You are on page 1of 55

‫الرِّسَـالةُ الشّمسيَّـة‬

‫يف القواعد املنطقية‬

‫تصنيف‬
‫اإلمام نجم الدين عمر بن عيل القزويني‬
‫املعروف بالـكاتبي‬

‫اعتنى هبا‬
‫بالل النجار‬
www.aslein.org
2122 2342

:
info@aslein.net

2
‫بسم اهلل الرمحن الرحيم‬

‫احلمد هلل الذي أبدع نظام الوجود‪ ،‬واخرتع ماهيات األشياء بمقتىض اجلود‪ ،‬وأنشأ بقدرته‬

‫أنواع اجلواهر العقلية‪ ،‬وأفاض برمحته حمركات األجرام الفلكية‪ .‬والصالة عىل ذوات األنفس‬

‫القدسية‪ ،‬املنزهة عن الكدورات اإلنسية‪ ،‬خصوص ًا عىل سيدنا حممد صاحب اآليات واملعجزات‪،‬‬

‫وعىل آله وأصحابه التابعني للحجج والبينات‪.‬‬

‫وبعد‪،‬‬

‫فلام كان باتفاق أهل العقل‪ ،‬وإطباق ذوي الفضل‪ :‬أن العلوم ‪-‬سيام اليقينية‪ -‬أعىل املاطالب‪،‬‬
‫وأهبى املناقب‪ ،‬وأن صاحبها أرشف األشخاص البرشية‪ ،‬ونفسه أرسع اتصاالً بالعقول امللكية‪ ،‬وكان‬
‫االطالع عىل دقائقها‪ ،‬واإلحاطة بكنه حقائقها ال يمكن إال بالعلم املوسوم باملناطق‪ ،‬إذ به يعرف‬
‫صحتها من سقمها‪ ،‬وغثها من سمينها‪ ،‬فأشار إل من سعد بلاطف احلق‪ ،‬وامتاز بتأييده من بني كافة‬
‫اخللق‪ ،‬ومال إىل جنابه الداين والقايص‪ ،‬وأفلح بمتابعته املاطيع والعايص‪ ،‬وهو املوىل الصدر‬
‫الصاحب املعظم‪ ،‬العامل الفاضل املقبول املنعم‪ ،‬املحسن احلسيب النسيب‪ ،‬ذو املناقب واملفاخر‪:‬‬
‫شمس امللة والدين‪ ،‬هباء اإلسالم واملسلمني‪ ،‬قدوة األكابر واألماثل‪ ،‬ملك الصدور واألفاضل‪،‬‬
‫قاطب األعال‪ ،‬فلك املعال‪ :‬حممد بن املوىل الصدر املعظم الصاحب األعظم‪ ،‬دستور اآلفاق‪ ،‬آصف‬
‫الزمان‪ ،‬ملك وزراء الرشق والغرب‪ ،‬صاحب ديوان املاملك‪ ،‬هباء احلق والدين‪ ،‬ومؤيد علامء‬
‫اإلسالم واملسلمني‪ ،‬قاطب امللوك حممد‪ .‬أدام اهلل ظالهلام‪ ،‬وضاعف جالهلام‪ ،‬الذي مع حداثة سنه‬
‫فاق بالسعادات األبدية والكرامات الرسمدية‪ ،‬واختص بالفضائل اجلميلة‪ ،‬واخلصائل احلميدة‪،‬‬
‫بتحرير كتاب يف املناطق‪ ،‬جامع لقواعده‪ ،‬حاو ألصوله وضواباطه‪ ،‬فبادرت إىل مقتىض إشارته‪،‬‬

‫‪4‬‬
‫ورشعت يف ثبته وكتابته مستلزم ًا أن ال ّ‬
‫أخل بيشء يعتدّ به من القواعد والضوابط‪ ،‬مع زيادات‬
‫رشيفة‪ ،‬ونكت لاطيفة‪ ،‬من عندي غري تابع ألحد من اخلالئق‪ ،‬بل للحق الرصيح الذي ال يأتيه‬
‫الباطل من بني يديه وال من خلفه‪ ،‬وسميته‪ :‬بالرسالة الشمسية يف القواعد املنطقية‪،‬‬

‫ورتبته عىل مقدمة‪ ،‬وثالث مقاالت‪ ،‬وخامتة‪،‬‬

‫معتص ًام بحبل التوفيق من واهب العقل‪ ،‬ومتوك ً‬


‫ال عىل جوده املفيض للخري والعدل‪ ،‬إنه‬
‫خري موفق ومعني‪.‬‬

‫*****‬

‫‪3‬‬
‫[المقدمة]‬

‫أما املقدمة ففيها بحثان‪:‬‬

‫[البحث] األوّل‪ :‬في ماهية المنطق‪ ،‬وبيان الحاجة إليه‪:‬‬

‫تصور معه حكم‪ .‬وهو‬


‫العلم إما تصور فقط‪ :‬وهو حصول صورة اليش يف العقل‪ ،‬وإما ّ‬

‫إسناد أمر إىل آخر إجياب ًا أو سلب ًا‪ .‬ويقال للمجموع تصديق‪.‬‬

‫وليس الكل من كل منهام بدهيي ًا‪ ،‬وإال ملا جهلنا شيئ ًا‪ ،‬وال نظري ًا‪ ،‬وإال لدار أو تسلسل‪ .‬بل‬

‫حيصل بالفكر‪.‬‬
‫نظري ّ‬
‫ّ‬ ‫بدهيي‪ ،‬والبعض اآلخر‬
‫ّ‬ ‫البعض من ّ‬
‫كل منهام‬

‫وهو ترتيب أمور معلومة للتأدي إىل جمهول‪.‬‬

‫وذلك الرتتيب ليس بصواب دائ ًام ملناقضة بعض العقالء بعض ًا يف مقتىض أفكارهم‪ ،‬بل‬

‫اإلنسان الواحد يناقض نفسه يف وقتني‪ ،‬فمست احلاجة إىل قانون يفيد معرفة طرق اكتساب‬

‫النظريات من الرضوريات‪ ،‬واإلحاطة بالصحيح والفاسد من الفكر الواقع فيها‪ ،‬وهو املناطق‪.‬‬

‫ورسموه بأنه‪ :‬آلة قانونية تعصم الذهن عن اخلطأ يف الفكر‪.‬‬

‫وليس ك ّله بدهيي ًا‪ ،‬وإال الستغني عن تع ّلمه‪ ،‬وال نظري ًا وإال لدار أو تسلسل‪ ،‬بل بعضه‬

‫نظري مستفاد منه‪.‬‬


‫ّ‬ ‫بدهيي وبعضه‬
‫ّ‬

‫‪5‬‬
‫[البحث الثاني]‪ :‬في موضوع المنطق‬

‫موضوع ّ‬
‫كل علم ما يبحث فيه عن عوارضه التي تلحقه ملا هو هو‪ :‬أي لذاته وملا يساويه أو‬

‫املناطقي يبحث عنها من حيث إهنا‬


‫ّ‬ ‫جلزئه‪ .‬فموضوع املناطق املعلومات التصورية والتصديقية؛ ألن‬

‫التصور ككوهنا‬
‫ّ‬ ‫تصديقي‪ ،‬ومن حيث إهنا يتوقف عليها املوصل إىل‬
‫ّ‬ ‫تصوري أو‬
‫ّ‬ ‫توصل إىل جمهول‬

‫وخاصة‪ ،‬ومن حيث إهنا يتوقف عليها املوصل‬


‫ّ‬ ‫كل ّية وجزئية وذاتية وعرضية وجنس ًا وفصالً وعرض ًا‬

‫إىل التصديق‪ :‬إما توقف ًا قريب ًا ككوهنا قضية وعكس قضية ونقيض قضية‪ ،‬وإما توقف ًا بعيد ًا ككوهنا‬

‫موضوعات وحمموالت‪.‬‬

‫وقد جرت العادة بأن يسمى املوصل إىل التصور قوالً شارح ًا‪ ،‬واملوصل إىل التصديق‬

‫حجة‪.‬‬

‫وجيب تقديم األول عىل الثاين وضع ًا لتقدم التصور عىل التصديق طبع ًا؛ ألن ّ‬
‫كل تصديق ال‬

‫تصور املحكوم عليه إما بذاته‪ ،‬أو بأمر صادق عليه‪ ،‬واملحكوم به كذلك‪ ،‬واحلكم‪ .‬المتناع‬
‫بدّ فيه من ّ‬

‫احلكم ممن جهل أحد هذه األمور‪.‬‬

‫*****‬

‫‪6‬‬
‫وأما املقاالت فثالث‪:‬‬

‫[المقالة األولى]‬

‫في المفردات‬

‫وفيها أربعة فصول‪:‬‬

‫[الفصل األول]‪ :‬في األلفاظ‬

‫داللة اللفظ عىل املعنى بتوسط الوضع له ماطابقة‪ ،‬كداللة اإلنسان عىل احليوان الناطق‪.‬‬

‫وبتوساطه ملا دخل فيه ذلك املعنى تضمن‪ ،‬كداللته عىل احليوان وعىل الناطق فقط‪ .‬وبتوساطه ملا خرج‬

‫عنه التزام‪ ،‬كداللته عىل قابل العلم وصنعة الكتابة‪.‬‬

‫تصوره‪،‬‬
‫تصور املسمى يف الذهن ّ‬
‫ويشرتط يف الداللة االلتزامية كون اخلارج بحالة يلزم من ّ‬

‫وإال المتنع فهمه من اللفظ‪ .‬وال يشرتط فيها كونه بحالة يلزم من حتقق املسمى يف اخلارج نحققه فيه‬

‫كداللة لفظ العمى عىل البرص‪ ،‬مع عدم املالزمة بينهام يف اخلارج‪.‬‬

‫التضمن كام يف البسائط‪ .‬وأما استلزامها االلتزام فغري متي ّقن‪ّ ،‬‬
‫ألن وجود‬ ‫ّ‬ ‫واملاطابقة ال تستلزم‬

‫تصور ّ‬
‫كل ماهية يستلزم‬ ‫تصوره غري معلوم‪ ،‬وما قيل إن ّ‬
‫تصورها ّ‬ ‫الزم ذهن ّي ّ‬
‫لكل ماهية يلزم من ّ‬

‫تصور أهنا ليست غريها فممنوع‪ .‬ومن هذا نتبني عدم استلزام التضمن االلتزام‪ .‬وأما مها فال‬
‫ّ‬

‫يوجدان إال مع املاطابقة الستحالة وجود التابع من حيث إنه تابع بدون املتبوع‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫ّ‬
‫والدال باملاطابقة إن قصد بجزئه الداللة عىل جزء معناه فهو املركّب‪ ،‬كرامي احلجارة‪ ،‬وإال‬

‫فهو املفرد‪ .‬وهو إن مل يصلح أن خيرب به وحده‪ ،‬فهو األداة كفي وال؛ وإن صلح لذلك‪ ،‬فإن ّ‬
‫دل هبيئته‬

‫معني من األزمنة الثالثة فهو الكلمة‪ ،‬وإن مل ّ‬


‫يدل فهو االسم‪.‬‬ ‫عىل زمان ّ‬

‫سمي‬
‫تشخص ذلك املعنى ّ‬ ‫وحينئذ إما أن يكون معناه واحد ًا أو كثري ًا‪ .‬فإن كان ّ‬
‫األول فإن ّ‬

‫عل ًام‪ ،‬وإال فمتواطئ ًا إن استوت أفراده الذهنية واخلارج ّية فيه كاإلنسان والشمس‪ ،‬ومشكّك ًا إن كان‬

‫حصوله يف البعض أوىل وأقدم وأشدّ من اآلخر كالوجود بالنسبة للواجب واملمكن‪ .‬وإن كان الثاين‬

‫فإن كان وضعه لتلك املعاين عىل السو ّية فهو املشرتك كالعني‪ ،‬وإن مل يكن كذلك‪ ،‬بل وضع ألحدمها‬

‫أوالً ثم نقل إىل الثاين‪.‬‬

‫األول يسمى لفظ ًا منقوالً‪ :‬عرف ّي ًا‪ :‬إن كان الناقل هو العرف العام‬ ‫ٍ‬
‫وحينئذ إن ترك موضوعه ّ‬

‫كالدّ ابة‪ ،‬ورشع ّي ًا‪ :‬إن كان الناقل هو الرشع كالصالة والصوم‪ ،‬واصاطالحي ًا‪ :‬إن كان هو العرف‬

‫األول بالنسبة إىل املنقول عنه حقيق ًة‪،‬‬


‫اخلاص كاصاطالح النحاة والنظار‪ ،‬وإن مل يرتك موضوعه ّ‬

‫وبالنسبة إىل املنقول عنه جماز ًا‪ :‬كاألسد بالنسبة إىل احليوان املفرتس والرجل الشجاع‪.‬‬

‫ّ‬
‫وكل لفظ فهو بالنسبة إىل لفظ آخر مرادف له إن توافقا يف املعنى‪ ،‬ومباين له إن اختلفا فيه‪.‬‬

‫يصح السكوت عليه‪ ،‬أو غري تا ّم‪ .‬والتا ّم إن احتمل‬


‫ّ‬ ‫وأما املركّب فهو إ ّما تا ّم‪ :‬وهو الذي‬

‫الصدق والكذب فهو اخلرب والقض ّية‪ ،‬وإن مل حيتمل فهو اإلنشاء‪ .‬فإن ّ‬
‫دل عىل طلب الفعل داللة‬

‫ّأول ّية‪ :‬أي وضع ّية فهو مع االستعالء أمر‪ ،‬كقولنا‪ :‬ارضب أنت‪ ،‬ومع اخلضوع سؤال ودعاء‪ ،‬ومع‬

‫‪8‬‬
‫والرتجي والتعجب والقسم والنداء‪ .‬وأ ّما‬
‫ّ‬ ‫التساوي التامس؛ وإن مل ّ‬
‫يدل فهو تنبيه يندرج فيه التمنّي‬

‫تقييدي كاملركب من اس ٍم وأداة‪ ،‬أو كلمة وأداة‪.‬‬


‫ّ‬ ‫تقييدي كاحليوان الناطق‪ ،‬وإما غري‬
‫ّ‬ ‫غري التا ّم فهو إ ّما‬

‫*****‬

‫[الفصل الثاني]‪ :‬في المعاني المفردة‬

‫تصوره من وقوع الرشكة فيه‪ّ ّ ،‬‬


‫وكل إن مل يمنع‪ .‬واللفظ‬ ‫جزئي إن منع نفس ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫كل مفهوم فهو‬

‫يسمى ك ّلي ًا وجزئ ّي ًا بالعرض‪.‬‬ ‫ّ‬


‫الدال عليهام ّ‬

‫واألول‬
‫ّ‬ ‫ال فيها‪ ،‬أو خارج ًا عنها‪،‬‬
‫والكل إما أن يكون متام ماه ّية ما حتته من اجلزئ ّيات وداخ ً‬
‫ّ‬
‫احلقيقي سواء كان متعدّ د األشخاص‪ ،‬وهو املقول يف جواب ما هو بحسب الرشكة‬
‫ّ‬ ‫هو النّوع‬

‫واخلصوص ّية مع ًا كاإلنسان‪ ،‬أو غري متعدّ د األشخاص‪ ،‬وهو املقول يف جواب ما هو بحسب‬

‫اخلصوص ّية املحضة كالشمس‪ ،‬فهو إذن ّ ّ‬


‫كل مقول عىل واحد أو عىل كثريين متّفقني باحلقائق يف‬

‫جواب ما هو‪.‬‬

‫وإن كان الثاين‪ ،‬فإن كان متام اجلزء املشرتك بينهام وبني نوع آخر فهو املقول يف جواب ما هو‬

‫ويسمى جنس ًا‪ ،‬ورسموه بأنه ّ ّ‬


‫كل مقول عىل كثريين خمتلفني باحلقائق يف‬ ‫ّ‬ ‫بحسب الرشكة املحضة‪،‬‬

‫جواب ما هو‪ .‬وهو قريب إن كان اجلواب عن املاهية وعن بعض ما يشاركها فيه عني اجلواب عنها‬

‫وعن بعض ما يشاركها فيه كاحليوان بالنسبة لإلنسان‪ ،‬وبعيد إن كان اجلواب عنها وعن بعض ما‬

‫يشاركها فيه غري اجلواب عنها وعن بعض آخر‪ .‬ويكون هناك جوابان إن كان بعيد ًا بمرتبة واحدة‪،‬‬

‫‪9‬‬
‫اجلسم النامي بالنسبة لإلنسان‪ ،‬وثالثة أجوبة إن كان بعيد ًا بمرتبتني كاجلسم‪ ،‬وأربع أجوبة إن كان‬

‫بعيد ًا بثالث مراتب كاجلوهر‪ ،‬وعىل هذا القياس‪.‬‬

‫وإن مل يكن متام املشرتك بينهام وبني نوع آخر‪ ،‬فال بدّ إ ّما أن ال يكون مشرتك ًا بني املاه ّية وبني‬

‫ال كالناطق بالنسبة إىل اإلنسان‪ ،‬أو يكون بعض ًا من متام املشرتك مساوي ًا له كاحلساس‪،‬‬
‫نوع آخر أص ً‬

‫وإال لكان مشرتك ًا بني املاه ّية وبني نوع آخر؛ وال جيوز أن متام املشرتك بالنسبة إىل ذلك النوع أل ّن‬

‫املقدّ ر خالفه بل بعضه‪ ،‬وال يتسلسل بل ينتهي إىل ما يساويه فيكون فصل جنس‪ ،‬وكيفام كان يميز‬

‫كل حيمل عىل اليشء يف جواب‬


‫املاه ّية عن مشاركها يف جنس أو يف وجود فكان فصالً‪ .‬ورسموه بأنه ّ‬
‫أي يشء هو يف جوهره‪ ،‬فعىل هذا لو تركّبت حقيقة من أمرين متساويني أو أمور متساوية كان ّ‬
‫كل‬ ‫ّ‬

‫منها فص ً‬
‫ال هلا ألنه يميزها عن مشاركها يف الوجود‪.‬‬

‫والفصل املميز للنوع عن مشاركه يف اجلنس قريب إن م ّيزه عنه يف جنس قريب كالناطق‬

‫لإلنسان‪ ،‬وبعيد إن ميّزه عنه يف جنس بعيد كاحلساس لإلنسان‪.‬‬

‫وأما الثالث فإن امتنع انفكاكه عن املاه ّية فهو الالزم‪ ،‬وإال فهو العرض املفارق‪ ،‬والالزم قد‬

‫للحبيش‪ ،‬وقد يكون الزم ًا للامه ّية كالزوج ّية لألربعة‪ ،‬وهو‬
‫ّ‬ ‫اخلارجي كالسواد‬
‫ّ‬ ‫يكون الزم ًا للوجود‬

‫تصور ملزومه كافي ًا يف جزم الذهن باللزوم بينهام كاالنقسام بمتساويني‬


‫إما ّبني وهو الذي يكون ّ‬
‫لألربعة‪ ،‬وإما غري ّ ٍ‬
‫بني وهو الذي يفتقر جزم الذهن باللزوم بينهام إىل وسط كتساوي الزوايا الثالث‬

‫أعم‪.‬‬
‫واألول ّ‬
‫ّ‬ ‫تصوره‪،‬‬
‫تصور ملزومه ّ‬
‫البني عىل الالزم الذي يلزم من ّ‬
‫لقائمتني للمثلث‪ ،‬وقد يقال ّ‬

‫‪21‬‬
‫والعرض املفارق إما رسيع الزوال كحمرة اخلجل وصفرة الوجل‪ ،‬وإما باطيئة الزوال كالشيب‬

‫والشباب‪.‬‬

‫اخلاصة كالضاحك‪ ،‬وإال فهو‬


‫ّ‬ ‫اختص بأفراد حقيقة واحدة فهو‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وكل من الالزم واملفارق إن‬

‫اخلاصة بأهنا كل ّية مقولة عىل ما حتت حقيقة واحدة فقط قوالً عرضي ًا‪.‬‬
‫ّ‬ ‫العرض العا ّم كاملايش‪ .‬وترسم‬

‫كل مقول عىل أفراد حقيقة واحدة وغريها قوالً عرض ّي ًا‪ .‬فالكل ّيات إذن مخس‪:‬‬
‫والعرض العا ّم بأنه ّ‬
‫وخاصة‪ ،‬وعرض عا ّم‪.‬‬
‫ّ‬ ‫نوع‪ ،‬وجنس‪ ،‬وفصل‪،‬‬

‫*****‬

‫ي والجزئيّ‬
‫[الفصل الثالث]‪ :‬في مباحث الكلّ ّ‬

‫وهي مخسة‪:‬‬

‫عز‬ ‫[األول] ّ ّ‬
‫الكل قد يكون ممتنع الوجود يف اخلارج ال لنفس مفهوم اللفظ كرشيك الباري ّ‬

‫اسمه‪ ،‬وقد يكون ممكن الوجود لكن ال يوجد كالعنقاء‪ ،‬وقد يكون املوجود منه واحد ًا فقط مع‬

‫عز اسمه‪ ،‬أو مع إمكانه كالشمس‪ ،‬وقد يكون املوجود منه كثري ًا‪ :‬إما متناهي ًا‬
‫امتناع غريه كالباري ّ‬
‫كالكواكب السبعة السيارة‪ ،‬أو غري ٍ‬
‫متناه كالنفوس الناطقة عند بعضهم‪.‬‬

‫[الثاين] إذا قلنا للحيوان مثالً بأنه ّ ّ‬


‫كل‪ ،‬فهنالك أمور ثالثة‪ :‬احليوان من حيث هو هو‪،‬‬

‫يسمى كل ّي ًا طبيع ّي ًا‪ ،‬والثاين يسمى كل ّي ًا مناطقي ًا‪ ،‬والثالث يسمى‬


‫واألول ّ‬
‫ّ‬ ‫وكونه ك ّل ّي ًا‪ ،‬واملركّب منهام‪،‬‬

‫‪22‬‬
‫الاطبيعي موجود يف اخلارج ألنه جزء من هذا احليوان املوجود يف اخلارج‪ ،‬وجز‬
‫ّ‬ ‫والكل‬
‫ّ‬ ‫كل ّي ًا عقل ّي ًا‪.‬‬

‫املوجود موجود يف اخلارج‪ ،‬وأ ّما الكل ّيان اآلخران ففي وجودمها خالف‪ ،‬والنظر فيه خارج املناطق‪.‬‬

‫كل واحد منهام عىل ّ‬


‫كل ما صدق عليه اآلخر‬ ‫[الثالث] الكل ّيان‪ :‬متساويان‪ :‬إن صدق ّ‬

‫كاإلنسان والناطق‪ .‬وبينهام عموم وخصوص ماطلق‪ :‬إن صدق أحدمها عىل ّ‬
‫كل ما صدق عليه اآلخر‬

‫من غري عكس كاحليوان واإلنسان‪ .‬وبينهام عموم وخصوص من وجه‪ :‬إن صدق ّ‬
‫كل منهام عىل‬

‫بعض ما صدق عليه اآلخر فقط كاحليوان واألبيض‪ .‬ومتباينان‪ :‬إن مل يصدق يشء منهام عىل يشء مما‬

‫يصدق عليه اآلخر كاإلنسان والفرس‪.‬‬

‫ونقيضا املتساويني متساويان‪ ،‬وإال لصدق أحدمها عىل ما كذب عليه اآلخر‪ ،‬فيصدق أحد‬

‫أخص من نقيض‬
‫ّ‬ ‫األعم من يشء ماطلق ًا‬
‫ّ‬ ‫املتساويني عىل ما كذب عليه اآلخر وهو حمال‪ ،‬ونقيض‬

‫األعم من غري عكس‪ .‬أما األول‬


‫ّ‬ ‫األخص ماطلق ًا‪ ،‬لصدق نقيض األخص عىل كل يصدق عليه نقيض‬
‫ّ‬

‫األعم‪ ،‬وذلك مستلزم لصدق‬


‫ّ‬ ‫األخص عىل بعض ما صدق عليه نقيض‬
‫ّ‬ ‫فألنه لوال ذلك لصدق عني‬

‫األعم عىل ّ‬
‫كل ما يصدق‬ ‫ّ‬ ‫األعم وإنه حمال‪ .‬وأما الثاين فألنه لوال ذلك لصدق نقيض‬
‫ّ‬ ‫األخص بدون‬
‫ّ‬

‫واألعم من يشء من‬


‫ّ‬ ‫األعم وهو حمال‪،‬‬
‫ّ‬ ‫األخص عىل ّ‬
‫كل‬ ‫ّ‬ ‫األخص‪ ،‬وذلك مستلزم لصدق‬
‫ّ‬ ‫عليه نقيض‬

‫األخص مع التباين‬
‫ّ‬ ‫األعم ماطلق ًا ونقيض‬
‫ّ‬ ‫وجه ليس بني نقيضيهام عموم أص ً‬
‫ال لتحقق مثل هذا بني‬

‫األخص‪.‬‬
‫ّ‬ ‫األعم ماطلقاً وعني‬
‫ّ‬ ‫الكل بني نقيض‬
‫ّ‬

‫‪22‬‬
‫ونقيضا املتباينني متباينان تباين ًا جزئي ًا‪ ،‬ألهنام إن مل يصدقا مع ًا أص ً‬
‫ال عىل يشء كالالوجود‬

‫جزئي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫كل‪ ،‬وإن صدقا مع ًا كالالإنسان والالفرس كان بينهام تباين‬
‫والالعدم كان بينهام تباين ّ‬
‫اجلزئي الزم جزم ًا‪.‬‬
‫ّ‬ ‫رضورة صدق أحد املتباينني مع نقيض اآلخر فقط‪ ،‬فالتباين‬

‫أخص‬
‫ّ‬ ‫املسمى باحلقي ّقي‪ ،‬فكذلك يقال عىل ّ‬
‫كل‬ ‫ّ‬ ‫اجلزئي كام يقال عىل املعنى املذكور‬
‫ّ‬ ‫[الرابع]‬

‫إضايف‬
‫ّ‬ ‫جزئي‬
‫ّ‬ ‫حقيقي فهو‬
‫ّ‬ ‫جزئي‬
‫ّ‬ ‫ألن ّ‬
‫كل‬ ‫األول‪ّ ،‬‬
‫أعم من ّ‬
‫اإلضايف‪ ،‬وهو ّ‬
‫ّ‬ ‫اجلزئي‬
‫ّ‬ ‫األعم ويسمى‬
‫ّ‬ ‫حتت‬

‫ّ‬
‫املشخصات‪ .‬وأ ّما الثاين‪:‬‬ ‫املعراة عن‬ ‫األول‪ :‬فالندراج ّ‬
‫كل شخص حتت املاه ّيات ّ‬ ‫دون العكس‪ .‬أ ّما ّ‬

‫احلقيقي كذلك‪.‬‬
‫ّ‬ ‫اجلزئي‬
‫ّ‬ ‫اإلضايف كل ّي ًا‪ ،‬وامتناع كون‬
‫ّ‬ ‫اجلزئي‬
‫ّ‬ ‫فلجواز كون‬

‫احلقيقي‪ ،‬فكذلك يقال عىل ّ‬


‫كل‬ ‫ّ‬ ‫[اخلامس] النوع كام يقال عىل ما ذكرناه‪ ،‬ويقال له النوع‬

‫اإلضايف‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ويسمى النوع‬
‫ّ‬ ‫ماه ّية يقال عليها وعىل غريها اجلنس يف جواب ما هو قوالً ّأول ّي ًا‪.‬‬

‫أخصها‪ :‬وهو النوع‬


‫ّ‬ ‫أعم األنواع‪ :‬وهو النوع العال كاجلسم‪ ،‬أو‬
‫ومراتبه أربع‪ ،‬ألنّه إ ّما ّ‬
‫املتوسط‬
‫ّ‬ ‫وأخص من العال‪ :‬وهو النّوع‬
‫ّ‬ ‫أعم من السافل‬
‫السافل كاإلنسان ويسمى نوع األنواع‪ ،‬أو ّ‬
‫كاحليوان واجلسم النامي‪ ،‬أو مباين ّ‬
‫للكل‪ :‬وهو النوع املفرد كالعقل إن قلنا إن اجلوهر جنس له‪.‬‬

‫ومراتب األجناس أيض ًا هذه األربع‪ ،‬لكن العال كاجلوهر يف مراتب األجناس يسمى جنس‬

‫املتوسط فيها اجلسم النامي‪ ،‬ومثال املفرد العقل إن قلنا‬


‫ّ‬ ‫األجناس‪ ،‬ال السافل كاحليوان‪ ،‬ومثال‬

‫اجلوهر ليس بجنس له‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫واحلقيقي موجود بدون‬
‫ّ‬ ‫املتوساطة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫اإلضايف كاألنواع‬
‫ّ‬ ‫احلقيقي موجود بدون‬
‫ّ‬ ‫والنوع‬

‫أعم من اآلخر من‬ ‫اإلضايف كاحلقائق البسياطة‪ ،‬فليس بينهام عموم وخصوص ماطلق‪ ،‬بل ّ‬
‫كل منهام ّ‬ ‫ّ‬
‫وجه لصدقهام عىل النوع السافل‪.‬‬

‫يسمى واقع ًا يف طريق ما هو‪،‬‬


‫وجزء املقول يف جواب ما هو إن كان مذكور ًا باملاطابقة ّ‬
‫كاحليوان والناطق بالنسبة إىل احليوان الناطق املقول يف جواب السؤال بام هو عن اإلنسان‪ ،‬وإن كان‬

‫واملتحرك باإلرادة‬
‫ّ‬ ‫يسمى داخ ً‬
‫ال يف جواب ما هو‪ :‬كاجلسم والنامي واحلساس‬ ‫بالتضمن ّ‬
‫ّ‬ ‫مذكور ًا‬

‫بالتضمن‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الدال عليها احليوان‬

‫يقومه جلواز تركّبه من أمرين متسوايني‪ ،‬أو أمور‬


‫واجلنس العال جاز أن يكون له فصل ّ‬

‫يقومه‪ ،‬ويمتنع أن‬


‫متساوية‪ ،‬وجيب أن يكون له فصل يقسمه‪ .‬والنوع السافل جيب أن يكون له فصل ّ‬
‫تقومها‪ّ .‬‬
‫وكل فصل‬ ‫واملتوساطات جيب أن يكون هلا فصول تقسمها وفصول ّ‬
‫ّ‬ ‫يكون له فصل يقسمه‪.‬‬

‫يقسم العال من غري‬


‫يقسم السافل فهو ّ‬ ‫كل‪ّ .‬‬
‫وكل فصل ّ‬ ‫عكس ّ‬
‫ّ‬ ‫يقوم السافل من غري‬
‫يقوم العال فهو ّ‬
‫ّ‬

‫عكس‪.‬‬

‫*****‬

‫‪23‬‬
‫[الفصل الرابع] في التعريفات‬

‫تصور ذلك اليشء وامتيازه عن ّ‬


‫كل ما عداه‪،‬‬ ‫تصوره ّ‬
‫املعرف لليشء‪ ،‬وهو الذي يستلزم ّ‬
‫ّ‬
‫املعرف معلوم قبل املعرف‪ ،‬واليشء ال يعلم قبل نفسه؛ وال‬
‫ألن ِّ‬‫وهو ال جيوز أن يكون نفس املاه ّية ّ‬
‫ٍ‬
‫مساو هلا يف العموم واخلصوص‪.‬‬ ‫أخص لكونه أخفى؛ فهو‬
‫أعم لقصوره عن إفادة التعريف؛ وال ّ‬
‫ّ‬

‫ويسمى حدّ ًا تا ّم ًا إن كان باجلنس والفصل القريبني‪ ،‬وحدّ ًا ناقص ًا إن كان بالفصل القريب‬
‫ّ‬
‫واخلاصة‪ ،‬ورس ًام ناقص ًا إن كان‬
‫ّ‬ ‫وحده أو به وباجلنس البعيد‪ ،‬ورس ًام تا ّم ًا إن كان باجلنس القريب‬

‫باخلاصة وحدها أو هبا وباجلنس البعيد‪.‬‬


‫ّ‬

‫وجيب االحرتاز عن تعريف اليشء بام يساويه يف املعرفة واجلهالة كتعريف احلركة بام ليس‬

‫بسكون‪ ،‬والزوج بام ليس بفرد‪ ،‬وعن تعريف اليشء بام ال يعرف إال به سواء كان بمرتبة واحدة‪ ،‬كام‬

‫ثم يقال املشاهبة اتفاق يف الكيف ّية‪ ،‬أو بمراتب‪ ،‬كام يقال‪ :‬االثنان‬
‫يقال‪ :‬الكيف ّية ما هبا يقع املشاهبة‪ّ ،‬‬
‫ثم يقال‪ :‬املتساويان مها الشيئان اللذان ال‬
‫األول هو املنقسم بمتساويني‪ّ ،‬‬
‫ثم يقال الزوج ّ‬
‫زوج ّأول‪ّ ،‬‬
‫يفضل أحدمها عىل اآلخر‪ .‬ثم يقال‪ :‬الشيئان مها االثنان‪ .‬وجيب أن حيرتز عن استعامل ألفاظ غريبة‬

‫مفوت ًا للغرض‪.‬‬
‫وحش ّية غري ظاهرة الداللة بالقياس إىل السامع لكونه ّ‬

‫*****‬

‫‪25‬‬
26
‫[المقالة الثانية]‬

‫في القضايا وأحكامها‬

‫وفيها مقدّ مة وثالثة فصول‪:‬‬

‫أما [المقدّمة] ففي تعريف القضية وأقسامها األوليّ‪:‬‬

‫القضية قول يصح أن يقال لقائله إنه صادق فيه أو كاذب‪ .‬وهي محل ّية إن انح ّلت باطرفيها‬

‫إىل مفردين‪ ،‬كقولك‪ :‬زيد عامل‪ ،‬زيد ليس بعامل‪ .‬ورشطية إن مل ّ‬


‫تنحل‪.‬‬

‫والرشط ّية إما‪ :‬متصلة‪ :‬وهي التي حكم فيها بصدق قض ّية ْأو ال صدقها عىل تقدير صدق‬

‫قض ّية أخرى‪ ،‬كقولنا‪ :‬إن كان هذا إنسان ًا فهو حيوان‪ ،‬وليس إن كان هذا إنسان ًا فهو مجاد؛ وإما‬

‫الصدق والكذب مع ًا‪ ،‬أو يف أحدمها فقط‪ ،‬أو‬


‫منفصلة‪ :‬وهي التي حيكم فيها بالتنايف بني القض ّيتني يف ّ‬

‫بنفيه‪ ،‬كقولنا إما أن يكون هذا العدد زوج ًا أو فرد ًا‪ ،‬وليس إ ّما أن يكون هذا اإلنسان حيوان ًا أو‬

‫أسود‪.‬‬

‫*****‬

‫‪27‬‬
‫[الفصل األوّل] في الحمليّة‬

‫وفيه أربعة مباحث‪:‬‬

‫األول] يف أجزائها وأقسامها‪:‬‬


‫[البحث ّ‬

‫ويسمى موضوع ًا‪ ،‬وحمكوم به ويسمى‬


‫ّ‬ ‫احلمل ّية إنام تتح ّقق بأجزاء ثالثة‪ :‬حمكوم عليه‬

‫حمموالً‪ ،‬ونسبة بينهام هبا يرتبط املحمول باملوضوع‪ .‬واللفظ الدّ ال عليها ّ‬
‫يسمى راباطة‪ ،‬كهو يف قولنا‪:‬‬
‫ٍ‬
‫حينئذ ثالث ّية‪ .‬وقد حتذف الراباطة يف بعض اللغات لشعور الذهن‬ ‫وتسمى القض ّية‬ ‫زيد هو عامل‪.‬‬
‫ّ‬
‫ٍ‬
‫حينئذ ثنائية‪.‬‬ ‫تسمى‬
‫بمعناها‪ ،‬والقضية ّ‬

‫يصح أن يقال إن املوضوع حممول‪ ،‬فالقضية موجبة‪ ،‬كقولنا‪:‬‬


‫وهذه النسبة إن كانت نسبة هبا ّ‬

‫يصح أن يقال‪ :‬إن املوضوع ليس بمحمول‪ ،‬فالقض ّية سالبة‪،‬‬


‫ّ‬ ‫اإلنسان حيوان‪ .‬وإن كانت نسبة هبا‬

‫كقولنا‪ :‬اإلنسان ليس بحجر‪.‬‬

‫وموضوع احلمل ّية إن كان شخص ًا مع ّين ًا سم ّيت خمصوصة وشخص ّية‪ ،‬وإن كان كل ّي ًا‪ :‬فإن‬

‫ّبني فيها كم ّية أفراد ما صدق عليه احلكم‪:‬‬

‫ومسورة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ويسمى اللفظ ّ‬
‫الدال عليها سور ًا سم ّيت حمصورة‬

‫وهي أربع؛ ألنّه إن ب ّني فيها أن احلكم عىل ّ‬


‫كل األفراد فهي الكل ّية‪ ،‬وهي إما‪ :‬موجبة‬

‫حارة؛ وإما سالبة وسورها ال يشء وال واحد‪ ،‬كقولنا‪ :‬ال يشء أو ال‬ ‫كل‪ ،‬كقولنا‪ّ :‬‬
‫كل نار ّ‬ ‫وسورها ّ‬

‫‪28‬‬
‫واحد من الناس بجامد‪ .‬وإن ب ّني فيها أن احلكم عىل بعض األفراد فهي اجلزئيّة‪ ،‬وهي غام موجبة‪،‬‬

‫وسورها بعض أو واحد‪ ،‬كقولنا‪ :‬بعض احليوان أو واحد من احليوان إنسان‪ .‬وإما سالبة وسورها‬

‫وبعض ليس‪ ،‬كقولنا‪ :‬ليس ّ‬


‫كل حيوان إنسان ًا‪ ،‬وليس بعض احليوان بإنسان‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫ليس ّ‬
‫كل وليس بعض‬

‫وبعض احليوان ليس بإنسان‪.‬‬

‫يبني فيها كم ّية األفراد‪:‬‬


‫وإن مل ّ‬

‫فإن مل تصلح ألن تصدق كليّة وجزئية‪ ،‬سم ّيت القضيّة طبيعية‪ ،‬كقولنا‪ :‬احليوان جنس‬

‫سميت مهملة‪ ،‬كقولنا‪:‬‬


‫واإلنسان نوع‪ .‬ألن احلكم فيها عىل نفس الاطبيعة‪ ،‬وإن صلحت لذلك ّ‬
‫قوة اجلزئية‪ ،‬ألنه متى صدق اإلنسان يف خرس‪،‬‬
‫اإلنسان يف خرس‪ .‬واإلنسان ليس يف خرس‪ .‬وهي يف ّ‬

‫صدق بعض اإلنسان يف خرس‪ ،‬وبالعكس‪.‬‬

‫[البحث الثاين] يف حتقيق املحصورات األربع‪:‬‬

‫كل (ج ب) يستعمل تارة بحسب‪ :‬احلقيقة‪ ،‬ومعناه أن ّ‬


‫كل ما لو وجد كان (ج) من‬ ‫قولنا ّ‬

‫األفراد املمكنة فهو بحيث لو وجد كان (ب)‪ ،‬أي ّ‬


‫كل ما هو ملزوم (ج) هو ملزم (ب)‪ .‬وتارة‬

‫بحسب‪ :‬بحسب اخلارج‪ ،‬ومعناه ّ‬


‫كل (ج) يف اخلارج سواء كان حال احلكم أو قبله أو بعده فهو (ب)‬

‫يف اخلارج‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫يصح أن يقال‪:‬‬
‫ّ‬ ‫والفرق بني االعتبارين ظاهر‪ .‬فإنه لو مل يوجد يشء من املربعات يف اخلارج‬

‫يصح‬
‫األول دون الثاين‪ ،‬ولو مل يوجد يشء من األشكال يف اخلارج إال املر ّبع‪ّ ،‬‬
‫كل مر ّبع شكل باعتبار ّ‬

‫األول‪ .‬وعىل هذا فقس املحصورات الباقية‪.‬‬ ‫أن يقال‪ّ :‬‬


‫كل شكل مر ّبع باالعتبار الثاين دون ّ‬

‫[البحث الثالث] يف العدول والتحصيل‪:‬‬

‫الالحي مجاد‪ ،‬أو من املحمول كقولنا‪:‬‬


‫ّ‬ ‫حرف السلب إن كان جزء ًا من املوضوع‪ ،‬كقولنا‪:‬‬
‫م‬
‫العامل‪ ،‬أو منهام مجيع ًا سم ّيت القضية معدولة موجبة كانت أو سالبة‪ .‬وإن مل يكن جزء اليشء‬ ‫اجلامد‬

‫منهام سم ّيت حمصلة إن كانت موجبة‪ ،‬وبسياطة إن كانت سالبة‪.‬‬

‫واالعتبار بإجياب القضية وسلبها بالنسبة الثبوت ّية أو السلب ّية ال باطريف القضية؛ فإن قولنا‪:‬‬

‫املتحرك بساكن‪،‬‬
‫ّ‬ ‫بحي فهو ال عامل‪ ،‬موجبة مع أن طرفيها عدم ّيان‪ .‬وقولنا‪ :‬ال يشء من‬ ‫ّ‬
‫كل ما ليس ّ‬
‫سالبة مع أن طرفيها وجود ّيان‪.‬‬

‫السلب عند عدم املوضوع‬


‫أعم من املوجبة املعدولة املحمولة‪ ،‬لصدق ّ‬
‫والسالبة البسياطة ّ‬
‫ٍ‬
‫مقدر كام‬ ‫دون اإلجياب‪ .‬فإن اإلجياب ال يصلح إال عىل موجود حم ّقق‪ ،‬كام يف اخلارج ّية املوضوع‪ ،‬أو‬

‫يف احلقيقية املوضوع‪ .‬أما إذا كان املوضوع موجود ًا فإهنام متالزمتان‪ ،‬والفرق بينهام يف اللفظ‪ .‬أما يف‬

‫السلب‪ ،‬وسالبة إن ّ‬
‫أخرت عنها‪ .‬وأما يف‬ ‫الثالثية‪ :‬فالقض ّية موجبة‪ ،‬إن قدّ مت الراباطة عىل حرف ّ‬
‫الثنائية‪ :‬فبالن ّية أو باالصاطالح عىل ختصيص لفظ غري ْأو ال باإلجياب املعدول‪ ،‬ولفظ ليس بالسلب‬

‫البسيط أو بالعكس‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫املوجهة‪:‬‬
‫[البحث الرابع] يف القضايا ّ‬

‫ال بدّ لنسبة املحموالت إىل املوضوعات من كيف ّية‪ ،‬إجياب ّية كانت النسبة أو سلب ّية‪،‬‬

‫كالرضورة والدّ وام‪ ،‬والالرضورة والالدوام‪ .‬وتسمى تلك الكيفية ما ّدة القض ّية‪ ،‬واللفظ ّ‬
‫الدال عليها‬

‫يسمى جهة القض ّية‪.‬‬

‫املوجهة التي جرت العادة بالبحث عنها وعن أحكامها ثالث عرشة قضية‪ ،‬منها‬
‫والقضايا ّ‬

‫بسياطة‪ :‬وهي التي حقيقتها إجياب فقط أو سلب فقط‪ ،‬ومنها مركّبة‪ :‬وهي التي حقيقتها تركّبت من‬

‫إجياب وسلب مع ًا‪ .‬أما البسائط ُّ‬


‫فست‪:‬‬

‫األوىل الرضورية املاطلقة‪ :‬وهي التي حيكم فيها برضورة ثبوت املحمول للموضوع أو سلبه‬

‫عنه ما دامت ذات املوضوع موجودةً‪ ،‬كقولنا‪ :‬بالرضورة ّ‬


‫كل إنسان حيوان‪ ،‬وبالرضورة ال يشء من‬

‫اإلنسان بحجر‪.‬‬

‫الثانية الدائمة املاطلقة‪ :‬وهي التي حيكم فيها بدوام ثبوت املحمول للموضوع أو سلبه عنه ما‬

‫دامت ذات املوضوع موجودة‪ .‬مثاهلا إجياب ًا وسلب ًا ما ّ‬


‫مر‪.‬‬

‫الثالثة املرشوطة العا ّمة‪ :‬وهي التي حيكم فيها برضورة ثبوت املحمول للموضوع أو سلبه‬

‫متحرك األصابع ما دام كاتب ًا‪ ،‬وبالرضورة‬


‫ّ‬ ‫عنه برشط وصف املوضوع‪ ،‬كقولنا‪ :‬بالرضورة ّ‬
‫كل كاتب‬

‫ال يشء من الكاتب بساكن األصابع ما دام كاتب ًا‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫الرابعة العرف ّية العا ّمة‪ :‬وهي التي حيكم فيها بدوام ثبوت املحمول للموضوع أو سلبه عنه‬

‫برشط وصف املوضوع‪ ،‬ومثاهلا إجياب ًا وسلب ًا ما ّ‬


‫مر‪.‬‬

‫اخلامسة املاطلقة العامة‪ :‬وهي التي حيكم فيها بثبوت املحمول للموضوع أو سلبه عنه‬

‫بالفعل‪ ،‬كقولنا‪ :‬باإلطالق العام ّ‬


‫كل إنسان متن ّفس‪ ،‬وباإلطالق العام ال يشء من اإلنسان بمتن ّفس‪.‬‬

‫السادسة املمكنة العا ّمة‪ :‬وهي التي حيكم فيها بارتفاع الرضورة املاطلقة عن اجلانب املخالف‬

‫حارة‪ ،‬واإلمكان العام ال يشء من النار ببارد‪.‬‬ ‫للحكم‪ ،‬كقولنا‪ :‬باإلمكان العا ّم ّ‬
‫كل نار ّ‬

‫وأما املركبات فسبع‪:‬‬

‫اخلاصة‪ :‬وهي املرشوطة العا ّمة مع قيد الالدوام بحسب الذات‪،‬وهي إن‬
‫ّ‬ ‫األوىل املرشوطة‬

‫كانت موجبة كقولنا‪ :‬بالرضورة ّ‬


‫كل كاتب متحرك األصابع ما دام كاتب ًا ال دائ ًام‪ ،‬فرتكيبها من موجبة‬

‫مرشوطة عا ّمة وسابة ماطلقة عا ّمة‪ .‬وإن كانت سالبة كقولنا‪ :‬بالرضورة ال يشء من الكاتب بساكن‬

‫األصابع ما دام كاتب ًا ال دائ ًام‪ ،‬فرتكيبها من سالبة مرشوطة عا ّمة وموجبة ماطلقة عا ّمة‪.‬‬

‫اخلاصة‪ :‬وهي العرف ّية العا ّمة مع قيد الالدوام بحسب الذات؛ وهي إن كانت‬
‫ّ‬ ‫الثانية العرف ّية‬

‫موجبة فرتكيبها من موجبة عرفية عا ّمة وسالبة ماطلقة عا ّمة‪ ،‬وإن كانت سالبة فرتكيبها من سالبة‬

‫عرف ّية عا ّمة وموجبة ماطلقة عا ّمة‪ ،‬ومثاهلا إجياب ًا وسلب ًا ما ّ‬


‫مر‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫الثالثة الوجود ّية الالرضور ّية‪ :‬وهي املاطلقة العا ّمة مع قيد الالرضورة بحسب الذات‪ ،‬وهي‬

‫إن كانت موجبة كقولنا‪ّ :‬‬


‫كل إنسان ضاحك بالفعل ال بالرضورة‪ ،‬فرتكيبها من موجبة ماطلقة عا ّمة‪،‬‬

‫وسالبة ممكنة عا ّمة‪ ،‬وإن كانت سالبة كقولنا ال يشء من اإلنسان بضاحك بالفعل ال بالرضورة‪،‬‬

‫فرتكيبها من سالبة ماطلقة عا ّمة وموجبة ممكنة عا ّمة‪.‬‬

‫الرابعة الوجود ّية الالدائمة‪ :‬وهي املاطلقة العا ّمة مع قيد الالدوام بحسب الذات‪ ،‬وهي‬

‫سواء كانت موجبة أو سالبة‪ ،‬فرتكيبها من ماطلقتني عا ّمتني‪ :‬إحدامها موجبة‪ ،‬واألخرى سالبة‪،‬‬

‫ومثاهلا إجياب ًا وسلب ًا ما ّ‬


‫مر‪.‬‬

‫اخلامسة الوقت ّية‪ :‬وهي التي حيكم فيها برضورة ثبوت املحمول للموضوع أو سلبه عنه يف‬

‫معني من أوقات وجود املوضوع مع قيد الالدوام بحسب الذات‪ ،‬وهي إن كانت موجبة‬
‫وقت ّ‬
‫كقولنا‪ :‬بالرضورة ّ‬
‫كل قمر منخسف وقت حيلولة األرض بينه وبني الشمس ال دائ ًام‪ ،‬فرتكيبها من‬

‫موجبة وقتية ماطلقة وسالبة ماطلقة عا ّمة‪ ،‬وإن كانت سالبة كقولنا‪ :‬بالرضورة ال يشء من القمر‬

‫بمنخسف وقت الرتبيع ال دائ ًام‪ ،‬فرتكيبها من سالبة وقتية ماطلقة وموجبة ماطلقة‪.‬‬

‫السادسة املنترشة‪ :‬وهي التي حكم فيها برضورة ثبوت املحمول للموضوع أو سلبه عنه يف‬

‫معني أوقات وجود املوضوع مق ّيد ًا بالالدوام بحسب الذات‪ ،‬وهي إن كانت موجبة‬
‫وقت غري ّ‬
‫كقولنا‪ :‬بالرضورة ّ‬
‫كل إنسان متن ّفس يف وقت ما ال دائ ًام‪ ،‬فرتكيبها من موجبة منترشة ماطلقة وسالبة‬

‫ماطلقة عا ّمة‪ ،‬وإن كانت سالبة كقولنا‪ :‬بالرضورة ال يشء من اإلنسان بمتن ّفس يف وقت ما ال دائ ًام‪،‬‬

‫فرتكيبها من سالبة منترشة ماطلقة وموجبة ماطلقة عا ّمة‪.‬‬


‫‪24‬‬
‫اخلاصة‪ :‬وهي التي حكم فيها بارتفاع الرضورة املاطلقة عن جانبي الوجود‬
‫ّ‬ ‫السابعة املمكنة‬

‫اخلاص ّ‬
‫كل إنسان كاتب‪ ،‬أو سالبة كقولنا‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫والعدم مجيع ًا‪ ،‬وهي سواء كانت موجبة كقولنا‪ :‬باإلمكان‬

‫باإلمكان اخلاص ال يشء من اإلنسان بكاتب‪ ،‬فرتكيبها من ممكنتني عا ّمتني‪ :‬إحدامها موجبة‬

‫واألخرى سالبة‪.‬‬

‫والضابط فيها أن الالدوام إشارة إىل ماطلقة عا ّمة‪ ،‬والالرضورة إشارة إىل ممكنة عا ّمة‪،‬‬

‫خمالفتي الكيف ّية موافقتي الكم ّية للقض ّية املق ّيدة هبام‪.‬‬

‫*****‬

‫‪23‬‬
‫[الفصل الثاني] في أقسام الشرطية‬

‫اجلزء األول منها يسمى مقدّ م ًا والثاين تالي ًا‪ .‬وهي إما متصلة أو منفصلة‪.‬‬

‫أما املتصلة‪:‬‬

‫فإما لزوم ّية‪ :‬وهي التي يكون فيها صدق التال عىل تقدير صدق املقدّ م‪ ،‬لعالقة بينهام‬
‫توجب ذلك‪ ،‬كالعل ّية والتضايف‪.‬‬

‫بمجرد توافق اجلزأين عىل الصدق‪ ،‬كقولنا‪ :‬إن كان‬


‫ّ‬ ‫وإما اتفاقية‪ :‬وهي التي يكون فيها ذلك‬
‫اإلنسان ناطق ًا واحلامر ناهق‪.‬‬

‫وأما املنفصلة‪:‬‬

‫فإما حقيقية‪ :‬وهي التي حيكم فيها بالتنايف بني جزأهيا يف الصدق والكذب مع ًا‪ ،‬كقولنا‪ :‬إما‬
‫أن يكون هذا العدد زوج ًا أو فرد ًا؟‬

‫وإما مانعة اجلمع‪ :‬وهي التي حيكم فيها بالتنايف بني اجلزأين يف الصدق فقط‪ ،‬كقولنا‪ :‬إما أن‬
‫يكون هذا اليشء حجر ًا أو شجر ًا‪.‬‬

‫وإما مانعة اخلل ّو‪ :‬وهي التي حيكم فيها بالتنايف بني اجلزأين يف الكذب فقط‪ ،‬كقولنا‪ :‬إما أن‬
‫يكون زيد يف البحر أو ال يغرق‪.‬‬

‫ّ‬
‫وكل واحدة من هذه الثالثة إما عنادية‪ :‬وهي التي يكون التنايف فيها لذات اجلزأين كام يف‬
‫األمثلة املذكورة‪ ،‬وإما اتفاقية‪ :‬وهي التي يكون فيها التنايف بمجرد االتفاق‪ ،‬كقولنا‪ :‬األسود‬

‫‪25‬‬
‫الالكاتب‪ :‬إما أن يكون هذا أسود أو كاتب ًا حقيقية‪ .‬أو ال أسود أو كاتب ًا مانعة اجلمع‪ ،‬أو أسود أو‬
‫اخللو‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الكاتب ًا مانعة‬

‫وسالبة ّ‬
‫كل واحدة من هذه القضايا الثامن هي التي يرفع فيها ما حكم به يف موجباهتا‪،‬‬
‫فسالبة اللزوم تسمى سالبة لزوم ّية‪ ،‬وسالبة الناد تسمى سالبة عنادية‪ ،‬وسالبة االتفاق تسمى سالبة‬
‫اتفاقية‪.‬‬

‫واملتصلة املوجبة تصدق عن صادقني وعن كاذبني وعن جمهول الصدق والكذب‪ ،‬وعن‬
‫مقدّ م كاذب وتال صادق دون عكسه‪ ،‬المتناع استلزام الصادق الكاذب‪ .‬وتكذب عن جزأين‬
‫كاذبني‪ ،‬وعن مقدّ م كاذب وتال صادق‪ ،‬وبالعكس‪ ،‬وعن صادقني‪ ،‬هذا إذا كانت لزومية‪.‬‬
‫وأما إذا كانت اتفاقية فكذهبا عن صادقني حمال‪.‬‬

‫واملنفصلة املوجبة احلقيقية تصدق عن صادق وكاذب‪ ،‬وتكذب عن صادقني وكاذبني‪.‬‬


‫اخللو تصدق‬
‫ّ‬ ‫ومانعة اجلمع تصدق عن كاذبني وعن صادق وكاذب‪ ،‬وتكذب عن صادقني‪ .‬ومانعة‬
‫عام تكذب عنه املوجبة‪،‬‬
‫عن صادقني وعن صادق وكاذب‪ ،‬وتكذب عن كاذبني‪ .‬والسالبة تصدق ّ‬
‫عام تصدق عنه املوجبة‪.‬‬
‫وتكذب ّ‬

‫وكليّة الرشطية املوجبة أن يكون التال الزم ًا أو معاند ًا للمقدّ م عىل مجيع األوضاع التي‬
‫يمكن حصوله عليها‪ ،‬وهي األوضاع التي حتصل له بسبب اقرتان األمور التي يمكن اجتامعها معه‪.‬‬
‫معني‪.‬‬
‫واجلزئية أن يكون كذلك عىل بعض هذه األوضاع‪ .‬واملخصوصة أن يكون كذلك عىل وضع ّ‬

‫وسور املوجبة الكل ّية يف املتصلة ك ّلام ومهام ومتى‪ .‬ويف املنفصلة دائ ًام‪ .‬وسور السالبة الكل ّية‬
‫فيهام ليس البتّة‪ .‬وسور املوجبة اجلزئية فيهام قد يكون‪ ،‬والسالبة اجلزئية فيهام قد ال يكون وبإدخال‬

‫‪26‬‬
‫الكل‪ .‬واملهملة بإطالق لفظ لو وإن وإذا يف املتصلة‪ ،‬وإما وأو يف‬
‫ّ‬ ‫حرف السلب عىل سور اإلجياب‬
‫املنفصلة‪.‬‬

‫والرشطية قد ترتكب عن محل ّيتني‪ ،‬وعن متّصلتني‪ ،‬وعن منفصلتني‪ ،‬وعن محل ّية ومتّصلة‪،‬‬
‫وعن محل ّية ومنفصلة‪ ،‬وعن متّصلة ومنفصلة‪ّ .‬‬
‫وكل واحدة من هذه الثالثة األخرية يف املتّصلة تنقسم‬
‫إىل قسمني المتياز مقدّ مها عن تاليها بالاطبع‪ ،‬بخالف املنفصلة‪ ،‬فإن مقدّ مها يتميز عن تاليها بالوضع‬
‫فقط‪ .‬فأقسام املتّصالت تسعة‪ ،‬واملنفصالت ستّة‪ .‬وأما األمثلة فعليك باستخراجها من نفسك‪.‬‬

‫*****‬

‫‪27‬‬
‫[الفصل الثالث] في أحكام القضايا‬

‫وفيه أربعة مباحث‪:‬‬

‫[البحث األول]‪ :‬في التناقض‬

‫وحدّ وه بأنه اختالف قض ّيتني باإلجياب والسلب بحيث يقتيض لذاته أن يكون إحدامها‬

‫صادقة واألخرى كاذبة‪.‬‬

‫وال يتحقق التناقض يف املخصوصتني إال عند احتاد املوضوع‪ ،‬ويندرج فيه وحدة الرشط‬

‫والقوة والفعل‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والكل‪ ،‬وعند احتاد املحمول‪ ،‬ويندرج فيه احتاد الزمان واملكان واإلضافة‬ ‫واجلزء‬

‫بالكميتني لصدق اجلزئيتني وكذب الك ّليتني‬


‫ّ‬ ‫ويف املحصورتني ال بد مع ذلك من االختالف‬

‫املوجهتني مع ذلك من اختالف اجلهة لصدق‬


‫أعم من املحمول‪ .‬وال بدّ يف ّ‬ ‫يف ّ‬
‫كل مادة فيها املوضوع ّ‬
‫املمكنتني وكذب الرضوريتني يف مادة اإلمكان‪.‬‬

‫فنقيض الرضورية املاطلقة املمكنة العا ّمة‪ ،‬ألن سلب الرضورة مع الرضورة مما يتناقضان‬

‫جزم ًا‪ ،‬ونقيض الدائمة املاطلقة املاطلقة العامة العا ّمة‪ ،‬ألن السلب يف ّ‬
‫كل األوقات ينافيه اإلجياب يف‬

‫البعض والعكس‪ ،‬ونقيض املرشوطة العا ّمة احلينيّة املمكنة‪ ،‬أعني التي حكم فيها برفع الرضورة‬

‫بحسب الوصف عن اجلانب املخالف‪ ،‬كقولنا‪ّ :‬‬


‫كل من به ذات اجلنب يمكن أن يسعل يف بعض‬

‫أوقات كونه جمنوب ًا‪ .‬ونقيض العرف ّية العا ّمة احلين ّية املاطلقة‪ ،‬أعني التي حكم فيها بثبوت املحمول‬

‫مر‪.‬‬
‫للموضوع أو سلبه عنه يف بعض أحيان وصف املوضوع‪ ،‬ومثاهلا ما ّ‬
‫‪28‬‬
‫جل بعد اإلحاطة‬
‫وأما املركبات‪ :‬فإن كانت كليّة‪ :‬فنقيضها أحد نقييض جزئيها‪ ،‬وذلك ّ‬
‫بحقائق املركبات ونقائض البسائط‪ ،‬فإنك إذا حتققت أن الوجودية الالدائمة تركيبها من ماطلقتني‬

‫عا ّمتني‪ :‬إحدامها موجبة‪ ،‬واألخرى سالبة‪ ،‬وأن نقيض املاطلقة هو الدائمة‪ ،‬حتققت أن نقيضها إما‬

‫الدائمة املخالفة أو الدائمة املوافقة‪.‬‬

‫وإن كانت جزئية‪ :‬فال يكفي يف نقيضها ما ذكرنا‪ ،‬ألنه يكذب‪ :‬بعض اجلسم حيوان ال دائ ًام‪،‬‬

‫كل واحد من نقييض جزأهيا‪ ،‬بل احلق أن ير ّدد بني نقييض اجلزأين ّ‬
‫لكل واحد واحد؛ أي‪:‬‬ ‫مع كذب ّ‬

‫كل واحد واجد ال خيلو عن نقيضيهام‪ ،‬فيقال ّ‬


‫كل واحد واحد من أفراد اجلسم إما حيوان دائ ًام أو‬ ‫ّ‬

‫ليس بحيوان دائ ًام‪.‬‬

‫وأما الرشط ّية‪ :‬فنقيض الكل ّية منها اجلزئ ّية املوافقة هلا يف اجلنس والنوع واملخالفة يف الكيف‬

‫وبالعكس‪.‬‬

‫*****‬

‫[البحث الثاني]‪ :‬في العكس المستوي‬

‫األول من القض ّية ثاني ًا‪ ،‬والثاين ّأوالً مع بقاء الصدق والكيف‬
‫وهو عبارة عن جعل اجلزء ّ‬

‫بحاهلام‪.‬‬

‫أما السوالب‪ ،‬فإن كانت كل ّية‪:‬‬

‫‪29‬‬
‫فسبع منها وهي‪ :‬الوقتيتان‪ ،‬والوجود ّيتان‪ ،‬واملمكنتان‪ ،‬واملاطلقة العا ّمة ال تعكس المتناع‬

‫أخصها‪ ،‬وهي الوقت ّية‪ ،‬لصدق قولنا‪ :‬بالرضورة ال يشء من القمر بمنخسف وقت الرتبيع‬
‫العكس يف ّ‬
‫أعم اجلهات‪ ،‬ألن ّ‬
‫كل‬ ‫ال دائ ًام‪ ،‬وكذب قولنا‪ :‬بعض املنخسف ليس بقمر باإلمكان العام الذي هو ّ‬
‫األعم‬
‫ّ‬ ‫األعم‪ ،‬إذ لو انعكس‬
‫ّ‬ ‫األخص مل ينعكس‬
‫ّ‬ ‫منخسف فهو قمر بالرضورة‪ ،‬وإذا مل ينعكس‬

‫األخص رضورة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫األعم الزم‬
‫ّ‬ ‫األخص‪ ،‬ألن الزم‬
‫ّ‬ ‫النعكس‬

‫وأما الرضورية والدائمة املاطلقتان فينعكسان دائمة كل ّية‪ ،‬ألنه إذا صدق‪ :‬بالرضورة أو دائ ًام‬

‫ال يشء من (ج ب) فيصدق دائ ًام ال يشء من (ب ج)‪ ،‬وإال فبعض (ج ب) باإلطالق العام‪ ،‬وهو مع‬

‫األصل ينتج بعض (ب) ليس (ب) يف بعض الرضور ّية‪ ،‬ودائ ًام يف الدائمة‪ ،‬وهو حمال‪.‬‬

‫وأما املرشوطة والعرف ّية العا ّمتان فتنعكسان عرف ّية عا ّمة كل ّية‪ ،‬ألنه إذا صدق‪ :‬بالرضورة أو‬

‫دائ ًام ال يشء من (ج ب) فدائ ًام ال يشء من (ب ج) ما دام (ب)‪ ،‬وإال فبعض (ب ج) حني هو (ب)‪،‬‬

‫وهو مع األصل ينتج بعض (ب) ليس (ب) حني هو (ب) وهو حمال‪.‬‬

‫اخلاصتان فتنعكسان عرف ّية عا ّمة ال دائمة يف البعض‪ .‬أما العرف ّية‬
‫ّ‬ ‫وأما املرشوطة والعرف ّية‬

‫العا ّمة فلكوهنا الزمة للعا ّمتني‪ .‬وأما الالدوام يف البعض فألنه لو كذب‪ :‬بعض (ب ج) باإلطالق‬

‫العا ّم لصدق ال يشء من (ب ج) دائ ًام‪ ،‬فينعكس إىل ال يشء من (ج ب) دائ ًام‪ ،‬وقد كان ّ‬
‫كل (ج ب)‬

‫بالفعل‪ ،‬هذا خلف‪.‬‬

‫وإن كانت جزئ ّية‪:‬‬

‫‪41‬‬
‫خاصة‪ ،‬ألنه إذا صدق‪ :‬بالرضورة أو دائ ًام‬
‫ّ‬ ‫اخلاصتان تنعكسان عرف ّية‬
‫ّ‬ ‫فاملرشوطة والعرف ّية‬

‫بعض (ج) ليس (ب) ما دام (ج) ال دائ ًام‪ ،‬صدق‪ :‬ليس بعض (ب ج) ما دام (ب) ال دائ ًام‪ ،‬ألنا‬

‫نفرض ذات املوضوع‪ ،‬وهو (ج د فـ د ج) بالفعل‪ ،‬و (د ب) أيض ًا بحكم الالدوام‪ ،‬وليس (د ج) ما‬

‫دام (ب) وإال لكان (د ج) حني هو (ب فـ ب) حني هو (ج)‪ ،‬وقد كان ليس (ب) ما دام (ج)‪ ،‬هذا‬

‫خلف‪ .‬وإذا صدق (ج) و (ب) عىل (د) وتنافيا فيه‪ ،‬صدق‪ :‬بعض (ب) ليس (ج) ما دام (ب) ال‬

‫دائ ًام‪ ،‬وهو املاطلوب‪.‬‬

‫وأما البواقي فال تنعكس‪ ،‬ألنه يصدق‪ :‬بالرضورة بعض احليوان ليس بإنسان‪ ،‬وبالرضورة‬

‫ليس بعض القمر بمنخسف يف وقت الرتبيع ال دائ ًام مع كذب عكسها باإلمكان العام وهو ّ‬
‫أعم‬

‫أخص من املركبات الباق ّية‪ ،‬ومتى مل تنعكسا مل‬


‫ّ‬ ‫أخص البسائط‪ ،‬والوقت ّية‬
‫ّ‬ ‫اجلهات‪ ،‬لكن الرضور ّية‬

‫ينعكس يشء منها ملا عرفت أن انعكاس العام مستلزم النعكاس اخلاص‪.‬‬

‫وأما املوجبة كل ّية كانت أو جزئ ّية فال تنعكس كل ّية أصالً الحتامل كون املحمول ّ‬
‫أعم من‬

‫املوضوع‪ ،‬كقولنا‪ّ :‬‬


‫كل إنسان حيوان‪ .‬وأما يف اجلهة فالرضور ّية والدائمة والعا ّمتان تنعكس حين ّية‬

‫ماطلقة‪ ،‬ألنه إذا صدق‪ّ :‬‬


‫كل (ج ب) بإحدى اجلهات األربع املذكورة‪ ،‬فبعض (ب ج) حني هو (ب)‪،‬‬

‫وإال فال يشء من (ب ج) ما دام (ب)‪ ،‬وهو مع األصل ينتج ال يشء من (ج ج) دائ ًام يف الرضور ّية‬

‫والدائمة‪ ،‬وما دام (ج) يف العا ّمتني‪ ،‬وهو حمال‪.‬‬

‫اخلاصتان فتنعكسان حين ّية ماطلقة مق ّيدة بالالدوام‪ .‬أما احلين ّية املاطلقة فلكوهنا الزمة‬
‫ّ‬ ‫وأما‬

‫لعام ّيتها‪.‬‬
‫‪42‬‬
‫الكل‪ :‬فألنه لو كذب‪ :‬بعض (ب) ليس (ج) بالفعل‪ ،‬لصدق‬
‫ّ‬ ‫وأما قيد الالدوام يف األصل‬

‫األول من األصل وهو قولنا‪ :‬بالرضورة أو دائ ًام ّ‬


‫كل (ج ب) ما‬ ‫فنضمه إىل اجلزء ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫كل (ب ج) دائ ًام‪،‬‬

‫ونضمه إل اجلزء الثاين أيض ًا وهو قولنا‪ :‬ال يشء من (ج ب)‬


‫ّ‬ ‫دام (ج) ينتج ّ‬
‫كل (ب ب) دائ ًام‪،‬‬

‫باإلطالق العام‪ ،‬ينتج ال يشء من (ب ب) باإلطالق العام‪ ،‬فيلزم اجتامع النقيضني وهو حمال‪ .‬وأما‬

‫اجلزئي‪ :‬فيفرض املوضوع (د) فهو ليس (ج) بالفعل‪ ،‬وإال لكان (ج) دائ ًام (فـ ب) دائ ًام لدوام‬
‫ّ‬ ‫يف‬

‫لكن الالزم باطل لنفيه األصل بالالدوام‪ .‬وأما الوقت ّيتان والوجود ّيتان واملاطلقة‬
‫الباء بدوام اجليم‪ّ ،‬‬

‫العا ّمة فتنعكس ماطلقة عا ّمة‪ ،‬ألنّه إذا صدق‪ :‬كل (ج ب) بإحدى اجلهات اخلمس املذكورة فبعض‬

‫(ب ج) باإلطالق العام‪ ،‬وإال لصدق‪ :‬ال يشء من (ب ج) دائ ًام وهو مع األصل ينتج‪ :‬ال يشء من‬

‫(ج ج) دائ ًام‪ ،‬وهو حمال‪.‬‬

‫األخص منه‪.‬‬
‫ّ‬ ‫وإن شئت عكست نقيض العكس يف املوجبات‪ ،‬ليصدق نقيض األصل‪ ،‬أو‬

‫وأما املمكنتان فحاهلام يف االنعكاس وعدمه غري معلوم‪ ،‬لتوقف الربهان املذكور لالنعكاس‬

‫فيهام عىل انعكاس السالبة الرضورية كنفسها‪ ،‬أو عىل إنتاج الصغرى املمكنة مع الكربى الرضورية‬

‫يف الشكل األول والثالث اللذين ّ‬


‫كل واحد منهام غري حم ّقق‪ ،‬ولعدم الظفر بدليل يوجب االنعكاس‬

‫وعدمه‪.‬‬

‫وأما الرشط ّية فاملتّصلة املوجبة تنعكس موجبة جزئية‪ ،‬والسالبة الكليّة سالبة كل ّية‪ ،‬إذ لو‬

‫صدق نقيض العكس النتظم مع العكس قياس ًا منتج ًا للمحال‪ .‬وأما السالبة اجلزئية فال تنعكس‪،‬‬

‫‪42‬‬
‫يتصور‬
‫ّ‬ ‫لصدق قولنا‪ :‬قد ال يكون إذا كان هذا حيوان ًا فهو إنسان مع كذب العكس‪ .‬وأما املتصلة فال‬

‫فيها العكس‪ ،‬لعدم االمتياز بني جزئيها بالاطبع‪.‬‬

‫*****‬

‫[البحث الثالث]‪ :‬في عكس النقيض‬

‫وهو عبارة عن جعل اجلزء األول من القضية نقيض الثاين‪ ،‬والثاين عني األول‪ ،‬مع خمالفة‬

‫األصل يف الكيف وموافقته يف الصدق‪.‬‬

‫وأما املوجبات‪ ،‬فإن كانت كل ّية‪:‬‬

‫فسبع منها‪ ،‬وهي التي ال تنعكس سوالبها بالعكس املستوي ال تنعكس بعكس النقيض‪،‬‬

‫ألنه يصدق‪ :‬بالرضورة كل قمر فهو ليس بمنخسف وقت الرتبيع ال دائ ًام دون عكسه ملا عرفت‪،‬‬

‫وتنعكس الرضور ّية والدائمة دائمة كل ّية‪ ،‬ألنه إذا صدق‪ :‬بالرضورة أو دائ ًام ّ‬
‫كل (ج ب)‪ ،‬فدائ ًام ال‬

‫يشء مما ليس (ب ج)‪ ،‬وإال فبعض ما ليس (ب) فهو (ج) بالفعل‪ ،‬وهو مع األصل ينتج‪ :‬بعض ما‬

‫ليس (ب) فهو (ب) بالرضورة يف الرضور ّية‪ ،‬ودائ ًام يف الدائمة‪ ،‬وهو حمال‪.‬‬

‫وأما املرشوطة والعرفيّة العا ّمتان‪ ،‬فتنعكسان عرف ّية عا ّمة كليّة‪ ،‬ألنه إذا صدق‪:‬بالرضورة أو‬

‫دائ ًام ّ‬
‫كل (ج ب) ما دام (ج)‪ ،‬فدائ ًام ال يشء مما ليس (ب ج) ما دام ليس (ب)‪ ،‬وإال فبعض ما ليس‬

‫(ب) فهو (ج) حني هو ليس (ب)‪ .‬وهو مع األصل ينتج‪ :‬بعض ما ليس (ب) فهو (ب) حني هو‬

‫ليس (ب)‪ ،‬وهو حمال‪.‬‬


‫‪44‬‬
‫اخلاصتان فتنعكسان عرف ّية عا ّمة ال دائمة يف البعض‪ ،‬أما العرف ّية العا ّمة فالستلزام‬
‫ّ‬ ‫وأما‬

‫العا ّمتني إياها‪ ،‬وأما الالدوام يف البعض فألنه يصدق‪ :‬بعض ما ليس (ب) فهو (ج) باإلطالق العام‪،‬‬

‫وإال فال يشء مما ليس (ب ج) دائ ًام‪ ،‬فتنعكس إىل‪ :‬ال يشء من (ج) ليس (ب) دائ ًام‪ ،‬وقد كان ال يشء‬

‫من (ج ب) بالفعل بحكم الالدوام‪ ،‬ويلزمه ّ‬


‫كل (ج) فهو ليس (ب) بالفعل‪ ،‬لوجود املوضوع‪ ،‬هذا‬

‫خلف‪.‬‬

‫وإن كانت جزئ ّية‪:‬‬

‫خاصة‪ ،‬ألنه إذا صدق‪ :‬بالرضورة أو دائ ًام بعض (ج ب) ما دام‬


‫فاخلاصتان تنعكسان عرف ّية ّ‬
‫ّ‬

‫(ج) ال دائ ًام‪ ،‬وجب أن يصدق‪ :‬بعض ما ليس (ب) ليس (ج) ما دام ليس (ب) ال دائ ًام‪ .‬النّا نفرض‬

‫ذات املوضوع‪ ،‬وهو (ج د فـ د) ليس بالفعل (ب) لالدوام ال ثبوت الباء له‪ ،‬وليس (ج) ما دام ليس‬

‫(ب)‪ ،‬وإال لكان (ج) حني هو ليس (ب) فليس (ب) حني هو (ج)‪ ،‬وقد كان (ب) ما دام (ج)‪ ،‬هذا‬

‫خلف‪ .‬و(د ج) بالفعل‪ ،‬وهو ظاهر‪ ،‬فبعض ما ليس (ب) ليس (ج) ما دام ليس (ب) ال دائ ًام‪ ،‬وهو‬

‫املاطلوب‪.‬‬

‫وأما البواقي فال تنعكس‪ ،‬لصدق قولنا‪ :‬بعض احليوان هو ليس بإنسان بالرضورة املاطلقة‪،‬‬

‫بأعم اجلهات‪ ،‬ومتى مل تنعكسا مل‬


‫وبعض القمر هو ليس بمنخسف بالرضورة الوقت ّية‪ ،‬دون عكسهام ّ‬
‫املستوي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ينعكس يشء منها‪ ،‬ملا عرفت يف العكس‬

‫‪43‬‬
‫أعم‬
‫وأما السوالب كل ّية كانت أو جزئيّة‪ ،‬فال تنعكس كل ّية الحتامل كون نقيض املحمول ّ‬
‫اخلاصتان حين ّية ماطلقة‪ ،‬ألنه إذا صدق‪ :‬بالرضورة أو دائ ًام ال يشء من (ج‬
‫ّ‬ ‫من املوضوع‪ .‬وتنعكس‬

‫ب) ما دام (ج) ال دائ ًام‪ ،‬فبعض ما ليس (ب ج) حني هو ليس (ب) بفرض املوضوع (د) فهو ليس‬

‫(ب) بالفعل‪ ،‬و(ج) يف بعض أوقات كونه ليس (ب) ألنه ليس (ب) يف مجيع أوقات كونه (ج)‪.‬‬

‫فبعض ما ليس (ب) فهو (ج) يف بعض أحيان ليس (ب)وهو املدّ عى‪.‬‬

‫وأما الوقت ّيتان الوجود ّيتان فتنعكس ماطلقة عا ّمة ألنه إذا صدق‪ :‬ال يشء من (ج ب)‬

‫بإحدى هذه اجلهات املذكورة‪ ،‬فبعض ما ليس (ب ج) باإلطالق العام بفرض املوضوع (د) فهو‬

‫ليس (ب)‪ ،‬و(ج) بالفعل لوجود املوضوع‪ ،‬فبعض ما ليس (ب) فهو (ج) بالفعل‪ ،‬وهو املاطلوب‪.‬‬

‫وهكذا بني عكوس جزئ ّياهتا‪.‬‬

‫والرشط ّيات موجبة كانت أو سالبة فغري معلومة االنعكاس‪ ،‬لعدم‬


‫السوالب‪ّ ،‬‬
‫وأما بواقي ّ‬
‫ال ّظفر بالربهان‪.‬‬

‫*****‬

‫[البحث الرابع]‪ :‬في تالزم الشّرطيّات‬

‫أما املتصلة املوجبة الكل ّية فتستلزم منفصلة مانعة اجلمع من عني املقدّ م ونقيض التال‪،‬‬

‫ومانعة اخل ّلو من نقيض املقدّ م وعني التال متعاكسني عليها‪ ،‬وإال لباطل اللزوم واالتصال‪ .‬واملنفصلة‬

‫احلقيق ّية تستلزم أربع متّصالت‪ :‬مقدّ م اثنني عني أحد اجلزأين‪ ،‬وتاليهام نقيض اآلخر‪ ،‬ومقدّ م‬

‫‪45‬‬
‫اآلخرين نقيض أحد اجلزأين‪ ،‬وتاليهام عني اآلخر‪ّ .‬‬
‫وكل واحدة من غري احلقيق ّية مستلزمة لألخرى‬

‫مركّبة من نقيض اجلزأين‪.‬‬

‫*****‬

‫‪46‬‬
‫[المقالة الثالثة]‬

‫في القياس‬

‫وفيه مخسة فصول‪:‬‬

‫[الفصل األوّل]‪ :‬في تعريف القياس وأقسامه‬

‫القياس قول مؤ ّلف من قضايا متى س ّلمت لزم عنها لذاهتا قول آخر‪.‬‬

‫استثنائي إن كان عني النتيجة أو نقيضها مذكور ًا فيه بالفعل‪ ،‬كقولنا‪ :‬إن كان هذا جس ًام‬
‫ّ‬ ‫وهو‬

‫فهو متحيّز‪ ،‬لكنّه جسم‪ ،‬ينتج أنه متحيّز‪ ،‬وهو بعينه مذكور فيه‪ .‬ولو قلنا لكنه ليس بمتح ّيز ينتج أنه‬

‫ليس بجسم‪ ،‬ونقيضه مذكور فيه‪.‬‬

‫وكل مؤلف حادث‪ ،‬ينتج ّ‬


‫كل جسم‬ ‫كل جسم مؤلف‪ّ ،‬‬
‫واقرتاين إن مل يكن كذلك‪ ،‬كقولنا ّ‬
‫ّ‬
‫حادث‪ ،‬وليس هو وال نقيضه مذكور ًا فيه بالفعل‪.‬‬

‫يسمى أصغر ًا‪ ،‬وحمموله أكرب‪ ،‬والقضية التي جعلت جزء القياس‬
‫وموضوع املاطلوب فيه ّ‬
‫تسمى مقدّ مة‪ ،‬واملقدمة التي فيها األصغر الصغرى‪ ،‬والتي فيها األكرب الكربى‪ ،‬واملكرر بينهام حدّ ًا‬
‫ّ‬
‫أوسط‪ ،‬واقرتان الصغرى بالكربى يسمى قرينة ورضبا‪ ،‬واهليئة احلاصلة من كيفية وضع احلد‬

‫تسمى شكالً‪ ،‬وهو أربعة؛ ألن احلد األوسط إن كان حمموالً يف‬
‫األوسط عند احلدّ ين اآلخرين ّ‬
‫األول‪ ،‬وإن حمموالً فيهام فهو الشكل الثاين‪ ،‬وإن كان‬
‫الصغرى وموضوع ًا يف الكربى فهو الشكل ّ‬

‫‪47‬‬
‫موضوع ًا فيهام فهو الشكل الثالث‪ ،‬وإن كان موضوع ًا يف الصغرى حمموالً يف الكربى فهو الشكل‬

‫الرابع‪.‬‬
‫ّ‬

‫األول‪:‬‬
‫أما الشكل ّ‬

‫فرشط إنتاجه إجياب الصغرى‪ ،‬وإال مل يندرج األصغر يف األوسط‪ ،‬وكل ّية الكربى وإال‬

‫الحتمل أن يكون البعض املحكوم عليه باألكرب غري البعض املحكوم به عىل األصغر‪.‬‬

‫األول من موجبتني كل ّيتني ينتج موجبة كل ّية‪ ،‬كقولنا‪ :‬كل (ب ج)‬


‫ورضوبه الناجتة أربعة‪ّ :‬‬

‫وكل (ب أ) فكل (ج أ)‪ .‬الثاين من كل ّيتني‪ :‬الصغرى موجبة والكربى سالبة ينتج سالبة كليّة‪ ،‬كقولنا‪:‬‬

‫ّ‬
‫كل (ج ب) وال يشء من (ب أ) فال يشء من (ج أ)‪ .‬والثالث من موجبتني والصغرى جزئ ّية ينتج‬

‫موجبة جزئية‪ ،‬كقولنا‪ :‬بعض (ج ب) ّ‬


‫وكل (ب أ) فبعض (ج أ)‪ .‬والرابع من موجبة جزئية صغرى‬

‫وسالبة كل ّية كربى‪ ،‬ينتج سالبة جزئ ّية‪ ،‬كقولنا بعض (ج أ) وال يشء من (ب ج) فبعض (ج) ليس‬

‫(ب)‪ .‬ونتائج هذا الشكل ب ّينة بذاهتا‪.‬‬

‫أما الشكل الثاين‪:‬‬

‫فرشطه اختالف مقدّ متيه بالكيف‪ ،‬وكل ّية الكربى‪ ،‬وإال حلصل االختالف املوجب لعدم‬

‫اإلنتاج‪ ،‬وهو صدق القياس مع إجياب النتيجة تارة ومع سلبها أخرى‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫األول من ك ّليتني والصغرى موجبة‪ ،‬ينتج سالبة كل ّية‪ ،‬كقولنا‪:‬‬
‫ورضوبه الناجتة أيض ًا أربعة‪ّ :‬‬

‫ضم نقيض النتيجة إىل الكربى‬ ‫ّ‬


‫كل (ج ب) وال يشء من (أ ب) فال يشء من (ج أ) باخللف‪ :‬وهو ّ‬
‫األول‪ .‬الثاين من ك ّليتني والكربى‬
‫لينتج نقيض الصغرى‪ ،‬وبانعكاس الكربى لريتدّ إىل الشكل ّ‬
‫موجبة كل ّية‪ ،‬ينتج سالبة كل ّية‪ ،‬كقولنا‪ :‬ال يشء من (ج ب) ّ‬
‫وكل (أ ب) فال يشء من (ج أ)‪ ،‬باخللف‪،‬‬

‫ثم عكس النتيجة‪ .‬الثالث من موجبة جزئيّة صغرى وسالبة كليّة‬


‫الصغرى وجعلها كربى‪ّ ،‬‬
‫وبعكس ّ‬

‫كربى‪ ،‬ينتج سالبة جزئ ّية‪ ،‬كقولنا‪ :‬بعض (ج ب) وال يشء من (أ ب) فليس بعض (ج أ)‪ .‬باخللف‪،‬‬

‫األول‪ ،‬وبفرض موضوع اجلزئ ّية (د)‪ّ ،‬‬


‫فكل (د ب) وال يشء من (أ ب)‬ ‫وبعكس الكربى لريجع إىل ّ‬

‫ثم نقول‪ :‬بعض (ج د) وال يشء من (د أ) فبعض (ج) ليس (أ)‪ .‬والرابع من‬
‫فال يشء من (د أ)‪ّ ،‬‬
‫سالبة جزئ ّية صغرى‪ ،‬وموجبة كل ّية كربى‪ ،‬ينتج سالبة جزئ ّية‪ ،‬كقولنا‪ :‬بعض (ج) ليس (ب)‪ّ ،‬‬
‫وكل‬

‫(أ ب) فبعض (ج) ليس (أ)‪ ،‬باخللف‪ ،‬واالفرتاض إن كانت السالبة مركّبة‪.‬‬

‫وأما الشكل الثالث‪:‬‬


‫ّ‬

‫فرشطه إجياب الصغرى وإال حلصل االختالف‪ ،‬وكل ّية إحدى مقدّ متيه‪ ،‬وإال لكان البعض‬

‫املحكوم عليه باألصغر غري البعض املحكوم عليه باألكرب‪ ،‬فلم جتب التعدية‪ .‬ورضوبه الناجتة ستة‪:‬‬

‫كل (ب ج) ّ‬
‫وكل (ب أ) فبعض (ج أ)‪،‬‬ ‫األول من موجبتني ك ّليتني ينتج موجبة جزئ ّية‪ ،‬كقولنا‪ّ :‬‬
‫ّ‬

‫األول بعكس‬
‫ضم نقيض النتيجة إىل الصغرى لينتج نقيض الكربى‪ ،‬وبالر ّد إىل ّ‬
‫باخللف‪ ،‬وهو ّ‬
‫الصغرى‪ .‬الثاين من ك ّليتني‪ ،‬والكربى سالبة ينتج سالبة جزئية‪ ،‬كقولنا‪ّ :‬‬
‫كل (ب ج) وال يشء من‬

‫(ب أ) فبعض (ج) ليس (أ)‪ ،‬باخللف‪ ،‬وبعكس الصغرى‪ .‬الثالث من موجبتني والكربى كل ّية ينتج‬

‫‪49‬‬
‫موجبة جزئ ّية‪ ،‬كقولنا‪ :‬بعض (ب ج) ّ‬
‫وكل (ب أ) فبعض (ج أ)‪ ،‬باخللف وبعكس الصغرى‪،‬‬

‫كل (د ج) ّ‬
‫وكل (د أ)‬ ‫ثم نقول‪ّ :‬‬ ‫وكل (ب أ) ّ‬
‫فكل (د أ)‪ّ ،‬‬ ‫فكل (د ب)‪ّ ،‬‬
‫وبفرض موضوع اجلزئ ّية (د)‪ّ ،‬‬

‫فبعض (ج أ) وهو املاطلوب‪ .‬والرابع من موجبة جزئ ّية صغرى وسالبة كل ّية كربى ينتج سالبة جزئية‪،‬‬

‫كقولنا‪ :‬بعض (ب ج) وال يشء من (ب أ) فبعض (ج) ليس (أ)‪ ،‬باخللف‪ ،‬وبعكس الصغرى‬

‫واالفرتاض‪ .‬اخلامس من موجبتني والصغرى كل ّية ينتج موجبة جزئ ّية‪ ،‬كقولنا‪ :‬كل (ب ج) وبعض‬

‫ثم عكس النتيجة واالفرتاض‪.‬‬


‫(ب أ) فبعض (ج أ)‪ ،‬باخللف‪ ،‬وبعكس الكربى وجعلها صغرى‪ّ ،‬‬
‫السادس من موجبة كل ّية صغرى‪ ،‬وسالبة جزئ ّية كربى‪ ،‬ينتج سالبة جزئ ّية‪ ،‬كقولنا‪ :‬كل (ب ج)‬

‫وبعض (ب) ليس (أ)‪ ،‬فبعض (ج) ليس (أ)‪ ،‬باخللف واالفرتاض إن كانت السالبة مركّبة‪.‬‬

‫وأما الشكل الرابع‪:‬‬

‫الكمية والكيف ّية إجياب املقدّ متني مع كل ّية الكربى‪ ،‬أو اختالفهام بالكيف مع‬
‫فرشطه بحسب ّ‬
‫األول من‬
‫كل ّية إحدامها‪ ،‬وإال حيصل االختالف املوجب لعدم اإلنتاج‪ .‬ورضوبه الناجتة ثامنية‪ّ .‬‬

‫موجبتني كل ّيتني ينتج موجبة جزئية‪ ،‬كقولنا‪ :‬كل (ب ج) وكل (أ ب) فبعض (ج أ)‪ ،‬بعكس الرتتيب‬

‫ثم عكس النتيجة‪ .‬الثاين من موجبتني والكربى جزئ ّية ينتج موجبة جزئ ّية‪ ،‬كقولنا‪ّ :‬‬
‫كل (ب ج)‬ ‫ّ‬

‫مر‪ .‬الثالث من ك ّليتني ّ‬


‫والصغرى سالبة ينتج سالبة كليّة‪ ،‬كقولنا‪ :‬ال‬ ‫وبعض (أ ب) فبعض (ج أ) ملا ّ‬
‫مر‪ .‬الرابع من كل ّيتني والصغرى موجبة‪ ،‬ينتج‬ ‫يشء من (ب ج) ّ‬
‫وكل (أ ب) فال يشء من (ج أ) ملا ّ‬
‫سالبة جزئية كقولنا‪ّ :‬‬
‫كل (ب ج) وال يشء من (أ ب) فبعض (ج) ليس (أ) بعكس املقدّ متني‪.‬‬

‫اخلامس من موجبة جزئ ّية صغرى وسالبة كل ّية كربى‪ ،‬ينتج سالبة جزئية كقولنا‪ :‬بعض (ب ج) وال‬

‫‪31‬‬
‫مر‪ .‬السادس من سالبة جزئيّة صغرى وموجبة كل ّية كربى‬
‫يشء من (أ ب) فبعض (ج) ليس (أ) ملا ّ‬
‫ينتج سالبة جزئ ّية‪ ،‬كقولنا‪ :‬بعض (ب) ليس (ج) ّ‬
‫وكل (أ ب) فبعض (ج) ليس (أ)‪ ،‬بعكس‬

‫الصغرى لريتدّ إىل الثاين‪ .‬السابع من موجبة كل ّية صغرى وسالبة جزئ ّية كربى ينتج سالبة جزئ ّية‪،‬‬

‫كقولنا‪ّ :‬‬
‫كل (ب ج) وبعض (أ) ليس (ب) فبعض (ج) ليس (أ)‪ ،‬بعكس الكربى لريتد إىل الثالث‪.‬‬

‫والثامن من سالبة كل ّية صغرى وموجبة جزئ ّية كربى ينتج سالبة جزئ ّية‪ ،‬كقولنا‪ :‬ال يشء من (ب‬

‫ثم عكس النتيجة‪.‬‬


‫ج)‪ ،‬وبعض (أ ب) فبعض (د) ليس (أ) بعكس الرتتيب‪ّ ،‬‬

‫ضم نقيض النتيجة إىل إحدى املقدّ متني لينتج ما‬


‫ويمكن بيان اخلمسة األول باخللف‪ ،‬وهو ّ‬
‫ولنبني ذلك يف ال ّثاين ليقاس عليه‬
‫ّ‬ ‫ينعكس إىل نقيض األخرى‪ ،‬والثاين واخلامس باالفرتاض‪.‬‬

‫كل (ب ج) ّ‬
‫وكل (ب‬ ‫وكل (ب د)‪ ،‬فنقول‪ّ :‬‬
‫فكل (د أ) ّ‬
‫اخلامس‪ ،‬وليكن البعض الذي هو (أ ب د) ّ‬

‫ثم نقول‪ :‬بعض (ج د) ّ‬


‫وكل (د أ) فبعض (ج أ)‪ ،‬وهو املاطلوب‪.‬‬ ‫د) فبعض (ج د)‪ّ ،‬‬

‫الرضوب الناجتة يف اخلمسة األول‪ ،‬وذكروا لعدم إنتاج الثالثة األخرية‬


‫واملتقدّ مون حرصوا ّ‬

‫اخلاصتني فيسقط ما‬


‫ّ‬ ‫االختالف يف القياس من بسياطتني‪ ،‬ونحن نشرتط كون السالبة فيها من إحدى‬

‫ذكروه من االختالف‪.‬‬

‫*****‬

‫‪32‬‬
‫[الفصل الثاني]‪ :‬في المختلطات‬

‫األول‪ :‬فرشطه بحسب اجلهة فعل ّية الصغرى‪ .‬والنتيجة فيه كالكربى إن كانت‬
‫أما الشكل ّ‬
‫فكالصغرى حمذوف ًا عنها قيد الالدوام والالرضورة‪ ،‬والرضورة‬
‫ّ‬ ‫غري الرشط ّيتني والعرف ّيتني‪ ،‬وإال‬
‫ضم الالدوام إليها إن كانت إحدى‬
‫املخصوصة بالصغرى إن كانت الكربى إحدى العامتني‪ ،‬وبعد ّ‬
‫اخلاصتني‪.‬‬
‫ّ‬

‫وأما الشكل الثاين‪ :‬فرشطه بحسب اجلهة أمران‪ :‬أحدمها صدق الدوام عىل الصغرى‪ ،‬أو‬
‫كون الكربى من القضايا املنعكسة السوالب‪ .‬والثاين أن ال تستعمل املمكنة إال مع الرضورية‬
‫املاطلقة‪ ،‬أو مع الكربيني املرشوطتني‪ .‬والنتيجة دائمة إن صدق الدوام عن إحدى مقدّ متيه‪ ،‬وإال‬
‫فكالصغرى حمذوف ًا عنها الالدوام والالرضورة أية رضورة كانت‪.‬‬

‫وأما الشكل الثالث‪ :‬فرشطه فعل ّية الصغرى‪ ،‬والنتيجة كالكربى إن كانت غري األربع‪ ،‬وإال‬
‫فكعكس الصغرى حمذوف ًا منها الالدوام إن كانت الكربى إحدى العا ّمتني‪ ،‬ومضموم ًا إليها إن كانت‬
‫اخلاصتني‪.‬‬
‫ّ‬ ‫إحدى‬

‫األول كون القياس فيه من‬


‫وأما الشكل الرابع‪ :‬فرشط إنتاجه بحسب اجلهة أمور مخسة‪ّ :‬‬
‫الفعل ّيات‪ .‬الثاين انعكاس السالبة املستعملة فيه‪ .‬الثالث صدق الدّ وام عىل صغرى الرضب الثالث أو‬
‫العريف العا ّم عىل كرباه‪ .‬الرابع كون الكربى يف السادس من املنعكسة السوالب‪ .‬اخلامس كون‬
‫ّ‬
‫العريف العام‪ .‬والنتيجة يف‬
‫ّ‬ ‫اخلاصتني والكربى مما يصدق عليها‬
‫ّ‬ ‫الصغرى يف الثامن من إحدى‬
‫الست املنعكسة‬
‫ّ‬ ‫األولني بعكس الصغرى إن صدق الدوام عليها‪ ،‬أو كان القياس من‬
‫الرضبني ّ‬
‫السوالب‪ ،‬وإال فماطلقة عا ّمة‪ .‬ويف الرضب الثالث دائمة إن صدق الدوام عىل إحدى مقدّ متيه وإال‬
‫فبعكس الصغرى‪ ،‬ويف الرضب الرابع واخلامس دائمة إن صدق الدوام عىل الكربى‪ ،‬وإال فعكس‬
‫‪32‬‬
‫الصغرى حمذوف ًا الالدوام‪ ،‬ويف السادس كام يف الشكل الثاين بعد عكس الصغرى‪ ،‬ويف السابع كام يف‬
‫الشكل الثالث بعد عكس الكربى‪ ،‬ويف الثامن كعكس النتيجة بعد عكس الرتتيب‪.‬‬

‫*****‬

‫[الفصل الثالث]‪ :‬في االقترانيات الكائنة من الشرطيّات‬

‫وهي مخسة أقسام‪:‬‬

‫األول‪ :‬ما يرتكب من املتصالت‪ ،‬واملاطبوع منه ما كانت الرشكة يف جزء تام من‬
‫القسم ّ‬
‫املقدّ متني‪ ،‬وتنعقد األشكال األربعة فيه ألنه‪ :‬إن كان تالي ًا يف الصغرى مقدّ م ًا يف الكربى فهو الشكل‬
‫األول‪ .‬وإن كان تالي ًا فيهام فهو الشكل الثاين‪ .‬وإن كان مقدّ م ًا فيهام فهو الشكل الثالث‪ .‬وإن كان‬
‫ّ‬
‫مقدّ م ًا يف الصغرى وتالي ًا يف الكربى فهو الشكل الرابع‪.‬‬

‫ورشائط اإلنتاج وعدد الرضوب والنتيجة يف الكم ّية والكيفيّة يف ّ‬


‫كل شكل كام يف احلمل ّيات‬
‫األول‪ :‬ك ّلام كان (أب فـ ج د) وك ّلام كان (ج د فـ هـ ز)‬
‫األول من الشكل ّ‬
‫من غري فرق‪ .‬مثال الرضب ّ‬
‫ينتج ك ّلام كان (أب فـ هـ ز)‪.‬‬

‫القسم الثاين‪ :‬ما يرتكّب من املنفصلتني‪ ،‬واملاطبوع منه ما كانت الرشكة يف جزء غري تا ّم من‬
‫كل (د هـ) أو ّ‬
‫كل (و ز) ينتج دائ ًام إما‬ ‫كل (ج د)‪ ،‬ودائ ًام إما ّ‬
‫كل (أب) أو ّ‬
‫املقدّ متني‪ :‬كقولنا‪ :‬دائ ًام إما ّ‬
‫خلو الواقع عن مقدّ متي التأليف وعن إحدى‬ ‫كل (أب) أو كل (ج هـ) أو ّ‬
‫كل (و ز)‪ ،‬المتناع ّ‬ ‫ّ‬
‫األخريني‪ ،‬فينعقد فيه األشكال األربعة‪ ،‬والرشائط املعتربة بني احلمل ّيتني معتربة ههنا بني املشاركني‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫القسم الثالث‪ :‬ما يرتكب من احلمل ّية واملتّصلة‪ .‬واملاطبوع منه ما كانت احلمليّة كربى‪،‬‬
‫والرشكة مع تال املتّصلة‪ ،‬ونتيجته متّصل ٌة مقدّ مها مقدّ م املتّصلة‪ ،‬وتاليها نتيجة التأليف بني التال‬
‫وكل (د هـ) ينتج ك ّلام كان (أب) ّ‬
‫فكل (ج هـ)‪.‬وينعقد فيه‬ ‫واحلمل ّية‪ ،‬كقولنا‪ :‬ك ّلام كان (أب فـ ج د) ّ‬
‫األشكال األربعة‪ ،‬والرشائط املعتربة بني احلمل ّيتني معتربة ههنا بني التال واحلمل ّية‪.‬‬

‫القسم الرابع‪ :‬ما يرتكّب من احلمل ّية واملنفصلة‪ ،‬وهو قسمني‪:‬‬

‫األول‪ :‬أن يكون عدد احلمل ّيات بعدد أجزاء االنفصال‪ ،‬لتشارك ّ‬
‫كل واحدة منها واحد ًا من‬ ‫ّ‬
‫أجزاء االنفصال لتشارك ّ‬
‫كل واحدة منها واحد ًا من أجزاء االنفصال‪ ،‬إ ّما مع احتاد التآليف يف‬
‫وكل (د ط) ّ‬
‫وكل (هـ ط) ينتج‬ ‫وكل (ب ط) ّ‬
‫كل (ج) إما (ب) وإما (د) وإما (هـ)‪ّ ،‬‬
‫النتيجة‪ ،‬كقولنا‪ّ :‬‬
‫ّ‬
‫كل (ج ط) لصدق أحد أجزاء االنفصال مع ما يشاركه من احلمليّة‪ ،‬وإما مع اختالف التآليف يف‬
‫وكل (د ط) ّ‬
‫وكل (هـ ز) ينتج‬ ‫وكل (ب ج) ّ‬
‫كل (ج) إما (ب) وإما (د) وإما (هـ)‪ّ ،‬‬
‫النتيجة كقولنا‪ّ :‬‬
‫مر‪.‬‬ ‫ّ‬
‫كل (ج) إما (ج) وإما (ط) وإما (ز) ملا ّ‬

‫الثاين‪ :‬أن تكون احلمل ّيات ّ‬


‫أقل من أجزاء االنفصال‪ ،‬ولتكن احلمليّة ذات جزء واحد‬
‫كل (ج ب) ّ‬
‫وكل (ب د)‪،‬‬ ‫كل (أ ط) أو ّ‬
‫واملنفصلة ذات جزأين‪ ،‬واملشاركة مع أحدمها كقولنا‪ :‬إما ّ‬
‫خلو الواقع عن مقدّ متي التأليف وعن اجلزء الغري املشارك‪.‬‬ ‫ينتج إما (أ ط) أو ّ‬
‫كل (ج د) المتناع ّ‬

‫القسم اخلامس‪ :‬ما يرتكّب من املتّصلة واملنفصلة‪ ،‬واالشرتاك إما يف جزء تا ّم من املقدّ متني‬
‫أو غري تا ّم منهام‪ ،‬وكيفام كان فاملاطبوع منه ما تكون املتّصلة صغرى واملنفصلة كربى موجبة‪.‬‬

‫األول قولنا‪ :‬ك ّلام كان (أب فـ ج د) ودائ ًام إما ّ‬


‫كل (ج د) أو (هـ ز) مانعة اجلمع‪ ،‬ينتج‬ ‫مثال ّ‬
‫دائ ًام إما أن يكون (أب) أو (هـ ز) مانعة اجلمع‪ ،‬الستلزام امتناع االجتامع مع الالزم دائ ًام‪ ،‬أو يف‬

‫‪33‬‬
‫اخللو ينتج‪ :‬قد يكون إذا مل يكن (أب فـ هـ ز)‬
‫ّ‬ ‫اجلملة امتناعه مع امللزوم دائ ًام‪ ،‬أو يف اجلملة ومانعة‬
‫الستلزام نقيض األوسط للاطرفني استلزام ًا كل ّي ًا‪ ،‬واستلزام ذلك املاطلوب من الثالث‪.‬‬

‫اخللو‪ ،‬ينتج ك ّلام‬


‫ّ‬ ‫ومثال الثاين‪ّ :‬ملا كان (أب فـ ج د) ودائ ًام إما ّ‬
‫كل (د هـ) أو (هـ ز) مانعة‬
‫الرسائل التي عملناها يف‬ ‫كان (أب) فإما ّ‬
‫كل (ج هـ) أو (هـ ز)‪ .‬واالستقصاء يف هذه األقسام إىل ّ‬
‫علم املناطق‪.‬‬

‫[الفصل الرابع] في القياس االستثنائي‬

‫وهو املركّب من مقدّ متني‪ :‬إحدامها رشط ّية واألخرى و ْض ٌع ألحد جزئيها أو رفعه ليلزم‬
‫وضع اآلخر أو رفعه‪ ،‬وجيب إجياب الرشط ّية‪ ،‬ولزوم ّية املتّصلة‪ ،‬وعناد ّية املنفصلة‪ ،‬وك ّليتها أو كل ّية‬
‫والرفع‪.‬‬
‫الوضع أو الرفع إن مل يكن وقت االتصال واالنفصال‪ ،‬وهو بعينه وقت الوضع ّ‬

‫والرشط ّية املوضوعة فيه إن كانت متّصلة‪ :‬فاستثناء عني املقدّ م ينتج التال‪ ،‬واستثناء نقيض‬
‫أعم من‬
‫التال ينتج نقيض املقدّ م‪ ،‬وإال لباطل اللزوم دون العكس يف يشء منهام‪ ،‬الحتامل كون التال ّ‬
‫املقدّ م‪.‬‬

‫أي جزء كان ينتج نقيض اآلخر‬


‫وإن كانت منفصلة‪ :‬فإن كانت حقيقية فاستثناء عني ّ‬
‫اخللو‪ ،‬وإن كانت مانعة‬
‫ّ‬ ‫الستحالة اجلمع‪ ،‬واستثناء نقيض أي جزء كان ينتج عني اآلخر الستحالة‬
‫اخللو ينتج القسم الثاين‬
‫ّ‬ ‫اخللو‪ ،‬وإن كانت مانعة‬
‫ّ‬ ‫األول فقط المتناع االجتامع دون‬
‫اجلمع ينتج القسم ّ‬
‫اخللو دون اجلمع‪.‬‬
‫ّ‬ ‫فقط المتناع‬

‫*****‬

‫‪35‬‬
‫[الفصل الخامس]‪ :‬في لواحق القياس‬

‫وهي أربعة‪:‬‬

‫األول القياس املركّب‪ :‬وهو ما تركّب من مقدّ مات ينتج بعضها نتيجة يلزم منها ومن‬
‫ّ‬
‫جر ًا إىل أن حيصل املاطلوب‪ .‬وهو إما موصول النتائج‪ ،‬كقولنا‪ :‬كل (ج‬
‫وهلم ّ‬
‫ّ‬ ‫مقدّ مات أخرى نتيجة‪،‬‬
‫وكل (أ هـ) ّ‬
‫فكل‬ ‫كل (ج أ) ّ‬
‫ثم ّ‬ ‫وكل (د أ) ّ‬
‫فكل (ج أ)‪ّ ،‬‬ ‫كل (ج د) ّ‬
‫ثم ّ‬ ‫وكل (ب د) ّ‬
‫فكل (ج د)‪ّ ،‬‬ ‫ب) ّ‬
‫وكل (ب د) وكل (د أ) وكل (أ هـ) ّ‬
‫فكل (ج‬ ‫كل (ج ب) ّ‬
‫(ج هـ)‪ .‬وإما مفصول النتائج‪ ،‬كقولنا‪ّ :‬‬
‫هـ)‪.‬‬

‫الثاين قياس اخللف‪ :‬وهو إثبات املاطلوب بإباطال نقيضه‪ ،‬كقولنا‪ :‬لو كذب ليس ّ‬
‫كل (ج ب)‬
‫كل (ج ب) لكان ّ‬
‫كل (ج‬ ‫وكل (ب أ) عىل ّأهنا مقدّ مة صادقة‪ ،‬ينتج لو كذب ليس ّ‬
‫كل (ج ب)‪ّ ،‬‬
‫لكان ّ‬
‫كل (ج أ) عىل أنّه حمال‪ ،‬فينتج ليس ّ‬
‫كل (ج ب)‪ ،‬وهو املاطلوب‪.‬‬ ‫أ)‪ ،‬لكن ليس ّ‬

‫حيرك‬ ‫كل لوجوده يف أكثر جزئ ّياته‪ ،‬كقولنا‪ّ :‬‬


‫كل حيوان ّ‬ ‫الثالث االستقراء‪ :‬وهو احلكم عىل ّ‬
‫فكّه األسفل عند املضغ‪ ،‬ألن اإلنسان والبهائم والسباع كذلك‪ ،‬وهو ال يفيد اليقني‪ ،‬الحتامل أن ال‬
‫يكون ّ‬
‫الكل هبذه املثابة كالتمساح‪.‬‬

‫جزئي آخر ملعنى مشرتك بينهام‪ ،‬كقوهلم‪:‬‬


‫ّ‬ ‫جزئي وجد يف‬
‫ّ‬ ‫الرابع التمثيل‪ :‬وهو إثبات حكم يف‬
‫العامل مؤ ّلف فهو حادث كالبيت‪ .‬وأثبتوا عل ّية املعنى املشرتك بالدوران وبالتقسيم غري املردود بني‬

‫النّفي واإلثبات‪ ،‬كقوهلم‪ :‬ع ّلة احلدوث إما التأليف أو كذا أو كذا‪ ،‬األخريان باطالن بالتخ ّلف ّ‬
‫فتعني‬
‫األول‪ ،‬وهو ضعيف‪ .‬أ ّما الدوران فألن اجلزء األخري من الع ّلة وسائر الرشائط املساوية مدار مع أهنا‬
‫ّ‬
‫ليست الع ّلة‪ .‬وأما التقسيم فاحلرص ممنوع جلواز عليّة غري املذكور‪ .‬وبتقدير تسليم عليّة املشرتك يف‬

‫‪36‬‬
‫املقيس عليه ال يلزم عل ّيته يف املقيس جلواز أن تكون خصوص ّية املقيس عليه رشط ًا للعل ّية‪ ،‬أو‬
‫خصوص ّية املقيس مانعة منها‪.‬‬

‫*****‬

‫‪37‬‬
38
‫وأما [الخاتمة]‬

‫ففيها بحثان‪:‬‬

‫[البحث األوّل]‪ :‬في مواد األقيسة‬

‫وهي يقين ّيات وغري يقين ّيات‪.‬‬

‫فست‪:‬‬
‫أما اليقين ّيات ّ‬

‫أول ّيات‪ :‬وهي قضايا تصور طرفيها كاف يف اجلزم بالنسبة بينهام‪ ،‬كقولنا‪ّ :‬‬
‫الكل أعظم من‬
‫اجلزء‪.‬‬

‫ومشاهدات‪ :‬وهي القضايا التي حيكم هبا بقوى ظاهرة أو باطنة‪ ،‬كاحلكم بأن الشمس‬
‫مضيئة وأن لنا خوفاً وغضب ًا‪.‬‬

‫متكررة مفيدة لليقني‪ ،‬كاحلكم بأن رشب‬


‫ّ‬ ‫جمربات‪ :‬وهي قضايا حيكم هبا ملشاهدات‬
‫و ّ‬
‫السقمونيا موجب لإلسهال‪.‬‬

‫قوي من النّفس مفيد للعلم كاحلكم بأن نور‬


‫وحدس ّيات‪ :‬وهي قضايا حيكم هبا حلدس ّ‬
‫القمر مستفاد من الشمس‪ ،‬واحلدس هو رسعة االنتقال من املبادي إىل املاطالب‪.‬‬

‫ومتواترات‪ :‬وهي قضايا حيكم هبا لكثرة الشهادات بعد العلم بعدم امتناعها‪ ،‬واألمن من‬
‫التواطؤ عليها كاحلكم بوجود مكّة وبغداد‪ ،‬وال ينحرص مبلغ الشهادات يف عدد‪ ،‬بل اليقني هو‬
‫حجة عىل الغري‪.‬‬
‫القايض بكامل العدد‪ ،‬والعلم احلاصل من التجربة واحلدس والتواتر ليس ّ‬

‫‪39‬‬
‫تصور‬
‫ّ‬ ‫وقضايا قياساهتا معها‪ :‬وهي التي حيكم هبا بواساطة ال تغيب عن الذهن عند‬
‫حدودها‪ ،‬كاحلكم بأن األربعة زوج النقسامها بمتساويني‪.‬‬

‫يسمى برهان ًا‪ ،‬وهو إما ّمل ّي‪ ،‬وهو الذي يكون احلد األوسط‬
‫الست ّ‬
‫ّ‬ ‫والقياس املؤ ّلف من هذه‬
‫فيه ع ّلة للنسبة يف الذهن والعني‪ ،‬كقولنا‪ :‬هذا متع ّفن األخالط‪ّ ،‬‬
‫وكل متع ّفن األخالط فهو حمموم‪،‬‬
‫إين‪ ،‬وهو الذي يكون احلدّ األوسط فيه ع ّلة للنسبة يف الذهن فقط‪ ،‬كقولنا‪ :‬هذا‬
‫فهذا حمموم‪ .‬وإ ّما ّ‬
‫حمموم‪ّ ،‬‬
‫وكل حمموم فهو متع ّفن األخالط‪ ،‬فهذا متع ّفن األخالط‪.‬‬

‫فست‪:‬‬
‫وأ ّما غري اليقين ّيات ّ‬

‫مشهورات‪ :‬وهي القضايا التي حيكم هبا العرتاف مجيع الناس هبا ملصلحة عا ّمة‪ ،‬أو رأفة‬
‫ومح ّية أو انفعاالت من عادات ورشائع وآداب‪ .‬والفرق بينها وبني األول ّيات أن اإلنسان لو خال‬
‫عام وراء عقله مل حيكم هبا بخالف األول ّيات‪ .‬كقولنا‪ :‬الظلم قبيح‪ ،‬والعدل‬
‫ونفسه مع قاطع النظر ّ‬
‫حسن‪ ،‬وكشف العورة مذموم‪ ،‬ومراعاة الضعفاء حممودة‪ ،‬ومن هذه ما يكون صادق ًا وما يكون‬
‫ولكل قوم مشهورات‪ ،‬وأهل ّ‬
‫كل صناعة بحسبها‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫كاذب ًا‪،‬‬

‫ومس ّلامت‪ :‬وهي قضايا تس ّلم من اخلصم فيبنى عليها الكالم لدفعه‪ ،‬كتسليم الفقهاء مسائل‬
‫يسمى جدالً‪ ،‬والغرض منه إقناع القارص عن إدراك‬
‫أصول الفقه‪ ،‬والقياس املؤ ّلف من هذين ّ‬
‫الربهان‪ ،‬وإلزام اخلصم‪.‬‬

‫ساموي أو ملزيد عقل ودين‪،‬‬


‫ّ‬ ‫ومقبوالت‪ :‬وهي قضايا تؤخذ ممن يعتقد فيه إما ألمر‬
‫والزهد‪.‬‬
‫كاملأخوذات من أهل العلم ّ‬

‫‪51‬‬
‫للظن‪ ،‬كقولك‪ :‬فالن ياطوف بالليل فهو سارق‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ومظنونات‪ :‬وهي قضايا حيكم هبا اتباع ًا‬
‫والقياس املؤ ّلف من هذين يسمى خاطابة‪ ،‬والغرض منه ترغيب السامع فيام ينفعه من هتذيب‬
‫األخالق وأمر الدّ ين‪.‬‬

‫وخم ّيالت‪ :‬وهي قضايا أوردت عىل النّفس أ ّثرت فيها تأثري ًا عجيب ًا من قبض وبسط‪،‬‬

‫مهوعة‪ .‬والقياس املؤ ّلف منها ّ‬


‫يسمى شعر ًا‪ .‬والغرض منه‬ ‫مرة ّ‬
‫كقوهلم‪ :‬اخلمر ياقوتة س ّيالة‪ ،‬والعسل‪ّ :‬‬
‫ويروجه الوزن والصوت الاط ّيب‪.‬‬
‫انفعال النّفس بالرتغيب والتنفري‪ّ ،‬‬

‫وومه ّيات‪ :‬وهي قضايا كاذبة حيكم هبا الوهم يف أمور غري حمسوسة‪ .‬كقولنا‪ّ :‬‬
‫كل موجود‬
‫مشار إليه‪ ،‬ووراء العامل فضاء ال هناية له‪ ،‬ولوال دفع العقل والرشائع لكانت من األول ّيات‪ ،‬وعرف‬
‫كذب الوهم ملوافقته العقل يف مقدّ مات القياس الناتج لنقيض حكمه‪ ،‬وإنكاره ونفيه عند الوصول‬

‫إىل النتيجة‪ ،‬والقياس املؤ ّلف منها ّ‬


‫يسمى سفساطة‪ ،‬والغرض منه إفحام اخلصم وتغلياطه‪.‬‬

‫واملغالاطة‪ :‬قياس يفسد صورته بأن ال يكون عىل هيئة منتجة الختالل رشط معترب بحسب‬
‫الكم ّية أو الكيف ّية أو اجلهة‪ ،‬أو ما ّدته بأن يكون بعض املقدّ مة واملاطلوب شيئ ًا واحد ًا؛‬

‫ضحاك‪.‬‬ ‫ضحاك‪ّ ،‬‬


‫فكل إنسان ّ‬ ‫كل إنسان برش‪ّ ،‬‬
‫وكل برش ّ‬ ‫لكون األلفاظ مرتادفة كقولنا‪ّ :‬‬

‫أو كاذبة شبيهة بالصادقة من جهة اللفظ‪ ،‬كقولنا‪ :‬لصورة الفرس املنقوش عىل احلائط‪ :‬هذا‬
‫صهالة‪.‬‬
‫صهال‪ ،‬ينتج أن الصورة ّ‬ ‫فرس‪ّ ،‬‬
‫وكل فرس ّ‬

‫‪52‬‬
‫أو من جهة املعنى كعدم مراعاة وجود املوضوع يف املوجبة‪ ،‬كقولنا‪ّ :‬‬
‫كل إنسان وفرس فهو‬
‫إنسان‪ّ ،‬‬
‫وكل إنسان وفرس فهو فرس‪ ،‬ينتج بعض اإلنسان فرس‪.‬‬

‫ووضع الاطبيعية مقام الكل ّية‪ ،‬كقولنا‪ :‬اإلنسان حيوان‪ ،‬واحليوان جنس‪ ،‬ينتج الغنسان‬
‫كل ذلك لذال تقع يف الغلط‪،‬‬‫جنس‪ ،‬وأخذ األمور الذهن ّية مكان العين ّية وبالعكس‪ ،‬فعليك بمراعاة ّ‬
‫اجلدل‪.‬‬ ‫يسمى سوفساطائي ًا إن قال هبا احلكيم‪ ،‬ومشاغبي ًا إن قال هبا‬ ‫م‬
‫ّ‬ ‫واملستعمل للمغالاطة ّ‬

‫*****‬

‫‪52‬‬
‫[البحث الثاني] في أجزاء العلوم‬

‫وهي موضوعات وقد عرفتها‪ ،‬ومباد وهي حدود املوضوعات وأجزاؤها وأعراضها‬
‫الذات ّية‪ .‬واملقدّ مات غري الب ّينة يف نفسها املأخوذة عىل سبيل الوضع‪ ،‬كقولنا‪ :‬ملا أن نصل بني ّ‬
‫كل‬
‫نقاطتني بخط مستقيم‪ ،‬وأن نعمل بأي بعد عىل ّ‬
‫كل نقاطة دائرة‪ ،‬واملقدّ مات الب ّينة بنفسها‪ ،‬كقولنا‪:‬‬
‫املقادير املساوية ملقدار واحد متساوية‪ ،‬ومسائل وهي القضايا التي ياطلب هبا نسبة حمموالهتا إىل‬
‫موضوعاهتا يف ذلك العلم‪ .‬وموضوعاهتا قد تكون موضوع العلم‪ ،‬كقولنا‪ :‬كقولنا‪ّ :‬‬
‫كل مقدار إما‬
‫خط يمكن تنصيفه‪ ،‬وقد تكون‬ ‫يت كقولنا‪ّ :‬‬
‫كل ّ‬ ‫مشارك لآلخر أو مباين له‪ ،‬وقد تكون هو مع عرض ذا ّ‬
‫يت‪ ،‬كقولنا‪ّ :‬‬
‫كل خط فإن زاويتا جنبيه إما إما قائمتان أو مساويتان هلام‪ ،‬وقد تكون‬ ‫نوعه مع عرض ذا ّ‬
‫كل مث ّلث زواياه مثل قائمتني‪ .‬وأما حمموالهتا فخارجة عن موضوعاهتا المتناع‬
‫عرض ًا ذاتي ًا‪ ،‬كقولنا‪ّ :‬‬
‫أن يكون جزء اليشء ماطلوب ًا لثبوته له بالربهان‪.‬‬

‫وليكن هذا آخر الكالم يف هذه الرسالة‪ ،‬واحلمد لواهب العقل واهلداية‪ ،‬والصالة عىل حممد‬
‫وآله منجي اخلالئق من الغواية‪ ،‬وأصحابه الذين هم أهل الدراية‪ ،‬واحلمد هلل أوالً وآخر ًا‪.‬‬

‫*****‬

‫الغني بالل بن محدان النجار يف‬


‫ّ‬ ‫متت الرسالة الشمس ّية بحمد اهلل تعاىل‪ .‬نسخها العبد الفقري إىل مواله‬
‫املحرم من عام ‪ 5241‬هجرية‪.‬‬
‫شهر ّ‬

‫*****‬

‫‪54‬‬
‫الصفحة‬ ‫الموضوع‬

‫‪3‬‬ ‫مقدمة المؤلف‬


‫‪1‬‬ ‫ماهية المنطق‪ ،‬وبيان الحاجة إليه‬
‫‪6‬‬ ‫موضوع المنطق‬

‫المقالة األولى‪ :‬المفردات‬


‫‪7‬‬ ‫الفصل األول‪ :‬في األلفاظ‬
‫‪9‬‬ ‫[الفصل الثاني]‪ :‬في المعاني المفردة‬
‫‪55‬‬ ‫[الفصل الثالث]‪ :‬في مباحث الكلّيّ والجزئيّ‬
‫‪51‬‬ ‫[الفصل الرابع] في التعريفات‬

‫المقالة الثانية‪ :‬في القضايا وأحكامها‬


‫‪57‬‬ ‫تعريف القضية وأقسامها األوليّ‪:‬‬

‫‪51‬‬ ‫الفصل األوّل‪ :‬في الحمليّة‬


‫‪51‬‬ ‫البحث األوّل‪:‬في أجزائها وأقسامها‪:‬‬
‫‪59‬‬ ‫البحث الثاني‪ :‬في تحقيق المحصورات األربع‪:‬‬
‫‪42‬‬ ‫البحث الثالث‪ :‬في العدول والتحصيل‪:‬‬
‫‪45‬‬ ‫البحث الرابع‪ :‬في القضايا الموجّهة‪:‬‬

‫‪41‬‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬في أقسام الشرطية‬

‫‪53‬‬
‫‪41‬‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬في أحكام القضايا‬
‫‪41‬‬ ‫البحث األول‪ :‬في التناقض‬
‫‪49‬‬ ‫البحث الثاني‪ :‬في العكس المستوي‬
‫‪33‬‬ ‫البحث الثالث‪ :‬في عكس النقيض‬
‫‪31‬‬ ‫البحث الرابع‪ :‬في تالزم الشّرطيّات‬

‫المقالة الثالثة‪ :‬في القياس‬


‫‪37‬‬ ‫الفصل األوّل‪ :‬في تعريف القياس وأقسامه‬
‫‪24‬‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬في المختلطات‬
‫‪23‬‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬في االقترانيات الكائنة من الشرطيّات‬
‫‪21‬‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬في القياس االستثنائي‬
‫‪26‬‬ ‫الفصل الخامس‪ :‬في لواحق القياس‬

‫الخاتمة‪:‬‬
‫‪29‬‬ ‫البحث األوّل‪ :‬في مواد األقيسة‬
‫‪13‬‬ ‫البحث الثاني‪ :‬في أجزاء العلوم‬

‫تم بحمد اهلل‬

‫‪55‬‬

You might also like