You are on page 1of 60

‫الدكتورة حليمة لمغاري‬

‫أستاذة القـــانون الخـــــاص ﺑﻜـــــلية العلـــــوم‬

‫القانونية وا قتصادية وا جتماعية الجديدة‬

‫جامعة شعيب الدكالي‬

‫محـــاضـــرات في‬
‫المــــدخـــل إلى العلوم القانونية‬
‫‪ -‬نظرية القانون ‪-‬‬

‫الفوجان ‪ D‬و ‪E‬‬

‫السنة الجامعية‪ 2020 :‬ـ ‪2021‬‬

‫‪1‬‬
‫ئحة فك الرموز ‪:‬‬

‫أو ‪ :‬ﺑاللغة العرﺑية‬


‫ص ‪ :‬ﺻﻔﺤﺔ ‪.‬‬
‫م‪.‬س ‪ :‬ﻣﺮﺟﻊ ﺳﺎﺑﻖ ‪.‬‬
‫ج‪.‬ر ‪ :‬الجﺮيدة الﺮﺳميﺔ ‪.‬‬
‫ق‪.‬م‪.‬م ‪ :‬قﺎنون المسطﺮة المدنيﺔ‪.‬‬
‫ق‪.‬م ‪.‬ج ‪ :‬قﺎنون المسطﺮة الجنﺎئيﺔ ‪.‬‬
‫ق‪ .‬ل ‪.‬ع ‪ :‬قﺎنون اﻻلتزاﻣﺎت والعقود ‪.‬‬

‫ﺛانيا‪ :‬ﺑاللغة الفرنسية‬


‫‪p : page‬‬
‫‪op.cit : ouvrage précité‬‬

‫‪2‬‬
‫مــــــــقــــدمـــــــة‪:‬‬
‫يعتبﺮ اﻹنسﺎن ﻣدني ﺑطبعه‪ ،‬فهو ﻻ يستطيﻊ العيش ﺑمعزل عن اﻵخﺮين لكونه اﺟتمﺎعي ﺑﻔطﺮته ‪ ،‬فقد‬
‫أعطي نعمﺔ الﺤيﺎة والﺤﺮكﺔ والتﻔكيﺮ‪ ،‬فسعى ﺑدافﻊ ﻣن طبيعته ورغبته في الﺤﻔﺎظ على ذاته إلى العيش في‬
‫إطﺎر الجمﺎعﺔ‪ ،‬والدخول في ﻣعﺎﻣﻼت وعﻼقﺎت ﻣﻊ أفﺮادهﺎ‪ ،‬اﻷﻣﺮ الذي نجم عنه تعﺎرض المصﺎلح‬
‫واختﻼف اﻷهداف ‪ ،‬ﻣمﺎ قد يؤدي ﺑدوره إلى التصﺎرع والتطﺎحن ﻣﻊ اﻵخﺮين حول السلطﺔ أو المﺎل أو‬
‫أﻣور أخﺮى ‪.‬‬
‫ﻣمﺎ تطلب تﺤقيﻖ الضبط اﻻﺟتمﺎعي للﺤﻔﺎظ على العﻼقﺎت اﻻﺟتمﺎعيﺔ وإحﻼل التوازن ﺑينهﺎ عن طﺮيﻖ‬
‫اﺳتخدام القوة البدنيﺔ أو الوﺳﺎئل الﺮﻣزيﺔ لﻔﺮض أو إعمﺎل القواعد واﻷفعﺎل المقﺮرة‪ ،‬ويكون الﻔﺮض‬
‫ﺑﺎﻹﺟبﺎر والقهﺮ‪،‬أﻣﺎ اﻹعمﺎل فيكون ﺑﺎﻹحيﺎء والتشجيﻊ والثنﺎء وغيﺮ ذلك ﻣن الوﺳﺎئل ‪.‬‬
‫وقد اعتبﺮ عﺎلم اﻻﺟتمﺎع ادوارد روس ) ‪ (Edward Ross‬أن وﺳﺎئل الضبط اﻻﺟتمــﺎعي هي الﺮأي‬
‫العﺎم ‪ ,‬القﺎنون ‪ ,‬التﺮﺑيﺔ ‪ ,‬العﺮف ‪ ,‬الدين ‪ ,‬المثل العليﺎ‪ ,‬القيم اﻻﺟتمﺎعيﺔ ‪....‬الخ‪.‬‬
‫كمﺎ اتﻔﻖ علمﺎء اﻻﺟتمﺎع على أن القﺎنون أهم وﺳيلﺔ للضبط اﻻﺟتمﺎعي لعدة عواﻣل ﻣنهﺎ‪:‬‬
‫‪ ‬ﻣﺤدوديﺔ تأثيﺮ الوﺳﺎئل اﻷخﺮى ﻣثل الﺮأي العﺎم ‪ ،‬واﻷعﺮاف والتقﺎليد في اﺳتتبﺎب اﻷﻣن خصوﺻﺎ في‬
‫المجتمعﺎت ذات التﺮكيبﺔ البشﺮيﺔ المعقدة ‪.‬‬
‫‪ ‬تكﺎﻣل النظﺎم القﺎنوني فﺎلقﺎنون يعد نظﺎﻣﺎ هيكليﺎ شﺎﻣﻼ يتكون ﻣن ﻣجموعﺔ ﻣن القواعد المتكﺎﻣلﺔ والمتنﺎﺳقﺔ‪.‬‬
‫‪ ‬اقتﺮان القﺎنون ﺑعنصﺮ اﻹﺟبﺎر على تطبيقه عن طﺮيﻖ الجزاء المﺎدي الذي توقعه السلطﺔ العﺎﻣﺔ‪.‬‬
‫وﺑذلك يعد القﺎنون أهم وﺳيلﺔ لتﺤقيﻖ الضبط اﻻﺟتمﺎعي‪ ،‬ﺑﺎعتبﺎره ﻣجموعﺔ ﻣن القواعد الملزﻣﺔ والمصﺤوﺑﺔ‬
‫ﺑﺎلجزاء يسعى إلى تنظيم السلوك اﻻﺟتمﺎعي وحﻔظ النظﺎم واﻻﺳتقﺮار ﺑﺎلمجتمﻊ‪.‬‬
‫وخﺎﺻيﺔ الضبط اﻻﺟتمﺎعي تجعل القﺎنون يهدف إلى‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ التوفيق بين المصالح المتعارضة في المجتمع‪ :‬يهدف القﺎنون إلى تﺤقيﻖ التوازن ﺑين ﻣصﺎلح اﻷفﺮاد‬
‫النﺎﺟمﺔ عن تﻔضيل المصﺎلح الشخصيﺔ على ﻣصﺎلح الغيﺮ‪ ،‬وﺑﺎلتﺎلي الﺤد ﻣن ﺳيطﺮة اﻷفﺮاد على ﺑعضهم‬
‫خﺎﺻﺔ اﻷقويﺎء على الضعﻔﺎء‪.‬‬
‫كمﺎ يسعى إلى التوفيﻖ ﺑين المصﺎلح الخﺎﺻﺔ والمصﺎلح العﺎﻣﺔ للجمﺎعﺔ و ذلك ﺑوضﻊ قواعد ثﺎﺑتﺔ تكﻔل ﺳيﺮ‬
‫عﻼقﺎت النﺎس على وثيﺮة واحدة على أﺳﺎس العدل وضمن ﻣعﺎييﺮ ﻣوضوعيﺔ تكﻔل حﺮيﺎت اﻷفﺮاد وتﺤقيﻖ‬
‫الخيﺮ العﺎم للجمﺎعﺔ‪.‬‬
‫‪2‬ـ حفظ النظام واﻻستقرار بالمجتمع‪ :‬تتمثل وظيﻔﺔ القﺎنون أيضﺎ في تﺤقيﻖ اﻷﻣن والنظﺎم ﺑﺎلمجتمﻊ ‪ ،‬ﻣمﺎ‬
‫يؤدي إلى اطمئنﺎن الﻔﺮد والمجموعﺔ على أﻣوالهم وحيﺎتهم‪ ،‬ﻣمﺎ يجعله أكثﺮ تمﺎﺳكﺎ وقوة ﻣمﺎ يسﺎهم ﺑدوره‬
‫في تطويﺮ المجتمﻊ ‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫‪3‬ـ تحقيق العدل‪ :‬تتميز القواعد القﺎنونيﺔ ﺑﺎلعموﻣيﺔ والتجﺮيد ﺑﺤيث توﺟه خطﺎﺑهﺎ وتكليﻔهﺎ إلى اﻷفﺮاد ﺑصﻔﺔ‬
‫عﺎﻣﺔ‪ ،‬لهذا فهي ﻻ توﺟه إلى شخص ﻣعين أو واقعﺔ ﻣعينﺔ‪ ،‬وﺑﺎلتﺎلي يعتبﺮ النﺎس ﺳواﺳيﺔ أﻣﺎم القﺎنون‬
‫والمسﺎواة ﺑهذا المعنى هي ﺟــوهﺮ العدل‪. 1‬‬
‫وتجدر اﻹشﺎرة إلى أن للقﺎنون عﻼقﺔ وطيدة ﺑﺎلﺤﻖ‪ ،‬فﺎلﺤقوق تتولد عن القواعد القﺎنونيﺔ كمﺎ تﺮﺳم حدودهﺎ‬
‫وتضمن حمﺎيتهﺎ‪ ،‬ويشكل الﺤﻖ ﺳلطﺔ يمنﺤهﺎ القﺎنون لشخص ﻣعين‪ ،‬تخول له القيﺎم ﺑأعمﺎل ﻣعينﺔ تﺤقيقﺎ‬
‫لمصلﺤﺔ يﺤميهﺎ القﺎنون‪.‬‬
‫وتميز اللغﺔ العﺮﺑيﺔ ﺑين ﻣصطلﺤي القﺎنون والﺤﻖ‪ ،‬فلكل واحد ﻣنهمﺎ ﻣدلوله الخﺎص ﺑه ‪ ،‬ﺑينمﺎ يختلط‬
‫المﻔهوﻣﺎن في اللغﺔ الﻔﺮنسيﺔ ‪ ،‬فيطلﻖ على القﺎنون والﺤﻖ اﺻطﻼح ‪ DROIT‬لكن عندﻣﺎ يﺮاد ﺑه ﻣعنى‬
‫القﺎنون تضﺎف إليه كلمﺔ‪ ،OBJECTIF‬وعندﻣﺎ يﺮاد ﺑه ﻣعنى الﺤﻖ تضﺎف إليه كلمﺔ ‪.SUBJECTIF‬‬
‫يتبين ان هنﺎك عﻼقﺔ وطيدة ﺑين القﺎنون والﺤﻖ‪.‬‬
‫كمﺎ أن المدخل للعلوم القﺎنونيﺔ تتجﺎذﺑه نظﺮيتﺎن نظﺮيﺔ القﺎنون ونظﺮيﺔ الﺤﻖ‪ ،‬ولﻺلمﺎم ﺑنظﺮيﺔ القﺎنون‬
‫ﺳنقسم هذه الدراﺳﺔ إلى‪:‬‬
‫الفصل اﻷول‪ :‬مفهوم القانون وخصائص قاعدته وأصنافه‬
‫الفصل الثاني‪ :‬مصادر القاعدة القانونية‬
‫الفصل الثالث‪:‬تحديد نطاق تطبيق القانون وتفسيره‬

‫الفصل ا ول‪:‬‬

‫مفهوم القانون وخصائص قاعدته وأصنافه‬


‫تقتضي دراﺳﺔ ﻣﻔهوم القﺎنون التطﺮق إلى تعﺮيﻔه تم تﺤديد ﻣوضوعه – الﻔﺮع اﻷول – تم تبيﺎن‬
‫خصﺎئص القﺎعدة القﺎنونيﺔ – الﻔﺮع الثﺎني‪ -‬التي تعتبﺮ دراﺳتهﺎ ﻻزﻣﺔ لتوضيح ﻣعنى القﺎنون تم التطﺮق إلى‬
‫أﺻنﺎفه‪.‬‬

‫الفرع ا ول‪:‬‬

‫مفهوم القانون وموضوعه‬


‫يﺤمل ﻣصطلح القﺎنون عدة ﻣعﺎني ﺳواء ﻣن النﺎحيتين اللغويﺔ أو اﻻﺻطﻼحيﺔ – المبﺤث اﻷول – تﻔيد في‬
‫تﺤديد ﻣوضوعه – المبﺤث الثﺎني ‪. -‬‬

‫‪1‬‬
‫توفيق حسن فرج ‪ ،‬ﷴ يحي مطر " اﻷصول العامة للقانون " مكتبة المعارف الحديثة ‪ 1988‬ص ‪. 14 :‬‬

‫‪4‬‬
‫المبحث ا ول‪ :‬تعريف القانون‬
‫يﺮﺟﻊ أﺻل كلمﺔ القﺎنون إلى اللغﺔ اليونﺎنيﺔ ) ‪ (Kanum‬التي تشيﺮ إلى العصﺎ المستقيمﺔ ) المسطﺮة ( ‪،‬‬
‫لكنهﺎ كﺎنت تستخدم للدﻻلﺔ على اﻻﺳتقﺎﻣﺔ ﻻ على ﻣﻔهوم العصﺎ‪ ،‬ولهﺎ نﻔس المﻔهوم في اللغﺔ الﻼتينيﺔ إذ يعبﺮ‬
‫عن القﺎنون ﺑكلمﺔ ‪ droit‬أي المستقيم أو الﺤد الﻔﺎﺻل ﺑين اﻻﺳتقﺎﻣﺔ واﻻنﺤﺮاف ‪.2‬‬
‫أﻣﺎ ﻣن النﺎحيﺔ اللغويﺔ فيقصد ﺑمصطلح القﺎنون النظﺎم ‪ ،‬الثبﺎت واﻻﺳتقﺮار‪ ،‬ﺑﺤيث يﻔيد تكﺮار أﻣﺮ ﻣعين‬
‫ﺑطﺮيقﺔ ﻣنتظمﺔ وعلى وثيﺮة واحدة ووفﻖ نظﺎم ثﺎﺑت ‪ ،‬وﺑهذا المعنى يستعمل لﻔظ القﺎنون في المجﺎﻻت‬
‫المختلﻔﺔ فقد يستعمل للدﻻلﺔ على النظم التي تﺤكم الظواهﺮ الطبيعيﺔ واﻻقتصﺎديﺔ واﻻﺟتمﺎعيﺔ ﻣثﻼ قﺎنون‬
‫الجﺎذﺑيﺔ ‪ ،‬قﺎنون العﺮض والطلب ‪.‬‬
‫أﻣﺎ ﻣن النﺎحيﺔ اﻻﺻطﻼحيﺔ فيقصد ﺑكلمﺔ القﺎنون ﻣعنيين أولهمﺎ عﺎم وثﺎنيهمﺎ خﺎص ‪ ،‬يقصد ﺑﺎلمعنى العﺎم‬
‫لكلمﺔ القﺎنون ﻣجموعﺔ القواعد التي تنظم ﺳلوك أفﺮاد المجتمﻊ ‪ ،‬التي تكﻔل الدولﺔ احتﺮاﻣهﺎ ﺑجزاء يوقﻊ على‬
‫المخﺎلف عند اﻻقتضﺎء ‪ ،‬وﺑهذا المعنى يقﺎل أن أﻣﺮا ﻣعينﺎ ﻣخﺎلﻔﺎ للقﺎنون أو ﻣطﺎﺑقﺎ له ‪.‬‬
‫وﻣن هذا المعنى أطلﻖ لﻔظ القﺎنون على العلم الذي يبﺤث في ﻣجموعﺔ تلك القواعد‪ ،‬فيقﺎل ﻣثﻼ كليﺔ القﺎنون‪،‬‬
‫أﺳﺎتذة القﺎنون‪ ،‬ﻣجلﺔ القﺎنون ‪ ،‬كمﺎ أنه في هذا المعنى الواﺳﻊ يطلﻖ على الشﺮائﻊ والقوانين الكبﺮى التي‬
‫تﺤكم العﺎلم كﺎلقﺎنون اﻻنجلوﺳﺎكسوني أو القﺎنون الﻼتيني أوالشﺮيعﺔ اﻹﺳﻼﻣيﺔ ‪ ،‬كمﺎ يﻔيد أيضﺎ القﺎنون‬
‫اﻹقليمي كأن يقﺎل القﺎنون المغﺮﺑي ‪ ،‬القﺎنون الﻔﺮنسي والقﺎنون اﻻنجليزي‪.‬‬
‫كمﺎ أن ﻣصطلح القﺎنون يستعمل ﺑوﺻف ﻣعين فيقﺎل القﺎنون الوضعي ‪ droit positif‬ﺑﺎلمقﺎﺑلﺔ ﻣﻊ القﺎنون‬
‫الطبيعي ‪ droit naturel‬فﺎلقﺎنون الوضعي يقصد ﺑه ﻣجموعﺔ القواعد القﺎنونيﺔ المختلﻔﺔ الصﺎدرة وفﻖ‬
‫الشﺮوط القﺎنونيﺔ وﻣن الجهﺎت المختصﺔ والسﺎريﺔ المﻔعول في دولﺔ ﻣعينﺔ ‪ ،‬كمﺎ أن قواعده توضﻊ ﻣقدﻣﺎ‬
‫وتكون ﻣﺤددة تﺤديدا كﺎفيﺎ ﺑﺤيث يتمكن اﻷفﺮاد ﻣن تنظيم ﺳلوكهم وفقﺎ لتلك القواعد ‪.‬‬
‫وقواعد القﺎنون الوضعي تشمل أيضﺎ ﺑعض القواعد الدينيﺔ في شكل قواعد قﺎنونيﺔ ﻣثﻼ ﻣدونﺔ اﻷﺳﺮة التي‬
‫تضم ﺑعض أحكﺎم الشﺮيعﺔ اﻹﺳﻼﻣيﺔ في شكل قواعد قﺎنونيﺔ ‪ ،‬أﻣﺎ القﺎنون الطبيعي ‪ droit naturel‬فيشكل‬
‫ﻣجموعﺔ ﻣن القواعد والمبﺎدئ المثﺎليﺔ اﻷﺑديﺔ التي يستمد ﻣنهﺎ القﺎنون الوضعي قواعده ‪ ،‬فهي تعتبﺮ ﻣثﻼ‬
‫أعلى للعدالﺔ أودعهﺎ ﷲ في الكون يكشف عنهﺎ ﺑﺎلعقل ‪ ،‬وكلمﺎ قﺮﺑت قواعد القﺎنون الوضعي ﻣن قواعد‬
‫القﺎنون الطبيعي‪ ،‬كﺎنت القواعد الوضعيﺔ أقﺮب إلى المثﺎليﺔ والعدالﺔ وﺑﺎلتﺎلي أقﺮب إلى الكمﺎل ‪.‬‬
‫أﻣﺎ المعنى الخﺎص للقﺎنون فيقصد ﺑه كل قﺎعدة أو ﻣجموعﺔ القواعد التي تضعهﺎ السلطﺔ التشﺮيعيﺔ لتنظيم أﻣﺮ‬
‫ﻣعين أو ﻣوضوع أو عﻼقﺔ ﻣﺤددة كعﻼقﺎت العمل ‪ ،‬ﻣوضوع الجنسيﺔ أو عﻼقﺎت التجﺎر‪ ،‬ﻣمﺎ يؤدي إلى‬
‫تﺤديد فﺮوع القﺎنون كقﺎنون الشغل ‪ ،‬قﺎنون الجنسيﺔ ‪ ،‬القﺎنون التجﺎري ‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫ﻋالي امنينو ‪ ،‬هشام البخفاوي " مادة المدخل لدراسة القانون – نظرية القانون " سلسلة منشورات قانون وأﻋمال " طبعة ‪ 2017‬ص ‪. 7 :‬‬

‫‪5‬‬
‫انطﻼقﺎ ﻣمﺎ ﺳبﻖ يتبين أن القﺎنون هو ﻣجموعﺔ القواعد التي تنظم الﺮواﺑط اﻻﺟتمﺎعيﺔ والتي تﻔﺮض الدولﺔ‬
‫إتبﺎعهﺎ ولو ﺑﺎلقوة عند اﻻقتضﺎء‪ ،‬اﻷﻣﺮ الذي يوضح ﻣوضوع القﺎعدة القﺎنونيﺔ وخصﺎئصهﺎ‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬موضوع القاعدة القانونية‬


‫يتولى القﺎنون تنظيم السلوك اﻹنسﺎني وذلك ﺑتﺤديد نشﺎط كل شخص في ﻣواﺟهﺔ ﺳﺎئﺮ أعضﺎء المجتمﻊ‬
‫فيتولى ﺑذلك تنظيم النشﺎط الخﺎرﺟي لﻸفﺮاد دون اﻷعمﺎل البﺎطنيﺔ‪ ،‬وﺑﺎلقدر الذي يتصل ﺑنشﺎط الغيﺮ‪.‬‬
‫ويتم هذا التنظيم ﺑواﺳطﺔ قواعد قﺎنونيﺔ وهي الوحدة المكونﺔ للقﺎنون في ﻣجموعه ‪ ،‬وﺑهذا ﻻ يختلف ﻣﻔهوم‬
‫وهدف القﺎنون عن ﻣﻔهوم وهدف القﺎعدة القﺎنونيﺔ ‪ ،‬فكﻼهمﺎ يهدف إلى تنظيم السلوك اﻹنسﺎني ﺑشكل ﻣلزم ‪.‬‬
‫وﺑذلك فﺎلقﺎعدة القﺎنونيﺔ هي الخطﺎب الموﺟه إلى اﻷشخﺎص ﻣن أﺟل تقويم تصﺮفﺎتهم وﺳلوكﺎتهم ‪ ،‬ﻣمﺎ‬
‫يجعلهﺎ قﺎعدة تقويميﺔ ﻻ تقﺮيﺮيﺔ ‪ ،‬وهذا التقويم يتخذ ﻣظهﺮين إﻣﺎ المنﻊ ﻣن القيﺎم ﺑعمل أو اﻹﺟبﺎر على القيﺎم‬
‫ﺑعمل ‪ ،‬فيجعل القﺎعدة القﺎنونيﺔ إﻣﺎ قﺎعدة ﻣﺎنعﺔ تﻔﺮض على اﻷفﺮاد اﻻﻣتنﺎع عن ﺑعض اﻷفعﺎل التي تلﺤﻖ‬
‫أضﺮارا ﺑﺎلغيﺮ كﺎلقواعد التي تجﺮم القتل أو السﺮقﺔ‪ ،‬أو القﺎعدة الﺤﺎفزة التي تجبﺮ اﻷفﺮاد على القيﺎم ﺑأعمﺎل‬
‫لمصلﺤﺔ اﻵخﺮين اﺑتغﺎء إيجﺎد التوازن ﺑﺎلمجتمﻊ كﻔﺮض إنﻔﺎق اﻷﺑنﺎء على آﺑﺎئهم المعوزين وتعويض‬
‫المؤاﺟﺮ لﻸﺟيﺮ ‪.‬‬
‫وهذا التقويم إﻣﺎ أن يقنن في نص قﺎنوني فتأتي القﺎعدة القﺎنونيﺔ ﻣكتوﺑﺔ أو عﺮفيﺔ درج النﺎس على إتبﺎعهﺎ‬
‫دون أن تكون ﻣكتوﺑﺔ‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪:‬‬

‫خصائص القاعدة القانونية وع قتها ﺑباقي القواعد ا جتماعية ا خرى‬


‫تتميز القواعد القﺎنونيﺔ ﺑمجموعﺔ ﻣن الخصﺎئص توافﻖ وظيﻔﺔ القﺎنون في المجتمﻊ – المبﺤث اﻷول – كمﺎ‬
‫تعمل ﺑجﺎنب قواعد اﺟتمﺎعيﺔ أخﺮى على تنظيم ﺳلوك اﻷفﺮاد ﺑﺎلمجتمﻊ‪ ،‬فمﺎ هي أوﺟه اﻻختﻼف ﺑينهمﺎ –‬
‫المبﺤث الثﺎني ‪. -‬‬

‫المبحث ا ول خصائص القاعدة القانونية‬


‫القﺎنون كمﺎ ﺳبﻖ توضيﺤه هو ﻣجموعﺔ القواعد القﺎنونيﺔ التي تنظم عﻼقﺎت اﻷفﺮاد في المجتمﻊ ‪ ،‬والتي‬
‫تقتﺮن ﺑجزاء توقعه السلطﺔ العليﺎ على ﻣخﺎلﻔيهﺎ ‪.‬‬
‫نستخلص ﻣن هذا التعﺮيف أن القﺎعدة القﺎنونيﺔ تمتﺎز ﺑمجموعﺔ ﻣن الخصﺎئص وهي أنهﺎ قﺎعدة اﺟتمﺎعيﺔ‪،‬‬
‫قﺎعدة عﺎﻣﺔ وﻣجﺮدة‪ ،‬قﺎعدة ﺳلوك وقﺎعدة إلزاﻣيﺔ‪ ،‬فمﺎ المقصود ﺑكل خﺎﺻيﺔ ﻣن هذه الخصﺎئص ؟‬

‫‪6‬‬
‫المطلب ا ول‪:‬القاعدة القانونية قاعدة اجتماعية‬
‫يعد اﻹنسﺎن كﺎئنﺎ اﺟتمﺎعيﺎ فﻼ يمكنه العيش إﻻ في الجمﺎعﺔ وﺑﺎلجمﺎعﺔ‪ ،‬وإذا كﺎنت الجمﺎعﺔ ضﺮوريﺔ لﺤيﺎة‬
‫وﻣعيشﺔ اﻹنسﺎن‪ ،‬فﺎن القﺎنون يعد ضﺮورة ﻣلﺤﺔ لهذه الجمﺎعﺔ فﻼ يتصور وﺟود ﻣجتمﻊ ﺑدون قﺎنون أو‬
‫قﺎنون ﺑدون ﻣجتمﻊ ‪ ،‬وهذا ﻣﺎ يعبﺮ عنه ﺑأن القﺎنون ظﺎهﺮة وضﺮورة اﺟتمﺎعيﺔ ‪.‬‬
‫ويقصد ﺑﺎلمجتمﻊ في هذا اﻹطﺎر المجتمﻊ المنظم الذي توﺟد فيه ﺳلطﺔ يكون لهﺎ السيﺎدة على أفﺮاده والقدرة‬
‫على إﺟبﺎرهم على اﻻﻣتثﺎل ﻷحكﺎم القﺎنون‪.‬‬
‫وإذا كﺎنت الدولﺔ اليوم هي الشكل الﺤديث للمجتمﻊ السيﺎﺳي المنظم‪ ،‬فﺎنه ﻻ يجوز أن يﻔهم ﻣنه أن‬
‫القﺎنون ﻣعﺎﺻﺮ في نشأته للدولﺔ‪ ،‬ﺑل هو أقدم ﻣنهﺎ إذ كﺎنت المجتمعﺎت القديمﺔ تخضﻊ لقوانين ﻣعينﺔ قبل ﻣيﻼد‬
‫الدولﺔ ‪.3‬‬
‫والطبيعﺔ اﻻﺟتمﺎعيﺔ للقﺎعدة القﺎنونيﺔ تجعلهﺎ ﻣﺮنﺔ إذ تختلف ﻣن ﻣكﺎن إلى أخﺮ‪ ،‬فﺎلقﺎعدة القﺎنونيﺔ ﻣثﻼ في‬
‫الدول الليبﺮاليﺔ تختلف عن ﻣثيلتهﺎ في الدول اﻻشتﺮاكيﺔ ‪ ،‬والقواعد القﺎنونيﺔ السﺎئدة في الدول اﻹﺳﻼﻣيﺔ‬
‫تختلف عن المعمول ﺑهﺎ في الدول الغيﺮ اﻹﺳﻼﻣيﺔ‪.‬‬
‫كمﺎ أن القواعد القﺎنونيﺔ تختلف ﻣن زﻣﺎن إلى آخﺮ‪ ،‬إذ تتطور ﺑتطور الظﺮوف اﻻقتصﺎديﺔ‪ ،‬اﻻﺟتمﺎعيﺔ‬
‫والسيﺎﺳيﺔ التي يمﺮ ﺑهﺎ المجتمﻊ‪ ،‬لهذا يتدخل المشﺮع ﻣن وقت ﻵخﺮ لتغييﺮه أو تتميمه أو إلغﺎئه وإحﻼل‬
‫قﺎنون أخﺮ ﻣﺤله القﺎنون القﺎئم ليسﺎيﺮ الظﺮوف الجديدة للمجتمﻊ ‪ ،4‬وكمثﺎل على ذلك قﺎنون اﻻلتزاﻣﺎت‬
‫والعقود الذي ﺻدر ﺳنﺔ ‪ 1913‬وتدخل المشﺮع المغﺮﺑي ﺑﺎلعديد ﻣن القوانين لتتميمه ﻣن ﺑينهﺎ القﺎنون رقم‬
‫‪ 50.35‬المتعلﻖ ﺑﺎلتبﺎدل اﻻلكتﺮوني للمعطيﺎت القﺎنونيﺔ‪ ،‬أو إﺻدار قﺎنون ﺟديد كﺎلقﺎنون رقم ‪ 31.08‬القﺎضي‬
‫ﺑتﺤديد تداﺑيﺮ لﺤمﺎيﺔ المستهلك ﺳنﺔ ‪. 2011‬‬
‫يتبين ﻣمﺎ ﺳبﻖ أن القﺎنون هو حقيقﺔ اﺟتمﺎعيﺔ ﻣتصلﺔ ﺑﺤقﺎئﻖ المجتمﻊ اﻷخﺮى ‪ ،‬ﺑمعنى أنه يؤثﺮ عليهﺎ ويتأثﺮ‬
‫ﺑدوره ﺑهﺎ ‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪:‬القاعدة القانونية قاعدة عامة ومجردة ‪Abstraite et générale:‬‬


‫تتميز القﺎعدة القﺎنونيﺔ ﺑأنهﺎ الوحدة اﻷﺳﺎﺳيﺔ في القﺎنون‪ ،‬لهذا فهي توﺟه إلى ﺟميﻊ اﻷشخﺎص وتنطبﻖ على‬
‫ﺟميﻊ الوقﺎئﻊ ﻣتى توافﺮت في الشخص أو الواقعﺔ ﺻﻔﺔ أو شﺮوط ﻣعينﺔ‪.‬‬
‫وهذا ﻣﺎ يجعل القﺎعدة القﺎنونيﺔ عﺎﻣﺔ وﻣجﺮدة‪ ،‬فﺎلقﺎعدة القﺎنونيﺔ في عموﻣيتهﺎ تخﺎطب ﺟميﻊ اﻷشخﺎص‬
‫ﺑصﻔﺎتهم وليس ﺑدواتهم ‪،‬أﻣﺎ ﺻﻔﺔ التجﺮيد فتجعل ﻣن القﺎعدة القﺎنونيﺔ عند نشوئهﺎ ﻻ تكون ﻣﺮتبطﺔ ﺑشخص‬
‫ﻣعين أو واقعﺔ ﻣعين‪ ،‬فهي لم توضﻊ لكي تطبﻖ على فﺮد دون فﺮد آخﺮ أو على واقعﺔ ﻣعينﺔ دون واقعﺔ‬
‫أخﺮى ‪ ،‬ﺑل توضﻊ لكي تسﺮي على ﺟميﻊ اﻷشخﺎص وﺟميﻊ الوقﺎئﻊ كلمﺎ توافﺮت شﺮوط تطبيقهﺎ‪ ،‬كمﺎ ان‬
‫تطبيقهﺎ يشمل اﺑيضﺎ المستقبل أي الﺤﺎﻻت الممﺎثلﺔ التي تنشﺎ في المستقبل ‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫توفيق حسن فرج ‪ ،‬ﷴ يحي مطر " اﻷصول العامة للقانون " ص ‪. 20 :‬‬
‫‪4‬‬
‫أبو بكر نهم " المدخل لدراسة القانون‪ ،‬دراسة وفق أخر المستجدات التي ﻋرفتها الترسانة القانونية المغربية " الطبعة اﻷولى ‪ .‬مطبعة النجاح الجديدة ‪ ، 2018‬ص‬
‫‪. 16 :‬‬

‫‪7‬‬
‫لكن عموﻣيﺔ القﺎعدة القﺎنونيﺔ ﻻ يعني أنهﺎ تطبﻖ ﺑصﻔﺔ ﻣطلقﺔ على النﺎس كﺎفﺔ‪ ،‬ﺑل قد تﺤدد ﻣن حيث‬
‫اﻷشخﺎص‪ ،‬وﻣن حيث الزﻣﺎن والمكﺎن‪.‬‬
‫فمن حيث اﻷشخﺎص قد يقتصﺮ تطبيﻖ القﺎعدة القﺎنونيﺔ على فئﺔ ﻣعينﺔ ﻣن أفﺮاد المجتمﻊ كﺎلقواعد المتعلقﺔ‬
‫ﺑﻔئﺔ المﺤﺎﻣين‪ ،‬اﻷطبﺎء‪ ،‬التجﺎر والموظﻔين‪ ،‬إذ في ﺟميﻊ الﺤﺎﻻت ﻻ تخﺎطب القﺎعدة القﺎنونيﺔ اﻷفﺮاد ﺑدواتهم‬
‫ﺑل تقصد اﻷشخﺎص ﺑأوﺻﺎفهم‪.‬‬
‫ﺑل إن القﺎعدة القﺎنونيﺔ تظل عﺎﻣﺔ وﻣجﺮدة ولو تعلقت ﺑشخص واحد طﺎلمﺎ تخﺎطبه ﺑوﺻﻔه ﻻ ﺑذاته كتلك‬
‫المنظمﺔ للمﺮاكز القﺎنونيﺔ لﺮئيس الﺤكوﻣﺔ أو رئيس البﺮلمﺎن ‪.‬‬
‫أﻣﺎ ﻣن حيث الزﻣﺎن فهنﺎك ﻣن القواعد القﺎنونيﺔ ﻣﺎ يوضﻊ لكي يعمل ﺑه ﻣدة ﻣعينﺔ كﺎلقوانين التي تصدر‬
‫ﺑصﻔﺔ ﻣؤقتﺔ ‪ ،‬فتعتبﺮ ﺑﺎلﺮغم ﻣن كونهﺎ ﻣؤقتﺔ ينتهي العمل ﺑهﺎ ﺑمجﺮد زوال ﺳبب تقنينهﺎ قواعد عﺎﻣﺔ‬
‫وﻣجﺮدة خﻼل فتﺮة تطبيقهﺎ‪ ،‬كﺎلقوانين التي تصدر خﻼل فتﺮة الﺤﺮب أو ظﺮوف أخﺮى اﺳتثنﺎئيﺔ كﺎلقﺎنون‬
‫المتعلﻖ ﺑسن أحكﺎم خﺎﺻﺔ ﺑﺤﺎلﺔ الطوارئ الصﺤيﺔ وإﺟﺮاءات اﻹعﻼن عنهﺎ ‪ ،5‬المتعلﻖ ﺑجﺎئﺤﺔ كورونﺎ‬
‫كوفيد ‪.19‬‬
‫أﻣﺎ ﻣن حيث المكﺎن فﺎلقواعد القﺎنونيﺔ قد تطبﻖ في إقليم ﻣعين ﻣن دولﺔ دون غيﺮه ‪ ،‬ويعمل ﺑهذا النظﺎم في‬
‫الدول التي تتكون ﻣن وﻻيﺎت ﻣتعددة ﻣثل الوﻻيﺎت المتﺤدة اﻷﻣﺮيكيﺔ ﺑﺤيث تنﻔﺮد كل وﻻيﺔ ﺑوضﻊ قوانين‬
‫خﺎﺻﺔ ﺑهﺎ دون غيﺮهﺎ ﻣن الوﻻيﺎت اﻷخﺮى ‪.‬‬
‫ويتﺮتب عن خﺎﺻيتي العموم والتجﺮيد تﺤقيﻖ المسﺎواة والعدل ﺑين أفﺮاد المجتمﻊ ‪ ،‬إذ تخضﻊ ﺟميﻊ‬
‫المخﺎطبين ﺑهﺎ حكﺎﻣﺎ أو ﻣﺤكوﻣين لسيﺎدة القﺎنون‪ ،‬ﺑخﻼف القﺎعدة الموﺟهﺔ إلى شخص ﺑذاته فﻼ تعد قﺎعدة‬
‫قﺎنونيﺔ ﺑل أﻣﺮا أو قﺮارا فﺮديﺎ يستنﻔذ قوته ﺑمجﺮد تطبيقه على الشخص المتعلﻖ ﺑه ‪ 6‬كقﺮار تعيين ﻣوظف‬
‫اوعزله ‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬القاعدة القانونية قاعدة سلوك‬


‫تهدف القﺎعدة القﺎنونيﺔ إلى التوفيﻖ ﺑين ﻣصﺎلح اﻷفﺮاد في المجتمﻊ عن طﺮيﻖ تنظيم عﻼقﺎتهم ورواﺑطهم‬
‫اﻻﺟتمﺎعيﺔ‪ ،‬وذلك ﺑتﺤديد حقوق والتزاﻣﺎت كل فﺮد‪ ،‬وﺑصيغﺔ أخﺮى تﺤديد ﻣﺎ يجب له وﻣﺎ يجب عليه‬
‫ﺑﺎلمجتمﻊ‪.‬‬
‫وﺑذلك تعتبﺮ القﺎعدة القﺎنونيﺔ قﺎعدة ﺳلوك تنصب على توﺟيه ﺳلوك اﻷشخﺎص ﺑﺎلمجتمﻊ ﺳواء اﻷشخﺎص‬
‫الطبيعيين أم المعنويين ‪.7‬‬

‫‪5‬‬
‫فقد صدر الظهير الشريف رقم ‪ 1.20.67‬بتاريخ ‪ 4‬ذي الحجة ‪ 25 ) 1441‬يوليوز ‪ (2029‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 42.20‬بتغيير المرسوم بقانون رقم ‪2.20.292‬‬
‫الصادر في ‪ 28‬من رجب ‪ 23 ) 1441‬مارس ‪ (2020‬المتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات اﻹﻋﻼن ﻋنها في الجريدة الرسمية ﻋدد ‪6903‬‬
‫بتاريخ ‪ 6‬دو الحجة ‪ 27 ) 1441‬يوليوز ( ص ‪4150 :‬‬
‫‪6‬‬
‫نجاة بضراني " مدخل لدراسة القانون " الطبعة ‪ 3‬مطبعة النجاح الجديدة ‪ 2001‬ص ‪.17 :‬‬
‫‪7‬‬
‫أبو بكر مهم ‪ :‬المدخل لدراسة القانون ‪ :‬م‪.‬س‪ ..‬ص‪. 22 :‬‬

‫‪8‬‬
‫ويتخذ تنظيم القﺎعدة القﺎنونيﺔ لسلوك اﻷفﺮاد شكل اﻷﻣﺮ أو النهي أو التكليف أو في ﺻورة تنظيم عﺎم يلتزم‬
‫اﻷفﺮاد ﺑإتبﺎعه‬
‫والقﺎنون إذ يضﻊ أﻣﺮا أو نهيﺎ يقيد ﺑه ﺳلوك فﺮد ﻣن اﻷفﺮاد فﺎنه يقصد ﺑذلك ﻣن ﺟهﺔ أولى تﺤقيﻖ حﺮيﺔ‬
‫ﻣقﺎﺑلﺔ لدى الغيﺮ‪ ،‬وﻣن ﺟهﺔ ثﺎنيﺔ تأكيد الﺤﻖ لصﺎحبه‪.‬‬

‫وتقويم ﺳلوك اﻷفﺮاد يجعل القﺎعدة القﺎنونيﺔ تتكون ﻣن عنصﺮين أولهمﺎ ﻣﺎدي يتمثل في الﻔﺮض أو الظﺎهﺮة‬
‫أو الواقعﺔ التي تنجم عن النشﺎط اﻹنسﺎني والتي يلزم تﺤققهﺎ في الواقﻊ ليثور أﻣﺮ تطبيﻖ هذه القﺎعدة ‪،‬‬
‫وثﺎنيهمﺎ عنصﺮ ﻣعنوي وهو اﻷﻣﺮ الذي يقضي ﺑه القﺎنون ويﺮﺑط نﻔﺎده ﺑتﺤقﻖ الﻔﺮض‪. 8‬‬
‫فمثﻼ القﺎعدة القﺎنونيﺔ التي تعتبﺮ أن شخصيﺔ اﻹنسﺎن تبدأ ﺑوﻻدته حيﺎ فهي تعني أنه إذا ولد اﻹنسﺎن حيﺎ وهذا‬
‫هو الﻔﺮض وﺟب اعتبﺎره شخصﺎ وهذا هو الﺤكم‪.‬‬
‫والقﺎعدة القﺎنونيﺔ خﻼل تنظيمهﺎ لسلوك اﻷشخﺎص تنصب على السلوك المﺎدي أي المظﺎهﺮ الخﺎرﺟيﺔ لهذا‬
‫السلوك وﺑصيغﺔ أخﺮى اﻷفعﺎل والتصﺮفﺎت الصﺎدرة عنه‪ ,‬وﻻ تتوﺟه إلى ﻣﺤﺎكمﺔ النوايﺎ والبواعث ﺑمعنى‬
‫كل ﻣﺎ يدور في أعمﺎق النﻔس البشﺮيﺔ ﻣن ﻣشﺎعﺮ وخواطﺮ وأﺳﺎﺳيﺎت ﻣثل الكﺮاهيﺔ والﺤقد رغم أنهﺎ ﻣخﺎلﻔﺔ‬
‫لمبﺎدئ اﻷخﻼق والمثل العليﺎ ‪.9‬‬
‫فﺎلمشﺎعﺮ والنوايﺎ التي تظل كﺎﻣنﺔ في النﻔس ﻻ يعتد ﺑهﺎ ﻣن النﺎحيﺔ القﺎنونيﺔ إﻻ إذا خﺮﺟــت إلى العﺎلم‬
‫الخﺎرﺟي في شكل ﺳلوك‪ ،‬وعندئذ يخضﻊ هذا السلوك لﺤكم القﺎنون‪.‬‬
‫ولكن ليس ﻣعنى ﻣﺎ تقدم أن القﺎعدة القﺎنونيﺔ ﻻ تهتم على وﺟه اﻹطﻼق ﺑﺎلنوايﺎ والبواعث الكﺎﻣنﺔ في النﻔس‬
‫وإنمﺎ تهتم ﺑهﺎ في حدود ﺻلتهﺎ ﺑﺎلسلوك الخﺎرﺟي للشخص فإذا عزم إنسﺎن على قتل آخﺮ ولم يقتله ‪ ،‬فﻼ شأن‬
‫للقﺎنون ﺑه‪ ،‬أﻣﺎ إذا قتله فعﻼ فﺎن القﺎنون يأخذ ﺑعين اﻻعتبﺎر ذلك العزم وتلك النيﺔ ‪ ,‬وﺑذلك يختلف عقﺎب القﺎتل‬
‫المتعمد المتﺮﺻد عن القﺎتل الذي قتل دون نيﺔ ﻣبيتﺔ ‪ ,‬فطبقﺎ للﻔصل ‪ 392‬ﻣن القﺎنون الجنﺎئي يعﺎقب ﺑﺎﻹعدام‬
‫القﺎتل المتعمد المصﺤوب ﺟﺮيمته ﺑظﺮوف التشديد ‪،‬وهو ﺳبﻖ اﻹﺻﺮار والتﺮﺻد ﺑينمﺎ يعﺎقب ﺑﺎلسجن المؤﺑد‬
‫القﺎتل العمد الغيﺮ المصﺤوب ﺑظﺮوف التشديد‪.‬‬

‫المطلب الراﺑع‪:‬القاعدة القانونية قاعدة إلزامية ‪Obligatoire‬‬


‫تتضمن القﺎعدة القﺎنونيﺔ تكليﻔﺎ إلى المخﺎطبين ﺑهﺎ إﻣﺎ ﺑﺎﻷﻣﺮ أو النهي‪ ،‬وكل أﻣﺮ يتضمن فكﺮة اﻹلزام ﺑواﺳطﺔ‬
‫ﺟزاء توقعه السلطﺔ العﺎﻣﺔ على كل شخص خﺎلف أو خﺮج عن أحكﺎم القﺎنون ‪ ،‬وﺑذلك فﺎلجزاء هو النتيجﺔ أو‬
‫اﻷثﺮ المتﺮتب عن ﻣخﺎلﻔﺔ القﺎعدة القﺎنونيﺔ‪ ،‬فهو إذن وﺳيلﺔ ضغط تمﺎرﺳهﺎ الدولﺔ على إرادة اﻷفﺮاد حتى‬
‫يمتثلوا ﻷواﻣﺮ القﺎنون ونواهيه ‪.‬‬
‫وﺑذلك يتصف الجزاء ﺑعدة خصﺎئص أهمهﺎ ‪:‬‬

‫‪8‬‬
‫ﷴ حسين منصور م ‪ .‬س ص‪. 19 - 18 :‬‬
‫‪9‬‬
‫ﷴ حسين منصور " المدخل الى القانون ‪ :‬القاﻋدة القانونية" الطبعة اﻻولى منشورات الحلبي الحقوقية لبنان ‪ 2010‬ص ‪. 13 :‬‬

‫‪9‬‬
‫‪ ‬أنه ﺟزاء ﻣﺎدي أو حسي أي له ﻣظهﺮا ﻣﺎديﺎ خﺎرﺟيﺎ وليس ﻣجﺮد ﺟزاء ﻣعنوي‪ ،‬ﺑﺤيث يصيب ﺟسم‬
‫‪10‬‬
‫اﻹنسﺎن كعقوﺑﺔ اﻹعدام أو ﻣﺎله كﺎلتعويض أو الغﺮاﻣﺔ أو حﺮيته كﺎلعقوﺑﺎت السﺎلبﺔ للﺤﺮيﺔ‪.‬‬
‫‪ ‬يتميز الجزاء في القﺎعدة القﺎنونيﺔ ﺑأنه ﺟزاء حﺎل غيﺮ ﻣؤﺟل يطبﻖ ﺑمجﺮد ثبوت المخﺎلﻔﺔ القﺎنونيﺔ‪.‬‬
‫‪ ‬تنﻔﺮد السلطﺔ العﺎﻣﺔ ﺑمﺎ تملك ﻣن وﺳﺎئل الزﺟﺮ والﺮدع والعقﺎب ﺑإيقﺎع الجزاء‪ ،‬ﺑﺤيث يمنﻊ على‬
‫الﻔﺮد العﺎدي أن يقتضي حقه ﺑنﻔسه إﻻ في ﺑعض الﺤﺎﻻت اﻻﺳتثنﺎئيﺔ المﺤددة ﺑنص القﺎنون كﺤﺎلﺔ‬
‫الدفﺎع الشﺮعي في المجﺎل الجنﺎئي‪ ،‬والدفﻊ ﺑعدم التنﻔيذ في المجﺎل المدني ‪.11‬‬
‫‪ ‬يكون الجزاء ﻣﺤددا ﺳلﻔﺎ‪ ،‬ﻣعﺮوفﺎ ﻣن حيث طبيعته وﻣقداره فمثﻼ الﻔصل ‪ 505‬ﻣن القﺎنون الجنﺎئي‬
‫ينص على أنه " من اختلس عمدا ماﻻ مملوكا للغير يعد سارقا ويعاقﺐ بالحبس من سنة إلى خمس‬
‫سنوات وغرامة من مائتين إلى خمسمائة درهم " ‪ ،‬والهدف ﻣن هذا التﺤديد إعﻼم أفﺮاد المجتمﻊ‬
‫ﺑﺎلجزاء الذي ينتظﺮهم عند ﻣخﺎلﻔﺔ القﺎعدة القﺎنونيﺔ ‪.‬‬
‫والجزاء ليس له ﺻورة واحدة ﺑل يتعدد ويتنوع ﺑتنوع فﺮوع القﺎنون واختﻼف طبيعﺔ قواعده فهنﺎك الجزاء‬
‫الجنﺎئي والجزاء المدني والجزاء اﻹداري‪.‬‬

‫الفقرة ا ولى‪:‬الجزاء الجنائي ‪La sanction pénal:‬‬


‫يقصد ﺑه الجزاء الذي يوقﻊ على كل ﻣﺮتكب لﻔعل تجﺮﻣه قﺎعدة ﺟنﺎئيﺔ ‪ ،‬أي الجزاء الذي يتﺮتب على‬
‫ﻣخﺎلﻔﺔ قواعد القﺎنون الجنﺎئي ‪ ،‬وهو أشد وأقصى أنواع الجزاءات لكونه يﻔﺮض لصﺎلح الجمﺎعﺔ ولﺤمﺎيﺔ‬
‫المجتمﻊ ‪.‬‬
‫والجزاء الجنﺎئي ينقسم إلى نوعين أولهمﺎ عقوﺑﺔ ‪ La peine‬وثﺎنيهمﺎ تدﺑيﺮ وقﺎئي أو احتﺮازي ‪Les‬‬
‫‪mesures de sureté.‬‬
‫والعقوﺑﺔ قد تكون ﺑدنيﺔ كﺎﻹعدام أو ﻣﺎليﺔ كﺎلغﺮاﻣﺔ أو ﻣقيدة للﺤﺮيﺔ كﺎلﺤبس والسجن وذلك حسب نوع‬
‫الجﺮيمﺔ المﺮتكبﺔ وﻣﺎ إذا كﺎنت ﺟنﺎيﺎت أو ﺟنح أو ﻣخﺎلﻔﺎت ‪.‬‬
‫وحسب الﻔصل ‪ 111‬ﻣن ﻣجموعﺔ القﺎنون الجنﺎئي تعد ﺟنﺎيﺔ الجﺮائم الواردة عقوﺑتهﺎ في الﻔصل ‪ 16‬ﻣن نﻔس‬
‫القﺎنون وهي اﻹعدام‪ ،‬السجن المؤﺑد‪ ،‬السجن المؤقت ﻣن خمس ﺳنوات إلى ثﻼثين ﺳنﺔ‪ ،‬اﻹقﺎﻣﺔ اﻹﺟبﺎريﺔ‬
‫والتجﺮيد ﻣن الﺤقوق الوطنيﺔ ‪ ،‬أﻣﺎ الجنح فهي الجﺮائم المعﺎقب عليهﺎ ﺑعقوﺑﺔ حبسيﺔ أقل ﻣدتهﺎ شهﺮ وأقصﺎهﺎ‬
‫خمس ﺳنوات حسب الﻔصل ‪ 17‬ﻣن القﺎنون السﺎلف الذكﺮ‪ ،‬وتنقسم إلى قسمين ﺟنح تأديبيﺔ وﺟنح ضبطيﺔ ‪.‬‬
‫يقصد ﺑﺎلجنح التأديبيﺔ الجﺮائم المعﺎقب عليهﺎ ﺑﺎلﺤبس الذي يزيد حده اﻷقصى عن ﺳنتين ‪،‬أﻣﺎ الجنح الضبطيﺔ‬
‫فهي الجﺮائم المعﺎقب عليه ﺑﺎلﺤبس حده اﻷقصى ﺳنتﺎن أو أقل أو ﺑغﺮاﻣﺔ تزيد عن ﻣﺎئتي درهم ‪ ،‬أﻣﺎ المخﺎلﻔﺔ‬
‫فهي اﻷفعﺎل المعﺎقب عليهﺎ ﺑﺎﻻعتقﺎل لمدة شهﺮ وغﺮاﻣﺔ ﻣن ‪ 30‬إلى ‪ 1200‬درهم حسب الﻔصل ‪ 18‬ﻣن‬
‫القﺎنون السﺎلف الذكﺮ ‪.‬‬
‫وهذه العقوﺑﺎت اﻷنﻔﺔ الذكﺮ المتعلقﺔ ﺑﺎلجنﺎيﺎت والجنح والمخﺎلﻔﺎت تعتبﺮ حسب الﻔصل ‪ 15‬ﻣن ﻣجموعﺔ‬
‫القﺎنون الجنﺎئي عقوﺑﺎت أﺻليﺔ يتم الﺤكم ﺑهﺎ وحدهﺎ دون ان تضﺎف إلى عقوﺑﺎت أخﺮى‪ ،‬أﻣﺎ العقوﺑﺎت‬
‫اﻹضﺎفيﺔ فهي العقوﺑﺎت فهي التي ﻻ يسوغ الﺤكم ﺑهﺎ لوحدهﺎ أو تكون نﺎﺟمﺔ عن الﺤكم ﺑعقوﺑﺔ أﺻليﺔ )‬

‫‪10‬‬
‫ﷴ حسين منصور م ‪ .‬س ص‪ 27 :‬وما يلها ‪.‬‬
‫‪11‬‬
‫ابو بكر مهم م‪.‬س‪.‬ص ‪ 25 :‬وما يلها ‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫الﻔصل ‪ 14‬ﻣن ﻣجموعﺔ القﺎنون الجنﺎئي( ﻣن ﺑينهﺎ حسب الﻔصل ‪ 36‬ﻣن القﺎنون السﺎلف الذكﺮ الﺤجﺮ‬
‫القﺎنوني والتجﺮيد ﻣن الﺤقوق الوطنيﺔ ‪.‬‬
‫أﻣﺎ التدﺑيﺮ الوقﺎئي فهو ﻣجﺮد إﺟﺮاء وقﺎئي الهدف ﻣنه اتقﺎء الخطورة الكﺎﻣنﺔ في ﺑعض اﻷشخﺎص أو‬
‫اﻷﻣﺎكن في المستقبل كﺎلﺤدث المنﺤﺮف أو المجنون ‪ ،‬فهو إﺟﺮاء ﻻ يﺮتبط ﺑمقدار وخطورة الﻔعل‬
‫اﻹﺟﺮاﻣي المﺮتكب كمﺎ هو شأن العقوﺑﺔ ﺑل يﺮتبط أﺳﺎﺳﺎ ﺑﺎلخطورة اﻹﺟﺮاﻣيﺔ الكﺎﻣنﺔ في شخص‬
‫المجﺮم‪ ،‬وتنقسم إلى تداﺑيﺮ وقﺎئيﺔ شخصيﺔ حصﺮهﺎ الﻔصل ‪ 61‬ﻣن ﻣجموعﺔ القﺎنون الجنﺎئي ﻣنهﺎ‬
‫اﻹقصﺎء ‪ ،‬اﻹﺟبﺎر على اﻹقﺎﻣﺔ ﺑمكﺎن ﻣعين‪ ،‬اﻹيداع القضﺎئي داخل ﻣؤﺳسﺔ لعﻼج اﻷﻣﺮاض العقليﺔ ‪،‬‬
‫وتداﺑيﺮ وقﺎئيﺔ عينيﺔ حصﺮهﺎ المشﺮع في الﻔصل ‪ 62‬ﻣن القﺎنون السﺎلف الذكﺮ كمصﺎدرة اﻷشيﺎء التي‬
‫لهﺎ عﻼقﺔ ﺑﺎلجﺮيمﺔ أو اﻷشيﺎء الضﺎرة أو الخطيﺮة المﺤضور اﻣتﻼكهﺎ ‪.‬‬
‫والجزاء الجنﺎئي قد يقتﺮن ﺑجزاء ﻣدني يتمثل في التعويض لمن لﺤقه الضﺮر ﻣن ارتكﺎب الجﺮيمﺔ كمﺎ في‬
‫ﺟﺮائم السﺮقﺔ والضﺮب والجﺮح‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬الجزاء المدني‪La sanction civile :‬‬


‫يتقﺮر هذا الجزاء عند اﻻعتداء على حﻖ خﺎص أو إنكﺎره أو المنﺎزعﺔ في ﻣﺮكز قﺎنوني‪ ،‬وتتكﻔل ﺑتقﺮيﺮه‬
‫قواعد القﺎنون المدني‬
‫وتتعدد ﺻور هذا الجزاء ﻣن ﺑينهﺎ‪:‬‬
‫أ‪ -‬الجزاء المبﺎشﺮ أو التنﻔيذ العيني ‪ :‬يقصد ﺑه إلزام ﻣخﺎلف القﺎعدة القﺎنونيﺔ على تنﻔيذ عين ﻣﺎ التزم ﺑه‬
‫كتسليم الشئ المبيﻊ إلى المشتﺮي وتسليم الطﻔل لمن تبثث له الﺤضﺎنﺔ شﺮعﺎ ‪.‬‬
‫ب‪ -‬التنﻔيذ ﺑمقﺎﺑل أو التعويض ‪ :‬تتم المطﺎلبﺔ ﺑﺎلتنﻔيذ ﺑمقﺎﺑل عند اﺳتﺤﺎلﺔ التنﻔيذ العيني‪ ,‬ويتمثل في تعويض‬
‫نقدي يعﺎدل ﻣﺎ لﺤﻖ الدائن ﻣن خسﺎرة أو ﻣﺎ فﺎته ﻣن كسب‪ ،‬أو الﺤكم ﺑه إلى ﺟﺎنب التنﻔيذ العيني عند‬
‫التأخيﺮ في تنﻔيذ اﻻلتزام ﻣثﻼ حﺎلﺔ اﻣتنﺎع فنﺎن عن إتمﺎم عمله الﻔني‪ ،‬وحﺎلﺔ عدم تنﻔيذ التزام ﺑنقل‬
‫البضﺎئﻊ المنقولﺔ وهﻼكهﺎ ‪.‬‬
‫ت‪ -‬إعﺎدة الﺤﺎلﺔ إلى ﻣﺎ كﺎنت عليه قبل المخﺎلﻔﺔ كطﺮد ﻣﺤتل لمكﺎن دون وﺟه حﻖ‪ ،‬وإعﺎدة إغﻼق شﺮفﺔ‬
‫فتﺤت في ﻣــﺤل للغيﺮ‪.‬‬
‫ث‪ -‬وهنﺎك أيضﺎ ﺟزاءات تﺮتبط ﺑإنشﺎء العقود وتنﻔيذهﺎ‪،‬فبﺎلنسبﺔ ﻹنشﺎء العقود وضﻊ المشﺮع المغﺮﺑي‬
‫ﻣجموعﺔ ﻣن الجزاءات تصيب التصﺮف عند إنشﺎئه وتؤدي إلى ﺟعل التصﺮف كأن لم يكن ويتﺮتب‬
‫على ذلك أعﺎدة المتعﺎقدين إلى الﺤﺎلﺔ التي كﺎنﺎ عليهﺎ قبل التعﺎقد تطبقﺎ لقﺎعدة ﻣﺎ ﺑني على ﺑﺎطل فهو‬
‫ﺑﺎطل‪ ،‬ويسمى هذا الجزاء ﺑﺎلبطﻼن الذي ينص عليه الﻔصل ‪ 306‬ﻣن ق‪.‬ل‪.‬ع ‪ ،‬الذي يتﺤقﻖ في‬
‫حﺎلتين حسب هذا الﻔصل إذا كﺎن ينقص التصﺮف أحد اﻷركﺎن الﻼزﻣﺔ لقيﺎﻣه أو إذا قﺮر القﺎنون ذلك ‪.‬‬
‫أﻣﺎ النوع الثﺎني ﻣن الجزاءات المتعلقﺔ ﺑإنشﺎء العقود فهو اﻹﺑطﺎل الذي يتﺤقﻖ عند توفﺮ أركﺎن العقد‬
‫لكن أﺻﺎب أحدهﺎ عيب‪ ،‬ﺑﺤيث يظل العقد قﺎئمﺎ لكن يقبل اﻹﺑطﺎل للعيب الذي شﺎﺑه‪ ،‬وﻣن ﺻوره‬
‫لﺤوق العقد احد عيوب الﺮضى المنصوص عليهﺎ في الﻔصل ‪ 39‬ﻣن ق‪.‬ل‪.‬ع وهي الغلط‪ ،‬التدليس‪،‬‬
‫اﻹكﺮاه‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫أﻣﺎ الجزاءات المدنيﺔ المتعلقﺔ ﺑتنﻔيذ العقد فمن ﺑينهﺎ الﻔسخ الذي يﺮد على التصﺮف الذي اﺳتكمل ﺟميﻊ‬
‫شﺮوطه وأركﺎنه‪ ،‬لكن أثنﺎء تنﻔيذه يخل أحد اﻷطﺮاف ﺑﺎلتزاﻣﺎته اتجﺎه الطﺮف اﻵخﺮ‪ ،‬فيقوم هذا اﻷخيﺮ‬
‫ﺑﺎلمطﺎلبﺔ ﺑﻔسخه كجزاء على هذا اﻹخﻼل ‪ ،‬وأيضﺎ الدفﻊ ﺑعدم التنﻔيذ وحﻖ حبس الشئ ‪.‬‬
‫‪La sanction administratives ou‬‬ ‫الفقرة الثالثة ‪ :‬الجزاء ا داري أو التأديبي ‪:‬‬
‫‪correctionnelles‬‬
‫يتﺤقﻖ هذا الجزاء عند اﻹخﻼل أو ﻣخﺎلﻔﺔ القواعد التي تﻔﺮضهﺎ الوظيﻔﺔ أو المهنﺔ التي ينتمي إليهﺎ‬
‫كإضﺎعﺔ ﻣوظف لملف ﻣهم أو ﻣخﺎلﻔﺔ طبيب لقواعد ﻣهنته كإفشﺎء اﻷﺳﺮار المهنيﺔ‪.‬‬
‫ﺑﺎلنسبﺔ للجزاء اﻻدراي يوقﻊ على الموظف الذي أخل ﺑقواعد الوظيﻔﺔ العموﻣيﺔ وفي ذلك ينص الﻔصل ‪17‬‬
‫ﻣن قﺎنون الوظيﻔﺔ العموﻣيﺔ على أنه " ‪ ...‬كل خطأ يﺮتكبه الموظف في تأديﺔ وظيﻔته أو عند ﻣبﺎشﺮتهﺎ‬
‫يتعﺮض لعقوﺑﺔ تأديبيﺔ زيﺎدة إن اقتضى الﺤﺎل عن العقوﺑﺎت التي ينص عليهﺎ القﺎنون الجنﺎئي "‪ ،‬وﻣن ﺑين‬
‫هذه الجزاءات المنصوص عليهﺎ في الﻔصل ‪ 66‬ﻣن القﺎنون السﺎلف الذكﺮ اﻻندار ‪ ،‬التوﺑيخ ‪ ،‬الﺤذف ﻣن‬
‫ﻻئﺤﺔ التﺮقي ‪ ،‬العزل ﻣن غيﺮ توقيف عن التقﺎعد و العزل ﻣﻊ توقيف عن التقﺎعد‪.‬‬
‫أﻣﺎ الجزاءات المﺮتبطﺔ ﺑممﺎرﺳﺔ المهن فتﺤدد في القوانين المنظمﺔ لهذه المهن وقد توقعهﺎ هيئﺎت‬
‫ﻣختصﺔ ﺑذلك كنقﺎﺑﺎت المﺤﺎﻣين وهيئﺎت اﻷطبﺎء‪ ،‬فمثﻼ ينص الﻔصل ‪ 62‬ﻣن القﺎنون رقم ‪28.08‬‬
‫المنظم لمهنﺔ المﺤﺎﻣﺎة ‪ 12‬على أنه ‪:‬‬
‫" العقوﺑﺎت التأديبيﺔ هي‪:‬‬
‫· اﻹنذار؛‬
‫· التوﺑيخ؛‬
‫· اﻹيقﺎف عن ﻣمﺎرﺳﺔ المهنﺔ لمدة ﻻ تزيد عن ثﻼث ﺳنوات ؛‬
‫· التشطيب ﻣن الجدول أو ﻣن ﻻئﺤﺔ التمﺮين ‪ ،‬أو ﺳﺤب الصﻔﺔ الشﺮفيﺔ‪. ".....‬‬
‫والجزاء اﻹداري أو التأديبي قد يقتﺮن ﺑجزاء آخﺮ ﻣدني أو ﺟنﺎئي ‪ ،‬وقد يوقﻊ ﻣنﻔصﻼ عن أي ﺟزاء آخﺮ ‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬الع قة ﺑين القواعد القانونية وﺑاقي القواعد ا جتماعية ا خرى‬

‫توﺟد إلى ﺟﺎنب القواعد القﺎنونيﺔ قواعد اﺟتمﺎعيﺔ أخﺮى تسﺎهم ﺑدورهﺎ في تنظيم ﺳلوك الﻔﺮد داخل‬
‫المجتمﻊ‪ ،‬وهي قواعد المجﺎﻣﻼت والعﺎدات والتقﺎليد – المطلب اﻷول ‪ -‬وقواعد اﻷخﻼق – المطلب الثﺎني ‪-‬‬
‫وقواعد الدين ‪ -‬المطلب الثﺎلث ‪ ، -‬لكن ثمﺔ اختﻼف ﺑين هذه القواعد والقواعد القﺎنونيﺔ‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫ظهير شريف رقم ‪ 1.08.101‬صادر في ‪ 20‬من شوال ‪ 20) 1429‬أكتوبر ‪ (2008‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 28.08‬المتعلق بتعديل القانون المنظم لمهنة المحاماة‪.‬‬
‫الجريدة الرسمية رقم ‪ 5680‬الصادرة في ‪ 6‬نوفمبر ‪ 2008‬ص‪.4044 :‬‬

‫‪12‬‬
‫المطلب ا ول‪ :‬القانون وقواعد المجام ت والعادات والتقاليد‬
‫تعتبﺮ قواعد المجﺎﻣﻼت والعﺎدات والتقﺎليد قواعد ﺳلوك اعتﺎد النﺎس إتبﺎعهﺎ في حيﺎتهم اليوﻣيﺔ‪ ،‬وهي‬
‫ﺳﺎئدة في كل المجتمعﺎت البشﺮيﺔ ‪ ،‬فمن قواعد المجﺎﻣﻼت التهنئﺔ في المنﺎﺳبﺎت السعيدة‪ ،‬والعزاء‬
‫والمواﺳﺎة في اﻷحداث اﻷليمﺔ ‪ ،‬أﻣﺎ العﺎدات فتتجلى ﻣثﻼ في التﺤيﺔ عند اللقﺎء‪ ،‬ونمط الملبس واﻷكل‬
‫والمظهﺮ ‪.‬‬
‫وتتﻔﻖ هذه القواعد ﻣﻊ القواعد القﺎنونيﺔ في أنهﺎ تنظم العﻼقﺎت اﻻﺟتمﺎعيﺔ والسلوك اليوﻣي لﻸفﺮاد لكن‬
‫توﺟد فوارق ﺑينهمﺎ ﻣنهﺎ‪:13‬‬
‫‪ ‬افتقﺎر قواعد العﺎدات والمجﺎﻣﻼت إلى التﺤديد والتنظيم داخل الجمﺎعﺔ‪ ،‬على خﻼف القواعد‬
‫القﺎنونيﺔ التي غﺎلبﺎ ﻣﺎ تكون على شكل تشﺮيﻊ ﻣكتوب ﺻﺎدر عن السلطﺔ المختصﺔ‪.‬‬
‫‪ ‬افتقﺎر قواعد العﺎدات والمجﺎﻣﻼت إلى ﺟزاء ﻣﺎدي ﻣلموس توقعه السلطﺔ العﺎﻣﺔ ويتمثل الجزاء‬
‫المتﺮتب عنهﺎ في اﺳتنكﺎر النﺎس ولوﻣهم واحتقﺎرهم‪ ،‬وتجميد العﻼقﺎت ﺑينهم‪.‬‬
‫‪ ‬ويﺮﺟﻊ هذا اﻻختﻼف إلى طبيعﺔ المصﺎلح التي تهدف كل قﺎعدة إلى حمﺎيتهﺎ‪ ،‬فﺎلمصﺎلح التي‬
‫يﺤققهﺎ القﺎنون تكون ذات أهميﺔ قصوى ﻣن أﺟل حﻔظ كيﺎن المجتمﻊ وتوفيﺮ اﻷﻣن ﺑخﻼف القيم‬
‫التي تسعى إلى تﺤقيقهﺎ قواعد المجﺎﻣﻼت والعﺎدات ‪.‬‬
‫وﺑﺎلﺮغم ﻣن ذلك فﺎن قواعد المجﺎﻣﻼت قد تﺮقى إلى درﺟﺔ القﺎعدة القﺎنونيﺔ عند إقﺮارهﺎ ﻣن طﺮف‬
‫المشﺮع ﻣثل قﺎنون ﻣنﻊ التدخين ﺑﺎﻷﻣﺎكن العموﻣيﺔ‪ ،‬وتخصيص اﻷﻣﺎكن اﻷﻣﺎﻣيﺔ ﺑوﺳﺎئل النقل للنسﺎء‬
‫والﺤواﻣل والعجزة ‪ ،‬كمﺎ أن القﺎعدة القﺎنونيﺔ قد تمنﻊ وتجﺮم ﺑعض التقﺎليد والعﺎدات السيئﺔ التي درج‬
‫عليهﺎ أفﺮاد المجتمﻊ كﺎﻻ خد ﺑﺎلثأر وختﺎن البنﺎت الموﺟودة في المجتمﻊ المصﺮي ‪ ،‬أو تقنن ﺑعض‬
‫القواعد المخﺎلﻔﺔ لقواعد اﻷخﻼق كإﺑﺎحﺔ التعﺎﻣل ﺑﺎلﻔوائد البنكيﺔ أو كسب المﺎل ﺑﺎلتقﺎدم المكسب ‪.‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬القانون وقواعد ا خ ق‬
‫يقصد ﺑقواعد اﻷخﻼق ﻣجموعﺔ ﻣن القيم السﺎﻣيﺔ والمثل العليﺎ تمثل ﻣﺎ يجب أن يكون عليه ﺳلوك اﻷفﺮاد‬
‫في المجتمﻊ‪ ،‬ﻣن ﺑينهﺎ الصدق في القول‪،‬اﻷﻣﺮ ﺑﺎلمعﺮوف والنهي عن المنكﺮ‪ ,‬الوفﺎء ﺑﺎلعهد ‪.‬‬
‫وﺑذلك تعتبﺮ قواعد اﻷخﻼق قواعد ﺳلوك تهدف إلى تنظيم الﺮواﺑط اﻻﺟتمﺎعيﺔ‪ ،‬لكنهﺎ تختلف عن‬
‫القﺎعدة القﺎنونيﺔ ﻣن عدة أوﺟه‪ ،‬كمﺎ تتشﺎﺑه ﻣعهﺎ في ﺑعض اﻷحكﺎم‪.‬‬
‫الفقرة اﻷولى ‪ :‬أوجه التشابه بين القواعد القانونية وقواعد اﻷخﻼق ‪.‬‬
‫تتﻔﻖ القواعد القﺎنونيﺔ ﻣﻊ القواعد اﻷخﻼقيﺔ في النواحي التﺎليﺔ ‪:‬‬
‫‪ ‬ارتبﺎط النوعين ﻣن القواعد ﺑﺎلمجتمﻊ‪ ،‬فكﻼهمﺎ قواعد اﺟتمﺎعيﺔ ﻻ توﺟد إﻻ إذا وﺟدت الجمﺎعﺔ‪.‬‬
‫‪ ‬قواعد عﺎﻣﺔ وﻣجﺮدة ﻻن كﻼ القﺎعدتين تتوﺟه ﺑخطﺎﺑهﺎ إلى عﺎﻣﺔ أفﺮاد المجتمﻊ حكﺎﻣﺎ أو‬
‫ﻣﺤكوﻣين ‪.‬‬
‫‪ ‬قواعد ﻣلزﻣﺔ فكﻼ القﺎعدتين ﻣقﺮونتين ﺑجزاء يوقﻊ على ﻣن يخﺎلﻔهﺎ‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫نجاة بضراني ‪ :‬م ‪.‬س ص ‪. 36 :‬‬

‫‪13‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬أوجه ا خت ف ﺑين القاعدة القانونية وقواعد ا خ ق‬
‫تختلف القواعد القﺎنونيﺔ عن القواعد اﻷخﻼقيﺔ ﻣن حيث نطﺎق كل ﻣنهمﺎ وﻣضمونهمﺎ والجزاء المتﺮتب‬
‫على ﻣخﺎلﻔتهﺎ‪.14‬‬
‫أو ‪ :‬من حيث النطاق ‪ :‬تهدف القواعد القﺎنونيﺔ والقواعد اﻷخﻼقيﺔ إلى تنظيم ﺳلوك اﻷفﺮاد‬
‫ﺑﺎلمجتمﻊ‪ ،‬لكن اﻷخﻼق تهدف إلى ﺑلوغ الكمﺎل والسمو ﺑﺎلنﻔس البشﺮيﺔ ‪ ,‬لذا تهتم قواعد اﻷخﻼق ﺑبواعث‬
‫النﻔس فﺎلكذب والﺤقد يعتبﺮان ﻣنﺎفيين لقواعد اﻷخﻼق‪ ،‬أﻣﺎ القﺎنون فﻼ يهتم إﻻ ﺑﺎلسلوك الخﺎرﺟي لﻺنسﺎن‪،‬‬
‫ﺑﺤيث ﻻ يعﺎقب ﻣثﻼ على الكذب أو الﺤقد إﻻ إذا اتخذ ﻣظهﺮا خﺎرﺟيﺎ يضﺮ ﺑأﻣن المجتمﻊ كمﺎ لو اتخذ الﺤقد‬
‫ﺻورة الضﺮب أو القذف في حﻖ شخص آخﺮ أو في حﺎلﺔ شهﺎدة الزور ‪.‬‬
‫كمﺎ أن القواعد القﺎنونيﺔ قد تنظم أﻣورا ﻻ دخل لهﺎ ﺑﺎﻷخﻼق كتنظيم اختصﺎﺻﺎت المﺤﺎكم أو ﻣواعيد‬
‫الطعن في اﻷحكﺎم ‪ ،‬لكن هذا ﻻ يعني اﻻنﻔصﺎل التﺎم ﺑينهمﺎ إذ أن كثيﺮا ﻣن قواعد اﻷخﻼق تعتبﺮ في نﻔس‬
‫الوقت قواعد قﺎنونيﺔ ويﻔﺮض القﺎنون ﺟزاء على ﻣخﺎلﻔتهﺎ كتجﺮيم اﻷعمﺎل المخلﺔ ﺑﺎلﺤيﺎء وحسن اﻵداب‪،‬‬
‫وتعتبﺮ العقود المخﺎلﻔﺔ للنظﺎم العﺎم واﻵداب ﺑﺎطلﺔ ﺑطﻼنﺎ ﻣطلقﺎ ‪.‬‬
‫ﺛانيا‪ :‬من حيث المضمون‪ :‬يختلف ﻣضمون القﺎعدة القﺎنونيﺔ عن ﻣضمون القﺎعدة اﻷخﻼقيﺔ‪ ،‬فﺎلقﺎعدة‬
‫القﺎنونيﺔ تكون ﻣقﺮرة عﺎدة في ﺻيغﺔ ﻣﺤددة يسهل التعﺮف عليهﺎ لتطبيقهﺎ‪ ،‬أﻣﺎ قواعد اﻷخﻼق فمﺮﺟعهﺎ ضميﺮ‬
‫الجمﺎعﺔ ولذلك تبدو أحيﺎنﺎ غيﺮ واضﺤﺔ يكتنﻔهﺎ الغموض‪.‬‬
‫ﺛالثا‪ :‬من حيث الجزاء‪ :‬الجزاء في قواعد اﻷخﻼق ﺟزاء أدﺑي أو ﻣعنوي يتمثل في تأنيب الضميﺮ‬
‫وازدراء المجتمﻊ‪ ،‬ﺑينمﺎ الجزاء في القﺎعدة القﺎنونيﺔ ﺟزاء ﻣﺎدي توقعه السلطﺔ العﺎﻣﺔ ﺑﺎﺳتخدام القوة عند‬
‫الضﺮورة‪.‬‬
‫ونشيﺮ أن ﺑعض القواعد القﺎنونيﺔ تعتبﺮ تطبيقﺎ لقواعد لمبﺎدئ أخﻼقيﺔ كقﺎعدة حسن النيﺔ في تنﻔيذ العقود‬
‫المنصوص عليه في الﻔصل ‪ 231‬ﻣن ق‪.‬ل‪.‬ع وحسن النيﺔ في التقﺎضي المنصوص عليه في الﻔصل ‪ 5‬ﻣن ق‪.‬م ‪.‬م‬
‫المطلب الثالث‪:‬القانون وقواعد الدين‬
‫يقصد ﺑقواعد الدين ﻣجموعﺔ ﻣن اﻷواﻣﺮ والنواهي التي أنزلهﺎ ﷲ ﺳبﺤﺎنه وتعﺎلى ﺳواء في القﺮآن أو‬
‫السنﺔ على عبﺎده ﻣن أﺟل الهدايﺔ والﻔوز في الدنيﺎ واﻵخﺮة فهي عبﺎرة عن أواﻣﺮ ونواهي ﻣقتﺮنﺔ ﺑجزاء عند‬
‫ﻣخﺎلﻔتهﺎ ‪.‬‬
‫وﺑذلك تعمل قواعد الدين على تنظيم عﻼقﺔ اﻹنسﺎن ﺑﺮﺑه ﺑﺎلصﻼة والصوم والزكﺎة وغيﺮهم ﻣن‬
‫العبﺎدات وأيضﺎ تعمل على تنظيم ﻣﺎ يتعلﻖ ﺑصلﺔ الﻔﺮد ﺑنﻔسه كتقويم وتوﺟيه النﻔس إلى ﻣﺎ يجب أن يكون‬
‫عليه الﻔﺮد في عﻼقته ﺑﺎﻵخﺮين وأخيﺮا تنظم عﻼقﺔ الﻔﺮد ﺑغيﺮه خﺎﺻﺔ في ﻣجﺎل المعﺎﻣﻼت المﺎليﺔ وأيضﺎ‬
‫العﻼقﺎت الغيﺮ المﺎليﺔ كﺎلزواج والطﻼق والنسب ‪.‬‬
‫يﻼحظ أن كﻼ النوعين يهدف إلى تﺤقيﻖ اﻻﺳتقﺮار ﺑﺎلمجتمﻊ لكنهمﺎ يختلﻔﺎن ﻣن حيث نطﺎق كل ﻣنهمﺎ‬
‫والجزاء المتﺮتب على كل قﺎعدة وغﺎيﺔ كل ﻣنهمﺎ‪.‬‬
‫أو ‪ :‬من حيث النطاق‪ :‬القواعد الدينيﺔ أوﺳﻊ نطﺎقﺎ ﻣن القواعد القﺎنونيﺔ لكونهﺎ تنظم عﻼقﺔ‬
‫الﻔﺮد ﺑﺮﺑه وﺑنﻔسه وﺑغيﺮه‪ ,‬في حين تتولى القﺎعدة القﺎنونيﺔ تنظيم عﻼقﺔ الﻔﺮد ﺑغيﺮه داخل المجتمﻊ‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫ابو بكر مهم ‪ :‬م ‪.‬س ‪ .‬ص‪ 75 :‬وما يليها ‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫ﺛانيا‪ :‬من حيث الهدف‪ :‬الغﺎيﺔ في الدين ﻣثﺎليﺔ لهذا يهتم ﺑﺎلنوايﺎ والبواعث والبﺎطن والظﺎهﺮ في‬
‫حين أن القﺎنون غﺎيته نﻔعيﺔ لذا يهتم فقط ﺑﺎلسلوك الظﺎهﺮي لﻸفﺮاد ﻻ ﺑﺎلنوايﺎ إﻻ إذا تجسدت في‬
‫شكل ﻣﺎدي خﺎرﺟي‪.‬‬
‫ﺛالثا‪ :‬من حيث الجزاء‪ :‬الجزاء في القواعد الدينيﺔ أخﺮوي يتمثل في العقﺎب اﻷخﺮوي‪ ،‬أﻣﺎ في‬
‫القﺎعدة القﺎنونيﺔ فﺎلجزاء ﻣﺎدي توقعه السلطﺔ العﺎﻣﺔ ﺑعد ثبوت المخﺎلﻔﺔ القﺎنونيﺔ‪ ،‬وﺑذلك فهو ﺟزاء‬
‫دنيوي‪.‬‬
‫‪15‬‬
‫لكن في ﺑعض اﻷحيﺎن تكون القواعد الدينيﺔ قواعد قﺎنونيﺔ كقواعد النسب واﻹرث والوﺻيﺔ‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪:‬‬
‫أصناف القاعدة القانونية‬

‫تصنف القﺎعدة القﺎنونيﺔ إلى ﻣجموعﺔ ﻣن اﻷﺻنﺎف وفﻖ ﻣجموعﺔ ﻣن المعﺎييﺮ إﻣﺎ حسب ﺻورتهﺎ –‬
‫المبﺤث اﻷول – أو حسب ﻣوضوعهﺎ – المطلب الثﺎني – أو حسب ﺻورتهﺎ – المطلب الثﺎلث ‪ ، -‬لكن يظل أهم‬
‫تصنيف لهﺎ حسب قوتهﺎ في اﻹلزام إلى قواعد آﻣﺮة وأخﺮى ﻣكملﺔ– المبﺤث الﺮاﺑﻊ ‪ ، -‬لكون هذا التصنيف يﺮتبط‬
‫ﺑﺤﺮيﺔ اﻷفﺮاد ونشﺎطهم ‪ ،‬وﻣدى حﺮيتهم في التقيد ﺑﺎلقواعد القﺎنونيﺔ أو ﻣخﺎلﻔتهﺎ ﺑخﻼف التصنيﻔﺎت اﻷخﺮى التي‬
‫تﺮتبط ﺑصورتهﺎ أو ﻣوضوعهﺎ أو ﺻيﺎغتهﺎ ‪.‬‬

‫المبحث ا ول‪ :‬تصنيف القاعدة القانونية حسب صورتها‬

‫تنقسم القﺎعدة القﺎنونيﺔ ﻣن حيث الصورة التي توﺟد عليهﺎ ﺑﺎلمجتمﻊ إلى قواعد ﻣكتوﺑﺔ وقواعد غيﺮ‬
‫ﻣكتوﺑﺔ‪.‬‬
‫أوﻻ‪ :‬القواعد المكتوبة‪:‬تعتبﺮ القﺎعدة القﺎنونيﺔ ﻣكتوﺑﺔ إذا ﺻدرت عن السلطﺔ المؤهلﺔ ﻹﺻدار القوانين‬
‫وﺑشكل ﻣكتوب‪ ،‬ﺑﺤيث تأتي في ﻣﺤﺮر ثﺎﺑت وفي نص ﻣكتوب كقواعد التشﺮيﻊ التي تضعهﺎ السلطﺔ المختصﺔ‬
‫ﺑسن التشﺮيﻊ) البﺮلمﺎن ﺑﺎلنسبﺔ للقﺎنون المغﺮﺑي(‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬القواعد الغير المكتوبة ‪:‬إذا ﺻدرت القﺎعدة القﺎنونيﺔ في شكل غيﺮ كتﺎﺑي تكون غيﺮ ﻣكتوﺑﺔ ولو أشيﺮ‬
‫إليهﺎ في كتﺎب ﻣن الكتب أو دونت في ﻣﺤﺮر أخﺮ‪ ،‬وﺑﺎلتﺎلي فﺎن ﻣعيﺎر التﻔﺮقﺔ ﺑينهمﺎ ليس تدوينهﺎ في إحدى‬
‫المﺤﺮرات‪،‬وإنمﺎ تقنينهﺎ في ﻣﺤﺮر كتﺎﺑي ﻣن طﺮف السلطﺔ المختصﺔ ﺑإﺻدار القوانين ‪.‬‬
‫يتﺮتب عن هذا التمييز اتصﺎف القﺎعدة القﺎنونيﺔ المكتوﺑﺔ ﺑﺎلوضوح والتﺤديد ﺑﺤيث تكون واضﺤﺔ المعﺎني‬
‫واﻷهداف ﻣن خﻼل العبﺎرات واﻷلﻔﺎظ المستعملﺔ لصيﺎغتهﺎ ‪ ،‬وﻻ تتﺮك ﻣجﺎﻻ للتأويل إﻻ ﺑﺎلقدر الذي تﻔيده‬
‫ألﻔﺎظهﺎ‪ ،‬ﺑخﻼف القﺎعدة الغيﺮ المكتوﺑﺔ التي تبقى ﻣستقﺮة في اﻷذهﺎن دون أن تدون في عبﺎرات واضﺤﺔ‬
‫وﻣﺤدودة ﻣمﺎ يجعلهﺎ غﺎﻣضﺔ يثور الخﻼف حول حقيقتهﺎ وﻣضمونهﺎ ‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫توفيق حسن فرج و ﷴ يحي مطر‪ :‬م‪.‬س ‪ .‬ص‪. 29 :‬‬

‫‪15‬‬
‫وﻣعيﺎر الوضوح يجعل القﺎعدة المكتوﺑﺔ ﻣﺤﻼ للتﻔسيﺮ ﺑخﻼف القﺎعدة الغيﺮ المكتوﺑﺔ التي تﻔتقﺮ إلى‬
‫الوضوح‪.‬‬
‫وتجدر اﻹشﺎرة في اﻷخيﺮ أن أغلب القواعد في الوقت الﺤﺎضﺮ ﻣكتوﺑﺔ يطبعهﺎ اﻹلزام لكونهﺎ ﺻﺎدرة عن‬
‫ﺳلطﺔ ﻣختصﺔ‪ ،‬ﺑخﻼف القواعد الغيﺮ المكتوﺑﺔ التي تﻔتقﺮ إلى هذه الصﻔﺔ لكونهﺎ تصدر ﻣن ﻣصﺎدر أخﺮى‬
‫كﺎلعﺮف أو القﺎنون الطبيعي أو ﻣبﺎدئ العدالﺔ‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪:‬‬
‫تصنيف القاعدة القانونية حسب موضوعها‬
‫يقصد ﺑمعيﺎر تصنيف القﺎعدة القﺎنونيﺔ وفﻖ ﻣوضوعهﺎ إلى المجﺎل الذي تتنﺎوله ﺑﺎلتنظيم ويمكن تقسيم‬
‫القواعد القﺎنونيﺔ حسب ﻣوضوعهﺎ إلى نوعين‪:‬‬
‫أوﻻ ‪ :‬القواعد الموضوعية‪ :‬وهي القواعد التي تﺤدد حقوق والتزاﻣﺎت أفﺮاد المجتمﻊ‪ ،‬وكيﻔيﺔ إنشﺎئهﺎ‬
‫وتعديلهﺎ وانتقﺎلهﺎ وإثبﺎتهﺎ وانقضﺎئهﺎ والجزاء الموقﻊ على ﻣخﺎلﻔتهﺎ‪.‬‬
‫وتعتبﺮ أغلب فﺮوع القﺎنون الخﺎص أو العﺎم قواعد ﻣوضوعيﺔ فمثﻼ يﺤدد القﺎنون المدني حقوق والتزاﻣﺎت‬
‫اﻷفﺮاد في ﻣعﺎﻣﻼتهم وعﻼقﺎتهم المﺎليﺔ واﻷﺳﺮيﺔ‪ ،‬ويﺤدد القﺎنون الجنﺎئي اﻷفعﺎل التي تعد ﺟﺮائم والعقوﺑﺎت‬
‫المقﺮرة لهﺎ ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬القواعد الشكلية أو اﻹجرائية أو المسطرية ‪ :‬تعمل على توضيح اﻹﺟﺮاءات التي ينبغي ﺳلوكهﺎ‬
‫للﺤصول على الﺤقوق التي ﻣنﺤهﺎ القﺎنون لﻸشخﺎص أو التﺤلل ﻣن اﻻلتزاﻣﺎت التي قﺮرهﺎ القﺎنون ﺑإثبﺎت‬
‫عدم تﺤملهﺎ وأيضﺎ ﻣسطﺮة ﻣعﺎقبﺔ المخﺎلف للقواعد الموضوعيﺔ ‪.‬‬
‫وﺑذلك تخﺮج القوانين المسطﺮيﺔ القواعد الموضوعيﺔ ﻣن السكون إلى الﺤﺮكﺔ ﻻن القوانين الموضوعيﺔ‬
‫تبقى ﻣجﺮد قواعد نظﺮيﺔ إلى إن لم تتدخل القوانين الشكليﺔ فتﻔعلهﺎ وتبعث فيهﺎ الﺤﺮكﺔ ‪.‬‬
‫ويعتبﺮ كل ﻣن قﺎنون المسطﺮة المدنيﺔ وقﺎنون المسطﺮة الجنﺎئيﺔ المثﺎلين البﺎرزين للقواعد الشكليﺔ في‬
‫القﺎنون المغﺮﺑي‪ ,‬ﺑﺎﻹضﺎفﺔ إلى قوانين ﻣختلطﺔ تجمﻊ ﺑين القواعد الموضوعيﺔ والشكليﺔ كقﺎنون التﺤﻔيظ‬
‫العقﺎري وقﺎنون الﺤﺎلﺔ المدنيﺔ‪.‬‬

‫المبحث الثالث‪:‬‬
‫تصنيف القاعدة القانونية حسب صيغتها‬

‫تقسم القﺎعدة القﺎنونيﺔ حسب ﺻيﺎغتهﺎ إلى قﺎعدة ﺟﺎﻣدة وأخﺮى ﻣﺮنﺔ‪ ،‬فﺎلقﺎعدة الجﺎﻣدة تأخذ شكﻼ ثﺎﺑتﺎ ﻻ‬
‫يتغيﺮ ﺑتغيﺮ ظﺮوف ووقﺎئﻊ كل حﺎلﺔ على حدا‪ ،‬ﺑﺤيث يكون عمل القﺎضي عند تطبيقهﺎ شبه آلي ‪ ،‬ﻣن‬
‫أنواعهﺎ القواعد المﺤددة ﻷﺟل الطعن في اﻷحكﺎم والقﺮارات القضﺎئيﺔ والقواعد المﺤددة لسن الﺮشد ‪.‬‬
‫تﺤقﻖ القﺎعدة الجﺎﻣدة قدرا كبيﺮا ﻣن اﺳتقﺮار المعﺎﻣﻼت‪ ،‬وﻣن تم الثبﺎت واﻻﺳتقﺮار واﻷﻣن ﺑﺎلمجتمﻊ‪،‬‬
‫لكنهﺎ تعجز عن ﻣعﺎلجﺔ العديد ﻣن الﺤﺎﻻت الﻔﺮديﺔ التي تأخذ ﺑعين اﻻعتبﺎر ظﺮوف وﻣﻼﺑسﺎت كل حﺎلﺔ على‬
‫حدا‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫أﻣﺎ القﺎعدة المﺮنﺔ فتﺤمل ﺻيﺎغتهﺎ عدة ﺻور لتطبيقهﺎ وفﻖ ﻣﻼﺑسﺎت وظﺮوف كل حﺎلﺔ على حدا‪ ،‬ﺑﺤيث‬
‫تعطي للقﺎضي ﺳلطﺔ تقديﺮيﺔ واﺳعﺔ‪ ،‬ﻣن أﻣثلتهﺎ في المجﺎل المدني تغييﺮ اﻻﺳم الشخـــصي ورفﻊ ﻣضﺎر‬
‫الجوار والتعويض عنه ‪،‬وفي المجﺎل الجنﺎئي تطبيﻖ الﺤد اﻷدنى والﺤد اﻷعلى خﻼل تﻔﺮيد الجزاء ‪.‬‬
‫تسﺎهم القواعد المﺮنﺔ في تﺤقيﻖ العدل ﻹﻣكﺎنيﺔ ﻣعﺎلجتهﺎ لكل حﺎلﺔ وواقعﺔ على حدا‪ ،‬كمﺎ تسﺎعد على‬
‫ﻣسﺎيﺮة التطور اﻻﺟتمﺎعي وﻣعﺎلجﺔ الﺤﺎﻻت التي لم يقننهﺎ المشﺮع‪.‬‬

‫المبحث الراﺑع‪:‬‬
‫تصنيف القاعدة القانونية حسب قوتها‬
‫تهدف القﺎعدة القﺎنونيﺔ إلى تنظيم ﻣصﺎلح اﻷفﺮاد ﺑﺎلمجتمﻊ‪ ،‬لكن هذه المصﺎلح ليست على طبيعﺔ واحدة‬
‫فبعضهﺎ يﺮتبط ﺑﺎلكيﺎن السيﺎﺳي للدولﺔ‪ ،‬وأخﺮى ﺑﺎلنواحي اﻻقتصﺎديﺔ واﻻﺟتمﺎعيﺔ للمجتمﻊ‪ ،‬والبعض اﻵخﺮ‬
‫ﺑﺎلمصﺎلح الخﺎﺻﺔ لﻸفﺮاد‪.‬‬
‫لهذا تتﻔﺎوت الزاﻣيتهﺎ وﻣدى حﺮيﺔ اﻷفﺮاد ﺑﺎلتقيد ﺑهﺎ أو ﻣخﺎلﻔتهﺎ ﻣن ﻣجﺎل إلى آخﺮ‪ ،‬وهذا ﻣﺎ يسمى‬
‫ﺑﺎلقواعد اﻵﻣﺮة – المطلب اﻷول‪ -‬أو القواعد المكملﺔ – المطلب الثﺎني ‪. -‬‬

‫المطلب ا ول‪ :‬القواعد ا مرة ‪les règles impératives‬‬


‫يقصد ﺑﺎلقواعد اﻵﻣﺮة القواعد التي ﻻ يملك اﻷفﺮاد اﻻتﻔﺎق على ﻣخﺎلﻔﺔ أحكﺎﻣهﺎ أو التهﺮب ﻣن ﻣضمونهﺎ‪،‬‬
‫ويعد كل اتﻔﺎق على ﻣخﺎلﻔتهﺎ ﺑﺎطﻼ ﻻ يعتد ﺑه ﻻن هذا النوع ﻣن القواعد ينــظم ﻣسﺎئل تتعلﻖ ﺑكيﺎن المجتمﻊ‬
‫وأﺳسه وهو ﻣﺎ يعﺮف ﺑﺎلنظﺎم العﺎم ‪.16‬‬
‫فﺎلقواعد القﺎنونيﺔ التي تجﺮم القتل أو السﺮقﺔ أو خيﺎنﺔ اﻷﻣﺎنﺔ تعتبﺮ قواعد آﻣﺮة تمس ﺑأﻣن المجتمﻊ‬
‫واﺳتقﺮاره‪ ،‬وﺑﺎلتﺎلي يلتزم اﻷفﺮاد ﺑﺎحتﺮاﻣهﺎ‪ ،‬ويمنﻊ عليهم اﻻتﻔﺎق على ﻣخﺎلﻔتهﺎ كمﺎ يمنﻊ على القﺎضي عدم‬
‫ﻣعﺎقبﺔ الجﺎني‪.‬‬
‫وتجدر اﻹشﺎرة أن تسميﺔ القواعد اﻵﻣﺮة ﻻ يعني أنهﺎ تأتي في ﺻيغﺔ اﻷﻣﺮ أو النهي‪ ،‬وأن يتعلﻖ اﻷﻣﺮ ﺑعدم‬
‫ﺟواز اﻻتﻔﺎق على ﻣخﺎلﻔتهﺎ‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬القواعد المﻜملة‪les règles supplétives:‬‬


‫يقصد ﺑﺎلقواعد المكملﺔ أو اﻻحتيﺎطيﺔ أو المﻔسﺮة القواعد التي يجوز لﻸفﺮاد اﻻتﻔﺎق على ﻣخﺎلﻔﺔ‬
‫ﻣضمونهﺎ‪ ،‬ويكون اتﻔﺎقهم ﺻﺤيﺤﺎ‪ 17،‬والعلﺔ في ذلك تﺮﺟﻊ إلى وظيﻔﺔ هذا النوع ﻣن القواعد‪ ،‬فهي تنظم‬
‫العﻼقﺎت الخﺎﺻﺔ لﻸفﺮاد وﻣصﺎلﺤهم ‪ ،‬ﻣمﺎ ﺟعل المشﺮع يتﺮك ﻣجﺎﻻ ﻹرادتهم لتنظيم عﻼقﺎتهم القﺎنونيﺔ‬
‫وفقﺎ لشﺮوط وﺑنود تخﺎلف أحكﺎم القواعد اﻻﻣﺮة‪ ،‬وﺑذلك تﻔتقﺮ القواعد المكملﺔ إلى القوة التي تمتﺎز ﺑهﺎ‬
‫القواعد اﻵﻣﺮة لعدم اتصﺎلهﺎ المبﺎشﺮ ﺑمقوﻣﺎت المجتمﻊ وأﺳسه وارتبﺎطهﺎ ﺑﺎلمصﺎلح الخﺎﺻﺔ لﻸفﺮاد‬
‫وﻣجﺎلهﺎ الخصب العقود المدنيﺔ‪ ،‬وﻣن أﻣثلتهﺎ ﻣﺎ ينص عليه الﻔصل ‪ 515‬ﻣن قﺎنون اﻻلتزاﻣﺎت والعقود‬
‫‪16‬‬
‫‪Mohammed Jalal ESSAID «Introduction à l’étude de droit » 6édition 2016 Imprimerie NAJAH AL JADIDA 2016 p : 47‬‬
‫‪17‬‬
‫‪Mohammed Jalal ESSAID «Introduction à l’étude de droit 3 » op.cit p : 48‬‬

‫‪17‬‬
‫ﺑﺎلنسبﺔ لعقد البيﻊ " للمشتري ثمار الشئ وزوائده‪ ،‬سواء كانت مدنية أو طبيعية ابتداء من وقت تمام‬
‫البيع‪ ،‬ويجﺐ تسليمها إليه معا‪ ،‬ما لم يقض اﻻتفاق بخﻼفه"‪ ،‬وﻣﺎ ينص عليه الﻔصل ‪ 634‬ﻣن ق‪.‬ل‪.‬ع‬
‫ﺑﺎلنسبﺔ لعقد الكﺮاء "إذا لم يحدد المتعاقدان اﻷجرة‪ ،‬افترض فيهما أنهما قبﻼ أجرة المثل في مكان العقد‪،‬‬
‫وإذا كانت ثمة تعريفة رسمية‪ ،‬افترض في المتعاقدين أنهما قد ارتضيا التعاقد على أساسها ‪".‬‬
‫يﻼحظ ﻣن خﻼل ﻣﺎ ﺳبﻖ أن القواعد المكملﺔ غيﺮ إلزاﻣيﺔ ﻻن اﻷطﺮاف يمكن لهم اﻻتﻔﺎق على ﻣخﺎلﻔتهﺎ‬
‫ﻣﻊ العلم أن ﻣن خصﺎئص القﺎعدة القﺎنونيﺔ اﻻلتزام والجبﺮ‪ ،‬ﻣمﺎ يطﺮح إشكﺎليﺔ إلزاﻣيﺔ القﺎعدة القﺎنونيﺔ‬
‫واﻻتﻔﺎق على ﻣخﺎلﻔتهﺎ؟‬
‫تعتبﺮ القواعد المكملﺔ قواعد ﻣلزﻣﺔ وقت نشوئهﺎ ﻣثل القواعد القﺎنونيﺔ اﻷخﺮى‪ ،‬لكن لكل قﺎعدة شﺮوطﺎ‬
‫لتطبيقهﺎ وهي ﺑﺎلنسبﺔ للقواعد المكملﺔ غيﺎب اتﻔﺎق اﻷطﺮاف على ﻣخﺎلﻔتهﺎ‪ ،‬وفي حﺎلﺔ وﺟود هذا اﻻتﻔﺎق‬
‫فإنهﺎ تستبعد ﻣن التطبيﻖ ﻻ على أﺳﺎس أنهﺎ غيﺮ ﻣلزﻣﺔ لكن ﻷن شﺮطﺎ ﻣن شﺮوط تطبيقهﺎ لم يتﺤقﻖ‪ ،‬أﻣﺎ‬
‫إذا ﺳكت اﻷطﺮاف عن النص على ﻣخﺎلﻔتهﺎ أو ﺟهلوا أحكﺎﻣهﺎ فﺎن شﺮوط تطبيقهﺎ تكون ﻣتوافﺮة وﺑﺎلتﺎلي‬
‫تكون واﺟبﺔ التطبيﻖ ‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬معايير التمييز ﺑين القواعد ا مرة والقواعد المﻜملة‬


‫تعد كمﺎ ﺳبﻖ القول القواعد القﺎنونيﺔ آﻣﺮة إذا تعلقت ﺑكيﺎن الدولﺔ وﻣصﺎلﺤهﺎ اﻷﺳﺎﺳيﺔ‪ ،‬وتكون ﻣكملﺔ إذا‬
‫ارتبطت ﺑﺎلمصﺎلح الخﺎﺻﺔ لﻸفﺮاد‪ ،‬لكن هذا التقسيم ﻻ يكﻔي للتمييز ﺑين القواعد اﻵﻣﺮة والمكملﺔ‪ ،‬ﺑﺤيث يتم‬
‫اﻻعتمﺎد على ﻣعﺎييﺮ أخﺮى لتﺤديد طبيعﺔ كل قﺎعدة على حدا ‪،‬وهي المعيﺎر اللﻔظي والمعيﺎر المعنوي ‪.‬‬

‫الفقرة ا ولى‪ :‬المعيار اللفظي‪:‬‬


‫يستخلص نوع القﺎعدة القﺎنونيﺔ حسب المعيﺎر اللﻔظي أو الشكلي أو الجﺎﻣد ﻣن ﺻيﺎغﺔ النص الذي يضﻊ‬
‫القﺎعدة القﺎنونيﺔ‪ ،‬ﺑﺤيث يستعمل المشﺮع ألﻔﺎظﺎ قﺎطعﺔ الدﻻلﺔ ﺻﺮاحﺔ أو ضمنيﺎ تﻔيد طبيعﺔ القﺎعدة‬
‫القﺎنونيﺔ‪ ,‬فإذا كﺎنت عبﺎرات النص تﻔيد اﻷﻣﺮ أو النهي أو تبين أن الخﺮوج عنهﺎ يعد ﺑﺎطﻼ اعتبﺮت قواعد‬
‫آﻣﺮة ﻣنهﺎ " ﻻ يجوز"‪ " ،‬ﻻ يصح "‪ "،‬يجب "و " يتعين "‪ ،‬أﻣﺎ إذا كﺎنت اﻷلﻔﺎظ تﻔيد اﻻتﻔﺎق على ﻣخﺎلﻔﺔ‬
‫القﺎعدة القﺎنونيﺔ فتعتبﺮ قواعد ﻣكملﺔ ﻣثﻼ " ﻣﺎ لم يتﻔﻖ على خﻼف ذلك "أو " يجوز اﻻتﻔﺎق" أو "ﻣﺎ لم‬
‫يشتﺮط غيﺮ ذلك " فﺎن القﺎعدة ﻣكملﺔ ‪.18‬‬
‫يتبين أن المعيﺎر اللﻔظي ﻣعيﺎر ﺟﺎﻣد لكونه يمتﺎز ﺑﺎلﺤسم والقطﻊ في التعﺮف على نوعيﺔ القﺎعدة القﺎنونيﺔ‬
‫دون ﺑدل أي ﻣجهود أو ﻣبﺎشﺮة أيﺔ ﺳلطﺔ تقديﺮيﺔ ‪.‬‬
‫ﻣن ﺑين القواعد اﻵﻣﺮة ﻣﺎ ينص عليه الﻔصل ‪ 61‬ﻣن ق‪.‬ل‪.‬ع " ﻻ يجوز التنازل عن تركة إنسان على قيد‬
‫الحياة‪ ,‬وﻻ إجراء أي تعامل فيها أو في شئ مما تشتمل عليه ولو حصل برضاه وكل تصرف مما سبق‬
‫يقع باطﻼ بطﻼنا مطلقا "‪ ,‬والﻔصل ‪ 1034‬ﻣن نﻔس القﺎنون " كل شرط من شأنه أن يمنح أحد الشركاء‬

‫‪18‬‬
‫نجاة بضراني ‪ :‬م‪.‬س ‪.‬ص ‪. 122 :‬‬

‫‪18‬‬
‫نصيبا في اﻷرباح أو في الخسائر أكثر من الذي يتناسﺐ مع حصته في رأس المال يكون باطﻼ ومبطﻼ‬
‫لعقد الشركة نفسه"‪.‬‬
‫وﺑﺎلنسبﺔ للقواعد المكملﺔ ﻣﺎ ينص عليه الﻔصل ‪ 510‬ﻣن ق‪.‬ل‪.‬ع" إذا وقع البيع بواسطة سمسار كانت‬
‫مصروفات السمسرة على البائع ما لم تقض العادات المحلية أو اتفاقات الطرفين بخﻼفه"‪ .‬والﻔصل ‪642‬‬
‫ﻣن نﻔس القﺎنون " يلتزم المكري بدفع الضرائﺐ وغيرها من التكاليف المفروضة على العين المكتراة ‪،‬‬
‫ما لم يقض العقد أو العرف بـــخﻼف ذلك " ‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬المعيار المعنوي‬


‫قد ﻻ تسعف عبﺎرات أو ألﻔﺎظ النص القﺎنوني تﺤديد طبيعﺔ القﺎعدة القﺎنونيﺔ ﻣﺎ إذا كﺎنت آﻣﺮة أو ﻣكملﺔ‪ ،‬ﻣمﺎ‬
‫يﺤتم الﺮﺟوع إلى ﻣضمونهﺎ وﻣدى اتصﺎله ﺑﺎلمصﺎلح الﺤيويﺔ واﻷﺳﺎﺳيﺔ للمجتمﻊ‪ ،‬وهي ﻣﺎ يعبﺮ عنهﺎ‬
‫ﺑﺎلنظﺎم العﺎم واﻵداب العﺎﻣﺔ‪ ،‬فإذا تعلقت القﺎعدة القﺎنونيﺔ ﺑهمﺎ ﻣعﺎ كﺎنت آﻣﺮة وإذا لم تكن كذلك كﺎنت قﺎعدة‬
‫ﻣكملﺔ ‪.‬‬
‫فمﺎ هو المقصود ﺑكل ﻣن النظﺎم العﺎم واﻵداب العﺎﻣﺔ ؟‬

‫أو ‪ :‬مفهوم النظام العام ‪l'ordre public :‬‬


‫لم يضﻊ المشﺮع المغﺮﺑي تعﺮيﻔﺎ لﻔكﺮة النظﺎم العﺎم ﺑطﺮيقﺔ ﻣﺤددة تمكن ﻣن تﺤديد ﻣدلوله لصعوﺑﺔ ذلك ‪،‬‬
‫وعلى العموم فمﻔهوم النظﺎم العﺎم ﻣﻔهوم غﺎﻣض وفضﻔﺎض كمﺎ أنه ﻣﺮن ونسبي يختلف ﻣن ﻣكﺎن إلى ﻣكﺎن‬
‫وﻣن زﻣﺎن إلى آخﺮ ‪،‬وﺑﺎلتﺎلي فﺎن ﻣﺎ يعد ﻣن النظﺎم العﺎم في ﻣجتمﻊ ﻻ يعد كذلك في ﻣجتمﻊ آخﺮ كتعدد‬
‫الزوﺟﺎت ‪.‬‬
‫والقﺎعدة القﺎنونيﺔ المتعلقﺔ ﺑﺎلنظﺎم العﺎم هي تلك القواعد التي تنظم المصﺎلح اﻷﺳﺎﺳيﺔ ﺑﺎلمجتمﻊ ﺳواء‬
‫السيﺎﺳيﺔ أو اﻻقتصﺎديﺔ أو اﻻﺟتمﺎعيﺔ‪...‬الخ‪ ،‬وﺑﺎلتﺎلي فﺎن هذه القواعد المﺮتبطﺔ ﺑهذه اﻷﺳس تعتبﺮ قواعد‬
‫آﻣﺮة ﻻ يجوز اﻻتﻔﺎق على ﻣخﺎلﻔتهﺎ‪ ،‬وكمثﺎل على ذلك القواعد المنظمﺔ للوظيﻔﺔ العموﻣيﺔ‪ ،‬قواعد القﺎنون‬
‫الدﺳتوري‪ ،‬القواعد المنظمﺔ للضﺮائب والقواعد المتعلقﺔ ﺑﺎﻷﺳﺮة أو قواعد العمل التي تضﻊ الﺤد اﻷدنى‬
‫لﻸﺟور‬

‫ﺛانيا ‪ :‬ا داب العامة ‪les bonnes mœurs :‬‬


‫هي ﻣجموع المصﺎلح الجوهﺮيﺔ التي تمس اﻷخﻼق في الجمﺎعﺔ ‪ ،‬وﺑصيغﺔ أخﺮي هي قواعد ذات الطﺎﺑﻊ‬
‫اﻷخﻼقي التي تسلكهﺎ ﺟمﺎعﺔ أو ﻣجتمﻊ في وقت ﻣعين‪ ،‬وهي ﻣﺮتبطﺔ ﺑﺎلنظﺎم العﺎم ﻷنهﺎ تمثل الشﻖ‬
‫اﻷخﻼقي ﺑه ‪.‬‬
‫وفكﺮة اﻵداب العﺎﻣﺔ شأنهﺎ شأن النظﺎم العﺎم تعتبﺮ فكﺮة ﻣﺮنﺔ وﻣتغيﺮة ﺑتغيﺮ الزﻣﺎن والمكﺎن فمثﻼ كﺎنت‬
‫القوانين المقﺎرنﺔ تعتبﺮ أن التأﻣين على الﺤيﺎة ﻣخﺎلﻔﺎ لﻶداب العﺎﻣﺔ‪ ،‬ﺑدعوى أن حيﺎة اﻹنسﺎن ﻻ يجب أن‬
‫تكون ﻣﺤﻼ وﻣوضوعﺎ للتعﺎﻣل‪ ،‬كمﺎ أن وفﺎة اﻹنسﺎن ﻻ ينبغي أن تكون ﺳببﺎ في اغتنﺎء وإثﺮاء غيﺮه‪ ،‬لكن‬

‫‪19‬‬
‫النظم القﺎنونيﺔ المعﺎﺻﺮة اتجهت إلى قﺎنونيﺔ عقود التأﻣين على الﺤيﺎة فتغيﺮت النظﺮة إليهﺎ نتيجﺔ للتغيﺮ في‬
‫ﻣﻔهوم اﻵداب العﺎﻣﺔ ‪.‬‬
‫ولمﺎ كﺎنت اﻵداب العﺎﻣﺔ تﺮتبط ﺑﺎﻷخﻼق فﻼ يقصد ﺑهﺎ كﺎفﺔ قواعد اﻷخﻼق في الجمﺎعﺔ ﻻن نطﺎق القﺎنون‬
‫يختلف عن نطﺎق اﻷخﻼق‪ ،‬ﺑل يقصد ﺑهﺎ الﺤدود الدنيﺎ ﻣن قواعد اﻷخﻼق الﻼزﻣﺔ لﺤﻔظ كيﺎن الجمﺎعﺔ‬
‫وﺑقﺎئهﺎ‪ ,‬ﺑﺤيث توﺟد قواعد أخﻼقيﺔ غيﺮ ﻣنظمﺔ قﺎنونﺎ ‪.‬‬

‫ﺛالثا‪ :‬تطبيقات فﻜرة النظام العام وا داب العامة ‪.‬‬


‫يختلف ﻣدى تعلﻖ القواعد القﺎنونيﺔ ﺑﺎلنظﺎم العﺎم وحسن اﻵداب ﺑﺤسب انتمﺎئهﺎ إلي القﺎنون العﺎم أو القﺎنون‬
‫الخﺎص أو ﺑﺤسب انتمﺎئهﺎ إلى الﻔﺮوع المختلطﺔ للقﺎنون ‪.‬‬
‫فقواعد القﺎنون العﺎم تتعلﻖ ﺟميعهﺎ ﺑﺎلنظﺎم العﺎم وﺑﺎلتﺎلي فهي قواعد آﻣﺮة ﻻرتبﺎطهﺎ ﺑﺎلمصلﺤﺔ العﺎﻣﺔ ﺳواء‬
‫قواعد القﺎنون الدﺳتوري أو اﻹداري أو المﺎلي‪ ،‬أﻣﺎ قواعد القﺎنون الخﺎص فﺎنه يﻔﺮق فيهﺎ ﺑين نوعين ﻣن‬
‫القواعد ‪ ،‬القواعد المتعلقﺔ ﺑنظﺎم اﻷﺳﺮة فتتعلﻖ ﺑﺎلنظﺎم العﺎم وﺑﺎلتﺎلي ﻻ يصح اﻻتﻔﺎق على ﻣخﺎلﻔتهﺎ أﻣﺎ‬
‫القواعد اﻷخﺮى المتعلقﺔ ﺑﺎلﺮواﺑط أو العﻼقﺎت أو اﻷحوال المﺎليﺔ فﺎن أغلبهﺎ ﻻ عﻼقﺔ له ﺑﺎلنظﺎم العﺎم‬
‫وﺑﺎلتﺎلي تعتبﺮ قواعد ﻣكملﺔ‪ ،‬وان كﺎنت قواعد النظﺎم العﺎم تتزايد ﺑهﺎ في الوقت الﺤﺎضﺮ ﻣمﺎ يسﺎهم في‬
‫اتسﺎع دائﺮة القواعد اﻵﻣﺮة ﺑهﺎ وذلك ﺑمقتضى القوانين الخﺎﺻﺔ كﺎلقﺎنون رقم ‪ 31.08‬القﺎضي ﺑتﺤديد تداﺑيﺮ‬
‫لﺤمﺎيﺔ المستهلك الصﺎدر ﺳنﺔ ‪. 2011‬‬
‫أﻣﺎ ﺑﺎلنسبﺔ للقواعد المنتميﺔ لﻔﺮوع القﺎنون المختلطﺔ فﺎن ﺟل قواعده تعتبﺮ ﻣن النظﺎم العﺎم وﺑﺎلتﺎلي تعتبﺮ‬
‫قواعد آﻣﺮة ﺳواء القﺎنون الجنﺎئي والقﺎنون الدولي الخﺎص والمسطﺮة الجنﺎئيﺔ‪ ،‬أﻣﺎ المسطﺮة المدنيﺔ فﺎن كل‬
‫قواعدهﺎ ﻣن النظﺎم العﺎم ﺑﺎﺳتثنﺎء التﺤكيم ‪ l'arbitrage‬والوﺳﺎطﺔ اﻻتﻔﺎقيﺔ الذين خولهمﺎ المشﺮع لﻸطﺮاف‬
‫ﺑدﻻ ﻣن اللجوء لﻔض المنﺎزعﺎت إلى المﺤﺎكم الﺮﺳميﺔ ‪.‬‬

‫المبحث الخامس‪:‬‬

‫تصنيف القاعدة القانونية من حيث الع قات التي تنظمها ومﻜانة الدولة ﺑها )‬
‫تقسيم القانون إلى عام وخاص(‬
‫يقصد كمﺎ ﺳبﻖ القول ﺑﺎلقﺎنون الوضعي ﻣجموعﺔ ﻣن القواعد القﺎنونيﺔ السﺎئدة في ﻣجتمﻊ ﻣعين وفي زﻣن‬
‫ﻣعين‪ ،‬والتي تهدف إلى تنظيم الﺮواﺑط والعﻼقﺎت ﺑﺎلمجتمﻊ‪ ،‬وهي ﻣلزﻣﺔ ﻷعضﺎئه ﺳواء اﻷشخﺎص‬
‫الطبيعيين أو اﻷشخﺎص المعنويين ﺳواء كﺎنت عﺎﻣﺔ أو خﺎﺻﺔ‪ ،‬وﺑﺎلتﺎلي فﺎن خطﺎب القﺎعدة القﺎنونيﺔ يتوﺟه‬
‫إلى الدولﺔ والهيآت المتﻔﺮعﺔ عنهﺎ اﻹقليميﺔ والمﺮفقيﺔ والشﺮكﺎت والجمعيﺎت والنقﺎﺑﺎت تم اﻷفﺮاد‬
‫الطبيعيين ‪.‬‬
‫نجم عن هذا اﻻختﻼف نوعين ﻣن العﻼقﺎت القﺎنونيﺔ أولهمﺎ تكون فيه الدولﺔ ﺻﺎحبﺔ السيﺎدة والسلطﺎن‪،‬‬
‫وثﺎنيهمﺎ تنشأ ﺑين اﻷفﺮاد أو ﺑين اﻷفﺮاد والدولﺔ لكن ليست ﺑصﻔتهﺎ ﺻﺎحبﺔ السيﺎدة والسلطﺎن ‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫هذا أدى ﺑدوره إلى تصنيف القواعد القﺎنونيﺔ إلى قواعد القﺎنون العﺎم وأخﺮى للقﺎنون الخﺎص‪ ،‬يﺮﺟﻊ هذا‬
‫التقسيم إلى القﺎنون الﺮوﻣﺎني تم انتقل ﺑعده إلى القوانين الﺤديثﺔ ذات النزعﺔ الﻼتينيﺔ الجﺮﻣﺎنيﺔ ﻣثل القﺎنون‬
‫الﻔﺮنسي ‪.‬‬
‫وقد وﺟهت عدة انتقﺎدات لهذا التمييز لوﺟود قواعد تتداخل ﺑين القﺎنون العﺎم والقﺎنون الخﺎص ﻣثل القﺎنون‬
‫الجنﺎئي والمسطﺮة المدنيﺔ لهذا ظهﺮ فﺮعﺎ ﻣستقﻼ أطلﻖ عليه القﺎنون المختلط ‪.‬‬
‫ﻣن هنﺎ تظهﺮ أهميﺔ دراﺳﺔ ﻣعﺎييﺮ التﻔﺮقﺔ ﺑين القﺎنون العﺎم والقﺎنون الخﺎص‪ -‬المطلب اﻷول ‪ -‬وأهميﺔ‬
‫ذلك‪ ,‬تم فﺮوع كل قﺎنون على حدا – المطلب الثﺎني‪. -‬‬

‫المطلب ا ول ‪:‬معايير التمييز ﺑين القانون العام والقانون الخاص وأهميته‬


‫‪19‬‬
‫الفقرة ا ولى ‪ :‬معايير التمييز ﺑين القانون العام والقانون الخاص‬
‫تعددت ﻣعﺎييﺮ التﻔﺮقﺔ ﺑين قواعد القﺎنون الخﺎص وقواعد القﺎنون العﺎم لكن أهمهﺎ ارتكز على ﻣعيﺎر أطﺮاف‬
‫العﻼقﺔ‪ ,‬ﻣعيﺎر المصلﺤﺔ‪ ,‬ﻣعيﺎر طبيعﺔ القواعد القﺎنونيﺔ وﻣعيﺎر الصﻔﺔ التي تظهﺮ ﺑهﺎ الدولﺔ‪.‬‬

‫أو ‪ :‬معيار أطراف الع قة‪ :‬يعتمد هذا المعيﺎر الذي يعتبﺮ تقليديﺎ على اﻷشخﺎص الخﺎضعين للقﺎنون‪،‬‬
‫فﺎلقﺎنون ﻻ يكون عﺎﻣﺎ إذا تعلقت قواعده ﺑﺎلدولﺔ وعﻼقﺎتهﺎ ﺑﺎﻷفﺮاد أو ﺑﺎلدول اﻷخﺮى‪ ،‬ويكون القﺎنون‬
‫خﺎﺻﺎ إذا تعلﻖ اﻷﻣﺮ ﺑﺎﻷشخﺎص العﺎديين وعﻼقﺎتهم ﺑغيﺮهم ﻣن اﻷشخﺎص ﺳواء الطبيعيﺔ أو المعنويﺔ ‪.‬‬
‫لكن هذا المـعيﺎر إن كﺎن ﺻﺎلﺤﺎ للمجتمعﺎت القديــمﺔ‪ ،‬التي كﺎن دور الدولﺔ يقتصﺮ فيهﺎ على حــﻔظ اﻷﻣن‬
‫الداخلي والخﺎرﺟي ) الدولﺔ الﺤﺎرﺳﺔ ( فﺎنه في الدولﺔ الﺤديثﺔ أﺻبﺤت تمﺎرس أنشطﺔ اقتصﺎديﺔ أيضﺎ‪ ،‬ﻣمﺎ‬
‫ﺟعل هذا المعيﺎر ﻻ يصلح للتمييز ﺑين قواعد القﺎنون العﺎم والقﺎنون الخﺎص ‪.‬‬

‫ﺛانيا ‪ :‬معيار المصلحة ‪ :‬يﺮى أنصﺎر هذا اﻻتجﺎه أن القﺎنون العﺎم يهدف إلى تﺤقيﻖ المصلﺤﺔ العﺎﻣﺔ‪،‬‬
‫أﻣﺎ القﺎنون الخﺎص فيسعى إلى تﺤقيﻖ المصلﺤﺔ الخﺎﺻﺔ لﻸفﺮاد‪.‬‬
‫لكن يؤخذ على هذا المعيﺎر عدم الدقﺔ ﻷن المصﺎلح العﺎﻣﺔ والخﺎﺻﺔ تتداخل الى حد كبيﺮ يصعب ﻣعه‬
‫التمييز ﺑينهمﺎ في ﻣعظم الﺤﺎﻻت‪ ,‬فتﺤقيﻖ ﻣصلﺤﺔ عﺎﻣﺔ ينتج عنه ﺑﺎلضﺮورة تﺤقيﻖ ﻣصلﺤﺔ خﺎﺻﺔ‪ ،‬كمﺎ أن‬
‫تﺤقيﻖ ﻣصلﺤﺔ خﺎﺻﺔ يتﺮتب عليه ﺑﺎلضﺮورة تﺤقيﻖ ﻣصلﺤﺔ عﺎﻣﺔ كتنظيم الزواج واﻹرث ‪.‬‬

‫ﺛالثا‪ :‬معيار طبيعة القواعد القانونية ‪:‬اقتﺮح ﺟﺎنب آخﺮ ﻣن الﻔقه اﻻعتمﺎد على طبيعﺔ القواعد‬
‫اﻵﻣﺮة والقواعد المكملﺔ للتمييز ﺑين قواعد القﺎنون العﺎم والقﺎنون الخﺎص‪ ,‬فﺎعتبﺮ أن قواعد القﺎنون العﺎم‬
‫قواعد آﻣﺮة ﻻ يجوز اﻻتﻔﺎق على ﻣخﺎلﻔتهﺎ‪ ,‬ﺑينمﺎ قواعد القﺎنون الخﺎص غيﺮ آﻣﺮة أي ﻣكملﺔ ‪ ,‬لكن هذا‬

‫‪19‬‬
‫للمزيد من المعلومات حول التفرقة بين القانون العام والخاص انظر ‪:‬‬
‫‪- Mohammed Jalal ESSAID «Introduction à l’étude de droit 3 » op.cit p : 16 et suivant‬‬
‫‪ -‬ابو بكر مهم ‪ :‬م‪.‬س ص ‪ 69 :‬وما يليها ‪.‬‬
‫توفيق حسن فرج و يحي مطر مطر ‪ :‬م ‪.‬س ‪.‬ص ‪ 33 :‬وما يليها ‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪21‬‬
‫المعيﺎر ﺑدوره يؤخذ عليه عدم دقته ﻷن قواعد القﺎنون الخﺎص ﺑدورهﺎ آﻣﺮة ﻻ يجوز لﻸفﺮاد اﺳتبعﺎدهﺎ على‬
‫اﻹطﻼق كقواعد الﺤﺎلﺔ المدنيﺔ والزواج واﻹرث أو اﺳتبعﺎدهﺎإذا تﺤققت شﺮوط ﻣخﺎلﻔتهﺎ كﺎﻻتﻔﺎق على ذلك‬

‫راﺑعا ‪ :‬معيار صفة الدولة ‪ :‬أﻣﺎم عجز المعﺎييﺮ السﺎﺑقﺔ عن إقﺎﻣﺔ تﻔﺮقﺔ واضﺤﺔ ﺑين قواعد القﺎنون‬
‫الخﺎص وقواعد القﺎنون العﺎم ‪ ,‬اعتمد ﺑعض الﻔقه على ﺻﻔﺔ الدولﺔ وتدخلهﺎ فإذا ظهﺮت ﺑﺎعتبﺎرهﺎ ﺻﺎحبﺔ‬
‫السيﺎدة والسلطﺎن في تعﺎﻣلهﺎ ﻣﻊ اﻷفﺮاد أو الدول‪ ,‬فﺎن القﺎنون الواﺟب التطبيﻖ هو القﺎنون العﺎم ‪ ,‬أﻣﺎ إذا لم‬
‫تظهﺮ ﺑهذه الصﻔﺔ فﺎن القﺎنون الواﺟب التطبيﻖ هو القﺎنون الخﺎص ‪.‬‬
‫وﺑذلك يﺤكم القﺎنون العﺎم العﻼقﺎت المتصلﺔ ﺑﺤﻖ السيﺎدة في الجمﺎعﺔ أو تنظيم السلطﺎت العﺎﻣﺔ ﺑهﺎ ‪ ,‬أﻣﺎ‬
‫العﻼقﺎت الغيﺮ المتصلﺔ ﺑهذا الﺤﻖ أو المسﺎئل غيﺮ المتعلقﺔ ﺑهذا التنظيم فيﺤكمهﺎ القﺎنون الخﺎص ‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪:‬أهمية التمييز ﺑين القانون العام والقانون الخاص‬


‫يتﺮتب عن التﻔﺮقﺔ ﺑين القﺎنون العﺎم والقﺎنون الخﺎص عدة نتﺎئج عمليﺔ ونظﺮيﺔ ﻣنهﺎ ‪:‬‬
‫‪ .1‬أغلب قواعد القﺎنون الــعﺎم ﻣتعلقﺔ ﺑﺎلنظﺎم العﺎم وﺑﺎلتﺎلي تعتبﺮ آﻣﺮة ﺑخﻼف قواعد القﺎنون الخﺎص‬
‫التي تعتبﺮ أغلبهﺎ ﻣكملﺔ وان كﺎنت القوانين الخﺎص تعتبﺮ ﻣن النظﺎم العﺎم ‪.‬‬
‫‪ .2‬اﻣتﻼك الدولﺔ لعدة وﺳﺎئل قهﺮيﺔ كنزع الملكيﺔ ﻣن أﺟل المنﻔعﺔ العﺎﻣﺔ ﻻ يتوفﺮ عليهﺎ الخواص إﻻ‬
‫في حﺎﻻت ضيقﺔ ﺟدا ﻣثل الﺤﻖ في قطﻊ ﺟذور وأغصﺎن أشجﺎر الجﺎر أو حﻖ الﺤجز لدى الغيﺮ‬
‫ﻻﺳتيﻔﺎء دينه ‪.‬‬
‫‪ .3‬اختﻼف العقود اﻹداريﺔ التي تبﺮﻣهﺎ الدولﺔ عن العقود الخﺎﺻﺔ التي يبﺮﻣهﺎ اﻷفﺮاد العﺎديين‪ ,‬فيﺤﻖ‬
‫لﻺدارة تعديل شﺮوط العقد وإلغﺎئه ﺑإرادتهﺎ المنﻔﺮدة ﺑينمﺎ ﻻ يجوز ذلك لﻸفﺮاد الخواص إﻻ ﺑﺎتﻔﺎق‬
‫ﺑين المتعﺎقدين أو عن الﺤﺎﻻت التي يقﺮرهﺎ القﺎنون‪.‬‬
‫‪ .4‬خضوع النزاعﺎت المتعلقﺔ ﺑنشﺎط اﻹدارات للقضﺎء اﻹداري‪ ،‬ﺑينمﺎ تخضﻊ المنﺎزعﺎت التي تثﺎر ﺑين‬
‫الخواص للقضﺎء العﺎدي ‪.‬‬
‫‪ .5‬خضوع عﻼقﺔ الدولﺔ ﺑموظﻔيهﺎ لقﺎنون الوظيﻔﺔ العموﻣيﺔ‪ ،‬ﺑينمﺎ تخضﻊ عﻼقﺔ رب العمل ﺑعمﺎله‬
‫لقواعد قﺎنون الشغل ) ﻣدونﺔ الشغل( ‪.‬‬
‫‪20‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬فروع القانون‬
‫كمﺎ ﺳبﻖ القول يتﻔﺮع القﺎنون إلى فﺮعين قﺎنون عﺎم وقﺎنون خﺎص وكل واحد ﻣنهمﺎ يضم العديد ﻣن‬
‫التقسيمﺎت المختلﻔﺔ‬

‫‪DROIT PUPLIC‬‬ ‫الفقرة ا ولى ‪ :‬فروع القانون العام‬


‫يقصد ﺑﺎلقﺎنون العﺎم ﻣجموعﺔ القواعد التي تﺤكم العﻼقﺎت التي تكون الدولﺔ طﺮفﺎ فيهﺎ ﺑصﻔتهﺎ ﺻﺎحبﺔ‬
‫السلطﺔ والسيﺎدة ‪ ,‬ﺳواء ﻣﻊ دولﺔ أخﺮى فيسمى القﺎنون العﺎم في هذه الﺤﺎلﺔ ﺑﺎلقﺎنون العﺎم الخﺎرﺟي أو‬

‫‪20‬‬
‫للمزيد من المعلومات انظر ‪:‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪Mohammed Jalal ESSAID «Introduction à l’étude de droit 3 » op.cit p : 24 et suivant‬‬
‫ﷴ حسين منصور ‪ :‬م‪ .‬س ‪ .‬ص ‪ 69 :‬وما يليها ‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪22‬‬
‫القﺎنون الدولي العﺎم‪ ,‬أو تظل داخل إقليمهﺎ فتدخل في عﻼقﺎت ﻣﻊ رعﺎيﺎهﺎ أو أحد فﺮوعهﺎ فيسمى القﺎنون‬
‫العﺎم الداخلي الذي يشمل القﺎنون الدﺳتوري ‪ ,‬القﺎنون اﻹداري والقﺎنون المﺎلي‪.‬‬

‫أو ‪ :‬القانون العام الخارجي أو القانون الدولي العام‪Droit international public:‬‬


‫القﺎنــــــون الدولي العﺎم هو ﻣجموعﺔ القواعد التي تنظم عﻼقﺎت الدول فيمﺎ ﺑينهﺎ‪ ,‬وتﺤـــدد ﻣﺮاكز‬
‫المنظـمﺎت الدولــيﺔ واختصﺎﺻﺎتهﺎ على الشكل التﺎلي ‪:‬‬
‫‪ .1‬توضيح ﻣقوﻣﺎت الدول وشﺮوط اكتسﺎب الشخصيﺔ الدوليﺔ وحقوقهﺎ وواﺟبﺎتهﺎ ﻣثل حﻖ المسﺎواة وحﻖ‬
‫السيﺎدة ‪.‬‬
‫‪ . 2‬تﺤديد القواعد التي تخضﻊ لهﺎ عﻼقﺎت الدول في حﺎلﺔ السلم ‪ ,‬ﺑﺤيث يعمل على تبيين حقوق الدول‬
‫وواﺟبﺎتهﺎ كﺤﻖ الدولﺔ في البقﺎء وحقهﺎ في الﺤﺮيﺔ والسيﺎدة وكذا عﻼقﺎت التمثيل الدﺑلوﻣﺎﺳي والقنــصلي‬
‫‪,‬كمﺎ يوضح الطﺮق السلميﺔ لﻔض المنﺎزعﺎت النﺎشئﺔ ﺑين الدول وتسمى هذه القواعد ﺑقﺎنون السﻼم ‪.‬‬
‫‪ . 3‬تنظيم عﻼقﺎت الدول في حﺎلﺔ الﺤﺮب والتي تسمى ﺑقواعد قﺎنون الﺤﺮب‪ ,‬التي تبين حقوق الدول‬
‫المتﺤﺎرﺑﺔ وواﺟبﺎتهﺎ وﺑيﺎن الﺤﺮب المشﺮوعﺔ وتلك الغيﺮ المشﺮوعﺔ‪ ,‬واﻷﺳلﺤﺔ التي يجوز اﺳتخداﻣهﺎ‬
‫والتي ﻻ يجوز اﺳتخداﻣهﺎ وكيﻔيﺔ ﻣعﺎﻣلﺔ اﻷﺳﺮى والجﺮحى والمعتقلين ﻣن المدنيين ‪.‬‬
‫‪ 4.‬تنظيم المﺮاكز القﺎنونيﺔ للمنظمﺎت الدوليﺔ ﺳواء ﻣن حيث نشأتهﺎ وعﻼقﺎتهﺎ فيمﺎ ﺑينهﺎ وعﻼقﺎتهﺎ‬
‫ﺑمختلف الدول كمﺎ يبين ﻣدى التزام الدول ﺑقﺮارات هذه المنظمﺎت وتسمى هذه القواعد ﺑقﺎنون التنظيم‬
‫الدولي أو قﺎنون المنظمﺎت الدوليﺔ‪.‬‬
‫وللقﺎنون الدولي العﺎم عدة ﻣصﺎدر أهمهﺎ ‪:‬‬
‫‪ ‬المعاهدات الدولية ‪ :‬يطلﻖ عليهﺎ أيضﺎ المعﺎهدات الشﺎرعﺔ لتمييزهﺎ عن المعﺎهدات التعﺎقديﺔ وتتخذ عدة‬
‫أشكﺎل‪ ،‬فقد تكون ثنﺎئيﺔ أو ﻣتعددة اﻷطﺮاف أو ﻣعﺎهدات خﺎﺻﺔ تبﺮم ﺑين عدد ﻣﺤدود ﻣن الدول كمﺎ قد‬
‫تكون عﺎﻣﺔ أو ﻣﻔتوحﺔ‪ ،‬كمﺎ تمتﺎز اﻻتﻔﺎقيﺎت الدوليﺔ ﺑﺎلتدوين ﻣن ﺑينهﺎ اتﻔﺎقيﺎت ﺟنيف اﻷرﺑعﺔ لسنﺔ ‪1949‬‬
‫حول القﺎنون اﻹنسﺎني أثنﺎء الﺤﺮب ‪.‬‬
‫‪ ‬العرف الدولي‪ :‬كﺎن يﺤتل ﻣﺮكز الصدارة ﺑين ﻣصﺎدر القﺎنون الدولي العﺎم لكن ﻣﻊ تطور المعﺎهدات‬
‫الدوليﺔ تﺮاﺟﻊ عن ﻣﺮتبته‪.‬‬
‫‪ ‬المبادئ العامة للقانون‪ :‬تتجلى في القواعد التي يقوم عليهﺎ القﺎنون الدولي العﺎم كمبدأ عدم التدخل في‬
‫الشؤون الداخليﺔ للدول وﻣبدأ احتﺮام العقود والمواثيﻖ‪.‬‬
‫ﻣن هنﺎ يتبين أن للقﺎنون الدولي العﺎم عدة ﻣصﺎدر‪ ,‬لكن اﻹشكﺎل يطﺮح حول قوته الملزﻣﺔ ؟‬

‫‪ ‬القوة الملزمة للقانون الدولي العام ‪:‬‬


‫أثيﺮ خﻼف حول القوة الملزﻣﺔ لقواعد القﺎنون الدولي العﺎم‪ ,‬ﺑﺤيث أنكﺮ ﺑعض الﻔقهﺎء ﺻﻔﺔ القﺎنون ﺑﺎلمعنى‬
‫الصﺤيح لعدم وﺟود ﺳلطﺔ عليﺎ فوق الدول تتولى تنﻔيذ قواعده‪ ،‬وتوقيﻊ الجزاء على الدولﺔ التي ﻻ تﺤتﺮم‬
‫هذه القواعد‪ ،‬ﺑينمﺎ اعتبﺮ البعض اﻵخﺮ أن هذا اﻻتجﺎه ليس له أﺳﺎس ﻣن الصﺤﺔ ‪ ،‬وذهب إلى أن الجزاء‬
‫يتوافﺮ في هذه القواعد وأن المجتمﻊ الدولي هو الذي يملك توقيﻊ الجزاء على ﻣن يخﺎلف قواعده ‪.‬‬
‫‪23‬‬
‫ﺛانيا ‪ :‬القانون العام الداخلي ‪droit public interne :‬‬
‫يضم القﺎنون العﺎم الداخلي ﻣجموعﺔ ﻣن القواعد التي تﺤدد كيﺎن الدولﺔ‪ ,‬وتنظيم عﻼقﺎتهﺎ ﺑﺎﻷفﺮاد ﺑﺤيث‬
‫يتﻔﺮع إلى القﺎنون الدﺳتوري‪,‬القﺎنون اﻹداري والقﺎنون المﺎلي ‪.‬‬
‫‪ .1‬القانون الدستوري ‪droit constitutionnel‬‬
‫يعتبﺮ القﺎنون الدﺳتوري أﺳمى القوانين‪ ،‬لهذا يطلﻖ عليه القﺎنون اﻷﺳﺎﺳي ﻷنه يضﻊ اﻷﺳس التي تقوم عليهﺎ‬
‫الدولﺔ‪ ،‬وﺑذلك يعمل على توضيح شكل الدولﺔ ونظﺎم الﺤكم فيهﺎ ‪ ،‬والسلطﺎت المكونﺔ للدولﺔ واختصﺎﺻﺎتهﺎ‬
‫والعﻼقﺎت فيمﺎ ﺑينهﺎ وعﻼقﺎتهﺎ ﻣﻊ اﻷفﺮاد ‪.‬‬
‫وﺑذلك تتمثل ﻣوضوعﺎت القﺎنون الدﺳتوري في ‪:‬‬
‫‪ -‬شكل الدولة‪ :‬أي يبين نظﺎﻣهﺎ اﻷﺳﺎﺳي ﻣلكي أو ﺟمهوري‪ ،‬ديمقﺮاطي أو ديكتﺎتوري‪ .‬ﺑسيط أو ﻣﺮكب‪.‬‬
‫‪ -‬تحديد السلطات العامة في الدولة ﻣن حيث تنظيمهﺎ وتوزيعهﺎ واختصﺎﺻﺎتهﺎ وهي السلطﺔ التشﺮيعيﺔ التي‬
‫تسن القوانين والتنﻔيذيﺔ التي تنﻔذ القوانين وإدارة المﺮافﻖ العﺎﻣﺔ‪ ،‬والسلطﺔ القضﺎئيﺔ التي تختص ﺑتطبيﻖ‬
‫القﺎنون وفض النزاعﺎت‪.‬‬
‫‪ -‬تحديد الحقوق اﻷساسية لﻸفراد والنص على حمﺎيتهﺎ كﺤقي المسﺎواة والتملك‪.‬‬
‫‪ .2‬القــــــانـــون ا داري‬
‫القﺎنون اﻹداري هو ﻣجموعﺔ القواعد القﺎنونيﺔ التي تبين كيﻔيﺔ أداء السلطﺔ التنﻔيذيﺔ لوظﺎئﻔهﺎ اﻹداريﺔ المختلﻔﺔ‬
‫ﻣﺮكزيﺎ وﻣﺤليﺎ وعﻼقﺔ الدولﺔ ﺑموظﻔيهﺎ ‪.‬‬
‫والقﺎنون اﻹداري شديد الصلﺔ ﺑﺎلقﺎنون الدﺳتوري فﺎلقﺎنون الدﺳتوري يﺤدد تكوين السلطﺔ التنﻔيذيﺔ‬
‫واختصﺎﺻﺎتهﺎ ﺑينمﺎ يﺤدد القﺎنون اﻹداري كيﻔيﺔ ﻣمﺎرﺳﺔ السلطﺔ التنﻔيذيﺔ ﻻختصﺎﺻﺎتهﺎ‪.‬‬
‫وتتجلى ﻣوضوعﺎت القﺎنون اﻹداري في ‪:‬‬
‫‪ ‬تﺤديد الخدﻣﺎت العﺎﻣﺔ التي تقدﻣهﺎ السلطﺔ التنﻔيذيﺔ ﻷفﺮاد المجتمﻊ‪ ,‬والمﺮافﻖ العﺎﻣﺔ التي تتولى القيﺎم ﺑهﺎ‬
‫ونظﺎﻣهﺎ القﺎنوني وعﻼقﺎتهﺎ يبعضهﺎ وعﻼقﺎتهﺎ ﺑﺎﻷفﺮاد‪.‬‬
‫‪ ‬ﺑيﺎن الطﺮيقﺔ التي تبﺎشﺮ ﺑهﺎ السلطﺔ التنﻔيذيﺔ ﻻختصﺎﺻﺎتهﺎ والتي تتخذ شكلين إﻣﺎ نظﺎم ﻣﺮكزي‬
‫)‪( centralisation‬يﻔﺮض على اﻹدارات اﻹقليميﺔ الﺮﺟوع في كل شؤونهﺎ إلى اﻹدارة المﺮكزيﺔ التﺎﺑعﺔ‬
‫لهﺎ‪ ,‬وﺑﺎلتﺎلي ﻻ يﺤﻖ لهﺎ اتخﺎذ أي قﺮار إﻻ ﺑعد الﺮﺟوع إلى اﻹدارة المﺮكزيﺔ‪ ,‬وﺑذلك تتﺮكز المﺮافﻖ كلهﺎ في‬
‫يد الدولﺔ ولهﺎ وحدهﺎ حﻖ توﺟيههﺎ‪ ،‬أﻣﺎ الشكل الثﺎني فيتمثل في طﺮيقﺔ الﻼﻣﺮكزيﺔ ‪décentralisation‬‬
‫ﺑمقتضﺎهﺎ تمنح اﻹدارات المﺤليﺔ في اﻷقﺎليم ﺳلطﺔ واﺳعﺔ في تسييﺮ المﺮافﻖ الخﺎﺻﺔ ﺑﺎﻷقﺎليم وﻻ تﺮﺟﻊ إلى‬
‫اﻹدارة المﺮكزيﺔ الﺮئيسيﺔ إﻻ في الشؤون العﺎﻣﺔ ‪ ،‬لكن نظﺎم الﻼﻣﺮكزيﺔ تﺮد عليه ﺑعض اﻻﺳتثنﺎءات‪ ،‬إذ‬
‫تﺤتﻔظ الدولﺔ ﺑنظﺎم المﺮكزيﺔ لبعض المﺮافﻖ الﺮئيسيﺔ التي تقتضي أهميتهﺎ أو طبيعتهﺎ الخﺎﺻﺔ اﻹﺑقﺎء على‬
‫تبعيتهﺎ لﻺدارة المﺮكزيﺔ كمﺮفﻖ الدفﺎع الذي تقوم عليه وزارة الخﺎرﺟيﺔ ‪.‬‬
‫‪ ‬تبيين عﻼقﺔ الدولﺔ ﺑموظﻔيهﺎ وكيﻔيﺔ تعيينهم وتﺮقيتهم وتأديبهم وإنهﺎء خدﻣﺎتهم ‪.‬‬
‫‪ ‬تﺤديد اﻷعمﺎل اﻹداريﺔ والشﺮوط الﻼزﻣﺔ لصﺤتهﺎ وطﺮق الﺮقﺎﺑﺔ عليهﺎ فمثﻼ تﺤديد ﻣﻔهوم القﺮارات‬
‫اﻹداريﺔ وأنواعهﺎ‪ ،‬والعقود اﻹداريﺔ وكيﻔيﺔ انعقﺎدهﺎ وشﺮوطهﺎ وآثﺎرهﺎ‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫‪ ‬تﺤديد قواعد الﻔصل في المنﺎزعﺎت التي تنشأ ﺑين اﻹدارة واﻷفﺮاد ‪.‬‬

‫‪ .3‬القانون المالي ‪droit financier‬‬


‫يقصد ﺑﺎلقﺎنون المﺎلي ﻣجموعﺔ القواعد القﺎنونيﺔ التي تﺤكم ﻣﺎليﺔ الدولﺔ والنشﺎط المﺎلي لﻺدارة‪ ،‬وقد كﺎن‬
‫إلى عهد قﺮيب ﺟزءا ﻣن القﺎنون اﻹداري إلى أن انﻔصل عنه لتعدد ﻣواضيعه وتشعبهﺎ المتمثلﺔ في كيﻔيﺔ‬
‫الﺤصول على الموارد وكيﻔيﺔ إنﻔﺎقهﺎ والﺮقﺎﺑﺔ على هذا اﻹنﻔﺎق ‪ ،‬كمﺎ يتكلف ﺑكيﻔيﺔ تﺤضيﺮ وإعداد‬
‫الميزانيﺔ السنويﺔ للدولﺔ‪ ،‬والﺮقﺎﺑﺔ عليهﺎ عند تنﻔيذهﺎ‪.‬‬
‫وتجدر اﻹشﺎرة إلى أن القﺎنون المﺎلي يصدر ﺳنويﺎ عن البﺮلمﺎن وفﻖ شﺮوط القﺎنون التنظيمي ـ الﻔصل‬
‫‪ 75‬ﻣن الدﺳتور ـ ‪.‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬فروع القانون الخاص ‪droit privé :‬‬
‫يقصد ﺑﺎلقﺎنون الخﺎص ﻣجموعﺔ القواعد القﺎنونيﺔ التي تﺤكم الﺮواﺑط الخﺎﺻﺔ ﺑين اﻷفﺮاد ﺳواء الشخصيﺔ‬
‫أو المﺎليﺔ‪ ،‬أو ﺑينهم وﺑين الدولﺔ حينمﺎ تتدخل ﺑوﺻﻔهﺎ شخصيﺎ عﺎديﺎ‪ ،‬وليس ﺑوﺻﻔهﺎ ﺻﺎحبﺔ السيﺎدة‬
‫والسلطﺎن‪.‬‬
‫والقﺎنون المدني يتﻔﺮع إلى ﻣجموعﺔ ﻣن الﻔﺮوع ﻣن أهمهﺎ ‪:‬‬
‫أو ‪ :‬القانون المدني‪droit civil :‬‬
‫يعتبﺮ القﺎنون المدني أهم فﺮوع القﺎنون الخﺎص‪ ،‬إذ كﺎنت تخضﻊ له ﺟميﻊ الﺮواﺑط أو العﻼقﺎت ﺑﺎلمجتمﻊ‬
‫وﻣن في حكمهم‪ ،‬لكن تطور الﺤيﺎة اﻻﺟتمﺎعيﺔ واﻻقتصﺎديﺔ اﺳتدعى وضﻊ قوانين خﺎﺻﺔ تﺤكم كل نشﺎط‬
‫أو ﻣهنﺔ ﻣعينﺔ ‪.‬‬
‫وﺑذلك انبثﻖ عن القﺎنون المدني ﻣجموعﺔ ﻣن القوانين كﺎلقﺎنون التجﺎري وقﺎنون الشغل‪ ،‬لكن ﻣﻊ ذلك ظل‬
‫القﺎنون المدني ﺻﺎحب الوﻻيﺔ العﺎﻣﺔ أو الشﺮيعﺔ العﺎﻣﺔ )‪ (le droit commun‬في حكم ﺟميﻊ الﺮواﺑط‬
‫الغيﺮ المنظمﺔ ﺑقواعد خﺎﺻﺔ ‪.‬‬
‫وعموﻣﺎ يتنﺎول القﺎنون المدني تنظيم العﻼقﺎت المﺎليﺔ واﻷحوال الشخصيﺔ لﻸفﺮاد لكن تشﺮيعﺎت الدول‬
‫اﻹﺳﻼﻣيﺔ أخﺮﺟت اﻷحوال الشخصيﺔ ﻣن نطﺎق القﺎنون المدني ﻷﺳبﺎب دينيﺔ ‪ ،‬فﺎلتشﺮيﻊ المغﺮﺑي ﻣثﻼ‬
‫ينظم اﻷحوال الشخصيﺔ ﺑمدونﺔ اﻷﺳﺮة‪ ،‬ﺑينمﺎ العﻼقﺎت المﺎليﺔ ينظمهﺎ قﺎنون اﻻلتزاﻣﺎت والعقود ﺑخﻼف‬
‫التشﺮيﻊ الﻔﺮنسي الذي أدرج النوعين ﻣن العﻼقﺎت في القﺎنون المدني ‪.‬‬
‫وﺑﺎلتﺎلي فﺎن ﻣوضوعﺎت القﺎنون المدني هي‪:‬‬
‫‪ ‬روابط اﻷحوال الشخصية‪ :‬ويقصد ﺑهﺎ القضﺎيﺎ المتعلقﺔ ﺑتنظيم اﻷﺳﺮة ﻣن زواج وطﻼق واﻵثﺎر المتﺮتبﺔ‬
‫عنهمﺎ ﻣن إثبﺎت النسب واﻹرث وغيﺮهﺎ ﻣن القضﺎيﺎ المتعلقﺔ ﺑﺤﺎلﺔ اﻷشخﺎص وأهليتهم‪.‬‬
‫‪ ‬روابط اﻷحوال العينية‪ :‬أو المعﺎﻣﻼت المﺎليﺔ وتشمل ﺟميﻊ أوﺟه نشﺎط الشخص المتعلقﺔ ﺑﺎلمﺎل فيدخل في‬
‫نطﺎقهﺎ تعﺮيف المﺎل وﺑيﺎن أنواعه وكيﻔيﺔ اكتسﺎب الﺤقوق المﺎليﺔ وانتقﺎلهﺎ وإثبﺎتهﺎ وانقضﺎئهﺎ‪.‬‬
‫والﺤقوق المﺎليﺔ تنقسم إلى قسمين حقوق شخصيﺔ يطلﻖ عليهﺎ أيضﺎ اﻻلتزاﻣﺎت التي تبين كيﻔيﺔ نشوء‬
‫اﻻلتزام وﻣصﺎدره وأحكﺎم ﺑعض العقود تسمى " العقود المسمﺎة" كﺎلبيﻊ واﻹيجﺎر‪ ،‬أﻣﺎ الﺤقوق العينيﺔ التي‬
‫تنقسم إلى حقوق عينيﺔ أﺻليﺔ كﺤﻖ الملكيﺔ وحﻖ اﻻنتﻔﺎع‪ ،‬وحقوق عينيﺔ تبعيﺔ وتسمى أيضﺎ ﺑﺎلتأﻣينﺎت‬
‫العينيﺔ كﺎلﺮهن الﺮﺳمي والﺮهن الﺤيﺎزي وحقوق اﻻﻣتيﺎز ‪.‬‬
‫‪25‬‬
‫ﺛانيا ‪ :‬القانون التجاري ‪droit commercial‬‬
‫يقصد ﺑﺎلقﺎنون التجﺎري ﻣجموعﺔ القواعد القﺎنونيﺔ التي تنظم النشﺎط التجﺎري في المجتمﻊ‪ ،‬وﺑذلك يﺤكم‬
‫عﻼقﺎت التجﺎر فيمﺎ ﺑينهم أو اﻷنشطﺔ التجﺎريﺔ‪ ،‬وهو حديث النشأة إذ اﺳتقل عن القﺎنون المدني لعدة عواﻣل‬
‫تﺮتبط ﺑﺎلﺤيﺎة التجﺎريﺔ التي تتطلب السﺮعﺔ في التعﺎﻣل والثقﺔ واﻻئتمﺎن ‪ ، crédit‬لكن هذا ﻻ يعني‬
‫اﻻنﻔصﺎل التﺎم ﺑينهمﺎ إذ يبقى القﺎنون المدني هو اﻷﺻل والقﺎنون التجﺎري هو القﺎنون الخﺎص‪ ،‬إذ يﺮﺟﻊ إلى‬
‫القﺎنون المدني في كل حﺎلﺔ لم ينظمهﺎ القﺎنون التجﺎري ‪.‬‬
‫أﻣﺎ ﺑﺎلنسبﺔ لموضوعﺎت القﺎنون التجﺎري فتتمثل في‪:‬‬
‫‪ -‬تﺤديد شﺮوط وكيﻔيﺔ اكتسﺎب ﺻﻔﺔ التﺎﺟﺮ وواﺟبﺎته كﺎلقيد في السجل التجﺎري‪.‬‬
‫‪ -‬تﺤديد اﻷعمﺎل التجﺎريﺔ‪.‬‬
‫‪ -‬ﺑيﺎن الشﺮكﺎت التجﺎريﺔ وأنواعهﺎ وأحكﺎﻣهﺎ‪.‬‬
‫‪ -‬تقنيين آليﺎت ووﺳﺎئل اﻻئتمﺎن التي تسمى في ﻣدونﺔ التجﺎرة ﺑﺎﻷوراق التجﺎريﺔ كﺎلكمبيﺎلﺔ والشيك‪.‬‬
‫ﺛالثا ‪ :‬قانون الشغل ‪droit du travail:‬‬
‫اﺳتقل أيضﺎ قﺎنون الشغل عن القﺎنون المدني واتخذ تسميﺎت عديدة كقﺎنون العمل والقﺎنون اﻻﺟتمﺎعي‬
‫والقﺎنون العمﺎلي أو قﺎنون العمﺎل ‪.‬‬
‫يقصد ﺑقﺎنون الشغل ﻣجموعﺔ ﻣن القواعد القﺎنونيﺔ تنظم عﻼقﺎت العمل الﻔﺮديﺔ والجمﺎعيﺔ النﺎشئﺔ ﺑين‬
‫المشغلين الخصوﺻيين ﻣن ﺟهﺔ وﻣن يعملون تﺤت إشﺮافهم وﺳلطتهم ﻣن ﺟهﺔ أخﺮى ﻣقﺎﺑل أﺟﺮ‪ ،‬وكذلك‬
‫القواعد التي تﺤكم الضمﺎن اﻻﺟتمﺎعي ‪.‬‬
‫وﺑذلك يعمل قﺎنون الشغل على تنظيم حقوق اﻷﺟيﺮ كتﺤديد ﺳﺎعﺎت العمل اليوﻣيﺔ‪ ،‬وحﻖ العﺎﻣل في الﺮاحﺔ‬
‫اﻷﺳبوعيﺔ‪ ،‬واﻹﺟﺎزة السنويﺔ المؤدى عنهﺎ والﺤد اﻷدنى لﻸﺟﺮ وإنهﺎء عقد العمل وحمﺎيﺔ النسﺎء واﻷطﻔﺎل‬
‫ﻣن اﻻﺳتغﻼل‪.‬‬
‫كمﺎ يقنن حقوق المشغل ﻣن خﻼل حمﺎيﺔ المؤﺳسﺔ ﺑﻔﺮض عقوﺑﺎت على اﻷﺟﺮاء المغﺎدرين للعمل ﺑدون ﻣبﺮر‬
‫ﻣقبول‪.‬‬
‫كمﺎ ينظم النقﺎﺑﺎت العمﺎليﺔ واتﻔﺎقﺎت العمل الجمﺎعيﺔ وحﻖ العمﺎل في اﻻضطﺮاب عن العمل‪ ،‬وأيضﺎ تنظيم‬
‫ﻣجﺎل الضمﺎن اﻻﺟتمﺎعي وقواعده التي تهدف إلى ضمﺎن عيش كﺮيم للعﺎﻣل ﺳواء في حﺎلﺔ المﺮض أو‬
‫الشيخوخﺔ أو التقﺎعد‪.‬‬
‫كمﺎ ينظم اﻷحكﺎم المتعلقﺔ ﺑﺤوادث الشغل واﻷﻣﺮاض المهنيﺔ والتعويض عنهﺎ‪.‬‬
‫راﺑعا‪ :‬القانون البحري ‪droit maritime‬‬
‫القﺎنون البﺤﺮي أو القﺎنون التجﺎري البﺤﺮي هو ﻣجموعﺔ القواعد التي تنظم التجﺎرة البﺤﺮيﺔ‪ ،‬وتتﺮكز‬
‫ﻣوضوعﺎته حول ثﻼث ﻣسﺎئل هي السﻔينﺔ ﺑﺎعتبﺎرهﺎ وﺳيلﺔ المﻼحﺔ البﺤﺮيﺔ ونشﺎطهﺎ الذي يتمثل في النقل‬
‫عبﺮ البﺤﺎر والتأﻣين البﺤﺮي ضد المخﺎطﺮ التي تتعﺮض لهﺎ السﻔينﺔ وحمولتهﺎ ﻣن البضﺎئﻊ ‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫وﺑدوره انﻔصل عن القﺎنون التجﺎري نظﺮا لقيمﺔ السﻔينﺔ وتعﺮضهﺎ ﻷخطﺎر ﻣن نوع خﺎص وعدم وﺟودهﺎ‬
‫أثنﺎء اﺳتغﻼلهﺎ في كثيﺮ ﻣن اﻷوقﺎت تﺤت إشﺮاف ﻣﺎلكهﺎ‪.‬‬
‫وقد ﺻدر ﺑتﺎريخ ‪ 31‬ﻣﺎرس ‪ 1919‬أول ظهيﺮ تضمن اﻷحكﺎم المنظمﺔ للتجﺎرة البﺤﺮيﺔ والمأخوذ ﻣن القﺎنون‬
‫الﻔﺮنسي‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬القانون الجوي ‪droit Aérien :‬‬
‫القﺎنون الجوي هو ﻣجموعﺔ القواعد التي تنظم العﻼقﺎت النﺎشئﺔ عن المﻼحﺔ الجويﺔ‪ ,‬وﺑذلك ينظم التصﺮفﺎت‬
‫الواردة على الطﺎئﺮة ﻣن حيث اكتسﺎب ﻣلكيتهﺎ وكيﻔيﺔ قيدهﺎ ورهنهﺎ وﺑيعهﺎ والﺤجز عليهﺎ كمﺎ يهتم ﺑتﺤديد‬
‫ﻣواﺻﻔﺎتهﺎ وأهليتهﺎ لمزاولﺔ نشﺎطهﺎ‪.‬‬
‫وكذلك تنظيم عقد النقل الجوي ﺳواء تعلﻖ ﺑﺎلﺮكﺎب أو البضﺎئﻊ ‪ ،‬وأيضﺎ المسؤوليﺔ عن اﻷضﺮار التي تصيب‬
‫الﺮكﺎب أو البضﺎئﻊ ‪.‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬الفروع المختلطة‬
‫كمﺎ ﺳبﻖ القول يعمل القﺎنون العﺎم على تنظيم العﻼقﺎت التي تكون فيهﺎ الدولﺔ ﺻﺎحبﺔ السيﺎدة والسلطﺔ‪ ,‬ﺑينمﺎ‬
‫يعمل القﺎنون الخﺎص على تنظيم العﻼقﺎت الخﺎﺻﺔ لﻸفﺮاد ‪ ,‬ﻣمﺎ ﺟعل قواعد القﺎنون العﺎم آﻣﺮة لكونهﺎ تهدف‬
‫إلى المصلﺤﺔ العﺎﻣﺔ ‪ ,‬ﺑينمﺎ أغلب قواعد القﺎنون الخﺎﺻﺔ ﻣكملﺔ ‪.‬‬
‫لكن ﺑعض القوانين تتسم ﺑﺎﻻزدواﺟيﺔ ﺑين القواعد اﻵﻣﺮة والمكملﺔ وهي القوانين المختلطﺔ وهي القﺎنون‬
‫الجنﺎئي ‪ ,‬القﺎنون الدولي الخﺎص والمسطﺮة المدنيﺔ‪.‬‬

‫أو ‪ :‬القانون الجنائي‪droit pénal :‬‬


‫انقسم الﻔقه حول تﺤديد طبيعﺔ القﺎنون الجنﺎئي فﺎعتبﺮه البعض فﺮعﺎ ﻣن فﺮوع القﺎنون العﺎم لوﺟود الدولﺔ‬
‫ﻣمثلﺔ ﺑﺎلنيﺎﺑﺔ العﺎﻣﺔ دائمﺎ طﺮفﺎ في العﻼقﺔ المتولدة عن خﺮق قواعد القﺎنون وﻷن الجﺮيمﺔ تشكل اعتداء‬
‫على المجتمﻊ ﺑأﺳﺮه وليس على المجني عليه ‪ ،‬في حين اعتبﺮ البعض اﻷخﺮ أن القﺎنون الجنﺎئي فﺮعﺎ ﻣن‬
‫فﺮوع القﺎنون الخﺎص ﻻن أغلب الجﺮائم تشكل عدوانﺎ على المصﺎلح الشخصيﺔ لﻸفﺮاد كﺎلقتل والسﺮقﺔ‬
‫‪،‬ﺑينمﺎ اعتبﺮ اتجﺎه ثﺎلث إلى أن القﺎنون الجنﺎئي قﺎنون ﻣستقل عن القﺎنون العﺎم والقﺎنون الخﺎص ﻻنﻔﺮاده‬
‫ﺑموضوعه وهو التجﺮيم والعقﺎب ‪.‬‬
‫و يقصد ﺑﺎلقﺎنون الجنﺎئي ﻣجموعﺔ القواعد القﺎنونيﺔ التي تﺤدد الجﺮيمﺔ والمجﺮم والعقوﺑﺔ‪ ،‬وتبين‬
‫اﻹﺟﺮاءات الجنﺎئيﺔ لتعقب المجﺮم وﻣﺤﺎكمته وتنﻔيذ العقوﺑﺔ عليه ‪ ،‬وﺑذلك ينقسم إلى قسمين أولهمﺎ‬
‫ﻣوضوعي يﺤدد اﻷفعﺎل التي تعتبﺮ ﺟﺮائم وتوضح العقوﺑﺎت المقﺮرة لهﺎ ويسمى ﺑﺎلقﺎنون الجنﺎئي ﺑقسميه‬
‫العﺎم والخﺎص ‪.‬‬
‫يتضمن القسم العﺎم المبﺎدئ العﺎﻣﺔ للتجﺮيم والمسؤوليﺔ الجنﺎئيﺔ والتداﺑيﺮ الوقﺎئيﺔ ﺑينمﺎ يﺤدد القسم الخﺎص‬
‫اﻷركﺎن الخﺎﺻﺔ ﺑكل ﺟﺮيمﺔ على حدة وعقوﺑتهﺎ والتدﺑيﺮ الوقﺎئي المنﺎﺳب لهﺎ ‪،‬وكذلك ظﺮوف التخﻔيف أو‬
‫التشديد المﺮتبطﺔ ﺑﺎلجﺮائم ‪ ،‬أﻣﺎ القسم الثﺎني فيضم القواعد الشكليﺔ أو اﻹﺟﺮائيﺔ التي يجب إتبﺎعهﺎ ﻣند وقوع‬
‫الجﺮيمﺔ إلى أن يتم تنﻔيذ الﺤكم الصﺎدر فيهﺎ وتسمى قﺎنون المسطﺮة الجنﺎئيﺔ ‪(Droit de procédure .‬‬
‫)‪pénal‬‬

‫‪27‬‬
‫ﺛانيا ‪ :‬القانون الدولي الخاص ‪droit international privé :‬‬
‫يقصد ﺑﺎلقﺎنون الدولي الخﺎص ﻣجموعﺔ القواعد القﺎنونيﺔ التي تنظم الﺮواﺑط الخﺎﺻﺔ ذات العنصﺮ اﻷﺟنبي‬
‫ﺑين اﻷفﺮاد‪ ،‬وذلك ﻣن حيث ﺑيﺎن المﺤكمﺔ المختصﺔ والقﺎنون الواﺟب التطبيﻖ‪.‬‬
‫وﺑذلك يعمل القﺎنون الدولي الخﺎص على تﺤديد اختصﺎص ﻣﺤﺎكم الدولﺔ ﺑنظﺮ الدعﺎوى التي تﺮفﻊ ﺑشأن‬
‫العﻼقﺎت القﺎنونيﺔ الخﺎﺻﺔ ذات العنصﺮ اﻷﺟنبي وﺑيﺎن القﺎنون الواﺟب التطبيﻖ ﺑﺎﻹضﺎفﺔ إلى تنظيم قضﺎيﺎ‬
‫الجنسيﺔ والموطن وﻣﺮكز اﻷﺟﺎنب‪.‬‬
‫وﺑذلك وانطﻼقﺎ ﻣن ﻣوضوعﺎت القﺎنون الدولي الخﺎص تعد قواعده قواعد ﻣختلطﺔ فﺎلقواعد المتعلقﺔ‬
‫ﺑﺎلجنسيﺔ والموطن وﻣﺮكز اﻷﺟﺎنب تدخل في نطﺎق القﺎنون العﺎم لكونهﺎ تنظم العﻼقﺎت ﺑين اﻷفﺮاد‪ ،‬أﻣﺎ‬
‫القواعد المتعلقﺔ ﺑبيﺎن المﺤكمﺔ المختصﺔ والقﺎنون الواﺟب التطبيﻖ التي تسمى ﺑقواعد تنﺎزع القوانين فتنتمي‬
‫للقﺎنون الخﺎص ‪.‬‬

‫ﺛالثا‪ :‬القانون القضائي الخاص ‪droit judicaire privé :‬‬


‫القﺎنون القضﺎئي الخﺎص ‪ droit judicaire privé‬ﻣجموعﺔ القواعد القﺎنونيﺔ التي تبين التنظيم القضﺎئي‬
‫للدولﺔ ‪ ,‬وكيﻔيﺔ رفﻊ الدعوى وإﺟﺮاءاتهﺎ ‪ ,‬وﺑذلك يعمل على تنظيم الجهﺎز القضﺎئي ﻣن حيث تكوين المﺤﺎكم‬
‫واختصﺎﺻﺎتهﺎ وحقوق وواﺟبﺎت القضﺎة وكيﻔيﺔ تعيينهم وشﺮوط تﺮقيتهم ونقلهم وعزلهم وكيﻔيﺔ رفﻊ‬
‫الدعوى وإﺟﺮاءاتهﺎ وطﺮق تنﻔيذهﺎ وكيﻔيﺔ الطعن فيهﺎ وﺑذلك يشمل قواعد التنظيم القضﺎئي وقواعد‬
‫المسطﺮة المدنيﺔ ‪.‬‬
‫ويعد قﺎنون المسطﺮة المدنيﺔ الشﺮيعﺔ العﺎﻣﺔ للقوانين اﻹﺟﺮائيﺔ اﻷخﺮى خﺎﺻﺔ قﺎنون إحداث المﺤﺎكم‬
‫اﻹداريﺔ وقﺎنون إحداث المﺤﺎكم التجﺎريﺔ لكونه يعتمد على أحكﺎﻣه في حﺎلﺔ ﺳكوت هذين القﺎنونين عن‬
‫تنظيم ﻣسألﺔ ﻣعينﺔ‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫مصادر القاعدة القانونية‪les sources du droit‬‬

‫يسﺎهم في تكوين القﺎعدة القﺎنونيﺔ عدة عواﻣل ﻣختلﻔﺔ تشكل المنبﻊ أو اﻷﺻل الذي تستمد ﻣنه وﺟودهﺎ وهو ﻣﺎ‬
‫يسمى ﺑمصﺎدر القﺎعدة القﺎنونيﺔ‪.‬‬
‫ولكل قﺎعدة قﺎنونيﺔ ﻣصﺎدر ﻣتعددة تختلف ﺑﺎختﻼف المعنى المقصود ﺑهﺎ ‪ ،‬فيقصد ﺑهﺎ المصﺎدر المﺎديﺔ أو‬
‫التﺎريخيﺔ أو الﺮﺳميﺔ أو التﻔسيﺮيﺔ‪.‬‬
‫المصادر المادية ‪ :‬يقصـــد ﺑﺎلمصﺎدر المﺎديﺔ أو الموضوعيﺔ العواﻣل التي تستقي ﻣنهﺎ القﺎعدة القﺎنونيﺔ‬
‫ﻣضمونهﺎ أو ﻣﺎدتهﺎ‪ ،‬واقتضت وضعهﺎ والتي تﺮتبط ﺑﺎلظﺮوف اﻻﺟتمﺎعيﺔ واﻻقتصﺎديﺔ والسيﺎﺳيﺔ والدينيﺔ‬
‫واﻻخﻼقيﺔ ﺑﺎلمجتمﻊ ‪.21‬‬
‫المصادر التاريخية‪ :‬يقصد ﺑهﺎ اﻷﺻل التﺎريخي للقﺎعدة القﺎنونيﺔ أي ﺟذورهﺎ التﺎريخيﺔ التي اﺳتمدت ﻣنهﺎ‬
‫ﻣبﺎدئهﺎ وأحكﺎﻣهﺎ عبﺮ التﺎريخ‪ ،‬وﺑموﺟبهﺎ تتشكل ﻣﺮاحل تطورهﺎ ونموهﺎ‪،‬فمصﺎدر القﺎنون الﻔﺮنسي ﻣثﻼ‬
‫ﻣجموعﺔ ﻣن القوانين ﺑدءا ﻣن القﺎنون الﺮوﻣﺎني تم اﻷعﺮاف الجﺮﻣﺎنيﺔ تم القﺎنون الكنسي ‪ ،‬كمﺎ أن ﻣصﺎدر‬
‫القﺎنون المغﺮﺑي وأغلب الدول العﺮﺑيﺔ ﻣزيج ﻣن ﻣبﺎدئ الشﺮيعﺔ اﻹﺳﻼﻣيﺔ والقوانين الغﺮﺑيﺔ ﺑشكل عﺎم‬
‫والقﺎنون الﻔﺮنسي ﺑشكل خﺎص ‪.‬‬
‫المصادر الرسمية أو الشكلية ‪ :‬هي الوﺳﺎئل التي تخﺮج ﺑهﺎ القﺎعدة القﺎنونيﺔ إلي دائﺮة المخﺎطبين ﺑﺤكمهﺎ‪،‬‬
‫وتضﻔي عليهﺎ ﺻﻔﺔ اﻹلزام وتصبح ﺑذلك واﺟبﺔ التطبيﻖ ﻣن أنواعهﺎ التشﺮيﻊ والعﺮف ‪.‬‬
‫المصادر التفسيرية ‪ :‬ﻣجموعﺔ الوﺳﺎئل التي تعتمد في تﻔسيﺮ القﺎعدة القﺎنونيﺔ واﺳتجﻼء ﻣﺎ يشوﺑهﺎ ﻣن‬
‫غموض وتوضيح ﻣﺎ ﺑهﺎ ﻣن إﺑهﺎم كآراء الﻔقهﺎء واﻻﺟتهﺎدات القضﺎئيﺔ ‪.‬‬
‫هذه ﺑصﻔﺔ عﺎﻣﺔ ﻣصﺎدر القﺎعدة القﺎنونيﺔ التي يبقى أهمهﺎ المصﺎدر الﺮﺳميﺔ – الفرع اﻷول – تم المصﺎدر‬
‫التﻔسيﺮيﺔ – الفرع الثاني‪.-‬‬
‫الفرع ا ول‪ :‬المصادر الرسمية‬

‫تعتبﺮ المصﺎدر الﺮﺳميﺔ للقﺎعدة القﺎنونيﺔ المصﺎدر اﻷﺻليﺔ لهﺎ وتتشكل ﻣن التشﺮيﻊ تم العﺮف وﻣبﺎدئ‬
‫الشﺮيعﺔ اﻹﺳﻼﻣيﺔ والقﺎنون الطبيعي وقواعد العدالﺔ‪.‬‬
‫يع‪la législation :‬‬ ‫المبحث ا ول‪ :‬الت‬

‫يعد التشﺮيﻊ أهم ﻣصﺎدر القﺎعدة القﺎنونيﺔ في العصﺮ الﺤديث ‪ ،‬وتقتضى دراﺳته التطﺮق إلى تعﺮيﻔه وأهميته‬
‫ﻣﻊ توضيح ﻣزايﺎه وعيوﺑه – المطلب اﻷول – تم ﺳنه ونﻔﺎده – المطلب الثﺎني ‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫توفيق حسن فرج ‪ ،‬ﷴ يحي مطر ‪ :‬م ‪ ،‬س‪ .‬ص ‪. 71‬‬

‫‪29‬‬
‫يع وخصائصه‪.‬‬ ‫المطلب ا ول‪ :‬ماهية الت‬
‫الفقرة ا ولى‪ :‬تعريف الت يع وأهميته‬
‫يﺤمل ﻣصطلح التشﺮيﻊ ﻣعنيين فيقصد ﺑه قيﺎم السلطﺔ المختصﺔ في الدولﺔ ﺑسن القوانين ﺑوضﻊ قواعد قﺎنونيﺔ‬
‫في حدود اختصﺎﺻﺎتهﺎ‪ ،‬ووفقﺎ لﻺﺟﺮاءات المقﺮرة لذلك وهو ﻣﺎ يعﺮف ﺑﺎلعمليﺔ التشﺮيعيﺔ وﺑهذا المعنى يﻔيد‬
‫لﻔظ التشﺮيﻊ ﻣصدرا للقﺎعدة القﺎنونيﺔ‪ ،‬ﺑخﻼف المعنى الثﺎني الذي يقصد ﺑه القواعد القﺎنونيﺔ الصﺎدرة عن‬
‫السلطﺔ المختصﺔ ﺑﺎلتشﺮيﻊ كتشﺮيﻊ العمل أو التشﺮيﻊ التجﺎري و المدني للدﻻلﺔ على القواعد القﺎنونيﺔ التي‬
‫تنظم هذه المجﺎﻻت وهو ﺑهذا المعنى يدل على القﺎنون ﺑمﻔهوﻣه الضيﻖ والخﺎص‪.‬‬
‫انطﻼقﺎ ﻣن التعﺮيف السﺎﺑﻖ للتشﺮيﻊ يتبين أن التشﺮيﻊ يمتﺎز ﺑمجموعﺔ ﻣن الخصﺎئص أهمهﺎ أنه‪:‬‬
‫‪ (1‬يضع قاعدة قانونية‪ :‬وﺑﺎلتﺎلي يشتﺮط فيهﺎ خصﺎئص القﺎعدة القﺎنونيﺔ ﻣن كونهﺎ قﺎعدة اﺟتمﺎعيﺔ تخﺎطب‬
‫ﺳلوك اﻷفﺮاد وأنهﺎ عﺎﻣﺔ وﻣجﺮدة وأيضﺎ تتوفﺮ على خﺎﺻيﺔ اﻹلزام ﺑﺤيث تقتﺮن ﺑجزاء يوقﻊ على ﻣن‬
‫يخﺎلﻔهﺎ‪.‬‬
‫‪ (2‬صدوره في صورة مﻜتوﺑة‪ :‬تتميز القﺎعدة التشﺮيعيﺔ ﺑأنهﺎ تصدر عن السلطﺔ المختصﺔ في شكل ﻣكتوب‬
‫أي تصدر في وثيقﺔ رﺳميﺔ وﻣن الجهﺎت المؤهلﺔ لذلك ووفﻖ ﻣجموعﺔ ﻣن اﻹﺟﺮاءات ‪.‬‬
‫‪ (3‬صدوره من طرف سلطة مختصة ‪ :‬يبين الدﺳتور ﺻﻼحيتهﺎ واختصﺎﺻﺎتهﺎ كمﺎ يوضح كيﻔيﺔ ﺳن‬
‫هذه القوانين وكيﻔيﺔ نشﺮهﺎ‪ ،‬وقد نص الﻔصل ‪ 70‬ﻣن الدﺳتور المغﺮﺑي لسنﺔ ‪ 2011‬على أنه " يمارس‬
‫‪22‬‬
‫البرلمان السلطة التشريعية "‪ ,‬كمﺎ حدد في الﻔصل ‪ 71‬ﻣن الدﺳتور الميﺎدين التشﺮيعيﺔ للبﺮلمﺎن ‪.‬‬
‫‪22‬‬
‫ينص الفصل ‪ 71‬من الدستور ﻋلى أنه" يختص القانون باﻹضافة إلى المواد المسندة إليه صراحة بفصول أخرى من الدستور بالتشريع في الميادين التالية‪:‬‬
‫‪ -‬الحقوق والحريات اﻷساسية المنصوص ﻋليها في الديباجة‪ ,‬وفي فصول أخرى من هذا الدستور ‪.‬‬
‫‪ -‬نظام اﻷسرة والحالة المدنية‬
‫‪ -‬مبادئ وقواﻋد المنظومة الصحية‬
‫‪ -‬نظام الوسائط السمعية البصرية والصحافة بمختلف أشكالها‬
‫‪ -‬العفو العام‬
‫‪ -‬الجنسية ووضعية اﻷجانب‬
‫‪ -‬تحديد الجرائم والعقوبات الجارية ﻋليها‬
‫‪ -‬التنظيم القضائي وإحداث أصناف جديدة من المحاكم‬
‫‪ -‬المسطرة المدنية والمسطرة الجنائية‬
‫‪ -‬نظام السجون‬
‫‪ -‬النظام اﻷساسي العام للوظيفة العمومية ‪.‬‬
‫‪ -‬الضمانات اﻷساسية الممنوحة للموظفين المدنيين والعسكريين =‬
‫= ‪ -‬نظام مصالح وقوات حفظ اﻷمن‬
‫‪ -‬نظام الجماﻋات الترابية‪ ,‬ومبادئ تحديد دوائرها الترابية‬
‫‪ -‬النظام اﻻنتخابي ووﻋاء الضرائب ومقدارها وطرق تحصيلها‪.‬‬
‫‪ -‬النظام القانوني ﻹصدار العملة ونظام البنك المركزي ‪.‬‬
‫‪ -‬نظام الجمارك‬
‫‪ -‬نظام اﻻلتزامات المدنية والتجارية وقانون الشركات والتعاونيات‬
‫‪ -‬الحقوق العينية وأنظمة الملكية العقارية العمومية والخاصة والجماﻋية‪.‬‬
‫‪ -‬نظام النقل‬
‫‪ -‬ﻋﻼقات الشغل والضمان اﻻجتماﻋي وحوادث الشغل واﻷمراض المهنية‬
‫‪ -‬نظام اﻻبناك وشركات التأمين والتعاضديات‬
‫‪ -‬نظام تكنولوجيا المعلومات واﻻتصاﻻت‬
‫‪ -‬التعمير وإﻋداد التراب الوطني‬
‫‪ -‬القواﻋد المتعلقة بتدبير البيئة وحماية الموارد الطبيعية والتنمية المستدامة‬
‫‪ -‬نظام المياه والغابات والصيد‬
‫‪ -‬تحديد التوجهات والتنظيم العام لميادين التعليم والبحث العلمي والتكوين المهني‬
‫‪ -‬إحداث المؤسسات العمومية وكل شخص اﻋتباري من أشخاص القانون العام‬
‫‪ -‬تأميم المنشات ونظام الخوصصة‬
‫للبرلمان باﻹضافة إلي الميادين المشار إليها في الفقرة السابقة صﻼحية التصويت ﻋلى القوانين تضع إطارا لﻸهداف اﻷساسية لنشاط الدولة في الميادين‬
‫اﻻقتصادية واﻻجتماﻋية والبيئية والثقافية‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫وقد أﺻبح التشﺮيﻊ في العصﺮ الﺤديث يﺤتل ﻣﺮكز الصدارة ﺑين ﻣصﺎدر القﺎنون اﻷخﺮى ﺑعد تﺮاﺟﻊ العﺮف‬
‫للعديد ﻣن العواﻣل نجملهﺎ فيمﺎ يلي ‪:‬‬
‫‪ ‬توطيد السلطﺔ وتﺮكيزهﺎ‪.‬‬
‫‪ ‬اﻻنتشﺎر الواﺳﻊ لمبدأ فصل السلطﺎت الذي أخذت ﺑه ﻣختلف اﻷنظمﺔ الديمقﺮاطيﺔ‬
‫‪ ‬انتشﺎر اﻷفكﺎر التدخليﺔ التي تطﺎلب الدولﺔ ﺑضﺮورة التدخل في شؤون اﻷفﺮاد وتوليهﺎ أﻣﺮ تنظيمهﺎ إذا اقتضت‬
‫المصلﺤﺔ اﻻﺟتمﺎعيﺔ ذلك ‪.‬‬
‫ويتﺮتب عن اعتبﺎر التشﺮيﻊ المصدر اﻷول للقﺎعدة القﺎنونيﺔ أن البﺤث عن اﻷحكﺎم الواﺟبﺔ التطبيﻖ يتم‬
‫أوﻻ في التشﺮيﻊ تم ﺑعده المصﺎدر اﻷخﺮى‪ ،‬إذا لم توﺟد قﺎعدة تشﺮيعيﺔ تﺤكم ذلك النزاع‪.‬‬

‫يع وعيوﺑه‬ ‫الفقرة الثانية‪ :‬مزايا الت‬

‫يع‬ ‫أو ‪ :‬مزايا الت‬


‫يمكن حصﺮ ﻣزايﺎ التشﺮيﻊ فيمﺎ يلي ‪:‬‬
‫‪ (1‬الوضوح ‪ :‬يﺮد التشﺮيﻊ ﻣكتوﺑﺎ ﻣمﺎ يسﺎهم في التعﺮف على قواعد القﺎنون وتﺤديد ﻣعنﺎه وﻣدلوله‪ ،‬ونطﺎق‬
‫تطبيقه ﻣمﺎ يجعله ﺑدوره يتسم ﺑﺎلوضوح والدقﺔ ﺑخﻼف العﺮف ﻣثﻼ فهو ﻻ يعدو أن يكون ﻣعنى يستقﺮ في‬
‫أذهﺎن النﺎس دون أن يثبت كتﺎﺑﺔ ﻣمﺎ يثيﺮ الشك حول وﺟوده وتﺤديد ﻣضمونه ‪.‬‬
‫‪ (2‬السرعة ‪ :‬يمتﺎز التشﺮيﻊ ﺑسﺮعﺔ وضعه وتعديله وإلغﺎئه فﺎلسلطﺔ المكلﻔﺔ ﺑإﺻدار القﺎنون يسهل عليهﺎ ﻣواكبﺔ‬
‫تطور ظﺮوف المجتمﻊ إﻣﺎ ﺑوضﻊ قواعد قﺎنونيﺔ تﻼئم الظﺮوف الجديدة أو تعديل القﺎنون القديم أو إلغﺎئه إذا‬
‫لم يعد هنﺎك داع لبقﺎئه ﺑخﻼف العﺮف الذي يﺤتﺎج لوقت طويل ﻹلغﺎئه‪ ،‬ﻣمﺎ يجعله غيﺮ قﺎدر على ﻣسﺎيﺮة‬
‫الﺤيﺎة اﻻﺟتمﺎعيﺔ ‪.‬‬
‫‪ (3‬العموم ‪ :‬يوﺟه التشﺮيﻊ خطﺎﺑه إلى ﺟميﻊ أفﺮاد المجتمﻊ ويطبﻖ على كل إقليم الدولﺔ ﻣمﺎ يسﺎعد على تﺤقيﻖ‬
‫وحدة القﺎنون ﺑخﻼف العﺮف الذي يخص ﻣنطقﺔ ﻣعينﺔ أو طﺎئﻔﺔ ﻣعينﺔ ﻣن النﺎس ﻣمﺎ يؤدي إلى عدم وحدة‬
‫القﺎنون في الدولﺔ الواحدة ‪.‬‬

‫يع‬ ‫ﺛانيا ‪ :‬عيوب الت‬


‫تتمثل عيوب التشﺮيﻊ فيمﺎ يلي ‪:‬‬
‫‪ (1‬الجمود ‪ :‬تعمل السلطﺔ التشﺮيعيﺔ على ﺳن قواعد قﺎنونيﺔ وفﻖ ﺻيغﺔ تأخذ ﻣعنى وحيدا هو الذي أراده المشﺮع‬
‫أو يﻔتﺮض فيه أنه أراده‪ ،‬دون خضوعه للتغييﺮ ﺑصﻔﺔ تلقﺎئيﺔ ﻣﻊ تغييﺮ الظﺮوف اﻻﺟتمﺎعيﺔ ﻣمﺎ يجعلهﺎ قد‬
‫تخﺎلف حﺎﺟيﺎت اﻷﻣﺔ ورغبﺎتهﺎ‪ ،‬ﻣمﺎ يجعلهﺎ ﺟﺎﻣدة غيﺮ ﻣنسجمﺔ ﻣﻊ أوضﺎع المجتمﻊ ويزيد ﻣن حدة هذا‬
‫الجمود ﺑطء التدخل التشﺮيعي ‪.‬‬
‫لكن هذه العيوب يمكن تﻼفيهﺎ ﺑتدخل المشﺮع كلمﺎ اﺳتدعى التطور الﺤﺎﺻل ﺑﺎلمجتمﻊ ذلك إﻣﺎ ﺑوضﻊ قواعد‬
‫قﺎنونيﺔ ﺟديدة أو تعديل السﺎئدة أو إلغﺎء القﺎئمﺔ كلمﺎ اقتضى اﻷﻣﺮ ذلك‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫‪ (2‬عدم مﻼئمة التشريع لظروف المجتمع الحقيقية‪ :‬تعمل السلطﺔ المكلﻔﺔ ﺑسن التشﺮيﻊ على وضﻊ قواعد قﺎنونيﺔ‬
‫وفﺮضهﺎ على اﻷفﺮاد‪ ،‬دون إشﺮاك الﻔئﺎت المستهدفﺔ ﺑهذه القواعد ﻣمﺎ يجعلهﺎ غيﺮ ﻣﻼئمﺔ لظﺮوف المجتمﻊ‬
‫وحﺎﺟيﺎته ‪ ،‬وهذا ﻣﺎ يطبﻖ على الدول النﺎﻣيﺔ التي ينقطﻊ ﺑهﺎ التواﺻل ﻣﻊ فعﺎليﺎت المجتمﻊ خﻼل ﺳن القواعد‬
‫القﺎنونيﺔ‪.‬‬
‫‪23‬‬
‫وهذا العيب ليس ﻻﺻقﺎ ﺑﺎلتشﺮيﻊ ﺑل ﺑدينﺎﻣيكيﺔ الجهﺎز التشﺮيعي ‪.‬‬
‫وللتغلب على هذه السلبيﺔ عملت ﺑعض الدول على إيجﺎد تقنيﺎت حديثﺔ لتطويﺮ وﺳﺎئل ﺻيﺎغﺔ القوانين فمثﻼ‬
‫عملت كندا على إنشﺎء لجنﺔ أوثﺎو ‪ ATAWAI‬لسن التشﺮيﻊ تتمثل ﻣهمتهﺎ في تلقي ﻣشﺎريﻊ القوانين‬
‫وعﺮضهﺎ على المجتمﻊ المدني وعلى الشعب عﺎﻣﺔ ﻹﺑداء ﻣﻼحظﺎته وآرائه فيهﺎ قبل اتخﺎذ أي خطوة إزاءهﺎ ‪.‬‬
‫وﺑﺎلﺮغم ﻣن هذه العيوب فإنهﺎ تظل ﻣﺤدودة ﺑﺎلمقﺎرنﺔ ﻣﻊ ﻣزايﺎه‪،‬وأنهﺎ لصيقﺔ ﺑﺎلجهﺎز المكلف ﺑتﻔعيلﺔ ‪.‬‬

‫المطــــلب الــــثاني‪ :‬ســــن الــــتشــــريع‬


‫تتدرج القواعد التشﺮيــــعيﺔ حسب قوتهﺎ وأهميتهﺎ إلى عدة درﺟﺎت يﺤتل التشﺮيﻊ اﻷﺳﺎﺳي المﺮتبﺔ اﻷولى )‬
‫الدﺳتور (‪ ،‬تم يليه التشﺮيﻊ العﺎدي ) القﺎنون ( تم يليه التشﺮيﻊ الﻔﺮعي أو التنظيمي ‪.‬‬
‫يتﺮتب على هذا التدرج نتيجﺔ قﺎنونيﺔ هﺎﻣﺔ ﻣﻔﺎدهﺎ أن التشﺮيﻊ اﻷدنى ﻻ يجب أن يخﺎلف التشﺮيﻊ اﻷعلى ﻣنه‬
‫أو يعدله أو يلغيه ﺑل يلزم أن يكون ﻣطﺎﺑقﺎ له‪ ،‬وﺑصيغﺔ المخﺎلﻔﺔ يستطيﻊ التشﺮيﻊ اﻷعلى أن يخﺎلف أو يعدل‬
‫أو يلغي التشﺮيﻊ اﻻدنى ‪.‬‬

‫الفقرة ا ولى ‪ :‬الدستور ‪constitution‬‬


‫أو ‪:‬مفهوم الدستور وأنواعه‬
‫‪ 1‬ـ تعريف الدستور‬
‫يطلﻖ ﻣصطلح الدﺳتور على ﻣعنيين أولهمﺎ ﻣوضوعي أو ﻣﺎدي‪ ،‬وثﺎنيهمﺎ رﺳمي أو شكلي يقصد ﺑﺎلمعنى‬
‫اﻷول الموضوعﺎت التي تكون في ﻣجموعهﺎ ﻣﺎدة القﺎنون الدﺳتوري‪ ،‬والمتعلقﺔ ﺑﺎﻷﺳس الجوهﺮيﺔ التي تقوم‬
‫عليهﺎ الدولﺔ ﻣن حيث نظﺎﻣهﺎ وشكلهﺎ السيﺎﺳي والسلطﺎت التي تتكون ﻣنهﺎ واختصﺎﺻﺎتهﺎ وكيﻔيﺔ توزيعهﺎ‬
‫وحقوق وواﺟبﺎت اﻷفﺮاد ‪.‬‬
‫أﻣﺎ المعنى الثﺎني فيقصد ﺑه تﺤديد المواضيﻊ المشﺎر إليهﺎ أعﻼه في شكل وثيقﺔ ﺳﺎﻣيﺔ عن السلطﺎت المختصﺔ‬
‫ﺑـــذلك‪ ،‬ونشيﺮ ا ن أول دﺳتور ﻣغﺮﺑي ﺻدر ﺳنﺔ ‪ 1962‬تم تلته ﺑعد ذلك دﺳﺎتيﺮ ﻣعدلﺔ له ﺳنﺔ ‪،1970‬‬
‫‪ 1996 ،1992 ،1972‬و ‪.24 2011‬‬
‫تقسم الدﺳﺎتيﺮ ﻣن حيث شكلهﺎ إلى دﺳﺎتيﺮ ﻣكتوﺑﺔ وأخﺮى عﺮفيﺔ‪ ،‬وﻣن حيث إﻣكﺎنيﺔ تعديلهﺎ إلى دﺳﺎتيﺮ ﻣﺮنﺔ‬
‫وأخﺮى ﺟﺎﻣدة‪.‬‬
‫يقصد ﺑﺎلدﺳتور المكتوب الدﺳتور الذي يصدر في وثيقﺔ رﺳميﺔ ﻣكتوﺑﺔ ﻣن طﺮف الجهﺔ المختصﺔ وﻣﺮتبﺔ في‬
‫نص عﺎم ‪ ،‬أﻣﺎ الدﺳتور العﺮفي ‪ constitution coutumière‬فيقصد ﺑه الدﺳتور الغيﺮ المدون في وثيقﺔ‬
‫رﺳميﺔ ﺑﺎلﺮغم ﻣن إﻣكﺎنيﺔ وﺟود ﺑعض أفكﺎره ﻣتنﺎثﺮة في نصوص ﻣتنوعﺔ‪ ،‬وﺑذلك تظل ﻣواضيعه في ضميﺮ‬
‫اﻷﻣﺔ وﺳلوك اﻷفﺮاد ‪.‬‬
‫وكﻼهمﺎ ﺳواء الدﺳتور المكتوب أو الدﺳتور العﺮفي لهمﺎ نﻔس القوة الملزﻣﺔ‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫للمزيد من المعلومات انظر ‪:‬‬
‫توفيق حسن فرج ويحي مطر‪ :‬م ‪,‬س‪,‬ص‪ 79 :‬ومايليها ‪.‬‬
‫ظهير شريف رقم ‪ 1.11.91‬الصادر في ‪ 27‬من شعبان ‪ 29 ) 1432‬يوليوز ‪ (2011‬بتنفيذ نص الدستور ‪ .‬الجريدة الرسمية ﻋدد ‪ 5964‬مكرر الصادرة بتاريخ ‪28‬‬
‫‪24‬‬
‫شعبان ‪ 30 ) 1432‬يوليوز ‪ (2011‬ص‪3600 :‬‬

‫‪32‬‬
‫أﻣﺎ الدﺳتور المﺮن ‪ constitution souple‬فهو الذي يمكن تعديله ﺑنﻔس إﺟﺮاءات وأشكﺎل تعديل التشﺮيﻊ‬
‫العﺎدي‪ ,‬وتعتبﺮ الدﺳﺎتيﺮ العﺮفيﺔ هي اﻷقﺮب إلى الدﺳﺎتيﺮ المﺮنﺔ كﺎلدﺳتور اﻻنجليزي لكن هذه المﺮونﺔ ﻻ‬
‫تلﺤﻖ القواعد اﻷﺳﺎﺳيﺔ التي تشكل كيﺎن الدولﺔ ونظﺎﻣهﺎ ‪.‬‬
‫أﻣﺎ الدﺳتور الجﺎﻣد أو الصلب ‪ constitution rigide‬هو الذي يستلزم تعديله إﺟﺮاءات خﺎﺻﺔ ﺻﺎرﻣﺔ‬
‫ودقيقﺔ وﻣعقدة تختلف عن إﺟﺮاءات تعديل القوانين العﺎديﺔ أو النص على عدم تعديل ﺑعض ﻣقتضيﺎته ﻣطلقﺎ ‪.‬‬
‫ويعد الدﺳتور المغﺮﺑي ﻣن الدﺳﺎتيﺮ الجﺎﻣدة‪ ،‬حيث نص على إﺟﺮاءات وشﺮوط ﻣﺮاﺟعته في البﺎب الثﺎلث‬
‫عشﺮ ﻣن الدﺳتور المعدل ﺳنﺔ ‪ 2011‬والمعنون ﺑمﺮاﺟعﺔ الدﺳتور ﻣن المواد ‪ 172‬إلى ‪ 175‬ﺑنصه في الﻔصل‬
‫‪ 172‬على أنه " للملك ولرئيس الحكومة ولمجلس النواب ولمجلس المستشارين حق اتخاذ المبادرة قصد‬
‫مراجعة الدستور ‪.‬‬
‫للملك أن يعرض مباشرة على اﻻستفتاء الشعبي المشروع الذي اتخذ المبادرة بشأنه " ‪.‬‬
‫كمﺎ حدد في الﻔصل ‪ 175‬المقتضيﺎت التي ﻻ يطﺎلهﺎ التعديل ﻣطلقﺎ ﺑنصه على أنه " ﻻ يمكن أن تتناول‬
‫المراجعة اﻷحكام المتعلقة بالدين اﻹسﻼمي وبالنظام الملكي للدولة وباختيارها الديمقراطي‪ ,‬وبالمكتسبات في‬
‫مجال الحريات والحقوق اﻷساسية المنصوص عليها في هذا الدستور " ‪.‬‬
‫ﺛانيا ‪ :‬سن الدستور‬
‫يتخذ ﺳن الدﺳتور عدة طﺮق‪ ،‬فقد يصدر في شكل ﻣنﺤﺔ ‪ l'octroi‬نﺎﺑعﺔ عن إدارة المﺤﺎكم‪ ،‬أو يصدر في‬
‫ﺻورة عقد ‪ la charte‬ﺑﺎتﻔﺎق ﺑين الﺤﺎكم والشعب وتوافقهمﺎ على وضﻊ الدﺳتور ‪.‬‬
‫لكن هﺎتين الطﺮيقتين ﻻ تتوافﻖ ﻣﻊ الدول التي حققت نضوﺟﺎ ﺳيﺎﺳيﺎ ﻣهمﺎ‪ ،‬والتي تعتمد على الطﺮيقﺔ الﺤديثﺔ‬
‫لوضﻊ دﺳﺎتيﺮهﺎ والتي تتخذ شكلين يقوم كﻼهمﺎ على إرادة الشعب في وضﻊ الدﺳتور الذي يﺤكمه فإﻣﺎ أن‬
‫ينتخب الشعب نﻔسه هيأة يطلﻖ عليهﺎ الهيأة التأﺳيسيﺔ تتولى ﺳن الدﺳتور‪ ،‬أو أن يقوم الﺤﺎكم ﺑوضﻊ ﻣشﺮوع‬
‫الدﺳتور تم يعﺮضه على اﻻﺳتﻔتﺎء الشعبي‪ ،‬فإذا أقﺮه أﺻبح دﺳتورا ‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬القوانين التنظيمية‪:‬‬
‫تعتبﺮ القوانين التنظيميﺔ ﻣنبثقﺔ عن الدﺳتور وﻣكمله له‪ ،‬ذلك أن هذا اﻷخيﺮ هو الذي يﺤيل عليهﺎ على ﺳبيل‬
‫الﺤصﺮ لتﺤديد طﺮق تطبيﻖ ﺑعض ﻣقتضيﺎته ‪ ،‬ﺑﺤيث تعد تﺎﺑعﺔ للدﺳتور فيمﺎ يخص ﻣوضوعﺎتهﺎ وﻣدى‬
‫دﺳتوريتهﺎ ﺑﺤيث تخضﻊ لﺮقﺎﺑﺔ المﺤكمﺔ الدﺳتوريﺔ ‪.‬‬
‫كمﺎ تخضﻊ لمسطﺮة خﺎﺻﺔ للمصﺎدقﺔ عليهﺎ حددهﺎ ﺑعض نصوص الدﺳتور على الشكل التﺎلي ‪.‬‬
‫‪ ‬عﺮض ﻣشﺮوع القﺎنون التنظيمي على المجلس الوزاري الذي يتﺮأﺳه الملك ) البند ‪ 3‬ﻣن الﻔصل ‪(49‬‬
‫‪ ‬ﻻ يتم التداول في ﻣشﺮوع القﺎنون التنظيمي ﻣن قبل ﻣجلس النواب إﻻ ﺑعد ﻣﺮور ‪ 10‬أيﺎم على وضعه‬
‫لدى ﻣكتبه ‪.‬‬
‫‪ ‬تتم المصﺎدقﺔ على ﻣشﺮوع القﺎنون التنظيمي ﺑﺎﻷغلبيﺔ المطلقﺔ لﻸعضﺎء الﺤﺎضﺮين ﻣن ﻣجلس‬
‫النواب‪ ،‬غيﺮ انه إذا تعلﻖ اﻷﻣﺮ ﺑمشﺮوع أو ﺑمقتﺮح قﺎنون تنظيمي يخص ﻣجلس المستشﺎرين أو‬
‫الجمﺎعﺎت التﺮاﺑيﺔ ‪ ،‬فﺎن التصويت يتم ﺑأغلبيﺔ ﻣجلس النواب ‪.‬‬
‫‪ ‬ﻻ يمكن إﺻدار اﻷﻣﺮ ﺑتنﻔيذ القﺎنون التنظيمي‪ ،‬إﻻ ﺑعد أن تصﺮح المﺤكمﺔ الدﺳتوريﺔ ﺑمطﺎﺑقته‬
‫‪25‬‬
‫للدﺳتور ‪.‬‬
‫‪ ‬تبث المﺤكمﺔ الدﺳتوريﺔ في ﻣدى دﺳتوريﺔ القﺎنون التنظيمي داخل أﺟل شهﺮ ﻣن تﺎريخ اﻹحﺎلﺔ‬
‫ويخﻔظ في حﺎلﺔ اﻻﺳتعجﺎل ﺑطلب ﻣن الﺤكوﻣﺔ الى ثمﺎنيﺔ أيﺎم ) الﻔقﺮة الﺮاﺑعﺔ ﻣن الﻔصل ‪ 132‬ﻣن‬
‫الدﺳتور ( ‪.‬‬
‫‪25‬‬
‫انظر الفصل ‪ 85‬من الدستور الذي ينص ﻋلى أنه " ﻻ يتم التداول في مشاريع ومقترحات القوانين التنظيمية من قبل مجلس النواب‪ ،‬إﻻ بعد مضي ﻋشرة أيام‬
‫ﻋلى وضعها لدى مكتبه‪ ،‬ووفق المسطرة المشار إليها في الفصل ‪.، 84‬وتتم المصادقة ﻋليها نهائيا باﻷغلبية المطلقة لﻸﻋضاء الحاضرين من المجلس المذكور؛ غير‬
‫أنه إذا تعلق اﻷمر بمشروع أو بمقترح قانون تنظيمي يخص مجلس المستشارين أو الجماﻋات الترابية‪ ،‬فإن التصويت يتم بأغلبية أﻋضاء مجلس النواب ‪.‬‬
‫يجب أن يتم إقرار القوانين التنظيمية المتعلقة بمجلس المستشارين‪ ،‬باتفاق بين مجلسي البرلمان‪ ،‬ﻋلى نص موحد‪.‬‬
‫ﻻ يمكن إصدار اﻷمر بتنفيذ القوانين التنظيمية‪ ،‬إﻻ بعد أن تصرح المحكمة الدستورية بمطابقتها للدستور" ‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫وﻣن ﺑين هذه القوانين التنظيميﺔ المنصوص عليهﺎ في الدﺳتور وعدد ‪ 19‬قﺎنونﺎ تنظيميﺎ ‪:‬‬
‫‪ -‬قﺎنون تنظيمي يتعلﻖ ﺑﺎلتعيين في المنﺎﺻب العليﺎ – الﻔصل ‪.26 -49‬‬
‫‪ -‬القﺎنون التنظيمي المتعلﻖ ﺑﺎلنظﺎم اﻷﺳﺎﺳي للقضﺎة – الﻔصل ‪ 112‬ﻣن الدﺳتور ‪.27 -‬‬
‫‪ -‬القﺎنون التنظيمي المﺤدد ﻻنتخﺎب وﺳيﺮ المجلس اﻷعلى للسلطﺔ القضﺎئيﺔ – الﻔصل ‪ 116‬ﻣن الدﺳتور‪. 28‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬ا تفاقيات أو المعاهدات الدولية‪:‬‬
‫يقصد ﺑﺎﻻتﻔﺎقيﺎت أو المعﺎهدات الدوليﺔ اتﻔﺎق ﻣكتوب ﺑين شخصين دوليين أو أكثﺮ‪ ،‬ﺑﺤيث تكون ﺑين الدول‬
‫أو ﺑين الدول وﻣنظمﺔ دوليﺔ أو تكون ﺑين ﻣنظمﺎت دوليﺔ ﺑغﺮض إنشﺎء عﻼقﺔ قﺎنونيﺔ ﺑين اﻷطﺮاف‬
‫المتعﺎقدة ‪.‬‬
‫وقد ﺟعل المشﺮع الدﺳتوري المغﺮﺑي في ديبﺎﺟﺔ الدﺳتور الﺤﺎلي اﻻتﻔﺎقيﺎت الدوليﺔ احد ﻣصﺎدر القﺎعدة‬
‫القﺎنونيﺔ ﺑنصه في الﻔقﺮة اﻷخيﺮة على أنه ‪ .... " :‬جعل اﻻتفاقيات الدولية‪ ،‬كما صادق عليها المغرب‪ ،‬وفي‬
‫نطاق أحكام الدستور وقوانين المملكة‪ ،‬وهويتها الوطنية الراسخة‪ ،‬تسمو‪ ،‬فور نشرها‪ ،‬على التشريعات‬
‫الوطنية والعمل على مﻼئمة هذه التشريعات‪ ،‬مع ما تتطلبه تلك المصادقة "‪.‬‬
‫وﺑﺎلتﺎلي فﺎن اﻻتﻔﺎقيﺎت الدوليﺔ تسﺎهم في نشوء القﺎعدة القﺎنونيﺔ ﺑعد توفﺮ شﺮوط لذلك وهي ‪:‬‬
‫‪ .1‬مصادقة المغرب على ا تفاقيات الدولية ‪ :‬خول المشﺮع الدﺳتوري للملك ﺑمقتضى الﻔصل ‪ 55‬ﻣن‬
‫الدﺳتور التوقيﻊ على المعﺎهدات الدوليﺔ والمصﺎدقﺔ عليهﺎ إﻻ أذا تعلقت اﻻتﻔﺎقيﺎت الدوليﺔ ﺑﺎلسلم آو اﻻتﺤﺎد أو‬
‫رﺳم الﺤدود أو التجﺎرة أو المتﺮتبﺔ عليهﺎ تكﺎليف ﻣﺎليﺔ للدولﺔ أو يستلزم تطبيقهﺎ اتخﺎذ تداﺑيﺮ تشﺮيعيﺔ آو‬
‫تتعلﻖ ﺑﺤقوق وحﺮيﺎت المواطنين والمواطنﺎت العﺎﻣﺔ آو الخﺎﺻﺔ ‪ ،‬فإن الملك ﻻ يصﺎدق عليهﺎ إﻻ إذا وافﻖ‬
‫عليهﺎ البﺮلمﺎن ﺑقﺎنون ‪.‬‬
‫كمﺎ يمكن للملك أن يعﺮض على البﺮلمﺎن كل ﻣعﺎهدة أو اتﻔﺎقيﺔ أخﺮى للمصﺎدقﺔ عليهﺎ‪ ،‬كمﺎ أن المصﺎدقﺔ‬
‫على المعﺎهدات الدوليﺔ ﻻ يتم إﻻ ﺑعد التداول ﺑشأنهﺎ في المجلس الﺤكوﻣي قبل عﺮضهﺎ على المجلس‬
‫الوزاري – البند ‪ 3‬ﻣن الﻔصل ‪ 92‬ﻣن الدﺳتور ‪. -‬‬
‫‪ .2‬عدم مخالفة ا تفاقيات الدولية حﻜام الدستور وقوانين المملﻜة والهوية الوطنية‪ :‬يشتﺮط في‬
‫اﻻتﻔﺎقيﺔ الدوليﺔ أن ﻻ تخﺎلف ﻣقتضيﺎت الدﺳتور وقوانين المملكﺔ وهويتهﺎ الوطنيﺔ كﺎﻻخد ﺑﺎلدين‬
‫اﻹﺳﻼﻣي كدين رﺳمي للبﻼد ‪.‬‬
‫كمﺎ أن المصﺎدقﺔ على اتﻔﺎقيﺔ أو ﺑند ﻣنهﺎ ﻣخﺎلف للدﺳتور ﻣﺮاﺟعته وفي ذلك تنص الﻔقﺮة اﻷخيﺮة ﻣن‬
‫الﻔصل ‪ 55‬ﻣن الدﺳتور على أنه ‪ ":‬إذا صرحت المحكمة الدستورية‪ ،‬إثر إحالة الملك‪ ،‬أو رئيس‬
‫الحكومة‪ ،‬أو رئيس مجلس النواب‪ ،‬أو رئيس مجلس المستشارين‪ ،‬أو سدس أعضاء المجلس اﻷول‪ ،‬أو‬
‫ربع أعضاء المجلس الثاني‪ ،‬اﻷمر إليها‪ ،‬أن التزاما دوليا يتضمن بندا يخالف الدستور‪ ،‬فإن المصادقة‬
‫على هذا اﻻلتزام ﻻ تقع إﻻ بعد مراجعة الدستور" ‪.‬‬
‫‪ .3‬إلزامية ن ا تفاقيات الدولية‪ :‬ويقصد ﺑذلك نشﺮهﺎ في الجﺮيدة الﺮﺳميﺔ للمملكﺔ‪ ،‬الذي يعد قﺮينﺔ‬
‫على علم الجميﻊ ﺑمقتضيﺎتهﺎ وﺑﺎلتﺎلي يلزﻣون ﺑهﺎ وﺑﺎلتﺎلي شﺮطﺎ لسﺮيﺎنهﺎ ‪.‬‬
‫وﺑﺎلتﺎلي إذا تﺤققت هذه الشﺮوط ﻣجتمعﺔ فﺎن اﻻتﻔﺎقيﺔ الدوليﺔ تسمو على القوانين الوطنيﺔ التي ﻣن ﺑينهﺎ‬
‫القﺎنون العﺎدي‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫القانون التنظيمي رقم ‪ 02.12‬المتعلق بالتعيين في المناصب العليا تطبيقا ﻷحكام الفصلين ‪ 49‬و ‪ 92‬من الدستور الصادر بتاريخ ‪ 17‬يوليو ‪ . 2012‬ج‪.‬ر ‪ .‬ﻋدد‬
‫‪ 6066‬بتاريخ ‪ 19‬يوليو ‪ 2012‬ص‪ 4235 :‬كمال تم تغييره وتتميمه بمقتضى القانون رقم ‪ 12.14‬الصادر بتاريخ ‪ 2‬يونيو ‪ . 2015‬ج‪ .‬ر ‪ .‬ﻋدد ‪ 6368‬بتاريخ ‪11‬‬
‫يونيو ‪ 2015‬ص‪. 5665 :‬‬
‫‪27‬‬
‫القانون التنظيمي رقم ‪ 106.13‬المتعلق بالنظام اﻻساسي للقضاة الصادر بتاريخ ‪ 24‬مارس ‪ . 2016‬ج‪ .‬ر ‪ .‬ﻋدد ‪ 6456‬بتاريخ ‪ 14‬أبريل ‪ . 2016‬ص ‪3134 :‬‬
‫‪28‬‬
‫القانون التنظيمي رقم ‪ 100.13‬المتعلق بالمجلس اﻻﻋلى للسلطة القضائية الصادر بتاريخ ‪ 24‬مارس ‪ . 2016‬ج‪.‬ر ‪ .‬ﻋدد ‪ 6456‬بتاريخ ‪ 14‬أبريل ‪ . 2016‬ص‬
‫‪. 3143 :‬‬

‫‪34‬‬
‫الفقرة الراﺑعة ‪ :‬الت يع العادي أو القانون ﺑالمعنى الضيق ‪législation ordinaire‬‬
‫يقصد ﺑﺎلتشﺮيﻊ العﺎدي أو القﺎنون ﺑﺎلمعنى الضيﻖ ‪ la loi‬ﻣجموعﺔ القواعد القﺎنونيﺔ الصﺎدرة عن السلطﺔ‬
‫التشﺮيعيﺔ وفقﺎ لﻺﺟﺮاءات والﺤﺎﻻت المنصوص عليهﺎ في الدﺳتور ‪.‬‬
‫أو ‪ :‬الجهات المختصة ﺑسن الت يع العادي‬
‫وضﻊ الﻔصل ‪ 70‬ﻣن الدﺳتور قﺎعدة عﺎﻣﺔ فيمﺎ يخص ﺳن التشﺮيﻊ وذلك ﺑتخويله للبﺮلمﺎن‪ ،‬لكن في حﺎﻻت‬
‫اﺳتثنﺎئيﺔ يمكن للﺤكوﻣﺔ وللملك وضﻊ التشﺮيﻊ العﺎدي ‪.‬‬
‫‪ -1‬القاعدة العامة في وضع الت يع العادي‬
‫نص الﻔصل ‪ 70‬ﻣن الدﺳتور على أنه " يمارس البرلمان السلطة التشريعية‪ "...‬وﺑذلك يختص البﺮلمﺎن‬
‫وﺑصﻔﺔ أﺻليﺔ ﺑوضﻊ التشﺮيﻊ العﺎدي‪ ،‬كمﺎ عملت نصوص أخﺮى على تﺤديد ﻣجﺎﻻت تدخل البﺮلمﺎن‬
‫واختصﺎﺻﺎته في ﻣجﺎل التشﺮيﻊ ﺑﺤيث حدد الﻔصل ‪ 71‬الميﺎدين التشﺮيعيﺔ للبﺮلمﺎن ‪ ،‬كمﺎ نص الﻔصل ‪ 75‬ﻣن‬
‫الدﺳتور على أحقيﺔ البﺮلمﺎن في التصويت على قﺎنون المﺎليﺔ ‪،‬ﺑينمﺎ نصت الﻔقﺮة الثﺎنيﺔ ﻣن هذا الﻔصل على‬
‫اختصﺎص البﺮلمﺎن على المصﺎدقﺔ على نﻔقﺎت التجهيز التي يتطلبهﺎ ﻣشﺮوع ﻣخطط التنميﺔ ﺑينمﺎ نص الﻔصل‬
‫‪ 55‬على دور البﺮلمﺎن على الموافقﺔ على المعﺎهدات الدوليﺔ المتعلقﺔ ﺑﺎلسلم أو اﻻتﺤﺎد أو التي تهم رﺳم‬
‫الﺤدود‪ ،‬وﻣعﺎهدات التجﺎرة أو التي تلزم ﻣﺎليﺔ الدولﺔ أو يتطلب تطبيقهﺎ اتخﺎذ تداﺑيﺮ تشﺮيعيﺔ أو تتعلﻖ ﺑﺤقوق‬
‫وحﺮيﺎت المواطنين العﺎﻣﺔ أو الخﺎﺻﺔ ‪ ,‬وأيضﺎ إحداث ﺟمﺎعﺎت ﻣﺤليﺔ ﺟديدة‪ 29‬وأيضﺎ تﺤديد اختصﺎﺻﺎت‬
‫المجلس اﻷعلى للﺤسﺎﺑﺎت والمجﺎلس الجهويﺔ للﺤسﺎﺑﺎت وقواعد تنظيمهﺎ وكيﻔيﺔ تسييﺮهﺎ ‪.30‬‬
‫يتضح ﻣمﺎ ﺳبﻖ أن اﻻختصﺎﺻﺎت التشﺮيعيﺔ للبﺮلمﺎن ﻣﺤددة على ﺳبيل الﺤصﺮ ﺑﺤيث ﻻ يجوز له تجﺎوزهﺎ‪،‬‬
‫وفي حﺎلﺔ المخﺎلﻔﺔ فﺎنه تبث فيه المﺤكمﺔ الدﺳتوريﺔ خﻼل ثمﺎنيﺔ أيﺎم ﺑمقتضى الﻔصل ‪ 79‬ﻣن الدﺳتور "‬
‫للحكومة أن تدفع بعدم قبول كل مقترح أو تعديل ﻻ يدخل في مجال القانون ‪.‬‬
‫كل خﻼف في هذا الشأن تبث فيه المحكمة الدستورية في أجل ثمانية أيام‪ ،‬بطلﺐ من أحد رئيسي المجلسين‬
‫أو من رئيس الحكومة " ‪.‬‬
‫‪ -2‬الحا ت ا ستثنائية لوضع الت يع العادي‬
‫خول الدﺳتور وفي حﺎﻻت اﺳتثنﺎئيﺔ لكل ﻣن الﺤكوﻣﺔ والملك وضﻊ التشﺮيﻊ وذلك في الﺤﺎﻻت التﺎليﺔ‪:‬‬
‫أ‪ -‬حالة إع ن ا ستثناء ‪ :‬خول الدﺳتور للملك ﺑمقتضى الﻔصل ‪ 59‬ﻣمﺎرﺳﺔ التشﺮيﻊ عند إعﻼن حﺎلﺔ‬
‫اﻻﺳتثنﺎء ﺑنصه " إذا كانت حوزة التراب الوطني مهددة أو وقع من اﻷحداث ما يعرقل السير العادي‬
‫للمؤسسات الدستورية‪ ،‬يمكن للملك أن يعلن حالة اﻻستثناء بظهير بعد استشارة كل من رئيس الحكومة‬
‫ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس المستشارين ورئيس المحكمة الدستورية وتوجيه خطاب إلى‬
‫اﻷمة‪. "...‬‬
‫ب‪ -‬حالة ا ذن من طرف مجلس البرلمان أو حالة التفويض ا رادي ‪ :‬نصت عليهﺎ الﻔقﺮة الثﺎنيﺔ‬
‫ﻣن الﻔصل ‪ 70‬ﻣن الدﺳتور ﺑنصه على أنه " للقانون أن يأذن للحكومة أن تتخذ في ظرف من الزمن محدد‬
‫ولغاية معينة بمقتضى مراسيم تدابير يختص القانون عادة باتخاذها‪ ,‬ويجري العمل بهذه المراسيم بمجرد‬
‫نشرها غير أنه يجﺐ عرضها على البرلمان بقصد المصادقة عند انتهاء اﻷجل الذي حدده قانون اﻹذن‬
‫بإصدارها ويبطل قانون اﻹذن إذا ما وقع حل مجلسي البرلمان أو احدهما " ‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫انظر الفصل ‪ 135‬من الدستور‬
‫‪30‬‬
‫الفصل ‪ 150‬من الدستور‬

‫‪35‬‬
‫وهذا اﻻﺳتثنﺎء يجد تطبيقه وﺑصورة دائمﺔ في ﻣيدان القوانين المﺎليﺔ كﻔﺮض الﺮﺳوم والضﺮائب أو تعديلهﺎ‪،‬‬
‫وأيضﺎ ﺑﺎلنسبﺔ للقﺎنون الذي يﺮخص في تﻔويت المؤﺳسﺎت العموﻣيﺔ إلى القطﺎع الخﺎص المعﺮوف ﺑقﺎنون‬
‫الخوﺻصﺔ ‪.31privatisation‬‬
‫ت ‪ -‬حالة ال ورة أو العطلة البرلمانية‪ :‬خول الﻔصل ‪ 81‬ﻣن الدﺳتور للﺤكوﻣﺔ حﻖ التشﺮيﻊ ﺑقوة‬
‫القﺎنون ودون حﺎﺟﺔ إلى إذن البﺮلمﺎن وذلك ﺑإﺻدار ﻣﺮاﺳيم قوانين وﺑﺎتﻔﺎق ﻣﻊ اللجﺎن المعنيﺔ شﺮيطﺔ‬
‫عﺮضهﺎ للمصﺎدقﺔ عليهﺎ خﻼل الدورة المواليﺔ العﺎديﺔ للبﺮلمﺎن‪ ،‬وﺑذلك فهو تﻔويض تلقﺎئي وﺑقوة القﺎنون‬
‫الهدف ﻣنه تﻔﺎدي الﻔﺮاغ في السلطﺔ التشﺮيعيﺔ ﺑسبب العطلﺔ البﺮلمﺎنيﺔ ‪.‬‬
‫ﺛانيا ‪ :‬مراحل سن الت يع العادي‬
‫يمﺮ ﺳن التشﺮيﻊ العﺎدي ﺑمﺮاحل ﻣتعددة وهي‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ ا قتراح ‪ : proposition :‬يشكل أول ﻣﺮاحل وضﻊ التشﺮيﻊ وهو على نوعين ﺑﺤسب الجهﺔ التي‬
‫تتولى طﺮحه‪ ،‬فإذا اقتﺮحه رئيس الﺤكوﻣﺔ يسمى ﻣشﺮوع القﺎنون ‪ projet de loi‬أﻣﺎ إذا ﺻدر عن أحد‬
‫أعضﺎء البﺮلمﺎن ﺑغﺮفتيه فيسمى ﻣقتﺮح أو اقتﺮاح القﺎنون ‪. proposition de loi‬‬
‫تودع هذه المشﺎريﻊ ﺑمكتب ﻣجلس النواب ﺑﺎﺳتثنﺎء تلك المتعلقﺔ ﺑﺎلجمﺎعﺎت التﺮاﺑيﺔ وﺑﺎلتنميﺔ الجهويﺔ والقضﺎيﺎ‬
‫اﻻﺟتمﺎعيﺔ فتودع لدى ﻣكتب ﻣجلس المستشﺎرين ‪.32‬‬
‫‪ 2‬ـ المناقشة‪ :discussion :‬ﺑعد وضﻊ ﻣشﺎريﻊ واقتﺮاحﺎت القوانين ﺑﺎلبﺮلمﺎن حسب اختصﺎﺻﺎت‬
‫غﺮفتيه تﺤﺎل ﻷﺟل دراﺳتهﺎ على اللجﺎن البﺮلمﺎنيﺔ المختصﺔ التي يستمﺮ عملهﺎ خﻼل الﻔتﺮات الﻔﺎﺻلﺔ ﺑين‬
‫‪.‬‬
‫الدورات التي تتولى ﻣﺮاﺟعتهﺎ وﺻيﺎغتهﺎ ﻣن النﺎحيﺔ القﺎنونيﺔ وكتﺎﺑﺔ تقﺎريﺮ ﺑشأنهﺎ‬
‫يمكن لهذه اللجﺎن اﺳتدعﺎء الوزراء لﺤضور أشغﺎلهﺎ‪ ،‬واﻻﺳتعﺎنﺔ ﺑآراء أعضﺎء الﺤكوﻣﺔ خﺎﺻﺔ أولئك الذين‬
‫يدخل ﻣشﺮوع القﺎنون أو ﻣقتﺮح القﺎنون في دائﺮة اختصﺎص وزارته‪.‬‬
‫وﺑعد النظﺮ فيهﺎ يضﻊ ﻣكتب كل ﻣن ﻣجلسي البﺮلمﺎن ﺟدول أعمﺎله يتضمن وفﻖ التﺮتيب الذي تﺤدده الﺤكوﻣﺔ‬
‫ﻣنﺎقشﺔ ﻣشﺎريﻊ القوانين وﻣقتﺮحﺎت ﻣﻊ تخصيص يوم واحد على اﻷقل في الشهﺮ لــــدراﺳﺔ ﻣقتﺮحﺎت القوانين‬
‫ﻣن ﺑينهﺎ تلك الصﺎدرة عن البﺮلمﺎن ‪.33‬‬
‫كمﺎ يﺤﻖ ﻷعضﺎء ﻣجلسي البﺮلمﺎن وللﺤكوﻣﺔ حﻖ تعديل اﻻقتﺮاحﺎت‪ ،‬وللﺤكوﻣﺔ ﺑعد افتتﺎح المنﺎقشﺔ أن‬
‫تعﺎرض كل تعديل لم يعﺮض ﻣن قبل على اللجنﺔ المختصﺔ التي يعنيهﺎ اﻷﻣﺮ‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ التصويت‪ vote:‬ﺑعد اقتﺮاح وﻣنﺎقشﺔ ﻣشﺎريﻊ وﻣقتﺮحﺎت القوانين تأتي ﻣﺮحلﺔ التصويت‪ ،‬وذلك ﺑأخذ‬
‫اﻷﺻوات عليهﺎ ﺑنﺎء على الﻔقﺮة الثﺎنيﺔ ﻣن الﻔصل ‪ 70‬ﻣن الدﺳتور التي ينص على أنه " يصوت البرلمان‬
‫على القوانين ويراقﺐ عمل الحكومة ويقيم السياسات العمومية ‪ ، "...‬والﻔصل ‪ 60‬الذي اعتبﺮ حﻖ التصويت‬
‫حﻖ شخصي ﻻ يمكن تﻔويضه ‪.‬‬
‫ويتم التصويت ﺑبث المجلس المعﺮوض عليه النص ﺑتصويت واحد في النص المتنﺎقش فيه كله أو ﺑعضه إذا ﻣﺎ‬
‫طلبت الﺤكوﻣﺔ ذلك‪ ،‬ﻣﻊ اﻻقتصﺎر على التعديﻼت المقتﺮحﺔ أو المقبولﺔ ﻣن قبلهﺎ‪ ،‬كمﺎ أن هذه المشﺎريﻊ‬
‫والمقتﺮحﺎت ﻻ تعد قﺎنونﺎ إﻻ ﺑعد التصويت النهﺎئي على النص الذي تم البث فيه ﻣن طﺮف غﺮفتي المجلس ‪.34‬‬

‫‪31‬‬
‫انظر الظهير الشريف رقم ‪ 1.90.01‬الصادر في ‪ 15‬من رمضان ‪ 11 ) 1410‬أبريل ‪ (1990‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 39.89‬المؤذن بموجبه في تحويل منشات‬
‫ﻋامة إلى منشات خاصة ‪ .‬ج‪.‬ر ‪ .‬ﻋدد ‪ 4042‬بتاريخ ‪ 1990 /04/18‬ص ‪. 711 :‬‬
‫‪32‬‬
‫ينص الفصل ‪ 78‬من الدستور ﻋلى أنه " لرئيس الحكومة وﻷﻋضاء البرلمان ﻋلى السواء حق التقدم باقتراح القوانين‪.‬‬
‫تودع مشاريع القوانين باﻷسبقية لدى مكتب مجلس النواب‪ ,‬غير أن مشاريع القوانين المتعلقة ﻋلى وجه الخصوص بالجماﻋات الترابية وبالتنمية الجهوية وبالقضايا‬
‫اﻻجتماﻋية تودع باﻷسبقية لدى مكتب مجلس المستشارين " ‪.‬‬
‫‪33‬‬
‫ينص الفصل ‪ 82‬من الدستور " يضع مكتب كل من مجلسي البرلمان جدول أﻋماله‪ ,‬ويتضمن هذا الجدول مشاريع القوانين ومقترحات القوانين باﻷسبقية ووفق‬
‫الترتيب الذي تحدده الحكومة " ‪.‬‬
‫‪34‬‬
‫انظر الفصل ‪ 84‬من الدستور‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫‪ 4‬ـ التصديق ‪ :‬يقصد ﺑﺎلتصديﻖ عﺮض ﻣشﺎريﻊ القوانين أو ﻣشﺮوع القﺎنون على أنضﺎر الملك ﺑقصد‬
‫المصﺎدقﺔ عليه وإﺻدار اﻷﻣﺮ ﺑتنﻔيذه ﺑنﺎء على الﻔصل ‪ 50‬ﻣن الدﺳتور الذي ينص على أنه " يصدر الملك‬
‫اﻷمر بتنفيذ القانون خﻼل الثﻼثين يوما التالية ﻹحالته على الحكومة بعد تمام الموافقة عليه ‪. "...‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬الت يع الفرعي أو التنظيمي ‪les règlement ou législations‬‬
‫‪secondaire‬‬

‫أو ‪ :‬تعريف الت يع الفرعي ‪ :‬التشﺮيﻊ الﻔﺮعي هو التشﺮيﻊ الذي تسنه السلطﺔ التنﻔيذيﺔ ﺑموﺟب‬
‫اﻻختصﺎص اﻷﺻيل والثﺎﺑت المخول لهﺎ ﺑمقتضى الدﺳتور‪ ،‬وهو عبﺎرة عن نصوص تنظيميﺔ تصدر في إطﺎر‬
‫السلطﺔ التنظيميﺔ الممنوحﺔ للﺤكوﻣﺔ ‪.‬‬
‫يتضمن هذا النوع ﻣن التشﺮيﻊ قواعد عﺎﻣﺔ وﻣجﺮدة‪ ،‬ﻣمﺎ يميزهﺎ عن القﺮارات اﻹداريﺔ الﻔﺮديﺔ الصﺎدرة عن‬
‫اﻹدارة‪ ،‬كمﺎ تتميز ﺑقوة اﻹلزام ﺑﺎعتبﺎرهﺎ عمﻼ قﺎنونيﺎ يعبﺮ عن إرادة اﻹدارة في إحداث أثﺮ قﺎنوني أو تعديل‬
‫في المﺮاكز القﺎنونيﺔ ‪.‬‬
‫وتجدر اﻹشﺎرة أن هذا النوع ﻣن التشﺮيﻊ يتميز ﺑشسﺎعﺔ ﻣجﺎله ﺑﺎلمقﺎرنﺔ ﻣﻊ التشﺮيﻊ العﺎدي ‪.‬‬

‫ﺛانيا ‪ :‬الجهات المختصة ﺑوضع الت يع الفرعي‬


‫يمﺎرس السلطﺔ التنظيميﺔ ﺑمقتضى الﻔصل ‪ 90‬ﻣن الدﺳتور رئيس الﺤكوﻣﺔ ﺑنصه على أنه " يمارس رئيس‬
‫الحكومة السلطة التنظيمية ويمكن أن يفوض بعض سلطته للوزراء‪.‬‬
‫تحمل المقررات التنظيمية الصادرة عن رئيس الحكومة التوقيع بالعطف من لدن الوزراء المكلفين بتنفيذها‬
‫"‪.‬‬
‫وﺑﺎلتﺎلي يختص رئيس الﺤكوﻣﺔ ﺑممﺎرﺳﺔ السلطﺔ التنظيميﺔ وﺑصﻔﺔ اﺳتثنﺎئيﺔ للوزراء الذين يﻔوض لهم هذا‬
‫اﻻختصﺎص‪ ،‬وتسمى في هذه الﺤﺎلﺔ هذه التشﺮيعﺎت ﺑمﺮاﺳيم ‪ décret‬أو قﺮارات وزاريﺔ ‪les arrêts‬‬
‫‪ ، ministériels‬كمﺎ يمكن أن تصدر هذه السلطﺔ عن الملك ﺑمقتضى ظهﺎئﺮ كﺎلتعيين في الوظﺎئف المدنيﺔ أو‬
‫العسكﺮيﺔ ‪.‬‬
‫يعات الفرعية‬ ‫ﺛالثا‪ :‬أنواع الت‬
‫تختلف التشﺮيعﺎت الﻔﺮعيﺔ حسب الهدف ﻣن ﺳنهﺎ‪ ،‬فإﻣﺎ أن تهدف إلى تنﻔيذ القوانين الصﺎدرة عن السلطﺔ‬
‫التشﺮيعيﺔ فيطلﻖ عليهﺎ اللوائح التنﻔيذيﺔ أو تعمل على تنظيم المﺮافﻖ العﺎﻣﺔ فتسمى اللوائح التنظيميﺔ أو تهدف‬
‫إلى حﻔظ اﻷﻣن ﺑﺎلمجتمﻊ فتسمى لوائح الضبط‪.‬‬
‫أ – اللوائح التنفيذية ‪ : législations d'exécutions‬هي تلك اللوائح التي تصدرهﺎ السلطﺔ التنﻔيذيﺔ لتنﻔيذ‬
‫التشﺮيﻊ العﺎدي ووضعهﺎ ﻣوضﻊ التنﻔيذ‪ ،‬فﺎلقﺎنون العﺎدي يأتي في شكل ﻣبﺎدئ عﺎﻣﺔ تتولى الﺤكوﻣﺔ ﺑﺤكم‬
‫وظيﻔتهﺎ واتصﺎلهﺎ المستمﺮ ﺑﺎلمخﺎطبين ﺑﺎلقﺎعدة القﺎنونيﺔ وضﻊ التﻔﺎﺻيل والجزئيﺎت لهﺎ‪ ،‬دون الخﺮوج عنهﺎ‬
‫ﺑﺎﻹلغﺎء أو التعديل ‪.‬‬
‫ب ـ اللوائح التنظيمية‪ législations d'organisations :‬هي اللوائح الصﺎدرة عن السلطﺔ‬
‫التنﻔيذيﺔ لتنظيم المﺮافﻖ العﺎﻣﺔ وتنسيﻖ ﺳيﺮ العمل في اﻹدارات الﺤكوﻣيﺔ والوزارات‪.‬‬
‫تتميز هذه اللوائح ﺑكونهﺎ قﺎئمﺔ ﺑذاتهﺎ لكونهﺎ ﻻ تستمد وﺟودهﺎ ﻣن أي تشﺮيﻊ ﺑل يعود إلى كون السلطﺔ التنﻔيذيﺔ‬
‫هي المكلﻔﺔ ﺑتسييﺮ المصﺎلح الﺤكوﻣيﺔ ‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫ت ـ الت يعات الضبطية أو ت يعات البوليس ‪ :législations de police‬هي التي تضعهﺎ‬
‫السلطﺔ التنﻔيذيﺔ ﺑقصد تﺤقيﻖ المصلﺤﺔ العﺎﻣﺔ في ﻣجﺎﻻت المﺤﺎفظﺔ على اﻷﻣن والصﺤﺔ العﺎﻣﺔ والسكينﺔ‬
‫كﺎلتشﺮيعﺎت الخﺎﺻﺔ ﺑﺎلمﺮور وﻣﺮاقبﺔ المواد اﻻﺳتهﻼكيﺔ ‪.‬‬
‫وهي ﺑدورهﺎ قﺎئمﺔ ﺑذاتهﺎ لكونهﺎ ﻻ تستند إلى قﺎنون قﺎئم ﻣوﺟود فعﻼ شأنهﺎ شأن اللوائح التنظيميﺔ ‪.‬‬
‫يع‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬نفاد الت‬
‫يتطلب تطبيﻖ التشﺮيﻊ ﺑﺎﻹضﺎفﺔ إلى ﺳنه ﻣن طﺮف السلطﺔ المختصﺔ نﻔﺎده الذي يتطلب ﺑدوره خضوعه‬
‫ﻹﺟﺮائين اثنين أولهمﺎ اﻹﺻدار وثﺎنيهمﺎ النشﺮ ‪.‬‬
‫الفقرة ا ولى ا صدار‪la promulgation :‬‬
‫يقصد ﺑه عمل قﺎنوني تتوﻻه السلطﺔ التنﻔيذيﺔ ﺑغﺮض إثبﺎت وﺟود التشﺮيﻊ عن طﺮيﻖ توﺟيه أﻣﺮ إلى الﺤكوﻣﺔ‬
‫لتنﻔيذ القﺎنون ﺑﺎعتبﺎره تشﺮيعﺎ ﻣن تشﺮيعﺎت الدولﺔ‪.‬‬
‫يختص ﺑتوﺟيه هذا اﻷﻣﺮ حسب الﻔصل ‪ 50‬ﻣن الدﺳتور الملك ﺑواﺳطﺔ ظهيﺮ يسمى ظهيﺮ اﻹﺻدار خﻼل‬
‫الثﻼثين يوﻣﺎ التﺎليﺔ ﻹحﺎلته على الﺤكوﻣﺔ ﺑعد تمﺎم الموافقﺔ عليه ﻣمﺎ يتﺮتب عليه ‪:‬‬
‫‪ ‬تسجيل الوﺟود القﺎنوني للتشﺮيﻊ فهو ﺑمثﺎﺑﺔ شهﺎدة ﻣيﻼد له وفﻖ طﺮيقﺔ ﺳنه ‪.‬‬
‫‪ ‬تكليف رﺟﺎل السلطﺔ التنﻔيذيﺔ في الدولﺔ ﺑتنﻔيذ التشﺮيﻊ كل فيمﺎ يخصه ﺑﺎعتبﺎره ﻣن تشﺮيعﺎت الدولﺔ‪ ،‬ﻷن‬
‫السلطﺔ التنﻔيذيﺔ هي المكلﻔﺔ ﺑتنﻔيذ القﺎنون‪.‬‬
‫وهذا اﻹﺻدار يعتبﺮ ﻻزﻣﺎ لكل أنواع التشﺮيﻊ ﺳواء التشﺮيﻊ اﻷﺳﺎﺳي أو التشﺮيﻊ العﺎدي أو التشﺮيﻊ الﻔﺮعي‪.‬‬
‫يع ‪la publication‬‬ ‫الت‬ ‫الفقرة الثانية ‪ :‬ن‬
‫النشﺮ إﺟﺮاء رﺳمي يقصد ﺑه إعﻼن التشﺮيﻊ الجديد للنﺎس‪ ،‬وتعﺮيﻔهم ﺑتﺎريخ دخوله حيز التطبيﻖ ﻷن التشﺮيﻊ‬
‫يكتسب ﺻﻔﺔ اﻹلزام ﺑإﺻداره‪ ،‬في حين يصبح واﺟب التطبيﻖ عند نشﺮه ووﺻول العلم ﺑه إلى المخﺎطبين‬
‫ﺑأحكﺎﻣه‪.‬‬
‫وتتم عمليﺔ النشﺮ حسب الﻔقﺮة الثﺎنيﺔ ﻣن الﻔصل ‪ 50‬ﻣن الدﺳتور ﺑﺎلنشﺮ في الجﺮيدة الﺮﺳميﺔ خﻼل أﺟل‬
‫أقصﺎه شهﺮ اﺑتداء ﻣن تﺎريخ إﺻداره " ‪ ..‬ينشر القانون الذي صدر اﻷمر بتنفيذه بالجريدة الرسمية للمملكة‬
‫خﻼل أجل أقصاه شهر ابتداء من تاريخ ظهير إصداره"‪.‬‬
‫وﻻ يغني عن النشﺮ في الجﺮيدة الﺮﺳميﺔ أي وﺳيلﺔ أخﺮى كﺎلنشﺮ في الصﺤف أو اﻹذاعﺔ أو التلﻔزيون أو‬
‫تعليقهﺎ في اﻷﻣﺎكن العموﻣيﺔ ‪.‬‬
‫وتجدر اﻹشﺎرة أن عمليﺔ النشﺮ تشمل ﺟميﻊ أنواع القوانين ﺳواء اﻷﺳﺎﺳيﺔ أو العﺎديﺔ أو الﻔﺮعيﺔ ‪.‬‬
‫المطلب الراﺑع‪ :‬التقنين ‪codification‬‬
‫يقصد ﺑﺎلتقنين الوثيقﺔ الﺮﺳميﺔ الصﺎدرة عن السلطﺔ التشﺮيعيﺔ والتي تضم النصوص التشﺮيعيﺔ الخﺎﺻﺔ‬
‫ﺑﻔﺮع ﻣن فﺮوع القﺎنون في كتﺎب )‪ (code‬واحد ﺑعد تﺮتيبهﺎ وتبويبهﺎ ورفﻊ ﻣﺎ قد يشوﺑهﺎ ﻣن تعﺎرض‬
‫وتضﺎرب‪ ،‬وﺑﺎلتﺎلي ﻻ يندرج في عمليﺔ التقنيين التجميﻊ الذي تقوم ﺑه الهيآت اﻷخﺮى غيﺮ السلطﺔ التشﺮيعيﺔ‬
‫كﺎلهيآت العلميﺔ والﻔقهﺎء ‪.‬‬
‫‪38‬‬
‫وقد ظهﺮت عمليﺔ التقنين في القوانين القديمﺔ كﺎلقﺎنون اليونﺎني والقﺎنون الﺮوﻣﺎني وﺻوﻻ إلى القﺎنون الﺤديث‬
‫ﻣند ﻣطلﻊ القﺮن التﺎﺳﻊ عشﺮ الذي عﺮف ﺻيﺎغﺔ القواعد القﺎنونيﺔ في شكل نصوص تتضمنهﺎ ﻣجموعﺎت‬
‫كﺎلقﺎنون المـــدني الﻔﺮنسي لسنﺔ ‪ ) 1804‬قﺎنون نﺎﺑليون( ‪.‬‬
‫وقد عﺮف القﺎنون المغﺮﺑي هذه العمليﺔ ﻣند عهد اﻻﺳتعمﺎر خﺎﺻﺔ ﺳنﺔ ‪ 1913‬ﺑإﺻدار قﺎنون اﻻلتزاﻣﺎت‬
‫والعقود وقﺎنون المسطﺮة المدنيﺔ‪ ،‬وﺑعد اﻻﺳتقﻼل كمدونﺔ اﻷحوال الشخصيﺔ ﺳنﺔ ‪ 1957‬وقﺎنون المسطﺮة‬
‫الجنﺎئيﺔ ﺳنﺔ ‪... 1959‬الخ ‪.‬‬
‫وقد أدت ﻣجموعﺔ ﻣن العواﻣل إلى انتشﺎر التقنيين أهمهﺎ نشﺮ القﺎنون ﻣمﺎ أدى إلى تيسيﺮ تدوينه وﺑﺎلتﺎلي تقنينه‬
‫في كتب ﻣتخصصﺔ‪ ،‬وأيضﺎ تعدد القضﺎة ﺑسبب اتسﺎع رقعﺔ الدولﺔ الواحدة ‪ ،‬كمﺎ تسﺎهم في تﺤقيﻖ التنﺎﺳﻖ ﺑين‬
‫ﻣختلف القواعد القﺎنونيﺔ وتﻔﺎدي التعﺎرض والتضﺎرب ﺑينهﺎ ﻣمﺎ يسﺎهم ﺑدوره في تيسيﺮ البﺤث عن اﻷحكﺎم‬
‫القﺎنونيﺔ المطلوب تطبيقهﺎ أو اﻹلمﺎم ﺑهﺎ ‪.‬‬
‫يع‬ ‫المطلب الخامس‪ :‬تدرج الت‬
‫تتدرج التشﺮيعﺎت ﻣن حيث قوتهﺎ وأهميتهﺎ إلى ثﻼثﺔ أنواع يوﺟد في قمتهﺎ الدﺳتور أو التشﺮيﻊ اﻷﺳﺎﺳي تم‬
‫تليه اﻻتﻔﺎقيﺎت الدوليﺔ تم التشﺮيﻊ العﺎدي أو القﺎنون تم التشﺮيﻊ الﻔﺮعي ‪ ،‬وفي ذلك تنص الﻔقﺮة الثﺎلثﺔ ﻣن‬
‫المﺎدة السﺎدﺳﺔ ﻣن دﺳتور ﺳنﺔ ‪ 2011‬على أنه " تعتبﺮ دﺳتوريﺔ القواعد القﺎنونيﺔ ‪ ،‬وتﺮاتبيتهﺎ‪ ،‬ووﺟوب‬
‫نشﺮهﺎ‪ ،‬ﻣبﺎدئ ﻣلزﻣﺔ " ‪.‬‬
‫يتﺮتب عن هذا التدرج ﻣطﺎﺑقﺔ التشﺮيﻊ اﻷدنى للتشﺮيﻊ اﻷعلى ﻣنه ﻣﺮتبﺔ‪ ،‬ﺑﺤيث ﻻ يجب عليه ﻣخﺎلﻔته أو‬
‫تعديله‪ ،‬فﻼ يجوز أن تخﺎلف اﻻتﻔﺎقيﺎت الدوليﺔ الدﺳتور‪ ،‬وﻻ أن يخﺎلف التشﺮيﻊ العﺎدي الدﺳتور وﻻ أن يخﺎلف‬
‫التشﺮيﻊ الﻔﺮعي التشﺮيﻊ العﺎدي أو الدﺳتور‪.‬‬
‫وتتخذ المخﺎلﻔﺔ ﻣظهﺮين ‪:‬‬
‫أو ‪ :‬المخالفة من حيث الشﻜل ‪ :‬تتﺤقﻖ هذه المخﺎلﻔﺔ عند عدم إتبﺎع اﻹﺟﺮاءات الﻼزﻣﺔ لسن أو نﻔﺎده‬
‫كصدوره عن ﺳلطﺔ غيﺮ ﻣختصﺔ أو إﺻداره دون حصوله في البﺮلمﺎن على اﻷغلبيﺔ العﺎديﺔ المطلوﺑﺔ أو‬
‫تنﻔيذه قبل نشﺮه في الجﺮيدة الﺮﺳميﺔ ‪.‬‬
‫ﺛانيا ‪ :‬المخالفة من حيث الموضوع ‪ :‬تتﺤقﻖ هذه الﺤﺎلﺔ إذا تضمن التشﺮيﻊ اﻷدنى أحكﺎﻣﺎ تتعﺎرض ﻣﻊ‬
‫التشﺮيﻊ اﻷعلى ﻣنه درﺟﺔ كأن يصدر تشﺮيﻊ عﺎدي يﺤد ﻣن حﺮيﺔ الﺮأي ﺑﺎلﺮغم ﻣن كﻔﺎلتهﺎ ﻣن الدﺳتور ‪.‬‬
‫عية النصوص القانونية‬ ‫المطلب السادس ‪ :‬الرقاﺑة القضائية ل‬
‫يع الفرعي ‪:‬‬ ‫الفقرة ا ولى‪ :‬رقاﺑة المحاكم العادية على صحة الت‬
‫إذا تضمن التشﺮيﻊ الﻔﺮعي أحكﺎﻣﺎ ﻣخﺎلﻔﺔ للتشﺮيﻊ العﺎدي أو التشﺮيﻊ اﻷﺳﺎﺳي فﺎن المﺤﺎكم العﺎديﺔ تملك حﻖ‬
‫اﻻﻣتنﺎع عن تطبيﻖ التشﺮيﻊ الﻔﺮعي‪ ،‬ولو لم يطلب أحد ﻣن الخصوم اﺳتبعﺎد تطبيقه لعدم ﻣشﺮوعيته ‪،‬‬
‫وﺑﺎلتﺎلي ينﺤصﺮ اﻻﺳتبعﺎد على النزاع المطﺮوح أﻣﺎﻣهﺎ دون إلغﺎئه ‪ ،‬وﺑﺎلتﺎلي يشتﺮط في كل ﻣﺤكمﺔ أن تتأكد‬
‫قبل تطبيﻖ التشﺮيﻊ الﻔﺮعي ﻣن قﺎنونيته وإذا تبت لهﺎ ذلك كﺎن عليهﺎ أي تمتنﻊ عن تطبيقه ﻣن تلقﺎء نﻔسهﺎ‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫يع الفرعي‬ ‫الفقرة الثانية ‪ :‬رقاﺑة المحاكم ا دارية على صحة الت‬
‫يملك القضﺎء اﻹداري ﺳلطﺔ إلغﺎء التشﺮيﻊ الﻔﺮعي ﺑسبب الشطط في اﺳتعمﺎل السلطﺔ إذا رفعت دعوى أﻣﺎم‬
‫المﺤﺎكم اﻹداريﺔ في هذا الشأن ‪ ،‬وفي اﻵﺟﺎل المﺤددة في المﺎدة ‪ 23‬ﻣن ظهيﺮ ‪ 1993 /09/10‬المتعلﻖ ﺑإنشﺎء‬
‫المﺤﺎكم اﻹداريﺔ وهو ‪ 60‬يوﻣﺎ ﻣن نشﺮ أو تبليغ القﺮار الصﺎدر عن السلطﺎت اﻹداريﺔ إلى المعنى ﺑﺎﻷﻣﺮ‪.35‬‬
‫المطلب الساﺑع ‪ :‬الرقاﺑة القضائية على دستورية القوانين‬
‫يقصد ﺑدﺳتوريﺔ القوانين هو التأكد ﻣن ﻣطﺎﺑقﺔ القوانين لﺮوح الدﺳتور وأحكﺎﻣه‪ ،‬وقد عﺮف المغﺮب ثﻼث‬
‫تجﺎرب ﻣختلﻔﺔ‪ ،‬الغﺮفﺔ الدﺳتوريﺔ ﻣﻊ دﺳتور ‪ 1962‬ظل عملهﺎ ﻣﺤدودا وضيقﺎ في ﻣﺮاقبﺔ دﺳتوريﺔ القوانين ‪،‬‬
‫تم تلتهﺎ تجﺮﺑﺔ المجلس الدﺳتوري الذي عوض ﺑمقتضى دﺳتور ‪ 1970‬الغﺮفﺔ الدﺳتوريﺔ ﺑﻔعل التﺤوﻻت‬
‫السيﺎﺳيﺔ واﻻقتصﺎديﺔ واﻻﺟتمﺎعيﺔ التي عﺮفهﺎ المغﺮب‪ ،‬ﺑﺤيث نص هذا الدﺳتور على إﻣكﺎنيﺔ إحﺎلﺔ القوانين‬
‫التنظيميﺔ قبل إﺻدار اﻷﻣﺮ ﺑتنﻔيذهﺎ إلى المجلس الدﺳتوري ‪ ،‬كمﺎ خول للملك وللوزيﺮ اﻷول ) رئيس‬
‫الﺤكوﻣﺔ حﺎليﺎ( أو لﺮئيس ﻣجلس النواب أو رئيس ﻣجلس المستشﺎرين أو رﺑﻊ اﻷعضﺎء الذين يتألف ﻣنهم هذا‬
‫المجلس أن يﺤيلوا القوانين قبل إﺻدار اﻷﻣﺮ ﺑتنﻔيذهﺎ إلى المجلس الدﺳتوري ليبث في ﻣطﺎﺑقتهﺎ للدﺳتور ‪.‬‬
‫أﻣﺎ التجﺮﺑﺔ الثﺎلثﺔ فتتمثل في المﺤكمﺔ الدﺳتوريﺔ التي عوضت ﺑدورهﺎ المجلس الدﺳتوري ﻣﻊ توﺳيﻊ‬
‫اختصﺎﺻﺎتهﺎ وذلك ﺑتخويلهﺎ ﺑﺎﻹضﺎفﺔ إلى اﻻختصﺎﺻﺎت السﺎﺑقﺔ للمجلس الدﺳتوري النظﺮ في الدفﻊ ﺑعدم‬
‫دﺳتوريﺔ القوانين أﻣﺎم ﻣﺤﺎكم الموضوع ﻣن طﺮف المتقﺎضين ‪ ,‬وﺑذلك فتح البﺎب أﻣﺎﻣهﺎ للمﺮاقبﺔ البعديﺔ‬
‫للقوانين عن طﺮيﻖ تمسك المتقﺎضين أﻣﺎم قضﺎء الموضوع ﺑﺎلبث في دﺳتوريﺔ القوانين ﺑنص الدﺳتور الﺤﺎلي‬
‫في فصله ‪ " 133‬تختص المحكمة الدستورية بالنظر في كل دفع متعلق بعدم دستورية قانون أثير أثناء‬
‫النظر في قضية ‪,‬وذلك إذا وقع أحد اﻷطراف بأن القانون الذي سيطبق في النزاع يمس بالحقوق وبالحريات‬
‫التي يضمنها الدستور ‪. "..‬‬
‫وتتخذ الﺮقﺎﺑﺔ القضﺎئيﺔ على دﺳتوريﺔ القوانين شكليه أولهمﺎ قبليﺔ تتمثل في ﻣﺮاقبﺔ دﺳتوريﺔ المعﺎهدات الدوليﺔ‬
‫‪ ،36‬والﺮقﺎﺑﺔ اﻹﺟبﺎريﺔ على القوانين التنظيميﺔ قبل اﻹﺻدار ﺑتنﻔيذهﺎ وعلى اﻷنظمﺔ الداخليﺔ لكل ﻣن ﻣجلسي‬
‫النواب والمستشﺎرين قبل الشﺮوع في تطبيقهﺎ‪.‬‬
‫وتبث المﺤكمﺔ الدﺳتوريﺔ في دﺳتوريﺔ القوانين خﻼل شهﺮ ﻣن تﺎريخ اﻹحﺎلﺔ أو خﻼل ثمﺎنيﺔ أيﺎم ﻣن تﺎريخ‬
‫اﻻﺳتعجﺎل ﺑطلب ﻣن الﺤكوﻣﺔ ‪ ،‬ويؤدي الطعن إلى وقف ﺳﺮيﺎن أﺟل إﺻدار اﻷﻣﺮ ﺑﺎلتنﻔيذ إلى حين ﺻدور‬
‫قﺮار المﺤكمﺔ ‪. 37‬‬

‫‪35‬‬
‫الظهير الشريف رقم ‪ 1.91.225‬الصادر في ‪ 22‬من ربيع اﻷول ‪ 10 ) 1414‬شتنبر ‪ (1993‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 41.90‬المحدث بموجبه المحاكم اﻹدارية ‪،‬‬
‫ج‪.‬ر ﻋدد ‪ 4227‬بتاريخ ‪ ، 1993 /11/3‬ص ‪. 2168 :‬‬
‫‪36‬‬
‫تنص الفقرة اﻷخيرة من الفصل ‪ 55‬من الدستور ﻋلى أنه " ‪...‬ذا صرحت المحكمة الدستورية‪ ،‬إثر إحالة الملك‪ ،‬أو رئيس الحكومة‪ ،‬أو رئيس مجلس النواب‪ ،‬أو‬
‫رئيس مجلس المستشارين‪ ،‬أو سدس أﻋضاء المجلس اﻷول‪ ،‬أو ربع أﻋضاء المجلس الثاني‪ ،‬اﻷمر إليها‪ ،‬أن التزاما دوليا يتضمن بندا يخالف الدستور‪ ،‬فإن المصادقة‬
‫ﻋلى هذا اﻻلتزام ﻻ تقع إﻻ بعد مراجعة الدستور" ‪.‬‬
‫‪37‬‬
‫ينص الفصل ‪ 132‬من الدستور ﻋلى أنه » تمارس المحكمة الدستورية اﻻختصاصات المسندة إليها بفصول الدستور‪ ،‬وبأحكام القوانين التنظيمية‪ ،‬وتبت‬
‫باﻹضافة إلى ذلك في صحة انتخاب أﻋضاء البرلمان وﻋمليات اﻻستفتاء‪.‬‬
‫تحال إلى المحكمة الدستورية القوانين التنظيمية قبل إصدار اﻷمر بتنفيذها‪ ،‬واﻷنظمة الداخلية لكل من مجلس النواب ومجلس المستشارين قبل الشروع في تطبيقها‬
‫لتبت في مطابقتها للدستور‬
‫يمكن للملك‪ ،‬وكذا لكل من رئيس الحكومة‪ ،‬أو رئيس مجلس النواب‪ ،‬أو رئيس مجلس المستشارين‪ ،‬أو خمس أﻋضاء مجلس النواب‪ ،‬أو أربعين ﻋضوا من أﻋضاء‬
‫مجلس المستشارين‪ ،‬أن يحيلوا القوانين‪ ،‬قبل إصدار اﻷمر بتنفيذها‪ ،‬إلى المحكمة الدستورية‪ ،‬لتبت في مطابقتها للدستور‪.‬‬
‫تبت المحكمة الدستورية في الحاﻻت المنصوص ﻋليها في الفقرتين الثانية والثالثة من هذا الفصل‪ ،‬داخل أجل شهر من تاريخ اﻹحالة‪ .‬غير أن هذا اﻷجل ي يخفض‬
‫في حالة اﻻستعجال إلى ثمانية أيام‪ ،‬بطلب من الحكومة‪.‬‬
‫تؤدي الحالة إلى المحكمة الدستورية في هذه الحاﻻت‪ ،‬إلى وقف سريان أجل إصدار اﻷمر بالتنفيذ‪. "...‬‬

‫‪40‬‬
‫أﻣﺎ الصورة الثﺎنيﺔ لﺮقﺎﺑﺔ القوانين فهي ﺑعديﺔ ويقصد ﺑهﺎ الﺮقﺎﺑﺔ التي تتم ﺑعد دخول القوانين حيز التنﻔيذ ‪ ،‬وهو‬
‫ﻣﺎ يسمى ﺑﺎلدفﻊ ﺑعدم دﺳتوريﺔ القوانين ‪ ،‬ﺑﺤيث يﺤﻖ لكل شخص طﺮف في دعوى أﻣﺎم القضﺎء أن يدفﻊ ﺑعد‬
‫دﺳتوريﺔ النص القﺎنوني الذي ﺳيطبﻖ عليه إذا كﺎن هذا النص يمس ﺑﺎلﺤقوق والﺤﺮيﺎت التي يكﻔلهﺎ الدﺳتور‬
‫‪ .38‬وفي ذلك ينص الﻔصل ‪ 133‬ﻣن الدﺳتور على أنه " تختص المحكمة الدستورية بالنظر في كل دفع متعلق‬
‫بعدم دستورية قانون‪ ،‬أثير أثناء النظر في قضية‪ ،‬وذلك إذا دفع أحد اﻷطراف بأن القانون‪ ،‬الذي سيطبق في‬
‫النزاع‪ ،‬يمس بالحقوق وبالحريات التي يضمنها الدستور" ‪.‬‬
‫كمﺎ أنه حسب الﻔقﺮة اﻷولى ﻣن الﻔصل ‪ 134‬ﻣن التشﺮيﻊ السﺎلف الذكﺮ " ﻻ يمكن إصدار اﻷمر بتنفيذ مقتضى‬
‫تم التصريح بعدم دستوريته على أساس الفصل ‪ 132‬من هذا الدستور‪ ،‬وﻻ تطبيقه‪ ،‬وينسخ كل مقتضى تم‬
‫التصريح بعدم دستوريته على أساس الفصل ‪ 133‬من الدستور‪ ،‬ابتداء من التاريخ الذي حددته المحكمة‬
‫الدستورية في قرارها‪. "...‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬العرف ‪la coutume‬‬


‫يﺤتل التشﺮيﻊ المكﺎنﺔ اﻷولى كمصدر للقﺎنون لكنه ﻻ يمكن أن يشمل كل القواعد الﻼزﻣﺔ لتنظيم المجتمﻊ‪ ,‬لذا‬
‫يتدخل العﺮف لسد هذه الثغﺮات وﺑﺎلتﺎلي فﺎنه يعتبﺮ ﻣصدرا رﺳميﺎ للقﺎعدة القﺎنونيﺔ ﻻ يمكن اﻻﺳتغنﺎء عنه‪.‬‬
‫المطلب ا ول‪ :‬ماهية العرف وأهميته‬
‫العﺮف هو ﻣجموع القواعد التي اعتﺎد اﻷفﺮاد إتبﺎعهﺎ في ﻣعﺎﻣﻼتهم وشعورهم ﺑضﺮورة احتﺮاﻣهﺎ‪ ،‬ﻣﻊ‬
‫اﻻعتقﺎد أن ﻣخﺎلﻔتهﺎ يتﺮتب عليهﺎ فﺮض ﺟزاء ﻣﺎدي‪.‬‬
‫ويعتبﺮ العﺮف أقدم المصﺎدر الﺮﺳميﺔ للقﺎعدة القﺎنونيﺔ ﺑﺤيث كﺎن يﺤتل المكﺎنﺔ اﻷولى ﺑينهﺎ‪ ،‬لكن أهميته‬
‫تضﺎءلت ﺑظهور التشﺮيﻊ‪ ،‬لكن ﺑﺎلﺮغم ﻣن ذلك ﻣﺎزال يﺤتل ﻣكﺎنﺎ هﺎﻣﺎ في ﺑعض القوانين كﺎلقﺎنون التجﺎري‬
‫والقﺎنون الدولي العﺎم وفي ﺑعض التشﺮيعﺎت كﺎلتشﺮيﻊ اﻻنجلوﺳﺎكسوني‪.‬‬
‫وهذه اﻷهميﺔ للعﺮف تﺮﺟﻊ لمميزاته ﻣن أهمهﺎ أن‪:‬‬
‫‪ ‬القواعد العﺮفيﺔ ﻣن وضﻊ المجتمﻊ وليس السلطﺔ التشﺮيعيﺔ‪ ،‬فهي ﻣنبثقﺔ عن الجمﺎعﺔ ﺑشكل عﻔوي‬
‫وتلقﺎئي كمﺎ أن الخضوع لهﺎ يتسم ﺑﺎلعﻔويﺔ والتلقﺎئيﺔ‪.‬‬
‫‪ ‬اتصﺎف القواعد العﺮفيﺔ ﺑﺎلمﺮونﺔ لكونهﺎ غيﺮ ﻣكتوﺑﺔ لذا تسﺎهم في تطويﺮ القﺎعدة القﺎنونيﺔ‪.‬‬
‫‪ ‬يعمل العﺮف على ﺳد ثغﺮات التشﺮيﻊ‪ ،‬فﺎلتشﺮيﻊ ﻻ يمكن أن ينظم كل أﻣور الجمﺎعﺔ لذا يعمل على ﺳد‬
‫الثغﺮات النﺎﺟمﺔ عن ذلك ‪.‬‬
‫لكن العرف يعاب عليه أنه‪:‬‬
‫‪ ‬ﺑطئ في نشأته ﻷنه يتطلب وقت طويل ﻻعتيﺎد النﺎس عليه واﻻعتقﺎد ﺑإلزاﻣيته ‪.‬‬
‫‪ ‬اختﻼف العﺮف ﻣن إقليم إلى آخﺮ ﻣمﺎ يجعل تطبيقه يختلف ﻣن ﻣكﺎن إلى آخﺮ‪ ،‬ﻣمﺎ يعﺎرض ﻣصلﺤﺔ‬
‫الدولﺔ في توحيد تطبيﻖ القوانين‪.‬‬
‫‪ ‬ﺻعوﺑﺔ تﺤديد القواعد القﺎنونيﺔ ﻣمﺎ يخلﻖ إشكﺎليﺔ التعﺮف عليهﺎ وتطبيقهﺎ ﻣن طﺮف القﺎضي‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫أبو بكر مهم ‪ :‬م‪.‬س‪ .‬ص‪. 226 :‬‬

‫‪41‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬أركان العرف‬
‫يقوم العﺮف على ركنيين أﺳﺎﺳيين أولهمﺎ ﻣﺎدي وثﺎنيهمﺎ ﻣعنوي ‪.‬‬
‫الفقرة ا ولى ‪ :‬الركن المادي‬
‫يتمثل في اعتيﺎد النﺎس على ﺳلوك ﻣعين‪ ،‬ﻣستقﺮ وثﺎﺑت دون ﻣخﺎلﻔته للنظﺎم العﺎم واﻵداب العﺎﻣﺔ‬
‫المعمول ﺑهﺎ داخل الجمﺎعﺔ‪ ،‬ويشتﺮط في اﻻعتيﺎد أو العﺎدة ‪USAGE‬الشﺮوط التﺎليﺔ‪:‬‬
‫أو ‪:‬العموميــــة ‪:‬يقصد ﺑهﺎ أن يكون تطبيﻖ العﺮف شﺎﻣﻼ فئﺔ كبيﺮة ﻣن أفﺮاد المجتمﻊ‪ ،‬ﺑﺤيث ﻻ‬
‫يشتﺮط أن يكون شﺎﻣﻼ لهم ﺟميعﺎ ﺑل فئﺔ ﻣﺤدودة أو ﻣنطقﺔ ﻣعينﺔ‪ ،‬وهذا ﻣﺎ ينص عليه الﻔصل ‪ 476‬ﻣن‬
‫ق‪.‬ل‪.‬ع " وﻻ يصح التمسك بالعادة إﻻ إذا كانت عامة أو غالبة " ‪.‬‬
‫ﺛانــــيا‪ :‬القــــــــدم ‪ :‬يﻔيد هذا الشﺮط ﻣﺮور ﻣدة زﻣنيﺔ كﺎفيﺔ لنشوء القﺎعدة العﺮفيﺔ ‪ ،‬وهذه المدة ﻻ‬
‫يمكن وضﻊ حدود ﻣعينﺔ لهﺎ وهي ﻣتﺮوكﺔ للسلطﺔ التقديﺮيﺔ للقﺎضي ‪.‬‬
‫ﺛـــــالثا‪:‬الثـــبات‪ :‬يشتﺮط في العﺎدة أن تستقﺮ في أدهﺎن النﺎس وإتبﺎعهﺎ ﺑصورة ﻣنتظمﺔ وﻣستمﺮة ﻻ‬
‫ﺑصورة ﻣتقطعﺔ ‪ ،‬وهذا العنصﺮ ﻣتﺮوك للسلطﺔ التقديﺮيﺔ للقﺎضي‪.‬‬
‫راﺑــــــــعــا ‪:‬عدم مخالفة العرف للنظام العام وا داب العامة ‪ :‬وﺑﺎلتﺎلي يشتﺮط في‬
‫العﺮف أن ﻻ يخﺎلف اﻷﺳس التي يقوم عليهﺎ المجتمﻊ ﺳواء السيﺎﺳيﺔ أو اﻻقتصﺎديﺔ أو اﻻﺟتمﺎعيﺔ أو‬
‫اﻷخﻼقيﺔ ‪.‬‬
‫الذاتي ‪Elément morale ou subjectif‬‬ ‫الفقرة الثانية‪ :‬الركن المعنوي أو العن‬
‫هو شعور نﻔسي يتمثل في اﻻعتقﺎد ﺑإلزاﻣيﺔ القواعد العﺮفيﺔ‪ ،‬وﺑأنهﺎ تستوﺟب اﻹتبﺎع‪ ،‬ويتﺮتب عن‬
‫الخﺮوج عنهﺎ ﺟزاء تﻔﺮضه السلطﺔ العﺎﻣﺔ ‪.‬‬
‫ويشكل هذا الﺮكن عنصﺮا في التمييز ﺑين العﺮف والعﺎدات اﻻﺟتمﺎعيﺔ والعﺎدات اﻻتﻔﺎقيﺔ‪:‬‬
‫أو ‪ :‬التمييز ﺑين العرف والعادات ا جتماعية ‪ :‬تﻔتقﺮ العﺎدات اﻻﺟتمﺎعيﺔ كﺎلزيﺎرات وتقديم‬
‫الهدايﺎ في المنﺎﺳبﺎت واﻷعيﺎد إلى اﻻعتقﺎد ﺑﺎﻹلزاﻣيﺔ ‪ ،‬وفﺮض الجزاء على ﻣخﺎلﻔتهﺎ ﺑخﻼف القواعد‬
‫العﺮفيﺔ ‪.‬‬
‫ﺛانيا ‪ :‬التمييز ﺑين العرف والعادة ا تفاقية ‪ :‬يتطلب العﺮف ركنيين لقيﺎﻣه وفي حﺎلﺔ اﻻفتقﺎر إلى‬
‫الﺮكن الثﺎني يتﺤول العﺮف إلى عﺎدة اتﻔﺎقيﺔ‪ ،‬التي تعد عﺮفﺎ نﺎقصﺎ لعدم توفﺮهﺎ على الﺮكن المعنوي‬
‫المتمثل في الشعور ﺑﺎﻹلزام ‪ ،‬وﺑﺎلتﺎلي تتسم العﺎدة اﻻتﻔﺎقيﺔ ﺑﺎﻻختيﺎريﺔ في اﻹتبﺎع فهي نﺎتجﺔ عن إرادة‬
‫المتعﺎقدين ﻻ ﻣن إرادة المجتمﻊ ‪.‬‬
‫وينتج عن هذا التمييز النتﺎئج التﺎليﺔ‪:‬‬
‫أ‪ -‬من حيث افتراض العلم ﺑالقانون ‪ :‬ينشئ العﺮف قﺎعدة قﺎنونيﺔ لذا يﻔتﺮض العلم ﺑهﺎ ﻣن‬
‫ﺟميﻊ المخﺎطبين ﺑهﺎ ‪ ،‬وﻻ يقبل ﻣن أحد الجهل ﺑأحكﺎﻣه ﺑخﻼف العﺎدة اﻻتﻔﺎقيﺔ التي تعتبﺮ واقعﺔ‬
‫ﻣﺎديﺔ التي تستمد قوتهﺎ ﻣن إرادة المتعﺎقدين لذا يﻔتﺮض العلم ﺑهﺎ ‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫في التطبيق ‪ :‬يلزم في القﺎضي تطبيﻖ العﺮف لكونه يﻔتﺮض فيه‬ ‫ب‪ -‬من حيث سلطة القا‬
‫العلم ﺑه حتى ولو لم يتمسك ﺑتطبيقه الخصوم ﺑخﻼف العﺎدة اﻻتﻔﺎقيﺔ التي يشتﺮط لتطبيقهﺎ تمسك‬
‫الخصوم ﺑهﺎ‬
‫ت‪ -‬من حيث ا ﺛبات‪ :‬ﻻ يلزم في الخصوم إثبﺎت القﺎعدة العﺮفيﺔ لكونهﺎ قﺎعدة قﺎنونيﺔ ﺑخﻼف العﺎدة‬
‫اﻻتﻔﺎقيﺔ التي يقﻊ إثبﺎتهﺎ وتقديم الدليل على وﺟودهﺎ ﻣن طﺮف الخصوم ‪ ,‬وهذا ﻣﺎ ينص عليه الﻔصل‬
‫‪ 476‬ﻣن ق‪.‬ل‪.‬ع" يجﺐ على من يتمسك بالعادة أن يثبت وجودها " ‪.‬‬
‫ث‪ -‬من حيث الرقاﺑة القضائية‪ :‬يخضﻊ القﺎضي لﺮقﺎﺑﺔ ﻣﺤكمﺔ النقض في تطبيقه للعﺮف ﺑﺎعتبﺎره‬
‫قﺎنونﺎ ﺑخﻼف العﺎدة اﻻتﻔﺎقيﺔ التي تعتبﺮ واقعﺔ ﻣﺎديﺔ‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬أﺛار العرف‬
‫يﺤتل التشﺮيﻊ المﺮتبﺔ اﻷولى ﺑين ﻣصﺎدر القﺎنون‪ ،‬وﺑﺎلتﺎلي يشتﺮط في القﺎضي عدم اللجوء إلى العﺮف‬
‫إﻻ إذا لم يوﺟد نص تشﺮيعي في النﺎزلﺔ المعﺮوضﺔ عليه‪ ،‬وﺑﺎلتﺎلي يقوم العﺮف ﺑدور احتيﺎطي فهو إﻣﺎ أن‬
‫يكمل التشﺮيﻊ أو يسﺎعده ‪.‬‬
‫يع ‪:‬‬ ‫الفقرة ا ولى‪ :‬العرف المﻜمل للت‬
‫يأتي العﺮف في المﺮتبﺔ الثﺎنيﺔ ﺑعد التشﺮيﻊ‪ ،‬وﺑﺎلتﺎلي ﻻ يستطيﻊ ﻣخﺎلﻔته أو إلغﺎئه لكنه يعمل على ﺳد‬
‫النقص والثغﺮات التي تعتﺮيه‪.‬‬
‫وهذه اﻷهميﺔ تختلف ﻣن فﺮع إلى آخﺮ ﻣن فﺮوع القﺎنون‪:‬‬
‫أو ‪ :‬في نطاق القانون الدولي العام ‪ :‬يﺤتل العﺮف ﻣكﺎنﺔ ﺑﺎرزة في هذا القﺎنون ﻷن أغلب‬
‫قواعده عبﺎرة عن أعﺮاف دوليﺔ ‪.‬‬
‫ﺛانيا ‪ :‬في نطاق القانون الجنائي ‪ :‬ينص القﺎنون الجنﺎئي على أنه ﻻ ﺟﺮيمﺔ وﻻ عقوﺑﺔ إﻻ ﺑنص‬
‫تشﺮيعي ﻣكتوب وﺑﺎلتﺎلي يستبعد تطبيﻖ القواعد العﺮفيﺔ في هذا القﺎنون ‪.‬‬
‫ﺛالثا ‪ :‬في نطاق القانون المدني ‪ :‬في هذا القﺎنون يقوم العﺮف ﺑدور ﻣﺤدود ﺑسبب إحﺎطﺔ القﺎنون‬
‫المدني ﺑجميﻊ ﻣجﺎﻻته وﻣن خﻼل تدخﻼته المستمﺮة لمواكبﺔ التطورات التي يعﺮفهﺎ المجتمﻊ‪ ،‬لكن في‬
‫ﺑعض اﻷحيﺎن يﺤيل على العﺮف كﺎلﻔصل ‪ 733‬ﻣن ق ‪ .‬ل ‪ .‬ع الذي ينص على أنه " اذا لم يحدد اﻻتفاق‬
‫أجر الخدمات أو العمل ‪ ,‬تولت المحكمة تحديده وفق العرف ‪. "....‬‬
‫راﺑعا ‪ :‬في نطاق القانون البحري ‪ :‬يﺤتل العﺮف دورا هﺎﻣﺎ في هذا القﺎنون فيعمل على ﺳد النقص‬
‫في التشﺮيﻊ ‪.‬‬
‫خامسا ‪ :‬في نطاق مدونة الشغل ‪ :‬ﺟعل المشﺮع في ديبﺎﺟﺔ ﻣدونﺔ الشغل العﺮف يﺤتل ﻣﺮتبﺔ تﺎليﺔ‬
‫للتشﺮيﻊ واﻻتﻔﺎقيﺎت والمواثيﻖ الدوليﺔ واﻻتﻔﺎقيﺎت الجمﺎعيﺔ وعقد الشغل والقﺮارات التﺤكيميﺔ واﻻﺟتهﺎدات‬
‫القضﺎئيﺔ ‪.‬‬
‫سادسا ‪ :‬في نطاق القانون التجاري ‪ :‬يلعب العﺮف دورا كبيﺮا في هذا القﺎنون لقلﺔ القواعد‬
‫التشﺮيعيﺔ وعدم كﻔﺎيتهﺎ لمواﺟهﺔ أوﺟه النشﺎط التجﺎري المتعددة والمتطورة ﺑﺎﺳتمﺮار ‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫يع‬ ‫الفقرة الثانية ‪ :‬العرف المساعد للت‬
‫يستعين التشﺮيﻊ ﺑﺎلعﺮف لتنظيم وإعمﺎل ﺑعض ﻣقتضيﺎت القواعد القﺎنونيﺔ عن طﺮيﻖ تﺤديد ﻣضمونهﺎ‬
‫وتﻔصيل ﻣجملهﺎ‪ ،‬وﺑيﺎن كيﻔيﺔ إعمﺎل ﺑعض ﻣعﺎييﺮ القﺎعدة التشﺮيعيﺔ كﺎلﻔصل ‪ 231‬ﻣن ق‪.‬ل‪.‬ع الذي ينص‬
‫على أنه " كل تعهد يجﺐ تنفيذه بحسن نية وهو ﻻ يلزم بما وقع التصريح به فحسﺐ‪ ،‬بل أيضا بكل‬
‫ملحقات اﻻلتزام التي يقررها القانون أو العرف أو اﻹنصاف وفقا لما تقتضيه طبيعته"‪ ،‬وﺑذلك يﺤيل‬
‫التشﺮيﻊ على العﺮف ﺑطﺮيقﺔ ﺻﺮيﺤﺔ ‪.‬‬
‫كمﺎ انه قد يﺤيل التشﺮيﻊ على العﺮف ﺑطﺮيقﺔ ضمنيﺔ كآليﺔ لتطبيﻖ القﺎعدة القﺎنونيﺔ المكتوﺑﺔ كتﺤديد ﺑعض‬
‫المﻔﺎهيم المنصوص عليهﺎ قﺎنونﺎ كمﻔهوم النظﺎم العﺎم و اﻵداب العﺎﻣﺔ التي تتطلب الﺮﺟوع إلى ﺳلوكﺎت‬
‫اﻷشخﺎص المشهود لهم ﺑﺎﻻﺳتقﺎﻣﺔ ‪ ،‬وأيضﺎ ﻣﻔﺎهيم تتعلﻖ ﺑﺎلمسؤوليﺔ المدنيﺔ كﺎلﺮﺟل العﺎدي ورب اﻷﺳﺮة‬
‫الذين يتطلبﺎن الﺮﺟوع إلى السلوك الذي يسيﺮ عليه الﺮﺟل الجدي المتوﺳط الذكﺎء ‪. 39‬‬
‫كمﺎ انه عند ﺳكوت المشﺮع عن تنظيم أﻣﺮ ﻣعين فيتم الﺮﺟوع إلى العﺮف ﺑﺎعتبﺎره ﻣصدرا ﻣن ﻣصﺎدر‬
‫التشﺮيﻊ وهذا ﻣﺎ يستنتج ﺑصيغﺔ المخﺎلﻔﺔ ﻣن الﻔصل ‪ 475‬ﻣن ق‪.‬ل‪.‬ع الذي ينص على أنه " ﻻ يسوغ‬
‫للعرف والعادة أن يخالفا القانون إن كان صريحا " ‪.‬‬
‫يعة ا س مية‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬مبادئ ال‬
‫يقصد ﺑمبﺎدئ الشﺮيعﺔ اﻹﺳﻼﻣيﺔ النصوص الشﺮعيﺔ الواردة في الكتﺎب والسنﺔ وكذلك اﻷحــــــكﺎم الواردة‬
‫في الﻔقه اﻹﺳﻼﻣي ‪.‬‬
‫وتعتبﺮ الشﺮيعﺔ اﻹﺳﻼﻣيﺔ ﻣصدرا أﺳﺎﺳيﺎ للقﺎعدة القﺎنونيﺔ ﺑعد التشﺮيﻊ والعﺮف‪ ،‬فهي تعد ﻣصدرا رﺳميﺎ‬
‫لقضﺎيﺎ اﻷﺳﺮة التي تنظمهﺎ ﻣدونﺔ اﻷﺳﺮة في القﺎنون المغﺮﺑي وهي ﻣجموع القواعد التي تنظم الزواج‬
‫والطﻼق والوﻻدة واﻷهليﺔ والوﺻيﺔ والمواريث ‪ ،‬وﻣﺎ لم يشمله هذا القﺎنون يﺮﺟﻊ فيه إلى ﻣذهب اﻹﻣﺎم‬
‫ﻣﺎلك ‪.‬‬
‫كمﺎ أن الشﺮيعﺔ اﻹﺳﻼﻣيﺔ ) الﻔقه المﺎلكي( تعد ﻣصدرا رﺳميﺎ لمسﺎئل اﻷحوال العينيﺔ أي المعﺎﻣﻼت المﺎليﺔ‬
‫في حﺎلﺔ خلو التشﺮيﻊ والعﺮف ﻣن أحكﺎم لهﺎ‪ ،‬وﻣن ﺑينهﺎ العقﺎرات الغيﺮ المﺤﻔظﺔ والتي في طور التﺤﻔيظ ‪.‬‬
‫كمﺎ أن قﺎنون اﻻلتزاﻣﺎت والعقود يﺤيل ﺑدوره على قواعد الﻔقه المﺎلكي ﻣثل قضﺎيﺎ المقﺎﺻﺔ ﺑين المسلمين‬
‫)الﻔصل ‪ ،(357‬وﻣﺎ يعتبﺮ ﻣن النجﺎﺳﺎت )‪ 484‬ق‪.‬ل‪,‬ع( والصلح ﺑين المسلمين )الﻔصل ‪ (1101‬وﺑطﻼن‬
‫الوكﺎلﺔ )الﻔصل ‪. (881‬‬
‫المبحث الراﺑع ‪ :‬مبادئ القانون الطبيعي وقواعد العدالة‬
‫يتميز القﺎنون الوضعي ﺑﺎلدقﺔ والشموليﺔ في تنظيم ﺟل الﺮواﺑط اﻻﺟتمﺎعيﺔ‪ ،‬لكنه يظل قﺎﺻﺮا عن تغطيﺔ‬
‫كﺎفﺔ هذه العﻼقﺎت الدائمﺔ التطور ﻣمﺎ يجعل القﺎضي أﻣﺎم ﺻعوﺑﺔ إيجﺎد الﺤلول للنزاعﺎت المعﺮوضﺔ عليه‬
‫للبث فيهﺎ في حﺎلﺔ عدم وﺟود الﺤل في التشﺮيﻊ والعﺮف والشﺮيعﺔ اﻹﺳﻼﻣيﺔ‪،‬ﺑﺤيث ﻻ يجوز له اﻻﻣتنﺎع‬
‫عن إﺻدار الﺤكم وإﻻ اعتبﺮ ﻣﺮتكبﺎ لجﺮيمﺔ إنكﺎر العدالﺔ ‪ ،‬لهذا خول المشﺮع للقﺎضي وﺳيلﺔ تمكنه ﻣن‬
‫الﻔصل في النزاعﺎت المعﺮوضﺔ عليه وهي اﻻعتمﺎد على ﻣبﺎدئ القﺎنون الوضعي وقواعد العدالﺔ ‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫أبو بكر مهم ‪ :‬م ‪.‬س‪ . .‬ص ‪. 242 :‬‬

‫‪44‬‬
‫ويمكن تعﺮيف القﺎنون الطبيعي ﺑأنه ﻣجموع القواعد التي تﺤكم السلوك اﻻﺟتمﺎعي لﻺنسﺎن ويكون‬
‫ﻣصدرهﺎ اﻹلهﺎم الﻔطﺮي السليم واﻹدراك العقلي السليم ‪ ،‬وﺑذلك فهو قﺎنون تﺎﺑت ﻻ يتغيﺮ في الزﻣﺎن وﻻ في‬
‫المكﺎن ‪.‬‬
‫أﻣﺎ قواعد العدالﺔ فهي قواعد ﻣثﺎليﺔ عليﺎ تهدف إقﺎﻣﺔ العدل ﺑين النﺎس وتﺤقيﻖ المسﺎواة ﺑينهم ‪ ،‬وتطبيقهﺎ‬
‫يخضﻊ لمﺎ اﺳتقﺮ عليه ضميﺮ الجمﺎعﺔ وليس لتﻔكيﺮه وﻣعتقداته الذاتيﺔ ‪.‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬المصادر التفسيرية‬
‫يشكل كل ﻣن التشﺮيﻊ والعﺮف وﻣبﺎدئ الشﺮيعﺔ اﻹﺳﻼﻣيﺔ وﻣبﺎدئ القﺎنون الطبيعي وقواعد العدالﺔ‬
‫المصﺎدر الﺮﺳميﺔ للقﺎعدة القﺎنونيﺔ وهي التي يعتمد عليهﺎ القﺎضي للﻔصل فيمﺎ يعﺮض عليه ﻣن نزاعﺎت‬
‫ووفﻖ التﺮتيب الوارد ﺑه ‪ ،‬وفي حﺎلﺔ افتقﺎر هذه المصﺎدر الﺤلول للبث في القضﺎيﺎ يلجأ القﺎضي إلى‬
‫المصﺎدر التﻔسيﺮيﺔ أو التكميليﺔ التي تسﺎعد في توضيح ﻣﺎ يشوب القﺎعدة القﺎنونيﺔ ﻣن غموض وﺑيﺎن ﻣﺎ‬
‫فيهﺎ ﻣن إﺑهﺎم‪ ،‬وتتمثل في كل ﻣن القضﺎء والﻔقه‪.‬‬
‫المبحث ا ول‪ :‬القضاء ‪la jurisprudence‬‬
‫يﺤمل ﻣصطلح القضﺎء ﻣعنيين‪ ،‬فيقصد ﺑه ﻣن ﺟهﺔ أولى السلطﺔ العﺎﻣﺔ التي تتولى تطبيﻖ القﺎعدة القﺎنونيﺔ‬
‫والمتمثلﺔ في السلطﺔ القضﺎئيﺔ المشكلﺔ ﻣن ﻣجموع المﺤﺎكم الموﺟودة في الدولﺔ ‪،‬وﻣن ﺟهﺔ ثﺎنيﺔ ﻣختلف‬
‫اﻷواﻣﺮ واﻷحكﺎم والقﺮارات الصﺎدرة عن المﺤﺎكم المذكورة أعﻼه ‪،‬وهذا المﻔهوم هو المقصود ﺑه كمصدر‬
‫تﻔسيﺮي للقﺎعدة القﺎنونيﺔ ‪ ،‬فهي تشكل الﺤلول العمليﺔ لكل حﺎلﺔ تعﺮف قصورا أو فﺮاغﺎ تشﺮيعيﺎ أو ﻣﺤل‬
‫خﻼف ‪.‬‬
‫وﺑذلك يعمل القضﺎء على تطبيﻖ القﺎنون وتﻔسيﺮه ﻻ إنشﺎء قواعد قﺎنونيﺔ ﻷن ذلك ليس ﻣن اختصﺎﺻه ‪ ،‬فهو‬
‫يعمل فقط على البﺤث عن الﺤل القﺎنوني في المصﺎدر اﻷخﺮى كﺎلتشﺮيﻊ والعﺮف والشﺮيعﺔ اﻹﺳﻼﻣيﺔ أو‬
‫القﺎنون الطبــيعي وقواعد العدالﺔ ‪ ،‬وﺑذلك يعمل على إيجﺎد حلول عمليﺔ انطﻼقﺎ ﻣن المصﺎدر الﺮﺳميﺔ‬
‫اﻷخﺮى وﻻ يكون لﺤكمه في هذه الﺤﺎلﺔ قوة ﻣلزﻣﺔ لغيﺮه ‪.‬‬
‫هذا ﺑﺎلنسبﺔ للتشﺮيعﺎت الﻼتينيﺔ كﻔﺮنسﺎ وﻣن يأخذ ﺑهﺎ ) المغﺮب( أﻣﺎ ﺑﺎلنسبﺔ للتشﺮيعﺎت اﻻنجلوﺳﺎكسونيﺔ‬
‫ﻣثل ﺑﺮيطﺎنيﺎ فﺎن القضﺎء يعتبﺮ ﻣصدرا رﺳميﺎ للقﺎنون وتسمى أحكﺎم المﺤﺎكم ﺑﺎلسواﺑﻖ القضﺎئيﺔ التي تلزم‬
‫المﺤكمﺔ المصدرة لهﺎ والمﺤﺎكم التي تليهﺎ في الدرﺟﺔ ‪.‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬الفقه ‪Le doctrine‬‬
‫يقصد ﺑﺎلﻔقه ﻣجموعﺔ اﻵراء التي يقول ﺑهﺎ علمﺎء القﺎنون لشﺮح القﺎنون وتﻔسيﺮه ونقده ﺳواء في ﻣؤلﻔﺎتهم أو‬
‫تعليقﺎتهم على أحكﺎم المﺤﺎكم أو في أﺑﺤﺎثهم وﻣﺤﺎضﺮاتهم‪ ،‬وﺑذلك يشكل ﻣجموع الدراﺳﺎت التﺤليليﺔ‬
‫لنصوص القﺎنون الوضعي للوقوف على ﻣكﺎﻣن الضعف أو القصور أو الﻔﺮاغ الذي يعتﺮيه وتﻔسيﺮ‬
‫الغموض الذي يكتنف ﺑعض قواعده ﺑﺎﻻﺳتنﺎد إلى المبﺎدئ العﺎﻣﺔ أو القوانين المقﺎرنﺔ ‪.‬‬
‫واﻻﺟتهﺎدات الﻔقهيﺔ ليست لهﺎ قوة إلزاﻣيﺔ لكنهﺎ كثيﺮا ﻣﺎ تؤخذ ﺑعين اﻻعتبﺎر ﻣن طﺮف القضﺎء للبث في‬
‫النزاعﺎت ‪ ،‬كمﺎ يعتمد عليهﺎ المشﺮع خﻼل تعديله لقﺎنون ﻣﺎ أو إدخﺎل تغييﺮات عليه ‪.‬‬
‫ونشيﺮ أن الﻔقه اﻹﺳﻼﻣي يﺤتل ﻣﺮتبﺔ هﺎﻣﺔ في القﺎنون المغﺮﺑي نظﺮا لمكﺎنته في الشﺮيعﺔ اﻹﺳﻼﻣيﺔ‬
‫ﺑﺤيث يعتبﺮ ﻣصدرا للقﺎنون المغﺮﺑي في ﺑعض الﺤﺎﻻت كﺎلﺤقوق العينيﺔ ﺑنص الﻔقﺮة الثﺎنيﺔ ﻣن المﺎدة‬

‫‪45‬‬
‫اﻷولى ﻣن ﻣدونﺔ الﺤقوق العينيﺔ على أنه " ‪ ..‬تطبق مقتضيات الظهير الشريف الصادر في ‪ 9‬رمضان‬
‫‪12 )1331‬أغسطس ‪ ( 1913‬بمثابة قانون اﻻلتزامات والعقود في ما لم يرد به نص في هذا القانون‪ .‬فإن‬
‫لم يوجد نص يرجع إلى الراجح والمشهور وما جرى به العمل من الفقه المالكي" ‪ ،‬والمسائل المتعلقة‬
‫باﻷحوال الشخصية بنص المادة ‪ 400‬من مدونة اﻷسرة ﻋلى أنه " كل ما لم يرد به نص في هذه المدونة‪،‬‬
‫يرجع فيه إلى المذهب المالكي واﻻجتهاد الذي يراعى فيه تحقيق قيم اﻹسﻼم في العدل والمساواة‬
‫والمعاشرة بالمعروف" ‪،‬وأيضا في المادة ‪ 169‬من مدونة اﻷوقاف التي تنص ﻋلى أنه " كل ما لم يرد‬
‫فيه نص في هذه المدونة يرجع فيه إلى أحكام المذهب المالكي فقها واجتهادا بما يراعي فيه تحقيق‬
‫مصلحة الوقف " ‪.‬‬
‫وﺑﺎلتﺎلي يعتبﺮ الﻔقه اﻹﺳﻼﻣي ﻣصدرا رﺳميﺎ للقﺎعدة القﺎنونيﺔ في ﺑعض الﺤﺎﻻت المﺤددة تشﺮيعيﺎ‪ ،‬فمﺎ‬
‫ونطﺎق تطبيﻖ القﺎنون وتﻔسيﺮه‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫الفصل الثالث‪:‬‬
‫تطبيق القانون وتفسيره‬
‫يتﺮتب عن الوﺟود القﺎنوني للقﺎعدة القﺎنونيﺔ تطبيقهﺎ على أرض الواقﻊ‪ ،‬الذي يخضﻊ ﺑدوره لمجموعﺔ ﻣن‬
‫القيود تتﺤكم فيهﺎ ثﻼثﺔ عنﺎﺻﺮ أﺳﺎﺳيﺔ أولهمﺎ ﻣعﺮفﺔ اﻷشخﺎص المخﺎطبين ﺑأحكﺎﻣهﺎ وتﺤديد نطﺎق تطبيقهﺎ‬
‫ﻣن حيث الزﻣﺎن والمكﺎن‪.‬‬
‫كمﺎ أنه خﻼل هذا التطبيﻖ تثور ﺻعوﺑﺔ تﺤديد ﻣعنﺎهﺎ وإزالﺔ الغموض الذي يشوﺑهﺎ‪ ،‬ﻷن القﺎعدة القﺎنونيﺔ‬
‫تكون في أغلب اﻷحيﺎن ﻣكتوﺑﺔ وﻣقتضبﺔ‪ ،‬اﻷﻣﺮ الذي يتطلب تﻔسيﺮهﺎ‪.‬‬
‫لذا ﺳنتطﺮق لنطﺎق تطبيﻖ القﺎعدة القﺎنونيﺔ في الﻔﺮع اﻷول تم تﻔسيﺮ القﺎعدة القﺎنونيﺔ في الﻔﺮع الثﺎني‪.‬‬

‫الفرع ا ول‪ :‬نطاق تطبيق القانون‬


‫تقتضي دراﺳﺔ نطﺎق تطبيﻖ القﺎنون التطﺮق إلى نطﺎقه ﻣن حيث اﻷشخﺎص والمكﺎن – المبﺤث اﻷول –‬
‫وﻣن حيث الزﻣﺎن – المبﺤث الثﺎني ‪. -‬‬
‫المبحث ا ول‪ :‬نطاق تطبيق القانون من حيث ا شخاص والمﻜان‬
‫المطلب ا ول‪ :‬نطاق تطبيق القانون من حيث ا شخاص‬
‫يتﺮتب عن اﺳتيﻔﺎء القﺎعدة القﺎنونيﺔ لشﺮوط ﺳنهﺎ وإﺻدارهﺎ ونشﺮهﺎ ﺳﺮيﺎنهﺎ على اﻷشخﺎص المخﺎطبين‬
‫ﺑأحكﺎﻣهﺎ‪ ،‬ﺑﺤيث ﻻ يجوز ﻷحدهم أن يدعي عدم العلم ﺑهﺎ‪ ،‬وهو ﻣﺎ يعﺮف ﺑعدم ﺟواز اﻻعتذار ﺑجهل‬
‫القﺎنون تطبيقﺎ لمبدأ " ﻻ يعذر أحد بجهله للقانون " ‪.‬‬
‫فمﺎ هو ﻣﻔهوم هذا المبدأ وهل تطبيقه ﻣطلقﺎ أم تﺮد عليه اﺳتثنﺎءات ؟‬
‫الفقرة ا ولى ‪ :‬تعريف مبدأ عدم جواز ا عتذار ﺑجهل القانون ونطاقه‬
‫أو ‪ :‬تعريف مبدأ عدم جواز ا عتذار ﺑجهل القانون‬
‫يقصد ﺑهذا المبدأ أن المخﺎطبين ﺑﺎلقﺎعدة القﺎنونيﺔ ﻻ يمكنهم التهﺮب ﻣن أحكﺎﻣهﺎ ﺑﺤجﺔ عدم علمهم ﺑهﺎ‪ ,‬ولو‬
‫أثبتوا ذلك ﻷن العلم ﺑﺎلقﺎعدة القﺎنونيﺔ افتﺮاضي وليس فعلي أو يقيني ﻷنه ﻣن ﺟهﺔ أولى يصعب على ﺟميﻊ‬
‫أفﺮاد المجتمﻊ العلم ﺑﺎلقﺎعدة القﺎنونيﺔ وﻣن ﺟهﺔ ثﺎنيﺔ الﺤد ﻣن فﺮضيﺔ التهﺮب ﻣن أحكﺎﻣهﺎ كلمﺎ كﺎنت في‬
‫غيﺮ ﺻﺎلح اﻷفﺮاد ‪.‬‬
‫فهذا المبدأ إذن يهدف إلى تﺤقيﻖ العدل والمسﺎواة أﻣﺎم القﺎنون لجميﻊ أفﺮاد المجتمﻊ وكذلك تكﺮيس ﺻﻔتي‬
‫العموﻣيﺔ والتجﺮيد الذين يعتبﺮان ﻣن خصﺎئص القﺎعدة القﺎنونيﺔ‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫ﺛانيا ‪ :‬نطاق تطبيق مبدأ عدم جواز ا عتذار ﺑجهل القانون‬
‫يشمل تطبيﻖ هذا المبدأ ﺟميﻊ القواعد القﺎنونيﺔ ﺑغض النظﺮ عن ﻣصدرهﺎ ﺳواء القواعد التشﺮيعيﺔ أو‬
‫القواعد العﺮفيﺔ أو القواعد الدينيﺔ ) قواعد الشﺮيعﺔ اﻹﺳﻼﻣيﺔ( وكيﻔمﺎ كﺎنت طبيعتهﺎ ﺳواء كﺎنت آﻣﺮة أو‬
‫ﻣكملﺔ‪ ،‬لكن ﺑعض الﻔقه حصﺮ تطبيﻖ هذا المبدأ على القواعد اﻵﻣﺮة دون المكملﺔ‪.‬‬
‫وقد تعﺮض هذا اﻻتجﺎه إلى اﻻنتقﺎد ﻻن القواعد المكملﺔ ﻣلزﻣﺔ‪ ،‬وﻻ ينتقص ﻣن ذلك إﻻ اتﻔﺎق اﻷطﺮاف على‬
‫ﻣخﺎلﻔﺔ أحكﺎﻣهﺎ ﺑﺤيث تعطى اﻷولويﺔ ﻻتﻔﺎق اﻷطﺮاف‪ ،40‬وفي حﺎلﺔ ﺳكوتهم وعدم ﻣخﺎلﻔتهم ﻷحكﺎﻣهﺎ‬
‫تطبﻖ كﺎلقواعد اﻵﻣﺮة وﺑﺎلتﺎلي تكون ﻣلزﻣﺔ ﻻ يجوز اﻻعتذار ﺑجهل أحكﺎﻣهﺎ ‪.‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬ا ستثناء الوارد على مبدأ عدم جواز ا عتذار ﺑجهل القانون‬
‫وضﻊ هذا المبدأ كمﺎ ﺳبﻖ القول لتﺤقيﻖ العدل والمسﺎواة ﺑين أفﺮاد المجتمﻊ أﻣﺎم القﺎنون‪ ,‬وهذه اﻻعتبﺎرات‬
‫هي التي أدت إلى إيجﺎد اﺳتثنﺎء له ﻷنه ليس ﻣن العدل تطبيﻖ هذا المبدأ في حﺎلﺔ وﺟود ظﺮوف يستﺤيل‬
‫ﻣعهﺎ إطﻼع اﻷفﺮاد على القﺎعدة القﺎنونيﺔ وﺑﺎلتﺎلي يﺤﻖ اﻻعتذار ﺑجهل القﺎنون ‪.‬‬
‫يتمثل هذا اﻻﺳتثنﺎء في القوة القﺎهﺮة وهي كل أﻣﺮ ﻻ يستطيﻊ اﻹنسﺎن توقعه ) الﻔيضﺎنﺎت ‪ ,‬الﺤﺮائﻖ‪,‬‬
‫الجﻔﺎف وغﺎرات العدو( تﺤول دون وﺻول الجﺮيدة الﺮﺳميﺔ الى المنﺎطﻖ المعزولﺔ ‪.‬‬
‫وتجدر اﻹشﺎرة أن هذا اﻻﺳتثنﺎء يتعلﻖ ﺑﺎلقواعد التشﺮيعيﺔ فقط التي تتطلب لنﻔﺎدهﺎ نشﺮهﺎ‪ ،‬دون القواعد‬
‫العﺮفيﺔ وﻣبﺎدئ الشﺮيعﺔ اﻹﺳﻼﻣيﺔ التي تخﺮج عن نطﺎق هذا اﻻﺳتثنﺎء ﻻﺳتقﺮارهمﺎ في الوعي الجمﺎعي‬
‫للمجتمﻊ‪.‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬نطاق تطبيق القانون من حيث المﻜان‬
‫يتﺮتب عن تطبيﻖ القﺎعدة القﺎنونيﺔ ﻣن حيث اﻷشخﺎص المخﺎطبين ﺑهﺎ‪ ،‬تﺤديد الﺤيز المكﺎني لسﺮيﺎنهﺎ فهل‬
‫يطبﻖ على ﻣواطنيهﺎ فقط أم اﻷﺟﺎنب أيضﺎ وكذلك هل يطبﻖ على أﺑنﺎئهﺎ الموﺟودين خﺎرج إقليمهﺎ ؟‬
‫تختلف اﻹﺟﺎﺑﺔ عن هذه التسﺎؤﻻت حول كون المبدأ المطبﻖ هو ﻣبدأ إقليميﺔ القوانين أو ﻣبدأ شخصيﺔ‬
‫القوانين‪.‬‬
‫الفقرة ا ولى‪ :‬مبدأ إقليمية ومبدأ شخصية القوانين‬
‫أوﻻ ‪ :‬مبدأ إقليمية القوانين ‪principe de territorialité des lois‬‬
‫ينطلﻖ هذا المبدأ ﻣن ﻣﻔهوم السيﺎدة الذي يشمل ﺟميﻊ تﺮاب الدولﺔ الواحدة ﺳواء البﺮي أو الجوي أو‬
‫البﺤﺮي‪،‬وكذلك الطﺎئﺮات التي يتشكل ﻣنهﺎ اﺳطول الدولﺔ ﺳواء كﺎنت طﺎئﺮات ﻣدنيﺔ أو عسكﺮيﺔ تﺎﺑعﺔ‬
‫للقطﺎع العﺎم أو الخﺎص وأيضﺎ البواخﺮ المشكلﺔ لﻸﺳطول البﺤﺮي ‪ ،‬إﻻ إذا كﺎنت خﺎضعﺔ لتشﺮيﻊ أﺟنبي‬
‫ﺑمقتضى القﺎنون الدولي ‪ ،41‬وكذا ﺟميﻊ المقيمين ﺑﺎلدولﺔ ﻣن الموطنين واﻷﺟﺎنب‪.‬‬
‫وﺑﺎلتﺎلي فﺎن النطﺎق المكﺎني لسﺮيﺎن القﺎنون يشمل كل الوقﺎئﻊ التي تﺤدث داخل إقليمهﺎ ﺑصﺮف النظﺮ عن‬
‫ﺟنسيﺔ اﻷشخﺎص ﺳواء كﺎنوا ﻣن أﺑنﺎئهﺎ أو أﺟﺎنب‬

‫‪40‬‬
‫حسن كيرة " المدخل إلى القانون " مؤسسة المعارف للطباﻋة والنشر ‪ 1974‬ص ‪ 318 :‬و ‪.319‬‬
‫‪41‬‬
‫ينص الفصل ‪ 11‬من مجموﻋة القانون الجنائي ﻋلى أنه‪ " :‬يدخل ضمن إقليم المملكة‪ ،‬السفن والطائرات المغربية أينما وجدت‪ ،‬فيما ﻋدا الحاﻻت التي تكون فيها‬
‫خاضعة لتشريع أجنبي بمقتضى القانون الدولي"‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫كمﺎ أنه حسب هذا المبدأ ﻻ يطبﻖ قﺎنون الدولﺔ على ﻣواطنيهﺎ الذين يوﺟدون خﺎرﺟهﺎ ﻷنه ﺳوف يصطدم‬
‫ﺑسيﺎدة دولﺔ أخﺮى ‪.‬‬
‫لكن ﺑعد تﺮاﺟﻊ ﻣﻔهوم السيﺎدة ﺑﻔعل اﻻنتقﺎل الواﺳﻊ لﻸشخﺎص واﻷﻣوال ﺑين دول العﺎلم تم التلطيف ﻣن هذا‬
‫المبدأ واﻷخذ ﺑمبدأ شخصيﺔ القوانين ‪.‬‬
‫ﺛانيا ‪ :‬مبدأ شخصية القوانين ‪principe de la personnalité des lois‬‬
‫يقصد ﺑهذا المبدأ ﺳﺮيﺎن القﺎنون على كل اﻷفﺮاد الﺤﺎﺻلين لجنسيﺔ الدولﺔ ﺳواء كﺎنوا يقيمون داخلهﺎ أو‬
‫خﺎرﺟهﺎ وﻻ يمتد إلى اﻷﺟﺎنب ولو كﺎنوا يقيمون داخل حدودهﺎ ‪.‬‬
‫وقد نشأ هذا المبدأ ﺑعد تﺮاﺟﻊ ﻣﻔهوم السيﺎدة وﺑعض العواﻣل اﻹنسﺎنيﺔ كﺎلمعﺎﻣلﺔ ﺑﺎلمثل واتصﺎل القﺎنون‬
‫ﺑﺎلشؤون الخﺎﺻﺔ ﺑﺎﻷفﺮاد كﺎﻷحوال الشخصيﺔ ‪.‬‬
‫ع المغرﺑي‬ ‫الفقرة الثانية‪ :‬موقف الم‬
‫القﺎعدة العﺎﻣﺔ أن المشﺮع المغﺮﺑي يأخذ ﺑمبدأ إقليميﺔ القوانين وﺑﺎلتﺎلي تسﺮي قواعد قﺎنونه على الموطنين‬
‫واﻷﺟﺎنب المقيمين فيه دون أن يتعدى تطبيقه حدوده التﺮاﺑيﺔ ‪،‬لكن هذا المبدأ تﺮد عليه اﺳتثنﺎءات ﻣنهﺎ‪.‬‬
‫أوﻻ ‪ :‬عدم خضوع اﻷﺟﺎنب لبعض الﺤقوق والواﺟبﺎت المنصوص عليهﺎ في الدﺳتور ولو كﺎنوا فوق‬
‫التﺮاب الوطني ‪ ،‬ﺑﺤيث تقتصﺮ على المواطنين المغﺎرﺑﺔ كﺤﻖ تولي الوظﺎئف العﺎﻣﺔ وواﺟب أداء الخدﻣﺔ‬
‫العسكﺮيﺔ والخدﻣﺔ المدنيﺔ وحقي اﻻنتخﺎب والتﺮشح ‪.‬‬
‫ثـــانيا ‪ :‬عدم خضوع أعضﺎء البعثﺎت الدﺑلوﻣﺎﺳيﺔ المستﻔيدين ﻣن الﺤصﺎنﺔ القضﺎئيﺔ التي يخصهﺎ لهم‬
‫القﺎنون الدولي العﺎم للقﺎنون الوطني ﻣثل رؤﺳﺎء الدول وأعضﺎء السلك الدﺑلوﻣﺎﺳي‪ ،‬فهم ﻻ يخضعون‬
‫للقﺎنون المغﺮﺑي ﺑﺎلﺮغم ﻣن تواﺟدهم فوق تﺮاﺑه كمﺎ ﻻ يخضعون للقضﺎء المغﺮﺑي‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬تتعلﻖ ﺑﺎلقﺎنون الجنﺎئي‪ ،‬فﺎلقﺎعدة هي إقليميﺔ القوانين ﺑمقتضى الﻔصل ‪ 10‬ﻣن القﺎنون الجنﺎئي "‬
‫يسﺮي التشﺮيﻊ الجنﺎئي المغﺮﺑي على كل ﻣن يوﺟد ﺑإقليم المملكﺔ ﻣن وطنيين وأﺟﺎنب وعديمي الجنسيﺔ‪ ،‬ﻣﻊ‬
‫ﻣﺮاعﺎة اﻻﺳتثنﺎءات المقﺮرة في القﺎنون العﺎم الداخلي والقﺎنون الدولي " ‪.‬‬
‫وﺑذلك يخضﻊ للقﺎنون الجنﺎئي المغﺮﺑي كل ﻣﺮتكب لجﺮيمﺔ في المغﺮب ﺳواء كﺎن ﻣن المواطنين أم ﻣن‬
‫اﻷﺟﺎنب‪ ،‬كمﺎ أنه ﻻ يطبﻖ خﺎرج إقليم الدولﺔ المغﺮﺑيﺔ ولو كﺎن ﻣﺮتكب الجﺮيمﺔ ﻣغﺮﺑيﺎ‪.‬‬
‫لكن هذا المبدأ تﺮد عليه اﻻﺳتثنﺎءات التﺎليﺔ ‪:‬‬
‫أ‪ -‬تطبيﻖ القﺎنون الجنﺎئي المغﺮﺑي أﻣﺎم القضﺎء المغــﺮﺑي وفي حﺎﻻت ﻣعينﺔ على ﻣغﺎرﺑﺔ ارتكبوا‬
‫ﺟﺮائم خﺎرج المملكﺔ‪ ،‬وعﺎدوا إلى المغﺮب للتهﺮب ﻣن العقﺎب ولو لم يكتسبوا الجنسيﺔ المغﺮﺑيﺔ‬
‫إﻻ ﺑعد ارتكﺎب الجنﺎيﺔ أو الجنﺤﺔ ‪.‬‬
‫ب‪ -‬تطبيﻖ القﺎنون الجنﺎئي المغﺮﺑي على أﺟﺎنب ارتكبوا ﺟﺮائم خﺎرج التﺮاب المغﺮﺑي ﺑصﻔتهم‬
‫فﺎعلين أﺻليين أو ﻣسﺎهمين أو شﺮكﺎء‪ ،‬إذا كﺎن الضﺤيﺔ ﻣن ﺟنسيﺔ ﻣغﺮﺑيﺔ أو كﺎنت الجنﺎيﺔ أو‬

‫‪49‬‬
‫الجنﺤﺔ ضد أﻣن الدولﺔ أو أعوانهﺎ أو ﻣقﺎر البعثﺎت الدﺑلوﻣﺎﺳيﺔ أو القنصليﺔ أو المكﺎتب العموﻣيﺔ‬
‫المغﺮﺑيﺔ ‪.42‬‬
‫رابعا ‪ :‬يتعلﻖ ﺑإعمﺎل قواعد القﺎنون الدولي الخﺎص وتطبيقهﺎ ﺑﺤيث يؤدي إلى ﺳﺮيﺎن القﺎنون الوطني خﺎرج‬
‫إقليم المغﺮب‪ ،‬وكذلك ﺳﺮيﺎن القﺎنون اﻷﺟنبي ﺑﺎلمغﺮب كتطبيﻖ القﺎنون المـــغﺮﺑي على زوﺟين ﻣغﺮﺑيين‬
‫ﻣقيميـــن ﺑﻔﺮنسﺎ ‪ ،‬والقﺎنون الﻔﺮنسي على زوﺟين فﺮنسيين ﻣقيمين ﺑﺎلمغﺮب ‪.‬‬
‫خﺎﻣسﺎ ‪ :‬تطبيﻖ ﻣدونﺔ اﻷﺳﺮة تطبيقﺎ شخصيﺎ على المغﺎرﺑﺔ المقيمين ﺑﺎلخﺎرج وفي ذلك تنص المﺎدة اﻷولى‬
‫ﻣن ﻣدونﺔ اﻷﺳﺮة ﺑنصهﺎ على أنه " تسﺮي أحكﺎم هذه المدونﺔ على ‪:‬‬

‫‪ . 1‬ﺟميﻊ المغﺎرﺑﺔ ولو كﺎنوا حﺎﻣلين لجنسيﺔ أخﺮى‪.‬‬


‫‪ . 2‬الﻼﺟئين ﺑمن فيهم عديمو الجنسيﺔ‪ ،‬طبقﺎ ﻻتﻔﺎقيﺔ ﺟنيف المؤرخﺔ ﺑـ ‪ 20‬يوليوز لسنﺔ ‪ 1951‬المتعلقﺔ‬
‫ﺑوضعيﺔ الﻼﺟئين؛‬
‫‪. 3‬العﻼقﺎت التي يكون فيهﺎ أحد الطﺮفين ﻣغﺮﺑيﺎ‪،‬‬
‫‪ 4‬العﻼقﺎت التي تكون ﺑين ﻣغﺮﺑيين أحدهمﺎ ﻣسلم‪،‬‬
‫أﻣﺎ اليهود المغﺎرﺑﺔ فتسﺮي عليهم قواعد اﻷحوال الشخصيﺔ العبﺮيﺔ المغﺮﺑيﺔ"‪.‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬نطاق تطبيق القانون من حيث الزمان‬


‫يعمل القﺎنون على تنظيم العﻼقﺎت والﺮواﺑط اﻻﺟتمﺎعيﺔ‪ ،‬اﻷﻣﺮ الذي يستدعي تغييﺮه وفﻖ التغييﺮات‬
‫التي يعﺮفهﺎ المجتمﻊ ليسﺎيﺮ تطوره‪ ،‬ﻣمﺎ يجعل القﺎعدة القﺎنونيﺔ غيﺮ أﺑديﺔ وقﺎﺑلﺔ لﻺلغﺎء تبعﺎ لظﺮوف‬
‫المجتمﻊ ويتﺮتب عن إلغﺎء القﺎعدة القﺎنونيﺔ إحﻼل أخﺮى ﻣﺤلهﺎ – المطلب اﻷول‪ -‬ﻣمﺎ يطﺮح ﻣسألﺔ تنﺎزع‬
‫القوانين ﺑين القﺎعدة الملغﺎة والتي تﺤل ﻣﺤلهﺎ – المطلب الثﺎني‪. -‬‬
‫المطلب ا ول‪ :‬إلغاء القاعدة القانونية ‪l'abrogation‬‬
‫يقصد ﺑإلغﺎء القﺎعدة القﺎنونيﺔ وقف العمل ﺑهﺎ وتجﺮيدهﺎ ﻣن قوتهﺎ الملزﻣﺔ إﻣﺎ ﺑﺎﺳتبدالهﺎ ﺑقﺎعدة أخﺮى تﺤل‬
‫ﻣﺤلهﺎ‪ ،‬أو اﻻﺳتغنﺎء عنهﺎ نهﺎئيﺎ دون إحﻼل أخﺮى ﻣﺤلهﺎ‪.‬‬
‫وينصب اﻹلغﺎء على ﻣختلف القواعد القﺎنونيﺔ وأيﺎ كﺎن ﻣصدرهﺎ وان كﺎن التشﺮيﻊ هو المثﺎل البﺎرز ﻹلغﺎء‬
‫القوانين والذي يخضﻊ لتﺮاتبيﺔ القﺎعدة القﺎنونيﺔ وتدرﺟهﺎ ‪ ،‬وكذلك السلطﺔ التي تقوم ﺑﺎﻹلغﺎء وكونه ﺻﺮيﺤﺎ‬
‫أم ضمنيﺎ ‪.‬‬
‫الفقرة ا ولى‪ :‬السلطة المختصة ﺑا لغاء‬
‫يخضﻊ إلغﺎء القﺎعدة القﺎنونيﺔ لمبدأ التدرج ‪ ،‬فﺎلسلطﺔ التي تملك إلغﺎء القﺎعدة القﺎنونيﺔ هي التي تملك‬
‫إنشﺎئهﺎ أو ﺳلطﺔ أعلى ﻣنهﺎ‪ ،‬وﺑﺎلتﺎلي ﻻ تلغى إﻻ ﺑقﺎعدة ﻣن نﻔس قوتهﺎ أو أعلى ﻣنهﺎ‪ ،‬وﺑﺎلتﺎلي فﺎن إلغﺎء‬
‫القﺎعدة التشﺮيعيﺔ يتم ﺑقﺎعدة تشﺮيعيﺔ أخﺮى تمﺎثلهﺎ أو تعلوهﺎ في الدرﺟﺔ ‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫ينص الفصل ‪ 12‬من مجموﻋة القانون الجنائي ﻋلى أنه " يطبق التشريع الجنائي المغربي ﻋلى الجرائم المرتكبة خارج المملكة أذا كانت من اختصاص‬
‫المحاكم الزجرية المغربية حسب الفصول ‪ 751‬و ‪ 756‬من مجموﻋة القانون الجنائي " التي أصبحت تمثلها المواد من ‪ 707‬إلى ‪ 712‬من قانون المسطرة الجنائية‬
‫الجديد‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬أنواع ا لغاء‬
‫‪43‬‬
‫حسب الﻔصل ‪ 474‬ﻣن ق‪.‬ل‪.‬ع يكون اﻹلغﺎء ﺻﺮيﺤﺎ أو ضمنيﺎ‬
‫يح ‪l'abrogation expresse‬‬ ‫أو ‪ :‬ا لغاء ال‬
‫يقصد ﺑﺎﻹلغﺎء الصﺮيح نص قﺎعدة قﺎنونيﺔ ﺟديدة على إلغﺎء قﺎعدة قﺎنونيﺔ قديمﺔ تنظم نﻔس المسألﺔ‪,‬‬
‫والذي يتم غﺎلبﺎ في النص على ذلك في القﺎعدة الجديدة كﺎلﻔصل ‪ 733‬ﻣن ﻣدونﺔ التجﺎرة الذي ينص على أنه "‬
‫إن أحكﺎم هذا القﺎنون تنسخ وتعوض اﻷحكﺎم المتعلقﺔ ﺑﺎلموضوعﺎت نﻔسهﺎ حسبمﺎ وقﻊ تغييﺮهﺎ أو تتميمهﺎ‬
‫ﻻﺳيمﺎ أحكﺎم النصوص اﻵتيﺔ ‪ ،"...‬ويقصد ﺑهﺎ نصوص القﺎنون التجﺎري القديم ‪.‬‬
‫ﺛانيا ‪ :‬ا لغاء الضمني ‪l'abrogation tacite‬‬
‫يقصد ﺑﺎﻹلغﺎء الضمني اﻹلغﺎء الذي ﻻ ينص عليه المشﺮع ﺻﺮاحﺔ ويتﺤقﻖ في العديد ﻣن الﺤﺎﻻت‬
‫ﻣنهﺎ ‪:‬‬
‫أ – الحالة اﻷولى ‪ :‬يتﺤقﻖ في حﺎلﺔ تعﺎرض قﺎعدة ﺟديدة ﻣﻊ قﺎعدة قديمﺔ إﻣﺎ كليﺎ أو ﺟزئيﺎ‪ ،‬فتعمل‬
‫القﺎعدة الجديدة على إلغﺎء القﺎعدة القديمﺔ إﻣﺎ ﺟزئيﺎ أو كليﺎ ‪ ،‬لكن يشتﺮط أن تكون القواعد القﺎنونيﺔ ﻣن نﻔس‬
‫القوة ‪.‬‬
‫ب ـ الحالة الثانية‪ :‬تتﺤقﻖ في حﺎلﺔ قيﺎم قﺎعدة قﺎنونيﺔ ﺟديدة ﺑإعﺎدة تنظيم نﻔس ﻣوضوع القﺎعدة‬
‫القديمﺔ‪ ،‬فﻔي هذه الﺤﺎلﺔ تلغى القﺎعدة القديمﺔ ولو انتﻔى التعﺎرض ﺑينهمﺎ‪.‬‬
‫تـ الحالة الثالثة‪ :‬يتعلﻖ اﻹلغﺎء ﺑعدم اﺳتعمﺎل القﺎعدة القﺎنونيﺔ ﺑﺎنتهﺎء المدة المعينﺔ لسﺮيﺎنهﺎ أو انتهﺎء‬
‫اﻷﺳبﺎب الداعيﺔ لنشأتهﺎ‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬تنازع القوانين من حيث الزمان‬
‫يتﺮتب عن تطبيﻖ القﺎنون ﻣن حيث ﺳﺮيﺎنه ﻣند نﻔﺎده أي ﻣند دخوله حيز التطبيﻖ طبقﺎ لمبدأ اﻷثﺮ الﻔوري‬
‫للقﺎعدة القﺎنونيﺔ‪ ،‬لكن هذا التطبيﻖ قد تعتﺮضه إشكﺎليﺔ تﺤديد القﺎعدة الواﺟبﺔ التطبيﻖ على الوقﺎئﻊ التي تنشأ‬
‫في ظل القﺎعدة القديمﺔ ‪ ،‬لكن آثﺮهﺎ يمتد إلى ﻣﺎ ﺑعد ﺻدور القﺎعدة الجديدة‪ ،‬ﻣمﺎ يثيﺮ ﻣسألﺔ تﺤديد القﺎعدة‬
‫الواﺟبﺔ التطبيﻖ هل القﺎعدة الملغﺎة أم القﺎعدة الجديدة؟ وهو ﻣﺎ يعﺮف ﺑتنﺎزع القوانين ﻣن حيث الزﻣﺎن ‪.‬‬
‫وقد ظهﺮت نظﺮيتين وهمﺎ النظﺮيﺔ التقليديﺔ و النظﺮيﺔ الﺤديثﺔ لﺤل إشكﺎليﺔ تنﺎزع القوانين ‪.‬‬
‫الفقرة ا ولى‪ :‬مفهوم مبدأ عدم رجعية القوانين الجديدة‬
‫يقصد ﺑهذا المبدأ أن القواعد القﺎنونيﺔ الجديدة ﻻ تسﺮي على الوقﺎئﻊ والتصﺮفﺎت التي نشأت قبل ﺻدورهﺎ‬
‫أي قبل دخولهﺎ حيز التطبيﻖ ‪ ،‬وهو ﻣﺎ يعﺮف ﺑأنه " ليس للقانون أثر رجعي "‪.‬‬
‫يقوم هذا المبدأ على عدة اعتبﺎرات ‪:‬‬
‫ـ العدالة ‪ :‬تقتضي العدالﺔ أﻻ يطبﻖ القﺎنون ﺑأثﺮ رﺟعي‪ ،‬ﻷنه ليس ﻣن العدل لسﺮيﺎن القﺎنون على المﺎضي‬
‫وعلى الوقﺎئﻊ التي تمت قبل ﺻدوره وإلزام أفﺮاد المجتمﻊ ﺑذلك ‪.‬‬
‫‪43‬‬
‫ينص الفصل ‪ 474‬من ق‪.‬ل‪.‬ع ﻋلى أنه " ﻻ تلغى القوانين إﻻ بقوانين ﻻحقة‪ ،‬وذلك إذا نصت هذه صراحة ﻋلى اﻹلغاء‪ ،‬أو كان القانون الجديد متعارضا مع‬
‫قانون سابق أو منظما لكل الموضوع الذي ينظمه" ‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫المصلحة العامة‪ :‬يتﺮتب عن تطبيﻖ القﺎنون ﺑأثﺮ رﺟعي على وقﺎئﻊ وتصﺮفﺎت وقعت في ظل القﺎنون‬
‫السﺎﺑﻖ تهديدا ﻻﺳتقﺮار المعﺎﻣﻼت وإهدار الثقﺔ العﺎﻣﺔ في القﺎنون وزرع الخوف لدى اﻷشخﺎص على‬
‫حقوقهم ‪.‬‬
‫وقد تبنت ﻣجموعﺔ ﻣن القوانين المقﺎرنﺔ هذا المبدأ ﻣنهﺎ القﺎنون الﻔﺮنسي في الﻔصل الثﺎني ﻣن القﺎنون‬
‫المدني ﺑنصه على أنه " ﻻ يحكم القانون إﻻ بالنسبة للمستقبل‪ ,‬فليس له أثر رجعي"‪ ,‬كمﺎ أقﺮه المشﺮع‬
‫المغﺮﺑي في الﻔقﺮة اﻷخيﺮة ﻣن الﻔصل السﺎدس ﻣن الدﺳتور المعدل ﺳنﺔ ‪2011‬ﺑنصه على أنه" ‪...‬ليس‬
‫للقانون أثر رجعي" ‪.‬‬
‫وﺑﺎلتﺎلي يشمل حسب القﺎنون المغﺮﺑي هذا المبدأ ﺟميﻊ فﺮوع القﺎنون ﺑعد أن كﺎن يشمل القﺎنون الجنﺎئي فقط‬
‫‪ ,‬وﺑﺎلﺮغم ﻣن إقﺮار هذا المبدأ فﺎنه لم يكن كﺎفيﺎ ﻹيجﺎد الﺤلول ﻹشكﺎليﺔ تنﺎزع القوانين ﻣمﺎ أدى إلى ظهور‬
‫نظﺮيﺎت فقهيﺔ في هذا الصدد ‪.‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬النظرية التقليدية والنظرية الحديثة‬
‫أو ‪ :‬النظرية التقليدية) نظرية الحقوق المﻜتسبة( ‪ :‬ظهﺮت هذه النظﺮيﺔ على يد الﻔقه‬
‫والقضﺎء الﻔﺮنسيين خﻼل القﺮن ‪ 19‬وتقوم على التمييز ﺑين الﺤﻖ المكتسب الذي ﻻ يمكن للقﺎنون الجديد‬
‫المسﺎس ﺑه‪ ,‬وﻣجﺮد اﻷﻣل الذي يمكن المسﺎس ﺑه لكن ﻣﻊ وﺟود اﺳتثنﺎءات ‪.‬‬
‫‪ -1‬تعريف الحق المﻜتسب ومجرد ا مل‪ :‬يقصد ﺑﺎلﺤﻖ المكتسب حسب أنصﺎر هذه النظﺮيﺔ الﺤﻖ‬
‫الذي دخل ذﻣﺔ الشخص ﺑصﻔﺔ نهﺎئيﺔ‪ ،‬وﻻ يمكن انتزاعه ﻣنه إﻻ ﺑﺮضﺎه ‪ ،‬أﻣﺎ ﻣجﺮد اﻷﻣل فيتﺤقﻖ في‬
‫الﺤﺎلﺔ التي يكون فيهﺎ الﻔﺮد يأﻣل أو ينتظﺮ الﺤصول على حﻖ ﻣﺎ ﻣكتسب‪ ،‬فمثﻼ قبل وفﺎة الموﺻي أو‬
‫المورث يكون للموﺻي له والورثﺔ ﻣجﺮد أﻣل في الﺤصول على الوﺻيﺔ والتﺮكﺔ ‪ ،‬فإذا ﺻدر قﺎنون قبل‬
‫وفﺎة الموﺻي أو المورث فﺎنه يطبﻖ ﺑصﻔﺔ رﺟعيﺔ أﻣﺎ إذا ﺻدر ﺑعد وفﺎة الموﺻي أو المورث فﺎنه ﻻ يطبﻖ‬
‫ﻻن الﺤﻖ اكتسب قبل نﻔﺎد القﺎنون الجديد ‪.‬‬
‫‪ -2‬اﻻستثناءات ‪ :‬أوﺟدت هذه النظﺮيﺔ ﺑعض اﻻﺳتثنﺎءات يجوز فيهﺎ تطبيﻖ القﺎنون على الﺤقوق المكتسبﺔ‬
‫وهي ‪:‬‬
‫أ‪ -‬حالة النص ال يح على الرجعية ‪ :‬يمكن حسب هذه النظﺮيﺔ الخﺮوج على ﻣبدأ الﺮﺟعيﺔ إذا‬
‫نص المشﺮع ﺑكيﻔيﺔ ﺻﺮيﺤﺔ على ﺳﺮيﺎن التشﺮيﻊ على المﺎضي ‪.‬‬
‫ب‪ -‬القانون الجنائي ا صلح للمتهم ‪ :‬يقصد ﺑﺎلقﺎنون الجنﺎئي اﻷﺻلح للمتهم القﺎنون الذي يبيح الﻔعل‬
‫المجﺮم أو يخﻔف العقوﺑﺔ المتعلقﺔ ﺑﺎلجﺮيمﺔ المﺮتكبﺔ وﺑﺎلتﺎلي تسﺮي هذه القوانين على المجﺮﻣين الذين‬
‫ارتكبوا هذه الجﺮائم في ظل القﺎنون القديم ﺑشﺮط أنهم ﻻ زالوا في طور المﺤﺎكمﺔ أو أن الﺤكم لم يصبح ﺑعد‬
‫نهﺎئيﺎ ‪.‬‬
‫ت‪ -‬القوانين التفسيرية ‪ :‬يقصد ﺑهﺎ القوانين الصﺎدرة لتﻔسيﺮ قﺎنون ﺳﺎﺑﻖ‪ ،‬وﺑذلك تعتبﺮ ﺟزءا ﻣن هذا‬
‫القﺎنون لذا تلزم المﺤﺎكم ﺑتطبيقه على الدعﺎوى التي لم يﻔصل فيهﺎ ﺑﺤكم نهﺎئي ‪.‬‬
‫ث‪ -‬القوانين المتعلقة ﺑالنظام العام وا داب‪ :‬تسﺮي القوانين المتعلقﺔ ﺑﺎلنظﺎم العﺎم واﻵداب العﺎﻣﺔ‬
‫ﺑأثﺮ رﺟعي‪ ،‬وﺑﺎلتﺎلي تمس الﺤقوق المكتسبﺔ في ظل القﺎنون القديم كﺎلقﺎنون القديم المتعلﻖ ﺑتﺤديد ﺳن‬
‫الﺮشد‪.‬‬
‫هذه ﺑصﻔﺔ عﺎﻣﺔ اﻻﺳتثنﺎءات التي خﺮﺟت ﺑهﺎ النظﺮيﺔ التقليديﺔ عن ﻣبدأ عدم رﺟعيﺔ القوانين‪ ،‬التي تعتمد‬
‫على التمييز ﺑين الﺤﻖ المكتسب وﻣجﺮد اﻷﻣل‪ ،‬وهمﺎ العنصﺮين الذين تم اعتمﺎدهمﺎ ﻣن طﺮف ﻣعﺎرضي‬

‫‪52‬‬
‫هذه النظﺮيﺔ لتﻔنيدهﺎ ﺑﺤجﺔ خلطهﺎ ﺑين الﺤﻖ المكتسب وﻣجﺮد اﻷﻣل وغموض اﻷﺳﺎس الذي تقوم عليه ‪،‬‬
‫ﻣمﺎ أدى إلى ظهور النظﺮيﺔ الﺤديثﺔ ‪.44‬‬
‫للقانون ( ‪ :‬تعتمد هذه النظﺮيﺔ على التمييز ﺑين‬ ‫ﺛانيا‪ :‬النظرية الحديثة ) مبدأ ا ﺛر المبا‬
‫اﻷثﺮ الﺮﺟعي للقﺎنون الذي يقصد ﺑه تطبيﻖ القﺎنون الجديد على المﺎضي واﻷثﺮ المبﺎشﺮ أو الﻔوري الذي‬
‫يﻔيد تطبيﻖ القﺎنون الجديد على الﺤﺎضﺮ والمستقبل ‪.‬‬
‫‪ -1‬مبدأ عدم رجعية القانون الجديد ‪ :‬يقصد ﺑهذا المبدأ أن القﺎنون الجديد ﻻ يمس المﺮاكز القﺎنونيﺔ أو‬
‫الوقﺎئﻊ التﺎﻣﺔ التي تكونت وانتهت في ظل القﺎنون القديم كمثل انتهﺎء عﻼقﺔ الزوﺟيﺔ ﺑﺎلطﻼق وﺻدور‬
‫قﺎنون ﺟديد يشتﺮط إتمﺎﻣه أﻣﺎم القضﺎء‪ ،‬فﺎلقﺎنون القديم ﻻ يسﺮي على العﻼقﺎت الزوﺟيﺔ المنقضيﺔ في ظل‬
‫القﺎنون القديم ‪.‬‬
‫لكن هذه النظﺮيﺔ تجيز الخﺮوج عن هذا المبدأ في حﺎلتين أولهمﺎ حﺎلﺔ النص الصﺮيح على تطبيﻖ القﺎنون‬
‫ﺑأثﺮ رﺟعي خﺎﺻﺔ في القضﺎيﺎ المدنيﺔ دون الجنﺎئيﺔ‪ ،‬وثﺎنيهمﺎ القوانين التﻔسيﺮيﺔ التي تعد ﺟزءا ﻣن‬
‫القوانين القديمﺔ‪.‬‬
‫للقانون الجديد ‪ :‬يﻔيد هذا المبدأ أن القﺎنون الجديد ﻻ يسﺮي فقط‬ ‫‪ -2‬مبدأ ا ﺛر الفوري أو المبا‬
‫على الوقﺎئﻊ التي تنشأ في ظله أي ﺑعد نﻔﺎده‪ ،‬ﺑل يشمل أيضﺎ المﺮاكز القﺎنونيﺔ التي لم تكتمل نشأتهﺎ في‬
‫القﺎنون القديم ﺳواء تعلﻖ اﻷﻣﺮ ﺑتكوينهﺎ وآثﺎرهﺎ أو انقضﺎئهﺎ كصدور قﺎنون ﺟديد يعدل ﻣدة التقﺎدم المكسب‬
‫‪ ،‬فﺎن هذا القﺎنون هو الذي يصبح واﺟب التطبيﻖ ‪.‬‬
‫وهذا المبدأ ﺑدوره تﺮد عليه اﺳتثنﺎءات تتمثل في ‪:‬‬
‫‪ ‬حﺎلﺔ النص الصﺮيح على اﺳتبعﺎد اﻷثﺮ الﻔوري للقﺎنون الجديد أي تطبيﻖ تأخيﺮ نﻔﺎده إلى تﺎريخ ﻻحﻖ فمثﻼ‬
‫الكتﺎب الخﺎﻣس ﻣن ﻣدونﺔ التجﺎرة لسنﺔ ‪ 1996‬المتعلﻖ ﺑصعوﺑﺎت المقﺎولﺔ لم يدخل حيز التطبيﻖ إﻻ ﺑعد‬
‫ﻣﺮور ﺳنﺔ على نشﺮ هذه المدونﺔ ﺑﺎلجﺮيدة الﺮﺳميﺔ تطبيقﺎ للمﺎدة ‪ 735‬ﻣن نﻔس المدونﺔ وﻣعلوم أن نشﺮ هذه‬
‫المدونﺔ في الجﺮيدة الﺮﺳميﺔ قد تم ﺑتﺎريخ ‪ 3‬أكتوﺑﺮ ‪. 1996‬‬
‫‪ ‬ﺻدور قﺎنون ﺟديد يتضمن قواعد ﻣكملﺔ ﺑخصوص ﻣﺮاكز قﺎنونيﺔ عقديﺔ‪ ،‬ﺑﺤيث ﻻ يطبﻖ ﺑأثﺮ فوري ﺑل‬
‫يظل القﺎنون القديم ﻣطبقﺎ على العقود التي تمت في ظله‪ ،‬أﻣﺎ القواعد اﻵﻣﺮة فإنهﺎ تطبﻖ ﺑأثﺮ فوري ﺳواء‬
‫ﺑمﺮاكز عقديﺔ أو تنظيميﺔ‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬تفسير القانون ‪l'interprétation de la loi‬‬


‫يتطلب تطبيﻖ القﺎعدة القﺎنونيﺔ على أرض الواقﻊ ﻣن ﺟهﺔ أولى تﺤديد نطﺎق هذا التطبيﻖ‪ ،‬وﻣن ﺟهﺔ أخﺮى‬
‫تﻔسيﺮهﺎ عن طﺮيﻖ اﺳتجﻼء الغموض الذي يكتنﻔهﺎ خﻼل تطبيقهﺎ على الﺤﺎﻻت التي تندرج في حكمهﺎ‪.‬‬
‫فمﺎ هو المقصود ﺑﺎلتﻔسيﺮ ؟ وﻣﺎ هي اﻷحكﺎم المتعلقﺔ ﺑه ؟‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫للمزيد من المعلومات انظر‬
‫ﷴ حسين منصور م‪.‬س ص ‪. 299 :‬‬
‫توفيق حسن فرج وﷴ يحي مطر ‪ :‬م‪.‬س ‪.‬ص ‪ 150 :‬وما يليها ‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫المبحث ا ول‪ :‬مفهوم التفسير وأنواعه‬

‫المطلب ا ول ‪ :‬مفهوم التفسير‬


‫يعتبﺮ التﻔسيﺮ عنصﺮا ﺟوهﺮيﺎ لتطبيﻖ القﺎعدة القﺎنونيﺔ على الﺤﺎﻻت العمليﺔ المختلﻔﺔ‪ ،‬وذلك ﺑﺎﺳتجﻼء ﻣﺎ‬
‫يشوﺑهﺎ ﻣن غموض عن طﺮيﻖ تﺤديد ﻣعﺎني اﻷلﻔﺎظ وإزالﺔ التعﺎرض ﺑين نصوﺻهﺎ وإﺻﻼح عيوﺑهﺎ‪.‬‬
‫والتﻔسيﺮ تخضﻊ له القﺎعدة المكتوﺑﺔ كﺎلتشﺮيﻊ الصﺎدر عن السلطﺔ المختصﺔ‪ ،‬لكونهﺎ تصﺎغ ﺑشكل ﻣقتضب‬
‫وتثيﺮ الشك حول تﺤديد ﻣعنى ألﻔﺎظهﺎ وﻣضمونهﺎ وكذلك القواعد الدينيﺔ‪ ،‬أﻣﺎ القواعد العﺮفيﺔ أو ﻣبﺎدئ القﺎنون‬
‫الطبيعي وقواعد العدالﺔ فﻼ تتطلب التﻔسيﺮ لكونهﺎ تستقﺮ فقط في أذهﺎن الجمﺎعﺔ وﻻ تكون ﻣكتوﺑﺔ ‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬أنواع التفسير‬
‫ينقسم التﻔسيﺮ ﻣن حيث الجهﺔ التي تقوم ﺑه إلى تﻔسيﺮ تشﺮيعي وتﻔسيﺮ قضﺎئي وتﻔسيﺮ فقهي ‪.‬‬
‫الفقرة ا ولى‪ :‬التفسير الت يعي ‪l'interprétation législative :‬‬
‫يعد تﻔسيﺮا تشﺮيعيﺎ التﻔسيﺮ السﺎﺑﻖ أو الﻼحﻖ لصدور القﺎعدة القﺎنونيﺔ ﻣن طﺮف السلطﺔ التشﺮيعيﺔ التي‬
‫وضعت التشﺮيﻊ المﻔسﺮ أو ﺳلطﺔ أعلى ﻣنهﺎ لتوضيح ﻣضمون القواعد القﺎنونيﺔ الغﺎﻣضﺔ والﺤد ﻣن الخﻼفﺎت‬
‫التي تثور حول تطبيقهﺎ‪.‬‬
‫ويعتبﺮ التﻔسيﺮ التشﺮيعي ﻣلزﻣﺎ لجميﻊ المخﺎطبين ﺑأحكﺎﻣه ﺳواء أفﺮاد المجتمﻊ أو المﺤﺎكم عند تطبيقه كمﺎ أنه‬
‫يطبﻖ ﺑأثﺮ رﺟعي لكونه يلﺤﻖ ﺑﺎلقﺎنون المﻔسﺮ ويعتبﺮ ﺟزءا ﻣنه‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬التفسير القضائي ‪l'interprétation judiciaire‬‬
‫التﻔسيﺮ القضﺎئي هو التﻔسيﺮ الذي يقوم ﺑه القﺎضي خﻼل نظﺮه في الدعﺎوى المعﺮوضﺔ عليه‪ ،‬وﺑذلك هو‬
‫تﻔسيﺮ تلقﺎئي ﺑﺤكم وظيﻔﺔ القضﺎء التي تتجلى في البث في النزاعﺎت المعﺮوضﺔ عليه‪ ،‬كمﺎ أنه تﻔسيﺮ عملي‬
‫يقوم ﺑه القﺎضي ﻣن تلقﺎء نﻔسه دون طلب ﻣن المتقﺎضين لمعﺮفﺔ الﺤكم الواﺟب التطبيﻖ ﻷنه يمنﻊ عليه‬
‫اﻻﻣتنﺎع عن إﺻدار اﻷحكﺎم ﺑدعوى عدم وﺟود قواعد قﺎنونيﺔ ﺻﺎلﺤﺔ التطبيﻖ‪ ،‬وإﻻ كﺎن ﻣﺮتكبﺎ لجﺮيمﺔ إنكﺎر‬
‫العدالﺔ‪.‬‬
‫والتﻔسيﺮ القضﺎئي يكون ﻣلزﻣﺎ للقﺎضي في ذات النزاع المبﺤوث له عن القواعد الواﺟبﺔ التطبيﻖ ﺑﺤيث ﻻ تلزم‬
‫ﺑه المﺤكمﺔ ﻣصدرة الﺤكم أو المﺤﺎكم اﻷخﺮى ﺑخﻼف التﻔسيﺮ التشﺮيعي الذي يلزم ﺟميﻊ المﺤﺎكم‪.‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬التفسير الفقهي‪l'interprétation doctrinale :‬‬
‫هو التﻔسيﺮ الذي يقوم ﺑه الﻔقه خﻼل دراﺳته وتﺤليله للقﺎعدة القﺎنونيﺔ في أﺑﺤﺎثهم وﻣؤلﻔﺎتهم أو في الندوات‬
‫العلميﺔ أو خﻼل التعليﻖ على اﻻﺟتهﺎدات القضﺎئيﺔ ‪ ،‬وﺑذلك فهو تﻔسيﺮ نظﺮي يتأثﺮ ﺑقواعد المنطﻖ القﺎنوني‬
‫وﺑقصد المشﺮع ﺑخﻼف التﻔسيﺮ القضﺎئي الذي يتأثﺮ ﺑﺎلوقﺎئﻊ العمليﺔ ‪ ،‬كمﺎ أنه يختلف عنه ﻣن حيث القوة‬
‫اﻹلزاﻣيﺔ فﺎلتﻔسيﺮ الﻔقهي غيﺮ ﻣلزم ﺑﺤيث يجوز اﻷخذ ﺑه أو اﻹعﺮاض عنه ‪.‬‬
‫لكن ﺑﺎلﺮغم ﻣن ذلك فﺎن المشﺮع غﺎلبﺎ ﻣﺎ يأخذ ﺑﺎلتﻔسيﺮ الﻔقهي خﻼل وضعه للقواعد القﺎنونيﺔ أو تعديلهﺎ ‪.‬‬
‫الفقرة الثالثة ‪ :‬التفسير ا داري‬
‫وهو نوع ﻣن التﻔسيﺮ تقوم ﺑه السلطﺔ التنﻔيذيﺔ ﻣن تلقﺎء نﻔسهﺎ وهي ﺑصدد تنﻔيذ القوانين ﻣن خﻼل الخطﺎﺑﺎت‬
‫التي توﺟههﺎ اﻻدارة لموظﻔيهﺎ تﻔسﺮ لهم فيهﺎ أحكﺎم القوانين التي يكلﻔون ﺑتطبيقهﺎ وتبين لهم كيﻔيﺔ هذا‬
‫التطبيﻖ‪،‬على شكل لوائح آو ﻣنشورات آو تعليمﺎت ‪.‬‬
‫وتقتصﺮ القوة اﻹلزاﻣيﺔ لهذا النوع ﻣن التﻔسيﺮ على الموظﻔين المعنيين ﺑه وحدهم كﺎلدوريﺎت الصﺎدرة عن‬
‫المﺤﺎفظ ﻣن المﺤﺎفظ على اﻷﻣﻼك العقﺎريﺔ ﺑخصوص تطبيﻖ احد القوانين كظهيﺮ التﺤﻔيظ العقﺎري‪.‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬مدارس التفسير‬
‫يهدف التﻔسيﺮ إلى اﺳتجﻼء الغموض الذي يكتنف القﺎعدة القﺎنونيﺔ وتﺤديد ﻣضمونهﺎ وﺑذلك العمل على إيجﺎد‬
‫النيﺔ الﺤقيقيﺔ للمشﺮع وإرادته عند وضﻊ القﺎعدة القﺎنونيﺔ‪ ،‬وقد أدى الخﻼف حول المقصود ﺑإرادة المشﺮع‬
‫‪54‬‬
‫ونيته الﺤقيقيﺔ إلى ظهور ﻣذاهب ﻣختلﻔﺔ في التﻔسيﺮ وهي المدرﺳﺔ الكﻼﺳيكيﺔ أوﻣدرﺳﺔ الشﺮح على المتون ‪،‬‬
‫وﻣدارس حديثﺔ تتمثل في المدرﺳﺔ التﺎريخيﺔ والمدرﺳﺔ العلميﺔ ‪.‬‬
‫ح على المتون أو مدرسة التزام النص(‪:‬‬ ‫المطلب ا ول‪:‬المدرسة الﻜ سيﻜية ) مدرسة ال‬
‫ظهﺮت ﻣدرﺳﺔ الشﺮح على المتون في القﺮن التﺎﺳﻊ عشﺮ ﺑﻔﺮنسﺎ ﺑعد ﺻدور ﻣدونﺔ نﺎﺑليون لسنﺔ ‪ ، 1804‬وقد‬
‫اعتبﺮ فقهﺎء هذه المدرﺳﺔ أن ﻣدونﺔ نﺎﺑليون أحﺎطت وشملت ﺟميﻊ اﻷﻣور لذلك يجب تقديس قواعدهﺎ وعدم‬
‫الخﺮوج عن ﻣقتضيﺎتهﺎ حتى في حﺎلﺔ تﻔسيﺮهﺎ ‪.‬‬
‫والتﻔسيﺮ يجب أن ينصب على البﺤث عن نيﺔ المشﺮع الﺤقيقيﺔ أو المﻔتﺮضﺔ عند وضﻊ التشﺮيﻊ ﻣستعينﺎ ﺑألﻔﺎظ‬
‫النص وعبﺎراته وﺑﺎلتﺎلي يمتنﻊ على القﺎضي اﻻﺟتهﺎد أو اﻻﺑتعﺎد عن نيﺔ المشﺮع وإرادته‪.‬‬
‫فإذا كﺎن النص غﺎﻣضﺎ فإنه يتم اﻻعتمﺎد على اﻷعمﺎل التﺤضيﺮيﺔ ويقصد ﺑهﺎ الوثﺎئﻖ التي ﺳبقت أو عﺎﺻﺮت‬
‫وضﻊ النص كﺎلمذكﺮات التﻔسيﺮيﺔ أو اﻹيضﺎحيﺔ وتقﺎريﺮ اللجﺎن وﻣﺤﺎضﺮ ﻣنﺎقشﺎت الهيئﺎت التي شﺎركت في‬
‫إﺻداره ‪ ،‬وأيضﺎ ﺑﺎلﺮﺟوع إلى المصدر التﺎريخي التي اعتمد عليهﺎ لوضﻊ النص القﺎنوني كﺎلقﺎنون الﺮوﻣﺎني‬
‫ﺑﺎلنسبﺔ للقﺎنون الﻔﺮنسي ‪.‬‬
‫أﻣﺎ إذا كﺎن هنﺎك فﺮاغ تشﺮيعي أي عدم وﺟود نص قﺎنوني يعتمد عليه لﺤل نزاع ﻣطﺮوح يتم اﻻعتمﺎد على‬
‫وﺳﺎئل التﺤليل المنطقي ﻻﺳتجﻼء دﻻلﺔ النص كﺎﻻعتمﺎد على القيﺎس ﺑﺎلموافقﺔ أو ﺑﺎلممﺎثلﺔ أوالقيﺎس ﺑمﻔهوم‬
‫‪45‬‬
‫المخﺎلﻔﺔ واﻻﺳتعﺎنﺔ ﺑﺎلقواعد العﺎﻣﺔ للقﺎنون‬
‫وان كﺎن هذا اﻻتجﺎه يؤدي إلى اﺳتقﺮار القواعد القﺎنونيﺔ وﻣنﻊ تﺤكم القﺎضي خﻼل تطبيقهﺎ فﺎنه يؤدي إلى‬
‫ﺟمودهﺎ وعدم ﻣواكبتهﺎ للتطورات التي يعﺮفهﺎ المجتمﻊ لذا تم هجﺮهﺎ واﻻعتمﺎد على المدرﺳﺔ التﺎريخيﺔ ‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬المدرسة التاريخية أو ا جتماعية‬
‫ظهﺮت المدرﺳﺔ التﺎريخيﺔ أو اﻻﺟتمﺎعيﺔ أواخﺮ القﺮن التﺎﺳﻊ عشﺮ وﺑدايﺔ القﺮن العشﺮين ﺑألمﺎنيﺎ ﻣنطلقﺔ ﻣن‬
‫اﻻنتقﺎدات التي وﺟهت لمدرﺳﺔ الشﺮح على المتون‪ ،‬فهي تعتبﺮ القﺎعدة القﺎنونيﺔ ظﺎهﺮة اﺟتمﺎعيﺔ تنشأ وتتطور‬
‫وفﻖ المتغيﺮات التي يعﺮفهﺎ المجتمﻊ وليس النيﺔ الﺤقيقيﺔ أو المﻔتﺮضﺔ للمشﺮع‪ ،‬فﺎلنصوص القﺎنونيﺔ ﺑمجﺮد‬
‫وضعهﺎ تنﻔصل عن المشﺮع وتصبح ﻣستقلﺔ وشديدة الصلﺔ ﺑظﺮوف المجتمﻊ لذا يخضﻊ تﻔسيﺮهﺎ لنيﺔ المشﺮع‬
‫المﺤتملﺔ التي كﺎن ﻣن المﻔﺮوض أن يتجه إليهﺎ لو أنه وضﻊ النص في ﻣثل هذه الظﺮوف ‪.‬‬
‫وﻣن تم يجعل القﺎعدة القﺎنونيﺔ ﻣﺮنﺔ تتطور ﺑتطور ظﺮوف المجتمﻊ ‪،‬لكن يؤخذ عليهﺎ ﻣبﺎلغتهﺎ في اﻻﺟتهﺎد‬
‫الشخصي ﻣمﺎ يؤدي إلى تعديل وتغييﺮ القواعد القﺎنونيﺔ ﺑﺤجﺔ تﻔسيﺮهﺎ ﻣمﺎ يؤدي إلى عدم ثبﺎت واﺳتقﺮار‬
‫القﺎنون ‪.‬‬
‫المطلب الثالث ‪ :‬المدرسة العلمية أو مدرسة البحث العلمي الحر‬
‫ظهﺮت هذه المدرﺳﺔ في فﺮنسﺎ على يد الﻔقيه )‪ (GÉNY François‬تتمثل فلسﻔتهﺎ في تﻔسيﺮ القواعد القﺎنونيﺔ‬
‫على البﺤث عن نيﺔ المشﺮع الﺤقيقيﺔ عند وضﻊ التشﺮيﻊ وﺑذلك تسﺎيﺮ اتجﺎه ﻣدرﺳﺔ الشﺮح على المتون ‪ ،‬لكنهﺎ‬
‫تختلف عنهﺎ في حﺎلﺔ عدم وﺟوده النيﺔ الﺤقيقيﺔ للمشﺮع فإنهﺎ ﻻ تذهب إلى البﺤث عن النيﺔ المﻔتﺮضﺔ له ﺑل‬
‫تبﺤث عنهﺎ في المصﺎدر اﻷخﺮى للقﺎنون كﺎلعﺮف والدين‪ ،‬وفي حﺎلﺔ عدم وﺟود قﺎعدة في هذه المصﺎدر فإنهﺎ‬
‫تصﺮح ﺑﺎنعدام النص التشﺮيعي‪ ،‬وتﻔتح المجﺎل للبﺤث العلمي الﺤﺮ ﺑﺎلﺮﺟوع إلى ﺟوهﺮ القﺎنون والعواﻣل‬
‫التي أدت إلى إنشﺎء القﺎعدة القﺎنونيﺔ ﻣن حقﺎئﻖ طبيعيﺔ أو تﺎريخيﺔ أو ﺳيﺎﺳيﺔ أو اﺟتمﺎعيﺔ أو دينيﺔ وأيضﺎ‬
‫الﺤقﺎئﻖ المنطقيﺔ والعقليﺔ ‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫للمزيد من المعلومات انظر ‪:‬‬
‫أبو بكر مهم ‪ :‬م‪.‬س‪.‬ص‪ 339 :‬وما يليها ‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫المبحث الثالث‪:‬‬
‫طرق التفسير وقواعده‬

‫يلجأ المﻔسﺮ عند تﻔسيﺮ النصوص القﺎنونيﺔ غﺎلى وﺳيلتين احدهمﺎ داخليﺔ تﺮتبط ﺑﺎلنص السليم وأحدهمﺎ‬
‫خﺎرﺟيﺔ تﺮتبط ﺑﺎلنص المعيب ‪ ،‬ولكل واحدة ﻣنهمﺎ قواعدهﺎ ‪.‬‬
‫المطلب ا ول‪ :‬الطرق الداخلية أو حالة النص السليم‬
‫إذا كﺎن النص ﺳليمﺎ فﺎن دور المﻔسﺮ يقتصﺮ على اﺳتخﻼص المعنى الذي يستﻔﺎد ﻣن ألﻔﺎظه وعبﺎراته أو ﻣﺎ‬
‫يستﻔﺎد ﻣن روح النص وفﺤواه ‪.‬‬
‫الفقرة ا ولى ‪ :‬المعنى المستفاد من عبارة النص أو من ألفاﻇه ‪ :‬يقصد ﺑعبﺎرة النص‬
‫الصيغﺔ المكونﺔ ﻣن ﻣﻔﺮداته وﺟمله‪ ،‬ويقصد ﺑعبﺎرة النص المعنى الذي يستﻔﺎد ﻣن ﻣجموع عبﺎراته وليس ﺑكل‬
‫لﻔظ على حدة ‪ ،‬ذلك أن العبﺮة " ﺑﺎلمقﺎﺻد والمعﺎني ﻻ ﺑﺎﻷلﻔﺎظ والمبﺎني " ‪.‬‬
‫وﺑﺎلتﺎلي فﺎن المﻔسﺮ يلتزم ﺑﺎلمعنى المستﻔﺎد ﻣن ﻣجموع اﻷلﻔﺎظ والعبﺎرات ﺑعد تﻔسيﺮ كل لﻔظ على حدة ‪،‬تم‬
‫يقوم ﺑﺎﺳتنبﺎط المعنى اﻹﺟمﺎلي ﻷلﻔﺎظ النص وعبﺎراته ‪ ،‬كمﺎ انه إذا كﺎن اللﻔظ الواحد يﺤمل ﻣعنيين لغوي‬
‫واﺻطﻼحي‪ ،‬فيؤخذ ﺑﺎلمعنى اﻻﺻطﻼحي ﻣﺎدام أن نيﺔ المشﺮع لم تظهﺮ اﻷخذ ﺑﺎلمعنى اللغوي ‪ ،‬كمﺎ يأخذ‬
‫ﺑﺎلمعنى الﺤقيقي للﻔظ دون ﻣعنﺎه المجﺎزي ﻣﺎ لم يقم الدليل على خﻼف ذلك ‪.‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬المعنى المستفاد من روح النص أو فحواه ‪ :‬في هذه الﺤﺎلﺔ يتجﺎوز المﻔسﺮ‬
‫المعنى المستﻔﺎد ﻣن لﻔظ النص وعبﺎراته إلى المعنى المستخلص ﻣن روحه وذلك ﺑﺎلوقوف على إشﺎراته‬
‫ودﻻلته وﻣﻔهوﻣه ‪.‬‬
‫يقصد ﺑإشﺎرة النص المعنى الذي يعد ﻻزﻣﺎ لمﺎ يستﻔﺎد ﻣن عبﺎرة النص ‪ ،‬فﺎلنص ﻻ يعبﺮ عن المعنى في ألﻔﺎظه‬
‫ذاتهﺎ وإنمﺎ ﻣﺎ يتضمنه على اعتبﺎر انه ﻣن لوازﻣه ﺑﺤيث يشيﺮ إليه دون أن يصﺮح ﺑه ‪.‬‬
‫أﻣﺎ دﻻلﺔ النص وفﺤواه فيقصد ﺑه المعنى الذي يستخلص ﻣن روحه وﻣﻔهوﻣه ‪ ،‬ﺑﺤيث يستدل على هذا المعنى‬
‫عن طﺮيﻖ اﻻﺳتنتﺎج ﺑﺎﻻعتمﺎد على ﺻيغﺔ ﻣﻔهوم الموافقﺔ أو المخﺎلﻔﺔ فبﺎلنسبﺔ لصيغﺔ المخﺎلﻔﺔ فتتﺤقﻖ ﺑوﺟود‬
‫نص يﻔهم ﻣن عبﺎرته ﻣعنى ﻣعين ينطبﻖ على حﺎلﺔ ﻣعينﺔ‪ ،‬لكن روح النص تﻔيد تطبيقه على حﺎلﺔ أخﺮى لم يﺮد‬
‫لهﺎ ذكﺮ في النص ‪،‬وذلك ﻻتﺤﺎد العلﺔ في كﻼ الﺤﺎلتين‪ ،‬أﻣﺎ اﻻﺳتنتﺎج عن طﺮيﻖ المخﺎلﻔﺔ فيقصد ﺑهﺎ إعطﺎء‬
‫حﺎلﺔ لم ينص عليهﺎ المشﺮع عكس الﺤكم الذي يصﺮح ﺑه في حﺎلﺔ أخﺮى‪ ،‬وذلك ﻻختﻼف العلﺔ في الﺤﺎلتين‬
‫وأﻣﺎ ﻻن الﺤﺎلﺔ التي ﺻﺮح المشﺮع ﺑﺤكمهﺎ تعتبﺮ اﺳتثنﺎء ﻣن الﺤﺎلﺔ التي لم ينص عليهﺎ ‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الطرق الخارجية أو حالة النص المعيب‪.‬‬
‫قد يصدر النص ﻣعيبﺎ ﻣمﺎ يستلزم ﻣن المﻔسﺮ اﺳتجﻼء هذا العيب الذي يتخذ ﺻورا ﻣتعدد‪ ،‬فقد يلﺤقه خطأ‬
‫ﻣﺎدي نتيجﺔ ﺳهو المشﺮع يستوﺟب تصﺤيﺤه ‪،‬أو يعتﺮيه تقص ﺑإغﻔﺎل لﻔظ ﻻ يستقيم الﺤكم ﺑدونه أو غموض‬
‫ﺑﺎن تﺤتمل الﻔﺎض النص أو عبﺎراته أكثﺮ ﻣن المعنى الواحد أو يتعﺎرض النص ﻣﻊ نص أخﺮ ﺳواء في نﻔس‬
‫التشﺮيﻊ آو ﻣﻊ تشﺮيعﺎت أخﺮى‬
‫وفي هذه الﺤﺎلﺔ يتم اﻻعتمﺎد على وﺳﺎئل خﺎرﺟيﺔ عن النص لﺮفﻊ العيب الذي لﺤقه ﻣن ﺑينهﺎ‪:‬‬
‫أو ‪ :‬ا عمال التحضيرية ‪ :‬وهي ﺟميﻊ الوثﺎئﻖ والمذكﺮات والمنﺎقشﺎت المتعلقﺔ ﺑسن قﺎنون ﻣعين ‪،‬‬
‫وهي تعد ﻣن أهم الوﺳﺎئل في تﻔسيﺮ القوانين واﺳتجﻼء العيوب التي تشوب نصوﺻه‪ ،‬ﻷنهﺎ كثيﺮا ﻣﺎ تبين قصد‬
‫المشﺮع ﻣن النص ونيته ‪.‬‬
‫لكن هذه اﻷعمﺎل تستوﺟب أخد الﺤيطﺔ ﻣنهﺎ ﻷنهﺎ كثيﺮا ﻣﺎ تتضمن أراء شخصيﺔ وفﺮديﺔ ﻷعضﺎء السلطﺔ‬
‫التشﺮيعيﺔ يثيﺮونهﺎ أثنﺎء ﻣنﺎقشﺔ القوانين ﺳواء أﻣﺎم اللجﺎن المختصﺔ أو أثنﺎء ﺟلسﺎت البﺮلمﺎن‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫ﺛانيا ‪:‬المصدر التاريخي للنص ‪ :‬وذلك ﺑﺎلﺮﺟوع إلى المصدر التﺎريخي الذي اﺳتقى ﻣنه النص القﺎنوني‬
‫أحكﺎﻣه ﻻﺳتجﻼء حقيقﺔ قصد المشﺮع ‪ ،‬ﻣثﻼ ﺑﺎلنسبﺔ للقﺎنون المغﺮﺑي يتم الﺮﺟوع إلى القﺎنون الﻔﺮنسي أو‬
‫الشﺮيعﺔ اﻹﺳﻼﻣيﺔ أو الﻔقه اﻹﺳﻼﻣي وﻣجلﺔ اﻻلتزاﻣﺎت والعقود التونسيﺔ ‪.‬‬
‫ﺛالثا ‪ :‬حﻜمة الت يع ‪ :‬يقصد ﺑه الغﺎيﺔ أو العلﺔ ﻣن وراء اﺻدرا النص ‪ ،‬ذلك أن النص التشﺮيعي إنمﺎ هو‬
‫وﺳيلﺔ لتﺤقيﻖ غﺎيﺔ ﻣعينﺔ لذا يتﺤدد النص ﺑنﺎء على هذه الغﺎيﺔ أو الدافﻊ إليه ‪ ،‬وهذا اﻷخيﺮ قد يكون تﺤقيﻖ‬
‫ﻣصلﺤﺔ ﺳيﺎﺳيﺔ أو اﺟتمﺎعيﺔ أو اقتصﺎديﺔ أوغيﺮهم ‪.‬‬
‫اﻷﻣﺮ الذي يجعل حكمﺔ التشﺮيﻊ تختلف ﻣن زﻣﺎن إلى أخﺮ ﻣمﺎ يجعل النص يتطور ﺑتطور الزﻣن اﺳتنﺎدا إلى‬
‫حكمته التشﺮيعيﺔ‪.‬‬
‫راﺑعا‪ :‬ا خذ ﺑالقواعد العامة للقانون وترجمتها ‪ :‬يمكن للمﻔسﺮ أن يعتمد أيضﺎ على ﺑعض القواعد‬
‫القﺎنونيﺔ العﺎﻣﺔ وأيضﺎ تﺮﺟمتهﺎ إلى لغﺔ أخﺮى ‪ ،‬فبﺎلنسبﺔ للقواعد العﺎﻣﺔ للقﺎنون نجد المشﺮع حدد ﺑعضهﺎ في‬
‫قﺎنون اﻻلتزاﻣﺎت والعقود في الﻔصول ﻣن ‪ 476 ،475 ، 474‬و ‪. 477‬‬
‫فقد حدد المشﺮع في الﻔصل ‪ 474‬طﺮيقﺔ إلغﺎء القوانين ﺑﺤيث ﻻ تلغى إﻻ ﺑقوانين ﻻحقﺔ ‪ ،‬وأن هذا اﻹلغﺎء‬
‫يكون ﺑنص ﺻﺮيح يتضمنه القﺎنون الﻼحﻖ ‪ ،‬كمﺎ يمكن أن يكون ضمنيﺎ ﺑصدور قﺎنون ﺟديد يتعﺎرض ﻣﻊ‬
‫قﺎنون ﺳﺎﺑﻖ أو ينظم كل الموضوع الذي ينظمه القﺎنون السﺎﺑﻖ ‪.‬‬
‫كمﺎ نظم الﻔصل ‪ 475‬تطبيقﺎ ﻣن تطبيقﺎت تدرج القﺎعدة القﺎنونيﺔ ﺑنصه على أنه " ﻻ يسوغ للعرف والعادة أن‬
‫يخالفا القانون‪ ،‬إن كان صريحا " ‪ ،‬ﺑينمﺎ حدد الﻔصل ‪ 476‬شﺮوط المشتﺮطﺔ للتمسك ﺑﺎلعﺎدة ﺑنصه على أنه "‬
‫يجﺐ على من يتمسك بالعادة أن يثبت وجودها ‪ ،‬وﻻ يصح التمسك بالعادة إﻻ إذا كانت عامة أو غالبة ‪ ،‬ولم‬
‫تكن فيها مخالفة للنظام العام وﻻ لﻸخﻼق الحميدة "‪ ،‬أﻣﺎ الﻔصل ‪ 477‬فقد قﺎعدة تعلﻖ ﺑﺤسن النيﺔ ﺑنصه على‬
‫أنه " حسن النية يفترض دائما مادام العكس لم يثبت "‪.‬‬
‫ﺑﺎﻹضﺎفﺔ إلى ذلك هنﺎك ﻣبﺎدئ تم النص عليهﺎ في قوانين اهﺮى كﺎلﻔصل ‪ 5‬ﻣن ق‪.‬م‪.‬م الذي ينص على أنه "‬
‫يجﺐ على كل متقاض ممارسة حقوقه طبقا لقواعد حسن النية " ‪.‬‬
‫كمﺎ يمكن للمﻔسﺮ أن يعتمد على النص الﻔﺮنسي ﺑلغﺔ أخﺮى كﺎللغﺔ الﻔﺮنسيﺔ ﺑﺎلنسبﺔ للتشﺮيﻊ المغﺮﺑي ‪ ،‬ذلك أن‬
‫التشﺮيعﺎت كﺎنت توضﻊ ﺑدايﺔ ﺑﺎللغﺔ الﻔﺮنسيﺔ تم تتﺮﺟم إلى اللغﺔ العﺮﺑيﺔ ﻣمﺎ كﺎن يجعل النص الﻔﺮنسي هو‬
‫اﻷﺻل ‪ ،‬لذا كﺎن هو اﻷقﺮب إلى ﺑيﺎن قصد المشﺮع ‪.‬‬
‫كمﺎ انه في الوقت الﺤﺎلي كثيﺮا ﻣﺎ يتم نشﺮ التشﺮيعﺎت ﺑﺎللغتين العﺮﺑيﺔ والﻔﺮنسيﺔ ﻣمﺎ يﻔيد في تدليل الصعﺎب‬
‫خﻼل التﻔسيﺮ واﺳتجﻼء قصد المشﺮع ﻣنهمﺎ‪.‬‬
‫وﺑﺎلتﺎلي فﺎن تﻔسيﺮ القﺎنون يقوم على قواعد داخليﺔ تﺮتبط ﺑﺎلنص المﺮاد تﻔسيﺮه او خﺎرج عنه تﺮتبط ﺑوﺳﺎئل‬
‫أخﺮى خﺎرﺟﺔ عنه‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫الفهرس‬

‫مــــــــقــــدمـــــــة‪3................................................................................................................................ :‬‬

‫الفصل ا ول‪ :‬مفهوم القانون وخصائص قاعدته وأصنافه ‪4 ........................................................................‬‬


‫الفرع ا ول‪ :‬مفهوم القانون وموضوعه ‪4 .......................................................................................................‬‬
‫المبحث ا ول‪ :‬تعريف القانون ‪5 .................................................................................................................‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬موضوع القاعدة القانونية ‪6 ...............................................................................................‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬خصائص القاعدة القانونية وع قتها ﺑباقي القواعد ا جتماعية ا خرى‪6 ...................................‬‬
‫المبحث ا ول خصائص القاعدة القانونية ‪6 ...............................................................................................‬‬
‫المطلب ا ول‪:‬القاعدة القانونية قاعدة اجتماعية ‪7 .................................................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪:‬القاعدة القانونية قاعدة عامة ومجردة ‪7 ....................................... Abstraite et générale:‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬القاعدة القانونية قاعدة سلوك ‪8 ..................................................................................‬‬
‫المطلب الراﺑع‪:‬القاعدة القانونية قاعدة إلزامية‪9 ................................................................... Obligatoire‬‬
‫الفقرة اﻷو ‪:‬الجزاء الجنا ‪10 ........................................................................................... La sanction pénal:‬‬
‫الفقرة الثان ة‪ :‬الجزاء المد ‪11 ...........................................................................................La sanction civile :‬‬
‫الفقرة الثالثة ‪ :‬الجزاء اﻹداري أو التأدي ‪12 ................................. La sanction administratives ou correctionnelles :‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬الع قة ﺑين القواعد القانونية وﺑاقي القواعد ا جتماعية ا خرى ‪12 ....................................‬‬
‫المطلب ا ول‪ :‬القانون وقواعد المجام ت والعادات والتقاليد ‪13 ..............................................................‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬القانون وقواعد ا خ ق ‪13 ...........................................................................................‬‬
‫الفقرة اﻷو ‪ :‬أوجه التشا ه ب القواعد القانون ة وقواعد اﻷخﻼق ‪13 ................................................................. .‬‬
‫الفقرة الثان ة ‪ :‬أوجه اﻻختﻼف ب القاعدة القانون ة وقواعد اﻷخﻼق‪14 ................................................................‬‬
‫المطلب الثالث‪:‬القانون وقواعد الدين ‪14 ................................................................................................‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬أصناف القاعدة القانونية ‪15 .....................................................................................................‬‬
‫المبحث ا ول‪ :‬تصنيف القاعدة القانونية حسب صورتها ‪15 ........................................................................‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬تصنيف القاعدة القانونية حسب موضوعها ‪16 ..................................................................‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬تصنيف القاعدة القانونية حسب صيغتها ‪16 ......................................................................‬‬
‫المبحث الراﺑع‪ :‬تصنيف القاعدة القانونية حسب قوتها ‪17 ...........................................................................‬‬
‫المطلب ا ول‪ :‬القواعد ا مرة ‪17 .......................................................................... les règles impératives‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬القواعد المﻜملة‪17 ...................................................................... les règles supplétives:‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬معايير التمييز ﺑين القواعد ا مرة والقواعد المﻜملة ‪18 .................................................‬‬
‫الفقرة ا ولى‪ :‬المعيار اللفظي‪18 ...................................................................................................... :‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬المعيار المعنوي ‪19 ......................................................................................................‬‬
‫المبحث الخامس‪ :‬تصنيف القاعدة القانونية من حيث الع قات التي تنظمها ومﻜانة الدولة ﺑها ‪20 ............‬‬
‫المطلب ا ول ‪:‬معايير التمييز ﺑين القانون العام والقانون الخاص وأهميته ‪21 ........................................‬‬
‫الفقرة اﻷو ‪ :‬معاي التمي ب القانون العام والقانون الخاص ‪21 .......................................................................‬‬
‫الفقرة الثان ة ‪:‬أهم ة التمي ب القانون العام والقانون الخاص ‪22 ........................................................................‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬فروع القانون ‪22 ..........................................................................................................‬‬

‫‪58‬‬
‫‪DROIT‬‬ ‫‪ :‬فروع القانون العام ‪PUPLIC‬‬ ‫الفقرة اﻷو‬
‫‪22 ......................................................................................................................................................‬‬
‫الفقرة الثان ة ‪ :‬فروع القانون الخاص ‪25 ........................................................................................ droit privé :‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬الفروع المختلطة ‪27 ......................................................................................................‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬مصادر القاعدة القانونية ‪29 ...............................................................................................‬‬


‫الفرع ا ول‪ :‬المصادر الرسمية ‪29 ..................................................................................................................‬‬
‫يع‪29 ..................................................................................................... la législation :‬‬ ‫المبحث ا ول‪ :‬الت‬
‫المطلب ا ول‪ :‬ماهية الت يع وخصائصه‪30 ........................................................................................ .‬‬
‫الفقرة اﻷو ‪ :‬تع ف الت ـ ــع وأهميته ‪30 ......................................................................................................‬‬
‫الفقرة الثان ة‪ :‬مزا ا الت ــع وعي ه ‪31 ..........................................................................................................‬‬
‫المطــــلب الــــثاني‪ :‬ســــن الــــتشــــريع ‪32 ...............................................................................................‬‬
‫الفقرة اﻷو ‪ :‬الدستور ‪32 ........................................................................................................ constitution‬‬
‫الفقرة الثان ة‪ :‬القوان التنظ م ة‪33 ............................................................................................................ :‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬اﻻتفاق ات أو المعاهدات الدول ة‪34 .......................................................................................... :‬‬
‫الفقرة الرا عة ‪ :‬الت ـ ــع العادي أو القانون المع الضيق ‪35 .................................................. législation ordinaire‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬الت ــع الفر أو التنظ ‪37 ...........................................les règlement ou législations secondaire‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬نفاد الت يع ‪38 ............................................................................................................‬‬
‫الفقرة اﻷو اﻹصدار‪38 .................................................................................................... la promulgation :‬‬
‫الفقرة الثان ة ‪ :‬ن الت ــع ‪38 ................................................................................................ la publication‬‬
‫المطلب الراﺑع‪ :‬التقنين ‪38 ....................................................................................................... codification‬‬
‫يع ‪39 ........................................................................................................‬‬ ‫المطلب الخامس‪ :‬تدرج الت‬
‫المطلب السادس ‪ :‬الرقاﺑة القضائية ل عية النصوص القانونية ‪39 .......................................................‬‬
‫الفقرة اﻷو ‪ :‬رقا ة المحا م العاد ة ع صحة ال ــع الفر ‪39 ......................................................................:‬‬
‫الفقرة الثان ة ‪ :‬رقا ة المحا م اﻹدار ة ع صحة ال ــع الفر ‪40 ......................................................................‬‬
‫المطلب الساﺑع ‪ :‬الرقاﺑة القضائية على دستورية القوانين ‪40 ................................................................‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬العرف ‪41 ......................................................................................................... la coutume‬‬
‫المطلب ا ول‪ :‬ماهية العرف وأهميته ‪41 ...............................................................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬أركان العرف ‪42 .............................................................................................................‬‬
‫الفقرة ا ولى ‪ :‬الركن المادي ‪42 ..........................................................................................................‬‬
‫الفقرة الثان ة‪ :‬الركن المعنوي أو العن الذا ‪42 ...................................................... Elément morale ou subjectif‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬أﺛار العرف ‪43 ...............................................................................................................‬‬
‫الفقرة اﻷو ‪ :‬العرف الم مل لل ــع ‪43 ..................................................................................................... :‬‬
‫الفقرة الثان ة ‪ :‬العرف المساعد للت ـ ــع ‪44 ....................................................................................................‬‬
‫يعة ا س مية ‪44 .............................................................................................‬‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬مبادئ ال‬
‫المبحث الراﺑع ‪ :‬مبادئ القانون الطبيعي وقواعد العدالة ‪44 .......................................................................‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬المصادر التفسيرية ‪45 .............................................................................................................‬‬
‫المبحث ا ول‪ :‬القضاء ‪45 .................................................................................................. la jurisprudence‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬الفقه ‪45 ......................................................................................................... Le doctrine‬‬

‫الفصل الثالث‪ :‬تطبيق القانون وتفسيره ‪47 ...............................................................................................‬‬


‫الفرع ا ول‪ :‬نطاق تطبيق القانون ‪47 .............................................................................................................‬‬

‫‪59‬‬
‫المبحث ا ول‪ :‬نطاق تطبيق القانون من حيث ا شخاص والمﻜان ‪47 .........................................................‬‬
‫المطلب ا ول‪ :‬نطاق تطبيق القانون من حيث ا شخاص ‪47 ..................................................................‬‬
‫الفقرة اﻷو ‪ :‬تع ف م دأ عدم جواز اﻻعتذار جهل القانون ونطاقه‪47 ................................................................‬‬
‫الفقرة الثان ة ‪ :‬اﻻستثناء الوارد ع م دأ عدم جواز اﻻعتذار جهل القانون ‪48 .........................................................‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬نطاق تطبيق القانون من حيث المﻜان‪48 .....................................................................‬‬
‫الفقرة اﻷو ‪ :‬م دأ إقل م ة وم دأ شخص ة القوان ‪48 ......................................................................................‬‬
‫الفقرة الثان ة‪ :‬موقف الم ع المغر ‪49 .......................................................................................................‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬نطاق تطبيق القانون من حيث الزمان ‪50 ..........................................................................‬‬
‫المطلب ا ول‪ :‬إلغاء القاعدة القانونية ‪50 ........................................................................... l'abrogation‬‬
‫الفقرة اﻷو ‪ :‬السلطة المختصة اﻹلغاء ‪50 ....................................................................................................‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬أنواع ا لغاء‪51 .............................................................................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬تنازع القوانين من حيث الزمان ‪51 .................................................................................‬‬
‫الفقرة اﻷو ‪ :‬مفهوم م دأ عدم رجع ة القوان الجد دة ‪51 ................................................................................‬‬
‫الفقرة الثان ة ‪ :‬النظ ة التقل د ة والنظ ة الحديثة ‪52 .......................................................................................‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬تفسير القانون ‪53 ................................................................................ l'interprétation de la loi‬‬
‫المبحث ا ول‪ :‬مفهوم التفسير وأنواعه‪54 ..................................................................................................‬‬
‫المطلب ا ول ‪ :‬مفهوم التفسير ‪54 .........................................................................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬أنواع التفسير ‪54 ............................................................................................................‬‬
‫‪54 .......................................................................... l'interprétation législative :‬‬ ‫الفقرة اﻷو ‪ :‬التفس الت‬
‫الفقرة الثان ة‪ :‬التفس القضا ‪54 ............................................................................. l'interprétation judiciaire‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬التفس الفق ‪54 ............................................................................ l'interprétation doctrinale :‬‬
‫الفقرة الثالثة ‪ :‬التفس اﻹداري ‪54 ................................................................................................................‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬مدارس التفسير ‪54 ...........................................................................................................‬‬
‫ح على المتون أو مدرسة التزام النص(‪55 ................ :‬‬ ‫المطلب ا ول‪:‬المدرسة الﻜ سيﻜية ) مدرسة ال‬
‫المطلب الثاني‪ :‬المدرسة التاريخية أو ا جتماعية ‪55 ...............................................................................‬‬
‫المطلب الثالث ‪ :‬المدرسة العلمية أو مدرسة البحث العلمي الحر ‪55 ....................................................‬‬
‫المبحث الثالث‪56 ...................................................................................................................................... :‬‬
‫طرق التفسير وقواعده ‪56 ..........................................................................................................................‬‬
‫المطلب ا ول‪ :‬الطرق الداخلية أو حالة النص السليم ‪56 ........................................................................‬‬
‫الفقرة ا ولى ‪ :‬المعنى المستفاد من عبارة النص أو من ألفاﻇه ‪56 ............................................... . :‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬المعنى المستفاد من روح النص أو فحواه ‪56 ............................................................:‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الطرق الخارجية أو حالة النص المعيب‪56 .................................................................... .‬‬

‫ﺑالتوفيق لجميع طلبتنا ا عزاء‬

‫‪60‬‬

You might also like