Professional Documents
Culture Documents
محاضرات المدخل الى العلوم القانونية - ذ لمغاري
محاضرات المدخل الى العلوم القانونية - ذ لمغاري
محـــاضـــرات في
المــــدخـــل إلى العلوم القانونية
-نظرية القانون -
1
ئحة فك الرموز :
2
مــــــــقــــدمـــــــة:
يعتبﺮ اﻹنسﺎن ﻣدني ﺑطبعه ،فهو ﻻ يستطيﻊ العيش ﺑمعزل عن اﻵخﺮين لكونه اﺟتمﺎعي ﺑﻔطﺮته ،فقد
أعطي نعمﺔ الﺤيﺎة والﺤﺮكﺔ والتﻔكيﺮ ،فسعى ﺑدافﻊ ﻣن طبيعته ورغبته في الﺤﻔﺎظ على ذاته إلى العيش في
إطﺎر الجمﺎعﺔ ،والدخول في ﻣعﺎﻣﻼت وعﻼقﺎت ﻣﻊ أفﺮادهﺎ ،اﻷﻣﺮ الذي نجم عنه تعﺎرض المصﺎلح
واختﻼف اﻷهداف ،ﻣمﺎ قد يؤدي ﺑدوره إلى التصﺎرع والتطﺎحن ﻣﻊ اﻵخﺮين حول السلطﺔ أو المﺎل أو
أﻣور أخﺮى .
ﻣمﺎ تطلب تﺤقيﻖ الضبط اﻻﺟتمﺎعي للﺤﻔﺎظ على العﻼقﺎت اﻻﺟتمﺎعيﺔ وإحﻼل التوازن ﺑينهﺎ عن طﺮيﻖ
اﺳتخدام القوة البدنيﺔ أو الوﺳﺎئل الﺮﻣزيﺔ لﻔﺮض أو إعمﺎل القواعد واﻷفعﺎل المقﺮرة ،ويكون الﻔﺮض
ﺑﺎﻹﺟبﺎر والقهﺮ،أﻣﺎ اﻹعمﺎل فيكون ﺑﺎﻹحيﺎء والتشجيﻊ والثنﺎء وغيﺮ ذلك ﻣن الوﺳﺎئل .
وقد اعتبﺮ عﺎلم اﻻﺟتمﺎع ادوارد روس ) (Edward Rossأن وﺳﺎئل الضبط اﻻﺟتمــﺎعي هي الﺮأي
العﺎم ,القﺎنون ,التﺮﺑيﺔ ,العﺮف ,الدين ,المثل العليﺎ ,القيم اﻻﺟتمﺎعيﺔ ....الخ.
كمﺎ اتﻔﻖ علمﺎء اﻻﺟتمﺎع على أن القﺎنون أهم وﺳيلﺔ للضبط اﻻﺟتمﺎعي لعدة عواﻣل ﻣنهﺎ:
ﻣﺤدوديﺔ تأثيﺮ الوﺳﺎئل اﻷخﺮى ﻣثل الﺮأي العﺎم ،واﻷعﺮاف والتقﺎليد في اﺳتتبﺎب اﻷﻣن خصوﺻﺎ في
المجتمعﺎت ذات التﺮكيبﺔ البشﺮيﺔ المعقدة .
تكﺎﻣل النظﺎم القﺎنوني فﺎلقﺎنون يعد نظﺎﻣﺎ هيكليﺎ شﺎﻣﻼ يتكون ﻣن ﻣجموعﺔ ﻣن القواعد المتكﺎﻣلﺔ والمتنﺎﺳقﺔ.
اقتﺮان القﺎنون ﺑعنصﺮ اﻹﺟبﺎر على تطبيقه عن طﺮيﻖ الجزاء المﺎدي الذي توقعه السلطﺔ العﺎﻣﺔ.
وﺑذلك يعد القﺎنون أهم وﺳيلﺔ لتﺤقيﻖ الضبط اﻻﺟتمﺎعي ،ﺑﺎعتبﺎره ﻣجموعﺔ ﻣن القواعد الملزﻣﺔ والمصﺤوﺑﺔ
ﺑﺎلجزاء يسعى إلى تنظيم السلوك اﻻﺟتمﺎعي وحﻔظ النظﺎم واﻻﺳتقﺮار ﺑﺎلمجتمﻊ.
وخﺎﺻيﺔ الضبط اﻻﺟتمﺎعي تجعل القﺎنون يهدف إلى:
1ـ التوفيق بين المصالح المتعارضة في المجتمع :يهدف القﺎنون إلى تﺤقيﻖ التوازن ﺑين ﻣصﺎلح اﻷفﺮاد
النﺎﺟمﺔ عن تﻔضيل المصﺎلح الشخصيﺔ على ﻣصﺎلح الغيﺮ ،وﺑﺎلتﺎلي الﺤد ﻣن ﺳيطﺮة اﻷفﺮاد على ﺑعضهم
خﺎﺻﺔ اﻷقويﺎء على الضعﻔﺎء.
كمﺎ يسعى إلى التوفيﻖ ﺑين المصﺎلح الخﺎﺻﺔ والمصﺎلح العﺎﻣﺔ للجمﺎعﺔ و ذلك ﺑوضﻊ قواعد ثﺎﺑتﺔ تكﻔل ﺳيﺮ
عﻼقﺎت النﺎس على وثيﺮة واحدة على أﺳﺎس العدل وضمن ﻣعﺎييﺮ ﻣوضوعيﺔ تكﻔل حﺮيﺎت اﻷفﺮاد وتﺤقيﻖ
الخيﺮ العﺎم للجمﺎعﺔ.
2ـ حفظ النظام واﻻستقرار بالمجتمع :تتمثل وظيﻔﺔ القﺎنون أيضﺎ في تﺤقيﻖ اﻷﻣن والنظﺎم ﺑﺎلمجتمﻊ ،ﻣمﺎ
يؤدي إلى اطمئنﺎن الﻔﺮد والمجموعﺔ على أﻣوالهم وحيﺎتهم ،ﻣمﺎ يجعله أكثﺮ تمﺎﺳكﺎ وقوة ﻣمﺎ يسﺎهم ﺑدوره
في تطويﺮ المجتمﻊ .
3
3ـ تحقيق العدل :تتميز القواعد القﺎنونيﺔ ﺑﺎلعموﻣيﺔ والتجﺮيد ﺑﺤيث توﺟه خطﺎﺑهﺎ وتكليﻔهﺎ إلى اﻷفﺮاد ﺑصﻔﺔ
عﺎﻣﺔ ،لهذا فهي ﻻ توﺟه إلى شخص ﻣعين أو واقعﺔ ﻣعينﺔ ،وﺑﺎلتﺎلي يعتبﺮ النﺎس ﺳواﺳيﺔ أﻣﺎم القﺎنون
والمسﺎواة ﺑهذا المعنى هي ﺟــوهﺮ العدل. 1
وتجدر اﻹشﺎرة إلى أن للقﺎنون عﻼقﺔ وطيدة ﺑﺎلﺤﻖ ،فﺎلﺤقوق تتولد عن القواعد القﺎنونيﺔ كمﺎ تﺮﺳم حدودهﺎ
وتضمن حمﺎيتهﺎ ،ويشكل الﺤﻖ ﺳلطﺔ يمنﺤهﺎ القﺎنون لشخص ﻣعين ،تخول له القيﺎم ﺑأعمﺎل ﻣعينﺔ تﺤقيقﺎ
لمصلﺤﺔ يﺤميهﺎ القﺎنون.
وتميز اللغﺔ العﺮﺑيﺔ ﺑين ﻣصطلﺤي القﺎنون والﺤﻖ ،فلكل واحد ﻣنهمﺎ ﻣدلوله الخﺎص ﺑه ،ﺑينمﺎ يختلط
المﻔهوﻣﺎن في اللغﺔ الﻔﺮنسيﺔ ،فيطلﻖ على القﺎنون والﺤﻖ اﺻطﻼح DROITلكن عندﻣﺎ يﺮاد ﺑه ﻣعنى
القﺎنون تضﺎف إليه كلمﺔ ،OBJECTIFوعندﻣﺎ يﺮاد ﺑه ﻣعنى الﺤﻖ تضﺎف إليه كلمﺔ .SUBJECTIF
يتبين ان هنﺎك عﻼقﺔ وطيدة ﺑين القﺎنون والﺤﻖ.
كمﺎ أن المدخل للعلوم القﺎنونيﺔ تتجﺎذﺑه نظﺮيتﺎن نظﺮيﺔ القﺎنون ونظﺮيﺔ الﺤﻖ ،ولﻺلمﺎم ﺑنظﺮيﺔ القﺎنون
ﺳنقسم هذه الدراﺳﺔ إلى:
الفصل اﻷول :مفهوم القانون وخصائص قاعدته وأصنافه
الفصل الثاني :مصادر القاعدة القانونية
الفصل الثالث:تحديد نطاق تطبيق القانون وتفسيره
الفصل ا ول:
الفرع ا ول:
1
توفيق حسن فرج ،ﷴ يحي مطر " اﻷصول العامة للقانون " مكتبة المعارف الحديثة 1988ص . 14 :
4
المبحث ا ول :تعريف القانون
يﺮﺟﻊ أﺻل كلمﺔ القﺎنون إلى اللغﺔ اليونﺎنيﺔ ) (Kanumالتي تشيﺮ إلى العصﺎ المستقيمﺔ ) المسطﺮة ( ،
لكنهﺎ كﺎنت تستخدم للدﻻلﺔ على اﻻﺳتقﺎﻣﺔ ﻻ على ﻣﻔهوم العصﺎ ،ولهﺎ نﻔس المﻔهوم في اللغﺔ الﻼتينيﺔ إذ يعبﺮ
عن القﺎنون ﺑكلمﺔ droitأي المستقيم أو الﺤد الﻔﺎﺻل ﺑين اﻻﺳتقﺎﻣﺔ واﻻنﺤﺮاف .2
أﻣﺎ ﻣن النﺎحيﺔ اللغويﺔ فيقصد ﺑمصطلح القﺎنون النظﺎم ،الثبﺎت واﻻﺳتقﺮار ،ﺑﺤيث يﻔيد تكﺮار أﻣﺮ ﻣعين
ﺑطﺮيقﺔ ﻣنتظمﺔ وعلى وثيﺮة واحدة ووفﻖ نظﺎم ثﺎﺑت ،وﺑهذا المعنى يستعمل لﻔظ القﺎنون في المجﺎﻻت
المختلﻔﺔ فقد يستعمل للدﻻلﺔ على النظم التي تﺤكم الظواهﺮ الطبيعيﺔ واﻻقتصﺎديﺔ واﻻﺟتمﺎعيﺔ ﻣثﻼ قﺎنون
الجﺎذﺑيﺔ ،قﺎنون العﺮض والطلب .
أﻣﺎ ﻣن النﺎحيﺔ اﻻﺻطﻼحيﺔ فيقصد ﺑكلمﺔ القﺎنون ﻣعنيين أولهمﺎ عﺎم وثﺎنيهمﺎ خﺎص ،يقصد ﺑﺎلمعنى العﺎم
لكلمﺔ القﺎنون ﻣجموعﺔ القواعد التي تنظم ﺳلوك أفﺮاد المجتمﻊ ،التي تكﻔل الدولﺔ احتﺮاﻣهﺎ ﺑجزاء يوقﻊ على
المخﺎلف عند اﻻقتضﺎء ،وﺑهذا المعنى يقﺎل أن أﻣﺮا ﻣعينﺎ ﻣخﺎلﻔﺎ للقﺎنون أو ﻣطﺎﺑقﺎ له .
وﻣن هذا المعنى أطلﻖ لﻔظ القﺎنون على العلم الذي يبﺤث في ﻣجموعﺔ تلك القواعد ،فيقﺎل ﻣثﻼ كليﺔ القﺎنون،
أﺳﺎتذة القﺎنون ،ﻣجلﺔ القﺎنون ،كمﺎ أنه في هذا المعنى الواﺳﻊ يطلﻖ على الشﺮائﻊ والقوانين الكبﺮى التي
تﺤكم العﺎلم كﺎلقﺎنون اﻻنجلوﺳﺎكسوني أو القﺎنون الﻼتيني أوالشﺮيعﺔ اﻹﺳﻼﻣيﺔ ،كمﺎ يﻔيد أيضﺎ القﺎنون
اﻹقليمي كأن يقﺎل القﺎنون المغﺮﺑي ،القﺎنون الﻔﺮنسي والقﺎنون اﻻنجليزي.
كمﺎ أن ﻣصطلح القﺎنون يستعمل ﺑوﺻف ﻣعين فيقﺎل القﺎنون الوضعي droit positifﺑﺎلمقﺎﺑلﺔ ﻣﻊ القﺎنون
الطبيعي droit naturelفﺎلقﺎنون الوضعي يقصد ﺑه ﻣجموعﺔ القواعد القﺎنونيﺔ المختلﻔﺔ الصﺎدرة وفﻖ
الشﺮوط القﺎنونيﺔ وﻣن الجهﺎت المختصﺔ والسﺎريﺔ المﻔعول في دولﺔ ﻣعينﺔ ،كمﺎ أن قواعده توضﻊ ﻣقدﻣﺎ
وتكون ﻣﺤددة تﺤديدا كﺎفيﺎ ﺑﺤيث يتمكن اﻷفﺮاد ﻣن تنظيم ﺳلوكهم وفقﺎ لتلك القواعد .
وقواعد القﺎنون الوضعي تشمل أيضﺎ ﺑعض القواعد الدينيﺔ في شكل قواعد قﺎنونيﺔ ﻣثﻼ ﻣدونﺔ اﻷﺳﺮة التي
تضم ﺑعض أحكﺎم الشﺮيعﺔ اﻹﺳﻼﻣيﺔ في شكل قواعد قﺎنونيﺔ ،أﻣﺎ القﺎنون الطبيعي droit naturelفيشكل
ﻣجموعﺔ ﻣن القواعد والمبﺎدئ المثﺎليﺔ اﻷﺑديﺔ التي يستمد ﻣنهﺎ القﺎنون الوضعي قواعده ،فهي تعتبﺮ ﻣثﻼ
أعلى للعدالﺔ أودعهﺎ ﷲ في الكون يكشف عنهﺎ ﺑﺎلعقل ،وكلمﺎ قﺮﺑت قواعد القﺎنون الوضعي ﻣن قواعد
القﺎنون الطبيعي ،كﺎنت القواعد الوضعيﺔ أقﺮب إلى المثﺎليﺔ والعدالﺔ وﺑﺎلتﺎلي أقﺮب إلى الكمﺎل .
أﻣﺎ المعنى الخﺎص للقﺎنون فيقصد ﺑه كل قﺎعدة أو ﻣجموعﺔ القواعد التي تضعهﺎ السلطﺔ التشﺮيعيﺔ لتنظيم أﻣﺮ
ﻣعين أو ﻣوضوع أو عﻼقﺔ ﻣﺤددة كعﻼقﺎت العمل ،ﻣوضوع الجنسيﺔ أو عﻼقﺎت التجﺎر ،ﻣمﺎ يؤدي إلى
تﺤديد فﺮوع القﺎنون كقﺎنون الشغل ،قﺎنون الجنسيﺔ ،القﺎنون التجﺎري .
2
ﻋالي امنينو ،هشام البخفاوي " مادة المدخل لدراسة القانون – نظرية القانون " سلسلة منشورات قانون وأﻋمال " طبعة 2017ص . 7 :
5
انطﻼقﺎ ﻣمﺎ ﺳبﻖ يتبين أن القﺎنون هو ﻣجموعﺔ القواعد التي تنظم الﺮواﺑط اﻻﺟتمﺎعيﺔ والتي تﻔﺮض الدولﺔ
إتبﺎعهﺎ ولو ﺑﺎلقوة عند اﻻقتضﺎء ،اﻷﻣﺮ الذي يوضح ﻣوضوع القﺎعدة القﺎنونيﺔ وخصﺎئصهﺎ.
6
المطلب ا ول:القاعدة القانونية قاعدة اجتماعية
يعد اﻹنسﺎن كﺎئنﺎ اﺟتمﺎعيﺎ فﻼ يمكنه العيش إﻻ في الجمﺎعﺔ وﺑﺎلجمﺎعﺔ ،وإذا كﺎنت الجمﺎعﺔ ضﺮوريﺔ لﺤيﺎة
وﻣعيشﺔ اﻹنسﺎن ،فﺎن القﺎنون يعد ضﺮورة ﻣلﺤﺔ لهذه الجمﺎعﺔ فﻼ يتصور وﺟود ﻣجتمﻊ ﺑدون قﺎنون أو
قﺎنون ﺑدون ﻣجتمﻊ ،وهذا ﻣﺎ يعبﺮ عنه ﺑأن القﺎنون ظﺎهﺮة وضﺮورة اﺟتمﺎعيﺔ .
ويقصد ﺑﺎلمجتمﻊ في هذا اﻹطﺎر المجتمﻊ المنظم الذي توﺟد فيه ﺳلطﺔ يكون لهﺎ السيﺎدة على أفﺮاده والقدرة
على إﺟبﺎرهم على اﻻﻣتثﺎل ﻷحكﺎم القﺎنون.
وإذا كﺎنت الدولﺔ اليوم هي الشكل الﺤديث للمجتمﻊ السيﺎﺳي المنظم ،فﺎنه ﻻ يجوز أن يﻔهم ﻣنه أن
القﺎنون ﻣعﺎﺻﺮ في نشأته للدولﺔ ،ﺑل هو أقدم ﻣنهﺎ إذ كﺎنت المجتمعﺎت القديمﺔ تخضﻊ لقوانين ﻣعينﺔ قبل ﻣيﻼد
الدولﺔ .3
والطبيعﺔ اﻻﺟتمﺎعيﺔ للقﺎعدة القﺎنونيﺔ تجعلهﺎ ﻣﺮنﺔ إذ تختلف ﻣن ﻣكﺎن إلى أخﺮ ،فﺎلقﺎعدة القﺎنونيﺔ ﻣثﻼ في
الدول الليبﺮاليﺔ تختلف عن ﻣثيلتهﺎ في الدول اﻻشتﺮاكيﺔ ،والقواعد القﺎنونيﺔ السﺎئدة في الدول اﻹﺳﻼﻣيﺔ
تختلف عن المعمول ﺑهﺎ في الدول الغيﺮ اﻹﺳﻼﻣيﺔ.
كمﺎ أن القواعد القﺎنونيﺔ تختلف ﻣن زﻣﺎن إلى آخﺮ ،إذ تتطور ﺑتطور الظﺮوف اﻻقتصﺎديﺔ ،اﻻﺟتمﺎعيﺔ
والسيﺎﺳيﺔ التي يمﺮ ﺑهﺎ المجتمﻊ ،لهذا يتدخل المشﺮع ﻣن وقت ﻵخﺮ لتغييﺮه أو تتميمه أو إلغﺎئه وإحﻼل
قﺎنون أخﺮ ﻣﺤله القﺎنون القﺎئم ليسﺎيﺮ الظﺮوف الجديدة للمجتمﻊ ،4وكمثﺎل على ذلك قﺎنون اﻻلتزاﻣﺎت
والعقود الذي ﺻدر ﺳنﺔ 1913وتدخل المشﺮع المغﺮﺑي ﺑﺎلعديد ﻣن القوانين لتتميمه ﻣن ﺑينهﺎ القﺎنون رقم
50.35المتعلﻖ ﺑﺎلتبﺎدل اﻻلكتﺮوني للمعطيﺎت القﺎنونيﺔ ،أو إﺻدار قﺎنون ﺟديد كﺎلقﺎنون رقم 31.08القﺎضي
ﺑتﺤديد تداﺑيﺮ لﺤمﺎيﺔ المستهلك ﺳنﺔ . 2011
يتبين ﻣمﺎ ﺳبﻖ أن القﺎنون هو حقيقﺔ اﺟتمﺎعيﺔ ﻣتصلﺔ ﺑﺤقﺎئﻖ المجتمﻊ اﻷخﺮى ،ﺑمعنى أنه يؤثﺮ عليهﺎ ويتأثﺮ
ﺑدوره ﺑهﺎ .
7
لكن عموﻣيﺔ القﺎعدة القﺎنونيﺔ ﻻ يعني أنهﺎ تطبﻖ ﺑصﻔﺔ ﻣطلقﺔ على النﺎس كﺎفﺔ ،ﺑل قد تﺤدد ﻣن حيث
اﻷشخﺎص ،وﻣن حيث الزﻣﺎن والمكﺎن.
فمن حيث اﻷشخﺎص قد يقتصﺮ تطبيﻖ القﺎعدة القﺎنونيﺔ على فئﺔ ﻣعينﺔ ﻣن أفﺮاد المجتمﻊ كﺎلقواعد المتعلقﺔ
ﺑﻔئﺔ المﺤﺎﻣين ،اﻷطبﺎء ،التجﺎر والموظﻔين ،إذ في ﺟميﻊ الﺤﺎﻻت ﻻ تخﺎطب القﺎعدة القﺎنونيﺔ اﻷفﺮاد ﺑدواتهم
ﺑل تقصد اﻷشخﺎص ﺑأوﺻﺎفهم.
ﺑل إن القﺎعدة القﺎنونيﺔ تظل عﺎﻣﺔ وﻣجﺮدة ولو تعلقت ﺑشخص واحد طﺎلمﺎ تخﺎطبه ﺑوﺻﻔه ﻻ ﺑذاته كتلك
المنظمﺔ للمﺮاكز القﺎنونيﺔ لﺮئيس الﺤكوﻣﺔ أو رئيس البﺮلمﺎن .
أﻣﺎ ﻣن حيث الزﻣﺎن فهنﺎك ﻣن القواعد القﺎنونيﺔ ﻣﺎ يوضﻊ لكي يعمل ﺑه ﻣدة ﻣعينﺔ كﺎلقوانين التي تصدر
ﺑصﻔﺔ ﻣؤقتﺔ ،فتعتبﺮ ﺑﺎلﺮغم ﻣن كونهﺎ ﻣؤقتﺔ ينتهي العمل ﺑهﺎ ﺑمجﺮد زوال ﺳبب تقنينهﺎ قواعد عﺎﻣﺔ
وﻣجﺮدة خﻼل فتﺮة تطبيقهﺎ ،كﺎلقوانين التي تصدر خﻼل فتﺮة الﺤﺮب أو ظﺮوف أخﺮى اﺳتثنﺎئيﺔ كﺎلقﺎنون
المتعلﻖ ﺑسن أحكﺎم خﺎﺻﺔ ﺑﺤﺎلﺔ الطوارئ الصﺤيﺔ وإﺟﺮاءات اﻹعﻼن عنهﺎ ،5المتعلﻖ ﺑجﺎئﺤﺔ كورونﺎ
كوفيد .19
أﻣﺎ ﻣن حيث المكﺎن فﺎلقواعد القﺎنونيﺔ قد تطبﻖ في إقليم ﻣعين ﻣن دولﺔ دون غيﺮه ،ويعمل ﺑهذا النظﺎم في
الدول التي تتكون ﻣن وﻻيﺎت ﻣتعددة ﻣثل الوﻻيﺎت المتﺤدة اﻷﻣﺮيكيﺔ ﺑﺤيث تنﻔﺮد كل وﻻيﺔ ﺑوضﻊ قوانين
خﺎﺻﺔ ﺑهﺎ دون غيﺮهﺎ ﻣن الوﻻيﺎت اﻷخﺮى .
ويتﺮتب عن خﺎﺻيتي العموم والتجﺮيد تﺤقيﻖ المسﺎواة والعدل ﺑين أفﺮاد المجتمﻊ ،إذ تخضﻊ ﺟميﻊ
المخﺎطبين ﺑهﺎ حكﺎﻣﺎ أو ﻣﺤكوﻣين لسيﺎدة القﺎنون ،ﺑخﻼف القﺎعدة الموﺟهﺔ إلى شخص ﺑذاته فﻼ تعد قﺎعدة
قﺎنونيﺔ ﺑل أﻣﺮا أو قﺮارا فﺮديﺎ يستنﻔذ قوته ﺑمجﺮد تطبيقه على الشخص المتعلﻖ ﺑه 6كقﺮار تعيين ﻣوظف
اوعزله .
5
فقد صدر الظهير الشريف رقم 1.20.67بتاريخ 4ذي الحجة 25 ) 1441يوليوز (2029بتنفيذ القانون رقم 42.20بتغيير المرسوم بقانون رقم 2.20.292
الصادر في 28من رجب 23 ) 1441مارس (2020المتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات اﻹﻋﻼن ﻋنها في الجريدة الرسمية ﻋدد 6903
بتاريخ 6دو الحجة 27 ) 1441يوليوز ( ص 4150 :
6
نجاة بضراني " مدخل لدراسة القانون " الطبعة 3مطبعة النجاح الجديدة 2001ص .17 :
7
أبو بكر مهم :المدخل لدراسة القانون :م.س ..ص. 22 :
8
ويتخذ تنظيم القﺎعدة القﺎنونيﺔ لسلوك اﻷفﺮاد شكل اﻷﻣﺮ أو النهي أو التكليف أو في ﺻورة تنظيم عﺎم يلتزم
اﻷفﺮاد ﺑإتبﺎعه
والقﺎنون إذ يضﻊ أﻣﺮا أو نهيﺎ يقيد ﺑه ﺳلوك فﺮد ﻣن اﻷفﺮاد فﺎنه يقصد ﺑذلك ﻣن ﺟهﺔ أولى تﺤقيﻖ حﺮيﺔ
ﻣقﺎﺑلﺔ لدى الغيﺮ ،وﻣن ﺟهﺔ ثﺎنيﺔ تأكيد الﺤﻖ لصﺎحبه.
وتقويم ﺳلوك اﻷفﺮاد يجعل القﺎعدة القﺎنونيﺔ تتكون ﻣن عنصﺮين أولهمﺎ ﻣﺎدي يتمثل في الﻔﺮض أو الظﺎهﺮة
أو الواقعﺔ التي تنجم عن النشﺎط اﻹنسﺎني والتي يلزم تﺤققهﺎ في الواقﻊ ليثور أﻣﺮ تطبيﻖ هذه القﺎعدة ،
وثﺎنيهمﺎ عنصﺮ ﻣعنوي وهو اﻷﻣﺮ الذي يقضي ﺑه القﺎنون ويﺮﺑط نﻔﺎده ﺑتﺤقﻖ الﻔﺮض. 8
فمثﻼ القﺎعدة القﺎنونيﺔ التي تعتبﺮ أن شخصيﺔ اﻹنسﺎن تبدأ ﺑوﻻدته حيﺎ فهي تعني أنه إذا ولد اﻹنسﺎن حيﺎ وهذا
هو الﻔﺮض وﺟب اعتبﺎره شخصﺎ وهذا هو الﺤكم.
والقﺎعدة القﺎنونيﺔ خﻼل تنظيمهﺎ لسلوك اﻷشخﺎص تنصب على السلوك المﺎدي أي المظﺎهﺮ الخﺎرﺟيﺔ لهذا
السلوك وﺑصيغﺔ أخﺮى اﻷفعﺎل والتصﺮفﺎت الصﺎدرة عنه ,وﻻ تتوﺟه إلى ﻣﺤﺎكمﺔ النوايﺎ والبواعث ﺑمعنى
كل ﻣﺎ يدور في أعمﺎق النﻔس البشﺮيﺔ ﻣن ﻣشﺎعﺮ وخواطﺮ وأﺳﺎﺳيﺎت ﻣثل الكﺮاهيﺔ والﺤقد رغم أنهﺎ ﻣخﺎلﻔﺔ
لمبﺎدئ اﻷخﻼق والمثل العليﺎ .9
فﺎلمشﺎعﺮ والنوايﺎ التي تظل كﺎﻣنﺔ في النﻔس ﻻ يعتد ﺑهﺎ ﻣن النﺎحيﺔ القﺎنونيﺔ إﻻ إذا خﺮﺟــت إلى العﺎلم
الخﺎرﺟي في شكل ﺳلوك ،وعندئذ يخضﻊ هذا السلوك لﺤكم القﺎنون.
ولكن ليس ﻣعنى ﻣﺎ تقدم أن القﺎعدة القﺎنونيﺔ ﻻ تهتم على وﺟه اﻹطﻼق ﺑﺎلنوايﺎ والبواعث الكﺎﻣنﺔ في النﻔس
وإنمﺎ تهتم ﺑهﺎ في حدود ﺻلتهﺎ ﺑﺎلسلوك الخﺎرﺟي للشخص فإذا عزم إنسﺎن على قتل آخﺮ ولم يقتله ،فﻼ شأن
للقﺎنون ﺑه ،أﻣﺎ إذا قتله فعﻼ فﺎن القﺎنون يأخذ ﺑعين اﻻعتبﺎر ذلك العزم وتلك النيﺔ ,وﺑذلك يختلف عقﺎب القﺎتل
المتعمد المتﺮﺻد عن القﺎتل الذي قتل دون نيﺔ ﻣبيتﺔ ,فطبقﺎ للﻔصل 392ﻣن القﺎنون الجنﺎئي يعﺎقب ﺑﺎﻹعدام
القﺎتل المتعمد المصﺤوب ﺟﺮيمته ﺑظﺮوف التشديد ،وهو ﺳبﻖ اﻹﺻﺮار والتﺮﺻد ﺑينمﺎ يعﺎقب ﺑﺎلسجن المؤﺑد
القﺎتل العمد الغيﺮ المصﺤوب ﺑظﺮوف التشديد.
8
ﷴ حسين منصور م .س ص. 19 - 18 :
9
ﷴ حسين منصور " المدخل الى القانون :القاﻋدة القانونية" الطبعة اﻻولى منشورات الحلبي الحقوقية لبنان 2010ص . 13 :
9
أنه ﺟزاء ﻣﺎدي أو حسي أي له ﻣظهﺮا ﻣﺎديﺎ خﺎرﺟيﺎ وليس ﻣجﺮد ﺟزاء ﻣعنوي ،ﺑﺤيث يصيب ﺟسم
10
اﻹنسﺎن كعقوﺑﺔ اﻹعدام أو ﻣﺎله كﺎلتعويض أو الغﺮاﻣﺔ أو حﺮيته كﺎلعقوﺑﺎت السﺎلبﺔ للﺤﺮيﺔ.
يتميز الجزاء في القﺎعدة القﺎنونيﺔ ﺑأنه ﺟزاء حﺎل غيﺮ ﻣؤﺟل يطبﻖ ﺑمجﺮد ثبوت المخﺎلﻔﺔ القﺎنونيﺔ.
تنﻔﺮد السلطﺔ العﺎﻣﺔ ﺑمﺎ تملك ﻣن وﺳﺎئل الزﺟﺮ والﺮدع والعقﺎب ﺑإيقﺎع الجزاء ،ﺑﺤيث يمنﻊ على
الﻔﺮد العﺎدي أن يقتضي حقه ﺑنﻔسه إﻻ في ﺑعض الﺤﺎﻻت اﻻﺳتثنﺎئيﺔ المﺤددة ﺑنص القﺎنون كﺤﺎلﺔ
الدفﺎع الشﺮعي في المجﺎل الجنﺎئي ،والدفﻊ ﺑعدم التنﻔيذ في المجﺎل المدني .11
يكون الجزاء ﻣﺤددا ﺳلﻔﺎ ،ﻣعﺮوفﺎ ﻣن حيث طبيعته وﻣقداره فمثﻼ الﻔصل 505ﻣن القﺎنون الجنﺎئي
ينص على أنه " من اختلس عمدا ماﻻ مملوكا للغير يعد سارقا ويعاقﺐ بالحبس من سنة إلى خمس
سنوات وغرامة من مائتين إلى خمسمائة درهم " ،والهدف ﻣن هذا التﺤديد إعﻼم أفﺮاد المجتمﻊ
ﺑﺎلجزاء الذي ينتظﺮهم عند ﻣخﺎلﻔﺔ القﺎعدة القﺎنونيﺔ .
والجزاء ليس له ﺻورة واحدة ﺑل يتعدد ويتنوع ﺑتنوع فﺮوع القﺎنون واختﻼف طبيعﺔ قواعده فهنﺎك الجزاء
الجنﺎئي والجزاء المدني والجزاء اﻹداري.
10
ﷴ حسين منصور م .س ص 27 :وما يلها .
11
ابو بكر مهم م.س.ص 25 :وما يلها .
10
الﻔصل 14ﻣن ﻣجموعﺔ القﺎنون الجنﺎئي( ﻣن ﺑينهﺎ حسب الﻔصل 36ﻣن القﺎنون السﺎلف الذكﺮ الﺤجﺮ
القﺎنوني والتجﺮيد ﻣن الﺤقوق الوطنيﺔ .
أﻣﺎ التدﺑيﺮ الوقﺎئي فهو ﻣجﺮد إﺟﺮاء وقﺎئي الهدف ﻣنه اتقﺎء الخطورة الكﺎﻣنﺔ في ﺑعض اﻷشخﺎص أو
اﻷﻣﺎكن في المستقبل كﺎلﺤدث المنﺤﺮف أو المجنون ،فهو إﺟﺮاء ﻻ يﺮتبط ﺑمقدار وخطورة الﻔعل
اﻹﺟﺮاﻣي المﺮتكب كمﺎ هو شأن العقوﺑﺔ ﺑل يﺮتبط أﺳﺎﺳﺎ ﺑﺎلخطورة اﻹﺟﺮاﻣيﺔ الكﺎﻣنﺔ في شخص
المجﺮم ،وتنقسم إلى تداﺑيﺮ وقﺎئيﺔ شخصيﺔ حصﺮهﺎ الﻔصل 61ﻣن ﻣجموعﺔ القﺎنون الجنﺎئي ﻣنهﺎ
اﻹقصﺎء ،اﻹﺟبﺎر على اﻹقﺎﻣﺔ ﺑمكﺎن ﻣعين ،اﻹيداع القضﺎئي داخل ﻣؤﺳسﺔ لعﻼج اﻷﻣﺮاض العقليﺔ ،
وتداﺑيﺮ وقﺎئيﺔ عينيﺔ حصﺮهﺎ المشﺮع في الﻔصل 62ﻣن القﺎنون السﺎلف الذكﺮ كمصﺎدرة اﻷشيﺎء التي
لهﺎ عﻼقﺔ ﺑﺎلجﺮيمﺔ أو اﻷشيﺎء الضﺎرة أو الخطيﺮة المﺤضور اﻣتﻼكهﺎ .
والجزاء الجنﺎئي قد يقتﺮن ﺑجزاء ﻣدني يتمثل في التعويض لمن لﺤقه الضﺮر ﻣن ارتكﺎب الجﺮيمﺔ كمﺎ في
ﺟﺮائم السﺮقﺔ والضﺮب والجﺮح.
11
أﻣﺎ الجزاءات المدنيﺔ المتعلقﺔ ﺑتنﻔيذ العقد فمن ﺑينهﺎ الﻔسخ الذي يﺮد على التصﺮف الذي اﺳتكمل ﺟميﻊ
شﺮوطه وأركﺎنه ،لكن أثنﺎء تنﻔيذه يخل أحد اﻷطﺮاف ﺑﺎلتزاﻣﺎته اتجﺎه الطﺮف اﻵخﺮ ،فيقوم هذا اﻷخيﺮ
ﺑﺎلمطﺎلبﺔ ﺑﻔسخه كجزاء على هذا اﻹخﻼل ،وأيضﺎ الدفﻊ ﺑعدم التنﻔيذ وحﻖ حبس الشئ .
La sanction administratives ou الفقرة الثالثة :الجزاء ا داري أو التأديبي :
correctionnelles
يتﺤقﻖ هذا الجزاء عند اﻹخﻼل أو ﻣخﺎلﻔﺔ القواعد التي تﻔﺮضهﺎ الوظيﻔﺔ أو المهنﺔ التي ينتمي إليهﺎ
كإضﺎعﺔ ﻣوظف لملف ﻣهم أو ﻣخﺎلﻔﺔ طبيب لقواعد ﻣهنته كإفشﺎء اﻷﺳﺮار المهنيﺔ.
ﺑﺎلنسبﺔ للجزاء اﻻدراي يوقﻊ على الموظف الذي أخل ﺑقواعد الوظيﻔﺔ العموﻣيﺔ وفي ذلك ينص الﻔصل 17
ﻣن قﺎنون الوظيﻔﺔ العموﻣيﺔ على أنه " ...كل خطأ يﺮتكبه الموظف في تأديﺔ وظيﻔته أو عند ﻣبﺎشﺮتهﺎ
يتعﺮض لعقوﺑﺔ تأديبيﺔ زيﺎدة إن اقتضى الﺤﺎل عن العقوﺑﺎت التي ينص عليهﺎ القﺎنون الجنﺎئي " ،وﻣن ﺑين
هذه الجزاءات المنصوص عليهﺎ في الﻔصل 66ﻣن القﺎنون السﺎلف الذكﺮ اﻻندار ،التوﺑيخ ،الﺤذف ﻣن
ﻻئﺤﺔ التﺮقي ،العزل ﻣن غيﺮ توقيف عن التقﺎعد و العزل ﻣﻊ توقيف عن التقﺎعد.
أﻣﺎ الجزاءات المﺮتبطﺔ ﺑممﺎرﺳﺔ المهن فتﺤدد في القوانين المنظمﺔ لهذه المهن وقد توقعهﺎ هيئﺎت
ﻣختصﺔ ﺑذلك كنقﺎﺑﺎت المﺤﺎﻣين وهيئﺎت اﻷطبﺎء ،فمثﻼ ينص الﻔصل 62ﻣن القﺎنون رقم 28.08
المنظم لمهنﺔ المﺤﺎﻣﺎة 12على أنه :
" العقوﺑﺎت التأديبيﺔ هي:
· اﻹنذار؛
· التوﺑيخ؛
· اﻹيقﺎف عن ﻣمﺎرﺳﺔ المهنﺔ لمدة ﻻ تزيد عن ثﻼث ﺳنوات ؛
· التشطيب ﻣن الجدول أو ﻣن ﻻئﺤﺔ التمﺮين ،أو ﺳﺤب الصﻔﺔ الشﺮفيﺔ. ".....
والجزاء اﻹداري أو التأديبي قد يقتﺮن ﺑجزاء آخﺮ ﻣدني أو ﺟنﺎئي ،وقد يوقﻊ ﻣنﻔصﻼ عن أي ﺟزاء آخﺮ .
المبحث الثاني :الع قة ﺑين القواعد القانونية وﺑاقي القواعد ا جتماعية ا خرى
توﺟد إلى ﺟﺎنب القواعد القﺎنونيﺔ قواعد اﺟتمﺎعيﺔ أخﺮى تسﺎهم ﺑدورهﺎ في تنظيم ﺳلوك الﻔﺮد داخل
المجتمﻊ ،وهي قواعد المجﺎﻣﻼت والعﺎدات والتقﺎليد – المطلب اﻷول -وقواعد اﻷخﻼق – المطلب الثﺎني -
وقواعد الدين -المطلب الثﺎلث ، -لكن ثمﺔ اختﻼف ﺑين هذه القواعد والقواعد القﺎنونيﺔ.
12
ظهير شريف رقم 1.08.101صادر في 20من شوال 20) 1429أكتوبر (2008بتنفيذ القانون رقم 28.08المتعلق بتعديل القانون المنظم لمهنة المحاماة.
الجريدة الرسمية رقم 5680الصادرة في 6نوفمبر 2008ص.4044 :
12
المطلب ا ول :القانون وقواعد المجام ت والعادات والتقاليد
تعتبﺮ قواعد المجﺎﻣﻼت والعﺎدات والتقﺎليد قواعد ﺳلوك اعتﺎد النﺎس إتبﺎعهﺎ في حيﺎتهم اليوﻣيﺔ ،وهي
ﺳﺎئدة في كل المجتمعﺎت البشﺮيﺔ ،فمن قواعد المجﺎﻣﻼت التهنئﺔ في المنﺎﺳبﺎت السعيدة ،والعزاء
والمواﺳﺎة في اﻷحداث اﻷليمﺔ ،أﻣﺎ العﺎدات فتتجلى ﻣثﻼ في التﺤيﺔ عند اللقﺎء ،ونمط الملبس واﻷكل
والمظهﺮ .
وتتﻔﻖ هذه القواعد ﻣﻊ القواعد القﺎنونيﺔ في أنهﺎ تنظم العﻼقﺎت اﻻﺟتمﺎعيﺔ والسلوك اليوﻣي لﻸفﺮاد لكن
توﺟد فوارق ﺑينهمﺎ ﻣنهﺎ:13
افتقﺎر قواعد العﺎدات والمجﺎﻣﻼت إلى التﺤديد والتنظيم داخل الجمﺎعﺔ ،على خﻼف القواعد
القﺎنونيﺔ التي غﺎلبﺎ ﻣﺎ تكون على شكل تشﺮيﻊ ﻣكتوب ﺻﺎدر عن السلطﺔ المختصﺔ.
افتقﺎر قواعد العﺎدات والمجﺎﻣﻼت إلى ﺟزاء ﻣﺎدي ﻣلموس توقعه السلطﺔ العﺎﻣﺔ ويتمثل الجزاء
المتﺮتب عنهﺎ في اﺳتنكﺎر النﺎس ولوﻣهم واحتقﺎرهم ،وتجميد العﻼقﺎت ﺑينهم.
ويﺮﺟﻊ هذا اﻻختﻼف إلى طبيعﺔ المصﺎلح التي تهدف كل قﺎعدة إلى حمﺎيتهﺎ ،فﺎلمصﺎلح التي
يﺤققهﺎ القﺎنون تكون ذات أهميﺔ قصوى ﻣن أﺟل حﻔظ كيﺎن المجتمﻊ وتوفيﺮ اﻷﻣن ﺑخﻼف القيم
التي تسعى إلى تﺤقيقهﺎ قواعد المجﺎﻣﻼت والعﺎدات .
وﺑﺎلﺮغم ﻣن ذلك فﺎن قواعد المجﺎﻣﻼت قد تﺮقى إلى درﺟﺔ القﺎعدة القﺎنونيﺔ عند إقﺮارهﺎ ﻣن طﺮف
المشﺮع ﻣثل قﺎنون ﻣنﻊ التدخين ﺑﺎﻷﻣﺎكن العموﻣيﺔ ،وتخصيص اﻷﻣﺎكن اﻷﻣﺎﻣيﺔ ﺑوﺳﺎئل النقل للنسﺎء
والﺤواﻣل والعجزة ،كمﺎ أن القﺎعدة القﺎنونيﺔ قد تمنﻊ وتجﺮم ﺑعض التقﺎليد والعﺎدات السيئﺔ التي درج
عليهﺎ أفﺮاد المجتمﻊ كﺎﻻ خد ﺑﺎلثأر وختﺎن البنﺎت الموﺟودة في المجتمﻊ المصﺮي ،أو تقنن ﺑعض
القواعد المخﺎلﻔﺔ لقواعد اﻷخﻼق كإﺑﺎحﺔ التعﺎﻣل ﺑﺎلﻔوائد البنكيﺔ أو كسب المﺎل ﺑﺎلتقﺎدم المكسب .
المطلب الثاني :القانون وقواعد ا خ ق
يقصد ﺑقواعد اﻷخﻼق ﻣجموعﺔ ﻣن القيم السﺎﻣيﺔ والمثل العليﺎ تمثل ﻣﺎ يجب أن يكون عليه ﺳلوك اﻷفﺮاد
في المجتمﻊ ،ﻣن ﺑينهﺎ الصدق في القول،اﻷﻣﺮ ﺑﺎلمعﺮوف والنهي عن المنكﺮ ,الوفﺎء ﺑﺎلعهد .
وﺑذلك تعتبﺮ قواعد اﻷخﻼق قواعد ﺳلوك تهدف إلى تنظيم الﺮواﺑط اﻻﺟتمﺎعيﺔ ،لكنهﺎ تختلف عن
القﺎعدة القﺎنونيﺔ ﻣن عدة أوﺟه ،كمﺎ تتشﺎﺑه ﻣعهﺎ في ﺑعض اﻷحكﺎم.
الفقرة اﻷولى :أوجه التشابه بين القواعد القانونية وقواعد اﻷخﻼق .
تتﻔﻖ القواعد القﺎنونيﺔ ﻣﻊ القواعد اﻷخﻼقيﺔ في النواحي التﺎليﺔ :
ارتبﺎط النوعين ﻣن القواعد ﺑﺎلمجتمﻊ ،فكﻼهمﺎ قواعد اﺟتمﺎعيﺔ ﻻ توﺟد إﻻ إذا وﺟدت الجمﺎعﺔ.
قواعد عﺎﻣﺔ وﻣجﺮدة ﻻن كﻼ القﺎعدتين تتوﺟه ﺑخطﺎﺑهﺎ إلى عﺎﻣﺔ أفﺮاد المجتمﻊ حكﺎﻣﺎ أو
ﻣﺤكوﻣين .
قواعد ﻣلزﻣﺔ فكﻼ القﺎعدتين ﻣقﺮونتين ﺑجزاء يوقﻊ على ﻣن يخﺎلﻔهﺎ.
13
نجاة بضراني :م .س ص . 36 :
13
الفقرة الثانية :أوجه ا خت ف ﺑين القاعدة القانونية وقواعد ا خ ق
تختلف القواعد القﺎنونيﺔ عن القواعد اﻷخﻼقيﺔ ﻣن حيث نطﺎق كل ﻣنهمﺎ وﻣضمونهمﺎ والجزاء المتﺮتب
على ﻣخﺎلﻔتهﺎ.14
أو :من حيث النطاق :تهدف القواعد القﺎنونيﺔ والقواعد اﻷخﻼقيﺔ إلى تنظيم ﺳلوك اﻷفﺮاد
ﺑﺎلمجتمﻊ ،لكن اﻷخﻼق تهدف إلى ﺑلوغ الكمﺎل والسمو ﺑﺎلنﻔس البشﺮيﺔ ,لذا تهتم قواعد اﻷخﻼق ﺑبواعث
النﻔس فﺎلكذب والﺤقد يعتبﺮان ﻣنﺎفيين لقواعد اﻷخﻼق ،أﻣﺎ القﺎنون فﻼ يهتم إﻻ ﺑﺎلسلوك الخﺎرﺟي لﻺنسﺎن،
ﺑﺤيث ﻻ يعﺎقب ﻣثﻼ على الكذب أو الﺤقد إﻻ إذا اتخذ ﻣظهﺮا خﺎرﺟيﺎ يضﺮ ﺑأﻣن المجتمﻊ كمﺎ لو اتخذ الﺤقد
ﺻورة الضﺮب أو القذف في حﻖ شخص آخﺮ أو في حﺎلﺔ شهﺎدة الزور .
كمﺎ أن القواعد القﺎنونيﺔ قد تنظم أﻣورا ﻻ دخل لهﺎ ﺑﺎﻷخﻼق كتنظيم اختصﺎﺻﺎت المﺤﺎكم أو ﻣواعيد
الطعن في اﻷحكﺎم ،لكن هذا ﻻ يعني اﻻنﻔصﺎل التﺎم ﺑينهمﺎ إذ أن كثيﺮا ﻣن قواعد اﻷخﻼق تعتبﺮ في نﻔس
الوقت قواعد قﺎنونيﺔ ويﻔﺮض القﺎنون ﺟزاء على ﻣخﺎلﻔتهﺎ كتجﺮيم اﻷعمﺎل المخلﺔ ﺑﺎلﺤيﺎء وحسن اﻵداب،
وتعتبﺮ العقود المخﺎلﻔﺔ للنظﺎم العﺎم واﻵداب ﺑﺎطلﺔ ﺑطﻼنﺎ ﻣطلقﺎ .
ﺛانيا :من حيث المضمون :يختلف ﻣضمون القﺎعدة القﺎنونيﺔ عن ﻣضمون القﺎعدة اﻷخﻼقيﺔ ،فﺎلقﺎعدة
القﺎنونيﺔ تكون ﻣقﺮرة عﺎدة في ﺻيغﺔ ﻣﺤددة يسهل التعﺮف عليهﺎ لتطبيقهﺎ ،أﻣﺎ قواعد اﻷخﻼق فمﺮﺟعهﺎ ضميﺮ
الجمﺎعﺔ ولذلك تبدو أحيﺎنﺎ غيﺮ واضﺤﺔ يكتنﻔهﺎ الغموض.
ﺛالثا :من حيث الجزاء :الجزاء في قواعد اﻷخﻼق ﺟزاء أدﺑي أو ﻣعنوي يتمثل في تأنيب الضميﺮ
وازدراء المجتمﻊ ،ﺑينمﺎ الجزاء في القﺎعدة القﺎنونيﺔ ﺟزاء ﻣﺎدي توقعه السلطﺔ العﺎﻣﺔ ﺑﺎﺳتخدام القوة عند
الضﺮورة.
ونشيﺮ أن ﺑعض القواعد القﺎنونيﺔ تعتبﺮ تطبيقﺎ لقواعد لمبﺎدئ أخﻼقيﺔ كقﺎعدة حسن النيﺔ في تنﻔيذ العقود
المنصوص عليه في الﻔصل 231ﻣن ق.ل.ع وحسن النيﺔ في التقﺎضي المنصوص عليه في الﻔصل 5ﻣن ق.م .م
المطلب الثالث:القانون وقواعد الدين
يقصد ﺑقواعد الدين ﻣجموعﺔ ﻣن اﻷواﻣﺮ والنواهي التي أنزلهﺎ ﷲ ﺳبﺤﺎنه وتعﺎلى ﺳواء في القﺮآن أو
السنﺔ على عبﺎده ﻣن أﺟل الهدايﺔ والﻔوز في الدنيﺎ واﻵخﺮة فهي عبﺎرة عن أواﻣﺮ ونواهي ﻣقتﺮنﺔ ﺑجزاء عند
ﻣخﺎلﻔتهﺎ .
وﺑذلك تعمل قواعد الدين على تنظيم عﻼقﺔ اﻹنسﺎن ﺑﺮﺑه ﺑﺎلصﻼة والصوم والزكﺎة وغيﺮهم ﻣن
العبﺎدات وأيضﺎ تعمل على تنظيم ﻣﺎ يتعلﻖ ﺑصلﺔ الﻔﺮد ﺑنﻔسه كتقويم وتوﺟيه النﻔس إلى ﻣﺎ يجب أن يكون
عليه الﻔﺮد في عﻼقته ﺑﺎﻵخﺮين وأخيﺮا تنظم عﻼقﺔ الﻔﺮد ﺑغيﺮه خﺎﺻﺔ في ﻣجﺎل المعﺎﻣﻼت المﺎليﺔ وأيضﺎ
العﻼقﺎت الغيﺮ المﺎليﺔ كﺎلزواج والطﻼق والنسب .
يﻼحظ أن كﻼ النوعين يهدف إلى تﺤقيﻖ اﻻﺳتقﺮار ﺑﺎلمجتمﻊ لكنهمﺎ يختلﻔﺎن ﻣن حيث نطﺎق كل ﻣنهمﺎ
والجزاء المتﺮتب على كل قﺎعدة وغﺎيﺔ كل ﻣنهمﺎ.
أو :من حيث النطاق :القواعد الدينيﺔ أوﺳﻊ نطﺎقﺎ ﻣن القواعد القﺎنونيﺔ لكونهﺎ تنظم عﻼقﺔ
الﻔﺮد ﺑﺮﺑه وﺑنﻔسه وﺑغيﺮه ,في حين تتولى القﺎعدة القﺎنونيﺔ تنظيم عﻼقﺔ الﻔﺮد ﺑغيﺮه داخل المجتمﻊ.
14
ابو بكر مهم :م .س .ص 75 :وما يليها .
14
ﺛانيا :من حيث الهدف :الغﺎيﺔ في الدين ﻣثﺎليﺔ لهذا يهتم ﺑﺎلنوايﺎ والبواعث والبﺎطن والظﺎهﺮ في
حين أن القﺎنون غﺎيته نﻔعيﺔ لذا يهتم فقط ﺑﺎلسلوك الظﺎهﺮي لﻸفﺮاد ﻻ ﺑﺎلنوايﺎ إﻻ إذا تجسدت في
شكل ﻣﺎدي خﺎرﺟي.
ﺛالثا :من حيث الجزاء :الجزاء في القواعد الدينيﺔ أخﺮوي يتمثل في العقﺎب اﻷخﺮوي ،أﻣﺎ في
القﺎعدة القﺎنونيﺔ فﺎلجزاء ﻣﺎدي توقعه السلطﺔ العﺎﻣﺔ ﺑعد ثبوت المخﺎلﻔﺔ القﺎنونيﺔ ،وﺑذلك فهو ﺟزاء
دنيوي.
15
لكن في ﺑعض اﻷحيﺎن تكون القواعد الدينيﺔ قواعد قﺎنونيﺔ كقواعد النسب واﻹرث والوﺻيﺔ.
الفرع الثالث:
أصناف القاعدة القانونية
تصنف القﺎعدة القﺎنونيﺔ إلى ﻣجموعﺔ ﻣن اﻷﺻنﺎف وفﻖ ﻣجموعﺔ ﻣن المعﺎييﺮ إﻣﺎ حسب ﺻورتهﺎ –
المبﺤث اﻷول – أو حسب ﻣوضوعهﺎ – المطلب الثﺎني – أو حسب ﺻورتهﺎ – المطلب الثﺎلث ، -لكن يظل أهم
تصنيف لهﺎ حسب قوتهﺎ في اﻹلزام إلى قواعد آﻣﺮة وأخﺮى ﻣكملﺔ– المبﺤث الﺮاﺑﻊ ، -لكون هذا التصنيف يﺮتبط
ﺑﺤﺮيﺔ اﻷفﺮاد ونشﺎطهم ،وﻣدى حﺮيتهم في التقيد ﺑﺎلقواعد القﺎنونيﺔ أو ﻣخﺎلﻔتهﺎ ﺑخﻼف التصنيﻔﺎت اﻷخﺮى التي
تﺮتبط ﺑصورتهﺎ أو ﻣوضوعهﺎ أو ﺻيﺎغتهﺎ .
تنقسم القﺎعدة القﺎنونيﺔ ﻣن حيث الصورة التي توﺟد عليهﺎ ﺑﺎلمجتمﻊ إلى قواعد ﻣكتوﺑﺔ وقواعد غيﺮ
ﻣكتوﺑﺔ.
أوﻻ :القواعد المكتوبة:تعتبﺮ القﺎعدة القﺎنونيﺔ ﻣكتوﺑﺔ إذا ﺻدرت عن السلطﺔ المؤهلﺔ ﻹﺻدار القوانين
وﺑشكل ﻣكتوب ،ﺑﺤيث تأتي في ﻣﺤﺮر ثﺎﺑت وفي نص ﻣكتوب كقواعد التشﺮيﻊ التي تضعهﺎ السلطﺔ المختصﺔ
ﺑسن التشﺮيﻊ) البﺮلمﺎن ﺑﺎلنسبﺔ للقﺎنون المغﺮﺑي(.
ثانيا :القواعد الغير المكتوبة :إذا ﺻدرت القﺎعدة القﺎنونيﺔ في شكل غيﺮ كتﺎﺑي تكون غيﺮ ﻣكتوﺑﺔ ولو أشيﺮ
إليهﺎ في كتﺎب ﻣن الكتب أو دونت في ﻣﺤﺮر أخﺮ ،وﺑﺎلتﺎلي فﺎن ﻣعيﺎر التﻔﺮقﺔ ﺑينهمﺎ ليس تدوينهﺎ في إحدى
المﺤﺮرات،وإنمﺎ تقنينهﺎ في ﻣﺤﺮر كتﺎﺑي ﻣن طﺮف السلطﺔ المختصﺔ ﺑإﺻدار القوانين .
يتﺮتب عن هذا التمييز اتصﺎف القﺎعدة القﺎنونيﺔ المكتوﺑﺔ ﺑﺎلوضوح والتﺤديد ﺑﺤيث تكون واضﺤﺔ المعﺎني
واﻷهداف ﻣن خﻼل العبﺎرات واﻷلﻔﺎظ المستعملﺔ لصيﺎغتهﺎ ،وﻻ تتﺮك ﻣجﺎﻻ للتأويل إﻻ ﺑﺎلقدر الذي تﻔيده
ألﻔﺎظهﺎ ،ﺑخﻼف القﺎعدة الغيﺮ المكتوﺑﺔ التي تبقى ﻣستقﺮة في اﻷذهﺎن دون أن تدون في عبﺎرات واضﺤﺔ
وﻣﺤدودة ﻣمﺎ يجعلهﺎ غﺎﻣضﺔ يثور الخﻼف حول حقيقتهﺎ وﻣضمونهﺎ .
15
توفيق حسن فرج و ﷴ يحي مطر :م.س .ص. 29 :
15
وﻣعيﺎر الوضوح يجعل القﺎعدة المكتوﺑﺔ ﻣﺤﻼ للتﻔسيﺮ ﺑخﻼف القﺎعدة الغيﺮ المكتوﺑﺔ التي تﻔتقﺮ إلى
الوضوح.
وتجدر اﻹشﺎرة في اﻷخيﺮ أن أغلب القواعد في الوقت الﺤﺎضﺮ ﻣكتوﺑﺔ يطبعهﺎ اﻹلزام لكونهﺎ ﺻﺎدرة عن
ﺳلطﺔ ﻣختصﺔ ،ﺑخﻼف القواعد الغيﺮ المكتوﺑﺔ التي تﻔتقﺮ إلى هذه الصﻔﺔ لكونهﺎ تصدر ﻣن ﻣصﺎدر أخﺮى
كﺎلعﺮف أو القﺎنون الطبيعي أو ﻣبﺎدئ العدالﺔ.
المبحث الثاني:
تصنيف القاعدة القانونية حسب موضوعها
يقصد ﺑمعيﺎر تصنيف القﺎعدة القﺎنونيﺔ وفﻖ ﻣوضوعهﺎ إلى المجﺎل الذي تتنﺎوله ﺑﺎلتنظيم ويمكن تقسيم
القواعد القﺎنونيﺔ حسب ﻣوضوعهﺎ إلى نوعين:
أوﻻ :القواعد الموضوعية :وهي القواعد التي تﺤدد حقوق والتزاﻣﺎت أفﺮاد المجتمﻊ ،وكيﻔيﺔ إنشﺎئهﺎ
وتعديلهﺎ وانتقﺎلهﺎ وإثبﺎتهﺎ وانقضﺎئهﺎ والجزاء الموقﻊ على ﻣخﺎلﻔتهﺎ.
وتعتبﺮ أغلب فﺮوع القﺎنون الخﺎص أو العﺎم قواعد ﻣوضوعيﺔ فمثﻼ يﺤدد القﺎنون المدني حقوق والتزاﻣﺎت
اﻷفﺮاد في ﻣعﺎﻣﻼتهم وعﻼقﺎتهم المﺎليﺔ واﻷﺳﺮيﺔ ،ويﺤدد القﺎنون الجنﺎئي اﻷفعﺎل التي تعد ﺟﺮائم والعقوﺑﺎت
المقﺮرة لهﺎ .
ثانيا :القواعد الشكلية أو اﻹجرائية أو المسطرية :تعمل على توضيح اﻹﺟﺮاءات التي ينبغي ﺳلوكهﺎ
للﺤصول على الﺤقوق التي ﻣنﺤهﺎ القﺎنون لﻸشخﺎص أو التﺤلل ﻣن اﻻلتزاﻣﺎت التي قﺮرهﺎ القﺎنون ﺑإثبﺎت
عدم تﺤملهﺎ وأيضﺎ ﻣسطﺮة ﻣعﺎقبﺔ المخﺎلف للقواعد الموضوعيﺔ .
وﺑذلك تخﺮج القوانين المسطﺮيﺔ القواعد الموضوعيﺔ ﻣن السكون إلى الﺤﺮكﺔ ﻻن القوانين الموضوعيﺔ
تبقى ﻣجﺮد قواعد نظﺮيﺔ إلى إن لم تتدخل القوانين الشكليﺔ فتﻔعلهﺎ وتبعث فيهﺎ الﺤﺮكﺔ .
ويعتبﺮ كل ﻣن قﺎنون المسطﺮة المدنيﺔ وقﺎنون المسطﺮة الجنﺎئيﺔ المثﺎلين البﺎرزين للقواعد الشكليﺔ في
القﺎنون المغﺮﺑي ,ﺑﺎﻹضﺎفﺔ إلى قوانين ﻣختلطﺔ تجمﻊ ﺑين القواعد الموضوعيﺔ والشكليﺔ كقﺎنون التﺤﻔيظ
العقﺎري وقﺎنون الﺤﺎلﺔ المدنيﺔ.
المبحث الثالث:
تصنيف القاعدة القانونية حسب صيغتها
تقسم القﺎعدة القﺎنونيﺔ حسب ﺻيﺎغتهﺎ إلى قﺎعدة ﺟﺎﻣدة وأخﺮى ﻣﺮنﺔ ،فﺎلقﺎعدة الجﺎﻣدة تأخذ شكﻼ ثﺎﺑتﺎ ﻻ
يتغيﺮ ﺑتغيﺮ ظﺮوف ووقﺎئﻊ كل حﺎلﺔ على حدا ،ﺑﺤيث يكون عمل القﺎضي عند تطبيقهﺎ شبه آلي ،ﻣن
أنواعهﺎ القواعد المﺤددة ﻷﺟل الطعن في اﻷحكﺎم والقﺮارات القضﺎئيﺔ والقواعد المﺤددة لسن الﺮشد .
تﺤقﻖ القﺎعدة الجﺎﻣدة قدرا كبيﺮا ﻣن اﺳتقﺮار المعﺎﻣﻼت ،وﻣن تم الثبﺎت واﻻﺳتقﺮار واﻷﻣن ﺑﺎلمجتمﻊ،
لكنهﺎ تعجز عن ﻣعﺎلجﺔ العديد ﻣن الﺤﺎﻻت الﻔﺮديﺔ التي تأخذ ﺑعين اﻻعتبﺎر ظﺮوف وﻣﻼﺑسﺎت كل حﺎلﺔ على
حدا.
16
أﻣﺎ القﺎعدة المﺮنﺔ فتﺤمل ﺻيﺎغتهﺎ عدة ﺻور لتطبيقهﺎ وفﻖ ﻣﻼﺑسﺎت وظﺮوف كل حﺎلﺔ على حدا ،ﺑﺤيث
تعطي للقﺎضي ﺳلطﺔ تقديﺮيﺔ واﺳعﺔ ،ﻣن أﻣثلتهﺎ في المجﺎل المدني تغييﺮ اﻻﺳم الشخـــصي ورفﻊ ﻣضﺎر
الجوار والتعويض عنه ،وفي المجﺎل الجنﺎئي تطبيﻖ الﺤد اﻷدنى والﺤد اﻷعلى خﻼل تﻔﺮيد الجزاء .
تسﺎهم القواعد المﺮنﺔ في تﺤقيﻖ العدل ﻹﻣكﺎنيﺔ ﻣعﺎلجتهﺎ لكل حﺎلﺔ وواقعﺔ على حدا ،كمﺎ تسﺎعد على
ﻣسﺎيﺮة التطور اﻻﺟتمﺎعي وﻣعﺎلجﺔ الﺤﺎﻻت التي لم يقننهﺎ المشﺮع.
المبحث الراﺑع:
تصنيف القاعدة القانونية حسب قوتها
تهدف القﺎعدة القﺎنونيﺔ إلى تنظيم ﻣصﺎلح اﻷفﺮاد ﺑﺎلمجتمﻊ ،لكن هذه المصﺎلح ليست على طبيعﺔ واحدة
فبعضهﺎ يﺮتبط ﺑﺎلكيﺎن السيﺎﺳي للدولﺔ ،وأخﺮى ﺑﺎلنواحي اﻻقتصﺎديﺔ واﻻﺟتمﺎعيﺔ للمجتمﻊ ،والبعض اﻵخﺮ
ﺑﺎلمصﺎلح الخﺎﺻﺔ لﻸفﺮاد.
لهذا تتﻔﺎوت الزاﻣيتهﺎ وﻣدى حﺮيﺔ اﻷفﺮاد ﺑﺎلتقيد ﺑهﺎ أو ﻣخﺎلﻔتهﺎ ﻣن ﻣجﺎل إلى آخﺮ ،وهذا ﻣﺎ يسمى
ﺑﺎلقواعد اﻵﻣﺮة – المطلب اﻷول -أو القواعد المكملﺔ – المطلب الثﺎني . -
17
ﺑﺎلنسبﺔ لعقد البيﻊ " للمشتري ثمار الشئ وزوائده ،سواء كانت مدنية أو طبيعية ابتداء من وقت تمام
البيع ،ويجﺐ تسليمها إليه معا ،ما لم يقض اﻻتفاق بخﻼفه" ،وﻣﺎ ينص عليه الﻔصل 634ﻣن ق.ل.ع
ﺑﺎلنسبﺔ لعقد الكﺮاء "إذا لم يحدد المتعاقدان اﻷجرة ،افترض فيهما أنهما قبﻼ أجرة المثل في مكان العقد،
وإذا كانت ثمة تعريفة رسمية ،افترض في المتعاقدين أنهما قد ارتضيا التعاقد على أساسها ".
يﻼحظ ﻣن خﻼل ﻣﺎ ﺳبﻖ أن القواعد المكملﺔ غيﺮ إلزاﻣيﺔ ﻻن اﻷطﺮاف يمكن لهم اﻻتﻔﺎق على ﻣخﺎلﻔتهﺎ
ﻣﻊ العلم أن ﻣن خصﺎئص القﺎعدة القﺎنونيﺔ اﻻلتزام والجبﺮ ،ﻣمﺎ يطﺮح إشكﺎليﺔ إلزاﻣيﺔ القﺎعدة القﺎنونيﺔ
واﻻتﻔﺎق على ﻣخﺎلﻔتهﺎ؟
تعتبﺮ القواعد المكملﺔ قواعد ﻣلزﻣﺔ وقت نشوئهﺎ ﻣثل القواعد القﺎنونيﺔ اﻷخﺮى ،لكن لكل قﺎعدة شﺮوطﺎ
لتطبيقهﺎ وهي ﺑﺎلنسبﺔ للقواعد المكملﺔ غيﺎب اتﻔﺎق اﻷطﺮاف على ﻣخﺎلﻔتهﺎ ،وفي حﺎلﺔ وﺟود هذا اﻻتﻔﺎق
فإنهﺎ تستبعد ﻣن التطبيﻖ ﻻ على أﺳﺎس أنهﺎ غيﺮ ﻣلزﻣﺔ لكن ﻷن شﺮطﺎ ﻣن شﺮوط تطبيقهﺎ لم يتﺤقﻖ ،أﻣﺎ
إذا ﺳكت اﻷطﺮاف عن النص على ﻣخﺎلﻔتهﺎ أو ﺟهلوا أحكﺎﻣهﺎ فﺎن شﺮوط تطبيقهﺎ تكون ﻣتوافﺮة وﺑﺎلتﺎلي
تكون واﺟبﺔ التطبيﻖ .
18
نجاة بضراني :م.س .ص . 122 :
18
نصيبا في اﻷرباح أو في الخسائر أكثر من الذي يتناسﺐ مع حصته في رأس المال يكون باطﻼ ومبطﻼ
لعقد الشركة نفسه".
وﺑﺎلنسبﺔ للقواعد المكملﺔ ﻣﺎ ينص عليه الﻔصل 510ﻣن ق.ل.ع" إذا وقع البيع بواسطة سمسار كانت
مصروفات السمسرة على البائع ما لم تقض العادات المحلية أو اتفاقات الطرفين بخﻼفه" .والﻔصل 642
ﻣن نﻔس القﺎنون " يلتزم المكري بدفع الضرائﺐ وغيرها من التكاليف المفروضة على العين المكتراة ،
ما لم يقض العقد أو العرف بـــخﻼف ذلك " .
19
النظم القﺎنونيﺔ المعﺎﺻﺮة اتجهت إلى قﺎنونيﺔ عقود التأﻣين على الﺤيﺎة فتغيﺮت النظﺮة إليهﺎ نتيجﺔ للتغيﺮ في
ﻣﻔهوم اﻵداب العﺎﻣﺔ .
ولمﺎ كﺎنت اﻵداب العﺎﻣﺔ تﺮتبط ﺑﺎﻷخﻼق فﻼ يقصد ﺑهﺎ كﺎفﺔ قواعد اﻷخﻼق في الجمﺎعﺔ ﻻن نطﺎق القﺎنون
يختلف عن نطﺎق اﻷخﻼق ،ﺑل يقصد ﺑهﺎ الﺤدود الدنيﺎ ﻣن قواعد اﻷخﻼق الﻼزﻣﺔ لﺤﻔظ كيﺎن الجمﺎعﺔ
وﺑقﺎئهﺎ ,ﺑﺤيث توﺟد قواعد أخﻼقيﺔ غيﺮ ﻣنظمﺔ قﺎنونﺎ .
المبحث الخامس:
تصنيف القاعدة القانونية من حيث الع قات التي تنظمها ومﻜانة الدولة ﺑها )
تقسيم القانون إلى عام وخاص(
يقصد كمﺎ ﺳبﻖ القول ﺑﺎلقﺎنون الوضعي ﻣجموعﺔ ﻣن القواعد القﺎنونيﺔ السﺎئدة في ﻣجتمﻊ ﻣعين وفي زﻣن
ﻣعين ،والتي تهدف إلى تنظيم الﺮواﺑط والعﻼقﺎت ﺑﺎلمجتمﻊ ،وهي ﻣلزﻣﺔ ﻷعضﺎئه ﺳواء اﻷشخﺎص
الطبيعيين أو اﻷشخﺎص المعنويين ﺳواء كﺎنت عﺎﻣﺔ أو خﺎﺻﺔ ،وﺑﺎلتﺎلي فﺎن خطﺎب القﺎعدة القﺎنونيﺔ يتوﺟه
إلى الدولﺔ والهيآت المتﻔﺮعﺔ عنهﺎ اﻹقليميﺔ والمﺮفقيﺔ والشﺮكﺎت والجمعيﺎت والنقﺎﺑﺎت تم اﻷفﺮاد
الطبيعيين .
نجم عن هذا اﻻختﻼف نوعين ﻣن العﻼقﺎت القﺎنونيﺔ أولهمﺎ تكون فيه الدولﺔ ﺻﺎحبﺔ السيﺎدة والسلطﺎن،
وثﺎنيهمﺎ تنشأ ﺑين اﻷفﺮاد أو ﺑين اﻷفﺮاد والدولﺔ لكن ليست ﺑصﻔتهﺎ ﺻﺎحبﺔ السيﺎدة والسلطﺎن .
20
هذا أدى ﺑدوره إلى تصنيف القواعد القﺎنونيﺔ إلى قواعد القﺎنون العﺎم وأخﺮى للقﺎنون الخﺎص ،يﺮﺟﻊ هذا
التقسيم إلى القﺎنون الﺮوﻣﺎني تم انتقل ﺑعده إلى القوانين الﺤديثﺔ ذات النزعﺔ الﻼتينيﺔ الجﺮﻣﺎنيﺔ ﻣثل القﺎنون
الﻔﺮنسي .
وقد وﺟهت عدة انتقﺎدات لهذا التمييز لوﺟود قواعد تتداخل ﺑين القﺎنون العﺎم والقﺎنون الخﺎص ﻣثل القﺎنون
الجنﺎئي والمسطﺮة المدنيﺔ لهذا ظهﺮ فﺮعﺎ ﻣستقﻼ أطلﻖ عليه القﺎنون المختلط .
ﻣن هنﺎ تظهﺮ أهميﺔ دراﺳﺔ ﻣعﺎييﺮ التﻔﺮقﺔ ﺑين القﺎنون العﺎم والقﺎنون الخﺎص -المطلب اﻷول -وأهميﺔ
ذلك ,تم فﺮوع كل قﺎنون على حدا – المطلب الثﺎني. -
أو :معيار أطراف الع قة :يعتمد هذا المعيﺎر الذي يعتبﺮ تقليديﺎ على اﻷشخﺎص الخﺎضعين للقﺎنون،
فﺎلقﺎنون ﻻ يكون عﺎﻣﺎ إذا تعلقت قواعده ﺑﺎلدولﺔ وعﻼقﺎتهﺎ ﺑﺎﻷفﺮاد أو ﺑﺎلدول اﻷخﺮى ،ويكون القﺎنون
خﺎﺻﺎ إذا تعلﻖ اﻷﻣﺮ ﺑﺎﻷشخﺎص العﺎديين وعﻼقﺎتهم ﺑغيﺮهم ﻣن اﻷشخﺎص ﺳواء الطبيعيﺔ أو المعنويﺔ .
لكن هذا المـعيﺎر إن كﺎن ﺻﺎلﺤﺎ للمجتمعﺎت القديــمﺔ ،التي كﺎن دور الدولﺔ يقتصﺮ فيهﺎ على حــﻔظ اﻷﻣن
الداخلي والخﺎرﺟي ) الدولﺔ الﺤﺎرﺳﺔ ( فﺎنه في الدولﺔ الﺤديثﺔ أﺻبﺤت تمﺎرس أنشطﺔ اقتصﺎديﺔ أيضﺎ ،ﻣمﺎ
ﺟعل هذا المعيﺎر ﻻ يصلح للتمييز ﺑين قواعد القﺎنون العﺎم والقﺎنون الخﺎص .
ﺛانيا :معيار المصلحة :يﺮى أنصﺎر هذا اﻻتجﺎه أن القﺎنون العﺎم يهدف إلى تﺤقيﻖ المصلﺤﺔ العﺎﻣﺔ،
أﻣﺎ القﺎنون الخﺎص فيسعى إلى تﺤقيﻖ المصلﺤﺔ الخﺎﺻﺔ لﻸفﺮاد.
لكن يؤخذ على هذا المعيﺎر عدم الدقﺔ ﻷن المصﺎلح العﺎﻣﺔ والخﺎﺻﺔ تتداخل الى حد كبيﺮ يصعب ﻣعه
التمييز ﺑينهمﺎ في ﻣعظم الﺤﺎﻻت ,فتﺤقيﻖ ﻣصلﺤﺔ عﺎﻣﺔ ينتج عنه ﺑﺎلضﺮورة تﺤقيﻖ ﻣصلﺤﺔ خﺎﺻﺔ ،كمﺎ أن
تﺤقيﻖ ﻣصلﺤﺔ خﺎﺻﺔ يتﺮتب عليه ﺑﺎلضﺮورة تﺤقيﻖ ﻣصلﺤﺔ عﺎﻣﺔ كتنظيم الزواج واﻹرث .
ﺛالثا :معيار طبيعة القواعد القانونية :اقتﺮح ﺟﺎنب آخﺮ ﻣن الﻔقه اﻻعتمﺎد على طبيعﺔ القواعد
اﻵﻣﺮة والقواعد المكملﺔ للتمييز ﺑين قواعد القﺎنون العﺎم والقﺎنون الخﺎص ,فﺎعتبﺮ أن قواعد القﺎنون العﺎم
قواعد آﻣﺮة ﻻ يجوز اﻻتﻔﺎق على ﻣخﺎلﻔتهﺎ ,ﺑينمﺎ قواعد القﺎنون الخﺎص غيﺮ آﻣﺮة أي ﻣكملﺔ ,لكن هذا
19
للمزيد من المعلومات حول التفرقة بين القانون العام والخاص انظر :
- Mohammed Jalal ESSAID «Introduction à l’étude de droit 3 » op.cit p : 16 et suivant
-ابو بكر مهم :م.س ص 69 :وما يليها .
توفيق حسن فرج و يحي مطر مطر :م .س .ص 33 :وما يليها . -
21
المعيﺎر ﺑدوره يؤخذ عليه عدم دقته ﻷن قواعد القﺎنون الخﺎص ﺑدورهﺎ آﻣﺮة ﻻ يجوز لﻸفﺮاد اﺳتبعﺎدهﺎ على
اﻹطﻼق كقواعد الﺤﺎلﺔ المدنيﺔ والزواج واﻹرث أو اﺳتبعﺎدهﺎإذا تﺤققت شﺮوط ﻣخﺎلﻔتهﺎ كﺎﻻتﻔﺎق على ذلك
راﺑعا :معيار صفة الدولة :أﻣﺎم عجز المعﺎييﺮ السﺎﺑقﺔ عن إقﺎﻣﺔ تﻔﺮقﺔ واضﺤﺔ ﺑين قواعد القﺎنون
الخﺎص وقواعد القﺎنون العﺎم ,اعتمد ﺑعض الﻔقه على ﺻﻔﺔ الدولﺔ وتدخلهﺎ فإذا ظهﺮت ﺑﺎعتبﺎرهﺎ ﺻﺎحبﺔ
السيﺎدة والسلطﺎن في تعﺎﻣلهﺎ ﻣﻊ اﻷفﺮاد أو الدول ,فﺎن القﺎنون الواﺟب التطبيﻖ هو القﺎنون العﺎم ,أﻣﺎ إذا لم
تظهﺮ ﺑهذه الصﻔﺔ فﺎن القﺎنون الواﺟب التطبيﻖ هو القﺎنون الخﺎص .
وﺑذلك يﺤكم القﺎنون العﺎم العﻼقﺎت المتصلﺔ ﺑﺤﻖ السيﺎدة في الجمﺎعﺔ أو تنظيم السلطﺎت العﺎﻣﺔ ﺑهﺎ ,أﻣﺎ
العﻼقﺎت الغيﺮ المتصلﺔ ﺑهذا الﺤﻖ أو المسﺎئل غيﺮ المتعلقﺔ ﺑهذا التنظيم فيﺤكمهﺎ القﺎنون الخﺎص .
20
للمزيد من المعلومات انظر :
- Mohammed Jalal ESSAID «Introduction à l’étude de droit 3 » op.cit p : 24 et suivant
ﷴ حسين منصور :م .س .ص 69 :وما يليها . -
22
القﺎنون الدولي العﺎم ,أو تظل داخل إقليمهﺎ فتدخل في عﻼقﺎت ﻣﻊ رعﺎيﺎهﺎ أو أحد فﺮوعهﺎ فيسمى القﺎنون
العﺎم الداخلي الذي يشمل القﺎنون الدﺳتوري ,القﺎنون اﻹداري والقﺎنون المﺎلي.
24
تﺤديد قواعد الﻔصل في المنﺎزعﺎت التي تنشأ ﺑين اﻹدارة واﻷفﺮاد .
26
وﺑدوره انﻔصل عن القﺎنون التجﺎري نظﺮا لقيمﺔ السﻔينﺔ وتعﺮضهﺎ ﻷخطﺎر ﻣن نوع خﺎص وعدم وﺟودهﺎ
أثنﺎء اﺳتغﻼلهﺎ في كثيﺮ ﻣن اﻷوقﺎت تﺤت إشﺮاف ﻣﺎلكهﺎ.
وقد ﺻدر ﺑتﺎريخ 31ﻣﺎرس 1919أول ظهيﺮ تضمن اﻷحكﺎم المنظمﺔ للتجﺎرة البﺤﺮيﺔ والمأخوذ ﻣن القﺎنون
الﻔﺮنسي.
خامسا :القانون الجوي droit Aérien :
القﺎنون الجوي هو ﻣجموعﺔ القواعد التي تنظم العﻼقﺎت النﺎشئﺔ عن المﻼحﺔ الجويﺔ ,وﺑذلك ينظم التصﺮفﺎت
الواردة على الطﺎئﺮة ﻣن حيث اكتسﺎب ﻣلكيتهﺎ وكيﻔيﺔ قيدهﺎ ورهنهﺎ وﺑيعهﺎ والﺤجز عليهﺎ كمﺎ يهتم ﺑتﺤديد
ﻣواﺻﻔﺎتهﺎ وأهليتهﺎ لمزاولﺔ نشﺎطهﺎ.
وكذلك تنظيم عقد النقل الجوي ﺳواء تعلﻖ ﺑﺎلﺮكﺎب أو البضﺎئﻊ ،وأيضﺎ المسؤوليﺔ عن اﻷضﺮار التي تصيب
الﺮكﺎب أو البضﺎئﻊ .
الفقرة الثالثة :الفروع المختلطة
كمﺎ ﺳبﻖ القول يعمل القﺎنون العﺎم على تنظيم العﻼقﺎت التي تكون فيهﺎ الدولﺔ ﺻﺎحبﺔ السيﺎدة والسلطﺔ ,ﺑينمﺎ
يعمل القﺎنون الخﺎص على تنظيم العﻼقﺎت الخﺎﺻﺔ لﻸفﺮاد ,ﻣمﺎ ﺟعل قواعد القﺎنون العﺎم آﻣﺮة لكونهﺎ تهدف
إلى المصلﺤﺔ العﺎﻣﺔ ,ﺑينمﺎ أغلب قواعد القﺎنون الخﺎﺻﺔ ﻣكملﺔ .
لكن ﺑعض القوانين تتسم ﺑﺎﻻزدواﺟيﺔ ﺑين القواعد اﻵﻣﺮة والمكملﺔ وهي القوانين المختلطﺔ وهي القﺎنون
الجنﺎئي ,القﺎنون الدولي الخﺎص والمسطﺮة المدنيﺔ.
27
ﺛانيا :القانون الدولي الخاص droit international privé :
يقصد ﺑﺎلقﺎنون الدولي الخﺎص ﻣجموعﺔ القواعد القﺎنونيﺔ التي تنظم الﺮواﺑط الخﺎﺻﺔ ذات العنصﺮ اﻷﺟنبي
ﺑين اﻷفﺮاد ،وذلك ﻣن حيث ﺑيﺎن المﺤكمﺔ المختصﺔ والقﺎنون الواﺟب التطبيﻖ.
وﺑذلك يعمل القﺎنون الدولي الخﺎص على تﺤديد اختصﺎص ﻣﺤﺎكم الدولﺔ ﺑنظﺮ الدعﺎوى التي تﺮفﻊ ﺑشأن
العﻼقﺎت القﺎنونيﺔ الخﺎﺻﺔ ذات العنصﺮ اﻷﺟنبي وﺑيﺎن القﺎنون الواﺟب التطبيﻖ ﺑﺎﻹضﺎفﺔ إلى تنظيم قضﺎيﺎ
الجنسيﺔ والموطن وﻣﺮكز اﻷﺟﺎنب.
وﺑذلك وانطﻼقﺎ ﻣن ﻣوضوعﺎت القﺎنون الدولي الخﺎص تعد قواعده قواعد ﻣختلطﺔ فﺎلقواعد المتعلقﺔ
ﺑﺎلجنسيﺔ والموطن وﻣﺮكز اﻷﺟﺎنب تدخل في نطﺎق القﺎنون العﺎم لكونهﺎ تنظم العﻼقﺎت ﺑين اﻷفﺮاد ،أﻣﺎ
القواعد المتعلقﺔ ﺑبيﺎن المﺤكمﺔ المختصﺔ والقﺎنون الواﺟب التطبيﻖ التي تسمى ﺑقواعد تنﺎزع القوانين فتنتمي
للقﺎنون الخﺎص .
28
الفصل الثاني:
مصادر القاعدة القانونيةles sources du droit
يسﺎهم في تكوين القﺎعدة القﺎنونيﺔ عدة عواﻣل ﻣختلﻔﺔ تشكل المنبﻊ أو اﻷﺻل الذي تستمد ﻣنه وﺟودهﺎ وهو ﻣﺎ
يسمى ﺑمصﺎدر القﺎعدة القﺎنونيﺔ.
ولكل قﺎعدة قﺎنونيﺔ ﻣصﺎدر ﻣتعددة تختلف ﺑﺎختﻼف المعنى المقصود ﺑهﺎ ،فيقصد ﺑهﺎ المصﺎدر المﺎديﺔ أو
التﺎريخيﺔ أو الﺮﺳميﺔ أو التﻔسيﺮيﺔ.
المصادر المادية :يقصـــد ﺑﺎلمصﺎدر المﺎديﺔ أو الموضوعيﺔ العواﻣل التي تستقي ﻣنهﺎ القﺎعدة القﺎنونيﺔ
ﻣضمونهﺎ أو ﻣﺎدتهﺎ ،واقتضت وضعهﺎ والتي تﺮتبط ﺑﺎلظﺮوف اﻻﺟتمﺎعيﺔ واﻻقتصﺎديﺔ والسيﺎﺳيﺔ والدينيﺔ
واﻻخﻼقيﺔ ﺑﺎلمجتمﻊ .21
المصادر التاريخية :يقصد ﺑهﺎ اﻷﺻل التﺎريخي للقﺎعدة القﺎنونيﺔ أي ﺟذورهﺎ التﺎريخيﺔ التي اﺳتمدت ﻣنهﺎ
ﻣبﺎدئهﺎ وأحكﺎﻣهﺎ عبﺮ التﺎريخ ،وﺑموﺟبهﺎ تتشكل ﻣﺮاحل تطورهﺎ ونموهﺎ،فمصﺎدر القﺎنون الﻔﺮنسي ﻣثﻼ
ﻣجموعﺔ ﻣن القوانين ﺑدءا ﻣن القﺎنون الﺮوﻣﺎني تم اﻷعﺮاف الجﺮﻣﺎنيﺔ تم القﺎنون الكنسي ،كمﺎ أن ﻣصﺎدر
القﺎنون المغﺮﺑي وأغلب الدول العﺮﺑيﺔ ﻣزيج ﻣن ﻣبﺎدئ الشﺮيعﺔ اﻹﺳﻼﻣيﺔ والقوانين الغﺮﺑيﺔ ﺑشكل عﺎم
والقﺎنون الﻔﺮنسي ﺑشكل خﺎص .
المصادر الرسمية أو الشكلية :هي الوﺳﺎئل التي تخﺮج ﺑهﺎ القﺎعدة القﺎنونيﺔ إلي دائﺮة المخﺎطبين ﺑﺤكمهﺎ،
وتضﻔي عليهﺎ ﺻﻔﺔ اﻹلزام وتصبح ﺑذلك واﺟبﺔ التطبيﻖ ﻣن أنواعهﺎ التشﺮيﻊ والعﺮف .
المصادر التفسيرية :ﻣجموعﺔ الوﺳﺎئل التي تعتمد في تﻔسيﺮ القﺎعدة القﺎنونيﺔ واﺳتجﻼء ﻣﺎ يشوﺑهﺎ ﻣن
غموض وتوضيح ﻣﺎ ﺑهﺎ ﻣن إﺑهﺎم كآراء الﻔقهﺎء واﻻﺟتهﺎدات القضﺎئيﺔ .
هذه ﺑصﻔﺔ عﺎﻣﺔ ﻣصﺎدر القﺎعدة القﺎنونيﺔ التي يبقى أهمهﺎ المصﺎدر الﺮﺳميﺔ – الفرع اﻷول – تم المصﺎدر
التﻔسيﺮيﺔ – الفرع الثاني.-
الفرع ا ول :المصادر الرسمية
تعتبﺮ المصﺎدر الﺮﺳميﺔ للقﺎعدة القﺎنونيﺔ المصﺎدر اﻷﺻليﺔ لهﺎ وتتشكل ﻣن التشﺮيﻊ تم العﺮف وﻣبﺎدئ
الشﺮيعﺔ اﻹﺳﻼﻣيﺔ والقﺎنون الطبيعي وقواعد العدالﺔ.
يعla législation : المبحث ا ول :الت
يعد التشﺮيﻊ أهم ﻣصﺎدر القﺎعدة القﺎنونيﺔ في العصﺮ الﺤديث ،وتقتضى دراﺳته التطﺮق إلى تعﺮيﻔه وأهميته
ﻣﻊ توضيح ﻣزايﺎه وعيوﺑه – المطلب اﻷول – تم ﺳنه ونﻔﺎده – المطلب الثﺎني .
21
توفيق حسن فرج ،ﷴ يحي مطر :م ،س .ص . 71
29
يع وخصائصه. المطلب ا ول :ماهية الت
الفقرة ا ولى :تعريف الت يع وأهميته
يﺤمل ﻣصطلح التشﺮيﻊ ﻣعنيين فيقصد ﺑه قيﺎم السلطﺔ المختصﺔ في الدولﺔ ﺑسن القوانين ﺑوضﻊ قواعد قﺎنونيﺔ
في حدود اختصﺎﺻﺎتهﺎ ،ووفقﺎ لﻺﺟﺮاءات المقﺮرة لذلك وهو ﻣﺎ يعﺮف ﺑﺎلعمليﺔ التشﺮيعيﺔ وﺑهذا المعنى يﻔيد
لﻔظ التشﺮيﻊ ﻣصدرا للقﺎعدة القﺎنونيﺔ ،ﺑخﻼف المعنى الثﺎني الذي يقصد ﺑه القواعد القﺎنونيﺔ الصﺎدرة عن
السلطﺔ المختصﺔ ﺑﺎلتشﺮيﻊ كتشﺮيﻊ العمل أو التشﺮيﻊ التجﺎري و المدني للدﻻلﺔ على القواعد القﺎنونيﺔ التي
تنظم هذه المجﺎﻻت وهو ﺑهذا المعنى يدل على القﺎنون ﺑمﻔهوﻣه الضيﻖ والخﺎص.
انطﻼقﺎ ﻣن التعﺮيف السﺎﺑﻖ للتشﺮيﻊ يتبين أن التشﺮيﻊ يمتﺎز ﺑمجموعﺔ ﻣن الخصﺎئص أهمهﺎ أنه:
(1يضع قاعدة قانونية :وﺑﺎلتﺎلي يشتﺮط فيهﺎ خصﺎئص القﺎعدة القﺎنونيﺔ ﻣن كونهﺎ قﺎعدة اﺟتمﺎعيﺔ تخﺎطب
ﺳلوك اﻷفﺮاد وأنهﺎ عﺎﻣﺔ وﻣجﺮدة وأيضﺎ تتوفﺮ على خﺎﺻيﺔ اﻹلزام ﺑﺤيث تقتﺮن ﺑجزاء يوقﻊ على ﻣن
يخﺎلﻔهﺎ.
(2صدوره في صورة مﻜتوﺑة :تتميز القﺎعدة التشﺮيعيﺔ ﺑأنهﺎ تصدر عن السلطﺔ المختصﺔ في شكل ﻣكتوب
أي تصدر في وثيقﺔ رﺳميﺔ وﻣن الجهﺎت المؤهلﺔ لذلك ووفﻖ ﻣجموعﺔ ﻣن اﻹﺟﺮاءات .
(3صدوره من طرف سلطة مختصة :يبين الدﺳتور ﺻﻼحيتهﺎ واختصﺎﺻﺎتهﺎ كمﺎ يوضح كيﻔيﺔ ﺳن
هذه القوانين وكيﻔيﺔ نشﺮهﺎ ،وقد نص الﻔصل 70ﻣن الدﺳتور المغﺮﺑي لسنﺔ 2011على أنه " يمارس
22
البرلمان السلطة التشريعية " ,كمﺎ حدد في الﻔصل 71ﻣن الدﺳتور الميﺎدين التشﺮيعيﺔ للبﺮلمﺎن .
22
ينص الفصل 71من الدستور ﻋلى أنه" يختص القانون باﻹضافة إلى المواد المسندة إليه صراحة بفصول أخرى من الدستور بالتشريع في الميادين التالية:
-الحقوق والحريات اﻷساسية المنصوص ﻋليها في الديباجة ,وفي فصول أخرى من هذا الدستور .
-نظام اﻷسرة والحالة المدنية
-مبادئ وقواﻋد المنظومة الصحية
-نظام الوسائط السمعية البصرية والصحافة بمختلف أشكالها
-العفو العام
-الجنسية ووضعية اﻷجانب
-تحديد الجرائم والعقوبات الجارية ﻋليها
-التنظيم القضائي وإحداث أصناف جديدة من المحاكم
-المسطرة المدنية والمسطرة الجنائية
-نظام السجون
-النظام اﻷساسي العام للوظيفة العمومية .
-الضمانات اﻷساسية الممنوحة للموظفين المدنيين والعسكريين =
= -نظام مصالح وقوات حفظ اﻷمن
-نظام الجماﻋات الترابية ,ومبادئ تحديد دوائرها الترابية
-النظام اﻻنتخابي ووﻋاء الضرائب ومقدارها وطرق تحصيلها.
-النظام القانوني ﻹصدار العملة ونظام البنك المركزي .
-نظام الجمارك
-نظام اﻻلتزامات المدنية والتجارية وقانون الشركات والتعاونيات
-الحقوق العينية وأنظمة الملكية العقارية العمومية والخاصة والجماﻋية.
-نظام النقل
-ﻋﻼقات الشغل والضمان اﻻجتماﻋي وحوادث الشغل واﻷمراض المهنية
-نظام اﻻبناك وشركات التأمين والتعاضديات
-نظام تكنولوجيا المعلومات واﻻتصاﻻت
-التعمير وإﻋداد التراب الوطني
-القواﻋد المتعلقة بتدبير البيئة وحماية الموارد الطبيعية والتنمية المستدامة
-نظام المياه والغابات والصيد
-تحديد التوجهات والتنظيم العام لميادين التعليم والبحث العلمي والتكوين المهني
-إحداث المؤسسات العمومية وكل شخص اﻋتباري من أشخاص القانون العام
-تأميم المنشات ونظام الخوصصة
للبرلمان باﻹضافة إلي الميادين المشار إليها في الفقرة السابقة صﻼحية التصويت ﻋلى القوانين تضع إطارا لﻸهداف اﻷساسية لنشاط الدولة في الميادين
اﻻقتصادية واﻻجتماﻋية والبيئية والثقافية.
30
وقد أﺻبح التشﺮيﻊ في العصﺮ الﺤديث يﺤتل ﻣﺮكز الصدارة ﺑين ﻣصﺎدر القﺎنون اﻷخﺮى ﺑعد تﺮاﺟﻊ العﺮف
للعديد ﻣن العواﻣل نجملهﺎ فيمﺎ يلي :
توطيد السلطﺔ وتﺮكيزهﺎ.
اﻻنتشﺎر الواﺳﻊ لمبدأ فصل السلطﺎت الذي أخذت ﺑه ﻣختلف اﻷنظمﺔ الديمقﺮاطيﺔ
انتشﺎر اﻷفكﺎر التدخليﺔ التي تطﺎلب الدولﺔ ﺑضﺮورة التدخل في شؤون اﻷفﺮاد وتوليهﺎ أﻣﺮ تنظيمهﺎ إذا اقتضت
المصلﺤﺔ اﻻﺟتمﺎعيﺔ ذلك .
ويتﺮتب عن اعتبﺎر التشﺮيﻊ المصدر اﻷول للقﺎعدة القﺎنونيﺔ أن البﺤث عن اﻷحكﺎم الواﺟبﺔ التطبيﻖ يتم
أوﻻ في التشﺮيﻊ تم ﺑعده المصﺎدر اﻷخﺮى ،إذا لم توﺟد قﺎعدة تشﺮيعيﺔ تﺤكم ذلك النزاع.
31
(2عدم مﻼئمة التشريع لظروف المجتمع الحقيقية :تعمل السلطﺔ المكلﻔﺔ ﺑسن التشﺮيﻊ على وضﻊ قواعد قﺎنونيﺔ
وفﺮضهﺎ على اﻷفﺮاد ،دون إشﺮاك الﻔئﺎت المستهدفﺔ ﺑهذه القواعد ﻣمﺎ يجعلهﺎ غيﺮ ﻣﻼئمﺔ لظﺮوف المجتمﻊ
وحﺎﺟيﺎته ،وهذا ﻣﺎ يطبﻖ على الدول النﺎﻣيﺔ التي ينقطﻊ ﺑهﺎ التواﺻل ﻣﻊ فعﺎليﺎت المجتمﻊ خﻼل ﺳن القواعد
القﺎنونيﺔ.
23
وهذا العيب ليس ﻻﺻقﺎ ﺑﺎلتشﺮيﻊ ﺑل ﺑدينﺎﻣيكيﺔ الجهﺎز التشﺮيعي .
وللتغلب على هذه السلبيﺔ عملت ﺑعض الدول على إيجﺎد تقنيﺎت حديثﺔ لتطويﺮ وﺳﺎئل ﺻيﺎغﺔ القوانين فمثﻼ
عملت كندا على إنشﺎء لجنﺔ أوثﺎو ATAWAIلسن التشﺮيﻊ تتمثل ﻣهمتهﺎ في تلقي ﻣشﺎريﻊ القوانين
وعﺮضهﺎ على المجتمﻊ المدني وعلى الشعب عﺎﻣﺔ ﻹﺑداء ﻣﻼحظﺎته وآرائه فيهﺎ قبل اتخﺎذ أي خطوة إزاءهﺎ .
وﺑﺎلﺮغم ﻣن هذه العيوب فإنهﺎ تظل ﻣﺤدودة ﺑﺎلمقﺎرنﺔ ﻣﻊ ﻣزايﺎه،وأنهﺎ لصيقﺔ ﺑﺎلجهﺎز المكلف ﺑتﻔعيلﺔ .
23
للمزيد من المعلومات انظر :
توفيق حسن فرج ويحي مطر :م ,س,ص 79 :ومايليها .
ظهير شريف رقم 1.11.91الصادر في 27من شعبان 29 ) 1432يوليوز (2011بتنفيذ نص الدستور .الجريدة الرسمية ﻋدد 5964مكرر الصادرة بتاريخ 28
24
شعبان 30 ) 1432يوليوز (2011ص3600 :
32
أﻣﺎ الدﺳتور المﺮن constitution soupleفهو الذي يمكن تعديله ﺑنﻔس إﺟﺮاءات وأشكﺎل تعديل التشﺮيﻊ
العﺎدي ,وتعتبﺮ الدﺳﺎتيﺮ العﺮفيﺔ هي اﻷقﺮب إلى الدﺳﺎتيﺮ المﺮنﺔ كﺎلدﺳتور اﻻنجليزي لكن هذه المﺮونﺔ ﻻ
تلﺤﻖ القواعد اﻷﺳﺎﺳيﺔ التي تشكل كيﺎن الدولﺔ ونظﺎﻣهﺎ .
أﻣﺎ الدﺳتور الجﺎﻣد أو الصلب constitution rigideهو الذي يستلزم تعديله إﺟﺮاءات خﺎﺻﺔ ﺻﺎرﻣﺔ
ودقيقﺔ وﻣعقدة تختلف عن إﺟﺮاءات تعديل القوانين العﺎديﺔ أو النص على عدم تعديل ﺑعض ﻣقتضيﺎته ﻣطلقﺎ .
ويعد الدﺳتور المغﺮﺑي ﻣن الدﺳﺎتيﺮ الجﺎﻣدة ،حيث نص على إﺟﺮاءات وشﺮوط ﻣﺮاﺟعته في البﺎب الثﺎلث
عشﺮ ﻣن الدﺳتور المعدل ﺳنﺔ 2011والمعنون ﺑمﺮاﺟعﺔ الدﺳتور ﻣن المواد 172إلى 175ﺑنصه في الﻔصل
172على أنه " للملك ولرئيس الحكومة ولمجلس النواب ولمجلس المستشارين حق اتخاذ المبادرة قصد
مراجعة الدستور .
للملك أن يعرض مباشرة على اﻻستفتاء الشعبي المشروع الذي اتخذ المبادرة بشأنه " .
كمﺎ حدد في الﻔصل 175المقتضيﺎت التي ﻻ يطﺎلهﺎ التعديل ﻣطلقﺎ ﺑنصه على أنه " ﻻ يمكن أن تتناول
المراجعة اﻷحكام المتعلقة بالدين اﻹسﻼمي وبالنظام الملكي للدولة وباختيارها الديمقراطي ,وبالمكتسبات في
مجال الحريات والحقوق اﻷساسية المنصوص عليها في هذا الدستور " .
ﺛانيا :سن الدستور
يتخذ ﺳن الدﺳتور عدة طﺮق ،فقد يصدر في شكل ﻣنﺤﺔ l'octroiنﺎﺑعﺔ عن إدارة المﺤﺎكم ،أو يصدر في
ﺻورة عقد la charteﺑﺎتﻔﺎق ﺑين الﺤﺎكم والشعب وتوافقهمﺎ على وضﻊ الدﺳتور .
لكن هﺎتين الطﺮيقتين ﻻ تتوافﻖ ﻣﻊ الدول التي حققت نضوﺟﺎ ﺳيﺎﺳيﺎ ﻣهمﺎ ،والتي تعتمد على الطﺮيقﺔ الﺤديثﺔ
لوضﻊ دﺳﺎتيﺮهﺎ والتي تتخذ شكلين يقوم كﻼهمﺎ على إرادة الشعب في وضﻊ الدﺳتور الذي يﺤكمه فإﻣﺎ أن
ينتخب الشعب نﻔسه هيأة يطلﻖ عليهﺎ الهيأة التأﺳيسيﺔ تتولى ﺳن الدﺳتور ،أو أن يقوم الﺤﺎكم ﺑوضﻊ ﻣشﺮوع
الدﺳتور تم يعﺮضه على اﻻﺳتﻔتﺎء الشعبي ،فإذا أقﺮه أﺻبح دﺳتورا .
الفقرة الثانية :القوانين التنظيمية:
تعتبﺮ القوانين التنظيميﺔ ﻣنبثقﺔ عن الدﺳتور وﻣكمله له ،ذلك أن هذا اﻷخيﺮ هو الذي يﺤيل عليهﺎ على ﺳبيل
الﺤصﺮ لتﺤديد طﺮق تطبيﻖ ﺑعض ﻣقتضيﺎته ،ﺑﺤيث تعد تﺎﺑعﺔ للدﺳتور فيمﺎ يخص ﻣوضوعﺎتهﺎ وﻣدى
دﺳتوريتهﺎ ﺑﺤيث تخضﻊ لﺮقﺎﺑﺔ المﺤكمﺔ الدﺳتوريﺔ .
كمﺎ تخضﻊ لمسطﺮة خﺎﺻﺔ للمصﺎدقﺔ عليهﺎ حددهﺎ ﺑعض نصوص الدﺳتور على الشكل التﺎلي .
عﺮض ﻣشﺮوع القﺎنون التنظيمي على المجلس الوزاري الذي يتﺮأﺳه الملك ) البند 3ﻣن الﻔصل (49
ﻻ يتم التداول في ﻣشﺮوع القﺎنون التنظيمي ﻣن قبل ﻣجلس النواب إﻻ ﺑعد ﻣﺮور 10أيﺎم على وضعه
لدى ﻣكتبه .
تتم المصﺎدقﺔ على ﻣشﺮوع القﺎنون التنظيمي ﺑﺎﻷغلبيﺔ المطلقﺔ لﻸعضﺎء الﺤﺎضﺮين ﻣن ﻣجلس
النواب ،غيﺮ انه إذا تعلﻖ اﻷﻣﺮ ﺑمشﺮوع أو ﺑمقتﺮح قﺎنون تنظيمي يخص ﻣجلس المستشﺎرين أو
الجمﺎعﺎت التﺮاﺑيﺔ ،فﺎن التصويت يتم ﺑأغلبيﺔ ﻣجلس النواب .
ﻻ يمكن إﺻدار اﻷﻣﺮ ﺑتنﻔيذ القﺎنون التنظيمي ،إﻻ ﺑعد أن تصﺮح المﺤكمﺔ الدﺳتوريﺔ ﺑمطﺎﺑقته
25
للدﺳتور .
تبث المﺤكمﺔ الدﺳتوريﺔ في ﻣدى دﺳتوريﺔ القﺎنون التنظيمي داخل أﺟل شهﺮ ﻣن تﺎريخ اﻹحﺎلﺔ
ويخﻔظ في حﺎلﺔ اﻻﺳتعجﺎل ﺑطلب ﻣن الﺤكوﻣﺔ الى ثمﺎنيﺔ أيﺎم ) الﻔقﺮة الﺮاﺑعﺔ ﻣن الﻔصل 132ﻣن
الدﺳتور ( .
25
انظر الفصل 85من الدستور الذي ينص ﻋلى أنه " ﻻ يتم التداول في مشاريع ومقترحات القوانين التنظيمية من قبل مجلس النواب ،إﻻ بعد مضي ﻋشرة أيام
ﻋلى وضعها لدى مكتبه ،ووفق المسطرة المشار إليها في الفصل .، 84وتتم المصادقة ﻋليها نهائيا باﻷغلبية المطلقة لﻸﻋضاء الحاضرين من المجلس المذكور؛ غير
أنه إذا تعلق اﻷمر بمشروع أو بمقترح قانون تنظيمي يخص مجلس المستشارين أو الجماﻋات الترابية ،فإن التصويت يتم بأغلبية أﻋضاء مجلس النواب .
يجب أن يتم إقرار القوانين التنظيمية المتعلقة بمجلس المستشارين ،باتفاق بين مجلسي البرلمان ،ﻋلى نص موحد.
ﻻ يمكن إصدار اﻷمر بتنفيذ القوانين التنظيمية ،إﻻ بعد أن تصرح المحكمة الدستورية بمطابقتها للدستور" .
33
وﻣن ﺑين هذه القوانين التنظيميﺔ المنصوص عليهﺎ في الدﺳتور وعدد 19قﺎنونﺎ تنظيميﺎ :
-قﺎنون تنظيمي يتعلﻖ ﺑﺎلتعيين في المنﺎﺻب العليﺎ – الﻔصل .26 -49
-القﺎنون التنظيمي المتعلﻖ ﺑﺎلنظﺎم اﻷﺳﺎﺳي للقضﺎة – الﻔصل 112ﻣن الدﺳتور .27 -
-القﺎنون التنظيمي المﺤدد ﻻنتخﺎب وﺳيﺮ المجلس اﻷعلى للسلطﺔ القضﺎئيﺔ – الﻔصل 116ﻣن الدﺳتور. 28
الفقرة الثالثة :ا تفاقيات أو المعاهدات الدولية:
يقصد ﺑﺎﻻتﻔﺎقيﺎت أو المعﺎهدات الدوليﺔ اتﻔﺎق ﻣكتوب ﺑين شخصين دوليين أو أكثﺮ ،ﺑﺤيث تكون ﺑين الدول
أو ﺑين الدول وﻣنظمﺔ دوليﺔ أو تكون ﺑين ﻣنظمﺎت دوليﺔ ﺑغﺮض إنشﺎء عﻼقﺔ قﺎنونيﺔ ﺑين اﻷطﺮاف
المتعﺎقدة .
وقد ﺟعل المشﺮع الدﺳتوري المغﺮﺑي في ديبﺎﺟﺔ الدﺳتور الﺤﺎلي اﻻتﻔﺎقيﺎت الدوليﺔ احد ﻣصﺎدر القﺎعدة
القﺎنونيﺔ ﺑنصه في الﻔقﺮة اﻷخيﺮة على أنه .... " :جعل اﻻتفاقيات الدولية ،كما صادق عليها المغرب ،وفي
نطاق أحكام الدستور وقوانين المملكة ،وهويتها الوطنية الراسخة ،تسمو ،فور نشرها ،على التشريعات
الوطنية والعمل على مﻼئمة هذه التشريعات ،مع ما تتطلبه تلك المصادقة ".
وﺑﺎلتﺎلي فﺎن اﻻتﻔﺎقيﺎت الدوليﺔ تسﺎهم في نشوء القﺎعدة القﺎنونيﺔ ﺑعد توفﺮ شﺮوط لذلك وهي :
.1مصادقة المغرب على ا تفاقيات الدولية :خول المشﺮع الدﺳتوري للملك ﺑمقتضى الﻔصل 55ﻣن
الدﺳتور التوقيﻊ على المعﺎهدات الدوليﺔ والمصﺎدقﺔ عليهﺎ إﻻ أذا تعلقت اﻻتﻔﺎقيﺎت الدوليﺔ ﺑﺎلسلم آو اﻻتﺤﺎد أو
رﺳم الﺤدود أو التجﺎرة أو المتﺮتبﺔ عليهﺎ تكﺎليف ﻣﺎليﺔ للدولﺔ أو يستلزم تطبيقهﺎ اتخﺎذ تداﺑيﺮ تشﺮيعيﺔ آو
تتعلﻖ ﺑﺤقوق وحﺮيﺎت المواطنين والمواطنﺎت العﺎﻣﺔ آو الخﺎﺻﺔ ،فإن الملك ﻻ يصﺎدق عليهﺎ إﻻ إذا وافﻖ
عليهﺎ البﺮلمﺎن ﺑقﺎنون .
كمﺎ يمكن للملك أن يعﺮض على البﺮلمﺎن كل ﻣعﺎهدة أو اتﻔﺎقيﺔ أخﺮى للمصﺎدقﺔ عليهﺎ ،كمﺎ أن المصﺎدقﺔ
على المعﺎهدات الدوليﺔ ﻻ يتم إﻻ ﺑعد التداول ﺑشأنهﺎ في المجلس الﺤكوﻣي قبل عﺮضهﺎ على المجلس
الوزاري – البند 3ﻣن الﻔصل 92ﻣن الدﺳتور . -
.2عدم مخالفة ا تفاقيات الدولية حﻜام الدستور وقوانين المملﻜة والهوية الوطنية :يشتﺮط في
اﻻتﻔﺎقيﺔ الدوليﺔ أن ﻻ تخﺎلف ﻣقتضيﺎت الدﺳتور وقوانين المملكﺔ وهويتهﺎ الوطنيﺔ كﺎﻻخد ﺑﺎلدين
اﻹﺳﻼﻣي كدين رﺳمي للبﻼد .
كمﺎ أن المصﺎدقﺔ على اتﻔﺎقيﺔ أو ﺑند ﻣنهﺎ ﻣخﺎلف للدﺳتور ﻣﺮاﺟعته وفي ذلك تنص الﻔقﺮة اﻷخيﺮة ﻣن
الﻔصل 55ﻣن الدﺳتور على أنه ":إذا صرحت المحكمة الدستورية ،إثر إحالة الملك ،أو رئيس
الحكومة ،أو رئيس مجلس النواب ،أو رئيس مجلس المستشارين ،أو سدس أعضاء المجلس اﻷول ،أو
ربع أعضاء المجلس الثاني ،اﻷمر إليها ،أن التزاما دوليا يتضمن بندا يخالف الدستور ،فإن المصادقة
على هذا اﻻلتزام ﻻ تقع إﻻ بعد مراجعة الدستور" .
.3إلزامية ن ا تفاقيات الدولية :ويقصد ﺑذلك نشﺮهﺎ في الجﺮيدة الﺮﺳميﺔ للمملكﺔ ،الذي يعد قﺮينﺔ
على علم الجميﻊ ﺑمقتضيﺎتهﺎ وﺑﺎلتﺎلي يلزﻣون ﺑهﺎ وﺑﺎلتﺎلي شﺮطﺎ لسﺮيﺎنهﺎ .
وﺑﺎلتﺎلي إذا تﺤققت هذه الشﺮوط ﻣجتمعﺔ فﺎن اﻻتﻔﺎقيﺔ الدوليﺔ تسمو على القوانين الوطنيﺔ التي ﻣن ﺑينهﺎ
القﺎنون العﺎدي.
26
القانون التنظيمي رقم 02.12المتعلق بالتعيين في المناصب العليا تطبيقا ﻷحكام الفصلين 49و 92من الدستور الصادر بتاريخ 17يوليو . 2012ج.ر .ﻋدد
6066بتاريخ 19يوليو 2012ص 4235 :كمال تم تغييره وتتميمه بمقتضى القانون رقم 12.14الصادر بتاريخ 2يونيو . 2015ج .ر .ﻋدد 6368بتاريخ 11
يونيو 2015ص. 5665 :
27
القانون التنظيمي رقم 106.13المتعلق بالنظام اﻻساسي للقضاة الصادر بتاريخ 24مارس . 2016ج .ر .ﻋدد 6456بتاريخ 14أبريل . 2016ص 3134 :
28
القانون التنظيمي رقم 100.13المتعلق بالمجلس اﻻﻋلى للسلطة القضائية الصادر بتاريخ 24مارس . 2016ج.ر .ﻋدد 6456بتاريخ 14أبريل . 2016ص
. 3143 :
34
الفقرة الراﺑعة :الت يع العادي أو القانون ﺑالمعنى الضيق législation ordinaire
يقصد ﺑﺎلتشﺮيﻊ العﺎدي أو القﺎنون ﺑﺎلمعنى الضيﻖ la loiﻣجموعﺔ القواعد القﺎنونيﺔ الصﺎدرة عن السلطﺔ
التشﺮيعيﺔ وفقﺎ لﻺﺟﺮاءات والﺤﺎﻻت المنصوص عليهﺎ في الدﺳتور .
أو :الجهات المختصة ﺑسن الت يع العادي
وضﻊ الﻔصل 70ﻣن الدﺳتور قﺎعدة عﺎﻣﺔ فيمﺎ يخص ﺳن التشﺮيﻊ وذلك ﺑتخويله للبﺮلمﺎن ،لكن في حﺎﻻت
اﺳتثنﺎئيﺔ يمكن للﺤكوﻣﺔ وللملك وضﻊ التشﺮيﻊ العﺎدي .
-1القاعدة العامة في وضع الت يع العادي
نص الﻔصل 70ﻣن الدﺳتور على أنه " يمارس البرلمان السلطة التشريعية "...وﺑذلك يختص البﺮلمﺎن
وﺑصﻔﺔ أﺻليﺔ ﺑوضﻊ التشﺮيﻊ العﺎدي ،كمﺎ عملت نصوص أخﺮى على تﺤديد ﻣجﺎﻻت تدخل البﺮلمﺎن
واختصﺎﺻﺎته في ﻣجﺎل التشﺮيﻊ ﺑﺤيث حدد الﻔصل 71الميﺎدين التشﺮيعيﺔ للبﺮلمﺎن ،كمﺎ نص الﻔصل 75ﻣن
الدﺳتور على أحقيﺔ البﺮلمﺎن في التصويت على قﺎنون المﺎليﺔ ،ﺑينمﺎ نصت الﻔقﺮة الثﺎنيﺔ ﻣن هذا الﻔصل على
اختصﺎص البﺮلمﺎن على المصﺎدقﺔ على نﻔقﺎت التجهيز التي يتطلبهﺎ ﻣشﺮوع ﻣخطط التنميﺔ ﺑينمﺎ نص الﻔصل
55على دور البﺮلمﺎن على الموافقﺔ على المعﺎهدات الدوليﺔ المتعلقﺔ ﺑﺎلسلم أو اﻻتﺤﺎد أو التي تهم رﺳم
الﺤدود ،وﻣعﺎهدات التجﺎرة أو التي تلزم ﻣﺎليﺔ الدولﺔ أو يتطلب تطبيقهﺎ اتخﺎذ تداﺑيﺮ تشﺮيعيﺔ أو تتعلﻖ ﺑﺤقوق
وحﺮيﺎت المواطنين العﺎﻣﺔ أو الخﺎﺻﺔ ,وأيضﺎ إحداث ﺟمﺎعﺎت ﻣﺤليﺔ ﺟديدة 29وأيضﺎ تﺤديد اختصﺎﺻﺎت
المجلس اﻷعلى للﺤسﺎﺑﺎت والمجﺎلس الجهويﺔ للﺤسﺎﺑﺎت وقواعد تنظيمهﺎ وكيﻔيﺔ تسييﺮهﺎ .30
يتضح ﻣمﺎ ﺳبﻖ أن اﻻختصﺎﺻﺎت التشﺮيعيﺔ للبﺮلمﺎن ﻣﺤددة على ﺳبيل الﺤصﺮ ﺑﺤيث ﻻ يجوز له تجﺎوزهﺎ،
وفي حﺎلﺔ المخﺎلﻔﺔ فﺎنه تبث فيه المﺤكمﺔ الدﺳتوريﺔ خﻼل ثمﺎنيﺔ أيﺎم ﺑمقتضى الﻔصل 79ﻣن الدﺳتور "
للحكومة أن تدفع بعدم قبول كل مقترح أو تعديل ﻻ يدخل في مجال القانون .
كل خﻼف في هذا الشأن تبث فيه المحكمة الدستورية في أجل ثمانية أيام ،بطلﺐ من أحد رئيسي المجلسين
أو من رئيس الحكومة " .
-2الحا ت ا ستثنائية لوضع الت يع العادي
خول الدﺳتور وفي حﺎﻻت اﺳتثنﺎئيﺔ لكل ﻣن الﺤكوﻣﺔ والملك وضﻊ التشﺮيﻊ وذلك في الﺤﺎﻻت التﺎليﺔ:
أ -حالة إع ن ا ستثناء :خول الدﺳتور للملك ﺑمقتضى الﻔصل 59ﻣمﺎرﺳﺔ التشﺮيﻊ عند إعﻼن حﺎلﺔ
اﻻﺳتثنﺎء ﺑنصه " إذا كانت حوزة التراب الوطني مهددة أو وقع من اﻷحداث ما يعرقل السير العادي
للمؤسسات الدستورية ،يمكن للملك أن يعلن حالة اﻻستثناء بظهير بعد استشارة كل من رئيس الحكومة
ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس المستشارين ورئيس المحكمة الدستورية وتوجيه خطاب إلى
اﻷمة. "...
ب -حالة ا ذن من طرف مجلس البرلمان أو حالة التفويض ا رادي :نصت عليهﺎ الﻔقﺮة الثﺎنيﺔ
ﻣن الﻔصل 70ﻣن الدﺳتور ﺑنصه على أنه " للقانون أن يأذن للحكومة أن تتخذ في ظرف من الزمن محدد
ولغاية معينة بمقتضى مراسيم تدابير يختص القانون عادة باتخاذها ,ويجري العمل بهذه المراسيم بمجرد
نشرها غير أنه يجﺐ عرضها على البرلمان بقصد المصادقة عند انتهاء اﻷجل الذي حدده قانون اﻹذن
بإصدارها ويبطل قانون اﻹذن إذا ما وقع حل مجلسي البرلمان أو احدهما " .
29
انظر الفصل 135من الدستور
30
الفصل 150من الدستور
35
وهذا اﻻﺳتثنﺎء يجد تطبيقه وﺑصورة دائمﺔ في ﻣيدان القوانين المﺎليﺔ كﻔﺮض الﺮﺳوم والضﺮائب أو تعديلهﺎ،
وأيضﺎ ﺑﺎلنسبﺔ للقﺎنون الذي يﺮخص في تﻔويت المؤﺳسﺎت العموﻣيﺔ إلى القطﺎع الخﺎص المعﺮوف ﺑقﺎنون
الخوﺻصﺔ .31privatisation
ت -حالة ال ورة أو العطلة البرلمانية :خول الﻔصل 81ﻣن الدﺳتور للﺤكوﻣﺔ حﻖ التشﺮيﻊ ﺑقوة
القﺎنون ودون حﺎﺟﺔ إلى إذن البﺮلمﺎن وذلك ﺑإﺻدار ﻣﺮاﺳيم قوانين وﺑﺎتﻔﺎق ﻣﻊ اللجﺎن المعنيﺔ شﺮيطﺔ
عﺮضهﺎ للمصﺎدقﺔ عليهﺎ خﻼل الدورة المواليﺔ العﺎديﺔ للبﺮلمﺎن ،وﺑذلك فهو تﻔويض تلقﺎئي وﺑقوة القﺎنون
الهدف ﻣنه تﻔﺎدي الﻔﺮاغ في السلطﺔ التشﺮيعيﺔ ﺑسبب العطلﺔ البﺮلمﺎنيﺔ .
ﺛانيا :مراحل سن الت يع العادي
يمﺮ ﺳن التشﺮيﻊ العﺎدي ﺑمﺮاحل ﻣتعددة وهي:
1ـ ا قتراح : proposition :يشكل أول ﻣﺮاحل وضﻊ التشﺮيﻊ وهو على نوعين ﺑﺤسب الجهﺔ التي
تتولى طﺮحه ،فإذا اقتﺮحه رئيس الﺤكوﻣﺔ يسمى ﻣشﺮوع القﺎنون projet de loiأﻣﺎ إذا ﺻدر عن أحد
أعضﺎء البﺮلمﺎن ﺑغﺮفتيه فيسمى ﻣقتﺮح أو اقتﺮاح القﺎنون . proposition de loi
تودع هذه المشﺎريﻊ ﺑمكتب ﻣجلس النواب ﺑﺎﺳتثنﺎء تلك المتعلقﺔ ﺑﺎلجمﺎعﺎت التﺮاﺑيﺔ وﺑﺎلتنميﺔ الجهويﺔ والقضﺎيﺎ
اﻻﺟتمﺎعيﺔ فتودع لدى ﻣكتب ﻣجلس المستشﺎرين .32
2ـ المناقشة :discussion :ﺑعد وضﻊ ﻣشﺎريﻊ واقتﺮاحﺎت القوانين ﺑﺎلبﺮلمﺎن حسب اختصﺎﺻﺎت
غﺮفتيه تﺤﺎل ﻷﺟل دراﺳتهﺎ على اللجﺎن البﺮلمﺎنيﺔ المختصﺔ التي يستمﺮ عملهﺎ خﻼل الﻔتﺮات الﻔﺎﺻلﺔ ﺑين
.
الدورات التي تتولى ﻣﺮاﺟعتهﺎ وﺻيﺎغتهﺎ ﻣن النﺎحيﺔ القﺎنونيﺔ وكتﺎﺑﺔ تقﺎريﺮ ﺑشأنهﺎ
يمكن لهذه اللجﺎن اﺳتدعﺎء الوزراء لﺤضور أشغﺎلهﺎ ،واﻻﺳتعﺎنﺔ ﺑآراء أعضﺎء الﺤكوﻣﺔ خﺎﺻﺔ أولئك الذين
يدخل ﻣشﺮوع القﺎنون أو ﻣقتﺮح القﺎنون في دائﺮة اختصﺎص وزارته.
وﺑعد النظﺮ فيهﺎ يضﻊ ﻣكتب كل ﻣن ﻣجلسي البﺮلمﺎن ﺟدول أعمﺎله يتضمن وفﻖ التﺮتيب الذي تﺤدده الﺤكوﻣﺔ
ﻣنﺎقشﺔ ﻣشﺎريﻊ القوانين وﻣقتﺮحﺎت ﻣﻊ تخصيص يوم واحد على اﻷقل في الشهﺮ لــــدراﺳﺔ ﻣقتﺮحﺎت القوانين
ﻣن ﺑينهﺎ تلك الصﺎدرة عن البﺮلمﺎن .33
كمﺎ يﺤﻖ ﻷعضﺎء ﻣجلسي البﺮلمﺎن وللﺤكوﻣﺔ حﻖ تعديل اﻻقتﺮاحﺎت ،وللﺤكوﻣﺔ ﺑعد افتتﺎح المنﺎقشﺔ أن
تعﺎرض كل تعديل لم يعﺮض ﻣن قبل على اللجنﺔ المختصﺔ التي يعنيهﺎ اﻷﻣﺮ.
3ـ التصويت vote:ﺑعد اقتﺮاح وﻣنﺎقشﺔ ﻣشﺎريﻊ وﻣقتﺮحﺎت القوانين تأتي ﻣﺮحلﺔ التصويت ،وذلك ﺑأخذ
اﻷﺻوات عليهﺎ ﺑنﺎء على الﻔقﺮة الثﺎنيﺔ ﻣن الﻔصل 70ﻣن الدﺳتور التي ينص على أنه " يصوت البرلمان
على القوانين ويراقﺐ عمل الحكومة ويقيم السياسات العمومية ، "...والﻔصل 60الذي اعتبﺮ حﻖ التصويت
حﻖ شخصي ﻻ يمكن تﻔويضه .
ويتم التصويت ﺑبث المجلس المعﺮوض عليه النص ﺑتصويت واحد في النص المتنﺎقش فيه كله أو ﺑعضه إذا ﻣﺎ
طلبت الﺤكوﻣﺔ ذلك ،ﻣﻊ اﻻقتصﺎر على التعديﻼت المقتﺮحﺔ أو المقبولﺔ ﻣن قبلهﺎ ،كمﺎ أن هذه المشﺎريﻊ
والمقتﺮحﺎت ﻻ تعد قﺎنونﺎ إﻻ ﺑعد التصويت النهﺎئي على النص الذي تم البث فيه ﻣن طﺮف غﺮفتي المجلس .34
31
انظر الظهير الشريف رقم 1.90.01الصادر في 15من رمضان 11 ) 1410أبريل (1990بتنفيذ القانون رقم 39.89المؤذن بموجبه في تحويل منشات
ﻋامة إلى منشات خاصة .ج.ر .ﻋدد 4042بتاريخ 1990 /04/18ص . 711 :
32
ينص الفصل 78من الدستور ﻋلى أنه " لرئيس الحكومة وﻷﻋضاء البرلمان ﻋلى السواء حق التقدم باقتراح القوانين.
تودع مشاريع القوانين باﻷسبقية لدى مكتب مجلس النواب ,غير أن مشاريع القوانين المتعلقة ﻋلى وجه الخصوص بالجماﻋات الترابية وبالتنمية الجهوية وبالقضايا
اﻻجتماﻋية تودع باﻷسبقية لدى مكتب مجلس المستشارين " .
33
ينص الفصل 82من الدستور " يضع مكتب كل من مجلسي البرلمان جدول أﻋماله ,ويتضمن هذا الجدول مشاريع القوانين ومقترحات القوانين باﻷسبقية ووفق
الترتيب الذي تحدده الحكومة " .
34
انظر الفصل 84من الدستور.
36
4ـ التصديق :يقصد ﺑﺎلتصديﻖ عﺮض ﻣشﺎريﻊ القوانين أو ﻣشﺮوع القﺎنون على أنضﺎر الملك ﺑقصد
المصﺎدقﺔ عليه وإﺻدار اﻷﻣﺮ ﺑتنﻔيذه ﺑنﺎء على الﻔصل 50ﻣن الدﺳتور الذي ينص على أنه " يصدر الملك
اﻷمر بتنفيذ القانون خﻼل الثﻼثين يوما التالية ﻹحالته على الحكومة بعد تمام الموافقة عليه . "...
الفقرة الثالثة :الت يع الفرعي أو التنظيمي les règlement ou législations
secondaire
أو :تعريف الت يع الفرعي :التشﺮيﻊ الﻔﺮعي هو التشﺮيﻊ الذي تسنه السلطﺔ التنﻔيذيﺔ ﺑموﺟب
اﻻختصﺎص اﻷﺻيل والثﺎﺑت المخول لهﺎ ﺑمقتضى الدﺳتور ،وهو عبﺎرة عن نصوص تنظيميﺔ تصدر في إطﺎر
السلطﺔ التنظيميﺔ الممنوحﺔ للﺤكوﻣﺔ .
يتضمن هذا النوع ﻣن التشﺮيﻊ قواعد عﺎﻣﺔ وﻣجﺮدة ،ﻣمﺎ يميزهﺎ عن القﺮارات اﻹداريﺔ الﻔﺮديﺔ الصﺎدرة عن
اﻹدارة ،كمﺎ تتميز ﺑقوة اﻹلزام ﺑﺎعتبﺎرهﺎ عمﻼ قﺎنونيﺎ يعبﺮ عن إرادة اﻹدارة في إحداث أثﺮ قﺎنوني أو تعديل
في المﺮاكز القﺎنونيﺔ .
وتجدر اﻹشﺎرة أن هذا النوع ﻣن التشﺮيﻊ يتميز ﺑشسﺎعﺔ ﻣجﺎله ﺑﺎلمقﺎرنﺔ ﻣﻊ التشﺮيﻊ العﺎدي .
37
ت ـ الت يعات الضبطية أو ت يعات البوليس :législations de policeهي التي تضعهﺎ
السلطﺔ التنﻔيذيﺔ ﺑقصد تﺤقيﻖ المصلﺤﺔ العﺎﻣﺔ في ﻣجﺎﻻت المﺤﺎفظﺔ على اﻷﻣن والصﺤﺔ العﺎﻣﺔ والسكينﺔ
كﺎلتشﺮيعﺎت الخﺎﺻﺔ ﺑﺎلمﺮور وﻣﺮاقبﺔ المواد اﻻﺳتهﻼكيﺔ .
وهي ﺑدورهﺎ قﺎئمﺔ ﺑذاتهﺎ لكونهﺎ ﻻ تستند إلى قﺎنون قﺎئم ﻣوﺟود فعﻼ شأنهﺎ شأن اللوائح التنظيميﺔ .
يع المطلب الثالث :نفاد الت
يتطلب تطبيﻖ التشﺮيﻊ ﺑﺎﻹضﺎفﺔ إلى ﺳنه ﻣن طﺮف السلطﺔ المختصﺔ نﻔﺎده الذي يتطلب ﺑدوره خضوعه
ﻹﺟﺮائين اثنين أولهمﺎ اﻹﺻدار وثﺎنيهمﺎ النشﺮ .
الفقرة ا ولى ا صدارla promulgation :
يقصد ﺑه عمل قﺎنوني تتوﻻه السلطﺔ التنﻔيذيﺔ ﺑغﺮض إثبﺎت وﺟود التشﺮيﻊ عن طﺮيﻖ توﺟيه أﻣﺮ إلى الﺤكوﻣﺔ
لتنﻔيذ القﺎنون ﺑﺎعتبﺎره تشﺮيعﺎ ﻣن تشﺮيعﺎت الدولﺔ.
يختص ﺑتوﺟيه هذا اﻷﻣﺮ حسب الﻔصل 50ﻣن الدﺳتور الملك ﺑواﺳطﺔ ظهيﺮ يسمى ظهيﺮ اﻹﺻدار خﻼل
الثﻼثين يوﻣﺎ التﺎليﺔ ﻹحﺎلته على الﺤكوﻣﺔ ﺑعد تمﺎم الموافقﺔ عليه ﻣمﺎ يتﺮتب عليه :
تسجيل الوﺟود القﺎنوني للتشﺮيﻊ فهو ﺑمثﺎﺑﺔ شهﺎدة ﻣيﻼد له وفﻖ طﺮيقﺔ ﺳنه .
تكليف رﺟﺎل السلطﺔ التنﻔيذيﺔ في الدولﺔ ﺑتنﻔيذ التشﺮيﻊ كل فيمﺎ يخصه ﺑﺎعتبﺎره ﻣن تشﺮيعﺎت الدولﺔ ،ﻷن
السلطﺔ التنﻔيذيﺔ هي المكلﻔﺔ ﺑتنﻔيذ القﺎنون.
وهذا اﻹﺻدار يعتبﺮ ﻻزﻣﺎ لكل أنواع التشﺮيﻊ ﺳواء التشﺮيﻊ اﻷﺳﺎﺳي أو التشﺮيﻊ العﺎدي أو التشﺮيﻊ الﻔﺮعي.
يع la publication الت الفقرة الثانية :ن
النشﺮ إﺟﺮاء رﺳمي يقصد ﺑه إعﻼن التشﺮيﻊ الجديد للنﺎس ،وتعﺮيﻔهم ﺑتﺎريخ دخوله حيز التطبيﻖ ﻷن التشﺮيﻊ
يكتسب ﺻﻔﺔ اﻹلزام ﺑإﺻداره ،في حين يصبح واﺟب التطبيﻖ عند نشﺮه ووﺻول العلم ﺑه إلى المخﺎطبين
ﺑأحكﺎﻣه.
وتتم عمليﺔ النشﺮ حسب الﻔقﺮة الثﺎنيﺔ ﻣن الﻔصل 50ﻣن الدﺳتور ﺑﺎلنشﺮ في الجﺮيدة الﺮﺳميﺔ خﻼل أﺟل
أقصﺎه شهﺮ اﺑتداء ﻣن تﺎريخ إﺻداره " ..ينشر القانون الذي صدر اﻷمر بتنفيذه بالجريدة الرسمية للمملكة
خﻼل أجل أقصاه شهر ابتداء من تاريخ ظهير إصداره".
وﻻ يغني عن النشﺮ في الجﺮيدة الﺮﺳميﺔ أي وﺳيلﺔ أخﺮى كﺎلنشﺮ في الصﺤف أو اﻹذاعﺔ أو التلﻔزيون أو
تعليقهﺎ في اﻷﻣﺎكن العموﻣيﺔ .
وتجدر اﻹشﺎرة أن عمليﺔ النشﺮ تشمل ﺟميﻊ أنواع القوانين ﺳواء اﻷﺳﺎﺳيﺔ أو العﺎديﺔ أو الﻔﺮعيﺔ .
المطلب الراﺑع :التقنين codification
يقصد ﺑﺎلتقنين الوثيقﺔ الﺮﺳميﺔ الصﺎدرة عن السلطﺔ التشﺮيعيﺔ والتي تضم النصوص التشﺮيعيﺔ الخﺎﺻﺔ
ﺑﻔﺮع ﻣن فﺮوع القﺎنون في كتﺎب ) (codeواحد ﺑعد تﺮتيبهﺎ وتبويبهﺎ ورفﻊ ﻣﺎ قد يشوﺑهﺎ ﻣن تعﺎرض
وتضﺎرب ،وﺑﺎلتﺎلي ﻻ يندرج في عمليﺔ التقنيين التجميﻊ الذي تقوم ﺑه الهيآت اﻷخﺮى غيﺮ السلطﺔ التشﺮيعيﺔ
كﺎلهيآت العلميﺔ والﻔقهﺎء .
38
وقد ظهﺮت عمليﺔ التقنين في القوانين القديمﺔ كﺎلقﺎنون اليونﺎني والقﺎنون الﺮوﻣﺎني وﺻوﻻ إلى القﺎنون الﺤديث
ﻣند ﻣطلﻊ القﺮن التﺎﺳﻊ عشﺮ الذي عﺮف ﺻيﺎغﺔ القواعد القﺎنونيﺔ في شكل نصوص تتضمنهﺎ ﻣجموعﺎت
كﺎلقﺎنون المـــدني الﻔﺮنسي لسنﺔ ) 1804قﺎنون نﺎﺑليون( .
وقد عﺮف القﺎنون المغﺮﺑي هذه العمليﺔ ﻣند عهد اﻻﺳتعمﺎر خﺎﺻﺔ ﺳنﺔ 1913ﺑإﺻدار قﺎنون اﻻلتزاﻣﺎت
والعقود وقﺎنون المسطﺮة المدنيﺔ ،وﺑعد اﻻﺳتقﻼل كمدونﺔ اﻷحوال الشخصيﺔ ﺳنﺔ 1957وقﺎنون المسطﺮة
الجنﺎئيﺔ ﺳنﺔ ... 1959الخ .
وقد أدت ﻣجموعﺔ ﻣن العواﻣل إلى انتشﺎر التقنيين أهمهﺎ نشﺮ القﺎنون ﻣمﺎ أدى إلى تيسيﺮ تدوينه وﺑﺎلتﺎلي تقنينه
في كتب ﻣتخصصﺔ ،وأيضﺎ تعدد القضﺎة ﺑسبب اتسﺎع رقعﺔ الدولﺔ الواحدة ،كمﺎ تسﺎهم في تﺤقيﻖ التنﺎﺳﻖ ﺑين
ﻣختلف القواعد القﺎنونيﺔ وتﻔﺎدي التعﺎرض والتضﺎرب ﺑينهﺎ ﻣمﺎ يسﺎهم ﺑدوره في تيسيﺮ البﺤث عن اﻷحكﺎم
القﺎنونيﺔ المطلوب تطبيقهﺎ أو اﻹلمﺎم ﺑهﺎ .
يع المطلب الخامس :تدرج الت
تتدرج التشﺮيعﺎت ﻣن حيث قوتهﺎ وأهميتهﺎ إلى ثﻼثﺔ أنواع يوﺟد في قمتهﺎ الدﺳتور أو التشﺮيﻊ اﻷﺳﺎﺳي تم
تليه اﻻتﻔﺎقيﺎت الدوليﺔ تم التشﺮيﻊ العﺎدي أو القﺎنون تم التشﺮيﻊ الﻔﺮعي ،وفي ذلك تنص الﻔقﺮة الثﺎلثﺔ ﻣن
المﺎدة السﺎدﺳﺔ ﻣن دﺳتور ﺳنﺔ 2011على أنه " تعتبﺮ دﺳتوريﺔ القواعد القﺎنونيﺔ ،وتﺮاتبيتهﺎ ،ووﺟوب
نشﺮهﺎ ،ﻣبﺎدئ ﻣلزﻣﺔ " .
يتﺮتب عن هذا التدرج ﻣطﺎﺑقﺔ التشﺮيﻊ اﻷدنى للتشﺮيﻊ اﻷعلى ﻣنه ﻣﺮتبﺔ ،ﺑﺤيث ﻻ يجب عليه ﻣخﺎلﻔته أو
تعديله ،فﻼ يجوز أن تخﺎلف اﻻتﻔﺎقيﺎت الدوليﺔ الدﺳتور ،وﻻ أن يخﺎلف التشﺮيﻊ العﺎدي الدﺳتور وﻻ أن يخﺎلف
التشﺮيﻊ الﻔﺮعي التشﺮيﻊ العﺎدي أو الدﺳتور.
وتتخذ المخﺎلﻔﺔ ﻣظهﺮين :
أو :المخالفة من حيث الشﻜل :تتﺤقﻖ هذه المخﺎلﻔﺔ عند عدم إتبﺎع اﻹﺟﺮاءات الﻼزﻣﺔ لسن أو نﻔﺎده
كصدوره عن ﺳلطﺔ غيﺮ ﻣختصﺔ أو إﺻداره دون حصوله في البﺮلمﺎن على اﻷغلبيﺔ العﺎديﺔ المطلوﺑﺔ أو
تنﻔيذه قبل نشﺮه في الجﺮيدة الﺮﺳميﺔ .
ﺛانيا :المخالفة من حيث الموضوع :تتﺤقﻖ هذه الﺤﺎلﺔ إذا تضمن التشﺮيﻊ اﻷدنى أحكﺎﻣﺎ تتعﺎرض ﻣﻊ
التشﺮيﻊ اﻷعلى ﻣنه درﺟﺔ كأن يصدر تشﺮيﻊ عﺎدي يﺤد ﻣن حﺮيﺔ الﺮأي ﺑﺎلﺮغم ﻣن كﻔﺎلتهﺎ ﻣن الدﺳتور .
عية النصوص القانونية المطلب السادس :الرقاﺑة القضائية ل
يع الفرعي : الفقرة ا ولى :رقاﺑة المحاكم العادية على صحة الت
إذا تضمن التشﺮيﻊ الﻔﺮعي أحكﺎﻣﺎ ﻣخﺎلﻔﺔ للتشﺮيﻊ العﺎدي أو التشﺮيﻊ اﻷﺳﺎﺳي فﺎن المﺤﺎكم العﺎديﺔ تملك حﻖ
اﻻﻣتنﺎع عن تطبيﻖ التشﺮيﻊ الﻔﺮعي ،ولو لم يطلب أحد ﻣن الخصوم اﺳتبعﺎد تطبيقه لعدم ﻣشﺮوعيته ،
وﺑﺎلتﺎلي ينﺤصﺮ اﻻﺳتبعﺎد على النزاع المطﺮوح أﻣﺎﻣهﺎ دون إلغﺎئه ،وﺑﺎلتﺎلي يشتﺮط في كل ﻣﺤكمﺔ أن تتأكد
قبل تطبيﻖ التشﺮيﻊ الﻔﺮعي ﻣن قﺎنونيته وإذا تبت لهﺎ ذلك كﺎن عليهﺎ أي تمتنﻊ عن تطبيقه ﻣن تلقﺎء نﻔسهﺎ.
39
يع الفرعي الفقرة الثانية :رقاﺑة المحاكم ا دارية على صحة الت
يملك القضﺎء اﻹداري ﺳلطﺔ إلغﺎء التشﺮيﻊ الﻔﺮعي ﺑسبب الشطط في اﺳتعمﺎل السلطﺔ إذا رفعت دعوى أﻣﺎم
المﺤﺎكم اﻹداريﺔ في هذا الشأن ،وفي اﻵﺟﺎل المﺤددة في المﺎدة 23ﻣن ظهيﺮ 1993 /09/10المتعلﻖ ﺑإنشﺎء
المﺤﺎكم اﻹداريﺔ وهو 60يوﻣﺎ ﻣن نشﺮ أو تبليغ القﺮار الصﺎدر عن السلطﺎت اﻹداريﺔ إلى المعنى ﺑﺎﻷﻣﺮ.35
المطلب الساﺑع :الرقاﺑة القضائية على دستورية القوانين
يقصد ﺑدﺳتوريﺔ القوانين هو التأكد ﻣن ﻣطﺎﺑقﺔ القوانين لﺮوح الدﺳتور وأحكﺎﻣه ،وقد عﺮف المغﺮب ثﻼث
تجﺎرب ﻣختلﻔﺔ ،الغﺮفﺔ الدﺳتوريﺔ ﻣﻊ دﺳتور 1962ظل عملهﺎ ﻣﺤدودا وضيقﺎ في ﻣﺮاقبﺔ دﺳتوريﺔ القوانين ،
تم تلتهﺎ تجﺮﺑﺔ المجلس الدﺳتوري الذي عوض ﺑمقتضى دﺳتور 1970الغﺮفﺔ الدﺳتوريﺔ ﺑﻔعل التﺤوﻻت
السيﺎﺳيﺔ واﻻقتصﺎديﺔ واﻻﺟتمﺎعيﺔ التي عﺮفهﺎ المغﺮب ،ﺑﺤيث نص هذا الدﺳتور على إﻣكﺎنيﺔ إحﺎلﺔ القوانين
التنظيميﺔ قبل إﺻدار اﻷﻣﺮ ﺑتنﻔيذهﺎ إلى المجلس الدﺳتوري ،كمﺎ خول للملك وللوزيﺮ اﻷول ) رئيس
الﺤكوﻣﺔ حﺎليﺎ( أو لﺮئيس ﻣجلس النواب أو رئيس ﻣجلس المستشﺎرين أو رﺑﻊ اﻷعضﺎء الذين يتألف ﻣنهم هذا
المجلس أن يﺤيلوا القوانين قبل إﺻدار اﻷﻣﺮ ﺑتنﻔيذهﺎ إلى المجلس الدﺳتوري ليبث في ﻣطﺎﺑقتهﺎ للدﺳتور .
أﻣﺎ التجﺮﺑﺔ الثﺎلثﺔ فتتمثل في المﺤكمﺔ الدﺳتوريﺔ التي عوضت ﺑدورهﺎ المجلس الدﺳتوري ﻣﻊ توﺳيﻊ
اختصﺎﺻﺎتهﺎ وذلك ﺑتخويلهﺎ ﺑﺎﻹضﺎفﺔ إلى اﻻختصﺎﺻﺎت السﺎﺑقﺔ للمجلس الدﺳتوري النظﺮ في الدفﻊ ﺑعدم
دﺳتوريﺔ القوانين أﻣﺎم ﻣﺤﺎكم الموضوع ﻣن طﺮف المتقﺎضين ,وﺑذلك فتح البﺎب أﻣﺎﻣهﺎ للمﺮاقبﺔ البعديﺔ
للقوانين عن طﺮيﻖ تمسك المتقﺎضين أﻣﺎم قضﺎء الموضوع ﺑﺎلبث في دﺳتوريﺔ القوانين ﺑنص الدﺳتور الﺤﺎلي
في فصله " 133تختص المحكمة الدستورية بالنظر في كل دفع متعلق بعدم دستورية قانون أثير أثناء
النظر في قضية ,وذلك إذا وقع أحد اﻷطراف بأن القانون الذي سيطبق في النزاع يمس بالحقوق وبالحريات
التي يضمنها الدستور . "..
وتتخذ الﺮقﺎﺑﺔ القضﺎئيﺔ على دﺳتوريﺔ القوانين شكليه أولهمﺎ قبليﺔ تتمثل في ﻣﺮاقبﺔ دﺳتوريﺔ المعﺎهدات الدوليﺔ
،36والﺮقﺎﺑﺔ اﻹﺟبﺎريﺔ على القوانين التنظيميﺔ قبل اﻹﺻدار ﺑتنﻔيذهﺎ وعلى اﻷنظمﺔ الداخليﺔ لكل ﻣن ﻣجلسي
النواب والمستشﺎرين قبل الشﺮوع في تطبيقهﺎ.
وتبث المﺤكمﺔ الدﺳتوريﺔ في دﺳتوريﺔ القوانين خﻼل شهﺮ ﻣن تﺎريخ اﻹحﺎلﺔ أو خﻼل ثمﺎنيﺔ أيﺎم ﻣن تﺎريخ
اﻻﺳتعجﺎل ﺑطلب ﻣن الﺤكوﻣﺔ ،ويؤدي الطعن إلى وقف ﺳﺮيﺎن أﺟل إﺻدار اﻷﻣﺮ ﺑﺎلتنﻔيذ إلى حين ﺻدور
قﺮار المﺤكمﺔ . 37
35
الظهير الشريف رقم 1.91.225الصادر في 22من ربيع اﻷول 10 ) 1414شتنبر (1993بتنفيذ القانون رقم 41.90المحدث بموجبه المحاكم اﻹدارية ،
ج.ر ﻋدد 4227بتاريخ ، 1993 /11/3ص . 2168 :
36
تنص الفقرة اﻷخيرة من الفصل 55من الدستور ﻋلى أنه " ...ذا صرحت المحكمة الدستورية ،إثر إحالة الملك ،أو رئيس الحكومة ،أو رئيس مجلس النواب ،أو
رئيس مجلس المستشارين ،أو سدس أﻋضاء المجلس اﻷول ،أو ربع أﻋضاء المجلس الثاني ،اﻷمر إليها ،أن التزاما دوليا يتضمن بندا يخالف الدستور ،فإن المصادقة
ﻋلى هذا اﻻلتزام ﻻ تقع إﻻ بعد مراجعة الدستور" .
37
ينص الفصل 132من الدستور ﻋلى أنه » تمارس المحكمة الدستورية اﻻختصاصات المسندة إليها بفصول الدستور ،وبأحكام القوانين التنظيمية ،وتبت
باﻹضافة إلى ذلك في صحة انتخاب أﻋضاء البرلمان وﻋمليات اﻻستفتاء.
تحال إلى المحكمة الدستورية القوانين التنظيمية قبل إصدار اﻷمر بتنفيذها ،واﻷنظمة الداخلية لكل من مجلس النواب ومجلس المستشارين قبل الشروع في تطبيقها
لتبت في مطابقتها للدستور
يمكن للملك ،وكذا لكل من رئيس الحكومة ،أو رئيس مجلس النواب ،أو رئيس مجلس المستشارين ،أو خمس أﻋضاء مجلس النواب ،أو أربعين ﻋضوا من أﻋضاء
مجلس المستشارين ،أن يحيلوا القوانين ،قبل إصدار اﻷمر بتنفيذها ،إلى المحكمة الدستورية ،لتبت في مطابقتها للدستور.
تبت المحكمة الدستورية في الحاﻻت المنصوص ﻋليها في الفقرتين الثانية والثالثة من هذا الفصل ،داخل أجل شهر من تاريخ اﻹحالة .غير أن هذا اﻷجل ي يخفض
في حالة اﻻستعجال إلى ثمانية أيام ،بطلب من الحكومة.
تؤدي الحالة إلى المحكمة الدستورية في هذه الحاﻻت ،إلى وقف سريان أجل إصدار اﻷمر بالتنفيذ. "...
40
أﻣﺎ الصورة الثﺎنيﺔ لﺮقﺎﺑﺔ القوانين فهي ﺑعديﺔ ويقصد ﺑهﺎ الﺮقﺎﺑﺔ التي تتم ﺑعد دخول القوانين حيز التنﻔيذ ،وهو
ﻣﺎ يسمى ﺑﺎلدفﻊ ﺑعدم دﺳتوريﺔ القوانين ،ﺑﺤيث يﺤﻖ لكل شخص طﺮف في دعوى أﻣﺎم القضﺎء أن يدفﻊ ﺑعد
دﺳتوريﺔ النص القﺎنوني الذي ﺳيطبﻖ عليه إذا كﺎن هذا النص يمس ﺑﺎلﺤقوق والﺤﺮيﺎت التي يكﻔلهﺎ الدﺳتور
.38وفي ذلك ينص الﻔصل 133ﻣن الدﺳتور على أنه " تختص المحكمة الدستورية بالنظر في كل دفع متعلق
بعدم دستورية قانون ،أثير أثناء النظر في قضية ،وذلك إذا دفع أحد اﻷطراف بأن القانون ،الذي سيطبق في
النزاع ،يمس بالحقوق وبالحريات التي يضمنها الدستور" .
كمﺎ أنه حسب الﻔقﺮة اﻷولى ﻣن الﻔصل 134ﻣن التشﺮيﻊ السﺎلف الذكﺮ " ﻻ يمكن إصدار اﻷمر بتنفيذ مقتضى
تم التصريح بعدم دستوريته على أساس الفصل 132من هذا الدستور ،وﻻ تطبيقه ،وينسخ كل مقتضى تم
التصريح بعدم دستوريته على أساس الفصل 133من الدستور ،ابتداء من التاريخ الذي حددته المحكمة
الدستورية في قرارها. "...
38
أبو بكر مهم :م.س .ص. 226 :
41
المطلب الثاني :أركان العرف
يقوم العﺮف على ركنيين أﺳﺎﺳيين أولهمﺎ ﻣﺎدي وثﺎنيهمﺎ ﻣعنوي .
الفقرة ا ولى :الركن المادي
يتمثل في اعتيﺎد النﺎس على ﺳلوك ﻣعين ،ﻣستقﺮ وثﺎﺑت دون ﻣخﺎلﻔته للنظﺎم العﺎم واﻵداب العﺎﻣﺔ
المعمول ﺑهﺎ داخل الجمﺎعﺔ ،ويشتﺮط في اﻻعتيﺎد أو العﺎدة USAGEالشﺮوط التﺎليﺔ:
أو :العموميــــة :يقصد ﺑهﺎ أن يكون تطبيﻖ العﺮف شﺎﻣﻼ فئﺔ كبيﺮة ﻣن أفﺮاد المجتمﻊ ،ﺑﺤيث ﻻ
يشتﺮط أن يكون شﺎﻣﻼ لهم ﺟميعﺎ ﺑل فئﺔ ﻣﺤدودة أو ﻣنطقﺔ ﻣعينﺔ ،وهذا ﻣﺎ ينص عليه الﻔصل 476ﻣن
ق.ل.ع " وﻻ يصح التمسك بالعادة إﻻ إذا كانت عامة أو غالبة " .
ﺛانــــيا :القــــــــدم :يﻔيد هذا الشﺮط ﻣﺮور ﻣدة زﻣنيﺔ كﺎفيﺔ لنشوء القﺎعدة العﺮفيﺔ ،وهذه المدة ﻻ
يمكن وضﻊ حدود ﻣعينﺔ لهﺎ وهي ﻣتﺮوكﺔ للسلطﺔ التقديﺮيﺔ للقﺎضي .
ﺛـــــالثا:الثـــبات :يشتﺮط في العﺎدة أن تستقﺮ في أدهﺎن النﺎس وإتبﺎعهﺎ ﺑصورة ﻣنتظمﺔ وﻣستمﺮة ﻻ
ﺑصورة ﻣتقطعﺔ ،وهذا العنصﺮ ﻣتﺮوك للسلطﺔ التقديﺮيﺔ للقﺎضي.
راﺑــــــــعــا :عدم مخالفة العرف للنظام العام وا داب العامة :وﺑﺎلتﺎلي يشتﺮط في
العﺮف أن ﻻ يخﺎلف اﻷﺳس التي يقوم عليهﺎ المجتمﻊ ﺳواء السيﺎﺳيﺔ أو اﻻقتصﺎديﺔ أو اﻻﺟتمﺎعيﺔ أو
اﻷخﻼقيﺔ .
الذاتي Elément morale ou subjectif الفقرة الثانية :الركن المعنوي أو العن
هو شعور نﻔسي يتمثل في اﻻعتقﺎد ﺑإلزاﻣيﺔ القواعد العﺮفيﺔ ،وﺑأنهﺎ تستوﺟب اﻹتبﺎع ،ويتﺮتب عن
الخﺮوج عنهﺎ ﺟزاء تﻔﺮضه السلطﺔ العﺎﻣﺔ .
ويشكل هذا الﺮكن عنصﺮا في التمييز ﺑين العﺮف والعﺎدات اﻻﺟتمﺎعيﺔ والعﺎدات اﻻتﻔﺎقيﺔ:
أو :التمييز ﺑين العرف والعادات ا جتماعية :تﻔتقﺮ العﺎدات اﻻﺟتمﺎعيﺔ كﺎلزيﺎرات وتقديم
الهدايﺎ في المنﺎﺳبﺎت واﻷعيﺎد إلى اﻻعتقﺎد ﺑﺎﻹلزاﻣيﺔ ،وفﺮض الجزاء على ﻣخﺎلﻔتهﺎ ﺑخﻼف القواعد
العﺮفيﺔ .
ﺛانيا :التمييز ﺑين العرف والعادة ا تفاقية :يتطلب العﺮف ركنيين لقيﺎﻣه وفي حﺎلﺔ اﻻفتقﺎر إلى
الﺮكن الثﺎني يتﺤول العﺮف إلى عﺎدة اتﻔﺎقيﺔ ،التي تعد عﺮفﺎ نﺎقصﺎ لعدم توفﺮهﺎ على الﺮكن المعنوي
المتمثل في الشعور ﺑﺎﻹلزام ،وﺑﺎلتﺎلي تتسم العﺎدة اﻻتﻔﺎقيﺔ ﺑﺎﻻختيﺎريﺔ في اﻹتبﺎع فهي نﺎتجﺔ عن إرادة
المتعﺎقدين ﻻ ﻣن إرادة المجتمﻊ .
وينتج عن هذا التمييز النتﺎئج التﺎليﺔ:
أ -من حيث افتراض العلم ﺑالقانون :ينشئ العﺮف قﺎعدة قﺎنونيﺔ لذا يﻔتﺮض العلم ﺑهﺎ ﻣن
ﺟميﻊ المخﺎطبين ﺑهﺎ ،وﻻ يقبل ﻣن أحد الجهل ﺑأحكﺎﻣه ﺑخﻼف العﺎدة اﻻتﻔﺎقيﺔ التي تعتبﺮ واقعﺔ
ﻣﺎديﺔ التي تستمد قوتهﺎ ﻣن إرادة المتعﺎقدين لذا يﻔتﺮض العلم ﺑهﺎ .
42
في التطبيق :يلزم في القﺎضي تطبيﻖ العﺮف لكونه يﻔتﺮض فيه ب -من حيث سلطة القا
العلم ﺑه حتى ولو لم يتمسك ﺑتطبيقه الخصوم ﺑخﻼف العﺎدة اﻻتﻔﺎقيﺔ التي يشتﺮط لتطبيقهﺎ تمسك
الخصوم ﺑهﺎ
ت -من حيث ا ﺛبات :ﻻ يلزم في الخصوم إثبﺎت القﺎعدة العﺮفيﺔ لكونهﺎ قﺎعدة قﺎنونيﺔ ﺑخﻼف العﺎدة
اﻻتﻔﺎقيﺔ التي يقﻊ إثبﺎتهﺎ وتقديم الدليل على وﺟودهﺎ ﻣن طﺮف الخصوم ,وهذا ﻣﺎ ينص عليه الﻔصل
476ﻣن ق.ل.ع" يجﺐ على من يتمسك بالعادة أن يثبت وجودها " .
ث -من حيث الرقاﺑة القضائية :يخضﻊ القﺎضي لﺮقﺎﺑﺔ ﻣﺤكمﺔ النقض في تطبيقه للعﺮف ﺑﺎعتبﺎره
قﺎنونﺎ ﺑخﻼف العﺎدة اﻻتﻔﺎقيﺔ التي تعتبﺮ واقعﺔ ﻣﺎديﺔ.
المطلب الثالث :أﺛار العرف
يﺤتل التشﺮيﻊ المﺮتبﺔ اﻷولى ﺑين ﻣصﺎدر القﺎنون ،وﺑﺎلتﺎلي يشتﺮط في القﺎضي عدم اللجوء إلى العﺮف
إﻻ إذا لم يوﺟد نص تشﺮيعي في النﺎزلﺔ المعﺮوضﺔ عليه ،وﺑﺎلتﺎلي يقوم العﺮف ﺑدور احتيﺎطي فهو إﻣﺎ أن
يكمل التشﺮيﻊ أو يسﺎعده .
يع : الفقرة ا ولى :العرف المﻜمل للت
يأتي العﺮف في المﺮتبﺔ الثﺎنيﺔ ﺑعد التشﺮيﻊ ،وﺑﺎلتﺎلي ﻻ يستطيﻊ ﻣخﺎلﻔته أو إلغﺎئه لكنه يعمل على ﺳد
النقص والثغﺮات التي تعتﺮيه.
وهذه اﻷهميﺔ تختلف ﻣن فﺮع إلى آخﺮ ﻣن فﺮوع القﺎنون:
أو :في نطاق القانون الدولي العام :يﺤتل العﺮف ﻣكﺎنﺔ ﺑﺎرزة في هذا القﺎنون ﻷن أغلب
قواعده عبﺎرة عن أعﺮاف دوليﺔ .
ﺛانيا :في نطاق القانون الجنائي :ينص القﺎنون الجنﺎئي على أنه ﻻ ﺟﺮيمﺔ وﻻ عقوﺑﺔ إﻻ ﺑنص
تشﺮيعي ﻣكتوب وﺑﺎلتﺎلي يستبعد تطبيﻖ القواعد العﺮفيﺔ في هذا القﺎنون .
ﺛالثا :في نطاق القانون المدني :في هذا القﺎنون يقوم العﺮف ﺑدور ﻣﺤدود ﺑسبب إحﺎطﺔ القﺎنون
المدني ﺑجميﻊ ﻣجﺎﻻته وﻣن خﻼل تدخﻼته المستمﺮة لمواكبﺔ التطورات التي يعﺮفهﺎ المجتمﻊ ،لكن في
ﺑعض اﻷحيﺎن يﺤيل على العﺮف كﺎلﻔصل 733ﻣن ق .ل .ع الذي ينص على أنه " اذا لم يحدد اﻻتفاق
أجر الخدمات أو العمل ,تولت المحكمة تحديده وفق العرف . "....
راﺑعا :في نطاق القانون البحري :يﺤتل العﺮف دورا هﺎﻣﺎ في هذا القﺎنون فيعمل على ﺳد النقص
في التشﺮيﻊ .
خامسا :في نطاق مدونة الشغل :ﺟعل المشﺮع في ديبﺎﺟﺔ ﻣدونﺔ الشغل العﺮف يﺤتل ﻣﺮتبﺔ تﺎليﺔ
للتشﺮيﻊ واﻻتﻔﺎقيﺎت والمواثيﻖ الدوليﺔ واﻻتﻔﺎقيﺎت الجمﺎعيﺔ وعقد الشغل والقﺮارات التﺤكيميﺔ واﻻﺟتهﺎدات
القضﺎئيﺔ .
سادسا :في نطاق القانون التجاري :يلعب العﺮف دورا كبيﺮا في هذا القﺎنون لقلﺔ القواعد
التشﺮيعيﺔ وعدم كﻔﺎيتهﺎ لمواﺟهﺔ أوﺟه النشﺎط التجﺎري المتعددة والمتطورة ﺑﺎﺳتمﺮار .
43
يع الفقرة الثانية :العرف المساعد للت
يستعين التشﺮيﻊ ﺑﺎلعﺮف لتنظيم وإعمﺎل ﺑعض ﻣقتضيﺎت القواعد القﺎنونيﺔ عن طﺮيﻖ تﺤديد ﻣضمونهﺎ
وتﻔصيل ﻣجملهﺎ ،وﺑيﺎن كيﻔيﺔ إعمﺎل ﺑعض ﻣعﺎييﺮ القﺎعدة التشﺮيعيﺔ كﺎلﻔصل 231ﻣن ق.ل.ع الذي ينص
على أنه " كل تعهد يجﺐ تنفيذه بحسن نية وهو ﻻ يلزم بما وقع التصريح به فحسﺐ ،بل أيضا بكل
ملحقات اﻻلتزام التي يقررها القانون أو العرف أو اﻹنصاف وفقا لما تقتضيه طبيعته" ،وﺑذلك يﺤيل
التشﺮيﻊ على العﺮف ﺑطﺮيقﺔ ﺻﺮيﺤﺔ .
كمﺎ انه قد يﺤيل التشﺮيﻊ على العﺮف ﺑطﺮيقﺔ ضمنيﺔ كآليﺔ لتطبيﻖ القﺎعدة القﺎنونيﺔ المكتوﺑﺔ كتﺤديد ﺑعض
المﻔﺎهيم المنصوص عليهﺎ قﺎنونﺎ كمﻔهوم النظﺎم العﺎم و اﻵداب العﺎﻣﺔ التي تتطلب الﺮﺟوع إلى ﺳلوكﺎت
اﻷشخﺎص المشهود لهم ﺑﺎﻻﺳتقﺎﻣﺔ ،وأيضﺎ ﻣﻔﺎهيم تتعلﻖ ﺑﺎلمسؤوليﺔ المدنيﺔ كﺎلﺮﺟل العﺎدي ورب اﻷﺳﺮة
الذين يتطلبﺎن الﺮﺟوع إلى السلوك الذي يسيﺮ عليه الﺮﺟل الجدي المتوﺳط الذكﺎء . 39
كمﺎ انه عند ﺳكوت المشﺮع عن تنظيم أﻣﺮ ﻣعين فيتم الﺮﺟوع إلى العﺮف ﺑﺎعتبﺎره ﻣصدرا ﻣن ﻣصﺎدر
التشﺮيﻊ وهذا ﻣﺎ يستنتج ﺑصيغﺔ المخﺎلﻔﺔ ﻣن الﻔصل 475ﻣن ق.ل.ع الذي ينص على أنه " ﻻ يسوغ
للعرف والعادة أن يخالفا القانون إن كان صريحا " .
يعة ا س مية المبحث الثالث :مبادئ ال
يقصد ﺑمبﺎدئ الشﺮيعﺔ اﻹﺳﻼﻣيﺔ النصوص الشﺮعيﺔ الواردة في الكتﺎب والسنﺔ وكذلك اﻷحــــــكﺎم الواردة
في الﻔقه اﻹﺳﻼﻣي .
وتعتبﺮ الشﺮيعﺔ اﻹﺳﻼﻣيﺔ ﻣصدرا أﺳﺎﺳيﺎ للقﺎعدة القﺎنونيﺔ ﺑعد التشﺮيﻊ والعﺮف ،فهي تعد ﻣصدرا رﺳميﺎ
لقضﺎيﺎ اﻷﺳﺮة التي تنظمهﺎ ﻣدونﺔ اﻷﺳﺮة في القﺎنون المغﺮﺑي وهي ﻣجموع القواعد التي تنظم الزواج
والطﻼق والوﻻدة واﻷهليﺔ والوﺻيﺔ والمواريث ،وﻣﺎ لم يشمله هذا القﺎنون يﺮﺟﻊ فيه إلى ﻣذهب اﻹﻣﺎم
ﻣﺎلك .
كمﺎ أن الشﺮيعﺔ اﻹﺳﻼﻣيﺔ ) الﻔقه المﺎلكي( تعد ﻣصدرا رﺳميﺎ لمسﺎئل اﻷحوال العينيﺔ أي المعﺎﻣﻼت المﺎليﺔ
في حﺎلﺔ خلو التشﺮيﻊ والعﺮف ﻣن أحكﺎم لهﺎ ،وﻣن ﺑينهﺎ العقﺎرات الغيﺮ المﺤﻔظﺔ والتي في طور التﺤﻔيظ .
كمﺎ أن قﺎنون اﻻلتزاﻣﺎت والعقود يﺤيل ﺑدوره على قواعد الﻔقه المﺎلكي ﻣثل قضﺎيﺎ المقﺎﺻﺔ ﺑين المسلمين
)الﻔصل ،(357وﻣﺎ يعتبﺮ ﻣن النجﺎﺳﺎت ) 484ق.ل,ع( والصلح ﺑين المسلمين )الﻔصل (1101وﺑطﻼن
الوكﺎلﺔ )الﻔصل . (881
المبحث الراﺑع :مبادئ القانون الطبيعي وقواعد العدالة
يتميز القﺎنون الوضعي ﺑﺎلدقﺔ والشموليﺔ في تنظيم ﺟل الﺮواﺑط اﻻﺟتمﺎعيﺔ ،لكنه يظل قﺎﺻﺮا عن تغطيﺔ
كﺎفﺔ هذه العﻼقﺎت الدائمﺔ التطور ﻣمﺎ يجعل القﺎضي أﻣﺎم ﺻعوﺑﺔ إيجﺎد الﺤلول للنزاعﺎت المعﺮوضﺔ عليه
للبث فيهﺎ في حﺎلﺔ عدم وﺟود الﺤل في التشﺮيﻊ والعﺮف والشﺮيعﺔ اﻹﺳﻼﻣيﺔ،ﺑﺤيث ﻻ يجوز له اﻻﻣتنﺎع
عن إﺻدار الﺤكم وإﻻ اعتبﺮ ﻣﺮتكبﺎ لجﺮيمﺔ إنكﺎر العدالﺔ ،لهذا خول المشﺮع للقﺎضي وﺳيلﺔ تمكنه ﻣن
الﻔصل في النزاعﺎت المعﺮوضﺔ عليه وهي اﻻعتمﺎد على ﻣبﺎدئ القﺎنون الوضعي وقواعد العدالﺔ .
39
أبو بكر مهم :م .س . .ص . 242 :
44
ويمكن تعﺮيف القﺎنون الطبيعي ﺑأنه ﻣجموع القواعد التي تﺤكم السلوك اﻻﺟتمﺎعي لﻺنسﺎن ويكون
ﻣصدرهﺎ اﻹلهﺎم الﻔطﺮي السليم واﻹدراك العقلي السليم ،وﺑذلك فهو قﺎنون تﺎﺑت ﻻ يتغيﺮ في الزﻣﺎن وﻻ في
المكﺎن .
أﻣﺎ قواعد العدالﺔ فهي قواعد ﻣثﺎليﺔ عليﺎ تهدف إقﺎﻣﺔ العدل ﺑين النﺎس وتﺤقيﻖ المسﺎواة ﺑينهم ،وتطبيقهﺎ
يخضﻊ لمﺎ اﺳتقﺮ عليه ضميﺮ الجمﺎعﺔ وليس لتﻔكيﺮه وﻣعتقداته الذاتيﺔ .
الفرع الثاني :المصادر التفسيرية
يشكل كل ﻣن التشﺮيﻊ والعﺮف وﻣبﺎدئ الشﺮيعﺔ اﻹﺳﻼﻣيﺔ وﻣبﺎدئ القﺎنون الطبيعي وقواعد العدالﺔ
المصﺎدر الﺮﺳميﺔ للقﺎعدة القﺎنونيﺔ وهي التي يعتمد عليهﺎ القﺎضي للﻔصل فيمﺎ يعﺮض عليه ﻣن نزاعﺎت
ووفﻖ التﺮتيب الوارد ﺑه ،وفي حﺎلﺔ افتقﺎر هذه المصﺎدر الﺤلول للبث في القضﺎيﺎ يلجأ القﺎضي إلى
المصﺎدر التﻔسيﺮيﺔ أو التكميليﺔ التي تسﺎعد في توضيح ﻣﺎ يشوب القﺎعدة القﺎنونيﺔ ﻣن غموض وﺑيﺎن ﻣﺎ
فيهﺎ ﻣن إﺑهﺎم ،وتتمثل في كل ﻣن القضﺎء والﻔقه.
المبحث ا ول :القضاء la jurisprudence
يﺤمل ﻣصطلح القضﺎء ﻣعنيين ،فيقصد ﺑه ﻣن ﺟهﺔ أولى السلطﺔ العﺎﻣﺔ التي تتولى تطبيﻖ القﺎعدة القﺎنونيﺔ
والمتمثلﺔ في السلطﺔ القضﺎئيﺔ المشكلﺔ ﻣن ﻣجموع المﺤﺎكم الموﺟودة في الدولﺔ ،وﻣن ﺟهﺔ ثﺎنيﺔ ﻣختلف
اﻷواﻣﺮ واﻷحكﺎم والقﺮارات الصﺎدرة عن المﺤﺎكم المذكورة أعﻼه ،وهذا المﻔهوم هو المقصود ﺑه كمصدر
تﻔسيﺮي للقﺎعدة القﺎنونيﺔ ،فهي تشكل الﺤلول العمليﺔ لكل حﺎلﺔ تعﺮف قصورا أو فﺮاغﺎ تشﺮيعيﺎ أو ﻣﺤل
خﻼف .
وﺑذلك يعمل القضﺎء على تطبيﻖ القﺎنون وتﻔسيﺮه ﻻ إنشﺎء قواعد قﺎنونيﺔ ﻷن ذلك ليس ﻣن اختصﺎﺻه ،فهو
يعمل فقط على البﺤث عن الﺤل القﺎنوني في المصﺎدر اﻷخﺮى كﺎلتشﺮيﻊ والعﺮف والشﺮيعﺔ اﻹﺳﻼﻣيﺔ أو
القﺎنون الطبــيعي وقواعد العدالﺔ ،وﺑذلك يعمل على إيجﺎد حلول عمليﺔ انطﻼقﺎ ﻣن المصﺎدر الﺮﺳميﺔ
اﻷخﺮى وﻻ يكون لﺤكمه في هذه الﺤﺎلﺔ قوة ﻣلزﻣﺔ لغيﺮه .
هذا ﺑﺎلنسبﺔ للتشﺮيعﺎت الﻼتينيﺔ كﻔﺮنسﺎ وﻣن يأخذ ﺑهﺎ ) المغﺮب( أﻣﺎ ﺑﺎلنسبﺔ للتشﺮيعﺎت اﻻنجلوﺳﺎكسونيﺔ
ﻣثل ﺑﺮيطﺎنيﺎ فﺎن القضﺎء يعتبﺮ ﻣصدرا رﺳميﺎ للقﺎنون وتسمى أحكﺎم المﺤﺎكم ﺑﺎلسواﺑﻖ القضﺎئيﺔ التي تلزم
المﺤكمﺔ المصدرة لهﺎ والمﺤﺎكم التي تليهﺎ في الدرﺟﺔ .
المبحث الثاني :الفقه Le doctrine
يقصد ﺑﺎلﻔقه ﻣجموعﺔ اﻵراء التي يقول ﺑهﺎ علمﺎء القﺎنون لشﺮح القﺎنون وتﻔسيﺮه ونقده ﺳواء في ﻣؤلﻔﺎتهم أو
تعليقﺎتهم على أحكﺎم المﺤﺎكم أو في أﺑﺤﺎثهم وﻣﺤﺎضﺮاتهم ،وﺑذلك يشكل ﻣجموع الدراﺳﺎت التﺤليليﺔ
لنصوص القﺎنون الوضعي للوقوف على ﻣكﺎﻣن الضعف أو القصور أو الﻔﺮاغ الذي يعتﺮيه وتﻔسيﺮ
الغموض الذي يكتنف ﺑعض قواعده ﺑﺎﻻﺳتنﺎد إلى المبﺎدئ العﺎﻣﺔ أو القوانين المقﺎرنﺔ .
واﻻﺟتهﺎدات الﻔقهيﺔ ليست لهﺎ قوة إلزاﻣيﺔ لكنهﺎ كثيﺮا ﻣﺎ تؤخذ ﺑعين اﻻعتبﺎر ﻣن طﺮف القضﺎء للبث في
النزاعﺎت ،كمﺎ يعتمد عليهﺎ المشﺮع خﻼل تعديله لقﺎنون ﻣﺎ أو إدخﺎل تغييﺮات عليه .
ونشيﺮ أن الﻔقه اﻹﺳﻼﻣي يﺤتل ﻣﺮتبﺔ هﺎﻣﺔ في القﺎنون المغﺮﺑي نظﺮا لمكﺎنته في الشﺮيعﺔ اﻹﺳﻼﻣيﺔ
ﺑﺤيث يعتبﺮ ﻣصدرا للقﺎنون المغﺮﺑي في ﺑعض الﺤﺎﻻت كﺎلﺤقوق العينيﺔ ﺑنص الﻔقﺮة الثﺎنيﺔ ﻣن المﺎدة
45
اﻷولى ﻣن ﻣدونﺔ الﺤقوق العينيﺔ على أنه " ..تطبق مقتضيات الظهير الشريف الصادر في 9رمضان
12 )1331أغسطس ( 1913بمثابة قانون اﻻلتزامات والعقود في ما لم يرد به نص في هذا القانون .فإن
لم يوجد نص يرجع إلى الراجح والمشهور وما جرى به العمل من الفقه المالكي" ،والمسائل المتعلقة
باﻷحوال الشخصية بنص المادة 400من مدونة اﻷسرة ﻋلى أنه " كل ما لم يرد به نص في هذه المدونة،
يرجع فيه إلى المذهب المالكي واﻻجتهاد الذي يراعى فيه تحقيق قيم اﻹسﻼم في العدل والمساواة
والمعاشرة بالمعروف" ،وأيضا في المادة 169من مدونة اﻷوقاف التي تنص ﻋلى أنه " كل ما لم يرد
فيه نص في هذه المدونة يرجع فيه إلى أحكام المذهب المالكي فقها واجتهادا بما يراعي فيه تحقيق
مصلحة الوقف " .
وﺑﺎلتﺎلي يعتبﺮ الﻔقه اﻹﺳﻼﻣي ﻣصدرا رﺳميﺎ للقﺎعدة القﺎنونيﺔ في ﺑعض الﺤﺎﻻت المﺤددة تشﺮيعيﺎ ،فمﺎ
ونطﺎق تطبيﻖ القﺎنون وتﻔسيﺮه.
46
الفصل الثالث:
تطبيق القانون وتفسيره
يتﺮتب عن الوﺟود القﺎنوني للقﺎعدة القﺎنونيﺔ تطبيقهﺎ على أرض الواقﻊ ،الذي يخضﻊ ﺑدوره لمجموعﺔ ﻣن
القيود تتﺤكم فيهﺎ ثﻼثﺔ عنﺎﺻﺮ أﺳﺎﺳيﺔ أولهمﺎ ﻣعﺮفﺔ اﻷشخﺎص المخﺎطبين ﺑأحكﺎﻣهﺎ وتﺤديد نطﺎق تطبيقهﺎ
ﻣن حيث الزﻣﺎن والمكﺎن.
كمﺎ أنه خﻼل هذا التطبيﻖ تثور ﺻعوﺑﺔ تﺤديد ﻣعنﺎهﺎ وإزالﺔ الغموض الذي يشوﺑهﺎ ،ﻷن القﺎعدة القﺎنونيﺔ
تكون في أغلب اﻷحيﺎن ﻣكتوﺑﺔ وﻣقتضبﺔ ،اﻷﻣﺮ الذي يتطلب تﻔسيﺮهﺎ.
لذا ﺳنتطﺮق لنطﺎق تطبيﻖ القﺎعدة القﺎنونيﺔ في الﻔﺮع اﻷول تم تﻔسيﺮ القﺎعدة القﺎنونيﺔ في الﻔﺮع الثﺎني.
47
ﺛانيا :نطاق تطبيق مبدأ عدم جواز ا عتذار ﺑجهل القانون
يشمل تطبيﻖ هذا المبدأ ﺟميﻊ القواعد القﺎنونيﺔ ﺑغض النظﺮ عن ﻣصدرهﺎ ﺳواء القواعد التشﺮيعيﺔ أو
القواعد العﺮفيﺔ أو القواعد الدينيﺔ ) قواعد الشﺮيعﺔ اﻹﺳﻼﻣيﺔ( وكيﻔمﺎ كﺎنت طبيعتهﺎ ﺳواء كﺎنت آﻣﺮة أو
ﻣكملﺔ ،لكن ﺑعض الﻔقه حصﺮ تطبيﻖ هذا المبدأ على القواعد اﻵﻣﺮة دون المكملﺔ.
وقد تعﺮض هذا اﻻتجﺎه إلى اﻻنتقﺎد ﻻن القواعد المكملﺔ ﻣلزﻣﺔ ،وﻻ ينتقص ﻣن ذلك إﻻ اتﻔﺎق اﻷطﺮاف على
ﻣخﺎلﻔﺔ أحكﺎﻣهﺎ ﺑﺤيث تعطى اﻷولويﺔ ﻻتﻔﺎق اﻷطﺮاف ،40وفي حﺎلﺔ ﺳكوتهم وعدم ﻣخﺎلﻔتهم ﻷحكﺎﻣهﺎ
تطبﻖ كﺎلقواعد اﻵﻣﺮة وﺑﺎلتﺎلي تكون ﻣلزﻣﺔ ﻻ يجوز اﻻعتذار ﺑجهل أحكﺎﻣهﺎ .
الفقرة الثانية :ا ستثناء الوارد على مبدأ عدم جواز ا عتذار ﺑجهل القانون
وضﻊ هذا المبدأ كمﺎ ﺳبﻖ القول لتﺤقيﻖ العدل والمسﺎواة ﺑين أفﺮاد المجتمﻊ أﻣﺎم القﺎنون ,وهذه اﻻعتبﺎرات
هي التي أدت إلى إيجﺎد اﺳتثنﺎء له ﻷنه ليس ﻣن العدل تطبيﻖ هذا المبدأ في حﺎلﺔ وﺟود ظﺮوف يستﺤيل
ﻣعهﺎ إطﻼع اﻷفﺮاد على القﺎعدة القﺎنونيﺔ وﺑﺎلتﺎلي يﺤﻖ اﻻعتذار ﺑجهل القﺎنون .
يتمثل هذا اﻻﺳتثنﺎء في القوة القﺎهﺮة وهي كل أﻣﺮ ﻻ يستطيﻊ اﻹنسﺎن توقعه ) الﻔيضﺎنﺎت ,الﺤﺮائﻖ,
الجﻔﺎف وغﺎرات العدو( تﺤول دون وﺻول الجﺮيدة الﺮﺳميﺔ الى المنﺎطﻖ المعزولﺔ .
وتجدر اﻹشﺎرة أن هذا اﻻﺳتثنﺎء يتعلﻖ ﺑﺎلقواعد التشﺮيعيﺔ فقط التي تتطلب لنﻔﺎدهﺎ نشﺮهﺎ ،دون القواعد
العﺮفيﺔ وﻣبﺎدئ الشﺮيعﺔ اﻹﺳﻼﻣيﺔ التي تخﺮج عن نطﺎق هذا اﻻﺳتثنﺎء ﻻﺳتقﺮارهمﺎ في الوعي الجمﺎعي
للمجتمﻊ.
المطلب الثاني :نطاق تطبيق القانون من حيث المﻜان
يتﺮتب عن تطبيﻖ القﺎعدة القﺎنونيﺔ ﻣن حيث اﻷشخﺎص المخﺎطبين ﺑهﺎ ،تﺤديد الﺤيز المكﺎني لسﺮيﺎنهﺎ فهل
يطبﻖ على ﻣواطنيهﺎ فقط أم اﻷﺟﺎنب أيضﺎ وكذلك هل يطبﻖ على أﺑنﺎئهﺎ الموﺟودين خﺎرج إقليمهﺎ ؟
تختلف اﻹﺟﺎﺑﺔ عن هذه التسﺎؤﻻت حول كون المبدأ المطبﻖ هو ﻣبدأ إقليميﺔ القوانين أو ﻣبدأ شخصيﺔ
القوانين.
الفقرة ا ولى :مبدأ إقليمية ومبدأ شخصية القوانين
أوﻻ :مبدأ إقليمية القوانين principe de territorialité des lois
ينطلﻖ هذا المبدأ ﻣن ﻣﻔهوم السيﺎدة الذي يشمل ﺟميﻊ تﺮاب الدولﺔ الواحدة ﺳواء البﺮي أو الجوي أو
البﺤﺮي،وكذلك الطﺎئﺮات التي يتشكل ﻣنهﺎ اﺳطول الدولﺔ ﺳواء كﺎنت طﺎئﺮات ﻣدنيﺔ أو عسكﺮيﺔ تﺎﺑعﺔ
للقطﺎع العﺎم أو الخﺎص وأيضﺎ البواخﺮ المشكلﺔ لﻸﺳطول البﺤﺮي ،إﻻ إذا كﺎنت خﺎضعﺔ لتشﺮيﻊ أﺟنبي
ﺑمقتضى القﺎنون الدولي ،41وكذا ﺟميﻊ المقيمين ﺑﺎلدولﺔ ﻣن الموطنين واﻷﺟﺎنب.
وﺑﺎلتﺎلي فﺎن النطﺎق المكﺎني لسﺮيﺎن القﺎنون يشمل كل الوقﺎئﻊ التي تﺤدث داخل إقليمهﺎ ﺑصﺮف النظﺮ عن
ﺟنسيﺔ اﻷشخﺎص ﺳواء كﺎنوا ﻣن أﺑنﺎئهﺎ أو أﺟﺎنب
40
حسن كيرة " المدخل إلى القانون " مؤسسة المعارف للطباﻋة والنشر 1974ص 318 :و .319
41
ينص الفصل 11من مجموﻋة القانون الجنائي ﻋلى أنه " :يدخل ضمن إقليم المملكة ،السفن والطائرات المغربية أينما وجدت ،فيما ﻋدا الحاﻻت التي تكون فيها
خاضعة لتشريع أجنبي بمقتضى القانون الدولي".
48
كمﺎ أنه حسب هذا المبدأ ﻻ يطبﻖ قﺎنون الدولﺔ على ﻣواطنيهﺎ الذين يوﺟدون خﺎرﺟهﺎ ﻷنه ﺳوف يصطدم
ﺑسيﺎدة دولﺔ أخﺮى .
لكن ﺑعد تﺮاﺟﻊ ﻣﻔهوم السيﺎدة ﺑﻔعل اﻻنتقﺎل الواﺳﻊ لﻸشخﺎص واﻷﻣوال ﺑين دول العﺎلم تم التلطيف ﻣن هذا
المبدأ واﻷخذ ﺑمبدأ شخصيﺔ القوانين .
ﺛانيا :مبدأ شخصية القوانين principe de la personnalité des lois
يقصد ﺑهذا المبدأ ﺳﺮيﺎن القﺎنون على كل اﻷفﺮاد الﺤﺎﺻلين لجنسيﺔ الدولﺔ ﺳواء كﺎنوا يقيمون داخلهﺎ أو
خﺎرﺟهﺎ وﻻ يمتد إلى اﻷﺟﺎنب ولو كﺎنوا يقيمون داخل حدودهﺎ .
وقد نشأ هذا المبدأ ﺑعد تﺮاﺟﻊ ﻣﻔهوم السيﺎدة وﺑعض العواﻣل اﻹنسﺎنيﺔ كﺎلمعﺎﻣلﺔ ﺑﺎلمثل واتصﺎل القﺎنون
ﺑﺎلشؤون الخﺎﺻﺔ ﺑﺎﻷفﺮاد كﺎﻷحوال الشخصيﺔ .
ع المغرﺑي الفقرة الثانية :موقف الم
القﺎعدة العﺎﻣﺔ أن المشﺮع المغﺮﺑي يأخذ ﺑمبدأ إقليميﺔ القوانين وﺑﺎلتﺎلي تسﺮي قواعد قﺎنونه على الموطنين
واﻷﺟﺎنب المقيمين فيه دون أن يتعدى تطبيقه حدوده التﺮاﺑيﺔ ،لكن هذا المبدأ تﺮد عليه اﺳتثنﺎءات ﻣنهﺎ.
أوﻻ :عدم خضوع اﻷﺟﺎنب لبعض الﺤقوق والواﺟبﺎت المنصوص عليهﺎ في الدﺳتور ولو كﺎنوا فوق
التﺮاب الوطني ،ﺑﺤيث تقتصﺮ على المواطنين المغﺎرﺑﺔ كﺤﻖ تولي الوظﺎئف العﺎﻣﺔ وواﺟب أداء الخدﻣﺔ
العسكﺮيﺔ والخدﻣﺔ المدنيﺔ وحقي اﻻنتخﺎب والتﺮشح .
ثـــانيا :عدم خضوع أعضﺎء البعثﺎت الدﺑلوﻣﺎﺳيﺔ المستﻔيدين ﻣن الﺤصﺎنﺔ القضﺎئيﺔ التي يخصهﺎ لهم
القﺎنون الدولي العﺎم للقﺎنون الوطني ﻣثل رؤﺳﺎء الدول وأعضﺎء السلك الدﺑلوﻣﺎﺳي ،فهم ﻻ يخضعون
للقﺎنون المغﺮﺑي ﺑﺎلﺮغم ﻣن تواﺟدهم فوق تﺮاﺑه كمﺎ ﻻ يخضعون للقضﺎء المغﺮﺑي.
ثالثا :تتعلﻖ ﺑﺎلقﺎنون الجنﺎئي ،فﺎلقﺎعدة هي إقليميﺔ القوانين ﺑمقتضى الﻔصل 10ﻣن القﺎنون الجنﺎئي "
يسﺮي التشﺮيﻊ الجنﺎئي المغﺮﺑي على كل ﻣن يوﺟد ﺑإقليم المملكﺔ ﻣن وطنيين وأﺟﺎنب وعديمي الجنسيﺔ ،ﻣﻊ
ﻣﺮاعﺎة اﻻﺳتثنﺎءات المقﺮرة في القﺎنون العﺎم الداخلي والقﺎنون الدولي " .
وﺑذلك يخضﻊ للقﺎنون الجنﺎئي المغﺮﺑي كل ﻣﺮتكب لجﺮيمﺔ في المغﺮب ﺳواء كﺎن ﻣن المواطنين أم ﻣن
اﻷﺟﺎنب ،كمﺎ أنه ﻻ يطبﻖ خﺎرج إقليم الدولﺔ المغﺮﺑيﺔ ولو كﺎن ﻣﺮتكب الجﺮيمﺔ ﻣغﺮﺑيﺎ.
لكن هذا المبدأ تﺮد عليه اﻻﺳتثنﺎءات التﺎليﺔ :
أ -تطبيﻖ القﺎنون الجنﺎئي المغﺮﺑي أﻣﺎم القضﺎء المغــﺮﺑي وفي حﺎﻻت ﻣعينﺔ على ﻣغﺎرﺑﺔ ارتكبوا
ﺟﺮائم خﺎرج المملكﺔ ،وعﺎدوا إلى المغﺮب للتهﺮب ﻣن العقﺎب ولو لم يكتسبوا الجنسيﺔ المغﺮﺑيﺔ
إﻻ ﺑعد ارتكﺎب الجنﺎيﺔ أو الجنﺤﺔ .
ب -تطبيﻖ القﺎنون الجنﺎئي المغﺮﺑي على أﺟﺎنب ارتكبوا ﺟﺮائم خﺎرج التﺮاب المغﺮﺑي ﺑصﻔتهم
فﺎعلين أﺻليين أو ﻣسﺎهمين أو شﺮكﺎء ،إذا كﺎن الضﺤيﺔ ﻣن ﺟنسيﺔ ﻣغﺮﺑيﺔ أو كﺎنت الجنﺎيﺔ أو
49
الجنﺤﺔ ضد أﻣن الدولﺔ أو أعوانهﺎ أو ﻣقﺎر البعثﺎت الدﺑلوﻣﺎﺳيﺔ أو القنصليﺔ أو المكﺎتب العموﻣيﺔ
المغﺮﺑيﺔ .42
رابعا :يتعلﻖ ﺑإعمﺎل قواعد القﺎنون الدولي الخﺎص وتطبيقهﺎ ﺑﺤيث يؤدي إلى ﺳﺮيﺎن القﺎنون الوطني خﺎرج
إقليم المغﺮب ،وكذلك ﺳﺮيﺎن القﺎنون اﻷﺟنبي ﺑﺎلمغﺮب كتطبيﻖ القﺎنون المـــغﺮﺑي على زوﺟين ﻣغﺮﺑيين
ﻣقيميـــن ﺑﻔﺮنسﺎ ،والقﺎنون الﻔﺮنسي على زوﺟين فﺮنسيين ﻣقيمين ﺑﺎلمغﺮب .
خﺎﻣسﺎ :تطبيﻖ ﻣدونﺔ اﻷﺳﺮة تطبيقﺎ شخصيﺎ على المغﺎرﺑﺔ المقيمين ﺑﺎلخﺎرج وفي ذلك تنص المﺎدة اﻷولى
ﻣن ﻣدونﺔ اﻷﺳﺮة ﺑنصهﺎ على أنه " تسﺮي أحكﺎم هذه المدونﺔ على :
42
ينص الفصل 12من مجموﻋة القانون الجنائي ﻋلى أنه " يطبق التشريع الجنائي المغربي ﻋلى الجرائم المرتكبة خارج المملكة أذا كانت من اختصاص
المحاكم الزجرية المغربية حسب الفصول 751و 756من مجموﻋة القانون الجنائي " التي أصبحت تمثلها المواد من 707إلى 712من قانون المسطرة الجنائية
الجديد.
50
الفقرة الثانية :أنواع ا لغاء
43
حسب الﻔصل 474ﻣن ق.ل.ع يكون اﻹلغﺎء ﺻﺮيﺤﺎ أو ضمنيﺎ
يح l'abrogation expresse أو :ا لغاء ال
يقصد ﺑﺎﻹلغﺎء الصﺮيح نص قﺎعدة قﺎنونيﺔ ﺟديدة على إلغﺎء قﺎعدة قﺎنونيﺔ قديمﺔ تنظم نﻔس المسألﺔ,
والذي يتم غﺎلبﺎ في النص على ذلك في القﺎعدة الجديدة كﺎلﻔصل 733ﻣن ﻣدونﺔ التجﺎرة الذي ينص على أنه "
إن أحكﺎم هذا القﺎنون تنسخ وتعوض اﻷحكﺎم المتعلقﺔ ﺑﺎلموضوعﺎت نﻔسهﺎ حسبمﺎ وقﻊ تغييﺮهﺎ أو تتميمهﺎ
ﻻﺳيمﺎ أحكﺎم النصوص اﻵتيﺔ ،"...ويقصد ﺑهﺎ نصوص القﺎنون التجﺎري القديم .
ﺛانيا :ا لغاء الضمني l'abrogation tacite
يقصد ﺑﺎﻹلغﺎء الضمني اﻹلغﺎء الذي ﻻ ينص عليه المشﺮع ﺻﺮاحﺔ ويتﺤقﻖ في العديد ﻣن الﺤﺎﻻت
ﻣنهﺎ :
أ – الحالة اﻷولى :يتﺤقﻖ في حﺎلﺔ تعﺎرض قﺎعدة ﺟديدة ﻣﻊ قﺎعدة قديمﺔ إﻣﺎ كليﺎ أو ﺟزئيﺎ ،فتعمل
القﺎعدة الجديدة على إلغﺎء القﺎعدة القديمﺔ إﻣﺎ ﺟزئيﺎ أو كليﺎ ،لكن يشتﺮط أن تكون القواعد القﺎنونيﺔ ﻣن نﻔس
القوة .
ب ـ الحالة الثانية :تتﺤقﻖ في حﺎلﺔ قيﺎم قﺎعدة قﺎنونيﺔ ﺟديدة ﺑإعﺎدة تنظيم نﻔس ﻣوضوع القﺎعدة
القديمﺔ ،فﻔي هذه الﺤﺎلﺔ تلغى القﺎعدة القديمﺔ ولو انتﻔى التعﺎرض ﺑينهمﺎ.
تـ الحالة الثالثة :يتعلﻖ اﻹلغﺎء ﺑعدم اﺳتعمﺎل القﺎعدة القﺎنونيﺔ ﺑﺎنتهﺎء المدة المعينﺔ لسﺮيﺎنهﺎ أو انتهﺎء
اﻷﺳبﺎب الداعيﺔ لنشأتهﺎ.
المطلب الثاني :تنازع القوانين من حيث الزمان
يتﺮتب عن تطبيﻖ القﺎنون ﻣن حيث ﺳﺮيﺎنه ﻣند نﻔﺎده أي ﻣند دخوله حيز التطبيﻖ طبقﺎ لمبدأ اﻷثﺮ الﻔوري
للقﺎعدة القﺎنونيﺔ ،لكن هذا التطبيﻖ قد تعتﺮضه إشكﺎليﺔ تﺤديد القﺎعدة الواﺟبﺔ التطبيﻖ على الوقﺎئﻊ التي تنشأ
في ظل القﺎعدة القديمﺔ ،لكن آثﺮهﺎ يمتد إلى ﻣﺎ ﺑعد ﺻدور القﺎعدة الجديدة ،ﻣمﺎ يثيﺮ ﻣسألﺔ تﺤديد القﺎعدة
الواﺟبﺔ التطبيﻖ هل القﺎعدة الملغﺎة أم القﺎعدة الجديدة؟ وهو ﻣﺎ يعﺮف ﺑتنﺎزع القوانين ﻣن حيث الزﻣﺎن .
وقد ظهﺮت نظﺮيتين وهمﺎ النظﺮيﺔ التقليديﺔ و النظﺮيﺔ الﺤديثﺔ لﺤل إشكﺎليﺔ تنﺎزع القوانين .
الفقرة ا ولى :مفهوم مبدأ عدم رجعية القوانين الجديدة
يقصد ﺑهذا المبدأ أن القواعد القﺎنونيﺔ الجديدة ﻻ تسﺮي على الوقﺎئﻊ والتصﺮفﺎت التي نشأت قبل ﺻدورهﺎ
أي قبل دخولهﺎ حيز التطبيﻖ ،وهو ﻣﺎ يعﺮف ﺑأنه " ليس للقانون أثر رجعي ".
يقوم هذا المبدأ على عدة اعتبﺎرات :
ـ العدالة :تقتضي العدالﺔ أﻻ يطبﻖ القﺎنون ﺑأثﺮ رﺟعي ،ﻷنه ليس ﻣن العدل لسﺮيﺎن القﺎنون على المﺎضي
وعلى الوقﺎئﻊ التي تمت قبل ﺻدوره وإلزام أفﺮاد المجتمﻊ ﺑذلك .
43
ينص الفصل 474من ق.ل.ع ﻋلى أنه " ﻻ تلغى القوانين إﻻ بقوانين ﻻحقة ،وذلك إذا نصت هذه صراحة ﻋلى اﻹلغاء ،أو كان القانون الجديد متعارضا مع
قانون سابق أو منظما لكل الموضوع الذي ينظمه" .
51
المصلحة العامة :يتﺮتب عن تطبيﻖ القﺎنون ﺑأثﺮ رﺟعي على وقﺎئﻊ وتصﺮفﺎت وقعت في ظل القﺎنون
السﺎﺑﻖ تهديدا ﻻﺳتقﺮار المعﺎﻣﻼت وإهدار الثقﺔ العﺎﻣﺔ في القﺎنون وزرع الخوف لدى اﻷشخﺎص على
حقوقهم .
وقد تبنت ﻣجموعﺔ ﻣن القوانين المقﺎرنﺔ هذا المبدأ ﻣنهﺎ القﺎنون الﻔﺮنسي في الﻔصل الثﺎني ﻣن القﺎنون
المدني ﺑنصه على أنه " ﻻ يحكم القانون إﻻ بالنسبة للمستقبل ,فليس له أثر رجعي" ,كمﺎ أقﺮه المشﺮع
المغﺮﺑي في الﻔقﺮة اﻷخيﺮة ﻣن الﻔصل السﺎدس ﻣن الدﺳتور المعدل ﺳنﺔ 2011ﺑنصه على أنه" ...ليس
للقانون أثر رجعي" .
وﺑﺎلتﺎلي يشمل حسب القﺎنون المغﺮﺑي هذا المبدأ ﺟميﻊ فﺮوع القﺎنون ﺑعد أن كﺎن يشمل القﺎنون الجنﺎئي فقط
,وﺑﺎلﺮغم ﻣن إقﺮار هذا المبدأ فﺎنه لم يكن كﺎفيﺎ ﻹيجﺎد الﺤلول ﻹشكﺎليﺔ تنﺎزع القوانين ﻣمﺎ أدى إلى ظهور
نظﺮيﺎت فقهيﺔ في هذا الصدد .
الفقرة الثانية :النظرية التقليدية والنظرية الحديثة
أو :النظرية التقليدية) نظرية الحقوق المﻜتسبة( :ظهﺮت هذه النظﺮيﺔ على يد الﻔقه
والقضﺎء الﻔﺮنسيين خﻼل القﺮن 19وتقوم على التمييز ﺑين الﺤﻖ المكتسب الذي ﻻ يمكن للقﺎنون الجديد
المسﺎس ﺑه ,وﻣجﺮد اﻷﻣل الذي يمكن المسﺎس ﺑه لكن ﻣﻊ وﺟود اﺳتثنﺎءات .
-1تعريف الحق المﻜتسب ومجرد ا مل :يقصد ﺑﺎلﺤﻖ المكتسب حسب أنصﺎر هذه النظﺮيﺔ الﺤﻖ
الذي دخل ذﻣﺔ الشخص ﺑصﻔﺔ نهﺎئيﺔ ،وﻻ يمكن انتزاعه ﻣنه إﻻ ﺑﺮضﺎه ،أﻣﺎ ﻣجﺮد اﻷﻣل فيتﺤقﻖ في
الﺤﺎلﺔ التي يكون فيهﺎ الﻔﺮد يأﻣل أو ينتظﺮ الﺤصول على حﻖ ﻣﺎ ﻣكتسب ،فمثﻼ قبل وفﺎة الموﺻي أو
المورث يكون للموﺻي له والورثﺔ ﻣجﺮد أﻣل في الﺤصول على الوﺻيﺔ والتﺮكﺔ ،فإذا ﺻدر قﺎنون قبل
وفﺎة الموﺻي أو المورث فﺎنه يطبﻖ ﺑصﻔﺔ رﺟعيﺔ أﻣﺎ إذا ﺻدر ﺑعد وفﺎة الموﺻي أو المورث فﺎنه ﻻ يطبﻖ
ﻻن الﺤﻖ اكتسب قبل نﻔﺎد القﺎنون الجديد .
-2اﻻستثناءات :أوﺟدت هذه النظﺮيﺔ ﺑعض اﻻﺳتثنﺎءات يجوز فيهﺎ تطبيﻖ القﺎنون على الﺤقوق المكتسبﺔ
وهي :
أ -حالة النص ال يح على الرجعية :يمكن حسب هذه النظﺮيﺔ الخﺮوج على ﻣبدأ الﺮﺟعيﺔ إذا
نص المشﺮع ﺑكيﻔيﺔ ﺻﺮيﺤﺔ على ﺳﺮيﺎن التشﺮيﻊ على المﺎضي .
ب -القانون الجنائي ا صلح للمتهم :يقصد ﺑﺎلقﺎنون الجنﺎئي اﻷﺻلح للمتهم القﺎنون الذي يبيح الﻔعل
المجﺮم أو يخﻔف العقوﺑﺔ المتعلقﺔ ﺑﺎلجﺮيمﺔ المﺮتكبﺔ وﺑﺎلتﺎلي تسﺮي هذه القوانين على المجﺮﻣين الذين
ارتكبوا هذه الجﺮائم في ظل القﺎنون القديم ﺑشﺮط أنهم ﻻ زالوا في طور المﺤﺎكمﺔ أو أن الﺤكم لم يصبح ﺑعد
نهﺎئيﺎ .
ت -القوانين التفسيرية :يقصد ﺑهﺎ القوانين الصﺎدرة لتﻔسيﺮ قﺎنون ﺳﺎﺑﻖ ،وﺑذلك تعتبﺮ ﺟزءا ﻣن هذا
القﺎنون لذا تلزم المﺤﺎكم ﺑتطبيقه على الدعﺎوى التي لم يﻔصل فيهﺎ ﺑﺤكم نهﺎئي .
ث -القوانين المتعلقة ﺑالنظام العام وا داب :تسﺮي القوانين المتعلقﺔ ﺑﺎلنظﺎم العﺎم واﻵداب العﺎﻣﺔ
ﺑأثﺮ رﺟعي ،وﺑﺎلتﺎلي تمس الﺤقوق المكتسبﺔ في ظل القﺎنون القديم كﺎلقﺎنون القديم المتعلﻖ ﺑتﺤديد ﺳن
الﺮشد.
هذه ﺑصﻔﺔ عﺎﻣﺔ اﻻﺳتثنﺎءات التي خﺮﺟت ﺑهﺎ النظﺮيﺔ التقليديﺔ عن ﻣبدأ عدم رﺟعيﺔ القوانين ،التي تعتمد
على التمييز ﺑين الﺤﻖ المكتسب وﻣجﺮد اﻷﻣل ،وهمﺎ العنصﺮين الذين تم اعتمﺎدهمﺎ ﻣن طﺮف ﻣعﺎرضي
52
هذه النظﺮيﺔ لتﻔنيدهﺎ ﺑﺤجﺔ خلطهﺎ ﺑين الﺤﻖ المكتسب وﻣجﺮد اﻷﻣل وغموض اﻷﺳﺎس الذي تقوم عليه ،
ﻣمﺎ أدى إلى ظهور النظﺮيﺔ الﺤديثﺔ .44
للقانون ( :تعتمد هذه النظﺮيﺔ على التمييز ﺑين ﺛانيا :النظرية الحديثة ) مبدأ ا ﺛر المبا
اﻷثﺮ الﺮﺟعي للقﺎنون الذي يقصد ﺑه تطبيﻖ القﺎنون الجديد على المﺎضي واﻷثﺮ المبﺎشﺮ أو الﻔوري الذي
يﻔيد تطبيﻖ القﺎنون الجديد على الﺤﺎضﺮ والمستقبل .
-1مبدأ عدم رجعية القانون الجديد :يقصد ﺑهذا المبدأ أن القﺎنون الجديد ﻻ يمس المﺮاكز القﺎنونيﺔ أو
الوقﺎئﻊ التﺎﻣﺔ التي تكونت وانتهت في ظل القﺎنون القديم كمثل انتهﺎء عﻼقﺔ الزوﺟيﺔ ﺑﺎلطﻼق وﺻدور
قﺎنون ﺟديد يشتﺮط إتمﺎﻣه أﻣﺎم القضﺎء ،فﺎلقﺎنون القديم ﻻ يسﺮي على العﻼقﺎت الزوﺟيﺔ المنقضيﺔ في ظل
القﺎنون القديم .
لكن هذه النظﺮيﺔ تجيز الخﺮوج عن هذا المبدأ في حﺎلتين أولهمﺎ حﺎلﺔ النص الصﺮيح على تطبيﻖ القﺎنون
ﺑأثﺮ رﺟعي خﺎﺻﺔ في القضﺎيﺎ المدنيﺔ دون الجنﺎئيﺔ ،وثﺎنيهمﺎ القوانين التﻔسيﺮيﺔ التي تعد ﺟزءا ﻣن
القوانين القديمﺔ.
للقانون الجديد :يﻔيد هذا المبدأ أن القﺎنون الجديد ﻻ يسﺮي فقط -2مبدأ ا ﺛر الفوري أو المبا
على الوقﺎئﻊ التي تنشأ في ظله أي ﺑعد نﻔﺎده ،ﺑل يشمل أيضﺎ المﺮاكز القﺎنونيﺔ التي لم تكتمل نشأتهﺎ في
القﺎنون القديم ﺳواء تعلﻖ اﻷﻣﺮ ﺑتكوينهﺎ وآثﺎرهﺎ أو انقضﺎئهﺎ كصدور قﺎنون ﺟديد يعدل ﻣدة التقﺎدم المكسب
،فﺎن هذا القﺎنون هو الذي يصبح واﺟب التطبيﻖ .
وهذا المبدأ ﺑدوره تﺮد عليه اﺳتثنﺎءات تتمثل في :
حﺎلﺔ النص الصﺮيح على اﺳتبعﺎد اﻷثﺮ الﻔوري للقﺎنون الجديد أي تطبيﻖ تأخيﺮ نﻔﺎده إلى تﺎريخ ﻻحﻖ فمثﻼ
الكتﺎب الخﺎﻣس ﻣن ﻣدونﺔ التجﺎرة لسنﺔ 1996المتعلﻖ ﺑصعوﺑﺎت المقﺎولﺔ لم يدخل حيز التطبيﻖ إﻻ ﺑعد
ﻣﺮور ﺳنﺔ على نشﺮ هذه المدونﺔ ﺑﺎلجﺮيدة الﺮﺳميﺔ تطبيقﺎ للمﺎدة 735ﻣن نﻔس المدونﺔ وﻣعلوم أن نشﺮ هذه
المدونﺔ في الجﺮيدة الﺮﺳميﺔ قد تم ﺑتﺎريخ 3أكتوﺑﺮ . 1996
ﺻدور قﺎنون ﺟديد يتضمن قواعد ﻣكملﺔ ﺑخصوص ﻣﺮاكز قﺎنونيﺔ عقديﺔ ،ﺑﺤيث ﻻ يطبﻖ ﺑأثﺮ فوري ﺑل
يظل القﺎنون القديم ﻣطبقﺎ على العقود التي تمت في ظله ،أﻣﺎ القواعد اﻵﻣﺮة فإنهﺎ تطبﻖ ﺑأثﺮ فوري ﺳواء
ﺑمﺮاكز عقديﺔ أو تنظيميﺔ.
44
للمزيد من المعلومات انظر
ﷴ حسين منصور م.س ص . 299 :
توفيق حسن فرج وﷴ يحي مطر :م.س .ص 150 :وما يليها .
53
المبحث ا ول :مفهوم التفسير وأنواعه
45
للمزيد من المعلومات انظر :
أبو بكر مهم :م.س.ص 339 :وما يليها .
55
المبحث الثالث:
طرق التفسير وقواعده
يلجأ المﻔسﺮ عند تﻔسيﺮ النصوص القﺎنونيﺔ غﺎلى وﺳيلتين احدهمﺎ داخليﺔ تﺮتبط ﺑﺎلنص السليم وأحدهمﺎ
خﺎرﺟيﺔ تﺮتبط ﺑﺎلنص المعيب ،ولكل واحدة ﻣنهمﺎ قواعدهﺎ .
المطلب ا ول :الطرق الداخلية أو حالة النص السليم
إذا كﺎن النص ﺳليمﺎ فﺎن دور المﻔسﺮ يقتصﺮ على اﺳتخﻼص المعنى الذي يستﻔﺎد ﻣن ألﻔﺎظه وعبﺎراته أو ﻣﺎ
يستﻔﺎد ﻣن روح النص وفﺤواه .
الفقرة ا ولى :المعنى المستفاد من عبارة النص أو من ألفاﻇه :يقصد ﺑعبﺎرة النص
الصيغﺔ المكونﺔ ﻣن ﻣﻔﺮداته وﺟمله ،ويقصد ﺑعبﺎرة النص المعنى الذي يستﻔﺎد ﻣن ﻣجموع عبﺎراته وليس ﺑكل
لﻔظ على حدة ،ذلك أن العبﺮة " ﺑﺎلمقﺎﺻد والمعﺎني ﻻ ﺑﺎﻷلﻔﺎظ والمبﺎني " .
وﺑﺎلتﺎلي فﺎن المﻔسﺮ يلتزم ﺑﺎلمعنى المستﻔﺎد ﻣن ﻣجموع اﻷلﻔﺎظ والعبﺎرات ﺑعد تﻔسيﺮ كل لﻔظ على حدة ،تم
يقوم ﺑﺎﺳتنبﺎط المعنى اﻹﺟمﺎلي ﻷلﻔﺎظ النص وعبﺎراته ،كمﺎ انه إذا كﺎن اللﻔظ الواحد يﺤمل ﻣعنيين لغوي
واﺻطﻼحي ،فيؤخذ ﺑﺎلمعنى اﻻﺻطﻼحي ﻣﺎدام أن نيﺔ المشﺮع لم تظهﺮ اﻷخذ ﺑﺎلمعنى اللغوي ،كمﺎ يأخذ
ﺑﺎلمعنى الﺤقيقي للﻔظ دون ﻣعنﺎه المجﺎزي ﻣﺎ لم يقم الدليل على خﻼف ذلك .
الفقرة الثانية :المعنى المستفاد من روح النص أو فحواه :في هذه الﺤﺎلﺔ يتجﺎوز المﻔسﺮ
المعنى المستﻔﺎد ﻣن لﻔظ النص وعبﺎراته إلى المعنى المستخلص ﻣن روحه وذلك ﺑﺎلوقوف على إشﺎراته
ودﻻلته وﻣﻔهوﻣه .
يقصد ﺑإشﺎرة النص المعنى الذي يعد ﻻزﻣﺎ لمﺎ يستﻔﺎد ﻣن عبﺎرة النص ،فﺎلنص ﻻ يعبﺮ عن المعنى في ألﻔﺎظه
ذاتهﺎ وإنمﺎ ﻣﺎ يتضمنه على اعتبﺎر انه ﻣن لوازﻣه ﺑﺤيث يشيﺮ إليه دون أن يصﺮح ﺑه .
أﻣﺎ دﻻلﺔ النص وفﺤواه فيقصد ﺑه المعنى الذي يستخلص ﻣن روحه وﻣﻔهوﻣه ،ﺑﺤيث يستدل على هذا المعنى
عن طﺮيﻖ اﻻﺳتنتﺎج ﺑﺎﻻعتمﺎد على ﺻيغﺔ ﻣﻔهوم الموافقﺔ أو المخﺎلﻔﺔ فبﺎلنسبﺔ لصيغﺔ المخﺎلﻔﺔ فتتﺤقﻖ ﺑوﺟود
نص يﻔهم ﻣن عبﺎرته ﻣعنى ﻣعين ينطبﻖ على حﺎلﺔ ﻣعينﺔ ،لكن روح النص تﻔيد تطبيقه على حﺎلﺔ أخﺮى لم يﺮد
لهﺎ ذكﺮ في النص ،وذلك ﻻتﺤﺎد العلﺔ في كﻼ الﺤﺎلتين ،أﻣﺎ اﻻﺳتنتﺎج عن طﺮيﻖ المخﺎلﻔﺔ فيقصد ﺑهﺎ إعطﺎء
حﺎلﺔ لم ينص عليهﺎ المشﺮع عكس الﺤكم الذي يصﺮح ﺑه في حﺎلﺔ أخﺮى ،وذلك ﻻختﻼف العلﺔ في الﺤﺎلتين
وأﻣﺎ ﻻن الﺤﺎلﺔ التي ﺻﺮح المشﺮع ﺑﺤكمهﺎ تعتبﺮ اﺳتثنﺎء ﻣن الﺤﺎلﺔ التي لم ينص عليهﺎ .
المطلب الثاني :الطرق الخارجية أو حالة النص المعيب.
قد يصدر النص ﻣعيبﺎ ﻣمﺎ يستلزم ﻣن المﻔسﺮ اﺳتجﻼء هذا العيب الذي يتخذ ﺻورا ﻣتعدد ،فقد يلﺤقه خطأ
ﻣﺎدي نتيجﺔ ﺳهو المشﺮع يستوﺟب تصﺤيﺤه ،أو يعتﺮيه تقص ﺑإغﻔﺎل لﻔظ ﻻ يستقيم الﺤكم ﺑدونه أو غموض
ﺑﺎن تﺤتمل الﻔﺎض النص أو عبﺎراته أكثﺮ ﻣن المعنى الواحد أو يتعﺎرض النص ﻣﻊ نص أخﺮ ﺳواء في نﻔس
التشﺮيﻊ آو ﻣﻊ تشﺮيعﺎت أخﺮى
وفي هذه الﺤﺎلﺔ يتم اﻻعتمﺎد على وﺳﺎئل خﺎرﺟيﺔ عن النص لﺮفﻊ العيب الذي لﺤقه ﻣن ﺑينهﺎ:
أو :ا عمال التحضيرية :وهي ﺟميﻊ الوثﺎئﻖ والمذكﺮات والمنﺎقشﺎت المتعلقﺔ ﺑسن قﺎنون ﻣعين ،
وهي تعد ﻣن أهم الوﺳﺎئل في تﻔسيﺮ القوانين واﺳتجﻼء العيوب التي تشوب نصوﺻه ،ﻷنهﺎ كثيﺮا ﻣﺎ تبين قصد
المشﺮع ﻣن النص ونيته .
لكن هذه اﻷعمﺎل تستوﺟب أخد الﺤيطﺔ ﻣنهﺎ ﻷنهﺎ كثيﺮا ﻣﺎ تتضمن أراء شخصيﺔ وفﺮديﺔ ﻷعضﺎء السلطﺔ
التشﺮيعيﺔ يثيﺮونهﺎ أثنﺎء ﻣنﺎقشﺔ القوانين ﺳواء أﻣﺎم اللجﺎن المختصﺔ أو أثنﺎء ﺟلسﺎت البﺮلمﺎن.
56
ﺛانيا :المصدر التاريخي للنص :وذلك ﺑﺎلﺮﺟوع إلى المصدر التﺎريخي الذي اﺳتقى ﻣنه النص القﺎنوني
أحكﺎﻣه ﻻﺳتجﻼء حقيقﺔ قصد المشﺮع ،ﻣثﻼ ﺑﺎلنسبﺔ للقﺎنون المغﺮﺑي يتم الﺮﺟوع إلى القﺎنون الﻔﺮنسي أو
الشﺮيعﺔ اﻹﺳﻼﻣيﺔ أو الﻔقه اﻹﺳﻼﻣي وﻣجلﺔ اﻻلتزاﻣﺎت والعقود التونسيﺔ .
ﺛالثا :حﻜمة الت يع :يقصد ﺑه الغﺎيﺔ أو العلﺔ ﻣن وراء اﺻدرا النص ،ذلك أن النص التشﺮيعي إنمﺎ هو
وﺳيلﺔ لتﺤقيﻖ غﺎيﺔ ﻣعينﺔ لذا يتﺤدد النص ﺑنﺎء على هذه الغﺎيﺔ أو الدافﻊ إليه ،وهذا اﻷخيﺮ قد يكون تﺤقيﻖ
ﻣصلﺤﺔ ﺳيﺎﺳيﺔ أو اﺟتمﺎعيﺔ أو اقتصﺎديﺔ أوغيﺮهم .
اﻷﻣﺮ الذي يجعل حكمﺔ التشﺮيﻊ تختلف ﻣن زﻣﺎن إلى أخﺮ ﻣمﺎ يجعل النص يتطور ﺑتطور الزﻣن اﺳتنﺎدا إلى
حكمته التشﺮيعيﺔ.
راﺑعا :ا خذ ﺑالقواعد العامة للقانون وترجمتها :يمكن للمﻔسﺮ أن يعتمد أيضﺎ على ﺑعض القواعد
القﺎنونيﺔ العﺎﻣﺔ وأيضﺎ تﺮﺟمتهﺎ إلى لغﺔ أخﺮى ،فبﺎلنسبﺔ للقواعد العﺎﻣﺔ للقﺎنون نجد المشﺮع حدد ﺑعضهﺎ في
قﺎنون اﻻلتزاﻣﺎت والعقود في الﻔصول ﻣن 476 ،475 ، 474و . 477
فقد حدد المشﺮع في الﻔصل 474طﺮيقﺔ إلغﺎء القوانين ﺑﺤيث ﻻ تلغى إﻻ ﺑقوانين ﻻحقﺔ ،وأن هذا اﻹلغﺎء
يكون ﺑنص ﺻﺮيح يتضمنه القﺎنون الﻼحﻖ ،كمﺎ يمكن أن يكون ضمنيﺎ ﺑصدور قﺎنون ﺟديد يتعﺎرض ﻣﻊ
قﺎنون ﺳﺎﺑﻖ أو ينظم كل الموضوع الذي ينظمه القﺎنون السﺎﺑﻖ .
كمﺎ نظم الﻔصل 475تطبيقﺎ ﻣن تطبيقﺎت تدرج القﺎعدة القﺎنونيﺔ ﺑنصه على أنه " ﻻ يسوغ للعرف والعادة أن
يخالفا القانون ،إن كان صريحا " ،ﺑينمﺎ حدد الﻔصل 476شﺮوط المشتﺮطﺔ للتمسك ﺑﺎلعﺎدة ﺑنصه على أنه "
يجﺐ على من يتمسك بالعادة أن يثبت وجودها ،وﻻ يصح التمسك بالعادة إﻻ إذا كانت عامة أو غالبة ،ولم
تكن فيها مخالفة للنظام العام وﻻ لﻸخﻼق الحميدة " ،أﻣﺎ الﻔصل 477فقد قﺎعدة تعلﻖ ﺑﺤسن النيﺔ ﺑنصه على
أنه " حسن النية يفترض دائما مادام العكس لم يثبت ".
ﺑﺎﻹضﺎفﺔ إلى ذلك هنﺎك ﻣبﺎدئ تم النص عليهﺎ في قوانين اهﺮى كﺎلﻔصل 5ﻣن ق.م.م الذي ينص على أنه "
يجﺐ على كل متقاض ممارسة حقوقه طبقا لقواعد حسن النية " .
كمﺎ يمكن للمﻔسﺮ أن يعتمد على النص الﻔﺮنسي ﺑلغﺔ أخﺮى كﺎللغﺔ الﻔﺮنسيﺔ ﺑﺎلنسبﺔ للتشﺮيﻊ المغﺮﺑي ،ذلك أن
التشﺮيعﺎت كﺎنت توضﻊ ﺑدايﺔ ﺑﺎللغﺔ الﻔﺮنسيﺔ تم تتﺮﺟم إلى اللغﺔ العﺮﺑيﺔ ﻣمﺎ كﺎن يجعل النص الﻔﺮنسي هو
اﻷﺻل ،لذا كﺎن هو اﻷقﺮب إلى ﺑيﺎن قصد المشﺮع .
كمﺎ انه في الوقت الﺤﺎلي كثيﺮا ﻣﺎ يتم نشﺮ التشﺮيعﺎت ﺑﺎللغتين العﺮﺑيﺔ والﻔﺮنسيﺔ ﻣمﺎ يﻔيد في تدليل الصعﺎب
خﻼل التﻔسيﺮ واﺳتجﻼء قصد المشﺮع ﻣنهمﺎ.
وﺑﺎلتﺎلي فﺎن تﻔسيﺮ القﺎنون يقوم على قواعد داخليﺔ تﺮتبط ﺑﺎلنص المﺮاد تﻔسيﺮه او خﺎرج عنه تﺮتبط ﺑوﺳﺎئل
أخﺮى خﺎرﺟﺔ عنه.
57
الفهرس
مــــــــقــــدمـــــــة3................................................................................................................................ :
58
DROIT :فروع القانون العام PUPLIC الفقرة اﻷو
22 ......................................................................................................................................................
الفقرة الثان ة :فروع القانون الخاص 25 ........................................................................................ droit privé :
الفقرة الثالثة :الفروع المختلطة 27 ......................................................................................................
59
المبحث ا ول :نطاق تطبيق القانون من حيث ا شخاص والمﻜان 47 .........................................................
المطلب ا ول :نطاق تطبيق القانون من حيث ا شخاص 47 ..................................................................
الفقرة اﻷو :تع ف م دأ عدم جواز اﻻعتذار جهل القانون ونطاقه47 ................................................................
الفقرة الثان ة :اﻻستثناء الوارد ع م دأ عدم جواز اﻻعتذار جهل القانون 48 .........................................................
المطلب الثاني :نطاق تطبيق القانون من حيث المﻜان48 .....................................................................
الفقرة اﻷو :م دأ إقل م ة وم دأ شخص ة القوان 48 ......................................................................................
الفقرة الثان ة :موقف الم ع المغر 49 .......................................................................................................
المبحث الثاني :نطاق تطبيق القانون من حيث الزمان 50 ..........................................................................
المطلب ا ول :إلغاء القاعدة القانونية 50 ........................................................................... l'abrogation
الفقرة اﻷو :السلطة المختصة اﻹلغاء 50 ....................................................................................................
الفقرة الثانية :أنواع ا لغاء51 .............................................................................................................
المطلب الثاني :تنازع القوانين من حيث الزمان 51 .................................................................................
الفقرة اﻷو :مفهوم م دأ عدم رجع ة القوان الجد دة 51 ................................................................................
الفقرة الثان ة :النظ ة التقل د ة والنظ ة الحديثة 52 .......................................................................................
الفرع الثاني :تفسير القانون 53 ................................................................................ l'interprétation de la loi
المبحث ا ول :مفهوم التفسير وأنواعه54 ..................................................................................................
المطلب ا ول :مفهوم التفسير 54 .........................................................................................................
المطلب الثاني :أنواع التفسير 54 ............................................................................................................
54 .......................................................................... l'interprétation législative : الفقرة اﻷو :التفس الت
الفقرة الثان ة :التفس القضا 54 ............................................................................. l'interprétation judiciaire
الفقرة الثالثة :التفس الفق 54 ............................................................................ l'interprétation doctrinale :
الفقرة الثالثة :التفس اﻹداري 54 ................................................................................................................
المبحث الثاني :مدارس التفسير 54 ...........................................................................................................
ح على المتون أو مدرسة التزام النص(55 ................ : المطلب ا ول:المدرسة الﻜ سيﻜية ) مدرسة ال
المطلب الثاني :المدرسة التاريخية أو ا جتماعية 55 ...............................................................................
المطلب الثالث :المدرسة العلمية أو مدرسة البحث العلمي الحر 55 ....................................................
المبحث الثالث56 ...................................................................................................................................... :
طرق التفسير وقواعده 56 ..........................................................................................................................
المطلب ا ول :الطرق الداخلية أو حالة النص السليم 56 ........................................................................
الفقرة ا ولى :المعنى المستفاد من عبارة النص أو من ألفاﻇه 56 ............................................... . :
الفقرة الثانية :المعنى المستفاد من روح النص أو فحواه 56 ............................................................:
المطلب الثاني :الطرق الخارجية أو حالة النص المعيب56 .................................................................... .
60