Professional Documents
Culture Documents
مسار السياسة النقدية
مسار السياسة النقدية
الجمعية العلمية
نادي الدراسات اإلقتصادية
:+
تمهيد
إن الحديث عن مستقبل االقتصاد الجزائري من وجهة اإلجراءات والتدابير يقتضي إج++راء تق++ييم
شامل للسياسات االقتصادية السالفة وللنتائج التي تحققت على المستوى االقتصادي وكذا االجتماعي .
ذلك أن هذا التقييم يعد منطلقًا لتحديد مجال وشروط وكيفية االنطالق وإنعاش االقتصاد الجزائ++ري
وإعادته إلى مسار النمو المتواصل والتنمية المستديمة .
يعد محور إدارة الطلب من المحاور األساسية في برنامج التكييف التي يعد الجانب النقدي فيها
بارزًا ،ولذلك سنتناول سيرورة السياسة النقدية في ظل تحول االقتصاد الجزائري مركزين الحديث عن آثار
برامج التكييف على واقع السياسة النقدية بالجزائر .
أوالً :واقع السياسات النقدية في اتفاقات الجزائر مع الصندوق النقدي الدولي :
أوالً :واقع السياسات النقدية في اتفاقات الجزائر مع الصندوق النقدي الدولي :
+ير من
+اط ،وذلك في الربع األخ+
+شريحة االحتي+
تقدمت الجزائر للصندوق النقدي الدولي الستخدام
سنة ، 1988ومن تلك السنة عرفت الجزائر اتفاقات متعددة األطراف مع الصندوق النقدي الدولي سنتطرق
لها على النحو اآلتي :
وافق الصندوق النقدي الدولي في إطار اتفاق التثبيت ( 30م++ايو ) 1989على تق++ديم 155.7
مليون وحدة حقوق سحب خاصة ،كـما استفـادت الجزائـر من تسهيـل تمويل تعويضي بمبلغ 315.2
مليون وحدة حقوق سحب خاصة ( )1نظرًا النخفاض أسعار البترول وارتفاع أسعار الحبوب سنة . 1988
أحدث هذا االتفاق تغيرًا جذريًا على مستوى المنظومة التشريعية في المجال النق++دي إذ بعد س++نة
+رفًا على
+فته مش++رفي بص+ تقريبًا من تاريخ االتفاق تم صدور قانون يجعل من إعادة االعتبار للجهاز المص+
السياسة النقدية وعالقة السلطة النقدية مع الخزينة ومواضع نقدية أساسية أخرى مجاالً له وقد تمثل هذا في
القانون رقم 90/10المتعلق بالنقد والقرض الصادر بتاريخ 14أبريل ، 1990إذ قبل هذا اإلصالح المشار
إليه لم يكن يمكن الحديث عن وجود سياسة نقدية واضحة وذلك للتداخل بين الخزينة العامة والبنك المركزي
هذا من جهة وضعف الوساطة المالية من جهة أخرى (.)2
تطورت الكتلة النقدية M2بين 1989و 1990بنس++بة %11.32في حين لم يتغ++ير الن++اتج
+رات النقدية+وة بين المؤش+
+دل %0.80فقط ،وهو ما بين الفج+ الداخلي اإلجمالي LE PIBسوى بمع+
والمؤشـرات العينـية ؛ مما يوحي بوجود كتلة نقدية بدون مقابل مما يساعد على بروز اختناقات تضخمية
( ، )3كما تم تسجيل خالل سنة 1990المؤشرات التالية :
ㄷ-ارتفاع القروض المقدمة لالقتصاد بـ . % 18
+تهلك ارتفاعًا
+عار المس++خم بمؤشرات أس+ +دل التض+
-سلبية معدل الفائدة الحقيقي ،إذ عرف مع+
ملحوظًا.
-ارتفاع التسرب النقدي بنسبة . % 12.57
الهادي خالدي ،المرآة الكاشفة لصندوق النقد الدولي ( الجزائر ،ارهومة ،أبريل 1996م ) ص . 195 )1 (
قدي عبد المجيد :التمويل بالضريبة في ظل التغيرات الدولية – دراسة حالة النظام الضريبي الجزائري في الفترة )2 (
( 1995 – 1988الجزائر جامعة الجزائر ،معهد العلوم االقتصادية ،أطروحة دكتوراه دولة غير منشورة
)1995ص. 277
عرفت هذه الفترة ظروف اقتصادية واجتماعية صعبة قد يكون لها األثر المباشر على تلك النتائج المسجلة )3 (
كالمرحلة االنتقالية ،السخط والتذمر الشعبي ،إضرابات متتالية على مستوى المؤسسات االقتصادية منها ....
4
+
+تعداد
+دولي على االس++دي ال++ندوق النق+
بتاريخ 03جوان 1991تم االتفاق بين الجزائر والص+
االئتماني ،إذ تم بموجبه تقديم 300مليون وحدة حقوق سحب خاصة مقسمة على أربعة شرائح .
+ام
+ير المالئمة ،مما جعلها تقف عائقًا أم+
+روف غ+
إن تنفيذ تطبيق هذا االستعداد عرف بعض الظ+
تطبيق بنوده المتفق عليها (. )4
-تحرير التجارة الخارجية والداخلية من خالل العمل على تحقيق قابلية تحويل الدينار .
ترشيد االستهالك واالدخار عن طريق الضبط اإلداري ألسعار الس++لع ㄹ-
والخدمات وكذلك أسعار الصرف وتكلفة النقود .
وقد وضعت الحكومة لتحقيق هذه األهداف مجموعة من اإلجراءات النقدية :
-العمل على الحد من الكتلة النقدية M2بجعلها في حدود 41مليار د.ج .
+عار
+مية وأس++رف الرس+ -تخفيض الدينار قصد التقليص من الفرق الموجود بين أسعار الص+
الصرف في السوق الموازي ؛ على أن ال يتجاوز هذا الفرق . %25
-تعديل المعدالت المطبقة في إعادة التمويل ،إذ تم رفع معدل الخصم في أكت++وبر 1991إلى
%11.5بدل ،% 10.5وكذا رفع المعدل المطبق على المكشوف من طرف البنوك إلى 20
%بدل ، % 15وتحديد سعر تدخل بنك الجزائر على مستوى السوق النقدية بـ . % 17
-تأطير تدفقات القروض للمؤسسات المختلة غير المستقلة .
+ذيعند تطبيق برنامج االستعداد االئتماني اتسم الوضع بتوسع العجز في ميزان رؤوس األموال ال+
وصل 1.23مليار دوالر أمريكي واستمرار انزالق الدينار حيث وصل ( $01أمريكي) إلى 18.47د.ج بعد
ما كان ( $ 1أمريكي) يعادل 8.96د.ج سنة 1990فقط ،األمر الذي أدى بالمؤشرات النقدية والمالية أن
تكون على الوضع التالي :
-استمرار سلبية معدل الفائدة .
-ارتفاع التكلفة المتوسطة إلعادة التمويل لدى بنك الجزائر إلى . % 14
-توسع إعادة التمويل لدى بنك الجزائر بنسبة . % 66
-توسيع القروض المقدمة لالقتصادية بنسبة . % 31.90
-نمو الكتلة النقدية ( ) M2بـ % 21.3بعد ما كان % 11.3سنة . 1990
-تراجع معدل السيولة إلى % 53بعد ما كان % 64سنة . 1990
-استمرار ارتفاع معدل التضخم بمؤشر أسعار االستهالك حيث وصل إلى % 22.8
وهكذا يمكن أن نخلص إلى أن أداء السياسة النقدية بشكل عام كان غير فعاال خالل هذه الفترة وقد
يعود سبب ذلك إلى الكثير من العوامل منها االقتصادية وكذا غير االقتصادية(.)5
)(4
– M.E BR+EN ISSAD , ALGERIE : RESTRUCTURATION ET REFORMES ECONOMIQUES « 1979
1993 » (Alger ,OPV,1994 ), PP :140-141.
5
نتيجة العراقيل والقيود التي وقفت أمام إعادة التوازن الداخلي والخارجي ( ,)6لجأت حكومة " رضا
مالك " إلى الصندوق النقدي الدولي إلبـرام برنامـج تكييفي معـه لمدة سنـة تغطـي الفتـرة مـن
01/04/1994إلى 31/03/1995ومن البنود التي أستهدفها اإلنفاق :
وقد استهدفت السياسة النقدية دعم سعر صرف الدينار بالحد من الض++غط التض++خمي عن طريق
تخفيض معدل التوسع التقدي ( )M2إلى % 14لفترة البرنامج مقارنة بـ % 21في 1993وكذا :
+دل
+دينار بمع+
+ريكي ،أي تخفيض قيمة ال+ +دوالر األم+
+بح 36دج لل+ تعديل معدل الصرف ليص+ -
+اد
+دماج االقتص+
+ة ،لتوطيد إن+
+ارة الخارجي+
+ام تحرير التج+ %10.17في سبيل الدفع إلى نظ+
الجزائري في االقتصاد العالمي.
تخفيض عجز الخزينة إلى % 3.3من الناتج الداخلي االجمالي . -
تحرير المعدالت المدينة للبنوك . -
رفع المعدالت الدائنة المطبقة على اإلدخار المالي في سبيل إحداث التحريض اإلدخاري . -
ارتفاع نسبة السلع المحرر أسعارها إلى % 84من إجمالي السلع المدرجة في مؤشر أسعار -
المستهلك .
حقق الناتج المحلي الحقيقي نموًا سلبيًا بمعدل % 0.4سنة 1994مقارنة بمعدل النمو المقدر -
في البرنامج بـ . % 3
إنخفاض العجز الكلي في الميزانية بالنسبة إلى الناتج المحلي اإلجمالي بمعدل % 4.4مقابل -
% 5.7المقدرة في البرنامج الحكومي .
تمكن الحكومة من تخفيف مديونياتها اتجاه الجهاز المصرفي بمبلغ 22مليار دينار . -
()1
6
-ارتفاع االئتمان المحلي بنسبة % 10عام ، 1994وإلغاء السقوف على الفوائد المدينة كما تم
فرض % 25كمعدل احتياطي الزامي على الودائع بالعملة الوطنية ،كما باشرت الخزينة إصدار
سندات بأسعار فائدة تبلغ . % 16.5
-اإلعالن عن إقامة سوق الصرف – ما بين البنوك – في ديسمبر . 1995
وافق الصندوق النقدي الدولي على تقديم قرض للجزائر يندرج في إط++ار اإلتفاقي++ات الموس++عة
للقرض ليمتد إلى ثالث سنوات ( 22ماي 21 – 1995ماي ،) 1998وقد حدد مبلغ اإلتفاق بـ
1.169.28مليون وحدة حقوق سحب خاصة أي % 127.9من حصة الجزائر .
ومن بين البنود التي استهدفها االتفاق :
-اتباع تسيير مالي صارم يضبط المالية العامة خالل السنوات الثالث القادمة وكذا ترقية النظام
+اعالجبائي بجعله مرنًا وفعاالً ؛ الشيء الذي قد يبعد الحكومة من اللجؤ إلى التمويل بالعجز مما يمكّن من اتب+
سياسة نقدية صارمة في نهاية 1995بمعدالت فائدة حقيقية موجبة دائنة؛ مما يحث األعوان االقتص++اديين
لزيادة مذخراتهم .
-السعي لتحسين أدوات السياسة النقدية خاصة ،وترقية النظام المصرفي ،إذ تم إدخال أداة نظام
+وك +ادة الخصم للبن++قيف إع+ االحتياطي االجباري سنة 1994لتنمية امكانيات مراقبة السيولة النقدية بتس+
التجارية من طرف بنك الجزائر .
-التحول نحو الرقابة غير المباشرة للسياسة النقدية التي كانت نقطة استهداف منذ ماي 1995كما تم
ادخال عمليات البيع بالمزاد العلني في السوق النقدية ،وهذا في شكل مزايدات القروض .
-هيكلة المعدالت المباشرة خاصة في ما يتعلق بمعدل إعادة الخصم ومراجعة اجراء المزايدات للسندات
على الحساب الجاري والعمل على تسهيل إدخال عمليات السوق المفتوحة في . 1996
-تشجيع إنشاء البنوك والهيئات المالية التجارية الخاصة بتنشيط المنافسة في النظام المصرفي ونمو
فعالية إجراءات الوساطة المالية .
()9
7
-إجراء اعادة هيكلة الصندوق الوطني للتوفير واالحتياط وتكامله مع الجهاز المصرفي ،وقد تم تنفيذ ذلك
خالل السداسي األخير سنة 1997بهدف إنعاش االدخار وتأمين سياسة صارمة لتغطية التأجير من ط++رف
هيئات التسيير العقاري لتمويل السكن االجتماعي .
عرفت هذه الفترة عودة ملحوظة إلى السياسة النقدية باعتبارها كوسيلة ضبط اقتصادي وسياسة
إلدارة الطلب ،وقد تم تسجيل في هذا الشأن المؤشرات التالية (:)10
بلغ معدل السيولة % M2/le PIB 38.6سنة 1995بدل % 49.2سنة . 1993 -
بلغ معدل التضخم %21.9نهاية 1995بدل % 38.6سنة . 1994 -
وصل معدل الناتج المحلي اإلجمالي الحقيقي . % 4.3 -
بلغت نسبة العجز الكلي للميزانية العامة إلى الناتج المحلي اإلجمالي ( . ) % - 1 .4 -
بلغت نسبة عجز الحساب الجاري في ميزانية المدفوعات إلى الناتج المحلي االجمالي ( . ) % - 6 .2 -
سجل معدل السيولة المحلية ارتفاعًا بـ . % 13 -
بلغت االحتياطات الرسمية بالنسبة إلى الواردات 2.1شهر بدل 2.9شهر سنة . 1994 -
ارتفاع االئتمان المحلي سنة 1995؛ إذ سجل % 5.3في حين تم تسجيل % 2.8سنة .1994 -
بلغ معدل خدمة المديونية % 43.8بالنسبة إلىالصادرات من السلع والخدمات خارج المداخيل العامة. -
تعد وظيفة اإلصدار النقدي في الجزائر من مس ؤليات مؤسسة " بنك الجزائر " ،وهو ما نصت عليه
" :يع ود للدولة امتي از إص دار األوراق النقدية والقطع النقدية في ()11
الم ادة 4من ق انون النقد والق رض
ال تراب الوط ني ويف وض حق ممارسة ه ذا االمتي از للبنك المرك زي الخاضع ألحك ام الب اب الث اني من الكت اب
الثاني من هذا القانون دون سواه ".
كما يمكن لبنك الجزائري التخلي عن التعامل بأوراق نقدية معينة؛ أي سحبها من الت++داول وهو ما
+داول تفقد األوراق النقدية المعدنية
+حبها من الت+
+انون " : 90/10في حالة س+
نصت عليه المادة 7من الق+
إجراء السحب والتي لم يتم تقديمها للصرف في أجل عشر " "10س++نوات ،قيمتها اإلبرائية وتكتسب الخزينة
()10
8
قيمتها المقابلة " ،وبالعودة إلى الصياغة الفرنسية تبين لنا أن الفقرة األخيرة من الم++ادة تع++ني ان األوراق
النقدية والمعدنية التي لم يتم تقديمها للصرف في اجل عشر " "10سنوات تفقد قيمتها اإلبرائية ...
تتمثل عملية اإلصدار النقدي في قيام بنك الجزائر بتزويد السوق باألوراق والقطع النقدية المحددة
قانونيًا من حيث الشكل ،والمواصفات والقيمة؛ إذ تعتبر الورقة المصدرة بمثابة ال++تزام أو تعهد من قبل بنك
اإلصدار ،حيث تصبح عملية اإلصدار نافذة بمجرد انتقال الورقة النقدية من خزائن البنك الداخلية إلى خارج
الجهاز المصرفي ،إذ تتحول بذلك الورقة من ورقة عادية إلى ورقة نقدية تحمل قوة إبرائية .
أما حجم اإلصدار فيتوقف على حجم النش++اط االقتص++ادي من جهة وعلى طبيعة السياسة النقدية
المنتهجة من جهة أخرى ، )12(.إذ تتم تغطية كل إصدار نقدي في الجزائر وفقًا لما اشارت إليه المادة 59من
قانون النقد والقرض " :اليجوز ان يصدر النقد من قبل البنك المركزي إال ضمن شروط التغطية تحدد بنظ++ام
يوضع وفقًا ألحكام الفقرة " أ " من المادة 44أعاله .
ال يمكن أن تتضمن تغطية النقد إال العناصر التالية :
إن تناولنا لموضوع اإلصدار النقدي في الجزائر إنما هو ألجل التعرف على طبيعة ه++ذا اإلص++دار
وحقيقته؛ ذلك أن للكتلة النقدية عالقة وطيدة بمؤشرات االختـالل المسجلة على مستوى االقتصاد إذ يقول "
ميلتون فريد مارن " في هذا الشأن من الصعوبة ضبط األسعار دون ضبط معدل زيادة كميات النقود وال توجد
+دليل
+ود وال+دولة في العالم أستطاعت التغلب على مشكلة التضخم دون اللجوء لخفض معدل زيادة كمية النق+
على ذلك تجارب بريطانيا ،ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية .
وعليه سنحاول من خالل هذه الدراسة التع++رف على طبيعة اإلص++دار النق++دي في الجزائر إذ أن
مسايرة الكتلة النقدية ( اإلصدار النقدي ) إلى مستوى االنتاج ( اإلص++دار العي++ني) تعد أم++رًا ايجابيًا على
الوضع االقتصادي؛ حيث التغير علـى مستـوى الكتلة النقدية ( )dM2يجد مقابل له على مستوى اإلنتاج
ما اشار إليه " ميلتون فريدمان " تحت إسم اإلستقرار النقدي المعبر عنه بالعالقة = : dM2
( ) dle PIBوهذا
dle PIB
إذ أنه كلما تساوت هذه النسبة والواحد الصحيح كلما حقق ذلك االقتصاد استقرارًا نقديًا ،ولو كان
+انع.
+يير المص+ +هل تس+ +ثر مما هو س+ من الصعب إيجاد هذه الحالة ؛ ذلك أنه ليس بالسهل تسيير النقود أك+
وسنتعرض في هذا المضمار إلى – :الكتلة النقدية واالنتاج
-التغطيــة النقديـة
()11
()12
9
-الزيادة المحسوسة في الكتلة النقدية سنة ، 1993حيث قدر هذا المعدل ب % 103.03من
الكتلة النقدية وهو مايعبر عنه الحقا بزيادة القروض نحو االقتصاد والحكومة كون ه++ذه الف++ترات بال++ذات
+عار
+رت ارتفاعًا في أس+ +تي أظه+
+دولي ،أزمة الخليج ال+
شهدت توقيف مسار التعاقد مع الصندوق النقدي ال+
البترول لم يستمر طويالً حتى أفل ذلك الوضع وحينها عرفت الجزائر حالة اقتصادية اقل ما يق++ال عنها أنها
صعبة وحرجة .
يرى " ميلتون فريدمان " أن اإلستقرار في المستوى العام لألسعار في المدة الطويلة اليتحقق إال
بنجاح السلطات النقدية في تحديد ما أسماه بـ" الحجم االمثل لكمية النقود "؛ ذلك الحجم الذي البد أن يس++ود
كي يحافظ على مستوى االسعار السائدة في بدأ الف++ترة الزمنية موضع اإلعتب++ار؛ إذ أن الحجم األمثل لكمية
النقود يتمثل في ذلك الحجم من النقود الذي يتعين أن يلغي معدل تغيره في كل فترة زمنية األثر الذي يمارسه
+اتج+ير في الن+
+ود على التغ+ +ير في كمية النق+
معدل تغير الناتج القومي ،والذي يمكن أن يقاس بقسمة التغ+
الداخلي الخام .
ومحاولة منا للوقوف على الوضع المترابط بين السوق النقدي والعيني في اإلقتص++اد الجزائ++ري
+ترة التالية
+ام للف+
+داخلي الخ+
+اتج ال+
رأينا القيام بدراسة تطور التغيرات في الكتلة النقدية والتغيرات في الن+
+وكـذا دراسة سيولة االقتصاد الجزائري باعتبار معدل السيولة يع++بر عنه بـ M2/Le : لبدايـة اإلصـالحـات،
)PIB (15
10
11
الجدول رقم ( ) 02تغيرات الكتلة النقدية والناتج الخام للفترة " " 96-88
الوحــــدة %
الســنة
*96 *95 *94 *93 *92 91 90 89 88 البيان
- 10.50 15.33 21.62 23.95 21.34 11.31 - - dM2/M2
4.2 4.3 1.1- 2.2- 1.6 1.2- 0.8 2.8- 1.8- dle PIB /le PIB
انطالقًا من الجدول أعاله يتضح جليًاعدم التوافق الملحوظ بين التغير في الكتلة النقدية M2والتغير
في الناتج الداخلي الخام Le PIB
-في الفترة الممتدة بين 1992 – 1990؛ نجد الكتلة النقدية في تزايد محسوس إال ان هذه الزيادة ليس
لها مقابل عيني؛ إذ شهدت الكتلة النقدية نموًا متضاعفًا بين 1966و 1991مقدرًا بـ 70مرة في حين إذا
قـارنا ذلك مع الناتج الداخلي الخام نجده لم يتضاعف إال بـ 27مرة فقط خالل الفترة المذكورة (. )16
-بداية من سنة 1994نلحظ أن نمو الكتلة النقدية يتناقص ،وهذا يعود إلى البنود المتفق عليها في إط++ار
اتفاق االستعداد االنتمائي الذي أبرمته الجزائر مع الصندوق النقدي الدولي والذي ينص على تقليص اإلصدار
النقدي لتحقيق معدل تضخم منخفض .
+دا
+نوات الدراسة ما ع+ -بالنسبة لمستوى مجمع اإلنتاج الداخلي الخام نجده يعرف تغيرًا سلبيًا في أغلب س+
سنة 1990حيث عرفت الجزائر هذه السنة تعاقدًا مع الصندوق النقدي الدولي الذي أجبر الس++لطات النقدية
على الحد من الكتلة النقدية ( ، ) M2وكذا 1992التي عرفت السنة السابقة لها ،أي 1991تعاقدا كذلك
مع الصندوق النقدي الدولي؛ إذ حـدد موعـد معـدل نمـو هـذا المجمع في االتفاق المبرم بـ . % 2.2
ما يجب الوقوف عليه ( )17هو أن هناك إصدارًا نقديًاغير موجه إلى القطاعات االنتاجية الفعالة -
نقود غير انتاجية – أي أن اإلصدار النقدي مول بشكل اساسي عمليات غير إنتاجية توافقت والحقبة العويصة
+تحقق إنتاجية
التي عاشتها الجزائر ،أو وجه هذا اإلصدار إلى قطاعات كان يعتقد أنها ذات اولوية أو أنها س+
او عن طريقها تتحقق اإلنتاجية والنجاعة المالية ،لكن لم يحدث ما كان متوقعًا نظرًا لـ :
-طبيعة الفترة المتميزة بعدة إضرابات وإضطرابات ،
-ضغوط النقابات العمالية والمطالبة برفع األجور ،
-التسربات النقدية الكبيرة " االكتناز " ... ،الخ
()16
()17
12
السنـــــة
*96 *95 *94 *93 *92 91 90 89 88
36.3 38.6 45.8 49.2 48.1 52.00 64 - 84 M2/le PIB
-يعرف االقتصاد الجزائري معدل سيولة مرتفع؛ مما يوحي بإصدار نقدي وف++ير يزيد بكث++ير عن اإلنت++اج
العيني إذ سجل هذا المؤشر حتى سنة 1993معدالً عند مستوى . % 50
-عودة معامل السيولة إلى االرتفاع سنة 1993قد يعـزى إلى :
+وازي +وق الم+ +عر الس+* التخفيض في سعر صرف الدينار الجزائري بمعدل % 25أقل من س+
والوصول إلى 1دوالر امريكي يساوي 26دينار جزائري في سبتمبر )18( 1991بعدما ك++ان واحد دوالر
يساوي 10دينار جزائري في ، 1990وهذا نتيجة االتفاق مع الصندوق النقدي الدولي .
+عر+مي وس+ +رف الرس+ * ارتفاع معدل نشاط السوق الموازي نتيجة الفرق الشاسع بين سعر الص+
الصرف الموازي مما دفع إلى تسرب نقدي خارج القنوات الرسمية ؛ الشيء ال++ذي يجعل الس++لطات النقدية
.+تقوم بعملية اإلصدار النقدي لتغطية الحاجيات الداخلية ،والجدول ادناه قد يبين إلى حد ما هذه الحقيقة
الجدول رقم ( )4المقارنة بين سعر الصرف الرسمي وسعر الصرف الموازي
الوحدة دج $ /أمريكي
النسبة B/A سعر الصرف الرسمي :سعر الصرف الموازي : البيـــان
B A السنــة
إضافة إلى ضعف التحصيل الضريبي و يعود ذلك إلى نسب التهرب والغش الضريبين مما يؤدي إلى
عدم فعالية السياسة النقدية في التحكم في النقد نظراً للتداخل بين السياسات االقتصادية .
إال أنه بداية من عقد االتف اق مع الص ندوق النق دي ال دولي ب دأ معامل تس ييل االقتص اد في انخف اض
وذلك نتيجة السياسة النقدية الصارمة التي تضمنتها بنود المشروطية .
13
إن التغ يرات والتط ورات ال تي وقفنا عليها عند دراسة الكتلة النقدية نجد لها انعكاس اً أو س بباً على
مس توى االج راءات والت دابير المتخ ذة على مس توى االج زاء المكونة والغط اء المقابل له ذه الكتلة النقدية
بتغيراتها انخفاضاً وارتفاعاً .
التغطية النقدية
يبين الجدول أدناه العناصر التي تُعتمد كغطاء لإلصدار النقدي في الجزائر وهذا خالل الف ترة -198
1995
()19
ما نستخلصه من قرائتنا للجدول رقم (: )05
إن مقدار تغطية الكتلة النقديـة بالعمالت الصعبة يبدو ضعيفاً إذ لم يتعد هذا المكون نس بة % 7.23
من إجمالي الكتلة النقدية إذ بقي يتراوح في حدود أقل من %4حتى سنة ،1994حيث عرفت الجزائر تعاقداً
مع الص ندوق النق دي ال دولي مما أدى إلى ازدي اد االحتي اط النق دي من العملة األجنبية مس جلة تغ يراً إيجابي اً
بنس بة % 207.85ليب دأ في االنخف اض بعد ذلك وهو ما يع بر عن هشاشة م يزان الم دفوعات الجزائ ري
وعدم قدرته على الصمود وخلق العمالت الص عبة رغم االنخفاض ات المحسوسة في ال دينار الجزائ ري -على
افترض انخفاض العملة يؤدي إلى تحسين وضع ميزان المدفوعات -
إذن نرى أن لعنصر األصول األجنبية دوراً هامش ياً مقارنة بالعناصر األخ رى؛ مما ي دفع إلى وج وب
إعادة النظر في السياسات االقتصادية المنتهجة سواء في مجال التجارة الخارجية أو النقد ...الخ
تشهد الديون الموجهة للحكومة نسبة ملحوظة؛ إذ بقيت عند مستوى متوسطي %35خالل الفترة
1992-1988لتشهد ارتفاعاً حساساً ستة 1993لتسجل معدل مقداره % 74.5نتيجة مبلغ 275مليار
دين ار ال ذي يمثل دي ون الش ركات العامة ل دى المص ارف وال تي تم ش رائها من قبل الخزينة وهو م اينعكس في
تغيير هذا المكون بنسبة . % 132.60
14
15
كما نالحظ انخفاض نسبة متحصالت الحكومة من البنك المركزي سنة 1991؛ إذ سجل نمواً سلبياً
مق دراً بـ % 4.27وه ذا نتيجة قواعد الص رامة في السياسة الميزانية المتفق عليها مع الص ندوق النق دي
ال دولي ،ونفس التحليل يق ال عن س نوات 1995-1994حيث انخفض مع دل ال ديون الموجهة للحكومة إلى
% 11.22و %13.04على الت والي ،وه ذا م ايوحي ببداية االبتع اد عن التمويل التض خمي عن طريق
اإلصدار النقدي .
يسجل هذا المكون أعلى المعدالت حيث بقي عند مع دل وس طي % 60إلى غاية 1992إذ ش هدت
هذه الفترة إع ادة التطه ير الم الي للمؤسس ات مما دفع بالجه از المص رفي إلى خلق جرع ات نقدية أك ثر للقي ام
يهذا الغ رض رغم أنه لم ي ؤتى ثم اره ،إذ أن نتائجه لم تبلغ مقص دها؛ ذلك أن نفس المؤسس ات ال تي اس تفادت
من التطه ير الم الي نج دها في ص دارة المؤسس ات ال تي تحت اج للعملية م رة أخ رى ،مما ي وحي أن خلل
المؤسس ات الجزائرية ليس مالي اً فق ط ،وإ نما يتمثل في خلل هيكلي و بش ري يحت اج إلى إص الحات تتج اوز
الجرعات المالية .
استنتاجات :
* اإلصدار النقدي في الجزائر ذو صبغة تضخمية إلى حد ما ،حيث أن التوسع في السيولة الينشيء
الودائع الزمنية – ض عف االدخ ار الف ردي – مما يع ني أن نس بة كب يرة من الس يولة تتس رب إلى خ ارج النظ ام
المص رفي؛ مما ي وحي بوج ود جه از مص رفي غ ير رس مي ينشط بفعالية الش يء ال ذي قد ي ؤدي إلى تف اقم
االختالالت .
* تعد تغطية النقد الجزائ ري هشة ،وقد يع ود ذلك إلى ض عف الم يزان التج اري ؛ األمر ال ذي يجعل
من عملية جعل ال دينار عملة قابلة للتحويل غ ير مت وفرة الش روط إلى حد م ا ،الس يما في ع دم ق درة االقتص اد
الجزائري على خلق مكان له في السوق العالمية غير البترولية .
* تم ّكن االقتصاد الجزائري من التحكم في معدالت التضخم بعد سنوات التعاقد مع الصندوق النق دي
الدولي في إطار برنامج التكييف ،لكن األمر الينبىء باسمرار أو نجاعة السياسات االقتص ادية المتبع ة؛ إذ أن
سياسات التكييف قد تقدم حلوالً إال أنها في الوقت ذاته قد تكون أداة لتأجيل المشكلة االقتصادية فقط الغير .
الهــوامــش :
16
()1الهادي خالدي ،المرآة الكاشفـة لصندوق النقد الدولي (الجزائر ،دارهومة ،أفريل ) 1996ص195 :
ـترة
ـري في الفــريبي الجزائـ ( )2قدي عيد المجيد ،التمويل بالضريبة في ظل التغيرات الدولية – دراسة حالة النظام الضـ
ـ ( 1995الجزائـر ،جامعـة الجزائر ،معهد العلوم االقتصادية أطروحة دكتوراه دولة غير منشورة 1995 ،م -1988
) ،ص . 277 :
ـجلة كالمرحلةـائج المسـ
ـون لها األثر المباشر على تلك النتـ
()3عرفت هذه الفترة ظروفًا اقتصادية واجتماعية صعبة قد يكـ
االنتقالية السخط والتذمر الشعبي ،إضرابات متتالية على مستوى المؤسسات السيما االقتصادية منها ...الخ
(4)M.E Ben Issad,Algerie :restructuration et reformes economiques 1979 –1993
(Algér,OPU ,1994 ) , PP :140 – 141.
( )5بن عبد الفتاح دحمان ،محاولة تقييم السياسة النقدية ضمن برامج التكييف للصندوق النقدي الدولي -دراسة حالة
الجزائر – ( الجزائر ،جامعة الجزائر ،معهد العلوم االقتصادية ،رسالة ماجستير غير منشورة ،أكتوبر 1997م) ،ص
ص . 185 – 181 :
(Banque D’Algérie : -Expose de Programme économique et financier soutenu par un )6
accord de confirmation avec le Fond Monétaire International . Avril 1994
-Situation financiere et perspectives à moyen terme de la republique
Algerienne, Avril 1994
( )9بن عبد الفتاح دحمان ،مرجع سابق ،ص ص. 199 – 195 :
( AKDIN Féler, Algérie poursuit la divrersification économique et la transition , Bulletin , )10
. FMI , Publication du Fonds Monétaire International , ( Août 1996) P : 251
( )11الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية ،القانون 90/10المتعلق بالنقد والقرض المؤرخ في 14أفريل . 1990
( )12فـؤاد مطاطلـة :النظـام المـالي وإصالح أدوات السياسة النقدية – حالة تطبيقية على الجزائر ( الجزائر ،جامعة
الجزائر ،معهد العلوم االقتصادية ما جستير غير منشورة 1997م ) ،ص. 48 :
( )13للتعرف اكثر على ماهية الكتلة النقدية ،أنظر فؤاد مطاطلة ،مرجع سابق ص 69وما يليها .
ـتي تخلقـطة الـ ـوق وكل األنشـ ( ) 14فحسب هذا النظام تعد كل األنشطة التي تخلق السلع أوالخدمات التي تتبادل دومًا في السـ
الخدمات المحصلة انطالقًا من عوامل االنتاج المكافأة ،أي جميع السلع والخدمات المسوقة أو المقدمة مجانًا أو شبه مجانًا .
وللتعرف على الموضوع أكثر :
أنظر قادة أقاسم ،المحاسبة الوطنية ،ترجمـة عبد المجيد قدي وقـادة أقاسم ( الجزائر ،ديوان المطبوعات الجامعية 1994 ،م )
ص . 15 :
(Mohammed LAKSACI ,Politique monétaire , reflets et perspectives d’Algérie , Mars 1995 , )15
P :04
( Hamid Bali ,Inflation et mal développement en Algérie , ( Algérer, OPU , 1993 ) , P : 138 )16
( )17بن عبد الفتاح دحمان ،مرجع سابق ،ص 10 :
ـ جامعة الجزائر ،
ـ ،مجلة المعهد،
( )18منصف مصار ،إشكالية سعر الصرف في الجزائر ،التخفيض أو سعر الصرف المتعدد
ـ العلوم االقتصادية 94م 95/م ،العدد ، 05ص. 51 :معهد
`` ( )19بن عبد الفتاح دحمان ،مرجع سابق ،ص ص. 216 – 215 :