You are on page 1of 26

‫ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ برقة في كتب الرحّالة والبلدانيين ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ مجلة أصول الدين‪/‬ع‪ 4‬ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ‬

‫برقة في كتب الرحّالة والبلدانيين‪:‬‬


‫رحلة المقدسي‪ ،‬والبلدان والممالك لابن سباهي أنموذج ًا‬
‫*‬
‫د‪ /‬إدريس مفتاح حمودة‬
‫ملخص البحث‪:‬‬
‫ترك ّز الد ّراسة على وصف برقة من خلال رحلة المقدسي (ت‪083 :‬هـ) المسمّاة‪:‬‬
‫(أحسن الت ّقاسيم في معرفة الأقاليم)‪ ،‬ال ّتي جمعت بين ما عاينه المؤل ّف بنفسه وما سمعه من‬
‫غيره أو أدركه في كتب السابقين عن عصره‪ ،‬ومن ثم ّ الموازنة والت ّحليل بما أورده ابن‬
‫سباهي‪( :‬ت‪999:‬هـ) في كتابه‪( :‬أوضح المسالك إلى معرفة البلدان والممالك)‪ ،‬الّذي جمع‬
‫فيه مؤل ّفه معظم ما كتبه البلدانيون إلى أواخر العصر الوسيط‪.‬‬
‫نتناول بالبحث المجال الجغرافي لبرقة‪ ،‬وإشكالي ّة الت ّسمية ومدلولها بين الن ّطاق‬
‫الجغرافي الواسع والت ّسمية الد ّالّة على المدينة‪ ،‬والبحث عن العلاقة بين كلا المفهومين؛‬
‫بهدف الوصول إلى حقائق منطقي ّة من خلال تحليل ما ورد في المصدرين‪ ،‬دون إغفال‬
‫إلقاء بعض الضوء على الجوانب الت ّار يخية لبرقة‪ ،‬وارتباطها بمحيطها من الأقاليم والبلدان من‬
‫خلال المعطيات التي تخدم جوانب موضوع الدراسة‪.‬‬
‫مقدمـة‪:‬‬
‫تع ّد كتب الر ّحالة والبلدانيين من المصادر ذات الأهمية في كتابة الت ّاريخ؛ نظرا‬
‫لاشتمالها على الوصف الشامل في جوانب متعدّدة للأقاليم والبلدان والمدن‪ ،‬ومظاهر الحياة‬
‫السياسية والاجتماعية والثقافية‪ ،‬ولـكنها تختلف في محتو ياتها من عصر إلى آخر من حيث‪:‬‬
‫استقصاء الأخبار‪ ،‬وتفاصيلها بين هذا المصدر أو ذاك بحسب ظروف الر ّحالة وثقافته التي‬
‫من خلالها يسج ّل لنا مشاهداته عن العصر الذي وجد فيه أو ما نقله عن غيره من‬
‫السابقين عن عصره‪.‬‬
‫وبناء على هذا فإننا سنحاول في هذا البحث إلقاء بعض الضوء على برقة في العصر‬
‫الوسيط‪ ،‬من خلال رحلة المقدسي‪ ،‬والبلدان والممالك لابن سباهي‪ ،‬حيث سندرس موقع‬

‫* عضو هيئة تدريس بكلية اللغة العربية والدراسات الإسلامية‪ ،‬الجامعة الأسمر ية الإسلامية‪.‬‬
‫‪E.hammoda@asmarya.edu.ly‬‬

‫‪712‬‬
‫ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ برقة في كتب الرحّالة والبلدانيين ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ مجلة أصول الدين‪/‬ع‪ 4‬ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ‬

‫برقة‪ ،‬وتسميتها‪ ،‬ومدلول لفظها‪ ،‬ومجالها الجغرافي‪ ،‬وامتداده‪ ،‬وحدوده‪ ،‬ومن ثم ّ سنتناول‬
‫بالبحث خصائص برقة‪ ،‬وأهم ّي ّتها الاقتصادي ّة‪ ،‬وصادراتها التجار ية‪ ،‬ومراسيها البحر ية؛‬
‫لمحاولة رسم بعض ملامح جغرافيتها من خلال المصدرين موضوع الدراسة‪.‬‬
‫مشكلة البحث‪:‬‬
‫ن موقع برقة ضمن إقليم بلاد المغرب بحدوده التي ذكرتها المصادر‪ ،‬قد جعل‬
‫إ ّ‬

‫الجغرافيّين والرّحّالة يفس ّرون مدلول لفظ برقة ومجالها‪ ،‬والمراحل ال ّتي بينها وبين جوارها‪،‬‬

‫وتلك الاختلافات في مسألة الامتداد الجغرافي لبرقة ال ّتي ترتّبت عليها فيما بعد وجهات‬

‫نظر في أقسام إقليم بلاد المغرب قد جعلتنا نبحث عن إجابة لها عند المقدسي وابن سباهي‪.‬‬

‫فرضية البحث‪:‬‬
‫ن القائلين بأن المغرب الأدنى تنتهي حدوده على مشارف سرت قد جعلوا برقة‬
‫إ ّ‬
‫خارج نطاق بلاد المغرب‪ ،‬وهو ما يتناقض مع مفهوم إقليم بلاد المغرب وامتداده الّذي‬
‫يبتدئ من غربي الإسكندر ية شرقا إلى البحر المحيط غربا‪ ،‬أو أنّهم جعلوا من برقة‬
‫وطرابلس قسما رابعا‪ ،‬وهو ما لا يستند إلى أيّ معطيات‪ ،‬ومن ثم ّ فإن ّه من المفترض أن‬
‫يكون الامتداد الجغرافي من غربي الإسكندر ي ّة شرقا إلى بجاية غربا قسما واحدا ليشمل‪:‬‬
‫إفر يقي ّة‪ ،‬وطرابلس‪ ،‬وبرقة‪ ،‬يصطلح على تسميته "بالمغرب الأدنى"‪.‬‬
‫أهداف البحث‪:‬‬
‫يهدف البحث إلى إبراز الأهمية الجغرافي ّة والت ّار يخية لبرقة ال ّتي تمت ّعت بها خلال‬
‫العصر الإسلامي الوسيط‪ ،‬وتصحيح المغالطات التي تتعل ّق ببعض المصطلحات والمعلومات‬
‫الخاطئة‪ ،‬ونقدها في مواضع الن ّقد بما توافر من أدلّة علمي ّة‪ ،‬كما أنّنا نحاول إلقاء بعض الضّ وء‬
‫عن إمكانات برقة الذاتية‪ ،‬وأثرها في تنشيط حركة الت ّجارة الداخلي ّة والخارجي ّة‪.‬‬
‫أهمي ّة البحث‪:‬‬
‫تكمن أهمي ّته في استخراج قراءة جديدة من نصوص بعض المصادر الجغرافية التي‬
‫ل ذلك سيفتح باب دراسات علمي ّة نقدي ّة عن الموضوع الّذي تناولناه‬
‫تحدّثت عن برقة‪ ،‬ولع ّ‬
‫بالبحث‪.‬‬

‫‪712‬‬
‫ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ برقة في كتب الرحّالة والبلدانيين ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ مجلة أصول الدين‪/‬ع‪ 4‬ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ‬

‫منهجي ّة البحث‪:‬‬
‫سنستخدم المنهج الوصفي وطر يقة الاستدلال التحليلي من خلال استعراض‬
‫الن ّصوص الواردة في رحلة المقدسي؛ وكتاب البلدان والممالك والمتعل ّقة بموضوع البحث‬
‫دون إغفال المصادر الأخرى ذات العلاقة بالدراسة‪ ،‬مع التعليق والنقد كلما تطل ّب‬
‫الموقف لذلك‪.‬‬
‫حدود البحث‪:‬‬
‫من حيث المحدّد الموضوعي‪ :‬يترك ّز البحث على وصف برقة من خلال كتابي‬
‫"المقدسي‪ ،‬وابن سباهي"‪ ،‬أما ّ من حيث المحدّد المكاني‪ :‬فهو المغرب الأدنى وآراء المصادر‬
‫في تحديده من حيث‪ :‬اشتمال مجال برقة من ضمنه‪ ،‬في حين يقع المح ّدد الز ّماني للد ّراسة بين‬
‫القرن الرابع والعاشر الهجر يّين‪.‬‬
‫تقسيمات البحث‪:‬‬
‫قسّمت البحث إلى‪ :‬مقدمة‪ ،‬وأربعة محاور‪ ،‬وخاتمة‪ ،‬يتناول المحور الأول بالد ّراسة‬
‫"طوبونيميا" برقة‪ ،‬أمّا المحور الث ّاني فقد خصّ صناه للت ّعر يف بمجال برقة وامتداده‪ ،‬وقمنا في‬
‫المحور الثالث بتسليط بعض الضوء على خصائص برقة‪ ،‬ووضعنا في المحور الرّابع عنوانا عن‬
‫الأهمي ّة الاقتصادي ّة لبرقة‪.‬‬
‫أول ًا‪ -‬طوبونيميا(*) برقة‪:‬‬

‫ن برقة تقع بين غرب الإسكندر ية شرقا إلى حدود‬


‫تشير المصادر الكلاسيكي ّة إلى أ ّ‬

‫إفر يقية غربا(‪ ،)1‬واشتهرت باسم إقليم المدن الخمس‪ ،‬أو بنطابلس (‪ ،)Pentapolis‬وهو‬

‫لفظ مشتق من الكلمة اليونانية (‪ ،)Penta‬وتعني‪ :‬خمسة‪ ،‬و(‪ )polis‬وتعني‪ :‬مدينة أو‬

‫المدينة الدولة‪ ،‬وهي مدن أسسها الإغريق بداية من القرن السابع قبل الميلاد ‪ ،‬وقد أشار‬

‫البكري إلى ذلك عند حديثه عن برقة بقوله‪ " :‬اسمها بالرومية الإغريقية بنطابلس‪ ،‬تفسيره‬

‫(*)(‪ ) toponymie‬الطوبونيميا = علم معرفة المواقع‪ ،‬أي العلم الّذي يُعنى بدراسة أسماء الأماكن وتحليلها‪ ،‬بالاعتماد على‬
‫مجموعة من العلوم المساعدة كالتاريخ والجغرافيا والأنثروبولوجية وغيرها‪ .‬ينظر إلى‪:‬‬
‫‪.Josette Rey-Debove, Dictionnaire du Français, CLE international, Paris, 1999, p. 1022‬‬
‫)‪ (1‬الحموي‪ :‬شهاب الدين ياقوت‪( ،‬ت‪ ،)262 :‬معجم البلدان‪ ،‬ج‪ ،1/‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪ ،1999 ،‬ص‪.089-088/‬‬

‫‪712‬‬
‫ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ برقة في كتب الرحّالة والبلدانيين ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ مجلة أصول الدين‪/‬ع‪ 4‬ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ‬

‫(‪)1‬‬
‫توكرة‬ ‫(‪،)Cyren‬‬ ‫شحات‪،‬‬ ‫(‪،)Apolonia‬‬ ‫سوسة‬ ‫وهي‪:‬‬ ‫مدن"‬ ‫خمسة‬
‫ًّ‬
‫حالي ّا (‪،)**()Barca‬‬ ‫(‪ ،)TEUCHEIRA‬بنغازي (‪ ،)HESPERIDES‬برقة = المرج‬

‫ويتميز بموقعه الجغرافي الغني بالتربة الخصبة الصالحة للز ّراعة (‪.)2‬‬

‫ن معرفة حدود برقة خلال العصر الوسيط تخضع لآراء المصادر في مراحل‬
‫إ ّ‬

‫ن حدود برقة تقع بين الإسكندر ية‬


‫متفاوتة‪ ،‬إذ يفيدنا ياقوت الحموي (ت‪262 :‬هـ) أ ّ‬

‫شرقا وإفر يقية غربا(‪ ،)3‬وهو ينقل عن أبي عبيد البكري (ت‪489 :‬هـ) في كتابه المسالك‬

‫والممالك ‪،‬الّذي يع ّد من المصادر الجغرافي ّة المهمّة(‪.)4‬‬

‫وتفيدنا مصادر أخرى عن اتساع مدينة برقة وحجمها‪ ،‬وهي بطبيعة الحال صورة‬

‫ن "مدينة برقة‬
‫تقريبية عن واقعها آنئذ‪ ،‬ففي حين يذكر ابن حوقل (ت بعد سنة‪ )029 :‬أ ّ‬

‫مدينة وسط‪ ،‬ليست بالـكبيرة الضخمة ولا بالصغيرة"(‪ ،)5‬فإ ّ‬


‫ن صاحب كتاب الاستبصار‬

‫ن " برقة مدينة كبيرة أزلية قديمة"(‪.)6‬‬


‫(عاش في القرن السادس الهجري) يقول‪ :‬إ ّ‬

‫يظهر الفرق بين الن ّصين السابقين بشكل جلي وواضح‪ ،‬وهو ما يفسر أن مؤل ّفي تلك‬

‫ن مصادر معلوماتهم عن برقة‬


‫المصادر لا يخرج وصفهم ذلك عن أحد أمرين‪ :‬أولهما‪ :‬أ ّ‬

‫)‪ (1‬البكري‪ :‬أبوعبيد‪( ،‬ت‪489 :‬هـ)‪ ،‬المسالك والممالك‪ ،‬ج‪ ،6/‬الدار العربية للكتاب‪ ،‬تونس‪ ،1996 :‬ص‪.249 /‬‬
‫(**) تكتب برقة بالحروف اللاتينية بأشكال مختلفة‪ ،‬وهي كما يلي‪ )BarKe-Barce-BarKa( :‬وبعد الفتح الإسلامي عام‪:‬‬
‫‪61‬هـ‪246 /‬م‪ ،‬أطلق العرب اسم برقة على الإقليم كله الذي كان يعرف سابقا باسم‪ .)Cyrenaica( :‬للمزيد ينظر‪ :‬شلوف‪،‬‬
‫عبد السلام محمد‪ :‬الأسماء القديمة للمدن والقرى الليبية‪ ،‬ط‪ ،1/‬دار هانيبال للنشر والتوز يع‪ ،‬بنغازي‪ ،6336 :‬ص‪.68 /‬‬
‫)‪ )2‬المهل ّبي‪ :‬الحسن بن أحمد‪( ،‬ت‪083 :‬هـ)‪ ،‬المسالك والممالك‪ ،‬التكوين للطباعة والن ّشر‪6332 ،‬م‪ ،‬ص ص‪.49-42 /‬‬
‫كذلك‪ :‬ابن عبد الطاهر‪ :‬محيي الدين (ت‪296 :‬هـ)‪ ،‬الر ّوض الزّاهر في سيرة الملك الظّاهر‪ ،‬الر ياض‪1992 ،‬م‪ ،‬ص‪/‬‬
‫‪.414‬‬
‫)‪ )3‬الحموي‪ :‬المصدر السابق ‪ ،‬ج‪ ،1 /‬ص ص‪.089-088 /‬‬
‫)‪ )4‬البكري‪ :‬المصدر السابق‪ ،‬ج‪ ،6 /‬ص‪.249 /‬‬
‫)‪ )5‬ابن حوقل‪ :‬أبو القاسم‪( ،‬ت بعد سنة‪ ،)029 :‬كتاب "صورة الأرض"‪ ،‬منشورات دار مكتبة الحياة ‪ ،‬بيروت‪:‬‬
‫‪ ،1996‬ص‪.29 /‬‬
‫)‪ )6‬مؤلف مجهول‪( :‬مؤرخ مراكشي من عاش في القرن السادس الهجري)‪ :‬كتاب "الاستبصار في عجائب الأمصار"‪ ،‬دار‬
‫الشؤون الثقافية‪ ،‬بغداد‪( :‬د‪.‬ت)‪ ،‬ص‪.140 /‬‬

‫‪772‬‬
‫ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ برقة في كتب الرحّالة والبلدانيين ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ مجلة أصول الدين‪/‬ع‪ 4‬ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ‬

‫كان قد نقله الجغرافيون عن مصادر أخرى‪ ،‬وثانيهما‪ :‬أن الت ّفاوت الز ّمني بين مصدر وآخر‬

‫كفيل بتغي ّر ملامح برقة من حيث ازدياد عمرانها‪ ،‬واتساعها‪ ،‬وهو الراجح في تقديري‪.‬‬

‫ومن جانب آخر كانت أرض برقة قد شهدت نشاطا في الزراعة والتجارة خصوصا‬

‫مع مصر‪ ،‬نظرا لـكثرة خيراتها‪ ،‬وخصوبة أراضيها‪ ،‬كما وصفها المقدسي(‪ ،)1‬والبكري(‪،)2‬‬

‫والمهل ّبي(‪ ،)3‬لـكنّ الر ّخاء الذي كانت تعيشه برقة يبدو أن ّه قد تحو ّل إلى قلّة ٍ في العيش مع‬

‫بداية القرن الثامن الهجري‪ ،‬حيث نقل إلينا أبو الفداء إسماعيل (ت‪906 :‬هـ) في كتابه‬

‫تقويم البلدان قوله‪" :‬وأرض برقة أرض واحدة ومياهها قليلة"(‪.)4‬‬

‫بقي شيء مهم يتعل ّق بمدلول لفظ (برقة) من حيث إنه اسم مجال جغرافي واسم‬
‫(‪)5‬‬
‫ن‬
‫برقة باتّساع مساحتها‪ ،‬فإ ّ‬ ‫مدينة‪ ،‬ففي حين يصف ابن عبد الظاهر (ت‪296 :‬هـ)‬
‫(‪)6‬‬
‫ن مصادر أخرى وصفت برقة‬
‫أشار إلى كثرة أقاليمها‪ ،‬بيد أ ّ‬ ‫اليعقوبي (ت‪684 :‬هـ)‬

‫بأنها مدينة(‪ .)7‬والملاحظ أ ّ‬


‫ن المصادر ال ّتي أشرنا إليها قد أزالت الل ّبس في مدلول اللفظ ‪،‬‬

‫فمنها ما تحدّث عن المجال الجغرافي الّذي يشمل مدنا وأقاليم؛ فتأتي بذكر برقة مجر ّدة هكذا‬

‫(برقة)‪ ،‬وهذا ينطبق على وصف ابن عبد الظاهر واليعقوبي المشار إليهما‪ ،‬لـكن المصادر‬

‫الأخرى أشارت إلى برقة بوصفها مدينة‪ ،‬وهي المعروفة اليوم بمدينة المرج أي‪( :‬مدينة‬

‫برقة)‪ ،‬وكثيرا ما يتطابق اسم المدينة مع اسم الإقليم‪ ،‬فقد كان المسلمون خلال العصر‬

‫)‪ (1‬المقدسي‪ :‬شمس الدين‪( ،‬ت‪093 :‬هـ)‪" ،‬أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم"‪ ،‬ط‪ ،6/‬مطبعة بر يل‪ ،‬ليدن‪ ،1932 :‬ص‬
‫‪.664‬‬
‫)‪ )2‬البكري‪ :‬المصدر السابق‪ ،‬ج‪ ،6 /‬ص‪.243-249/‬‬
‫)‪ )3‬المهل ّبي‪ :‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.49-42 /‬‬
‫)‪ (4‬أبو الفداء‪ :‬عماد الدين إسماعيل‪( ،‬ت‪906 :‬هـ)‪ ،‬تقويم البلدان‪ ،‬باريس‪ ،1803 :‬ص‪.168 /‬‬
‫)‪ )5‬ابن عبد الظاهر‪ :‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.414 /‬‬
‫)‪ (6‬اليعقوبي‪ :‬أحمد‪( ،‬ت‪ ،)684 :‬كتاب البلدان‪ ،‬مطابع بر يل‪ ،‬ليدن‪ ،1893 :‬ص‪.106-101/‬‬
‫)‪ (7‬ابن حوقل‪ :‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪ ،29/‬والبكري‪ :‬المصدر السابق‪ ،‬ج‪ ،6/‬ص‪ ،243-249/‬وكتاب الاستبصار‪ ،‬المصدر‬
‫السابق‪ ،‬ص‪ ،140 /‬والإصطخري‪ :‬أبو إسحاق إبراهيم‪( ،‬ت‪033 :‬هـ)‪ ،‬مسالك الممالك‪ ،‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪( :‬د‪.‬ت)‪،‬‬
‫ص‪.08-09/‬‬

‫‪771‬‬
‫ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ برقة في كتب الرحّالة والبلدانيين ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ مجلة أصول الدين‪/‬ع‪ 4‬ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ‬

‫وضح‬
‫ن ياقوت الحموي (ت‪262 :‬هـ) قد ّ‬
‫الوسيط يسمون المدن بأسماء أقاليمها‪ ،‬ويبدو أ ّ‬

‫الفرق بين برقة الإقليم وبرقة المدينة ؛ وذلك بقوله‪" :‬برقة بفتح أوله والقاف اسم صقع كبير‬

‫يشتمل على مدن وقرى بين الإسكندر ية وإفر يقية‪ ،‬واسم مدينتها أنطابلس‪ ،‬وتفسيره‪:‬‬

‫الخمس مدن"(‪ .)1‬لـكنّ الحموي استعمل الاسم الإغريقي القديم لمدينة برقة‪( :‬أنطابلس) ولم‬

‫يحدد موقعها‪.‬‬

‫أمّا الادريسي (ت حوالي‪448 :‬هـ) فكان قد حدّد موقع مدينة برقة في معرض‬

‫حديثه عن المسافة بين سلوق ومدينة برقة فقال‪ ..." :‬ثم إلى سلوق أربعة وعشرون ميلا‪،‬‬

‫ثم إلى أويرار ثلاثون ميلا‪ ،‬ثم إلى قصر العسل اثنا عشر ميلا‪ ،‬ثم إلى مرينة سبعة وعشرون‬

‫ميلا‪ ،‬ثم إلى برقة خمسة عشر ميلا"(‪ ،)2‬ولم يتطر ّق أحد من الجغرافيّين في العصر الوسيط‬

‫فيما أعلم إلى ذكر اسم مدينة برقة ال ّتي تعني مدينة المرج إلا ابن سعيد المغربي (ت‪:‬‬

‫مرتين فقال‪. . ." :‬ومن شرقيّها مدينة برقة‪ ،‬التي كانت قاعدة‬
‫‪284‬هـ)‪ ،‬الّذي ذكر ذلك ّ‬
‫البلاد البرقي ّة‪ ،...‬و يقال لها اليوم مدينة المرج"(‪ ،)3‬وفي موضع آخر قال‪ ..." :‬وفي الشرق‬

‫مدينة برقة‪ ،‬التي كانت قاعدة البلاد البرقية‪ ،‬فخربها العرب‪ ،‬و يقال لها اليوم‪ :‬مدينة‬

‫المرج"(‪.)4‬‬

‫)‪ )1‬الحموي‪ :‬المصدر السابق ‪ ،‬ج‪ ،1 /‬ص‪.089-088 /‬‬


‫)‪ (2‬الإدريسي‪ :‬أبو عبد الل ّه محمد‪( ،‬ت‪ :‬حوالي ‪448‬هـ)‪ ،‬نزهة المشتاق في اختراق الآفاق‪ ،‬م‪ ،1/‬مكتبة الثقافة الدينية‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،6336 :‬ص‪.014 /‬‬
‫)‪ )3‬ابن سعيد المغربي‪ :‬علي بن موسى‪( ،‬ت‪284 :‬هـ)‪ ،‬كتاب بسط الأرض في الطول والعرض‪ ،‬معهد مولاي الحسن‪،‬‬
‫تطوان‪ ،1948 :‬ص‪.83/‬‬
‫)‪ )4‬ابن سعيد المغربي‪ :‬علي بن موسى‪( ،‬ت‪284 :‬هـ)‪ ،‬كتاب الجغرافيا‪ ،‬ط‪ ،1/‬المكتب التجاري للنشر والتوز يع‪ ،‬بيروت‪:‬‬
‫‪ ،1993‬ص‪.142 /‬‬

‫‪777‬‬
‫ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ برقة في كتب الرحّالة والبلدانيين ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ مجلة أصول الدين‪/‬ع‪ 4‬ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ‬

‫ثانيًا‪ -‬مجال برقة وامتداده‪:‬‬

‫وصف المقدسي مجال برقة من حيث امتداد ساحلها في سياق حديثه عن تشابه‬

‫ن "أطرابلس مدينة على ساحل دمشق؛ وأخرى على ساحل برقة"(‪،)1‬‬


‫أسماء البلدان‪ ،‬فذكر أ ّ‬

‫ويستشف من هذين‬
‫ّ‬ ‫مدينة بأفر يقي ّة ‪ ،‬وأخرى ببرقة"(‪،)2‬‬ ‫(*)‬
‫وفي موضع آخر قال‪" :‬صبرة‬

‫ن المدن الواقعة على هذا الساحل الطو يل‬


‫ن برقة يمتد ساحلها إلى أفر يقي ّة‪ ،‬وأ ّ‬
‫الن ّصّ ين أ ّ‬

‫تنسب إلى ساحل برقة‪ ،‬بينما نرى ابن سباهي قد اهتم ّ بالمجال البحري الممتد من طنجة في‬

‫أقصى بلاد المغرب وصولا إلى بلاد الشام‪ ،‬ثم آسيا الصغرى‪ ،‬فقد أعطى وصفا لخلجانه‬

‫والمدن التي تقع على سواحله ومجالها‪ ،‬ومن ضمن ذلك برقة‪ ،‬فقال‪" :‬ثم يمت ّد [أي‪ :‬البحر]‬

‫على ساحل برقة؛ على دخلة قد أخذت شمالا؛ ودخلت في البحر‪ ،‬والبحر ينعطف من أول‬

‫حدود برقة"(‪ ،)3‬و يفيدنا هذا الن ّص أ ّ‬


‫ن ابن سباهي كان قد وصف ساحل برقة في إطار‬

‫امتداد مجالها الجغرافي القريب ضمن المدن الخمس المعروفة بها‪ ،‬أمّا امتداد مجالها الجغرافي‬

‫البعيد الذي يصل إلى أفر يقية فقد دل ّت عليها الن ّصوص ال ّتي أوردها المقدسي‪ ،‬وقد أشرنا‬

‫ل مصر من‬
‫ن لك ّ‬
‫إليها قبل قليل‪ ،‬ولتأكيد ذلك‪ ،‬نرى المقدسي في موضع آخر يشير إلى أ ّ‬

‫الأمصار ما يتبعه من مدن‪ ،‬وذلك حين ذكر برقة ومدنها‪ ،‬في إطار امتداد مجالها الجغرافي‬

‫البعيد‪ ،‬فقال‪" :‬ولبرقة‪ ،‬رمادة(*)‪ ،‬أطرابلس‪ ،‬أجدابية‪ ،‬السّوس(**)‪ ،‬صبرة‪ ،‬قابس‪،‬‬

‫غافق(***)"(‪.)4‬‬

‫)‪ )1‬المقدسي‪ :‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.40 /‬‬


‫(*) مدينة صبرة التي تقع ضمن مجال برقة تسمى صبراته‪ ،‬أما صبرة التي تقع بأفر يقية فهي بلدة قريبة من القيروان وتسمى‬
‫أيضا المنصور ية‪ .‬للمزيد من التفاصيل ينظر إلى‪ :‬الحموي‪ :‬المصدر السابق‪ ،‬ج‪ ،0/‬ص‪.091 /‬‬
‫)‪ )2‬المقدسي‪ :‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.42 /‬‬
‫)‪ )3‬للمزيد من التفاصيل ينظر إلى‪ :‬ابن سباهي‪ :‬المصدر السابق‪ ،‬ص ص‪.40-49 /‬‬
‫(*) أوردها ياقوت الحموي (الرمادة) وقال عنها أمها بلدة لطيفة بين برقة والإسكندر ية‪ ،‬قريبة من البحر‪ ،‬لها سور‪ ،‬ومسجد‬
‫جامع‪ ،‬وبساتين فيها أنواع الثمار‪ ،‬وهي قريبة من برقة‪ .‬ينظر إلى‪ :‬الحموي‪ :‬المصدر السابق‪ ،‬ج‪ ،0/‬ص‪.22 /‬‬
‫(**) هناك تكرار في الأسماء مع اختلاف المواضع‪ ،‬فالسوس الذي ذكره المقدسي في هذا الن ّص ليس المقصود به السوس‬
‫في المغرب الأقصى‪ ،‬ولـكنه السوس ذلك الموضع الذي يسمى قم ّونية‪ ،‬وهي مدينة بإفر يقية‪ ،‬كانت موضع القيروان قبل أن=‬

‫‪772‬‬
‫ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ برقة في كتب الرحّالة والبلدانيين ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ مجلة أصول الدين‪/‬ع‪ 4‬ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ‬

‫كو ْرة من كو َر إقليم بلاد المغرب دون سواها‬


‫من جانب آخر جعل المقدسي برقة َ‬

‫ل المدن‬
‫ل على أنها مركز ٌ تتبعها ك ّ‬
‫من المدن الواقعة من غربي مصر إلى إفر يقية‪ ،‬وهذا يد ّ‬

‫والقرى بين مصر وإفر يقية‪ ،‬وقد عدد المقدسي سبع كَو َر لإقليم بلاد المغرب‪ ،‬فضلا عن‬

‫ناحيتين لفاس هما‪ :‬طنجة والزّاب‪ ،‬وكانت تلك الـكَو َر من غربي مصر إلى أقصى بلاد‬

‫المغرب فقال عنها‪..." :‬فأول تلك الـكَو َر من قبل مصر برقة‪ ،‬ثم أفر يفية‪ ،‬ثم تاهرت‪ ،‬ثم‬

‫سجلماسة‪ ،‬ثم فاس‪ ،‬ثم السوس الأقصى‪ ،‬ثم جزيرة صقلية‪ ،‬تقابل أفر يقية والأندلس وراء‬

‫البحر على أرض الروم‪ ،‬وناحيتان لفاس‪ ،‬طنجة والزاب"(‪ ،)1‬ولم يغفل المقدسي عن‬

‫توضيح أن برقة وما يتبعها من مدن هو امتداد لمجالها الجغرافي كما في الن ّص قبل السابق‪،‬‬
‫وهي اسم لعاصمته أيضا‪ ،‬فأضاف ًّ‬
‫نصّ ا آخر ليبان ذلك فقال‪ " :‬فأمّا برقة فاسم القصبة أيضا‪،‬‬

‫ومن مدنها‪ :‬ذات الحمام(****)‪ ،‬رمادة‪ ،‬أطرابلس‪ ،‬أجدابية‪ ،‬صبرة‪ ،‬قابس‪ ،‬غافق"(‪.)2‬‬

‫ن المقدسي استخدم المصطلحات الجغرافي ّة؛ لأهمية‬


‫الملاحظ من الن ّصوص السّابقة أ ّ‬

‫كو ْرة‪ ،‬وقصبة‪.‬‬


‫دلالتها في المواضع التي وردت فيها‪ ،‬فذكر منها مصطلح إقليم‪ ،‬ومصر‪ ،‬و َ‬

‫(ينظر إلى الملحق رقم‪ ،)"1" :‬وأضاف إلى ذلك تقدير المسافات بين مدن إقليم المغرب‬
‫(*)‬
‫وحدة قياس‪ ،‬وقد‬ ‫كله من الإسكندر ية شرقا إلى إشبيلية غربا(‪ ،)3‬باستخدام المرحلة‬

‫=تمص ّر‪ .‬ينظر إلى‪ :‬الحموي‪ :‬المصدر السابق‪ ،‬ج‪ ،4/‬ص‪099/‬؛ وأيضا‪ :‬البغدادي‪ :‬صفي الدين‪( ،‬ت‪909 :‬هـ)‪ ،‬مراصد‬
‫الاطلاع على أسماء الأمكنة والبقاع‪ ،‬ط‪ ،1/‬دار الجيل‪ ،‬بيروت‪ ،1996 :‬ص‪.944 /‬‬
‫ن غافق بلد معمور‪ ،‬يقع بين قابس وسفاقص‪ .‬البكري‪ :‬المصدر السابق‪ ،‬ج‪ ،6/‬ص‪.191 /‬‬
‫(***) ذكر البكري أ ّ‬
‫)‪ )4‬المقدسي‪ :‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.98 /‬‬
‫)‪ )1‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.638/‬‬
‫(****) ذات الحمام سوق جامعة‪ ،‬بها جامع بناه ز يادة الل ّه بن الأغلب حين رجع من المشرق إلى المغرب‪ .‬ينظر إلى‪:‬‬
‫البكري‪ :‬المصدر السابق‪ ،‬ج‪ ،6 /‬ص‪.194 /‬‬
‫)‪ )2‬المقدسي‪ :‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.639/‬‬
‫)‪ )3‬المقدسي‪ :‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.668-662/‬‬
‫* المرحلة مفرد مراحل وتعني المسافة بين منزلين‪ ،‬وهي وحدة قياس تقدير ية استخدمها الرحالة والجغرافيون العرب لتحديد‬
‫ن المرحلة مسيرة يوم‪ ،‬و يختلف ذلك من فصل لآخر ومن طر يق لآخر‪ ،‬و يتراوح تقدير‬
‫مكان أو مدينة‪ ،‬فهناك من برى أ ّ‬
‫الجغرافيين للمرحلة بين (‪ )12‬و (‪ )00‬ميلا‪ ،‬أمّا الد ّراسات الحديثة فإنها تقدّر المرحلة بنحو (‪ )41‬أو (‪)46‬كم‪ .‬للمزيد من=‬

‫‪772‬‬
‫ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ برقة في كتب الرحّالة والبلدانيين ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ مجلة أصول الدين‪/‬ع‪ 4‬ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ‬

‫ن لهما علاقة مباشرة بمجال برقة‬


‫أوضحنا أنموذجين من المسافات التي ذكرها المقدسي‪ ،‬لأ ّ‬

‫وامتدادها‪ ،‬فالنموذج الأول يحدّد المسافة بين المدن من برقة إلى الإسكندر ية‪ ،‬في حين‬

‫النموذج الثاني يتعل ّق بالمدن ال ّتي تقع بين طرابلس وبرقة‪( .‬ينظر إلى الملحق رقم‪،"6" :‬‬

‫والملحق رقم‪.)"0":‬‬

‫أما ابن سباهي فقد تحدّث عن مجال برقة البحري حتى شب ّه طلميثة –وهي‬

‫بحذائها(‪ ،)1‬كما ش ّد انتباهه في وصفه لبرقة‬ ‫(**)‬


‫ميناء بحري – بكرسي برقة وجزيرة أقر يطش‬

‫قلّة مياهها في ذلك العصر الّذي تسب ّب في جعل الأرض مقفرة‪ ،‬ولا يوجد إلا نهر ماء‬

‫درنة(‪ ، )2‬وينقل عن ابن حوقل وصفه لبرقة بأنّها مدينة متوسطة‪ ،‬وهي في مست ٍو من‬

‫الأرض‪ ،‬وحواليها كَور عامرة(‪ ،)3‬لـكنّها بحسب وصفه لم تكن فيها مدينة ممص ّرة لاستيلاء‬

‫العرب عليه ا‪ ،‬مع أنّها كانت مقر ّ ولاية إفر يقية قبل أن تتحو ّل إلى القيروان‪ ،‬عندما اختارها‬
‫عقبة بن نافع الفهري ًّ‬
‫مقر ّا لولايته(‪.)4‬‬

‫ن ابن سباهي في سياق حديثه عن برقة لم يشر إلى العصور‬


‫ومم ّا يش ّد الانتباه أ ّ‬

‫التي نقل لنا منها أخبار برقة وأحوالها وتفاصيلها‪ ،‬بالر ّغم من أن ّه عاش في القرن العاشر‬

‫الهجري‪ ،‬واستشهد في مؤلفه هذا باقتباسات من الجغرافيين السابقين عن عصره‪ ،‬فوصفه‬

‫=التفاصيل ينظر إلى‪ :‬الإدريسي‪ ،‬أبي عبد الل ّه محمد (ت حوالي‪448 :‬هـ)‪ ،‬أنس المهج وروض الف ُرج‪ ،‬منشورات دار‬
‫وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامي ّة‪ ،‬المغرب‪ ،6339 :‬ص‪88 /‬؛ كذلك‪ :‬الجليلي‪ ،‬محمود‪ ،‬المكاييل والأوزان والنقود‬
‫العربية‪ ،‬ط‪ ،1 /‬دار الغرب الإسلامي‪ ،‬بيروت‪ ،6334 :‬ص‪.44 /‬‬
‫(**) أقر يطش= (كريت )‪ ،‬قال عنها ياقوت الحموي‪" :‬جزيرة في بحر المغرب يقابلها من بر إفر يقية لوبيا‪ ،‬وهي جزيرة كبيرة‬
‫فيها مدن وقرى‪ ،‬وينسب إليها جماعة من العلماء‪ ،‬غزاها المسلمون أربع مرات‪ ،‬وكانت المرة الأخيرة في سنة ‪613‬هـ حيث‬
‫تمكن حفص بن عمر الأندلسي من طرد الروم منها فلم يبق فيها أحدٌ منهم‪ ،‬وخرّب حصونهم‪ .‬ينظر إلى‪ :‬الحموي‪ :‬المصدر‬
‫السابق‪ ،‬ج‪ ،1/‬ص‪.602 /‬‬
‫)‪ )1‬ابن سباهي‪ :‬محمد بن علي البروسوي‪( ،‬ت‪ ،)999 :‬أوضح المسالك إلى معرفة البلدان والممالك‪ ،‬ط‪ ،1/‬دار الغرب‬
‫الإسلامي‪ ،6332 ،‬ص‪.442 ،122/‬‬
‫)‪ (2‬ابن سباهي‪ :‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.632 /‬‬
‫)‪ )3‬ابن حوقل‪ :‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.69 /‬‬
‫)‪ (4‬ابن سباهي‪ :‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.409-632 /‬‬

‫‪772‬‬
‫ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ برقة في كتب الرحّالة والبلدانيين ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ مجلة أصول الدين‪/‬ع‪ 4‬ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ‬

‫لبرقة في عموم ما كتب تكرار لما سبق‪ ،‬ولم نجد ما يش ّد الانتباه عن برقة خلال القرن‬

‫العاشر‪.‬‬

‫وفيما يتعل ّق بإقليم بلاد المغرب وأقسامه‪ ،‬نجد ابن سباهي يتفق مع المقدسي وغيره‬

‫في تحديد هذا الإقليم‪ ،‬حيث أشار إلى أنه يمتد من حدود مصر الغربية شرقا إلى البحر‬

‫المحيط غربا‪ ،‬لـكنه أضاف إلى ذلك حدود إقليم بلاد المغرب الجنوبية كصحراء لمتونة‪،‬‬

‫والصحراء الفاصلة بين بلاد السودان وبلاد المغرب(‪ .)1‬وعلى ذلك فقد حدّد معالم المغرب‬

‫الساحل‪ ،‬والمغرب الداخل‪ ،‬وما يهمنا في ذلك هو ما يتعل ّق ببرقة ومجالها‪.‬‬

‫ن ابن سباهي قد قس ّم إقليم بلاد المغرب إلى ثلاثة أقسام‪ ،‬وأفادنا من خلال ذلك‬
‫إ ّ‬

‫بأهمي ّة برقة وموقعها من هذه الأقسام‪ ،‬فجعل القسم الأول منها "المغرب الأقصى"؛ وحدّه‬

‫من ساحل البحر المحيط إلى تلمسان غربا وشرقا‪ ،‬ومن سبتة إلى مراكش‪ ،‬ثم ّ إلى‬
‫(*)‬
‫شمالا وجنوبا‪ .‬أمّا القسم الثاني فيعرف بالمغرب الأوسط‪ ،‬وحدّه‬ ‫سجلماسة‪ ،‬وما في سمتها‬

‫من شرقي وهران إلى بجاية شرقا‪ ،‬والقسم الثالث يمت ّد من أفر يقية شرقا إلى برقة ثم ّ إلى‬

‫مصر(‪ ،)2‬ويُستشف مم ّا أورده ابن سباهي في القسم الثالث من إقليم بلاد المغرب أنه يشمل‬

‫كل الامتداد من أفر يقية إلى مصر‪ ،‬ليكو ّن قسما واحدا بحدوده المذكورة أن ّه يمكن أن‬

‫نطلق عليه المغرب الأدنى‪ ،‬لـكنّ الجغرافيّين والمؤرّخين المتأخّرين قد جانبوا الصواب في‬

‫تقديري حين اقتصروا تسمية المغرب الأدنى على إفر يقي ّة في الد ّراسات الحديثة‪ ،‬فعلى‬

‫سبيل المثال كان قد اعتمد هذه التسمية عبد الحميد حمودة في كتابه‪( :‬تاريخ المغرب‬

‫الإسلامي) حيث ذكر أن أقسام بلاد المغرب ثلاثة‪ ،‬وأوّل أقسامه‪ :‬المغرب الأدنى‪،‬‬

‫ويشمل القطر التونسي الحالي والأجزاء الشرقية من الجزائر وقاعدته القيروان‪ ،‬ثانيا‪ :‬المغرب‬

‫)‪ )1‬ابن سباهي‪ :‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.486-481 /‬‬


‫(*) السمت‪ :‬الطر يق ؛ يقال‪ :‬إلزم هذا السمت‪ ،‬و يقال‪ :‬قطعته بالسمت‪ ،‬أي على طر يق واحد لا على طر يقين‪ ،‬وسمت‬
‫الطر يق‪ :‬قصده ‪ .‬ينظر إلى‪ :‬ابن منظور‪ :‬جمال الدين‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬ج‪ ،6/‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪( :‬د‪.‬ت)‪ ،‬ص‪.42 /‬‬
‫)‪ )2‬ابن سباهي‪ :‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.486-481 /‬‬

‫‪772‬‬
‫ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ برقة في كتب الرحّالة والبلدانيين ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ مجلة أصول الدين‪/‬ع‪ 4‬ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ‬

‫الأوسط‪ ،‬ويمت ّد من تاهرت إلى وادي ملو ي ّة‪ ،‬وقاعدته تلمسان‪ ،‬ثالثا‪ :‬المغرب الأقصى‪،‬‬

‫ويمت ّد من وادي ملو ي ّة شرقا حت ّى المحيط الأطلسي غربا(‪ .)1‬وهناك دراسات أخرى‬

‫كثيرة قد أخذت هذا المنحى في تقسيم بلاد المغرب خلال العصر الوسيط(‪ ،)2‬بل إن‬

‫المناهج الدراسية في التعليم لدى كثير من الدول قد اعتمدت هذا التقسيم في كتب التاريخ‪،‬‬

‫لـكنّ السؤال المعروض الآن‪ :‬لماذا استبعدت الدراسات الحديثة ساحل برقة ومدنه من‬

‫ن إقليم بلاد‬
‫ن المصادر تؤكّد على أ ّ‬
‫غربي الإسكندر ية إلى أفر يقي ّة من بلاد المغرب؛ مع أ ّ‬

‫المغرب يقع بين غربي الإسكندر ية شرقا إلى البحر المحيط غربا؟!‪ ،‬وللإجابة على ذلك‬

‫ل تلك الدراسات التي اقتصرت في تقسيمها لبلاد المغرب على ما ذكرناه‪ ،‬كانت‬
‫نقول‪ :‬لع ّ‬

‫قد تأث ّرت إلى حد كبير بكتابات المستشرقين(*)‪ ،‬الّذين أغفلوا عن قص ٍد في مؤل ّفاتهم‬

‫المجال الجغرافي من غربي الإسكندر ية إلى أفر يقي ّة؛ وكأن ّه لا يقع في شمال أفر يقيا!!‪.‬‬

‫ثالث ًا‪ -‬خصائص برقة‪:‬‬

‫ُخف إعجابه بها‪ ،‬فقال عنها‪ ..." :‬قصبة جليلة‬


‫عندما تحدّث المقدسي عن برقة‪ ،‬لم ي ِ‬

‫عامرة نفيسة‪ ،‬كثيرة الفواكه والخ يرات والأعسال مع يسار‪ ،‬وهي ثغر قد أحاط بها جبال‬

‫عامرة‪ ،‬ذات مزارع على نصف مرحلة من البحر في هو ية‪ ،‬قد أحاط بها تربة حمراء‪،‬‬

‫شربهم من آبار وما يحوونه من أمطار في جباب‪ ،‬وهي على جادة مصر‪ ،‬يحسنون إلى‬

‫ل انقلاب من غيرهم"(‪.)3‬‬
‫الغرباء‪ ،‬أهل خير وصلاح‪ ،‬وأق ّ‬

‫)‪ )1‬حمودة‪ :‬عبد الحميد‪ ،‬تاريخ المغرب الإسلامي في العصر الإسلامي من الفتح حتى قيام الدولة الفاطمية‪ ،‬الدار الثقافية‬
‫للنشر‪ ،‬القاهرة‪ ،6332 :‬ص‪.10-16/‬‬
‫)‪ (2‬ينظر على سبيل المثال‪ :‬عبد الرؤوف‪ ،‬عصام الدين‪ :‬تاريخ المغرب والأندلس‪ ،‬مكتبة نهضة الشرق‪ ،‬القاهرة‪( :‬د‪.‬ت)‪،‬‬
‫ص‪.16 /‬‬
‫(*) من الطر يف أن يؤل ّف شارل أندر يه جوليان كتابا بعنوان‪( :‬تاريخ أفر يقيا الشمالية‪ ،‬تونس‪ ،‬الجزائر‪ ،‬المغرب)‪ ،‬ولم يشر‬
‫في كتابه هذا إلى أي مدينة أو مجال جغرافي يقع شرقي تونس‪ ،‬ومن ثم ّ فإن تقسيمه لبلاد المغرب على هذا النحو هو من‬
‫واقع رؤ ية استعمار ية للدول الثلاثة‪ ،‬أي‪ :‬شمال أفر يقيا الفرنسية‪.‬‬
‫)‪ )3‬المقدسي‪ :‬المصدر السابق‪ :‬ص‪.611 /‬‬

‫‪772‬‬
‫ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ برقة في كتب الرحّالة والبلدانيين ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ مجلة أصول الدين‪/‬ع‪ 4‬ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ‬

‫يفهم من هذا النص أن برقة مكنتها طبيعتها الجغرافية الخصبة وتربتها الحمراء من أن‬

‫تكون عامرة بتنوع المزروعات وإنتاج الفواكه‪ ،‬فضلا عن غطائها النباتي المتنوع الذي سمح‬

‫ن وفرة المياه السطحية قد أسهمت في سد حاجة السكان من مياه‬


‫بإنتاج العسل‪ ،‬كما أ ّ‬

‫ن ظروف العيش الميس ّرة قد‬


‫الشرب فضلا عن تخزين مياه الأمطار في المواجل‪ ،‬وإ ّ‬

‫استقطبت هجرة الغرباء إليها‪ ،‬الّذين لمسوا في أهل برقة المعاملة الحسنة‪ ،‬فأثنى المقدسي عليهم‬

‫ن قلّة المشاكل بينهم‬


‫خيرا‪ ،‬ووصفهم بأنهم أهل الخ ير والصلاح‪ ،‬كما لاحظ المقدسي أ ّ‬

‫وبين الولاة قد أسهمت في الاستقرار السّياسي لسكان برقة أكثر من غيرهم‪ ،‬وقد نقل‬

‫إلينا البلاذري الّذي سبق عصر المقدسي القول‪" :‬كان أهل برقة يبعثون بخراجهم إلى والي‬

‫مستحث‪ ،‬فكانوا أخصب قوم بالمغرب ولم يدخلها فتنة‪.‬‬


‫ّ‬ ‫حاث أو‬
‫ّ‬ ‫مصر من غير أن يأتيهم‬

‫قال الواقدي‪ :‬وكان عبد الل ّه بن عمرو بن العاص يقول‪ :‬لولا مالي بالحجاز لنزلت برقة‪ ،‬فما‬

‫أعلم منزلا أسلم ولا أعزل منها"(‪.)1‬‬

‫ن ما امتازت به برقة من مزايا أشارت إليها المصادر‪ ،‬قد جعل الت ّنافس عليها في‬
‫إ ّ‬

‫بعض الأحيان بين الد ّول آنئذ‪ ،‬نظرا لـكثرة خيراتها‪ ،‬ففي حين كان عم ّال الجباية يأتون من‬

‫مصر لجمع أموال زكاة المواشي وع ُشر الز ّروع والثّمار‪ ،‬فإن ظهور الدولة الفاطمية بالمغرب‪،‬‬

‫وأطماعها في الت ّوسّ ع شرقا جعل الأخيرة تبسط سيطرتها على برقة‪ ،‬وتستحوذ على تلك‬

‫الأموال والأراضي(‪ ،)2‬لـكنّ السلطان المملوكي الظاهر بيبرس (ت‪298 :‬هـ) كان قد‬

‫استعاد السيطرة على برقة بعد زوال الدولة الفاطمية‪ ،‬وعيّن عطأ الل ّه بن عزاز واليا عليها‪،‬‬

‫وألزمه لجباية الزكاة(‪.)3‬‬

‫)‪ )1‬البلاذري‪ :‬أبو العباس أحمد‪( ،‬ت ‪699‬هـ)‪ ،‬فتوح البلدان‪ ،‬مؤسســة العارف‪ ،‬بيروت‪ ،1989 ،‬ص‪.014-014 /‬‬
‫)‪ )2‬الإصطخري‪ :‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.08-09 /‬‬
‫)‪ (3‬المقريزي‪ :‬تقي الدين‪( ،‬ت ‪844‬هـ)‪ ،‬السلوك لمعرفة دول الملوك‪ ،‬ج‪ ،6/‬دار الـكتب العلمي ّة‪ ،‬بيروت‪ ،1999 :‬ص‪/‬‬
‫‪.10‬‬

‫‪772‬‬
‫ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ برقة في كتب الرحّالة والبلدانيين ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ مجلة أصول الدين‪/‬ع‪ 4‬ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ‬

‫ل كثيرا‬
‫ن الن ّشاط الز ّراعي الّذي تمي ّزت به برقة كان قد ق ّ‬
‫من ناحية أخرى؛ يبدو أ ّ‬
‫ًّ‬
‫نسبي ّا(‪ ،)1‬و يؤكّد ذلك ابن سباهي‬ ‫نظرا لشحّ المياه الذي أصاب برقة في مرحلة متأخّرة‬

‫بقوله‪" :‬وغالب بلاد برقة براري مقفرة"(‪ ،)2‬وفي تلك الظروف لا نعرف كيف كان نمط‬

‫ل قلة المياه وآثارها‪ ،‬ومن جانب آخر؛‬


‫الحياة العامة للسكان وأحوالهم المعيشي ّة في ظ ّ‬

‫نلاحظ خلو ّ كتاب المقدسي وابن سباهي من الإشارة إلى عناصر السّكان في برقة‪ ،‬عدا‬

‫إشارتين لابن سباهي جاءت عرضا في سياق حديثه عن وصف برقة حين قال‪" :‬وبرقة‬

‫ولاية طو يلة‪ ،‬قد استولت عليها العرب"(‪ ،)3‬ويبدو أنه قصد غزوة بني هلال وبني سليم‬

‫لبلاد المغرب‪ ،‬في حين كانت الإشارة الثانية عند حديثه عن ميناء طلميثة؛ فقال‪..." :‬‬

‫وبها قصر –أي‪ :‬طلميثة– فيه يهود وتحت خفارة العرب"(‪ ،)4‬الأمر الذي يجعلنا نستنتج‬

‫ن المقدسي وابن سباهي قد أغفلا جانبا مه ًّمّا في وصف الحياة الاجتماعية والاقتصادي ّة‬
‫أ ّ‬

‫إلى جانب تفاصيل أخرى تعوزها تلك المصادر عن المكو ّن السكاني‪ ،‬لـكنّ القلقشندي‬

‫(ت‪861 :‬هـ) كان قد أفادنا بتفاصيل كثيرة عن قبائل وبطون برقة(‪ ،)5‬مع انتشار قبائل‬
‫(‪)6‬‬
‫ن ال ّلسان العربي ازداد انتشارا بمرور الزمن بين‬
‫إلى جانب القبائل العربية وإ ّ‬ ‫البربر‬

‫السكان بشكل ملحوظ‪ ،‬وهذا ما ش ّد انتباه العبدري في رحلته عندما تحدث عن برقة‬

‫فقال‪ ..." :‬وعرب برقة اليوم من أفصح العرب رأيناهم"(‪ ،)7‬ومعنى ذلك أ ّ‬
‫ن العرب‬

‫)‪ )1‬أبو الفدا‪ :‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.168 /‬‬


‫)‪ )2‬ابن سباهي‪ :‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.632 /‬‬
‫)‪ )3‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.639 /‬‬
‫)‪ )4‬ابن سباهي‪ :‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.632 /‬‬
‫)‪ (5‬القلقشندي‪ :‬أبو العباس أحمد‪( ،‬ت‪861 :‬هـ)‪ ،‬نهاية الأرب في معرفة أنساب العرب‪ ،‬ط‪ ،6/‬دار الكتاب اللبناني‪،‬‬
‫بيروت‪ ،1983 :‬ص‪.444-112 /‬‬
‫)‪ (6‬اليعقوبي‪ :‬المصدر السابق‪ ،‬ص ص‪.106 -101/‬‬
‫)‪ (7‬العبدري‪ :‬أبو عبد الل ّه محمد‪( ،‬ت‪ :‬بعد سنة ‪933‬هـ)‪ ،‬رحلة العبدري‪ ،‬ط‪ ،6/‬دار سعد الدين للطباعة والنشر‬
‫والتوز يع‪ ،‬دمشق‪ ،6334 :‬ص‪.632 /‬‬

‫‪772‬‬
‫ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ برقة في كتب الرحّالة والبلدانيين ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ مجلة أصول الدين‪/‬ع‪ 4‬ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ‬

‫القاطنين في الأمصار الأخرى لسانهم ليس فصيحا كفصاحة عرب برقة‪ ،‬لتأثير اللهجات‬

‫الأخرى في ساكنيها‪.‬‬

‫رابع ًا‪ -‬الأهمية الاقتصادي ّة لبرقة‪:‬‬

‫ن موقع برقة وخصائصها الجغرافية قد بو ّآها أهم ّي ّة اقتصادية تمي ّزت بها في مجال‬
‫إ ّ‬

‫الزراعة والر ّعي بوصفهما مصدرين للتجارة‪ ،‬فالمحاصيل الزراعية وتنوعها كانت وفيرة‪،‬‬

‫والمراعي الغنية بالأعشاب أسهمت في ازدياد عدد الأغنام والأبقار والجمال‪ ،‬واستفاد‬

‫الحرفيون منها في صناعة الثياب والأكسية(‪ .)1‬لقد وف ّرت الموارد المحلي ّة سوقا متنو ّع‬

‫المنتجات‪ ،‬فنشطت الحركة التجار ية‪ ،‬ووجد الباعة والت ّجار في رخص أسعار تلك السّلع‬

‫فرصة للبحث عن سوق خارجي‪ ،‬وكانت مصر هي الأقرب؛ فتوث ّقت العلاقات التجار ية‬

‫معها‪ ،‬حيث كانت تصدّر إليها الأغنام‪ ،‬والأكسية‪ ،‬والصوف‪ ،‬والعسل‪ ،‬والفواكه‪،‬‬

‫وغيرها(‪.)2‬‬

‫لقد هي ّأ ساحل برقة الطو يل إقامة مراسي للمراكب التجار ية التي تحمل البضائع إلى‬

‫المراسي الأخرى‪ ،‬وأهم ّها مرسى أجي ّة‪ ،‬وطلميثة‪ ،‬وقصر أحمد‪ ،‬فمرسى أجية لا نعرف موقعه‬

‫بالتحديد أو اسمه الذي أشكل على ابن سباهي بين أجب أو أجي ّة‪ ،‬أمّا مرسى طلميثة فقد‬

‫قال عنه الإدريسي‪..." :‬عامر بالناس والمراكب‪ ،‬تقصد إليه بالمتاع الحسن من القطن‬

‫والكتان‪ ،‬ويتجهّز منه بالعسل والقطران والسمن في المراكب الواصلة إليه من‬

‫الإسكندر ي ّة"(‪ ،)3‬فضلا عن الشّعير والعسل(‪ ،)4‬وقد أشار ابن سباهي إلى المبادلات‬

‫)‪ (1‬المقدسي‪ :‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.666 /‬‬


‫)‪ (2‬ابن سباهي‪ :‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪ ،442 ،632 /‬والبكري‪ :‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪.243-249 /‬‬
‫)‪ (3‬الإدريسي‪ :‬نزهة المشتاق‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.012-014 /‬‬
‫)‪ )4‬ابن سباهي‪ :‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.443 /‬‬
‫(*) (قصر اليهود) هو قصر على هيأة برج في محيط مرسى طلميثة بحسب وصف ابن سباهي‪ ،‬وربما هو قصر طلميثة الّذي‬
‫وصفه الإدريسي بأنه حصن جي ّد‪ ،‬عليه سور حجارة عشرة أميال‪ .‬ينظر إلى‪ :‬ابن سباهي‪ :‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪،442 /‬‬
‫كذلك‪ :‬الإدريسي‪ :‬نزهة المشتاق‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.012-014 /‬‬

‫‪722‬‬
‫ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ برقة في كتب الرحّالة والبلدانيين ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ مجلة أصول الدين‪/‬ع‪ 4‬ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ‬

‫التجار ية التي كانت تجري عن طر يق المقايضة في سياق حديثه عن مرسى طلميثة بالقول‪:‬‬
‫(*)‬
‫بالقرب منه‪ ،‬وتحضر العرب وتبايعهم بالبضائع‬ ‫"‪ ...‬والمراكب ترسو قبالة قصر اليهود‬

‫مقايضة"(‪ .)1‬أمّا المرسى الثالث فهو مرسى قصر أحمد‪ ،‬وهو يقع في قر ية صغيرة؛ استخدمها‬

‫العرب مخزنا يخزنون فيه غلالهم‪ ،‬وكان المجاورون لتك القر ية يجلبون الخيل لتنقل إلى مدينة‬

‫الإسكندر ي ّة‪ ،‬ومن قصر أحمد يوجد طر يق بري إلى برقة‪ ،‬إلى جانب الطر يق البحري‬

‫المتمث ّل في المرسى المذكور(‪.)2‬‬

‫ن المصادر التي أشرنا إليها قد أوردت بعض الملامح التجار ية لبرقة‬


‫ومن الملاحظ أ ّ‬

‫من خلال ذكر بعض أصناف السلع التي كانت مصدرا للت ّجارة المصدّرة إلى مصر عبر‬

‫طرق التجارة البر ي ّة والبحر ي ّة‪ ،‬ولم نعرف تفاصيل أكثر عن هذا الموضوع‪ ،‬لـكنّ فرضية‬

‫الأهمي ّة التجار ي ّة التي تصدّرتها برقة خلال العصر الوسيط لا تزال قائمة نظرا لأسباب‬

‫ثلاثة هي‪ :‬الموقع‪ ،‬والإنتاج الزراعي‪ ،‬وحالة الاستقرار‪.‬‬

‫من جانب آخر‪ ،‬يفيدنا محي الدين بن عبد الظاهر في كتابه "سيرة الملك الظاهر"‬

‫ل مدينة ميناء؛‬
‫بمعلومات عن موانئ برقة وتجارتها بقوله‪ ..." :‬وفيها مدن على البحر‪ ،‬ولك ّ‬

‫تدخلها المراكب بالبضائع‪ ،‬وخيولها البرقية معروفة‪ ،‬وتجلب منها الجِمال الجيدة‪ ،‬والأغنام‪،‬‬

‫والعسل‪ ،‬والشمع‪ ،‬والقطران‪ ،‬وبها الأخشاب العظيمة"(‪ .)3‬يؤكد هذا الن ّص كثرة موانئ‬

‫برقة على امتداد ساحلها إلى الح ّد الذي أصبح فيه لكل مدينة ميناء‪ ،‬وهو مالم يشر إليه‬

‫ن التجارة كانت في أوج ازدهارها‪ ،‬وحركة‬


‫ل ذلك على أ ّ‬
‫المقدسي وابن سباهي‪ ،‬ويد ّ‬

‫المراكب الت ّجار ية لا تنقطع عن موانئ برقة بالصادر والوارد إليها(‪ ،)4‬وفضلا عن ذلك‬

‫كانت برقة مصدرا للأخشاب‪ ،‬والخيول‪ ،‬والجِمال التي تمت ّعت بالجودة‪ ،‬وذاعت شهرتها‪.‬‬

‫)‪ )1‬ابن سباهي‪ :‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.442 /‬‬


‫)‪ (2‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.461-463 /‬‬
‫)‪ (3‬ابن عبد الظاهر‪ :‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.414 /‬‬
‫)‪ (4‬الإدريسي‪ :‬نزهة المشتاق‪ ،‬ص‪.013 /‬‬

‫‪721‬‬
‫ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ برقة في كتب الرحّالة والبلدانيين ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ مجلة أصول الدين‪/‬ع‪ 4‬ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ‬

‫ن برقة كانت تنتج القطن الذي لا يضاهيه صنف‬


‫و يضيف الإدريسي إلى ما ذكر أ ّ‬

‫من أصناف القطن الأخرى‪ ،‬وذلك لجودته‪ ،‬وهي سلعة كانت في غابر الزمان بحسب‬

‫وصفه(‪ ،)1‬كما أخبرنا عن صناعة دباغة جلود الأبقار‪ ،‬وجلود النمور‪ ،‬وهذه الأخيرة كانت‬

‫تجلب إلى برقة من أوجلة‪ ،‬و يؤكد في خبره هذا أن تلك الصّ ناعة كانت موجودة في عصره‪،‬‬

‫ولم يغفل الإدريسي عن ذكر إنتاج زيت الزيتون بوصفه سلعة تجار ية؛ ومادة تستعمل في‬

‫علاج بعض الأمراض الجلدية (‪.)2‬‬

‫الخاـتمة‪:‬‬

‫ن برقة قد دل ّت على أهمي ّة موقعها المصادر منذ‬


‫نستخلص مما سبق في ثنايا البحث أ ّ‬

‫عصورها القديمة‪ ،‬عندما أطلق عليها الإغريق اسم (بنطابلس) أو إقليم المدن الخمس‪ ،‬لـكنّ‬

‫مجالها الجغرافي في عصرها الوسيط قد أخذ مدلولا آخر‪ ،‬ليشمل المدن والقرى الواقعة بين‬

‫ن محيطها البحري لا يخرج عن إطارها الجغرافي بين موانئها‬


‫الإسكندر ي ّة إلى أفر يقي ّة‪ ،‬وأ ّ‬

‫وجزيرة أقر يطش (كريت)‪ ،‬وقد رأينا أن ّبرقة اسم يطلق أيضا َ على قصبتها وهي مدينة‬

‫ن حدود المغرب الأدنى تشمل أفر يقية وبرقة‪ ،‬وامتدادها‬


‫المرج الحالية‪ ،‬كما ات ّضح لنا أ ّ‬

‫ن الت ّقسيمات الحديثة لبلاد المغرب قد خضعت لوجهة‬


‫شرقا إلى الإسكندر ي ّة‪ ،‬وأثبتنا أ ّ‬

‫نظر استشراقي ّة ولا تستند إلى معطيات من مصادر تار يخية أو جغرافية‪.‬‬

‫ن خصائص برقة قد أشار إلى بعضها المقدسي وابن سباهي؛ حيث‬


‫كما تبيّن لنا أ ّ‬

‫ممي ّزاتها في خصوبة التربة؛ ووفرة المياه؛ في أغلب عصورها‪ ،‬ورغد العيش الذي‬ ‫أثبتا‬

‫استقطب الغرباء للاستيطان فيها‪ ،‬وحسن أخلاق أهلها‪ ،‬والاستقرار السياسي الذي نعمت‬

‫ن برقة بتلك الخاصّية الممي ّزة قد‬


‫به قبل الهجرة الهلالية السليمي ّة‪ ،‬وغني عن البيان القول‪ ،‬إ ّ‬

‫أسهمت من خلال ر يع أراضيها في العصر الإسلامي الوسيط في الموارد المالية للد ّول‬

‫)‪ )1‬الإدريسي‪ :‬نزهة المشتاق‪ ،‬ص‪.011 /‬‬


‫)‪ )2‬المصدر نفسه‪ ،‬والصفحة نفسها‪.‬‬

‫‪727‬‬
‫ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ برقة في كتب الرحّالة والبلدانيين ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ مجلة أصول الدين‪/‬ع‪ 4‬ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ‬

‫الإسلامية التي تعاقبت على حكم المنطقة‪ ،‬نظرا للأهمي ّة الاقتصادية التي تمت ّعت بها برقة‪،‬‬

‫حيث بدا لنا ذلك من خلال ما أشارت إليه المصادر من أنّها كانت مصدرا للسّلع‬

‫الن ّقدية‪ ،‬فضلا عن صناعة الجلود‪ ،‬وإنتاج العسل‪ ،‬وتوافر المراعي ال ّتي كانت تصدّر منها‬

‫الأغنام إلى مصر‪.‬‬

‫كما تتب ّعنا تطو ّر الن ّشاط الت ّجاري الذي أدّى إلى إ يجاد أسواق داخلي ّة وخارجي ّة‪،‬‬

‫ن المصادر أشارت إلى ثلاثة منها‪ ،‬غير‬


‫ولاحظنا ذكر كثرة الموانئ على ساحل برقة‪ ،‬ومع أ ّ‬

‫أننا قد استنتجنا من ذلك ازدهار تلك التجارة بالصادرات والواردات عبر الموانئ والمراسي‬

‫البحر ي ّة؛ فضلا عن الطرق البر ّي ّة التي جعلت من برقة حلقة وصل بين المشرق والمغرب‪.‬‬

‫التوصياـت‪:‬‬

‫خص التّاريخ‬
‫‪ -‬يوصي الباحث بالاهتمام والتركيز على الد ّراسات المعمّقة ال ّتي ت ّ‬

‫ال ّليبي في العصر الوسيط عموما‪ ،‬ووضع ذلك من ضمن أولو يات المهتمين في المراكز البحثية‬

‫والمؤسسات ذات العلاقة لتكوين أرشيف مرجعي للباحثين وطلاب الجامعات‪.‬‬

‫‪ -‬ع َ ُّ ّد الد ّراسات السّابقة من البحوث والرسائل منطلقا لتطوير البحث الت ّار يخي بغية‬

‫الـكشف عن المجهول من تار يخنا الحضاري والث ّقافي والسّياسي‪.‬‬

‫‪ -‬الإعداد لمؤتمرات وندوات علمية تهتم بدراسة المصادر الوسيطة دراسة نقدية‬

‫تهدف إلى الوصول إلى التأريخ لليبيا والوصول إلى نتائج علمية منطقية‪.‬‬

‫‪ -‬الاهتمام بجمع المخطوطات والوثائق التار يخية وتحقيقها ونشرها إسهاما في إظهار‬

‫تاريخ ليبيا الّذي لا يزال كثير ٌ من جوانبه مجهولا‪.‬‬

‫‪ -‬إن الدراسات المتعلقة بعلم معرفة المواقع‪( :‬الطوبونيميا) سيكشف كثيرا من‬

‫الت ّفاصيل عن جانب مهم من تطور أسماء الأماكن والبلدان الليبية التي تناولتها مصادر‬

‫كتب الجغرافية والرحلات‪ ،‬لذلك يوصي الباحث بالاهتمام بمثل هذه الدراسات والتركيز‬

‫عليها‪ ،‬والل ّه الموف ّق‪.‬‬

‫‪722‬‬
‫ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ برقة في كتب الرحّالة والبلدانيين ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ مجلة أصول الدين‪/‬ع‪ 4‬ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ‬

‫فهرس المصادر والمراجع‪:‬‬

‫‪ .1‬الإدريسي‪ ،‬أبو عبد الل ّه محمد‪ :‬أنس المهج وروض الف ُر َج‪ ،‬منشورات دار وزارة‬

‫الأوقاف والشؤون الإسلامي ّة‪ ،‬المغرب‪6339 :‬م‪.‬‬

‫‪ .2‬الإدريسي‪ ،‬أبو عبد الل ّه محمد‪ :‬نزهة المشتاق في اختراق الآفاق‪ ،‬مكتبة الثقافة‬

‫الدينية‪ ،‬القاهرة‪6336 :‬م‪.‬‬

‫‪ .3‬الإصطخري‪ ،‬أبو إسحاق إبراهيم‪ :‬مسالك الممالك‪ ،‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪(:‬د‪.‬ت)‪.‬‬

‫‪ .4‬البكري‪ ،‬أبوعبيد‪ :‬المسالك والممالك‪ ،‬الدار العربية للكتاب‪ ،‬تونس‪1996 :‬م‪.‬‬

‫‪ .5‬البكري‪ ،‬أبوعبيد‪ :‬المسالك والممالك‪ ،‬دارالـكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪6330 :‬م‪.‬‬

‫‪ .6‬البلاذري‪ ،‬أبو العباس أحمد‪ :‬فتوح البلدان‪ ،‬مؤسسة العارف‪ ،‬بيروت‪1989 :‬م‪.‬‬

‫‪ .7‬الجليلي‪ ،‬محمود‪ :‬المكاييل والأوزان والنقود العربية‪ ،‬دار الغرب الإسلامي‪،‬‬

‫بيروت‪6334 :‬م‪.‬‬

‫‪ .8‬حمودة‪ ،‬عبد الحميد‪ :‬تاريخ المغرب الإسلامي في العصر الإسلامي من الفتح حتى‬

‫قيام الدولة الفاطمية‪ ،‬الدار الثقافية للنشر‪ ،‬القاهرة‪6332 :‬م‪.‬‬

‫‪ .9‬الحموي‪ ،‬شهاب الدين ياقوت‪ :‬معجم البلدان‪ ،‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪1999 :‬م‪.‬‬

‫‪ .13‬ابن حوقل‪ ،‬أبو القاسم‪ :‬كتاب صورة الأرض‪ ،‬منشورات دار مكتبة الحياة‪،‬‬

‫بيروت‪1996 :‬م‪.‬‬

‫‪ .11‬ابن خرّداذبة‪ ،‬أبو القاسم عبيد الل ّه‪ :‬المسالك والممالك‪ ،‬مطبعة بر يل‪ ،‬ليدن‪:‬‬

‫‪1889‬م‪.‬‬

‫‪ .16‬الزّاوي‪ ،‬الطاهر‪ :‬معجم البلدان الليبية‪ ،‬مكتبة النور‪ ،‬طرابلس‪1928 :‬م‪.‬‬

‫‪ .10‬الزّوّام‪ ،‬سالم محمد‪ :‬المعجم الجغرافي للأماكن الليبية‪ ،‬دار ومكتبة الشعب للنشر‬

‫والتوز يع‪ ،‬ليبيا‪6334 ،‬م‪.‬‬

‫‪722‬‬
‫ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ برقة في كتب الرحّالة والبلدانيين ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ مجلة أصول الدين‪/‬ع‪ 4‬ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ‬

‫‪ .14‬ابن سباهي‪ ،‬محمد بن علي البروسوي‪ :‬أوضح المسالك إلى معرفة البلدان‬

‫والممالك‪ ،‬دار الغرب الإسلامي‪6332 ،‬م‪.‬‬

‫‪ .14‬ابن سعيد المغربي‪ ،‬علي بن موسى‪ :‬كتاب الجغرافيا‪ ،‬المكتب التجاري للنشر‬

‫والتوز يع ‪ ،‬بيروت‪1993 :‬م‪.‬‬

‫‪ .12‬ابن سعيد المغربي‪ ،‬علي بن موسى‪ :‬كتاب بسط الأرض في الطول والعرض‪،‬‬

‫معهد مولاي الحسن‪ ،‬تطوان‪1948 :‬م‪.‬‬

‫‪ .19‬شل ّوف‪ ،‬عبد السلام محمد‪ :‬الأسماء القديمة للمدن والقرى الليبية‪ ،‬دار هانيبال‬

‫للنشر والتوز يع ‪ ،‬بنغازي‪6336 :‬م‪.‬‬

‫‪ .18‬عبد الرؤوف‪ ،‬عصام الدين‪ :‬تاريخ المغرب والأندلس‪ ،‬مكتبة نهضة الشرق‪،‬‬

‫القاهرة‪( :‬د‪.‬ت)‪.‬‬

‫‪ .19‬ابن عبد الطاهر‪ ،‬محيي الدين‪ :‬الر ّوض الزّاهر في سيرة الملك الظّاهر‪ ،‬الر ياض‪:‬‬

‫‪1992‬م‪.‬‬

‫‪ .63‬العبدري‪ ،‬أبو عبد الل ّه محمد‪ :‬رحلة العبدري‪ ،‬دار سعد الدين للطباعة والنشر‬

‫والتوز يع‪ ،‬دمشق‪6334 :‬م ‪.‬‬

‫‪ .61‬أبو الفداء‪ ،‬عماد الدين إسماعيل‪ :‬تقويم البلدان‪ ،‬باريس‪1803 :‬م‪.‬‬

‫‪ .66‬القلقشندي‪ ،‬أبو العباس أحمد‪ :‬نهاية الأرب في معرفة أنساب العرب‪ ،‬دار‬

‫الكتاب اللبناني‪ ،‬بيروت‪1983 :‬م‪.‬‬

‫‪ .60‬المقدسي‪ ،‬شمس الدين‪ :‬أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم‪ ،‬مطبعة بر يل‪ ،‬ليدن‪:‬‬

‫‪1932‬م‪.‬‬

‫‪ .64‬المقريزي‪ ،‬تقي الدين‪ :‬جنى الأزهار من الروض المعطار‪ ،‬الدار الثقافية للنشر‪،‬‬

‫القاهرة‪6332 :‬م‪.‬‬

‫‪722‬‬
‫ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ برقة في كتب الرحّالة والبلدانيين ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ مجلة أصول الدين‪/‬ع‪ 4‬ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ‬

‫‪ .64‬المقريزي‪ ،‬تقي الدين‪ :‬السلوك لمعرفة دول الملوك‪ ،‬دار الـكتب العلمي ّة‪ ،‬بيروت‪:‬‬

‫‪1999‬م‪.‬‬

‫‪ .62‬ابن منظور‪ ،‬جمال الدين‪ :‬لسان العرب‪ ،‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪( :‬د‪.‬ت)‪.‬‬

‫‪ .69‬المهل ّبي‪ ،‬الحسن بن أحمد‪ :‬المسالك والممالك‪ ،‬التكوين للطباعة والن ّشر‪ ،‬دمشق‪:‬‬

‫‪6332‬م‪.‬‬

‫‪ .68‬مؤلف مجهول‪( ،‬مؤرخ مراكشي من عاش في القرن السادس الهجري)‪:‬‬

‫كتاب الاستبصار في عجائب الأمصار‪ ،‬دار الشؤون الثقافية‪ ،‬بغداد‪( :‬د‪.‬ت)‪.‬‬

‫‪ .69‬اليعقوبي‪ ،‬أحمد‪ :‬كتاب البلدان‪ ،‬مطابع بر يل‪ ،‬ليدن‪1893 ،‬م‪.‬‬

‫الملحق رقم (‪:)1‬‬

‫جدول بعض المصطلحات الجغرافية التي وردت في البحث‪:‬‬

‫معنى المصطلح‬ ‫اسم المصطلح‬


‫واحد من الأقاليم السبعة التي ذكرها الجغرافيون‪ ،‬وأقاليم‬ ‫إقليم‬
‫الأرض أقسامها‪ ،‬وكل إقليم من الأرض له صفات تميزه عما‬
‫بجواره من الأقاليم الأخرى‪.‬‬
‫تجمع على أمصار‪ ،‬والمصر هو كورة كبيرة تقام فيها الدور‬ ‫مصر‬
‫والأسواق والمدارس وغيرها‪.‬‬
‫تجمع على كو َر‪ ،‬وهي المدينة والصقع التي تجتمع في‬ ‫كورة‬
‫نطاقها عدة قرى‪.‬‬
‫هي القصر الذي يقع وسط المدينة ومنه يدار الحكم‪،‬‬ ‫قصبة‬
‫وتمثل القصبة رمزا لمركز الدولة أو الولاية في المدينة أو القر ية‪.‬‬

‫‪722‬‬
‫ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ برقة في كتب الرحّالة والبلدانيين ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ مجلة أصول الدين‪/‬ع‪ 4‬ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ‬

‫الملحق رقم (‪:)2‬‬

‫يوضح المراحل بين برقة والإسكندر ية وما يقابل المرحلة بقياس الميل حسب‬
‫جدول ّ‬

‫الإدريسي‪:‬‬

‫المسافة بين المرحلتين‬ ‫توضيح مسمى نهاية المرحلة‬ ‫نهاية المرحلة‬ ‫بداية المرحلة‬
‫‪ 2‬أميال‬ ‫قصر الندامة ورد في كتاب أنس المهج جب‬ ‫برقة‬
‫(‪)1‬‬
‫الندامة‬
‫‪ 62‬ميلا‬ ‫تقع إلى الشرق من مدينة المرج‪،‬‬ ‫تاكنست‬ ‫قصر الندامة‬
‫(‪)2‬‬
‫وكانت قر ية للنصارى‬
‫‪ 64‬ميلا‬ ‫يسمى "مغار الرقيم" وهو من‬ ‫المغار‬ ‫تاكنست‬
‫(‪)3‬‬
‫ضواحي مدينة درنة‬
‫‪ 04‬ميلا‬ ‫ورد اللفظ جب حليمة حسب‬ ‫حليمان‬ ‫المغار‬
‫(‪)4‬‬
‫الإدريسي‬
‫‪ 04‬ميلا‬ ‫يسمى وادي مخيل‪ ،‬وكان حصنا‬ ‫مخيل‬ ‫حليمان‬
‫(‪)5‬‬
‫قرب برقة‬
‫‪ 04‬ميلا‬ ‫ورد اللفظ جب الميدان حسب‬ ‫جب‬ ‫مخيل‬
‫(‪)6‬‬
‫الإدريسي‬ ‫الميدعان‬
‫‪ 04‬ميلا‬ ‫حسب‬ ‫الصغير‬ ‫جناد‬ ‫جب الميدعان جياد الصغير قصر‬
‫(‪)7‬‬
‫الإدريسي‬
‫‪ 03‬ميلا‬ ‫حي عبد الل ّه وردت التسمية لدى الإدريسي‬ ‫جياد الصغير‬

‫)‪ )1‬الإدريسي‪ :‬أنس المهج‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.661 /‬‬


‫)‪ )2‬ابن خرداذبة‪ :‬أبو القاسم عبيد الل ّه‪ ،‬المسالك والممالك‪ ،‬مطبعة بر يل‪ ،‬ليدن‪ ،1889 :‬ص‪.666 /‬‬
‫)‪(3‬شلوف‪ :‬عبدالسلام‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.23 /‬‬
‫)‪ )4‬الإدريسي‪ :‬نزهة المشتاق‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.019 /‬‬
‫)‪ (5‬الحموي‪ :‬المصدر السابق‪ ،‬ج‪ ،4/‬ص‪.90 /‬‬
‫)‪ )6‬الإدريسي‪ :‬نزهة المشتاق‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.019 /‬‬
‫)‪ )7‬الإدريسي‪ :‬أنس المهج‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.661 /‬‬

‫‪722‬‬
‫ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ برقة في كتب الرحّالة والبلدانيين ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ مجلة أصول الدين‪/‬ع‪ 4‬ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ‬

‫(‪)1‬‬
‫جب عبد الل ّه‬
‫‪ 03‬ميلا‬ ‫وردت التسمية دون اختلاف بين‬ ‫مرج الشيخ‬ ‫حي عبد الل ّه‬
‫المصادر‬
‫‪ 63‬ميلا‬ ‫هي العقبة الـكبرى (السل ّوم)‬ ‫العقبة‬ ‫مرج الشيخ‬
‫(‪)2‬‬
‫حسب القلقشندي‬
‫‪ 63‬ميلا‬ ‫خرائب أبي ذكرها الإدريسي حوانيت أبي‬ ‫العقبة‬
‫(‪)3‬‬
‫حليمة‬ ‫حليمة‬
‫‪ 04‬ميلا‬ ‫أوردها البكري خرائب القوم‪،‬‬ ‫أبي خربة القوم‬ ‫خرائب‬
‫وهـــي مدينة خربها الروم كانت‬ ‫حليمة‬
‫(‪)4‬‬
‫بها جباب‬
‫‪ 14‬ميلا‬ ‫يقع بالقرب من مدينة الرمادة‪،‬‬ ‫قصر‬ ‫خربة القوم‬
‫وهي مـــــوضع بين بــــــرقة‬ ‫الشّماس‬
‫(‪)5‬‬
‫والإسكندر ية‬
‫‪ 64‬ميلا‬ ‫سماها ابن حوقل سكة الحمار أو‬ ‫قصر الشّماس سك ّة الحمام‬
‫(‪)6‬‬
‫قباب معان‬

‫‪ 03‬ميلا‬ ‫يقول ابن خرداذبة لا ماء فيها إلا‬ ‫جب العوسج‬ ‫سك ّة الحمام‬
‫(‪)7‬‬
‫ماء السماء‬
‫‪ 64‬ميلا‬ ‫ثلاثة قصور مهدمة بالقرب منها‬ ‫كنائس‬ ‫جب العوسج‬

‫)‪ )1‬الإدريسي‪ :‬نزهة المشتاق‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.019 /‬‬


‫)‪ )2‬القلقشندي‪ :‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.090-096 /‬‬
‫)‪ )3‬الإدريسي‪ :‬نزهة المشتاق‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.018 /‬‬
‫)‪ )4‬البكري‪ :‬المصدر السابق‪ ،‬ج‪ ،6/‬ص‪.194 /‬‬
‫)‪ )5‬المصدر نفسه‪.‬‬
‫)‪ )6‬ابن حوقل‪ :‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.22 /‬‬
‫)‪ (7‬ابن خرداذبة‪ :‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.84 /‬‬

‫‪722‬‬
‫ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ برقة في كتب الرحّالة والبلدانيين ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ مجلة أصول الدين‪/‬ع‪ 4‬ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ‬

‫(‪)1‬‬
‫عقبة تعرف بآبار قيس‬ ‫الحرير‬
‫غير معروف‬ ‫وردت التسمية دون اختلاف بين‬ ‫الطاحونة‬ ‫كنائس الحرير‬
‫المصادر‬
‫‪ 03‬ميلا‬ ‫هي شطر حنية قائمة في وسط‬ ‫حنية الروم‬ ‫الطاحونة‬
‫(‪)2‬‬
‫فحص بينها وبين البحر ش ُرف‬
‫‪ 04‬ميلا‬ ‫سوق جامعة بها جامع بناه ز يادة‬ ‫ذات الحمام‬ ‫حنية الروم‬
‫(‪)3‬‬
‫الل ّه الأغلبي‬
‫‪ 18‬ميلا‬ ‫ذكرها البكري أبو ميني‪ ،‬وقال هي‬ ‫بو مينة‬ ‫ذات الحمام‬
‫كنيسة عظيمة ‪ ،‬فيها عجائب من‬
‫(‪)4‬‬
‫الصور والنقوش‬
‫‪ 63‬ميلا‬ ‫الإسكندر ية قال عنها المقريزي مدينة عظيمة‬ ‫بو مينة‬
‫بشاطئ البحر‪ ،‬بها آثار عجيبة ورسوم‬
‫قائمة‪ ،‬حصينة الأسوار‪ ،‬نامية‬
‫(‪)5‬‬
‫الأشجار‬

‫)‪ )1‬البكري‪ :‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.194 /‬‬


‫)‪ (2‬المصدر نفسه‪.‬‬
‫)‪ (3‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.194 /‬‬
‫)‪ (4‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.194-190 /‬‬
‫)‪ (5‬المقريزي‪ :‬تقي الدين‪( ،‬ت ‪844‬هـ)‪ :‬جنى الأزهار من الروض المعطار‪ ،‬ط‪ ،1/‬الدار الثقافية للنشر‪ ،‬القاهرة‪،6332 :‬‬
‫ص‪.94 /‬‬

‫‪722‬‬
‫ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ برقة في كتب الرحّالة والبلدانيين ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ مجلة أصول الدين‪/‬ع‪ 4‬ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ‬

‫الملحق رقم (‪:)3‬‬

‫يوضح المراحل بين برقة والإسكندر ية وما يقابل المرحلة بقياس الميل حسب‬
‫جدول ّ‬

‫ابن خرداذبه‪:‬‬

‫المسافة بين‬ ‫توضيح مسمى نهاية المرحلة‬ ‫نهاية‬ ‫بداية‬

‫المرحلتين‬ ‫المرحلة‬ ‫المرحلة‬

‫‪ 64‬ميلا‬ ‫ل المسدودة وادي الرمل حسب‬


‫لع ّ‬ ‫المسدودة‬ ‫طرابلس‬
‫(‪)1‬‬
‫ابن خرداذبة‬

‫غير معروف‬ ‫مـــكان غـــرب تاورغاء يـــسمى‬ ‫أرسطا‬ ‫المسدودة‬


‫(‪)2‬‬
‫ورداسا‬

‫غير معروف‬ ‫اسمها الراشدة‪ ،‬وهي بئر عذبة المياه‬ ‫الراشدية‬ ‫أرسطا‬
‫غربي قصور حسان بن النعمان‪،‬‬
‫(‪)3‬‬
‫وهو من أطلق هذا الاسم عليها‬
‫غير معروف‬ ‫بناها حسان بن النعمان الغساني‬ ‫قصور‬ ‫الراشدية‬
‫(‪)4‬‬
‫حسّان‬
‫‪ 03‬ميلا‬ ‫تلفظ في بعض الأحيان مغمداس‪،‬‬ ‫مغمداش‬ ‫قصور حسّان‬
‫وهو موضع بسرت بين موقع أبو‬
‫(‪)5‬‬
‫رتمة والزعفران‬
‫‪ 08‬ميلا‬ ‫ذكر العبدري أن هذا الاسم يطلق‬ ‫سرت‬ ‫مغمداش‬
‫على عدة قصور بينها مسافة‪ ،‬أولها‬

‫)‪ (1‬ابن خرداذبة‪ :‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪.664‬‬


‫)‪(2‬الزاوي‪ :‬الطاهر‪ ،‬معجم البلدان الليبية ‪ ،‬ط‪ ،1/‬مكتبة النور‪ ،‬طرابلس‪ ،1928 :‬ص‪.041 /‬‬
‫)‪(3‬الزاوي‪ :‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪.143 /‬‬
‫)‪ )4‬البغدادي ‪ ،‬صفي الدين‪ :‬المصدر السابق ‪ ،‬ص‪.1136/‬‬
‫)‪ )5‬الزاوي‪ :‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪.060 /‬‬

‫‪722‬‬
‫ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ برقة في كتب الرحّالة والبلدانيين ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ مجلة أصول الدين‪/‬ع‪ 4‬ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ‬

‫يسمى الشبيكة‪ ،‬وهي أعمرها‪،‬‬


‫(‪)1‬‬
‫وآخرها يسمى المدي ّة‬
‫‪ 04‬ميلا‬ ‫يسمى أيضا قصر الأعرابي‪ ،‬وهو‬ ‫قصر‬ ‫سرت‬
‫(‪)2‬‬
‫من قصور سرت القديمة‬ ‫العبادي‬

‫‪ 04‬ميلا‬ ‫هما قريتان بالقرب من سرت‬ ‫قصر العبادي اليهوديتين‬


‫(‪)3‬‬
‫بالقرب من شاطئ البحر‬
‫‪ 64‬ميلا‬ ‫يقع شرقي اليهوديتين بنحو ‪/43‬‬ ‫قصر‬ ‫اليهوديتين‬
‫(‪)4‬‬
‫كم‬ ‫العطش‬
‫‪ 04‬ميلا‬ ‫تقع شرقي قصر اليهوديتين(‪ ،)5‬وقيل‬ ‫سبخة‬ ‫قصر العطش‬
‫سم ّيت منهوشة لأن في رمالها أفاعي‬ ‫منهوسا‬
‫(‪)6‬‬
‫تنهش من لا يعلم حولها‬
‫غير معروف‬ ‫تسمى بلُ ْب ُد‪ ،‬وهي المدينة التي قتل‬ ‫بلدروب‬ ‫سبخة منهوسا‬
‫(‪)7‬‬
‫فيها أبا الخطاب المعافري‬
‫(‪)8‬‬
‫‪ 63‬ميلا‬ ‫أوردها الإدريسي بوسمت‬ ‫برمست‬ ‫بلدروب‬
‫‪ 64‬ميلا‬ ‫تقع على بعد ‪ /43‬كم جنوب مدينة‬ ‫سلوق‬ ‫برمست‬
‫(‪)9‬‬
‫بنغازي‬

‫)‪ )1‬العبدري‪ :‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.631 /‬‬


‫)‪(2‬الزاوي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.628 /‬‬
‫)‪ )3‬ابن خرداذبة‪ :‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.664 /‬‬
‫)‪ )4‬الزاوي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.694 /‬‬
‫)‪ )5‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.186 /‬‬
‫)‪ )6‬المقريزي‪ :‬جنى الأزهار‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.94 /‬‬
‫)‪ )7‬الحموي‪ :‬المصدر السابق‪ ،‬ج‪ ،1 /‬ص‪.498 /‬‬
‫)‪ (8‬الإدريسي‪ :‬أنس المهج‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.614 /‬‬
‫)‪ )9‬الزّوّام‪ ،‬سالم محمد‪ :‬المعجم الجغرافي للأماكن الليبية‪ ،‬دار ومكتبة الشعب للنشر والتوز يع‪ ،‬ليبيا‪ ،6334 :‬ص‪.82 /‬‬

‫‪721‬‬
‫ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ برقة في كتب الرحّالة والبلدانيين ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ مجلة أصول الدين‪/‬ع‪ 4‬ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ‬

‫‪ 03‬ميلا‬ ‫وردت التسمية دون اختلاف بين‬ ‫أوبران‬ ‫سلوق‬


‫المصادر‬
‫(‪)1‬‬
‫‪ 16‬ميلا‬ ‫ورد عند الإدريسي قصر العسل‬ ‫قصر الفيل‬ ‫أوبران‬
‫(‪)2‬‬
‫‪ 69‬ميلا‬ ‫وردت عند الإدريسي مرينه‬ ‫مليتية‬ ‫قصر الفيل‬
‫‪ 14‬ميلا‬ ‫هي مدينة المرج الحالية‬ ‫برقة‬ ‫مليتية‬

‫)‪ )1‬الإدريسي‪ :‬أنس المهج‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪.614/‬‬


‫)‪ )2‬المصدر نفسه‪.‬‬

‫‪727‬‬

You might also like