You are on page 1of 26

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ بكر بني إرشيد‬

‫التعامل مع غير المسلمين في المناسبات االجتماعية والعقدية‬


‫(دراسة حديثية تأصيلية)‬

‫د‪ .‬بكر مصطفى طعمة بني إرشيد*‬


‫تاريخ قبول البحث‪23/4/2017 :‬م‬ ‫تاريخ وصول البحث‪28/9/2016 :‬م‬
‫ملخص‬
‫ُيعد فهم اإلسالم فهمًا سليمًا وفق الصورة التي جاء بها الوحي‪ ،‬األساس الصحيح لجعل صورة اإلسالم‬
‫كما أرادها اهلل تعالى‪ ،‬وقد جاءت هذه الدراسة لتصحيح الصورة التي تشوهت بسبب الفهم الخ اطئ له ذا‬
‫الموضوع الهام‪.‬‬
‫وقد اشتملت هذه الدراسة على توضيح أسلوب التعامل مع غير المسلمين في المناسبات االجتماعية‬
‫والعقدية‪ ،‬وفق دراسة حديثية تأصيلية تبين األساس الصحيح للتعامل معهم‪ ،‬وتوضح األحكام الشرعية‬
‫لهذه المسائل االجتماعية والعقدية‪ ،‬واالستدالل بأقوال العلماء‪ ،‬والرأي الراجح وفق األدلة الشرعية‪،‬‬
‫حتى يكون المسلم على بينة سليمة‪ ،‬ال يتجاوز فيها حكم الشرع الحنيف عند التعامل معهم‪.‬‬

‫‪Abstract‬‬
‫‪The understanding of Islam is a sound understanding according to the image that‬‬
‫‪came to the revelation, the correct basis for making the image of Islam as God wanted.‬‬
‫‪This study is intended to correct the image that was distorted because of the misunderstanding‬‬
‫‪of this important subject.‬‬
‫‪This study included clarifying the method of dealing with non-Muslims in social and‬‬
‫‪religious events, according to a recent study based on the basis of the correct basis for‬‬
‫‪dealing with them, and clarifies the legitimate provisions of these social and doctrinal‬‬
‫‪issues, and the reasoning of the scholars, and the opinion is most likely according to legal‬‬
‫‪evidence, so that the Muslim is aware of sound Clear, does not exceed the rule of Sharia‬‬
‫‪when dealing with them.‬‬

‫المقدمة‪:‬‬
‫الحمد هلل رب الع المين والصالة والس الم على أش رف المرس لين‪ ،‬وخ اتم النبيين‪ ،‬ورحمة اهلل للع المين‪ ،‬وعلى آل ه‬
‫وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين‪ ،‬وبعد‪:‬‬
‫أعلى اإلس الم من ش أن األخالق‪ ،‬ورفع مكانته ا ومنزلته ا‪ ،‬إذ به ا يص ل المس لم إلى قل وب اآلخرين‪ ،‬وبه ا يجعلهم‬
‫يحبون اإلسالم ويقبلون عليه‪ ،‬فالسماحة والرحمة والمعاملة الحسنة هي التي تجعل الناس يقبلون على هذا الدين ويدخلون‬
‫فيه‪ ،‬والفظاظة والقسوة وخشونة الطبع وسوء الخلق‪ ،‬تنفر الناس وتبعدهم عن بعضهم البعض‪ ،‬وصدق اهلل العظيم في قوله‬
‫او ْر ُه ْم‬ ‫س‪#‬تَ ْغ ِفْر َل ُه ْم َو َ‬
‫ش‪ِ #‬‬ ‫ف َعْن ُه ْم َوا ْ‬
‫‪#‬اع ُ‬ ‫ض‪#‬وا ِم ْن َحْوِل َ‬
‫‪#‬ك ۖ َف ْ‬ ‫ظا َغِلي َظ اْل َقْل ِب اَل ْن َف ُّ‬ ‫الل ِه ِلْن َت َل ُهم ۖ وَلْو ُكْن َت َف ًّ‬
‫ْ َ‬ ‫تعالى‪َ  :‬فِبما ر ْحم ٍة ِم َن َّ‬
‫َ َ َ‬
‫ين‪[‬آل عمران‪.[١٥٩ :‬‬ ‫ب ا ْل ُمتَ َو ِّكِل َ‬
‫ِفي اأْل َْم ِر ۖ فَِإ َذا َع َز ْم َت فَتََو َّك ْل َعلَى اللَّ ِه ۚ إِ َّن اللَّ َه ُي ِح ُّ‬
‫لذا جاء هذا الدين العظيم بأحسن األخالق في تعامله مع الناس‪ ،‬والمحافظة على أرواحهم وأعراضهم وأموالهم‪،‬‬
‫فجاءت‬

‫* أستاذ مشارك‪ ،‬قسم أصول الدين‪ ،‬كلية الشريعة‪ ،‬جامعة آل البيت‪.‬‬

‫‪405‬‬ ‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)13‬ع (‪1438 ،)3‬ه‍‪2017/‬م ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫التعامل مع غير المسلمين في المناسبات االجتماعية والعقدية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫َن تُ َؤدُّوا‬
‫ْم ُر ُك ْم أ ْ‬ ‫ِ َّ‬
‫النصوص الكريمة تأمر المسلمين بالعدل واإلحسان حتى مع المخالفين‪ ،‬منها قوله تعالى‪ :‬إ َّن الل َه َيأ ُ‬
‫‪#‬ان س ‪ِ #‬ميعا ب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ ِ‬ ‫َهِل َه‪##‬ا َوإِ َذا َح َك ْمتُ ْم َب ْي َن َّ‬ ‫اأْل َما َن‪ِ #‬‬
‫ص ‪ً #‬يرا‪‬‬ ‫َن تَ ْح ُك ُم‪##‬وا ِبا ْل َع‪#ْ #‬د ِل ۚ إِ َّن اللَّ َه نع َّما َيعظُ ُك ْم ِب‪##‬ه ۗ إِ َّن اللَّ َه َك‪َ ً َ َ #‬‬ ‫الن ِ‬
‫اس أ ْ‬ ‫‪#‬ات إِلَ ٰى أ ْ‬ ‫َ‬
‫[النساء‪ ،[58 :‬فلم يقل الحق أدوا األمانات مع المسلمين‪ ،‬ولم يقل افعلوا العدل مع المؤمنين‪ ،‬بل قال إلى أهلها‪ ،‬وقال‪ :‬بين الناس‪.‬‬
‫س‪ِ #‬ط‬ ‫ِ‬
‫اء ِبا ْلق ْ‬
‫ش‪َ #‬ه َد َ‬‫ين ِللَّ ِه ُ‬
‫ام َ‬‫ين آم ُنوا ُكو ُنوا قَ َّو ِ‬ ‫وقد جاء في القرآن ما يرس خ ه ذه القيم ويمتّنه ا‪ ،‬ق ال تع الى‪ :‬يا أَي َّ ِ‬
‫ُّها الذ َ َ‬ ‫َ َ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫اع ِدلُوا ُهو أَقْر ِ‬ ‫آن قَ ْوٍم َعلَ ٰى أَاَّل تَ ْع ِدلُوا ۚ ْ‬
‫ير ِب َما تَ ْع َملُ‪##‬ونَ‪[‬المائ دة‪،[8 :‬‬ ‫ب للتَّ ْق َو ٰى ۖ َواتَّقُوا الل َه ۚ إِ َّن الل َه َخ ِب ٌ‬
‫َ َ ُ‬ ‫ش َن ُ‬ ‫َواَل َي ْج ِر َم َّن ُك ْم َ‬
‫والمعنى واضح وهو أنه ال يجوز أن تظلم أحداً حتى لو خالفك في دينه ومعتقده‪.‬‬
‫ِِٰ‬
‫اء ُه ْم ۖ َو ُق ْ‪#‬ل‬ ‫َه َ‪#‬و َ‬ ‫‪#‬ع أ ْ‬ ‫استَ ِق ْم َك َما أ ُِمْر َت ۖ َواَل تَتَِّب ْ‬
‫ومن اآليات التي أم رت بتحقي ق العدل قول ه تع الى‪َ  :‬فل َذل َك َف ْادعُ ۖ َو ْ‬
‫َع َم‪##‬الُ ُك ْم ۖ اَل ُح َّج َة َب ْي َن َنا َو َب ْي َن ُك ُم ۖ‬ ‫َع‪#ِ #‬د َل َب ْي َن ُك ُم ۖ اللَّ ُه َر ُّبَنا َوَرُّب ُك ْم ۖ لَ َنا أ ْ‬
‫َع َمالَُنا َولَ ُك ْم أ ْ‬ ‫‪#‬اب ۖ َوأ ُِم‪#ْ #‬ر ُ‬
‫ت أِل ْ‬ ‫ت ِبما أَْن‪#َ #‬ز َل اللَّ ُه ِم ْن ِكتَ ‪ٍ #‬‬
‫آم ْن ُ َ‬
‫َ‬
‫اللهُ َي ْج َم ُع َب ْي َنَن‪#‬ا ۖ َوإِلَ ْي‪#‬ه ا ْل َمص‪#‬يرُ‪[‬الش ورى‪ ،[15 :‬فقد ح ّرم اهلل اتب اع أه واء الظالمين‪ ،‬وم ع ذلك أم ر بتحقي ق العدل معهم‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫ولكل عمله وإ لى اهلل المصير‪ ،‬فما أعظمه من دين جاء بالعدل واألمانة‪ ،‬واإلحسان والبر وغيرها من األخالق الفاضلة‪،‬‬
‫ألجل ذلك التزم النبي ‪ ‬في معاملة هؤالء المخالفين الخلق الحسن‪ ،‬والبر‪ ،‬والوفاء بالعهد‪ ،‬والصدق في األقوال واألفعال‪،‬‬
‫ودع اهم ب التي هي أحس ن‪ ،‬ح تى أث ر فيهم‪ ،‬وجعلهم ي دخلون في دين اهلل تع الى‪ ،‬ويص يرون من أنص اره‪ ،‬أو يكف ون عن‬
‫اإلساءة إليه‪.‬‬
‫وقد جاء في سنة النبي ‪ ‬ما يوضح للمسلم أسلوب التعامل مع غير المسلمين في المناسبات االجتماعية والعقدية‪،‬‬
‫فكان ال بد من مرجعية صادقة‪ ،‬يرجع إليها المسلم في ذلك كله فكان هذا البحث‪.‬‬

‫مشكلة الدراسة‪:‬‬
‫تكمن مش كلة الدراس ة في ع دم معرف ة بعض المس لمين للمنهج النب وي في التعام ل م ع غ ير المس لمين في‬
‫المناس بات االجتماعي ة والعقدي ة‪ ،‬ورفض الكث ير ل ذلك األم ر تعص بًا‪ ،‬ظن ًا منهم أن ال دين اإلس المي ال يقب ل اآلخ ر ويعادي ه‬
‫ويقاطعه‪ ،‬وذلك بسبب جهل البعض بالقرآن الكريم والسنة النبوية‪.‬‬
‫كم ا تكمـ ـــن المش كلة في أن ع دم معرف ة ه ذا المنهج النب وي‪ ،‬ي ـ ـــؤدي إلى نش وء ص ورة س يئة عن ه ذا ال دين‬
‫العظي ـ ـ ـم وقيمه العليا‪.‬‬
‫وبناء على ما سبق ستجيب هذه الدراسة –إن شاء اهلل‪ -‬على األسئلة اآلتية‪:‬‬
‫ً‬
‫‪-1‬ما موقع السالم في اإلسالم‪ ،‬وهل يجوز إلقاؤه على غير المسلمين؟ وبأي كيفية؟‬
‫‪ -2‬هل يجوز للمسلم قبول الهدية من غير المسلم‪ ،‬وهل يجوز للمسلم اإلهداء لغير المسلمين؟‬
‫‪-3‬هل يجوز للمسلمين تهنئة غير المسلمين بأعيادهم؟ وما المناسبات التي يجوز تهنئتهم بها؟‬

‫أهمية الدراسة‪:‬‬
‫إب راز األخالق النبوي ة في التعام ل م ع غ ير المس لمين‪ ،‬وتوض يح الطري ق ال ذي ج اء ب ه الن بي ‪ ،‬وعمل ه م ع‬
‫هؤالء‪ ،‬من أجل السير على طريقه واالقتداء بفعله وقوله‪ ،‬للوصول إلى النموذج المثالي في التعايش السلمي اإليجابي‪،‬‬
‫وبناء المجتمع المثالي المتسامح‪.‬‬
‫أهداف الدراسة‪:‬‬

‫‪406‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)13‬ع (‪ 1438 ،)3‬ه‍‪2017/‬م‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ بكر بني إرشيد‬
‫‪-1‬توضيح المنهج النبوي السليم في التعامل مع غير المسلمين‪ ،‬والعمل على تعليم الناس ذلك المنهج؛ لتحقيق الغاية‬
‫المرجوة منه‪.‬‬
‫‪-2‬ال رد الش رعي الص حيح على من يري د تش ويه ص ورة الوج ه الحض اري له ذا ال دين العظيم في التعام ل م ع غ ير‬
‫المسلمين‪.‬‬
‫‪-3‬الرد على المتطرفين والمتشددين الذين يرفضون أي تعامل مع غير المسلمين حتى المسالمين منهم والمستضعفين‪.‬‬

‫الدراسات السابقة‪:‬‬
‫بحث علماء المسلمين هذه الموضوعات في كتبهم بين اختصار وإ سهاب‪ ،‬ولم توجد كلها في مكان واحد جامع‪،‬‬
‫واقتص ر البعض منه ا على ج انب يناس ب الموض وع المط روح‪ ،‬وك ذلك األبح اث المعاص رة‪ ،‬حيث أن ني لم أج د بع د‬
‫البحث واالس تقراء من ق ام بدراس ة تفص يلية مس تقلة جمعت ك ل جزئي ات ه ذا الموض وع االجتم اعي اله ام‪ ،‬وم ع ذل ك‬
‫ُوجدت دراسات حول هذا الموضوع لعل من أهمها‪:‬‬
‫‪ )1‬ابن قيم الجوزي ة‪ ،‬أحكام أهل الذمة‪ ،‬تن اول ه ذا الكت اب األحك ام الخاصة فيم ا يتعل ق بأه ل الذم ة‪ ،‬وقد قام بذكر‬
‫أدلة الفقهاء فكانت دراسته فقهية‪ ،‬وستكون دراستي ‪-‬بإذن اهلل‪-‬دراسة حديثية تأصيلية‪.‬‬
‫المجم ع الملكي لبح وث الحض ارة اإلس المية‪ ،‬الم‪##‬وجز في معامل‪##‬ة غ‪##‬ير المس‪##‬لمين‪ ،‬تن اول ه ذا الكت اب م ا يتعل ق‬ ‫‪)2‬‬
‫بالعالقات والمعامالت بين المسلمين وغيرهم في الحريات العامة والنواحي االجتماعية دون العقدية‪ ،‬أما بحثي‬
‫فسيكون دراسة حديثية تأصيلية‪.‬‬
‫ناص ر عب د اهلل ع ودة‪ ،‬األح‪##‬اديث ال‪##‬واردة في أحك‪##‬ام النص‪##‬ارى والنص‪##‬رانية‪ ،‬رس الة ماجس تير‪ ،‬كلي ة الش ريعة‪،‬‬ ‫‪)3‬‬
‫الجامع ة األردني ة‪ ،‬قُ ِّدمت ع ام ‪1990‬م‪ ،‬وق د اقتص رت ه ذه الدراس ة على األح اديث ال واردة في النص ارى‪ ،‬ولم‬
‫تشمل غيرهم من اليهود والمشركين والتي ستأتي عليها دراستي‪.‬‬
‫أنس مص طفى أب و عط ا‪ ،‬الته‪##‬ادي والته‪##‬اني م‪##‬ع غ‪##‬ير المس‪##‬لمين‪ ،‬دراس ة فقهي ة مقارن ة‪ ،‬بحث محكم في المجل ة‬ ‫‪)4‬‬
‫األردنية في الدراسات اإلسالمية‪ ،‬المجلد‪ ،9‬العدد( ‪/1‬أ)‪2013 ،‬م‪ ،‬تناول فيه موضوعا الهدايا‪ ،‬وتهنئة غير المسلمين‬
‫من ناحي ة فقهي ة مقارنة‪ ،‬ودراستي تن اولت هذين الموض وعين‪ ،‬باإلض افة إلى موض وع السالم على غير المس لمين‬
‫ومن ناحية حديثية تأصيلية‪.‬‬
‫ج وهر ع ارفين‪ ،‬اله دي النب وي في التعام ل م ع أه ل الكت اب في المناس بات االجتماعي ة‪ :‬دراس ة موض وعية‪ ،‬رس الة‬ ‫‪)5‬‬
‫ماجس تير غ ير منش ورة في كلي ة الدراس ات الفقهي ة والقانوني ة‪ ،‬جامع ة آل ال بيت‪ ،‬المف رق‪2006 ،‬م‪ ،‬تن اول فيه ا‬
‫مواضيع اجتماعية خاصة بأهل الكتاب فقط‪ ،‬ومواضيع شتى متنوعة وكانت دراسته موضوعية‪ ،‬ودراستي حديثية‬
‫تأصيلية شاملة ألهل الكتاب وغيرهم‪ ،‬لكنها قد تلتقي معه في بعض المواضيع‪.‬‬

‫منهجية البحث‪:‬‬
‫وقد اتبع الباحث في دراسته المنهجية اآلتية‪:‬‬
‫أو ًال‪ :‬المنهج االس ‪##‬تقرائي‪ :‬حيث قمت باس تقراء األح اديث النبوي ة المتعلق ة بالتعام ل م ع غ ير المس لمين في المناس بات‬
‫االجتماعية والعقدية‪ ،‬وجمعت هذه األحاديث من الكتب الحديثية‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬المنهج االستنباطي‪ :‬حيث سأقوم باستنباط األحكام الشرعية المستفادة من النصوص الحديثية المتعلقة بهذا الموضوع‪.‬‬

‫‪407‬‬ ‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)13‬ع (‪1438 ،)3‬ه‍‪2017/‬م ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫التعامل مع غير المسلمين في المناسبات االجتماعية والعقدية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫خطة البحث‪:‬‬
‫اشتمل هذا البحث على مقدمة وثالثة مباحث وخاتمة على النحو اآلتي‪:‬‬
‫المبحث األول‪ :‬السالم والتحية على غير المسلمين‪ ،‬ويشتمل على ثالثة مطالب‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مكانة السالم ومفهومه في اإلسالم‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬إلقاء السالم على غير المسلمين‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬كيفية الرد على تحية غير المسلمين وسالمهم‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬التهادي مع غير المسلمين‪ ،‬ويشتمل على أربعة مطالب‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مفهوم الهدية في اللغة واالصطالح‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مشروعية الهدية وحكمها‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬إهداء المسلمين إلى غير المسلمين‪.‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬إهداء غير المسلمين للمسلمين‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬التهاني بين المسلمين وغير المسلمين‪ ،‬ويشتمل على ثالثة مطالب‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مفهوم التهنئة في اللغة واالصطالح‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مشروعية التهنئة وحكمها‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬التهنئة بين المسلمين وغير المسلمين‪.‬‬

‫المبحث األول‬
‫السالم والتحية على غير المسلمين‬

‫المطلب األول‪ :‬مكانة السالم ومفهومه في اإلسالم‪:‬‬


‫أكثر المولى ‪ ‬من ذكر السالم في كتابه الكريم‪ ،‬وجاء ذلك في عشرات المواضع‪ ،‬فقد سّلم اهلل على رسله الكرام بالجملة‬
‫ين‪[‬الص افات‪١٨٢ –١٨٠ :‬‬ ‫ين * َواْل َح ْمُد ِلَّل ِه َر ِّب اْل َعاَل ِم َ‬ ‫سِل َ‬
‫ساَل ٌم َعَلى اْل ُمْر َ‬
‫ون * َو َ‬ ‫ص ُف َ‬‫ان رِّب َك ر ِّب اْلِعَّزِة ع َّما ي ِ‬
‫َ َ‬ ‫سْب َح َ َ َ‬ ‫في قوله تعالى‪ُ  :‬‬
‫] كما سلّم على أنبيائه نوح وإ براهيم وموسى وهارون وإ ل ياسين وعيسى ويحيى في نفس السورة الكريمة‪ ،‬كما ذكر‬
‫س‪#‬اَل ٌم ۖ فَ َما لَِب َث أ ْ‬ ‫يم ِبا ْل ُب ْ‬ ‫ِ ِ‬
‫َن‬ ‫‪#‬ال َ‬ ‫س‪#‬اَل ًما ۖ قَ َ‬ ‫ش‪َ#‬ر ٰى قَ‪#‬الُوا َ‬ ‫سلَُنا إ ْب َ‪#‬راه َ‬
‫اء ْت ُر ُ‬
‫تسليم المالئكة على بعض رسله‪ ،‬قال تعالى‪َ  :‬ولَقَ ْد َج َ‬
‫ين‬‫‪#‬اء َك َّالِذ َ‬
‫‪#‬اء ِبع ْ‪#‬ج ٍل َحنيذٍ‪[‬ه ود‪ ،]٦٩ :‬وطلب من رس وله الك ريم ‪ ‬أن يق ول للمؤمنين‪( :‬س الم عليكم) ق ال تع الى‪َ :‬وإِ َذا َج َ‬
‫ِ‬ ‫ج‪ِ #‬‬
‫َ َ‬
‫الر ْحم‪َ #‬ة ۖ أ ََّن ُه م ْن ع ِم‪َ #‬ل ِم ْن ُكم س‪#‬وءا ِبجهالَ ٍ‪#‬ة ثُ َّم تَ‪#‬اب ِم ْن بع ِ‪#‬دهِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُي ْؤ ِمُن َ‬
‫َْ‬ ‫َ‬ ‫ْ ُ ً ََ‬ ‫َ َ‬ ‫س‪#‬اَل ٌم َعلَ ْي ُك ْم ۖ َكتَ َب َر ُّب ُك ْم َعلَ ٰى َن ْفس‪#‬ه َّ َ‬ ‫‪#‬ون ِب َ‬
‫آيات َن‪#‬ا فَ ُق ْ‪#‬ل َ‬
‫وأَص‪#‬لَح َفأََّن ُه َغفُ‪#‬ور ر ِحيم‪[‬األنع ام‪ ،]٥٤ :‬وسمى اهلل الجنة دار السالم في قوله‪َ :‬لهم َدار َّ ِ ِ‬
‫الس‪#‬اَل م عْن َ‪#‬د َرِّب ِه ْم ۖ َو ُه َ‪#‬و َوِلي ُ‬
‫ُّه ْم ِب َما‬ ‫ُْ ُ‬ ‫ٌ َ ٌ‬ ‫َ ْ َ‬
‫س‪#‬اَل ٌم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫سْب َحاَن َك َّ‬ ‫ِ‬
‫يها َ‬ ‫الل ُه َّم َوتَحيَّتُ ُه ْم ف َ‬ ‫يها ُ‬ ‫اه ْم ف َ‬ ‫َكاُنوا َي ْع َملُونَ‪[‬األنعام‪ ]١٢٧ :‬وأن تحية أهل الجن ة هي الس الم‪ ،‬قال تعالى‪َ  :‬د ْعَو ُ‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫و ِ‬
‫ساَل ٌم‬‫اهْم أ َِن اْل َح ْمُد لَّله َر ِّب اْل َعاَلمينَ ‪[ ‬يونس‪ ،]١٠ :‬وستلقى هذه التحية على أهل الجنة عندما يدخلونها‪ ،‬قال تعالى‪َ  :‬‬ ‫آخُر َد ْعَو ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫َص‪َ #‬ح ِ‬ ‫ِ‬ ‫صَبْرتُْم ۚ َفن ْعَم ُع ْقَبى الدَّارِ ‪[‬الرع د‪ ،]٢٤ :‬وهي تحية أصحاب اليمين‪ ،‬قال تعالى‪َ :‬وأ ََّما ِإ ْن َك َ‬ ‫ِ‬
‫ين‬‫اب ا ْل َيم ِ‬ ‫‪#‬ان م ْن أ ْ‬ ‫َعَلْي ُكْم ِب َما َ‬
‫ٰ‬
‫‪#‬ك ُي ْ‪#‬ج َزْو َن‬‫ين‪[‬الواقع ة‪ ،]٩١–٩٠ :‬وأن هذه التحية جزاء عباد اهلل الصالحين‪ ،‬قال تعالى‪ :‬أُوَلِئ َ‬ ‫اب اْلَي ِم ِ‬
‫ص‪َ #‬ح ِ‬ ‫* َفساَل م َل َ ِ‬
‫‪#‬ك م ْن أَ ْ‬ ‫َ ٌ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫ساَل ًما‪[‬الفرقان‪ ،]٧٥ :‬وغير ذلك من المعاني العظيمة‪ ،‬واألجور الجزيلة التي جاءت‬ ‫يها تَحَّي ًة َو َ‬ ‫صَبُروا َوُيَلقْو َن ف َ‬ ‫اْل ُغْر َف َة ِب َما َ‬
‫في آيات أخرى‪ ،‬لم أذكرها خوفاً من اإلطالة‪.‬‬

‫‪408‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)13‬ع (‪ 1438 ،)3‬ه‍‪2017/‬م‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ بكر بني إرشيد‬
‫وقد اهتمت السنة النبوية الشريفة بهذا الموضوع الهام‪ ،‬وجاءت األحاديث الكثيرة التي اشتملت على المعاني‬
‫العظيمة لهذا الموضوع‪ ،‬هذا وقد سمى اإلمام مسلم أحد كتب جامعه الصحيح بكتاب السالم‪ ،‬بينما جعل اإلمام البخاري‬
‫ال‪:‬‬ ‫النِب ِّي ‪َ ،‬ق َ‬ ‫أح اديث الس الم في كت اب االس تئذان‪ .‬والس الم تحي ة المؤم نين من ذ خل ق اهلل ‪ ‬آدم ‪ ،‬روى َأِب و ُهَرْي َر َة ‪َ ،‬ع ِن َّ‬
‫ك َوتَ ِحَّيةُ‬ ‫ك‪ ،‬تَ ِحيَّتُ َ‬ ‫اس تَ ِم ْع َم ا ُي َحي َ‬
‫ُّون َ‬ ‫ِ ِ‬
‫المالَئ َك ة‪ ،‬فَ ْ‬ ‫ك م َن َ‬
‫ب فَس لِّم علَى أُولَئِ َ ِ‬
‫اع ا‪ ،‬ثَُّم قَ ا َل‪ :‬ا ْذ َه ْ َ ْ َ‬
‫آدم وطُولُ ه ِس تُّ ِ‬
‫ون ذ َر ً‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ق اللهُ َ َ َ‬
‫" َخلَ َ َّ‬
‫َّ ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ُذ ِّريَّتِ َ‬
‫ور ِة‬ ‫ص َ‬ ‫الجَّنةَ َعلَى ُ‬ ‫ك َو َر ْح َم ةُ الله‪ ،‬فَ َز ُادوهُ‪َ :‬و َر ْح َم ةُ الله‪ ،‬فَ ُك ُّل َم ْن َي ْد ُخ ُل َ‬ ‫الس الَ ُم َعلَْي َ‬
‫السالَ ُم َعلَْي ُك ْم‪ ،‬فَقَ الُوا‪َّ :‬‬ ‫ك‪ ،‬فَقَا َل َّ‬
‫اآلن"(‪ ،)1‬فق د ك انت ه ذه التحي ة تحي ة آدم للمالئك ة‪ ،‬وك انت أيض ًا تحي ة المالئك ة عليهم‬ ‫ص َحتَّى َ‬ ‫ق َي ْنقُ ُ‬‫الخْل ُ‬‫آد َم‪َ ،‬فلَ ْم َي َز ِل َ‬ ‫َ‬
‫السالم عليه‪ ،‬وزادوه ورحمة اهلل‪.‬‬
‫ال ُم َعلَى اللَّ ِه‬ ‫الس َ‬‫النبِ ِّي ‪ُ ‬قْلَنا‪َّ :‬‬ ‫صَّلْيَنا َم َع َّ‬ ‫ال‪ُ :‬كَّنا ِإ َذا َ‬ ‫الل ِه بن مسعود ‪َ ،‬ق َ‬ ‫والسالم اسم من أسماء اهلل تعالى‪ ،‬فع ْن عْبِد َّ‬
‫َ َ‬
‫النبِ ُّي ‪ ،‬أَ ْقَب َل َعلَْيَن ا‬ ‫ف َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الس الَ ُم َعلَى ِجْب ِري َل‪َّ ،‬‬ ‫قَْب َل ِعَب ِاد ِه‪َّ ،‬‬
‫ص َر َ‬ ‫الس الَ ُم َعلَى فُالَ ٍن َوفُالَ ٍن‪َ ،‬فلَ َّما ْان َ‬ ‫الس الَ ُم َعلَى مي َكائي َل‪َّ ،‬‬
‫َّ‬ ‫َّات ِللَّ ِه‪َ ،‬و َّ‬
‫الس الَ ُم‬ ‫ات‪َّ ،‬‬ ‫ات‪َ ،‬والطيَِّب ُ‬ ‫الص لَ َو ُ‬ ‫الص الَ ِة َفْلَي ُق ْل‪ :‬التَّ ِحي ُ‬
‫َح ُد ُك ْم ِفي َّ‬ ‫الس الَ ُم‪ ،‬فَ ِإ َذا َجلَ َس أ َ‬‫بِ َو ْج ِه ِه‪ ،‬فَقَ ا َل‪ِ" :‬إ َّن اللَّهَ ُه َو َّ‬
‫ص ِال ٍح‬ ‫َّ ٍ‬
‫اب ُكل َع ْب د َ‬ ‫َص َ‬ ‫كأ َ‬ ‫ال َذِل َ‬ ‫ين‪ ،‬فَِإَّنهُ ِإ َذا قَ َ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِ َّ ِ‬
‫السالَ ُم َعلَْيَنا َو َعلَى عَباد الله الصَّالح َ‬ ‫النبِ ُّي َو َر ْح َمةُ اللَّ ِه َوَب َر َكاتُهُ‪َّ ،‬‬ ‫ك أَيُّهَا َّ‬ ‫َعلَْي َ‬
‫اء"(‪،)2‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َش هَ ُد أ َّ‬ ‫َن الَ ِإلَ هَ ِإاَّل اللَّهُ‪َ ،‬وأ ْ‬ ‫اء واأل َْر ِ‬ ‫ِفي َّ ِ‬
‫َن ُم َح َّم ًدا َع ْب ُدهُ َو َر ُس ولُهُ‪ ،‬ثَُّم َيتَ َخي َّْر َب ْع ُد م َن ال َكالَم َم ا َش َ‬ ‫َش هَ ُد أ ْ‬
‫ض‪ ،‬أ ْ‬ ‫الس َم َ‬
‫الس‪#‬اَل ُم اْل ُم‪#ْ #‬ؤ ِم ُن اْل ُم َهْي ِم ُن‬ ‫ِ‬ ‫ٰ‬ ‫وقد جاء هذا االسم الكريم من أسماء اهلل تعالى في قوله‪ُ  :‬هو َّ ِ‬
‫ُّوس َّ‬ ‫الل ُه َّالذي اَل ِإَل َه ِإاَّل ُهَو اْل َمل ُك اْلقُد ُ‬ ‫َ‬
‫ون‪[‬الحشر‪.]٢٣ :‬‬ ‫ش ِر ُك َ‬ ‫ان اللَّ ِه َع َّما ُي ْ‬ ‫س ْب َح َ‬ ‫اْل َع ِز ُيز ا ْل َجب ُ‬
‫َّار ا ْل ُمتَ َك ِّب ُر ۚ ُ‬
‫ال‪ِ" :‬إيَّا ُك ْم‬ ‫النِب ِّي ‪َ ‬ق َ‬ ‫ي ‪َ ،‬ع ِن َّ‬ ‫فع ْن َأِبي َس ِع ٍيد اْل ُخ ـــ ْدِر ِّ‬‫ورد الس الم من ح ق الطري ق‪ ،‬ومن ح ق المس لم على المس لم‪َ ،‬‬ ‫ّ‬
‫ِ‬ ‫اَّل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وس ِفي الطُرَقات" َقالُوا‪َ :‬يا َر ُس َ‬
‫ِ‬ ‫ُّ‬
‫َعطُوا‬ ‫ول اهلل ‪َ " :‬فِإ َذا أََبْيتُْم ِإ اْل َم ْجل َس فَ أ ْ‬ ‫ال َر ُس ُ‬ ‫يها‪َ ،‬ق َ‬ ‫ثف َ‬ ‫ول اهلل َما َلَنا ُبٌّد م ْن َم َجالسَنا َنتَ َحَّد ُ‬ ‫َواْل ُجلُ َ‬
‫الن ْه ُي َع ِن‬ ‫وف‪َ ،‬و َّ‬ ‫الس اَل ِم واأْل َم ر بِ اْلمعر ِ‬
‫َ ُْ‬ ‫َ ْ ُ‬ ‫ف اأْل َ َذى‪َ ،‬و َر ُّد َّ‬ ‫ص ِر‪ ،‬و َك ُّ‬
‫َ‬ ‫ض اْلَب َ‬ ‫"غ ُّ‬ ‫ال‪َ :‬‬ ‫ق َحقَّهُ" قَ الُوا‪َ :‬و َم ا َحقُّهُ؟‪ ،‬قَ َ‬ ‫الطَّ ِري َ‬
‫س‪،‬‬ ‫اط ِ‬ ‫يت اْلع ِ‬ ‫ِ‬ ‫َخي ِه‪ :‬رُّد َّ ِ‬ ‫"خمس تَ ِجب ِلْلمس ِلِم عَلى أ ِ‬ ‫اْل ُمْن َك ِر" ‪ ،‬كم ا ج اء َع ْن َأِبي ُهَرْي َرَة ‪َ ،‬ق َ‬
‫الس اَل م‪َ ،‬وتَ ْش م ُ َ‬ ‫ول اهلل ‪ٌ ْ َ :‬‬ ‫ال َر ُس ُ‬ ‫ال‪َ :‬ق َ‬
‫(‪) 3‬‬
‫َ‬ ‫ُ ُْ َ‬
‫يض‪َ ،‬واتَِّباعُ اْل َجَنائِ ِز "(‪.)4‬‬ ‫ادةُ اْل َم ِر ِ‬ ‫الد ْع َو ِة‪َ ،‬و ِعَي َ‬‫وإِ َج َابةُ َّ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫الب َراء ْب ِن‬ ‫فع ِن َ‬ ‫وينبغي على المسلمين أن يكثروا من رد السالم‪ ،‬وإ فشائه بين الناس التزام اً باألمر النبوي الكريم َ‬
‫يت الع ِ‬ ‫اع الجَنائِ ِز‪ ،‬وتَ ْش ِم ِ‬ ‫ِِ ِ‬ ‫َّ ِ ِ‬ ‫ض َي اللَّهُ َعْنهُ َما‪ ،-‬قَ َ‬ ‫ع ِاز ٍب ‪-‬ر ِ‬
‫ص ِر‬ ‫س‪َ ،‬وَن ْ‬ ‫اط ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫يض‪َ ،‬واتَِّب ِ َ‬ ‫الم ِر ِ‬ ‫ال‪ " :‬أ ََمَرَنا َر ُسو ُل الله ‪ ‬ب َسْب ٍع‪ :‬بعَي َادة َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ظلُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حث رسول اهلل ‪ ‬على إلقاء السالم على من نعرف‬ ‫الم ْقس م ‪ "...‬كما ّ‬ ‫الم‪َ ،‬وإِ ْب َر ِار ُ‬ ‫الض عيف‪َ ،‬و َع ْو ِن َ‬ ‫َّ‬
‫(‪)5‬‬
‫الس َ‬
‫وم‪َ ،‬وإِ ْف َش اء َّ‬ ‫الم ْ‬
‫الَم َعَلى َم ْن‬ ‫الس َ‬‫الط َع َام‪َ ،‬وتَْقَرأُ َّ‬ ‫ط ِعم َّ‬ ‫الِم َخْيٌر؟ َق َ‬ ‫َي ِ‬ ‫النِب َّي ‪ :‬أ ُّ‬ ‫َل َّ‬ ‫الل ِه ْاب ِن َع ْمٍرو‪ :‬أ َّ‬ ‫ومن ال نعرف‪ ،‬فع ْن عْبِد َّ‬
‫ال‪" :‬تُ ْ ُ‬ ‫اإل ْس َ‬ ‫َن َر ُجاًل َسأ َ‬ ‫َ َ‬
‫ف" ‪ ،‬ومعلوم في هذه الحالة أن المسلم قد يلقي السالم على غير المسلمين‪ ،‬أخذًا من هذا النص‬ ‫ت‪َ ،‬و َعَلى َم ْن َل ْم تَ ْع ِر ْ‬
‫(‪)6‬‬
‫َع َر ْف َ‬
‫الشريف وخاصةً من يعيش منهم في مجتمعات فيها مسلمين وغيرهم‪.‬‬
‫فع ْن أَبِي‬‫وحرم اإلسالم على المسلم أن يهجر أخاه ويقاطعه‪ ،‬وإ ذا حصل خالف فال يجوز أن يزيد على ثالثة أيام‪َ ،‬‬ ‫ّ‬
‫ِ‬‫َّ‬ ‫ُّ‬
‫ص د َه َذا‪َ ،‬و َخْيُر ُه َم ا الذي َيْب َدأُ‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫الث‪َ ،‬يْلتَقَي ِ‬ ‫ٍ‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُّوب‪َ ،‬ع ِن َّ‬
‫ص د َه َذا َوَي ُ‬‫ان‪ :‬فََي ُ‬ ‫ق ثَ َ‬ ‫َخ اهُ فَ ْو َ‬ ‫َن َي ْه ُج َر أ َ‬
‫ال َيح ل ل ُم ْس لم أ ْ‬
‫ال‪َ " :‬‬
‫النب ِّي ‪ ‬قَ َ‬ ‫أَي َ‬
‫الِم" ‪ ،‬فأقل العالقة بين المسلمين هي رد السالم‪ .‬وكان النبي ‪ ‬أكثر الناس سالمًا على الناس حتى أنه كان يسلم على‬ ‫(‪)7‬‬
‫ِب َّ‬
‫الس َ‬
‫النِب ُّي ‪َ ‬ي ْف َعلُ ُه"(‪ ،)8‬وك ل م ا تق دم وغ يره من‬ ‫ان َّ‬‫ال‪َ " :‬ك َ‬‫ان َف َس َّلَم َعَلْي ِه ْم» َوَق َ‬ ‫س ْب ِن م ِالك‪« :‬أََّنه م َّر عَلى ِ‬
‫ص ْبَي ٍ‬ ‫َُ َ‬ ‫َ‬ ‫فع ْن أََن ِ‬
‫الص بيان‪َ ،‬‬
‫النصوص الكريمة يؤكد أهمية السالم‪ ،‬ومكانته العالية الرفيعة في هذا الدين العظيم‪.‬‬
‫وأما معنى السالم لغ ًة‪( :‬السالم السالمة)‪ .‬و(السالم) االستسالم‪ .‬و(السالم) االسم من التسليم‪ .‬و(السالم) اسم من أسماء‬
‫اهلل تع الى‪ ،‬و(الس الم) ال براءة من العي وب(‪ ،)9‬والتس ليم‪ ،‬والتحي ة عن د المس لمين‪ ،‬والس المة وال براءة من العي وب‪ ،‬واألم ان‪،‬‬
‫والصلح‪ ،‬ودار السالم‪ :‬الجنة(‪.)10‬‬

‫‪409‬‬ ‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)13‬ع (‪1438 ،)3‬ه‍‪2017/‬م ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫التعامل مع غير المسلمين في المناسبات االجتماعية والعقدية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫والسالم اصطالحًا‪ :‬السالم من النقائص‪ ،‬وقيل‪ :‬المسلم لعباده‪ ،‬وقيل‪ :‬المسلم على أوليائه‪ .‬ونقل ابن حجر كالم ابن‬
‫دقيق العيد في شرح اإللمام‪ :‬قال‪" :‬السالم يطلق بإزاء معان‪ ،‬منها السالمة‪ ،‬ومنها التحية‪ ،‬ومنها أنه اسم من أسماء اهلل‬
‫تعالى"(‪ .)11‬وقال النووي‪" :‬وأما معنى السالم فقيل هو اسم اهلل تعالى‪ ،‬فقوله‪( :‬السالم عليك) أي اسم السالم عليك‪ ،‬ومعناه‬
‫اس م اهلل علي ك‪ ،‬أي أنت في حفظ ه‪ ،‬كم ا يق ال‪ :‬اهلل مع ك‪ ،‬اهلل يص حبك‪ ،‬وقي ل الس الم بمع نى الس المة أي الس المة المالزم ة‬
‫لك"(‪.)12‬‬
‫وبما أن اإلنسان يأنس بالسالم‪ ،‬سمى اهلل الجنة دار السالم‪ ،‬قال تعالى‪َ :‬لهم َدار َّ ِ ِ‬
‫الساَل م ع ْن َد َرِّب ِه ْم ۖ َو ُهَو َوِلي ُ‬
‫ُّه ْم‬ ‫ُْ ُ‬
‫اط مس‪#‬تَ ِق ٍ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫الساَل ِم َو َي ْهِدي َم ْن َي َ‬
‫ِب َما َكا ُنوا َي ْع َملُونَ‪[‬األنعام‪ ،]١٢٧ :‬وقال تعالى‪َ  :‬واللَّ ُه َي ْد ُعو إَِل ٰى َد ِار َّ‬
‫يم‪[ ‬ي ونس‪:‬‬ ‫اء إَِل ٰى ص‪َ#‬ر ُ ْ‬ ‫ش‪ُ #‬‬
‫‪ ]٢٥‬ومعنى (لهم دار السالم)‪ :‬أي لهؤالء القوم (دار السالم) أي الجنة كما قال قتادة‪ ،‬والسالم هو اهلل تعالى كما قال الحسن‪،‬‬
‫الزج اج والجب ائي‪( :‬الس الم) بمع نى الس المة‪ :‬أي دار‬
‫والس دي‪ ،‬وابن زي د‪ ،‬وإ ض افة ال دار إلي ه س بحانه للتش ريف‪ ،‬وق ال ّ‬
‫السالمة من اآلفات والباليا وسائر المكاره التي يلقاها أهل الدار‪ ،‬وقيل هو بمعنى التسليم‪ :‬أي دار تحيتهم فيها سالم(‪.)13‬‬
‫يتبين من خالل ما تقدم أن السالم اسم من أسماء اهلل تعالى‪ ،‬جعله اهلل تحية عباده المؤمنين الصالحين منذ خلق آدم ‪‬‬
‫َّ‬
‫للمسلم عليه بالسالمة والحماية‪ ،‬فال يستحقه فاسق وال كافر وال منافق‪ ،‬فلم يكتب النبي ‪ ‬إلى‬ ‫إلى قيام الساعة‪ ،‬وهو دعاء‬
‫مل وك الكفار (السالم عليكم) ولكن كتب إليهم (السالم على من اتبع الهدى)‪ ،‬وهذا م ا ورد في إرشاد اهلل ‪ ‬لموس ى وهارون‬
‫س‪َ#‬ر ِائ َ‬
‫يل َواَل تُ َع ِّ‪#‬ذ ْب ُه ْم ۖ قَ ْ‪#‬د‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫سواَل َرِّب َك َفأَْرس‪ْ #‬ل َم َعَن‪#‬ا َبني ِإ ْ‬
‫ِ‬
‫عليهما السالم عندما أرسلهم إلى فرعون قال تعالى‪َ  :‬فأْتَياهُ َفقُواَل ِإَّنا َر ُ‬
‫آي ٍة ِم ْن َر ِّب َك ۖ َو َّ‬
‫الساَل ُم َعلَ ٰى َم ِن اتََّب َع ا ْل ُه َدىٰ‪[‬طه‪.]47 :‬‬ ‫ِج ْئ َنا َك ِب َ‬

‫المطلب الثاني‪ :‬إلقاء السالم على غير المسلمين‪:‬‬


‫َن رسو َل ِ‬
‫ال‪" :‬اَل‬
‫اهلل ‪ ‬قَ َ‬ ‫فع ْن أَبِي ُه َر ْي َرةَ‪ ،‬أ َّ َ ُ‬
‫لقد جاءت األحاديث تنهى عن ابتداء أهل الكتاب وغيرهم بالسالم‪َ ،‬‬
‫ِ ِ (‪)14‬‬
‫َض َيقه" ‪ .‬وجاء في رواية أخرى‬ ‫ط ُّروهُ ِإلَى أ ْ‬
‫اض َ‬ ‫ق‪ ،‬فَ ْ‬ ‫َح َد ُه ْم ِفي َ‬
‫ط ِري ٍ‬ ‫ِ‬
‫الس اَل ِم‪ ،‬فَ ِإ َذا لَقيتُ ْم أ َ‬
‫ص َارى بِ َّ‬ ‫ود َواَل َّ‬
‫الن َ‬ ‫تَْب َد ُءوا اْلَيهُ َ‬
‫َض َيِقهَا" ‪،‬‬
‫(‪)15‬‬
‫وه ْم ِإلَى أ ْ‬
‫ط ُّر ُ‬ ‫الس اَل ِم‪َ ،‬و ْ‬
‫اض َ‬ ‫وه ْم بِ َّ‬ ‫وه ْم ِفي َ‬
‫ط ِري ٍ‬
‫ق‪ ،‬فَاَل تَْب َد ُء ُ‬ ‫َع ْن أَبِي ُه َر ْي َرة‪ ‬قَا َل‪ :‬قَا َل َر ُسو ُل اهلل ‪ِ" :‬إ َذا لَِقيتُ ُم ُ‬
‫قال زهير‪ :‬فقلت لسهيل‪ :‬اليهود والنصارى؟ فقال‪ :‬المشركون‪ .‬وواضح أن هذه الرواية ليس فيها ذكر اليهود والنصارى‪،‬‬
‫قال الشيخ أحمد شاكر‪" :‬وفي أكثر هذه الروايات التصريح بأنهم اليهود والنصارى‪ ،‬وفي بعضها أيض ًا أنهم المشركون‪.‬‬
‫ومجم وع الرواي ات يدل على أن الم راد جمي ع أولئك‪ ،‬وكلهم مش ركون"(‪ ،)16‬كم ا ج اء في رواي ة أخرى االقتص ار على ذك ر‬
‫َض َيِقهَا‪،‬‬
‫وه ْم ِإلَى أ ْ‬
‫ط ُّر ُ‬
‫اض َ‬
‫ق‪ ،‬فَ ْ‬ ‫ود ِفي الطَّ ِري ِ‬ ‫اليهود دون غيرهم "فعن أَبِي هريرةَ ‪ ،‬قَ ا َل‪ :‬قَ ا َل رس و ُل ِ‬
‫اهلل ‪ِ" :‬إ َذا لَِقيتُ ُم اْلَيهُ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َُ ْ َ‬ ‫َْ‬
‫ِ‬ ‫َّ‬
‫ين ب الط ِري ِ‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫وهم بِ َّ ِ‬
‫فع ْن أَبي‬‫ق" ‪ ،‬كما جاء في رواية أخرى بصيغة المشركين‪َ ،‬‬ ‫الساَل م"‪ ،‬قَا َل أَُب و ُن َع ْيم‪" :‬اْل ُم ْش ِرك َ‬
‫(‪)17‬‬
‫َواَل تَْب َد ُء ُ ْ‬
‫ِ (‪)18‬‬
‫َضَيقهَا" ‪.‬‬‫وه ْم ِإلَى أ ْ‬
‫ط ُّر ُ‬ ‫الساَل ِم‪َ ،‬و ْ‬
‫اض َ‬ ‫وه ْم بِ َّ‬
‫ق‪ ،‬فَاَل تَْب َد ُء ُ‬ ‫ين بِالطَّ ِري ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُه َر ْي َرةَ‪ ‬قَا َل‪ :‬قَا َل َر ُسو ُل اهلل ‪ِ" :‬إ َذا لَقيتُ ُم اْل ُم ْش ِرك َ‬
‫والمتأمل فيما مضى من الروايات يدرك أنها جاءت في النهي عن مبادرة هؤالء جميعًا بالسالم‪ ،‬قال ابن قدامة‪" :‬وال‬
‫يج وز تص ديرهم في المج الس‪ ،‬وال ب داءتهم بالس الم‪ ،‬ف إن س ّلم أح دهم‪ ،‬قي ل ل ه‪ :‬عليكم" (‪ ،)19‬وق ال الن ووي‪" :‬م ذهبنا تح ريم‬
‫ابتداءهم به ووجوب رده عليهم بأن يقول‪( :‬وعليكم)‪ ،‬أو (عليكم) فقط‪ ،‬ودليلنا في االبتداء "ال تبدؤوا اليهود وال النصارى‬
‫بالسالم"‪ ،‬وفي الرد قوله ‪" :‬فقولوا‪ :‬وعليكم"‪ ،‬وبهذا الذي ذكرناه عن مذهبنا قاله أكثر العلماء وعامة السلف"(‪.)20‬‬
‫كمـــا ذكر الصنعاني أن أكثر العلماء ذهبوا إلى أنه ال يجوز ابتداء اليهود والنصارى بالسالم‪ ،‬وهو الذي دل عليـه‬
‫الحديث‪،‬‬

‫‪410‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)13‬ع (‪ 1438 ،)3‬ه‍‪2017/‬م‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ بكر بني إرشيد‬
‫وحكي عن بعض الشافعية أنه يجوز االبتداء لهم بالسالم‪ ،‬ولكن يقتصر على قول‪( :‬السالم عليكم)‪،‬‬
‫إذ أصل النهي التحريم‪ُ .‬‬
‫وروي ذل ك عن ابن عب اس وغ يره‪ ،‬وحكى القاض ي عي اض عن جماع ة ج واز ذل ك‪ ،‬ولكن للض رورة والحاج ة‪ .‬وب ه ق ال‬
‫علقمة واألوزاعي(‪.)21‬‬
‫كما نقل اإلمام القرطبي قول اإلمام النخعي قال‪" :‬إذا كانت لك حاجة عند يهودي أو نصراني‪ ،‬فابدأه بالسالم؛ فبان‬
‫به ذا أن ح ديث أبي هري رة (ال تب دأوهم بالس الم) إذا ك ان لغ ير س بب ي دعوكم إلى أن تب دأوهم بالس الم من قض اء ذم ام‪ ،‬أو‬
‫حاجة تعرض لكم قبلهم‪ ،‬أو حق صحبة‪ ،‬أو جوار‪ ،‬أو سفر"(‪ .)22‬قال الشوكاني‪" :‬وقد قطع األكثر بأنه ال يجوز ابتداؤهم‬
‫بالس الم‪ ،‬وفي الص حيحين عن أس امة ‪ ‬أن رس ول اهلل ‪ ‬م ر على مجلس في ه أخالط من المس لمين والمش ركين فس لّم‬
‫عليهـــم‪ ،‬وفي الصحيحين أن رسول اهلل ‪ ‬كتب إلى هرقل عظيم الروم (سالم على من اتبع الهدى)‪ ،‬وفي حديث حق المسلم‬
‫على المسلم خمس ‪ ...‬ما يفيد أنه ال ُيرد على الكافر"(‪.)23‬‬
‫وقد نقل ابن حجر بعض ًا من أقوال أهل العلم في منع ابتدائهم بالسالم‪ ،‬ومنها رأي النووي المتقدم وغيره‪ ،‬ثم قال‪:‬‬
‫وقالت طائفة‪ :‬يجوز ابتداؤهم بالسالم‪ ،‬فقد أخرج الطبري من طريق ابن عيينة قال‪ :‬يجوز ابتداء الكافر بالسالم لقوله‬
‫وه ْم َوتُ ْق ِس ‪#‬طُوا إِلَ ْي ِه ْم ۚ إِ َّن اللَّ َه‬
‫َن تََب ُّر ُ‬ ‫ِّين َولَ ْم ُي ْخ ِر ُجو ُك ْم ِم ْن ِد َي ِ‬
‫ار ُك ْم أ ْ‬ ‫ين لَ ْم ُيقَ ِاتلُو ُك ْم ِفي الد ِ‬
‫تعالى‪ :‬اَل َي ْن َها ُك ُم اللَّ ُه َع ِن الَّ ِذ َ‬
‫ب اْل ُم ْق ِس ِطينَ ‪[‬الممتحنة‪ ،]٨ :‬وقول إبراهيم عليه الصالة والس ــالم ألبيه (ســالم عليك)‪ ،‬وأورد ابن أبي شـ ــيبة أثرًا من طـريق‬ ‫ُي ِح ُّ‬
‫عـون بـن عبداهلل عن محمد بن كعب أنه سأل عمر بن عبدالعزيز عن ابتداء أهل الذمة بالسالم فقال‪ :‬نرد عليهم وال نب دؤهم‪.‬‬
‫س‪#‬اَل ٌم‪‬‬
‫اص َف ْح َعْن ُه ْم َو ُق ْل َ‬
‫قال عون‪ :‬فقلت له‪ :‬فكيف تقول أنت؟ قال‪ :‬ما أرى بأسًا أن نبدأهم‪ .‬قلت‪ :‬لم؟ قال‪ :‬لقول ه تع الى‪َ  :‬ف ْ‬
‫الساَل ِم‬
‫َح ًدا َس َبَق ُه ِب َّ‬
‫ت أَ‬‫ال‪َ :‬ف َم ا َعِل ْم ُ‬‫ان ُي َسِّلُم َعَلى ُك ِّل َم ْن َلِقَي ُه‪َ .‬ق َ‬
‫[الزخرف‪ ]٨٩ :‬وقال البيهقي بعد أن ساق حديث أبي أمامة أََّن ُه َك َ‬
‫ال‪:‬‬
‫ت؟ َق َ‬ ‫ص َن ْع َ‬ ‫وديُّ‪َ ،‬م ا َح َمَل َك َعَلى َم ا َ‬ ‫ال َل ُه أَُبو أُمام َة‪ :‬وْي َح َك َيا َيهُ ِ‬
‫ََ َ‬ ‫طَو َان ٍة‪َ ،‬ف َخَر َج َف َسَّلَم َعَلْي ِه‪َ ،‬فَق َ‬‫ُس ُ‬
‫فأْ‬ ‫اختََبَأ َل ُه َخْل َ‬ ‫وديًّا َمَّر ًة ْ‬ ‫ِإاَّل َيهُ ِ‬
‫ول ِ‬
‫اهلل‬ ‫اهلل ‪َ ‬يُق ُ ِ‬
‫ول‪" :‬إ َّن َ‬ ‫ت َر ُس َ‬ ‫ام َة‪َ :‬وْي َح َك‪ِ ،‬إنِّي َس ِم ْع ُ‬ ‫آخ َذ ِب ِه‪َ ،‬فَق َ‬
‫ال أَُبو أ َُم َ‬ ‫َن ُ‬ ‫ت أْ‬ ‫َحَبْب ُ‬ ‫ض ٌل‪َ ،‬فأ ْ‬‫ت أََّن ُه َف ْ‬‫الساَل َم‪َ ،‬ف َعِل ْم ُ‬
‫َرأَْيتُ َك َر ُجاًل تُ ْكِثُر َّ‬
‫َه ِل ِذ َّمِتَنا"(‪ ،)24‬هذا رأي أبي أمامة"(‪.)25‬‬ ‫الساَل َم تَ ِحَّي ًة أِل َُّمِتَنا‪َ ،‬وأ ََم ًانا أِل ْ‬
‫َج َع َل َّ‬
‫رجح ابن حجر عدم ابتدائهم بالسالم فقال‪" :‬وحديث أبي هري رة في النهي عن ابتدائهم أولى"(‪ .)26‬وقال‪ :‬وأجاب‬
‫ثم ّ‬
‫عياض عن اآلية‪ ،‬وكذا عن قول إبراهيم ‪ ‬ألبيه‪ ،‬بأن القصد بذلك المتاركة والمباعدة وليس القصد فيهما التحية‪ ،‬وبأن اآلية ‪‬‬
‫س‪#‬اَل ٌم‪ ‬منس وخة بآية القت ال‪ ،‬وق ال الطبري‪ :‬ال مخالف ة بين ح ديث أس امة في س الم الن بي ‪ ‬على الكف ار‬
‫ص‪َ #‬ف ْح َعْن ُه ْم َو ُق ْ‪#‬ل َ‬
‫َفا ْ‬
‫حيث كانوا مع المسلمين‪ ،‬وبين حديث أبي هريرة في النهي عن السالم على الكفار؛ ألن حديث أبي هريرة عام وحديث أسامة‬
‫خاص‪ ،‬فيختص من حديث أبي هريرة ما إذا كان االبتداء لغير سبب‪ ،‬وال حاجة من حق صحبة‪ ،‬أو مجاورة أو مكافأة‪ ،‬أو‬
‫نحو ذلك‪ ،‬والمراد منع ابتدائهم بالسالم المشروع(‪.)27‬‬
‫ولكن ما معنى اضطرارهم إلى أضيق الطريق؟ قال اإلمام النووي‪" :‬ال ُيترك للذمي صدر الطريق‪ ،‬بل ُيضطر‬
‫إلى أضيقه‪ ،‬إذا كان المسلمون يطرقون‪ ،‬فإن خلت الطريق عن الزحمة فال حرج‪ ،‬قالوا‪ :‬وليكن التضيق بحيث ال يقع في‬
‫وهدة‪ ،‬وال يصدمه جدار ونحوه"(‪ ،)28‬والمعنى‪ :‬ال تتنحوا لهم عن الطريق الضيق إكرام ًا لهم واحترام ًا‪ ،‬وعلى هذا فتكون‬
‫هذه الجملة‪ ،‬مناسبة للجملة األولى في المعنى‪ ،‬وليس المعنى إذا لقيتموهم في طريق واسع فالجئوهم إلى حرفه حتى يضيق‬
‫عليهم؛ ألن ذلك أذى لهم وقد نهينا عن إيذائهم بغير سبب(‪.)29‬‬
‫قلت‪ :‬السالم اإلسالمي تكريم لمن ُيسلم به عليه‪ ،‬وال يستحقه إال من كان على هدى وتقى واستقامة‪ ،‬فإذا كان النبي ‪‬‬
‫قد أمر بمقاطعة الثالثة الذين ُخّلفوا عن غزوة تبوك وهم صحابة‪ ،‬فكيف يكون الحال في السالم على اليهود ومن على شاكلتهم‬
‫وك‪َ ،‬وَن َهى‬ ‫ين تَ َخَّل َ‬
‫ف َع ْن تَُب َ‬ ‫ثحَ‬
‫ت َكعب ْبن م ِال ٍك‪" :‬يح ِّد ُ ِ‬
‫َُ‬
‫الل ِه ْابن َكع ٍب‪َ ،‬ق َ ِ‬
‫ال‪َ :‬س م ْع ُ ْ َ َ َ‬ ‫َ ْ‬
‫من المش ركين‪ ،‬فق د ج اء في ح ديث عْب َد َّ‬
‫َ‬

‫‪411‬‬ ‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)13‬ع (‪1438 ،)3‬ه‍‪2017/‬م ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫التعامل مع غير المسلمين في المناسبات االجتماعية والعقدية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫الِم أ َْم َ‬
‫ال؟ َحتَّى َك َمَل ْ‬
‫ت‬ ‫ول ِفي َن ْف ِس ي‪َ :‬ه ْل َح َّر َك َش َفتَْي ِه ِب َرِّد َّ‬
‫الس َ‬ ‫ُس ِّلُم َعَلْي ِه‪َ ،‬ف َأُق ُ‬ ‫ال ِمَن ا‪ ،‬و ِآتي رس َ َّ ِ‬
‫ول الله ‪َ ‬فأ َ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫الل ِه ‪َ ‬ع ْن َك َ‬‫ول َّ‬
‫َر ُس ُ‬
‫ص لَّى الفَ ْج َر"(‪ ،)30‬ق ال الن ووي‪" :‬يؤخ ذ من ه اس تحباب هج ران أه ل‬ ‫ين َ‬
‫ِ‬ ‫ِ َّ ِ‬
‫النبِ ُّي ‪ ‬بِتَ ْوَب ة الله َعلَْيَن ا ح َ‬
‫ون لَْيلَ ةً‪َ ،‬وآ َذ َن َّ‬
‫َخ ْم ُس َ‬
‫البدع والمعاصي الظاهرة‪ ،‬وترك السالم عليهم ومقاطعتهم‪ ،‬تحقيراً لهم وزجراً"(‪.)31‬‬
‫وقال ابن حجر‪ :‬قد ذهب الجمهور إلى أنه ال ُيسلم على الفاسق وال المبتدع‪ ،‬ونقل بعض ًا من أقوال أهل العلم منها‬
‫ق ول المهلب‪ :‬ت رك الس الم على أه ل المعاص ي س نة ماض ية‪ ،‬وب ه ق ال كث ير من أه ل العلم في أه ل الب دع‪ ،‬وألح ق بعض‬
‫الحنفية بأهل المعاصي من يتعاطى خوارم المروءة‪ ،‬ككثرة المزاح‪ ،‬واللهو‪ ،‬وفحش القول‪ ،‬والجلوس في األسواق لرؤية من‬
‫يمر من النساء ونحو ذلك‪ ،‬وحكى ابن رشد قال‪ :‬قال مالك‪ :‬ال ُيسلم على أهل األهواء‪ ،‬وقال ابن دقيق العيد‪ :‬ويكون ذلك‬
‫على سبيل التأديب لهم والتبري منهم(‪.)32‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬كيفية الرد على تحية غير المسلمين وسالمهم‪:‬‬


‫ت‪:‬‬ ‫الل ُه َعْن َها‪َ ،-‬قاَل ْ‬ ‫ض ي َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫جاءت أحاديث عديدة تبين للمسلم كيف يرد على تحية أهل الكتاب منها حديث َعائ َش َة ‪َ-‬ر َ‬
‫ال َر ُس و ُل‬ ‫ام َواللَّ ْعَن ةُ‪ ،‬فَقَ َ‬‫الس ُ‬
‫ت‪َ :‬علَْي ُك ُم َّ‬ ‫ك‪ ،‬فَفَ ِه ْمتُهَ ا فَ ُقْل ُ‬
‫َعلَْي َ‬ ‫ول اللَّ ِه ‪ ‬فَقَ الُوا‪َّ :‬‬ ‫اليه و ِد َعلَى رس ِ‬ ‫(‪ِ )33‬‬
‫(‪)34‬‬
‫ام‬
‫الس ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫َد َخ َل َر ْه طٌ م َن َ ُ‬
‫ال َر ُس و ُل اللَّه‬ ‫ت‪َ :‬يا َر ُسو َل اللَّ ِه‪ ،‬أ ََولَ ْم تَ ْس َم ْع َم ا قَ الُوا؟ قَ َ‬ ‫ق ِفي األ َْم ِر ُكلِّ ِه" فَ ُقْل ُ‬ ‫الر ْف َ‬
‫ب ِّ‬ ‫"م ْهاًل َيا َعائِ َشةُ‪ ،‬فَِإ َّن اللَّهَ ُي ِح ُّ‬
‫الله ‪َ :‬‬
‫َّ‬
‫َّ‬ ‫الل ِه ‪َ ‬ق َ‬
‫ول َّ‬ ‫ضي َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َّ ِ ِ‬
‫ود‪،‬‬
‫اليهُ ُ‬ ‫ال‪ِ" :‬إ َذا َسلَم َعَلْي ُك ُم َ‬ ‫َن َر ُس َ‬ ‫الل ُه َعْنهُ َما‪ :-‬أ َّ‬
‫ت‪َ :‬و َعَلْي ُك ْم" وفي رواية َع ْن َعْبد الله ْبن ُع َمَر ‪َ-‬ر َ‬
‫(‪)35‬‬
‫‪َ " :‬فَق ْد ُقْل ُ‬
‫َه ُل‬‫النِب ّي ‪ِ" :‬إ َذا َس َّلَم َعَلْي ُك ْم أ ْ‬‫ال َّ‬
‫ال‪َ :‬ق َ‬ ‫الس ُام َعَلْي َك‪َ ،‬فُق ْل‪َ :‬و َعَلْي َك" ‪ ،‬وفي رواي ة عن أََنس ْب ُن َم ِال ٍك‪َ ،‬ق َ‬ ‫َفِإَّن َم ا َيُق ُ‬
‫(‪)36‬‬
‫َح ُد ُه ْم‪َّ :‬‬
‫ول أ َ‬
‫(‪)37‬‬
‫اب فَقُولُوا‪َ :‬و َعلَْي ُك ْم" ‪.‬‬ ‫الكتَ ِ‬‫ِ‬
‫الساَل ِم‪،‬‬
‫وه ْم ِب َّ‬ ‫ب َغ ًدا ِإَلى َيهُ َ‬ ‫اهلل ‪ِ" :‬إنِّي ر ِ‬ ‫ول ِ‬ ‫الر ْح َم ِن اْل ُج َهِن ِّي ‪َ ‬ق َ‬ ‫وجاء في رواية َأِبي َعْب ِد َّ‬
‫ود‪َ ،‬فاَل تَْب َد ُء ُ‬ ‫اك ٌ‬ ‫َ‬ ‫ال َر ُس ُ‬ ‫ال‪َ :‬ق َ‬
‫النِب ِّي ‪‬‬‫وديًّا َم َّر َعَلى َّ‬ ‫َن َيهُ ِ‬
‫س ‪ ،‬أ َّ‬ ‫َف ِإ َذا َس َّل ُموا َعَلْي ُك ْم َفُقولُ وا‪ :‬و َعَلْي ُك ْم"(‪ ،)38‬وتتضح الصورة أكثر من خالل هذه الرواية َع ْن أََن ٍ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الس ام َعلَْي ُك ْم"‪ ،‬فَأُخ َذ اْلَيهُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫النبِ ِّي ‪ ،‬فَقَ ا َل َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َص َحابِ ِه فَقَ َ‬
‫يء‬
‫ي فَج َ‬ ‫ود ُّ‬ ‫النب ُّي ‪" :‬إَّن َم ا قَ ا َل‪ُ َّ :‬‬ ‫اب َّ‬‫َص َح ُ‬ ‫َّام َعلَْي ُك ْم‪ ،‬فَ َر َّد َعلَْي ه أ ْ‬ ‫ال‪ :‬الس ُ‬ ‫َوأ ْ‬
‫النبِ ُّي ‪"ُ :‬ر ُّدوا َعلَْي ِه ْم َما قَالُوا" ‪.‬‬ ‫ف‪ ،‬فَقَا َل َّ‬ ‫بِ ِه فَ ْ‬
‫(‪)39‬‬
‫اعتََر َ‬
‫مما سبق من الروايات يتبين لنا أن أكثرها جاءت في الحديث عن اليهود بالذات‪ ،‬وقد وضح لنا ربنا العظيم أنهم أشد‬
‫شَر ُكوا‪[‬المائ دة‪ :‬من اآلي ة ‪ ،]٨٢‬كما‬ ‫ين أَ ْ‬ ‫ود َو َّالِذ َ‬
‫آمُنوا اْلَي ُه َ‬ ‫ين َ‬ ‫اس َع َد َاوةً ِلَّلِذ َ‬
‫الن ِ‬ ‫الناس عداوة للذين آمنوا‪ ،‬قال تعالى‪َ :‬لتَ ِج َد َّن أَ َ‬
‫ش َّد َّ‬
‫ويتضح ذلك من سيرتهم مع النبي ‪ ‬والمسلمين‪ ،‬وكيف كان لكل قبيلة منهم عداوة واضحة‪ ،‬فيهود بني قينقاع‪ ،‬ويهود بني‬
‫النضير‪ ،‬ويهود بني قريظة‪ ،‬ويهود خيبر‪ ،‬كان لهم جوالت في عداوة المسلمين والتآمر عليهم مع المشركين من أهل مكة‬
‫وغيرهم‪.‬‬
‫وخيانة يهود بني قريظة بالذات كانت في أحلك الظروف وأشدها‪ ،‬وعندما حكم فيهم سعد بن معاذ ‪ ‬كما جاء‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫في رواية أََبي َس ِع ٍيد اْل ُخ ْد ِر َّ‬
‫ظةَ َعلَى ُح ْكم َس ْعد ْب ِن ُم َعاذ ‪ ،‬فَأ َْر َس َل َر ُس و ُل اهلل ‪ِ ‬إلَى َس ْعد‪ ،‬فَأَتَ اهُ‬ ‫َه ُل قَُر ْي َ‬ ‫ي ‪ ،‬قَا َل‪َ :‬ن َز َل أ ْ‬
‫ال‪ِ" :‬إ َّن َه ُؤاَل ِء‬ ‫وم وا ِإلَى َس يِِّد ُك ْم" أ َْو َ‬
‫"خْي ِر ُك ْم"‪ ،‬ثَُّم قَ َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َعلَى ِح َم ٍار‪َ ،‬فلَ َّما َدَن ا قَ ِر ًيب ا ِم َن اْل َم ْس ِجِد‪ ،‬قَ َ‬
‫ص ِار‪" :‬قُ ُ‬
‫ال َر ُس و ُل اهلل ‪ ‬لأْل َْن َ‬
‫ت بِ ُح ْكـ ـــِم‬ ‫النبِي ‪" :‬قَض ي ِ ِ ِ‬ ‫ال‪ :‬فَقَ َ َّ‬ ‫ال‪ :‬تَ ْقتُ ُل ُمقَ اتِلَتَهُ ْم َوتَ ْس بِي ُذِّريَّتَهُ ْم‪ ،‬قَ َ‬
‫َنَزلُوا َعلَى ُح ْك ِم َك"‪ ،‬قَ َ‬
‫ض ْي َ‬
‫ال‪" :‬قَ َ‬‫َّم ا قَ َ‬
‫ت ب ُح ْكم اهلل"‪َ ،‬وُرب َ‬ ‫َْ َ‬ ‫ال ّ‬
‫اْل َمِل ِك"(‪ ،)40‬وإ يضاح ذلك مما يتعلق بغدرهم وخيانتهم ليس مكانه هنا‪ ،‬بل في كتب السيرة‪ ،‬حيث ال يسمح المجال بالتوسع‬
‫في الحديث عن هذه الخيانات‪ ،‬خصوص ًا أنها جاءت بعد أن كتب النبي ‪ ‬كتاب ًا يوضح أساس العالقة بينه وبينهم‪ ،‬ثم كان‬
‫الغدر‬
‫والخيانة من جهتهم‪ ،‬فكيف يستحق مثل هؤالء أن تُلقى عليهم تحية السالم‪.‬‬

‫‪412‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)13‬ع (‪ 1438 ،)3‬ه‍‪2017/‬م‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ بكر بني إرشيد‬
‫والص ورة تتض ح أك ثر عند التأم ل في س بب ال رد عليهم بـ‪( :‬عليكم)‪ ،‬أو (وعليكم)؛ ألن ه كم ا تقدم يقول ون (الس ام‬
‫عليكم)‪ ،‬أي الموت‪ ،‬فال ينبغي لك أن ترد على من يريد لك الشر إال بمثل تحيته‪ ،‬أما غيرهم من المسالمين وغيرهم ممن ال‬
‫يعادونك‪ ،‬فيتض ح من ترجم ة البخ اري (ب اب كي ف ي رد على أه ل الذم ة الس الم) أن هن اك إش ارة إلى أن ه ال من ع من رد‬
‫الل َه‬ ‫س َن ِمْن َها أَْو ُرد َ‬
‫ُّوه‪#‬ا ۗ ِإ َّن َّ‬ ‫الس الم على أهل الذمة‪ ،‬فلذلك ترجم بالكيفية ويؤيده قوله تعالى‪ :‬وإِ َذا حِّييتُم ِبتَ ِحي ٍ‬
‫َّة َف َحيُّوا ِبأ ْ‬
‫َح َ‬ ‫َ ُ ْ‬
‫ش ْي ٍء َح ِس ًيبا ‪[‬النساء‪ ،]٨٦ :‬فإنه يدل على أن الرد يكون وفق االبتداء‪ ،‬إن لم يكن أحسن منه‪ ،‬وقد ثبت عن حبر‬ ‫ان َعَل ٰى ُك ِّل َ‬
‫َك َ‬
‫األمة وترجمان القرآن ابن عباس ‪-‬رضي اهلل عنهما‪ -‬أنه قال‪ :‬من سّلم عليك فرد عليه ولو كان مجوسيًا‪ ،‬وبه قال الشعبي‬
‫وقتادة‪ ،‬ومنع من ذلك مالك والجمهور(‪.)41‬‬
‫قال النووي‪" :‬اتفق العلماء على الرد على أهل الكتاب إذا سّلموا‪ ،‬لكن ال يقال لهم‪ ،‬وعليكم السالم‪ ،‬بل يقال‪( :‬عليكم )‬
‫فق ط‪ ،‬أو (وعليكم)‪ ،‬وق د ج اءت األح اديث ال تي ذكره ا مس لم (عليكم)‪( ،‬وعليكم)‪ ،‬بإثب ات ال واو وح ذفها‪ ،‬وأك ثر الرواي ات‬
‫بإثباتها‪ ،‬وعلى هذا في معناه وجهان‪ :‬أحدهما أنه على ظاهره فقالوا‪ :‬عليكم الموت‪ ،‬فقال‪ :‬وعليكم أيض ًا‪ ،‬أي نحن وأنتم فيه‬
‫وأكد‬ ‫(‪)42‬‬
‫سواء وكلنا نموت‪ ،‬والثاني أن الواو هنا لالستئناف ال للعطف والتشريك‪ ،‬وتقديره‪ ،‬وعليكم ما تستحقونه من الذم"‬
‫ال رد عليهم بق ول (وعليكم) الص نعاني ق ال‪" :‬اتف ق العلم اء على أن ه ي رد على أه ل الكت اب‪ ،‬ولكن ه يقتص ر على قول ه‬
‫(وعليكم)"(‪.)43‬‬
‫جوز أن يقال في الرد عليهم (وعليكم السالم)‪ ،‬ولكن ال يقول (ورحمة اهلل)‪ ،‬وقد‬
‫وذكر النووي أن بعض أصحابه ّ‬
‫رده وقال‪ :‬وهو ضعيف مخالف لألحاديث‪ ،‬واهلل أعلم‪ .‬ثم ّبين أنه يجوز االبتداء بالسالم على جمع فيه مسلمون وكفار أو‬
‫ط‬
‫ال ٌ‬ ‫َخ َ‬ ‫س ِف ِ‬
‫يه أ ْ‬ ‫مسلم وكفار‪ ،‬ويقصد المسلمين(‪ .)44‬للحديث الذي رواه أسامة بن زيد ‪-‬رضي اهلل عنهما‪ -‬أنه ‪َ ‬م َّر على َم ْجِل ٍ‬
‫َّ ِ‬ ‫الم ْجِل ِ‬ ‫الل ِه ْب ُن أَُب ٍّي ْاب ُن َس لُ َ ِ‬‫ود‪ ،‬وِفي ِهم عْب ُد َّ‬ ‫ين َعَب َدِة األَْوثَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫اح َة‪َ ،‬فَل َّما‬
‫س َعْب ُد الله ْب ُن َرَو َ‬ ‫ول‪َ ،‬وفي َ‬ ‫اليهُ ِ َ ْ َ‬ ‫ان َو َ‬ ‫الم ْش ِرك َ‬
‫ين َو ُ‬
‫الم ْس لم َ‬
‫م َن ُ‬
‫ف ‪.)45(...‬‬ ‫ال تُ َغبُِّروا َعَلْيَنا‪َ ،‬ف َسَّلَم َعَلْي ِه ُم َّ‬
‫النِب ُّي ‪ ‬ثَُّم َوَق َ‬ ‫الل ِه ْب ُن أَُب ٍّي أَْنَف ُه ِبِر َد ِائ ِه‪ ،‬ثَُّم َق َ‬
‫ال‪َ :‬‬ ‫الداب َِّة‪َ ،‬خ َّمر عْب ُد َّ‬
‫َ َ‬ ‫اجةُ َّ‬ ‫َغ ِشي ِت ِ‬
‫الم ْجل َس َع َج َ‬
‫َ َ‬
‫قوله ‪( ‬يا عائشة إن اهلل يحب الرفق في األمر كله) هذا من عظيم ُخلقه ‪ ‬وكمال حلمه‪ ،‬وفيه حث على الرفق‬
‫والص بر والحلم‪ ،‬ومالطف ة الن اس م ا لم ت دع حاج ة إلى المخاش نة‪ ،‬وقول ه (ف إن اهلل ال يحب الفحش والتفحش)‪ ،‬أي ال يحب‬
‫القبيح من القول والفعل‪ ،‬ومجاوزة الحد‪ ،‬وفيه تغافل أهل الفضل عن سفه المبطلين إذا لم تترتب عليه مفسدة(‪ .)46‬قلت‪ :‬أين‬
‫نحن من هذه األخالق وسموها‪ ،‬نسأل اهلل العفو والعافية والمسامحة‪ ،‬وأن يعيننا على االقتداء بهذه األخالق النبوية العظيمة‪.‬‬
‫يتضح مما سبق أن هؤالء المشركين أصناف وأنواع‪ ،‬فمنهم المسالم الذي ال يكن عداوة للمسلمين بسبب دينهم‪،‬‬
‫ِّين َولَ ْم ُي ْخ ِر ُج‪##‬و ُك ْم ِم ْن‬
‫‪#‬اتلُو ُك ْم ِفي ال‪##‬د ِ‬
‫ين لَم يقَ‪ِ #‬‬ ‫ِ‬
‫فمن الحكم ة واإلحس ان والع دل مع املتهم وف ق اآلي ة ‪‬اَل َي ْن َه‪##‬ا ُك ُم اللَّ ُه َع ِن الَّذ َ ْ ُ‬
‫س‪َ #‬ن ِم ْن َه‪#‬ا‬ ‫وهم وتُ ْق ِس‪#‬طُوا إِلَ ْي ِهم ۚ إِ َّن اللَّ َه ي ِح ُّب ا ْلم ْق ِس‪ِ #‬طينَ‪[‬الممتحن ة‪ ،]٨ :‬واآلية ‪‬وإِ َذا حِّييتُم ِبتَ ِحي ٍ‬
‫َّة فَ َحيُّوا ِبأ ْ‬
‫َح َ‬ ‫َ ُ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َن تََب ُّ‪#‬ر ُ ْ َ‬ ‫ِد َي ِ‬
‫‪#‬ار ُك ْم أ ْ‬
‫ان علَ ٰى ُك ِّ‪#‬ل َ ٍ ِ‬
‫يبا‪[‬النس اء‪ ،]٨٦ :‬فإن اآلي ة بعمومه ا تشمل المس لمين وغيرهم أيض اً في حال‬ ‫ش‪ْ #‬يء َحس‪ً #‬‬ ‫ُّوها ۗ إِ َّن اللَّ َه َك َ َ‬
‫أ َْو ُرد َ‬
‫ردهم الس الم‪ ،‬لكن ال نب دأهم ب ه‪ ،‬أم ا اليه ود فيجب الح ذر من تحيتهم؛ لم ا ورد فيه ا من ذك ر الس ام عليكم كم ا تق دم‪،‬‬
‫ويتعامل معهم ومع من على شاكلتهم‪ ،‬وفق ما جاء في الهدي النبوي (فقولوا‪ :‬وعليكم)‪ ،‬وهو األرجح من (عليكم)‪ .‬وأما الذين‬
‫يع ادون المس لمين لعقي دتهم ودينهم ويت آمرون عليهم‪ ،‬فال يج وز رد الس الم عليهم‪ ،‬ف إذا ك ان أه ل اإلس الم من العص اة‬
‫والمذنبين كما تقدم من حديث كعب بن مالك ال يستحقون السالم؛ فكيف يستحقه من يحارب المسلمين ويتآمر عليهم‪.‬‬
‫ه ذا م ع العلم أن غ ير المس لمين ومن خالل الواق ع ال يعرف ون في الغ الب التحي ة اإلس المية‪ ،‬وال يتع املون به ا‪ ،‬وال‬
‫يستعملونها في حياتهم‪ ،‬فكي ف نبدأهم بها؟ مع عدم استعمالهم لها‪ ،‬وكي ف نرد على تحيتهم بغير السالم‪ ،‬كـ (صباح الخير)‬
‫و(مساء الخير) و(مرحبا) و(كيف حالك)؟ وما شاكل ذلك‪ ،‬قال أبو داود‪ :‬قلت ألبي عبد اهلل‪ :‬تكره أن يقول الرجل للذمي‪:‬‬

‫‪413‬‬ ‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)13‬ع (‪1438 ،)3‬ه‍‪2017/‬م ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫التعامل مع غير المسلمين في المناسبات االجتماعية والعقدية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫كيف أصبحت؟ أو كيف حالك؟ أو كيف أنت؟ أو نحو هذا؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬هذا عندي أكثر من السالم(‪ .)47‬وأعتقد أن هذا في حالة‬
‫أن يك ون الذمي مع ادي للمسلمين‪ ،‬كم ا تقدم في ق ول اليه ود (الس ام عليكم)‪ ،‬وإ ال ف إن مث ل هذا الق ول مح رج للمس لمين الذين‬
‫يعيشون مع غير المسلمين في المجتمعات الغربية وغيرها‪ ،‬وهم عبارة عن أقليات‪ ،‬وربما ترتب عليه عداوة سافرة لإلسالم‬
‫ونعته بالتعصب والتزمت‪ ،‬كما ويترتب عليه فتن وامتحانات لهؤالء المسلمين ال تحمد عقباها‪ ،‬وهو يتعارض مع ما كتبه النبي‬
‫‪ ‬إلى هرق ل وغيره‪ .‬قال ابن حجر‪ :‬قال الطبري‪ :‬من ع الشرع ابتدائهم بالسالم المشروع‪ ،‬فأما لو س ّلم عليهم بلفظ يقتضي‬
‫خروجهم عنه كأن يقول‪ :‬السالم علينا وعلى عباد اهلل الصالحين‪ ،‬فهو جائز‪ ،‬كما كتب النبي ‪ ‬إلى هرقل وغيره‪( :‬سالم على‬
‫من اتبع الهدى)(‪.)48‬‬
‫رجح األلباني –رحمه اهلل‪ -‬الجواز‪ ،‬أي جواز رد السالم عليهم بغير السالم اإلسالمي المعروف؛ ألن النهي‬
‫وقد ّ‬
‫المذكور في الحديث إنما هو عن السالم‪ ،‬وهو عند االطالق يراد به السالم اإلسالمي الذي يتضمن اسم اهلل ‪( ‬السالم)‪،‬‬
‫واستدل على ما ذهب إليه‪ ،‬ان النبي ‪ ‬كتب إلى هرقل(سالم على من اتبع الهدى)‪ ،‬ولم يبدأه بالسالم‪ ،‬وكذلك لما عاد الغالم‬
‫اليهودي‪ ،‬قال له‪ :‬أسلم‪ ,‬ولم يقل‪( :‬السالم عليك)‪ ،‬وكذلك لم يقل ألبي طالب‪ :‬السالم عليك‪ ،‬وإ نما قال‪ :‬يا عم قل ال إله إال‬
‫اهلل‪ ،‬فثبت من ه ذه الرواي ات أن ب دأ الكت ابي بالس الم ال يج وز مطلق اً‪ ،‬س واء ك ان في الطري ق أو في الم نزل‪ ،‬أو غ يره‬
‫(‪.)49‬‬
‫قلت‪ :‬وتحيتهم بغير تحية السالم تقتضيها أمور منها‪ :‬مراعاة إنسانيتهم‪ ،‬وسمو أخالق ديننا العظيم‪ ،‬ومراعاة‬
‫روح التع ايش معهم خصوص اً بع د أن أص بح الع الم اآلن يوص ف بأن ه قري ة ص غيرة‪ ،‬وهن اك مص الح للمس لمين في‬
‫معاملة هؤالء بمثل هذه التحية؛ وألن النبي ‪ ‬قدوتنا كتب‪( :‬سالم على من اتبع الهدى)‪.‬‬
‫كما يتضح من قول شيخ اإلسالم ابن تيمية –رحمه اهلل‪-‬وهو عين الحكمة ما يجب أن يتصف به المسلم‪ ،‬قال‪" :‬لو أن‬
‫المسلم بدار حرب أو دار كفر غير حرب‪ :‬لم يكن مأمورًا بالمخالفة لهم في الهدي الظاهر‪ ،‬لما عليه من ذلك من الضرر‪،‬‬
‫بل قد يستحب للرجل أو يجب عليه‪ :‬أن يشاركهم أحيان ًا في هديهم الظاهر‪ ،‬إذا كان في ذلك مصلحة دينية من دعوتهم إلى‬
‫ال دين‪ ،‬واالطالع على ب اطن أم ورهم إلخب ار المس لمين ب ذلك‪ ،‬أو دف ع ض ررهم عن المس لمين‪ ،‬ونح و ذل ك من المقاص د‬
‫الصالحة"(‪.)50‬‬

‫المبحث الثاني‬
‫التهادي مع غير المسلمين‬

‫المطلب األول‪ :‬مفهوم الهدية في اللغة واالصطالح‪:‬‬


‫أو ًال‪ :‬الهدي لغةً‪ :‬أصلها من هدى (بفتح الهاء والدال)‪ ،‬يقال‪ :‬أهدى العروس إلى بعلها‪ :‬زفها (هادى) فالن فالن ًا‪ :‬أرسل‬
‫كل منهما هدية إلى صاحبه‪ .‬وفالنة فالنة‪ :‬جاءت كل منهما بطعامها وأكلتا في مكان واحد‪ .‬والهدية إلى فالن‪ ،‬وله‪ :‬أتحفه‬
‫أو ما يقدمه القريب‪ .‬أو الصديق من‬ ‫(‪)52‬‬
‫هدي للناس‪ :‬إذا كان كثير الهدايا (‪ .)51‬والهدية‪ :‬ما أتحف به‬
‫بها‪ .‬ويقال‪ :‬فالن ُي ّ‬
‫التحف واأللطاف (ج) هدايا(‪ .)53‬و (التهادي) أن ُيهدي بعضهم إلى بعض(‪.)54‬‬
‫ثانياً‪ :‬الهدية اصطالحاً‪ :‬هي (تمليك العين مجانًا) أي بال عوض(‪ .)55‬قال النووي‪" :‬والهبة والعطية والهدية والصدقة معانيها‬
‫متقاربة‪ ،‬وكلها تمليك في الحياة بغير عوض‪ ،‬واسم العطية شامل لجميعها‪ ،‬وكذلك الهبة‪ ،‬والصدقة والهدية متغايران‪ ،‬فإن‬
‫الن بي ‪ ‬ك ان يأك ل الهدي ة‪ ،‬وال يأك ل الص دقة"(‪ .)56‬والتملي ك المحض‪ :‬ثالث ة أن واع‪ :‬الهب ة‪ ،‬والهدي ة‪ ،‬وص دقة التط وع‪،‬‬

‫‪414‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)13‬ع (‪ 1438 ،)3‬ه‍‪2017/‬م‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ بكر بني إرشيد‬
‫فالتمليك بال عوض هبة‪ ،‬فإن انضم إليه حمل الموهوب من مكان إلى مكان الموهوب له إعظامًا له أو إكرام ًا فهو هدية‪،‬‬
‫فامتياز الهدية عن الهبة بالنقل والحمل من موضع إلى موضع‪ ،‬ومنه إهداء النعم إلى الحرم‪ ،‬ولذلك ال يدخل لفظ الهدية‬
‫في العقار بحال‪ ،‬وعليه فكل هدية وصدقة هبة وال تنعكس(‪.)57‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مشروعية الهدية وحكمها‪:‬‬
‫جاء ذك ر الهدي ة في القرآن الك ريم في سورة النم ل من خالل ع رض قص ة س ليمان ‪ ‬وبلقيس ملكة سبأ‪ ،‬ق ال‬
‫ِ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ِ‬
‫ون‪[‬النم ل‪ ]٣٥ :‬وق د رفض س ليمان ‪ ‬الهدي ة رفض اً قاطع اً‬ ‫س‪#‬لُ َ‬ ‫تع الى‪َ  :‬وإِ ِّني ُم ْرسلَ ٌة إِلَ ْي ِه ْم ِب َهديَّة فَ َن‪#‬اظ َرةٌ ِب َم َي ْر ِج‪##‬عُ ا ْل ُم ْر َ‬
‫وأمر برده ا؛ ألن ه شعر أن ملكة سبأ بعثت به ا إليه؛ لكي يقب ل منها بقائه ا على الشرك وعب ادة الشمس‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬
‫‪#‬ع إِلَ ْي ِه ْم َفلَ َن‪#‬أ ِْت َي َّن ُه ْم‬ ‫ال فَ َما آتَ ِان َي اللَّ ُه َخ ْيٌر ِم َّما آتَا ُك ْم َب ْل أَ ْنتُ ْم ِب َه ِدي َِّت ُك ْم تَ ْف َر ُح َ‬
‫ون * ْار ِج‪ْ #‬‬ ‫ال أَتُ ِمدُّو َن ِن ِبم ٍ‬
‫َ‬ ‫ان قَ َ‬ ‫سلَ ْي َم َ‬
‫اء ُ‬
‫‪َ ‬فلَ َّما َج َ‬
‫ون‪[‬النمل‪ ]٣٧–٣٦ :‬قال سليمان ‪ ‬لرسول ملكة سبأ‪ :‬أَتُ ِمدُّو َن ِن‬ ‫اغ ُر َ‬ ‫ِبج ُنو ٍد اَل ِقب َل لَهم ِبها ولَ ُن ْخ ِرج َّنهم ِم ْنها أ َِذلَّ ًة و ُهم ص ِ‬
‫َ ْ َ‬ ‫َ ُْ َ‬ ‫َ ُْ َ َ‬ ‫ُ‬
‫‪#‬ال‪‬؟ أي أتص انعونني بم ال ألت رككم على ش رككم وملككم‪ ،‬إن اهلل تع الى أعط اني خ يراً كث يراً من المل ك والم ال‬ ‫ِبم‪ٍ #‬‬
‫َ‬
‫والجنود ‪َ‬ب ْل أَ ْنتُ ْم ِب َه ِدي َِّت ُك ْم تَ ْف َر ُح َ‬
‫ون‪ ،‬أي أنتم الذين تنقادون إلى الهدايا والتحف‪ ،‬وأما أنا فال أقبل منكم إال اإلسالم أو‬
‫السيف(‪.)58‬‬
‫ال عن السكوت عن الحق وعن الدعوة إلى اإلسالم واإليمان‪ ،‬وواجب‬
‫وقد رد سليمان ‪ ‬هدية بلقيس؛ ألنها كانت بد ً‬
‫الرسل التبليغ دون أجر‪ ،‬ودون مهادنة أو مساومة؛ ألن غرضهم إرضاء اهلل ‪ ‬ونشر العقيدة(‪ .)59‬قال القرطبي‪" :‬كان النبي ‪‬‬
‫يقبل الهدية ويثيب عليها‪ ،‬وال يقبل الصدقة‪ ،‬وكذلك كان سليمان ‪ ‬وسائر األنبياء عليهم السالم"(‪ ،)60‬وفائدة ذكر هذا الموضوع‬
‫في هذا البحث أن الهدية تقبل من الكافر‪ ،‬شريطة أال يكون من ورائها مساومة وتنازل عن القيم اإليمانية‪ ،‬واألخالق الديني ـة‪.‬‬
‫وقد جاء في مشروعية الهدية مجموعة من المرويات التي تبين للمسلم كيف يهدي‪ ،‬وإ لى من يهدي‪ ،‬ومن هو األولى‬
‫بالهدية‪ ،‬ومتى يمتنع المسلم من قبول الهدية‪ ،‬وكل ذلك هدفه بيان المرجعية الالئقة بعباد اهلل في االقتداء بنبيهم ‪ ،‬واالبتعاد‬
‫ال‬
‫ات‪َ ،‬‬‫ال‪" :‬ي ا ِنس اء المس ِلم ِ‬ ‫عن االبت داع والخ روج عن هديه ‪ ،‬من ه ذه الرواي ات م ا ج اء َع ْن َأِبي ُهَرْي َر َة ‪َ ،‬ع ِن َِّ‬
‫النب ِّي ‪َ ‬ق َ َ َ َ ُ ْ َ‬
‫تَ ْحِق َر َّن َج َارةٌ ِل َج َارِت َه ا‪َ ،‬وَل ْو ِفْر ِس َن َش ٍاة"(‪ .)61‬وفرسن الشاة (بكسر الفاء والسين) هو الظلف‪ ،‬وهذا النهي عن االحتقار نهي‬
‫المهدية‪ ،‬ومعناه‪ :‬ال تمتنع جارة من الصدقة والهدية لجارتها‪ ،‬الستقاللها واحتقارها الموجود عندها‪ ،‬بل تجود بما‬ ‫للمعطية ُ‬
‫ال كفرسن شاة‪ ،‬وهو خير من العدم‪ ،‬قال تعالى‪َ  :‬ف َم ْن َي ْع َم ْل ِمثْ َق َ‬
‫ال َذَّر ٍة َخْيًرا َيَرهُ ‪[‬الزلزلة‪. ]٧ :‬‬
‫(‪)62‬‬
‫تيسر وإ ن كان قلي ً‬
‫ي ِإَل َّي‬ ‫ت‪ ،‬وَل و أ ْ ِ‬ ‫يت ِإَلى ِذَر ٍ‬ ‫ال‪َ« :‬ل ْو ُد ِع ُ‬ ‫النِب ِّي ‪َ ‬ق َ‬
‫ومثل هذا أيض ًا ما جاء َع ْن َأِبي ُهَرْي َر َة ‪َ ،‬ع ِن َّ‬
‫ُه د َ‬ ‫َجْب ُ َ ْ‬
‫اع أَل َ‬
‫اع أَْو ُك َر ٍ‬
‫ت»(‪ ،)63‬والمع نى أن ه إذا ك ان ‪ ‬يجيب من دع اه على ذل ك الق در اليس ير‪ ،‬فإلن يقبل ه ممن أحض ره إلي ه‬ ‫اع َلَقِبْل ُ‬ ‫ِذَر ٌ‬
‫اع أَْو ُك َر ٌ‬
‫أولى‪ ،‬والكراع من الدابة‪ :‬ما دون الكعب‪ ،‬وخص الذراع والكراع بالذكر‪ ،‬ليجمع بين الحقير والخطير‪ ،‬ألن الذراع كانت‬
‫أحب إليه من غيرها‪ ،‬والكراع ال قيمة له‪ ،‬وفي ذكر الذراع والفرسن حظ على قبول الهدية ولو قّلت؛ لئال يمتنع الباعث من‬
‫الهدية الحتقار الشيء‪ ،‬فحض على ذلك لما فيه من التآلف(‪.)64‬‬
‫وكان من هديه ‪ ‬قبول الهدية وإ ثابة صاحبها؛ ألن المبدأ الديني (هل جزاء اإلحسان إال اإلحسان) فع ْن ع ِائ َش َة ‪-‬ر ِ‬
‫ض َي‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫اللِه ‪ ‬يْقب ُل ِ ِ‬ ‫ول َّ‬ ‫َّ‬
‫يب َعَلْي َه ا" (‪ ،)65‬ويتض ح مم ا س بق أن ه ‪ ‬ك ان يك افئ ص احب الهدي ة م ا‬ ‫الهدَّي َة َوُيث ُ‬
‫ََ َ‬ ‫ان َر ُس ُ‬ ‫ت‪َ " :‬ك َ‬ ‫الل ُه َعْن َها‪َ ،-‬ق اَل ْ‬
‫يساويها أو يزيد عليها‪ ،‬أو يعطيه بدلها‪ ،‬كما كان ‪ ‬يسأل عندما يقدم له طعام‪( ،‬هل هو هدية‪ ،‬ام صدقة؟) فإن قيل له هدية‬
‫َص َحاِبِه‪ُ " :‬كُلوا"‪،‬‬ ‫يل ص َدَق ٌة‪َ ،‬ق َ أِل‬
‫ال ْ‬
‫ِ‬
‫صَدَق ٌة؟"‪َ ،‬فِإ ْن ق َ َ‬
‫َل عْنه‪" :‬أ َِ‬
‫َهدَّي ٌة أَْم َ‬ ‫اللِه ‪ِ ‬إَذا أُِت َي ِب َ‬
‫ط َع ٍام َسأ َ َ ُ‬
‫ول َّ‬
‫ان َر ُس ُ‬ ‫فع ْن َأِبي ُهَرْيَرَة‪َ ،‬ق َ‬
‫ال‪َ :‬ك َ‬ ‫أكل‪َ ،‬‬
‫وَلم يْأ ُك ْل‪ ،‬وإِ ْن ِق َ ِ‬
‫ب ‪َ ،‬فَأ َك َل َم َع ُهْم" ‪.‬‬ ‫يل َهدَّي ٌة‪َ ،‬‬
‫(‪) 66‬‬
‫ضَر َ‬ ‫َ‬ ‫ََْ‬

‫‪415‬‬ ‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)13‬ع (‪1438 ،)3‬ه‍‪2017/‬م ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫التعامل مع غير المسلمين في المناسبات االجتماعية والعقدية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫والهدية سبب في تحقيق الود والمحبة بين الناس‪ ،‬وهذا من مقاصد الشريعة التي تحرص على التعاون وعلى البر‬
‫أود لم ا‬
‫ني تب ادلوا بينكم‪ ،‬فأن ه ّ‬ ‫ِ َِّ‬ ‫والتق وى‪ِ َ ،‬‬
‫فع ْن َأبي ُهَرْي َر َة ‪َ ،‬عن النب ِّي ‪ ‬ق ال‪" :‬تَ َه ُادوا تَ َح ابُّوا" ‪ ،‬وك ان أنس ‪ ‬يق ول‪" :‬ي ا ب ّ‬
‫(‪)67‬‬

‫بينكم"(‪ )68‬وبعد هذا األحاديث واآلثار وغيرها مما ال يتسع المقام لذكره‪ ،‬يتبين لنا أن الهدية مستحبة؛ ألنها تتوافق مع مقاصد‬
‫الش ريعة‪ ،‬وتحق ق االس تقرار والم ودة بين أف راد المجتم ع‪ ،‬ق ال ابن قدام ة‪" :‬من أعطى ش يئاً يتق رب ب ه إلى اهلل تع الى‬
‫للمحتاج فهو صدقة‪،‬‬
‫ومن دفع إلى إنسان شيئاً للتقرب إليه والمحبة له فهو هدية‪ ،‬وجميع ذلك مندوب إليه‪ ،‬ومحثوث إليه"(‪.)69‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬إهداء المسلمين إلى غير المسلمين‪:‬‬


‫يعيش المسلمون مع غير المسلمين في مجتمع واحد‪ ،‬فما هي حدود العالقة بينهم في قضية التهادي؟ هل يجوز‬
‫للمسلم أن يهدي لغير المسلم؟ بعد أن عرفنا أن اإلسالم يحث على التهادي ويستحبه؛ لما فيه من تحقيق المودة والرحمة‪،‬‬
‫وإ بعاد الغل من القلوب‪ ،‬وإ زالة حزازات النفوس‪ ،‬وإ بعاد العداوة‪ ،‬وكل ذلك من مقاصد الشريعة‪ ،‬يتضح لنا أن اإلسالم ال‬
‫ال ِل َّلنبِ ّي ‪:‬‬ ‫ال‪َ :‬رأَى ُع َم ُر‪ُ ‬حَّل ًة َعَلى َر ُج ٍل تَُب اعُ‪ ،‬فَقَ َ‬
‫(‪)70‬‬
‫يمانع من إهداء غير المسلمين لتحقيق ما تقدم‪ ،‬روى ْاب ِن ُع َم َر ‪َ ،‬ق َ‬
‫اآلخ َر ِة"‪ ،‬فَ أُتِ َي َر ُس و ُل‬
‫ق لَ ه ِفي ِ‬
‫الو ْف ُد؟ فَقَ ا َل‪ِ" :‬إَّن َم ا َيْلَب ُس َه َذا َم ْن الَ َخالَ َ ُ‬‫ك َ‬ ‫اء َ‬ ‫ِ‬
‫الج ُم َع ة‪َ ،‬وإِ َذا َج َ‬
‫ْابتَع َه ِذ ِه َّ‬
‫الحلةَ تَْلَب ْس هَا َي ْو َم ُ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬
‫ت؟ قَ ا َل‪ِ" :‬إنِّي لَ ْم أَ ْك ُس َكهَا‬ ‫ِ‬
‫ت فيهَ ا َم ا ُقْل َ‬‫ف أَْلَب ُس هَا َوقَ ْد ُقْل َ‬
‫ال ُع َم ُر‪َ :‬ك ْي َ‬ ‫اللَّ ِه ‪ ‬م ْنهَ ا‪ ،‬بِ ُحلَ ل‪ ،‬فَأ َْر َس َل ِإلَى ُع َم َر م ْنهَ ا بِ ُحلة‪ ،‬فَقَ َ‬
‫ٍ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫َن ُي ْسِل َم (‪.)71‬‬ ‫َخ لَهُ ِم ْن أ ْ‬
‫َه ِل َم َّكةَ قَْب َل أ ْ‬ ‫يعهَا‪ ،‬أ َْو تَ ْك ُسوهَ"‪ ،‬فَأ َْر َس َل بِهَا ُع َم ُر ِإلَى أ ٍ‬ ‫ِ‬
‫لتَْلَب َسهَا تَبِ ُ‬
‫يستفاد من الحديث جواز إهداء الثياب وما شاكلها إلى الكفار من قبل المسلمين‪ ،‬قال النووي‪" :‬وفي هذا كله دليل‬
‫اء‬
‫َس َم َ‬
‫وع ْن أ ْ‬
‫(‪)72‬‬
‫لجواز صلة األقارب الكفار‪ ،‬واإلحسان إليهم‪ ،‬وجواز الهدية إلى الكفار‪ ،‬وليس له اإلذن في لبس الحرير" ‪َ ،‬‬
‫ِ‬
‫النِب َّي ‪‬‬
‫ت َّ‬ ‫النِب َّي ‪َ ‬م َع ْابن َه ا‪َ ،‬ف ْ‬
‫اس تَْفتَْي ُ‬ ‫ش َو ُم َّدِت ِه ْم ِإ ْذ َع َ‬
‫اه ُدوا َّ‬ ‫ت أ ُِّمي و ِهي ُم ْش ِر َكةٌ‪ِ ،‬في َع ْه ِد قُ َرْي ٍ‬
‫َ َ‬ ‫ال‪َ :‬ق ِد َم ْ‬
‫‪-‬رض ي اهلل عنها‪َ ،-‬ق َ‬
‫صِلي أ َُّمك" ‪.‬‬
‫ِ (‪)74‬‬ ‫ال‪"َ :‬نعم‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ت َو ِه َي َراغَبةٌ َأَفأَصلُ َها؟ َق َ َ ْ‬
‫)‬ ‫‪73‬‬‫(‬
‫ت‪ِ :‬إ َّن أ ُِّمي َقِد َم ْ‬
‫َفُقْل ُ‬
‫الل ُه َع ِن َّالِذ َ‬
‫ين َل ْم‬ ‫وقد ثبت أن حديث أسماء ‪-‬رضي اهلل عنها‪ -‬مع أمها كان سببًا في نزول قوله تعالى‪ :‬اَل َيْن َها ُكم َّ‬
‫ُ‬
‫الل َه ُي ِح ُّب اْل ُم ْق ِس‪ِ #‬طينَ‪[‬الممتحن ة‪ ،]٨ :‬وهي على‬ ‫وه ْم َوتُ ْق ِس‪ُ #‬‬
‫طوا ِإَلْي ِهم ۚ ِإ َّن َّ‬
‫ْ‬ ‫َن تََب‪#ُّ #‬ر ُ‬ ‫ج‪#‬و ُك ْم ِم ْن ِدَي‪ِ #‬‬
‫‪#‬ار ُك ْم أ ْ‬ ‫‪#‬اتلُو ُك ْم ِفي ال‪##‬د ِ‬
‫ِّين َوَل ْم ُي ْخ ِر ُ‪#‬‬ ‫ي َق‪ِ #‬‬
‫ُ‬
‫ال راجح آي ة محكم ة‪ ،‬والمع نى‪ :‬ال يمنعكم اهلل من ال بر واإلحس ان وفع ل الخ ير إلى الكف ار ال ذين س الموكم‪ ،‬ولم يق اتلوكم في‬
‫الدين كالنساء والضعفة منهم‪ ،‬كصلة الرحم‪ ،‬ونفع الجار‪ ،‬والضيافة(‪ ،)75‬قال القرطبي‪" :‬هذه اآلية رخصة من اهلل تعالى في‬
‫ص لة ال ذين لم يع ادوا المؤم نين ولم يق اتلوهم‪ ،‬أن ي بروهم ويقس طوا إليهم‪ ،‬أي يعط وهم قس طًا من أم والهم على وج ه‬
‫الصلة"(‪.)76‬‬
‫اللِه‬
‫اهٍد‪ ،‬ع ْن عْبِد َّ‬
‫َ َ‬
‫وكان السلف من الصحابة ‪-‬رضوان اهلل عليهم‪ -‬يحسنون معاملة جيرانهم من غير المسلمين‪ ،‬فع ْن مج ِ‬
‫َ َُ‬
‫ِ‬ ‫يل ي ِ‬ ‫اللِه ‪َ ‬يُق ُ‬ ‫ول َّ‬ ‫وديِّ‪َ ،‬فِإنِّي َس ِم ْع ُ‬
‫َه َدْيتُْم ِل َج ِاري اْلَي ُه ِ‬
‫وصيني ِباْل َج ِار‪َ ،‬حتَّى‬ ‫ال ِجْبِر ُ ُ‬ ‫ول‪َ " :‬ما َز َ‬ ‫ت َر ُس َ‬ ‫ْب ِن َع ْم ٍرو ‪ ،‬أََّن ُه َذَب َح َش ًاة َفَق َ‬
‫ال‪ :‬أ ْ‬
‫ِ‬ ‫ش‪ِ #‬ر ُكوا ِب‪#ِ #‬ه َ‬ ‫اعُب‪#ُ #‬دوا َّ‬
‫ش‪ْ#‬يًئا ۖ َوِباْلَوال َ‪#‬دْي ِن ِإ ْح َ‬
‫س‪#‬اًنا‬ ‫الل َه َواَل تُ ْ‬ ‫ت أََّن ُه َس ُيَوِّرثُ ُه" وق د فس ر العلم اء الج ار الجنب في قول ه تع الى‪َ :‬و ْ‬
‫(‪) 77‬‬
‫ظَنْن ُ‬
‫َ‬
‫س‪ِ#‬ب ِيل َوم‪#‬ا مَل َك ْت أَْيم‪#‬اُن ُكم ۗ ِإ َّن َّ‬ ‫ص‪ِ #‬‬
‫اح ِب ِب‪#‬اْل َجْن ِب َو ْاب ِن ال َّ‬ ‫ين َواْل َج ِار ِذي اْل ُقْرَب ٰى َواْل َج ِ‬
‫‪#‬ار اْل ُجُن ِب َوال َّ‬ ‫س ِاك ِ‬ ‫ِ‬
‫الل َه‬ ‫َ ْ‬ ‫َ َ‬ ‫ام ٰى َواْل َم َ‬‫َوِبذي اْل ُقْرَب ٰى َواْلَيتَ َ‬
‫ُورا‪[‬النساء‪ ]٣٦ :‬بأنه اليهودي والنصراني(‪ ،)78‬وعلى هذا فالجار الكافر له حق الجوار‪ ،‬في اإلحسان‬ ‫اَل ُي ِح ُّب َم ْن َك َ‬
‫ان ُم ْختَااًل َفخ ً‬
‫إليه وترك إيذائه‪ ،‬قال القرطبي‪ " :‬فالوصاية بالجار مأمور بها مندوب إليها مسلمًا كان أو كافرًا‪ ،‬وهو الصحيح" (‪.)79‬‬

‫‪416‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)13‬ع (‪ 1438 ،)3‬ه‍‪2017/‬م‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ بكر بني إرشيد‬
‫قال ابن حج ر‪" :‬واس م الجار يش مل المسلم والك افر‪ ،‬والعاب د والفاس ق‪ ،‬والص ديق والع دو‪ ،‬والغ ريب والبلدي‪،‬‬
‫وقال الش وكاني‪:‬‬ ‫(‪)80‬‬
‫والن افع والضار‪ ،‬والق ريب واألجنبي‪ ،‬واألق رب دارًا واألبعد‪ ،‬ول ه م راتب بعضها أعلى من بعض"‬
‫"يؤخذ من حديث أسماء مع أمها جواز الهدية للقريب الكافر"(‪ .)81‬وقال القاسمي‪ :‬هذا ترخيص من اهلل تعالى في صلة‬
‫ويحسن إليهم‪ ،‬ويتعامل معهم بالقسط‪ ،‬فهذا القدر من المواالة غير منهي‬
‫الذين لم يعادوا المؤمنين‪ ،‬ولم يقاتلوهم‪ ،‬أن ُي بروا ُ‬
‫عنه‪ ،‬بل مأمور به في حقهم(‪.)82‬‬
‫وهل ُيعطى غير المسلم من زكاة المال؟ قال الشافعي‪" :‬وال بأس أن يتصدق على المشرك من النافلة‪ ،‬وليس له‬
‫في الفريضة من الصدقة حق"(‪ ،)83‬بينما نص ابن قدامة على أنه يعطى من سهم المؤلفة قلوبهــم‪ ،‬قال‪" :‬وال يعطى الكافر من‬
‫الزكاة‬
‫هذا كله شريطة أال يكون محارباً‪ ،‬فالحربي ولو مستأمناً جميع الصدقات ال تجوز له اتفاقاً(‪.)85‬‬ ‫(‪)84‬‬
‫إال لكونه مؤلفاً"‬
‫يتضح مما سبق أن هذا الدين العظيم ال يمنع أتباعه من اإلحسان إلى غير المسلمين‪ ،‬بل أمر ببرهم ومعاملتهم بالحسنى‬
‫كسباً لقلوبهم‪ ،‬وعطفاً عليهم من أجل دخولهم في هذا الدين العظيم‪ ،‬أو كف أذاهم عنه‪.‬‬

‫المطلب الرابع‪ :‬إهداء غير المسلمين للمسلمين‪:‬‬


‫من باب حسن المعاملة‪ ،‬وسمو األخالق النبوية أهديت للنبي ‪ ‬هدايا‪ ،‬وكان بعضها من غير المسلمين‪ ،‬فقبل منهم‬
‫"غَز ْوَن ا‬
‫ال‪َ :‬‬‫َّاعِديِّ‪ ،‬قَ َ‬
‫أحياناً‪ ،‬وردها أحياناً‪ ،‬وهذا المطلب جاء ليبين متى قبل منهم؟ ومتى رفض ذلك؟ فع ْن أَبِي حمْي ٍد الس ِ‬
‫َُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َه َدى مِل ُ (‪ِ )86‬‬
‫ب لَ هُ بَب ْح ره ْم ‪ ، "...‬وجاء في‬‫ِ‬ ‫ك أَْيلَةَ ل َّلنبِ ِّي ‪َ ،‬ب ْغلَةً َبْي َ‬ ‫النبِ ِّي ‪َ ‬غْزَوةَ تَُب َ‬
‫َم َع َّ‬
‫(‪)88‬‬ ‫(‪)87‬‬
‫اء‪َ ،‬و َك َساهُ ُب ْر ًدا َو َكتَ َ‬
‫ضَ‬ ‫وك ‪َ ...‬وأ ْ َ‬
‫َه َدى‬ ‫ول ِ‬
‫اهلل ‪ ‬بِ ِكتَ ٍ‬ ‫اء‪ ،‬ص ِ‬
‫اح ِب أَْيلَ ةَ‪ِ ،‬إلَى رس ِ‬ ‫رواية اإلمام مسلم عن أبي حميد الساعدي‪ ... :‬وج اء رس و ُل ْاب ِن اْلعْلم ِ‬
‫اب‪َ ،‬وأ ْ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫ََ ََ ُ‬
‫(‪)89‬‬
‫َه َدى لَهُ ُبْر ًدا ‪. ...‬‬ ‫لَه ب ْغلَةً بيضاء‪ ،‬فَ َكتَب ِإلَي ِه رسو ُل ِ‬
‫اهلل ‪َ ،‬وأ ْ‬ ‫َ ْ َ ُ‬ ‫ُ َ َْ َ َ‬
‫ورد عليها بهدية وهي عبارة عن برد أي نوع من‬ ‫فالحديث دل بصراحة على أن النبي ‪َ ‬قِب ل الهدية من المشرك‪ّ ،‬‬
‫النبِ ِّي ‪َ ‬س َر َقةٌ‬
‫ي ِإَلى َّ‬ ‫ال‪ :‬أ ْ ِ‬ ‫اللباس‪ ،‬مما يوضح أن النبي ‪ ‬كان يقبل هدايا المشركين‪ ،‬ومنها حديث البر ِ‬
‫اء ْاب ِن َع ِاز ٍب‪َ ،‬ق َ‬
‫ُه د َ‬ ‫ََ‬
‫ون ِمْن َه ا؟" قَ الُوا‪َ :‬ن َع ْم َي ا‬ ‫ال رس ُ َّ‬
‫ول الله ‪" :‬أَتَ ْع َجُب َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ونها بْيَنهم ويعجب ِ‬
‫ون م ْن ُح ْس ن َها َوِلين َه ا‪ ،‬فَقَ َ َ ُ‬
‫اس َيتَ َد َاولُ َ َ َ ُ ْ َ َ ْ َ ُ َ‬ ‫ِم ْن َح ِري ٍر‪ ،‬فَ َج َع َل َّ‬
‫الن ُ‬
‫الجَّن ِة َخْي ٌر ِمْن َه ا"(‪ )90‬وفي التعجب من لينها وحسنها حيث لم يسبق لهم‬ ‫ال‪" :‬و َّالِذي َن ْف ِس ي ِبي ِدِه‪َ ،‬لمَن ِاد ُ ٍ ِ‬
‫يل َس ْعد في َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫رس َ َّ ِ‬
‫ول الله‪َ ،‬ق َ َ‬ ‫َ ُ‬
‫ورغبهم في اآلخ رة وق ال لهم‪:‬‬ ‫رواي ة مثله ا‪ ،‬خ اف ‪ ‬أن يميل وا ب ذلك إلى الدنيا‪ ،‬ويستحسنونها في طب اعهم فزه دهم عنه ا‪ّ ،‬‬
‫(لمناديل سعد) أي هذا في الدنيا قد أُعد للبس الملوك‪ ،‬ومع ذلك ال يساوي مناديل سعد في اآلخرة‪ ،‬فأي نسبة بين الدنيا‬
‫واآلخرة‪ ،‬فال ينبغي للمرء الرغبة والتعلق في الدنيا عن اآلخرة(‪.)91‬‬
‫ودَّي ًة أَتَ ِت َّ‬
‫النِب َّي ‪‬‬ ‫َن َيهُ ِ‬‫س ْب ِن َم ِال ٍك‪ ،‬أ َّ‬ ‫النبِ ِّي ‪ ،)93("‬وروى أََن ِ‬ ‫َه َدى ِإَلى َّ‬ ‫(‪)92‬‬
‫وم َة أ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫س ‪" :‬إ َّن أُ َكْيدَر ُد َ‬ ‫وع ْن َقتَ َادةَ‪َ ،‬ع ْن أََن ٍ‬ ‫َ‬
‫وع ْن َعْب ِد‬ ‫)‬ ‫‪94‬‬
‫ول الله ‪َ . ‬‬
‫(‬ ‫ات رس ِ َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َع ِرفُ َه ا في لَ َه َو َ ُ‬ ‫تأْ‬ ‫ال"‪ ،‬فَ َم ا ِزْل ُ‬‫ال‪َ " :‬‬ ‫ال َن ْقتُلُ َه ا‪ ،‬قَ َ‬
‫يل‪ :‬أَ َ‬‫يء بِ َه ا فَِق َ‬ ‫ِ‬
‫ومة‪ ،‬فَأَ َك َل مْن َه ا‪ ،‬فَ ِج َ‬
‫بِ َش ٍاة مس م ٍ‬
‫َ ُْ َ‬
‫ص اعٌ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬
‫الر ْح َم ِن ْب ِن أَبي َب ْكر ‪ ،‬قَ َ‬
‫ٍ‬
‫ام؟"‪ ،‬فَ إ َذا َم َع َر ُج ل َ‬ ‫ط َع ٌ‬
‫َح د مْن ُك ْم َ‬
‫"ه ْل َم َع أ َ‬
‫ال النب ُّي ‪َ :‬‬ ‫ين َوم َائ ةً‪ ،‬فَقَ َ‬ ‫الث َ‬ ‫ال‪ُ :‬كنا َم َع النب ِّي ‪ ‬ثَ َ‬ ‫َّ‬
‫النبِ ُّي ‪"َ :‬بْي ًع ا أ َْم َع ِطَّيةً‪ ،‬أ َْو قَ َ‬
‫ال‪ :‬أ َْم‬ ‫ال َّ‬‫طِوي ٌل‪ ،‬بِ َغَنٍم َي ُس وقُ َها‪ ،‬فَقَ َ‬ ‫ك‪ُ ،‬م ْش َع ٌّ‬ ‫اء َر ُج ٌل ُم ْش ِر ٌ‬ ‫ِم ْن َ ٍ‬
‫ط َعام أ َْو َن ْح ُوهُ‪ ،‬فَ ُع ِج َن‪ ،‬ثَُّم َج َ‬
‫)‬ ‫‪95‬‬‫(‬
‫َ‬ ‫ان‬
‫ت ‪.)96("...‬‬ ‫صنِ َع ْ‬ ‫ِ‬
‫ال َب ْل َبْي ٌع‪ ،‬فَا ْشتََرى مْنهُ َشاةً‪ ،‬فَ ُ‬ ‫ال‪َ :‬‬ ‫ِهَبةً؟ "‪ ،‬قَ َ‬
‫قال ابن حجر‪" :‬وفي هذا الحديث قبول هدية المشرك؛ ألنه سأله‪ :‬هل يبيع أو يهدي؟ وفيه فساد قول‪ :‬من حمل رد‬
‫الهدية على الوثني دون الكتابي؛ ألن هذا األعرابي كان وثنيًا(‪ .)97‬قال ابن قدامة‪" :‬يجوز قبول هدية الكفار من أهل الحرب‪،‬‬

‫‪417‬‬ ‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)13‬ع (‪1438 ،)3‬ه‍‪2017/‬م ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫التعامل مع غير المسلمين في المناسبات االجتماعية والعقدية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫فإن كان ذلك في حال الغزو‪ ،‬قال أبو الخطاب‪ :‬ما أهداه المشركون ألمير الجيش‪ ،‬أو لبعض قواده‪ ،‬فهو غنيمة؛ ألنه ال‬
‫َن ِك ْس َرى أ ْ‬
‫َه َدى لَ هُ‪،‬‬ ‫يفعل ذلك إال لخوفه من المسلمين"(‪ .)98‬ومن أحاديث قبول الهدية ما جاء َع ْن َعِل ٍّي ‪َ ،‬ع ِن َّ‬
‫النبِ ِّي ‪" ‬أ َّ‬
‫َه َد ْوا ِإَلْي ِه‪َ ،‬ف َقبِ َل ِمْنهُ ْم"(‪ .)99‬وهذا الحديث من األحاديث التي تدل على جواز قبول هدايا المشركين (‪.)100‬‬ ‫وك أ ْ‬ ‫َف َقبِ َل‪َ ،‬وأ َّ‬
‫َن اْل ُملُ َ‬
‫ين‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫َخ َذ َها بِثَاَل ثَ ٍة وثَاَل ِث ِ‬
‫الل ِه ‪ُ ‬حَّل ًة أ َ‬
‫ول َّ‬ ‫َن َمِل َك ِذي َي َز َن "أ ْ‬
‫َه َدى ِإَلى رس ِ‬ ‫س ْب ِن َم ِال ٍك ‪ ،‬أ َّ‬
‫كما روى أََن ِ‬
‫ين َبع ًيرا‪ ،‬أ َْو ثَاَل ث َوثَاَل ث َ‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫َنا َق ًة َف َقبَِل َها"(‪.)101‬‬
‫بعد هذه الروايات التي أجازت أخذ الهدية من المشركين‪ ،‬أورد روايتين امتنع فيها النبي ‪ ‬من قبول الهدايا من‬
‫النبِ ُّي ‪ِ" :‬إنِّي‬ ‫َه َد ْي ُ ِ‬
‫اض ْب ِن ِح َم ٍار‪ ،‬قَ ا َل‪ :‬أ ْ‬‫فع ْن ِعَي ِ‬
‫ال َّ‬ ‫ت‪ :‬اَل ‪ ،‬فَقَ َ‬ ‫ت؟"‪ ،‬فَ ُقْل ُ‬ ‫ت ل َّلنبِ ِّي ‪َ ‬ناقَ ةً‪ ،‬فَقَ ا َل‪" :‬أ ْ‬
‫َس لَ ْم َ‬ ‫غ ير المس لمين‪َ ،‬‬
‫اهِلي َِّة‪َ ،‬فَل َّما تََنَّبأَ‪،‬‬
‫اس ِإَل َّي ِفي اْلج ِ‬
‫َ‬ ‫الن ِ‬‫ب َر ُج ٍل ِفي َّ‬ ‫َح َّ‬
‫ان ُم َح َّمٌد ‪ ‬أ َ‬
‫ال‪َ " :‬ك َ‬ ‫ين" وروى َح ِك َيم ْب َن ِح َز ٍام‪َ ،‬ق َ‬
‫)‬ ‫‪102‬‬ ‫(‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُن ِه ُ‬
‫يت َع ْن َزْب د اْل ُم ْش ِرك َ‬
‫ين ِد َين ًارا‪،‬‬ ‫ِ‬
‫اها بِ َخ ْمس َ‬ ‫اش تََر َ‬‫يم ْب ُن ِح َز ٍام اْل َم ْو ِس َم َو ُه َو َك ِافٌر‪ ،‬فَ َو َج َد ُحلَّةً ِل ِذي َي َز َن تَُب اعُ‪ ،‬فَ ْ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َو َخ َر َج إلَى اْل َمد َين ة‪َ ،‬ش ه َد َحك ُ‬
‫ِ‬ ‫ول ِ‬
‫ال‪ِ" :‬إَّنا اَل َن ْقَب ُل‬ ‫ضهَا َه ِدَّيةً فَأََبى‪ ،‬قَا َل ُعَب ْي ُد اهلل‪َ :‬ح ِس ْب ُ‬
‫ت أََّنهُ قَ َ‬ ‫اهلل ‪ ،‬فَقَِدم بِها علَْي ِه اْلم ِد َينةَ‪ ،‬فَأَر َاده علَى قَْب ِ‬
‫َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ِلُيه ِدَيها ِلرس ِ‬
‫ْ َ َ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫اها بِالث َم ِن فَأ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ين‪َ ،‬ولَك ْن ِإ ْن ش ْئ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ين أََبى َعلَ َّي اْلهَدَّيةَ" ‪.‬‬ ‫َش ْيًئا م َن اْل ُم ْش ِرك َ‬
‫(‪)103‬‬
‫ط ْيتُهُ ح َ‬ ‫َع َ‬ ‫َخ ْذَن َ‬
‫ت أَ‬
‫قال الترمذي‪ :‬زبد المشركين‪ ،‬هداياهم‪ ،‬وقد ُروي أن النبي ‪ ‬كان يقبل من المشركين هداياهم‪ ،‬و ُذكر في أحاديث‬
‫أخرى كراهية قبول هداياهم‪ ،‬واحتمل أن يكون هذا بعدما كان يقبل منهم‪ ،‬ثم نهى عن هداياهم(‪ .)104‬قال السندي‪" :‬قد جاء‬
‫القبول متأخر‪ ،‬فهو ناسخ‪ ،‬أو أن القبول قد كان لمصلحة التأليف‬
‫َ‬ ‫أنه ‪َ ‬رَّد هدايا المشركين‪ ،‬وجاء أنه قبلها‪ ،‬فوفق بينهما بأن‬
‫ونحوها‪ ،‬وإ ال فاألصل هو الرد"(‪ ،)105‬وبالنظر إلى األدلة نجد أن أدلة قبول الهدية أقوى وأكثر من عدم قبولها‪ ،‬فكيف نوفق‬
‫بين الرأيين؟‬
‫قال الحافظ ابن حجر‪" :‬وجمع بينها الطبري بأن االمتناع فيما أُهدي له خاصة‪ ،‬والقبول فيما أُهدي للمسلمين‪ ،‬وفيه‬
‫نظر؛ ألن من جملة أدلة الجواز ما وقعت الهدية فيه له خاصة‪ ،‬وجمع غيره بأن االمتناع في حق من يريد بهديته‬
‫التودد والمواالة‪ ،‬والقبول في حق من يرجى بذلك تأنيسه وتأليفه على اإلسالم‪ ،‬وهذا أقوى من األول‪ .‬وقيل‪ :‬يحمل‬
‫القبول على من كان من أهل الكتاب‪ ،‬والرد على من كان من أهل األوثان‪ .‬وقيل‪ :‬يمتنع ذلك لغيره من األمراء‪ ،‬وأن ذلك‬
‫من خصائصه‪ .‬ومنهم من ادعى نسخ المنع بأحاديث القبول‪ ،‬ومنهم من عكس‪ .‬وهذه األجوبة الثالثة ضعيفة‪ ،‬فالنسخ‬
‫ال يثبت باالحتمال وال التخصيص"(‪.)106‬‬
‫وقال الشيخ نظام وطائفة من علماء الهند‪ :‬أن النبي ‪ ‬لم يقبل هدايا المشركين حتى ال يقع في ظنهم أنه يقاتلهم طمعًا‬
‫في الم ال‪ ،‬وليس في س بيل اهلل(‪ .)107‬بينم ا ذهب ابن ح زم إلى أن ح ديث عي اض منس وخ بح ديث أبي حمي د؛ ألن ه ك ان في‬
‫تبوك‪ ،‬وعياض أسلم قبل ذلك(‪ ،)108‬كما يليق هنا أن أذكر رأي وهبة الزحيلي‪-‬رحمه اهلل‪ :-‬يجوز إعطائهم شيئًا من المال‬
‫على س بيل التع اون‪ ،‬واإله داء والمس اعدة واإلق راض في ح ل أزمتهم‪ ،‬أو تف ريج ك ربتهم‪ ،‬أو إزال ة ظ اهرة عس ر أو ض يق‬
‫تعرضوا له‪ ،‬أو إكرام وضيافة وغير ذلك(‪.)109‬‬
‫والذي يترجح من خالل‪ :‬قوة األدلة الشرعية‪ ،‬وأقوال أهل العلم‪ ،‬قبول الهدية من المشركين‪ ،‬شريطة أال تكون‬
‫الهدية حرامًا كخمر وما شاكلها‪ ،‬أو أنها تخالف عقيدة المسلمين‪ ،‬كأن تكون صليبًا أو صورة محرمة‪ ،‬أو أن يقصد مقدم‬
‫الهدية المنة على المسلمين‪ ،‬أو شراء مواالتهم والتودد إليهم‪ ،‬أو أن يكون هدفه إبطال حق‪ ،‬أو إحقاق محرم‪ ،‬وأال تكون‬
‫الهدية مما يستعان به على التشبه بهم‪ ،‬وقبولها منهم في مناسبات أعيادهم التي ال يقرها اإلسالم‪ ،‬يقول ابن تيمية‪" :‬ومن‬
‫أهدى للمسلمين هدية في هذه األعياد‪ ،‬مخالفة للعادة في سائر األوقات غير هذا العيد لم تقبل هديته‪ ،‬خصوص اً إن كانت‬

‫‪418‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)13‬ع (‪ 1438 ،)3‬ه‍‪2017/‬م‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ بكر بني إرشيد‬
‫الهدي ة مم ا يس تعان به ا على التش به بهم‪ ،‬وفي مث ل إه داء الش مع ونح وه في الميالد‪ ،‬أو إه داء ال بيض واللبن والغنم في‬
‫الخميس الصغير الذي في آخر صومهم‪ .‬وكذلك أيض اً ال ُيهدى ألحد من المسلمين في هذه األعياد هدية ألجل العيد‪ ،‬ال‬
‫سيما إذا كان مما يستعان بها على التشبه بهم"(‪.)110‬‬
‫قلت‪ :‬والذي تميل إليه النفس قبول هديتهم إذا خلت من المساومات؛ لقوة أدلة من قال بقبول هديتهم‪ ،‬وصحتها‪،‬‬
‫وتعددها‪ ،‬وقلة األدلة المانعة والمعارضة‪ ،‬مما يحمل هذه األدلة على عدم القبول في حاالت خاصة‪ ،‬كما يتضح من ترجمة‬
‫ابتداء‪ ،‬ورفضها‬
‫ً‬ ‫البخاري‪ ،‬باب قبول الهدية من المشركين‪ ،‬وإ يراده لعديد األحاديث مما يقوي الذهاب إلى قبول الهدايا منهم‬
‫في حاالت خاصة ومحدودة‪.‬‬
‫المبحث‪:‬الثالث‬
‫التهاني بين المسلمين وغير المسلمين‬

‫المطلب األول‪ :‬مفهوم التهنئة في اللغة واالصطالح‪:‬‬


‫أوال‪ :‬التهنئ‪##‬ة لغة‪ ،‬اله نيء والمهن أ‪ :‬م ا أت اك بال مش قة وال تنغيص وال ك در‪ .‬واله نيء من الطع ام‪ :‬الس ائغ‪ ،‬واس تهنأت‬ ‫ً‬
‫يء)‪ .‬و(التهنئ ة) ض د التعزي ة‪ .‬و(هن أه) بك ذا (تهنئ ًة) و (تهنيئ ًا)‬‫الطع ام اس تمرأته ‪ ،‬وقي ل‪ :‬ك ل أم ر أتى بال تعب فه و َ ِ‬
‫(هن ٌ‬
‫)‬ ‫‪111‬‬‫(‬

‫بالمد(‪.)112‬‬
‫ثانياً‪ :‬التهنئة اص‪#‬طالحاً‪ :‬ال يخ رج مفه وم التهنئة اص طالحاً عن المع نى اللغ وي‪ ،‬لكنه ا في مواطنه ا ق د تك ون له ا مع ان‬
‫عرفه ا بعض المعاص رين بـ "المبارك ة‬
‫‪ ،‬وق د ّ‬
‫(‪)113‬‬
‫أخص كالتبري ك‪ ،‬والتبش ير‪ ،‬والترفئ ة‪ ،‬وغ ير ذل ك مم ا ي رد ذك ره‬
‫بالنعمة"(‪ .)114‬ويمكن أن نقول في تعريفها‪ :‬بأنها كالم حسن يقوله اإلنسان ألخيه اإلنسان في مناسبة سارة‪ُ ،‬يظهر له فرحه‬
‫س ًنا‪[‬البقرة‪ :‬من اآلية ‪.]٨٣‬‬ ‫وسروره بتلك المناسبة‪ .‬وهي من حسن األخالق‪ ،‬ومن اتباع قوله تعالى‪َ  :‬وقُولُوا ِل َّلن ِ‬
‫اس ُح ْ‬

‫المطلب الثاني‪ :‬مشروعية التهنئة وحكمها‪:‬‬


‫ورد عن الن بي ‪ ‬وص حبه الك رام رض وان اهلل عليهم‪ ،‬القي ام به ذا األم ر على أوس ع نط اق‪ ،‬وفي مناس بات كث يرة‬
‫كالتهنئ ة ب الزواج‪ ،‬والتهنئ ة بالعي د‪ ،‬والتهنئ ة بعم ل الطاع ة ك الحج‪ ،‬والتهنئ ة ب الفرج بع د الش دة‪ ،‬والتهنئ ة بالطع ام‪ ،‬والتهنئ ة‬
‫ص ْفَرٍة‪َ ،‬ق َ‬ ‫ٍ‬ ‫النِب َّي ‪َ ‬رأَى َعَلى َعْب ِد َّ‬
‫ال‪:‬‬ ‫الر ْح َم ِن ْب ِن َع ْوف َأثَ َر ُ‬ ‫َن َّ‬ ‫بالنجاح والتفوق‪ ،‬وغير ذلك‪ .‬ومن أمثلة ذلك ما رواه أنس ‪ ‬أ َّ‬
‫ك‪ ،‬أ َْوِل ْم َولَ ْو بِ َش ٍاة" (‪.)115‬‬ ‫ك اللَّهُ َل َ‬
‫ام َرأَةً َعلَى َو ْز ِن َن َو ٍاة ِم ْن َذ َه ٍب‪ ،‬قَا َل‪"َ :‬ب َار َ‬ ‫ت ْ‬ ‫"ما َه َذا؟" قَا َل‪ِ :‬إنِّي تََز َّو ْج ُ‬ ‫َ‬
‫ت َي ا َج ابِ ُر" ُقْل ُ‬ ‫النبِ ُّي ‪" :‬تَ َز َّو ْج َ‬ ‫ك س ْبع أَو تِسع بَن ٍ‬
‫ت‪:‬‬ ‫ام َرأَةً‪ ،‬فَقَ ا َل َّ‬‫ت ْ‬ ‫ات‪ ،‬فَتََز َّو ْج ُ‬ ‫ك أَبِي َوتََر َ َ َ ْ ْ َ َ‬ ‫ال‪َ :‬هلَ َ‬‫وع ْن َجابِ ٍر‪ ،‬قَ َ‬ ‫َ‬
‫اح ُكها وتُض ِ‬ ‫ك‪ ،‬أَو تُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك أَبِي فَتَ َر َ‬
‫ك‬ ‫ت‪َ :‬هلَ َ‬ ‫ك" ُقْل ُ‬ ‫اح ُك َ‬ ‫ض َ َ َ‬ ‫"هاَّل َج ِارَيةً تُالَعُبهَا َوتُالَعُب َ ْ َ‬ ‫ت‪ :‬ثَيًِّبا‪ ،‬قَا َل‪َ :‬‬ ‫ال‪" :‬بِ ْك ًرا أ َْم ثَيًِّبا" ُقْل ُ‬
‫َن َع ْم‪ ،‬قَ َ‬
‫ال‪َ " :‬فب ار َك َّ‬ ‫َج َيئهُ َّن ِب ِمْثِل ِه َّن‪َ ،‬فتَ َزَّو ْج ُ‬
‫َن أ ِ‬ ‫س ْبع أَو ِتس ع بَن ٍ‬
‫الل ُه َعَلْي َك"(‪ ،)116‬كم ا دع ا ‪ ‬ألبي‬ ‫وم َعَلْي ِه َّن‪َ ،‬ق َ َ َ‬ ‫ت ْام َرأ ًَة تَُق ُ‬ ‫ت أْ‬‫ات‪َ ،‬ف َك ِر ْه ُ‬ ‫َ َ ْ ْ ََ‬
‫ِ‬
‫ول اهلل ‪:‬‬ ‫ال َر ُس ُ‬ ‫طْل َح َة‪ِ ،‬م ْن أ ُِّم ُس َلْيٍم‪َ ... ،‬ف َق َ‬
‫ات ْاب ٌن أِل َبِي َ‬ ‫فع ْن أََن ٍ‬
‫ال‪َ :‬م َ‬ ‫س َق َ‬ ‫طلحة وأم سليم في قصة موت ابنهم المعروفة‪َ ،‬‬
‫ك اهللُ َل ُك َما ِفي َغابِ ِر لَْيلَتِ ُك َما"‪.)117(...‬‬ ‫َ"ب َار َ‬
‫َي آي ٍة ِمن ِكتَ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ت‪:‬‬
‫ال‪ُ :‬قْل ُ‬‫ظ ُم؟" َق َ‬ ‫َع َ‬‫اب اهلل َم َع َك أ ْ‬ ‫ال َر ُسو ُل اهلل ‪"َ :‬يا أََبا اْل ُمْنِذ ِر‪ ،‬أَتَ ْد ِري أ ُّ َ ْ‬ ‫ال‪َ :‬ق َ‬ ‫وع ْن أَُب ِّي ْب ِن َك ْع ٍب ‪َ ،‬ق َ‬ ‫َ‬
‫ُّوم‬ ‫ٰ‬
‫َّ ِ ِاَّل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫َي َآية م ْن كتَ ِ‬ ‫ِ‬
‫ال‪"َ :‬يا أََبا اْل ُمْنذ ِر أَتَ ْد ِري أ ُّ‬
‫ت‪ :‬الل ُه اَل إَل َه إ ُه َ‪#‬و ا ْل َح ُّي اْل َقي ُ‬ ‫ال‪ُ :‬قْل ُ‬
‫ظ ُم؟" َق َ‬ ‫َع َ‬
‫اب اهلل َم َع َك أ ْ‬ ‫َعَل ُم‪َ .‬ق َ‬ ‫اهلل َوَر ُسولُهُ أ ْ‬
‫ُ‬
‫ِ (‪)118‬‬
‫ال‪"َ :‬واهلل لَي ْهن َك اْلعْل ُم أََب ا اْل ُمْن ذِر" ‪ ،‬يتضح مما سبق من األحاديث‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ص ْدِري‪َ ،‬وَق َ‬ ‫ِ‬
‫ب في َ‬ ‫ض َر َ‬‫ال‪َ :‬ف َ‬ ‫‪[‬البق رة‪ :‬من اآلي ة ‪َ ]٢٥٥‬ق َ‬
‫الشريفة أن النبي ‪ ‬كان يبارك ألصحابه في مناسباتهم االجتماعية‪ ،‬وعلى المسلم أن يقتدي بالنبي الكريم ‪.‬‬

‫‪419‬‬ ‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)13‬ع (‪1438 ،)3‬ه‍‪2017/‬م ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫التعامل مع غير المسلمين في المناسبات االجتماعية والعقدية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫طب ق الصحابة ‪-‬رضوان اهلل عليهم‪ -‬ذلك في مناسبات عديدة‪ ،‬أذكر منها تهنئتهم لكعب ابن مالك وصاحبيه‬ ‫وقد ّ‬
‫ص ِار ٍخ‪ ،‬أَْوَفى َعَلى َجَب ِل َس ْل ٍع‬ ‫ت َ‬ ‫ص ْو َ‬‫ت َ‬ ‫ب ْب َن َم ِال ٍك ‪َ ...‬س ِم ْع ُ‬ ‫بقب ول توب ة اهلل عليهم بع د تخلفهم عن غ زوة تب وك‪ ،‬فعن َك ْع َ‬
‫اء فَ َر ٌج‪َ ،‬وآ َذ َن َر ُس و ُل اللَّ ِه ‪ ‬بِتَ ْوَب ِة اللَّ ِه‬ ‫َن قَ ْد َج َ‬ ‫ت أْ‬ ‫اج ًدا‪َ ،‬و َع َر ْف ُ‬ ‫ت َس ِ‬ ‫ال‪ :‬فَ َخ َر ْر ُ‬ ‫ب ْب َن َم ِال ٍك أ َْب ِش ْر‪ ،‬قَ َ‬ ‫ِ‬
‫ص ْوتِه‪َ :‬يا َك ْع ُ‬ ‫َعلَى َ‬ ‫بِأ ْ‬
‫ِ‬ ‫ونَنا‪ ،‬و َذ َه ِ‬ ‫علَْيَنا ِحين َّ‬
‫ض ِإلَ َّي َر ُج ٌل فَ َر ًس ا‪َ ،‬و َس َعى‬ ‫ون‪َ ،‬و َر َك َ‬ ‫صاحَب َّي ُمَب ِّش ُر َ‬ ‫ب قَب َل َ‬ ‫اس ُيَب ِّش ُر َ َ َ‬ ‫ب َّ‬
‫الن ُ‬ ‫صالَةَ الفَ ْج ِر‪ ،‬فَ َذ َه َ‬ ‫صلى َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫ص ْوتَهُ ُيَب ِّش ُرنِي‪َ ،‬ن َز ْع ُ‬ ‫ت َ‬ ‫اءنِي الَِّذي َس ِم ْع ُ‬ ‫س‪َ ،‬فلَ َّما َج َ‬ ‫ع ِم َن الفَ َر ِ‬ ‫َس َر َ‬ ‫تأْ‬ ‫َّو ُ‬‫ان الص ْ‬ ‫الجَب ِل‪َ ،‬و َك َ‬ ‫َسلَ َم‪ ،‬فَأ َْوفَى َعلَى َ‬
‫س ٍ ِ‬
‫اع م ْن أ ْ‬ ‫َ‬
‫ول اللَّ ِه ‪،‬‬ ‫ت ِإلَى رس ِ‬
‫َ ُ‬ ‫ت ثَْوَب ْي ِن َفلَبِ ْس تُهُ َما‪َ ،‬و ْان َ‬
‫طلَ ْق ُ‬ ‫استَ َع ْر ُ‬ ‫ٍِ‬
‫ك َغ ْي َر ُه َما َي ْو َمئذ‪َ ،‬و ْ‬ ‫َّاه َما‪ ،‬بُِب ْش َراهُ َواللَّ ِه َما أ َْمِل ُ‬
‫لَهُ ثَْوَب َّي‪ ،‬فَ َك َس ْوتُهُ ِإي ُ‬
‫الم ْس ِج َد‪ ،‬فَ ِإ َذا‬ ‫ت َ‬ ‫ب‪َ :‬حتَّى َد َخْل ُ‬ ‫ك‪ ،‬قَ ا َل َك ْع ٌ‬ ‫ك تَ ْوَب ةُ اللَّ ِه َعلَْي َ‬‫ون‪ِ :‬لتَ ْهنِ َ‬ ‫ِ‬
‫اس فَ ْو ًج ا فَ ْو ًج ا‪ُ ،‬يهَُّنونِي بِالتَّ ْوَب ة‪َ ،‬يقُولُ َ‬ ‫الن ُ‬‫فََيتَلَقَّانِي َّ‬
‫ص ا َف َحنِي َو َهَّنانِي‪َ ،‬واللَّ ِه َم ا َق َام ِإَل َّي َر ُج ٌل ِم َن‬ ‫ِ َّ ِ‬
‫طْل َح ةُ ْب ُن ُعَبْي د الله ُي َه ْر ِو ُل َحتَّى َ‬ ‫اس‪َ ،‬ف َق َام ِإَل َّي َ‬ ‫َر ُس و ُل اللَّ ِه ‪َ ‬ج ِال ٌس َح ْوَل هُ َّ‬
‫الن ُ‬
‫ق َو ْجهُ هُ‬ ‫ول اللَّ ِه ‪ ،‬قَ ا َل‪َ :‬ر ُس و ُل اللَّ ِه ‪َ ،‬و ُه َو َي ْب ُر ُ‬ ‫ت َعلَى رس ِ‬
‫َ ُ‬ ‫ب‪َ :‬فلَ َّما َس لَّ ْم ُ‬ ‫طْل َحةَ‪ ،‬قَ ا َل َك ْع ٌ‬ ‫اها ِل َ‬
‫ين َغْيَرهُ‪َ ،‬والَ أ َْن َس َ‬ ‫المه ِ‬
‫اج ِر َ‬ ‫َُ‬
‫ال‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫ك َي ا َر ُس و َل الله‪ ،‬أ َْم م ْن ع ْن د الله؟ قَ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ت‪ :‬أَم ْن ع ْن د َ‬ ‫ك"‪ ،‬قَ ا َل‪ُ :‬قْل ُ‬ ‫ُم َ‬ ‫ك أ ُّ‬‫ك ُم ْن ُذ َولَ َدتْ َ‬ ‫ِ‬
‫ور‪" :‬أ َْبش ْر بِ َخ ْي ِر َي ْوٍم َم َّر َعلَْي َ‬ ‫ُّر ِ‬ ‫ِ‬
‫م َن الس ُ‬
‫ك ِم ْنهُ‪.)119(...‬‬ ‫ف َذِل َ‬ ‫ط َعةُ قَ َم ٍر‪َ ،‬و ُكَّنا َن ْع ِر ُ‬‫استََن َار َو ْجهُهُ‪َ ،‬حتَّى َكأََّنهُ ِق ْ‬ ‫َّ ِ‬
‫ان َر ُسو ُل الله ‪ِ ‬إ َذا ُس َّر ْ‬
‫ِ ِ ِ َّ ِ‬
‫"الَ‪َ ،‬ب ْل م ْن ع ْند الله"‪َ .‬و َك َ‬
‫يتبين من قول كعب بن مالك ‪" ‬سمعت صوت صارخ" المسارعة إلى المباركة عند تفريج كرب وقبول توبة‪،‬‬
‫وعليه‪ ،‬فالتهنئة مستحبة في الجملة؛ ألنها مشاركة بالتبريك والدعاء من المسلم ألخيه المسلم فيما يسره ويرضيه‪ ،‬لما في‬
‫ذل ك من تحقي ق الت واد وال تراحم والتع اطف بين المس لمين‪ ،‬والتهنئ ة تك ون بك ل م ا يس ر ويس عد مم ا يواف ق ش رع اهلل‬
‫تعالى(‪ ،)120‬كما مر في التهنئة بالزواج‪ ،‬والتهنئة بالرسوخ في العلم‪ ،‬والتهنئة بالتوبة‪ ،‬وغير ذلك‪ ،‬وقد جاء في القرآن‬
‫‪#‬ون‪[‬الط ور‪ ،]١٩ :‬وقوله‬ ‫اش‪َ#‬ر ُبوا َهِن ً‬
‫يئ‪##‬ا ِب َم‪##‬ا ُك ْنتُ ْم تَ ْع َملُ‪َ #‬‬ ‫الك ريم تهنئ ة المؤم نين على م ا ين الون من نعيم ق ال تع الى‪ُ  :‬كلُ‪##‬وا َو ْ‬
‫يئا َم ِر ً‬
‫يئ‪#‬ا‪[‬النس اء‪ ،]٤ :‬وه و دع اء‬ ‫س‪#‬ا فَ ُكلُ‪#‬وهُ َه ِن ً‬ ‫ش‪ْ #‬ي ٍء ِم ْن ُ‬
‫‪#‬ه َن ْف ً‬ ‫ص‪ُ #‬دقَ ِات ِه َّن ِن ْحلَ‪ً #‬ة ۚ فَ‪ِ#‬إ ْن ِط ْب َن لَ ُك ْم َع ْن َ‬
‫اء َ‬
‫س‪َ #‬‬ ‫تع الى‪َ  :‬وآتُوا ِّ‬
‫الن َ‬
‫لآلكل والشارب‪.‬‬
‫ق ال الن ووي‪" :‬في ه اس تحباب التبش ير ب الخير‪ ،‬واس تحباب تهنئ ة من رزق ه اهلل خ يرَا ظ اهرًا أو ص رف عن ه ش رًا‬
‫ظاهرًا"(‪ .)121‬وقال ابن حجر‪" :‬فيه تهنئة من تجددت له نعمة‪ ،‬والقيام إليه إذا أقبل"(‪ ،)122‬ويشبه هذا ما قاله ابن القيم‪" :‬وفيه‬
‫دليل على استحباب تهنئة من تجددت له نعمة دينية‪ ،‬والقيام إليه إذا أقبل‪ ،‬ومصافحته‪ ،‬فهذه سنة مستحبة‪ ،‬وهو جائز لمن‬
‫من اهلل ب ه علي ك‪ ،‬ف إن في ه تولية النعم ة‬
‫تج ددت ل ه نعم ة دنيوي ة‪ ،‬وأن األولى أن يق ال ل ه‪ :‬ليهنك م ا أعط اك اهلل‪ ،‬وم ا ّ‬
‫ربها‪ ،‬والدعاء لمن نالها بالتهني بها"(‪.)123‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬التهنئة بين المسلمين وغير المسلمين‪:‬‬


‫ال خالف بين العلماء أن تهنئة غير المسلمين للمسلمين في األمور الدينية ال حرج فيها؛ ألنهم يهنئوننا بما شرع‬
‫اهلل لنا من دين الحق الذي ال مرية فيه‪ ،‬وال خالف أيض اً في تهنئتهم لنا باألمور الدنيوية‪ ،‬كمناسبة نجاح‪ ،‬أو زواج‪ ،‬أو‬
‫شراء بيت‪ ،‬أو سيارة‪ ،‬أو عودة من سفر؛ ألن الشرع ال يمنع ذلك أيضاً‪.‬‬
‫أم ا تهنئ ة المس لم لهم ففيه ا تفصيل‪ ،‬فإن ك انت في أم ور دنيوي ة‪ ،‬وك ان غير المس لم مس الماً‪ ،‬بعيدًا عن كراهية‬
‫ين َل ْم ُي َق ِاتلُو ُك ْم ِفي الد ِ‬
‫ِّين َوَل ْم‬ ‫الل ُه َع ِن َّالِذ َ‬
‫اإلسالم والمسلمين‪ ،‬وال يتآمر عليهم‪ ،‬فإن ذلك يتوافق مع قوله تعالى‪ :‬اَل َيْن َها ُكم َّ‬
‫ُ‬
‫الل َه ُي ِح ُّب اْل ُم ْق ِس‪ِ #‬طينَ‪[‬الممتحن ة‪ ،]٨ :‬وإ ن ك انت التهنئ ة مم ا ل ه عالق ة‬ ‫طوا ِإَلْي ِهم ۚ ِإ َّن َّ‬
‫ْ‬ ‫وه ْم َوتُ ْق ِس ‪ُ #‬‬
‫َن تََب‪#ُّ #‬ر ُ‬ ‫ُي ْخ ِر ُج‪##‬و ُك ْم ِم ْن ِدَي‪ِ #‬‬
‫‪#‬ار ُك ْم أ ْ‬
‫َخ َر ُج‪##‬و ُك ْم‬ ‫ين قَاتَلُو ُك ْم ِفي ال‪##‬د ِ‬
‫ِّين َوأ ْ‬ ‫بعقيدة المسلم تجاه غير المسلمين‪ ،‬فهذا حرام‪ ،‬لقوله تع الى‪ :‬إِ َّن َما َي ْن َها ُك ُم اللَّ ُه َع ِن الَّ ِذ َ‬
‫ٰ‬
‫ون‪[‬الممتحنة‪.]٩ :‬‬ ‫َن تََولَّ ْو ُه ْم ۚ َو َم ْن َيتََولَّ ُه ْم فَأُولَ ِئ َك ُه ُم الظَّ ِال ُم َ‬
‫اه ُروا َعلَ ٰى إِ ْخ َرا ِج ُك ْم أ ْ‬ ‫ظ َ‬ ‫ِم ْن ِد َي ِ‬
‫ار ُك ْم َو َ‬

‫‪420‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)13‬ع (‪ 1438 ،)3‬ه‍‪2017/‬م‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ بكر بني إرشيد‬
‫‪#‬اء ُه ْم أ َْو‬
‫آب َ‬
‫س‪#‬وَل ُه َوَل ْ‪#‬و َك‪#‬ا ُنوا َ‬ ‫‪#‬اد اللَّ َه َوَر ُ‬ ‫خ ِر ُي َ‪#‬واد َ‬
‫ُّون َم ْن َح َّ‬ ‫‪#‬ون ِباللَّ ِه َوا ْل َي ْ‪#‬وِم اآْل ِ‪#‬‬ ‫وقول ه تع الى‪  :‬اَل تَ ِج ُ‬
‫‪#‬د َقْو ًم‪#‬ا ُي ْؤ ِمُن َ‬
‫ات تَ ْ‪#‬ج ِري ِم ْن تَ ْحِت َها‬‫‪#‬ه ۖ وي ْ‪#‬د ِخلُهم ج َّن ٍ‬ ‫‪#‬ان وأَي ََّد ُهم ِب‪#‬ر ٍ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٰ‬
‫وح م ْن ُ َ ُ ُ ْ َ‬ ‫ْ ُ‬ ‫يم َ َ‬‫‪#‬ك َكتَ َب في ُقلُ‪#‬وِب ِه ُم اإْلِ َ‬ ‫اء ُه ْم أ َْو إِ ْ‪#‬خ َوا َن ُه ْم أ َْو َع ِش‪َ #‬يرتَ ُه ْم ۚ أُوَلِئ َ‬
‫أ َْبَن َ‬
‫ٰ‬
‫‪#‬ون‪[ ‬المجادل ة‪.]٢٢ :‬‬ ‫ح ْز َب اللَّ ِه ُه ُم ا ْل ُم ْفِل ُح َ‬
‫ِن ِ‪#‬‬
‫ب اللَّ ِه ۚ أَاَل إ َّ‬ ‫‪#‬ك ِ‪#‬‬
‫ح ْز ُ‬ ‫‪#‬ه ۚ أُوَلِئ َ‬ ‫ض‪#‬وا َع ْن ُ‬ ‫ض‪َ #‬ي اللَّ ُه َع ْن ُه ْم َوَر ُ‬ ‫ين ِفيها ۚ ر ِ‬ ‫ِِ‬
‫اأْل َْن َه ُار َخال‪#‬د َ َ َ‬
‫ومن ذلك تهنئتهم بأعيادهم وممارساتهم الدينية‪ ،‬فهذا بال شك له ارتباط بعقائدهم التي ال يقرها ديننا الحنيف‪ ،‬مثل أن‬
‫يهنئه بسجوده للصليب‪ ،‬ولبسه له‪ ،‬أو يهنئه بعبارة (تهنأ بهذا العيد)‪ ،‬أو (هذا العيد مبارك عليك)‪ ،‬فكل ذلك يتعارض‬
‫مع ديننا وعقيدتنا‪ ،‬والقيام به وممارسته رضا بعقائدهم وباطلهم‪ ،‬فهو من الكبائر والمحرمات‪.‬‬
‫قال ابن قدامة‪" :‬وفي تهنئتهم وتعزيتهم وعيادتهم روايتان‪ .‬تهنئتهم وتعزيتهم تخرج على عيادتهم‪ ،‬فيها روايتان‪:‬‬
‫إحداهما ال نعودهم؛ ألن النبي ‪ ‬نهى عن بداءتهم بالسالم‪ ،‬وهذا في معناه‪ ،‬والثانية تجوز؛ ألن النبي ‪ ‬أتى غالم ًا من‬
‫ودهُ‪َ ،‬ف َق َع َد ِعْن َد‬
‫النبِ ُّي ‪َ ‬ي ُع ُ‬
‫ض‪َ ،‬فأَتَاهُ َّ‬‫النبِ َّي ‪َ ،‬ف َم ِر َ‬
‫ي َي ْخ ُد ُم َّ‬ ‫الٌم َيهُ ِ‬
‫ود ٌّ‬ ‫ان ُغ َ‬
‫ال‪َ :‬ك َ‬ ‫س ‪َ ،‬ق َ‬ ‫فع ْن أََن ٍ‬ ‫(‪)124‬‬
‫اليهود كان مريضاً يعوده" ‪َ ،‬‬
‫"الح ْم ُد ِللَّ ِه‬
‫ول‪َ :‬‬ ‫النبِ ّي ‪َ ‬و ُه َو َيقُ ُ‬
‫َس َل َم‪َ ،‬ف َخ َر َج َّ‬ ‫َط ع أََب ا َ ِ ِ‬
‫القاس م ‪َ ،‬فأ ْ‬
‫ِ‬ ‫يه َو ُه َو ِعْن َدهُ َف َق َ‬
‫ال َل هُ‪ :‬أ ْ‬
‫ظر ِإَلى أَبِ ِ‬ ‫ال َله‪" :‬أ ِ‬
‫َسل ْم"‪َ ،‬فَن ََ‬
‫َرأْسه‪َ ،‬ف َق َ ُ ْ‬
‫ِِ‬
‫الن ِار"(‪ ،)125‬والمتأم ل في ترجم ة اإلم ام البخ اري‪( ،‬ب اب عي ادة المش رك) ي تيقن ج واز عي ادة م ريض غ ير‬ ‫الَِّذي أَْن َق َذهُ ِم َن َّ‬
‫المسلمين‪ ،‬خاصة إذا كان هناك هدف لهذه الزيارة‪ ،‬كما فعل النبي ‪ ‬حين دعا الغالم اليهودي إلى اإلسالم فأسلم‪.‬‬
‫وفي الجملة‪ ،‬فإن هذا الدين يتصف بالرحمة والمودة‪ ،‬ومن مقاصده ترسيخ األخالق‪ ،‬وحسن التواصل والتعاطي‬
‫م ع اآلخ رين غ ير المح اربين‪ ،‬وخاص ة إن ك انوا من األق ارب أو الج يران المس المين‪ ،‬وق د ورد عن الن بي ‪ ‬الكث ير من‬
‫الس يَِّئةَ‬ ‫ول اللَّ ِه ‪" :‬اتَّ ِق اللَّ ِه َحْيثُ َم ا ُكْن َ‬
‫ت‪َ ،‬وأ َْتبِ ِع َّ‬ ‫ال ِلي َر ُس ُ‬ ‫فع ْن أَبِي َذٍّر ‪َ ‬ق َ‬
‫ال‪َ :‬ق َ‬ ‫األح اديث ال تي تحث على حس ن الخل ق‪َ ،‬‬
‫اس بِ ُخلُ ٍ‬
‫ق َح َس ٍن"(‪.)126‬‬ ‫الح َسَنةَ تَ ْم ُحهَا‪ ،‬و َخ ِال ِ‬
‫ق َّ‬
‫الن َ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ويتضح من قوله ‪( ‬وخالق الناس) ولم يقل (وخالق المسلمين) مما يدل على حسن معاملة هؤالء‪ ،‬لعلها تكون‬
‫س بباً في ه دايتهم إلى دين اإلس الم العظيم‪ .‬ناهي ك عم ا ق د يك ون من وج وب التهنئ ة إن ك ان غ ير المس لم ق د ب ادر فس بق‬
‫المسلم بتقديمه التهنئة له بمناسبة سابقة‪ ،‬فبات حال المسلم ملزم اً بردها في مناسبة قريبة أو شبيهة‪ ،‬وذلك من باب قوله‬
‫‪#‬ان علَ ٰى ُك‪#ِّ #‬ل َ ٍ ِ‬ ‫س ‪َ #‬ن ِم ْن َه‪##‬ا أ َْو ُرد َ‬ ‫تع الى‪ :‬وإِ َذا حِّييتُم ِبتَ ِحي ٍ‬
‫يبا‪[‬النس اء‪ ،]٨٦ :‬وال ش ك أن‬
‫ش ‪ْ #‬يء َحس ً‬ ‫ُّوه‪##‬ا ۗ إِ َّن اللَّ َه َك‪َ َ #‬‬ ‫َّة فَ َحيُّوا ِبأ ْ‬
‫َح َ‬ ‫َ ُ ْ‬
‫(‪)127‬‬
‫التهنئة تحية فتأخذ حكمها ‪.‬‬
‫وعلى العموم فالمسلم صاحب رسالة ودعوة‪ ،‬هدفه إرشاد الناس إلى دين اهلل‪ ،‬وحثّهم على الدخول فيه‪ ،‬وهذا ال‬
‫يتحق ق إال بمك ارم األخالق‪ ،‬وحس ن التعام ل والتواص ل م ع غ ير المس لمين في مناس باتهم االجتماعي ة‪ ،‬وك ذلك المناس بات‬
‫الوطني ة ال تي تجم ع بين أبن اء ال وطن الواح د‪ ،‬أو المناس بات القومي ة ال تي يش ترك فيه ا الن اس في أم ور معين ة‪ ،‬وك ل ذل ك‬
‫منضبط بعدم تهنئتهم بحرام من قول أو فعل‪.‬‬
‫أما مشاركة غير المسلمين أعيادهم ومناسباتهم الدينية فهو حرام‪ ،‬فإذا كانت البدعة المستحدثة من ِقبل المسلمين‬
‫ال َر ُس و ُل اللَّ ِه ‪:‬‬
‫ت‪ :‬قَ َ‬ ‫ض َي اللَّهُ َع ْنهَا‪ ،-‬قَ الَ ْ‬ ‫حرام ومردودة‪ ،‬فكيف بما ورد في أديان غير المسلمين؟ فعن عائِ َش ةَ ‪-‬ر ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ٌّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫َح َد َ ِ‬
‫"م ْن َعم َل َع َماًل لَْي َس َعلَْيه أ َْم ُرَنا فَهُ َو َرد" ‪ ،‬وال شك أن‬ ‫ث في أ َْم ِرَنا َه َذا َما لَْي َس فيه‪ ،‬فَهُ َو َر ٌّد" وفي رواية‪َ :‬‬
‫(‪)128‬‬
‫"م ْن أ ْ‬
‫َ‬
‫اما ‪‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬‫َّ‬
‫ور َوإِ َذا َم‪#ُّ #‬روا ب‪##‬الل ْغو َم‪#ُّ #‬روا كَر ً‬
‫ون ال‪##‬ز َ‬
‫ش‪َ #‬ه ُد َ‬
‫ين اَل َي ْ‬
‫م ا ج اء ب ه غ ير المس لمين م ردود من ب اب أولى‪ ،‬ق ال تع الى‪َ  :‬والذ َ‬
‫[الفرقان‪.]٧٢ :‬‬
‫قال ابن تيمية‪" :‬وأما أعياد المشركين فجمعت الشبهة والشهوة‪ ،‬وهي باطل وال منفعة فيها في الدين‪ ،‬وما فيها من‬
‫اللذة العاجلة‪ :‬فعاقبتها إلى ألم‪ ،‬فصارت زوراً‪ ،‬وحضورها شهودها‪ .‬وإ ذا كان اهلل قد مدح ترك شهودها الذي هو مجرد‬
‫الحضور برؤية أو سماع‪ ،‬فكيف بالموافقة بما يزيد على ذلك من العمل‪ ،‬الذي هو عمل الزور ال مجرد شهوده؟"(‪ ،)129‬وال‬

‫‪421‬‬ ‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)13‬ع (‪1438 ،)3‬ه‍‪2017/‬م ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫التعامل مع غير المسلمين في المناسبات االجتماعية والعقدية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫شك أن هذه األفعال من شأنها تشجيعهم على باطلهم‪ ،‬وتحقيق الراحة النفسية لهم على هذه األعمال‪ ،‬خاصة إذا صاحب ذلك‬
‫تبادل الهدايا‪.‬‬
‫يقول الشيخ ابن عثيمين‪" :‬لقد بلغنا أن بعض السفهاء ضعاف الدين يتبادلون الهدايا في أعياد النصارى‪ ،‬وهذا‬
‫استرضاء لهم ورضا بالكفر‪ ،‬وبدينهم الذي يدينون به‪ ،‬نشكو إلى اهلل"(‪.)130‬‬ ‫ً‬ ‫محرم وال يجوز؛ ألن في ذلك‬
‫ور‪" :‬أنهم ال يحض رون مج الس الباط ل ال تي ك ان‬ ‫ون ال‪#ُّ #‬ز َ‬
‫ش‪َ #‬ه ُد َ‬ ‫ق ال ابن عاش ور في قول ه تع الى‪َ  :‬والَِّذ َ‬
‫ين اَل َي ْ‬
‫يحضرها المشركون‪ ،‬وهي مجالس اللهو والغناء والغيبة ونحوها‪ ،‬وكذلك أعياد المشركين وألعابهم‪ ،‬وأنهم يمرون وهم‬
‫في حال كرامة‪ ،‬أي غير متلبسين بالمشاركة في اللغو فيه"(‪.)131‬‬
‫الل ِه ‪ ‬اْل َمِد َين َة َوَلهُْم‬ ‫ول َّ‬‫ال‪َ :‬ق ِدَم َر ُس ُ‬
‫س ‪َ ،‬ق َ‬ ‫فع ْن أََن ٍ‬
‫وقد جاء في هديه ‪ ‬ما يمنع مشاركة هؤالء في لهوهم وباطلهم‪َ ،‬‬
‫ال َر ُسو ُل اللَّ ِه ‪ِ" :‬إ َّن اللَّهَ قَ ْد أَْب َدلَ ُك ْم‬ ‫اهِلي ِ‬
‫َّة‪ ،‬فَقَ َ‬ ‫ان؟ قَالُوا‪ُ :‬كَّنا َنْلعب ِفي ِهما ِفي اْلج ِ‬
‫َ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫ون ِفي ِه َما‪ ،‬فَقَا َل‪َ :‬ما َه َذ ِ‬
‫ان اْلَي ْو َم ِ‬ ‫َي ْو َم ِ‬
‫ان َيْل َعُب َ‬
‫ط ِر"(‪ ،)132‬والحديث يدل على أن تعظيم أعياد الكفار منهي عنه‪ ،‬ومن اشترى فيه‬ ‫َض َحى‪َ ،‬وَي ْو َم اْلِف ْ‬
‫بِ ِه َما َخْيًرا ِمْنهُ َما‪َ :‬ي ْو َم اأْل ْ‬
‫ش يئاً لم يكن يش تريه في غ يره‪ ،‬أو أه دى في ه هدي ة إلى غ يره‪ ،‬ف إن أراد ب ذلك تعظيم الي وم كم ا يعظم ه الكف رة فق د‬
‫كفر(‪.)133‬‬
‫ول اللَّ ِه ‪ ‬أ ْ‬
‫ال‪َ :‬ن َذر ر ُج ٌل َعلَى َعه ِد رس ِ‬
‫ال‪ِ :‬إنِّي‬
‫النِب َّي ‪َ ،‬ف َق َ‬
‫َن َيْن َح َر ِإِباًل بُِب َو َان ةَ‪َ ،‬ف أَتَى َّ‬ ‫ت ْبن َّ ِ‬
‫ْ َ ُ‬ ‫الض حَّاك‪َ ،‬ق َ َ َ‬ ‫وعن ثَابِ ُ ُ‬
‫يه ا ِع ٌ‬
‫يد‬ ‫"ه ْل َك ِ‬
‫ان ف َ‬ ‫َ‬ ‫ال‪َ :‬‬ ‫اهِلي َِّة ُي ْعَب ُد؟" َق الُوا‪ :‬اَل ‪َ ،‬ق َ‬
‫ان اْلج ِ‬ ‫ِ‬
‫يه ا َوثَ ٌن م ْن أ َْوثَ ِ َ‬
‫"ه ْل َك ِ‬
‫ان ف َ‬
‫َ‬ ‫النبِ ُّي ‪َ :‬‬ ‫َن أَْن َحَر ِإبِاًل بُِب َو َان ةَ‪َ ،‬ف َق َ‬
‫ال َّ‬ ‫ت أْ‬‫َن َذْر ُ‬
‫يم ا اَل َي ْمِل ُك ْاب ُن َآدَم"(‪ ،)134‬ق ال‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ َِّ‬ ‫ف ِبَن ْذِر َك‪َ ،‬فِإَّنه اَل وَف ِ ِ‬
‫اء لَن ْذٍر في َم ْعص َية الله‪َ ،‬واَل ف َ‬ ‫ُ َ َ‬
‫اللِه ‪" :‬أَو ِ‬
‫ْ‬
‫ول َّ‬ ‫ال َر ُس ُ‬‫َعَي ِاد ِهْم؟"‪َ ،‬ق اُلوا‪ :‬اَل ‪َ ،‬ق َ‬‫ِم ْن أ ْ‬
‫(بوانة) هضبة وراء ينبع قريبة من ساحل البحر‪ ،‬وينبع شمال مكة‪ ،‬والشاهد أن الرسول‬ ‫الشيخ ابن عثيمين –رحمه اهلل‪ُ -‬‬
‫يه ا َوثَ ٌن ِم ْن أ َْوثَ ِ‬
‫ان‬ ‫و"ه ْل َك ِ‬
‫ان ف َ‬
‫َ‬ ‫َعَي ِاد ِه ْم؟"‪َ ،‬‬
‫يه ا ِعي ٌد ِم ْن أ ْ‬ ‫"ه ْل َك ِ‬
‫ان ف َ‬‫َ‬ ‫‪ ‬س أل‪ :‬لم اذا ه ذا المك ان ال ذي خص ه ه ذا الس ائل؟ َ‬
‫ال ببوانة‪ ،‬لماذا خصها؟ فإذا كان السبب تعظيم شعائر الكفر‪ ،‬فال‬ ‫اهِلي َِّة ُي ْعَب ُد؟"؛ ألن الرسول ‪ ‬استغرب كيف يذبح إب ً‬
‫اْلج ِ‬
‫َ‬
‫اء لَن ْذٍر في َم ْعصَية الله‪ .‬هذا نفي بمعنى النهي‪ ،‬أو نفي على أصله ‪ .‬ويتضح‬
‫(‪) 135‬‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يجوز‪ ،‬ولهذا قال عليه الصالة والسالم‪ :‬اَل َوَف َ‬
‫من الحديثين تحريم االقتداء بأفعال الكفار‪ ،‬أو التشبه بهم‪.‬‬
‫وقد جاء عن بعض العلماء المعاصرين منهم مصطفى الزرقا ‪-‬رحمه اهلل‪ -‬ما يفيد بجواز تهنئة الشخص لمعارفه‬
‫من النصارى بعيد الميالد‪ ،‬فعندما سئل عن حكم ذلك‪ ،‬أجاب‪ :‬بأن تهنئة المسلم لمعارفه من النصارى بعيد ميالد عيسى‬
‫ظم عن دنا‬
‫‪ ‬هي من قبي ل المجامل ة لهم‪ ،‬والس يما وأن المس يح في عقي دتنا اإلس المية من رس ل اهلل أولي الع زم‪ ،‬فه و مع ّ‬
‫أيضاً‪ ،‬ولكنهم يغالون فيه فيعتقدونه إلهاً‪ ،‬تعالى اهلل عما يقولون علواً كبيراً‪ .‬ومن يتوهم أن هذه المعايدة لهم حرام؛ ألنها‬
‫ذات عالقة بعقيدتهم في ألوهيته فهو مخطئ‪ ،‬فليس في هذه المجاملة أي صلة بتفاصيل عقيدتهم فيه وغلوهم فيها‪.‬‬
‫وقد ُنقل أن رسول اهلل ‪ ‬مرت به وهو بين أصحابه جنازة يهودي فقام لها‪ ،‬فهذا القيام كان تعبيرًا عما للموت من‬
‫ف‪َ ،‬وقَْي ُس ْب ُن‬ ‫ال‪َ :‬ك ان س ه ُل ْبن حَنْي ٍ‬ ‫الر ْح َم ِن ْب َن أَبِي لَْيلَى‪ ،‬قَ َ‬
‫هيبة وجالل‪ ،‬وال عالقة له بعقيدة صاحب الجنازة‪ ،‬فعن َعْب َد َّ‬
‫َ َْ ُ ُ‬
‫النبِ َّي ‪‬‬ ‫الذ َّم ِة‪ ،‬فَقَ ا َ‬
‫ال‪ِ :‬إ َّن َّ‬ ‫َي ِم ْن أ ْ‬
‫َه ِل ِّ‬
‫ضأْ‬ ‫َه ِل األَْر ِ‬‫يل لَهُ َم ا ِإَّن َه ا ِم ْن أ ْ‬
‫ام ا‪ ،‬فَِق َ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِِ ِ‬ ‫ٍ ِ‬
‫َس ْعد قَاع َدْي ِن بالقَادس يَّة‪ ،‬فَ َم ُّروا َعلَْيه َم ا ب َجَن َازة‪ ،‬فَقَ َ‬
‫ت َن ْف ًسا"(‪.)136‬‬ ‫ام‪ ،‬فَِقي َل لَهُ‪ِ :‬إَّنهَا ِجَن َازةُ َيهُو ِديٍّ‪ ،‬فَقَا َل‪" :‬أَلَْي َس ْ‬ ‫م َّر ْ ِ ِ ِ‬
‫ت به جَن َازةٌ فَقَ َ‬ ‫َ‬
‫والمسلم مطلوب منه أن يظهر محاسن اإلسالم وعدله لغير المسلمين ‪ ...‬والسيما أن المسلم قد يأتيه في عيدي‬
‫مؤيدا لما ُيتهم به المسلمون من‬
‫(الفطر واألضحى) معارف له من النصارى يهنئونه بها‪ ،‬فإذا لم يرد لهم الزيارة‪...‬كان ذلك ً‬
‫التطرف وعدم استعدادهم للتعايش مع غيرهم‪ ،‬لكن إذا كانت تهنئة المسلم للنصارى في ذلك مباحة – فيما يظهر‪ -‬ألنها من‬

‫‪422‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)13‬ع (‪ 1438 ،)3‬ه‍‪2017/‬م‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ بكر بني إرشيد‬
‫قبيل المجاملة والمحاسنة في التعامل‪ ،‬فإن االحتفال برأس السنة الميالدية وما يجري فيه من منكرات‪ ،‬هو تقليد واتباع من‬
‫المسلمين لغيرهم في عادات ومنكرات يجعلها من قبيل الحرام(‪.)137‬‬
‫كما ُنقل عن يوسف القرضاوي في تهنئة المسلمين ألهل الكتاب قال‪ :‬أجازت الشريعة اإلسالمية معاملة أهل‬
‫الكتاب‪ ،‬فأباحت أكل ذبائحهم‪ ،‬وأجازت نكاح نسائهم‪ ،‬والبيع والشراء لهم‪ ،‬وكذلك القسط والبر واإلحسان إليهم ما داموا‬
‫غير محاربين‪ ،‬ولذلك ال مانع من تهنئتهم بأعيادهم‪ ،‬دون أن نشاركهم في االحتفاالت التي ال تقرها شريعتنا‪ ،‬وهذا ال يعني‬
‫أن نحتفل معهم‪ ،‬إنما نهنئ فقط‪ ،‬وهذا من البر والقسط الذي جاء به هذا الدين(‪.)138‬‬
‫قلت‪ :‬ه ذا كل ه ربم ا يك ون في ظ روف غ ير ال تي يعيش ها المس لمون في ه ذه األي ام‪ ،‬حيث ل و طُبقت التهم وا‬
‫بالتطرف والتعصب واالنغالق واإلرهاب كما هو واقع هذه األيام‪ ،‬ولهذا ربما يكون كالم الشيخ الزرقا والشيخ القرضاوي‬
‫من باب تحقيق المصلحة‪ ،‬واالبتعاد عن المفسدة‪ ،‬هذا مع العلم أن اإلسالم يدعو إلى التآلف والتعارف مع اآلخرين‪ ،‬قال‬
‫‪#‬ارفُوا ۚ إِ َّن أَ ْك َ‪#‬ر َم ُك ْم ِع ْن‪#َ #‬د اللَّ ِه أَ ْتقَ‪##‬ا ُك ْم ۚ إِ َّن اللَّ َه‬ ‫ِ ِ‬
‫وبا َوقَ َبائ َ‪#‬ل لتَ َع‪َ #‬‬ ‫اس إِ َّنا َخلَ ْق َنا ُك ْم ِم ْن َذ َك ٍر َوأُْنثَ ٰى َو َج َعْل َنا ُك ْم ُ‬
‫ش‪ُ #‬ع ً‬ ‫ُّها َّ‬
‫الن ُ‬ ‫تعالى‪َ  :‬يا أَي َ‬
‫ِ‬
‫ير‪[ ‬الحجرات‪ ،]١٣ :‬ويبقى الضابط في هذا كله عدم ميالن القلب تجاه الكفار‪ ،‬وأن تكون التهنئة في حدود المجاملة لهم‬ ‫يم َخِب ٌ‬
‫َعل ٌ‬
‫في المناسبات االجتماعية دون الدينية العقدية‪ ،‬وعدم الركون إليهم ومواالتهم‪ ،‬واالبتعاد عن كل ما يخدش ذلك‪ ،‬إال في‬
‫حالة االضطرار ‪-‬واهلل تعالى أعلم‪.-‬‬

‫الخاتمة‪:‬‬
‫توصلت هذه الدراسة إلى النتائج اآلتية‪:‬‬
‫‪-1‬نظرة اإلسالم إلى غير المسلمين قائمة على الرحمة بهؤالء‪ ،‬واحترامهم‪ ،‬واالحسان إليهم‪ ،‬وفق نظرة اإلسالم اإلنسانية‪.‬‬
‫‪ -2‬السالم تحية اإلسالم‪ ،‬يلقيها المسلم على من يستحقها من المسالمين الذين ال يحاربون ديننا‪ ،‬ويبدأونا بالسالم‪.‬‬
‫‪-3‬التحية التي يرد بها على غير المسلمين‪ ،‬خصوصًا اليهود "هي عليكم" أو "وعليكم"؛ ألنهم يسلمون بصيغة السام عليكم‪.‬‬
‫‪-4‬ال يمنع اإلسالم اتباعه من إلقاء التحية على غير المسلمين‪ ،‬بغير الصيغة المعروفة وهي السالم عليكم‪ ،‬كقولنا‪ :‬صباح‬
‫الخير‪ ،‬ومساء الخير وما شاكل ذلك‪.‬‬
‫‪ -5‬يجيز اإلسالم للمسلمين قبول الهدية من غير المسلمين‪ ،‬إذا خلت من المساومة على الدين‪ ،‬وميالن القلب نحوهم‪.‬‬
‫ٍ‬
‫جوار أو‬ ‫‪-6‬يبيح اإلسالم ألتباعه االهداء لغير المسلمين‪ ،‬إذا كانت هذه الهدية من أجل أداء حق كصلة ٍ‬
‫رحم أو حسن‬
‫تأليف قلوب‪ ،‬وما شابه ذلك‪.‬‬
‫‪-7‬ال يمانع اإلسالم القيام بتهنئة غير المسلمين في المناسبات الوطنية واالجتماعية‪ ،‬والتي ال تتعارض مع أحكام الشريعة‪.‬‬
‫يحرم عليهم المشاركة في احتفاالت‬
‫‪-8‬يمنع اإلسالم أتباعه من تهنئة غير المسلمين في مناسباتهم الدينية والعقدية‪ ،‬كما ّ‬
‫غير المسلمين المتعلقة بدينهم‪.‬‬
‫وآخر دعوانا أن الحمد هلل رب العالمين‬

‫الهوامش‪:‬‬

‫‪423‬‬ ‫المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية‪ ،‬مج (‪ ،)13‬ع (‪1438 ،)3‬ه‍‪2017/‬م ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫() البخاري‪ ،‬محمد بن إسماعيل (ت ‪256‬هـ)‪ ،‬ص‪#‬حيح البخ‪#‬اري‪ ،‬ترقيم وترتيب محمد فؤاد عبد الباقي‪ ،‬طبعة جديدة ومصححة وملونة في‬ ‫‪1‬‬

‫مجلد واحد‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار ابن الهيثم‪ ،‬الطبعة األولى‪1425 ،‬هـ‪2004 /‬م‪ ،‬كتاب االستئذان‪ ،‬باب بدء السالم‪ ،‬ص‪ ،732‬رقم الحديث (‪.)6227‬‬
‫() صحيح البخاري‪ ،‬كتاب االستئذان‪ ،‬باب السالم اسم من أسماء اهلل تعالى‪ ،‬ص‪ ،732‬رقم الحديث (‪.)6230‬‬ ‫‪2‬‬

‫() النيس ابوري‪ ،‬مس لم بن الحج اج (ت ‪261‬هـ)‪ ،‬ص‪#‬حيح مس‪#‬لم‪ ،‬طبع ة جدي دة ومص ححة وملون ة في مجل د واح د‪ ،‬الق اهرة‪ ،‬دار ابن الهيثم‪ ،‬طبع ة‬ ‫‪3‬‬

‫‪1422‬هـ‪2001/‬م‪ ،‬كتاب السالم‪ ،‬باب من حق الجلوس على الطريق رد السالم‪ ،‬ص‪ ،563‬رقم الحديث ( ‪.)2121‬‬
‫() صحيح مسلم ‪ ،‬كتاب السالم‪ ،‬باب من حق المسلم للمسلم رد السالم‪ ،‬ص‪ ،563‬رقم الحديث (‪.)2122‬‬ ‫‪4‬‬

‫() صحيح البخاري‪ ،‬كتاب االستئذان‪ ،‬باب إفشاء السالم ‪ ،‬ص‪ ،733‬رقم الحديث (‪.)6235‬‬ ‫‪5‬‬

‫() صحيح البخاري‪ ،‬كتاب االستئذان‪ ،‬باب السالم للمعرفة وغير المعرفة‪ ،‬ص‪ ،733‬رقم الحديث (‪.)6236‬‬ ‫‪6‬‬

‫() صحيح البخاري‪ ،‬كتاب االستئذان‪ ،‬باب السالم للمعرفة وغير المعرفة‪ ،‬ص‪ ،733‬رقم الحديث (‪.)6237‬‬ ‫‪7‬‬

‫() ص‪##‬حيح البخ‪##‬اري‪ ،‬كت اب االس تئذان‪ ،‬ب اب التس ليم على الص بيان‪ ،‬ص‪ ،734‬رقم الح ديث (‪ ،)6247‬ص‪##‬حيح مس‪##‬لم‪ ،‬كت اب الس الم‪ ،‬ب اب‬ ‫‪8‬‬

‫استحباب السالم على الصبيان‪ ،‬ص‪ ،564‬رقم الحديث (‪.)2168‬‬


‫() الرازي‪ ،‬محمد بن أبي بكر‪ ،‬مختار الصحاح ‪ ،‬رتبه محمود خاطر‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ص‪.311‬‬ ‫‪9‬‬

‫() إبراهيم أنيس وآخرون‪ ،‬المعجم الوسيط‪ ،‬مجمع اللغة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪ ،2‬المكتبة اإلسالمية‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.446‬‬ ‫‪10‬‬

‫() انظر‪ :‬العسقالني‪ ،‬أحمد بن علي بن حجر (ت ‪852‬هـ)‪ ،‬فتح الب‪#‬اري ش‪#‬رح ص‪#‬حيح البخ‪#‬اري‪ ،‬ر ّقم كتبها وأبوابها وأحاديثها األستاذ محمد‬ ‫‪11‬‬

‫فؤاد عبد الباقي –رحمه اهلل‪ ،-‬الرياض‪ ،‬دار السالم‪ ،‬ودمشق‪ ،‬دار الفيحاء‪ ،‬الطبعة الثالثة‪1421 ،‬هـ‪2000 /‬م‪ ،‬ج‪ ،11‬ص‪.18-17‬‬
‫( ) النووي‪ ،‬محي الدين أبو زكريا يحيى بن شرف (ت ‪676‬هـ) ‪ ،‬صحيح مسلم بشرح الن‪#‬ووي‪ ،‬دار إحياء التراث العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪،3‬‬ ‫‪12‬‬

‫‪1984‬م‪ ،‬ج‪ ،14‬ص‪.141‬‬


‫() انظ ر‪ :‬األلوس ي‪ ،‬ش هاب ال دين س يد محم ود (‪1270‬ه)‪ ،‬روح المع‪##‬اني في تفس‪##‬ير الق‪##‬رآن والس‪##‬بع المث‪##‬اني‪ ،‬ض بطه وص ححه علي‬ ‫‪13‬‬

‫عبدالباري‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪2001 ،1‬م‪ ،‬ج‪ ،4‬ص‪.267‬‬


‫)) مس لم‪ ،‬ص‪##‬حيح مس‪##‬لم‪ ،‬كت اب الس الم‪ ،‬ب اب النهي عن ابت داء أه ل الكت اب بالس الم‪ ،‬وكي ف ي رد عليهم‪ ،‬ص‪ ،564‬رقم الح ديث (‪،)2167‬‬ ‫‪14‬‬

‫والسجستاني‪ ،‬سليمان بن األشعث (ت ‪275‬هـ) سنن أبي داود‪ ،‬كتاب األدب‪ ،‬باب في السالم على أهل الذمة‪ ،‬ج‪ ،4‬ص‪ ،354‬رقم الحديث (‬
‫‪ ،)5205‬والترم ذي‪ ،‬محم د بن عيس ى بن س ورة (ت ‪279‬هـ)‪ ،‬الجامع الصحيح وهو س‪#‬نن الترم‪#‬ذي‪ ،‬كتاب الس ير‪ ،‬باب ما ج اء في التس ليم‬
‫على أه ل الكت اب‪ ،‬ج‪ ،4‬ص‪ ،154‬رقم الح ديث (‪ ،)1602‬وكت اب االس تئذان‪ ،‬ب اب م ا ج اء في التس ليم على أه ل الذم ة‪ ،‬ج‪ ،5‬ص‪ ،60‬رقم‬
‫الحديث (‪ ،)2700‬وقال أبو عيسى في الروايتين‪ :‬هذا حديث حسن صحيح‪ ،‬وأحمد بن محمد بن حنبل (ت ‪241‬هـ) ‪ ،‬المسند‪ ،‬ج‪ ،13‬ص‪56‬‬
‫‪ ،‬رقم الح ديث (‪ ،)7617‬ق ال المحق ق‪ :‬إس ناده ص حيح‪ ،‬والبخ اري‪ ،‬محم د بن إس ماعيل (ت ‪256‬هـ)‪ ،‬األدب المف‪##‬رد‪ ،‬خ رج أحاديث ه محم د‬
‫عبدالقادر عطا‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الكتب العلمية‪1990 ،‬م‪ ،‬ط‪ ،1‬باب ال يبدأ أهل الذمة بالسالم‪ ،‬ص‪ ،322‬رقم الحديث (‪.)1103‬‬
‫)) ابن حنبل‪ ،‬المسند‪ ،‬ج‪ ،13‬ص‪ ،14‬رقم الحديث (‪ ،)7567‬وقال المحقق‪ :‬إسناده صحيح‪.‬‬ ‫‪15‬‬

‫)) مسند اإلمام أحمد بن حنبل‪ ،‬تحقيق‪ :‬أحمد محمد شاكر‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار الحديث‪ ،‬ط‪1995 ،1‬م ‪ ،‬ج‪ ،7‬ص‪ ،330‬رقم الحديث (‪.)7556‬‬ ‫‪16‬‬

‫)) ابن حنبل‪ ،‬المسند‪ ،‬ج‪ ،15‬ص‪ ،452‬رقم الحديث (‪ ،)9726‬وقال المحقق‪ :‬إسناده صحيح‪.‬‬ ‫‪17‬‬

‫)) ابن حنبل‪ ،‬المسند‪ ،‬ج‪ ،16‬ص‪ ،465‬رقم الحديث (‪ ،)10797‬وقال المحقق‪ :‬إسناده صحيح‪.‬‬ ‫‪18‬‬

‫)) ابن قدامة‪ ،‬موفق الدين أبي محمد عبداهلل بن أحمد (ت ‪620‬هـ)‪ ،‬المغني والشرح الكبير‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬ج‪ ،10‬ص‪.616‬‬ ‫‪19‬‬

‫)) النووي‪ ،‬صحيح مسلم بشرح النووي‪ ،‬ج‪ ،14‬ص‪.145‬‬ ‫‪20‬‬

‫)) الص نعاني‪ ،‬محم د بن إس ماعيل األم ير‪ ،‬س‪##‬بل الس‪##‬الم الموص‪##‬لة إلى بل‪##‬وغ الم‪##‬رام‪ ،‬اعت نى ب ه نش أت كم ال‪ ،‬اإلس كندرية‪ ،‬دار البص يرة‪،‬‬ ‫‪21‬‬

‫‪2002‬م ‪ ،‬ج‪ ،4‬ص‪.457‬‬


‫)) القرطبي‪ ،‬محمد بن أحمد (ت ‪671‬هـ)‪ ،‬الج‪#‬امع ألحك‪#‬ام الق‪#‬رآن‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبداهلل بن عبد المحسن التركي‪ ،‬بيروت‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬ط‬ ‫‪22‬‬

‫‪2006 ،1‬م ‪ ،‬ج‪ ،13‬ص‪.460‬‬


‫)) الشوكاني‪ ،‬محمد بن علي بن محمد (ت ‪1250‬هـ)‪ ،‬ني‪#‬ل األوط‪#‬ار من أس‪#‬رار منتقى األخب‪#‬ار‪ ،‬حققه طارق بن عوض اهلل‪ ،‬الرياض‪ ،‬دار ابن‬ ‫‪23‬‬

‫القيم‪ ،‬والقاهرة‪ ،‬دار ابن عفان‪ ،‬ط‪2005 ،1‬م‪ ،‬ج‪ ،5‬ص‪.7‬‬


‫)) الط براني‪ ،‬س ليمان بن أحم د (ت ‪360‬هـ)‪ ،‬المعجم الكب‪##‬ير‪ ،‬حقق ه حم دي بن عب د المجي د الس لفي‪ ،‬الع راق‪ ،‬إحي اء ال تراث اإلس المي‪ ،‬ط‪،1‬‬ ‫‪24‬‬

‫‪1980‬م‪ ،‬ج‪ ،8‬ص‪ ،129‬رقم الحديث (‪ ،)7518‬وانظر‪ :‬مجمع الزوائد للهيثمي‪ ،‬ج‪ ،8‬ص‪ ،33‬وقال‪ :‬رواه في الكبير عن شيخه بكر بن‬
‫سهل الدمياطي‪ ،‬ضعفه النسائي وقال غيره‪ :‬مقارب الحديث‪.‬‬
‫)) انظر‪ :‬العسقالني‪ ،‬فتح الباري شرح صحيح البخاري‪ ،‬ج‪ ،11‬ص‪.48‬‬ ‫‪25‬‬

‫)) العسقالني‪ ،‬فتح الباري شرح صحيح البخاري‪ ،‬ج‪ ،11‬ص‪.48‬‬ ‫‪26‬‬

‫)) العسقالني‪ ،‬فتح الباري شرح صحيح البخاري‪ ،‬ج‪ ،11‬ص‪.49‬‬ ‫‪27‬‬

‫)) النووي‪ ،‬صحيح مسلم بشرح النووي‪ ،‬ج‪ ،14‬ص‪.147‬‬ ‫‪28‬‬

‫)) انظر‪ :‬القرطبي‪ ،‬الجامع ألحكام القرآن‪ ،‬ج‪ ،13‬ص‪.460‬‬ ‫‪29‬‬

‫َّن‬
‫َّن تَ ْوَبتُ هُ‪َ ،‬وإِلَى َمتَى تَتََبي ُ‬ ‫اب َم ْن لَ ْم ُي َسلِّ ْم َعلَى َم ِن ا ْقتََر َ‬
‫ف َذ ْنًبا‪َ ،‬ولَ ْم َي ُر َّد َس الَ َمهُ‪َ ،‬حتَّى تَتََبي َ‬ ‫)) البخاري‪ ،‬صحيح البخاري‪ ،‬كتاب االستئذان‪َ ،‬ب ُ‬
‫‪30‬‬

‫اص ي‪ ،‬ص‪ ،735‬رقم الح ديث (‪ ، )6255‬واللف ظ ل ه‪ ،‬ومس لم‪ ،‬ص‪##‬حيح مس‪##‬لم‪ ،‬كت اب التوب ة‪ ،‬ب اب ح ديث توب ة كعب بن مال ك‬ ‫تَوب ةُ الع ِ‬
‫َْ َ‬
‫وصاحبيه‪ ،‬ص‪ ،701‬رقم الحديث (‪.)2769‬‬
‫)) النووي‪ ،‬صحيح مسلم بشرح النووي‪ ،‬ج‪ ،17‬ص‪.100‬‬ ‫‪31‬‬

‫)) انظر‪ :‬العسقالني‪ ،‬فتح الباري شرح صحيح البخاري‪ ،‬ج‪ ،11‬ص‪.50-49‬‬ ‫‪32‬‬

‫)) الره ط‪ :‬العص ابة دون العش رة‪ ،‬ويجم ع على أراه ط‪ .‬الزمخش ري‪ ،‬محم ود بن عم ر (ت ‪583‬هـ)‪ ،‬الف‪##‬ائق في غ‪##‬ريب الح‪##‬ديث‪ ،‬وض ع‬ ‫‪33‬‬

‫حواشيه إبراهيم شمس الدين‪ ،‬بيروت ‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬ط‪1996 ،1‬م‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.70‬‬
‫)) الس ام‪ :‬هو الم وت‪ .‬ابن األثير‪ ،‬مج د ال دين أبي السعادات الجزري (ت ‪606‬هـ) ‪ ،‬النهاي‪#‬ة في غ‪#‬ريب الح‪#‬ديث واألثر‪ ،‬ب يروت‪ ،‬المكتبة‬ ‫‪34‬‬

‫العلمية‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.328‬‬


‫)) البخاري‪ ،‬صحيح البخاري‪ ،‬كتاب االستئذان‪ ،‬باب كيف يرد على أهل الذمة السالم‪ ،‬ص‪ ،735‬رقم الحديث (‪ ،)6256‬واللفظ له‪ ،‬ومسلم‪،‬‬ ‫‪35‬‬

‫صحيح مسلم‪ ،‬كتاب السالم‪ ،‬باب النهي عن ابتداء أهل الكتاب بالسالم‪ ،‬وكيف يرد عليهم‪ ،‬ص‪ ،564‬رقم الحديث (‪.)2165‬‬
‫)) البخ‪##‬اري‪ ،‬ص‪##‬حيح البخ‪##‬اري‪ ،‬كت اب االس تئذان‪ ،‬ب اب كي ف ي رد على أه ل الذم ة الس الم‪ ،‬ص ‪ ،735‬رقم الح ديث (‪ ،)6257‬واللف ظ ل ه‪،‬‬ ‫‪36‬‬

‫ومسلم‪ ،‬صحيح مسلم ‪ ،‬كتاب السالم‪ ،‬باب النهي عن ابتداء أهل الكتاب بالسالم‪ ،‬وكيف يرد عليهم‪ ،‬ص‪ ،563‬رقم الحديث (‪.)2164‬‬
‫)) البخ‪##‬اري‪ ،‬ص‪##‬حيح البخ‪##‬اري‪ ،‬كت اب االس تئذان‪ ،‬ب اب كي ف ي رد على أه ل الذم ة الس الم‪ ،‬ص ‪ ،735‬رقم الح ديث (‪ ،)6258‬واللف ظ ل ه‪،‬‬ ‫‪37‬‬

‫ومسلم‪ ،‬صحيح مسلم ‪ ،‬كتاب السالم‪ ،‬باب النهي عن ابتداء أهل الكتاب بالسالم‪ ،‬وكيف يرد عليهم‪ ،‬ص‪ ،563‬رقم الحديث (‪.)2163‬‬
‫)) ابن حنب ل‪ ،‬المس‪## #‬ند‪ ،‬ج‪ ،28‬ص‪ ،526‬رقم الح ديث (‪ ،)17295‬وق ال المحق ق‪ :‬ح ديث ص حيح‪ ،‬وج‪ ،29‬ص‪ ،581‬رقم الح ديث (‬ ‫‪38‬‬

‫‪ )18045‬وق ال‪ :‬ح ديث ص حيح‪ ،‬قلت‪ :‬في ه ابن اس حاق‪ :‬م دلس لكن ه ص رح بالس ماع‪ ،‬والبخ اري‪ ،‬األدب المف‪##‬رد‪ ،‬ب اب ال يب دأ أه ل الذم ة‬
‫بالسالم‪ ،‬ص‪ ،322‬رقم الحديث (‪.)1102‬‬
‫)) ابن حنبل‪ ،‬المس‪#‬ند‪ ،‬ج‪ ،20‬ص‪ ،305‬رقم الحديث (‪ ،)12995‬وقال المحقق‪ :‬اسناده صحيح‪ ،‬والبخاري‪ ،‬األدب المف‪#‬رد‪ ،‬باب من س لّم‬ ‫‪39‬‬

‫على الذمي إشارة ‪ ،‬ص‪ ،323‬رقم الحديث (‪.)1105‬‬


‫ِ‬
‫َه ٍل لْل ُح ْكِم‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ص ِن َعلَى ُح ْكِم َح اكٍم َع ْد ٍل أ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َه ِل اْلح ْ‬ ‫ض اْلعه َد‪ ،‬و َج و ِاز ِإْن َز ِ‬
‫ال أ ْ‬ ‫ِ‬
‫اب َج َو ِاز قتَال َم ْن َن َق َ َ ْ َ َ‬
‫)) مسلم‪ ،‬صحيح مسلم‪ ،‬كتاب الجهاد والسير‪َ ,‬ب ُ‬
‫‪40‬‬

‫رقم الحديث (‪.)1768‬‬


‫)) انظر‪ :‬العسقالني‪ ،‬فتح الباري شرح صحيح البخاري‪ ،‬ج‪ ،11‬ص‪.51‬‬ ‫‪41‬‬

‫)) النووي‪ ،‬صحيح مسلم بشرح النووي‪ ،‬ج‪ ،14‬ص‪.144‬‬ ‫‪42‬‬

‫)) الصنعاني‪ ،‬سبل السالم ‪ ،‬ج‪ ،4‬ص‪.255‬‬ ‫‪43‬‬

‫)) النووي‪ ،‬صحيح مسلم بشرح النووي‪ ،‬ج‪ ،14‬ص‪.145‬‬ ‫‪44‬‬


‫)) البخاري‪ ،‬صحيح البخاري‪ ،‬كتاب االستئذان‪ ،‬باب التسليم في مجلس فيه أخالط من المسلمين والمشركين‪ ،‬ص‪ ،735‬رقم الحديث (‪6254‬‬ ‫‪45‬‬

‫)‪ ،‬واللفظ له‪ ،‬ومسلم‪ ،‬صحيح مسلم‪ ،‬كتاب الجهاد والسير‪ ،‬باب في دعاء النبي ‪ ‬وصبره على أذى المنافقين‪ ،‬ص‪ ،470‬رقم الحديث (‪،)1798‬‬
‫والترمذي‪ ،‬الجامع الصحيح وهو سنن الترمذي‪ ،‬كتاب االستئذان‪ ،‬باب ما جاء في السالم على‬
‫مجلس فيه المسلمون وغيرهم‪ ،‬ج‪ ،5‬ص‪ ،61‬رقم الحديث (‪ ،)2702‬وقال أبو عيسى‪ :‬هذا حديث حسن صحيح‪.‬‬
‫)) انظر‪ :‬النووي‪ ،‬صحيح مسلم بشرح النووي‪ ،‬ج‪ ،14‬ص‪.147-145‬‬ ‫‪46‬‬

‫)) ابن قدامة‪ ،‬المغني والشرح الكبير‪ ،‬ج‪ ،10‬ص‪.617‬‬ ‫‪47‬‬

‫)) انظر‪ :‬العسقالني‪ ،‬فتح الباري شرح صحيح البخاري‪ ،‬ج‪ ،11‬ص‪.49‬‬ ‫‪48‬‬

‫)) األلباني‪ ،‬محمد ناصر الدين‪ ،‬سلسلة األح‪#‬اديث الص‪#‬حيحة وش‪#‬يء من فقهه‪#‬ا وفوائ‪#‬دها‪ ،‬بيروت‪ ،‬المكتب اإلسالمي‪1972 ،‬م‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‬ ‫‪49‬‬

‫‪.327‬‬
‫)) ابن تيمية‪ ،‬أحمد بن عبدالحليم‪ ،‬شرح اقتضاء الصراط المستقيم في مخالفة أصحاب الجحيم‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد بن صالح عثيمين‪ ،‬القاهرة‪،‬‬ ‫‪50‬‬

‫دار ابن الهيثم‪ ،‬ط‪2003 ،1‬م‪ ،‬ص‪.224‬‬


‫)) إبراهيم أنيس وآخرون‪ ،‬المعجم الوسيط‪ ،‬مجمع اللغة العربية‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.978‬‬ ‫‪51‬‬

‫)) الزبيدي‪ ،‬محمد مرتضى الحسيني (ت ‪1205‬هـ)‪ ،‬تاج العروس من جواهر القاموس‪ ،‬دار الهداية‪ ،‬ج‪ ،4‬ص‪.287‬‬ ‫‪52‬‬

‫)) أنيس‪ ،‬المعجم الوسيط‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.979‬‬ ‫‪53‬‬

‫)) الرازي‪ ،‬مختار الصحاح‪ ،‬ص‪.693‬‬ ‫‪54‬‬

‫طاب‪ ،‬محمد بن عبدالرحمن (ت ‪954‬هـ)‪ ،‬مواهب الجليل لشرح مختصر الخليل‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬ط‪1398 ،2‬هـ‪ ،‬ج‪ ،6‬ص‪.49‬‬
‫)) الح ّ‬ ‫‪55‬‬

‫)) النووي‪ ،‬يحيى بن شرف (ت ‪676‬هـ)‪ ،‬المجموع شرح المهذب‪ ،‬حققه وعلّق عليه محمد نجيب‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار إحياء التراث العربي‪ ،‬ط‬ ‫‪56‬‬

‫‪2001 ،1‬م‪ ،‬ج‪ ،15‬ص‪ .249‬وانظر‪ :‬ابن قدامة‪ ،‬المغني‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار هجر‪1992 ،‬م‪ ،‬ط‪ ،2‬ج‪ ،8‬ص‪.239‬‬
‫)) انظ ر‪ :‬الن ووي‪ ،‬يح يى بن ش رف (ت ‪676‬هـ) ‪ ،‬روض‪#‬ة الط‪#‬البين وعم‪#‬دة المف‪#‬تين‪ ،‬حق ق أص وله د‪ .‬خلي ل م أمون ش يحا‪ ،‬ب يروت‪ ،‬دار‬ ‫‪57‬‬

‫المعرفة‪ ،‬ط‪2006 ،1‬م‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.621‬‬


‫)) الدمشقي‪ ،‬إسماعيل بن كثير (ت ‪774‬هـ)‪ ،‬تفسير القرآن العظيم‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الجيل‪ ،‬ج‪ ،3‬ص‪.351‬‬ ‫‪58‬‬

‫)) انظر‪ :‬الزحيلي‪ ،‬وهبة‪ ،‬التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج‪ ،‬دمشق‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬ط‪2014 ،12‬م‪ ،‬ج‪ ،10‬ص‪.326‬‬ ‫‪59‬‬

‫)) القرطبي‪ ،‬الجامع ألحكام القرآن‪ ،‬ج‪ ،16‬ص‪.159‬‬ ‫‪60‬‬

‫)) ص‪##‬حيح البخ‪##‬اري‪ ،‬كت اب الهب ة وفض لها والتح ريض عليه ا‪ ،‬ال يوج د ب اب‪ ،‬ص ‪ ،296‬رقم الح ديث (‪ ، )2566‬ومس لم‪ ،‬ص‪##‬حيح مس‪##‬لم‪،‬‬ ‫‪61‬‬

‫كتاب الزكاة‪ ،‬باب الحث على الصدقة ولو بالقليل‪ ،‬وال تمتنع من القليل الحتقاره‪ ،‬ص‪ ،244‬رقم الحديث (‪ ،)1030‬متفق عليه‪.‬‬
‫)) النووي‪ ،‬صحيح مسلم بشرح النووي‪ ،‬ج‪ ،7‬ص‪.120-119‬‬ ‫‪62‬‬

‫)) البخاري‪ ،‬صحيح البخاري ‪ ،‬كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها‪ ،‬باب القليل من الهبة‪ ،‬ص‪ ، 296‬رقم الحديث (‪.)2568‬‬ ‫‪63‬‬

‫)) انظر‪ :‬العسقالني‪ ،‬فتح الباري شرح صحيح البخاري‪ ،‬ج‪ ،5‬ص‪.246‬‬ ‫‪64‬‬

‫)) البخاري‪ ،‬صحيح البخاري‪ ،‬كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها‪ ،‬باب المكافأة في الهبة‪ ،‬ص‪ ، 298‬رقم الحديث (‪.)2585‬‬ ‫‪65‬‬

‫)) البخ‪#‬اري‪ ،‬ص‪#‬حيح البخ‪#‬اري‪ ،‬كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها‪ ،‬باب قبول الهدية‪ ،‬ص‪ ، 297‬رقم الحديث (‪ ،)2576‬واللفظ له‪،‬‬ ‫‪66‬‬

‫ومسلم‪ ،‬صحيح مسلم‪ ،‬كتاب الزكاة‪ ،‬باب قبول النبي ‪ ‬الهدية ورده الصدقة‪ ،‬ص‪ ،257‬رقم الحديث (‪.)1077‬‬
‫)) البخ اري‪ ،‬األدب المف‪#‬رد‪ ،‬ب اب قب ول الهدي ة‪ ،‬ص‪ ،180‬رقم الح ديث (‪ ،)594‬وه و ح ديث حس ن‪ ،‬والموص لي‪ ،‬أحم د بن علي (ت ‪307‬‬ ‫‪67‬‬

‫هـ) ‪ ،‬مسند أبي يعلى الموصلي‪ ،‬تحقيق‪ :‬حسين سليم أسد‪ ،‬دمشق‪ ،‬دار المأمول للتراث‪ ،‬ط ‪1405 ،1‬هـ‪ ،‬ج‪ ،11‬ص‪ ،9‬رقم الحديث (‪،)6148‬‬
‫والبيهقي‪ ،‬أحمد بن الحسين (ت ‪458‬هـ) السنن الكبرى‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد عبد القادر عطا‪ ،‬مكة المكرمة‪ ،‬مكتبة دار الباز‪1414 ،‬هـ‪ ،‬ج‪ ،6‬ص‬
‫‪ ،169‬قال ابن حجر العسقالني‪" :‬إسناده حسن"‪ .‬انظر‪ :‬تلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار المعرفة‪1986 ،‬م‪ ،‬ج‬
‫‪ ،2‬ص‪.70‬‬
‫)) البخاري‪ ،‬األدب المفرد‪ ،‬باب قبول الهدية‪ ،‬ص‪ ،180‬رقم الحديث (‪.)595‬‬ ‫‪68‬‬
‫)) ابن قدامة‪ ،‬المغني والشرح الكبير‪ ،‬كتاب الهبة والعطية‪ ،‬ج‪ ،6‬ص‪ ،273‬مسألة رقم ‪.4438‬‬ ‫‪69‬‬

‫ورداء‬
‫ً‬ ‫)) الحلة‪ :‬الثوب الجيد الجديد غليظ اً أو رقيق اً‪ ،‬وثوب له بطانة‪ ،‬وثوبان من جنس واحد‪ ،‬وثالثة أثواب‪ ،‬وقد تكون قميص اً وإ زاراً‬ ‫‪70‬‬

‫(ج) حلل‪ .‬انظر‪ ، :‬إبراهيم أنيس‪ ،‬المعجم الوسيطج‪ ،1‬ص‪.194‬‬


‫)) البخاري‪ ،‬صحيح البخاري‪ ،‬كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها‪ ،‬باب الهدية للمشركين َوقَ ْو ِل اللَّ ِه تَ َع الَى‪ :‬الَ َي ْن َه‪#‬ا ُك ُم اللَّ ُه َع ِن الَّ ِذ َ‬
‫ين‬ ‫‪71‬‬

‫ين‪[‬الممتحن ة‪ ،]8 :‬ص‪ ، 301‬رقم‬ ‫الم ْق ِس‪ِ ##‬ط َ‬


‫ب ُ‬ ‫وه ْم َوتُ ْق ِس‪##‬طُوا إِلَ ْي ِه ْم‪ ،‬إِ َّن اللَّ َه ُي ِح ُّ‬
‫َن تََب ُّ‪##‬ر ُ‬ ‫ِّين‪َ ،‬ولَ ْم ُي ْخ ِر ُج‪##‬و ُك ْم ِم ْن ِد َي ِ‬
‫‪##‬ار ُك ْم أ ْ‬ ‫‪##‬اتلُو ُك ْم ِفي ال‪##‬د ِ‬
‫لَم يقَ ِ‬
‫ْ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ال ِإَناء الذ َه ِب واْلفضَّة َعلَى ِّ ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫است ْعم ِ‬ ‫ِ‬
‫ِّس اء‪،‬‬
‫الر َجال َوالن َ‬ ‫َ‬ ‫اب تَ ْح ِريم ْ َ‬ ‫الحديث (‪ ،)2619‬واللفظ له‪ ،‬ومسلم‪ ،‬صحيح مسلم‪ ،‬كتاب اللباس والزينة‪َ ،‬ب ُ‬
‫َص ابِ َع‪ ،‬ص‪ ،541‬رقم الح ديث (‬ ‫ِ ِ‬ ‫اء‪ ،‬وإِ َب َ ِ ِ‬ ‫الرج ِل‪ ،‬وإِباحتِ ِه ِللن ِ‬ ‫َّ‬
‫َو َخ اتَِم الذ َه ِب َواْل َح ِري ِر َعلَى َّ ُ َ َ َ‬
‫اح ة اْل َعلَم َوَن ْح ِو ِه ل َّلر ُج ل َم ا لَ ْم َي ِز ْد َعلَى أ َْرَب ِع أ َ‬ ‫ِّس َ‬ ‫َ‬
‫‪.)2068‬‬
‫)) النووي‪ ،‬صحيح مسلم بشرح النووي‪ ،‬ج‪ ،14‬ص‪.39‬‬ ‫‪72‬‬

‫) ) راغبة‪ :‬أي طامعة طالبة صلتي‪ ،‬أو كارهة لإلسالم ساخطته‪ ،‬وفيه جواز صلة القريب المشرك‪ ،‬النووي‪ ،‬صحيح مسلم بشرح النووي‪،‬‬ ‫‪73‬‬

‫ج‪ ،7‬ص‪.89‬‬
‫)) البخاري‪ ،‬صحيح البخاري‪ ،‬كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها‪ ،‬باب الهدية للمشركين َوقَ ْو ِل اللَّ ِه تَ َع الَى‪ :‬الَ َي ْن َه‪#‬ا ُك ُم اللَّ ُه َع ِن الَّ ِذ َ‬
‫ين‬ ‫‪74‬‬

‫ين‪[‬الممتحن ة‪ ،]8 :‬ص‪ ، 301‬رقم‬ ‫الم ْق ِس‪ِ ##‬ط َ‬


‫ب ُ‬ ‫وه ْم َوتُ ْق ِس‪##‬طُوا إِلَ ْي ِه ْم‪ ،‬إِ َّن اللَّ َه ُي ِح ُّ‬
‫َن تََب ُّ‪##‬ر ُ‬ ‫ِّين‪َ ،‬ولَ ْم ُي ْخ ِر ُج‪##‬و ُك ْم ِم ْن ِد َي ِ‬
‫‪##‬ار ُك ْم أ ْ‬ ‫‪##‬اتلُو ُك ْم ِفي ال‪##‬د ِ‬
‫لَم يقَ ِ‬
‫ْ ُ‬
‫الحديث (‪ ،)2620‬ومسلم‪ ،‬صحيح مسلم‪ ،‬كتاب الزكاة‪ ،‬باب فضل النفقة والصدقة على األقربين والزوج واألوالد والوالدين‪ ،‬ولو كانوا‬
‫مشركين‪ ،‬ص‪ ،239‬رقم الحديث (‪.)1003‬‬
‫)) الطبري‪ ،‬محمد بن جرير (ت ‪310‬هـ)‪ ،‬جامع البيان عن تأويل آي القرآن‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الفكر‪1405 ،‬هـ‪ ،‬ج‪ ،28‬ص‪.66‬‬ ‫‪75‬‬

‫)) القرطبي‪ ،‬الجامع ألحكام القرآن‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار الشعب‪ ،‬ج‪ ،18‬ص‪.59‬‬ ‫‪76‬‬

‫)) أب و داود‪ ،‬س‪##‬نن أبي داود‪ ،‬كت اب األدب‪ ،‬ب اب في ح ق الج وار‪ ،‬ج‪ ،4‬ص‪ ،341‬رقم الح ديث (‪ ،)5152‬وس كت عن ه‪ ،‬والترم ذي‪ ،‬الج‪##‬امع‬ ‫‪77‬‬

‫الصحيح وهو سنن الترمذي‪ ،‬كتاب البر والصلة‪ ,‬باب ما جاء في حق الجوار‪ ،‬ج‪ ،4‬ص‪ ،333‬رقم الحديث (‪ ،)1943‬وقال أبو عيسى‪ :‬هذا‬
‫حديث حسن غريب‪.‬‬
‫)) الطبري‪ ،‬جامع البيان من تأويل آي القرآن‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪ ،459‬وابن كثير ‪ ،‬تفسير القرآن العظيم‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.468‬‬ ‫‪78‬‬

‫)) القرطبي‪ ،‬الجامع ألحكام القرآن‪ ،‬ج‪ ،5‬ص‪.120‬‬ ‫‪79‬‬

‫)) العسقالني‪ ،‬فتح الباري شرح صحيح البخاري‪ ،‬ج‪ ،10‬ص‪.541‬‬ ‫‪80‬‬

‫)) الشوكاني‪ ،‬نيل األوطار من أسرار منتقى األخبار‪ ،‬ج‪ ،7‬ص‪.93‬‬ ‫‪81‬‬

‫)) انظر‪ :‬القاسمي‪ :‬محمد جمال الدين‪ ،‬محاس‪#‬ن التأويل‪ ،‬اعتنى به عبد القادر عرفان حسونة‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬ط‪2005 ،1‬م‪ ،‬ج‪ ،9‬ص‬ ‫‪82‬‬

‫‪.3885-3884‬‬
‫)) الشافعي‪ ،‬محمد بن إدريس (ت ‪204‬هـ) ‪ ،‬األم ‪ ،‬تحقيق‪ :‬أحمد بدر الدين‪ ،‬دمشق‪ ،‬دار قتيبة‪ ،‬ط‪2003 ،2‬م‪ ،‬ج‪ ،4‬ص‪.222‬‬ ‫‪83‬‬

‫)) ابن قدامة‪ ،‬المغني‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.512‬‬ ‫‪84‬‬

‫)) ابن عابدين‪ ،‬محمد أمين (ت ‪1252‬هـ) ‪ ،‬رد المحتار على الدر المختار‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبدالمجيد‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار المعرفة‪ ،‬ط‪2000 ،1‬م‪ ،‬ج‪ ،3‬ص‬ ‫‪85‬‬

‫‪.353‬‬
‫)) أيل ة‪ :‬البل د المع روف فيم ا بين مص ر والش ام‪ ،‬بل د على س احل البح ر األحم ر‪ ،‬وهي اآلن مدين ة العقب ة‪ .‬انظ ر‪ :‬النهاي‪#‬ة في غ‪#‬ريب الح‪#‬ديث‬ ‫‪86‬‬

‫واألثر‪ ،‬ابن األثير‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.85‬‬


‫) ) كتب له ببحرهم‪ :‬أي ببلدهم‪ ،‬انظر‪ ،:‬العسقالني‪ ،‬فتح الباري‪ ،‬ج‪ ،5‬ص‪.284‬‬ ‫‪87‬‬

‫)) البخاري‪ ،‬صحيح البخاري‪ ،‬كتاب الزكاة‪ ،‬باب خرص الثمر‪ ،‬ص‪ ،170‬رقم الحديث (‪ ،)1481‬وكتاب الجزية‪ ،‬باب إذا وادع اإلمام‬ ‫‪88‬‬

‫ملك القرية هل يكون ذلك لبقيتهم؟ ص‪ ،372‬رقم الحديث ( ‪ ، )3161‬وعلقه في كتاب الهبة‪ ،‬باب قبول الهدية من المشركين‪ ،‬ص‪.301‬‬
‫)) مسلم‪ ،‬صحيح مسلم‪ ،‬كتاب الفضائل‪ ،‬باب في معجزات النبي ‪ ،‬ص‪ ،590‬رقم الحديث (‪.)1392‬‬ ‫‪89‬‬
‫)) البخ اري‪ ،‬ص‪##‬حيح البخ ‪##‬اري‪ ،‬كت اب األيم ان والن ذور‪ ،‬ب اب كي ف ك انت يمين الن بي ‪ ، ‬ص‪ ،774‬رقم الح ديث (‪ ،)6640‬واللف ظ ل ه‪،‬‬ ‫‪90‬‬

‫والترم ذي‪ ،‬الج‪#‬امع الص‪#‬حيح وه‪#‬و س‪#‬نن الترم‪#‬ذي‪ ،‬كتاب اللباس‪ ،‬باب (‪ ، )3‬ج‪ ،4‬ص‪ ،218‬رقم الح ديث (‪ ،)1723‬وقال أبو عيس ى‪ :‬هذا‬
‫ح ديث ص حيح‪ ،‬والنس ائي‪ ،‬أحم د بن ش عيب بن علي (ت ‪303‬هـ) ‪ ،‬س‪##‬نن النس‪##‬ائي بش‪##‬رح الحاف‪##‬ظ جالل ال‪##‬دين الس‪##‬يوطي وحاش‪##‬ية اإلم‪##‬ام‬
‫السندي‪ ،‬اعتنى به ورقمه وصنع فهارسه عبد الفتاح أبو غدة‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار البشائر اإلسالمية‪ ،‬الطبعة الثالثة المفهرسة‪1414 ،‬هـ‪1994/‬م ‪،‬‬
‫كتاب الزين ة‪ ،‬ب اب لبس ال ديباج المنس وج بال ذهب‪ ،‬ج‪ ،8‬ص‪ ،199‬رقم الح ديث (‪ ،)5302‬وأحم د‪ ،‬المسند‪ ،‬ج‪ ،20‬ص‪ ،395‬رقم الح ديث (‬
‫‪ ،)13148‬قال المحقق‪ :‬اسناده صحيح‪ ،‬وأحمد‪ ،‬المسند‪ ،‬و ج‪ ،21‬ص‪ ،123‬رقم الحديث (‪ )13455‬وقال المحقق‪ :‬إسناده صحيح‪.‬‬
‫)) انظر‪ :‬النسائي‪ ،‬سنن النسائي‪ ،‬ج‪ ،8‬ص‪.200-199‬‬ ‫‪91‬‬

‫)) أكي در دوم ة‪ :‬أكي در تص غير أك در‪ ،‬ودوم ة بل د بين الحج از والش ام‪ ،‬وهي دوم ة الجن دل‪ ،‬مدين ة ق رب تب وك‪ ،‬على عش ر مراح ل من‬ ‫‪92‬‬

‫المدينة‪ ،‬وأكيد ملكها‪ ،‬وهو ابن عبد الملك وكان نصرانياً‪ ،‬انظر‪ :‬العسقالني‪ :‬فتح الباري‪ ،‬ج‪ ،5‬ص‪.284‬‬
‫)) البخاري‪ ،‬ص‪#‬حيح البخ‪#‬اري‪ ،‬كتاب الهبة وفضلها‪ ،‬باب قبول الهدية من المشركين‪ ،‬ص ‪ ،301‬رقم الحديث (‪ ،)2616‬ومس‪#‬لم‪ ،‬ص‪#‬حيح‬ ‫‪93‬‬

‫مسلم ‪ ،‬كتاب فضائل الصحابة ‪ ،‬باب من فضائل سعد بن معاذ ‪ ،‬ص‪ ،632‬رقم الحديث (‪.)2469‬‬
‫)) البخاري‪ ،‬صحيح البخاري ‪ ،‬كتاب الهبة وفضلها‪ ،‬باب قبول الهدية من المشركين‪ ،‬ص‪ ،301‬رقم الحديث (‪.)2617‬‬ ‫‪94‬‬

‫)) المشعان‪ :‬الطويل جداً فوق الطول‪ ،‬شعث الرأس‪ ،‬انظر‪ :‬العسقالني‪ :‬فتح الباري‪ ،‬ج‪ ،5‬ص‪.285‬‬ ‫‪95‬‬

‫)) البخاري‪ ،‬صحيح البخاري ‪ ،‬كتاب الهبة وفضلها‪ ،‬باب قبول الهدية من المشركين‪ ،‬ص‪ ،301‬رقم الحديث (‪.)2618‬‬ ‫‪96‬‬

‫)) انظر‪ :‬العسقالني‪ :‬فتح الباري‪ ،‬ج‪ ،5‬ص‪.286‬‬ ‫‪97‬‬

‫)) ابن قدامة‪ ،‬المغني والشرح الكبير‪ ،‬ج‪ ،10‬ص‪.556‬‬ ‫‪98‬‬

‫)) الترم ذي‪ ،‬الج‪#‬امع الص‪#‬حيح وه و س نن الترم ذي‪ ،‬كت اب الس ير‪ ،‬باب ما ج اء في قب ول ه دايا المش ركين‪ ،‬ج‪ ،4‬ص‪ ،140‬رقم الح ديث (‬ ‫‪99‬‬

‫‪ ،)1576‬قال أبو عيسى‪ :‬هذا حديث حسن غريب‪ ،‬وأحمد‪ ،‬المسند‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪ ،144‬رقم الحديث (‪.)747‬‬
‫)) انظر‪ :‬المباركفوري‪ ،‬تحفة األحوذي بشرح صحيح الترمذي‪ ،‬ج‪ ،4‬ص‪.528‬‬ ‫‪100‬‬

‫)) أب و داود‪ ،‬س‪##‬نن أبي داود‪ ،‬كت اب اللب اس‪ ،‬كت اب في لبس الص وف والش عر‪ ،‬ج‪ ،4‬ص‪ ،44‬رقم الح ديث (‪ ،)4034‬وأحمد‪ ،‬المس‪##‬ند‪ ،‬ج‬ ‫‪101‬‬

‫‪ ،21‬ص‪ ،37‬رقم الح ديث (‪ ،)13315‬والح اكم‪ ،‬المستدرك على الصحيحين‪ ،‬ج‪ ،4‬ص‪ ،187‬وق ال ص حيح ووافق ه ال ذهبي‪ ،‬قلت‪ :‬إس ناد‬
‫أبي داود حسن لغيره‪ ،‬فيه عمارة بن زادان الصيدالني‪ ،‬صدوق كثير الخطأ‪ ،‬التقريب‪ ،‬ص‪ ،409‬ترجمة ‪.4847‬‬
‫)) أبو داود‪ ،‬سنن أبي داود ‪ ،‬كتاب الخراج واإلمارة والفيء‪ ،‬باب في اإلمام يقبل هدايا المشركين‪ ،‬ج‪ ،3‬ص ‪ ،170‬رقم الحديث (‪،)3057‬‬ ‫‪102‬‬

‫وهو حديث صحيح‪ ،‬والترمذي‪ ،‬الجامع الصحيح وهو سنن الترمذي‪ ،‬كتاب السير‪ ،‬باب في كراهية هدايا المشركين‪ ،‬ج‪ ،4‬ص‪ ،140‬رقم‬
‫الح ديث (‪ ،)1577‬وق ال أب و عيس ى‪ :‬ه ذا ح ديث حس ن ص حيح‪ ،‬وأحم د‪ ،‬المس‪##‬ند‪ ،‬ج‪ ،29‬ص‪ ،29‬رقم الح ديث (‪ ،)17482‬وق ال المحق ق‪:‬‬
‫ح ديث ص حيح رجال ه ثق ات رج ال الص حيحين‪ ،‬والطيالس ي‪ ،‬س ليمان بن داود (ت ‪204‬هـ)‪ ،‬المس‪#‬ند‪ ،‬ب يروت‪ ،‬دار المعرف ة‪ ،‬ص‪ ،146‬رقم‬
‫الح ديث (‪ )1082‬و(‪ ،)1083‬وق ال األلب اني‪ :‬ص حيح‪ ،‬انظ ر‪ :‬ص حيح س نن أبي داود‪ ،‬الك ويت‪ ،‬مؤسس ة غ راس‪2002 ،‬م‪ ،‬ط‪ ،1‬ج‪ ،8‬ص‬
‫‪.383‬‬
‫)) أحم د‪ ،‬المس‪###‬ند‪ ،‬ج‪ ،24‬ص‪ ،39‬رقم الح ديث (‪ )15323‬وق ال المحق ق‪ :‬إس ناده ص حيح‪ ،‬والح اكم‪ ،‬المس ‪##‬تدرك‪ ،‬ج‪ ،3‬ص‪،485-484‬‬ ‫‪103‬‬

‫وصححه ووافقه الذهبي‪ ،‬وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد‪ ،‬ج‪ ،4‬ص‪ ،151‬وقال رواه أحمد والطبراني في الكبير‪ ،‬رقم‬
‫الحديث (‪ )3125‬وإ سناده جيد‪ ،‬رجاله ثقات‪ ،‬وقال الشيخ األلباني‪ :‬صحيح اإلسناد‪ ،‬سلسلة األحاديث الصحيحة‪ ،‬ج‪ ،4‬ص‪.283‬‬
‫)) الترمذي‪ ،‬الجامع الصحيح‪ ،‬ج‪ ،4‬ص‪.140‬‬ ‫‪104‬‬

‫)) أحمد‪ ،‬المسند‪ ،‬ج‪ ،24‬ص‪.40‬‬ ‫‪105‬‬

‫)) العسقالني‪ ،‬فتح الباري بشرح صحيح البخاري‪ ،‬ج‪ ،5‬ص‪.284‬‬ ‫‪106‬‬

‫)) الفتاوى الهندية في مذهب اإلمام أبي حنيفة‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الفكر‪1411 ،‬هـ‪ ،‬ج‪ ،5‬ص‪.347‬‬ ‫‪107‬‬

‫)) ابن حزم‪ ،‬علي بن أحمد بن سعيد (ت ‪456‬هـ)‪ ،‬المحلى‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار اآلفاق الجديدة‪ ،‬ج‪ ،9‬ص‪.159‬‬ ‫‪108‬‬

‫)) وهبة الزحيلي‪ ،‬موسوعة الفقه اإلسالمي والقضايا المعاصرة‪ ،‬دمشق‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬ط‪2013 ،3‬م‪ ،‬ج‪ ،12‬ص‪.769‬‬ ‫‪109‬‬
‫)) ابن تيمية‪ ،‬ش‪#‬رح اقتض‪#‬اء الص‪#‬راط المس‪#‬تقيم في مخالف‪#‬ة أص‪#‬حاب الجحيم‪ ،‬شرحه محمد بن صالح الع ثيمين‪ ،‬الق اهرة‪ ،‬دار ابن الهيثم‪،‬‬ ‫‪110‬‬

‫‪2003‬م‪ ،‬ط‪ ،1‬ص‪.278‬‬


‫)) الفيروز أبادي‪ ،‬القاموس المحيط‪ ،‬بيروت‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬ص‪.72‬‬ ‫‪111‬‬

‫)) الرازي‪ ،‬مختار الصحاح‪ ،‬ص‪.700‬‬ ‫‪112‬‬

‫)) وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية‪ ،‬الكويت‪ ،‬الموسوعة الفقهية ‪ ،‬ط‪2012 ،1‬م‪ ،‬ج‪ ،14‬ص‪.95‬‬ ‫‪113‬‬

‫)) محمد رواس قلعجي‪ ،‬معجم لغة الفقهاء‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار النفائس‪ ،‬ط‪1988 ،2‬م‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.495‬‬ ‫‪114‬‬

‫)) البخاري‪ ،‬صحيح البخاري‪ ،‬كتاب النكاح‪ ،‬باب كيف يدعى للمتزوج‪ ،‬ص‪ ،624‬رقم الحديث (‪ ،)5155‬وكتاب الدعوات‪ ،‬باب الدعاء‬ ‫‪115‬‬

‫للمتزوج‪ ،‬ص‪ ،749‬رقم الحديث (‪.)6386‬‬


‫)) البخاري‪ ،‬صحيح البخاري‪ ،‬كتاب الدعوات‪ ،‬باب الدعاء للمتزوج‪ ،‬ص‪ ،749‬رقم الحديث (‪.)6387‬‬ ‫‪116‬‬

‫)) مسلم‪ ،‬صحيح مسلم‪ ،‬كتاب فضائل الصحابة‪ ،‬باب من فضائل أبي طلحة األنصاري‪ ،‬ص‪ ،629‬رقم الحديث (‪.)2144‬‬ ‫‪117‬‬

‫)) مسلم‪ ،‬صحيح مسلم‪ ،‬كتاب صالة المسافرين وقصرها‪ ،‬باب فضل سورة الكهف وآية الكرسي‪ ،‬ص ‪ ،193‬رقم الحديث ( ‪.)810‬‬ ‫‪118‬‬

‫)) البخاري‪ ،‬صحيح البخاري‪ ،‬كتاب المغازي‪ ،‬باب حديث كعب بن مالك وقول اهلل ‪( ‬وعلى الثالثة الذين خلّفوا) ‪ ،‬ص‪ ،517‬رقم الحديث‬ ‫‪119‬‬

‫(‪ ،)4418‬ومسلم‪ ،‬صحيح مسلم‪ ،‬كتاب التوبة‪ ،‬باب حديث توبة كعب بن مالك وصاحبيه‪ ،‬ص‪ ،700‬رقم الحديث (‪.)2769‬‬
‫)) انظر‪ :‬الموسوعة الفقهية الكويتية‪ ،‬ج‪ ،14‬ص‪.97‬‬ ‫‪120‬‬

‫)) النووي‪ ،‬صحيح مسلم بشرح النووي‪ ،‬ج‪ ،17‬ص‪.101‬‬ ‫‪121‬‬

‫)) العسقالني‪ ،‬فتح الباري بشرح صحيح البخاري‪ ،‬ج‪ ،8‬ص‪.156‬‬ ‫‪122‬‬

‫)) ابن قيم الجوزية‪ ،‬محمد بن أبي بكر الزرعي (ت ‪751‬هـ) ‪ ،‬زاد المع‪#‬اد في ه‪#‬دي خ‪#‬ير العب‪#‬اد‪ ،‬تحقيق‪ :‬شعيب األرناؤوط وعبدالقادر‬ ‫‪123‬‬

‫األرناؤوط‪ ،‬بيروت‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬ط‪2002 ،3‬م‪ ،‬ج‪ ،3‬ص‪.512‬‬


‫)) ابن قدامة‪ ،‬المغني والشرح الكبير‪ ،‬ج‪ ،10‬ص‪.608‬‬ ‫‪124‬‬

‫)) البخ‪#‬اري‪ ،‬ص‪#‬حيح البخ‪#‬اري‪ ،‬كت اب الجن ائز‪ ،‬ب اب إذا أس لم الص بي فم ات‪ :‬ه ل يص لى علي ه؟‪ ،‬ص ‪ ،154‬رقم الح ديث (‪ ،)1356‬وكت اب‬ ‫‪125‬‬

‫المرضى‪ ،‬باب عيادة المشرك‪ ،‬ص‪ ،678‬رقم الحديث (‪.)5657‬‬


‫)) الترمذي‪ ،‬الجامع الصحيح وهو سنن الترم‪#‬ذي‪ ،‬كتاب البر والصلة‪ ،‬باب ما جاء في معاشرة الناس ‪ ،‬ج ‪ ،4‬ص‪ ،355‬رقم الحديث (‬ ‫‪126‬‬

‫‪ ،)1987‬وقال أبو عيسى‪ :‬هذا حديث حسن صحيح‪.‬‬


‫)) أنس أبو عطا‪ ،‬الته‪#‬ادي والته‪#‬اني م‪#‬ع غ‪#‬ير المس‪#‬لمين "دراسة فقهية مقارنة" بحث منشور في المجلة األردنية في الدراسات اإلسالمية‪ ،‬المجلد‬ ‫‪127‬‬

‫التاسع‪ ،‬العدد(‪/1‬أ) ‪2013‬م‪ ،‬ص‪.105‬‬


‫)) مس‪#‬لم‪ ،‬ص‪#‬حيح مس‪#‬لم‪ ،‬كت اب األقض ية‪ ،‬ب اب نقض األحك ام الباطل ة‪ ،‬ورد مح دثات األم ور‪ ،‬ص ‪ ،448‬رقم الح ديث ( ‪ )1718-17‬و(‪-18‬‬ ‫‪128‬‬

‫‪.)1718‬‬
‫)) ابن تيمية‪ ،‬شرح اقتضاء الصراط المستقيم في مخالفة أصحاب الجحيم‪ ،‬ص‪.231‬‬ ‫‪129‬‬

‫)) انظر‪ :‬شرح اقتضاء الصراط المستقيم في مخالفة أصحاب الجحيم‪ ،‬ص‪ #.238‬وانظر‪ :‬الش‪#‬رح الممت‪#‬ع على زاد المس‪#‬تقنع‪ ،‬ج‪ ،8‬ص‬ ‫‪130‬‬

‫‪ ،75‬البن عثيمين‪.‬‬
‫)) ابن عاشور‪ ،‬تفسير التحرير والتنوير‪ ،‬تونس‪ ،‬الدار التونسية للنشر‪1985 ،‬م‪ ،‬ج‪ ،19‬ص‪.78‬‬ ‫‪131‬‬

‫)) أب و داود‪ ،‬س‪##‬نن أبي داود‪ ،‬كت اب الص الة‪ ،‬ب اب ص الة العي دين‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص‪ ،294‬رقم الح ديث (‪ ،)1134‬وإ س ناده ص حيح‪ ،‬والنس ائي‪ ،‬س‪##‬نن‬ ‫‪132‬‬

‫النس‪##‬ائي‪ ،‬كت اب ص الة العي دين‪ ،‬ب اب ‪ ،1‬ج‪ ،3‬ص‪ ،179‬رقم الح ديث (‪ ، )1556‬وإ س ناده ص حيح‪ ،‬وأحم د‪ ،‬المس‪##‬ند‪ ،‬ج‪ ،19‬ص ‪ ،65‬رقم‬
‫الحديث (‪ ،)12006‬وقال المحقق‪ :‬إسناده صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين‪ ،‬وج‪ ،20‬ص‪ ،212‬رقم الحديث (‪ ،)12827‬وج ‪ ،21‬ص‪،225‬‬
‫رقم الحديث (‪ ، )13622‬وكلها أسانيد صحيحة‪ ،‬وصححه البغوي‪ ،‬الحسين بن مسعود (ت ‪516‬هـ) ‪ ،‬شرح السنة‪ ،‬تحقيق‪ :‬شعيب األرناؤوط‬
‫ومحمد زهير الشاويش ‪ ،‬بيروت‪ ،‬المكتب اإلسالمي‪ ،‬ط‪1983 ،2‬م‪ ،‬ج‪ ،4‬ص‪.292‬‬
‫)) انظر‪ :‬شمس الحق أبادي‪ ،‬عون العبود شرح سنن أبي داود‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الكتب العلمية‪1995 ،‬م‪ ،‬ج‪ ،3‬ص‪.342‬‬ ‫‪133‬‬
‫)) أبو داود‪ ،‬س‪#‬نن أبي داود‪ ،‬كتاب األيمان والنذور‪ ،‬باب ما يؤمر به من الوف اء بالن ذر‪ ،‬ج ‪ ،3‬ص‪ ،235‬رقم الح ديث (‪ ،)3313‬وإ س ناده‬ ‫‪134‬‬

‫صحيح‪ ،‬وصححه األلباني في صحيح سنن أبي داود‪ ،‬رقم الحديث (‪.)3313‬‬
‫)) انظر‪ :‬شرح اقتضاء الصراط المستقيم في مخالفة أصحاب الجحيم‪ ،‬ص‪.235‬‬ ‫‪135‬‬

‫)) البخاري‪ ،‬صحيح البخاري‪ ،‬كتاب الجنائز‪ ،‬باب من قام لجنازة يهودي‪ ،‬ص‪ ،150‬رقم الحديث (‪.)1312‬‬ ‫‪136‬‬

‫)) انظر‪" :‬فتاوى مص‪#‬طفى الزرق‪#‬اء" اعتنى بها مجد أحمد مكي‪ ،‬وقدم لها يوسف القرضاوي‪ ،‬دمشق‪ ،‬دار القلم‪1420 ،‬هـ‪1999/‬م‪ ،‬ط‪ ،1‬ص‬ ‫‪137‬‬

‫‪ ،357-355‬بتصرف‪.‬‬
‫)) انظر‪" :‬فتاوى وأحكام –العيد‪-‬التعامل مع أهل الكتاب وتهنئتهم في أعيادهم‪ ،‬تاريخ ‪19/12/2004‬م‪.‬‬ ‫‪138‬‬

You might also like