You are on page 1of 54

‫التحالف االقتصادي لقوي ثورة ديسمبر ‪ 2018‬المجيدة‬

‫وثيقة برنامج البديل الوطني واإلعتماد على الذات وتعبئة وحشد الموارد اإلقتصادية الوطنية لحل مشكلة‬
‫األزمة االقتصادية ‪ -‬دراسة في المشكالت اإلقتصادية والحلول علي أساس حشد الموارد الذاتية‬

‫الخرطوم أبريل ‪2022‬م‬

‫كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة ‪ 05‬إبريل ‪2022‬م‬
‫‪Page 1 of 54‬‬
‫مقدمـــــــــــة‬

‫في سبيل الوصول لرؤية مشتركة بين قوى ثورة ديسمبر المجيدة‪ ،‬عند تحديد متطلبات حل مشكالت األزمة اإلقتصادية الشاملة‬
‫في السودان‪ ،‬ال سيما مشكلة الفجوة في الموازنة العامة‪ ،‬في جانبي ميزان المدفوعات‪ ،‬والميزان التجاري‪ ،‬ومن ث َّم مشكلة الفجوة‬
‫في متطلب تمويل التنمية المستدامة والمتوازنة‪ ،‬تعتمد الملفات (المباحث والدراسات) الـ ‪ 12‬المرفقة بهذه الوثيقة منهج اإلعتماد‬
‫على الذات‪ ،‬وتحدد مصادر البدائل الوطنية المؤهلة بإيراداتها لحل أهم مشكالت األزمة في االقتصاد الوطني بسد الفجوة في‬
‫ميزان المدفوعات‪ ،‬وفي الميزان التجاري‪ ،‬وتحقيق التوازن عند تقسيم الموارد في الموازنة العامة قطاعيا ً وإقليميا ً‪ ،‬وتوفير فرص‬
‫التمويل الوطني للتنمية المستدامة وذلك من خالل المراحل التالية‪:‬‬
‫المرحلة األولى‪ :‬اإلعتماد على حشد وتعبئة الموارد الذاتية‪ ،‬بعد تحديد مصادرها وتحديد طاقة كل مصدر منها على المساهمة في‬
‫تمويل إيرادات الموازنة العامة وذلك بعد‪:‬‬
‫➢ الوقوف على قاعدة صلبة في منهج تعبئة وحشد الموارد والطاقات الوطنية القصوى من إيرادات مصادر االقتصاد الوطني‬
‫لتمويل الموازنة العامة‪.‬‬
‫➢ التوظيف األمثل لهذه اإليرادات في دوالب االقتصاد الوطني‪.‬‬

‫المرحلة الثانية‪ :‬دعم تمويل الفجوة في الموازنة العامة‪ ،‬بالتطلع والسعي للحصول على العون اإلقليمي والدولي من إعفاءآت من‬
‫الديون‪ ،‬والحصول أيضا ً على منح وإعانات‪ ،‬وقروض إسعافية‪ ،‬وتدفقات من اإلستثمارات المباشرة في المشاريع التي تعد ضمن‬
‫خطة التنمية الوطنية‪ .‬وسوف يؤدي ذلك على المدي القصير والمتوسط إلي تحسين المركز االئتماني والتفاوضي المستقل للسودان‬
‫مما يدفع بسعي الدول الصناعية الكبرى والقوي المؤثرة في االقتصاد العالمي كدول نادي باريس للبحث عن عالقات اقتصادية‬
‫متكافئة مع السودان من أجل تحقيق مصالحها االقتصادية المتبادلة مع السودان دون أن تفرض عليه شروط مسبقة ودون أن تتدخل‬
‫في تحديد مسارات االقتصاد الوطني‪.‬‬
‫وقد أعدَّت لجنة البحوث والدراسات اإلقتصادية في التحالف اإلقتصادي لقوى ثورة ديسمبر المجيدة هذه الوثيقة‪ ،‬لتفصيل منهج‬
‫اإلعتماد على البدائل الوطنية أوالً كبديل لالعتماد علي التمويل الخارجي من خالل الملفات الـ ‪ 12‬المرفقة بها‪ ،‬بتوجيه من المجلس‬
‫القيادي للتحالف اإلقتصادي‪ ،‬بهدف عرضها على قوى ثورة ديسمبر المجيدة المنضوية في التحالف‪ ،‬لتبت فيها وتسهم في تطويرها‬
‫وتنقيحها وإجازتها‪ ،‬وال سيما أن قوى الثورة الحريصة على عدم التنازل عن أو الحياد أو المساومة في التمسك بأهدافها كافة‪ ،‬قد‬
‫أصبحت في وعيها موحدة لحد كبير في عدم الرضا عن البرنامج اإلقتصادي للحكومة الوطنية اإلنتقالية األولى‪ ،‬والمؤقتة‪ ،‬والثانية‪،‬‬
‫لكونها ترى أن برنامج الحكومة اإلنتقالية االقتصادي لم يكن يختلف عن البرنامج اإلقتصادي الذي كان متبعا ً في عهد نظام اإلنقاذ‪،‬‬
‫ولم ينجح في حل الضائقة المعيشية للمواطنين كهدف أساسي ذو أولوية قصوي ألي برنامج اقتصادي ومن ث َّم لم يعبر عن أهداف‬
‫الثورة االقتصادية ممثلة في برنامج السياسات البديلة والبرنامج اإلسعافي ومقررات المؤتمر االقتصادي األول‪ ،‬بقدر ما هو‪ ،‬كما‬
‫كان سائدا في عهد نظام اإلنقاذ‪ ،‬اتسم بخيار القبول للشروط المسبقة لصندوق النقد الدولي‪ ،‬والبنك الدولي‪ ،‬ونادي باريس‪ ،‬ومنظمة‬
‫التجارة العالمية‪ ،‬وتوجهات شاتام هاوس‪ ،‬ومنظومة األزمات الدولية دون مراعاة الستقاللية القرار السوداني ومتطلبات التنمية‬
‫وفقا للشروط التي تمليها اإلرادة المستقلة لالقتصاد الوطني‪.‬‬

‫فلتتوحد حول هذه الرؤية المفصلة في هذه الوثيقة ومرفقاتها‪ ،‬قوى ثورة ديسمبر المجيدة‪ ،‬إلنتشال االقتصاد الوطني الذي أصبح‬
‫واقفا على حافة هاوية اإلنهيار‪ ،‬عبر هذا البرنامج اإلقتصادي الوطني البديل لبرنامج الحكومة اإلنتقالية المستند على منهج‪:‬‬
‫➢ اإلستجابة لمطلوبات (برنامج اإلصالح الهيكلي الذي يمثل حزمة شروط قاسية مسبقة إعتادت الدول الصناعية الكبرى الدائنة‬
‫ومؤسسات التمويل الدولية‪ ،‬أن تطالب دول العالم الثالث المدينة التي تعاني تدهورا وتخلفا اقتصاديا أن تتقيد ببنودها في تخطيط‬
‫وتطبيق إدارة إقتصادياتها المتمثلة في اإلنفتاح االقتصادي والتوسع في الخصخصة على نطاق واسع‪ ،‬وتحرير السوق‪ ،‬واإللغاء‬
‫الكامل للحماية الحكومية والدعم الحكومي للسوق والمنتج الوطني‪ ،‬وتحييد الدولة وابعادها بشكل مطلق عن الملكية والنشاط‬
‫اإلقتصادي خاصة ملكية مرافق الخدمات العامة ومنشآت اإلنتاج واالستثمار الحكومية‪ ،‬وأعادة جدولة الديون‪ ،‬وإلغاء الحدود‬
‫الجمركية‪ ،‬ورفع الضرائب‪ ،‬والتوسع في االستدانة من النظام المصرفي‪ ،‬وتخفيض قيمة العملة المحلية‪ ،‬ورفع الدعم المطلق‬
‫عن السلع األساسية ‪...‬إلخ‪.‬‬

‫كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة ‪ 05‬إبريل ‪2022‬م‬
‫‪Page 2 of 54‬‬
‫وألن برنامج اإلصالح الهيكلي يتضمن شروط مسبقة ثابته في مطلوبات الدائنيين‪ ،‬عبر صندوق النقد الدولي‪ ،‬تطالب بها الدول‬
‫المدينة العاجزة عن الوفاء بأقساط وفوائد مديونياتها‪ ،‬فإن فرض تطبيق هذه الشروط لم يجلب للدول التي قبلت بها غير تفاقم‬
‫مديونياتها وأزماتها اإلقتصادية‪.‬‬
‫➢ االستجابة لتدجين الذات في نطاق التطبيع تمهيدا للحصول على تمويل المؤسسات الدولية وإعفاء الديون‪ .‬والبعد عن الطريق‬
‫الوطني القائم على االعتماد على حشد الموارد الذاتية كمدخل إلعفاء الديون والحصول علي تمويل خارجي مستقبال (إذا دعي‬
‫األمر لذلك) وفقا للشروط الوطنية‪ ،‬ويقوم علي احترام السيادة الوطنية وعدم قبول الشروط المسبقة واستلهام التجارب السابقة‬
‫لتعامل السودان مع مؤسسات التمويل الدولية باستقاللية وندية في تمويل مشاريع ناجحة دون فرض أي شروط مسبقة‪.‬‬
‫ولقد أعدت هذه الوثيقة ومرفقاتها تحت عنوان‪:‬‬
‫برنامج البديل الوطني واإلعتماد على الذات وتعبئة وحشد الموارد اإلقتصادية الوطنية لحل مشكلة األزمة اإلقتصادية الموروثة‬
‫عن عهد نظام اإلنقاذ والتي فاقمتها الحكومة الوطنية اإلنتقالية‪ ،‬دراسة في المشكالت والحلول‪.‬‬

‫وتتكون الوثيقة من مقدمة وعدد ‪12‬ملف تتناول تشخيص المشكالت وتقدم الحلول المقترحة‪.‬‬
‫وإذ ترى هذه المقدمة‪ ،‬أن الموازنة العامة لكل حكومة‪ ،‬محصلة للسياسات واألهداف المعتمدة من قبلها في إدارة إقتصادها الوطني‪،‬‬
‫ترى المقدمة إلى جانب ذلك‪ ،‬أن الموازنة العامة‪ ،‬أداة أساسية في قياس مدى التوازن اإلقتصادي‪ ،‬لما تنطوي عليه من دالالت‬
‫بأرقام معبرة عن نواحي القوة والفوائض‪ ،‬ومواطن الفجوات والعجز‪ ،‬في مقدرات اإلقتصاديات الوطنية في حاضرها ومستقبلها‪.‬‬
‫ووفقا ً لهذه النظرة آنفة الذكر‪ ،‬ترى هذه الوثيقة ومرفقاتها‪ ،‬أن الموازنة العامة للحكومة اإلنتقالية المجازة من السلطة التشريعية‬
‫المؤقته للعام ‪2020‬م في ‪ /31‬ديسمبر ‪2019‬م‪ ،‬على نحو متفق ومجمع عليه من قوى الثورة‪ ،‬تتصف بالفجوة في قدرات التمويل‪،‬‬
‫سواء بالنقود الوطنية‪ ،‬وبعجز بقيمة ‪ 73‬مليار جنيه‪ ،1‬وعلى نحو أكثر تعقيدا ً حيث تميزت موازنة ‪2020‬م‪ ،‬بالفجوة في متطلب‬
‫التمويل بالنقد األجنبي بوفورات تكفي لتمكين ميزان المدفوعات من مواجهة المديونية وخدمة الدين البالغ ‪ 58,8‬مليار دوالر‬
‫وتسديد أقساط المديونية وفوائدها في آجالها‪ .‬كما تميزت موازنة ‪2020‬م أيضا ً‪ ،‬بكونها ما كانت مؤهلة ألن تتيح تحقيق التوازن‬
‫في الميزان التجاري أو أن تسد الفجوة في متطلب التمويل بالنقد األجنبي‪ ،‬البالغة نحو ‪ 5‬خمسة مليار دوالر‪ ،2‬وال سيما في وقت‬
‫تطلعت فيه الحكومة اإلنتقالية ووزارة المالية في هذه الموازنة كما أعلنوا مرارا ً‪ ،‬حل األزمة اإلقتصادية في البالد باإلعتماد على‬
‫نفس الدائنيين بالحصول منهم على إعفاءآت من الديون الخارجية‪ ،‬وعلى منح والمعونات‪ ،‬والقروض اإلسعافية‪ ،‬وتدفقات من‬
‫اإلستثمارات األجنبية‪ ،‬علما ً بأن هذا الحل قد تطلب من الحكومة اإلنتقالية كما كان حال نظام اإلنقاذ‪ ،‬القبول بتنفيذ شروط الدائنيين‬
‫المتمثلة فيما يلي‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬الشروط الـستة‪ :‬التي أمليت على منهج إدارة اإلقتصاد في عهد اإلنقاذ‪ ،‬عبر شروط منظمة التجارة العالمية والتي سعي‬
‫نظام اإلنقاذ جاهدا للنضمام لها لها وتسيير اإلقتصاد وفق منهج إقتصاد السوق والعولمة اإلقتصادية‪ ،‬وذلك بفرض الشروط التالية‪:‬‬
‫‪ .... .1‬اإلنفتاح اإلقتصادي أمام اإلستثمارات الدولية المباشرة وأمام التجارة العالمية‪ ،‬أي أمام حرية حركة رؤوس األموال العابرة‬
‫للقارات في البالد وحرية حركة منتجاتها وإستثماراتها وأرباحها إلى خارج البالد‪ ،‬وكذلك اإلنفتاح أمام حرية عبور السلع‬
‫والخدمات المعروضة في التجارة العالمية إلى السوق المحلي‪ ،‬وإزالة كافة الحواجز الجمركية التي قد تقيد حرية عرضها كما ً‬
‫ونوعا ً وسعرا ً‪ .‬في وقت فيه قد تدهور وتراجع اإلنتاج الوطني وهيمنت السلع المستوردة علي العرض السلعي في السوق‬
‫المحلي بما نسبته (‪ )%95‬من إجمالي السلع والخدمات المعروضة في السوق المحلي‪.‬‬

‫‪1‬جمهورية السودان‪ ،‬وزارة المالية والخطيط االقتصادي‪ ،‬تقديرات الموازنة العامة للحكومة القومية للعام ‪2020‬م‪ ،‬المجازة بمجلسي السيادة والوزراء اإلنتقاليين‪ ،‬ملخص‬
‫التقديرات الكلية للموازنة جدول (‪ ،)10‬ص ‪.48‬‬
‫‪2‬أوالً‪ :‬أهم سمات العجز في ميزان المدفوعات هي‪ ،‬المديونية البالغة نحو (‪ 60‬مليار دوالر)‪ ،‬أصل المديونية منها مع فوائدها التعاقدية نحو (‪ 18‬مليار) واإلضافات الجزائية‬
‫ا لتي أضيفت إليها كغرامات عن عدم سداد أقساط وفوائد الديون المستحقة في آجالها نحو (‪ 42‬مليار دوالر)‪ ،‬لذلك فإن اإلعفاءآت المتوقعة ستكون خصما ً على الفوائد‬
‫الجزائية الـ (‪ ،)42‬وليس خصما ً على أصل المديونية وفوائدها التعاقدية الـ (‪.)18‬‬
‫ثانيا‪ :‬إن أهم ما يتعلق بالعجز في الميزان التجاري في موازنة ‪ 2020‬م‪ ،‬هو الفرق بين الرصيد المطلوب لتمويل اإلستيراد المطلوب في الموازنة خالل سنة‪ ،‬وبين عائدات‬
‫صادر األقتصاد الوطني مقومة بالنقد األجنبي لنفس السنة‪ .‬ولما كان التمويل المطلوب لإلستيراد في الموازنة نحو (‪ 9‬مليارات)‪ ،‬وعائدات الصادر المتوقعة نحو (‪ 4‬مليار‬
‫دوالر) فإن عجز الميزان التجاري في حدود (‪ 5‬مليار دوالر) سنوياً‪ .‬في موازنة ‪2020‬م‪ .‬وكذلك العجز في العام ‪2021‬م‪ .‬والمشكلة المسببة في ضمور عائدات اإلقتصاد‬
‫الوطني من النقد األجنبي‪ ،‬متمثلة في أن القطاع العام ليس طرفا ً قائما ً بالتصدير‪ ،‬وقد تركت الحكومة تصدير السلع السودانية بالكامل‪ ،‬للقطاع الخاص الطفيلى‪ ،‬الذي وزع‬
‫سلع الصادر بين‪ :‬التهريب وتجنيب عائداته‪ ،‬وتمويل السلع الكمالية المستوردة‪ ،‬وبين إثقال كاهل الشعب باألسعار المرتفعة عند إستيرادها للسلع الضرورية‪ .‬لتقتسم ما في‬
‫جيب المواطن بين حقوقه الم زعومة في أرباح اإلستيراد وما تدفعه من ضرائب مرتفعه للحكومة التي بلغت عن المحروقات فقط في النصف األول من عام ‪2021‬م‪300( ،‬‬
‫مليار جنيه‪ ،‬أي مايساوي ثلث الموازنة البالغة ‪ 928‬مليار جنيه)‪ ،‬تنفق جله المؤسسات السيادية الحكومية التي اعتادت أن تن فق على نفسها إنفاق من ال يخشى الفقر‪ .‬بيننما‬
‫ال تنفق الموازنة إال إنفاقا ً شحيحا ً جداً على التعليم والصحة والبنية التحتية والتنمية‪ ،‬حيث ال تنفق الموازنة نهائيا ً على دعم اإلنتاج الزراعي والصناعي‪.‬‬

‫كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة ‪ 05‬إبريل ‪2022‬م‬
‫‪Page 3 of 54‬‬
‫‪ ....‬الخصخصة على نطاق واسع‪ ،‬بنقل ممتلكات القطاع العام من المرافق الخدمية والمنشآت اإلنتاجية لملكية القطاع الخاص‬ ‫‪.2‬‬
‫أو تصفيتها بالبيع‪ .‬فبعد أن كانت الدولة تعتمد في تمويل الموازنة العامة واإلنفاق على متطلب أداء وظائفها في توفير مجانية‬
‫التعليم والعالج وفي دعم النقل واإلتصاالت واإلسكان واإلنتاج والسلع اإلستهالكية الضرورية والصادر ‪ ..‬إلخ‪ ،‬وتعتمد على‬
‫نحو أساسي في هذا التمويل‪ ،‬على العائدات المتدفقة في الخزينة العامة من أرباح وإيرادات مرافق الخدمات ومنشآت اإلنتاج‬
‫التي كانت تمتلكها الدولة في القطاع العام بالعملة الوطنية‪ ،‬وبالعمالت الحرة‪ .‬فقدت الدولة هذا المصدر األساسي لإليرادات‬
‫العامة بعد الخصخصة على نطاق شامل‪ ،‬فتحولت إلى دولة محيَّدة في اإلقتصاد‪ ،‬حارسة لمصالح القوى الطفيلية المتحكمة في‬
‫اإلقتصاد‪ ،‬والمهيمنة على عائدات تهريب الذهب‪ ،‬وتجنبت عائدات صادر السلع الزراعية النباتية والحيوانية‪ ،‬وتحويالت‬
‫المغتربيين خارج السودان‪ ،‬والمسيطرة على اإلستيراد‪ ،‬وعلي التجارة العامة في السوق المحلي‪ ،‬والمهيمنة علي الجزء األكبر‬
‫من الكتلة النقدية خارج القطاع المصرفي‪ .‬األمر الذي اضطر الدولة للتوسع في جباية الضرائب غير المباشرة‪ ،‬والرسوم من‬
‫المواطنين لإلنفاق على أجهزة الدولة المترهلة غير المنتجة وعلي حزب السلطة الحاكم وواجهاته ومؤيديه والمقربين منه‬
‫إنفاق بال حدود أو رقابة دون مراعاة واهتمام لمعاناة الشعب السوداني‪.‬‬
‫تحرير االسواق الوطنية بحيث تتحدد أثمان السلع والخدمات فيها من قبل قوى السوق وال سيما عبر عاملي العرض والطلب‬ ‫‪.3‬‬
‫مع اإلستبعاد الكامل لتدخل للدولة في توجيه السوق إجتماعيا ً أو إقتصاديا ً لمصلحة الشعب السيما بتسعير السلع والخدمات‬
‫األساسية‪ ،‬وبالتحكم في الحواجز الجمركية بما يحقق مصلحة الشعب ويحمي المنتجات الوطنية ويرفع المعاناة عن كاهل‬
‫المواطنين‪.‬‬
‫اإللغاء الكامل لسياسات وإجراءآت حماية المنتجات الوطنية‪ ،‬وتركها في منافسة السلع المستوردة‪ ،‬بدون حماية من الدولة تزيد‬ ‫‪.4‬‬
‫بقراراتها وإجراءآتها قدرتها التنافسية‪.‬‬
‫الرفع الشامل للدعم الحكومي سواء كان هذا الدعم ألسباب إجتماعية أم إقتصادية دون مراعاة لواقع الشعب االقتصادي وازدياد‬ ‫‪.5‬‬
‫معدالت الفقر لمستويات غير مسبوقة‪.‬‬
‫تحييد الدولة بإبعاد القطاع العام عن ملكية مرافق الخدمات‪ ،‬ومنشآت اإلنتاج‪ .‬وإلغاء كل دور للدولة في ممارسة النشاط‬ ‫‪.6‬‬
‫اإلقتصادي وال سيما في التجارة الخارجية‪ ،‬لتفكيك دور الدولة في حيازة اإليرادات الوطنية من النقد األجنبي‪ ،‬وإلغاء دورها‬
‫في توزيع الموارد والتمويالت على مختلف األقاليم والقطاعات اإلقتصادية الخدمية واإلنتاجية والبنية التحتية ورعاية وتنمية‬
‫الموارد البشرية‪ ،‬وذلك إلفساح المجال في هذه المهمات كافة‪ ،‬أن تكون حصرا ً في يد القطاع الخاص المرتبط بخدمة مصالح‬
‫وأطماع القوى اإلقليمية والدولية‪ ،‬في ظروف مرتقبة تسيطر فيه على إقتصاديات البالد الشركات الغربية بإستثماراتها المباشرة‬
‫(بنظام البوت المجحف الذي ال يراعي حق الدولة السودانية والشعب السوداني في إرساء عالقات كسب مزدوج)‪ .‬ولهذه الغاية‬
‫تمت مصادرة دور الدولة في التوزيع العادل والكفوء للموارد بما يحقق في اإلقتصاد الوطني عموما ً وفي التنمية خصوصا‪،‬‬
‫مطلوبات العدالة اإلجتماعية‪ ،‬والتوازن اإلقليمي بين أقاليم البالد‪ ،‬والتوازن القطاعي بين مختلف القطاعات اإلقتصادية الخدمية‬
‫واإلنتاجية والبنية التحتية والتنمية البشرية‪ ،‬األمر الذي أسهم في توقف النمو والتنمية‪ ،‬وتدهور القطاعات اإلقتصادية وخاصة‬
‫الخدمية واإلنتاجية‪ .‬كما ساهمت بقدر أكبر في إنعدام العدالة اإلجتماعية وتخلخل التوازن اإلقتصادي اإلقليمي‪ .‬وتسبب ذلك‬
‫في زعزعة أركان التعايش السلمي‪ ،‬وأدى إلى الحروب األهلي والنزاع المسلح وإلي مزيد من التدهور االقتصادي ال سيما‬
‫في مناطق القطاع التقليدي األمر الذي فتح بدوره الباب للتدخل االقتصادي اإلقليمي والدولي‪.‬‬
‫إن إلغاء دور الدولة في البلدان النامية‪ ،‬خاصة في المستعمرات السابقة‪ ،‬في تملك المرافق الخدمية والمنشآت اإلنتاجية عبر قطاع‬
‫حكومي عام‪ ،‬هو أحد مناهج وسمات العولمة اإلقتصادية المعاصرة‪ ،‬المعتمد مبتدؤها من قبل الدول الصناعية الكبرى منذ أن‬
‫وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها ال سيما بعد توقيعها على إتفاقية القات عام ‪1947‬م‪ .‬وذلك للسيطرة على أسواق‬
‫وإقتصاديات البلدان النامية التي نالت اإلستقالل السياسي‪ ،‬عبر إدارة اإلقتصاد الدولي والتجارة العالمية على عالقات ومبادئ‬
‫موجهة بما يخدم مصالحها االقتصادية تحت شعار حرية التجارة العالمية‪ .‬وأثقلت الدول المتقدمة صناعيا ً ومن ث َّم إقتصاديا ً وماليا ً‬
‫كاهل الدول النامية في فخ المديونية‪ ،‬واستغلت إعسارها بعد أن وقعت في إسار شباك الديون وإعادة جدولتها ومضاعفتها بالفوائد‬
‫المركبة وغرامات التأخير في السداد في اآلجال المحددة‪ .‬وانتهت في تمويالتها إلى اإلستثمارات المباشرة من قبل الشركات‬
‫الغربية الكبرى العابرة للقارات‪ ،‬والتدخل في إدارة إقتصاديات الدول النامية المثقلة بالديون من خالل شروط منظمة التجارة‬
‫العالمية‪ ،‬ونادي باريس المرتبطة بشروط صندوق النقد الدولي المسبقة ضمن برنامج اإلصالح الهيكلي الذي يلزم البلدان النامية‬
‫المثقلة بالديون بشروط قاسية تضاعف معاناة الشعب وتثقل كاهله باالرتفاعات المتواصلة في أسعار السلع األساسية ورفع الدعم‬
‫عنها‪ ،‬وانعدام أو تدني الخدمات الرئيسية وتفاقم عبء الضرائب غير المباشرة‪.‬‬
‫لقد بنت سلطة االستعمار البريطاني دولة إستعمارية مهيمنة‪ ،‬تفرض سيطرتها من خالل خدمة مدنية‪ ،‬قوات نظامية‪ ،‬إدارة أهلية‬
‫‪...‬إلخ‪ ،‬وعبر هيمنتها على اإلقتصاد وفق لمصلحتها من خالل ملكية القطاع العام ودور الدولة في الخدمات واإلنتاج والتجارة‬
‫الخارجية وتمكنت من خالل ذلك من بناء اقتصاد استعماري يحقق مصالحها ويساعدها علي تحويل االقتصاد السوداني القتصاد‬
‫مصدر للمواد الخام األولية وإلي سوق لمنتجات الدول االستعمارية الكبري‪ .‬ولذلك فقد تم إستهداف هذا الدور للدولة في االقتصاد‬

‫كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة ‪ 05‬إبريل ‪2022‬م‬
‫‪Page 4 of 54‬‬
‫من قبل الدولة االستعمارية بعد االستقالل مع الحرص علي استمرار نفس المنهج االقتصادي عبر الشركات متعددة الجنسيات‬
‫وعبر التوكيالت التجارية األجنبية تمهيدا لتفكيك دور الدولة في الملكية وفي قيادة النشاط اإلقتصادي في سودان ما بعد اإلستقالل‬
‫حتى ال يتلمس السودان المستقل دور الدولة اإلقتصادي التنموي في طريق إستكمال اإلستقالل السياسي باإلستقالل اإلقتصادي‪.‬‬
‫وقد استمر هذا الوضع لفترات مختلفة من فترات الحكم في السودان ال سيما بعد سياسة االنفتاح منتصف حقبة السبعينات وما‬
‫انتهت إليه من خضوع كامل لشروط تخفيض قيمة العملة الوطنية ألول مرة في تاريخ السودان ولمزيد من االنفتاح والخصخصة‬
‫وإبعاد دور الدولة في االقتصاد وتقليص دورها في اإلنتاج والخدمات والتجارة الخارجية إلي أن أكملت سلطة اإلنقاذ هذا الدور‬
‫خالل ثالثين عاما من البرنامج الممنهج للخصخصة والتمكين للنشاط اإلسالمي الطفيلي ولقيادات وكوادر الحركة اإلسالمية‬
‫وحلفائها في الداخل والخارج والتي نمت وسيطرت على الملكية والنشاط اإلقتصادي في البالد عبر إقتصاد السوق‪ ،‬واإلنفتاح‪،‬‬
‫الخصخصة‪ ،‬وإلغاء دور الدولة الكامل في االقتصاد‪.‬‬
‫وقد سارت حكومة ما بعد ثورة ديسمبر ‪2018‬م علي نفس النهج حيث ظل دور الدولة بعيدا عن االقتصاد في القطاعات اإلنتاجية‬
‫بمختلف مجاالتها والقطاعات الخدمية وفي التجارة الخارجية‪ ،‬وظلت الدولة العميقة كما هي مهيمنة علي الخدمة المدنية في الدولة‬
‫وعلي القطاع المالي والمصرفي‪ ،‬وظلت الطفيلية اإلسالمية وحلفائها وذراعها العسكري داخل الجيش واألمن والشرطة‬
‫والمليشيات التابعة لها مهيمنة كما كانت في عهد اإلنقاذ علي أكثر من ‪ %80‬من االقتصاد بشقيه اإلنتاجي والخدمي‪ .‬وفشلت‬
‫الحكومة االنتقالية في إحداث أية خلخلة أو اختراق أو تصفية لهذه القوي المتحكمة في االقتصاد وفي نقل كافة الموارد االقتصادية‬
‫من قبضتها إلي ملكية الشعب لتصب في الخزانة العامة للدولة ممثلة في وزارة المالية‪ .‬وقد استمرت في انتهاج سياسة اقتصادية‬
‫تساعد هذه القوي المتحكمة وتعطيها مجاال لتقوية وتوسيع قبضتها علي االقتصاد‪ .‬بجانب المضي في سياسة االعتماد الكامل علي‬
‫الدعم والتمويل والمساعدات الخارجية كخيار أوحد وأولوية قصوي دون االلتفات لالعتماد علي النفس وحشد الموارد الذاتية في‬
‫المقام األول‪ ،‬وإجراء تعديالت شكلية في قانون االستثمار وفي قانون بنك السودان المركزي بما يسمح بالنظام المصرفي المزدوج‬
‫دون أن تحدث تغيرات فعلية علي أرض الواقع وتنعكس علي حياة المواطنين‪ ،‬وفي نفس الوقت الباب لالستثمار األجنبي للشركات‬
‫الكبرى عابرة القارات التي تمثل واجهات النيولبرالية الحديثة في كافة المجاالت بما فيها مشاريع البنية التحتية‪ .‬في ظل ضعف‬
‫وتخلف المكون المحلي وانعدام دور الدولة في االقتصاد األمر الذي يخلق وضعا غير متكافي من شأنه أن يجعل االقتصاد مجرد‬
‫تابع للمؤسسات األجنبية واإلقليمية وللشركات الكبرى متعددة الجنسيات التي ستوظف إستثماراتها المباشرة‪ 3‬في قطاع الموارد‬
‫الطبيعية في (التعدين عموما ً والذهب على نحو خاص)‪ ،‬وفي قطاع اإلنتاج الزراعي بشقيه الحيواني والنباتي (خاصة في المشاريع‬
‫الزراعية المروية إبتدا ًء بمشروع الجزيرة وغيرها‪ ،‬وبتلك التي ستؤسس في القطاع التقليدي وأراضي المياه الجوفية)‪ ،‬والسيطرة‬
‫في النشاط الزراعي الغابي على (ثروة الصمغ العربي)‪ ،‬وفي اإلنتاج الحيواني ستسيطر الشركات الوافدة على (ثروة الماشية‬
‫واللحوم خاصة في كردفان ودافور)‪ .‬وستوجه الشركات الوافدة إستثماراتها في الطاقة (الشمسية والنفط والغاز والكهرباء)‪ ،‬كما‬
‫ستسيطر با لكامل على الملكية واإلستثمار في القطاع الخدمي (السكك الحديدية وهيئة الطيران المدني والخطوط الجوية وهيئة‬
‫الموانئ البحرية وساحل البحر األحمر والنقل البحري‪ ،‬فضالً عن قطاع النقل الداخلي واإلتصاالت)‪ .‬وهذا الوضع يوجب على‬
‫قوى ثورة ديسمبر المجيدة التحلي بالوعي في مواجهة هذه السياسة االقتصادية التي تكرس التبعية وتضعف قدرة االقتصاد الوطني‬
‫الذاتية في النهوض المستقل من خالل مواجهة معركة إزالة التمكين واسترداد األموال المنهوبة‪ ،‬وإعادة بناء القطاع العام المتوازن‬
‫والمتكامل مع القطاع الخاص الوطني‪ ،‬والدفاع عن موارد وثروات البالد المستهدفة‪ ،‬ومقاومة منهج اإلقتصاد التابع وفي نفس‬
‫الوقت وضع قانون استثمار معبر عن مصالح الشعب يفتح الباب لالستثمار األجنبي في المشروعات االسترتيجية في قطاعات‬
‫التعدين واالستكشاف في مجاالت النفط والغاز والطاقة المتجددة والمعادن ‪...‬إلخ وفقا لخطة التنمية االقتصادية المعتمدة وبما يحقق‬
‫مصالح الوطن ويجعل السودان بلدا جاذبا لالستثمار األجنبي الساعي لتحقيق المصالح المشتركة والذي يحترم إرادة الشعب‬
‫وسيادته الوطنية واستقاللية قراراته‪.‬‬
‫فبعد سقوط اإلتحاد السوفيتي ‪1989‬م وهيمنة القطب اآلحادي على اإلقتصاد الدولي‪ ،‬وقيام النظام اإلقتصادي الدولي الجديد بقيادة‬
‫الواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬ثم بعد تحول (إتفاقية القات) إلى (منظمة التجارة العالمية) التي تمثل احدي المؤسسات الدولية التي‬
‫تقود وتوجه اإلقتصاد الدولي والتجارة الدولية‪ 4‬واستقطاب هذه المنظمة في عضويتها معظم دول العالم‪ ،‬ومن ضمنها روسيا ودول‬

‫‪3‬كشف الدكتور إبراهيم البدوي‪ ،‬وزير المالية األسبق‪ ،‬في مؤتمر صحفي عقده في الخرطوم في ‪2019/9/24‬م عن أن شركات عالمية لديها الرغبة في اإلستثمار في السودان‬
‫وأضاف هم اآلن يعملون على إعداد المنظومة القانونية‪ ،‬ونوه إلى إمكانية أن تشمل المشروعات (مطار الخرطوم‪ ،‬وشبكات السكك الحديدية‪ ،‬وقال‪ :‬إنهم يريدون اإلستفادة‬
‫من ساحل البحر األحمر بخلق موانئ تخدم السودان وتتحول لموانئ إقليمية لصادرات وواردات الدول اإلفريقية المغلقة الحدود‪ .‬وأضاف سنعلن عن مناقصات دولية‬
‫لمشروعات البوت التي تعني إلتزام المستثمرين بالبناء واإلدارة وتحويل المشروع إلى الحكومة بعد إنتهاء فترة اإلدارة‪ .‬وقال‪ :‬البداية ستكون بمسالخ حديثة للماشية بدارفور‬
‫وكردفان وستكون مشروعات متكاملة من المسالخ ومحطات الطاقة الكهربائية وخدمات النقل الجوي لتصدير اللحوم المذبوحة إلى شمال إفريقيا والخليج ثم إقامة تصنيع‬
‫اللحوم‪.‬‬
‫‪4‬إتفاقية القات‪ ،‬إتفاقية عقدت بين ‪ 10‬دول صناعية كبرى عام ‪ 1947‬م‪ ،‬حملت لواء مباديء الدعوة لحرية التجارة العالمية وعولمة مبادئ إقتصاد‬
‫السوق واستطاعت أن تستقطب إلى نطاق اإلتفاقية تباعا ً كثير من دول العالم الثالث‪ .‬وبعد عام ‪1989‬م تحولت إتفاقية القات إلى (منظمة التجارة‬
‫العالمية ) التي سعت وال تزال معظم دول العالم لإلنضمام لعضويتها‪.‬‬

‫كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة ‪ 05‬إبريل ‪2022‬م‬
‫‪Page 5 of 54‬‬
‫اإلتحاد السوفيتي سابقا ً (المستقلة) والصين‪ ،5‬أصبحت الدول الصناعية الكبرى‪ ،‬لها حق الفيتو في قبول أو رفض طلبات العضوية‬
‫المقدمة من قبل دول العالم الثالث لعضوية (منظمة التجارة العالمية)‪ ،‬بعد تدقيق مدى تطبيقها لشروط (منظمة التجارة العالمية الـ‬
‫‪ 6‬آنفة الذكر) في منهج إدارة إقتصادياتها الوطنية‪ .‬ولهذا السبب ظل السودان في عهد نظام اإلنقاذ يسير في مشوار تطبيق‬
‫مطلوبات إقتصاد السوق الحر تحت مظلة التمكين والفساد تمهيدا لالنضمام لمنظمة التجارة العالمية‪ .‬ويقدم في سبيل ذلك الكثير‬
‫من التنازالت والموافقات علي الشروط المسبقة للمنظمة في ظل عدم وجود تكافؤ اقتصادي يحقق االستقاللية االقتصادية للسودان‬
‫ويحفظ سيادته الوطنية ويحقق حماية القتصاده ولمنتجاته الوطنية‪.‬‬
‫وال ريب أن الطبقة الحاكمة في نظام اإلنقاذ‪ ،‬كانت لها مصالحها الطبقية الخاصة‪ ،‬بالتمكين والفساد‪ ،‬في تطبيق شروط ومطلوبات‬
‫العولمة واقتصاد السوق الحر بشكل مطلق وعلي رأسها شروط منظمة التجارة العالمية ممثلة في اإلنفتاح‪ ،‬الخصخصة‪ ،‬وتحييد‬
‫الدولة وإلغاء دورها في الحماية والدعم والتجارة الخارجية‪ ،‬وفي مسؤولية حيازة عائدات اإلقتصاد الوطني من النقد األجنبي‪.‬‬
‫وعلى هذا المنهج اإلقتصادي كان نظام اإلنقاذ يجد الرضا من الدول الغربية عموما في مساره االقتصادي اللبرالي المتزاوج مع‬
‫الدكتاتورية السياسية تحت ستار الدين‪ .‬ولذلك كان أركان نظام اإلنقاذ‪ ،‬يجدون المالذات اآلمنة خارج السودان للثروات التي‬
‫ينهبونها من موارد االقتصاد الوطني‪ ،‬إذ غضت القوى اإلستعمارية الطرف عن أركان النظام وهم يتصرفون في عائدات صادرات‬
‫النفط والذهب من النقد األجنبي خارج كشوفات الموازنة العامة للدولة‪ ،‬وخارج نطاق المراجعة الحكومية العامة‪ .‬ولذلك في مقابل‬
‫ذلك‪ ،‬ظل نظام اإلنقاذ مخلصا ً لمنهج إقتصاد السوق ومتشبثا ً بتالبيب اللحاق بعضوية منظمة التجارة العالمية باستمرار وحتى‬
‫سقوطه‪ .‬فقبل عام واحد من تاريخ سقوط نظام االنقاذ تحت إرادة الشعب الثائر في السودان‪ ،‬وتحديدا ً في يوم ‪2018/ 4/11‬م‪ ،‬عقد‬
‫مندوب السودان لدى مكتب األمم المتحدة الدائم بجنيف ومندوب السودان لدى منظمة التجارة العالمية آنذاك مصطفي عثمان‬
‫إسماعيل‪ ،‬إجتماعا ً مع المدير العام لـمنظمة التجارة العالمية‪ ،‬روبيرنو إويفيدو‪ ،‬بحثا فيه سبل دعم عملية إنضمام السودان للمنظمة‪،‬‬
‫والخطوات التي يجب إتخاذها في الفترة المقبلة في إجراء اإلصالحات الهيكلية في اإلقتصاد السوداني‪ .‬وشرح مصطفي عثمان‬
‫إسماعيل في اإلجتماع لمدير المنظمة الخطوات التي إتخذتها حكومة السودان مؤخراً بشأن الدفع بعملية انضمام السودان للمنظمة‬
‫ال سيما اإلتفاقيات الثنائية التي عقدها السودان مؤخرا ً مع عدد من الدول‪ ،‬في سبيل االنضمام للمنظمة ودمج اإلقتصاد السوداني‬
‫في التجارة العالمية‪ .‬ومن جهته أوضح المدير العام للمنظمة لمندوب السودان أن اإلقتصاد السوداني يشهد عددا ً من التحديات ال‬
‫سيما بعض القوانيين التي تحتاج إلى مراجعة‪.6‬‬
‫وبعد إنتصار ثورة ‪ 19‬ديسمبر ‪2018‬م المجيدة وتشكيل الحكومة اإلنتقالية‪ ،‬سارت الحكومة اإلنتقالية بنفس خطى البرنامج‬
‫اإلقتصادي لنظام اإلنقاذ‪ ،‬وال سيما في خطوات تقديم التنازالت واإلرتباط بالشروط المسبقة للدائنين وللمؤسسات المالية‬
‫واالقتصادية الدولية وأن تتصدر مسألة اإلنضمام لمنظمة التجارة العالمية وتنفيذ شروطها كتمهيد لالندماج في االقتصاد العالمي‬
‫أولويات إهتمامات الحكومة اإلنتقالية بما في ذلك الشروط المسبقة لصندوق النقد الدولي ضمن برنامج التكييف الهيكلي وإعفاء‬
‫الديون عبر بوابة مبادرة الهبك‪ .‬ومن أبرز تلك الشروط‪ ،‬تعويم سعر الصرف‪ ،‬إزالة الحواجز الجمركية بإلغاء الدوالر الجمركي‪،‬‬
‫رفع الدعم عن السلع الرئيسية وعلي رأسها الوقود والقمح والكهرباء وغيرها‪ ،‬وإبعاد الدولة عن الفعل والنشاط االقتصادي‪،‬‬
‫واالستمرار في سياسة التحرير والخصخصة بشكل مطلق‪ ،‬تقليص اإلنفاق الحكومي عن القطاعات الخدمية غير اإلنتاجية كالتعليم‬
‫والصحة وغيرها‪ ،‬التوسع في الضرائب غير المباشرة‪ ،‬رسم سياسة لمحاربة الفقر ضمن تصورات وبرامج البنك الدولي وعلي‬
‫رأسها برنامج الدعم النقدي أو ما يعرف ببرنامج (ثمرات) بديال عن الدعم السلعي‪ ،‬وغيرها من الشروط المعروفة التي قامت‬
‫الحكومة االنتقالية بااللتزام بها تدريجيا دون االلتفات لبرنامج الثورة المتفق عليه ممثال في برنامج السياسات البديلة والبرنامج‬
‫االسعافي ومقررات المؤتمر االقتصادي األول‪ ،‬وذلك تمهيدا لقبول السودان ضمن برنامج مبادرة الهبيك‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬شروط صندوق النقد الدولي‪ :‬التي تم فرضها على الحكومة اإلنتقالية في ‪2019/10/3‬م عبر موفدة الصندوق للخرطوم‪،‬‬
‫كارل ترك‪ ،‬مسؤولة السودان وجنوب السودان وإثيوبيا وإرتريا في الصندوق‪ ،‬والتي تم طرحها أثناء حضور موفدة الصندوق‬
‫لمؤتمر شاتام هاوس المنعقد في الخرطوم في مطلع أكتوبر ‪2019‬م بعد إنتصار الثورة في إزالة قمة هرم نظام اإلنقاذ خالل الفترة‬
‫‪2019/4/11 – 6‬م‪ ،‬ولقد جاءت شروط صندوق النقد الدولي المسبقة والتي خضعت لها الحكومة االنتقالية تدريجيا كما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬إلغاء الدعم السلعي واستبداله بالدعم النقدي‪.‬‬
‫‪ .2‬تعويم سعر صرف العملة الوطنية (الجنيه السوداني) مقابل كل العمالت الصعبة القابلة للتحويل في كل معامالت اإلقتصاد‬
‫الوطني داخليا ً ومع العالم الخارجي‪.‬‬

‫‪ 5‬تبقت ولم تقبل من الدول حتى يونيو ‪2021‬م في عضوية منظمة التجارة العالمية (‪ 29‬تسع وعشرون) دولة ‪ ،‬منها (‪ 9‬تسع) دول إفريقية إحداها‬
‫السودان‪.‬‬
‫‪6‬وكالة السودان لألنباء والصحف السودانية مثال ‪ – :‬جريدة الصحافة العدد ‪ ، 8555‬السبت ‪2018 4 /14‬م ‪ ،‬الصفحة األولى ‪.‬‬

‫كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة ‪ 05‬إبريل ‪2022‬م‬
‫‪Page 6 of 54‬‬
‫رفع سعر الدوالر الجمركي تباعا ً حتى مرحلة تعويمه بالكامل بما يحقق تمويل القدر األكبر من اإلنفاق الحكومي بالضرائب‬ ‫‪.3‬‬
‫غير المباشرة‪ .‬ال سيما وأن (‪ )%95‬من السلع المستوردة تعبر إلى السوق المحلية من خالل بوابة السلطات الجمارك‪.‬‬
‫تسديد الديون السيادية التي على السودان في الصناديق الدولية ممثلة في البنك الدولي‪ ،‬صندوق النقد الدولى‪ ،‬والبنك اإلفريقي‬ ‫‪.4‬‬
‫للتنمية‪ .‬وهي ديون تبلغ مايقارب ‪ 3‬مليار دوالر أمريكي‪ ،‬كشرط يجب أن يسبق حصول السودان على أي قدر من إعفاء‬
‫الديون أو من المنح والقروض وتدفق اإلستثمارات الخارجية المباشرة الجديدة‪.‬‬
‫عدم اللجوء ألي إستدانة أو إستالم إعانات ومنح خارجية قبل تنفيذ شروط صندوق النقد الدولي‪.‬‬ ‫‪.5‬‬
‫التفاهم المباشر مع أمريكا حول ما قد تشترطه لرفع إسم السودان من القائمة األمريكية الدولية للدول الراعية لإلرهاب‪.‬‬ ‫‪.6‬‬
‫ولقد وضعت أمريكا عند مبتدأ إتصاالت الحكومة الوطنية اإلنتقالية بها في طلب رفع إسم السودان من قائمة الدول الراعية‬
‫لإلرهاب ثالثة شروط هي‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يتقيد السودان بتنفيذ شروط الصندوق آنفة الذكر دون إبطاء‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يتفاهم السودان رسميا ً مع أسر قتلى عمليات القاعدة في تفجير المدمرة البحرية األمريكية كول قرب ميناء عدن‪ ،‬وكذلك‬
‫أسر قتلى سفارتي أمريكا في كينيا وتنزانيا عام ‪1997‬م وتلبية طلباتها في التعويض‪.‬‬
‫‪ -3‬أن يطبع السودان عالقاته مع إسرائيل وتوقيع إتفاقية سالم إبراهام مع إسرائيل‪.‬‬
‫في نهاية مارس ‪2021‬م أعلن صندوق النقد الدولي أنه في حال إستمر السودان بنجاح في تنفيذ اإلصالحات الرئيسية‪ ،‬فإنه سيكون‬
‫بوسعه الوصول إلى نقطة القرار في يونيو ‪2021‬م‪ ،‬ما يعني إمكانية التأهل لمرحلة اإلستفادة من اإلعفاءآت من الديون بموجب‬
‫المبادرة المعززة للبلدان الفقيرة المثقلة بالديون (هيبيك)‪ ،‬والوصول إلى نقطة اإلنجاز في يونيو ‪2024‬م‪ .‬ولذلك سيكون من المهم‬
‫إحراز تقدم مستدام‪ ،‬أي في اإلصالحات خالل األشهر المقبلة لإلعالن المشار إليه‪ .‬وفعال في إجتماع المجلسين التنفيذيين للبنك‬
‫وصندوق النقد الدوليين‪ ،‬صاحبي مبادرة (هيبيك) في ‪ 26‬يونيو وافق المجلسان على أساس تقييم أولي أن السودان قد بلغ نقطة‬
‫القرار بتسوية المتأخرات‪ ،‬ل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وبنك التنمية اإلفريقي)‪ .‬ووصل مرحلة إطالق العنان لإلعفاءآت‬
‫من الديون وتلقي تمويالت من المانحيين من قبل نادي باريس ونادي لندن وبقية الدائيين من خارج الناديين‪ .‬وتجدر اإلشارة هنا‬
‫إلي أن وصول السودان لنقطة القرار لم يأتي بفضل تسوية ديونه للصناديق الدولية‪ ،‬وإنما بعد موافقته علي تنفيذ شروط برنامج‬
‫اإلصالح الهيكلي لصندوق النقد الدولي وشروط اتفاقية مبادرة الهيبيك وعلي رأسها تعويم سعر صرف الجنيه السوداني‪ ،‬وإزالة‬
‫الحواجز الجمركية أمام السلع األجنبية المستوردة بإلغاء الدوالر الجمركي واعتماد سعر الصرف الموازي غير الرسمي أو السعر‬
‫الرسمي المعوم الذي بموجبه تتحدد أسعار كل السلع والخدمات بما فيها السلع والخدمات األساسية‪ ،‬والتي ستواصل ارتفاعها كلما‬
‫إرتفع سعر الصرف الموازي أو السعر المعوم‪ .‬وأن مصطلحات استدامة اإلصالحات اإلقتصادية الرئيسية‪ ،‬أو إزالة تشوهات‬
‫االقتصاد الكلي‪ ،‬أو إجراء عمليات جراحية ضرورية قاسية ليتعافى اإلقتصاد الوطني وأن المعاناة في األمد القصير مجرد جسر‬
‫للتعافي االقتصادي علي المدي الطويل‪ ،‬وأن هنالك ضوءا ً في نهاية النفق‪ ،‬كلها مصطلحات تعني تنفيذ الحكومة لشروط صندوق‬
‫النقد والبنك الدوليين‪ ،‬وشروط منظمة التجارة العالمية‪ .‬فقد قال الرئيس الماليزي السابق مهاتير محمد عن هذه الشروط‪ ،‬رداً‬
‫للمؤسسات الدولية التي طالبته بتنفيذ هذه الشروط‪( :‬إنكم بمطالبتكم بتنفيذها تريدون أن تحولوا ماليزيا إلى مجرد إسم لبقعة من‬
‫األرض)‪ .‬علما بأن ماليزيا‪ ،‬لم تفلح في صنع مجد تقدمها اإلقتصادي إال بعد تمردها على إمالءآت صندوق النقد الدولي)‪.‬‬
‫(الجوع صفر) أي‪ ،‬تصفير الجوع يقول محمد عبد هللا الريح‪ :‬قبل خمسة أعوام أرسلت لي منظمة (الفاو) كتاب الرئيس البرازيلي‬
‫السابق لوال دي سيلفا )‪ (Zero Hunger‬لترجمته للعربية‪ ،‬وقد قمت بذلك‪ .‬وقصة الرئيس البرازيلي قصة جديرة أن تروى‪ :‬ففى‬
‫الثمانينات مرت البرازيل بأزمة اقتصادية طاحنة‪ ،‬فذهبت لالقتراض من صندوق النقد الدولى معتقدة إنه الحل ألزمتها االقتصادية‪.‬‬
‫وطبعا ً طبقت حزمة الشروط المجحفة‪ ،‬مما أدى الى تسريح ماليين العمال وخفض أجور باقي العاملين‪ ،‬والغاء الدعم‪ .‬وانهار‬
‫االقتصاد البرازيلي ووصل األمر إلى تدخل دول أخرى في السياسات الداخلية للبرازيل‪ ،‬وفرض البنك الدولي على الدولة أن‬
‫تضيف إلى دستورها مجموعة من المواد تسببت في اشتعال األوضاع السياسية الداخلية‪ .‬ورغم استجابة البرازيل لكل الشروط‪،‬‬
‫تفاقمت األزمة أكثر فأكثر‪ ،‬وأصبح ‪ %1‬فقط من البرازيليين يحصلون على نصف الدخل القومي‪ .‬وهبط ماليين المواطنين تحت‬
‫خط الفقر‪ ،‬األمر الذي دفع قادة البرازيل إلى االقتراض من الصندوق مرة أخرى بواقع ‪ 5‬مليارات دوالر‪ ،‬معتقدين إنه الطريق‬
‫للخروج من األزمة‪ .‬فتدهورت االمور أكثر‪ ،‬وأصبحت البرازيل الدولة األكثر فساداً وطرداً للمهاجرين‪ ،‬واألكبر فى معدل الجريمة‬
‫وتعاطي المخدرات والديون فى العالم‪ ،‬حيث تضاعف الدين العام ‪ 9‬مرات فى ‪ 12‬سنة‪ ،‬حتى هدد صندوق النقد بإعالن إفالس‬
‫البرازيل إذا لم تسدد فوائد القروض‪ ،‬ورفض إقراضها أى مبلغ فى نهاية ‪2002‬م‪ .‬وانهارت العملة حيث وصل الدوالر الى ‪11‬‬
‫الف كروزيرو‪ .‬دولة كانت تحتضر بمعنى الكلمة‪ ،‬حتى جاء عام ‪2003‬م‪ ،‬وانتخب البرازيليين رئيسهم لوال دي سيلفا الذى ولد‬
‫فقيرا‪ ،‬وعانى بنفسه من الجوع‪ ،‬وظلم االعتقال (كان يعمل ماسح أحذية)‪ .‬وعند استالمه للحكم خاف الكل منه وقال رجال األعمال‪:‬‬
‫(هذا سوف يأخد أموالنا ويؤممها)‪ .‬والفقراء قالوا هذا سوف يسرق كي يعوض الحرمان‪ .‬لكنه لم يفعل ذلك‪ ،‬وإنما قال كلمته‬

‫كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة ‪ 05‬إبريل ‪2022‬م‬
‫‪Page 7 of 54‬‬
‫الشهيرة‪( :‬التقشف ليس أن يفقر الجميع‪ ،‬بل هو أن تستغنى الدولة عن كثير من الرفاهيات لدعم الفقراء)‪ .‬وأضاف قائالً كلمته‬
‫الشهيرة‪( :‬لم ينجح أبدا صندوق النقد إال فى تدمير البلدان)‪ .‬واعتمد على أهل بلده ووضع بندا ً في الموازنة العامة للدولة أسماه‪:‬‬
‫(اإلعانات االجتماعية المباشرة) وقيمته ‪ %0.5‬من الناتج القومي اإلجمالي للدولة ليصرف بصورة رواتب مالية مباشرة لألسر‬
‫الفقيرة‪ .‬يعنى بدل الدعم العينى بدعم نقدي حقيقي بمبلغ كافي لتغطية احتياجات األسرة يقدم إلى ‪ 11‬مليون أسرة تشمل ‪ 64‬مليون‬
‫برازيلى‪ .‬وقد بلغت قيمة هذا الدعم ‪ 735‬دوالر تم توفيرها من خالل رفع الضرايب على الكل ما عدا المستفيدين من برنامج‬
‫اإلعانات‪ .‬بمعني أنه رفع الضرائب على رجال األعمال والفئات الغنية من الشعب‪ .‬وقد أيد رجال األعمال البرنامج ودعموه‬
‫وكانوا سعداء به مقابل التسهيالت الكبيرة التي منحها لهم البرنامج في االستثمار وفي تسيير أعمالهم ومنحهم األراضي مجانا‬
‫وتسهيالت في التراخيص‪ ،‬وتوفير قروض بفوائد مخفضة ساعدتهم فى التوسع وفي فتح أسواق جديدة‪ .‬باإلضافة إلى أن دخل‬
‫الفقراء قد ارتفع وتزايد الطلب والشراء لمنتجات رجال االعمال فتضاعف حجم مبيعاتهم‪ .‬لذلك لم يشعروا بأن الضرائب التصاعدية‬
‫التي فرضت عليهم بأنها جباية منهكة‪ ،‬بل أنهم يدفعونها مقابل تسهيالت أصبحوا يكسبون اكتر منها‪ .‬وبعد ‪ 3‬سنوات فقط عاد ‪2‬‬
‫مليون مهاجر برازيلي وجاء معاهم ‪ 1.5‬مليون أجنبي لالستثمار والعيش في البرازيل‪ .‬وخالل ‪ 4‬سنوات (فترة رئاسية واحدة)‬
‫سدد كل مديونية صندوق النقد الدولي‪ ،‬بل أن الصندوق اقترض من البرازيل ‪ 14‬مليار دوالر اثناء األزمة المالية العالمية ‪2008‬م‪،‬‬
‫أى بعد ‪ 5‬سنوات فقط من حكم لوال دي سيلفا‪ .‬وهو نفس الصندوق الذي كان يريد أن يشهر إفالس البرازيل عام ‪2002‬م‪ ،‬ورفض‬
‫إقراضها لتسدد فوائد القروض‪ .‬بفضل تركيز دي سيلفا على ‪ 4‬أمور‪ :‬الصناعة‪ ،‬التعدين‪ ،‬والزراعة‪ ،‬والتعليم أصبحت البرازيل‬
‫تصنع الطائرات (اسطول طائرات االمبريار برازيلية الصنع)‪ .‬وبعد انتهاء واليتى حكم لوال دي سيلفا عام‪2011‬م وبعد كل هذه‬
‫اإلنجازات‪ ،‬طلب منه الشعب أن يستمر ويعدل الدستور‪ ،‬ولكنه رفض بشدة وقال كلمته الشهيرة‪( :‬البرازيل ستنجب مليون لوال‪،‬‬
‫ولكنها تملك دستورا واحدا)‪ .‬وترك الحكم والبرازيل قد دشنت أول غواصة نووية (‪ 5‬دول فقط فى العالم تصنع غواصات نووية‬
‫هي أمريكا‪ ،‬روسيا‪ ،‬الصين‪ ،‬بريطانيا‪ ،‬فرنسا)‪ .‬أول غواصة كانت بالتعاون مع فرنسا‪ ،‬ولكنها ستدشن الغواصة الثانية فى ‪2020‬م‬
‫والثالثة فى ‪2022‬م بصناعة برازيلية خالصة‪ .‬إذن فالنهوض من التخلف ليس مستحيال‪ ،‬إنها مجرد (إرادة وإدارة) ويحدث فى‬
‫سنوات معدودة فقط‪ .‬وتقدم ونهوض أي من بلدان العالم الثاث الفقيرة المثقلة بالديون‪ ،‬لم يحدث إال بعد إنفكاكها من شروط صندوق‬
‫النقد الدولي‪ ،‬والبنك الدولى‪ ،‬وغيره من مؤسسات التمويل الدولية‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬شروط منظمة التجارة العالمية‪ :‬فبعد أن نفذت الحكومة الوطنية اإلنتقالية كافة شروط صندوق النقد الدولي المذكورة سابقا‪،‬‬
‫وشروط أمريكا اإلضافية إلزالة السودان من قائمة الدول الراعية لإلرهاب‪ ،‬أعلن رئيس الوزراء السابق عبد هللا حمدوك تشكيل‬
‫لجنة األمانة العامة لشؤون منظمة التجارة العالمية‪ ،‬لتبدأ العمل على استكمال ترتيبات إنضمام السودان لمنظمة التجارة العالمية‪.‬‬
‫كما أعلنت وزارة التجارة عن أن أمريكا ستتكفل بإعادة صياغة وتنقيح وإجازة القوانيين التجارية في السودان‪ .‬وهذا ما يبين بدء‬
‫مرحلة أخري من مراحل االمتثال لشروط المؤسسات الدولية‪.‬‬
‫وتتمثل أبرز الشروط التي تفرضها منظمة التجارة العالمية بجانب شروط صندوق النقد الدولي التي خضع لها السودان ضمن‬
‫برنامج مراقبة موظفي الصندوق التمهيدي لقبول السودان في مبادرة الهيبيك هو إزالة الحواجز الجمركية من خالل توحيد سعر‬
‫الصرف وتعويمه وإلغاء سعر الصرف الجمركي او ما يعرف بالدوالر الجمركي بهدف رفع كل الحواجز التي تعيق انسياب‬
‫منتجات الدول الصناعية الكبرى إلي السوق المحلي السوداني باعتباره أحد أهم األسواق المستهدفة بالنسبة لهم حيث يتميز بارتفاع‬
‫عدد السكان (المستهلكين) والذي يقدر بحوالي ‪ 45‬مليون نسمة‪ ،‬ويتميز أيضا بالتنوع اإلجتماعي واالقتصادي‪ ،‬بجانب وقوع هذه‬
‫السوق في موقع استراتيجي كمعبر لسوق دول الكوميسا وغيرها من الدول اإلفريقية لشمال أفريقيا والبحر المتوسط‪ ،‬وأيضا ألنه‬
‫سوق محاط بسبعة أسواق كبيرة مجاورة وتربطه حدود برية وبحرية ونهرية وجوية معها‪ .‬أي أن السودان بالنسبة للدول الصناعية‬
‫الكبرى عبارة عن بوابة إلى األسواق المغلقة في وسط وشرق وجنوب القارة اإلفريقية ومعبرا ً استراتيجيا ً لتجارة الترانزيت‪.‬‬
‫إال أنه وقبل اإلنشغال بهموم الخضوع لشروط االنضمام لمنظمة التجارة العالمية وما قد تفضي إليه من إبقاء السودان كما كان‬
‫عليه الوضع في عهد االستعمار البريطاني كدولة مصدرة للمواد الخام األولية ومستورد للسلع المصنعة من الدول الصناعية‬
‫الكبري‪ ،‬البد من دراسة واستيعاب‪ ،‬المعضالت اإلقتصادية التي نتجت عن سياسة االلتزام بالشروط المسبقة لصندوق النقد الدولي‪،‬‬
‫والواليات المتحدة اإلمريكية‪ ،‬وشروط إعفاء الديون عبر بوابة الهبك التي اتبعتها الحكومة اإلنتقالية‪ ،‬وفي مقدمتها تفاقم التضخم‬
‫الجامح الموروث وبما أضيفت إليه بعد الثورة من آثار سالبة على العملة الوطنية المتمثلة في ضعف وتدهور قوتها الشرائية‪،‬‬
‫وانخفاض متفاقم في قيمتها مقابل العمالت األجنبية‪ ،‬واالرتفاع المتواصل في المعدل العام لألسعار‪ .‬وكلها معضالت في حاجة‬
‫للتوافق الحاسم والحازم عليها بين كل القوى الثورية الحقيقية لثورة ديسمبر المجيدة صاحبة المصلحة الحقيقية في التغيير حول‬
‫تشخيص أبعادها وآثارها‪ ،‬وفي تطبيق الحلول الالزمة في مواجهتها‪ ،‬المتمثلة في‪:‬‬
‫‪ -1‬منهج اإلعتماد على الذات‪ ،‬وتعبئة وحشد الموارد الذاتية لسد متطلبات توازن الموازنة العامة‪ ،‬وتمويل التنمية بموارد حقيقية‬
‫ونقود قابلة للتحويل تتدفق في الخزينة العامة من عائدات الصادرات وإحطياطيات من النقد األجنبي يتم بنائها من الذهب‬

‫كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة ‪ 05‬إبريل ‪2022‬م‬
‫‪Page 8 of 54‬‬
‫المستخرج من تحت أقدام السودانيين‪ ،‬بديالً عن الرهان واالعتماد المطلق فقط على الدين الخارجي واالعتماد على مؤسسات‬
‫التمويل الدولية وتنفيذ شروطها المسبقة والتي ال نهاية لها‪ ،‬وإدارة الظهر بالكامل للموارد الوطنية‪.‬‬
‫‪ -2‬السيطرة على حجم الكتلة النقدية في اإلقتصاد الوطني‪ ،‬والسيما على ما ال يقل عن ‪ %95‬من الكتلة النقدية المكتنزة خارج‬
‫النظام المصرفي في خزائن الطبقة المتنفذة والمتحكمة في االقتصاد‪ ،‬عبر تبديل العملة واإلجراءات النقدية (الضرورية)‬
‫المرافقة لتبديل العملة‪.‬‬
‫‪ -3‬تثبيت سعر الصرف للعملة الوطنية مقابل العمالت األجنبية‪ .‬بالسير في اتجاه معاكس لمنهج الحكومة اإلنتقالية ووزارة ماليتها‪،‬‬
‫وكبح جماح السياسات التي ذهبت في إتجاه تعويم سعر صرف الجنيه السوداني مقابل العمالت القابلة للتحويل‪.‬‬
‫‪ -4‬مراجعة سياسة رفع الدعم السلعي من حيث شمول السلع التي تدخل في نطاق رفع الدعم‪ ،‬ومن حيث إمكانية تثبيت الحد األعلى‬
‫المناسب ألسعارها وتدخل الدولة وتحكمها في استيراد وتوفير السلع االستراتيجية بدال عن الوسطاء ممثلين في محفظة السلع‬
‫االستراتيجية وشركات القطاع الخاص المملوكة للطبقة االقتصادية المتحكمة في االقتصاد وذلك عبر بروتوكوالت تجارية‬
‫مباشرة مع المنتجين الرئيسيين والتحكم في قنوات توزيعها مباشرة للجمهور والتخلص من سلسلة الوسطاء التي تساهم في‬
‫رفع األسعار وفتح أبواب االحتكار والتهريب‪.‬‬
‫‪ -5‬كبح جماح السياسة التوسعية التي اتبعتها وزارة المالية في الموازنة في النفقات منذ تحديد مخصصات بنود الصرف في‬
‫الموازنتين ‪2020‬م ‪2021 -‬م المجازة من المجلسين‪ ،‬وفي التخصيصات التي أجازتها وزارة المالية خارج الموازنة في إبريل‬
‫‪2020‬م بزيادة المرتبات بمعدل ‪ ،%569‬واعتماد ‪ 2‬مليار دوالر للدعم النقدي المباشر‪ ،‬و‪ 200‬مليار جنيه لمتطلبات مواجهة‬
‫جائحة (كورونا)‪ ،‬واإلعتمادات اإلضافية الممولة باإلصدار النقدي في موازنة ‪2020‬م المعدلة الحقا ً في أغسطس ‪2020‬م‪.‬‬
‫‪ -6‬حل مشكلة المديونية ومتطلب عدم القدرة عن سداد أقساطها وفوائدها في آجال إستحقاقها‪ .‬بوضع سياسات مستقلة في التعامل‬
‫مع مطلوبات صندوق النقد والبنك الدوليين والدول الدائنة التي وضعت (ثمنا ً مقابل التجسير)‪ ،‬دون السماح لتدخالتهم في رسم‬
‫معالم مسارات حاضر ومستقبل االقتصاد الوطني‪ ،‬وذلك بتصحيح المسارات التي وافقت فيها الحكومة اإلنتقالية للشروط‬
‫الخارجية وسمحت فيها بالتدخالت األجنبية‪ .‬وهذا ال يعني أن برنامج حشد الموارد الذاتية يرفض التعامل مع مؤسسات التمويل‬
‫الدولية‪ ،‬ولكن هنالك فرق بين التعامل معها وبين الخضوع لها‪ .‬فبرنامج حشد الموارد الذاتية يربط التعامل مع هذه المؤسسات‬
‫الدولية والتي يعتبر السودان عضوا قديما فيها باالستقاللية ورفض الشروط المسبقة وأن يتم التعامل معها بالشروط السودانية‬
‫وبما تتطلبه برامج وخطط التنمية االقتصادية الوطنية وأن تكون في شكل منح بدون فوائد‪ ،‬أو قروض ميسرة بفوائد صفرية‬
‫دون أي شروط مسبقة هذا إذا احتاجت متطلبات التنمية ألي نوع من أنواع التمويل من هذه المؤسسات‪ .‬وأن تكون األولوية‬
‫لبرنامج حشد الموارد الذاتية واالعتماد علي النفس بهدف تقوية االقتصاد الوطني بشكل مستقل وتحسين مؤشراته الكلية من‬
‫خالل موارد ذاتية حقيقية تؤدي إلي تحقيق فوائض في الميزان التجاري والخدمي وفي ميزان المدفوعات وتزيد من حجم‬
‫االحتياطيات من النقد األجنبي وذلك حتي تكون أرضية قوية للحصول علي تمويل بشروط ميسرة تفرضها اإلرادة الوطنية‬
‫متي ما احتاج السودان لتمويل في المستقبل‪.‬‬
‫ولقد رأت هذه الوثيقة والملفات الـ ‪ 12‬المفصلة المرفقة بها في مواجهة إخفاقات ومشكلة فجوة الموازنة العامة للحكومة اإلنتقالية‬
‫(على نحو خاص) في النقود والموارد الوطنية‪ ،‬والمكون األجنبي‪ ،‬وفي شأن المعضالت اإلقتصادية آنفة الذكر (على نحو عام)‪،‬‬
‫واإلستناد إلى منهج وصف أبعادها ونتائجها وآثارها‪ ،‬وصياغة الحلول المناسبة إزاء كل مشكلة في الـملفات الـ ‪ 12‬المرفقة‪.‬‬

‫كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة ‪ 05‬إبريل ‪2022‬م‬
‫‪Page 9 of 54‬‬
‫فهرس موضوعات الملفات المرفقة‬
‫منهج اإلعتماد على الذات أومصادر الموارد الوطنية المؤهلة لسد فجوة المكون األجنبي والمحلي في إيرادات الموازنة‬
‫العامة‪ ،‬ولخدمة المديونية‪ ،‬وتمويل التنمية‬
‫الملف رقم (‪ ،)1‬أن يكون الذهب في صدارة قائمة مصادر اإلقتصاد الوطني للمكون األجنبي في إيرادات الموازنة العامة‪.‬‬

‫الملف رقم (‪ ،)2‬عائدات صادر السلع الزراعية‪ ،‬النباتية والحيوانية‪ ،‬المصدر الوطني الثاني لتدفقات النقد األجنبي في نطاق‬
‫إيرادات الموازنة العامة‪.‬‬

‫الملف رقم (‪ ،)3‬إستقطاب فوائض مدخرات وتحويالت السودانيين العاملين في خارج السودان للخزينة العامة‪ ،‬المصدر الوطني‬
‫الثالث في مصادر تدفقات النقد األجنبي في نطاق إيرادات الموازنة العامة‪.‬‬

‫الملف رقم (‪ ،)4‬مصادر أخرى متنوعة يمكن تجميع عائداتها من العمالت الحرة‪ ،‬القابلة للتحويل‪ ،‬وتعبئتها في تعظيم عائدات‬
‫تدفقات من النقد األجنبي في نطاق إيرادات الموازنة العامة‪.‬‬

‫الملف رقم (‪ ،)5‬مشكلة السيطرة على حجم الكتلة النقدية في اإلقتصاد الوطني ودورها في حماية عائد اإلقتصاد الوطني من‬
‫العمالت الحرة من تغول الذين يقطعون عليها طريق تدفقاتها للخزينة العامة‪.‬‬

‫الملف رقم (‪ ،)6‬إعادة النظر في منهج توحيد سعر الصرف المتبع من األنظمة المتعاقبة منذ عام ‪1978‬م‪ ،‬لتالفي دوره في‬
‫إنخفاض القوة الشرائية للجنيه السوداني‪ ،‬وفي إرتفاع سعر الصرف على نحو متفاقم ‪ ،‬وفي اإلرتفاع المستمر بوتائر عالية للمعدل‬
‫العام لألسعار ‪ .‬باعتماد سياسات نقدية وطنية مستقلة ترفع القوة الشرائية للعملة الوطنية‪ ،‬وتعزز سعر صرفها في مقابل العمالت‬
‫القابلة للتحويل‪ ،‬وتخفض المعدل العام للسلع والخدمات في السوق الوطنية‪.‬‬

‫الملف رقم (‪ ،)7‬المدى الذي يجب أن يقف عنده رفع الدعم السلعي‪ ،‬من حيث شمول السلع التي تدخل في نطاق رفع الدعم‪ .‬ومن‬
‫حيث إمكانية تثبيت الحد األعلى المناسب ألسعارها‪ ،‬بما يضمن العودة المدروسة للدعم السلعي الضروري لإلستهالك ولمدخالت‬
‫اإلنتاج ولحماية اإلقتصاد‪ .‬في إتجاه رفع معدالت اإلنتاج ومستويات اإلنتاجية بما يعمر األسواق الوطنية باإلحالل للسلع الوطنية‬
‫في محل السلع المستوردة‪ ،‬ويطور الصادرات من فوائض اإلنتاج الوطني لألسواق الخارجية ويعظم بعائداتها إحتياطيات العمالت‬
‫القابلة للتحويل في االقتصاد الوطني‪.‬‬

‫الملف رقم (‪ ،)8‬الحد من السياسة التوسعية التي اتبعتها وزارة المالية في الموازنة العامة ‪2020‬م‪ ،‬في نطاق اإلنفاق النقدي عند‬
‫وضع تخصيصات بنود الصرف في الموازنة المجازة من المجلسين‪ ،‬وفي التخصيصات التي إجازتها وزارة المالية خارج‬
‫الموازنة الحقا ً‪ ،‬وفي الموازنة العامة المعدلة‪ ،‬وكذلك في الموازنة العامة ‪2021‬م‪.‬‬

‫الملف رقم (‪ ،)9‬إعادة بناء وتأهيل مرافق الخدمات ومنشآت اإلنتاج في القطاع العام التي تمت خصخصتها في عهد اإلنقاذ‪،‬‬
‫إلسترداد دور الدولة في الملكية والنشاط اإلقتصادي وفي حل المشكلة اإلقتصادية‪ ،‬وتجميع عائداتها من العمالت الحرة في نطاق‬
‫إيرادات الموازنة العامة وتمويل التنمية‪ .‬وتوظيف أرباحها وريوعها من النقود الوطنية في تمويل الخدمات اإلجتماعية العامة‬
‫األساسية‪ ،‬كمجانية التعليم والصحة ودعم خدمات النقل واإلسكان وتمويل المكون الوطني في تنمية البنية التحتية‪.‬‬

‫الملف رقم (‪ ،)10‬يعني بتوفير متطلبات سد الفجوة في الموازنة العامة بالنقد الوطني‪.‬‬

‫الملف رقم (‪ ،)11‬مبحث في مشكلة المديونية وأسباب العجز في توفير متطلب القدرة على سداد أقساطها وفوائدها في آجال‬
‫إستحقاقها‪ .‬ودراسة حول كيفية التعامل مع مطلوبات صندوق النقد والبنك الدوليين والدائنيين‪ ،‬وسبل مواجهة إستغالهم عجز‬
‫االقتصاد الوطني عن خدمة الدين وفجوة الميزان التجاري‪ ،‬وتدخالتهم في رسم معالم مسار حاضر ومستقبل إقتصادنا الوطني‪.‬‬
‫وإنتقاصهم من إستقالل قرارنا الوطني ومساسهم بسيادتنا السياسية الوطنية‪.‬‬

‫الملف رقم (‪ ،)12‬مفاهيم ومصطلحات إقتصادية ذات صلة بالمالية العامة والموازنة العامة والمديونية ودور الدولة في الملكية‬
‫والنشاط اإلقتصادي‪.‬‬

‫كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة ‪ 05‬إبريل ‪2022‬م‬
‫‪Page 10 of 54‬‬
‫الملف رقم (‪)1‬‬
‫أن يكون الذهب أحد أهم مصادر اإلقتصاد الوطني للمكون األجنبي في إيرادات الموازنة العامة‬
‫ال ريب أن الذهب الكامن على سطح أرض السودان وفي باطنها‪ ،‬يعد بداهة ثروة قومية سيادية‪ ،‬وكذلك يعد أنه ملك للشعب‬
‫السوداني بأسره‪ ،‬في نصوص كل القوانيين المتعاقبة التي شرعت لتنظيم حقوق ملكية واستثمار منفعة الثروات المعدنية التي في‬
‫ظاهر وفي باطن األراضي السودانية وفي مقدمتها الذهب في كل القوانيين شاملة‪( :‬قانون ‪1959‬م في عهد نظام عبود‪ ،‬وقانون‬
‫‪1972‬م في عهد نظام نميري‪ ،‬وقانوني ‪2007‬م و‪2015‬م في عهد نظام اإلنقاذ)‪.‬‬
‫والدولة ممثلة في الحكومات المتعاقبة كما نصت هذه القوانيين كافة‪ ،‬إستنادا ً للدساتير السارية وقت إصدارها‪ ،‬هي التي عدت هذه‬
‫القوانيين معنية بإحقاق وصيانة حقوق أفراد الشعب في ملكية هذه الثروة واإلنتفاع بها‪ ،‬وال سيما بعائدات صادرها التي تدرها‬
‫بالعمالت الحرة‪ .‬وللدولة وفق مانصت القوانيين‪ ،‬آنفة الذكر‪ ،‬أن تمنح حقوق ممارسة هذا الحق للغير وفق تراخيص وعقود‬
‫وإتفاقيات مراعية في ممارسة أداء هذا الدور بنفسها أو عبر الغير كما يلي‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬أن تراعي الدولة في استخراج الثروة المعدنية واإلنتفاع منها‪ ،‬وعلى نحو خاص في تعدين الذهب‪ ،‬أن الذهب ثروة ناضبة‪،‬‬
‫تجب على الدولة صيانة حقوق األجيال فيها‪ .‬وفي تجربة دولة جنوب إفريقيا في تعدين الذهب عبرة لكل الدول المنتجة للذهب‪،‬‬
‫فقد أنتجت جنوب إفريقيا حتي عام ‪2010‬م نصف إنتاج العالم من الذهب‪ ،‬واليزال في بواطن أرضها نصف إحتياطي العالم من‬
‫الذهب‪ .‬إال أن إنتاج الذهب في دولة جنوب إفريقيا قد فقدت جدواها اإلقتصادي بعد أن وصلت مناجمها ألعماق تعدت قدرات‬
‫التكنولوجيا والعمالة في التعامل الكفؤ واآلمن واإلقتصادي معها‪ ،‬حتي أن الشركات الغربية الكبرى التي استخرجت هذه الثروات‬
‫قد بدأت ترحل بآلياتها للتعدين في دول إفريقية أخرى‪ .‬لذلك من حق الشعب أن يتساءل لماذا عرضت الحكومة اإلنتقالية في مؤتمر‬
‫باريس على الدول والشركات األجنبية عدد ‪ 26‬مربعا واعدا ً بمخزون الذهب للقدوم والتعاقد لإلستثمار فيه‪ ،‬والسودان ينتج في‬
‫السنوات ‪2020 -2015‬م بمعدل سنوي ال يقل عن ‪150‬طن من الذهب (‪ )%80‬منه ينتجه التعدين األهلي‪ ،‬بينما تنتج الشركات‬
‫الوافدة مابين ‪ %17‬و‪ %20‬من اإلنتاج الكلي‪ .‬هذا وأن اإلنتاج الذي يه َّرب إلى خارج السودان سنويا يقدر بنحو ‪ %77‬من االنتاج‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬أن تراعي الدولة في تخطيط معدل إنتاج الذهب سنوياً‪ ،‬مقتضى العدالة اإلجتماعية‪ .‬ذلك ألن نمو نصيب بعض أو فئة‬
‫محدودة من أبناء الوطن في منافع هذه الثروة‪ ،‬ال يجب أن يعد نموا في الناتج اإلجمالي للثروة القومية إال في صورة رقم مضلل‪،‬‬
‫يخفي عدم عدالة هذا النمو بمعيار إجتماعي‪ ،‬إذ يغيب فيه نصيب أغلبية الشعب الذي يزداد فقراً‪.‬‬
‫وكون أن الذهب سلعة سيادية وملك للشعب‪ ،‬يتجسد معناه الحقيقي في أن يصب ناتجه بشكل أساسي في إحتياطات اإلقتصاد‬
‫الوطني المحتفظ بها في بنك السودان إلى جانب فوائض العمالت القابلة للتحويل‪ ،‬حتى يؤدي الذهب اإلحتياطي المحتفظ به دوره‬
‫في رفع قيمة الجنيه السوداني‪ ،‬وفي أن يشكل ضمانة وفاء مقبولة تمكن االقتصاد الوطني من الحصول بيسر على قروض خارجية‬
‫تمويلية للتنمية بشروط ميسرة ويشكل أصول نقدية من الطراز األول لجذب حصة مقدرة من سوق رأس المال العالمي‪ .‬إذن فإن‬
‫االقتصاد الوطني في حاجة إلى أن يدخل الذهب في تجارة الصادر حصراً عبر البنك المركزي في أدنى الحدود التي تفرضها‬
‫ضرورة تغطية العجز في ميزان المدفوعات والسيما لتمويل التنمية‪ .‬على أن يتوقف صادر الذهب حال تجاوز السودان أزمته‬
‫االقت صادية ويستخدم فقط كاحتياطي نقدي لتقوية االقتصاد الوطني ودعم العملة الوطنية وأن يتم التصدير في حدود يتم إقرارها‬
‫ضمن خطط التنمية وفي حدود الموازنة العامة المعتمدة‪.‬‬
‫ففي وقت كانت فيه الحكومة‪ ،‬في عهد نظام اإلنقاذ‪ ،‬تضخ من االقتصاد الوطني في أروقة التجارة العالمية‪ ،‬ماليين البراميل من‬
‫النفط خالل الفترة ‪2011 - 1999‬م‪ ،‬ومئات األطنان من الذهب خالل الفترة ‪2018 – 2012‬م‪ ،‬ثروتان بلغت عائداتهما ما يربو‬
‫عن ‪ 100‬مليار دوالر‪ ،‬فقد إستحوزت عليها فئة محدودة من المتحكمين في السلطة والثروة ‪ ،‬فاستبدوا بها دون أغلبية الشعب‪،‬‬
‫بينما ظلت أغلبية الشعب السوداني تعيش من الناحية الواقعية فوق سطح أرض الوطن شظف العيش على الرغم من أنه نظريا ً‬
‫ووفقا للقوانيين السارية يمتلك كل هذه الموارد‪ .‬فنظام اإلنقاذ لم يدخل بتاتا ً عائدات تصدير النفط وثروة الذهب في الموازنة العامة‬
‫أو في الخزينة العامة أو بنك السودان‪ ،‬بل قد وظفت هذه العائدات بالكامل (خارج نطاق الموازنة العامة للدولة) نهبا وسطواً‬
‫لتمكين قيادات النظام‪ ،‬بعد أن جعلت هذه العائدات من أسرار الفئة الحاكمة فقط ومحصنة من أن تصل إليها إجراءآت المراجعة‬
‫العامة وديوان المراجع العام طوال عهد نظام اإلنقاذ‪.‬‬
‫وعندما يتم التفكير في األزمة اإلقتصادية الراهنة‪ ،‬ونجد أن أهم مشكالتها هي الفجوة في حصيلة عائدات االقتصاد الوطني من‬
‫النقد األجنبي‪ ،‬نجد أن الذهب هو المصدر الوطني األول الذي يمكن أن تعد عائدات صادراته مؤهلة لسد هذه الفجوة‪ .‬ولكي يكون‬
‫الذهب المصدر الوطني األول لسد فجوة النقد األجنبي في الموازنة العامة‪ ،‬بعائدات صادر التقل في المتوسط عن ‪ 127‬طن وال‬

‫كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة ‪ 05‬إبريل ‪2022‬م‬
‫‪Page 11 of 54‬‬
‫يزيد عن ‪ 260‬طن‪ ،7‬أي ما يحقق من عائدات النقد األجنبي‪ ،‬في حده األعلى واألدنى ما بين ‪ 10‬عشر مليارات‪ ،‬و‪ 5‬خمسة مليار‬
‫دوالر (على حساب أن سعر الجرام ‪ 40‬دوالر أي أن سعر الطن ‪ 40‬مليون دوالر كتقدير منحفظ جدا علما بأن السعر العالمي‬
‫للطن يصل إلى ‪ 55‬مليون دوالر)‪ .‬ولكي يتوافر في الوقت نفسه فرصة أن يرفد بنك السودان باستبقاء وتخزين جزء من الذهب‬
‫المنتج كإحتياطيات في خزانة البنك‪ ،‬في المتوسط سنويا ً ما بين ‪ 25‬طن‪ ،‬و‪ 50‬طن‪ ،‬لتقوية وتعديل سعر صرف الجنيه السوداني‬
‫زيادة قووته الشرائية‪ .‬فال بد‪ ،‬لتحقيق كل ما تقدم من توافر‪ 3‬ثالثة شروط هي‪:‬‬
‫أوال‪ :‬الشروط التي يجب توافرها لكي يكون الذهب المصدر الوطني األساسي للمكون األجنبي في إيرادات الموازنة العامة‪:‬‬
‫‪ -1‬الشرط األول‪ :‬ليكون الذهب أحد المصادر الرئيسية للنقد األجنبي في إيرادات الموازنة العامة البد من مرحلة إنتقالية‪:‬‬
‫وتبدأ هذه المرحلة اإلنتقالية بأن تناط بالدولة عبر بنك السودان المركزي‪ ،‬أو عبر شركة مساهمة عامة‪ ،‬الدور األكبر في شراء‬
‫وإحتكار تصدير نحو (‪ )%100‬من جملة الذهب الذي ينتجه التعدين األهلي في السودان‪ ،‬أي نحو ‪ %80‬من اإلنتاج الكلي من‬
‫الذهب في السودان إذا إستثنينا حقوق شركات اإلمتياز األجنبية‪ ،‬على أن يحدد البنك إستبقاء وتخزين إحتياطي بنسبة من‬
‫مشترياته من الذهب في خزانته وتنميته باستمرار‪ .‬وتعد هذه المرحلة اإلنتقالية الخطوة األولي لتأهيل الذهب‪ ،‬في موقعه المتقدم‬
‫بين المصادر الوطنية‪ ،‬في تدفق عائدات العمالت الحرة القابلة للتحويل في الخزينة العامة وترتكز هذه المرحلة على تنفيذ‬
‫اإلجراءآت اآلتية‪:‬‬
‫➢ اإلجراء األول‪ :‬أن يشتري بنك السودان‪ ،‬أو الشركة العامة المقترحة مباشرة كل ذهب التعدين األهلي والشركات الصغيرة‪:‬‬
‫إن قطاع التعدين األهلي ينتج نحو ‪ %80‬من اإلنتاج الكلي من الذهب‪ 8‬أي نحو ‪ 96‬طن سنويا ً تقريباً‪ .‬وهذا الكمية من اإلنتاج‬
‫ظلت تشتريه‪ ،‬في الغالب‪ ،‬شركات التعدين والصاغة وتجارتصدير الذهب والمهربين أصحاب الحظ األوفر في التغول على‬
‫ما نسبته ‪ %77‬من اإلنتاج الكلي من الذهب سنوياً‪ ،‬األمر الذي يعني أن المنتجين في نطاق التعدين األهلى‪ ،‬لم يكونوا إلى‬
‫حد بعيد طرفا ً في ممارسة تصدير الذهب في عهد نظام اإلنقاذ وحتى بعد ثورة ديسمبر ‪2018‬م‪ .‬ولم يكونوا في عهد نظام‬
‫اإلنقاذ يبيعون ذهبهم لبنك السودان الذي كان يشتري الذهب بأقل من السعر العالمي‪ ،‬ألن البنك المركزي كان يدفع مايقابل‬
‫مشترياته من الذهب بالجنيه بحساب سعر الصرف الرسمي الرسمي‪ ،‬بينما كان هذا السعر الرسمي أقل كثيراً عن ما يدفعه‬
‫بقية المشترين‪ .‬فضالً عن أن بقية المشترين الذي يعرضون سعرا ً أقرب من السعر الموازي‪ ،‬كانوا يصلون إلى مواقع قريبة‬
‫نسبيا ً من المنتجين‪ ،‬وكان هذا القرب فيه خدمة وأمان للمنتجين من مخاطر الطريق‪ ،‬بدال عن معاناة الوصول إلى منافذ بنك‬
‫السودان الذي يمثل بالنسبة لهم دولة ال تقدم لهم عونا ً يستحق التقدير أو خدمة تستحق أن يقابلوها بوفاء‪.‬‬
‫واإلجراء األول الذي تقترحه هذه الوثيقة يتطلب أيضاً‪ :‬أن تقدم الدولة‪ ،‬أو بنك السودان المركزي‪ ،‬للعاملين في مواقع التعدين‬
‫األهلي والمستثمرين خدمات المحروقات والغاز‪ ،‬والتمويل المصرفي الميسر‪ ،‬واألمن والسالمة‪ ،‬ومنافذ للشراء مزودة‬
‫بتقنيات تحديد الوزن والعيار ومزودة بنقد يكفي للشراء باألسعار العالمية وبسعر صرف عادل ومجزي ومنافس لسعر‬
‫السوق الموازي يدفع للمنتجين فور إستالم مبيعاتهم‪ .‬على أن تسعى الدولة ألداء هذه المهمة‪ ،‬مباشرة عبر بنك السودان‬
‫بالتعاون مع السلطات المحلية والوالئية‪ ،‬وليقوم بنك السودان المركزي بشراء كل الذهب الذي ينتجه التعدين األهلي بالتمويل‬
‫باإلصدار النقدي‪ ،‬علما ً بأن مثل هذا التمويل في نتائجه‪ ،‬قطعا ً ال يعد في نطاق زيادة التضخم‪ ،‬فالتمويل بالعجز أي باإلستدانة‬
‫من النظام المصرفي عبر اإلصدار النقدي‪ ،‬في حالة توظيفه في مشاريع إنتاجية أو خدمية‪ ،‬تدر عائدات أوتثمر منتجات‬
‫تكون بقيمتها السوقية المتضمنة تكاليفها وأرباحها تفوق حجم التمويل الذي أنفق عليها‪ ،‬ال يصب في خانة التضخم‪ ،‬وال سيما‬
‫إذا مكنت الكمية المنتجة الدولة من توظيف عائدات بيعها في السوق االمحلي ماالً يمثل تمويالً مدورا ً لتمويل دورات جديدة‬
‫من اإلنتاج السلعي أو شراء الذهب وتصديره ورد عائداته في شكل أرصدة نقدية بالعمالت الحرة أو سلعا استراتيجية تباع‬
‫في السوق المحلي فتتيح فضال عن عائداتها التي ستكون ماالً مدورا ً‪ ،‬أرباحا ً تمكن الدولة من الوفاء بسداد أقساط اإلستدانة‬
‫المصرفية المستحقة‪ .‬بينما ينتج التضخم عن اإلنفاق الذي ينتج عن التمويل بالعجز واإلستدانة من النظام المصرفي في شكل‬
‫إصدار نقدي لتمويل أوجه إنفاق الدولة وأنشطتها غير المنتجة‪.‬‬
‫إن تمويل الدولة باإلصدار النقدي‪ ،‬ضمن اإلجراء األول‪ ،‬بشراء إنتاج التعدين األهلي من الذهب بنحو ‪ 10‬طن شهريا عبر‬
‫بنك السودان المركزي سيؤدي‪:‬‬
‫✓ إلي أن يجعل ما ينفق على هذا التمويل دخال يتوزع علي مابين ‪ 3‬إلى ‪ 4‬أربعة ماليين من العاملين في شركات التعدين‬
‫والكرتة الصغيرة والحفر‪،‬مناجم المعدنيين األهليين الكبيرة التي تعمل باآلليات‪( ،‬نحو ‪ 160‬منجماً) وجموع صغار‬

‫‪ 127 7‬طنا ً وفق اإلحصاءآت المعلنة عن وزارة المعادن عن حجم إنتاج ‪2018‬م‪ ،‬و‪ 260‬طنا ً وفق اإلحصاءآت المعلنة عن وارد سوق دبي من الذهب المنتج في السودان‬
‫عام ‪2018‬م‪.‬‬
‫‪ 8‬اللجنة العليا للطوارئ االقتصادية‪ ،‬إحتماع اللجنة الفرعية للذهب رقم (‪ )2‬ببنك السودان األربعاء ‪2020/4/29‬م‪ ،‬تقرير مخرجات إجتماع اللجنة‪ ،‬الفقرة (‪ ،)23‬ص ‪.2‬‬

‫كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة ‪ 05‬إبريل ‪2022‬م‬
‫‪Page 12 of 54‬‬
‫المعدنيين (المنتجيين في التعديين اليدوي)‪ ،‬أي إنفاقا ً على قاعدة عريضة من السكان المنتجيين‪ ،‬الذين سيميلون بالجزء‬
‫األكبر من دخولهم لإلنفاق اإلستهالكي‪ ،‬وسيشكل هذا اإلنفاق طلبا ً يؤدي إلى استنفار المزيد من اإلنتاج الذي يوسع قاعدة‬
‫العرض في السوق المحلي‪.‬‬
‫✓ سيؤدي أيضا إلي أن تدر عائدات صادر ذهب التعدين األهلي من العمالت الصعبة للخزينة العامة للدولة نحو ‪400‬‬
‫مليون دوالر شهريا ً‪ ،‬وستكفي هذه الحصيلة من العائدات مطلوبات تمويل احتياجات اإلقتصاد الوطني من السلع‬
‫المستوردة الضرورية ممثلة في القمح والدقيق‪ ،‬والمحروقات‪ ،‬واألدوية ‪..‬إلخ‪ ،‬وقدراً من إحتياجات تمويل مدخالت‬
‫اإلنتاج التنموي الزراعي والصناعي ‪...‬إلخ‪.‬‬
‫✓ وسيودي كذلك إلي أن تشكل عائدات بيع السلع المستوردة المشار إليها في الفقرة أعاله في السوق المحلي‪ ،‬كتلة نقدية‬
‫كافية لشراء إنتاج الشهر التالي من الذهب الذي ينتجه التعدين األهلي‪ ،‬وهكذا ستظل هذه الكتلة النقدية ماالً دوارا ً لتمويل‬
‫شراء ذهب المعدنيين األهليين لبقية أشهر السنة‪ ،‬شهرا ً بعد شهر‪ ،‬ليكون العائد السنوي لهذا النشاط التجاري نحو (‪4,8‬‬
‫مليار دوالر في السنة‪.‬‬
‫إن الدور المباشر لبنك السودان نيابة عن الدولة في شراء إنتاج التعدين األهلي من الذهب بسيولة كافية‪ ،‬دور مهم لتحقيق‬
‫نجاح شراء الدولة لكل إنتاج التعدين األهلي من الذهب في خطوة مستقبلية الحقة‪ .‬فقد كان دور بنك السودان في شراء‬
‫وتصدير الذهب في عهد نظام اإلنقاذ‪ ،‬مكبال بقيود وضعتها الدولة‪ ،‬وفي مقدمتها حماية الدولة لعمليات تهريب ‪ %77‬من‬
‫اإلنتاج الكلي‪ ،‬وعدم تقديم الدولة لخدمات لقطاع التعدين األهلي‪ ،‬وعدم وجود منافذ شراء تابعة لبنك السودان في مواقع‬
‫وأسواق تصريف اإلنتاج‪ ،‬والسبب األهم تقييد الدولة للبنك المركزي بالشراء بسعر الصرف الرسمي الذي كان يقل كثيراً‬
‫عن سعر السوق الموازي الذي ينافسه به المهربون في شراء الذهب‪ ،‬ولذلك كانوا يتفوقون عليه‪ .‬لذلك فإن بنك السودان‬
‫بخبرته التي إكتسبها في ماضي تجربته في شراء وتصدير الذهب‪ ،‬وبعد إزالة العقبات التي كانت تكبل دوره في الماضي‬
‫سيكون مؤهالً للنجاح المؤكد في هذه المهمة مستقبال‪.‬‬
‫وستضيف مهمة شراء كل إنتاج التعدين األهلي من الذهب عبر بنك السودان بنوافذ قريبة من مواقع اإلنتاج‪ ،‬فضال عن أن‬
‫العمل المنتظم في تقديم الدولة لخدمات لهذا القطاع اإلنتاجي كالمحروقات‪ ،‬والتمويل المصرفي بشروط ميسرة لمشتريات‬
‫القطاع من اآلليات والسلف النقدية المصرفية بشروط ميسرة لمصروفات التشغيل‪ ،‬كلها مجتمعة ستتيح فرصة كبيرة لوضع‬
‫قاعدة معلومات ميدانية دقيقة عن العاملين في هذا القطاع وحجم إنتاجه‪ ،‬وأصوله وممتكاته وبنيته التحتية‪ ،‬والتشريعات التي‬
‫ستنصف العاملين والمستثمرين فيه‪ .‬وتوافر هذه القاعدة الدقيقة من المعلومات ستشكل رصيدا ً للتخطيط الذي يضمن في‬
‫المرحلة الثانية من عالقة الدولة بهذا القطاع‪ ،‬سالسة للسير على طريق إدماج هذا القطاع‪ ،‬أي قطاع التعدين األهلي‪ ،‬وقطاع‬
‫الشركات الصغيرة في شراكات مع الدولة مستقبال‪ ،‬تعظم دور الدولة في اإلنتاج‪ ،‬كما ستعظم حجم اإلنتاج‪ ،‬وتزيد من أرباح‬
‫األطراف الثالثة التي اندمجت في الشراكة (التعدين األهلي‪ ،‬الشركات الصغيرة‪ ،‬والدولة) على حد سواء‪.‬‬
‫كذلك فإن بنك السودان بوسعه أن يوفر مصادر تمويل عديدة لشراء الذهب إلى جانب مصدر اإلصدار النقدي‪ ،‬أي إلى جانب‬
‫اإلستدانة من النظام المصرفي‪ .‬إذ يمكن إضافة شهادات اإلستثمار كمصدر وطني للتمويل‪ ،‬وكذلك مصدر األموال المستردة‬
‫التي سبق وأن نهبت من المال العام في عهد نظام اإلنقاذ‪ ،‬فضالً عن الفوائض التي ستعود من حيز الدوران في اإلقتصاد‬
‫الخفي والمضاربة بعد تبديل العملة إلى نطاق موجودات النظام المصرفي القابلة لتمويل التنمية‪.‬‬
‫➢ اإلجراء الثاني‪ :‬أن يبيع بنك السودان مشترياته من الذهب عبر البورصة‪ ،‬بعد اإلحتفاظ بنسبة من مشترياته من الذهب لدعم‬
‫وتنمية إحتياطيات البنك المركزي من الذهب‪.‬‬
‫➢ اإلجراء الثالث‪ :‬أن توكل مهمة التعاقد والرقابة واإلشراف الفني علي الشركات العاملة في الذهب تحت مظلة واحدة‬
‫متخصصة هي وزارة الطاقة والتعدين‪ .‬بتشريع سلطتها الواضحة في إدارة وتوجيه الشركة العامة للموارد المعدنية‪ .‬على‬
‫أن يتم هذا اإلجراء بالتزامن مع جهود الدولة في تفكيك نظام اإلنقاذ وإزالة التمكين واسترداد األموال المنهوبة‪ ،‬وفرض‬
‫سيطرتها على شركات المستثمرين بالتمكين الذين يتملكون دون وجه حق‪ ،‬شركات تعدين الذهب أو الشركات التي تعمل‬
‫في المخلفات (الكرتة) أو تجارة الذهب (الرمادية)‪ ،‬وكذلك بعد أن تنقل مؤسسات الثورة المعتمدة (كالمجلس التشريعي‪،‬‬
‫المجلس السيادي‪ ،‬مجلس الوزراء)‪ ،‬ملكية الشركات الحكومية التي تملكها القوات النظامية العاملة في التعدين إلى ملكية‬
‫وزارة الطاقة فنيا ً وتحت والية وزارة المالية من الناحية المالية‪ ،‬وتحت رقابة ديوان المراجع العام‪ .‬علما ً بأن هذه الشركات‬
‫على كثرتها‪ ،‬تعمل في الغالب‪ ،‬في إنتاج الذهب من المخلفات (الكرتة) أو في تجارة وتسويق الذهب‪ .‬وهذه الخطوة في‬
‫محصلتها ستدعم ملكية الدولة في الشركات العامة العاملة في تعدين الذهب‪ .‬وعند إكتمال هذه الخطوة لن يبقى إنتاج الذهب‬
‫والمعادن بعيدا ً عن الدور المباشر للدولة (القطاع العام)‪ ،‬إال شركات اإلتفاقيات العاملة في القطاع الخاص الوطني واألجنبي‬
‫(شركات اإلمتياز وشركات القطاع الخاص الكبيرة)‪ ،‬مثال شركة كوش الروسية‪ ،‬ومانوب المغربية‪ ،‬والرضا‪ ،‬وأمدرمان‪،‬‬
‫والجنيد ‪ ...‬إلخ‪ .‬وهذه الشركات مجتمعة (‪ 11‬شركة‪ ،‬المنتجة منها ‪ 7‬شركات)‪ ،‬تنتج ما نسبته بين (‪ %7‬و‪ %17‬من اإلنتاج‬
‫الكلي من الذهب) وللدولة في هذا الناتج حقوق محددة مقننة على نحو متفاوت في اإلتفاقيات المبرمة مع كل شركة من هذه‬

‫كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة ‪ 05‬إبريل ‪2022‬م‬
‫‪Page 13 of 54‬‬
‫الشركات‪ ،‬وهي إتفاقيات لضمان حقوق عادلة للخزينة العامة‪ ،‬في حاجة إلى مراجعة وإلى تفعيل أكثر لدور الدولة في‬
‫الرقابة عليها‪.‬‬
‫ويعني هذا اإلجراء‪ ،‬عدم تصرف وزارة المالية في شركات الذهب المستردة‪ ،‬بتخصيصها بالبيع المباشر‪ ،‬أو بعرض أسهمها‬
‫في شراكات تجعلها تؤول مجددا ً للمتمكنيين المكتنزين ألموال الثراء الحرام منذ عهد نظام اإلنقاذ وبعد سقوطه‪ ،‬ال سيما‬
‫و أن الحكومة اإلنتقالية لم تقم بتبديل العملة والسيطرة على الكتلة النقدية المتضخمة في حوزة المتمكنيين المكتنزين لها‪.‬‬
‫فالثورة التي مهرها الشهداء والشهيدات بدمائهم الزكية‪ ،‬جديرة بأن تقوم بكشف حساب‪ ،‬لترد المظالم‪ ،‬ولتسترد األموال‬
‫المنهوبة‪ .‬ولم تقدم الثورة تضحياتها الغالية لتستبدل تمكينا ً بتمكين آخر‪ .‬وأهمية زيادة الحرص على اإلحتفاظ بشركات الذهب‬
‫المستردة في نطاق الملكية العامة وعدم السماح لوزارة المالية بخصخصتها‪ ،‬ناتجة من أن صندوق النقد والبنك الدوليين‬
‫والدول الغربية الدائنة من شروطها الملحة في األونة األخيرة قبل انقالب ‪ 25‬أكتوبر ‪2021‬م إستكمال اإلصالح اإلقتصادي‬
‫وجمع هذه الشركات تحت والية وزارة المالية تمهيدا ً ألن تقوم وزارة المالية بخصخصتها‪ ،‬وبإنفاق عائدات بيعها في بند‬
‫المرتبات‪ ،‬التي تمت مضاعفتها بنسبة ‪ ،%569‬وفي االستمرار في سياستها التوسعية في اإلنفاق النقدي‪.‬‬
‫➢ اإلجراء الرابع‪ :‬لتعزيز مكانة الذهب في اإلقتصاد الوطني في المرحلة األولى اإلنتقالية‪ ،‬إدخال كافة الشركات األجنبية‬
‫وشركات اإلمتياز الكبرى العاملة في التعدين وفق إتفاقيات‪ ،‬تحت مظلة الرقابة الحكومية القانونية المشروعة على مراحل‬
‫أعمالها كافة‪ ،‬والسيطرة حتى على مرحلة تصدير حصتها من إنتاجها‪ ،‬بما يضمن حقوق السودان في إنتاج وإلتزامات هذه‬
‫الشركات عينا بالذهب أو بعمالت قابلة للتحويل‪ .‬والنظر بصيغ قانونية في اإلتفاقيات السارية ودقة إلتزام الشركات بمراعاة‬
‫حقوق السودان فيها‪ ،‬ودواعي وقانونية مراجعة بنود معينة في بعض هذه اإلتفاقيات‪ ،‬في نطاق العدالة اإلنتقالية في عهد ما‬
‫بعد ثورة ديسمبر ‪2018‬م المجيدة‪ .‬بما في ذلك إلزام الشركات األجنبية بإيداع تأمين مسبق وغير قابل لإلستخدام بالعملة‬
‫الحرة كضمان لحسن التنفيذ ومعالجة األضرار البيئية في مرحلة اإلغالق‪.‬‬
‫➢ اإلجراء الخامس‪ :‬لتعزيز مكانة الذهب في اإلقتصاد الوطني في المرحلة األولى اإلنتقالية‪ ،‬ضمان الحيازة الكاملة من الدولة‬
‫على كل عائدات صادر الذهب من النقد األجنبي عبر بورصة لتجارة الذهب‪ ،‬وبنك إتحادي حكومي للتصدير واإلستيراد‬
‫ويتحقق هذا الهدف عندما تحتكر الدولة عبر البورصة‪ ،‬تصدير كل اإلنتاج الوطني من الذهب المنتج عبر القطاعين العام‬
‫والخاص‪ .‬وهذه البورصة تضمن للدولة‪ ،‬أي الخزينة العامة‪ ،‬كل عائدات صادر الذهب من النقد األجنبي‪ ،‬وتضمن للشركات‬
‫الخاصة والقوى العاملة والمستثمرة في إنتاج الذهب‪ ،‬حقوقها كاملة بالنقد الوطني حسب األسعار العالمية للذهب وبأسعار‬
‫صرف عادلة ومجزية متفق عليها‪ .‬وهكذا ستسد األبواب أمام تهريب ‪ %77‬أقل أو أكثر من الذهب المنتج في السودان‪،‬‬
‫الذي ظل يهرب إلى خارج السودان خالل العشرة سنوات الماضية ‪2019 – 2011‬م‪ .‬ومن المهم مكافأة الشركات الخاصة‬
‫التي تسهم في الخزينة العامة بعائدات من صادر الذهب بإعطائها حقوقا ً متناسبة مع إسهامها وأولوية من بنك السودان‪ ،‬في‬
‫التمويل بالنقد األجنبي لمشترياتها من خارج السودان لتطوير بنيتها التحتية أو ألغراضها التجارية‪.‬‬
‫➢ اإلجراء السادس‪ :‬هو العمل على أن تكون مصفاة الذهب بتقنيات ومواصفات متطورة ومعتمدة دولياً‪ ،‬وأن تكون هي الجهة‬
‫الوحيدة المؤهلة بطاقة إنتاجية كافية لتصفية اإلنتاج الوطني من الذهب وإصدار شهادات الصادر‪ ،‬وتقييد بيع وتداول الذهب‬
‫السوداني بإتفاقيات إقليمية ودولية توجب على الدول المستوردة والمتلقية للذهب السوداني‪ ،‬إعتماد شهادات الصادر المحررة‬
‫من مصفاة الخرطوم للذهب والموثقة من وزارة الخارجية السودانية وسفارة الدولة المستوردة بالخرطوم‪ .‬حتى تتقيد الدول‬
‫المتلقية للذهب السوداني عند شراء كل وارد بهذه اإلجراءآت‪.‬‬
‫وعلى الرغم مما جاء في اإلجراءآت الستة آنفة الذكر‪ ،‬فإن الحاجة ال تنتفي لتطوير التشريعات واآلليات المعنية بمحاصرة‬
‫ومالحقة جريمة تهريب السلع النقدية السودانية بما فيها الذهب للخارج‪ .‬وقفل كل السبل أمام تهريب الذهب والمعادن‬
‫األخرى‪ ،‬على نحو أكثر خصوصية‪ .‬ألن مكافحة تهريب ‪ %77‬من الذهب المنتج‪ ،‬هو الشرط السابع واألخير واألكثر أهمية‬
‫لتعزيز دور إسهام عائدات الذهب السوداني من النقد األجنبي في اإلقتصاد الوطني‪ ،‬سوا ٌء في دعم ميزان المدفوعات‬
‫والميزان التجاري‪ ،‬أم في تعظيم إحتياطيات البنك المركزي بتخزين جزء من الذهب المنتج في خزائنه كإحتياطي نقدي‪،‬‬
‫بما يرفع قيمة العملة الوطنية مقابل العمالت األجنبية‪ ،‬ويزيد من قوتها الشرائية في السوق المحلي‪.‬‬
‫‪ -2‬الشرط الثاني لتحقيق أن يكون الذهب المصدر الوطني األول للمكون األجنبي في إيرادات الموازنة العامة‪ ،‬في المرحلة‬
‫الثانية‪:‬‬
‫يتحقق هذا الشرط عندما يتم‪ ،‬بناء شركات مساهمة عامة تضم إلى جانب الدولة قطاع التعدين األهلي والشركات الصفيرة‬
‫العاملة في إنتاج الذهب وفقا لما يلي‪:‬‬
‫➢ أن يدمج قطاع التعدين األهلي وشركات إنتاج الذهب الصغيرة في شركات مساهمة حكومية تبلور شراكة بينها وبين الدولة‬
‫بنسبة ‪ %40‬للقطاع الخاص ممثل في الشركات الصغيرة والتعدين األهلي و‪ % 60‬للدولة‪ ،‬على أن تنوب عن الدولة وزارة‬

‫كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة ‪ 05‬إبريل ‪2022‬م‬
‫‪Page 14 of 54‬‬
‫الطاقة وتمثل في إدارة الشركات وزارة المالية وبنك السودان‪ ،‬وان تخضع لمظلة المراجعة العامة اإلتحادية أينما تكون‬
‫مواقع عمل هذه الشركات‪ .‬بعد أن يتم تجميعها في مناطق مربعات إنتاج قد خضعت للمسح واإلستكشاف وتتبع أساليب إنتاج‬
‫صديقة للبيئة تطمئن لها الحاضنات اإلقليمة الشعبية‪ ،‬وتجد منها ما يرفع من شأن األقاليم بخدماتها وتوظيفها للتعدين كثروة‬
‫قومية وإقليمية‪ ،‬بأن تخصص للموازنة العامة لإلقليم ‪ %3‬للوالية و‪ %2‬لكل من المحليات التابعة لها من عائدات اإلنتاج‬
‫الكلي من الذهب وغيره من المعادن في اإلقليم‪ .‬على أن تدفع شركات المساهمة العامة هذا اإلستحقاق لألقاليم المنتجة بالسعر‬
‫العالمي مقوما ً بالجنيه السوداني وبسعر صرف مجزي‪ ،‬مع ضمان حصة وأولوية ألبناء اإلقليم في فرص اإللتحاق في‬
‫وظائف وأعمال اإلنتاج وتقديم الخدمات في هذه الشركات‪.‬‬
‫➢ إن مسار تعظيم دور الدولة في إنتاج الذهب وبقية المعادن‪ ،‬البد أن يفضي في مرحلته الثانية‪ ،‬إلى أن يرتبط بإيقاف التعدين‬
‫األهلي في صورته الحالية وفتح آفاق أكثر رحابة للعاملين في نطاقه‪ .‬فالتعدين األهلى من حيث إسهامه في حجم اإلنتاج‪،‬‬
‫ينتج ماال يقل عن ‪ %80‬من اإلنتاج الكلي سنوياً‪ ،‬ولكن دوره في اإلضرار بالبيئة كبير جداً‪ ،‬وهو دور متعاظم في إتجاه‬
‫التفاقم المهدد لسكان أقاليم اإلنتاج والمياه والتربة واإلنتاج الزراعي النباتي والحيواني فيها‪ ،‬بما يستخدمه من الزئبق السام‬
‫وأحيانا السيانايد‪ ،‬وال سيما بعد أن تنتقل هذه السموم إلى السلسلة الغذائية عبر المنتجات الزراعية في مناطق اإلنتاج‪ .‬األمر‬
‫الذي سيهدد اإلنتاج الزراعي في السودان‪ ،‬ويمكن أن يقفل األسواق الخارجية أمام الصادر الزراعي السوداني‪ .9‬فضال عن‬
‫تفاقم مخاطره على المنتجيين بإستخدام غير قانوني وغير علمي للمواد الكيمائية السامة‪ .‬وكذلك للمفرقعات التي يتحصلون‬
‫عليها بطرق غير قانونية ويستخدمونها لتفتيت الجبال أو األجزاء الصخرية في موقع اإلنتاج‪ ،‬وكذلك يتعرض العاملون‬
‫لألذى والموت بفعل إنهيار آبار المناجم غير النظامية‪.‬‬

‫➢ وألن متوسط إنتاج التعدين األهلي في حده األدنى ال يقل عن ‪ 50‬طن وقد يصل إلى ‪ 96‬طن سنويا ً في حدوده العليا‪،‬‬
‫والشركات الصغيرة البالغة عددها ‪ 78‬شركة‪ ،‬عدد الشركات المنتجة منها ‪ 44‬شركة ويبلغ متوسط إنتاجها السنوي نحو ‪30‬‬
‫طن سنويا‪ ،‬يمكن دمج التعدين األهلي مع الشركات الصغيرة‪ ،‬في عدد من شركات المساهمة العامة‪ ،‬لتعمل بالمشاركة مع‬
‫الدولة (القطاع العام)‪ ،‬خارج أنماط االنتاج المهددة للبيئة وفي نطاق المربعات المشمولة بالمسح واإلستكشاف‪ .‬وبذلك تضمن‬
‫الدولة أن يكون إنتاج التعدين األهلي والشركات الخاصة الصغيرة تحت مظلة كونها شريكة لها‪ ،‬فتقدم لها خدماتها‪ ،‬وتسوق‬
‫الناتج نيابة عنها عبر بورصة الذهب‪ ،‬فتنصف الشركات والمعدنيين األهليين في حقوقهم بالعملة الوطنية المعادلة لألسعار‬
‫العالمية السائدة وقت البيع بسعر صرف مجزي وعادل ومرضي عنه من الشركاء الثالثة‪ .‬وبهذه الشراكة سينتقل الشركاء‬
‫الثالثة‪ ،‬الدولة‪ ،‬التعدين األهلي‪ ،‬وشركات اإلنتاج الصغيرة‪ ،‬في وضع يحقق ويضمن لها مصالحها وعائداتها بمعدالت أكبر‬
‫مما كانت متحققة قبل تأسيس الشراكة بين األطراف الثالثة‪ .‬وتصب بفضل هذه الشراكة في الخزينة العامة عائدات ال تقل‬
‫في حدها األدنى عن ‪ 80‬إلى ‪ 126‬طن من صادر الذهب سنويا ً محصنة بدور الدولة دون أن تطالها أيدي المهربيين‪.‬‬

‫‪ -3‬الشرط الثالث لتحقيق أن يكون الذهب المصدر الوطني األول للمكون األجنبي في إيرادات الموازنة العامة هو تعظيم دور‬
‫الدولة في إنتاج الذهب وبقية المعادن بأفق إستراتيجي‪:‬‬
‫إعادة تأهيل وإدخال شركة أرياب المتوقفة عن العمل حاليا ً لتستأنف عملها من جديد في تعدين وإنتاج الذهب‪ ،‬ثم النحاس على‬
‫مرحلتين‪:‬‬
‫➢ في المرحلة األولي (مشروع المخلفات أو الكرتة)‪:10‬‬
‫إن كتلة المخلفات (الكرتة) الموجودة حاليا ً في شركة أرياب مقدارها ‪ 12‬مليون طن‪ ،‬تحتوي عند معالجتها نحو ‪ 15‬طن من‬
‫الذهب‪ ،‬و‪ 90‬طن من الفضة بما قيمته نقدا ً حوالي ‪ 1.5‬مليار إلى ‪ 2‬مليار دوالر‪ .‬وتأهيل مصنع أرياب لهذه المرحلة األولى‬
‫يتطلب تمويالً حدده (بيت خبرة عالمية) بمبلغ ‪100‬مائة مليون يورو‪ ،‬منها ‪ 50‬مليون يورو لخط األنبوب الناقل للمياه بطول‬
‫‪ 170‬كيلو متر من النيل لموقع عمل الشركة‪ ،‬و‪ 50‬مليون إلقامة مصنع سعة ‪ 2‬مليون طن ومدة المشروع سبعة أعوام‬
‫وسيبدأ اإلنتاج خاللها من العام الثالث‪.‬‬

‫‪9‬جمهورية السودان ( وزارة الطاقة والتعدين)‪ ،‬لجنة تعظيم دور الذهب والمعادن األخرى في زيادة الناتج القومي اإلجمالي‪ ،‬مايو ‪2020‬م‪ ،‬توصيات اللجنة‪( :‬أوصت اللجنة‪:‬‬
‫أن التعامل بالزئبق دوره سلبي ويؤدي إلى تدمير البيئة وتدهور صحة اإلنسان‪ .‬عليه أوصت اللجنة بالوقف الفوري للتعامل بالزئبق تنفيذاً إلتفاقية مينا ماتا‪ ،‬واإلسراع في‬
‫المصادقة على اإلتفاقية‪ .‬وقد جاءت في التوصيات حلول إلستيعاب المعدن األهلي في شراكات تضمن له حقه في العمل في مجال التعدين‪ ،‬مع تعظيم الفائدة له وللدولة‪.‬‬
‫‪10‬جمهورية السودان (وزارة الطاقة والتعدين)‪ ،‬تقرير لجنة تعظيم دور الذهب والمعادن األخرى في زيادة الناتج القومي اإلجمالي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬مؤشرات زمنية للمشاريع‬
‫وكميات اإلنتاج‪ ،‬ورأس المال المطلوب للمشاريع‪.‬‬

‫كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة ‪ 05‬إبريل ‪2022‬م‬
‫‪Page 15 of 54‬‬
‫➢ المرحلة الثانية (مشروع النحاس)‪:‬‬
‫تتمثل في تأهيل الشركة للعمل بطاقة أكبر إلستخراج إحتياطي مؤكد ‪ 1.2‬مليون ألف طن نحاس‪ 200 ،‬ألف طن زنك‪100 ،‬‬
‫ألف طن فضة‪ ،‬و‪ 70‬طن ذهب‪ .‬ويتطلب المشروع الذي سيستغرق ‪ 12‬عاما ً وسيبدأ اإلنتاج من العام الثالث‪ ،‬تمويالً جملته‬
‫‪ 481‬مليون يورو‪ ،‬منها ‪ 286‬مليون لمصنع سعة ‪ 2.5‬طن‪ ،‬و‪ 195‬مليون يورو في السنة الثالثة لرفع السعة إلي ‪ 5‬طن من‬
‫الذهب‪ ،‬إلنتاج ‪70‬سبعون طن أي ما قيمته السوقية نحو ‪ 3‬مليار دوالر‪ .‬والشروع في إنتاج النحاس الذي يبلغ إحتياطيه‬
‫المؤكد ‪ 1.2‬مليون طن‪ ،‬وهو إستثمار كفيل بأن يضع السودان في مقدمة الدول المنتجة للنحاس بكميات تجارية كبيرة في‬
‫العالم‪ .‬فشركة أرياب في مستقبلها سترتبط بإنتاجها لمعدن النحاس بأكثر من إرتباطها بإنتاج معدن الذهب‪.‬‬
‫➢ المرحلة الثالثة تطوير دور شركتي سودامين والهيئة العامة لألبحاث الجيولوجية في اإلنتاج‪:‬‬
‫‪ -4‬التوصيات‪:‬‬

‫‪ 1-4‬تكليف بنك السودان‪ ،‬بقرار من السيد رئيس الوزراء لحكومة الثورة القادمة بوضع خطة تؤهلها للشروع فوراً‪ ،‬بالتعاون مع‬
‫وزارتي الطاقة والتعدين والمالية والتخطيط‪ ،‬لشراء الذهب وتصديره‪ ،‬وتوظيف عائداته في إستيراد السلع األساسية‪ ،‬التي‬
‫يعاني اإلقتصاد الوطني من فجوة فيها وهي الدقيق والقمح‪ ،‬والمحروقات‪ ،‬والدواء‪ ،‬ومدخالت األنتاج األساسية الزراعية‬
‫والصناعية‪ .‬والتنسيق مع كافة الجهات المختصة في وضع مصفوفة تحدد أولويات وحجم اإلستيراد‪.‬‬
‫‪ 2-4‬أن توصي اللجنة المشتركة بمصادقة السيد رئيس الوزراء بتكليف وزارة الطاقة والتعدين‪ ،‬قطاع التعدين‪ ،‬بوضع خطة‬
‫خارطة طريق لتأسيس الشركات العامة المساهمة في األستثمار في المعادن‪ ،‬وبخاصة الذهب في شراكة بين المنتجيين في‬
‫التعدين األهلي والشركات الصغيرة والدولة‪.‬‬
‫‪ 3-4‬أن تدرس وتجيز اللجنة المشتركة خطة وزارة الطاقة والتعدين‪ ،‬قطاع التعدين‪ ،‬المعدة لتأهيل شركة أرياب‪ ،‬وشركة سودامين‪،‬‬
‫والهيئة العامة لألبحاث الجيولوجية (في نطاق اإلنتاج)‪ ،‬ودراسات الجدوى المعدة لتنفيذ هذا الهدف‪.‬‬
‫‪ 4-4‬أن تجاز التوصيات الواردة عن الورقة حول الذهب وبقية المعادن من اللجنة المشتركة أوالً‪ ،‬وتتم المصادقة عليها من السيد‬
‫رئيس الوزراء وتحال قرارات السيد رئيس الوزراء للجهات المكلفة بالتنفيذ‪.‬‬
‫‪ 5-4‬أن ترفع تقارير دورية من كافة الجهات المكلفة بتنفيذ التوصيات‪ ،‬إلي الجنة المشتركة لتمكينها من متابعة تنفيذ قراراتها‪.‬‬
‫‪ 6-4‬تنتهي مهمة اللجنة المشتركة‪ ،‬في متابعة التوصيات الواردة ذكرها آنفا ً حول الذهب والمعادن بعد إكمال المرحلة الثالثة في‬
‫خطة تأهيل ثروة الذهب الواردة في الورقة‪.‬‬
‫‪ 7-4‬السعي لتأسيس جمعيات تعاونية انتاجية للمعدنين االهليين تجمعهم بأعداد تمكن من تكوين مراكز انتاجية ذات حجم معقول‬
‫مما يساهم في حفظ حقوقهم ويضمن عدم استغاللهم من قبل الممولين والتجار‪ ،‬ويساعد ايضا علي توفير التمويل ورفع‬
‫االنتاجية وادخال االساليب الحديثة في التنقيب واالنتاج وتقليل الهدر ويعزز قدرة الدولة في الرقابة والحفاظ علي البيئة‬
‫وضمان تحصيل العوائد الجليلة وضريبة ارباح االعمال‪.‬‬
‫‪ 8-4‬اعتماد النموذج المستخدم في اتفاقيات البترول (قسمة االنتاج ‪ ) Production Sharing‬في الترخيصات الممنوحة للشركات‬
‫للتنقيب عن المعادن وانتاجها‪ ،‬وهذا يؤدي الي استحواذ الدولة علي نصيب عادل من عائد استغالل هذه الثروة الناضبة ويكون‬
‫هذا المتحصل في شكل عيني (اي ذهب) وفي حال االنتاج دون االنتظار آلخر العام لتحصيل ضرائب ارباح االعمال‪ ،‬وترفع‬
‫هذه االتفاقيات من درجة الرقابة الحكومية ويحاصر تهريب الذهب والتهرب من الضرائب وتساعد علي الحفاظ علي البيئة‪.‬‬
‫‪ 9-4‬ويمكن اعتماد هذا النموذج في التنقيب وانتاج المعادن األخرى مع مالحظة ارتفاع الطلب علي النحاس وبالتالي توقع ارتفاع‬
‫اسعاره‪.‬‬
‫‪ 10-4‬اقترح اعداد خطة قومية للطاقة تشمل بجانب البترول والطاقة الكهربائية الطاقات الجديدة والمتجددة مثل الطاقة الشمسية‬
‫وطاقة الرياح ‪ ،‬واستخدام مخلفات الزراعة والصناعة مثل سيقان القطن وقشر الفول السوداني والبقاس لتصنيع مكعبات‬
‫الوقود لالستخدام المنزلي‪.‬‬
‫‪ 11-4‬أما فيما يتعلق بالبترول فتقترح الوثيقة ما يلي‪:‬‬
‫➢ بعد تشغيل مصفاة الخرطوم بجانب مصفاة االبيض وتغذيتهما من الخام المنتج محليا تمت تغطية احتياجات االستهالك المحلي‬
‫من المواد البترولية وتصدير فائض االنتاج من الغاز والبنزين والفيرنس مما يعني مركز امدادات بترولية داخلي‪.‬‬
‫➢ بعد انفصال الجنوب وذهاب اغلب الحقول المنتجة وبالتالي انخفاض كبير في كميات الخام المنتج محليا وفي نفس الوقت‬
‫ارتفاع معدالت االستهالك اصبح هنالك عجز في مقابلة هذا االستهالك مما ادي الي اللجوء الستيراد المواد البترولية مما‬
‫يعني مركز امداد خارجي‪.‬‬

‫كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة ‪ 05‬إبريل ‪2022‬م‬
‫‪Page 16 of 54‬‬
‫وادي هذا الزدياد االحتياجات للعمالت االجنبية لمقابلة تكلفة االستيراد كما ادي الي ازدياد الضغط علي البنية التحتية مثل‬ ‫➢‬
‫اكتظاظ الميناء (وفق بيانات وزارة الطاقة في حال توفر العمالت االجنبية يتم استيراد ‪ 6‬شحنات جازاويل و‪ 6‬شحنات غاز‬
‫وشحنتين بنزين وشحنتين فيرنس شهريًا)‪.‬‬
‫ومع تدهور السكة الحديد صار االعتماد علي النقل البري لنقل المواد البترولية من الميناء الي داخل البالد بمعدل يصل الي‬ ‫➢‬
‫‪ 8,350‬طن يوميا وهذا يحتاج لحوالي ‪ 1,500‬ناقلة تعمل علي مدار الساعة هذا بجانب الناقالت التي تنقل االحتياجات‬
‫األخري (‪ )dry cargo‬مما يؤد ي لتدهور الطرق القومية وارتفاع حاجتها للصيانة ذات التكلفة العالية هذا الي جانب‬
‫االستهالك العالي من المواد البترولية لسد حاجة هذه الناقالت‪.‬‬
‫لهذا البد من االنتقال لمركز امداد داخلي وهذا لن يتم اال بزيادة انتاج الخام المحلي (بتكلفة تبلغ حوالي ‪ 100‬مليون دوالر‬ ‫➢‬
‫حسب دراسة د سبنا امام) لتوفير الخام بحيث تعمل المصفاتان بطاقاتهما القصوى لتغطية االستهالك‪.‬‬
‫الي حين انجاز هذا الهدف نقترح (بحسب دراسة حسن الزبير الطاهر‪ -‬مؤسسة البترول) اعتماد احد خيارين‪:‬‬ ‫➢‬

‫الخيار االول‬

‫‪ -‬شراء الخام من دولة جنوب السودان لمقابلة احتياجات المصفاتين ويمكن ان يتم هذا من خالل بروتوكول تجاري بين الدولتين‬
‫يتضمن تكلفة نقل خام دولة الجنوب وحق المرور في البالد وتصدير فائض المواد البترولية للجنوب باستخدام النقل النهري‬
‫مما يجعلها اقل تكلفة من المواد البترولية التي تستوردها من كينيا باستخدام النقل البري ‪ ،‬سيؤدي هذا الخيار للمكاسب التالية‪:‬‬

‫‪ -1‬سيطرة الدولة علي مجمل دائرة االنتاج والنقل وتوفير احتياجات النقد االجنبي (مقرونة بمقترحات سيطرة الدولة علي عائدات‬
‫التصدير) مما يقلل االعتماد علي السوق الموازي التي يلجأ لها القطاع الخاص لتمويل استيراد المواد البترولية‬
‫‪ -2‬تشغيل المصافي بالطاقات القصوى مما يعني عائد اعلي لالستثمار وتقليل تكلفة التكرير (‪.)cost/unit‬‬
‫‪ -3‬تقليل الضغط علي الميناء مما بؤدي الختفاء غرامات التأخير (‪.)demurrage‬‬
‫‪ -4‬تقليل حركة النقل البري بين الميناء وداخل البالد ويؤدي الي تقليل تكلفة صيانة الطرق القومية وتوفير الوقود المستخدم في‬
‫النقل البري‪.‬‬
‫‪ -5‬تشغيل مستودعات وناقالت النقل النهري‪.‬‬

‫الخيار الثاني‬

‫‪ -1‬وجود البنية التحتية لتشغيل خط انابيب صادر الخام في االتجاه العكسي ليصبح خط وارد مع وجود الميناء العائم ( ‪single‬‬
‫‪ )bouy mourning‬والذي يمكنه ان يستقبل شاحنات خام تصل الي ‪ 150,00‬طن ومستودعات الخام في بورتسودان بسعة‬
‫‪ 2,000,000‬طن ‪ ،‬لهذا يمكن استيراد الخام االقل تكلفة من المنتجات البترولية ‪ ،‬وايضا عن طريق البروتوكوالت التجارية‬
‫مع الدول المنتجة مثل السعودية والعراق كما كان في السابق‪.‬‬
‫‪ -2‬هذا الخيار سيؤدي الي انخفاض االحتياج للنقد االجنبي والتشغيل بالطاقات القصوى للمصفاتين وتقليل االعتماد علي النقل‬
‫البري واثاره االيجابية واالعتماد علي بنية تحتية موجودة‪.‬‬

‫كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة ‪ 05‬إبريل ‪2022‬م‬
‫‪Page 17 of 54‬‬
‫الملف رقم (‪)2‬‬
‫عائدات صادر السلع الزراعية النباتية والحيوانية المصدر الوطني الثاني لتدفقات النقد األجنبي في إيرادات الموازنة العامة‬
‫إن تحقيق حيازة اإلقتصاد الوطني في الخزينة العامة للدولة‪ ،‬على عائدات سلع الصادر الزراعي‪ ،‬النباتي والحيواني األساسية‬
‫ممثلة في الزيوت النباتية‪ ،‬الصمغ العربي‪ ،‬القطن‪ ،‬والماشية واللحوم‪ .‬يتطلب توافر (ثالث مرتكزات) هي‪:‬‬
‫أوالً ‪ :‬الركيزة األولى وتتمثل في‪:‬‬
‫إستعادة الدولة لملكية أربع شركات مساهمة عامة كانت الدولة عبرها تنوب عن القطاع الخاص في تصدير السلع الزراعية النقدية‬
‫األربعة األساسية‪ ،‬إذ كانت الدولة تحتكر تسويق ناتج هذه السلع األربعة بموجب إمتياز ممنوح لها من الدولة‪ ،‬وتحوز على كل‬
‫عائدات صادرها من النقد األجنبي‪ .‬وقد ظلت الدولة طوال تاريخ هذه الشركات‪ ،‬تنصف شركائها من القطاع الخاص المساهمين‬
‫فيها في نيل حقوقهم من عائدات الصادر بالنقود الوطنية‪ ،‬وتشركهم في إدارتها ورسم سياساتها والتصرف في أرباحها عبر عقد‬
‫الجمعيات العمومية المنتظمة للمساهمين‪ ،‬إلى أن تم إلغاء اإلمتيازات التي كانت تتمتع بها ونالتها سياسة الخصخصة واإلهمال‬
‫والتمكين والفساد فظلم المساهمون فيها من القطاع الخاص‪ ،‬بينما فقدت الدولة موردا ً مهما ً من مصادر النقد األجنبي في اإلقتصاد‬
‫الوطني‪ .‬وهذه الشركات العامة هي (الشركة السودانية العامة للحبوب الزيتية)‪( ،‬المؤسسة العامة لألقطان)‪( ،‬الشركة العامة لتجارة‬
‫الصمغ العربي)‪( ،‬الشركة العامة لتجارة الماشية واللحوم)‪.‬‬
‫إن عادة تأسيس وتأهيل هذه الشركات‪ ،‬سيحقق ردأ ً للمظالم التي حاقت بآالف المساهمين فيها من مالكها من القطاع الخاص‪ .‬فعلى‬
‫سبيل المثال‪ ،‬كانت الشركة العامة للحبوب الزيتية التي تأسست عام ‪1974‬م‪ ،‬في عهد نظام نميري‪ ،‬يساهم فيها ‪ 3500‬من‬
‫المواطنيين والشركات الخاصة‪ ،‬يمتلكون ‪ %48‬من أسهم الشركة بينما تمتلك الحكومة ‪ %52‬من األسهم‪ ،‬وبعد أن قرر مجلس‬
‫وزراء نظام اإلنقاذ تمليك الشركة لمنظمة الشهيد دون إخطار المساهمين‪ ،‬فقد المساهمون حقوقهم في األسهم وفي أرباحهم‪ ،‬ولم‬
‫يعلموا أين ذهبت أصول الشركة التي تساوي مليارات الدوالرات داخل وخارج السودان من قشارات ومخازن بمواصفات عالمية‬
‫ومراسي في الموانئ العالمية‪ .‬والمهم أن عودة هذه الشركة ممكنة بالتعاون بين الدولة ممثلة في وزارتي الصناعة والتجارة‪،‬‬
‫والمساهمين فيها سابقا ً‪ ،‬وشعبة المصدرين لهذه السلع حاليا ً‪ ،‬والمنتجين‪ .‬وعلى نفس السياق يمكن أعادة الشركات الثالثة األخري‬
‫لصادر القطن‪ ،‬والصمغ العربي‪ ،‬وتجارة الماشية‪ ،‬واللحوم‪ .‬وقد تحتاج سلع الحبوب الزيتية إلى مزيد من الجهد في إكثار البذور‬
‫لتجويد التقاوي‪ ،‬ومكافحة اآلفات التي توطنت وتدنت كثيرا ً معها جودة الناتج السوداني من الحبوب الزيتية وخاصة الفول‬
‫السوداني‪ ،‬ففقدت بعض هذه السلع سمعتها في أسواقها العالمية التقليدية‪ .‬ولكن الفرصة لتجاوز هذه المعوقات لم تضيع كما أن‬
‫القيمة المضافة‪ ،‬نقاوة‪ ،‬تقشير‪ ،‬فرز‪ ،‬تصنيع مواتية أيضا ً‪ .‬وما حاق بشركة السودان للحبوب الزيتية‪ ،‬يعد مثاالً لبقية الشركات‬
‫الثالثة في سلع القطن‪ ،11‬والصمغ العربي‪ ،12‬والماشية واللحوم‪ ،13‬التي تعرضت هي األخرى كذلك لظلم العاملين والمساهمين‬
‫فيها‪ ،‬حتى تدهورت وانعدم إسهامها في عائدات صادر البالد من النقد األجنبي‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬الركيزة الثانية وتتمثل في‪:‬‬
‫تأسيس بورصة عامة‪ ،‬تشكل المؤسسة المهيمنة على عرض سلع الصادر من السلع السودانية كافة‪ ،‬فضال عن السلع الزراعية‬
‫األربعة األساسية آنفة الذكر‪ ،‬إلى جانب سلع الصادر األخرى عدا سلعة الذهب وبقية المعادن التي ستكون لها بورصة خاصة بها‪.‬‬
‫وتكون هذه البورصة نافذة للعرض ومرجعية لتحديد األسعار والتعامل نيابة عن مؤسسات االقتصاد الوطني العامة‪ ،‬مع كل‬
‫المستوردين لسلع السودان المصدرة‪ ،‬بصيغ تضمن عودة عائداتها من النقد األجنبي للخزينة العامة‪ ،‬وتضمن في الوقت نفسه‬

‫‪ 11‬القطن‪ :‬سلعة كانت تدر في عقد الستينات من القرن الماضي (‪ % 60‬من مجمل عوائد النقد األجنبي) ويتركز إنتاجه في مشروع الجزيرة‪ ،‬ثم مؤسسة حلفا الجديدة الزراعية‪،‬‬
‫ولكن إنتاج هذه السلعة يتصف حاليا بالتراجع الكبير في اإلنتاج واإلنتاجية مما يتطلب تأهيل المشاريع المروية وتعديل السياسة الزراعية لدعم المنتجين بتمويل مراحل‬
‫العمليات الزراعية ومدخالت اإلنتاج وتأهيل تعاونياتهم الزراعية‪.‬‬
‫‪ 12‬ينتج السودان (‪ )%80‬من إنتاج العالم من الصمغ العربي من نحو (‪ 30‬ثالثين نوعا من األشجار الغابية‪ ،‬أشهرها الهشاب ثم الطلح ثم السنط)‪ .‬وتنتشر هذه األشجار في‬
‫مساحة ‪ 0,5‬مليون كيلومتر مربع من حدود السودان مع إثيوبيا شرقا ً إلى حدود السودان مع تشاد غرباً‪ ،‬ويشمل اإلنتاج حاليا ً ‪ %10‬من الطاقة الشجرية إلنتاج ‪ 100‬إلى‬
‫‪ 110‬طن متري سنويا عوائدها بين ‪ 120‬إلى ‪ 150‬مليون دوالر عن ‪ %60‬من اإلنتاج الكلي‪ .‬بينما يذهب ‪ %40‬من اإلنتاج الكلي إلى نطاق التهريب وسكان المنطقة نحو‬
‫(‪ 6‬مليون نسمة)‪ ،‬ولكن القوة العاملة من كبار السن حيث إن الشباب عازف عن مرحلتي اإلنتاج (الطق‪ ،‬والحصاد) ‪ .‬لذلك إذا ما تم تطوير وسائل اإلنتاج وتعدلت دخول‬
‫المنتجين‪ ،‬توجد قابلية تطوير حجم الناتج الكلي إلى ما بين (‪ 500‬غلى ‪ 750‬ألف طن متري)‪ ،‬فضالً عن أن تصنيع هذه السلعة في حدود ال تؤثر سلبا ً على الطلب العالمي‬
‫يمكن أن يتيح قيمة مضافة تعظم عائدات صادر هذه السلعة‪.‬‬
‫‪ 13‬يتراوح تقديرات عدد الماشية في السودان‪ ،‬في غياب اإلحصاء الشامل منذ ‪1976‬م‪ ،‬نحو (‪ 110‬مليون رأس) من الضأن والبقر والجمال والماعز‪ ،‬متوسط ما يصدر منها‬
‫بين ‪ 6‬ستة‪ ،‬و‪ 7‬سبعة مليون رأس‪ %85 .‬من الضأن نحو ‪ 5,5‬مليون رأس يصدر سنويا ً للسوق السعودية‪ ،‬بينما تشكل مصر السوق األساسية للصادر من الجمال نحو‪250‬‬
‫ألف من الجمال سنويا ً‪ ،‬ويبلغ متوسط صادر الماعز سنويا نحو ‪ ،450‬والبقر نحو ‪ 500‬ألف رأس‪ .‬وإلى جانب السعودية تشكل دول مصر‪ ،‬اإلمارات‪ ،‬عمان‪ ،‬وقطر أسواقا ً‬
‫تقليدية لصادر الثروة الحيوانية السودانية‪ .‬وفي عام ‪2018‬م كانت عائدات صادر الماشية ‪ 765‬مليون دوالر وعائدات صادر اللحوم ‪ 66‬مليون دوالر‪ .‬والمهم ضمان عودة‬
‫عائدات الصادر‪ ،‬وإيقاف التهريب‪ ،‬واإلهتمام بالقيمة المضافة‪ ،‬وتطوير صادر الجلود والمصنوعات الجلدية‪.‬‬

‫كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة ‪ 05‬إبريل ‪2022‬م‬
‫‪Page 18 of 54‬‬
‫حقوق المنتجيين وكل المساهمين في الشركات من القطاع الخاص‪ ،‬بالعملة الوطنية المكافئة لألسعار العالمية الجارية لسلعهم‬
‫بأسعار صرف مجزية وعادلة ومقبولة من كل أطراف الشراكة‪.‬‬
‫انشاء بورصة خاصة لقطاع الثروة الحيوانية والماشية واللحوم منفصلة عن بقية السلع ذات الطابع الزراعي لخصوصية واقع‬
‫القطاع واختالف سياقاته وتنوع مصادره وتباين واقع أسواقه ونطاقات اإلنتاج الخاصة به‪.‬‬
‫ثالثا ً‪ :‬الركيزة الثالثة وتتمثل في‪:‬‬
‫‪ -1‬إعادة تأسيس البنك القومي لإلستيراد والتصدير ليكون معنيا بمسك حسابات إعتمادات التصدير وعوائد الصادر‪.‬‬
‫‪ -2‬إعادة تأسيس بنك التنمية التعاوني لتقديم السلف والمعينات التي يتطلبها دعم اإلنتاج واإلنتاجية لهذه السلع‪.‬‬
‫رابعاً‪ :‬بقية التوصيات وتتمثل في‪:‬‬
‫‪ -1‬بعد رفع التوصية الواردة في هذه الورقة‪ ،‬حول صادر السلع الزراعية‪ ،‬إلى السيد رئيس وزراء حكومة الثورة القادمة‪ ،‬وقراره‬
‫بالمصادقة على التوصية‪ ،‬أن تقوم وزارة التجارة بالشروع فورا ً في إعادة تأسيس ‪ 4‬أربعة شركات مساهمة عامة‪ ،‬تكون‬
‫مسؤولة عن إدارة تجارة السلع الزراعية األساسية النباتية والحيوانية المنتجة للحبوب الزيتية‪ ،‬القطن‪ ،‬الصمغ العربي‪ ،‬والماشية‬
‫واللحوم وتعيد لها نفس األمتيازات التي كانت ممنوحة لها‪ ،‬والعمل علي إعادة هيكلتها‪ ،‬وفتح خطوط ائتمان لها من البنوك‬
‫الوطنية لتمويل رؤوس أموالها العاملة ولتتمكن من إعادة تأهيل أصولها وتمارس نشاطها‪.‬‬
‫‪ -2‬أن تتابع وزارة التجارة بعد تأسيس هذه الشركات حصر ممتلكاتها وأصولها قبل الخصخصة أو التصفية وإستردادها‪.‬‬
‫‪ -3‬أن تعطى األولوية للمساهمة في هذه الشركات للراغبين المتقدمين من القطاع الخاص للمساهمين السابقين وورثتهم‪ .‬على أن‬
‫تكون هذه الرعاية بمثابة رد المظالم التي لحقت بهم وبحقوقهم‪ .‬باإلضافة إلي إعطاء األولوية أيضا لدخول الجمعيات التعاونية‬
‫اإلنتاجية لتعزيز ودعم القطاع التعاوني المنتج‪.‬‬
‫‪ -4‬أن تقوم وزارة التجارة عبر هذه الشركات برعاية تطوير المنتج من السلع األربعة بالتنسيق مع وزارتي الزراعة والثروة‬
‫الحيوانية وبنك التنمية التعاوني‪.‬‬
‫‪ -5‬إعادة مسؤولية االشراف على هيئة المواصفات والمقاييس إلى وزارة التجارة لتكون الوزارة جهة مركزية مسؤولة عن جودة‬
‫صادر السلع‪ ،‬وعلى نحو خاص صادر السلع الزراعية‪.‬‬
‫‪ -6‬إشراف وزارة التجارة على صادر السلع األربعة عبر الشركات المختصة وبورصة السلع والبنك القومي للتصدير واإلستيراد‪.‬‬
‫‪ -7‬أن تقدم وزارة التجارة تقريرا شهريا ولمدة ‪ 6‬أشهر بسير العمل التنفيذي ونتائجه عبر مجلس الوزراء إلى اللجنة المشرفة‪.‬‬
‫‪ -8‬أن تعمل وزارة التجارة على توفير متطلبات تأسيس (شركة عامة مساهمة لتجارة الخضر والفواكه)‪ ،‬لتؤسس الحقا ً بعد‬
‫إستكمال تأسيس الشركات األربعة آنفة الذكر‪.‬‬
‫‪ -9‬إتاحة الفرصة لشركات المساهمة العامة علي المدي المتوسط والطويل لتوظيف جزء من عائداتها في تطوير أنشطتها عبر‬
‫انشاء بعض الصناعات التحويلية المتعلقة بالسلع التي تعمل فيها تتبع ألدارتها المباشرة وفقا ً للموارد واإلمكانيات المتاحة لها‬
‫بعد المشاورات والتنسيق مع بقية المساهمين لتعزيز قطاع الصناعات التحويلية من خالل خطوط اإلنتاج الكبري وعدم حصر‬
‫شركات المساهمة العامة في قطاعات التجارة والتصدير فقط‪ .‬وإذا تجاوزت المشاريع التوسعية حدود إمكانيات عائدات‬
‫نشاطها الرئيسي يمكنها تمويل هذه المشاريع بزيادة رأس المال وطرح أسهم جديدة لالكتتاب لنفس الفئات المذكورة ولعامة‬
‫أفراد الشعب‪.‬‬

‫كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة ‪ 05‬إبريل ‪2022‬م‬
‫‪Page 19 of 54‬‬
‫الملف رقم (‪)3‬‬
‫إستقطاب فوائض مدخرات وتحويالت السودانيين العاملين في خارج السودان للخزينة العامة‪ ،‬المصدر الوطني الثالث في‬
‫مصادر تدفقات النقد األجنبي في إيرادات الموازنة العامة‬
‫يمكن إعتماد تحويالت السودانيين العاملين في الخارج (المغتربين)‪ ،‬المصدر الوطني الثالث لسد الفجوة في الموازنة العامة‪ .‬ولكن‬
‫بعد أن تقدم الدولة من الحوافز ما تكفي لجعل النوافذ الرسمية‪ ،‬مؤهلة أكثر من تجار السوق الموازي‪ ،‬في إستقطاب فوائض‬
‫ومدخرات المغتربيين المحولة للسودان‪ .‬فعلى الرغم من عدم توافر إحصاءآت دقيقة لعدد السودانين في مهاجرهم وتصنيفهم مهنيا ً‬
‫وتحديد مستوى دخولهم وفوائضهم النقدية القابلة للتحويل إلى السودان من عمالت صعبة‪ .‬إال أنه من المعقول أن يقدر عددهم بين‬
‫‪ 6‬ستة إلي ‪ 9‬تسعة ماليين‪ .‬وكذلك من الواضح جليا ً لكل مراقب متتبع أن ما يربو على (‪ )%95‬من مدخراتهم التي تصل في‬
‫المتوسط لما بين ‪ 5‬خمسة إلى ‪ 6‬ستة مليار دوالر يستولي عليها خارج السودان أثرياء نظام اإلنقاذ وغيرهم من تجار العملة‬
‫المكتنزيين للعملة الوطنية داخل السودان‪ ،‬دون أن أن تجردهم الحكومة االنتقالية من هذه األموال بتغيير العملة ومحاصرتهم وشل‬
‫نشاطهم بالقانون‪ .‬لذلك ظلوا يقدمون للمغتربيين نوافذ أعلى سعراً وأكفأ إدارة مقارنة بالقنوات الرسمية‪ ،‬األمر الذي مكنهم من‬
‫غسيل جزء كبير من أموالهم المكتنزة داخل السودان بالعملة المحلية‪ ،‬عبرتخزينها في أصول من األموال بالعمالت األجنبية خارج‬
‫السودان بالمضاربة في تحويالت المغتربيين‪ .‬وما ينطبق على مدخرات المغتربيين من هيمنة تجار العملة عليها‪ ،‬ينطبق كما جاء‬
‫آنفا ً‪ ،‬على ‪ %77‬من اإلنتاج الكلي من الذهب‪ ،‬وعلى الجزء األكبر من عائدات النقد األجنبي من سلع الصادر الزراعي‪.‬‬
‫ويتضح مما تقدم أنه بعد توافر عوامل بعينها‪ ،‬يمكن أن يرفد المغتربون الخزينة العامة بعدة مليارات قد ال تقل عن ‪ 3‬خمسة مليار‬
‫دوالر من النقد األجنبي من تحويالتهم إلى داخل السودان عبر القنوات الرسمية‪ ،‬ومن هذه العوامل ما يلي‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬أن تجفف السلطات الحكومية أموال المضاربيين‪ ،‬الذين يقطعون الطريق على توجه فوائض المغتربيين إلى داخل السودان‬
‫عبر القنوات الرسمية‪ ،‬وذلك عبر تبديل العملة والسيطرة على الكتلة النقدية‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬أن تقدم الدولة للمغتربيين حوافز تشعرهم بالحرص عليهم كثروة قومية تكابد في الغربة‪ ،‬وتسهم في بناء مقدرات إقتصاد‬
‫الوطن‪ ،‬فضالً عن دورهم في تأمين مستقبل أسرهم‪ ،‬وإعانة ذويهم‪ ،‬وتخفيف أعباء المعيشة عنهم في أحلك الظروف‪ .‬ولما تقدم‬
‫يستحق المغتربون أن يجدوا في الوطن خدمات تشكل حوافز داعمة لهم ومكملة لمجهودهم المبذول لتحقيق أهدافهم من اإلغتراب‬
‫والهجرة‪ .‬وهذه الحوافز يمكن أن تكون منها ما يلي‪:‬‬
‫أن يتم إعفاء المغتربيين من ضريبة الدخل والزكاة لمدة عامين قابلة للتمديد‪ ،‬على أن يستعاض عنهما بتحصيل مبلغ مرتب‬ ‫‪.1‬‬
‫شهر واحد بعملة حرة من كل منهم يحوله بالقنوات الرسمية للسودان ويشتريها منهم البنك المركزي بسعر صرف مجزي‪.‬‬
‫أن يسمح للمغترب ممارسة تجارة حاوية مع إعفاء السلع من الضريبة الجمركية مقابل رسم جمركي ‪ 500‬دوالر لكل حاوية‬ ‫‪.2‬‬
‫‪ 20‬قدم‪ ،‬و‪ 1000‬دوالر لكل حاوية ‪ 40‬قدم تدفع بعملة حرة عبر القنوات الرسمية داخل أو خارج السودان‪ ،‬مع فتح إدخال‬
‫السلع المسموح إستيرادها على أوسع نطاق لترفع عن اإلقتصاد الوطني عبء تمويل إستيرادها‪ ،‬وتتحقق وفرتها‪ ،‬فتؤدي‬
‫الزيادة في عرضها إلى انخفاض أسعارها في السوق المحلي‪.‬‬
‫ً‬
‫أن يسمح للمغترب إدخال سيارة واحدة صالحة لخدمات النقل أو أية آلية بديلة للسودان كل عامين‪ ،‬فضال عن سيارة واحدة‬ ‫‪.3‬‬
‫عند العودة النهائية‪ .‬على أن يسدد ضريبتها الجمركية بعملة حرة‪ ،‬وأن يحدد أنواعها وقيمة ما عليها من ضريبة جمركية لكل‬
‫نوع وكل طراز سلطات الجمارك بصيغ واضحة تكون معلومة المغتربين‪.‬‬
‫الغاء تحصيل رسوم الجمارك عن كافة السلع التي يحملها المغتربصحبة راكب في موانئ الوصول‪ ،‬شريطة أن يحوز المغترب‬ ‫‪.4‬‬
‫على رخصة سنوية يتحصل بها على هذا اإلعفاء مقابل رسم يبلغ ‪ 100‬دوالراً يدفعها المغترب للخزينة العامة بعملة حرة‬
‫خالل ذلك العام‪.‬‬
‫حل جهاز السودانيين العاملين بالخارج المترهل الحالي وتوفير كافة المخصصات والتاليف المعتمدة له وتحويل جميع العاملين‬ ‫‪.5‬‬
‫به من األجهزة النظامية للعمل في الوحدات النظامية األخرى التابعة لوزارة الداخلية في مختلف أقاليم السودان‪ ،‬وتحويل‬
‫العاملين به من األجهزة المدنية األخرى في دواوين الخدمة المدنية األخرى في العاصمة واألقاليم‪ .‬وإلغاء تأشيرة الخروج‬
‫وتحويلها فقط في منافذ الخروج في المموانئ الجوية‪ ،‬والبحرية‪ ،‬والبرية‪ ،‬والنهرية‪ .‬وإعادة هيكلة وتطوير مهام القنصليات‬
‫خارج السودان في التواصل بالسلطات المختصة في البلدان المضيفة لتوفير شروط عمل أفضل وامتيازات في الخدمة للجاليات‬
‫السودانية كافة‪.‬‬
‫تأسيس مصرف للمغتربين يسهل تحويالتهم من مهاجرهم لذويهم ومعامالتهم ويعمل على استثمار وتنمية مدخراتهم‪.‬‬ ‫‪.6‬‬
‫اإلحتفاظ بحق أبناء المغتربين المجاني في الجامعات السودانية وعدم التمييز بينهم وبين الدارسين بداخل السودان في أي مجال‬ ‫‪.7‬‬
‫من مجاالت التعليم الجامعي‪.‬‬

‫كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة ‪ 05‬إبريل ‪2022‬م‬
‫‪Page 20 of 54‬‬
‫ثالثاً‪ :‬أن تعتمد الدولة عبر حكومة الثورة في العالقة مع السودانيين العاملين بالخارج صيغ وآليات تسهم في إسترداد ثقتهم التي‬
‫فقدوها من تجارب تحويلهم لمدخراتهم عبر القنوات الرسمية في عهد نظام اإلنقاذ ومن أمثلتها ما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬تجربة شهادات اإلستثمار الجماعي بالعمالت األجنبية شموخ و(نور)‪:‬‬
‫في المدة من ‪2009/4/9‬م إلى ‪2010/4/9‬م عرضت الحكومة السودانية عبر وزارة المالية وبنك السودان تجربة شراء‬
‫(شهادات اإلستثمار الحكومية شموخ)‪ ،‬على أن تمول عائدات هذه الشهادة سلع إستراتيجية وتحقق عوائد مجزية‪ .‬إال أن بنك‬
‫السودان بعد مرور عام على ‪100‬مائة مليون دوالر أودعها ‪ 6,170‬مساهم من المغتربين دون توزيع أي قدر من األرباح‪،‬‬
‫إعترف بنك السودان أن الحساب الذي أودعت فيه هذه األموال قد تعرض لإلهمال والنسيان‪ ،‬وبعد مجاهدات طويلة تمكن‬
‫المغتربون من إسترداد قيمة شهاداتهم تصفية للحساب‪ ،‬وانتزعوا من بنك السودان تسوية عن أرباحهم في وقت الحق‪ ،‬قدرت‬
‫كما قيل‪ ،‬شرعا ً بربح المثل بمقدار ‪ .%7‬وشرع بنك السودان في تجربة أخرى عام ‪2012‬م بإصدار شهادة اإلستثمار الحكومية‬
‫نور‪ .‬إال أن شهادة (نور) لم تجد من المغتربين إقباالً يذكر إذ بلغت نسبة الشهادات التي حازوها ‪ %2,6‬من الشهادات بمبلغ‬
‫‪ 160,000‬دوالر‪.‬‬
‫‪ -2‬كذلك كانت التجارب األخرى التي طرحت كحوافز إلستقطاب مدخراتهم كاألراضي السكنية ‪...‬إلخ‪ .‬غير مقنعة وقد أسهمت‬
‫نتائجها كثيرا ً في زعزعة الثقة في اآلليات والقنوات والحوافر الحكومية‪.‬‬
‫رابعاً‪ :‬أن يتم تشجيع السودانين على التضامن في تأسيس شركات مساهمة فيما بينهم‪ ،‬تتشارك مع الدولة المضيفة أو مع رجال‬
‫األعمال فيها‪ ،‬لممارسة التجارة البينية بين السودان والدولة المضيفة والسيما في دول مجلس التعاون الخليجي ومصر‪.‬‬
‫خامساً‪ :‬بقية التوصيات‪:‬‬
‫‪ -1‬أن ينظر في الصياغة النهائية لهذه التوصيات قبل رفعها للسيد رئيس وزراء الثورة القادم للمصادقة عليها‪ ،‬ممثلين عن‬
‫المغتربيين من روابطهم واتحاداتهم الشرعية المنتخبة منهم حسب أنظمتهم األساسية المعتمدة‪.‬‬
‫‪ -2‬أن تكلف قوى الثورة المؤمنة بهذا البرنامج من تراه من أعضائها للتواصل مع قروبات روابط وإتحادات المغتربين المعتمدة‬
‫والمنتخبة وفقا ألنظمتهم األساسية المعتمدة في مختلف المهاجر‪ ،‬لعرض هذه المقترحات عليهم والحوار حول مالءمتها وقابلية‬
‫تنفيذها‪ ،‬وتطويرها بما يحقق مصلحة المغتربين ويدفع بمدخراتهم لداخل السودان عبر القنوات الرسمية‪.‬‬
‫‪ -3‬بما أن السبب الرئيسي الذي يدفع المغتربين للتعامل مع السوق الموازي فالعالج الجذري يتمثل في معالجة األسباب التي تؤدي‬
‫لظهور السوق الموازي والمتمثلة في العجز في اإلحتياطيات النقدية من العمالت األجنبية نتيجة لعجز الميزان التجاري‪.‬‬
‫وبالتالي علي حكومة الثورة العمل علي تنفيذ ما جاء في الملف األول والثاني بالدرجة ألولي لتحقيق فائض في الميزان‬
‫التجاري وضمان اختفاء السوق الموازي وإنتفاء أسباب بقائه‪.‬‬
‫‪ -4‬منح تسهيالت ضريبية لشركات اإلنشاءات والمباني التي تستلم أقساطها الشهرية عبر منافذ بنك المغتربين والتي تقدم ما يثبت‬
‫أنها تنفذ مشروعات عقارية أو مساكن للمغتربين‪.‬‬
‫‪ -5‬منح تسهيالت وإعفاءات جمركية وضريبية عالية للجمعيات التعاونية المناطقية التي تجمع بين المغتربين وذويهم في القري‬
‫والمدن والحالل بضما ن تحويل المغتربين إلسهاماتهم فيها بالعمالت االجنبية‪ ،‬وتقديم نفس التسهيالت فيما يلي شركات‬
‫المساهمة التي تضم تجمعات المغتربين وتستهدف العمل في الداخل‪.‬‬

‫كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة ‪ 05‬إبريل ‪2022‬م‬
‫‪Page 21 of 54‬‬
‫الملف رقم (‪)4‬‬
‫مصادر أخرى متنوعة يمكن تجميع عائداتها من العمالت الحرة‪ ،‬القابلة للتحويل‪ ،‬وتعبئتها في تعظيم عائدات النقد األجنبي‬
‫ضمن إيرادات الموازنة العامة‬
‫أوالً‪ :‬توجد مصادر أخرى غير الذهب والمعادن‪ ،‬وسلع الصادر الزراعي‪ ،‬ومدخرات وتحويالت المغتربيين تحقق عوائد متفرقة‬
‫ال يستهان بها من النقد األجنبي‪ ،‬وهذه المصادر‪ ،‬تستقطب بمنتجاتها السلعية والخدمية‪ ،‬دخوال بالنقد األجنبي‪ ،‬جديرة باألخذ في‬
‫اإلعتبار عند وضع يد الدولة عليها‪ ،‬على أن تراعي وزارة المالية ضمان دخول هذه المداخيل كافة للخزينة العامة‪ ،‬وأن تراعي‬
‫الدولة تنمية هذه المرافق والمنشآت وتطوير دورها في رفد عائدات المالية العامة بالمزيد من النقد األاجنبي‪ ،‬بما يعزز إحتياطيات‬
‫بنك السودان منها‪ ،‬ويسهم في سد فجوة الموازنة العامة‪ ،‬كما يسهم في تمويل التنمية اإلقتصادية ومن أمثلتها‪:‬‬
‫‪ -1‬عائدات مرور نفط دولة جنوب السودان‪.‬‬
‫‪ -2‬عائدات صادر المشتقات النفطية واألثينول‪.‬‬
‫‪ -3‬عائدات صادر الجلود ومصنوعاتها‪.14‬‬
‫‪ -4‬عائدات مرافق السياحة‪.‬‬
‫‪ -5‬ومداخيل الهيئات الحكومية من أهمها هيئة الموانئ البحرية‪ ،‬والطيران المدني ‪.‬‬
‫‪15‬‬

‫‪ -6‬عائدات صادر منتجات الشركات الحكومية المدنية والعسكرية‪ .‬وحصر وإستعادة كافة اموالها المجنبة بالنقد األجنبي والوطني‪،‬‬
‫وتجريم التجنيب‪.‬‬
‫‪ -7‬اإلنفاق األجنبي من األفراد والمنظمات والهيئات والمستفيديين من خدمات الدراسة والعالج والسكن واإلقامة داخل السودان‬
‫بعد إحكام السيطرة على تحويلها للعملة المحلية عبر المنافذ الرسمية ‪ ...‬إلخ‪.‬‬
‫‪ -8‬عائدات رسوم تجديد جوازات السفر واألوراق الثبوتية لجاليات السودانيين المقيمة بالخارج‪.‬‬
‫‪ -9‬عائدات األصول المملوكة للدولة في خارج السودان‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬إن هذه القائمة ال ريب‪ ،‬في حاجة إلى التقصي الدقيق لمزيد من الحصر للهئيات والمؤسسات والمرافق والمنشآت التي تدخل‬
‫في نطاقها‪ .‬وهي في حاجة لسلطة الدولة التي تتيح المعرفة الكاملة بحجم عائداتها وضمان والية وزارة المالية عليها ويتم تضمينها‬
‫في الموازنة العامة ضمن بند اإليرادات وتساهم بدورها في المصروفات العامة ال سيما علي التنمية‪ .‬وال ريب أيضا ً أن المؤسسات‬
‫والهيئات التي تستقطب هذه العائدات‪ ،‬في حاجة ماسة إلى تمويالت بالعمالت الحرة لصيانة وتأهيل وتطوير البنية التحتية لمرافقها‬
‫ومنشآتها‪ .‬والدولة أيضا ً في حاجة ماسة إلى أن تضعها في مواضع التأهيل والتطوير المستمر‪ ،‬بما يجعل منتجاتها منافسة في‬
‫األسواق الخارجية‪ .‬لكن كل ذلك ال يمنع أن تكون كل عائدات البالد من العمالت القابلة للتحويل مرصودة مركزيا ً ومدققة وتحت‬
‫مظلة المراجعة العامة والرقابة المركزية ويتم الصرف منها ضمن الموازنة العامة وضمن الصالحيات المالية المعتمدة‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬التوصيات‪:‬‬
‫‪ .1‬أن يتم حصر الهيئات والمؤسسات المعنية مداخيلها بالعمالت القابلة للتحويل في هذه الورقة‪.‬‬
‫‪ .2‬أن يعطي السيد رئيس وزراء الثورة القادم لجنة خاصة مكلفة صالحية اإلتصال بهذه الهيئات والمؤسسات والتنسيق مع‬
‫الوزارات التي تتبع لها‪ ،‬وال سيما وزارتي الدفاع والداخلية‪ ،‬ووزارة العدل‪ ،‬المسجل العام للشركات‪ ،‬وزارة التجارة إدارة‬
‫الصادر‪ ،‬وديوان المراجعة العامة‪ ،‬وبنك السودان‪ ،‬والهئية العامة للضرائب والهيئة العامة للجمارك‪ .‬وذلك بهدف اإلطالع‬
‫على أألوضاع المالية والقانونية لهذه الهيئات والمؤسسات‪.‬‬
‫‪ .3‬أن يتم تدقيق سالمة أوضاع الهيئات والمؤسسات المعنية من حيث سجالتها التجارية ووفاءها بإلتزاماتها من الضرائب‬
‫والرسوم‪ ،‬وحقوق الدولة في أرباح أسهمها فيها ومعرفة أصولها وموازناتها وميزانياتها ونظمها المتبعة في مكافأة العاملين‪.‬‬
‫واإلهتمام بالتعرف على صادرها وعودة مداخيلها من العمالت الصعبة تحت إشراف بنك السودان‪.‬‬

‫‪ 14‬يتحقق أبسط القيمة المضافة للثروة الحيوانية بتطوير دباغة الجلود والصناعات الجلدية‪ ،‬وصناعة النعل الجلدي معروف في السودان منذ ‪ 5000‬سنة ق‪ .‬م في الحضارة‬
‫النوبية المروية‪ .‬ولقد بدأت الصناعة الحديثة للدباغة وصناعة األحذية العسكرية في السودان عام ‪1945‬م بمدبغة عثمان صالح في أمدرمان وبدأ التصدير ‪1947‬م‪ .‬ويوجد‬
‫في السودان حاليا ً ‪ 24‬مدبغة نحو‪ 21‬منها متعطلة‪ .‬ويتميز السودان بوجود جلود الثعابيين والحيوانات البرية والتماسيح وسمك القرش والنعام‪ ،‬إلى جانب جلود الماشية وتتميز‬
‫هذه الجلود باإلقبال والطلب عليها في السوق العالمية ألغ راض صناعة األحذية والحقائب والمالبس الجلدية وصناعات الزينة والتراث الشعبي‪ .‬وعلى الرغم من وجود‬
‫(‪ 190‬مائة وتسعون مسلخ كبير ومتوسط وصغير‪ ،‬و‪ 121‬ومائة وواحد وعشرون وكالة ومركز لتجميع الجلود‪ ،‬ومتوسط إنتاج سنوي يبلغ (‪ 35‬خمسة وثالثين مليون ذبيح)‪،‬‬
‫إال أن حدود الصادر نحو (‪ )%60‬والتصنيع الحرفي يستوعب (‪ )%26‬والفاقد لقلة خبرة السلخ (‪ .)%14‬إن الثروة الحيوانية يمكن أن تحقق بالقيمة المضافة عائدات صادر‬
‫إضافية تصل تقديراتها إلى (‪ 1,2‬مليار دوالر سنوياً)‪ ،‬إال أن متوسط عائدات صادر الجلود سنويا ً بين (‪ 30‬و‪ 40‬مليون دوالر) حالياً‪.‬‬
‫‪ 15‬تتميز هيئة الموانئ البحرية وكذلك الطيران المدني بتحقيق مداخيل بالنقد األجنبي داخل السودان وخارج السودان‪ ،‬وهي ال تقل عن المليار دوالر حاليا ً ال تدخل الموازنة‬
‫العامة وقابلة للزيادة أو المضاعفة‪ .‬فرسوم عبور األجواء ‪ 500‬مليون بالمراقبة بالنظام اليدوي وقابل للمصاعفة بالرصد األلكتروني‪.‬‬

‫كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة ‪ 05‬إبريل ‪2022‬م‬
‫‪Page 22 of 54‬‬
‫الملف رقم (‪)5‬‬
‫مشكلة السيطرة على حجم الكتلة النقدية في اإلقتصاد الوطني ودورها في حماية العائد من النقد األجنبي من تغول الذين‬
‫يقطعون طريق تدفقاتها للخزينة العامة وذلك عن طريق تبديل العملة‬
‫‪ -1‬رأت اللجنة اإلقتصادية لقحت من سبتمبر‪2019‬م‪ ،‬أن تبديل العملة الوطنية على نحو شامل مع توفير متطلبات نجاح التبديل‬
‫في تحقيق أهدافه‪ ،‬متطلب أساسي ال غني عنه في مواجهة أهم آثار األزمة النقدية التي تعصف باالقتصاد بشكل عام‪ ،‬وأنه‬
‫أيضا ً متطلب مهم في مواجهة فجوة الموازنة العامة بشقيها في النقد المحلي‪ ،‬والمكون األجنبي‪ .‬وفي تحقيق السيطرة على‬
‫الكتلة النقدية في النظام المصرفي‪ ،‬وتمويل المشاريع التنموية‪ ،‬والسيولة المتداولة‪ .‬وما حال دون تبديل العملة هو تأثير الطبقة‬
‫الطفيلية المتحكمة علي ما يزيد عن ‪ %82‬من االقتصاد ال سيما علي نسبة كبيرة من الكتلة النقدية خارج النظام المصرفي‬
‫البالغة ‪ %95‬من حجم الكتلة النقدية في البلد‪ .‬وفي بيان دواعي وأهمية وأهداف تبديل العملة وجدواه اإلقتصادية‪ ،‬وإمكانية‬
‫توفير متطلبات نجاحه من النواحي اإلجرائية التطبيقية‪ ،‬تورد لجنة الدراسات والبحوث في التحالف اإلقتصادي ما يأتي‪:‬‬
‫‪ 1-1‬الجدوى اإلقتصادية ودواعي وأهمية تبديل العملة‪:‬‬
‫أوال‪ :‬إن التضخم الكبير في حجم الكتلة النقدية في االقتصاد معضلة موروثة من نظام اإلنقاذ الذي ظل يفرط في اإلصدار النقدي‬
‫دون قيود إقتصادية أوتقاليد مصرفية‪ ،‬وإلى درجة أن حجم الكتلة النقدية خارج الجهاز المصرفي قد بلغت حدود ضخمة يصعب‬
‫معه إيجاد رقم دقيق موثوق به عن حجمها الكلي‪ .‬ونتج عن أهم آثار هذا التضخم الجامح‪ ،‬أنه قد تسبب في عجز النقود عن أداء‬
‫وظائفها‪ ،‬ال سيما وظيفتي‪ :‬اإلدخار واإلستثمار‪ .‬فضالً عن أن (‪ )%95‬من الكتلة النقدية مكتنزة خارج النظام المصرفي حسب‬
‫بيانات البنك المركزي ودائرة في فلك المضاربة في محور اإلقتصاد الخفي الذي يديره فئة محدودة من المتمكنيين في شراء‬
‫العمالت القابلة للتحويل‪ ،‬واألراضي والعقارات والسلع المستوردة المعمرة والتهريب‪ .‬واألخطر مما تقدم‪ ،‬أن هذه الطبقة المتحكمة‬
‫في االقتصاد توظف هذه األموال خارج القطاع المصرفي في اإلستيالء على معظم عائدات اإلقتصاد الوطني من العمالت الصعبة‪،‬‬
‫إذ يشترون بهذه األموال المكتنزة‪ ،‬ما بين ‪ %77‬و‪ %82‬من الذهب ويهربونه‪ .‬ويستولون في المهاجر‪ ،‬على ما يربو عن ‪%95‬‬
‫من مدخرات المغتربين‪ ،‬كما يتغولون على سلع الصادر الزراعي‪ ،‬النباتي والحيواني‪ ،‬ويجنبون قدراً مهما ً من عائداتها خارج‬
‫البالد‪ .‬كما يوظفون قدرا ً من هذه العائدات في إستيراد السلع الكمالية األكثر ربحية أو يجمعون بين تمويلهم للسلع الضرورية ورفع‬
‫أسعارها بإستمرار وبرفع سعر الصرف للجنيه السوداني مقابل العمالت الصعبة‪.‬‬
‫وهكذا نجد أن هذه األموال المكتنزة خارج القطاع المصرفي قد إستحوزت على معظم عائدات اإلقتصاد من العمالت الصعبة‪،‬‬
‫التي كان يجب أن تصب مصادرها األساسية في الخزينة العامة وعلي رأسها الذهب‪ ،‬والسلع الزراعية األربعة‪( ،‬الحبوب الزيتية‪،‬‬
‫الصمغ العربي‪ ،‬القطن‪ ،‬والماشية واللحوم)‪ ،‬بجانب فوائض المغتربيين‪ .‬كما احتفظوا بعائدات هذه المصادر من العمالت الحرة‪،‬‬
‫في أصول خارج البالد في شكل (أرصدة وودائع في المصارف‪ ،‬عقارات‪ ،‬أسهم وسندات‪ ،‬ومختلف اإلستثمارات خارج السودان)‪.‬‬
‫فضالً عن أن بعض أصحابها يتوجهون بقدر من هذه العائدات إلى تمويل تجارة اإلستيراد‪ ،‬وتمكنوا بذلك من السيطرة على التجارة‬
‫الداخلية التي تشكل السلع المستوردة فيها ما بين ‪ %85‬إلى ‪ %95‬من العرض السلعي الكلي‪ .‬وألن أوسع قطاعات الشعب هم من‬
‫ذوي الدخل المحدود‪ ،‬وفقراء أطراف المدن واألرياف والبوادي‪ ،‬في حاجة ماسة إلى أن ينفقوا كل دخولهم النقدية المتواضعة‪ ،‬في‬
‫اإلستهالك للسلع والخدمات إلشباع حاجاتهم الضرورية‪ ،‬وليست لديهم فرصة لإلدخار‪ ،‬أي أن إنفاقهم علي السلع والخدمات قد‬
‫أتاح فرصة المزيد من مراكمة الثروة والمال للطبقة الطفيلية المتحكمة في االقتصاد‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬في ظروف اإلنخفاض المتفاقم في القوة الشرائية للنقود‪ ،‬واإلرتفاع المتواصل في سعر الصرف والتصاعد المستمر في‬
‫التضخم‪ ،‬بدأ أصحاب الفوائض يفضلون اإلدخار في أصول أخرى غير النقود أو يوظفونها في المضاربة‪ ،‬بينما العامة من ذوي‬
‫الدخول المنخفضة‪ ،‬ينفقون مداخيلهم في االستهالك اليومي الضروري‪ .‬وال زال هذا الوضع الموروث ساريا ً بعد نحو أكثر من‬
‫ثالثة أعوام من عمر الحكومة اإلنتقالية التي انتهجت السياسة المالية التوسعية قبل انقالب ‪ 25‬أكتوبر ‪2022‬م‪ ،‬خاصة في موازنة‬
‫‪2020‬م بنسبة ‪ %200‬في ثالثة إعتمادات خارج الموازنة هي زيادة المرتبات بنسبة ‪ ،%559‬واعتماد ‪ 200‬مليار جنيه لمواجهة‬
‫جائحة فيروس كرونا‪ ،‬ورصد ‪ 1,9‬مليار دوالر إلحالل الدعم النقدي محل الدعم السلعي‪ .‬األمر الذي أدى إلى تفاقم إنخفاض قيمة‬
‫الجنيه وارتفاع سعر صرف العمالت األجنبية مقابله وتصاعد األسعار بمعدالت غير مسبوقة تفوق في معدالتها ما بذرت وتوطنت‬
‫وسادت في االقتصاد الوطني في عهد نظام اإلنقاذ‪.‬‬

‫كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة ‪ 05‬إبريل ‪2022‬م‬
‫‪Page 23 of 54‬‬
‫‪ 2-1‬إن تبديل العملة يحقق األهداف اإلقتصادية اآلتية‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬التحديد الدقيق لحجم الكتلة النقدية‪:‬‬
‫إلعادتها بعد معرفة حجمها وتدقيق وتوفيق أوضاع مدخريها‪ ،‬للدوران في محور اإلقتصاد المعافى وأوعيته المصرفية موزعة‬
‫بين السيولة واإلدخار واإلستثمار‪ ،‬لقناعة راسخة بأن هذا اإلجراء هو المدخل السليم إلمتصاص التضخم وإزالة آثاره ونتائجه‪،‬‬
‫وال سيما تثبيت القوة الشرائية للنقود‪ ،‬وسعر الصرف‪ ،‬واألسعار تمهيدا لتعافي الجنيه تدريجيا‪ .‬إال أن ما عطل تبديل العملة في‬
‫عهد اإلنقاذ‪ ،‬أن الفئة المحدودة التي تكتنز هذه الكتلة النقدية كانت تنتمي عضويا ً ومتداخلة فيما تجني من غنائم المضاربة مع‬
‫أركان نظام اإلنقاذ‪ ،‬إذ كانت جزءاً أصيال من نسيج مكوناته اإلقتصادية‪ .‬وهي أيضا ً في عهد ما بعد الثورة ظلت محمية من‬
‫الحكومة اإلنتقالية‪ ،‬ومن قوى نافذة في الحاضنة السياسية للسلطة التنفيذية في (قحت)‪ ،‬ومحمية أيضا ً من القوى الدولية المؤثرة‬
‫على القرار اإلقتصادي والسياسي في البالد في عهد مابعد إنتصار ثورة ديسمبر المجيدة‪ .‬الثورة التي لم يتمكن مفجروها من أن‬
‫يكونوا مساهمين في رسم معالم مناهجها اإلقتصادية والسياسية‪ ،‬بسبب أن الثورة قد اختطفت من بين أيديهم من قبل الذين تنكروا‬
‫لحقوق دماء الشهداء الذين مهروا الثورة بأرواحهم‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬شل قدرة المكتنزين للنقود خارج النظام المصرفي من توظيفها في المضاربة‪:‬‬
‫إن تبديل العملة سيحمي المصادر األساسية لعائدات النقد األجنبي (الذهب‪ ،‬وسلع الصادر الزراعي النباتي والحيواني‪ ،‬وتحويالت‬
‫ومدخرات السودانيين العاملين بالخارج) من أن يتغول المتمكنيين المكتنزين لألموال عليها وتصديرها والتصرف في عوائدها‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬تبديل العملة يوفر قدرا ً مهما ً من اإليرادات العامة من النقود الوطنية واألجنبية‪:‬‬
‫سيسهم تبديل العملة في إستقطاع واحتجاز كمية مقدرة من العملة المحلية‪ ،‬يمكن توظيفها في التمويل عبر بنك السودان أو منافذ‬
‫أو شركات حكومية لشراء ذهب المعدنيين األهليين وغيرهم وتصديره‪ ،‬واستخدام عائدات هذا الصادر لتمويل إستيراد السلع‬
‫الضرورية التي يعاني اإلقتصاد شحها كالقمح‪ ،‬المحروقات‪ ،‬األدوية‪ ،‬ومدخالت االنتاج‪ .‬وتعد اإلستقطاعات المقترحة‪:‬‬
‫‪ -1‬إستقطاع اإلستحقاقات من الرسوم والضرائب وأرباح األعمال‪ ،‬التي لم توف بها الشركات الحكومية والخاصة وأصحاب‬
‫األعمال من فوائضهم التي يتقدمون بها للتبديل‪ ،‬قبل منحهم للعملة البديلة‪.‬‬
‫‪ -2‬إستقطاع ضريبة ثروة من أموال أصحاب الفوائض الكبيرة‪ ،‬على أن يحدد المال الذي يدخل في هذا النطاق بنسبة معلومة من‬
‫الثروة‪ ،‬تصاعدية لعدة فئات‪.‬‬
‫‪ -3‬إستقطاع ‪ %5‬من كل مبلغ يتم إستبداله كمساهمة من صاحب المال في نفقات طباعة العملة البديلة‪ .‬مع إمكانية إعادة النظر في‬
‫هذه النسبة بحيث تكون نشبة تصاعدية حسب القطاعات المختلفة‪.‬‬
‫‪ -4‬إحتجاز األموال المشكوك في مصادرها وليس ألصحابها مصادر كسب في نشاطات إقتصادية واضحة مدعومة بإسم عمل‪،‬‬
‫أوشركة مسجلة‪ ،‬أو أسهم وبملفات ضريبية‪ .‬وذلك بوقف تقديم العملة البديلة ألصحابها لمدة قد تمتد من ستة أشهر إلى سنة أو‬
‫أكثر لحين تدقيق أوضاعهم وإجراء التسويات الالزمة‪ .‬على أن توظف هذه األموال المحتجزة من المصرف المركزي في‬
‫تمويل شراء تحويالت المغتربيين وذهب التعدين األهلي وصادر شركات المساهمة العامة العاملة في القطاع الزراعي النباتي‪،‬‬
‫والحيواني‪ ،‬مقابل فائدة مصرفية مجزية ألصحابها تصرف لهم بعد توفيق أوضاعهم‪ ،‬وبعد توفير ضمانات توجيه أموالهم إلى‬
‫داخل القطاع المصرفي‪ ،‬ولإلستثمار الخدمي أواإلنتاجي خارج نطاق المضاربات وبعيدا ً عن عالم اإلقتصاد الخفي‪.‬‬
‫رابعا ً‪ :‬لما تقدم يرى هذا المبحث في تبديل العملة حالً ألزمة النقود الوطنية‪ ،‬وال سيما التضخم ونتائجه المدمرة لإلقتصاد الوطني‪.‬‬
‫كذلك إن تبديل العملة للنجاح في تحقيق األهداف المنشودة من إجرائه‪ ،‬ال بد من توافر متطلبات بعينها‪ ،‬كما يأتي ‪:16‬‬
‫أ‪ -‬توفير ضمانات سالمة أوضاع النظام المصرفي‪ ،‬عبر ترافق توقيت تبديل العملة مع إجراءآت تدقيق أوضاعه وإعادة هيكلته‪.‬‬
‫ب‪ -‬قفل سبل غسيل األموال المكتنزة بإجراءآت أقتصادية وقانونية‪ ،‬تحول دون تداول النقود في الفترة قبل التبديل في تمويالت‬
‫سلع للتصدير أو في البيع والشراء على نطاق واسع‪ ،‬والحد من تجارة العملة‪ ،‬وإيقاف إجراءآت توثيق عقود البيع والشراء‬
‫ونقل ملكية األسهم والسندات واألراضي والعقارات والسيارات والسلع المعمرة قبل مدة كافية مناسبة من تاريخ تبديل العملة‪.‬‬

‫‪ 16‬في تجربة التبديل الشامل للعملة عام ‪1992‬م في عهد نظام اإلنقاذ‪ ،‬تم إستقطاع (‪ )% 2‬من حساب موجودات كل حساب مصرفي لتغطية نفقات الطباعة‪ ،‬كذلك تم إحتجاز‬
‫(‪ )%20‬لمدة (‪ 6‬ستة) أشهر‪ ،‬من كل مبلغ يمتلك صاحبه أكثر من (‪ 100‬مائة ألف جنيه ما يعادل نحو ثمانية ألف دوالر) ‪ .‬وذلك بهدف السيطرة على حجم الكتلة النقدية‪.‬‬

‫كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة ‪ 05‬إبريل ‪2022‬م‬
‫‪Page 24 of 54‬‬
‫ت‪ -‬توفير فرصة صرف العملة البديلة عند الشروع في طرح العملة البديلة دون إبطاء‪ ،‬للعاملين في الخدمة المدنية والعسكرية‪،‬‬
‫ولمؤسسات القطاع الخاص وشركاته التي تتميز بسالمة أعمالها‪ ،‬وأوضاع ملفاتها الضريبية‪ ،‬وإعطاء األولوية في التبديل‬
‫لألموال التي تكون منذ مدة وحسب األسبقية موجودة داخل القطاع المصرفي‪.‬‬
‫ث‪ -‬تقسيم المواطنيين وأصحاب الفوائض من المدخرات من زاوية تنظيم إستالم العملة القديمة وتسليم البديلة‪ ،‬إلى فئات (عامة‬
‫المواطنيين حاملي أموالهم البسيطة‪ ،‬صغار المنتجين‪ ،‬وأصحاب األعمال بإسم عمل‪ ،‬أصحاب الملكية واألسهم في إستثمارات‬
‫صغيرة ومتوسطة وكبيرة)‪ .‬وبعد أن يتم التصنيف في إقرارات وتعبئة إستمارات وفق فئات التصنيف‪ ،‬تتحدد أولويات‬
‫تسليمهم العملة البديلة‪ ،‬بعد تطبيق اإلستقطاعات‪ ،‬واستيفاء الرسوم والضرائب وأرباح األعمال الواجبة عليهم الوفاء بها‪.‬‬
‫ج‪ -‬تطوير وتسريع وتائر تطبيق الدفع األلكتروني في معامالت الناس كمحطات الوقود وغيرها‪ ،‬وفي دفع الضرائب والرسوم‬
‫وغيرها من اإللتزامات الحكومية‪ ،‬وربط مرجعية ومركزية جبايتها حصراً بالخزينة العامة والنظام المصرفي‪.‬‬
‫‪ -2‬إسهام عائدات تبديل العملة في تعظيم عائدات اإلقتصاد الوطني من العمالت الحرة وحل مشكلة الفجوة في السلع الضرورية‬
‫كالخبز‪ ،‬الدواء‪ ،‬والمحروقات‪ .‬فإن هذا الملف‪ ،‬عندما نظر في تبديل العملة من زاوية تحقيق تدفقات من العملة المحلية في‬
‫الخزينة العامة باإلستقطاعات المقترحة‪ ،‬إنما انطلقت هذه الرؤية من زاوية النية المسبقة في توظيف هذه التدفقات في تمويل‬
‫دور الدولة في شراء وتصدير إنتاج التعدين األهلي من الذهب عبر بنك السودان أو عبر شركة مساهمة عامة‪ ،‬وتمويل فك‬
‫ضائقة الفجوة في السلع الضرورية ك الخبز والدواء والمحروقات عبر تمويل شرائها من قبل الدولة مباشرة بعائدات صادر‬
‫الذهب‪ .‬ومرة أخرى لجعل عائدات بيع السلع المستوردة المشار إليها في السوق المحلي‪ ،‬ماالً مدورا ً في تمويل وتصدير الذهب‬
‫واإلستفادة مجددا ً من عائداته في تمويل إستيراد السلع الضرورية وهكذا دواليك‪ .‬ويرى هذا المبحث أن يصبح دور الدولة في‬
‫شراء وتصدير الذهب مقدمة لتعظيم دورها في إنتاج الذهب على مراحل تصل إلى سيطرتها على ما ال يقل عن نسبة ‪%80‬‬
‫من اإلنتاج الكلي من الذهب في السودان كما هو منصوص عليه في المقترح الوارد في المبحث األول‪.‬‬
‫‪ -3‬نتائج ضرب أوكار النقود المكتنزة الموظفة في اإلقتصاد الخفي حيث سيوفر ضرب أوكار اإلكتناز‪ ،‬فرصة لضرب أوكار‬
‫التهريب ألهم مصادر النقد األجنبي في االقتصاد‪ ،‬وبالتالي سيوفر أهم الضمانات لتدفق عائدات الصادر من الذهب‪ ،‬والسلع‬
‫الزراعية‪ ،‬النباتية والحيوانية‪ ،‬فضالً عن تحقيق تدفق فوائض أموال المغتربيين من خارج البالد إلى الخزينة العامة عبر‬
‫القنوات الرسمية‪ ،‬وسيسهم في سد العجز في ميزان المدفوعات على األقل في حدود خدمة الدين‪ ،17‬وفي تحقيق توازن الميزان‬
‫التجاري‪ ،‬وتوفير مصادر لتمويل التنمية والقطاع اإلنتاجي الزراعي خصوصا‪ ،‬وكذلك سيحقق تحسين سعر الصرف وتثبيت‬
‫األسعار تمهيدا ً إلتجاههما نحو اإلنخفاض‪ .‬وعند توافر قدر من إحتياطيات الذهب والعمالت األجنبية في خزينة بنك السودان‪،‬‬
‫سيؤهل هذا اإلحتياطي اإلقتصاد الوطني بضمانات تفتح فرص تلقي القروض مستقبال بشروط ميسرة إذا دعت الحاجة لذلك‪.‬‬
‫‪ -4‬فيما بعد السيطرة على حجم الكتلة النقدية في اإلقتصاد الوطني‪ ،‬حيث تعد السيطرة على حجم الكتلة النقدية‪ ،‬الهدف األساسي‬
‫للسياسة النقدية في كل األفكار والمذاهب اإلقتصادية وفي تطبيقات كافة النظم اإلقتصادية‪ .‬وحيث أن الثورة قد ورثت نتائج‬
‫فوضى السياسة النقدية‪ ،‬المرتكزة على التوسع في اإلصدار النقدي‪ ،‬ففي المحصلة للفقرة (‪ 2-1‬أوالً ‪ ،‬ثانياً‪ ،‬ثالثاً) قد إتضح أن‬
‫تبديل العملة سيحقق السيطرة على حجم الكتلة النقدية‪ .‬وسيوفر للخزينة العامة فوائض من السيولة يمكن توظيفها في سياسة‬
‫اقتصادية مرشدة‪ .‬فضالً عن أن تبديل العملة سيوفر للدولة‪ ،‬قاعدة معلومات دقيقة عن منشآت قطاعات األعمال الحكومية‬
‫واألهلية‪ ،‬إذا إرتبط تبديل العملة بخطة تحقق هذا الهدف عبر إستمارات ال تؤدي إلى تعقيد إجراءآت تبديل العملة‪.‬‬
‫‪ -5‬التوصيات‪:‬‬
‫‪ .1‬أن تدرس لجنة البحوث والدراسات اإلقتصادية مقترح هذه الورقة حول تبديل العملة واإلجراءآت المصاحبة للتطبيق‪ ،‬وترفع‬
‫رأيها حول المقترحات الواردة في الورقة في مذكرة تحريرية للسيد رئيس الوزراء‪.‬‬
‫‪ .2‬بعد اعتماد الجهات الحكومية لتبديل العملة‪ ،‬وبعد تحديد اإلجراءآت المصاحبة لتطبيقها‪ ،‬ومصادقة السيد رئيس وزراء‪ ،‬على‬
‫حكومة الثورة القادمة أن تضع مهمة التنفيذ لكافة الجهات ذات العالقة في خارطة طريق ومصفوفة مهمات‪ ،‬على أن تحتفظ‬
‫لنفسها بحق متابعة دقة التنفيذ حتى إكتمال مراحله كافة‪.‬‬

‫‪ 17‬موازنة ‪2020‬م‪ ،‬المرجع السابق (‪ 3/2‬سداد اإللتزامات الخارجية)‪ ،‬ص ‪.58‬‬

‫كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة ‪ 05‬إبريل ‪2022‬م‬
‫‪Page 25 of 54‬‬
‫الملف رقم (‪)6‬‬
‫توحيد سعر الصرف ودوره في إنخفاض القوة الشرائية للجنيه السوداني‪ ،‬وفي إرتفاع سعر الصرف على نحو متفاقم‪ ،‬وفي‬
‫اإلرتفاع المستمر بوتائر عالية للمعدل العام لألسعار‬
‫‪ -1‬التطور التاريخي لتوحيد سعر الصرف من قبل وزارات المالية المتعاقبة في الحكومات السودانية‪:‬‬
‫نشرت جريدة الرأي العام الصادرة في الخرطوم في ‪1957/4 /4‬م‪ ،‬نقالً عن نشرة لوزارة المالية واالقتصاد‪ ،‬أن هذه النشرة قد‬
‫عرفت الجنيه السوداني بأنه عقد بين لجنة العملة السودانية وبقية العالم يحوز بموجبه الجنيه السوداني على قوة شرائية تقدر قيمتها‬
‫بـ ‪ 0 ,255187‬جرام من الذهب الصافي‪ .‬وهذا التعريف هو الذي يحدد كمية السلع والخدمات التي يمكن أن يشتريها في أسواق‬
‫العالم كلها‪ .‬والجنيه السوداني الذي كان عند ميتدأ إصداره عام ‪1957‬م‪ ،‬كما جاء آنفا ً‪ ،‬يساوي في قوته الشرائية وفي سعر صرفه‪،‬‬
‫ما يربو على (‪ 0,255‬ربع الجرام من الذهب الصافي)‪ ،‬إحتفظ بقيمته تقريبا بسعر صرف رسمي مقداره (‪ 0,35‬جنيه ‪ /‬خمسة‬
‫وثالثون قرشا ً أي ثالثة دوالرات تقريبا ً مقابل كل واحد جنيه) حتى تاريخ نهاية فبراير ‪1972‬م‪ .‬وفي مطلع مارس ‪1972‬م ‪ ،‬إتخد‬
‫نظام نميري أول قرار بخفض سعر صرف الجنيه في تاريخ السودان‪ ،‬وذلك بنا ًء على أول قبول ألول نصيحة حول سعر الصرف‬
‫للجنيه السوداني قدمه صندوق النقد الدولي‪ ،‬وقبل به وزير المالية آنذاك‪.‬‬
‫كانت النصيحة أن تتعامل الحكومة إلى جانب (السعر الرسمي‪ ،‬الذي مقداره ‪ 0,35‬جنيه‪ ،‬خمسة وثالثون قرشاً)‪ ،‬بسعر صرف‬
‫رسمي إضافي آخر إلى جانبه سمي حينها بسعر الصرف الفعَّال‪ ،‬مقداره ‪ 0,40‬جنيه‪ ،‬أربعون قرشاً‪ ،‬أي بزيادة (‪ 0,05‬جنيه‪،‬‬
‫خمسة قروش سودانية)‪ ،‬حيث عدًّ (سعر الصرف الفعَّال) بمثابة عالوة تشجيع صادرات بنسبة ‪ %15‬من السعر الرسمي يطبق‬
‫عند صرف عائدات كافة سلع الصادر عدا القطن والصمغ العربي‪ .‬وأدخل في يوليو ‪1973‬م سعر صرف رسمي ثالث كنظام‬
‫عالوة أو حافز على تحويالت السودانيين العاملين في الخارج بنسبة ‪ %20‬من السعر الرسمي مقداره ‪ 0,46‬جنيه‪ ،‬أي ستة‬
‫وأربعون قرشا ً‪ ،‬والحقا ً في يوليو ‪1974‬م عدل السعر التشجيعي إلى (‪ 0,56‬ستة وخمسون قرشاً) وأدخل الصمغ العربي في نطاق‬
‫الصادرات المشمولة بالحافز في مايو ‪1975‬م‪ .‬وأجري أول تخفيض لسعر الصرف الرسمي إلى ‪ 40‬قرشا ً للدوالر بدالً من ‪35‬‬
‫قرشا للدوالر ورفع سعر الصرف الفعَّال من ‪ 0,40‬جنيه (أربعون قرشاً) إلى ‪ 0,50‬جنيه (خمسون قرشاً) سودانيا ً للدوالر لكل‬
‫الواردات وكل الصادرات عدا القطن بقرار من وزير المالية في يونيو ‪1978‬م‪ .‬إلى هنا يمكن القول أن نظام نميري منذ أن حرك‬
‫سعر الصرف إستجابة لصندوق النقد الدولي ألول مرة في مارس ‪1972‬م‪ ،‬دخل في سباق بسعر الصرف الرسمي في مالحقة‬
‫السوق الموازي للتضييق عليه بتوحيد سعر الصرف‪ .‬ولكن كلما رفعت الحكومة سعر الصرف الرسمي‪ ،‬إجتاز سعرها الرسمي‬
‫تجار العملة وتجاوزوه بسعر موازي أعلى‪ .‬لذلك أجرى نظام نميري بالتمام والكمال حتى سقوط النظام بإنتفاضة مارس‪/‬أبريل‬
‫‪1985‬م ‪ 20‬تعديل على سعر الصرف‪ ،‬وفي التعديل رقم ‪ 20‬في إتجاه الزيادة‪ ،‬كان آخر رفع أجراه نظام نميري لسعر الصرف‬
‫الرسمي من (‪1,3‬جنيه إلى ‪ 2,5‬جنيه للدوالر األمريكي) قبل شهرين من سقوط النظام في فبراير ‪1985‬م‪ .‬إال أن تجار العملة‬
‫كانوا قبيل رحيل النظام قد أوصلوا سعر الصرف في السوق الموازي إلى (‪ 3,26‬جنيه للدوالر الواحد (ثالث جنيهات وستة‬
‫وعشرون قرشا ً للدوالر)‪.‬‬
‫وفي عهد الحكومة اإلنتقالية برئاسة (الفريق عبد الرحمن سوار الذهب) وفي أغسطس ‪1985‬م قرر وزير المالية (عوض عبد‬
‫المجيد الذي كان قد اعتلى سدة الوزارة قادما ً من كرسي وظيفته في صندوق النقد الدولي) وبنا ًء على طلب الصندوق‪ ،‬ربط الجنيه‬
‫السوداني بسلة من العمالت وتحديد سعر الصرف أسبوعيا ً بواسطة بنك السودان)‪ .‬وعلى الرغم من كل ما تقدم فشلت السياسات‬
‫العامة في تضييق الفجوة بين السعر الرسمي للعمالت األجنبية وسعرها في السوق األسود‪ .‬األمر الذي أدى إلى عزوف المغتربين‬
‫عن تحويل مدخراتهم عبر القنوات الرسمية‪ .‬ولذلك في العهد الديمقراطي الثاني‪ ،‬قننت الحكومة عام ‪1987‬م (وزير المالية بشير‬
‫عمر‪ ،‬ووزير الدولة للمالية الذي كان منتقالً أيضا ً من ظيفته في الصندوق إلى وزارة المالية التيجاني الطيب)‪ ،‬سعراً تشجيعيا ً‬
‫لتحويالت السودانيين العاملين بالخارج‪ ،‬بلغ (‪ )12‚3‬جنيه سوداني مقابل الدوالر‪ ،‬بينما ظل السعر الرسمي (‪ )4‚5‬جنيه للدوالر‪.‬‬
‫وفي إطار البرنامج الثالثي لالنقاذ االقتصادي بعد إنقالب الجبهة اإلسالمية وقيام نظام اإلنقاذ في ‪1989/6/30‬م‪ ،‬تم في عام‬
‫‪1991‬م إقرار سياسة جديدة لتوحيد سعر الصرف ليصبح الدوالر يساوي ‪ 15‬جنيه سوداني بدال من السعرين (‪ 4‚5‬جنيه للسعر‬
‫الرسمي و‪ 12‚3‬جنيه للسعر التشجيعي) وكان وزير المالية آنذاك عبداالرحيم حمدي‪ .18‬وادعى في ذلك القرار العميد بحري‬
‫صالح كرار رئيس اللجنة اإلقتصادية لمجلس قيادة اإلنقالب أن نظام اإلنقاذ قد أنقذ الجنيه السوداني عبر تغيير النظام السياسي‪،‬‬
‫قبل أن يتدهور سعر صرفه إلى (‪ 25‬خمسة وعشرون جنيها للدوالر)‪ .‬ويكفي ردا ً على هذه الفرية‪ ،‬سقوط نظام اإلنقاذ في ‪-6‬‬
‫‪2019/4 /11‬م‪ ،‬وسعر الدوالر الرسمي المعتمد في بنك السودان (‪ 45,000‬خمسة وأربعون ألف جنيه‪ ،‬وسعره في السوق‬
‫الموازي ‪ 60,000‬ستون ألف جنيه)‪.‬‬

‫‪ 18‬بنك فيصل االسالمي السوداني‪ ،‬مركز البحوث واالحصاء‪ ،‬التقرير السنوي الرابع عشر في شباط ‪1993‬م‪ ،‬ص ‪.9‬‬

‫كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة ‪ 05‬إبريل ‪2022‬م‬
‫‪Page 26 of 54‬‬
‫‪ -2‬سياسة الحكومة اإلنتقالية بشأن سعر الصرف‪:‬‬
‫إذا تتبعنا سياسة وزارة المالية للحكومة اإلنتقالية‪ ،‬نجد أنها خالل نحو ثمانية أشهر قد تنقلت في تحديد سعر صرف الجنيه بين ‪10‬‬
‫عشرة أسعار والزال الحبل على الجرار‪ 18( .‬جنيه للدوالر) في إتفاقية (قحت مع مجلس الوزراء في ‪2019/12/28‬م)‪45( ،‬‬
‫جنيه للدوالر سعر البنك المركزي)‪ 55( ،‬جنيه مقابل للدوالر الرسمي للموازنة بموجب قرار وزارة المالية عند الشروع في‬
‫صرف موازنات التسيير لوزارات الحكومة في مطلع يناير ‪2020‬م )‪ 60( ،‬جنيه مقابل الدوالر سعر الحد أألعلى الذي حدده‬
‫وزير المالية لتوحيد سعر الصرف الرسمي وسعر البنك المركزي والسعر الموازي في حدوده‪ ،‬كما أعلنت وزارة المالية‪ ،‬وقت‬
‫منح شركة الفاخر حقوق تصدير الذهب مقابل استيراد سلع بعائدات صادره)‪ 88( ،‬جنيه سعر السوق الموازي مقابل الدوالر في‬
‫مطلع إبريل ‪2020‬م)‪ 5,96( ،‬جنيه في مقابل الدوالر حسب السعر الذي حددته وزارة المالية لحساب الدوالر عند الوفاء من‬
‫الوزارة لمديونية شركة الفاخر)‪ 150( ،‬جنيه الدوالر السعر الموازي في يوم الخميس ‪2020/6/18‬م الذي تم فيه رفع السعر‬
‫الرسمي للدوالر إلى (‪ 120‬جنيه) في الموازنة العامة ‪2020‬م المعدلة‪ .‬والسعر الموازي الذي سيكون في تصاعد مستمر ومعترفا ً‬
‫به وبالتطور المتصاعد‪ ،‬إذ تم تقنيين تعويم قيمة الجنيه السوداني في مقابل الدوالر‪ ،‬كما هو متوقع ليحدد السوق يوميا ً (سعر الجنيه‬
‫السوداني المعوم) وفق مقتضيات العرض والطلب دون تدخل الجهات الرسمية في الدولة‪ .‬حيث تراوح السعر في السوق الموازي‬
‫في األيام ‪ 2020/9/15– 10‬ما بين ‪ 200‬و‪ 300‬جنيه للدوالر‪ .‬إلى أن قررت الحكومة اإلنتقالية توحيد سعر الصرف بإلحاقه‬
‫بسعر الصرف الموازي ب ‪ 375‬جنيه للدوالر الواحد‪ .‬إال أن سعر الدوالر في السوق الموازي استمر في طريقه إلى اإلرتفاع‬
‫المستمر حتى اليوم‪ ،‬كما سيكون الحال كذلك غدا ً وكل يوم وسعر الصرف في الموازي سائر على طريقه نحو اإلرتفاع المستمر‪.‬‬
‫لقد إتضح جليا ً في العرض السابق‪ ،‬أن توحيد سعر الصرف أي رفع سعر الصرف الرسمي ليتوحد مع سعر الصرف الموازي‬
‫وليس العكس‪ ،‬هو المطلب المزمن في شروط صندوق النقد الدولي وبقية المانحين منذ ‪ 48‬عاما من عمر الموازنة العامة للحكومة‬
‫السودانية مارس ‪1972‬م‪ ،‬إال أن هذه النصيحة منذ ‪ 40‬أربعين عاما ً وبعد وقوع السودان في فخ المديونية التي فوق طاقة اإلقتصاد‬
‫الوطني الوفاء به‪ ،‬لم تعد نصيحة كما كانت‪ ،‬بل أصبحت شرطا ً مستمرا للحصول علي التمويل الخارجي‪ .‬وألن توحيد سعر‬
‫الصرف‪ ،‬سيخلق سباقا يوميا ً بين السعر الرسمي في إتجاه تصاعد السعر في السوق الموازي وبين األخير‪ ،‬تم تغيير المصطلح‬
‫فسمي بدالً من توحيد سعر الصرف بتعويم سعر الصرف ليكون السعر الموازي هو الوريث الشرعي األوحد لقيمة الجنيه السوداني‬
‫في مقابل العمالت الحرة القابلة للتحويل فأصبح إطالق مصطلح تعويم سعر الصرف أدق وأكثر تعبيراً عن واقع الحال‪.‬‬
‫إن سعر الصرف المعوم‪ ،‬سيكون متصاعدا ً حتى أنه قد يأتي عليه يوم ويصل مجازا ً إلى أن تتساوي فيه قيمة قفة الخضار حمولة‬
‫(درداقة) من الجنيهات السودانية‪ ،‬ومن حيث النتيجة‪ ،‬لن تغير في هذه الحقيقة طباعة بنك السودان المركزي لفئات نقدية كبيرة‬
‫فئات الـ ‪ 1,000‬جنيه‪ ،‬والـ ‪ 2,000‬جنيه أوحتى الـ ‪ 10,000‬جنيه أو أكثر فأكثر‪ ،‬ولن يحل المشكلة أيضا ً أن نمسح مزيداً من‬
‫األصفار من أوراق العملة‪ .‬ألن حل مشكلة تدهور قيمة الجنيه السوداني في قوته الشرائية والسيما في سعر صرفه مقابل العمالت‬
‫الحرة‪ ،‬ليس قرارا ً إداريا ً أو إجرائياً‪ ،‬إنما هو قرار إقتصادي يرتبط بطريق ليس من طريق سواه‪ ،‬وهو طريق اإلعتماد على الذات‬
‫وتعبئة وحشد مصادر الموارد الوطنية لتمويل الموازنة‪ ،‬وال سيما بالنقد األجنبي‪ .‬وإعادة بناء مرافق ومنشآت أساسية في القطاع‬
‫العام‪ .‬فضالً عن بناء وتنمية إحتياطيات من النقد األجنبي والذهب في بنك السودان‪ .‬واتباع تنمية إقتصادية مستدامة تثمر في‬
‫إرتفاع مستوى اإلنتاجية وتزيد معدالت اإلنتاج بمقادير ونوعية تعزز قدرات الصادر وتحقق في السوق الوطنية وفرة وإحالالً‬
‫بالسلع الوطنية البديلة للسلع المستوردة‪ .‬هذا هو الطريق الواضح الجلي الذي قبل أن نحشد الموارد الذاتية في السير على طريقه‪،‬‬
‫السودان في حاجة أكثر إلى أن نحشد اإلرادة الوطنية في إتجاهه‪ ،‬كخيار بديل لخيار الرهان المفرط إلرضاء الدائنيين بقبول‬
‫شروطهم للحصول منهم لمزيد من القروض تضاف إلى الدين الخارجي الذي يبلغ نحو ‪ 60‬ستين مليار دوالر‪ .‬والعجز في الميزان‬
‫التجاري الذي وصل إلى ما يزيد عن الـ ‪ 5‬مليار دوالر‪.‬‬
‫‪ -3‬التوصية‪:‬‬
‫‪ -‬أن تحدد من قبل الحكومة سياسة وطنية مستقلة ثابتة تحكم موقف حكومة الثورة من سعر الصرف‪ .‬تفضي إلى مبدأ تحديد‬
‫سعر صرف رسمي تسعى الحكومة دائما لشد سعر الصرف الموازي إليه من أعلى إلى األسفل‪ ،‬بإعتماد سياسة بناء إحتياطيات‬
‫من النقد األجنبي والذهب في بنك السودان‪ ،‬يتجه فيه بناء حجم اإلحتياطيات كعرض‪ ،‬إلى حيث يتكافأ مع الطلب‪ ،‬بمقادير‬
‫متصاعدة ترفع من قيمة العملة الوطنية‪ ،‬وتقضي علي سعر السوق الموازي أوالً‪ :‬بالسياسات اإلقتصادية وثانياً‪ :‬بالردع‬
‫اإلجرائي الجنائي الذي يجرمه ويالحق مرتكبيه‪.‬‬
‫‪ -‬باإلضافة لتفعيل برامج حشد الموارد الذاتية وتعزيز الصادر وتوفير احتياطي من العمالت الصعبة والذهب في بنك السودان‬
‫ينبغي أيضا ً فرض قيود علي عملية خروج رؤوس األموال للخارج خصوصا ً بالنسبة لشركات االتصاالت والتعدين والشركات‬
‫الكبري ‪ -‬دال وما شابهها ‪ -‬وبقية الشركات االستثمارية التي دخلت البالد في فترة السيولة االقتصادية التي صاحبت عهد‬
‫الحكومة االنتقالية السابقة عبر اإلجراءات المتعارف عليها في السيطرة علي عملية خروج رؤوس األموال في مثل هذه‬
‫السياقات مثل اآلتي‪:‬‬

‫كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة ‪ 05‬إبريل ‪2022‬م‬
‫‪Page 27 of 54‬‬
‫‪ -1‬وضع قيود على عملية خروج االستثمارات (رفع التكلفة ‪ -‬التفاوض على البقاء)‪.‬‬
‫‪ -2‬منح حوافز للشركات التي تحتفظ بما ال يقل عن نصف أرباحها إلعادة استثمارها في داخل البالد‪.‬‬
‫‪ -3‬تغليظ اإلجراءات الضريبية والرقابية على الشركات التي تملك فروعا ً خارجية يمكن أن تشكل مالذات ضريبية لها‪.‬‬
‫‪ -4‬فرض ضرائب باهظة علي عملية خروج رؤوس األموال الساخنة‬
‫‪ -5‬االنضمام لقاعدة بيانات الدول التي تتبادل أليا ً المعلومات البنكية عن انتقال األموال لضمان عدم تهريب األموال واألرباح‬
‫للمالذات الضريبية المتاحة للشركات التي تمتلك فروعا ً في دول متعددة‪.‬‬
‫‪ -6‬محاربة الفساد ورفع كفاءة الطواقم الضريبية والجمركية لضمان عدم التحايل في تحويل األرباح الي الخارج عن طريق‬
‫المبالغة في تقدير فواتير االستيراد والتقليل من فواتير التصدير‪.‬‬

‫كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة ‪ 05‬إبريل ‪2022‬م‬
‫‪Page 28 of 54‬‬
‫الملف رقم (‪)7‬‬
‫المدى الذي يجب أن يقف عنده رفع الدعم السلعي‬
‫ماهو المدى الذي يجب أن يقف عنده رفع الدعم السلعي‪ ،‬من حيث شمول السلع التي تدخل في نطاق رفع الدعم ومن حيث‬
‫إمكانية تثبيت الحد األعلى المناسب ألسعارها؟‬
‫ظلت اللجنة اإلقتصادية لقوي الحرية والتغيير (قحت) حتى شهر مايو ‪2020‬م تقريباً‪ ،‬متهمة من وزارة المالية بأنها تقف حجر‬
‫عثرة على طريق رفع الدعم عن المحروقات والكهرباء‪ ،‬وكأن هذا الرفع لهذا الدعم هو مفتاح الحل السحري ألزمة اإلقتصاد‬
‫الوطني‪ ،‬وال سيما أن نتائج األزمة المتمثلة في إنخفاض قيمة الجنيه‪ ،‬وتصاعد المعدل العام لألسعار‪ ،‬قد بدأت في عهد الحكومة‬
‫اإلنتقالية في تفاقم غير مسبوق‪ ،‬وتصدى للدفاع عن أهمية رفع الدعم عن السلع التي حددتها وزارة المالية الكثيرون عبر اإلعالم‬
‫الرسمي المقروء والمسموع لدرجة أن بعض األوساط الشعبية قد إقتنعت أو تأثرت بهذه التعبئة‪ ،‬وتوقعت أن إفساح الطريق أمام‬
‫وزير المالية والحكومة اإلنتقالية لتنفيذ رفع الدعم تصرف مطلوب وحتمي للخروج من األزمة‪ .‬وعليه يوضح التحالف اإلقتصادي‬
‫لقوى الثورة في هذه الوثيقة دوافع إنحيازه ضد رفع الدعم كرأي إقتصادي‪ ،‬وما ينبغي أن يترتب علىه وذلك فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬إقترحت اللجنة اإلقتصادية عدم رفع الدعم عن المحروقات‪ ،‬والطاقة الكهربائية‪ ،‬والخبز والدواء وعدم رفع سعر الصرف عن‬
‫سعره ‪ 18‬جنيه الذي كان معتمداً في موازنة ‪2019‬م‪ ،‬وعدم رفع سعر الدوالر الجمركي عن سعره المقرر ‪ 15‬جنيه‪ ،‬وذلك‬
‫في اإلجتماع المشترك الذي انعقد في ‪2019/12 /28‬م بين مجلس الوزراء والمجلس القيادي لقوى الحرية والتغيير وبمعيتها‬
‫اللجنة االقتصادية‪ .‬وبما يشبه اإلجماع‪ ،‬تمت الموافقة في ذلك اإلجتماع على المقترح‪ ،‬على أن يتم العمل به ولحين أن يبت فيه‬
‫بشكل نهائي مع النظر في مجمل المعالجات اإلقتصادية لألزمة اإلقتصادية الموروثة والبدائل الوطنية التي يمكن أن تتحقق به‬
‫تمويل الموازنة وال سيما بالمكون األجنبي‪ ،‬وذلك في مؤتمر إقتصادي قرر اإلجتماع المشترك أن ينعقد في نهاية مارس‬
‫‪2020‬م‪ .‬وأن تحضر للمؤتمر لجنة مشتركة بين وزارة المالية واللجنة اإلقتصادية‪ ،‬وباإلستعانة بكافة الخبراء والمتخصصيين‬
‫السودانيين داخل وخارج البالد‪.‬‬
‫‪ -2‬لم تلتزم وزارة المالية بكافة ما جاء في قررات اإلجتماع المشترك في ‪2019/12/28‬م بعد إجازة الموازنة من المجلسين في‬
‫‪2020/12/31‬م‪ ،‬وبدأت تعلن صراحة أن رفع الدعم وسعر الصرف خيارات نهائية في منهج وزارة المالية والحكومة‬
‫اإلنتقالية‪ ،‬وال تراجع عنها وكانت اللجنة اإلقتصادية تدرك تماما ً أن هذا اإلصرار من وزارة المالية ليس إال قبوال دون إفصاح‬
‫صريح لشروط صندوق النقد الدولي‪ .‬ومنذ مطلع يناير ‪2020‬م قررت وطبقت وزارة المالية رفع سعر الصرف في الدولة‬
‫وماليتها العامة إلى ‪ 55‬جنيه مقابل الدوالر‪ ،‬وبالتدريج بدأت تتقدم بخطوات على نحو متدرج ومتصاعد في رفع الدعم عن‬
‫المحروقات عبر ما أسمته وزارة المالية بالسعر التجاري لسلعتي البنزين والجازولين‪ ،‬بينما أدى رفع سعر الصرف وحساب‬
‫رسوم ومدفوعات تخليص عمليات السلع المستوردة في المعابر الحدودية بحساب الدوالر فيها بالسعر الموازي‪ ،‬إلى رفع غير‬
‫معلن لسعر الدوالر الجمركي عبر إنعكاس وانتقال أعباء إرتفاع رسوم ونفقات تخليص البضائع على كاهل المستهلك منعكسة‬
‫ومحملة على األسعار‪.‬‬
‫‪ -3‬إنطالقا ً من إدراك اللجنة اإلقتصادية أنها ليست إال لجنة إستشارية لقحت تنوب عنها في التعبير عن خياراتها اإلقتصادية‪ ،‬ومن‬
‫إدراكها أيضا ً أنها ليست سلطة تشريعية أو تنفيذية‪ ،‬رفعت اللجنة اإلقتصادية عبر (قحت) في ‪2020/1/27‬م للسيد رئيس‬
‫الوزراء مذكرة عددت فيها كل األدلة عن عدم إلتزام السيد وزير المالية بكافة بنود اإلتفاقية التي انعقدت في اإلجتماع المشترك‪.‬‬
‫وظلت اللجنة اإلقتصادية في إجتماعاتها وفي كل اإلتصاالت بين أعضائها وفي نشاطها اإلعالمي‪ ،‬تعبر بكل إخالص عن أن‬
‫وزارة المالية ومن خلفها الحكومة اإلنتقالية ماضية على نحو مؤكد على طريق اإللتزام الكامل بكل شروط صندوق النقد‬
‫الدولي وبقية الدائنيين‪ ،‬والتي هي نحو ‪ 8‬ثمانية شروط وذلك ألن وزارة المالية والحكومة اإلنتقالية مراهنة على إقناع الصندوق‬
‫والدائنيين بتطابق سياساتها مع مطلوباتهم أمالً في الحصول على إعانات ومنح وقروض تحل مشكلة الفجوة في الموازنة‬
‫ومتطلبات التنمية المستدامة واإلنفاق على أعباء تنفيذ برنامج الحكومة اإلنتقالية‪.‬‬
‫‪ -4‬وجدت اللجنة اإلقتصادية نفسها وحيدة في معركة المواجهة لسياسات الحكومة اإلنتقالية اإلقتصادية الماضية في قبول وتنفيذ‬
‫شروط الصندوق المسبقة‪ ،‬التي بدأت آثار مفاقمتها لألزمة اإلقتصادية ظاهرة للعيان وتنعكس في الضائقة المعيشية المتفاقمة‬
‫التي تعيشها الغالبية العظمي من القطاعات الشعبية‪ .‬في وقت لم تعد فيه الحاضنة السياسية للحكومة اإلنتقالية (قحت) على قلب‬
‫رجل واحد عندما تعلق األمر بالبرنامج اإلقتصادي وبالموقف من الشروط المسبقة لصندوق النقد الدولى وتأثيرها على القرار‬
‫اإلقتصادي الوطني الذي بدأ يفقد استقالليته يوما بعد آخر‪ .‬هنا أزاحت (قحت) اللجنة اإلقتصادية من دورها الفعَّال وبدأت تهمل‬
‫نصائحها ومذكراتها‪ .‬ومن رحم هذه التطورات ولد التحالف اإلقتصادي لقوى ثورة ديسمبر المجيدة ليتبني برنامج حشد الموارد‬
‫الذاتية كبديل وطني لالعتماد علي مؤسسات التمويل الدولية وللقبول بالشروط المسبقة لصندوق النقد الدولي‪.‬‬
‫‪ -5‬وتوضح الفقرات السابقة في (‪ )3، 2 ،1‬أن تبرير وزارة المالية لتصاعد األزمة اإلقتصادية‪ ،‬بأنها ناتجة عن إعاقة اللجنة‬
‫اإلقتصادية و(قحت) لتطبيق برنامج الوزارة‪ ،‬إدعاء ال يمت للحقيقة بصلة‪ ،‬ويتناقض مع حقيقة أن إنفالت سعر الصرف‪،‬‬

‫كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة ‪ 05‬إبريل ‪2022‬م‬
‫‪Page 29 of 54‬‬
‫والمعدل العام لألسعار هو نتاج طبيعي لرفع وزارة المالية لسعر الصرف تباعا‪ ،‬ولرفعها الكامل للدعم عن المحروقات‬
‫والكهرباء والدواء‪ ،‬ولرفعها غير المباشر وغير المعلن للدوالر الجمركي في ذلك الوقت‪ ،‬وصوالً إلى تعويمه في المستقبل‬
‫القريب (وهو ما تم بالفعل في وقت الحق)‪ ،‬والشروع في رفع الدعم عن الخبز أيضا في المستقبل القريب (وهو ما تم بالفعل‬
‫من خالل السعر التجاري الذي أصبح اليوم هو السعر السائد وال وجود للسعر المدعوم)‪ .‬وهنا يؤكد التحاف اإلقتصادي أن‬
‫الرفع التدريجي للدعم عن المحروقات بنسبة ‪ ،%75‬وعن الكهرباء بنسبة ‪ %41‬في موازنة العام ‪2020‬م المعدلة في يونيو‬
‫‪2020‬م وما تبعه من رفع كامل لدعم المحروقات في ‪ 9‬يونيو ‪2021‬م إنما هو يأتي ضمن قبول الحكومة وتنفيذها بالكامل‬
‫لشروط صندوق النقد الدولي ضمن برنامج مراقبة موفدي الصندوق )‪ (SMP‬وبرنامج اإلصالح الهيكلي‪ ،‬ويعكس أيضا حاجة‬
‫الحكومة لتمويل العجز في إيرادات الموازنة العامة من خالل زيادة أسعار السلع الرئيسية وعلي رأسها الوقود‪ ،‬بجانب زيادة‬
‫اإليرادات الضريبية غير المباشرة لتمويل اإلنفاق العام الجاري المتفاقم على مؤسسات السلطة اإلنتقالية وأجهزتها المترهلة‬
‫غير المنتجة وأيضا لتوفير التمويل الالزم للوفاء بمتطلبات إتفاقية جوبا التي تقدر بحوالي ‪ 7.5‬مليون دوالر سنويا لمدة عشرة‬
‫سنوات أي ما قيمته ‪ 7.5‬مليار دوالر بدون المخصصات والصرف الجاري علي قيادات وجيوش الحركات المسلحة‪.‬‬
‫ويرى التحالف اإلقتصادي‪ ،‬أنه قد كان هنالك متسعا ً من الوقت سابقا لتراجع الحكومة اإلنتقالية ووزارة المالية إلى موقع‬
‫التفاعل مع مقترحات البدائل الوطنية واالعتماد علي النفس وحشد الموارد الذاتية لتجاوز األزمة اإلقتصادية التي تعصف‬
‫بالبالد‪ ،‬ولتحقيق اإلستقرار في ميزان المدفوعات والميزان التجاري ولتخفيف األعباء المعيشية علي المواطنينن ووضع البالد‬
‫في مصاف التنمية االقتصادية الوطنية المستقلة‪ .‬وينظر التحالف اإلقتصادي بكثير من اإلشفاق لنتائج سياسة تعويم سعر‬
‫الصرف ألن التعويم قد أدى إلى التصاعد في سعر صرف العمالت األجنبية مقابل الجنيه السوداني‪ ،‬واإلرتفاعات المتواصلة‬
‫غير المسبوقة في األسعار كافة‪ .‬فإن تشريعه والعمل به في ظل الندرة وفوضى األسعار وغياب أجهزة الدولة‪ ،‬وفي ظل العجز‬
‫الكبير في احتياطيات النقد األجنبي حتما ً سيؤدي في مدى زمني ليس بالبعيد‪ ،‬إلى إنهيار نقدي ينتهي إلى إنهيار إقتصادي يهدد‬
‫األمن القومي والسالمة اإلجتماعية في البالد‪ ،‬وصوالً إلى مرحلة أن يعصف بوحدة البالد أرضا ً وشعبا ً‪.‬‬
‫‪ -6‬لقد نصحت اللجنة اإلقتصادية وزارة المالية بعدم رفع الدعم‪ ،‬أوالً‪ :‬ألن نتائج الرفع ستنعكس في المزيد من إنخفاض في القوة‬
‫الشرائية للجنيه‪ ،‬وكذلك في إرتفاع متفاقم في سعر الصرف وإلى إرتفاع متصاعد في المعدل العام ألسعار كثير من السلع‬
‫والخدمات‪ ،‬وهذا التوقع ال يحتاج اليوم إلى دليل فواقع الحال المعاش يؤكده في أوضح صوره‪ .‬وثانيا‪ :‬أن وزارة المالية قد‬
‫نظرت للمحروقات المدعومة ب أنها سلعة يستهلكها ويستفيد من منفعة دعمها األغنياء‪ ،‬خاصة رأت في البنزين وكأنه سلعة‬
‫كمالية مترفة يتنعم من دعمها األغنياء على حساب الفقراء الذين ال مصلحة لهم في هذا الدعم‪ ،‬ولم تنظر الحكومة اإلنتقالية‬
‫إلي المحروقات كسلعة من زاوية حجم اإلستهالك الحكومي منها الذي ال يقل عن نسبة ‪ ،%60‬وال من زاوية أن قطاعا ً عريضا ً‬
‫من الشعب تصل إليهم منفعتها عبر قطاع النقل وسعر خدماته لألهالي ونقل مدخالت اإلنتاج والسلع المنتجة على سبيل المثال‪،‬‬
‫وعبر دور المحروقات والطاقة عموما ً في تكاليف اإلنتاج السلعي والخدمات األخرى‪ ،‬بينما نظرت اللجنة اإلقتصادية آنذاك‪،‬‬
‫لكل المحروقات والطاقة الكهربائية من زاوية أنها مدخالت إنتاج‪ ،‬وأن الزيادة في أسعارها ستنعكس على أسعار سلع وخدمات‬
‫عدة في إتجاه اإلرتفاع‪ .‬وثالثاً‪ :‬إن األغنياء اللذين تعني وزارة المالية أنهم المستفيدون من الدعم دون وجه حق (بإستثناء فئة‬
‫محدودة)‪ ،‬هم في الواقع الغالب الطبقة الوسطى التي هبطت وأصبحت أقرب للطبقة الفقيرة في مقدرتها اإلقتصادية‪.‬‬
‫والطبقة الوسطى التي لم تنظر إليها وزارة المالية‪ ،‬هي التي تعتبر عمود المنتصف في ماكينة التقدم لكل مجتمع‪ ،‬وأن كل‬
‫الدول التي تقدمت اهتمت بها ورعتها‪ ،‬وحرصت على توسيع قاعدتها لتصبح الطبقة الرأسمالية محدودة‪ ،‬وطبقة الفقراء طبقة‬
‫قليلة وفي حدود يمكن أن تحتويها اإلعانات االجتماعية وبرنامج مكافحة الفقر من أجل االرتقاء بمستواها المعيشي‪ ،‬ولكي‬
‫يكون غالبية الشعب منتمين للطبقة الوسطى العاملة في الخدمة العامة المدنية والعسكرية وفي مجالت الخدمات واإلنتاج في‬
‫القطاع الخاص‪ ،‬ورابعاً‪ :‬أن الدفاع عن رفع الدعم السلعي الذي روجت له وزارة المالية‪ ،‬كانت في جوهرها مرافعة ضعيفة‬
‫ضد الدعم السلعي‪ ،‬بينما الدعم السلعي هو أعدل وأقل تكلفة من الدعم النقدي المباشر‪ .‬فإذا تم دعم سلعة السكر مثال فإن الثري‬
‫الملياردير سيستفيد من الدعم في حدود كيلو السكر الذي يستهلكه مع أسرته في األسبوع‪ ،‬بينما قد يستهلك فقير إثنين كيلو في‬
‫األسبوع‪ .‬وإذا تم دعم زيت الطعام مثال‪ ،‬فإن كل مستهلك سيستفيد من منفعة دعمه‪ ،‬في حدود إستهالكه ال أكثر‪ ،‬سوا ٌء كان‬
‫فقيرأ ً أم ثرياً‪ .‬ولماذا هذا العداء للدعم السلعي الذي تكون منفعته متاحة للمواطنيين كافة‪ ،‬والحرص على إستبداله بالدعم النقدي‬
‫المباشر للفقراء حصرا ً والتي خاضت وزارة المالية أولى تجربة لتطبيقها في ضواحي العاصمة في محافظة شرق النيل‪ ،‬سوبا‬
‫غرب‪ ،‬في تجربة أقل ما يمكن أن توصف بها أنها فاشلة‪ .‬وبالتالي فإن رفع الدعم عن السلع الرئيسية ال يعتبر توجها ً نابعا ً عن‬
‫وزارة المالية أو عن الحكومة اإلنتقالية‪ ،‬ولكنه يعتبر أحد أهم الشروط المسبقة التي يفرضها صندوق النقد الدولي والدائنيين‬
‫علي كل الدول المدينة لضمان تسخير كل موارد الدولة للوفاء بأقساط ديونها كأولوية قصوي‪.‬‬
‫إن منهج وزارة المالية في النظر إلى سعر السلع الضرورية‪ ،‬التي سيتم رفع الدعم عنها‪ ،‬عند الحكم عليه بمعايير علم اإلقتصاد‪،‬‬
‫نجد أن تسعير السلع‪ ،‬اليرتبط في المقام األول‪ ،‬بسعرها في دولة المنشأ إن كانت سلعة مستوردة‪ .‬إذ أن هنالك عدة عوامل‬
‫مؤثرة‪ ،‬هي التى بموجبها يتم تحديد سعر السلعة أو الخدمة في كل اإلقتصاديات‪ ،‬سواء عبرآليات السوق أم عبر دور الدولة‬
‫في التسعير‪ .‬وفي مقدمة هذه العوامل‪ ،‬مستوى الدخل‪ ،‬القوة الشرائية للعملة الوطنية‪ ،‬واألهمية النسبية للسلعة أو الخدمة ومدى‬

‫كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة ‪ 05‬إبريل ‪2022‬م‬
‫‪Page 30 of 54‬‬
‫توافر البدائل لها‪ ،‬ودرجة ندرتها في السوق‪ ،‬وكلفة انتاجها مع هامش الربح للمنتج أو المستورد …إلخ‪ .‬وهنا يتضح أن سعر‬
‫السلعة المستوردة في دولة المنشأ‪ ،‬له عالقة بتحديد السعر‪ ،‬ولكن ليس في كل األحوال كما في المثاليين التاليين‪:‬‬
‫المثال األول‪ :‬سلعتي الجازولين والبنزين عام ‪2013‬م‪ ،‬عندما كان سعر صرف الجنيه السوداني في السوق الموازي يساوي ‪7‬‬
‫جنيهات‪:‬‬
‫البنزين‬ ‫الجازولين‬
‫‪ 6.5‬جنيه‬ ‫‪ 4.00‬جنيه‬ ‫السعر بالجنيه‬
‫‪ 0.52‬سنت‬ ‫‪ 0.49‬سنت‬ ‫السعر العالمي‬
‫‪3.64‬‬ ‫‪3.40‬‬ ‫كلفة االستيراد‬
‫‪2.86‬‬ ‫‪0.60‬‬ ‫الرصيد‬

‫ويتضح من الجدول أن الخزينة العامة ووزارة المالية‪ ،‬كان تربح من إستيراد لتر الجازولين ‪ 0,60‬قرش‪ ،‬ومن لتر البنزين ‪2,86‬‬
‫جنيه عام ‪2013‬م‪ .‬إذن إن الفارق الكبير بين كلفة اإلستيراد وسعر البيع في السودان عام ‪2019‬م‪ ،‬ليس مرتبطا بكلفة اإلنتاج ليعد‬
‫دعماً‪ ،‬إنما ناتج عن اإلرتفاع المستمر في سعر صرف العمالت األجنبية مقابل الجنيه‪ .‬فالجنيه السوداني كان مقياسا ً للقيمة منذ‬
‫ميالده عام ‪1957‬م ولمدة ‪ 15‬عاما ً على األقل‪ ،‬يساوي ‪ 100‬رغيفة خبز‪ ،‬أو ‪ 7,5‬سبعة ونصف كيلو لحمة عجالى‪ ،‬أو ‪ 5‬كيلو‬
‫لحمة ضأن‪ ،‬أو ‪ 20‬رطل سكر ‪...‬إلخ‪ .‬وحتى عام ‪1972‬م ‪ ،‬تاريخ بداية الشروع في توحيد سعر الصرف وتخفيض قيمة الجنيه‬
‫السوداني بإضطراد‪ .‬وبالتدريج لم يعد الجنيه مقياسا ً للقيمة‪ ،‬بل فقط معيارا ً للسعر حتى أنه وصل إلى مرحلة أنه معيار للسعر‬
‫يحدده في الحال فقط ويتبدل في تحديد السعر بين ساعة وأخرى‪ .‬لذا فإن سعر الصرف ال يصلح لإلعتماد عليه في تسعير السلع‬
‫المستوردة إال إذا تم تغيير السعر بين الحين والحين تبعا ً لتغيير سعر الصرف يومياً‪ .‬لذلك يتوجب إعتماد العوامل المؤثرة األخرى‬
‫آنفة الذكر عند تسعير السلع المستوردة‪.‬‬
‫المثال الثاني‪ :‬وإذا اعتمدنا سعر الصرف معيارا ً لتسعير السلع المستوردة‪ ،‬نفترض أننا إذا وجدنا أن سعر قطعة الخبز ‪ 40‬غرام‬
‫في أمريكا أكبردولة منتجة للقمح بـ ‪ 1‬دوالر‪ ،‬وكان‪ 1‬دوالر بسعر الصرف يوم ‪2021/7/10‬م في السودان يساوى ‪ 450‬جنيهاً‪،‬‬
‫إذن باإلمكان شراء ‪ 150‬قطعة خبز أورغيف (تجاري) اليوم في السودان بـ ‪ 1‬واحد دوالر فقط‪ .‬فهل يعني هذا أن قطعة الخبز‬
‫في السودان اليوم‪ ،‬مدعومة بـ (‪149‬جنيها) في سعر الرغيفة الواحدة‪ ،‬وانه يجب أن يعدل وتسعر الرغيفة الواحدة ب (‪150‬جنيها‬
‫للرغيفة الواحدة)‪ .‬أم أن هذا المثال أوضح في الداللة على أن سعر الصرف لم يعد معياراً يعتمد عليه في تسعير السلع المستوردة‬
‫في السودان‪ ،‬وال سيما أن (‪ )%95‬من السلع في السوق المحلي في السودان مستوردة‪ .‬أم أن السلوك اإلقتصادي بالمعايير العلمية‬
‫في التسعير توجب عند تسعير السلع المستوردة أن تفعل وتقاس بالعوامل األخرى المؤثرة آنفة الذكر‪ ،‬ألنها هي التى تصلح أن‬
‫نعتمد عليها في التسعير‪ ،‬وليس سعر الصرف‪ .‬ويعد الوصول لهذه النتيجة أهميته ألن وزارة المالية ستكون صباح كل يوم على‬
‫موعد مع صفحة أخرى لتسعر الجازولين‪ ،‬والبنزين في إتجاه رفع أسعارها بدعوى رفع الدعم مرة أخرى للمواكبة بالسعرين‪،‬‬
‫للجازولين والبنزين لإلرتفاع الذي حصل في سعر الصرف‪ .‬إذن أن البنزين والجازولين‪ ،‬بل وحتى الدواء والخبز‪ ،‬وكل السلع‬
‫المستوردة على موعد دائم ومتكرر مع رفع سعرها كلما ارتفع سعر صرف العمالت الحرة بالجنيه السوداني في كل حين‪ .‬وطالما‬
‫تقرر تقنيين وإعالن تعويم سعر الصرف فإن أسعار السلع المستوردة كافة‪ ،‬سيحددها السوق‪ ،‬أي العرض والطلب في كل ساعة‬
‫إلى أخرى‪ ،‬وحتما في إتجاه إرتفاع أسعارها باضطراد‪ ،‬طالما منهج االقتصاد الوطني مستمد من شروط صندوق النقد الدولي‬
‫الذي يدير ظهره لمنهج تعبئة وحشد البدائل الوطنية واإلعتماد على الذات وال يعيرها اهتماما وال يطالب بها ضمن شروطه‪.‬‬
‫التوصيات‪:‬‬
‫‪ -‬إشارة الي توصيات المذكرة المرفوعة من قبل التحالف االقتصادي لقوى ثورة ديسمبر المجيدة الي مجلس الوزراء فيما يلي‬
‫رفع الدعم عن المحروقات توصي الوثيقة بما يلي‪:‬‬

‫‪ -1‬بيع المنتج المحلي من المحروقات بسعر التكلفة زائداً المنصرفات اإلدارية‪.‬‬


‫‪ -2‬استيراد العجز في االستهالك عبر مؤسسات الدولة والقطاع العام‪ ،‬وزارة الطاقة‪ ،‬ومن ثم طرحها للقطاع الخاص المحلي‬
‫والعمل علي توزيعها عن طريق قنوات توزيع تابعة للدولة أو عن طريق المؤسسة العامة للبترول أو من خالل شركة مساهمة‬
‫عامة تكون فيها الحكومة شريك بنسبة ال تقل عن ‪ %51‬و‪ %49‬لألفراد والشركات والمؤسسات والجمعيات التعاونية‬
‫االنتاجية وغيرها من الكيانات الوطنية ذات العالقة‪.‬‬

‫كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة ‪ 05‬إبريل ‪2022‬م‬
‫‪Page 31 of 54‬‬
‫‪ -3‬تخصيص جزء من عوائد مرور نفط جنوب السودان كنفط خام لتقليل العجز في االستهالك المحلي وطرحه لالستهالك بسعر‬
‫تكلفة التكرير زائداً المنصرفات اإلدارية‪.‬‬

‫‪ -‬بالنسبة للقمح والدواء‪:‬‬

‫‪ -1‬تعزيز سياسات االكتفاء الذاتي من الحبوب المختلفة وتقليل االستيراد علي المدي المتوسط والطويل مع المفاضلة بين بدائل‬
‫القمح المستورد ودعم مراكز البحوث البتكار بذور تتناسب مع جغرافية السودان‪.‬‬
‫‪ -2‬تعزيز الصناعات الدوائية ومنحها كل التسهيالت الممكنة وإيجاد موطئ قدم للقطاع العام فيما يليها‪.‬‬
‫‪ -3‬استيراد الدولة للسلع االستهالكية الكبري عبر جهاز الدولة من خالل وزاراتها المختلفة المتعلقة بكل سلعة منها الطاقة‪،‬‬
‫الصحة‪ ،‬التجارة‪.‬‬

‫كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة ‪ 05‬إبريل ‪2022‬م‬
‫‪Page 32 of 54‬‬
‫الملف رقم (‪)8‬‬
‫السياسة التوسعية التي اتبعتها وزارة المالية في الموازنة العامة ‪2020‬م في اإلنفاق النقدي ضمن المخصصات التي إجازتها‬
‫وزارة المالية خارج الموازنة الحقا ً في الموازنة العامة المعدلة‬
‫لقد وضعت وزارة المالية في موازنة ‪2020‬م إيرادات متوقعة بقيمة ‪ 568,3‬مليار جنيه من ثالثة مصادر هي الضرائب‪ ،‬المنح‪،‬‬
‫وإيرادات أخرى‪ ،‬بزيادة ‪ %249‬عن ميزانية ‪2019‬م التى كانت تبلغ ‪162,8‬مليار جنيه‪ ،‬ومصروفات متوقعة مقدارها ‪584,3‬‬
‫مليار جنيه ‪ +‬مصروفات التنمية ‪ 58‬مليارجنيه = ‪ 642,3‬مليار جنيه‪ ،‬والمصروفات قبل إضافة إعتماد التنمية لها بنسبة زيادة‬
‫عامة مقدارها ‪ %200‬عن موازنة مصروفات ‪2019‬م التي كانت تبلغ ‪194,8‬مليار جنيه‪ ،‬ولذلك تبين في الموازنة عجز مقداره‬
‫(‪73‬مليار جنيه)‪ .‬وجاء في الموازنة البند ‪( 2‬تفاصيل المصروفات الجارية) أن الزيادة الكبيرة في البند ‪ ،2‬الفقرة ‪ ،1‬تعويضات‬
‫العاملين (لألجور والرواتب والمعاشات والتامين الصحي) إعتماد رصيد بقيمة ‪131,1‬مليار جنيه‪ ،‬بنسبة زيادة ‪ %168‬عن‬
‫إعتمادات ‪2019‬م التي بلغت ‪ 58,6‬مليار جنيه‪ .‬إال أن وزارة المالية في الموازنة قد أشارت إلى أن الزيادة في المصروفات قد‬
‫تركزت في دعم المحروقات‪ ،‬ولذلك لم تستبعد اللجنة اإلقتصادية لقحت أن وزارة المالية بتلك اإلشارة‪ ،‬كانت تمهد لرفع الدعم‬
‫عن المحروقات)‪ ،19‬وأن يتم رفع الدعم السلعي بالكامل مستقبال‪ ،‬ألن الموازنة قد اعتمدت في البند ‪ ،2‬الفقرة ‪ ،4‬اإلعانات أو‬
‫الدعم‪ ،‬لدعم المحروقات والكهرباء والقمح‪ ،‬والتعليم العالي واإلذاعة والتلفزيون مبلغ ‪ 255,4‬مليار جنيه‪ ،‬بزيادة ‪ %380‬عن‬
‫موازنة ‪2019‬م التي بلغ إعتماد الدعم فيها ‪ 53,2‬مليار جنيه‪ .‬ذلك ألن تضخيم هذا البند يعطي تبريرا ً وحجة قوية إللغائه‪ ،‬والسيما‬
‫في ظروف عجز إيرادات الموازنة التي ألقت عليها وزارة المالية أعبا ًء إضافية بمصارف إبتدعتها خارج الموازنة‪ ،‬تمثلت في‬
‫زيادة المرتبات بنسبة ‪ %569‬واعتماد ‪ 200‬مليار جنيه لمواجهة كورونا كوفيد ‪ ،19‬وتقدير أن الدعم النقدي المباشر سيكلف‬
‫لإلنفاق ‪ 500‬جنيه لـ ‪ 32‬مليون شخص‪ ،‬نحو‪ 1,9‬مليار دوالر كانت وزارة المالية‪ ،‬والحكومة اإلنتقالية تتوقع أن يتكفل بها‬
‫المانحون في إجتماع المانيا‪ /‬برلين اإلسفيري في ‪2020/6/25‬م‪.‬‬
‫ويتضح جليا ً عند التمعن في كل هذه اإلعتمادات أن لوزارة المالية فيها هدفان لتكييف الموازنة مع شروط صندوق النقد الدولي‬
‫هما رفع الدعم السلعي‪ ،‬وتعظيم اإلنفاق النقدي المباشر بما يقنع الجهات الدولية بأن وزارة المالية في السودان‪ ،‬ملتزمة بالمنهج‬
‫التوسعي في اإلنفاق المالي النقدي المباشر‪ .‬وما يدعو للقلق أن عدم توافر موارد حقيقية لهذه النفقات قد دفع وزارة المالية في إتجاه‬
‫اإلصدار النقدي (طباعة النقود)‪ ،‬ومفاقمة التضخم بأكثر مما هو عليه‪ ،‬األمر الذي فاقم بالضرورة آثار التضخم بمزيد من إنخفاض‬
‫قيمة الجنيه وسعر صرفه وتصاعد في أسعار كافة السلع والخدمات الذي يدل عليها واقع الحال الذي يعيشه المواطنين اليوم‪ .‬فبينما‬
‫حددت وزارة المالية في موازنة ‪2020‬م حوالي ‪ 60‬مليار جنيه كإصدار نقدي واستدانة من النظام المصرفي للسنة المالية كلها‪،‬‬
‫إال أن الموازنة قد تجاوزت هذا الحد في الربع األول من السنة‪ ،‬وقد لجأت وزارة المالية لمزيد من التمويل باإلصدار النقدي في‬
‫عجز ال محالة قد تفاقم بإعتماد تمويل لفجوة الموازنة المعدلة ‪2020‬م بإستدانة إضافية من النظام المصرفي‪ ،‬كتمويل بالعجز‪ ،‬أي‬
‫إصدار نقدي بما قيمته ‪ 200‬مليار جنيه‪.‬‬
‫إن من مطلوبات صندوق النقد الدولي والدائنين األساسية من وزارة المالية في سياسة الدولة المالية والنقدية‪ ،‬أن تتبع وزارة المالية‬
‫سياسة مالية توسعية‪ .‬وفضال عن صندوق النقد والبنك الدوليين والدائنيين الذين طالبوا الحكومة اإلنتقالية بإتباع سياسة مالية‬
‫توسعية في عام ‪2020‬م‪ ،‬منذ وقت سابق من وضع وإجازة موازنة ‪2020‬م‪ ،‬انضم إليهم برنامج األمم المتحدة اإلنمائي أيضا‪ .‬ففي‬
‫نشرة إقتصادية صادرة عنه بتاريخ ‪2020/3/24‬م‪ ،‬حول األوضاع اإلقتصادية في السودان‪ ،‬دعي السودان إلى إنتهاج سياسة‬
‫مالية توسعية من خالل اإلنفاق الحكومي‪ ،‬وكذلك اإلنفاق المصرفي بخفض تكلفة إقراض المال خاصة المرابحات لمواجهة األثر‬
‫اإلقتصادي السالب إلنتشار فيروس كورونا‪ .‬وأكدت النشرة على ضرورة توسيع شبكات األمان والدعم النقدي المباشر للمواطنيين‬
‫األكثر تأثرا ً بحدة الفقر‪ ،‬والعمل على رفع نسبة اإلنتاج لإلكتفاء الذاتي في مختلف واليات السودان‪ .20‬وتوقع البرنامج في النشرة‬
‫تراجع المنح والمساعدات األجنبية للسودان لتناقص موارد الدول المانحة‪ ،‬األمر الذي‪ ،‬كما نص البرنامج‪ ،‬قد يعيق تنفيذ موازنة‬
‫‪2020‬م التي تعتمد على المنح األجنبية‪ .‬كذلك جاء في النشرة أن دول السعودية واإلمارات وقطر مواجهة بإنخفاض عائداتها من‬
‫النفط وستكون أقل كرما ً مع السودان‪ .‬كذلك توقعت نشرة البرنامج تزايد البطالة بين الشباب والنساء العاملين في القطاع غير‬
‫المنظم‪ ،‬بائعات الشاي‪ ،‬والباعة المتجولين‪ ،‬والتراجع في عرض السلع الغذائية والمواد الضرورية وارتفاع نسبة التضخم‪ .‬وكانت‬
‫وزارة المالية قد أكدت أنها قد إتبعت في سياستها المالية لعام ‪2020‬م سياسة توسعية إال أنها توقعت تمويل الصرف التوسعي من‬
‫مصادر حقيقة‪ .‬وتقصد وزارة المالية بالمصادر الحقيقية التي أعلنتها وفورات رفع الدعم السلعي للمحروقات والكهرباء‪ ،‬وعائدات‬
‫أموال إزالة التمكين من الشركات الحكومية والرمادية والعقارات واألرضي التي آلت للملكية العامة تحت والية وزارة المالية‬
‫والتي كانت تنوي خصخصتها وبيعها مباشرة أو في صورة أسهم ألصحاب الفوائض من المهيمنين على االقتصاد منذ عهد نظام‬

‫‪19‬الموازنة ‪2020‬م‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬البند ‪ ،2‬تفاصيل المصروفات الجارية‪ ،‬ص ص ‪.52 – 51‬‬
‫‪20‬موقع وكالة األنباء السعودية في الشبكة الدولية‪ ،‬في ‪2020 /3/24‬م‪ ،‬فضالً عن وكاالت أخرى عدة في التاريخ نفسه‪.‬‬

‫كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة ‪ 05‬إبريل ‪2022‬م‬
‫‪Page 33 of 54‬‬
‫اإلنقاذ وحتى اليوم‪ .‬فقد كانت سياسة الحكومة اإلنتقالية الملتزمة تماما بشروط صندوق النقد الدولى وحتى انقالب ‪ 25‬أكتوبر‬
‫‪2021‬م تساعد وتمهد ضمنا لعودة أتلك األموال واألصول لتمكين نفس الطبقة المتحكمة في االقتصاد بشكل آخر‪.‬‬
‫إن كثير من ثغرات موازنة ‪2020‬م في األرقام التي كانت تتضمنها وفي الظروف التي أحاطت بتطبيقها وما استجدت من قرارات‬
‫من وزارة المالية حول بنودها خارج الموازنة‪ ،‬قد جعلتها غير دقيقة وفي حاجة إلى إعادة النظر كليا ً بموازنة بديلة‪ .‬فعلى الرغم‬
‫من أن موازنة ‪2020‬م قد إتبعت في مصادر إيرداتها الثالثة‪ ،‬الضرائب بتقديرات بلغت ‪ 159‬مليار جنيه بزيادة ‪ %57‬عن موازنة‬
‫‪2019‬م البالغة ‪101,2‬مليار جنيه وتشكل ‪ %28‬من إجملي اإليراد الكلي للموازنة‪ ،‬فقد تراجعت تقديرات الضرائب بسبب اإلغالق‬
‫لمواجهة أزمة كورونا إلى ‪ 55‬مليار جنيه‪ ،‬وأن المصدر الثاني المتمثل في المنح األجنبية المتوقعة بقيمة ‪ 156‬مليار جنيه لم يصل‬
‫منها أي مبلغ نهائيا ً طوال عمر الموازنة‪ ،‬وكذلك المصدر الثالث في إيرادات الموازنة ممثال في المبلغ الذي ضعته وزارة المالية‬
‫وقيمته ‪110‬مليار جنيه كإيرادات موعودة من منظومة الصناعات الدفاعية مقدارها ‪ 2‬دوالر‪ ،‬إال أن المنظومة نفت ذلك الحقا‬
‫ووعدت فقط أن تنظر في إمكانية أن تستورد لصالح وزارة المالية سلعا بعائدات صادرها في حدود ‪ 1‬مليار دوالر على أن تستوفي‬
‫ما يعادل إنفاقها على إستيراد هذه السلع بالجنيه السوداني‪ ،‬األمر الذي لم يتم أيضا ً طوال عمر الموازنة ‪2020‬م وحتى نهاية السنة‬
‫المالية‪ .‬وهنالك ‪ 90‬مليارجنيه وضعتها وزارة المالية لتستوفيها من األموال المستردة بلجنة إزالة التمكين وهي عبارة عن عقارات‬
‫وأراضي كانت معظمها حتى نهاية السنة المالية في طور التقاضي ويصعب تسييلها وال تتصف بصفة إمكانية إستدامتها واعتمادها‬
‫كمصدر لإليرادات في الموازنة علي المدي القصير‪ .‬وهنالك أيضا ‪143‬مليار جنيه عبارة عن عائدات رفع الدعم عن المحروقات‬
‫وهي رقم لم يأخذ في اإلعتبار أو يراعي أن ‪ %60‬من المحروقات تستهلكها آليات وعربات المؤسسات والهيئات الحكومية‪ .‬كما‬
‫تم رصد مبلغ ‪ 206‬مليار للمرتبات‪ ،‬وهو مبلغ غير كافي لتغطية زيادة بنسبة ‪ %569‬في المرتبات وظهر العجز فيه منذ الشهر‬
‫األول‪ .‬فضالً عن أن كثيرا ً من اإليرادات المتوقعة في بند اإليرادات األخرى‪ ،21‬كانت توجد مؤشرات واضحة الداللة على أنها‬
‫إيرادات مشكوك في تحققها كليا ً أو جزئياً‪ .‬ومن واقع اإليرادات وما طرأت عليها وأظهرت بجالء عدم واقعيتها‪ ،‬سيكون عجز‬
‫الموازنة أكبر كثيرا ً من مبلغ الـ ‪ 73‬مليار جنيه المذكور في وثيقة الموازنة ‪2020‬م‪ .‬فضالً عن اإلعتمادات التي أقرتها وزارة‬
‫المالية خارج الموازنة وأعلنها الدكتور البدوي في إجتماعه المشترك الذي ضم إدارات الوزارة ولجنة الخبراء اإلقتصاديين لقحت‬
‫في مبنى وزارة المالية في مارس ‪2020‬م‪ ،‬وكما يأتي‪ 30 ،‬ملياركدعم غير مسبوق للقطاع الصحي لمواجهة كرونا‪ 45 ،‬مليار‬
‫جنيه لدعم األسر في القطاع غير المنظم‪ 20 ،‬مليار جنيه لدعم الجمعيات التعاونية لتوفير السلع من المنشأ للمستهلك بسعر التكلفة‪،‬‬
‫‪ 75‬مليار جنيه لهيكلة النظام الراتبي الجديد‪ 30 ،‬مليار جنيه إعتمادات للمسرحين وبند للعطالة من الخريجين وإعانات ضمان‬
‫إجتماعي‪ .‬وبذلك تبلغ جملة هذه اإلعتمادات ‪ 200‬مليار جنيه‪ .‬فضالً عن أن في نية وزارة المالية وقتها كما أعلنها وزير المالية‪،‬‬
‫أن تقدم للقطاع الخاص (السيما المشاريع الصغيرة) دعم نقدي بإعفاءآت ضريبية‪ ،‬وتجميد سداد الديون‪ ،‬وتقديم قروض مصرفية‬
‫بشروط ميسرة‪ .‬وهكذا فقد كانت الحكومة اإلنتقالية ووزارة ماليتها ضمن سعيها للوفاء بشروط صندوق النقد الدولي تتبع سياسة‬
‫نقدية توسعية دون حساب وتعتمد أرقام ومخصصات ليس لديها موارد حقيقية لتغطيتها وهو ما يشير إلي عدم اهتمامها نهائيا‬
‫بااللتفات لحشد الموارد الذاتية وهو ما يؤكد ضعف خبرتها وعدم مراعاتها ألبسط قواعد علم اإلقتصاد التي تحكم إدارة المالية‬
‫العامة للحكومات الرشيدة في التاريخ الحديث والمعاصر‪.‬‬
‫إن من ثوابت مطلوبات صندوق النقد الدولي‪ ،‬وكذلك الدول الصناعية الكبرى الدائنة من الدول المدينة العاجزة عن الوفاء‬
‫بمديونياتها‪ ،‬والسيما مستعمراتها السابقة‪ ،‬والتي في الوقت نفسه تعاني عجزا ً في موازناتها العامة وفي حاجة لمنح وإعانات‬
‫وقروض إسعافية‪ ،‬أن تطالبها بزيادة الجهد الضريبي وتوسيع مظلته‪ ،‬وبالمزيد من اإلصالح اإلقتصادي وإعادة الهيكلة‬
‫والخصخصة‪ ،‬وبإستبدال دعمها السلعي بدعم نقدي مباشر‪ ،‬وبتعويم عمالتها الوطنية‪ ،‬وعلى نحو عام تطالبها بإتباع سياسة مالية‬
‫توسعية في اإلنفاق النقدي الحكومي والمصرفي وذلك لتضمن وفاء الدول المدينة بأقساط ديونها كأولوية قصوي وفي المقام األول‬
‫دون أي أعتبارات اقتصادية أخري تراعي مصلحة الشعب ومصلحة االقتصاد الوطني‪ .‬وهذه الدول الدائنة بعد أن أغرقت أسواق‬
‫الدول المدنية بسلعها المصنعة المصدرة إليها بنسبة تصل إلى ‪ %95‬من إجمالي سلع المعروضة في السوق المحلي‪ ،‬كما سيطرت‬
‫على أذواق المستهلكين في هذه األسواق‪ ،‬وضمنت تدني اإلنتاج واإلنتاجية وضعف القدرة على اإلحالل في إقتصاديات هذه الدول‬
‫المدينة‪ ،‬قد أصبح يهمها في المقام األول الغاء الدعم السلعي‪ ،‬وتطبيق السياسة المالية التوسعية في اإلنفاق الحكومي والمصرفي‬
‫(النقدي) في هذه األسواق لتعظيم الطلب فيها‪ .‬ذلك ألن هذا الطلب يحرك زيادة اإلنتاج السلعي في الدول المصدرة‪ .‬كذلك ألن‬
‫اإلنفاق على االستيراد منها‪ ،‬تدفع الدول المستوردة في إتجاه اإلنفاق على وارداتها المتعاظمة بتصدير المواد الخام‪ ،‬وفوائض‬
‫عمالتها إلى الدول الغنية‪ .‬لذلك فإن وزارة المالية ولتنفك من هذا اإلسار‪ ،‬عليها أن تأخذ بالمقترحات الواردة في هذا البرنامج الذي‬

‫‪ 21‬جريدة التيار‪ ،‬لقاء عثمان ميرغني‪ ،‬حديث المدينة (شركة في إنتظار التفكيك)‪ ،‬أكد الدكتور إبراهيم البدوي أن عائدات هيئة الطيران المدني‪ ،‬رسوم مرور الطائرات‬
‫بممرات أجواء السودان‪ ،‬التي وصفها عثمان ميرغني رئيس التحرير‪ ،‬بأنها تبلغ نحو ‪ 500‬مليون دوالر وقد يصل المتراكم منها للمليارات‪ ،‬تتحصلها شركة في سويسرا‬
‫وتضعها في حساب في بنك أبو ظبي خارج الموازنة العامة‪ ،‬وأن وزارة المالية حتى‪2020 5/15‬م تاريخ اللقاء‪ ،‬ال تعلم عن أرصدتها أية معلومات‪.‬‬

‫كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة ‪ 05‬إبريل ‪2022‬م‬
‫‪Page 34 of 54‬‬
‫يقوم على أساس سياسة اإلعتماد على الذات في تنمية عائدات اإلقتصاد الوطني من النقد األجنبي عبر خمسة بدائل وطنية من‬
‫موارد النقد األجنبي ستكفي وقد تفيض عائداتها عن إحتياجات المكون األجنبي للموازنة العامة‪ ،‬والتي تطرقت إليها هذه الوثيقة‬
‫بشكل تفصيلي‪ .‬لتضع الحكومة اإلنتقالية ووزارة المالية فيها منهج اإلعتماد على الذات‪ ،‬مكان الرهان الذي ال طائل من ورائه‬
‫على المنح والمعونات والقروض األجنبية‪.‬‬

‫كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة ‪ 05‬إبريل ‪2022‬م‬
‫‪Page 35 of 54‬‬
‫الملف رقم (‪)9‬‬
‫إسهام إسترداد دور الدولة في الملكية والنشاط اإلقتصادي في حل مشكلة اإلقتصادية‪ ،‬وتجميع عائداتها من العمالت الحرة‬
‫في تعظيم عائدات تدفقات النقد األجنبي في إيرادات الموازنة العامة‬
‫إنه من المهم لسد الفجوة في الموازنة العامة من النقد األجنبي فضالً عن النقد المحلي‪ ،‬إسترداد الدولة لدورها التنموي في العملية‬
‫اإلقتصادية عبر إستعادة القطاع العام لدوره على نحو متدرج في النشاط اإلقتصادي‪ ،‬بإستعادة ملكية وتشغيل مرافق الخدمات‬
‫التي كانت تمتلكها وسلبت منها بالخصخصة والتصرف بالبيع الجائر‪ ،‬وإعادة تأسيسها أو تأهيلها وال سيما في قطاعي خدمات‬
‫النقل واإلتصاالت‪ ،‬مثال الخطوط البحرية (سودان الين )‪ ،‬والخطوط الجوية السودانية (سودانير)‪ ،‬السكك الحديدية‪ ،‬واستعادة‬
‫ملكية الدولة ونشاطاها اإلقتصادي في قطاع االتصاالت وذلك وفقا لما يلي‪:‬‬

‫‪ -1‬ال يجوز أن تفقد الدولة لناقل وطني بحري بعد ‪ 60‬ستين عاما ً من تأسيسه‪ ،‬وال يضم في الوقت الحالي حتى سفينة واحدة للنقل‬
‫البحري بعد أن كان يضم حتى ‪1989/6/29‬م عشية إنقالب الجبهة اإلسالمية القومية ‪ 15‬سفينة تعتبر ثاني أسطول بحري في‬
‫إفريقيا بعد أسطول جنوب إفريقيا بحمولة إجمالية مقدارها ‪ 122,679‬طن ينقل (‪ %46‬من الصادرات الوطنية‪ ،‬و‪ %51‬من‬
‫الواردات‪ ،‬وظهيره ساحل بطول (‪ 670‬كلم) يطل على البحر األحمر الذي يتوسط تواصل شرق العالم وغربه‪.‬‬
‫‪ -2‬وكذلك ال تمتلك شركة الخطوط الجوية السودانية (سودانير) غير طائرة واحدة تم العثور عليها بعد بحث مضن في دولة‬
‫أوكرانيا بعد سقوط نظام اإلنقاذ‪ ،‬بعد أن باع نظام اإلنقاذ كل الطائرات التي كانت تصل بانتظام إلى معظم أهم العواصم العربية‬
‫واإلفريقية وكل عواصم دول أوربا الغربية‪ .‬ومطار الخرطوم يتوسط إفريقيا‪ ،‬ويمر في سمائه (‪ )42‬ممر جوي‪ ،‬ويترحل جواً‬
‫سنويا منه وإليه عبر مطار الخرطوم ما يربو على ‪ 4‬أربعة مليون مسافر‪ 22‬من السودانيين المغتربين‪ ،‬بطائرات نحو ‪24‬‬
‫شركة طيران عربية وأجنبية تقدم خدماتها لهم حتى في الميناء الجوي للعاصمة السودانية مطار الخرطوم‪.‬‬
‫‪ -3‬والسكك الحديدية التي تأسست عام ‪1875‬م وغدت لها مكانة إقليمية ودولية‪ ،‬بطول ‪ 5,978‬كلم بعد أن كانت تمتلك عشية‬
‫إنقالب الجبهة اإلسالمية وقيام نظام اإلنقاذ في ‪1989/6/30‬م ‪ 314‬قاطرة‪ ،‬و‪ 4,186‬عربة منها ما هو لنقل المواطنيين ومنها‬
‫ما هو لنقل الحيوانات والبضائع وتانكرات لنقل المحروقات والزيوت‪ ،‬وورش تأهيل وصيانة وإدارة يعمل فيها حتى‬
‫‪1989/6/29‬م ‪ 36,000‬ألفا ً من العمال والموظفيين والفنيين والمهندسيين‪ .‬وتنقل ‪ 4‬مليون طن من البضائع تشكل نسبة ‪%90‬‬
‫من إجمالى طاقة النقل البري وأقلها تكلفة في االقتصاد الوطني‪ .‬وهي اآلن تعايش تدهورها المتمثل في الخصخصة والتمكين‬
‫لشركات وقيادات غير كفوءة‪ ،‬نتج عنها ضياع الخبرة المتراكمة في عمرها الممتد منذ عام ‪ 1875‬إلى عام ‪1989‬م‪ ،‬وتدهورت‬
‫ورش التأهيل والقدرة على الصيانة‪ ،‬بينما تعطلت القاطرات وآالف العربات‪ .‬وتدهورت أوضاع القضبان والمحطات وفقد‬
‫المرفق قاعدة العاملين وفرصة النشاط اإلقتصادي كناقل كفوء قليل التكلفة ورابح في الوقت نفسه‪.‬‬
‫‪ -4‬وفي مجال اإلتصاالت فقد القطاع العام سوداتل التي كانت تمتلك الدولة معظم أسهمها وتحقق معدل أرباح في متوسطها ‪،%65‬‬
‫ومعدل عائد سنوي وصل في عام خصخصتها ‪ 300‬مليون دوالر‪ ،‬وملكية السودان في أسهمها (‪ ،)%80‬بينما الشريك‬
‫(الكويت) التي آلت إليها الشركة بالخصخصة تمتلك ‪ ،%20‬ويعايش اإلقتصاد الوطني حاليا ‪ 4‬شركات إتصاالت تربح نحو‬
‫‪ 4‬مليار دوالر وتشكل بإصدارات كروت الشحن سلطة رديفة لسلطة بنك السودان في اإلصدار النقدي‪ ،‬ولها الكفة الراجحة‬
‫في اإلستحواذ على عوائد النقد األجنبي عن الصادر السلعي النقدي لإلقتصاد الوطني السيما الثروة الحيوانية والحبوب الزيتية‪.‬‬
‫بينما تدفع فقط ‪ % 7‬ضريبة على أرباحها بالعملة الوطنية‪ ،‬من جملة أرباحها التي تبلغ المحولة منها بالنقد األجنبي بالنافذة‬
‫الرسمية نحو ‪ 3,6‬مليار دوالر إلى ‪ 4‬مليار دوالر في السنة‪.‬‬
‫التوصيات ‪:‬‬
‫‪ -1‬أن تضع لجنة البحوث والدراسات برنامجا وخطة إلعادة تأهيل وتأسيس مرافق القطاع العام في قطاغ النقل واإلتصاالت‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يرفع التحالف اإلقتصادي ولجنة البحوث والدراسات اإلقتصادية فيها البرنامج والخطة للسيد رئيس وزراء حكومة الثورة‬
‫القادمة للمصادقة بالتنفيذ‪.‬‬
‫‪ -3‬المتابعة عبر لجنة البحوث والدراسات فيها مهمة التنفيذ مع الجهات المختصة التي عليها توفير المتطلبات وإنجاز المهمة‪.‬‬
‫‪ -4‬استرجاع وزارة األشغال السابقة بكل المهام التي كانت تضلع بها‪.‬‬

‫‪22‬سافر عبر مطار الخرطوم (‪ 4,163‬ماليين ومائة وثالثة وستون ألف راكبا ً عام ‪2016‬م)‪ ،‬و (‪ 4276‬ماليين ومئتان وستة وسبعون ألف راكبا ً عام ‪2017‬م)‪ .‬و (‪ 3‬ثالثة‬
‫ماليين عام ‪2018‬م وفق إحصاءآت رسمية صادرة عن مطار الخرطوم‪ 900 ،‬تسعمائة ألف منهم على الخطوط السعودية‪ ،‬والبقية على ‪ 23‬شركة أخرى)‪ .‬ومتوسط‬
‫البضائع المنقولة في السنوات الثالثة (‪ 37‬ألف طن سنويا ً )‪.‬‬

‫كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة ‪ 05‬إبريل ‪2022‬م‬
‫‪Page 36 of 54‬‬
‫الملف رقم (‪)10‬‬
‫توفير متطلبات سد الفجوة في الموازنة العامة بالنقد المحلي‬
‫تأخذ هذه الورقة صيغة التوصيات بما يأتي‪:‬‬
‫‪ -1‬مراجعة وتصويب فصول وفقرات أساسية في بنود شقين في موازنة وزارة المالية للعام الحالي ‪2021‬م والتالي ‪2022‬م‪،‬‬
‫للوصول إلى أربعة أهداف مهمة‪:‬‬
‫الهدف األول‪ :‬إعادة ترصيد العديد من بنود اإلنفاق‪ ،‬بإلغاء بعض بنودها‪ ،‬ودمج بنود أخرى قابلة للدمج مع غيرها‪ ،‬وتخفيض‬
‫الصرف على بعضها اآلخر‪ ،‬وعبر الوفورات المتحققة‪ ،‬من إعادة النظر في حجم األموال المرصودة لبعض المصروفات في هذه‬
‫البنود‪ ،‬يمكن تضييق فجوة الموازنة‪ ،‬وكذلك يمكن تمويل التنمية بها أو بجزء منها ‪.23‬‬
‫الهدف الثاني‪ :‬ترشيد اإلستيراد‪ ،‬بإستبعاد استيراد بعض السلع غير الضرورية‪ ،‬ما تسمى بالسلع الهامشية‪ ،‬أو تلك التي يمكن أن‬
‫تكون لها بدائل محلية‪ ،‬ولحين تجاوز أزمة الفجوة في الموازنة‪.‬‬
‫الهدف الثالث‪ :‬إتخاذ إجراءآت لزيادة اإليرادات‪ ،‬كزيادة ضريبة األرباح على شركات اإلتصاالت من ‪ %7‬إلى ‪ %40‬مع إلغاء‬
‫ضريبة القيمة المضافة‪ ،‬مراجعة اإلعفاءآت الضريبية‪ ،‬وسد ثغرات الجباية األلكترونية‪ ،‬إحالة المتراكم من األموال المجنبة لدى‬
‫الوزارات كافة لوزارة المالية وإيقاف التجنيب‪ ،‬تأكيد الوالية العامة المركزية عبر وزارة المالية على الشركات الحكومية‪ ،‬وشمول‬
‫مظلة المراجعة القومية على المال العام خاصة أصول وعائدات الشركات الحكومية‪ ،‬تخفيض اإلنفاق الحكومي غير الضروري‪،‬‬
‫وترشيد التصرف في عائدات شهادات اإلستثمار الحكومية بتوظيفها في اإلستثمار اإلنتاجي والخدمي ‪ ...‬إلخ‪.‬‬
‫الهدف الرابع‪ :‬تصويب مجمل موازنتي ‪2021‬م‪ ،‬و‪2022‬م بإعادة النظر في تعبئة إيراداتها وتخصيص مصارفها بدقة‪.‬‬
‫‪ -2‬إهتمام الموازنة بدور الدولة أي القطاع العام في زيادة اإلنتاج واإلنتاجية والحماية والدعم‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬وضع خطة محكمة لتطوير أداء اإلقتصاد الوطني لرفع مستوى اإلنتاج واإلنتاجية في كل المرافق الخدمية والمنشآت‬
‫والمشاريع اإلنتاجية الزراعية والصناعية‪ ،‬بتأهيلها للعمل بطاقات التشغيل الكاملة وإعطاء أولوية في التمويل لتوفير قطع الغيار‬
‫والمعدات الضرورية لصيانتها وتمويل مدخالت اإلنتاج وبخاصة من المكون األجنبي لها‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬إستعادة الدولة لدورها في الحماية اإلقتصادية بسياسات الحماية الجمركية وبالدعم العام بالتمويل لمدخالت ومتطلبات اإلنتاج‬
‫الوطني في قطاعي الزراعة والصناعة لتعزير قدرتها التنافسية مع السلع المستوردة التي تنافسها في إشباع الحاجات وتلبية الطلب‬
‫في السوق المحلي‪ ،‬ولرفع إسهامها في نطاق العرض بإحالل بدائل للسلع المستوردة المثيلة‪ ،‬وكذلك لتأهيلها بالدعم والحماية إلنتاج‬
‫سلع تكون مؤهلة في مواصفاتها للمعايير العالمية‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬مراعاة أولويات متطلبات منهج اإلعتماد على الذات في قطاعي اإلنتاج الزراعي (النباتي‪/‬الحيواني)‪ ،‬وقطاع اإلنتاج‬
‫الصناعي المتمثلة فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يعطى لزيادة اإلنتاج واإلنتاجية دور مؤكد للدعم الحكومي للقطاع الزراعي عبر تأكيد تجميد أو إعفاء مديونية القطاعين‬
‫وبخاصة الزراعي‪ ،‬والعودة في المشاريع المروية الكبري لنظام الحساب المشترك خاصة لزراعة القطن‪ ،‬وتمكين‬
‫المزارعين في هذه المشاريع من تأهيل جمعياتهم التعاونية الزراعية وتطوير آلياتها وتقنياتها بمستوى يواكب العصر الحالي‪.‬‬
‫‪ -2‬تقديم دعم يوازي اإلهتمام بالقطاع الزراعي‪ ،‬بالتمويل بالنقد المحلي والمكون األجنبي للقطاع الصناعي الخاص والعام‬
‫خاصة الدعم والرعاية التي تمكن القطاع الخاص الصناعي‪ ،‬ال سيما في الصناعة التحويلية‪ ،‬من تأهيل منشآته وتوفير‬
‫مدخالته اإلنتاجية‪ ،‬خاصة في صناعات الدواء‪ ،‬والكيماويات‪ ،‬والزيوت‪ ،‬والصابون‪ ،‬والسكر‪ ،‬والنسيج‪ ،‬ومدابغ الجلود‬
‫والمصنوعات الجلدية‪ ،‬والبالستيك‪ ،‬والصناعات البترولية‪ ،‬ومواد البناء‪.‬‬
‫‪ -3‬إستعادة القطاع العام لمرافقه التي كان يوظفها في التجارة الخارجية بأن تتولى الدولة في حيز اإلستيراد‪ ،‬إستيراد السلع ذات‬
‫الربحية المضمونة والمتميزة بارتباطها بحاجة الناس‪ ،‬كإستيراد الطاقة (المحروقات‪ ،‬عبر وزارة الطاقة)‪ ،‬والقمح والدقيق‪،‬‬
‫والسكر‪ ،‬عبر وزارة التجارة‪ ،‬واألدوية عبر وزارة الصحة وإدارة اإلمدادات الطبية‪ .‬على أن تؤهل الدولة مرافقها التي‬
‫تضمن سالمة توزيع هذه السلع‪.‬‬

‫مرفق تقرير يتضمن البنود المرشحة إلعادة الترصيد باإللغاء والتغفيض والدمج من إعداد خبراء إقتصاديين من لجنة المقاومة في وزارة المالية‪.‬‬ ‫‪23‬‬

‫كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة ‪ 05‬إبريل ‪2022‬م‬
‫‪Page 37 of 54‬‬
‫‪ -3‬أهم إجراءآت إزالة التمكين في شقه اإلقتصادي‪:‬‬
‫‪ -‬يتمثل أحد أهم مفاتيح حل األزمة اإلقتصادية‪ ،‬وتعزيز فاعلية البدائل الوطنية في سد فجوة العجز في الموازنة العامة أيضا‪ ،‬في‬
‫‪ 5‬خمسة إجراءات تتطلبها إزالة التمكين في شقه اإلقتصادي‪ ،‬ويمكن عرض هذه اإلجراءآت بإيجاز فيما يأتي‪:‬‬
‫(أوالً) تبديل العملة‪.‬‬
‫(ثانيا ً) حصر ومراجعة عائدات حقوق ملكية الشركات الحكومية‪ ،‬بما يضع كل المال العام تحت والية وزارة المالية واإلدارة‬
‫الفنية لكل وزارة مختصة‪ ،‬وتحت مظلة ديوان المراجعة القومي‪ .‬وحصر ومراجعة شركات القطاع الخاص الرمادية‪ ،‬للوقوف‬
‫على أوضاعها القانونية في سجالت مسجل الشركات بوزارة العدل‪ ،‬وعلى موقف شمولها بمظلة المراجعة القانونية لموازناتها‬
‫وميزانياتها‪ ،‬وتدقيق ملفاتها للتحرى عن مقراتها‪ ،‬ومجاالت نشاطاتها‪ ،‬وعن مدى إلتزامها بأعبائها الضريبية‪ ،‬وعن وفائها بحقوق‬
‫الدولة في أصولها وعوائد أرباح الدولة من أسهمها فيها‪ ،‬ومدى وفائها بحقوق الخزينة العامة في مداخيلها من النقد األجنبي‪.‬‬
‫(ثالثا ً) إصالح النظام المصرفي‪ ،‬والضريبي‪.‬‬
‫(‪ )1‬إصالح النظام المصرفي وإعادة هيكلته‪:‬‬
‫‪ -‬خارطة الطريق‪ :‬نحو تدقيق وتصويب وتوفيق أوضاع النظام المصرفي اإلسالمي في السودان وإعادة هيكلته‪:‬‬

‫• كيف يمكن أن يسترد الشعب بعد الثورة نظامه المصرفي‪.‬‬


‫• يتطلع الشعب السوداني بعد الثورة في المرحلة اإلنتقالية وما بعدها من مستقبل‪ ،‬لخارطة طريق نحو تدقيق وتصويب‬
‫وتوفيق أوضاع النظام المصرفي اإلسالمي في السودان وإعادة هيكلته من خالل‪:‬‬

‫(أ) تشكيل اللجان المكلفة بتدقيق أوضاع المصارف اإلسالمية‪:‬‬

‫توصي هذا الوثيقة‪ ،‬أن يكلف بتدقيق أوضاع كل بنك من البنوك العاملة في البالد‪ ،‬لجنة من ممثلين لوزارة المالية والمصرف‬
‫المركزي والنيابة العامة‪ ،‬والجهتين األمنية والشرطية‪ ،‬وقانونيين ومراجعيين ومحاسبيين وإداريين ماليين‪ ،‬ومصرفيين‪.‬‬

‫(ب) مهمات وأهداف لجان التدقيق‪:‬‬

‫يجب أن يكون في مقدمة مهمات اللجنة المكلفة بتدقيق أوضاع كل مصرف على حدة أن تعمل أوالً للحصول على المستندات‬
‫والوثائق والمعلومات الالزمة إلمتالك قاعدة بيانات عما يأتي‪:‬‬

‫أسماء المؤسسين وحملة األسهم‪ ،‬على أن يتم التركيز على المالكين وقت الخصخصة‪ ،‬ألنهم استفادوا من ملكيتهم‬ ‫➢‬
‫للمصارف في الحصول على تسهيالت لمجموعاتهم االئتمانية وأسهموا بذلك في إضعاف المراكز المالية لهذه‬
‫المصارف‪ .‬ومن ثم تخارج العديد منهم نسبيا ً من الملكية لجهات حكومية وشبه حكومية مثال الضمان اإلجتماعي‪ ،‬ولكنهم‬
‫لم ينسحبوا من صدارة قائمة المتمولين ومن الهيمنة اإلدارية أو التأثير بشكل أو بآخر على القرار في هذه المصارف‪.‬‬
‫بيانات الوضع المالي للمصرف من حيث الودائع بأنواعها كافة‪ ،‬واألصول المملوكة والمطلوبات‪ ،‬وبيانات المدينين‪.‬‬ ‫➢‬
‫قوائم بأسماء العمالء المتمولين بالقروض الممنوحة في تاريخ عمل المصرف منذ تأريخ خصخصة النشاط المصرفي‬ ‫➢‬
‫في السودان‪ ،‬وحجمها واألغراض الممولة (إنتاجية‪ ،‬خدمية)‪ ،‬وأداة التمويل (مضاربة‪ ،‬مشاركة‪ ،‬مرابحة‪ ،‬سلم ‪...‬إلخ‪.‬‬
‫وضمانات الوفاء المقدمة مقابل اإلئتمان الممنوح‪ ،‬وحركة الوفاء بالمديونيات‪ ،‬وحاالت اإلعسار والتسهيالت وإعادة‬
‫الجدولة‪ ،‬واإلعفاءآت من المديونيات والمستفيدون منها‪.‬‬
‫المتبوئو ن مواقع رئاسة وعضوية مجالس اإلدارات والوظائف اإلدارية العليا‪ .‬وتحديد عالقتهم بتأسيس البنك وبملكية‬ ‫➢‬
‫أسهمه‪ ،‬ومدى إستفادتهم من وتسهيالته‪ ،‬ومدي إرتباطاهم بأجهزة الدولة السيادية والتنفيذية واألمنية والنافذين فيها‪.‬‬
‫إجراء تدقيق مماثل لما جاء أعاله لكافة األصول والشركات المملوكة كاملة أو بأسهم من كل مصرف‪ ،‬والنشاطات‬ ‫➢‬
‫واإلستثمارات المباشرة لكل مصرف داخل وخارج السودان‪ .‬على أن تعامل بعد حصرها كجزء ال يتجزأ من موجودات‬
‫المصرف وعائدا ً لكافة المؤسسين وحملة األسهم وأصحاب الودائع اإلستثمارية‪.‬‬

‫كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة ‪ 05‬إبريل ‪2022‬م‬
‫‪Page 38 of 54‬‬
‫➢ تدقيق عالقة كل مصرف بالنقد األجنبي عبر النشاط في الصادر وتحويالت المغتربيين وشراء ذهب المعدنيين‪،‬‬
‫واإلستثمارات والنشاط التجاري بالنقد األجنبي مباشرة عبر المصرف أو عبرشركات تابعة داخل وخارج السودان‪.‬‬
‫➢ الوضع الدائن والمدين في حسابات كل مصرف مع الدولة والمصرف المركزي‪ ،‬سواء عن تمويل أو خدمة الدين أو‬
‫ناتجة عن شراء وبيع شهادات اإلستثمار الحكومية‪.‬‬

‫(‪ )2‬توفيق األوضاع للمصارف اإلسالمية وإعادة هيكلتها‪:‬‬


‫(أ) ما يجب أن يراعي في وتوفيق النظام المصرفي‪:‬‬

‫عدم اإلضرار بحقوق فروع المصارف األجنبية والمشتركة المكفولة بعقود التأسيس‪ ،‬فيما عدا نظام العمل بنافذتين‪.‬‬ ‫➢‬
‫عدم اإلضرار بحقوق المساهمين من غير السودانيين في أصول إستثماراتهم وأرباحهم وودائعهم‪ ،‬وكذلك في حقوقهم في‬ ‫➢‬
‫إستمرار توظيف أموالهم في اإلستثمار داخل السودان وفق التعاقدات السارية معهم‪.‬‬
‫مراعاة حفظ حقوق كافة العاملين في البنوك المشمولة بتدقيق األوضاع وتوفيقها وإعادة هيكلتها وعدم اإلنتقاص من حقوقهم‬ ‫➢‬
‫في اإلستمرار في العمل‪ ،‬ودرجاتهم الوظيفية‪ ،‬وحقوقهم الناتجة عن سنوات الخدمة‪ ،‬واستحقاقاتهم وفق عقود العمل السارية‪،‬‬
‫وتكييف كل ذلك مع نظم العمل والحقوق التي يتطلبها تصويب أعمال هذه المصارف وبما يتناسب مع مؤهالتهم وخبرتهم‬
‫وكفاءتهم‪.‬‬
‫صيانة حقوق كافة أصحاب الودائع بكافة أشكالها‪ ،‬وحفظ حقوقهم في إختيار نوافذ العمل المتاحة التي يرغبون في إدراج‬ ‫➢‬
‫حساباتهم فيها عند تطبيق نظام النافذتين‪.‬‬
‫عمل إجراءآت التصفية والدمج متي اقتضي الوضع المالي للمصرف ومديونيته وأصوله‪ ،‬والمصلحة العامة‪ ،‬وصيانة حقوق‬ ‫➢‬
‫المودعين والعاملين‪ ،‬في حالة إتخاذ مثل هذه اإلجراءآت‪.‬‬

‫(ب) مقاصد وأهداف تدقيق وتصويب وتوفيق األوضاع وإعادة الهيكلة‪:‬‬

‫إلغاء القرار الوزاري رقم ‪ 69‬الصادر في ‪ /14‬سبتمبر (آب) ‪1990‬م الذي قضى باألسلمة الشاملة للنظام المصرفي في‬ ‫➢‬
‫السودان‪ ،‬وإلغاء كافة القوانيين ونظم العمل التي اتبعت في العمل المصرفي إستناداً إليه‪ ،‬وإعتماد نظام العمل بنافذتين‪ ،‬نافذة‬
‫للعمل بنظام الفائدة المصرفية‪ ،‬ونافذة أخرى إلى جانبها تعمل بأدوات العمل البديلة (اإلسالمية)‪ ،‬في كافة المصارف العاملة‬
‫حاليا ً بعد تدقيق وتوفيق أوضاعها وإعادة هيكلتها‪ .‬على أن تكون هذه المصارف بمثابة الفرصة المتاحة لرؤوس األموال‬
‫الخاصة في اإلستثمار المصرفي‪ ،‬إلى جانب مصارف القطاع العام الخمسة التي ستؤسس إلى جانبها‪.‬‬
‫مراجعة األخطاء التي صاحبت خصخصة القطاع المصرفي‪ ،‬والوقوف على تمويالت كل مصرف وتدقيق مدي مراعاتها‬ ‫➢‬
‫لضوابط العمل المصرفي في منح اإلئتمان ومالءمة أغراضه وإستيفاء حقوق المودعين‪ .‬وتقويم أغراض التمويل وأهداف‬
‫إختيار المتمولين ومدى تقيدها بمتطلبات التمويل التنموي واسترداد الحقوق العامة وحقوق المودعين إن تعرضت ألي تغول‪.‬‬
‫وضع أسس جديدة لتنظيم حقوق النشاط اإلقتصادي الخاص في صلتها بملكية حقوق التأسيس واإلستثمار وملكية األسهم في‬ ‫➢‬
‫النشاط المصرفي‪ ،‬بما يوسع قاعدة المالكين‪ ،‬ويحفظ للدولة حيزاً في الملكية لكل مصرف من مصارف القطاع الخاص‬
‫عامل في البالد‪ ،‬وبما يبرئ العمل المصرفي من التسييس والتمييز ومخاطر التمكين واإلنحراف عن دوره المهني والوطني‪.‬‬
‫ويضمن في أدائها ألعماله المصرفية التقيد بتقاليد العمل المصرفي المهنية السليمة‪ ،‬التي تحقق سالمة أدائه لوظائفه الثالثة‪،‬‬
‫تعبئة المدخرات‪ ،‬وتمويل اإلستثمارات‪ ،‬وتقديم الخدمات المصرفية‪.‬‬
‫ً‬
‫تأسيس خمسة بنوك مملوكة للقطاع العام تعمل جميعها بنظام سعر الفائدة حصرا مصرف زراعي‪ ،‬ومصرف صناعي‪،‬‬ ‫➢‬
‫ومصرف عقاري‪ ،‬ومصرف تجاري‪ ،‬ومصرف للمغتربيين‪ ،‬على أن تعبر هذه المصارف في تمويالتها عن الدور التنموي‬
‫للدولة في تقديم الدعم العام للقطاع اإلنتاجي الزراعي‪ ،‬والصناعي على نحو خاص‪ ،‬والخدمي‪ ،‬والبنية التحتية على نحو‬
‫عام‪.‬‬
‫ربط مؤسسة مصرفية مدعومة برصيد من المالية وبنسبة من ودائع البنوك‪ ،‬تكون بمثابة محفظة مستقلة‪ ،‬لتقديم التمويل‬ ‫➢‬
‫األصغر للمهنيين والشباب بهد ف محاربة البطالة‪ ،‬وتوسيع قاعدة إسهام اإلستثمارات الصغيرة في التنمية اإلنتاجية‪،‬‬
‫والخدمية‪.‬‬

‫كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة ‪ 05‬إبريل ‪2022‬م‬
‫‪Page 39 of 54‬‬
‫➢ إعادة تأسيس البنك القومي لإلستيراد والتصدير‪ ،‬ليخدم قطاع الصادر ال سيما شركات المساهمة العامة العاملة فيه‪.‬‬
‫➢ إعادة تأسيس مصرف التنمية التعاوني ليعمل على خدمة النشاط التعاوني اإلنتاجي واإلستهالكي‪.‬‬

‫(رابعا ً) مراجعة كافة أعمال لجنة التصرف في الممتلكات العامة‪ ،‬أي مراجعة إجراءآت الخصخصة والتصفية بالبيع التي نفذتها‬
‫اللجنة في ممتلكات الدولة بالخصخصة والتصفية بالبيع ألقيم مرافق الدولة الخدمية ومنشآتها اإلنتاجية في صفقات جميعها فاسدة‪.‬‬
‫ذلك ألن كافة هذه الصفقات قد صبت في إطار التمكين لفئات بعينها مرتبطة بالنظام السابق‪ ،‬وعلى حساب حقوق الشعب في‬
‫ممتلكاته وثروته وموارده اإلقتصادية وعائداتها‪ .‬وهذه المراجعة ستسهم في إسترداد الكثير من األموال المنهوبة يمكن أن تكون‬
‫قد تم التعدي عليها عبر التصرف بالخصخصة والبيع الجائر في مرافق ومنشآت القطاع العام‪ ،‬ال سيما ما تم نهبها من أصول‬
‫المرافق والمنشآت التي تم التصرف فيها بالخصخصة والبيع‪.‬‬
‫(خامساً) يؤكد منهج اإلعتماد على الذات على أن الرد الصائب على ما فعلت لجنة التصرف في ممتلكات القطاع العام‪ ،‬يتمثل في‬
‫أن يم َّكن القطاع العام من إسترداد مرافقه الخدمية ومنشآته اإلنتاجية‪ ،‬ومن إعادة تأهيلها لتتمكن الدولة مجددا ً من توظيف ريوعها‬
‫وأرباحها من ممتلكاتها‪ ،‬في اإلنفاق العام على مجانية التعليم والعالج ودعم اإلنتاج‪ .‬بما يخفف هذا العبء عن كاهل المصدر‬
‫الضريبي‪ .‬ويتعضد ذلك أيضا باستعادة األموال المنهوبة وفقا لما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬إستكمال إجراءآت لجنة إزالة التمكين واسترداد األعمال المنهوبة‪ ،‬بترافق أعمالها باإلجرآءات الحقوقية والعدلية المكملة‪،‬‬
‫النيابية والقضائية والعدلية واألمنية والشرطية‪ ،‬بما يضمن حسن التصرف واأليلولة والتأمين لهذه األموال‪ ،‬وبذل المجهودات‬
‫الكافية إلمتداد عملية إسترداد األموال المنهوبة إلى مالذاتها خارج السودان‪.‬‬
‫‪ -2‬توفير ضمانا ت حسن إدارة المرافق والشركات والمنشآت المستردة للوالية العامة في نطاق إزالة التمكين واسترداد األموال‬
‫المنهوبة‪ ،‬وذلك بعدم اإلمتثال لشروط الصندوق والبنك الدوليين المطالبين بخصخصتها أو تصفيتها بالبيع وذلك عبر ما يأتي‪:‬‬
‫➢ الحرص على تصحيح أوضاعها وتأهيلها ماليا ً وإداريا ً واإلحتفاظ بها مؤهلة في نطاق القطاع العام‪ ،‬موزعة على الوزارات‬
‫المختصة كإدارات ملحقة إلى جانب إداراتها أو كمؤسسات أو هيئات عامة ترتبط بها‪.‬‬
‫➢ تأجيل أي نظر في تحويلها لشركات عامة مساهمة‪ ،‬إلى ما بعد إنجاز تبديل العملة‪ ،‬وإستكمال ضرب واجتثاث التمكين‬
‫واإلكتناز الذي ال زال حاليا ً تحت هيمنة الفئات المرتبطة إقتصاديا بدولة نظام اإلنقاذ‪ ،‬والزالت متوالية مع الثورة المضادة‪.‬‬
‫‪ -4‬إصالح النظام الضريبي ‪:‬‬
‫‪ 1-4‬إصالح النظام الضريبي والجمركي وإعادة هيكلة هذين الجهازين من حيث إصالح القوانين واللوائح والممارسات ومحاربة‬
‫الفساد ومن حيث إزالة التمكين في الجهازين‪.‬‬
‫‪ 2-4‬إيقاف اإلعفاءات الضريبية والجمركية غير المرتبطة بقانون تشجيع االستثمار‪ ،‬أو بحوافز المغتربين‪ ،‬أو بمدخالت الصناعة‬
‫الوطنية‪ ،‬أو الزراعة‪.‬‬
‫‪ 3-4‬تطبيق الضرائب النوعية والتصاعدية على المؤسسات ذات التدفقات النقدية الكبيرة كشركات االتصاالت وغيرها‪.‬‬
‫‪ 4-4‬زيادة الحصيلة الضريبية برفع كفاءة التحصيل ومحاربة التهرب الضريبي‪ ،‬وتوسيع المظلة الضريبية لتشمل أوسع القطاعات‬
‫االقتصادية التي كانت خارج المظلة‪.‬‬
‫‪ 5-4‬ربط النظام الضريبي بتجديد كافة األوراق الثبوتية والتوثيقات ومنح تراخيص العمل وتجديدها وربطه باستخراج شرائح‬
‫االتصاالت والعقارات والسيارات وأي مقتنيات ثمينة‪.‬‬
‫‪ 6-4‬حوسبة النظام الضريبي حسب توصيات المؤتمر االقتصادي‪.‬‬
‫‪ 7-4‬معالجة الترهل اإلداري الخدمة العامة عبر تحويل الفائض من العمالة لشركات المساهمة العامة وقطاعات اإلنتاج المختلفة‪.‬‬
‫‪ 8-4‬تقليل الصرف علي القطاعات األمنية والعسكرية والدستورية‪.‬‬

‫كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة ‪ 05‬إبريل ‪2022‬م‬
‫‪Page 40 of 54‬‬
‫الملف رقم (‪)11‬‬
‫مشكلة المديونية الخارجية والعجز عن توفير متطلب القدرة على سداد أقساطها وفوائدها في آجال إستحقاقها‪ ،‬وكيفية‬
‫التعامل مع مطلوبات صندوق النقد والبنك الدوليين والدائنيين‪ ،‬واستغاللهم عجز إالقتصاد الوطني عن خدمة الدين وفجوة‬
‫الميزان التجاري وتدخالتهم في رسم معالم مسار حاضر ومستقبل االقتصاد الوطني‬
‫‪ -1‬مشكلة ضخامة حجم المديونية الخارجية الموروثة‪:‬‬
‫تبلغ مديونية السودان الخارجية‪ ،‬في آخر األرقام المعلنة في مطلع عام ‪2021‬م ما بين ‪ 60‬مليار إلى ‪ 64‬مليار دوالر‪ .‬وهذا يعني‬
‫أن كل فرد من الـ ‪ 42‬مليون سوداني طفالً كان أم كهالً ذكرا ً كان أم أنثني مدين للصناديق والمؤسسات والدول الدائنة للسودان‬
‫بمبلغ ‪ 15,238‬دوالر (خمسة عشر ألفا ً ومئتان وثمانية وثالثون دوالرا ً أمريكا)‪ ،‬األمر الذي من منظور مداخيل االقتصاد الوطني‬
‫من النقد األجنبي في السنة‪ ،‬يعادل ‪ %100‬من إجمالي تدفقات النقد األجنبي في االقتصاد الوطني لمدة ‪ 21‬عاما ً تقريبا ً‪ .‬إذاً فالوفاء‬
‫بالمديونية التي ورثها السودان من نظام اإلنقاذ تعتبر فوق طاقة اإلقتصاد الوطني في الوقت الحالي‪ .‬وهذه مشكلة لها تبعاتها ومن‬
‫أهمها التراكم المستمر للفوائد الجزائية التي يضيفها الدائنون ألصل الدين والتى تصل حاليا ً إلى (‪ )%86‬من حجم المديونية الكلية‪.‬‬
‫‪ -2‬مشكلة شروط الدائنين‪:‬‬
‫يفرض الدائنون شروطهم على المدينيين المعسرين من الدول كما هو حال السودان‪ ،‬عند المطالبة بالديون‪ ،‬وكذلك لتقديم منح‬
‫وقروض إضافية مطلوبة وإعفاءآت‪ ،‬وذلك عبر آليات وواجهات عدة كصندوق النقد الدولي‪ ،‬والبنك الدولي‪ ،‬والشركات العابرة‬
‫للقارات‪ ،‬وأندية الدائنيين‪ ،‬كنادي باريس‪ ،‬ونادي لندن‪ ،‬والدول والمصارف والموردين الدائيين وواجهاتهم التي يعبرون بها عن‬
‫أهدافهم مثال‪ ،‬شاتام هاوس‪ ، 24‬مجموعة األزمات الدولية‪ ،‬ومؤتمرات أصدقاء السودان‪ ،‬وشركاء السودان‪ ،25‬وأخيرا ً منظمة‬
‫التجارة العالمية‪ ،‬والمنظمات اإلقتصادية المتفرعة عن منظمة األمم المتحدة كبرنامج األمم المتحدة اإلنمائي ‪...‬إلخ‪ .‬وضغوط‬
‫الدائنيين الذين يستغلون المديونية لفرض شروطهم قد وصلت إلى مرحلة أن تصادر القرار االقتصادي الوطني‪ ،‬بل وقد وصلت‬
‫إلى مرحلة المساس بالسيادة الوطنية كفرض التطبيع مع (أسرائيل) وتوقيع إتفاقية سالم إبراهام‪ .‬خاصة بعد أن وجدوا أن الحكومة‬
‫اإلنتقالية على الرغم من عجزها عن الوفاء بالمديونية الخارجية تدير ظهرها لإلعتماد على موراد النقد األجنبي في اإلقتصاد‬
‫الوطني‪ ،‬وتراهن كليا ً وتتطلع في ظروف األزمة اإلقتصادية الخانقة الموروثة‪ ،‬لإلعفاءآت من المديونية العامة الخارجية ولمزيد‬
‫من المنح واإلعانات والقروض‪ ،‬وتدفقات اإلستثمارات األجنبية المباشرة بنظام البوت من أمريكا والدول الغربية‪ ،‬منفتحة لتسخير‬
‫كل القطلعات االنتاجية والخدمية أمام االستثمارات األجنبية بدون حساب‪.‬‬
‫‪ 1-2‬شروط صندوق النقد الدولي هي شروط الدول الغربية الدائنة‪:‬‬
‫إن رأس الرمح في التعبير واإلفصاح والمالحقة بفرض شروط أمريكا والدول الغربية على السودان‪ ،‬هو صندوق النقد الدولي‪،‬‬
‫بشروطه التقليدية المعروفة علي نطاق عالمي‪ .‬وكما جاء آنفا ً‪ ،‬فقد أبلغت موفدة الصندوق أثناء حضورها مؤتمر شاتام هاوس‬
‫السري في الخرطوم بتاريخ ‪2019/10/3‬م الحكومة اإلنتقالية بشروط الصندوق الستة‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫أوال‪ :‬إلغاء الدعم السلعي على أمل أن يستبدل الحقا ً بدعم نقدي مباشر يقدم بعد إحصاء الفقراء المستحقين وتوفير التمويل واآلليات‬
‫المؤهلة للتوزيع‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬تحرير أو تعويم سعر صرف الجنيه السوداني وهو أحد الشروط التي تفرضها الدول الصناعية الكبري علي الدول النامية‬
‫المصدرة للمواد األولية لضمان انخفاض أسعار صادراتها من هذه المواد األولية للدول الصناعية كسلع وسيطة في صناعاتها‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬إلغاء وتحرير سعر الدوالر الجمركي حتى يصل في خاتمة المطاف إلى توحيد سعره مع السعر الموازي وهي أيضا من‬
‫الشروط االستراتيجية التي تفرضها الدول الصناعية الكبري ضمن شروط صندوق النقد الدولي لضمان عدم وجود حواجز‬
‫جمركية علي دخول منتجاتها إلي اسواق دول العالم الثالث ال سيما السوق السوداني خاصة وأن تعويم سعر صرف الجنيه السوداني‬

‫‪ 24‬تشاتام هاوس إسم يطلق على (المعهد الملكي البريطاني للعالقات الدولية)‪ ،‬عقد ‪ 6‬مؤتمرات حول السودان‪ 3 ،‬في بريطانيا و‪ 3‬في نيروبي وأديس أبابا في عهد نظام‬
‫اإلنقاذ‪ ،‬وآخرها في الخرطوم في ‪2019/10/3‬م ( مؤتمر أهل المصلحة) لرسم معالم مستقبل السودان السياسي واإلقتصادي بالتشاور مع الحكومة اإلنتقالية وممثلين للنظام‬
‫السابق والرأسمالية الوطنية‪.‬‬
‫‪ 25‬أصدقاء السودان عدد من الدول الدائنة للسودان مهتمة بمصالحها ومديونيتها على السودان‪ ،‬وتراهن الحكومة اإلنتقالية عليها في سد فجوة الموازنة وإعفاء المديونية‬
‫وتقديم منح وقروض إسعافية‪ ،‬وجميعها يعبر لها عن عالقتها بالسودان صندوق النقد الدولى وتشتام هاوس حالياً‪ ،‬وهي غير متحمسة إلعفاء ديونها وكذلك لتقديم قروض‬
‫إسعافية إال بعد وفاء السودان بشروط الصندوق‪ .‬األصدقاء عقدوا ثالث مؤتمرات لبحث الموقف من مطالب السودان في الخرطوم واستكهولم وباريس‪ ،‬وسيعقدون مؤتمر‬
‫رابعا ً في ‪ / 25‬يونيو (حزيران) ‪2020‬م (إسفيرياً) في برلين ‪ /‬بألمانيا بمشاركة (‪ ) 40‬دولة واألمم المتدة واإلتحاد األوربي‪ .‬وتغيير إسم أصدقاء السودان لشركاء السودان‬
‫تعبير عن حقوق الشراكة في القرار‪.‬‬

‫كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة ‪ 05‬إبريل ‪2022‬م‬
‫‪Page 41 of 54‬‬
‫مقابل العمالت األجنبية يعتبر تخفيضا لقيمة الجنيه السوداني مما يعتبر تخفيضا ضمنيا للرسوم الجمركية أمام منتجات الدول‬
‫الصناعية الكبري‪.26‬‬
‫رابعا ً‪ :‬زيادة دخل الدولة عبر زيادة الضرائب وال سيما غير المباشرة وهو أيضا أحد الشروط التي تفرضها الدول الكبري من‬
‫خالل شروط صندوق النقد الدولي لكي تضمن إيرادات كافية للوفاء بأقساط ديونها علي الدول النامية ومن ضمنها السودان‪.‬‬
‫خامسا ً‪ :‬أن يسدد السودان كامل الديون السيادية التي عليه‪ ،‬وهي ديون الصناديق الدولية‪ ،‬ديون صندوق النقد الدولي والبنك الدولي‬
‫والبنك اإلفريقي للتنمية وقدرها نحو ‪ 3‬مليار دوالر‪ 27‬قبل تلقي اإلعفاءآت والمنح والقروض من المانحين‪ .‬وأن يتفاهم السودان‬
‫مع الواليات المتحدة األمريكية مباشرة حول مطلوباتها لرفع إسم السودان من قائمة الدول الراعية لإلرهاب‪ .‬ألن تطبيع عالقات‬
‫السودان افي اإلقتصاد الدولي‪ ،‬يتطلب إلى جانب اإلستجابة لشروط الصندوق أن يرفع بالتزامن معها إسم السودان من قائمة الدول‬
‫الراعية لإلرهاب‪.‬‬
‫سادساً‪ :‬عدم اإلستدانة من أية جهة مانحة خارج نطاق المانحين الذين سيقدمهم الصندوق وهذا بالطبع يجب أن يعد فيتو على‬
‫إقتراض السودان من دول البترودوالر العربية‪.‬‬
‫وفضالً عن شروط صندوق النقد الدولي الستة جاءت شروط المسؤولين األمريكيين لرفع إسم السودان من قائمة الدول الراعية‬
‫لإلرهاب في لقاءآت مباشرة بالسيدين رئيس الوزراء ووزير المالية‪ ،‬وهي الشرط األول‪ :‬أن يقدم السودان تعويضات ألسر قتلى‬
‫تدمير المدمرة كول قرب ميناء عدن وقتلى عملية تدميرالسفارتين األمريكيتين في كينيا وتنزانيا بمبالغ قدرت إبتدا ًء بما يربو عن‬
‫‪ 10‬مليار دوالر وذلك بدعوى أن السودان‪ ،‬أي نظام اإلنقاذ‪ ،‬من خالل دعمه لإلرهاب يعتبر طرفا ً في هذه الخسائر من أرواح‬
‫األمريكيين‪ .‬والشرط الثاني‪ :‬أن يتفاهم السودان مع أمريكا ضمن متطلبات رفع إسم السودان من قائمة الدول الراعية لإلرهاب‬
‫على موضوع التطبيع مع (إسرائيل) وتوقيع إتفاقية السالم اإلبراهيمي معها‪ ،‬مع تأكيد حرص أمريكا على أن ينفذ السودان‬
‫مطلوبات صندوق النقد الدولي بجدية ودون تباطؤ‪.‬‬
‫كذلك أدلت األمم المتحدة مباشرة بدلوها في فرض شروط على مصادر القرار اإلقتصادي في الحكومة اإلنتقالية عبر مذكرة‬
‫صادرة عن برنامج األمم المتحدة اإلنمائي تحمل موجهاتها للحكومة االنتقالية بتاريخ ‪2018 /4/24‬م‪ ،‬ومن أهم ما جاء فيها إستناداً‬
‫لشروط صندوق النقد الدولي والدائنيين‪ ،‬أنها طالبت الحكومة السودانية باتباع سياسة مالية توسعية في اإلنفاق الحكومي والمصرفي‬
‫بإبتداع إعتمادات صرف حكومية جديدة خارج الموازنة العامة ‪2020‬م‪ ،‬وبإتباع سياسات مصرفية مرنة وبشروط ميسرة توسع‬
‫نطاق منح القروض المصرفية‪ ،‬وقد استجابت وزارة المالية لهذه المطلوبات حيث أنها قد أجازت وقبيل مؤتمر برلين في‬
‫‪2020/6/25‬م الذي كانت األمم المتحدة من أصحاب الدعوة إليه‪ ،‬ثالث إعتمادات إنفاق حكومية خارج الموازنة على نحو مفاجئ‬
‫وغير مستند لقاعدة معلومات أو مؤسسات تنفيذ شملت زيادة المرتبات بنسبة ‪ ،%569‬واعتماد ‪ 200‬مليار جنيه لمواجهة فيروس‬
‫كورونا‪ ،‬واعتماد ثالث بصرف دعم نقدي مباشر ل ‪ %65‬من أفراد الشعب السوداني ‪ 32‬مليون نسمة بواقع ‪ 500‬جنيه شهريا‬
‫لكل منهم‪ ،‬دون أن يحدد لهذه اإلعتمادات الضخمة مصادر تمويل حقيقية واعتمدت علي مصادر غير جديرة بالثقة واإلستدامة‬
‫كعائدات تسييل األموال المستردة عبر لجنة إزالة التمكين‪ ،‬والعون الدولي الذي لم يأت منه شيئا حتى نهاية السنة المالية‪.‬‬
‫‪ 2-2‬شروط منظمة التجارة العالمية الستة‪:‬‬
‫ال تنتهي شروط أمريكا والدول الغربية الدائنة للسودان عند حدود شروط الصندوق الخاصة بالسودان‪ ،‬بل هنالك ‪ 6‬شروط أخرى‬
‫عامة‪ ،‬تعد من مطلوبات قبول السودان كسائر دول العالم في نطاق عضوية منظمة التجارة العالمية لتطبيع وضع السودان في‬
‫اإلقتصاد العالمي والتجارة الدولية‪ ،‬وهذه الشروط هي‪ :‬اإلنفتاح اإلقتصادي أمام تدفق السلع والخدمات عبر التجارة الدولية في‬
‫السوق المحلية دون حواجز‪ ،‬وكذلك اإلنفتاح أمام اإلستثمارات الدولية المباشرة ال سيما عبر نظام البوت‪ ،‬واستكمال إعادة الهيكلة‬
‫واإلصالح اإلقتصادي أي تحقيق المزيد من الخصخصة على نطاق واسع‪ ،‬وتحرير التجارة في السوق المحلية‪ ،‬وإلغاء حماية‬
‫المنتجات الوطنية بإجراءآت تضعف قابليتها التنافسية للسلع والخدمات المستوردة‪ ،‬ورفع كافة أشكال الدعم الحكومي‪ .‬والشرط‬
‫السادس هو تحييد الدولة بعيدا ً عن الملكية والنشاط اإلقتصادي أي إلغاء القطاع العام‪ ،‬لفسح كل مجاالت النشاط اإلقتصادي للقطاع‬
‫الخاص العامل بالوكالة‪ ،‬والنشاط اإلقتصادي األجنبي المباشر الوافد بإستثماراته‪ .‬وتساعد هذه الشروط الخاصة والعامة في‬
‫مراميها غير المعلنة‪ ،‬إلي ما يلي‪:‬‬

‫‪ 26‬إن نحو (‪ 90‬إلى ‪ )% 95‬من السلع في السوق الوطنية السودانية مستوردة‪ ،‬ومعظ مها في المعابر تستوفي حقوق العمليات عنها برسوم وأجور مقومة بالدوالر‪ ،‬بما يقابلها‬
‫بالجنيه بالسعر الموازي‪ ،‬لذلك تتأثر هذه الدفعيات بإرتفاع سعر الصرف للجنيه‪ ،‬وهذه األعباء من الزيادات في كلفة جلب السلع‪ ،‬يتحملها في النهاية المستهلك األخير‪.‬‬
‫فتأثيرها إذن كان يعادل أثر إلغاء سعر الدوالر الجمركي إلى أن تم تعويم سعر الدوالر الجمركي ليتساوى يوميا ً مع سعر صرف الجنيه في السوق الموازي‪.‬‬
‫‪ 27‬في البداية طالبوا السودان بتسديد الديون السيادية وديون دول نادي باريس ومقدارها ‪ 16‬مليار دوالر لفتح سبل منح السودان منح وقروض جديدة‪ ،‬ولكن يبدو أنهم أدركوا‬
‫أن الطلب مبالغ فيه‪ ،‬فخفضوا من سقف الطلب إلى مستوي ديون الصناديق الدولية‪ ،‬وهي على نحو محدد ‪ 2,6‬مليار دوالر‪.‬‬

‫كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة ‪ 05‬إبريل ‪2022‬م‬
‫‪Page 42 of 54‬‬
‫حماية الفئات الرأسمالية التي نمت وتجذرت في اإلقتصاد في السودان في عهد نظام اإلنقاذ بأن تفتح أمامها فرص اإلندماج‬ ‫‪.1‬‬
‫في واقع مابعد ثورة ديسمبر سياسيا واقتصادياً‪ .‬ولقد كان هذا التوجه واضحا ً في توجهات وعضوية المؤتمر السادس الذي‬
‫عقده (تشاتام هاوس) في الخرطوم في ‪2019/10/3‬م‪ ،‬حيث جمعوا في عضوية المؤتمر ممثلو الحكومة اإلنتقالية‪ ،‬رئيس‬
‫الوزراء ووزير المالية‪ ،‬وآخرين‪ ،‬مع ممثليين لنظام اإلنقاذ‪ ،‬وآخرين يمثلون الرأسمالية الطفيلية التي كانت على صلة بنظام‬
‫اإلنقاذ‪ ،‬وأطلقوا علي المؤتمر إسم "مؤتمر أصحاب المصلحة" الذين في رأي (منظمة شاتام هاوس‪ ،‬والدول الغربية الكبري‬
‫يمثلون قوى قيادة مستقبل السودان) بعد سقوط نظام البشير‪.‬‬
‫إغراق اإلقتصاد الوطني في مزيد من المديونية المكبلة بمزيد من الشروط عبر صندوق النقد والبنك الدوليين‪ ،‬ومنظمة التجارة‬ ‫‪.2‬‬
‫الدولية‪ ،‬لضمان إستمرارية التبعية والهيمنة على القرار اإلقتصادي في البالد‪.‬‬
‫الحيلولة أمام كافة أشكال إعادة النظر في المرافق والمنشآت الخدمية واإلنتاجية‪ ،‬وشركات المساهمة العامة التي تمت‬ ‫‪.3‬‬
‫خصخصتها أو تصفيتها بالبيع‪ ،‬حتى ال تعاد مرة أخرى لملكية القطاع العام بما في ذلك النظام المصرفي‪ ،‬وذلك للحفاظ على‬
‫الدولة بعيدة عن الملكية والنشاط اإلقتصادي والحماية والدعم العام‪ .‬ألن تحييد الدولة والحيلولة دون استرداد القطاع العام‬
‫لمرافقه الخدمية ومنشآته اإلنتاجية‪ ،‬التي تمت خصخصتها أو التصرف فيها بالبيع‪ ،‬إنما إلفساح المجال لإلستثمارات األجنبية‬
‫في كافة المجالت التي يزاح منها القطاع العام‪ ،‬للدخول فيها بإستثمارات أجنبية مباشرة ال سيما بنظام البوت‪.28‬‬
‫فتح اإلقتصاد الوطني أمام فرص المزيد من الخصخصة والبيع عبر وزارة المالية‪ ،‬بعرض الشركات الحكومية والرمادية‬ ‫‪.4‬‬
‫التى تسترد للملكية العامة عبر إزالة التمكين للبيع للقطاع الخاص مباشرة‪ ،‬أو بعد تحويلها لشركات تباع أسهمها للقطاع الخاص‬
‫المسنود نقديا ً باإلكتناز وفي حاجة إلسناد عيني‪ .‬وهذا سيعني إستبدال إزالة التمكين بتمكين جديد‪.‬‬
‫الغاء الدعم السلعي‪ ،‬وحصر كل دعم للمواطنيين في الدعم النقدي المباشر لترويج سياسة تعظيم الطلب وزيادة القدرة على‬ ‫‪.5‬‬
‫اإلنفاق النقدي للمواطنيين‪ ،‬ألن ‪ %95‬من السلع المعروضة في السوق المحليي سلع مستوردة‪ .‬وبالتالي فإن تعظيم الطلب‬
‫سيحرك زيادة اإلنتاج في الدول المصدرة لهذه السلع للسوق المحلي‪ .‬كما سيتطلب المزيد من تصدير الذهب والسلع الزراعية‬
‫وتعبئة النشاط الطفيلي لفوائض المغتربيين السودانيين خارج السودان للتمول بها‪.‬‬
‫‪ -3‬مشكلة رهان وزارة المالية والحكومة اإلنتقالية علي الخارج في سد عجز الموازنة العامة للدولة‪:‬‬
‫حيث كانت الحكومة االنتقالية آلخر لحظات حكمها قبل إنقالب ‪ 25‬اكتوبر ‪2021‬م تراهن علي المنح والقروض من المانحين‬
‫وتتطلع لمنحهم وقروضهم بعد تنفيذ شروط الصندوق وذلك في حدود ‪ 10‬مليار دوالر‪ .‬وتتفرع عن مشكلة هذا الرهان ليس‬
‫فقط‪ ،‬اآلثار السلبية لتنفيذ الحكومة اإلنتقالية عبر وزارة المالية لشروط الصندوق‪ ،‬والقرارات التي تم اتخاذها لجعل السودان‬
‫مؤهالً لتلقي هذه المنح والقروض كرفع الدعم السلعي‪ ،‬تعويم العملة‪ ،‬زيادة الضرائب غير المباشرة‪ ،‬تعويم سعر الدوالر‬
‫الجمركي …إلخ)‪ ،‬والتي أدت مجتمعة إلى تفاقم اإلنخفاض المستمر في القوة الشرائية للجنية‪ ،‬وارتفاع سعر صرف العمالت‬
‫األجنبية مقابله بإضطراد‪ ،‬وإلى الزيادة المتصاعدة في المعدل العام لألسعار‪ .‬بل قد تولد عن هذا الرهان أن وزارة المالية قد‬
‫عصفت نهائيا بامكانية نجاح برنامج حشد الموارد الذاتية كحل مرشح للخروج من األزمة االقتصادية ووضع االقتصاد في‬
‫وضعه الطبيعي الوطني السليم‪ ،‬وتعاملت برفض وعداء كبير غير مبرر لمقترح اللجنة اإلقتصادية لقحت وقتها الذي قدم‬
‫خمسة مصادر وطنية بديلة للقروض األجنبية واالعتماد على الخارج‪ ،‬رأت اللجنة أنها كافية لسد فجوة الموازنة وال سيما في‬
‫جانب المكون األجنبي للموازنة‪ .‬كما رأت اللجنة أن تدفقات هذه الموارد الوطنية في إيرادات الموازنة العامة ستمكن اإلقتصاد‬
‫الوطني والحكومة اإلنتقالية من تفادي اإلستسالم لشروط الصندوق المجحفة في حق السودان وفي رفع كاهل المعاناة عن‬
‫المواطنين‪ ،‬إال أن الحكومة اإلنتقالية ووزارة المالية سارت في اإلتجاه المعاكس لمنهج اإلعتماد على الذات وتعبئة الموارد‬
‫الوطنية لسد فجوة الموازنة‪ ،‬وتوغلت بعيدا ً في إتجاه تنفيذ شروط صندوق النقد الدولى ال سيما في ما يتعلق برفع الدعم‬
‫السلعي‪ ،‬وتعويم سعر صرف الجنيه السوداني‪ ،‬وإتخاذ المزيد من اإلجراءآت والتعديالت بالسياسات التضخمية في اإلنفاق‬
‫العام غير اإلنتاجي وغير التنموي‪ ،‬دون مراعاة لضمانات تمويل هذه اإلعتمادات الضخمة من مصادر حقيقية توازي هذه‬
‫النفقات المضافة للموازنة ولإلنفاق الحكومي المتصاعد في الصرف على المؤسسات السيادية المترهلة غير المنتجة‪.‬‬
‫‪ -4‬لقد مارست المنابر اإلعالمية للحكومة االنتقالية والمنابر الموالية والداعمة لمنهجها االقتصادي درجة عالية من التضخيم‬
‫إلنجازات الحكومة االنتقالية وبشكل مضلل للرأي العام في تصوير إيجابيات غير مستحقة لسياسة االعتماد علي الخارج‬
‫والخضوع لشروط صندوق النقد الدولي والدائنين بالذات بعد مؤتمر باريس وبعد اإلجتماع المشترك بين مجلسي صندوق‬
‫النقد والبنك الدوليين في ‪ 29 – 26‬يونيو‪2021‬م الذي قرر أن السودان قد أوفي بالشروط التي تؤهله للوصول لنقطة القرار‬
‫في مبادرة الهيبك‪ ،‬ال سيما تعويم سعر صرف العملة الوطنية‪ ،‬وإلغاء سعر الدوالر الجمركي‪ .‬وقد أحدثت هذه الحملة اإلعالمية‬
‫غير المبررة لهذه المنابر ضجة تعلن وصول السودان لنقطة إتخاذ القرار في مبادرة الهيبك وكأنها تمثل الحل الجذري لمشاكل‬

‫‪ 28‬نظام البوت نوع من اإلستثمارات األجنبية المباشرة ترى هذه الوثيقة أهمية قصوى لرفضه بسبب مخاطره المؤكدة في الواقع الغالب‪ ،‬والمجال هنا ال يسمح بتفصيل‬
‫وتوضيح هذه المخاطر‪.‬‬

‫كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة ‪ 05‬إبريل ‪2022‬م‬
‫‪Page 43 of 54‬‬
‫السودان االقتصادية‪ .‬فقد سبق وأن إنخرط السودان في مسيرة االمتثال لشروط صندوق النقد الدولي من أجل الدخول في‬
‫مبادرة الهيبك إبتدا ًء من عام ‪2017‬م في عهد نظام االنقاذ‪ ،‬وأن الوصول لنقطة القرار في ‪2021‬م ليس إال تتويجا لتلك‬
‫المساعي والمحاوالت‪ ،‬وهو يعني أن الدائنيين سيشرعون في معاملة السودان كدولة مشمولة في نطاق الدول الفقيرة المثقلة‬
‫بالديون‪ ،‬ويبدأوا فورا ً‪ ،‬كما ادعت الحكومة االنتقالية‪ ،‬في تسوية متأخرات ديون السودان بشطبها تباعا ً بعد تسوية ديون البنك‬
‫الدولي التي تم تسويتها بموجب قرض تجسيري من أمريكا بقيمة ‪ 1,4‬مليار دوالر‪ ،‬وديون السودان لدي صندوق النقد الدولي‬
‫التي تمت تسويتها بقرض تجسيري من فرنسا ودول أخري مقداره ‪ 1,5‬مليار دوالر‪ ،‬وديون البنك اإلفريقي للتنمية البالغة‬
‫‪ 413‬مليون دوالر التي تم تسويتها أيضا بقرض تجسيري من بريطانيا ودعم من السويد وصوالً إلى المرحلة المسماة نقطة‬
‫اإلنجاز في يونيو‪2024‬م وهي المرحلة التي سيكتمل فيها شطب كافة الديون التي تراكمت عن فوائد جزائية والتي تبلغ ‪50‬‬
‫مليار دوالر تقريبا ً قد تراكمت في عهد نظام اإلنقاذ‪ ،‬إذا إستمر السودان في إلتزامه الثابت باإلصالحات اإلقتصادية كما ينص‬
‫على ذلك القرار الدولي الصادر من إجتماع الصندوق والبنك الدوليين في ‪2021/6/26‬م‪.‬‬
‫إن (الهيبيك) برنامج متفق عليه منذ ‪1999‬م بين صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والدول الغربية المانحة الدائنة لدول العالم‬
‫الثالث الفقيرة‪ ،‬التي قد بلغت مديونيتها حجما ً يفوق طاقة إقتصادياتها على إستدامة وخدمة الدين‪ ،‬أي الدول التي تكون عاجزة‬
‫عجزاً تاما ً ال رجاء معه في أن تتحمل إقتصادياتها الوطنية أعباء سداد هذه المديونية الثقيلة التي تراكمت نتيجة عجزها عن‬
‫سداد أقساط وفوائد مديونياتها في آجالها المتفق عليها (بما أضافه الدائنون على أصل الدين وفوائده التعاقدية من فوائد تأخير‬
‫جزائية وبشكل مستمر)‪ ،‬ولذلك فالهيبك مرتبط أوثق اإلرتباط بشروط صندوق النقد الدولي وبرامجه وال سيما تلك التي تطبقها‬
‫الدول المدينة مضطرة تحت برنامج المراقبة المباشرة لموفدي الصندوق‪ .‬وعند وصول هذه الدول مرحلة الخضوع الموثوق‬
‫في مضمار التقيد بتطبيق شروط الدانيين في منهجها اإلقتصادي المسمي ببرنامج اإلصالحات اإلقتصادية أو برنامج التكيف‬
‫الهيكلي‪ .‬تقوم الدول الدائنة بشطب جزء من الديون‪ ،‬ولكنها في هذا الشطب تقف في حدود شطب الديون التي أضيفت على‬
‫أصول الديون كفوائد جزائية أي شطب ذلك الجزء من المديونية الذي أضيف كغرامات تأخير على أصل الدين للدول المعسرة‬
‫التي عجزت عن سداد أصول ديونها وفوائدها التعاقدية في آجالها‪ .‬وهذه الفوائد الجزائية تصل في حالة السودان كمثال‪ ،‬إلى‬
‫‪ %86‬من أصل الدين أي نحو ‪ 52‬مليار دوالر من الدين الكلي البالغ ‪ 58,8‬مليار دوالر تقريبا ً وقت إنعقاد مؤتمر باريس‪.‬‬
‫وعلى سبيل المثال‪ ،‬ففي عام ‪2005‬م‪ ،‬كانت مديونية السودان ‪ 17,2‬مليار دوالر فضالً عن فوائد تعاقدية تبلغ ‪ 4,6‬مليار‬
‫دوالر‪ ،‬وفي مدة من هذا التاريخ ‪2005‬م وحتى عام ‪2015‬م وصلت مديونية السودان إلى ‪ 45‬مليار دوالر دون أن يقترض‬
‫السودان حتى دوالر واحد فقط‪ ،‬بسبب أن الدانيين أضافوا فوائد تأخير جزائية على الدين بقيمة ‪ 23,2‬مليار دوالر خالل العشر‬
‫سنوات المذكورة‪ .‬وقد كان الدائنون يتساهلون مع نظام اإلنقاذ الذي ال يلتزم بالسداد وهو يصدر ما قيمته ‪ 10‬مليار دوالر‬
‫سنويا قبيل فصل الجنوب من النفط منذ ‪1999‬م‪ ،‬وماليين من الدوالرات عن صادر الذهب منذ عام ‪2006‬م وال تدخل هذه‬
‫األموال في خزينة الدولة‪ ،‬بل وتتسرب إلى الخارج لحسابات المتنفذين من قادة نظام اإلنقاذ‪ .‬في الوقت الذي كان الدائنون‬
‫يراكمون فوائد الديون علي السودان بالفوائد الجزائية المتواصلة كحماية ألصل مديونياتهم من مخاطر عدم السداد استنادا إلي‬
‫القاعدة االئتمانية (كلما زادت المخاطر كلما زادت أسعار الفائدة وكلما انخفضت المخاطر كلما انخفضت أسعار الفائدة)‪ ،‬حتي‬
‫بلغت المديونية التي لم يكن نظام اإلنقاذ حريصا ً على حصرها بدقة وسدادها حوالي ‪ 58,8‬مليار دوالر‪ ،‬بينما أعلن نظام‬
‫اإلنقاذ عبر بنك السودان ووزارة المالية ومجلس الوزراء في الفترة من يونيو ‪2017‬م وحتى قبيل سقوطه في مارس ‪2018‬م‬
‫نحو ‪ 9‬تسعة أرقام عن حجم المديونية آخرها ما قيمته ‪ 56,4‬مليار دوالر‪.‬‬
‫لقد تم اإلعفاء من بعض دول نادي باريس في ‪2021/7/15‬م بقيمة ‪14,1‬مليار دوالر من ديون السودان‪ ،‬وبرغم أن هذا‬
‫اإلعفاء قد وجد قبول لدي عدد كبير من السودانيين تحت تأثير إعالم الحكومة االنتقالية واإلعالم الموالي لسياساتها االقتصادية‬
‫والتي قصدت تضخيم هذا التخفيض باعتباره نجاحا كبيرا واستخفت بوعي الشعب وبحقه في معرفة حقائق األمور حول‬
‫تطورات عالقة السودان بالدين الخارجي وبالدائنيين وباألسس التي يقوم علي أساسها التفاوض علي إعفاء الديون وفقا للوعود‬
‫صرحت الحكومة االنتقالية وأيضا تقرير نتائج‬ ‫َّ‬ ‫المعلنة مسبقا عن مزايا ومكاسب الدخول والقبول في مبادرة الهبك‪ .‬فقد‬
‫االجتماع المشترك لمجلسي صندوق النقد والبنك الددوليين المنعقد في واشنطون خالل الفترة ‪ 26-23‬مارس ‪2021‬م بأن‬
‫اإلعفاء الكلي من المديونية في المرحلة األولى بمجرد وصول السودان مرحلة اتخاذ القرار في الهيبك ستكون في حدود ‪28‬‬
‫مليار دوالر فورا ً‪ ،‬وأن اإلعفاء في مرحلة اإلنجاز في يونيو ‪2024‬م سيكون في حدود ‪ 22‬مليار دوالر وبذلك أن جملة اإلعفاء‬
‫الكلي من المديونية سيصل إلى ‪ 50‬مليار دوالر‪ .‬وأن ماسيتبقى في ذمة السودان من ديون سيكون في حدود ‪ 6‬مليار دوالر‬
‫فقط ال غير‪ .‬ولكن نتائج إجتماع نادي باريس في منتصف يوليو ‪2021‬م الذي نظر في مديونية السودان لدى دول النادي‪،‬‬
‫نسف تماما ً كل إدعاءآت الحكومة اإلنتقالية التي راهنت على االعتماد علي الخارج بدال عن حشد الموارد الذاتية‪ ،‬وكشفت‬
‫عدم صدق وشفافية الحملة اإلعالمية التي ضخمت الوعود وسبقت اجتماع نادي باريس بالترويج ألن إعفاء ‪ 28‬مليار دوالر‬
‫من ديون السودان أمر مؤكد وحتمي‪.‬‬
‫إذن ماهي حقائق إعفاء بعض دول نادي باريس في ‪2021/7/15‬م لمبلغ ‪14,1‬مليار دوالر من ديون السودان؟‬

‫كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة ‪ 05‬إبريل ‪2022‬م‬
‫‪Page 44 of 54‬‬
‫فعلى نحو موجز ومحدد‪ ،‬إن جملة مديونية السودان التي نظر في إعفائها إجتماع دول الصندوق المنعقد لهذه الغاية ‪23,5‬‬
‫مليار دوالر‪ 20,21 ،‬مليار منها متراكمة عن فوائد جزائية مضافة إلى أصل الدين الذي مقداره ‪ 3,29‬مليار دوالر‪ .‬وقد‬
‫قرراإلجتماع إعفاء ‪ 14,1‬مليار دوالر من جملة الدين الكلي أي ‪ %60‬من إجمالي المديونية‪ ،‬فتبقى من جملة الدين ‪ 9,4‬مليار‬
‫دوالر حيث قرر اإلجتماع إعادة جدولتها بعد يونيو ‪2024‬م لمدة ‪ 16‬عاما بما فيها فترة السماح‪ .‬وقال وزير المالية الدكتور‬
‫جبريل إبراهيم‪ ،‬أن دفع أقساط هذا الدين سيبدأ بعد فترة سماح أمدها ‪ 6‬سنوات‪ ،‬ولكنه لم يلق ضوءاً على الجدولة الزمنية التي‬
‫تمت ألقساط الدين بعد فترة السماح وكذلك لم يوضح الفوائد التعاقدية المستحقة على المتبقي من الدين‪ .‬وهذه النتيجة تلغي‬
‫إبتداءا ً أحالم الحكومة المعلنة بأن كل المديونية الناتجة على كاهل السودان عن الفوائد الجزائية ستشطب‪ ،‬وأنه لن يبقى بعد‬
‫شطبها من إجمالي مديونية السودان غير أصل الديون البالغة ‪ 6‬مليار دوالر‪ .‬وفضالً عن أن دول نادي باريس قد شطبت ‪60‬‬
‫‪ %‬من الدين‪ ،‬كان المفروض جدالً أن يتعدى الشطب ‪ %86‬من إجمالي الدين حتى يشطبوا كل الفوائد الجزائية‪ ،‬ويبقوا أصل‬
‫الدين فقط‪ .‬فلماذا إستبقوا قدرا ً مهما من الفوائد الجزائية التي تراكمت ومقدارها نحو ‪ 6,11‬مليار دوالر إلى جانب أصل الدين‬
‫الذي مقداره ‪ 3,29‬مليار دوالر‪ .‬ثم أن إعادة الجدولة تعني تشريكا جديدا ً لمستقبل السودان ليظل أبداً أسير لفخ الديون وابتزاز‬
‫وقيود الدائنون وتدخلهم الدائم في القرار اإلقتصادي المستقل‪ .‬والمرجح هنا أن السودان لن يصل إلى مرحلة اإلعفاء الكامل‬
‫من الفوائد الجزائية‪ ،‬ألن الدائنون يعدون السودان دولة بمواردها الضخمة قادرة على الوفاء بديونها‪ ،‬وغالبا ً ما يطمع الدائنون‬
‫أن توصلهم ديونهم على السودان إلى مكاسب يرجونها في موارد السودان اإلقتصادية‪ .‬وهذا ما إتضح في موقف نادي باريس‬
‫مؤخرا ً من مديونية السودان وحرص دول النادي على أن يظل السودان في إسار المديونية طوال السنوات القادمة‪ ،‬بإستبقاء‬
‫المديونية بحجم فوق طاقة االقتصاد الوطني وبإعادة الجدولة للمديونية‪.‬‬
‫فماذا تعني إعادة الجدولة التي قررتها بحق االقتصاد الوطني مبتدع هذه البدعة نادي باريس؟ وماهي خفايا دور نادي باريس‬
‫في العالقة بين الدول الدائنة والدول المدينة في العالم ‪.29‬‬
‫تطبق إعادة الجدولة في حق الدول المدينة بعد تفاقم عجز تلك الدول عن سداد أقساط وفوائد الديون المستحقة‪ ،‬بان تجمع الفوائد‬
‫إلى اصل الدين‪ ،‬والتعامل معه كدين جديد بفائدة أعلى وجدول جديد لمواقيت وحجم أقساط السداد‪ .‬وفي الغالب بعد فترة سماح‪،‬‬
‫ينظم قيمة األقساط وعددها وفترة السداد الجديدة‪ ،‬وآجال سداد كل قسط من أقساط الدين وفوائده التعاقدية‪ .‬وقد يسبق إعادة‬
‫الجدولة للدول الفقيرة المثقلة بالديون إعفاء بعض الدين‪ .‬ولكن اإلعفاء يكون في حدود الديون التي تراكمت على الدولة المدينة‬
‫عن فوائد جزائية أي إعفا ًء لجزء من غرامات التأخير التي نتجت عن العسر في سداد الدين األصلي وفوائده في آجالها‪ ،‬كفوائد‬
‫تأخير تعويضا ً للدائنيين‪ ،‬فيتضاعف الدين جراء هذه الزيادات الجزائية على أصل الدين أضعافا ً مضاعفة مقابل أن يمد للمدين‬
‫المعسر المتخلف عن سداد ديونه وفوائدها في آجالها في األجل بجدول يحدد اآلجال الجديدة ألقساط الدين بموجب الجدول‬
‫الجديد‪ ،‬كما في حالة السودان حتى إنعقاد مؤتمر باريس في يونيو ‪2021‬م حيث أعلن أن الدين الكلي ‪ 58,8‬مليار دوالر‬
‫والمتراكم عن الفوائد الجزائية منه ‪ %86‬من الدين أي ‪ 50,57‬مليار دوالر عن أصل الدين وفوائده التعاقدية البالغة ‪%14‬‬
‫من مقدار الدين الكلي أي مبلغ ‪ 8,23‬مليار دوالر‪ ،‬والتي وصلت في بعض التقارير الدولية إلى ‪ 6,97‬مليار دوالر‪ .30‬فمديونية‬
‫السودان في حقيقة األمر ال يعرف مقدارها أحد في السودان‪ ،‬ال بنك السودان‪ ،‬وال وزارة المالية‪ ،‬وال مجلس الوزراء‪ ،‬إنما‬
‫يتم االعتماد في تحديدها على سجالت الدائنين‪.‬‬
‫إن السودان الذي كان عاجزا ً لنحو عامين عن سداد الديون السيادية للصناديق الدولية البالغة نحو ‪ 3‬مليار دوالر تقريبا‪ ،‬لن‬
‫يكون بالطبع مؤهالً لسداد مديونية دول نادي باريس المتبقية بعد اإلعفاء بقيمة ‪ 9,4‬مليار دوالر مع فوائدها‪ .‬فضال عن أن‬
‫الرؤية لم تتضح بعد حول المديونية األخرى التي تبلغ حوالي ‪ 30‬مليار دوالر لدول ليست عضوة في نادي باريس‪ ،‬كالكويت‬
‫والمملكة العربية السعودية والصين ‪...‬إلخ‪ ،‬وديون أعضاء نادي لندن‪ ،‬وبقية الدانين من البنوك التجارية والمورديين الذين‬
‫تعامل معهم نظام اإلنقاذ‪ .‬فمنهج الحكومة اإلنتقالية في حل األزمة اإلقتصادية‪ ،‬يقوم علي التطلع لتحقيق رضاء الدائنين ونيل‬

‫‪ 29‬بدأت فكرة تأسيس نادي باريس كمؤسسة غير رسمية‪ ،‬عندما وافقت األرجنتين على اإلجتماع في باريس بالدول الدائنة لها بتاريخ ‪1956 /5 /16‬م‪ ،‬وهي في وضع العجز‬
‫التام عن الوفاء بمديونيتها الخارجية‪ .‬وفي هذا اإلجتماع الذي كان بديالً إلعالن إفالسها‪ ،‬وافقت دولة األرجنتين على أن يجمع الدائنون لها اصول الديون مع الفوائد المستحقة‬
‫كدين جديد‪ ،‬وأن يمنحوها فترة سماح تلتقط فيها أنفاسها‪ ،‬لتواجه بعدها اإللتزام بسداد أقسط الدين بصور تها الجديدة في آجالها التي حددت لها على وفق جدول جديد‪ ،‬إعادة‬
‫جدولة أقساط وآجال تسديد الديون التي وضعت عليها فوائد أعلى‪ .‬وبعد هذه التجربة قررت الدول المانحة للقروض للدول النامية أن تطبق هذه التجربة تكتل الدائنيين في‬
‫مواجهة الدولة المدينة في نادي طوعي يضم ال دول الصناعية الكبري في أوربا الغربية وأستراليا وكندا واليابان وأمريكا (‪ 19‬دولة) بعد إنضمام روسيا‪ ،‬وفي ‪2014/ 6/24‬م‬
‫إنضمت إلي النادي دولة (إسرائيل)‪ .‬وهذه الدول تتعامل مع الدول المدينة (‪ 90‬دولة في إفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية وبعض دول شرق أوربا) وأبرمت معها حتى اآلن‬
‫(‪ 433‬إتفاقية ) واستردت عبر هذه اإلتفاقيات ‪ 583‬ملياردوالر‪ .‬وال توجد قواعد وتقاليد ثابتة في عالقة النادي بالدول المدينة إنما لكل حادث حديث‪ .‬وهي تتبع في العالقة‬
‫بالدانيين مبدأ الظرفية والتضامن‪ .‬وتقاليد فرض الفوائد الجزائية على العسر وعدم الوفاء‪ ،‬وإعادة الجدولة‪ ،‬واإلعفاء من بعض المديونية أحياناً‪ .‬ودول نادي باريس هي‪:‬‬
‫أستراليا‪ ،‬النمسا‪ ،‬بلجيكا‪ ،‬كندا‪ ،‬الدنمارك‪ ،‬فنلندا‪ ،‬فرنسا‪ ،‬المانيا‪ ،‬إيرلندة‪ ،‬إيطاليا‪ ،‬كوريا الجنوبية‪ ،‬اليابان‪ ،‬هولندا‪ ،‬النرويج‪ ،‬إسبانيا‪ ،‬السويد‪ ،‬المملكة المتحدة‪ ،‬الواليات المتحدة‬
‫األمريكية‪ ،‬روسيا‪( ،‬إسرائيل)‪ .‬ومقر النادي باريس في مبنى وزارة اإلقتصاد والمالية ومديرها من كبار موظفي الوزارة‪ .‬وإجتماعات األعضاء شهرية‪ ،‬ويتعامل النادي مع‬
‫الدول المدينة عبر صندوق النقد الدولي وشروطه وبرامجه المراقبة مباشرة لإلصالح اإلقتصادي إلى مرحلة الترشيح لإلجتماع بالنادي بعد مرحلة الثقة في تقيد الدولة‬
‫المدينة بشروط الدائنيين التي أمليت عبرها ونفذت تحت إشرافها ومراقبتها‪ .‬وهكذا يتضح مدى أن نادي باريس أداة مهمة في فرض سياسات اإلستعمار اإلقتصادي للدول‬
‫النامية من لدن الدول الغنية النافذة في اإلقتصاد العالمي‪.‬‬
‫‪ 30‬ذكر في إجت ماع مجلسي البنك الدولي وصندوق النقد الدولي الذي قرر وصول السودان إلى نقطة القرار في مبادرة الهيبك في ‪2021/6/28‬م‪ ،‬أن إجمالي مديونية السودان‬
‫حتى ديسمبر ‪2019‬م ‪ 49,8‬مليار دوالر‪ ،‬وأن الفوائد الجزاية تشكل نسبة ‪ %86‬منها‪ .‬وبالتالي فأن أصل الدين يبلغ ‪ 6.97‬مليار دوالر‪.‬‬

‫كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة ‪ 05‬إبريل ‪2022‬م‬
‫‪Page 45 of 54‬‬
‫إعفاءآتهم وإعاناتهم‪ ،‬لن يؤدي إلخراج السودان من أزمته االقتصادية ولن يقف االقتصاد الوطني علي رجليه في الطريق‬
‫الصحيح مالم يتبع السودان منهج تعبئة وحشد الموارد الذاتية‪ ،‬بما يكفي لسد مطلوبات توازن ميزان المدفوعات وتمويل التنمية‪.‬‬
‫‪ -5‬التوصيات‪:‬‬
‫تكليف لجنة من وزارة المالية وبنك السودان وكافة الجهات الرسمية ذات العالقة‪ ،‬بحصر مديونية السودان بدقة لكل من‬ ‫‪.1‬‬
‫الدائنيين وحجم دينهم‪ ،‬ووضع جدول يبين األقساط والفوائد المسحقة وآجالها‪.‬‬
‫مناقشة اللجنة المذكورة في النقطة أعاله لألرقام الحقيقية للمديونية وتقسيمها بين أصل الدين والفوائد التعاقدية والفوائد‬ ‫‪.2‬‬
‫الجزائية ‪ ،‬وتقويم العالقة مع الدائنين‪ ،‬ووضع صيغ العالقة المناسبة مع كل من الدائنين ومع صندوق النقد والبنك الدوليين‬
‫والبنك اإلفريقي للتنمية‪.‬‬
‫أن يعتمد اإلقتصاد الوطني في حل مشكلة المديونية العامة الخارجية‪ ،‬على حشد الموارد الذاتية عبر سيطرة الدولة على إنتاج‬ ‫‪.3‬‬
‫التعدين األهلي والشركات الصغيرة على صادر الذهب وعائداته من النقد األجنبي بما نسبته ‪ %80‬من صادر الذهب‪ ،‬وإستعادة‬
‫الدولة إلمتياز صادر السلع الزراعية األساسية (الحبوب الزيتية‪ ،‬القطن‪ ،‬الصمغ العربي‪ ،‬الماشية واللحوم‪ ،‬عبر إعادة تأسيس‬
‫وتأهيل شركات مساهمة عامة تحتكر تجارة السودان الخارجية لهذه السلع الزراعية بأن يساهم القطاع العام فيها كما كان‬
‫الوضع قبل نظام اإلنقاذ بنسبة ‪ ،%52‬وأن تستقطب الدولة تحويالت المغتربيين عبر القنوات الرسمية بعد ضرب اإلكتناز‬
‫بتقليل فاتورة االستيراد‪ ،‬وتبديل العملة‪ ،‬وتحفيزهم‪ .‬وأن تحوز الدولة على عائدات اإلقتصاد الوطني من النقد األجنبي من كافة‬
‫المصادر الثانوية كالهيئات والشركات الحكومية بعد أن تجرم التجنيب‪ .‬وأن تضع الدولة يدها على كل دفعيات الدول‬
‫والمنظمات الدولية واإلقليمية عن إلتزاماتها في السودان كعائدات مرور نفط الجنوب وعوائد شركات التعدين األجنبية ‪...‬إلخ‪.‬‬
‫التأثير علي الطلب علي العمالت األجنبية وذلك بتقليل فاتورة االستيراد ومنع استيراد السلع الكمالية والسلع الهامشية والتي‬ ‫‪.4‬‬
‫توجد بدائل محلية لها وال يؤثر وقفها علي المواطنين كالمواد الغذائية‪ ،‬الزيوت النباتية‪ ،‬األلبان ومنتجات األلبان‪ ،‬السكر‪،‬‬
‫والمواد الغذائية‪ ،‬ونسبة مقدرة من السلع المصنعة …إلخ وذلك بتوفير ما ال يقل عن ‪ 3‬مليار دوالر من فاتورة االستيراد حتي‬
‫لو كان ذلك علي مراحل وذلك من أجل تخفيف العجز في الميزان التجاري‪.‬‬

‫كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة ‪ 05‬إبريل ‪2022‬م‬
‫‪Page 46 of 54‬‬
‫الملف رقم (‪)12‬‬
‫مفاهيم ومصطلحات إقتصادية ذات صلة بالمالية العامة والموازنة العامة والمديونية ودور الدولة في الملكية والنشاط‬
‫اإلقتصادي‬
‫‪ -1‬السياسة اإلقتصادية العامة‪ ،‬أهدافها األساسية‪:‬‬
‫في النظم اإلقتصادية كافة‪ ،‬عادة ما تتفق األنظمة السياسية على اختالف مذاهبها اإلقتصادية رأسمالية كانت أم إشتراكية‪ ،‬في أنها‬
‫تستهدف بسياستها اإلقتصادية تحقيق ‪ 5‬خمسة أهداف أساسية هي‪:‬‬
‫أ‪ -‬الهدف األول‪ :‬هو هدف تحقيق التوظيف الكامل للموارد المتوافرة في اإلقتصاد الوطني‪ ،‬الموارد المادية‪ ،‬والموارد البشرية‪،‬‬
‫وهدف التوظيف الكامل في شقه المتعلق بالموارد البشرية مقصده األهم القضاء على البطالة‪.‬‬
‫ب‪ -‬الهدف الثاني‪ :‬هو تحقيق تنمية في الموارد الطبيعية المادية‪ ،‬بمعدالت تفوق معدل النمو في السكان‪ .‬وإذا حصل العكس‬
‫فاإلقتصاديون يسمونه إصطالحا ً بـالمشكلة االقتصادية‪.‬‬
‫ت‪ -‬الهدف الثالث‪ :‬هو تحقيق التوازن في ميزان المدفوعات‪ ،‬بمعنى الحرص على التكافؤ بين كل ماهو مطلوب من االقتصاد‬
‫الوطني من أفراد ومؤسسات وشركات حكومية وغير حكومية في الدول األخرى أي في الخارج‪ ،‬مع ما يطلبه األفراد‬
‫والمؤسسات والشركات حكومية وغير حكومية داخل البلد من الخارج‪ .‬والميزان التجاري هو أهم جزء من ميزان المدفوعات‬
‫وهو الفرق بين الصادرات والواردات‪ .‬وتوازن الميزان التجاري يعبَّر عن الحالة التي تتساوي فيها قيمة الصادرات مع قيمة‬
‫الواردات فإذا قلت الصادرات عن الواردات يحدث عجز في الميزان التجاري‪ ،‬وإذا زادت الصادرات عن الواردات يحدث‬
‫فائض في الميزان التجاري‪ .‬ويعتبر التوازن في الميزان التجاري ذو تأثير مهم جدا في إستقرار الوضع االقتصادي‪.‬‬
‫ث‪ -‬الهدف الرابع‪ :‬هو تحقيق التوازن اإلقليمي والقطاعي في التنمية والذي يتمثل فيما يلي‪:‬‬
‫(أوالً) التوازن األقليمي في التنمية‪ :‬ويعني مراعاة المركز‪ ،‬لكافة األقاليم في نيل حظها المناسب من التمويل للتنمية عند‬
‫تقسيم الموارد وتحديد موازنات األقاليم بعدالة أو ما يعرف بالتنمية المتوازنة‪ .‬ومراعاة التوازن اإلقليمي‪ ،‬يكتسب أهميته‪ ،‬من‬
‫أن اإلختالل فيه‪ ،‬يهدد الوحدة الوطنية‪ ،‬وتجد في العالم الثالث أن سكان األقاليم األكثر فقرا ً يفسرون أسباب فقرهم في الغالب‪،‬‬
‫بإستهداف الدولة لهم بدوافع عرقية أوإثنية‪ ،‬أو إلى هيمنة المركز أو إقليم بعينه على غيره‪ .‬وكلما اختل هذا التوازن اإلقليمي‬
‫كلما دفع ذلك بالتدخالت األجنبية اإلقليمية والدولية في الشئون الداخلية للبلد‪.‬‬
‫(ثانيا) التوازن القطاعي‪ :‬وهو التوازن بين تنمية أربع قطاعات يتكون منها اإلقتصاد الوطني هي‪ :‬تنمية قطاع اإلنتاج‪ ،‬تنمية‬
‫قطاع الخدمات‪ ،‬وتنمية قطاع البنية التحتية‪ ،‬وتنمية الموارد البشرية وفيما يلي شرح لهذه القطاعات‪:‬‬
‫قطاع اإلنتاج‪ :‬يتكون من شقين‪ :‬الشق األول هو اإلنتاج الزراعي (النباتي والحيواني) التقليدي والحديث‪ ،‬والشق الثاني‬ ‫(‪)1‬‬
‫هو اإلنتاج الصناعي الذي عادة ما يمتد في البلدان النامية من المصنوعات الشعبية اليدوية التقليدية‪ ،‬ويمر بالصناعات‬
‫الحرفية وصوال للصناعة التحويلية‪ ،‬كإنتاج السكر من قصب السكر‪ ،‬أو النسيج من القطن ‪...‬إلخ‪.‬‬
‫قطاع الخدمات‪ :‬يأتي في مقدمتها الخدمات اإلجتماعية األساسية متمثلة في التعليم والصحة واإلسكان والنقل‬ ‫(‪)2‬‬
‫واإلتصاالت‪ .‬والخدمات المالية وتتكون من الصيرفة والتأمين والتجارة‪ .‬ثم تليها الخدمات الثقافية ‪...‬إلخ‪.‬‬
‫قطاع البنية التحتية أو البنية األساسية‪ :‬وهو القطاع الذي يرتكز عليه ويبنى فوقه القطاعين السابقين اإلنتاجي والخدمي‪،‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫فالبنية التحتية هي الطرق والجسور والموانئ والسدود ‪ ...‬إلخ‪ ،‬وكثيرون يعدون الكهرباء والماء في نطاق قطاع البنية‬
‫التحتية‪ .‬بينما يرى آخرون أن أهميتهما في اإلستخدامات المنزلية يضعهما في نطاق الخدمات اإلجتماعية‪.‬‬
‫قطاع التنمية البشرية‪ :‬تكتسب أهميته من أن اإلنسان وإشباع حاجاته وتحقيق رفاهيته‪ ،‬فهو غاية تنمية كل من القطاعات‬ ‫(‪)4‬‬
‫الثالثة السابقة‪ ،‬وفي الوقت نفسه فإن المورد البشري هو الذي يتعهد بتنمية هذه القطاعات‪ ،‬شريطة أن يكون هو مؤهالً‬
‫بخطى ثابتة على طريق تحقيق التنمية البشرية بتوفر شرط‬ ‫ً‬ ‫ألداء المهمة على أكمل وجه‪ .‬ويسير النظام اإلقتصادي‬
‫أساسي هو أن تخصص الدولة نسبة من إنفاقها العام‪ ،‬ميزانية لتمويل التعليم العام والعالي والبحث العلمي‪ ،‬وبرامج‬
‫التدريب والتأهيل في التخصصات كافة‪ ،‬ورعاية المتفوقين والعلماء‪ ،‬وفق خطة توضع لتراعي أولويات التمويل وتناسبها‬
‫مع الميزانية المرصودة لهذه الغاية‪ .‬ومن المهم في المرحلة اإلنتقالية في السودان أن تحرص قوى الثورة على أمرين‪،‬‬
‫أولهما تقسيم الموازنة ووضع خطة تنفيذها‪ ،‬وثانيهما أن تتعزز كافة وزارات السلطة التنفيذية والهيئات المرتبطة بها‬
‫والهيئة القضائية والنيابة العامة‪ ،‬بإستيعاب عدد كبير من العاملين الذين استبعدوا من مواقعهم الوظيفية بسبب سياسة‬
‫التمكين وقانون الصالح العام ‪ ،‬أوبقررات إحالة العاملين للتقاعد بالقصد السياسي قبل بلوغ السن القانونية بعد إيقاف‬
‫العمل بقانون الصالح العام‪ ،‬مما أدى إلى أن يصبح واقع هذه المؤسسات حاليا ً مفتقر ألدنى مستويات الكفاءة‪ ،‬إن لم تدعم‬
‫بإعادة تعيين المفصولين تعسفياً‪ .‬لهذا يجب أن يكون في أولويات اإلنفاق العام خالل الفترة اإلنتقالية ميزانية اإلنفاق‬

‫كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة ‪ 05‬إبريل ‪2022‬م‬
‫‪Page 47 of 54‬‬
‫إلستحقاقات هؤالء العائدين في مواقع وظيفية تناسب مؤهالتهم األكاديمية وخبرتهم المهنية‪ ،‬ومرتبات متناسبة مع‬
‫المواقع التي سيشغلونها‪ ،‬على أن يعادوا بقانون يرفع عنهم المظالم في إستحقاقاتهم الماضية إن وجدت‪ ،‬ويحدد سن‬
‫التقاعد اإلختياري لهم بـ ‪70‬عاما‪ ،‬واإلجباري بـ ‪ 75‬عاما‪.‬‬
‫ج‪ -‬الهدف الخامس للسياسة اإلقتصادية‪ :‬هوتحقيق إستقرار المستوى العام لألسعار‪ ،‬وهذا الهدف ذو صلة مباشرة بالمستوي‬
‫المعيشي للناس‪ ،‬الذين حتما يوظفون دخولهم النقدية في ميدان التبادل أي في السوق إلشباع حاجاتهم اإلستهالكية‬
‫واإلستثمارية‪ .‬فالسلع والخدمات هذه‪ ،‬هي الدخل الحقيقي الذي يمثل جانب العرض في اإلقتصاد الوطني‪ ،‬يقابله الدخل النقدي‬
‫الذي يمثل جانب الطلب‪ .‬لذلك فإن كل زيادة نقدية في دخول الناس أي في جانب الطلب‪ ،‬تنعكس إيجابيا على حصولهم على‬
‫المزيد من اإلشباع لحاجياتهم‪ ،‬إال إذا ارتفعت األسعار في السوق بسبب التضخم‪ ،‬فإن إرتفاعها يحول دون حصول مزيد‬
‫من اإلشباع‪ .‬وق د يتضاعف الدخل النقدي بينما ينخفض الدخل الحقيقي من السلع والخدمات التي يشتريها الفرد إلى أقل من‬
‫النصف‪ ،‬إذا كان التضخم جامحا‪ .‬وهكذا فإن المستوى العام لألسعار ذو أثر مباشر على الدخل الحقيقي سلبا ً أو إيجاباً‪ .‬وعلى‬
‫الدولة في المرحلة اإلنتقالية عدم التركيز على زيادة األجور فقط لتحسين المستوى المعيشي للعاملين‪ ،‬بل اإلعتماد على‬
‫خيارات أخرى أقرب منها إلى تحقيق الهدف لعامة الناس ومن بينهم العاملون والتي يمكن استعراضها فيما يلي‪:‬‬
‫(‪ )1‬إن األسعار قد ترتفع عادة إذا كانت كلفة اإلنتاج عالية‪ ،‬أو إذا كانت هنالك ندرة في السلعة أو الخدمة‪ ،‬بينما الطلب على‬
‫حاله أومتزايد‪ .‬وإنخفاض قيمة العملة المحلية‪ ،‬يجعل كلفة الحصول على النقود األجنبية عالية‪ .‬ونسبة ألن رصيد‬
‫االحتياطي النقدي من العمالت األجنبية يعتبر جزءا ً من تكاليف إنتاج أو عرض السلع والخدمات في السوق االمحلي‪،‬‬
‫فإن سعر الصرف للعملة المحلية‪ ،‬له أثر كبير على مستوي إشباع الناس لحاجاتهم من السوق المحلي كما هو حال‬
‫السودانيين اآلن‪ .‬فالمكون األجنبي يدخل بطبيعة الحال في تكلفة السلع والخدمات المعروضة في السوق المحلي بشكل‬
‫كبير خاصة وأن ‪ %95‬من هذه السلع والخدمات مستوردة من الخارج‪ .‬وبالتالي تبقي الخيارات المطروحة تتمثل في‬
‫أوال‪ :‬العمل علي زيادة احتياطيات النقد األجنبي لتسهم بشكل مباشر في تخفيف العبء على الميزان التجاري وفي تحسين‬
‫سعر صرف العملة المحلية والذي يؤدي بدوره لخفض أسعار السلع والخدمات في السوق المحلي‪ .‬وثانيا‪ :‬العمل في‬
‫نفس الوقت على إحالل السلع والخدمات المستوردة بالسلع والخدمات المنتجة في السوق المحلي فينخفض الطلب على‬
‫العمالت األجنبية نتيجة النخفاض فاتورة استيراد السلع والخدمات وتنخفض أسعارها وفقا لذلك‪.‬‬
‫(‪ )2‬إن أسعار السلع والخدمات سيظل في حالة ارتفاع متواصل كلما استمر ربط تسعيرها استنادا لتغيرات سعر الصرف‬
‫بسبب أن أسعار صرف العمالت األجنبية مقابل الجنيه السوداني مرتفعة باستمرار نتيجة للعجز الدائم في الميزان‬
‫التجاري وأن السودان يعتمد بنسبة ‪ %95‬على السلع والخدمات المستوردة في تلبية الطلب المحلي‪ .‬لذلك البد أن تفضي‬
‫هذه النتيجة إلى خيارات وطنية معاكسة تربط تسعير السلع والخدمات في السوق المحلي بعوامل اقتصادية أخري عديدة‬
‫مثل مستوى الدخل‪ ،‬القوة الشرائية للعملة المحلية‪ ،‬األهمية النسبية للسلعة أو الخدمة ومرونتها‪ ،‬مستوى ندرة السلع‬
‫والخدمات‪ ،‬مدى وجود بدائل سلعية وخدمية أخري‪ ،‬وأخيرا ً بتكاليف اإلنتاج أو اإلستيراد‪.‬‬
‫(‪ )3‬إن التدهور المضطرد في سعر الصرف واإلنخفاض المتفاقم لقيمة العملة المحلية مقابل العمالت األجنبية القابلة للتحويل‪،‬‬
‫مرتبط أوالً بمحدودية العوائد من النقد األجنبي في ظل ثبات‪ ،‬بل وتزايد الطلب عليه‪ ،‬أي إنه في المقام األول مرتبط‬
‫بغياب اإلحتياطات من النقد األجنبي ومن الذهب في خزينة الدولة‪ .‬ولكن في واقع اإلقتصاد السوداني منذ عهد نظام‬
‫اإلنقاذ فقد ارتبط الجزء األكبر من الطلب على النقد األجنبي بفئة تجار العملة وبعالقة قادة الدولة وحزب السلطة‬
‫باإلستثمار وبالتكالب على االحتفاظ بثرواتهم بعمالت أجنبية قابلة للتحويل خاصة خارج البالد‪ ،‬تفاديا لإلنخفاض المستمر‬
‫في قيمة العملة الوطنية وألن ثقتهم في مستقبل عالقاتهم وإرتباطاتهم الخارجية كانت أكبر من ثقتهم في مستقبل بقاء‬
‫نظام اإلنقاذ‪ .‬وكان هذا التوجه منهم عامال مهما في ازدياد الطلب على النقد األجنبي مما أفضى إلى تفاقم إرتفاع سعره‬
‫مقابل العملة المحلية‪ .‬وبسبب تآكل الديون بالتضخم إبتعد الناس عن إدخار العملة المحلية وعن توظيفها في اإلستثمار‪،‬‬
‫مما أفقدها قدرتها على أداء أهم وظيفتين للنقود هما أوال‪ :‬كون النقود مخزنا ً للقيمة وأداة لإلدخار‪ ،‬وثانيا‪ :‬كونها أداة‬
‫إستثمار‪ .‬بينما تمول الدولة إنفاقها الضخم غير المنتج باإلصدار النقدي المتواصل والذي يتراكم في خاتمة المطاف في‬
‫خزائن المتمكنين المتحكمين في تجارة االستيراد والتصدير فيوظفونها في المضاربة وفي شراء المزيد من العمالت‬
‫األجنبية والذهب وسلع الصادر الزراعي وفوائض المغتربيين والعقارات واألراضي والسلع المعمرة المستوردة‪ .‬وهكذا‬
‫ظلت النقود بدال من دورانها في محور الكسب واإلنفاق اإلستهالكي واإلدخار اإلستثماري‪ ،‬أصبحت تدور حول رحى‬
‫اإلقتصاد الخفي المضارب في النقد األجنبي‪ .‬وشكل النظام المصرفي في هذه الدورة غير المشروعة للنقود سندا لالقتصاد‬
‫الخفي‪ .‬ولهذا فإن النظام المالي والمصرفي بعد سقوط نظام اإلنقاذ بشكل نهائي في أمس الحاجة لتدقيق ماضيه وإعادة‬
‫صياغته وهيكلته‪.‬‬

‫كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة ‪ 05‬إبريل ‪2022‬م‬
‫‪Page 48 of 54‬‬
‫‪ -2‬السياسة النقدية العامة‪ ،‬أدوات تحقيق الهدف األساسي للسياسة النقدية‪:‬‬
‫للسياسة النقدية لكافة األنظمة السياسية واإلقتصادية على اختالفها‪ ،‬هدف مشترك أساسي هو التحكم في عرض النقود في اإلقتصاد‪.‬‬
‫وأداة التحكم األساسية أو األهم هي الرقابة اإلئتمانية أو الرقابة المصرفية‪ .‬وإن الجهة المسؤولة عن الرقابة المصرفية في كل نظم‬
‫العالم تنحصر في البنك المركزي أو بنك الدولة وبنك البنوك كما يسمى‪ .‬وللبنوك المركزية كافة عدة أدوات تتحكم من خاللها على‬
‫عرض النقود وتؤثر على الطلب عليه أي الطلب على النقود‪ .‬وتتمثل أهم هذه األدوات فيما يلي‪:‬‬
‫أ‪ -‬أداة السوق المفتوحة‪ :‬وهي األداء التي بموجبها تقوم البنوك المركزية بعرض النقد عن طريق بيع األوراق المالية في‬
‫السياسات التضخمية بهدف تجفيف عرض النقود أو تخفيضه والعكس تشتري األوراق المالية في الظروف االنكماشية بهدف‬
‫زيادة عرض النقود لتحريك االقتصاد‪ .‬وتتمثل في بيع وشراء األوراق المالية‪ ،‬أو أذونات الخزانة‪ ،‬أو شهادات اإلستثمار‬
‫الحكومية مثال شهامة في السودان‪ .‬والمصارف المركزية في دول العالم كافة تمتص النقود من التداول واإلنفاق اإلستهالكي‪،‬‬
‫إلى نطاق اإلدخار‪ ،‬عبربيع هذه الشهادات للمواطنين والشركات والمصارف‪ ،‬مقابل ردها في خالل سنة مع فائدة مجزية‪،‬‬
‫فالنقود عندما تنتقل من نطاق اإلنفاق اإلستهالكي إلى نطاق اإلدخار تكون قد اقتربت من مهمتها في تمويل اإلستثمارات‬
‫وتلجأ لها الحكومة في حالة احتياجها لتمويل بعض مشاريعها‪.‬‬
‫ب‪ -‬أداة اإلحتياطي النقدي واالحتياطي اإللزامي‪ :‬المصارف المركزية في دول العالم كافة‪ ،‬تحدد للبنوك العاملة في النظام‬
‫المصرفي‪ ،‬نسبة معينة من ودائعها ال تقرضها وتمسكها في خزائنها كإحتياطي نقدي تواجه بها الطلب اليومي الجاري‪،‬‬
‫ونسبة تعادلها تحتفظ بها لدي المصرف المركزي أي خارج التداول لمواجهة الطوارئ‪ .‬والسياسة التوسعية في عرض‬
‫النقود تؤدي إلى تخفيض هذه النسبة‪ ،‬أما السياسة اإلنكماشية فهي تتطلب زيادة هذه النسبة‪.‬‬
‫ت‪ -‬أداة سعر الخصم‪ :‬وهو سعر الفائدة الذي يقرض بموجبه البنك المركزي المصارف التجارية أو يقترض منها به‪ .‬فالمصارف‬
‫المركزية في حالة السياسة اإلنكماشية ترفع سعر الخصم وتتوسع في اإلقتتراض الداخلي من المصارف التجارية عبر تقديم‬
‫سعر خصم أي فائدة عالية لها تغريها بها‪ ،‬فتجفف بذلك نسبيا السيولة من ميدان تداولها أو إقراضها‪ .‬والعكس صحيح‪.‬‬
‫‪ -3‬دور الدولة في اإلقتصاد في الملكية والنشاط اإلقتصادي والحماية والدعم‪:‬‬
‫كل دولة لها خياراتها ومنهجها في تسيير إقتصادها الوطني‪ .‬وهي توظف سياساتها اإلقتصادية والنقدية في خدمة منهجها‪ .‬ولكن‬
‫المناهج اإلقتصادية في اإلقتصاد الدولي المعاصر‪ ،‬قد تلخصت في منهجين‪ ،‬يكاد ال ثالث لهما‪ ،‬هما‪:‬‬
‫أ‪ -‬هل تكون دولة متدخلة في اإلقتصاد فتمتلك الموارد اإلقتصادية والمنشآت والمشاريع اإلنتاجية والمرافق الخدمية وتمارس‬
‫النشاط اإلقتصادي عبر قطاع عام يدر لخزينتها إيرادات وأرباح‪ ،‬تعتمد عليها في اإلنفاق على وظائفها‪.‬‬
‫ب‪ -‬أم تكون دولة محيدة ال تمارس الملكية والنشاط اإلقتصادي‪ ،‬فتكون كما قال عنها (آدم سميث‪1776 ،‬م في كتابه ثروة األمم)‬
‫دولة حارسة تقوم فقط بوظائف الحراسة العامة ممثلة في األمن‪ ،‬والدفاع‪ ،‬والقضاء‪ .‬وينحصر دورها في النشاط اإلقتصادي‬
‫في حدود قطاع البنية التحتية كرصف الطرق وبناء الجسور والسدود والموانئ ‪...‬إلخ‪ .‬إن الدولة في هذه الحالة تقلص‬
‫وظائفها‪ ،‬فال ترصد األموال وتنفق من الميزانية العامة لتمويل منشآتها اإلنتاجية ومرافقها الخدمية‪ ،‬فهي ال تمتلك شيئا ً منها‪،‬‬
‫وكذلك تبتعد عن اإلنفاق في مجال الدعم وال سيما دعم الخدمات اإلجتماعية اإلساسية كالصحة والتعليم ‪ ...‬إلخ‪ .‬وكذلك تبتعد‬
‫عن دعم السلع اإلستهالكية الضرورية‪ ،‬واإلنتاج الزراعي‪ ،‬والصناعي‪ ،‬والصادر‪ .‬وتنفق على وظائفها المحدودة وهي‬
‫واجبات الحراسة من دخلها من الضرائب‪ .‬والملكية الخاصة الفردية مباشرة أو عبر القطاع الخاص في هذه الحالة هي التي‬
‫تهيمن على الملكية والنشاط اإلقتصادي‪ ،‬ويسمى هذا المنهج إصطالحا ً بمنهج اإلقتصاد الحر داللة على إرتكاز اإلقتصاد‬
‫فيه على حرية الفرد وأولويته على الدولة في حقوق الملكية وحرية التصرف والنشاط االقتصادي‪ ،‬أو ما يسمى بمنهج‬
‫إقتصاد السوق ألن السوق فيه هو الذي يحدد القيمة‪ ،‬والربح هو الهدف الذي يحرك اإلنتاج والتبادل‪.‬‬
‫‪ -4‬المالية العامة‪:‬‬
‫المالية العامة في النظم السياسية واإلقتصادية كافة لها ‪ 4‬أربعة أركان هي‪ :‬اإليرادات العامة‪ ،‬المصروفات العامة‪ ،‬السياسات‬
‫المالية العامة‪ ،‬والركن الرابع واألخير يتضمن الموازنة العامة والميزانية العامة‪ .‬وعند النظر في هذه األركان األربعة في السودان‬
‫سنقف على ما يلي‪:‬‬
‫أ‪ -‬اإليرادات العامة‪ :‬إعتمدت المالية العامة في السودان منذ اإلستقالل وحتى تاريخ إنقالب الجبهة اإلسالمية في ‪1989/06/30‬م‪،‬‬
‫على أربعة مصادر تدر الدخل في الميزانية العامة للدولة وتنفق منها الدولة على وظائفها وهي‪:‬‬

‫كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة ‪ 05‬إبريل ‪2022‬م‬
‫‪Page 49 of 54‬‬
‫المصدر األول‪ :‬وهو ما يعرف (بالدومين الحكومي) أو دخل الدولة من ممتلكاتها في شكل ريوع وأرباح الدولة من منشآت‬ ‫‪-‬‬
‫إنتاج‪ ،‬ومرافق خدمات كانت تمتلكها)‪ .‬فقد كانت الدولة في تلك الحقبة تمتلك عبر وزارة النقل والمواصالت فقط‪ ،‬السكة‬
‫حديد‪ ،‬الخطوط الجوية السودانية (سودانير)‪ ،‬هيئة الطيران المدني‪ ،‬الخطوط البحرية (سودان الين)‪ ،‬هيئة الموانئ البحرية‪،‬‬
‫النقل النهري‪ ،‬ومصلحة البريد‪ ،‬والبرق‪ ،‬والهاتف‪ .‬فضالً عن مصالح خدمية كالنقل الميكانيكي‪ ،‬ومصلحة المخازن والمهمات‬
‫المحتكرة لمشتريات الحكومة‪ .‬كذلك تملك في الشق الصناعي من اإلنتاج الوطني منشآت أنتاج في مجاالت الغزل والنسيج‪،‬‬
‫والدباغة والصناعات الجلدية‪ ،‬وصناعة السكر ‪...‬إلخ‪ .‬فضال عن أنها كانت تمتلك شركات عامة تمثل أذرع مهمة في التجارة‬
‫الخارجية‪ ،‬إذ كانت الدولة تحتكر تصدير وإستيراد سلع تتمتع باألهمية الكمية وارتفاع ربحيتها واألهمية النوعية لتعلقها‬
‫بمصالح قطاعات واسعة من السكان في إنتاجها أو إستهالكها كالقطن‪ ،‬والحبوب الزيتية‪ ،‬والصمغ العربي‪ ،‬والماشية‬
‫واللحوم‪ ،‬والسكر‪ ،‬واألدوية‪ .‬وهذه النشاطات كانت ترفد خزينة الدولة بعوائد كبيرة من الريوع واألرباح ومن النقد األجنبي‪.‬‬
‫ولهذا كانت الدولة تطلع بنطاق واسع من الوظائف وتقدم خدماتها المدعومة المجانية في قطاعات أساسية كالتعليم والصحة‪،‬‬
‫وتدعم السلع اإلستهالكية األساسية كالخبز والسكر والدواء‪ ،‬والمحروقات أي تدعم النقل بصورة غير مباشرة‪ ،‬كما كانت‬
‫تقدم دعما ً مقدرا ً للقطاع اإلنتاجي في شقي اإلنتاج الزراعي‪ ،‬حيث كانت الدولة تمتلك وتأهل وتصين البنية التحتية للمشاريع‬
‫الزراعية الكبري المروية كمشروع الجزيرة‪ ،‬ومؤسسة حلفا الجديدة الزراعية ‪ ...‬إلخ‪ ،‬وتدعم اإلنتاج الصناعي وسلع‬
‫الصادر‪.‬‬
‫المصدر الثاني‪ :‬في دخل الدولة من حيث الكمية واألهمية‪ ،‬وهو الضرائب المباشرة في المقام األول األساسي‪ ،‬ث َّم الضرائب‬ ‫‪-‬‬
‫غير المباشرة في المرتبة الثانية‪.‬‬
‫المصدر الثالث‪ :‬فقد كان مصدر الرسوم والتي كانت منخفضة ورمزية مقابل خدمات تقدمها الدولة للمواطنيين عند الحاجة‬ ‫‪-‬‬
‫والطلب‪ ،‬كرسوم شهادات الميالد‪ ،‬ورسوم إستخراخ الوثائق الثبوتية‪ ،‬والرسوم القضائية ‪...‬إلخ‪ .‬وقد كانت الغاية من هذه‬
‫الرسوم بجانب كونها مصدرا لدخل الحكومة‪ ،‬هو خدمة المواطنين‪ ،‬وأيضا كإجراء يساعد علي اإلحصاء‪.‬‬
‫المصدر الرابع ‪ :‬يتمثل في اإلقتراض من الداخل أو الخارج‪ ،‬حينما التكفي المصادر الثالثة آنفة الذكر‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫ونسبة ألن نظام اإلنقاذ قد اتبع منهج إقتصاد السوق‪ ،‬فقد قام بالخصخصة على نطاق واسع‪ ،‬وتصفية ممتلكات القطاع العام بالبيع‪،‬‬
‫ونقلها للقطاع الخاص ضمن سياسة التمكين الذي اقترن بالبيع بالصفقات الفاسدة‪ ،‬فاستولى المتمكنون على ممتلكات الدولة التي‬
‫بناها الشعب بتضحيات كبيرة ‪ ،‬بأبخس األثمان ‪ ،‬بموجب تسهيالت من النظام المصرفي بعد خصخصته وتسخيره لخدمة هؤالء‬
‫المتمكنين‪ .‬وكذلك تم بيع العديد من المنشآت والمرافق والشركات العامة وتصفيتها في صفقات فساد مشبوهة مثال بيع اأسطول‬
‫شركة النقل البحري (سودان الين وقوامه ‪ 15‬سفينة عشية انقالب الجبهة اإلسالمية)‪ ،‬وطائرات الخطوط الجوية السودانية‬
‫(سودانير) وعددها ‪ 14‬طائرة‪ ،‬وموجودات البنية التحتية لمشروع الجزيرة‪ ،‬وحلفا الجديدة إلى آخر المرافق الخدمية والمنشآت‬
‫اإلنتاجية التابعة للقطاع العام‪ .‬وهكذا فقدت الدولة أهم مداخيلها التي كانت ترفد الخزينة العامة‪ ،‬الدخل أو الدومين الحكومي من‬
‫موقعه كمصدر أول في عوائد خزينة الدولة إلى المواقع الخلفية وأحتلت مكانه الضرائب والرسوم والجبايات‪.‬‬
‫وبالتالي فقد كان طبيعيا علي ضوء ما تقدم عرضه‪ ،‬أن تتراجع الدولة عن وظائفها ومهامها األساسية المتمثلة في توفير مجانية‬
‫التعليم والعالج‪ ،‬ودعم اإلسكان والسلع اإلستهالكية الضرورية‪ ،‬ودعم اإلنتاج والصادر‪ .‬وأصبح مصدر دخل المالية العامة األول‬
‫واألهم هو الضرائب غير المباشرة‪ ،‬والرسوم‪ ،‬والجبايات‪ .‬وفي ظل التهرب الضريبي للفئات الطفيلية المتمكنة والمتحكمة في‬
‫االقتصاد‪ ،‬وقع العبء الضريبي على دخول العاملين وصغار المنتجين‪ ،‬وتحولت الدولة إلى دولة جباية تالحق أوسع قطاعات‬
‫الشعب بالضرائب المتزايدة‪ .‬وتوجه هذه اإليرادات الضريبية في الصرف على أجهزتها المترهلة ومخصصاتها الباهظة‪ ،‬ومن‬
‫اإلصدار النقدي وزيادة الدين العام ونهب القروض الخارجية‪ .‬وانقسم المجتمع إلي فئات عليا أقلية مهيمنة على السلطة والثروة‬
‫ومحمية بأجهزة القمع األمنية وتتحكم علي ما يزيد عن ‪ %82‬من الموارد االقتصادية‪ ،‬وأغلبية الشعب المعدم الذي تتزايد معدالت‬
‫فقره بشكل متسارع لمستويات غير مسبوقة‪ ،‬واختفت الطبقة الوسطي نزوالً إلى صفوف الفئات الفقيرة والتي تعيش تحت خط‬
‫الفقر‪ .‬وحينما بلغت عوائد النفط في الحقبة من ‪1999‬م إلى ‪2011‬م مبلغا ً مقداره ‪ 77,901,8‬مليار دوالر (سبعة وسبعون ملياراً‬
‫وتسعمائة وواحد مليون دوالرا ً علي أقل اإلحصاءآت المعلنة)‪ ،‬فضالً عن قروض خارجية بلغت حتى سقوط نظام اإلنقاذ مبلغ‬
‫‪ 56,4‬مليار دوالر (ستة وخمسون مليار وأربعمائة مليون دوالر على األقل)‪ ،‬وقروض داخلية بالعملة الوطنية في ذمة الدولة‬
‫مدينة بها للنظام المصرفي ال حدود لها‪ .‬وفي ظل غياب المؤسسية واإلنضباط المالي واإلداري في الدولة‪ ،‬دخلت هذه العوائد في‬
‫أوعية مجهولة‪ ،‬وأصبح من الصعب معرفة مصيرها في دولة ال يراجع ديوان المراجع العام فيها سنويا ً إال على حوالي (‪)%15‬‬
‫من المال العام‪ .‬حيث أصبح ما تبقي من المال العام يعتبر في نطاق اإليرادات والمصروفات العامة المجهولة المحصنة خارج‬
‫نطاق المساءلة‪.‬‬
‫وهكذا فقد شكل نظام اإلنقاذ مظلة لحماية الفساد المالي المستشري في الدولة التي احتشد في مفاصلها المرتبطون بحزب السلطة‬
‫السابقة‪ .‬لذلك فإن من استولوا على عوائد الدولة من األموال يمثلون قطاعات واسعة جداً‪ ،‬وسيحتاج إسترداد ما نهبوه واستولوا‬

‫كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة ‪ 05‬إبريل ‪2022‬م‬
‫‪Page 50 of 54‬‬
‫عليه من المال‪ ،‬تحرى واسع معقد ودقيق عن ممتلكات الذين تنقلوا في مواقع المسؤوليات العليا في عهد اإلنقاذ وبعدها‪ ،‬وإجراءآت‬
‫ومالحقات قانونية واسعة تطالهم وتطال الموالين لهم‪ ،‬حتى يتم إسترداد المال العام الذي تم السطو عليه كامال غير منقوصا ً إلى‬
‫الخزينة العامة‪ .‬وهذا اإلجراء يتطلب تأهيل وتعبئة الجهاز القضائي‪ ،‬النيابة العامة‪ ،‬األجهزة الشرطية‪ ،‬جهاز األمن الوطني‬
‫والمخابرات‪ ،‬ديوان المراجع العام‪ ،‬ومكتب المسجل العام للشركات‪ ،‬بجانب متخصصين في المحاسبة والمراجعة وفي اإلقتصاد‬
‫المالي‪ .‬وتكون كلها ملحقة بلجنة إزالة التمكين واسترداد المال المنهوب في عهد نظام اإلنقاذ‪.‬‬
‫ب‪ -‬المصروفات العامة‪ :‬لم يشكل بند المرتبات أهم مصارف الفصل األول في الميزانية العامة‪ ،‬على الرغم من أهمية عالقته‬
‫بمعاش الناس‪ ،‬إذ لم يشكل إال جزءا ً محدودا ً نسبيا قياسا إلى رصيد الصرف على الحوافز والبدالت واإلمتيازات التي حازت‬
‫عليها الفئات العليا في الدولة‪ .‬لذلك فإن أوسع قطاع من العاملين في الدولة‪ ،‬في الخدمة المدنية وفي القوات النظامية‪ ،‬كانت‬
‫مرتباتهم ال تفي إال بالقدر المحدود من ضروريات إحتياجاتهم األسرية‪ ،‬إذ إنحصر الصرف الحكومي بسخاء‪ ،‬في عهد نظام‬
‫اإلنقاذ‪ ،‬على حزب السلطة والموالين للنظام‪ ،‬والذين ظل النظام يحشدهم في هياكل الحكم اإلتحادي والوالئي والمحلي‬
‫والمنظمات الجماهيرية والنقابية الصورية المستأنسة‪ ،‬وكلها هياكل متضخمة بعضوية من البطالة المقنعة التي كانت تشكل‬
‫في حقيقتها شعبية الحزب الحاكم‪ ،‬وجمهور النظام الذين كانوا يؤدون هذه المهمة مقابل أجور يتقاضونها من المال العام دون‬
‫وجه حق تشمل مرتباتهم ومخصصاتهم وحوافزهم والعطايا التي كانت تكال لهم‪ .‬وإلى جانب هؤالء ظل النظام يغدق الصرف‬
‫على مناسباته‪ ،‬ونشاطات أجهزته األمنية‪ ،‬وحروبه ضد الشعب في كل أطراف البالد‪ .‬فتوجهت كل المصروفات العامة إلى‬
‫وجهة ضارة غير منتجة ساهمت بشكل أساسي في عجز الموازنة العامة وفي تدهور القطاعات اإلنتاجية والخدمية‪.‬‬
‫ت‪ -‬السياسات المالية العامة‪ :‬إن السياسات المالية العامة هي سياسات تحدد المصادر المشروعة للمال العام وأوجه الصرف‬
‫المشروعة المعتمدة‪ .‬وإن الخلل الذي رافق سياسات نظام اإلنقاذ في هذا الشأن نابع من خلل عميق نابع من طبيعة النظام نفسه‪،‬‬
‫لذلك فإن تجاوز هذا الخلل يتطلب العودة إلي استعادة وتفعيل دور الدولة في الملكية والنشاط اإلقتصادي بإمتالكها مجدداً‬
‫لبعض مرافق الخدمات ومنشآت اإلنتاج واستعادتها عن الخصخصة التي طالتها‪ ،‬لتخفيف العبء الضربي على أوسع قطاعات‬
‫الشعب وتحسين مستوى معيشتهم‪ ،‬فضال عن إعادة النظر في توزيع العبء الضريبي على أسس تحقق العدالة بحيث تكون‬
‫ضرائب تصاعدية ومباشرة علي الدخل‪ ،‬ووضع نظم إدارية كفوءة تستخدم التقنيات األلكترونية الحديثة في التحصيل والحد‬
‫من التهرب الضريبي‪.‬‬
‫ً‬
‫ث‪ -‬الموازنة والميزانية‪ :‬الموازنة تقدير إليرادات ومصروفات الدولة المتوقعة مستقبال لعام مالي قادم مصطحبة إجراءات‬
‫سياسوية تعزز من زيادة اإليرادات‪ ،‬أما الميزانية فهي اإليرادات العامة الفعلية التي دخلت الخزينة العامة وما قابلها من‬
‫مصروفات عامة أنفقت فعليا من الخزينة العامة خالل العام المالي الذي مضى‪ .‬ويتم ضبط الموازنة العامة والميزانية والرقابة‬
‫عليهما من خالل أمرين هما أوال‪ :‬أن يكون اإلهتمام بالميزانية وتدقيقها‪ ،‬أي تدقيق المال العام بعد صرفه أكثر من اإلهتمام‬
‫بالموازنة وتقدير اإليرادات وذلك للتأكد من سالمة أوجه الصرف من حيث الصالحية واالعتماد ومن حيث استخدام‬
‫المنصرفات في الغرض المصرح به او المعتمد‪ .‬وثانيا‪ :‬أن تكون مظلة المراجعة العامة شاملة لكل بنود اإليرادات والصرف‪.‬‬
‫ولكن في ظل غياب هذين األمرين فقدت المالية العامة في عهد نظام اإلنقاذ أهم مراحل أسس ضبطها‪ .‬وتحولت الموازنة‬
‫العامة والميزانية العامة في سنوات ذلك العهد إلى إجراءآت شكلية بال مضمون وبال رقابة‪.‬‬
‫‪ -5‬المديونية العامة‪:‬‬
‫عندما ال تفي اإليرادات العامة التي يتم تحقيقها من مصادرها التقليدية المعلنة أي الدخل الحكومي (الدومين الحكومي)‪ ،‬والضرائب‬
‫والرسوم‪ ،‬بمتطلبات الوفاء بالمصروفات العامة المعتمدة‪ ،‬تلجأ الدول إلى طلب القروض أي إلى اإلسدانة‪ ،‬ومن هنا تنتج المديونية‪.‬‬
‫وتتكون المديونية العامة عادة في اإلقتصاديات القومية لدول العالم كافة‪ ،‬من شقين هما المديونية داخلية‪ ،‬والمديونية خارجية‪:‬‬
‫أ‪ -‬في شق المديونية الداخلية تلجأ الدولة‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬إلى اإلستدانة من نفسها‪ ،‬عندما تغطى الفجوة في مواردها وعجزها عن متطلبات مصارفها‪ ،‬باإلصدار النقدي أي بطباعة‬
‫النقود‪ .‬ويسمى هذا التصرف بالتمويل بالعجز أو اإلستدانة من المصرف المركزي‪ ،‬ألن النقود التي يتم طباعتها‪ ،‬ينبغي أن تسجل‬
‫في سجالت المصرف المركزي إقراضا ً للحكومة ودينا ً في ذمتها‪.‬‬
‫وثانيا ً‪ :‬يكون مصدر الدين الداخلي في الغالب بدال من اإلصدار النقدي من الدول الحريصة على إستقامة وسالمة تصرفها‪،‬‬
‫بإصدار أذونات الخزانة‪ ،‬وهي سندات‪ ،31‬أو شهادات إستثمار تطرحها الدولة للمصارف والشركات واألفراد للشراء‪ ،‬فتكون‬

‫‪ 31‬تعبر األسهم أن لمالكها حصة في ملكية المشروع‪ ،‬فالذي يحمل سهما دائنا في مشروع بعينه شريك فيه في حدود قيمة سهمه‪ .‬أما الذي يحمل سنداً باعه ذلك المشروع‬
‫للمكتتبيين بهدف التمول بالسيولة النقدية‪ ،‬فحامل السند ليس شريكا في المشروع‪ ،‬بل مجرد دائن للمشرو ع‪ ،‬له الحق في نهاية مدة السند أن يسترد من المشروع قيمة السند‬
‫والفائدة المتفق عليها ثمنا ً لما أقرضه‪ .‬وعادة ماتطرح الدول في كل العالم بال استثاء في سوق األسهم سندات تسمى‪ :‬أذونات الخزانة‪ ،‬أو شهادات اإلستثمار الحكومية (مثال‪:‬‬

‫كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة ‪ 05‬إبريل ‪2022‬م‬
‫‪Page 51 of 54‬‬
‫إسمية أو لحاملها بفئات مختلف ة ترد قيمتها لمالكها أو لحاملها بعد مدة محددة‪ ،‬عادة سنة‪ ،‬مع زيادة فوائد معلومة مسبقا مرتبطة‬
‫بحجم رأس المال ومدة االستثمار‪ .‬وقد توغل نظام اإلنقاذ في المديونية الداخلية عبر الطريقين وفقا لما يلي‪:‬‬
‫➢ في خالل الـ ‪ 30‬ثالثين عاما من عمر نظام اإلنقاذ نهب النظام مقدرات اإلقتصاد الوطني عبر التمويل بالعجز أو إصدار‬
‫النقود بال رادع أو التزام بأصول علم اإلقتصاد أو بالتقاليد والمعايير المتعارف عليها في إدارة السياسة النقدية وبال كابح أو‬
‫حدود لحجم الدين‪ .‬وقد دفع اإلقتصاد الوطني ثمن ذلك اإلفراط في طباعة النقود بال غطاء من إنتاج عيني أو عوائد مضمونة‪،‬‬
‫بأن فقدت العملة المحلية القدرة على أداء وظائفها كأداة إدخار وتمويل لإلستثمار نتيجة التضخم الجامح واإلنخفاض المتواصل‬
‫في قيمتها‪ .‬بل وفي مرحلة الحقة إختفت النقود نفسها من ميدان التبادل الرسمي أي من السوق كما انعدمت في خزائن‬
‫المصارف التجارية والمصرف المركزي‪ ،‬وظلت مكتنزة ً لدى الفئات المتحكمة في االقتصاد ويتم تداولها في نطاق اإلقتصاد‬
‫الخفي في مجال تجارة العملة غير الشروعة‪ ،‬والتهريب‪ ،‬وشراء الذهب‪ ،‬واالستحواز علي مصادر النقد األجنبي السيما‬
‫االستحواز علي مدخرات المغتربين في الخارج‪ ،‬وفي شراء العقارات واألراضي والسلع المعمرة المستوردة‪.‬‬
‫➢ ووفقا للفتوى الصادرة عن فقهاء الصيرفة اإلسالمية في نظام اإلنقاذ‪ ،‬بأن أذونات الخزانة تقع في نطاق الربا الحرام‪ ،‬لكونها‬
‫تدر فائدة ثابتة بدون عوض‪ .32‬لم يتمكن المصرف المركزي من اإلستدانة الداخلية بأذونات الخزانة إال ابتداءاً من يونيو‬
‫حزيران ‪1998‬م‪ .‬فبعد بحث إستغرق المدة من بداية عام ‪1997‬م حتى منتصف عام ‪1998‬م وبجهد مشترك بين‪ :‬بنك السودان‬
‫المركزي‪ ،‬والهيئة العليا الشرعية للمصارف والمؤسسات المالية‪ ،‬وخبير من صندوق النقد الدولي‪ 33‬تم إستحداث شهادات‬
‫قيل أنها تتوافق مع األسس الشرعية وتصلح كأداة للسياسة النقدية بديال ألذونات الخزانة في عمليات السوق المفتوحة‪ .‬ويقصد‬
‫بهذه الشهادة الشرعية التي إستحدثت‪( ،‬شمم‪ ،‬شهادة مشاركة البنك المركزي)‪ ،‬وبموجب هذه الشهادة قيمت أصول المصارف‬
‫التجارية كافة المملوكة للحكومة آنذاك بمقدار ‪ 39‬مليار جنيه سوداني ووزع المبلغ إلى حصص متساوية بواقع سعر الحصة‬
‫‪ 10,000‬جنيه (عشرة آالف جنيه سوداني)‪ ،‬أي ما يعادل ‪ 4000‬أربعة آالف دوالر أمريكي آنذاك) وبيعت األسهم للمقتدرين‬
‫من أصحاب الفوائض‪ .‬ولكن لم تباع لهم ملكية المصارف في هذه الصفقة‪ ،‬بل بيعت لهم منفعة الحصص‪ .‬بمعنى أن الحكومة‬
‫إحتفظت بملكية المصارف‪ ،‬وأصبحت أرباح المصارف من معامالتها توزع علي أصحاب الحصص‪ .‬وتوقف العمل بشهادة‬
‫(شمم) في نهاية عام ‪2004‬م عندما شرعت الدولة في خصخصة النظام المصرفي‪ .‬وبدأ إعتماد شهادات مثيلة أخرى‪،34‬‬
‫أشهرها (شهامة‪ ،‬شهادات مشاركة الحكومة وقيمة الحصة ‪ 500‬خمسمائة جنيه) ورصدت الحكومة لشهادة (شهامة) منفعة‬
‫أرباح شركات عالية الربحية مثال‪ ،‬شركة سوداتل التي كانت معدل أرباحها نحو‪ ،%64‬وشركات تعدين عاملة في الذهب‪،‬‬
‫وشركات أسمنت ‪...‬إلخ‪ .‬ولذلك تراوحت أرباح أسهم (شهامة) في السنوات األولى من إصدار صكوكها عام ‪1999‬م بين‬
‫‪ %28‬و‪ % 32‬فلجأ كبار المستثمرين في هذه األسهم إلى رهنها لدى المصارف التجارية لضمان الوفاء لقروض مصرفية‬
‫منحت لهم بفائدة أي مرابحة مقدارها ‪ .%11‬إال أن معدل األرباح بدأ في التراجع بسبب خصخصة الدولة للشركات ذات‬
‫الربحية العالية وإدخال منفعة أرباح شركات بديلة أقل ربحية‪ ،‬فانخفضت اإلرباح إلى مابين ‪ %14‬و‪ .%19‬وفي عام ‪2012‬م‬
‫إنخض سعر صرف الجنيه أكثر من ‪ ،%100‬إذ أصبح سعر الدوالر ‪ 5,700‬جنيه‪ ،‬بدال عن سعره عام ‪1999‬م المعادل لـ‬
‫‪ 2,500‬جنيه‪ .‬وذلك بعد خصخصة ممتلكات الدولة الرابحة وتحييد الدولة وانفصال الجنوب بـ ‪ %75‬من الثروة النفطية‪.‬‬
‫ب‪ -‬المديونية الخارجية‪ :‬وهي في إسمها واضحة الداللة على أنها مديونية الدولة للدائيين الذين اقترضت منهم في العالم الخارجي‬
‫بعمالت قابلة للتحويل أو في شكل قروض سلعية من صناديق دولية وإقليمية‪ ،‬ودول‪ ،‬ومصارف‪ ،‬وشركات‪ ،‬وموردين‪.‬‬

‫شهادات اإلستثمار الحكومية‪ ،‬شهامة‪ ،‬في السودان)‪ ،‬وتستهدف الحكومات بهذا التصرف سحب النقود من نطاق التداول في اإلنفاق اإلستهالكي‪ ،‬وتعبئها في نطاق اإلدخار‬
‫لتمويل اإلستثمار‪ ،‬وقد يكون الهدف هو سد الفجوة في ميزانية الدولة باإلقتراض من الداخل عبر طرح أذونات الخزانة لتشتريها المصارف التجارية والشركات واألفراد‪.‬‬
‫‪ 32‬جمال الدين عطية‪ ،‬البنوك اإلسالمية‪ ،‬بين الحرية والتنظيم‪ ،‬التقويم واإلجتهاد‪ ،‬النظرية والتطبيق‪ ،‬ط‪ ،2‬المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع‪ ،‬بيروت‪ ،‬ص‪.118‬‬
‫‪ 33‬جمال الدين عطية‪ :‬البنوك اإلسالمية‪ ،‬بين الحرية والتنظيم‪ ،‬التقويم واإلجتهاد‪ ،‬النظرية والتطبيق‪ ،‬ط‪ ، 2‬المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع‪ ،‬بيروت‪ ،‬ص ص‬
‫‪ . 130 -129‬من الكتاب الغربيين غير المسلمين من ساهم بفتاوي إسالمية تعين المصارف (اإلسالمية) بإسناد فقهي لمعاملة مصرفية معقدة‪ ،‬مثال اإلسناد بتخريج فقهي‬
‫للتمويل المصرفي اإلسالمي لرأس المال العامل للشركات مع تحاشي نظام المشاركة في الربح أي الغنم بالغرم عبر إقتراح صيغة قدمها وبحثها رياضيا ً ومحاسبيا ً الدكتور‬
‫(فوكار ينهاوس‪ ،‬استاذ اإلقتصاد بجامعة بخوم في ألمانيا‪ ،‬والمتخصص في مسائل المصارف اإلسالمية)‪ .‬كذلك إنظر‪ * :‬محمود محمد بابلي‪ ،‬ص ‪ .209‬إن اللجنة التحضيرية‬
‫التي أناطت بها (منظمة المؤتمر اإلسالمي) صياغة (إتفاقية البنك اإلسالمي للتنمية) قد إستعانت في إنجاز مهمتها بخبراء من البنك الدولي وبخبراء آخرين إلى جانبهم من‬
‫مصارف عالمية غربية‪ ،‬فأجاز هؤالء الخبراء معا ً (مشروع المصرف اإلسالمي) على صورته الحالية‪.‬‬
‫‪ 34‬هذه الشهادات هي‪( :‬صرح‪ ،‬أصدرتها وزارة المالية إبتدا ًء من ‪2003‬م) و(شهاب‪ ،‬صكوك أصدرها البنك المركزي عام ‪2005‬م حصراً للمصارف وليس لألفراد‬
‫والشركات عن أصول مملوكة للمصرف المركزي تؤجرها عبر صندوق إستثمار وكيل لـ ‪ 10‬سنوات بهدف إدارة السيولة وتحقيق إستثمارات مربحة للمصارف حملة‬
‫الصكوص التي بوسعهم تداولها بين المصارف في السوق) ( شموخ‪ ،‬شهادة اإلستثمارالجماعي بالعمالت األجنبية بدأت في إبريل ‪2009‬م لتسوق الصكوك داخل السودان‬
‫‪100‬أف شهادة بمائة مليون دوالر ليكون بنك السودان مضاربا ً في تجارة اإلستيراد عن حملة الصكوك إال أن الحصيلة لـ ‪ 6170‬شهادة نسيت في حساب جاري في بنك‬
‫السودان ولم يتم تذكره إال بعد عام فصفيت بربح المثل لحملة الصكوك ‪ ،%7‬وانتهت تجربة شموخ في إبريل ‪2010‬م) و(شامة‪ ،‬شهادة مصفاة الخرطوم للبترول ‪2010‬م)‬
‫و(نور‪ ،‬شهادة أصول الشركة السودانية لنقل الكهرباء بسعر السهم ‪ 100‬دوالر بيعت أسهم منها بقيمة ‪ 2‬مليون دوالر وحجزت قيمة هذه األسهم في البنك المركزي ولم يتم‬
‫العمل بها‪ ،‬وأفتت هيئة الرقابة العليا بعد عدة س نوات بتخارج وزارة المالية بإعادة شراء األسهم وإعادة قيمتها للمكتتبين بها)‪ .‬وال يلغي تعثر مسار هذه الشهادات اإلستثمارية‬
‫الغاء أهمية أذونات الخزانة كأهم أداة في إدارة السيولة في السياسة المالية في دول العالم كافة‪.‬‬

‫كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة ‪ 05‬إبريل ‪2022‬م‬
‫‪Page 52 of 54‬‬
‫إن اإلستدانة خاصة‪ ،‬من الدول النامية وال سيما تلك التي تنتمي لقائمة المستعمرات السابقة‪ ،‬ليست مذمومة في كل األحوال‬
‫على نحو مطلق‪ ،‬فاإلقتراض الداخلي‪ ،‬والخارجي‪ ،‬قد يؤدي إلى سد النقص في التمويل الضروري والسيما بالمكون األجنبي‬
‫لمشاريع إستراتيجية‪ ،‬فيدفع عجلة التنمية وتزيد اإلنتاج واإلنتاجية‪ ،‬وإذا ما ارتبطت خطة التمويل باإلقتراض الخارجي بدراسة‬
‫الجدوى من التمويل وقابلية المشروع الممول على خدمة الدين باإلسهام في سداد أقساط الدين وفوائده‪ .‬ولقد اقترض السودان‬
‫أول دين خارجي في تاريخه الحديث بقرار من السلطة اإلستعمارية البريطانية في مطلع عشرينات القرن الماضي لتمويل‬
‫تشييد خزان سنار وتأسيس مشروع الجزيرة بعد أن أجاز مجلس العموم البريطاني أن تضمن الدولة هذا القرض للدائنيين‬
‫(تحت بند ديون السودان المضمونة)‪ .‬ولقد تم سداد أقساط هذا القرض جميعها بإنتظام (لمدة ‪ 40‬أربعين عاما إنتهت عام‬
‫‪1969‬م)‪ .35‬وبهذا القرض تملك السودان أكبر مشروع زراعي في العالم (مليون فدان ثم تطورت المساحة إلى ‪ 2,2‬مليون‬
‫فدان بعد إنجاز إمتداد المناقل في ثاني قرض خارجي أخذته حكومة عبود عام ‪1960‬م)‪ .‬وبهذا التمويل تميز مشروع الجزيرة‬
‫ببني ٍة تحتية قوامها شبكة من القنوات وأالف العقارات والمحالج والمخازن واآلليات وشبكة من القنوات ونظام ري وتراكم‬
‫معرفي في مجاالت الري والبحوث الزراعية‪ ،‬وأحدث هذا المشروع تنمية إقتصادية وإجتماعية ملموسة في منطقة الجزيرة‬
‫وظل اإلقتصاد السوداني يعتمد بصور رئيسية على إنتاج وتصدير القطن في مشروع الجزيرة‪ ،‬كمصدر أساسي لموارد‬
‫اإلقتصاد الوطني من النقد األجنبي حتى ظهور عوائد النفط في قائمة الصادرات عام ‪1999‬م‪ .‬وفي عهد نظام عبود وظف‬
‫السودان أول قرض من البنك الدولي عام ‪1958‬م في تأهيل السكة حديد‪ .‬والقرض الثاني عام ‪1960‬م من المصدر نفسه في‬
‫تمويل إمتداد المناقل‪ .36‬كما وظف نظام عبود غيرها من القروض من الغرب ومن الشرق في نطاق قطاع الخدمات وتحديداً‬
‫مرافق الخدمات المملوكة للدولة‪ :‬تمويل شراء طائرات لشركة الخطوط الجوية السودانية (سودانير) وشراء سفن لشركة‬
‫الخطوط البحرية السودانية (سودان الين) وفي بناء مصانع تحويلية في نطاق التصنيع الزراعي كمصنع الكرتون في أروما‪،‬‬
‫ومصنع تجفيف البصل في كسال‪ ،‬ومصنع تعليب التمور في كريمة‪ ،‬والفاكهة في واو‪ ،‬وتجفيف الحليب في بابنوسة (الكركدي‬
‫فيما بعد)‪ ،‬ومصنعي السكر في الجنيد ومصنع سكر حلفا الجديدة ‪ ...‬إلخ‪ .‬وسوى بعض نواحي القصور في دراسات الجدوى‬
‫وعدم الدقة في إختيار نوعية المصان ع والتوفيق بين موقعها وموقع مدخالت اإلنتاج األولية‪ ،‬لم يحصل تعثر في خدمة الدين‬
‫الخارجي أي في سداد أقساطه وفوائده التعاقدية في آجالها في تلك الحقبة وفي العهد الديمقراطي الثاني بعده‪ .‬ولم تبدأ فوضى‬
‫اإلستدانة من الخارج إال في عهد الحكم العسكري الثاني‪ ،‬عهد نظام نميري‪ ،‬وبخاصة بعد أن قرر نظام نميري إعطاء‬
‫الصالحيات للوزراء في تخطيط وتمويل وتنفيذ خطط التنمية بما في ذلك الحصول علي التمويل الخارجي دون المرور عبر‬
‫وزارة المالية وبنك السودان‪ .‬لذلك كانت هذه الجهات المسؤولة عن مسك دفاتر الدين الخارجي‪ ،‬عاجزة عن حصر ديون‬
‫السودان الخارجية حتي سقوط النظام‪.‬‬
‫وبلغت مديونية السودان عشية إستيالء الجبهة القومية اإلسالمية على السلطة عبر إنقالبها العسكري في ‪1989/6/30‬م مبلغ‬
‫‪ 8,650‬دوالر (ثماني مليارات وستمائة وخمسون مليون دوالر امريكي)‪ .‬وسقط نظام الحركة اإلسالمية بعد ثالثون عاما في‬
‫‪ 11 – 6‬إبريل ‪2019‬م‪ ،‬بعد أن بلغت الديون الخارجية في أقل األرقام المعلنة ‪ 56,4‬مليار دوالر (ستة وخمسون مليار‬
‫وأربعمائة ومليون دوالر)‪ .‬وقد تميز تفاقم المديونية الخارجية التي تراكمت في هذه الحقبة بما يلي‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬إن حجم المديونية الخارجية للسودان غير محدد بدقة وال يتوافر حصر دقيق لها‪ ،‬واألرقام المعلنة من نظام اإلنقاذ حتى‬
‫عامي ‪2017‬م – ‪2018‬م‪ ،‬كانت تتراوح بين ‪ 47,5‬مليار دوالر و‪ 56,4‬مليار دوالر‪ .‬إذ أعلنت الجهات المسؤولة‪ ،‬رئاسة‬
‫الوزراء‪ ،‬ووزارة المالية‪ ،‬وبنك السودان خالل عام ‪2018‬م عن حجم المديونية بستة أرقام متباينة‪ .‬وثالثة أرقام متباينة أيضا ً‬
‫في األشهر الثالثة األولى من عام ‪2019‬م أي قبيل سقوط النظام‪.‬‬
‫ثانيا ً‪ :‬إن تفاقم المديونية ووصولها للرقم ‪ 17,2‬مليار دوالر حتى توقيع إتفاقية نيفاشا‪( ،‬إتفاقية السالم الشامل في عام ‪2005‬م)‪،‬‬
‫برره نظام اإلنقاذ بأن ميزانية الدولة حتى ذلك التاريخ كانت ميزانية جهاد وحرب‪ .‬ولكن المديونية بعد ذلك التاريخ ‪2005‬م‬
‫قد وصلت حتى عام ‪2015‬م إلى ‪ 45‬مليار دوالر‪ ،‬منها ‪17,2‬مليار أصل الدين‪ ،‬و‪ 4,6‬مليار فوائد تعاقدية و‪ 23,2‬مليار فوائد‬
‫تأخيرعن السداد‪ ،‬إذ لم تسدد الدولة أقساط وفوائد الديون المستحقة في تلك الحقبة على الرغم من أن عوائد اإلقتصاد الوطني‬
‫من صادرات النفط قد بلغت فى تلك الحقبة‪2005 ،‬م ‪2015 -‬م في أقل األرقام المعلنة ‪ 60,347‬مليار دوالر‪ ،‬ذلك ألن اإلنفاق‬
‫العام قد بلغ في المدة نفسها ‪ 63,929‬مليار دوالر بعجز مقداره ‪ 3,582‬مليار دوالر‪.‬‬
‫ثالثا ً‪ :‬إن عائدات اإلقتصاد الوطني من صادر النفط ‪2011 – 1999‬م‪ ،‬وكذلك عائدات صادر الذهب ‪2018 – 2011‬م لم‬
‫تدخل الموازنة والميزانية العامة وكانت عائداتها تعد من أسرار الفئة الحاكمة ومحصنة من أن تطالها المراجعة العامة التي‬
‫ما كانت تراجع إال ‪ %15‬فقط من اإليرادات العامة‪ ،‬ولم تسدد الحكومة األقساط والفوائد التي حلت آجالها من مديونية السودان‬
‫في تلك الحقبة‪ .‬ولم يتم تمويل مشاريع تنموية حقيقية ظاهرة للعيان‪ ،‬بل إن جميع المشاريع غير المنتجة التي تم إنجازها على‬

‫‪ 35‬محمد خير أحمد الزبير‪ ،‬القروض والمعونات الدولية وأثرها على التنمية االقتصادية‪ ،‬تجربة السودان في نصف قرن (‪2006 – 1956‬م)‪ ،‬دار السداد‪ ،‬الخرطوم‪2009 /‬م‪،‬‬
‫ص ‪.45‬‬
‫‪ 36‬المرجع السابق ‪ :‬ص ‪. 45‬‬

‫كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة ‪ 05‬إبريل ‪2022‬م‬
‫‪Page 53 of 54‬‬
‫محدوديتها‪ ،‬قد تم تمويلها بالقروض الخارجية‪ .‬وهذا الوضع حتم علي الحكومة االنتقالية معرفة مصير هذه األموال ومآالتها‬
‫داخل السودان وخارجه‪ ،‬ولكنها لم تنجح في ذلك وأصبحت المهمة حاليا موكلة لحكومة الثورة القادمة لتحقيق هذا الهدف‪.‬‬
‫رابعا ً‪ :‬إن المرحلة اإلنتقالية كان طبيعيا ً أن تواجة مباشرة بأزمة سلعية موروثة خانقة‪ ،‬وال سيما في سلع الضروريات كالخبز‬
‫والدواء والمحروقات‪ .‬وكان هذا يتطلب إستدانة خارجية نقدية أو سلعية لمواجهتها‪ .‬فضال أن ميزانية ‪2019‬م كانت مطالبة‬
‫بسداد مبالغ خدمة الديون التي تبلغ ‪ 222,2‬مليون دوالر منها ‪166,6‬مليون دوالر أقساط على أصل ديون سابقة‪ ،‬وما تبقت‬
‫كانت فوائد مستحقة حل أجل الوفاء بها‪ ،‬وكان هذا أيضا ً يتطلب فوائض من النقد األجنبي من عائدات الصادر أو يتطلب قرضا‬
‫نقديا‪ ،‬األمر الذي كان يقتضي التفكير بجدية في الحصول على الدعم الذي عرض من دولتي السعودية واإلمارات السلعي‬
‫والنقدي وتعبئته وفق األولويات بدقة متناهية‪ .‬فضال عن الشروع في خطة متسارعة إلستقطاب عوائد مصادر النقد اإلجنبي‬
‫الذاتية كعوائد الصادر وتحويالت المغتربيين وذهب المعدنيين األهليين‪.‬‬
‫خامسا ً‪ :‬إن حجم المديونية الخارجية كما دلت أرقامها المتباية كبير ويبلغ نحو ‪ 58,8‬مليار دوالر‪ ،‬وكان طبيعيا ً أن تشكل هذه‬
‫المديونية ضغطا ً على الحكومة اإلنتقالية واألخرى المتعاقبة‪ ،‬إذا استخدمتها بعض القوى اإلقليمية أو الدولية الدائنة في الضغط‬
‫على إستقالل القرار اإلقتصادي والسياسي‪ ،‬وعلى الرغم من أن كثيرا ً من اإلحصاءآت المؤكدة المعترف بها من الدائنيين‪،‬‬
‫تشير إلى أن فوائد التأخير وإعادة الجدولة فيها تبلغ ‪ %86‬من الدين الكلي‪ ،‬بينما يبلغ أصل الدين ‪ %14‬ليس قريب المنال نيل‬
‫اإلعفاءآت الكاملة عن الديون التي تراكمت عن الفوائد الجزائية‪ .‬ولهذا كان مهما ً أن يعول في المقام األول على تخطيط وتنمية‬
‫القدرات الذاتية‪ ،‬إال أن الحكومة اإلنتقالية قد انتهجت منهج الخضوع للشروط المجحفة المسبقة التي فرضت عليها من الدانيين‪،‬‬
‫عبر شروط صندوق النقد الدولي المسبقة برغم أن بعض تلك الشروط تحدد مسارات ال تسمح للحكومة اإلنتقالية تعبئة الموارد‬
‫الذاتية عبر القطاع العام لإلعتماد على الذات وحشد الموارد الذاتية‪ .‬األمر الذي كان يتطلب من الحكومة اإلنتقالية تصرفا ً‬
‫مستندا ً إلرادة وطنية مستقلة إلتخاذ القرار اإلقتصادي الوطني المستقل المعبر عن المصلحة الوطنية‪.‬‬
‫سادسا ً‪ :‬إن األموال التي إنتقلت إلى حيازة أركان نظام اإلنقاذ وحزب السلطة اإلسالمي بشقيه (المؤتمر الوطني والشعبي)‪،‬‬
‫والموالين لهما من الذين مكنوهم من المديونية الداخلية ونهب المديونية الخارجية‪ ،‬الزالت منها ما تراكمت بالمديونية الداخلية‬
‫بالعملة المحلية‪ ،‬مكتنزة من قبل فئات تتربص بالثورة وتمول األعمال المعادية لها بهذه األموال‪ .‬لذلك كان من المهم تجريد‬
‫هذه الفئة من قدراتها اإلقتصادية التي نهبتها من أموال الشعب‪ ،‬عبر اإلجراءآت القضائية الرادعة لتتبع جذور الفساد والثراء‬
‫الحرام‪ .‬فضال عن إتخاذ اإلجراءآت الضرورية لتوفيق أوضاع المصارف اإلسالمية والشركات الحكومية‪ .‬وإجراء حملة‬
‫ناجحة لتبديل العملة‪ ،‬إال أن الحكومة اإلنتقالية تصرفت إزاء هذه المهمة بتراخي وتساهل وبما يخالف ما تمليه المصلحة‬
‫الوطنية العليا‪.‬‬
‫سابعا ً‪ :‬إن إرتباط الحكومة اإلنتقالية‪ ،‬بترتيبات تنفيذ وتطبيق شروط صندوق النقد الدولي ضمن برنامج مراقبة موظفي‬
‫الصندوق وبرنامج التكيف الهيكلي والوفاء بمتطلبات الدخول في مبادرة الهبك قد شغل كل اهتمامات الدولة ولم يكن لها‬
‫استعداد أو قابلية لاللتفات للبديل الوطني وإلمكانية الخروج من األزمة االقتصادية من خالل برنامج حشد الموارد الذاتية‪.‬‬
‫في خاتمة تقديم هذه الملفات‪ ،‬البد من التنويه إلى أن المشكلة اإلقتصادية في السودان من زاوية اإلحاطة بتشخيص كل أبعادها‬
‫وتلمس السبل المفضية لحلها‪ ،‬في حاجة إلى المزيد من الملفات التي يناقش عبرها قضايا النشاط التعاوني‪ ،‬والتنمية اإلنتاجية‬
‫الزراعية النباتية والحيوانية‪ ،‬وقضايا التنمية الصناعية ودور القطاعات الثالثة العام والخاص والتعاوني فيها‪ ،‬فضالً عن‬
‫العالقات اإلقتصادية مع دول الجوار‪ ،‬والعالقات اإلقتصادية اإلقليمية والدولية‪ ،‬وأخيرا ً وليس آخرا ً ما هو جدير جداً باإلهتمام‬
‫مواكبة الملفات للتطورات اإلقتصادية الناتجة عن تبعات إنقالب ‪ /25‬أكتوبر ‪2021‬م‪ .‬وبما أن الوثيقة تهتم باإلصالح اإلسعافي‬
‫علي المدي القصير وفقط فيما يتعلق بحشد الموارد الذاتية كبديل للتمويل الخارجي وإنقاذ االقتصاد الوطني ونقله لمرحلة‬
‫االستقرار والتوازن والذي ستنطلق بعده برامج التنمية االقتصادية االستراتيجية متوسطة وطويلة األجل فالوثيقة تقترح ملفات‬
‫جديدة تعمل عليها لجنة البحوث والدراسات مستقبال من أجل وضع برامج استراتيجية متوسطة وطويلة األجل تهدف إلي حشد‬
‫الموارد الذاتية الكامنة ذات الطابع االستراتيجي والهيكلي‪ .‬فبرنامج الوثيقة المقترح الخاص بحشد الموارد الذاتية هو برنامج‬
‫انتقالي قصير األجل متوافق عليه كأسس إلعادة بناء وهيكلة الدولة السودانية لتحقيق االنتقال ومن ضمنها ازالة التشوهات‬
‫االقتصادية‪ ،‬ولوضع لبناته وترسيخها وتوظيفها خالل فترة االنتقال بسنواتها االربع المقترحة لتحقيق ذ‪ .‬ومن هذه الملفات علي‬
‫سبيل المثال وليس الحصر‪:‬‬

‫‪ -1‬محور عن السياسات الصناعية‪.‬‬


‫‪ -2‬محور عن التعاونيات واالقتصاد االجتماعي التضامني‪.‬‬
‫‪ -3‬محور عن ال مركزية التنمية والتخطيط االقتصادي الالمركزي‪.‬‬
‫‪ -4‬إنشاء محكمة خاصة تحارب المضاربة بكل اشكالها وفي اي قطاع إن وجدت‪.‬‬

‫كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للتحالف االقتصادي لقوي لثورة ديسمبر المجيدة ‪ 05‬إبريل ‪2022‬م‬
‫‪Page 54 of 54‬‬

You might also like