Professional Documents
Culture Documents
طرح المشكلة :اذا كانت الرياضيات" من العلوم العقلية (علوم الكم ) وتدرس" المفاهيم العقلية المجردة عن
طريق" المنهج االستنباطي" العقلي ،فان العلوم تدرس الظواهر الطبيعية واألشياء الحسية الواقعية عن
طريق" المنهج التجريبي الذي يقوم على خطوات وهي المالحظة وهي مشاهدة الظاهرة ثم الفرضية وهي
فكرة عقلية من اقتراح الباحث وأخيرا" التجربة وهي دراسة الظاهرة في ظروف اصطناعية ،ولقد شاع
بين الفالسفة ان التجربة ال يمكن تطبيقها على جميع العلوم ،وبالتالي" ليست مقياسا ضروريا" لكن هناك
فكرة اخرى تناقضها مفادها ان التجربة هي المقياس األساسي لجعل العلم علما ،وهذا مايدفعنا" الى الشك
في صدق هذه األطروحة فكيف يمكن ابطال هذه األطروحة ؟وتفنيدها بحجج قوية ؟
:محاولة حل للمشكلة
عرض منطق األطروحة :ان منطق هذه األطروحة يدور حول موضوع" العلم ،حيث يرى بعض
الفالسفة (فرنسيس بيكون )بان التجربة هي المقياس األساسي" الذي يجعل العلم علما وقد اعتمدوا" على
مسلمات اهمها
استقالل العلم عن الفلسفة حيث ارتقى الباحثون في شؤون الطبيعة الى مصف العلماء عندما اهتدوا الى
استخدام" التجربة في مفهومها" المنهجي وابتعادهم عن طرح المسائل الميتافيزيقية القائمة على األهواء
وأحكام" الذات
االعتماد على المنهج التجريبي الذي يعتمد على المالحظة والفرضية والتجربة
نقد انصار األطروحة :ان األطروحة السابقة لها مناصرون وهم انصار المنهج التجريبي وخاصة
الفيلسوف الفرنسي (كلود برنار )الذي يرى بان التجربة التعتبر فقط المقياس األساسي في المنهج
التجريبي" العلمي بل هي المعيار" الذي يفصل بين األبحاث العلمية واألبحاث الالعلمية ،فهي التي تجعل
هذه األبحاث ترتقي الى مصف العلوم ،بحيث انها تساعدهم على معرفة قوانين الظواهر ،وبالتالي
السيطرة عليها والتنبؤ" بها حيث يقول (كلود بيرنار )"ان التجريب هو الوسيلة الوحيدة التي نملكها لنتطلع
" على طبيعة األشياء التي هي خارجة عنا
لكن هذا الموقف" (المناصرون ) تعرض لعدة انتقادات ألنه ينطوي" على نقائص اهمها
عدم مراعاة خصوصية العلم التجريبي ألن عدم تماشي الطريقة التجريبية مع طبيعة الموضوع وتطبيق"
التجربة في مفهومها الضيق على عدة علوم مختلفة ،وخاصة اعتقاد ان التجربة المعمول بها في الفيزياء
هي النموذج المثالي او الوحيد الذي يجب ان يحتذي به كل علم ،بدليل ان المنهج التجريبي الذي ينطلق"
من المالحظة وينتهي" بالقوانين ،ليس منهجا كفيال بفرض نفسه على كل معرفة تطمح في الوصول الى
مرتبة العلوم التجريبية
ال يمكن التنبؤ بالمستقبل والتحكم في الظواهر دائما ،ألن المنهج التجريبي" (العلمي) يقوم على استقراء
غير شامل لجميع الظواهر" فالعالم يدرس جزء من الظواهر" (مالحظة جزئية ) ثم يحاول تعميم ذلك على
بقية الظواهر المشابهة لها وبالتالي فنتائج االستقراء تفيد الشك واالحتمال وليست يقينية كما هو الشان في
العلوم العقلية خاصة الرياضيات
ابطال أألطروحة ان هذه االنتقادات هي التي تقودنا الى البحث عن حجج جديدة لرفض األطروحة القائلة
"التجربة هي مقياس العلم " وإبطالها
ان القول باألخذ بالتجربة كمقياس ضروري" في الدراسة العلمية اليعني ان للتجربة قواعد ثابتة وصارمة
البد من اخضاع الموضوعات لها و االل اتتصف بالعلمية ألن منهج ألن المنهج التجريبي ليس طريقة
صلبة فيمكن تليين هذه الخطوات حتى تتالءم مع طبيعة الموضوعات
عدم انسجام" المنهج التجريبي" مع طبيعة بعض الموضوعات ألن اجراء التجارب غير ممكن في بعض
الحاالت كما نجد في علم البيولوجيا" ألن بعض الديانات تحرم تشريح الكائن الحي وعلم الفلك (الفلكي)
...يعجز عن اصطناع" ظاهرة الكسوف مثال
لهذا فان عالم األشياء (الظواهر الطبيعية )الحسية متغير ونسبي" وبالتالي نصل الى نتائج نسبية وليست
مطلقة وثابتة كما يعتقد انصار" الحتمية التي تعني توفر نفس الشروط" يؤدي الى حدوث نفس النتائج
حل للمشكلة :اذن نستنتج بان األطروحة القائلة "ان التجربة هي مقياس العلم " باطلة نسبيا وال يمكن
األخذ براى مناصريها" ألن القول باألخذ بالتجربة كمعيار ضروري وكاف للوصول" الى الدراسة العلمية
الموضوعية غير ممكن ألن مفهوم التجربة اصبح اليوم اوسع وال فرق" بين المالحظة العلمية والتجريب