You are on page 1of 28

‫الهجوم البرتغالي على عدن‬

‫(قراءة من خالل مذكرات الفونسو البوكرك)‬

‫محمد علي موسى‬

‫إن المتتبع لمخرجات مركز البحوث والدراسات اليمنية‪ -‬بجامعة عدن‪ ،‬خاصة‬
‫المخرجات المرتبطة بتاريخ مدينة عدن القديم والوسيط والحديث‪ ،‬والتي تجيء في شكل‬
‫ندوات منتظمة وترجمات دورية وفي دراسات فصلية في مجلة (اليمن)‪ ،‬البد له أن يالحظ‬
‫تلك العملية المترابطة التي يقوم بها المركز في إبراز ما فُقد من حلقات في تاريخ المدينة‬
‫وإماطة اللثام عن كثير من الكتابات التي كانت –ومازالت‪ -‬مجهولة‪ ،‬والحاجة ماسة إلى أن‬
‫ترى النور‪.‬‬

‫ومخرجات المركز‪ ،‬بصورة أو بأخرى‪ ،‬تعكس األهمية الراهنة لعدن التاريخ‬


‫والمستقبل‪ .‬وبالتالي‪ ،‬فإن الحديث في شتى المواضيع القديمة والحديثة المرتبطة بمدينة عدن‬
‫له أكثر من أهمية وداللة‪ ،‬ال يسع المقام هنا للدخول في تناولها في شتى المواضيع‪ ،‬إنما‬
‫باإلمكان اإلشارة إليها بحسب عالقتها بهذه الورقة التي تقرأ محاولة البوكرك احتالل عدن‬
‫عام ‪1513‬م‪ .‬فحوادث تلك السنين التي جرت قُبالة عدن‪ ،‬وربما فيها‪ ،‬قبل نحو خمسمائة سنة‬
‫من اآلن‪ ،‬تعيذُ نفسها اليوم‪ ،‬وإن كانت تتخذ بصورة أخرى‪ ،‬لعلَّها أكثر تطورًا وحداثة‪،‬‬
‫وبأسلوب تقريبًا يفوق تصور المؤرخين الذين يؤمنون بمقولة " أن التاريخ يعيد نفسه"‪.‬‬
‫فالوقوف على الماضي‪ ،‬يقدّم لنا خبرة عملية تُصقِلُ عقولنا وتجنبنا أخطاء حاضرنا‬
‫والمستقبل‪ ،‬وهذا على ما أظن هو دأب مركز البحوث والدراسات اليمنية بجامعة عدن‪ ،‬الذي‬
‫يُعد بمثابة مختبر لجمع وتحليل وتصنيف حوادث سنين عدن على وجه الخصوص واليمن‬
‫عمومًا‪ ،‬ليقدِّمها جاهزة مجهزة لمَنْ يهمه األمر من الباحثين وصناع القرار وغيرهم‪ .‬وندوة‬
‫هذا العام‪ ،‬تكامالً مع سابقاتها‪ ،‬تصبُ في ذلك االتجاه العام الذي اختطه المركز لنفسه‪ .‬وفي‬
‫هذه الندوة لنا ورقة‪.‬‬

‫‪117‬‬ ‫مجلة (اليمن) ‪ ،‬العدد الثالث والعشرون ‪ ...‬مايو ‪2006‬م ‪....‬‬


‫وفي هذه الورقة أحاول قراءة محاولة البوكرك احتالل عدن عام ‪1513‬م ولكن من‬
‫خالل مذكراته وشخصه‪ ،‬ال من خالل مؤلفات ابن الديبع (مؤرخ الدولة الطاهرية) أو قالدة‬
‫بامخرمة أو تاريخ الشحري‪ ،‬وغيرها‪ .‬وال أدّعي تقديم الجديد في ما يختص بالموقف من تلك‬
‫المحاولة إال بالقدر الذي تسعفني فيه قراءتي لها‪ ،‬وعلّني في محاولتي هذه ال أكون قد أخللت‬
‫بمتطلبات الندوة؛ إذ كُتب الكثير‪ ،‬وما أروعه‪ ،‬عن محاولة البوكرك احتالل عدن‪ ،‬بيد إن من‬
‫النادر جدًا أن تجد حتى اآلن تلك الكتابات التي ركزت على تلك المحاولة من خالل مذكرات‬
‫البوكرك وشخصيته‪.‬‬

‫لقد احتوتْ مذكرات الفونسو دالبوكيرك على ألف باء تحركاته‪ ،‬وعلى مراسالته‬
‫مع ملك البرتغال‪ ،‬ومع ملوك وأمراء البلدان التي احتلها أو تحالف معها‪ ،‬وعلى وصفه‬
‫وتصوراته للمعارك المختلفة التي قادها أو أمر بها‪ ،‬وعلى أوصافه للبلدان والجزر والبحار‬
‫المختلفة التي مر بها أو توقف عندها‪ .‬فهذه المذكرات‪ ،‬التي ترجمها من البرتغالية إلى‬
‫اإلنجليزية والتر ديجريه برش عام ‪1774‬م‪ ،‬وترجمها من اإلنجليزية إلى العربية عبد‬
‫الرحمن عبد اهلل الشيخ عام ‪2000‬م‪ ،‬ال تخلو من الفائدة في معلوماتها عن عدن وسكانها‬
‫وأحوالها‪ ،‬بل عن المنطقة بأسرها‪ .‬وهي بالفعل‪ ،‬ورغم ما ورد فيها من مبالغات أو حذف‬
‫وإضافات‪ ،‬تمثل قراءة مختلفة للتاريخ السياسي اليمني‪ ،‬وبالتالي تشكل إضافة حقيقية للباحثين‬
‫في ذلك المجال‪.‬‬

‫وقبل تقديم قراءتي لتلك المذكرات‪ ،‬ولكي أتوفر هنا على قراءة منطقية‪ ،‬تناولت‬
‫بيئة الفونسو دالبوكيرك‪ ،‬البرتغال‪ ،‬وكيف أن هذه البيئة قد أثرت إلى حد بعيد في تشكيل‬
‫شخصية البوكيرك‪ ،‬كقائد عسكري وإداري موظف؛ ومن ثم تحدثت عن عدن‪ ،‬بغية‬
‫البوكيرك‪ ،‬بصورة موجزة جدًا وكيف أن هذه البغية قد كان لها أثرها (من حيث االستراتيجية‬
‫والظروف الداخلية) في االحتواء واالحتالل أو محاولة ذلك من قبل البوكيرك‪ .‬وبعد أن‬
‫فرغت من ذلك‪ ،‬توقفت عند هذه المذكرات ألقرأها‪ ،‬واقرأ على وجه الخصوص ما ورد فيها‬
‫عن محاولة البوكرك احتالل عدن عام ‪1513‬م‪ .‬وفي األخير استعرضت موقفي من هذه‬
‫المذكرات‪ ،‬بل –تحديدًا‪ -‬من تلك المحاولة‪ ،‬وأزعم أني لم أضف أي جديد إلى ما قيل‬
‫باستثناء ما كان يثير تساؤالتي وفضولي من منطلق قراءتي للمذكرات وموافقتها العقل‬
‫والمنطق؛ فخرجت‪ ،‬أو وصلتُ إلى أنه على الرغم من اختالف مصادر قراءة محاولة‬
‫البوكرك احتالل عدن‪ ،‬فإن عدن كانت بداية الباكس بورتوجاليكـا‪) Pax Portugalica( ،‬‬
‫الذي كان قد بدأ عمليًا تقريبًا في جوا (‪ )Goa‬الهندية‪ ،‬وأنه على الرغم من أن كل السفن لن‬
‫تجد لها مكانًا آمنًا في البحر أكثر من ميناء عدن‪ ،‬إال أنها قد ال تسلم في هذا الميناء مادام‬
‫البوكرك قُبالة عدن !!‪.‬‬

‫‪118‬‬ ‫مجلة (اليمن) ‪ ،‬العدد الثالث والعشرون ‪ ...‬مايو ‪2006‬م ‪....‬‬


‫إن الحديث عن البوكرك ومحاولته احتالل مدينة عدن يستلزم قراءة حياته قراءة‬
‫موجزة وعميقة‪ ،‬من جانب‪ .‬ومن جانب آخر‪ ،‬فإنه يستدعي الحديث عن عدن وظروفها‬
‫المحلية (سياسية واقتصادية واجتماعية‪..‬الخ) واإلقليمية والدولية أواخر عهد الدولة‬
‫الطاهرية‪ .‬بيد انه من غير الممكن لنا فهم األسباب وراء تلك المحاولة ما لم يتم ربط األحداث‬
‫في كل من لشبونة (بيئة البوكيرك) وعدن (بغيته) ربطًا منطقيًا واقعيًا وبصورة تخلو من‬
‫العاطفة‪ ،‬مع األخذ في االعتبار تلك التنبيهات التي أطلقها البروفيسور جعفر الظفاري‬
‫والمرتبطة بمسألة "التحُّرز" "االحتراس" عند التعامل مع كل ما كُتِب عن عدن خاصة ما‬
‫جاء في "األسفار األوروبية"(‪.)1‬‬

‫كان تاريخ البرتغال(‪ )2‬حتى القرن الثاني عشر للميالد‪ ،‬غامضًا وغير محدد‬
‫المالمح‪ ،‬وكان من العسير فصله عن تاريخ شبه الجزيرة األيبيرية‪ .‬ومع ذلك فقد كانتْ هناك‬
‫مراحل هامة مَرَّتْ بها (ومن خاللها تم اإلعداد لظهور) األمة البرتغالية‪ ،‬وقد ميزتها في‬
‫الجزء الغربي من إيبيريا(‪)3‬؛ إال أننا ‪-‬ولغرض ورقتنا هذه‪ -‬نكتفي بالتركيز على تلك‬
‫المراحل في الفترة من عام ‪1454‬م حتى عام ‪1517‬م‪ ،‬وهي نفس الفترة التي تزامن فيها‬
‫ميالد وموت كل من الفونسو دالبوكيرك والدولة الطاهرية‪.‬‬

‫كان موقع البرتغال(‪ )*()Portugal‬قد شجَّعها على أن تصبح قوة بحرية رغم عدد‬
‫سكانها الضئيل وشحة مواردها االقتصادية‪ :‬فالبرتغال ال تملك ساحالً يطل على البحر‬
‫المتوسط‪ ،‬ولذلك جاء زحفها بحريًا صوب المحيط األطلسي‪ ،‬وقد ساعدها موقعها على‬
‫الهروب من مواجهة خطرين جسيمين تمثل في زحف الحركة اإلصالحية التنويرية‬
‫وتناحرها مع جارتها أسبانيا بعد أن استقلتْ (‪ .)4‬كذلك كان لموقع البرتغال أثر كبير في‬
‫استرداد أمرائها للكثير من المناطق التي كانت تحت حكم المسلمين العرب (‪ .)5‬وعلى الرغم‬
‫من أن بناء األمة (‪)**()Nation-building‬في أوروبا قد تم من خالل فرض الضرائب‬
‫المباشرة وتسخيرها في إنشاء الجيوش النظامية إال أن موقع البرتغال المميز قد ساعد كثيرًا‬
‫في بناء األمة البرتغالية(‪ .)6‬والى جانب الموقع‪ ،‬فإن تحالف البرتغال مع انجلترا قد ساعد إلى‬
‫حد بعيد على تشكيل األمة البرتغالية عام ‪1385‬م‪ ،‬وهو العام الذي تم فيه فعليًا رسم مستقبل‬
‫البالد على المستويين الداخلي والخارجي‪ :‬في هذا العام تمكَّنَتْ مجموعة من التجار(*)من‬
‫(*) جاء اسم البرتغال من (‪ )Portus Cale‬وهو اسم يوناني روماني مركب‪ ،‬يعني الميناء الجميل‪ ،‬حول‬
‫أصل هذه التسمية وظروفها‪ ،‬أنظر‪ ،‬بوكسر‪ ،‬ص ص‪ 8 -7‬؛ و‪. ..www. Wikipedia.Com‬‬
‫(**) هناك فرق بيّن بين بناء األمة وبناء الدولة (‪ ،)State-building‬حول هذا التمييز‪ ،‬أنظر‪ ،‬كالس‪5‬يكية‪:‬‬
‫‪Gabricl Almond, Comparative Politics: A Developmental Approach, Little‬‬
‫‪Brown, Boston, 1964,pp,314-2‬‬
‫‪ 5‬هم فرسان الهيكل (‪ ،)Templars‬وهم أنفسهم الذين ساعدوا‬ ‫(*) تشير بعض المصادر إلى أن هؤالء التجار‬
‫‪ 5‬التي كانت بأيدي المسلمين المغاربة‪،‬وهم أنفسهم الذين دعموا‬
‫الملك افونسو قبل جون على استرداد المناطق‬
‫الحركات االستكشافية أيام هنري المالح وبعده (انظر الويب‪ )WWW.Wikipedia. com..‬إال انه جاء‬
‫‪119‬‬ ‫مجلة (اليمن) ‪ ،‬العدد الثالث والعشرون ‪ ...‬مايو ‪2006‬م ‪....‬‬
‫إحداث تغيير في األسرة الحاكمة‪ ،‬وجاءتْ بجون األول أو خوان األول (ويعُرف أيضًا ‪John‬‬
‫‪ )of Avis‬إلى سدة الحكم باعتباره حامي الحمى ونصَّبته ملكًا رغم معارضة‬
‫األرستقراطيين ورجال الدين‪ .‬وبقدوم جون األول تم التحالف البرتغالي اإلنجليزي الذي دام‬
‫مئات السنين‪ ،‬وظهرتْ القوة العسكرية البرتغالية‪ -‬المدعومة من قبل إنجلترا(**)‪-‬والتي‬
‫تمكَّنتْ من تأجيل‪ ،‬أو ربما منعتْ وقتذاك‪،‬التهديد األسباني طيلة القرنين الالحقين‪ .‬وقد أنجب‬
‫جون األول خمسة أوالد من إحدى األميرات اإلنجليزيات‪ ،‬كان من بين هؤالء األوالد‪ ،‬ابنه‬
‫الثالث‪،‬الذي نعرفه بهنري المالح‪ ،‬رغم أن البرتغالييـن لم يعرفوه بهذا االسم(‪.)7‬‬

‫إن الحديث عن األمير هنري يتضمن بصورة أو بأخرى الحديث عن البدايات‬


‫العملية للمشاريع االستكشافية البرتغالية في العالم‪ ،‬وتحديدًا في المحيطين األطلنطي والهندي‪.‬‬
‫وتتفق معظم المصادر على أن هنري المالح هو المخطط األول وصاحب الفكرة واإلرادة‬
‫وراء بواكير االستكشافات البحرية(‪ )8‬البرتغالية‪ .‬وكانت دوافعه قد ارتبطت بالحمالت‬
‫الصليبية التي لم ينسها البرتغاليون جراء احتالل العرب ألراضيهم‪ ،‬وكان البابا قد دعم‬
‫حمالت هنري المختلفة على المغرب‪ ،‬وكان هنري شديـد التعصُّب لديانته(‪ .)9‬وقد سجل عام‬
‫‪ 1415‬بداية البرتغال كإمبراطورية توسعية‪ ،‬إذ غادر هنري المالح ضمن حملة عسكرية‬
‫استطاع أن يحتل بها فرضة المسلمين في سبتة (***)‪ ،‬وبعد ثالث سنوات‪ ،‬أي في عام‬
‫‪1418‬م‪ ،‬أنشأ هنري مركزًا(*) للمالحة في ساجرس (‪ )Sagres‬على الطرف الجنوبي‬
‫في المنجد (ص‪ )523‬أن الملك فيليب الرابع مع البابا أكليمنضوس قد حلَّ هذه الجماعة عام ‪1313‬م!!!‪.‬‬
‫(**) ليس من المستبعد أن تكون انجلترا قد أدت دورًا كبيرًا ليس فقط في بناء األمة البرتغالية ولكن أيضًا في‬
‫عملية بناء الدولة البرتغالية بعد أن تم زواج ملك البرتغال من إحدى األميرات اإلنجليزيات؛ ومع ذلك هناك‬
‫بعض المصادر التي تشير إلى أن أول اتفاقية تم إبرامها بين اإلنجليز (على يد ادوار ‪ )3‬والبرتغاليين (على يد‬
‫فريدنا ندور واليانور) كانت عام ‪1373‬م (انظر مناقشات مجلس العموم البريطاني‪ ،‬المجلد ‪ ،392‬السلسلة‬
‫الخامسة األعمدة ‪ ،717-716‬أكتوبر ‪1943‬م‪ ،‬نقالً عن ويليز‪ ،‬مرجع سبق ذكره ‪،‬ص ص ‪.)551-550‬‬
‫وأي كان عام االتفاقية هذه‪ ،‬فإن ما حصل‪ ،‬على مستوى العالم‪ ،‬من تبادل وتفاهم حول المستعمرات‬
‫البريطانية والبرتغالية لتؤكد على العالقة بين الدولتين‪ ،‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬منذ أن احتلت انجلترا الهند القرن‬
‫الثامن عشر‪ ،‬وبعد أن أصبحت الهند جزءا من اإلمبراطورية البريطانية عام ‪1858‬م‪ ،‬ظلت جوا برتغالية كما‬
‫هي حتى عام ‪1961‬م‪.‬‬
‫(***) سبتة (‪ )Ceuta‬مدينة مغربية‪ ،‬على مضيق جبل طارق‬
‫‪( 5‬اقليم تطوان)‪ ،‬عندها أنشأ الفينيقيون مركزا‬
‫تجاريا سموه آبيال‪ ،‬وعندها تجهز طارق بن زياد بالوسائل البحرية لقطع المضيق عام ‪711‬م‪ .‬تشتهر‬
‫‪ 5‬واألشجار المثمرة (المنجد‪ ،‬ص‪.)349‬‬ ‫بالحبوب‬
‫(*) يشير بعض المصادر إلى أن فرسان الهيكل هم الممول الحقيقي لهذا المركز‪ ،‬وفيما بعد مولوا كل الرحالت‬
‫االستكشافية البرتغالية وذلك ألسباب دينية‪ .‬حول دورهم في هذا المركز‪ ،‬واألسباب وراء ذلك‪ ،‬يمكن الرجوع‬
‫إلى‪ :‬السيد مصطفى سالم‪ ،‬الفتح العثماني األول لليمن‪ ،‬معهد البحوث والدراسات العربية‪ ،‬القاهرة‪1974،‬م‪،‬‬
‫‪ 5‬أباظة‪ ،‬عدن والسياسة البريطانية في البحر األحمر‪،‬الهيئة المصرية العامة للكتاب‪،‬‬ ‫ص ص‪50-46‬؛ فاروق‬
‫‪1976 5‬م‪ ،‬ص ص‪33-32‬؛ محمد عبد العال أحمد‪ ،‬بنو رسول وبنو طاهر وعالقات اليمن الخارجية‬ ‫القاهرة‪،‬‬
‫‪ 5‬فرع االسكندرية‪ ،‬ص ص‪477-475‬؛و أ‪.‬أ رايس (تحرير)‪،‬‬ ‫في عهد هما ‪ ،‬الهيئة المصرية العامة للكتاب‪،‬‬
‫البحر والتاريخ‪ ،‬ترجمة ‪،‬عاطف أحمد‪ ،‬عالم المعرفة (‪ )314‬الكويت‪2005 ،‬م‪ ،‬ص ص‪.194-189‬‬
‫‪120‬‬ ‫مجلة (اليمن) ‪ ،‬العدد الثالث والعشرون ‪ ...‬مايو ‪2006‬م ‪....‬‬
‫الغربي من البرتغال‪ ،‬وهو المكان الذي كان الجغرافيون القدامى يعتبرونه أقصى الطرف‬
‫(‪)10‬‬
‫الغربي لألرض‪.‬‬

‫إن وصف هذا المركز ال يساعدنا –فقط‪ -‬على معرفة األهداف التي كان يحلم‬
‫األمير هنري بتحقيقها‪ ،‬ولكن أيضًا تلك التي تبلورت فيما بعد وأصبحت جزءًا هاما يحرك‬
‫األسرة الحاكمة في لشبونة باتجاه المحيطين األطلسي والهندي‪ .‬ويمكن وصف هذا المركز‪،‬‬
‫وفقًا للمراكز الحديثة‪ ،‬بأنه عبارة عن مجمع (‪ )Complex‬يضم مركزًا للبحوث والتطوير (‬
‫‪ )D&R‬فيه المكاتب المتخصصة المختلفة‪ ،‬والمرصد الفلكي‪ ،‬وبناء السفن‪ ،‬وكنيسة صغيرة‪،‬‬
‫وسكن للموظفين؛ وقد تم تصميم هذا المركز لتعليم البرتغاليين‪ ،‬البحارة منهم على وجه‬
‫الخصوص‪ ،‬التقنيات المالحية‪ ،‬ولنشر المعارف الجغرافية عن العالم‪ ،‬والختراع وتطوير‬
‫المعدات البحرية والمالحية‪ ،‬ولرعاية الحمالت البحرية االستكشافية‪ ،‬ولنشر المسيحية في‬
‫العالم‪ ،‬وربما حتى إليجاد إمبراطورية بريسترجون(**) الذي كان من بين أهم أهداف األمير‬
‫هنري المالّح(‪.)11‬وقد عمل هنري على تجميع بعض الجغرافيين البارزين والخرائطيين‬
‫والفلكيين والرياضيين من كل أنحاء أوروبا كي يعملوا في هذا المركز(‪ .)12‬ويشير بعض‬
‫المصادر إلى أنه من غير المستبعد أن يكون هذا المركز هو المحفز األول في أن تصبح‬
‫البرتغال وقتذاك قادرة على اكتشاف نصف بلدان العالم(‪ )13‬تقريبًا‪ .‬كما تشير مصادر أخر‬
‫إلى أن أهداف ذلك المركز ما هي إال عين أهداف األمير هنري وترجمة عملية لها(‪.)14‬‬

‫بوساطة هذا المركز‪ ،‬وجرّاء موقع البرتغال الجغرافي‪ ،‬ونتيجة األحداث المتأزمة‬
‫في شرق البحر المتوسط(*)‪ ،‬وتفاديًا للمواجهة مع الجارة‪ ،‬اسبانيا‪ ،‬بدأتْ ترتسم خطوط أولية‬
‫لمشروع برتغالي توسعي ولكن باتجاه المحيط األطلسي ومن ثم غرب أفريقيا‪ .‬وكانت بداية‬
‫اإلنجاز الفعلي والمميز لهذا المشروع البرتغالي الذي تمثل في مجموعة متكاملة من‬
‫(**) (‪ )Prester John‬حاكم اسطوري مسيحي في الشرق‪ ،‬اشتهر في التقاليد القروسطية كحليف مأمول‬
‫‪ 5‬عن مملكته‪،‬‬ ‫فيه ضد المسلمين‪ ،‬وبعد منتصف القرن الخامس عشر للميالد أصبحت الحبشة مركزًا للبحث‬
‫‪ 5‬يُقال أن ملكه قد انتقل من آسيا‬
‫‪ 5‬بالبحث عنه بعد أن سمعوا عن قصة أمير مسيحي في افريقيا‬ ‫‪ 5‬البرتغاليون‬
‫فقام‬
‫‪ 5‬هذه األسطورة انظر‪ :‬الموسوعة البريطانية‪ ،‬المجلد ‪،18‬ص ص ‪ 460 -458‬؛‬ ‫إلى الحبشة‪ .‬حول تفاصيل‬
‫وكذا ‪.…www. Paul Halsall. Silk‬؛ وعن رأينا فيها أنظر ورقتنا (ماركو بولو وعدن ايام الرسوليين)‬
‫والتي قُدِّمتْ إلى ندوة "عدن في ظل حكم الزريعيين و األيوبيين والرسوليين" نظمها مركز البحوث والدراسات‬
‫اليمنية‪ ،‬جامعة عدن‪ ،‬ديسمبر ‪2004‬م ‪ ،‬ص ص ‪.16-15‬‬
‫(*) كانت البندقية‪ ،‬إلى جانب اسبانيا‪ ،‬في صراع مع البرتغاليين؛ وكان األتراك‪ ،‬بعد أن احتلوا القسطنطنية عام‬
‫‪ 5‬القرصنة في هذا البحر‪ .‬ومع خطورة سقوط‬ ‫‪1453‬م‪ ،‬يزحفون غربًا‪ .‬هذا باإلضافة إلى استفحال‬
‫‪ 5‬لكن ظهور األتراك كقوة‬ ‫القسطنطنية إال أنه لم يكن بحد ذاته العامل المقلق والمدمر بالنسبة للبرتغاليين‪،‬‬
‫‪ 5‬تم االتجاه صوب المحيط االطلسي‪.‬‬ ‫بحرية في المنطقة كان معناه ضياع السيطرة على شرق المتوسط‪ ،‬ولذلك‬
‫‪ 5‬العربية‪ ،‬مركز دراسات‬ ‫حول هذا الموضوع انظر‪ :‬خلدون النقيب‪ ،‬المجتمع والدولة في الخليج والجزيرة‬
‫‪ 5‬العرب الحديث‪ ،‬جامعة‬ ‫الوحدة العربية‪ ،‬بيروت‪1989،‬م‪ ،‬ص ‪62‬؛ كذلك أنظر نجاح محمد‪ ،‬تاريخ شبه جزيرة‬
‫دمشق‪ ،‬دمشق ‪1996 ،‬م‪ ،‬ص ‪.27‬‬
‫‪121‬‬ ‫مجلة (اليمن) ‪ ،‬العدد الثالث والعشرون ‪ ...‬مايو ‪2006‬م ‪....‬‬
‫التحركات البرية والبحرية‪ ،‬فردية وجماعية‪ ،‬بدأتْ بتلك التقارير التي كتبها بيدرو‬
‫داكوفيلهام(**) عن المدن التي زارها (خاصة الهند وعدن والحبشة)‪ ،‬وبذلك االلتفاف والتوقف‬
‫اللذين قام بهما بارثليميو دياز (‪ )***()Dias‬عند رأس الرجاء الصالح عام ‪1487‬م حينما بات‬
‫البهار الهندي على مقربة من البرتغاليين‪ ،‬وبوصول فاسكو دي جاما (‪ )De Gama‬إلى‬
‫الهند ومن ثم عودته(‪.)15‬‬

‫تضافرتْ تلك العناصر والمقومات ‪-‬المـركز المالحي‪ ،‬الموقع الجغرافي‪،‬‬


‫والمواجهة مع اسبانيا واألحـداث المتصاعـدة في البحر المتوسط والرحـالت‬
‫"االســتطالعية"‪ -‬فأدت إلى وجود دولة برتغالية بحرية توسعية اتجهت صوب األطلسي‬
‫والهندي لتسيطــر على تجــارة الشرق أوالً‪ ،‬ثم تقضي على القوات العربية اإلسـالمية‬
‫ثانيًا‪ ،‬ومن ثم تهيمـــن علـى العالم القديم ثالثًا (‪ .)16‬وجـراء تلـك العناصـر‬
‫ومخـرجاتهـا كـان البد أن تبــرز فـي البـرتغال قــيادات عسـكرية بحـرية‬

‫(**) (‪ ) Pedro da Covilham‬دبلوماسي ومستكشف برتغالي‪ ،‬ولد عام ‪1487‬م (وهو تاريخ مشكوك‬
‫فيه ) ‪ ،‬ومات عام ‪1525‬م في الحبشة ‪ .‬رحل في بداية حياته الى قشتالة ودخل في خدمة الفونسو‪ ،‬وفيما‬
‫بعد عاد إلى البرتغال مرافقًا للملك الفونسو وخليفته جون الثاني‪ .‬كان كوفيلهام يجيد عدة لغات من بينها‬
‫العبرية والعربية‪ ،‬تمكن من السفر برًا إلى الهند وكتب تقريرًا مفصالً عن الطرق التجارية في المحيط الهندي‬
‫وأرسله عبر أحد اليهود إلى الملك جون الثاني‪ ،‬زار مدنًا كثيرة من بينها عدن‪ ،‬ويُعد أول أوربي زارها‪ .‬ويُعد‬
‫‪ 5‬المشار إليه بمثابة المحفز للتحركات البرتغالية الالحقة في المنطقة‪ .‬مات في الحبشة بعد أن رفضتْ‬ ‫تقريره‬
‫السلطات هناك مغادرته‪ ،‬فأرسل أحد أبنائه (من أم حبشية ) إلى البرتغال برفقة الفارز (‪ )Alvaris‬ليتعلـم‬
‫‪ 5‬وحياته انظـر‪ :‬الموسوعة األمريكيـة؛ وكذا‪R.L. Playfair,AHistory of،‬‬ ‫هنـاك‪ .‬حـول كوفيلهـام‬
‫‪ .Arabia Felix or Yemen, P.96‬؛ وكذا الموسوعة الكاثوليكية‪ ،‬وموسوعة الويكي الحرة‪..‬‬
‫‪. www.Wikipedoa free‬‬
‫(***) بارثلوميو دياز ‪ ،‬مالح برتغالي ولد عام ‪1450‬م (وهو تاريخ مشكوك فيه) ومات عام ‪1500‬م في‬
‫‪ 5‬األفريقية فاكتشف عام ‪1487‬م رأس العواصف الذي عُرف فيما بعد‬ ‫لشبونة‪ ،‬وصل إلى اقصى جنوب القارة‬
‫برأس الرجاء الصالح‪ ،‬وكان دياز على عالقة وثيقة بالملك البرتغالي خوان الثاني‪،‬وكان يجمع بينهما‬
‫الحماس وحب المغامرة والروح االستعمارية‪ .‬تحرك دياز بأوامر من جون في رحلة هدفتْ إلى اكتشاف‬
‫‪ 5‬إال أنه تجاوز حتى وصل إلى جنوب افريقيا دون أن يعلم أنه قد تخطى الغرب‬ ‫الساحل الغربي من افريقيا‪،‬‬
‫األفريقي؛ ومن ثم عاد إلى البرتغال بعد أن مهد الطريق لمَنْ جاء بعده (جورج كيرك‪ ،‬موجز تاريخ الشرق‬
‫‪1957 5‬م‪ ،‬ص ص‪ )98-97‬؛ كذلك (ويليز‪ ،‬ص‬ ‫األوسط‪ ،‬ترجمة عمر االسكندراني‪ ،‬األلف كتاب‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪.)555‬‬
‫‪122‬‬ ‫مجلة (اليمن) ‪ ،‬العدد الثالث والعشرون ‪ ...‬مايو ‪2006‬م ‪....‬‬
‫أدت دورًا حـاسمًا فـي تشـكـيل مجـرى األحـداث فـي المـياه الـهندية (*)؛ ومن‬
‫بين تلك القيادات برز البوكرك(‪.)17‬‬

‫الفونسو دالبوكيرك‪:‬‬
‫إذا كان بيدرو داكوفيلهام أوَّل برتغالي يُستفاد من تقاريره عن أحوال بعض المدن‬
‫المطلة على المحيط الهندي والبحر األحمر(‪ ،)18‬وإذا كان فاسكو دي جاما أول برتغالي يعبر‬
‫الرجاء الصالح ويبدأ بتكوين عالقات مع بعض تلك المدن(‪ ،)19‬فإن الفونسو دالبوكيرك هو‬
‫المؤسس الفعلي لإلمبراطورية البرتغالية في الشرق(‪.)20‬‬

‫لقد اختلفت الروايات في وصف‪ ،‬وبالتالي تقييم‪ ،‬البوكرك فهناك روايات تصفه‬
‫بالسفاح وتلعنه أغلظ اللعان وتُقيِّمه على أنه مستعمر جاء لينال من المسلمين واإلسالم‪،‬‬
‫وهناك روايات تصفه بالقائد العظيم وتقيِّمه على أنه إداري عادل ونزيه خدم بالده على أكمل‬
‫وجه)(‪ .)21‬وما بين ذاك القدح وهذا المدح تأرجحتْ شخصية البوكيرك‪ ،‬بل يكاد يكون قد‬
‫ضاع الكثير من مالمحها‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإن فهم هذه الشخصية فهمًا يخلو من أي " شطط "‬
‫يساعدنا كثيرًا على إدراك حقيقة نشاط البوكيرك ودوافعه‪ ،‬خاصة ذلك المرتبط بمحاولة‬
‫احتالل مدينة عدن في يوم الجمعة الحزينة(*)‪.‬‬

‫‪ 5‬في المياه الهندية‬


‫‪ 5‬ليس فقط‬ ‫(*) كان وصول البرتغاليين إلى المنطقة بمثابة إيذان بمرحلة تاريخية جديدة‬
‫‪ 5‬في التوغل إلى تلك المنطقة بعد الدوران حول رأس الرجاء‬ ‫فحسب بل وفي العالم بأسره؛ كما كان نجاحهم‬
‫الصالح خاتمة لعدة محاوالت قام بها المستكشفون للبحث عن طريق جديد إلى الشرق كي تحل محل الطرق‬
‫‪ 5‬أثر كبير في توأمة‬ ‫التجارية القديمة إلى أوروبا عن طريق شرقي البحر المتوسط‪ .‬وكان لوصول البرتغاليين‬
‫‪ 5‬وبه‪ .‬فبدأ عصرٌ جديدٌ قُدِّر فيه لساكني المنطقة أن‬
‫التفوق العسكري البحري للبرتغال مع تفوقها التجاري‬
‫يفقدوا السيطرة ليس فقط على تجارة الشرق ولكن أيضًا على دولهم‪ .‬وكان من نتائج ذلك الوجود أن أدى إلى‬
‫‪ 5‬الغوري‪ ،‬وإلى صراع (أو تأجيج للصراع) بين‬ ‫تعاون (يثير الدهشة والفضول) بين العثمانيين وقنصوه‬
‫العثمانيين والدولة الصفوية الناشئة وقتذاك‪ .‬حـول اآلثار هـذه وغيرها أنظر‪Holt, Egypt and the :‬‬
‫‪.Fertile Crescent (1517-1922), Longmans Green, London, 1966, pp. 52-4. p.m‬‬
‫كذلك انظر‪ ،‬أحمد شفيق غربال‪ ،‬محمد علي الكبير‪ ،‬كتاب الهالل‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ص‪ ،23-22‬وأبو الفتوح‬
‫رضوان‪ ،‬القومية العربية‪ ،‬ص ص‪352-346‬؛ وكذا ‪The Encyclopedia Americana, 1958,‬‬
‫‪. Volume 22, pp. 414-415‬‬
‫(*) (‪ ) Good Friday‬وهي الجمعة التي تسبق عيد الفصح (أنظر الهامش في ما سياتي ص ص‪)9،13‬‬
‫والتي يتذكر فيها المسيحيون حادثة صلب المسيح (‪.)Catholic Encyclopedia‬‬
‫‪123‬‬ ‫مجلة (اليمن) ‪ ،‬العدد الثالث والعشرون ‪ ...‬مايو ‪2006‬م ‪....‬‬
‫ولد الفونسو جونسالو دالبوكيرك عام ‪1453‬م(**) في الهاندرا بالقرب من لشبونة‪،‬‬
‫وهو االبن الثاني للسينيور جونسالو‪ ،‬سيد القرية الخضراء‪ .‬أما أمه فهي دليونور دي‬
‫مينيزس ابنة الكونت ديلفارو جونسا لفيز دي آتيد (‪ ،)22‬رغم أن بعض المصادر تشير إلى أنه‪،‬‬
‫وعبر أبيه‪ ،‬كان يرتبط باألسرة الملكية الحاكمـة في البرتغال بنسب غيـر شرعي(‪.)23‬وكان‬
‫أجداده ألبيه وزراء مقربين من الملكين خوان األول وإدوارد (دوارتي)‪ ،‬بينما كان جده ألمه‬
‫قائدًا بحريًا كبيرًا(‪.)24‬‬

‫تربى البوكرك وتلقى تعليمه في قصر الملك أفونسو الخامس‪ ،‬و تشرب بمختلف‬
‫األفكار السائدة وقتذاك‪ ،‬خاصة تلك المرتبطة بالشرق‪ ،‬وثرواته؛ وتعلم البوكرك مختلف فنون‬
‫القتال وكان يعشق البحر كثيرًا‪ ،‬إذ كان يرتاد الموانئ ويحب ركوب السفن‪ ،‬فقد أخذ عن‬
‫أخواله عشقه للبحر والسفن (‪ .)25‬ويقال أن البوكرك قد أخذ عن ملوك البرتغال‪ ،‬وخاصة‬
‫الملك خوان الثاني‪ ،‬وساداتها‪ ،‬الروح الصليبية التي كانت أساسًا لخططه الالحقة في المحيط‬
‫الهندي والبحر األحمر(‪. )26‬‬

‫عمل البوكرك لمدة عشر سنوات في شمال أفريقيا حيث اكتسب خبرة عسكرية‬
‫مبكرة جدًا خاصة فيما يتعلق بمطاردة المسلمين واإلغارة عليهم (‪. )27‬واشترك في الحملة‬
‫التي قادها الملك البرتغالي نفسه على أصيلة وطنجة شمال المغرب عام ‪1471‬م؛ وفي سنة‬
‫‪1481‬م تقريبًا‪ ،‬شارك البوكرك في حـملة برتغالية ضـد األتراك عـند اوترانتو(***) في‬
‫البحر المتوسط (‪ . )28‬وفي عهد الملك خوان الثاني‪ ،‬كان البوكرك مسؤوالً عن اإلسطبل‬
‫الخاص بجياد الملك إلى أن تم إرساله للمرة الثانية في عام ‪1489‬م إلى شمال أفريقيا للدفاع‬
‫عن إحدى القواعد البرتغالية هناك (‪. )29‬‬

‫إن الكالم الغريب والعجيب الذي ألقاه فاسكو دي جاما في نوادي البرتغال عـن‬
‫تلك المغامرات التي قام بها في المدن المطلة على المحيط الهندي والثروات التي جناهـا‬
‫منها قد أجج مشاعر البوكرك وحرك فيه حبه للشهرة والثروة(*)‪ ،‬ولذلك سعى البوكـرك إلى‬

‫‪ 5‬من قبل االتراك العثمانيين‪ ،‬ويُصادف ايضًا بداية انهيار‬ ‫(**) يصُادف هذا العام سقوط القسطنطنية واحتاللها‬
‫دولة بني رسول وصعود الطاهريين الذين لجأوا إلى عدن (أو أنهم كانوا والة عليها)‪ ،‬كما يصادف نفس العام‬
‫طباعة الكتاب المقدس (‪ ،)Bible‬ويُصادف هذا العام‪ ،‬تقريبًا‪ ،‬حدثًا يفوق في نظرنا كل تلك األحداث‪ ،‬مولد‬
‫الرسام النحات‪ ،‬الحكيم‪ ،‬ليوناردو دافنشي (فلنالحظ ما حوى ذلك العام من كوارث ومناسبات عظيمة!!)‬
‫‪ 5‬والبانيا بين األيوني واالدرياتيكي‪ .‬وقعت عندها‬ ‫(***) (‪ ، )Otranto‬مدينة ايطالية ومضيق يقع بين ايطاليا‬
‫‪ 5‬التركي على هذه المنطقة ‪ .‬وقد انتصر فيها‬ ‫‪ 5‬لمواجهة الحصار‬ ‫معركة اشتركت فيها البرتغال مع ايطاليا‬
‫المسيحيون (مذكرات الفونسو دالبوكرك‪ ،‬ص‪.)56‬‬
‫(*) على الرغم من وصف البوكرك بالطمع وحبه للمجد والثروة‪ ،‬إال أنه جاء في مذكراته على لسان بيرش أن‬
‫البوكرك لم يكن يحب الثروة قدر حُبه للعظمة ‪ ،‬وإظهار البطوالت‪ ،‬حيث لم يستبق لنفسه شيئًاً من الثروات‬
‫التي تحصل عليها ووزعها على القادة والقباطنة في معاركه المختلفة (ص‪.)60‬‬
‫‪124‬‬ ‫مجلة (اليمن) ‪ ،‬العدد الثالث والعشرون ‪ ...‬مايو ‪2006‬م ‪....‬‬
‫الحصـول على موافقـة الملك ليرعـى له حملة إلى الهند‪ ،‬وهـذا ما حصل عـام‬
‫‪1503‬م(**) حينما أمر الملك بإرساله في حملة إلى هناك يتم فيها تعزيز الوجود البرتغالـي‬
‫الذي بـدأ به فاسكو دي جاما‪ .‬وقد نجح البوكيرك في هذه الحملة التي تعتبـر األولــى له‬
‫في الشرق‪ ،‬وتمكن من إعادة توطيد حكم ملك كوشين مقابل بناء حصن برتغالي‪ ،‬و بذلك‬
‫أصبح البوكيرك أول مَنْ وضع أساس اإلمبراطورية البرتغالية في الشرق (‪. )30‬‬

‫وفي يوليو عـام ‪1504‬م عـاد البوكيرك إلى البـالد حيث تم استقبالـه استقبال‬
‫األبطـال من قبل الملك مانويـل األول الذي عهد إليه عام ‪1506‬م قيـادة عمـارة من‬
‫خمسـة مراكـب ضمـن األسطـول المكـون من ستـة عشـر مركبـًا تحـت إمـرة‬
‫تريستاو داكونيـا‪ ،‬وقـام البوكيـرك وداكونيا بإخضـاع بعـض المـدن المطلـة على‬
‫الساحل الشرقي ألفريقيا‪ .‬وفي عام ‪1507‬م‪ ،‬اتجها إلى جزيرة سقطرة فاحتالها (‪.)31‬‬

‫وقد كانت خطة البوكيرك وقتذاك في احتالل سقطرة أن يتخذها قاعـدة بحريـة‬
‫تنطلق منها السفن البرتغالية لقطع الطريق أمام السفن التجارية العربية القادمة إلى خليـج‬
‫عدن‪ ،‬وبالتالي إحكام السيطرة على البحر األحمر(‪ .)32‬إال أن البرتغاليين تركوا سقطرة عـام‬
‫(*)‬
‫‪1511‬م بسبب ظروفها المعيشية الصعبة إلى جانب ذلك التغيير الذي طرأ في خطتهم‬
‫لمحاصرة مدخل البحر األحمر (‪ .)33‬وفي ‪25/9/1507‬م وصل البوكيرك إلى هرمز‬

‫‪ 5‬العرب‪،‬ونزل عدن‬ ‫(**) وهو نفس العام الذي كان فيه فارثيما (أو بارثيما أو فيرتومانوس) قد سافر إلى جزيرة‬
‫‪ 5‬يكتب التقارير عن المنطقة‪ .‬وقبل مغادرة البوكرك‬ ‫‪ )Playfair,p.97( 5‬؛ وكان فارثيما‬ ‫بعد أن قدم من الحجاز‬
‫‪ 5‬عن اليمن وعدن‪ ،‬فرد عليه البوكرك بأنه درسها‬ ‫سأله الملك ايمانويل األول ما إذا كان قد قرأ تقارير فارتيما‬
‫دراسة وافية (لقمان‪ ،‬معارك حاسمة‪ ،‬ص ‪ .)109‬إن تزامن مثل هذه الحمالت‪ /‬الرحالت في تلك الفترة من‬
‫الممكن أن يوضح أن التحركات البرتغالية صوب المدن المطلة على المحيط الهندي كانت تسير وفق ما يشبه‬
‫المخطط المتكامل والذي تكامل تمامًا واتضح أكثر بعد معركة ديو عام ‪ 1509‬وبعد أن أصبح البوكرك نائبًا‬
‫للملك في الهند (خلدون النقيب‪ ،‬ص‪ .)57‬إال أن هذا المخطط على ما أراه ‪ ،‬ال يهدف إال إلى إنشاء الحصون‬
‫العسكرية التي تشرف على المراكز التجارية في المدن الساحلية المطلة على المحيط الهندي وبحر العرب‬
‫والبحر األحمر !!‪.‬‬
‫‪ 5‬البحر األحمر وفقًا لتعليمات ملكية‪ ،‬إال في‬‫(*) ليس من الواضح ما إذا كان تغيير خطة البرتغاليين لمحاصرة‬
‫‪ 5‬عن‬ ‫‪ 5‬قد خططوا لمحاصرة مدخل البحر األحمر فيتخلون‬ ‫عام ‪1513‬م‪ .‬وليس من المقنع أن يكون البرتغاليون‬
‫‪ 5‬نظرية‪ .‬عسكريًا هذا المنطق غير‬ ‫موقع كسبوه مقابل موقع ال يدرون عنه وظروفه إال من خالل تقارير‬
‫‪ 5‬تلك األيام‪ .‬إن مغادرة البرتغاليين سقطرة عام ‪1511‬م‪ ،‬و تحت أي مبرر‪ ،‬ينم عن‬ ‫مقبول‪ ،‬وإن كان بمقاييس‬
‫أنهم لم يخططوا فعليًا الحتالل باب المندب‪ ،‬أو أنهم يحملون أجندة معينة يأتي البحر األحمر‪ ،‬وباب المندب‬
‫‪ 5‬وربما أنهم كانوا يجهلون فنون الحروب البحرية (وهذا محال‬ ‫تحديدًا‪ ،‬في أدناها ‪ ،‬أو انهم كانوا يتخبطون‪،‬‬
‫‪ 5‬تركوا الجزيرة بفعل مقاومة المهرةالذين طردهم البرتغاليون‬ ‫بالطبع)ويبقى أنه في الغالب جدًا أن البرتغاليين‬
‫من الجزيرة عام ‪1507‬م‪ ،‬وعادوا وقاتلوهم وأخرجوهم منها‪ ،‬وهدموا مراكزهم البحرية وكنائسهم التي‬
‫‪ 5‬جزيرة سقطرة بحجة تغيير‬ ‫أنشؤوها في قرية السوق‪ ،‬وكان ذلك عام ‪1511‬م وهو عام مغادرة البرتغاليين‬
‫‪ 5‬بامطرف‪ ،‬الشهداء السبعة ‪ ،‬ط‪ ،2‬دار الهمداني للطباعة والنشر‪ ،‬عدن‪،‬‬ ‫الخطة و ‪ ...‬الخ (محمد عبد القادر‬
‫‪،1983‬ص ‪.)59‬‬
‫‪125‬‬ ‫مجلة (اليمن) ‪ ،‬العدد الثالث والعشرون ‪ ...‬مايو ‪2006‬م ‪....‬‬
‫وسرعان ما استولى عليها رغم انه لم يتمكن من االحتفاظ بها طويالً‪ ،‬وبعد أن تم تعزيزه‬
‫بسفن ثالث استطاع أن يصل إلى ساحل ماالبار عند نهاية عام ‪1508‬م (‪ . )34‬وبعد أن تم‬
‫تعيين البوكيرك نائبًا لملك البرتغال في الهند عام ‪1509‬م‪ ،‬زاد نشاطه لتحقيق أهدافه فاحتل‬
‫مدينة جوا عام ‪1510‬م وجعلها مركزًا للحكومة البرتغالية هناك‪ ،‬ثم استولى على ملقا عام‬
‫ت‬
‫‪1511‬م‪ ،‬وفي عام‪1512‬م أبحر البوكيرك باتجاه ساحل ماال بار‪،‬وأثناء هذه الرحلة‪ ،‬هَبَّ ْ‬
‫عاصفة شديدة حطمتْ سفينته‪ ،‬وبالكاد استطاع أن ينجو بنفسه من هذه العاصفة‪ .‬وفي عام‬
‫‪1513‬م تلقى البوكيرك التعليمات بالتوجه إلى البحر األحمر بغية التحكم بذلك الخط‬
‫(‪3‬‬
‫المالحي‪ ،‬بعد أن أدرك البرتغاليون بعد سنوات أن عدن (**) هي مفتاح تحقيق أهدافهم تلك‬
‫‪. )5‬‬

‫وعلى الرغم مما حققه البوكرك من إنجازات وبطوالت‪ ،‬وفقًا لما جاء في مذكراته‪،‬‬
‫إال أن حياته العملية قد انتهتْ نهاية مؤلمة بسبب التآمر عليه‪ ،‬وتسُّرع الملك في اتخاذ قرار‬
‫إعفاء البوكرك من مهامه‪ .‬وكان للبوكيرك أعداء كثر في البالط الملكي البرتغالي‪ ،‬ال يألون‬
‫(***)‬
‫جهدًا في تحريض الملك مانويل األول ضد الفونسو دالبوكيرك‪ ،‬الذي كانت تصرفاته‬
‫في بعض األحيان قد ساعدت أعداءه في تحقيق هدفهم بصورة نهائية وربمـا أسرع مما‬
‫توقعوا (‪ . )36‬فعند عودته من هرمز‪ ،‬وقُبالة ميناء جُوَّا التقى البوكيرك بإحدى السفن القادمة‬
‫من أوروبا كانت تحمل رسالة مستعجلة ومفاجئة بتنحية البوكيرك من منصبه و تعيين لوبو‬
‫سواريز دي البير جاريا بدالً منه‪ .‬كانت تلك األخبار قد صدمته بعنف وأضعفتْ معنوياته؛‬
‫وبينما كان على ظهر سفينته قُبالة ساحل جوا‪ ،‬الذي طالما كان يأنس بالجلوس عنده‪ ،‬وافته‬
‫المنية(*) في السادس عشر من شهر ديسمبر عام ‪1515‬م (‪.)37‬‬

‫كان البوكيرك رجالً ذا قوام عادي‪ ،‬ووجه طويل‪ ،‬حاضر اللون‪ ،‬معقوف األنف‪،‬‬
‫وكانت هيئته العامة مقبولة رغم لحيته البيضاء الطويلة التي تصل إلى ما دون خاصرته‬
‫والتي أضافتْ له وقارًا‪ .‬وكان عاقالً كتومًا إن تحدث أو كتب‪ ،‬ومحبوبًا مُهابا دون أن تدفعه‬

‫‪ 5‬أهدافهم ‪ ،‬كالم ال يصدر عن وجود مخطط من البداية‪،‬‬ ‫(**) أن يدرك البرتغاليون أن عدن هي المفتاح لتحقيق‬
‫‪ 5‬ظروف اللحظة‪،‬‬ ‫أو أن يكون هناك مخطط إال أنه ضعيف‪ ،‬ربما كان هناك ما يشبه التكتيكات التي تمليها‬
‫‪ 5‬البحرية تختلف تمامًا عن المعارك البرية ووجود مخطط شامل في معارك بحرية وقتذاك أمر يثير‬ ‫فالمعارك‬
‫التساؤل‪.‬‬
‫‪ 5‬يقصدها المؤلف‪ ،‬رغم ورود العديد من الخصال الحسنة (رصين‪ ،‬وحكيم ‪،‬‬ ‫(***) ال ندري أي تصرفات‬
‫عاقل‪...‬الخ) في مذكراته (ص ص‪ )60-59‬إال إذا كان البوكرك فعالً له تصرفات لم يذكرها في مذكراته أو‬
‫أن أبنه قد شطبها من المذكرات!!‬
‫(*) يفيد صاحب النور السافر أن عين البقر (أي البوكيرك) قد قُتل على يد مرجان الظافري؛ ذلك نقالً عن‪:‬‬
‫‪R.B.Serjeant, The Portuguese Off The South Arabian Coast, Oxford at The‬‬
‫‪ Clasendem Press, 1963,P.48‬وكذا‪ ،‬محمد عبد العال أحمد‪ ،‬البحر األحمر والمحاوالت البرتغالية‬
‫األولى للسيطرة عليه‪ ،‬سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.120‬‬
‫‪126‬‬ ‫مجلة (اليمن) ‪ ،‬العدد الثالث والعشرون ‪ ...‬مايو ‪2006‬م ‪....‬‬
‫(**)‬
‫نزعته للخير إلى المحاباة ودون أن تدفعه استقامته إلى الغلظة‪ ،‬وكان متدينًا يمقتُ الكذب‬
‫ويراعي العدالة(***) بشدة‪ .‬وكان كريمًا جدًا‪ ،‬وفيًّا غاية الوفاء ألعدائه من البرتغاليين‪ ،‬ولم‬
‫يمارس حصافته السياسية إال ضـد الغرباء (غير البرتغاليين)(‪. )38‬‬

‫وعن خططه‪ ،‬أشارتْ مذكراته (‪ )39‬إلى أنه كان يحمل مشروعين صمم على‬
‫إنجازهما‪ :‬تمثْل األول في تحويل مجرى نهر النيل إلى البحر األحمر لمنع وصول المياه إلى‬
‫مصر ليجعلها خرابًا وبورا؛ واآلخر تمثل في نقل رفاة النبي محمد من مكة المكرمة ليقايضه‬
‫بكنيسة القيامة في القدس(*) ‪ .‬ولتحقيق ذلك كانت السيطرة على البحر األحمر هدفًا‬
‫استراتيجيًا هامًا للبرتغاليين ولضمان النجاح العسكري في السيطرة على البحر األحمر كان‬
‫البد للبرتغاليين من احتالل مضيق باب المندب أو حصار هذا الباب كهدف عسكري‬
‫استراتيجي متقدم‪ ،‬كما أنه لغرض السيطرة على باب المندب كان البد من السيطرة على‬
‫(**) على الرغم من أن البوكرك كان متدينًا يكره الكذب‪ ،‬إال أنه ورد في المقدمة العربية لمذكراته أنه لم يكن‬
‫‪ 5‬أغراضه‬ ‫يكتب لملكه تقارير صادقة عن سير األحداث في المحيط الهندي‪ ،‬وكان أيضًا يُسخر الخرافات لتحقيق‬
‫السياسية‪ ...‬فعند توقفه أمام عدن‪ ،‬توجه البرتغاليون إلى بوابة بعينها لمهاجمتها ألنه كانت هناك بشارة من‬
‫الروح القدس بأن فتح عدن سيكون من خالل تلك البوابة‪ ،‬ثم أتضح بعد ذلك أنها بوابة مضللة وهمية‪ ،‬إذ كان‬
‫‪5‬‬
‫ورأها جدار‪ ،‬وقيل أن الفونسو البوكيرك عزا حمرة البحر األحمر إلى أن دماء كثيرة سُفحت فيه ولذلك‬
‫اصطبغ باللون األحمر؛ وقيل ان شعاعًا من نور ظهر والسماء صافية وأن هذا الشعاع كان يشير إلى مكة‬
‫المكرمة (وفي الواقع أن ذلك الشعاع هو نيزك‪ ،‬أو صاعقة)؛ وقيل أنه رأى صليبًا فوق أرض الحبشة محلقًا‬
‫في السماء‪ ،‬فزعم أن هذه إشارة للتوجه إلى الحبشة والتراجع عن قصده باالتجاه إلى جدة‪ ،‬بيد أنه لم يتجه‬
‫إلى الحبشة‪ .‬والمالحظ أن البوكيرك كان يطلق مثل تلك اإلشاعات وهو في أسوأ أحواله‪ ،‬وفي ظل أزمات‪،‬‬
‫ربما تنفسًا لهزيمته وتفريجًا ( السجل الكامل ‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪ .414‬وأظن أن هذه ليست بسجية‬
‫متدين يمقتُ الكذب!!‬
‫(***) ربما أن هذه الصفة يؤكدها الواقع‪ ،‬إذ بكاه أهل جوا حينما مات وخرجوا عن بكرة ابيهم لتشييع جثمانه‪،‬‬
‫وكذا دفنه في كنيسة (السيدة) ربما يكون اإلثبات األكبر إقناعًا الحتمال عدالة حكم البوكرك وإدارته لجوا‪ ،‬ذلك‬
‫‪ 5‬عليه والتبرك به‬‫‪ 5‬ضريحه للترحم‬ ‫ألنه بعد سنوات من وفاته اعتاد كل من المسلمين والهندوس على زيارة‬
‫‪ 5‬نقالً عن ‪:‬‬‫واالستغاثة من جور الحكام الذين خلفوه‪.‬‬
‫‪,W.W.Hunter,A Brief History of the Indian People, Oxford, 1907,p . 165‬‬
‫كذلك ‪alexyz,alfonso de albuqureque sails to conquer, goan ow,oct.2002,in‬‬
‫‪.www.goanet .com/history/albuqreque…htm‬‬
‫(*) ليس من المستبعد أن يكون هناك دافع ديني قوي وراء مخطط أو مشروع الفونسو دالبوكيرك‪ ،‬بيد أنه من‬
‫‪ 5‬البرتغالي ما دام ان‬
‫‪ 5‬الثروات وتعزيز االقتصاد‬
‫المرجح جدًا ايضًا‪ ،‬أن الدافع الديني قد يتراجع مقابل تحقيق‬
‫البوكيرك حريص على رضا ملكه‪ .‬فالمشروعان أعاله يميالن جدًا إلى كونهما اقرب إلى الخيال من الحقيقة‪،‬‬
‫بل انهما غامضان حتى بالنسبة له‪ ،‬وفق ما توضحه خطته في تنفيذهما‪ ،‬انظر‪:‬‬
‫‪R.H. Kiernan: The Unveiling of Arabia, George G. Harrap $‬‬
‫‪.Co.,London,1937,P.71‬‬
‫‪127‬‬ ‫مجلة (اليمن) ‪ ،‬العدد الثالث والعشرون ‪ ...‬مايو ‪2006‬م ‪....‬‬
‫(‪)40‬‬
‫ولذلك جاءت محاولة البوكرك احتالل‪ /‬مهاجمة عدن في إحدى الجُمَع‬ ‫عدن‪"...‬‬
‫الحزينة(**)‪.‬‬

‫إن تلك القراءة السريعة والمركَّزة لحياة الفونسو البوكيرك تمد لنا بال شك يد العون‬
‫في فهم األسباب وراء محاولته احتالل عدن‪ ،‬رغم استعراض بعضها‪ .‬بيد انه لن يتم لنا‬
‫تكوين ذلك بصورة منطقية ما لم نقف برهة عند عدن لمعرفة أحوالها العامة والخاصة في‬
‫ظل الدولة الطاهرية‪ ،‬وتحديدًا في عهد عامر بن عبد الوهاب‪ ،‬الذي تمت فيه محاولة الفونسو‬
‫دالبوكرك احتالل مدينة عدن‪.‬‬

‫عدن أواخر عهد الطاهريين‪:‬‬

‫عُرفَتْ عدن لموقعها الطبيعي بأهميتها التجارية والعسكرية وحتى الحضارية‪ ،‬إذ‬
‫كانت من أعظم الموانئ البحرية المعروفة في العالم القديم والوسيط والحديث؛ وبسبب‬
‫أهميتها التجارية‪ ،‬وربما نتيجة لها‪ ،‬حظيتْ هذه المدينة بأهمية عسكرية جعلتها مطمعًا لكثير‬
‫من المستخربين والمستعمرين عبر عصورها المختلفة‪ .‬ولما كانت طبيعيًا تتمتع بموقع‬
‫استراتيجي‪ -‬تجاري‪ ،‬التقت عندها حضارات مختلفة واحتضنت مختلف الجنسيات‬
‫واألعراف والديانات والثقافات التي ذابت في المكان وعبر الزمان لتشكل تلك الخصوصية‬
‫التي انفردت بها‪ .‬وألهميتها تلك‪ ،‬كتب عنها القديسون والرحالة والمغامرون والجغرافيون‬
‫والمؤرخون والشعراء (‪)41‬؛ ووصفها البوكيرك في مذكراته(*)‪.‬‬

‫ولما كان تاريخ عدن وجغرافيتها‪ ،‬وبكل أبعادها المتنوعة‪ ،‬قد ارتبطا ارتباطا وثيقًا‬
‫بتاريخ وجغرافية المدن‪ /‬الموانئ من حولها‪ ،‬فإن عدن المدينة و الميناء قد شهدتْ فترات من‬
‫الركود واالزدهار بالتناسُب طرديًا أو عكسيًا مع المدن‪ /‬الموانئ العالمية المعروفة (‪ .)42‬إن‬
‫هذا االرتباط إلى جانب عوامل أخر‪ ،‬قد أنتج ثنائيتين انفردتْ بهما عدن على وجه الخصوص‬
‫واليمن عمومًا‪ :‬ثنائية التبعية واالستقالل‪ ،‬وثنائية الحكم أوالسلطة‪.‬‬

‫(**) ليس من الواضح حقيقة األسباب وراء اختيار البوكيرك لهذا اليوم لمهاجمة عدن‪ .‬أهو ألسباب دينية؟ أم‬
‫‪ 5‬عسكرية؟إال أنه من المؤكد ان يوم الجمعة كان يومًا حزينًا على البوكيرك ومَنْ‬‫لظروف مناخية ؟ أم لتكتيكات‬
‫معه وعلى عدن وأهلها‪ ،‬بل والدولة الطاهرية‪ ،‬وعلى المنطقة بأسرها‪.‬‬
‫(*) يذهب محرر مجلة (اليمن) إلى أن وصف البوكيرك لعدن هو أول وصف طويل متحدر في أالدب األوربي‬
‫وأن البوكيرك قد خط هذا الوصف بعيد محاولته احتالل عدن عام ‪1513‬م (مجلة اليمن ع ‪ 16‬نوفمبر‬
‫‪2002‬م ص ص‪ )97-96‬بينما ورد هذا الوصف في مذكرات البوكيرك ضمن الفصل الذي يسبق فصل شرح‬
‫تلك المحاولة‪ .‬وإذا سلمنا بأن البوكيرك قد وصف عدن قبل ان يهجم عليها‪ ،‬فلماذا اذا هاجمها من مواضع‬
‫‪ 5‬جدًا أن يكون البوكيرك قد وصف عدن بعد عودته إلى الهند أي بعد‬ ‫تبين أنه ال يعرف عدن؟ لذلك من الجائز‬
‫‪ 5‬من ذلك الوصف‪.‬‬ ‫أغسطس عام ‪ ،1513‬وليس من المستبعد ان يكون منْ جاء بعد البوكرك استفاد‬
‫‪128‬‬ ‫مجلة (اليمن) ‪ ،‬العدد الثالث والعشرون ‪ ...‬مايو ‪2006‬م ‪....‬‬
‫فعدن " عين الداخل" هي جزء ال يتجزأ من اليمن (**)‪ ،‬واليمن بدوره هو ذلك‬
‫الجزء الجغرافي الذي يحتل الجنوب الغربي من شبه جزيرة العرب‪ ،‬يتم النظر إليه بوصفه‬
‫وحدة واحدة رغم اختالف المواقف عبر الزمان‪ .‬ومن هنا‪ ،‬ليس من المستبعد أن ثنائية (تبعية‬
‫عدن واستقاللها) كانت قد عكستْ إلى حد بعيد مقدار ما تعرضت له اليمن عمومًا‪ ،‬وعدن‬
‫خاصة‪ ،‬من تغييرات ديموغرافية واجتماعية عبر التاريخ طرأت نتيجة لحاالت الحرب‬
‫والسلم الداخلية والخارجية‪ .‬وال أدل على تلك الثنائية ( أي التبعية واالستقالل) من أنه جاءتْ‬
‫بعض األوقات وربما معظمها أصبحت فيها عدن بابًا للسيطرة ليس فقط على الداخل‪ ،‬بل‬
‫على المنطقة برمتها‪ .‬وباإلضافة إلى ذلك وربما عكسه‪ ،‬كانتْ عدن بمثابة ملجأ أخير‬
‫يحرص المغلوب على التمُّسك بها والدفاع عنها والتحصُّن فيها‪ ،‬ثم يُسلمها بعد ذلك إذا‬
‫اضطر؛ وفي نفس الوقت‪ ،‬أيضا‪ ،‬كانت عدن هي فاتحة لمعظم‪ ،‬إن لم يكن كل‪ ،‬محاوالت‬
‫التوغل األجنبي (الفاشلة والناجحة معًا) إلى اليمن الداخل (‪. )43‬‬

‫وتمثلت الثنائية األخرى في الحكم أو السلطة حيث تزامن في اليمن‪ ،‬وتداخل أيضًا‪،‬‬
‫نظام الملك السُني مع اإلمامة الزيدية(*)‪ ،‬وكان السلطان السني يحكم في مساحة جغرافية‬
‫معينة متناثرة أو متصلة‪ ،‬وكان له جنوده وأتباعه وحتى أعدائه في تلك المساحة؛ وكان هناك‬
‫اإلمام أو (األئمة) يسيطرون على مساحة جغرافية أخرى تتصل أو تتقاطع مع مناطق نفوذ‬
‫السلطان وظل عنصرا هذه الثنائية (أي السلطان واإلمام) يتعاركان ويتقاتالن باستمرار إلى‬
‫درجة أن يستعين أحدهما بالقوى الخارجية لينتصر بها على الطرف اآلخر(**) ولذلك بقى‬
‫(**) عندما دخل مصطلح (اليمن) في االستخدام العام فإنه قد دلّ على حيز جغرافي وليس على كيان سياسي‪..‬‬
‫الخ (المزيد من االطالع انظر ‪R.W. Stookey, Yemen: The Politics, Wetview Press,‬‬
‫‪Boulder,1978,p2‬‬
‫وكان يتم النظر إلى اليمن وعدن كوحدة واحدة تارة‪ ،‬وكوحدات متفرقة تارة أخرى‪ ،‬وفي أحايين أخر كان‬
‫اليمن يشمل عدن وحضرموت وما بينهما أو أنه ينحصر في مساحات جغرافية معينة‪ ،‬أو انه يتسع حتى يصل‬
‫إلى عمان في الجنوب الشرقي ومكة في الشمال الغربي منه‪ ،‬وذلك بحسب النظر إليه وفقًا للظروف (محمد‬
‫‪،1979 5‬ص ‪.)29‬‬ ‫عبد اللطيف الحراوي‪ ،‬فتح العثمانيين عدن‪ ،‬مكتبة دار التراث القاهرة‪،‬‬
‫(*) مع أن اليمن حُكمتْ من قبل أسر تدين بالمذهبين الزيدي والسُني إال أنه لم يتم فرض أي من المذهبين على‬
‫‪ 5‬وصحاف المن والسلوى‪،‬‬ ‫عموم اليمن (عبد اهلل بن علي الوزير‪ ،‬تاريخ اليمن المسمى تاريخ طبق الحلوى‬
‫‪ 5‬محمد عبد الرحيم جازم‪،‬ط مركز الدراسات والبحوث اليمني‪ ،‬صنعاء ‪1985‬م‪ ،‬ص ‪)9‬؛ قطب الدين‬ ‫تحقيق‬
‫محمد أحمد النهروالي‪ ،‬البرق اليماني في الفتح العثماني ‪ ،‬الرياض‪ ،‬منشورات دار اليمامة ‪1967 ،‬م؛‬
‫‪. Stookey,P.29‬‬
‫(**) استعان اإلمام المتوكل شرف الدين بالمماليك كي يضرب السلطان عامر‪ ،‬على سبيل المثال‪(،‬النهروالي‪،‬‬
‫ص ‪،4‬حمزة علي لقمان معارك حاسمة من تاريخ اليمن‪،‬ط‪ ،1‬مركز الدراسات اليمنية‪ ،‬صنعاء‪1978،‬م‪ ،‬ص‬
‫‪ .)117‬وقد أرسل هذا اإلمام كتابًا حمله صالح سراج الدين إلى األمير حسين الكردي مستنجدًا به وكاسبًا‬
‫وده لعله يستطيع الحصول على معاونته ضد السلطان عامر بن عبد الوهاب الطاهري‪( ،‬محمد إسماعيل‬
‫الكبسي الصنعاني‪ ،‬اللطائف السنية في أخبار الممالك اليمنية‪،‬مطبعة السعادة‪ ،‬د‪.‬ت‪ ،‬ص ‪233‬؛ يحيى بن‬
‫‪ 5‬سعيد عاشور‪ ،‬القاهرة‪،‬‬‫الحسين بن القاسم‪ ،‬غاية األماني في أخبار القطر اليمانـي‪2( ،‬ج)‪ ،‬تحقيق‬
‫‪،1968‬ص‪642‬؛ كذلك‪Stookey,p.29 ،‬‬
‫‪129‬‬ ‫مجلة (اليمن) ‪ ،‬العدد الثالث والعشرون ‪ ...‬مايو ‪2006‬م ‪....‬‬
‫أمر الحكم (أو مسألة السلطة) غير محسوم‪ ،‬مما حدا بأحد الباحثين إلى أن يُشبه الحالة اليمنية‬
‫في ظل هذه الثنائية بتلك التي عاشتها أوربا في العصور الوسطى حينما كان الصراع يدور‬
‫بين اإلمبراطورية والبابا (‪. )44‬‬

‫وعلى الرغم من تلك الثنائيات‪ ،‬والتناقضات عمومًا‪ ،‬وبفعل تضافر عوامل التاريخ‬
‫والجغرافيا‪ ،‬كانت عدن في قمة ازدهارها االقتصادي‪ ،‬وكانت تحتل مكانه عالية في حركة‬
‫التجارة العالمية في أواخر القرن الخامس عشر ومطلع القرن السادس عشر الميالديين‪.‬‬
‫وكان ألهميتها التجارية أن أصبحت هذه المدينة من المدن الغنية وغناها هو أكثر ما لفت‬
‫أنظار الرحالة والمستكشفين والوفود من األوروبيين(***)‪ .‬وفي تلك الفترة‪ ،‬وفي ظل مختلف‬
‫األوضاع كانت عدن تحت حكم الطاهريين(*)‪ ،‬وتحديدًا في عهد عامر بن عبد الوهاب‪.‬‬

‫حينمــا تسلّم عامـر بن عـبد الوهاب الـحكم عام ‪1489‬م‪ ،‬كان كل اليمـن‬
‫تقريبًا تحـت سيـطرة الطـاهريين باستثناء بعـض المناطـق الشمـاليـة التي كانت‬
‫موزعة بين عدد من األئمة الزيدية (‪ .)45‬وبدتْ البالد وكأنها منقسمة أو مُتَقَاسَمَة جـغرافيًا‬
‫بين الطـاهريين واألئمـة الزيود‪ ،‬وقـد غـذّا ذلــك االنقسـام أو التقاسم اختـالف‬
‫المذهبين‪ ،‬األمر الذي بدتْ فيه التركيبة السياسية لليمن عند مطلع العصور الحديثة(**)‪ ،‬وربما‬

‫‪ 5‬وتومي بيرس‪ ،‬وفارتيما باإلضافة إلى الفونسو البوكيرك‪،‬حيث قال باربوسا‬ ‫(***) ومن هؤالء دوارتي باربوسا‬
‫‪ 5‬تقوم على السلع األكثر‬ ‫‪ 5‬أخرى في العالم وان تجارتها‬‫‪ 5‬أعظم وأكثر ثراء من أي تجارة‬ ‫عن عدن أن تجارتها‬
‫‪ 5‬ملتقى‬
‫قيمة؛ ووصفها بيرس بأنها واحدة من أعظم أربعة مراكز تجارية في العالم‪ ،‬وقال فارتيما بأنها‬
‫‪ 5‬حول‬ ‫المراكب القادمة من الهند واثيوبيا وبالد فارس وجميع السفن المتجهة إلى مكة تحط في مينائها‪.‬‬
‫‪ 5‬وتومي بيرس‪ ،‬و فارتيما ورحالتهم إلى عدن ووصفها ووصف مينائها‬ ‫هؤالء‪ ،‬وخاصة دوارتي باربوسا‬
‫‪ 5‬التي وردت في ندوة كتابات الرحالة والمبعوثين عن منطقة الخليج العربي‬ ‫وتجارتها بالتفصيل أنظر مؤلفاتهم‬
‫عبر العصور ‪1996 /4 /10-8‬م‪ ،‬إعداد وتقديم د‪ .‬عبيد علي بن بطي‪ ،‬مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث‬
‫بالتعاون مع جامعة اإلمارات بالعين والمجمع الثقافي بابوظبي‪ ،‬ص ص‪ .115-113 ،109 ،108‬وحول‬
‫وصف البوكيرك لعدن‪ ،‬أنظر السجل الكامل ألعمال البوكيرك‪.‬‬
‫(*) يفيد بعض المصادر أن بني طاهر من اصول يمنية حميرية سكنت جبن برداع‪ ،‬مع أن مؤرخ دولتهم‬
‫ومعاصرها (ابن الديبع) يرفع نسبهم إلى بني أمية ورغم زواج الملك الظاهر الرسولي بابنة الشيخ طاهر بن‬
‫معوضة (راس آل طاهر) إال أن عامر األول وأخه علي واللذين كانا واليين على عدن أواخر عهد الدولة‬
‫الرسولية خرجا على الرسوليين واسسا دولة بني طاهرالتي تقاسما حكمها‪ .‬حول الطاهريين ودولتهم انظر‬
‫عبد الرحمن ابن الديبع‪ :‬قرة العيون في اخبار اليمن الميمون؛ بغية المستفيد في اخبار مدينة زبيد؛ الفضل‬
‫المزيد على بغية المستفيد؛ يحيى بن الحسين‪ :‬غاية األماني في اخبار القطر اليماني؛ عبد اهلل الجرافي‪:‬‬
‫المقتطف من تاريخ اليمن؛ محمد النهروالي‪ ،‬البرق اليماني في الفتح العثماني؛ مقدمة جب (‪ )Gibb‬لكتاب‬
‫الخزرجي العقود اللؤلؤية؛ محمد عبد العال أحمد‪ ،‬بنو رسول وبنو طاهر وعالقات اليمن الخارجية في‬
‫عهدهما؛ أحمد حسين شرف الدين‪ ،‬اليمن عبر التاريخ؛ السيد مصطفى سالم‪ ،‬الفتح العثماني األول لليمن ؛‬
‫والموسوعة اإلسالمية‪.Encyclopedia of Islam.‬‬
‫(**) يقول محمد يحيى الحداد‪ :‬يبدأ التاريخ الحديث في عرف المؤرخين مع بداية القرن السادس عشر للميالد‪،‬‬
‫العاشر للهجرة‪ .‬وبناء على ذلك‪ ،‬فإن تاريخ اليمن الحديث يبدأ (تجاوزا) عند بداية نفوذ المماليك في اليمن‪...‬‬
‫‪130‬‬ ‫مجلة (اليمن) ‪ ،‬العدد الثالث والعشرون ‪ ...‬مايو ‪2006‬م ‪....‬‬
‫مـن قـبل ذلك‪ ،‬قائمـة علـى تلك الثنائية التـي اشـرنا إلــيها آنفـًا والـتي أنهكت‬
‫اليـمن وكلفـته غاليًا ولـوال أن عـدن وخـراجها قـد أطــاال عـمر دولـة بنـي‬
‫طاهر‪ ،‬ولــو لحين‪ ،‬لكانت هـذه الدولـة قد انتهت تمامًا بنهاية سلطانها عامر بن عبد‬
‫الوهاب(***)‪.‬‬

‫وعلى الرغم من تلك االنتصارات التي حققها عامر بن عبد الوهاب على المستوى‬
‫الداخلي إال أنه واجه خطرًا خارجيًا هدد أمن الدولة الطاهرية واقتصادها‪ ،‬بل ووجودها(*)‪،‬‬
‫ذلك الخطر الذي تمثل في الوجود البرتغالي في المياه اإلقليمية لليمن‪ ،‬وخاصة محاولتهم‬
‫احتالل عدن‪ ،‬ونقصد تلك المحاولة التي قام بها البهرام البرتغالي الفونسو دالبوكيرك عام‬
‫‪1513‬م‪.‬‬

‫البوكيرك وعدن‪:‬‬
‫إن مذكرات البوكيرك هي المصدر الرئيس لقراءتنا محاولته احتالل عدن‪ ،‬على‬
‫الرغم مما بها من المبالغات في إظهار أفضال أبطالها (‪ ،)46‬ومن ان البوكيرك قد كان "مجافيًا‬
‫للصواب أحيانًا في بعض من تفصيالت المعركة التي دارت في حقات وصيرة والمرسابة‪،‬‬
‫وعلى مقربة من مسجد أبان" (‪ .)47‬بيد أن هذا ال يعني إهمال بقية المصادر اليمنية (الفضل‬
‫المزيد‪ ،‬قرة العيون‪ ،‬قالدة النحر‪ ،‬تاريخ الشحري‪،‬تاريخ شنبل النور السافر‪ ،‬طبق الحلوى‪،‬‬
‫‪...‬الخ) إذا ما دعت الضرورة إلى المقارنة‪ .‬إننا نحاول قراءة (محاولة البوكرك احتالل‬
‫عدن) من خالل ما كتبه البوكرك نفسه‪ ،‬ال من خالل ما كتبه اليمانيون أو العرب أو‬
‫المسلمون‪.‬‬

‫الخ (التاريخ العام لليمن‪ ،‬اليمن الحديث ج‪،4‬ط‪1986 1‬م‪ ،‬ص‪)5‬؛ وتشير بعض المصادر الغربية إلى أن عام‬
‫‪1452‬م هو آخر العصور الوسطى ومستهل العصر الحديث(‪Brett,6Willis,p3‬؛ ويشير المنجد إلى أن‬
‫عام ‪1517‬م هو بداية العصر الحديث (ص‪ )783‬ترى هل تحقيب التاريخ عند الغرب ينطبق على تاريخنا ؟‬
‫وما هي المعايير؟؟ وهل القرن العاشر للهجرة البداية الحديثة لتاريخ اليمن؟‪.‬‬
‫(***) لقد تضررت الدولة الطاهرية واليمن عمومًا جراء المواجهة الحربية بينها وبين األئمة الزيود وكان‬
‫عامر يستلم أربع خزائن كل عام‪ ،‬إال أنه اضطر فيما بعد ألن يستولى على متحصالت األوقاف ليستعين بها‬
‫في مواجهة نقص ايراداته في حربه ضد األئمة (محمد عبد العال‪ ،‬ص ص‪ )281-280 ،278-275‬السيد‬
‫مصطفى ص ص‪ .)59-43،58-38‬وبعد أن قتل السلطان عامر عام ‪ 1517‬ودخول المماليك ومن بعدهم‬
‫‪ 5‬من اللجوء اليها‬‫األتراك كانت الدولة الطاهرية ال تزال تحتضر في عدن حيث تمكن آخر سالطين الطاهريين‬
‫واالحتماء بها حتى عام ‪1538‬م حينما قتله الخادم غيلة‪ ،‬وكان عام( ‪ )1517‬عامًا مؤذنًا لنهاية الدولة‬
‫الطاهرية (نجاح محمد ‪ ،‬ص‪( ،)89‬معارك حاسمة ‪.)124 ،‬‬
‫(*) كان التهديد الحقيقي لوجود الدولة الطاهرية يكمن في االعتداءات المملوكية والعثمانية والبرتغالية على‬
‫وجه الخصوص‪ ،‬وهو ما جعل عامر يرسل جنوده لمساعدة عدن (حمزة لقمان تاريخ عدن‪ ،‬دار مصر‬
‫للطباعة‪ ،‬ص ص‪1960 111-116‬م)‪.‬‬
‫‪131‬‬ ‫مجلة (اليمن) ‪ ،‬العدد الثالث والعشرون ‪ ...‬مايو ‪2006‬م ‪....‬‬
‫جـاء فـي مـذكرات البوكرك (‪، )48‬وبعد تجــهيز األســطول واإلبحــار‬
‫مـن جـــوا‪ ،‬وقبـيل الهجـوم على عـدن‪ ،‬دارتْ مناقشـات بـين البوكيرك وربابنة‬
‫سـفنه والقـادة وذوي الرتب العـالية واأللقـاب السـامـية حـول كيفــية مهاجـمة‬
‫عـدن؛ وقبل أن يـستقروا على رأي واحـد حول تـلك الكـيفيـة‪ ،‬بــرز فريقان‬
‫متعارضان‪ :‬ذهب األول‪ ،‬وهو األكثـرية‪ ،‬إلـى تأييد فـكـرة إجراء محادثات سلميـة‬
‫مـع مسلـمي عـدن قـبل مهاجمـة الـمدينة‪ ،‬وذلك لمعرفـة ما إذا كـان أهلهـا‬
‫راغبـين فـي طــاعة ملك البرتغـــال واالمتثــال لخـدمــته‪ ،‬و تمسَّــك‬
‫الفـريق اآلخــر بفــكرة ضرورة اإلغارة على عدن مــباغتة‪ ،‬دون إجــراء أي‬
‫اتصـــال‪ .‬وكـان البوكيـــرك مـع الفـريـق األخـــير(**)‪ .‬إال انـه‬
‫لـــرداءة الطـقس ولسوء أحــوال البــحر‪ ،‬تأجـل الهـجوم‪ .‬وحـــدث بعد أن‬
‫تحــسنت األحوال الجــوية‪ ،‬وهدأ البـحر‪ ،‬أن بعــث األمــير مــرجــان‬
‫الظــافري(*) رسـوالً إلى البوكيرك يسأله عن أسباب وجود األسطول البرتغالي عند‬
‫سواحل عدن‪ ،‬ومن ثم بدأ بين مرجان والبوكرك ما يشبه المفاوضات (المكوكية) التي أفضتْ‬
‫في األخير إلى رفض األخير لتلك المفاوضات (**)‪ ،‬فانقطعتْ االتصاالت بين الطرفين (‪. )49‬‬
‫وألن البرتغاليين ساعتها لم يكونوا مهيأين بوسائل إنزال رجالهم للساحل(***) تأجل الهجوم‬
‫‪ 5‬هذه المناقشات بين البوكرك وأصحابه‪ ،‬في الوقت الذي نعلم‬ ‫(**) ال ندري األسباب وراء اإلشارة إلى تفاصيل‬
‫فيه‪ ،‬من خالل هذه المذكرات (ص ‪ )444‬أن االستيالء على عدن كان بمقتضى مرسوم ملكي‪ ،‬وأن البوكيرك‪،‬‬
‫‪ 5‬الميداني‪ ،‬ونائب الملك‪ ،‬كان مع االحتالل المباغت لعدن‪ ،‬حتى ال تتاح فرصة تحصين المدينة أو وصول‬ ‫القائد‬
‫العون لها من الداخل (ص ص‪.)447-446‬‬
‫‪ 5‬من أصول حبشية اسلمت في اليمن (‪،)Schuman,p.63‬‬ ‫(*) هو مرجان بن عبد اهلل الحبشي (الظافري)‪،‬‬
‫انخرط في خدمة الدولة الطاهرية‪ ،‬عينه عامر بن عبد الوهاب عام ‪1489‬م واليًا على عدن‪ ،‬وظل كذلك إلى‬
‫أن مات فيها عام ‪1521‬م‪ .‬كان متمسكًا بواليته على عدن‪ ،‬وكان كثيرًا ما يلهي آل طاهر عن التفرغ لها‬
‫(محمد عبد العال‪ ،‬بنو رسول‪ ...‬ص‪ .)284‬أدار الحوار مع البوكيرك ببراعة ودهاء‪ ،‬ومن ثم أدار معركة‬
‫مقاومة البوكيرك بنجاح (سيرجنت ص ‪ ،50 ،48‬السيد سالم ‪ ،‬ص ‪ )71‬وقد أشار سيرجنت (ص ‪ )50‬إلى‬
‫أن مرجان كان على عالقة ودية مع الفرنجة والالفت للنظر‪ ،‬بل والجدير بالدراسة‪ ،‬أن السلطان عامر قد عين‬
‫مرجان واليًا على عدن عام ‪1489‬م في الوقت الذي كان فيه محمد بن عبد الملك بن داوود (ابن أخيه) واليًا‬
‫عليها‪ .‬والسؤال‪ :‬ما هي ضرورات ذلك التعيين؟ هل كانت ألسباب ترتبط بمسألة توطيد حكم عامر بشكل عام‬
‫؟ أم ألسباب تتعلق بخصوصية مدينة عدن نفسها ؟ وفي كل األحوال‪ ،‬تظل شخصية مرجان الظافري مثيرة‬
‫‪ 5‬والحيرة معًا‪ ،‬ولذلك فهي بحاجة إلى إماطة اللثام عنها‪ .‬وقد أشار محرر مجلة (اليمن) إلى مآثر هذه‬
‫للجدل‬
‫الشخصية ومواقفها‪ ،‬وإن كان ذلك بصورة مقتضبة جدًا‪ ،‬وأطلق دعوة لتكريمه (العدد (‪ )16‬نوفمبر‬
‫‪2002‬م‪ ،‬ص ص ‪.)97-96‬‬
‫‪ 5‬قد التقفها وبدأ بها مرجان الظافري بعد أن هدأت الرياح وتحسن‬ ‫(**) كانت عملية تبادل الرسل بين الطرفين‬
‫المناخ‪ ،‬ولعله فعل ذلك ليمنع (أوعلى األقل يؤجل) هجوم البوكيرك على عدن؛ وكانت هذه مناورة ذكية منه‬
‫لكسب الوقت‪ ،‬فيحصن المدينة ويجهز العدد والعدة‪ ،‬وهذا ما حصل فعالً‪.‬‬
‫(***) ليس مفهومًا القول أن البوكيرك قد عزم (وفقًا لتعليمات الملك) على مهاجمة عدن‪ ،‬وعندما أشرف على‬
‫مينائها لم يكن لديه وسائل إنزال وغيرها (يُقال أنها فُقدت قبل الوصول‪ ،‬ص ‪ ،)453‬وأيًا كان المبرر‪ ،‬فإنه‬
‫ليس من المستبعد أن يكون هدف البوكرك‪ ،‬على األقل في البداية‪ ،‬ليس احتالل عدن وإنما بناء حصن ومركز‬
‫‪ 5‬مثلما فعل في جوا وغيرها‪ ،‬لكي يتمكن من اإلشراف أو السيطرة على حركة مرور السفن المتجهة‬ ‫تجاري‬
‫‪132‬‬ ‫مجلة (اليمن) ‪ ،‬العدد الثالث والعشرون ‪ ...‬مايو ‪2006‬م ‪....‬‬
‫إلى صباح اليوم التالي الذي كان يصادف اليوم السابق لعيد الفصح (‪)****()Easter‬؛ وأنقضي‬
‫يوم الجمعة وانشغل رجال األسطول طوال السبت في تثبيت السفن معًا بالحبال‪ ،‬واستدعى‬
‫البوكرك كل القباطنة والقادة ليخبرهم بأن امتداد سور مدينة عدن على شكله ذلك قد ال يمكنهم‬
‫من السيطرة عليه‪ ،‬إذ لم يكن معهم إلنجاز ذلك العدد الكافي من الرجال والساللم‪ ،‬ولذلك‬
‫قرروا التخطيط لمسألة اختراق السور من موضع معين (‪. )50‬‬

‫ولذلك‪ ،‬شكل البوكيرك صفين من العساكر‪ ،‬يهدف األول إلى إحداث فتحة في‬
‫السور بالقوة والدخول إلى المدينة‪ ،‬وبعد أن يتم ذلك‪ ،‬تتم السيطرة على بوابة السلسلة الجبلية‬
‫المفضية إلى المناطق الداخلية ليتم عزل المدينـة عن أي إمدادات قد تأتيها من هناك؛ ويقوم‬
‫(‬
‫اآلخر بدعم وإمداد وحماية الصف األول من العساكر‪ ،‬وكان البوكيرك ضمن الصف اآلخر‬
‫‪.)51‬‬

‫وقـــبيل مــطلع الفجر تجمـعتْ القـوات البـرتغــالية عــند بارجـة‬


‫األدميـرال الـــبوكيرك ومـن ثـــم تســللتْ السـفــن إلـى الشاطــئ‪ ،‬إال‬
‫أنهـا ارتطـمتْ بقــاع البـحر بصــورة غيــر متـوقعـــة‪ ،‬فاضـطر‬
‫الجنــود مـن حمـلة السـالح إلــى الخـوض فـي المـاء باتـجاه الشاطئ‬
‫فـابــتل البــارود الـذي كـان مـعهم‪ ،‬وحصـل انـدفاع فـيما بـعد صـوب‬
‫الســـور بعـد أن تمــكن بعــض الجنــود مـــن وضــع الســـاللم‬
‫إزاء الســـور‪ ،‬وأدّى هـذا االنـدفـاع مـع تـزاحـم الجــنود الـبرتغـاليين‬
‫إلـى تحطـيم السـاللم الـتي لـم تتــحمـل ثقـــل العـدد الكـبير الـذي‬
‫ارتقـاهــا فــي وقــت واحــد‪ ،‬ولـم يتــبق إال ســلم واحــد‪ ،‬وكــان‬
‫البوكــرك حينـها عنــد السـور (*) فأمر فريقًا من حملة الفؤوس والرماح وأدوات‬

‫إلى البحر األحمر بيد أنه من المؤكد أن األسطول البرتغالي قد فقد وسائل اإلنزال وغيرها ألنه قد ضل طريقه‬
‫إلى عدن نظرًا لعدم وجود خريطة عن المنطقة‪،‬وابحر في اتجاهات غير صالحة لإلبحار‪ ،‬أو تعرض ألحوال‬
‫جوية رديئة ‪ ...‬الخ‪.‬‬
‫‪( 5‬تعريب فِسْح) (المنجد‪ ،‬ص‬ ‫(****) هو في األساس عيد يهودي‪ ،‬وفصح في العبرية تعني اجتياز وعبور ونجاة‬
‫‪)585‬؛ وهو عيد الفطر الذي يُراعى فيه عدم وجود خمر في أي طعام (المذكرات‪ ،‬ص ‪ )453‬بينما يشير‬
‫قاموس (‪ ) Websterll‬إلى أن كلمة (‪ )Easter‬لها جذورها الوثنية‪..‬الخ (ص ‪.)415‬‬
‫(*)يبدو أن هذه هي المرة األولى‪ ،‬وربما األخيرة‪ ،‬التي المس فيها البوكيرك أحد اسوار عدن‪ ،‬ولم نجد فيما‬
‫تيسر لنا من المراجع أن البوكيرك وطأ بقدميه بر عدن‪ .‬ويبقى السؤال ‪ :‬مادام أن البوكرك لم يزر عدن مثلما‬
‫‪ 5‬داكوادرا الذي وردت قصته في المذكرات (ص ص‪)501-497‬‬ ‫‪ 5‬أو حتى جريجوريو‬‫فعل فارثيما أو كوفيلهام‬
‫وترجم لنا عنه من كتاب كيرنان ( إماطة اللثام )‪ ،‬كيف تسنى له وصف عدن (المذكرات‪ ،‬ص ص‪-453‬‬
‫‪)457‬؟ باإلضافة إلى انه ليس هناك ما يدل ولو بالتلميح على أن البوكيرك قد زار عدن فعالً رغم أنه كان‬
‫يردد باستمرار أنه قد شاهدها (ربما عن بعد)‪،‬ولو كان البوكرك فعالً يعرف عدن لما هاجمها من ذلك المكان‬
‫الذي هاجمها فيه (نقالً عن ‪D.&L. lngram, Records of Yemen (1798-1960), Archive‬‬
‫‪.).Editions, London, 1993, vol. 1,p.13‬‬
‫‪133‬‬ ‫مجلة (اليمن) ‪ ،‬العدد الثالث والعشرون ‪ ...‬مايو ‪2006‬م ‪....‬‬
‫اإلصالح باإلسراع لمحاولة إصالح السلم ودعمه‪ ،‬و منعه من أن يُكسر‪ ،‬ورغم جهودهم فقد‬
‫كسر هذا السلم أيضا بسبب ثقل العدد‪ ،‬و تكسَّرتْ الرماح والسنادات قطعًا ومات عدد من‬
‫هؤالء الجنود المسعفين‪ ،‬وجُرح منهم عدد آخر (**)‪ ،‬ولم يصل إلى أعلى السور إال القليل‬
‫منهم‪ ،‬وتمكنوا من تنصيب علمهم فوقه (‪ . )52‬على أنهم لم يتمكنوا من القيام بأي عمل يُذكر‬
‫ألنهم كانوا مسلحين فقط بسيوف قصيرة‪ ،‬إال أنهم أحدثوا فتحة في السور واحتلوها إلى أن تم‬
‫دحرهم من قبل المدافعين عن المدينة‪ ،‬و من ثم مُلئتْ تلك الفتحة بالتراب والحجارة والتبن‬
‫الحارق (‪. )53‬‬

‫وأثناء ذلك‪ ،‬رأى البوكيرك أن الهجوم قد باء بالفشل‪ ،‬فسعى جاهدًا إلى إنقاذ ما‬
‫يمكن إنقاذه‪ ،‬فأمر باالنسحاب‪ ،‬إال أن بعض قادته لم يمتثلوا لألمر‪ ،‬وكان جارسيا دي سوزا‬
‫واحدًا منهم‪ .‬ومع ان بعض الجنود قد تمكنوا من النزول من السور سالمين بواسطة ما تبقى‬
‫من الحبال‪ ،‬إال أن جارسيا استمر مـع خادمه المولد يقاتالن إلى أن خر ميتًا جـراء‬
‫اختـراق أحد السهام رأسه (‪. )54‬‬

‫وواجه البوكرك مشكلة أخرى عندما حشد قواته استعدادًا لركوب السفن‪ ،‬حيث أمر‬
‫مرجان الظافري بإطالق نيران تلك المدافع التي وضعها في صيرة(*) مما أدى إلى مقتل‬
‫بعض البرتغاليين وجرح كثيرين منهم‪ ،‬ولم يكن البوكرك حينها يستطيع مقاومة تلك المدافع‬
‫ولم يكن لديهم ساللم الرتقاء األسوار ثانية‪ ،‬وال وسيلة تمكنهم من مبادلتها الضرب؛ هذا‬
‫باإلضافة إلى ارتفاع درجة حرارة الجو‪ ،‬وإرهاق الجنود‪ .‬لكل تلك األسباب أمر البوكرك‬
‫رجاله بالتوجه إلى السفن (‪. )55‬‬

‫(**) يشير مترجم السجل الكامل ألعمال البوكيرك أن هناك حفرًا خشبيًا مبكرًا لعملية تسلق سور عدن ورد‬
‫‪( 5‬السجل ‪ ،‬ص ‪.)461‬‬ ‫في خريطة المتحف البريطاني‬
‫(‬ ‫‪ 5‬دانفرز‬
‫‪ 5‬ما ورد في مذكرات البوكيرك (ص‪ )467‬ومـا ورد في كتـاب فردريك تشارلز‬ ‫(*) باستثناء‬
‫‪ )Danvers‬البرتغاليون في الهند‪ ،‬لندن‪1966 ،‬م‪ ،‬ج‪،1‬ص ‪ ،268‬والذي أشار إلى أن اليمنيين كان لديهم‬
‫‪ 5‬فإن اليمن‪ ،‬كما نعرف لم تكن تعرف ذلك السالح‪ ،‬وعرفته (خاصة البندقية) أول مرة عند‬ ‫مدافع كالبرتغاليين‪،‬‬
‫دخول المماليك (حسين العمري‪ ،‬تاريخ اليمن الحديث والمعاصر‪ ،‬دار الفكر المعاصر‪ ،‬دمشق‪1997 ،‬م ص‬
‫‪ )11‬وقد أشار صاحب القالدة إلى المنجنيقات فقط‪ .‬والسؤال‪ ،‬إذا صحت رواية المدافع (ص‪ )468‬أو أنها‬
‫منجنيقات ‪ ،‬لماذا لم يتم استخدامها استخدامًا أمثل؟ ومتى نصبها مرجان في صيرة؟ بل ومن أين تحصل‬
‫عليها في الوقت الذي نعلم فيه أن البندقية هي من أهم أسباب سقوط الدولة الطاهرية؟ وهل كان السلطان‬
‫‪ 5‬بها بعد أن حقق أهالي عدن في البداية نصرًا على البرتغاليين؟ إن‬ ‫عامر يعلم بهذه المدافع؟ ولماذا تم التفريط‬
‫‪ 5‬بصورة عامة‪ ،‬قد ارتبطت ‪ ،‬على ما يبدو لنا ارتباطًا شخصيًا‬ ‫قضية المدافع‪ ،‬بل وقضية مواجهة البرتغاليين‬
‫‪ 5‬عدن ؟ أم‬‫‪ 5‬هل كان الهجوم ضعيفًاَ ؟ أم المقاومة أقوى ؟ هل أنقذ مرجان الظافري‬ ‫‪ 5‬الظافري‪:‬‬‫ووثيقًا بمرجان‬
‫تراه قد أغرق دولة بني طاهر؟ كل تلك األسئلة بحاجة إلى إجابة واإلجابة هذه تمكن من معرفة –ودراسة‪-‬‬
‫‪5‬‬
‫شخصية مرجان الظافري!!‪.‬‬
‫‪134‬‬ ‫مجلة (اليمن) ‪ ،‬العدد الثالث والعشرون ‪ ...‬مايو ‪2006‬م ‪....‬‬
‫وفي صباح اليوم التالي أمر البوكرك ابن أخته جارسيا دي نورينها باالستيالء على‬
‫قلعة صيرة ليتم تغطية خروجهم من الميناء‪ .‬ووصل نورينها إلى قاعدة القلعة مع كل القوات‬
‫المصاحبة له‪ ،‬وشن هجومًا أدّى إلى االستيالء على صيرة وما بها من المدافع الكبيرة‬
‫والصغيرة والتي بلغ عددها ستة وثالثين‪ ،‬وتمركز هذا القائد في صيرة‪ ،‬وتم تغطية عملية‬
‫الصعود إلى السفن وذلك من خالل قصفه للمدينة التي دُمر كثير من منازلها‪ ،‬وتم بعد ذلك‬
‫تجهيز السفن البرتغالية بحبال الصواري وكل ما يلزمها وذلك من سفن المسلمين الموجودة‬
‫في الميناء‪ ،‬وذلك بحسب تعليمات البوكرك نفسه‪ ،‬وباإلضافة إلى ذلك‪ ،‬فقد أمر البوكرك‬
‫بسلب كل البضائع والمؤن الموجودة في السفن الراسية في ميناء عدن‪ ،‬وبعد ذلك أمر بإشعال‬
‫النيران فيها‪ ،‬وتمكنت السفن البرتغالية‪ ،‬بعد أن عاد مَنْ عاد‪ ،‬من مغادرة ميناء عدن متجهة‬
‫صوب البحر األحمر(‪. )56‬‬

‫وبعد عودته من البحر األحمر عرج البوكرك ثانية على عـدن‪ ،‬وألقـى مراسيـه‬
‫أمام المدينة التي كان في مينائها عدد كبير من السفن الضخمـة‪ ،‬ووجـد قلعـة صيرة قد‬
‫حُصنت بسور وبمزيد من األبراج لم تكن موجودة من قبـل‪ ،‬فأرسـل ابن أخته‪ ،‬نورينها ‪،‬‬
‫على رأس مجموعة لمهاجمة جزيـرة صيرة‪ ،‬فتمكنـوا من االستيالء عليها ‪ ،‬ومنها أطلقوا‬
‫نيران المدافع على مدينة عـدن فأسقطـوا عددًا كبيـرًا من المنازل‪ ،‬وعندما أدرك التجار‬
‫الغرباء ممن لهم سفن في المينـاء ما حـاق بمنازل عدن من دمار‪ ،‬خشوا أن يصدر‬
‫البوكيرك األوامر بإحـراق سفنهـم أيضاَ‪ ،‬فأرسلـوا إليه يقولون أنهم يودون افتداء سفنهم‬
‫بأي مبلـغ يريـده‪ ،‬فكانت إجابته أنـه لن يأخـذ أي مبالـغ ولن يقبل بغيـر إطالق سراح‬
‫المسيحييـن عند والـي عدن‪ ،‬فإن لم يفعـل فلن يترك سفينة إال أحرقهـا؛ ولم يعد‬
‫التجـار بأي عرض آخـر‪ ،‬فصمم البوكيـرك على تنفيـذ وعيده‪ ،‬ثم عرض هـذا األمـر‬
‫على القباطنـة والقـادة‪ ،‬لكنهم لم يوافقوه لعـدم المجازفـة بأرواح البرتغاليين خاصة وأن‬
‫لدى المسلمين مدافع كثيرة يمكنهم إطالقها لحماية سفنهم؛ بيد أن البوكيرك قرر تنفيذ خطته‬
‫مستعينًا بمجموعة من البحارة الفرسان‪ ،‬وانطلقوا في منتصف ليلة الجمعة‪ ،‬ولم يكن‬
‫المسلمون قد أقاموا نوبة حراسة‪ ،‬فأشعلوا النار في السفن التي لم يحترق منها اإل ثالث‪،‬‬
‫وقتلوا ثالثين مسلمًا‪ ،‬وعادت المجموعة للقوارب ومن ثم للسفن‪،‬دون أن يلحق أحدًا منهم‬
‫ضرر(‪ .)57‬وفي صباح يوم (‪4/8/1514‬م)‪ ،‬وبعد أن وصلت األمور إلى غاياتها(*)أمر‬
‫البوكرك القباطنة والقادة بمغادرة عدن (‪. )58‬‬

‫(*) لم تشر المذكرات إلى ماهية هذه األمور التي وصلت إلى غاياتها‪ .‬على الرغم من أنها أشارت في (ص‬
‫‪ 5‬وأخبره بأنه قد تعرف على مدخل‬‫‪ )506‬إلى أن أحد مبعوثي البوكرك وصل قُبالة عدن والتقى بالبوكرك‬
‫ميناء زيلع وببقية األمور‪ .‬هذا ما حدث‪ .‬ومن ثم اشارت المذكرات (ص‪ )509‬إلى أن البوكيرك اتجه بعد‬
‫‪ 5‬ومن هناك غير اتجاهه إلى ديو حيث استقبله ملك عزيز‪...‬‬‫‪ ( 5‬بالصومال)‬‫مغادرته عدن إلى رأس جوردفوي‬
‫الخ‪ .‬حقيقة ال ندري ما الذي جعل البوكيرك يغادر عدن هذه المرة‪ .‬هل الشتداد المقاومة؟ هل ألسباب أقوى‬
‫من البقاء قبالة عدن ؟ أم أن هناك أمورًا ال يرغب البوكرك في اإلفصاح عنها حتى لملكه؟‬
‫‪135‬‬ ‫مجلة (اليمن) ‪ ،‬العدد الثالث والعشرون ‪ ...‬مايو ‪2006‬م ‪....‬‬
‫كانت تلك قراءتنا لمحاولة البوكرك احتالل عدن منذ أن وصلها في ‪25/3/1513‬م‬
‫وغادرها أواخر مايو من نفس العام ومن ثم عودته إليها في النصف الثاني من يوليو ‪1514‬‬
‫ومغادرته إياها في ‪ ،4/8/1514‬وذلك وفقًا لما جاء في مذكراته‪.‬‬

‫وأول ما يستوقفني عند هذه المذكرات أمر يكاد يجمع عليه الكل‪ ،‬حتى الخصوم‪،‬‬
‫وهو أن البوكرك كان شغوفًا بالكتابة وبتدوين المالحظات السريعة خاصة العسكرية منها؛‬
‫وهذا الشغف قد دفع بأحد الباحثين إلى أن يشبه البوكرك بأيان فليمنج(*)‪ .‬والبوكرك قد قام‬
‫بتدوين كل ما كان يحدث له بدءًا بمغادرته لشبونة ومرورًا بالسواحل الشرقية إلفريقيا ومن‬
‫ثم في السواحل الغربية للهند وحتى عدن والبحر األحمر وغيرها من المناطق إال أننا لسنا‬
‫متأكدين مما إذا كان البوكرك قد دوّن كل صغيرة وكبيرة انطالقًا من ذلك الشغف‪ ،‬بمعنى هل‬
‫كانت هوايته هي الدافع ؟؟ أم أنه كان تكليفًا رسميًا من الملك ؟ بمعنى هل كانت مذكراته‬
‫تقريرًا لزم عليه استيفاؤه ؟؟‪.‬‬

‫فإذا سلّمنا بأن هذه المذكرات قد كتبها البوكيرك ليحتفظ بها لنفسه‪ ،‬ومن ثم كان‬
‫سينشرها حين يريد‪ ،‬فإنه في هذه الحالة ال بد وأن يتفرغ إلعادة تصويبها وتنقيحها ليحذف ما‬
‫يريد ويضيف ما يريد وبأسلوب يجعله راضيًا عنها‪ .‬بيد أن الموت حال دون ذلك على ما‬
‫يبدو‪ ،‬فقام بالمهمة ابنه براس (‪ )BRAZ‬الذي عُرف فيما بعد بنفس اسم أبيه؛ حيث قام‬
‫بالتعديل واإلضافة لكي يهديها للملك سبستيانو حفيد ما نويل‪ ،‬على الرغم من أن مانويل‬
‫نفسه أمر بطباعتها ونشرها‪ .‬أما إذا افترضنا بأن تلك المذكرات كانت بتكليف من الملك‪ ،‬فإن‬
‫مسألة التغيير والتعديل واإلضافة واردة جدًا أيضًا‪ ،‬وخصوصًا إذا علمنا‪ ،‬من نفس‬
‫المذكرات‪ ،‬أن البوكرك لم يكن صادقًا في نقل األخبار لملكه‪ ،‬خاصة األخبار غير السارة‪.‬‬

‫وفي كلتا الحالتين‪ ،‬هواية وتكليف‪ ،‬وعلى اختالف المواضيع‪ ،‬فإن مذكرات الفونسو‬
‫البد وأن تظهر بصورة يرضى بها البوكرك أو يرضى بها وعنها الملك‪ .‬ولذلك فانها قد‬
‫تعرضت لحذف أو تغيير أو إضافة أو تعديل‪ ....‬الخ‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬هناك حادثة وقعت‬
‫للبوكيرك عند شاطئ ميرامار بجوا في أوائل شهر يونيو من عام ‪1510‬م‪ ،‬وهي أنه كان "‬
‫عريانًا " في ذلك المكان‪ ،‬وعندما فوجئ بالرعد والبرق في السماء‪ ،‬ذعر‪ ،‬وكاد يغمى عليه‪،‬‬
‫ومن شدة هذه المفاجأة جرى وهو عريان (‪ . )60‬فإذا صَحتَ هذه الرواية‪ ،‬ترى هل كان قد‬
‫كتبها؟ وإذا كان قد كتبها‪ ،‬أكان يبقيها ابنه حتى تنشر؟ وعن حقيقة ما حدث‪ ،‬مثالً‪ ،‬عند عدن‪،‬‬
‫ترى هل نقله البوكرك بحذافيره ؟‪.‬‬

‫(*) هو ‪ ، Ian Lancaster Fleming‬مؤلف انجليزي (‪1908‬م‪1964 -‬م) اشتهر بتأليف شخصية ‪،‬‬
‫ومغامرات‪ ،‬جيمس بوند أو العميل (‪ ) 007‬التي صارت أفالما ينتصر في نهايتها هذا العميل الذي كان يحتاط‬
‫‪ 5‬المخابرات‬
‫لكل صغيرة وكبيرة في أدائه لمهامه‪ ،‬ومن المعروف بأنه (أي العميل ‪ )007‬كان يعمل لصالح‬
‫البريطانية وأعوانها‪.‬‬
‫‪136‬‬ ‫مجلة (اليمن) ‪ ،‬العدد الثالث والعشرون ‪ ...‬مايو ‪2006‬م ‪....‬‬
‫وعلى الرغم من ذلك‪ ،‬هناك احتمال كبير في أن يكون ما دونه البوكيرك قد ضاع‬
‫الكثير منه‪ ،‬أي تلك المراسالت التي كان يبعثها إلى لشبونة‪ ،‬خصوصًا وأن "السجالت الكاملة‬
‫لالستكشافات البرتغالية ورحالتها البحرية غير معروفة‪ ،‬إذ بقى الكثير منها طي الكتمان‬
‫جراء المنافسة مع الجارة اسبانيا‪ ،‬وإتالف محفوظات تلك الفترة جراء التهام النار لها إثر ذلك‬
‫الزلزال الذي ضرب لشبونة عام ‪1755‬م" (‪. )61‬‬

‫أما اذا سلمنا بأن مذكرات البوكيرك التي نقرؤها اليوم هي نفسها التي كتبها‬
‫وقتذاك‪ ،‬وبأن المعلومات الواردة فيها‪ ،‬وخاصة المرتبطة بمحاولة احتالل عدن‪ ،‬لم تتعرض‬
‫للحذف أو اإلضافة‪ ،‬فإن لنا وقفة أخرى معها‪ ،‬نوجزها في التالي‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬قد يكون من المؤكد أن الفونسو دالبوكرك كان مهتمًا بخدمة ملكه وبالده‪،‬‬
‫ومخلصًا لهما‪ ،‬وكان مهتمًا بجمع الثروات وبتعصبه لدينه‪ ،‬أو بتدينه‪ ،‬وبنشر ديانته‪ ،‬إال أن‬
‫األكيد أيضًا هو أنه ليس بالضرورة أن يكون كل البحارة والقباطنة و القادة مثله يهتمون‬
‫بنفس اهتماماته‪ ،‬بل أن هؤالء الذين كانوا معه في حله وترحاله‪ ،‬كانوا مهتمين كثيرًا بالتجارة‬
‫وجني األموال أو المرابحة‪ .‬وهذه المذكرات لم تشر إلى اهتمام هؤالء إال بالقدر الذي كان‬
‫يخدم بطلها‪.‬‬

‫ثانيًا‪ :‬لسنا متأكدين من المعطيات الجغرافية التي وردت في هذه المذكرات خاصة‬
‫تلك المعطيات المتعلقة بالجزر المنتشرة عند بداية مضيق باب المندب حتى كمران‪ ،‬على‬
‫الرغم من أن بعض المعلومات الجغرافية التي نعرفها اليوم عن الهند وملقا وجنوب فيتنام‬
‫واندونيسيا وحتى جنوب الصين هي مسميات برتغالية من ذاك الزمان‪.‬‬

‫ثالثًا‪ :‬ان المذكرات مليئة بالتناقضات خاصة تلك المرتبطة بشخصية بطلها‬
‫وأعماله‪ .‬فعلى سبيل المثال جاء في صفحة (‪ )446‬أن البوكرك كان مع الرأي بمهاجمة‬
‫عدن دون إجراء تفاوض مع أهلها‪ ،‬ومع ذلك نجد في صفحة (‪ )453‬أن البوكيرك قبل‬
‫التفاوض مع مبعوثي األمير مرجان‪ ،‬بل تفاوض أيضا مع التجار أصحاب السفن التي كانت‬
‫راسية عند ميناء عدن بعد عودته من البحر األحمر (ص ‪ .)505‬كذلك أشارت المذكرات‬
‫إلى أن البوكيرك رأى بأن حملته (األولى) قد باءت بالفشل (ص‪ ،)465‬ومع ذلك‪ ،‬نرى هذه‬
‫المذكرات تبرر ذلك الفشل بسوء الطوالع (ص‪ ،)468‬بل ذهبت إلى تمجيد استبسال‬
‫البرتغاليين وأظهرتْ بطوالتهم التي ال نعلم بها عند عدن‪،‬وأسهبت في ذكر فرحتهم ألنهم أول‬
‫من دخل البحر األحمر منذ أن اكتشفوا الهند(ص ‪.)472‬‬

‫رابعًا‪ :‬وصفت المذكرات مدينة عدن (ص ص‪ ،)457-453‬إال أن من غير‬


‫الواضح والمؤكد ما إذا كان البوكيرك قد وصف عدن من واقع مشاهدته وزيارته لها أم نقلها‬
‫‪137‬‬ ‫مجلة (اليمن) ‪ ،‬العدد الثالث والعشرون ‪ ...‬مايو ‪2006‬م ‪....‬‬
‫عن تلكم التقارير التي كان يرسلها كوفيلهام وفارتيما إلى الملك‪ ،‬أم أنه رواها عن التجار‬
‫والبحارة الذين التقى بهم أو أسرهم ؟؟ وإذا كان قد زارها فعالً‪ ،‬فمتى فعل ذلك؟ ومتى‬
‫وصفها ؟ أقبل الهجوم عليها ؟ أم بعده ؟ وهل كان ذلك تقريرًا عسكريًا يسبق معركة‬
‫عسكرية؟؟‬

‫أخيرًا‪ :‬لم تشر المذكرات إلى الحالة االجتماعية اللبوكرك‪ ،‬رغم أنها أفادت بأن (‬
‫‪ )BRAZ‬هو ابن البطل هذا‪،‬ولكنه غير الشرعي (ص ‪ .)67‬ترى هل كان من الصعب على‬
‫البوكرك اإلشارة إلى انه غير متزوج أو لم يتزوج… الخ ؟ ؟ وعليه لسنا واثقين في تصنيف‬
‫هذه المذكرات ‪:‬أ هي سيرة ذاتية‪ ،‬ترجمة‪،‬أعمال كاملة‪ ،‬مجموعة أعمال… الخ ؟ ؟ ؟ ولذلك‬
‫‪ ،‬ليس من المستبعد أن تكون تلك المذكرات عبارة عن تقارير عسكرية عن المنطقة عمومًا‬
‫وعدن على وجه الخصوص‪ ،‬خاصة إذا ما عرفنا أن بريطانيا استفادت كثيرًا من تلك‬
‫المذكرات‪ /‬التقارير التي استخدمتها الحتالل الهند أوالً‪ ،‬ثم الهجوم على عدن واحتاللها‪ ،‬ذلك‬
‫ألن ظهور بريطانيا في المحيط الهندي‪ ،‬على ما يبدو‪ ،‬كان مُعَدًّا له من قبل البرتغاليين‬
‫واإلنجليز وفقًا التفاق عام ‪1373‬م المشار إليه آنفًا في هذه الورقة‪.‬‬

‫لذلك‪ ،‬ومن واقع تلك المذكرات‪ ،‬ال نستبعد أن تكون شخصية البوكيرك قد أدت‬
‫دورًا رئيسًا في تشكيل األحداث في المنطقة وعلى الورق (أي كتابة المذكرات نفسها)‪ .‬فإن‬
‫كان البوكيرك‪ ،‬على سبيل المثال‪ ،‬قد حمل مشروعًا حقيقيًا أراد إنجازه‪ ،‬فأن سير األحداث‬
‫كان كثيرًا ما يخرج عن ذلك المشروع‪ ،‬وألن الخطط في المعارك البحرية تختلف كثيرًا عن‬
‫الخطط في المعارك البرية‪ ،‬كان على البوكيرك أن يتدخل باستمرار لتعديل أو تأجيل تنفيذ‬
‫ذلك المشروع‪ .‬وبالتالي كانت هناك البطوالت وكانت هناك اإلخفاقات الذريعة‪ .‬فعلى سبيل‬
‫المثال كان الصراع بين البرتغال والمسلمين‪ ،‬في بداية األمر‪ ،‬يدور في بلدان كثيرة في‬
‫المحيطين األطلسي والهندي‪،‬إال ان البوكرك تمكن من حصر ذلك الصراع فأصبح صراعًا‬
‫برتغاليًا‪/‬مسلمًا ساحته فقط البحر األحمر‪ .‬ومن هنا نجد شخصية البوكرك‪ ،‬على ما بها‪ ،‬قد‬
‫اضطلعت بأداء دور خطير في تغيير مجرى األحداث وتشكيلها؛ أما بالنسبة لعقليته‪ ،‬فربما‬
‫كانت بعيدة المدى‪ ،‬إذ إن ذلك الصراع لم يكن مع حفنة من الراجات (‪ )RAJAS‬أو‬
‫(‪)62‬‬
‫السالطين أو األمراء عند الموانئ‪ ،‬بل كان مع قوى مجتمعة من العالم اإلسالمي ‪ .‬لقد كان‬
‫البوكيرك يدرك بأن المصالح االقتصادية تسبق المطامع السياسية‪ ،‬وأن األهمية اإلستراتيجية‬
‫(‬
‫جع االحتواء والتدخل واالحتالل‬ ‫ال بد أن تخلق االهتمام‪ ،‬وأن الضعف الداخلي ال بد أن يُش ِّ‬
‫‪ . )63‬فربما ظن األمر كذلك بالنسبة لعدن استنادًا إلى التقارير التي قرأها عنها أو غير ذلك‪.‬‬

‫إال أنه‪ ،‬وبدون أدنى شك‪ ،‬كانت محاولته احتالل عدن والسيطرة على مداخل البحر‬
‫األحمر قد باءت بالفشل وبكل المقاييس‪،‬فلم يتمكن من تحقيق هدف من أهدافه في تلك‬

‫‪138‬‬ ‫مجلة (اليمن) ‪ ،‬العدد الثالث والعشرون ‪ ...‬مايو ‪2006‬م ‪....‬‬


‫المنطقة‪ ،‬فال فتح عدن كما أراد‪ ،‬وال حتى أقام فيها حصنًا كما تطلع إلى ذلك‪ ،‬ولم يتمكن‬
‫حتى من إدارة المفاوضات مع األمير مرجان‪ ،‬وكان فشله في ذلك أحد األسباب الرئيسة‬
‫النسحابه من البحر األحمر وتراجعه عن خطة إرسال فرقة عسكرية لنبش قبر الرسول‬
‫للمساومة على رفاته حتى يُسلم المسلمون القدس لملك البرتغال (‪ . )64‬فإذا كانت جوا هي‬
‫بداية ‪ Pax Portugalica‬فعدن هي بداية نهايتها على األقل في خليج عدن والبحر األحمر‪.‬‬

‫إن ما كان يحدث من محاولة احتالل عدن إنما مرده غياب دولة مركزية (وإن‬
‫كانت خراجية ) قوية في الساحل‪ ،‬رغم أن هذا الغياب كان واحدًا من أسباب االزدهار‬
‫التجاري الذي شهدته المدينة‪ ،‬بل والمنطقة عمومًا (‪ . )65‬وفشل حملة البوكرك على عدن إنما‬
‫مرده ليس ضعف الهجوم أو قوة المقاومة‪ ،‬أوالدعاء على الفرنجة‪ ،‬ولكن النشقاقات‬
‫المهاجمين‪ ،‬ولمواقف الحكام المحليين‪ ،‬خاصة مرجان‪ ،‬وتنافس القوى اإلقليمية األخرى‪،‬‬
‫واألهم من ذلك كله‪ ،‬لتحصينات عدن الطبيعية مع عدم دراية البوكيرك بمواضع اختراقها‪.‬‬
‫إن شخصية البوكيرك كان لها األثر الكبير في فشل محاولته احتالل عدن المنيعة طبيعيًا‬
‫واصطناعيًا‪ .‬وقد أثبت ذلك الفشل أن السفن‪ ،‬كل السفن‪ ،‬لم تجد لها مكانًا آمنًا في البحر أكثر‬
‫من ميناء عدن‪ ،‬ولكنها لم تسلم والبوكرك قُبالة عدن!!‪.‬‬

‫الهوامش‪:‬‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬جعفر الظفاري‪ ،‬الحركات الشعبيـة في التاريخ اليمني‪ ،‬ج‪ ،1‬الثقافـة الجديدة‪ ،‬ع(‬
‫‪ ،)10‬السنة الثالثة‪ ،‬أكتوبر ‪1974‬م‪ ،‬ص‪.16‬‬
‫(‪ )2‬حول تاريخ البرتغال‪ ،‬يمكن الرجوع ‪-‬على سبيل المثال‪ -‬إلى المؤلفات اآلتية‪:‬‬
‫‪ Edgar Prestage, The Portuguese Pioneers, A & C. Black, London,‬‬
‫‪1933.‬‬
‫‪ C. Boxer, The Portuguese Seaborne Empire (1415-1825),‬‬
‫‪Penguin Books, Harmonds,1973.‬‬
‫‪ S.G. Payne, A History of Spain and Portugal, Univ. of Wisc.‬‬
‫‪Press, Madison, 1976.‬‬
‫‪ H.V. Livermore, A New History of Portugal, Cambridg Univ.‬‬
‫‪Press, Mass., 1976.‬‬
‫& ‪ F. Roy Willis, Western Civilization, 3rd ed., D.C. Heath‬‬
‫‪Company, Mass., 1981.‬‬
‫‪ J.H. Bentley and H.E- Zieglar, Traditions and Encounters,‬‬
‫‪McGraw-Hill, Hawaii, 2003.‬‬

‫‪139‬‬ ‫مجلة (اليمن) ‪ ،‬العدد الثالث والعشرون ‪ ...‬مايو ‪2006‬م ‪....‬‬


‫(‪ )3‬بنتلي وزيجلر‪ ،‬صص‪12-9‬؛ بريستيج‪ ،‬ص‪6‬؛ بوكسر‪ ،‬ص‪8‬؛ ويليز‪ ،‬ص‪.549‬‬
‫(‪ )4‬بريستيج‪ ،‬ص‪9‬؛ ويليز‪ ،‬نفس الصفحة؛ باين‪ ،‬ص‪12‬؛ بوكسر‪ ،‬ص‪.16‬‬
‫(‪ )5‬ويليز‪ ،‬نفس الصفحة؛ الموسوعة الكاثوليكية بالويب‪The Catholic ...‬‬
‫‪. Encyclopedia‬‬
‫(‪ )6‬ويليز‪ ،‬ص ص‪551-550‬؛ وانظر كذلك‪www. The Catholic. Cath. ...‬‬
‫‪. Encyclopedia.com‬‬
‫‪(7) H.G Wells, A Short History of the World, Pelican Books,‬‬
‫‪London, 1954, p.240.‬‬
‫(‪ )8‬ويلز‪ ،‬نفس الصفحة؛ ويليز‪ ،‬ص‪550‬؛ بوكسر‪ ،‬ص‪27‬؛ ليفرمور‪ ،‬ص‪62‬؛ بريستيج‪،‬‬
‫ص‪.17‬‬
‫‪rd‬‬
‫& ‪(9) Don Peretz, The Middle East Today, 3 ed., Holt Rinehart‬‬
‫‪Winston, N. Y., 1978, p.78.‬‬
‫(‪،Willis )10‬مرجع سابق‪،‬انظر‪ :‬الهامش رقم (‪ ،)2‬ص‪551‬؛ محمد عبد العال أحمد‪-275 ،‬‬
‫‪ ،281-280 ،278‬أ‪.‬أ‪ .‬رايس‪ ،‬ص‪.190‬‬
‫(‪ )11‬بريستيج‪ ،‬صص‪215-214‬؛ بوكسر‪ ،‬ص‪90‬؛ ليفرمور‪ ،‬ص‪66‬؛ رايس‪ ،‬ص‪.191‬‬
‫‪(12) Http:// www. History channel. Com how did Portugal gain Control‬‬
‫‪of the spice.‬‬
‫(‪ )13‬بريستيج‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ ،IX‬ص‪ ،27‬ص‪ ،214‬ص‪.215‬‬
‫‪(14) S. Reed Brett, Europe Since the Renaissance, John Murray,‬‬
‫‪London, 1967, p.168.‬‬
‫(‪ )15‬بريستيج‪ ،‬ص‪213‬؛ بوكسر‪ ،‬ص‪92‬؛ ليفرمور‪ ،‬ص‪68‬؛ أيضًا‪www- ...‬‬
‫‪,Wikipedia‬‬
‫(‪ )16‬خلدون النقيب‪ ،‬المجتمع والدولة‪ ،‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬بيروت‪1989 ،‬م‪ ،‬ص‬
‫‪.63‬‬
‫(‪R.H. Kiernan, The Unveiling of Arabia, George G. Harrap & Co., )17‬‬
‫‪ . London, 1937, pp., 67-68‬كذلك‪ ،‬السجل الكامل ألعمال الفونسو البوكيرك‪،‬‬
‫الترجمة العربية (عبد الرحمن عبد اهلل شيخ)‪ ،‬المجمع الثقافي‪ ،‬أبو ظبي‪2000 ،‬م‪ ،‬ص‬
‫‪.50‬‬
‫(‪R.B. Serjeant, The Portuguese off the South Arabian Coast, )18‬‬
‫‪.Oxford, 1963, p. 4; also Playfair, op.cit;p. 96; Wikipedia‬‬
‫(‪ )19‬محمد حميد السلمان‪ ،‬الغزو البرتغالي للجنوب العربي والخليج‪ ،‬اإلمارات‪ ،‬مركز زايد‬
‫للتراث‪ ،‬ص‪.54‬‬
‫‪ )20‬السلمان‪ ،‬ص ‪ ،57‬كذلك اإلنترنت … ‪http://www. Questia.com/Albuquerque‬‬

‫‪140‬‬ ‫مجلة (اليمن) ‪ ،‬العدد الثالث والعشرون ‪ ...‬مايو ‪2006‬م ‪....‬‬


‫‪ )21‬الهوامش (‪ ،)19( ،)17(،)2‬إذ كان يطلق عليه العرب عين البقر وأحيانًا أبو كرش‬
‫(السلمان‪ ،‬ص ‪.)60‬‬
‫‪ )22‬السجل الكامل ألعمال البوكيرك‪ ،‬ص ص ‪.60-55‬‬
‫‪ )23‬الموسوعة البريطانية ج‪ ،1‬ص ‪223‬؛ الويكي بيديا الحرة (البوكيرك)…‬
‫‪ )24‬الموسوعة البريطانية‪ ،‬نفس الصفحة‪ ،‬أيضًا‪...‬‬
‫‪www.goanet.com/text/general/Albuquerque‬‬
‫‪ )25‬الموسوعة األمريكية‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪http://www.Catholic Encyclopedia … ،507‬‬
‫‪ )26‬أنظر الهامشين (‪ )25( ،)24‬أعاله‪.‬‬
‫‪ )27‬السلمان‪ ،‬مرجع سبق ذكره ‪ ،‬ص ص ‪.146-145‬‬
‫‪ )28‬السجل الكامل‪ ،‬ص ‪.56‬‬
‫‪ )29‬الموسوعة البريطانية‪ ،‬سبق ذكره‪.www. Goanet.com/text/general/Albuq ،‬‬
‫‪.F.C. Danvers, The Portugese in India, vol. 1, London,1960, p. 97 )30‬‬
‫‪ )31‬محمـد عبد القـادر بامطرف‪ ،‬الشهداء السبعة‪ ،‬ط‪ ،2‬دار الهمداني‪ ،‬عدن‪1983 ،‬م‪ ،‬ص‬
‫‪.59‬‬
‫‪ " )32‬البحر األحمر والمحاوالت البرتغالية األولى للسيطرة عليه" نصوص جديدة مستخلصة‬
‫من مشاهدات المؤرخ اليمني " بامخرمة" كما سجلها في مخطوط " قالدة النحر" دراسة وتحقيق‬
‫د‪ .‬محمد عبد العال أحمد‪ ،‬الهيئة المصرية العامة للكتاب‪ ،‬فرع اإلسكندرية‪1980 ،‬م‪ ،‬ص ‪99‬؛‬
‫و سيرجنت‪ ،‬مصدر سبق ذكره‪ ،‬ص ص ‪136 ،16-15‬؛ النقيب‪ ،‬سبق ذكره‪ ،‬ص ‪67‬؛ سيد‬
‫مصطفى سالم‪ ،‬سبق ذكره‪ ،‬ص ‪65‬؛ بامطرف‪ ،‬سبق ذكره ‪ ،‬ص ‪.60‬‬
‫‪ )33‬سيرجنت‪ ،‬سبق ذكره‪ ،‬ص ‪16‬؛ سيد مصطفى سالم‪ ،‬ص ‪71‬؛ محمد السلمان‪ ،‬ص ‪.150‬‬
‫‪ )34‬الموسوعة البريطانية؛ سيرجنت ‪ ،‬ص ‪16‬؛ محمد عبد العال‪ ،‬بنو رسول‪ ..‬الخ‪ ،‬ص ‪503‬؛‬
‫‪www. wikipedia‬‬
‫‪ )35‬الموسوعة البريطانية ج‪ ،1‬ص ‪223‬؛ والويب ‪.Goanet.com/text/general/Albuq‬‬
‫‪ )36‬الموسوعة البريطانية؛ والموسوعة الكاثوليكية‪ ،‬وموسوعة الويكي بيديا‪Wikipedia ،‬‬
‫‪,.www.goanet.com/text/general/Albuquerque.htm Wikipedia, op.cit )37‬‬
‫‪ )38‬السجل الكامل‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ص ‪.60-59‬‬
‫‪ )39‬المرجع نفسه ‪ ،‬ص ‪60‬‬
‫‪ )40‬فالح حنظل‪ ،‬األطماع البرتغالية في المقدسات اإلسالمية‪ ،‬سلسلة الندوات التاريخية (‪)1‬‬
‫رأس الخيمة ‪2001،‬م‪ ،‬ص ‪.132‬‬
‫‪ )41‬جعفر الظفاري‪ ،‬ثغر عدن في األدب‪ ،‬مجلة اليمن‪،‬العدد (‪ )12‬نوفمبر ‪2000‬م ‪ ،‬ص ص‬
‫‪.148-143‬‬
‫‪ )42‬أنظر ورقتنا " ماركو بولو وعدن أيام الرسوليين" سبق ذكره ‪ ،‬ص ‪.6-4‬‬
‫‪ )43‬محمد عبد اللطيف البحرواي ‪ ،‬فتح العثمانيين عدن‪ ،‬ص ‪.29‬‬
‫‪ )44‬المصدر السابق ‪ ،‬ص ص ‪.41-40‬‬
‫‪ )45‬انظر المصادر المشار إليها في هامش ص ص(‪ )11( )10‬من هذه الورقة؛ وكذلك‪ ،‬السيد‬
‫مصطفى سالم ص ‪.36‬‬

‫‪141‬‬ ‫مجلة (اليمن) ‪ ،‬العدد الثالث والعشرون ‪ ...‬مايو ‪2006‬م ‪....‬‬


‫‪ )46‬طارق الحمداني‪ ،‬دراسة الوثائق والمصادر المنشورة عن البرتغال‪ ،‬في الندوة التاريخية؛‬
‫ص ‪.260‬‬
‫‪ )47‬جعفر الظفاري‪ ،‬وصف مدينة عدن (ح‪919‬هـ) توطئة‪ ،‬مجلة اليمن‪،‬ع (‪ )16‬نوفمبر‬
‫‪2002‬م ‪ ،‬ص ‪.96‬‬
‫‪ )48‬السجل الكامل ألعمال الفونسو البوكيرك‪ ،‬سبـق ذكره‪ ،‬ص ص ‪-451 ،447-446‬‬
‫‪.452‬‬
‫‪ )49‬السجل الكامل‪ ،‬ص ‪.453‬‬
‫‪ )50‬نفسه‪ ،‬ص ‪.459‬‬
‫‪ )51‬نفسه‪ ،‬ص ص ‪.460-459‬‬
‫‪ )52‬نفسه‪ ،‬ص ‪.461‬‬
‫‪ )53‬نفسه‪ ،‬ص ‪.462‬‬
‫‪ )54‬نفسه‪ ،‬ص ص‪.466-465‬‬
‫‪ )55‬نفسه‪ ،‬ص ‪.467‬‬
‫‪ )56‬نفسه ‪ ،‬ص ‪.468‬‬
‫‪ )57‬نفسه‪ ،‬ص ص ‪.506-504‬‬
‫‪ )58‬نفسه‪،‬ص‪.509‬‬
‫‪.…Alexyz, Alfonso de Albuquerque Sails to Conquer, Goanet. Com )59‬‬
‫‪ )60‬المصدر نفسه‪.‬‬
‫‪ )61‬موسوعة الويكيبيديا الحرة ‪Wikipedia, Free Encyclopedia, (net) :‬‬
‫‪ )62‬ول ديورانت ‪ ،‬قصة الحضارة‪ ،‬ج‪،23‬ص ص‪.27-26‬‬
‫‪ )63‬حامد عبد اهلل ربيع‪ ،‬النظام الدولي اإلقليمي في منطقة الخليج العربي خالل فترة االستعمار‬
‫البرتغالي‪ ،‬في ندوة االستعمار البرتغالي في الخليج العربي والعالقة بين الخليج العربي وشرق‬
‫أفريقيا‪ ،‬سلسلة الندوات التاريخية (‪ ،)1‬مركز الدراسات والوثائق‪ ،‬رأس الخيمة ‪2001 ،‬م‪ ،‬ص‬
‫ص‪ ،59-58‬ص ‪ ،67‬ص ‪.71‬‬
‫‪Gordan Waterfield, Sultans of Aden, John Murray, London, 1968, p. )64‬‬
‫‪.74‬‬
‫كذلك أنظر السجل الكامل ألعمال الفونسو‪ ،‬مصدر سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.415‬‬
‫‪ )65‬د‪ .‬خلدون النقيب‪ ،‬مصدر سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.66‬‬

‫‪142‬‬ ‫مجلة (اليمن) ‪ ،‬العدد الثالث والعشرون ‪ ...‬مايو ‪2006‬م ‪....‬‬


‫‪143‬‬ ‫مجلة (اليمن) ‪ ،‬العدد الثالث والعشرون ‪ ...‬مايو ‪2006‬م ‪....‬‬
‫‪144‬‬ ‫مجلة (اليمن) ‪ ،‬العدد الثالث والعشرون ‪ ...‬مايو ‪2006‬م ‪....‬‬

You might also like