Professional Documents
Culture Documents
النظرية السياسية
إعداد الطالبة-:
رقم القيد-:
3156022
النظرية السياسية
النظرية السياسية محل البحث هي نظرية علمية واجتماعية ،علمية ألنها تستمد
مقوالتها من خالل تطبيق طرق المنهج العلمي ،من مالحظة واستقراء ومقارنة
وتجريب ،واجتماعية ألنها جزء من النظرية االجتماعية العامة ،فعلم السياسية هو
علم اجتماعي والظاهرة السياسية ظاهرة اجتماعية .وعليه ،ولدت النظرية السياسية
في إطار جهد علماء االجتماع والسياسة إلضفاء طابع العلمية على الدراسات التي
تتعلق بالدولة والسلطة وبمجمل الشأن السياسي .ومع ذلك فإن العلماء يستعملون
مصطلح النظرية السياسية أحيانا بمعان شتی ،فمنهم من يدرج تحت عنوان النظرية
السياسية كل ما كتب حول الحياة السياسية مما يخلق تداخالا ما بين النظرية
السياسية وتاريخ الفكر السياسي ،بمعنى أن النظرية السياسية تأخذ مدلول التنظير
السياسي بالمعنی الدارج للنظرية -أي التفكير والمنظومات الكالمية -وآخرون ال
يميزون ما بين النظرية السياسية وعلم السياسة ،فإريك فوجلين Eric Voegelinال
يمكن أن يكون هناك علم سياسة .لقد ولدت النظرية العلمية السياسية متواكبة مع
والدة علم السياسة وهذه الوالدة هي في نفس الوقت اللحظة التاريخية التي تحررت
2
فيها السياسة من أسر الفلسفة ومقوالتها المسبقة فالواقع هو الرحم الذي منه ولدت
النظرية السياسة وليس العقل المجرد للعالم السياسي ،وفي هذا السياق ال نستغرب
كون العديد ممن وضعوا نظربات سياسية لم يكونوا علماء سياسة نظريين أو فالسفة
بل كانوا أناس عركتهم السياسة كواقع مأزوم ،فجون لوك كان طبيبا ،ومونتسكيو
قاضيا ورجل قانون ،وجان جال روسو كان كاتب مقال وقصاص .وكان سبنسر
ولكن هذا ال يعني أن إضفاء صفة الواقعية والعلمية على النظرية السياسية ،أنها
متطابقة مع الواقع أو أنها نتيجة حتمية للتجريب السياسي ،فهناك دائما فجوة ما بين
المقوالت النظرية والواقع وال توجد نظرية علمية متطابقة تماما مع الواقع ،نعم النظرية
العلمية السياسية تؤسس من الواقع ولكنها تكون في عالقة جدلية مع الواقع تؤثر به
و يؤثر عليها ،تطوره وبطورها ،وفي هذا السياق يرى فوجلين أن النظرية السياسية،
"علم تجريبي Experimentalمنظم يقوم على الخبرة الكلية للكائن البشري الموجود
الفلسفية" .نفس المقاربة للنظرية السياسية نجدها نجدها هيرسون Lawrence J.
R. Hersonالذي ينظر إلى النظرية السياسية كمشروع ذهني يمكن ربطه بدائرتين
متقاطعتين من األفكار التي تتقابل في جملة واحدة مؤداها "أن النظرية هي مجموعة
من المالحظات أو التأكيدات المرتبطة منطقي ا بعضها بعض ا ،والقائمة على أساس
3
امبيريقي -تجريبي -وإن إحدى هاتين الدائرتين تسمى عادة بـ "النظرية القرضية"
ألنها تقيم فروضا ،على حين تسمى األخری بـ "النظرية الوصفية" ولكل من هاتين
النظرتين أساسها العقلي التقليدي الخاص بها ،وكذلك أسلوبها البحثي المنطقي الذي
يصاحبها.
وليس بالضرورة أن تكون مقوالت النظرية متطابقة مع الواقع ،ولكنها تصلح للمقارنة
مع ما هو قائم .وفي الحالة األخيرة تتشابه مع النماذج المثالية لماكس فيبر.
-3قد تكون النظرية مجموعة من الفرضيات حول السلوك السياسي ،يتم التوصل
التجريب.
4
-4النظرية بمعنى مجموعة من البيانات أو التصريحات حول السلوكية العقالنية
-5قد تكون النظرية ذا طابع أخالقي ال ترتبط بالسلوك الواقعي بقدر ما تعبر عما
يجب أن يكون وتسمى في هذه الحالة بالنظرية المثالية ،فالنظرية هنا هي مجموعة
من القيم وقواعد السلوك والمبادئ التي تدل على ما يجب أن يكون علية السلوك
السياسي.
-6وأخي ار ،النظرية ،كمجموعة اقتراحات عملية لرجال الدولة والمسؤولين ،وهذه
االقتراحات واإلرشادات تكون إما بمثابة مسلمات حول النظام الدولي وشكله وبنيته،
وما يترتب على ذلك من سلوكية سياسية معينة عند رجل الدولة لتحقيق أهداف
هذا التعدد الخصيب في تعريف النظرية السياسية هو الذي يساعد على تطور الفكر
السياسي وعلم السياسة ،كما انه يتوافق مع الديمقراطية التي تفسح المجال لحرية
الرأي والفكر ،كما أن هذا التعدد يفسح المجال إلعمال قانون البقاء لألصلح ،الذي
يطبق في الطبيعة ،على النظريات السياسية ،فالنظرية القادرة على التعامل مع الواقع
وفهمه وتغيره والقادرة على تكييف مقوالتها مع مستجدات الواقع تكون فرصها في
االستمرارية والدوام أكثر من النظريات الجامدة المنغلقة حول نفسها والعاجزة عن
تفسير الواقع أو التكيف معه .فهذه األخيرة ستكون مجبرة على إخالء الميدان لألول
5
النظرية السياسية العلمية من هذا المنطلق هي ذات القدرة على الربط ما بين
الماضي والحاضر واستشراف أفاق المستقبل أو بشكل اخر قادرة على التحرر من
أسر التاريخ واألسطورة والفلسفة والغيبيات ،القدرة على الضبط في الحاضر والتنبؤ
السوفييتي كان قوة عسكرية جبارة ،وهذا السقوط يعزى إلى أن النظرية الشيوعية لم
تتمكن من تطوير نفسها لتجيب على تحديات العصر ومتطلبات الحياة المواطن
السوفييتي ،ويقي الماركسيون كلما واجهوا مشكلة اجتماعية ما يرجعون إلى ما قاله
مارکس ولينين ،مع أن هؤالء قالوا ما قالوه في القرن التاسع عشر وبداية القرن
العشرين ،وما قالوا يتعلق بواقع المجتمع أنذاك ،إال أن الحياة ليست جامدة ،بل هي
في تطور مستمر وعلى النظرية أن تتطور معها ،ومن هنا ال تستغرب أن قوة
النظرية الليبرالية وقدرتها على الصعود ال يعود فقط إنی کون أصحابها متقدمين
تكنولوجيا وعسكريا ،بل إلى أنها استطاعت دوما أن تطور مقوالتها في شتى
الحياة.
6
المطلب الثاني -:تصنيفات النظرية السياسية
السياسية ،كان وراء تعدد تصنيفات النظرية السياسية ،بتعدد المواقف الفلسفية
والظواهر السياسية ،في حدود الخبرة الحسية ،فان ما يسمى بالنظرية السياسية ما
هي إال فلسفة سياسية ،ومن هنا طالبوا بالتميز ما بين النظريات التي تعتمد على
التجريب أي تبني مقوالتها من خالل استقراء الواقع ،والفعل واالنفعال به ،والنظريات
العلمية الحقيقية التي تقف على قدم المساواة مع النظريات في العلوم الطبيعية
والرياضية ومن هنا ظهر التمييز ما بين النظريات التجريبية والنظريات المعبارية.
هذا الفصل ما بين الواقع والممارسة على مستوى تصنيف النظريات السياسية ،وجد
معارضة من بعض المختصين الذين يقولون أنه درج على إعطاء النظرية السياسية
أحد المعنيين ،دون الفصل التام بينهم أو وضع أحدهم في مواجهة األخر كما فعل
السلوكيون ،المعنى األول :هو دراسة تطور األفكار السياسية منذ افالطون و ارسطو
إلى اليوم ،مع دراسة الظروف التي أنشأتها ،وتأثير النظرية على الممارسة السياسية،
أم المعنى الثاني :فهو االقتصار على الدراسة المنهجية للمؤسسات والسلوك السياسي
7
في العالم المعاصر ومحاولة التوصل إلى تعميمات بواسطة طرائق المنهج العلمي،
وهكذا ن الحظ الكتاب و علماء السياسة الذين أخذوا بالمعنى األول للنظرية السياسية،
يقتصرون في تناولهم للنظرية السياسية على الدراسة النظرية النقدية لنتاج المفكرين
السياسيين عبر التاريخ ،وقد ساد هذا التصور خالل الثالثينيات ،و من بين الكتاب
المتأثرين بهذا النهج نجد جورج سبابن في كتابة "تاريخ النظرية السياسية" ،وفي نفس
االتجاه يذهب آخرون في دراستهم للنظرية السياسية إلى االقتصار على شرح
واألحكام العامة التي تعكس الواقع السياسي ،وقد بدا هذا التيار بالظهور مع تزايد
النقد إلطالق صفة نظرية سياسية على مجرد دراسة تاريخ األفكار السياسية ،أو على
أحكام قيمية حول الشأن السياسي ،حتى قيل إن كل ما کتب تحت عنوان نظرية
سياسية ال يستحق هذا االسم .وانه قد حان الوقت للتمييز بين النظرية السياسية
الحقيقية وتاريخ الفكر السياسي ،مع تراجع التيار السلوكي في العلوم السياسية
واالجتماعية ،منذ الثمانينيات من القرن العشرين أصبح مفهوم النظرية يقوم على
8
نظرة متوازنة تجمع ما بين الفكر المجرد والواقع الحسي" ،أي مجال الوصف والتفسير
هذا التوجه الجديد الذي يرفض الفصل بين النظرية والممارسة ،تبلور فيما بعد على
يد مجموعة من المفكرين الذي وضعوا ماسمي بالنظرية السياسية النقدية Critical
للنظريات البرجوازية التي تقدس المشروع الثقاقي الغربي ،وعلى هذا األساس ( فإن
دراسة الظواهر السياسية واالجتماعية يجب أن تعتمد على مفهومين رئيسين ،األول
هو الكلية أو الطابع الكلي في التحليل ،والثاني هو التاريخية ،أو النظر إلى الظاهرة
في سباقها التاريخي .والنتيجة التحليلية هي أن المجتمع يتغير ويمر بتحوالت تاريخية
ال نهائية وغير مقيدة المدی والنطاق ،وأن التناقضات االجتماعية هي التي تسير
وتدفع حركة المجتمع وعجلة التاريخ البشري ،فليس هناك إذن حتمية جامدة أو حدود
نمطية لمسارات التطور االجتماعي ،ولهذا نجد أن النظرية تتهم كال من النظريات
المعيارية والنظريات اإلمبريقية بأنها تنحصر في تبرير الوضع القائم ،وأنها أقل
تعددت تصنيفات النظرية السياسية ،بتعدد المفكرين وتعدد العلوم السياسية ،ويمكن
9
أ -النظرية المثالية.
ت -السلوكية.
وفي العالقات الدولية ،والعالقات السياسية علم سياسي يضع المؤلفان المشار إليهم
الميدان .وهي-:
10
ذ -نظرية اللعب أو المباراة.
للديمقراطية وأخرى للدولة فأندرو فنسنت وضع تصنيفا خاصا بنظرية الدولة وهي
التالي-:
ب -النظرية البنانية وهي عكس األولي ،وتقوم على الدستور والحكم المقيد.
حيث نشأت بعد الثورة الفرنسية وأثرت على الفكر السياسي في كل أوروبا ،
11
ث -النظرية الطبقية في الدولة ،ويقصد بها النظرية الماركسية بمختلف تباراتها
الفكرية.
ج -النظرية التعددية في الدولة وهي أقرب إلى التيارات الفكرية منها إلى النظرية
النظرية تعلى من شان الفرد والتعددية داخل المجتمع ،فهي تربط الفرد
بالفئات االجتماعية أكثر مما تربطه بالدولة أو السلطة .ومن هنا فهي تؤمن
انطالقا من العالقة الجدلية ما بين الفكر والواقع ،فإن والدة النظرية السياسية لم يكن
أم ار سهال ،بل كانت والدة عسيرة ،فهي ولدت ضمن المعاناة ووسط أوضاع مأزومة،
ويمكن القول ،إن غالبية النظريات السياسية كانت نتائج ألزمة سياسية ما تعصف
بالمجتمع وتفرض تحديا على علماء السياسة وعلى المهتمين بالحياة السياسية،
وتحفز عقولهم على البحث عن مخرج لألزمة ،بمعنى أنها تأت استجابة لتحد الواقع،
فنظريات الديمقراطية والسلطة ومفاهيم الحرية والمساواة عند أفالطون وأرسطو جاءت
کرد على تحد األزمة التي بدأت تعرفها الديمقراطية االثينية منذ القرن الخامس قبل
12
الميالد -تحديدا بعد هزيمة أثينا أمام إسبرطة -ونظرية العقد االجتماعي التي
دشنها توماس هوبس ،انبثقت في عقله نتيجة األزمة العاصفة والحرب األهلية التي
كانت تمر بها بالده إنجلت ار نتيجة الصراع بين حكومة کروميل وآل ستيوارت،
والنظرية الماركسية جاعت کردة فعل لما كان عند کارل مارکس ،أزمة النظام
الرأسمالي الخ .وهذا أمر مفهوم حيث يالحظ أنه في مراحل الرکود السياسي
والمجتمعي واالستقرار بشكل عام تقل عملية إنتاج النظريات واأليديولوجيات ألن
اإلنسان يكون مطمننا على وضعه وبالتالي ال ينتابه قلق السؤال الذي دفعه إلى
البحث عن البديل لألمر الواقع ،فالنظريات هي نتاج حالة قلق على الحاضر
وتخوف من المستقبل.
في كثير من الحاالت يكون إنتاج النظريات عمالا مقصودأ من علماء مختصين في
العلوم السياسية ،بمعنى أن ينكب عالم أو مجموعة من العلماء على دراسة ظاهرة
سياسية ما موظفين تقنيات وأدوات البحث العلمي ليخرجوا لنا نظرية سياسية ،ولكن
في أحيان أخرى ال تنتج النظرية السياسية من جانب علماء مختصين وال تكون
نتيجة بحث مقصود وموجه ،بل تأت بشكل طبيعي ومنطقي من خالل ممارسة رجال
السياسية ،بمعنى أن الممارسة السياسية تستدع تلقائيا من يعبر عنها مفاهيميا فتكون
مقصودا ومخططا ،وسواء سبقت النظرية الممارسة أو العكس -مع أن هناك عالقة
13
جدلية بين الفكر والممارسة -فإن النظرية السياسية العلمية هي نتيجة منطقية
تتطور المعرفة اإلنسانية وتطور الفكر اإلنساني ،فحيث أن الحياة تتطور والمعرفة
اإلنسانية تنطور العقل اإلنساني ويصبح أكثر نضجا مستفيدا من التجارب السابقة،
أوالا -:دقة ووضوح مفاهيمها ،ذلك أن وضوح مفاهيم النظرية يساعد على فهمها،
وال يوقع القارئ ،أو التعامل معها في الليس والنظرية الجيدة هي األكثر قدرة على
ثالث ا -:أن تتميز بالبساطة دون ركاكة أي تسطيح ،بحيث توصل ما تريد دون عناء
من المتلقي وليس صحيح أن تعقد المصطلحات وصعوبتها مقياس على جودة
النظرية ومتانتها.
14
رابعا -:دقتها في النبوء ،فكلما زادت صحة تنبؤاتها كما كانت أكثر علمية ،مع األخذ
بعين اإلختبار أن القدرة على التنبؤ في دراسة الظواهر السياسية أقل مما هو في
خامس ا -:أن تكون ذات قدرة عالية على تفسير الظاهرات التي تدرسها ،والتفسير
سادسا -:أن تكون قابلة للتجريب واقعيا ،وإن تعذر التجريب على بعض الظواهر
السياسية يجب أن تسهل النظرية عملية إجراء مقارنات ما بين الظواهر المتشابهة.
سابعا -:النظرية الجيدة هي التي تحقق منفعة اجتماعية واقتصادية من حيث توفير
تاسعا -:أن تكون أكثر مطابقة للواقع ، Relevanceولكن ليس بالضرورة أن
تتطابق مع الواقع تماما ،المظاهر السياسية أعقد من أن تحكمها وتحيط بها نظرية
واحدة.
15
ثانيا -:أهداف النظرية السياسية
فحيث أن النظريات السياسية نظريات علمية وليست مجرد رياضة عقلية أو تنظير
من أجل التنظير ،إذن ال بد ان يكون هناك هدف مقصود من وضعها .يرى غالبية
العلماء أن أهداف النظرية السياسية تتقاطع مع أهداف العلم بشكل عام وهي-:
أساسيتان -:األولى ،أنها توفر وسيئة منهجية ناجحة لتسجيل ما هو معروف سابقا،
والثانية توفير األساس الذي منه يمكن للباحثين االنطالق الحصول على معرفة
جديدة ،دون أن يضطروا للرجوع لنقطة الصفر ،ويمكن القول إن أهداف النظرية
أوالا -:تساهم في نمر علم السياسة والمعرفة السياسية بشكل عام ،بعملها على ضبط
ثاني ا -:تمكين الباحثين في علم السياسة من إطار نظري مبرهن عليه علمي ا يمكنهم
من االنطالق في أبحاثهم نحو مقاربات جديدة دون اإلضط ارر للرجوع إلى نقطة
السياسي.
16
ثالثا -:تضع تحت تصرف رجال السياسة .من قادة ورؤساء خالصة ما توصل إليه
علماء السياسة من فهم للشأن السياسي ،األمر الذي يساعد رجال السياسة على
رابع ا -:تنظم المشاعر الوطنية والعواطف وأشكال العصبويات وتجعلها أكثر عقالنية
خامسا -:النظريات السياسية تضع تحت تصرف الباحث خالصة التفكير اإلنساني
والعبر ،مما يجعل معرفته للحاضر وقدرته على استشراف آفاق المستقبل أكثر
سهولة.
السياسية.
أما بالنسبة لمجاالت اهتمام النظرية السياسية ،فال نبالغ ان قلنا ان كل مناحي الحياة
السياسية في موضوع النظرية السياسية ،فحيث توجد سياسة توجد النظرية السياسية.
ونظ ار لتداخل الحاصل ما بين الظواهر السياسية وظواهر االجتماعية .االخرى فقد
تشعب مجال عمل النظرية السياسية وتداخل مع علوم اخرى بحيث اصبح للنظرية
17
واهتمامات دينية ويتجلى ذلك في علم االجتماع الديني ،وللنظرية السياسية اهتمامات
بالجغرافيا ومن هنا جاء مصلح "الجغراسيا" او الجغرافيا السياسية ،أيضا تهتم للنظرية
السياسية بعلم النفس ويتجلى ذلك في العديد من النظريات السياسية التي تؤسس
بشكل عام ،فهارولد السويل مثال أقام نظريته السياسية على أسس سسيكولوجية ،وما
الخاصة إلى الموضوعات العامة ونفس المنطق السيكلوجي للنظرية نجده عند باريتو
ومع ذلك تبقى السياسة بمفهومها العام هي محط اهتمام النظرية السياسية ،وحيث أن
علماء السياسة عرفوا هذا العلم أحيانا يه علم الدولة وحينا آخر بأنه علم السلطةَ ،فقد
اهتمت النظرية السياسية بالدولة وكانت أول نظرية سياسية تدور حول الدولة من
حيث أصلها وبنيتها و مصادر شرعية السلطة فيها ،ولكن بعد أن أصبح عفاء
السياسة بهجرين تعريف السياسة كعلم الدول إلى علم السلطة القتحت النظرية
السياسية على أفاق چديدة .بحيث أصبحت تهتم بكل القنات والمجاالت التي تكون
فيها عالقات منطوية أو عالقات تضامن أو صراع -مارکس أقام نظريته عني
قاعدة الصراع فيما الكس دي توكفيل أقامها عني قاعدة التعاون والتضامن داخل
المجتمع و بدأت تظهر نظريات سياسية حول السلطة ونظريات حول النخبة
18
السياسية وأخرى حول المجتمع المدني ،ونظريات حول حقوق اإلنسان ،وفي السنوات
األخيرة تعددت النظريات السياسية التي تولي اهتماما بالبعد الديني وبروابط ما قبل
الدولة -الطائفية والقبلية -حتى النظريات الكالسيكية حول الدولة والسيادة أصبحت
محل نظر عند المنظرين السياسيين المحدثين بفعل موجة العولمة المستجدة وتفكك
ولكن وحيث أن التنظير جزء من الفكر والتفكير ،وحيث أن الفكر اإلنساني السياسي
والطبقية وتباين المصالح ،فإن النظرية السياسية تتأثر بذلك كل التأثير بحيث نجد
نظريات سياسية محافظة وأخرى ثورية أو تقدمية ،نظريات السياسية متفائلة وأخرى
متشائمة -توماس هوبس في نظريته للعقد االجتماعي كان يعبر عن نظرة متشائمة
حول الطبيعة البشرية ،فيما جون لوك ومنتسيكو عب ار عن نظرة متفائلة حول نفس
دوغماتية الخ....
ومن البداهة القول ،إن تموقع نظرية سياسية جديدة في فضاء التنظير السياسي
وأخذها مكانتها المرموقة ال يتم بسهولة ،ذلك أنه من المعروف أن الناس بطبيعتهم
يخشون الجديد ويتعاملون بحذر معه ،فالتعامل مع شي تم التعود عليه أسهل من
الدخول في مغامرة غير محسوبة مع أفكار وأوضاع جديدة ،ومن هنا تواجه
19
النظريات السياسية الجدية بمقاومات عدة ،قد تكون من الثقافة االجتماعية الساندة أو
من طرف أصحاب المصالح والقوى المتحكمة في المجتمع التي تخشى أن يزعزع
وهكذا نلمس أن األفكار الجديدة قد تحتاج إلى حروب حتى ترسخ ،فكان للقوة والفتح
دور في نشر رسالة الديانات السماوية ،والفكر الليبرالي لم يتوطد إال بعد حروب
وصراعات دينية وسياسية ،والماركسية فرضت وجودها عبر ثورات دامية ،والفاشية
واليوم تفرض التحوالت المتسارعة في العالم وخصوصا بعد الموجة الثالثة من
التحوالت العالمية وانهيار المعسكر االشتراكي وانتشار مقوالت العولمة وقوة تأثير
ثورة المعلوماتية ،يفرض كل ذلك تحديات جسام على النظرية السياسية ،ويدفع بها
إما إلى تحديث وتطوير مقوالتها وأدواتها البحثية أو على أن تعيش حالة اغتراب في
عالم تسيره المصالح وتوازنات القوى .وقد وصل األمر بالبعض كديفد استون
حالة تدهور وانحدار مستمرين بل منهم -بيتر السيلت -Peter Laslettمن نعي
النظرية السياسية ،مع أننا نرى ان النظريات السياسية ال تموت بل تتحول وتتطور.
20