحديػدات مصػطمح الصػورة
في الفنوف األخرف بننو:
عالمي بسيط "بصري" ذو حركة متجمدة.
وفي ضوء ىػذا يكػوف البحػث قػد أسػس التمػايزات لمصػورة فػي الرسػـ .والتػي يمكػف
مف خالليا فؾ شفراتيا.
76
مفيوم الصورة
تقدمو
77
يمكننػ ػػا تحديػ ػػد ذلػ ػػؾ مػ ػػف خػ ػػالؿ انفت ػ ػراض األوؿ بػ ػػنف الصػ ػػورة فػ ػػي الرسػ ػػـ ذات
خصائص متعددة ،يمكف ،لمبحث فييا ،إيجاد محوريف أساسييف:
صورة تحاكي الواقع ،وصورة أخرف تعبر عنو .صورة الحقيقة وصورة المررة؟.
نعػػود بيػػذه الثنائيػػة إلػػى نشػػوء الفػػف ،إلػػى اإلنسػػاف القػػديـ وبػػروز طػػاقتي التجريػػد
والتعميـ عند اإلنساف في المجتمعات القديمة.
إف مقػػدمات الصػػورة تكونػػت كمػػا يػػرف غاتشػػيؼ قبػػؿ ظيػػور الصػػورة الفنيػػة نفسػػيا
بمعناىا انختصاصي بزمف طويؿ ،مثمما تولدت المحظػة الجماليػة قبػؿ وندة الفػف .وأف
أبكػػر لحظػػات العمػػؿ والػػوعي ىػػي ،فػػي الوقػػت نفسػػو ،اسػػتيعاب وادراؾ جمػػالي لمعػػالـ"
وتقػوـ ()78
وبيذا المعنى تكوف الصورة عريقة في القدـ أيضاً شننيا شػنف العمػؿ والػوعي
عمى أساس وجود صمة مقارنة .ولكف ما ىذه الصمة ،وكيؼ نقارف بينيا؟
إف المػػوف األحمػػر لنجمػػة أو كوكػػب كػػاف يػػذ ّكر اإلنسػػاف القػػديـ بالػػدـ ،ينبئػػوُ بفػػتف
وحروب في المجتمع البشري .كذلؾ ش ّػبو شػعراء الشػرؽ شػفتي الحبيبػة بالمرجػاف .وكػؿ
ذلػػؾ جػػزء صػػاير مػػف كينونػػة الصػػورة .تكػ ّػوف صػػمة ت ػربط بالطبيعػػة والمجتمػػع ،وىػػذه
الصورة ليست حك اًر عمى الفف ،إذ أف التناقض بيف المجتمع والطبيعة يكمف في أسػاس
مجمػػؿ التػػاري اننسػػاني ،فػػي حػػيف يظيػػر المجتمػػع والتػػاري بوصػػفيما وسػػيطاً تبادلي ػاً
لألشياء فيما بينيا ،فإف كؿ ما ينتجو العمؿ والوعي ىو صورة ليذه الصمة.
ف ػػالحجر ال ػػذي ك ػػاف اإلنس ػػاف الق ػػديـ يق ػػذؼ ب ػػو الوح ػػوش ،ل ػػـ يع ػػد إح ػػدف ظػ ػواىر
الطبيعة "في فعؿ فكرتو ،وارادتػو ومخططػو" جػوىر ذلػؾ الحجػر المقػذوؼ لػـ يعػد كامنػاً
اصػػو الطبيعيػػة ،الثقػػؿ ،والحجػػـ ،والشػػكؿ ،بػػؿ فػػي وظيفتػػو وفػػي ذاتػػو ،فػػي قيمتػػو
فػػي خو ّ
كوسيمة تقذؼ ،أي تجسيد لذلؾ المخطط.
( )78غاتشػػيؼ ،غيػػورغي ،نشػػوء الصػػورة الفنيػػة فػػي مجمػػة الفكػػر العربػػي المعاصػػر العػػدد ،36مركػػز اإلنمػػاء
القومي ،بيروت ص.73
78
والسؤاؿ ىنا :ماذا فعؿ اإلنساف القديـ عندما رأف صورتو منعكسة فػي المػاء؟ ىػؿ
أدرؾ التشػػابو والتطػػابؽ بينػػو وبػػيف ذاتػػو؟ أـ أف المػػاء صػػار صػػورة لعػػالـ رخػػر غي ػػر
عالمو؟ أـ ولى ىارباً معتقداً بتعقبو مف قبؿ ا خر ،وفي أثناء ىربو خفّت ذاتو أو َّ
خؼ
إحساسو بيا وحمت محميا طيوؼ الرؤف فػي أثنػاء انفصػاؿ األنػا عػف ا خػر "الػذي ىػو
في الماء"؟
فاإلنساف القديـ لـ يتعود عمى حفػظ الشػيء فػي ذاكرتػو .الػذاكرة ن كخبػرة متراكمػة
مف انستجابات ،وانرتكاسات لػيس ذاكػرة الجسػد ،بػؿ "ذاكػرة العقػؿ والقمػب أي كظػاىرة
اجتماعيػػة -تاريخي ػػة" عمػػى التخط ػػيط المقص ػػود ،كػػاف يتص ػػرؼ تبع ػاً لباع ػػث مباش ػػر،
تماسػو مػػع الشػػيء تظيػػر صػورة نفسػػو والفعػػؿ كجسػػد لمفكػرة،
لنػزوع عفػػوي .وفػػي لحظػػة ّ
كتصور لو.
وفي ىذه النقطة ذاتيا يطالعنػا تركيػب متػداخؿ "مػادة ،فكػر ،فعػؿ" ىػو عمػى درجػة
قص ػػوف م ػػف األىمي ػػة بالنسػ ػبة لظي ػػور الف ػػف والص ػػورة الفني ػػة .إذ أف اإلنس ػػاف ف ػػي ى ػػذه
المحظة يجد نفسو في ميداف الحرية:
انػػو يسػػمو عمػػى الطبيعػػة بكونػػو يتصػػرؼ حياليػػا حسػػب "فك ػرة وتخطػػيط" .واألثػػر
الفنػػي ن يوجػػد كفك ػرة فنيػػة بػػؿ كجسػػد فػػي رف مع ػاً .فالتمثػػاؿ ن يوجػػد كمػػادة جامػػدة بػػؿ
كواقػػع "بني ػػة مركب ػػة" .وبي ػػذا يعػػود النق ػػاش ح ػػوؿ ك ػػوف الصػػورة الفني ػػة تفكيػ ػ اًر معرفيػ ػاً أـ
انعكاس ػاً وانتاج ػاً .فجػػوىر ىػػذه المسػػنلة يكمػػف فػػي أف الفػػف يحتػػوي فػػي ذاتػػو عمػػى ك ػ ّؿ
شكمي لموجود اننساني يقترب مف الطبيعة في شػكمو ويختمػؼ فػي معنػاه ،يشػكؿ جانبػو
البني ػ ػػوي ،أو جانب ػ ػػو المعرف ػ ػػي ع ػ ػػف طري ػ ػػؽ انس ػ ػػتعارة م ػ ػػف الطبيع ػ ػػة واع ػ ػػادة تش ػ ػػكيؿ
مدلونتيا(.)79
وممػػا تقػػدـ نجػػد أف نظام ػاً خاص ػاً يجعػػؿ مػػف الصػػورة الفنيػػة ذاتيػػا منج ػ اًز ...فػػي
عالقاتيا وبنيتيا ثـ في طريقػة تشػكيميا ،ويعطينػا ضػوءاً عمػى أف اإلنسػانية تشػترؾ مػف
حيػػث التواصػػؿ ف ػػي بنػػاء نظػػاـ الص ػػور ن كتعيينػػات "أشػػكاؿ" حس ػػب ،بػػؿ ف ػػي إدراؾ
انطم ػػوجي ع ػػاـ لمطبيع ػػة .والمش ػػكمة فق ػػط ى ػػي الق ػػدرة عم ػػى تحويمي ػػا واتس ػػاقيا ووض ػػع
برنامجي ػػا .ومث ػػاؿ ذل ػػؾ فق ػػد فص ػػؿ "انك ػػاردف" م ػػا ب ػػيف العم ػػؿ الفن ػػي كنظ ػػاـ وتج ػػارب
وانطباعات الفناف والمشاىدَّ ،
وعد العمؿ كينونة قصدية ،مما يجعؿ مف الممكف تعريؼ
ػى ذاتيػاً داخميػاً ،وفػػي الوقػػت ذاتػػو تؤسػػس مالمػػح
الموحػػة الفنيػػة بننيػػا عالمػػة تمتمػػؾ معنػ ً
أنطموجيػػة لصػػنؼ العالمػػات الثقافيػػة كمػػو ،ووفق ػاً "ننكػػاردف" ف ػإف الموحػػة موجػػودة عمػػى
نحػو مسػػتقؿ عػػف اإلدراؾ ومقػػدـ بالطريقػة ذاتيػػا التػػي تقػػدـ بيػا األشػػياء الواقعيػػة ،وىػػي
إف كؿ ما تقدـ يرينا التحوؿ الحاد عمى وفؽ مالحظ ىذا البحػث فػي ثالثػة أطػوار
مفيومية لمصورة :مفيوم المحاكاة والمفيوم الجشتالتي والمفيوم السيميوطيقي.
مفيوم المحاكاة
الجذر الفمسفي
المحاكاة أحػد المصػطمحات األساسػية فػي المحاكػاة األفالطونيػة التػي فسػرت الفػف
باعتباره ،مف حيػث الجػوىر ،محاكػاة ألوجػو الكػوف ،ولعػؿ ىػذا المصػطمح وىػذا انتجػاه
ىو أقدـ مبدأ نظري معروؼ لدينا.
ػدوف لمفي ػػوـ المحاك ػػاة ،موج ػػود ف ػػي مح ػػاورات أفالط ػػوف ،لك ػػف
إف أوؿ تعري ػػؼ م ػ ّ
أف حقبػػة أو ُحقب ػاً ُشػػامت بمفيػػوـ المحاكػػاة قبػػؿ أفالطػػوفمنطوقػػة األفالطػػوني يعكػػس ّ
نفسػػو ،وأنػػو صػػار عمػػى يػػد أفالطػػوف ...ركيػزة منيجيػػة ذات طػػابع شػػمولي .حيػػث يقػػوؿ
سػ ػػقراط :إف فنػ ػػوف التصػ ػػوير والشػ ػػعر والموسػ ػػيقى وال ػ ػرقص والنحػ ػػت كميػ ػػا مػ ػػف فنػ ػػوف
المحاك ػػاة( .)82وف ػػي ج ػػوىره ظ ػػؿ مفي ػػوـ المحاك ػػاة يش ػػير إل ػػى عالق ػػة ب ػػيف عنص ػػر ذي
وجوديف أحدىما زائؼ وا خر حقيقي وبينيما تقع عممية المحاكاة.
إف كثي اًر مف نظريات المحاكاة المتنخرة تضع كؿ شػيء فػي صػنفيف فقػط ،الشػيء
الػػذي يمكػػف محاكاتػػو وعمميػػة المحاكػػاة .ومػػع ذلػػؾ فالفيمسػػوؼ فػػي محػػاورات أفالطػػوف
يتميػػز بننػػو يػػؤمف بوجػػود ثالثػػة أصػػناؼ :الصػػنؼ األوؿ ىػػو األفكػػار الخالػػدة التػػي ن
تتايػػر ،والصػػنؼ الثػػاني يعكػػس ىػػذه األفكػػار وىػػو عػػالـ الح ػواس الطبيعػػي والمصػػطنع
(of Roman Anita Szczepanska: The structure of Art work in: The Aesthetics )81
.Kluwer, Acadimic publishers, The Netherland 1989. P Ingarden
( )82ينظر جميورية أفالطوف ،ترجمة الشي حنا خباز ،المطبعة العصرية ط ،3د.ت ص .453
81
منو ،والصنؼ الثالث يعكس بدوره الصنؼ الثػاني ويشػمؿ أشػياء مثػؿ الظػالؿ والصػورة
التي تظير في الماء أو المررة والفنوف الجميمة(.)83
لقد صاغ أفالطوف نظريتػو الجدليػة فػي ىػذا اإلطػار ذي األجػزاء الثالثػة ،وزاد فػي
تعقيده في المجوء إلى التفاصيؿ التكميمية المتنوعة وباسػتعمالو ألفاظػاً متعػددة المعػاني،
لكنػػو يب ػػرز خ ػػالؿ ىػػذه المج ػػادنت المتايػ ػرة ط ػراز متمي ػػز يتك ػػرر كثي ػ اًر تجس ػػده الفقػ ػرة
الشييرة الػواردة فػي الكتػاب العاشػر مػف الجميوريػة( .)84إذ يشػير سػقراط فػي حديثػو عػف
طبيعػػة الفػػف إلػػى وجػػود ثالثػػة أسػ ّػرة ىػػي :فك ػرة الس ػرير وىػػي جػػوىر الس ػرير ،وىػػي مػػف
صنع اهلل ،والسرير الذي صنعو النجار ،والسرير الذي نجده في الصورة أو الرسـ.
نسػتنتج مػػف ىػػذه المقدمػة التػػي تقػػوؿ بػنف الفػػف "يقمػػد" عػالـ األشػػياء الظػػاىرة ولػػيس
الجػػوىر ،وليػػذا فاألعمػػاؿ الفنيػػة تحتػػؿ منزلػػة دنيػػا فػػي نظػػاـ األشػػياء الموجػػودة فػػي ىػػذا
العالـ ،واف عالـ األفكار ىو المقرر النيائي ليس لمحقيقة فحسب بؿ لمقيمة أيضاً .إذف
فػػالقوؿ بػػنف الفػػف يبتعػػد مػػرحمتيف عػػف الحقيقػػة يعنػػي بالضػػرورة أنػػو يبتعػػد مػػرحمتيف عػػف
الجم ػػاؿ والخي ػػر .وعم ػػى ال ػػرغـ م ػػف الج ػػدؿ المعق ػػد ،تبق ػػى فمس ػػفة أفالط ػػوف ذات معي ػػار
واحد ،فجميع األشياء ومنيا الفف تقاس بالنياية بمقياس واحػد ،ىػو عالقػة ىػذه األشػياء
باألفكار التي تمثميا فيكوف الشاعر استناداً إلى ىذا المنطؽ منافساً لصػاحب الصػنعة
وىكػػذا :يكػػوف الفيمسػػوؼ محاكي ػاً :والشػػاعر محاكي ػاً أنّ أنيمػػا مختمفػػاف مػػف جيػػة
انتج ػ ػػاه والمس ػ ػػافة الم ػ ػػؤديتيف إل ػ ػػى الحقيق ػ ػػة .المقم ػ ػػد "الش ػ ػػاعر" "ى ػ ػػو ص ػ ػػانع الخي ػ ػػاؿ"
والفيمسوؼ ىو صانع الحقيقة( .)85ويضع األسػتاذ "جوناتػاف تيػت" يػده عمػى صػمب ىػذا
انلتباس بقولو "إف لممحاكاة عند اإلغريػؽ معنيػيف ىمػا :معنػى حسػف ورخػر سػيء .فقػد
تكػػوف المحاكػػاة عميػػاء زائفػػة ،أو قػػد تشػػير إلػػى نشػػاط ابتػػداعي فالشػػاعر .ىػػو المحػػاكي
األعمػى ،والمحػاكي اإلبتػػداعي ىػو الفيمسػوؼ( .)86وىكػػذا ينيػار مفيػوـ التقميػػد ،ألنػو لػػو
كانت المحاكاة تقميداً لكاف الشاعر أعظـ المبصريف وليس مف العمياف ولػو كػاف كػذلؾ
عد الفيمسوؼ مقمداً إبتداعياً!
إلمكننا ّ
أفالطوف إذف ن يرفض فكرة المحاكاة..ألف "المحاكاة" ىي جوىر عمؿ الفيمسوؼ
اإلغريقي "لكنو يرفض فكرة محاكاة الظواىر والنني عف محاكاة العالـ المثالي"(.)87
فالتقمي ػػد والمحاك ػػاة إذف مفيوم ػػاف متا ػػايراف ،تقمي ػػد الق ػػرد لإنس ػػاف ،أم ػػا "المحاك ػػاة
األفالطونية" في الفف فتعني البعد عف الحقيقة "العمى".
إف التقميػػد يحيػػؿ إلػػى مطابقػػة مػػع شػػيء رخػػر .ولمػػا كػػاف أفالطػػوف قػػد ركػػز فػػي
نظريتو عف المحاكاة عمى "الرساـ" وجعؿ الشاعر ممحقاً بو ،أرف الشاعر كالرساـ(.)88
أحيػػؿ مصػػطمح المحاكػػاة دائم ػاً عمػػى "التقميػػد" بوصػػؼ الرسػػاـ نػػاقالً عػػف الطبيعػػة
نقالً حرفياً ،ون يسعؼ اعتراض األستاذ "ديجز" Deichesىنا "لماذا لـ ير "أفالطوف"
لقد وصؿ أفالطوف إلى نقطة "المررة والحقيقة" وبذلؾ يكوف مصطمح المحاكاة في
معبػ اًر عنػو بطمػب أفالطػوف "خػذ مػررة وأدرىػا إلػى كػؿ
منحاه السمبي "البعد عف الحقيقة" ّ
الجيػػات فننػػؾ فػػي الحػػاؿ تصػػنع الشػػمس وفػػي كػػؿ مػػا فػػي السػػموات والكواكػػب ونفسػػؾ
وغيرؾ ...ظاىرات كثيرة ..ولكنيا ليست أشياء موجودة حقيقية(.)90
ولكي يتحرر مصطمح المحاكاة مف بعده التقميدي لمظاىر ويكػوف محاكيػاً لممثػاؿ،
ينباي لو أف يقفز الظػاىر أو يػتكمـ عمػى المثػاؿ أي يجػب أف يكػوف الشػاعر أو الرسػاـ
مؤمنػاً بالعقػػؿ الػػذي بػػدوره سػػينتج فنػاً نبػػيالً سػػامياً .ولكػػي نػػزداد اقتناعػاً بتاػػاير مفيػػومي
المحاكاة األفالطونية والتقميد نورد بعضاً مػف انقتباسػات التػي وردت فػي سػياؽ عػرض
مصطمح "التقميد" في النسخة العربية ومصطمح المحاكاة كما يريده أفالطوف:
()91
-فف التقميد في رأيي قد طمؽ الحقيقة بتاتاً
ويقػػوؿ سػػقراط فػػي محاورتػػو مػػع "غموكػػوف" عػػف "المقمػػد" بننػػو حسػػب رأينػػا "يػػدرؾ
الظػ ػػاىر دوف الحقيقػ ػػة"(...)94ويقمػ ػػد أوصػ ػػاؼ الجمػ ػػاؿ المبيمػ ػػة الرائجػ ػػة عنػ ػػد جميػ ػػور
األمييف(.)95
وىكػػذا نسػػتخمص أف المحاكػػاة عنػػد أفالطػػوف إذا خمّصػػناىا مػػف ش ػوائب انشػػااليا
ب ػػالظواىر وتوس ػػطيا ب ػػالحواس ،ن تحت ػػوي عم ػػى نظري ػػة جمالي ػػة ب ػػالمعنى ال ػػدقيؽ لي ػػذه
المفظػػة .فػػال تركيػػب ع ػػالـ أفالطػػوف لس ػمّـ الطبقػػات م ػػف الجميوريػػة ،ون أسػػموب جدل ػػو
يسػػمح لنػػا أف نعػ ّػد الفػػف عنػػده إنتاج ػاً خاص ػاً لػػو كيانػػو طبق ػاً لمقػػاييس خاصػػة ومنطػػؽ
خاص بو ،ولػيس فػي محاو ارتػو سػوف اتجػاه واحػد ومسػنلة واحػدة ،وىػي تحسػيف الحالػة
انجتماعية وحالة اإلنساف ورفعيا إلى منزلة الكماؿ التي ن يمكف أف تنفصػؿ أبػداً عػف
مسنلة الحقيقة والعدؿ والفضيمة(.)97
المحاكاة األرسطية:
يعػ ّػرؼ أرسػػطو الفػػف بننػػو محاكػػاة .فيػػرف أف الشػػعر الممحمػػي والتراجيػػديا وكػػذلؾ
الكوميػػديا وشػػعر الػػديثرامب "أو المزمػػار والقيثػػارة" ،ىػػي كميػػا عمػػى العمػػوـ ضػػروب مػػف
المحاكاة ،واألمور التي يتناوليا المقمد ىي األعمػاؿ ،بيػد أف اخػتالؼ وظيفػة المحاكػاة
فػػي مؤلفػػات "أرسػػطو" عنيػػا فػػي كتابػػات "أفالطػػوف" إنمػػا يػػدؿ عمػػى اخػػتالؼ جػػذري فػػي
نظرة الفيمسوفيف إلى الفف.
وأرسػػطو يرتقػػي "اسػػتناداً إلػػى ىػػذا المفيػػوـ" بالشػػعر والفػػف إلػػى مسػػتوف مػػف إظيػػار
الحقيقة وعكسيا ويتجاوز عدداً مف أنماط المعارؼ المشػيود ليػا بالموضػوعية والرسػوخ
-العممي -كالتاري -الذي يتخذ منو أرسػطو مػثالً فػي مقطػع شػيير مػف مقػاطع فػف
الشػػعر يقػػرر فيػػو :أف الشػػعر أكثػػر فمسػػفة مػػف التػػاري وأعمػػى قيمػػة منػػو .ورأف أف الفػػف
سبب في إضفاء شكؿ خارجي عمى مادة ذات وجود سػابؽ( .)99وقػد رأف أف المحػاكي:
إما أف يصور األشياء كما كانت ،أو كما ىي فػي الواقػع ،أو كمػا يصػفيا النػاس وتبػدو
عميو أو "كما يجب أف تكوف"(.)100
لقد وضع أرسطو أربعة مسببات أو "عمػؿ" تتضػافر عمػى تكػويف أي نتػاج طبيعػي
أو صػػناعي وىػػي :الماديػػة ،والصػػورية والفاعميػػة والاائيػػة التػػي يعػػرض ليػػا أرسػػطو فػػي
تسمسميا عمى النحو التالي:
.1امف عنو يكوف الشيء ،وفيو يقوـ ،فيو سبب" ،مثاؿ ذلؾ النحاس لمتمثاؿ"...
.4يق ػػاؿ أس ػػباب عم ػػى الص ػػورة أو المث ػػاؿ أي الق ػػوؿ ال ػػداؿ عم ػػى ماىي ػػة الش ػػيء
وأجناسو مثؿ "سبب النامة بالكؿ " "Octaveىي ...1-4وأيضاً.
.3عف الشيء الذي منو مبدأ الحركة والوقوؼ "كاألب ىو سبب انبف"
وبيػػذا يختصػػر أرسػػطو القػػوؿ بػػالفف :إف موجػػودات ىػػذا العػػالـ مركبػػة مػػف مػػادة
وصػػورة .المػػادة ىػػي النسػػيج الخػػاـ الػػذي يشػػكؿ ق ػواـ الشػػيء ،والصػػورة :ىػػي الجػػوىر
المػدرؾ ،أو المعقػػوؿ الػػذي نتجػاوب معػػو مػػا أف يعػرض الشػػيء لنػػا لنيتػؼ قػػائميف :ىػػذه
منضدة ،عمى حد تعبير جونز(.)102
وعم ػػى ى ػػذا النح ػػو ف ػػنف م ػػف وجي ػػة النظ ػػر األرس ػػطية :أف تك ػػوف جمي ػػع أنم ػػاط
اإلدراؾ التػػي تجػػري عػػادة عمػػى ىػػذا النحػػو ،ىػػي عفويػػة وخاليػػة مػػف التفكيػػر أو إمعػػاف
النظر .فالناس يميزوف األشياء بمجرد أف تقع أعينيـ عمييا ،أي أنيـ ن يتنمموف في
كيفيػػة وقػػوع ىػػذا اإلدراؾ الػػذي ىػػو فػػي حقيقتػػو سمسػػمة مػػف العمميػػات المركبػػة غيػػر أف
الفناف -مميز في ذلػؾ مػف الرجػؿ انعتيػادي -ومػف الفيمسػوؼ معػاً -يتوجػو صػوب
إمع ػػاف النظ ػػر وبك ػػؿ م ػػا يمم ػػؾ م ػػف طاق ػػة باتج ػػاه التعام ػػؿ م ػػع الجان ػػب الص ػػوري م ػػف
األشياء ،منيمكػاً تمامػاً فػي كيفيػة صػبو فػي القالػب المناسػب الػذي يتيحػو لػو نػوع الفػف
ال ػ ػػذي يمارس ػ ػػو واض ػ ػػعاً نص ػ ػػب عيني ػ ػػو أف يج ػ ػػيء عمم ػ ػػو ،محسوسػ ػ ػاً وم ػ ػػدركاً بالش ػ ػػكؿ
المطموب(.)103
وىػػذا يعنػػي أنػػو فػػي الوقػػت الػػذي يفسػػر فيػػو أفالطػػوف اإلنشػػاء الفنػػي متطمبػاً إقامػػة
تنػػاظر بينػػو وبػػيف األنمػػوذج الكػػوني العقالنػػي الػػذي يصػػنعو فػػي عػػالـ المثػػؿ ،ويفسػػر
الت ػػنثر ب ػػو ب ػػافتراض عالق ػػة مض ػػاىاة الك ػػوف ب ػػالنفس اإلنس ػػانية ف ػػي ن ػػوع م ػػف العالق ػػة
الشػبيية "بمػوازاة النظػػائر" ،فػإف أرسػػطو بإلاائػػو ثنائيػة الكػػوف األفالطػػوني لػـ يعػػد أمامػػو
بمعنى أف الفناف عندما يتجو نحو محاكاة الجانب الصوري مف األشػياء فننػو أنمػا
يكػػوف محاكيػاً لمجػػزء الحقيقػػي ن ال ازئػػؼ منيػػا كمػػا كػػاف "أفالطػػوف" يعتقػػد ،وىػػي محاكػػاة
تتػ ػ ػ ػػيح لػ ػ ػ ػػو إعػ ػ ػ ػػادة تكػ ػ ػ ػػويف الصػ ػ ػ ػػورة المدركػ ػ ػ ػػة عقمي ػ ػ ػ ػاً ن نسػ ػ ػ ػػخيا بشػ ػ ػ ػػكؿ حرفػ ػ ػ ػػي
"أي تع ػػذر انختػ ػراؽ لممس ػػافة ب ػػيف ص ػػورية الش ػػيء وب ػػيف التمثي ػػؿ الن ػػاتج ل ػػو ف ػػي م ػػادة
محسوس ػػة ،واذا أخ ػػذنا بانعتب ػػار الجان ػػب الص ػػوري م ػػف الش ػػيء ...ي ػػدؿ عم ػػى الماىي ػػة
الجنس" .كما يفعؿ أرسطو -فنف محاكاة الفناف لو ن تكوف محاكاة لمفػردي الجزئػي بػؿ
تجيء تعبي اًر عف الحقيقة الكمية(.)104
يعػػرض "السػػير فيميػػب سػػدني" مػػا كػػاف يرمػػي إليػػو أرسػػطو كمػػا يػػنتي" :الشػػاعر ن
يصػػور ،أو يحػػاكي أو يعبػػر أو يبحػػث فػػي األشػػياء الموجػػودة قبػػؿ ذلػػؾ بػػؿ ىػػو ينتػػزع
أشياء جديدة"(.)105
( )104بالتفاصػيؿ ينظػػر ،سػارتوف ،جػػورج ،تػاري العمػػـ ،مجموعػة مػػف المتػرجميف ط ،3دار المعػػارؼ ،القػػاىرة
1978ص.64
( )105المطمبي ،عبد الجبار ،مصدر سابؽ ذكره ،ص.128
( )106ىياؿ :فكرة الجماؿ ،ترجمة جورج طرابيشي ،دار الطميعة ،بيروت ،ص.36-35
88
أىميتيػػا مػػف ناقػػد إلػػى ناقػػد ومػػف زمػػف إلػػى زمػػف ،كمػػا اختمػػؼ الفنػػانوف فػػي نظػرتيـ إلػػى
الكوف.
يعرض "ىياػؿ" لنظريػة المحاكػاة عمػى النحػو التػالي" :يكمػف اليػدؼ األسػاس لمفػف
بموجب ىذا التصور ،في المحاكاة ،وفي عبػارة أخػرف ،فػي انستنسػاخ البػارع لألشػياء
كمػا ىػػي موجػػودة فػي الطبيعػػة،وتكوف ضػػرورة مثػؿ ىػػذا التقميػػد الػذي يػػتـ وفقػاً لمطبيعػػة
مصد اًر بالتالي لمذة.
إف تعريؼ "ىياؿ" ىذا ىػو تعريػؼ ذاتػي محػض إذ يعػزو الفػف لمصػانع ن لمكيفيػة
التػػي يصػػنعيا ويصػػنع بيػػا ،إنيػػا لػػذة الصػػانع .وبػػذلؾ فيػػو يعػػزو إلػػى الفػػف ىػػدفاً شػػكمياً
خالص ػاً .ىػػدؼ إعػػادة صػػنع مػػا ىػػو موجػػود فػػي العػػالـ الخػػارجي كمػػا ىػػو موجػػود فيػػو
بالوسائؿ المتاحة لإنساف.
ويػػرف "يػػونج" فػػي كتابػػو نظ ػرات فػػي التػػنليؼ األصػػيؿ :المحاكػػاة نوعػػاف محاكػػاة
الطبيعػػة ومحاكػػاة المػػؤلفيف ،فالمؤلفػػات التػػي تعتمػػد عمػػى النػػوع األوؿ تػػدعى باألصػػيمة،
بػػؿ إف العبقريػػة األصػػيمة تصػػبح فػػي الحقيقػػة أشػػبو بالبحػػث العممػػي ويمتػػد أماميػػا حقػػؿ
الطبيعػػ ػػة الواسػ ػ ػػع ،حيػػ ػػث تنطمػ ػ ػػؽ فيػػ ػػو مػ ػ ػػف دوف قيػػ ػػد وتكشػ ػ ػػؼ جمي ػ ػػع مػ ػ ػػا تسػ ػ ػػتطيع
اكتشافو(.)107
ويخمػػص "يػػونج" إلػػى التفرقػػة بػػيف نػػوعيف مػػف المحاكػػاة ،محاكػػاة الطبيعػػة ومحاكػػاة
المؤلفيف كما ذكرنا ،ومحاكو الطبيعة ىـ أصحاب األصالة في الشعر"(.)108
( )107ينظر ـ.ىػ .ابرامز ،انتجاىات األساسية لنظريات النقد ،مصدر سبؽ ذكره،ص.194
( )108ينظر فف الشعر ،مصدر سبؽ ذكره ،ص.17
89
أمػػا الكػػاىف ج ،،مػػوير فقػػد عػ َّػد العبقريػػة" ىػػي القػػدرة عمػػى اكتشػػاؼ ا لػؼ الصػػور
الجديدة والمميزات وعناصر التشابو في الظواىر المنلوفة لمطبيعة( .)109في حػيف يشػير
شػػارؿ بػػاتو فػػي كتػػاب الفنػػوف الجميمػػة والقاعػػدة الواحػػدة" :إف المحاكػػاة ليسػػت محاكػػاة
الفجػػة لمحيػػاة اليوميػػة ،بػػؿ محاكػػاة الطبيعػػة الجميمػػة ،أي التشػ ّػبو بالحقيقػػة التػػي
الحقيقػػة ّ
يمكػػف صػػياغتيا بجمػػع الصػػفات المػػنخوذة مػػف األشػػياء المنفػػردة ووضػػعيا فػػي قالػػب لػػو
جميع صفات الكماؿ التي يمكف أف تتوفر فيو ...واف أكثر القواعد المعروفة ترجػع فػي
أصػميا إلػى المحاكػػاة وىػي تؤلػؼ نوعػاً مػف الرابطػػة يسػتطيع بيػا الفكػػر أف يفيػـ النتػػائج
والقواعػػد الس ػريعة نفسػػيا وكننيػػا وحػػدة قػػد اكتمػػؿ بناؤىػػا ،يسػػند كػػؿ جػػزء فييػػا األج ػزاء
األخرف(.)110
ويستعير ت .س .اليوت التفسير األرسطي لمحاكاة الطبيعػة مختػزنً معنػى الخمػؽ
فػػي المحاكػػاة" :الشػػاعر يعمػػؿ مػػا تعممػػو الطبيعػػة بقػػوة التخييػػؿ" .أو كمػػا يقػػوؿ" :الفنػػاف
يحاكي الطبيعة في الخمؽ"(.)111
وىكػػذا ينتقػػؿ بنػػا "اليػػوت" إلػػى مػػا تعممػػو الطبيعػػة ن إلػػى مػػا تنتجػػو .ألف مػػا ينتجػػو
يعد الخياؿ منبعيا الرئيس.
الفناف ُيج امع مف منابع متعددة ّ
والخالصرررة :إن مصرررطمح المحاكررراة يعررراد أو يسرررتعاد كمفيررروم بطررررق متعرررددة
ومختمفة .بعايم يعيده لمجرد القبض عميو كما يفعل الالوعي البدا ي المستمر فينا
"الرسررم عمررك الكيررو "(*) وبعارريم يعيررده ليبررالخ وياررخم ،كمررا يقترررو الواقعيررون
وأيرا كانررت اإلعررادة ،فرإن المحاكرراة األرسررطية سررتظل المركرز الررذي يتنر ّروع حولررو
مفيوم المحاكاة وشرطو أن ىناك محاكياً ومحاكك وفعل محاكاة.
(*)
المفيوم الجشتالتي
يعد انتجاه الجشتالتي األساس األوؿ أو المقدمة لالتجاه البنيوي في الفػف واألدب
مستنداً في ذلؾ إلػى فكػرة :أف الكػؿ لػيس جميػع أج ازئػو ،بػؿ مختمػؼ عنيػا وأكبػر منيػا.
وبرغـ أف ىذا انتجاه قد أرسى الخطوات األولى فػي فيػـ الفػف خػارج لعبػة اننعكاسػات
الجزئي ػػة أو اننعكاس ػػات الممكنػ ػػة ،فإن ػػو ق ػػد جػ ػػرؼ مع ػػو أغم ػػب مق ػػونت عم ػػـ الجمػ ػػاؿ
"انستطيقا" مف مبدأ التوازف إلى مبدأ التناظر.
وعمػػى وفػػؽ ىػػذا المبػػدأ فقػػد أفػػادت نظريػػة األشػػكاؿ بنحػػو كبيػػر فػػي مجػػاؿ اإلدراؾ
مف الجشتالتييف اعتماداً عمػى التجربػة المباشػرة .وقػد قمػؿ الجشػتالتيوف مػف دور اننتبػاه
والثقافػة فػػي الوظيفػة اإلدراكيػػة عبػػر المعطيػات البصػرية فيػػـ يػروف :إف العػػالـ والصػػور
يفرضاف بنياتيما عمى الذات المتنممة .لقد قدـ الجشتالتيوف أربع فرضػيات حػوؿ عالقػة
الحس ػػي
ّ الك ػػؿ ب ػػاألجزاء ف ػػي الص ػػورة،مف ى ػػذه الفرض ػػيات اثنت ػػاف ح ػػوؿ طبيع ػػة اإلدراؾ
الفف .غالباً ما تكشؼ ىذه الرسوـ عف أشكاؿ أكثر ،مف ارتباطات أكثر ثقافية ووسطية بيف اإلنساف وبيف
الطبيعػػة ،إنػػو الالوعػػي الػػذي يحػػاوؿ معػػو إنسػػاف الكيػػوؼ مػػف اإلمسػػاؾ بالطبيعػػة مػػف خػػالؿ محاكاتيػػا بػػؿ
اليجوـ عمييا أف صح التعبير.
(*) الجشػػتالت Gestaltكممػػة ألمانيػػة تعنػػي (شػػكؿ ،أو نمػػط ،أو صػػياة) ينظػػر موسػػوعة عمػػـ الػػنفس ،إعػػداد
أسعد رزوؽ ،المؤسسة العربية لمدراسات والنشر ،بيروت ،1977 ،ص.98
91
"الكػ ػػؿ لمصػػػور واألشػ ػػكاؿ ،واثنتػ ػػاف حػ ػػوؿ طبيعػ ػػة العالقػ ػػة بػ ػػيف المكونػ ػػات
واألجزاء"(.)112
-1العالقررة بررين الكررل واألج رزاق:يبػػيف الجشػػتالتيوف أف إدراؾ صػػورة مػػا،ىو إدراؾ
مباشر حدسي ،انو في ا ف نفسو إدراؾ شعوري وح ّسي.
كػػؿ إدراؾ ىػػو كػػؿ شػػامؿ :فالػػذات تػػدرؾ الشػػكؿ كمجموعػػة مبنيػػة ن فاصػػؿ بػػيف
عناصػرىا ،األمػػر الػذي يظيػػر فػي العػػاب الخػدع حيػػث يػتـ عػػرض شػكميف أو صػػورتيف
تدركاف في تماثميما ولكف بعض عناصػرىما المكونػة تبػرز اختالفػاً ما،ىػذه انختالفػات
ن يمكػػف أف تػػدرؾ وترصػػد إنّ عبػػر مجيػػود انتبػاىي ومسػػح بصػػري مػػنظـ ،وبنػػاء عمػػى
ىػػذا يقػػروف بػػنف عمػػى التربيػػة البص ػرية أف تحػػارب الحكػػـ القبمػػي القائػػؿ :بننػػو يكفػػي أف
نبصر لنعتقد أننا فيمنا كؿ شيء وأحسسناه(.)113
أولية العالقات
-الكؿ يحتػوي األجػزاء وييػيمف عمييػا .فاإلنسػاف لػيس مجمػوع أعضػائو عػيف +
أذف +أنػػؼ +روح ..إنمػػا ىػػو أكبػػر منيػػا انػػو مسػػنلة عالقػػات عػػيف × أذف × روح...
ال .
إف إدراؾ الكؿ ن يمكف أف يتـ بمجرد الجمع البسيط بيف األجزاء ولننخذ ا لمثػاؿ
التالي:
( )112لممزيػػد ينظػػر المػػاكري -محمػػد ،الشػػكؿ والخطػػاب ،مػػدخؿ لتحميػػؿ ظػػاىراتي ،المركػػز الثقػػافي العربػػي
-الدار البيضاء ،1991 ،ص.19 -17
( )113المصدر السابؽ ص.19
94
فالعناصر المكونة لألشػكاؿ ن تػدرؾ بوصػفيا عناصػر منفصػمة مسػتقمة وانمػا فػي
إطار كمي أي مثمث ثـ مستطيؿ ثـ دائرة.
إف إدراؾ الكػػؿ ن يمكػػف أف يػػتـ بمجػػرد الجمػػع البسػػيط بػػيف األج ػزاء .فػػإذا انتزعنػػا
عنص اًر مف كؿ لتحويمو إلى كؿ رخر ،فإف ىذا العنصر المحػوؿ سػينخذ دننت جديػدة
ومختمفة عف األولى ،كما أننا إذا انتزعنا عنص اًر ،فنننا سنحصؿ عمى مجموعة مختمفة
عف األولى وليس عمى الشكؿ األوؿ منقوصاً منو العنصر المحوؿ .والشػيء نفسػو فػي
حالة القياـ بتعويض عنصر بهخر.
وكمثػػاؿ عمػػى المعطيػػات البص ػرية التػػي تقػػوـ عمػػى اسػػتثمار الفرضػػية الجشػػتالتية
ح ػػوؿ عالق ػػة الك ػػؿ واألجػ ػزاء ي ػػورد "كوك ػػون" و"بيروتي ػػت" مث ػػانً م ػػف الك ػػونج ف ػػي الف ػػف
التشكيمي ،فعندما أعاد الفناف "مارسيؿ دوكامػب "M.Duchampإنتػاج لوحػة "دافنشػي
-الجوكندا" سنة 1919مدمجاً في الموحة ثالثة عناصػر -شػارب خفيػؼ -لحيػة صػايرة
والعن ػواف " ."LH.O.O.Oإف النػػاظر ىنػػا ن يػػرف الموحػػة نفسػػيا "جوكنػػدا" إض ػافة إلػػى
ثالثػة عناصػر ازئػػدة ،ولكنػو يػرف صػػورة ذات دننت جديػدة .لقػد تحولػػت الجوكنػدا إلػػى
رجؿ.)114( ...
وىنػػا نسػػتخمص أوليػػة العالقػػة بػػيف األج ػزاء داخػػؿ المجموعػػة المقدمػػة عمػػى ذات
األج ػزاء وبػػذلؾ نػػدرؾ الشػػيء المنظػػور بالعالقػػات القائمػػة بػػيف مكوناتػػو بخػػالؼ الرؤيػػة
التي ن تتجاوز كونيا رصداً لو في كميتو بعد عالقة الكػؿ بػاألجزاء( .)115والحػاؿ يكػوف
الكؿ ىػو شػيء غيػر مجمػوع العناصػر ،فالعناصػر ن تك ّػوف واقعيػة الشػيء ثػـ أف الكػؿ
ندرؾ النجوـ عمػى أرضػية ىػي السػماء ،والمػوح عمػى أرضػية ىػي الجػدار ،والكممػة
المكتوبة عمى ورقػة ،ونػدرؾ الصػوت عمػى أرضػية ىػي الصػمت ...تتميػز الصػورة عػف
األرضية بننيا تجذب اننتباه وىػي ذات حػدود وتنظػيـ وصػباة خاصػة داخػؿ األرضػية
التػػي تػػدرؾ بمنزلػػة اإلطػػار العػػاـ ،وتكػػوف األرضػػية بػػال شػػؾ غيػػر محػػددة وغيػػر منظمػػة
وغير عضوية .إف كؿ شيء حسي ن يتوحد ..إنّ في عالقة مع أرضية ما(.)117
ىناؾ دائماً فارؽ ذاتي ممحػوظ بينيمػا وخصػائص وظيفيػة ،فميسػت المثيػرات عمػى
درجػػة متسػػاوية فػػي الحػػدة ،بػػؿ ن بػػد مػػف فػػارؽ ليحصػػؿ اإلدراؾ ،وقػػد درس الفػػرؽ بػػيف
الصػػورة "أو الموضػػوع" واألرضػػية أ .روبػػف" :ولػػيس أدؿ عمػػى توضػػيح ذلػػؾ مػػف المجػػوء
إلى بعػض األمثمػة حيػث تػدرؾ الصػورة عمػى أنيػا تػارة أرضػية وطػو اًر صػورة وبػالعكس،
أي أنيما يتعاقباف الدور الواحد ويكوف لكؿ منيما وحدتو أو الكمية الخاصة بو(.)118
فػػي الرسػػـ " "1يبػػدو الصػػميب الرقيػػؽ األذرع ىػػو الشػػكؿ األشػػد اسػػتق ار اًر والطبيعػػي
أكثػر مػػف شػػكؿ الصػػميب ا خػر ،لكػػف انتقػػاء واحػػد منيمػا كصػػورة يجعػػؿ ا خػػر أرضػػية
( )116ينظر زيعور -،عمػي :مػذاىب عمػـ الػنفس المعاصػر ،دار األنػدلس لمطباعػة والنشػر ،بيػروت،1971 ،
ص.316
( )117المصدر السابؽ ص .334
( )118المصدر نفسو.
92
لو ،ونحف ن نسػتطيع أف نػرف فػي رف واحػد أو بطريقػة متزامنػة الصػميبيف بعضػيما مػع
بعض ،فإذا بدا واحد اختفى ا خر ،ىنا إذف وحدتاف :وحدة الصورة ووحدة األرضية.
وفػػي ىػػذا المبػػدأ يمكػػف الوقػػوؼ عمػػى معطيػػات بصػرية ن يمكػػف التمييػػز فييػػا بػػيف
العمػ ػػؽ والشػ ػػكؿ بمثػ ػػؿ ىػ ػػذه السػ ػػيولة السػ ػػالفة مػ ػػف ذلػ ػػؾ مػ ػػثالً الحػ ػػانت التػ ػػي يوردىػ ػػا
"بوؿ كيوـ" والتي يوجد فييا جػزرف مػف الحقػؿ غيػر متايػريف موضػوعياً ولكػف يمكػف أف
ينظر إلييمػا بالتنػاوب فػي دوري الشػكؿ والعمػؽ ومػف ذلػؾ مػثالً الحالػة البصػرية التاليػة
في الشكؿ ":"4
في األنموذج يمكف أف أرف صميباً مكونػاً مػف القطاعػات المحتويػة عمػى شػعاعات
لدائرة منفصالً عػف عمػؽ تكػوف القطاعػات الدائريػة المتعاقبػة ،يخمػؽ لػدينا انطباعػاً بػنف
جسػػماً شػػبو بػػارز يمػػوح عمػػى العمػػؽ ،وىػػذا اننطبػػاع يتنكػػد بمجػػرد أف ننخػػذ الصػػورة فػػي
وحػػدتيا الطبيعيػػة ،وىنػػاؾ انطبػػاع رخػػر أكثػػر مفارقػػة ىػػو أف العمػػؽ يتواصػػؿ مختفي ػاً
أسػػفؿ الصػػورة "الصػػميب" .أننػػا نحػػس تواصػػؿ األقػواس الػػدوائر ،عمػػى الػػرغـ مػػف أننػػا ن
95
نراه واقعياً .إف األمػر ىنػا ن يتعمػؽ بمعرفػة ،ذلػؾ إننػا فػي الحقيقػة ن نعػرؼ شػيئاً عػف
تركيب خفي مف ىذا النوع المجيوؿ(.)119
ن يجب أف نقوؿ أننا نتخيؿ العمؽ أسفؿ الصورة ،وذلؾ أنو في اإلدراؾ التمقػائي
ليذا األنموذج ،ن نحقػؽ الصػورة بنجزائيػا الخفيػة بالفعػؿ ،لكػف إذا تنممنػا ىػذا األنمػوذج
ل ػػبعض الوق ػػت يمك ػػف أف يح ػػدث تايي ػػر مف ػػاج ،س ػػتبرز ص ػػورة جدي ػػدة غي ػػر متوقع ػػة،
صميب رخر مكوف مف أقواس حمزونية ،انو ىػو الػذي يبػدو ا ف بػار اًز فػي حػيف اختفػى
الصػػميب ا خػػر ،والحقػػؿ الػػذي يالزمػػو أصػػبح جػػزءاً مػػف العمػػؽ ،والشػػعاعات ىػػي التػػي
تعطي اننطباع المفارؽ بانمتداد عمى نمط واحد أسفؿ الصورة.
نستخمص مف المثاؿ المقدـ رنفاً حقيقتػيف :أونىمػا أف قواعػد التمييػز والفصػؿ بػيف
الشكؿ وعمقػو ىػي قػوانيف ن تنسػحب عمػى كػؿ األشػكاؿ البصػرية ،إذ يمكػف أف يكػوف
إدراكن ػػا محكومػ ػاً بخ ػػداع بص ػػري ،وثانيتيم ػػا أف لمش ػػكؿ ص ػػورة وحاف ػػات نزم ػػة لمفص ػػؿ
والتمييز في حيف أف العمؽ ن حافات لو ون صورة(.)120
-2إدراك الفااق
-الموضعة.
-انتجاه.
-العظـ.
-المسافة.
-قانوف اإلنتظاـ والتقابؿ :يتعمؽ األمػر بالتقسػيـ المػنظـ والتقػابمي لعناصػر شػكؿ
معيف.
-قانوف انختالؼ :الشكؿ المبيف بكيفية غريبة يبػرز فػي الفضػاء بشػكؿ أفضػؿ،
ويمكػ ػػف مالحظػ ػػة أىميػ ػػة ذلػ ػػؾ فػ ػػي اإلعالنػ ػػات والخطابػ ػػات البص ػ ػرية وصػ ػػور
الحاسوب(*).
وفي ضوء ما تقدـ يمكننا أف نوجز شروط اإلدراؾ البصػري فػي مفيػوـ الجشػتالت
إلى شرطيف أساسييف مف خالؿ نظرية ارنيايـ وىي:
أ -إف كؿ شيء يتـ إدراكو يؤخػذ حرفيػاً ،واصػؿ ىػذا انتجػاه تػـ التوصػؿ إليػو مػف
خالؿ الدراسات عمى األطفػاؿ الػذيف تعػامموا مػع الشػيء عمػى أنػو غيػر موجػود
عندما كاف يتـ استبعاده مف مجاؿ رؤيتيـ البصػرية ،فمػا ىػو مخت ٍ
ػؼ ن يوجػد.
والتفكير البصري لمفناف ىو أمر شبيو بيػذا أيضػاً ،فػإف مػا يوجػد مرئيػاً بطريقػة
جزئيػػة يوجػػد فقػػط كجػػزء ،والمواضػػع فػػي الفػراغ ن تكػػوف طػػائرة ،ومػػا ىػػو قريػػب
لمعيف يرتبط بطريقة أكثر جوىرية بالنسبة لممشاىد أكثر ممػا ىػو بعيػد ،والوجػو
(*) سنورد ذلؾ بالتفصيؿ في الفصؿ القادـ والخاص بالعالمة في فف الرسـ مف حيث اشتااليا ونظاميا.
97
الػػذي يظمػػؿ بػػالظالؿ واألل ػواف المعتمػػة تكػػوف الظممػػة أو العتمػػة إحػػدف سػػماتو
وخصائصو.
وطبيعي ػاً فإنػػو خػػالؿ ارتقػػاء المػػرء ف ػإف خصػػائص الصػػور "المباش ػرة" يػػتـ تػػدعيميا
م ػػف خ ػػالؿ ذاكػ ػرة الخبػ ػرات المبكػ ػرة بحي ػػث ي ػػتـ النظ ػػر إل ػػى الشاش ػػة الت ػػي تس ػػتعمؿ ف ػػي
تجػػارب األطفػػاؿ عمػػى أنيػػا تخفػػي شػػيئاً موجػػوداً وراءىػػا ،جػػزء منيػػا يػػرف وجػػزء يكػػوف
مختفيػ ػاً ،والج ػػزء ال ػػذي ُي ػػرف ى ػػو قطع ػػة م ػػف الج ػػزء المخف ػػي .وي ػػتعمـ اإلنس ػػاف ت ػػدريجياً
وبطريقػػة أكثػػر كفػػاءة أف يميػػز بػػيف المػػوف الجػػوىري والمػػوف المؤقػػت "والػػذي يمكػػف أف
يتاير".
وىذه التحسينات التي تط أر عمى عمميات اإلدراؾ المباشر ن تقوـ بتعػديؿ فقػط مػا
التصوير أيضاً ،كما في الشكؿ التالي: ()121
تـ رؤيتو في الطبيعة ولكف في فف
( )121ينظر د.عبد الحميد ،شاكر :العممية اإلبداعية في فف التصوير ،عالـ المعرفة المجمػس الػوطني لمثقافػة
والفنوف وا داب ،الكويت ،1987 ،ص.54
98
رأس الشكؿ فقط مرئية في لوحة تمجػن إلػى التفكيػر البصػري فػإف الشػكؿ دائمػاً
ما ُيرف عمى أنو غير مكتمؿ أو مجرد رأس أو بكونو خمواً مف الجسـ بطريقة
رمزية .وعندما يتـ ربط األشياء بعضيا ببعض مف خالؿ المواضع واألشػكاؿ
واأللػواف فػػنف العالقػػة ن تكػػوف مجػػرد عالقػػة بص ػرية أو "فيزيقيػػة" ولكػػف يجػػب
فيميا عمى أنيا رابطة وجودية بالمعنى العميؽ ليذه الكممة.
إف عتمة الموف األسود في لوحة "الجرنيكا" لبيكاسو يجب أف تفسر بطريقة رمزية.
إف التفكيػػر البصػػري يعػػالج مادتػػو مػػف خػػالؿ عمميػػات منلوفػػة لنػػا عػػف انسػػتدنؿ
التجريدي ،انو يطبؽ بعض العالقات المنطقيػة المسػتعممة فػي الماػة مػع التنكيػد بػالطبع
عم ػػى دنل ػػة األش ػػكاؿ وأىمي ػػة العالق ػػات بيني ػػا ،وال ػػدننت العام ػػة والخاص ػػة لك ػػؿ مني ػػا
وليس مف خالؿ التنكيد عمى الحروؼ والكممات(.)122
( )122ينظ ػػر المص ػػدر الس ػػابؽ ،ص ،54ولممزيػ ػػد ينظ ػػر د ارس ػػة ارني ػػيـ لمجيرنيكػ ػػا ص ،53وم ػػا بع ػػدىا فػ ػػي
المصدر نفسو.
99
فيػػو ىػػو أىػػـ مػػا تقػػدـ بيػػا الجشػػتالتيوف .مثممػػا كػػاف "أرسػػطو" مقدمػػة لمتفكيػػر الجشػػتالتي
ػاف مقدم ػػة لمتفكي ػػر البن ػػائي وم ػػف ث ػػـ لمتفكي ػػر الس ػػيميوطيقي
فػ ػإف التفكي ػػر الجش ػػتالتي ك ػ ا
عامة.
ّ
المفيوم السيميوطيقي
تحديد المفيوم:
لعػؿ أوؿ خطػػوة منيجيػػة ينباػػي القيػاـ بيػػا فػػي معالجػػة ىػذا الموضػػوع ىػػي تحديػػد
المفػػاىيـ الخاص ػػة بالصػػورة والس ػػيميوطيقا .يع ػػرؼ "روبيػػرت" " "Robertالص ػػورة بنني ػػا
إعػػادة إنتػػاج طبػػؽ األصػػؿ أو تمثيػػؿ مشػػابو لكػػائف أو شػػيء .ويحيػػؿ أصػػؿ المصػػطمح
انشػػتقاقي عمػػى فك ػرة النس ػ والمشػػابية والتمثيػػؿ والمحاكػػاة " ارجػػع :مبحػػث :مصػػطمح
الصػ ػ ػ ػػورة"..ذلػ ػ ػ ػػؾ إف الفعػ ػ ػ ػػؿ الالتينػ ػ ػ ػػي " "1mitarيعنػ ػ ػ ػػي إعػ ػ ػ ػػادة اإلنتػ ػ ػ ػػاج بوسػ ػ ػ ػػاطة
المحاكاة(.)123
أما في انصطالح السيميوطيقي فنف الصورة تنضوي تحت نػوع أعػـ يطمػؽ عميػو
مصػػطمح "األيقونيػػة "Iconicityوىػػو يشػػمؿ العالمػػات التػػي تكػػوف فييػػا العالقػػة بػػيف
الداؿ والمرجع قائمة عمى المشابية والتماثؿ.
ولع ػػؿ أوؿ م ػػف ق ػػدـ تعريفػ ػاً مرجعيػ ػاً لي ػػذا المفي ػػوـ ى ػػو الع ػػالـ األمريك ػػي "تش ػػارؿ
سػاندرس بيػرس" .فػإذا كانػت العالقػة بػيف العالمػة والمرجػع اعتباطيػة فػي الرمػز ومعممػػة
بوساطة المجاورة أو السببية في القرينة فػإف مػا يخصػص العالمػة األيقونيػة ىػو شػبييا
النش ػػوئي بالموض ػػوع المح ػػاؿ عمي ػػو ون يي ػػـ ف ػػي نظ ػػر "بي ػػرس" إف كان ػػت ى ػػذه العالم ػػة
"بصرية" صورة مثالً أو سمعية(.)124
( )123المعماري ،محمد ،الصورة والماة (مقاربة سيميوطيقة) في مجمة فكػر ونقػد الربػاط ،الماػرب العػدد ،13
نوفمبر ،1998 ،ص.133
( )124المصدر السابؽ.
111
وليػػذا تعػػد سػػيميوطيقا بيػػرس أنسػػب أنمػػوذج يرجػػع إليػػو لالشػػتااؿ عمػػى الخطابػػات
البصرية التقنية في مجاؿ التمثيؿ واعادة إنتاج الواقع عمى قمب تاري التمثيؿ البصػري
التقميػػدي المسػػمى "يقون ػاً" منػػذ مطمػػع القػػرف الحػػالي ،فمػػف جيػػة سػػوؼ تحتكػػر الصػػورة
الفوتوغرافية مجموعة مف مجانت التعبير التي كانت مف نصيب الفنػوف التشػكيمية مػف
مثػػؿ رسػػـ الطبيعػػة "والصػػور الشخصػػية" إلػػى غيػػر ذلػػؾ .ومػػف جيػػة ثانيػػة سػػوؼ تعمػػؿ
السػػينما عم ػى تطػػوير اسػػتعماؿ الطػػرؽ الفوتوغرافيػػة وتقنياتيػػا ،وعمػػى الخصػػوص فيمػػا
يتعمػػؽ بتمثيػػؿ الوقػػائع والمشػػاىد المتحركػػة مانحػػة بػػذلؾ مجػػانً واسػػعاً ومفيوم ػاً جديػػداً
لحفػػؿ الع ػػرض ال ػػذي كػػاف حكػ ػ اًر عم ػػى الفػػف المس ػػرحي .وم ػػف جيػػة ثالث ػػة س ػػوؼ يا ػػزو
الحاس ػػوب انلكترون ػػي مج ػػاؿ البصػ ػريات بقدرت ػػو الفائق ػػة عم ػػى إنت ػػاج معطي ػػات بصػ ػرية
متعػ ػػددة تت ػ ػراوح بػ ػػيف المعطيػ ػػات الفنيػ ػػة الخاصػ ػػة والبيانػ ػػات البص ػ ػرية الدقيقػ ػػة لتحميػ ػػؿ
المعطيػات ،ومجػاؿ تصػميـ األشػكاؿ المتعػػددة لالسػتعمانت التقنيػة فػي مجػانت الرسػػـ
الصناعي وفنوف الديكور وانتصانت السمعية -البصرية(.)125
إف نظريػػة "بيػػرس" ن تيػػتـ بمعرفػػة عالقػػة الظ ػواىر التػػي تدرسػػيا بالوقػػائع ،كمػػا
تتجاى ػػؿ البح ػػث ف ػػي العالق ػػات الممكن ػػة ب ػػيف فئ ػػات الظػ ػواىر والوق ػػائع الس ػػيكولوجية أو
غيرىا .إنيا تقؼ فقػط عنػد المظػاىر ...واذا أبصػرنا "بيػرس" مػف زاويػة أفالطونيػة فإننػا
سػنجد أف الصػػورة أصػبحت ذات وجػػود مػرروي محػػض ،أي مػف غيػػر أف تكػوف ىنػػاؾ
ذات تقػػؼ قبالتيػػا .وكنننػػا نعػػيش حالػػة الم ػررة فقػػط .إف "بيػػرس" فػػي سػػعيو إلػػى تناسػػؿ
الص ػػور ق ػػد س ػػجف البشػ ػرية ف ػػي مػ ػررة وق ػػد أقص ػػى تمامػ ػاً "القط ػػب الثال ػػث" أي المرج ػػع
الخػػارجي الػػذي كػػاف "سوسػػير" قػػد أقصػػاه أو الػػذي يعػػد ثالػػث ثالثػػة فػػي مثمػػث ريتشػػاردز
واوجدف(*).
عالمة نوعية
المصورة المواوع
-1انوننيػػة :ىػػي نمػػط الوجػػود الػػذي يقػػوـ عمػػى واقػػع كػػوف موضػػوع /ذات ىػػي
موضػػوعياً كمػػا ىػػي مػػف دوف اعتبػػار أي شػػيء ،رخػػر ،أنيػػا وجػػود الشػػيء أو
الذات.
أف مضموف ىػذه المقولػة يتحػدد فػي األحاسػيس والنوعيػات كػاأللـ والخػوؼ والفػرح
والحػػزف ،وكػػاألحمر واألخضػػر والمػػر والخشػػف والمػػيف ،ىػػذه األحاسػػيس وىػػذه النوعيػػات
ىي كما ىي ون تحػدد إنّ مػف خػالؿ خصائصػيا الذاتيػة مػف دوف تسػاؤؿ عػف تجسػدىا
أو عدـ تجسدىا في شيء رخر...
إف الطابع الكمي والالمحدود لالوننية ىو الذي يجعؿ مػف وجودىػا وجػوداً ىشػاً إذ
أف وعي معطياتيا ىو قتػؿ ليػا :إننػي أشػعر بػنلـ" إحسػاس غػامض وغيػر محػدد" لكنػي
114
بمجرد أف أحدد طبيعة ىذا األلـ فننني أكوف قد تجاوزت انوننية لكػي ادخػؿ فػي نظػاـ
الثانيانية.
-4الثانيانية :وىي وجود الواقعة الفعمية ،أي نمط وجود الشيء ،أي اننتقػاؿ مػف
التواصؿ المنفمػت إلػى الوجػود العينػي المتجسػد بمقػولتي الزمػاف والمكػاف ،فػإذا
كاف األحمر في ذاتو غير قابؿ لموصؼ ،واذا كاف األلـ والسعادة غير قابميف
لمتحديد مف خالؿ خصائصيما الذاتية ،فإف اننتقاؿ إلػى الثانيانيػة معنػاه نقػؿ
ىػػذه األحاس ػػيس وى ػػذه النوعي ػػات م ػػف الط ػػابع الالمح ػػدود إل ػػى المح ػػدد ض ػػمف
وقػػائع قابمػػة لػػإدراؾ كوجػػود عينػػي فػػاألحمر قبػػؿ وجػػود شػػيء أحمػػر لػػـ يكػػف
سػػوف مكػػاف لكنػػو وقػػد تجسػػد فيثػػوب احمػػر "وعمػػـ أحمػػر" فإنػػو يتحػػوؿ مػػف
اإلمكاف إلى الوجود.
-3الثالثانية :ىي الشرط الضروري إلنتػاج القػانوف والضػرورة والفكػر والدنلػة فػال
يمكػػف لػػألوؿ أف يحيػػؿ عمػػى الثػػاني إنّ مػػف خػػالؿ وجػػود عنصػػر ثالػػث ي ػربط
بينيمػػا ،أي ىػػو العنصػػر الوسػػيط .أف الع ػػادة التػػي تسػػمح لنػػا بتنويػػؿ س ػػموؾ
معيف ،والقانوف الذي يجعؿ مف الحديد يتمدد بالنػار ،والػذي يسػمح لنػا بػالربط
بػ ػػيف األحمػ ػػر كوجػ ػػود غيػ ػػر محػ ػػدد إلػ ػػى األحمػ ػػر كوجػ ػػود حقيقػ ػػي ،كػ ػػؿ ىػ ػػذه
العناصر تشػتاؿ كثالثانيػة تسػمح لنػا بػالتخمص مػف مقتضػيات الوجػود العينػي
والتحمي ػػؽ بعي ػػداً ،أي خم ػػؽ ع ػػالـ تجري ػػدي نفس ػػر ب ػػو الػ ػواقعي والخي ػػالي عم ػػى
وفي الوقت ذاتو يتخمص مػف الثانيانيػة ألنػو ن يتجػو نحػو الواقعػة ()126
السواء
الفعمية بؿ ينحرؼ نحو الوسيط حسب حيث يوجد الوجود السيميوطيقي.
( )126ينظػػر حػػوؿ الموضػػوع بالتفصػػيؿ بنك ػراد ،سػػعيد :سػػيميائيات بػػورس ،فػػي مجمػػة عالمػػات مصػػدر سػػبؽ
ذكػ ػره ص ،34 -5وك ػػذلؾ دال ػػوداؿ جيػ ػرار ،بي ػػرس أو سوس ػػير ،مص ػػدر س ػػبؽ ذكػ ػره ص.142-112
وينظر الماكري ،محمد :الشكؿ والخطاب ص.65-33
113
ومما تقدـ فإف "بيرس" ن يعد العالمة وحدة تقصد لذاتيا بؿ كعالقة بيف عالمػات
جزئية .ومف ىنا ن تعد العالمة كذلؾ إن بكونيا مشتممة عمى العناصر الثالثة:
( )2مىضىع
وفي ضوء ىذا المخطط فنننا نورد بعض اإليضاحات في المخططات التالية:
الثالثانية الثانيانية االوالنية مراتب الوجود العالمات الجز ية
112
ع .قانوف عالمة مفردة ع .نوعية ثالثية الممثؿ
أمػػا بخصػػوص المػػؤوؿ س ػواء مػػا اتصػػؿ بػػالمؤوؿ فػػي ذاتػػو "كعالمػػة" أو بػػالمؤوؿ
الذات "اإلنساف" فيمكف تمثيميا بالجدوؿ التالي(:)127
باعتبار المؤول أنساناً باعتبار المؤول عالمة المقوالت الظاىراتية
لقد اختصر "جيرار دالوداؿ" نظرية "بيرس" في تطبيقاتيا عمى الحقؿ البصري في
العمؿ الػذي أنجػزه حػوؿ "لوحػة المونػالي از" ل ػ "ليونػاردو دافنشػي" وىػو عمػؿ يتميػز بالدقػة
والبساطة وانسػتثمار شػبو الحرفػي لمخطػوط العامػة لمنظريػة ،ون يريػد الباحػث سػرد ىػذا
التحميؿ ألف البحث ىنا سيقتصر عمى المفاىيـ(*) ولقد كانت وقفتنا عند النظرية بشيء
مػػف اإليجػػاز .نظ ػ اًر لطابعيػػا التفصػػيمي التفريعػػي الػػذي ن يمكػػف اخت ازلػػو أكثػػر مػػف دوف
اإلخ ػػالؿ بالمف ػػاىيـ العام ػػة ،وألف النظري ػػة تعتب ػػر الط ػػرح األنس ػػب لمعالج ػػة المعطي ػػات
البصرية.
وسػػنعرض بعػػض المفػػاىيـ "السػػيميوطيقية" فػػي الصػػورة التػػي تقتػػرب وتبتعػػد عػػف
المفيوـ البيرسي.
( )127ينظر فاخوري ،عادؿ ،عمـ الدنلة عنػد العػرب ،د ارسػة مقارنػة مػع السػيميائيات الحديثػة ،دار الطميعػة،
بيروت ،1985 ،ص. 21 -13
يوجد تفصيؿ التحميؿ في الماكري ،محمد ،مصدر سبؽ ذكره ،ص. 66-65 (*)
115
بالنسػػبة لشػػارؿ مػػوريس ،فػػإف العالمػػة األيقونيػػة ىػػي "أيػػة عالمػػة تشػػبو مػػف بعػػض
النواحي ما تشير إليو ،فاأليقونية بالتالي ىي قضية درجة(.)128
لق ػػد ف ػػو"م ػػوريس" انيقوني ػػة عم ػػى نح ػػو عػ ػريض نوعػ ػاً م ػػا ،وأراد أف يطبقي ػػا عم ػػى
الظواىر المتعددة لمفف ،ونحظ في الوقت ذاتػو أف ىػذه العالمػة "انيقونيػة" فػي تشػابييا
مػػع الموضػػوع تمتمػػؾ تػػنويالت شػػتى عمػػى نحػػو كػػامف .ومػػف وجيػػة النظػػر ىػػذه ،عػػد
"موريس" أعماؿ الحركات المتنوعة في الرسػـ والنحػت متجانسػة التكػويف سػيميائياً ،كمػا
اع َّد الفف التجريدي ذا معنى دنليا .ففي مقالة بعنواف "عمػـ الجمػاؿ ونظريػة العالمػات"
كتػػب "الفػػف التجريػػدي لػػيس سػػوف مثػػؿ متطػػرؼ مػػف الشػػمولية العاليػػة لمتعػػالؽ الػػدنلي"
"Semantic Correlaitonsىي شمولية العالمات التصويرية المعقدة(.)129
فانيقونيػ ػػة فػ ػػي رأي "مػ ػػوريس" إذف ىػ ػػي مي ػ ػزة الرسػ ػػـ والنحػ ػػت والفنػ ػػوف األخػ ػػرف
وبضمنيا الموسيقى.
"إف التشػابو الخػارجي البسػيط مػع الحيػاة لػػـ يكػف قػط ىػدفاً لمفػف الحقيقػي ون يحػػدد
معنػػاه الػػداخمي ،فتمثيػػؿ الخصػػائص األساسػػية والممي ػزة لمعػػالـ المحػػيط والحيػػاة الروحيػػة
لإنساف قد جذب اىتماـ الفنانيف العظاـ في شتى العصور عمى نحو ثابػت ،لػذلؾ فػنف
تش ػػابياً معينػ ػاً ب ػػيف الص ػػور الفني ػػة والحي ػػاة ن يمك ػػف أف يس ػػمؾ س ػػموؾ المب ػػدأ التحدي ػػدي
وطور"موريس" عدـ كفاية ىذا التشػابو الخػارجي لمتعبيػر عػف الجػوىر ()130
لتحميؿ الفف"
الجم ػػالي لمعالم ػػة انيقوني ػػة ،ف ػػالفف ف ػػي نظػ ػره ى ػػو لا ػػة م ػػف ن ػػوع خ ػػاص ،ل ػػذلؾ اى ػػتـ
"موريس" أساساً بالوظيفة اننفعالية -التعبيرية لمفف وليس الوظيفة المعرفيػة ،ففػي أريػو
يمتمؾ الفف والماة عمى نحو مشترؾ قابمية تعييف األشياء والظواىر فضالً عػف تصػوير
( ,Language and Behavior.N.Y.,1946 p.191. ,Signg Charles Morris, )128ترجم ػػة
خاصة بالبحث.
( )129المصدر السابؽ ،ص.123
( )130المصدر نفسو ،ص.183
116
موقػػؼ تجاىيمػػا.ثػػـ طػػور فك ػرة المعنػػى والقيمػػة المكتفيػػيف بػػذاتيما لمعالمػػة .ويقػػوؿ "أف
عالمػػة كيػػذه ينباػػي أف تكػػوف ليػػا دنلػػة ولكنيػػا ليسػػت بيػػا حاجػػة إلػػى أف تنػػوب عػػف
شػػيء ،فرسػػـ "القنطػػور" يػػدؿ عمػػى نػػوع معػػيف مػػف الحي ػواف ويمكػػف لممػػرء أف ييػػتـ بيػػذه
الدنلة مف دوف أف يكوف ىناؾ أي قنظور(.)131
ىنػػا يطػػور "مػػوريس" فرضػػيتو األساسػػية فػػي سػػيمياء الفػػف "أف العالمػػة انيقونيػػة
فريػػدة بػػيف العالمػػات فػػي كونيػػا تػػدؿ بنفسػػيا -أعنػػي أف العالمػػة -الوسػػيط نفسػػيا ليػػا
وبي ػػذا يتوص ػػؿ إل ػػى فرض ػػيتو القائم ػػة باس ػػتقالؿ الف ػػف ع ػػف الحي ػػاة ()132
خص ػػائص دال ػػة"
واكتفائو الذاتي .وتمثؿ محاولة "بيرس" في انكتفاء الذاتي لمفف تطوي اًر لممقولة األلسنية
السوسػػيرية التػػي تُحػػؿ المػػدلوؿ محػػؿ "المرجػػع" " ارجػػع مبحثنػػا فػػي الفصػػؿ األوؿ حػػوؿ
المرجع" األمر الذي ّأدف إلى اندنع مجاؿ البحث في ىذه النقطة كما سنرف:
لقػػد قػػاـ "كرسػػتياف ميتػػز "C.Metzبالكشػػؼ عػػف طروحػػات كػػال انتجػػاىيف .ففػػي
أريػػو إف مػػا يميػػز الصػػورة البص ػرية عػػف بقيػػة األنظمػػة الدالػػة ومنيػػا الماػػة ،ىػػو حالتيػػا
التماثميػػة أو ايقنتيػػا فػػي اصػػطالح السػػيميولوجييف ،أي شػػبييا الحسػػي العػػاـ لمموضػػوع
الػذي تمثمػػو ،فصػػورة القػػط تشػبو القػػط فعػالً ،فػػي حػػيف ن يشػبو القػػط فػػي شػػيء العنصػػر
الصػػوتي أو العنصػػر المكتػػوب /قػػط .غيػػر أف الصػػورة ليسػػت تماثميػػة سػػوف فػػي شػػكميا
(Moris,Singnificance,Cambridge.Mass.1964.P67. )131
( )132المصدر السابؽ ص.69-68
117
الع ػ ػػاـ وى ػ ػػي إض ػ ػػافة إل ػ ػػى ذل ػ ػػؾ تحت ػ ػػوي عم ػ ػػى مجموع ػ ػػة م ػ ػػف العالق ػ ػػات انعتباطي ػ ػػة
بموضوعيا(.)133
فنف نجعؿ عنصر المماثمة الخاصػية المثمػى لمصػورة البصػرية لػيس سػوف إسػقاط
لمجزء عمى الكؿ .وكمػا ن يصػمح أف نعمػـ الظػاىرة الصػوتية فػي الماػة الطبيعيػة عمػى
النسػؽ العػاـ ليػذه الماػة ،فإنػو ن يصػح أف نامػؽ الصػورة عمػى نفسػيا وباسػتقالؿ عػػف
بقية األنظمة الدالة نتيجة خاصية المماثمة التي ليست سوف جزء مف مكوناتيا العامة.
أف أىميػػة المماثمػػة تتجسػػد "وحسػػب ميتػػز" فػػي كونيػػا وسػػيمة لتحويػػؿ"انسػػنف"(*)،
فعف طريؽ تشابو الصورة لموضوعيا "الواقعي" تقوـ إمكانية قراءة أو فؾ رموز الصورة
التػػي تسػػتفيد ىػػي نفسػػيا بانسػػنف التػػي تػػدخؿ فػػي ق ػراءة الموضػػوع نفسػػو ،وبػػالرغـ مػػف
انف ػراد الصػػورة بمجموعػػة مػػف الخصػػائص التػػي تجعميػػا تػػدخؿ طبيعي ػاً ضػػمف الحقػػوؿ
التطبيقية لمسيميولوجيا البصرية فننيا ن تشكؿ "حسػب ميتػز أيضػاً" إمبراطوريػة مسػتقمة
أي عالماً منامقاً ن يقيـ أدنى تواصؿ مع ما يحيط بو ،إف الصػورة مثػؿ الكممػات ومثػؿ
كؿ ما تبقى ،مف األشياء لـ يكف في إمكانيا أف تتجنب "انرتماء" في لعبة المعنى فػي
حركتيا لتعالج الدنلة في قمػب المجتمعػات ...إف سػيميولوجيا الصػورة ن تضػع نفسػيا
خارج سيميولوجيا عامة(.)134
فالرسػػـ باعتبػػاره "حق ػالً" يمتمػػؾ خاصػػية "مػػادة التعبيػػر" أي أف الصػػورة فػػي الرسػػـ
تتميز بكونيا مصنوعة باليد ،فردية وثابتػة ،والشػيء نفسػو بالنسػبة لمصػورة الفوتوغرافيػة
فيي كالرسـ فردية وثابتة لكنيا تختمؼ عنو وتشكؿ حقالً مستقالً ًً بذاتو ،لكونيا منجػزة
( )133ينظػر غ ارفػي ،محمػد :قػراءة فػػي السػيميولوجية البصػرية فػي مجمػة فكػػر ونقػد السػنة الثانيػة ،العػػدد ،13
دار النيضة الرباط ،1998 ،ص.119
(*) جمع سنف.
( )134المصدر السابؽ ص.141 -119
118
رليػ ػاً ،وك ػػذلؾ الش ػػنف بالنس ػػبة لمص ػػورة الس ػػينمائية فنني ػػا مص ػػنوعة رليػ ػاً ولكني ػػا متع ػػددة
ومتحركة ومتهلفة مع بقية العناصر السمعية "كالـ موسيقى واشارات كتابية"(*).
أما التحميؿ السيميولوجي ،فإف التصػنيفات التػي يقػوـ بيػا ألنظمػة الدنلػة ن تنخػذ
فػ ػ ػػي انعتبػ ػ ػػار وحػ ػ ػػدات المقصػ ػ ػػدية انجتماعيػ ػ ػػة الواعيػ ػ ػػة .فالوحػ ػ ػػدات التػ ػ ػػي تحػ ػ ػػاوؿ
السػػيميولوجيا اسػػتنباطيا والتوجػػو نحوىػػا ىػػي التشػػكيالت البنيويػػة لألنظمػػة أي األشػػكاؿ
بػػالمعنى اليممسػػميفي "نسػػبة إلػػى يممسػػميؼ" ،أي أشػػكاؿ المحتػػوف وأشػػكاؿ التعبيػػر .فقػػد
انطم ػػؽ يممس ػػميؼ ف ػػي الما ػػة م ػػف مح ػػاور الك ػػالـ ال ػػذي ى ػػو "كي ػػاف عالئق ػػي ق ػػائـ عم ػػى
اسػػتقالؿ داخمػػي بػػيف عناص ػره" ولػػـ يكتػػؼ بػػالتجزيء عمػػى غ ػرار بعػػض البنيػػوييف ،بػػؿ
وصػػؿ إلػػى مرحمػػة الصػػياغة والتركيػػب مشػػدداً عمػػى تناقضػػيما البنيػػوي ،قػػاؿ "إف نظريػػة
الكػػالـ يجػػب أف تبػػرىف عمػػى فرضػػية وجػػود عالقػػات تركيبيػػة منطويػػة عمػػى العالقػػات
القياسية( .")135وألجؿ إعطاء معنى ليذيف المصطمحيف ،فإف "ىممسميؼ" يؤكد عمى أف
المحور التركيبػي ينطػوي عمػى مجموعػة محػددة مػف العناصػر المتتاليػة تتػداخؿ بعضػيا
مػػع بعػػض داخػػؿ صػػيد وأوزاف وأشػػكاؿ ،ويجم ػع المحػػور القياسػػي عناصػػر عمػػى وفػػؽ
إمكانػػات لػػداخميا إضػػافة إلػػى قواعػػد تسػػوغ ط ارئػػؽ ىػػذا التػػداخؿ واننسػػجاـ .وأكػػد عمػػى
نػػوعيف مػػف العالقػػات اسػػتبدالية واختالفيػػة ،كػػؿ وحػػدة قػػادرة عمػػى التػػداخؿ مػػع الوحػػدات
األخرف في السياؽ األفقي ذاتو ،ىذا يعني أف كؿ وحدة تخالؼ الوحػدات األخػرف التػي
بإمكاني ػػا التب ػػادؿ معي ػػا ف ػػي المك ػػاف وف ػػي الس ػػياؽ ذاتيم ػػا ...وي ػػرف أيضػ ػاً إف التعبي ػػر
والمحتػػوف ن يعػػرؼ أحػػدىما إنّ فػػي عالقتػػو بػػا خر" .سوسػػير" يػػومض ىنػػا أيض ػاً فػػي
إط ػػار العالق ػػة الت ػػي يؤس ػػس فوقي ػػا ال ػػداؿ والم ػػدلوؿ وف ػػي جدلي ػػة التػ ػرابط داخ ػػؿ إط ػػار
سيميائي(.)136
(*) سبؽ أف تمت المقارنة بيف الحقوؿ السيميائية في مبحث مصطمح الصورة.
( )135ينظر أبو منصور ،د.فؤاد :النقد البنيوي الحديث ،دار الجيؿ ،بيروت ،1985 ،ص.27
( )136المصدر السابؽ.
119
والحػػاؿ فػإف د ارسػػة الصػػورة عمػػى وفػػؽ ىػػذا المنظػػور ن تقتضػػي البحػػث عػػف نظػػاـ
وحيػػد وجػػامع ليػػا يقػػوـ وحػػده بإعػػادة انعتبػػار لمجمػػؿ الػػدننت الممحوظػػة فػػي الصػػور
وينفي إمكانية ظيور ىذه الدننت خارج الصورة ،فميس كؿ شيء أيقونياً في انيقونيػة
في حيف يمكف العثور عمى ما ىو أيقوني خارج انيقونة ويخمص "ميتز" إلػى مجموعػة
مف المالحظات:
.1إلػ ػػى جانػ ػػب مشػ ػػكالت انيقونػ ػػة المنطقيػ ػػة التػ ػػي تحػ ػػدث عنيػ ػػا "بيػ ػػرس" ومنيػ ػػا
بالتحديد انيقونات البصػرية ،باسػتطاعة الخطػاب البصػري أف ن يكػوف تماثميػاً
كميػ ػػة كمسػ ػػنلة درجػ ػػات انيقنػ ػػة فػ ػػي
ألف المماثمػ ػػة البص ػ ػرية تخضػ ػػع لتاي ػ ػرات ّ
مستوياتيا المتعددة.
.4كمػػا يخضػػع الخطػػاب البصػػري أيض ػاً لتايي ػرات كيفيػػة .مفيػػوـ التشػػابو يختمػػؼ
مف ثقافة إلى ثقافة أخرف ،وفي الثقافة الواحدة نعثر عمى مجموعة مف محػاور
التشابو ،ألف تشابو شيئيف يتـ دائماً في عالقتيما برابط ما.
.3إف الخطػػاب البصػػري يسػػتطيع أف يشػػكؿ درجػػة قويػػة مػػف انيقنػػة مػػف دوف أف
يكػػؼ عػػف احتػواء عالئػػؽ منطقيػػة نسػػقية غيػػر ايقونيػػة "ألف بعضػػيا اعتبػػاطي"
عمى الرغـ مف أف مجاؿ بروزىا ىو األيقونة ...ال .
إف ما يظؿ صحيحاً في نظر ميتز ..ىػو أف السػيميولوجيا البصػرية ليسػت أساسػاً
نشػػاطاً بص ػرياً ،وىػػذا مػػا يجعػػؿ إغػػالؽ حقػػؿ الصػػور عمػػى نفسػػو أم ػ اًر نغي ػاً ،والنقػػاء
البص ػػري أس ػػطورة ،ولي ػػذا كم ػػو ف ػػنف المماثم ػػة األيقوني ػػة -وى ػػو مفي ػػوـ يج ػػب أف يح ػػاط
بعناية كاممة ألنػو يحػدد الخاصػية األكثػر حضػو اًر فػي العديػد مػف الصػور ،ن يمكػف أف
يشكؿ بالنسبة إلى التفكير في الصورة غير نقطة انطالؽ ..فما ىػو أبعػد مػف المماثمػة
111
ىو نقطة البدايػة ،بالنسػبة إلػى السػيميولوجيا وانّ فػال يبقػى ىنػاؾ مػا تقولػو عػف الصػورة
سوف أنيا مشابية لموضوعيا(.)137
ومرن ىرذا المنطمرق العالمري تبردأ عمميررات بنراق الوسرا ط والعال رق عمرك أسرراس
أنيا الحقيقة الوحيدة ،بحيث ال تصبح الغيريرة ىري صرمب عمميرة شرطب التماثرل فري
األشكال البصرية ،بل تتعداىا إلك األفكار والمحتويات التي تعمَّم ىي أيااَ كاألشكال،
كما أنيا ال ترترد فري تحميرل أبنيتيرا إلرك عناصرر ذات طرابع مرجعري برل إلرك عناصرر
ذات طررابع عالمرري محررض يتناسررل فرري داخمررو ،يعبررر عنررو بمعبررة العالمررات ،إن ىررذه
المعبررة إذا أزحنررا الداللررة السررمبية لمكممررة ،تعررد وقتيررا مثمرررة وىررذه الثمرررة ىرري "روو
الفن".
إن الشعار الذي رفع في مشار ىذا القرن وىو أن كل ما عمك خشبة المسرو
عالمة يعود ليشمل كل البنك الفنية بحيث يمكن ترديرده :كرل مرا فري الموحرة عالمرة
ومررا إطررار الموحررة إالّ الحرردود الممسررية ال البصرررية لمعثررور عمررك الموحررة خوف راً مررن
تبددىا في الزمان.
ّ
( )137ينظر ،غرافي ،محمد :قراءة في السيميولوجيا البصرية ،مصدر سبؽ ذكره ،ص.143
111
التحميل البالغي لبنية الصورة
يقوـ تحميؿ بنية الصورة األدبية "انستعارة"عمى ما ينتي:
االستعارة البسيطة
موجو الشبو
مشبو بو
ّ مشبو
ّ
عالقة انبثاقية
إف الحركة تكمف في المش ّػبو .المش ّػبو بػو وسػيمة إيضػاح إف صػح التعبيػر ،ويكػوف
وجو إما الشبو مربوطاً بخيط و ٍاه ...مثؿ قوؿ الشاعر:
()138
صب قد آستعذبت ماق مالمي
ٌ ال تسقنري كر س المالم فإننري
المش ػ ّػبو ب ػػو الم ػػاء ،والعالق ػػة ب ػػيف الم ػػالـ والم ػػاء واىي ػػة ج ػػداً ،أو أف يك ػػوف الػ ػرابط
غميظاً مثؿ :صديقي أسد "الشجاعة".
االستعارة المركبة
( )138ا مدي ،الحسف بف بشر بف يحيى :المدانة بيف أبي تماـ والبحتري ،تحقيؽ وتعميػؽ محمػد محػي الػديف
عبد الحميد ،المكتبة العممية ،بيروت (د .ت) ،ص.422
114
المشبو مرّكب
ّ وجو الشبو المشبو بو مرّكب
عالقة متداخمة
قط ػ ػػة تمػ ػ ػػوء وسػ ػ ػػط الضػ ػ ػػباب كػػػػ سفينة تمخر البحر
وتجري انستعارة دائماً مف الم ّشبو بو "الموجػود فعػالً" إلػى المش ّػبو الموجػود تخػيالً .واذا
شبو بو غائباً فيذاالمشبو موجوداً والم ّ
ّ انعكست المسنلة وأصبح
مػػف انسػػتعارة المقموبػػة إلعطػػاء الصػػورة كيان ػاً اسػػتدنلياً ولكػػف فػػي بنيتيػػا العميقػػة
مشبو(.)139
مشبو بوّ
ترتد إلى النسؽ المشار إليو ّ
فف ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػي قولػػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػو تعػػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػالى :ﭽ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ
ﮡ ﮢ ﮣ ﭼ الصا ت " .)140(٣٦ - ٣٦ :قيررل منبتيررا فرري قعررر جيررنم وأغصررانيا ترتفررع
إلك دركاتيا" .والطمع لمنخمة .فاستعير لما طمع مف شجرة الزقوـ مف حمميا أما اسػتعارة
لفظية أو معنوية وشبو برؤوس الشياطيف دنلة عمى تناىيو في الك ارىػة وقػبح المنظػر،
ألف الشػػيطاف مكػػروه مسػػتقبح فػػي طبػػاع النػػاس نعتقػػادىـ أنػػو شػػر محػػض ن يخالطػػو
خيػػر ،فيقولػػوف فػػي قبػػيح الصػػورة :كننػػو وجػػو شػػيطاف ،واذا صػػوره المصػػوروف جػػاءوا
بصورتو عمى أقبح ما يقدر وأىولو ،كما أنيـ اعتقدوا فػي ذلػؾ أنػو خيػر محػض ن شػر
فيو فشبيوا بو الصورة الحسنة.
( )139ينظػػر ،القزوينػػي (الخطيػػب) :التمخػػيص فػػي عمػػوـ البالغػػة ،ضػػبطو وشػػرحو ،عبػػد الػػرحمف البرقػػوقي،
المكتبة التجارية الكبرف :مصر ،د.ت .ص.438
( )140الصافات.65 :
( )141الزمخشري :أبي القاسـ جار اهلل محمود الخوارزمي :الكشاؼ عف حقائؽ التنزيؿ وعيػوف األقاويػؿ ،دار
المعرفة لمطباعة والنشر ج ،3بيروت .د.ت ص.324
113
صفة أو حالػة أو مجموعػة مػف الصػفات واألحػواؿ وىػذه العالقػة قػد تسػتند إلػى مشػابية
حس ػػية ،وق ػػد تس ػػتند إل ػػى مش ػػابية فػ ػي الحك ػػـ .أو المقتض ػػى ال ػػذىني ال ػػذي يػ ػربط ب ػػيف
الط ػرفيف المقػػارنيف مػػف دوف أف يكػػوف مػػف الضػػروري أف يشػػترؾ الطرفػػاف فػػي دورتيمػػا
األولى في الييئة المادية أو في كثير مف الصفات المحسوسة(.)142
حصان = الركض
حصان = واق
حصان = أبيض
( )142ينظػػر عصػػفور .د .جػػابر :الصػػورة الفنيػػة فػػي الت ػراث النقػػدي والبالغػػي عنػػد العػػرب ،دار التنػػوير لمطباعػػة
والنشر ،بيروت ،1983 ،ص .174
112
وسػواء كانػػت المشػػابية بػػيف الط ػرفيف تقػػوـ عمػػى أسػػاس مػػف الحػػس أـ أسػػاس مػػف
العقؿ فإف العالقة التي تربط بينيما ىي عالقة مقارنة وليسػت عالقػة اتحػاد أو تفاعػؿ،
بمعنى أنػو ن يحػدث داخػؿ التشػبيو تجػاوز مفػرط فػي الدنلػة ولػو عمػى سػبيؿ اإلييػاـ،
أو تفاع ػػؿ دننت األطػ ػراؼ مكون ػػة دنل ػػة جدي ػػدة ى ػػي محصمػ ػػة لي ػػذا التفاع ػػؿ ،ب ػػؿ إف
التشبيو ىو محض مقارنة بيف طرفيف متمايزيف نشتراؾ في الصفة أو فػي مقتضػى أو
حكـ ليا كما يقوؿ عبد القاىر الجرجاني(.)143
ويػ ػػرف الجػ ػػاحظ أف التشػ ػػبيو يفيػ ػػد الايريػ ػػة ن العينيػ ػػة( ،)144واف الشػ ػػبو ن يخػ ػػرج
المشبيات مف أحكاميا وحدودىا ،واف إطالؽ الكمب عمى اإلنساف ن يعنػي الخمػط بػيف
تعريفييما .ويرف الجاحظ أف الحيواف يشبو بهخر في الصورة واألعضاء أو فػي الثػوب
والتخمع في المشي والموف(.")145
( )143المصػػدر السػػابؽ ،ص ،174ولممزيػػد ينظػػر ،دىمػػاف ،أحمػػد عمػػي :الصػػورة البالغيػػة عنػػد عبػػد القػػاىر
الجرجاني منيجاً وتطبيقاً ج ،1دار طالس لمدراسات والترجمة والنشر ط ،1دمشؽ ،1986ص.45
( )144الحيواف :ج ،1ص.99
( )145المصدر السابؽ.
115
إف وج ػػود الش ػػبو ىن ػػا أم ػػر يرت ػػد إل ػػى األش ػػكاؿ والييئ ػػات الخارجي ػػة ون يق ػػوـ عم ػػى
مالحظػػة نػػوع مػػف النسػػبة المنطقيػػة بػػيف األطػراؼ المقارنػػة ،بػػؿ يقػػوـ عمػػى مػػا يمكػػف أف
نسميو بالتناسب الذي يشكؿ نسيج التجربة اإلنسانية.
ممػػا تقػػدـ سػػوؼ نػػرف مكانػػة انسػػتعارة فػػي الرسػػـ كمػػا فػػي الماػػة .وتظػػؿ انسػػتعارة
مبدأ جوىرياً كما يقوؿ "أرسطو" :إن أعظم شيق أن تكون سيد االستعارات ،االستعارة
عالمة العبقرية ،إنيا ال يمكن أن تعمّم أنيا ال تمنح لآلخرين(.")146
ربمػػا نسػػنؿ مػػا عالقػػة الماػػة فػػي قػراءة بنيػػة الصػػورة البصػرية أو التسػػاؤؿ بإمكانيػػة
اشتااؿ الصورة كماة ،وىؿ يمكػف الحػديث عػف لاػة لمصػورة عمػى غػرار الماػة الطبيعيػة
التي تشتاؿ عمييا المسانيات؟ ىؿ يمكف التسميـ بوجود تشػاكؿ عػاـ بػيف الصػورة والماػة
مػػف حيػػث انتظػػاـ بنياتيػػا؟ والباحػػث ن ي ػػود أف يطػػوؿ البحػػث فػػي إشػػكالية "التمفص ػػؿ
المػػزدوج" لمسػػيميولوجيا البص ػرية ،ولكػػف مػػف الميػػـ اإلشػػارة إلػػى أنػػو فػػي تنػػاوؿ أنظمػػة
التواص ػػؿ تػ ػرفض بع ػػض الد ارس ػػات انعتػ ػراؼ بك ػػؿ نظ ػػاـ ن يخض ػػع لمب ػػدأ "التمفص ػػؿ
الم ػػزدوج" كم ػػا ى ػػو ق ػػائـ ف ػػي الما ػػة الطبيعي ػػة وتن ػػزع عن ػػو بالت ػػالي ص ػػفة لا ػػة ،وأشػػػار
"شػػتراوس" إلػػى انػػو يعػ ّػد الرسػػـ لاػػة ،ألف ىػػذا الفػػف يتػػوفر فػػي أريػػو عمػػى وحػػدات مػػف
الدرجػػة األولػػى ىػػي بمنزلػػة مػػدلوؿ حيػػث يقابميػػا فػػي الماػػة مفيػػوـ ألمػػونيـ ويعػػد أشػػكاؿ
الرسـ وألوانو وحدات إختالفية يقابميا في الماة مفيوـ الفونيـ(.)147
وتتحد بعض ا راء التي ن مجاؿ لػذكرىا فػي القاسػـ المشػترؾ بػيف الماػة والصػورة
خاصة في مفاىيـ مثؿ العالقة والػداؿ والمػدلوؿ والرسػالة ،إضػافة إلػى أف ىػذه المفػاىيـ
( )146ناصؼ .د .مصػطفى :الصػورة األدبيػة ،دار األنػدلس لمطباعػة والنشػر والتوزيػع ط ،3بيػروت،1983 ،
ص.142
( )147ينظر غرافي ،محمد :قراءة في السيميولوجيا البصرية :مصدر سبؽ ذكره ،ص.147
116
تشػػكؿ عناصػػر مشػػتركة بػػيف جميػػع أنظمػػة التواصػػؿ ،ففػػي الرسػػوـ البيانيػػة والعالمػػات
الطرقية ثمة بشػكؿ عػاـ وحػدات اعتباطيػة ،وفػي صػور أخػرف مثػؿ الرسػـ فػإف وحػداتيا
ذات طابع رمزي "بالمعنى السوسري" لممصطمح.
وىكذا فنف السحاب المرسوـ "داؿ يمثػؿ" فػي رأي ج -مونػاف السػحاب فػي الواقػع
"المػدلوؿ" ،وصػورة كػرة حمػراء تػػدؿ عمػى كػرة حمػراء ،وىػػذا مػا يشػبو انسػتعارة البسػػيطة
ػداء م ػ ػػف العالم ػ ػػات
ف ػ ػػي الما ػ ػػة .ولك ػ ػػف األم ػ ػػر يختم ػ ػػؼ فين ػ ػػاؾ ،تح ػ ػػونت ننيائي ػ ػػة ابت ػ ػ ً
انعتباطية التامػة "اليػالؿ األخضػر الخػاص بالصػيدليات" مػرو اًر بػالرموز األشػد عرفيػة
"شػػوكة الطعػػاـ والسػػكيف بالنسػػبة لممطػػاعـ" حتػػى الرمػػوز الخالصػػة "صػػورة البيػػت التػػي
تدؿ عمى أف األمر يتعمؽ بيذا البيت" ،وتصير المسنلة أكثػر تعقيػداً حػيف يتعمػؽ األمػر
بالصػػور األشػػد كثافػػة فػػي بنائيػػا الػػدنلي "لوحػػات الفػػف الس ػريالي مػػثالً"حيػػث يايػػب كػػؿ
مؤشػ ػ ػر اعتبػػ ػػاطي أو رمػ ػ ػػزي يمكػػ ػػف أف يسػ ػ ػػيـ فػػ ػػي ق ػ ػ ػراءة الص ػ ػػورة وحص ػ ػػر مجاليػػ ػػا
التنويمي(.)148
وألف مجاؿ بحثنا ىو بنية الصورة فال بد مف إيجػاد طػرؽ توجػو القػراءة الصػحيحة
لمصػػورة ،فنمػػاـ بعػػض الصػػور يػػتـ إدراؾ وفيػػـ الصػػورة تمقائيػاً ومػػف دوف تعمػػـ أو إدراؾ
مسبؽ ،وذلؾ عف "طريؽ نقط قوية إلييا يتجػو النظػر بشػكؿ طبيعػي" كمػا يػرف الباحػث
"بميسي" A.Plecyفي كتابو "نحو أولي لمصورة" .وىنا يمكف الحديث عف وجػود نظػاـ
سيميولوجي مدرؾ ،لكنػو ن يظيػر بشػكؿ واع أو فػي أغمػب األحيػاف ن يوجػد أي نظػاـ
سيميولوجي عمى اإلطالؽ ،وىنا يجب عمػى القػارئ خمقػو وتشػكيمو عبػر رصػد مكونػات
ومعطيات الصورة أي عبػر معالجػة الصػورة وبتعبيػر "ا.بميسػي" :يجػب معالجػة الصػورة
إلغناء رؤيتيا".
السياق "المرجع"
الرسالة
المتمقي المرسل
االتصال "القناة"
()149
الشفرة "السنن"
إف ليذا األنموذج دو اًر مؤث اًر في تحميػؿ نصػوص الماػة انشػارية البحػت ،الكالميػة
منيا وانيقونية ،غير انو يتطمب مزيداً مف التفصػيؿ عنػدما يطبػؽ عمػى نصػوص أكثػر
تركيبػ ػاً م ػػف الما ػػة الطبيعي ػػة انش ػػارية ويتمي ػػز ال ػػنص المرك ػػب ف ػػي أساس ػػو بوج ػػود قيم ػػة
إيحائية إلى جانب القيمة انشارية .وسنحرؾ المييمنة عند "ياكوبسف" في المييمنػة فػي
فف الرسـ ،فإذا اعتبرنا اسػتناداً إلػى المػنيج السػيميوطيقي البنػائي أف المييمنػة فػي الفػف
ىػػي "الرسػػالة" فنننػػا سػػنعتبر أف الرسػػالة ىػػي كػػؿ حسػػابي متكػػوف قػػبالً مػػف سػػتة أطػراؼ
وسنبحث مف جديد عف مييمنة أولى ىي:
الخ ػػط أو الم ػػوف أو المس ػػاحة أو الظ ػػالؿ ...الػ ػ ،والخ ػػط عن ػػد "تولوزلوتري ػػؾ" ى ػػو
عنصر الرسالة المييمف األوؿ الػذي تتفػرع منػو البنيػة الكميػة لمعمػؿ ،حتػى صػار الرسػـ
أكثر توضيحاً وميالً لإعالف وأسس لو.
ف ػػي ح ػػيف تك ػػوف المس ػػاحة الموني ػػة عنصػ ػ اًر مييمنػ ػاً عن ػػد م ػػا ت ػػيس والظ ػػالؿ عن ػػد
رامبرانت والضوء الشمسي عند اننطباعييف ...ال .
( )149ياكوبسػػف ،روم ػػاف :قض ػػايا الش ػػعرية ،ترجم ػػة ،محم ػػد الػػولي ومب ػػارؾ حن ػػوف دار توبق ػػاؿ لمنش ػػر ،ال ػػدار
البيضاء 1988ص.47
118
يمكننا رسـ خطاطة تمثؿ المحتوف المركزي لممييمنة كما ينتي:
عالماث السياق
شارحت
مركز الصىرة
إف جميع األطراؼ ىي متحققة عمى وفؽ ىذا المخطط لكف الرسالة ىػي العنصػر
المركزي الذي سوؼ ينفتح عمى تخطيط رسـ الصورة
العالمات الشارحة
119
فالش ػػيء الب ػػارز والكبي ػػر ف ػػي بني ػػة الص ػػورة غالبػ ػاً م ػػا يك ػػوف مس ػػؤونً ع ػػف الوح ػػدة،
ويكػػوف بمجموعػػة عناصػػر مييمنػػة .ثػػـ تكػػوف العالمػػات المصػػاحبة ىػي وحػػدات فرعيػػة
شارحة ومصاحبة.
حيػػث تكػػوف بنيػػة العمػػؿ أو المييمنػػة ىػػو خمػػؽ نػػوع مػػف التعػػاطؼ والتػرابط سػواءاً
في الحجـ أو المػوف ،مػف حيػث جعػؿ ىػذه المكونػات مجػرد صػدف أو تكػرار أقػؿ أىميػة
لمكونػػات أخػػرف مييمنػػة يػػتـ تنكيػػدىا ،كمػػا فعػػؿ "تيرنػػر" فػػي إحػػدف لوحاتػػو حػػيف رسػػـ
إحػػدف سػػفف الصػػيد بػػالموف األحمػػر ورسػػـ سػػفينة بػػالموف األبػػيض وعمػػى الشػػاط رسػػـ
نوعاً مف السمؾ احمر الموف ونوعاً رخر أبيض الموف.
تتكوف البنية ىنا مف قوانيف تناظرية كما في "األوب ررت" الفف البصري.
أي أف األشػكاؿ فػي الموحػة عػادة مػا تخضػػع لنػوع معػيف مػف المنحنيػات واألقػواس
التػػي يمكػػف رسػػميا لتوضػػيح األشػػكاؿ البػػارزة منيػػا .ويػػرف "ركسػػف" إف ىػػذا القػػانوف قػػد
ىيمف عمى فف عصر الباروؾ ونتاجو الفني(.)150
وىناؾ مييمنات أساسية عمػى وفػؽ المخطػط السػابؽ قػد تتفػرع إلػى مييمنػات ذات
طبيعػػة مختمفػػة مرجعيػػة أو جماليػػة ...وىػػذا مػػا شػػكؿ انتجاىػػات األساسػػية لمرسػػـ فػػي
حقبو المتعددة. تاري
( )150ينظر عبد الحميد شاكر .العممية اإلبداعية في فف التصوير ،مصدر سبؽ ذكره ،ص.127
141
بتحميمو لبنى أنمػاط مختمفػة مػف األعمػاؿ الفنيػة ،يمفػت "انكػاردف" النظػر لػيس فقػط
إل ػػى عناص ػػرىا المتع ػػددة ،وشخص ػػيتيا المتع ػػددة المس ػػتويات ،ب ػػؿ ك ػػذلؾ إل ػػى العالق ػػات
الوثيقة الوجودية والوظيفية بػيف الطبقػات المختمفػة ففػي مقطػع مسػتعرض تظيػر أغمبيػة
األعمػػاؿ الفنيػػة كننظمػػة مترابطػػة تػػؤدي طبقاتيػػا الػػدنيا دور األسػػس الوجوديػػة لمطبقػػات
العميا .فالطبقة "األدنى" مؤسسة عمى خاص ّػيات منتخبػة مػف األسػاس المػادي .ويوضػح
انكاردف متطمبات ىذه البنية كالتالي:
أ .العمؿ الفني يؤلؼ مف عناصر متايرة الخواص "فػي الرسػـ :األلػواف ،األشػياء
المصورة ،الخطوط ...ال ".
تنضػػـ فػػي مجموعػػات ذات نظػػاـ أعمػػى مػػثالً :معػػاني ب .العناصػػر المتجانسػػةّ :
العالمػػات ،معػػاني األشػػكاؿ ،وىػػذا النظػػاـ األخيػػر ينضػػـ بػػدوره إلػػى تكوينػػات
فنيػة أعمػى منػػو مجمػوع العالمػات فػػي التركيػب .وىكػذا تتحػػد فػي نيايػة األمػػر
كؿ التكوينات المبتدعة في عنصر مفرد مف العمؿ ،منتشر عادة عمى امتداد
العمؿ كمو "مثالً طبقة المعنى في العمؿ نفسو"(.)151
ج .إف العػػف فػػي كميػػة العمػػؿ ولكنػػو يبقػػى عنص ػ اًر واضػػح المعػػالـ فػػي الك ػ ّؿ فػػي
حالتيف معاً :بنية العمؿ ،والشكؿ الذي يتخذه في التقبؿ الجمالي.
د .ينباي أف توجد رابطة عضوية بػيف العناصػر األساسػية ذات الػنمط المػذكور
تنش ػػن م ػػف ماىياتي ػػا وتض ػػعيا جميعػ ػاً ف ػػي ك ػػؿ العم ػػؿ "المف ػػرد"( .)152عنص ػػر
األساس لمعمؿ ،يجب أف ن يفقد شخصيتو الفردية المستقمة.
مػػف بػػيف تسػػع مجموعػػات كيفيػػة فػػي تحميػػؿ "انكػػاردف" سػػنمفت اننتبػػاه إلػػى اثنتػػيف
منيا .مجموعة الكيفيات المادية ومجموعة الدقائؽ الشكمية ،بوصػفيما مجمػوعتيف ليمػا
أىميتيم ػػا ،يق ػػوؿ" :ل ػػيس صػ ػػحيحاً أف ك ػػؿ ال ػػدقائؽ الشػ ػػكمية ،وح ػػدىا فق ػػط ذات تكػ ػػافؤ
جمالي ،الكيفيات المادية ليا ىذه الميزة"(.)153
إف ظي ػػو اًر ل ػػنمط مع ػػيف م ػػف التكيي ػػؼ األساس ػػي مص ػػحوب بم ػػا ى ػػو "ممثّػػؿ" لك ػػؿ
مجموع ػػة خاص ػػة م ػػف الكيفي ػػات .وبك ػػالـ رخ ػػر :إف ظي ػػور بع ػػض الكيفي ػػات م ػػف ك ػػؿ
مجموع ػػة خاص ػػة ذات تك ػػافؤ جم ػػالي ى ػػو نتيج ػػة ..ن يمك ػػف اجتنابي ػػا ..وعم ػػى س ػػبيؿ
المثػػاؿ ،إف انبثػػاؽ كيفيػػة أساسػػية يجػػب أف يت ارفػػؽ مػػع سػػموؾ محػػدد ،ايجػػابي أو سػػمبي
لتمظيرىا في العمؿ،وىو سموؾ يمثؿ "تفوقاً" مؤكداً ودرجة معينة مف األصالة والجدة.
وبيػػذه الطريقػػة يسػ ّػوغ "انكػػاردف" فرضػػيتو القائمػػة بػػنف فػػي العمػػؿ الفنػػي ثمػػة نظام ػاً
لمكيفيػػات الدالػػة جمالياً،ومخططػاً متناسػػقاً لكيفيػػات منظومػػة تراتبي ػاً ،ىػػذا النظػػاـ أو ىػػذا
المخطػػط حاسػػـ بالنسػػبة لمتحديػػد الن ػوعي لمعمػػؿ(" .)154سػػنتعرض لنظػػاـ الكيفيػػات فػػي
المبحث القادـ".
إف الماػػزف النظػػري ليػػذه القضػػايا يكمػػف فػػي إمكانيػػة الوصػػوؿ إلػػى مقاربػػة جديػػدة
تمام ػاً "لمشػػكمة موضػػوع العمػػؿ الفنػػي ،وبنيتػػو ،وقيمتػػو الجماليػػة" .وىػػذا يتطمػػب إسػػياباً
(Ingarden:Studies in Aesthetics,Vol.II.300-301.)153
( )154ينظر المصدر السابؽ.
144
واسعاً في ىذه المشكالت ،ىنا أود أف المح فقط إلى مسنلة العالقة بيف البنيتيف :البنية
الكيفيػة ،والبنيػػة المتراتبػػة لمعمػػؿ الفنػػي .ىػػذه العالقػة قػػد ّأولػػت أحيانػاً عمػػى نحػػو ماػػاير،
وعوممػػت مػػع الكيفيػػات ذات التكػػافؤ الجمػػالي بوصػػفيا طبقػػة أخػػرف .والباحػػث يعتقػػد أف
العوامػؿ التػي تقػػرر شػكؿ التعيػػيف يمكػف العثػػور عمييػا فػػي عنصػريف معػاً :العمػؿ الفنػػي
والمالمح الثقافية لممرحمة التاريخية التي يحدث فييا التعييف.
إف التعييف ىو في المقاـ األوؿ تعبير عف العالقة بيف العمؿ الفني والمناخ الفنػي
لممرحمػة ،فالعمػؿ عػػادة يقتػرح شػكالً أنموذجيػاً لممرحمػة المعنيػة ،أمػػا تػنثير البنػاء الفػػردي
لممتقبؿ فعادة ىو ذو أىمية ثانوية.
ّ
منبع الصورة
-1الصورة التخييمية "الذىنية"
غالب ػاً مػػا يكػػوف لمصػػورة الذىنيػػة فػػي العمػػؿ الفنػػي "إلػػى جانػػب دوافعيػػا الواضػػحة
معنى خاؼ ن ندركػو عمػى نحػو مباشػر عمػى الػرغـ مػف أف ىػذا المعنػى قػد يكػوف بػالدً
التنثير منذ البداية.
تػنتي ىػذه الصػورة نتيجػة لفعػؿ إبػػداعي نشػعوري بصػفة جزئيػة وتعمػؿ عمميػا فػػي
الػػذىف "المشػػاىد أو الفنػػاف" مػػف دوف وعػػي منػػو فػػي قميػػؿ أو كثيػػر ،يرجػػع تعقيػػدىا إلػػى
تمػػؾ الحقيقػػة عينيػػا الماثمػػة فػػي عػػدـ وضػػوح معانييػػا عمػػى نحػػو مباشػػر ،إف إدراكيػػا ن
يتـ إنّ عمى خطوات مف خالؿ مبادرات ومراجعات وتخمينات وتساؤنت(.)155
إف المعرفة بالصورة الذىنية ،كما يسػتدؿ مػف التسػمية ،شػكؿ متوسػط مػف المعرفػة
بػػيف أوجػػو اإلدراؾ والػػذاكرة والخيػػاؿ ،والمعرفػػة عنػػد سػػارتر ليسػػت فعػػؿ قصػػد بػػذاتيا بػػؿ
( )155ينظػػر ،ىػػاوز ،أرنولػػد ،فمسػػفة الفػػف ،الييئػػة العامػػة لمكتػػب واألجي ػزة العمميػػة ،مطبعػػة جامعػػة القػػاىرة،
القاىرة ،1968 ،ص.111-119
143
نظاـ مف القواعد تستند إليو أفعاؿ القصد ،وىي فضمة لتجربة سابقة يستفيد منيػا المػرء
حيف يكوف أفكا اًر وصو اًر ذىنية جديدة.
ويمكػػف تعريػػؼ الصػػورة الذىنيػػة نفسػػيا مػػف ىػػذا المنظػػور عمػػى أنيػػا معنػػى كامػػؿ
يكونو قصد يستند إلى معرفة" :ن يمثؿ المرء لنفسػو سػوف الصػورة الذىنيػة التػي يعرفيػا ّ
إلػػى ح ػػد م ػػا ،فالصػػورة الذىني ػػة ن يمك ػػف أف يكػػوف لي ػػا وج ػػود مػػف غي ػػر المعرف ػػة الت ػػي
تؤلفيػػا" .أي أف المعرفػػة تحقػػؽ فػػي الصػػورة الذىنيػػة التكامػػؿ البػػدييي فػػي ىيئػػة موضػػوع
محدد(.)156
يتخيػػر الشػػاعر لفظػاً بعينػػو والفنػػاف شػػكالً محػػدداً بػػدنً مػػف لفػػظ رخػػر وبػػدنً مػػف
قػػد ّ
شكؿ رخر مف دوف أف يػدري سػبباً محػدداً لػذلؾ ،قػد ينتقػي الشػاعر صػورة تعبيريػة ذات
دنلػػة قػػد ن تكػػوف ماثمػػة لعقمػػو ال ػواعي ،واف كػػاف ليػػا مػػع ذلػػؾ أبمػػد األثػػر فػػي عممػػو
الفني .ويحدثنا الفنانوف عف أنيـ ربمػا راودتيػـ بػيف حػيف وحػيف رخػر فكػرة إلاػاء بعػض
التفاصػػيؿ فػػي عمػػؿ رخػػر مػػف أعمػػاليـ لعجػػزىـ فػػي الوىمػػة األولػػى عػػف إدراؾ العالقػػة
بينيػػا وبػػيف بقيػػة أج ػزاء العمػػؿ الفنػػي ،بيػػد أنػػو سػػرعاف مػػا يتبػ ّػيف ليػػـ بعػػد ذلػػؾ سػػالمة
األسػػباب التػػي دعػػت إلػػى انحتفػػاظ بيػػذه التفاصػػيؿ بػػؿ وحيويتيػػا البالاػػة وأنيػػـ كػػانوا
يمتزم ػ ػ ػػوف ف ػ ػ ػػي واق ػ ػ ػػع األم ػ ػ ػػر ،ح ػ ػ ػػيف ابت ػ ػ ػػدعوا ى ػ ػ ػػذه التفاص ػ ػ ػػيؿ بن ػ ػ ػػوع م ػ ػ ػػف المنط ػ ػ ػػؽ
الالشعوري،ويتضػػح مػػف ذلػػؾ أف الفنػػاف قػػد يضػ ّػمف عممػػو أكثػػر ممػػا تصػػؿ إليػػو مداركػػو
ويستمد مادتو مف مصادر تدلنا نظرية التحميػؿ النفسػي فػي الاالػب عمػى أقصػر الطػرؽ
إلييا(.)157
وف ػػي ض ػػوء ذلػػػؾ ف ػػنف عمميػ ػػة تركي ػػب أو إع ػػادة تركي ػػب الواق ػػع تب ػػدأ م ػػف صػػػورة
ذىنيػػة،وىي أمػػر يرجػػع إلػػى الخيػػاؿ أكثػػر منػػو إلػػى التشػػابو .مثػػاؿ ذلػػؾ لوحػػة "ارداكي ػاً"
لممصػػور "بوسػػاف" وىػػي لوحػػة خياليػػة بحػػت ومػػع ذلػػؾ فيػػي مقبولػػة ألف المنػػاظر التػػي
الشػػيء الػػذي يصػ ّػوره المصػػور يمكػػف أيض ػاً أف يػػتخمص إف لػػزـ األمػػر مػػف اشػػد
القوانيف طبيعية وثباتاً وأكثرىا عموماً ،فيػو يعتمػد التخييػؿ فػي انجػاز مادتػو وتركيبيػا.
لقػػد كػػاف "انجػػر" رسػػاماً يعػػرؼ عمػػـ التش ػريح معرفػػة عميقػػة لكػػف قصػػة لوحتػػو "الجاريػػة
الكبرف" ..ىذه العارية التي تموح اليوـ طبيعية لمااية يمكف أف تكػوف طبقػاً لمواقػع وحشػاً
حػػاوؿ الفنػػاف تشػريحو ،ولقػػد اكتشػػؼ بعػػض العػػارفيف أف ىػػذه الجاريػػة رسػػمت وتنقصػػيا
فقرتاف مف العمود الفقري واف أحد ثديييا لـ يكػف فػي موضػعو ...أف "انجػر" حػيف رسػـ
أدار ظيره عف الحقيقة التشػريحية أو مطابقػة الواقػع بػؿ رسػـ المػرأة عمػى وفػؽ صػورة
ذىنية مف خيالو(.)159
إف ىناؾ مفارقة بعيدة المدف بيف ما يرتسـ في ذىػف الفنػاف مػف صػور ذىنيػة مػف
جيػػة وبػيف الواقػػع مػػف حولػػو مػػف جيػػة أخػػرف ،فالفنػػاف كممػػا أراد أف يحيػػؿ صػػورة ذىنيػػة
إلػػى واقػػع فعمػػي فيمػػا ينتجػػو مػػف فػػف فننػػو يعجػػز عػػف ترجمػػة مػػا يػػدور فػػي ذىنػػو ترجمػػة
وافية .بؿ يجد أف وسائط التعبير الفني ذاتيا ميما بمات تقنياً مف الجػودة ..فإنيػا تظػؿ
قاصرة عف الوفاء بػالتعبير عػف الصػورة التخييميػة .عمػى أف ىػذه الثنائيػة "واقػع ،تخييػؿ"
ياػ ّذي بعضػػيا بعضػاً ،إف الصػػورة التخييميػػة تسػػتمد عناصػػرىا مػػف الواقػػع ولكػػف مػػا تفتػػن
تستقؿ عنو ،وأسباب ىذا انستقالؿ يمكف أف نوجز بعضيا:
( )158ينظر ،شتراوش ،كمود بيؼ :النظر ،السمع ،البصر (مصدر سبؽ ذكره) ،ص.11
( )159ينظػػر ،برتميمػػي ،جػػاف :نبحػػث فػػي عمػػـ الجمػػاؿ ترجمػػة الػػدكتور أنػػور عبػػد العزيػػز ،دار نيضػػة مصػػر
لمطباعة والنشر ،القاىرة 1971 ،ص.431
145
أ .تػ ػراكـ الخبػ ػرة :اإلنس ػػاف يتمق ػػى ص ػػو اًر ذىني ػػة م ػػف الواق ػػع حولو،ى ػػذه الص ػػورة
المستعارة مػف الواقػع يتػراكـ بعضػيا فػوؽ بعػض ويتفاعػؿ أيضػاً بصػورة معقػدة
ثـ ينشيء ىذا التفاعؿ صو اًر جديدة.
ب .الاربمػػة والتصػػفية :الفنػػاف ن يكتفػػي بػػالتجميع بػػؿ ب ػإجراء عمميػػة تنقيػػة لمزوائػػد
مف ىذا الركاـ.
ج .العامؿ الثالث مف عوامؿ تركيب الصورة الذىنية ىػو القػدرة عمػى تنسػيس نمػو
جديػػد مػػف المعرفػػة ،حيػػث يكػػوف أنسػػاقاً صػػورية أي التحػػوؿ مػػف التجميػػع إلػػى
التركيب(.)160
د .مسػػاىمة الواقػػع الحسػػي فػػي نشػػوء التاييػػر الػػدائـ فػػي الصػػورة الذىنيػػة بمتواليػػة
ىندسية ،تتـ عمى وفؽ تاير المنظور والرؤية لمعالـ.
يمكننػػا رد الصػػورة بيػػذا المعنػػى إلػػى شػػيء ذاتػػي ،وىػػي نػػوع مػػف اسػػتعماؿ المجػػاز
إزاء الواقػػع ،فيقػػاؿ عػػف النػػاس الػػذيف يسػػتعمموف بطػػبعيـ انسػػتعارة والتشػػبيو ،خاصػػة إف
كانت ىذه انستعارة والتشبيو مػف نػوع غيػر مػنلوؼ ،يقػاؿ بػنف لػدييـ ممكػة خيػاؿ ،ومػف
الجػػائز أف يصػػحب ىػػذا المعنػػى أو ن يصػػحبو معػػاف أخػػرف لمخيػػاؿ ،وينباػػي لنػػا أف ن
ننس ػػى أف انس ػػتعارة والتش ػػبيو يقوم ػػاف بع ػػدة وظ ػػائؼ متباين ػػة ف ػػي الف ػػف " ارج ػػع مبحثن ػػا
السابؽ حوؿ الموضوع" فقد تكوف انستعارة ىػي التوضػيح ،أي أف تقػدـ مػثالً محسوسػاً
لعالقػػة كانػػت ن بػػد مػػف وضػػعيا فػػي لاػػة مجػػردة لػػون ىػػذه انسػػتعارة ،ويكػػاد يكػػوف قػػوؿ
"شيمي" "الحياة مثؿ قبة زجاجية متعددة األلواف" ىو المثؿ الػذي يطػ أر لمػذىف ليػذا النػوع
مػػف المجػػاز .إف انسػػتعارة ىػػي وسػػيمة متقدمػػة يجمػػع الػػذىف بوسػػاطتيا فػػي الفػػف أشػػياء
مختمفة لـ توجد بينيا عالقة مػف قبػؿ ،وذلػؾ ألجػؿ التػنثير والػدوافع ،ويػنجـ ىػذا التػنثير
عػػف جمػػع ىػػذه األشػػياء وعػػف العالقػػات التػػي ينشػػئيا الػػذىف بينيػػا ،أف انسػػتعارة ىػػي
( )160ينظػػر ،أسػػعد ،يوسػػؼ ميخائيػػؿ ،سػػيكولوجية اإلبػػداع فػػي الفػػف وا داب ،دار الشػػؤوف الثقافيػػة ،باػػداد،
،1982ص.91
146
وسػ ػػيمة شػ ػػبو خفيػ ػػة يػ ػػدخؿ بوسػ ػػاطتيا فػ ػػي نسػ ػػيج التجربػ ػػة عػ ػػدد كبيػ ػػر مػ ػػف العناصػ ػػر
المتنوعة ،ولكف العناصر المطموبػة نكتمػاؿ التجربػة ن تكػوف دائمػاً موجػودة عمػى نحػو
طبيعػػي ،ولػػذلؾ فػػنف انسػػتعارة تخمػػؽ الفرصػػة إلدخػػاؿ ىػػذه العناصػػر المطموبػػة "خمسػػة"
وىذا ىو أحد الشواىد لظاىرة غريبة جداً تط أر دائماً في الفنوف(.)161
إذ يبدو أف أكثر العناصر لزوماً في الفف قد وجػد بمحػض المصػادفة ،أي كمػا لػو
كػاف مجػرد عػرض لػـ يقصػد لذاتػو وانمػػا أدخػؿ لوجػود عناصػر أخػرف ،وىػذا مػا يجعػػؿ
الرسـ يعجز مف أف يحدث أي أثر في نفوسنا حينما تبدو الموحة جمية وواضػحة أكثػر
مما ينباي.
يرف "كػولردج" أف صػورة الخيػاؿ ىػي تمػؾ الصػورة التركيبيػة السػحرية التػي تكشػؼ
لنػػا عػػف ذاتيػػا فػػي خمػػؽ التػوازف أو التوفيػػؽ بػػيف الصػػفات المتضػػادة أو المتعارضػػة بػػيف
اإلحس ػػاس بالج ػػدة والرؤي ػػة المباشػ ػرة والموض ػػوعات القديم ػػة المنلوف ػػة ،ب ػػيف حال ػػة غي ػػر
اعتيادية مف اننفعاؿ ودرجة عالية مػف النظػاـ ،بػيف الحكػـ المتػيقظ أبػداً وضػبط الػنفس
المتواصؿ والحماس البالد واننفعاؿ القديـ"(.)162
إف وصػػفاً لمفنػػاف يؤكػػد أىميػػة سػػيطرتو عمػػى تجربتػػو واتسػػاع مجػػاؿ اإلثػػارة الػػذي
يقبم ػػو ،وكم ػػاؿ اس ػػتجابتو ،وبمقارنت ػػو باإلنس ػػاف انعتي ػػادي نج ػػد أف اإلنس ػػاف انعتي ػػادي
يكب ػػت دوافع ػػو ،ألن ػػو ن يس ػػتطيع أف يشػ ػبعيا جميعػ ػاً م ػػف دوف أف تح ػػؿ ب ػػو الفوض ػػى،
والفناف يتمتع بقدرة اكبر عمى تنظيـ تجاربو .إف الفناف يقوـ بعممية اختيػار غيػر واعيػة
تفػوؽ سػػمطاف العػادة ،واف الػػدوافع التػي يوقظيػػا تتحػرر ،عػػف طريػؽ تمػػؾ الوسػائؿ ذاتيػػا
التي تثيرىا ،مف ذلؾ الكبت الذي تشجعو الظروؼ انعتيادية ،وتستبعد الدوافع الدخيمة
أو التي ن عالقة ليا بالموضوع ،ويكاد يقوـ بالجزء الرئيس مف عممػو دائمػاً مػف خػالؿ
( )161ينظر ،رتشارد.أ .أ :مبادئ النقد األدبي ،ترجمة د .مصطفى بدوي ،المؤسسة المصرية العامػة لمتػنليؼ
والطباعة والنشر ،1963ص.311-319
( )162المصدر السابؽ ص.114
147
تمؾ الدوافع التي تتبيف لنا والتي يثيرىا ما يسمى "بالعناصر الشكمية" فػي الفػف أىػـ مػف
غيرىا وىو انو يمكف انعتماد عمى ىذه العناصر لتوليد استجابات مماثمة(.)163
أمػ ػػا الخيػ ػػاؿ عنػ ػػد "باشػ ػػالر" فيػ ػػو أشػ ػػبو بعمميػ ػػة ديناميػ ػػة منظمػ ػػة لمػ ػػنفس البش ػ ػرية
وبعنصر تنسيؽ لمتصورات العقمية ن يمكنيما بنية حاؿ مف األحػواؿ أف يكونػا انعكاسػاً
لعمميػػة اإلدراؾ أو وظيفػػة بدائيػػة مػػف وظػػائؼ العقػػؿ ،كمػػا كػػاف يظػػف بعػػض المفك ػريف
أمثػػاؿ "لوسػػياف ليفػػي بريػػؿ" صػػاحب فك ػرة العقميػػة البدائيػػة ،ألف الخيػػاؿ فػػي جػػوىره ىػػو
فعؿ التصور نفسو بمحوريو الجذرييف التصور "انستعاري" والتصػور "التجػاوري" وعمػى
ىػػذا األسػػاس تظيػػر الصػػورة كنػػوع مػػف التناسػػؽ الػػدينامي والتوافػػؽ الجػػدلي بػػيف المعنػػى
والرمز وىي تسبؽ في الزماف بفضػؿ كيانيػا ذاتػو كػؿ تصػور عقمػي مركػب وكػؿ تفكيػر
انعكاسي ،إف ىذه األسبقية المالزمة لمنفس البشرية تحدد "الخيػاؿ" كإطػار أولػي ينطمػؽ
منو كؿ فكر وما يواكبو مف دننت(.)164
-2الصورة التجريدية
إف المرك ػػز المح ػػرؾ لممدرس ػػة "التكعيبي ػػة" ف ػػي الرس ػػـ ى ػػو إع ػػادة تك ػػويف األش ػػكاؿ
المنخوذة مف العالـ الخارجي لمصمحة النظاـ واإلدراؾ ،وغالباً ما يعػزف عمػى وفػؽ ىػذا
انتجاه إلى رسوـ بيكاسو وبراؾ بننيػا تقػوـ عمػى إيجػاد أسػموب جديػد يسػتند إلػى مقولػة
"الشعور بنف الكوف المرئي ما ىو إنّ تجريد لكوف مكثػؼ مطػرد أو غابػة مػف العمميػات
المتشابكة كما تصوره "وايتييد" ..واف الرساـ التكعيبي يؤمف بنف الموحة الفنية يجب أف
ن تكوف مجرد تسجيؿ لمتفسير السطحي الذي تمنحو العيف عف العالـ.
فالرساـ التجريدي يرسـ ما يعرفو ومػا يشػعر بػو إضػافة إلػى مػا يػراه ،وىدفػو األوؿ
فػ ػي ذل ػػؾ ى ػػو التنكي ػػد الم ػػنظـ لحقيق ػػة أف الموح ػػة ى ػػي رب ػػط لمواض ػػع مختمف ػػة بعض ػػيا
ببعض.
لق ػػد حاول ػػت التكعيبي ػػة إعط ػػاء التفس ػػير الحقيق ػػي لظ ػػاىرة التجري ػػد عن ػػدما ق ػػدمت
نماذجيػا لتعميػؿ ىػػذا انتجػاه ،والمقػونت التػػي تريػد تنكيػدىا بػػنف لألشػياء وجوىػاً مختمفػػة
لمدنلة ،ىناؾ شيء مرئػي خمػؼ الشػيء المرئػي ،وبمقولػة ميرلوبػونتي "إف المػدلونت ن
مرئية"(.)165
ويرف "سونماكرس" إف الصػورة التجريديػة ىػي الوسػيمة التػي بفضػميا يمكػف تحويػؿ
الواقع إلى تعبير تشكيمي مف خالؿ عالقات محددة ،وىي اختراؽ ليػذا الواقػع مػف اجػؿ
اإلمس ػػاؾ بتركيب ػػو ال ػػداخمي ع ػػف طري ػػؽ إدراؾ بنيات ػػو الت ػػي يمك ػػف إخض ػػاعيا إلشػ ػراؼ
العقػػؿ ،حتػػى نسػػتطيع بعػػد ذلػػؾ أف نعيػػد ىػػذه البنيػػات وىػػذه التػػهليؼ نفسػػيا فػػي حقيقػػة
مختمفة ىػي حقيقػة اختػراؽ الطبيعػة بوسػائؿ الرؤيػة التشػكيمية وتحطػيـ توازنيػا اإلد اركػي
المنطقي(.)166
إف البحػػث فػػي الواقػػع ولػػد الصػػورة التجريديػػة كنسػػاس واسػػتقالؿ اسػػتنبطت أص ػالً
ألدراؾ أنػ ػواع جدي ػػدة م ػػف ال ػػنظـ الت ػػي دعاى ػػا "رونف ب ػػارت" "بالفاعمي ػػة البنيوي ػػة" وى ػػي
محاكػػاة تػ ّػـ تبنييػػا ن مػػف اجػػؿ نسػ الواقػػع بتقميػػد جػػوىره بػػؿ بجعمػػو مفيومػاً عػػف طريػػؽ
( )165ينظػػر بػػوينتي ،مػػوريس ميرلػػو :المرئػػي والالمرئػػي ،ترجمػػة سػػعاد محمػػد خضػػر ،دار الشػػؤوف الثقافيػػة
العامة باداد ،1987ص.132
( )166ينظػ ػ ػػر :أميػ ػ ػػز ،محمػ ػ ػػود ،الفػ ػ ػػف التشػ ػ ػػكيمي المعاصػ ػ ػػر ،التصػ ػ ػػوير ،دار المثمػ ػ ػػث لمطباعػ ػ ػػة والنشػ ػ ػػر،
بيروت ،1981،ص.127
149
مضػػاعفة وظائفػػو ،ويقػػر "بػػارت" بػػنف عمػػؿ أص ػحاب البنيويػػة التحميميػػة الػػذيف يػػدركوف
عالق ػػات مج ػػردة يش ػػبو عم ػػؿ الفن ػػانيف المعاصػ ػريف ال ػػذيف يخمق ػػوف أعم ػػانً فني ػػة طبقػ ػاً
لممبػػادئ المسػػتقمة لموحػػدة ،واجػراءاتيـ المتميػزة ىػػي عبػػارة عػػف انتقػػاء لمتنظػػيـ حيػػث يػػتـ
انتخاب وحدة ما مف الواقع ،ليس لمجرد معناىا المتنصؿ بػؿ ألنيػا قػادرة عمػى الػدخوؿ
فػ ػػي عالقػ ػػات حاسػ ػػمة مػ ػػع وحػ ػػدات أخػ ػػرف وىػ ػػذا يسػ ػػتخرجيا مػ ػػف مضػ ػػمونيا المػ ػػنلوؼ
ويضػػعيا فػػي تنظػػيـ يعكػػس تنظيم ػاً مقصػػوداً وتكػػوف النتيجػػة استع ارض ػاً لمعمميػػة التػػي
تسػػبد بموجبيػػا المعػػاني عمػػى األشػػياء ولػػيس األشػػياء كصػػورة لمظ ػواىر الخارجيػػة كمػػا
ينظر إلييا تقميدياً(.)167
إف نم ػػط الص ػػورة التجريدي ػػة يق ػػوـ إذف عم ػػى خمخم ػػة "التعي ػػيف" ف ػػي خمي ػػة الش ػػيء
المرئي الواقعي لتوليد عالقات ومف ثَّّـ تكوينات غيػر مر ّئيػة وتحفيػز نظػاـ اإلدراؾ لػدف
المتمقي عمى تايير مساره.
( )167ينظر كورؾ ،جاكوب :الماة فػي األدب الحػديث ،الحداثػة والتجريػب ،ترجمػة ليػوف يوسػؼ وزميمػو ،دار
المنموف لمترجمة والنشر ،باداد ،1989 ،ص.35-33
131
131
الفصل الثالث
ػػلة إف أن ػػار ػػذل السػػمة (الذاتيػػة والشػػالية والتجريديػػة فػػي الفػػف) ينفػػوف أيػػة
تذار لألعمػاؿ الفنيػة باألشػياع والظػا رات الفعليػة فمػف رأي ػـ أف اػؿ إنتػاج إبػداعي ػو
431
نتاج مست ؿ تماـ االسػت الؿ عػف ال يػاة االجتماعيػةك و ػـ يعارضػوف بػذلؾ اػؿ م اولػة
للبر نة على وجود أية ارتباطات أو عالقات متبادلػة بػيف الفػف والواقػل م لمػا يعارضػوف
اإلقرار بوجود عالمات جمالية تدؿ على األشياع والظا رات الفعلية التي يجري التعبير
عن ػػا ف ػػي ال اف ػػة الفني ػػةك و ػػـ يشػ ػ ّاوف أيض ػػا بالرابط ػػة ب ػػيف األش ػػياع وعملي ػػات الواق ػػل
ويؤاػدوف وجود ػػا المسػػت ؿك فػإذا ارتبطػػت العالمػػة بالظػا رة التػػي تشػػير إلي ػا بفاػرة مػػف
األفا ػػار فإن ػػا ل ػػف ت ػػؤدي م ػػف النا ي ػػة المنط ي ػػة إالّ ع ػػف ش ػػيع ال معن ػػى لػ ػ ام ػػا ت ػػرل
"ارستيفا" ذلؾ ب ول ا "أف ضو ار للواقل في أي عمؿ فني يتعذر ال بوؿ ب "(.)161
وأشار "موريس" ضمف ذا التوجي بأف جعؿ العالمػة فػي اون ػا تػدؿ بنفسػ اك أي
إف العالمػػة الوسػػيط بػػيف الشػػيع والعالمػػة الفنيػػة – نفسػ ا -ل ػػا خ ػػامص دالػػة خػػارج
اي ونيت ػػاك وتو ػػؿ أخيػ ػ ار إل ػػى أف العالم ػػة ف ػػي الف ػػف تتمي ػػز أيض ػػا باس ػػت الل ا الاام ػػؿ
وااتفام ا الذاتي(.)162
الثاااا ي :يػػذ ب إلػػى بػػات العالمػػة واسػػتم ارريت ا فػػي عالقات ػػا بالظػػا رة الم ػػدلوؿ
علي ػ ػػا "الموضػ ػػوع والفعػ ػػؿ" فاالعتباطيػ ػػة النسػ ػػبية للتعػ ػػالؽ بػ ػػيف الموضػ ػػوع
ػػ ػػي "ف ػ ػػي رأي ػ ػ ػؤالع" الج ػ ػػذور االجتماعي ػ ػػة والتاريخيػػ ػػة والعالم ػ ػػة ال ي
لعالمات عديدة أخرل(.)163
وسنجد أف ناؾ -مل توا ؿ الب ث م اوالت لدمج الرؤيتيف -فبخالؼ بيػرس
وم ػػوريس ترا ػػز ا تم ػػاـ البني ػػوييف والش ػػاالنييف عل ػػى الس ػػمات التوا ػػلية ونظ ػػروا إل ػػى
العالمة الفنية على أن ا شبي ة بالعالمة اللغوية ل ا شخ ية العالمة وتتميز بالتعبير.
( )161ينظر :خرابتشناو وآخروف :طبيعة اإلشارة الجماليةك دراساتك ترجمة م طفى عبودك دار ال مداني للطباعة
والنشر عدف 4981ص.6
(.Morris Signification and Significance, Cambridge Mass,1964,p. 67 )162
( )163خرابتشناو :وآخروف :ص.9 -7
431
وبػ ػرأي موراافس ػػاي ف ػػاف العالم ػػة ف ػػي الف ػػف يما ػػف رؤيت ػػا عل ػػى ن ػػو خ ػػاص ف ػػي
عالقت ػػا بػػالمجتمل ي ػػوؿ" :تنشػػأ الشخ ػػية العالماتيػػة للعمػػؿ الفنػػي أساسػػا مػػف الطبيعػػة
االجتماعي ػػة للف ػػفك فالبني ػػة الداخلي ػػة للعم ػػؿ الفن ػػي تتجػ ػ إل ػػى اون ػػا منعاس ػػة ف ػػي ذ ػػف
المسػت بؿ اااتسػػاب لموقػؼ م ػػدد تجػػال الواقػلك و ػػذل الداللػػة االجتماعيػة للعمػػؿ تضػػع
في عالقة معينة مل نظاـ ال يـ الموجود في المجتمػل الم دد أيدلوجيا"(.)164
في يف ي ػدد لوتمػاف سػمات العالمػة فػي الفػف بأن ػا توا ػلية و ػي نظػاـ نمذجػة
في آف وا دك فاألعماؿ الفنية تتضمف رسامؿ ألغراض التوا ػؿ وت ػدـ فػي الوقػت ذاتػ
أنموذجػػا متفػػردا للواقػػل ي ػػوؿ"" :إف التشػػديد علػػى الخ ػػامص التوا ػػلية للفػػف وعالقت ػ
بػػالواقل بشػػال العػػاـ أمػػر غيػػر قابػػؿ للن ػػاش""( .)165وب ػػذا يػػرل لوتمػػاف ان ػ فضػػال عػػف
الشػػفرات التػػي تنب ػػؽ مػػل إبػػداع األعمػػاؿ الفنيػػة مػػة "لمسػػت لاي" الفػػف شػػفرات ـ الخا ػػة
األا ر تنوعػاك فػإدراؾ الفػف ػو ترجمػة الشػفرات العالميػة واعػادة تشػفير اك وعلػى مت بػؿ
العمػػؿ الفنػػي تاػرار فػػؾ شػػفرات الرسػػالة بمسػػاعدة شػػفرة معينػػة .بمعنػػى انػ يؤسػػس "لغػػة
الشفرة".
وفي ضوع ما سبؽ فإننا مدعووف للب ث في ذل األفاار ومناقشت ا للو وؿ إلى
ا. قراعة سيميامية لطبيعة العالمة في فف الرسـ واإللماـ بخ ام
ل د دد "سوسير" العالمة بأن ػا و ػدة ناميػة المبنػى تتاػوف مػف داؿ ومػدلوؿ "امػا
بينا ذلؾ تف يال فػي الف ػؿ األوؿ مػف الد ارسػة" ويػرل أف سلسػلة األ ػوات ػي الػداؿ
ػػورة ذ نيػػة ػػي المػػدلوؿ .وتنشػػأ داللػػة العالمػػة مػػف التػػي تسػػتدعي فػػي ذ ػػف المسػػتمل
واذا افترضػػنا أف الػػداؿ فػػي الرسػػـ ػػو الخطػػوط واأللػواف والعنا ػػر األخػػرل أماػػف
ػػا التعبيػػر ألن ػػا ال ػػوؿ أف ػػذل العنا ػػر فػػي ترايب ػػا تشػػاؿ "ضوضػػاع ب ػرية" إف
ورة ذ نية معترفا ب ا "يماف مال ظػة ذلػؾ فػي ترايبيا ت ل خارج الفف و ي ال تشاؿ
اللو ػػات التجريديػػة بشػػاؿ واضػػا" .وعلي ػ فػػاف توليػػد الداللػػة فػػي الرسػػـ ال يػػتـ بالنظػػاـ
ال وتي نفس .فػال وؿ مػ ال "أيػا بيػت" أو أيػة المػة مرابػة ترايبػا خػارج النظػاـ ال ػارـ
للغػػة يماػػف أف ي ػػدث شػػرخا فػػي المػػدلوؿ ومػػف ػػـ ال تػػتـ عملي ػة اإلي ػػاؿك فػػي ػػيف
ياوف المدلوؿ في الرسـ مختلفا اليا عف المدلوؿ اللغػوي ويعتمػد علػى زعزعػة الفػروض
الدالة أساسا.
ونػػرل أف مشػػالة المػػدلوؿ ػػي المشػػالة الم مػػة واألساسػػية لت ديػػد طبيعػػة العالمػػة
في فف الرسـ.
وتأسيس ػػا عل ػػى ذل ػػؾ ف ػػاف العالم ػػة ف ػػي ف ػػف الرس ػػـ ت ػػدخؿ ف ػػي نظ ػػاـ آخ ػػر وتنف ػػرد
بخ امص يماف متابعت ا اما يأتي:
437
إف أيػػة عالمػػة داخػػؿ اللو ػػة التشػػايلية ػػي عالمػػة اي ونيػػة الف ال َّر ْسػػـ نفس ػ يبػػدأ
بالعالمػػة االي ونيػػة .نػػاؾ داممػػا شػػاؿ ب ػػري معػػيف يماػػف عزل ػ اي ونيػػا أو مؤش ػريا ال
رمزياك على سبيؿ الم اؿ :فعالمة غيمة تؤشر ما تتضمف و و المطر.
و ا ػػذا يمانن ػػا تأاي ػػد أف العالم ػػة المؤش ػػر تػ ػرتبط بج ػػانبيف األوؿ وظيف ػػي وال ػػاني
راز علي ػا "بيػرس" تداوليك و ذاف الجانباف يب ياف في دود السيمياع االجتماعية التي ّ
نفس ػ .الجانػػب األوؿ ػػو تأسػػيس نػػوع مػػف الم ػوالت "ال ادفػػة" أو التوا ػػليةك و ػػذا مػػا
يدفعنا إلى تأايد أف ػذا النػوع مػف العالمػات قػد أسػس اتجا ػات م ػددة فػي الفػف ػي:
البوسػػتر أو اإلعػػالف الػػذي تشػػير العالمػػة في ػ إلػػى داللػػة وظيفيػػة فػػي داخػػؿ المجتمػػل
ويما ػػف قراعت ػػا م ػػف خ ػػالؿ الع ػػود داخ ػػؿ ال اف ػػة اإلنس ػػانية .إف مجموع ػػة أ ػػابل ف ػػي
ف فارغ تشير مباشرة إلى الجوع أو الغػذاع ..وا ػر انػزالؽ عجلػة السػيارة يػدؿ علػى
وقوع ادث وتشير خطوط العبور في الشارع إلى وجود نظاـ للمرور.
إف العالمات التي تاتسب داللت ا مف الطبيعة االجتماعية و"االي ونية" أو تاتسب
مالزمات ػػا م ػػف الس ػػياؽ الت ػػاريخي لل ػػذ ف البش ػػري اال ػػدخاف للن ػػار والط ػػرؽ عل ػػى الب ػػاب
للعاقؿ أو مف سياؽ تاريخي م ػدد اػاألبيض لل ػزف فػي مجتمػل مػا وللفػرح فػي مجتمػل
آخػػر ...ػػذل العالمػػات تنسػػب إلػػى مر لتي ػػا االي ونيػػة والمؤشػريةك يماػػف التعامػػؿ مع ػػا
"داخؿ اللو ة" على أسػاس رات ػا الترايبيػة إي المر لػة الرمزيػة للعالمػة علػى سػاب
وبعبارة أخرل ستاوف ذل العالمات عبارة عف شد مف الجزميات توجد في ()166
بيرس
ػاف تجػدل ال وؿ األدبية والفنية ال ا مف شعر ورواية ومسػرح وسػينما ..الػ فػرأس
عند امرئ ال يس وعند جواد سليـك وبيااسو وفيالساز.
إف ػػذل الم اربػػات ػػوؿ طبيعػػة العالمػػة الجماليػػة يماػػف أف تأخػػذ مػػديات مختلفػػةك
فالعالمة يماف أف تنوع بم موالت متعػددة اشػارية أو اي ونيػة لان ػا تتجػ ن ػو تػأويالت
مختلفػػة ب سػػب أسػػلوب عرض ػ ا وترتيب ػػاك وف ػػي الرسػػـ يماػػف ت ديػػد ػػذل االتجا ػػات
إف س ػػمات العالم ػػة "المنط ي ػػة والتعبيري ػػة" تتع ػػارض م ػػطل ا بم ػػطلا ف ػػاوراؽ
الشجر خضر بشاؿ عاـ و ػو أمػر منط ػيك لاػف لػيس اػؿ األوراؽ خضػ ار وليسػت اػؿ
األش ػػياع الخض ػػر أو ارق ػػا بالض ػػرورة( .)167و ػػذا م ػػاي ػػدد معن ػػى األخب ػػارك ل ػػذلؾ ا ػػاف
بإماػػاف الرسػػاـ الاالسػػياي أف يرسػػـ األوراؽ خض ػ ار واالنطبػػاعي يرسػػم ا م ػ ار باامػػؿ
ريت ك َّ
ولاف ناؾ انساقا أخػرل تاػوف في ػا األوراؽ شػيما آخػر ..أي شػيع ..امػا فعػؿ
موندرياف في لو ة الشجرةك ففي الرسـ يماف لداؿ وا د أف يتخذ مدلوالت عديػدة أو أف
مدلوال وا دا يستطيل أف يعبر عف نفس بعدد مف الدواؿك و ذا و ػاؿ العالمػة الفنيػة
التي ياوف في ا التواضل ضعيفا وتاوف الوظيفة الت ويرية متطورة واإلشارة مفتو ة.
والس ػ ػؤاؿ الػ ػػذي يماػػػف أف ي ػ ػػار اوف ػػػو ػ ػػؿ يماػ ػػف أف ت ػػدؽ مر لتػ ػػا اي ونيػ ػػة
العالمة ومؤشريت ا على الفف ال ديث.
الس ػؤاؿ ال ػػاني الػػذي يالمػػس ت ليػػؿ العالمػػة فػػي الرسػػـ ػػو ػػؿ ل ػػذا النػػوع مػػف
األعماؿ الفنية ال درة على تشايؿ أنموذج ما لمعنى م دد
إف مف ػوـ النمذجػة الػذي ن ػض بػ أ -ايفػػانوؼ جػدير بت ليػؿ طبيعػة العالمػة فػػي
غير للعالـ مف يث وجود ػا واف أي عمػؿ فف الرسـك فاللو ة اما يرل ي أنموذج
فنػػي يضػػل العػػالـ الخػػارجي فػػي ت ػػور ذ نػػي ػػو نسػػؽ أو أنمػػوذج ومػػف ػػـ فػػاف الرسػػـ
يختلؼ مف يث طبيعت على خلؽ األنموذج ويضل ايفانوؼ الرسـ والفنػوف فػي درجػة
اق ّؿ أو ي انوية في خلؽ النمذجة( .)168وربما فات ايفانوؼ أف نظاـ الرسـ ال ي تػرب
م ػػف ي ػػث م ػػا ػػو منط ػػي ف ػػي النمذج ػػةك ب ػػؿ إف ػػذا النظ ػػاـ ػػو أعل ػػى م ػػف المنط ػػؽ
المفترض سلفاك ذلؾ إف النمذجة تشاؿ في د ذات ا دودا معترفا ب اك إما ال دود فػي
الرسػػـ ف ػػي ػػدود قابليتػ علػػى تشػػايؿ نفسػ وخلػػؽ نمذجػػة بػػذات اك وب ػػذا ال يماػػف عػػد
الرسـ وسيلة لن ػؿ المعلومػاتك واذا مػا افترضػنا انػ اػذلؾ فاللو ػة سػتنت ي بانت ػاع ف ػـ
ػا التعبيػرك علػى الػرغـ مػف انػ ال ػ فا تاريخيػة إف م ولت ا وت با متػا ؼ الفػف
يماػ ػػف نا ػ ػراف إف الرسػ ػػـ يتضػ ػػمف معلومػ ػػات وم ػ ػوالت ولان ػ ػ ال يماػ ػػف ت ػ ػػنيؼ ػ ػػذل
المعلومات على أن ا "إعالنية" أو ي في نطاؽ علـ السبرنطي ا(*).
وفػػي ضػػوع ذلػػؾ يماػػف ال ػػوؿ إف للرسػػـ مرونػػة دالليػػة تنطلػػؽ من ػػا قابليػػة العالمػػة
لالنفتػػاح علػػى أا ػػر مػػف مػػدلوؿ ومػػف ػػـ تتجػػاوز بعػػد ا التسػػجيلي وترتفػػل إلػػى العالميػػة
والعموـ.
وب ػػدي ي أف ف ػػـ اللو ػػة م ػػف جان ػػب "المتل ػػي" أم ػػر ض ػػروري ت ػػى تس ػػتطيل ػػذل
اللو ػػة العمػػؿ ب ػػورة فعالػػةك فاللو ػػة رسػػمت اػػي "تُشػػا د" علػػى أف أم ػ ار م ػػؿ ػػذا ال
( Lotman,Yuri in Artistic Creativity and man p. 489 )168م در سبؽ ذارل.
(*) علـ السبرنطي ا :و العلـ الخاص بتخزيف ون ؿ المعلومات آليا ودراسة الذااع ال ناعي.
411
يتمخض عف عرؼ جمالي -اجتماعي وانما يعد بمنزلة استيعاب مت رؾ للنتػامج التػي
يػػتمخض عن ػػا اإلدراؾ الفنػػي للعػػالـ فضػػال عػػف ذلػػؾ -و ػػذا جانػػب بػػال األ ميػػة -فػػاف
التعميمػ ػػات اإلبداعيػ ػػة الابػ ػػرل غالبػ ػػا مػ ػػا ال يػ ػػتـ االعت ػ ػراؼ ب ػ ػػا علػػػى الفػ ػػور مػػػف قبػ ػػؿ
المشػػا ديفك امػػا أن ػػا ال تمػػارس أي تػػأ ير أساسػػي علي ػ ك فللعالمػػة الفنيػػة عػػادة معنػػى
ي ػاوـ تعػدد التفسػػيرات وذلػؾ لفتػرة معينػػة مػف الوقػػت فػي األقػؿك و ػػذا أمػر طبيعػػيك ألف
تعػػدد المعػػاني الػػذي ال يماػػف أف ترتدي ػ العالمػػة يعيػػؽ وجود ػػا وتػػوفر قػػد ار معينػػا مػػف
الف ـ ال ابت يعد شرطا م ما مف شروط عمؿ العالمػة .وال ػؽ انػ إذا مػا بػدلت الداللػة
مف معنا ا فاف عالقت ا بما تدؿ عليػ تف ػد ديمومت ػا فػي داخػؿ ال افػة السػامدة والػوعي
إذف البد للعالمة في الرسػـ مػف أف تنفػتا فػي نظػاـ رمػزي وتفسػر ()169
المعرفي في آن
في ضوع ذا النظاـ ي وؿ "بارت" في معػرض دفاعػ عػف التفسػير الرمػزي للفػف إف أي
عمػؿ فنػػي باعتبػارل رمػ از ينطػوي علػػى مع ي
ػاف متعػػددة ويرجػل سػػبب ذلػؾ إلػػى بنػاع العمػػؿ
ػػادر عػػف الػػذيف ي رمونػ .و ػػذا األمػػر بالػػذات ػػو الػػذي جعػػؿ مػػف ذاتػ ال إلػػى عجػػز
ػورةك وانمػا ػو مجموعػة مػف المعػاني المتعػددة(.)170 العمؿ عمال رمزيػاك الرمػز لػيس
و اذا ..فإننا اوف بإزاع نوعيف مف العالمات:
"االي ونية والمؤشرية في قيمت ػا االجتماعيػة "الع ديػة" والتاريخيػة "التوا ػلية" "الفػف
الاالسياي".
ب.عالمات ب ية العرض:
الخطػػوط األل ػوافك الاتػػؿك الفضػػاعك المسػػافةك المنظػػورات مجػػردة عػػف موضػػوع ا
"الرسـ ال ديث".
أف مربعا خالص الزرقة ليس و عالمة قادمة مف الزرقة للمػاع والربيػل بػؿ يماػف
ػيفتا فػي
أف تاوف عالمة مبنية على وفؽ عالقات ا مػل األلػواف األخػرل ...واػؿ ػذا س ّ
مب ث (( ُبعدي االنغالؽ واالنفتاح)).
(*) ويعني السياؽ الذي ليس مف طبيعة الفف سب م ولة تدوروؼ في الفار العربي المعا ر مراز اإلنماع
ال ومي العدد 11ك بيروت 4986ص.49
411
الت ليدية ن ب جؿ ا تمام ا على ياة الفناف وال راعات االجتماعية في أ ناع انجػاز
العمؿ وااليدلوجيات الم يمنة والتطور االقت ػادي للمجتمػل ...الػ أي د ارسػة أشػياع ال
ت ػػدـ نفس ػ ا اعنا ػػر "ن ػ ّػية" وانمػػا اعنا ػػر فػػوؽ ن ػ ّػية أو فػػوؽ لغػػة الرسػػـ نفس ػ ا.
وعلى وفؽ ذلؾ فالسؤاؿ المطروح نا و:ايؼ يماف ت ويـ الم اربػة السػيميامية ووضػل
من جا في تفسير اللو ة .
ال ينبغػػي لنػػا -فػػي ضػػوع ػػذا المػػن ج -أف نتسػػاعؿ :ػػؿ .تم ػػؿ ػػذل اللو ػػة تلػػؾ
ػػو ل ػػيس م ػػاذا ت ػػوؿ ػػذل اللو ػػةك وم ػػا ال ي ػػة أـ ال ...الش ػػيع الو ي ػػد ال ػػذي نبغيػ ػ
معنا ػػاك بػػؿ ايفيػػة تشػػايل ا واشػػتغال ا ألن ػ ال ينبغػػي لنػػا البر نػػة علػػى مػػا ػػو ُمبػ ْػر ْف
علي ػ سػػلفا وموضػػوع فػػي برنػػامج قبلػػي للتفسػػير .لػػذلؾ يتطلػػب ت ليػػؿ العالمػػة فػػي فػػف
الرسـ -من جيا -ت ديد اإلطار الذي ي اػـ راتنػا علػى أطػراؼ عمليػة اإلنتػاج الفنػي
وعلى أ ـ عنا ر ذا العمؿ و ي "اللو ة" المتضمنة "رسالة" ما.
يماننػػا الػػدخوؿ إلػػى ذلػػؾ مػػف التأايػػد مػػل نػػري فوسػػيوف" "ب ػأف الفػػف يشػػاؿ عالمػػا
ت ام ػ ق ػوانيف خا ػػة ب ػ و ػػو آلػػة فػػي مجموع ػة الظ ػوا ر اإلنسػػانيةك لاػػف ل ػػذل اولػػة
نبرت ػػا الخا ػػة ووقع ػػا الخػػاص ول ػػا فػػوؽ ذلػػؾ تاوين ػػا المختلػػؼ عػػف تاػػويف غير ػػا
ويخضل استعمال ا ل واعد موضوعة ل ا سلفا""(.)171
واذا أمعنػػا النظػػر فػػي ػػذل الم ولػػة فسػػتاوف آليػػات تأويػػؿ الفػػف مختلفػػة عػػف آليػػات
تأويػػؿ الواقػػل وسػػنذ ب مػػل الفا ػرة التػػي ت ػػوؿ أف باسػػتطاعة الفػػف أف يفػػتا التأويػػؿ إلػػى
المطلؽ واف أي م اولة لغلؽ ذا التأويؿ والتفسير ومف ـ غلػؽ الم مػوالت التػي ينػوع
ب ا ال امؿ "الشاؿ في اللو ة الذي ي وـ بم موالت املة ليس ل ا ن اية" سترجعنا إلى
اعتبار الفف جزعا مف الوقامل االجتماعية االزواج وال ب والا ار ية وال رب ...الػ ك أو
إرجاع ػ إلػػى الوقػػامل الوجوديػػة التػػي تتعلػػؽ بػػالموت و ال يػػاة و"الميتافيزي ػػا" أو الوقػػامل
الح برمدا ج 4منشورات و ازرة ال افة واإلرشاد ( )171ينظر وين ك ريني :الفف تأويل وسبيل ك ترجمة
ال ونيك دمشؽ4978ص.17
413
النفسية المتلع ة بالذاتك وعند ذاؾ سن مل في تفسػيراتنا فاػرة المشػا دة ذات ػا وسػنت رؾ
على أطراؼ ذل الم والت الم ددة والم ررة سلفا(.)172
أف الم ولػػة التػػي يجػػب تأايػػد ا ػػي أف آليػػة التأويػػؿ بػػالفف ال تشػػب آليػػة التأويػػؿ
بػػالواقل ولػػو اانػػت اتػػاف اوليتػػاف متشػػاب تيف لاػػاف الفػػف قػػد نفػػد منػػذ زمػػف بعيػػد يػػث
ي ػػبا المشػػا د مػػزودا بالتفس ػػير ال بلػػي للعػػروض التش ػػايلية وت مػػل المشػػا دة نفسػ ػ اك
ا يث إماانية االستعاضة عن بطريؽ آخػر للو ػوؿ إلػى وياوف ال جدول الفف مت
المايػؼ" وفػؽ نظػاـ معمػوؿ ومبػرمج قػبالك وب ػذا المعنػى ال ي ة التي يب ػث المشػا د " ّ
ياػػوف الو ػػوؿ إلػػى ال ي ػػة المف ػػودة أ ػػـ مػػف اللو ػػة الفنيػػةك و ػػذا مػػاال يرتضػػي الفػػفك
ألف ال امؽ في الفف ي ليست ال امؽ المنط ية والمدراة في الواقػل( )173ال ي ػة فػي
ي
لمعاف متعددة في أف يجعلؾ مب و ار ومد وشا مػف الفف ي تماسؾ العمؿ الفني و مل
خ ػػالؿ إطالقػ ػ شػ ػ نات"م ػػف النا ي ػػة االنطباعي ػػة "ال أف يعطين ػػا أو يو ػػلنا إل ػػى درس
أخالق ػػي "واف تض ػػمن " الف اللو ػػة الفني ػػة ال ب ػػد أف تنط ػػوي عل ػػى مض ػػاميف اجتماعي ػػة
ودروس أخالقية وفي ا تسجيؿ مف خالؿ شاؿ م ػدد م مػا اػاف ػذا الشػاؿ "مجػردا أو
معينػػا" ألف ػػذا الشػػاؿ سػػينفتا بعػػد أف ُي ّمػػؿ بم م ػوالت ال ن اميػػة عنػػدما يت ػػوؿ مػػف
شاؿ إلى معنى وعند ذاؾ ياوف ذا الشاؿ "الذي و معنى في الوقػت نفسػ " يتضػمف
"لو ػػة بج ػػو ر تأويل ػػا المنف ػػتا مطل ػػؽ بالتض ػػمف أش ػػياع ا يػ ػرة وتا ػػوف اللو ػػة
التأويؿ" وبغير ذا سوؼ ال تنتمي ذل اللو ة للفف بؿ للوقامل وت با وسػيلة إعالنيػة
لم ولة ما(.)174
( )172د .غزوافك عنادك م اضرات على طلبة الداتورال وؿ تأويؿ النص الوتناميك الية الفنوف الجميلةك
مسجل على شريط "ااسيت".
( )173ينظر :المسديك عبد السالـ :في آليات الن د األدبيك دار الجنوب للنشرك تونس 4991ص 34وما
بعد ا.
ايـك دار الشؤوف ال افيةك بغداد 4986 ( )174ينظر :فلسفة الفف عند سوزاف النجرك إعداد راضي
ص.18
411
()175
فالجماليػػة مراػزة ويغػػدو الجمػػاؿ ػػو قػوانيف وبت ريػػر أف الفػػف "مطلػػؽ التأويػػؿ"
تماسػػا وتنػػاظرل وتوازن ػ ك بػػؿ يماػػف ال ػػوؿ مػػف أف ػػذل ال ػوانيف مضػػمرة بالشػػاؿ الػػذي
يتلبس المعنػى وال ي ويػ ك فالعالقػة بػيف الشػاؿ والمعنػى عالقػة نسػيجية وليسػت وعاميػة
واذا مػػا افترضػػنا أف باسػػتطاعتنا إخ ػراج نسػػيج الشػػاؿ وعنا ػرل مػػف ػػذل العالقػػة و ػػي
سيسلب.
عنا ر "اللوفك الخطك الاتلة ...ال " فإننا ن اـ علي بالموت ألف وجودل ُ
ل ػػد اان ػػت المن ػػا ج م ػػا قب ػػؿ الس ػػيميامية تنظ ػػر إل ػػى الش ػػاؿ والمعن ػػى اظ ػػا رتيف
منف ػػلتيف والعالقػػة بين مػػا عالقػػة وعاميػػة وعنػػدما اػػاف الفػػف يف ػػـ علػػى ان ػ انعاػػاس
ػػب زمانيػة بعيػػدة للواقػل اانػػت معرفػة الواقػػل ػي التػػي تػدير عمليػػات معرفػة الفػػف فػي
ومتع ػػددةك ف ػػالواقل ي ػػدير عملي ػػات الف ػػف وي ػػزودل بشلياتػ ػ ك وب ػػذا المعن ػػى فالش ػػاؿ وع ػػاع
المضموفك وااف الم ّـ ما في الوعاع وليس الوعػاع ذاتػ ( .)176وظلػت ػذل المعرفػة فػي
بعػػض وج ػػات النظػػر المعا ػرة تػػى اليػػوـ تؤاػػد ػػذا الف ػػؿك بػػؿ إف اتجا ػػات الن ػػد
الت ليدية ما تزاؿ تس ط آليات المضموف على الشاؿ وت ددل سػلفا ومػف ػـ أسسػت ػذل
المنا ج معجما مف المترادفات ال بلية التي تمان ا مف قراعة العمؿ الفني بوضل مبػادئ
للت ليؿ والتفسير في ضوع ذلؾ المعجـ .واستمر الن ػد التشػايلي يػؤطر مفا يمػ بإطػار
"المعجػػـ" واضػػعا قياسػػات بالم ارنػػة والتطبيػػؽ .وألجػػؿ تطبيػػؽ ذلػػؾ من جيػػا فػػاف الب ػػث
سػيمر ب ػذا "المعجػـ" و ػوال إلػى بنيػة التعال ػػات التػي يؤسسػ ا داخػػؿ اللو ػةك لاػف قبػػؿ
ذل ػػؾ علين ػػا أف ن ػػتالـ عل ػػى تل ػػؾ الو ػػدات أو "الموتيف ػػات" أو التم ػػايزات "الالم ػػات ف ػػي
المعجـ اللغوي" داخػؿ نظػاـ الرسػـ والسػؤاؿ ػو :ػؿ تم ػؿ الو ػدات داخػؿ نظػاـ الرسػـ
عالمػػات نتنػػاوؿ بػػادئ ذي بػػدع الطري ػػة التػػي تػػؤدي ب ػػا األنظمػػة الجماليػػة و"الرسػػـ
خا ة" وظيفت ا.
( )175مفتاح :د .م مد :التل ي والتأويؿك المراز ال افي العربيك بيروت 4991ص.98-91
( )176د .المطلبيك مالؾك م اضرات على طلبة الدراسات العليا وؿ الت ليؿ البنوي للرسـ مسجلة على
شريط "ااسيت".
411
إف قض ػ ػػية وج ػ ػػود الو ػ ػػدات تط ػ ػػرح نفسػ ػ ػ ا للمناقش ػ ػػة بالنس ػ ػػبة للفن ػ ػػوف التش ػ ػػايلية
"الت ػػويرك الرسػػـك الن ػػت ...ال ػ ك والس ػؤاؿ ػػو عػػف طبيعػػة ػػذل الو ػدات ف ػإذا تعلػػؽ
األمر باأللواف فعلينا أف نعترؼ أن ا تشاؿ سلما يماف تخ يص درجات األساسية مف
تعيف ويشار إلي ا ولان ا تشير إلى شػيع خارج ػا وال تػو ي بشػيع خالؿ تسميت اكإن ا ّ
ابػػت معػػروؼ أو م ػػدد إذ يختػػار الفنػػاف األل ػواف ويخلط ػػا وي ػػوغ ا ايػػؼ شػػاع علػػى
اللو ػػةك وال تُش ػ َّػا ْؿ ػػذل األلػ ػواف تش ػػايال ن امي ػػا س ػػول داخ ػػؿ "التا ػػويف" نفسػ ػ وتاتس ػػب
داللت ا ف ط في اون ا واقعة في عالقة أي نافية لذات ا.
إف الفنػػاف يخل ػػؽ س ػػيميوطي ا خا ػػة بػ ػ ويؤس ػػس تعارضػػات ف ػػي خط ػػوط يض ػػفي
علي ػػا الداللػػة مػػف خػػالؿ تنسػػي ا "الترايػػب" و ػػو بػػذلؾ ال يتسػػلـ قاممػػة مػػف العالمػػات
جػػا زة قبليػػا معترفػػا ب ػػا فػػي ضػػوع الع ػػد البيمػػي وال ػػو ي ػػوـ بتأسػػيس قاممػػة أيضػػا..
ف ػػاللوف -ػػػذل المػ ػػادة الخػ ػػاـ -يشػػػتمؿ عل ػػى تش ػ ػايلة ال ن امي ػػة م ػػف الف ػ ػوارؽ الدقي ػػػة
المتدرجة غير أن ا ال تجد م ابال لغويا ل ا أو معنى معجميا.
الفنوف التشايلية تنتمي إلى مسػتول آخػر ػو مسػتول التم يػؿك يػث يتػشلؼ الخػط
والل ػػوف وال را ػػة وت ػػدخؿ ف ػػي مجموع ػػات ت ام ػػا ض ػػرورات داخلي ػػةك إف ػػذل األنظم ػػة
متمي ػ ػزة وذوات تع يػ ػػدات جمػ ػػة وال ت ػ ػػدد و ػ ػػدات ا إالّ مػ ػػف خػ ػػالؿ سػ ػػيمولوجيا تاتشػ ػػؼ
العالق ػػات الدال ػػة ف ػػي اللغ ػػة الفني ػػة داخ ػػؿ العم ػػؿ الفن ػػي نفسػ ػ و ػػذا م ػػا ي ػػاوؿ الب ػػث
الو ػػوؿ إلي ػ .الفػػف لػػيس سػػول عمػػؿ معػ ّػيف يسػػتند إلػػى تعارضػػات وقػػيـ مػػف دوف أف
ينظر إلى "إ الة" يث ي ل علػى عات ػ التعبيػر عػف رؤيػة تخضػل لمعػايير -واعيػة أو
غير واعية -يجسد ا العمؿ وي با في جملت شا دا علي ا.
واذا اػػاف ممانػػا أف نفػػرؽ بػػيف األنظمػػة التػػي يطبػػل الااتػػب الداللػػة علي ػػا والتػػي
تعبر في ا عف ذل الداللة الو دات األولية منفردة بمعزؿ عف العالقػات التػي يماػف أف
تدخؿ في اك فاف الداللة في الفف ال ت يؿ أبدا إلى عرؼ يسػت بل أطػراؼ ال ػوار بطػرؽ
416
ويت تـ الاشؼ عػف ػذل الداللػة إذ ال ن ايػة ل ػا مػف خػالؿ العػدد امػا أن ػا ()177
متما لة
ذات طبيعة تل امية ولػذلؾ فػال بػد مػف إعػادة ااتشػاف ا فػي اػؿ عمػؿ علػى ػدة ومػف ػـ
فإن ػ ػػا ال ت ػ ػػلا لا ػ ػػي ت ب ػ ػػت ف ػ ػػي منظوم ػ ػػة ولا ػ ػػف ام ػ ػػا يوج ػ ػػد ف ػ ػػي ال ػ ػػوؿ الموس ػ ػػي ي
ت سيمات"جمؿ مست لة"تف ل ا فوا ؿ أو "وقفات" وتميػز ػذل األقػواؿ "موتيفػات" يماػف
تعرف ا فإننا نجد في الفنوف التشايلية مبادئ عامة "لل رؼ" أو المستول ال رفي للفف ّ
إف ػػا التعبي ػػر .وبم ارن ػػة بس ػػيطة لألنظم ػػة الجمالي ػػة الس ػػينماك المس ػػرحك الموس ػػي ىك
ػػـ يما ػػف تأس ػػيس قػ ػراعة (*)
الرس ػػـ يمانن ػػا تلم ػػس طبيع ػػة الو ػػدات الخا ػػة لا ػػؿ نظ ػػاـ
خا ة للعالقة في فف الرسـ .و نا ينبغي التشديد على أف ذل "الو دات" أو "الوقفػات"
ليسػػت سػػول افت ارضػػات تمييزيػػة "ب ػرية" وليسػػت ماونػػات " "Constituentبػػالمعنى
"الن وي" ألن ا ت ل خارج اللو ة مف ج تيف:
إف ذا المعجـ ي دؼ إلى تلمس إماانات "التمايزات" في الرسـ يػث يسػتند إلي ػا
الرساـ في إنشاع الموجود الفني الف ػذل التمػايزات ستشػاؿ بنيػة التعػالؽ وطبيعت ػا فػي
توليد اللو ات.
( )177ينظر بنفستك أميؿ :سيميولوجيا اللغةك ترجمة سي از قاسـ في مدخؿ إلى السيميوطي ا م در سبؽ
ذارل ص.13 -49
(*) سبؽ تف يؿ ذا الموضوع في الف ؿ ال اني مف الب ث.
417
إف دود ذا المب ث و أف يرينا عدد "الموتيفات" ف ط ..التي سػتاوف شػرطا أو
ضرورة فػي وجػود اللو ػةك ولان ػا تختفػي داخػؿ اللو ػة فػي ضػوع عمليػات التعػالؽ امػا
سنرل.
اال غالق
البعد المعجمي
ػػغي ار للتواضػػعات فػػي إ ّف ػػذا الب ػػث إذ يضػػل ػػذل "ال اممػػة" التػػي ت تػػؿ ُمعجمػػا
الرس ػػـك إنم ػػا ي ػػاوؿ تأاي ػػد وجود ػػا ع ػػف طري ػػؽ "االنفت ػػاح"( .ينظ ػػر المب ػػث الخ ػػاص
بالتعالؽ والداللة داخؿ العمؿ الفني" "والف ؿ الخاص بت ليؿ األعماؿ").
ػ ػػد ت ّبػ ػػؿ لعبػ ػػة -تأايػ ػػد وجود ػ ػػا بالتطبي ػ ػػات لترسػ ػػي الجانػ ػػب ""اإلي ػ ػػامي"" ب
االنفتاح.
تنشػػط الن طػػة األولػػى فػػي الرسػػـ ""ال ػػديث"" والن طتػػاف ال انيػػة وال ال ػػة فػػي الرسػػـ
الت ليدي .و ذا ما سنرال في ف ؿ ت ليؿ األعماؿ.
الداللة الداللة الم غلقة المعجمية مجموعة األلوان
الم فتحة
السيميائيه
يدؿ على المااف والمسافة واألبعاد وال يمة ويضفي التدرج اللوني
على األشياع البروز أو الضمور .يدؿ بوساطت
على فارة الزماف والضوع والظلمةك ويعطينا
اإل ساس بالتمايز ويخلؽ إ ساسا بالشاؿ والدراما
والشعور بالنمط.
418
التنافر بيف األشياع مف خالؿ ألوان ا .ااألبيض التضاد اللوني
واألسودك يدؿ أيضا على الشعور باالشممزاز والعداع
والدراما.
يضفي على األشياع إ ساسا بالاماؿ وال درة على ال فاع اللوني
إعطاع معنى واضا لألشياع ويدؿ على األ الة.
رمزية األلوان
مجموعة الخطوط
419
-الخػ ػ ػ ػػط األف ػ ػ ػ ػػي -العدؿ .االست رارك الوضوحك ال دوعك السما ةك
411
مجموعة الع اصر
جػػرادؽ -لػػيـ -ت ػوالت الخػػط والل ػػوفك دار الن ػػار للنشػػر بي ػػروت 4971ص 47وم ػػا
بعد ا.
ري ػػدك رب ػػرتك معن ػػى الف ػػفك ترجم ػػة س ػػامي خش ػػبة مراجع ػػة م ػػطفى بي ػػبك دار الش ػػؤوف
ال افيةك بغدادك ص.74
عبػػوك فػػرجك علػػـ عنا ػػر الفػػف .جامعػػة بغ ػػدادك اليػػة الفنػػوف الجميلػػة ج4ك بغ ػػدادك 4981
ص.436
آف زمر وزميل ك ال ورة في عملية االت اؿك م در سبؽ ذارل ص 11وما بعد ا.
414
قلػ ػػج -سػ ػػعد عبػ ػػد الػ ػػر مف -جماليػ ػػات اللػ ػػوف فػ ػػي السػ ػػينماك م ػ ػػدر سػ ػػبؽ ذا ػ ػرل ص13
ومابعد ا.
ستيغنسوفك رالؼ وزميل :السينما فنا ترجمة خالد دادك دمشؽ 4993ص.143
ل د قاـ البا ث بإجراع بعض ال وارات مل الفنانيف ورؤيت ـ وؿ المعجـ المذاورك ومػف
ؤالعك الفناف عبػد الػر يـ ياسػرك والفنػاف وليػد شػيثك والفنػاف مػا ود ا مػدك والفنػاف سػعد
الطامي ...وغير ـ.
مػػف المماػػف اسػػتعماؿ عنا ػػر الرسػػـ علػػى سػػطا اللو ػػة انػػوع مػػف أنػواع "البنػػاع"
ػػديك وس ػػوؼ أطل ػػؽ "افت ارض ػػا" تس ػػمية معم ػػار عل ػػى اللو ػػة التش ػػايليةك وس ػػيتراز ال
رح ذا المعمار ونس ك فم لما ت وـ اؿ قطعة الب ث على الطري ة التي "ينبني" ب ا
ػػو بنيػػة مػػف ال جػػر والمػواد األخػػرل بػػدور يػػدعـ ال طػػل األخػػرلك وم لمػػا البنػػاع بأاملػ
مرابة مف عنا ر وو دات عديدة ومتنوعةك اذلؾ تستطيل اؿ عالمة مػف الفرشػاة إف
تبني سطا اللو ة بطري ة معمارية مػف خػالؿ العالقػات ال اممػة بػيف العنا ػرك وضػبط
ذل العالقاتك ف مة ما يدؿ على أف بػيف ػذل العالقػات مػا ػو أساسػي ومػا ػو ػانوي
وتابل .األمػر اوخػر أف العالقػات بػيف العنا ػر التػي يتراػب من ػا العمػؿ الفنػي جميعػا
ػ ػػي " ػ ػػالت" عينيػ ػػة :أل ػ ػواف وقطػ ػػل قمػ ػػاش وخطػ ػػوط وق ا ػ ػػات أو ورؽ ...و ػ ػػذل
411
العنا ر يماػف بالتأايػد أف تف ػؿ عػف األشػياع بػذات ا ويعػاد تاوين ػا أو اسػتعراف ا فػي
أشػػياع أخػػرل غيػػر أن ػػا تب ػػى علػػى المسػػتول ذاتػ مػػف عينيػػة ػػذل األشػػياع ف ػػي تخضػػل
لالسػػتعماؿ أو الت ليػػبك للتفايػػؾ واعػػادة الترايػػب( .)178إف الب ػػل مػػف األل ػواف والخطػػوط
تت ػػرؾ وتنشػػأ بين ػػا عالقػػات ونسػػب فتاتسػػب اللو ػػة قػػدرة علػػى التعبيػػر وت ػػبا نظامػػا
م ػػف األ ج ػػاـك وت دي ػػدا نظام ػػا يؤا ػػد المس ػػاقات ومواض ػػل االرتا ػػاز ف ػػي ػػذل األ ج ػػاـ
واألبعاد فت با اللو ة اليا و ما يسمى "باللو ة" Picture-Spaceيتألؼ مف أبعاد
ال ة أو بعديف وفي الشخ يات المم لة للاتؿ ال لبة بأوزان ا ونسيج ا وتأ يرات ا.
اللو ػػة إذف ػػي عملي ػػات ت ػػأليؼ و ػػذا م ػػا س ػػما (لغي ػػر ت ػػرود ش ػػتايف) أف تؤا ػػد
()179
علػػى انػ "الشػػيع يتغيػػر مػػف جيػػؿ إلػػى جيػػؿ ..إالّ الشػػيع الػػذي يػػرل والػػذي يؤلػػؼ"
الػػرغـ ممػػا يظ ػػر مػػف خطػوات مضػػاعفة فػػي المجػػاؿ الزمنػػي الطويػػؿ أ يانػػا الػػذي يمػػأل
بما يماف استغالل مف المادة الوسيطة ااأل باغ أو الخطوط.
وفي ضػوع ذلػؾ فإننػا سػنت دث عػف "المشػالة التشػايلية" المؤلفػةك و ػذا الم ػطلا
ألنػ أسػػاس فػػي ػػذل المناقشػػة وسػػوؼ نشػػير إلػػى جػػانبيف مػػف جوانػػب ال بػػد مػػف شػػر
ذا الفعؿ:
وبالنسػػبة لمعالجػػة "التعال ػػات التشػػايلية" ال تفريػػؽ بػػيف ػػذيف الجػػانبيف مػػف الفعػػؿك
إذ يبدو إن ما يعمالف في الوقت نفس على -تشايؿ وانفتاح داللػي مػف خػالؿ التشػايؿ
( )178ينظر :اويزني ك جاف :البنيويةك في الفار العربي المعا ر العدد 7 /6تشريف 4و 4981 1ص.11
( )179روجرزك فراناليفك الشعر والرسـ م در سبؽ ذارل ص.97
413
ريف في نسيج الفعؿ( .)180أو تت وؿ األشااؿ مف بعد ا "المغلؽ" إلػى وي ب اف من
ػورة شػجرة يعمػي بعد ا المنفتا ومف اي ونيت ا إلى بعد ا الرمزيك فالرساـ الذي ين ؿ
ػد التشػايؿ :سػػياوف لػدينا شػجرة نػػاؾ نفسػ عػف الشػػجرة ال ي يػة تػى وا ْف ن ل ػػا فب
وشجرة ناك فما بالؾ بأف األشياعك ال ا قابلة للت وؿ ...ألن ػا ال تعػود أشػياع مغروسػة
إف تُْن ػ ُؿ تػػى ُيعػػاد تشػػايل ا مػػف جديػػد
فػػي الطبيعػػة بػػؿ اأن ػػا قطػػل مػػف العجػػيف ...مػػا ْ
ي ػ ػػوؿ بااس ػ ػػو"" :إنن ػ ػػي أرل األش ػ ػػياع عل ػ ػػى ن ػ ػػو مغ ػ ػػاير إذ يما ػ ػػف لش ػ ػػجرة أف ت ػ ػػبا
ػانا عنػد بيااسػو فإن ػا تػدخؿ فػي بعػد تشػايلي انا""( .)181ولاػي ت ػبا الشػجرة
مف خالؿ تعال ات تشايلية خا ة.
ومف المناسب اوف أف ن لؿ فػي العمػؽ مػا يجعػؿ مػف اػؿ عمػؿ فنػي انفتا ػا واف
ودة وبعبػارة أخػرل سػن اوؿ الب ػث نب ث ايؼ تنظـ ذل "االنفتا ية" التي باتت م
في :لماذا ياوف العمؿ الفني مفتو ا وايػؼ ينػدرج ػذا االنفتػاح فػي بنيتػ وأي تمػايزات
في البنية تاوف م ترنة بتمايزات االنتفاح
إف لاؿ عمؿ فني منذ الرسوـ المن وتة علػى ال ػخر و ػوال إلػى األعمػاؿ الفنيػة
فػػي ا ػػوؼ "التمبػ ار" ػو موضػػوع مفتػػوح علػػى تػػذوؽ الن ػػامي "ال لاػػي ياػػوف ػػذا الفعػػؿ
مجػرد علػػة لتمػػاريف ذاتيػػة تتػراوح ول ػػا مزاجيػػات الل ظػػة" ولاػف ألف ػػذا العمػػؿ يت ػػدد
ف ػػي ذاتػ ػ بو ػػف م ػػد ار ال ينف ػػد م ػػف التج ػػارب الم ػػا ت ػػـ تس ػػليط الض ػػوع عليػ ػ بايفي ػػة
متنوعػػة إالّ وأعطػػى فػػي اػػؿ م ػرة جانبػػا جديػػدا في ػ ...إف م ػػطلا أو مف ػػوـ العالميػػة
الذي نطب عادة على التجربة الجمالية مرتبط في الن اية ب ذل الظا رة(.)182
وزرة
ال ي اال ب ي منشورات ا ( )180ينظر اولييرك غ ار اـ :الفف والشعور اإلبداعيك ترجمة منير
ال افة واإلرشاد ال ومي دمشؽ 4983ص.48-47
ندي اوبزرفر " "Sunday observerلندفك 411تموز 4911ال سـ " "1ص.4 ( )181بابلو بيااسو:
( )182اياوك امبرتوك ت ليؿ اللغة الشعريةك في أ وؿ الخطاب الن دي الجديدك ترجمة وت ديـ ا مد المدينيك
دار الشؤوف ال افيةك بغداد4987ص.84
411
فعنػػدما نرسػػـ األشػػياع فإننػػا ال ن ػػوـ بترجمػػة فوريػػة لألشػػااؿ فػػي مجال ػػا ال ػواقعي
الػػذي يسػػتنفد إماانات ػػا فػػي الداللػػةك بػػؿ نسػػتدعي سلسػػلة مػػف الػػدالالت التػػي مػػا تنفػػؾ
ػورة م ػغرة عػف العػالـ الػ .فايػؼ ي ػدث تتعمؽ إلى ال د الػذي ت ػؿ إلػى تشػايؿ
ذلؾ ايؼ يوجد فف وأيف
نعػػود "من جيػػا" إلػػى مش ػػالة المرجػػل لم اولػػة تعريػػؼ العم ػػؿ الفنػػيك لن ػػيـ تجرب ػػة
التع ػ ػػالؽ الػ ػ ػواقعي م ػ ػػل التع ػ ػػالؽ الفن ػ ػػي لو ػ ػػدات متع ػ ػػارؼ علي ػ ػػاك ل ػ ػػا معجم ػ ػػا ول ػ ػػا
افتراضات ا.
ولاػػي يتسػػنى لنػػا ذلػػؾ سػػن وؿ االتجػػال مػػف السػػطاك االمتػػداد األف ػػي إلػػى مجػػاؿ
العمػػؽ تػػى يماننػػا مػػف فػػتا آفػػاؽ راػػة العمػػؿ الفنػػيك فػػإذا اػػاف العمػػؿ الفنػػي شػػيما
يشػااؿ جميػػل األشػياع بػػالظ ورك اػػأف تخػتلط شػػجرة مونػػدرياف بشػجرة تػػوتك أو برت ػػاؿك
فب ػػذا المعنػػى يماػػف أف ياػػوف العمػػؿ الفنػػي موجػػودا فػػي بػػدع التعريػػؼ خػػارج رمزيت ػ ك
وب ذا التمظ ر الشيمي وب ذا ال فر األوؿ يماننػا "مػف ػب ال شػرة" وي تضػي ذلػؾ فػ ار
آخػػرك إذ الشػػيع ي يػػؿ تمػػا إلػػى شػػيميةك بػػافتراض أف العمػػؿ الفنػػي ي يػػؿ إلػػى ظ ػػور
ارفل إلى "رمز" ل داللة أوسل مف شيميت ألن يتظم ر فػي شػيع مػف دوف أف ين ػبس
في دود ذلؾ الشيعك ويبدو ال فر في ذا السياؽ و ب ػث فػي الموجػود سػواع ظ ػر
أو لـ يظ ر ولاننا سن طدـ مرة أخرل في المغلؽ ألف األشػياع داؿ عػاـ يشػتمؿ علػى
أشػػياع ت ريبيػػة وأخػػرل " ي يػػة" فػػي المتعػػارؼ علي ػ و ػػي جامػػدة ومغل ػػة م ػػؿ ال جػػارة
والط ػػوب والورق ػػةك وي ػػزداد مف ػػوـ الش ػػيع ض ػػغطا ف ػػي متا ػػررات أ ػػب ت متداول ػػة ف ػػي
()183
سنتناوؿ ذل األشياع علػى التفاير اليومي لإلنساف وشامعة في استعماالت اليومية
ي ػة عالت اك و ػذا "التأويػؿ" ػو األقػدـ فػي تػاري المعرفػةك وياشػؼ ػذا التأويػؿ عػف
م مػػة فػػي د ارسػػة العمػػؿ الفنػػي و ػػي أف التعريػػؼ المػػادي للشػػاؿ ي تضػػي مباشػرة وجػػود
( )183ينظر :الايالني م طفى /وجود النص -نص الوجود الدار التونسية للنشرك تونس 4991ص-43
.41
411
شػػال .إف التػػأليؼ بػػيف العالمػػات واألشػػااؿ ي ػػرر مف ػػوـ الشػػيع مػػف التعتػػيـ المطلػػؽ
سواع ااف ذا الشيع متأتيا مف الطبيعة أو االستعماؿ(.)184
إف وضل العمؿ الفني في إطارل الخاص ي ددل فػي تموضػع وفػي انغالقػ وتظػؿ
قراعات ػ التأويليػػة متن لػػة فػػي اػػؿ اتجػػال مػػف دوف أف ت سػػـ ال ػػوؿ فػػي مسػػامؿ ال يماػػف
ال سػػـ في ػػا داخػػؿ ػػدود الطػػوؽ المػػوروث "المعجمػػي" .فالعمػػؿ الفنػػي اػػذا ال يػػدرؾ
ػػنع أو ايفي ػػة اس ػػتعمال ك ف ػػي ػػيف بالو ػػؼ أو التفس ػػير اال ػػذاع ن ػػؼ م ار ػػؿ
تاشػػؼ لنػػا لو ػػة "فػػاف اػػوخ" عػػف ال ػػذاع إذ تبػػدو اللو ػػة انفتا ػػا للمنتػػوج امػػا ػػو فػػي
ال ي ػػة وتت ػػوؿ "" ي ػػة الموجػػود"" فػػي العمػػؿ الفنػػي إلػػى "عمػػؿ" واذا ػػذاع الفػػالح فػػي
اللو ػػة يشػػل أو يتوا ػػؿ إشػػعاع ك وب ػػذا الم ػػاؿ ياػػوف الفػػف اعتمػػادا علػػى العمػػؿ الفنػػي
في تشال وعنا ر تاوين ..تشغيال ل ي ة "الموجػود" أيػا اػاف شػال ك ولػيس أبػدع فػي
ترايػػب العمػػؿ الفنػػي مػػف تلػػؾ ال ػػدرة علػػى االلت ػػاـ بػػيف الموجػػود لذات ػ وبػػيف "الموجػػود
بتشاالت " .إف البناع والن ات يستعمالف ال جرك لاف الفرؽ إف الن ػات ياسػب ال جػر
معنى ويتجاوز الوظيفة النفعية عند اوخر .ومل يدجر فاف الب ث داخؿ العمؿ الفني
ي يلنا غالى م در الترايب والتعالؽ الفاعؿ دومػا وياػوف "للنسػياف" فػي ترايػب العمػؿ
الفن ػػي ضػ ػور م ػػـ ألنػ ػ الض ػػماف ال ػػذي ين ػػذل دامم ػػا م ػػف التالش ػػي ويجع ػػؿ انغالقػ ػ
مشروطا باالنفتاح(.)185
ػ ػ ػػارمة للمعادلػ ػ ػػة: واػ ػ ػػذلؾ يػ ػ ػػذ ب اروتش ػ ػ ػ إلػ ػ ػػى ضػ ػ ػػرورة "التشػ ػ ػػييد" وبايفيػ ػ ػػة
الشػػاؿ الفنػػي = الالػػي "لاػػف مػػف دوف أف يوج نػػا إلػػى األدوات التػػي تسػػما بإقامػػة ػػذل
العالقػػة .امػػا ت ػػدث (دوي) ػػو أيضػػا عػػف ""معنػػى الاػػؿ المػػدمج ضػػمنا"" فػػي التجربػػة
االعتيادية والذي أراد الرمزيوف أف ياوف الفف التعبير األم ؿ عنػ ك فػي اػؿ موضػوع أو
ػػورة نػػاؾ امػػوف فػػي الضػػمني ال يماػػف إد ارا ػ إالّ مػػف خػػالؿ مػػا نػػدعول "ت ػػميـ"
م ػػف الواض ػػا أف ػػذل الفاػ ػرة ت ودن ػػا إل ػػى ال ػػوؿ أف وظيف ػػة الف ػػف ال ت ت ػػر عل ػػى
التو يؿ المباشر وت ديد الم والت سلفا بؿ تتعػدل ذلػؾ إلػى ترميػز العػالـ الػذي يم لػ ك
وياوف العمؿ الفني سػلطة ت ػورية يمػارس تػأ يرل علينػاك ويػدفعنا إلػى تبنػي نظػـ ترميػز
معينة تاوف بمنزلة أسس افية للتفاير ل د أشار سباتير إلى ذلؾ بال وؿ"" :في يػوـ مػا
ستبدو م اولة ف ػـ األعمػاؿ الفنيػة البداميػة ممانػة مػف دوف االسػتعانة بػالمؤرخ الػذي ال
يس ػػتطيل الظف ػػر بالو ػػامؽ األ ػػلية ع ػػف ال ض ػػارة الت ػػي ي ػػف ا ..س ػػياوف الف ػػف ج ػػا از
سػيميامياك لػيس م متػ التعبيػػر وال ػوؿك بػؿ إن ػػا البنيػة التػي تػػت اـ فػي التعبيػر وتضػػفي
علي نماذج ا(.)188
التعالق والرمز
ترتػػب علػػى ػػذا المف ػػوـ ت ديػػد وتخ ػػيص طبيعػػة الرسػػـك وسػػنوج الب ػػث إلػػى
د ارسػػة العالقػػات بػػيف و ػػدات العمػػؿ الفنػػي فػػي المرتبػػة األولػػى قبػػؿ د ارسػػة الو ػػدات فػػي
ػػغرت ال يماػػف معرفػػة طبيعت ػػا إالّ فػػي وجػػود ذات ػػاك بػػافتراض أف اػػؿ و ػػدة م مػػا
تنفػػتا فػػي الن ايػػة ومػػف خػػالؿ الترايػػب الفنػػي إلػػى عالم ػػا الرمػػزي سػػن اوؿ توجيػ
الد ارسػػة إلػػى ن طتػػيف :األولػػى التعال ػػات الفنيػػة وال انيػػة التوليػػد والم تػػول الرمػػزي ل ػػذل
التعال اتك والبرنامج الذي ي اـ ذا النسؽ ومف ـ الب ث في قوانين .
إف التا ػرار والت ػوازف واالسػػتم اررية وتنظػػيـ األل ػواف والخطػػوط فػػي الفنػػوف الب ػرية
ػػي وسػػامؿ تنظيميػػة لتعال ػػات العنا ػػر بعض ػ ا مػػل بعػػضك لاػػف لاػػؿ شػػاؿ فنػػي أو
لو ة تشايلية تعال ات متغايرة ل ذل الوسامؿ التنظيمية .قد يف ػـ الرسػـ علػى انػ ترايػب
ي
مستو ذي بعديف أو قد ينظر إلي وسيلة أي ا مية ت ػدـ نظيػ ار ألشااؿ لونية على سطا
لشػػاؿ ذي ال ػػة أبعػػاد علػػى سػػطا ذي بعػػديف .وفػػي اػػال ال ػػالتيف فػػاف وسػػامؿ التنظػػيـ
المو د(.)190
الجمالي يماف تطبي ا للو ؿ إلى التنظيـ ّ
إذا نظرنػػا فػػي الرسػػـ علػػى وفػػؽ مضػػمون ال ي ػػي ذي البعػػديف فػػاف المنط ػػة التػػي
يجب تنظيم ا ي تلؾ الم ددة بأطراؼ ال ماشة ..إف المستول األمامي يسمى ""سطا
ال ػػورة"" و ػػيف ي ػػولي الفن ػػاف س ػػطا ال ػػورة أ مي ػػة ف ػػو يفا ػػر عل ػػى وف ػػؽ األش ػػااؿ
المسػػتوية التػػي قػػد تختلػػؼ فػػي ال جػػـ والشػػاؿ واللػػوف والنسػػؽك وقػػد ترتػػب ػػذل األشػػااؿ
ى. على سطا اللو ة المستوي في أوضاع وتعال ات متنوعة ال تعد وال ت
( )189ب ليؿ مف التعديؿ يماف است مار نظرية لمسليؼ في اللغة لدراسة الرسـ:ينظر د .لمي خليؿك
العربية وعلـ اللغة البنوي دراسة في الفار اللغوي العربي ال ديثك الية اودابك جامعة اإلساندريةك
دار المعرفة الجامعيةك االساندرية 4988ص .436
( )190ينظر:نوبلرك نا افك وار الرؤيةك م در سبؽ ذارل ص443ك .411
418
بإالماػػاف ت ليػػؿ مػػا رسػػم بػػابلو بيااسػػو فػػي مػػا أسػػمال " يػػاة سػػاانة مػػل اسػػماؾ"
بو ػف تنظيمػػا لسػطا ال ػػورة المسػتوي لاػػي نسػتطيل مػػف خػالؿ تعال ػػات ػذا التنظػػيـ
أف ن وؿ باف ناؾ "شالنة للمضموف" .انظر الشاؿ التالي:
ناؾ تارار ألشػااؿ م ػددةك ف ػي مرابػة مػف م ػاطل م ل ػة ب افػات مسػت يمة وقػد
ادخػػؿ عػػددا مػػف األشػػااؿ الم وسػػة إلػػى اليسػػار وتاػػررت ػػذل األقػواس فػػي أسػػفؿ الػرداع
األيمػف وفػػي ذنػػب السػػماة السػفلي وتطغػػي األشػػااؿ الم ل ػػة علػى التنظػػيـ لاػػف األقػواس
"نفسػ ا" فػػي المجموعػػات ال انويػػة تسػػاعد علػػى تو يػػد الت ػػميـك ل ػػد وضػػل اللػػوف أيضػػا
في توزيل ماررك اما وضعت األشااؿ السود والخضر والبرت الية في تػداخؿ مع ػدك ػـ
أف ال جوـ تختلؼ مف منط ة إلى منط ة أخرل(.)191
فعنػدما نػرل ب عػة مػراع علػى سػػجادةك ال يماػف ف ػل ا عػف مجموعػة مػف:مادت ػػا
ال وفيةك وموقع ا مل الب ل األخرلك جم اك لون ا . . .الػ ك وعنػد ا ال يماػف ف ػؿ
ذل الب عة عف جميل ذل الشباة وعلى ما قال سيزاف"" :إننا ال نرل فػي التفا ػة لون ػا
األ مر ف طك بؿ نا ت ا أيضا"" .واف ما ندرا مف الرعد ليس مجرد الرعد بؿ الرعد ×
ساوف سابؽ × ساوف ال ؽك على قوؿ وليـ جيمز(.)192
وال ػػاؿك فػػاف د ارسػػة الشػػاؿ فػػي اللو ػػة يسػػاعدنا علػػى تلمػػس ق ػوانيف تبػػدو دقي ػػة
ويماػػف االسػػتفادة من ػػا فػػي د ارسػػة فػػف الرسػػـ د ارسػػة علميػػة .ألنػ سػػيراز اال تمػػاـ علػػى
موضػػوع الرسػػـ نفسػ اجػػنس لػ خ ػػامص فػػي التعػػالؽك واف د ارسػػة الشػػاؿ ت ودنػػا إلػػى
ف ػػـ المضػػموف ودالالت ػ .وال ػػاؿ أف جميػػل العالقػػات التػػي تؤسػػس لألشػػااؿ وال ػػورك
ػػي عالقػػات ت مػػؿ فػػي ذات ػػا أفاػػا ار غامضػػة يماػػف أف تتخػػذ معػػاني مختلفػػة " سػػب
الموضػػوع" وطري ػػة البنػػاع والتػػأليؼك ويماػػف أف تنفػػتا إلػػى مجػػاالت ال ػػدود ل ػػا مػػف
خػػالؿ العالقػػات الم ضػػة بػػيف األشػػياع بػػدال مػػف وضػػل جوا ر ػػا سػػلفا لنت ػػور أبسػػط
األم لػػة :ف نالػػؾ فػػي ال ػػورة التجريديػػة أشػػااؿ لػػـ يسػػبؽ إف شػػو دت أو عرفػػت و يػػث
""ال يس ػػتطيل التم ي ػػؿ"" أف يت ػػدخؿ انف ػػوذ م ػػنظـك فعلين ػػا أف نمي ػػز وج ػػود م ػػادر نف ػػوذ
منظمة أخرل إضافة إلى التشاب و ػي م ػادر نفػوذ ت ػبا بػدون ا ال ػورة التجريديػةك
سػػط ا ال شػػاؿ ل ػ ك وي ػػوي ب ػػدود غامضػػة أو أي شػػيع آخػػر وامػػا قػػاؿ سػػارتر :أف
العػػيف يجػػب أف تجػػد ػػاف از قويػػا جػػدا علػػى الت بػػؿ لاػػي ت ػػوـك بػػدوف الب ػػث عػػف وج ػ
ورة(.)193 شب (**)ك بتو يد ذل البع رل التي ي
تؤل ػػؼ العنا ػػر التش ػػايلية للفن ػػوف الب ػ ػرية المف ػػردات األساس ػػية الت ػػي يس ػػتعمل ا
الفنػػاف لبنػػاع العمػػؿك لاػػف الطري ػػة التػػي يػػنظـ ب ػػا ػػذل العنا ػػر ػػي التػػي تميػػز العمػػؿ
الفنػػي الوا ػػد مػػف اوخػػر .قػػد يجمػػل الرسػػاـ بػػيف اللػػوف والشػػاؿ والنسػػيج والخػػط لينػػتج
ورة تشبي يةك وفي الة أخرل يجمل بػيف ػذل العنا ػر نفسػ ا بطري ػة مختلفػة اليػاك
د الداللي الػذي يفػرض فػي بعػض األ يػاف وما و جو ري مف اؿ عمؿ فني و ال
ضغطا على اتخاذ ال رار في عدد العنا ر وأنواع ا أو الطري ة التي سينظـ ب ا.
فمف النا ية الم الية اؿ عن ر في العمػؿ الفنػي يجػب أف يؤلػؼ مفػردة ضػرورية
في المعنى التشبي يك والوظيفيك والتعبيري والمجاليك ان النسيج الػذي يو ػد العنا ػر
ػػلة قويػػة بػػيف التعال ػػات ورمزيت ػػا. المنت ػػاة الػػذي يعطػػي العمػػؿ داللت ػ .أف فػػي الفػػف
فالمعنى التعبيري للشاؿ األزرؽ في لو ة ما إنما يت ؽ بفضؿ وضع بطري ة خا ػة
للوف التاويف وشال .وبفضؿ تداخؿ ذا الجزع مف الرسـ واألجزاع األخرل التي ت ػيط
ب.
فالشػػاؿ األزرؽ قػػد ياػػوف جػػزعا مػػف نسػػؽ لألل ػواف أو األشػػااؿ ياشػػؼ عػػف نفس ػ
لمف ـ على علـ بأف ذا النسؽ موجود وسيتسل مضمون في اللو ة ويتعزز(.)194
تجليات الرمز
ػػي انفتا ػ الرمػػزيك واف الخال ػػة أف د ارسػػة الترايػػب الفنػػي وتعال ات ػ ت ػػدد
الب ػػث السػػيميامي سػػي ودنا إلػػى د ارسػػة ػػذا النظػػاـ الػػداؿ ""مػػا دامػػت األنسػػاؽ والوقػػامل
ال ػا دالػة" امػػا ي ػوؿ بػارت "فعنػػدما نشػير إلػى الفػػف بأنػ ""شػاؿ رمػػزي"" يظ ػر أف ػػذل
فالوظػػامؼ األوليػػة نفس ػ ا التػػي ت ػػدد عػػالـ الفاػػر وطابع ػ وميزت ػ الخا ػػة تبػػدو
اانعااسػػات متعػػددة تطػ أر علػػى الاينونػػة التػػي ػػي ت ديػػدا وا ػػدة متجانسػػة وذلػػؾ مػػا إف
تػػدرا ا ""ذات"" وتمتلا ػػا .امػػا يػػرل "ارنسػػت ااسػػيرس" .يػػث يشػػير إلػػى أف لألشػػااؿ
الرمزية فلسفة إذا نظر إلي ا مف ذا المنظار و ي م اولة لربط اؿ شاؿ مف األشااؿ
إذا جاز التعبير بمؤشر اناسار نوعي .وبذلؾ فاف ذل الفلسفة تسػعى لمعرفػة األوسػاط
الااسرة بطييعت ا الخا ة لاشؼ تاويف اؿ من ا وف ـ أ وؿ بنيت (.)195
واذا ما تو لنا إلى معرفة ذا االناسار فإننا نستطيل أف ن دد معنى أوليػا للرمػز
داخؿ العمؿ الفني.
فمر لػػة ت ػػوؿ العالمػػة مػػف طبيعت ػػا المجػػردة أو المعجميػػة إلػػى مر لت ػػا الرمزيػػةك
ػػو عمليػػة إق ػػاع الداللػػة المعجميػػة والتعػػارؼ ال بلػػي ل ػػاك ومػػف ػػـ تت ػػوؿ مػػف مجال ػػا
الترايبي الجديد إلى دالالت مختلفة ذات طابل رمزي.
لنر ايؼ تت وؿ ال ورة أو التم اؿ أو اونية والعالمػات الفرعيػة أو التطبي يػة فػي
ػػور ا يػ ػرة أعم ػػاؿ الفن ػػاف الفرنس ػػي ن ػػري "م ػػاتيس "4911-4869ػػذا الفن ػػاف لػ ػ
يرسم ا لنساع في مداخؿك ب ا ستامر وم اعد وسجاد ومناضد ومز ريات في ا ورد .فلػو
قلنػػا أف الموضػػوع الػػذي يعبػػر عن ػ "" :ام ػرأة فػػي مػػدخؿ"" أو ""إمػػاـ بيػػانو"" فإننػػا سػػن مل
ورةك ت ولت إلى اياف جديد يلعب دورل االنفتاح ألف المرأة ينما أ ب ت جزعا مف
فػػي بنػػاع تلػػؾ ال ػػورةك ولػػذلؾ تتايػػؼ أوضػػاع ا تبعػػا لمػػا تملي ػ ب يػػة األج ػزاع وتاتسػػي
( )195ينظر ااسيريرك ارنست :فلسفة األشااؿ الرمزيةك في العرب والفار العالمي عدد 3مراز اإلنماع
ال وميك بيروت 4988ص.63-64
461
بألواف تفرض ا التواف ات أو األضداد العامة التي تخضػل ل ػاك فػالمرأة لػـ تعػد موضػوعا
بػػالمعنى المعجمػػي بػػؿ ػػي جػػزع مػػف خطػػاب داؿ ي ػرتبط بػػال وانيف التػػي فرضػػت ا سػػامر
العالقػػات السػػامدة .فػػالمرأة قػػد تظ ػػر خضػراع أو مػراع أو بنفسػػجية تبعػػا للم ػػيط الػػذي
زّاى ػذا اللػوف أو ذاؾك ويػد ا قػد تظ ػر ب ال ػة أ ػابل الف موضػوعية اليػد المتعػارؼ
علي ػػا ذات خمسػػة أ ػػابل تختلػػؼ عػػف اليػػد التػػي دخلػػت اجػػزع مػػف تعال ػػات النسػػيج
الفن ػػي .ول ػػذلؾ ف ػػي إط ػػار ال ػػورة تاتس ػػب العالم ػػات خػ ػواص جدي ػػدة ام ػػا تف ػػد بع ػػض
و اذا ننت ي إلى أف العالقة بػيف العنا ػر مػف ج ػة والخطػاب مػف ج ػة ()196
ا خوا
أخرل إنما ي عالقة ذات بعديف ما:
.1العالقات الداللية.
الػػرجالف الظػػا راف فػػي اللو ػػة قػد يل ا مػػا المػػرع م ػػادفة و مػػا يرتػػدياف الػػزي ذاتػ
في شارع مف شوارع باريس واف قواـ المرأة العارية الجالسة يخلو مف أية م الية ويجسػد
ق ػواـ امػ ػرأة مألوف ػػة ووجػ ػ ام ػرأة مألوف ػػة فع ػػالك وآم ػػا الضػػوع فبا ػػت وطبيع ػػيك وال ػػورة
بأامل ا تمتلؾ سمة واقعية تناقض الوضل الشاذ الذي عرضت في الشخوص.
إف الم ػػـ فػػي ػػذا العمػػؿ ليسػػت العالقػػة التػػي تاػػوف أو ال تاػػوف بػػيف شخو ػ ا
الرميسػػية بػػؿ تلػػؾ التػػي ت ػػوـ بػػيف األل ػواف وبػػيف األشػػااؿ ذات ػػاك ف ػػيف أراد "ماني ػ " أف
يضيؼ ب عة ضوع رسـ امرأة عارية و يف شػاع أف يضػاد ب عػة اللػوف ػذل ب عػة معتمػة
رسػػـ رجػػال بسػػترة سػػوداع .إف العالقػػات الترابطيػػة بػػيف الشخ ػػيات والمنظػػر العػػاـ ػػي
( )196ينظر البسيوني .د .م مود :الفف في ال رف العشريفك دار المعارؼك ال ا رة 4981ص.31
463
ػور اي ونيػة لمرجػل موجػود خػارج عالقات منط ية :واذا تـ ف ػص اػؿ األشػااؿ ف ػي
نظاـ اللو ةك لاف ناؾ مشااؿ متعددة ومختلفة ت ار في ػذا السػياؽ:مػا ماونػات ػذل
العالقػ ػػات االي ونيػػػة و ػػػؿ سنسػػػمي الموضػ ػػوع الم ػػػور تسػ ػػمية ت يػ ػػؿ إلػػػى الموضػ ػػوع
الػواقعي لاػػف إالّ ن ػػوـ بال ضػػاع علػػى اللغػػة الت ػػويرية بػػاختزاؿ ماونات ػػا فػػي ماونػػات
مشػ ػ د خ ػػارج اللو ػػة ف ػػي ػػيف أف اللغ ػػة الخا ػػة باللو ػػة ػػي لغ ػػة خط ػػوط وأش ػػااؿ
وألواف...
سنضػل مف ػوـ "التم ػػؿ" نفسػ الػػذي ي ػوـ عليػ الت ػوير التم يلػػي موضػل تسػػاؤؿ.
إف الواقػػل الػػذي تػػـ تم يل ػ فػػي لو ػػة "ماني ػ " يماػػف أف يال ػػظ فػػي أف لغػػة اللو ػػة تمػػر
ب ال ة م اور.
ي: ()197
اما يرل شيفر ""J. C. Schefer
أ .التنظيـ الداخلي للعنا ر بعدد م دد للو ة في بنية مغل ة "توليؼ العنا ر
ف ػ ػػي تع ػ ػػارض متػ ػ ػرابط" .ال ػ ػػور اإلنس ػ ػػانيةك األش ػ ػػياع الملموس ػ ػػةك األش ػ ػػااؿ
المنظورات ...ال " إن ا الشفرة التشخي ية ..ويماف مال ظة ذلؾ في "عمػؿ
ماني " في لعبة اللوف.
ي ػػي لاػػف ترايػػب الجلسػػة ػػذل اللو ػػة ػػو عػػالـ إف العػػالـ الػػذي ت يػػؿ إليػ
واللػػوف والمنظ ػر العػػاـ جعػػؿ مػػف الرسػػـ غايػػة فػػي ػػد ذات ػ ك واػػأف التاػػويف
( )197ينظر ارستيفاك جوليا :اللغة المرمية:الت ويرك ترجمة بنيونس عميروش في مجلة نوافذك العدد السابل
شباط 4999ص.96
461
بدعة غير مألوفة فػي ين ػا وقػ ّؿ إف ت بل ػا أمزجػة الجم ػورك بػؿ قػد تتػراعل
ودا وامت انا لذوق . ل ت ديا م
الخطااااب(*) الػػذي يػػتـ اإلعػػالف في ػ عػػف الشػػفرة التشخي ػػية والواقػػل أي الخطػػاب
الداؿ المعبر ب الذي يجمل اؿ ماونات اللو ةك وبتعبير آخر اللو ة ليست شػيما آخػر
()198
ذا النص ي با ملت ػى الػدواؿ غير النص الذي ي وـ بت ليل ا اما ترل "ارستيفا"
وو دات ػ الترايبيػػة والدالليػػة ت يػػؿ إلػػى ن ػػوص مختلفػػة يػػث تاػػوف الفضػػاع ال ػػافي
لل ػراعة .ناشػػؼ شػػفرة اللو ػػة مػػل إعطػػاع اػػؿ وا ػػد مػػف عنا ػػر ا "ال ػػورك األشػػااؿك
الوض ػػعيات" معن ػػى وا ػػدا أو أا ػػر ا ػػاف م ػػف المما ػػف أف تعطيػ ػ "ملخ ػػات فلس ػػفيةك
روايػػةك شػػعر ...ال ػ " المشػػار إلي ػػا فػػي عمليػػة ال ػراعة .أف شػػفرة اللو ػػة تتمف ػػؿ ػػوؿ
التاري الذي ي يط ب ا وتنتج ب ذا الشاؿ النص الذي تاون اللو ة.
فػػي ػػذا ال ػػنص نف ػػـ أف اللو ػػة "وم ػػف ػػـ العالم ػػة االي ونيػػة" ال تم ػػؿ واقع ػػا ب ػػؿ
أنموذجػػا مفتو ػػا علػػى تأويػػؿ رمػػزي بػػيف العػػالـ واللغػػة التػػي تسػػتند إلي ػػا مجموعػػة مػػف
الن ػػوص التػػي تت ػػاطل وتضػػاؼ لل ػراعة للمسػػمى لو ػػةك قػراعة غيػػر تامػػةك فمػػا توقعنػػال
تم يال بسيطا بدا دما للبنية المم لة في لعبة ال ن امية ل الت اللغة.
نػػرل ايػػؼ لعػػب الترايػػب والتعػػالؽ فػػي مػػادة الرسػػـ دورل فػػي تشػػايؿ الداللػػة .والػػى
أي د ي ودنا الشاؿ االي وني في ااتشاؼ سبؾ الترميز
M.ك ف ػ ػ ػ ػ ػ ػإف تػ ػ ػ ػ ػ ػػدخؿ سػ ػ ػ ػ ػ ػػيزاف سػ ػ ػ ػ ػ ػػب مال ظػ ػ ػ ػ ػ ػػة لػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ـ .بلينػ ػ ػ ػ ػ ػػي pleynet
"4916-4839 "Paul Cezanneفي الت وير األوربي غير شروط اللغة الت ويرية.
فػػإف الطبيعػػة المرسػػومة لػػـ تف ػػد شػػيما مػػف طراوت ػػا وشػػدت ا وتشخي ػ ا "مجموعػػة
فواا على منضدة" لاف الترايب ن ا بأشاال ا ن ػو ال ياسػية والتاامػؿ ال ابػت لألشػااؿ
ال ندسػػية وأعطػػى اللو ػػة قيمػػة أساسػػية فمػػف نا يػػة دالليػػةك جعلنػػا نت ػػور أننػػا لػػـ نػػذؽ
ػػذل الفوااػ مػػف قبػػؿك تجا ػػؿ الرسػػـ لب ػػا وطعم ػػا ولانػ مػػف خػػالؿ تشػػايل ا ػػرـ ػػذل
ا التي أسبغت ا الطبيعة علي ا لي ل ا بال ياة التي و ب ا الفف ل ا األشياع بعض خوا
وأ ػػب ت طوعػػا للب ػػث التشػػايلي الخػػالص( )199فػػي عمػػؿ "سػػيزاف" وا يػػر مػػف أعمػػاؿ
الذيف تلول فاف السيرورة التي ""تزيا عف المراز"" بنية اللو ػة تجػاوز الشػفرة الت ػويرية
نفس ا -السيرورة التي ت تمي في نػص اللو ػة فػي الت ػوير الاالسػياي "أو فػي نػص
الذات التػي تػرال" تػدخؿ فػي الموضػوع نفسػ ك الموضػوع يتوقػؼ إذف أف ياػوف موضػوعا
م و ار لاي ي با سػيرورة ال متنا يػة تأخػذ فػي ال سػباف مجموعػة ال ػول التػي تنتج ػا
وت ول ا إلى متعددات رمزية(.)200
467
الفصل الرابع
لقد تـ اختيار ىذه األعماؿ لضرورات منيجية وبحثية ،في ضوء عمـ العلمات
وىو بحث ال يعنى بالمؤشرات الخارجية أو إطار العمؿ بؿ يعنى البحث في داخؿ
العمؿ الفني ،وعمى ىذا األساس فاف العينات قد خضعت فقط العتبار تنوع األساليب
الفنية ،الذي يتيح القدرة عمى قراءة سيمائية ليذه األساليب ،واألمر اآلخر أف ىذه
األعماؿ ليا حضورىا داخؿ الحركة الفنية الواقعية وتمثؿ مراحؿ مختمفة زمنياً.
وأخي اًر فاف تسمسؿ األعماؿ في داخؿ البحث ال يخضع العتبارات التمييز بؿ
لضرورات فنية حسب.
710
انظر قائمة الصور باأللوان في الممحق نهاية الكتاب
المسح البصري
تتبنيف الموحة بالمسح البصري في وحدتيف يقسـ بينيما خط األفؽ ،ىذا الخط
يمثؿ عالمي الموحة األرض والسماء.
الخط ينكسر بعد حركة مستقيمة ويختفي ثـ يظير عمى شكؿ شريحة مستطيمو
في جية اليسار .لكف خط األفؽ ال ينتمي إلى فكرة الخط المستقيـ (الواقعي) .انو
ينتمي إ لى صنؼ التحديدات المونية التي تتداخؿ في تضادىا مكونة تكسيرات في بنية
الخط ،وىي في الوقت نفسو تنمو وتضمحؿ في لعبة التداخؿ (أعمى -أسفؿ) .ولذلؾ
فإطلؽ كممة خط األفؽ عمى ىذا التقسيـ ىي تسمية افتراضية لمعزؿ بيف بنيتي
717
فضاء الموحة ،ووحدتيا األرضية ،ونسجؿ أيضاً أف ىذه التكسرات ىي علمة عمى
تحكـ لعبة األضداد بيف األلواف والتكوينات األخرى.
وحدة الفضاء :تؤسس ىذه الوحدة عمى لوف فاتح اصفر +ابيض .يتحدد ىذا
الموف مف أعمى الموحة إلى نقطة التقاطع مع تحديدات وحدة األرض ،بتدرج لوني
ينتيي إلى األبيض.
وال يصطدـ األبيض مع األحمر في وحدة األرض ،بؿ يتشكؿ لوف وسيط
(برتقالي) يعمؿ عمى تفعيؿ فكرة التدرج.
إف ىذا التدرج يشكؿ الجو العاـ لمعمؿ ،وىو جو ينتمي إلى األلواف الحارة،
العاممة عمى تمظير داللي يحيؿ خطاب الموحة الشكمي إلى مقولة الحرب -النار
التي يعد األحمر احد علماتيا .عمى مستوى الداللة والبنية .فالفضاء في تدرجو ال
يشكؿ انحدا اًر بؿ علمة كاشفة لألشكاؿ التي تشبيح داخمو .مف دوف ارتكاز ،الف ىذه
األشكاؿ تعتمد في تمظيرىا عمى التدرج نفسو بيف األحمر واألصفر الفاتح ،وتدرجو
الوردي .المشتؽ مف األحمر نفسو.
ينتيي دور البرتقالي في نياية (الفضاء) بيف الوحدتيف األرض والسماء .لكنو ال
يقؼ عف ىذا الحد بؿ يؤسس الدور نفسو في بنية التبقيع العاممة في فضاء الموحة:
ظل
إف وجػػود البرتقػػالي (وجػػود ظمػػي) ،ظػػؿ متخػ ن
ػؼ لكنػػو فػػي حقيقتػػو المرجعيػػو ،وجػػود
ضوئي؛ فالتدرج بيف األحمر والبرتقالي تدرج بيف (ظؿ=احمر) ضوء=برتقالي
إف األحمػػر (ضػػوء) يعمػػؿ كعلمػػة مييمنػػة (الضػػوء ،نػػاطؽ) باسػػتمرار فػػي حػػيف
تكوف الظممة ،سكوف( .في السكوف كؿ األشياء صامتة).
وف ػػي ض ػػوء ى ػػذه المعادل ػػة ،ف ػػاألحمر ،يق ػػوـ عم ػػى أش ػػكاؿ إنس ػػانية ،ف ػػوؽ س ػػطح
البرتقالي (الظؿ) (ناطؽ) ويمكف أف نستنتج القانوف اآلتي:
إف ىذا القانوف في فضاء العمػؿ يمكػف أف نجػده فػي تنويعػات متعػددة لأللػواف فػي
أعمػػاؿ الفنػػاف ،وبمراجعػػة بسػػيطة يمكػػف العثػػور عمػػى القػػانوف بػػنلواف مختمفػػة تنتمػػي مػػف
حيث وجودىا إلى أمثمو متعددة مثلً:
مسػ ػػبوؽ بػ ػػالموف البيجػ ػػي +األبػ ػػيض ...الػ ػػذ والػ ػػذي فضاء اصفر
يمكػػف مػػف خللػػو عػػزؿ التفػػرد النػػوعي لمػػوف فنقػػوؿ الموحػػة الصػػفراء ،والموحػػة الحم ػراء،
711
والموحة الزرقاء .في فضاء العمؿ نمسػؾ فػي بنيػة التبقيػع لػوف ازرؽ ،ىػو المػوف الوحيػد
الذي يعمؿ معاكساً لمبنية المونية المييمنة ،لكنو يشترؾ معيا في مظيرىا الشكمي
ازرق
وردي
إف ىذا الموف ينتشر باألسموب نفسو الذي عمؿ البرتقالي عمى تحديده.
أف كل الشكميف يعملف وفؽ قانوف التضاد إذ يقوؿ كؿ منيما (أنا ىنا)
أحمر +تدرج ازرؽ +تدرج
يتح ّكـ ىذا القانوف بنعماؿ الفناف ىاشػـ حنػوف ،وال يوجػد مػا يخالِفُػوُ إالّ التنويعػات
المونية العاممة وفؽ نفس المقياس (يمكف مراجعة أعمالو بنلواف مختمفػة محكومػة بػنفس
القانوف) .فيما يخص وحدة الفضاء.
الوحدة األرضية
711
تؤسػس ىػذه الوحػػدة بػالموف األحمػػر الػذي يتصػػؿ بزاويػة القاعػػدة (اليمػيف) وبتدرجػػو
البرتقالي (زاوية اليسار) أسفؿ الموحة .نجد أف البرتقالي ال ينوء بمحموالت أخرى سػوى
الوساطة بيف بنيتي الضوء والظؿ .إذ يتخفى في وحدة األرض ،كما فػي وحػدة الفضػاء
تحت األحمر ،ويتخذ في مساره القانوف نفسو.
يػػػدخؿ األسػػػود فػ ػػي وحػػػدة األرض كمػ ػػا دخػ ػػؿ األزرؽ معػ ػػادالً مضػ ػػاداً فػ ػػي وحػ ػػدة
الفضاء (انا ىنا).
إذ يحيػػؿ األسػػود األحمػػر إلػػى سػػطح ،رغػػـ كػػؿ انبثاقػػو وىمينتػػو ...يحكمػػو قػػانوف
التشكمف الذي ساد الفضاء.
وبيػػذا يك ػػوف ك ػػؿ تػػدرج لألحم ػػر ف ػػي البنيػػة الكمي ػػة لمعم ػػؿ= سػػطح وك ػػؿ األش ػػكاؿ
ازرؽ أو اسود. االيقونية تعمؿ كبنية تضاد .فاإلنساف
وبمتابعة لوحات أخرى لمفناف نجد أف ىناؾ تنويعات تنبني عمى القانوف نفسو
تعييف = تضاد
711
ولننخ ػػذ ى ػػذا العم ػػؿ مث ػػاؿ ،يتقاب ػػؿ المون ػػاف األزرؽ واألس ػػود مش ػػكميف تق ػػابلً لم ػػوف
اآلخر وتدرجاتو ويمكف أف نوضح ذلؾ بتقطيع الموحة إلى مثمثيف ،يحتؿ مثمث القاعدة
(األسود) ويمثؿ مثمث الزاوية المقابمة األزرؽ كما ينتي:
الموناف خارجاف مف المػوف األحمػر الػذي يمثػؿ أرضػيتيما ىنػا وامتػدادىما الزمنػي،
فػػاألزرؽ ىػػو لحظػػة تجمػػد األحمػػر (الػػدـ مػػثلً) واألسػػود ى ػو ال ػرأس األخيػػر فػػي تػػدرج
األحمر ،وبيذا فإف الموف األحمر يعد العلمة المونية المركزية (النواة) في الموحػة عمػى
مستويي الداللة والبنية.
الخطوط
تنبن ػػي الوح ػػدة األرض ػػية بع ػػد تج ػػاوز الخط ػػوط الخارجي ػػة لموح ػػة (اإلط ػػار) داخ ػػؿ
مثمث ػػيف كم ػػا أوض ػػحنا ،األوؿ يمث ػػؿ القاع ػػدة المس ػػتقرة والثػ ػاني يمث ػػؿ القاع ػػدة المقموب ػػة
711
االنبثاق
األسود
تعتيم
لكػػف األسػػود بانبثاقػػو مػػف األحمػػر واتصػػالو بػػو يعمّػػـ األشػػكاؿ اإلنسػػانية مػػف خػػلؿ
البقع السوداء المحززة بخطوط بيضاء ،تشػكؿ معػالـ توضػيحية .يصػبح األسػود علمػة
يخترقيا األبيض ،الضوء × الظلـ.
المثمػػث الثػػاني (المقمػػوب :يشػ ؿ المثمػػث المقمػػوب أشػػكاالً إنسػػانية معمقػػو ومتجمػػده
باتجاىات مختمفة ،وألوانػاً مختمفػة تنبثػؽ مػف األزرؽ وتمتػزج مػف األحمػر وصػوالً غػالى
البنفسػػجي ،تبػػدو األشػػكاؿ قريبػػو ،يسػػيـ فػػي ذلػػؾ حجميػػا ووضػػوح المػػوف الػػذي تتشػػكؿ
منو ،إذ تعمؿ عمى تفعيؿ دور خط التلشي وأبعاده.
التبقيع
ينتشػ ػػر التبقيػ ػػع داخػ ػػؿ العمػ ػػؿ ليضػ ػػعؼ بنيػ ػػة الوضػ ػػوح ل ػػنلحظ ذلػ ػػؾ مػ ػػف خ ػ ػلؿ
الخطاطة اآلتية:
711
انظر قائمة األشكال
جمي ػع البقػػع بػػالموف األحمػػر ،فػػي حػػيف تسػػتعير بقعتػػيف بػػالموف البرتقػػالي وبقعتػػيف
بالموف األزرؽ وىنا يمكف القوؿ أف البقع المونية تسود باألحمر في حيف تستعير بعض
منيػػا أل ػواف األشػػكاؿ اإلنسػػانية انػػوُ تػػداخؿ ومجػػاورة بػػيف اإلنسػػاف ومحيطػػو فػػي المػػوف
والييئة.
يمكػػف أف نخمػػص أف قانونػاً يحكػػـ بنيػػة التبقيػػع فيػػي تسػػتعير مػػف المييمنػػة المونيػػة
فػػي وحػػدة األرض لونيػػا وتنتشػػر فػػي الموحػػة فػػي حػػيف تعمػػؿ بعػػض البقػػع عمػلً مضػػاداً
مػػف الناحيػػة المونيػػة وىػػذا ممػػا يجعػػؿ أعمػػاؿ الفنػػاف ىاشػػـ حنػػوف قائمػػة عمػػى الط ػػابع
التكراري في طريقة العرض والتبقيع.
األشكال الهندسية:
تمأل األشكاؿ اليندسية كؿ بنية التقاطع ،دائرة ونصػؼ دائػرة ومسػتطيؿ ومربػع...
وىي تعمؿ عمى مستوييف.
711
.1وعم ػػى مس ػػتوى الدالل ػػة:تق ػػوـ بتبقي ػػع متص ػػؿ لمق ػػرص الس ػػماوي (دائػ ػرة خطي ػػة)
وتعمػ ػػؿ األسػ ػػيـ والخطػ ػػوط المنسػ ػػابة عمػ ػػى اسػ ػػتمرار ىػ ػػذا التبقيػ ػػع وتفعيػ ػػؿ دور المػ ػػوف
البرتقالي إلخراجو مف الحافات المستقيمة.
وىكذا نجد أف قانوناً يحكـ حركة األلواف واألشخاص واألشكاؿ كما ينتي:
.7يعم ػػؿ التبقي ػػع علميػ ػاً ك ػػنجزاء متمم ػػو لتنكي ػػد الط ػػابع االنتش ػػاري لم ػػوف الس ػػائد
واأللواف المصاحبة.
وعمػػى مسػػتوى الداللػػة ،فػػنف األشػػكاؿ التػػي تمألىػػا تمثػػؿ انفجػػارات المػػوف السػػائد
وتشظياتو ،كما أف التبقيع الذي اشػرنا إليػو المسػتمر بخطػوط االنسػياب والمحػدد باتجػاه
األسيـ سيجعؿ منو غطاءاً شاملً لموحة.
إف متابعة أعماؿ الفناف ىاشػـ حنػوف (معرضػو عمػى قاعػة دجمػة 7111ومعرضػو فػي
عماف )7111تعيد القانوف ذاتو ،يسود لوف مييمف ليسػحب معػو كػؿ البنيػة إلػى منطقػة
لونية أخرى م ايرة تعمؿ عمى:
.7تعييف ألشكاؿ.
ىذه النظـ العلمية تؤدي إلى مركزىػا العلمػي (التشػظّي) الػداؿ عمػى إعػادة لعبػة
الخْمؽ.
َ
711
لوحة الفنان ضياء الخزاعي
المسح البصري
أوؿ م ػػا يطف ػػو عم ػػى س ػػطح البني ػػة العام ػػة لمعم ػػؿ ى ػػو األب ػػيض ،وتتك ػػوف األلػ ػواف
األخػػرى عمػػى سػػطح األبػػيض بنشػػكاؿ وعلمػػات وتنػػاظرات ،وسػػننتي عمػػى ذكرىػػا مػػف
خلؿ تقسيـ العمؿ كاآلتي:
710
انظر قائمة األشكال
األبػػيض فضػػاء العمػػؿ ويحتػػؿ المسػػاحة الكبػػرى داخػػؿ الموحػػة ،باعتبػػاره الس ػػطح
الدافع لكؿ األلواف حتى يمكف القوؿ بننو يػدفع (األبػيض نفسػو) فػي بعػض المواقػع إلػى
األماـ مف خلؿ تبقيع األخير عمى السطح (لعبة الضوء والظؿ).
إف سمس ػػمة التبقي ػػع الت ػػي تق ػػوـ عميي ػػا بني ػػة الم ػػوف تعم ػػؿ تن ػػاظرات إذ يمك ػػف إيج ػػاد
معادليػػا المػػوني فػػي حالػػة (انتشػػار) دائػػـ عمػػى السػػطح التصػػويري .ويتشػػكؿ المػػوف مػػف
حالة متوازنة مرتبطة بيذا اإليقاع ومف اجؿ تحريػؾ العمػؿ يمكػف حصػر حركػة األلػواف
واالتجاىات التي تعمؿ بيا ومف ثـ طريقػة التكػرار التػي تنبنػي عمييػا الموحػة مػف خػلؿ
فػرز العناصػػر المونيػػة ،كوحػػدات وتنػػاظرات كمػػا يػػنتي ،فػػالموف البنفسػػجي يشػػكؿ القاعػػدة
الظمية لألشكاؿ مثمما يشػكؿ المػوف األبػيض الفضػاء العػاـ وبيػذا المعنػى تنبنػي الموحػة
عمى:
ضوء = األبيض
ظؿ = البنفسجي
أف السطح الكمي لموحة مقسـ عمى ثلثة حزـ كما في الشكؿ اآلتي:
717
انظر قائمة األشكال
-7تتكػػوف الحزمػػة العميػػا مػػف خطػػوط وض ػربات وكتػػؿ طوبوغرافيػػة (تنقػػيط فرشػػاة
عمى السطح ال امؽ).
-1الحزم ػػة عم ػػى يس ػػار العم ػػؿ تعم ػػؿ كتػ ػواز (كتم ػػي) م ػػع الحزم ػػة األول ػػى يب ػػدو
السطح لمعمؿ مضبباً يعمؿ باعتباره بنية ضبابية.
711
يمكف تمثيؿ التخطيط العاـ لموحة كما ينتي:
السطح الكمي
(تناظر) (وضوح)
الفضاء
ظاىرة متوارية
يقوـ العمؿ عمى بنية وضوح ظاىرة اصفر +بنفسجي +احمر +اخضر
بنفس ػ ػ ػ ػػجي +ابػ ػ ػ ػ ػػيض اصػ ػ ػ ػ ػػفر +ابػػ ػ ػ ػػيض بنيػػ ػ ػ ػػة ضػػ ػ ػ ػػبابية
أخضر +ابيض احمر +ابيض
711
البنية العميقة البنية الظاهرة
وينشػ ػن ى ػػذا التركي ػػب ليكم ػػؿ النس ػػؽ الرب ػػاعي ث ػػـ ينح ػػؿ بع ػػد اكتمال ػػو عن ػػد تلش ػػي
العلمػػات داخػػؿ األبػػيض .فػػاألبيض يعمػػؿ كفضػػاء لػػوني وفػػي ذات الوقػػت ينحػػدر إلػػى
اللنيائي فاسحاً المجاؿ لأللواف لمتدفؽ إلى أماـ ،فيكوف ال امؽ أماماً ،والفاتح م يباً.
غامؽ
فاتح
التنظيم العالمي
تعمػػؿ الموحػػة بنظػػاـ التبقيػػع فػػي بنيػػة الوضػػوح عم ػى متواليػػة رياضػػية مػػف حيػػث
التقسػػيـ ،حيػػث يوجػػد معػػادؿ عػػددي متقػػارب لض ػربات الفرشػػاة فػػي كػػؿ لػػوف ممػػا يتػػيح
لموحة أف تنبني عمى نظاـ مف التكرار الموني (التجريدي).
العلقة التي تحيؿ عمى التشخيص (االيقونية) ىي داؿ (دراجة ىوائية) تبدأ بنيػة
الوض ػػوح ث ػػـ تض ػػيع معالمي ػػا ف ػػي الفض ػػاء األب ػػيض وتش ػػتبؾ ف ػػي نيايتي ػػا م ػػع األلػ ػواف
األخرى ،في حيف تشكؿ البقع المونية الوحدات التجريدية.
تسمح ىذه الموحة باكتنػاه العلقػات التػي تتكػوف منيػا الوحػدات الشػكمية ،ولػو قمنػا
افت ارضػػا بعػػزؿ أي مػػف الوحػػدات فانػػو يمكػػف ليػػذه الوحػػدة عمػػى مسػػتوى البنيػػة أف تكػػوف
(لوحػػة) ت ػوازي أو تشػػابو الموحػػة الكبػػرى ،لننخػػذ المقطػػع فػػي أعمػػى اليمػػيف ثػػـ المقطػػع
الوس ػػطي يمك ػػف ملحظ ػػة التش ػػابو عم ػػى مس ػػتوى البني ػػة ف ػػي طريق ػػة االنتش ػػار وتوزي ػػع
711
يقسػػـ نفسػػو مػػف خػػلؿ التبقيػػع عمػػى المسػػاحة
األلػواف ،إذ يبػػدو أف كػػؿ لػػوف فػػي الفرشػػاة ّ
الكمية لمعمؿ بضربات عشوائية.
ىذه الحركة (العشوائية) تحيؿ إلى نظاـ شكمي تجريػدي ،يبنػى عمػى فكػرة التػداخؿ
العلمي مف خلؿ التداخؿ الموني .فالعلمػات تػدور فػي المكػاف (الفضػاء) إذ ال وجػود
لمسند ،واف اإليياـ باالستقرار علمة عمى التباعد (االحياز) ال غير.
يمكػػف عػػزؿ التػػنثير الواضػػح لمعلمػػات المصػػاحبة كعلمػػات ديكوريػػة حيػػث توجػػد
في كؿ مساحة العمػؿ وىػي (األصػفر +األخضػر +البنفسػجي) مركبػة تركيبػا متنػاظ اًر
فوؽ األبيض.
يبدو أف األبيض ىػو أعمػى االضػداء فػي بنيػة الوضػوح مػع األلػواف األخػرى الػذي
يجعؿ مف أعماؿ الفناف ضياء الخزاعي تنبني عمى فكرة األلػواف (الصػريحة) وتبايناتيػا
مع األبيض .وىي بنية ضوئية تشت ؿ عمى أعمى معادؿ لػوني بػيف صػراحة البنفسػجي
واألخضر واالخمر فوؽ األبػيض( .الظػاىر) وبػيف خمػط نيايػات األلػواف فقػط بػاألبيض
لعمؿ تدرج غير محدد لموف (الم يب).
م يب ظاىر
تظيػػر العلق ػػات االيقوني ػػة ف ػػي الم ي ػػب والعلقػػات التجريدي ػػة ف ػػي الظ ػػاىر ق ػػانوف
توزيع العلمات ىذا يكشؼ عف بنية تضاد مقموبة تتكمـ عمى فقد (األشياء).
711
لوحة الفنان سعد الطائي
التنظيم العالمي
تنبني الموحة عمى فضاء واحد يحكمػو قػانوف التػداخؿ بػيف األلػواف والخطػوط ،فػي
علمياً عمى:
ّ حركة متموجة ،تتشاكؿ الواحدة منيا مع األخرى ويقوـ ىذا التشاكؿ
تتموضع العلمات في بنية التموج حيث تُحػدد األشػكاؿ داخػؿ التمػوج مػف حػلؿ
تحديػػدات بس ػػيطة باألس ػػود ال ػػذي يعم ػػؿ ظمي ػاً لألش ػػكاؿ .والستكش ػػاؼ أف ػػؽ ى ػػذا التب ػػايف
يمكف أف نحدد مستويات الفضاء بالتقسيـ اآلتي:
711
اخضر الموف = احمر +
ازرؽ وردي
بارد حار
وعمػى تبػايف الحػػار والبػارد تتنسػػس األشػكاؿ داخػؿ فضػػاء العمػؿ وفػػؽ مبػدأ العمػػؽ
والشػػكؿ وقػػانوف النظػػاـ والتقابػػؿ ،يتعمػػؽ األمػػر ىنػػا بالتقسػػيـ التقػػابمي لعناص ػر الشػػكؿ
(التداخؿ).
يدخؿ األسود باعتباره مكوناً ثالثاً لتحديػد وابػراز معػالـ ىػذا التػداخؿ ويبػدو األسػود
رابطاً بيف األلواف واألشكاؿ.
يتقػػدـ األس ػػود لإلمػػاـ ويعم ػػؿ كبنيػػة دافع ػػة لمحػػزوز لتبي ػػاف معػػالـ األش ػػكاؿ .وم ػػف
خ ػ ػ ػػلؿ االح ػ ػ ػػزوز ين ػ ػ ػػدفع ف ػ ػ ػػي وس ػ ػ ػػط الموح ػ ػ ػػة ش ػ ػ ػػكؿ امػ ػ ػ ػرأة وفت ػ ػ ػػاة تمتحف ػ ػ ػػاف بعب ػ ػ ػػاءة
(شكؿ واقعي) يمكف ليػذا التشػاكؿ مػف تنديػة وظيفتػيف :األولػى وظيفػة تشخيصػية تتخػذ
مػػف ملمػػح الوجػػوه اإلنسػػانية مجػػاالً لمظيػػور أمػػا الوظيفػػة األخػػرى فيػػي تحديػػد معػػالـ
أرضية العمؿ ،حيث تستند المرأة والفتاة إلػى قاعػدة الموحػة ومػف ىنػا يحػدد األسػود ىػذه
المعالـ ويػؤدي الػوظيفتيف سػابقتي الػذكر .ليصػبح الفضػاء فػي مثػؿ ىػذه الحالػة منقسػماً
إلى فضائيف أعمى وأسفؿ كما في الخطاطة اآلتية:
711
حركػػة المػػوف فػػي الفضػػاء األعمػػى تسػػاوي حركػػة المػػوف فػػي الفضػػاء األسػػفؿ ،لكػػف
الف ػػرؽ البص ػػري يتخ ػػذ م ػػف حرك ػػة الخط ػػوط مج ػػاال لظي ػػور األش ػػكاؿ مس ػػتعينة باألس ػػود
باعتباره أرضية لمتموجات التي تسبح األخيرة داخمو.
كػػؿ شػػكؿ ينبثػػؽ مػػف األخػػر ،ويمتػػؼ عميػػو ،األفػػؽ والفضػػاء يمتػػؼ عمػػى األشػػكاؿ
والعبػػاءة تمتػػؼ عمػػى األجسػػاد ،ويبػػدو أف ال مػػوض ييػػيمف داللي ػاً عمػػى الموحػػة .حيػػث
تتك ػػوف الوح ػػدة العام ػػة لمعم ػػؿ م ػػف ت ارس ػػؿ سمس ػػمة متش ػػابية م ػػف العلم ػػات تك ػػوف فكػ ػرة
االمتداد واللنيائية في حيف يعمؿ الوجياف لممرأة والفتاة عمى غمؽ ىذا االمتداد.
ول ػػو أع ػػدنا تركي ػػب العم ػػؿ خ ػػارج ال ػػوجييف ف ػػاف الدالل ػػة تنف ػػتح عم ػػى أف ػػؽ التم ػػوج
والتكػ ػرار اللنيػ ػػائي .لك ػػف التشػػػخيص المص ػػاحب لبني ػػة التم ػػوج ي ػػؤطر العم ػػؿ محػ ػػاوال
711
االبتعاد عف التجريد الخػالص إلػى إضػافة بعػض التعيينػات العلميػة التػي تػرتبط عرفيػا
بمؤشرات بيئية.
إف علمة التموج ىنا ىي ىياج النيائي يظير في داخمو قوة مف نوع ما.
داخػػؿ المػػوج كػػؿ األشػػياء متحركػػة ففػػوؽ األجسػػاد تتمػػوج العبػػاءة السػػوداء لتخفػػي
حركة األجساد.
إف داؿ التموج الموني والظؿ والضوء ما ىو إال لعبػة ضػياع الملمػح التػي اعتمػد
عمييػػا األسػػموب الػػذي ي ّيػػب التفاصػػيؿ داخػػؿ حركػػة التسػػطيح والتشػػاكؿ المػػوني ولولبيػػة
الخطوط.
ويعم ػػؿ األس ػػود ك ط ػػاء ش ػػكمي داخ ػػؿ الموح ػػة ،وم ػػف ث ػػـ دالليػ ػاً كعلم ػػة عرفي ػػة
(عباءة).
الخط :يعمػؿ الخػط عمػى تفعيػؿ التشػخيص وعػزؿ المػوف ،إف جميػع الخطػوط فػي
ىػذا العمػؿ خطػوط (منحنيػة) يتشػاكؿ بعضػػيا مػع بعػض لتكػوف علمػة كبػرى (التمػػوج)
داخػػؿ الموحػػة .ويعمػػؿ الخػػط إضػػافة إلػػى ىػػذه الوظيفػػة فػػي تمظيػػر األشػػكاؿ االيقونيػػة
(الوجوه).
711
إف ص ػراحة الخػػط والمػػوف (علمػػة) وتجنػػب الخمػػط (علمػػة) يرم ػزاف إلػػى صػػفاء
الضػػوء وتبايناتػػو ،ومػػف ثػػـ ت ييػػب األشػػكاؿ وتجريػػدىا ،ويمثػػؿ التمػػوج الخطّػػي النيائيػػة
ذلؾ التجريد ليعمف عف لعبة الوجود.
إف ىذا األسموب لمفناف يمكف متابعتو في أعمالو التي أطمقت عمييا الفناف تسمية
صيادوف ،نساء ،أزقة ،وىو أسموب يعتمد التشفير العلمي والبعد الداللي آنِفَي الذكر.
710
لوحة الفنان ضياء العزاوي
في محاولة لتقطيع ىذا العمػؿ ،يمكػف ضػبط التقسػيمات البنائيػة إلػى أربػع وحػدات
كما في الخطاطة التالية:
717
إف ىذا التقطيع يشكؿ الوحدات التركيبية لمعمؿ ،التي تتمحػور حوليػا كػؿ البنيػات
األخػػرى ،يمكػػف تممػػس بنيػػة التسػػطيح والتقػػابلت المونيػػة بػػيف األسػػود واألبػػيض والبنػػي
(واالوكػػر) ،وتتمظي ػػر عمػػى التس ػػطيح بنيػػة أخ ػػرى ى ػػي بنيػػة التبقي ػػع ،التػػي تح ػػوي ك ػػؿ
العلمات في نظاـ يعتمد عمى وضع البقع عمى سطح لوني مف درجة واحدة.
وىكذا نكوف بإزاء مواجية بيف المكاف (السطح) والموضػوعات عمػى السػطح ،بػيف
التسػػطيح والتبقيػػع ،وتتركػػز ىػػذه المقولػػة عمػػى بنيػػة البعػػد ،أو التبػػايف البعػػدي ،باعتبارىػػا
نواة مركزية في أعماؿ الفناف .لكف مف الضروري اإلشارة إلى أف ىذا التبايف فػي البعػد
ال يحدد في الفضاء بؿ تحدده علقات لونية (درجات)( .الموف الفػاتح فػي اإلمػاـ) لكػف
يمكػػف ،قمػػب المعادلػػة (المػػوف ال ػػامؽ فػػي اإلمػػاـ) ،وألجػػؿ حصػػر المفيػػوـ يمكػػف تقسػػيـ
العمؿ إلى وحدات متباينة بيف السطح والبقعة).
711
الوحددددة اليانيدددة :المػػوف (االوكػػر) :يعمػػؿ سػػطحا معػػادالً لألبػػيض ويعمػػؿ التبقيػػع
عمى السطحيف بدرجات متقاربة.
وتصبح القيمة المونية (قيمة مممس) وال تحيؿ إلى المرجع (أو العرؼ المعجمي).
تقػػوـ بنيػػة السػػطح عمػػى نظػػاـ ىندسػػي (مربعػػات ومسػػتطيلت) (اسػػتقرار) (مكػػاف
تجمد).
بنية التبقيع:
711
إف النسػػؽ الػػذي تقػػوـ عميػػو ىػػذه البنيػػة ىػػو نسػػؽ المتواليػػات وىػػي بنيػػة انفػػلت:
ويتبنػػيف عمػػى حركػػة الفرشػػاة (االتجػػاه) والتقػػابلت المونيػػة (محػػددة ،سػػائبة) .ومػػف ىػػذا
التشاكؿ تظير لنا الداللة العامة لمشكؿ .تقوـ بنية التبقيع عمى مجموعة مف العلمات
الػ ػػداالّت التػ ػػي تقػ ػػع عمػ ػػى المحػ ػػور األفقػ ػػي فػ ػػي بنيػ ػػة التبقيػ ػػع وىػ ػػي داالت تتعمػ ػػؽ
بالتشػػكيؿ ،وتبػػدو نسػػيجا مػػف ريػػش لطػػائر (غ ػراب) ويحػػدد اتجػػاه ال ػريش حركػػة الفرشػػاة
والنسيج الذي تنبني عميو جميػع األشػكاؿ مػف خػلؿ المييمنػة التػي ذكرناىػا( ،تسػطيح/
تبقيع).
فاألسػػود يحػػدد شػػكؿ ال ػراب والتبقيػػع يحػػدد تفصػػيمو و يشػػكؿ المسػػتطيؿ األحمػػر
السػػطح الخػػامس فػػي بنيػػة التسػػطيح معػػادالً مسػػتقلً( ،ذاتيػاً) وفاصػػل بػػيف كػػؿ السػػطوح
األخرى.
سنقوـ بدراسة ىذه الوحدات في نطاؽ العلقة القائمة في ما بينيا كمقػوـ اتصػالي
داخؿ نسؽ الموحة .كما في الخطاطة اآلتية:
وىك ػػذا وم ػػع د ارس ػػة ى ػػذه العناص ػػر وكش ػػؼ انس ػػاؽ العلق ػػات االتص ػػالية يمكنن ػػا
الكشؼ عف قانونيف رئيسييف يحكماف ىذه العلقات
يمكف اعتبار ىاتيف العلمتيف وحػدتيف رمػزيتيف ،وىمػا فػي داخػؿ ىػذا العمػؿ
تمثلف الداللة الم مقة .بؿ ىما العلمتاف المتاف تحدداف الشكؿ.
711
رأس ال راب +حرؼ عربي= تحديد
تتجمػ ػػى ىػ ػػذه اآلليػ ػػة التػ ػػي تحكػ ػػـ الحػ ػػركتيف مػ ػػف خػ ػػلؿ :عػ ػػالـ الحركػ ػػة الثانيػ ػػة =
تبقيع – تسطيح مف متواليات لونية تجريدية ،يمكف رصد مكوناتيا كما ينتي :
رأس ال ػراب +الحػػرؼ العرب ػي ،ىمػػا وحػػدتا ال مػػؽ التػػي يقػػؼ عنػػدىما الػػنص فػػي
حالة الصراع
× تضميف تعييف
غراب = ميت
حرؼ = م يب
تيػػيمف الوحػػدات التجريديػػة ،حيػػث نقػػؼ بػػإزاء نػػص يحمػػؿ فػػي داخمػػو ص ػراع مػػف
التباينات(أضداد ألواف) .اسود × ابيض احمر × بني مع أضداد مف العلمات.
وضوح /ابياـ
محاكاة /خياؿ
تعييف /تجريد
711
إف الوحدات العقدية (بنية الوضوح) تحاوؿ تنكيد ذاتيا مف خلؿ موت دالالتيا
نلحػػظ أف ىػػذه األفعػػاؿ تخفػػي ىػػدفيا الػػذي ىػػو فػػي الموحػػة إنشػػاء لعبػػة (التبػػايف)
وىػػو األسػػموب الػػذي يمكػػف أف تُحػ ّػد ْد مق ػوالت الفنػػاف مػػف خللػػو ،أي الخصوصػػية التػػي
تممسيا مف إعادة تركيب التحميؿ: يمكف ّ
(غراب +حرؼ) (سطح +تبقيع +تجريد)
واذ كان ػػت علمت ػػا ( )+ق ػػد وس ػػمتا ال ػ ػراب والح ػػرؼ معجميػ ػاً فننيم ػػا يرت ػػداف إل ػػى
علمتي سمب (( )-ال راب متوقؼ والحػرؼ صػامت) وبيػذا يحقػؽ التبػايف وحدتػو التػي
يسعى إلييا.
711
الموحة الفنان عالء بشير
معرضه (محنة)
الموحة ممونة في ممحق االشكال
المسح البصري:
تنبني الموحة في وحدتيف:
.7وحدة الضوء.
.1وحدة الظؿ.
ينتقؿ ىذا الموف مف حد التوقؼ إلػى الوحػدة الثانيػة عمػى شػكؿ بقػع ضػوئية معممػاً
لألشكاؿ داخؿ الوحدة األخيرة بوساطة التضاد بيف الضوء والظؿ.
تنقسػ ػػـ الوحػ ػػدة األولػ ػػى إلػ ػػى إحيػ ػػاز (صػ ػػخور) شػ ػػبو ىندسػ ػػية يحػ ػػددىا أطػ ػػار
(رصاصػػي فػػاتح) يعمػػؿ باعتبػػاره خطػاً متص ػلً بػػيف الصػػخور ،وفػػي نفػػس الوحػػدة يمتػػد
خط عرضي يعمؽ عميو مربعاف األوؿ مربع أخمر والثاني مربػع أخضػر ،وىمػا المونػاف
الوحيداف خارج بنية الرصاصي لتفعيؿ التمركز.
علمة خطية مصاحبة يشكؿ إحيا اًز داخؿ القاعدة الرصاصي الفاتح
األحمر
يمكػ ػػف إدراؾ العلمػ ػػة المييمنػ ػػة (الرصاصػ ػػي المحمػ ػػر) فػ ػػي مظي ػ ػره العلئقػ ػػي ال
النػػوعي ،وىكػػذا فالرصاصػػي المحمػػر ىػػو المسػػاحة التػػي أشػػت ؿ عمييػػا العمػػؿ كتشػػكيؿ
(بالخط) (علقة احتواء) وىذا العمؽ يتضمف شكؿ المربعيف (علقة احتواء وتضمف).
711
يمكف التدرج فضائياً مف (فضاء الموحػة فضػاء الصػخور فضػاء األشػكاؿ
اإلنسانية في الوحدة الثانية).
الوحدة اليانية:
يػدرؾ الظػػؿ (الرصاصػي ال ػػامؽ المائػػؿ إلػى الزرقػػة) فػػي كميتػو كبنيػػة أي ككػػؿ
شػػامؿ ،وىػػو أيضػاً مجموعػػة مػػف علمػػات نوعيػػة تكػػوف التفاصػػيؿ التػػي تمػػنح األشػػكاؿ
ىيئتيا ويمكف فرز العلمات النوعية في ىذه البنية كاآلتي:
علمػػات خطيػػة :ينحػػدر الخػػط مػػف الوحػػدة األولػػى ويكسػػر ىندسػػتو فػػي دخولػػو
منطقػػة الظػػؿ فيشػػت ؿ كمكػػوف خطػػي آخػػر (ينحػػدر) باتجػػاه يمػػيف وأسػػفؿ الموحػػة ،عمػػى
شكؿ أخاديد عندما يتحوؿ لونو مف الرصاصي الفاتح المحمر ،إلػى الرصاصػي المائػؿ
إلى السواد.
علمات لونية
يعطين ػػا ى ػػذا التح ػػوؿ أيضػ ػاً إحي ػػا اًز ب ػػيف الخط ػػوط وى ػػي إحي ػػاز لوني ػػة باتجاى ػػات
متس ػػاوية ،تعم ػػؿ عم ػػى كس ػػر البني ػػة اليندس ػػية ف ػػي الوح ػػدة األول ػػى م ػػف حي ػػث االتج ػػاه
والسطح:
وفػػي ضػػوء ذلػػؾ يمكػػف إدراؾ األشػػكاؿ اليندسػػية عمػػى أنيػػا تنوعػػات أيقونيػػة ،واذا
وقفنا عند التماثؿ نجد أنيا تحيؿ عمى موضوع محدد ىػو فػي صػيرورتو (صػخور)
جماد ضوء.
711
أما األشكاؿ فيي نوعيات لتميزىا مػادة وشػكلً وىػي أيقونػات ألنيػا تحيػؿ بموجػب
علقة المماثمة عمى أشكاؿ إنسانية تنبني عمى:
ليتجمد (فراغ).
ّ كؿ ضوء يتجو إلى أعمى
ومف خلؿ ىذا القانوف نجد أف شكؿ اإلنساف في أعمى الموحة وفي أسفميا ينبنػي
عمى الظؿ في حيف يعطينا الضوء بنية جماد عمى المستوى الكمي لموحة.
تحديد المعالم:
الوح ػػدة األول ػػى (األيقوني ػػة) وتض ػػـ رأس إنسػ ػػاف بملم ػػح تشخيص ػػية ينخ ػػذ شػػػكؿ
ص ػػخرة م ػػف الج ػػدار ال ػػذي يح ػػيط باألش ػػكاؿ ث ػػـ الص ػػخور كنش ػػكاؿ ىندس ػػية والمػ ػربعيف
األخضر واألحمر .وىي جميعيا علمات أيقونية.
ىػ ػػذا التقابػ ػػؿ بػ ػػيف الوحػ ػػدتيف يؤسػ ػػس عمػ ػػى المسػ ػػتوى العلمػ ػػي والبنػ ػػائي تصػ ػػاعداً
تدريجياً بالتعييف ثـ ينتيي إلى تجريد.
اإلنساف مف الصخور
الصخور= أجساد
يقع التضايؼ بيف البنيتيف التجريدية والتشخيصية في نسػؽ علمػي لػوني وخطػي
واحد ،يمكف لمرسـ إيضاح ذلؾ مف خلؿ تفكيؾ الشكؿ:
الصػػخرة وشػػكؿ الشػػكؿ اإلنسػػاني مػػف حيػػث المظيػػر يتخػػذ شػػكؿ صػػخرة
الرأس
وال يمكػػف تحديػػد االشػػت اؿ الػػداللي إالّ مػػف حيػػث تفاصػػيؿ التنظػػيـ العلمػػي الػػذي
يعتمد عمى:
( الحجـ)
107
التنظيـ
النسؽ
أبيض × أسود
ُيشػػكؿ اإلنسػػاف الحجػػـ األكبػػر داخػػؿ العمػػؿ مػػف بػػيف العلمػػات األخػػرى ،والحجػػـ
علمة يشترؾ فييا ذلؾ اإلنساف مع المحػيط العلمػي داخػؿ الموحػة ،فاإلنسػاف والجمػاد
يشتركاف في علقة لونية وخطية واحدة في حيف يحػدد الحجػـ الصػفة الدالليػة لكػؿ مػف
الشكميف.
النقط ػػة األخ ػػرى ى ػػي التنظ ػػيـ ال ػػذي ي ػػؤدي إل ػػى إس ػػتراتيجية خاص ػػة ف ػػي ص ػػياغة
األسموب ،ويبػرز التنظػيـ فػي ىػذه الموحػة مػف خػلؿ االتجػاه الػذي يتمركػز فػي التفػاوت
بيف تنظيـ الوحدة األولى والثنائية.
تتجو الوحدة األولى إلى منظور أفقي في حيف تتجو الثانية إلى منظور مائؿ.
أما النسؽ الذي تنبني عميو الموحػة فػي برنامجيػا العػاـ فيػو نسػؽ مػف التبػايف بػيف
بنيػػة لونيػػة سػػائدة وبنيػػة أخػػرى مصػػاحبة تتمحػػور حػػوؿ فك ػرة التضػػاد المػػوني ،فالموحػػة
تتشكؿ عمى نسؽ عاـ مف لوف رصاصي في حيف يعمؿ المربعػاف عمػى تفعيػؿ التضػاد
المػػوني باعتبػػار أف ىػػذا التضػػاد يعمػػؿ عمػػى تحفيػػز ومػػف ثػػـ تشػ يؿ فكػرة االنفجػػار بػػيف
السائد والعرضي.
101
وعمػػى ىػػذا األسػػاس يمكػػف الحػػديث عػػف اشػػت اؿ علمػػي جديػػد يعمػػؿ آلي ػاً عمػػى
تحديد مراكز ذات دالالت رمزية تؤطرىا الموضعة المونية.
الػػدور الػػذي تؤديػػو البياضػػات (الضػػوء) كمؤشػػر عمػػى إمكانيػػة التوقػػؼ واالسػػتم ارر
بكونيػا العنصػريف البصػرييف المػذيف يمكػف أف ينجػ از ىػذا الػدور .فحيػث يخػتمط األبػػيض
مػػع األل ػواف األخػػرى ينبثػػؽ عنصػػر مؤشػػر عمػػى بنيػػاف نسػػؽ لػػوني (انفجػػاري) وحيثمػػا
ي يب األبيض ينفجر الظؿ في محتوياتو الخطية.
ممػػا تقػػدـ نسػػتخمص تمييػػز االنتمػػاء األسػػموبي ألعمػػاؿ الفنػػاف بنزوعػػو إلػػى تجػػذير
س ػريالية مػػف نػػوع خػػاص ،تنبنػػي عمػػى المفاجػػنة البص ػرية لمػػوف الػػذي يعمػػؿ فػػي أقصػػى
الظممة وأقصى الضوء( .يمكف ملحظة التبايف لممربعيف).
وانطلقػاً مػػف االسػػتنتاجات التػػي ذكرناىػػا فػاف اإللػزاـ فػػي المعنػػى التشػػكيمي ىػػو
إلزاـ لممعنى القولي ،فاألشكاؿ البصرية منبيات شننيا شنف األصوات ،وىػي كفيمػة مػف
حيث البنية بإثارة دالالت عميقة ودالالت سطحية.
التحميل العالمي:
يثيػػر التنظػػيـ المػػذكور االلتفػػات إلػػى الػػدليؿ المػػوني والخطػػي فػػي نطػػاؽ وصػػؼ
التعبي ػػر والمحت ػػوى ف ػػي بن ػػاء التش ػػكلت ،وىك ػػذا انطلقػ ػاً م ػػف مب ػػدأ التػ ػراكـ ال ػػذي تق ػػوـ
التشكلت عمى أساسو وبعد توسيع مفيوـ التشػاكؿ ليشػمؿ مسػتوى التشػكلت التعبيريػة
إلى جانب التشاكؿ الداللي عف طريؽ تفكيؾ محتوى الموحة إلى مجاليف:
مف خلؿ المجاؿ التركيبي نجػد أف الموحػة تنبنػي عمػى فكػرة التجمػد ،فاإلنسػاف
والحجر يشتركاف في الشكؿ لكف عمى مستوى البنية الدالة يقوـ خطاب مختمؼ
101
إنساف متجمد = موت حجر = اشتراؾ شكمي
ينزع اإلنساف ثوب الحياة مف خلؿ الشكؿ ويرتدي ثوب الجماد والصخور ترتػدي
ثػػوب الحيػػاة فػػي تطورىػػا التركيب ػػي ،مػػف ىػػذا المنطمػػؽ تنبنػػي الموحػػة فػػي بنيتيػػا العميقػػة
عمى التبادؿ بيف:
ىػػذا المنطػػؽ الس ػريالي فػػي قمػػب التركيػػب يعمػػؿ عمػػى تقػػاطع داللػػي يتموضػػع
عمػػى فك ػرة ت ييػػب اإلنسػػاف فػػي ص ػراعو مػػع المحػػيط ...أمػػا اإلضػػاءة االنفجاريػػة فػػي
المربعيف فتعمؿ كنثر إنساني ،يبعث الحياة ويؤكد ديمومتيا.
إف االنفج ػػار الم ػػوني والم ػػايرة تق ػػوـ بتض ػػميؿ الم ػػدلوؿ وم ػػف ث ػػـ تخفيف ػػو ف ػػي لعب ػػة
الداؿ.
ىػ ػػذه الثنائيػ ػػة تتك ػ ػػرر فػ ػػي لوحػ ػػات ع ػ ػػلء بشػ ػػير باسػ ػػتمرار (ينظ ػ ػػر إلػ ػػى أعمال ػ ػػو
المعروض ػػة ف ػػي معرض ػػو محن ػػة اإلنس ػػاف .)7111 -ل ػػذلؾ ن ػػرى األعم ػػاؿ بش ػػكؿ ع ػػاـ
تجتمػػع عمػػى ظػػؿ فػػي أسػػفؿ الموحػػة × ضػػوء أعمػػى الموحػػة أو العكػػس ويفقػػد اإلنسػػاف
خاص ػ ػػيتو الحيوي ػ ػػة ،فنم ػ ػػا أف يك ػ ػػوف ظػ ػ ػلً أو ح ػ ػػزو اًز أو حجػ ػ ػ اًر ..الػ ػ ػذ .أم ػ ػػا اإلض ػ ػػاءة
االنفجاري ػػة فإني ػػا تظي ػػر عم ػػى ش ػػكؿ تنويع ػػات ..ل ػػوف ،مرب ػػع ،حمام ػػة ،غػ ػراب وتنبن ػػي
الموحات أيضاً عمى فكرة األرض ،جدار ،شقوؽ في تربة ،شخوص مف طيف ..الذ.
وتشير ىذه العلقات إلى نسؽ ،حيث يقطع َخػط الموحػة إلػى وحػدتيف ظػؿ وضػوء
ومف ثَـ يبدأ التراسؿ بيف الوحدتيف.
101
اإلنساف ينبثؽ مف الظؿ ،وينبثؽ الجماد مف الضوء .ليوازيا موارية العقػؿ وسػطوعُ
ال ريزة في الخميقة األسطورية لموحة.
101
لوحة الفنان عمي طالب
المسح البصري
إف الموحػة علمػة مفػردة تشػػت ؿ عمػى مسػاحة لونيػة تتحػػدد لمسػياً باإلطػار ،نعتبػػر
الموحة كعلمة مفردة ألنيا (تحقؽ وجود واقعي لشيء يعتبر علمة) ولكف كوف الموحة
علمة مفردة يعنػي أنيػا تػتـ عبػر خصائصػيا أي عبػر العلمػات الفرعيػة المكونػة ليػا،
والتػػي تعتبػػر بػػدورىا بم ارعػػاة تشػػكميا ال ػواقعي (مجػػاؿ الرسػػـ) ،والحػػاؿ أف الموحػػة التػػي
رصػػدناىا كعلم ػػة مف ػػردة فػػي كميتي ػػا ،تق ػػدـ كتركي ػػب لمجموعػػة م ػػف العلم ػػات الفرعي ػػة
المتجسدة مادياً والبانية لموحة كعلمة مفردة.
وبالمسػػح البصػػري نػػرى أف الموحػػة ،مػػنخوذة بكميتيػػا ،تتشػػكؿ مػػف علمػػات فرعيػػة
تختمػػؼ مػػادة وطبيعػػة وكػػؿ منيػػا يمكػػف أف يكػػوف بمفػػرده موضػػوع سػػيرورة سػػيميوطيقية
101
مسػػتقمة تشػػت ؿ فػػي إطػػار السػػيرورة األكبػػر لموحػػة باعتبارىػػا بنيػػة كميػػة كبػػرى ،وتنسيس ػاً
عمى ما تقدـ يمكننا تمييز العلمات النوعية المركبة كاآلتي:
األشكاؿ البصرية.
العمؽ.
وداخؿ كؿ علمة نوعية عمى حدة ،يمكف تمييز مكونات فرعيػة وىػذا مػا سػيجري
توضيحو بتناوؿ كؿ علمة نوعية عمى حدة.
ويوظػػؼ المػػوف كتسػػطيح والػػى جانػػب التسػػطيح نرصػػد مكون ػاً آخػػر داخػػؿ السػػطح
تمثمػػو حركػػة الفرشػػاة وىػػي حركػػة متنوعػػة تقػػوـ فػػي األغمػػب بتكسػػير بنيػػة السػػطح ط ػوالً
وعرض ػاً ،وىػػذا المظيػػر يمكػػف رصػػده فػػي المسػػاحة الكميػػة لمعمػػؿ ،الػػذي تشػػكؿ كثافػػة
المػػوف أحػػد مظػػاىره ،المػػوف العػػاـ (البنفسػػجي) يػػدخؿ فػػي علقػػة تركيبيػػة مػػع األشػػكاؿ
األخرى.
األشكال البصرية
في وسط الموحة شكؿ بصري (رأس إنساف) مركب تركيبػاً خاصػاً يقػدـ فػي تركيبػو
تقابلً خطياً عرضياً في األعمى وفي األسفؿ كما في الشكؿ اآلتي:
101
انظر قائمة األشكال
فتكوف قاعدة الرأس في العمؿ موازية لقمتو ،ونشير ىنا إلػى أرضػية الػرأس (ظػؿ)
(اسود) الذي يحدد الملمح بالتضاد مع أرضية العمؿ .ىذا الشكؿ مركب عمػى ملمػح
ايقونيػػة ،مػػف حيػػث الشػػكؿ وطريقػػة العػػرض عمػػى علمػػات مؤش ػرية (تلزميػػة) .يعتمػػد
الموف والمسػاحة كمػادة تشػكيمية عمػى التسػطيح المػوني ويقػوـ عمػى المػوف األسػود ،الػذي
ين ػػوء بمحمػ ػوالت علمي ػػة متع ػػددة ف ػػي داخم ػػو ،ويمك ػػف الق ػػوؿ أف الػ ػرأس (األس ػػود) ى ػػو
العلمة المركزية الكبرى مف زاوية التركيب والحجـ والعمؽ.
تحت ػػوي ى ػػذه العلم ػػة عم ػػى علم ػػات داخمي ػػا دائرت ػػاف ف ػػي أعم ػػى الػ ػرأس وانفج ػػار
ضوئية لموف (تبقيع) تحفر في داخؿ الرأس حزو اًز واخاديد متداخمة .يمكف حصرىا مف
خلؿ الموف كما في الجدوؿ اآلتي:
وحدة السطح وحدة الرأس
101
×× األصفر
///األسود
...األزرؽ
األبيض
((( البنفسجي
يقدـ لنا ىذا التوزيع مجاالً في تحديد القيمة العلمية داخؿ بنية الموحة.
إف كػػؿ علمػػة نوعيػػة تشػػت ؿ بمػػا ينسػػجـ مػػع طبيعتيػػا فالعلمػػات المونيػػة داخػػؿ
الرأس متحكمة فػي حركتيػا الكميػة فػي بنيػة التنقػيط واألسػود يعمػؿ كسػطح ثػاني لتحديػد
المعالـ بيف سطح الموحة خارج الرأس وسطحيا داخؿ الرأس.
ولكػػي نؤكػػد اشػػت اؿ األسػػود باعتبػػاره وسػػيطاً فنننػػا يمكػػف أف نعيػػد رسػػـ الشػػكؿ
األسود مع بعض التعديؿ.
101
نجػػد عندئػػذ تحػػوؿ فػػي الشػػكؿ االنسػػاني إلػػى مسػػتطيؿ ،وتتحػػوؿ الموحػػة مػػف البنيػػة
التشخيصية إلى البنية التجريدية ،فاألسود يعمؿ عمى تفعيؿ الشكؿ وتعمميو.
العمق
يبقى أف نشير إلى علمة ال يمكف إغفاليا علمة نوعية ثالثة تقع بػيف العلمتػيف
(السطح ،والشكؿ االنساني) (الضوء) فيذا األخير يمكف رصده مف منظوريف:
منظور وظيفتو في التوزيع والتنظيـ كما سبقت اإلشارة إلػى تفعيػؿ التضػاد بػيف
بنيػػة التسػػطيح لألسػػود وبػػيف بنيػػة التبقيػػع ،فػػاألبيض يعتبػػر العمػػؽ الػػذي تنفصػػؿ عنػػو
مكونات الفضاءيف كنشكاؿ وسطوح .ويتنسػس ىػذا االنفصػاؿ عمػى قػوانيف التمييػز بػيف
الشكؿ والعمؽ (منظور جشتالتي).
وىكذا يمكف القوؿ في ختاـ ىذه النقطة أف الموحة تعتبر مف زاوية تركيبيا علمة
مفردة تتضافر مف أجؿ بنائيا علمات فرعية متعددة تتوزع كاآلتي:
170
أشكاؿ ىندسية = دوائر ومستطيلت.
التحميل العالمي:
البنية والدال لة:
أننػػا أمػػاـ شػػكميف أيقػػونييف عمػػى صػػعيد البنيػػة (شػػكؿ إنسػػاف) و (أشػػكاؿ ىندسػػية)
دائرتيف ومستطيؿ أسفؿ العمؿ.
تتضػػايؼ األشػػكاؿ األيقونيػػة مػػع محػػيط العمػػؿ عمػػى صػػعيد البنيػػة فيػػدخؿ المػػوف
البنفسػجي مػف السػطح فػي عمميػة اختػراؽ لألسػود فػي أشػكاؿ خطيػة تعمػؿ عمػى تقطيػػع
األسػود .يصػاحب ىػذا المػوف ألػواف أخػرى تػـ ذكرىػا ،أصػفر ،أزرؽ ،أبػيض حيػث تمػنح
ىػذه األلػواف أمكانيػة االختػراؽ وتسػتثمر إمكانيػة التػدرج المػوني فػي لعبػة التبقيػع والعمػػؽ
واالنتقاؿ مػف المواقػع المسػطحة إلػى المواقػع األكثػر سػمكاً ،فػي مسػار تنػازلي إلػى أبعػد
نقطة في العمؽ (األسود).
عمينا اآلف الكشؼ عف العلقات القائمػة بػيف مكونػات الشػكؿ اإلنسػاني ،الخطػوط
وال ػػدوائر واأللػ ػواف وى ػػي م ػػادة التش ػػكيؿ الت ػػي ت ػػدخؿ ف ػػي علق ػػة بصػ ػرية خ ػػارج العلق ػػة
األيقونية (اإلنساف) ووتنفتح عمى أفؽ رمزي.
ي ػرتبط االنتشػػار المػػوني لمبنفسػػجي بتحديػػد لممنػػاخ العػػاـ ،الػػذي يضػػع الموحػػة فػػي
سياقيا ،عمى صعيد األسموب ويؤسس االنتشار في ذات الوقت لممكاف (الجو العاـ).
فػػي حػػيف تؤكػػد العلمػػات األخػػرى فػػي بنيػػة التنقػػيط والتبقيػػع عمػػى صػػعيد البنيػػة
المونية فكرة الزماف والحركة.
177
التسطيح = مكاف +تجمد
مػػف خػػلؿ متابعػػة أعمػػاؿ الفنػػاف عمػػي طالػػب فػػي سمسػػمة معارضػػو ( -11كػػانوف
الثػػاني معرضػػو الشخصػػي قاعػػة الػػرواؽ ،والمعػػارض السػػابقة) نسػػتطيع القػػوؿ أف قانونػاً
عاماً يحكـ أعمالو ينبني عمى:
وحيثمػػا وجػػد المػػوف فػػي السػػطح يتضػػايؼ فػػي بنيػػة اخت ػراؽ مػػع الوجػػود اإلنسػػاني.
ويعمػؿ األسػػود رابطػاً فػػي تحديػد معػػالـ الشػكؿ .وأينمػػا يكػف الجسػػد اإلنسػاني تعمػػؿ بنيػػة
التبقي ػػع والتنق ػػيط والخط ػػوط ،وبتنويع ػػات لوني ػػة يي ػػيمف فيي ػػا ل ػػوف س ػػائد /ل ػػوف الس ػػطح/
وتعمؿ األلواف األخرى علمات جو لخدمة مركز العمؿ عمى صعيد البنية والداللة.
يمكػػف أف نخمػػص إلػػى القػػانوف اآلتػػي الػػذي يػػتحكـ فػػي الخطػػاب التشػػكيمي لمفنػػاف
عمي طالب.
إف ىذا القػانوف يحػدد الشػفرة وىػي الخصوصػية األسػموبية التػي يعمػؿ الفنػاف عمػى
تفعيؿ تفرده بيا داخؿ حقؿ الرسـ العراقي.
171
لوحة الفنان عاصم عبد األمير
تنبني ىذه الموحة في وحدتيف السطح والعلمات التي تتراكب عمى السطح:
وحدة السطح:
تؤسػ ػػس وحػ ػػدة السػ ػػطح بػ ػػالموف الرصاصػ ػػي (مائػ ػػؿ إلػ ػػى الحم ػ ػرة) وىػ ػػو خػ ػ ن
ػاؿ مػ ػػف
الػػػدرجات المونيػػػة المشػ ػػتقة مػ ػػف الرصاصػ ػػي ،يعمػ ػػؿ ى ػػذا الم ػػوف باعتبػ ػػاره سػ ػػطحاً يعمّػ ػػـ
العلمات األخرى ،ويخمو أيضاً مف خط األفؽ المفترض في التقسيمات البصرية.
يختػػرؽ السػػطح الوحػػدات األخػػرى فػػي بعػػض المنػػاطؽ مػػف خػػلؿ تشػػكيؿ األخي ػرة
خطاً (إطا اًر) فقط وتكوف أرضية الوحدة أرضية السطح نفسو.
تحديدد المعالدم:
ف ػػي وسػػػط الموح ػػة رأس إنسػ ػػاف بملمػ ػػح أيقوني ػػة ،وينبنػػػي عمػػػى قاع ػػدة م ػػف ل ػػوف
برتقالي ،يتمايز مع وحدة السطح في علقة تضاد لونية فيحدد الشكؿ.
171
فػػي داخػػؿ ال ػ أرس اإلنسػػاني تبػػدو الملمػػح واضػػحة مػػف خػػلؿ تحديػػدات األسػػود
واألبيض عمى شكؿ خطوط وحزوز لحصر الملمح ومف ثـ تشػكيؿ بنيػة خطيػة داخػؿ
الػ ػرأس تعم ػػؿ عم ػػى توص ػػيلت م ػػع العلم ػػات األخ ػػرى المنتشػ ػرة عم ػػى الس ػػطح ولك ػػف
البرتقالي (قاعدة الػرأس) يتحػرؾ بتدريجاتػو مكونػاً تجسػيماً لمملمػح ،ثػـ تبػدأ سمسػمة مػف
األلواف في منطقة القمة عمى شكؿ مستطيلت لونية متسمسمة ،تنتيي في نيايتو.
أمػػا العلمػػات األخػػرى التػػي تنتشػػر عمػػى السػػطح وتحػػيط بػػالرأس فإنيػػا تنتمػػي إلػػى
العلمػػات األيقونيػػة ،وقػػد رسػػمت بنسػػموب بسػػيط يعتمػػد عمػػى إطػػار خط ػي (يقتػػرب مػػف
رسوـ األطفاؿ).
فػػي أسػػفؿ الموحػػة عمػػى اليسػػار صػػورة لدميػػة سػػاقطة ،وعلمػػة قنبمػػة وشػػكؿ جػػدار
طف ػػولي ث ػػـ نخم ػػة وش ػػجرة وش ػػكؿ ط ػػائر ف ػػي األعم ػػى وش ػػكؿ طف ػػؿ عم ػػى اليم ػػيف ووج ػػو
مقموب.
تنبن ػػي جمي ػػع ى ػػذه العلم ػػات عم ػػى الخ ػػط والتبقيع ػػات الموني ػػة داخ ػػؿ الش ػػكؿ وى ػػي
تتضايؼ مع مركز الموحة بمونيا البرتقالي.
يسػػجؿ العمػػؿ لحظػػة انفجػػار ،يؤكػػدىا المػػوف والعلمػػات والحجػػوـ فتسػػج العلمػػات
داخػػؿ الموحػػة بػػل قاعػػدة وتبػػدو كننظمػػة مػػف التنقيطػػات تص ػ ر وتكبػػر حسػػب موقعيػػا
وعند ىذه النقطة تبدو العلمات عمى السطح داخمو في امتداد زمنػي ُيحػدده فقػط إطػار
العمؿ...
إف تحديػػد األصػػناؼ البص ػرية المسػػتخدمة فػػي ىػػذه الموحػػة وتحميػػؿ العلقػػة بػػيف
قريناتيا تمكننا مف توضػيح التضػميف عمػى صػعيد الشػكؿ والداللػة ،ىنػاؾ شػيئاف يمكػف
قوليما عف ىذا التركيب.
171
-6التشددددابه :الػ ػػذي يمكػ ػػف إد اركػ ػػو بػ ػػيف الوحػ ػػدة الكبػ ػػرى (اإلنسػ ػػاف) والعلمػ ػػات
المصاحبة ،وىو تشابو لوني وخطي.
الحركة تعطينا اإليحاء فالطفؿ في مستوى أفقػي = نػائـ والوجػو المقمػوب ال يسػتند
إلى حركة الواقع.
إف انعػػداـ السػػند فػػي انتفػػاء وجػػود خػػط األرض يحػ ّػوؿ العمػػؿ إلػػى بنيػػة تشػػظي فػػي
الزماف والمكاف .تساىـ في ذلؾ المسافة بيف العلمات.
أعمى = البعد
أسفؿ = القرب
يولػػد التك ػرار ،الػػزمف ،وينػػتج نمػػوه ،ونمػػو ىػػذا الػػزمف ىػػو الػػذي يض ػ منطػػؽ ىػػذا
التكػرار ،ويجعػػؿ التعبيػػر المتماثػػؿ بذاتػػو ل ػػة .تبػػدو الحركػػة األولػػى باألسػػود الػػذي يمثػػؿ
فػػي بنائػػو الطبقػػة العميػػا فػػي العمػػؿ ويشػػكؿ مركػػز الثقػػؿ فػػي وسػػط الموحػػة واألسػػود نفسػػو
يعمؿ كوحدة لونية لكشؼ الداللة مف خلؿ التحزيز ،ويتوقؼ نموه فػي الوجػو .إنػو داؿ
كاشؼ لمملمح وسط التشظي.
أف توقػػؼ األسػػود فػػي مركػػز العمػػؿ يحػػد مػػف حركػػة الوضػػوح فػػي داخػػؿ التشػػظي
فتكوف البنيػة األخيػرة مضػمرة وشػبحية .أمػا البرتقػالي (الحػار) فإنػو ينتشػر وسػط الموحػة
ولكف ببساطة (اإلبلغ المحكـ) ليؤكػد بنيػة االنفجػار والتحميػؽ ،ىاتػاف البنيتػاف ترتكػزاف
كما أسمفنا عمى المسافة والتنظيـ.
في الموحة ىناؾ طائر ،وقنبمة ،وأشجار ،والجو العاـ ىو (الحرب) .إذ تعمػؿ ىػذه
الحركػة عمػػى (الحاضػػر) -اآلف الػػذي يجعػػؿ مػػف العلمػػات واألشػػياء تػػدور ال بتكرارىػػا
بػؿ بصػػي تيا .وجػو اإلنسػػاف القريػػب يحمػػؿ مػف خػػلؿ أسػػموب العػػرض ،ملمػػح التعبيػػر
عف الجو العاـ
171
الوجو = برتقالي = حار = حرب= وضوح.
طيػ ػراف األش ػػكاؿ عم ػػى الس ػػطح ليس ػػت حال ػػة طيػ ػراف منظم ػػة ،وى ػػي ليس ػػت ص ػػورة
لألش ػػياء ف ػػي حالتي ػػا العادي ػػة أف الحرك ػػة والخ ػػط والم ػػوف ،ى ػػي ص ػػي إب ػػلغ ،ب ػػؿ ى ػػي
الخصوصية األسموبية (الشفرة).
إف الدوراف ،والحركة ،والمسػافة بػيف العلمػات ،واأللػواف التػي ذكرناىػا تعمػؿ عمػى
تفعيػػؿ فك ػرة (الحػػرب) .إذ تمعػػب ىػػذه العوامػػؿ عمػػى حركػػة المتناقضػػات ،بػػيف السػػطح
المستوي وبيف االنتشار العلمي الموني والخطي.
وىي خصيصة أسموبية لمفنػاف عاصػـ ،فػي جميػع لوحاتػو التػي تنبنػي عمػى قاعػدة
االسػػتقرار المسػػطح واالنتشػػار الخطػػي ،وتقػػع ىػػذه الثنائيػػة بػػيف أسػػموب التجريػػد وكسػػر
التجريػػد بعلمػػات أيقونيػػة غيػػر مسػػتقرة ،ونافيػػة لقػػانوف الظػػؿ والضػػوء .وىػػو مػػا دعون ػاه
بنية التشبيو.
171
لوحة الفنان فاخر محمد
المسح البصري
في ىذا العمؿ نممس علقة بنائية تتركػب عمػى فكػرة الطبقػات (الت اركػب) حيػث
يشكؿ الفضاء الطبقة األخيرة في ىذا السمـ ،والفضاء ينبني عمى التسطيح الموني (مف
األبيض المصفر) الذي ينتشر (كسطح) عمى المساحة الكمية لموحة.
يدخؿ التبايف بيف الطبقات في نظاـ علمي توزيعي يقسـ العمؿ إلى وحػدتيف:
وح ػػدة الفػ ػراغ ووح ػػدة األش ػػكاؿ .تحت ػػؿ الوح ػػدة األول ػػى مرك ػػز العم ػػؿ باعتبارى ػػا متوالي ػػة
ضوئية تخالؼ القواعػد المنظوريػة فػي تمثيػؿ الفػراغ والبعػد ،فػالفراغ كمػا أسػمفنا يقػع فػي
المرتبػػة األخي ػرة فػػي المػػدى البصػػري ويتشػػاكؿ مػػع الوحػػدات األخػػرى مػػف خػػلؿ الموقػػع
والمسافة مما يجعؿ الفراغ يمتد إلى ال نيائية باتخاذه الموف سطحاً واحداً وبعداً واحداً.
إف البعػػد الواحػػد الػػذي ينبنػػي عميػػو السػػطح مػػف دوف اخت ػراؽ فػػي بنيتػػو يظػػؿ قائم ػاً
دوف إمكانية مسكو .تبنيف الرعد مثلً في ثنائيػة السػكوف والصػوت ،فمػيس الرعػد صػوتاً
وال سكوناً بؿ تعاقب الصوت والسكوف ..والسطح في ىذا العمؿ ليس سطحاً .بؿ شكؿ
مف األشكاؿ التي تعمؿ بالتبايف معو نظاماً يبيف ىوية التشاكؿ بيف الوحػدتيف – سػطح
-أشكاؿ وتبيف الخطاطة اآلتية نوع التشاكؿ:
171
تتخػ ػػذ األشػ ػػكاؿ فػ ػػي سػ ػػمـ الطبقػ ػػات وضػ ػػعيا فػ ػػي قػ ػػانوف علمػ ػػي تبػ ػػدأ الطبقػ ػػات
بالتراكيب كما ينتي:
أمػػا األحمػػر ،فيشػػكؿ طبقػػة منفصػػمة مػػف السػػمـ سػػننتي عمييػػا الحق ػاً وجميػػع ىػػذه
الطبقػػات تنبنػػي عمػػى نظػػاـ التراكيػػب حيػػث يشػػكؿ ىػػذا الت اركػػب علمػػة كبػػرى فػػي تبنػػيف
الموحة.
تتخػػذ األل ػواف ومػػف ثػػـ أشػػكاليا طابع ػاً تمايزي ػاً يحػػدد إطػػار المػػوف والعمػػؿ بنجمعػػو
عمى السواء.
باإلمكاف حصر التبػايف إلػى أقصػاه بػيف الطبقػة األولػى (األسػود) والطبقػة األخيػرة
(األبيض المصفر).
أعمى األسود
علمات مركزية
171
أسفؿ األبيض
إف األسود واأللواف المصاحبة ال تحاوؿ سد فجػوة فػي وعػي األبػيض بػؿ إظيارىػا
(إيجاد العدـ) ،وىكذا يوجد الجسـ الفراغ ليوجد الفراغ بالجسـ.
األس ػػود اق ػػرب إل ػػى التش ػػخيص وتب ػػدأ األلػ ػواف بالت ػػدرج بإذاب ػػة التش ػػخيص إل ػػى
األبيض الذي يعمؿ كمعادؿ تجريدي في بنية العمؿ.
اسود = تشخيص
ابيض = تجريد
تنبثؽ األلواف مف وعػي التػدرج ،فالطبقػات بػيف األسػود واألبػيض ،علمػة عمػى
التزاوج الذي ال يخرج عف بنيتي الضوء والظؿ = التشخيص والتجريد
اسود = ضوء = تشخيص
بنفسجي = ضوء = تشخيص
االوكر = ضوء = تشخيص
األحمر= ضوء = تشخيص
األبيض = ظؿ = تجريد
تحديد المعالم:
ف ػ ػػي ض ػ ػػوء المس ػ ػػح البص ػ ػػري ال ػ ػػذي أوردن ػ ػػاه وض ػ ػػمف اإلدراؾ الحس ػ ػػي التركيب ػ ػػي
لمعلمات ،تدخؿ التضمينات الشكمية في علقة تبادؿ لوني ،وخطي في آف واحد.
يحاوؿ األسود مف خلؿ تشكيمو إعطػاء صػورة لشػكؿ إنسػاني ،يقابمػو فػي الجانػب
األيس ػػر م ػػف العم ػػؿ ش ػػكؿ إنس ػػاني آخ ػػر .لك ػػف األس ػػود ال يتوق ػػؼ ف ػػي ح ػػدود األش ػػكاؿ
110
التشخيصية بؿ يتوضح في نسػؽ مػف األشػكاؿ الخطيػة والنقطويػة وفػي سمسػمة متنػاظرة
يمكف رصد مكوناتيا كاآلتي:
مف خلؿ تشكيؿ األسود يمكف القوؿ أف العلمات المصػاحبة لأللػواف األخػرى
تعمؿ كعلمات ظؿ لألسود وفي ذات الوقت علمات مرىونة بالمكاف.
بنفسجي األوكر
األسود
األسود
أخضر
أوكر
117
ينتشر األسود في 1مناطؽ (تعييف)
وفػػي ضػػوء ذلػػؾ يمكػػف القػػوؿ أف األحمػػر واألسػػود يشػػكلف فػػي الناحيػػة الجماليػػة
تعيينػػات متضػػادة بػػيف بنيتػػيف ىندسػػية وخطيػػة .تتكػػوف البنيػػة اليندسػػية مػػف مثمثػػيف فػػي
يسار الموحة ودائرة حمراء .في حيف تتمركز البنية الخطية عمى األسود وبنية التسػطيح
عمى األلواف المصاحبة والفضاء.
جميػػع أعمػػاؿ الفنػػاف فػػاخر محمػػد تنبنػػي عمػػى ىػػذا القػػانوف ويمكػػف تحميػػؿ مقوالتػػو
الشكمية أيضاً إلى ما ينتي:
إف الضػػوء والظػػؿ ،يعمػػؿ كمركػػز فػػي تحديػػد الػػداؿ وتكتسػػب الداللػػة وضػػعيا مػػف
خلؿ فكرة المكاشفة وال موض في الزحاـ االنسػاني تضػيع المعػالـ داخػؿ لعبػة الكشػؼ
وال موض.
إف ىذا التبايف ىو المقولػة التػي تنػوء بيػا أعمػاؿ الفنػاف فػاخر محمػد ،ومػف خػلؿ
متابعة ألعمالو (ينظر إلى سمسمة أعمالو في السنوات األخيرة والتي عرضت في حوار
الفن ػػوف) نج ػػد أني ػػا تس ػػتند إل ػػى مح ػػور التب ػػايف والتكػ ػرار ب ػػيف الظ ػػؿ والض ػػوء ،الكش ػػؼ
والظلـ ،إف العلقة الواحدة تتكرر بمجموعة مف التنويعات.
وضمف ىذا التصور فالعمؿ يقوـ بمسػاءلة تجريديػة لمضػوء؛ عبػر الطبقػات ،وىػي
مساءلة انطولوجية عف لعبة المرئي واللمرئي مف األشياء ،عف تكرارىا وصيرورتيا.
111
111
معجم المصطمحات
أخرى لفعاليتيا داخل الكتاب ،كما أنني
تبني بعض المصطمحات دون ُ احاول ّ
أورد بعضاً من التعريفات اإلجرائية ليذه المصطمحات ،لعميا تكون محاولة إضافية
في زيادة المفاىيم التي ينطوي عمييا وستكون لقائمة المصطمح األساس شيء من
االفاضة في الشرح ،أو اإليجاز في المصطمحات الفرعية التي تشتبك مجاالتيا
المعرفية مع الموضوع بشكل عام.
الحقل المعجمي
ىو حقل التواضعات في الرسم( ،حقل االنغالق) ،الذي أكدتو المقوالت النفسية
( )5
واالجتماعية ،كاأللوان مثالً ،األحمر لمقوة واألخضر لمسعادة والمتعة ...والخ
والسيمياء تحاول تأكيد وجود ىذه التواضعات لنفييا فيما بعد عن طريق االنفتاح
(التعالق) ..أي تأكيد وجودىا لترسيخ الجانب اإلييامي بقصد تقبل لعبة االنفتاح ،ومن
ثم بوصفيا عالمات منطقية مقبولة.
تضايف
ويعني تقابل حدين بحسب المنطق ،ومن الوجية السيميائية فأن التضايف يعني
تقابل حدين أو خاصيتين بحيث يتوقف كل منيما عمى تصور اآلخر .فاألسود في
الرسم يتوقف اشتغالو عمى تضايفو مع األبيض ،والبقعة تتضايف مع السطح حيث
تتشكل خواص جديدة.
51
البنية Structure
مكون من عناصر أو وحدات متماسكة يتوقف كل تركيب عمى مستوى الشكل ّ
كل منيا عمى ما عداىا وال يمكنو أن يكون ما ىو إالّ بفضل عالقتو بما عداه.
والبنية نظام تحويمي يشتمل عمى قوانين ويغتني عبر لعبة تحوالتو نفسيا من
دون أن تتجاوز ىذه التحوالت حدوده أو تمجأ إلى عناصر خارجية.
بنية التشبيه
ىو عقد مقارنة بين طرفين بواسطة عالقة تدعى اصطالحاً وجو الشبو ..أما
إجرائياً ،فالمقصود بالتشبيو ىي البنية التي تمزج بين البنية الواقعية والبنية التجريدية
وىي بيذا المعنى بنية ىجينة تسمح بتداخل البنى.
التكوين Composition
كل مرّكب يمكن أن تكون فيو العناصر موزعة بطريقة تخضع لنظام معين في
فإما إن يكون تكويناً انتشارياً ،أو محورياً أو تكويناً مركزياً.
الموحة ّ
االعتباط :تعريف إجرائي
يقوم االعتباط في الرسم عمى عدم وجود عالقة الزمة بين (الشكل) الدال وبين
المعنى (المدلول) فاألسود في ثقافة ما يدل عمى الحزن في حين يدل في ثقافة أخرى
عمى الفرح .وتنظر السيمياء باالعتباطية إلى مرجعيات الموحة ،خارج إطارىا
السايكولوجي واالجتماعي.
مرجعية
ىي العالقة التي تكون بين العالمة ومرجعيا (الشيء الواقعي من العالم ،إذ تدل
عميو ،كالمرجعية النفسية لمخطوط واأللوان ،واألشكال).
51
توليف
ىو مجموع يمتمك وحدة مشتركة بين جميع عناصره
-اختيار وحدات ذات بعد واحد وعالقات ذات نمط واحد والتوليف في الموحة
التشكيمية ىو تعالق بين وحدات تنتمي إلى فصائل متقاربة ،كالفضاء
والسطح ،والمسافة والتدرج الموني.
الشكل
ىو مجموع العالقات التي تعرف نظام العالقات في تعارض مع الجوىر.
ولمشكل مفيومان
النسق الدال
ُيعَّرف النسق السيميوطيقي بكونو (لعبة دالئل) لعبة نمط من الدالئل أو عدة
أنماط ،مضاعفة بنسق من القواعد التي تتحكم في تأليفيا في المحظة التي يعد فييا
نصاً سيموطيقياً.
َّرف من اعتبار التواصل منقسماً إلى عدة قطاعات تواصمية ويسمي كل
ويع َُ
قطاع تواصمي (نسق دالئل) .وىو :مجموعة جدلية مكونة من أنواع سننية ومن
51
رسائل تتحقق في الواقع بين مرسمين ومتمقين في ظروف مالئمة وتحتوي ىذه األنساق
في طييا عمى قواعد استعماليا الخاص.
إن النسق الدال ىو مجموعة من الدالئل تنسج فيما بينيا مجموعة من العالقات
االختالقية والتعارضية حتى تقوم بتأدية وظائف داللية متميزة بين مرسل ومتمق،
ولتأدية ىذا الدور المتحور حول نقل الرسالة ال بد من أن تخضع ىذه الرسالة لقوانين
وقواعد تركيبية -تأليفية عمى وفق شروط خاصة.
التَّشاكل
بأنو الوحدات المختمفة التي تشترك في بعض العناصر وتتباين
عرف التشاكل ّ
ُي ّ
في عناصر أخرى ،والتشاكل مرتبط بالتباين وال يمكن فصل احدىما عن اآلخر،
ويتولد عنيما تراكم تعبيري ومضموني تحكمو طبيعة العمل.
وفي الرسم ىو اليوية الشكمية لبنيتين أو أكثر مثل البنية المونية والبنية الخطية
والبنية التنقيطية ...وفي تشاكل ىذه البنى فإنيا تحيل عمى تصميم سيميائي مختمف
يمكن التعرف عميو بفضل التماثل الممكن لقنوات العالقات المكونة لو.
التناص
ىو فسيفساء من نصوص أخرى أدمجت فيو بتقنيات مختمفة ،وىو يمتصيا
ويجعميا من محتوياتو لتنسجم مع فضاء بنائو ومع مقاصده ،وىو أيضاً تعالق نص
مع نصوص أخرى بكيفيات متعددة بشرط الالوعي فان توفر القصد يحول التناص
إلى (اقتباس) أو (تضمين) أو (سرقة).
ومثال التناص في الرسم ىو لوحات فائق حسن مخبوء فييا لوحات الرومانسية
لمفنان ديالكروا.
51
النظام
النظام في الفن ىو المركب الداللي الذي تتفاعل فيو مجموعة من العالمات،
بعالقات تركيبية متبادلة التأثير فيما بينيا وكذلك بين الجزء والكل في داخل المركب
إلنتاج وحدة البناء الفني ليس باعتماد المنطف الرياضي أو الواقعي فقط بل باالمتثال
إلى خصوصية وشروط العمل الفني بوصفو كياناً (قائماً) بذاتو حتى وان خرج عن
المطمق
دائرة المنطق إلى مديات الحكم والسحر والالقانون .كما ىي الحال في الرسم ُ
في تجريده.
النسق
عرف كمية بآنية عالقاتو
وي َّ
نظام ينطوي عمى استقالل ذاتي يشكل كالً موحداًُ ،
التي ال قيمة لألجزاء خارجيا ،ولكل اثر إبداعي نسق يميزه عن اثر إبداعي آخر.
ويرجع التركيز عمى مفيوم النسق إلى تحول بؤرة اىتمام التحميل البنيوي عن
مفيوم (الذات) (أو الوعي الفردي) كمصدر لممعنى إلى أنظمة الشفرات النسقية التي
تتراوح فييا الذات عن المركز وعمى نحو ال تغدو معو لمذات أية فاعمية في تشكيل
النسق الذي تنتمي إليو بل تغدو مجرد أَداة أو وسيط من وسائطو ولذلك يرتبط مفيوم
النسق ارتباطاً وثيقاً بمفيوم (الذات المزاحة عن المركز) .وفي الرسم تتكون الموحة من
مجموعة انساق بنائية كالنسق الموني والنسق الخطي والنسق التركيبي والنسق
الضوئي وتتمظير ىذه األنساق في الموحة بوصفيا انساقاً عالمية يرتبط بعضيا
ببعض بعالقات ظاىرية وباطنية.
التقابل Contrastive
.5توافق في النظرية الجمالية ،يدرك بالحس ،اعتماداً عمى ممارسة مشتركة بين
الفنون في قواعد اإلبداع والمحاكاة.
51
.3تناظر يقوم عمى كون صدق قضية في تعبيرىا عن الواقع.
المسافة Distance
مسافة بعدية ،في مساحة لوحة ،يستيدف القارئ تنظيميا وتمنح كل لوحة العديد
من المسافات غير المتعادلة لممالحظ .وال تستعمل المسافة كثي اًر في السيميائية ،إالّ
أنيا تفرض نفسيا بالتدريج ال في حدود تنظيميا لمعناصر التي تنجزىا ،بل كمنظور
(دينامي) وىكذا نتكمم عن (المسافة السردية) (وعن المسافة التوليدية) لمخطاب وعن
المسافة الثيمية والتصويرية.
التداعي Association
المبدأ الذي يتحكم في تجميع األشكال واإلحالة التي تشكميا لممعنى ،ليتمكن
المتمقي من إدراكو.
التأويل Interpretation
22
المصادر والمراجع
.1القران الكريم
.1اآلمدي :الحسن بن بشر بن يحيى اآلمدي:
المدانة بين أبي تمام االبحتاري ،تحقيا اتلميا محماد محاي الادين لباد الحمياد،
المكتبة اللممية ،بيرات( ،د .ت).
.2ابراهيم ،زكريا
تحقي ا ا مصا ااط ى السا ااقم ا ا ااران ،ج 3دار الملرفاااة لمطبمل ااة االنشا اار ،بيا اارات
.1987
.4أبو منصور ،فؤاد
.5ارسطو طاليس
فن الشلر ،ترجمة لبد الرحمن بداي ،دار الثقمفة ،بيرات .1973
.6ارمينغو ،فرانسواز
المقمربااة التدااليااة ،ترجمااة د.سااليد لماااش ،مركااز اإلنماام القااامي الاادار البي اام
.1986
225
.8أفالطون
.9امهز ،محمود
ال ا اان التش ا ااكيمي الملمص ا اار ،التص ا اااير ،دار المثم ا ااث لمطبمل ا ااة االنش ا اار بي ا اارات
.1981
.11ايغمن ،تيري
مقدمااة فااي النظريااة األدبيااة ،ترجمااة إب اراهي جمس ا اللمااي ،دار الشااؤان الثقمفيااة،
بغداد .1992
.11ايكو ،امبرتو
الق اامرئ ف ااي الحكمي ااة ،ترجم ااة انظ اامن أب ااا زي ااد ،المرك ااز الثق اامفي اللرب ااي ،بي اارات
.1996
تحمياال المغااة الشاالرية فااي اصااال ال طاامب النقاادي الجديااد ،ترجمااة اتقاادي احمااد
المديني ،دار الشؤان الثقمفية اللممة ،بغداد .1987
.12ايالم ،كير
ك اار ،المرك ااز الثق اامفي اللرب ااي ،بي اارات س اايميم المس اارح اال اادرامم ،ترجم ااة ر يا ا
.1992
.13بارت ،روالن
درس الس اايميالاجيم ،ترجم ااة بنلب ااد الل ااملي ،دار تايق اامل لمنش اار ،ال اادار البي اام
.1993
نقد احقيقة ترجمة منذر ليمشي ،مركز اإلنمم الح ري ،ساريم ،حمب.1994 ،
226
.14برتممي ،جان
بح ااث ف ااي لما ا الجم اامل ،ترجم ااة ال اادكتار أن ااار لب ااد اللزي ااز ،مؤسس ااة فا ارانكمين
لمطبملة االنشر ،القمهرة .1971
.15بريل ،ليفي
اللقمي اال البدا ي ااة ،ترجم ااة محم ااد القص اامص ،مراجل ااة ال اادكتار حس ااين الس ااملمتي،
مكتبة مصر.د.ت.
.16البسيوني ،محمود
.17بنفست ،اميل
ساايميالاجيم المغااة ،ترجمااة ساايت ار ،مس ا ،فااي مااد ل إلااى الساايمياطيقم ،منشااارات
ليان ،الدار البي م .1986
اللماامرة ات س اايرهم ،ترجم ااة ساالمد لب ااد لم ااي مهاادي ،دار الش ااؤان الثقمفي ااة ،بغ ااداد
.1996
.19بونتي ،موريس
اار ،دار الشااؤان الثقمفااة اللممااة بغااداد المر ااي االالمر ااي ،ترجمااة ساالمد محمااد
.1987
.21بياجيه ،جان
227
.21تودروف ،تزفيتان
نقااد النقااد ،ترجمااة الاادكتار سااممي سااايدان ،مراجلااة د.ليمياامن سااايدات ،منشااارات
مركز اإلنمم القامي ،بيرات .1986
الحيا ااان ،تحقيا ا اشا اارح لب ااد السا ااال محم ااد ه اامران ،مكتبا ااة ال اامنجي ،القا اامهرة
.1986
اس ارار البال ااة فااي لم ا البياامن ،لم ا لمياال محمااد رشاايد ر اام ،دار المطبالاامت
اللربية لمطبملة االنشر االتازيع د.ت.
.24جرداق ،حميم
.25جيرو ،بير
لما االشاامرة ،السايميالاجيم ،ترجمااة الاادكتار مناذر ليمشااي، ،ااد لال الاادكتار ماامزن
الالر ،دار طالس لمدراسمت االترجمة االنشر ،دمش .1992
.26خرابتشنكو واخرون
طبيلة اإلشمرة الجمملية ،دراسمت ،ترجمة مصاط ى لبااد ،دار الهماداني لمطبملاة
االنشر ،الملال ،لدن .1984
.27خميل ،د.حممي
اللربية الم المغة البنياي ،دراسة في ال كر المغااي اللرباي الحاديث كمياة اآلداب،
جمملة اإلسكندرية ،دار الملمر الجمملية ،اإلسكندرية ،مصر .1988
228
.28داسكال ،مارسيمو
االتجمها اامت السا اايميالاجيل الملمص ا ارة ،ترجما ااة حميا ااد الحما ااداني ا ا ااران ،الا اادار
البي م .1987
.29دافيدوف ،لندال
مد ل لم الن س ،ترجمة د.سيد الطارب ا اران ،دار ممكجراهيال لمنشار ،الادار
الدالية ،القمهرة.د.ت.
الصارة البال ية لند لبد القمهر الجرجمني منهجمً اتطبيقمً ،دار طالس لمدراسمت
االترجمة االنشر ،دمش .1986
لزياز ،مراجلاة د.مملا المطمباي ،دار فام لم المغة اللم ،ترجمة يا يل ياس
لربية ،بغداد .1985
.32رأي ،وليم
لزياز ،دار الملنى األدبي من الظمهراتية إلى الت كيكياة ،ترجماة د .يا يال ياسا
المأمان لمترجمة االنشر ،بغداد .1987
.33روجرز ،فرانكمين
.34ريتشارد ،أ
مباامدئ النقااد االدبااي ،ترجمااة مصااط ى بااداي ،المؤسسااة المص ارية اللممااة لمتااألي
االطبملة االنشر ،القمهرة .1963
229
.35ريد ،هربرت
ملنى ال ن ،ترجمة سممي شبة ،مراجلة مصاط ى حبياب ،دار الشاؤان الثقمفياة،
بغداد د.ت.
التنزي اال الي ااان األ،ماي اال ،دار الملرف ااة لمطبمل ااة االنش اار، ل اان حق اام الكش اام
بيرات د.ت.
مذاهب ،لم الن س الملمصر ،دار األندلس لمطبملة االنشر ،بيرات .1971
.39سارتون ،جورج
.41سمدن ،رومان
النظريا ااة األدبيا ااة الحديثا ااة ،ترجما ااة سا االيد الغا اامنمي ،المؤسسا ااة اللربيا ااة لمد ارسا اامت
االنشر ،بيرات ،ط.1996 1
.42شاكر ،سالم
م ااد ل إل ااى لما ا االدل اال ،ترجم ااة محم ااد بحي اامتي ،ديا ااان المطبال اامت الجمملي ااة،
(رانيا) تانس .1997
231
.43شتراوس ،كمود ليفي
السمع ،النظر ،القا ار ة ،تلرياب ميال احماد ميال ،دار الطميلاة لمطبملاة االنشار،
بيرات .1994
.44شولتز ،روبرت
الس اايميم االتأاي اال ،ترجم ااة س االيد الق اامنمي ،المؤسس ااة اللربي ااة لمد ارس اامت االنش اار
بيرات .1994
اللممي ااة اإلبدالي ااة فا ااي ف اان التصااااير ،ل اامل الملرف ااة ،المجم ااس ال اااطني لمثقمفاااة
اال نان ااآلداب ،الكايت .1987
.46عبو ،فرج
.47عصفور ،جابر
الص ااارة ال ني ااة ف ااي التا اراث النق اادي االبال ااي لن ااد الل اارب ،دار التن اااير لمطبمل ااة
االنشر ،بيرات .1983
.48غاتشيف ،غيوري
ال ااالي اال اان ،ترجم ااة د.ناف اال ني ااا ،مراجل ااة د.س االد مص اام ،ل اامل الملرف ااة،
الكايت .1991
.49غارودي ،روجية
231
البنياي ااة فمسا ا ة م ااات اإلنس اامن ،ترجم ااة ج ااارج طرابيش ااي ،دار الطميل ااة لمطبمل ااة
االنشر ،بيرات .1981
.51الغانمي ،سعيد
ال طي ااال االتك يا اار مااان البنيايا ااة إلا ااى التش ا اريحيل ،النا اامدي اللرباااي الثقا اامفي ،جا ااد
.1985
.52غميم ،محمد
التاليد الداللي في البال ة االملج ،دار تايقمل لمنشر ،الدار البي م .1987
.53فاخوري ،عادل
لم ا الداللااة لنااد اللاارب ،د ارسااة مقمرنااة مااع الساايميم يمت الحديثااة ،دار الطميلااة،
بيرات .1985
.54فضل ،د.صالح
.55فوكو ،ميشيل
سااي از ،مس ا الساايمياطيقم ،حااال بلااض الم اامهي ،مااد ل إلااى الساايمياطيقم ،إش ا ار
انصر حممد أبا زيد ،منشارات ليان ،الدار البي م .1986
232
.57القزويني ،الخطيب
اابطل اشاارحل ،لب ااد الاارحمن البر ،ااا،ي ،المكتب ااة التم اايص ف ااي لمااا البال ااة،
التجمرية الكبرى ،مصر.د.ت.
.58قمري ،بشير
شاالرية الاانص الراا ااي ، ،ا ار ة تنمصااية فااي كتاامب التجمياامت ،شااركة البياامدر لمنشاار
االتازيع ،الربمط .1991
.59كريستوفر ،تورس
الت كيكيااة النظريااة االتطبي ا ،ترجمااة رلااد لبااد الجمياال ج اااد ،دار الح ااار لمنشاار
االتازيع ،سارية .1996
.61كمال ،بشر
المغ ااة ف ااي األدب الح ااديث ،ترجم ااة يا ي اال لزي ااز ،دار الم ااأمان لمترجم ااة االنش اار،
بغداد .1989
.62كوليير ،غراهام
ال ن االشالار اإلبادالي ،ترجماة منيار صارحي االصابحي ،منشاارات ا ازرة الثقمفاة
ااإلرشمد القامي ،دمش .1983
.63كوندراتوف
233
أص ااات ااشاامرات ،د ارسااة فااي لم ا المغااة ،نقماال لاان االنكميزيااة أدار ياحناام ،ا ازرة
اإللال ،مديرية الثقمفة اللممة ،بغداد .1971
.64الكيالني ،مصطفى
،ااميم لما ا الجم اامل االس ااينمم ،م ااد ل إل ااى س اايميم ية ال ما ا ،ترجم ااة نبي اال الرسا ا ،
مطبلة لكرمة ،دمش .1989
.66مارتن ،مارسيل
المغااة السااينمم ية ،ترجمااة ساالد مكااماي ،مراجلااة فريااد الم ازااي ،المؤسسااة اللمم ااة
ااألنبم االنشر ،القمهرة .1964 لمتألي
.67الماكري ،محمد
الشكل اال طمب ،مد ل لتحميل ظمهراتي ،المركز الثقمفي اللربي ،الادار البي ام
.1991
.68مبارك ،حنون
234
مم ا ار المغة ،بحث في ال م يمت الملر اية ،مؤسساة لباد الكاري لباد اش لمنشار
االتازيع ،تانس .1994
.72مفتاح ،د.محمد
تحميا اال ال طا اامب الشا االري إسا ااتراتيجية التنا اامص ،دار التنا اااير لمطبملا ااة االنشا اار،
بيرات .1985
فااي ساايميم الشاالر القاادي ،د ارسااة نظريااة اتطبيقيااة ،دار الثقمفااة الاادار البي اام
.1982
.73محمد ،عمي عبد المعطي
مقدمل في البنياية ،ترجمة اجيل الهريرة ،دار الاحدة لمنشر ،بمريس ،د.ت.
.75ناصف ،د .مصطفى
.76نوبمر ،ناثان
235
ح ااار الرؤي ااة ،م ااد ل إلااى ت ااذا ال اان االتجرب ااة الجممليااة ،ترجم ااة ف ااري مي اال،
مراجلة جب ار إبراهي جبرا ،دار المأمان لمترجمة االنشر ،بغداد .1987
.77هاوزر ،ارنولد
فمس ة تمريخ ال ن ،الهي اة اللمماة لمكتامب ااألجهازة اللممياة ،مطبلاة جمملاة القامهرة
.1968
.78هوكز ،ترانس
البنيايا ااة الم ا ا االشا اامر ،ترجما ااة مجيا ااد الممشا ااطة ،دار الشا ااؤان الثقمفيا ااة ،بغا ااداد
.1986
.79هويغ ،رينيه
ال ا اان تأايما اال اسا اابيمل ،ترجما ااة ص ا ااالح برما اادا ،منشا ااارات ا ازرة الثقمفا ااة ااإلرش ا اامد
االقامي ،دمش .1978
.81هيغل
.81ويد ،نيكوالس
األاهم البصرية ،فنهم الممهم ،ترجمة ماي مظ ار ،دار الماأمان لمترجماة االنشار،
بغداد .1988
.82يوكابسن ،رومان
236
،ااميم الشاالرية ،ترجمااة محمااد الااالي امباامر حنااان ،دار تايقاامل لمنشاار ،الاادار
البي م .1988
الدوريات
.84اب ارمز ،هـ.م
.85إبراهيم ،نبيمة
البنيايل من أين االى أين ،مجمة فصال مجمد 1ع ،2القمهرة .1981
.86بنغراد ،سعيد
.87حمداوي ،جميل
بحثمً لن اجهي ساسير ،مجمة ال كار اللرباي الملمصار ،مركاز االنمام القاامي،
اللدد ،31/31بيرات .1984
.89عروي ،محمد اقبال
فا ا ااي المغا ا ااة االت سا ا ااير ،لا ا اامل ال كا ا اار السا ا اايميم يمت اتحميمها ا اام لظا ا اامهرة الت ا ا اراد
،34/24الكايت .1996
237
.91العماري ،محمد
الصارة االمغة ،مقمربة سيمياطيقيل ،مجمة فكر انقد الربمط ،المغرب ،اللدد ،13
.1998
.91الغرافي ،محمد
.93فرانسوا ،مولنار
الاحاادة االكاال ،ترجمااة نجاادة فتحااي ص ا ات فااي مجمااة فنااان لربياال ،دار ااسااط
لمنشر ،اللدد ،3لندن .1983
.94كاسيرير ،ارنست
فمس ا ة األشااكمل الرمزيااة ،مجمااة اللاارب اال كاار اللااملمي ،مركااز اإلنماام القااامي،
اللدد ،3بيرات .1988
.95الكردي ،محمد عمي
نظريااة ال ياامل لنااد جمسااتان بمشااالر ،مجمااة لاامل ال كاار ا ازرة األلااال ،الكاياات
/11ع.1981/2
.96كرستيفا ،جوليا
المر يااة ،التصاااير ،ترجمااة بنيااانس لميااراش ،مجمااة ناافااذ ،جاادة اللاادد الساامبع
.1999
.97كويزنية
238
البنيايااة ،مجمااة ال كاار اللربااي الملمصاار ،دار اإلنماام القااامي اللاادد 7/6بياارات
.1981
.98لودال ،جيرار
بي اارس أا ساس ااير ،مجم ااة الل اارب اال ك اار الل ااملمي ،مرك ااز اإلنم اام الق ااامي ع3
بيرات .1983
.99المطمبي ،مالك
جغرافية الذ ب الحزينة ، ،ار ة فاي ،صايدة مملا بان الرياب فاي رثام ن سال ،مجماة
األ،ال ،ع ،12/11بغداد .1989
.111هونزل ،جندريك
دينمميكيااة اإلشاامرة ،ترجمااة أمياار كاريااة ،مجمااة الحياامة المساارحية ،اللاادد 29-28
.1987
المحاضرات
.111المطمبي د.مالك
د ارساامت بنيايااة فااي الرسا ،محم ارات لمااى طمبااة الد ارساامت اللمياام ،كميااة ال نااان
الجميمة ،مسجمة لمى شريط تسجيل نيسمن .1996
.112غزوان ،عناد
محم ارات فااي الساايمياطيقم ،كميااة ال نااان الجميمااة 1996مسااجمة لمااى ش اريط
تسجيل.
239
المصادر األجنبية
1. Ingarden;Roman :(On the Structure of Painting) (Cracow
1946).
2. (Studies in Aesthetics) 2nd ed (Warsaw-1958).
3. (On the Literary work of Art) Warsaw - 1960.
4. Jones,John:Aristole and Greek Tragedy,G.B.Oxford,1968.
5. Lotman,Yuri;Struktura Khodozhest vennog
beksta,Moscow,1970.
6. In:Sign Language,((Microfot)) R,Encarta
(R),1996.Encyclopeadia.
7. Mokarovsky,Jan;Studuies in Aesthetics,Praha,1964.
8. Morris: Signification and significance, cambrige,
Mass.,1964.
9. Morris,Charles;Signs,Language and Behavior,N.Y.,1946.
10. Ozgonol,Aksoy :(Some Effects of Lines, shapes and
colours)in Semiotics Unfolding No.1. III . Mouton
Publishers. 1979.
241
11. Szczepanaska,Anita:Structure of Art work in; The
Aesthetics of Roman Ingaraden,Kluwer Academic
Puplishers,The Netherland,1989.
241