You are on page 1of 93

[1 [

‫إهداء‬
‫إىل كل أم تسعى إلنشاء جيل على طاعة هللا ليكون ممن قال فيهم رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫وسلم‪« :‬سبعةٌ يظلُّهم هللا ‪ -‬تعاىل ‪ -‬يف ظلِّه‪ ،‬يوم ال َّ‬
‫ظل إال ظلُّه»‪ 1‬وذكر منهم‪ٌّ « :‬‬
‫وشاب نَ َشأَ‬
‫‪2‬‬
‫يف عبادة هللا»‬

‫إىل كل أم ترغب أن تعني أبناؤها على إدراك أن اهلدف احلقيقي من خلق هللا لنا هو عبادته‬
‫اإلنس إَِّّال لِّي عب ُد ِّ‬ ‫سبحانه‪ ،‬لقوله تعاىل‪{ :‬وما خلَ ْقت ِّْ‬
‫ون} [الذارايت‪]56 :‬‬ ‫اْل َّن َو ِّْ َ َ ْ ُ‬ ‫ََ َ ُ‬
‫أهديك أيتها األم هذه النسخة األولية من الدليل اإلرشادي سائلة املوىل أن يكون نعم العون ِّ‬
‫لك‬ ‫ِّ‬
‫وهي تتكون من حوايل ‪ 80‬صفحة‪ ،‬وميكنك حتميل نسخه منه من موقع األلوكة‪ ،‬أو موقع طريق‬
‫اإلسالم‪ ،‬أو موقع صيد الفوائد‪.‬‬

‫وبعون هللا أعمل حاليا على حتضري نسخة أكثر تفصيال هلذا الكتاب ويشتمل على بعض‬
‫امللحقات مثل وجود فصل كامل ابملشاكل اليت تواجه اآلابء واألمهات يف تربية األبناء على شرع‬
‫هللا وكذلك مناهج السرية واحلديث والتفسري وغريها إبسلوب سهل ومبسط مما يعينك يف تطبيق‬
‫هذا الدليل اإلرشادي‪.‬‬

‫‪ 1‬رواه البخاري (‪)1357‬‬


‫‪ 2‬املصدر السابق‬
‫[ ‪[2‬‬
‫شكر وتقدير‬
‫• هلل عز وجل‪ ...‬والذي مهما شكرته ومحدته على نعمه وفضله الكبري علي‪ ،‬ما استطعت أن‬
‫أوفيه حقه‪ ،‬ومنها توفيقي لكتابة هذا الكتاب ليخرج بتلك الصورة‪.‬‬
‫• ألبنائي‪ ...‬من كانوا سببا يف البحث والكتابة يف هذا املوضوع‪.‬‬
‫• لزوجي ورفيق دريب‪ ...‬على كل ما علمين إايه يف ديين ودنياي‪ ،‬وعلى وقوفه جبواري‪.‬‬
‫• لوالدي احلبيبان‪ ...‬لكل ما قدموه يل‪.‬‬
‫• لكل من اطلع على الكتاب قبل نشره وساعدين بنقد أو تعليق أو ملحوظة أو إضافة‬
‫لالرتقاء مبضمونه‪.‬‬
‫لكل أخت تركت بصمة يف حيايت وكان هلا أثرها يف كتايب هذا‪.‬‬ ‫•‬

‫[ ‪[3‬‬
‫املقدمة‬
‫إن احلمد هلل‪ ،‬حنمده‪ ،‬ونستعينه‪ ،‬ونستغفره‪ ،‬ونعوذ ابهلل من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا‪ ،‬من‬
‫يَهده هللا فال مضل له‪ ،‬ومن يضلل فال هادي له‪ ،‬وأشهد أن ال إله إال هللا وحده ال شريك له‪،‬‬
‫حممدا عبده ورسوله‪.‬‬
‫وأشهد أن ً‬
‫أما بعد‪:‬‬

‫إن لألم دور عظيم وأمهية كربى يف تربية األبناء‪ ،‬وقد كرمها هللا عز وجل بتلك املسئولية وهيأ هلا‬
‫األسباب املعينة على ذلك أبن يسر هلا قرهبا من طفلها‪:‬‬

‫‪ -‬ففي فرتة احلمل تعترب األم هي مصدر األمن واألمان والغذاء للجنني‪.‬‬
‫‪ -‬مث بعد والدته تكون مصدر رئيسي للحنان واالحتواء واملعرفة يف العامل احمليط ابلرضيع‪.‬‬
‫‪ -‬وبعد الفطام‪ ،‬يبدأ الطفل يف التطلع ملصادر أخرى فتبدأ األم التحدي احلقيقي للمحافظة‬
‫على قرهبا من طفلها واالحتفاظ بدورها يف تربيته وتوجيهه ببذل مزيد من اْلهد يف تعليم‬
‫طفلها واحتوائه مقتدية هبدي النيب صلى هللا عليه وسلم وصحابته رضوان هللا عليهم أمجعني‬
‫يف التعامل مع األطفال‪.‬‬
‫‪ -‬ومع دخوله املدرسة واختالطه ابجملتمع يزداد التحدي أكثر وأكثر‪.‬‬

‫لذلك وجب على كل أم أن تتعرف على الوسائل الرتبوية املناسبة لتعليم وتوجيه كل مرحلة عمرية‪ ،‬ال‬
‫سيما فيما خيص كيفية تعريفهم ابهلل عز وجل وأمساؤه وصفاته وكيفية تعليمهم أمور دينهم‪.‬‬

‫فالرتبية أشبه ابلبذرة اليت نقوم بغرسها يف األرض‪ ،‬واليت حتتاج ملن يتعاهدها ابلرعاية والسقيا على‬
‫مدار األايم والشهور والسنوات لتصبح شجرة ايفعة ذات مثار طيبة‪.‬‬

‫لذلك فكرت بتأليف هذا الكتاب وهو نتاج سلسلة مقاالت كنت نشرهتا سابقا مبوقع األلوكة حتت‬
‫عنوان "رفقا بعقيديت اي أمي" (دليل إرشادي لتعليم طفلك اإلميان يف املراحل العمرية املختلفة)‪ ،‬ونظرا‬

‫[ ‪[4‬‬
‫مت‬
‫لالقبال الطيب على السلسلة واملطالبة مبزيد من االستفاضة والشرح للعناصر املختلفة له‪ ،‬فقد قُ ُ‬
‫ابلتوسع يف الشرح هلا وإعادة صياغة بعض فقراهتا وإضافة املزيد من العناصر إليها‪.‬‬

‫وقد راعيت بساطة اإلسلوب قدر املستطاع ليناسب مجيع األمهات من خمتلف الثقافات‪ ،‬كما‬
‫دعمتُها أبكرب قدر من األمثلة من حياة الصحابة والسلف وكذلك أمثلة من جتارب األخوات‬ ‫َّ‬
‫املعاصرات ليكون أكثر واقعية‪ .‬وركزت فيه على املرحلة العمرية من احلمل إىل البلوغ‪.‬‬

‫وأسأله سبحانه أن أكون ٌوفقت فيه وأن يكون حجة يل ال علي يوم ألقاه‪.‬‬

‫وأسأله سبحانه أن يكون عملي هذا كله صاحلا ولوجهه الكرمي خالصا وأال جيعل ألحد فيه شيئا وأن‬
‫يتقبله مين قبوال حسنا‪.‬‬

‫وآخر دعواان ان احلمد هلل رب العاملني‬

‫كتبته‬
‫أم عبد الرمحن سوزان بنت مصطفى خبيت‬
‫ذو احلج ‪ – 1437‬سبتمرب ‪2016‬‬
‫‪s.m.bekhit@hotmail.com‬‬

‫[ ‪[5‬‬
‫من هنا نبدأ‬

‫‪ ‬مشاهد واقعية‪.‬‬
‫‪ ‬مهسات‪.‬‬
‫‪ ‬حق االبن على الوالدين‪.‬‬
‫‪ ‬أمهية أتصيل العقيدة يف األبناء‪.‬‬
‫‪ ‬أطفال تربوا على اإلميان وصاروا عظماء‪.‬‬
‫‪ ‬االحتساب يف تربية األبناء‪.‬‬
‫‪ ‬مراحل غرس اإلميان يف قلب طفلك؟‬
‫‪ ‬كيف تستفيدين من هذا الدليل؟‬

‫[ ‪[6‬‬
‫من هنا نبدأ‬
‫مشاهد واقعية‪:‬‬

‫(‪)1‬‬

‫كثريا عن اإلسالم‪ ،‬وكان‬


‫ذهبت عائشةُ إىل العمل‪ ،‬وقابلت زميلتها النصرانية اليت صارت مؤخرا تسأهلا ً‬
‫من ضمن األسئلة هذه املرة‪ :‬إ ًذا عيسى ليس ابن هللا؟‬

‫فأجابت عائشة مبتسمة‪ :‬نعم‪ ،‬ليس ابن هللا‪.‬‬


‫السماو ِّ‬
‫ات َوَما ِّيف‬ ‫ِّ‬ ‫يقول هللا تعاىل يف كتابه احمل َكم‪{ :‬قَالُوا َّاَّتَ َذ َّ‬
‫اَّللُ َولَ ًدا ُسْب َحانَهُ ُه َو الْغَِّ ُّ‬
‫ين لَهُ َما يف َّ َ َ‬
‫ان ِّهب َذا أَتَ ُقولُو َن علَى َِّّ‬
‫ٍ‬ ‫ِّ‬ ‫ْاألَر ِّ ِّ‬
‫اَّلل َما َال تَ ْعلَ ُمو َن} [يونس‪.]68 :‬‬ ‫َ‬ ‫ض إِّ ْن عْن َد ُك ْم م ْن ُس ْلطَ َ‬ ‫ْ‬
‫♦♦♦♦♦‬
‫(‪)2‬‬

‫أتى حمم ٌد ذو السنوات الست من املدرسة‪ ،‬مث سأل َّأمه ضاح ًكا‪ :‬هل يص ُح أن نقول‪ :‬إن هللاَ ثالثة‬
‫احدا؟‬
‫وليس و ً‬
‫أتيت بتلك األفكار؟‬
‫كفرت؟ من أين َ‬ ‫فُِّزعت ُّ‬
‫األم وصرخت فيه قائلة‪ :‬أعوذ ابهلل‪ ،‬هل َ‬
‫ففزع الولد وصمت‪.‬‬
‫ِّ‬

‫ب من أمامي اآلن‪.‬‬
‫اذه ْ‬
‫فقالت األم‪َ :‬‬
‫ومن قد يكون سببًا يف كالم ابنها هذا‪.‬‬
‫ت مهمومة تفكر فيما حدث‪َ ،‬‬
‫وجلس ْ‬
‫َ‬
‫♦♦♦♦♦‬
‫(‪)3‬‬
‫[ ‪[7‬‬
‫ذهب عبدهللا ذو األعوام األربعة ِّ‬
‫ألمه وهي حتضر الطعام وقال برباءة‪ :‬أمي‪ ،‬هل هللاُ هو َمن خلَق كل‬ ‫َ‬
‫شيء؟‬

‫كل شيء‪.‬‬
‫أجابت األم مبتسمة‪ :‬نَعم اي حبييب‪ ،‬هو َمن خلق َّ‬
‫ومن خلق هللا؟‬
‫حسنًا‪َ ،‬‬
‫فسأل عبدهللا‪َ :‬‬
‫التفتت األم لولدها وقالت بود واهتمام‪ :‬قبل أن أجيبك‪ ،‬أريدك أن تستعي َذ ابهلل ِّمن الشيطان الرجيم‬
‫من هذه األفكار واصرفها فورا من ذهنك؛ هل تعلم أن الصحابة رضوان هللا عليهم اشتكوا من تلك‬
‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪« :‬أييت الشيطا ُن أح َدكم‪ ،‬فيقول‪:‬‬ ‫األفكار ألهنا كانت تزعجهم فقال ُ‬
‫َمن خلَق كذا؟ َمن خلَق كذا؟ حىت يقول‪َ :‬من خلَق ربَّك؟ فإذا بلَغه‪ ،‬فليستعِّ ْذ ابهلل‪ ،‬ولينتَ ِّه»‪.1‬‬
‫ِّ‬
‫الشيطان الرجيم‪.‬‬ ‫فردد عبدهللا‪ :‬أعوذ ِّ‬
‫ابهلل من‬

‫أحسنت اي بين‪ ،‬اآلن‪ ،‬هالَّ َ‬


‫تلوت على مسامعي سورَة اإلخالص؟‬ ‫َ‬ ‫ابتسمت األم وقالت‪:‬‬
‫ِّ‬
‫الص َم ُد‪َ .‬ملْ يَل ْد َوَملْ يُولَ ْد‪َ .‬وَملْ يَ ُك ْن لَهُ‬
‫اَّللُ َّ‬
‫َح ٌد‪َّ .‬‬
‫اَّللُ أ َ‬
‫فتال عبدهللا‪ :‬بسم هللا الرمحن الرحيم {قُ ْل ُه َو َّ‬
‫َح ٌد} [اإلخالص‪.]4 – 1 :‬‬ ‫ُك ُف ًوا أ َ‬
‫نتعلم ِّمن سورة اإلخالص أن هللاَ هو الو ُ‬
‫احد الصمد‪ ،‬الذي مل‬ ‫ابرك هللاُ فيك اي قرَة عيين‪ ،‬إ ًذا ُ‬
‫األم‪َ :‬‬
‫األول وليس قبله شيء‪ ،‬وهو ِّ‬
‫اآلخر وليس بعده‬ ‫نجْبه أحد‪ .‬بل هللا هو َّ‬ ‫يلِّ ْد أبناءا‪ ،‬ومل خيلُ ْقه أو ي ِّ‬
‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬
‫شيءٌ‪.‬‬
‫يؤمن بذلك‪ ،‬وال يرتك للشيطان وسيلة لتجعلَه ِّ‬
‫يفك ُر فيمن خلَق هللا‪ .‬ألن‬ ‫ِّ‬
‫َ‬ ‫واملُؤمن ال بد له أن َ‬
‫الشيطا ُن يُريدان أن نك ُفَر لنخلد معه يف النار والعياذُ ابهلل‪.‬‬

‫اودتْك فكرةٌ كهذه‪ ،‬فاستعِّ ْذ ابهلل من‬


‫تستمع للشيطان‪ ،‬بل كلَّما ر َ‬
‫َ‬ ‫لذلك ينبغي عليك اي حبييب أال‬
‫فورا‪ ،‬واشغل تفكريك أبي أمر آخر‪.‬‬
‫الرجيم ً‬
‫الشيطان َّ‬
‫♦♦♦♦♦‬

‫‪ 1‬رواه البخاري (‪)3102‬‬


‫[ ‪[8‬‬
‫متر بنا الكثريُ من املواقف‬
‫هنا انتهت املشاهد الواقعية لكن الكالم عنها مل ينتهي‪ ،‬ففي حياتنا اليومية ُّ‬
‫حسب نظرتنا للموقف وقدرتنا على التعامل معه‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫ردود أفعالنا على َ‬
‫مع أبنائنا‪ ،‬وَّتتلف ُ‬
‫ردود األفعال‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫فاألمثلة السابقة يدور احلو ُار فيها كلها عن الذات اإلهلية‪ ،‬ومع ذلك اختلفت ُ‬
‫كوهنا تبحث عن ِّ‬
‫الدين احلق‪ ،‬فأجابتها‬ ‫األوِّل تعاطفت عائشةُ مع زميلتِّها النصرانية؛ َ‬
‫ففي املوقف َّ‬
‫ُ‬
‫بصد ٍر ٍ‬
‫رحب ِّ‬
‫ورفق ومل تستنكر عليها سؤاهلا رغم ثقافتها وخرباهتا يف احلياة‪.‬‬

‫فل‬ ‫ِّ‬ ‫ويف املوقف الثاين‪ ،‬غلَب على ِّ‬


‫ت أن ذلك الط َ‬ ‫األفكار‪ ،‬ونسيَ ْ‬ ‫األم خوفُها على ابنها من تلك‬
‫ابحث عن خالقه‪ ،‬فكانت النتيجةُ هي‬
‫ٌ‬ ‫ِّ‬
‫الكون‪،‬‬ ‫مستكشف هلذا‬
‫ٌ‬ ‫الربيء ذو العلم القليل ما هو إال‬
‫توبيخ الطفل وإخافته بدالً من احتوائِّه وتعليمه الدين احلق‪.‬‬

‫القيام به من التبيني‬ ‫ت ما ينبغي على ِّ ٍ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬


‫كل أم ُ‬ ‫وفعلَ ْ‬
‫ف‪َ ،‬‬ ‫التصر َ‬
‫األم ُّ‬ ‫أحسنت ُّ‬ ‫املوقف الثالث‪،‬‬ ‫ويف‬
‫رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬حني‬ ‫ِّ‬
‫حديث ِّ‬ ‫ت معىن‬ ‫والتوضيح والتوجيه بود وتفهم؛ ألهنا ِّ‬
‫فه َم ْ‬
‫ينصرانه‪ ،‬أو ِّ‬
‫ميجسانه‪ ،‬كما تنتج البهيمة‬ ‫يهودانه‪ ،‬أو ِّ‬
‫قال‪« :‬ما من مولود إال يولَ ُد على الفطرة‪ ،‬فأبواه ِّ‬
‫هبيمة مجعاءَ‪ ،‬هل ُحت ُّسون فيها ِّمن جدعاء‪1‬؟»‪.2‬‬

‫لد على‬ ‫ابن القيِّم اْلوزية ‪ -‬رمحه هللا ‪ -‬تعقيبًا على هذا احلديث‪" :‬املراد أن َّ‬
‫كل مولود فإنه يو ُ‬ ‫يقول ُ‬
‫ض مل ِّ‬
‫يعد ْل عن ذلك إىل‬ ‫حمبَّتِّه لفاطره‪ ،‬وإقر ِّاره بربوبيَّتِّه‪ ،‬وإذعانه له ابلعبودية‪ ،‬فلو ُخلِّي وعدم امل ِّ‬
‫عار ِّ‬
‫ُ‬
‫غريه"‪.3‬‬

‫لذات أكبادان ‪ -‬خلَقهم هللاُ على حبه سبحانه ابلفطرة‪ ،‬واالعرتاف بربوبيته‪،‬‬ ‫أي إن أبناؤان ‪ -‬فِّ ِّ‬
‫واالقبال على عبادته برضا وحب‪ ،‬فلو مل يقابلوا من يفسد فطرهتم أو يغريها‪ ،‬الستمروا عليها ومل تتغري‬
‫إىل أي داينة أو فكر آخر‪.‬‬

‫♦♦♦♦♦♦‬

‫‪ 1‬اْلدعاء‪ :‬مقطوعة األنف‬


‫البخاري (‪)1292‬‬
‫ُّ‬ ‫‪ 2‬رواه‬
‫‪ 3‬شفاء العليل البن قيِّم اْلوزية ص ‪289‬‬
‫[ ‪[9‬‬
‫حق االبناء على الوالدين‪:‬‬

‫يقول ابن قيم ‪ -‬رمحه هللا ‪ -‬عن مسئولية اآلابء يف تربية أبنائهم‪" :‬وقال بعض أهل العلم إن هللا‬
‫سبحانه يسأل الوالد عن ولده يوم القيامة قبل أن يسأل الولد عن والده فإنه كما أن لألب على ابنه‬
‫حقا فلالبن على أبيه حق‬

‫فكما قال تعاىل‪{ :‬ووصينا اإلنسان بوالديه حسنا} [العنكبوت‪،]8 :‬‬

‫احلِّ َج َارةُ} [التحرمي‪.]6 :‬‬


‫َّاس َو ْ‬ ‫ِّ‬
‫فقد قال كذلك‪{ :‬قُوا أَنْ ُف َس ُك ْم َوأ َْهلي ُك ْم َان ًرا َوقُ ُ‬
‫ود َها الن ُ‬
‫قال علي بن أيب طالب‪ :‬علموهم وأدبوهم‪،‬‬

‫وقال تعاىل‪{ :‬واعبدوا هللا وال تشركوا به شيئا وابلوالدين إحساان وبذي القرىب} [النساء‪]36 :‬‬

‫وقال النيب صلى هللا عليه وسلم‪« :‬اعدلوا بني أوالدكم»‪،‬‬

‫فوصية هللا لآلابء أبوالدهم سابقة على وصية األوالد آبابئهم‪،‬‬

‫وقال هللا تعاىل‪{ :‬وال تقتلوا أوالدكم خشية إمالق} [االسراء‪]31 :‬‬

‫فمن أمهل تعليم ولده ما ينفعه‪ ،‬وتركه سدى فقد أساء إليه غاية اإلساءة وأكثر األوالد إمنا جاء‬
‫فسادهم من قبل اآلابء وإمهاهلم هلم وترك تعليمهم فرائض الدين وسننه فأضاعوهم صغارا فلم ينتفعوا‬
‫أبنفسهم ومل ينفعوا آابءهم كبارا كما عاتب بعضهم ولده على العقوق فقال‪ :‬اي أبت إنك عققتين‬
‫‪1‬‬
‫صغريا فعققتك كبريا وأضعتين وليدا فأضعتك شيخا"‬
‫ِّ‬
‫اإلميان منذ الصغر وعدم االنتظار‬ ‫االهتمام برتبية أبنائك على‬ ‫لذلك وجب ِّ‬
‫عليك – أيتها األم ‪-‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫حىت الكرب ألن غرس اإلميان (أي أتصيله) يف قلوهبم يف الصغر أسهل كثريا من تغيري املعتقدات يف‬
‫الكرب‪.‬‬

‫♦♦♦♦♦♦‬
‫‪ 1‬حتفة املودود أبحكام املولود ص ‪229‬‬
‫[‪[10‬‬
‫أمهية أتصيل العقيدة يف األبناء‪:‬‬

‫لتأصيل العقيدة أمهية كربى يف حياة اإلنسان‪ ،‬خاصة األبناء‪ ،‬ومنها‪:‬‬

‫‪ .1‬يتعلم اإلميان ابهلل عز وجل ويتعبده بتوحيد الربوبية‪ ،‬وتوحيد األلوهية‪ ،‬وتوحيد األمساء‬
‫والصفات‪.‬‬
‫‪ .2‬تعظيم هللا سبحانه وتعاىل واستشعار مراقبته هلم وإطالعه على سرائرهم وعالنيتهم‪.‬‬
‫‪ .3‬هتيئة الطفل لألحكام الشرعية واالستجابة هلل ورسوله بتأدية أوامره واجتناب نواهيه وإقامة‬
‫حدوده‪.‬‬
‫‪ .4‬تزكية نفس الطفل منذ الصغر وفق املنهج النبوي‪.‬‬
‫‪ .5‬تنظيم عالقة املسلم بغريه وتوضيح كيفية التعامل معهم مع اختالف عقائدهم‪.‬‬
‫‪ .6‬الثبات على دين هللا أمام الفنت والتحدايت‪.‬‬
‫‪ .7‬رفعة شأنه ومكانته يف اجملتمع مبا يصلح أحواله وأحوال املسلمني‪.‬‬

‫أطفال تربوا على اإلميان وصاروا عظماء‬

‫حينما ننظر لتاريخ األمة اإلسالمية‪ ،‬جند أن كثري من العلماء توجهوا حلفظ القرآن وطلب العلم‬
‫الشرعي منذ الصغر مما ساعد على متيزهم ونبوغهم يف الكرب‪ ،‬وكان أول ما اهتم به آابئهم هو ختمهم‬
‫حفظ القرآن الكرمي قبل البلوغ‪ ،‬فمنهم على سبيل املثال ال احلصر‪:‬‬
‫‪2‬‬
‫وحفظت املوطأ‪ 1‬وأان ابن عشر سنني)‪.‬‬
‫ُ‬ ‫(حفظت القرآن وأان ابن سبع سنني‪،‬‬
‫ُ‬ ‫قال الشافعي رمحه هللا‪:‬‬

‫وذُكِّر يف مناقب ابن تيمية رمحه هللا أنه ختم القرآن صغرياً‪ ،‬مث اشتغل حبفظ احلديث والفقه والعربية‬
‫‪1‬‬
‫حىت برع يف ذلك‪.‬‬

‫‪ 1‬مسند اإلمام مالك‬


‫‪ 2‬سري أعالم النبالء ‪11/10‬‬
‫[‪[11‬‬
‫‪.‬‬ ‫والشيخ حممد بن عبدالوهاب رمحه هللا استظهر القرآن قبل بلوغه العشر‪.2‬‬

‫والشيخ حممد األمني اْلكين الشنقيطي أمت حفظ القرآن يف سن العاشرة‪ ،‬مث بعد ذلك واصل طلب‬
‫العلم؛ فتعلم رسم املصحف العثماين والتجويد وأخذ بذلك سنداً إىل النيب ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪-‬‬
‫ودرس بعض املختصرات يف الفقه ‪....‬‬
‫‪3‬‬

‫والشيخ عبدالعزيز بن ابز رمحه هللا حفظ القرآن قبل البلوغ‪ ،‬مث بدأ يف تلقي العلوم الشرعية والعربية‬
‫على أيدي كثري من علماء الرايض‪.4‬‬

‫والشيخ حممد بن عثيمني رمحه هللا قرأ القرآن الكرمي على جده من جهة أمه عبدالرمحن بن سليمان بن‬
‫‪5‬‬
‫آل دامغ ‪ -‬رمحه هللا ‪ -‬فحفظه‪ ،‬مث اجته إىل طلب العلم‬

‫االحتساب يف تربية األبناء‪:‬‬

‫واالحتساب هو أن تنوي القيام ابلعمل الصاحل وتصربي على صعوابته ومكروهاته طلبا لألجر الذي‬
‫وعدك به هللا عز وجل‪.‬‬

‫عرفه ابن األثري قائال‪" :‬هو البدار إىل طلب األجر وحتصيله ابلتسليم والصرب‪ ،‬أو ابستعمال أنواع‬ ‫وقد َّ‬
‫‪6‬‬
‫الرب والقيام هبا على الوجه املرسوم فيها طلباً للثواب املرجو منها"‬

‫األعمال‬
‫ُ‬ ‫فعن عمر بن اخلطاب رضي هللا عنه قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪« :‬إمنا‬
‫لكل امر ٍئ ما نوى‪ ،‬فمن كانت هجرتُه إىل دنيا يصيُبها‪ ،‬أو إىل امر ٍأة ينكحها‪ ،‬فهجرتُه‬ ‫ِّ‬
‫ابلنيات‪ ،‬وإمنا ِّ‬
‫‪1‬‬
‫إىل ما هاجر إليه»‬

‫‪ 1‬الكواكب الدرية يف مناقب شيخ اإلسالم ابن تيمية ملرعي الكرمي‬


‫‪ 2‬لشيخ حممد بن عبدالوهاب؛ عقيدته السلفية ودعوته اإلصالحية ألمحد بن حجر آل بو طامي‬
‫‪ 3‬ترمجة الشيخ العالمة املفسر األصويل حممد األمني الشنقيط ٍي‪ /‬مطبوعة ضمن آاثر الشيخ العالمة حممد األمني الشنقيطي‬
‫‪ 4‬جوانب من سرية اإلمام عبدالعزيز بن ابز حملمد احلمد‬
‫‪ 5‬ترمجة الشيخ حممد بن صاحل العثيمني‪ ،‬كتبها فهد بن انصر السليمان يف كتاب شرح األصول الثالثة البن عثيمني‬
‫‪ 6‬النهاية البن األثري‬
‫[‪[12‬‬
‫عليك أن تربية األبناء من األمور الشاقة لكنها ليست مستحيلة وابالحتساب يف تربيتهم‬‫ومما ال خيفى ِّ‬
‫لك تربيتهم ويعينك عليها وتنايل من األجور الكثري‪ ،‬ولكي تستطيعي‬ ‫واالستعانة ابهلل‪ ،‬ييسر هللا ِّ‬
‫احتساب األجر يف تربيتك ألبناءك فالبد ان تفكري يف نوااي تتوجني هبا هلل يف قلبك عند تربية أبناءك‬
‫مع احلرص على جعل نواايك كلها خالصة هلل عز وجل‪.‬‬

‫ومن النوااي اليت ميكن احتساهبا‪:‬‬

‫أن يكون البنك هوية إسالمية راسخة واثبتة فيه‪ ،‬يواجه هبا حتدايت احلياة والفنت ويكون‬ ‫‪-‬‬
‫قوي اإلميان‪ ،‬يعبد هللا على بصرية‪.‬‬
‫أن يكون ممن يظلهم هللا بظله يوم القيامة ألنه شاب نشأ يف طاعة هللا‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫أن يكون هادي للناس وداعي يرشدهم للتوحيد والرجوع للشرع يف كل شئون حياهتم‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫أن يكون ابنك صدقتك اْلارية بعد مماتك فيكون الولد الصاحل الذي يدعوا ِّ‬
‫لك‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫وغريها من النوااي الكثرية‬

‫مراحل غرس اإلميان يف قلب طفلك‪:‬‬


‫ٍ‬
‫عقيدة سليمة وإميان راسخ‪ ،‬فرتبِّيهم‬ ‫حىت تغرسي اإلميا َن يف قلب طفلك؛ ال بد أن تكوين أنت ذَات‬
‫حبب هللا ورسوله‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫توحيد هللا واإلميان به‪ ،‬أبفعالك قبل أقوالك‪ ،‬فينمو قلبه طاهرا نقيا مشبعا ِّ‬ ‫على‬
‫ً‬
‫متَّبِّعا ألوامره‪ ،‬وجمتنبا لنواهيه‪.‬‬

‫لكل مرحلة عمرية؛ لتكون دليالً يرشدك لكيفية غرس العقيدة‬ ‫ٍ‬
‫إرشادات عامة ِّ‬ ‫ض َع‬
‫وهنا سأحاول َو ْ‬
‫التدر َج‬
‫اعيت ُّ‬ ‫واإلميان يف قلوب األبناء‪ ،‬ولكل ٍأم أن تز َ‬
‫يد عليها مبا يتناسب معها ومع أبنائها‪ ،‬وقد ر ُ‬
‫املنهج قدر املستطاع‪:‬‬
‫يف ِّ‬

‫‪ -‬فبدأتُه بتعليمهم العبادة من خالل التأمل واملراقبة ملا حوهلم‪.‬‬

‫‪ 1‬رواه البخاري (‪)1‬‬


‫[‪[13‬‬
‫‪ -‬مث انتقلت إىل مرحلة التشجيع وحثهم على مشاركة الوالدين يف العبادة لتصبح تلك العبادات‬
‫عبارة عن عادات فتصري جزء ال يتجزأ من حياهتم‪.‬‬
‫ٍ‬
‫عبادات‪ ،‬من خالل تبصرهتم‬ ‫ِّ‬
‫العادات إىل‬ ‫‪ -‬وحينما يكربوا قليال تبدأ مرحلة حتويل تلك‬
‫وتوعيتهم عن طريق تدريسهم العقيد َة والتوحيد والقرآن وغريه من العلوم الشرعية اليت ينبغي‬
‫على كل مسل ٍم معرفتُها ليعبدوا هللا على بصرية‪.‬‬

‫♦♦♦♦♦♦‬

‫كيف تستفيدين من هذا الدليل؟‬

‫أوال حتتاجي لقراءته على األقل مرتني لِّتُ َك ِّوين فكرة أعمق عن حمتواه وعن ما حيتاج طفلك أن يتعلمه‪.‬‬

‫اثنيا‪ :‬اختاري نقطة واحدة فقط مما ال يعرفه طفلك‪ ،‬وحاويل تعليمه اايها وال تضيفي عليها أي نقطة‬
‫جديدة اال بعد أن يكون تعلم السابقة إبتقان‪.‬‬

‫[‪[14‬‬
‫الدليل إىل مراحل‪:‬‬
‫ُ‬ ‫وقد قسمت‬

‫‪ -1‬البداية‪.‬‬
‫‪ -2‬مرحلة ما قبل ِّ‬
‫احلمل والوالدة (مرحلة التحصني)‪.‬‬
‫العام ْني األولني (مرحلة الغرس)‪.‬‬
‫‪ -3‬مرحلة َ‬
‫‪ -4‬مرحلة الطفولة (مرحلة احلث والتشجيع(‪.‬‬
‫‪ -5‬مرحلة دخول املدرسة (مرحلة التدريب(‪.‬‬
‫‪ -6‬كتب مقرتحة ِّ‬
‫لغرس اإلميان ابألبناء‪.‬‬
‫‪ -7‬خامتة‬

‫[‪[15‬‬
‫الفصل األول‪:‬‬

‫مرحلة ما قبل احلمل والوالدة‬

‫‪ ‬صالح األبناء من صالح اآلابء‬


‫‪ ‬اختيار الزوج الصاحل والزوجة الصاحلة‬
‫‪ ‬التسمية عند اْلِّماع‬
‫‪ ‬الدعاء ُّ‬
‫ابلذرية الصاحلة‬
‫‪ِّ ‬‬
‫الوْرد القرآين‬
‫ِّ‬
‫الوالدة من الشيطان الرجيم‬ ‫‪ ‬تعوي ُذهم عند‬

‫[‪[16‬‬
‫مرحلة ما قبل احلمل والوالدة‬
‫تعترب هذه هي مرحلةُ التحصني ِّمن كل ما قد يكون سببًا يف فساد عقيدة الطفل وإميانه‪ ،‬وهي‬
‫األساس الذي تُبين عليه عقيدة الطفل ومن أهم ما ينبغي االنتباه له يف تلك املرحلة‪:‬‬

‫صالح األبناء من صالح اآلابء‪:‬‬

‫صالح األبناء ال يكون إال بصالح آابئهم وأمهاهتم‪ ،‬والولد الفاسد هو ِّمن ِّ‬
‫كسب أبيه وأمه‪ ،‬كما‬ ‫ُ‬
‫ذكر بعض السلف وعليه وجب على الوالدين االجتهاد يف الطاعة والعبادة اخلالصة لوجه هللا تعاىل‪،‬‬
‫واالهتمام ابلعمل والكسب احلالل ليجدوا مثار ذلك يف صالح أبنائهم‪ .‬وكذلك ليكونوا قدوة صاحلة‬
‫لألبناء‪.‬‬

‫ين لَ ْو تَ َرُكوا ِّم ْن َخ ْل ِّف ِّه ْم ذُ ِّريَّةً ِّض َعافًا َخافُوا َعلَْي ِّه ْم فَ ْليَ تَّ ُقوا َّ‬
‫اَّللَ َولْيَ ُقولُوا‬ ‫فقد قال هللا تعاىل‪{ :‬ولْيخ َّ ِّ‬
‫ش الذ َ‬ ‫ََ ْ َ‬
‫قَ ْوًال َس ِّد ً‬
‫يدا} [النساء‪]9 :‬‬

‫أطيب ما أ َكل‬ ‫وقد ُرِّوي عن عائشة رضي هللا عنها أهنا قالت‪ :‬قال ُّ‬
‫النيب صلى هللا عليه وسلم‪« :‬إن َ‬
‫‪1‬‬
‫الرجل ِّمن َك ْسبِّه‪ ،‬وإن ولَ َد الرجل ِّمن كسبِّه»‪.‬‬
‫ُ‬
‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪« :‬إن هللا يُصلِّح‬
‫كما ُرِّوي عن جاب ٍر رضي هللا عنه أنه قال‪ :‬قال ُ‬
‫لده‪ ،‬وأهل دويرات حوله‪ ،‬فما يزالون يف حفظ هللا ما دام‬‫الصاحل و َلده‪ ،‬وو َلد و ِّ‬
‫ِّ‬ ‫بصالح ِّ‬
‫الرجل‬
‫فيهم»‪.2‬‬

‫بصالح‬ ‫ومها ص ِّ‬


‫احلًا} [الكهف‪ ،]82 :‬إهنما ُحفظا‬
‫ِّ‬ ‫{وَكا َن أَبُ َُ َ‬
‫وقال ابن عباس يف قول هللا تعاىل‪َ :‬‬
‫أبيهما‪.3‬‬
‫يد يف صاليت ِّمن ِّ‬
‫أجل ابين هذا‪.‬‬ ‫بن ُجبَري‪ :‬إين َأل ِّز ُ‬
‫سعيد ُ‬
‫حسان قال‪ :‬قال ُ‬
‫وعن هشام بن َّ‬

‫‪ 1‬صحيح‪ :‬رواه النسائي (‪)4461‬‬


‫‪ 2‬رواه ابن مردويه يف "الدر املنثور" ص ‪422‬‬
‫‪3‬‬
‫ابن أيب الدنيا يف كتاب " النفقة على العيال" ص ‪539‬‬
‫رواه ُ‬
‫[‪[17‬‬
‫قال خملد‪ :‬قال هشام‪ :‬رجاءَ أن ُحي َف َظ فيه‪.1‬‬

‫♦♦♦♦♦‬
‫ومع ذلك فقد جتد – يف حاالت قليلة ‪ -‬أبناء فاسدين ألبوين صاحلني حلكمة ال يعملها إال هللا عز‬
‫وجل‪ ،‬كقصة نوح عليه السالم مع ولده‪ ،‬وهذا ابتالء من هللا عز وجل لذا وجب على األبوين اللجوء‬
‫إىل هللا عز وجل واالنكسار والتذلل بني يديه وإلتزام الدعاء‪ ،‬فهداية اإلنسان ال ميلكها سوى هللا عز‬
‫وجل‪ ،‬أما الوالدين فما عليهما إال األخذ ابألسباب الواجبة عليهما يف تعليم أبنائهما ابلرفق واحلكمة‬
‫اَّللَ يَ ْه ِّدي َم ْن يَ َشاءُ َوُه َو أ َْعلَ ُم‬
‫ت َولَ ِّك َّن َّ‬ ‫ِّ‬
‫مع الشرح والتبيني لقول هللا تعاىل‪{ :‬إِّنَّ َ‬
‫ك َال َهتْدي َم ْن أ ْ‬
‫َحبَ ْب َ‬
‫ين} [القصص‪.]56 :‬‬ ‫ِّ ِّ‬
‫ابلْ ُم ْهتَد َ‬
‫وكذلك قد جند أطفال صاحلني نشأوا بني أبوين كافرين كإبراهيم عليه السالم نشأ يف كنف أبيه آزر‬
‫ومتسكه ابلكفر‪.‬‬

‫♦♦♦♦♦♦‬

‫اختيار الزوج الصاحل والزوجة الصاحلة‪:‬‬

‫ِّحلُسن اختيار الزوج والزوجة أمهية كربى يف صالح عقيدة األبناء‪ ،‬وهذا ال يكون ألحد الزوجني بل‬
‫يكون لكالمها معا‪ ،‬وقد قال أحد احلكماء‪" :‬إن الرجل واملرأة كالبيت من ِّ‬
‫الش ْعر‪ ،‬وال حيسن يف‬
‫‪2‬‬ ‫البيت من ِّ‬
‫الش ْعر أن يكون شطره حمكما والشطر اآلخر متخاذال"‪.‬‬

‫النيب صلى هللا عليه وسلم‬


‫لذلك حث الشرع أن يكون اختيار الزوجني على أساس الدين‪ ،‬فقد قال ُّ‬
‫وخلقه‪ِّ ،‬‬
‫فزوجوه‪ ،‬إال تفعلوه ت ُك ْن فتنة يف األرض‬ ‫ِّ‬
‫ترضون دينه ُ‬
‫عن اختيار الزوج‪« :‬إذا جاءكم َمن َ‬
‫وفساد»‪.3‬‬
‫ٌ‬

‫‪ 1‬رواه أبو نعيم يف "حلية األولياء" ص ‪279‬‬


‫‪ 2‬منهج الرتبية النبوية للطفل ص ‪36‬‬
‫‪ 3‬حسن لغريه‪ :‬رواه الرتمذي (‪)1085‬‬
‫[‪[18‬‬
‫لدينها؛ فاظ َفر بذات ِّ‬
‫الدين‪،‬‬ ‫وقال يف اختيار الزوجة‪« :‬تُن َكح املرأة ألربع؛ ملاهلا‪ ،‬وحلسبها‪ ،‬ومجاهلا‪ ،‬و ِّ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ت يداك»‪.1‬‬ ‫ِّتربَ ْ‬
‫السلف الصاحل أمهية حسن اختيار الزوجة يف نشأة األبناء؛ فقال أبو األسود لبنيه‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫وقد أدرك‬
‫وصغارا‪ ،‬وقبل أن تولَدوا‪.‬‬ ‫بارا‪،‬‬‫ِّ‬
‫ً‬ ‫أحسنت إليكم ك ً‬
‫ُ‬
‫أحسنت إلينا قبل أن نو َلد؟‬
‫َ‬ ‫قالوا‪ :‬كيف‬

‫أض ْعكم يف موضع تستحيُون منه‪.‬‬


‫قال‪َ :‬مل َ‬
‫اخرتت لكم من األمهات َمن ال تُسبُّون هبا‪.2‬‬
‫ُ‬ ‫ويف لفظ‪:‬‬

‫ال تسبون‪ :‬أي ال تكون سببا ألن يعايركم الناس ويسبكم لكوهنا أمكم‪.‬‬

‫ورغم أمهية صالح الزوجني إال أن هناك مناذج مشرقة ومشرفة اُبتلي فيها أحد الزوجني‪ ،‬واستطاعت‬
‫الزوجة وحدها وأحياان الزوج وحده أن يكوان سببا يف صالح األبناء بعد االستعانة ابهلل وبذل الكثري‬
‫من اْلهد والوقت‪.‬‬

‫♦♦♦♦♦♦‬

‫التسمية عند اْلِّماع‪:‬‬

‫يستحب ذكر هللا يف كل وقت وحني ال سيما وقت الشهوات حلصول الربكة وجتنب ضرر الشيطان‪.‬‬

‫النيب صلى هللا عليه وسلم‪َ « :‬أما إن أحدكم إذا أتى أهله وقال‪ :‬بسم هللا‪ ،‬اللهم جنِّْبنا‬ ‫فقد قال ُّ‬
‫الشيطا َن‪ ،‬وجنِّ ِّ‬
‫ب الشيطا َن ما رزقتَنا‪ُ ،‬فرِّزقا و ًلدا‪ ،‬مل َّ‬
‫يضره الشيطان ‪.»3‬‬

‫‪ 1‬رواه البخاري (‪)4802‬‬


‫‪ 2‬رواه البخاري يف "التاريخ الكبري" (‪)2783‬‬
‫‪ 3‬رواه البخاري (‪)3098‬‬
‫[‪[19‬‬
‫وعن احلسن البَصري ‪ -‬رمحه هللا ‪ -‬قال‪ :‬يُقال‪ :‬إذا أتى الرجل أهله‪ ،‬فليقل‪ :‬بسم هللا‪ ،‬اللهم ِّ‬
‫ابرْك لنا‬ ‫ُ‬
‫تلقت أن يكون‬ ‫جتع ْل للشيطان نصيبًا فيما رزقتَنا‪ ،‬قال‪ :‬فكان يُرجى إن محلت أو َّ‬‫فيما رزقتَنا‪ ،‬وال َ‬
‫و ًلدا صاحلًا‪.1‬‬
‫ويستحب كذلك االهتمام ابحتساب األجر يف اْلماع فلو رزقا بو ٍ‬
‫لد صاحل فيكون بربكة االحتساب‬
‫بعون هللا‪.‬‬
‫ضع ِّ‬
‫أحدكم صدقةٌ»‬ ‫فقد قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪« :‬يف بُ ِّ‬
‫أجر؟‬ ‫رسول ِّ‬
‫أحدان شهوتَه ويكو ُن له فيه ٌ‬
‫هللا أأييت ُ‬ ‫قالوا‪ :‬اي َ‬
‫‪2‬‬
‫أجر »‬ ‫ِّ‬ ‫وضعها يف احلرِّام أكان عليه فيه ِّو ٌزر فكذلك إذا َ‬
‫وضعها يف احلالل كان له ٌ‬ ‫فقال‪« :‬أرأَيْتُم لو َ‬

‫♦♦♦♦♦♦‬

‫الدعاء ُّ‬
‫ابلذرية الصاحلة‪:‬‬

‫للدعاء دور يف توفيق اإلنسان يف كل أموره وشئونه وهو من أعظم أسباب صالح األبناء‪ .‬ولذلك‬
‫جتده شديد احلضور يف القرآن وكان ِّمن َه ْد ِّي األنبياء عليهم السالم الدعاء لذرايهتم‪.‬‬

‫ني} [الصافات‪،]100 :‬‬‫ب هب ِّيل ِّمن َّ ِِّّ‬‫ِّ‬


‫الصاحل َ‬ ‫َ‬ ‫اهيم عليه السالم يدعو ربه قائالً‪َ { :‬ر َ ْ‬
‫فقد كان إبر ُ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫اج َع ْلنَا ُمسلِّم ْ ِّ‬
‫ب َعلَْي نَا إِّنَّ َ‬
‫ك‬ ‫ك َوِّم ْن ذُ ِّريَّتِّنَا أ َُّمةً ُم ْسل َمةً لَ َ‬
‫ك َوأ َِّرَان َمنَاس َكنَا َوتُ ْ‬ ‫ني لَ َ‬ ‫َْ‬ ‫وكان يقول‪َ { :‬ربَّنَا َو ْ‬
‫الرِّح ُيم} [البقرة‪.]128 :‬‬ ‫اب َّ‬ ‫أَنْ َ‬
‫ت الت ََّّو ُ‬
‫ُّع ِّاء} ]آل عمران‪:‬‬
‫يع الد َ‬
‫ك ذُ ِّريَّةً طَيِّبةً إِّنَّ َ ِّ‬
‫ك َمس ُ‬ ‫َ‬ ‫ب ِّيل ِّم ْن لَ ُدنْ َ‬ ‫ِّ‬
‫وكان زكراي يدعو هللاَ قائالً‪َ { :‬رب َه ْ‬
‫‪،]38‬‬

‫‪ 1‬رواه عبدالرزاق (‪)10467‬‬


‫‪ 2‬صحيح‪ :‬رواه ابن حبان (‪)4167‬‬
‫[‪[20‬‬
‫ني إِّ َم ًاما}‬ ‫ِّ ِّ‬ ‫ب لَنَا ِّم ْن أ َْزو ِّاجنَا وذُ ِّرَّايتِّنَا قَُّرَة أ َْع ُ ٍ‬
‫ني َو ْ‬
‫اج َع ْلنَا ل ْل ُمتَّق َ‬ ‫َ َ‬ ‫أيضا ويقول‪َ { :‬ربَّنَا َه ْ‬
‫وكان يدعو ً‬
‫[الفرقان‪.]74 :‬‬

‫صحيحا مجيالً‪،‬‬
‫ً‬ ‫وعن ابن عبَّ ٍ‬
‫اس رضي هللا عنهما قال عن هذه اآلية‪َ :‬أما إنه مل يكن قرَة أعني أن يروه‬
‫ولكن أن يروه مطيعا ِّ‬
‫هلل عز وجل‪.1‬‬ ‫ً‬ ‫َْ‬
‫َصلِّ ْح ِّيل ِّيف ذُ ِّريَِّّيت} [األحقاف‪]15 :‬‬
‫ومن اآلايت األخرى قوله تعاىل‪َ { :‬وأ ْ‬
‫الرِّج ِّيم} [آل عمران‪]36 :‬‬ ‫ك وذُ ِّريَّتَ ها ِّمن الشَّيطَ ِّ‬
‫ان َّ‬ ‫ِّ‬
‫وقوله‪َ { :‬وإِِّّين أُعي ُذ َها بِّ َ َ َ َ ْ‬
‫َصنَ َام} [إبراهيم‪]35 :‬‬ ‫اجنُ ْب ِّين َوبَِّ َّ‬
‫ين أَ ْن نَ ْعبُ َد ْاأل ْ‬ ‫وقوله‪َ { :‬و ْ‬
‫اج َع ْل ِّين ُم ِّق َيم َّ‬
‫الص َال ِّة َوِّم ْن ذُ ِّريَِّّيت} [إبراهيم‪]40 :‬‬ ‫وقوله‪َ { :‬ر ِّب ْ‬
‫ولذلك وجب االنتباه إىل عدم االستغراق كثريا يف الوسائل الرتبوية احلديثة‪ ،‬والغفلة عن الوسيلة‬
‫العظمى وهي كثرة الدعاء لألبناءز‬

‫♦♦♦♦♦♦‬

‫ِّ‬
‫الوْرد القرآين‪:‬‬

‫حب األبناء للقرآن يبدأ وهم‬


‫شك أن َّ‬
‫للقرآن أثر كبري يف حياة االنسان وسلوكه وفكره ونشأته وال َّ‬
‫اسات العِّلمية‪:‬‬
‫أجنَّة إذا ما واظبت األم على تالوته؛ فقد أثبتت الدر ُ‬
‫أيضا يتعلَّ ُم اللغة‪ ،‬وتنشط خالاي ِّخمه من‬ ‫‪2‬‬ ‫ِّ‬
‫أن الطفل يتأثَُّر بصوت أمه وهو ما زال ً‬
‫جنني ‪ ،‬بل إنه ً‬
‫خالل االستماع لصوهتا‪.3‬‬

‫‪ 1‬رواه ابن أيب الدنيا يف النفقة على العيال (‪)427‬‬


‫‪ 2‬مقالة "اْلنني يف بطن أمه منصت ويسمع القول"‪ ،‬جملة دار العلوم‪.‬‬
‫‪ 3‬جملة “بروسيدجنز” التابعة لألكادميية األمريكية للعلوم‬
‫[‪[21‬‬
‫فما أمجل أن يتعلق بصوهتا وهي ِّ‬
‫ترد ُد القرآ َن آانء الليل والنهار‪ ،‬فيتعلم منها اللغة العربية الفصيحة‪.‬‬ ‫ََ‬
‫وقد أخربتين احدى رفيقايت أهنا ذهبت لزايرة أخت تعرفت عليها‪ ،‬فوجدت بناهتا يف قمة األدب‬
‫واألخالق‪ ،‬وحني سألتها عنهم‪ ،‬أخربهتا أهنم منذ أن كانوا أجنة وهي حتافظ على وردها من القرآن‪،‬‬
‫وها هم قد نشأوا مرتبطني ابلقرآن ومتخلقني به‪.‬‬
‫ويستحب أن تكون ِّ‬
‫لك على األقل ختمة شهرية ملا ذكر عن النيب صلى هللا عليه وسلم يف استحباب‬
‫أال يزيد عن ذلك‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫اختِّ ْمهُ ِِّف َش ْه ٍر»‪.‬‬ ‫ول َِّّ‬
‫اَّلل ِِّف َك ْم أَقْ َرأُ الْ ُق ْرآ َن؟ قَ َ‬ ‫فعن عب ِّد َِّّ‬
‫اَّلل بْ ِّن َع ْم ٍرو قَ َ‬
‫ال»‪ْ :‬‬ ‫ال‪ :‬قُ ْل ُ‬
‫ت‪َ :‬اي َر ُس َ‬ ‫َ ْ َْ‬

‫♦♦♦♦♦♦‬

‫ِّ‬
‫الوالدة من الشيطان الرجيم‪:‬‬ ‫تعوي ُذهم عند‬

‫آدم مولود‬
‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪« :‬ما من بين َ‬
‫ورد عن أيب هريرَة رضي هللا عنه أنه قال‪ :‬قال ُ‬
‫غري مرميَ وابنها»‪.2‬‬ ‫ِّ‬
‫صارخا من مس الشيطان‪َ ،‬‬
‫ميسه الشيطا ُن حني يولد‪ ،‬فيستهل ً‬‫إال ُّ‬
‫لذلك وجب تعويذ األبناء عند مولدهم من الشيطان الرجيم كما فعلت إمرأة عمران حينما ُرزقت‬
‫الرِّج ِّيم} [آل‬ ‫ك وذُ ِّريَّتَ ها ِّمن الشَّيطَ ِّ‬
‫ان َّ‬ ‫ِّ‬
‫مبرمي‪ ،‬يقول هللا تعاىل‪َ { :‬وإِِّّين َمسَّْي تُ َها َم ْرَميَ َوإِِّّين أُعي ُذ َها بِّ َ َ َ َ ْ‬
‫عمران‪.]36 :‬‬

‫فكان لذلك أثرا كبريا يف صالح مرمي وذريتها وتقبلها هللا بقبول حسن وأنبتها نباات حسنا‪.‬‬

‫اختِّ ْمهُ ِِّف‬ ‫ول َِّّ‬ ‫‪ 1‬حسن صحيح‪ :‬رواه الرتمذي (‪ ،)2946‬فعن عب ِّد َِّّ‬
‫اَّلل ِِّف َك ْم أَقْ َرأُ الْ ُق ْرآ َن؟ قَ َال‪ْ » :‬‬ ‫ت‪َ :‬اي َر ُس َ‬ ‫اَّلل بْ ِّن َع ْم ٍرو قَ َال‪ :‬قُ ْل ُ‬ ‫َ ْ َْ‬
‫اختِّ ْمهُ ِِّف َخَْ َسةَ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ك‪ .‬قَ َال‪ْ » :‬‬ ‫ض َل ِّم ْن َذل َ‬ ‫يق أَفْ َ‬
‫ِّ‬
‫ت‪ :‬إِِّّّن أُط ُ‬
‫ين »‪ .‬قُ ْل ُ‬
‫ك‪ .‬قَ َال‪ِّ ِّ ِّ » :‬‬
‫اخت ْمهُ ِف ع ْش ِّر َ‬ ‫ْ‬ ‫ض َل ِّم ْن َذل َ‬‫يق أَفْ َ‬
‫ِّ‬
‫ت‪ :‬إِِّّّن أُط ُ‬
‫َش ْه ٍر »‪ .‬قُ ْل ُ‬
‫اختِّ ْمهُ ِِّف َخَْ ٍ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫س‬ ‫ك‪ .‬قَ َال‪ْ » :‬‬ ‫ض َل ِّم ْن َذل َ‬ ‫يق أَفْ َ‬
‫ِّ‬
‫ت‪ :‬إِِّّّن أُط ُ‬
‫اخت ْمهُ ِِّف َع ْش ٍر »‪ .‬قُ ْل ُ‬
‫ك‪ .‬قَ َال‪ِّ » :‬‬
‫ْ‬ ‫ض َل ِّم ْن َذل َ‬‫يق أَفْ َ‬
‫ِّ‬
‫ت‪ :‬إِِّّّن أُط ُ‬‫َع َشَر »‪ .‬قُ ْل ُ‬
‫ِّ‬
‫ص ِّىل‬ ‫ض َل ِّم ْن َذل َ‬
‫ك‪ .‬قَ َال‪ :‬فَ َما َر َّخ َ‬ ‫يق أَفْ َ‬
‫ِّ‬
‫ت‪ :‬إِِّّّن أُط ُ‬‫»‪ .‬قُ ْل ُ‬
‫‪ 2‬رواه البخاري (‪)3248‬‬
‫[‪[22‬‬
‫الفصل الثاين‪:‬‬

‫العامني األولني‬

‫‪ ‬الدعاء هلم‬
‫‪ ‬القدوة الصاحلة‬
‫‪ ‬تالوة القرآن‬
‫‪ ‬تعوي ُذهم من الشيطان ً‬
‫صباحا ومساءً‬
‫‪ ‬األذكار‬
‫التوحيد‬
‫َ‬ ‫‪ ‬تلقينه‬
‫‪ُّ ‬‬
‫حب هللا ورسوله‬

‫[‪[23‬‬
‫العامني األولني‬
‫أهم عامني يف تنشئته وغرس ِّ‬
‫القيَم واألخالق بداخله؛ ففي هذه‬ ‫يعترب أول عامني من عمر الطفل مها َّ‬
‫املرحلة يقوم الطفل مبراقبة كل سكناتِّك وحركاتِّك‪ ،‬وخيزهنا يف عقله الباطن ال شعوراي يف عامه األول‪،‬‬
‫مث ما تلبث أن تظهر يف أقواله وأفعاله يف عامه الثاين‪.‬‬

‫وضع روتني يومي لذكر هللا وعبادته ليعتاد طفلك عليه وحيفظه من خالل االستماع‬ ‫لذلك من املهم ُ‬
‫يتجزأُ من حياته اليومية‪ ،‬فعن عبدهللا بن مسعود رضي هللا‬ ‫إليك يوميا و ِّ‬
‫أنت تُرددينه‪ ،‬فيصبح جزءًا ال َّ‬ ‫ِّ‬
‫‪1‬‬
‫اخلري عادةٌ‪.‬‬
‫اخلري؛ فإن َ‬
‫وعودوهم َ‬ ‫عنه قال‪ :‬حافِّظوا على أبنائكم يف الصالة‪ِّ ،‬‬

‫ومما ينبغي االهتمام به يف تلك الفرتة‪:‬‬

‫الدعاء هلم بظهر الغيب‪:‬‬

‫للدعاء أمهيةٌ كبرية يف تنشئة األبناء وتربيتِّهم الرتبية الصاحلة‪ ،‬فالرتبية طري ُقها طويل ميتد لسنوات‬
‫وسنوات‪ ،‬وهي حتتاج للصرب والتصرب واحلكمة يف التصرف‪ ،‬ومهما بلغ تفوقك يف استخدام األساليب‬
‫الرتبوية‪ ،‬فالدعاء واإلحلاح يف طلب العون من هللا عز وجل هو الوسيلة الفعلية الوحيدة لصالح األبناء‬
‫اَّللَ يَ ْه ِّدي‬
‫ت َولَ ِّك َّن َّ‬
‫َحبَ ْب َ‬
‫ِّ‬
‫ك َال َهتْدي َم ْن أ ْ‬‫كون اهلداية والصالح بيد هللا عز وجل لقوله تعاىل‪{ :‬إِّنَّ َ‬
‫عليك أيتها األم أن هتتمي أوال‬ ‫من ي َشاء وهو أ َْعلَم ِّابلْمهتَ ِّدين} [القصص‪]56 :‬؛ لذلك وجب ِّ‬
‫َ ْ َ ُ َ َُ ُ ُ ْ َ‬
‫ابلوسائل الرابنية يف الرتبية مث بعد ذلك أتخذي ابألسباب الدنيوية املعينة على ذلك مع الصرب على‬
‫َّاع إِّذَا‬
‫يب َد ْع َوةَ الد ِّ‬ ‫اإلجابة اليت وعدك هللا هبا يف قوله تعاىل‪{ :‬وإِّذَا سأَلَك ِّعب ِّادي ع ِّين فَِّإِّين قَ ِّر ِّ‬
‫يب أُج ُ‬ ‫ٌ‬ ‫َ َ َ َ َ‬
‫ان} [البقرة‪.]186 :‬‬ ‫دع ِّ‬
‫ََ‬
‫وقد كان ِّمن َه ْدي ِّ‬
‫النيب صلى هللا عليه وسلم كثرةُ الدعاء لألطفال؛ فقد ُرِّوي عن ابن عباس رضي‬
‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أن يؤتيَين هللا احلكمة مرتني‪.2‬‬
‫هللا عنهما أنه قال‪ :‬دعا يل ُ‬

‫‪ 1‬رواه البيهقي يف سننه ج ‪ 3‬ص ‪84‬‬


‫‪ 2‬رواه الرتمذي (‪)4194‬‬
‫[‪[24‬‬
‫الص َال ِّة َوِّم ْن ذُ ِّريَِّّيت َربَّنَا َوتَ َقبَّ ْل ُد َع ِّاء}‬
‫اج َع ْل ِّين ُم ِّق َيم َّ‬
‫وكان من دعاء إبراهيم عليه السالم ألبناءه‪َ { :‬ر ِّب ْ‬
‫[إبراهيم‪]40 :‬‬

‫"وحيكى أن احدى األخوات كانت جالسة مع امرأة بسيطة ال تعلم عن الشرع إال القليل‪ ،‬وعندما‬
‫حضرت الصالة قام أوالد املرأة يصلون دون أن تناديهم‪ ،‬فقالت هلا األخت‪ :‬ما شاء هللا‪ ،‬كيف‬
‫يصلي أبناؤك من أنفسهم بدون خصام وال تذكري؟ فقالت‪ :‬ليس عندي شيء أقوله لك غري أين من‬
‫اج َع ْل ِّين ُم ِّق َيم َّ‬
‫الص َال ِّة‬ ‫قبل أن اتزوج وحىت يومنا هذا وأان أدعو هللا تعاىل بدعاء نبينا إبراهيم‪َ { :‬ر ِّب ْ‬
‫‪1‬‬
‫َوِّم ْن ذُ ِّريَِّّيت َربَّنَا َوتَ َقبَّ ْل ُد َع ِّاء} [إبراهيم‪"]40 :‬‬

‫♦♦♦♦♦‬
‫واألمثلة على األدعية كثرية ومتنوعة‪ ،‬منها ‪ -‬على سبيل املثال ال احلصر‪: -‬‬

‫َصلِّ ْح ِّيل ِّيف ذُ ِّريَِّّيت} [األحقاف‪]15 :‬‬


‫{ َوأ ْ‬
‫الرِّج ِّيم} [آل عمران‪]36 :‬‬ ‫ك وذُ ِّريَّتَ ها ِّمن الشَّيطَ ِّ‬
‫ان َّ‬ ‫ِّ‬
‫{ َوإِِّّين أُعي ُذ َها بِّ َ َ َ َ ْ‬
‫الص َال ِّة َوِّم ْن ذُ ِّريَِّّيت َربَّنَا َوتَ َقبَّ ْل ُد َع ِّاء} [إبراهيم‪]40 :‬‬
‫اج َع ْل ِّين ُم ِّق َيم َّ‬
‫{ َر ِّب ْ‬
‫ك َوِّم ْن ذُ ِّريَّتِّنَا} [البقرة‪]128 :‬‬ ‫اج َع ْلنَا ُمسلِّم ْ ِّ‬
‫ني لَ َ‬ ‫{ َربَّنَا َو ْ‬
‫َْ‬
‫ُّع ِّاء} [آل عمران‪]38 :‬‬
‫يع الد َ‬
‫ك َمس ُ‬ ‫َ‬ ‫ب ِّيل ِّم ْن لَ ُدنْ َ‬
‫ك ذُ ِّريَّةً طَيِّبةً إِّنَّ َ ِّ‬ ‫ِّ‬
‫{ َرب َه ْ‬
‫ربنا أدب يل أبنائي َورِّهبم فإين ال أحسن التأديب‬

‫رب ارزقين برهم واحسن خامتتهم‬

‫رب استخدمهم وال تستبدهلم‬

‫رب اجعلهم من أهل القرآن واجعل خلقهم القرآن‬

‫‪ 1‬من كتاب "لن تنام حزينا اي بين"‬


‫[‪[25‬‬
‫القدوة الصاحلة‪:‬‬

‫أعين ابلقدوة هنا‪ :‬الوالدين‪ ،‬كوهنم أول من يقتدي به األبناء ويقلدونه وكون أتثريهم أكرب من أتثري‬
‫وْ‬
‫أي شخص آخر‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫قال ابن عباس رضي هللا عنهما‪ :‬عقلت أمي وهي تصوم االثنني واخلميس‬

‫مالك بن دينار رجالً يُسيء صالتَه‪ ،‬فقال‪ :‬ما‬


‫وعن الفضيل بن عياض ‪ -‬رمحه هللا ‪ -‬أنه قال‪ :‬رأى ُ‬
‫أرمحَين بعياله!‬
‫َ‬
‫وترح ُم عياله؟‬
‫فقيل له‪ :‬اي أاب حيىي‪ ،‬يُسيء هذا صالتَه َ‬
‫قال‪ :‬إنه كبريُهم‪ ،‬ومنه يتعلَّمون‪.2‬‬

‫فلقد أصبحنا يف زمن يفتقر فيه كثري من الوالدين للعلم الشرعي – اال من رحم ربك – فيعتمد‬
‫الوالدين على إرسال أوالدهم ملعلم يُعلم األبناء ويهذهبم‪ ،‬مث حينما يعود األبناء للبيت جيدوا تناقض‬
‫مع ما تعلموه عند املعلم وعدم توجيه من الوالدين حينما خيطأوا‪ .‬ورمبا يوجههم الوالدين مع قيامهم‬
‫ابخلطأ فريفض األبناء التوجيه قائلني‪ :‬ملا أتمروان ابلقيام مبا ال تفعلوه‪.‬‬

‫لذلك كان جدير ابالهتمام أن يعتين الوالدين وخاصة األم بتعلم العلوم الشرعية وتطبيقها ليكونوا هم‬
‫القدوة خاصة أهنم أقرب لقلوب األبناء وأتثريهم على أبنائهم أعمق‪ ،‬فحني خيطئ األبناء تقوم األم‬
‫بتوجيههم مستدلة ابألدلة الشرعية والسرية النبوية وهي على بينة وفهم واعي للموقف وكيفية توجيه‬
‫أبناؤها مقتدية ابملنهج النبوي‪.‬‬

‫وإن كانت األم غري متعلمة فالوقت ليس متأخر للتعلم‪ ،‬بل هي أوىل بتعلم أمور دينها من أوالدها‬
‫لتكون املعلمة واملرشدة والقدوة هلم‪ ،‬وميكنها تعليمهم كل ما تتعلمه وأن يسريا معا يف الطريق‪.‬‬

‫فاألبناء ينشأوا مقتدين ابلوالدين وما يرونه منهما‪ ،‬وينتبهوا لو الحظوا أي تقصري من والديهم‪ .‬فهذه‬
‫احدى األخوات تذكر أهنا اعتادت اْللوس بعد كل صالة لقراءة األذكار‪ ،‬ويف يوم قامت بعد‬

‫‪ 1‬الطبقات الكربى البن سعد ج ‪ 8‬ص ‪278‬‬


‫‪ 2‬حلية األولياء أليب نعيم ج ‪ 2‬ص ‪383‬‬
‫[‪[26‬‬
‫الصالة مباشرة بدون قراءة األذكار‪ ،‬فاستوقفها ابنها قائال بلغته الطفولية الركيكة‪ :‬مل تقويل استغفر هللا‬
‫اي أمي‪.‬‬

‫لذا وجب على الوالدين االهتمام بدينهما وأخالقهما وسلوكهما وأن يكون كل ذلك خالصا هلل عز‬
‫وجل حىت يؤتى بثماره يف دين وأخالق وسلوك أبنائهما‪ ،‬لقوله تعاىل‪{ :‬وكان أبومها صاحلا}‬
‫[الكهف‪ .]82 :‬فللطفل قدرة عجيبة على التقاط كل ما حيدث من حوله واالحتفاظ به يف ذاكرته‬
‫سواء فهم معناه أم ال‪.‬‬

‫ومن أمثلة اهتمام أبناء السلف مبا يرونه ويسمعونه‪:‬‬

‫عن عبد ا بن أيب بكرة رمحه هللا قال‪ :‬قلت أليب‪ :‬اي أبت أمسعك تقول كل غداة‪ :‬اللهم عافين يف‬
‫مسعي‪ ،‬اللهم عافين يف بصري‪ ،‬وال إله إال أنت‪ ،‬تكررها ثالاث حني تصبح وثالاث حني متسي‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫فقال‪ :‬اي بين! إين مسعت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يدعو هبن‪ ،‬فأان أحب أن أسنت بسنته‪.‬‬

‫♦♦♦♦♦♦‬

‫تالوة القرآن‪:‬‬

‫وهنا ننتقل ملرحلة أخرى من حتبيب طفلك يف القرآن‪ ،‬فقد اعتاد سابقا على االستماع للقرآن‬
‫ِّ‬
‫كصوت‬ ‫ات أخرى مجيلة وهادئة ‪-‬‬ ‫بصوتك وهو جنني‪ ،‬واآلن حان الوقت أن يستمع إليه أبصو ٍ‬
‫َ‬
‫ِّ‬
‫كلمات كتاب هللا عز وجل ويزداد تعلقا به‪ ،‬مما‬ ‫والده أو أحد امل ِّ‬
‫قرئني املتقنني – ليصبح أكثر ألفة مع‬
‫حفظ القرآن فيما بعد ِّ‬‫ُ‬
‫بعون هللا‪.‬‬ ‫يُ َس ِّهل عليه‬

‫‪ 1‬األدب املفرد‬
‫[‪[27‬‬
‫صباحا ومساءً‪:‬‬
‫تعوي ُذهم من الشيطان ً‬
‫والتعويذ من الشيطان الرجيم هو من وسائل حتصني األبناء اليت مارسها النيب صلى هللا عليه وسلم مع‬
‫احلسن واحلسني‪.‬‬

‫احلس َن واحلُ َسني‪:‬‬ ‫ِّ‬ ‫ابن ٍ‬ ‫فعن ِّ‬


‫النيب صلى هللا عليه وسلم يُعوذ َ‬
‫عباس رضي هللا عنهما قال‪ :‬كان ُّ‬
‫المة‪ ،‬مث يقول‪ :‬كان أبوكم يُ ِّ‬
‫عوذ‬ ‫وهامة‪ ،‬ومن كل عني َّ‬
‫«أعي ُذكما بكلمات هللا التامة‪ ،‬من كل شيطان َّ‬
‫إمساعيل وإسحاق»‪.1‬‬
‫َ‬ ‫هبما‬

‫فينبغي على الوالدين االهتمام برقية أبنائهما دوما‪ ،‬فكم من حادث مأساوي أصاب األبناء بسبب‬
‫العني واحلسد وتقصري الوالدين يف املواظبة على حتصني األبناء‪.‬‬

‫♦♦♦♦♦♦‬

‫األذكار‪:‬‬

‫ويتعرف عليه‪،‬‬
‫يعتاده الطفل َّ‬
‫يفضل يف هذه املرحلة من العمر أن يكون هناك روتني يومي لألذكار ُ‬
‫وقت حمدَّد لكل ِّذكر؛ مما يسهل عليه ِّحفظُه وذلك عن طريق االستماع لوالديه وهم‬
‫فيكون هناك ٌ‬
‫يرددونه يوميا‪ ،‬وسوف تندهشني عندما جتدين أن طفلك الذي ال يستطيع النطق بطريقة سليمة‬
‫لصغر سنه‪ ،‬استطاع أن حيفظ تلك األدعية ويستطيع أن يرددها وحده بلغته الركيكة من كثرة ما‬
‫مسعها منكم ومن أمثلة ذلك‪:‬‬

‫‪ -‬عند االستيقاظ من النوم‪:‬‬


‫ميكنك اْللوس جبوار طفلك يف فراشه صباحا ومساءا وترديد األذكار على مسامعهم‬
‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يقول إذا استي َقظ ِّمن النوم‪ُ « :‬‬
‫احلمد هلل الذي أحياان‬ ‫فقد كان ُ‬
‫النشور»‪،1‬‬
‫ُ‬ ‫بعدما أماتنا وإليه‬

‫‪ 1‬رواه البخاري (‪)3371‬‬


‫[‪[28‬‬
‫وإذا ذهب للنوم قال‪« :‬إبمسك اللهم أموت وأحيا»‪.2‬‬
‫‪ -‬قبل األكل والشرب(أو الرضاعة)‪:‬‬
‫بسم هللا‪ ،‬فإن ِّ‬
‫نسي يف‬ ‫طعاما‪ ،‬فلي ُقل‪ِّ :‬‬
‫ْ‬ ‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪« :‬إذا أ َكل أحدكم ً‬
‫قال ُ‬
‫بسم هللا يف أولِّه وآخره»‪.3‬‬
‫َّأولِّه‪ ،‬فلي ُقل‪ِّ :‬‬
‫ْ‬

‫‪ -‬بعد األكل‪:‬‬
‫ورزقَنيه‬ ‫يقول بعد األكل‪ِّ ُ « :‬‬
‫أطعمين هذا َ‬
‫احلمد هلل الذي َ‬ ‫كان الرسول صلى هللا عليه وسلم ُ‬
‫ِّمن غري ٍ‬
‫حول ِّ‬
‫مين وال قوة»‪.4‬‬

‫‪ -‬عند العطاس‪:‬‬
‫قال صلى هللا عليه وسلم يف العُطاس‪« :‬إذا عطَس أح ُدكم‪ ،‬فلي ُق ِّل‪ُ :‬‬
‫احلمد هلل‪ ،‬ولي ُق ْل له أخوه‬
‫يرمحُك هللا‪ ،‬فإذا قال له‪ :‬يرمحك هللا‪ ،‬فلي ُق ْل‪ :‬يهديكم هللاُ ويُصلِّح ابلَكم»‪.5‬‬
‫أو صاحبه‪َ :‬‬
‫وال حيبذ قول احلمد هلل مث يرمحك هللا مث يهديكم هللا ويصلح ابلكم دفعة واحدة ألهنا‬
‫ستشتت الطفل‪ ،‬بل يكتفي بقول احلمدهلل ومع مرور الوقت سيتعلم الرد من مشاهدته لكم‬
‫واستماعه لردود من حولكم عليكم حني حتمدوا هللا‪.‬‬

‫‪ -‬عند املرض‪:‬‬
‫حيبَّ ُذ أن تضعي ِّ‬
‫يديك على موضع األمل يف جسد طفلك؛ ليشعَُر ب ُقربك منه‪ ،‬فيستشعر‬
‫النيب صلى هللا عليه وسلم أنه قال‪« :‬ما من‬ ‫ِّ‬
‫الدعاء له ابلشفاء‪ ،‬فعن ِّ‬ ‫احلنان واألمان‪ ،‬مع‬

‫‪ 1‬رواه البخاري (‪)6312‬‬


‫‪ 2‬رواه البخاري (‪)6314‬‬
‫‪ 3‬حسن صحيح‪ :‬رواه الرتمذي (‪)1858‬‬
‫‪ 4‬حسن غريب‪ :‬رواه الرتمذي (‪)3458‬‬
‫‪ 5‬رواه البخاري (‪)6224‬‬
‫[‪[29‬‬
‫رب ِّ‬
‫العرش‬ ‫حيض ْر أجلُه‪ ،‬فيقول سبع مرات‪ :‬أسأل هللاَ العظيم َّ‬ ‫ٍ‬
‫يضا مل ُ‬ ‫عبد مسلم يعود مر ً‬
‫العظيم أن يشفيَك‪ ،‬إال عُ ِّويف»‪.1‬‬

‫‪ -‬عند مساع اآلذان‪:‬‬


‫النيب صلى هللا عليه‬ ‫وكذلك من املهم ترديد األذان خلف املؤذن لينتبه له عقله وقلبه؛ ِّ‬
‫لقول ِّ‬
‫وحي على الفالح‪ ،‬فيقول‪ :‬ال‬ ‫ِّ‬ ‫وسلم‪ِّ ُ « :‬‬
‫حي على الصالة‪َّ ،‬‬ ‫ثل ما يقول املؤذن‪ ،‬إال يف َّ‬
‫يقول م َ‬
‫حول وال َّقوةَ إال ابهلل»‪.2‬‬
‫َ‬

‫‪ -‬بعد مساع اآلذان‪:‬‬


‫ِّ‬
‫الدعوة التامة‪،‬‬ ‫رب هذه‬‫النيب صلى هللا عليه وسلم‪« :‬اللهم َّ‬ ‫ِّ‬
‫بدعاء ِّ‬ ‫وبعد األذان تدعني‬
‫حممودا الذي وع ْدتَه»‪.3‬‬ ‫والصالة القائمة‪ِّ ،‬‬
‫قاما ً‬‫ابعثْه َم ً‬
‫حمم ًدا الوسيلةَ والفضيلة‪ ،‬و َ‬
‫آت َّ‬
‫عليك ‪ -‬لنفسك أوال مث ألهلك مث لعامة املسلمني؛ فقد‬ ‫مث الدعاء بعدها ‪ -‬مبا يفتح هللا ِّ‬
‫ُ‬
‫النيب صلى هللا عليه وسلم أنه قال للصحابة رضوان هللا عليهم‪« :‬الدعاءُ ال يَُرُّد بني‬ ‫ُرِّوي عن ِّ‬
‫األذان و ِّ‬
‫اإلقامة»‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫رسول ِّ‬
‫هللا؟‬ ‫نقول اي َ‬
‫قالوا‪ :‬فماذا ُ‬
‫قال‪َ « :‬سلُوا هللا العافيةَ يف الدنيا و ِّ‬
‫اآلخرة» ‪.‬‬ ‫َ‬
‫‪4‬‬

‫‪ -‬عند اخلروج من املنزل‪:‬‬


‫عن أنس بن مالك‪ ،‬أن النيب صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬قال إذا خرج من بيته‪ ،‬فقال‪« :‬بسم هللا‪،‬‬
‫توكلت على هللا‪ ،‬ال حول وال قوة إال ابهلل‪،‬‬
‫فيقال له‪ :‬حسبك قد كفيت وهديت ووقيت‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫فيلقى الشيطان شيطاان آخر فيقول له‪ :‬كيف لك برجل قد كفي وهدي ووقي »‬

‫‪ 1‬حسن غريب‪ :‬رواه الرتمذي (‪)2083‬‬


‫‪ 2‬رواه ابن أيب شيبة (‪)2360‬‬
‫‪ 3‬رواه البخاري (‪)4719‬‬
‫‪ 4‬حسن‪ :‬رواه الرتمذي (‪)3594‬‬
‫[‪[30‬‬
‫والبد من ترديد األذكار يف كل مرة بصوت غري عايل لكنه مسموع للطفل لريسخ يف ذهنه‪.‬‬

‫وقد ذكرت احدى األخوات أهنا اعتادت على ترديد ذكر اخلروج من املنزل وذكر ركوب السيارة‬
‫بصوت مسموع لريدده أبناؤها‪ ،‬ويف يوم من األايم وجدت طفلها الذي مل يتم عامني ونصف يسبقها‬
‫ويردد األذكار كاملة بلغته الطفولية الركيكة‪ ،‬فقد حفظها من كثرة ما مسعها رغم أنه ال خيرج سوى‬
‫مرة واحدة إسبوعيا‪.‬‬

‫وللمزيد من األذكار ميكنكم اإلطالع على حصن املسلم لألذكار اليومية‪.‬‬

‫♦♦♦♦♦♦‬

‫التوحيد‪:‬‬
‫َ‬ ‫تلقينه‬

‫أمجل أن تكو َن أول كلمات يتكلَّ ُم هبا طفلك هي كلمة التوحيد؛ حىت لو كانت ألفاظُه ركيكةً‬
‫ما َ‬
‫بعد‪ ،‬ولن أييت هذا إال بكثرة ترديدها أمامه حىت حيفظها‪.‬‬ ‫وغري و ٍ‬
‫اضحة ُ‬ ‫َ‬
‫الصيب ‪ -‬أن‬
‫َّ‬ ‫أول ما يُفصح ‪ -‬يعين‬
‫التيمي ‪ -‬رمحه هللا ‪ -‬أنه قال‪ :‬كانوا يستحبُّون َ‬
‫ِّ‬ ‫اهيم‬
‫فعن إبر َ‬
‫يعلِّموه‪ :‬ال إله إال هللا سبع مرات‪ ،‬فيكون ذلك َ‬
‫أول ما يتكلَّ ُم به‪.2‬‬

‫وميكنك البدء يف تلقني طفلك الشهادتني وأن تطليب منه أن يرددها خلفك وهو طفل رضيع‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫إسحاق بن عبدهللا عن جدَّته ِّأم ُسلَيم أهنا آمنَ ْ‬
‫ت برسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬قالت‪ :‬فجاء‬ ‫َ‬ ‫فعن‬
‫أبو أنس ‪ -‬وكان غائبًا ‪ -‬فقال‪ :‬أصبَ ْو ِّت؟‬

‫آمنت هبذا الرجل‪.‬‬


‫صبوت‪ ،‬ولكين ُ‬
‫ُ‬ ‫قالت‪ :‬ما‬

‫رسول هللا‪.‬‬
‫حمم ًدا ُ‬ ‫قالت‪ :‬فجعلَت ِّ‬
‫تلق ُن أنَ ًسا‪ ،‬وتشريُ إليه‪ :‬قُل‪ :‬ال إله إال هللاُ‪ ،‬قل‪ :‬أشهد أن َّ‬ ‫ْ‬
‫ففعل‪.‬‬
‫قال‪َ :‬‬

‫‪ 1‬صحيح‪ :‬رواه ابن حبان (‪)822‬‬


‫‪ 2‬رواه ابن أيب شيبة (‪)3500‬‬
‫[‪[31‬‬
‫قال‪ :‬فيقول هلا أبوه‪ :‬ال تُ ِّ‬
‫فسدي علَ َّي ابين‪.‬‬
‫فتقول‪ :‬إين ال أ ِّ‬
‫ُفسده‪.‬‬
‫عدو فقتَله‪ ،‬فلما بلغها قتلُه‪ ،‬قالت‪ :‬ال جرم‪ ،‬ال ِّ‬
‫أفط ُم أنَ ًسا حىت‬ ‫فخرج مالك أبو أنس فلقيه ٌّ‬
‫ََ‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫ع الثدي حيًّا‪.1‬‬
‫يد َ‬
‫َ‬
‫ويف هذا دليل على إمكانية تلقني الطفل كلمة التوحيد وطفل هو رضيع‪.‬‬

‫وذكر ابن قيم اْلوزية رمحه هللا فيما خيص تلقينهم التوحيد يف الصغر‪" :‬فَِّإذا َكا َن َوقت نطقهم فليلقنوا‬
‫َال إِّلَه إَِّّال هللا ُحمَ َّمد َر ُسول هللا‪َ ،‬وليكن أول َما يقرع مسامعهم معرفَة هللا ُسْب َحانَهُ وتوحيده َوأَنه ُسْب َحانَهُ‬
‫‪2‬‬
‫فَوق َع ْرشه ينظر إِّلَْي ِّهم َويسمع َك َالمهم َوُه َو َم َعهم أَيْنَ َما َكانُوا"‪.‬‬

‫♦♦♦♦♦♦‬

‫حب هللا ورسوله‪:‬‬


‫ُّ‬

‫عن أنس رضي هللا عنه‪ ،‬عن النيب صلى هللا عليه وسلم قال‪« :‬ثالث من كن فيه؛ وجد هبن حالوة‬
‫اإلميان وطعمه‪ :‬أن يكون هللا عز وجل ورسوله أحب إليه مما سوامها‪ .‬وأن ُحيب يف هللا ويبغض يف هللا‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫وأن توقد انر عظيمة فيقع فيها؛ أحب إليه من أن يُشرك ابهلل شيئًا»‬

‫ومن هنا وجب علينا زرع حب هللا ورسوله يف قلوب أبنائنا‪ ،‬ونظرا لصغر هذه املرحلة العمرية‪ ،‬فأسهل‬
‫مدى حبِّك هلل ولرسولِّه على هيئة مجل حيفظوهنا أو‬ ‫ِّ‬
‫السبل هي أن ترددي على مسامعهم ً‬
‫دائما َ‬
‫أانشيد‪.‬‬

‫‪ 1‬الطبقات الكربى البن سعد ج ‪ 8‬ص ‪426‬‬


‫‪ 2‬حتفة املودود يف أحكام املولود ص ‪231‬‬
‫‪ 3‬السلسلة الصحيحة (‪)3423‬‬
‫[‪[32‬‬
‫فحبك هلل يظهر من خالل تعديد صفاته عز وجل املوجبة حملبته‪ ،‬فاهلل‪ :‬الرازق‪ ،‬السميع‪ ،‬البصري‪،‬‬
‫الغفور‪ ،‬الشكور‪.‬‬

‫مع كثرة الثناء على هللا دوًما وشكره أمام األبناء قائلة‪:‬‬

‫الطعام والشراب‪.‬‬
‫َ‬ ‫احلمد هلل الذي َرزقنا‬

‫ورزقنا املس َك َن‪.‬‬


‫احلمد هلل الذي كساان َ‬
‫احلمد هلل الذي ِّ‬
‫حفظ صحتَنا‪.‬‬

‫من علينا ابهلداية‪.‬‬


‫احلمد هلل الذي َّ‬
‫وقد أوصى رسولنا احلبيب صلى هللا عليه وسلم بذلك حينما قال‪« :‬إن هللا لَريضى عن ِّ‬
‫العبد أن‬ ‫َ َ‬
‫فيحم َده عليها»‪.1‬‬
‫الشربةَ َ‬
‫ب َّ‬‫يشر َ‬
‫فيحم َده عليها‪ ،‬أو َ‬
‫أيكل األَ ْكلةَ َ‬
‫َ‬
‫♦♦♦♦♦‬
‫تعود أبناؤك على رؤيتك تسجدين شكرا هلل كلما ر ِّ‬
‫زقت بنعمةً؛ فقد روي عن‬ ‫مجيل حينما ي َّ‬
‫ُ‬ ‫ُ َ ً‬ ‫وكم هو ٌ‬
‫شاكرا هلل‪.2‬‬
‫ساجدا ً‬
‫ً‬ ‫أمر سرور‪ ،‬أو بُ ِّشر به‪َّ ،‬‬
‫خر‬ ‫الرسول صلى هللا عليه وسلم أنه كان إذا جاءه ُ‬
‫صفقني وتُظهرين‬‫ضر والده قطعةَ حلوى‪ ،‬أو لعبة مجيلة‪ ،‬فت ِّ‬‫ط مثال يفهمه طفلُك هو حينما ُحي ِّ‬ ‫وأبس ُ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫َّترين لألرض ساجد ًة سجد ًة تشكرين فيها هللا‪ ،‬فينشأ‬ ‫فر َحك‪ ،‬وتقولني‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬احلمد هلل‪ ،‬مث ِّ‬
‫َ‬
‫مدا له على مجيع نعمه‪.‬‬‫طفلك متعل ًقا ابهلل‪ ،‬وحا ً‬
‫♦♦♦♦♦‬
‫أما حبك للرسول صلى هللا عليه وسلم فيظهر من خالل االقتداء بسنته يف املأكل واملشرب وامللبس‬
‫ك‪:‬‬‫وترديد األذكار يف كل حني أمام طفلك إبسلوب مبسط‪ ،‬ومن أمثلة ذلك قولُ ِّ‬

‫‪ِّ -‬مسي هللا قبل الطعام كما علمنا رسولنا احلبيب‪.‬‬

‫‪ 1‬رواه مسلم (‪)2734‬‬


‫‪ 2‬صحيح‪ :‬رواه أبو داود (‪)2774‬‬
‫[‪[33‬‬
‫‪ُ -‬كل بيمينك كما علمنا حبيبنا املصطفى‪.‬‬
‫‪ -‬هيا بنا نصلى يف اول الوقت كما أوصاان نبينا احلبيب‪.‬‬

‫ورغم ان استيعاب الطفل وفهمه اقل بكثري من استيعاب البالغني‪ ،‬إال أنه مع مرور الوقت سيحفظ‬
‫رويدا ويتعلق هبا حىت‬
‫رويدا ً‬
‫تلك الكلمات وترسخ يف ذهنه ومع مرور األايم والسنوات سيستوعبها ً‬
‫يصبح حب هللا ورسوله أحب إليه من كل شيء‪.‬‬

‫[‪[34‬‬
‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫مرحلة الطفولة (من سنتني إىل ‪ 6‬سنوات)‬


‫‪ ‬الدعاء يف حياة األبناء‬
‫‪ ‬دعاؤهم ألنفسهم‬
‫‪ ‬استشعار مراقبة هللا ‪ -‬عز وجل ‪-‬‬
‫‪ ‬رسولنا قدوتنا‬
‫‪ُّ ‬‬
‫التأمل يف َخ ْلق هللا‬
‫‪ ‬التوحيد‬
‫‪ ‬االهتمام ِّ‬
‫بتعليم اإلميان قبل القرآن‬
‫‪ ‬حتفيظ األبناء القرآن يف سن مبكر‬
‫‪ ‬القرآن حياتنا‬
‫‪ ‬األذكار‬
‫‪ ‬قصص قبل النوم‬
‫‪ ‬احلث على العبادات‬
‫‪ ‬العِّلم الشَّرعي‬

‫[‪[35‬‬
‫مرحلة الطفولة (من سنتني اىل ‪ 6‬سنوات)‬
‫مرحلة الطفولة هي املرحلة العمرية ما بني العامني والسنوات الست حيث تبدأين بتشجيع طفلك‬
‫على تطبيق العبادات اليت تَ َع َّود على رؤيتكم متارسوها مع شرحها وتوضيح أمهيتها إبسلوب مبسط‬
‫مناسب لعمره ويستوعبه لتتحول لديه هذه العادات إىل عبادات‪ ،‬ويتم ذلك عن طريق تذكريه بكل‬
‫ما مت تعليمه إايه يف املرحلة السابقة وإضافة املزيد إليه مبا يتناسب مع فهمه وعمره وتدعيمه أكثر‬
‫ابألدلة من القرآن والسنة ليكون ذا أتثري أقوى وأرسخ يف ذهن طفلك‪.‬‬

‫ومن األمثلة على ذلك‪:‬‬

‫الدعاء لألبناء يف حضورهم‪:‬‬

‫أمجل أن‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬


‫للدعاء سحر خاص يف أتليف القلوب وحثها على اخلري ال سيما مع أبنائك الصغار‪ ،‬فما َ‬
‫كالمك وتُنهيه ابلدعوات هلم مما يزيد من حمبتك يف قلوهبم‪ ،‬كأن تقويل هلم‪:‬‬
‫تبدئي َ‬
‫‪ِّ -‬‬
‫أعطين الكوب‪ ..‬هللا يرضى عنك!‬
‫‪ -‬جعلك هللا من الصاحلني‪ِّ ،‬‬
‫أحض ْر يل الشال أتدثَّر به!‬

‫‪ -‬حفظك هللا‪ ،‬هل ممكن تغلق الباب؟‬

‫‪ -‬احفظ وردك من القرآن‪ ،‬جعلك هللا من أهله وخاصته‪.‬‬

‫‪ -‬وغريها من الدعوات املؤلفة للقلوب‪.‬‬

‫ومن القصص الواقعية اْلميلة يف هذا األمر أن أختًا رزقها هللا بسبعة من األبناء حفظوا القرآن مجيعا‬
‫أحسن أحدهم عمالً‪ ،‬كنت‬ ‫يف سن مبكر‪ ،‬وحينما ُسئلت عن طريقتها يف حتفيظهم‪ ،‬أجابت‪ :‬كلما َ‬
‫ظة القرآن"‪ ،‬متمنية أن يوافق دعائي ساعة‬‫أدعو له وعلى مسامعه‪" :‬ابرك هللا فيك وجعلك من ح َف ِّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫مجيعا لكتاب هللا‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫علي حبفظهم ً‬ ‫من َّ‬‫إجابة‪ ،‬واحلمد هلل الذي َّ‬
‫♦♦♦♦♦‬
‫[‪[36‬‬
‫وهنا وجب التنويه عن هني النيب صلى هللا عليه وسلم من الدعاء على األبناء ألنه من أسباب‬
‫فسادهم وشقائهم‪.‬‬

‫فقد روي عن الرسول صلى هللا عليه وسلم أنه قال‪« :‬ال تدعوا على أنفسكم‪ ،‬وال تدعوا على‬
‫أوالدكم‪ ،‬وال تدعوا على خدمكم‪ ،‬وال تدعوا على أموالكم‪ ،‬ال توافقوا من هللا ساعة نيل فيها عطاء‬
‫‪1‬‬
‫فيستجاب لكم»‬

‫وذكر أن رجل جاء إىل عبد هللا بن املبارك يشكو له عقوق ولده‪،‬‬

‫فقال له‪ :‬هل دعوت عليه؟‬

‫فقال‪ :‬بلى‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫فقال عبد هللا بن املبارك‪ :‬أنت أفسدته‪.‬‬

‫♦♦♦♦♦♦‬

‫تعليم األبناء الدعاء ألنفسهم‪:‬‬

‫وكما أن الدعاء لألبناء له سحر خاص يف قلوهبم‪ ،‬فكذلك دعاؤهم ألنفسهم والذي يربيهم على‬
‫التعلق ابهلل عز وجل واإلخالص له واالستعانة به يف كل أمورهم‪ ،‬فالدعاء من أبسط أنواع العبادة‪.‬‬
‫قال ربُّ ُكم ادع ِّوين أ ِّ‬
‫ب لَ ُك ْم‬
‫َستَج ْ‬
‫{و َ َ ُ ْ ُ ْ‬ ‫قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪« :‬الدعاء هو العبادة» مثَّ قرأَ َ‬
‫ِّ‬ ‫إِّ َّن الَّ ِّذين يَستَ ْكِّربو َن َع ْن ِّع َِّ‬
‫ين} [غافر‪.3]60 :‬‬ ‫باديت َسيَ ْد ُخلُو َن َج َهن ََّم داخ ِّر َ‬ ‫َ ْ ُ‬
‫إليك حينما تدعني هللا عز‬ ‫وميكن تعليم الطفل الدعاء لنفسه من عمر سنتني عن طريق االستماع ِّ‬
‫وجل‪ ،‬وحتثيه على التأمني على دعاءك بقول آمني‪.‬‬

‫‪ 1‬صحيح‪ :‬رواه أيب داوود (‪)1532‬‬


‫‪ 2‬إحياء علوم الدين ج‪ 2‬ص ‪59‬‬
‫‪ 3‬حسن صحيح‪ :‬رواه الرتمذي (‪)3372‬‬
‫[‪[37‬‬
‫♦♦♦♦♦‬
‫ويف الرابعة من عمره تبدأي ابلتحدث معه عن أمهية الدعاء والتلميح إىل أن هللا قد يستجيب للدعاء‬
‫على الفور وقد يؤخر االجابة أحياان حلكمة ال يعلمها سواه وقد يستجيب لنا مبا هو أفضل مما دعوان‬
‫به‪ ،‬مع حماولة تدريبه على الدعاء‪ ،‬ومن أمثلة ذلك‪:‬‬

‫ذكر مدى احتياجك لشراء متطلبات أكلته املفضله‪ ،‬وتطليب منه الدعاء أن يرزق هللا والده‬ ‫‪-‬‬
‫وييسر له شراؤها وتقومي ابلدعاء أمامه وعلى مسمعه‪ .‬ويتم ذلك قبل حلول موعد الراتب‬
‫الشهري بيومني أو أكثر قليال‪.‬‬
‫أن تتمين بصوت عايل لو يرزقكم هللا مال لتتصدقي به مث تبدأي ابلدعاء يوميا وتطليب منه‬ ‫‪-‬‬
‫مشاركتك الدعاء‪ ،‬وبعدها بعدة أايم َّترجي بعض األموال وتقويل له احلمدهلل أن رزقنا هللا من‬
‫املال ما نتصدق به وحتثيه على إعطاء ذلك املال ألي فقري تقابلوه‪.‬‬
‫إذا أراد شيئا‪ ،‬من والده‪ ،‬فاطليب منه الدعاء هلل إبحلاح ليوافق والده عليه‪ ،‬مث اخربي زوجك مبا‬ ‫‪-‬‬
‫حدث ليوافق زوجك على طلبه ويتم تعزيز أمهية الدعاء يف قلب طفلك ويفضل أن تعوديه‬
‫على الدعاء ابخلري فقط حىت ال يتعلق ابلدنيا وشهواهتا‪.‬‬
‫ويف املقابل يكون هناك مواقف متر بدون تلبية لطلباته أو يتم تلبيتها بعد شهورز‬ ‫‪-‬‬

‫♦♦♦♦♦‬
‫كل هذا مع االهتمام بتعليم طفلك بعض األدعية الطيبة‪:‬‬

‫اللهم إين أسألك الشوق إىل لقائك ولذة النظر إىل وجهك الكرمي‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫نت ِّخل َقيت‪.‬‬ ‫اللهم ِّ‬
‫حسن ُخلُقي كما َّ‬
‫حس َ‬ ‫‪-‬‬
‫اللهم اغفر يل ولوالدي وارمحهما كما ربياين صغريا‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫اللهم اعين على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫[‪[38‬‬
‫واالهتمام بتعليم الطفل الدعاء لوالديه من ابب الرب هبما مع االستغفار هلما فعن أيب هريرة رضي هللا‬
‫عنه قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪« :‬ان هللا عز وجل لريفع الدرجة للعبد الصاحل يف اْلنة‬
‫‪1‬‬
‫فيقول‪ :‬اي رب أّن يل هذه؟ فيقول‪ :‬ابستغفار ولدك لك»‬

‫مع حماولة تلبية طلبات طفلك فيما دعى به – بعض األحيان – ليستشعر لذة اجابة الدعاء ويتعلق‬
‫قلبه ابهلل اكثر فيتعلم التوجه إليه واالستعانة به‪ ،‬فيتعلم أن الدعاء ال يُستجاب دوما‪.‬‬

‫ومن القصص اْلميلة أن أحد األبناء البالغ من العمر ست سنوات‪ ،‬أراد أن جتلس أمه جبواره وقت‬
‫النوم‪ ،‬فظل يلح يف الدعاء يف صمت‪ ،‬مث على غري العادة ذهبت والدته لتجلس جبواره‪ ،‬وفوجئت به‬
‫يقول‪ :‬احلمد هلل أن استجاب هللا لدعائي‪ ،‬فقد كنت أحل على هللا يف الدعاء أن أتيت وجتلسي جبواري‪.‬‬

‫♦♦♦♦♦‬
‫وهناك قصة أخرى لطيفة ذكرهتا األستاذة أم هانئ عن كيفية ربط األبناء ابهلل عز وجل ابستخدام‬
‫احليلة‪ ،‬ودار فيها احلوار التايل‪:2‬‬

‫االبن الصغري يطلب من أمه شيئا ويلح عليها إحلاحا شديدا لتوافقه‪.‬‬

‫األم بتصرب‪ :‬ال لن أعطيك ما تريد كف فضال عن اإلحلاح ‪...‬‬

‫االبن ال يستسلم‪ :‬ومل!؟ اي رب يبارك فيك أعطينيه‪...‬‬

‫األم تتصنع الغضب‪ :‬قلت ال‪ ...‬ولكن فضال‪ :‬إايك أن تدعو هللا‪ ،‬فأنت حينما تدعو هللا يستجيب‬
‫لك وأخشى ان تدعوه فأجدين أوافق على مطلوبك دون أن أعلم كيف‪ ...‬فقط فضال انس األمر‬
‫وال تلح على هللا ابلدعاء كي أوافق إايك‪...‬‬

‫االبن وقد ملعت عيناه مبكر حمبب‪ :‬إذن سأدعوه وبشدة وسنرى اي أمي‪ ،‬وجرى من أمامها وهو‬
‫يضحك بشدة‪.‬‬

‫‪ 1‬حسن‪ :‬رواه أمحد (‪)10618‬‬


‫‪ 2‬مناقشات عائلية‪ ،‬أم هانئ‪ ،‬موقع صيد الفوائد‬
‫[‪[39‬‬
‫األم نظرت إليه متصنعة الغيظ واخلوف وقالت‪ :‬ال ال من أجلي ال تفعل‪ ،‬أخشى أن يستجيب هللا‬
‫لك‪....‬‬

‫الولد يضحك ويضحك كالغائظ هلا‪ :‬بلى سأفعل ويرفع يديه إىل السماء ضارعا يسأل هللا أن توافق‬
‫أمه على حاجته‪...‬‬

‫واألم بكل سرور حتاول إنزال يديه وتصرخ عليه متصنعة الغيظ‪ :‬ولد‪ ..‬فضال ال تفعل‪...‬‬

‫مث ترتكه بعض الوقت ويف املساء يعاود الكرة وبثقة تلك املرة‪ :‬اي أمي فضال أعطيين حاجيت‪.. .‬‬

‫فعلت اُراين أأتثر شيئا‬


‫األم تتصنع الرفض ليس القوي‪ :‬طيب ربنا ييسر سأرى‪ ...‬ولكن انتظر ماذا َ‬
‫فشيئا أنت شرير‬

‫االبن يضحك بشدة ويقول‪ :‬بعد صالة العشاء ستوافقني إن شاء هللا‪.‬‬

‫األم بتعجب مصطنع‪ :‬ومل بعد العشاء تعيينا؟‬

‫االبن يضحك مبكر حمبب‪ :‬ألين سأكرر الدعاء يف السجود وأعلم أن هللا سيستجيب يل‪.‬‬

‫األم بسرور خفي‪ :‬طيب سنرى!‬

‫بعد العشاء االبن يعاود اإلحلاح على األم‪ :‬أمي فضال أعطيين حاجيت‪.‬‬

‫األم تنظر إليه متصنعة الرتدد الضعيف‪ :‬أال تيأس؟‬

‫االبن‪ :‬فضال اي أمي‪...‬؟‬

‫األم توافق كاملضطرة وتقول معاتبة‪ :‬ولكن كف عن دعاء هللا اي ماكر فهو سبحانه حيب اإلحلاح يف‬
‫الدعاء وخاصة من األطفال‪.‬‬

‫االبن يتقافز من الفرح‪ :‬أبدا وهللا أبدا لن أترك دعاءه سبحانه‪.‬‬

‫األم مسرورة‪ :‬هللا يهديك!!!‬

‫[‪[40‬‬
‫ويف هذه القصة السابقة جنحت األم يف تعزيز أمهية الدعاء لدى ابنها‪ ،‬ورغم جناح التجربة معها فلم‬
‫تنجح نفس احليلة مع أم أخرى ألن كل طفل خيتلف عن اآلخر يف فكره وعقليته وشخصيته‪ ،‬وعلى‬
‫كل أم أن تتعرف على طفلها وما يناسبه من وسائل التعليم واحليل لتتبعها معه‪.‬‬

‫♦♦♦♦♦♦‬

‫غرس مراقبة هللا ‪ -‬عز وجل – واالستعانة به‪: -‬‬

‫لكل انسان وقت حيتاج اللجوء فيه ملن يفهمه ويستوعبه وليس هناك أمجل وال أفضل من اللجوء هلل‬
‫عز وجل واالستعانة به يف كل أموران وشئوننا وخاصة يف حياة األطفال‪.‬‬

‫"فبتعميق حب هللا عز وجل يف قلب طفلك واالستعانة ابهلل يف نفسه‪ ،‬وأتصيل مراقبة هللا يف قلبه‪،‬‬
‫وغرس اإلميان ابلقضاء والقدر يف لبه وفؤاده‪ ،‬يستطيع الطفل مواجهة حياته كطفل‪ ،‬ومستقبله كرجل‬
‫‪1‬‬
‫أو مستقبلها كأم"‬

‫وميكنك البدء بتعليم طفلك استشعار مراقبة هللا عز وجل واالرتباط به مع بلوغه العامني عن طريق‬
‫ترديد بعض اْلمل واليت ستتخزن يف ذهنه ال شعوراي ويستوعبها مع مرور الوقت مثل‪:‬‬

‫‪ -‬هيا نصلي لرياان هللا وحيبنا فريزقنا الفردوس األعلى‪.‬‬

‫‪ -‬استحيي من هللا واسرت عورتك سريعا‪.‬‬


‫فهنا مع استشعاره مبراقبة هللا عز وجل‪ ،‬نقوم بغرس احلياء من هللا سبحانه وتعاىل‪ ،‬فقد روي‬
‫نذر؟‬ ‫رسول ِّ‬
‫هللا عوراتُنَا ما ِّ‬
‫أنيت منها وما ُ‬ ‫عن معاوية بن حيدة القشريي أنه قال‪ :‬قلت‪ :‬اي َ‬
‫ميينك»‪،‬‬
‫ملكت َ‬
‫ْ‬ ‫زوجتك أو مما‬
‫َ‬ ‫تك إال من‬ ‫قال‪« :‬احف ْظ عور َ‬
‫الرجل يكون مع ِّ‬
‫الرجل؟‬ ‫فقلت‪ُ :‬‬
‫استطعت أن ال يَراها أح ٌد فافْ َعل»‪،‬‬
‫َ‬ ‫قال‪« :‬إن‬
‫الرجل يكون خاليًا؟‬
‫قلت‪ :‬و ُ‬‫ُ‬
‫‪ 1‬منهج الرتبية النبوية للطفل ص ‪213‬‬
‫[‪[41‬‬
‫قال‪« :‬فاهللُ أحق أن يُ ْستَحيا منهُ»‪.1‬‬

‫كل هذا مع اإلشارة دوما للسماء لريتبط يف ذهنه أن هللا يف السماء‪.‬‬

‫♦♦♦♦♦‬

‫ويف الثالثة من عمره‪ ،‬نبدأ بتعزيز استشعار مراقبة هللا لديه بعدة طرق‪:‬‬

‫اآلايت القرآنية واألحاديث النبوية‪:‬‬

‫س بِِّّه‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬


‫برتديد بعض اآلايت على مسامعه وشرحها كقوله تعاىل‪َ { :‬ولََق ْد َخلَ ْقنَا ْاألنْ َسا َن َونَ ْعلَ ُم َما تُ َو ْسو ُ‬
‫يد} [ق‪]16 :‬‬ ‫نَ ْفسه وَحنن أَقْ رب إِّلَي ِّه ِّمن حب ِّل الْوِّر ِّ‬
‫ُ ُ َ ْ ُ َ ُ ْ ْ َْ َ‬
‫اَّلل ِّمبَا تَعملُو َن ب ِّ‬
‫صريٌ} [احلديد‪]4 :‬‬ ‫وقوله‪َ { :‬وُه َو َم َع ُك ْم أَيْ َن َما ُكْن تُ ْم َو َُّ ْ َ َ‬
‫وبرتديد بعض األحاديث على مسامعه مع شرح مبسط هلا‪ ،‬كحديث ابن عباس رضي هللا عنهما‬
‫حيث قال‪ :‬كنت خلف النيب صلى هللا عليه وسلم يوما فقال‪« :‬اي غالم! إين أعلمك كلمات‪:‬‬

‫احفظ هللا حيفظك‪ ،‬احفظ هللا جتده جتاهك‪ .‬إذا سألت فاسأل هللا‪ ،‬وإذا استعنت فاستعن ابهلل‪.‬‬
‫واعلم؛ أن األمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء؛ مل ينفعوك إال بشيء قد كتبه هللا لك‪ ،‬وإن‬
‫اجتمعوا على أن يضروك بشيء؛ مل يضروك إال بشيء قد كتبه هللا عليك‪ُ ،‬رفعت األقالم؛ وجفت‬
‫‪2‬‬
‫الصحف»‬

‫♦♦♦♦♦‬

‫‪ 1‬حسن‪ :‬رواه الرتمذي (‪)2769‬‬


‫‪ 2‬صحيح‪ :‬رواه الرتمذي (‪)2516‬‬
‫[‪[42‬‬
‫اللعب‪:‬‬

‫كأن تعرضي على طفلك اللعب ابالختباء يف مكان ال يراكم فيه أحد وحينما يسألك ملا مل َّتتبئي‪،‬‬
‫فاخربيه ألن هللا يراان يف كل مكان‪.‬‬

‫أو أن تطليب من األوالد ان يذهبا وأيكال يف مكان ال يراهم فيه أحد وحينما يعودوا وتسأليهم ماذا‬
‫فعلوا‪ ،‬فإن وجدتيهم أكلوا‪ ،‬فاخربيهم أنك مل أتكلي ألنك مل جتدي مكان مل ير ِّاك هللا فيه‪.‬‬

‫♦♦♦♦♦‬
‫الرتغيب والرتهيب‪:‬‬

‫وذلك ابستخدام مجل تبدأ ب "هللا حيب" أو "هللا ال حيب"‪.‬‬

‫فحينما يقوم أبي فعل وحياول إنكاره‪ ،‬ذكِّريه قائلة‪ :‬وهللا مبا تعملون خبري‪.‬‬

‫يصدقُك احلديث‪ ،‬أثين عليه قائلة‪ :‬إن هللا حيب الصادقني‪.‬‬


‫وحينما ُ‬
‫وحينما ِّ‬
‫يصرب على ٍ‬
‫طلب يرغب فيه‪ ،‬أثين عليه قائلة‪ :‬إن هللا حيب الصابرين‪.‬‬

‫وحينما حيافظ على نظافة ثيابه‪ ،‬قويل‪ :‬إن هللا حيب املطهرين‪.‬‬

‫ومع استشعاره مراقبة هللا له يف كل وقت ومكان‪ ،‬عززي فيه حمبة هللا عز وجل ملن يطيع أوامره وأن‬
‫من يطيع أوامر هللا ورسوله فجزاؤه جنات عدن جتري من حتتها األهنار‪.‬‬

‫أما إذا أخطأ‪ ،‬فذكِّريه أن هذا مما ال ُحيبُّه هللا مع االنتباه لنفسية الطفل وقتها أن ال يكون يف حالة‬
‫نفسية جتعله يتفوه مبا ال يليق ابهلل عز وجل‪.‬‬

‫أفسد ترتيب حجرتَه‪ ،‬فذكريه قائلةً‪ :‬وهللا ال حيب الفساد‪.‬‬


‫فإذا َ‬
‫أحدا من إخوانه‪ ،‬فعاتبيه قائلة‪ :‬وهللا ال حيب الظاملني‪.‬‬
‫وإذا ظلَم ً‬
‫حيب ِّ‬
‫املعتدين‪.‬‬ ‫أحد ابلضرب أو غريه‪ ،‬فعلِّميه‪ :‬أن هللاَ ال ُّ‬
‫وإذا اعتدى على ٍ‬

‫[‪[43‬‬
‫تذكريه أنه من مل يطع هللا عز وجل وجيتنب نواهيه‪ ،‬فسوف ُحيَرم ِّمن جنة هللا ونعيمها‪ ،‬وسيحرم‬
‫مع ِّ‬
‫كذلك من لذة النظر إىل وجهه الكرمي‪.‬‬

‫ويفضل عدم اإلكثار من مجلة "إن هللا ال حيب" حينما ُخيطئ‪ ،‬وميكنك استبداهلا ابلصفة املعاكسة‬

‫فحينما تتسخ مالبسه ميكنك ترديد "إن هللا حيب املطهرين" وسيفهم الطفل تلقائيا أن مالبسه‬
‫املتسخة مما ال حيبه هللا فيسارع لتغيريها‪.‬‬

‫♦♦♦♦♦‬
‫الرتديد‪:‬‬

‫كما ميكنك تعليمه استشعار مراقبة هللا عز وجل برتديده لكلمات مثل "هللا معي‪ ،‬هللا انظري‪ ،‬هللا‬
‫شاهدي"‪.‬‬

‫فقد روي أن سهل بن عبد هللا التسرتي قال‪" :‬كنت وأان ابن ثالث سنني أقوم ابلليل‪ ،‬فأنظر إىل‬
‫صالة خايل حممد بن سوار‪ ،‬فقال يل يوما‪ :‬أال تذكر هللا الذي خلقك‪،‬‬

‫فقلت‪ :‬كيف أذكره؟‬

‫فقال‪ :‬قل بقلبك عند تقلبك بثيابك؛ ثالث مرات؛ من غري أن حترك به لسانك‪ :‬هللا معي؛ هللا‬
‫انظري؛ هللا شاهدي‪،‬‬

‫فقلت ذلك ليايل؛ مث أعلمته‪ ،‬فقال‪ :‬قل يف كل ليلة سبع مرات‪،‬‬

‫فقلت ذلك مث أعلمته‪ ،‬فقال‪ :‬قل ذلك كل ليلة إحدى عشرة مرة‪،‬‬

‫فقلته‪ ،‬فوقع يف قليب حالوته‪ ،‬فلما كان بعد سنة‪ ،‬قال يل خايل‪ :‬احفظ ما علمتك‪ ،‬ودم عليه إىل أن‬
‫تدخل القرب‪ ،‬فإنه ينفعك يف الدنيا واآلخرة‪ ،‬فلم أزل على ذلك سنني‪ ،‬فوجدت لذلك حالوة يف‬
‫‪1‬‬
‫سري"‬

‫‪ 1‬أنباء جنباء األبناء‪ ،‬البن ظفر ص ‪144‬‬


‫[‪[44‬‬
‫رسولنا قدوتنا‪:‬‬

‫واآلن بعد أن قمت برتديد اسم النيب صلى هللا عليه وسلم كثريا على مسامع طفلك‪ ،‬وغرست يف قلبه‬
‫حب الرسول صلى هللا عليه وسلم وحب االقتداء به حان الوقت لتعليمه كيف يقتدي به يف كل‬
‫أفعاله وأقواله من خالل سرد السرية النبوية عليهم‪ ،‬مع تعليمهم حديث كل اسبوع وشرحه إبسلوب‬
‫مبسط وحماولة حثه على تطبيقه على مدار اإلسبوع‪.‬‬

‫فمثال عند الطعام‪:‬‬

‫قول رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪« :‬اي غالم‪َ ،‬س ِّم هللا‪،‬‬ ‫حينما أيكل ِّرددي عليه َّ‬
‫كل فرتة َ‬
‫وُك ْل بيمينك‪ ،‬وُك ْل مما يليك»‪.1‬‬

‫ت منه لقمة‪ ،‬فعلِّميه كيف يتعامل معها‪ ،‬وذكِّريه بقول رسول هللا صلى هللا عليه‬‫وإذا وقَ َع ْ‬
‫يد ْعها‬
‫ليطع ْمها وال َ‬ ‫ِّ‬
‫طعاما‪ ،‬فسقطت لقمه‪ ،‬فليُم ْط ما رابه منها‪ ،‬مث َ‬
‫وسلم‪« :‬إذا أكل أحدكم ً‬
‫للشيطان»‪.2‬‬

‫وبعد االنتهاء من الطعام ذكِّريه بلَ ْعق أصابعه؛ لقول رسولنا صلى هللا عليه وسلم‪« :‬إذا أكل‬
‫‪3‬‬
‫فليلع ْق أصابعه؛ فإنه ال يدري يف أيتِّهن الربكة»‪.‬‬
‫أح ُدكم‪َ ،‬‬
‫وتصرفاتنا هو رسولنا‬
‫األساسي لكل أفعالنا ُّ‬
‫َّ‬ ‫املرجع‬
‫َ‬ ‫تعود أن‬ ‫كل ٍ‬
‫فعل وقول‪ ،‬فينشأ وقد َّ‬ ‫وهكذا يف ِّ‬
‫احلبيب صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬فتجديه أصبح يسألك يف كل موقف جديد عن هدي نبينا احلبيب فيه‬
‫صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬

‫♦♦♦♦♦♦‬

‫‪ 1‬رواه البخاري (‪)5376‬‬


‫‪ 2‬صحيح‪ :‬رواه الرتمذي (‪)1802‬‬
‫‪ 3‬رواه مسلم (‪)2035‬‬
‫[‪[45‬‬
‫التأمل يف َخ ْلق هللا‪:‬‬
‫ُّ‬

‫للتأمل يف خلق هللا لذة يف القلوب فهي مما يعني املرء وابألخص األبناء على التعلق ابهلل عز وجل‬
‫واستشعار قدرته وعظمته‪.‬‬

‫وقد كان من َه ْدي األنبياء عليهم السالم أن يَ ْدعوا قومهم للتأمل يف َخلق هللا؛ ليؤمنوا ابهلل‪ ،‬ويزدادوا‬
‫قرون له ابلوحدانية‪ِّ ،‬‬
‫ويفردون له‬ ‫أتملِّهم آلايت هللا‪َّ ،‬‬
‫يتعرفون على عظَمة هللا‪ ،‬ويُ ُّ‬ ‫إمياان‪ ،‬ومن خالل ُّ‬
‫ً‬
‫العبادة‪.‬‬

‫♦♦♦♦♦‬
‫وهناك نوعان من التأمل ميكنك عرضها على أبنائك حينما يبلغون الرابعة من عمرهم‪:‬‬

‫‪ -‬أتمل ما حوهلم من خلق هللا يف جسدهم والكون احمليط هبم من أرض ومساء ونبااتت‬
‫وحيواانت وغريه‪.‬‬

‫‪ -‬تدبر بعض اآلايت القرآنية واليت يتم تبسيط معناها له ليسهل عليه فهمها‪.‬‬

‫ات ِّطبَاقًا‪َ .‬و َج َع َل الْ َق َمَر فِّ ِّيه َّن نُ ًورا َو َج َع َل‬‫اَّلل سبع َمسو ٍ‬
‫ف َخلَ َق َُّ َ ْ َ ََ‬ ‫كقوله تعاىل‪ { :‬أََملْ تَ َرْوا َكْي َ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫اَّللُ أَنْبَ تَ ُك ْم ِّم َن ْاأل َْر ِّ‬ ‫الشَّم ِّ‬
‫اَّللُ َج َع َل‬
‫اجا‪َ .‬و َّ‬ ‫اات‪ُ .‬مثَّ يُعي ُد ُك ْم ف َيها َوُخيْ ِّر ُج ُك ْم إ ْخَر ً‬
‫ض نَبَ ً‬ ‫اجا‪َ .‬و َّ‬
‫س سَر ً‬ ‫ْ َ‬
‫اجا } [نوح‪.]20 – 15 :‬‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫لَ ُكم ْاألَر َ ِّ‬
‫ض ب َساطًا‪ .‬لتَ ْسلُ ُكوا مْن َها ُسبُ ًال ف َج ً‬ ‫ُ ْ‬
‫اجا‪َ .‬و َج َع ْلنَا نَ ْوَم ُك ْم‬ ‫اْلِّبَ َ‬
‫ال أ َْو َات ًدا‪َ .‬و َخلَ ْقنَا ُك ْم أ َْزَو ً‬ ‫ض ِّم َه ًادا‪َ .‬و ْ‬
‫وقوله تعاىل‪ { :‬أََملْ َْجن َع ِّل ْاأل َْر َ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫اجا‬
‫اشا‪َ .‬وبَنَ ْي نَا فَ ْوقَ ُك ْم َسْب ًعا ش َد ًادا‪َ .‬و َج َع ْلنَا سَر ً‬ ‫َّه َار َم َع ً‬ ‫اات‪َ .‬و َج َع ْلنَا اللَّْي َل لبَ ً‬
‫اسا‪َ .‬و َج َع ْلنَا الن َ‬ ‫ُسبَ ً‬
‫َّات أَلْ َفافًا } [النبأ‪6 :‬‬ ‫اات‪ .‬وجن ٍ‬ ‫ات ماء ثَ َّجاجا‪ .‬لِّنُخر ِِّّ‬ ‫ِّ ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ِّج به َحبًّا َونَبَ ً َ َ‬ ‫اجا‪َ .‬وأَنْ َزلْنَا م َن الْ ُم ْعصَر َ ً ً ْ َ‬ ‫َوَّه ً‬
‫– ‪.]16‬‬

‫♦♦♦♦♦♦‬

‫[‪[46‬‬
‫التوحيد‪:‬‬

‫وترىب على التوحيد‪،‬‬


‫الطفل إذا نشأ َّ‬ ‫اهتم األنبياء عليهم السالم ِّ‬
‫بتعليم أبنائهم التوحيد؛ لقناعتهم أن‬ ‫َّ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫فسوف ميوت عليه ‪ -‬إبذن هللا‪.‬‬

‫صى ِّهبَا‬
‫ابلتمسك ابلتوحيد فقاال‪َ { :‬وَو َّ‬ ‫ُّ‬ ‫فوصى نيب هللا إبراهيم ونيب هللا يعقوب عليهما السالم بَنِّيهم‬ ‫َّ‬
‫ين فَ َال َمتُوتُ َّن إَِّّال َوأَنْتُ ْم ُم ْسلِّ ُمو َن} [البقرة‪:‬‬ ‫ِّ‬
‫اصطََفى لَ ُك ُم الد َ‬ ‫ين إِّ َّن َّ‬
‫اَّللَ ْ‬
‫ِّ ِّ ِّ‬
‫إِّبْ َراه ُيم بَنيه َويَ ْع ُق ُ‬
‫وب َاي بَِّ َّ‬
‫‪.]132‬‬

‫ال لِّبَنِّ ِّيه َما تَ ْعبُ ُدو َن ِّم ْن‬


‫ت إِّ ْذ قَ َ‬
‫وب الْ َم ْو ُ‬ ‫يعقوب بنيه قائال‪{ :‬أ َْم ُكْن تُ ْم ُش َه َداءَ إِّ ْذ َح َ‬
‫ضَر يَ ْع ُق َ‬ ‫ُ‬ ‫ووصى‬
‫َّ‬
‫اق إِّ َهلًا َوا ِّح ًدا َوَْحن ُن لَهُ ُم ْسلِّ ُمو َن} [البقرة‪:‬‬‫يل َوإِّ ْس َح َ‬
‫َ‬
‫ك إِّب ر ِّاهيم وإِّ ْمس ِّ‬
‫اع‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ك وإِّلَه آابئِّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬‫هل‬
‫َ‬ ‫ب ْع ِّدي قَالُوا نَ ْعب ُد إِّ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫‪.]133‬‬

‫الش ْرَك لَظُْل ٌم‬ ‫ال لُْقما ُن ِّالبنِّ ِّه وهو يعِّظُه اي بين َال تُ ْش ِّرْك ِّاب َِّّ‬
‫َّلل إِّ َّن ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ْ َ ُ َ َ ُ َ ََُّ‬ ‫ووصى لقمان ابنه قائالً‪َ { :‬وإ ْذ قَ َ َ‬
‫َّ‬
‫َع ِّظ ٌيم} [لقمان‪.]13 :‬‬

‫أول ما‬
‫الشاب َ‬
‫َّ‬ ‫أيت‬
‫عمرو بن قيس املالئي ‪ -‬رمحه هللا‪ :‬إذا ر َ‬ ‫وكذلك كان السلف الصاحل فقد قال ُ‬
‫الشاب على ِّ‬
‫أول‬ ‫س منه؛ فإن‬
‫َّ‬ ‫ينشأ مع أهل السنَّة واْلماعة‪ ،‬فَ ْار ُجهُ‪ ،‬وإذا رأيته مع أهل البدع فايْئَ ْ‬
‫نشئه‪.1‬‬

‫♦♦♦♦♦‬
‫لذلك وجب ِّ‬
‫عليك – أيتها األم ‪ -‬يف هذه املرحلة وابألخص بدءا من عمر ثالث سنوات أو أكثر‬
‫أن ترددي على مسامعه قصص عن توحيد هللا عز وجل وكذلك قصص قصرية توضح معىن بعض‬
‫أمسائه وصفاته كالرزاق والرمحن والقدير‪.‬‬

‫مع االهتمام ابلتدرج يف تعليمه والرتكيز على توصيل املعلومة إبسلوب مبسط يستوعبه‪ ،‬يقول الشيخ‬
‫السعدي رمحه هللا‪" :‬ومن احلكمة‪ ،‬الدعوة ابلعلم‪ ،‬ال ابْلهل‪ ،‬والبدأة ابألهم فاألهم‪ ،‬وابألقرب إىل‬
‫األذهان والفهم‪ ،‬ومبا يكون قبوله أمت‪ ،‬وابلرفق واللني"‪.1‬‬

‫‪ 1‬رواه ابن بطة يف اإلابنة الكربى ص ‪205‬‬


‫[‪[47‬‬
‫ومن القصص اْلميلة املتداولة يف كيفية تعليم األطفال االذكار والتوحيد واْلزاء املرتتب عليه‪ ،‬قصة‬
‫بعنوان "أمي‪ :‬مل نبين اليوم قصرا يف اْلنة" حتكي أنه كان هناك طفلة مل تبلغ عامها الثالث‪ ،‬وقفت‬
‫خلف أمها تشد فستاهنا وقالت حبروف متلعثمة‪ :‬أمي أمي مل نبين اليوم قصرا يف اْلنة‪.‬‬

‫فجلست األم والتف حوهلا أبناؤها (ترتاوح أعمارهم ما بني السنة ونصف إىل العاشرة) يف حلقة‬
‫مستعدين ومتحمسني للقائهم اليومي‪.‬‬

‫بدأت األم يف قراءة سورة اإلخالص مع أبناؤها وكرروها عشر مرات‪ ،‬مث بدأوا يف الصياح بصوت‬
‫واحد فرحني‪ :‬احلمد هلل بنينا بيتا يف اْلنة‪.‬‬

‫مث سألتهم األم‪ :‬ماذا تريدون أن تضعوا يف هذا البيت؟‬

‫رد األبناء يف صوت واحد‪ :‬نريد كنوزا اي أمي‪ ،‬فبدؤوا يرددون‪ :‬الحول وال قوة إال ابهلل‪.‬‬

‫مث عادت فسألتهم‪ :‬من منكم يرغب أن تصلي املالئكة عليه؟‬

‫فشرعوا مجيعهم يقولون‪ :‬اللهم صل على حممد وعلى آل حممد كما صليت على إبراهيم وعلى آل‬
‫إبراهيم‪.‬‬

‫مث اتبعوا بعدها التسبيح والتهليل والتكبري وبعدها إنفضوا إىل واجباهتم وألعاهبم‪.‬‬

‫هنا استغلت تلك األم حب أوالدها هلا وحبهم للجلوس معها أبن تعلمهم وتعودهم على ذكر هللا‪.‬‬

‫معتمدة على قول رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪« :‬من قرأ {قل هو هللا أحد} حىت خيتمها عشر‬
‫‪2‬‬
‫مرات بىن هللا له قصرا يف اْلنة»‪.‬‬

‫نوز‬ ‫حول وال قوةَ إال ِّ‬


‫ابهلل‪ ،‬فإهنا َك ٌنز من ُك ِّ‬ ‫بن قَ ٍ‬
‫يس‪ ،‬قُ ْل‪ :‬ال َ‬ ‫وقوله صلى هللا عليه وسلم‪« :‬اي َ ِّ‬
‫عبد هللا َ‬
‫ِّ‬
‫اْلنة »‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫‪ 1‬تفسري السعدي‪ ،‬سورة النحل آية ‪125‬‬


‫‪ 2‬حسن لغريه‪ :‬السلسلة الصحيحة (‪)589‬‬
‫‪ 3‬رواه البخاري (‪)6384‬‬
‫[‪[48‬‬
‫علي صال ًة ؛ مل َتزِّل املالئكةُ تُصلِّي عليه ما صلى‬
‫وكذلك قوله صلى هللا عليه وسلم‪« :‬من صلَّى َّ‬
‫علي‪ ،‬ف ْليُ ِّق َّل عب ٌد من ذلك‪ ،‬أو لِّيُ ْكثِّْر»‪.1‬‬
‫َّ‬

‫فأحبت تلك األم تعليمها ألطفاهلا بطريقة بسيطة يستوعبها عقلهم وحيبها‪.‬‬

‫♦♦♦♦♦♦‬

‫االهتمام ِّ‬
‫بتعليم اإلميان قبل القرآن‪:‬‬

‫من اكثر ما اهتم به السلف الصاحل هو تعليم أبناؤهم احلالل واحلرام وأوامر هللا ونواهيه قبل أن‬
‫حيفظوهم آايت القرآن‪ ،‬فينشأ الطفل على طاعة هللا واتباع أوامره واجتناب نواهيه‪ .‬وليس املقصود من‬
‫ذلك أن يتعلم العلم الشرعي أوال‪ ،‬بل املقصود أنه قبل البدء يف حفظ أي آية‪ ،‬فإنه يتعلم ما فيها من‬
‫أوامر هللا ونواهيه (مبا يتناسب مع فهمه واستيعابه) مث يبدأ يف حفظها فتكون هكذا أدعى لتثبيتها يف‬
‫ذهنه مث ينتقل لآلية التالية ويتعلم معناها وكيفية تطبيقه مث يبدأ يف حفظها‪.‬‬

‫ندب بن عبدهللا رضي هللا عنه‪ :‬كنَّا مع النيب صلى هللا عليه وسلم وحنن فتيان َحَزاورًة‪ ،‬فتعلمنا‬
‫قال ُج ُ‬
‫‪2‬‬
‫إمياان‪.‬‬
‫فازد ْدان به ً‬
‫اإلميا َن قبل أن نتعلم القرآن مث تعلمنا القرآن‪َ ،‬‬
‫تنزل السورةُ‬ ‫أحدان ليؤتَى اإلميا َن قبل ِّ‬
‫القرآن‪ُ ،‬‬ ‫عمر رضي هللا عنهما‪ :‬قد لبِّثنا بُرهةً من ده ٍر و ُ‬
‫ابن َ‬
‫وقال ُ‬
‫يوقف عنده منها‬ ‫ِّ‬ ‫ٍ َّ‬
‫أمرها وزاجَرها وما ينبغي أ ْن َ‬
‫فنتعلم حال َهلا وحر َامها و َ‬
‫على حممد صلى هللاُ عليه وسلم َ‬
‫اإلميان يقرأُ ما بني ِّ‬
‫فاحتته إىل‬ ‫ِّ‬ ‫أحدهم القرآ َن قبل‬
‫رجاال يؤتَى ُ‬‫أيت ً‬ ‫يتعلم أح ُدكم السورَة‪ ،‬ولقد ر ُ‬
‫كما ُ‬
‫نثر‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫يوقف عنده منه وينثرهُ َ‬
‫أمره وال زاجَره وال ما ينبغي أ ْن َ‬ ‫يعرف حاللَه وال حر َامه وال َ‬
‫خامتته ما ُ‬
‫َّ ِّ ‪3‬‬
‫الدقْل‪.‬‬

‫‪ 1‬حسن‪ :‬صحيح الرتغيب (‪)1669‬‬


‫‪ 2‬صحيح‪ :‬رواه ابن ماجه (‪)52‬‬
‫‪ 3‬صحيح‪ :‬رواه ابن منده يف كتاب اإلميان (‪)106‬‬
‫[‪[49‬‬
‫ومن النعم املرتتبة على ذلك أن ينشأ وقد ترىب على خلق القرآن وتُعترب تلك ِّمن أفضل النِّعم اليت‬
‫وخاصتِّه‪.‬‬
‫َّ‬ ‫يرزقَها هللا إايها‪ ،‬أن حيفظ أبناؤها القرآ َن‪ ،‬ويرتبَّوا عليه؛ ليكونوا ِّمن أهل هللا‬
‫كل ٍأم أن ُ‬
‫تتمىن ُّ‬

‫♦♦♦♦♦♦‬

‫حتفيظ األبناء القرآن يف سن مبكر‪:‬‬

‫وحفظ الصغار للقرآن وتَ َعلُّ ْم ُهم لتفسريه ‪ -‬ابإلضافة إىل أنه حيفظ هويتهم اإلسالمية ‪ -‬؛ فإن فيه‬
‫فوائد عظيمة أخرى‪ ،‬منها‪:‬‬

‫‪ .1‬أنه يربط قلب الصغري ابلقرآن وحيببه فيه‪ ،‬وإذا ارتبط قلب الصغري ابلقرآن وفتح عينيه على‬
‫آايته ؛ فإنه ينشأُ ويرتىب متخلقا ابلقرآن‪.‬‬

‫وينميها‪ ،‬ويزيد من مهاراته وقدراته‪ ،‬فقد أثبتت الدراسات‬ ‫‪ .2‬أنه يصقل مواهب الصغري ِّ‬
‫تفوقاً وحتصيالً علمياً من نظرائهم‬
‫واألحباث احلديثة أن طالب وطالبات حتفيظ القرآن أكثر ُّ‬
‫ممن ال حيفظون القرآن‪.‬‬

‫‪ .3‬أنه حيصل به تقومي اللسان‪ ،‬واستقامة النطق‪ ،‬وتصحيح خمارج احلروف‪ ،‬وزايدة الثروة اللغوية‬
‫من األلفاظ واملعاين والتعبريات املختلفة‪.‬‬

‫‪ .4‬أن من حيفظ القرآن ويفهم معناه وهو صغري‪ ،‬ينشأ على نور وهداية من ربه جل وعال‪،‬‬
‫فيضيِّ ُق على الشيطان مداخل اهلوى‪ ،‬وطرق الغواية والوسوسة‪.‬‬

‫‪ .5‬أن األوالد يف صحيفة الوالدين‪ ،‬وما زرعا الوالدين من اخلري فيهم حيصدانه يف الدنيا ويف‬
‫اآلخرة‪ ،‬وكلما تال االوالد من كتاب هللا انل الوالدين مثل أجره‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬إِّ َّان َْحن ُن ُْحنيِّي‬
‫ني} [ ُس َورةُ يس‪]12 :‬‬ ‫صْي نَاهُ ِّيف إِّ َم ٍام ُمبِّ ٍ‬ ‫ٍ‬
‫أح َ‬
‫َّموا َوآ َاث َرُه ْم َوُك َّل َش ْيء ْ‬
‫ب َما قَد ُ‬
‫الْ َم ْوتَى َونَ ْكتُ ُ‬
‫كان من هدي السلفو الصاحل يف تربية أبنائهم أن يقوموا بتحفيظ أبنائهم القرآن يف الصغر‪.‬‬

‫[‪[50‬‬
‫فقال إبراهيم بن سعيد اْلوهري‪ :‬رأيت صبيًّا ابن أربع سنني‪ ،‬قد ُِّ‬
‫محل إىل املأمون‪ ،‬قد َقرأ القرآن‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫ونظَر يف الرأي‪ ،‬غري أنه إذا جاع يبكي‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫حفظت القرآن وأان ابن سبع سنني‪ ،‬وحفظت املوطَّأ وأان ابن عش ٍر‪.‬‬
‫ُ‬ ‫وقال الشافعي ‪ -‬رمحه هللا ‪:-‬‬
‫‪3‬‬
‫َخس سنني‪.‬‬
‫حفظت القرآن ويل ُ‬
‫ُ‬ ‫وقال القاضي األصبهاين‪:‬‬

‫♦♦♦♦♦‬
‫ومن هنا ميكنك البدء يف حتفيظ طفلك من عمر سنتني‪ ،‬بدءًا من سورة الناس‪ ،‬مع تفسري مبسط‬
‫جدًّا للسورة ككل‪.‬‬
‫ويفضَّل استخدام طُرق غري مباشرة يف ِّ‬
‫حتفيظه يف تلك املرحلة العمرية؛ كتشغيل سورٍة على الكمبيوتر‬ ‫ُ‬
‫اْللوس والتكرار‪ ،‬بل‬
‫َ‬ ‫بصوتك‪ ،‬وتشغيل خاصية التكرار؛ ألن الطفل عادةً يف هذه ِّ‬
‫السن ال حيب‬
‫يعتمد يف احلفظ على ما يسمعه ٍ‬
‫بصفة متكررة وهو يلعب‪.‬‬ ‫ُ‬
‫َُ‬
‫أو ميكنك ترديدها أثناء لُعبه جبوارك‪ ،‬فتجديه يرددها ِّ‬
‫معك ال شعوراي‪.‬‬

‫♦♦♦♦♦‬
‫ومن عمر ثالثة أعوام تبدأي معه ابلرتديد خلفك ومن عمر أربع سنوات جتلسا معا تقرآن القرآن‬
‫سواي وترددوه معا‪.‬‬

‫ويُفضل أن يكون هناك مكان ممتع خمصص للحفظ‪ ،‬ف ُروي أن إحدى األمهات خصصت أرجوحة ال‬
‫جيلسون عليها إال وقت احلفظ‪ ،‬وأب آخر كان خيرج بطفله وقت احلفظ ويعطيه اهلاتف احملمول‬
‫ومساعات لألذن وأيخذه معه يوميا ويذهبوا لقضاء طلبات البيت وابنه يسمع ويردد خلف املقرئ‪.‬‬

‫‪ 1‬الكفاية؛ للخطيب ص ‪64‬‬


‫‪ 2‬طبقات احلفَّاظ؛ للسيوطي ص ‪158‬‬
‫‪ 3‬الكفاية؛ للخطيب ص ‪65‬‬
‫[‪[51‬‬
‫معرفة خصائص طفلك‪:‬‬

‫حىت تستطيعي حتفيظ أبنائك أبقل قدر من املعوقات‪ ،‬البد من التعرف على خصائص الطفل يف‬
‫املراحل العمرية املختلفة ومن األمور املهمة اليت جيب االنتباه هلا‪:‬‬

‫‪ -‬الطفل ليس وعاء تضعي فيه العلم بل هو إنسان والبد من هتيئته نفسيا وشرح املطلوب منه‬
‫وأمهية االلتزام به واملكافأة املرتتبة عليه ليكون مهيئا للجلوس واحلفظ‪.‬‬

‫‪ -‬أمهية حتبيب طفلك ابلقرآن قبل الشروع يف حتفيظه أبن يستشعر حبك وتعظيمك لكتاب هللا‬
‫وكذلك أمهية تعليمه أن للقرآن أتثري على سلوك اإلنسان وذكاؤه وفكره‪.‬‬

‫‪ -‬استخدام اإلسلوب األمثل لقدرات طفلك‪ ،‬فالطفل السمعي‪ ،‬يتم حتفيظه ابالستماع لصوت‬
‫مجيل‪ ،‬والطفل الواقعي العملي‪ ،‬هنديه مصحف مجيل الشكل يكون خاص به‪ ،‬والطفل‬
‫البصري‪ ،‬نريه اآلايت اليت حيفظها‪ ،‬والطفل احلركي‪ ،‬حنفظه أثناء اللعب‪.‬‬

‫‪ -‬يُقال أن مدة تركيز الطفل أثناء احلفظ = عمره ‪ +‬دقيقتني‬

‫فمن كان عمره ‪ 4‬سنوات فإن تركيزه = ‪ 4‬سنوات ‪ +‬دقيقتني = ‪ 6‬دقائق‬

‫أي إنه حيتاج للراحة من التكرار بعد كل ‪ 6‬دقائق‪ ،‬حيث يراتح لدقيقة أو اثنني قبل العودة‬
‫للحفظ مرة أخرى‪.‬‬

‫‪ -‬اللعب واملرح من االحتياجات األساسية عند الطفل‪ ،‬فال جتعلي القرآن سببا يف منع طفلك‬
‫من اشباع حاجاته فيضع اللعب يف مقارنة مع القرآن فيميل للعب على حساب القرآن‪.‬‬

‫‪ -‬احلفظ يف جو من املرح واحلب‪ ،‬حيبب الطفل يف القرآن ويثبته يف ذهنه‪.‬‬

‫‪ -‬أمهية التنوع يف وسائل التحفيظ والتحفيز مبا يتناسب مع شخصية الطفل‪ ،‬كاستخدام برامج‬
‫احملفظ اآليل‪ ،‬أو كتابة ما قام الطفل حبفظه يف لوحة خبط مجيل ووضعه يف مكان خاص‬
‫ابلطفل‪ ،‬أو مكافأة الطفل بشيء مميز على كل جزء يُتِّ ُّم حفظه‪ ،‬أو عمل لوحات شرف كل‬
‫فرتة للطفل على ما قام حبفظه‪.‬‬

‫[‪[52‬‬
‫‪ -‬اإلنسان بطبيعته مييل لنسيان ما كان مرتبط بذكرايت مؤملة (كاخلجل‪ ،‬العقاب‪ ،‬الشعور‬
‫ابلنقص‪ ،‬وغريه)‪ ،‬فحاويل أن يكون وقت احلفظ هو وقت للذكرايت اْلميلة‪.‬‬

‫‪ -‬الضغط على األبناء يف حفظ القرآن مع حزهنم وأتملهم يتسبب يف وجود فجوة بني طفلك‬
‫ومن ُحيَ ِّفظَه مما يؤدي لنفوره من القرآن واحلفظ واحملفظ وتكوين ذكرايت سلبية تعيقه عن‬
‫العودة للحفظ‪.‬‬

‫‪ -‬أمهية االهتمام بتعليم الطفل أن يطبق ما حيفظه ليشعر بقيمة القرآن ويثبت يف ذهنه‪.‬‬

‫‪ -‬وضع جدول ملواعيد النوم واحلفظ‪ ،‬مع احرتام مواعيد لعبه ليحرتم مواعيد احلفظ‬

‫‪ -‬اختيار املوعد املناسب حيث يكون ذهنه نشط ويكون الطفل على استعداد للحفظ‬

‫♦♦♦♦♦♦‬

‫القرآن حياتنا‪:‬‬

‫عن أيب هريرة رضي هللا عنه قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪« :‬إمنا بعثت ألمتم صاحل‬
‫‪1‬‬
‫األخالق»‪.‬‬

‫وإذا أتملنا قول عائشة رضي هللا عنها عن خلق النيب صلى هللا عليه وسلم حينما قالت‪( :‬كان خلقه‬
‫القرآن‪ ،‬يغضب لغضبه ويرضى لرضاه)‪ 2‬سنُدرك أن املصدر األساسي لتعلم األخالق هو كالم هللا‬
‫سبحانه وتعاىل‪ ،‬وهذا ما جيب علينا غرسه يف أبناؤان وتعليمه هلم‪.‬‬

‫♦♦♦♦♦‬

‫‪ 1‬صحيح‪ :‬األدب املفرد (‪)207‬‬


‫‪ 2‬صحيح‪ :‬األدب املفرد (‪)234‬‬
‫[‪[53‬‬
‫مير هبا‪ ،‬مع شرح بسيط‬‫اقف اليومية اليت ُّ‬ ‫مع بلوغ الطفل أربع سنوات‪ ،‬تبدئني معه بر ِّ‬
‫بط آايت هللا ابملو ِّ‬
‫كتبت الدكتورة الفاضلة أمساء بنت سليمان السويلم رسالةً قيمة يف األمر بعنوان‪:‬‬‫لتلك اآلايت‪ ،‬وقد ِّ‬
‫ت فيه (ابختصار وتصرف يسري)‪:‬‬ ‫ذكر ْ‬ ‫"كيف ِّ‬
‫نريب أوالدان ابلقرآن؟"‪ ،‬وكان مما َ‬
‫األم على‬ ‫مكان جلوس األبناء‪ ،‬وأييت أخوهم رغبةً يف اْللوس معهم‪ ،‬حتثُّهم ُّ‬ ‫‪ -‬عند ازدحام ِّ‬
‫يل لَ ُك ْم تَ َف َّس ُحوا ِّيف‬‫ِّ ِّ‬ ‫ِّ‬
‫األجر يف ذلك؛ لقوله تعاىل‪ { :‬إذَا ق َ‬
‫اإلفساح ألخيهم‪ ،‬وتذك ُرهم أبن هلم َ‬
‫اَّللُ لَ ُك ْم } [اجملادلة‪.]11 :‬‬ ‫الْ َم َجالِّ ِّ‬
‫س فَافْ َس ُحوا يَ ْف َس ِّح َّ‬
‫نظرهم إىل أن هذا ِّمن عمل الشيطان‪،‬‬ ‫األم َ‬ ‫شتد اخلِّصام بينهم‪ ،‬تلفت ُّ‬ ‫تعارك األبناء وا ُّ‬ ‫‪ -‬اذا ُ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫وترد ُد اآلية‪{ :‬إَِّّمنَا يُِّر ُ‬
‫يد الشَّْيطَا ُن أَ ْن يُوق َع بَْي نَ ُك ُم الْ َع َد َاوَة َوالْبَ ْغ َ‬
‫ضاءَ} [املائدة‪.]91 :‬‬

‫‪ -‬اذا احدث أحد األبناء فوضى ابأللعاب أو املكعبات أو املالبس‪ ،‬تنادي أبناؤها‪ ،‬وتقول‬
‫بكل حب‪ :‬انظر األرض‪ ،‬املالبس‪ ،‬ما رأيك؟‬
‫ضيع أَجر الْم ِّ ِّ‬
‫ِّ‬
‫ني} [األعراف‪ ]170 :‬من يفوز ابألجر؟‬
‫صل ح َ‬ ‫قال تعاىل‪{ :‬إِّان الَ نُ ُ ْ َ ُ ْ‬
‫وتقوهلا بصوت معرب وتكرر اآلية أو تبني معناها أبسلوب بسيط إن مل جتد استجابة‪ ،‬وتركز‬
‫على األجر‪ ،‬وتنادي‪ :‬هيا نصلح ما قد أُفسد‪ ،‬ونعيد كل شيء إىل مكانه‪.‬‬

‫فتستعمل اللفظ (نصلح) املشتق من اآلية (املصلحني) حىت يستوعب الطفل وميتثل لآلية‪.‬‬

‫‪ -‬عندما خيطئ الطفل أو يتجاوز حدوده فيخرج للعب يف الشارع بدون استئذان‪ ،‬أو يتخاصم‬
‫مع أخيه ويتعدى عليه ابلضرب‬

‫فعلى األم أن تعلمه املغفرة والتسامح بتساحمها معه ولكن وفق أصل قرآين وهو قول هللا تعاىل‬
‫ات ي ْذ ِّهْب الس ي ئ ِّ‬
‫ات} [هود‪ ]114 :‬ليتعود الطفل على إتباع السيئة احلسنة‪.‬‬ ‫{إِّن ْ ِّ‬
‫احلَ َسنَ ُ ْ َ َ‬
‫فتطالبه األم بعمل أشياء حسنة ليكفر عن خطئه بعد تذكريه خبطئه وتتلو عليه األم وتؤكد‬
‫ات} [هود‪.]114 :‬‬‫ات ي ْذ ِّهْب الس ي ئ ِّ‬
‫{إِّن ْ ِّ‬
‫احلَ َسنَ ُ ْ َ َ‬
‫كل ٍأم على تطبيقها يف ِّ‬
‫حياهتا اليومية‪.‬‬ ‫وهناك الكثري من األمثلة األخرى يف تلك الرسالة‪ ،‬اليت تعني َّ‬

‫[‪[54‬‬
‫♦♦♦♦♦‬
‫وقد ذكر حممد نور سويد يف كتابه‪ 1‬قصة لطيفة عن أتثر األطفال ابلقرآن وتدبرهم له فقال‪" :‬مما رواه‬
‫ابن ظفر املكي قصة لطيفة يف حب تكرار الطفل الشهادتني‪ ،‬فقال‪ :‬بلغين أن أاب سليمان داود بن‬
‫نصري الطائي رمحه هللا‪ ،‬ملا بلغ من العمر َخس سنوات؛ أسلمه أبوه إىل املؤدب‪ ،‬فابتدأ بتلقني القرآن‪،‬‬
‫ان ِّح ِّ‬ ‫ِّ‬
‫َّه ِّر َملْ يَ ُك ْن َشْي ئًا َم ْذ ُك ًورا} [اإلنسان‪:‬‬ ‫اإلنْ َس ِّ ٌ‬
‫ني م َن الد ْ‬ ‫{هل أَتَى َعلَى ِّْ‬
‫وكان لَقنًا‪ ،‬فلما تعلم سورة َ ْ‬
‫‪ ]1‬وحفظها رأته أمه يوم اْلمعة مقبال على احلائط‪ ،‬مفكرا يشري بيده‪ ،‬فخافت على عقله‪ ،‬فنادته‪:‬‬
‫قم اي داود! فالعب مع الصبيان‪ ،‬فلم جيبها‪ ،‬فضمته إليها‪ ،‬ودعت ابلويل‪،‬‬
‫ك اي أماه! ِّ‬
‫أبك أبس؟‬ ‫فقال‪ :‬مالَ ِّ‬

‫قالت‪ :‬أين ذهنك؟‬

‫قال‪ :‬مع عباد هللا‪،‬‬

‫قالت‪ :‬أين هم؟‬

‫قال‪ :‬يف اْلنة‪،‬‬

‫قالت‪ :‬ما يصنعون؟‬

‫ك َال يََرْو َن فِّ َيها ََشْ ًسا َوَال َزْم َه ِّر ًيرا} [اإلنسان‪]13 :‬‬
‫ني فِّيها َعلَى ْاألَرائِّ ِّ‬
‫َ‬
‫قال‪ِِّّ :‬‬
‫{متَّكئ َ َ‬ ‫ُ‬
‫{وَكا َن َس ْعيُ ُك ْم َم ْش ُك ًورا} [اإلنسان‪:‬‬
‫مث مر يف السورة وهو شاخص‪ ،‬كأنه يتأمل شيئا‪ ،‬حىت بلغ قوله‪َ :‬‬
‫‪ ]22‬قال‪ :‬اي أماه! ما كان سعيهم؟‬

‫فلم تدر ما جتيبه‪ ،‬فقال هلا‪ :‬قومي عين؛ حىت أتنزه عندهم ساعة‪،‬‬

‫فقامت عنه‪ ،‬فأرسلت إىل أبيه؛ فأعلمته شأن ولده‪ ،‬فقال له أبوه‪ :‬اي داود! كان سعيهم أن قالوا‪ :‬ال‬
‫إله إال هللا حممد رسول هللا‪،‬‬

‫فكان يقوهلا يف أكثر أوقاته"‪.‬‬

‫‪ 1‬منهج الرتبية النبوية للطفل ص ‪211‬‬


‫[‪[55‬‬
‫األذكار‪:‬‬

‫لقد كرب طفلك وصار حيفظ بعض األذكار اليت مسعك ترديدينها يف فرتة رضاعته‪ ،‬وحان الوقت أن‬
‫ليتشجع على االلتزام‬
‫َّ‬ ‫يتعلم املزيد من األذكار وفهم معانيها مع معرفة األجر والثواب املرتتب عليها؛‬
‫السلف ‪ِّ -‬رمحهم هللا ‪ -‬يفعلون‪:‬‬
‫ُ‬ ‫هبا‪ ،‬كما كان‬
‫ٍ‬ ‫بين‪ ،‬أكثِّر ِّمن قول‪ِّ :‬‬
‫ساعات ال ُيرُّد فيها‬ ‫رب اغفر يل؛ فإن هلل‬ ‫فقد ُرِّوي عن لقما َن أنه قال البنه‪ :‬اي َّ ْ‬
‫سائالً‪.1‬‬

‫وقد قال الشيخ ابن عثيمني ‪-‬رمحه هللا‪ -‬يف أمهية تعليم األبناء الثواب املرتتب على الذكر‪" :‬ينبغي أن‬
‫يلقن األبناء األحكام أبدلتها‪ ،‬فمثال‪ :‬إذا أردت أن تقول البنك‪ :‬سم هللا على األكل‪ ،‬وأمحد هللا إذا‬
‫فرغت; فإنك إذا قلت ذلك حيصل به املقصود‪ ،‬لكن إذا قلت‪ :‬سم هللا على األكل‪ ،‬وامحد هللا إذا‬
‫فرغت; ألن النيب صلى هللا عليه وسلم أمر ابلتسمية عند األكل‪ ،‬وقال‪« :‬إن هللا لريضى عن العبد‬
‫أيكل األكلة وحيمده عليها‪ ،‬ويشرب الشربة وحيمده عليها»‪ .‬إذا فعلت ذلك استفدت فائدتني‪:‬‬

‫‪ -‬األوىل‪ :‬أن تعود ابنك على اتباع األدلة‪.‬‬


‫‪ -‬الثانية‪ :‬أن تربيه على حمبة الرسول عليه الصالة والسالم‪ ،‬وأن الرسول صلى هللا عليه وسلم هو‬
‫اإلمام املتبع الذي جيب األخذ بتوجيهاته‪.‬‬

‫وهذه يف احلقيقة كثريا ما يُغفل عنها; فأكثر الناس يوجه ابنه إىل األحكام فقط‪ ،‬لكنه ال يربط هذه‬
‫التوجيهات ابملصدر الذي هو الكتاب والسنة"‪.2‬‬

‫♦♦♦♦♦‬

‫‪ُ 1‬ش َعب اإلميان للبيهقي (‪)1167‬‬


‫‪ 2‬القول املفيد على كتاب التوحيد (‪)٢/٤٢٣‬‬
‫[‪[56‬‬
‫ومن أمثلة األذكار‪:‬‬

‫‪ -‬عند دخول اخلالء واخلروج منه‪:‬‬

‫كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إذا دخل اخلالء قال‪ :‬اللهم إين أعوذُ بك ِّمن اخلُبث‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫واخلبائث ‪.‬ويف رواية‪ :‬أعوذُ ابهلل ِّمن اخلُْبث‪ ،‬واخلبائث‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫ك‪.‬‬
‫وكان النيب إذا خرج من اخلالء قال‪ :‬غُ ْفَرانَ َ‬

‫‪ -‬عند دخول املنزل‪:‬‬

‫خري‬ ‫عند دخول املنزل نذكِّرهم بقول ِّ‬


‫اللهم إين أسألُك َ‬ ‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪َّ « :‬‬ ‫ُ‬
‫هللا خرجنا‪ ،‬وعلى ِّ‬
‫هللا ربِّنا توك ْلنا»‪3‬؛ لقوله صلى‬ ‫ابسم ِّ‬ ‫ابسم ِّ‬
‫هللا وْلْنا‪ ،‬و ِّ‬ ‫املو َِّل‪ ،‬وخري املخرِّج‪ِّ ،‬‬
‫ْ‬ ‫َ َ‬
‫هللا عليه وسلم‪« :‬إذا دخل الرجل بيتَه‪ ،‬فذكر هللا عند دخولِّه وعند ِّ‬
‫طعامه‪ ،‬قال الشيطا ُن‪ :‬ال‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫بيت‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫بيت لكم وال عشاءَ‪ .‬وإذا دخل فلم يذكر هللاَ عند دخوله‪ ،‬قال الشيطا ُن‪ :‬أدركتُم املَ َ‬ ‫َم َ‬
‫‪4‬‬
‫العشاءَ»‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫بيت و َ‬
‫وإذا مل يذكر هللاَ عند طعامه‪ ،‬قال‪ :‬أدركتُم املَ َ‬
‫‪ -‬عند وقوع ما ال حيب‪:‬‬
‫هللا وما شاء فعل»؛ ِّ‬
‫لقول النيب‬ ‫حينما يقع ما ال يرضاه‪ ،‬أو غُلِّب على أمره يقول‪« :‬قَ َدر ِّ‬
‫ُ‬
‫املؤمن الض ِّ‬
‫َّعيف‪ ،‬ويف ٍ‬
‫كل خريٌ‪،‬‬ ‫من ِّ‬ ‫أحب إىل َِّّ‬
‫اَّلل َ‬ ‫القوي خريٌ و ُّ‬
‫املؤمن ُّ‬
‫صلى هللا عليه وسلم‪ُ « :‬‬
‫ِّ‬ ‫احرص على ما ينفعك‪ ،‬واستِّعِّن َِّّ‬
‫ك شيءٌ‪ ،‬فال ت ُقل‪ :‬لو ِّأين ُ‬
‫فعلت‬ ‫ابَّلل وال تعج ْز‪ ،‬وإن أصابَ َ‬ ‫َُ‬ ‫ِّ‬
‫ِّ ‪5‬‬
‫عمل الشَّيطان»‪.‬‬ ‫فعل‪َّ ،‬‬ ‫ِّ‬
‫فتح َ‬
‫فإن لو تَ ُ‬ ‫اَّللُ‪ ،‬وما شاءَ َ‬
‫َّر َّ‬
‫كان كذا َوَكذا‪ ،‬ولَكن قل‪ :‬قد َ‬

‫‪ 1‬رواه مسلم (‪)375‬‬


‫‪ 2‬حسن‪ :‬رواه الرتمذي (‪)7‬‬
‫‪ 3‬حسن‪ :‬جمموع فتاوى بن ابز (‪)35 / 26‬‬
‫‪ 4‬رواه مسلم (‪)2018‬‬
‫‪ 5‬رواه مسلم (‪)2664‬‬
‫[‪[57‬‬
‫‪ -‬حثه على ذكر هللا عموما‪:‬‬

‫قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪« :‬من قال‪ :‬سبحان هللا وحبمده‪ ،‬يف يوم مائة مرة‪ُ ،‬حطَّت‬
‫‪1‬‬
‫خطاايه ولو كانت ِّمثل َزبَد البحر»‪.‬‬

‫♦♦♦♦♦‬
‫وميكنك كذلك تعليمه األذكار يف وقت املرح والنزهات‬

‫روي عن عبدهللا بن عبدامللِّك بن مروان أنه قال‪ :‬كنا نسريُ مع أبينا يف موكبِّه فيقول لنا‪ :‬سبِّحوا‬ ‫فقد ِّ‬
‫حىت أنيت تلك الشجرة‪ ،‬فنسبِّح حىت أنيت تلك الشجرة‪ ،‬فإذا رفعت لنا شجرة أخرى‪ ،‬قال‪ِّ :‬‬
‫كربوا حىت‬ ‫ُ‬
‫‪2‬‬ ‫أنيت تلك الشجرةَ‪ ،‬فنُ ِّ‬
‫كرب‪ ،‬وكان يصنع ذلك بنا مر ًارا‪.‬‬

‫وهكذا يف كل ِّذكر‪.‬‬

‫♦♦♦♦♦♦‬
‫قصص قبل النوم‪:‬‬

‫من وسائل الرتبية اهلامة‪ :‬الرتبيةُ من خالل القصة‪ ،‬والقصة ميكن سردها يف أي وقت من النهار لكنها‬
‫تكون ذات رونق خاص حينما يتم سردها قبل النوم وبعد قراءة األذكار‪ ،‬حيث تزيد من ترابط الطفل‬
‫منو الطفل‬ ‫أبمه وتقوية عالقتهما معا وتساعد الطفل على االسرتخاء واالستعداد للنوم؛ كما أهنا ِّ‬
‫تعزُز َّ‬
‫ِّ‬
‫شخصية‬ ‫النفسي والعقلي‪ِّ ،‬‬
‫وتنمي خيا َهلم وقدرَهتم على اإلبداع‪ ،‬وتُعتََرب من ِّ‬
‫أهم الوسائل لبناء‬
‫األطفال‪ ،‬وغرس ِّ‬
‫القيَم واألخالق فيهم‪.‬‬

‫وقد قال بعضهم‪" :‬احلكاايت جند من جنود هللا تعاىل‪ ،‬يقوي هبا قلوب املريدي‪.‬‬

‫فقيل له‪ :‬فهل لك يف ذلك شاهد؟‬

‫‪ 1‬رواه البخاري (‪)6405‬‬


‫‪ 2‬اتريخ دمشق ج ‪ 37‬ص ‪139‬‬
‫[‪[58‬‬
‫ت بِِّّه فُ َؤ َاد َك} [هود‪:‬‬ ‫ك ِّم ْن أَنْبَ ِّاء ُّ‬
‫الر ُس ِّل َما نُثَبِّ ُ‬ ‫فقال‪ :‬نعم‪ ،‬قوله عز وجل‪َ { :‬وُك ًّال نَ ُق ُّ‬
‫ص َعلَْي َ‬
‫‪1‬‬
‫‪".]120‬‬

‫♦♦♦♦♦‬
‫يد مدهتا‬ ‫ٍ‬
‫قصص بكلمات بسيطة وقصرية قبل النوم‪ ،‬ال تَز ُ‬ ‫فمن عمر سنتني تبدئني مع طفلِّك بسرد‬
‫ِّ‬
‫عن ‪ 10‬دقائق ِّ‬
‫لتعليمه بعض السلوكيات واآلداب‪.‬‬

‫الطفل إىل عمر ثالث سنوات ونصف أو أربع سنوات على أقصى تقدير‪:‬‬
‫ُ‬ ‫وحينما يصل‬
‫ِّ‬
‫توحيد عبادة هللا عز وجل‪ ،‬وآايتِّه‪،‬‬ ‫ف منها على‬ ‫يتعر ُ‬
‫‪ -‬تبدئني معه بقصص األنبياء؛ حيث َّ‬
‫ف منها على دعوة األنبياء ومعاانهتم و ِّ‬
‫صربهم على دعوة الكافرين‪.‬‬ ‫وقدرتِّه وعظمته‪َّ ،‬‬
‫ويتعر ُ‬
‫ف على‬‫التعر ِّ‬
‫شوق إليها؛ رغبةً يف ُّ‬ ‫ِّ‬
‫للسرية النبوية‪ ،‬اليت سيكون طفلُك يف ٍ‬ ‫‪ -‬مث بعد ذلك تنتقلني‬
‫نبيه وقدوتِّه وحبيبه صلى هللا عليه وسلم والذي كان يسمع عنه دوما ويقتدي أبخالقه‪،‬‬
‫فيتعرف عليه وعلى إجنازات املسلمني ومناقبهم‪ ،‬وعظَمة اإلسالم ومساحته‪.‬‬

‫الصحابيات‪ ،‬مث الصحابة‪،‬‬


‫‪ -‬مث بعدها تنتقلني إىل قصص اخللفاء الراشدين‪ ،‬و َّأمهات املؤمنني‪ ،‬و َّ‬
‫مث التابعني رضي هللا عنهم ِّ‬
‫ورمحهم أمجعني‪.‬‬

‫♦♦♦♦♦♦‬

‫‪ 1‬اتريخ دمشق ج ‪ 34‬ص ‪257‬‬


‫[‪[59‬‬
‫احلث على العبادات‪:‬‬

‫وتشمل الصالة والصيام والصدقة وغريها‪.‬‬

‫الصالة‪:‬‬

‫حب وتعلُّ ٍق وشعور ابلر ٍ‬


‫احة والطمأنينة‪،‬‬ ‫تتحوَل عادةُ ابنك يف ِّ‬
‫تقليدك يف الصالة إىل ٍ‬ ‫مجيل أن َّ‬
‫كم هو ٌ‬
‫فينشأ قلبه متعل ًقا ابهلل عز وجل‪.‬‬

‫ترددين‬ ‫ث هذا إال إذا شعر حببِّك وتعلُّ ِّقك ابلصالة‪ ،‬وطمأنينتك فيها وراحتك عند ِّ‬
‫مساعك ِّ‬ ‫حيد َ‬
‫ولن ُ‬
‫َ‬
‫‪1‬‬ ‫قول رسولنا احلبيب صلى هللا عليه وسلم‪« :‬اي ِّ‬
‫بالل أقم الصالة‪ ،‬أرحنا هبا‪«.‬‬ ‫َ‬
‫وجعِّلت قرةُ عيين يف الصالة»‪.2‬‬
‫وكذلك قوله صلى هللا عليه وسلم‪ُ « :‬‬
‫مصدر الطمأنينة والسكينة‪ ،‬وكيف ال وهي صلةُ‬ ‫فيرتىب على أن الصال َة مصدر ر ٍ‬
‫احة من اهلموم‪ ،‬وأهنا‬ ‫َّ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الوصل بيننا وبني هللا عز وجل؟!‬
‫ِّ‬
‫الصالة منذ الصغر؛ فعن عبدهللا بن مسعود رضي هللا‬ ‫السلف الصاحل بتعويد أبنائهم على‬ ‫وقد اهتم‬
‫ُ‬
‫‪3‬‬
‫اخلري عادةٌ‪.‬‬
‫اخلري؛ فإن َ‬
‫وعودوهم َ‬‫عنه قال‪ :‬حافِّظوا على أبنائكم يف الصالة‪ِّ ،‬‬

‫يؤمروا ابلصالة‬ ‫ِّ‬


‫املروزي ‪ -‬رمحه هللا ‪ -‬معل ًقا على هذا األثر‪ :‬ففي هذا داللة أن َ‬
‫ُّ‬ ‫وقال حممد بن نصر‬
‫يلزموها‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫وجوب الفرض عليهم‪ ،‬فذلك أحرى أن َ‬ ‫كبارا‪ ،‬فإن اعتادوا قبل‬
‫غارا؛ ليعتادوا‪ ،‬فال يضيعوها ً‬
‫ص ً‬
‫‪4‬‬ ‫عند ِّ‬
‫وقت الفرض‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫عرف ميينَه من َِّشاله‪.‬‬ ‫وروي عن ابن سريين أنه قال‪ :‬يُعلَّم ُّ‬
‫الصيب الصالةَ إذا َ‬
‫‪1‬‬
‫وروى أبو معاوية عن هشام عن أبيه رضي هللا عنه‪ :‬أنه كان يعلِّ ُم بنيه الصالةَ إذا ع َقلوا‪.‬‬

‫‪ 1‬صحيح‪ :‬رواه أيب داوود (‪)4985‬‬


‫‪ 2‬صحيح‪ :‬رواه النسائي (‪)3940‬‬
‫‪ 3‬رواه البيهقي يف سننه ج ‪ 3‬ص ‪84‬‬
‫‪ 4‬قيام الليل حممد بن نصر املروزي‬
‫‪ 5‬رواه ابن أيب شيبة ج ‪ 1‬ص ‪383‬‬
‫[‪[60‬‬
‫وال يعين ذلك أنه لن يكون هناك بعض املشاكسات واملفارقات منهم أثناء الصالة‬

‫فحني يبدأ الزحف‪ ،‬ستجدي طفلك يدور حولك أثناء الصالة مث بعدها حياول أن يتسلق ظهرك ظنا‬
‫أنك تلعبني معه حني يراك تركعني وتسجدين ومع مرور الوقت سيقتدي بك ويقف جبوارك حني يرى‬
‫ثباتك وتعلقك ابلصالة وحبك هلا وراحتك فيها‬

‫روى عن شداد بن اهلاد الليثي‪ :‬خرج علينا رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يف إحدى صاليت العشاء‪،‬‬
‫وهو حامل حسنا أو حسينا‪ ،‬فتقدم رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬فوضعه‪ ،‬مث كرب للصالة‪ ،‬فصلى‪،‬‬
‫فسجد بني ظهراين صالته سجدة أطاهلا‪ ،‬قال أيب‪ :‬فرفعت رأسي‪ ،‬وإذا الصيب على ظهر رسول هللا‬
‫صلى هللا عليه وسلم وهو ساجد‪ ،‬فرجعت إىل سجودي‪ ،‬فلما قضى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪،‬‬
‫قال الناس‪ :‬اي رسول هللا! إنك سجدت بني ظهرين صالتك سجدة أطلتها! حىت ظننا أنه قد حدث‬
‫أمر‪ ،‬أو أنه يوحى إليك؟! قال‪ :‬كل ذلك مل يكن ؛ ولكن ابين ارحتلين‪ ،‬فكرهت أن أعجله حىت‬
‫‪2‬‬
‫يقضي حاجته‬

‫لذلك من املهم يف هذه الفرتة اصطحاب األوالد للمسجد إذا استطاعوا أداء الصالة صحيحة وكاملة‬
‫ورأيتم منهم توقريا للمسجد‪ ،‬فهذا مما يعني على ارتباطهم ابلصالة واستشعارهم أبمهية صالة اْلماعة‬
‫ولذهتا‪.‬‬

‫♦♦♦♦♦‬

‫الصيام‪:‬‬

‫وكما كان السلف يهتمون بتعليم أبناؤهم الصالة‪ ،‬فقد كانوا أيضا يهتمون بتعويد أبنائهم على‬
‫ِّ‬
‫الصيب ابلصوم إذا أطاقه‬
‫ُّ‬ ‫ابن املنذ ِّر ‪ -‬رمحه هللا ‪َ :-‬‬
‫ويؤم ُر‬ ‫العبادات األخرى ومنها الصيام؛ فقد قال ُ‬
‫ٍ ‪3‬‬
‫أمر ندب‪.‬‬
‫َ‬

‫‪ 1‬رواه ابن أيب شيبة ج ‪ 1‬ص ‪382‬‬


‫‪ 2‬صحيح‪ :‬رواه النسائي (‪)1140‬‬
‫‪ 3‬اإلقناع؛ ابن املنذر ج‪ 1‬ص ‪194‬‬
‫[‪[61‬‬
‫‪1‬‬
‫وعن هشام بن عروة‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬أنه‪ :‬كان أيمر بنيه ابلصيام إذا أطاقوه‪ ،‬وابلصالة إذا ع َقلوا‪.‬‬

‫وقد كان الصحابة والسلف الصاحل يعينون أبناؤهم على صيام النوافل حىت إذا ما جاء رمضان‪،‬‬
‫صاموه بدون تعب وال مشقة‪.‬‬

‫النيب صلى هللا عليه وسلم غدا َة عاشوراءَ إىل قرى‬


‫معوذ بن عفراء‪ ،‬قالت‪ :‬أرسل ُّ‬‫الربيِّع بنت ِّ‬
‫فعن ُّ‬
‫بعد‪،‬‬
‫نصومه ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫صائما فليصم‪ .‬قالت‪ :‬فكنا ُ‬ ‫فليتم بقيةَ يومه‪ ،‬ومن أصبح ً‬
‫مفطرا َّ‬
‫األنصار‪ :‬من أصبح ً‬
‫ِّ‬
‫الطعام أعطيناه ذاك حىت يكو َن‬ ‫أحدهم على‬ ‫وجنعل هلم اللعبةَ من ِّ‬
‫العهن‪ ،‬فإذا بكى ُ‬ ‫ِّ‬
‫ونصوُم صبياننا‪،‬‬
‫ُ‬
‫ِّ ‪2‬‬
‫عند اإلفطار‪.‬‬

‫فما أمجل أن تقومي بتشجعيهم على التدرج يف الصيام قبل رمضان بثالثة أشهر أو أكثر يصومون‬
‫فيها اإلثنني واخلميس من كل إسبوع‪ ،‬ففي البداية يكون صيامهم حىت الظهر مث العصر مث املغرب‬
‫ومع حلول شهر رمضان يكونوا على أمت استعداد لصيامه كامال بعون هللا وتوفيقه مع االهتمام‬
‫بتحفيزهم وتشجيعهم على ذلك ابْلوائز واملكافئات‪.‬‬

‫♦♦♦♦♦♦‬

‫العِّلم الشَّرعي‪:‬‬

‫اَّللَ ِّم ْن ِّعبَ ِّاد ِّه الْعُلَ َماءُ } [فاطر‪.]28 :‬‬


‫يقول هللا تعاىل‪ { :‬إَِّّمنَا َخيْ َشى َّ‬
‫أكثر له خشية‪،‬‬ ‫َّ‬
‫وقد علق السعدي ‪ -‬رمحه هللا ‪ -‬يف تفسريه قائالً‪" :‬فكل َمن كان ابهلل أعلَ َم‪ ،‬كان َ‬
‫ِّ‬
‫فضيلة‬ ‫االنكفاف عن املعاصي‪ ،‬واالستعداد ِّ‬
‫للقاء َمن خيشاه‪ ،‬وهذا دليل على‬ ‫َ‬ ‫وأوجبت له خشيةُ هللا‬
‫َ‬
‫أهل كرامتِّه؛ كما قال تعاىل‪َ { :‬ر ِّض َي َّ‬
‫اَّللُ َعْن ُه ْم‬ ‫ِّ‬
‫داع إىل خشية هللا‪ ،‬وأهل خشيته هم ُ‬ ‫العلم؛ فإنه ٍ‬
‫‪3‬‬
‫ك لِّ َم ْن َخ ِّش َي َربَّهُ } [البينة‪"]8 :‬‬ ‫ِّ‬
‫ضوا َعْنهُ ذَل َ‬
‫َوَر ُ‬

‫‪ 1‬النفقة على العيال؛ البن أيب الدنيا (‪)300‬‬


‫‪ 2‬رواه البخاري (‪)1960‬‬
‫‪ 3‬تيسري الكرمي الرمحن؛ السعدي ص ‪688‬‬
‫[‪[62‬‬
‫تعليم‬ ‫ويف هذا داللةٌ على أمهية العلم و ِّ‬
‫وجب علينا ُ‬
‫أثره على اإلنسان وعقيدته وأخالقه؛ لذلك َ‬
‫ِّ‬
‫خشية هللا‪.‬‬ ‫العلم منذ الصغر؛ ليرتبَّ ْوا على‬ ‫ِّ ِّ‬
‫صغاران َ‬
‫♦♦♦♦♦‬
‫وتعليم العلم الشرعي لألبناء له طريقان‪:‬‬

‫‪ -‬إن كان هدفك هو تنشأة طالب علم شرعي (يقتفي أثر العلماء ويسري على هنجهم ليصبح‬
‫ِّ‬
‫فعليك البدء بتحفيظهم القرآن مث املتون بغض النظر عن مدى‬ ‫عاملا يف يوم من األايم)‪،‬‬
‫استيعاهبم ملا يتعلموه‪ ،‬ومع مرور الوقت ستنموا مداركهم ويستوعبوا ما حفظوه حني توفري هلم‬
‫شرح مبسط للتفسري واملتون‪.‬‬

‫‪ -‬أما إن كان هدفك هو تربية جيل متعلق ابهلل عز وجل فعليك ابلقرآن مع االهتمام بتعليمه‬
‫درسا أسبوعيًّا‪ ،‬يكون‬
‫األساسيات يف كل فرع من العلوم الشرعية‪ ،‬فيأخذ ‪ -‬على األقل ‪ً -‬‬
‫يف حدود ‪ 15‬دقيقة (يعتمد على قدرته على االستيعاب)‪ ،‬ويتم فيه دراسة فرع واحد‪ ،‬وبعد‬
‫االنتهاء منه تبدئني معه يف دراسة فرع آخر من فروع العلوم الشرعية‪.‬‬

‫♦♦♦♦♦‬
‫وتنقسم العلوم الشرعية إىل‪:‬‬
‫العقيدة‪:‬‬

‫وفيها يتعلم اإلميا َن بربوبية هللا تعاىل وألوهيته وأمسائه وصفاته‪ ،‬ومالئكته وكتبه ورسله واليوم اآلخر‬
‫والقدر خريه وشره وسائر ما ثبت من أمور الغيب وأصول الدين وما أمجع عليه السلف الصاحل‪،‬‬
‫والتسليم التام هلل تعاىل يف األمر واحلكم والطاعة واالتباع لرسوله صلى هللا عليه وعلى آله وسلم‪.‬‬

‫احلديث‪:‬‬

‫وفيه يتعلم أقو َال وأفعال الرسول صلى هللا عليه وسلم مع فهم معانيها ليستطيع تطبيقها يف حياته‬
‫مقتداي بنبيه احلبيب صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬

‫[‪[63‬‬
‫الفقه‪:‬‬
‫أحكام الطَّ ِّ‬
‫هارة كاالستنجاء والوضوء ونواقضه‪.‬‬ ‫َ‬ ‫‪ -‬وفيه يتعلم‬

‫‪ -‬وأحكام الصالة وكيفيتها ومبطالت الصالة‪.‬‬

‫‪ -‬وكذلك الصيام وأحكامه‪.‬‬

‫‪ -‬وكل ما حيتاج معرفته من األمور الفقهية يف املسائل اليت حيتاجها املسلم يف حياته اليومية‪.‬‬

‫التفسري‪:‬‬

‫ومنه يتعلم تدبر آايت القرآن واالرتباط ابلقرآن وربطه ابلواقع الذي يعيشه ومعرفة حالله وحرامه‬
‫والتعلق ابهلل عز وجل والتقرب إليه‪.‬‬

‫األخالق‪:‬‬
‫النيب صلى هللا عليه وسلم مع ِّ‬
‫هللا‪ ،‬ومع القرآن‪ ،‬ومع املؤمنني كبارهم وصغارهم‪ ،‬ومع‬ ‫أخالق ِّ‬
‫َ‬ ‫وتشمل‬
‫املشركني‪ ،‬ومع جريانه‪ ،‬وغريهم ليقتدي طفلك به يف كل معامالته وسلوكياته‪.‬‬

‫اآلداب اإلسالمية‪:‬‬
‫ِّ‬
‫الصحابة‪ ،‬ومع ِّ‬
‫األهل‪ ،‬ومع الناس‪ ،‬وغريها من‬ ‫وتشمل األدب مع هللا‪ ،‬ومع ِّ‬
‫القرآن‪ ،‬ومع رسوله‪ ،‬ومع‬ ‫َ‬
‫اإلسالم‪ ،‬مثل‪ :‬آداب االستئذان‪ ،‬والطعام‪ ،‬والنوم‪ ،‬والكالم‪.‬‬
‫ُ‬ ‫اآلداب اليت حثَّنا عليها‬

‫السري والرتاجم‪:‬‬

‫قصص األنبياء عليهم السالم حيث يتعرف على أمسائهم ومعجزاهتم وكيفية دعوهتم قومهم للتوحيد‪.‬‬

‫[‪[64‬‬
‫السرية النبوية وفيها يتعرف على الرسول صلى هللا عليه وسلم ونشأته وتكليفه ابلنبوة ومواقفه املختلفة‬
‫مع األطفال واملؤمنني والكفار‬

‫قصص الصحابة رضي هللا عنهم وأمهات املؤمنني رضي هللا عنهن والتابعني رمحهم هللا ومن تبعهم‬
‫ليقتدي هبم ويتعلم من ثباهتم وإمياهنم‪.‬‬

‫اللغة العربية‪:‬‬

‫حيث يتعلم احلروف حبركاهتا واملدود والسكون والشدة والالم الشمسية والقمرية‪ ،‬مث يبدأ التدرب على‬
‫قراءة كتاب هللا بدءا من قصار السور مع تعلمه ألساسيات التجويد‪.‬‬

‫[‪[65‬‬
‫الفصل الرابع‪:‬‬

‫مرحلة دخول املدرسة (مرحلة التدريب)‬

‫التوحيد واإلميان‬
‫َ‬ ‫‪ ‬التجديد يف وسائل تعليم األبناء‬
‫‪ ‬قصص قبل النوم‬
‫‪ ‬أمرهم ابلصالة والصيام‬
‫السوء والبِّ َدع من األصدقاء واْلريان‬
‫‪ ‬عدم خمالطتهم ألهل ُّ‬
‫‪ ‬جمالسة الولد ألهل العلم والصالح‬
‫‪ ‬االهتمام بتعليمهم العِّلم الشرعي وتوصيتهم به‬
‫‪ ‬تعليمهم التعاوي َذ املشروعة‬

‫[‪[66‬‬
‫مرحلة دخول املدرسة (من ‪ 6‬سنوات فيما فوق(‬
‫توسع البيئة االجتماعية احمليطة ابلطفل‪ ،‬وحماولته إثبات وجوده وإظهار قناعاته يف‬
‫وهي مرحلة ُّ‬
‫قمت بتعليمه يف السنوات السابقة وبني ما يسمعه‬‫حيدث التصادم بني ما ِّ‬
‫تعامالته مع غريه‪ ،‬وهنا ُ‬
‫خصوصا حينما يضطر لالختالط مبن هم أقل منه التز ًاما وأقوى منه يف‬
‫ً‬ ‫ويتعلمه من اجملتمع حوله‪،‬‬
‫الشخصية‪.‬‬

‫ودورك هنا هو التوسع معه يف دراسة العلم الشرعي ‪ -‬على حسب استيعابه ‪ -‬ومناقشته وحماورته‬‫َ‬
‫متأثرا‪ ،‬ومما‬ ‫ِّ‬
‫وإقناعه واحتواؤه مع تعزيز ثقته ابهلل عز وجل؛ حىت يكون مؤثًرا فيمن حوله‪ ،‬وليس ً‬
‫القيام به‪:‬‬ ‫ِّ‬
‫ميكنك ُ‬

‫التوحيد واإلميان‪:‬‬
‫َ‬ ‫التجديد يف وسائل تعليم األبناء‬

‫دور هام يف تقبل الطفل للمعلومة‪ .‬وتعتمد اختيار الوسيلة على‬


‫ابلتنوع يف وسائل التعليم ٌ‬
‫لالهتمام ُّ‬
‫حسب املوقف وعلى حسب شخصية طفلك ومدى استجابته لتلك الوسيلة مع التنويع كل فرتة بني‬
‫الوسائل من ابب التجديد واإلاثرة‪.‬‬

‫وكما للوسيلة دور هام يف التوجيه فكذلك الختيار الوقت املناسب املؤثر يف الطفل‪ ،‬فإن القلوب‬
‫تُقبل وتُدبر‪ ،‬وعلى الوالدين اختيار أوقات إقبال قلوب األبناء ليُ َخ ِّولُوهم ابملوعظة‪ .‬فمن أوقات إقبال‬
‫قلوب األطفال‪:1‬‬

‫‪ -‬النزهة والطريق والركوب‪ ،‬وهنا يكون الطفل يف مكان مفتوح يف اهلواء الطلق‪ ،‬فتكون نفسه‬
‫على استعداد للتلقي‪.‬‬
‫‪ -‬وقت املرض‪ :‬املرض يُلَِّني قلوب الكبار‪ ،‬ويكون أشد لينا ورقة يف حالة األطفال مما جيعلهم‬
‫أكثر قبوال للنصح والتوجيه واملوعظة‪ ،‬إذا ما اتسمت ابللني واحلب والرفق وليس العتاب‬
‫واحلساب والعقاب‪.‬‬

‫‪ 1‬منهج الرتبية النبوية للطفل ص ‪ ،91‬ابختصار وتصرف يسري‬


‫[‪[67‬‬
‫كل ذلك مع حماولة إاثرة مشاعرهم‪ ،‬وشد انتباههم لتهيئتهم لالستماع عن طريق البدء ابأللفاظ‬
‫الودوة مثل‪ :‬اي بين‪ ،‬اي قرة العني‪.‬‬

‫♦♦♦♦♦‬
‫ومن وسائل التعليم املتنوعة‪:‬‬

‫التعليم ابصطحاب الطفل‪:1‬‬

‫يقول حممد نور الدين سويد‪" :‬تلعب الصحبة دورا كبريا يف التأثري على نفس الطفل‪ ،‬وهي مرآة‬
‫الصديق لصديقه"‪" ،‬فيتعلمان من بعضهما بعض"‪.‬‬

‫ويقول أيضا‪" :‬وكان صلى هللا عليه وسلم يصطحب األطفال يف كافة امليادين‪ ،‬فتارة يصحب ابن‬
‫عباس ويسريان يف الطريق‪ ،‬واترة يصطحب اطفال ابن عمه جعفر‪ ،‬وأخرى يصطحب أنسا‪ ،‬وهكذا‬
‫يصحب النيب صلى هللا عليه وسلم الطفل معه من غري أتفف"‪" ،‬فهذا حق الطفل أن يصحب الكبار‬
‫ليتعلم منهم‪ ،‬فتتهذب نفسه‪ ،‬ويتلقح عقله‪ ،‬وتتحسن عاداته"‪.‬‬

‫♦♦♦♦♦‬
‫التعليم يف وقت االجتماع ابألبناء‪:‬‬

‫يوما‪ ،‬فقال‪« :‬اي غالم‪،‬‬‫النيب صلى هللا عليه وسلم ً‬


‫اس رضي هللا عنهما قال‪ :‬كنت خلف ِّ‬ ‫فعن ابن عبَّ ٍ‬
‫ِّ‬
‫فاسأل هللا‪ ،‬وإذا‬ ‫سألت‬
‫َ‬
‫ِّ‬
‫احفظ هللا حيفظك‪ ،‬احفظ هللا جتده جتاهك‪ ،‬إذا‬ ‫ٍ‬
‫كلمات‪:‬‬ ‫إين أُعلِّ ُمك‬
‫األمةَ لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء مل ينفعوك إال بشيء قد‬
‫استعنت فاستعن ابهلل‪ ،‬واعلم أن َّ‬
‫َ‬
‫يضروك إال بشيء قد كتبه هللا عليك‪ُ ،‬رفِّعت‬
‫يضروك بشيء مل ُّ‬
‫كتَبه هللا لك‪ ،‬وإن اجتمعوا على أن ُّ‬
‫وجفت الصحف»‪.2‬‬ ‫األقالم‪َّ ،‬‬

‫♦♦♦♦♦‬

‫‪ 1‬منهج الرتبية النبوية للطفل ص ‪126‬‬


‫‪ 2‬صحيح‪ :‬رواه الرتمذي (‪)2516‬‬
‫[‪[68‬‬
‫التعليم ابحلوار واإلقناع‪:‬‬

‫كنت؟‬
‫جئت أيب فقال‪ :‬أين َ‬
‫فعن عامر بن عبدهللا بن الزبري ‪ -‬رمحه هللا ‪ -‬قال‪ُ :‬‬
‫خريا منهم‪ ،‬يذ ُكرون هللا تعاىل ُفريعد‪ 1‬أحدهم حىت يُغشى عليه من‬
‫فقلت‪ :‬وجدت أقو ًاما ما رأيت ً‬ ‫ُ‬
‫فقعدت معهم‪.‬‬
‫ُ‬ ‫خشية هللا تعاىل‪،‬‬

‫قال‪ :‬ال تقعد معهم بعدها‪.‬‬

‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يتلو القرآن‪ ،‬ورأيت أاب بكر‬
‫يف‪ ،‬فقال‪ :‬رأيت َ‬ ‫أيخ ْذ ذلك َّ‬
‫فرأى كأنه مل ُ‬
‫أخشع هلل تعاىل من أيب بكر‬
‫َ‬ ‫وعمر ‪ -‬رضي هللا عنهما ‪ -‬يتلو ِّان القرآن‪ ،‬فال يصيبهم هذا‪ ،‬أفرتاهم‬
‫وعمر ‪ -‬رضي هللا عنهما؟‬
‫‪2‬‬
‫فرأيت أن ذلك كذلك؛ فرتكتهم‪.‬‬

‫أي أنه رأى أهنم ليسوا أبخشع من رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وال اخللفاء الراشدين رضي هللا‬
‫عنهم لذلك ال ينبغي التأثر أو اإلقتداء بفعلهم‪.‬‬

‫♦♦♦♦♦‬
‫التعليم ابلقصة‪:‬‬

‫عن خباب بن األرت رضي هللا عنه قال‪ :‬أتيت النيب صلى هللا عليه وسلم وهو متوسد بردة وهو يف‬
‫ظل الكعبة‪ ،‬وقد لقينا من املشركني شدة‪ ،‬فقلت‪ :‬اي رسول هللا‪ ،‬أال تدعو هللا‪،‬‬

‫فقعد وهو حممر وجهه‪ ،‬فقال‪« :‬لقد كان من قبلكم ليمشط مبشاط احلديد‪ ،‬ما دون عظامه من حلم‬
‫أو عصب‪ ،‬ما يصرفه ذلك عن دينه‪ ،‬ويوضع املنشار على مفرق رأسه‪ ،‬فيشق ابثنني ما يصرفه ذلك‬
‫كاب من صنعاء إىل حضرموت ما خياف إال هللا »‪3‬‬ ‫عن دينه‪ ،‬وليتمن هللا هذا األمر حىت يسري الر‬

‫‪1‬‬

‫‪ 2‬حلية األولياء ص ‪467‬‬


‫‪ 3‬رواه البخاري (‪)3852‬‬
‫[‪[69‬‬
‫♦♦♦♦♦‬
‫التعليم ابلرتغيب والرتهيب‪:‬‬

‫الرتغيب والرتهيب من األساليب ذات التأثري النفسي على إصالح الكبري قبل الصغري‪ ،‬حيث يتم‬
‫ترغيبهم يف العمل الصاحل وأجره‪ ،‬وترهيبهم من اخلطأ وتنبيههم لعواقب تصرفاهتم اخلاطئة‪.‬‬

‫واألمثلة يف هذا اْلانب كثرية‪ ،‬منها على سبيل املثال ال احلصر‪ ،‬الرتغيب يف بر الوالدين والرتهيب من‬
‫عقوقهما‪ ،‬فعن ابن عمرو بن العاص رضي هللا عنهما‪ :‬أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال‪« :‬رضا‬
‫‪1‬‬
‫الرب يف رضا الوالد‪ ،‬وسخط الرب يف سخط الوالد»‬

‫وعن أيب الدرداء رضي هللا عنه قال‪ :‬مسعت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يقول‪« :‬الوالِّ ُد أوس ُ‬
‫ط‬
‫‪2‬‬
‫الباب أو اح َفظْه»‬ ‫ِّ‬
‫شئت فأضع ذلك َ‬ ‫اب اْلن َِّّة‪َّ ،‬‬
‫فإن َ‬ ‫أبو ِّ‬

‫وكذلك الرتغيب يف املداومة على قيام الليل‪ ،‬فعن ابن عمر رضي هللا عنهما قال‪ :‬كان الرجل يف حياة‬
‫النيب صلى هللا عليه وسلم إذا رأى رؤاي قصها على النيب صلى هللا عليه وسلم فتمنيت أن أرى رؤاي‬
‫أقصها على النيب صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬وكنت غالما شااب عزاب‪ ،‬وكنت أانم يف املسجد على عهد‬
‫النيب صلى هللا عليه وسلم فرأيت يف املنام كأن ملكني أخذاين‪ ،‬فذهبا يب إىل النار‪ ،‬فإذا هي مطوية‬
‫كطي البئر‪ ،‬وإذا هلا قرانن كقرين البئر‪ ،‬وإذا فيها انس قد عرفتهم‪ ،‬فجعلت أقول‪ :‬أعوذ ابهلل من النار‪،‬‬
‫أعوذ ابهلل من النار‪ ،‬فلقيهما ملك آخر فقال يل‪ :‬لن تراع‪.‬‬

‫فقصصتها على حفصة‪ ،‬فقصتها حفصة على النيب صلى هللا عليه وسلم فقال‪« :‬نعم الرجل عبد هللا‬
‫لو كان يصلي ابلليل»‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫فكان عبد هللا ال ينام من الليل إال قليال‪.‬‬

‫♦♦♦♦♦‬

‫‪ 1‬حسن‪ :‬رواه الرتمذي (‪)1899‬‬


‫‪ 2‬صحيح‪ :‬رواه الرتمذي (‪)1900‬‬
‫‪ 3‬رواه البخاري (‪)3530‬‬
‫[‪[70‬‬
‫التعليم ابلتدرج‪:‬‬

‫فالصالة على سبيل املثال يتعلمها طفلك يف الصغر من خالل املالحظة واملراقبة ومع تدرج مراحله‬
‫العمرية يبدأ بتقليد احلركات مث تشجعه وحتفزه على الصالة معك مع شرح مبسط ألركاهنا وشروطها‬
‫مث أتيت مرحلة التكليف وبعدها أتيت مرحلة العقاب ابلضرب إذا فرط فيها‪.‬‬

‫لقول رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪« :‬مروا أوالدكم ابلصالة‪ ،‬وهم أبناء سبع سنني‪ ،‬واضربوهم وهم‬
‫‪1‬‬
‫أبناء عشر سنني‪» .‬‬

‫وكذلك يف القرآن يتم تعليمه نبذه عن معاين اآلايت أوال ليتعلم حالهلا من حرامها مث يبدأ حبفظ‬
‫اآلايت اليت تعلم معناها لرتسخ يف ذهنه وتكون أكثر استيعااب مما يسهل عليه حفظه بعون هللا مع‬
‫حماولة تطبيق ما يتعلمه منها‪.‬‬

‫لماان َحَزاورًة مع رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬فيُعلِّ ُمنا‬
‫ندب بن عبدهللا رضي هللا عنه‪ :‬كنَّا ِّغ ً‬ ‫قال ُج ُ‬
‫‪2‬‬
‫إمياان‪.‬‬
‫فازد ْدان به ً‬ ‫ِّ‬
‫اإلميا َن قبل القرآن‪ ،‬مث يُعل ُمنا القرآن‪َ ،‬‬
‫وكذلك الصيام حيث يتم تدريبه تدرجييا منذ الصغر على صيام النوافل من أجل أن يكون مهيأ لصيام‬
‫شهر رمضان كامال بعون هللا‪.‬‬
‫وكذلك األذكار حيث يتعلمها من كثرة استماعه ِّ‬
‫لك وأنت ترددينها وهو رضيع مث يشاركك ابلرتديد‬
‫حني يبدأ الكالم مث حتثيه على ترديدها وحده حني يكرب‪.‬‬

‫وهكذا‪.‬‬

‫♦♦♦♦♦‬

‫‪ 1‬صحيح‪ :‬رواه أيب داود (‪)495‬‬


‫‪ 2‬صحيح‪ :‬رواه ابن ماجه (‪)52‬‬
‫[‪[71‬‬
‫التعليم ابلقدوة‪:‬‬

‫النيب صلَّى هللاُ عليه وسلَّم‪،‬‬ ‫بت ِّع َ‬


‫ند خالَيت ميمونةَ ليلةً‪ ،‬فنام ُّ‬ ‫عن ابن عباس رضي هللا عنهما قال‪ُّ :‬‬
‫فتوضأَ من َش ٍن ُم َعلَّ ٍق ُوضوءًا خفي ًفا‪،‬‬ ‫رسول ِّ‬
‫هللا صلَّى هللاُ عليه وسلَّم‪َّ ،‬‬ ‫الليل‪ ،‬قام ُ‬‫بعض ِّ‬ ‫فلما كان يف ِّ‬
‫مت عن ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫يساره‪،‬‬ ‫ئت ف ُق ُ‬ ‫توضأَ‪ ،‬مث ج ُ‬
‫حنوا مما َّ‬
‫ت ً‬ ‫فتوضأْ ُ‬
‫مت َّ‬ ‫مرو ويُ َقللُه جدًّا‪ ،‬مث قام يصلي‪ ،‬ف ُق ُ‬
‫ُخيَف ُفه َع ٌ‬
‫‪1‬‬
‫فجعلين عن ميينِّه‪ ،‬مث صلَّى ما شاء هللاُ‪.‬‬
‫فحولَين َ‬
‫َّ‬
‫♦♦♦♦♦‬
‫التعليم ابلتكرار‪:‬‬

‫كأن تكرر الطلب على الطفل عدة مرات حىت يتعود عليه وأيلفه‪ ،‬كتكرار تذكريه ابلصالة عند كل‬
‫آذان‬

‫فقد روي عن الرسول صلى هللا عليه وسلم‪« :‬مروا أوالدكم ابلصالة‪ ،‬وهم أبناء سبع سنني‪ ،‬واضربوهم‬
‫‪2‬‬
‫وهم أبناء عشر سنني‪» .‬‬

‫وعن عبد هللا بن مسعود رضي هللا عنه أنه قال يف توجيه اآلابء لألبناء‪" :‬عودوهم اخلري؛ فإن اخلري‬
‫‪3‬‬
‫عادة"‬

‫وكما هو متعارف أن العادة ال تنشأ إال ابلتكرار املستمر بدون كلل وال ملل‪.‬‬

‫♦♦♦♦♦♦‬

‫‪ 1‬رواه البخاري (‪)859‬‬


‫‪ 2‬صحيح‪ :‬رواه أيب داود (‪)495‬‬
‫‪ 3‬رواه البيهقي يف سننه ج ‪ 3‬ص ‪84‬‬
‫[‪[72‬‬
‫قصص قبل النوم‪:‬‬

‫يتم إعادة كل القصص السابقة‪ ،‬بدءًا من قصص األنبياء إىل السرية النبوية وغريها من قصص‬‫وهنا ُّ‬
‫الصاحلني مبزيد من التفصيل؛ إلعادة تذكري طفلك هبا وتثبيت املعلومة لديه‪ ،‬حيث يكون لدى الطفل‬
‫يف هذه املرحلة العمرية مزي ٌد من الفهم واالستيعاب لكل ما يسمعه من قصص‪.‬‬

‫وحيبذ أن يتم تشجيع الطفل وحثه على القراءة بنفسه ليتعلق ابلقراءة‪.‬‬

‫♦♦♦♦♦♦‬

‫أمرهم ابلعبادات‪:‬‬

‫ويكون ذلك مع اقرتاب طفلك من عمر سبع سنوات‪ ،‬وهو سن تكليف الوالدين للطفل ابلصالة؛‬
‫فيبدأ الوالدين بتنبيه الطفل للصالة مع كل آذان‪.‬‬

‫وينبغي التنويه على أمهية تعليم الطفل معىن الصالة وكيف فرضت علينا وأن الصالة هي سبيل القرىب‬
‫من هللا عز وجل وهي سبيل الراحة من مهوم الدنيا مستدلة ابألحاديث الواردة عن الرسول صلى هللا‬
‫عليه وسلم وكذلك تعليم الطفل االايت اليت حثت على الصالة وارتباطها ابلصرب وهنيها عن الفحشاء‬
‫واملنكر وأهنا الفاصل بني الكفر واإلميان واهنا اساس احلياة ليدرك أمهيتها ودورها يف حياتنا‪.‬‬
‫ِّ‬
‫ابلصالة‬ ‫النيب صلى هللا عليه وسلم‪ُ « :‬مروا أبناءَكم‬
‫فعن عبدهللا بن عمرو رضي هللا عنهما قال‪ :‬قال ُّ‬
‫‪1‬‬ ‫اضربوهم عليها َلع ْشر‪ِّ ،‬‬
‫وفرقوا بينهم يف املضاجع»‪.‬‬ ‫لسبع‪ ،‬و ِّ‬

‫يؤدبوا أوالدهم‪ ،‬ويعلِّموهم الطَّهارة والصالة‪،‬‬


‫وقال الشافعي ‪ -‬رمحه هللا ‪ :-‬على اآلابء واألمهات أن ِّ‬
‫ُّ‬
‫‪2‬‬
‫َخس عشرة سنة‪ِّ ،‬لزمه الفرض‪.‬‬ ‫ويضربوهم على ذلك إذا ع َقلوا‪ ،‬فمن احتلم أو حاض‪ ،‬أو استكمل َ‬

‫‪ 1‬صحيح‪ :‬رواه أيب داود (‪)495‬‬


‫‪ 2‬شرح السنة‬
‫[‪[73‬‬
‫أيمر َمن يطيعه ابلصالة‪ ،‬حىت الصغار الذين‬ ‫وقال ابن تيمية ‪ -‬رمحه هللا ‪ :-‬وجيب على ِّ‬
‫كل مطاع أن َ‬
‫‪1‬‬
‫مل يبلُغوا‪.‬‬

‫أيم ِّر‬
‫وقال‪ :‬ومن كان عنده صغريٌ مملوك أو يتيم أو ول ٌد‪ ،‬فلم أيمره ابلصالة‪ ،‬فإنه يعاقب الكبري إذا مل ُ‬
‫‪2‬‬
‫ويعزر الكبريُ على ذلك تعز ًيرا بليغًا؛ ألنه عصى هللاَ ورسولَه صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬
‫الصغري‪َّ ،‬‬

‫♦♦♦♦♦‬
‫وكذلك الصوم‪ ،‬ففي هذه املرحلة العمرية يكون الطفل قد تعود متاما على الصيام فيفضل أن يتم‬
‫تشجيعه على االستمرار على صيام النوافل إبستمرار تقراب هلل عز وجل مع اإللتزام بصيام شهر‬
‫رمضان‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫أمر نَ ْد ٍب‪.‬‬
‫الصيب ابلصوم إذا أطاقه َ‬
‫ويؤمر ُّ‬
‫فعن ابن املنذر ‪ -‬رمحه هللا ‪ -‬أنه قال‪َ :‬‬

‫♦♦♦♦♦♦‬

‫السوء والبِّ َدع من األصدقاء واْلريان‪:‬‬


‫جتنب خمالطتهم ألهل ُّ‬

‫يف تلك املرحلة من العمر يتعلق الطفل أبقرانه يف املدرسة وخارجها مما جيعل أتثريهم على الطفل أكرب‬
‫من أتثري البيت لذلك وجب على الوالدين توجيه الطفل ومساعدته على اختيار الصديق الصاحل‬
‫وحماولة إبعاده عن صديق السوء‪.‬‬

‫مع االهتمام ابختيار الصحبة الصاحلة اليت تتوافق يف شخصيتها مع شخصية الطفل حىت ال ينفر‬
‫منهم ومن أهل العلم والصالح كافة‪.‬‬

‫فقد قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪« :‬الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من خيالل»‪،1‬‬

‫‪ 1‬جمموع الفتاوى ج ‪ 2‬ص ‪32‬‬


‫‪ 2‬جمموع الفتاوى ج ‪ 2‬ص ‪32‬‬
‫‪ 3‬اإلقناع؛ ابن املنذر ج‪ 1‬ص ‪194‬‬
‫[‪[74‬‬
‫ِّ‬
‫املسك‪:‬‬ ‫فحامل‬ ‫وانفخ ِّ‬
‫الكري‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫املسك ِّ‬ ‫ِّ‬
‫كحامل‬ ‫الس ِّ‬
‫وء‪،‬‬ ‫احل و َّ‬
‫الص ِّ‬ ‫ِّ‬
‫اْلليس َّ‬ ‫وقال يف موضع آخر‪َ « :‬مثَ ُل‬
‫ُ‬
‫ِّ‬
‫وإما‬
‫ك‪َّ ،‬‬ ‫الكري‪َّ :‬إما أن ِّ‬
‫حير َق ثيابَ َ‬ ‫جتد منهُ رحيًا طيِّبةً‪ُ ،‬‬
‫وانفخ ِّ‬ ‫وإما أن َ‬
‫تبتاع منهُ‪َّ ،‬‬
‫وإما أن َ‬ ‫ك‪َّ ،‬‬ ‫َّإما أن ُحيذيَ َ‬
‫جتد رحيًا خبيثةً»‪.2‬‬
‫أن َ‬
‫شديدا مبتابعة أبنائهم وإعانتهم على حسن اختيار الرفيق‪.‬‬
‫لذلك اهتم السلف اهتماما ً‬
‫احلريب ‪ -‬رمحه هللا‪ :‬جنِّبوا أوالدكم قرانءَ السوء قبل أن تصبغوهم يف البالء كما يُصبَغ‬
‫ُّ‬ ‫قال إبراهيم‬
‫الثوب‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫وقال‪ :‬أول فساد الصبيان بعضهم من بعض‪.‬‬

‫صاحب بِّدعة‪ ،‬أرى أن‬


‫َ‬ ‫الرجل‬
‫مسعت أمحد بن سنان يقول‪ :‬إذا جاور ُ‬
‫وقال أبو حامت ‪ -‬رمحه هللا ‪ُ :-‬‬
‫‪4‬‬
‫لده وجريانه‪.‬‬
‫ليتحول‪ ،‬وإال هلَك و ُ‬
‫داره إن أمكن‪ ،‬و َّ‬
‫يبيع َ‬
‫رجل يقال له‪ :‬صاحل‪ ،‬يتكلَّم يف‬ ‫ٍ‬
‫معمٌر ‪ -‬رمحه هللا ‪ :-‬كنت عند ابن طاوس يف غدير له‪ ،‬إذ أاته ٌ‬‫وقال َ‬
‫أدخ ْل أصبعيك يف أذنيك‬ ‫ال َق َدر‪ ،‬فتكلم بشيء منه‪ ،‬فأدخل طاوس أُصبعيه يف أذنيه وقال البنه‪ِّ :‬‬
‫ُ‬
‫‪5‬‬
‫ضعيف‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫اشد ْد؛ حىت ال تسمع من قوله شيئًا؛ فإن القلب‬
‫و ُ‬

‫♦♦♦♦♦♦‬

‫جمالسة الولد ألهل العلم والصالح‪:‬‬

‫وكما أنه من املهم ابعاد الطفل عن أصدقاء السوء‪ ،‬فإنه من املهم أيضا أن خيتلط األبناء أبهل العلم‬
‫والصالح؛ ليكونوا قدوة هلم ومرشدا يف احلياة خاصة يف زمننا هذا حيث انتشرت الفنت‪.‬‬

‫‪ 1‬حسن غريب‪ :‬رواه الرتمذي (‪)2378‬‬


‫‪ 2‬رواه البخاري (‪)5534‬‬
‫‪ 3‬رواه ابن اْلوزي يف "ذم اهلوى" ص ‪166‬‬
‫‪ 4‬رواه ابن بطة يف "اإلابنة الكربى" ج ‪ 2‬ص ‪469‬‬
‫‪ 5‬رواه ابن بطة يف اإلابنة الكربى ج ‪ 4‬ص ‪215‬‬
‫[‪[75‬‬
‫فعن أيب هريرَة رضي هللا عنه أن النيب صلى هللا عليه وسلم قال يف فضل جمالس ِّ‬
‫الذكر وأهله‪« :‬هم‬ ‫َّ‬
‫‪1‬‬
‫جليسهم»‪.‬‬
‫القوم ال يشقى هبم ُ‬ ‫ُ‬
‫أي أن من جالسهم ينال من رمحة هللا ومغفرته ما ينال منه القوم‪.‬‬

‫وقال لقمان البنه‪ :‬اي بين جالس العلماء وزامحهم بركبتيك فان هللا تعاىل عز وجل حييي القلوب بنور‬
‫‪2‬‬
‫احلكمة كما حيىي األرض بوابل السماء‪.‬‬

‫ويستحب اصطحاب الطفل للمساجد واحللقات الشرعية فهما خري مكان للتعرف على من هم من‬
‫أهل العلم والصالح‪.‬‬

‫♦♦♦♦♦♦‬

‫االهتمام بتعليمهم العِّلم الشرعي وتوصيتهم به‪:‬‬

‫وينبغي يف هذه املرحلة حثهم على االستزادةُ من تعلم ما ينفعهم من العلوم الشرعية وتُ ِّ‬
‫درُكه عقوهلم‪،‬‬
‫الكم على حسب استيعاهبم وليس أعمارهم‪.‬‬ ‫التدرج‪ ،‬وأن يكون ُّ‬
‫وينبغي مراعاة ُّ‬
‫احلسن بن علي بنيه وبين أخيه‪ ،‬فقال‪ :‬اي بين وبين أخي‪ ،‬إنكم‬ ‫ُ‬ ‫فعن ُشَر ْحبيل بن سعد قال‪ :‬دعا‬
‫كبار آخرين‪ ،‬فتعلَّموا العِّلم‪ ،‬فمن مل يستطع منكم أن يرويَه‪ ،‬فليكتُ ْبه‬ ‫ٍ‬
‫صغار قوم يوشك أن تكونوا َ‬ ‫ُ‬
‫‪3‬‬
‫ليض ْعه يف بيته‪.‬‬
‫و َ‬
‫ٍ‬
‫حديث‬ ‫إيل إذا نشأ الغالم أن يقع يف ِّ‬
‫يد صاحب‬ ‫ب َّ‬‫أح َّ‬ ‫ِّ‬
‫َ‬ ‫وعن بشر بن احلارث ‪ -‬رمحه هللا ‪ -‬قال‪ :‬ما َ‬
‫ِّ ‪4‬‬
‫يسد ُده‪.‬‬

‫‪ 1‬رواه مسلم (‪)2689‬‬


‫‪ 2‬رواه ابن املبارك يف "الزهد" ص ‪487‬‬
‫‪ 3‬رواه ابن عساكر يف "اترخيه" ج ‪ 13‬ص ‪259‬‬
‫‪ 4‬اتريخ بغداد ج ‪ 13‬ص ‪274‬‬
‫[‪[76‬‬
‫أيت الشاب أول ما ينشأ مع أهل السنَّة واْلماعه‬
‫وقال عمرو بن قيس املالئي ‪ -‬رمحه هللا‪ :‬إذا ر َ‬
‫الشاب على أول نشئه‪.‬‬
‫َّ‬ ‫س منه؛ فإن‬ ‫فارجهُ‪ ،‬وإذا رأيته مع أهل البدع فايئَ ْ‬
‫ُ‬
‫أهل العلم كاد أن يسلَم‪ ،‬وإن مال إىل غريهم كاد أن‬
‫وقال‪ :‬إن الشاب لينشأ‪ ،‬فإن آثَر أن جيالس َ‬
‫‪1‬‬
‫ب‪.‬‬‫يعطَ َ‬
‫ومما يعني على ذلك سؤاهلم ابستمرار عن ما تعلموه ومناقشتهم فيه‪ ،‬مع تشجعيهم ومكافئتهم‪،‬‬
‫وتوثيقه يف لوحة تكرمي تُعلق بغرفة الطفل أو تسجيل صويت له وهو يشرح بعض مما تعلمه واالحتفاظ‬
‫ابلتسجيل ليسمعه كل فرتة‪ .‬وكل هذا مما يعزز أمهية العلم الشرعي لديه ويعطيه دفعة من احلماس‬
‫لالستزادة من التعلم‪.‬‬

‫♦♦♦♦♦♦‬

‫تعليمهم التعاوي َذ املشروعة‪:‬‬

‫ولألذكار أمهية كبرية يف حتصني الطفل من الشيطان وكل ما من شأنه أن يضره‪ ،‬وها قد وصلوا ملرحلة‬
‫يدركوا فيها أمهية الذكر ويكون لديهم القدرة على ترديده أبنفسهم‪.‬‬

‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‬


‫جده رضي هللا عنه قال‪ :‬كان ُ‬ ‫عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن ِّ‬
‫َُ‬
‫التامة‪ ،‬من غضبِّه‪ ،‬وعقابه‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫كلمات نقوهلن عند الفزع من النوم‪« :‬بسم هللا‪ ،‬أعوذُ بكلمات هللا َّ‬ ‫يعلِّ ُمنا‬
‫حيض ِّ‬
‫رون»‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫وشر عباده‪ ،‬ومن مهَزات الشياطني وأ ْن ُ‬
‫‪2‬‬
‫عبدهللا بن عمرو رضي هللا عنهما يعلِّ ُمها َمن بلَغ ِّمن ولده أن يقوَهلا عند نومه‪.‬‬
‫قال‪ :‬فكان ُ‬

‫‪ 1‬اإلابنة الكربى؛ البن بطة ج‪ 2‬ص ‪481‬‬


‫‪ 2‬العيال؛ البن أيب الدنيا ج‪ 2‬ص ‪861‬‬
‫[‪[77‬‬
‫الفصل السادس‪:‬‬

‫كتب غرس اإلميان يف األطفال‬

‫العقيدة والتوحيد‬ ‫•‬


‫قصص األنبياء والسرية النبوية‬ ‫•‬
‫الصحابة والصحابيات والتابعون‬ ‫•‬
‫الفقه‬ ‫•‬
‫احلديث‬ ‫•‬
‫قصص القرآن وتفسريه‬ ‫•‬
‫اآلداب واألخالق واألذكار‬ ‫•‬
‫مناهج شرعية‬ ‫•‬

‫[‪[78‬‬
‫كتب غرس اإلميان يف األطفال‬
‫وها قد وصلنا آلخر حمطة وأمهها فلقد كان ما سبق دليل إرشاداي وبقي الكتب املعينة على اتباع هذا‬
‫الدليل‪ ،‬وكنت أُفضل أن أكتب منهج بنفسي يتناسب مع هذا الدليل لكن لضيق الوقت آثرت‬
‫أتجيل الفكرة وسأقرتح عليكن بعض الكتب املتوفرة ابألسواق‪ ،‬وقد ال تصلُح مجيعُها ألبنائك‪ ،‬لذا‬
‫يفضل االطالع عليها وتصفحها سريعا قبل االعتماد عليها والتفكري يف اقتناؤها‪ ،‬وافضل الكتب هي‬
‫اليت حتتوي يف هناية كل فصل على الدروس املستفادة من ذلك الفصل ليلفت نظر الطفل اىل األمور‬
‫اليت غفل عنها كما أنه يثبت املعلومة اليت درسها‪ ،‬وهنا سأسرد أمساء بعض الكتب اليت وجدهتا‬
‫والبعض اآلخر قام برتشيحه بعض الشيوخ‪ ،‬وأرجوا االنتباه أن بعض الكتب قد يكون فيها بعض‬
‫األخطاء الشرعية كمن يشجع على االحتفال بعيد امليالد للطفل لتشجيعه على الصالة‪:‬‬

‫♦♦♦♦♦‬

‫العقيدة والتوحيد‪:‬‬

‫تعليم الصبيان التوحيد‪ ،‬للشيخ حممد بن عبدالوهاب‪.‬‬

‫عقيدة الطفل املسلم‪ ،‬الدكتور إبراهيم الشربيين‪.‬‬

‫العقيدة للطفل املسلم‪ ،‬القسم العلمي بدار ابن خزمية‪.‬‬

‫التوحيد للناشئة واملبتدئني‪ ،‬د‪ .‬عبدالعزيز آل عبداللطيف‪.‬‬

‫أسئلة وأجوبة للصغار وال يستغين عنها الكبار‪ ،‬سامل بن سعد الطويل‪.‬‬

‫سلسلة هذا خلق هللا‪ ،‬لورا هاول‬

‫هللا أعطاين‪ ،‬هديل العباسي‬

‫هللا حيبين‪ ،‬هديل العباسي‬

‫[‪[79‬‬
‫سلسلة الرباعم املؤمنة (هللا ريب)‪ ،‬دار البااب للنشر‬

‫وصف اْلنة للمسلم الصغري‪ ،‬عديل عبد الرؤوف الغزايل‬

‫قدرة هللا يف خلق اإلنسان‪ ،‬حسام العقاد‪ ،‬دار الصحابة للرتاث‬

‫أسئلة وأجوبة يف التوحيد‪ ،‬دار احلضارة‬

‫أمساء هللا احلسىن لألطفال‪ ،‬حامد أمحد الطاهر‬

‫سلسلة أمساء هللا احلسىن‪ ،‬سفري‬

‫سلسلة أركان اإلميان‪ ،‬مسري حليب‪ ،‬سفري‬

‫سلسلة مالئكة الرمحن‪ ،‬عبد املنعم اهلاَشي‬

‫♦♦♦♦♦‬

‫قصص األنبياء والسرية النبوية‪:‬‬

‫قصص السرية‪ ،‬عبداحلميد جودة السحار‪.‬‬

‫قصص األنبياء‪ ،‬عبداحلميد جودة السحار‪.‬‬

‫سلسلة الرباعم املؤمنة (حممد نبينا) دار البااب للنشر‬

‫سلسلة القصص النبوية‪ ،‬عبد احلميد توفيق‪ ،‬سفري‬

‫السرية النبوية لألطفال‪ ،‬حممد طاهر بين‬

‫حياة حممد صلى هللا عليه وسلم يف عشرين قصة‪ ،‬عبد التواب يوسف‬

‫سلسلة أنبياء هللا‪ ،‬مسري حليب‪ ،‬سفري‬

‫[‪[80‬‬
‫حياة األنبياء لألطفال‪ ،‬حامد أمحد الطاهر‬

‫ماذا تعرف عن األنبياء‪ ،‬سفري‬

‫من قصص القرآن‪ ،‬عبد الرؤوف عبد السالم‬

‫حممد رسول هللا‪ ،‬أمحد الناجي‬

‫سلسلة معجزات النيب صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬سليم شعبانية‬

‫♦♦♦♦♦‬

‫الصحابة والصحابيات والتابعون‪:‬‬

‫صور من حياة الصحابة‪ ،‬عبدالرمحن رأفت الباشا‪.‬‬

‫صور من حياة الصحابيَّات‪ ،‬عبدالرمحن رأفت الباشا‪.‬‬

‫صور من حياة التابعني‪ ،‬عبدالرمحن رأفت الباشا‪.‬‬

‫قصص اخللفاء الراشدين‪ ،‬عبداحلميد جودة السحار‪.‬‬

‫سلسلة أعمدة اإلسالم‪ ،‬حلمي علي شعبان‪.‬‬

‫رجال حول الرسول لألطفال‪ ،‬حممد الصامي‪.‬‬

‫زوجات الصحابة‪ ،‬عبدالعزيز الشناوي‪.‬‬

‫قصص الصحابيات‪ ،‬د‪ .‬مصطفى مراد‪.‬‬

‫♦♦♦♦♦‬

‫[‪[81‬‬
‫الفقه‪:‬‬

‫الفقيه الصغري‪ ،‬د‪ .‬إبراهيم الشربيين‪.‬‬

‫الصالة للطفل املسلم‪ ،‬القسم العلمي بدار ابن خزمية‪.‬‬

‫الطهارة والوضوء للمسلم الصغري‪ ،‬عديل عبد الرؤوف الغزايل‬

‫الصالة للمسلم الصغري‪ ،‬عديل عبد الرؤوف الغزايل‬

‫بستان املسلم الصغري‪ ،‬رمضان عبد اهلادي‬

‫سلسلة أركان اإلسالم‪ ،‬خالد أمحد خالد‬

‫‪ 500‬طريقة ليعشق ابنك الصالة‪ ،‬عبد هللا حممد عبد املعطي‬

‫♦♦♦♦♦‬

‫احلديث‪:‬‬

‫األربعني النووية‪.‬‬

‫سلسلة األحاديث القدسية لألطفال‪ ،‬سفري‬

‫♦♦♦♦♦‬

‫قصص القرآن وتفسريه وحفظه‪:‬‬

‫قصص القرآن لألطفال‪ ،‬حممد الصامي‪.‬‬

‫سلسلة التفسري للصغار‪ ،‬دار القاسم‪.‬‬

‫[‪[82‬‬
‫تفسري جزء عم لألطفال‪ ،‬عمرو عبد املنعم سليم‬

‫زاد الصغار من السور القصار‪ ،‬حمي الدين سليمة‬

‫التفسري امليسر للصغار – جزء عم‪ ،‬أمحد عبد الفتاح متام‬

‫تفسري الرباعم املؤمنة‪ ،‬حممد موفق سليمة‬

‫كيف حنبب القرآن ألبنائنا مهارات تربوية يف حتفيظ القرآن‪ ،‬د‪ .‬سعد رايض‬

‫♦♦♦♦♦‬

‫اآلداب واألخالق واألذكار‪:‬‬

‫حصن املسلم للصغار‪ ،‬ايسني سبينايت‬

‫األخالق يف اإلسالم‪ ،‬حممد مطرجي‬

‫سلسلة أخالق املسلم الصغري‪ ،‬سفري‬

‫سلسلة سلوكيات املسلم الصغري‪ ،‬سفري‬

‫سلوكيات الطفل املسلم‪ ،‬مها نصر‬

‫حصن الطفل املسلم‪ ،‬دار ابن حزم‬

‫سلسلة أدعية املسلم الصغري‪ ،‬سفري‬

‫♦♦♦♦♦‬

‫[‪[83‬‬
‫مناهج شرعية‪:‬‬

‫مناء‪ :‬منهج بناء الشخصية اإلسالمية من الرضاعة إىل ما بعد اْلامعة‪ ،‬مؤسسة املريب‬

‫[‪[84‬‬
‫اخلامتة‬
‫عوان لكل ٍأم ترغب يف غرس اإلميان يف قلوب أبناؤها منذ‬‫إرشاداي؛ ليكون ً‬
‫ًّ‬ ‫وقد كان هذا دليالً‬
‫الصغر‪ ،‬وال تعلَم السبيل إىل ذلك‪ .‬ومتنيت إضافة فصل آخر عن معوقات يف طريق األمهات وهو‬
‫عبارة عن املشاكل اليت تواجه األمهات وكيفية التغلب عليها لكن الوقت مل يسع لذلك‪ ،‬ولعلي‬
‫أضيفه للكتاب مستقبال إن كتب هللا يل طباعة طبعة اثنية منه‪.‬‬

‫علي‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬


‫فإن ُوفقت فيه‪ ،‬فهو فضل من هللا كبري َّ‬
‫يعفو عين ويغفر يل‪.‬‬
‫وإن أخفقت‪ ،‬فأسأل هللا أن َ‬
‫وأسأله سبحانه أن حيفظ فِّلذات أكبادان‪ ،‬وأن يُعيننا على تربيتهم على الوجه الذي حيبُّه ويرضاه‪.‬‬

‫احلمد هلل رب العاملني‪.‬‬


‫وآخر دعواان أن ُ‬
‫ُ‬

‫[‪[85‬‬
‫املراجع‬
‫صحيح البخاري‪ ،‬املكتبة السلفية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الطبعة األوىل‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫صحيح مسلم‪ ،‬دار إحياء الكتب العربية‪ ،‬الطبعة األوىل‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫سنن الرتمذي‪ ،‬دار الكتب العلمية‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫سنن البيهقي‪ ،‬دار الباز‪ ،‬مكة املكرمة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫سنن النسائي‪ ،‬مكتب املطبوعات اإلسالمية‪ ،‬حلب‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫سنن أبو داوود‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بريوت‪ ،‬الطبعة األوىل‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫سنن ابن ماجه‪ ،‬دار إحياء الرتاث العريب‪ ،‬بريوت‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫مسند أمحد‪ ،‬املكتب اإلسالمي‪ ،‬بريوت‪ ،‬الطبعة الثانية‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫صحيح ابن حبان‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬بريوت‪ ،‬الطبعة الثانية‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫مصنف عبد الرزاق‪ ،‬املكتب االسالمي ببريوت‪ ،‬الطبعة الثانية‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫مصنف ابن ايب شيبة‪ ،‬مكتبة الرشد‪ ،‬الرايض‪ ،‬الطبعة األوىل‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫الدر املنثور‪ ،‬جالل الدين السيوطي‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بريوت‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫إحياء علوم الدين‪ ،‬حممد الغزايل‪ ،‬دار املعرفة‪ ،‬بريوت‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫السلسلة الصحيحة‪ ،‬األلباين‪ ،‬مكتبة املعارف‪ ،‬الطبعة األوىل‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫األذكار للنووي‪ ،‬مكتبة املؤيد‪ ،‬الطبعة األوىل‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫اإلميان البن منده‪ ،‬دار ابن حزم‪ ،‬بريوت‪ ،‬الطبعة األوىل‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫األدب املفرد للبخاري‪ ،‬دار البشائر اإلسالمية‪ ،‬بريوت‪ ،‬الطبعة الثالثة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫شعب االميان للبيهقي‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بريوت‪ ،‬الطبعة األوىل‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫مناقشات عائلية‪ ،‬أم هانئ‪ ،‬موقع صيد الفوائد‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫رسالة كيف نريب أوالدان ابلقرآن؟‪ ،‬د‪ .‬أمساء بنت سليمان السويلم‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫مناء‪ :‬منهج بناء الشخصية اإلسالمية من الرضاعة إىل ما بعد اْلامعة‪ ،‬إنتاج مؤسسة املريب‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫الطبعة الثانية‪.‬‬

‫[‪[86‬‬
‫اهلدي النبوي يف الرتبية والتعليم‪ ،‬سليمان بن جاسر بن عبد الكرمي اْلاسر‪ ،‬مدار الوطن‬ ‫‪-‬‬
‫للنشر‪ ،‬طبعة اوىل‪.‬‬
‫حتفة املودود أبحكام املولود‪ ،‬ابن قيم اْلوزية‪ ،‬مكتبة دار البيان‪ ،‬دمشق‪ ،‬الطبعة االوىل‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫شفاء العليل يف مسائل القضاء والقدر واحلكمة والتعليل‪ ،‬ابن قيم اْلوزية‪ ،‬دار املعرفة‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫بريوت‪.‬‬
‫التاريخ الكبري‪ ،‬البخاري‪ ،‬دائرة املعارف العثمانية‪ ،‬حيدر آابد‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫منهج الرتبية النبوية للطفل‪ ،‬حممد نور عبد احلفيظ سويد‪ ،‬دار ابن كثري‪ ،‬دمشق‪ ،‬الطبعة‬ ‫‪-‬‬
‫الرابعة عشرة‪.‬‬
‫النفقة على العيال‪ ،‬ابن ايب الدنيا‪ ،‬حتقيق جنم عبد الرمحن خلف‪ ،‬دار ابن القيم‪ ،‬الدمام‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫طبعة اوىل‪.‬‬
‫حلية األولياء وطبقات األصفياء‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بريوت‪ ،‬الطبعة الثانية‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫كيف حنبب القرآن ألبنائنا مهارات تربوية يف حتفيظ القرآن‪ ،‬د‪ .‬سعد رايض‪ ،‬مؤسسة اقرأ‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫الطبعة الثامنة‪.‬‬
‫النفقة على العيال‪ ،‬ابن ايب الدنيا‪ ،‬دار ابن القيم‪ ،‬الدمام‪ ،‬الطبعة االوىل‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫الطبقات الكربى البن سعد‪ ،‬دار صادر‪ ،‬بريوت‪ ،‬الطبعة االوىل‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫الكفاية يف علم الرواية‪ ،‬اخلطيب البغدادي‪ ،‬املكتبة العلمية‪ ،‬املدينة املنورة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫طبقات احلفاظ‪ ،‬جالل الدين السيوطي‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بريوت‪ ،‬الطبعة االوىل‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫اتريخ دمشق‪ ،‬ابن عساكر‪ ،‬دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫االابنة الكربى‪ ،‬ابن بطة‪ ،‬دار الراية للنشر والتوزيع‪ ،‬الرايض‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫أنباء جنباء األبناء‪ ،‬ابن ظفر الصقلي‪ ،‬مطبعة التقدم‪ ،‬طبعة أوىل‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫القول املفيد على كتاب التوحيد‪ ،‬الشيخ بن عثيمني رمحه هللا‪ ،‬دار ابن اْلوزي‪ ،‬الطبعة الثانية‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫جمموع فتاوى بن ابز‪ ،‬دار القاسم‪ ،‬الرايض‪ ،‬الطبعة التاسعة عشر‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫قيام الليل‪ ،‬حممد بن نصر املروزي‪ ،‬دار حديث أكادميي‪ ،‬ابكستان‪ ،‬الطبعة األوىل‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫االقناع البن املنذر‪ ،‬الطبعة األوىل‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫[‪[87‬‬
‫تيسري الكرمي الرمحن يف تفسري كالم املنان‪ ،‬عبد الرمحن السعدي‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬الطبعة‬ ‫‪-‬‬
‫األوىل‪.‬‬
‫شرح السنة‪ ،‬املوسوعة الشاملة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫جمموع الفتاوى البن تيمية‪ ،‬الطبعة األوىل‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫ذم اهلوى البن اْلوزي‪ ،‬املوسوعة الشاملة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫الزهد البن املبارك‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بريوت‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫اتريخ بغداد‪ ،‬اخلطيب البغدادي‪ ،‬دار الغرب اإلسالمي‪ ،‬بريوت‪ ،‬الطبعة األوىل‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫[‪[88‬‬
‫الفهرس‬

‫إهداء ‪2 .............................................................................................‬‬

‫شكر وتقدير ‪3 .......................................................................................‬‬

‫املقدمة ‪4 ............................................................................................‬‬

‫من هنا نبدأ‪6 ........................................................................................‬‬

‫مشاهد واقعية‪7 ...................................................................................:‬‬

‫حق االبناء على الوالدين‪10........................................................................:‬‬

‫أمهية أتصيل العقيدة يف األبناء‪11................................................................... :‬‬

‫أطفال تربوا على اإلميان وصاروا عظماء‪11............................................................‬‬

‫االحتساب يف تربية األبناء‪12.......................................................................:‬‬

‫مراحل غرس اإلميان يف قلب طفلك‪13.............................................................. :‬‬

‫كيف تستفيدين من هذا الدليل؟ ‪14.................................................................‬‬

‫مرحلة ما قبل احلمل والوالدة ‪16........................................................................‬‬

‫صالح األبناء من صالح اآلابء‪17.................................................................. :‬‬

‫اختيار الزوج الصاحل والزوجة الصاحلة‪18............................................................. :‬‬

‫التسمية عند اْلِّماع‪19............................................................................ :‬‬


‫الدعاء ُّ‬
‫ابلذرية الصاحلة‪20..........................................................................:‬‬
‫ِّ‬
‫الوْرد القرآين‪21................................................................................... :‬‬
‫ِّ‬
‫الوالدة من الشيطان الرجيم‪22..........................................................:‬‬ ‫تعوي ُذهم عند‬

‫العامني األولني ‪23....................................................................................‬‬

‫الدعاء هلم بظهر الغيب‪24......................................................................... :‬‬

‫[‪[89‬‬
‫القدوة الصاحلة‪26.................................................................................:‬‬

‫ومن أمثلة اهتمام أبناء السلف مبا يرونه ويسمعونه‪27..................................................:‬‬

‫تالوة القرآن‪27................................................................................... :‬‬

‫صباحا ومساءً‪28............................................................. :‬‬


‫تعوي ُذهم من الشيطان ً‬
‫األذكار‪28....................................................................................... :‬‬

‫التوحيد‪31..................................................................................:‬‬
‫َ‬ ‫تلقينه‬

‫حب هللا ورسوله‪32............................................................................... :‬‬


‫ُّ‬
‫مرحلة الطفولة (من سنتني إىل ‪ 6‬سنوات) ‪35............................................................‬‬

‫الدعاء لألبناء يف حضورهم‪36...................................................................... :‬‬

‫تعليم األبناء الدعاء ألنفسهم‪37.................................................................... :‬‬

‫غرس مراقبة هللا ‪ -‬عز وجل – واالستعانة به‪41.................................................... : -‬‬

‫اآلايت القرآنية واألحاديث النبوية‪42..............................................................:‬‬

‫اللعب‪43...................................................................................... :‬‬

‫الرتغيب والرتهيب‪43............................................................................:‬‬

‫الرتديد‪44......................................................................................:‬‬

‫رسولنا قدوتنا‪45.................................................................................. :‬‬

‫التأمل يف َخ ْلق هللا‪46..............................................................................:‬‬


‫ُّ‬
‫التوحيد‪47....................................................................................... :‬‬
‫االهتمام ِّ‬
‫بتعليم اإلميان قبل القرآن‪49................................................................ :‬‬

‫حتفيظ األبناء القرآن يف سن مبكر‪50................................................................:‬‬

‫معرفة خصائص طفلك‪52.......................................................................:‬‬

‫[‪[90‬‬
‫القرآن حياتنا‪53.................................................................................. :‬‬

‫األذكار‪56....................................................................................... :‬‬

‫ومن أمثلة األذكار‪57........................................................................... :‬‬

‫قصص قبل النوم‪58............................................................................... :‬‬

‫احلث على العبادات‪60............................................................................:‬‬

‫وتشمل الصالة والصيام والصدقة وغريها‪60.........................................................‬‬

‫الصالة‪60..................................................................................... :‬‬

‫الصيام‪61......................................................................................:‬‬

‫العِّلم الشَّرعي‪62.................................................................................. :‬‬

‫وتعليم العلم الشرعي لألبناء له طريقان‪63......................................................... :‬‬

‫وتنقسم العلوم الشرعية إىل‪63.................................................................... :‬‬

‫مرحلة دخول املدرسة (مرحلة التدريب) ‪66..............................................................‬‬

‫التوحيد واإلميان‪67................................................... :‬‬


‫َ‬ ‫التجديد يف وسائل تعليم األبناء‬

‫التعليم ابصطحاب الطفل‪68.....................................................................:‬‬

‫التعليم يف وقت االجتماع ابألبناء‪68..............................................................:‬‬

‫التعليم ابحلوار واإلقناع‪69........................................................................:‬‬

‫التعليم ابلقصة‪69...............................................................................:‬‬

‫التعليم ابلرتغيب والرتهيب‪70.................................................................... :‬‬

‫التعليم ابلتدرج‪71...............................................................................:‬‬

‫التعليم ابلقدوة‪72...............................................................................:‬‬

‫التعليم ابلتكرار‪72.............................................................................. :‬‬

‫[‪[91‬‬
‫قصص قبل النوم‪73............................................................................... :‬‬

‫أمرهم ابلعبادات‪73................................................................................:‬‬

‫السوء والبِّ َدع من األصدقاء واْلريان‪74...........................................:‬‬


‫جتنب خمالطتهم ألهل ُّ‬
‫جمالسة الولد ألهل العلم والصالح‪75................................................................:‬‬

‫االهتمام بتعليمهم العِّلم الشرعي وتوصيتهم به‪76..................................................... :‬‬

‫تعليمهم التعاوي َذ املشروعة‪77....................................................................... :‬‬

‫كتب غرس اإلميان يف األطفال‪78......................................................................‬‬

‫العقيدة والتوحيد‪79............................................................................... :‬‬

‫قصص األنبياء والسرية النبوية‪80.................................................................... :‬‬

‫الصحابة والصحابيات والتابعون‪81................................................................. :‬‬

‫الفقه‪82..........................................................................................:‬‬

‫احلديث‪82....................................................................................... :‬‬

‫قصص القرآن وتفسريه وحفظه‪82................................................................... :‬‬

‫اآلداب واألخالق واألذكار‪83......................................................................:‬‬

‫مناهج شرعية‪84.................................................................................. :‬‬

‫اخلامتة ‪85............................................................................................‬‬

‫املراجع ‪86...........................................................................................‬‬
‫الفهرس‪ ...................................................‬خطأ! اإلشارة المرجعية غير معرّفة‪.‬‬

‫[‪[92‬‬

You might also like