You are on page 1of 28

‫أهميّة ال ّلغة‬

‫ّ‬ ‫في‬ ‫محاضرة‬


‫وتدريسها وأهدافها ودورها‬
‫يف بث العلوم واملعارف وتسهيل اإلتصاالت‬
‫***‬

‫***‬ ‫***‬

‫أتليف‬
‫فريد الدين آيدن‬
‫‪Feriduddin AYDIN‬‬
‫الربيد األلكرتوين للمؤلّف‬
‫‪feriduddin@gmail.com‬‬

‫دار ِ‬
‫الع َرب للبااة والشرر‬
‫‪Al-Ibar Publishing‬‬
‫إسبشاوال – ‪7991‬م‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫بسم هللا الرمحن الرحيم‬
‫حمم ٍد وةلى آلِ ِه وصحاِ ِه أمجعني‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الم ةلى سيِّدان ّ‬
‫والس ُ‬
‫والصالةً ّ‬ ‫احلم ُد هلل ِّ‬
‫رب العاملني ّ‬

‫ّأما بعد‪ ،‬أيها اإلخوة!‬

‫مات يف ظُلُ ٍ‬
‫مات‪.‬‬ ‫العلم أبوجز معشاه‪ ،‬هو انتفاء اجلهل‪ .‬فالعلم نور‪ ،‬واجلهل ظلم ‪ ،‬بل ظُلُ ٌ‬

‫تعلمون ابلتّحقيق‪ ،‬أن ّأو َل ما أنزل هللا ةلى رسوله صلى هللا ةليه وسلّم – وهو بغار حراء‪ ،-‬قوله تعاىل‪» :‬إقرأ‬
‫ّذي َةلَّ َم ِابلْ َقلَ ِم َةلَّ َم اإلنْساَ َن ماَََلْ يَ ْعلَ ْم«‬ ‫سا َن ِم ْن َةلَ ٍق‪ ،‬اقرأ َوَربُّ َ‬
‫ك األ ْك َرُم ال ِ‬ ‫ِاب ْس ِم ربِّ َ َّ‬
‫ك الذى َخلَ َق ‪ ،‬خلَ َق ا ِإلنْ َ‬ ‫َ‬
‫صدق هللا ربُشا العظيم‪ .‬وهذا من أكرب ال ّدالئل وأجلِّها ةلى أن اإلسالم دين العلم واملعرف ‪.‬‬

‫ون‪ ،‬إِ ََّّنَا يَتَ َذ َّك ُر أُولُوا‬


‫ين ال يَ ْعلَ ُم َ‬ ‫َّ ِ‬ ‫يقول هللا تاارك وتعاىل يف فضل العلم والعاَل‪ :‬قُل هل يستَ ِ َّ ِ‬
‫ين يَ ْعلَ ُمو َن َوالذ َ‬ ‫وي الذ َ‬ ‫ْ َْ َْ‬
‫الكلمات‬
‫ُ‬ ‫القرآينّ إذ تُ َذ ّك ُران هذه‬ ‫ِ‬ ‫اب [الزمر‪ ]9 :‬نلمس يف هذه اآلي الكرمي َّنوزجاً رائعاً من َّنازج الايان‬ ‫األَلْاَ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ْم‬
‫آمشواُ م ْش ُك ْم َوالّذي َن ُأوتواُ الْعل َ‬ ‫املق ّدس ُ بفضل العلم والعاَل يف الوقت ذاته‪ .‬ويقول ساحانه وتعاىل‪»:‬يَ ْرفَ ُع هللاُ الّذيِ َن َ‬
‫خصهم‬ ‫درجات ةشد ِّ‬ ‫َدرجاَ ٍ‬
‫رّبم ومكان ٌ ّ‬ ‫ٌ‬ ‫العلماء هلم‬
‫َ‬ ‫ت« [اجملادل ‪ ]77 :‬نراهد يف هذه اآلي الكرمي تصرحياً أب ّن‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُلو الْعل ِْم قاَئِماً ِابلْق ْسط« [آل ةمران‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫هللا ّبا‪ .‬ويقول ربُّشا يف آي أخرى‪َ »:‬ش ِه َد هللاُ أنّه الَ إلَ َه إالَّ ُه َو َوال َْمالَئ َك ُ َوأ ُ‬
‫‪ ]71‬إن هللا تعاىل يعت ّد هكذا برهادة أهل العلم يف وحدانيته؛ فيقرن شهادهتم برهادته تعاىل وشهادة املالئك ‪ .‬ويف‬
‫هذا من رفع قدر أهل العلم ما فيه‪.‬‬

‫لذا‪ ،‬ةليكم ابلسهر واملواظا يف طلب العلم‪ ،‬وإايكم أن ترو الكفاي فيما قد مجعتم‪ .‬إ ّن املخلص َّ‬
‫اجلاد يف طلب‬
‫العلم واملعرف ال أيلو جهداً يف ازدايده‪ ،‬وال يقشع ابلرصيد الذي يتمتّع به‪.‬‬

‫أيها الرااب!‬

‫‪2‬‬
‫أداء ما فرض هللا ةلى ةااده هو السعي يف طلب املعرف ِ‬ ‫ةليكم ابلعمل الصا ِحل‪ .‬وأفضل األةمال الصاحل ِ بعد ِ‬
‫ّ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الصاحلُ ومن‬ ‫ِ‬ ‫فالبالب ُّ‬
‫لف ّ‬
‫الس ُ‬
‫يظفر به‪ .‬لقد كان ّ‬ ‫حّت َ‬ ‫املخلص ال أيلو جهداً يف سايل مبلوبه ّ‬
‫ُ‬ ‫اجلاد‬ ‫ُ‬ ‫وازدايد العلم‪.‬‬
‫الس ِري يف احلصول ةلى أدىن مسأل ِ من مسائل ِ‬
‫العلم‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫كان ةلى هنجهم من ِ‬
‫أئم اخللف‪ ،‬كانوا ال يُْابئو َن ةن متابع ّ‬ ‫ّ‬
‫ِ‬
‫املعارف حّت أذاقهم هللا سعاد َة الفوز يف هذه احلياة ال ّدنيا‪ ،‬فحاّاهم إىل مجهوِر أهل‬ ‫فجمعوا ما مجعوا من كشوز‬
‫ذكرهم إىل يوم القيام ِ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫العلم‪ ،‬وخلّ َد َ‬

‫وإايان‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وهلذا‪ ،‬أنصحكم أوالً بتقوى ِ‬


‫هللا تعاىل مثَّ مبتابع ِ دروسكم ملتزمني‬
‫جانب العزمي فيها‪ .‬ةسى هللا أن يالّغكم ّ‬
‫َ‬
‫الصاحلني‪.‬‬
‫مشازل ّ‬

‫أيها الرااب!‬

‫ٍ‬
‫أبصشاف خمتلف ٍ مشها‪.‬‬ ‫معني من العلوم‪ ،‬بل جيب ةليه أن يُلِ َّم‬
‫نوع ّ ٍ‬
‫ال يشاغي أن تقتصر جهود التلميذ ةلى دراس ٍ‬

‫نفس ُه‪ ،‬ولكن مع هذا جيب ةليه‬‫نوع من العلوم أيلف مع طاعه وتصاو إليه ُ‬ ‫جل اهتمامه ةلى ٍ‬
‫نعم جيب ةليه أن يرّكز َّ‬
‫يف الوقت ذاته أن يدرس شبراً من كل فصيل ٍ من بقي فَصائِ ِل العلم الْمتَ عارفَ ِ حّت حيظى نصيااً مشها ويتميز بثقاف ٍ‬
‫ّ‬ ‫ُ ََ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ةوان له يف ةالقاته مع الشاس‪ ،‬ويكون هو بذلك واسع اإلطالع‪ ،‬أل ّن اإلنسان إ َّّنا يشضج بكثرة ةلمه‬ ‫ةالي ٍ تكون ً‬
‫وجتاربه ومهاراته‪ ،‬فيكون بذلك مقاوالً ةشد الشاس ومرموقاً بيشهم‪.‬‬

‫واةلموا أ ّن الشاس حيتاجون إىل من يفوقهم‪ .‬وإَّنا يفوق اإلنسا ُن أمثالَه أبحد امليّزتني؛ ّإما ابملقدرة املالي ‪ ،‬أو ّإما‬
‫ولكن العلم‬
‫ري أصاح فقرياً بعد أن كان أغىن الشاس؛ ّ‬ ‫ابملقدرة العلمي ‪ .‬أما املال فمه ّدد ابلزوال بغت ً‪ .‬فكم من ثَ ِّ‬
‫الراسخ قلّما ُُي ِس ُر صاحاَهُ‪.‬‬

‫اخويت‪،‬‬

‫نستحقر هذه‬ ‫أوقات متااةدةٍ‪ ،‬فال يشاغي أن‬


‫ٍ‬ ‫ّقاء ةلى مائدة ِ‬
‫العلم ولو يف‬ ‫لقد من هللا ةليشا أن وهب لشا فرص الل ِ‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫ك‬‫"وأ َّما بِشِ ْع َم ِ َربِّ َ‬ ‫ِ‬
‫نعرتف ّبذه الشّعم الكرمي َ‬
‫َ‬ ‫ات ال حصر هلا‪ .‬جيب ةليشا أن‬ ‫قليل ُْجيدي بثمر ٍ‬ ‫الشعم لقلّتِها‪ .‬فكم من ٍ‬
‫امه فجعلشا‬ ‫شاء اجلزيل ةلى ما خصشا إبحسانه وإكر ِ‬ ‫اجلميل والثّ ِ‬
‫ِ‬ ‫ث" كما جيب ةليشا أن َّنَْثُ َل بني يدي ربِّشا ابحلمد‬‫فَ َح ِّد ْ‬
‫ّ‬
‫أحسشَهُ‪ .‬ذلك بفضله تعاىل جنتمع يف هذه الاقع ِ املاارك ِ‪ ،‬ندرس ونذاكر ونتااحث ةن‬ ‫القول فيتّاعو َن َ‬ ‫ممّن يستمعون َ‬

‫‪3‬‬
‫كل جترب ٍ شيئًا جدي ًدا ولش زداد معرف ً وحكم ً‪ .‬مع هذا ال ب ّد أن نكون مستع ّدين الستقاال ما قد‬
‫احلقيق لشتعلّم يف ِّ‬
‫يصياشا من ِ‬
‫الاالء‪.‬‬

‫اخويت‪،‬‬

‫العلم يف ِ‬
‫بالدان‬ ‫طالب ِ‬
‫الصاحلَ‪ ،‬إنّه ال يشاغي أن تتشاسوا ما يعاين ُ‬ ‫وإايان العلم الشّافع والعمل ّ‬ ‫أة ّزكم هللاُ تعاىل‪ ،‬ورزقكم ّ‬
‫األايم الّيت‬ ‫األرض ةلى ِ‬
‫طالب ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ب ومر ّق ٍ‬ ‫صٍ‬ ‫صٍ‬
‫خاص ً يف هذه ّ‬ ‫ات ّ‬ ‫رح ْ‬
‫العلم مبا ُ‬ ‫ُ‬ ‫وحرمان‪ .‬لقد ضاق‬ ‫ب َونَ َ‬ ‫اليوم من َو َ‬
‫َ‬
‫الرغم من‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫جملسا يتّصف مبجلس العلم ةلى حقيقته‪ .‬هذا ةلى ّ‬ ‫يب ةن سؤاله‪ ،‬أو جن َد حنن ً‬ ‫أوشك أن ال جيد َم ْن ُجي ُ‬
‫بعضها اسم املدرس ِ‪ ،‬وةلى بعضها اسم اجلامع ِ‬ ‫واجلامعات‪ .‬أل ّن كل هذه األبشي الّيت يبلَ ُق ةلى ِ‬ ‫ِ‬ ‫كثرة املدارس‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫املعارف‪ ،‬وحار ِ‬
‫العاَلُ‪ ،‬وخيّ َم‬ ‫السماسرةُ فيها ِ‬
‫ابلعلم؛ وقد ضاةت‬ ‫والكلّيّ ِ؛ يف الواقع‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ات يتالةب ّ‬ ‫ليست إالّ مسرحيّ ٌ‬‫ْ‬
‫اس مفهوم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫سميه‬ ‫العلم؛ مشهم من يُ ّ‬ ‫اجلهل ةلى اجملتم ِع بظالمه وخماط ِره‪ .‬وهلذا أصاح ُ‬
‫العلم غرياًا‪ ،‬فاشتاه ةلى الشّ ِ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫الصشاة َ‪ ،‬ويرببونه مبفهوم احلضارة والتّكشولوجيا‪ .‬بيشما العلم‬ ‫سميه ّ‬ ‫الفن‪ ،‬ومشهم من يُ ّ‬ ‫يسميه َّ‬ ‫الثقاف ‪ ،‬ومشهم من ّ‬
‫ِ‬
‫احلقائق‪ :‬حيتاج‬ ‫حيتاج إىل معرف سلسل ٍ من‬ ‫روري‪ .‬ذلك أ ّن اإلنسا َن ُ‬ ‫ض ِّ‬‫العام هو انتفاء اجلهل ابلواقع ال ّ‬ ‫مبفهومه ِّ‬
‫الكون وا ْحلَيَاةِ‪ .‬وإ َّّنا يهتدي بعد‬
‫ِ‬ ‫نفس ِه‪ ،‬وابلتّايل ةلى بيئتِ ِه‪ ،‬مثّ حيتاج إىل ِ‬
‫معرف أسرا ِر‬ ‫ابل ّدرج األوىل أن يتعرف ةلى ِ‬
‫ّ‬
‫الصاحل‪.‬‬
‫ب ةليه من مسئولي اإلميان والعمل ّ‬ ‫ذلك إىل ما يرتتّ ُ‬

‫البالب إىل هذا الواقع يف غمار‬ ‫ُ‬ ‫روري هو اإلميا ُن ابهلل ومبا جاء من ةشده مجل ً وتفصيالً‪ .‬وال يشتاه‬
‫ض ُّ‬ ‫إذن الواقع ال ّ‬
‫"وِم ْن يُ ْؤتَى ا ْحلِ ْك َم َ فَ َق ْد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األحداث الّيت تُضلُّهُ إالّ ّبداي هللا‪ ،‬وللحكم صل ٌ ابهلداي كما يرري إىل ذلك قوله تعاىل‪َ :‬‬
‫ُويت َخي را َك ِثريا‪ ".‬و"احلكم ُ ضالّ ُ ُ ِ‬
‫املؤم ِن‪َ ،‬‬
‫أين وجدها أخذها‪".‬‬ ‫أ ِ َ ًْ ً‬

‫مقصودان‬ ‫معان جليل ٍ‪ .‬أي هي الاالغ ُ بعيشِها‪ ،‬فهذا هو‬


‫ذات ٍ‬ ‫ٍ‬
‫أبلفاظ مجيل ٍ ٍ‬ ‫عاري ةن احلقيق‬
‫ُ‬ ‫ّأما احلكم ُ‪ :‬فهي التّ ُ‬
‫الغرض بكل ما َّنلِ ُكهُ من ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وقت‬ ‫ِ ّ‬ ‫نفتدي هلذا‬
‫ّ‬ ‫جهودان‪ ،‬وأن‬ ‫سايله قُصارى‬ ‫ومبلوبُشا الّذي جيب ةليشا أن ناذل يف‬
‫ٍ‬
‫وإةالل‪ ،‬مثّ بعلوم الاالغ‬ ‫ٍ‬
‫واشتقاق وإةر ٍ‬
‫اب‬ ‫ومال‪ .‬فهذا هو الّذي جعلَشا هنتم بعلوم قواةد العربي ِ من ٍ‬
‫صرف وحن ٍو‬ ‫ٍ‬
‫ّ‬
‫ٍ‬
‫ومعان وبديع وما إليها‪...‬‬ ‫من ٍ‬
‫بيان‬

‫إخويت‪،‬‬

‫‪4‬‬
‫الارري أن يستوةاه‪ٍ ُّ .‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫كل شيء يعرفُهُ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫العقل‬
‫ُ‬ ‫يستبيع‬
‫ُ‬ ‫مفهوم ةمال ٌق ذو أبعاد مرتامي ترتمل ةلى ِّ‬
‫كل ما‬ ‫ُ‬ ‫املعرف ُ‬
‫حمدودا ال يستبيع أن يستوةب أكثر‬ ‫العقل‬ ‫اإلنسا ُن‪ ،‬أو يريد أن يتعر َ ِ‬
‫ً‬ ‫ف إليه‪ ،‬يدخل يف مشول هذا املفهوم‪ .‬فما دام ُ‬ ‫ّ‬
‫كل طالب املعرف ِ أن حي ِّد َد هدفَهُ يف طلب العلم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ممّا ُخل َق له‪ ،‬إذن جيب ةلى ّ‬

‫أصغران الثالثني من العمر أو كاد؛ ال يشاغي أن نُس ِر َ‬


‫ف‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِِ‬
‫حنن كأبشاء العلم وخ ّدامه وسدنته مشذ ّأايم البّفول ‪ ،‬وقد بلغ ُ‬
‫أشياء جديد ًة َل نتم ّكن من معرفتِها فيما ساق‪.‬‬
‫فشرتغل ابلتّفاصيل‪ ،‬بل جيب ةليشا أن نتعلّم َ‬
‫َ‬ ‫الس ِّن‬
‫وقتَشا بعد هذا ّ‬

‫جهودكم اخلاص ِ‬
‫ِ‬ ‫اجلامعي بفضل‬ ‫أنتم يف احلقيق ِ لستم طلا املدارس الثانوي ِ‪ ،‬بل يفوق مستواكم ةلى املستوى‬
‫ّ‬ ‫ِّ‬
‫جتاربكم اليت اكتساتموها‬
‫بفضل ُ‬ ‫مراق الغُرب ِ إذ تذوقون َم َر َارةَ احلياةِ‪ ،‬ولكن ِ‬
‫َّ‬ ‫ور َحالَتِ ُك ْم إىل الاالد العربي ‪ ،‬ومعاانتكم‬
‫َ‬
‫حّت اآلن‪ .‬إذن أنتم ال حتتاجون أصالً إىل حفظ القواةد‪ ،‬وال إىل تكرار ما قد درستم من‬ ‫ٍ‬
‫يومئذ وما زلتم تزدادوهنا ّ‬
‫اص ٍ إىل األسلوب األمثل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املقررات التّعليميّ ّأايم تبوافكم ةلى العلماء واألساتذة واملرشدين‪ .‬بل حتتاجون اليوم َخَ ّ‬ ‫ّ‬
‫ِ‬
‫األداء واحلوار‪.‬‬ ‫يف‬

‫الاذور‬
‫َ‬ ‫مضت من غري رجع ٍ‪ .‬فإن كشتم قد زرةتم‬
‫ْ‬ ‫األدب والاالغ ِ كانت له ّأاي ٌم‬
‫ِ‬ ‫إ ّن حفظ فواةد اللُّغَ ِ ال َْعربِيَّ ِ وقوان ِ‬
‫ني‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫القواةد واحصاءها وتكرا ِرها من‬ ‫مثارها؛ وابلتّايل فال حاج لكم إىل حفظ هذه‬‫األايِم‪ ،‬فال ب ّد وقد حصد ْمت َ‬ ‫يف تلك ّ‬
‫ِ‬ ‫تشحصر مهمتكم اليوم يف تبايق تلك القوانني وإجر ِاءها ةلى ِ‬
‫اإلنراء واحلوا ِر‬ ‫كالمكم وأسلوبِكم يف‬ ‫َ‬ ‫ِ ُ ُّ‬ ‫جديد‪ .‬وإ َّّنا‬
‫واخلباب ِابللُّغَ ِ ال َْع َربِيَّ ِ‪ .‬وهذا سيساة ُدكم يف اهليمش ِ ةلى الشّ ِ‬
‫فوس (ال الستغالهلا والتّح ّك ِم فيها‪ ،‬بل إلصالحها‬
‫ِ‬
‫الوقت ذاته)‪.‬‬ ‫ولقضاء حاجتكم من الشّ ِ‬
‫اس يف‬ ‫ِ‬ ‫وهتذياها‬

‫س‬ ‫نفس ِه‪ .‬وهل وجدمت مثالً‪ٍ ٍ َ ،‬‬ ‫واثق من ِ‬


‫سائق ماه ٍر يف مهشتِ ِه‪ ،‬ولكن غ ِري ٍ‬
‫كمثَ ِل ٍ‬
‫متر َ‬
‫سائق مركا آليّ (بعد أن ّ‬ ‫إ ّن َمثَلَكم َ‬
‫ائق فيرت ّد َد يف معرفتِ ِه للقيادةِ‪ِ ،‬‬
‫وُيترب‬ ‫الس ُ‬ ‫الرخص ِ ا ّلرمسيّ ِ هلا)؛ هل جيوز أن َ‬
‫يعود هذا ّ‬
‫ِ‬
‫ةلى القيادة‪ ،‬وحصل ةلى ّ‬
‫َ‬
‫أمر يف مشتهى الغراب ِ‪.‬‬
‫كفائَتَهُ فيها؟! هذا ٌ‬

‫تكاد تشكرف لكم أسر ُارها حّت هذه اللّحظ ِ‪.‬‬ ‫تعانوهنا يف مسأل املعرف ِ‪ ،‬يادو أهنّا ال ُ‬
‫َ‬ ‫إذًا يادو أن املركل اليت‬
‫مقاص ُدهُ‪ ،‬وتعيا مذاهاُهُ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اإلنسان أن يلتاس ةليه ِ‬ ‫خبرا ةلى‬ ‫وهذا من أخبر املواقف‪ .‬نعم ما َّ‬
‫َ‬ ‫أشد ً‬

‫إنتم يف هذا الوقت‪ ،‬وةلى هذه ال ّدرج ِ الاالغ ِ من املعرف ِ بقواةد اللُّغَ ِ ال َْع َربِيَّ ِ وقوانني الاالغ ِ‪ ،‬لستم يف حاج ٍ إىل‬
‫ِ‬ ‫ماس ٍ إىل هتذيب أسلوبكم يف‬ ‫ٍ‬
‫وإنراء‪ .‬ألنّكم اليوم يف‬
‫ً‬ ‫األداء نب ًقا‬ ‫تكرا ِر ما قد أحصيتم فيما سلف‪ .‬بل أنتم حباج ّ‬

‫‪5‬‬
‫يوما ةلى رصيدكم من‬ ‫ِ‬
‫غالب أوقاتكم حتت ّكو َن باين جلدتكم َوتُ َكلّ ُمونَ ُه ْم بلغتهم (اللّغ الرتكي )‪ ،‬وهي رمبا تبغى ً‬
‫اللّغ الغربي فتخسرو َن قسبًا ابلغًا مشها!‬

‫بق‪ ،‬بل ةلى‬ ‫الرصيد الّذي تتمتّعون به‪ ،‬أن تُ َرّكِ ُزوا جهو َدكم ةلى اإلكثا ِر من الكتاب ِ والشّ ِ‬
‫إ ًذا حيب ةليكم بعد هذا ّ‬
‫كالمكم‪ .‬وهذا‬ ‫ِ‬
‫حبيث يفهمكم قارؤٌكم وسامعُكم‪ ،‬فيُ ْعجاُهُ ُ‬ ‫سلس ووجي ٍز‪ُ ،‬‬ ‫فصيح بلي ٍغ ٍ‬
‫ٍ‬ ‫سليم‬ ‫ٍ‬
‫أبسلوب ٍ‬ ‫صياغ ِ مراميكم‬
‫الكالم‪ ،‬واث ًقا من ِ‬
‫كمال‬ ‫ِ‬ ‫ال يتح ّقق طاعا إالّ أن يكون اخلبيب أو املشرئ ةارفًا بدقائق الاالغ ٍ وماهرا يف صياغ ِ‬
‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬
‫نفس ِه‪ .‬وهلذا سوف نعود ً‬
‫أحياان إىل مفهمو‬ ‫بعلمه‪ ،‬خسر ثق َ من ُياطاهُ يف الوقت ِ‬
‫ُ‬
‫معرفتِ ِه ّبا‪ ،‬أل ّن من خسر الثّق َ ِ‬
‫لشستحسه ابلقدر الّذي حنتاج إليه ولشباّقها‬
‫ّ‬ ‫ِ‬
‫األدب‬ ‫الفصاح ِ والاالغ ِ‪ ،‬ولن تشقبع صلتُشا بقواةد اللّغ ووقوانني‬
‫ِ‬
‫مفرداهتا من جديد‪.‬‬ ‫ةلى ِ‬
‫كالمشا‪ ،‬وليس لشُ ِ‬
‫حص َي‬

‫وأةزائي!‬
‫إخويت ّ‬

‫تشسو َّن ّبذه‬ ‫ِ‬ ‫اب الّذي يُ َو ِّج ُههُ‬‫الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ويدفعهُ إىل ةمله‪ .‬فال ُ‬‫ُ‬ ‫قال مجي ِع واجااته‪ ،‬أن يرعُ َر حبقيق ّ‬
‫جيب ةلى اإلنسان َ‬
‫يكاد‬
‫الساُل؛ فال ُ‬ ‫وتتفر ُق به ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫س ةليه األمور‪ّ ،‬‬ ‫تشاز ِع األسااب أو يَغْ ُف ُل‪ ،‬فتلتا ُ‬
‫رتاك ةشد ُ‬
‫جيعل اإلنسا َن ي ُ‬
‫املشاسا ما ُ‬
‫يقص ُدهُ ويا ُذ ُل‬ ‫ِِ‬
‫ليتدرج إىل ما ُ‬
‫ك ّبا ّ‬‫يتمس ُ‬
‫األصلي الّذي يسعى من وراءه ةن األهداف الثانوي الّيت ّ‬ ‫َّ‬ ‫اهلدف‬
‫َ‬ ‫مييّ ُز‬
‫جهودهُ من أجلِ ِه‪.‬‬
‫َ‬

‫اهلدف‬
‫ُ‬ ‫بالدان وهم يف هذه احلال ِ من الغفل ِ‪ ،‬وقد التاس ةليهم‬ ‫إنّه ليؤلِمين أن أرى طلا َ اللُّغَ ِ الْعربِيَّ ِ من ِ‬
‫أبشاء ِ‬
‫ََ‬ ‫ُ‬
‫َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األصل ُّي يف دراستهم‪ .‬فال يكادون مييّزونَهُ ةن األهداف اجلاناي اليت ال تعدو ةن درجات ُسل ٍم نُص َ‬
‫ب هلَم لريقوا به‬
‫احلقيقي املشرود‪.‬‬ ‫ِ‬
‫والغرض‬ ‫ِ‬
‫املقصود‬ ‫ِ‬
‫األصل ِّي‬ ‫حّت يصلوا إىل اهلدف‬
‫ِّ‬ ‫ّ‬

‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫وإين‬
‫أمرا حديثًا‪ّ .‬‬ ‫الزم ِن وليس ً‬‫هذه يف احلقيق مركل ُ قدمي ٌ يعاين مشها أبشاءُ املسلمني من األتراك مشذ حقا من ّ‬
‫املهم ِ الّيت ُك ِلّفوا أبدائِها‪ ،‬ةلى قلّتهم يف تركيا‪ ،‬ويُ ْؤ ِس ُف ِين‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ف أساتذة اللّغ الغربي من ّ‬ ‫اب موقِ َ‬ ‫أشد االستغر ِ‬ ‫ب َّ‬ ‫ألستغ ِر ُ‬
‫ِ‬ ‫ةدم ا ِ‬
‫تالمذته أنّه‬ ‫األايِم أ ّن أح َدهم َ‬
‫أشار ةلى‬ ‫يوما من ّ‬ ‫يس هذه اللّغ ؛ فلم أمسع ً‬ ‫هائي من تدر ِ‬ ‫ِ‬
‫ابلغرض الشّ ِّ‬ ‫هتمامهم‬ ‫ُ‬
‫كل ما يقصدونهُ من حل ٍو ٍّ‬ ‫صاالت واحلوا ِر‪ّ ،‬‬‫ِ‬ ‫إ َّّنا ِّ‬
‫ومر‪،‬‬ ‫وليعربوا ّبا ةن ِّ‬ ‫يدر ُسهم هذه اللّغ ليستخدموها يف االتّ‬
‫ٍ‬
‫وإةالم‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫إرشاد‪،‬‬ ‫تستوجاُهُ املسؤوليّ ُ من‬‫ِ‬ ‫واملشاساات من سروٍر وأ ٍَل‪ ،‬وما‬
‫ُ‬ ‫والعالقات‬
‫ُ‬ ‫وليررحوا ّبا ما تتبلّاُهُ احلياةُ‬
‫اض‪ ،‬فكيف‬ ‫وإصالح‪ ،‬وتشوير‪ .‬ذلك أل ّهنم ابل ّذات ةاجزون ةن استخدام اللُّغَ ِ ال َْع َربِيَّ ِ يف هذه األغر ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫وتشايه‪ ،‬وتار ٍري‪،‬‬
‫ِ‬
‫اآلداب‬ ‫ِ‬
‫القواةد وتدريس‬ ‫أمرهم! لذلك ما زلشا نراهم مشهمكني يف حتفيظ‬ ‫ِ‬
‫تالمذهتم بذلك فيفتض َح ُ‬ ‫َ‬ ‫ّبم أن يشصحوا‬

‫‪6‬‬
‫اليلحن يف‬ ‫ض التّ ِ‬
‫حفيظ! وحساُهم أن يروا التِّلمي َذ أنّه‬ ‫حفيظ لِ َم ْح ِ‬
‫يستقبب ةلى التّ ِ‬
‫ِ‬ ‫كل ِ‬
‫مهومهم‬ ‫واملااد ِئ‪ُّ .‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫املضاف إليه ليس إ ِالّ!!‪..‬‬ ‫وجير‬
‫املفعول‪ُّ ،‬‬ ‫ب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫يرفع الفاة َل‪ ،‬ويشص ُ‬
‫القراءة؛ ُ‬

‫يس‪ ،‬إذا وجدوا‬ ‫طوال سشني يف خدم ِ التّدر ِ‬ ‫ومال َ‬ ‫ِ‬


‫اجلهود وما كلّفهم من سه ٍر ٍ‬
‫ووقت ٍ‬
‫فما الفائدةُ إذ ْن من ِّ‬
‫كل هذه‬
‫أبشاء هذه اللّغ ‪ ،‬وذلك بعد‬ ‫بق وهم ي تمتِمو َن يف حديثهم خاص ً مع املتفتحني من ِ‬ ‫يوما ِ‬
‫هؤالء البّلا َ ةاجزين ةن الشّ ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َُ ْ ُ‬ ‫ً‬
‫فتخرجوا من كلّي ِ اللُّغَ ِ ال َْع َربِيَّ ِ ومحلوا ال ّ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫رها ّد َة اجلامعيّ َ‬ ‫ثلث ةُ ُم ِره يف إحصاء القواةد وحفظها‪ّ ،‬‬‫أن أفىن كلٌّ مشهم َ‬
‫أحدهم معرار ما يتمتّع به أدىن املستررقني من املعرف ِ بِلُغَ ِ‬ ‫وهم ال يستبيعون اإلفصاح ابلعربي وال يالُ ُغ مستوى ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ضِ‬
‫اد!‬ ‫ال ّ‬

‫ِ‬
‫اإلسالم يف‬ ‫وتعمل ةلى بقائِها‪ ،‬وتصلُّاِها؛ ّ‬
‫حّت اليتم ّكن أبشاءُ‬ ‫ُ‬ ‫وى تُ َؤ ِّججها‪،‬‬ ‫َّ‬
‫هذه املركل ُ مازالت قائم ً‪ .‬ألن مث َ قُ ً‬
‫يصحوا من نومتِهم بع ُد‪ ،‬وَل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ولعل أساتذةُ اللُّغَ ال َْع َربِيَّ يف تركيا َل ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫تركيا من االتصال أببشاء ّأمتهم يف الاالد العربي ‪ّ .‬‬
‫هم‬
‫نضبر أن نتّ َ‬ ‫ُّ‬ ‫اليوم من العج ِز والابال ِ‪ .‬بل‬
‫املتخرجو َن من تالمذهتم َ‬ ‫ِّ‬ ‫يشتاهوا إىل هذا اخلب ِر وإىل ما يعاين مشه‬
‫ضهم أب ّهنم يتواطئون مع املت زمتني الّذين يق ِّدسون األسلوب العثماينَّ العقيم‪ .‬فإ ّهنم يعتمدون يف تعليم اللُّغَ ِ الْعربِيَّ ِ‬ ‫بع َ‬
‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫العقاات واخب ِرها أمام الب ِ‬
‫ّالب‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ويصرو َن ةلى هذا األسلوب‪ ،‬وذلك من أكرب‬ ‫روس ابللّغ ّ ِ‬ ‫ةلى ِ‬
‫إلقاء ال ّد ِ‬
‫الرتكي ‪ّ ،‬‬

‫ٍ‬
‫ةديدة يف‬ ‫ِ‬
‫إبلقاء حماضر ٍ‬
‫ات‬ ‫فقمت‬ ‫ةاما يف تشايه املراة ِر إىل هذه العقا ِ‪،‬‬
‫ُ‬ ‫جهودا ابلغ ً مشذ ثالثني ً‬
‫ً‬ ‫بذلت‬
‫ُ‬ ‫لقد‬
‫يق ِ‬
‫املااش ُر‪ .‬وذلك‬ ‫األمثل لتعليم اللّغ األجشاي ِ (ومشها العربي ُ ابلشّسا لألتراك)؛ وهو البّر ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األسلوب‬ ‫حول‬
‫إسبشاول َ‬
‫َ‬
‫الرتمج ِ‪ ،‬وأن يتجشّب اخلباب بلغ ِ التّ ِ‬
‫لميذ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫استخدام ّ‬ ‫أ ْن ي ُك َّ‬
‫ف األستاذُ ةن‬
‫َ‬ ‫َ‬

‫وحلول يف دروسشا املقال ِ إن شاء هللا تعاىل‪.‬‬


‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫أسااب‬ ‫سوف نرّك ُز ةلى ما يرتاط ّبذه املركل ِ من‬
‫َ‬

‫أيّها اإلخوة!‬

‫آايت ِ‬
‫أبشاء الار ِر‪ ،‬وهي آي ٌ من ِ‬ ‫صال والتفاه ِم بني ِ‬
‫هللا العظمى‪ .‬يقول هللا تعاىل‪:‬‬ ‫أن اللّغ هي أداة االتّ ِ ّ ُ‬ ‫الشك من َّ‬ ‫َّ‬
‫ك ٍ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ض وا ْختِالَ ُ ِ ِ‬ ‫ْق الس ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫مني«‪ 1‬أل ّن اإلنسا َن هو‬ ‫ف اَلْسشَت ُك ْم َواَل َْوان ُك ْم إِ َّن ِيف ذَل َ َ‬
‫آلايت لل َْعالَ ِ َ‬ ‫ماوات َواأل َْر ِ َ‬
‫» َوم ْن آ ََايته َخل ُ ّ َ‬
‫وأحالم ةجيا ٍ‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫ات خبريةٍ‪،‬‬ ‫ةما يف ضم ِريِه من أحاسيس غري ٍ‪ ،‬وتصور ٍ‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫ُ ِ‬
‫ويعرب َّ‬
‫يشبق ُّ‬ ‫املخلوق الوحيد الذي‬
‫زن‪َ ،‬والْتِ َذ ٍاذ‪ ،‬واستقذا ٍر وما إىل ذلك‪...‬‬ ‫وفرح‪ ،‬وح ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ب‪ ،‬وكراهيّ ‪ُ ٍ ،‬‬ ‫وح ٍّ‬
‫ٍ‬
‫وخالجات‪ُ ،‬‬

‫الروم‪22/‬‬
‫سورة ّ‬
‫‪1‬‬

‫‪7‬‬
‫َّاس َّإان َخلَ ْقشَا ُك ْم ِم ْن‬ ‫َ ٍِ‬
‫وطوائف خمتلف ‪ .‬يقول هللا تعاىل‪َ »:‬اي أَيَ َها الش ُ‬
‫ٍ‬
‫وشعوب‬ ‫مكو ٌن من أ َُم ٍم‬
‫ةظيم َّ‬‫جمتمع ٌ‬ ‫إ ّن الارري َ ٌ‬
‫ِ ِ‬ ‫ٍ‬
‫فوا‪«...‬‬
‫عوًاب َوقَاَائ َل لتَ َع َار ُ‬ ‫ذَ َكر َوأُنْ َ‬
‫ثى‪َ ،‬و َج َعلْشَا ُكم ُش ُ‬
‫‪2‬‬

‫ِ‬
‫اده إىل ذلك يف‬ ‫الرب والتّقوى‪ .‬وقد أرشد هللا ةا َ‬ ‫إذن جيب ةلى أبشاء الار ِر أن يتعارفوا فيما بيشهم‪ ،‬ليتعاونوا ةلى ِّ‬
‫ِ ِ ‪3‬‬
‫قوا هللاَ‪ ،‬إِ َّن هللاَ َشديِ ُد الْع َقاب‪«.‬‬ ‫ِِ‬
‫لى ا ِإل ِمث َوالْعُ ْد َوان‪َ ،‬واتَّ ُ‬
‫وى‪َ ،‬والَ تَ َع َاو َنوا َة َ‬ ‫لى الِ ِّ‬
‫ْرب َو التَّ ْق َ‬ ‫قوله تعاىل‪َ »:‬وتَ َع َاو ُنوا َة َ‬
‫ْت بِ ُكم هللا َمجيِعا‪ ،‬إِ َّن هللا ةلى ُك ِل َش ٍ‬ ‫ات‪ ،‬أَين ما تَكونوا أي ِ‬ ‫اخلَْي ر ِ‬ ‫وقال تعاىل‪»:‬ولِ ُك ٍل و ْج َه ٌ ُهو ُمولِّ َيها‪ ،‬فَ ْ ِ‬
‫يء‬ ‫َ َ َ ّ‬ ‫ُ ُ ً‬ ‫َْ َ ُ ُ َ‬ ‫قو ْ َ‬ ‫استَا ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُّ‬
‫‪4‬‬
‫قَديٌِر‪«.‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وثقافاهتم‪ ،‬وأذواقِهم‪،‬‬ ‫ألواهنم‪ ،‬ولُ ِ‬ ‫ٍ‬
‫اختالف كا ٍري يف ِ‬ ‫ِ‬
‫ونزةاهتم‪،‬‬ ‫غاهتم‪،‬‬ ‫َّاس ةلى‬ ‫إ ّن من أسرا ِر ح َك ِم ِه تعاىل‪ ،‬أ ْن َ‬
‫خلق الش َ‬
‫جشس ِه من‬
‫العقاات ليتّصل باين ِ‬
‫ِ‬ ‫اهاهتم‪ ،‬وأةرافِهم‪ ،‬وتقاليدهم؛ فال يُع َق ُل أن يتم ّكن اإلنسا ُن من تذليل هذه‬ ‫واجت ِ‬
‫ّ‬
‫َ‬
‫األمثل والوحيد الّذي يؤ ّدي‬
‫ُ‬ ‫األصح‬
‫ُّ‬ ‫احلديث بِلُغَتِ ِهم‪ ،‬واحلديث واحلوار هو البّريق‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫األجانب‪ ،‬إالّ أ ْن يتاادل معهم‬
‫السحري ِ الّيت تربط بني القلوب‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫عاو ِن‪ .‬فما َّ‬
‫خاص ً يف هذا العص ِر إىل هذه األداة ّ‬ ‫أشد حاج ُ اإلنسان ّ‬ ‫فاه ِم فاتّ ُ‬
‫إىل التّ ُ‬
‫جمتم ٍع‬ ‫يشال ثشاء من بين ِجل َدتِِه دائما‪ .‬وي وقَّر يف ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫جمتمعه‪ .‬إالّ إذا كان يف َ‬‫َ‬ ‫ً َُ ُ‬ ‫كل َم ْن يُْتقن لغ ً من اللّغات األجشايّ ُ ً‬ ‫وهلذا ُّ‬
‫قوم ٍ‬
‫جاهل‪ ،‬واي لثُكلتاه!!!‬ ‫ةلم يسكن بني ٍ‬
‫جاهل‪ .‬فيا لَغُربَ َ ذي ٍ‬ ‫ٍ‬

‫أساليب احلوا ِر مع ِ‬
‫أبشاء شعاِ ِه‪ .‬وقد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أفضل‬ ‫ِ‬
‫استخدام‬ ‫الشك‪ -‬متَُ ِّكشُهُ من‬
‫غته احمللّيّ ِ – َّ‬
‫بدقائق ل ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اإلنسان‬ ‫إ ّن معرف َ‬
‫جيهل ما سوف جيين من مثرات‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬
‫سهُ يف الوقت ذاته ةلى أمهّيّ إتقان اللّغات األجشايّ ‪ .‬أل ّن اإلنسان املتفتّ َح ال ُ‬ ‫سُ‬ ‫ُحت ّ‬
‫ِ‬
‫واملشاصب‪.‬‬ ‫ِ‬
‫والعلم‬ ‫أصحاب الثّروةِ‬
‫ِ‬ ‫الراقي ِ من‬ ‫ِ‬ ‫خاص ً مع الشّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫احلوا ِر وأتسيس العالق ِ مع‬
‫اس من أهل الاالد ّ‬ ‫األجانب‪ّ ،‬‬

‫مقاص ِد ِه وأهدافِ ِه‪.‬‬


‫ّالب إ ًذا‪ ،‬أن ُيتار من بني اللّغات األجشاي ِ ما ُي ُدم مصلحتَهَ أبقصى قد ٍر ممك ٍن حسب ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫فعلى الب ِ‬

‫شك من أ ّن الل ِ‬
‫ّغات‬ ‫ض ِر‪ .‬وال َّ‬ ‫كي ال يستغين ةن وسائل ترببُهُ ابلعا ََل املتح ِّ‬ ‫العلم من ِ‬ ‫طالب ِ‬
‫الرت ِّ‬
‫أبشاء الوطن ّ‬ ‫َ‬ ‫إ ّن‬
‫اب يف هذا الالد من‬ ‫ر ُّ‬ ‫نرري إىل ما حيتاج إليه ال ّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الوسائل‪ ،‬بل هي من أمهّها وألزمها‪ .‬وقال أن َ‬ ‫األجشاي َ هي من هذه‬
‫رأَ يف هذا الوطن‪ .‬فإنّه لن حيظى صل ً قوي ً ِ‬
‫أببشاء‬ ‫الرتكي ِ ملن ُولِ َد ون َ‬ ‫اللّغات‪ ،‬جيب أ ْن نرّكز ّأوالً ةلى أمهّيّ اللّغ ّ‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫حياهتم وتقلُّ ِ‬
‫يشال ث َقتهم إالَّ ابلقدر الّذي يرارُكهم يف ِ‬
‫ااهتم‪ ،‬مهما خالفهم ر ًأاي وةقيدةً‪ .‬فاذكروا قولَه‬ ‫شعاِ ِه‪ ،‬ولن َ َ‬
‫ِ‬ ‫راءُ َويَ ْه ِدي َم ْن يَ َ‬ ‫ان قَ وِم ِه‪ ،‬فَ ي ِ‬‫تعاىل‪».‬وما أرسلْشَا ِمن رسو ٍل إالَّ بِلِ ِ‬
‫يم‪ 5«.‬ذلك‬ ‫راءُ‪َ ،‬و ُه َو ال َْع ِز ُيز ا ْحلَك ُ‬ ‫ض ُّل هللاُ َم ْن يَ َ‬ ‫ُ‬ ‫س ْ‬ ‫َ‬ ‫ََ ْ َ ْ َ ُ‬

‫‪ 2‬سورة احلجرات‪31/‬‬
‫‪ 3‬سورة املائدة‪2/‬‬
‫‪ 4‬سورة البقرة‪341/‬‬
‫‪ 5‬سورة إبراهيم‪4/‬‬

‫‪8‬‬
‫ضهم‬‫يرارك فيها بع َ‬
‫ُ‬ ‫اخلاص ِ وتبلُّعاتِِه من بقي ِ الشّاس؛ وقد‬
‫ّ‬ ‫بلد قد يتميّ ُز برأيِ ِه وةقائِ ِدهِ ونزةاتِِه‬ ‫كل ٍ‬
‫أ ّن اإلنسا َن يف ِّ‬
‫أقل تقدي ِر؛ ليتم ّكن بذلك من ال ّد ِ‬ ‫ِ‬ ‫دون ِ‬
‫بعضهم اآلخ ِر‪ ،‬ولكشّه‬
‫فاع‬ ‫مضبر إىل مرارك اجلمي ِع يف اللّغ والثّقاف ةلى ِّ‬ ‫ٌّ‬
‫وةرض ِه ومالِ ِه إذا وجد َم ْن يعاديه ويقتحم حرمتَهُ ُ‬
‫ويشال من كرامتِ ِه‪ .‬أل ّن اللّغ أداةُ‬ ‫ِ‬ ‫ةن رأيِ ِه وةقيدتِِه وشخصيتِ ِه‬
‫اف والتّ ِ‬ ‫والعقيدة واألةر ِ‬
‫ِ‬ ‫القي ِم املرتَ رَك ِ الّيت يتكون اجملتمع ةلى ِ‬ ‫ِ‬
‫قاليد‪.‬‬ ‫أساسها؛ كال ّدي ِن‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫فاه ِم وهي من َ‬ ‫التّ ُ‬

‫خاص ً فإ ّن طلا َ ِ‬
‫العلم من‬ ‫ِ ِ‬
‫الرتكي ّ هلا قيمتُها ابلشّسا ألبشاء هذا الوطن‪ّ .‬‬ ‫فشقول‪ :‬إ ّن اللّغ ّ‬ ‫ُ‬ ‫املوضوع‬
‫ِ‬ ‫نعود إىل صدد‬
‫أبشاء املسلمني يف هذا الالد‪ ،‬جيب ةليهم أن يكرتثوا ّبا أكثر من غريهم من أنصار القومي ِ والعصاي ِ‪ ،‬فيشاغي‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫رجاالت‬ ‫املتفو ِقني واملرهورين من‬ ‫ِ‬
‫األدابء ِّ‬ ‫بق ّبذه اللّغ ةلى مستوى‬ ‫املسلم أن حيظى من املهارةِ يف الشّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب‬‫للبّال ِ‬
‫ت فيها صول ُ الكف ِر‬‫احلساس ِ اليت اشت ّد ْ‬
‫ّ‬
‫اإلسالم وقِي ِم ِه يف هذه املرحل ِ‬
‫ِ َ‬ ‫فاع ةن‬ ‫ةص ِران‪ .‬ألنّه لن يتم ّكن من ال ّد ِ‬
‫الوحش ةلى فريستِ ِه‪ .‬نعم‪ ،‬لن يتم ّكن‬
‫ِ‬ ‫انقضاض‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫احلشيف‬ ‫ض ةلى ال ّدي ِن‬ ‫رك‪ ،‬لِتَ ْش َق َّ‬
‫ر ِ‬ ‫ةربها جحافل ال ّ‬
‫ت َ‬ ‫استَ ْق َو ْ‬
‫َو ْ‬
‫ِ‬ ‫االستعداد واملواجه ِ والْم َقاوم ِ ُّ ِ‬
‫ِ‬ ‫املسلِ ُم من‬
‫لميِ‪.‬‬
‫والس ّ‬ ‫السالح ِّ‬
‫القوي ّ‬ ‫والص ُمود يف هذه الظّروف إالّ ّبذا ّ‬ ‫َ ُ ََ‬

‫اإلتقان‪ ،‬وأن تتاحروا يف ِ‬


‫فشوهنا ِ‬ ‫ِ‬ ‫بكل أتكيد‪ ،‬أن تُ ْت ِقشواُ اللّغ ّ‬
‫وآداّبا‪ ،‬وأن تكتساوا املهارَة‬ ‫ّ‬ ‫الرتكي َ َّ‬
‫حق‬ ‫وهلذا أنصحكم ِّ‬
‫القلوب وتدمع‬ ‫فوس بني أيديكم إذا نبقتم‪ ،‬وترجتف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫استخدام ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫هتتز الشّ ُ‬
‫أساليب األداء ّبا نب ًقا وكتاب ً‪ ،‬حّت ّ‬ ‫أفضل‬ ‫يف‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الس ِ‬ ‫ِ‬
‫ابملعروف وتشهون ةن‬ ‫األناياء؛ أتمرون‬ ‫الم‪ ،‬وورث ُ‬ ‫اجللود إذا خباتم؛ ألنّكم جشود احل ِّق‪ُ ،‬‬
‫ور ُس ُل ّ‬ ‫ُ‬ ‫وتقرع َّر‬ ‫العيو ُن‬
‫شذرون ةلى سشّ ِ رسول هللا صلّى هللا ةليه وسلّم ‪ .‬هكذا سريوا ةلى برك هللا!‬ ‫ررون وتُ ِ‬ ‫املشكر‪ ،‬وتا ّ‬

‫أيّها اإلحوة!‬
‫ِ‬
‫ألسااب ليس هذا مقام االسرتسال فيها‪.‬‬ ‫رائع ِ يف العا ََِل‪،‬‬ ‫الرائج ِ وال ّ‬ ‫ِ‬
‫الرتكي يف احلقيق ليست من اللّغات ّ‬ ‫إ ّن اللّغ ّ‬
‫الرمسي ‪ .‬غلات ةلى بقي اللّغات‬
‫ر َرةُ‪ ،‬بصفتها اللّغ ّ‬ ‫عب‪ .‬وهي اللّغ املشت َ‬‫ر ِ‬‫ولكن مهما كانت‪ ،‬فإ ّهنا لغ ُ هذا ال ّ‬
‫َّنوا‬
‫قرون‪ .‬فقد اكتسات ًّ‬‫ض ً لإلمهال ةلى مدى ٍ‬ ‫ِ‬
‫األخرية بعد أن كانت ةُ ْر َ‬ ‫السشني‬ ‫ِ‬
‫شت يف هذه ّ‬ ‫وحتس ْ‬
‫البّائفي ‪ّ ،‬‬
‫الغرب ٍ‬
‫مئات ٍٍ من املفاهيم‬ ‫ِ‬ ‫استقت من لغات‬ ‫خاص ً بعد أن‬ ‫الساعيشات‪ ،‬من القرن املشصرم‬
‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫وخصوب ً مشذ ّ‬
‫واملصبلحات العلمي والفشي ِ‪.‬‬

‫اجلشدي مع ِ‬
‫سالح ِه‪ .‬إ َّّنا ّبذا نتميّ ُز‬ ‫اإلسالم يف هذا ِ‬
‫ِ‬ ‫جيب ةليشا حنن ِ‬
‫ِّ‬ ‫تعام َل‬
‫نتعامل مع هذه اللّغ ُ‬
‫َ‬ ‫الالد‪ ،‬جيب أن‬ ‫أبشاء‬
‫تعاملِهم مع اللّغ ‪ .‬فإ ّن‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫من أتااع اجلماةات واألحزاب والفئات املتاايش يف تركيا‪ .‬إ ّهنم ةلى اختالف كا ٍري معشا يف ُ‬
‫ِ‬
‫وأجمادهم‬ ‫الرتكي َ ةلى أهنّا صل ٌ ترببُهم بتارُيهم‬ ‫أصحاب الشّزة ِ العصاي ِ‪ ،‬يُق ِّدسون اللّغ ّ‬ ‫خاص ً‬
‫َ‬ ‫كثريا مشهم ّ‬‫ً‬
‫األولني‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وببوالت آابئ ِ‬
‫هم ّ‬

‫‪9‬‬
‫احلشيف‪ ،‬ومع ابلغ حماَّتِشا هلذه اللّغ ‪ -‬فإنّشا ال‬
‫ُ‬ ‫ّدين‬
‫إلسالم‪ - ،‬مع احرتامشا للقيم الّيت يعرتف ّبا ال ّ‬ ‫ّأما حنن أبشاءُ ا ِ‬
‫وب‪6«.‬؛ كما ال نتهاون ابللّغ يف الوقت‬ ‫هللا فَِإنَّ َها ِم ْن تَ ْق َوى الْ ُقلُ ِ‬
‫ك ومن ي ع ِظّم َشعائِر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫شعائر هللا‪».‬ذَل َ َ َ ْ ُ َ ْ َ َ‬ ‫س إالّ َ‬ ‫نُق ّد ُ‬
‫العدو فقد هتاون بسشّ ِ ِ‬‫االستعداد ملواجه ِ ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫هللا‪،‬‬ ‫َ‬ ‫وأمهل‬
‫ّ‬ ‫الح‪،‬‬
‫ابلس ِ‬ ‫أهم سالحشا‪ .‬ذلك أ ّن من هتاون ّ‬ ‫ذاته؛ أل ّهنا من ِّ‬
‫وسلِّ َ‬ ‫ومن هتاون بسشّ ِ ِ‬
‫ط ةليه َم ْن ال يستبيع له ِد ً‬
‫فاةا‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ض ِربت ةليه ال ّذلَّ ُ واملسكش ُ ُ‬
‫هللا ُ‬

‫اس يف العا َِل‪ ،‬فيبغى ةلى بقي‬ ‫اهتمام غالِ ِ‬


‫ب الشَ ِ‬ ‫َ‬ ‫قليل مشها‬
‫ةدد ٌ‬ ‫كل ةص ٍر‪ُ ،‬‬
‫يشال ُ‬ ‫ّغات األجشاي ُ فإ ّهنا تتسابَ ُق يف ِّ‬
‫ّأما الل ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الل ِ‬
‫الزمان فال يكاد يستخدمه‬ ‫حّت يفق ُد من حيويّتِه ويتقادم مع ّ‬
‫ط ّ‬‫اإلمهال واالحنبا ُ‬
‫ُ‬ ‫ّغات‪ ،‬فت رت ّدى‪ ،‬وقد يالُ ُغ ِ‬
‫باعضها‬
‫فيضمحل‪ ،‬كلغات األمم الاائدةِ‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫أح ٌد‪،‬‬

‫بالدهم‪ .‬وهذه من‬ ‫ِ‬


‫الغرب‪ ،‬بساب الشّ ِ‬
‫هوض واالزدهار الّذي تره ُدهُ ُ‬ ‫ِ‬
‫شعوب‬ ‫فقد شاع يف ةص ِران هذا ةد ٌد من لغات‬
‫اجملاالت العلمي ِ واحلضاري ِ‪ ،‬وأرهاتها بقوِهتا العسكري ِ‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫ِ‬ ‫سشّ ِ احلياةِ‪ ،‬فكلّما ارتقت أم ٌ وغلات ةلى بقي ِ ِ‬
‫األمم يف‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ُيتص ّبا من لغ ٍ‬ ‫واالسرت ِ‬ ‫وأسالياها احلربي ِ‬
‫وآداب وةادات؛ وأصاح العا ََلُ أبس ِره ً‬
‫تاعا‬ ‫وفشون‬ ‫كل ما ُّ‬
‫اجت ُّ‬
‫اتيجيّ ‪ ،‬ر ْ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬
‫هلا‪.‬‬

‫ضا‪ .‬ألنّكم لن تُل ِْفتوا َ‬


‫ةقول الش ِ‬
‫َّاس‬ ‫االهتمام ّبذه اللّغ أي ً‬
‫َ‬ ‫أنصحكم‬
‫ُ‬
‫اللّغ اإلجنليزي ُ أتيت ةلى رأس هذه الل ِ‬
‫ّغات‪ .‬ولذا‬
‫ضهم‬ ‫بعض الشّاس‪ ،‬وحيسدكم ةليه بع ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫إليكم يف هذا الالد ولن يعاأ بكم أح ٌد مشهم‪ ،‬إالّ إذا متتّعتم بريء يغابكم به ُ‬
‫شعوب قوي ٍ ُ‬
‫ُياف العا ََلُ‬ ‫ٍ‬ ‫ليست أل ّهنا لغ ُ العلم واحلضارةِ‪ ،‬بل أل ّهنا لغ ُ‬
‫ْ‬ ‫أصاحت مرغوب ً‬
‫ْ‬ ‫اآلخر‪ .‬فاللّغ اإلجنليزي ُ قد‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫الغرب‬ ‫اناهارا بعا ََِل‬
‫ً‬ ‫اس يف الاالد املتأ ِّخرةِ إ َّّنا يتعلّمون اللّغ اإلجنليزي َ‬ ‫وأبسها‪ .‬لذا فإ ّن أكثر الشّ ِ‬‫ببرها ِ‬ ‫من ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫هؤالء‬ ‫سوف يشالُكم من توقري‬ ‫َ‬ ‫للمتاوع‪ .‬فإذا تعلّمتم هذه اللّغ‬
‫ِ‬ ‫ِّ‬
‫للقوي‪ ،‬والتّابع‬ ‫الضعيف‬ ‫فيستعظمونه استعظام‬
‫واهلوان‪ ،‬كما تستخدمونه يف نرر رسال ِ‬ ‫ِ‬ ‫ض ِ‬
‫عف‬ ‫وإنقاذهم من هذا ال ّ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫إرشادهم‬ ‫نصيب قد تستغلّونه يف‬ ‫ِ‬
‫الضعفاء‬
‫ٌ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫رك‪».‬ومن أَحسن قَ والً ِممَّن دةا إِ ِ‬
‫هللا و َة ِمل ِ‬ ‫ر ِ‬ ‫اإلسالِم بني ِ‬
‫ني‪«.‬‬ ‫صاحلًا َوقَا َل إِنّ ِين م َن ال ُْم ْسل ِم َ‬‫ىل َ َ َ‬ ‫ََ ْ ْ َ ُ ْ ْ َ َ َ‬ ‫أبشاء الكف ِر وال ّ‬

‫سانِيَّ ِ‪ ،‬محلت إليشا ةرب العصور من مثار ةلوم العا اقرة وابتك ارات العلم اء‬ ‫ُّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُّ ِ‬
‫ّأما اللغَ ال َْع َربِيَّ ُ‪ ،‬فَإنَّ َها م ْن أَ َه ِّم اللغَات ا ِإلنْ َ‬
‫وأخاار القرون واألمم اليت خلت؛‬

‫ِ ِ ٍ ِ ٍِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ ِ ُّ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫اء هللاُ تَ َع َاىل‬ ‫اد اللُّغَ ُ ال َْع َربِيَّ ُ ق َ‬
‫يم ً َوأَ َمهّيَّ ً ة ْش َد َما نُ َقا ِرنُ َها باَقيَّ اللغَات الْ َع ِري َق ‪ ،‬فَشَج ُد َهلَا م ْن َميّ َزات َاند َرة م ْش َه ا‪َ ،‬ش َ‬ ‫تَ ْز َد ُ‬
‫ت َك الَم ِ‬
‫هللا لَ ْفظً ا َوَم ْع ًىن‪ .‬إنَّ َه ا لُغَ ٌ َش ِري َف ٌ‪ ،‬بَ ِد َيع ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫أ ْن يُْش ِز َل ِّبَا الْ ُق ْرآ َن َةلَ ى قَ ْل ِ‬
‫ص لَّى هللاُ َةلَْي ه َو َس لَّ َم‪ ،‬فَ َوس َع ْ َ‬
‫ب ُحمَ َّم د َ‬

‫احلج‪12/‬‬
‫سورة ّ‬
‫‪6‬‬

‫‪10‬‬
‫اد ُِحي ي ُ‬
‫ط ِأب ْس َرا ِرَها‪،‬‬ ‫أخ ٍ‬
‫اذ‪ ،‬الَ يَ َك ُ‬ ‫اّللُ ُس ْا َحانَهُ ِم ْن َمجَ ٍ‬
‫ال َّ‬ ‫الض َمائِ ِر‪َ ،‬إىل َما َحاَ َ‬
‫اها َّ‬ ‫ون َّ‬ ‫يب؛ ََّنَّام ٌ َةن م ْكشُ ِ‬ ‫ِ‬
‫األلْ َفاظ َوالتَّ َراك ِ َ ْ َ‬
‫ِ‬
‫ب َك ِرمي‪.‬‬‫أسالِياِ َها‪ ،‬إالَّ نَِ ٌّ‬ ‫َو ِة ِ‬
‫جيب َماَانِ َيها‪َ ،‬وأفَانِ ِ‬
‫ني َ‬

‫ث ةل ى العشاي ابلعربي وخ دمتها‪َ .‬و ِه َي‬ ‫مفتاح ا لفه م الق رآن الك رمي‪ ،‬ويف ه ذا غاي ُ ا ْحلَ ِّ‬ ‫ً‬ ‫إ َّن هللاَ تعاىل قد جعل العربي‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ف بِتح ِفها وم ْكشُ َ ِ‬ ‫ِ‬
‫رب من خ الل أس الياها َة ْن ُك ِّل‬ ‫وانهتَا اللُغَ ِويَّ َواأل ََدبيَّ أ ْن يُ َع َّ‬ ‫سا ُن ال َْعا ِر ُ ُ َ َ َ َ‬ ‫لغ ٌ غشيَّ ٌ َوُمتَ َكاملَ ٌ‪ ،‬يستبيع ا ِإلنْ َ‬
‫ب وال ِّدي ِن وال ِْع ْل ِم والتَّ ْقشِي ِ‪ ،‬وِم ْفتَاح ا لِ َك ْر ِ‬ ‫ت اللُّغَ ُ الْ َع َربِيَّ ُ لُغَ َ ال ِّ‬ ‫ضح ِ‬ ‫ِ‬
‫َما َِجي ُ‬
‫َس َرا ِر‬
‫فأْ‬ ‫َ َ ً‬ ‫َ‬ ‫ر ْع ِر واأل ََد ِ َ‬ ‫ص ْد ِره‪َ .‬وقَ ْد أَ ْ َ‬‫يش ِيف َ‬
‫ب«‪ .‬ب ذل ةلم اء املس لمني يف العص ور‬ ‫ط ِابلْ َع َربِيَّ ِ إِالَّ نَِ ٌّ‬‫افعي َرِمحَ هُ هللاُ‪» :‬الَ ُِحي ي ُ‬ ‫ام الر ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الْ َك ْون وا ْحلَيَ اة‪ ...‬ق ال اإلم ُ‬
‫األوىل ةص ور الرق ي العقل ي والشض وج العلم ي واألديب جه ودا هائل يف خ دمتها‪ ،‬فقس موها إىل فش ون ش ّت خص وها‬
‫ابلتدوين والتأليف‪ ،‬وقد أجادوا فيها‪ ،‬وبلغوا فيها غاي الضاط واإلتق ان‪ ،‬ولك ل يف خ دمتها وجه ه و موليه ا وانحي‬
‫هو قاص دها وكان ت الشتيج أن أص احت اللغ العربي لغ غشي مبفرداهت ا وبعلومه ا وأبس الياها‪ .‬فقام ت هل ا أس واق‬
‫رائج يف ن وادي دمر ق وبغ داد وقرطا والق ريوان والق اهرة وجتاوب ت أص داء األدابء والر عراء والعلم اء ب ني ج دران‬
‫سائر املمالك اإلسالمي ‪.‬‬

‫ان حبف ٍظ م ن هللا‬


‫آايت َه ِذهِ اللغ العمالق ؛ أَنَها استباةت أن تاقى ةلى أصالتها سليم ً نقي ً ذات فص اح ٍ وبي ٍ‬
‫َ‬
‫ومن ِ‬
‫امللق ب بس ياويه (ت‪ 081 .‬ه ‪).‬؛ وأيب‬ ‫رواد اللّغ وةلم اء الشح و؛ ك أيب بِر ر ةم رو ب ن ةثم ان ب ن قش رب َّ‬‫وبفض ل ّ‬
‫ري (ت‪.‬‬
‫وي الاص ّ‬
‫الس ّكيت (ت‪ 422 .‬ه ‪).‬؛ وأيب ةثم ان امل ازين الشح ّ‬
‫يوس ف يعق وب ب ن إس حاق املع روف ابب ن ّ‬
‫الز ّج اج‬
‫حممد بن يزيد املُاَ َّرد (ت‪ 488 .‬ه ‪).‬؛ وأيب إس حاق إب راهيم ب ن الس ري ب ن س هل ّ‬
‫‪ 422‬ه ‪).‬؛ وأيب العااس ّ‬
‫حمم د ب ن ةم ر ب ن‬
‫اجي (ت‪ 112 .‬ه ‪).‬؛ وأيب بك ر ّ‬
‫الز ّج ّ‬
‫(ت‪ 100 .‬ه ‪).‬؛ وأيب القاس م ةا د ال رمحن ب ن إس حاق ّ‬
‫حمم د ب ن احلس ن‬
‫ةا د العزي ز ب ن إب راهيم ب ن ةيس ى ب ن م زاحم املع روف ابب ن القوطيّ (ت‪ 162 .‬ه ‪).‬؛ وأيب بك ر ّ‬
‫جين (ت‪ .‬ه ز ‪)134‬؛ وأيب بك ر ةا د الق اهر ب ن ةا د ال رمحن ب ن‬
‫بيدي (ت‪ 123 .‬ه ‪).‬؛ وأيب الفتح ةثمان بن ّ‬ ‫الز ّ‬
‫وي (ت‪ 821 .‬ه ‪).‬؛ وأيب القاس م‬ ‫حمم د ب ن أمح د ب ن هر ام الشح ّ‬
‫حمم د اجلرج اينّ (ت‪ 220 .‬ه ‪).‬؛ وأيب ةا د هللا ّ‬
‫ّ‬
‫الزخمرري (ت‪ 818 .‬ه ‪).‬؛ وهو ترك ي األص ل وم ع ذل ك أنّه م ن أة الم اللُّغَ ِ ال َْع َربِيَّ ِ وم ن‬
‫ّ‬ ‫جار هللا حممود بن ةمر‬
‫أئمتها وأساطيشها‪ .‬وغريهم كثريون من العرب والعجم؛ واملسلمني وغري املسلمني‪.‬‬‫كاار ّ‬

‫صم َد أَمام َةو ِ‬


‫اص ِ‬ ‫ُّ‬
‫ف ال ّد ٍّ ٍَ ْه ِر‪َ ،‬ل تتزةزع أركاهنُا إىل يومشا هذا ةلى‬ ‫هلذه األسااب‪ ،‬استباةت اللغَ ُ ال َْع َربِيَّ ُ أَ ْن تَ ْ ُ َ َ َ‬
‫ٍ‬
‫ساحات‬ ‫الرغم من املؤامرات اليت َحا َك ْت َها أةداءُ اإلسالم للقضاء ةليها‪ .‬فهي ما زالت قويّ ً فصيح ً مش تررةً يف‬ ‫ّ‬
‫شاسع ٍ ومرغوب ً بني املسلمني‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫أهم ميّزات هذه اللّغ ؛ أهنّا حمسودةٌ ومكروه ٌ بني أةداء اإلسالم واملسلمني؛ وةلى رأسهم املارقون داخل‬
‫ومن ّ‬
‫وبعض املستررقني الذين أاثروا الدةوة إىل اللّهج العاميّ ؛ ولكن حنمد هللا أ ّهنم َل جيدوا حّت‬
‫ُ‬ ‫الوطن اإلسالمي؛‬
‫آذاان صاغي ً هلذه الدةوة املاكرة احلايث ! مع هذا جيب ةليشا أن نعلم ابلتّأكيد أ ّن كالً من هذين الفريقني إ َّّنا‬ ‫اآلن ً‬
‫ضرر‬ ‫للحرب مع كتاب هللا (القرآن الكرمي)‪ ،‬وإحلاق ال ّ‬ ‫ِ‬ ‫يُ َو ِّجهُ قواها لضرب اللُّغَ ِ ال َْع َربِيَّ ِ والقضاء ةليها متهي ًدا‬
‫أخريا يف ُة ْق ِر دارهم‪.‬‬
‫ابإلسالم وترتيت مشل املسلمني ً‬

‫مجيعا االهتمام ّبذه اللّغ الرريف وأبةلى درج ٍ من اإلتقان مهما اختلفت لغاهتُم األصليّ ُ‬ ‫وهلذا جيب ةلى املسلمني ً‬
‫وتاايشت قوميّاهتُم وألواهنُم وأوطاهنُم؛ ذلك من آايت هللا ساحانه‪ ،‬كما أ ّن اللُّغَ َ ال َْع َربِيَّ َ َآيٌَ ِم ْن َآ َايتِِه الْعُظْ َمى‪ .‬فقد‬ ‫ْ‬
‫ت‬‫ك أَنْ َزلْشَاهُ ُح ْك ًما َة َربِيًّا َولَئِ ِن اتَّاَ ْع َ‬‫آان َة َربِيًّا لَ َعلَّ ُك ْم تَ ْع ِقلُو َن‪ .‬يوسف‪}4/‬؛ وقال تعال { َوَك َذلِ َ‬
‫قال تعاىل {إِ َّان أَنْ َزلْشَاهُ قُ ْر ً‬
‫{وَك َذلِ َ‬ ‫ٍ‬ ‫أ َْهواءهم ب ع َد ما جاء َك ِمن ال ِْعل ِْم ما لَ َ ِ ِ ِ‬
‫آان‬
‫ك أَنْ َزلْشَاهُ قُ ْر ً‬ ‫يل َوالَ َواق‪ .‬رةد‪}12/‬؛وقال تعاىل َ‬ ‫ك م َن هللا م ْن َوٍِّ‬ ‫َ‬ ‫َ َُ ْ َْ َ َ َ َ‬
‫ِ‬ ‫ث َهلُ ْم ِذ ْك ًرا‪ .‬طه‪ }001/‬وقال تعاىل {نَ َز َل بِ ِه ُّ‬ ‫َّقو َن أ َْو ُْحي ِد ُ‬ ‫ِ ِ َّ‬ ‫ِِِ‬
‫ني َةلَى‬ ‫وح اْألَم ُ‬ ‫الر ُ‬ ‫ص َّرفْ شَا فيه م َن اْ َلوةيد لَ َعل ُه ْم يَت ُ‬ ‫َة َربِيًّا‪َ ،‬و َ‬
‫آان َة َربِيًّا غَْي َر ِذي ِة َو ٍج لَ َعلَّ ُه ْم يَتَّ ُقو َن‪.‬‬ ‫ني‪.‬شعراء‪ }038/‬وقال تعاىل{قُ ْر ً‬ ‫ان َةرٍِيب َماِ ٍ‬
‫س َ‬
‫ك لِتَ ُكو َن ِمن اْملُْش ِذ ِرين‪ ،‬بِلِ ٍ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫قَ ْلاِ َ‬
‫ات إىل شرف هذه اللّغ جبانب ما‬ ‫آايت أخري يف كتاب هللا من أمثاهلا؛ ويف مجيعها إشار ٌ‬ ‫زمر‪ .}18/‬فقد وردت ٌ‬
‫ت من خالهلا‪.‬‬ ‫وة ٍَرب جاء ْ‬ ‫دروس ِ‬ ‫ٍ‬ ‫فيها من‬

‫ص َارِة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وأَ َّما أُص ُ ِ‬


‫ص ْرَان لَ ُك ْم م ْن ةُ َ‬ ‫ص ِ‬
‫اص؛ َوقَ ْد ا ْختَ َ‬ ‫ب اال ْخت َ‬ ‫وص ٌ ِيف ُكتُ ِ‬ ‫ص َ‬ ‫ول تُ ْعل ِيم اللُّغَ ال َْع َربِيَّ َوتَ َعلُّم َها‪ ،‬فَ ِه َي َم ْش ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ات ُدر ِ‬ ‫ات الَِّيت نَستَ ِه ُّل ِّبا ِيف بِ َداي ِ ُك ِل حلَ َق ٍ ِمن حلَ َق ِ‬
‫يديِ ِ وال ِّدي ااج ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫م ْعلُ ِ‬
‫وسشَا‪ ،‬ةسى‬ ‫ُ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ ّ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫وماتشَا نُ ْا َذةً ض ْم َن الْاَ يَ َاانت التّ ْم ِه ّ َ ْ َ َ‬ ‫َ َ‬
‫أمد غري‬ ‫أن تشفعكم‪ ،‬وأسأل هللا تعاىل أن تكون هذه الدروس انفع ً مثْ ِمرًة وجمدي ً؛ كما أرجو أن تُ ْت ِقشوا هذه اللّغ يف ٍ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫فعرفَهم ةلى كثري من حقائق كتابه العزيز وهداهم إىل صراطه‬ ‫بعيد لتصاحوا من أولئك الذين أنعم هللا ةليهم َّ‬
‫مجيعا‪.‬‬
‫املستقيم‪ .‬وذلك هو اهلدف املشرود والغاي اليت حنن يف طلاها ً‬

‫كيِ‪ ،‬جيب ةليشا أن ال‬ ‫ِ‬


‫الرت ّ‬
‫رعب ّ‬ ‫اإلسالم املاعثرين بني صفوف ال ّ‬ ‫وّبذه املشاسا جيب ةليشا حنن القلّ القليل من أبشاء‬
‫قرن تقرياًا‪ .‬نعم جيب ةليشا أن نكون‬ ‫نغفل ةن الظروف الّيت طاملا ابتلى ّبا طالب اللُّغَ ِ الْعربِيَّ ِ يف هذا الالد مشذ ٍ‬
‫ََ‬ ‫ُ‬
‫ِِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫اجليل الذي‬ ‫اتم إىل ما جيري حولشا؛ وةلى احتياط شديد أمام اخلبر احملدق بشا‪ ،‬معتربين مبا ذاقه ُ‬ ‫ةلى بيّش وانتااه ٍّ‬
‫ألهنم‬
‫حل ّبم ما بني ‪6291-6291‬م‪ ،.‬إالّ ّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قالشا من العذاب؛ أن ال نشسى أ ّهنم َل يذهاوا ضحي الشّكال الّذي ّ‬
‫كانوا يريدون أن يتعلّموا لغ القرأن فحسب‪ .‬كان هذا ذناُهم‪ ،‬الوحيد الّذي أ ّدى ّبم إىل اهلالك‪ .‬إذن جيب ةليشا أن‬
‫ف‬‫استَ ْخلَ ُفوا َم ْن الَ يَ ْع ِر ُ‬
‫س‪ ،‬قَ ْد ْ‬‫ين أَ َاب ُدوا طَلَاَ َ اللُّغَ ِ ال َْع َربِيَّ ِ ِيف َه َذا الْاَ لَ ِد ِابألَ ْم ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫ال نتجاهل هذه احلقيق َ؛ ألَ َّن الذ َ‬
‫الر ْمحَ َ ِابلْاَ ِقيَّ ِ الْاَاقِيَ ِ ِم ْن َه ِذ ِه البَّائَِف ِ الْ ُم ْؤِمشَ ِ الْيَ ْو َم‪.‬‬
‫َّ‬

‫‪12‬‬
‫إ ّن احلزن ةلى السابقني مشّا ال يغين ةشّا شيئًا‪ ،‬ولن ير ّد ما قد فات؛ وإ َّّنا لشا فيهم ةربةٌ‪ ،‬أبن نعود إىل ِ‬
‫أنفسشا‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫فشتحرى األسااب‪ ،‬وندرس الشّتائج‪ ،‬ونبرح أسئِل ً فشتااحث ةن سا ِل املعاجل ِ هلذه املركل ِ ةلى ِ‬
‫ضوء ما أييت من‬ ‫ُُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫إجاابت ةليها‪ .‬فشقول مثالً‪:‬‬

‫أمان من ش ِر َمن يعادون هذه اللّغ ةلى أرضشا؟‬ ‫‪ .6‬هل حنن اليوم يف ٍ‬
‫مبجرِد رغاتِها إىل هذه اللّغ ؟‬ ‫‪ .9‬ما ذناُشا‪ ،‬وملاذا نُ َع ُّد من اجملرمني ّ‬
‫وه ً ِيف نَظَ ِر البَّائَِف ِ ا ْحلَاكِ َم ِ ِيف َه َذا الْاَ لَ ِد ُم ْش ُذ ُح ْقاَ ٍ تَ ِزي ُد َةلَى قَ ْر ٍن؟‬
‫‪ .3‬ملاذا أصاحت اللُّغَ ُ ال َْع َربِيَّ ُ َم ْك ُر َ‬
‫الرغم من رفع احلصا ِر ةشها يف‬ ‫وقليل ّماهم‪ .‬ةلى ّ‬ ‫ٌ‬ ‫املاهرون ّبذه اللّغ ُج ْرأَتُ ُهم ةلى تدريسها‬ ‫دي ُ‬ ‫يكاد يُْا ِ‬
‫‪ .9‬ملاذا ال ُ‬
‫املاضي القر ِ‬
‫يب؟‬
‫الوقت ذاته ةن اإلهان ِ‬ ‫ِ‬ ‫ائ يف‬ ‫ٍ ٍ‬ ‫العريب هذه األزم َ اليت تتجاوز ةن َّ‬
‫حد مركل حملي ‪ ،‬فتُ ْش ُ‬ ‫ُّ‬ ‫‪ .1‬ملاذا يتجاهل العاَل‬
‫بكرامتهم‪ ،‬وإن كان ذلك ببر ٍيق غ ِري مااشر؟‬

‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫وأبسلوب‬ ‫هام ً حول اخلبوط العريض للمركل ‪ .‬جيب القيام ابإلجاب ةلى ٍّ‬
‫كل مشها ابلتّفصيل‬ ‫كانت هذه أسئل ً ّ‬
‫احلرةِ‪ ،‬ويكون األطر ُ‬
‫اف املعشي ُ يف‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُّ ِ‬
‫حّت يتم ّكن طالب اللغَ ال َْع َربِيَّ يف هذا الالد من تقرير مصريه إبرادته ّ‬
‫موضوةيٍ‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الصعيد‬
‫يوما ّما ةلى ّ‬ ‫ايل إىل مشاقر األم ِر إذا ّ‬
‫تيس َر طرحه ً‬ ‫الس َ‬
‫اتم ّبذه احلقيق ليجدوا ّ‬ ‫ةلم ٍّ‬
‫الوقت ذاته ةلى ٍ‬
‫وحريته‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫العلمي والسياسيِ‪ .‬أل ّن هذا األمر يتعل ُ ِ‬
‫ّق حبقوق اإلنسان ّ‬ ‫َ‬ ‫ِّ ّ ّ‬

‫إخويت أة ّزكم هللا تعاىل ووفّقكم ملا حياّه ويرضاه‪،‬‬

‫اد‪ .‬وإن َل يكن ذلك يف‬ ‫السعادةُ يف ح ِظّكم من لغ ال ّ‬


‫ضِ‬
‫اس‪ ،‬تتمثّل هذه ّ‬ ‫إنّكم لقد ُرِزقْتُ ْم سعاد ًة ُح ِرَم مشها ماليني الشّ ِ‬
‫جانب‪ .‬ألنّكم مازلتم من فريق القر ِاء فحسب‪ .‬أما الّذي تشحصر معرفته يف حدود القراءةِ‬ ‫كل ٍ‬ ‫ِ‬
‫ُُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫درج اإلتقان هلا من ِّ‬
‫كل اجملاالت‬ ‫أرابب هذا ِ‬
‫العلم يف ِّ‬ ‫َ‬ ‫ويشافس‬
‫َ‬ ‫حّت يُصاِ َح كاتاًا وانط ًقا ّبا‪،‬‬
‫فحسب‪ ،‬فإنّه اليُ َع ُّد من املتقشني إطالقًا‪ّ ،‬‬
‫ِ‬
‫واملهارة فيها‪ .‬والربهان ةلى ذلك هو السرة ُ مع قلّ ِ‬ ‫ِ‬
‫الكمال‬ ‫والشبق) ةلى مستوى‬ ‫ِ‬ ‫الث (يف القراءةِ‪ ،‬والكتاب ِ‪،‬‬ ‫الثّ ِ‬
‫ّ‬
‫ِ‬
‫اخلبأ والّلح ِن‪.‬‬

‫أنقض ظهركم من وحر الايئ ِ وقلّ الدرهم يف ِ‬


‫أايم‬ ‫أكتم ما قد تكاّ ْد ُْمت من آالم الغُرب ِ وما‬
‫َ َ‬ ‫إين يف احلقيق ال ُ‬
‫ّ‬
‫ِ‬
‫والثكل‬ ‫يومئذ تذوقون مرارة احلياةِ وال جتدون من يؤانسكم حلظ ً‪ّ .‬‬
‫وإين ألةلم ما للغريب من الاؤس‪،‬‬ ‫دراستكم وأنتم ٍ‬
‫فعي رضي هللا ةشه‪.‬‬
‫واحلزن واخلوف كما يقول الرا ُّ‬

‫‪13‬‬
‫مديون ِ‬
‫وذلّ ُ َم ْوثَ ِق‬ ‫ٍ‬ ‫يب لَهُ خماف ُ سا ِر ٍق * وخضوعُ‬
‫إ ّن الغر َ‬
‫افق‪.‬‬‫كجشاح ط ٍري خ ِ‬
‫ِ‬ ‫ففؤادهُ‬
‫الدهُ * ُ‬ ‫فإذا تذ ّك َر أه لَهُ وبِ َ‬

‫ِ‬
‫قواةد هذه اللّغ ‪ .‬ولكن حيب ةليشا مع هذا أن‬ ‫هد وسع ٍي يف ِ‬
‫حفظ‬ ‫كذلك ال يشاغي أن أجتاهل ما قد بذلتم من ج ٍ‬
‫َ‬
‫ةوان ملن يكتمون احلقائق من أهل‬ ‫سشا أو خدةشاها‪ ،‬وأصاحشا يف الوقت ذاته ً‬ ‫حبقائق إن كتمشاها ُخشّا أن ُف َ‬
‫َ‬ ‫نعرتف‬
‫َ‬
‫االستغالل تعمي ً ملن يشتاه إىل جهلهم‪ ،‬من أولئك الّذين يزةمون أ ّهنم يُتقشون اللُّغَ َ ال َْع َربِيَّ َ‪ ،‬وهم يف احلقيق جيهلون‬
‫ةجزهم ةن‬ ‫ٍ ٍ‬ ‫ِ‬
‫التعاري ّبا نُب ًقا وكتاب ً‪ .‬إ ّهنم ال يكذبون ةلى أنفسهم فحسب‪ ،‬بل يتواطؤون ةلى خيان رهيا ؛ يكتمون َ‬ ‫َ‬
‫آالف من ِ‬
‫أمثاهلم يف هذا الالد‪ ،‬يف احلني‬ ‫جيول يف صدوِرهم ِابللُّغَ ِ الْعربِيَّ ِ‪ ،‬كما يكتمون ةجز ٍ‬ ‫ٍ‬
‫التعاري أبدىن شيء مما ُ‬
‫َ‬ ‫ََ‬
‫ر ِ‬
‫هادات‬ ‫ّيات العلوم اإلسالمي ِ‪ ،‬ويااهون بتلك ال ّ‬ ‫أستاذ للّغ ِ العربي يف ةديد من كل ِ‬ ‫مشصب ٍ‬
‫َ‬
‫حيتل كلٌّ مشهم ِ‬
‫الّذي ُّ‬
‫الّيت حيملو ّهنا والعشاوين األكادميي اليت يتمتّعون ّبا‪.‬‬

‫أيها اإلخوة!‬

‫ني‪ ،‬كما انتاهتم‬ ‫وةلمي مت ٍ‬


‫ٍّ‬ ‫واقعي‬
‫ٍّ‬
‫ٍ‬
‫أسلوب‬ ‫احللقات ال ّدراسي ِ ملا فيها من‬
‫ِ‬ ‫كاريا من هذه‬
‫نفعا ً‬‫إنّكم ال بد وقد ملستم ً‬
‫جيب‬ ‫إىل مسائل ٍ‬
‫هام يف تعليم اللّغ ‪ ،‬وأت ّكدمت بعد ذلك أ ّن اللّغ ال تشحصر يف القراءة فحسب‪ ،‬وإ َّّنا هي آل ٌ ُ‬ ‫َ ّ‬
‫ضا وأت ّكدمت بعد ذلك أ ّن أسلوب تدريس اللُّغَ ِ‬ ‫والكتايب ةلى الس ِ‬
‫واء‪ .‬مثّ ةلمتم أي ً‬ ‫ّ‬ ‫ِّ‬ ‫ر ِّ‬
‫فوي‬ ‫استخدامها يف التّعاري ال ّ‬
‫ُ‬
‫اهني كثريةٌ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫وسقيم من وجوه ةديدةٍ‪ّ .‬‬
‫تدل ةلى هذه احلقيق بر ُ‬ ‫ٌ‬ ‫وةر‬
‫تقليدي‪ٌ ،‬‬
‫ٌّ‬ ‫ال َْع َربِيَّ ِ يف هذا الالد ٌ‬
‫قدمي‪،‬‬

‫ِّ‬
‫الرفوي‬ ‫ِ‬
‫استخدام هذه اللّغ يف التعاري‬ ‫مشها‪ :‬إ ّن الّذين يُ َد ِّرسون اللُّغَ َ ال َْع َربِيَّ َ يف تركيا هم ابلذات ةاجزون ةن‬
‫السواء‪.‬‬ ‫والكتايب ةلى ّ‬
‫ِّ‬

‫للشجاح‬
‫ِ‬ ‫ومشها‪ :‬أ ّن مجيعهم ةشاصر تركي ٌ َل يدرسوها وَل يتخرجوا ةلى يد ِ‬
‫أبشاء هذه اللّغ ‪ ،‬بيشما األسس العلمي انفي ٌ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫ببرق ةلمي ٍ‬
‫يف دراس ِ أي لغ ٍ إال أن تكون بواسب من قد تعلّمها من أمه وأبيه وهو طفل مثّ درسها وطورها ٍ‬
‫ّ‬ ‫ٌ‬
‫معروف ٍ‪.‬‬

‫متعصاون يف ّاّتاذ البريق القدمي التّقليدي ِ للتّدريس بساب نزةتهم القومي ِ واةتزازهم‬ ‫ِ‬
‫الرجال‪ ،‬هم ّ‬ ‫ومشها أ ّن هؤالء ّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ابألجماد والتاريخ الاائد‪ .‬يكفيشا أن نذ ّكِرهم بقوله تعاىل‪" :‬وَكم أ َْهلَ ْكشَا ِمن قَ ْالِ ِهم ِمن الْ ُق ِ‬
‫ِ‬
‫رون أهنّم إلَْي ِه ْم الَ يَ ْرج ُ‬
‫عو َن"‬ ‫ْ َ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬

‫راةر‪:‬‬
‫األةزاء! يقول ال ّ‬
‫إخويت ّ‬

‫‪14‬‬
‫ع‬
‫قل ةقلني * فمباوعٌ ومسمو ٌ‬ ‫أيت الع َ‬
‫ر ُ‬
‫ع‬
‫ع * فال يشف ع مسمو ٌ‬
‫إذا َل يك مباو ٌ‬
‫ع‬
‫وضوءُ العني ممشو ٌ‬
‫مس * ْ‬
‫ر ُ‬‫كما ال يشفع ال ّ‬

‫ٍ‬
‫وجدال وصر ٍاع فيما بيشهم من لدن‬ ‫شك أ ّن الشّاس ُيتلفون يف إدراك احل ِّق واحلقيق ِ‪ ،‬وهذا ما ساقهم إىل ٍ‬
‫حرب‬ ‫ال ّ‬
‫َ‬
‫آدم إىل يوم القيام ِ ‪...‬‬
‫َ‬

‫يهامجونك‪،‬‬ ‫اإلصالح‪ ،‬وإذا ٍ‬


‫أبانس‬ ‫ٍ‬
‫بصرية من أم ِر َك‪ ،‬وما تري ُد إالَّ‬ ‫احلج ُ‪ ،‬وأنت ةلى‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫بوضوح‪ ،‬وبيد َك ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ك‬
‫تقو ُل كلمتَ َ‬
‫ِ‬
‫لريوة ِه‬ ‫فت آذاهنُم وأمساةُهم ِ‬
‫الااط َل‬ ‫املتبرفو َن يف احلقيق ِ‪ .‬ألِ ْ‬‫ِّ‬ ‫ِ‬
‫املألوف؛ بيشما هم‬ ‫واخلروج ةلى‬
‫ِ‬ ‫ف‬‫بر ِ‬
‫ويرمونك ابلتّ ُّ‬
‫فريمونك ابخليان ِ‪ ،‬أو ابلزندق ِ واستحقا ِر سشّ ِ ِ‬
‫اآلابء‪،‬‬ ‫بري ٍٍ َل يعهدوهُ‪،‬‬
‫َ‬ ‫أتيت ْ‬
‫ك َ‬ ‫ك ةلى أنّ َ‬ ‫وقد اةتادوهُ؛ ويقاطعونَ َ‬
‫وإن كانوا هم ةلى ضالل‪.‬‬

‫اف‪ .‬هذا‬‫والعقائد واألةر ِ‬


‫ِ‬ ‫واقتحام حلرم الشّ ِ‬
‫ظام املتّ اَ ِع‬ ‫وخالف للعادةِ‪،‬‬ ‫ام‪ ،‬وممشوعٌ‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫سيءٌ‪ ،‬وحر ٌ‬
‫ف ُك ُّل شيء جديد‪ّ ،‬‬
‫واألجماد‪ ،‬وتُ ْر ِر ُك ملوَكها‬ ‫ٍ‬ ‫ابلشسا ِ ِ ٍ‬
‫َ‬ ‫اريخ‬
‫خاص ً اجملتمعات الّيت تعاد التّ َ‬ ‫لكل قوم غ ِري ذي رشد‪َ ،‬‬
‫أةم ْتهُ التّاعيّ ُ؛ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫هللا‪ ،‬وتتّخ ُذ من املوتى والقاوِر واألضرح ِ والباغوت آهل ً من دون هللا‪.‬‬ ‫وح َّكامها وأُمراءها وأغشياءها مع ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬

‫املتبرف ِ‪ ،‬فذاقوا ةلى أيديهم من‬ ‫ِ‬


‫اجملتمعات ِّ‬ ‫ِ‬
‫العلماء واملصلحني ِ‬
‫مبثل هذه‬ ‫ِ‬
‫األناياء واملرسلني‪ ،‬ومجهور‬ ‫لقد ابتلى مجيع‬
‫هدى يف‬
‫ةاما وأان أنرد املتريّخني‪ّ ،‬أهنم ةلى غري ً‬
‫لقيت ةلى مدى أربعني ً‬‫العذاب والشّكال‪َ .‬وهذا بِ َع ْيشِ ِه ما ُ‬
‫ِ‬ ‫ألوان‬
‫ووجدت نفسي‬
‫ُ‬ ‫يس كتاب هللا ولغتِ ِه‪ .‬ذلك ملّا أقر هللا ةيين فرزقين جمالس َ ِ‬
‫أبشاء هذه اللّغ ةلى أرضهم ابل ّذات‪،‬‬ ‫تدر ِ‬
‫ّ‬
‫األصل‪ ،-‬وأان يف حريةٍ‬
‫ِ‬ ‫ّحظات ةاجزًة ةن التّعا ِري بلغتِهم يف بداي ِ أمري – ةلى الرغم من ّ‬
‫أين ةريب‬ ‫ِ‬ ‫يف حلظ ٍ من الل‬
‫ِ‬ ‫جت ةلى ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ُّ ِ‬ ‫الصدم ِ‪ ،‬كيف‬ ‫واستغر ٍ‬
‫العلماء‬ ‫يد أشهر‬ ‫وّتر ُ‬ ‫ةاما يف دراس اللغَ ال َْع َربِيَّ ‪ّ ،‬‬
‫ين ً‬ ‫أفشيت ةرر َ‬
‫ُ‬ ‫ام هذه ّ‬ ‫اب أم َ‬
‫ِ‬ ‫كأين أُ ْجلِ ُ‬
‫العي ِّ‬ ‫املتاحرين يف لغ ِ ال ّ ِ‬ ‫ِ‬
‫الغاار ةن وجه‬ ‫حّت انقرع ُ‬ ‫مت؛ فلم َأر هلذه املركل حالًّ ّ‬ ‫ضاد! اةرتتْين حال ٌ من ِّ‬ ‫ّ‬
‫ةاما‬
‫بت ةلى ةررين ً‬ ‫تتاني يل أو َل أفبشها ةرب م ّدةٍ ْأر ْ‬ ‫أمور دقيق ٌ َل ّْ‬ ‫فعرفت بعد ذلك ابلتّأكيد أ ّن هشاك ٌ‬ ‫ُ‬ ‫األم ِر‪،‬‬
‫مقاصدهِ‬
‫ِ‬ ‫أي لغ ٍ يسعى يف سايلِها ٌ ِ‬
‫ليعرب ّبا ةن‬ ‫درست خالهلا اللُّغَ ِ ال َْع َربِيَّ ِ‪ .‬وَل أذكر ةرب هذه امل ّدةِ كلِّها أ ّن َّ‬
‫طالب َّ‬ ‫ُ‬
‫درست ةلى‬ ‫ُ‬ ‫األايِم إالَّ ويتحتّم ةليه أن يتل ّقاها ممّن يُ ْت ِقشُ َها نب ًقا وكتاب ً‪ .‬وَل أذكر من ذي قال أن الّذين‬ ‫يوما من ّ‬ ‫ً‬
‫ستثشاء العرب مشهم) كانوا أةجاما‪ ،‬غالاهم من ةشاصر كردي ٍ َل يتّفق ألحدهم أن َكتَب ِابللُّغَ ِ‬ ‫أيديهم ةررين ةاما ( ِاب ِ‬
‫َ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫حّت صفح ً واحد ًة من ِ‬ ‫ِ‬
‫الزم ِن‪ ،‬فعاَّ َر‬‫فصب ةليها من أدىن أحاسيسه‪ ،‬أو تكلّم ِابللُّغَ ال َْع َربِيَّ ساة ً من ّ‬ ‫َّ‬ ‫الورق‬ ‫ال َْع َربِيَّ ّ‬

‫‪15‬‬
‫ُصول العربي ِ فكانوا‬
‫درست ةلى أيديهم من األساتذة ذوي األ ِ‬ ‫ين‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫خالَ َهلَا ةن شيء مما جيول يف خلده!!! ّأما الّذ َ‬
‫الدروس يف أغلب حماضراهتم ابللغ الكردي ِ‪.‬‬
‫َ‬ ‫أيضا يُل ُقون‬

‫كل ما أحصاه سياويه‪،‬‬‫العلماء (!) الّذين درسشا ةلى أيديهم وأحصيشا وحفظشا حتت إشرافهم َّ‬ ‫ِ‬ ‫إذن‪ ،‬فأين ألولئك‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والزخمرري وغريهم من ِ‬
‫كلمات معدود ًة يررحون ّبا ةن‬ ‫أئم اللّغ ‪ ،‬أين هلم أن يكتاوا ِابللُّغَ ال َْع َربِيَّ ّ‬
‫حّت‬ ‫ّ‬ ‫ُّ ُ‬ ‫جين‬
‫وابن ّ‬
‫ُ‬
‫ت له مقال ٌ أو كتاب‪ ،‬أو ألقى حماضرًة‪ ،‬أو حّت شرح لتالمذتِهِ‬ ‫ِ‬
‫جيول يف صدوِرهم!! أين أح ُد مشهم نُر َر ْ‬ ‫أدىن شيء ُ‬ ‫ٍ‬
‫ّ‬ ‫ٌ‬
‫صرف وحن ٍو وبالغ ِ وما إليها‪ ...‬فهل مسعتم مبثل هذه‬ ‫ٍ‬ ‫قواةدها من‬‫يدرسو َن ِ‬ ‫دروسهم ِابللُّغَ ِ ال َْع َربِيَّ ِ مع أهنّم ِّ‬
‫َ‬
‫املهزل ِ؟!!‬

‫رجعت إىل تركيا من الاالد العربي‬ ‫ةاما‪ ،‬بعد أن‬ ‫ِ‬


‫ُ‬ ‫احلقائق ملّا أفاقتين من تلك الشّوم الّيت أخذتين م ّد َة ةررين ً‬
‫ُ‬ ‫هذه‬
‫بدأت أزور املدارس القرآني َ وأتااحث ةن حقيق ِ هذه املركل ِ ببريق احلوار مع ِّ‬
‫املدرسني ّبذه‬ ‫ُ‬ ‫ةام ‪6291‬م‪.‬‬
‫حقائق أخرى أدهرتين‬ ‫َ‬ ‫ةثرت ةلى‬
‫ُ‬ ‫املدارس يف توسي ِع حميبهم‪،‬‬
‫َ‬ ‫الصوفي الّذين يستغلّون هذه‬ ‫املدارس ومع شيوخ ّ‬ ‫ِ‬
‫مجهور من البّلا ِ وهم حيفظون‬ ‫يتخرج مشها‬ ‫ِ‬ ‫وزادتين حريًة واستغر ًااب‪ .‬فأثْ اَ ُّ‬
‫ٌ‬ ‫ت أ ّن هذه املدارس املشتررة أبحناء تركيا‪ّ ،‬‬
‫طالب وطالا ٍ‪ .‬غري أنّه ال يُتقن أح ٌد مشهم اللُّغَ َ‬
‫ٍ‬ ‫سشواي مبع ّدل ثالث ِ ِ‬
‫آالف‬ ‫قلب‪ ،‬يالغ ةددهم ًّ‬ ‫القرآن ةن ظه ِر ٍ‬
‫اآلايت الكرمي ُ للحكم الّيت أراد هللا ّبا‬
‫ُ‬ ‫ال َْع َربِيَّ َ‪ ،‬كما ال يفهم أحدهم شيئًا من معاين آايت القرآن؛ بيشما نزلت هذه‬
‫وّبم َويَ ْه ِديَ ُه ْم إىل صراطه املستقيم‪.‬‬
‫ةاادهُ‪ ،‬ويه ِّذ َّبم‪َ ،‬ويُبَ ِّه َر قُلُ َ‬
‫أن يزّك َي َ‬

‫ٍ‬
‫أةوام بداي ً من ةام ‪6291‬م‪ .‬وقد كانت‬ ‫زرت أكثر من ثالثني مدرس ً قرآنيّ ً يف خمتلف مشاطق تركيا خالل أربع‬‫ُ‬
‫مصر ٍح هلا ابلتّدر ِ‬
‫يس‪.‬‬ ‫املدارس متارس نراطها ةلشيًّا بيشما أةداد كاريةٌ مشها غري ّ‬
‫ُ‬ ‫هذه‬

‫أخجل من ذك ِر‬
‫ُ‬ ‫ردودا غريا ً مشهم‪،‬‬
‫يت ً‬ ‫الزايرات‪ ،‬فتل ّق ُ‬‫املدارس أثشاء تلك ّ‬ ‫ِ‬ ‫هت أسئل ً ةديد ًة إىل مسؤىل هذه‬
‫وج ُ‬
‫ّ‬
‫مثل هذا املقام‪ .‬وأرى أ ّن بعضها قد يدةوا إىل التّ ّأم ِل والعربةِ‪.‬‬
‫بعضها يف ِ‬

‫سألت أح َدهم‪ :‬ملاذا ال تدةو َن َم ْن‬ ‫أين ملّا‬ ‫ب! ذلك ّ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫يتعج ُ‬
‫اب وجيعل اإلنسان ّ‬ ‫يثري االستغر َ‬ ‫الردود ما ُ‬ ‫ولعل من هذه ّ‬‫ّ‬
‫فقلت له‪ :‬أال‬
‫ليست لغتَ شَا"‪ُ .‬‬
‫ْ‬ ‫ااب اللُّغَ َ ال َْع َربِيَّ َ؟ قال ابحلرف الواحد‪" :‬وما نصشع ِابللُّغَ ِ ال َْع َربِيَّ ِ! أل ّهنا‬
‫ر َ‬ ‫يُعلِّ ُم هؤالء ال ّ‬
‫تريدون أن تفهموا القرآن‪ ،‬وإذا تعلّمتم لغتَهُ زالت املركل ُ؟ قال "من أراد أن يفهم القرآن‪ ،‬يكفيه أن يتشاول نسخ ً‬
‫من ترمجته‪ ،‬وهي متوفّرةٌ" مثّ انولين نسخ ً من ترمج القرآن الكرمي ابللّغ الرتكي كانت ةشده فوق املكتا ِ‪ ،‬وأضاف‬
‫قائالً بلهج ٍ مستهزئ ٍ " ها أنت تزةم أنّك تُ ِتقن اللُّغَ َ الْعربِيَّ َ‪ ،‬فما الفر ُق بيين وبيشك يف فهم القرآن وأان ال أ ِ‬
‫ُتقشُها!‬ ‫ََ‬ ‫ُ‬

‫‪16‬‬
‫مرتجم هذه الشّسخ ِ ‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ابلقرآن من‬ ‫ك أةلم‬ ‫الرتمج ِ‪ ،‬وال ُّ‬
‫أظن أنّ َ‬ ‫أفهمهُ ةن طريق ّ‬ ‫العريب‪ ،‬وأان ُ‬ ‫ص ِّ‬ ‫أنت تفهمه من الشّ ِّ‬
‫َّك إالَّ َر ُجالً يُ ِري ُد أَ ْن يُ ْف ِس َد ِيف األ َْر ِ‬
‫ض؟!‬ ‫َك َما الَ أَظُش َ‬

‫فهم ِه ملعاين القرآن الكر ِمي‪ .‬ألنّه‬


‫ف ةلى حتفيظ القرآن يف مدرس ٍ قرآني ٍ ضخم ٍ‪ ،‬سألتُهُ ةن مدى ِ‬ ‫مدر ًسا يُر ِر ُ‬ ‫سألت ّ‬
‫ُ‬
‫كان جيهل اللُّغَ َ ال َْع َربِيَّ َ متاماً‪.‬‬

‫يوما من‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب أنّه غري مستع ٍّد ِ‬


‫تعج ٍ‬
‫السؤال ً‬
‫السؤال‪ ،‬ألنّه َل يتوقّع أن يُ َو َّج َه إليه مثل هذا ّ‬
‫للر ّد ةلى هذا ّ‬
‫ّ‬ ‫أجاب يف ّ‬
‫األايِم‪.‬‬
‫ّ‬

‫ٍ‬
‫غضب‪:‬‬ ‫ف ةلى املعرف ِ ِابللُّغَ ِ ال َْع َربِيَّ ِ؟ أجاب ةلى سؤايل هذا يف‬
‫فهم معاين القرآن ال يتوقّ ُ‬
‫قلت له‪ ،‬تعين أ ّن َ‬
‫ُ‬

‫حيجون‬ ‫ِ‬ ‫اك إالَّ تريد الفساد! وهل‬


‫مسعت رجالً من أولياء هللا تكلّم بلسان العرب؟ أَل تسمع أ ّن أولياء هللا إ َّّنا ّ‬
‫َ‬ ‫ما أر َ‬
‫العرب‪ ،‬وألالّ يلْتَ ُقوا معهم جسمانيًّا‪ ،‬كراهيّ ً هلم!!"‬
‫ُ‬ ‫حّت ال يراهم‬
‫أبرواحهم وليس أبجسامهم‪ّ ،‬‬

‫ب‪:‬‬ ‫وتعج ٍ‬ ‫ٍ‬


‫تساؤل ُّ‬ ‫دروسا يف اللُّغَ ِ ال َْع َربِيَّ ِ؟ قال بعضهم يف‬ ‫ِ‬
‫ةددا من طلا املدارس القرآني ةما إذا يتل ّقو َن ً‬
‫ِ‬ ‫سألت ً‬
‫ُ‬
‫اآلخر "ملاذا أُنْ ِز َل الْ ُق ْرَآ ُن ِابللُّغَ ِ الْ َع َربِيَّ ِ‪َ ،‬وََلْ يُ ْش َز ْل ِابللُّغَ ِ التُّ ْركِيَّ ِ؟" وقال أح ُدهم‬
‫هم ُ‬ ‫ض ُ‬‫ةريب؟!"‪ .‬وسأل بع ُ‬ ‫"هل القرآن ٌّ‬
‫املالةق والرو ِ‬
‫كات؟"‬ ‫العرب أيكلون أبيديهم وال يستعملون‬ ‫ايفع مشهم " ملاذا‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫العرب يعادون األتراك؟" مث قال ُ‬ ‫ُ‬ ‫"ملاذا‬
‫فعلمت أ ّن‬ ‫يتفوه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫األسلوب ورأيت هؤالء الرااب ال يكاد أحدهم يعاأ مبا ّ‬ ‫ُ‬ ‫وهكذا طالت احملادث ُ إىل أن فسد‬
‫اب أو األسااب احلقيقي ِ اليت أسفرت هذه‬ ‫الس ِ‬ ‫أحبث ةن ّ‬ ‫لت ُ‬ ‫القرآن ةشدهم ال صل َ له ِابللُّغَ ِ ال َْع َربِيَّ ِ!!! ولكن ما ز ُ‬
‫حل هذه املركل ِ‪.‬‬ ‫يق إىل ِّ‬
‫تائج اخلبريةُ ةشها‪ ،‬وكيف البر ُ‬ ‫الشّ ُ‬

‫مجهور من‬ ‫ٍ‬


‫حماضرة حيضرها‬ ‫معلومات غريا ٍ وهام ٍ؛ أن أقوم ِ‬
‫إبلقاء‬ ‫ٍ‬ ‫مجعت خالهلَا من‬ ‫اتّفق يل بعد هذه الزايرات وما‬
‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫القرآن يف تركيا؛ وجلُّهم من البُُّر ِق‬ ‫عب‪ ،‬ممن يتولّو َن شؤون املدارس القرآني ِ‪ ،‬ويعملون ةلى نر ِر حتفيظ‬
‫ر ِ‬‫قباع ال ّ‬
‫ِ‬
‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ولكن احلكومات السابق َ‬ ‫الصوفي ؛ وال ترتاط مدا ِر ُسهم ابل ّدول ‪ ،‬بل كانت كلها مستقلّ ً غري ّ‬
‫مصر ٍح هلا ابلشّراط‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫أرخت هلا العشان إىل أن كسحها احلكومات األخريةُ‪.‬‬

‫قواي هلذه احملاضرةِ‪ ،‬أل ّهنا كانت مواجه ً جريئ ً ابةتاار أهنّا كانت ّأول ماادرةٍ ُُيبَ ُر ّبا شيوخ األتراك‬‫استعدادا ً‬‫ً‬ ‫أبديت‬
‫ُ‬
‫ةلى أمهي اللُّغَ ِ ال َْع َربِيَّ ِ ابلشّسا ِ للمسلمني يف تركاا‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫الصديق الرعاي ِ للعلوم اإلسالمي ِ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ٍ‬
‫فجمعت املعلومات الالّزم َ وأان يومئذ أستاذ ما ّدة اللُّغَ ال َْع َربِيَّ بكلّي أيب بكر ّ‬
‫ُ‬
‫الصوفي ِ ومسئويل املدارس‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫قمت برتتيب الربانمج وتوجيه ال ّدةوة إىل ةدد من رجال ال ّدين وشيوخ ّ‬ ‫يف إسبشاول‪ ،‬مثّ ُ‬
‫انتاه إىل هذه املركل ِ‬
‫الصديق الكرمي الفاضل الدّكتور ةارف آيتكني وهو ّأول ّم ْن َ‬ ‫ِ‬
‫القرآني ‪ ،‬ذلك ابلتّشسيق مع ّ‬
‫ِ‬
‫بضرورة ترجيع طلا ِ املدارس ال ّديشي ِ ةلى إتقان اللُّغَ ِ ال َْع َربِيَّ ِ واستخدامها يف التعاري‪.‬‬ ‫وأيقن‬

‫يوخ واملاليل والبّلا ِ‪ ،‬وةلى رأسهم‬


‫ر ِ‬ ‫لفيف من ال ّ‬
‫فادأت احملاضرةُ يف أوائل شهر أكتوبر من ةام ‪6299‬م‪ .‬حضرها ٌ‬
‫ُسبى ةثمان أوغلو‪.‬‬
‫قراشديني‪ /‬حممود أ َ‬
‫ّ‬ ‫شيخ طائف ِ من الشّ‬

‫واحلضور إذا‬
‫َ‬ ‫عت مشهم أن يرفضوا اإلجاب َ‬ ‫اتم مبوضوع احملاضرةِ‪ّ ،‬‬
‫ألين توقّ ُ‬ ‫املدةوين يف احلقيق ِ َل يكونوا ةلى ٍ‬
‫ةلم ٍّ‬ ‫ّ‬ ‫إ ّن‬
‫حساسيتهم‪ .‬ذلك من‬ ‫أين سوف أُرّكز ةلى أمهي ِ اللُّغَ ِ الْعربِيَّ ِ‬
‫كشت متأ ّك ًدا من ّ‬
‫ألين ُ‬ ‫خاص ً يف التّعاري؛ و ّ‬
‫ّ‬ ‫ََ‬ ‫ما ةلموا ّ‬
‫ظ القواةد إىل‬
‫اهتمامهم حف َ‬
‫ُ‬ ‫بكل ش ّدةٍ أن يتع ّدى‬ ‫ِ ُّ ِ ِ ِ‬
‫يهتمون ابللغَ ال َْع َربيَّ يف تركيا حيتاطون ِّ‬ ‫جدا أ ّن الّذين ّ‬ ‫الغريب ًّ‬
‫بتاات‪.‬‬
‫مرفوض ةشدهم ً‬
‫ٌ‬ ‫استخدام اللُّغَ ِ ال َْع َربِيَّ ِ يف التّعاري‪َ .‬و ّأما إتقان اللُّغَ ِ ال َْع َربِيَّ ِ كوسيل للتّعاري‪ ،‬فهو‬

‫لب لريوخ األتراك من اللُّغَ ِ ال َْع َربِيَّ ِ االَّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫الس ِّ‬ ‫لذا ما من أحد يشتاه إىل هذه املركل الغريا ‪ ،‬فيتساءل ةن املوقف ّ‬
‫ب ِم ْن‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُّ‬
‫ويُهان بكرامته (إذا أ ّكد هلم ةلى أ ّن اللغَ َ ال َْع َربِيَّ َ الَبُ َّد م ْن تَ ْد ِريس َها ِابلب ِر ِيق الْ ُماَاش ِر َح َّّت يَتَ َم َّك َن البال ُ‬
‫ِِ‬
‫استِ ْخ َد ِام َها ِيف التَّ ْعاِ ِري َم َّت أَتْ َقشَ َها)‪.‬‬
‫ْ‬

‫القرآن‪ ،‬وهم‬ ‫ِ‬ ‫اس أهنّم جيهلون لغ َ‬ ‫ِ‬


‫قد يكون موقفهم هذا انشئًا من خوفهم من املتقشني هلذه اللّغ ‪ .‬إذ لو ةلم الشّ ُ‬
‫فت ثق ُ اجملتم ِع ّبم‪ .‬وهلذا تراهم حيتاطون بعشاي ِ ابلغ ٍ أن ال يلتقوا برخصي ٍ من ُمثَ َّق ِفي‬ ‫ضع ْ‬ ‫فسرونهُ ويررحونه (!) ُ‬
‫ِ‬
‫يُ ّ‬
‫ٍّ‬ ‫ٍ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫ّم؛ وألالّ يتساءلوهم ةن ساب العجز‬ ‫والعريب يتكل ُ‬
‫ُّ‬ ‫مستمر‬ ‫صمت‬ ‫حذرا من أالَّ يراهم الشّ ُ‬
‫اس يف‬ ‫العرب وةلماءهم ً‬
‫ط ِم ْن‬ ‫األحوال‪ .‬ال شك أن ذلك سيؤ ّدى إىل زوال قدرهم َوا ْحلَ ِّ‬ ‫ِ‬ ‫احلديث مع العرب يف ةموم‬ ‫ِ‬ ‫الذي يعانونه يف تاال‬
‫َك َر َامتِ ِهم وهياتهم يف نظر الشاس وابلتايل ُيسرو َن شهرهتم!‬

‫شرحا وافيًا يف مصادر ةلم‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫يدل هذا الواقع ةلى أهنّم يعانون من ٍ‬
‫ةضال‪ .‬جند هلذا ال ّداء ً‬ ‫نفساينّ‬
‫ٍ‬ ‫داء‬ ‫يف احلقيق ّ‬
‫واجلهل الّ َذيْ ِن إذا ْ‬
‫بدت‬ ‫ِ‬ ‫صدورهم من آالم العج ِز‬ ‫ِ‬
‫هؤالء املتريّخني‪ ،‬إ َّّنا حياولون لِيُ ْا ِبشُوا ما يكوي‬ ‫الشّ ِ‬
‫فس‪ .‬أل ّن‬
‫َ‬
‫يتعارض يف‬
‫ُ‬ ‫رسوخ ةُ ْق َدةٍ نفسيّ ٍ خبريةٍ يف أةماقِهم‪.‬‬
‫اس خسروا مكانَتَهم املرموق َ‪ .‬فقد أ ّدى ذلك إىل ِ‬ ‫أماراهتُا للشّ ِ‬
‫خيص؛ ولكشّهم يتحاشون هذه‬ ‫الر ُ‬‫اهلروب ّ‬
‫ُ‬ ‫ساب واح ٌد؛ وهو‬
‫شاقض‪ ،‬يثريُمها ٌ‬ ‫غياهب نفوسهم نزةتان شديدات التّ ِ‬
‫العاقا َ‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫خص ِ‬
‫العاَل حني‬ ‫ر ِ‬ ‫ِ‬
‫للهروب خماف َ أ ْن تكون الغلا ُ لل ّ‬ ‫شك – هي انتهاز الفرص ِ‬ ‫ّأما الشّزةتان‪ :‬فاألوىل مشهما – ال ّ‬
‫ر َّوةٌ‬
‫أفواههم حم ُ‬ ‫ساات ٍ‬
‫ةميق كأ ّن َ‬ ‫جيمع بيشهم القدر ةلى كراهي ٍ مشهم وهو يتكلّم ببالق ٍ وفصاح ٍ وبالغ ٍ وهم يف ٍ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫اس‬ ‫ِ‬ ‫ابلقب ِن‪ .‬والشّزة ُ الثّاني ُ هي‬
‫امتشاةا من اهلروب خماف َ أن ال يتّهمهم الشّ ُ‬ ‫ً‬ ‫الثاوت واملقاوم ُ الااطشي ُ مع الصمت‬
‫ُ‬
‫رج‬
‫ةالمات احل ِ‬
‫ُ‬ ‫شديد‪ ،‬وارتااك بني هواجس متشاقض ِ‪ ،‬تتا ّدى يف وجوههم‬ ‫ضيق ٍ‬ ‫واجلهل والعج ِز‪ .‬لذا تراهم يف ٍ‬
‫ِ‬ ‫ابجلنب‬
‫ِ‬
‫العلماء‪.‬‬ ‫رجل ةا ٍَل ابلعربي ِ‪ ،‬وال يزيدهم ذلك إالّ حق ًدا وضغيش ً ةلى‬ ‫ِ‬
‫بوجود ٍ‬ ‫ِ‬
‫واالختشاق كلّما اصبدموا‬

‫ِ‬
‫استخدام‬ ‫أن تركيا ال ّتلو من ٍ‬
‫رجال قادرين ةلى‬ ‫أظن َّ‬
‫كشت ُ‬ ‫اتم ّبذا الواق ِع‪ ،‬و ُ‬ ‫ةلم ٍّ‬‫إين يف احلقيق ِ َل أكن ةلى ٍ‬
‫ّ‬
‫بعكس ذلك متاما بعد هذه املاادرةِ‬
‫ِ‬ ‫اصبدمت‬ ‫ولكين‬ ‫الكتايب ِابللُّغَ ِ ال َْع َربِيَّ ِ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اخلباب والتّعاري‬ ‫العلمي يف‬ ‫ِ‬
‫األسلوب‬
‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫برهط من شيوخ األتراك يف هذه احملاضرةِ‪.‬‬ ‫واالجتماع ٍ‬
‫ِ‬

‫يدةوين‬
‫حّت َ‬ ‫اجلو ّ‬‫ايل ابملق ِّدمات املُل ِْفتَ ِ ليُ َهيِّ َئ َّ‬
‫الس َ‬
‫ميه ُد ّ‬
‫املشس ُق ّ‬
‫الريوخ‪ ،‬بدأ ّ‬
‫ِ‬ ‫اجلمهور‪ ،‬وفيهم ةدد من‬
‫ُ‬ ‫فلما حضر‬ ‫ّ‬
‫بشريد ةشوانُهُ (مسلمون)؛ وهذه كلماتُهُ‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫شااب من تالمذيت ليستفتح احملاضرَة‬ ‫ِ‬
‫اخلباب‪ .‬فدةا ًّ‬ ‫أخريا إىل مشص ِ‬
‫ّ‬ ‫ً‬

‫العدل ُّ‬
‫واحلق نكون‬ ‫مسلمون مسلمون مسلمون * حيث كان ُ‬
‫املوت وأنىب أن هنون * يف سايل هللا ما أحلى امل شون‬
‫نرتضي َ‬
‫حرران الرعوب‬ ‫ِ‬
‫ابإلسالم ّ‬ ‫حنن ابألميان أحي يشا القلوب * حنن‬
‫حنن ابلقرآن قومشا الع يوب * وانبلقشا يف ٍ‬
‫مشال وج شوب‬ ‫ّ‬
‫كل ه ون * مسلمون مسلمون مسلمون‬‫ور وَّنحو َّ‬
‫نشرر الشّ َ‬
‫مين أنت ب ي‬
‫مشك أنت ّ‬ ‫ِ‬
‫املغرب * أان َ‬ ‫اي أخي يف اهلشد أو يف‬
‫ال تسل ةن ةشصري أو نسب * إنّه اإلس الم أمّي وأب ي‬
‫حن به م ؤتلفون * مسلمون مسلمون مسلمون‬
‫اخ وةٌ ن ُ‬

‫ةددا قليالً يكادون‬


‫املشكر‪ ،‬وكانوا ً‬
‫ُ‬ ‫ت يف وجوه الّذين يفهمون العربي مشهم‬‫مسعهم بَ َد ْ‬
‫الكلمات َ‬
‫ُ‬ ‫ت هذه‬ ‫وما أ ْن قَ َر َة ْ‬
‫ِّ‬
‫ابلراب الّذي يتلو ةليهم الشّري َد‪.‬‬ ‫يسبون‬

‫ابلغضب والتّهديد واالحتقا ِر قد‬ ‫ِ‬ ‫فألقيت نظرةً سريع ً إىل احلاضرين‪ ،‬وإذا أببصا ٍر شاخص ٍ مليئ ٍ‬
‫ُ‬ ‫صعدت املشرب‬
‫ُ‬ ‫مث‬
‫بالدهم يقوم خبياًا فيهم ِابللُّغَ ِ ال َْع َربِيَّ ِ‪ .‬أل ّهنم َل‬
‫أهل ِ‬
‫رجل من ِ‬ ‫ٍ‬
‫ةلي‪ ،‬ولكشّهم َل يتوقّعوا آنئذ أن يفاجئهم ٌ‬ ‫استقبات َّ‬
‫ْ‬
‫الثشاء ةشد االفتتاح ما أمكشهم‪ ،‬أل ّهنا ابلعربيّ ‪ ،‬وسرةان ما‬ ‫ِ‬ ‫وحّت خبااء اجلمع ِ يوجزون كلم‬ ‫يعتادوا ذلك‪ ،‬بل ّ‬
‫يررةون اخلباب ابللّغ الرتكيّ ِ‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫يستخدم‬
‫َ‬ ‫يهتموا ابلبّريق املااشرةِ يف تدريس اللُّغَ ِ ال َْع َربِيَّ ِ (وهي أن ال‬ ‫طلات مشهم أن ّ‬ ‫ُ‬ ‫أين إذا‬
‫مت حبكم البّا ِع ّ‬
‫فعل ُ‬ ‫ِ‬
‫الرتكي َ يف ِ‬
‫أين لو نصحتُهم يف‬ ‫س‪ ،‬أبن ال يتح ّدث مع تالمذته إالّ ِابللُّغَ ِ ال َْع َربِيَّ ِ)‪ ،‬ةلمت ّ‬ ‫إلقاء ال ّدرو ِ‬ ‫س اللّغ ّ ّ‬ ‫املدر ُ‬
‫ّ‬
‫األصوات‬ ‫حدث ما توقَعتُهُ‪ ،‬فانفجرت القاة ُ‪ ،‬و َة ِ‬
‫لت‬ ‫حّت‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫املهم ِ ّ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫قمت بعملي انتحاري ‪ .‬وفعالَ َل يلاث ّ‬ ‫كأين ُ‬ ‫هذه ّ‬
‫االستخفاف برأهنم‪ ،‬واالستهان ِ بعلمهم‪ .‬وَل أقصد ذلك‬ ‫ِ‬ ‫نوةا من‬
‫وةم الفوضى‪ .‬ذلك أهنّم ة ّدوا هذه املاادرَة ً‬ ‫َّ‬
‫رف والشّح ِو‪ ،‬حبيث يُصاح كلٌّ مشهم مكتا ً‬ ‫إحصاء قواةد الص ِ‬ ‫ِ‬ ‫كل حياهتم يف‬‫فإهنم يقضون َّ‬ ‫إطالقًا‪ .‬ألنه مهما كان‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫متش ّقل ً يف قواةد اللُّغَ ِ الْعربِيَّ ِ‪ .‬والغريب أ ّهنم مع ذلك يعانون مشتهى العج ِز يف التعاري ةن أدىن ٍ‬
‫شيء ِابللُّغَ ِ ال َْع َربِيَّ ِ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ََ‬

‫اإلسالميِ‪ ،‬وأتىب‬ ‫ِ‬


‫االنتماء‬ ‫العرب قدميًا وحديثًا يف‬ ‫آخر‪ .‬وهو أ ّن األتراك يشافسون‬ ‫ضج ِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ساب هامٌّ ُ‬ ‫ٌ‬ ‫وكان هلذه ال ّ ّ‬
‫عام ِل مع‬
‫خاص ً يف التّ ُ‬
‫أساليب ّ‬
‫َ‬ ‫العرب له‪ .‬لذلك قد شرةوا ألنفسهم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كفهم‬ ‫ِ‬
‫لإلسالم‬ ‫فهم ُه ْم‬
‫نفوس ُه ْم أن تكو َن ُ‬ ‫ُ‬
‫رف والشّح ِو فحسب‪ ،‬دون ّاّتاذ‬ ‫اإلسالم‪ .‬ومن مجل ِ هذه األساليب‪ ،‬اهتمامهم يف املدارس القرآني ِ حبفظ قواةد الص ِ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫كأداة للتّعاري‪ .‬ذلك ّأهنم إذا ّاّتذوها أدا ًة للتّعا ِري‪ ،‬معشاه التّهاون مبا تتصف به هذه اللّغ من القداس ِ‬‫ٍ‬ ‫اللُّغَ ِ الْعربِيَّ ِ‬
‫ََ‬
‫الرارع‪ ،‬فتستوي مع بقي اللّغات‪ .‬فال يشاغي ذلك يف‬ ‫ِ‬ ‫والكرام ِ؛ وهذا يؤ ّدي إىل استحالتها من لغ ِ الوح ِي إىل لغ ِ‬
‫كيِ‪ ،‬ومكروه ٌ يف نظر البّغم ِ احلاكم ِ‪،‬‬ ‫نظرهم‪ .‬أل ّن اللُّغَ َ ال َْع َربِيَّ َ مق ّدس ٌ يف ضمري القاةدةِ الرعاي ِ للمجتمع ّ‬
‫الرت ّ‬
‫ٍ‬
‫جانب‪ ،‬وبني‬ ‫رعاي ِ والقلّ ِ احلاكم ِ من‬
‫الصر ِاع بني القاةدة ال ّ‬
‫موضوع ّ‬
‫َ‬ ‫نتائج غريا ٍ أصاحت‬
‫وهذا ما قد أسفر ةن َ‬
‫والعرب من ٍ‬
‫جانب آخر‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫األتر ِ‬
‫اك‬

‫العريب‪ ،‬ألنّه أنزل هذه اللّغ املق ّدس َ مش زل َ لغ ِ‬ ‫كي إ َّّنا يكره اإلنسا َن‬
‫الرت َّ‬
‫جل ّ‬ ‫ِ‬
‫َّ‬ ‫الر َ‬
‫ورمبا من هذه الشّتائج الغريا أ ّن ّ‬
‫حّت انتُهكت حرمتُها!!‬
‫ارع‪ّ ،‬‬
‫ر ِ‬‫ال ّ‬

‫استبعت أن‬
‫ُ‬ ‫كشت أان الفائز يف الشّهاي ِ‪ .‬ألين‬ ‫ةلى الرغم من السلايات اليت ةرضت يل أثشاء هذه احملاضرة‪ ،‬فقد ُ‬
‫اس أ ّن اللُّغَ َ ال َْع َربِيَّ َ هي يف ح ِّد‬‫مجهورا من الشّ ِ‬
‫ً‬ ‫فأهلمت بذلك‬
‫ُ‬ ‫مرةٍ‪.‬‬
‫ألول ّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أطرح مركل تدريس اللُّغَ ال َْع َربِيَّ يف تركيا ّ‬
‫ات أخرى‪ ،‬ابةتاار أهنّا لغ‬ ‫ذاهتا أداةٌ للتّعا ِري‪ ،‬وهي لغ ُ أم ٍ تُريب ةلى مخسمائ ِ مليون من الار ِر‪ ،‬إبز ِاء ما هلا من ميز ٍ‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اختالف لغاهتم احمللّي ِ؛ وأ ّهنا لغ العلم واحلضارةِ ‪ ،‬كما تتميّز أبصالتِها وقواةدها ِ‬
‫وآداّبا‬ ‫ِ‬ ‫القرآن‪ ،‬ولغ املسلمني ةلى‬ ‫ِ‬
‫الرصيش ِ بني اللغات احليّ ِ‪.‬‬
‫ّ‬

‫كثريا من الغافلني أبن هللا ساحا ُن هو الكفيلُ‬


‫فأيقظت ً‬
‫ُ‬ ‫هام ً أخرى ّبذه احملاول ِ اجلريئ ِ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ُّ‬
‫أثات يف الوقت ذاته حقيق ً ّ‬
‫ِ‬
‫ووحيه‪ .‬فما‬ ‫ضت خلب ٍر‪ .‬ألن هللا كفيل حبفظ كتابه الكر ِمي إىل يوم القيام ِ وهي لغ ُ ِ‬
‫كتابه‬ ‫تعر ْ‬ ‫ِ‬
‫ٌ‬ ‫إبمداد هذه اللّغ كلّما ّ‬
‫ِ‬
‫دام القرآن حمفوظًا بعشاي هللا تاارك وتعاىل‪ ،‬فلغ ُ كتابِه كذلك حمفوظ ٌ معهُ‪ ،‬أل ّهنا جزءٌ ال ّ‬
‫يتجزأُ مشه‪ .‬يربهن ةلى هذه‬

‫‪20‬‬
‫العامي ِ يف الاالد العربي ِ بني الفيش ِ واألخرى‪ .‬فقد‬ ‫احلقيق ِ فرل املستررقني الّذين يقومون ابلدةوةِ إىل اللّهج ِ‬
‫ّ‬
‫فئات من ِ‬
‫الشاس‬ ‫ِ‬
‫أصاحت اللّغ ُ العربيّ ُ تَ ْعتَِربَُها ٌ‬ ‫حّت يف تركيا‪ ،‬يف هذا الالد الذي‬ ‫أحاط هللا أةماهلَم‪ ،‬وأيّد هذه اللّغ َ ّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫س ذَلِ َ‬ ‫ِ ََّّ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫است ْخ َفافًا مشهم ّبذه األشياء وال ِابللّغ ال َْع َربِيَّ ‪ ،‬بل الةتاارهم َّإايها ً‬
‫أمورا‬ ‫ك ْ‬ ‫لغ َ الرعوذة والتمائم والبل ْسم‪ ،‬ل ْي َ‬
‫يتم التعامل ّبا إالّ ةن طريق اللّغ ال َْع َربِيَّ ِ املق ّدس !!!‬‫مق ّدس ً الَ يليق أن ّ‬

‫الوقت ذاته إىل محاق احلكومات العربي ِ أهنّا كيف حتتقر القدرَة‬ ‫ِ‬ ‫كذلك من مثرات هذه احملاضرةِ‪ ،‬أنّشا انتاهشا يف‬
‫مجيع‬
‫العرب َ‬ ‫ُ‬ ‫وتتجاهل الثروةَ الثقافي َ املستم ّدةَ من اللُّغَ ِ ال َْع َربِيَّ ِ يف هذا الالد! لقد جتاهل‬
‫ُ‬ ‫لإلسالم يف تركيا‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫الكامش َ‬
‫وذنوّبم‪ ،‬وة ّدوا‬‫َ‬ ‫كي مسؤولي َ ِ‬
‫يهود سالونيك‬ ‫الرعب الرت َّ‬ ‫العرب ةشدما محّلوا‬ ‫اإلسالم يف تركيا‪ .‬لقد أخبأ‬‫ِ‬ ‫يعود إىل‬
‫ما ُ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫العرب ةلى سع ِ ةاملهم‪،‬‬ ‫اغرت‬ ‫أةضاء حزب ّ‬ ‫ِ‬ ‫اجملتمع أبسرهِ من املارقني‪ ،‬واةتربوه أبمج ِع ِه من‬
‫ُ‬ ‫االحتاد والرتقي‪ّ .‬‬ ‫َ‬ ‫هذا‬
‫كي ةن بكرةِ أبيه يف‬ ‫الرت َّ‬
‫اجملتمع ّ‬
‫َ‬ ‫افات‪ ،‬فأدرجوا‬ ‫وكثرةِ ةددهم حب ّكامهم الذين هم رموز الرجعي ِ واألساط ِري واخلر ِ‬
‫ّ‬
‫(يهود سالونيك)‪ ،‬وبني القلّ ِ املؤمش ِ املستضعف ِ من ِ‬
‫أبشاء‬ ‫ِ‬ ‫وداء‪ ،‬وَل مييزوا يف ذلك بني البُّغم ِ احلاكم ِ‬ ‫القائم ِ الس ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الالد‪ .‬يربهن ةلى هذه احلقيق ِ‬ ‫أبشاء هذا ِ‬ ‫اإلزدواجي من ِ‬ ‫العرب ةن ّاّتاذ املوقف‬ ‫يتورع‬
‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫هذا الالد‪ .‬مع ذلك َل ّ‬
‫ائب العقل‬ ‫بالدهم‪ .‬ومن غر ِ‬ ‫استجاب ُ احلكومات العربي ِ لدةوةِ احلكوم ِ الرتكي ِ يف مش ِع البلا ِ األتراك من ال ّدراس ِ يف ِ‬
‫اد‬ ‫ِ‬
‫واإلخالص ‪ ،‬وأنّه إذا أر َ‬ ‫اإلميان والعزمي ِ‬
‫ِ‬ ‫كي من‬ ‫الرت ُّ‬‫ّالب املسلم ّ‬ ‫ِ‬
‫العريب املتخلّف‪ ،‬أ ّهنم َل يفبشوا إىل ما يتمتع به الب ُ‬
‫ّم اللُّغَ َ‬
‫اليوم ليتعل َ‬
‫مسلم حياول َ‬ ‫كي ٍ‬ ‫ٍ‬
‫الصحاري والغاابت‪ .‬وكم من طالب تر ٍّ‬ ‫ّم اللُّغَ َ ال َْع َربِيَّ َ حل ّقق أملَهُ ولو يف ّ‬
‫أن يتعل َ‬
‫ّم هذه‬ ‫حياول ليتعل َ‬
‫شاب ُ‬ ‫جانب آخر؛ وكم من ٍّ‬ ‫ررط ُ‪ ،‬كما يعاين ضغط القاوريني من ٍ‬ ‫ال َْع َربِيَّ َ وهو مضبَّ َه ٌد يبارده ال ّ‬
‫السج ِن‪.‬‬ ‫حّت يف ّ‬ ‫اللّغ ّ‬

‫البالب‬ ‫ّهاد الذي يقاسيه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫استغشاء طالب اللُّغَ ِ ال َْع َربِيَّ ِ يف تركيا ةن‬ ‫كل ذلك ُّ‬
‫ُ‬ ‫خاص ً فإ ّن االضب َ‬
‫العرب‪ّ .‬‬ ‫يدل ةلى‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬ ‫احتياطات كفيل ٍ ِ‬
‫ٍ‬ ‫يف هذه األايم ةلى أرضشا‪ ،‬سوف ُجيِربهُ ةلى ِ‬
‫املقد ِ‬
‫س‬ ‫اهلدف َّ‬ ‫حبريتِه ّ‬
‫حّت يتم ّكن من حتقيق هذا‬ ‫ّ‬ ‫أخذ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫األايِم األخريةِ‪.‬‬ ‫مشتاها إىل األخبا ِر الّيت‬ ‫ِ‬
‫خاص ً يف هذه ّ‬
‫أحدقت به ّ‬
‫ْ‬ ‫والربيء‪ .‬ألنّه أصاح ً‬

‫ساق اجل ِّد‬ ‫الالد‪ ،‬يرتتّب ةليه ان يرمر ةن ِ‬


‫ُ َّ‬ ‫ُ‬
‫شك يرتتّب ةلى كل من ي ِتقن اللُّغَ َ الْعربِيَّ َ نب ًقا وكتاب ً يف هذا ِ‬
‫ََ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ى هللاُ َة َملَ ُك ْم‬
‫س َري َ‬ ‫"وقُ ِل ا ْة َم ُ‬
‫لوا فَ َ‬ ‫ويساهم يف تدريس الشّاشئ ‪ ،‬نذ ّك ُرهم بقوله تعاىل َ‬
‫َ‬ ‫العظيم‪،‬‬ ‫اجلهاد‬ ‫فيررتك يف هذا‬
‫َ‬
‫هادةِ فيشاّئكم مبا كشتم تعملون‪".‬‬
‫ر ِ‬ ‫الغي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ورسو ُل وال ُ ِ‬
‫ب وال ّ‬ ‫ىل َةا َِل ْ‬
‫ْمؤم ُشو َن‪َ ،‬و َستُ َر ّد ُو َن إ َ‬ ‫ََ ُ َ‬

‫اإلهلي قد‬ ‫القدر‬ ‫ردائ َد وهم مضبَّهدو َن‪.‬‬ ‫ضا يعيرون يف هذا ِ‬
‫َّ‬ ‫ولكن َ‬ ‫ّ‬ ‫الالد‪ ،‬ويقاسو َن ال ّ‬ ‫نعم حنن ال نشسى أ ّهنم أي ً‬
‫ت ّبم رايح ال َق َد ِر إىل ٍ‬
‫بالد‬ ‫سر هذه املسؤوليِ ِ يوم هاّ ْ‬
‫مهرب مشها‪ .‬إهنّم رمبا َل يكونوا واقفني ةلى ِّ‬ ‫محّلَهم مسؤوليّ ً ال‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ت حوهلَم‬‫اس يوقِّ ُرهم‪ ،‬فالت ّف ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بعيدةٍ ليتعلّموا هشاك اللُّغَ ال َْع َربِيَّ َ‪ .‬فرجعوا بكشوز‬
‫بفضل هذه اللّغ ‪ .‬أصاح الشّ ُ‬ ‫املعارف‬

‫‪21‬‬
‫أصشامهم‪ ،‬ولن يعودوا مؤمشني حق‬ ‫ةاع‪ ،‬فاشتغلوا إبرشادهم يف ةمياء‪ ،‬وَل يفبشوا أن هؤ ِ‬
‫الء لن يرتكوا‬ ‫الر ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫مجوعٌ من ّ‬
‫ات فادح ٍ‪ْ ،‬‬
‫أفشت‬ ‫إرشادهم‪ ،‬وانتهت مساةيهم يف هذه احملاول الاائس ِ َخسار ٍ‬
‫رااب يف ِ‬ ‫اإلميان‪ ،‬إىل أن فرل أولئك ال ّ‬
‫ومجاةات ملت ّف ٍ‬
‫ٍ‬ ‫فئات جهل ٍ‪،‬‬
‫"القباع املتديش َ" بتعاري الصحفيني يتكو ُن من ٍ‬
‫ّ َّ ّ‬ ‫َ ّ‬ ‫السشني من أحلى ّأاي ِمهم‪ .‬أل ّن‬ ‫ةررات ّ‬
‫ِ‬
‫اإلسالم ةن‬ ‫نظرُه ْم إىل‬ ‫افات‪ ،‬وفيهم زاندق ٌ وأصحاب ٍ‬ ‫حول شيوخ الصوفي ِ‪ ،‬أكثرهم أهل الاِ َد ِع واخلر ِ‬
‫ّتتلف ُ‬
‫ُ‬ ‫أهواء‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫والعلم والوةيِ‪.‬‬ ‫نظ ِر أهل اإلميان اخلالِ ِ‬
‫ص‬

‫اليوم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وهلذا من اجلدي ِر‬


‫مشثورا‪ .‬ولكن َ‬ ‫هااء ً‬
‫ذهب أةمالُهُ ً‬ ‫الر ُج ُل العاَلُ ّبذه الفئات الغريا ‪ ،‬فت َ‬
‫يشرغل ّ‬
‫َ‬ ‫ابألسف أ ْن‬
‫رااب ولو شخصا واح ًدا يف هذا ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الالد دو َن أن‬ ‫ً‬ ‫تتوجهُ مسؤولي ٌ ةظيم ٌ إىل ِّ‬
‫كل من يُتق ُن اللّغ الغربي َ أن يُ َعلّ َمها ال ّ َ‬ ‫ّ‬
‫ك لااملرصاد!‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫ةذاب‪ ،‬إ ّن ربّ َ‬ ‫صوت‬
‫َ‬ ‫صب هللاُ ةليهم‬
‫آبالمهم وقد َّ‬ ‫العرب أل ّهنم اليوم مرغولو َن ِ‬
‫ِ‬ ‫أيمل مساةدةَ‬
‫َ‬ ‫َ‬

‫السافر ةلى اللُّغَ ِ ال َْع َربِيَّ ِ مشذ ةص ٍر ٍ‬


‫كامل‬ ‫ِ‬
‫أسااب هذا العداء ّ‬ ‫إ ّن من يسمع هذه املعلومات‪ ،‬البد أنّه يتساءل ةن‬
‫الاحث يف أبعاده الواسع ِ‪ ،‬كما ال جن ُد شيئًا يستح ّق‬ ‫ِ‬ ‫أرض تركيا‪ .‬إ ّن هذه املركل َ َل يبرق هلا أح ٌد من رجال‬ ‫ةلى ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أمرا سهالً كما يادو‪ .‬ذلك يقتضي ّأوالً وقال ِّ‬
‫كل‬ ‫الذّكر من الكالم حول أسااّبا‪ .‬أل ّن دراس َ هذه القضي ليس ً‬
‫نفس ِه‬
‫دق‪ .‬ولكن أين ذلك الااحث الّذي يرى يف ِ‬ ‫والص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫والعلم واجلُرءة ّ‬ ‫احلياد‬ ‫شيء أن تتوفّر يف الااحث صف‬
‫حّت ةلى أداةٍ امسه القلم‪ ،‬وال كان فيهم أح ٌد يُ ِتق ُن الكتاب َ‬ ‫تعرفوا ّ‬ ‫االستعداد َوا ْجلُْرأَةَ َّ‬
‫ليقر أب ّن األتراك َل يكونوا قد ّ‬ ‫َ‬
‫اجلاهلي‪ .‬أين كان األتراك ٍ‬
‫يومئذ؟ هل‬ ‫أوج ازدهاره‪ .‬أال وهو العصر‬
‫ُّ‬ ‫العريب فيه َ‬
‫ُّ‬ ‫األدب‬
‫ُ‬ ‫والقراءةَ يف العصر الّذي بلغ‬
‫والاحث أن أييت حبج ٍ فيربهن ّبا ةلى أ ّن األتراك قد كتاوا شيئًا بلغتهم‪ ،‬حّت يف بداب ِ‬ ‫ِ‬ ‫أحد من ِ‬
‫أهل العلم‬ ‫يف وس ِع ٍ‬
‫ّ‬ ‫ّ ُ َ‬
‫مدو ٌن كما يزةمون ؟!‬ ‫بغض الشّظ ِر ةن ِ‬
‫سالف ّأايمهم‪ ،‬إن كان هلم اتري ٌخ َّ‬ ‫اإلسالم‪ِّ ،‬‬
‫َ‬ ‫ّأايمهم الّيت اةتشقوا فيها‬

‫أسااّبا من ور ِاء‬
‫نتحرى َ‬ ‫ُّكيِ‪ ،‬الب ّد أن ّ‬ ‫َّت ةلى اللُّغَ ِ ال َْع َربِيَّ ِ ةلى مدى ةص ٍر ٍ‬
‫كامل يف الوطن الرت ّ‬ ‫احلرب الّيت ُشش ْ‬
‫َ‬ ‫إ ّن‬
‫ألول‬‫يدونوا ّ‬ ‫يقودان إىل أ ّن األتراك ال أجبديّ َ هلم أصالً‪ ،‬وأهنّم إ َّّنا استباةوا أن ِّ‬
‫اهلام؛ هذا الواقع الّذي ُ‬ ‫هذا الواقع ِّ‬
‫القاموس‬ ‫ألف ٍ‬
‫ةام‪ .‬وال يزال‬ ‫امليالد؛ ولكشّهم استعملوا األجبدي َ العربي َ أكثر من ِ‬ ‫ِ‬ ‫األو ِل من‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫مرة بلغتهم بعد األلف ّ‬
‫تقل ةن‬ ‫ِ‬ ‫أبلفاظ ةربيّ ٍ‪ .‬فإ ّن الكلمات الّيت ال يزال‬ ‫ٍ‬ ‫ُّ‬
‫حّت اليوم‪ ،‬ال ُّ‬ ‫يضمها ّ‬ ‫كي ُ‬ ‫الرت ُّ‬
‫القاموس ّ‬
‫ُ‬ ‫حمروا‬
‫املعاصر ًّ‬
‫ُ‬ ‫كي‬
‫الرت ُّ‬
‫العريب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫آالف كلم ٍ‪ّ .‬أما‬ ‫مخس ِ ِ‬
‫ظر يف اتريخ األدب ِّ‬ ‫العرب‪ ،‬فإ ّهنم يكتاون ويقرؤون مشذ ّأايم اجلاهلي ‪ .‬إ ّن من ُميع ُن الشّ َ‬
‫ُ‬
‫ف أو‬ ‫ألديب أو شاة ٍر أو مؤلِّ ٍ‬
‫ٍ‬ ‫حّت امسًا واح ًدا‬ ‫ِ‬
‫اإلسالم وبعده‪ .‬فال نكاد جند ّ‬ ‫األدب قال‬ ‫ِ‬ ‫جيد ّأاي ًما ُمر ِرق ً هلذا‬
‫القيس‪ ،‬والشّابغ الذبياينّ‪ ،‬وزهري بن أيب سلمى‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫كي ةرب العصور الّيت ةاش فيها امرؤ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫الرت ِّ‬
‫األدب ّ‬ ‫خبيب ناغ يف‬
‫ّاءي‪،‬‬
‫واألةرى‪ ،‬وةشرتة بن ش ّداد‪ ،‬وطرف بن العاد‪ ،‬وةمرو بن كلثوم‪ ،‬واحلارث بن احللزة‪ ،‬ولايد بن ربيع ‪ ،‬وحامت الب ّ‬
‫وأمي بن أيب صلت‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫ابلعلم واملعرف ِ يف‬
‫ةما إذا كانت لألتراك ةالق ٌ ِ‬ ‫دليل يربهن ّ‬‫ابحث أو ةاَلٌ ابلتّاريخ يقف ةلى أدىن ٍ‬ ‫ٌ‬ ‫نعم ال يكاد‬
‫ِ‬ ‫ض ِّي ُحقا ٍ ةلى هذا‬ ‫لإلسالم وم ِ‬ ‫ِ‬
‫احلدث؛‬ ‫ِ ُ‬ ‫وحّت بعد اةتشاقهم‬ ‫العريب؛ بل ّ‬ ‫ّ‬
‫ِ‬
‫األدب‬ ‫هؤالء املرهورين يف اتريخ‬ ‫ةصر‬
‫دو َن‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫لإلسالم‪ .‬أل ّن ّأو َل َم ْن ّ‬ ‫األو َل بداي َ اةتشاقهم‬ ‫اهلجري ّ‬
‫َّ‬ ‫ةاما‪ ،‬إذا اةتربان القر َن‬
‫تقل ةن ثالمثائ ومخسني ً‬ ‫وهي ال ُّ‬
‫كتااب بعشوان (كواتدجو بيليج) ةام ‪ 7609‬من امليالد‪ .‬أي بعد‬ ‫ّف ً‬ ‫الرتكي هو يوسف احلاجب‪ .‬أل َ‬ ‫كتااب ابللّغ ّ‬
‫مشهم ً‬
‫آخر مشهم امسه حممود الكرغاري؛ ألّف‬ ‫ٍ‬
‫رجل ُ‬ ‫ةاما ةلى إسالم البليع األوىل مشهم‪ .‬مثّ برز ٌ‬ ‫ضي ثالمثائ ومخسني ً‬ ‫ُم ِّ‬
‫املسمى (ديوا ُن لغ‬
‫ّ‬ ‫معتم ًدا ةلى اللُّغَ ِ ال َْع َربِيَّ ِ‪ .‬وهو الكتاب‬
‫ِ‬ ‫الرتكي‬
‫كت ًااب ةام ‪ 7611‬من امليالد‪ ،‬أ ََلَّ فيه ابللّغ ّ‬
‫اليوم أح ًدا يفهم شيئًا من مضمون هذين الكتابني إالّ‬ ‫ُّكي َ‬
‫جدا أنّشا ال جند يف اجملتمع الرت ِّ‬ ‫الرتك)‪ .‬إالّ أنّه من الغريب ًّ‬
‫ُّ‬
‫ةلم هلم ّبذين العملني وال مبن ألّفهما‪.‬‬ ‫وماليني األتراك املعاصرون ال َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫االختصاص‪ .‬بل‬ ‫ةددا قليالً من أهل‬
‫ً‬

‫كي وح ِظِّه‬
‫الرت ِّ‬
‫نتعرف ّبا ةلى مدى القاةدة التّارُيي لثقاف الرعب ّ‬
‫فحساشا هذا القدر اليسري من مجل احلقائق أن ّ‬
‫من العلم واملعرف ِ‪.‬‬

‫الرتكي وحنن بصدد اللُّغَ ِ ال َْع َربِيَّ ِ‪ .‬نعم‪ ،‬ملاذا نتح ّدث ةن اتريخ‬ ‫رمبا تتساءلون يف أنفسكم ةن مدى ةالقتشا ابللّغ ّ‬
‫ونتعجب من أ ّن األتراك ّأم ٌ ال أجبديّ َ هلا‪ ،‬وأهنّم متأ ِّخرون يف جمال التّدوين والتّ ِ‬
‫أليف؟ ملاذا نتااحث ةن‬ ‫ّ‬ ‫الرتكي ‪،‬‬
‫اللّغ ّ‬
‫نتاىن تعليل مراكل اللُّغَ ِ ال َْع َربِيَّ ِ؟‬
‫هذه األشياء يف احلني الّذي َّ‬

‫إثاات ظاهرةٍ يف طايع ِ هذا الرغب‪ ،‬وما نرأ‬


‫الرتكي ِ استدالالً ّبما ةلى ِ‬
‫األم ّ ّ‬‫هامني يف اتريخ ّ‬‫ذكران آن ًفا حدثني ّ‬
‫إ َّّنا ْ‬
‫للرجل‬ ‫ِ‬ ‫حّت اليوم‪ .‬وةلى ر ِ‬ ‫ات ةرب ِ‬‫مشها من سلاي ٍ‬
‫السلايّات كراهيتهم ّ‬
‫أس هذه ّ‬ ‫اإلسالمي ّ‬
‫ِّ‬ ‫حياهتم مشذ اةتشاقهم لل ّدين‬ ‫ّ‬
‫كأهنم جالوا ةليها حّت جعلَْتهم‬
‫مسلما‪ .‬تلك الظاهرة هي الروح العسكري الراسخ فيهم ّ‬ ‫ً‬ ‫األجشب وإن كان‬
‫ِّ‬
‫صشعهم‪.‬‬ ‫يستخ ّفون ِّ‬
‫بكل َم ْن ليس من بين جلدهتم‪ ،‬وما ليس من ُ‬

‫ِ‬
‫الشراط يف‬ ‫املوقف هو الّذي ثاّبهم ةن‬
‫َ‬ ‫ومن هذه السلايات‪ ،‬موقفهم املتهاون من مفهوم العلم واملعرف ‪ .‬فإ ّن هذا‬
‫ُّ‬
‫يستخف ّبم‪.‬‬ ‫والغرب‬ ‫ِ‬
‫الغرب‪،‬‬ ‫ِ‬
‫االنتماء إىل‬ ‫حّت أصاحوا اليوم حيرصون ةلى‬
‫ُ‬ ‫ين ةرب اترُيهم ّ‬
‫العلمي والتّ ْق ِّ‬
‫ِّ‬ ‫اجملال‬

‫ضرةِ‪ ،‬ظشّوا أ ّن ذلك من ِ‬


‫نتائج‬ ‫ابلفرل يف السااق مع األمم املتح ّ‬ ‫ِ‬ ‫وضوح أ ّن األتراك‪ ،‬ملّا اصبدموا‬
‫ٍ‬ ‫وبكل‬
‫ّ‬ ‫يادو‬
‫هؤالء‪ ،‬وال‬ ‫اهلروب من ساحتِ ِه متاما‪ ،‬أصاحوا مذبذبني بني ذلك‪ ،‬ال إىل ِ‬ ‫ِ‬ ‫احلل يف‬
‫فلما َل جيدوا َّ‬ ‫ِ‬
‫ً‬ ‫اإلسالم‪ّ .‬‬ ‫انتمائهم إىل‬
‫للعرب وللّغ ِ العربي ِ ليس إالّ نتيج ً هلذا التذب ُذ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أخريا ةلى‬ ‫أحسوا ً‬ ‫والرتنُّح‪ .‬أل ّهنم قد ّ‬
‫ب ّ‬ ‫هؤالء‪ .‬فإ ّن كراهيّتهم‬ ‫إىل‬
‫فر ٍاغ كا ٍري يف ثقافتهم‪ ،‬وقد ةلموا ابلتّأكيد‪ ،‬أ ّن املراكل اليت تتعرض هلا لغتُهم‪ ،‬إ َّّنا هي من نتائج أتثري اللُّغَ ِ الْعربِيَّ ِ‬
‫ََ‬ ‫ّ ُ‬
‫ِِ‬
‫كي‬
‫الرت ِّ‬ ‫السشني‪ .‬أل ّن الكلمات العربي املوجودة يف القاموس ّ‬ ‫فيها؛ وهم حياولون تصفيتَها من َم َعامج ِه ْم مشذ ةررات ّ‬

‫‪23‬‬
‫مبقومات لغ ٍ قومي ٍ ميكن‬
‫يبمئن أب ّن لغتَه خالص ٌ تتميّز ّ‬
‫ُّ‬ ‫كي‬
‫أضفت ةلى هذا اللّغ صاغ ً ال يكاد اإلنسان الرت ُّ‬
‫ْ‬ ‫قد‬
‫االستدالل ّبا ةلى استقالل الثقاف الرتكي ِ‪.‬‬
‫ُ‬

‫ولكن هذه الكراهيّ تُاديها‬


‫ّ‬ ‫العرب واللّغ َ العربيّ َ‪.‬‬
‫َ‬ ‫كي أبمجعه يكره‬
‫يف احلقيق ال جيوز القول أب ّن الرعب الرت َّ‬
‫كل مشاسا ِ حّت ال يتخذ‬‫خاص ً يف ّ‬‫احلكومات الرتكيّ ُ واملؤيّدون هلا فحسب‪ .‬جيب التأكيد ةلى هذا الواقع ّ‬
‫ُ‬
‫املغرضون يف الاالد العربيّ هذه املركل ذريع لفتش قد يريدون إاثرهتا بني صفوف املسلمني من البرفني! ألن‬
‫أبشاء العصايّ من البرفني هم الّذين يقومون دائما‬
‫ولكن َ‬‫والعريب ال مركل بيشهما‪ّ .‬‬
‫ِّ‬ ‫كي‬
‫املسلمني من الرعب الرت ّ‬
‫املراكل‪ ،‬ليوقعوا املسلمني بعضهم يف ٍ‬
‫بعض‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫إباثرة‬

‫فسشاذل‬
‫ُ‬ ‫يدخل بيششا وبني لغ ِ القرآن ٌ‬
‫حاجز‪.‬‬ ‫َ‬ ‫السلايات‪ ،‬ولن‬ ‫كي فلن تُرهاشا هذه ّ‬ ‫ّأما حنن أبشاء اإلسالم يف الوطن الرت ِّ‬
‫نفوسشا؛ نعرتف‬ ‫جهودان دائما لش زداد حظًّا من املعرف ِ ّبذه اللّغ ال ّ ِ‬
‫ترربتها قلوبُشا‪ ،‬واراتحت ّبا ُ‬
‫رريف وأسرارها‪ .‬فقد ّ‬ ‫ً‬
‫ُّ‬ ‫ِ‬
‫بت هديَهُ إىل ةقولشا‪،‬‬‫بكل اةتزا ٍز‪ ،‬أ ّن اللغَ َ ال َْع َربِيَّ َ هي اليت أمسع ْتشا رنني املعجزات القرآني ‪ّ ،‬‬
‫وقر ْ‬ ‫وبكل فخ ٍر‪ ،‬ونُعل ُن ِّ‬
‫ِّ‬
‫الرابني ِ‪.‬‬
‫فهي املفتاح الوحيد ألبواب فيوضاته ّ‬

‫أي لغ ٍ من اللغات اإلنساني ِ‬ ‫كاريا بيشهما‪ .‬وأت ّكدان من أ ّن َّ‬ ‫قاران هذه اللّغ مع كث ٍري من اللغات‪ ،‬فوجدان ً‬
‫ّ‬ ‫بوان ً‬ ‫ولقد ّ‬
‫سا ٌن َة َرِ ٌّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مهما كانت غشي ً وقوي ً‪ ،‬لن تستوةب كالم هللا إالّ اللُّغَ َ الْعربِيَّ َ»لِسا ُن ال ِ ِ‬
‫يب‬ ‫دونَهُ أَ ْة َجم ٌّي‪َ ،‬و َه َذا ل َ‬
‫ّذي يُلْح ُ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫ّ ّ‬
‫ُم ِ ٌ‬
‫اني«‬

‫ّذين يريدون أن‬ ‫هذا وال يشاغي أن نستهني بتلك العقلي ِ املتخلِّف ِ اليت هي يف احلقيق ِ ةقا ٌ كاريةٌ أمام ِ ِ‬
‫شااب بالدان ال َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫األجماد‬ ‫القرآن‪ ،‬وهم أصالً خملصو َن يف ني ِاهتم‪ ،‬ولكشّهم سرةان ما يقعون يف شاك الصوفي ِ وةادةِ‬‫ِ‬ ‫يتعلّموا لغ َ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والتّاريخ‪.‬‬

‫أيها الرااب األفاضل!‬

‫وء ةلى سايلِكم‪ ،‬وها‬ ‫ض َ‬


‫فألقيت ال ّ‬
‫ُ‬ ‫إ ّن هللا قد أنقذكم من هذا اخلب ِر وأراكم اآلي الكربى‪ ،‬فس ّخرين يف خدمتكم‪،‬‬
‫السايل الوحيد‬ ‫املتني‪ ،‬وقد اقتشعتم أب ّن هذا هو‬ ‫ت إليكم البّريق ُ ِ‬
‫اليوم قد ُحاِّاَ ْ‬
‫ُ‬ ‫العلمي ُ‬
‫ُّ‬ ‫واألسلوب‬
‫ُ‬ ‫املااشرةُ‪،‬‬ ‫أراكم َ‬
‫بعض اخوتِشا من وصف اللُّغَ ِ ال َْع َربِيَّ ِ إبطالق‬
‫يرمئز ُ‬
‫ُّ‬ ‫جاح يف تدريس اللّغ األجشاي ِ‪ .‬ورمبا‬ ‫ِ‬
‫للبالب الشّ َ‬ ‫يكفل‬
‫ُ‬ ‫الّذي‬
‫اسم األجشاي ةليها – ابةتاار أهنّا لغ القرآن‪ ،‬وأ ّهنا لغ املسلمني فيما بيشهم مهما اختلفت لغاهتم احمللي ُ وأوطاهنم‪-‬‬
‫أصحاب هذا‬
‫َ‬ ‫فإين ألةاّ ُر ّبذه املشاسا ِ ةن ابلغ سروري مبثل هذا املوقف األصيل واالنتماء اجلميل‪ ،‬كما أشكر‬ ‫؛ ّ‬

‫‪24‬‬
‫اضبررت أن اجعل اللُّغَ َ ال َْع َربِيَّ َ يف‬
‫ُ‬ ‫لعل اةتذاري يقع مشهم موقع القاول إذا‬
‫ب واملوقف الشايل‪َّ ،‬‬ ‫الرعوِر البّيّ ِ‬
‫ةداد اللّغات األجشاي ابلّشسا ملن جيهلها فحسب من أبشاء املسلمني‪ .‬ةسى هللا ساحانه وتعاىل أن حي ّق َق آماهلَم‬
‫حممد صلّى هللا ةليه وسلّم‪.‬‬ ‫فيسهل ألبشاء أمتشا سايل اإلتقان هلذه اللّغ الرريف ِ ويرشدان بذلك مجيعا إىل هدي ٍ‬
‫ً‬ ‫َّ‬

‫ّأما أنتم اي إخويت!‬

‫فإايكم أن ترتاجعوا يف هذه املعرك املاارك ِ فتولّوا األدابر وتشسحاوا‪ ...‬بل واصلوا جهادكم‪ ،‬وقاوموا أسلوب ِ‬
‫أبشاء‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫الرتكي ِ إىل اللُّغَ ِ ال َْع َربِيَّ ِ وليس‬ ‫ِ‬
‫احلائط‪ ،‬وكثّفوا جهو َدكم بتمريشات الرتمج ِ من اللّغ ّ‬ ‫ب‪ ،‬واضربوه بوجه‬ ‫والتعص ِ‬ ‫ِ‬
‫اجلهل‬
‫ّ‬
‫االختصاص) ُمتِ ُ‬
‫يت املعرف َ‬ ‫ِ‬ ‫ابلعكس‪ ،‬إالّ ما اضبررمت‪ .‬فإ ّن الرتامج َ من اللّغ األجشاي ِ إىل اللّغ احمللي ِ (لغري أهل‬
‫استخدامها يف التعاري‪.‬‬
‫َ‬ ‫ابألوىل‪ ،‬وتُِع ُ‬
‫يق‬ ‫ُ‬

‫الرتكي ِ إىل اللُّغَ ِ ال َْع َربِيَّ ِ‪ ،‬واحلضوِر مع من يتقشها‪ ،‬واالستفادةِ من أهلِها؛ فإنّكم‬
‫الرتمج ِ من اللّغ ّ‬
‫وهلذا ةليكم مبالزم ّ‬
‫سريوا ةلى برك هللا!‬ ‫ِ‬
‫املستقيم‪ُ .‬‬ ‫ط‬‫ةلى اخل ِّ‬

‫األةزاء!‬
‫إخويت ّ‬

‫احلقيقيِ‪،‬‬
‫ّ‬ ‫لقد كان يتوافد ةد ٌد كاريٌ من شاابِشا إىل الاالد العربي ِ مشذ سشني‪ ،‬بُغي َ أن يتل ّق ْوا هذه اللّغ من مصد ِرها‬
‫توافق ةلى‬
‫َ‬ ‫الاالد العربي َ أبن ال‬
‫َ‬ ‫الرتكي َ السابق َ أنذرت‬
‫ولكن احلكوم َ ّ‬ ‫ِ‬
‫اإلتقان‪.‬‬ ‫تقشوهنا َّ‬
‫حق‬ ‫ومن أفواه الّذين يُ َ‬
‫ّ‬
‫كل من درس‬ ‫ودارت ال ّدائرةُ ةلى ِّ‬
‫ْ‬ ‫ت بعد ذلك‬ ‫ت ما حصلَ ْ‬ ‫طلاِهم‪ ،‬وأن ال متَُ ِّكشَ ُه ْم من اإلقام ِ ةلى أرضها‪ .‬فحصلَ ْ‬
‫ت شهاداتُ ُه ْم‪ ،‬وأصاحوا يُ َع ُّدو َن من اجلهل ِ‪ ،‬كما ال يكاد ُّ‬
‫يعتد ّبم‬ ‫حّت أُلْغيَ ْ‬
‫السشني؛ ّ‬
‫ِ‬
‫يف الاالد العربيّ مشذ ةررات ّ‬
‫أح ٌد يف هذه اآلون األخريةِ‪.‬‬

‫العمل؛ ليظهر‬ ‫أبشاء تركيا ةن ساحات ِ‬ ‫أسفرت ةن هذه السياس املاكرةِ نتائج خبريةٌ‪ ،‬أمهها ةزل العدد الكاري من ِ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫غري أهل الكفاءةِ‪ ،‬وأ ّهنم ةال ٌ ةلى اجملتم ِع‪ .‬أل ّن غالاَهم بعد أن اُقيلواُ ةن‬ ‫ِ‬
‫للاسباء َّ‬
‫واملغفلني من الشّ ِ‬
‫اس أ ّهنم ُ‬ ‫بذلك‬
‫الصدق ِ من‬ ‫الظروف ةلى الابال ِ أو ةلى ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قاول ّ‬ ‫ُ‬ ‫ةمل‪ْ ،‬‬
‫أجربهتم‬ ‫أي ٍ‬ ‫أةماهلم ابإلضاف إىل الّذين َل حيصلوا أصالً ةلى ِّ‬
‫تشال من كرام ِ‬ ‫هدف من أهدافِها‪ .‬أل ّهنا استباةت أن َ‬ ‫قت بذلك أكرب ٍ‬ ‫الشاس‪ .‬وهذا ما كانت احلكوم ُ تري ُدهُ؛ فح ّق ْ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫تكف بذلك من استشكا ِر أهل اإلميان يف هذا الالد‪ .‬زد ةلى ذلك أ ّن احلكوم َ‬ ‫ِ‬
‫اإلسالم ببر ٍيق غ ِري مااش ٍر‪ ،‬وأن َّ‬
‫الاالد العربيّ ِ‪ .‬فما كاد أح ٌد مشهم يُظْ ِه ُر اجلُْرأةَ‬
‫الرااب الّذين كانوا ةلى استعداد لل ِّدراس ِ يف ِ‬ ‫ِ‬ ‫أرهات ةيو َن الاقيّ ِ من‬
‫ْ‬
‫واجلوع‪.‬‬
‫ِ‬ ‫بعد ذلك وي ْق ِدم ةلى هذا اخلب ِر الّذي يه ِّد ُدهم ابلابال ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ ُ‬

‫‪25‬‬
‫فوف‪ ،‬حبكم طايعتهم الواهي ِ ومعذرهتم الرخيص ِ‪.‬‬ ‫اجلوع سيشسحاون ال غراب َ من هذه الص ِ‬ ‫إ ّن الّذين ُيافون من ِ‬
‫ّ‬
‫ماء‪ ،‬ويستعدون ٍ‬
‫ليوم يهزم هللا فيه‬ ‫ولكن الّذين يؤمشون ابلعالق القوي ِ املوجودةِ بني هذه اللّغ وبني رسال ِ الس ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫حّت يتح ّق َق‬
‫لم والقمع ّ‬
‫ِ‬
‫االضبهاد والغد ِر والظُّ ِ‬ ‫ِ‬
‫أشكال‬ ‫اب‪ ،‬سوف يصربون ةلى مرارةِ احلياةِ وسيقاومون َّ‬
‫كل‬ ‫األحز َ‬
‫نصر هللا للصابرين»وما الشَّصر إِالَّ ِمن ِة ْش ِد ِ‬
‫هللا‪ ،‬إ ّن هللاَ َةزيٌِز َحكيِ ٌم«‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫ََ ُْ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬

‫واإلميان واألخالق‪...‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫واإلرشاد‬ ‫ِ‬
‫والاحث والتّالي ِغ‬ ‫رااب! أن تثاتوا يف معرك العلم‬ ‫وّبذه املشاسا ِ أنصحكم أيّها ال ّ‬
‫والسعادةَ‬ ‫ب اهلداي َ واحلياةَ ّ‬ ‫سالح يَ َه ُ‬
‫ٌ‬ ‫أتثريا من القشابل ال ّذريِّ‪.‬‬
‫سالح‪ ،‬وأش ّد ً‬
‫ٍ‬ ‫وخري‬
‫سالح‪ُ ،‬‬ ‫ٍ‬ ‫العلم أكرب‬
‫واةلموا أ ّن َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أنفسكم‬ ‫جه ُزوا َ‬ ‫سالح األناياء املصبفني األخيار‪ِّ .‬‬ ‫ُ‬ ‫العلم‬ ‫ألبشاء الار ِر‪ّ .‬أما بقيّ ُ األسلح فإ ّهنا قامع ٌ مايدةُ ّ‬
‫ومدمرةٌ‪ُ .‬‬
‫الوقت ذاته ةن ةالق اللُّغَ ِ الْعربِيَّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫لسمع ٍ‪ ،‬وال تغفلوا يف‬ ‫ٍ‬ ‫السالح املق ّد ِ‬
‫ََ‬ ‫س وانرروا رايتَهُ ليس ملصلح وال ُ‬ ‫ِ‬ ‫ّبذا‬
‫حكيم‪.‬‬ ‫هللا هي العليا وهللا ةز ٌيز‬ ‫هللا ولتكون كلم ُ ِ‬ ‫العلم لشرر دين ِ‬
‫ابلقرآن والعلم واهلداي ِ‪ ...‬أنرروا راي َ ِ‬
‫ِ‬
‫ٌ‬

‫أيها الرااب!‬
‫اإلمهال يف هذا اجلانب من ةلوم العربي يف ِ‬
‫بالدان‬ ‫ُ‬ ‫ةليكم بكسب املهارةِ يف الاالغ ِ والفصاح ِ والايان‪ .‬لقد بلغ‬
‫بق أبدىن ٍ‬
‫شيء من‬ ‫قادرا ةلى الشّ ِ‬
‫شخصا واح ًدا – ممّن ي ّدةي أنّه درس العربي َ ‪ -‬ال جنده ً‬
‫ً‬ ‫حّت أنّشا ال نكاد جند ولو‬
‫ّ‬
‫لرعب له صل ٌ بكتاب ِ‬
‫هللا العزيز الذي هو حبر الفصاح ِ ويشاوع الاالغ‬ ‫ٍ‬ ‫يعد من العا ِر‬ ‫أسلوب أهل ِ‬
‫العلم‪ .‬وهذا ُّ‬ ‫ِ‬
‫والايان‬

‫ِ‬
‫ابلكسب‪ .‬وقد حيظى مشها جامد البّا ِع‬ ‫وتتبوُر‬
‫ّ‬ ‫فتزداد‬
‫ُ‬ ‫طاعا‪،‬‬
‫إ ّن الاالغ َ يف احلقيق هي موها ٌ يتميّز اإلنسا ُن ّبا ً‬
‫اإلكثار‬
‫ُ‬ ‫خاص ً‬ ‫ِ‬
‫املشبق‪ّ ،‬‬ ‫رعر ِاء؛ ألنّه من أسااب إصالح‬ ‫ِ‬
‫األدابء ودواوين ال ّ‬ ‫بكثرةِ املمارس ِ واإلكثا ِر من قراءةِ ُكتُ ِ‬
‫ب‬
‫اإلنسان‪ .‬فقد ورد يف قاموس املشجد لألب لويس معلوف اليسوةي يف ترمج‬‫ِ‬ ‫من تالوة القرآن الكرمي يزيد من بالغ ِ‬
‫مسيحي بتالوة‬
‫ٌّ‬ ‫رجل‬
‫يهتم ٌ‬
‫جدا أن ّ‬ ‫الريخ إبراهيم اليازجيي أنّه حفظ القرآ َن (مع أنّه كان مسيحيًّا)‪ .‬ومن الغريب ًّ‬
‫ريخ‬ ‫هللا‪ .‬فلم يكن ال ّ‬‫حفظ ِه يف احلني الّذي ال يؤمن به أنّه وحي من ةشد ِ‬ ‫ف نفسه ةشاء ِ‬ ‫ِ‬
‫ٌ‬ ‫القرآن‪ ،‬فضالً ةن أن يُكلّ َ َ ُ َ‬
‫ِ‬
‫القرآن‬ ‫ويفتدي أبحلى أاي ِم ِه يف حفظ القرآن الكرمي إالّ ألنّه ِ‬
‫ةل َم وأت ّك َد من أ ّن تالوة‬ ‫إبراهيم اليازجيي ليجمع مهَّهُ ِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫زو ُدهُ أبغلى ثروات العلم واملعرف ِ والاالغ ‪ .‬أل ّن حفظ القرآن ليس من األمور السهل ِ‪ .‬بل ال يصرب‬ ‫وحفظَهُ سوف يُ ّ‬
‫مدد ّأميا ٍ‬ ‫وح َج ِج ِه‬ ‫ِ ِِ‬
‫مدد ملن يستشج ُد‬ ‫ِ‬
‫واالقتااس مشه ُ‬ ‫ولكن القرآ َن‪ ،‬يف أدلَّته ُ‬
‫حّت املسلمون إالّ قلّ ً مشهم‪َ .‬‬
‫ةلى حفظه ّ‬
‫به‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫كان طلا العلم قال الشّهض األدبي ِ احلديث ِ يراتدون احللقات العلمي اليت تعقد يف ردهات املساجد ٍ‬
‫يومئذ‪ ،‬ةلى‬
‫التخصص مبكشوانت اللُّغَ ِ ال َْع َربِيَّ ِ وآداّبا‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ضهم مواهاه ةلى‬ ‫غرار هذه احللقات اليت نقيمها اليوم‪ ،‬مث يقف بع ُ‬
‫ويتعمق فيها حّت تداين له أسرارها‪ ،‬فيصاح اماماً ومرجعاً مبفرداهتا‪.‬‬

‫نبق ِه إىل كتابتِ ِه‪ .‬قد‬


‫نفس ِه من ِ‬
‫خص ِ‬‫ر ِ‬ ‫شخص إىل آخر‪ ،‬كما ّتتلف يف ال ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ّتتلف الكفاءةُ يف الاالغ ِ والفصاح ِ من‬
‫نبق ِه‬
‫نبق ِه وكتابتِ ِه‪ ،‬وهذا قليل؛ وقد يكون بليغاً يف صياغتِ ِه الكتابي ِ‪ ،‬ولكن ركي ًكا يف ِ‬
‫ٌ‬
‫يكون اإلنسا ُن بليغًا يف ِ‬

‫كالمهُ‬ ‫ِ‬ ‫وأسلوبِ ِه‪ ،‬وهذا كثريٌ‪ .‬أل ّن‬


‫فيتأم ُل ويدقّ ُق فيتم ّكن من اختيار الكلمات املشاسا ‪ ،‬مثّ يصوغُ َ‬
‫الكاتب جيد الفرص َ ّ‬‫َ‬
‫اخلبيب‬ ‫ك‬ ‫سابق‪ .‬وإَّنا ِ‬
‫ميل ُ‬ ‫ٍ‬
‫إةداد ٍ‬ ‫اخلبيب فإنّه ال ميلك الفرص َ إذا كان مرجتالً‪ ،‬أي دون‬ ‫وجترٍد‪ّ .‬أما‬
‫ومته ٍل ُّ‬ ‫ٍ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫أبانة ّ‬
‫فيشس ُجها ةلى أبدع‬ ‫يزاي‪ .‬تشاع احلكم ُ من صدرهِ تلقائياً‪ ،‬يشبق أبروع الكلمات ِ‬ ‫بق غر ًّ‬ ‫ص َق ُع موها َ الشّ ِ‬ ‫ُ ِ‬
‫ّ‬ ‫املقوال امل ْ‬
‫وُيتلف ُّ‬
‫حظ‬ ‫مقسوم‪،‬‬ ‫الفبري‬ ‫فاجلمال‬ ‫مين‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫فبري ال يشالُهُ غريُهُ ابحلسد أو ابالغتااط أو ابلتّ ّ‬ ‫ٌّ‬ ‫ظ‬‫مشوال‪ .‬ذلك ح ٌ‬
‫اس فيها كما يتفاوتون يف املال واجلاه‬ ‫شأان‪ ،‬ويتفاوت الشّ ُ‬
‫اس مشه‪ّ .‬أما الاالغ ُ يف اللّسان فإ ّهنا من أةظم املزااي ً‬ ‫الشّ ِ‬
‫ذي ِةل ٍْم َةليِ ٌم"‪.‬‬ ‫"و فَ ْو َق ُك ِّل ِ‬
‫والعلم‪َ ،‬‬

‫وأةزائي‪،‬‬
‫إخويت ّ‬

‫ةلما ومتّعكم بسعادة ال ّدارين آمني‪.‬‬


‫حفظكم هللاُ تعاىل وزادكم ً‬

‫الروابِ ِط‬
‫أج ِّل ّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ابلصل املاارك اليت تربط بيين وبيشكم‪ :‬صل األستاذ بتالميذه‪ .‬تلك من َ‬ ‫أقر ةيين ّ‬ ‫أمحد هللا الّذي ّ‬
‫ني أن‬ ‫ابنتهاء ما يرجو كلٌّ من البّرف ِ‬ ‫ِ‬ ‫جملرد املصاحل الفردي ِ‪ ،‬فيشتهي غالاُها‬ ‫وأقدسها‪ .‬إذ يتعارف كثريٌ من الشّ ِ‬ ‫ِ‬
‫اس ّ‬
‫صلّى هللا ةليه وسلّم‬ ‫صاحاِ ِه‪ .‬ولكن هذه الّيت تربط بيين وبيشكم إ َّّنا هي امتداد ةالق الر ِ‬ ‫ابستغالل ِ‬
‫ِ‬
‫سول َ‬ ‫ّ‬ ‫يتحصلَهُ‬
‫ّ‬
‫ضالً ِمن ِ‬
‫هللا‬ ‫غو َن فَ ْ َ‬‫اه ْم ُرَّك ًعا ُس َّج ًدا يَ ْا تَ ُ‬
‫لى الْ ُك َّفا ِر ُر َمحَاءُ بَ ْي شَ َه ْم تَ َر ُ‬
‫أبصحابه الذين وصفهم هللا تعاىل أب ّهنمْ أَش ّداءُ َة َ‬
‫جو ِد«‪.‬‬
‫الس ُ‬‫جو ِه ِه ْم ِمن أَثَ ِر ُّ‬
‫اه ْم يف ُو ُ‬
‫يم ُ‬
‫وِر ْ ِ‬
‫ض َو ًاان س َ‬ ‫َ‬

‫إخويت‬

‫إ ّن هللا قسم األرزاق بني ِ ِ‬


‫اس ولو‬ ‫ماليني الشّ ِ‬
‫ُ‬ ‫العقول‪ .‬فقد أصابَشا مشها ما ال ميكن أن يشالَهُ‬
‫ُ‬ ‫ةااده حبكمتِ ِه اليت ال تُ ْد ِرُكهُ‬
‫العلم واملعرف واحلكم ِ‪» .‬ومن ي ْؤ َ ِ‬ ‫ض ِ‪ .‬أال وهي نعم‬
‫ت ا ْحل ْك َم َ فَ َق ْد ُأوِيتَ‬ ‫ََ ْ ُ‬ ‫ِ‬ ‫أنفقوا ابلقشاطري املقشبرة من ال ّذهب والف ّ‬
‫رهط من أهل العلم (ذالكم أنتم)‪،‬‬ ‫وإين ألمحده ساحانه ةلى ما زادين فوق ذلك أن رزقين مصاحا َ ٍ‬ ‫ثريا« ّ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َخ ْي ًرا َك ً‬

‫‪27‬‬
‫ضلين بذلك ةلى كث ٍري ممّن‬
‫قال‪ ،‬وف ّ‬ ‫تراركونين فيما آاتين ريب من كشوز املعا ِر ِ‬
‫ف وةلّمين ما َل يُ ْد ِركهُ ةقلي من ذي ٍ‬ ‫ّ‬
‫خلق تفضيالً‪.‬‬

‫تالمذيت األفاضل‪،‬‬

‫أي فرص ٍ‬ ‫أنصح ُك ْم أن تستغل ُّوا َّ‬ ‫الس ِر والعالنيّ ِ‪ ،‬مثّ‬


‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ضا بتقوى هللا تعاىل وطاةته يف ّ‬
‫قال أن أختتم كالمي أوصيكم أي ً‬
‫يوم‪ ،‬فرتتقوا بذلك مدارج الكمال حّت أرا ُك ْم إن‬ ‫يوم قسبًا من املعرف ِ‪ ،‬تزدادون به اطّالةا‪ ،‬يوما بعد ٍ‬
‫لتصياوا كل ٍ‬
‫ً ً‬ ‫ّ‬
‫األم ُ‪ ،‬ويكون لكم اليد البّوىل يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مصاقع الالغاء ونوابغ العلماء‪ ،‬فتستفيد مشكم ّ‬ ‫َ‬ ‫يوما تتسابقون فيه‬
‫شاء هللا تعاىل ً‬
‫وإصالح ما قد أصاّبا من فساد‪ .‬نسأل هللا التوفيق وهو ةلى ما يراء قدير‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫وتوحيد صفوفِها‬
‫ِ‬ ‫مج ِع مشلِها‪،‬‬
‫وابإلجاب جدير‪.‬‬

‫والسالم ةليكم ورمح هللا تعاىل وبركاته‪.‬‬

‫فريد الدين آيدن‬


‫‪Feriduddin AYDIN‬‬

‫‪e-mail: feriduddin@gmail.com‬‬

‫‪28‬‬

You might also like