You are on page 1of 9

‪ISSN: 2090 – 0449 Online‬‬


‫ ‪Universal Impact Factor (UIF), 2015.‬‬
‫ ‪Impact Factor for Arabic Scientific Journals, 2016.‬‬

‫دراﺳﺎت‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫]‪ ÝMPURK{âULNí߉‚Û¦^éÓ‰_á^Ş×ŠÖ]suí×u†Öíè…^–£]…^mû‬‬
‫‪ íéÚø‰ý]ÔÖ^Û¹]°ø‰suløu†Öíè…^–£]…^mû]»í‰]…‬‬
‫»‪ ð]†v’Ö]hçßq^éÏè†Ê_‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬
‫ﺃﺳﺘﺎﺫ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻭﺣﻀﺎﺭﺗﻪ ﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻙ‬

‫ﻛﻠﻴﺔ ﺍﻵﺩﺍﺏ ﻭﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ‬

‫ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺻﻨﻌﺎﺀ – ﺍﻟﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﻴﻤﻨﻴﺔ‬

‫‪ ‬‬

‫<‬ ‫<<‬ ‫‪ ‬‬


‫مثﱠل موسم الحج والرحلة إليه من مختلف بقاع األرض إىل ديار املقدسة يف بالد الحرمني الرشيفني يف جزيرة العرب‪ ،‬أهم وسائل‬
‫التواصل والتكامل الحضاري بني أمة اإلسالم يف مشارق األرض ومغاربها‪ ،‬وكان موسم الحج أحد أبرز عوامل ووسائل انتشار‬
‫اإلسالم وحضارته يف أصقاع مختلفة من املعمورة حيث قامت إمارات ودول وممالك وإمرباطوريات إسالمية عىل إثر الدعوة‬
‫السلمية عرب التجارة والدعاة‪ ،‬وعرب رحالت الحج وطرقه‪ ،‬السيما تلك التي قامت يف جنوب رشق آسيا وأفريقيا جنوب الصحراء‪.‬‬
‫وقد اشتهرت رحالت حج قام بها ملوك وسالطني وأمراء تلك الدول ملا كان لها من آثار حضارية كبرية عىل صعد مختلفة سوا ٌء‬
‫يف جزيرة العرب وطريق الرحلة‪ ،‬أم تلك التي كانت واضحة وجلية يف ممالكهم وبني شعوبهم بعد العودة من الرحلة يف مختلف‬
‫الجوانب الحياتية السيما يف املجال السيايس والحضاري‪ ،‬وهذه الدراسة ستلقي ضوءًا عىل جوانب من اآلثار الحضارية لرحلة‬
‫الحج التي قام بها أسكيا محمد‪ ،‬سلطان مملكة صنغاي اإلسالمية‪ – ،‬إحدى أشهر املمالك اإلسالمية يف غرب أفريقيا جنوب‬
‫الصحراء‪ -،‬السودان الغربي‪ -‬والتي قام بها يف مطلع القرن العارش للهجرة يف العام )‪٩٠٢‬هـ‪١٤٩٦ /‬م(‪.‬‬
‫‪  ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪‬‬
‫ﺩﻭﻟــﺔ ﺻــﻨﻐﺎﻱ‪ ،‬ﺭﺣﻠــﺔ ﺍﻟﺤــﺞ‪ ،‬ﺍﻟﺤــﺮﻣﻴﻦ ﺍﻟﺸــﺮﻓﻴﻦ‪ ،‬ﺍﻟﻤﻤﺎﻟــﻚ ﺍﻹﺳــﻼﻣﻴﺔ‪،‬‬ ‫‪٢٠١٤‬‬ ‫ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ‬ ‫‪١٣‬‬ ‫ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﺳﺘﻼﻡ ﺍﻟﺒﺤﺚ‪:‬‬
‫ﺇﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ‬ ‫‪٢٠١٥‬‬ ‫ﻓﺒﺮﺍﻳﺮ‬ ‫‪٠٦‬‬ ‫ﺗﺎﺭﻳﺦ ﻗﺒــﻮﻝ ﺍﻟﻨﺸــﺮ‪:‬‬

‫ ‬

‫‪‬‬
‫ﻣﺤﻤﺪ ﺃﺣﻤﺪ ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ‪" ،‬ﺍﻵﺛﺎﺭ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﻳﺔ ﻟﺮﺣﻠﺔ ﺣﺞ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﺃﺳﻜﻴﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﺳﻨﺔ ‪٩٠٢‬ﻫـ‪١٤٩٦ /‬ﻡ‪ :‬ﺩﺭﺍﺳﺔ ﻓﻲ ﺍﻵﺛﺎﺭ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﻳﺔ ﻟﺮﺣﻼﺕ ﺣﺞ‬
‫ﺳﻼﻃﻴﻦ ﺍﻟﻤﻤﺎﻟﻚ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻓﻲ ﺃﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﺟﻨﻮﺏ ﺍﻟﺼﺤﺮﺍﺀ"‪ -.‬ﺩﻭﺭﻳﺔ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻴﺔ‪ -.‬ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻭﺍﻟﺜﻼﺛﻮﻥ؛ ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ ‪ .٢٠١٦‬ﺹ‪ .١٧–٩‬‬
‫‪ ‬‬
‫مث ﱠ َل موسم الحج والرحلة إليه أحد أبرز وسائل االتصال‬
‫‪ ₣íÚÿ đ‚Ïş ÚŁ‬‬
‫الحضاري بني شعوب األمة اإلسالمية الواحدة عىل مختلف‬
‫طا َع‬ ‫استَ َ‬‫اس حِ جﱡ ا ْلبَي ِْت مَ ِن ْ‬ ‫الحمد هلل القائل‪َ ﴿ :‬وهللﱠِ عَ َىل الن ﱠ ِ‬
‫مشاربها وأجناسها‪ .‬وإذا كان الحجُ والرحلة إليه فريضة رشعية‬
‫اس‬ ‫إ ِ َلي ِْه َس ِبيال ً ﴾ ]سورة آل عمران‪ .[٩٧ :‬والقائل‪﴿ :‬وَأَذﱢن ِيف الن ﱠ ِ‬
‫وركنا إسالميا واجبا للقادر عليه‪ ،‬يؤدي الحاج مناسكه الرشعية‬
‫يق‪،‬‬ ‫ني ِمن ُك ﱢل َفجﱟ عَ ِم ٍ‬ ‫ض ِام ٍر يَأ ْ ِت َ‬ ‫ِبا ْلحَ جﱢ يَأْتُو َك ِرجَ اال وَعَ َىل ُك ﱢل َ‬
‫من فروض وسنن وطاعات متقربًا بها إىل ﷲ عز وجل يف أطهر‬
‫ات عَ َىل مَ ا‬ ‫ﷲﱠ ِيف أَيﱠا ٍم مﱠ عْ لُومَ ٍ‬ ‫اس َم ِ‬ ‫ِلي َْشهَ دُوا مَ نَافِ َع لَهُ ْم وَ يَذْ ُك ُروا ْ‬
‫وأبرك بقاع األرض ؛ فإن منافع دنيوية ال تحىص جوانبها تعود‬ ‫األنْعَ ا ِم َف ُكلُوا ِمنْهَ ا وَأ َ ْ‬
‫َر َز َقهُ م مﱢ ن ب َِهيمَ ِة َ‬
‫طعِ مُوا ا ْلبَائ َِس ا ْل َفقِ ري‪َ ،‬ث ُ ﱠم‬
‫عىل حياة املسلمني‪ -‬وغري املسلمني– من هذا املوسم املبارك‪.‬‬
‫وموسم الحج والرحلة إليه مث ﱠ َل ً‬
‫ِيق﴾‬ ‫طوﱠ ُفوا ِبا ْلبَي ِْت ا ْلعَ ت ِ‬ ‫ور ُه ْم وَ ْليَ ﱠ‬ ‫ُوفوا نُذُ َ‬ ‫ضوا تَ َفثَهُ ْم وَ ْلي ُ‬ ‫ْلي َْق ُ‬
‫أيضا أحد أبرز العوامل التي‬
‫]سورة الحج‪ :‬اآليات‪.[٢٩ -٢٧:‬‬
‫أسهمت يف نرش اإلسالم والحضارة اإلسالمية يف أصقاع مختلفة‬
‫من العالم‪ ،‬السيما تلك األصقاع التي لم يصلها اإلسالم عرب‬
‫‪ ‬‬

‫‪ ٩‬‬
‫ﺤﻜﱠﻤﺔ‪ .‬ﺭﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬
‫ﻣ َ‬
‫ﻋﻠﻤﻴﺔ‪ .‬ﻋﺎﻟﻤﻴﺔ‪ُ .‬‬ ‫ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻴﺔ‬
‫‪ ‬‬
‫ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻭﺍﻟﺜﻼﺛﻮﻥ – ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ ‪ –٢٠١٦‬ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺘﺎﺳﻌﺔ‬
‫دراﺳﺎت‬
‫‪ ‬‬
‫سنغي‪ ،‬سنغاي‪ ،‬سونغاي‪ ،‬سغي‪....‬إلخ()‪ (١‬وهي إحدى أشهر‬ ‫الفتوح اإلسالمية األوىل‪ ،‬وإنما وصلها عرب الدعوة السلمية من‬
‫الدول أو املمالك أو اإلمرباطوريات اإلسالمية التي قامت يف‬ ‫خالل التجار والتجارة والدعاة والهجرات املختلفة‪ ،‬وعرب مراحل‬
‫السودان الغربي" أفريقيا جنوب الصحراء")‪ (٢‬بني ضفتي نهري‬ ‫تاريخية متتالية ‪ -‬منذ القرون الهجرية األوىل حتى اليوم‪. -‬‬
‫تشاد والنيجر وإىل ناحية بنني وبوركينا فاسو شمال نيجريا‬ ‫وقامت عىل إثر ذلك إمارات ودول وممالك وإمرباطوريات‬
‫ومايل ‪ ...‬ويف واقع األمر فإن تاريخ تكوين هذه الدولة ومراحلها‬ ‫إسالمية واسعة األرجاء دخل جل شعوبها يف رحاب دين ﷲ‬
‫التاريخية‪ ،‬وكذا املمالك واألرس الحاكمة التي توالت عىل حكمها‪،‬‬ ‫الواحد )اإلسالم(؛ كما هو الحال يف جنوب رشق آسيا‪-‬‬
‫وحتى تاريخ دخول ملوكها وشعبها يف اإلسالم وخضوعها لنفوذ‬ ‫إندونيسيا وماليزيا وبروناي‪ -‬والدول اإلسالمية يف أفريقيا‬
‫مملكتي غانا ومايل قبل أن تصبح هي القوة الغالبة عىل ملكهما‬ ‫جنوب الصحراء‪.‬‬
‫فيما بعد‪ ،‬يغلب عليه الغموض واالضطراب التاريخي‪ -‬الزمني‬ ‫حيث يجد الباحث يف تاريخ دخول اإلسالم وحضارته إىل‬
‫واملوضوعي؛ إذ لم تتضح املعالم واملراحل التاريخية لهذه الدولة‬ ‫تلك املناطق‪ ،‬وكذا التأثريات الحضارية الوافدة من تلك املناطق‬
‫بجالء إال منذ استقاللها عن مملكة مايل)‪.(٣‬‬ ‫وتفاعلها مع املكونات الحضارية للشعوب اإلسالمية األخرى‪ ،‬أن‬
‫ويمكن تلخيص ما توافر من معلومات تاريخية حول هذه‬ ‫الحج والرحلة إليه من أبرز الوسائط والعوامل التي أسهمت يف‬
‫الدولة فيما ييل‪ :‬يقول ميغا‪" :‬كان لسنغاي أربع ممالك تزدهر‬ ‫ذلك‪ .‬كما أن لرحالت الحج من تلك املناطق البعيدة من الديار‬
‫تارة‪ ،‬وتسقط أخرى فيسيطر غريها عىل مناطقها‪ .‬وبرغم ذلك‬ ‫املقدسة يف بالد الحرمني الرشيفني يف جزيرة العرب‪ ،‬خصائص‬
‫عمرا")‪ (٤‬ويقول‪" :‬عرف لهذا الشعب أربع‬ ‫كانت أقدمها وأطولها ً‬ ‫ومظاهر وآثار حضارية مميزة‪ ،‬سواء أكان ذلك عىل مستوى‬
‫)‪(٥‬‬
‫ممالك؛ بل األوىل والثانية ممالك‪ ،‬واألخريان إمرباطوريتان" ‪.‬‬ ‫رحالت الحج العامة أم الرسمية‪ .‬غري أن رحالت الحج الرسمية‬
‫وتتبع – ميغا‪-‬اآلراء املطروحة حول البدايات واملراحل التاريخية‬ ‫التي قام بها سالطني وملوك وأمراء تلك املناطق كانت أبلغ أثرا‬
‫لتلك الدولة واملمالك التي تعاقبت عىل حكمها‪ ،‬والتي يرجعها‬ ‫يف إسهاماتها وآثارها الحضارية‪ ،‬يف جوانب متعددة ويف مناطق‬
‫البعض إىل عدة قرون قبل امليالد‪ ،‬كالقرن السابع‪ ،‬والرابع‪ ،‬بل‬ ‫أيضا السيما بعض الرحالت التي أخذت صدًا‬ ‫جغرافية متعددة ً‬
‫مد البعض تاريخها إىل األلف الرابع قبل امليالد)‪ .(٦‬وتروي‬ ‫كبريًا يف املصادر التاريخية‪ ،‬يف وصف موكبها وآثارها التي‬
‫املصادر بأن أصول ملوكها يرجع إىل اليمن جاؤوا إىل السودان‬ ‫تركتها عىل طول خط الرحلة ومحطاتها ذهابًا وإيابًا‪ ،‬وما كان‬
‫الغربي‪ -‬ربما عرب هضبة الحبشة بعد عبورهم البحر األحمر‪-‬‬ ‫لها من آثار واسعة بعد العودة يف مناحي متنوعة وامتدادها‬
‫زمن فرعون موىس عليه السالم‪ ،‬وتواىل عىل ا ُمللك منهم أربعة‬ ‫لحقب تاريخية طويلة‪ .‬وورقتنا هذه ستلقي ضوءًا عىل جوانب‬
‫عرش ملكا يف الجاهلية وهم الذين تبدأ أسماؤهم بـ)زا()‪ .(٧‬كما‬ ‫من املظاهر واآلثار الحضارية إلحدى رحالت الحج الرسمية‬
‫تشري بعض املصادر إىل أن هذه الدولة تأسست يف القرن السابع‬ ‫الشهرية القادمة من دول أفريقيا اإلسالمية جنوب الصحراء يف‬
‫امليالدي من قبل قبائل سنغاي التي كانت تقيم عىل الضفة‬ ‫مطلع القرن العارش الهجري تلك هي رحلة الحج الشهرية‬
‫اليرسى لنهر النيجر‪ ،‬حيث بدأت دويلة صغرية حني قيامها ‪-‬‬ ‫ألسكيا الحاج محمد بن أبي بكر‪ ،‬سلطان دولة صنغاي‬
‫شأنها شأن الدول واملمالك التي سبقتها يف املنطقة "غانا"‬ ‫اإلسالمية يف أفريقيا جنوب الصحراء‪ ،‬وذلك يف موسم سنة‬
‫و"مايل"‪ -‬وصار شائعا يف املصادر التاريخية أن اإلسالم قد‬ ‫)‪٩٠٢‬هـ‪١٤٩٦ /‬م(‪ .‬ومن البداهة أن نسبق العرض لجوانب‬
‫دخلها يف القرن )الرابع الهجري‪ /‬الحادي عرش امليالدي(‪ ،‬عندما‬ ‫من آلثار الحضارية لهذه الرحلة بتعريف موجز بدولة صنغاي‬
‫دخل ملكها حينذاك يف اإلسالم طواعية)‪ (٨‬عىل يد املرابطني عىل‬ ‫وبشخصية سلطانها )أسكيا محمد( شخصية هذه الورقة‬
‫املرجح وعرب النشاط التجاري)‪ .(٩‬غري أن هنالك مَ ْن يرجع دخول‬ ‫وأعظم سالطني هذه الدولة األفريقية املسلمة يف العصور‬
‫اإلسالم إىل املنطقة يف وقت مبكر يرجع إىل النصف األول القرن‬ ‫اإلسالمية الوسطى‪ ،‬وذلك عىل النحو التايل‪:‬‬
‫األول الهجري)‪.(١٠‬‬
‫_‪^éÓ‰_ á^Ş×ŠÖ]æ ë^Çß‘ íÖæ‚e Ìè†ÃjÖ] Vğ÷æ‬‬
‫اشتهر من األرس الحاكمة لصنغاي يف الجاهلية واإلسالم‬
‫¦‪ ‚Û‬‬
‫أرسة "زا")‪ (١١‬ويقال "ضياء")‪ ،(١٢‬واملعروف من ملوكها واحد‬
‫قبل الولوج يف الحديث عن رحلة الحج ‪ -‬موضوع هذه‬
‫وثالثون مل ًكا ؛ أسلم منهم أكثر من سبعة عرش ملكا‪ ،‬منذ القرن‬
‫الدراسة‪ -‬يجدر التمهيد لذلك بالتعريف أوال ً بصاحب الرحلة‬
‫األول الهجري‪ ،‬كلهم ملقبون بـ )زا( واختلف يف أصول هذه‬
‫ودولته وذلك عىل النحو التايل‪:‬‬
‫األرسة فمن قائل أنها من منطقة طرابلس‪ ،‬وفريق يرى أنها‬
‫‪ -١/١‬دولة صنغاي‪:‬‬
‫استمرارا لألرسة الحاكمة ذات األصول اليمنية‪ ،‬وفريق يرجعها‬
‫تتنوع الصفة الرسمية لهذه الدولة يف ذكر املصادر‬
‫إىل منطقة صنغاي السودانية)‪ .(١٣‬استمر حكم هذه األرسة‪ -‬التي‬
‫التاريخية واملراجع الحديثة لها فتُذكر بـ )سلطنة‪ ،‬وإمارة‪،‬‬
‫اتخذت من "كوكيا" عىل نهر النيجر األدنى عاصمة لها‪ ،‬ثم‬
‫ودولة‪ ،‬ومملكة‪ ،‬وإمرباطورية( وكذلك االختالف يف صيغة ورسم‬
‫انتقلت إىل "جاو"‪ ،‬أو)كاغ( يف شمال رشق مايل‪ -‬حتى مطلع‬
‫ومخارج االسم‪ ،‬فتعرف بـ )صنغي‪ ،‬صنغاي‪ ،‬صغي‪ ،‬صونغاي‪،‬‬
‫‪ ‬‬

‫‪  ١٠‬‬
‫ﺤﻜﱠﻤﺔ‪ .‬ﺭﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬
‫ﻣ َ‬
‫ﻋﻠﻤﻴﺔ‪ .‬ﻋﺎﻟﻤﻴﺔ‪ُ .‬‬ ‫ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻴﺔ‬

‫ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻭﺍﻟﺜﻼﺛﻮﻥ – ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ ‪ – ٢٠١٦‬ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺘﺎﺳﻌﺔ‬


‫دراﺳﺎت‬
‫‪ ‬‬
‫كان آخرها يوم االثنني رابع وعرشين من جمادى اآلخرة انهزم‬ ‫القرن الثامن الهجري حني قام "ساكورة" الذي ملك مايل بني‬
‫فيها " سني بار" ووىل هاربا خارج اململكة)‪ ،(٢٥‬ليفسح املجال‬ ‫عامي )‪ ٧٠٠ - ٦٨٤‬هـ‪١٣٠٠ – ١٢٨٥ /‬م ( بغزو صنغاي‬
‫ملحمد بن أبي بكر التوري العتالء عرش السلطة يف دولة‪ -‬أو‬ ‫وضمها إىل مملكة مايل‪ ،‬لكنها استقلت)‪ .(١٤‬وكانت صنغاي قد‬
‫إمرباطورية‪ -‬صنغاي اإلسالمية‪ ،‬لتدخل صنغاي يف عهده وعهد‬ ‫خضعت من قبل لسيطرة دولة مايل يف عهد منسا عيل )‪-٦٥٣‬‬
‫طورا جديدا من تاريخها يف ظل حكم هذه‬ ‫ً‬ ‫من خلفه من أرسته‬ ‫‪٦٦٩‬هـ‪١٢٧٠ -١٢٥٥ /‬م()‪ ،(١٥‬ثم سقطت عىل يدي منسا‬
‫األرسة التي عرفت باسم أرسة األسكيني‪ ،‬أو األساكي‪ .‬وامتدت‬ ‫موىس)‪ (١٦‬الذي سيطر عليها لعرش سنوات بني عامي )‪-٧٢٤‬‬
‫رقعة اململكة يف عهد املؤسس حتى سيكو يف الغرب والصحراء يف‬ ‫‪٧٣٥‬هـ‪١٣٣٥ – ١٣٢٥ /‬م*‪ .‬ثم نشأت أرسة ملكية جديدة يف‬
‫الشمال الغربي محققا ما لم يحققه عاهل مايل "منسا‬ ‫السنﱢي" أو " سن" أو "‬
‫"سنﱢي أو ُ‬ ‫صنغاي عرف ملوكها بـلقب ُ‬
‫موسا")‪ .(٢٦‬واستمر حكم هذه األرسة إىل سنة )‪١٠٠١‬هـ‪/‬‬ ‫يش")‪ (١٧‬والتي استمر حكمها من )‪٧٣٥‬هـ إىل سنة ‪٨٩٨‬هـ‪/‬‬
‫‪١٥٩٢‬م(‪ ،‬لتدخل دولة صنغاي بعدها‪ -‬بعد أن حل الضعف‬ ‫‪١٤٩٣ -١٣٣٥‬م(‪ .‬حيث استعادت هذه األرسة السيطرة عىل‬
‫والرتاجع بها يف ظل رصاع ونزاع أمراء البيت الحاكم‪ -‬يف إطار‬ ‫مناطق صنغاي وامتد نفوذها إىل مناطق مايل بعد أن حل‬
‫التبعية لسالطني مراكش يف بالد املغرب)‪ ،(٢٧‬ثم خضعت املنطقة‬ ‫الضعف بملوك األخرية من خلفاء منسا موىس؛ ذلك أن ملوك‬
‫لالستعمار الغربي الذي مزق أوصالها فتشتت شعبها يف العرص‬ ‫مايل كان من عادتهم كلما فتحوا منطقة ما أن يرتكوا إدارتها‬
‫الحديث بني عدة دول أكرب قبائلها يف مايل‪ ،‬والنيجر‪ ،‬وبنني‪،‬‬ ‫مللوكها القدامى ويأخذوا أبناءهم رهائن يقيمون يف قصورهم‬
‫وبوركينافاسو‪ ،‬وغانا‪ ..‬وغريها من دول غرب أفريقيا‪.‬‬ ‫لتجنب ثوراتهم وضمان والئهم)‪.(١٨‬‬
‫‪ -٢/١‬السلطان أسكيا محمد‬ ‫وقد أخذ ملك مايل منسا موىس عند سيطرته عىل صنغاي‪،‬‬
‫)‪ ٨٩٨‬ـ ‪٩٣٥‬هـ‪١٥٢٨ -١٤٩٣ /‬م(‬ ‫رهائن من بينهم ولدي ملك صنغاي "زا يابيس" ‪:‬عيل بري أوعيل‬
‫هو كما ورد ذكره يف املصادر‪ :‬أسكيا‪ -‬أسكي‪ -‬أبو عبد ﷲ‬ ‫كولن وأخيه "سلمن نار"‪ ،‬فهرب عيل كولن وأخوه من عاصمة‬
‫الحاج محمد بن أبي بكر التوري‪ ،‬أو الطوري‪ ،‬الفوتي‪،‬‬ ‫مايل إىل "كاغ" أو"جاو" وأعلن عيل كولن نفسه ملكا عىل‬
‫السنكيل)‪ .(٢٨‬ويعرف بمحمد توري‪ ،‬وبممدو توره‪ .‬ودعي‬ ‫صنغاي واتخذ لقب" ُسنﱢي")‪ (١٩‬سنة )‪٧٣٥‬هـ‪١٣٣٥/‬م()‪.(٢٠‬‬
‫دارا ومسكنا)‪ .(٢٩‬وقيل أن أصله يعود إىل أرسة من‬ ‫الكوكوي ً‬ ‫وامتنع عن دفع الجزية ململكة مايل)‪ .(٢١‬وتمكنت هذه األرسة من‬
‫قبائل صنهاجه من جنوب موريتانيا‪ ،‬نزلت عائلته إىل أرض‬ ‫صد غارات قبائل املوىس الوثنية من الجنوب والطوارق من‬
‫قبائل الصنغاي إثر اضطرابات يف ديارهم وذلك منذ القرن‬ ‫الشمال‪ .‬ومع صعود سني عيل الكبري )‪٨٩٨ -٨٦٨‬هـ‪-١٤٦٤ /‬‬
‫الخامس الهجري‪ /‬الحادي عرش امليالدي)‪ .(٣٠‬سبقت اإلشارة إىل‬ ‫‪١٤٩٢‬م(‪ -‬الذي عرف بحنكته ورصامته وحسن تدبريه‪ (٢٢)-‬إىل‬
‫أنه كان أبرز قواد سني عيل الكبري‪ ،‬واتهم بأنه أحد مدبري‬ ‫سدة الحكم اتسع نفوذ هذه الدولة‪ ،‬فقد أسس هذا السلطان‬
‫اغتياله أو مقتله إن لم يكن هو القائم عىل ذلك)‪ .(٣١‬ثم قام‬ ‫جيشا قويا استطاع أن يمد نفوذه إىل سهول غرب أفريقيا‪،‬‬
‫بمواجهة حربية مع ابن سن عيل– أبو بكر داع أو داعو‪ -‬فتمكن‬ ‫فدخلت يف دولته مناطق شاسعة ومدن عدة يف غرب أفريقيا من‬
‫من التغلب عليه وانتزع منه الحكم ونصب نفسه حاكما‬ ‫أشهرها تمبكتو وجني وغريها‪ .‬وتميز عهده بالتنظيمات‬
‫إلمرباطورية صنغاي اإلسالمية‪ ،‬واتخذ لنفسه لقب "أسكيا" منذ‬ ‫العسكرية اإلدارية واالقتصادية التي أعطت لصنغاي تميزها‬
‫أن آلت إليه مقاليد السلطة لدولة صنغاي‪ ،‬وصار هذا اللقب‬ ‫الحضاري إىل جانب اتساع رقعتها الجغرافية التي استحقت بأن‬
‫تقليدًا ملن خلفه من أرسته يف السلطة)‪ .(٣٢‬تعترب مدة حكمه‬ ‫توصف بأنها إمرباطورية مرتامية األطراف)‪ .(٢٣‬لذا يعده‬
‫)‪(٣٣‬‬
‫لدولة صنغاي‪ -‬الذي استمر ست وثالثون عاما وستة أشهر‬ ‫املؤرخون املؤسس الحقيقي إلمرباطورية الصنغاي اإلسالمية‪،‬‬
‫ويف رواية تسع وثالثني سنة‪ ،‬وقيل ثالث وأربعني سنة)‪ ،(٣٤‬أزهى‬ ‫لكن أرسته لم يتحقق لها االستمرارية يف الحكم‪ ،‬فبعد وفاته أو‬
‫العصور التاريخية التي مرت بها صنغاي‪ ،‬سواء أكان ذلك عىل‬ ‫اغتياله سنة )‪٨٩٨‬هـ‪١٤٩٢/‬م‪ ،٩‬خلفه ابنه أبو بكر داع‬
‫مستوى النفوذ الجغرايف والسيايس‪ ،‬أم عىل املستوى الحضاري‬ ‫)سني‪ -‬أو يش‪ -‬بار( غري أنه لم يدم يف الحكم سوى بضعة‬
‫يف مختلف جوانبه‪ :‬اإلداري والتنظيمي والثقايف واالقتصادي‪،‬‬ ‫أشهر إذ كان شخصية ضعيفة‪ ،‬فدخل مواجهة حربية مع محمد‬
‫والعمراني‪ ،‬وكذا نرش اإلسالم عقيدة وحضارة بني املسلمني‬ ‫بن أبي بكر التوري ‪-‬أحد أبرز قواد أبيه‪ -‬والذي يعتقد أن له يد‬
‫والوثنيني‪ .‬فامتد النفوذ اإلسالمي إىل منطقة " بحرية تشاد"‪،‬‬ ‫يف موت أو اغتيال سن عيل الكبري)‪.(٢٤‬‬
‫وشمل منطقة السافانا جميعها من الرشق إىل الغرب‪ ،‬فبلغت‬ ‫مضمرا يف نفسه الخالفة يف‬
‫ً‬ ‫فقد كان ‪ -‬بحسب السعدي‬
‫صنغاي أقىص اتساع لها حتى صارت يف القرن )العارش‬ ‫الحكم وقام بحيل وأعمال كثرية من أجل ذلك ثم بدأ بالعمل‬
‫الهجري‪ /‬السادس عرش امليالدي(‪ ،‬أعظم إمرباطورية إسالمية‬ ‫العسكري حيث هاجم بجيشه أبو بكر داع "سني – أو يش‪-‬‬
‫يف غرب السودان‪ ،‬فاقت يف سعتها وامتداد أطرافها إمرباطوريتي‬ ‫بار" ابن سني عيل‪ ،‬ابتدا ًء من ثاني ليلة من شهر جمادى األوىل‬
‫غانه ومايل اإلسالميتني السابقتني لها والتي قامت واتسعت عىل‬ ‫من سنة )‪٨٩٨‬هـ‪١٤٩٢/‬م(‪ .‬ودارت عدة معارك بني الجانبني‬

‫‪ ‬‬

‫‪  ١١‬‬
‫ﺤﻜﱠﻤﺔ‪ .‬ﺭﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬
‫ﻣ َ‬
‫ﻋﻠﻤﻴﺔ‪ .‬ﻋﺎﻟﻤﻴﺔ‪ُ .‬‬ ‫ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻴﺔ‬

‫ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻭﺍﻟﺜﻼﺛﻮﻥ – ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ ‪ – ٢٠١٦‬ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺘﺎﺳﻌﺔ‬


‫دراﺳﺎت‬
‫‪ ‬‬
‫واألخطار واملتاعب الكثرية التي تواجه الحاج وقوافل الحج عىل‬ ‫أنقاضهما‪ ،‬حتى قيل‪ :‬أن أحد طرفيها ال يعلم شيئا عن الطرف‬
‫طول طريق الرحلة إليه‪ ،‬ويف املقابل فإن طول رحلة قوافل الحج‬ ‫اآلخر هو يف حرب أم يف سالم‪ (٣٥).‬ويف عهده ساد األمن والسالم‬
‫األفريقية‪ -‬التي قد تستغرق سنوات‪ -‬واجتيازها محطات‬ ‫يف جميع ربوع هذه اإلمرباطورية الشاسعة األرجاء‪ ،‬وتميز‬
‫)‪(٣٦‬‬
‫ومراكز وبلدان عديدة إىل أن تحط رحالها يف ديار الحرمني‬ ‫حكمه برقي التنظيمات اإلدارية والعسكرية‪.‬‬
‫الرشيفني‪ ،‬ومن ثم تمكث فيها ما شاء ﷲ لها أن تمكث لتقيض‬ ‫وقد أطنبت املصادر يف ذكر أعماله ومناقبه ومحامده؛‬
‫مناسكها وتشهد منافع كثرية لها‪ ،‬فيمكث البعض مجاورا فيها‬ ‫السيما ورعه وعدله وصالحه وحسن التدبري يف السياسة‪،‬‬
‫بال رجعة‪ ،‬ومن يرجع يسلك املسالك ذاتها التي جاء منها‪ ،‬ويف‬ ‫والعطف واإلحسان عىل املساكني والرفق بالرعية‪ ،‬وحبه للعلم‬
‫ذلك كله منافع وفوائد وآثار ال تحىص)‪ ...(٤٣‬وقد حرص قادة‬ ‫وأهله والتذلل للصالحني وكثرة العطايا لهم‪ ،‬والتزامه بالفروض‬
‫املمالك واإلمرباطوريات اإلسالمية يف السودان الغربي عىل تأدية‬ ‫والنوافل وجهاده يف نرش اإلسالم‪ .‬يقول صاحب رحلته إىل الحج‬
‫هذه الفريضة)‪ .(٤٤‬ولعل من أشهر رحالت الحج التي سلكت‬ ‫محمود كعت‪ ... " :‬وله من املناقب وحسن السياسة والرفق‬
‫طريق الحج من غرب إفريقيا‪ ،‬تلك الرحالت التي قام بها ملوك‬ ‫بالرعية والتلطف باملساكني ما ال يحىص‪ .‬وال يوجد له مثل ال‬
‫غانا‪ ،‬ومايل وأشهرهم السلطان منسا موىس)‪ (٤٥‬سلطان مايل‪،‬‬ ‫قبله وال بعده‪ ...‬وحب العلماء والصالحني والطلبة وكثرة‬
‫وأسكيا محمد سلطان صنغاي‪ .‬وسنعرض لرحلة األخري وآثارها‬ ‫الصدقات وأداء الفروض والنوافل‪ .‬وكان من عقالء الناس‬
‫الحضارية عىل النحو التايل‪:‬‬ ‫ودهاتهم والتواضع للعلماء وبذل النفوس واألموال لهم مع‬
‫‪ -١/٢‬وصف موكب الحج وخط سريه‪:‬‬ ‫القيام بمصالح املسلمني وإعانتهم عىل طاعة ﷲ وعبادته‪.‬‬
‫كانت مواكب حج سالطني وملوك املمالك اإلسالمية يف‬ ‫وأبطل جميع ما عليه يش‪ -‬السلطان من قبله‪ -‬من البدع واملناكر‬
‫إفريقيا الغربية‪ ،‬مهيبة بأعدادها البرشية من أمراء ووزراء‬ ‫والظلم وسفك الدماء‪ ،‬وأقام الدين أتم قيام‪ ،‬وأطلق كل من ادعى‬
‫وعلماء وزعماء قبائل وقادة وأجناد وخدم وعامة‪ ،‬وكذا الدواب‬ ‫الحرية من اسرتقاقهم‪ ،‬ورد كل مال غصبه يش إىل مواليهم‪.‬‬
‫التي تحمل الزاد واألمتعة واألثقال والهدايا الكثرية‪ ..‬وكان أداء‬ ‫وجدد الدين وأقام القضاة واألئمة‪ ،‬جازاه ﷲ عن اإلسالم خريًا‪.‬‬
‫فريضة الحج من أولويات الواجبات أو املهام التي يقوم بها‬ ‫ونصب يف تنبكت‪ -‬تنبكتو‪ -‬قاضيًا ويف بلدة جني قاضيًا ويف كل‬
‫قادة تلك املمالك بعد تمكنهم من تثبيت سلطتهم‪ .‬فتشري‬ ‫بلد يستحق القايض من بالده قاضيًا‪ .(٣٧)"..‬وجاء لدى السعدي‬
‫املصادر إىل أن السلطان أسكيا محمد بعد أن بسط يده ومد‬ ‫" ففرج ﷲ تعاىل به عن املسلمني الكروب وأزال به عنهم البالء‬
‫نفوذه عىل مملكة صنغاي وثب َﱠت أوضاعها وتخلص من يش بار‬ ‫والخطوب‪ .‬واجتهد بإقامة ملة اإلسالم وإصالح أمور األنام‪،‬‬
‫بن سني عيل‪ -‬ملك صنغاي السابق ‪ -‬عزم عىل أداء فريضة‬ ‫وصاحب العلماء واستفتاهم فيما يلزمه من أمر الحل‬
‫الحج – يف السنة الثانية بعد التسعمائة للهجرة‪ ،‬فخرج يف شهر‬ ‫والعقد")‪ ،(٣٨‬وكانت رحلته للحج سنة )‪٩٠٢‬هـ‪١٤٩٦ /‬م –‬
‫صفر من تلك السنة‪ ،‬بعد ما حصل له ثالثمائة ألف مثقال‬ ‫كما سيأتي – مليئة باملواقف التي تؤكد ذلك‪ ،‬ومن األلقاب التي‬
‫ذهبًا)‪ (٤٦‬وضم موكبه كبار أعيان قبائل وعشائر صنغاي وكبار‬ ‫أطلقت عليه‪ ) :‬خليفة املسلمني‪ ،‬أمري املؤمنني‪ ،‬السلطان العادل‪،‬‬
‫)‪(٣٩‬‬
‫العلماء واألمراء والقادة يف مملكته باإلضافة إىل الجند‬ ‫القائم بأمر ﷲ‪ ،‬سلطان املسلمني‪ ،‬األوحد‪ ،‬األرشد‪ ،‬األسعد‪(...،‬‬
‫والخدم)‪ ،(٤٧‬حيث تألف موكبه من ألف وخمسمائة رجل‪،‬‬ ‫ويف آخر سنوات حكمه أصيب بالعمى‪ .‬ومع ذلك فإنه استمر يف‬
‫وخمسمائة فارس‪ ،‬وألف راجل‪ (٤٨).‬يقول محمود كعت – وهو‬ ‫ممارسة الحكم بجدارة لعدد من السنني إىل أن تآمر عليه أحد‬
‫أحد أعضاء موكب حج السلطان من رشيحة العلماء – "‪ ...‬فلما‬ ‫أوالده ‪ -‬أسكيا موىس‪ -‬وعزله من الحكم وذلك قبل صالة العيد‬
‫ملكه ﷲ جميع أرض يش – يش بار‪ -‬وتحقق تمكنه يف السلطنة‪،‬‬ ‫يف يوم عيد األضحى لسنة )‪٩٣٥‬هـ‪١٥٢٩ /‬م()‪ .(٤٠‬ونفي إىل‬
‫عزم عىل الذهاب إىل بيت ﷲ الحرام للحج وزيارة قرب النبي صىل‬ ‫جزيرة تدعى – كنكاك‪ -‬خارج اململكة حبس فيها إىل أن أخرجه‬
‫ﷲ عليه وسلم‪ .‬وتهيأ وخرج يف العام الثاني بعد تسع مائة‪،‬‬ ‫منها ولده أسكيا إسماعيل‪ ،‬وأسكنه يف بعض ديار اململكة‪ ،‬إىل أن‬
‫أيضا سبعة من فقهاء بلده‪،‬‬ ‫ومعه من العلماء األعيان ومعه ً‬ ‫تويف يف آخر شهر رمضان سنة )‪٩٤٤‬هـ‪١٥٣٨ /‬م()‪ .(٤١‬وقربه‬
‫منهم ألفا صالح جور‪ ،‬ومور محمد هوكار وهو يومئذ شيخ‬ ‫يف مدينة غاو )جاو()‪ (٤٢‬يعد اليوم من أبرز املعالم التاريخية‬
‫كبري‪ ،‬وألفا محمد تل‪ ،‬وكاع زكريا املنسوب بسنفه‪ ،‬ومور محمد‬ ‫واألثرية يف مايل غرب أفريقيا‪.‬‬
‫املنسوب بتنك‪ ،‬والقايض محمود يندبع‪ ،‬وأنا معه أي املبتيل‬
‫‪ íè…^–£]^â…^maæs£]í×u…V^⁄éÞ^m‬‬
‫بالتأليف أنا محمود كعت‪ ،....‬ومن أمراء النواحي ابنه أسكي‬
‫منذ وصول إىل اإلسالم إىل شعوب أفريقيا الغربية يف القرون‬
‫موىس وهد كركي عيل فلن وغريهم‪ ،‬ومن العبيد الخدام ثمانمائة‬
‫الهجرية األوىل‪ ،‬ودخولها يف رحابه‪ ،‬حرص مسلمو تلك الديار‬
‫عبد‪.(٤٩)"...‬‬
‫عىل أداء فريضة الحج كونها ركن واجب من أركان اإلسالم وال‬
‫وبحسب الدايل فإن موكب حج أسكيا محمد شق طريقه"‪..‬‬
‫يكتمل إسالم الفرد املسلم إال بتأدية هذه الفريضة ملن استطاع‬
‫عرب األرايض الليبية‪ ،‬مرورا بمدينة غدامس‪ ،‬وطرابلس‪ ،‬واملنطقة‬
‫إىل ذلك سبيالً‪ ،‬وذلك رغم مشقة السفر ذات املراحل البعيدة‬

‫‪ ‬‬

‫‪  ١٢‬‬
‫ﺤﻜﱠﻤﺔ‪ .‬ﺭﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬
‫ﻣ َ‬
‫ﻋﻠﻤﻴﺔ‪ .‬ﻋﺎﻟﻤﻴﺔ‪ُ .‬‬ ‫ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻴﺔ‬

‫ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻭﺍﻟﺜﻼﺛﻮﻥ – ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ ‪ – ٢٠١٦‬ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺘﺎﺳﻌﺔ‬


‫دراﺳﺎت‬
‫‪ ‬‬
‫أهل مكة كان عنده يشء من شعر رأس رسول ﷲ صىل ﷲ عليه‬ ‫الرشقية من ليبيا إىل أن دخل األرايض املرصية مرورا‬
‫وسلم‪ ،‬يأتيه التجار بألوف من الذهب يطلبون منه أن يغمس‬ ‫باإلسكندرية‪ ،‬والقاهرة إىل األرايض املقدسة‪ ،‬وهو الخط املعتاد‬
‫تلك الشعر الرشيفة املباركة يف املاء ويرشبون ذلك املاء‬ ‫نفسه الذي سلكه امللك الراحل منسا موىس ملك مايل")‪ .(٥٠‬وقد‬
‫ويغسلون به‪ .‬فلما أتى الرجل طلبه منه وأخرجه له وظفر‬ ‫أفرزت تلك الرحلة الكثري من القصص واألخبار والنوادر‬
‫بشعر منها وألقاه يف فمه والتقمه‪ ،‬يا له من فوز ما أحرمه‬ ‫واألساطري التي روتها املصادر التي تحدثت عنها والتي تخرج‬
‫ونعمة ما أوفره")‪ .(٥٦‬وموقف آخر يف املدينة املنورة يف الحرم‬ ‫عن نطاق املألوف والواقع وقد يمتزجا معا)‪ ،(٥١‬ما تشكل هذه‬
‫املدني الرشيف ما يدل عىل أهمية موسوم الحج يف اتخاذ مواقف‬ ‫املادة اتجاها ومجاال أدبيا قائما بذاته جدير باالهتمام والبحث‬
‫وإبرام عهود ومواثيق يف هذه الرحاب الطاهرة تأكيدًا لحرمتها‬ ‫العلمي يمكن أن يطلق عليه‪ ":‬أدب رحالت الحج"‪.‬‬
‫ومنعتها واستحالة نقضها‪ ،‬من ذلك قوله " ‪ ...‬وقيل ملا دخل‬ ‫‪ -٢/٢‬اآلثار الحضارية لرحلة الحج‪:‬‬
‫شبكة رسول ﷲ صىل ﷲ عليه وسلم دخل معه بركي منس‬ ‫باإلضافة إىل الهدف الرئيس والواجب الرشعي من القيام‬
‫كور‪ -‬أحد أعيان القبائل التي انضوت تحت سلطانه يف غرب‬ ‫برحلة الحج املتمثل بأداء فريضة الحج‪ ،‬فإن ثمة أهداف‬
‫أفريقيا ‪ ،-‬وأمسك بمعمدة من الشبكة الرشيفة وقال‪ :‬يا أسكيا‬ ‫ودالالت وآثار سياسية وحضارية متعددة الجوانب اكتسبتها‬
‫محمد هذا رسول ﷲ صىل ﷲ عليه وسلم‪ ،‬وهذا أبو بكر وعمر‬ ‫هذه الرحالت كما سيتبني يف هذه الرحلة عىل النحو التايل‪:‬‬
‫ريض ﷲ عنهما‪ .‬دخلت يف حرمتهم‪ ،‬أطلب منك أشياء‪ ،‬األوىل أن‬ ‫)‪ -١ (٢/٢‬آثار ومواقف يف ديار الحرمني الرشفني‪:‬‬
‫ال تجعل بناتي يف الدار إال بالنكاح‪ .‬فقال‪ :‬فعلت‪ .‬ثم قال‪ :‬وما‬ ‫كما سبقت اإلشارة فقد أطنبت املصادر يف ذكر موكب رحلة‬
‫الثانية ؟ قال‪ :‬أن تقف حيث وقفتك يف األمر وال نهي‪ .‬فقال‪:‬‬ ‫حج سلطان مايل منسا موىس‪ ،‬وما أنفقه خاللها من أموال‬
‫فعلت‪ .‬وما الثالثة؟ قال‪ :‬فال تقتل من دخل يف داري وال من‬ ‫وهدايا عىل طول خط رحلته‪ ،‬السيما يف ديار مرص والحرمني‬
‫وصلني‪ .‬فقال‪ :‬فعلت‪ .‬فقال‪ :‬ال بد أن تعطيني العهد عىل ذلك يف‬ ‫الرشيفني حيث أنفق آالف املثاقيل من الذهب هدايا وصدقات‬
‫هذا املكان الرشيف‪ ،‬ويكون رسول ﷲ صىل ﷲ عليه وسلم‬ ‫وأحباس‪ ،‬ثم هاهي رحلة أسكيا محمد سلطان صنغاي بعد ما‬
‫شاهدًا عىل ذلك‪ .‬فقال‪ :‬فعلت‪ .‬وعقدوا عىل ذلك"‪.‬‬ ‫يزيد عن القرنني والنصف من رحلة منسا موىس‪ ،‬تحظى بذلك‬
‫)‪ -٢ (٢/٢‬اآلثار السياسية والحضارية عىل مملكته‪:‬‬ ‫الصيت يف مجال اإلنفاق الخريي وأوجهه املتعددة‪ .‬يقول مرافق‬
‫كانت لرحالت الحج السلطانية لسالطني املمالك األفريقية‬ ‫رحلته محمود كعت ‪" :‬وتصدق عىل فقراء الحرمني بمائة ألف‬
‫اإلسالمية آثار سياسية وحضارية متعددة الجوانب عىل املستوى‬ ‫دينار ذهبًا‪ ،‬واشرتى بمثلها جنانًا وبيوتًا وحبسها عىل الفقراء‬
‫السيايس والحضاري لدولهم ونظام حكمهم‪ ،‬ومن شأن ذلك‬ ‫والعلماء واملساكني")‪ (٥٢‬ويقول يف موضع آخر‪ ..." .‬وله‬
‫تعزيز سلطة أولئك السالطني وإضفاء الصبغة الرشعية عىل‬ ‫خصائص ومناقب يف حجه من ذلك أقبل عليه أهل الحرمني‬
‫حكمهم‪ ،‬فقد سبقت اإلشارة إىل أن السلطان أسكيا محمد قد‬ ‫دارا‪ ،‬وحبس‬ ‫الرشيفني‪ ،‬واشرتى يف مكة املرشفة بقعة وبناها ً‬
‫اصطحب معه يف رحلته للحج أعيان القبائل والعشائر يف‬ ‫الدار عىل الكعبة الرشيفة‪ .‬وتلقاه هنالك العلماء األجالء‬
‫مملكته‪ ،‬وذلك لضمان عدم قيامهم بأي تمرد يف حال بقائهم بني‬ ‫والصلحاء املرضيني‪ .‬وعممه رشيف مكة وقدمه وواله وألبسه‬
‫عشائرهم أثناء غياب السلطان وتألف قلوبهم‪ ،‬وكذا ليشهدوا ما‬ ‫العمامة الزرقاء وسماه اإلمام ")‪ .(٥٣‬وجاء لدى السعدي‪" .‬‬
‫سيحظى به السلطان من حفاوة وترحاب وإقرار لسلطنته‬ ‫فتصدق األمري يف الحرمني من ذلك املال بمائة ألف ذهبًا‪،‬‬
‫ورشعيتها اإلسالمية وذلك يف محطات رحلة الحج السيما يف ديار‬ ‫واشرتى جنانًا يف املدينة املرشفة وحبسها عىل أهل التكرور‪،‬‬
‫الحرمني الرشيفني‪ ،‬فمصادر أخبار تلك الرحلة تشري إىل حرص‬ ‫وهي معروفة هنالك‪ .‬وانفق بمائة ألف واشرتى السلع وجميع ما‬
‫السلطان أسكيا محمد عىل الحصول عىل هذه الصبغة الرشعية‬ ‫يحتاج إليه بمائة ألف")‪ .(٥٤‬ورغم شهرة حج منسا موىس وما‬
‫من رشيف مكة – أومن خليفة عرصه العبايس‪ ،-‬ومن كبار‬ ‫تناقلته األخبار عرب األجيال من اإلعجاب بمظاهر ذلك املوكب‬
‫العلماء ‪ ...‬ومما جاء حول ذلك‪ ،‬يقول محمود كعت مؤرخ‬ ‫وأبهته‪ ...‬كما يذكر السعدي‪ ،‬ومع ذلك ومن حيث املقارنه بني ما‬
‫الرحلة‪ ..." :‬وجعل يسأل العلماء العاملني عن سنة رسول ﷲ‬ ‫أنفقه وبني ما أنفقه أسكيا محمد‪ ،‬فإن كفة األخري هي الراجحة‬
‫صىل ﷲ عليه وسلم ويميش عىل أقوالهم‪ ،‬رحمه ﷲ‪ ،‬حتى اتفق‬ ‫يقول"‪ ...‬فورخ ‪-‬أ ﱠرخ‪ -‬أهل املرشق مجيئه‪ -‬أي منسا موىس ‪-‬‬
‫جميع علماء عرصه عىل أنه خليفة‪ .‬وممن رصﱠ ح له بذلك الشيخ‬ ‫ذلك وتعجبوا من قوته يف ملكه‪ ،‬ولكن ما وصفوه بالجود والكرم‬
‫عبد الرحمن السيوطي‪ ،‬والشيخ محمد بن عبد الكريم املغييل‪،‬‬ ‫ألنه ما تصدق يف الحرمني مع كثرة ملكه إال بعرشين ً‬
‫ألفا ذهبًا‬
‫والشيخ شمهروش الجني‪ ،‬والرشيف الحسني موالي العباس‬ ‫بنسبة ما تصدق به أسكيا الحاج محمد فيهما‪ ،‬وهو مائة ً‬
‫ألفا‬
‫أمري مكة‪ ،‬رحم ﷲ الجميع‪ ..(٥٧)"...‬ويقول ‪ ... " :‬ولقي يف تلك‬ ‫ذهبًا‪.(٥٥)"...‬‬
‫األرض املباركة الرشيف العبايس‪ ،‬فطلب منه أن يجعله خليفته‬ ‫ومن املواقف التي رواها محمود كعت يف ديار الحرمني‬
‫يف أرض سغي‪ ،‬فريض له بذلك وأمره أن يسلم يف أمرته التي هو‬ ‫الرشيفني خالل هذه الرحلة قوله "‪ ...‬قيل أنه سمع رجال ً من‬

‫‪ ‬‬

‫‪  ١٣‬‬
‫ﺤﻜﱠﻤﺔ‪ .‬ﺭﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬
‫ﻣ َ‬
‫ﻋﻠﻤﻴﺔ‪ .‬ﻋﺎﻟﻤﻴﺔ‪ُ .‬‬ ‫ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻴﺔ‬

‫ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻭﺍﻟﺜﻼﺛﻮﻥ – ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ ‪ – ٢٠١٦‬ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺘﺎﺳﻌﺔ‬


‫دراﺳﺎت‬
‫‪ ‬‬
‫املؤمنني‪ ،‬وخليفة املسلمني ‪ ...‬الخ‪ ،‬وكذا الشارات‪ ،‬والشعارات‪،‬‬ ‫فيها ثالثة أيام ويأتيه يف اليوم الرابع‪ .‬ففعل‪ ،‬وجعله خليفته‪،‬‬
‫)‪(٦٤‬‬
‫واللباس واملراسيم السلطانية‪.‬‬ ‫وجعل عىل رأسه قلنسوة وعمامة من عنده‪ ،‬فكان خليفة‬
‫)‪(٥٨‬‬
‫وقد ظل أسكيا محمد متشبثا بتلك املظاهر طوال مدة حكمه‬ ‫صحيحً ا يف اإلسالم"‪.‬‬
‫وبعده‪ ،‬ففي حديث محمود كعت عن السلطان أسكيا إسماعيل‪-‬‬ ‫ويف موضع آخر جاء ‪ ... ":‬وأما الرشيف الحسني موالي‬
‫أحد أبناء أسكيا محمد والسلطان الثالث من بعده )‪-٩٤٣‬‬ ‫العباس فكان مع أمري املؤمنني وخليفة املسلمني أسكي الحاج‬
‫‪٩٤٦‬هـ‪١٥٣٧ -١٥٣٩ /‬م( وهو الذي‪ -‬بحسب الرواية أعاله ‪-‬‬ ‫جالسا بحذاء الكعبة يتحادثان‪ ،‬فقال له الرشيف موالي‬ ‫ً‬ ‫محمد‬
‫برش به جالل الدين السيوطي والخليفة العبايس بأنه الخليفة‬ ‫العباس‪ :‬يا هذا أنت الحادي عرش من الخلفاء الذين ذكر رسول‬
‫الرشعي من بعده "‪ ...‬وملا أخرج أباه من تلك الجزيرة‪ -‬أي‬ ‫ﷲ صىل ﷲ عليه وسلم‪ ،‬ولكنك جئتنا مل ًكا‪ ،‬وامللك والخالفة ال‬
‫جزيرة كنكاك التي نفاه إليها ابنه األول أسكيا موىس‪ -‬وأسكنه‬ ‫يتفقان‪ .‬فقال له كيف ذلك‪ ،‬يا سيدي؟ فقال له موالي العباس‪:‬‬
‫يف بعض بيوت دار اململكة أتى بشكارة له وحل ربط فمها‬ ‫ال سبيل إىل ذلك إال أن تخرج عما أنت فيه‪ .‬فأذعن له أسكي‬
‫قميصا وشاشة خرضاء وعمامة بيضاء‪ ،‬وأدخل‬ ‫ً‬ ‫وأخرج منها‬ ‫طوعً ا‪ ،‬وطرد جميع الوزراء عنه‪ ،‬وجمع جميع آالت السلطنة‬
‫القميص يف عنق أسكي إسماعيل وأدخل القلنسوة الخرضاء يف‬ ‫وأموالها‪ ،‬وجعل ذلك كله بيد العباس‪ ،‬وقعد عازال ً لنفسه‪ .‬ودخل‬
‫ً‬
‫سيفا‪ ،‬وقال‪ :‬هذا‬ ‫رأسه وعممه بتلك العمامة‪ ،‬وأدخل يف عنقه‬ ‫موالي العباس يف الخلوة ثالثة أيام‪ .‬ثم خرج يوم الجمعة ونادى‬
‫قميص قمصني به رشيف مكة املرشفة الذي هو أمريها حينئذ‬ ‫أسكي الحاج محمد وأجلسه بمسجد البلدة الرشيفة مكة‪ ،‬وجعل‬
‫وأدخل هذه القلنسوة عىل رأيس وعممني هكذا بيده املباركة يف‬ ‫عىل رأسه قلنسوة خرضاء وعمامة بيضاء‪ ،‬وأعطاه ً‬
‫سيفا‪ ،‬وأشهد‬
‫حرضة جم غفري من قومه من أهايل مكة وغريهم‪ ،‬وقلدني هذا‬ ‫الجماعة الحارضين أنه خليفة بأرض التكرور‪ ،‬وأن كل من‬
‫السيف وقال‪ :‬أنت أمريي ونائبي وخليفتي يف إقليمك وأنت أمري‬ ‫خالفه يف تلك األرض فقد خالف ﷲ تعاىل ورسوله")‪ ..." .(٥٩‬ثم‬
‫املؤمنني‪ .‬وأنا خليفته وأمريه ونائبه‪ .‬ووالني وملكني‪ .‬وغصب‬ ‫طلب من أمري مكة موالي العباس أن يعطيه واحدًا من الرشفاء‬
‫امللك مني ولدي الفاسق موىس‪ .‬ثم غصبه منه محمد بنكن‪،‬‬ ‫أمرﻩ موالي العباس‬ ‫إما أخاه أو ابنه ليتربكوا به‪ ،‬وهذا بعد ما ﱠ‬
‫وكالهما خارجان‪ .‬وقد وليتك أنا ورددت الخالفة التي قلدني بها‬ ‫عىل أرض التكرور وبني أنه واحد من الخلفاء أالثني عرش‪ .‬وقال‬
‫الرشيف لك‪ ،‬وأنت خليفة خليفة الرشيف الذي هو خليفة‬ ‫له موالي العباس‪ :‬فسأعطيك إن شاء ﷲ من هو كأنا ولكن ال‬
‫السلطان األعظم العثماني")‪.(٦٥‬‬ ‫يمكن ذلك اآلن")‪.(٦٠‬‬
‫لقد أعطته هذه الرحلة‪ -‬بحسب اعتقاده وعلمائه‪ -‬رشعية يف‬ ‫ثم تهيأ أسكي الحاج محمد للرجوع‪ ،‬فلما وصل مرص وجد‬
‫الحكم‪ ،‬وحماسا بعد عودته لنرش اإلسالم وتوسيع مملكته‬ ‫هناك الشيخ عبد الرحمن السيوطي)‪ ،(٦١‬فسأله أسكي عن‬
‫وتنظيم شؤونها عىل أسس حضارية جديدة مستفيدا من‬ ‫الخلفاء الذين ذكر رسول ﷲ صىل ﷲ عليه وسلم أنهم سيأتون‬
‫تجارب نظم الحكم يف مرص والحجاز وبالد الشام والعراق‪.‬‬ ‫بعده‪ .‬فقال الشيخ‪ :‬هم اثنا عرش‪ ،‬خمسة منهم باملدينة‪ ،‬واثنان‬
‫وذلك بعد أن التقى بزعماء املسلمني وقادتها وعلمائها يف ديار‬ ‫بمرص‪ ،‬وواحد بالشام‪ ،‬واثنان بالعراق‪ ،‬وقد مىض هؤالء كلهم‪،‬‬
‫الحرمني الرشيفني ويف مرص‪ ،،‬ويف املراكز الثقافية يف شمال‬ ‫وبقي اثنان بأرض التكرور‪ ،‬أنت أحدهما‪ ،‬ويأتي بعدك‬
‫أفريقيا‪ ،‬وقىض مدة يف مرص التقى فيها بعلمائها‪ ،‬ومنهم جالل‬ ‫الثاني)‪ ."(٦٢‬ويقول السعدي يف السياق ذاته‪ ...":‬ولقي يف ذلك‬
‫الدين السيوطي‪ ،‬الذي مكث يسأله أسئلة كثرية رشعية وسياسية‬ ‫األرض املبارك الرشيف العبايس‪ ،‬فطلب منه أن يجعله خليفته يف‬
‫‪ ...‬الخ‪ ،‬واصطحب أحد أقربائه إىل دياره ليتربك به ويكون من‬ ‫أرض سغي‪ ،‬فريض له بذلك وأمره أن يسلم يف أمرته التي هو‬
‫مستشاريه)‪ ،(٦٦‬وتلقى تقليدًا من الخليفة العبايس يف القاهرة –‬ ‫فيها ثالثة أيام ويأتيه يف اليوم الرابع‪ .‬ففعل‪ ،‬وجعله خليفته‪،‬‬
‫أو هو ذاته الذي ذكر يف مكة‪ -‬بخالفته يف بالد السودان‪ .‬كما‬ ‫وجعل عىل رأسه قلنسوة وعمامة من عنده‪ ،‬فكان خليفة‬
‫اصطحب معه من تجيدا العالمة عبد الكريم املغييل التلمساني‬ ‫صحيحً ا يف اإلسالم‪ .‬ثم لقي كثريًا من العلماء والصالحني‪ ،‬منهم‬
‫إىل جاو عاصمة مملكته فكان يسأله عن كل صغرية وكبرية‬ ‫الجالل السيوطي رحمه ﷲ تعاىل‪ ،‬وسألهم عن أشياء من أموره‪،‬‬
‫ويطلب فتاواه وهذه األجوبة والفتاوى محفوظة يف مجلدات‬ ‫فأفتوه فيها‪ ،‬وطلب منهم الدعاء‪ ،‬فنال بركاتهم كثريًا‪ .‬ورجع يف‬
‫منشورة معنونة بأجوبة املغييل عىل أسئلة أسكيا أو العكس)‪.(٦٧‬‬ ‫السنة الثالثة ودخل يف كاغ يف ذي الحجة مكمل السنة‪ ،‬فأصلح‬
‫وجاءه من بغداد الرشيف أحمد الصقيل يف السنة الخامسة‬ ‫عزيزا وفتح له فتحً ا مبينًا‪ ،‬فملك‬
‫ً‬ ‫ﷲ تعاىل ملكه ونرصه نرصً ا‬
‫والعرشين بعد التسعمائة‪ ،‬مرسالً من رشيف مكة أو من‬ ‫من أرض كنت إىل البحر املالح يف املغرب وأحوازهما‪ ،‬ومن حد‬
‫الخليفة العبايس بحسب طلبه يف موسم الحج‪ ،‬فكان مساعدا‬ ‫أرض ِبندك إىل تغز وأحوازهما‪ .‬فطوّ ع الجميع بالسيف‬
‫ورشي ًكا له يف إدارة وحكم دولته وفق أسس تنظيمية جديدة‬ ‫والقهر")‪ .(٦٣‬وصار منذ ذلك الحني يلقب بالحاج أسكيا‪ ،‬واتخذ‬
‫قائمة عىل ما كان سائدا يف العراق والحجاز ومرص)‪ .(٦٨‬فعاد من‬ ‫األلقاب الدالة عىل تلك املكانة الرشعية التي تبوأها منها‪ :‬أمري‬
‫تلك الرحلة وهو مفعم بالحماس لنرش اإلسالم وتنظيم الدولة‬

‫‪ ‬‬

‫‪  ١٤‬‬
‫ﺤﻜﱠﻤﺔ‪ .‬ﺭﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬
‫ﻣ َ‬
‫ﻋﻠﻤﻴﺔ‪ .‬ﻋﺎﻟﻤﻴﺔ‪ُ .‬‬ ‫ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻴﺔ‬

‫ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻭﺍﻟﺜﻼﺛﻮﻥ – ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ ‪ – ٢٠١٦‬ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺘﺎﺳﻌﺔ‬


‫دراﺳﺎت‬
‫‪ ‬‬
‫‪ V ‬‬
‫‪Ł ŽÚ]ç‬‬
‫]‪ş‬‬ ‫عىل أسس إسالمية حديثة‪ ،‬وتشري املصادر أنه بعد عودته"‪...‬‬
‫‪ ‬‬ ‫نرص السنة‪ ،‬وأحيا طريق العدل‪ ،‬وجرى عىل منهاج الخليفة‬
‫)‪ (١‬حول صيغة االسم ودالالته وأصله‪ ،‬انظر‪ :‬ميغا‪ ،‬هارون املهدي‪.‬‬ ‫العبايس يف مقعده وملبسه وسائر أموره‪ ،‬ومال للسرية العربية‬
‫إمرباطورية سنغاي‪ :‬دراسة تحليلية يف الرتتيب التاريخي‬
‫وعدل عن سرية العجم فصلحت األحوال" )‪.(٦٩‬‬
‫لإلمرباطوريات اإلسالمية يف غرب إفريقيا‪) .‬بحث منشور يف مجلة‬
‫لقد كان موسم الحج مناسبة عظيمة لتعزيز أوارص روح‬
‫الدراسات األفريقية الصادرة عن مركز البحوث والدراسات اإلفريقية‬
‫بجامعة أفريقيا العاملية – الخرطوم؛ ال توجد معلومات متوفرة عن رقم‬ ‫اإلخوة اإلسالمية‪ ،‬وروح التعاون والتكامل الحضاري اإلسالمي‪،‬‬
‫العدد وتاريخه( ص ‪ ٢‬وما بعدها؛ الدايل‪ ،‬الهادي املربوك‪ .‬التاريخ‬ ‫فقد تأثر بما رآه يف مرص والحجاز من نظم الحكم والثقافة‬
‫السيايس واالقتصادي ألفريقيا فيما وراء الصحراء من نهاية‬ ‫اإلسالمية العربية‪ ،‬فعمل حني عودته عىل تطبيق ما تعلمه من‬
‫القرن الخامس عرش إىل بداية القرن التاسع عرش‪ .‬ص ‪ ٨٩‬وما‬
‫تجارب تلك املشاهدات‪ ،‬فقلد كثريا منها يف تنظيم مملكته‪،‬‬
‫بعدها )الدار املرصية اللبنانية‪ .‬القاهرة‪ .‬ط‪١٤٢٠ .١‬هـ‪١٩٩٩ /‬م(‪.‬‬
‫وأمعن يف إحاطة نفسه ببطانة من العلماء الذين كان يحمل لهم‬
‫)‪ (٢‬غرب السودان أو السودان الغربي هو الجزء الغربي مما عرف يف‬
‫املصادر الجغرافية والتاريخية اإلسالمية ببالد السودان أي البالد التي‬ ‫كل االحرتام والتقدير فكان إذا دخلوا عليه يجلسهم عىل رسيره‪،‬‬
‫تقطنها الشعوب ذات البرشة السوداء والتي تمتد من ساحل بحر القلزم‬ ‫ويأمر أال يقف أحد إال للعلماء أو الحجاج إذا قدموا من مكة)‪،(٧٠‬‬
‫) األحمر( رشقا إىل ساحل املحيط األطليس غربا يقول القلقشندي"‬ ‫وأال يأكل معه إال العلماء والرشفاء‪ ،‬وأبطل البدع واملنكرات وأقام‬
‫وهي بالد متسعة األرجاء رحبة الجوانب ومن حدها من الغرب البحر‬ ‫الدين والعقائد‪ ،‬واهتم بجامعة تمبكتو التي منحها عناية خاصة‬
‫املحيط الغربي ومن الجنوب الخراب مما ييل خط االستواء‪ ،‬ومن الرشق‬
‫حتى ضاهت األزهر‪ ،‬والقريوان‪ ،‬والزيتونة‪ ،‬وفاس‪ ،‬والنظامية يف‬
‫بحر القلزم مما يقابل بالد اليمن واألمكنة املجهولة الحال رشقي بالد‬
‫الزنج يف جنوب البحر الهندي ‪ ،‬ومن الشمال الرباري املمتدة فيما بني‬ ‫بغداد‪ ،‬وسار خلفاؤه من بعده عىل هذه السياسة)‪.(٧١‬‬
‫الديار املرصية وارض برقة وبالد الرببر من جنوبي املغرب إىل املحيط"‬
‫انظر‪ :‬القلقشندي‪ ،‬أبو العباس أحمد‪ .‬صبح األعىش يف صناعة‬
‫}^‪ í³‬‬
‫اإلنشاء‪) .‬دار الكتب املرصية‪ ،‬القاهرة‪١٣٤٠ .‬هـ‪١٩٢٢ /‬م( ج‪ ٥‬ص‬ ‫من خالل ما سبق عرضه يف هذا النموذج الذي قدمته هذه‬
‫‪ ...٢٧٣‬وغرب السودان هو املنطقة املدارية التي تقع بني جنوب‬ ‫الدراسة‪ ،‬نخلص إىل أن رحالت الحج التي قام بها سالطني‬
‫الصحراء وشمال الغابات االستوائية تمتد رشقا إىل حدود مرتفعات‬ ‫وملوك املمالك اإلسالمية يف أفريقيا جنوب الصحراء كان لها آثار‬
‫الحبشة‪ ،‬وغربا إىل املحيط األطليس‪ ،‬أو قد تكون املنطقة املمتدة من‬ ‫حضارية متعددة الجوانب واملجاالت‪ :‬السياسية واالقتصادية‬
‫تشاد وتشمل دول النيجر ومايل وغينيا وبعض أقاليم الكامرون‬
‫والفكرية والدعوية‪ ،‬واالجتماعية والعمرانية ‪ ...‬ومجاالت‬
‫ونيجرييا وغريها من دول غرب إفريقيا الحالية؛ يقول ابن خلدون‪:‬‬
‫"كان ملك السودان بصحراء املغرب يف اإلقليم األول والثاني منقسمً ا بني‬ ‫حضارية أخرى‪ ....‬منها ما كان واضحً ا يف مناطق خط سري‬
‫أمم من السودان‪ .‬أولهم مما ييل البحر املحيط أمة صوصو‪ ،‬وكانوا‬ ‫الرحلة وعىل وجه الخصوص يف بالد الحرمني الرشيفني وكذا‬
‫مستولني عىل غانة ودخلوا يف اإلسالم أيام الفتح ثم ييل أمة صوصو أمة‬ ‫املراكز واملدن واألمصار األخرى التي مرت بها تلك الرحالت‬
‫رشقا عنهم‬‫مايل من رشقهم وكرس ملكهم بمدينة بني ثم من بعدهم ً‬
‫ذهابا وإيابًا‪ ،‬وذلك يف مجال النفقات السخية وألوقاف وألعمال‬
‫أمة كوكو‪ .‬ثم التكرور بعدهم‪ ،‬وفيما بينهم وبني النوبة أمة كانم‬
‫الخريية واإلنشائية وااللتقاء بالعلماء ومن ثم التعليم والتعلم‪،‬‬
‫وغريها‪ ،".‬انظر‪ .‬ابن خلدون‪ ،‬عبد الرحمن‪ .‬تاريخ ابن خلدون‪.‬ضبط ‪.‬‬
‫خليل شحادة‪ .‬مراجعة‪ .‬سهيل زكار‪ ) .‬دار الفكر‪ .‬بريوت‪١٤٣١ .‬هـ‪/‬‬ ‫واكتساب املعارف والعلوم يف شتى صنوف العلوم واملعارف‬
‫‪٢٠٠١‬م(‪ .‬ج‪ ٥‬ص ‪ ٤٩٥‬؛ ويعرف غرب السودان ‪ -‬وعىل وجه‬ ‫واستلهام التجارب الحضارية يف مجال الحكم والسياسة‬
‫الخصوص املناطق التي كانت واقعة تحت نفوذ إمرباطورية غانا ‪ ،‬ثم‬ ‫والتدابري اإلدارية والحصول عىل الصبغة الرشعية اإلسالمية‬
‫مايل ‪ ،‬ثم صنغاي‪ -‬يف املصادر اإلسالمية أيضا بأرض أو بالد التكرور‬ ‫للحكم يف مناطقهم‪ ،‬وكذا اصطحاب العلماء واملبدعني إىل‬
‫نسبة إىل أرض تعرف بالتكرور ومدينتها التكرور أحد أقاليم مناطق‬
‫بلدانهم لالستفادة منهم يف بناء دولهم وممالكهم التي قامت‬
‫أرض السودان الغربي الواقعة يف أعايل نهر النيجر بالقرب من ضفافه‪،‬‬
‫حيث دخلت يف ظل حكم دولة غانة ثم مايل ثم صنغاي ‪ .‬انظر‪.‬‬ ‫وسارت عىل النهج والنمط الحضاري اإلسالمي‪ ...‬ليتحقق بذلك‬
‫القلقشندي‪ .‬صبح األعىش‪ .‬ج‪٥‬ص ‪٢٩٢ ،٢٨٢ ،٢٦٨‬؛ ابن فضل ﷲ‬ ‫الهدف الحضاري من الحج املتمثل يف املنافع و التكامل والحوار‬
‫العمري‪ ،‬شهاب الدين أحمد بن يحي‪ .‬مسالك األبصار يف ممالك‬ ‫الحضاري اإلسالمي بني شعوب العالم اإلسالمي عىل اختالف‬
‫األمصار‪ )..‬تحقيق‪ .‬كامل سليمان الجبوري‪) .‬دار الكتب العلمية ‪.‬‬ ‫أجناسه وألوانه وبيئاته وثقافاته فكانت مواسم الحج التاريخية‬
‫بريوت‪ .‬ط‪٢٠١٠ .١‬م( ج ‪ ٤‬ص ‪.٤٩‬‬
‫اس ِبا ْلحَ جﱢ يَأْتُو َك‬ ‫مصداقا لقوله سبحانه وتعاىل ﴿وَأَذﱢن ِيف الن ﱠ ِ‬ ‫ً‬
‫)‪ (٣‬انظر‪ .‬ميغا‪ .‬إمرباطورية سنغاي‪ .‬ص ‪ ٢‬وما بعدها ؛ الدايل‪ .‬التاريخ‬
‫السيايس واالقتصادي ألفريقيا‪ ....‬ص‪ ٨٩‬وما بعدها‪.‬‬ ‫يق‪ِ ،‬لي َْشهَ دُوا مَ نَافِ َع‬ ‫ني ِمن ُك ﱢل َفجﱟ عَ ِم ٍ‬ ‫ض ِام ٍر يَأ ْ ِت َ‬ ‫ِرجَ اال وَعَ َىل ُك ﱢل َ‬
‫)‪ (٤‬ميغا‪ .‬إمرباطورية سنغاي‪ . ...‬ص ‪.١٠‬‬ ‫ات عَ َىل مَ ا َر َز َقهُ م مﱢ ن ب َِهيمَ ِة‬ ‫ﷲﱠ ِيف أَيﱠا ٍم مﱠ عْ لُومَ ٍ‬ ‫اس َم ِ‬ ‫َلهُ ْم وَ يَذْ ُك ُروا ْ‬
‫)‪ (٥‬املصدر السابق‪ .‬ص ‪.١١‬‬ ‫ضوا تَ َفثَهُ ْم‬‫طعِ مُوا ا ْلبَائ َِس ا ْل َفقِ ري‪َ،‬ث ُ ﱠم ْلي َْق ُ‬ ‫األنْعَ ا ِم َف ُكلُوا ِمنْهَ ا وَأ َ ْ‬
‫َ‬
‫)‪ (٦‬املصدر السابق‪ .‬ص ‪ ١٢‬وما بعدها‬ ‫ِيق﴾ ]سورة الحج‪:‬‬ ‫طوﱠ ُفوا ِبا ْلبَي ِْت ا ْلعَ ت ِ‬ ‫ُوفوا نُذُ َ‬
‫ور ُه ْم وَ ْليَ ﱠ‬ ‫وَ ْلي ُ‬
‫)‪ (٧‬السعدي‪ ،‬عبد الرحمن بن عبد ﷲ‪ .‬تاريخ السودان )طبعة باريس‪.‬‬
‫اآليات‪ ...[٢٩ -٢٧:‬صدق ﷲ العظيم‪.‬‬
‫‪١٩٨١‬م( ‪ .‬ص‪.٤‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬

‫‪  ١٥‬‬
‫ﺤﻜﱠﻤﺔ‪ .‬ﺭﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬
‫ﻣ َ‬
‫ﻋﻠﻤﻴﺔ‪ .‬ﻋﺎﻟﻤﻴﺔ‪ُ .‬‬ ‫ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻴﺔ‬

‫ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻭﺍﻟﺜﻼﺛﻮﻥ – ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ ‪ – ٢٠١٦‬ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺘﺎﺳﻌﺔ‬


‫دراﺳﺎت‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬
‫)‪ (٢٠‬هنالك اضطراب كبري يف التواريخ واألحداث ‪ .‬انظر‪ .‬الدايل ‪ .‬التاريخ‬ ‫)‪ (٨‬يذكر السعدي أن امللك الذي أسلم هو ‪ :‬زا ُكيس وذلك يف سنة ‪٤٠٠‬‬
‫السيايس‪ ٩٥ ...‬وما بعدها‪.‬‬ ‫للهجرة‪ ..‬تاريخ السودان‪ .‬ص ‪.٤‬‬
‫)‪ (٢١‬السعدي‪ .‬تاريخ السودان‪ ...‬ص ‪.٣‬‬ ‫)‪ (٩‬عبد الحليم ‪ ،‬رجب محمد‪ .‬تاريخ املسلمني يف أفريقيا جنوب‬
‫)‪ (٢٢‬الدايل‪ .‬التاريخ السيايس‪ ...‬ص ‪.٩٩‬‬ ‫الصحراء )سلسلة موسوعة سفري للتاريخ اإلسالمي‪ .‬رشكة سفري‪.‬‬
‫)‪ (٢٣‬السعدي‪ .‬تاريخ السودان‪ . ..‬ص ‪ ٧٢ -٧١‬؛ الدايل‪ .‬التاريخ‬ ‫القاهرة‪١٩٩٦ .‬م( ‪ .‬ص‪.٣٧‬‬
‫السيايس‪ ...‬ص ‪.١٠٥ -٩٨‬‬ ‫)‪ (١٠‬ميغا‪ .‬إمرباطورية سنغاي‪..‬ص ‪.١٧‬‬
‫)‪ (٢٤‬الدايل‪ .‬التاريخ السيايس‪ ...‬ص‪ ١٠٥‬وما بعدها‪.‬‬ ‫)‪ (١١‬يقال أن أصل هذا اللقب من اليمن التي اشتهر ملوكها بذو ‪ ...‬يستند يف‬
‫)‪ (٢٥‬السعدي‪ .‬تاريخ السودان‪ ...‬ص ‪.٧١‬‬ ‫ذلك املرخون إىل أن امللوك األوائل لصنغاي من أصل يمني‪ ،‬انظر‪.‬‬
‫)‪ (٢٦‬الصادقي‪ ،‬حسن )أضواء عىل مماليك غرب إفريقيا وعالقاتها‬ ‫السعدي‪ .‬تاريخ السودان‪.‬ص‪ .٤‬وللبعض تحقيق ومالحظات جديدة‬
‫ببالد املغرب( ضمن البحوث التي قدمت ملؤتمر اإلسالم يف إفريقيا‬ ‫حول ذلك ‪ .‬انظر ميغا‪ ،‬هارون املهدي‪ .‬تحــريف دالالت األلــقاب‬
‫الذي عقد بمناسبة ذكرى مرور ‪ ١٤‬قرن من الهجرة نظمه مركز‬ ‫والــوقوع يف أخطــاء تاريخــية بغــرب أفــريقيا" دالالت‬
‫البحوث والدراسات اإلفريقية بجامعة أفريقيا العاملية بالتعاون مع‬ ‫ألقاب امللوك يف إمرباطورية سنغاي نموذجا " ) بحث منشور يف‬
‫جمعية الدعوة اإلسالمية العاملية‪ .‬يف الخرطوم يف الفرتة من ‪٢٧-٢٦‬‬ ‫مجلة الدراسات األفريقية الصادرة عن مركز البحوث والدراسات‬
‫نوفمرب ‪ ٢٠٠٦‬م( ‪.‬ص ‪. ٥-٤‬‬ ‫اإلفريقية بجامعة أفريقيا العاملية – الخرطوم‪ .‬ال توجد معلومات‬
‫)‪ (٢٧‬حول املراحل الزمنية التي مرت بها هذه الدولة ‪ .‬انظر‪ :‬الدايل‪ .‬التاريخ‬ ‫متوفرة عن رقم العدد وتاريخه( ص ‪ ٥٤‬وما بعدها‪.‬‬
‫السيايس واالقتصادي ألفريقيا‪ ...‬ص ‪ ٩٥‬وما بعدها‪.‬‬ ‫)‪ (١٢‬انظر‪ :‬ميغا‪ .‬تحــريف دالالت األلــقاب‪ ....‬ص ‪ ٤٤‬وما بعدها؛‬
‫)‪ (٢٨‬السعدي‪ .‬تاريخ السودان‪.‬ص ‪.٧١‬‬ ‫هناك خلل يف ترتيب األرس الحاكمة‪ ،‬انظر‪ .‬الدايل‪ .‬التاريخ‬
‫)‪ (٢٩‬كعت‪ ،‬محمد محمود‪ .‬تاريخ الفتاش يف أخبار البلدان والجيوش‬ ‫السيايس‪ ...‬ص ‪٩٤‬؛ ميغا‪ .‬إمرباطورية سنغاي‪ .‬ص‪ ١١‬وما بعدها‪.‬‬
‫وأكابر الناس وذكر وقائع التكرور وعظائم األمور وتفريق‬ ‫)‪ (١٣‬ميغا‪ .‬إمرباطورية سنغاي‪ .‬ص‪ ١٨ ،١١‬وما بعدها‪.‬‬
‫أنساب العبيد من األحرار‪) .‬نسخة غري منسقة بصيغة وورد‬ ‫)‪ (١٤‬ميغا ‪ .‬مصدر سابق‪ .‬ص ‪.٢٢ -٢١‬‬
‫منشورة عىل عدد من مواقع الكتب عىل شبكة النت( ص ‪.٢‬‬ ‫)‪ (١٥‬الدايل‪ .‬التاريخ السيايس‪ ...‬ص ‪.٩٥‬‬
‫)‪ (٣٠‬الدايل‪ .‬التاريخ السيايس‪ ...‬ص ‪.١١١‬‬ ‫)‪ (١٦‬انظر‪ .‬السعدي ‪ .‬تاريخ السودان ‪ .‬ص ‪ . ٧‬ومنسا موىس هو أشهر‬
‫)‪ (٣١‬الدايل ‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.١٠٩‬‬ ‫وأقوى سالطني وملوك مملكة مايل اإلسالمية عىل اإلطالق حكم خالل‬
‫)‪ (٣٢‬اختلف يف معناه وبدايات استخدامه‪ ،‬ومناسبة استخدامه‪ .‬أيضا ‪ :‬فقيل‬ ‫املدة من ) ‪٧٣٧ -٧٠٧‬هـ‪١٣٣٧ -١٣٠٦/‬م( حيث بلغت يف عهده‬
‫) القاهر( وقيل )امللك( وقيل )أشكيا( أي ليس هو امللك‪ ،‬أوال ينبغي أن‬ ‫مملكة مايل أوج قوتها ومجدها السيايس والحضاري‪ ،‬وكانت رحلته‬
‫يكون هو امللك؛ كما أطلقن عليه بنات امللك سني عيل بر بعد أن تغلب‬ ‫للحج سنة ‪٧٢٤‬هـ من أشهر رحالت الحج مللوك أفريقيا املسلمة ‪،‬‬
‫ملك أبيهن إثر اغتيال – أو موت ‪-‬والدهن وانتصاره عىل أخيهن‪ ،‬فقيل‬ ‫حيث أطنبت املصادر يف وصفها ووصف موكبها الذي رافق السلطان‬
‫بأنه ملا سمع بمقولتهن تلك أعجب بها وأمر أال يلقب إال بذلك القول‬ ‫والذي يزيد عن عرشين ألف نسمة‪ -‬وقيل ستني ألف‪ -‬من علماء‬
‫غيضا لهن‪ ،‬وقيل أن هذا اللقب ليس ابتداعا من عهد آسكيا محمد‬ ‫وعبيد ووزراء وجند وجواري‪ ،‬وما حمل هذا املوكب من متاع وما أُنفق‬
‫وإنما له جذور ومرجعية تاريخية ولغوية وكان شائعا ومتداوال من‬ ‫فيها من عرشات اآلالف من مثاقيل الذهب والهدايا وما تركته هذه‬
‫قبل تاريخ الصنغاي‪ .‬انظر‪ .‬السعدي‪ .‬تاريخ السودان‪.‬ص ‪ ٧٢‬؛‬ ‫الرحلة من آثار اقتصادية وعلمية وعمرانية وسياسية ‪ ،‬انظر‪.‬ابن‬
‫ميغا‪ .‬تحريف دالالت األلقاب‪ .‬ص ‪٦٦ -٦٠‬؛ عبد الحليم‪ .‬تاريخ‬ ‫خلدون‪ .‬تاريخ ابن خلدون‪ .‬ج‪ ٥‬ص ‪٤٤٦‬؛ السعدي‪ .‬تاريخ‬
‫املسلمني يف أفريقيا‪ .‬ص ‪.٣٨‬‬ ‫السودان‪ .‬ص‪٧‬؛ القلقشندي‪ .‬صبح األعىش‪ .‬ج‪ ٥‬ص ‪٢٩٣‬؛ املقريزي‪،‬‬
‫)‪ (٣٣‬السعدي ‪ .‬تاريخ السودان‪ ...‬ص ‪.٨٨‬‬ ‫تقي الدين أحمد بن عيل‪ .‬الذهب املسبوك يف ذكر من حج من‬
‫)‪ (٣٤‬كعت‪ .‬تاريخ الفتاش‪ ...‬ص ‪.٥٠‬‬ ‫الخلفاء وامللوك‪ .‬وما بعدها )تحقيق جمال الدين الشيال‪ ،‬مكتبة‬
‫)‪ (٣٥‬ميغا‪ ،‬هارون املهدي‪ .‬إمرباطورية سنغاي‪ :‬دراسة تحليلية يف‬ ‫الثقافة الدينية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪١٤٢٠ .١‬هـ‪٢٠٠٠ /‬م( ص ‪١٤٠‬؛ ابن‬
‫الرتتيب التاريخي لإلمرباطوريات اإلسالمية يف غرب إفريقيا )‬ ‫حجر العسقالني‪ ،‬شهاب الدين أحمد بن عيل ‪ .‬الدرر الكامنة يف‬
‫بحث منشور عىل شبكة االنرتنت مجهول املصدر‪ ،‬نقال عن ‪ ،‬طرخان‪،‬‬ ‫أعيان املائة الثامنة‪ ) .‬دار إحياء الرتاث العربي ‪ .‬بريوت‪ .‬د‪ .‬ت( ج ‪٤‬‬
‫إبراهيم‪ .‬عيل‪ .‬إمرباطورية سنغاي اإلسالمية( ص‪.٢٤‬‬ ‫ص ‪ ٣٨٤ -٣٨٣‬؛ ابن كثري‪ ،‬عماد الدين أبو الفداء إسماعيل‪ .‬البداية‬
‫)‪ (٣٦‬عبد الحليم‪ .‬تاريخ املسلمني يف أفريقيا جنوب الصحراء‪ .‬ص ‪.٣٩‬‬ ‫والنهاية ‪ .‬ت‪ .‬عبد ﷲ عبد املحسن الرتكي‪.‬بالتعاون مع مركز البحوث‬
‫)‪ (٣٧‬كعت‪ .‬تاريخ الفتاش‪ ...‬ص ‪.٣٧‬‬ ‫للدراسات العربية واإلسالمية )دار الهجرة )هجر للطباعة والنرش‪.‬‬
‫)‪ (٣٨‬السعدي‪ .‬تاريخ السودان‪.‬ص ‪.٧٢‬‬ ‫القاهرة‪ .‬ط‪١٤١٩ .١‬هـ ‪١٩٩٨‬م( ج‪ ١٨‬ص ‪ .٢٤١ – ٢٤٠‬؛ ابن فضل‬
‫)‪ (٣٩‬كعت ‪ .‬تاريخ الفتاش‪..‬ص‪ ٤٦،٧٣ ،١٨، ١٦ ،٣‬وما بعدها ؛ السعدي‪.‬‬ ‫ﷲ العمري‪.‬مسالك األبصار ج ‪ ٤‬ص ‪.٥٩-٥٥‬‬
‫تاريخ السودان‪.‬ص ‪.٧٢ ،٧١‬‬ ‫)‪ (١٧‬يشري البعض إىل أن هذا اللقب هو) ُسنﱢي( أي املقتفي لسنة رسول ﷲ‬
‫)‪ (٤٠‬كعت ‪ .‬تاريخ الفتاش‪ .‬ص ‪٥٠‬؛ السعدي‪ .‬تاريخ السودان‪ .‬ص ‪.٨٠‬‬ ‫صىل ﷲ عليه وسلم ‪ ،‬حول خصائص هذا اللقب انظر‪ :‬ميغا‪ .‬تحريف‬
‫)‪ (٤١‬كعت ‪ .‬تاريخ الفتاش‪ ...‬ص ‪٥٤‬؛ السعدي‪ .‬تاريخ السودان‪ .‬ص‬ ‫دالالت األلقاب‪ ....‬ص ‪ ٥٤‬وما بعدها؛ الدايل‪ .‬التاريخ السيايس‬
‫‪.٩٤‬‬ ‫واالقتصادي‪ ...‬ص ‪ ٩٤‬هامش ‪ .١‬السعدي‪ . .‬تاريخ السودان‪.‬‬
‫)‪ (٤٢‬أو‪ ،‬قاو‪ ،‬أو " جاو" هي أكرب املدن يف شمال مايل تقع عىل ضفاف نهر‬ ‫ص‪.٣‬‬
‫النيجر‪ ،‬وتبعد ‪ ٣٢٠‬كم جنوب رشق تمبوكتو‪.‬‬ ‫)‪ (١٨‬السعدي‪ .‬تاريخ السودان ‪ .‬ص ‪.٦‬‬
‫‪ ‬‬ ‫)‪ (١٩‬السعدي ‪ .‬مصدر سابق‪ .‬ص ‪.٦‬‬
‫‪ ‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪  ١٦‬‬
‫ﺤﻜﱠﻤﺔ‪ .‬ﺭﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬
‫ﻣ َ‬
‫ﻋﻠﻤﻴﺔ‪ .‬ﻋﺎﻟﻤﻴﺔ‪ُ .‬‬ ‫ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻴﺔ‬

‫ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻭﺍﻟﺜﻼﺛﻮﻥ – ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ ‪ – ٢٠١٦‬ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺘﺎﺳﻌﺔ‬


‫دراﺳﺎت‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬
‫)‪ (٥٤‬السعدي‪ .‬تاريخ السودان ‪ .‬ص ‪.٧٣‬‬ ‫)‪ (٤٣‬يقول الدكتور أحمد عيل إسماعيل يف ورقة له منشورة عىل النت‬
‫)‪ (٥٥‬السعدي‪ .‬تاريخ السودان‪ .‬ص ‪.٧‬‬ ‫بعنوان‪" ،‬طرق الحج دراسة جغرافية " ص ‪ ،٧ -٦‬وكانت رحلة الحج‬
‫)‪ (٥٦‬تاريخ الفتاش‪ ...‬ص ‪.٤٤‬‬ ‫تستغرق عدة أعوام‪ ،‬تكون يف أدناها ثالثة أعوام بالنسبة لعدد قليل‬
‫)‪ (٥٧‬كعت‪ .‬تاريخ الفتاش‪ ...‬ص ‪.٤‬‬ ‫أما العدد األكرب فكانت رحلته تمتد أحيانًا إىل ربع قرن أو أكثر‪ ،‬وكان‬
‫)‪ (٥٨‬كعت ‪.‬تاريخ الفتاش‪ ...‬ص ‪.٤‬‬ ‫املتوسط العام هو ثمانية أعوام‪ ،‬وكانت رحلة الذهاب إىل مكة تتطلب‬
‫)‪ (٥٩‬كعت ‪.‬تاريخ الفتاش‪ ...‬ص ‪.٤‬‬ ‫يف العادة خسمة أعوام يجمع خاللها الفرد تكاليف رحلته أثناء بقائه‬
‫)‪ (٦٠‬كعت ‪ .‬تاريخ الفتاش‪ ...‬ص ‪.٨‬‬ ‫يف سودان وادي النيل‪ ،‬ثم يميض أعوامً ا ثالثة إضافية يف رحلة عودته‬
‫)‪ (٦١‬هو اإلمام الحافظ‪ :‬جالل الدين عبد الرحمن بن كمال الدين أبي بكر‬ ‫إىل بالده بعد أن يكون قد أدى الفريضة‪ ،‬وكان بعضهم يستقر يف‬
‫السيوطي‪ ،‬أبو الفضل‪ ،‬املولود يف القاهرة املرصية ليلة األحد مستهل‬ ‫السودان وال يعود إىل غرب إفريقيا‪ ،‬وإذا كان هذا قد حدث يف املايض‬
‫شهر رجب سنة ‪٨٤٩‬هـ واملتوىف فيها أيضا يف َسحَ ر ليلة الجمعة‬ ‫بنسب قليلة‪ ،‬فإن معدل البقاء يف السودان مع بداية القرن العرشين قد‬
‫تاسع عرش جمادى األوىل سنة ‪٩١١‬هـ صاحب املؤلفات واملصنفات‬ ‫تكرارا‪ ،‬ويوجد اآلن من أبناء املهاجرين األوائل جيل ثالث‬
‫ً‬ ‫أصبح أكثر‬
‫الكثرية واملشهورة يف شتى العلوم واملعارف الرشعية واللغوية واألدبية‬ ‫ً‬
‫أو رابع وأحيانا خامس‪.‬‬
‫وحول ترجمته ينظر‪ :‬السخاوي‪ ،‬شمس الدين محمد بن عبد الرحمن‪.‬‬ ‫)‪ (٤٤‬ابن خلدون‪ .‬التاريخ‪ .‬ج ص‪.٤٤٦ ٥‬‬
‫الضوء الالمع ألهل القرن التاسع ‪) .‬دار الجيل بريوت‪ .‬د ‪ .‬ت( ج‪٤‬‬ ‫)‪ (٤٥‬أطنبت املصادر يف وصف رحلة السلطان موىس من حيث موكبها‬
‫ص ‪ ٧٠ – ٦٥‬؛ الغزي‪ ،‬نجم الدين‪ .‬الكواكب السائرة بأعيان املئة‬ ‫وأخبارها وآثارها‪ ،‬ومما نقله الدكتور أحمد إسماعيل يف ورقته السابقة‬
‫العارشة‪ .‬ط‪ .٢‬تحقيق ‪ .‬جربائيل سليمان جبور‪) .‬دار اآلفاق الجديدة‪.‬‬ ‫ص ‪ ٩‬عن تلك املصادر‪ .‬ما ييل‪... " :‬وقد ذكرت عديد من املصادر‬
‫بريوت‪١٩٧٩ .‬م(‪.‬ج‪١‬ص ‪٢٣١‬؛ ابن إياس‪ ،‬محمد بن أحمد الحنفي ‪.‬‬ ‫رحلة السلطان‪" ،‬منسا موىس"‪ ،‬وقد خرج من عاصمته مايل عىل نهر‬
‫بدائع الزهور يف وقائع الدهور ‪) .‬دار إحياء الكتب العربية‪ .‬القاهرة‪.‬‬ ‫النيجر يف عام ‪ ٧٢٤‬هـ )‪١٣٢٤‬م(‪ ،‬وربما يكون قد وصل شماال ً إىل‬
‫‪١٩٦٣‬م(‪ .‬ج‪ ٤‬ص‪ ٨٣‬؛ العيدروس‪ ،‬عبد القادر بن شيخ عبد ﷲ ‪.‬‬ ‫خليج رست يف ليبيا قبل أن يتوجه إىل القاهرة‪ ،‬وكان يف موكب ضخم‬
‫النور السافر عن إخبار القرن العارش‪ .‬تحقيق ‪ .‬أحمد حالو‬ ‫يضم ‪ ٦٠٠٠٠‬من الجنود ومعه ‪ ٥٠٠‬من الرقيق الذين يحملون عصيًا‬
‫وآخرون‪ ) .‬دار صادر‪ .‬بريوت‪ .‬ط‪٢٠٠) .١‬م(‪ .‬ص ‪ ٩٠‬؛ ابن العماد‬ ‫مذهبة‪ ،‬ومعه ‪١٤٠٠٠‬جارية لخدمته‪ ،‬أما أهم حمولته فكانت مائة من‬
‫الحنبيل ‪ ،‬شهاب الدين أبي الفالح عبد الحي بن أحمد بن محمد‪.‬‬ ‫اإلبل التي تحمل كل منها ثالثة قناطري من الذهب بما يجعله يف ذلك‬
‫شذرات الذهب يف أخبار من ذهب‪ .‬تحقيق‪ .‬محمود األرناؤوط ‪.‬‬ ‫الوقت أغنى ملوك العالم‪ ،‬وقد استقبله السلطان النارص محمد بن‬
‫)دار ابن كثري ‪ .‬بريوت‪ .‬ط‪١٤٠٦ .١‬هـ‪١٩٨٦ /‬م ( ج‪ ١٠‬ص ‪-٧٤‬‬ ‫قالوون يف القاهرة‪ ،‬وقدم السلطان منسا موىس هدية إىل خزانة‬
‫‪ ٧٨‬؛ الشوكاني‪ ،‬محمد بن عيل‪ .‬البدر الطالع بمحاسن من بعد‬ ‫سلطان مرص قدرها بعضهم بخمسة آالف مثقال من الذهب‪ ،‬وقدرها‬
‫القرن السابع‪) .‬دار املعرفة‪ .‬بريوت‪ .‬د‪ .‬ت( ص ‪٣٣٥ -٣٢٨‬؛‬ ‫ابن خلدون بنحو خمسني ألف دينار‪ ،‬ولم يرتك أمريًا وال رب وظيفة‬
‫النبهاني ‪ ،‬يوسف بن إسماعيل‪ .‬جامع كرامات األولياء‪)..‬املكتبة‬ ‫سلطانية إال بعث إليه بالذهب‪ .‬وقد أدى إغراق أسواق مرص بالذهب‬
‫الشعبية ‪ .‬بريوت‪ .‬ط‪ ١٤٠٣ .٤‬هـ ‪١٩٨٣ /‬م(‪ .‬ج‪ ٢‬ص ‪.١٥٨ -١٥٦‬‬ ‫الذي حمله معه وقدمه كهدايا أو أنفقه يف القاهرة إىل انخفاض سعر‬
‫)‪ (٦٢‬كعت ‪ .‬تاريخ الفتاش‪ . ..‬ص ‪.٥ -٤‬‬ ‫الذهب يف مرص وقد أنفق سلطان مايل كثريًا يف الحرمني الرشيفني‬
‫)‪ (٦٣‬السعدي‪ .‬تاريخ السودان‪ .‬ص ‪.٧٣‬‬ ‫سواء عىل الحجيج أو أهل الحرمني كذلك‪ ،‬كذلك عىل القبائل التي كان‬
‫)‪ (٦٤‬الدايل‪ .‬التاريخ السيايس‪ ...‬ص ‪.١٦٠ ،١٥٤ ،١١٢‬‬ ‫يمر بها موكبه‪ ،‬حتى أنه احتاج يف رحلة العودة إىل االقرتاض من تجار‬
‫)‪ (٦٥‬تاريخ الفتاش‪ .‬ص ‪ .٥٥ -٥٤‬ويبدو أن ثمة لبس ربما مصدره‬ ‫مرص الذين حققوا مكاسب كبرية من ذلك‪ ،‬حيث أنه كان يعطي‬
‫النساخ يف كلمة "السلطان األعظم العثماني" فهو مصطلح متأخر عن‬ ‫الواحد منهم يف كل ثالثمائة دينار سبعمائة دينا ربحً ا ‪.‬عىل أن من‬
‫املرحلة التي يعرض لها املؤلف‪.‬‬ ‫األمور السياسية الهامة التي ترتبط برحلة "منسا موىس" أنه لم يكن‬
‫)‪ (٦٦‬مازالت أرسة من نسل هذا الشخص موجودة اليوم يف مدينة تمبكتو ‪،‬‬ ‫يتحدث مع سلطان مرص إال عن طريق ترجمان‪ ،‬مع إجادته للعربية‪،‬‬
‫انظر‪ .‬الدايل‪ .‬التاريخ السيايس‪ ...‬ص ‪.١٣٢‬‬ ‫وأنه حني طلب إليه أن يقبل األرض بني يدي سلطان مرص حني يلتقي‬
‫)‪ (٦٧‬انظر‪ .‬زبادية‪ ،‬عبد القادر‪ .‬دراسة عن أفريقيا جنوب الصحراء يف‬ ‫به رفض ذلك‪ ،‬وقال إنه جاء للحج ال لغريه وقال ‪" :‬أنا أسجد هللّ الذي‬
‫مآثر ومؤلفات العرب واملسلمني‪ ) ..‬نرش ديوان املطبوعات‬ ‫خلقني وفطرني‪ ،‬ثم سجد" وكان ذلك يعني اعتزازه بنفسه من ناحية‬
‫الجامعية‪ .‬الجزائر‪ .‬د‪ .‬ت( ص ‪١٣٥ -١٣٠‬؛ وحول ترجمة املغييل‬ ‫وفهمه لصحيح الدين من ناحية ثانية" ‪ .‬وللمزيد حول ترجمة منسا‬
‫وعالقته بالسلطان أسكيا الحاج محمد ‪ .‬انظر‪ .‬التنبكتي‪ ،‬أحمد بابا‪.‬‬ ‫موىس ورحلة حجه أنظر املصادر املشار إليها أعاله يف هامش )‪.(١٦‬‬
‫نيل االبتهاج بتطريز الديباج‪ .‬ص ‪) ٥٧٩ -٥٧٦‬منشورات كلية‬ ‫)‪ (٤٦‬كعت‪ .‬تاريخ الفتاش‪ ...‬ص ‪.٤١‬‬
‫الدعوة ‪ .‬ط‪.١‬طرابلس‪ .‬ليبيا‪١٩٨٩ .‬م (‪.‬‬ ‫)‪ (٤٧‬السعدي‪ .‬تاريخ السودان‪ .‬ص ‪.٧٢‬‬
‫)‪ (٦٨‬حول ترجمته ظروف مقدمه انظر‪ .‬كعت ‪ .‬تاريخ الفتاش‪ ...‬ص ‪٨،٤‬‬ ‫)‪ (٤٨‬السعدي‪ .‬تاريخ السودان‪ .‬ص ‪٧٣‬؛ الدايل ‪ .‬التاريخ السيايس‬
‫وما بعدها‪.‬‬ ‫واالقتصادي‪ ...‬ص ‪.١٢٥‬‬
‫)‪ (٦٩‬الدايل‪ .‬التاريخ السيايس‪ ...‬ص ‪.١٣٣‬‬ ‫)‪ (٤٩‬كعت‪ .‬تاريخ الفتاش‪ .‬ص ‪. .٤١ ، ٦‬‬
‫)‪ (٧٠‬كعت ‪ .‬تاريخ الفتاش‪ ...‬ص ‪.٤‬‬ ‫)‪ (٥٠‬الدايل‪ .‬التاريخ السيايس‪ ...‬ص ‪.١٢٦‬‬
‫)‪ (٧١‬عبد الحليم‪ .‬املسلمون يف أفريقيا جنوب الصحراء‪ .‬ص ‪،٤١- ٤٠‬‬ ‫)‪ (٥١‬السعدي‪ .‬تاريخ السودان‪ .‬ص ‪ ٧٢‬وما بعدها ؛ كعت‪ .‬تاريخ‬
‫الدايل‪ .‬التاريخ السيايس‪ ...‬ص ‪ ١٣٢‬وما بعدها‪.‬‬ ‫الفتاش‪ ...‬ص ‪ ٤٢‬وما بعدها‬
‫)‪ (٥٢‬كعت ‪ .‬تاريخ الفتاش‪ ...‬ص ‪.٧‬‬
‫)‪ (٥٣‬تاريخ الفتاش‪ ...‬ص ‪.٤٤‬‬
‫‪ ‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪  ١٧‬‬
‫ﺤﻜﱠﻤﺔ‪ .‬ﺭﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬
‫ﻣ َ‬
‫ﻋﻠﻤﻴﺔ‪ .‬ﻋﺎﻟﻤﻴﺔ‪ُ .‬‬ ‫ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻴﺔ‬

‫ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻭﺍﻟﺜﻼﺛﻮﻥ – ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ ‪ – ٢٠١٦‬ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺘﺎﺳﻌﺔ‬

You might also like