Professional Documents
Culture Documents
وثيقة برنامج البديل الوطني واإلعتماد على الذات وتعبئة وحشد الموارد اإلقتصادية الوطنية لحل مشكلة
األزمة االقتصادية -دراسة في المشكالت اإلقتصادية والحلول علي أساس حشد الموارد الذاتية
كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة 05إبريل 2022م
Page 1 of 54
مقدمـــــــــــة
في سبيل الوصول لرؤية مشتركة بين قوى ثورة ديسمبر المجيدة ،عند تحديد متطلبات حل مشكالت األزمة اإلقتصادية الشاملة
في السودان ،ال سيما مشكلة الفجوة في الموازنة العامة ،في جانبي ميزان المدفوعات ،والميزان التجاري ،ومن ث َّم مشكلة الفجوة
في متطلب تمويل التنمية المستدامة والمتوازنة ،تعتمد الملفات (المباحث والدراسات) الـ 12المرفقة بهذه الوثيقة منهج اإلعتماد
على الذات ،وتحدد مصادر البدائل الوطنية المؤهلة بإيراداتها لحل أهم مشكالت األزمة في االقتصاد الوطني بسد الفجوة في
ميزان المدفوعات ،وفي الميزان التجاري ،وتحقيق التوازن عند تقسيم الموارد في الموازنة العامة قطاعيا ً وإقليميا ً ،وتوفير فرص
التمويل الوطني للتنمية المستدامة وذلك من خالل المراحل التالية:
المرحلة األولى :اإلعتماد على حشد وتعبئة الموارد الذاتية ،بعد تحديد مصادرها وتحديد طاقة كل مصدر منها على المساهمة في
تمويل إيرادات الموازنة العامة وذلك بعد:
➢ الوقوف على قاعدة صلبة في منهج تعبئة وحشد الموارد والطاقات الوطنية القصوى من إيرادات مصادر االقتصاد الوطني
لتمويل الموازنة العامة.
➢ التوظيف األمثل لهذه اإليرادات في دوالب االقتصاد الوطني.
المرحلة الثانية :دعم تمويل الفجوة في الموازنة العامة ،بالتطلع والسعي للحصول على العون اإلقليمي والدولي من إعفاءآت من
الديون ،والحصول أيضا ً على منح وإعانات ،وقروض إسعافية ،وتدفقات من اإلستثمارات المباشرة في المشاريع التي تعد ضمن
خطة التنمية الوطنية .وسوف يؤدي ذلك على المدي القصير والمتوسط إلي تحسين المركز االئتماني والتفاوضي المستقل للسودان
مما يدفع بسعي الدول الصناعية الكبرى والقوي المؤثرة في االقتصاد العالمي كدول نادي باريس للبحث عن عالقات اقتصادية
متكافئة مع السودان من أجل تحقيق مصالحها االقتصادية المتبادلة مع السودان دون أن تفرض عليه شروط مسبقة ودون أن تتدخل
في تحديد مسارات االقتصاد الوطني.
وقد أعدَّت لجنة البحوث والدراسات اإلقتصادية في التحالف اإلقتصادي لقوى ثورة ديسمبر المجيدة هذه الوثيقة ،لتفصيل منهج
اإلعتماد على البدائل الوطنية أوالً كبديل لالعتماد علي التمويل الخارجي من خالل الملفات الـ 12المرفقة بها ،بتوجيه من المجلس
القيادي للتحالف اإلقتصادي ،بهدف عرضها على قوى ثورة ديسمبر المجيدة المنضوية في التحالف ،لتبت فيها وتسهم في تطويرها
وتنقيحها وإجازتها ،وال سيما أن قوى الثورة الحريصة على عدم التنازل عن أو الحياد أو المساومة في التمسك بأهدافها كافة ،قد
أصبحت في وعيها موحدة لحد كبير في عدم الرضا عن البرنامج اإلقتصادي للحكومة الوطنية اإلنتقالية األولى ،والمؤقتة ،والثانية،
لكونها ترى أن برنامج الحكومة اإلنتقالية االقتصادي لم يكن يختلف عن البرنامج اإلقتصادي الذي كان متبعا ً في عهد نظام اإلنقاذ،
ولم ينجح في حل الضائقة المعيشية للمواطنين كهدف أساسي ذو أولوية قصوي ألي برنامج اقتصادي ومن ث َّم لم يعبر عن أهداف
الثورة االقتصادية ممثلة في برنامج السياسات البديلة والبرنامج اإلسعافي ومقررات المؤتمر االقتصادي األول ،بقدر ما هو ،كما
كان سائدا في عهد نظام اإلنقاذ ،اتسم بخيار القبول للشروط المسبقة لصندوق النقد الدولي ،والبنك الدولي ،ونادي باريس ،ومنظمة
التجارة العالمية ،وتوجهات شاتام هاوس ،ومنظومة األزمات الدولية دون مراعاة الستقاللية القرار السوداني ومتطلبات التنمية
وفقا للشروط التي تمليها اإلرادة المستقلة لالقتصاد الوطني.
فلتتوحد حول هذه الرؤية المفصلة في هذه الوثيقة ومرفقاتها ،قوى ثورة ديسمبر المجيدة ،إلنتشال االقتصاد الوطني الذي أصبح
واقفا على حافة هاوية اإلنهيار ،عبر هذا البرنامج اإلقتصادي الوطني البديل لبرنامج الحكومة اإلنتقالية المستند على منهج:
➢ اإلستجابة لمطلوبات (برنامج اإلصالح الهيكلي الذي يمثل حزمة شروط قاسية مسبقة إعتادت الدول الصناعية الكبرى الدائنة
ومؤسسات التمويل الدولية ،أن تطالب دول العالم الثالث المدينة التي تعاني تدهورا وتخلفا اقتصاديا أن تتقيد ببنودها في تخطيط
وتطبيق إدارة إقتصادياتها المتمثلة في اإلنفتاح االقتصادي والتوسع في الخصخصة على نطاق واسع ،وتحرير السوق ،واإللغاء
الكامل للحماية الحكومية والدعم الحكومي للسوق والمنتج الوطني ،وتحييد الدولة وابعادها بشكل مطلق عن الملكية والنشاط
اإلقتصادي خاصة ملكية مرافق الخدمات العامة ومنشآت اإلنتاج واالستثمار الحكومية ،وأعادة جدولة الديون ،وإلغاء الحدود
الجمركية ،ورفع الضرائب ،والتوسع في االستدانة من النظام المصرفي ،وتخفيض قيمة العملة المحلية ،ورفع الدعم المطلق
عن السلع األساسية ...إلخ.
كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة 05إبريل 2022م
Page 2 of 54
وألن برنامج اإلصالح الهيكلي يتضمن شروط مسبقة ثابته في مطلوبات الدائنيين ،عبر صندوق النقد الدولي ،تطالب بها الدول
المدينة العاجزة عن الوفاء بأقساط وفوائد مديونياتها ،فإن فرض تطبيق هذه الشروط لم يجلب للدول التي قبلت بها غير تفاقم
مديونياتها وأزماتها اإلقتصادية.
➢ االستجابة لتدجين الذات في نطاق التطبيع تمهيدا للحصول على تمويل المؤسسات الدولية وإعفاء الديون .والبعد عن الطريق
الوطني القائم على االعتماد على حشد الموارد الذاتية كمدخل إلعفاء الديون والحصول علي تمويل خارجي مستقبال (إذا دعي
األمر لذلك) وفقا للشروط الوطنية ،ويقوم علي احترام السيادة الوطنية وعدم قبول الشروط المسبقة واستلهام التجارب السابقة
لتعامل السودان مع مؤسسات التمويل الدولية باستقاللية وندية في تمويل مشاريع ناجحة دون فرض أي شروط مسبقة.
ولقد أعدت هذه الوثيقة ومرفقاتها تحت عنوان:
برنامج البديل الوطني واإلعتماد على الذات وتعبئة وحشد الموارد اإلقتصادية الوطنية لحل مشكلة األزمة اإلقتصادية الموروثة
عن عهد نظام اإلنقاذ والتي فاقمتها الحكومة الوطنية اإلنتقالية ،دراسة في المشكالت والحلول.
وتتكون الوثيقة من مقدمة وعدد 12ملف تتناول تشخيص المشكالت وتقدم الحلول المقترحة.
وإذ ترى هذه المقدمة ،أن الموازنة العامة لكل حكومة ،محصلة للسياسات واألهداف المعتمدة من قبلها في إدارة إقتصادها الوطني،
ترى المقدمة إلى جانب ذلك ،أن الموازنة العامة ،أداة أساسية في قياس مدى التوازن اإلقتصادي ،لما تنطوي عليه من دالالت
بأرقام معبرة عن نواحي القوة والفوائض ،ومواطن الفجوات والعجز ،في مقدرات اإلقتصاديات الوطنية في حاضرها ومستقبلها.
ووفقا ً لهذه النظرة آنفة الذكر ،ترى هذه الوثيقة ومرفقاتها ،أن الموازنة العامة للحكومة اإلنتقالية المجازة من السلطة التشريعية
المؤقته للعام 2020م في /31ديسمبر 2019م ،على نحو متفق ومجمع عليه من قوى الثورة ،تتصف بالفجوة في قدرات التمويل،
سواء بالنقود الوطنية ،وبعجز بقيمة 73مليار جنيه ،1وعلى نحو أكثر تعقيدا ً حيث تميزت موازنة 2020م ،بالفجوة في متطلب
التمويل بالنقد األجنبي بوفورات تكفي لتمكين ميزان المدفوعات من مواجهة المديونية وخدمة الدين البالغ 58,8مليار دوالر
وتسديد أقساط المديونية وفوائدها في آجالها .كما تميزت موازنة 2020م أيضا ً ،بكونها ما كانت مؤهلة ألن تتيح تحقيق التوازن
في الميزان التجاري أو أن تسد الفجوة في متطلب التمويل بالنقد األجنبي ،البالغة نحو 5خمسة مليار دوالر ،2وال سيما في وقت
تطلعت فيه الحكومة اإلنتقالية ووزارة المالية في هذه الموازنة كما أعلنوا مرارا ً ،حل األزمة اإلقتصادية في البالد باإلعتماد على
نفس الدائنيين بالحصول منهم على إعفاءآت من الديون الخارجية ،وعلى منح والمعونات ،والقروض اإلسعافية ،وتدفقات من
اإلستثمارات األجنبية ،علما ً بأن هذا الحل قد تطلب من الحكومة اإلنتقالية كما كان حال نظام اإلنقاذ ،القبول بتنفيذ شروط الدائنيين
المتمثلة فيما يلي:
أوالً :الشروط الـستة :التي أمليت على منهج إدارة اإلقتصاد في عهد اإلنقاذ ،عبر شروط منظمة التجارة العالمية والتي سعي
نظام اإلنقاذ جاهدا للنضمام لها لها وتسيير اإلقتصاد وفق منهج إقتصاد السوق والعولمة اإلقتصادية ،وذلك بفرض الشروط التالية:
.... .1اإلنفتاح اإلقتصادي أمام اإلستثمارات الدولية المباشرة وأمام التجارة العالمية ،أي أمام حرية حركة رؤوس األموال العابرة
للقارات في البالد وحرية حركة منتجاتها وإستثماراتها وأرباحها إلى خارج البالد ،وكذلك اإلنفتاح أمام حرية عبور السلع
والخدمات المعروضة في التجارة العالمية إلى السوق المحلي ،وإزالة كافة الحواجز الجمركية التي قد تقيد حرية عرضها كما ً
ونوعا ً وسعرا ً .في وقت فيه قد تدهور وتراجع اإلنتاج الوطني وهيمنت السلع المستوردة علي العرض السلعي في السوق
المحلي بما نسبته ( )%95من إجمالي السلع والخدمات المعروضة في السوق المحلي.
1جمهورية السودان ،وزارة المالية والخطيط االقتصادي ،تقديرات الموازنة العامة للحكومة القومية للعام 2020م ،المجازة بمجلسي السيادة والوزراء اإلنتقاليين ،ملخص
التقديرات الكلية للموازنة جدول ( ،)10ص .48
2أوالً :أهم سمات العجز في ميزان المدفوعات هي ،المديونية البالغة نحو ( 60مليار دوالر) ،أصل المديونية منها مع فوائدها التعاقدية نحو ( 18مليار) واإلضافات الجزائية
ا لتي أضيفت إليها كغرامات عن عدم سداد أقساط وفوائد الديون المستحقة في آجالها نحو ( 42مليار دوالر) ،لذلك فإن اإلعفاءآت المتوقعة ستكون خصما ً على الفوائد
الجزائية الـ ( ،)42وليس خصما ً على أصل المديونية وفوائدها التعاقدية الـ (.)18
ثانيا :إن أهم ما يتعلق بالعجز في الميزان التجاري في موازنة 2020م ،هو الفرق بين الرصيد المطلوب لتمويل اإلستيراد المطلوب في الموازنة خالل سنة ،وبين عائدات
صادر األقتصاد الوطني مقومة بالنقد األجنبي لنفس السنة .ولما كان التمويل المطلوب لإلستيراد في الموازنة نحو ( 9مليارات) ،وعائدات الصادر المتوقعة نحو ( 4مليار
دوالر) فإن عجز الميزان التجاري في حدود ( 5مليار دوالر) سنوياً .في موازنة 2020م .وكذلك العجز في العام 2021م .والمشكلة المسببة في ضمور عائدات اإلقتصاد
الوطني من النقد األجنبي ،متمثلة في أن القطاع العام ليس طرفا ً قائما ً بالتصدير ،وقد تركت الحكومة تصدير السلع السودانية بالكامل ،للقطاع الخاص الطفيلى ،الذي وزع
سلع الصادر بين :التهريب وتجنيب عائداته ،وتمويل السلع الكمالية المستوردة ،وبين إثقال كاهل الشعب باألسعار المرتفعة عند إستيرادها للسلع الضرورية .لتقتسم ما في
جيب المواطن بين حقوقه الم زعومة في أرباح اإلستيراد وما تدفعه من ضرائب مرتفعه للحكومة التي بلغت عن المحروقات فقط في النصف األول من عام 2021م300( ،
مليار جنيه ،أي مايساوي ثلث الموازنة البالغة 928مليار جنيه) ،تنفق جله المؤسسات السيادية الحكومية التي اعتادت أن تن فق على نفسها إنفاق من ال يخشى الفقر .بيننما
ال تنفق الموازنة إال إنفاقا ً شحيحا ً جداً على التعليم والصحة والبنية التحتية والتنمية ،حيث ال تنفق الموازنة نهائيا ً على دعم اإلنتاج الزراعي والصناعي.
كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة 05إبريل 2022م
Page 3 of 54
....الخصخصة على نطاق واسع ،بنقل ممتلكات القطاع العام من المرافق الخدمية والمنشآت اإلنتاجية لملكية القطاع الخاص .2
أو تصفيتها بالبيع .فبعد أن كانت الدولة تعتمد في تمويل الموازنة العامة واإلنفاق على متطلب أداء وظائفها في توفير مجانية
التعليم والعالج وفي دعم النقل واإلتصاالت واإلسكان واإلنتاج والسلع اإلستهالكية الضرورية والصادر ..إلخ ،وتعتمد على
نحو أساسي في هذا التمويل ،على العائدات المتدفقة في الخزينة العامة من أرباح وإيرادات مرافق الخدمات ومنشآت اإلنتاج
التي كانت تمتلكها الدولة في القطاع العام بالعملة الوطنية ،وبالعمالت الحرة .فقدت الدولة هذا المصدر األساسي لإليرادات
العامة بعد الخصخصة على نطاق شامل ،فتحولت إلى دولة محيَّدة في اإلقتصاد ،حارسة لمصالح القوى الطفيلية المتحكمة في
اإلقتصاد ،والمهيمنة على عائدات تهريب الذهب ،وتجنبت عائدات صادر السلع الزراعية النباتية والحيوانية ،وتحويالت
المغتربيين خارج السودان ،والمسيطرة على اإلستيراد ،وعلي التجارة العامة في السوق المحلي ،والمهيمنة علي الجزء األكبر
من الكتلة النقدية خارج القطاع المصرفي .األمر الذي اضطر الدولة للتوسع في جباية الضرائب غير المباشرة ،والرسوم من
المواطنين لإلنفاق على أجهزة الدولة المترهلة غير المنتجة وعلي حزب السلطة الحاكم وواجهاته ومؤيديه والمقربين منه
إنفاق بال حدود أو رقابة دون مراعاة واهتمام لمعاناة الشعب السوداني.
تحرير االسواق الوطنية بحيث تتحدد أثمان السلع والخدمات فيها من قبل قوى السوق وال سيما عبر عاملي العرض والطلب .3
مع اإلستبعاد الكامل لتدخل للدولة في توجيه السوق إجتماعيا ً أو إقتصاديا ً لمصلحة الشعب السيما بتسعير السلع والخدمات
األساسية ،وبالتحكم في الحواجز الجمركية بما يحقق مصلحة الشعب ويحمي المنتجات الوطنية ويرفع المعاناة عن كاهل
المواطنين.
اإللغاء الكامل لسياسات وإجراءآت حماية المنتجات الوطنية ،وتركها في منافسة السلع المستوردة ،بدون حماية من الدولة تزيد .4
بقراراتها وإجراءآتها قدرتها التنافسية.
الرفع الشامل للدعم الحكومي سواء كان هذا الدعم ألسباب إجتماعية أم إقتصادية دون مراعاة لواقع الشعب االقتصادي وازدياد .5
معدالت الفقر لمستويات غير مسبوقة.
تحييد الدولة بإبعاد القطاع العام عن ملكية مرافق الخدمات ،ومنشآت اإلنتاج .وإلغاء كل دور للدولة في ممارسة النشاط .6
اإلقتصادي وال سيما في التجارة الخارجية ،لتفكيك دور الدولة في حيازة اإليرادات الوطنية من النقد األجنبي ،وإلغاء دورها
في توزيع الموارد والتمويالت على مختلف األقاليم والقطاعات اإلقتصادية الخدمية واإلنتاجية والبنية التحتية ورعاية وتنمية
الموارد البشرية ،وذلك إلفساح المجال في هذه المهمات كافة ،أن تكون حصرا ً في يد القطاع الخاص المرتبط بخدمة مصالح
وأطماع القوى اإلقليمية والدولية ،في ظروف مرتقبة تسيطر فيه على إقتصاديات البالد الشركات الغربية بإستثماراتها المباشرة
(بنظام البوت المجحف الذي ال يراعي حق الدولة السودانية والشعب السوداني في إرساء عالقات كسب مزدوج) .ولهذه الغاية
تمت مصادرة دور الدولة في التوزيع العادل والكفوء للموارد بما يحقق في اإلقتصاد الوطني عموما ً وفي التنمية خصوصا،
مطلوبات العدالة اإلجتماعية ،والتوازن اإلقليمي بين أقاليم البالد ،والتوازن القطاعي بين مختلف القطاعات اإلقتصادية الخدمية
واإلنتاجية والبنية التحتية والتنمية البشرية ،األمر الذي أسهم في توقف النمو والتنمية ،وتدهور القطاعات اإلقتصادية وخاصة
الخدمية واإلنتاجية .كما ساهمت بقدر أكبر في إنعدام العدالة اإلجتماعية وتخلخل التوازن اإلقتصادي اإلقليمي .وتسبب ذلك
في زعزعة أركان التعايش السلمي ،وأدى إلى الحروب األهلي والنزاع المسلح وإلي مزيد من التدهور االقتصادي ال سيما
في مناطق القطاع التقليدي األمر الذي فتح بدوره الباب للتدخل االقتصادي اإلقليمي والدولي.
إن إلغاء دور الدولة في البلدان النامية ،خاصة في المستعمرات السابقة ،في تملك المرافق الخدمية والمنشآت اإلنتاجية عبر قطاع
حكومي عام ،هو أحد مناهج وسمات العولمة اإلقتصادية المعاصرة ،المعتمد مبتدؤها من قبل الدول الصناعية الكبرى منذ أن
وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها ال سيما بعد توقيعها على إتفاقية القات عام 1947م .وذلك للسيطرة على أسواق
وإقتصاديات البلدان النامية التي نالت اإلستقالل السياسي ،عبر إدارة اإلقتصاد الدولي والتجارة العالمية على عالقات ومبادئ
موجهة بما يخدم مصالحها االقتصادية تحت شعار حرية التجارة العالمية .وأثقلت الدول المتقدمة صناعيا ً ومن ث َّم إقتصاديا ً وماليا ً
كاهل الدول النامية في فخ المديونية ،واستغلت إعسارها بعد أن وقعت في إسار شباك الديون وإعادة جدولتها ومضاعفتها بالفوائد
المركبة وغرامات التأخير في السداد في اآلجال المحددة .وانتهت في تمويالتها إلى اإلستثمارات المباشرة من قبل الشركات
الغربية الكبرى العابرة للقارات ،والتدخل في إدارة إقتصاديات الدول النامية المثقلة بالديون من خالل شروط منظمة التجارة
العالمية ،ونادي باريس المرتبطة بشروط صندوق النقد الدولي المسبقة ضمن برنامج اإلصالح الهيكلي الذي يلزم البلدان النامية
المثقلة بالديون بشروط قاسية تضاعف معاناة الشعب وتثقل كاهله باالرتفاعات المتواصلة في أسعار السلع األساسية ورفع الدعم
عنها ،وانعدام أو تدني الخدمات الرئيسية وتفاقم عبء الضرائب غير المباشرة.
لقد بنت سلطة االستعمار البريطاني دولة إستعمارية مهيمنة ،تفرض سيطرتها من خالل خدمة مدنية ،قوات نظامية ،إدارة أهلية
...إلخ ،وعبر هيمنتها على اإلقتصاد وفق لمصلحتها من خالل ملكية القطاع العام ودور الدولة في الخدمات واإلنتاج والتجارة
الخارجية وتمكنت من خالل ذلك من بناء اقتصاد استعماري يحقق مصالحها ويساعدها علي تحويل االقتصاد السوداني القتصاد
مصدر للمواد الخام األولية وإلي سوق لمنتجات الدول االستعمارية الكبري .ولذلك فقد تم إستهداف هذا الدور للدولة في االقتصاد
كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة 05إبريل 2022م
Page 4 of 54
من قبل الدولة االستعمارية بعد االستقالل مع الحرص علي استمرار نفس المنهج االقتصادي عبر الشركات متعددة الجنسيات
وعبر التوكيالت التجارية األجنبية تمهيدا لتفكيك دور الدولة في الملكية وفي قيادة النشاط اإلقتصادي في سودان ما بعد اإلستقالل
حتى ال يتلمس السودان المستقل دور الدولة اإلقتصادي التنموي في طريق إستكمال اإلستقالل السياسي باإلستقالل اإلقتصادي.
وقد استمر هذا الوضع لفترات مختلفة من فترات الحكم في السودان ال سيما بعد سياسة االنفتاح منتصف حقبة السبعينات وما
انتهت إليه من خضوع كامل لشروط تخفيض قيمة العملة الوطنية ألول مرة في تاريخ السودان ولمزيد من االنفتاح والخصخصة
وإبعاد دور الدولة في االقتصاد وتقليص دورها في اإلنتاج والخدمات والتجارة الخارجية إلي أن أكملت سلطة اإلنقاذ هذا الدور
خالل ثالثين عاما من البرنامج الممنهج للخصخصة والتمكين للنشاط اإلسالمي الطفيلي ولقيادات وكوادر الحركة اإلسالمية
وحلفائها في الداخل والخارج والتي نمت وسيطرت على الملكية والنشاط اإلقتصادي في البالد عبر إقتصاد السوق ،واإلنفتاح،
الخصخصة ،وإلغاء دور الدولة الكامل في االقتصاد.
وقد سارت حكومة ما بعد ثورة ديسمبر 2018م علي نفس النهج حيث ظل دور الدولة بعيدا عن االقتصاد في القطاعات اإلنتاجية
بمختلف مجاالتها والقطاعات الخدمية وفي التجارة الخارجية ،وظلت الدولة العميقة كما هي مهيمنة علي الخدمة المدنية في الدولة
وعلي القطاع المالي والمصرفي ،وظلت الطفيلية اإلسالمية وحلفائها وذراعها العسكري داخل الجيش واألمن والشرطة
والمليشيات التابعة لها مهيمنة كما كانت في عهد اإلنقاذ علي أكثر من %80من االقتصاد بشقيه اإلنتاجي والخدمي .وفشلت
الحكومة االنتقالية في إحداث أية خلخلة أو اختراق أو تصفية لهذه القوي المتحكمة في االقتصاد وفي نقل كافة الموارد االقتصادية
من قبضتها إلي ملكية الشعب لتصب في الخزانة العامة للدولة ممثلة في وزارة المالية .وقد استمرت في انتهاج سياسة اقتصادية
تساعد هذه القوي المتحكمة وتعطيها مجاال لتقوية وتوسيع قبضتها علي االقتصاد .بجانب المضي في سياسة االعتماد الكامل علي
الدعم والتمويل والمساعدات الخارجية كخيار أوحد وأولوية قصوي دون االلتفات لالعتماد علي النفس وحشد الموارد الذاتية في
المقام األول ،وإجراء تعديالت شكلية في قانون االستثمار وفي قانون بنك السودان المركزي بما يسمح بالنظام المصرفي المزدوج
دون أن تحدث تغيرات فعلية علي أرض الواقع وتنعكس علي حياة المواطنين ،وفي نفس الوقت الباب لالستثمار األجنبي للشركات
الكبرى عابرة القارات التي تمثل واجهات النيولبرالية الحديثة في كافة المجاالت بما فيها مشاريع البنية التحتية .في ظل ضعف
وتخلف المكون المحلي وانعدام دور الدولة في االقتصاد األمر الذي يخلق وضعا غير متكافي من شأنه أن يجعل االقتصاد مجرد
تابع للمؤسسات األجنبية واإلقليمية وللشركات الكبرى متعددة الجنسيات التي ستوظف إستثماراتها المباشرة 3في قطاع الموارد
الطبيعية في (التعدين عموما ً والذهب على نحو خاص) ،وفي قطاع اإلنتاج الزراعي بشقيه الحيواني والنباتي (خاصة في المشاريع
الزراعية المروية إبتدا ًء بمشروع الجزيرة وغيرها ،وبتلك التي ستؤسس في القطاع التقليدي وأراضي المياه الجوفية) ،والسيطرة
في النشاط الزراعي الغابي على (ثروة الصمغ العربي) ،وفي اإلنتاج الحيواني ستسيطر الشركات الوافدة على (ثروة الماشية
واللحوم خاصة في كردفان ودافور) .وستوجه الشركات الوافدة إستثماراتها في الطاقة (الشمسية والنفط والغاز والكهرباء) ،كما
ستسيطر با لكامل على الملكية واإلستثمار في القطاع الخدمي (السكك الحديدية وهيئة الطيران المدني والخطوط الجوية وهيئة
الموانئ البحرية وساحل البحر األحمر والنقل البحري ،فضالً عن قطاع النقل الداخلي واإلتصاالت) .وهذا الوضع يوجب على
قوى ثورة ديسمبر المجيدة التحلي بالوعي في مواجهة هذه السياسة االقتصادية التي تكرس التبعية وتضعف قدرة االقتصاد الوطني
الذاتية في النهوض المستقل من خالل مواجهة معركة إزالة التمكين واسترداد األموال المنهوبة ،وإعادة بناء القطاع العام المتوازن
والمتكامل مع القطاع الخاص الوطني ،والدفاع عن موارد وثروات البالد المستهدفة ،ومقاومة منهج اإلقتصاد التابع وفي نفس
الوقت وضع قانون استثمار معبر عن مصالح الشعب يفتح الباب لالستثمار األجنبي في المشروعات االسترتيجية في قطاعات
التعدين واالستكشاف في مجاالت النفط والغاز والطاقة المتجددة والمعادن ...إلخ وفقا لخطة التنمية االقتصادية المعتمدة وبما يحقق
مصالح الوطن ويجعل السودان بلدا جاذبا لالستثمار األجنبي الساعي لتحقيق المصالح المشتركة والذي يحترم إرادة الشعب
وسيادته الوطنية واستقاللية قراراته.
فبعد سقوط اإلتحاد السوفيتي 1989م وهيمنة القطب اآلحادي على اإلقتصاد الدولي ،وقيام النظام اإلقتصادي الدولي الجديد بقيادة
الواليات المتحدة األمريكية ،ثم بعد تحول (إتفاقية القات) إلى (منظمة التجارة العالمية) التي تمثل احدي المؤسسات الدولية التي
تقود وتوجه اإلقتصاد الدولي والتجارة الدولية 4واستقطاب هذه المنظمة في عضويتها معظم دول العالم ،ومن ضمنها روسيا ودول
3كشف الدكتور إبراهيم البدوي ،وزير المالية األسبق ،في مؤتمر صحفي عقده في الخرطوم في 2019/9/24م عن أن شركات عالمية لديها الرغبة في اإلستثمار في السودان
وأضاف هم اآلن يعملون على إعداد المنظومة القانونية ،ونوه إلى إمكانية أن تشمل المشروعات (مطار الخرطوم ،وشبكات السكك الحديدية ،وقال :إنهم يريدون اإلستفادة
من ساحل البحر األحمر بخلق موانئ تخدم السودان وتتحول لموانئ إقليمية لصادرات وواردات الدول اإلفريقية المغلقة الحدود .وأضاف سنعلن عن مناقصات دولية
لمشروعات البوت التي تعني إلتزام المستثمرين بالبناء واإلدارة وتحويل المشروع إلى الحكومة بعد إنتهاء فترة اإلدارة .وقال :البداية ستكون بمسالخ حديثة للماشية بدارفور
وكردفان وستكون مشروعات متكاملة من المسالخ ومحطات الطاقة الكهربائية وخدمات النقل الجوي لتصدير اللحوم المذبوحة إلى شمال إفريقيا والخليج ثم إقامة تصنيع
اللحوم.
4إتفاقية القات ،إتفاقية عقدت بين 10دول صناعية كبرى عام 1947م ،حملت لواء مباديء الدعوة لحرية التجارة العالمية وعولمة مبادئ إقتصاد
السوق واستطاعت أن تستقطب إلى نطاق اإلتفاقية تباعا ً كثير من دول العالم الثالث .وبعد عام 1989م تحولت إتفاقية القات إلى (منظمة التجارة
العالمية ) التي سعت وال تزال معظم دول العالم لإلنضمام لعضويتها.
كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة 05إبريل 2022م
Page 5 of 54
اإلتحاد السوفيتي سابقا ً (المستقلة) والصين ،5أصبحت الدول الصناعية الكبرى ،لها حق الفيتو في قبول أو رفض طلبات العضوية
المقدمة من قبل دول العالم الثالث لعضوية (منظمة التجارة العالمية) ،بعد تدقيق مدى تطبيقها لشروط (منظمة التجارة العالمية الـ
6آنفة الذكر) في منهج إدارة إقتصادياتها الوطنية .ولهذا السبب ظل السودان في عهد نظام اإلنقاذ يسير في مشوار تطبيق
مطلوبات إقتصاد السوق الحر تحت مظلة التمكين والفساد تمهيدا لالنضمام لمنظمة التجارة العالمية .ويقدم في سبيل ذلك الكثير
من التنازالت والموافقات علي الشروط المسبقة للمنظمة في ظل عدم وجود تكافؤ اقتصادي يحقق االستقاللية االقتصادية للسودان
ويحفظ سيادته الوطنية ويحقق حماية القتصاده ولمنتجاته الوطنية.
وال ريب أن الطبقة الحاكمة في نظام اإلنقاذ ،كانت لها مصالحها الطبقية الخاصة ،بالتمكين والفساد ،في تطبيق شروط ومطلوبات
العولمة واقتصاد السوق الحر بشكل مطلق وعلي رأسها شروط منظمة التجارة العالمية ممثلة في اإلنفتاح ،الخصخصة ،وتحييد
الدولة وإلغاء دورها في الحماية والدعم والتجارة الخارجية ،وفي مسؤولية حيازة عائدات اإلقتصاد الوطني من النقد األجنبي.
وعلى هذا المنهج اإلقتصادي كان نظام اإلنقاذ يجد الرضا من الدول الغربية عموما في مساره االقتصادي اللبرالي المتزاوج مع
الدكتاتورية السياسية تحت ستار الدين .ولذلك كان أركان نظام اإلنقاذ ،يجدون المالذات اآلمنة خارج السودان للثروات التي
ينهبونها من موارد االقتصاد الوطني ،إذ غضت القوى اإلستعمارية الطرف عن أركان النظام وهم يتصرفون في عائدات صادرات
النفط والذهب من النقد األجنبي خارج كشوفات الموازنة العامة للدولة ،وخارج نطاق المراجعة الحكومية العامة .ولذلك في مقابل
ذلك ،ظل نظام اإلنقاذ مخلصا ً لمنهج إقتصاد السوق ومتشبثا ً بتالبيب اللحاق بعضوية منظمة التجارة العالمية باستمرار وحتى
سقوطه .فقبل عام واحد من تاريخ سقوط نظام االنقاذ تحت إرادة الشعب الثائر في السودان ،وتحديدا ً في يوم 2018/ 4/11م ،عقد
مندوب السودان لدى مكتب األمم المتحدة الدائم بجنيف ومندوب السودان لدى منظمة التجارة العالمية آنذاك مصطفي عثمان
إسماعيل ،إجتماعا ً مع المدير العام لـمنظمة التجارة العالمية ،روبيرنو إويفيدو ،بحثا فيه سبل دعم عملية إنضمام السودان للمنظمة،
والخطوات التي يجب إتخاذها في الفترة المقبلة في إجراء اإلصالحات الهيكلية في اإلقتصاد السوداني .وشرح مصطفي عثمان
إسماعيل في اإلجتماع لمدير المنظمة الخطوات التي إتخذتها حكومة السودان مؤخراً بشأن الدفع بعملية انضمام السودان للمنظمة
ال سيما اإلتفاقيات الثنائية التي عقدها السودان مؤخرا ً مع عدد من الدول ،في سبيل االنضمام للمنظمة ودمج اإلقتصاد السوداني
في التجارة العالمية .ومن جهته أوضح المدير العام للمنظمة لمندوب السودان أن اإلقتصاد السوداني يشهد عددا ً من التحديات ال
سيما بعض القوانيين التي تحتاج إلى مراجعة.6
وبعد إنتصار ثورة 19ديسمبر 2018م المجيدة وتشكيل الحكومة اإلنتقالية ،سارت الحكومة اإلنتقالية بنفس خطى البرنامج
اإلقتصادي لنظام اإلنقاذ ،وال سيما في خطوات تقديم التنازالت واإلرتباط بالشروط المسبقة للدائنين وللمؤسسات المالية
واالقتصادية الدولية وأن تتصدر مسألة اإلنضمام لمنظمة التجارة العالمية وتنفيذ شروطها كتمهيد لالندماج في االقتصاد العالمي
أولويات إهتمامات الحكومة اإلنتقالية بما في ذلك الشروط المسبقة لصندوق النقد الدولي ضمن برنامج التكييف الهيكلي وإعفاء
الديون عبر بوابة مبادرة الهبك .ومن أبرز تلك الشروط ،تعويم سعر الصرف ،إزالة الحواجز الجمركية بإلغاء الدوالر الجمركي،
رفع الدعم عن السلع الرئيسية وعلي رأسها الوقود والقمح والكهرباء وغيرها ،وإبعاد الدولة عن الفعل والنشاط االقتصادي،
واالستمرار في سياسة التحرير والخصخصة بشكل مطلق ،تقليص اإلنفاق الحكومي عن القطاعات الخدمية غير اإلنتاجية كالتعليم
والصحة وغيرها ،التوسع في الضرائب غير المباشرة ،رسم سياسة لمحاربة الفقر ضمن تصورات وبرامج البنك الدولي وعلي
رأسها برنامج الدعم النقدي أو ما يعرف ببرنامج (ثمرات) بديال عن الدعم السلعي ،وغيرها من الشروط المعروفة التي قامت
الحكومة االنتقالية بااللتزام بها تدريجيا دون االلتفات لبرنامج الثورة المتفق عليه ممثال في برنامج السياسات البديلة والبرنامج
االسعافي ومقررات المؤتمر االقتصادي األول ،وذلك تمهيدا لقبول السودان ضمن برنامج مبادرة الهبيك.
ثانياً :شروط صندوق النقد الدولي :التي تم فرضها على الحكومة اإلنتقالية في 2019/10/3م عبر موفدة الصندوق للخرطوم،
كارل ترك ،مسؤولة السودان وجنوب السودان وإثيوبيا وإرتريا في الصندوق ،والتي تم طرحها أثناء حضور موفدة الصندوق
لمؤتمر شاتام هاوس المنعقد في الخرطوم في مطلع أكتوبر 2019م بعد إنتصار الثورة في إزالة قمة هرم نظام اإلنقاذ خالل الفترة
2019/4/11 – 6م ،ولقد جاءت شروط صندوق النقد الدولي المسبقة والتي خضعت لها الحكومة االنتقالية تدريجيا كما يلي:
.1إلغاء الدعم السلعي واستبداله بالدعم النقدي.
.2تعويم سعر صرف العملة الوطنية (الجنيه السوداني) مقابل كل العمالت الصعبة القابلة للتحويل في كل معامالت اإلقتصاد
الوطني داخليا ً ومع العالم الخارجي.
5تبقت ولم تقبل من الدول حتى يونيو 2021م في عضوية منظمة التجارة العالمية ( 29تسع وعشرون) دولة ،منها ( 9تسع) دول إفريقية إحداها
السودان.
6وكالة السودان لألنباء والصحف السودانية مثال – :جريدة الصحافة العدد ، 8555السبت 2018 4 /14م ،الصفحة األولى .
كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة 05إبريل 2022م
Page 6 of 54
رفع سعر الدوالر الجمركي تباعا ً حتى مرحلة تعويمه بالكامل بما يحقق تمويل القدر األكبر من اإلنفاق الحكومي بالضرائب .3
غير المباشرة .ال سيما وأن ( )%95من السلع المستوردة تعبر إلى السوق المحلية من خالل بوابة السلطات الجمارك.
تسديد الديون السيادية التي على السودان في الصناديق الدولية ممثلة في البنك الدولي ،صندوق النقد الدولى ،والبنك اإلفريقي .4
للتنمية .وهي ديون تبلغ مايقارب 3مليار دوالر أمريكي ،كشرط يجب أن يسبق حصول السودان على أي قدر من إعفاء
الديون أو من المنح والقروض وتدفق اإلستثمارات الخارجية المباشرة الجديدة.
عدم اللجوء ألي إستدانة أو إستالم إعانات ومنح خارجية قبل تنفيذ شروط صندوق النقد الدولي. .5
التفاهم المباشر مع أمريكا حول ما قد تشترطه لرفع إسم السودان من القائمة األمريكية الدولية للدول الراعية لإلرهاب. .6
ولقد وضعت أمريكا عند مبتدأ إتصاالت الحكومة الوطنية اإلنتقالية بها في طلب رفع إسم السودان من قائمة الدول الراعية
لإلرهاب ثالثة شروط هي:
-1أن يتقيد السودان بتنفيذ شروط الصندوق آنفة الذكر دون إبطاء.
-2أن يتفاهم السودان رسميا ً مع أسر قتلى عمليات القاعدة في تفجير المدمرة البحرية األمريكية كول قرب ميناء عدن ،وكذلك
أسر قتلى سفارتي أمريكا في كينيا وتنزانيا عام 1997م وتلبية طلباتها في التعويض.
-3أن يطبع السودان عالقاته مع إسرائيل وتوقيع إتفاقية سالم إبراهام مع إسرائيل.
في نهاية مارس 2021م أعلن صندوق النقد الدولي أنه في حال إستمر السودان بنجاح في تنفيذ اإلصالحات الرئيسية ،فإنه سيكون
بوسعه الوصول إلى نقطة القرار في يونيو 2021م ،ما يعني إمكانية التأهل لمرحلة اإلستفادة من اإلعفاءآت من الديون بموجب
المبادرة المعززة للبلدان الفقيرة المثقلة بالديون (هيبيك) ،والوصول إلى نقطة اإلنجاز في يونيو 2024م .ولذلك سيكون من المهم
إحراز تقدم مستدام ،أي في اإلصالحات خالل األشهر المقبلة لإلعالن المشار إليه .وفعال في إجتماع المجلسين التنفيذيين للبنك
وصندوق النقد الدوليين ،صاحبي مبادرة (هيبيك) في 26يونيو وافق المجلسان على أساس تقييم أولي أن السودان قد بلغ نقطة
القرار بتسوية المتأخرات ،ل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وبنك التنمية اإلفريقي) .ووصل مرحلة إطالق العنان لإلعفاءآت
من الديون وتلقي تمويالت من المانحيين من قبل نادي باريس ونادي لندن وبقية الدائيين من خارج الناديين .وتجدر اإلشارة هنا
إلي أن وصول السودان لنقطة القرار لم يأتي بفضل تسوية ديونه للصناديق الدولية ،وإنما بعد موافقته علي تنفيذ شروط برنامج
اإلصالح الهيكلي لصندوق النقد الدولي وشروط اتفاقية مبادرة الهيبيك وعلي رأسها تعويم سعر صرف الجنيه السوداني ،وإزالة
الحواجز الجمركية أمام السلع األجنبية المستوردة بإلغاء الدوالر الجمركي واعتماد سعر الصرف الموازي غير الرسمي أو السعر
الرسمي المعوم الذي بموجبه تتحدد أسعار كل السلع والخدمات بما فيها السلع والخدمات األساسية ،والتي ستواصل ارتفاعها كلما
إرتفع سعر الصرف الموازي أو السعر المعوم .وأن مصطلحات استدامة اإلصالحات اإلقتصادية الرئيسية ،أو إزالة تشوهات
االقتصاد الكلي ،أو إجراء عمليات جراحية ضرورية قاسية ليتعافى اإلقتصاد الوطني وأن المعاناة في األمد القصير مجرد جسر
للتعافي االقتصادي علي المدي الطويل ،وأن هنالك ضوءا ً في نهاية النفق ،كلها مصطلحات تعني تنفيذ الحكومة لشروط صندوق
النقد والبنك الدوليين ،وشروط منظمة التجارة العالمية .فقد قال الرئيس الماليزي السابق مهاتير محمد عن هذه الشروط ،رداً
للمؤسسات الدولية التي طالبته بتنفيذ هذه الشروط( :إنكم بمطالبتكم بتنفيذها تريدون أن تحولوا ماليزيا إلى مجرد إسم لبقعة من
األرض) .علما بأن ماليزيا ،لم تفلح في صنع مجد تقدمها اإلقتصادي إال بعد تمردها على إمالءآت صندوق النقد الدولي).
(الجوع صفر) أي ،تصفير الجوع يقول محمد عبد هللا الريح :قبل خمسة أعوام أرسلت لي منظمة (الفاو) كتاب الرئيس البرازيلي
السابق لوال دي سيلفا ) (Zero Hungerلترجمته للعربية ،وقد قمت بذلك .وقصة الرئيس البرازيلي قصة جديرة أن تروى :ففى
الثمانينات مرت البرازيل بأزمة اقتصادية طاحنة ،فذهبت لالقتراض من صندوق النقد الدولى معتقدة إنه الحل ألزمتها االقتصادية.
وطبعا ً طبقت حزمة الشروط المجحفة ،مما أدى الى تسريح ماليين العمال وخفض أجور باقي العاملين ،والغاء الدعم .وانهار
االقتصاد البرازيلي ووصل األمر إلى تدخل دول أخرى في السياسات الداخلية للبرازيل ،وفرض البنك الدولي على الدولة أن
تضيف إلى دستورها مجموعة من المواد تسببت في اشتعال األوضاع السياسية الداخلية .ورغم استجابة البرازيل لكل الشروط،
تفاقمت األزمة أكثر فأكثر ،وأصبح %1فقط من البرازيليين يحصلون على نصف الدخل القومي .وهبط ماليين المواطنين تحت
خط الفقر ،األمر الذي دفع قادة البرازيل إلى االقتراض من الصندوق مرة أخرى بواقع 5مليارات دوالر ،معتقدين إنه الطريق
للخروج من األزمة .فتدهورت االمور أكثر ،وأصبحت البرازيل الدولة األكثر فساداً وطرداً للمهاجرين ،واألكبر فى معدل الجريمة
وتعاطي المخدرات والديون فى العالم ،حيث تضاعف الدين العام 9مرات فى 12سنة ،حتى هدد صندوق النقد بإعالن إفالس
البرازيل إذا لم تسدد فوائد القروض ،ورفض إقراضها أى مبلغ فى نهاية 2002م .وانهارت العملة حيث وصل الدوالر الى 11
الف كروزيرو .دولة كانت تحتضر بمعنى الكلمة ،حتى جاء عام 2003م ،وانتخب البرازيليين رئيسهم لوال دي سيلفا الذى ولد
فقيرا ،وعانى بنفسه من الجوع ،وظلم االعتقال (كان يعمل ماسح أحذية) .وعند استالمه للحكم خاف الكل منه وقال رجال األعمال:
(هذا سوف يأخد أموالنا ويؤممها) .والفقراء قالوا هذا سوف يسرق كي يعوض الحرمان .لكنه لم يفعل ذلك ،وإنما قال كلمته
كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة 05إبريل 2022م
Page 7 of 54
الشهيرة( :التقشف ليس أن يفقر الجميع ،بل هو أن تستغنى الدولة عن كثير من الرفاهيات لدعم الفقراء) .وأضاف قائالً كلمته
الشهيرة( :لم ينجح أبدا صندوق النقد إال فى تدمير البلدان) .واعتمد على أهل بلده ووضع بندا ً في الموازنة العامة للدولة أسماه:
(اإلعانات االجتماعية المباشرة) وقيمته %0.5من الناتج القومي اإلجمالي للدولة ليصرف بصورة رواتب مالية مباشرة لألسر
الفقيرة .يعنى بدل الدعم العينى بدعم نقدي حقيقي بمبلغ كافي لتغطية احتياجات األسرة يقدم إلى 11مليون أسرة تشمل 64مليون
برازيلى .وقد بلغت قيمة هذا الدعم 735دوالر تم توفيرها من خالل رفع الضرايب على الكل ما عدا المستفيدين من برنامج
اإلعانات .بمعني أنه رفع الضرائب على رجال األعمال والفئات الغنية من الشعب .وقد أيد رجال األعمال البرنامج ودعموه
وكانوا سعداء به مقابل التسهيالت الكبيرة التي منحها لهم البرنامج في االستثمار وفي تسيير أعمالهم ومنحهم األراضي مجانا
وتسهيالت في التراخيص ،وتوفير قروض بفوائد مخفضة ساعدتهم فى التوسع وفي فتح أسواق جديدة .باإلضافة إلى أن دخل
الفقراء قد ارتفع وتزايد الطلب والشراء لمنتجات رجال االعمال فتضاعف حجم مبيعاتهم .لذلك لم يشعروا بأن الضرائب التصاعدية
التي فرضت عليهم بأنها جباية منهكة ،بل أنهم يدفعونها مقابل تسهيالت أصبحوا يكسبون اكتر منها .وبعد 3سنوات فقط عاد 2
مليون مهاجر برازيلي وجاء معاهم 1.5مليون أجنبي لالستثمار والعيش في البرازيل .وخالل 4سنوات (فترة رئاسية واحدة)
سدد كل مديونية صندوق النقد الدولي ،بل أن الصندوق اقترض من البرازيل 14مليار دوالر اثناء األزمة المالية العالمية 2008م،
أى بعد 5سنوات فقط من حكم لوال دي سيلفا .وهو نفس الصندوق الذي كان يريد أن يشهر إفالس البرازيل عام 2002م ،ورفض
إقراضها لتسدد فوائد القروض .بفضل تركيز دي سيلفا على 4أمور :الصناعة ،التعدين ،والزراعة ،والتعليم أصبحت البرازيل
تصنع الطائرات (اسطول طائرات االمبريار برازيلية الصنع) .وبعد انتهاء واليتى حكم لوال دي سيلفا عام2011م وبعد كل هذه
اإلنجازات ،طلب منه الشعب أن يستمر ويعدل الدستور ،ولكنه رفض بشدة وقال كلمته الشهيرة( :البرازيل ستنجب مليون لوال،
ولكنها تملك دستورا واحدا) .وترك الحكم والبرازيل قد دشنت أول غواصة نووية ( 5دول فقط فى العالم تصنع غواصات نووية
هي أمريكا ،روسيا ،الصين ،بريطانيا ،فرنسا) .أول غواصة كانت بالتعاون مع فرنسا ،ولكنها ستدشن الغواصة الثانية فى 2020م
والثالثة فى 2022م بصناعة برازيلية خالصة .إذن فالنهوض من التخلف ليس مستحيال ،إنها مجرد (إرادة وإدارة) ويحدث فى
سنوات معدودة فقط .وتقدم ونهوض أي من بلدان العالم الثاث الفقيرة المثقلة بالديون ،لم يحدث إال بعد إنفكاكها من شروط صندوق
النقد الدولي ،والبنك الدولى ،وغيره من مؤسسات التمويل الدولية.
ثالثاً :شروط منظمة التجارة العالمية :فبعد أن نفذت الحكومة الوطنية اإلنتقالية كافة شروط صندوق النقد الدولي المذكورة سابقا،
وشروط أمريكا اإلضافية إلزالة السودان من قائمة الدول الراعية لإلرهاب ،أعلن رئيس الوزراء السابق عبد هللا حمدوك تشكيل
لجنة األمانة العامة لشؤون منظمة التجارة العالمية ،لتبدأ العمل على استكمال ترتيبات إنضمام السودان لمنظمة التجارة العالمية.
كما أعلنت وزارة التجارة عن أن أمريكا ستتكفل بإعادة صياغة وتنقيح وإجازة القوانيين التجارية في السودان .وهذا ما يبين بدء
مرحلة أخري من مراحل االمتثال لشروط المؤسسات الدولية.
وتتمثل أبرز الشروط التي تفرضها منظمة التجارة العالمية بجانب شروط صندوق النقد الدولي التي خضع لها السودان ضمن
برنامج مراقبة موظفي الصندوق التمهيدي لقبول السودان في مبادرة الهيبيك هو إزالة الحواجز الجمركية من خالل توحيد سعر
الصرف وتعويمه وإلغاء سعر الصرف الجمركي او ما يعرف بالدوالر الجمركي بهدف رفع كل الحواجز التي تعيق انسياب
منتجات الدول الصناعية الكبرى إلي السوق المحلي السوداني باعتباره أحد أهم األسواق المستهدفة بالنسبة لهم حيث يتميز بارتفاع
عدد السكان (المستهلكين) والذي يقدر بحوالي 45مليون نسمة ،ويتميز أيضا بالتنوع اإلجتماعي واالقتصادي ،بجانب وقوع هذه
السوق في موقع استراتيجي كمعبر لسوق دول الكوميسا وغيرها من الدول اإلفريقية لشمال أفريقيا والبحر المتوسط ،وأيضا ألنه
سوق محاط بسبعة أسواق كبيرة مجاورة وتربطه حدود برية وبحرية ونهرية وجوية معها .أي أن السودان بالنسبة للدول الصناعية
الكبرى عبارة عن بوابة إلى األسواق المغلقة في وسط وشرق وجنوب القارة اإلفريقية ومعبرا ً استراتيجيا ً لتجارة الترانزيت.
إال أنه وقبل اإلنشغال بهموم الخضوع لشروط االنضمام لمنظمة التجارة العالمية وما قد تفضي إليه من إبقاء السودان كما كان
عليه الوضع في عهد االستعمار البريطاني كدولة مصدرة للمواد الخام األولية ومستورد للسلع المصنعة من الدول الصناعية
الكبري ،البد من دراسة واستيعاب ،المعضالت اإلقتصادية التي نتجت عن سياسة االلتزام بالشروط المسبقة لصندوق النقد الدولي،
والواليات المتحدة اإلمريكية ،وشروط إعفاء الديون عبر بوابة الهبك التي اتبعتها الحكومة اإلنتقالية ،وفي مقدمتها تفاقم التضخم
الجامح الموروث وبما أضيفت إليه بعد الثورة من آثار سالبة على العملة الوطنية المتمثلة في ضعف وتدهور قوتها الشرائية،
وانخفاض متفاقم في قيمتها مقابل العمالت األجنبية ،واالرتفاع المتواصل في المعدل العام لألسعار .وكلها معضالت في حاجة
للتوافق الحاسم والحازم عليها بين كل القوى الثورية الحقيقية لثورة ديسمبر المجيدة صاحبة المصلحة الحقيقية في التغيير حول
تشخيص أبعادها وآثارها ،وفي تطبيق الحلول الالزمة في مواجهتها ،المتمثلة في:
-1منهج اإلعتماد على الذات ،وتعبئة وحشد الموارد الذاتية لسد متطلبات توازن الموازنة العامة ،وتمويل التنمية بموارد حقيقية
ونقود قابلة للتحويل تتدفق في الخزينة العامة من عائدات الصادرات وإحطياطيات من النقد األجنبي يتم بنائها من الذهب
كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة 05إبريل 2022م
Page 8 of 54
المستخرج من تحت أقدام السودانيين ،بديالً عن الرهان واالعتماد المطلق فقط على الدين الخارجي واالعتماد على مؤسسات
التمويل الدولية وتنفيذ شروطها المسبقة والتي ال نهاية لها ،وإدارة الظهر بالكامل للموارد الوطنية.
-2السيطرة على حجم الكتلة النقدية في اإلقتصاد الوطني ،والسيما على ما ال يقل عن %95من الكتلة النقدية المكتنزة خارج
النظام المصرفي في خزائن الطبقة المتنفذة والمتحكمة في االقتصاد ،عبر تبديل العملة واإلجراءات النقدية (الضرورية)
المرافقة لتبديل العملة.
-3تثبيت سعر الصرف للعملة الوطنية مقابل العمالت األجنبية .بالسير في اتجاه معاكس لمنهج الحكومة اإلنتقالية ووزارة ماليتها،
وكبح جماح السياسات التي ذهبت في إتجاه تعويم سعر صرف الجنيه السوداني مقابل العمالت القابلة للتحويل.
-4مراجعة سياسة رفع الدعم السلعي من حيث شمول السلع التي تدخل في نطاق رفع الدعم ،ومن حيث إمكانية تثبيت الحد األعلى
المناسب ألسعارها وتدخل الدولة وتحكمها في استيراد وتوفير السلع االستراتيجية بدال عن الوسطاء ممثلين في محفظة السلع
االستراتيجية وشركات القطاع الخاص المملوكة للطبقة االقتصادية المتحكمة في االقتصاد وذلك عبر بروتوكوالت تجارية
مباشرة مع المنتجين الرئيسيين والتحكم في قنوات توزيعها مباشرة للجمهور والتخلص من سلسلة الوسطاء التي تساهم في
رفع األسعار وفتح أبواب االحتكار والتهريب.
-5كبح جماح السياسة التوسعية التي اتبعتها وزارة المالية في الموازنة في النفقات منذ تحديد مخصصات بنود الصرف في
الموازنتين 2020م 2021 -م المجازة من المجلسين ،وفي التخصيصات التي أجازتها وزارة المالية خارج الموازنة في إبريل
2020م بزيادة المرتبات بمعدل ،%569واعتماد 2مليار دوالر للدعم النقدي المباشر ،و 200مليار جنيه لمتطلبات مواجهة
جائحة (كورونا) ،واإلعتمادات اإلضافية الممولة باإلصدار النقدي في موازنة 2020م المعدلة الحقا ً في أغسطس 2020م.
-6حل مشكلة المديونية ومتطلب عدم القدرة عن سداد أقساطها وفوائدها في آجال إستحقاقها .بوضع سياسات مستقلة في التعامل
مع مطلوبات صندوق النقد والبنك الدوليين والدول الدائنة التي وضعت (ثمنا ً مقابل التجسير) ،دون السماح لتدخالتهم في رسم
معالم مسارات حاضر ومستقبل االقتصاد الوطني ،وذلك بتصحيح المسارات التي وافقت فيها الحكومة اإلنتقالية للشروط
الخارجية وسمحت فيها بالتدخالت األجنبية .وهذا ال يعني أن برنامج حشد الموارد الذاتية يرفض التعامل مع مؤسسات التمويل
الدولية ،ولكن هنالك فرق بين التعامل معها وبين الخضوع لها .فبرنامج حشد الموارد الذاتية يربط التعامل مع هذه المؤسسات
الدولية والتي يعتبر السودان عضوا قديما فيها باالستقاللية ورفض الشروط المسبقة وأن يتم التعامل معها بالشروط السودانية
وبما تتطلبه برامج وخطط التنمية االقتصادية الوطنية وأن تكون في شكل منح بدون فوائد ،أو قروض ميسرة بفوائد صفرية
دون أي شروط مسبقة هذا إذا احتاجت متطلبات التنمية ألي نوع من أنواع التمويل من هذه المؤسسات .وأن تكون األولوية
لبرنامج حشد الموارد الذاتية واالعتماد علي النفس بهدف تقوية االقتصاد الوطني بشكل مستقل وتحسين مؤشراته الكلية من
خالل موارد ذاتية حقيقية تؤدي إلي تحقيق فوائض في الميزان التجاري والخدمي وفي ميزان المدفوعات وتزيد من حجم
االحتياطيات من النقد األجنبي وذلك حتي تكون أرضية قوية للحصول علي تمويل بشروط ميسرة تفرضها اإلرادة الوطنية
متي ما احتاج السودان لتمويل في المستقبل.
ولقد رأت هذه الوثيقة والملفات الـ 12المفصلة المرفقة بها في مواجهة إخفاقات ومشكلة فجوة الموازنة العامة للحكومة اإلنتقالية
(على نحو خاص) في النقود والموارد الوطنية ،والمكون األجنبي ،وفي شأن المعضالت اإلقتصادية آنفة الذكر (على نحو عام)،
واإلستناد إلى منهج وصف أبعادها ونتائجها وآثارها ،وصياغة الحلول المناسبة إزاء كل مشكلة في الـملفات الـ 12المرفقة.
كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة 05إبريل 2022م
Page 9 of 54
فهرس موضوعات الملفات المرفقة
منهج اإلعتماد على الذات أومصادر الموارد الوطنية المؤهلة لسد فجوة المكون األجنبي والمحلي في إيرادات الموازنة
العامة ،ولخدمة المديونية ،وتمويل التنمية
الملف رقم ( ،)1أن يكون الذهب في صدارة قائمة مصادر اإلقتصاد الوطني للمكون األجنبي في إيرادات الموازنة العامة.
الملف رقم ( ،)2عائدات صادر السلع الزراعية ،النباتية والحيوانية ،المصدر الوطني الثاني لتدفقات النقد األجنبي في نطاق
إيرادات الموازنة العامة.
الملف رقم ( ،)3إستقطاب فوائض مدخرات وتحويالت السودانيين العاملين في خارج السودان للخزينة العامة ،المصدر الوطني
الثالث في مصادر تدفقات النقد األجنبي في نطاق إيرادات الموازنة العامة.
الملف رقم ( ،)4مصادر أخرى متنوعة يمكن تجميع عائداتها من العمالت الحرة ،القابلة للتحويل ،وتعبئتها في تعظيم عائدات
تدفقات من النقد األجنبي في نطاق إيرادات الموازنة العامة.
الملف رقم ( ،)5مشكلة السيطرة على حجم الكتلة النقدية في اإلقتصاد الوطني ودورها في حماية عائد اإلقتصاد الوطني من
العمالت الحرة من تغول الذين يقطعون عليها طريق تدفقاتها للخزينة العامة.
الملف رقم ( ،)6إعادة النظر في منهج توحيد سعر الصرف المتبع من األنظمة المتعاقبة منذ عام 1978م ،لتالفي دوره في
إنخفاض القوة الشرائية للجنيه السوداني ،وفي إرتفاع سعر الصرف على نحو متفاقم ،وفي اإلرتفاع المستمر بوتائر عالية للمعدل
العام لألسعار .باعتماد سياسات نقدية وطنية مستقلة ترفع القوة الشرائية للعملة الوطنية ،وتعزز سعر صرفها في مقابل العمالت
القابلة للتحويل ،وتخفض المعدل العام للسلع والخدمات في السوق الوطنية.
الملف رقم ( ،)7المدى الذي يجب أن يقف عنده رفع الدعم السلعي ،من حيث شمول السلع التي تدخل في نطاق رفع الدعم .ومن
حيث إمكانية تثبيت الحد األعلى المناسب ألسعارها ،بما يضمن العودة المدروسة للدعم السلعي الضروري لإلستهالك ولمدخالت
اإلنتاج ولحماية اإلقتصاد .في إتجاه رفع معدالت اإلنتاج ومستويات اإلنتاجية بما يعمر األسواق الوطنية باإلحالل للسلع الوطنية
في محل السلع المستوردة ،ويطور الصادرات من فوائض اإلنتاج الوطني لألسواق الخارجية ويعظم بعائداتها إحتياطيات العمالت
القابلة للتحويل في االقتصاد الوطني.
الملف رقم ( ،)8الحد من السياسة التوسعية التي اتبعتها وزارة المالية في الموازنة العامة 2020م ،في نطاق اإلنفاق النقدي عند
وضع تخصيصات بنود الصرف في الموازنة المجازة من المجلسين ،وفي التخصيصات التي إجازتها وزارة المالية خارج
الموازنة الحقا ً ،وفي الموازنة العامة المعدلة ،وكذلك في الموازنة العامة 2021م.
الملف رقم ( ،)9إعادة بناء وتأهيل مرافق الخدمات ومنشآت اإلنتاج في القطاع العام التي تمت خصخصتها في عهد اإلنقاذ،
إلسترداد دور الدولة في الملكية والنشاط اإلقتصادي وفي حل المشكلة اإلقتصادية ،وتجميع عائداتها من العمالت الحرة في نطاق
إيرادات الموازنة العامة وتمويل التنمية .وتوظيف أرباحها وريوعها من النقود الوطنية في تمويل الخدمات اإلجتماعية العامة
األساسية ،كمجانية التعليم والصحة ودعم خدمات النقل واإلسكان وتمويل المكون الوطني في تنمية البنية التحتية.
الملف رقم ( ،)10يعني بتوفير متطلبات سد الفجوة في الموازنة العامة بالنقد الوطني.
الملف رقم ( ،)11مبحث في مشكلة المديونية وأسباب العجز في توفير متطلب القدرة على سداد أقساطها وفوائدها في آجال
إستحقاقها .ودراسة حول كيفية التعامل مع مطلوبات صندوق النقد والبنك الدوليين والدائنيين ،وسبل مواجهة إستغالهم عجز
االقتصاد الوطني عن خدمة الدين وفجوة الميزان التجاري ،وتدخالتهم في رسم معالم مسار حاضر ومستقبل إقتصادنا الوطني.
وإنتقاصهم من إستقالل قرارنا الوطني ومساسهم بسيادتنا السياسية الوطنية.
الملف رقم ( ،)12مفاهيم ومصطلحات إقتصادية ذات صلة بالمالية العامة والموازنة العامة والمديونية ودور الدولة في الملكية
والنشاط اإلقتصادي.
كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة 05إبريل 2022م
Page 10 of 54
الملف رقم ()1
أن يكون الذهب أحد أهم مصادر اإلقتصاد الوطني للمكون األجنبي في إيرادات الموازنة العامة
ال ريب أن الذهب الكامن على سطح أرض السودان وفي باطنها ،يعد بداهة ثروة قومية سيادية ،وكذلك يعد أنه ملك للشعب
السوداني بأسره ،في نصوص كل القوانيين المتعاقبة التي شرعت لتنظيم حقوق ملكية واستثمار منفعة الثروات المعدنية التي في
ظاهر وفي باطن األراضي السودانية وفي مقدمتها الذهب في كل القوانيين شاملة( :قانون 1959م في عهد نظام عبود ،وقانون
1972م في عهد نظام نميري ،وقانوني 2007م و2015م في عهد نظام اإلنقاذ).
والدولة ممثلة في الحكومات المتعاقبة كما نصت هذه القوانيين كافة ،إستنادا ً للدساتير السارية وقت إصدارها ،هي التي عدت هذه
القوانيين معنية بإحقاق وصيانة حقوق أفراد الشعب في ملكية هذه الثروة واإلنتفاع بها ،وال سيما بعائدات صادرها التي تدرها
بالعمالت الحرة .وللدولة وفق مانصت القوانيين ،آنفة الذكر ،أن تمنح حقوق ممارسة هذا الحق للغير وفق تراخيص وعقود
وإتفاقيات مراعية في ممارسة أداء هذا الدور بنفسها أو عبر الغير كما يلي:
أوالً :أن تراعي الدولة في استخراج الثروة المعدنية واإلنتفاع منها ،وعلى نحو خاص في تعدين الذهب ،أن الذهب ثروة ناضبة،
تجب على الدولة صيانة حقوق األجيال فيها .وفي تجربة دولة جنوب إفريقيا في تعدين الذهب عبرة لكل الدول المنتجة للذهب،
فقد أنتجت جنوب إفريقيا حتي عام 2010م نصف إنتاج العالم من الذهب ،واليزال في بواطن أرضها نصف إحتياطي العالم من
الذهب .إال أن إنتاج الذهب في دولة جنوب إفريقيا قد فقدت جدواها اإلقتصادي بعد أن وصلت مناجمها ألعماق تعدت قدرات
التكنولوجيا والعمالة في التعامل الكفؤ واآلمن واإلقتصادي معها ،حتي أن الشركات الغربية الكبرى التي استخرجت هذه الثروات
قد بدأت ترحل بآلياتها للتعدين في دول إفريقية أخرى .لذلك من حق الشعب أن يتساءل لماذا عرضت الحكومة اإلنتقالية في مؤتمر
باريس على الدول والشركات األجنبية عدد 26مربعا واعدا ً بمخزون الذهب للقدوم والتعاقد لإلستثمار فيه ،والسودان ينتج في
السنوات 2020 -2015م بمعدل سنوي ال يقل عن 150طن من الذهب ( )%80منه ينتجه التعدين األهلي ،بينما تنتج الشركات
الوافدة مابين %17و %20من اإلنتاج الكلي .هذا وأن اإلنتاج الذي يه َّرب إلى خارج السودان سنويا يقدر بنحو %77من االنتاج.
ثانياً :أن تراعي الدولة في تخطيط معدل إنتاج الذهب سنوياً ،مقتضى العدالة اإلجتماعية .ذلك ألن نمو نصيب بعض أو فئة
محدودة من أبناء الوطن في منافع هذه الثروة ،ال يجب أن يعد نموا في الناتج اإلجمالي للثروة القومية إال في صورة رقم مضلل،
يخفي عدم عدالة هذا النمو بمعيار إجتماعي ،إذ يغيب فيه نصيب أغلبية الشعب الذي يزداد فقراً.
وكون أن الذهب سلعة سيادية وملك للشعب ،يتجسد معناه الحقيقي في أن يصب ناتجه بشكل أساسي في إحتياطات اإلقتصاد
الوطني المحتفظ بها في بنك السودان إلى جانب فوائض العمالت القابلة للتحويل ،حتى يؤدي الذهب اإلحتياطي المحتفظ به دوره
في رفع قيمة الجنيه السوداني ،وفي أن يشكل ضمانة وفاء مقبولة تمكن االقتصاد الوطني من الحصول بيسر على قروض خارجية
تمويلية للتنمية بشروط ميسرة ويشكل أصول نقدية من الطراز األول لجذب حصة مقدرة من سوق رأس المال العالمي .إذن فإن
االقتصاد الوطني في حاجة إلى أن يدخل الذهب في تجارة الصادر حصراً عبر البنك المركزي في أدنى الحدود التي تفرضها
ضرورة تغطية العجز في ميزان المدفوعات والسيما لتمويل التنمية .على أن يتوقف صادر الذهب حال تجاوز السودان أزمته
االقت صادية ويستخدم فقط كاحتياطي نقدي لتقوية االقتصاد الوطني ودعم العملة الوطنية وأن يتم التصدير في حدود يتم إقرارها
ضمن خطط التنمية وفي حدود الموازنة العامة المعتمدة.
ففي وقت كانت فيه الحكومة ،في عهد نظام اإلنقاذ ،تضخ من االقتصاد الوطني في أروقة التجارة العالمية ،ماليين البراميل من
النفط خالل الفترة 2011 - 1999م ،ومئات األطنان من الذهب خالل الفترة 2018 – 2012م ،ثروتان بلغت عائداتهما ما يربو
عن 100مليار دوالر ،فقد إستحوزت عليها فئة محدودة من المتحكمين في السلطة والثروة ،فاستبدوا بها دون أغلبية الشعب،
بينما ظلت أغلبية الشعب السوداني تعيش من الناحية الواقعية فوق سطح أرض الوطن شظف العيش على الرغم من أنه نظريا ً
ووفقا للقوانيين السارية يمتلك كل هذه الموارد .فنظام اإلنقاذ لم يدخل بتاتا ً عائدات تصدير النفط وثروة الذهب في الموازنة العامة
أو في الخزينة العامة أو بنك السودان ،بل قد وظفت هذه العائدات بالكامل (خارج نطاق الموازنة العامة للدولة) نهبا وسطواً
لتمكين قيادات النظام ،بعد أن جعلت هذه العائدات من أسرار الفئة الحاكمة فقط ومحصنة من أن تصل إليها إجراءآت المراجعة
العامة وديوان المراجع العام طوال عهد نظام اإلنقاذ.
وعندما يتم التفكير في األزمة اإلقتصادية الراهنة ،ونجد أن أهم مشكالتها هي الفجوة في حصيلة عائدات االقتصاد الوطني من
النقد األجنبي ،نجد أن الذهب هو المصدر الوطني األول الذي يمكن أن تعد عائدات صادراته مؤهلة لسد هذه الفجوة .ولكي يكون
الذهب المصدر الوطني األول لسد فجوة النقد األجنبي في الموازنة العامة ،بعائدات صادر التقل في المتوسط عن 127طن وال
كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة 05إبريل 2022م
Page 11 of 54
يزيد عن 260طن ،7أي ما يحقق من عائدات النقد األجنبي ،في حده األعلى واألدنى ما بين 10عشر مليارات ،و 5خمسة مليار
دوالر (على حساب أن سعر الجرام 40دوالر أي أن سعر الطن 40مليون دوالر كتقدير منحفظ جدا علما بأن السعر العالمي
للطن يصل إلى 55مليون دوالر) .ولكي يتوافر في الوقت نفسه فرصة أن يرفد بنك السودان باستبقاء وتخزين جزء من الذهب
المنتج كإحتياطيات في خزانة البنك ،في المتوسط سنويا ً ما بين 25طن ،و 50طن ،لتقوية وتعديل سعر صرف الجنيه السوداني
زيادة قووته الشرائية .فال بد ،لتحقيق كل ما تقدم من توافر 3ثالثة شروط هي:
أوال :الشروط التي يجب توافرها لكي يكون الذهب المصدر الوطني األساسي للمكون األجنبي في إيرادات الموازنة العامة:
-1الشرط األول :ليكون الذهب أحد المصادر الرئيسية للنقد األجنبي في إيرادات الموازنة العامة البد من مرحلة إنتقالية:
وتبدأ هذه المرحلة اإلنتقالية بأن تناط بالدولة عبر بنك السودان المركزي ،أو عبر شركة مساهمة عامة ،الدور األكبر في شراء
وإحتكار تصدير نحو ( )%100من جملة الذهب الذي ينتجه التعدين األهلي في السودان ،أي نحو %80من اإلنتاج الكلي من
الذهب في السودان إذا إستثنينا حقوق شركات اإلمتياز األجنبية ،على أن يحدد البنك إستبقاء وتخزين إحتياطي بنسبة من
مشترياته من الذهب في خزانته وتنميته باستمرار .وتعد هذه المرحلة اإلنتقالية الخطوة األولي لتأهيل الذهب ،في موقعه المتقدم
بين المصادر الوطنية ،في تدفق عائدات العمالت الحرة القابلة للتحويل في الخزينة العامة وترتكز هذه المرحلة على تنفيذ
اإلجراءآت اآلتية:
➢ اإلجراء األول :أن يشتري بنك السودان ،أو الشركة العامة المقترحة مباشرة كل ذهب التعدين األهلي والشركات الصغيرة:
إن قطاع التعدين األهلي ينتج نحو %80من اإلنتاج الكلي من الذهب 8أي نحو 96طن سنويا ً تقريباً .وهذا الكمية من اإلنتاج
ظلت تشتريه ،في الغالب ،شركات التعدين والصاغة وتجارتصدير الذهب والمهربين أصحاب الحظ األوفر في التغول على
ما نسبته %77من اإلنتاج الكلي من الذهب سنوياً ،األمر الذي يعني أن المنتجين في نطاق التعدين األهلى ،لم يكونوا إلى
حد بعيد طرفا ً في ممارسة تصدير الذهب في عهد نظام اإلنقاذ وحتى بعد ثورة ديسمبر 2018م .ولم يكونوا في عهد نظام
اإلنقاذ يبيعون ذهبهم لبنك السودان الذي كان يشتري الذهب بأقل من السعر العالمي ،ألن البنك المركزي كان يدفع مايقابل
مشترياته من الذهب بالجنيه بحساب سعر الصرف الرسمي الرسمي ،بينما كان هذا السعر الرسمي أقل كثيراً عن ما يدفعه
بقية المشترين .فضالً عن أن بقية المشترين الذي يعرضون سعرا ً أقرب من السعر الموازي ،كانوا يصلون إلى مواقع قريبة
نسبيا ً من المنتجين ،وكان هذا القرب فيه خدمة وأمان للمنتجين من مخاطر الطريق ،بدال عن معاناة الوصول إلى منافذ بنك
السودان الذي يمثل بالنسبة لهم دولة ال تقدم لهم عونا ً يستحق التقدير أو خدمة تستحق أن يقابلوها بوفاء.
واإلجراء األول الذي تقترحه هذه الوثيقة يتطلب أيضاً :أن تقدم الدولة ،أو بنك السودان المركزي ،للعاملين في مواقع التعدين
األهلي والمستثمرين خدمات المحروقات والغاز ،والتمويل المصرفي الميسر ،واألمن والسالمة ،ومنافذ للشراء مزودة
بتقنيات تحديد الوزن والعيار ومزودة بنقد يكفي للشراء باألسعار العالمية وبسعر صرف عادل ومجزي ومنافس لسعر
السوق الموازي يدفع للمنتجين فور إستالم مبيعاتهم .على أن تسعى الدولة ألداء هذه المهمة ،مباشرة عبر بنك السودان
بالتعاون مع السلطات المحلية والوالئية ،وليقوم بنك السودان المركزي بشراء كل الذهب الذي ينتجه التعدين األهلي بالتمويل
باإلصدار النقدي ،علما ً بأن مثل هذا التمويل في نتائجه ،قطعا ً ال يعد في نطاق زيادة التضخم ،فالتمويل بالعجز أي باإلستدانة
من النظام المصرفي عبر اإلصدار النقدي ،في حالة توظيفه في مشاريع إنتاجية أو خدمية ،تدر عائدات أوتثمر منتجات
تكون بقيمتها السوقية المتضمنة تكاليفها وأرباحها تفوق حجم التمويل الذي أنفق عليها ،ال يصب في خانة التضخم ،وال سيما
إذا مكنت الكمية المنتجة الدولة من توظيف عائدات بيعها في السوق االمحلي ماالً يمثل تمويالً مدورا ً لتمويل دورات جديدة
من اإلنتاج السلعي أو شراء الذهب وتصديره ورد عائداته في شكل أرصدة نقدية بالعمالت الحرة أو سلعا استراتيجية تباع
في السوق المحلي فتتيح فضال عن عائداتها التي ستكون ماالً مدورا ً ،أرباحا ً تمكن الدولة من الوفاء بسداد أقساط اإلستدانة
المصرفية المستحقة .بينما ينتج التضخم عن اإلنفاق الذي ينتج عن التمويل بالعجز واإلستدانة من النظام المصرفي في شكل
إصدار نقدي لتمويل أوجه إنفاق الدولة وأنشطتها غير المنتجة.
إن تمويل الدولة باإلصدار النقدي ،ضمن اإلجراء األول ،بشراء إنتاج التعدين األهلي من الذهب بنحو 10طن شهريا عبر
بنك السودان المركزي سيؤدي:
✓ إلي أن يجعل ما ينفق على هذا التمويل دخال يتوزع علي مابين 3إلى 4أربعة ماليين من العاملين في شركات التعدين
والكرتة الصغيرة والحفر،مناجم المعدنيين األهليين الكبيرة التي تعمل باآلليات( ،نحو 160منجماً) وجموع صغار
127 7طنا ً وفق اإلحصاءآت المعلنة عن وزارة المعادن عن حجم إنتاج 2018م ،و 260طنا ً وفق اإلحصاءآت المعلنة عن وارد سوق دبي من الذهب المنتج في السودان
عام 2018م.
8اللجنة العليا للطوارئ االقتصادية ،إحتماع اللجنة الفرعية للذهب رقم ( )2ببنك السودان األربعاء 2020/4/29م ،تقرير مخرجات إجتماع اللجنة ،الفقرة ( ،)23ص .2
كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة 05إبريل 2022م
Page 12 of 54
المعدنيين (المنتجيين في التعديين اليدوي) ،أي إنفاقا ً على قاعدة عريضة من السكان المنتجيين ،الذين سيميلون بالجزء
األكبر من دخولهم لإلنفاق اإلستهالكي ،وسيشكل هذا اإلنفاق طلبا ً يؤدي إلى استنفار المزيد من اإلنتاج الذي يوسع قاعدة
العرض في السوق المحلي.
✓ سيؤدي أيضا إلي أن تدر عائدات صادر ذهب التعدين األهلي من العمالت الصعبة للخزينة العامة للدولة نحو 400
مليون دوالر شهريا ً ،وستكفي هذه الحصيلة من العائدات مطلوبات تمويل احتياجات اإلقتصاد الوطني من السلع
المستوردة الضرورية ممثلة في القمح والدقيق ،والمحروقات ،واألدوية ..إلخ ،وقدراً من إحتياجات تمويل مدخالت
اإلنتاج التنموي الزراعي والصناعي ...إلخ.
✓ وسيودي كذلك إلي أن تشكل عائدات بيع السلع المستوردة المشار إليها في الفقرة أعاله في السوق المحلي ،كتلة نقدية
كافية لشراء إنتاج الشهر التالي من الذهب الذي ينتجه التعدين األهلي ،وهكذا ستظل هذه الكتلة النقدية ماالً دوارا ً لتمويل
شراء ذهب المعدنيين األهليين لبقية أشهر السنة ،شهرا ً بعد شهر ،ليكون العائد السنوي لهذا النشاط التجاري نحو (4,8
مليار دوالر في السنة.
إن الدور المباشر لبنك السودان نيابة عن الدولة في شراء إنتاج التعدين األهلي من الذهب بسيولة كافية ،دور مهم لتحقيق
نجاح شراء الدولة لكل إنتاج التعدين األهلي من الذهب في خطوة مستقبلية الحقة .فقد كان دور بنك السودان في شراء
وتصدير الذهب في عهد نظام اإلنقاذ ،مكبال بقيود وضعتها الدولة ،وفي مقدمتها حماية الدولة لعمليات تهريب %77من
اإلنتاج الكلي ،وعدم تقديم الدولة لخدمات لقطاع التعدين األهلي ،وعدم وجود منافذ شراء تابعة لبنك السودان في مواقع
وأسواق تصريف اإلنتاج ،والسبب األهم تقييد الدولة للبنك المركزي بالشراء بسعر الصرف الرسمي الذي كان يقل كثيراً
عن سعر السوق الموازي الذي ينافسه به المهربون في شراء الذهب ،ولذلك كانوا يتفوقون عليه .لذلك فإن بنك السودان
بخبرته التي إكتسبها في ماضي تجربته في شراء وتصدير الذهب ،وبعد إزالة العقبات التي كانت تكبل دوره في الماضي
سيكون مؤهالً للنجاح المؤكد في هذه المهمة مستقبال.
وستضيف مهمة شراء كل إنتاج التعدين األهلي من الذهب عبر بنك السودان بنوافذ قريبة من مواقع اإلنتاج ،فضال عن أن
العمل المنتظم في تقديم الدولة لخدمات لهذا القطاع اإلنتاجي كالمحروقات ،والتمويل المصرفي بشروط ميسرة لمشتريات
القطاع من اآلليات والسلف النقدية المصرفية بشروط ميسرة لمصروفات التشغيل ،كلها مجتمعة ستتيح فرصة كبيرة لوضع
قاعدة معلومات ميدانية دقيقة عن العاملين في هذا القطاع وحجم إنتاجه ،وأصوله وممتكاته وبنيته التحتية ،والتشريعات التي
ستنصف العاملين والمستثمرين فيه .وتوافر هذه القاعدة الدقيقة من المعلومات ستشكل رصيدا ً للتخطيط الذي يضمن في
المرحلة الثانية من عالقة الدولة بهذا القطاع ،سالسة للسير على طريق إدماج هذا القطاع ،أي قطاع التعدين األهلي ،وقطاع
الشركات الصغيرة في شراكات مع الدولة مستقبال ،تعظم دور الدولة في اإلنتاج ،كما ستعظم حجم اإلنتاج ،وتزيد من أرباح
األطراف الثالثة التي اندمجت في الشراكة (التعدين األهلي ،الشركات الصغيرة ،والدولة) على حد سواء.
كذلك فإن بنك السودان بوسعه أن يوفر مصادر تمويل عديدة لشراء الذهب إلى جانب مصدر اإلصدار النقدي ،أي إلى جانب
اإلستدانة من النظام المصرفي .إذ يمكن إضافة شهادات اإلستثمار كمصدر وطني للتمويل ،وكذلك مصدر األموال المستردة
التي سبق وأن نهبت من المال العام في عهد نظام اإلنقاذ ،فضالً عن الفوائض التي ستعود من حيز الدوران في اإلقتصاد
الخفي والمضاربة بعد تبديل العملة إلى نطاق موجودات النظام المصرفي القابلة لتمويل التنمية.
➢ اإلجراء الثاني :أن يبيع بنك السودان مشترياته من الذهب عبر البورصة ،بعد اإلحتفاظ بنسبة من مشترياته من الذهب لدعم
وتنمية إحتياطيات البنك المركزي من الذهب.
➢ اإلجراء الثالث :أن توكل مهمة التعاقد والرقابة واإلشراف الفني علي الشركات العاملة في الذهب تحت مظلة واحدة
متخصصة هي وزارة الطاقة والتعدين .بتشريع سلطتها الواضحة في إدارة وتوجيه الشركة العامة للموارد المعدنية .على
أن يتم هذا اإلجراء بالتزامن مع جهود الدولة في تفكيك نظام اإلنقاذ وإزالة التمكين واسترداد األموال المنهوبة ،وفرض
سيطرتها على شركات المستثمرين بالتمكين الذين يتملكون دون وجه حق ،شركات تعدين الذهب أو الشركات التي تعمل
في المخلفات (الكرتة) أو تجارة الذهب (الرمادية) ،وكذلك بعد أن تنقل مؤسسات الثورة المعتمدة (كالمجلس التشريعي،
المجلس السيادي ،مجلس الوزراء) ،ملكية الشركات الحكومية التي تملكها القوات النظامية العاملة في التعدين إلى ملكية
وزارة الطاقة فنيا ً وتحت والية وزارة المالية من الناحية المالية ،وتحت رقابة ديوان المراجع العام .علما ً بأن هذه الشركات
على كثرتها ،تعمل في الغالب ،في إنتاج الذهب من المخلفات (الكرتة) أو في تجارة وتسويق الذهب .وهذه الخطوة في
محصلتها ستدعم ملكية الدولة في الشركات العامة العاملة في تعدين الذهب .وعند إكتمال هذه الخطوة لن يبقى إنتاج الذهب
والمعادن بعيدا ً عن الدور المباشر للدولة (القطاع العام) ،إال شركات اإلتفاقيات العاملة في القطاع الخاص الوطني واألجنبي
(شركات اإلمتياز وشركات القطاع الخاص الكبيرة) ،مثال شركة كوش الروسية ،ومانوب المغربية ،والرضا ،وأمدرمان،
والجنيد ...إلخ .وهذه الشركات مجتمعة ( 11شركة ،المنتجة منها 7شركات) ،تنتج ما نسبته بين ( %7و %17من اإلنتاج
الكلي من الذهب) وللدولة في هذا الناتج حقوق محددة مقننة على نحو متفاوت في اإلتفاقيات المبرمة مع كل شركة من هذه
كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة 05إبريل 2022م
Page 13 of 54
الشركات ،وهي إتفاقيات لضمان حقوق عادلة للخزينة العامة ،في حاجة إلى مراجعة وإلى تفعيل أكثر لدور الدولة في
الرقابة عليها.
ويعني هذا اإلجراء ،عدم تصرف وزارة المالية في شركات الذهب المستردة ،بتخصيصها بالبيع المباشر ،أو بعرض أسهمها
في شراكات تجعلها تؤول مجددا ً للمتمكنيين المكتنزين ألموال الثراء الحرام منذ عهد نظام اإلنقاذ وبعد سقوطه ،ال سيما
و أن الحكومة اإلنتقالية لم تقم بتبديل العملة والسيطرة على الكتلة النقدية المتضخمة في حوزة المتمكنيين المكتنزين لها.
فالثورة التي مهرها الشهداء والشهيدات بدمائهم الزكية ،جديرة بأن تقوم بكشف حساب ،لترد المظالم ،ولتسترد األموال
المنهوبة .ولم تقدم الثورة تضحياتها الغالية لتستبدل تمكينا ً بتمكين آخر .وأهمية زيادة الحرص على اإلحتفاظ بشركات الذهب
المستردة في نطاق الملكية العامة وعدم السماح لوزارة المالية بخصخصتها ،ناتجة من أن صندوق النقد والبنك الدوليين
والدول الغربية الدائنة من شروطها الملحة في األونة األخيرة قبل انقالب 25أكتوبر 2021م إستكمال اإلصالح اإلقتصادي
وجمع هذه الشركات تحت والية وزارة المالية تمهيدا ً ألن تقوم وزارة المالية بخصخصتها ،وبإنفاق عائدات بيعها في بند
المرتبات ،التي تمت مضاعفتها بنسبة ،%569وفي االستمرار في سياستها التوسعية في اإلنفاق النقدي.
➢ اإلجراء الرابع :لتعزيز مكانة الذهب في اإلقتصاد الوطني في المرحلة األولى اإلنتقالية ،إدخال كافة الشركات األجنبية
وشركات اإلمتياز الكبرى العاملة في التعدين وفق إتفاقيات ،تحت مظلة الرقابة الحكومية القانونية المشروعة على مراحل
أعمالها كافة ،والسيطرة حتى على مرحلة تصدير حصتها من إنتاجها ،بما يضمن حقوق السودان في إنتاج وإلتزامات هذه
الشركات عينا بالذهب أو بعمالت قابلة للتحويل .والنظر بصيغ قانونية في اإلتفاقيات السارية ودقة إلتزام الشركات بمراعاة
حقوق السودان فيها ،ودواعي وقانونية مراجعة بنود معينة في بعض هذه اإلتفاقيات ،في نطاق العدالة اإلنتقالية في عهد ما
بعد ثورة ديسمبر 2018م المجيدة .بما في ذلك إلزام الشركات األجنبية بإيداع تأمين مسبق وغير قابل لإلستخدام بالعملة
الحرة كضمان لحسن التنفيذ ومعالجة األضرار البيئية في مرحلة اإلغالق.
➢ اإلجراء الخامس :لتعزيز مكانة الذهب في اإلقتصاد الوطني في المرحلة األولى اإلنتقالية ،ضمان الحيازة الكاملة من الدولة
على كل عائدات صادر الذهب من النقد األجنبي عبر بورصة لتجارة الذهب ،وبنك إتحادي حكومي للتصدير واإلستيراد
ويتحقق هذا الهدف عندما تحتكر الدولة عبر البورصة ،تصدير كل اإلنتاج الوطني من الذهب المنتج عبر القطاعين العام
والخاص .وهذه البورصة تضمن للدولة ،أي الخزينة العامة ،كل عائدات صادر الذهب من النقد األجنبي ،وتضمن للشركات
الخاصة والقوى العاملة والمستثمرة في إنتاج الذهب ،حقوقها كاملة بالنقد الوطني حسب األسعار العالمية للذهب وبأسعار
صرف عادلة ومجزية متفق عليها .وهكذا ستسد األبواب أمام تهريب %77أقل أو أكثر من الذهب المنتج في السودان،
الذي ظل يهرب إلى خارج السودان خالل العشرة سنوات الماضية 2019 – 2011م .ومن المهم مكافأة الشركات الخاصة
التي تسهم في الخزينة العامة بعائدات من صادر الذهب بإعطائها حقوقا ً متناسبة مع إسهامها وأولوية من بنك السودان ،في
التمويل بالنقد األجنبي لمشترياتها من خارج السودان لتطوير بنيتها التحتية أو ألغراضها التجارية.
➢ اإلجراء السادس :هو العمل على أن تكون مصفاة الذهب بتقنيات ومواصفات متطورة ومعتمدة دولياً ،وأن تكون هي الجهة
الوحيدة المؤهلة بطاقة إنتاجية كافية لتصفية اإلنتاج الوطني من الذهب وإصدار شهادات الصادر ،وتقييد بيع وتداول الذهب
السوداني بإتفاقيات إقليمية ودولية توجب على الدول المستوردة والمتلقية للذهب السوداني ،إعتماد شهادات الصادر المحررة
من مصفاة الخرطوم للذهب والموثقة من وزارة الخارجية السودانية وسفارة الدولة المستوردة بالخرطوم .حتى تتقيد الدول
المتلقية للذهب السوداني عند شراء كل وارد بهذه اإلجراءآت.
وعلى الرغم مما جاء في اإلجراءآت الستة آنفة الذكر ،فإن الحاجة ال تنتفي لتطوير التشريعات واآلليات المعنية بمحاصرة
ومالحقة جريمة تهريب السلع النقدية السودانية بما فيها الذهب للخارج .وقفل كل السبل أمام تهريب الذهب والمعادن
األخرى ،على نحو أكثر خصوصية .ألن مكافحة تهريب %77من الذهب المنتج ،هو الشرط السابع واألخير واألكثر أهمية
لتعزيز دور إسهام عائدات الذهب السوداني من النقد األجنبي في اإلقتصاد الوطني ،سوا ٌء في دعم ميزان المدفوعات
والميزان التجاري ،أم في تعظيم إحتياطيات البنك المركزي بتخزين جزء من الذهب المنتج في خزائنه كإحتياطي نقدي،
بما يرفع قيمة العملة الوطنية مقابل العمالت األجنبية ،ويزيد من قوتها الشرائية في السوق المحلي.
-2الشرط الثاني لتحقيق أن يكون الذهب المصدر الوطني األول للمكون األجنبي في إيرادات الموازنة العامة ،في المرحلة
الثانية:
يتحقق هذا الشرط عندما يتم ،بناء شركات مساهمة عامة تضم إلى جانب الدولة قطاع التعدين األهلي والشركات الصفيرة
العاملة في إنتاج الذهب وفقا لما يلي:
➢ أن يدمج قطاع التعدين األهلي وشركات إنتاج الذهب الصغيرة في شركات مساهمة حكومية تبلور شراكة بينها وبين الدولة
بنسبة %40للقطاع الخاص ممثل في الشركات الصغيرة والتعدين األهلي و % 60للدولة ،على أن تنوب عن الدولة وزارة
كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة 05إبريل 2022م
Page 14 of 54
الطاقة وتمثل في إدارة الشركات وزارة المالية وبنك السودان ،وان تخضع لمظلة المراجعة العامة اإلتحادية أينما تكون
مواقع عمل هذه الشركات .بعد أن يتم تجميعها في مناطق مربعات إنتاج قد خضعت للمسح واإلستكشاف وتتبع أساليب إنتاج
صديقة للبيئة تطمئن لها الحاضنات اإلقليمة الشعبية ،وتجد منها ما يرفع من شأن األقاليم بخدماتها وتوظيفها للتعدين كثروة
قومية وإقليمية ،بأن تخصص للموازنة العامة لإلقليم %3للوالية و %2لكل من المحليات التابعة لها من عائدات اإلنتاج
الكلي من الذهب وغيره من المعادن في اإلقليم .على أن تدفع شركات المساهمة العامة هذا اإلستحقاق لألقاليم المنتجة بالسعر
العالمي مقوما ً بالجنيه السوداني وبسعر صرف مجزي ،مع ضمان حصة وأولوية ألبناء اإلقليم في فرص اإللتحاق في
وظائف وأعمال اإلنتاج وتقديم الخدمات في هذه الشركات.
➢ إن مسار تعظيم دور الدولة في إنتاج الذهب وبقية المعادن ،البد أن يفضي في مرحلته الثانية ،إلى أن يرتبط بإيقاف التعدين
األهلي في صورته الحالية وفتح آفاق أكثر رحابة للعاملين في نطاقه .فالتعدين األهلى من حيث إسهامه في حجم اإلنتاج،
ينتج ماال يقل عن %80من اإلنتاج الكلي سنوياً ،ولكن دوره في اإلضرار بالبيئة كبير جداً ،وهو دور متعاظم في إتجاه
التفاقم المهدد لسكان أقاليم اإلنتاج والمياه والتربة واإلنتاج الزراعي النباتي والحيواني فيها ،بما يستخدمه من الزئبق السام
وأحيانا السيانايد ،وال سيما بعد أن تنتقل هذه السموم إلى السلسلة الغذائية عبر المنتجات الزراعية في مناطق اإلنتاج .األمر
الذي سيهدد اإلنتاج الزراعي في السودان ،ويمكن أن يقفل األسواق الخارجية أمام الصادر الزراعي السوداني .9فضال عن
تفاقم مخاطره على المنتجيين بإستخدام غير قانوني وغير علمي للمواد الكيمائية السامة .وكذلك للمفرقعات التي يتحصلون
عليها بطرق غير قانونية ويستخدمونها لتفتيت الجبال أو األجزاء الصخرية في موقع اإلنتاج ،وكذلك يتعرض العاملون
لألذى والموت بفعل إنهيار آبار المناجم غير النظامية.
➢ وألن متوسط إنتاج التعدين األهلي في حده األدنى ال يقل عن 50طن وقد يصل إلى 96طن سنويا ً في حدوده العليا،
والشركات الصغيرة البالغة عددها 78شركة ،عدد الشركات المنتجة منها 44شركة ويبلغ متوسط إنتاجها السنوي نحو 30
طن سنويا ،يمكن دمج التعدين األهلي مع الشركات الصغيرة ،في عدد من شركات المساهمة العامة ،لتعمل بالمشاركة مع
الدولة (القطاع العام) ،خارج أنماط االنتاج المهددة للبيئة وفي نطاق المربعات المشمولة بالمسح واإلستكشاف .وبذلك تضمن
الدولة أن يكون إنتاج التعدين األهلي والشركات الخاصة الصغيرة تحت مظلة كونها شريكة لها ،فتقدم لها خدماتها ،وتسوق
الناتج نيابة عنها عبر بورصة الذهب ،فتنصف الشركات والمعدنيين األهليين في حقوقهم بالعملة الوطنية المعادلة لألسعار
العالمية السائدة وقت البيع بسعر صرف مجزي وعادل ومرضي عنه من الشركاء الثالثة .وبهذه الشراكة سينتقل الشركاء
الثالثة ،الدولة ،التعدين األهلي ،وشركات اإلنتاج الصغيرة ،في وضع يحقق ويضمن لها مصالحها وعائداتها بمعدالت أكبر
مما كانت متحققة قبل تأسيس الشراكة بين األطراف الثالثة .وتصب بفضل هذه الشراكة في الخزينة العامة عائدات ال تقل
في حدها األدنى عن 80إلى 126طن من صادر الذهب سنويا ً محصنة بدور الدولة دون أن تطالها أيدي المهربيين.
-3الشرط الثالث لتحقيق أن يكون الذهب المصدر الوطني األول للمكون األجنبي في إيرادات الموازنة العامة هو تعظيم دور
الدولة في إنتاج الذهب وبقية المعادن بأفق إستراتيجي:
إعادة تأهيل وإدخال شركة أرياب المتوقفة عن العمل حاليا ً لتستأنف عملها من جديد في تعدين وإنتاج الذهب ،ثم النحاس على
مرحلتين:
➢ في المرحلة األولي (مشروع المخلفات أو الكرتة):10
إن كتلة المخلفات (الكرتة) الموجودة حاليا ً في شركة أرياب مقدارها 12مليون طن ،تحتوي عند معالجتها نحو 15طن من
الذهب ،و 90طن من الفضة بما قيمته نقدا ً حوالي 1.5مليار إلى 2مليار دوالر .وتأهيل مصنع أرياب لهذه المرحلة األولى
يتطلب تمويالً حدده (بيت خبرة عالمية) بمبلغ 100مائة مليون يورو ،منها 50مليون يورو لخط األنبوب الناقل للمياه بطول
170كيلو متر من النيل لموقع عمل الشركة ،و 50مليون إلقامة مصنع سعة 2مليون طن ومدة المشروع سبعة أعوام
وسيبدأ اإلنتاج خاللها من العام الثالث.
9جمهورية السودان ( وزارة الطاقة والتعدين) ،لجنة تعظيم دور الذهب والمعادن األخرى في زيادة الناتج القومي اإلجمالي ،مايو 2020م ،توصيات اللجنة( :أوصت اللجنة:
أن التعامل بالزئبق دوره سلبي ويؤدي إلى تدمير البيئة وتدهور صحة اإلنسان .عليه أوصت اللجنة بالوقف الفوري للتعامل بالزئبق تنفيذاً إلتفاقية مينا ماتا ،واإلسراع في
المصادقة على اإلتفاقية .وقد جاءت في التوصيات حلول إلستيعاب المعدن األهلي في شراكات تضمن له حقه في العمل في مجال التعدين ،مع تعظيم الفائدة له وللدولة.
10جمهورية السودان (وزارة الطاقة والتعدين) ،تقرير لجنة تعظيم دور الذهب والمعادن األخرى في زيادة الناتج القومي اإلجمالي ،المرجع السابق ،مؤشرات زمنية للمشاريع
وكميات اإلنتاج ،ورأس المال المطلوب للمشاريع.
كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة 05إبريل 2022م
Page 15 of 54
➢ المرحلة الثانية (مشروع النحاس):
تتمثل في تأهيل الشركة للعمل بطاقة أكبر إلستخراج إحتياطي مؤكد 1.2مليون ألف طن نحاس 200 ،ألف طن زنك100 ،
ألف طن فضة ،و 70طن ذهب .ويتطلب المشروع الذي سيستغرق 12عاما ً وسيبدأ اإلنتاج من العام الثالث ،تمويالً جملته
481مليون يورو ،منها 286مليون لمصنع سعة 2.5طن ،و 195مليون يورو في السنة الثالثة لرفع السعة إلي 5طن من
الذهب ،إلنتاج 70سبعون طن أي ما قيمته السوقية نحو 3مليار دوالر .والشروع في إنتاج النحاس الذي يبلغ إحتياطيه
المؤكد 1.2مليون طن ،وهو إستثمار كفيل بأن يضع السودان في مقدمة الدول المنتجة للنحاس بكميات تجارية كبيرة في
العالم .فشركة أرياب في مستقبلها سترتبط بإنتاجها لمعدن النحاس بأكثر من إرتباطها بإنتاج معدن الذهب.
➢ المرحلة الثالثة تطوير دور شركتي سودامين والهيئة العامة لألبحاث الجيولوجية في اإلنتاج:
-4التوصيات:
1-4تكليف بنك السودان ،بقرار من السيد رئيس الوزراء لحكومة الثورة القادمة بوضع خطة تؤهلها للشروع فوراً ،بالتعاون مع
وزارتي الطاقة والتعدين والمالية والتخطيط ،لشراء الذهب وتصديره ،وتوظيف عائداته في إستيراد السلع األساسية ،التي
يعاني اإلقتصاد الوطني من فجوة فيها وهي الدقيق والقمح ،والمحروقات ،والدواء ،ومدخالت األنتاج األساسية الزراعية
والصناعية .والتنسيق مع كافة الجهات المختصة في وضع مصفوفة تحدد أولويات وحجم اإلستيراد.
2-4أن توصي اللجنة المشتركة بمصادقة السيد رئيس الوزراء بتكليف وزارة الطاقة والتعدين ،قطاع التعدين ،بوضع خطة
خارطة طريق لتأسيس الشركات العامة المساهمة في األستثمار في المعادن ،وبخاصة الذهب في شراكة بين المنتجيين في
التعدين األهلي والشركات الصغيرة والدولة.
3-4أن تدرس وتجيز اللجنة المشتركة خطة وزارة الطاقة والتعدين ،قطاع التعدين ،المعدة لتأهيل شركة أرياب ،وشركة سودامين،
والهيئة العامة لألبحاث الجيولوجية (في نطاق اإلنتاج) ،ودراسات الجدوى المعدة لتنفيذ هذا الهدف.
4-4أن تجاز التوصيات الواردة عن الورقة حول الذهب وبقية المعادن من اللجنة المشتركة أوالً ،وتتم المصادقة عليها من السيد
رئيس الوزراء وتحال قرارات السيد رئيس الوزراء للجهات المكلفة بالتنفيذ.
5-4أن ترفع تقارير دورية من كافة الجهات المكلفة بتنفيذ التوصيات ،إلي الجنة المشتركة لتمكينها من متابعة تنفيذ قراراتها.
6-4تنتهي مهمة اللجنة المشتركة ،في متابعة التوصيات الواردة ذكرها آنفا ً حول الذهب والمعادن بعد إكمال المرحلة الثالثة في
خطة تأهيل ثروة الذهب الواردة في الورقة.
7-4السعي لتأسيس جمعيات تعاونية انتاجية للمعدنين االهليين تجمعهم بأعداد تمكن من تكوين مراكز انتاجية ذات حجم معقول
مما يساهم في حفظ حقوقهم ويضمن عدم استغاللهم من قبل الممولين والتجار ،ويساعد ايضا علي توفير التمويل ورفع
االنتاجية وادخال االساليب الحديثة في التنقيب واالنتاج وتقليل الهدر ويعزز قدرة الدولة في الرقابة والحفاظ علي البيئة
وضمان تحصيل العوائد الجليلة وضريبة ارباح االعمال.
8-4اعتماد النموذج المستخدم في اتفاقيات البترول (قسمة االنتاج ) Production Sharingفي الترخيصات الممنوحة للشركات
للتنقيب عن المعادن وانتاجها ،وهذا يؤدي الي استحواذ الدولة علي نصيب عادل من عائد استغالل هذه الثروة الناضبة ويكون
هذا المتحصل في شكل عيني (اي ذهب) وفي حال االنتاج دون االنتظار آلخر العام لتحصيل ضرائب ارباح االعمال ،وترفع
هذه االتفاقيات من درجة الرقابة الحكومية ويحاصر تهريب الذهب والتهرب من الضرائب وتساعد علي الحفاظ علي البيئة.
9-4ويمكن اعتماد هذا النموذج في التنقيب وانتاج المعادن األخرى مع مالحظة ارتفاع الطلب علي النحاس وبالتالي توقع ارتفاع
اسعاره.
10-4اقترح اعداد خطة قومية للطاقة تشمل بجانب البترول والطاقة الكهربائية الطاقات الجديدة والمتجددة مثل الطاقة الشمسية
وطاقة الرياح ،واستخدام مخلفات الزراعة والصناعة مثل سيقان القطن وقشر الفول السوداني والبقاس لتصنيع مكعبات
الوقود لالستخدام المنزلي.
11-4أما فيما يتعلق بالبترول فتقترح الوثيقة ما يلي:
➢ بعد تشغيل مصفاة الخرطوم بجانب مصفاة االبيض وتغذيتهما من الخام المنتج محليا تمت تغطية احتياجات االستهالك المحلي
من المواد البترولية وتصدير فائض االنتاج من الغاز والبنزين والفيرنس مما يعني مركز امدادات بترولية داخلي.
➢ بعد انفصال الجنوب وذهاب اغلب الحقول المنتجة وبالتالي انخفاض كبير في كميات الخام المنتج محليا وفي نفس الوقت
ارتفاع معدالت االستهالك اصبح هنالك عجز في مقابلة هذا االستهالك مما ادي الي اللجوء الستيراد المواد البترولية مما
يعني مركز امداد خارجي.
كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة 05إبريل 2022م
Page 16 of 54
وادي هذا الزدياد االحتياجات للعمالت االجنبية لمقابلة تكلفة االستيراد كما ادي الي ازدياد الضغط علي البنية التحتية مثل ➢
اكتظاظ الميناء (وفق بيانات وزارة الطاقة في حال توفر العمالت االجنبية يتم استيراد 6شحنات جازاويل و 6شحنات غاز
وشحنتين بنزين وشحنتين فيرنس شهريًا).
ومع تدهور السكة الحديد صار االعتماد علي النقل البري لنقل المواد البترولية من الميناء الي داخل البالد بمعدل يصل الي ➢
8,350طن يوميا وهذا يحتاج لحوالي 1,500ناقلة تعمل علي مدار الساعة هذا بجانب الناقالت التي تنقل االحتياجات
األخري ( )dry cargoمما يؤد ي لتدهور الطرق القومية وارتفاع حاجتها للصيانة ذات التكلفة العالية هذا الي جانب
االستهالك العالي من المواد البترولية لسد حاجة هذه الناقالت.
لهذا البد من االنتقال لمركز امداد داخلي وهذا لن يتم اال بزيادة انتاج الخام المحلي (بتكلفة تبلغ حوالي 100مليون دوالر ➢
حسب دراسة د سبنا امام) لتوفير الخام بحيث تعمل المصفاتان بطاقاتهما القصوى لتغطية االستهالك.
الي حين انجاز هذا الهدف نقترح (بحسب دراسة حسن الزبير الطاهر -مؤسسة البترول) اعتماد احد خيارين: ➢
الخيار االول
-شراء الخام من دولة جنوب السودان لمقابلة احتياجات المصفاتين ويمكن ان يتم هذا من خالل بروتوكول تجاري بين الدولتين
يتضمن تكلفة نقل خام دولة الجنوب وحق المرور في البالد وتصدير فائض المواد البترولية للجنوب باستخدام النقل النهري
مما يجعلها اقل تكلفة من المواد البترولية التي تستوردها من كينيا باستخدام النقل البري ،سيؤدي هذا الخيار للمكاسب التالية:
-1سيطرة الدولة علي مجمل دائرة االنتاج والنقل وتوفير احتياجات النقد االجنبي (مقرونة بمقترحات سيطرة الدولة علي عائدات
التصدير) مما يقلل االعتماد علي السوق الموازي التي يلجأ لها القطاع الخاص لتمويل استيراد المواد البترولية
-2تشغيل المصافي بالطاقات القصوى مما يعني عائد اعلي لالستثمار وتقليل تكلفة التكرير (.)cost/unit
-3تقليل الضغط علي الميناء مما بؤدي الختفاء غرامات التأخير (.)demurrage
-4تقليل حركة النقل البري بين الميناء وداخل البالد ويؤدي الي تقليل تكلفة صيانة الطرق القومية وتوفير الوقود المستخدم في
النقل البري.
-5تشغيل مستودعات وناقالت النقل النهري.
الخيار الثاني
-1وجود البنية التحتية لتشغيل خط انابيب صادر الخام في االتجاه العكسي ليصبح خط وارد مع وجود الميناء العائم ( single
)bouy mourningوالذي يمكنه ان يستقبل شاحنات خام تصل الي 150,00طن ومستودعات الخام في بورتسودان بسعة
2,000,000طن ،لهذا يمكن استيراد الخام االقل تكلفة من المنتجات البترولية ،وايضا عن طريق البروتوكوالت التجارية
مع الدول المنتجة مثل السعودية والعراق كما كان في السابق.
-2هذا الخيار سيؤدي الي انخفاض االحتياج للنقد االجنبي والتشغيل بالطاقات القصوى للمصفاتين وتقليل االعتماد علي النقل
البري واثاره االيجابية واالعتماد علي بنية تحتية موجودة.
كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة 05إبريل 2022م
Page 17 of 54
الملف رقم ()2
عائدات صادر السلع الزراعية النباتية والحيوانية المصدر الوطني الثاني لتدفقات النقد األجنبي في إيرادات الموازنة العامة
إن تحقيق حيازة اإلقتصاد الوطني في الخزينة العامة للدولة ،على عائدات سلع الصادر الزراعي ،النباتي والحيواني األساسية
ممثلة في الزيوت النباتية ،الصمغ العربي ،القطن ،والماشية واللحوم .يتطلب توافر (ثالث مرتكزات) هي:
أوالً :الركيزة األولى وتتمثل في:
إستعادة الدولة لملكية أربع شركات مساهمة عامة كانت الدولة عبرها تنوب عن القطاع الخاص في تصدير السلع الزراعية النقدية
األربعة األساسية ،إذ كانت الدولة تحتكر تسويق ناتج هذه السلع األربعة بموجب إمتياز ممنوح لها من الدولة ،وتحوز على كل
عائدات صادرها من النقد األجنبي .وقد ظلت الدولة طوال تاريخ هذه الشركات ،تنصف شركائها من القطاع الخاص المساهمين
فيها في نيل حقوقهم من عائدات الصادر بالنقود الوطنية ،وتشركهم في إدارتها ورسم سياساتها والتصرف في أرباحها عبر عقد
الجمعيات العمومية المنتظمة للمساهمين ،إلى أن تم إلغاء اإلمتيازات التي كانت تتمتع بها ونالتها سياسة الخصخصة واإلهمال
والتمكين والفساد فظلم المساهمون فيها من القطاع الخاص ،بينما فقدت الدولة موردا ً مهما ً من مصادر النقد األجنبي في اإلقتصاد
الوطني .وهذه الشركات العامة هي (الشركة السودانية العامة للحبوب الزيتية)( ،المؤسسة العامة لألقطان)( ،الشركة العامة لتجارة
الصمغ العربي)( ،الشركة العامة لتجارة الماشية واللحوم).
إن عادة تأسيس وتأهيل هذه الشركات ،سيحقق ردأ ً للمظالم التي حاقت بآالف المساهمين فيها من مالكها من القطاع الخاص .فعلى
سبيل المثال ،كانت الشركة العامة للحبوب الزيتية التي تأسست عام 1974م ،في عهد نظام نميري ،يساهم فيها 3500من
المواطنيين والشركات الخاصة ،يمتلكون %48من أسهم الشركة بينما تمتلك الحكومة %52من األسهم ،وبعد أن قرر مجلس
وزراء نظام اإلنقاذ تمليك الشركة لمنظمة الشهيد دون إخطار المساهمين ،فقد المساهمون حقوقهم في األسهم وفي أرباحهم ،ولم
يعلموا أين ذهبت أصول الشركة التي تساوي مليارات الدوالرات داخل وخارج السودان من قشارات ومخازن بمواصفات عالمية
ومراسي في الموانئ العالمية .والمهم أن عودة هذه الشركة ممكنة بالتعاون بين الدولة ممثلة في وزارتي الصناعة والتجارة،
والمساهمين فيها سابقا ً ،وشعبة المصدرين لهذه السلع حاليا ً ،والمنتجين .وعلى نفس السياق يمكن أعادة الشركات الثالثة األخري
لصادر القطن ،والصمغ العربي ،وتجارة الماشية ،واللحوم .وقد تحتاج سلع الحبوب الزيتية إلى مزيد من الجهد في إكثار البذور
لتجويد التقاوي ،ومكافحة اآلفات التي توطنت وتدنت كثيرا ً معها جودة الناتج السوداني من الحبوب الزيتية وخاصة الفول
السوداني ،ففقدت بعض هذه السلع سمعتها في أسواقها العالمية التقليدية .ولكن الفرصة لتجاوز هذه المعوقات لم تضيع كما أن
القيمة المضافة ،نقاوة ،تقشير ،فرز ،تصنيع مواتية أيضا ً .وما حاق بشركة السودان للحبوب الزيتية ،يعد مثاالً لبقية الشركات
الثالثة في سلع القطن ،11والصمغ العربي ،12والماشية واللحوم ،13التي تعرضت هي األخرى كذلك لظلم العاملين والمساهمين
فيها ،حتى تدهورت وانعدم إسهامها في عائدات صادر البالد من النقد األجنبي.
ثانياً :الركيزة الثانية وتتمثل في:
تأسيس بورصة عامة ،تشكل المؤسسة المهيمنة على عرض سلع الصادر من السلع السودانية كافة ،فضال عن السلع الزراعية
األربعة األساسية آنفة الذكر ،إلى جانب سلع الصادر األخرى عدا سلعة الذهب وبقية المعادن التي ستكون لها بورصة خاصة بها.
وتكون هذه البورصة نافذة للعرض ومرجعية لتحديد األسعار والتعامل نيابة عن مؤسسات االقتصاد الوطني العامة ،مع كل
المستوردين لسلع السودان المصدرة ،بصيغ تضمن عودة عائداتها من النقد األجنبي للخزينة العامة ،وتضمن في الوقت نفسه
11القطن :سلعة كانت تدر في عقد الستينات من القرن الماضي ( % 60من مجمل عوائد النقد األجنبي) ويتركز إنتاجه في مشروع الجزيرة ،ثم مؤسسة حلفا الجديدة الزراعية،
ولكن إنتاج هذه السلعة يتصف حاليا بالتراجع الكبير في اإلنتاج واإلنتاجية مما يتطلب تأهيل المشاريع المروية وتعديل السياسة الزراعية لدعم المنتجين بتمويل مراحل
العمليات الزراعية ومدخالت اإلنتاج وتأهيل تعاونياتهم الزراعية.
12ينتج السودان ( )%80من إنتاج العالم من الصمغ العربي من نحو ( 30ثالثين نوعا من األشجار الغابية ،أشهرها الهشاب ثم الطلح ثم السنط) .وتنتشر هذه األشجار في
مساحة 0,5مليون كيلومتر مربع من حدود السودان مع إثيوبيا شرقا ً إلى حدود السودان مع تشاد غرباً ،ويشمل اإلنتاج حاليا ً %10من الطاقة الشجرية إلنتاج 100إلى
110طن متري سنويا عوائدها بين 120إلى 150مليون دوالر عن %60من اإلنتاج الكلي .بينما يذهب %40من اإلنتاج الكلي إلى نطاق التهريب وسكان المنطقة نحو
( 6مليون نسمة) ،ولكن القوة العاملة من كبار السن حيث إن الشباب عازف عن مرحلتي اإلنتاج (الطق ،والحصاد) .لذلك إذا ما تم تطوير وسائل اإلنتاج وتعدلت دخول
المنتجين ،توجد قابلية تطوير حجم الناتج الكلي إلى ما بين ( 500غلى 750ألف طن متري) ،فضالً عن أن تصنيع هذه السلعة في حدود ال تؤثر سلبا ً على الطلب العالمي
يمكن أن يتيح قيمة مضافة تعظم عائدات صادر هذه السلعة.
13يتراوح تقديرات عدد الماشية في السودان ،في غياب اإلحصاء الشامل منذ 1976م ،نحو ( 110مليون رأس) من الضأن والبقر والجمال والماعز ،متوسط ما يصدر منها
بين 6ستة ،و 7سبعة مليون رأس %85 .من الضأن نحو 5,5مليون رأس يصدر سنويا ً للسوق السعودية ،بينما تشكل مصر السوق األساسية للصادر من الجمال نحو250
ألف من الجمال سنويا ً ،ويبلغ متوسط صادر الماعز سنويا نحو ،450والبقر نحو 500ألف رأس .وإلى جانب السعودية تشكل دول مصر ،اإلمارات ،عمان ،وقطر أسواقا ً
تقليدية لصادر الثروة الحيوانية السودانية .وفي عام 2018م كانت عائدات صادر الماشية 765مليون دوالر وعائدات صادر اللحوم 66مليون دوالر .والمهم ضمان عودة
عائدات الصادر ،وإيقاف التهريب ،واإلهتمام بالقيمة المضافة ،وتطوير صادر الجلود والمصنوعات الجلدية.
كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة 05إبريل 2022م
Page 18 of 54
حقوق المنتجيين وكل المساهمين في الشركات من القطاع الخاص ،بالعملة الوطنية المكافئة لألسعار العالمية الجارية لسلعهم
بأسعار صرف مجزية وعادلة ومقبولة من كل أطراف الشراكة.
انشاء بورصة خاصة لقطاع الثروة الحيوانية والماشية واللحوم منفصلة عن بقية السلع ذات الطابع الزراعي لخصوصية واقع
القطاع واختالف سياقاته وتنوع مصادره وتباين واقع أسواقه ونطاقات اإلنتاج الخاصة به.
ثالثا ً :الركيزة الثالثة وتتمثل في:
-1إعادة تأسيس البنك القومي لإلستيراد والتصدير ليكون معنيا بمسك حسابات إعتمادات التصدير وعوائد الصادر.
-2إعادة تأسيس بنك التنمية التعاوني لتقديم السلف والمعينات التي يتطلبها دعم اإلنتاج واإلنتاجية لهذه السلع.
رابعاً :بقية التوصيات وتتمثل في:
-1بعد رفع التوصية الواردة في هذه الورقة ،حول صادر السلع الزراعية ،إلى السيد رئيس وزراء حكومة الثورة القادمة ،وقراره
بالمصادقة على التوصية ،أن تقوم وزارة التجارة بالشروع فورا ً في إعادة تأسيس 4أربعة شركات مساهمة عامة ،تكون
مسؤولة عن إدارة تجارة السلع الزراعية األساسية النباتية والحيوانية المنتجة للحبوب الزيتية ،القطن ،الصمغ العربي ،والماشية
واللحوم وتعيد لها نفس األمتيازات التي كانت ممنوحة لها ،والعمل علي إعادة هيكلتها ،وفتح خطوط ائتمان لها من البنوك
الوطنية لتمويل رؤوس أموالها العاملة ولتتمكن من إعادة تأهيل أصولها وتمارس نشاطها.
-2أن تتابع وزارة التجارة بعد تأسيس هذه الشركات حصر ممتلكاتها وأصولها قبل الخصخصة أو التصفية وإستردادها.
-3أن تعطى األولوية للمساهمة في هذه الشركات للراغبين المتقدمين من القطاع الخاص للمساهمين السابقين وورثتهم .على أن
تكون هذه الرعاية بمثابة رد المظالم التي لحقت بهم وبحقوقهم .باإلضافة إلي إعطاء األولوية أيضا لدخول الجمعيات التعاونية
اإلنتاجية لتعزيز ودعم القطاع التعاوني المنتج.
-4أن تقوم وزارة التجارة عبر هذه الشركات برعاية تطوير المنتج من السلع األربعة بالتنسيق مع وزارتي الزراعة والثروة
الحيوانية وبنك التنمية التعاوني.
-5إعادة مسؤولية االشراف على هيئة المواصفات والمقاييس إلى وزارة التجارة لتكون الوزارة جهة مركزية مسؤولة عن جودة
صادر السلع ،وعلى نحو خاص صادر السلع الزراعية.
-6إشراف وزارة التجارة على صادر السلع األربعة عبر الشركات المختصة وبورصة السلع والبنك القومي للتصدير واإلستيراد.
-7أن تقدم وزارة التجارة تقريرا شهريا ولمدة 6أشهر بسير العمل التنفيذي ونتائجه عبر مجلس الوزراء إلى اللجنة المشرفة.
-8أن تعمل وزارة التجارة على توفير متطلبات تأسيس (شركة عامة مساهمة لتجارة الخضر والفواكه) ،لتؤسس الحقا ً بعد
إستكمال تأسيس الشركات األربعة آنفة الذكر.
-9إتاحة الفرصة لشركات المساهمة العامة علي المدي المتوسط والطويل لتوظيف جزء من عائداتها في تطوير أنشطتها عبر
انشاء بعض الصناعات التحويلية المتعلقة بالسلع التي تعمل فيها تتبع ألدارتها المباشرة وفقا ً للموارد واإلمكانيات المتاحة لها
بعد المشاورات والتنسيق مع بقية المساهمين لتعزيز قطاع الصناعات التحويلية من خالل خطوط اإلنتاج الكبري وعدم حصر
شركات المساهمة العامة في قطاعات التجارة والتصدير فقط .وإذا تجاوزت المشاريع التوسعية حدود إمكانيات عائدات
نشاطها الرئيسي يمكنها تمويل هذه المشاريع بزيادة رأس المال وطرح أسهم جديدة لالكتتاب لنفس الفئات المذكورة ولعامة
أفراد الشعب.
كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة 05إبريل 2022م
Page 19 of 54
الملف رقم ()3
إستقطاب فوائض مدخرات وتحويالت السودانيين العاملين في خارج السودان للخزينة العامة ،المصدر الوطني الثالث في
مصادر تدفقات النقد األجنبي في إيرادات الموازنة العامة
يمكن إعتماد تحويالت السودانيين العاملين في الخارج (المغتربين) ،المصدر الوطني الثالث لسد الفجوة في الموازنة العامة .ولكن
بعد أن تقدم الدولة من الحوافز ما تكفي لجعل النوافذ الرسمية ،مؤهلة أكثر من تجار السوق الموازي ،في إستقطاب فوائض
ومدخرات المغتربيين المحولة للسودان .فعلى الرغم من عدم توافر إحصاءآت دقيقة لعدد السودانين في مهاجرهم وتصنيفهم مهنيا ً
وتحديد مستوى دخولهم وفوائضهم النقدية القابلة للتحويل إلى السودان من عمالت صعبة .إال أنه من المعقول أن يقدر عددهم بين
6ستة إلي 9تسعة ماليين .وكذلك من الواضح جليا ً لكل مراقب متتبع أن ما يربو على ( )%95من مدخراتهم التي تصل في
المتوسط لما بين 5خمسة إلى 6ستة مليار دوالر يستولي عليها خارج السودان أثرياء نظام اإلنقاذ وغيرهم من تجار العملة
المكتنزيين للعملة الوطنية داخل السودان ،دون أن أن تجردهم الحكومة االنتقالية من هذه األموال بتغيير العملة ومحاصرتهم وشل
نشاطهم بالقانون .لذلك ظلوا يقدمون للمغتربيين نوافذ أعلى سعراً وأكفأ إدارة مقارنة بالقنوات الرسمية ،األمر الذي مكنهم من
غسيل جزء كبير من أموالهم المكتنزة داخل السودان بالعملة المحلية ،عبرتخزينها في أصول من األموال بالعمالت األجنبية خارج
السودان بالمضاربة في تحويالت المغتربيين .وما ينطبق على مدخرات المغتربيين من هيمنة تجار العملة عليها ،ينطبق كما جاء
آنفا ً ،على %77من اإلنتاج الكلي من الذهب ،وعلى الجزء األكبر من عائدات النقد األجنبي من سلع الصادر الزراعي.
ويتضح مما تقدم أنه بعد توافر عوامل بعينها ،يمكن أن يرفد المغتربون الخزينة العامة بعدة مليارات قد ال تقل عن 3خمسة مليار
دوالر من النقد األجنبي من تحويالتهم إلى داخل السودان عبر القنوات الرسمية ،ومن هذه العوامل ما يلي:
أوالً :أن تجفف السلطات الحكومية أموال المضاربيين ،الذين يقطعون الطريق على توجه فوائض المغتربيين إلى داخل السودان
عبر القنوات الرسمية ،وذلك عبر تبديل العملة والسيطرة على الكتلة النقدية.
ثانياً :أن تقدم الدولة للمغتربيين حوافز تشعرهم بالحرص عليهم كثروة قومية تكابد في الغربة ،وتسهم في بناء مقدرات إقتصاد
الوطن ،فضالً عن دورهم في تأمين مستقبل أسرهم ،وإعانة ذويهم ،وتخفيف أعباء المعيشة عنهم في أحلك الظروف .ولما تقدم
يستحق المغتربون أن يجدوا في الوطن خدمات تشكل حوافز داعمة لهم ومكملة لمجهودهم المبذول لتحقيق أهدافهم من اإلغتراب
والهجرة .وهذه الحوافز يمكن أن تكون منها ما يلي:
أن يتم إعفاء المغتربيين من ضريبة الدخل والزكاة لمدة عامين قابلة للتمديد ،على أن يستعاض عنهما بتحصيل مبلغ مرتب .1
شهر واحد بعملة حرة من كل منهم يحوله بالقنوات الرسمية للسودان ويشتريها منهم البنك المركزي بسعر صرف مجزي.
أن يسمح للمغترب ممارسة تجارة حاوية مع إعفاء السلع من الضريبة الجمركية مقابل رسم جمركي 500دوالر لكل حاوية .2
20قدم ،و 1000دوالر لكل حاوية 40قدم تدفع بعملة حرة عبر القنوات الرسمية داخل أو خارج السودان ،مع فتح إدخال
السلع المسموح إستيرادها على أوسع نطاق لترفع عن اإلقتصاد الوطني عبء تمويل إستيرادها ،وتتحقق وفرتها ،فتؤدي
الزيادة في عرضها إلى انخفاض أسعارها في السوق المحلي.
ً
أن يسمح للمغترب إدخال سيارة واحدة صالحة لخدمات النقل أو أية آلية بديلة للسودان كل عامين ،فضال عن سيارة واحدة .3
عند العودة النهائية .على أن يسدد ضريبتها الجمركية بعملة حرة ،وأن يحدد أنواعها وقيمة ما عليها من ضريبة جمركية لكل
نوع وكل طراز سلطات الجمارك بصيغ واضحة تكون معلومة المغتربين.
الغاء تحصيل رسوم الجمارك عن كافة السلع التي يحملها المغتربصحبة راكب في موانئ الوصول ،شريطة أن يحوز المغترب .4
على رخصة سنوية يتحصل بها على هذا اإلعفاء مقابل رسم يبلغ 100دوالراً يدفعها المغترب للخزينة العامة بعملة حرة
خالل ذلك العام.
حل جهاز السودانيين العاملين بالخارج المترهل الحالي وتوفير كافة المخصصات والتاليف المعتمدة له وتحويل جميع العاملين .5
به من األجهزة النظامية للعمل في الوحدات النظامية األخرى التابعة لوزارة الداخلية في مختلف أقاليم السودان ،وتحويل
العاملين به من األجهزة المدنية األخرى في دواوين الخدمة المدنية األخرى في العاصمة واألقاليم .وإلغاء تأشيرة الخروج
وتحويلها فقط في منافذ الخروج في المموانئ الجوية ،والبحرية ،والبرية ،والنهرية .وإعادة هيكلة وتطوير مهام القنصليات
خارج السودان في التواصل بالسلطات المختصة في البلدان المضيفة لتوفير شروط عمل أفضل وامتيازات في الخدمة للجاليات
السودانية كافة.
تأسيس مصرف للمغتربين يسهل تحويالتهم من مهاجرهم لذويهم ومعامالتهم ويعمل على استثمار وتنمية مدخراتهم. .6
اإلحتفاظ بحق أبناء المغتربين المجاني في الجامعات السودانية وعدم التمييز بينهم وبين الدارسين بداخل السودان في أي مجال .7
من مجاالت التعليم الجامعي.
كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة 05إبريل 2022م
Page 20 of 54
ثالثاً :أن تعتمد الدولة عبر حكومة الثورة في العالقة مع السودانيين العاملين بالخارج صيغ وآليات تسهم في إسترداد ثقتهم التي
فقدوها من تجارب تحويلهم لمدخراتهم عبر القنوات الرسمية في عهد نظام اإلنقاذ ومن أمثلتها ما يلي:
-1تجربة شهادات اإلستثمار الجماعي بالعمالت األجنبية شموخ و(نور):
في المدة من 2009/4/9م إلى 2010/4/9م عرضت الحكومة السودانية عبر وزارة المالية وبنك السودان تجربة شراء
(شهادات اإلستثمار الحكومية شموخ) ،على أن تمول عائدات هذه الشهادة سلع إستراتيجية وتحقق عوائد مجزية .إال أن بنك
السودان بعد مرور عام على 100مائة مليون دوالر أودعها 6,170مساهم من المغتربين دون توزيع أي قدر من األرباح،
إعترف بنك السودان أن الحساب الذي أودعت فيه هذه األموال قد تعرض لإلهمال والنسيان ،وبعد مجاهدات طويلة تمكن
المغتربون من إسترداد قيمة شهاداتهم تصفية للحساب ،وانتزعوا من بنك السودان تسوية عن أرباحهم في وقت الحق ،قدرت
كما قيل ،شرعا ً بربح المثل بمقدار .%7وشرع بنك السودان في تجربة أخرى عام 2012م بإصدار شهادة اإلستثمار الحكومية
نور .إال أن شهادة (نور) لم تجد من المغتربين إقباالً يذكر إذ بلغت نسبة الشهادات التي حازوها %2,6من الشهادات بمبلغ
160,000دوالر.
-2كذلك كانت التجارب األخرى التي طرحت كحوافز إلستقطاب مدخراتهم كاألراضي السكنية ...إلخ .غير مقنعة وقد أسهمت
نتائجها كثيرا ً في زعزعة الثقة في اآلليات والقنوات والحوافر الحكومية.
رابعاً :أن يتم تشجيع السودانين على التضامن في تأسيس شركات مساهمة فيما بينهم ،تتشارك مع الدولة المضيفة أو مع رجال
األعمال فيها ،لممارسة التجارة البينية بين السودان والدولة المضيفة والسيما في دول مجلس التعاون الخليجي ومصر.
خامساً :بقية التوصيات:
-1أن ينظر في الصياغة النهائية لهذه التوصيات قبل رفعها للسيد رئيس وزراء الثورة القادم للمصادقة عليها ،ممثلين عن
المغتربيين من روابطهم واتحاداتهم الشرعية المنتخبة منهم حسب أنظمتهم األساسية المعتمدة.
-2أن تكلف قوى الثورة المؤمنة بهذا البرنامج من تراه من أعضائها للتواصل مع قروبات روابط وإتحادات المغتربين المعتمدة
والمنتخبة وفقا ألنظمتهم األساسية المعتمدة في مختلف المهاجر ،لعرض هذه المقترحات عليهم والحوار حول مالءمتها وقابلية
تنفيذها ،وتطويرها بما يحقق مصلحة المغتربين ويدفع بمدخراتهم لداخل السودان عبر القنوات الرسمية.
-3بما أن السبب الرئيسي الذي يدفع المغتربين للتعامل مع السوق الموازي فالعالج الجذري يتمثل في معالجة األسباب التي تؤدي
لظهور السوق الموازي والمتمثلة في العجز في اإلحتياطيات النقدية من العمالت األجنبية نتيجة لعجز الميزان التجاري.
وبالتالي علي حكومة الثورة العمل علي تنفيذ ما جاء في الملف األول والثاني بالدرجة ألولي لتحقيق فائض في الميزان
التجاري وضمان اختفاء السوق الموازي وإنتفاء أسباب بقائه.
-4منح تسهيالت ضريبية لشركات اإلنشاءات والمباني التي تستلم أقساطها الشهرية عبر منافذ بنك المغتربين والتي تقدم ما يثبت
أنها تنفذ مشروعات عقارية أو مساكن للمغتربين.
-5منح تسهيالت وإعفاءات جمركية وضريبية عالية للجمعيات التعاونية المناطقية التي تجمع بين المغتربين وذويهم في القري
والمدن والحالل بضما ن تحويل المغتربين إلسهاماتهم فيها بالعمالت االجنبية ،وتقديم نفس التسهيالت فيما يلي شركات
المساهمة التي تضم تجمعات المغتربين وتستهدف العمل في الداخل.
كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة 05إبريل 2022م
Page 21 of 54
الملف رقم ()4
مصادر أخرى متنوعة يمكن تجميع عائداتها من العمالت الحرة ،القابلة للتحويل ،وتعبئتها في تعظيم عائدات النقد األجنبي
ضمن إيرادات الموازنة العامة
أوالً :توجد مصادر أخرى غير الذهب والمعادن ،وسلع الصادر الزراعي ،ومدخرات وتحويالت المغتربيين تحقق عوائد متفرقة
ال يستهان بها من النقد األجنبي ،وهذه المصادر ،تستقطب بمنتجاتها السلعية والخدمية ،دخوال بالنقد األجنبي ،جديرة باألخذ في
اإلعتبار عند وضع يد الدولة عليها ،على أن تراعي وزارة المالية ضمان دخول هذه المداخيل كافة للخزينة العامة ،وأن تراعي
الدولة تنمية هذه المرافق والمنشآت وتطوير دورها في رفد عائدات المالية العامة بالمزيد من النقد األاجنبي ،بما يعزز إحتياطيات
بنك السودان منها ،ويسهم في سد فجوة الموازنة العامة ،كما يسهم في تمويل التنمية اإلقتصادية ومن أمثلتها:
-1عائدات مرور نفط دولة جنوب السودان.
-2عائدات صادر المشتقات النفطية واألثينول.
-3عائدات صادر الجلود ومصنوعاتها.14
-4عائدات مرافق السياحة.
-5ومداخيل الهيئات الحكومية من أهمها هيئة الموانئ البحرية ،والطيران المدني .
15
-6عائدات صادر منتجات الشركات الحكومية المدنية والعسكرية .وحصر وإستعادة كافة اموالها المجنبة بالنقد األجنبي والوطني،
وتجريم التجنيب.
-7اإلنفاق األجنبي من األفراد والمنظمات والهيئات والمستفيديين من خدمات الدراسة والعالج والسكن واإلقامة داخل السودان
بعد إحكام السيطرة على تحويلها للعملة المحلية عبر المنافذ الرسمية ...إلخ.
-8عائدات رسوم تجديد جوازات السفر واألوراق الثبوتية لجاليات السودانيين المقيمة بالخارج.
-9عائدات األصول المملوكة للدولة في خارج السودان.
ثانياً :إن هذه القائمة ال ريب ،في حاجة إلى التقصي الدقيق لمزيد من الحصر للهئيات والمؤسسات والمرافق والمنشآت التي تدخل
في نطاقها .وهي في حاجة لسلطة الدولة التي تتيح المعرفة الكاملة بحجم عائداتها وضمان والية وزارة المالية عليها ويتم تضمينها
في الموازنة العامة ضمن بند اإليرادات وتساهم بدورها في المصروفات العامة ال سيما علي التنمية .وال ريب أيضا ً أن المؤسسات
والهيئات التي تستقطب هذه العائدات ،في حاجة ماسة إلى تمويالت بالعمالت الحرة لصيانة وتأهيل وتطوير البنية التحتية لمرافقها
ومنشآتها .والدولة أيضا ً في حاجة ماسة إلى أن تضعها في مواضع التأهيل والتطوير المستمر ،بما يجعل منتجاتها منافسة في
األسواق الخارجية .لكن كل ذلك ال يمنع أن تكون كل عائدات البالد من العمالت القابلة للتحويل مرصودة مركزيا ً ومدققة وتحت
مظلة المراجعة العامة والرقابة المركزية ويتم الصرف منها ضمن الموازنة العامة وضمن الصالحيات المالية المعتمدة.
ثالثاً :التوصيات:
.1أن يتم حصر الهيئات والمؤسسات المعنية مداخيلها بالعمالت القابلة للتحويل في هذه الورقة.
.2أن يعطي السيد رئيس وزراء الثورة القادم لجنة خاصة مكلفة صالحية اإلتصال بهذه الهيئات والمؤسسات والتنسيق مع
الوزارات التي تتبع لها ،وال سيما وزارتي الدفاع والداخلية ،ووزارة العدل ،المسجل العام للشركات ،وزارة التجارة إدارة
الصادر ،وديوان المراجعة العامة ،وبنك السودان ،والهئية العامة للضرائب والهيئة العامة للجمارك .وذلك بهدف اإلطالع
على أألوضاع المالية والقانونية لهذه الهيئات والمؤسسات.
.3أن يتم تدقيق سالمة أوضاع الهيئات والمؤسسات المعنية من حيث سجالتها التجارية ووفاءها بإلتزاماتها من الضرائب
والرسوم ،وحقوق الدولة في أرباح أسهمها فيها ومعرفة أصولها وموازناتها وميزانياتها ونظمها المتبعة في مكافأة العاملين.
واإلهتمام بالتعرف على صادرها وعودة مداخيلها من العمالت الصعبة تحت إشراف بنك السودان.
14يتحقق أبسط القيمة المضافة للثروة الحيوانية بتطوير دباغة الجلود والصناعات الجلدية ،وصناعة النعل الجلدي معروف في السودان منذ 5000سنة ق .م في الحضارة
النوبية المروية .ولقد بدأت الصناعة الحديثة للدباغة وصناعة األحذية العسكرية في السودان عام 1945م بمدبغة عثمان صالح في أمدرمان وبدأ التصدير 1947م .ويوجد
في السودان حاليا ً 24مدبغة نحو 21منها متعطلة .ويتميز السودان بوجود جلود الثعابيين والحيوانات البرية والتماسيح وسمك القرش والنعام ،إلى جانب جلود الماشية وتتميز
هذه الجلود باإلقبال والطلب عليها في السوق العالمية ألغ راض صناعة األحذية والحقائب والمالبس الجلدية وصناعات الزينة والتراث الشعبي .وعلى الرغم من وجود
( 190مائة وتسعون مسلخ كبير ومتوسط وصغير ،و 121ومائة وواحد وعشرون وكالة ومركز لتجميع الجلود ،ومتوسط إنتاج سنوي يبلغ ( 35خمسة وثالثين مليون ذبيح)،
إال أن حدود الصادر نحو ( )%60والتصنيع الحرفي يستوعب ( )%26والفاقد لقلة خبرة السلخ ( .)%14إن الثروة الحيوانية يمكن أن تحقق بالقيمة المضافة عائدات صادر
إضافية تصل تقديراتها إلى ( 1,2مليار دوالر سنوياً) ،إال أن متوسط عائدات صادر الجلود سنويا ً بين ( 30و 40مليون دوالر) حالياً.
15تتميز هيئة الموانئ البحرية وكذلك الطيران المدني بتحقيق مداخيل بالنقد األجنبي داخل السودان وخارج السودان ،وهي ال تقل عن المليار دوالر حاليا ً ال تدخل الموازنة
العامة وقابلة للزيادة أو المضاعفة .فرسوم عبور األجواء 500مليون بالمراقبة بالنظام اليدوي وقابل للمصاعفة بالرصد األلكتروني.
كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة 05إبريل 2022م
Page 22 of 54
الملف رقم ()5
مشكلة السيطرة على حجم الكتلة النقدية في اإلقتصاد الوطني ودورها في حماية العائد من النقد األجنبي من تغول الذين
يقطعون طريق تدفقاتها للخزينة العامة وذلك عن طريق تبديل العملة
-1رأت اللجنة اإلقتصادية لقحت من سبتمبر2019م ،أن تبديل العملة الوطنية على نحو شامل مع توفير متطلبات نجاح التبديل
في تحقيق أهدافه ،متطلب أساسي ال غني عنه في مواجهة أهم آثار األزمة النقدية التي تعصف باالقتصاد بشكل عام ،وأنه
أيضا ً متطلب مهم في مواجهة فجوة الموازنة العامة بشقيها في النقد المحلي ،والمكون األجنبي .وفي تحقيق السيطرة على
الكتلة النقدية في النظام المصرفي ،وتمويل المشاريع التنموية ،والسيولة المتداولة .وما حال دون تبديل العملة هو تأثير الطبقة
الطفيلية المتحكمة علي ما يزيد عن %82من االقتصاد ال سيما علي نسبة كبيرة من الكتلة النقدية خارج النظام المصرفي
البالغة %95من حجم الكتلة النقدية في البلد .وفي بيان دواعي وأهمية وأهداف تبديل العملة وجدواه اإلقتصادية ،وإمكانية
توفير متطلبات نجاحه من النواحي اإلجرائية التطبيقية ،تورد لجنة الدراسات والبحوث في التحالف اإلقتصادي ما يأتي:
1-1الجدوى اإلقتصادية ودواعي وأهمية تبديل العملة:
أوال :إن التضخم الكبير في حجم الكتلة النقدية في االقتصاد معضلة موروثة من نظام اإلنقاذ الذي ظل يفرط في اإلصدار النقدي
دون قيود إقتصادية أوتقاليد مصرفية ،وإلى درجة أن حجم الكتلة النقدية خارج الجهاز المصرفي قد بلغت حدود ضخمة يصعب
معه إيجاد رقم دقيق موثوق به عن حجمها الكلي .ونتج عن أهم آثار هذا التضخم الجامح ،أنه قد تسبب في عجز النقود عن أداء
وظائفها ،ال سيما وظيفتي :اإلدخار واإلستثمار .فضالً عن أن ( )%95من الكتلة النقدية مكتنزة خارج النظام المصرفي حسب
بيانات البنك المركزي ودائرة في فلك المضاربة في محور اإلقتصاد الخفي الذي يديره فئة محدودة من المتمكنيين في شراء
العمالت القابلة للتحويل ،واألراضي والعقارات والسلع المستوردة المعمرة والتهريب .واألخطر مما تقدم ،أن هذه الطبقة المتحكمة
في االقتصاد توظف هذه األموال خارج القطاع المصرفي في اإلستيالء على معظم عائدات اإلقتصاد الوطني من العمالت الصعبة،
إذ يشترون بهذه األموال المكتنزة ،ما بين %77و %82من الذهب ويهربونه .ويستولون في المهاجر ،على ما يربو عن %95
من مدخرات المغتربين ،كما يتغولون على سلع الصادر الزراعي ،النباتي والحيواني ،ويجنبون قدراً مهما ً من عائداتها خارج
البالد .كما يوظفون قدرا ً من هذه العائدات في إستيراد السلع الكمالية األكثر ربحية أو يجمعون بين تمويلهم للسلع الضرورية ورفع
أسعارها بإستمرار وبرفع سعر الصرف للجنيه السوداني مقابل العمالت الصعبة.
وهكذا نجد أن هذه األموال المكتنزة خارج القطاع المصرفي قد إستحوزت على معظم عائدات اإلقتصاد من العمالت الصعبة،
التي كان يجب أن تصب مصادرها األساسية في الخزينة العامة وعلي رأسها الذهب ،والسلع الزراعية األربعة( ،الحبوب الزيتية،
الصمغ العربي ،القطن ،والماشية واللحوم) ،بجانب فوائض المغتربيين .كما احتفظوا بعائدات هذه المصادر من العمالت الحرة،
في أصول خارج البالد في شكل (أرصدة وودائع في المصارف ،عقارات ،أسهم وسندات ،ومختلف اإلستثمارات خارج السودان).
فضالً عن أن بعض أصحابها يتوجهون بقدر من هذه العائدات إلى تمويل تجارة اإلستيراد ،وتمكنوا بذلك من السيطرة على التجارة
الداخلية التي تشكل السلع المستوردة فيها ما بين %85إلى %95من العرض السلعي الكلي .وألن أوسع قطاعات الشعب هم من
ذوي الدخل المحدود ،وفقراء أطراف المدن واألرياف والبوادي ،في حاجة ماسة إلى أن ينفقوا كل دخولهم النقدية المتواضعة ،في
اإلستهالك للسلع والخدمات إلشباع حاجاتهم الضرورية ،وليست لديهم فرصة لإلدخار ،أي أن إنفاقهم علي السلع والخدمات قد
أتاح فرصة المزيد من مراكمة الثروة والمال للطبقة الطفيلية المتحكمة في االقتصاد.
ثانياً :في ظروف اإلنخفاض المتفاقم في القوة الشرائية للنقود ،واإلرتفاع المتواصل في سعر الصرف والتصاعد المستمر في
التضخم ،بدأ أصحاب الفوائض يفضلون اإلدخار في أصول أخرى غير النقود أو يوظفونها في المضاربة ،بينما العامة من ذوي
الدخول المنخفضة ،ينفقون مداخيلهم في االستهالك اليومي الضروري .وال زال هذا الوضع الموروث ساريا ً بعد نحو أكثر من
ثالثة أعوام من عمر الحكومة اإلنتقالية التي انتهجت السياسة المالية التوسعية قبل انقالب 25أكتوبر 2022م ،خاصة في موازنة
2020م بنسبة %200في ثالثة إعتمادات خارج الموازنة هي زيادة المرتبات بنسبة ،%559واعتماد 200مليار جنيه لمواجهة
جائحة فيروس كرونا ،ورصد 1,9مليار دوالر إلحالل الدعم النقدي محل الدعم السلعي .األمر الذي أدى إلى تفاقم إنخفاض قيمة
الجنيه وارتفاع سعر صرف العمالت األجنبية مقابله وتصاعد األسعار بمعدالت غير مسبوقة تفوق في معدالتها ما بذرت وتوطنت
وسادت في االقتصاد الوطني في عهد نظام اإلنقاذ.
كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة 05إبريل 2022م
Page 23 of 54
2-1إن تبديل العملة يحقق األهداف اإلقتصادية اآلتية:
أوالً :التحديد الدقيق لحجم الكتلة النقدية:
إلعادتها بعد معرفة حجمها وتدقيق وتوفيق أوضاع مدخريها ،للدوران في محور اإلقتصاد المعافى وأوعيته المصرفية موزعة
بين السيولة واإلدخار واإلستثمار ،لقناعة راسخة بأن هذا اإلجراء هو المدخل السليم إلمتصاص التضخم وإزالة آثاره ونتائجه،
وال سيما تثبيت القوة الشرائية للنقود ،وسعر الصرف ،واألسعار تمهيدا لتعافي الجنيه تدريجيا .إال أن ما عطل تبديل العملة في
عهد اإلنقاذ ،أن الفئة المحدودة التي تكتنز هذه الكتلة النقدية كانت تنتمي عضويا ً ومتداخلة فيما تجني من غنائم المضاربة مع
أركان نظام اإلنقاذ ،إذ كانت جزءاً أصيال من نسيج مكوناته اإلقتصادية .وهي أيضا ً في عهد ما بعد الثورة ظلت محمية من
الحكومة اإلنتقالية ،ومن قوى نافذة في الحاضنة السياسية للسلطة التنفيذية في (قحت) ،ومحمية أيضا ً من القوى الدولية المؤثرة
على القرار اإلقتصادي والسياسي في البالد في عهد مابعد إنتصار ثورة ديسمبر المجيدة .الثورة التي لم يتمكن مفجروها من أن
يكونوا مساهمين في رسم معالم مناهجها اإلقتصادية والسياسية ،بسبب أن الثورة قد اختطفت من بين أيديهم من قبل الذين تنكروا
لحقوق دماء الشهداء الذين مهروا الثورة بأرواحهم.
ثانياً :شل قدرة المكتنزين للنقود خارج النظام المصرفي من توظيفها في المضاربة:
إن تبديل العملة سيحمي المصادر األساسية لعائدات النقد األجنبي (الذهب ،وسلع الصادر الزراعي النباتي والحيواني ،وتحويالت
ومدخرات السودانيين العاملين بالخارج) من أن يتغول المتمكنيين المكتنزين لألموال عليها وتصديرها والتصرف في عوائدها.
ثالثا :تبديل العملة يوفر قدرا ً مهما ً من اإليرادات العامة من النقود الوطنية واألجنبية:
سيسهم تبديل العملة في إستقطاع واحتجاز كمية مقدرة من العملة المحلية ،يمكن توظيفها في التمويل عبر بنك السودان أو منافذ
أو شركات حكومية لشراء ذهب المعدنيين األهليين وغيرهم وتصديره ،واستخدام عائدات هذا الصادر لتمويل إستيراد السلع
الضرورية التي يعاني اإلقتصاد شحها كالقمح ،المحروقات ،األدوية ،ومدخالت االنتاج .وتعد اإلستقطاعات المقترحة:
-1إستقطاع اإلستحقاقات من الرسوم والضرائب وأرباح األعمال ،التي لم توف بها الشركات الحكومية والخاصة وأصحاب
األعمال من فوائضهم التي يتقدمون بها للتبديل ،قبل منحهم للعملة البديلة.
-2إستقطاع ضريبة ثروة من أموال أصحاب الفوائض الكبيرة ،على أن يحدد المال الذي يدخل في هذا النطاق بنسبة معلومة من
الثروة ،تصاعدية لعدة فئات.
-3إستقطاع %5من كل مبلغ يتم إستبداله كمساهمة من صاحب المال في نفقات طباعة العملة البديلة .مع إمكانية إعادة النظر في
هذه النسبة بحيث تكون نشبة تصاعدية حسب القطاعات المختلفة.
-4إحتجاز األموال المشكوك في مصادرها وليس ألصحابها مصادر كسب في نشاطات إقتصادية واضحة مدعومة بإسم عمل،
أوشركة مسجلة ،أو أسهم وبملفات ضريبية .وذلك بوقف تقديم العملة البديلة ألصحابها لمدة قد تمتد من ستة أشهر إلى سنة أو
أكثر لحين تدقيق أوضاعهم وإجراء التسويات الالزمة .على أن توظف هذه األموال المحتجزة من المصرف المركزي في
تمويل شراء تحويالت المغتربيين وذهب التعدين األهلي وصادر شركات المساهمة العامة العاملة في القطاع الزراعي النباتي،
والحيواني ،مقابل فائدة مصرفية مجزية ألصحابها تصرف لهم بعد توفيق أوضاعهم ،وبعد توفير ضمانات توجيه أموالهم إلى
داخل القطاع المصرفي ،ولإلستثمار الخدمي أواإلنتاجي خارج نطاق المضاربات وبعيدا ً عن عالم اإلقتصاد الخفي.
رابعا ً :لما تقدم يرى هذا المبحث في تبديل العملة حالً ألزمة النقود الوطنية ،وال سيما التضخم ونتائجه المدمرة لإلقتصاد الوطني.
كذلك إن تبديل العملة للنجاح في تحقيق األهداف المنشودة من إجرائه ،ال بد من توافر متطلبات بعينها ،كما يأتي :16
أ -توفير ضمانات سالمة أوضاع النظام المصرفي ،عبر ترافق توقيت تبديل العملة مع إجراءآت تدقيق أوضاعه وإعادة هيكلته.
ب -قفل سبل غسيل األموال المكتنزة بإجراءآت أقتصادية وقانونية ،تحول دون تداول النقود في الفترة قبل التبديل في تمويالت
سلع للتصدير أو في البيع والشراء على نطاق واسع ،والحد من تجارة العملة ،وإيقاف إجراءآت توثيق عقود البيع والشراء
ونقل ملكية األسهم والسندات واألراضي والعقارات والسيارات والسلع المعمرة قبل مدة كافية مناسبة من تاريخ تبديل العملة.
16في تجربة التبديل الشامل للعملة عام 1992م في عهد نظام اإلنقاذ ،تم إستقطاع ( )% 2من حساب موجودات كل حساب مصرفي لتغطية نفقات الطباعة ،كذلك تم إحتجاز
( )%20لمدة ( 6ستة) أشهر ،من كل مبلغ يمتلك صاحبه أكثر من ( 100مائة ألف جنيه ما يعادل نحو ثمانية ألف دوالر) .وذلك بهدف السيطرة على حجم الكتلة النقدية.
كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة 05إبريل 2022م
Page 24 of 54
ت -توفير فرصة صرف العملة البديلة عند الشروع في طرح العملة البديلة دون إبطاء ،للعاملين في الخدمة المدنية والعسكرية،
ولمؤسسات القطاع الخاص وشركاته التي تتميز بسالمة أعمالها ،وأوضاع ملفاتها الضريبية ،وإعطاء األولوية في التبديل
لألموال التي تكون منذ مدة وحسب األسبقية موجودة داخل القطاع المصرفي.
ث -تقسيم المواطنيين وأصحاب الفوائض من المدخرات من زاوية تنظيم إستالم العملة القديمة وتسليم البديلة ،إلى فئات (عامة
المواطنيين حاملي أموالهم البسيطة ،صغار المنتجين ،وأصحاب األعمال بإسم عمل ،أصحاب الملكية واألسهم في إستثمارات
صغيرة ومتوسطة وكبيرة) .وبعد أن يتم التصنيف في إقرارات وتعبئة إستمارات وفق فئات التصنيف ،تتحدد أولويات
تسليمهم العملة البديلة ،بعد تطبيق اإلستقطاعات ،واستيفاء الرسوم والضرائب وأرباح األعمال الواجبة عليهم الوفاء بها.
ج -تطوير وتسريع وتائر تطبيق الدفع األلكتروني في معامالت الناس كمحطات الوقود وغيرها ،وفي دفع الضرائب والرسوم
وغيرها من اإللتزامات الحكومية ،وربط مرجعية ومركزية جبايتها حصراً بالخزينة العامة والنظام المصرفي.
-2إسهام عائدات تبديل العملة في تعظيم عائدات اإلقتصاد الوطني من العمالت الحرة وحل مشكلة الفجوة في السلع الضرورية
كالخبز ،الدواء ،والمحروقات .فإن هذا الملف ،عندما نظر في تبديل العملة من زاوية تحقيق تدفقات من العملة المحلية في
الخزينة العامة باإلستقطاعات المقترحة ،إنما انطلقت هذه الرؤية من زاوية النية المسبقة في توظيف هذه التدفقات في تمويل
دور الدولة في شراء وتصدير إنتاج التعدين األهلي من الذهب عبر بنك السودان أو عبر شركة مساهمة عامة ،وتمويل فك
ضائقة الفجوة في السلع الضرورية ك الخبز والدواء والمحروقات عبر تمويل شرائها من قبل الدولة مباشرة بعائدات صادر
الذهب .ومرة أخرى لجعل عائدات بيع السلع المستوردة المشار إليها في السوق المحلي ،ماالً مدورا ً في تمويل وتصدير الذهب
واإلستفادة مجددا ً من عائداته في تمويل إستيراد السلع الضرورية وهكذا دواليك .ويرى هذا المبحث أن يصبح دور الدولة في
شراء وتصدير الذهب مقدمة لتعظيم دورها في إنتاج الذهب على مراحل تصل إلى سيطرتها على ما ال يقل عن نسبة %80
من اإلنتاج الكلي من الذهب في السودان كما هو منصوص عليه في المقترح الوارد في المبحث األول.
-3نتائج ضرب أوكار النقود المكتنزة الموظفة في اإلقتصاد الخفي حيث سيوفر ضرب أوكار اإلكتناز ،فرصة لضرب أوكار
التهريب ألهم مصادر النقد األجنبي في االقتصاد ،وبالتالي سيوفر أهم الضمانات لتدفق عائدات الصادر من الذهب ،والسلع
الزراعية ،النباتية والحيوانية ،فضالً عن تحقيق تدفق فوائض أموال المغتربيين من خارج البالد إلى الخزينة العامة عبر
القنوات الرسمية ،وسيسهم في سد العجز في ميزان المدفوعات على األقل في حدود خدمة الدين ،17وفي تحقيق توازن الميزان
التجاري ،وتوفير مصادر لتمويل التنمية والقطاع اإلنتاجي الزراعي خصوصا ،وكذلك سيحقق تحسين سعر الصرف وتثبيت
األسعار تمهيدا ً إلتجاههما نحو اإلنخفاض .وعند توافر قدر من إحتياطيات الذهب والعمالت األجنبية في خزينة بنك السودان،
سيؤهل هذا اإلحتياطي اإلقتصاد الوطني بضمانات تفتح فرص تلقي القروض مستقبال بشروط ميسرة إذا دعت الحاجة لذلك.
-4فيما بعد السيطرة على حجم الكتلة النقدية في اإلقتصاد الوطني ،حيث تعد السيطرة على حجم الكتلة النقدية ،الهدف األساسي
للسياسة النقدية في كل األفكار والمذاهب اإلقتصادية وفي تطبيقات كافة النظم اإلقتصادية .وحيث أن الثورة قد ورثت نتائج
فوضى السياسة النقدية ،المرتكزة على التوسع في اإلصدار النقدي ،ففي المحصلة للفقرة ( 2-1أوالً ،ثانياً ،ثالثاً) قد إتضح أن
تبديل العملة سيحقق السيطرة على حجم الكتلة النقدية .وسيوفر للخزينة العامة فوائض من السيولة يمكن توظيفها في سياسة
اقتصادية مرشدة .فضالً عن أن تبديل العملة سيوفر للدولة ،قاعدة معلومات دقيقة عن منشآت قطاعات األعمال الحكومية
واألهلية ،إذا إرتبط تبديل العملة بخطة تحقق هذا الهدف عبر إستمارات ال تؤدي إلى تعقيد إجراءآت تبديل العملة.
-5التوصيات:
.1أن تدرس لجنة البحوث والدراسات اإلقتصادية مقترح هذه الورقة حول تبديل العملة واإلجراءآت المصاحبة للتطبيق ،وترفع
رأيها حول المقترحات الواردة في الورقة في مذكرة تحريرية للسيد رئيس الوزراء.
.2بعد اعتماد الجهات الحكومية لتبديل العملة ،وبعد تحديد اإلجراءآت المصاحبة لتطبيقها ،ومصادقة السيد رئيس وزراء ،على
حكومة الثورة القادمة أن تضع مهمة التنفيذ لكافة الجهات ذات العالقة في خارطة طريق ومصفوفة مهمات ،على أن تحتفظ
لنفسها بحق متابعة دقة التنفيذ حتى إكتمال مراحله كافة.
كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة 05إبريل 2022م
Page 25 of 54
الملف رقم ()6
توحيد سعر الصرف ودوره في إنخفاض القوة الشرائية للجنيه السوداني ،وفي إرتفاع سعر الصرف على نحو متفاقم ،وفي
اإلرتفاع المستمر بوتائر عالية للمعدل العام لألسعار
-1التطور التاريخي لتوحيد سعر الصرف من قبل وزارات المالية المتعاقبة في الحكومات السودانية:
نشرت جريدة الرأي العام الصادرة في الخرطوم في 1957/4 /4م ،نقالً عن نشرة لوزارة المالية واالقتصاد ،أن هذه النشرة قد
عرفت الجنيه السوداني بأنه عقد بين لجنة العملة السودانية وبقية العالم يحوز بموجبه الجنيه السوداني على قوة شرائية تقدر قيمتها
بـ 0 ,255187جرام من الذهب الصافي .وهذا التعريف هو الذي يحدد كمية السلع والخدمات التي يمكن أن يشتريها في أسواق
العالم كلها .والجنيه السوداني الذي كان عند ميتدأ إصداره عام 1957م ،كما جاء آنفا ً ،يساوي في قوته الشرائية وفي سعر صرفه،
ما يربو على ( 0,255ربع الجرام من الذهب الصافي) ،إحتفظ بقيمته تقريبا بسعر صرف رسمي مقداره ( 0,35جنيه /خمسة
وثالثون قرشا ً أي ثالثة دوالرات تقريبا ً مقابل كل واحد جنيه) حتى تاريخ نهاية فبراير 1972م .وفي مطلع مارس 1972م ،إتخد
نظام نميري أول قرار بخفض سعر صرف الجنيه في تاريخ السودان ،وذلك بنا ًء على أول قبول ألول نصيحة حول سعر الصرف
للجنيه السوداني قدمه صندوق النقد الدولي ،وقبل به وزير المالية آنذاك.
كانت النصيحة أن تتعامل الحكومة إلى جانب (السعر الرسمي ،الذي مقداره 0,35جنيه ،خمسة وثالثون قرشاً) ،بسعر صرف
رسمي إضافي آخر إلى جانبه سمي حينها بسعر الصرف الفعَّال ،مقداره 0,40جنيه ،أربعون قرشاً ،أي بزيادة ( 0,05جنيه،
خمسة قروش سودانية) ،حيث عدًّ (سعر الصرف الفعَّال) بمثابة عالوة تشجيع صادرات بنسبة %15من السعر الرسمي يطبق
عند صرف عائدات كافة سلع الصادر عدا القطن والصمغ العربي .وأدخل في يوليو 1973م سعر صرف رسمي ثالث كنظام
عالوة أو حافز على تحويالت السودانيين العاملين في الخارج بنسبة %20من السعر الرسمي مقداره 0,46جنيه ،أي ستة
وأربعون قرشا ً ،والحقا ً في يوليو 1974م عدل السعر التشجيعي إلى ( 0,56ستة وخمسون قرشاً) وأدخل الصمغ العربي في نطاق
الصادرات المشمولة بالحافز في مايو 1975م .وأجري أول تخفيض لسعر الصرف الرسمي إلى 40قرشا ً للدوالر بدالً من 35
قرشا للدوالر ورفع سعر الصرف الفعَّال من 0,40جنيه (أربعون قرشاً) إلى 0,50جنيه (خمسون قرشاً) سودانيا ً للدوالر لكل
الواردات وكل الصادرات عدا القطن بقرار من وزير المالية في يونيو 1978م .إلى هنا يمكن القول أن نظام نميري منذ أن حرك
سعر الصرف إستجابة لصندوق النقد الدولي ألول مرة في مارس 1972م ،دخل في سباق بسعر الصرف الرسمي في مالحقة
السوق الموازي للتضييق عليه بتوحيد سعر الصرف .ولكن كلما رفعت الحكومة سعر الصرف الرسمي ،إجتاز سعرها الرسمي
تجار العملة وتجاوزوه بسعر موازي أعلى .لذلك أجرى نظام نميري بالتمام والكمال حتى سقوط النظام بإنتفاضة مارس/أبريل
1985م 20تعديل على سعر الصرف ،وفي التعديل رقم 20في إتجاه الزيادة ،كان آخر رفع أجراه نظام نميري لسعر الصرف
الرسمي من (1,3جنيه إلى 2,5جنيه للدوالر األمريكي) قبل شهرين من سقوط النظام في فبراير 1985م .إال أن تجار العملة
كانوا قبيل رحيل النظام قد أوصلوا سعر الصرف في السوق الموازي إلى ( 3,26جنيه للدوالر الواحد (ثالث جنيهات وستة
وعشرون قرشا ً للدوالر).
وفي عهد الحكومة اإلنتقالية برئاسة (الفريق عبد الرحمن سوار الذهب) وفي أغسطس 1985م قرر وزير المالية (عوض عبد
المجيد الذي كان قد اعتلى سدة الوزارة قادما ً من كرسي وظيفته في صندوق النقد الدولي) وبنا ًء على طلب الصندوق ،ربط الجنيه
السوداني بسلة من العمالت وتحديد سعر الصرف أسبوعيا ً بواسطة بنك السودان) .وعلى الرغم من كل ما تقدم فشلت السياسات
العامة في تضييق الفجوة بين السعر الرسمي للعمالت األجنبية وسعرها في السوق األسود .األمر الذي أدى إلى عزوف المغتربين
عن تحويل مدخراتهم عبر القنوات الرسمية .ولذلك في العهد الديمقراطي الثاني ،قننت الحكومة عام 1987م (وزير المالية بشير
عمر ،ووزير الدولة للمالية الذي كان منتقالً أيضا ً من ظيفته في الصندوق إلى وزارة المالية التيجاني الطيب) ،سعراً تشجيعيا ً
لتحويالت السودانيين العاملين بالخارج ،بلغ ( )12‚3جنيه سوداني مقابل الدوالر ،بينما ظل السعر الرسمي ( )4‚5جنيه للدوالر.
وفي إطار البرنامج الثالثي لالنقاذ االقتصادي بعد إنقالب الجبهة اإلسالمية وقيام نظام اإلنقاذ في 1989/6/30م ،تم في عام
1991م إقرار سياسة جديدة لتوحيد سعر الصرف ليصبح الدوالر يساوي 15جنيه سوداني بدال من السعرين ( 4‚5جنيه للسعر
الرسمي و 12‚3جنيه للسعر التشجيعي) وكان وزير المالية آنذاك عبداالرحيم حمدي .18وادعى في ذلك القرار العميد بحري
صالح كرار رئيس اللجنة اإلقتصادية لمجلس قيادة اإلنقالب أن نظام اإلنقاذ قد أنقذ الجنيه السوداني عبر تغيير النظام السياسي،
قبل أن يتدهور سعر صرفه إلى ( 25خمسة وعشرون جنيها للدوالر) .ويكفي ردا ً على هذه الفرية ،سقوط نظام اإلنقاذ في -6
2019/4 /11م ،وسعر الدوالر الرسمي المعتمد في بنك السودان ( 45,000خمسة وأربعون ألف جنيه ،وسعره في السوق
الموازي 60,000ستون ألف جنيه).
18بنك فيصل االسالمي السوداني ،مركز البحوث واالحصاء ،التقرير السنوي الرابع عشر في شباط 1993م ،ص .9
كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة 05إبريل 2022م
Page 26 of 54
-2سياسة الحكومة اإلنتقالية بشأن سعر الصرف:
إذا تتبعنا سياسة وزارة المالية للحكومة اإلنتقالية ،نجد أنها خالل نحو ثمانية أشهر قد تنقلت في تحديد سعر صرف الجنيه بين 10
عشرة أسعار والزال الحبل على الجرار 18( .جنيه للدوالر) في إتفاقية (قحت مع مجلس الوزراء في 2019/12/28م)45( ،
جنيه للدوالر سعر البنك المركزي) 55( ،جنيه مقابل للدوالر الرسمي للموازنة بموجب قرار وزارة المالية عند الشروع في
صرف موازنات التسيير لوزارات الحكومة في مطلع يناير 2020م ) 60( ،جنيه مقابل الدوالر سعر الحد أألعلى الذي حدده
وزير المالية لتوحيد سعر الصرف الرسمي وسعر البنك المركزي والسعر الموازي في حدوده ،كما أعلنت وزارة المالية ،وقت
منح شركة الفاخر حقوق تصدير الذهب مقابل استيراد سلع بعائدات صادره) 88( ،جنيه سعر السوق الموازي مقابل الدوالر في
مطلع إبريل 2020م) 5,96( ،جنيه في مقابل الدوالر حسب السعر الذي حددته وزارة المالية لحساب الدوالر عند الوفاء من
الوزارة لمديونية شركة الفاخر) 150( ،جنيه الدوالر السعر الموازي في يوم الخميس 2020/6/18م الذي تم فيه رفع السعر
الرسمي للدوالر إلى ( 120جنيه) في الموازنة العامة 2020م المعدلة .والسعر الموازي الذي سيكون في تصاعد مستمر ومعترفا ً
به وبالتطور المتصاعد ،إذ تم تقنيين تعويم قيمة الجنيه السوداني في مقابل الدوالر ،كما هو متوقع ليحدد السوق يوميا ً (سعر الجنيه
السوداني المعوم) وفق مقتضيات العرض والطلب دون تدخل الجهات الرسمية في الدولة .حيث تراوح السعر في السوق الموازي
في األيام 2020/9/15– 10ما بين 200و 300جنيه للدوالر .إلى أن قررت الحكومة اإلنتقالية توحيد سعر الصرف بإلحاقه
بسعر الصرف الموازي ب 375جنيه للدوالر الواحد .إال أن سعر الدوالر في السوق الموازي استمر في طريقه إلى اإلرتفاع
المستمر حتى اليوم ،كما سيكون الحال كذلك غدا ً وكل يوم وسعر الصرف في الموازي سائر على طريقه نحو اإلرتفاع المستمر.
لقد إتضح جليا ً في العرض السابق ،أن توحيد سعر الصرف أي رفع سعر الصرف الرسمي ليتوحد مع سعر الصرف الموازي
وليس العكس ،هو المطلب المزمن في شروط صندوق النقد الدولي وبقية المانحين منذ 48عاما من عمر الموازنة العامة للحكومة
السودانية مارس 1972م ،إال أن هذه النصيحة منذ 40أربعين عاما ً وبعد وقوع السودان في فخ المديونية التي فوق طاقة اإلقتصاد
الوطني الوفاء به ،لم تعد نصيحة كما كانت ،بل أصبحت شرطا ً مستمرا للحصول علي التمويل الخارجي .وألن توحيد سعر
الصرف ،سيخلق سباقا يوميا ً بين السعر الرسمي في إتجاه تصاعد السعر في السوق الموازي وبين األخير ،تم تغيير المصطلح
فسمي بدالً من توحيد سعر الصرف بتعويم سعر الصرف ليكون السعر الموازي هو الوريث الشرعي األوحد لقيمة الجنيه السوداني
في مقابل العمالت الحرة القابلة للتحويل فأصبح إطالق مصطلح تعويم سعر الصرف أدق وأكثر تعبيراً عن واقع الحال.
إن سعر الصرف المعوم ،سيكون متصاعدا ً حتى أنه قد يأتي عليه يوم ويصل مجازا ً إلى أن تتساوي فيه قيمة قفة الخضار حمولة
(درداقة) من الجنيهات السودانية ،ومن حيث النتيجة ،لن تغير في هذه الحقيقة طباعة بنك السودان المركزي لفئات نقدية كبيرة
فئات الـ 1,000جنيه ،والـ 2,000جنيه أوحتى الـ 10,000جنيه أو أكثر فأكثر ،ولن يحل المشكلة أيضا ً أن نمسح مزيداً من
األصفار من أوراق العملة .ألن حل مشكلة تدهور قيمة الجنيه السوداني في قوته الشرائية والسيما في سعر صرفه مقابل العمالت
الحرة ،ليس قرارا ً إداريا ً أو إجرائياً ،إنما هو قرار إقتصادي يرتبط بطريق ليس من طريق سواه ،وهو طريق اإلعتماد على الذات
وتعبئة وحشد مصادر الموارد الوطنية لتمويل الموازنة ،وال سيما بالنقد األجنبي .وإعادة بناء مرافق ومنشآت أساسية في القطاع
العام .فضالً عن بناء وتنمية إحتياطيات من النقد األجنبي والذهب في بنك السودان .واتباع تنمية إقتصادية مستدامة تثمر في
إرتفاع مستوى اإلنتاجية وتزيد معدالت اإلنتاج بمقادير ونوعية تعزز قدرات الصادر وتحقق في السوق الوطنية وفرة وإحالالً
بالسلع الوطنية البديلة للسلع المستوردة .هذا هو الطريق الواضح الجلي الذي قبل أن نحشد الموارد الذاتية في السير على طريقه،
السودان في حاجة أكثر إلى أن نحشد اإلرادة الوطنية في إتجاهه ،كخيار بديل لخيار الرهان المفرط إلرضاء الدائنيين بقبول
شروطهم للحصول منهم لمزيد من القروض تضاف إلى الدين الخارجي الذي يبلغ نحو 60ستين مليار دوالر .والعجز في الميزان
التجاري الذي وصل إلى ما يزيد عن الـ 5مليار دوالر.
-3التوصية:
-أن تحدد من قبل الحكومة سياسة وطنية مستقلة ثابتة تحكم موقف حكومة الثورة من سعر الصرف .تفضي إلى مبدأ تحديد
سعر صرف رسمي تسعى الحكومة دائما لشد سعر الصرف الموازي إليه من أعلى إلى األسفل ،بإعتماد سياسة بناء إحتياطيات
من النقد األجنبي والذهب في بنك السودان ،يتجه فيه بناء حجم اإلحتياطيات كعرض ،إلى حيث يتكافأ مع الطلب ،بمقادير
متصاعدة ترفع من قيمة العملة الوطنية ،وتقضي علي سعر السوق الموازي أوالً :بالسياسات اإلقتصادية وثانياً :بالردع
اإلجرائي الجنائي الذي يجرمه ويالحق مرتكبيه.
-باإلضافة لتفعيل برامج حشد الموارد الذاتية وتعزيز الصادر وتوفير احتياطي من العمالت الصعبة والذهب في بنك السودان
ينبغي أيضا ً فرض قيود علي عملية خروج رؤوس األموال للخارج خصوصا ً بالنسبة لشركات االتصاالت والتعدين والشركات
الكبري -دال وما شابهها -وبقية الشركات االستثمارية التي دخلت البالد في فترة السيولة االقتصادية التي صاحبت عهد
الحكومة االنتقالية السابقة عبر اإلجراءات المتعارف عليها في السيطرة علي عملية خروج رؤوس األموال في مثل هذه
السياقات مثل اآلتي:
كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة 05إبريل 2022م
Page 27 of 54
-1وضع قيود على عملية خروج االستثمارات (رفع التكلفة -التفاوض على البقاء).
-2منح حوافز للشركات التي تحتفظ بما ال يقل عن نصف أرباحها إلعادة استثمارها في داخل البالد.
-3تغليظ اإلجراءات الضريبية والرقابية على الشركات التي تملك فروعا ً خارجية يمكن أن تشكل مالذات ضريبية لها.
-4فرض ضرائب باهظة علي عملية خروج رؤوس األموال الساخنة
-5االنضمام لقاعدة بيانات الدول التي تتبادل أليا ً المعلومات البنكية عن انتقال األموال لضمان عدم تهريب األموال واألرباح
للمالذات الضريبية المتاحة للشركات التي تمتلك فروعا ً في دول متعددة.
-6محاربة الفساد ورفع كفاءة الطواقم الضريبية والجمركية لضمان عدم التحايل في تحويل األرباح الي الخارج عن طريق
المبالغة في تقدير فواتير االستيراد والتقليل من فواتير التصدير.
كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة 05إبريل 2022م
Page 28 of 54
الملف رقم ()7
المدى الذي يجب أن يقف عنده رفع الدعم السلعي
ماهو المدى الذي يجب أن يقف عنده رفع الدعم السلعي ،من حيث شمول السلع التي تدخل في نطاق رفع الدعم ومن حيث
إمكانية تثبيت الحد األعلى المناسب ألسعارها؟
ظلت اللجنة اإلقتصادية لقوي الحرية والتغيير (قحت) حتى شهر مايو 2020م تقريباً ،متهمة من وزارة المالية بأنها تقف حجر
عثرة على طريق رفع الدعم عن المحروقات والكهرباء ،وكأن هذا الرفع لهذا الدعم هو مفتاح الحل السحري ألزمة اإلقتصاد
الوطني ،وال سيما أن نتائج األزمة المتمثلة في إنخفاض قيمة الجنيه ،وتصاعد المعدل العام لألسعار ،قد بدأت في عهد الحكومة
اإلنتقالية في تفاقم غير مسبوق ،وتصدى للدفاع عن أهمية رفع الدعم عن السلع التي حددتها وزارة المالية الكثيرون عبر اإلعالم
الرسمي المقروء والمسموع لدرجة أن بعض األوساط الشعبية قد إقتنعت أو تأثرت بهذه التعبئة ،وتوقعت أن إفساح الطريق أمام
وزير المالية والحكومة اإلنتقالية لتنفيذ رفع الدعم تصرف مطلوب وحتمي للخروج من األزمة .وعليه يوضح التحالف اإلقتصادي
لقوى الثورة في هذه الوثيقة دوافع إنحيازه ضد رفع الدعم كرأي إقتصادي ،وما ينبغي أن يترتب علىه وذلك فيما يلي:
-1إقترحت اللجنة اإلقتصادية عدم رفع الدعم عن المحروقات ،والطاقة الكهربائية ،والخبز والدواء وعدم رفع سعر الصرف عن
سعره 18جنيه الذي كان معتمداً في موازنة 2019م ،وعدم رفع سعر الدوالر الجمركي عن سعره المقرر 15جنيه ،وذلك
في اإلجتماع المشترك الذي انعقد في 2019/12 /28م بين مجلس الوزراء والمجلس القيادي لقوى الحرية والتغيير وبمعيتها
اللجنة االقتصادية .وبما يشبه اإلجماع ،تمت الموافقة في ذلك اإلجتماع على المقترح ،على أن يتم العمل به ولحين أن يبت فيه
بشكل نهائي مع النظر في مجمل المعالجات اإلقتصادية لألزمة اإلقتصادية الموروثة والبدائل الوطنية التي يمكن أن تتحقق به
تمويل الموازنة وال سيما بالمكون األجنبي ،وذلك في مؤتمر إقتصادي قرر اإلجتماع المشترك أن ينعقد في نهاية مارس
2020م .وأن تحضر للمؤتمر لجنة مشتركة بين وزارة المالية واللجنة اإلقتصادية ،وباإلستعانة بكافة الخبراء والمتخصصيين
السودانيين داخل وخارج البالد.
-2لم تلتزم وزارة المالية بكافة ما جاء في قررات اإلجتماع المشترك في 2019/12/28م بعد إجازة الموازنة من المجلسين في
2020/12/31م ،وبدأت تعلن صراحة أن رفع الدعم وسعر الصرف خيارات نهائية في منهج وزارة المالية والحكومة
اإلنتقالية ،وال تراجع عنها وكانت اللجنة اإلقتصادية تدرك تماما ً أن هذا اإلصرار من وزارة المالية ليس إال قبوال دون إفصاح
صريح لشروط صندوق النقد الدولي .ومنذ مطلع يناير 2020م قررت وطبقت وزارة المالية رفع سعر الصرف في الدولة
وماليتها العامة إلى 55جنيه مقابل الدوالر ،وبالتدريج بدأت تتقدم بخطوات على نحو متدرج ومتصاعد في رفع الدعم عن
المحروقات عبر ما أسمته وزارة المالية بالسعر التجاري لسلعتي البنزين والجازولين ،بينما أدى رفع سعر الصرف وحساب
رسوم ومدفوعات تخليص عمليات السلع المستوردة في المعابر الحدودية بحساب الدوالر فيها بالسعر الموازي ،إلى رفع غير
معلن لسعر الدوالر الجمركي عبر إنعكاس وانتقال أعباء إرتفاع رسوم ونفقات تخليص البضائع على كاهل المستهلك منعكسة
ومحملة على األسعار.
-3إنطالقا ً من إدراك اللجنة اإلقتصادية أنها ليست إال لجنة إستشارية لقحت تنوب عنها في التعبير عن خياراتها اإلقتصادية ،ومن
إدراكها أيضا ً أنها ليست سلطة تشريعية أو تنفيذية ،رفعت اللجنة اإلقتصادية عبر (قحت) في 2020/1/27م للسيد رئيس
الوزراء مذكرة عددت فيها كل األدلة عن عدم إلتزام السيد وزير المالية بكافة بنود اإلتفاقية التي انعقدت في اإلجتماع المشترك.
وظلت اللجنة اإلقتصادية في إجتماعاتها وفي كل اإلتصاالت بين أعضائها وفي نشاطها اإلعالمي ،تعبر بكل إخالص عن أن
وزارة المالية ومن خلفها الحكومة اإلنتقالية ماضية على نحو مؤكد على طريق اإللتزام الكامل بكل شروط صندوق النقد
الدولي وبقية الدائنيين ،والتي هي نحو 8ثمانية شروط وذلك ألن وزارة المالية والحكومة اإلنتقالية مراهنة على إقناع الصندوق
والدائنيين بتطابق سياساتها مع مطلوباتهم أمالً في الحصول على إعانات ومنح وقروض تحل مشكلة الفجوة في الموازنة
ومتطلبات التنمية المستدامة واإلنفاق على أعباء تنفيذ برنامج الحكومة اإلنتقالية.
-4وجدت اللجنة اإلقتصادية نفسها وحيدة في معركة المواجهة لسياسات الحكومة اإلنتقالية اإلقتصادية الماضية في قبول وتنفيذ
شروط الصندوق المسبقة ،التي بدأت آثار مفاقمتها لألزمة اإلقتصادية ظاهرة للعيان وتنعكس في الضائقة المعيشية المتفاقمة
التي تعيشها الغالبية العظمي من القطاعات الشعبية .في وقت لم تعد فيه الحاضنة السياسية للحكومة اإلنتقالية (قحت) على قلب
رجل واحد عندما تعلق األمر بالبرنامج اإلقتصادي وبالموقف من الشروط المسبقة لصندوق النقد الدولى وتأثيرها على القرار
اإلقتصادي الوطني الذي بدأ يفقد استقالليته يوما بعد آخر .هنا أزاحت (قحت) اللجنة اإلقتصادية من دورها الفعَّال وبدأت تهمل
نصائحها ومذكراتها .ومن رحم هذه التطورات ولد التحالف اإلقتصادي لقوى ثورة ديسمبر المجيدة ليتبني برنامج حشد الموارد
الذاتية كبديل وطني لالعتماد علي مؤسسات التمويل الدولية وللقبول بالشروط المسبقة لصندوق النقد الدولي.
-5وتوضح الفقرات السابقة في ( )3، 2 ،1أن تبرير وزارة المالية لتصاعد األزمة اإلقتصادية ،بأنها ناتجة عن إعاقة اللجنة
اإلقتصادية و(قحت) لتطبيق برنامج الوزارة ،إدعاء ال يمت للحقيقة بصلة ،ويتناقض مع حقيقة أن إنفالت سعر الصرف،
كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة 05إبريل 2022م
Page 29 of 54
والمعدل العام لألسعار هو نتاج طبيعي لرفع وزارة المالية لسعر الصرف تباعا ،ولرفعها الكامل للدعم عن المحروقات
والكهرباء والدواء ،ولرفعها غير المباشر وغير المعلن للدوالر الجمركي في ذلك الوقت ،وصوالً إلى تعويمه في المستقبل
القريب (وهو ما تم بالفعل في وقت الحق) ،والشروع في رفع الدعم عن الخبز أيضا في المستقبل القريب (وهو ما تم بالفعل
من خالل السعر التجاري الذي أصبح اليوم هو السعر السائد وال وجود للسعر المدعوم) .وهنا يؤكد التحاف اإلقتصادي أن
الرفع التدريجي للدعم عن المحروقات بنسبة ،%75وعن الكهرباء بنسبة %41في موازنة العام 2020م المعدلة في يونيو
2020م وما تبعه من رفع كامل لدعم المحروقات في 9يونيو 2021م إنما هو يأتي ضمن قبول الحكومة وتنفيذها بالكامل
لشروط صندوق النقد الدولي ضمن برنامج مراقبة موفدي الصندوق ) (SMPوبرنامج اإلصالح الهيكلي ،ويعكس أيضا حاجة
الحكومة لتمويل العجز في إيرادات الموازنة العامة من خالل زيادة أسعار السلع الرئيسية وعلي رأسها الوقود ،بجانب زيادة
اإليرادات الضريبية غير المباشرة لتمويل اإلنفاق العام الجاري المتفاقم على مؤسسات السلطة اإلنتقالية وأجهزتها المترهلة
غير المنتجة وأيضا لتوفير التمويل الالزم للوفاء بمتطلبات إتفاقية جوبا التي تقدر بحوالي 7.5مليون دوالر سنويا لمدة عشرة
سنوات أي ما قيمته 7.5مليار دوالر بدون المخصصات والصرف الجاري علي قيادات وجيوش الحركات المسلحة.
ويرى التحالف اإلقتصادي ،أنه قد كان هنالك متسعا ً من الوقت سابقا لتراجع الحكومة اإلنتقالية ووزارة المالية إلى موقع
التفاعل مع مقترحات البدائل الوطنية واالعتماد علي النفس وحشد الموارد الذاتية لتجاوز األزمة اإلقتصادية التي تعصف
بالبالد ،ولتحقيق اإلستقرار في ميزان المدفوعات والميزان التجاري ولتخفيف األعباء المعيشية علي المواطنينن ووضع البالد
في مصاف التنمية االقتصادية الوطنية المستقلة .وينظر التحالف اإلقتصادي بكثير من اإلشفاق لنتائج سياسة تعويم سعر
الصرف ألن التعويم قد أدى إلى التصاعد في سعر صرف العمالت األجنبية مقابل الجنيه السوداني ،واإلرتفاعات المتواصلة
غير المسبوقة في األسعار كافة .فإن تشريعه والعمل به في ظل الندرة وفوضى األسعار وغياب أجهزة الدولة ،وفي ظل العجز
الكبير في احتياطيات النقد األجنبي حتما ً سيؤدي في مدى زمني ليس بالبعيد ،إلى إنهيار نقدي ينتهي إلى إنهيار إقتصادي يهدد
األمن القومي والسالمة اإلجتماعية في البالد ،وصوالً إلى مرحلة أن يعصف بوحدة البالد أرضا ً وشعبا ً.
-6لقد نصحت اللجنة اإلقتصادية وزارة المالية بعدم رفع الدعم ،أوالً :ألن نتائج الرفع ستنعكس في المزيد من إنخفاض في القوة
الشرائية للجنيه ،وكذلك في إرتفاع متفاقم في سعر الصرف وإلى إرتفاع متصاعد في المعدل العام ألسعار كثير من السلع
والخدمات ،وهذا التوقع ال يحتاج اليوم إلى دليل فواقع الحال المعاش يؤكده في أوضح صوره .وثانيا :أن وزارة المالية قد
نظرت للمحروقات المدعومة ب أنها سلعة يستهلكها ويستفيد من منفعة دعمها األغنياء ،خاصة رأت في البنزين وكأنه سلعة
كمالية مترفة يتنعم من دعمها األغنياء على حساب الفقراء الذين ال مصلحة لهم في هذا الدعم ،ولم تنظر الحكومة اإلنتقالية
إلي المحروقات كسلعة من زاوية حجم اإلستهالك الحكومي منها الذي ال يقل عن نسبة ،%60وال من زاوية أن قطاعا ً عريضا ً
من الشعب تصل إليهم منفعتها عبر قطاع النقل وسعر خدماته لألهالي ونقل مدخالت اإلنتاج والسلع المنتجة على سبيل المثال،
وعبر دور المحروقات والطاقة عموما ً في تكاليف اإلنتاج السلعي والخدمات األخرى ،بينما نظرت اللجنة اإلقتصادية آنذاك،
لكل المحروقات والطاقة الكهربائية من زاوية أنها مدخالت إنتاج ،وأن الزيادة في أسعارها ستنعكس على أسعار سلع وخدمات
عدة في إتجاه اإلرتفاع .وثالثاً :إن األغنياء اللذين تعني وزارة المالية أنهم المستفيدون من الدعم دون وجه حق (بإستثناء فئة
محدودة) ،هم في الواقع الغالب الطبقة الوسطى التي هبطت وأصبحت أقرب للطبقة الفقيرة في مقدرتها اإلقتصادية.
والطبقة الوسطى التي لم تنظر إليها وزارة المالية ،هي التي تعتبر عمود المنتصف في ماكينة التقدم لكل مجتمع ،وأن كل
الدول التي تقدمت اهتمت بها ورعتها ،وحرصت على توسيع قاعدتها لتصبح الطبقة الرأسمالية محدودة ،وطبقة الفقراء طبقة
قليلة وفي حدود يمكن أن تحتويها اإلعانات االجتماعية وبرنامج مكافحة الفقر من أجل االرتقاء بمستواها المعيشي ،ولكي
يكون غالبية الشعب منتمين للطبقة الوسطى العاملة في الخدمة العامة المدنية والعسكرية وفي مجالت الخدمات واإلنتاج في
القطاع الخاص ،ورابعاً :أن الدفاع عن رفع الدعم السلعي الذي روجت له وزارة المالية ،كانت في جوهرها مرافعة ضعيفة
ضد الدعم السلعي ،بينما الدعم السلعي هو أعدل وأقل تكلفة من الدعم النقدي المباشر .فإذا تم دعم سلعة السكر مثال فإن الثري
الملياردير سيستفيد من الدعم في حدود كيلو السكر الذي يستهلكه مع أسرته في األسبوع ،بينما قد يستهلك فقير إثنين كيلو في
األسبوع .وإذا تم دعم زيت الطعام مثال ،فإن كل مستهلك سيستفيد من منفعة دعمه ،في حدود إستهالكه ال أكثر ،سوا ٌء كان
فقيرأ ً أم ثرياً .ولماذا هذا العداء للدعم السلعي الذي تكون منفعته متاحة للمواطنيين كافة ،والحرص على إستبداله بالدعم النقدي
المباشر للفقراء حصرا ً والتي خاضت وزارة المالية أولى تجربة لتطبيقها في ضواحي العاصمة في محافظة شرق النيل ،سوبا
غرب ،في تجربة أقل ما يمكن أن توصف بها أنها فاشلة .وبالتالي فإن رفع الدعم عن السلع الرئيسية ال يعتبر توجها ً نابعا ً عن
وزارة المالية أو عن الحكومة اإلنتقالية ،ولكنه يعتبر أحد أهم الشروط المسبقة التي يفرضها صندوق النقد الدولي والدائنيين
علي كل الدول المدينة لضمان تسخير كل موارد الدولة للوفاء بأقساط ديونها كأولوية قصوي.
إن منهج وزارة المالية في النظر إلى سعر السلع الضرورية ،التي سيتم رفع الدعم عنها ،عند الحكم عليه بمعايير علم اإلقتصاد،
نجد أن تسعير السلع ،اليرتبط في المقام األول ،بسعرها في دولة المنشأ إن كانت سلعة مستوردة .إذ أن هنالك عدة عوامل
مؤثرة ،هي التى بموجبها يتم تحديد سعر السلعة أو الخدمة في كل اإلقتصاديات ،سواء عبرآليات السوق أم عبر دور الدولة
في التسعير .وفي مقدمة هذه العوامل ،مستوى الدخل ،القوة الشرائية للعملة الوطنية ،واألهمية النسبية للسلعة أو الخدمة ومدى
كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة 05إبريل 2022م
Page 30 of 54
توافر البدائل لها ،ودرجة ندرتها في السوق ،وكلفة انتاجها مع هامش الربح للمنتج أو المستورد …إلخ .وهنا يتضح أن سعر
السلعة المستوردة في دولة المنشأ ،له عالقة بتحديد السعر ،ولكن ليس في كل األحوال كما في المثاليين التاليين:
المثال األول :سلعتي الجازولين والبنزين عام 2013م ،عندما كان سعر صرف الجنيه السوداني في السوق الموازي يساوي 7
جنيهات:
البنزين الجازولين
6.5جنيه 4.00جنيه السعر بالجنيه
0.52سنت 0.49سنت السعر العالمي
3.64 3.40 كلفة االستيراد
2.86 0.60 الرصيد
ويتضح من الجدول أن الخزينة العامة ووزارة المالية ،كان تربح من إستيراد لتر الجازولين 0,60قرش ،ومن لتر البنزين 2,86
جنيه عام 2013م .إذن إن الفارق الكبير بين كلفة اإلستيراد وسعر البيع في السودان عام 2019م ،ليس مرتبطا بكلفة اإلنتاج ليعد
دعماً ،إنما ناتج عن اإلرتفاع المستمر في سعر صرف العمالت األجنبية مقابل الجنيه .فالجنيه السوداني كان مقياسا ً للقيمة منذ
ميالده عام 1957م ولمدة 15عاما ً على األقل ،يساوي 100رغيفة خبز ،أو 7,5سبعة ونصف كيلو لحمة عجالى ،أو 5كيلو
لحمة ضأن ،أو 20رطل سكر ...إلخ .وحتى عام 1972م ،تاريخ بداية الشروع في توحيد سعر الصرف وتخفيض قيمة الجنيه
السوداني بإضطراد .وبالتدريج لم يعد الجنيه مقياسا ً للقيمة ،بل فقط معيارا ً للسعر حتى أنه وصل إلى مرحلة أنه معيار للسعر
يحدده في الحال فقط ويتبدل في تحديد السعر بين ساعة وأخرى .لذا فإن سعر الصرف ال يصلح لإلعتماد عليه في تسعير السلع
المستوردة إال إذا تم تغيير السعر بين الحين والحين تبعا ً لتغيير سعر الصرف يومياً .لذلك يتوجب إعتماد العوامل المؤثرة األخرى
آنفة الذكر عند تسعير السلع المستوردة.
المثال الثاني :وإذا اعتمدنا سعر الصرف معيارا ً لتسعير السلع المستوردة ،نفترض أننا إذا وجدنا أن سعر قطعة الخبز 40غرام
في أمريكا أكبردولة منتجة للقمح بـ 1دوالر ،وكان 1دوالر بسعر الصرف يوم 2021/7/10م في السودان يساوى 450جنيهاً،
إذن باإلمكان شراء 150قطعة خبز أورغيف (تجاري) اليوم في السودان بـ 1واحد دوالر فقط .فهل يعني هذا أن قطعة الخبز
في السودان اليوم ،مدعومة بـ (149جنيها) في سعر الرغيفة الواحدة ،وانه يجب أن يعدل وتسعر الرغيفة الواحدة ب (150جنيها
للرغيفة الواحدة) .أم أن هذا المثال أوضح في الداللة على أن سعر الصرف لم يعد معياراً يعتمد عليه في تسعير السلع المستوردة
في السودان ،وال سيما أن ( )%95من السلع في السوق المحلي في السودان مستوردة .أم أن السلوك اإلقتصادي بالمعايير العلمية
في التسعير توجب عند تسعير السلع المستوردة أن تفعل وتقاس بالعوامل األخرى المؤثرة آنفة الذكر ،ألنها هي التى تصلح أن
نعتمد عليها في التسعير ،وليس سعر الصرف .ويعد الوصول لهذه النتيجة أهميته ألن وزارة المالية ستكون صباح كل يوم على
موعد مع صفحة أخرى لتسعر الجازولين ،والبنزين في إتجاه رفع أسعارها بدعوى رفع الدعم مرة أخرى للمواكبة بالسعرين،
للجازولين والبنزين لإلرتفاع الذي حصل في سعر الصرف .إذن أن البنزين والجازولين ،بل وحتى الدواء والخبز ،وكل السلع
المستوردة على موعد دائم ومتكرر مع رفع سعرها كلما ارتفع سعر صرف العمالت الحرة بالجنيه السوداني في كل حين .وطالما
تقرر تقنيين وإعالن تعويم سعر الصرف فإن أسعار السلع المستوردة كافة ،سيحددها السوق ،أي العرض والطلب في كل ساعة
إلى أخرى ،وحتما في إتجاه إرتفاع أسعارها باضطراد ،طالما منهج االقتصاد الوطني مستمد من شروط صندوق النقد الدولي
الذي يدير ظهره لمنهج تعبئة وحشد البدائل الوطنية واإلعتماد على الذات وال يعيرها اهتماما وال يطالب بها ضمن شروطه.
التوصيات:
-إشارة الي توصيات المذكرة المرفوعة من قبل التحالف االقتصادي لقوى ثورة ديسمبر المجيدة الي مجلس الوزراء فيما يلي
رفع الدعم عن المحروقات توصي الوثيقة بما يلي:
كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة 05إبريل 2022م
Page 31 of 54
-3تخصيص جزء من عوائد مرور نفط جنوب السودان كنفط خام لتقليل العجز في االستهالك المحلي وطرحه لالستهالك بسعر
تكلفة التكرير زائداً المنصرفات اإلدارية.
-1تعزيز سياسات االكتفاء الذاتي من الحبوب المختلفة وتقليل االستيراد علي المدي المتوسط والطويل مع المفاضلة بين بدائل
القمح المستورد ودعم مراكز البحوث البتكار بذور تتناسب مع جغرافية السودان.
-2تعزيز الصناعات الدوائية ومنحها كل التسهيالت الممكنة وإيجاد موطئ قدم للقطاع العام فيما يليها.
-3استيراد الدولة للسلع االستهالكية الكبري عبر جهاز الدولة من خالل وزاراتها المختلفة المتعلقة بكل سلعة منها الطاقة،
الصحة ،التجارة.
كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة 05إبريل 2022م
Page 32 of 54
الملف رقم ()8
السياسة التوسعية التي اتبعتها وزارة المالية في الموازنة العامة 2020م في اإلنفاق النقدي ضمن المخصصات التي إجازتها
وزارة المالية خارج الموازنة الحقا ً في الموازنة العامة المعدلة
لقد وضعت وزارة المالية في موازنة 2020م إيرادات متوقعة بقيمة 568,3مليار جنيه من ثالثة مصادر هي الضرائب ،المنح،
وإيرادات أخرى ،بزيادة %249عن ميزانية 2019م التى كانت تبلغ 162,8مليار جنيه ،ومصروفات متوقعة مقدارها 584,3
مليار جنيه +مصروفات التنمية 58مليارجنيه = 642,3مليار جنيه ،والمصروفات قبل إضافة إعتماد التنمية لها بنسبة زيادة
عامة مقدارها %200عن موازنة مصروفات 2019م التي كانت تبلغ 194,8مليار جنيه ،ولذلك تبين في الموازنة عجز مقداره
(73مليار جنيه) .وجاء في الموازنة البند ( 2تفاصيل المصروفات الجارية) أن الزيادة الكبيرة في البند ،2الفقرة ،1تعويضات
العاملين (لألجور والرواتب والمعاشات والتامين الصحي) إعتماد رصيد بقيمة 131,1مليار جنيه ،بنسبة زيادة %168عن
إعتمادات 2019م التي بلغت 58,6مليار جنيه .إال أن وزارة المالية في الموازنة قد أشارت إلى أن الزيادة في المصروفات قد
تركزت في دعم المحروقات ،ولذلك لم تستبعد اللجنة اإلقتصادية لقحت أن وزارة المالية بتلك اإلشارة ،كانت تمهد لرفع الدعم
عن المحروقات) ،19وأن يتم رفع الدعم السلعي بالكامل مستقبال ،ألن الموازنة قد اعتمدت في البند ،2الفقرة ،4اإلعانات أو
الدعم ،لدعم المحروقات والكهرباء والقمح ،والتعليم العالي واإلذاعة والتلفزيون مبلغ 255,4مليار جنيه ،بزيادة %380عن
موازنة 2019م التي بلغ إعتماد الدعم فيها 53,2مليار جنيه .ذلك ألن تضخيم هذا البند يعطي تبريرا ً وحجة قوية إللغائه ،والسيما
في ظروف عجز إيرادات الموازنة التي ألقت عليها وزارة المالية أعبا ًء إضافية بمصارف إبتدعتها خارج الموازنة ،تمثلت في
زيادة المرتبات بنسبة %569واعتماد 200مليار جنيه لمواجهة كورونا كوفيد ،19وتقدير أن الدعم النقدي المباشر سيكلف
لإلنفاق 500جنيه لـ 32مليون شخص ،نحو 1,9مليار دوالر كانت وزارة المالية ،والحكومة اإلنتقالية تتوقع أن يتكفل بها
المانحون في إجتماع المانيا /برلين اإلسفيري في 2020/6/25م.
ويتضح جليا ً عند التمعن في كل هذه اإلعتمادات أن لوزارة المالية فيها هدفان لتكييف الموازنة مع شروط صندوق النقد الدولي
هما رفع الدعم السلعي ،وتعظيم اإلنفاق النقدي المباشر بما يقنع الجهات الدولية بأن وزارة المالية في السودان ،ملتزمة بالمنهج
التوسعي في اإلنفاق المالي النقدي المباشر .وما يدعو للقلق أن عدم توافر موارد حقيقية لهذه النفقات قد دفع وزارة المالية في إتجاه
اإلصدار النقدي (طباعة النقود) ،ومفاقمة التضخم بأكثر مما هو عليه ،األمر الذي فاقم بالضرورة آثار التضخم بمزيد من إنخفاض
قيمة الجنيه وسعر صرفه وتصاعد في أسعار كافة السلع والخدمات الذي يدل عليها واقع الحال الذي يعيشه المواطنين اليوم .فبينما
حددت وزارة المالية في موازنة 2020م حوالي 60مليار جنيه كإصدار نقدي واستدانة من النظام المصرفي للسنة المالية كلها،
إال أن الموازنة قد تجاوزت هذا الحد في الربع األول من السنة ،وقد لجأت وزارة المالية لمزيد من التمويل باإلصدار النقدي في
عجز ال محالة قد تفاقم بإعتماد تمويل لفجوة الموازنة المعدلة 2020م بإستدانة إضافية من النظام المصرفي ،كتمويل بالعجز ،أي
إصدار نقدي بما قيمته 200مليار جنيه.
إن من مطلوبات صندوق النقد الدولي والدائنين األساسية من وزارة المالية في سياسة الدولة المالية والنقدية ،أن تتبع وزارة المالية
سياسة مالية توسعية .وفضال عن صندوق النقد والبنك الدوليين والدائنيين الذين طالبوا الحكومة اإلنتقالية بإتباع سياسة مالية
توسعية في عام 2020م ،منذ وقت سابق من وضع وإجازة موازنة 2020م ،انضم إليهم برنامج األمم المتحدة اإلنمائي أيضا .ففي
نشرة إقتصادية صادرة عنه بتاريخ 2020/3/24م ،حول األوضاع اإلقتصادية في السودان ،دعي السودان إلى إنتهاج سياسة
مالية توسعية من خالل اإلنفاق الحكومي ،وكذلك اإلنفاق المصرفي بخفض تكلفة إقراض المال خاصة المرابحات لمواجهة األثر
اإلقتصادي السالب إلنتشار فيروس كورونا .وأكدت النشرة على ضرورة توسيع شبكات األمان والدعم النقدي المباشر للمواطنيين
األكثر تأثرا ً بحدة الفقر ،والعمل على رفع نسبة اإلنتاج لإلكتفاء الذاتي في مختلف واليات السودان .20وتوقع البرنامج في النشرة
تراجع المنح والمساعدات األجنبية للسودان لتناقص موارد الدول المانحة ،األمر الذي ،كما نص البرنامج ،قد يعيق تنفيذ موازنة
2020م التي تعتمد على المنح األجنبية .كذلك جاء في النشرة أن دول السعودية واإلمارات وقطر مواجهة بإنخفاض عائداتها من
النفط وستكون أقل كرما ً مع السودان .كذلك توقعت نشرة البرنامج تزايد البطالة بين الشباب والنساء العاملين في القطاع غير
المنظم ،بائعات الشاي ،والباعة المتجولين ،والتراجع في عرض السلع الغذائية والمواد الضرورية وارتفاع نسبة التضخم .وكانت
وزارة المالية قد أكدت أنها قد إتبعت في سياستها المالية لعام 2020م سياسة توسعية إال أنها توقعت تمويل الصرف التوسعي من
مصادر حقيقة .وتقصد وزارة المالية بالمصادر الحقيقية التي أعلنتها وفورات رفع الدعم السلعي للمحروقات والكهرباء ،وعائدات
أموال إزالة التمكين من الشركات الحكومية والرمادية والعقارات واألرضي التي آلت للملكية العامة تحت والية وزارة المالية
والتي كانت تنوي خصخصتها وبيعها مباشرة أو في صورة أسهم ألصحاب الفوائض من المهيمنين على االقتصاد منذ عهد نظام
19الموازنة 2020م ،المرجع السابق ،البند ،2تفاصيل المصروفات الجارية ،ص ص .52 – 51
20موقع وكالة األنباء السعودية في الشبكة الدولية ،في 2020 /3/24م ،فضالً عن وكاالت أخرى عدة في التاريخ نفسه.
كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة 05إبريل 2022م
Page 33 of 54
اإلنقاذ وحتى اليوم .فقد كانت سياسة الحكومة اإلنتقالية الملتزمة تماما بشروط صندوق النقد الدولى وحتى انقالب 25أكتوبر
2021م تساعد وتمهد ضمنا لعودة أتلك األموال واألصول لتمكين نفس الطبقة المتحكمة في االقتصاد بشكل آخر.
إن كثير من ثغرات موازنة 2020م في األرقام التي كانت تتضمنها وفي الظروف التي أحاطت بتطبيقها وما استجدت من قرارات
من وزارة المالية حول بنودها خارج الموازنة ،قد جعلتها غير دقيقة وفي حاجة إلى إعادة النظر كليا ً بموازنة بديلة .فعلى الرغم
من أن موازنة 2020م قد إتبعت في مصادر إيرداتها الثالثة ،الضرائب بتقديرات بلغت 159مليار جنيه بزيادة %57عن موازنة
2019م البالغة 101,2مليار جنيه وتشكل %28من إجملي اإليراد الكلي للموازنة ،فقد تراجعت تقديرات الضرائب بسبب اإلغالق
لمواجهة أزمة كورونا إلى 55مليار جنيه ،وأن المصدر الثاني المتمثل في المنح األجنبية المتوقعة بقيمة 156مليار جنيه لم يصل
منها أي مبلغ نهائيا ً طوال عمر الموازنة ،وكذلك المصدر الثالث في إيرادات الموازنة ممثال في المبلغ الذي ضعته وزارة المالية
وقيمته 110مليار جنيه كإيرادات موعودة من منظومة الصناعات الدفاعية مقدارها 2دوالر ،إال أن المنظومة نفت ذلك الحقا
ووعدت فقط أن تنظر في إمكانية أن تستورد لصالح وزارة المالية سلعا بعائدات صادرها في حدود 1مليار دوالر على أن تستوفي
ما يعادل إنفاقها على إستيراد هذه السلع بالجنيه السوداني ،األمر الذي لم يتم أيضا ً طوال عمر الموازنة 2020م وحتى نهاية السنة
المالية .وهنالك 90مليارجنيه وضعتها وزارة المالية لتستوفيها من األموال المستردة بلجنة إزالة التمكين وهي عبارة عن عقارات
وأراضي كانت معظمها حتى نهاية السنة المالية في طور التقاضي ويصعب تسييلها وال تتصف بصفة إمكانية إستدامتها واعتمادها
كمصدر لإليرادات في الموازنة علي المدي القصير .وهنالك أيضا 143مليار جنيه عبارة عن عائدات رفع الدعم عن المحروقات
وهي رقم لم يأخذ في اإلعتبار أو يراعي أن %60من المحروقات تستهلكها آليات وعربات المؤسسات والهيئات الحكومية .كما
تم رصد مبلغ 206مليار للمرتبات ،وهو مبلغ غير كافي لتغطية زيادة بنسبة %569في المرتبات وظهر العجز فيه منذ الشهر
األول .فضالً عن أن كثيرا ً من اإليرادات المتوقعة في بند اإليرادات األخرى ،21كانت توجد مؤشرات واضحة الداللة على أنها
إيرادات مشكوك في تحققها كليا ً أو جزئياً .ومن واقع اإليرادات وما طرأت عليها وأظهرت بجالء عدم واقعيتها ،سيكون عجز
الموازنة أكبر كثيرا ً من مبلغ الـ 73مليار جنيه المذكور في وثيقة الموازنة 2020م .فضالً عن اإلعتمادات التي أقرتها وزارة
المالية خارج الموازنة وأعلنها الدكتور البدوي في إجتماعه المشترك الذي ضم إدارات الوزارة ولجنة الخبراء اإلقتصاديين لقحت
في مبنى وزارة المالية في مارس 2020م ،وكما يأتي 30 ،ملياركدعم غير مسبوق للقطاع الصحي لمواجهة كرونا 45 ،مليار
جنيه لدعم األسر في القطاع غير المنظم 20 ،مليار جنيه لدعم الجمعيات التعاونية لتوفير السلع من المنشأ للمستهلك بسعر التكلفة،
75مليار جنيه لهيكلة النظام الراتبي الجديد 30 ،مليار جنيه إعتمادات للمسرحين وبند للعطالة من الخريجين وإعانات ضمان
إجتماعي .وبذلك تبلغ جملة هذه اإلعتمادات 200مليار جنيه .فضالً عن أن في نية وزارة المالية وقتها كما أعلنها وزير المالية،
أن تقدم للقطاع الخاص (السيما المشاريع الصغيرة) دعم نقدي بإعفاءآت ضريبية ،وتجميد سداد الديون ،وتقديم قروض مصرفية
بشروط ميسرة .وهكذا فقد كانت الحكومة اإلنتقالية ووزارة ماليتها ضمن سعيها للوفاء بشروط صندوق النقد الدولي تتبع سياسة
نقدية توسعية دون حساب وتعتمد أرقام ومخصصات ليس لديها موارد حقيقية لتغطيتها وهو ما يشير إلي عدم اهتمامها نهائيا
بااللتفات لحشد الموارد الذاتية وهو ما يؤكد ضعف خبرتها وعدم مراعاتها ألبسط قواعد علم اإلقتصاد التي تحكم إدارة المالية
العامة للحكومات الرشيدة في التاريخ الحديث والمعاصر.
إن من ثوابت مطلوبات صندوق النقد الدولي ،وكذلك الدول الصناعية الكبرى الدائنة من الدول المدينة العاجزة عن الوفاء
بمديونياتها ،والسيما مستعمراتها السابقة ،والتي في الوقت نفسه تعاني عجزا ً في موازناتها العامة وفي حاجة لمنح وإعانات
وقروض إسعافية ،أن تطالبها بزيادة الجهد الضريبي وتوسيع مظلته ،وبالمزيد من اإلصالح اإلقتصادي وإعادة الهيكلة
والخصخصة ،وبإستبدال دعمها السلعي بدعم نقدي مباشر ،وبتعويم عمالتها الوطنية ،وعلى نحو عام تطالبها بإتباع سياسة مالية
توسعية في اإلنفاق النقدي الحكومي والمصرفي وذلك لتضمن وفاء الدول المدينة بأقساط ديونها كأولوية قصوي وفي المقام األول
دون أي أعتبارات اقتصادية أخري تراعي مصلحة الشعب ومصلحة االقتصاد الوطني .وهذه الدول الدائنة بعد أن أغرقت أسواق
الدول المدنية بسلعها المصنعة المصدرة إليها بنسبة تصل إلى %95من إجمالي سلع المعروضة في السوق المحلي ،كما سيطرت
على أذواق المستهلكين في هذه األسواق ،وضمنت تدني اإلنتاج واإلنتاجية وضعف القدرة على اإلحالل في إقتصاديات هذه الدول
المدينة ،قد أصبح يهمها في المقام األول الغاء الدعم السلعي ،وتطبيق السياسة المالية التوسعية في اإلنفاق الحكومي والمصرفي
(النقدي) في هذه األسواق لتعظيم الطلب فيها .ذلك ألن هذا الطلب يحرك زيادة اإلنتاج السلعي في الدول المصدرة .كذلك ألن
اإلنفاق على االستيراد منها ،تدفع الدول المستوردة في إتجاه اإلنفاق على وارداتها المتعاظمة بتصدير المواد الخام ،وفوائض
عمالتها إلى الدول الغنية .لذلك فإن وزارة المالية ولتنفك من هذا اإلسار ،عليها أن تأخذ بالمقترحات الواردة في هذا البرنامج الذي
21جريدة التيار ،لقاء عثمان ميرغني ،حديث المدينة (شركة في إنتظار التفكيك) ،أكد الدكتور إبراهيم البدوي أن عائدات هيئة الطيران المدني ،رسوم مرور الطائرات
بممرات أجواء السودان ،التي وصفها عثمان ميرغني رئيس التحرير ،بأنها تبلغ نحو 500مليون دوالر وقد يصل المتراكم منها للمليارات ،تتحصلها شركة في سويسرا
وتضعها في حساب في بنك أبو ظبي خارج الموازنة العامة ،وأن وزارة المالية حتى2020 5/15م تاريخ اللقاء ،ال تعلم عن أرصدتها أية معلومات.
كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة 05إبريل 2022م
Page 34 of 54
يقوم على أساس سياسة اإلعتماد على الذات في تنمية عائدات اإلقتصاد الوطني من النقد األجنبي عبر خمسة بدائل وطنية من
موارد النقد األجنبي ستكفي وقد تفيض عائداتها عن إحتياجات المكون األجنبي للموازنة العامة ،والتي تطرقت إليها هذه الوثيقة
بشكل تفصيلي .لتضع الحكومة اإلنتقالية ووزارة المالية فيها منهج اإلعتماد على الذات ،مكان الرهان الذي ال طائل من ورائه
على المنح والمعونات والقروض األجنبية.
كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة 05إبريل 2022م
Page 35 of 54
الملف رقم ()9
إسهام إسترداد دور الدولة في الملكية والنشاط اإلقتصادي في حل مشكلة اإلقتصادية ،وتجميع عائداتها من العمالت الحرة
في تعظيم عائدات تدفقات النقد األجنبي في إيرادات الموازنة العامة
إنه من المهم لسد الفجوة في الموازنة العامة من النقد األجنبي فضالً عن النقد المحلي ،إسترداد الدولة لدورها التنموي في العملية
اإلقتصادية عبر إستعادة القطاع العام لدوره على نحو متدرج في النشاط اإلقتصادي ،بإستعادة ملكية وتشغيل مرافق الخدمات
التي كانت تمتلكها وسلبت منها بالخصخصة والتصرف بالبيع الجائر ،وإعادة تأسيسها أو تأهيلها وال سيما في قطاعي خدمات
النقل واإلتصاالت ،مثال الخطوط البحرية (سودان الين ) ،والخطوط الجوية السودانية (سودانير) ،السكك الحديدية ،واستعادة
ملكية الدولة ونشاطاها اإلقتصادي في قطاع االتصاالت وذلك وفقا لما يلي:
-1ال يجوز أن تفقد الدولة لناقل وطني بحري بعد 60ستين عاما ً من تأسيسه ،وال يضم في الوقت الحالي حتى سفينة واحدة للنقل
البحري بعد أن كان يضم حتى 1989/6/29م عشية إنقالب الجبهة اإلسالمية القومية 15سفينة تعتبر ثاني أسطول بحري في
إفريقيا بعد أسطول جنوب إفريقيا بحمولة إجمالية مقدارها 122,679طن ينقل ( %46من الصادرات الوطنية ،و %51من
الواردات ،وظهيره ساحل بطول ( 670كلم) يطل على البحر األحمر الذي يتوسط تواصل شرق العالم وغربه.
-2وكذلك ال تمتلك شركة الخطوط الجوية السودانية (سودانير) غير طائرة واحدة تم العثور عليها بعد بحث مضن في دولة
أوكرانيا بعد سقوط نظام اإلنقاذ ،بعد أن باع نظام اإلنقاذ كل الطائرات التي كانت تصل بانتظام إلى معظم أهم العواصم العربية
واإلفريقية وكل عواصم دول أوربا الغربية .ومطار الخرطوم يتوسط إفريقيا ،ويمر في سمائه ( )42ممر جوي ،ويترحل جواً
سنويا منه وإليه عبر مطار الخرطوم ما يربو على 4أربعة مليون مسافر 22من السودانيين المغتربين ،بطائرات نحو 24
شركة طيران عربية وأجنبية تقدم خدماتها لهم حتى في الميناء الجوي للعاصمة السودانية مطار الخرطوم.
-3والسكك الحديدية التي تأسست عام 1875م وغدت لها مكانة إقليمية ودولية ،بطول 5,978كلم بعد أن كانت تمتلك عشية
إنقالب الجبهة اإلسالمية وقيام نظام اإلنقاذ في 1989/6/30م 314قاطرة ،و 4,186عربة منها ما هو لنقل المواطنيين ومنها
ما هو لنقل الحيوانات والبضائع وتانكرات لنقل المحروقات والزيوت ،وورش تأهيل وصيانة وإدارة يعمل فيها حتى
1989/6/29م 36,000ألفا ً من العمال والموظفيين والفنيين والمهندسيين .وتنقل 4مليون طن من البضائع تشكل نسبة %90
من إجمالى طاقة النقل البري وأقلها تكلفة في االقتصاد الوطني .وهي اآلن تعايش تدهورها المتمثل في الخصخصة والتمكين
لشركات وقيادات غير كفوءة ،نتج عنها ضياع الخبرة المتراكمة في عمرها الممتد منذ عام 1875إلى عام 1989م ،وتدهورت
ورش التأهيل والقدرة على الصيانة ،بينما تعطلت القاطرات وآالف العربات .وتدهورت أوضاع القضبان والمحطات وفقد
المرفق قاعدة العاملين وفرصة النشاط اإلقتصادي كناقل كفوء قليل التكلفة ورابح في الوقت نفسه.
-4وفي مجال اإلتصاالت فقد القطاع العام سوداتل التي كانت تمتلك الدولة معظم أسهمها وتحقق معدل أرباح في متوسطها ،%65
ومعدل عائد سنوي وصل في عام خصخصتها 300مليون دوالر ،وملكية السودان في أسهمها ( ،)%80بينما الشريك
(الكويت) التي آلت إليها الشركة بالخصخصة تمتلك ،%20ويعايش اإلقتصاد الوطني حاليا 4شركات إتصاالت تربح نحو
4مليار دوالر وتشكل بإصدارات كروت الشحن سلطة رديفة لسلطة بنك السودان في اإلصدار النقدي ،ولها الكفة الراجحة
في اإلستحواذ على عوائد النقد األجنبي عن الصادر السلعي النقدي لإلقتصاد الوطني السيما الثروة الحيوانية والحبوب الزيتية.
بينما تدفع فقط % 7ضريبة على أرباحها بالعملة الوطنية ،من جملة أرباحها التي تبلغ المحولة منها بالنقد األجنبي بالنافذة
الرسمية نحو 3,6مليار دوالر إلى 4مليار دوالر في السنة.
التوصيات :
-1أن تضع لجنة البحوث والدراسات برنامجا وخطة إلعادة تأهيل وتأسيس مرافق القطاع العام في قطاغ النقل واإلتصاالت.
-2أن يرفع التحالف اإلقتصادي ولجنة البحوث والدراسات اإلقتصادية فيها البرنامج والخطة للسيد رئيس وزراء حكومة الثورة
القادمة للمصادقة بالتنفيذ.
-3المتابعة عبر لجنة البحوث والدراسات فيها مهمة التنفيذ مع الجهات المختصة التي عليها توفير المتطلبات وإنجاز المهمة.
-4استرجاع وزارة األشغال السابقة بكل المهام التي كانت تضلع بها.
22سافر عبر مطار الخرطوم ( 4,163ماليين ومائة وثالثة وستون ألف راكبا ً عام 2016م) ،و ( 4276ماليين ومئتان وستة وسبعون ألف راكبا ً عام 2017م) .و ( 3ثالثة
ماليين عام 2018م وفق إحصاءآت رسمية صادرة عن مطار الخرطوم 900 ،تسعمائة ألف منهم على الخطوط السعودية ،والبقية على 23شركة أخرى) .ومتوسط
البضائع المنقولة في السنوات الثالثة ( 37ألف طن سنويا ً ).
كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة 05إبريل 2022م
Page 36 of 54
الملف رقم ()10
توفير متطلبات سد الفجوة في الموازنة العامة بالنقد المحلي
تأخذ هذه الورقة صيغة التوصيات بما يأتي:
-1مراجعة وتصويب فصول وفقرات أساسية في بنود شقين في موازنة وزارة المالية للعام الحالي 2021م والتالي 2022م،
للوصول إلى أربعة أهداف مهمة:
الهدف األول :إعادة ترصيد العديد من بنود اإلنفاق ،بإلغاء بعض بنودها ،ودمج بنود أخرى قابلة للدمج مع غيرها ،وتخفيض
الصرف على بعضها اآلخر ،وعبر الوفورات المتحققة ،من إعادة النظر في حجم األموال المرصودة لبعض المصروفات في هذه
البنود ،يمكن تضييق فجوة الموازنة ،وكذلك يمكن تمويل التنمية بها أو بجزء منها .23
الهدف الثاني :ترشيد اإلستيراد ،بإستبعاد استيراد بعض السلع غير الضرورية ،ما تسمى بالسلع الهامشية ،أو تلك التي يمكن أن
تكون لها بدائل محلية ،ولحين تجاوز أزمة الفجوة في الموازنة.
الهدف الثالث :إتخاذ إجراءآت لزيادة اإليرادات ،كزيادة ضريبة األرباح على شركات اإلتصاالت من %7إلى %40مع إلغاء
ضريبة القيمة المضافة ،مراجعة اإلعفاءآت الضريبية ،وسد ثغرات الجباية األلكترونية ،إحالة المتراكم من األموال المجنبة لدى
الوزارات كافة لوزارة المالية وإيقاف التجنيب ،تأكيد الوالية العامة المركزية عبر وزارة المالية على الشركات الحكومية ،وشمول
مظلة المراجعة القومية على المال العام خاصة أصول وعائدات الشركات الحكومية ،تخفيض اإلنفاق الحكومي غير الضروري،
وترشيد التصرف في عائدات شهادات اإلستثمار الحكومية بتوظيفها في اإلستثمار اإلنتاجي والخدمي ...إلخ.
الهدف الرابع :تصويب مجمل موازنتي 2021م ،و2022م بإعادة النظر في تعبئة إيراداتها وتخصيص مصارفها بدقة.
-2إهتمام الموازنة بدور الدولة أي القطاع العام في زيادة اإلنتاج واإلنتاجية والحماية والدعم:
أوالً :وضع خطة محكمة لتطوير أداء اإلقتصاد الوطني لرفع مستوى اإلنتاج واإلنتاجية في كل المرافق الخدمية والمنشآت
والمشاريع اإلنتاجية الزراعية والصناعية ،بتأهيلها للعمل بطاقات التشغيل الكاملة وإعطاء أولوية في التمويل لتوفير قطع الغيار
والمعدات الضرورية لصيانتها وتمويل مدخالت اإلنتاج وبخاصة من المكون األجنبي لها.
ثانياً :إستعادة الدولة لدورها في الحماية اإلقتصادية بسياسات الحماية الجمركية وبالدعم العام بالتمويل لمدخالت ومتطلبات اإلنتاج
الوطني في قطاعي الزراعة والصناعة لتعزير قدرتها التنافسية مع السلع المستوردة التي تنافسها في إشباع الحاجات وتلبية الطلب
في السوق المحلي ،ولرفع إسهامها في نطاق العرض بإحالل بدائل للسلع المستوردة المثيلة ،وكذلك لتأهيلها بالدعم والحماية إلنتاج
سلع تكون مؤهلة في مواصفاتها للمعايير العالمية.
ثالثاً :مراعاة أولويات متطلبات منهج اإلعتماد على الذات في قطاعي اإلنتاج الزراعي (النباتي/الحيواني) ،وقطاع اإلنتاج
الصناعي المتمثلة فيما يلي:
-1أن يعطى لزيادة اإلنتاج واإلنتاجية دور مؤكد للدعم الحكومي للقطاع الزراعي عبر تأكيد تجميد أو إعفاء مديونية القطاعين
وبخاصة الزراعي ،والعودة في المشاريع المروية الكبري لنظام الحساب المشترك خاصة لزراعة القطن ،وتمكين
المزارعين في هذه المشاريع من تأهيل جمعياتهم التعاونية الزراعية وتطوير آلياتها وتقنياتها بمستوى يواكب العصر الحالي.
-2تقديم دعم يوازي اإلهتمام بالقطاع الزراعي ،بالتمويل بالنقد المحلي والمكون األجنبي للقطاع الصناعي الخاص والعام
خاصة الدعم والرعاية التي تمكن القطاع الخاص الصناعي ،ال سيما في الصناعة التحويلية ،من تأهيل منشآته وتوفير
مدخالته اإلنتاجية ،خاصة في صناعات الدواء ،والكيماويات ،والزيوت ،والصابون ،والسكر ،والنسيج ،ومدابغ الجلود
والمصنوعات الجلدية ،والبالستيك ،والصناعات البترولية ،ومواد البناء.
-3إستعادة القطاع العام لمرافقه التي كان يوظفها في التجارة الخارجية بأن تتولى الدولة في حيز اإلستيراد ،إستيراد السلع ذات
الربحية المضمونة والمتميزة بارتباطها بحاجة الناس ،كإستيراد الطاقة (المحروقات ،عبر وزارة الطاقة) ،والقمح والدقيق،
والسكر ،عبر وزارة التجارة ،واألدوية عبر وزارة الصحة وإدارة اإلمدادات الطبية .على أن تؤهل الدولة مرافقها التي
تضمن سالمة توزيع هذه السلع.
مرفق تقرير يتضمن البنود المرشحة إلعادة الترصيد باإللغاء والتغفيض والدمج من إعداد خبراء إقتصاديين من لجنة المقاومة في وزارة المالية. 23
كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة 05إبريل 2022م
Page 37 of 54
-3أهم إجراءآت إزالة التمكين في شقه اإلقتصادي:
-يتمثل أحد أهم مفاتيح حل األزمة اإلقتصادية ،وتعزيز فاعلية البدائل الوطنية في سد فجوة العجز في الموازنة العامة أيضا ،في
5خمسة إجراءات تتطلبها إزالة التمكين في شقه اإلقتصادي ،ويمكن عرض هذه اإلجراءآت بإيجاز فيما يأتي:
(أوالً) تبديل العملة.
(ثانيا ً) حصر ومراجعة عائدات حقوق ملكية الشركات الحكومية ،بما يضع كل المال العام تحت والية وزارة المالية واإلدارة
الفنية لكل وزارة مختصة ،وتحت مظلة ديوان المراجعة القومي .وحصر ومراجعة شركات القطاع الخاص الرمادية ،للوقوف
على أوضاعها القانونية في سجالت مسجل الشركات بوزارة العدل ،وعلى موقف شمولها بمظلة المراجعة القانونية لموازناتها
وميزانياتها ،وتدقيق ملفاتها للتحرى عن مقراتها ،ومجاالت نشاطاتها ،وعن مدى إلتزامها بأعبائها الضريبية ،وعن وفائها بحقوق
الدولة في أصولها وعوائد أرباح الدولة من أسهمها فيها ،ومدى وفائها بحقوق الخزينة العامة في مداخيلها من النقد األجنبي.
(ثالثا ً) إصالح النظام المصرفي ،والضريبي.
( )1إصالح النظام المصرفي وإعادة هيكلته:
-خارطة الطريق :نحو تدقيق وتصويب وتوفيق أوضاع النظام المصرفي اإلسالمي في السودان وإعادة هيكلته:
توصي هذا الوثيقة ،أن يكلف بتدقيق أوضاع كل بنك من البنوك العاملة في البالد ،لجنة من ممثلين لوزارة المالية والمصرف
المركزي والنيابة العامة ،والجهتين األمنية والشرطية ،وقانونيين ومراجعيين ومحاسبيين وإداريين ماليين ،ومصرفيين.
يجب أن يكون في مقدمة مهمات اللجنة المكلفة بتدقيق أوضاع كل مصرف على حدة أن تعمل أوالً للحصول على المستندات
والوثائق والمعلومات الالزمة إلمتالك قاعدة بيانات عما يأتي:
أسماء المؤسسين وحملة األسهم ،على أن يتم التركيز على المالكين وقت الخصخصة ،ألنهم استفادوا من ملكيتهم ➢
للمصارف في الحصول على تسهيالت لمجموعاتهم االئتمانية وأسهموا بذلك في إضعاف المراكز المالية لهذه
المصارف .ومن ثم تخارج العديد منهم نسبيا ً من الملكية لجهات حكومية وشبه حكومية مثال الضمان اإلجتماعي ،ولكنهم
لم ينسحبوا من صدارة قائمة المتمولين ومن الهيمنة اإلدارية أو التأثير بشكل أو بآخر على القرار في هذه المصارف.
بيانات الوضع المالي للمصرف من حيث الودائع بأنواعها كافة ،واألصول المملوكة والمطلوبات ،وبيانات المدينين. ➢
قوائم بأسماء العمالء المتمولين بالقروض الممنوحة في تاريخ عمل المصرف منذ تأريخ خصخصة النشاط المصرفي ➢
في السودان ،وحجمها واألغراض الممولة (إنتاجية ،خدمية) ،وأداة التمويل (مضاربة ،مشاركة ،مرابحة ،سلم ...إلخ.
وضمانات الوفاء المقدمة مقابل اإلئتمان الممنوح ،وحركة الوفاء بالمديونيات ،وحاالت اإلعسار والتسهيالت وإعادة
الجدولة ،واإلعفاءآت من المديونيات والمستفيدون منها.
المتبوئو ن مواقع رئاسة وعضوية مجالس اإلدارات والوظائف اإلدارية العليا .وتحديد عالقتهم بتأسيس البنك وبملكية ➢
أسهمه ،ومدى إستفادتهم من وتسهيالته ،ومدي إرتباطاهم بأجهزة الدولة السيادية والتنفيذية واألمنية والنافذين فيها.
إجراء تدقيق مماثل لما جاء أعاله لكافة األصول والشركات المملوكة كاملة أو بأسهم من كل مصرف ،والنشاطات ➢
واإلستثمارات المباشرة لكل مصرف داخل وخارج السودان .على أن تعامل بعد حصرها كجزء ال يتجزأ من موجودات
المصرف وعائدا ً لكافة المؤسسين وحملة األسهم وأصحاب الودائع اإلستثمارية.
كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة 05إبريل 2022م
Page 38 of 54
➢ تدقيق عالقة كل مصرف بالنقد األجنبي عبر النشاط في الصادر وتحويالت المغتربيين وشراء ذهب المعدنيين،
واإلستثمارات والنشاط التجاري بالنقد األجنبي مباشرة عبر المصرف أو عبرشركات تابعة داخل وخارج السودان.
➢ الوضع الدائن والمدين في حسابات كل مصرف مع الدولة والمصرف المركزي ،سواء عن تمويل أو خدمة الدين أو
ناتجة عن شراء وبيع شهادات اإلستثمار الحكومية.
عدم اإلضرار بحقوق فروع المصارف األجنبية والمشتركة المكفولة بعقود التأسيس ،فيما عدا نظام العمل بنافذتين. ➢
عدم اإلضرار بحقوق المساهمين من غير السودانيين في أصول إستثماراتهم وأرباحهم وودائعهم ،وكذلك في حقوقهم في ➢
إستمرار توظيف أموالهم في اإلستثمار داخل السودان وفق التعاقدات السارية معهم.
مراعاة حفظ حقوق كافة العاملين في البنوك المشمولة بتدقيق األوضاع وتوفيقها وإعادة هيكلتها وعدم اإلنتقاص من حقوقهم ➢
في اإلستمرار في العمل ،ودرجاتهم الوظيفية ،وحقوقهم الناتجة عن سنوات الخدمة ،واستحقاقاتهم وفق عقود العمل السارية،
وتكييف كل ذلك مع نظم العمل والحقوق التي يتطلبها تصويب أعمال هذه المصارف وبما يتناسب مع مؤهالتهم وخبرتهم
وكفاءتهم.
صيانة حقوق كافة أصحاب الودائع بكافة أشكالها ،وحفظ حقوقهم في إختيار نوافذ العمل المتاحة التي يرغبون في إدراج ➢
حساباتهم فيها عند تطبيق نظام النافذتين.
عمل إجراءآت التصفية والدمج متي اقتضي الوضع المالي للمصرف ومديونيته وأصوله ،والمصلحة العامة ،وصيانة حقوق ➢
المودعين والعاملين ،في حالة إتخاذ مثل هذه اإلجراءآت.
إلغاء القرار الوزاري رقم 69الصادر في /14سبتمبر (آب) 1990م الذي قضى باألسلمة الشاملة للنظام المصرفي في ➢
السودان ،وإلغاء كافة القوانيين ونظم العمل التي اتبعت في العمل المصرفي إستناداً إليه ،وإعتماد نظام العمل بنافذتين ،نافذة
للعمل بنظام الفائدة المصرفية ،ونافذة أخرى إلى جانبها تعمل بأدوات العمل البديلة (اإلسالمية) ،في كافة المصارف العاملة
حاليا ً بعد تدقيق وتوفيق أوضاعها وإعادة هيكلتها .على أن تكون هذه المصارف بمثابة الفرصة المتاحة لرؤوس األموال
الخاصة في اإلستثمار المصرفي ،إلى جانب مصارف القطاع العام الخمسة التي ستؤسس إلى جانبها.
مراجعة األخطاء التي صاحبت خصخصة القطاع المصرفي ،والوقوف على تمويالت كل مصرف وتدقيق مدي مراعاتها ➢
لضوابط العمل المصرفي في منح اإلئتمان ومالءمة أغراضه وإستيفاء حقوق المودعين .وتقويم أغراض التمويل وأهداف
إختيار المتمولين ومدى تقيدها بمتطلبات التمويل التنموي واسترداد الحقوق العامة وحقوق المودعين إن تعرضت ألي تغول.
وضع أسس جديدة لتنظيم حقوق النشاط اإلقتصادي الخاص في صلتها بملكية حقوق التأسيس واإلستثمار وملكية األسهم في ➢
النشاط المصرفي ،بما يوسع قاعدة المالكين ،ويحفظ للدولة حيزاً في الملكية لكل مصرف من مصارف القطاع الخاص
عامل في البالد ،وبما يبرئ العمل المصرفي من التسييس والتمييز ومخاطر التمكين واإلنحراف عن دوره المهني والوطني.
ويضمن في أدائها ألعماله المصرفية التقيد بتقاليد العمل المصرفي المهنية السليمة ،التي تحقق سالمة أدائه لوظائفه الثالثة،
تعبئة المدخرات ،وتمويل اإلستثمارات ،وتقديم الخدمات المصرفية.
ً
تأسيس خمسة بنوك مملوكة للقطاع العام تعمل جميعها بنظام سعر الفائدة حصرا مصرف زراعي ،ومصرف صناعي، ➢
ومصرف عقاري ،ومصرف تجاري ،ومصرف للمغتربيين ،على أن تعبر هذه المصارف في تمويالتها عن الدور التنموي
للدولة في تقديم الدعم العام للقطاع اإلنتاجي الزراعي ،والصناعي على نحو خاص ،والخدمي ،والبنية التحتية على نحو
عام.
ربط مؤسسة مصرفية مدعومة برصيد من المالية وبنسبة من ودائع البنوك ،تكون بمثابة محفظة مستقلة ،لتقديم التمويل ➢
األصغر للمهنيين والشباب بهد ف محاربة البطالة ،وتوسيع قاعدة إسهام اإلستثمارات الصغيرة في التنمية اإلنتاجية،
والخدمية.
كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة 05إبريل 2022م
Page 39 of 54
➢ إعادة تأسيس البنك القومي لإلستيراد والتصدير ،ليخدم قطاع الصادر ال سيما شركات المساهمة العامة العاملة فيه.
➢ إعادة تأسيس مصرف التنمية التعاوني ليعمل على خدمة النشاط التعاوني اإلنتاجي واإلستهالكي.
(رابعا ً) مراجعة كافة أعمال لجنة التصرف في الممتلكات العامة ،أي مراجعة إجراءآت الخصخصة والتصفية بالبيع التي نفذتها
اللجنة في ممتلكات الدولة بالخصخصة والتصفية بالبيع ألقيم مرافق الدولة الخدمية ومنشآتها اإلنتاجية في صفقات جميعها فاسدة.
ذلك ألن كافة هذه الصفقات قد صبت في إطار التمكين لفئات بعينها مرتبطة بالنظام السابق ،وعلى حساب حقوق الشعب في
ممتلكاته وثروته وموارده اإلقتصادية وعائداتها .وهذه المراجعة ستسهم في إسترداد الكثير من األموال المنهوبة يمكن أن تكون
قد تم التعدي عليها عبر التصرف بالخصخصة والبيع الجائر في مرافق ومنشآت القطاع العام ،ال سيما ما تم نهبها من أصول
المرافق والمنشآت التي تم التصرف فيها بالخصخصة والبيع.
(خامساً) يؤكد منهج اإلعتماد على الذات على أن الرد الصائب على ما فعلت لجنة التصرف في ممتلكات القطاع العام ،يتمثل في
أن يم َّكن القطاع العام من إسترداد مرافقه الخدمية ومنشآته اإلنتاجية ،ومن إعادة تأهيلها لتتمكن الدولة مجددا ً من توظيف ريوعها
وأرباحها من ممتلكاتها ،في اإلنفاق العام على مجانية التعليم والعالج ودعم اإلنتاج .بما يخفف هذا العبء عن كاهل المصدر
الضريبي .ويتعضد ذلك أيضا باستعادة األموال المنهوبة وفقا لما يلي:
-1إستكمال إجراءآت لجنة إزالة التمكين واسترداد األعمال المنهوبة ،بترافق أعمالها باإلجرآءات الحقوقية والعدلية المكملة،
النيابية والقضائية والعدلية واألمنية والشرطية ،بما يضمن حسن التصرف واأليلولة والتأمين لهذه األموال ،وبذل المجهودات
الكافية إلمتداد عملية إسترداد األموال المنهوبة إلى مالذاتها خارج السودان.
-2توفير ضمانا ت حسن إدارة المرافق والشركات والمنشآت المستردة للوالية العامة في نطاق إزالة التمكين واسترداد األموال
المنهوبة ،وذلك بعدم اإلمتثال لشروط الصندوق والبنك الدوليين المطالبين بخصخصتها أو تصفيتها بالبيع وذلك عبر ما يأتي:
➢ الحرص على تصحيح أوضاعها وتأهيلها ماليا ً وإداريا ً واإلحتفاظ بها مؤهلة في نطاق القطاع العام ،موزعة على الوزارات
المختصة كإدارات ملحقة إلى جانب إداراتها أو كمؤسسات أو هيئات عامة ترتبط بها.
➢ تأجيل أي نظر في تحويلها لشركات عامة مساهمة ،إلى ما بعد إنجاز تبديل العملة ،وإستكمال ضرب واجتثاث التمكين
واإلكتناز الذي ال زال حاليا ً تحت هيمنة الفئات المرتبطة إقتصاديا بدولة نظام اإلنقاذ ،والزالت متوالية مع الثورة المضادة.
-4إصالح النظام الضريبي :
1-4إصالح النظام الضريبي والجمركي وإعادة هيكلة هذين الجهازين من حيث إصالح القوانين واللوائح والممارسات ومحاربة
الفساد ومن حيث إزالة التمكين في الجهازين.
2-4إيقاف اإلعفاءات الضريبية والجمركية غير المرتبطة بقانون تشجيع االستثمار ،أو بحوافز المغتربين ،أو بمدخالت الصناعة
الوطنية ،أو الزراعة.
3-4تطبيق الضرائب النوعية والتصاعدية على المؤسسات ذات التدفقات النقدية الكبيرة كشركات االتصاالت وغيرها.
4-4زيادة الحصيلة الضريبية برفع كفاءة التحصيل ومحاربة التهرب الضريبي ،وتوسيع المظلة الضريبية لتشمل أوسع القطاعات
االقتصادية التي كانت خارج المظلة.
5-4ربط النظام الضريبي بتجديد كافة األوراق الثبوتية والتوثيقات ومنح تراخيص العمل وتجديدها وربطه باستخراج شرائح
االتصاالت والعقارات والسيارات وأي مقتنيات ثمينة.
6-4حوسبة النظام الضريبي حسب توصيات المؤتمر االقتصادي.
7-4معالجة الترهل اإلداري الخدمة العامة عبر تحويل الفائض من العمالة لشركات المساهمة العامة وقطاعات اإلنتاج المختلفة.
8-4تقليل الصرف علي القطاعات األمنية والعسكرية والدستورية.
كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة 05إبريل 2022م
Page 40 of 54
الملف رقم ()11
مشكلة المديونية الخارجية والعجز عن توفير متطلب القدرة على سداد أقساطها وفوائدها في آجال إستحقاقها ،وكيفية
التعامل مع مطلوبات صندوق النقد والبنك الدوليين والدائنيين ،واستغاللهم عجز إالقتصاد الوطني عن خدمة الدين وفجوة
الميزان التجاري وتدخالتهم في رسم معالم مسار حاضر ومستقبل االقتصاد الوطني
-1مشكلة ضخامة حجم المديونية الخارجية الموروثة:
تبلغ مديونية السودان الخارجية ،في آخر األرقام المعلنة في مطلع عام 2021م ما بين 60مليار إلى 64مليار دوالر .وهذا يعني
أن كل فرد من الـ 42مليون سوداني طفالً كان أم كهالً ذكرا ً كان أم أنثني مدين للصناديق والمؤسسات والدول الدائنة للسودان
بمبلغ 15,238دوالر (خمسة عشر ألفا ً ومئتان وثمانية وثالثون دوالرا ً أمريكا) ،األمر الذي من منظور مداخيل االقتصاد الوطني
من النقد األجنبي في السنة ،يعادل %100من إجمالي تدفقات النقد األجنبي في االقتصاد الوطني لمدة 21عاما ً تقريبا ً .إذاً فالوفاء
بالمديونية التي ورثها السودان من نظام اإلنقاذ تعتبر فوق طاقة اإلقتصاد الوطني في الوقت الحالي .وهذه مشكلة لها تبعاتها ومن
أهمها التراكم المستمر للفوائد الجزائية التي يضيفها الدائنون ألصل الدين والتى تصل حاليا ً إلى ( )%86من حجم المديونية الكلية.
-2مشكلة شروط الدائنين:
يفرض الدائنون شروطهم على المدينيين المعسرين من الدول كما هو حال السودان ،عند المطالبة بالديون ،وكذلك لتقديم منح
وقروض إضافية مطلوبة وإعفاءآت ،وذلك عبر آليات وواجهات عدة كصندوق النقد الدولي ،والبنك الدولي ،والشركات العابرة
للقارات ،وأندية الدائنيين ،كنادي باريس ،ونادي لندن ،والدول والمصارف والموردين الدائيين وواجهاتهم التي يعبرون بها عن
أهدافهم مثال ،شاتام هاوس ، 24مجموعة األزمات الدولية ،ومؤتمرات أصدقاء السودان ،وشركاء السودان ،25وأخيرا ً منظمة
التجارة العالمية ،والمنظمات اإلقتصادية المتفرعة عن منظمة األمم المتحدة كبرنامج األمم المتحدة اإلنمائي ...إلخ .وضغوط
الدائنيين الذين يستغلون المديونية لفرض شروطهم قد وصلت إلى مرحلة أن تصادر القرار االقتصادي الوطني ،بل وقد وصلت
إلى مرحلة المساس بالسيادة الوطنية كفرض التطبيع مع (أسرائيل) وتوقيع إتفاقية سالم إبراهام .خاصة بعد أن وجدوا أن الحكومة
اإلنتقالية على الرغم من عجزها عن الوفاء بالمديونية الخارجية تدير ظهرها لإلعتماد على موراد النقد األجنبي في اإلقتصاد
الوطني ،وتراهن كليا ً وتتطلع في ظروف األزمة اإلقتصادية الخانقة الموروثة ،لإلعفاءآت من المديونية العامة الخارجية ولمزيد
من المنح واإلعانات والقروض ،وتدفقات اإلستثمارات األجنبية المباشرة بنظام البوت من أمريكا والدول الغربية ،منفتحة لتسخير
كل القطلعات االنتاجية والخدمية أمام االستثمارات األجنبية بدون حساب.
1-2شروط صندوق النقد الدولي هي شروط الدول الغربية الدائنة:
إن رأس الرمح في التعبير واإلفصاح والمالحقة بفرض شروط أمريكا والدول الغربية على السودان ،هو صندوق النقد الدولي،
بشروطه التقليدية المعروفة علي نطاق عالمي .وكما جاء آنفا ً ،فقد أبلغت موفدة الصندوق أثناء حضورها مؤتمر شاتام هاوس
السري في الخرطوم بتاريخ 2019/10/3م الحكومة اإلنتقالية بشروط الصندوق الستة ،وهي:
أوال :إلغاء الدعم السلعي على أمل أن يستبدل الحقا ً بدعم نقدي مباشر يقدم بعد إحصاء الفقراء المستحقين وتوفير التمويل واآلليات
المؤهلة للتوزيع.
ثانياً :تحرير أو تعويم سعر صرف الجنيه السوداني وهو أحد الشروط التي تفرضها الدول الصناعية الكبري علي الدول النامية
المصدرة للمواد األولية لضمان انخفاض أسعار صادراتها من هذه المواد األولية للدول الصناعية كسلع وسيطة في صناعاتها.
ثالثاً :إلغاء وتحرير سعر الدوالر الجمركي حتى يصل في خاتمة المطاف إلى توحيد سعره مع السعر الموازي وهي أيضا من
الشروط االستراتيجية التي تفرضها الدول الصناعية الكبري ضمن شروط صندوق النقد الدولي لضمان عدم وجود حواجز
جمركية علي دخول منتجاتها إلي اسواق دول العالم الثالث ال سيما السوق السوداني خاصة وأن تعويم سعر صرف الجنيه السوداني
24تشاتام هاوس إسم يطلق على (المعهد الملكي البريطاني للعالقات الدولية) ،عقد 6مؤتمرات حول السودان 3 ،في بريطانيا و 3في نيروبي وأديس أبابا في عهد نظام
اإلنقاذ ،وآخرها في الخرطوم في 2019/10/3م ( مؤتمر أهل المصلحة) لرسم معالم مستقبل السودان السياسي واإلقتصادي بالتشاور مع الحكومة اإلنتقالية وممثلين للنظام
السابق والرأسمالية الوطنية.
25أصدقاء السودان عدد من الدول الدائنة للسودان مهتمة بمصالحها ومديونيتها على السودان ،وتراهن الحكومة اإلنتقالية عليها في سد فجوة الموازنة وإعفاء المديونية
وتقديم منح وقروض إسعافية ،وجميعها يعبر لها عن عالقتها بالسودان صندوق النقد الدولى وتشتام هاوس حالياً ،وهي غير متحمسة إلعفاء ديونها وكذلك لتقديم قروض
إسعافية إال بعد وفاء السودان بشروط الصندوق .األصدقاء عقدوا ثالث مؤتمرات لبحث الموقف من مطالب السودان في الخرطوم واستكهولم وباريس ،وسيعقدون مؤتمر
رابعا ً في / 25يونيو (حزيران) 2020م (إسفيرياً) في برلين /بألمانيا بمشاركة ( ) 40دولة واألمم المتدة واإلتحاد األوربي .وتغيير إسم أصدقاء السودان لشركاء السودان
تعبير عن حقوق الشراكة في القرار.
كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة 05إبريل 2022م
Page 41 of 54
مقابل العمالت األجنبية يعتبر تخفيضا لقيمة الجنيه السوداني مما يعتبر تخفيضا ضمنيا للرسوم الجمركية أمام منتجات الدول
الصناعية الكبري.26
رابعا ً :زيادة دخل الدولة عبر زيادة الضرائب وال سيما غير المباشرة وهو أيضا أحد الشروط التي تفرضها الدول الكبري من
خالل شروط صندوق النقد الدولي لكي تضمن إيرادات كافية للوفاء بأقساط ديونها علي الدول النامية ومن ضمنها السودان.
خامسا ً :أن يسدد السودان كامل الديون السيادية التي عليه ،وهي ديون الصناديق الدولية ،ديون صندوق النقد الدولي والبنك الدولي
والبنك اإلفريقي للتنمية وقدرها نحو 3مليار دوالر 27قبل تلقي اإلعفاءآت والمنح والقروض من المانحين .وأن يتفاهم السودان
مع الواليات المتحدة األمريكية مباشرة حول مطلوباتها لرفع إسم السودان من قائمة الدول الراعية لإلرهاب .ألن تطبيع عالقات
السودان افي اإلقتصاد الدولي ،يتطلب إلى جانب اإلستجابة لشروط الصندوق أن يرفع بالتزامن معها إسم السودان من قائمة الدول
الراعية لإلرهاب.
سادساً :عدم اإلستدانة من أية جهة مانحة خارج نطاق المانحين الذين سيقدمهم الصندوق وهذا بالطبع يجب أن يعد فيتو على
إقتراض السودان من دول البترودوالر العربية.
وفضالً عن شروط صندوق النقد الدولي الستة جاءت شروط المسؤولين األمريكيين لرفع إسم السودان من قائمة الدول الراعية
لإلرهاب في لقاءآت مباشرة بالسيدين رئيس الوزراء ووزير المالية ،وهي الشرط األول :أن يقدم السودان تعويضات ألسر قتلى
تدمير المدمرة كول قرب ميناء عدن وقتلى عملية تدميرالسفارتين األمريكيتين في كينيا وتنزانيا بمبالغ قدرت إبتدا ًء بما يربو عن
10مليار دوالر وذلك بدعوى أن السودان ،أي نظام اإلنقاذ ،من خالل دعمه لإلرهاب يعتبر طرفا ً في هذه الخسائر من أرواح
األمريكيين .والشرط الثاني :أن يتفاهم السودان مع أمريكا ضمن متطلبات رفع إسم السودان من قائمة الدول الراعية لإلرهاب
على موضوع التطبيع مع (إسرائيل) وتوقيع إتفاقية السالم اإلبراهيمي معها ،مع تأكيد حرص أمريكا على أن ينفذ السودان
مطلوبات صندوق النقد الدولي بجدية ودون تباطؤ.
كذلك أدلت األمم المتحدة مباشرة بدلوها في فرض شروط على مصادر القرار اإلقتصادي في الحكومة اإلنتقالية عبر مذكرة
صادرة عن برنامج األمم المتحدة اإلنمائي تحمل موجهاتها للحكومة االنتقالية بتاريخ 2018 /4/24م ،ومن أهم ما جاء فيها إستناداً
لشروط صندوق النقد الدولي والدائنيين ،أنها طالبت الحكومة السودانية باتباع سياسة مالية توسعية في اإلنفاق الحكومي والمصرفي
بإبتداع إعتمادات صرف حكومية جديدة خارج الموازنة العامة 2020م ،وبإتباع سياسات مصرفية مرنة وبشروط ميسرة توسع
نطاق منح القروض المصرفية ،وقد استجابت وزارة المالية لهذه المطلوبات حيث أنها قد أجازت وقبيل مؤتمر برلين في
2020/6/25م الذي كانت األمم المتحدة من أصحاب الدعوة إليه ،ثالث إعتمادات إنفاق حكومية خارج الموازنة على نحو مفاجئ
وغير مستند لقاعدة معلومات أو مؤسسات تنفيذ شملت زيادة المرتبات بنسبة ،%569واعتماد 200مليار جنيه لمواجهة فيروس
كورونا ،واعتماد ثالث بصرف دعم نقدي مباشر ل %65من أفراد الشعب السوداني 32مليون نسمة بواقع 500جنيه شهريا
لكل منهم ،دون أن يحدد لهذه اإلعتمادات الضخمة مصادر تمويل حقيقية واعتمدت علي مصادر غير جديرة بالثقة واإلستدامة
كعائدات تسييل األموال المستردة عبر لجنة إزالة التمكين ،والعون الدولي الذي لم يأت منه شيئا حتى نهاية السنة المالية.
2-2شروط منظمة التجارة العالمية الستة:
ال تنتهي شروط أمريكا والدول الغربية الدائنة للسودان عند حدود شروط الصندوق الخاصة بالسودان ،بل هنالك 6شروط أخرى
عامة ،تعد من مطلوبات قبول السودان كسائر دول العالم في نطاق عضوية منظمة التجارة العالمية لتطبيع وضع السودان في
اإلقتصاد العالمي والتجارة الدولية ،وهذه الشروط هي :اإلنفتاح اإلقتصادي أمام تدفق السلع والخدمات عبر التجارة الدولية في
السوق المحلية دون حواجز ،وكذلك اإلنفتاح أمام اإلستثمارات الدولية المباشرة ال سيما عبر نظام البوت ،واستكمال إعادة الهيكلة
واإلصالح اإلقتصادي أي تحقيق المزيد من الخصخصة على نطاق واسع ،وتحرير التجارة في السوق المحلية ،وإلغاء حماية
المنتجات الوطنية بإجراءآت تضعف قابليتها التنافسية للسلع والخدمات المستوردة ،ورفع كافة أشكال الدعم الحكومي .والشرط
السادس هو تحييد الدولة بعيدا ً عن الملكية والنشاط اإلقتصادي أي إلغاء القطاع العام ،لفسح كل مجاالت النشاط اإلقتصادي للقطاع
الخاص العامل بالوكالة ،والنشاط اإلقتصادي األجنبي المباشر الوافد بإستثماراته .وتساعد هذه الشروط الخاصة والعامة في
مراميها غير المعلنة ،إلي ما يلي:
26إن نحو ( 90إلى )% 95من السلع في السوق الوطنية السودانية مستوردة ،ومعظ مها في المعابر تستوفي حقوق العمليات عنها برسوم وأجور مقومة بالدوالر ،بما يقابلها
بالجنيه بالسعر الموازي ،لذلك تتأثر هذه الدفعيات بإرتفاع سعر الصرف للجنيه ،وهذه األعباء من الزيادات في كلفة جلب السلع ،يتحملها في النهاية المستهلك األخير.
فتأثيرها إذن كان يعادل أثر إلغاء سعر الدوالر الجمركي إلى أن تم تعويم سعر الدوالر الجمركي ليتساوى يوميا ً مع سعر صرف الجنيه في السوق الموازي.
27في البداية طالبوا السودان بتسديد الديون السيادية وديون دول نادي باريس ومقدارها 16مليار دوالر لفتح سبل منح السودان منح وقروض جديدة ،ولكن يبدو أنهم أدركوا
أن الطلب مبالغ فيه ،فخفضوا من سقف الطلب إلى مستوي ديون الصناديق الدولية ،وهي على نحو محدد 2,6مليار دوالر.
كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة 05إبريل 2022م
Page 42 of 54
حماية الفئات الرأسمالية التي نمت وتجذرت في اإلقتصاد في السودان في عهد نظام اإلنقاذ بأن تفتح أمامها فرص اإلندماج .1
في واقع مابعد ثورة ديسمبر سياسيا واقتصادياً .ولقد كان هذا التوجه واضحا ً في توجهات وعضوية المؤتمر السادس الذي
عقده (تشاتام هاوس) في الخرطوم في 2019/10/3م ،حيث جمعوا في عضوية المؤتمر ممثلو الحكومة اإلنتقالية ،رئيس
الوزراء ووزير المالية ،وآخرين ،مع ممثليين لنظام اإلنقاذ ،وآخرين يمثلون الرأسمالية الطفيلية التي كانت على صلة بنظام
اإلنقاذ ،وأطلقوا علي المؤتمر إسم "مؤتمر أصحاب المصلحة" الذين في رأي (منظمة شاتام هاوس ،والدول الغربية الكبري
يمثلون قوى قيادة مستقبل السودان) بعد سقوط نظام البشير.
إغراق اإلقتصاد الوطني في مزيد من المديونية المكبلة بمزيد من الشروط عبر صندوق النقد والبنك الدوليين ،ومنظمة التجارة .2
الدولية ،لضمان إستمرارية التبعية والهيمنة على القرار اإلقتصادي في البالد.
الحيلولة أمام كافة أشكال إعادة النظر في المرافق والمنشآت الخدمية واإلنتاجية ،وشركات المساهمة العامة التي تمت .3
خصخصتها أو تصفيتها بالبيع ،حتى ال تعاد مرة أخرى لملكية القطاع العام بما في ذلك النظام المصرفي ،وذلك للحفاظ على
الدولة بعيدة عن الملكية والنشاط اإلقتصادي والحماية والدعم العام .ألن تحييد الدولة والحيلولة دون استرداد القطاع العام
لمرافقه الخدمية ومنشآته اإلنتاجية ،التي تمت خصخصتها أو التصرف فيها بالبيع ،إنما إلفساح المجال لإلستثمارات األجنبية
في كافة المجالت التي يزاح منها القطاع العام ،للدخول فيها بإستثمارات أجنبية مباشرة ال سيما بنظام البوت.28
فتح اإلقتصاد الوطني أمام فرص المزيد من الخصخصة والبيع عبر وزارة المالية ،بعرض الشركات الحكومية والرمادية .4
التى تسترد للملكية العامة عبر إزالة التمكين للبيع للقطاع الخاص مباشرة ،أو بعد تحويلها لشركات تباع أسهمها للقطاع الخاص
المسنود نقديا ً باإلكتناز وفي حاجة إلسناد عيني .وهذا سيعني إستبدال إزالة التمكين بتمكين جديد.
الغاء الدعم السلعي ،وحصر كل دعم للمواطنيين في الدعم النقدي المباشر لترويج سياسة تعظيم الطلب وزيادة القدرة على .5
اإلنفاق النقدي للمواطنيين ،ألن %95من السلع المعروضة في السوق المحليي سلع مستوردة .وبالتالي فإن تعظيم الطلب
سيحرك زيادة اإلنتاج في الدول المصدرة لهذه السلع للسوق المحلي .كما سيتطلب المزيد من تصدير الذهب والسلع الزراعية
وتعبئة النشاط الطفيلي لفوائض المغتربيين السودانيين خارج السودان للتمول بها.
-3مشكلة رهان وزارة المالية والحكومة اإلنتقالية علي الخارج في سد عجز الموازنة العامة للدولة:
حيث كانت الحكومة االنتقالية آلخر لحظات حكمها قبل إنقالب 25اكتوبر 2021م تراهن علي المنح والقروض من المانحين
وتتطلع لمنحهم وقروضهم بعد تنفيذ شروط الصندوق وذلك في حدود 10مليار دوالر .وتتفرع عن مشكلة هذا الرهان ليس
فقط ،اآلثار السلبية لتنفيذ الحكومة اإلنتقالية عبر وزارة المالية لشروط الصندوق ،والقرارات التي تم اتخاذها لجعل السودان
مؤهالً لتلقي هذه المنح والقروض كرفع الدعم السلعي ،تعويم العملة ،زيادة الضرائب غير المباشرة ،تعويم سعر الدوالر
الجمركي …إلخ) ،والتي أدت مجتمعة إلى تفاقم اإلنخفاض المستمر في القوة الشرائية للجنية ،وارتفاع سعر صرف العمالت
األجنبية مقابله بإضطراد ،وإلى الزيادة المتصاعدة في المعدل العام لألسعار .بل قد تولد عن هذا الرهان أن وزارة المالية قد
عصفت نهائيا بامكانية نجاح برنامج حشد الموارد الذاتية كحل مرشح للخروج من األزمة االقتصادية ووضع االقتصاد في
وضعه الطبيعي الوطني السليم ،وتعاملت برفض وعداء كبير غير مبرر لمقترح اللجنة اإلقتصادية لقحت وقتها الذي قدم
خمسة مصادر وطنية بديلة للقروض األجنبية واالعتماد على الخارج ،رأت اللجنة أنها كافية لسد فجوة الموازنة وال سيما في
جانب المكون األجنبي للموازنة .كما رأت اللجنة أن تدفقات هذه الموارد الوطنية في إيرادات الموازنة العامة ستمكن اإلقتصاد
الوطني والحكومة اإلنتقالية من تفادي اإلستسالم لشروط الصندوق المجحفة في حق السودان وفي رفع كاهل المعاناة عن
المواطنين ،إال أن الحكومة اإلنتقالية ووزارة المالية سارت في اإلتجاه المعاكس لمنهج اإلعتماد على الذات وتعبئة الموارد
الوطنية لسد فجوة الموازنة ،وتوغلت بعيدا ً في إتجاه تنفيذ شروط صندوق النقد الدولى ال سيما في ما يتعلق برفع الدعم
السلعي ،وتعويم سعر صرف الجنيه السوداني ،وإتخاذ المزيد من اإلجراءآت والتعديالت بالسياسات التضخمية في اإلنفاق
العام غير اإلنتاجي وغير التنموي ،دون مراعاة لضمانات تمويل هذه اإلعتمادات الضخمة من مصادر حقيقية توازي هذه
النفقات المضافة للموازنة ولإلنفاق الحكومي المتصاعد في الصرف على المؤسسات السيادية المترهلة غير المنتجة.
-4لقد مارست المنابر اإلعالمية للحكومة االنتقالية والمنابر الموالية والداعمة لمنهجها االقتصادي درجة عالية من التضخيم
إلنجازات الحكومة االنتقالية وبشكل مضلل للرأي العام في تصوير إيجابيات غير مستحقة لسياسة االعتماد علي الخارج
والخضوع لشروط صندوق النقد الدولي والدائنين بالذات بعد مؤتمر باريس وبعد اإلجتماع المشترك بين مجلسي صندوق
النقد والبنك الدوليين في 29 – 26يونيو2021م الذي قرر أن السودان قد أوفي بالشروط التي تؤهله للوصول لنقطة القرار
في مبادرة الهيبك ،ال سيما تعويم سعر صرف العملة الوطنية ،وإلغاء سعر الدوالر الجمركي .وقد أحدثت هذه الحملة اإلعالمية
غير المبررة لهذه المنابر ضجة تعلن وصول السودان لنقطة إتخاذ القرار في مبادرة الهيبك وكأنها تمثل الحل الجذري لمشاكل
28نظام البوت نوع من اإلستثمارات األجنبية المباشرة ترى هذه الوثيقة أهمية قصوى لرفضه بسبب مخاطره المؤكدة في الواقع الغالب ،والمجال هنا ال يسمح بتفصيل
وتوضيح هذه المخاطر.
كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة 05إبريل 2022م
Page 43 of 54
السودان االقتصادية .فقد سبق وأن إنخرط السودان في مسيرة االمتثال لشروط صندوق النقد الدولي من أجل الدخول في
مبادرة الهيبك إبتدا ًء من عام 2017م في عهد نظام االنقاذ ،وأن الوصول لنقطة القرار في 2021م ليس إال تتويجا لتلك
المساعي والمحاوالت ،وهو يعني أن الدائنيين سيشرعون في معاملة السودان كدولة مشمولة في نطاق الدول الفقيرة المثقلة
بالديون ،ويبدأوا فورا ً ،كما ادعت الحكومة االنتقالية ،في تسوية متأخرات ديون السودان بشطبها تباعا ً بعد تسوية ديون البنك
الدولي التي تم تسويتها بموجب قرض تجسيري من أمريكا بقيمة 1,4مليار دوالر ،وديون السودان لدي صندوق النقد الدولي
التي تمت تسويتها بقرض تجسيري من فرنسا ودول أخري مقداره 1,5مليار دوالر ،وديون البنك اإلفريقي للتنمية البالغة
413مليون دوالر التي تم تسويتها أيضا بقرض تجسيري من بريطانيا ودعم من السويد وصوالً إلى المرحلة المسماة نقطة
اإلنجاز في يونيو2024م وهي المرحلة التي سيكتمل فيها شطب كافة الديون التي تراكمت عن فوائد جزائية والتي تبلغ 50
مليار دوالر تقريبا ً قد تراكمت في عهد نظام اإلنقاذ ،إذا إستمر السودان في إلتزامه الثابت باإلصالحات اإلقتصادية كما ينص
على ذلك القرار الدولي الصادر من إجتماع الصندوق والبنك الدوليين في 2021/6/26م.
إن (الهيبيك) برنامج متفق عليه منذ 1999م بين صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والدول الغربية المانحة الدائنة لدول العالم
الثالث الفقيرة ،التي قد بلغت مديونيتها حجما ً يفوق طاقة إقتصادياتها على إستدامة وخدمة الدين ،أي الدول التي تكون عاجزة
عجزاً تاما ً ال رجاء معه في أن تتحمل إقتصادياتها الوطنية أعباء سداد هذه المديونية الثقيلة التي تراكمت نتيجة عجزها عن
سداد أقساط وفوائد مديونياتها في آجالها المتفق عليها (بما أضافه الدائنون على أصل الدين وفوائده التعاقدية من فوائد تأخير
جزائية وبشكل مستمر) ،ولذلك فالهيبك مرتبط أوثق اإلرتباط بشروط صندوق النقد الدولي وبرامجه وال سيما تلك التي تطبقها
الدول المدينة مضطرة تحت برنامج المراقبة المباشرة لموفدي الصندوق .وعند وصول هذه الدول مرحلة الخضوع الموثوق
في مضمار التقيد بتطبيق شروط الدانيين في منهجها اإلقتصادي المسمي ببرنامج اإلصالحات اإلقتصادية أو برنامج التكيف
الهيكلي .تقوم الدول الدائنة بشطب جزء من الديون ،ولكنها في هذا الشطب تقف في حدود شطب الديون التي أضيفت على
أصول الديون كفوائد جزائية أي شطب ذلك الجزء من المديونية الذي أضيف كغرامات تأخير على أصل الدين للدول المعسرة
التي عجزت عن سداد أصول ديونها وفوائدها التعاقدية في آجالها .وهذه الفوائد الجزائية تصل في حالة السودان كمثال ،إلى
%86من أصل الدين أي نحو 52مليار دوالر من الدين الكلي البالغ 58,8مليار دوالر تقريبا ً وقت إنعقاد مؤتمر باريس.
وعلى سبيل المثال ،ففي عام 2005م ،كانت مديونية السودان 17,2مليار دوالر فضالً عن فوائد تعاقدية تبلغ 4,6مليار
دوالر ،وفي مدة من هذا التاريخ 2005م وحتى عام 2015م وصلت مديونية السودان إلى 45مليار دوالر دون أن يقترض
السودان حتى دوالر واحد فقط ،بسبب أن الدانيين أضافوا فوائد تأخير جزائية على الدين بقيمة 23,2مليار دوالر خالل العشر
سنوات المذكورة .وقد كان الدائنون يتساهلون مع نظام اإلنقاذ الذي ال يلتزم بالسداد وهو يصدر ما قيمته 10مليار دوالر
سنويا قبيل فصل الجنوب من النفط منذ 1999م ،وماليين من الدوالرات عن صادر الذهب منذ عام 2006م وال تدخل هذه
األموال في خزينة الدولة ،بل وتتسرب إلى الخارج لحسابات المتنفذين من قادة نظام اإلنقاذ .في الوقت الذي كان الدائنون
يراكمون فوائد الديون علي السودان بالفوائد الجزائية المتواصلة كحماية ألصل مديونياتهم من مخاطر عدم السداد استنادا إلي
القاعدة االئتمانية (كلما زادت المخاطر كلما زادت أسعار الفائدة وكلما انخفضت المخاطر كلما انخفضت أسعار الفائدة) ،حتي
بلغت المديونية التي لم يكن نظام اإلنقاذ حريصا ً على حصرها بدقة وسدادها حوالي 58,8مليار دوالر ،بينما أعلن نظام
اإلنقاذ عبر بنك السودان ووزارة المالية ومجلس الوزراء في الفترة من يونيو 2017م وحتى قبيل سقوطه في مارس 2018م
نحو 9تسعة أرقام عن حجم المديونية آخرها ما قيمته 56,4مليار دوالر.
لقد تم اإلعفاء من بعض دول نادي باريس في 2021/7/15م بقيمة 14,1مليار دوالر من ديون السودان ،وبرغم أن هذا
اإلعفاء قد وجد قبول لدي عدد كبير من السودانيين تحت تأثير إعالم الحكومة االنتقالية واإلعالم الموالي لسياساتها االقتصادية
والتي قصدت تضخيم هذا التخفيض باعتباره نجاحا كبيرا واستخفت بوعي الشعب وبحقه في معرفة حقائق األمور حول
تطورات عالقة السودان بالدين الخارجي وبالدائنيين وباألسس التي يقوم علي أساسها التفاوض علي إعفاء الديون وفقا للوعود
صرحت الحكومة االنتقالية وأيضا تقرير نتائج َّ المعلنة مسبقا عن مزايا ومكاسب الدخول والقبول في مبادرة الهبك .فقد
االجتماع المشترك لمجلسي صندوق النقد والبنك الددوليين المنعقد في واشنطون خالل الفترة 26-23مارس 2021م بأن
اإلعفاء الكلي من المديونية في المرحلة األولى بمجرد وصول السودان مرحلة اتخاذ القرار في الهيبك ستكون في حدود 28
مليار دوالر فورا ً ،وأن اإلعفاء في مرحلة اإلنجاز في يونيو 2024م سيكون في حدود 22مليار دوالر وبذلك أن جملة اإلعفاء
الكلي من المديونية سيصل إلى 50مليار دوالر .وأن ماسيتبقى في ذمة السودان من ديون سيكون في حدود 6مليار دوالر
فقط ال غير .ولكن نتائج إجتماع نادي باريس في منتصف يوليو 2021م الذي نظر في مديونية السودان لدى دول النادي،
نسف تماما ً كل إدعاءآت الحكومة اإلنتقالية التي راهنت على االعتماد علي الخارج بدال عن حشد الموارد الذاتية ،وكشفت
عدم صدق وشفافية الحملة اإلعالمية التي ضخمت الوعود وسبقت اجتماع نادي باريس بالترويج ألن إعفاء 28مليار دوالر
من ديون السودان أمر مؤكد وحتمي.
إذن ماهي حقائق إعفاء بعض دول نادي باريس في 2021/7/15م لمبلغ 14,1مليار دوالر من ديون السودان؟
كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة 05إبريل 2022م
Page 44 of 54
فعلى نحو موجز ومحدد ،إن جملة مديونية السودان التي نظر في إعفائها إجتماع دول الصندوق المنعقد لهذه الغاية 23,5
مليار دوالر 20,21 ،مليار منها متراكمة عن فوائد جزائية مضافة إلى أصل الدين الذي مقداره 3,29مليار دوالر .وقد
قرراإلجتماع إعفاء 14,1مليار دوالر من جملة الدين الكلي أي %60من إجمالي المديونية ،فتبقى من جملة الدين 9,4مليار
دوالر حيث قرر اإلجتماع إعادة جدولتها بعد يونيو 2024م لمدة 16عاما بما فيها فترة السماح .وقال وزير المالية الدكتور
جبريل إبراهيم ،أن دفع أقساط هذا الدين سيبدأ بعد فترة سماح أمدها 6سنوات ،ولكنه لم يلق ضوءاً على الجدولة الزمنية التي
تمت ألقساط الدين بعد فترة السماح وكذلك لم يوضح الفوائد التعاقدية المستحقة على المتبقي من الدين .وهذه النتيجة تلغي
إبتداءا ً أحالم الحكومة المعلنة بأن كل المديونية الناتجة على كاهل السودان عن الفوائد الجزائية ستشطب ،وأنه لن يبقى بعد
شطبها من إجمالي مديونية السودان غير أصل الديون البالغة 6مليار دوالر .وفضالً عن أن دول نادي باريس قد شطبت 60
%من الدين ،كان المفروض جدالً أن يتعدى الشطب %86من إجمالي الدين حتى يشطبوا كل الفوائد الجزائية ،ويبقوا أصل
الدين فقط .فلماذا إستبقوا قدرا ً مهما من الفوائد الجزائية التي تراكمت ومقدارها نحو 6,11مليار دوالر إلى جانب أصل الدين
الذي مقداره 3,29مليار دوالر .ثم أن إعادة الجدولة تعني تشريكا جديدا ً لمستقبل السودان ليظل أبداً أسير لفخ الديون وابتزاز
وقيود الدائنون وتدخلهم الدائم في القرار اإلقتصادي المستقل .والمرجح هنا أن السودان لن يصل إلى مرحلة اإلعفاء الكامل
من الفوائد الجزائية ،ألن الدائنون يعدون السودان دولة بمواردها الضخمة قادرة على الوفاء بديونها ،وغالبا ً ما يطمع الدائنون
أن توصلهم ديونهم على السودان إلى مكاسب يرجونها في موارد السودان اإلقتصادية .وهذا ما إتضح في موقف نادي باريس
مؤخرا ً من مديونية السودان وحرص دول النادي على أن يظل السودان في إسار المديونية طوال السنوات القادمة ،بإستبقاء
المديونية بحجم فوق طاقة االقتصاد الوطني وبإعادة الجدولة للمديونية.
فماذا تعني إعادة الجدولة التي قررتها بحق االقتصاد الوطني مبتدع هذه البدعة نادي باريس؟ وماهي خفايا دور نادي باريس
في العالقة بين الدول الدائنة والدول المدينة في العالم .29
تطبق إعادة الجدولة في حق الدول المدينة بعد تفاقم عجز تلك الدول عن سداد أقساط وفوائد الديون المستحقة ،بان تجمع الفوائد
إلى اصل الدين ،والتعامل معه كدين جديد بفائدة أعلى وجدول جديد لمواقيت وحجم أقساط السداد .وفي الغالب بعد فترة سماح،
ينظم قيمة األقساط وعددها وفترة السداد الجديدة ،وآجال سداد كل قسط من أقساط الدين وفوائده التعاقدية .وقد يسبق إعادة
الجدولة للدول الفقيرة المثقلة بالديون إعفاء بعض الدين .ولكن اإلعفاء يكون في حدود الديون التي تراكمت على الدولة المدينة
عن فوائد جزائية أي إعفا ًء لجزء من غرامات التأخير التي نتجت عن العسر في سداد الدين األصلي وفوائده في آجالها ،كفوائد
تأخير تعويضا ً للدائنيين ،فيتضاعف الدين جراء هذه الزيادات الجزائية على أصل الدين أضعافا ً مضاعفة مقابل أن يمد للمدين
المعسر المتخلف عن سداد ديونه وفوائدها في آجالها في األجل بجدول يحدد اآلجال الجديدة ألقساط الدين بموجب الجدول
الجديد ،كما في حالة السودان حتى إنعقاد مؤتمر باريس في يونيو 2021م حيث أعلن أن الدين الكلي 58,8مليار دوالر
والمتراكم عن الفوائد الجزائية منه %86من الدين أي 50,57مليار دوالر عن أصل الدين وفوائده التعاقدية البالغة %14
من مقدار الدين الكلي أي مبلغ 8,23مليار دوالر ،والتي وصلت في بعض التقارير الدولية إلى 6,97مليار دوالر .30فمديونية
السودان في حقيقة األمر ال يعرف مقدارها أحد في السودان ،ال بنك السودان ،وال وزارة المالية ،وال مجلس الوزراء ،إنما
يتم االعتماد في تحديدها على سجالت الدائنين.
إن السودان الذي كان عاجزا ً لنحو عامين عن سداد الديون السيادية للصناديق الدولية البالغة نحو 3مليار دوالر تقريبا ،لن
يكون بالطبع مؤهالً لسداد مديونية دول نادي باريس المتبقية بعد اإلعفاء بقيمة 9,4مليار دوالر مع فوائدها .فضال عن أن
الرؤية لم تتضح بعد حول المديونية األخرى التي تبلغ حوالي 30مليار دوالر لدول ليست عضوة في نادي باريس ،كالكويت
والمملكة العربية السعودية والصين ...إلخ ،وديون أعضاء نادي لندن ،وبقية الدانين من البنوك التجارية والمورديين الذين
تعامل معهم نظام اإلنقاذ .فمنهج الحكومة اإلنتقالية في حل األزمة اإلقتصادية ،يقوم علي التطلع لتحقيق رضاء الدائنين ونيل
29بدأت فكرة تأسيس نادي باريس كمؤسسة غير رسمية ،عندما وافقت األرجنتين على اإلجتماع في باريس بالدول الدائنة لها بتاريخ 1956 /5 /16م ،وهي في وضع العجز
التام عن الوفاء بمديونيتها الخارجية .وفي هذا اإلجتماع الذي كان بديالً إلعالن إفالسها ،وافقت دولة األرجنتين على أن يجمع الدائنون لها اصول الديون مع الفوائد المستحقة
كدين جديد ،وأن يمنحوها فترة سماح تلتقط فيها أنفاسها ،لتواجه بعدها اإللتزام بسداد أقسط الدين بصور تها الجديدة في آجالها التي حددت لها على وفق جدول جديد ،إعادة
جدولة أقساط وآجال تسديد الديون التي وضعت عليها فوائد أعلى .وبعد هذه التجربة قررت الدول المانحة للقروض للدول النامية أن تطبق هذه التجربة تكتل الدائنيين في
مواجهة الدولة المدينة في نادي طوعي يضم ال دول الصناعية الكبري في أوربا الغربية وأستراليا وكندا واليابان وأمريكا ( 19دولة) بعد إنضمام روسيا ،وفي 2014/ 6/24م
إنضمت إلي النادي دولة (إسرائيل) .وهذه الدول تتعامل مع الدول المدينة ( 90دولة في إفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية وبعض دول شرق أوربا) وأبرمت معها حتى اآلن
( 433إتفاقية ) واستردت عبر هذه اإلتفاقيات 583ملياردوالر .وال توجد قواعد وتقاليد ثابتة في عالقة النادي بالدول المدينة إنما لكل حادث حديث .وهي تتبع في العالقة
بالدانيين مبدأ الظرفية والتضامن .وتقاليد فرض الفوائد الجزائية على العسر وعدم الوفاء ،وإعادة الجدولة ،واإلعفاء من بعض المديونية أحياناً .ودول نادي باريس هي:
أستراليا ،النمسا ،بلجيكا ،كندا ،الدنمارك ،فنلندا ،فرنسا ،المانيا ،إيرلندة ،إيطاليا ،كوريا الجنوبية ،اليابان ،هولندا ،النرويج ،إسبانيا ،السويد ،المملكة المتحدة ،الواليات المتحدة
األمريكية ،روسيا( ،إسرائيل) .ومقر النادي باريس في مبنى وزارة اإلقتصاد والمالية ومديرها من كبار موظفي الوزارة .وإجتماعات األعضاء شهرية ،ويتعامل النادي مع
الدول المدينة عبر صندوق النقد الدولي وشروطه وبرامجه المراقبة مباشرة لإلصالح اإلقتصادي إلى مرحلة الترشيح لإلجتماع بالنادي بعد مرحلة الثقة في تقيد الدولة
المدينة بشروط الدائنيين التي أمليت عبرها ونفذت تحت إشرافها ومراقبتها .وهكذا يتضح مدى أن نادي باريس أداة مهمة في فرض سياسات اإلستعمار اإلقتصادي للدول
النامية من لدن الدول الغنية النافذة في اإلقتصاد العالمي.
30ذكر في إجت ماع مجلسي البنك الدولي وصندوق النقد الدولي الذي قرر وصول السودان إلى نقطة القرار في مبادرة الهيبك في 2021/6/28م ،أن إجمالي مديونية السودان
حتى ديسمبر 2019م 49,8مليار دوالر ،وأن الفوائد الجزاية تشكل نسبة %86منها .وبالتالي فأن أصل الدين يبلغ 6.97مليار دوالر.
كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة 05إبريل 2022م
Page 45 of 54
إعفاءآتهم وإعاناتهم ،لن يؤدي إلخراج السودان من أزمته االقتصادية ولن يقف االقتصاد الوطني علي رجليه في الطريق
الصحيح مالم يتبع السودان منهج تعبئة وحشد الموارد الذاتية ،بما يكفي لسد مطلوبات توازن ميزان المدفوعات وتمويل التنمية.
-5التوصيات:
تكليف لجنة من وزارة المالية وبنك السودان وكافة الجهات الرسمية ذات العالقة ،بحصر مديونية السودان بدقة لكل من .1
الدائنيين وحجم دينهم ،ووضع جدول يبين األقساط والفوائد المسحقة وآجالها.
مناقشة اللجنة المذكورة في النقطة أعاله لألرقام الحقيقية للمديونية وتقسيمها بين أصل الدين والفوائد التعاقدية والفوائد .2
الجزائية ،وتقويم العالقة مع الدائنين ،ووضع صيغ العالقة المناسبة مع كل من الدائنين ومع صندوق النقد والبنك الدوليين
والبنك اإلفريقي للتنمية.
أن يعتمد اإلقتصاد الوطني في حل مشكلة المديونية العامة الخارجية ،على حشد الموارد الذاتية عبر سيطرة الدولة على إنتاج .3
التعدين األهلي والشركات الصغيرة على صادر الذهب وعائداته من النقد األجنبي بما نسبته %80من صادر الذهب ،وإستعادة
الدولة إلمتياز صادر السلع الزراعية األساسية (الحبوب الزيتية ،القطن ،الصمغ العربي ،الماشية واللحوم ،عبر إعادة تأسيس
وتأهيل شركات مساهمة عامة تحتكر تجارة السودان الخارجية لهذه السلع الزراعية بأن يساهم القطاع العام فيها كما كان
الوضع قبل نظام اإلنقاذ بنسبة ،%52وأن تستقطب الدولة تحويالت المغتربيين عبر القنوات الرسمية بعد ضرب اإلكتناز
بتقليل فاتورة االستيراد ،وتبديل العملة ،وتحفيزهم .وأن تحوز الدولة على عائدات اإلقتصاد الوطني من النقد األجنبي من كافة
المصادر الثانوية كالهيئات والشركات الحكومية بعد أن تجرم التجنيب .وأن تضع الدولة يدها على كل دفعيات الدول
والمنظمات الدولية واإلقليمية عن إلتزاماتها في السودان كعائدات مرور نفط الجنوب وعوائد شركات التعدين األجنبية ...إلخ.
التأثير علي الطلب علي العمالت األجنبية وذلك بتقليل فاتورة االستيراد ومنع استيراد السلع الكمالية والسلع الهامشية والتي .4
توجد بدائل محلية لها وال يؤثر وقفها علي المواطنين كالمواد الغذائية ،الزيوت النباتية ،األلبان ومنتجات األلبان ،السكر،
والمواد الغذائية ،ونسبة مقدرة من السلع المصنعة …إلخ وذلك بتوفير ما ال يقل عن 3مليار دوالر من فاتورة االستيراد حتي
لو كان ذلك علي مراحل وذلك من أجل تخفيف العجز في الميزان التجاري.
كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة 05إبريل 2022م
Page 46 of 54
الملف رقم ()12
مفاهيم ومصطلحات إقتصادية ذات صلة بالمالية العامة والموازنة العامة والمديونية ودور الدولة في الملكية والنشاط
اإلقتصادي
-1السياسة اإلقتصادية العامة ،أهدافها األساسية:
في النظم اإلقتصادية كافة ،عادة ما تتفق األنظمة السياسية على اختالف مذاهبها اإلقتصادية رأسمالية كانت أم إشتراكية ،في أنها
تستهدف بسياستها اإلقتصادية تحقيق 5خمسة أهداف أساسية هي:
أ -الهدف األول :هو هدف تحقيق التوظيف الكامل للموارد المتوافرة في اإلقتصاد الوطني ،الموارد المادية ،والموارد البشرية،
وهدف التوظيف الكامل في شقه المتعلق بالموارد البشرية مقصده األهم القضاء على البطالة.
ب -الهدف الثاني :هو تحقيق تنمية في الموارد الطبيعية المادية ،بمعدالت تفوق معدل النمو في السكان .وإذا حصل العكس
فاإلقتصاديون يسمونه إصطالحا ً بـالمشكلة االقتصادية.
ت -الهدف الثالث :هو تحقيق التوازن في ميزان المدفوعات ،بمعنى الحرص على التكافؤ بين كل ماهو مطلوب من االقتصاد
الوطني من أفراد ومؤسسات وشركات حكومية وغير حكومية في الدول األخرى أي في الخارج ،مع ما يطلبه األفراد
والمؤسسات والشركات حكومية وغير حكومية داخل البلد من الخارج .والميزان التجاري هو أهم جزء من ميزان المدفوعات
وهو الفرق بين الصادرات والواردات .وتوازن الميزان التجاري يعبَّر عن الحالة التي تتساوي فيها قيمة الصادرات مع قيمة
الواردات فإذا قلت الصادرات عن الواردات يحدث عجز في الميزان التجاري ،وإذا زادت الصادرات عن الواردات يحدث
فائض في الميزان التجاري .ويعتبر التوازن في الميزان التجاري ذو تأثير مهم جدا في إستقرار الوضع االقتصادي.
ث -الهدف الرابع :هو تحقيق التوازن اإلقليمي والقطاعي في التنمية والذي يتمثل فيما يلي:
(أوالً) التوازن األقليمي في التنمية :ويعني مراعاة المركز ،لكافة األقاليم في نيل حظها المناسب من التمويل للتنمية عند
تقسيم الموارد وتحديد موازنات األقاليم بعدالة أو ما يعرف بالتنمية المتوازنة .ومراعاة التوازن اإلقليمي ،يكتسب أهميته ،من
أن اإلختالل فيه ،يهدد الوحدة الوطنية ،وتجد في العالم الثالث أن سكان األقاليم األكثر فقرا ً يفسرون أسباب فقرهم في الغالب،
بإستهداف الدولة لهم بدوافع عرقية أوإثنية ،أو إلى هيمنة المركز أو إقليم بعينه على غيره .وكلما اختل هذا التوازن اإلقليمي
كلما دفع ذلك بالتدخالت األجنبية اإلقليمية والدولية في الشئون الداخلية للبلد.
(ثانيا) التوازن القطاعي :وهو التوازن بين تنمية أربع قطاعات يتكون منها اإلقتصاد الوطني هي :تنمية قطاع اإلنتاج ،تنمية
قطاع الخدمات ،وتنمية قطاع البنية التحتية ،وتنمية الموارد البشرية وفيما يلي شرح لهذه القطاعات:
قطاع اإلنتاج :يتكون من شقين :الشق األول هو اإلنتاج الزراعي (النباتي والحيواني) التقليدي والحديث ،والشق الثاني ()1
هو اإلنتاج الصناعي الذي عادة ما يمتد في البلدان النامية من المصنوعات الشعبية اليدوية التقليدية ،ويمر بالصناعات
الحرفية وصوال للصناعة التحويلية ،كإنتاج السكر من قصب السكر ،أو النسيج من القطن ...إلخ.
قطاع الخدمات :يأتي في مقدمتها الخدمات اإلجتماعية األساسية متمثلة في التعليم والصحة واإلسكان والنقل ()2
واإلتصاالت .والخدمات المالية وتتكون من الصيرفة والتأمين والتجارة .ثم تليها الخدمات الثقافية ...إلخ.
قطاع البنية التحتية أو البنية األساسية :وهو القطاع الذي يرتكز عليه ويبنى فوقه القطاعين السابقين اإلنتاجي والخدمي، ()3
فالبنية التحتية هي الطرق والجسور والموانئ والسدود ...إلخ ،وكثيرون يعدون الكهرباء والماء في نطاق قطاع البنية
التحتية .بينما يرى آخرون أن أهميتهما في اإلستخدامات المنزلية يضعهما في نطاق الخدمات اإلجتماعية.
قطاع التنمية البشرية :تكتسب أهميته من أن اإلنسان وإشباع حاجاته وتحقيق رفاهيته ،فهو غاية تنمية كل من القطاعات ()4
الثالثة السابقة ،وفي الوقت نفسه فإن المورد البشري هو الذي يتعهد بتنمية هذه القطاعات ،شريطة أن يكون هو مؤهالً
بخطى ثابتة على طريق تحقيق التنمية البشرية بتوفر شرط ً ألداء المهمة على أكمل وجه .ويسير النظام اإلقتصادي
أساسي هو أن تخصص الدولة نسبة من إنفاقها العام ،ميزانية لتمويل التعليم العام والعالي والبحث العلمي ،وبرامج
التدريب والتأهيل في التخصصات كافة ،ورعاية المتفوقين والعلماء ،وفق خطة توضع لتراعي أولويات التمويل وتناسبها
مع الميزانية المرصودة لهذه الغاية .ومن المهم في المرحلة اإلنتقالية في السودان أن تحرص قوى الثورة على أمرين،
أولهما تقسيم الموازنة ووضع خطة تنفيذها ،وثانيهما أن تتعزز كافة وزارات السلطة التنفيذية والهيئات المرتبطة بها
والهيئة القضائية والنيابة العامة ،بإستيعاب عدد كبير من العاملين الذين استبعدوا من مواقعهم الوظيفية بسبب سياسة
التمكين وقانون الصالح العام ،أوبقررات إحالة العاملين للتقاعد بالقصد السياسي قبل بلوغ السن القانونية بعد إيقاف
العمل بقانون الصالح العام ،مما أدى إلى أن يصبح واقع هذه المؤسسات حاليا ً مفتقر ألدنى مستويات الكفاءة ،إن لم تدعم
بإعادة تعيين المفصولين تعسفياً .لهذا يجب أن يكون في أولويات اإلنفاق العام خالل الفترة اإلنتقالية ميزانية اإلنفاق
كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة 05إبريل 2022م
Page 47 of 54
إلستحقاقات هؤالء العائدين في مواقع وظيفية تناسب مؤهالتهم األكاديمية وخبرتهم المهنية ،ومرتبات متناسبة مع
المواقع التي سيشغلونها ،على أن يعادوا بقانون يرفع عنهم المظالم في إستحقاقاتهم الماضية إن وجدت ،ويحدد سن
التقاعد اإلختياري لهم بـ 70عاما ،واإلجباري بـ 75عاما.
ج -الهدف الخامس للسياسة اإلقتصادية :هوتحقيق إستقرار المستوى العام لألسعار ،وهذا الهدف ذو صلة مباشرة بالمستوي
المعيشي للناس ،الذين حتما يوظفون دخولهم النقدية في ميدان التبادل أي في السوق إلشباع حاجاتهم اإلستهالكية
واإلستثمارية .فالسلع والخدمات هذه ،هي الدخل الحقيقي الذي يمثل جانب العرض في اإلقتصاد الوطني ،يقابله الدخل النقدي
الذي يمثل جانب الطلب .لذلك فإن كل زيادة نقدية في دخول الناس أي في جانب الطلب ،تنعكس إيجابيا على حصولهم على
المزيد من اإلشباع لحاجياتهم ،إال إذا ارتفعت األسعار في السوق بسبب التضخم ،فإن إرتفاعها يحول دون حصول مزيد
من اإلشباع .وق د يتضاعف الدخل النقدي بينما ينخفض الدخل الحقيقي من السلع والخدمات التي يشتريها الفرد إلى أقل من
النصف ،إذا كان التضخم جامحا .وهكذا فإن المستوى العام لألسعار ذو أثر مباشر على الدخل الحقيقي سلبا ً أو إيجاباً .وعلى
الدولة في المرحلة اإلنتقالية عدم التركيز على زيادة األجور فقط لتحسين المستوى المعيشي للعاملين ،بل اإلعتماد على
خيارات أخرى أقرب منها إلى تحقيق الهدف لعامة الناس ومن بينهم العاملون والتي يمكن استعراضها فيما يلي:
( )1إن األسعار قد ترتفع عادة إذا كانت كلفة اإلنتاج عالية ،أو إذا كانت هنالك ندرة في السلعة أو الخدمة ،بينما الطلب على
حاله أومتزايد .وإنخفاض قيمة العملة المحلية ،يجعل كلفة الحصول على النقود األجنبية عالية .ونسبة ألن رصيد
االحتياطي النقدي من العمالت األجنبية يعتبر جزءا ً من تكاليف إنتاج أو عرض السلع والخدمات في السوق االمحلي،
فإن سعر الصرف للعملة المحلية ،له أثر كبير على مستوي إشباع الناس لحاجاتهم من السوق المحلي كما هو حال
السودانيين اآلن .فالمكون األجنبي يدخل بطبيعة الحال في تكلفة السلع والخدمات المعروضة في السوق المحلي بشكل
كبير خاصة وأن %95من هذه السلع والخدمات مستوردة من الخارج .وبالتالي تبقي الخيارات المطروحة تتمثل في
أوال :العمل علي زيادة احتياطيات النقد األجنبي لتسهم بشكل مباشر في تخفيف العبء على الميزان التجاري وفي تحسين
سعر صرف العملة المحلية والذي يؤدي بدوره لخفض أسعار السلع والخدمات في السوق المحلي .وثانيا :العمل في
نفس الوقت على إحالل السلع والخدمات المستوردة بالسلع والخدمات المنتجة في السوق المحلي فينخفض الطلب على
العمالت األجنبية نتيجة النخفاض فاتورة استيراد السلع والخدمات وتنخفض أسعارها وفقا لذلك.
( )2إن أسعار السلع والخدمات سيظل في حالة ارتفاع متواصل كلما استمر ربط تسعيرها استنادا لتغيرات سعر الصرف
بسبب أن أسعار صرف العمالت األجنبية مقابل الجنيه السوداني مرتفعة باستمرار نتيجة للعجز الدائم في الميزان
التجاري وأن السودان يعتمد بنسبة %95على السلع والخدمات المستوردة في تلبية الطلب المحلي .لذلك البد أن تفضي
هذه النتيجة إلى خيارات وطنية معاكسة تربط تسعير السلع والخدمات في السوق المحلي بعوامل اقتصادية أخري عديدة
مثل مستوى الدخل ،القوة الشرائية للعملة المحلية ،األهمية النسبية للسلعة أو الخدمة ومرونتها ،مستوى ندرة السلع
والخدمات ،مدى وجود بدائل سلعية وخدمية أخري ،وأخيرا ً بتكاليف اإلنتاج أو اإلستيراد.
( )3إن التدهور المضطرد في سعر الصرف واإلنخفاض المتفاقم لقيمة العملة المحلية مقابل العمالت األجنبية القابلة للتحويل،
مرتبط أوالً بمحدودية العوائد من النقد األجنبي في ظل ثبات ،بل وتزايد الطلب عليه ،أي إنه في المقام األول مرتبط
بغياب اإلحتياطات من النقد األجنبي ومن الذهب في خزينة الدولة .ولكن في واقع اإلقتصاد السوداني منذ عهد نظام
اإلنقاذ فقد ارتبط الجزء األكبر من الطلب على النقد األجنبي بفئة تجار العملة وبعالقة قادة الدولة وحزب السلطة
باإلستثمار وبالتكالب على االحتفاظ بثرواتهم بعمالت أجنبية قابلة للتحويل خاصة خارج البالد ،تفاديا لإلنخفاض المستمر
في قيمة العملة الوطنية وألن ثقتهم في مستقبل عالقاتهم وإرتباطاتهم الخارجية كانت أكبر من ثقتهم في مستقبل بقاء
نظام اإلنقاذ .وكان هذا التوجه منهم عامال مهما في ازدياد الطلب على النقد األجنبي مما أفضى إلى تفاقم إرتفاع سعره
مقابل العملة المحلية .وبسبب تآكل الديون بالتضخم إبتعد الناس عن إدخار العملة المحلية وعن توظيفها في اإلستثمار،
مما أفقدها قدرتها على أداء أهم وظيفتين للنقود هما أوال :كون النقود مخزنا ً للقيمة وأداة لإلدخار ،وثانيا :كونها أداة
إستثمار .بينما تمول الدولة إنفاقها الضخم غير المنتج باإلصدار النقدي المتواصل والذي يتراكم في خاتمة المطاف في
خزائن المتمكنين المتحكمين في تجارة االستيراد والتصدير فيوظفونها في المضاربة وفي شراء المزيد من العمالت
األجنبية والذهب وسلع الصادر الزراعي وفوائض المغتربيين والعقارات واألراضي والسلع المعمرة المستوردة .وهكذا
ظلت النقود بدال من دورانها في محور الكسب واإلنفاق اإلستهالكي واإلدخار اإلستثماري ،أصبحت تدور حول رحى
اإلقتصاد الخفي المضارب في النقد األجنبي .وشكل النظام المصرفي في هذه الدورة غير المشروعة للنقود سندا لالقتصاد
الخفي .ولهذا فإن النظام المالي والمصرفي بعد سقوط نظام اإلنقاذ بشكل نهائي في أمس الحاجة لتدقيق ماضيه وإعادة
صياغته وهيكلته.
كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة 05إبريل 2022م
Page 48 of 54
-2السياسة النقدية العامة ،أدوات تحقيق الهدف األساسي للسياسة النقدية:
للسياسة النقدية لكافة األنظمة السياسية واإلقتصادية على اختالفها ،هدف مشترك أساسي هو التحكم في عرض النقود في اإلقتصاد.
وأداة التحكم األساسية أو األهم هي الرقابة اإلئتمانية أو الرقابة المصرفية .وإن الجهة المسؤولة عن الرقابة المصرفية في كل نظم
العالم تنحصر في البنك المركزي أو بنك الدولة وبنك البنوك كما يسمى .وللبنوك المركزية كافة عدة أدوات تتحكم من خاللها على
عرض النقود وتؤثر على الطلب عليه أي الطلب على النقود .وتتمثل أهم هذه األدوات فيما يلي:
أ -أداة السوق المفتوحة :وهي األداء التي بموجبها تقوم البنوك المركزية بعرض النقد عن طريق بيع األوراق المالية في
السياسات التضخمية بهدف تجفيف عرض النقود أو تخفيضه والعكس تشتري األوراق المالية في الظروف االنكماشية بهدف
زيادة عرض النقود لتحريك االقتصاد .وتتمثل في بيع وشراء األوراق المالية ،أو أذونات الخزانة ،أو شهادات اإلستثمار
الحكومية مثال شهامة في السودان .والمصارف المركزية في دول العالم كافة تمتص النقود من التداول واإلنفاق اإلستهالكي،
إلى نطاق اإلدخار ،عبربيع هذه الشهادات للمواطنين والشركات والمصارف ،مقابل ردها في خالل سنة مع فائدة مجزية،
فالنقود عندما تنتقل من نطاق اإلنفاق اإلستهالكي إلى نطاق اإلدخار تكون قد اقتربت من مهمتها في تمويل اإلستثمارات
وتلجأ لها الحكومة في حالة احتياجها لتمويل بعض مشاريعها.
ب -أداة اإلحتياطي النقدي واالحتياطي اإللزامي :المصارف المركزية في دول العالم كافة ،تحدد للبنوك العاملة في النظام
المصرفي ،نسبة معينة من ودائعها ال تقرضها وتمسكها في خزائنها كإحتياطي نقدي تواجه بها الطلب اليومي الجاري،
ونسبة تعادلها تحتفظ بها لدي المصرف المركزي أي خارج التداول لمواجهة الطوارئ .والسياسة التوسعية في عرض
النقود تؤدي إلى تخفيض هذه النسبة ،أما السياسة اإلنكماشية فهي تتطلب زيادة هذه النسبة.
ت -أداة سعر الخصم :وهو سعر الفائدة الذي يقرض بموجبه البنك المركزي المصارف التجارية أو يقترض منها به .فالمصارف
المركزية في حالة السياسة اإلنكماشية ترفع سعر الخصم وتتوسع في اإلقتتراض الداخلي من المصارف التجارية عبر تقديم
سعر خصم أي فائدة عالية لها تغريها بها ،فتجفف بذلك نسبيا السيولة من ميدان تداولها أو إقراضها .والعكس صحيح.
-3دور الدولة في اإلقتصاد في الملكية والنشاط اإلقتصادي والحماية والدعم:
كل دولة لها خياراتها ومنهجها في تسيير إقتصادها الوطني .وهي توظف سياساتها اإلقتصادية والنقدية في خدمة منهجها .ولكن
المناهج اإلقتصادية في اإلقتصاد الدولي المعاصر ،قد تلخصت في منهجين ،يكاد ال ثالث لهما ،هما:
أ -هل تكون دولة متدخلة في اإلقتصاد فتمتلك الموارد اإلقتصادية والمنشآت والمشاريع اإلنتاجية والمرافق الخدمية وتمارس
النشاط اإلقتصادي عبر قطاع عام يدر لخزينتها إيرادات وأرباح ،تعتمد عليها في اإلنفاق على وظائفها.
ب -أم تكون دولة محيدة ال تمارس الملكية والنشاط اإلقتصادي ،فتكون كما قال عنها (آدم سميث1776 ،م في كتابه ثروة األمم)
دولة حارسة تقوم فقط بوظائف الحراسة العامة ممثلة في األمن ،والدفاع ،والقضاء .وينحصر دورها في النشاط اإلقتصادي
في حدود قطاع البنية التحتية كرصف الطرق وبناء الجسور والسدود والموانئ ...إلخ .إن الدولة في هذه الحالة تقلص
وظائفها ،فال ترصد األموال وتنفق من الميزانية العامة لتمويل منشآتها اإلنتاجية ومرافقها الخدمية ،فهي ال تمتلك شيئا ً منها،
وكذلك تبتعد عن اإلنفاق في مجال الدعم وال سيما دعم الخدمات اإلجتماعية اإلساسية كالصحة والتعليم ...إلخ .وكذلك تبتعد
عن دعم السلع اإلستهالكية الضرورية ،واإلنتاج الزراعي ،والصناعي ،والصادر .وتنفق على وظائفها المحدودة وهي
واجبات الحراسة من دخلها من الضرائب .والملكية الخاصة الفردية مباشرة أو عبر القطاع الخاص في هذه الحالة هي التي
تهيمن على الملكية والنشاط اإلقتصادي ،ويسمى هذا المنهج إصطالحا ً بمنهج اإلقتصاد الحر داللة على إرتكاز اإلقتصاد
فيه على حرية الفرد وأولويته على الدولة في حقوق الملكية وحرية التصرف والنشاط االقتصادي ،أو ما يسمى بمنهج
إقتصاد السوق ألن السوق فيه هو الذي يحدد القيمة ،والربح هو الهدف الذي يحرك اإلنتاج والتبادل.
-4المالية العامة:
المالية العامة في النظم السياسية واإلقتصادية كافة لها 4أربعة أركان هي :اإليرادات العامة ،المصروفات العامة ،السياسات
المالية العامة ،والركن الرابع واألخير يتضمن الموازنة العامة والميزانية العامة .وعند النظر في هذه األركان األربعة في السودان
سنقف على ما يلي:
أ -اإليرادات العامة :إعتمدت المالية العامة في السودان منذ اإلستقالل وحتى تاريخ إنقالب الجبهة اإلسالمية في 1989/06/30م،
على أربعة مصادر تدر الدخل في الميزانية العامة للدولة وتنفق منها الدولة على وظائفها وهي:
كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة 05إبريل 2022م
Page 49 of 54
المصدر األول :وهو ما يعرف (بالدومين الحكومي) أو دخل الدولة من ممتلكاتها في شكل ريوع وأرباح الدولة من منشآت -
إنتاج ،ومرافق خدمات كانت تمتلكها) .فقد كانت الدولة في تلك الحقبة تمتلك عبر وزارة النقل والمواصالت فقط ،السكة
حديد ،الخطوط الجوية السودانية (سودانير) ،هيئة الطيران المدني ،الخطوط البحرية (سودان الين) ،هيئة الموانئ البحرية،
النقل النهري ،ومصلحة البريد ،والبرق ،والهاتف .فضالً عن مصالح خدمية كالنقل الميكانيكي ،ومصلحة المخازن والمهمات
المحتكرة لمشتريات الحكومة .كذلك تملك في الشق الصناعي من اإلنتاج الوطني منشآت أنتاج في مجاالت الغزل والنسيج،
والدباغة والصناعات الجلدية ،وصناعة السكر ...إلخ .فضال عن أنها كانت تمتلك شركات عامة تمثل أذرع مهمة في التجارة
الخارجية ،إذ كانت الدولة تحتكر تصدير وإستيراد سلع تتمتع باألهمية الكمية وارتفاع ربحيتها واألهمية النوعية لتعلقها
بمصالح قطاعات واسعة من السكان في إنتاجها أو إستهالكها كالقطن ،والحبوب الزيتية ،والصمغ العربي ،والماشية
واللحوم ،والسكر ،واألدوية .وهذه النشاطات كانت ترفد خزينة الدولة بعوائد كبيرة من الريوع واألرباح ومن النقد األجنبي.
ولهذا كانت الدولة تطلع بنطاق واسع من الوظائف وتقدم خدماتها المدعومة المجانية في قطاعات أساسية كالتعليم والصحة،
وتدعم السلع اإلستهالكية األساسية كالخبز والسكر والدواء ،والمحروقات أي تدعم النقل بصورة غير مباشرة ،كما كانت
تقدم دعما ً مقدرا ً للقطاع اإلنتاجي في شقي اإلنتاج الزراعي ،حيث كانت الدولة تمتلك وتأهل وتصين البنية التحتية للمشاريع
الزراعية الكبري المروية كمشروع الجزيرة ،ومؤسسة حلفا الجديدة الزراعية ...إلخ ،وتدعم اإلنتاج الصناعي وسلع
الصادر.
المصدر الثاني :في دخل الدولة من حيث الكمية واألهمية ،وهو الضرائب المباشرة في المقام األول األساسي ،ث َّم الضرائب -
غير المباشرة في المرتبة الثانية.
المصدر الثالث :فقد كان مصدر الرسوم والتي كانت منخفضة ورمزية مقابل خدمات تقدمها الدولة للمواطنيين عند الحاجة -
والطلب ،كرسوم شهادات الميالد ،ورسوم إستخراخ الوثائق الثبوتية ،والرسوم القضائية ...إلخ .وقد كانت الغاية من هذه
الرسوم بجانب كونها مصدرا لدخل الحكومة ،هو خدمة المواطنين ،وأيضا كإجراء يساعد علي اإلحصاء.
المصدر الرابع :يتمثل في اإلقتراض من الداخل أو الخارج ،حينما التكفي المصادر الثالثة آنفة الذكر. -
ونسبة ألن نظام اإلنقاذ قد اتبع منهج إقتصاد السوق ،فقد قام بالخصخصة على نطاق واسع ،وتصفية ممتلكات القطاع العام بالبيع،
ونقلها للقطاع الخاص ضمن سياسة التمكين الذي اقترن بالبيع بالصفقات الفاسدة ،فاستولى المتمكنون على ممتلكات الدولة التي
بناها الشعب بتضحيات كبيرة ،بأبخس األثمان ،بموجب تسهيالت من النظام المصرفي بعد خصخصته وتسخيره لخدمة هؤالء
المتمكنين .وكذلك تم بيع العديد من المنشآت والمرافق والشركات العامة وتصفيتها في صفقات فساد مشبوهة مثال بيع اأسطول
شركة النقل البحري (سودان الين وقوامه 15سفينة عشية انقالب الجبهة اإلسالمية) ،وطائرات الخطوط الجوية السودانية
(سودانير) وعددها 14طائرة ،وموجودات البنية التحتية لمشروع الجزيرة ،وحلفا الجديدة إلى آخر المرافق الخدمية والمنشآت
اإلنتاجية التابعة للقطاع العام .وهكذا فقدت الدولة أهم مداخيلها التي كانت ترفد الخزينة العامة ،الدخل أو الدومين الحكومي من
موقعه كمصدر أول في عوائد خزينة الدولة إلى المواقع الخلفية وأحتلت مكانه الضرائب والرسوم والجبايات.
وبالتالي فقد كان طبيعيا علي ضوء ما تقدم عرضه ،أن تتراجع الدولة عن وظائفها ومهامها األساسية المتمثلة في توفير مجانية
التعليم والعالج ،ودعم اإلسكان والسلع اإلستهالكية الضرورية ،ودعم اإلنتاج والصادر .وأصبح مصدر دخل المالية العامة األول
واألهم هو الضرائب غير المباشرة ،والرسوم ،والجبايات .وفي ظل التهرب الضريبي للفئات الطفيلية المتمكنة والمتحكمة في
االقتصاد ،وقع العبء الضريبي على دخول العاملين وصغار المنتجين ،وتحولت الدولة إلى دولة جباية تالحق أوسع قطاعات
الشعب بالضرائب المتزايدة .وتوجه هذه اإليرادات الضريبية في الصرف على أجهزتها المترهلة ومخصصاتها الباهظة ،ومن
اإلصدار النقدي وزيادة الدين العام ونهب القروض الخارجية .وانقسم المجتمع إلي فئات عليا أقلية مهيمنة على السلطة والثروة
ومحمية بأجهزة القمع األمنية وتتحكم علي ما يزيد عن %82من الموارد االقتصادية ،وأغلبية الشعب المعدم الذي تتزايد معدالت
فقره بشكل متسارع لمستويات غير مسبوقة ،واختفت الطبقة الوسطي نزوالً إلى صفوف الفئات الفقيرة والتي تعيش تحت خط
الفقر .وحينما بلغت عوائد النفط في الحقبة من 1999م إلى 2011م مبلغا ً مقداره 77,901,8مليار دوالر (سبعة وسبعون ملياراً
وتسعمائة وواحد مليون دوالرا ً علي أقل اإلحصاءآت المعلنة) ،فضالً عن قروض خارجية بلغت حتى سقوط نظام اإلنقاذ مبلغ
56,4مليار دوالر (ستة وخمسون مليار وأربعمائة مليون دوالر على األقل) ،وقروض داخلية بالعملة الوطنية في ذمة الدولة
مدينة بها للنظام المصرفي ال حدود لها .وفي ظل غياب المؤسسية واإلنضباط المالي واإلداري في الدولة ،دخلت هذه العوائد في
أوعية مجهولة ،وأصبح من الصعب معرفة مصيرها في دولة ال يراجع ديوان المراجع العام فيها سنويا ً إال على حوالي ()%15
من المال العام .حيث أصبح ما تبقي من المال العام يعتبر في نطاق اإليرادات والمصروفات العامة المجهولة المحصنة خارج
نطاق المساءلة.
وهكذا فقد شكل نظام اإلنقاذ مظلة لحماية الفساد المالي المستشري في الدولة التي احتشد في مفاصلها المرتبطون بحزب السلطة
السابقة .لذلك فإن من استولوا على عوائد الدولة من األموال يمثلون قطاعات واسعة جداً ،وسيحتاج إسترداد ما نهبوه واستولوا
كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة 05إبريل 2022م
Page 50 of 54
عليه من المال ،تحرى واسع معقد ودقيق عن ممتلكات الذين تنقلوا في مواقع المسؤوليات العليا في عهد اإلنقاذ وبعدها ،وإجراءآت
ومالحقات قانونية واسعة تطالهم وتطال الموالين لهم ،حتى يتم إسترداد المال العام الذي تم السطو عليه كامال غير منقوصا ً إلى
الخزينة العامة .وهذا اإلجراء يتطلب تأهيل وتعبئة الجهاز القضائي ،النيابة العامة ،األجهزة الشرطية ،جهاز األمن الوطني
والمخابرات ،ديوان المراجع العام ،ومكتب المسجل العام للشركات ،بجانب متخصصين في المحاسبة والمراجعة وفي اإلقتصاد
المالي .وتكون كلها ملحقة بلجنة إزالة التمكين واسترداد المال المنهوب في عهد نظام اإلنقاذ.
ب -المصروفات العامة :لم يشكل بند المرتبات أهم مصارف الفصل األول في الميزانية العامة ،على الرغم من أهمية عالقته
بمعاش الناس ،إذ لم يشكل إال جزءا ً محدودا ً نسبيا قياسا إلى رصيد الصرف على الحوافز والبدالت واإلمتيازات التي حازت
عليها الفئات العليا في الدولة .لذلك فإن أوسع قطاع من العاملين في الدولة ،في الخدمة المدنية وفي القوات النظامية ،كانت
مرتباتهم ال تفي إال بالقدر المحدود من ضروريات إحتياجاتهم األسرية ،إذ إنحصر الصرف الحكومي بسخاء ،في عهد نظام
اإلنقاذ ،على حزب السلطة والموالين للنظام ،والذين ظل النظام يحشدهم في هياكل الحكم اإلتحادي والوالئي والمحلي
والمنظمات الجماهيرية والنقابية الصورية المستأنسة ،وكلها هياكل متضخمة بعضوية من البطالة المقنعة التي كانت تشكل
في حقيقتها شعبية الحزب الحاكم ،وجمهور النظام الذين كانوا يؤدون هذه المهمة مقابل أجور يتقاضونها من المال العام دون
وجه حق تشمل مرتباتهم ومخصصاتهم وحوافزهم والعطايا التي كانت تكال لهم .وإلى جانب هؤالء ظل النظام يغدق الصرف
على مناسباته ،ونشاطات أجهزته األمنية ،وحروبه ضد الشعب في كل أطراف البالد .فتوجهت كل المصروفات العامة إلى
وجهة ضارة غير منتجة ساهمت بشكل أساسي في عجز الموازنة العامة وفي تدهور القطاعات اإلنتاجية والخدمية.
ت -السياسات المالية العامة :إن السياسات المالية العامة هي سياسات تحدد المصادر المشروعة للمال العام وأوجه الصرف
المشروعة المعتمدة .وإن الخلل الذي رافق سياسات نظام اإلنقاذ في هذا الشأن نابع من خلل عميق نابع من طبيعة النظام نفسه،
لذلك فإن تجاوز هذا الخلل يتطلب العودة إلي استعادة وتفعيل دور الدولة في الملكية والنشاط اإلقتصادي بإمتالكها مجدداً
لبعض مرافق الخدمات ومنشآت اإلنتاج واستعادتها عن الخصخصة التي طالتها ،لتخفيف العبء الضربي على أوسع قطاعات
الشعب وتحسين مستوى معيشتهم ،فضال عن إعادة النظر في توزيع العبء الضريبي على أسس تحقق العدالة بحيث تكون
ضرائب تصاعدية ومباشرة علي الدخل ،ووضع نظم إدارية كفوءة تستخدم التقنيات األلكترونية الحديثة في التحصيل والحد
من التهرب الضريبي.
ً
ث -الموازنة والميزانية :الموازنة تقدير إليرادات ومصروفات الدولة المتوقعة مستقبال لعام مالي قادم مصطحبة إجراءات
سياسوية تعزز من زيادة اإليرادات ،أما الميزانية فهي اإليرادات العامة الفعلية التي دخلت الخزينة العامة وما قابلها من
مصروفات عامة أنفقت فعليا من الخزينة العامة خالل العام المالي الذي مضى .ويتم ضبط الموازنة العامة والميزانية والرقابة
عليهما من خالل أمرين هما أوال :أن يكون اإلهتمام بالميزانية وتدقيقها ،أي تدقيق المال العام بعد صرفه أكثر من اإلهتمام
بالموازنة وتقدير اإليرادات وذلك للتأكد من سالمة أوجه الصرف من حيث الصالحية واالعتماد ومن حيث استخدام
المنصرفات في الغرض المصرح به او المعتمد .وثانيا :أن تكون مظلة المراجعة العامة شاملة لكل بنود اإليرادات والصرف.
ولكن في ظل غياب هذين األمرين فقدت المالية العامة في عهد نظام اإلنقاذ أهم مراحل أسس ضبطها .وتحولت الموازنة
العامة والميزانية العامة في سنوات ذلك العهد إلى إجراءآت شكلية بال مضمون وبال رقابة.
-5المديونية العامة:
عندما ال تفي اإليرادات العامة التي يتم تحقيقها من مصادرها التقليدية المعلنة أي الدخل الحكومي (الدومين الحكومي) ،والضرائب
والرسوم ،بمتطلبات الوفاء بالمصروفات العامة المعتمدة ،تلجأ الدول إلى طلب القروض أي إلى اإلسدانة ،ومن هنا تنتج المديونية.
وتتكون المديونية العامة عادة في اإلقتصاديات القومية لدول العالم كافة ،من شقين هما المديونية داخلية ،والمديونية خارجية:
أ -في شق المديونية الداخلية تلجأ الدولة:
أوالً :إلى اإلستدانة من نفسها ،عندما تغطى الفجوة في مواردها وعجزها عن متطلبات مصارفها ،باإلصدار النقدي أي بطباعة
النقود .ويسمى هذا التصرف بالتمويل بالعجز أو اإلستدانة من المصرف المركزي ،ألن النقود التي يتم طباعتها ،ينبغي أن تسجل
في سجالت المصرف المركزي إقراضا ً للحكومة ودينا ً في ذمتها.
وثانيا ً :يكون مصدر الدين الداخلي في الغالب بدال من اإلصدار النقدي من الدول الحريصة على إستقامة وسالمة تصرفها،
بإصدار أذونات الخزانة ،وهي سندات ،31أو شهادات إستثمار تطرحها الدولة للمصارف والشركات واألفراد للشراء ،فتكون
31تعبر األسهم أن لمالكها حصة في ملكية المشروع ،فالذي يحمل سهما دائنا في مشروع بعينه شريك فيه في حدود قيمة سهمه .أما الذي يحمل سنداً باعه ذلك المشروع
للمكتتبيين بهدف التمول بالسيولة النقدية ،فحامل السند ليس شريكا في المشروع ،بل مجرد دائن للمشرو ع ،له الحق في نهاية مدة السند أن يسترد من المشروع قيمة السند
والفائدة المتفق عليها ثمنا ً لما أقرضه .وعادة ماتطرح الدول في كل العالم بال استثاء في سوق األسهم سندات تسمى :أذونات الخزانة ،أو شهادات اإلستثمار الحكومية (مثال:
كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة 05إبريل 2022م
Page 51 of 54
إسمية أو لحاملها بفئات مختلف ة ترد قيمتها لمالكها أو لحاملها بعد مدة محددة ،عادة سنة ،مع زيادة فوائد معلومة مسبقا مرتبطة
بحجم رأس المال ومدة االستثمار .وقد توغل نظام اإلنقاذ في المديونية الداخلية عبر الطريقين وفقا لما يلي:
➢ في خالل الـ 30ثالثين عاما من عمر نظام اإلنقاذ نهب النظام مقدرات اإلقتصاد الوطني عبر التمويل بالعجز أو إصدار
النقود بال رادع أو التزام بأصول علم اإلقتصاد أو بالتقاليد والمعايير المتعارف عليها في إدارة السياسة النقدية وبال كابح أو
حدود لحجم الدين .وقد دفع اإلقتصاد الوطني ثمن ذلك اإلفراط في طباعة النقود بال غطاء من إنتاج عيني أو عوائد مضمونة،
بأن فقدت العملة المحلية القدرة على أداء وظائفها كأداة إدخار وتمويل لإلستثمار نتيجة التضخم الجامح واإلنخفاض المتواصل
في قيمتها .بل وفي مرحلة الحقة إختفت النقود نفسها من ميدان التبادل الرسمي أي من السوق كما انعدمت في خزائن
المصارف التجارية والمصرف المركزي ،وظلت مكتنزة ً لدى الفئات المتحكمة في االقتصاد ويتم تداولها في نطاق اإلقتصاد
الخفي في مجال تجارة العملة غير الشروعة ،والتهريب ،وشراء الذهب ،واالستحواز علي مصادر النقد األجنبي السيما
االستحواز علي مدخرات المغتربين في الخارج ،وفي شراء العقارات واألراضي والسلع المعمرة المستوردة.
➢ ووفقا للفتوى الصادرة عن فقهاء الصيرفة اإلسالمية في نظام اإلنقاذ ،بأن أذونات الخزانة تقع في نطاق الربا الحرام ،لكونها
تدر فائدة ثابتة بدون عوض .32لم يتمكن المصرف المركزي من اإلستدانة الداخلية بأذونات الخزانة إال ابتداءاً من يونيو
حزيران 1998م .فبعد بحث إستغرق المدة من بداية عام 1997م حتى منتصف عام 1998م وبجهد مشترك بين :بنك السودان
المركزي ،والهيئة العليا الشرعية للمصارف والمؤسسات المالية ،وخبير من صندوق النقد الدولي 33تم إستحداث شهادات
قيل أنها تتوافق مع األسس الشرعية وتصلح كأداة للسياسة النقدية بديال ألذونات الخزانة في عمليات السوق المفتوحة .ويقصد
بهذه الشهادة الشرعية التي إستحدثت( ،شمم ،شهادة مشاركة البنك المركزي) ،وبموجب هذه الشهادة قيمت أصول المصارف
التجارية كافة المملوكة للحكومة آنذاك بمقدار 39مليار جنيه سوداني ووزع المبلغ إلى حصص متساوية بواقع سعر الحصة
10,000جنيه (عشرة آالف جنيه سوداني) ،أي ما يعادل 4000أربعة آالف دوالر أمريكي آنذاك) وبيعت األسهم للمقتدرين
من أصحاب الفوائض .ولكن لم تباع لهم ملكية المصارف في هذه الصفقة ،بل بيعت لهم منفعة الحصص .بمعنى أن الحكومة
إحتفظت بملكية المصارف ،وأصبحت أرباح المصارف من معامالتها توزع علي أصحاب الحصص .وتوقف العمل بشهادة
(شمم) في نهاية عام 2004م عندما شرعت الدولة في خصخصة النظام المصرفي .وبدأ إعتماد شهادات مثيلة أخرى،34
أشهرها (شهامة ،شهادات مشاركة الحكومة وقيمة الحصة 500خمسمائة جنيه) ورصدت الحكومة لشهادة (شهامة) منفعة
أرباح شركات عالية الربحية مثال ،شركة سوداتل التي كانت معدل أرباحها نحو ،%64وشركات تعدين عاملة في الذهب،
وشركات أسمنت ...إلخ .ولذلك تراوحت أرباح أسهم (شهامة) في السنوات األولى من إصدار صكوكها عام 1999م بين
%28و % 32فلجأ كبار المستثمرين في هذه األسهم إلى رهنها لدى المصارف التجارية لضمان الوفاء لقروض مصرفية
منحت لهم بفائدة أي مرابحة مقدارها .%11إال أن معدل األرباح بدأ في التراجع بسبب خصخصة الدولة للشركات ذات
الربحية العالية وإدخال منفعة أرباح شركات بديلة أقل ربحية ،فانخفضت اإلرباح إلى مابين %14و .%19وفي عام 2012م
إنخض سعر صرف الجنيه أكثر من ،%100إذ أصبح سعر الدوالر 5,700جنيه ،بدال عن سعره عام 1999م المعادل لـ
2,500جنيه .وذلك بعد خصخصة ممتلكات الدولة الرابحة وتحييد الدولة وانفصال الجنوب بـ %75من الثروة النفطية.
ب -المديونية الخارجية :وهي في إسمها واضحة الداللة على أنها مديونية الدولة للدائيين الذين اقترضت منهم في العالم الخارجي
بعمالت قابلة للتحويل أو في شكل قروض سلعية من صناديق دولية وإقليمية ،ودول ،ومصارف ،وشركات ،وموردين.
شهادات اإلستثمار الحكومية ،شهامة ،في السودان) ،وتستهدف الحكومات بهذا التصرف سحب النقود من نطاق التداول في اإلنفاق اإلستهالكي ،وتعبئها في نطاق اإلدخار
لتمويل اإلستثمار ،وقد يكون الهدف هو سد الفجوة في ميزانية الدولة باإلقتراض من الداخل عبر طرح أذونات الخزانة لتشتريها المصارف التجارية والشركات واألفراد.
32جمال الدين عطية ،البنوك اإلسالمية ،بين الحرية والتنظيم ،التقويم واإلجتهاد ،النظرية والتطبيق ،ط ،2المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع ،بيروت ،ص.118
33جمال الدين عطية :البنوك اإلسالمية ،بين الحرية والتنظيم ،التقويم واإلجتهاد ،النظرية والتطبيق ،ط ، 2المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع ،بيروت ،ص ص
. 130 -129من الكتاب الغربيين غير المسلمين من ساهم بفتاوي إسالمية تعين المصارف (اإلسالمية) بإسناد فقهي لمعاملة مصرفية معقدة ،مثال اإلسناد بتخريج فقهي
للتمويل المصرفي اإلسالمي لرأس المال العامل للشركات مع تحاشي نظام المشاركة في الربح أي الغنم بالغرم عبر إقتراح صيغة قدمها وبحثها رياضيا ً ومحاسبيا ً الدكتور
(فوكار ينهاوس ،استاذ اإلقتصاد بجامعة بخوم في ألمانيا ،والمتخصص في مسائل المصارف اإلسالمية) .كذلك إنظر * :محمود محمد بابلي ،ص .209إن اللجنة التحضيرية
التي أناطت بها (منظمة المؤتمر اإلسالمي) صياغة (إتفاقية البنك اإلسالمي للتنمية) قد إستعانت في إنجاز مهمتها بخبراء من البنك الدولي وبخبراء آخرين إلى جانبهم من
مصارف عالمية غربية ،فأجاز هؤالء الخبراء معا ً (مشروع المصرف اإلسالمي) على صورته الحالية.
34هذه الشهادات هي( :صرح ،أصدرتها وزارة المالية إبتدا ًء من 2003م) و(شهاب ،صكوك أصدرها البنك المركزي عام 2005م حصراً للمصارف وليس لألفراد
والشركات عن أصول مملوكة للمصرف المركزي تؤجرها عبر صندوق إستثمار وكيل لـ 10سنوات بهدف إدارة السيولة وتحقيق إستثمارات مربحة للمصارف حملة
الصكوص التي بوسعهم تداولها بين المصارف في السوق) ( شموخ ،شهادة اإلستثمارالجماعي بالعمالت األجنبية بدأت في إبريل 2009م لتسوق الصكوك داخل السودان
100أف شهادة بمائة مليون دوالر ليكون بنك السودان مضاربا ً في تجارة اإلستيراد عن حملة الصكوك إال أن الحصيلة لـ 6170شهادة نسيت في حساب جاري في بنك
السودان ولم يتم تذكره إال بعد عام فصفيت بربح المثل لحملة الصكوك ،%7وانتهت تجربة شموخ في إبريل 2010م) و(شامة ،شهادة مصفاة الخرطوم للبترول 2010م)
و(نور ،شهادة أصول الشركة السودانية لنقل الكهرباء بسعر السهم 100دوالر بيعت أسهم منها بقيمة 2مليون دوالر وحجزت قيمة هذه األسهم في البنك المركزي ولم يتم
العمل بها ،وأفتت هيئة الرقابة العليا بعد عدة س نوات بتخارج وزارة المالية بإعادة شراء األسهم وإعادة قيمتها للمكتتبين بها) .وال يلغي تعثر مسار هذه الشهادات اإلستثمارية
الغاء أهمية أذونات الخزانة كأهم أداة في إدارة السيولة في السياسة المالية في دول العالم كافة.
كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة 05إبريل 2022م
Page 52 of 54
إن اإلستدانة خاصة ،من الدول النامية وال سيما تلك التي تنتمي لقائمة المستعمرات السابقة ،ليست مذمومة في كل األحوال
على نحو مطلق ،فاإلقتراض الداخلي ،والخارجي ،قد يؤدي إلى سد النقص في التمويل الضروري والسيما بالمكون األجنبي
لمشاريع إستراتيجية ،فيدفع عجلة التنمية وتزيد اإلنتاج واإلنتاجية ،وإذا ما ارتبطت خطة التمويل باإلقتراض الخارجي بدراسة
الجدوى من التمويل وقابلية المشروع الممول على خدمة الدين باإلسهام في سداد أقساط الدين وفوائده .ولقد اقترض السودان
أول دين خارجي في تاريخه الحديث بقرار من السلطة اإلستعمارية البريطانية في مطلع عشرينات القرن الماضي لتمويل
تشييد خزان سنار وتأسيس مشروع الجزيرة بعد أن أجاز مجلس العموم البريطاني أن تضمن الدولة هذا القرض للدائنيين
(تحت بند ديون السودان المضمونة) .ولقد تم سداد أقساط هذا القرض جميعها بإنتظام (لمدة 40أربعين عاما إنتهت عام
1969م) .35وبهذا القرض تملك السودان أكبر مشروع زراعي في العالم (مليون فدان ثم تطورت المساحة إلى 2,2مليون
فدان بعد إنجاز إمتداد المناقل في ثاني قرض خارجي أخذته حكومة عبود عام 1960م) .وبهذا التمويل تميز مشروع الجزيرة
ببني ٍة تحتية قوامها شبكة من القنوات وأالف العقارات والمحالج والمخازن واآلليات وشبكة من القنوات ونظام ري وتراكم
معرفي في مجاالت الري والبحوث الزراعية ،وأحدث هذا المشروع تنمية إقتصادية وإجتماعية ملموسة في منطقة الجزيرة
وظل اإلقتصاد السوداني يعتمد بصور رئيسية على إنتاج وتصدير القطن في مشروع الجزيرة ،كمصدر أساسي لموارد
اإلقتصاد الوطني من النقد األجنبي حتى ظهور عوائد النفط في قائمة الصادرات عام 1999م .وفي عهد نظام عبود وظف
السودان أول قرض من البنك الدولي عام 1958م في تأهيل السكة حديد .والقرض الثاني عام 1960م من المصدر نفسه في
تمويل إمتداد المناقل .36كما وظف نظام عبود غيرها من القروض من الغرب ومن الشرق في نطاق قطاع الخدمات وتحديداً
مرافق الخدمات المملوكة للدولة :تمويل شراء طائرات لشركة الخطوط الجوية السودانية (سودانير) وشراء سفن لشركة
الخطوط البحرية السودانية (سودان الين) وفي بناء مصانع تحويلية في نطاق التصنيع الزراعي كمصنع الكرتون في أروما،
ومصنع تجفيف البصل في كسال ،ومصنع تعليب التمور في كريمة ،والفاكهة في واو ،وتجفيف الحليب في بابنوسة (الكركدي
فيما بعد) ،ومصنعي السكر في الجنيد ومصنع سكر حلفا الجديدة ...إلخ .وسوى بعض نواحي القصور في دراسات الجدوى
وعدم الدقة في إختيار نوعية المصان ع والتوفيق بين موقعها وموقع مدخالت اإلنتاج األولية ،لم يحصل تعثر في خدمة الدين
الخارجي أي في سداد أقساطه وفوائده التعاقدية في آجالها في تلك الحقبة وفي العهد الديمقراطي الثاني بعده .ولم تبدأ فوضى
اإلستدانة من الخارج إال في عهد الحكم العسكري الثاني ،عهد نظام نميري ،وبخاصة بعد أن قرر نظام نميري إعطاء
الصالحيات للوزراء في تخطيط وتمويل وتنفيذ خطط التنمية بما في ذلك الحصول علي التمويل الخارجي دون المرور عبر
وزارة المالية وبنك السودان .لذلك كانت هذه الجهات المسؤولة عن مسك دفاتر الدين الخارجي ،عاجزة عن حصر ديون
السودان الخارجية حتي سقوط النظام.
وبلغت مديونية السودان عشية إستيالء الجبهة القومية اإلسالمية على السلطة عبر إنقالبها العسكري في 1989/6/30م مبلغ
8,650دوالر (ثماني مليارات وستمائة وخمسون مليون دوالر امريكي) .وسقط نظام الحركة اإلسالمية بعد ثالثون عاما في
11 – 6إبريل 2019م ،بعد أن بلغت الديون الخارجية في أقل األرقام المعلنة 56,4مليار دوالر (ستة وخمسون مليار
وأربعمائة ومليون دوالر) .وقد تميز تفاقم المديونية الخارجية التي تراكمت في هذه الحقبة بما يلي:
أوالً :إن حجم المديونية الخارجية للسودان غير محدد بدقة وال يتوافر حصر دقيق لها ،واألرقام المعلنة من نظام اإلنقاذ حتى
عامي 2017م – 2018م ،كانت تتراوح بين 47,5مليار دوالر و 56,4مليار دوالر .إذ أعلنت الجهات المسؤولة ،رئاسة
الوزراء ،ووزارة المالية ،وبنك السودان خالل عام 2018م عن حجم المديونية بستة أرقام متباينة .وثالثة أرقام متباينة أيضا ً
في األشهر الثالثة األولى من عام 2019م أي قبيل سقوط النظام.
ثانيا ً :إن تفاقم المديونية ووصولها للرقم 17,2مليار دوالر حتى توقيع إتفاقية نيفاشا( ،إتفاقية السالم الشامل في عام 2005م)،
برره نظام اإلنقاذ بأن ميزانية الدولة حتى ذلك التاريخ كانت ميزانية جهاد وحرب .ولكن المديونية بعد ذلك التاريخ 2005م
قد وصلت حتى عام 2015م إلى 45مليار دوالر ،منها 17,2مليار أصل الدين ،و 4,6مليار فوائد تعاقدية و 23,2مليار فوائد
تأخيرعن السداد ،إذ لم تسدد الدولة أقساط وفوائد الديون المستحقة في تلك الحقبة على الرغم من أن عوائد اإلقتصاد الوطني
من صادرات النفط قد بلغت فى تلك الحقبة2005 ،م 2015 -م في أقل األرقام المعلنة 60,347مليار دوالر ،ذلك ألن اإلنفاق
العام قد بلغ في المدة نفسها 63,929مليار دوالر بعجز مقداره 3,582مليار دوالر.
ثالثا ً :إن عائدات اإلقتصاد الوطني من صادر النفط 2011 – 1999م ،وكذلك عائدات صادر الذهب 2018 – 2011م لم
تدخل الموازنة والميزانية العامة وكانت عائداتها تعد من أسرار الفئة الحاكمة ومحصنة من أن تطالها المراجعة العامة التي
ما كانت تراجع إال %15فقط من اإليرادات العامة ،ولم تسدد الحكومة األقساط والفوائد التي حلت آجالها من مديونية السودان
في تلك الحقبة .ولم يتم تمويل مشاريع تنموية حقيقية ظاهرة للعيان ،بل إن جميع المشاريع غير المنتجة التي تم إنجازها على
35محمد خير أحمد الزبير ،القروض والمعونات الدولية وأثرها على التنمية االقتصادية ،تجربة السودان في نصف قرن (2006 – 1956م) ،دار السداد ،الخرطوم2009 /م،
ص .45
36المرجع السابق :ص . 45
كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة 05إبريل 2022م
Page 53 of 54
محدوديتها ،قد تم تمويلها بالقروض الخارجية .وهذا الوضع حتم علي الحكومة االنتقالية معرفة مصير هذه األموال ومآالتها
داخل السودان وخارجه ،ولكنها لم تنجح في ذلك وأصبحت المهمة حاليا موكلة لحكومة الثورة القادمة لتحقيق هذا الهدف.
رابعا ً :إن المرحلة اإلنتقالية كان طبيعيا ً أن تواجة مباشرة بأزمة سلعية موروثة خانقة ،وال سيما في سلع الضروريات كالخبز
والدواء والمحروقات .وكان هذا يتطلب إستدانة خارجية نقدية أو سلعية لمواجهتها .فضال أن ميزانية 2019م كانت مطالبة
بسداد مبالغ خدمة الديون التي تبلغ 222,2مليون دوالر منها 166,6مليون دوالر أقساط على أصل ديون سابقة ،وما تبقت
كانت فوائد مستحقة حل أجل الوفاء بها ،وكان هذا أيضا ً يتطلب فوائض من النقد األجنبي من عائدات الصادر أو يتطلب قرضا
نقديا ،األمر الذي كان يقتضي التفكير بجدية في الحصول على الدعم الذي عرض من دولتي السعودية واإلمارات السلعي
والنقدي وتعبئته وفق األولويات بدقة متناهية .فضال عن الشروع في خطة متسارعة إلستقطاب عوائد مصادر النقد اإلجنبي
الذاتية كعوائد الصادر وتحويالت المغتربيين وذهب المعدنيين األهليين.
خامسا ً :إن حجم المديونية الخارجية كما دلت أرقامها المتباية كبير ويبلغ نحو 58,8مليار دوالر ،وكان طبيعيا ً أن تشكل هذه
المديونية ضغطا ً على الحكومة اإلنتقالية واألخرى المتعاقبة ،إذا استخدمتها بعض القوى اإلقليمية أو الدولية الدائنة في الضغط
على إستقالل القرار اإلقتصادي والسياسي ،وعلى الرغم من أن كثيرا ً من اإلحصاءآت المؤكدة المعترف بها من الدائنيين،
تشير إلى أن فوائد التأخير وإعادة الجدولة فيها تبلغ %86من الدين الكلي ،بينما يبلغ أصل الدين %14ليس قريب المنال نيل
اإلعفاءآت الكاملة عن الديون التي تراكمت عن الفوائد الجزائية .ولهذا كان مهما ً أن يعول في المقام األول على تخطيط وتنمية
القدرات الذاتية ،إال أن الحكومة اإلنتقالية قد انتهجت منهج الخضوع للشروط المجحفة المسبقة التي فرضت عليها من الدانيين،
عبر شروط صندوق النقد الدولي المسبقة برغم أن بعض تلك الشروط تحدد مسارات ال تسمح للحكومة اإلنتقالية تعبئة الموارد
الذاتية عبر القطاع العام لإلعتماد على الذات وحشد الموارد الذاتية .األمر الذي كان يتطلب من الحكومة اإلنتقالية تصرفا ً
مستندا ً إلرادة وطنية مستقلة إلتخاذ القرار اإلقتصادي الوطني المستقل المعبر عن المصلحة الوطنية.
سادسا ً :إن األموال التي إنتقلت إلى حيازة أركان نظام اإلنقاذ وحزب السلطة اإلسالمي بشقيه (المؤتمر الوطني والشعبي)،
والموالين لهما من الذين مكنوهم من المديونية الداخلية ونهب المديونية الخارجية ،الزالت منها ما تراكمت بالمديونية الداخلية
بالعملة المحلية ،مكتنزة من قبل فئات تتربص بالثورة وتمول األعمال المعادية لها بهذه األموال .لذلك كان من المهم تجريد
هذه الفئة من قدراتها اإلقتصادية التي نهبتها من أموال الشعب ،عبر اإلجراءآت القضائية الرادعة لتتبع جذور الفساد والثراء
الحرام .فضال عن إتخاذ اإلجراءآت الضرورية لتوفيق أوضاع المصارف اإلسالمية والشركات الحكومية .وإجراء حملة
ناجحة لتبديل العملة ،إال أن الحكومة اإلنتقالية تصرفت إزاء هذه المهمة بتراخي وتساهل وبما يخالف ما تمليه المصلحة
الوطنية العليا.
سابعا ً :إن إرتباط الحكومة اإلنتقالية ،بترتيبات تنفيذ وتطبيق شروط صندوق النقد الدولي ضمن برنامج مراقبة موظفي
الصندوق وبرنامج التكيف الهيكلي والوفاء بمتطلبات الدخول في مبادرة الهبك قد شغل كل اهتمامات الدولة ولم يكن لها
استعداد أو قابلية لاللتفات للبديل الوطني وإلمكانية الخروج من األزمة االقتصادية من خالل برنامج حشد الموارد الذاتية.
في خاتمة تقديم هذه الملفات ،البد من التنويه إلى أن المشكلة اإلقتصادية في السودان من زاوية اإلحاطة بتشخيص كل أبعادها
وتلمس السبل المفضية لحلها ،في حاجة إلى المزيد من الملفات التي يناقش عبرها قضايا النشاط التعاوني ،والتنمية اإلنتاجية
الزراعية النباتية والحيوانية ،وقضايا التنمية الصناعية ودور القطاعات الثالثة العام والخاص والتعاوني فيها ،فضالً عن
العالقات اإلقتصادية مع دول الجوار ،والعالقات اإلقتصادية اإلقليمية والدولية ،وأخيرا ً وليس آخرا ً ما هو جدير جداً باإلهتمام
مواكبة الملفات للتطورات اإلقتصادية الناتجة عن تبعات إنقالب /25أكتوبر 2021م .وبما أن الوثيقة تهتم باإلصالح اإلسعافي
علي المدي القصير وفقط فيما يتعلق بحشد الموارد الذاتية كبديل للتمويل الخارجي وإنقاذ االقتصاد الوطني ونقله لمرحلة
االستقرار والتوازن والذي ستنطلق بعده برامج التنمية االقتصادية االستراتيجية متوسطة وطويلة األجل فالوثيقة تقترح ملفات
جديدة تعمل عليها لجنة البحوث والدراسات مستقبال من أجل وضع برامج استراتيجية متوسطة وطويلة األجل تهدف إلي حشد
الموارد الذاتية الكامنة ذات الطابع االستراتيجي والهيكلي .فبرنامج الوثيقة المقترح الخاص بحشد الموارد الذاتية هو برنامج
انتقالي قصير األجل متوافق عليه كأسس إلعادة بناء وهيكلة الدولة السودانية لتحقيق االنتقال ومن ضمنها ازالة التشوهات
االقتصادية ،ولوضع لبناته وترسيخها وتوظيفها خالل فترة االنتقال بسنواتها االربع المقترحة لتحقيق ذ .ومن هذه الملفات علي
سبيل المثال وليس الحصر:
كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة 05إبريل 2022م
Page 54 of 54