Professional Documents
Culture Documents
Abstract
The understanding of Islam is a sound understanding according to the image that
came to the revelation, the correct basis for making the image of Islam as God wanted.
This study is intended to correct the image that was distorted because of the misunderstanding
of this important subject.
This study included clarifying the method of dealing with non-Muslims in social and
religious events, according to a recent study based on the basis of the correct basis for
dealing with them, and clarifies the legitimate provisions of these social and doctrinal
issues, and the reasoning of the scholars, and the opinion is most likely according to legal
evidence, so that the Muslim is aware of sound Clear, does not exceed the rule of Sharia
when dealing with them.
المقدمة:
الحمد هلل رب الع المين والصالة والس الم على أش رف المرس لين ،وخ اتم النبيين ،ورحمة اهلل للع المين ،وعلى آل ه
وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ،وبعد:
أعلى اإلس الم من ش أن األخالق ،ورفع مكانته ا ومنزلته ا ،إذ به ا يص ل المس لم إلى قل وب اآلخرين ،وبه ا يجعلهم
يحبون اإلسالم ويقبلون عليه ،فالسماحة والرحمة والمعاملة الحسنة هي التي تجعل الناس يقبلون على هذا الدين ويدخلون
فيه ،والفظاظة والقسوة وخشونة الطبع وسوء الخلق ،تنفر الناس وتبعدهم عن بعضهم البعض ،وصدق اهلل العظيم في قوله
او ْر ُه ْم س#تَ ْغ ِفْر َل ُه ْم َو َ
شِ # ف َعْن ُه ْم َوا ْ
#اع ُ ض#وا ِم ْن َحْوِل َ
#ك ۖ َف ْ ظا َغِلي َظ اْل َقْل ِب اَل ْن َف ُّ الل ِه ِلْن َت َل ُهم ۖ وَلْو ُكْن َت َف ًّ
ْ َ تعالىَ :فِبما ر ْحم ٍة ِم َن َّ
َ َ َ
ين[آل عمران.[١٥٩ : ب ا ْل ُمتَ َو ِّكِل َ
ِفي اأْل َْم ِر ۖ فَِإ َذا َع َز ْم َت فَتََو َّك ْل َعلَى اللَّ ِه ۚ إِ َّن اللَّ َه ُي ِح ُّ
لذا جاء هذا الدين العظيم بأحسن األخالق في تعامله مع الناس ،والمحافظة على أرواحهم وأعراضهم وأموالهم،
فجاءت
405 المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية ،مج ( ،)13ع (1438 ،)3ه2017/م ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التعامل مع غير المسلمين في المناسبات االجتماعية والعقدية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
َن تُ َؤدُّوا
ْم ُر ُك ْم أ ْ ِ َّ
النصوص الكريمة تأمر المسلمين بالعدل واإلحسان حتى مع المخالفين ،منها قوله تعالى :إ َّن الل َه َيأ ُ
#ان س ِ #ميعا ب ِ ِ ِِ ِ َهِل َه##ا َوإِ َذا َح َك ْمتُ ْم َب ْي َن َّ اأْل َما َنِ #
ص ً #يرا َن تَ ْح ُك ُم##وا ِبا ْل َع#ْ #د ِل ۚ إِ َّن اللَّ َه نع َّما َيعظُ ُك ْم ِب##ه ۗ إِ َّن اللَّ َه َكَ ً َ َ # الن ِ
اس أ ْ #ات إِلَ ٰى أ ْ َ
[النساء ،[58 :فلم يقل الحق أدوا األمانات مع المسلمين ،ولم يقل افعلوا العدل مع المؤمنين ،بل قال إلى أهلها ،وقال :بين الناس.
سِ #ط ِ
اء ِبا ْلق ْ
شَ #ه َد َين ِللَّ ِه ُ
ام َين آم ُنوا ُكو ُنوا قَ َّو ِ وقد جاء في القرآن ما يرس خ ه ذه القيم ويمتّنه ا ،ق ال تع الى :يا أَي َّ ِ
ُّها الذ َ َ َ َ
َّ َّ اع ِدلُوا ُهو أَقْر ِ آن قَ ْوٍم َعلَ ٰى أَاَّل تَ ْع ِدلُوا ۚ ْ
ير ِب َما تَ ْع َملُ##ونَ[المائ دة،[8 : ب للتَّ ْق َو ٰى ۖ َواتَّقُوا الل َه ۚ إِ َّن الل َه َخ ِب ٌ
َ َ ُ ش َن ُ َواَل َي ْج ِر َم َّن ُك ْم َ
والمعنى واضح وهو أنه ال يجوز أن تظلم أحداً حتى لو خالفك في دينه ومعتقده.
ِِٰ
اء ُه ْم ۖ َو ُق ْ#ل َه َ#و َ #ع أ ْ استَ ِق ْم َك َما أ ُِمْر َت ۖ َواَل تَتَِّب ْ
ومن اآليات التي أم رت بتحقي ق العدل قول ه تع الىَ :فل َذل َك َف ْادعُ ۖ َو ْ
َع َم##الُ ُك ْم ۖ اَل ُح َّج َة َب ْي َن َنا َو َب ْي َن ُك ُم ۖ َع#ِ #د َل َب ْي َن ُك ُم ۖ اللَّ ُه َر ُّبَنا َوَرُّب ُك ْم ۖ لَ َنا أ ْ
َع َمالَُنا َولَ ُك ْم أ ْ #اب ۖ َوأ ُِم#ْ #ر ُ
ت أِل ْ ت ِبما أَْن#َ #ز َل اللَّ ُه ِم ْن ِكتَ ٍ #
آم ْن ُ َ
َ
اللهُ َي ْج َم ُع َب ْي َنَن#ا ۖ َوإِلَ ْي#ه ا ْل َمص#يرُ[الش ورى ،[15 :فقد ح ّرم اهلل اتب اع أه واء الظالمين ،وم ع ذلك أم ر بتحقي ق العدل معهم، ِ ِ َّ
ولكل عمله وإ لى اهلل المصير ،فما أعظمه من دين جاء بالعدل واألمانة ،واإلحسان والبر وغيرها من األخالق الفاضلة،
ألجل ذلك التزم النبي في معاملة هؤالء المخالفين الخلق الحسن ،والبر ،والوفاء بالعهد ،والصدق في األقوال واألفعال،
ودع اهم ب التي هي أحس ن ،ح تى أث ر فيهم ،وجعلهم ي دخلون في دين اهلل تع الى ،ويص يرون من أنص اره ،أو يكف ون عن
اإلساءة إليه.
وقد جاء في سنة النبي ما يوضح للمسلم أسلوب التعامل مع غير المسلمين في المناسبات االجتماعية والعقدية،
فكان ال بد من مرجعية صادقة ،يرجع إليها المسلم في ذلك كله فكان هذا البحث.
مشكلة الدراسة:
تكمن مش كلة الدراس ة في ع دم معرف ة بعض المس لمين للمنهج النب وي في التعام ل م ع غ ير المس لمين في
المناس بات االجتماعي ة والعقدي ة ،ورفض الكث ير ل ذلك األم ر تعص بًا ،ظن ًا منهم أن ال دين اإلس المي ال يقب ل اآلخ ر ويعادي ه
ويقاطعه ،وذلك بسبب جهل البعض بالقرآن الكريم والسنة النبوية.
كم ا تكمـ ـــن المش كلة في أن ع دم معرف ة ه ذا المنهج النب وي ،ي ـ ـــؤدي إلى نش وء ص ورة س يئة عن ه ذا ال دين
العظي ـ ـ ـم وقيمه العليا.
وبناء على ما سبق ستجيب هذه الدراسة –إن شاء اهلل -على األسئلة اآلتية:
ً
-1ما موقع السالم في اإلسالم ،وهل يجوز إلقاؤه على غير المسلمين؟ وبأي كيفية؟
-2هل يجوز للمسلم قبول الهدية من غير المسلم ،وهل يجوز للمسلم اإلهداء لغير المسلمين؟
-3هل يجوز للمسلمين تهنئة غير المسلمين بأعيادهم؟ وما المناسبات التي يجوز تهنئتهم بها؟
أهمية الدراسة:
إب راز األخالق النبوي ة في التعام ل م ع غ ير المس لمين ،وتوض يح الطري ق ال ذي ج اء ب ه الن بي ،وعمل ه م ع
هؤالء ،من أجل السير على طريقه واالقتداء بفعله وقوله ،للوصول إلى النموذج المثالي في التعايش السلمي اإليجابي،
وبناء المجتمع المثالي المتسامح.
أهداف الدراسة:
406
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية ،مج ( ،)13ع ( 1438 ،)3ه2017/م
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ بكر بني إرشيد
-1توضيح المنهج النبوي السليم في التعامل مع غير المسلمين ،والعمل على تعليم الناس ذلك المنهج؛ لتحقيق الغاية
المرجوة منه.
-2ال رد الش رعي الص حيح على من يري د تش ويه ص ورة الوج ه الحض اري له ذا ال دين العظيم في التعام ل م ع غ ير
المسلمين.
-3الرد على المتطرفين والمتشددين الذين يرفضون أي تعامل مع غير المسلمين حتى المسالمين منهم والمستضعفين.
الدراسات السابقة:
بحث علماء المسلمين هذه الموضوعات في كتبهم بين اختصار وإ سهاب ،ولم توجد كلها في مكان واحد جامع،
واقتص ر البعض منه ا على ج انب يناس ب الموض وع المط روح ،وك ذلك األبح اث المعاص رة ،حيث أن ني لم أج د بع د
البحث واالس تقراء من ق ام بدراس ة تفص يلية مس تقلة جمعت ك ل جزئي ات ه ذا الموض وع االجتم اعي اله ام ،وم ع ذل ك
ُوجدت دراسات حول هذا الموضوع لعل من أهمها:
)1ابن قيم الجوزي ة ،أحكام أهل الذمة ،تن اول ه ذا الكت اب األحك ام الخاصة فيم ا يتعل ق بأه ل الذم ة ،وقد قام بذكر
أدلة الفقهاء فكانت دراسته فقهية ،وستكون دراستي -بإذن اهلل-دراسة حديثية تأصيلية.
المجم ع الملكي لبح وث الحض ارة اإلس المية ،الم##وجز في معامل##ة غ##ير المس##لمين ،تن اول ه ذا الكت اب م ا يتعل ق )2
بالعالقات والمعامالت بين المسلمين وغيرهم في الحريات العامة والنواحي االجتماعية دون العقدية ،أما بحثي
فسيكون دراسة حديثية تأصيلية.
ناص ر عب د اهلل ع ودة ،األح##اديث ال##واردة في أحك##ام النص##ارى والنص##رانية ،رس الة ماجس تير ،كلي ة الش ريعة، )3
الجامع ة األردني ة ،قُ ِّدمت ع ام 1990م ،وق د اقتص رت ه ذه الدراس ة على األح اديث ال واردة في النص ارى ،ولم
تشمل غيرهم من اليهود والمشركين والتي ستأتي عليها دراستي.
أنس مص طفى أب و عط ا ،الته##ادي والته##اني م##ع غ##ير المس##لمين ،دراس ة فقهي ة مقارن ة ،بحث محكم في المجل ة )4
األردنية في الدراسات اإلسالمية ،المجلد ،9العدد( /1أ)2013 ،م ،تناول فيه موضوعا الهدايا ،وتهنئة غير المسلمين
من ناحي ة فقهي ة مقارنة ،ودراستي تن اولت هذين الموض وعين ،باإلض افة إلى موض وع السالم على غير المس لمين
ومن ناحية حديثية تأصيلية.
ج وهر ع ارفين ،اله دي النب وي في التعام ل م ع أه ل الكت اب في المناس بات االجتماعي ة :دراس ة موض وعية ،رس الة )5
ماجس تير غ ير منش ورة في كلي ة الدراس ات الفقهي ة والقانوني ة ،جامع ة آل ال بيت ،المف رق2006 ،م ،تن اول فيه ا
مواضيع اجتماعية خاصة بأهل الكتاب فقط ،ومواضيع شتى متنوعة وكانت دراسته موضوعية ،ودراستي حديثية
تأصيلية شاملة ألهل الكتاب وغيرهم ،لكنها قد تلتقي معه في بعض المواضيع.
منهجية البحث:
وقد اتبع الباحث في دراسته المنهجية اآلتية:
أو ًال :المنهج االس ##تقرائي :حيث قمت باس تقراء األح اديث النبوي ة المتعلق ة بالتعام ل م ع غ ير المس لمين في المناس بات
االجتماعية والعقدية ،وجمعت هذه األحاديث من الكتب الحديثية.
ثانياً :المنهج االستنباطي :حيث سأقوم باستنباط األحكام الشرعية المستفادة من النصوص الحديثية المتعلقة بهذا الموضوع.
407 المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية ،مج ( ،)13ع (1438 ،)3ه2017/م ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التعامل مع غير المسلمين في المناسبات االجتماعية والعقدية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خطة البحث:
اشتمل هذا البحث على مقدمة وثالثة مباحث وخاتمة على النحو اآلتي:
المبحث األول :السالم والتحية على غير المسلمين ،ويشتمل على ثالثة مطالب:
المطلب األول :مكانة السالم ومفهومه في اإلسالم.
المطلب الثاني :إلقاء السالم على غير المسلمين.
المطلب الثالث :كيفية الرد على تحية غير المسلمين وسالمهم.
المبحث الثاني :التهادي مع غير المسلمين ،ويشتمل على أربعة مطالب:
المطلب األول :مفهوم الهدية في اللغة واالصطالح.
المطلب الثاني :مشروعية الهدية وحكمها.
المطلب الثالث :إهداء المسلمين إلى غير المسلمين.
المطلب الرابع :إهداء غير المسلمين للمسلمين.
المبحث الثالث :التهاني بين المسلمين وغير المسلمين ،ويشتمل على ثالثة مطالب:
المطلب األول :مفهوم التهنئة في اللغة واالصطالح.
المطلب الثاني :مشروعية التهنئة وحكمها.
المطلب الثالث :التهنئة بين المسلمين وغير المسلمين.
المبحث األول
السالم والتحية على غير المسلمين
408
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية ،مج ( ،)13ع ( 1438 ،)3ه2017/م
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ بكر بني إرشيد
وقد اهتمت السنة النبوية الشريفة بهذا الموضوع الهام ،وجاءت األحاديث الكثيرة التي اشتملت على المعاني
العظيمة لهذا الموضوع ،هذا وقد سمى اإلمام مسلم أحد كتب جامعه الصحيح بكتاب السالم ،بينما جعل اإلمام البخاري
ال: النِب ِّي َ ،ق َ أح اديث الس الم في كت اب االس تئذان .والس الم تحي ة المؤم نين من ذ خل ق اهلل آدم ،روى َأِب و ُهَرْي َر َة َ ،ع ِن َّ
ك َوتَ ِحَّيةُ ك ،تَ ِحيَّتُ َ اس تَ ِم ْع َم ا ُي َحي َ
ُّون َ ِ ِ
المالَئ َك ة ،فَ ْ ك م َن َ
ب فَس لِّم علَى أُولَئِ َ ِ
اع ا ،ثَُّم قَ ا َل :ا ْذ َه ْ َ ْ َ
آدم وطُولُ ه ِس تُّ ِ
ون ذ َر ً َ ُ ق اللهُ َ َ َ
" َخلَ َ َّ
َّ ِ َّ ِ ُذ ِّريَّتِ َ
ور ِة ص َ الجَّنةَ َعلَى ُ ك َو َر ْح َم ةُ الله ،فَ َز ُادوهَُ :و َر ْح َم ةُ الله ،فَ ُك ُّل َم ْن َي ْد ُخ ُل َ الس الَ ُم َعلَْي َ
السالَ ُم َعلَْي ُك ْم ،فَقَ الُواَّ : ك ،فَقَا َل َّ
اآلن"( ،)1فق د ك انت ه ذه التحي ة تحي ة آدم للمالئك ة ،وك انت أيض ًا تحي ة المالئك ة عليهم ص َحتَّى َ ق َي ْنقُ ُالخْل ُآد َمَ ،فلَ ْم َي َز ِل َ َ
السالم عليه ،وزادوه ورحمة اهلل.
ال ُم َعلَى اللَّ ِه الس َالنبِ ِّي ُ قْلَناَّ : صَّلْيَنا َم َع َّ الُ :كَّنا ِإ َذا َ الل ِه بن مسعود َ ،ق َ والسالم اسم من أسماء اهلل تعالى ،فع ْن عْبِد َّ
َ َ
النبِ ُّي ،أَ ْقَب َل َعلَْيَن ا ف َّ ِ ِ الس الَ ُم َعلَى ِجْب ِري َلَّ ، قَْب َل ِعَب ِاد ِهَّ ،
ص َر َ الس الَ ُم َعلَى فُالَ ٍن َوفُالَ ٍنَ ،فلَ َّما ْان َ الس الَ ُم َعلَى مي َكائي َلَّ ،
َّ َّات ِللَّ ِهَ ،و َّ
الس الَ ُم اتَّ ، اتَ ،والطيَِّب ُ الص لَ َو ُ الص الَ ِة َفْلَي ُق ْل :التَّ ِحي ُ
َح ُد ُك ْم ِفي َّ الس الَ ُم ،فَ ِإ َذا َجلَ َس أ َبِ َو ْج ِه ِه ،فَقَ ا َلِ" :إ َّن اللَّهَ ُه َو َّ
ص ِال ٍح َّ ٍ
اب ُكل َع ْب د َ َص َ كأ َ ال َذِل َ ين ،فَِإَّنهُ ِإ َذا قَ َ ِِ ِ ِ َّ ِ
السالَ ُم َعلَْيَنا َو َعلَى عَباد الله الصَّالح َ النبِ ُّي َو َر ْح َمةُ اللَّ ِه َوَب َر َكاتُهَُّ ، ك أَيُّهَا َّ َعلَْي َ
اء"(،)2 ِ ِ َش هَ ُد أ َّ َن الَ ِإلَ هَ ِإاَّل اللَّهَُ ،وأ ْ اء واأل َْر ِ ِفي َّ ِ
َن ُم َح َّم ًدا َع ْب ُدهُ َو َر ُس ولُهُ ،ثَُّم َيتَ َخي َّْر َب ْع ُد م َن ال َكالَم َم ا َش َ َش هَ ُد أ ْ
ض ،أ ْ الس َم َ
الس#اَل ُم اْل ُم#ْ #ؤ ِم ُن اْل ُم َهْي ِم ُن ِ ٰ وقد جاء هذا االسم الكريم من أسماء اهلل تعالى في قولهُ :هو َّ ِ
ُّوس َّ الل ُه َّالذي اَل ِإَل َه ِإاَّل ُهَو اْل َمل ُك اْلقُد ُ َ
ون[الحشر.]٢٣ : ش ِر ُك َ ان اللَّ ِه َع َّما ُي ْ س ْب َح َ اْل َع ِز ُيز ا ْل َجب ُ
َّار ا ْل ُمتَ َك ِّب ُر ۚ ُ
الِ" :إيَّا ُك ْم النِب ِّي َ ق َ ي َ ،ع ِن َّ فع ْن َأِبي َس ِع ٍيد اْل ُخ ـــ ْدِر ِّورد الس الم من ح ق الطري ق ،ومن ح ق المس لم على المس لمَ ، ّ
ِ اَّل ِ ِ ِ ِ ِ وس ِفي الطُرَقات" َقالُواَ :يا َر ُس َ
ِ ُّ
َعطُوا ول اهلل َ " :فِإ َذا أََبْيتُْم ِإ اْل َم ْجل َس فَ أ ْ ال َر ُس ُ يهاَ ،ق َ ثف َ ول اهلل َما َلَنا ُبٌّد م ْن َم َجالسَنا َنتَ َحَّد ُ َواْل ُجلُ َ
الن ْه ُي َع ِن وفَ ،و َّ الس اَل ِم واأْل َم ر بِ اْلمعر ِ
َ ُْ َ ْ ُ ف اأْل َ َذىَ ،و َر ُّد َّ ص ِر ،و َك ُّ
َ ض اْلَب َ "غ ُّ الَ : ق َحقَّهُ" قَ الُواَ :و َم ا َحقُّهُ؟ ،قَ َ الطَّ ِري َ
س، اط ِ يت اْلع ِ ِ َخي ِه :رُّد َّ ِ "خمس تَ ِجب ِلْلمس ِلِم عَلى أ ِ اْل ُمْن َك ِر" ،كم ا ج اء َع ْن َأِبي ُهَرْي َرَة َ ،ق َ
الس اَل مَ ،وتَ ْش م ُ َ ول اهلل ٌ ْ َ : ال َر ُس ُ الَ :ق َ
() 3
َ ُ ُْ َ
يضَ ،واتَِّباعُ اْل َجَنائِ ِز "(.)4 ادةُ اْل َم ِر ِ الد ْع َو ِةَ ،و ِعَي َوإِ َج َابةُ َّ
َ
ِ
الب َراء ْب ِن فع ِن َ وينبغي على المسلمين أن يكثروا من رد السالم ،وإ فشائه بين الناس التزام اً باألمر النبوي الكريم َ
يت الع ِ اع الجَنائِ ِز ،وتَ ْش ِم ِ ِِ ِ َّ ِ ِ ض َي اللَّهُ َعْنهُ َما ،-قَ َ ع ِاز ٍب -ر ِ
ص ِر سَ ،وَن ْ اط ِ َ َ يضَ ،واتَِّب ِ َ الم ِر ِ ال " :أ ََمَرَنا َر ُسو ُل الله ب َسْب ٍع :بعَي َادة َ َ َ
ِ ِ ِ ِ ظلُ ِ ِ ِ
حث رسول اهلل على إلقاء السالم على من نعرف الم ْقس م "...كما ّ المَ ،وإِ ْب َر ِار ُ الض عيفَ ،و َع ْو ِن َ َّ
()5
الس َ
ومَ ،وإِ ْف َش اء َّ الم ْ
الَم َعَلى َم ْن الس َالط َع َامَ ،وتَْقَرأُ َّ ط ِعم َّ الِم َخْيٌر؟ َق َ َي ِ النِب َّي :أ ُّ َل َّ الل ِه ْاب ِن َع ْمٍرو :أ َّ ومن ال نعرف ،فع ْن عْبِد َّ
ال" :تُ ْ ُ اإل ْس َ َن َر ُجاًل َسأ َ َ َ
ف" ،ومعلوم في هذه الحالة أن المسلم قد يلقي السالم على غير المسلمين ،أخذًا من هذا النص تَ ،و َعَلى َم ْن َل ْم تَ ْع ِر ْ
()6
َع َر ْف َ
الشريف وخاصةً من يعيش منهم في مجتمعات فيها مسلمين وغيرهم.
فع ْن أَبِيوحرم اإلسالم على المسلم أن يهجر أخاه ويقاطعه ،وإ ذا حصل خالف فال يجوز أن يزيد على ثالثة أيامَ ، ّ
َِّ ُّ
ص د َه َذاَ ،و َخْيُر ُه َم ا الذي َيْب َدأُ ُّ ِ ٍ
الثَ ،يْلتَقَي ِ ٍِ ِ ُّ ِ ِ ُّوبَ ،ع ِن َّ
ص د َه َذا َوَي ُان :فََي ُ ق ثَ َ َخ اهُ فَ ْو َ َن َي ْه ُج َر أ َ
ال َيح ل ل ُم ْس لم أ ْ
الَ " :
النب ِّي قَ َ أَي َ
الِم" ،فأقل العالقة بين المسلمين هي رد السالم .وكان النبي أكثر الناس سالمًا على الناس حتى أنه كان يسلم على ()7
ِب َّ
الس َ
النِب ُّي َ ي ْف َعلُ ُه"( ،)8وك ل م ا تق دم وغ يره من ان َّالَ " :ك َان َف َس َّلَم َعَلْي ِه ْم» َوَق َ س ْب ِن م ِالك« :أََّنه م َّر عَلى ِ
ص ْبَي ٍ َُ َ َ فع ْن أََن ِ
الص بيانَ ،
النصوص الكريمة يؤكد أهمية السالم ،ومكانته العالية الرفيعة في هذا الدين العظيم.
وأما معنى السالم لغ ًة( :السالم السالمة) .و(السالم) االستسالم .و(السالم) االسم من التسليم .و(السالم) اسم من أسماء
اهلل تع الى ،و(الس الم) ال براءة من العي وب( ،)9والتس ليم ،والتحي ة عن د المس لمين ،والس المة وال براءة من العي وب ،واألم ان،
والصلح ،ودار السالم :الجنة(.)10
409 المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية ،مج ( ،)13ع (1438 ،)3ه2017/م ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التعامل مع غير المسلمين في المناسبات االجتماعية والعقدية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والسالم اصطالحًا :السالم من النقائص ،وقيل :المسلم لعباده ،وقيل :المسلم على أوليائه .ونقل ابن حجر كالم ابن
دقيق العيد في شرح اإللمام :قال" :السالم يطلق بإزاء معان ،منها السالمة ،ومنها التحية ،ومنها أنه اسم من أسماء اهلل
تعالى"( .)11وقال النووي" :وأما معنى السالم فقيل هو اسم اهلل تعالى ،فقوله( :السالم عليك) أي اسم السالم عليك ،ومعناه
اس م اهلل علي ك ،أي أنت في حفظ ه ،كم ا يق ال :اهلل مع ك ،اهلل يص حبك ،وقي ل الس الم بمع نى الس المة أي الس المة المالزم ة
لك"(.)12
وبما أن اإلنسان يأنس بالسالم ،سمى اهلل الجنة دار السالم ،قال تعالىَ :لهم َدار َّ ِ ِ
الساَل م ع ْن َد َرِّب ِه ْم ۖ َو ُهَو َوِلي ُ
ُّه ْم ُْ ُ
اط مس#تَ ِق ٍ ِ ٍ الساَل ِم َو َي ْهِدي َم ْن َي َ
ِب َما َكا ُنوا َي ْع َملُونَ[األنعام ،]١٢٧ :وقال تعالىَ :واللَّ ُه َي ْد ُعو إَِل ٰى َد ِار َّ
يم[ ي ونس: اء إَِل ٰى صَ#ر ُ ْ شُ #
]٢٥ومعنى (لهم دار السالم) :أي لهؤالء القوم (دار السالم) أي الجنة كما قال قتادة ،والسالم هو اهلل تعالى كما قال الحسن،
الزج اج والجب ائي( :الس الم) بمع نى الس المة :أي دار
والس دي ،وابن زي د ،وإ ض افة ال دار إلي ه س بحانه للتش ريف ،وق ال ّ
السالمة من اآلفات والباليا وسائر المكاره التي يلقاها أهل الدار ،وقيل هو بمعنى التسليم :أي دار تحيتهم فيها سالم(.)13
يتبين من خالل ما تقدم أن السالم اسم من أسماء اهلل تعالى ،جعله اهلل تحية عباده المؤمنين الصالحين منذ خلق آدم
َّ
للمسلم عليه بالسالمة والحماية ،فال يستحقه فاسق وال كافر وال منافق ،فلم يكتب النبي إلى إلى قيام الساعة ،وهو دعاء
مل وك الكفار (السالم عليكم) ولكن كتب إليهم (السالم على من اتبع الهدى) ،وهذا م ا ورد في إرشاد اهلل لموس ى وهارون
سَ#ر ِائ َ
يل َواَل تُ َع ِّ#ذ ْب ُه ْم ۖ قَ ْ#د ِ ِ
سواَل َرِّب َك َفأَْرسْ #ل َم َعَن#ا َبني ِإ ْ
ِ
عليهما السالم عندما أرسلهم إلى فرعون قال تعالىَ :فأْتَياهُ َفقُواَل ِإَّنا َر ُ
آي ٍة ِم ْن َر ِّب َك ۖ َو َّ
الساَل ُم َعلَ ٰى َم ِن اتََّب َع ا ْل ُه َدىٰ[طه.]47 : ِج ْئ َنا َك ِب َ
410
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية ،مج ( ،)13ع ( 1438 ،)3ه2017/م
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ بكر بني إرشيد
وحكي عن بعض الشافعية أنه يجوز االبتداء لهم بالسالم ،ولكن يقتصر على قول( :السالم عليكم)،
إذ أصل النهي التحريمُ .
وروي ذل ك عن ابن عب اس وغ يره ،وحكى القاض ي عي اض عن جماع ة ج واز ذل ك ،ولكن للض رورة والحاج ة .وب ه ق ال
علقمة واألوزاعي(.)21
كما نقل اإلمام القرطبي قول اإلمام النخعي قال" :إذا كانت لك حاجة عند يهودي أو نصراني ،فابدأه بالسالم؛ فبان
به ذا أن ح ديث أبي هري رة (ال تب دأوهم بالس الم) إذا ك ان لغ ير س بب ي دعوكم إلى أن تب دأوهم بالس الم من قض اء ذم ام ،أو
حاجة تعرض لكم قبلهم ،أو حق صحبة ،أو جوار ،أو سفر"( .)22قال الشوكاني" :وقد قطع األكثر بأنه ال يجوز ابتداؤهم
بالس الم ،وفي الص حيحين عن أس امة أن رس ول اهلل م ر على مجلس في ه أخالط من المس لمين والمش ركين فس لّم
عليهـــم ،وفي الصحيحين أن رسول اهلل كتب إلى هرقل عظيم الروم (سالم على من اتبع الهدى) ،وفي حديث حق المسلم
على المسلم خمس ...ما يفيد أنه ال ُيرد على الكافر"(.)23
وقد نقل ابن حجر بعض ًا من أقوال أهل العلم في منع ابتدائهم بالسالم ،ومنها رأي النووي المتقدم وغيره ،ثم قال:
وقالت طائفة :يجوز ابتداؤهم بالسالم ،فقد أخرج الطبري من طريق ابن عيينة قال :يجوز ابتداء الكافر بالسالم لقوله
وه ْم َوتُ ْق ِس #طُوا إِلَ ْي ِه ْم ۚ إِ َّن اللَّ َه
َن تََب ُّر ُ ِّين َولَ ْم ُي ْخ ِر ُجو ُك ْم ِم ْن ِد َي ِ
ار ُك ْم أ ْ ين لَ ْم ُيقَ ِاتلُو ُك ْم ِفي الد ِ
تعالى :اَل َي ْن َها ُك ُم اللَّ ُه َع ِن الَّ ِذ َ
ب اْل ُم ْق ِس ِطينَ [الممتحنة ،]٨ :وقول إبراهيم عليه الصالة والس ــالم ألبيه (ســالم عليك) ،وأورد ابن أبي شـ ــيبة أثرًا من طـريق ُي ِح ُّ
عـون بـن عبداهلل عن محمد بن كعب أنه سأل عمر بن عبدالعزيز عن ابتداء أهل الذمة بالسالم فقال :نرد عليهم وال نب دؤهم.
س#اَل ٌم
اص َف ْح َعْن ُه ْم َو ُق ْل َ
قال عون :فقلت له :فكيف تقول أنت؟ قال :ما أرى بأسًا أن نبدأهم .قلت :لم؟ قال :لقول ه تع الىَ :ف ْ
الساَل ِم
َح ًدا َس َبَق ُه ِب َّ
ت أَالَ :ف َم ا َعِل ْم ُان ُي َسِّلُم َعَلى ُك ِّل َم ْن َلِقَي ُهَ .ق َ
[الزخرف ]٨٩ :وقال البيهقي بعد أن ساق حديث أبي أمامة أََّن ُه َك َ
ال:
ت؟ َق َ ص َن ْع َ وديَُّ ،م ا َح َمَل َك َعَلى َم ا َ ال َل ُه أَُبو أُمام َة :وْي َح َك َيا َيهُ ِ
ََ َ طَو َان ٍةَ ،ف َخَر َج َف َسَّلَم َعَلْي ِهَ ،فَق َُس ُ
فأْ اختََبَأ َل ُه َخْل َ وديًّا َمَّر ًة ْ ِإاَّل َيهُ ِ
ول ِ
اهلل اهلل َ يُق ُ ِ
ول" :إ َّن َ ت َر ُس َ ام َةَ :وْي َح َكِ ،إنِّي َس ِم ْع ُ آخ َذ ِب ِهَ ،فَق َ
ال أَُبو أ َُم َ َن ُ ت أْ َحَبْب ُ ض ٌلَ ،فأ ْت أََّن ُه َف ْالساَل َمَ ،ف َعِل ْم ُ
َرأَْيتُ َك َر ُجاًل تُ ْكِثُر َّ
َه ِل ِذ َّمِتَنا"( ،)24هذا رأي أبي أمامة"(.)25 الساَل َم تَ ِحَّي ًة أِل َُّمِتَناَ ،وأ ََم ًانا أِل ْ
َج َع َل َّ
رجح ابن حجر عدم ابتدائهم بالسالم فقال" :وحديث أبي هري رة في النهي عن ابتدائهم أولى"( .)26وقال :وأجاب
ثم ّ
عياض عن اآلية ،وكذا عن قول إبراهيم ألبيه ،بأن القصد بذلك المتاركة والمباعدة وليس القصد فيهما التحية ،وبأن اآلية
س#اَل ٌم منس وخة بآية القت ال ،وق ال الطبري :ال مخالف ة بين ح ديث أس امة في س الم الن بي على الكف ار
صَ #ف ْح َعْن ُه ْم َو ُق ْ#ل َ
َفا ْ
حيث كانوا مع المسلمين ،وبين حديث أبي هريرة في النهي عن السالم على الكفار؛ ألن حديث أبي هريرة عام وحديث أسامة
خاص ،فيختص من حديث أبي هريرة ما إذا كان االبتداء لغير سبب ،وال حاجة من حق صحبة ،أو مجاورة أو مكافأة ،أو
نحو ذلك ،والمراد منع ابتدائهم بالسالم المشروع(.)27
ولكن ما معنى اضطرارهم إلى أضيق الطريق؟ قال اإلمام النووي" :ال ُيترك للذمي صدر الطريق ،بل ُيضطر
إلى أضيقه ،إذا كان المسلمون يطرقون ،فإن خلت الطريق عن الزحمة فال حرج ،قالوا :وليكن التضيق بحيث ال يقع في
وهدة ،وال يصدمه جدار ونحوه"( ،)28والمعنى :ال تتنحوا لهم عن الطريق الضيق إكرام ًا لهم واحترام ًا ،وعلى هذا فتكون
هذه الجملة ،مناسبة للجملة األولى في المعنى ،وليس المعنى إذا لقيتموهم في طريق واسع فالجئوهم إلى حرفه حتى يضيق
عليهم؛ ألن ذلك أذى لهم وقد نهينا عن إيذائهم بغير سبب(.)29
قلت :السالم اإلسالمي تكريم لمن ُيسلم به عليه ،وال يستحقه إال من كان على هدى وتقى واستقامة ،فإذا كان النبي
قد أمر بمقاطعة الثالثة الذين ُخّلفوا عن غزوة تبوك وهم صحابة ،فكيف يكون الحال في السالم على اليهود ومن على شاكلتهم
وكَ ،وَن َهى ين تَ َخَّل َ
ف َع ْن تَُب َ ثحَ
ت َكعب ْبن م ِال ٍك" :يح ِّد ُ ِ
َُ
الل ِه ْابن َكع ٍبَ ،ق َ ِ
الَ :س م ْع ُ ْ َ َ َ َ ْ
من المش ركين ،فق د ج اء في ح ديث عْب َد َّ
َ
411 المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية ،مج ( ،)13ع (1438 ،)3ه2017/م ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التعامل مع غير المسلمين في المناسبات االجتماعية والعقدية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الِم أ َْم َ
ال؟ َحتَّى َك َمَل ْ
ت ول ِفي َن ْف ِس يَ :ه ْل َح َّر َك َش َفتَْي ِه ِب َرِّد َّ
الس َ ُس ِّلُم َعَلْي ِهَ ،ف َأُق ُ ال ِمَن ا ،و ِآتي رس َ َّ ِ
ول الله َ فأ َ َ َ ُ الل ِه َ ع ْن َك َول َّ
َر ُس ُ
ص لَّى الفَ ْج َر"( ،)30ق ال الن ووي" :يؤخ ذ من ه اس تحباب هج ران أه ل ين َ
ِ ِ َّ ِ
النبِ ُّي بِتَ ْوَب ة الله َعلَْيَن ا ح َ
ون لَْيلَ ةًَ ،وآ َذ َن َّ
َخ ْم ُس َ
البدع والمعاصي الظاهرة ،وترك السالم عليهم ومقاطعتهم ،تحقيراً لهم وزجراً"(.)31
وقال ابن حجر :قد ذهب الجمهور إلى أنه ال ُيسلم على الفاسق وال المبتدع ،ونقل بعض ًا من أقوال أهل العلم منها
ق ول المهلب :ت رك الس الم على أه ل المعاص ي س نة ماض ية ،وب ه ق ال كث ير من أه ل العلم في أه ل الب دع ،وألح ق بعض
الحنفية بأهل المعاصي من يتعاطى خوارم المروءة ،ككثرة المزاح ،واللهو ،وفحش القول ،والجلوس في األسواق لرؤية من
يمر من النساء ونحو ذلك ،وحكى ابن رشد قال :قال مالك :ال ُيسلم على أهل األهواء ،وقال ابن دقيق العيد :ويكون ذلك
على سبيل التأديب لهم والتبري منهم(.)32
412
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية ،مج ( ،)13ع ( 1438 ،)3ه2017/م
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ بكر بني إرشيد
والص ورة تتض ح أك ثر عند التأم ل في س بب ال رد عليهم بـ( :عليكم) ،أو (وعليكم)؛ ألن ه كم ا تقدم يقول ون (الس ام
عليكم) ،أي الموت ،فال ينبغي لك أن ترد على من يريد لك الشر إال بمثل تحيته ،أما غيرهم من المسالمين وغيرهم ممن ال
يعادونك ،فيتض ح من ترجم ة البخ اري (ب اب كي ف ي رد على أه ل الذم ة الس الم) أن هن اك إش ارة إلى أن ه ال من ع من رد
الل َه س َن ِمْن َها أَْو ُرد َ
ُّوه#ا ۗ ِإ َّن َّ الس الم على أهل الذمة ،فلذلك ترجم بالكيفية ويؤيده قوله تعالى :وإِ َذا حِّييتُم ِبتَ ِحي ٍ
َّة َف َحيُّوا ِبأ ْ
َح َ َ ُ ْ
ش ْي ٍء َح ِس ًيبا [النساء ،]٨٦ :فإنه يدل على أن الرد يكون وفق االبتداء ،إن لم يكن أحسن منه ،وقد ثبت عن حبر ان َعَل ٰى ُك ِّل َ
َك َ
األمة وترجمان القرآن ابن عباس -رضي اهلل عنهما -أنه قال :من سّلم عليك فرد عليه ولو كان مجوسيًا ،وبه قال الشعبي
وقتادة ،ومنع من ذلك مالك والجمهور(.)41
قال النووي" :اتفق العلماء على الرد على أهل الكتاب إذا سّلموا ،لكن ال يقال لهم ،وعليكم السالم ،بل يقال( :عليكم )
فق ط ،أو (وعليكم) ،وق د ج اءت األح اديث ال تي ذكره ا مس لم (عليكم)( ،وعليكم) ،بإثب ات ال واو وح ذفها ،وأك ثر الرواي ات
بإثباتها ،وعلى هذا في معناه وجهان :أحدهما أنه على ظاهره فقالوا :عليكم الموت ،فقال :وعليكم أيض ًا ،أي نحن وأنتم فيه
وأكد ()42
سواء وكلنا نموت ،والثاني أن الواو هنا لالستئناف ال للعطف والتشريك ،وتقديره ،وعليكم ما تستحقونه من الذم"
ال رد عليهم بق ول (وعليكم) الص نعاني ق ال" :اتف ق العلم اء على أن ه ي رد على أه ل الكت اب ،ولكن ه يقتص ر على قول ه
(وعليكم)"(.)43
جوز أن يقال في الرد عليهم (وعليكم السالم) ،ولكن ال يقول (ورحمة اهلل) ،وقد
وذكر النووي أن بعض أصحابه ّ
رده وقال :وهو ضعيف مخالف لألحاديث ،واهلل أعلم .ثم ّبين أنه يجوز االبتداء بالسالم على جمع فيه مسلمون وكفار أو
ط
ال ٌ َخ َ س ِف ِ
يه أ ْ مسلم وكفار ،ويقصد المسلمين( .)44للحديث الذي رواه أسامة بن زيد -رضي اهلل عنهما -أنه َ م َّر على َم ْجِل ٍ
َّ ِ الم ْجِل ِ الل ِه ْب ُن أَُب ٍّي ْاب ُن َس لُ َ ِود ،وِفي ِهم عْب ُد َّ ين َعَب َدِة األَْوثَ ِ ِ ِِ ِ
اح َةَ ،فَل َّما
س َعْب ُد الله ْب ُن َرَو َ ولَ ،وفي َ اليهُ ِ َ ْ َ ان َو َ الم ْش ِرك َ
ين َو ُ
الم ْس لم َ
م َن ُ
ف .)45(... ال تُ َغبُِّروا َعَلْيَناَ ،ف َسَّلَم َعَلْي ِه ُم َّ
النِب ُّي ثَُّم َوَق َ الل ِه ْب ُن أَُب ٍّي أَْنَف ُه ِبِر َد ِائ ِه ،ثَُّم َق َ
الَ : الداب َِّةَ ،خ َّمر عْب ُد َّ
َ َ اجةُ َّ َغ ِشي ِت ِ
الم ْجل َس َع َج َ
َ َ
قوله ( يا عائشة إن اهلل يحب الرفق في األمر كله) هذا من عظيم ُخلقه وكمال حلمه ،وفيه حث على الرفق
والص بر والحلم ،ومالطف ة الن اس م ا لم ت دع حاج ة إلى المخاش نة ،وقول ه (ف إن اهلل ال يحب الفحش والتفحش) ،أي ال يحب
القبيح من القول والفعل ،ومجاوزة الحد ،وفيه تغافل أهل الفضل عن سفه المبطلين إذا لم تترتب عليه مفسدة( .)46قلت :أين
نحن من هذه األخالق وسموها ،نسأل اهلل العفو والعافية والمسامحة ،وأن يعيننا على االقتداء بهذه األخالق النبوية العظيمة.
يتضح مما سبق أن هؤالء المشركين أصناف وأنواع ،فمنهم المسالم الذي ال يكن عداوة للمسلمين بسبب دينهم،
ِّين َولَ ْم ُي ْخ ِر ُج##و ُك ْم ِم ْن
#اتلُو ُك ْم ِفي ال##د ِ
ين لَم يقَِ # ِ
فمن الحكم ة واإلحس ان والع دل مع املتهم وف ق اآلي ة اَل َي ْن َه##ا ُك ُم اللَّ ُه َع ِن الَّذ َ ْ ُ
سَ #ن ِم ْن َه#ا وهم وتُ ْق ِس#طُوا إِلَ ْي ِهم ۚ إِ َّن اللَّ َه ي ِح ُّب ا ْلم ْق ِسِ #طينَ[الممتحن ة ،]٨ :واآلية وإِ َذا حِّييتُم ِبتَ ِحي ٍ
َّة فَ َحيُّوا ِبأ ْ
َح َ َ ُ ْ ُ ُ ْ َن تََب ُّ#ر ُ ْ َ ِد َي ِ
#ار ُك ْم أ ْ
ان علَ ٰى ُك ِّ#ل َ ٍ ِ
يبا[النس اء ،]٨٦ :فإن اآلي ة بعمومه ا تشمل المس لمين وغيرهم أيض اً في حال شْ #يء َحسً # ُّوها ۗ إِ َّن اللَّ َه َك َ َ
أ َْو ُرد َ
ردهم الس الم ،لكن ال نب دأهم ب ه ،أم ا اليه ود فيجب الح ذر من تحيتهم؛ لم ا ورد فيه ا من ذك ر الس ام عليكم كم ا تق دم،
ويتعامل معهم ومع من على شاكلتهم ،وفق ما جاء في الهدي النبوي (فقولوا :وعليكم) ،وهو األرجح من (عليكم) .وأما الذين
يع ادون المس لمين لعقي دتهم ودينهم ويت آمرون عليهم ،فال يج وز رد الس الم عليهم ،ف إذا ك ان أه ل اإلس الم من العص اة
والمذنبين كما تقدم من حديث كعب بن مالك ال يستحقون السالم؛ فكيف يستحقه من يحارب المسلمين ويتآمر عليهم.
ه ذا م ع العلم أن غ ير المس لمين ومن خالل الواق ع ال يعرف ون في الغ الب التحي ة اإلس المية ،وال يتع املون به ا ،وال
يستعملونها في حياتهم ،فكي ف نبدأهم بها؟ مع عدم استعمالهم لها ،وكي ف نرد على تحيتهم بغير السالم ،كـ (صباح الخير)
و(مساء الخير) و(مرحبا) و(كيف حالك)؟ وما شاكل ذلك ،قال أبو داود :قلت ألبي عبد اهلل :تكره أن يقول الرجل للذمي:
413 المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية ،مج ( ،)13ع (1438 ،)3ه2017/م ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التعامل مع غير المسلمين في المناسبات االجتماعية والعقدية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كيف أصبحت؟ أو كيف حالك؟ أو كيف أنت؟ أو نحو هذا؟ قال :نعم ،هذا عندي أكثر من السالم( .)47وأعتقد أن هذا في حالة
أن يك ون الذمي مع ادي للمسلمين ،كم ا تقدم في ق ول اليه ود (الس ام عليكم) ،وإ ال ف إن مث ل هذا الق ول مح رج للمس لمين الذين
يعيشون مع غير المسلمين في المجتمعات الغربية وغيرها ،وهم عبارة عن أقليات ،وربما ترتب عليه عداوة سافرة لإلسالم
ونعته بالتعصب والتزمت ،كما ويترتب عليه فتن وامتحانات لهؤالء المسلمين ال تحمد عقباها ،وهو يتعارض مع ما كتبه النبي
إلى هرق ل وغيره .قال ابن حجر :قال الطبري :من ع الشرع ابتدائهم بالسالم المشروع ،فأما لو س ّلم عليهم بلفظ يقتضي
خروجهم عنه كأن يقول :السالم علينا وعلى عباد اهلل الصالحين ،فهو جائز ،كما كتب النبي إلى هرقل وغيره( :سالم على
من اتبع الهدى)(.)48
رجح األلباني –رحمه اهلل -الجواز ،أي جواز رد السالم عليهم بغير السالم اإلسالمي المعروف؛ ألن النهي
وقد ّ
المذكور في الحديث إنما هو عن السالم ،وهو عند االطالق يراد به السالم اإلسالمي الذي يتضمن اسم اهلل ( السالم)،
واستدل على ما ذهب إليه ،ان النبي كتب إلى هرقل(سالم على من اتبع الهدى) ،ولم يبدأه بالسالم ،وكذلك لما عاد الغالم
اليهودي ،قال له :أسلم ,ولم يقل( :السالم عليك) ،وكذلك لم يقل ألبي طالب :السالم عليك ،وإ نما قال :يا عم قل ال إله إال
اهلل ،فثبت من ه ذه الرواي ات أن ب دأ الكت ابي بالس الم ال يج وز مطلق اً ،س واء ك ان في الطري ق أو في الم نزل ،أو غ يره
(.)49
قلت :وتحيتهم بغير تحية السالم تقتضيها أمور منها :مراعاة إنسانيتهم ،وسمو أخالق ديننا العظيم ،ومراعاة
روح التع ايش معهم خصوص اً بع د أن أص بح الع الم اآلن يوص ف بأن ه قري ة ص غيرة ،وهن اك مص الح للمس لمين في
معاملة هؤالء بمثل هذه التحية؛ وألن النبي قدوتنا كتب( :سالم على من اتبع الهدى).
كما يتضح من قول شيخ اإلسالم ابن تيمية –رحمه اهلل-وهو عين الحكمة ما يجب أن يتصف به المسلم ،قال" :لو أن
المسلم بدار حرب أو دار كفر غير حرب :لم يكن مأمورًا بالمخالفة لهم في الهدي الظاهر ،لما عليه من ذلك من الضرر،
بل قد يستحب للرجل أو يجب عليه :أن يشاركهم أحيان ًا في هديهم الظاهر ،إذا كان في ذلك مصلحة دينية من دعوتهم إلى
ال دين ،واالطالع على ب اطن أم ورهم إلخب ار المس لمين ب ذلك ،أو دف ع ض ررهم عن المس لمين ،ونح و ذل ك من المقاص د
الصالحة"(.)50
المبحث الثاني
التهادي مع غير المسلمين
414
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية ،مج ( ،)13ع ( 1438 ،)3ه2017/م
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ بكر بني إرشيد
فالتمليك بال عوض هبة ،فإن انضم إليه حمل الموهوب من مكان إلى مكان الموهوب له إعظامًا له أو إكرام ًا فهو هدية،
فامتياز الهدية عن الهبة بالنقل والحمل من موضع إلى موضع ،ومنه إهداء النعم إلى الحرم ،ولذلك ال يدخل لفظ الهدية
في العقار بحال ،وعليه فكل هدية وصدقة هبة وال تنعكس(.)57
المطلب الثاني :مشروعية الهدية وحكمها:
جاء ذك ر الهدي ة في القرآن الك ريم في سورة النم ل من خالل ع رض قص ة س ليمان وبلقيس ملكة سبأ ،ق ال
ِ ِ ٍ ِ
ون[النم ل ]٣٥ :وق د رفض س ليمان الهدي ة رفض اً قاطع اً س#لُ َ تع الىَ :وإِ ِّني ُم ْرسلَ ٌة إِلَ ْي ِه ْم ِب َهديَّة فَ َن#اظ َرةٌ ِب َم َي ْر ِج##عُ ا ْل ُم ْر َ
وأمر برده ا؛ ألن ه شعر أن ملكة سبأ بعثت به ا إليه؛ لكي يقب ل منها بقائه ا على الشرك وعب ادة الشمس ،قال تعالى:
#ع إِلَ ْي ِه ْم َفلَ َن#أ ِْت َي َّن ُه ْم ال فَ َما آتَ ِان َي اللَّ ُه َخ ْيٌر ِم َّما آتَا ُك ْم َب ْل أَ ْنتُ ْم ِب َه ِدي َِّت ُك ْم تَ ْف َر ُح َ
ون * ْار ِجْ # ال أَتُ ِمدُّو َن ِن ِبم ٍ
َ ان قَ َ سلَ ْي َم َ
اء ُ
َ فلَ َّما َج َ
ون[النمل ]٣٧–٣٦ :قال سليمان لرسول ملكة سبأ :أَتُ ِمدُّو َن ِن اغ ُر َ ِبج ُنو ٍد اَل ِقب َل لَهم ِبها ولَ ُن ْخ ِرج َّنهم ِم ْنها أ َِذلَّ ًة و ُهم ص ِ
َ ْ َ َ ُْ َ َ ُْ َ َ ُ
#ال؟ أي أتص انعونني بم ال ألت رككم على ش رككم وملككم ،إن اهلل تع الى أعط اني خ يراً كث يراً من المل ك والم ال ِبمٍ #
َ
والجنود َب ْل أَ ْنتُ ْم ِب َه ِدي َِّت ُك ْم تَ ْف َر ُح َ
ون ،أي أنتم الذين تنقادون إلى الهدايا والتحف ،وأما أنا فال أقبل منكم إال اإلسالم أو
السيف(.)58
ال عن السكوت عن الحق وعن الدعوة إلى اإلسالم واإليمان ،وواجب
وقد رد سليمان هدية بلقيس؛ ألنها كانت بد ً
الرسل التبليغ دون أجر ،ودون مهادنة أو مساومة؛ ألن غرضهم إرضاء اهلل ونشر العقيدة( .)59قال القرطبي" :كان النبي
يقبل الهدية ويثيب عليها ،وال يقبل الصدقة ،وكذلك كان سليمان وسائر األنبياء عليهم السالم"( ،)60وفائدة ذكر هذا الموضوع
في هذا البحث أن الهدية تقبل من الكافر ،شريطة أال يكون من ورائها مساومة وتنازل عن القيم اإليمانية ،واألخالق الديني ـة.
وقد جاء في مشروعية الهدية مجموعة من المرويات التي تبين للمسلم كيف يهدي ،وإ لى من يهدي ،ومن هو األولى
بالهدية ،ومتى يمتنع المسلم من قبول الهدية ،وكل ذلك هدفه بيان المرجعية الالئقة بعباد اهلل في االقتداء بنبيهم ،واالبتعاد
ال
اتَ ،ال" :ي ا ِنس اء المس ِلم ِ عن االبت داع والخ روج عن هديه ،من ه ذه الرواي ات م ا ج اء َع ْن َأِبي ُهَرْي َر َة َ ،ع ِن َِّ
النب ِّي َ ق َ َ َ َ ُ ْ َ
تَ ْحِق َر َّن َج َارةٌ ِل َج َارِت َه اَ ،وَل ْو ِفْر ِس َن َش ٍاة"( .)61وفرسن الشاة (بكسر الفاء والسين) هو الظلف ،وهذا النهي عن االحتقار نهي
المهدية ،ومعناه :ال تمتنع جارة من الصدقة والهدية لجارتها ،الستقاللها واحتقارها الموجود عندها ،بل تجود بما للمعطية ُ
ال كفرسن شاة ،وهو خير من العدم ،قال تعالىَ :ف َم ْن َي ْع َم ْل ِمثْ َق َ
ال َذَّر ٍة َخْيًرا َيَرهُ [الزلزلة. ]٧ :
()62
تيسر وإ ن كان قلي ً
ي ِإَل َّي ت ،وَل و أ ْ ِ يت ِإَلى ِذَر ٍ الَ« :ل ْو ُد ِع ُ النِب ِّي َ ق َ
ومثل هذا أيض ًا ما جاء َع ْن َأِبي ُهَرْي َر َة َ ،ع ِن َّ
ُه د َ َجْب ُ َ ْ
اع أَل َ
اع أَْو ُك َر ٍ
ت»( ،)63والمع نى أن ه إذا ك ان يجيب من دع اه على ذل ك الق در اليس ير ،فإلن يقبل ه ممن أحض ره إلي ه اع َلَقِبْل ُ ِذَر ٌ
اع أَْو ُك َر ٌ
أولى ،والكراع من الدابة :ما دون الكعب ،وخص الذراع والكراع بالذكر ،ليجمع بين الحقير والخطير ،ألن الذراع كانت
أحب إليه من غيرها ،والكراع ال قيمة له ،وفي ذكر الذراع والفرسن حظ على قبول الهدية ولو قّلت؛ لئال يمتنع الباعث من
الهدية الحتقار الشيء ،فحض على ذلك لما فيه من التآلف(.)64
وكان من هديه قبول الهدية وإ ثابة صاحبها؛ ألن المبدأ الديني (هل جزاء اإلحسان إال اإلحسان) فع ْن ع ِائ َش َة -ر ِ
ض َي َ َ َ
اللِه يْقب ُل ِ ِ ول َّ َّ
يب َعَلْي َه ا" ( ،)65ويتض ح مم ا س بق أن ه ك ان يك افئ ص احب الهدي ة م ا الهدَّي َة َوُيث ُ
ََ َ ان َر ُس ُ تَ " :ك َ الل ُه َعْن َهاَ ،-ق اَل ْ
يساويها أو يزيد عليها ،أو يعطيه بدلها ،كما كان يسأل عندما يقدم له طعام( ،هل هو هدية ،ام صدقة؟) فإن قيل له هدية
َص َحاِبِهُ " :كُلوا"، يل ص َدَق ٌةَ ،ق َ أِل
ال ْ
ِ
صَدَق ٌة؟"َ ،فِإ ْن ق َ َ
َل عْنه" :أ َِ
َهدَّي ٌة أَْم َ اللِه ِ إَذا أُِت َي ِب َ
ط َع ٍام َسأ َ َ ُ
ول َّ
ان َر ُس ُ فع ْن َأِبي ُهَرْيَرَةَ ،ق َ
الَ :ك َ أكلَ ،
وَلم يْأ ُك ْل ،وإِ ْن ِق َ ِ
ب َ ،فَأ َك َل َم َع ُهْم" . يل َهدَّي ٌةَ ،
() 66
ضَر َ َ ََْ
415 المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية ،مج ( ،)13ع (1438 ،)3ه2017/م ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التعامل مع غير المسلمين في المناسبات االجتماعية والعقدية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والهدية سبب في تحقيق الود والمحبة بين الناس ،وهذا من مقاصد الشريعة التي تحرص على التعاون وعلى البر
أود لم ا
ني تب ادلوا بينكم ،فأن ه ّ ِ َِّ والتق وىِ َ ،
فع ْن َأبي ُهَرْي َر َة َ ،عن النب ِّي ق ال" :تَ َه ُادوا تَ َح ابُّوا" ،وك ان أنس يق ول" :ي ا ب ّ
()67
بينكم"( )68وبعد هذا األحاديث واآلثار وغيرها مما ال يتسع المقام لذكره ،يتبين لنا أن الهدية مستحبة؛ ألنها تتوافق مع مقاصد
الش ريعة ،وتحق ق االس تقرار والم ودة بين أف راد المجتم ع ،ق ال ابن قدام ة" :من أعطى ش يئاً يتق رب ب ه إلى اهلل تع الى
للمحتاج فهو صدقة،
ومن دفع إلى إنسان شيئاً للتقرب إليه والمحبة له فهو هدية ،وجميع ذلك مندوب إليه ،ومحثوث إليه"(.)69
416
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية ،مج ( ،)13ع ( 1438 ،)3ه2017/م
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ بكر بني إرشيد
قال ابن حج ر" :واس م الجار يش مل المسلم والك افر ،والعاب د والفاس ق ،والص ديق والع دو ،والغ ريب والبلدي،
وقال الش وكاني: ()80
والن افع والضار ،والق ريب واألجنبي ،واألق رب دارًا واألبعد ،ول ه م راتب بعضها أعلى من بعض"
"يؤخذ من حديث أسماء مع أمها جواز الهدية للقريب الكافر"( .)81وقال القاسمي :هذا ترخيص من اهلل تعالى في صلة
ويحسن إليهم ،ويتعامل معهم بالقسط ،فهذا القدر من المواالة غير منهي
الذين لم يعادوا المؤمنين ،ولم يقاتلوهم ،أن ُي بروا ُ
عنه ،بل مأمور به في حقهم(.)82
وهل ُيعطى غير المسلم من زكاة المال؟ قال الشافعي" :وال بأس أن يتصدق على المشرك من النافلة ،وليس له
في الفريضة من الصدقة حق"( ،)83بينما نص ابن قدامة على أنه يعطى من سهم المؤلفة قلوبهــم ،قال" :وال يعطى الكافر من
الزكاة
هذا كله شريطة أال يكون محارباً ،فالحربي ولو مستأمناً جميع الصدقات ال تجوز له اتفاقاً(.)85 ()84
إال لكونه مؤلفاً"
يتضح مما سبق أن هذا الدين العظيم ال يمنع أتباعه من اإلحسان إلى غير المسلمين ،بل أمر ببرهم ومعاملتهم بالحسنى
كسباً لقلوبهم ،وعطفاً عليهم من أجل دخولهم في هذا الدين العظيم ،أو كف أذاهم عنه.
417 المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية ،مج ( ،)13ع (1438 ،)3ه2017/م ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التعامل مع غير المسلمين في المناسبات االجتماعية والعقدية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فإن كان ذلك في حال الغزو ،قال أبو الخطاب :ما أهداه المشركون ألمير الجيش ،أو لبعض قواده ،فهو غنيمة؛ ألنه ال
َن ِك ْس َرى أ ْ
َه َدى لَ هُ، يفعل ذلك إال لخوفه من المسلمين"( .)98ومن أحاديث قبول الهدية ما جاء َع ْن َعِل ٍّي َ ،ع ِن َّ
النبِ ِّي " أ َّ
َه َد ْوا ِإَلْي ِهَ ،ف َقبِ َل ِمْنهُ ْم"( .)99وهذا الحديث من األحاديث التي تدل على جواز قبول هدايا المشركين (.)100 وك أ ْ َف َقبِ َلَ ،وأ َّ
َن اْل ُملُ َ
ين ِ ٍ َخ َذ َها بِثَاَل ثَ ٍة وثَاَل ِث ِ
الل ِه ُ حَّل ًة أ َ
ول َّ َن َمِل َك ِذي َي َز َن "أ ْ
َه َدى ِإَلى رس ِ س ْب ِن َم ِال ٍك ،أ َّ
كما روى أََن ِ
ين َبع ًيرا ،أ َْو ثَاَل ث َوثَاَل ث ََ َ َ ُ
َنا َق ًة َف َقبَِل َها"(.)101
بعد هذه الروايات التي أجازت أخذ الهدية من المشركين ،أورد روايتين امتنع فيها النبي من قبول الهدايا من
النبِ ُّي ِ" :إنِّي َه َد ْي ُ ِ
اض ْب ِن ِح َم ٍار ،قَ ا َل :أ ْفع ْن ِعَي ِ
ال َّ ت :اَل ،فَقَ َ ت؟" ،فَ ُقْل ُ ت ل َّلنبِ ِّي َ ناقَ ةً ،فَقَ ا َل" :أ ْ
َس لَ ْم َ غ ير المس لمينَ ،
اهِلي َِّةَ ،فَل َّما تََنَّبأَ،
اس ِإَل َّي ِفي اْلج ِ
َ الن ِب َر ُج ٍل ِفي َّ َح َّ
ان ُم َح َّمٌد أ َ
الَ " :ك َ ين" وروى َح ِك َيم ْب َن ِح َز ٍامَ ،ق َ
) 102 ( ِ ِ ُن ِه ُ
يت َع ْن َزْب د اْل ُم ْش ِرك َ
ين ِد َين ًارا، ِ
اها بِ َخ ْمس َ اش تََر َيم ْب ُن ِح َز ٍام اْل َم ْو ِس َم َو ُه َو َك ِافٌر ،فَ َو َج َد ُحلَّةً ِل ِذي َي َز َن تَُب اعُ ،فَ ْ ِ ِ ِ ِ ِ
َو َخ َر َج إلَى اْل َمد َين ةَ ،ش ه َد َحك ُ
ِ ول ِ
الِ" :إَّنا اَل َن ْقَب ُل ضهَا َه ِدَّيةً فَأََبى ،قَا َل ُعَب ْي ُد اهللَ :ح ِس ْب ُ
ت أََّنهُ قَ َ اهلل ،فَقَِدم بِها علَْي ِه اْلم ِد َينةَ ،فَأَر َاده علَى قَْب ِ
َ ُ َ َ َ َ َ ِلُيه ِدَيها ِلرس ِ
ْ َ َ ُ
ِ ِ َّ
اها بِالث َم ِن فَأ ْ ِ ِ
ينَ ،ولَك ْن ِإ ْن ش ْئ َ ِ ِ
ين أََبى َعلَ َّي اْلهَدَّيةَ" . َش ْيًئا م َن اْل ُم ْش ِرك َ
()103
ط ْيتُهُ ح َ َع َ َخ ْذَن َ
ت أَ
قال الترمذي :زبد المشركين ،هداياهم ،وقد ُروي أن النبي كان يقبل من المشركين هداياهم ،و ُذكر في أحاديث
أخرى كراهية قبول هداياهم ،واحتمل أن يكون هذا بعدما كان يقبل منهم ،ثم نهى عن هداياهم( .)104قال السندي" :قد جاء
القبول متأخر ،فهو ناسخ ،أو أن القبول قد كان لمصلحة التأليف
َ أنه َ رَّد هدايا المشركين ،وجاء أنه قبلها ،فوفق بينهما بأن
ونحوها ،وإ ال فاألصل هو الرد"( ،)105وبالنظر إلى األدلة نجد أن أدلة قبول الهدية أقوى وأكثر من عدم قبولها ،فكيف نوفق
بين الرأيين؟
قال الحافظ ابن حجر" :وجمع بينها الطبري بأن االمتناع فيما أُهدي له خاصة ،والقبول فيما أُهدي للمسلمين ،وفيه
نظر؛ ألن من جملة أدلة الجواز ما وقعت الهدية فيه له خاصة ،وجمع غيره بأن االمتناع في حق من يريد بهديته
التودد والمواالة ،والقبول في حق من يرجى بذلك تأنيسه وتأليفه على اإلسالم ،وهذا أقوى من األول .وقيل :يحمل
القبول على من كان من أهل الكتاب ،والرد على من كان من أهل األوثان .وقيل :يمتنع ذلك لغيره من األمراء ،وأن ذلك
من خصائصه .ومنهم من ادعى نسخ المنع بأحاديث القبول ،ومنهم من عكس .وهذه األجوبة الثالثة ضعيفة ،فالنسخ
ال يثبت باالحتمال وال التخصيص"(.)106
وقال الشيخ نظام وطائفة من علماء الهند :أن النبي لم يقبل هدايا المشركين حتى ال يقع في ظنهم أنه يقاتلهم طمعًا
في الم ال ،وليس في س بيل اهلل( .)107بينم ا ذهب ابن ح زم إلى أن ح ديث عي اض منس وخ بح ديث أبي حمي د؛ ألن ه ك ان في
تبوك ،وعياض أسلم قبل ذلك( ،)108كما يليق هنا أن أذكر رأي وهبة الزحيلي-رحمه اهلل :-يجوز إعطائهم شيئًا من المال
على س بيل التع اون ،واإله داء والمس اعدة واإلق راض في ح ل أزمتهم ،أو تف ريج ك ربتهم ،أو إزال ة ظ اهرة عس ر أو ض يق
تعرضوا له ،أو إكرام وضيافة وغير ذلك(.)109
والذي يترجح من خالل :قوة األدلة الشرعية ،وأقوال أهل العلم ،قبول الهدية من المشركين ،شريطة أال تكون
الهدية حرامًا كخمر وما شاكلها ،أو أنها تخالف عقيدة المسلمين ،كأن تكون صليبًا أو صورة محرمة ،أو أن يقصد مقدم
الهدية المنة على المسلمين ،أو شراء مواالتهم والتودد إليهم ،أو أن يكون هدفه إبطال حق ،أو إحقاق محرم ،وأال تكون
الهدية مما يستعان به على التشبه بهم ،وقبولها منهم في مناسبات أعيادهم التي ال يقرها اإلسالم ،يقول ابن تيمية" :ومن
أهدى للمسلمين هدية في هذه األعياد ،مخالفة للعادة في سائر األوقات غير هذا العيد لم تقبل هديته ،خصوص اً إن كانت
418
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية ،مج ( ،)13ع ( 1438 ،)3ه2017/م
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ بكر بني إرشيد
الهدي ة مم ا يس تعان به ا على التش به بهم ،وفي مث ل إه داء الش مع ونح وه في الميالد ،أو إه داء ال بيض واللبن والغنم في
الخميس الصغير الذي في آخر صومهم .وكذلك أيض اً ال ُيهدى ألحد من المسلمين في هذه األعياد هدية ألجل العيد ،ال
سيما إذا كان مما يستعان بها على التشبه بهم"(.)110
قلت :والذي تميل إليه النفس قبول هديتهم إذا خلت من المساومات؛ لقوة أدلة من قال بقبول هديتهم ،وصحتها،
وتعددها ،وقلة األدلة المانعة والمعارضة ،مما يحمل هذه األدلة على عدم القبول في حاالت خاصة ،كما يتضح من ترجمة
ابتداء ،ورفضها
ً البخاري ،باب قبول الهدية من المشركين ،وإ يراده لعديد األحاديث مما يقوي الذهاب إلى قبول الهدايا منهم
في حاالت خاصة ومحدودة.
المبحث:الثالث
التهاني بين المسلمين وغير المسلمين
بالمد(.)112
ثانياً :التهنئة اص#طالحاً :ال يخ رج مفه وم التهنئة اص طالحاً عن المع نى اللغ وي ،لكنه ا في مواطنه ا ق د تك ون له ا مع ان
عرفه ا بعض المعاص رين بـ "المبارك ة
،وق د ّ
()113
أخص كالتبري ك ،والتبش ير ،والترفئ ة ،وغ ير ذل ك مم ا ي رد ذك ره
بالنعمة"( .)114ويمكن أن نقول في تعريفها :بأنها كالم حسن يقوله اإلنسان ألخيه اإلنسان في مناسبة سارةُ ،يظهر له فرحه
س ًنا[البقرة :من اآلية .]٨٣ وسروره بتلك المناسبة .وهي من حسن األخالق ،ومن اتباع قوله تعالىَ :وقُولُوا ِل َّلن ِ
اس ُح ْ
419 المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية ،مج ( ،)13ع (1438 ،)3ه2017/م ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التعامل مع غير المسلمين في المناسبات االجتماعية والعقدية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
طب ق الصحابة -رضوان اهلل عليهم -ذلك في مناسبات عديدة ،أذكر منها تهنئتهم لكعب ابن مالك وصاحبيه وقد ّ
ص ِار ٍخ ،أَْوَفى َعَلى َجَب ِل َس ْل ٍع ت َ ص ْو َت َ ب ْب َن َم ِال ٍك َ ...س ِم ْع ُ بقب ول توب ة اهلل عليهم بع د تخلفهم عن غ زوة تب وك ،فعن َك ْع َ
اء فَ َر ٌجَ ،وآ َذ َن َر ُس و ُل اللَّ ِه بِتَ ْوَب ِة اللَّ ِه َن قَ ْد َج َ ت أْ اج ًداَ ،و َع َر ْف ُ ت َس ِ ال :فَ َخ َر ْر ُ ب ْب َن َم ِال ٍك أ َْب ِش ْر ،قَ َ ِ
ص ْوتِهَ :يا َك ْع ُ َعلَى َ بِأ ْ
ِ ونَنا ،و َذ َه ِ علَْيَنا ِحين َّ
ض ِإلَ َّي َر ُج ٌل فَ َر ًس اَ ،و َس َعى ونَ ،و َر َك َ صاحَب َّي ُمَب ِّش ُر َ ب قَب َل َ اس ُيَب ِّش ُر َ َ َ ب َّ
الن ُ صالَةَ الفَ ْج ِر ،فَ َذ َه َ صلى َ َ َ َ
ت ص ْوتَهُ ُيَب ِّش ُرنِيَ ،ن َز ْع ُ ت َ اءنِي الَِّذي َس ِم ْع ُ سَ ،فلَ َّما َج َ ع ِم َن الفَ َر ِ َس َر َ تأْ َّو ُان الص ْ الجَب ِلَ ،و َك َ َسلَ َم ،فَأ َْوفَى َعلَى َ
س ٍ ِ
اع م ْن أ ْ َ
ول اللَّ ِه ، ت ِإلَى رس ِ
َ ُ ت ثَْوَب ْي ِن َفلَبِ ْس تُهُ َماَ ،و ْان َ
طلَ ْق ُ استَ َع ْر ُ ٍِ
ك َغ ْي َر ُه َما َي ْو َمئذَ ،و ْ َّاه َما ،بُِب ْش َراهُ َواللَّ ِه َما أ َْمِل ُ
لَهُ ثَْوَب َّي ،فَ َك َس ْوتُهُ ِإي ُ
الم ْس ِج َد ،فَ ِإ َذا ت َ بَ :حتَّى َد َخْل ُ ك ،قَ ا َل َك ْع ٌ ك تَ ْوَب ةُ اللَّ ِه َعلَْي َونِ :لتَ ْهنِ َ ِ
اس فَ ْو ًج ا فَ ْو ًج اُ ،يهَُّنونِي بِالتَّ ْوَب ةَ ،يقُولُ َ الن ُفََيتَلَقَّانِي َّ
ص ا َف َحنِي َو َهَّنانِيَ ،واللَّ ِه َم ا َق َام ِإَل َّي َر ُج ٌل ِم َن ِ َّ ِ
طْل َح ةُ ْب ُن ُعَبْي د الله ُي َه ْر ِو ُل َحتَّى َ اسَ ،ف َق َام ِإَل َّي َ َر ُس و ُل اللَّ ِه َ ج ِال ٌس َح ْوَل هُ َّ
الن ُ
ق َو ْجهُ هُ ول اللَّ ِه ،قَ ا َلَ :ر ُس و ُل اللَّ ِه َ ،و ُه َو َي ْب ُر ُ ت َعلَى رس ِ
َ ُ بَ :فلَ َّما َس لَّ ْم ُ طْل َحةَ ،قَ ا َل َك ْع ٌ اها ِل َ
ين َغْيَرهَُ ،والَ أ َْن َس َ المه ِ
اج ِر َ َُ
ال: ِ َّ ِ ِ ِ ِ َّ
ك َي ا َر ُس و َل الله ،أ َْم م ْن ع ْن د الله؟ قَ َ ِ ِ ِ
ت :أَم ْن ع ْن د َ ك" ،قَ ا َلُ :قْل ُ ُم َ ك أ ُّك ُم ْن ُذ َولَ َدتْ َ ِ
ور" :أ َْبش ْر بِ َخ ْي ِر َي ْوٍم َم َّر َعلَْي َ ُّر ِ ِ
م َن الس ُ
ك ِم ْنهُ.)119(... ف َذِل َ ط َعةُ قَ َم ٍرَ ،و ُكَّنا َن ْع ِر ُاستََن َار َو ْجهُهَُ ،حتَّى َكأََّنهُ ِق ْ َّ ِ
ان َر ُسو ُل الله ِ إ َذا ُس َّر ْ
ِ ِ ِ َّ ِ
"الََ ،ب ْل م ْن ع ْند الله"َ .و َك َ
يتبين من قول كعب بن مالك " سمعت صوت صارخ" المسارعة إلى المباركة عند تفريج كرب وقبول توبة،
وعليه ،فالتهنئة مستحبة في الجملة؛ ألنها مشاركة بالتبريك والدعاء من المسلم ألخيه المسلم فيما يسره ويرضيه ،لما في
ذل ك من تحقي ق الت واد وال تراحم والتع اطف بين المس لمين ،والتهنئ ة تك ون بك ل م ا يس ر ويس عد مم ا يواف ق ش رع اهلل
تعالى( ،)120كما مر في التهنئة بالزواج ،والتهنئة بالرسوخ في العلم ،والتهنئة بالتوبة ،وغير ذلك ،وقد جاء في القرآن
#ون[الط ور ،]١٩ :وقوله اشَ#ر ُبوا َهِن ً
يئ##ا ِب َم##ا ُك ْنتُ ْم تَ ْع َملَُ # الك ريم تهنئ ة المؤم نين على م ا ين الون من نعيم ق ال تع الىُ :كلُ##وا َو ْ
يئا َم ِر ً
يئ#ا[النس اء ،]٤ :وه و دع اء س#ا فَ ُكلُ#وهُ َه ِن ً شْ #ي ٍء ِم ْن ُ
#ه َن ْف ً صُ #دقَ ِات ِه َّن ِن ْحلًَ #ة ۚ فَِ#إ ْن ِط ْب َن لَ ُك ْم َع ْن َ
اء َ
سَ # تع الىَ :وآتُوا ِّ
الن َ
لآلكل والشارب.
ق ال الن ووي" :في ه اس تحباب التبش ير ب الخير ،واس تحباب تهنئ ة من رزق ه اهلل خ يرَا ظ اهرًا أو ص رف عن ه ش رًا
ظاهرًا"( .)121وقال ابن حجر" :فيه تهنئة من تجددت له نعمة ،والقيام إليه إذا أقبل"( ،)122ويشبه هذا ما قاله ابن القيم" :وفيه
دليل على استحباب تهنئة من تجددت له نعمة دينية ،والقيام إليه إذا أقبل ،ومصافحته ،فهذه سنة مستحبة ،وهو جائز لمن
من اهلل ب ه علي ك ،ف إن في ه تولية النعم ة
تج ددت ل ه نعم ة دنيوي ة ،وأن األولى أن يق ال ل ه :ليهنك م ا أعط اك اهلل ،وم ا ّ
ربها ،والدعاء لمن نالها بالتهني بها"(.)123
420
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية ،مج ( ،)13ع ( 1438 ،)3ه2017/م
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ بكر بني إرشيد
#اء ُه ْم أ َْو
آب َ
س#وَل ُه َوَل ْ#و َك#ا ُنوا َ #اد اللَّ َه َوَر ُ خ ِر ُي َ#واد َ
ُّون َم ْن َح َّ #ون ِباللَّ ِه َوا ْل َي ْ#وِم اآْل ِ# وقول ه تع الى :اَل تَ ِج ُ
#د َقْو ًم#ا ُي ْؤ ِمُن َ
ات تَ ْ#ج ِري ِم ْن تَ ْحِت َها#ه ۖ وي ْ#د ِخلُهم ج َّن ٍ #ان وأَي ََّد ُهم ِب#ر ٍ ِ ِ ٰ
وح م ْن ُ َ ُ ُ ْ َ ْ ُ يم َ َ#ك َكتَ َب في ُقلُ#وِب ِه ُم اإْلِ َ اء ُه ْم أ َْو إِ ْ#خ َوا َن ُه ْم أ َْو َع ِشَ #يرتَ ُه ْم ۚ أُوَلِئ َ
أ َْبَن َ
ٰ
#ون[ المجادل ة.]٢٢ : ح ْز َب اللَّ ِه ُه ُم ا ْل ُم ْفِل ُح َ
ِن ِ#
ب اللَّ ِه ۚ أَاَل إ َّ #ك ِ#
ح ْز ُ #ه ۚ أُوَلِئ َ ض#وا َع ْن ُ ضَ #ي اللَّ ُه َع ْن ُه ْم َوَر ُ ين ِفيها ۚ ر ِ ِِ
اأْل َْن َه ُار َخال#د َ َ َ
ومن ذلك تهنئتهم بأعيادهم وممارساتهم الدينية ،فهذا بال شك له ارتباط بعقائدهم التي ال يقرها ديننا الحنيف ،مثل أن
يهنئه بسجوده للصليب ،ولبسه له ،أو يهنئه بعبارة (تهنأ بهذا العيد) ،أو (هذا العيد مبارك عليك) ،فكل ذلك يتعارض
مع ديننا وعقيدتنا ،والقيام به وممارسته رضا بعقائدهم وباطلهم ،فهو من الكبائر والمحرمات.
قال ابن قدامة" :وفي تهنئتهم وتعزيتهم وعيادتهم روايتان .تهنئتهم وتعزيتهم تخرج على عيادتهم ،فيها روايتان:
إحداهما ال نعودهم؛ ألن النبي نهى عن بداءتهم بالسالم ،وهذا في معناه ،والثانية تجوز؛ ألن النبي أتى غالم ًا من
ودهَُ ،ف َق َع َد ِعْن َد
النبِ ُّي َ ي ُع ُ
ضَ ،فأَتَاهُ َّالنبِ َّي َ ،ف َم ِر َ
ي َي ْخ ُد ُم َّ الٌم َيهُ ِ
ود ٌّ ان ُغ َ
الَ :ك َ س َ ،ق َ فع ْن أََن ٍ ()124
اليهود كان مريضاً يعوده" َ ،
"الح ْم ُد ِللَّ ِه
ولَ : النبِ ّي َ و ُه َو َيقُ ُ
َس َل َمَ ،ف َخ َر َج َّ َط ع أََب ا َ ِ ِ
القاس م َ ،فأ ْ
ِ يه َو ُه َو ِعْن َدهُ َف َق َ
ال َل هُ :أ ْ
ظر ِإَلى أَبِ ِ ال َله" :أ ِ
َسل ْم"َ ،فَن ََ
َرأْسهَ ،ف َق َ ُ ْ
ِِ
الن ِار"( ،)125والمتأم ل في ترجم ة اإلم ام البخ اري( ،ب اب عي ادة المش رك) ي تيقن ج واز عي ادة م ريض غ ير الَِّذي أَْن َق َذهُ ِم َن َّ
المسلمين ،خاصة إذا كان هناك هدف لهذه الزيارة ،كما فعل النبي حين دعا الغالم اليهودي إلى اإلسالم فأسلم.
وفي الجملة ،فإن هذا الدين يتصف بالرحمة والمودة ،ومن مقاصده ترسيخ األخالق ،وحسن التواصل والتعاطي
م ع اآلخ رين غ ير المح اربين ،وخاص ة إن ك انوا من األق ارب أو الج يران المس المين ،وق د ورد عن الن بي الكث ير من
الس يَِّئةَ ول اللَّ ِه " :اتَّ ِق اللَّ ِه َحْيثُ َم ا ُكْن َ
تَ ،وأ َْتبِ ِع َّ ال ِلي َر ُس ُ فع ْن أَبِي َذٍّر َ ق َ
الَ :ق َ األح اديث ال تي تحث على حس ن الخل قَ ،
اس بِ ُخلُ ٍ
ق َح َس ٍن"(.)126 الح َسَنةَ تَ ْم ُحهَا ،و َخ ِال ِ
ق َّ
الن َ َ
َ
ويتضح من قوله ( وخالق الناس) ولم يقل (وخالق المسلمين) مما يدل على حسن معاملة هؤالء ،لعلها تكون
س بباً في ه دايتهم إلى دين اإلس الم العظيم .ناهي ك عم ا ق د يك ون من وج وب التهنئ ة إن ك ان غ ير المس لم ق د ب ادر فس بق
المسلم بتقديمه التهنئة له بمناسبة سابقة ،فبات حال المسلم ملزم اً بردها في مناسبة قريبة أو شبيهة ،وذلك من باب قوله
#ان علَ ٰى ُك#ِّ #ل َ ٍ ِ س َ #ن ِم ْن َه##ا أ َْو ُرد َ تع الى :وإِ َذا حِّييتُم ِبتَ ِحي ٍ
يبا[النس اء ،]٨٦ :وال ش ك أن
ش ْ #يء َحس ً ُّوه##ا ۗ إِ َّن اللَّ َه َكَ َ # َّة فَ َحيُّوا ِبأ ْ
َح َ َ ُ ْ
()127
التهنئة تحية فتأخذ حكمها .
وعلى العموم فالمسلم صاحب رسالة ودعوة ،هدفه إرشاد الناس إلى دين اهلل ،وحثّهم على الدخول فيه ،وهذا ال
يتحق ق إال بمك ارم األخالق ،وحس ن التعام ل والتواص ل م ع غ ير المس لمين في مناس باتهم االجتماعي ة ،وك ذلك المناس بات
الوطني ة ال تي تجم ع بين أبن اء ال وطن الواح د ،أو المناس بات القومي ة ال تي يش ترك فيه ا الن اس في أم ور معين ة ،وك ل ذل ك
منضبط بعدم تهنئتهم بحرام من قول أو فعل.
أما مشاركة غير المسلمين أعيادهم ومناسباتهم الدينية فهو حرام ،فإذا كانت البدعة المستحدثة من ِقبل المسلمين
ال َر ُس و ُل اللَّ ِه :
ت :قَ َ ض َي اللَّهُ َع ْنهَا ،-قَ الَ ْ حرام ومردودة ،فكيف بما ورد في أديان غير المسلمين؟ فعن عائِ َش ةَ -ر ِ
َ َ
ٌّ ِ ِ ِِ َح َد َ ِ
"م ْن َعم َل َع َماًل لَْي َس َعلَْيه أ َْم ُرَنا فَهُ َو َرد" ،وال شك أن ث في أ َْم ِرَنا َه َذا َما لَْي َس فيه ،فَهُ َو َر ٌّد" وفي روايةَ :
()128
"م ْن أ ْ
َ
اما ِ ِ َّ ِ ُّ َِّ
ور َوإِ َذا َم#ُّ #روا ب##الل ْغو َم#ُّ #روا كَر ً
ون ال##ز َ
شَ #ه ُد َ
ين اَل َي ْ
م ا ج اء ب ه غ ير المس لمين م ردود من ب اب أولى ،ق ال تع الىَ :والذ َ
[الفرقان.]٧٢ :
قال ابن تيمية" :وأما أعياد المشركين فجمعت الشبهة والشهوة ،وهي باطل وال منفعة فيها في الدين ،وما فيها من
اللذة العاجلة :فعاقبتها إلى ألم ،فصارت زوراً ،وحضورها شهودها .وإ ذا كان اهلل قد مدح ترك شهودها الذي هو مجرد
الحضور برؤية أو سماع ،فكيف بالموافقة بما يزيد على ذلك من العمل ،الذي هو عمل الزور ال مجرد شهوده؟"( ،)129وال
421 المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية ،مج ( ،)13ع (1438 ،)3ه2017/م ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التعامل مع غير المسلمين في المناسبات االجتماعية والعقدية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شك أن هذه األفعال من شأنها تشجيعهم على باطلهم ،وتحقيق الراحة النفسية لهم على هذه األعمال ،خاصة إذا صاحب ذلك
تبادل الهدايا.
يقول الشيخ ابن عثيمين" :لقد بلغنا أن بعض السفهاء ضعاف الدين يتبادلون الهدايا في أعياد النصارى ،وهذا
استرضاء لهم ورضا بالكفر ،وبدينهم الذي يدينون به ،نشكو إلى اهلل"(.)130 ً محرم وال يجوز؛ ألن في ذلك
ور" :أنهم ال يحض رون مج الس الباط ل ال تي ك ان ون ال#ُّ #ز َ
شَ #ه ُد َ ق ال ابن عاش ور في قول ه تع الىَ :والَِّذ َ
ين اَل َي ْ
يحضرها المشركون ،وهي مجالس اللهو والغناء والغيبة ونحوها ،وكذلك أعياد المشركين وألعابهم ،وأنهم يمرون وهم
في حال كرامة ،أي غير متلبسين بالمشاركة في اللغو فيه"(.)131
الل ِه اْل َمِد َين َة َوَلهُْم ول َّالَ :ق ِدَم َر ُس ُ
س َ ،ق َ فع ْن أََن ٍ
وقد جاء في هديه ما يمنع مشاركة هؤالء في لهوهم وباطلهمَ ،
ال َر ُسو ُل اللَّ ِه ِ" :إ َّن اللَّهَ قَ ْد أَْب َدلَ ُك ْم اهِلي ِ
َّة ،فَقَ َ ان؟ قَالُواُ :كَّنا َنْلعب ِفي ِهما ِفي اْلج ِ
َ َ ُ َ ون ِفي ِه َما ،فَقَا َلَ :ما َه َذ ِ
ان اْلَي ْو َم ِ َي ْو َم ِ
ان َيْل َعُب َ
ط ِر"( ،)132والحديث يدل على أن تعظيم أعياد الكفار منهي عنه ،ومن اشترى فيه َض َحىَ ،وَي ْو َم اْلِف ْ
بِ ِه َما َخْيًرا ِمْنهُ َماَ :ي ْو َم اأْل ْ
ش يئاً لم يكن يش تريه في غ يره ،أو أه دى في ه هدي ة إلى غ يره ،ف إن أراد ب ذلك تعظيم الي وم كم ا يعظم ه الكف رة فق د
كفر(.)133
ول اللَّ ِه أ ْ
الَ :ن َذر ر ُج ٌل َعلَى َعه ِد رس ِ
الِ :إنِّي
النِب َّي َ ،ف َق َ
َن َيْن َح َر ِإِباًل بُِب َو َان ةََ ،ف أَتَى َّ ت ْبن َّ ِ
ْ َ ُ الض حَّاكَ ،ق َ َ َ وعن ثَابِ ُ ُ
يه ا ِع ٌ
يد "ه ْل َك ِ
ان ف َ َ الَ : اهِلي َِّة ُي ْعَب ُد؟" َق الُوا :اَل َ ،ق َ
ان اْلج ِ ِ
يه ا َوثَ ٌن م ْن أ َْوثَ ِ َ
"ه ْل َك ِ
ان ف َ
َ النبِ ُّي َ : َن أَْن َحَر ِإبِاًل بُِب َو َان ةََ ،ف َق َ
ال َّ ت أَْن َذْر ُ
يم ا اَل َي ْمِل ُك ْاب ُن َآدَم"( ،)134ق ال ِ ِ ِ َِّ ف ِبَن ْذِر َكَ ،فِإَّنه اَل وَف ِ ِ
اء لَن ْذٍر في َم ْعص َية اللهَ ،واَل ف َ ُ َ َ
اللِه " :أَو ِ
ْ
ول َّ ال َر ُس َُعَي ِاد ِهْم؟"َ ،ق اُلوا :اَل َ ،ق َِم ْن أ ْ
(بوانة) هضبة وراء ينبع قريبة من ساحل البحر ،وينبع شمال مكة ،والشاهد أن الرسول الشيخ ابن عثيمين –رحمه اهللُ -
يه ا َوثَ ٌن ِم ْن أ َْوثَ ِ
ان و"ه ْل َك ِ
ان ف َ
َ َعَي ِاد ِه ْم؟"َ ،
يه ا ِعي ٌد ِم ْن أ ْ "ه ْل َك ِ
ان ف ََ س أل :لم اذا ه ذا المك ان ال ذي خص ه ه ذا الس ائل؟ َ
ال ببوانة ،لماذا خصها؟ فإذا كان السبب تعظيم شعائر الكفر ،فال اهِلي َِّة ُي ْعَب ُد؟"؛ ألن الرسول استغرب كيف يذبح إب ً
اْلج ِ
َ
اء لَن ْذٍر في َم ْعصَية الله .هذا نفي بمعنى النهي ،أو نفي على أصله .ويتضح
() 135 َّ ِ ِ ِ ِ
يجوز ،ولهذا قال عليه الصالة والسالم :اَل َوَف َ
من الحديثين تحريم االقتداء بأفعال الكفار ،أو التشبه بهم.
وقد جاء عن بعض العلماء المعاصرين منهم مصطفى الزرقا -رحمه اهلل -ما يفيد بجواز تهنئة الشخص لمعارفه
من النصارى بعيد الميالد ،فعندما سئل عن حكم ذلك ،أجاب :بأن تهنئة المسلم لمعارفه من النصارى بعيد ميالد عيسى
ظم عن دنا
هي من قبي ل المجامل ة لهم ،والس يما وأن المس يح في عقي دتنا اإلس المية من رس ل اهلل أولي الع زم ،فه و مع ّ
أيضاً ،ولكنهم يغالون فيه فيعتقدونه إلهاً ،تعالى اهلل عما يقولون علواً كبيراً .ومن يتوهم أن هذه المعايدة لهم حرام؛ ألنها
ذات عالقة بعقيدتهم في ألوهيته فهو مخطئ ،فليس في هذه المجاملة أي صلة بتفاصيل عقيدتهم فيه وغلوهم فيها.
وقد ُنقل أن رسول اهلل مرت به وهو بين أصحابه جنازة يهودي فقام لها ،فهذا القيام كان تعبيرًا عما للموت من
فَ ،وقَْي ُس ْب ُن الَ :ك ان س ه ُل ْبن حَنْي ٍ الر ْح َم ِن ْب َن أَبِي لَْيلَى ،قَ َ
هيبة وجالل ،وال عالقة له بعقيدة صاحب الجنازة ،فعن َعْب َد َّ
َ َْ ُ ُ
النبِ َّي الذ َّم ِة ،فَقَ ا َ
الِ :إ َّن َّ َي ِم ْن أ ْ
َه ِل ِّ
ضأْ َه ِل األَْر ِيل لَهُ َم ا ِإَّن َه ا ِم ْن أ ْ
ام ا ،فَِق َ ٍ ِ ِ ِ ِِ ِ ٍ ِ
َس ْعد قَاع َدْي ِن بالقَادس يَّة ،فَ َم ُّروا َعلَْيه َم ا ب َجَن َازة ،فَقَ َ
ت َن ْف ًسا"(.)136 ام ،فَِقي َل لَهُِ :إَّنهَا ِجَن َازةُ َيهُو ِديٍّ ،فَقَا َل" :أَلَْي َس ْ م َّر ْ ِ ِ ِ
ت به جَن َازةٌ فَقَ َ َ
والمسلم مطلوب منه أن يظهر محاسن اإلسالم وعدله لغير المسلمين ...والسيما أن المسلم قد يأتيه في عيدي
مؤيدا لما ُيتهم به المسلمون من
(الفطر واألضحى) معارف له من النصارى يهنئونه بها ،فإذا لم يرد لهم الزيارة...كان ذلك ً
التطرف وعدم استعدادهم للتعايش مع غيرهم ،لكن إذا كانت تهنئة المسلم للنصارى في ذلك مباحة – فيما يظهر -ألنها من
422
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية ،مج ( ،)13ع ( 1438 ،)3ه2017/م
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ بكر بني إرشيد
قبيل المجاملة والمحاسنة في التعامل ،فإن االحتفال برأس السنة الميالدية وما يجري فيه من منكرات ،هو تقليد واتباع من
المسلمين لغيرهم في عادات ومنكرات يجعلها من قبيل الحرام(.)137
كما ُنقل عن يوسف القرضاوي في تهنئة المسلمين ألهل الكتاب قال :أجازت الشريعة اإلسالمية معاملة أهل
الكتاب ،فأباحت أكل ذبائحهم ،وأجازت نكاح نسائهم ،والبيع والشراء لهم ،وكذلك القسط والبر واإلحسان إليهم ما داموا
غير محاربين ،ولذلك ال مانع من تهنئتهم بأعيادهم ،دون أن نشاركهم في االحتفاالت التي ال تقرها شريعتنا ،وهذا ال يعني
أن نحتفل معهم ،إنما نهنئ فقط ،وهذا من البر والقسط الذي جاء به هذا الدين(.)138
قلت :ه ذا كل ه ربم ا يك ون في ظ روف غ ير ال تي يعيش ها المس لمون في ه ذه األي ام ،حيث ل و طُبقت التهم وا
بالتطرف والتعصب واالنغالق واإلرهاب كما هو واقع هذه األيام ،ولهذا ربما يكون كالم الشيخ الزرقا والشيخ القرضاوي
من باب تحقيق المصلحة ،واالبتعاد عن المفسدة ،هذا مع العلم أن اإلسالم يدعو إلى التآلف والتعارف مع اآلخرين ،قال
#ارفُوا ۚ إِ َّن أَ ْك َ#ر َم ُك ْم ِع ْن#َ #د اللَّ ِه أَ ْتقَ##ا ُك ْم ۚ إِ َّن اللَّ َه ِ ِ
وبا َوقَ َبائ َ#ل لتَ َعَ # اس إِ َّنا َخلَ ْق َنا ُك ْم ِم ْن َذ َك ٍر َوأُْنثَ ٰى َو َج َعْل َنا ُك ْم ُ
شُ #ع ً ُّها َّ
الن ُ تعالىَ :يا أَي َ
ِ
ير[ الحجرات ،]١٣ :ويبقى الضابط في هذا كله عدم ميالن القلب تجاه الكفار ،وأن تكون التهنئة في حدود المجاملة لهم يم َخِب ٌ
َعل ٌ
في المناسبات االجتماعية دون الدينية العقدية ،وعدم الركون إليهم ومواالتهم ،واالبتعاد عن كل ما يخدش ذلك ،إال في
حالة االضطرار -واهلل تعالى أعلم.-
الخاتمة:
توصلت هذه الدراسة إلى النتائج اآلتية:
-1نظرة اإلسالم إلى غير المسلمين قائمة على الرحمة بهؤالء ،واحترامهم ،واالحسان إليهم ،وفق نظرة اإلسالم اإلنسانية.
-2السالم تحية اإلسالم ،يلقيها المسلم على من يستحقها من المسالمين الذين ال يحاربون ديننا ،ويبدأونا بالسالم.
-3التحية التي يرد بها على غير المسلمين ،خصوصًا اليهود "هي عليكم" أو "وعليكم"؛ ألنهم يسلمون بصيغة السام عليكم.
-4ال يمنع اإلسالم اتباعه من إلقاء التحية على غير المسلمين ،بغير الصيغة المعروفة وهي السالم عليكم ،كقولنا :صباح
الخير ،ومساء الخير وما شاكل ذلك.
-5يجيز اإلسالم للمسلمين قبول الهدية من غير المسلمين ،إذا خلت من المساومة على الدين ،وميالن القلب نحوهم.
ٍ
جوار أو -6يبيح اإلسالم ألتباعه االهداء لغير المسلمين ،إذا كانت هذه الهدية من أجل أداء حق كصلة ٍ
رحم أو حسن
تأليف قلوب ،وما شابه ذلك.
-7ال يمانع اإلسالم القيام بتهنئة غير المسلمين في المناسبات الوطنية واالجتماعية ،والتي ال تتعارض مع أحكام الشريعة.
يحرم عليهم المشاركة في احتفاالت
-8يمنع اإلسالم أتباعه من تهنئة غير المسلمين في مناسباتهم الدينية والعقدية ،كما ّ
غير المسلمين المتعلقة بدينهم.
وآخر دعوانا أن الحمد هلل رب العالمين
الهوامش:
423 المجلة األردنية في الدراساتـ اإلسالمية ،مج ( ،)13ع (1438 ،)3ه2017/م ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
() البخاري ،محمد بن إسماعيل (ت 256هـ) ،ص#حيح البخ#اري ،ترقيم وترتيب محمد فؤاد عبد الباقي ،طبعة جديدة ومصححة وملونة في 1
مجلد واحد ،القاهرة ،دار ابن الهيثم ،الطبعة األولى1425 ،هـ2004 /م ،كتاب االستئذان ،باب بدء السالم ،ص ،732رقم الحديث (.)6227
() صحيح البخاري ،كتاب االستئذان ،باب السالم اسم من أسماء اهلل تعالى ،ص ،732رقم الحديث (.)6230 2
() النيس ابوري ،مس لم بن الحج اج (ت 261هـ) ،ص#حيح مس#لم ،طبع ة جدي دة ومص ححة وملون ة في مجل د واح د ،الق اهرة ،دار ابن الهيثم ،طبع ة 3
1422هـ2001/م ،كتاب السالم ،باب من حق الجلوس على الطريق رد السالم ،ص ،563رقم الحديث ( .)2121
() صحيح مسلم ،كتاب السالم ،باب من حق المسلم للمسلم رد السالم ،ص ،563رقم الحديث (.)2122 4
() صحيح البخاري ،كتاب االستئذان ،باب إفشاء السالم ،ص ،733رقم الحديث (.)6235 5
() صحيح البخاري ،كتاب االستئذان ،باب السالم للمعرفة وغير المعرفة ،ص ،733رقم الحديث (.)6236 6
() صحيح البخاري ،كتاب االستئذان ،باب السالم للمعرفة وغير المعرفة ،ص ،733رقم الحديث (.)6237 7
() ص##حيح البخ##اري ،كت اب االس تئذان ،ب اب التس ليم على الص بيان ،ص ،734رقم الح ديث ( ،)6247ص##حيح مس##لم ،كت اب الس الم ،ب اب 8
() إبراهيم أنيس وآخرون ،المعجم الوسيط ،مجمع اللغة العربية ،القاهرة ،ط ،2المكتبة اإلسالمية ،ج ،1ص.446 10
() انظر :العسقالني ،أحمد بن علي بن حجر (ت 852هـ) ،فتح الب#اري ش#رح ص#حيح البخ#اري ،ر ّقم كتبها وأبوابها وأحاديثها األستاذ محمد 11
فؤاد عبد الباقي –رحمه اهلل ،-الرياض ،دار السالم ،ودمشق ،دار الفيحاء ،الطبعة الثالثة1421 ،هـ2000 /م ،ج ،11ص.18-17
( ) النووي ،محي الدين أبو زكريا يحيى بن شرف (ت 676هـ) ،صحيح مسلم بشرح الن#ووي ،دار إحياء التراث العربي ،بيروت ،ط،3 12
والسجستاني ،سليمان بن األشعث (ت 275هـ) سنن أبي داود ،كتاب األدب ،باب في السالم على أهل الذمة ،ج ،4ص ،354رقم الحديث (
،)5205والترم ذي ،محم د بن عيس ى بن س ورة (ت 279هـ) ،الجامع الصحيح وهو س#نن الترم#ذي ،كتاب الس ير ،باب ما ج اء في التس ليم
على أه ل الكت اب ،ج ،4ص ،154رقم الح ديث ( ،)1602وكت اب االس تئذان ،ب اب م ا ج اء في التس ليم على أه ل الذم ة ،ج ،5ص ،60رقم
الحديث ( ،)2700وقال أبو عيسى في الروايتين :هذا حديث حسن صحيح ،وأحمد بن محمد بن حنبل (ت 241هـ) ،المسند ،ج ،13ص56
،رقم الح ديث ( ،)7617ق ال المحق ق :إس ناده ص حيح ،والبخ اري ،محم د بن إس ماعيل (ت 256هـ) ،األدب المف##رد ،خ رج أحاديث ه محم د
عبدالقادر عطا ،بيروت ،دار الكتب العلمية1990 ،م ،ط ،1باب ال يبدأ أهل الذمة بالسالم ،ص ،322رقم الحديث (.)1103
)) ابن حنبل ،المسند ،ج ،13ص ،14رقم الحديث ( ،)7567وقال المحقق :إسناده صحيح. 15
)) مسند اإلمام أحمد بن حنبل ،تحقيق :أحمد محمد شاكر ،القاهرة ،دار الحديث ،ط1995 ،1م ،ج ،7ص ،330رقم الحديث (.)7556 16
)) ابن حنبل ،المسند ،ج ،15ص ،452رقم الحديث ( ،)9726وقال المحقق :إسناده صحيح. 17
)) ابن حنبل ،المسند ،ج ،16ص ،465رقم الحديث ( ،)10797وقال المحقق :إسناده صحيح. 18
)) ابن قدامة ،موفق الدين أبي محمد عبداهلل بن أحمد (ت 620هـ) ،المغني والشرح الكبير ،بيروت ،دار الفكر ،ج ،10ص.616 19
)) الص نعاني ،محم د بن إس ماعيل األم ير ،س##بل الس##الم الموص##لة إلى بل##وغ الم##رام ،اعت نى ب ه نش أت كم ال ،اإلس كندرية ،دار البص يرة، 21
1980م ،ج ،8ص ،129رقم الحديث ( ،)7518وانظر :مجمع الزوائد للهيثمي ،ج ،8ص ،33وقال :رواه في الكبير عن شيخه بكر بن
سهل الدمياطي ،ضعفه النسائي وقال غيره :مقارب الحديث.
)) انظر :العسقالني ،فتح الباري شرح صحيح البخاري ،ج ،11ص.48 25
)) العسقالني ،فتح الباري شرح صحيح البخاري ،ج ،11ص.48 26
)) العسقالني ،فتح الباري شرح صحيح البخاري ،ج ،11ص.49 27
َّن
َّن تَ ْوَبتُ هَُ ،وإِلَى َمتَى تَتََبي ُ اب َم ْن لَ ْم ُي َسلِّ ْم َعلَى َم ِن ا ْقتََر َ
ف َذ ْنًباَ ،ولَ ْم َي ُر َّد َس الَ َمهَُ ،حتَّى تَتََبي َ )) البخاري ،صحيح البخاري ،كتاب االستئذانَ ،ب ُ
30
اص ي ،ص ،735رقم الح ديث ( ، )6255واللف ظ ل ه ،ومس لم ،ص##حيح مس##لم ،كت اب التوب ة ،ب اب ح ديث توب ة كعب بن مال ك تَوب ةُ الع ِ
َْ َ
وصاحبيه ،ص ،701رقم الحديث (.)2769
)) النووي ،صحيح مسلم بشرح النووي ،ج ،17ص.100 31
)) انظر :العسقالني ،فتح الباري شرح صحيح البخاري ،ج ،11ص.50-49 32
)) الره ط :العص ابة دون العش رة ،ويجم ع على أراه ط .الزمخش ري ،محم ود بن عم ر (ت 583هـ) ،الف##ائق في غ##ريب الح##ديث ،وض ع 33
حواشيه إبراهيم شمس الدين ،بيروت ،دار الكتب العلمية ،ط1996 ،1م ،ج ،2ص.70
)) الس ام :هو الم وت .ابن األثير ،مج د ال دين أبي السعادات الجزري (ت 606هـ) ،النهاي#ة في غ#ريب الح#ديث واألثر ،ب يروت ،المكتبة 34
صحيح مسلم ،كتاب السالم ،باب النهي عن ابتداء أهل الكتاب بالسالم ،وكيف يرد عليهم ،ص ،564رقم الحديث (.)2165
)) البخ##اري ،ص##حيح البخ##اري ،كت اب االس تئذان ،ب اب كي ف ي رد على أه ل الذم ة الس الم ،ص ،735رقم الح ديث ( ،)6257واللف ظ ل ه، 36
ومسلم ،صحيح مسلم ،كتاب السالم ،باب النهي عن ابتداء أهل الكتاب بالسالم ،وكيف يرد عليهم ،ص ،563رقم الحديث (.)2164
)) البخ##اري ،ص##حيح البخ##اري ،كت اب االس تئذان ،ب اب كي ف ي رد على أه ل الذم ة الس الم ،ص ،735رقم الح ديث ( ،)6258واللف ظ ل ه، 37
ومسلم ،صحيح مسلم ،كتاب السالم ،باب النهي عن ابتداء أهل الكتاب بالسالم ،وكيف يرد عليهم ،ص ،563رقم الحديث (.)2163
)) ابن حنب ل ،المس## #ند ،ج ،28ص ،526رقم الح ديث ( ،)17295وق ال المحق ق :ح ديث ص حيح ،وج ،29ص ،581رقم الح ديث ( 38
)18045وق ال :ح ديث ص حيح ،قلت :في ه ابن اس حاق :م دلس لكن ه ص رح بالس ماع ،والبخ اري ،األدب المف##رد ،ب اب ال يب دأ أه ل الذم ة
بالسالم ،ص ،322رقم الحديث (.)1102
)) ابن حنبل ،المس#ند ،ج ،20ص ،305رقم الحديث ( ،)12995وقال المحقق :اسناده صحيح ،والبخاري ،األدب المف#رد ،باب من س لّم 39
) ،واللفظ له ،ومسلم ،صحيح مسلم ،كتاب الجهاد والسير ،باب في دعاء النبي وصبره على أذى المنافقين ،ص ،470رقم الحديث (،)1798
والترمذي ،الجامع الصحيح وهو سنن الترمذي ،كتاب االستئذان ،باب ما جاء في السالم على
مجلس فيه المسلمون وغيرهم ،ج ،5ص ،61رقم الحديث ( ،)2702وقال أبو عيسى :هذا حديث حسن صحيح.
)) انظر :النووي ،صحيح مسلم بشرح النووي ،ج ،14ص.147-145 46
)) انظر :العسقالني ،فتح الباري شرح صحيح البخاري ،ج ،11ص.49 48
)) األلباني ،محمد ناصر الدين ،سلسلة األح#اديث الص#حيحة وش#يء من فقهه#ا وفوائ#دها ،بيروت ،المكتب اإلسالمي1972 ،م ،ج ،2ص 49
.327
)) ابن تيمية ،أحمد بن عبدالحليم ،شرح اقتضاء الصراط المستقيم في مخالفة أصحاب الجحيم ،تحقيق :محمد بن صالح عثيمين ،القاهرة، 50
)) الزبيدي ،محمد مرتضى الحسيني (ت 1205هـ) ،تاج العروس من جواهر القاموس ،دار الهداية ،ج ،4ص.287 52
طاب ،محمد بن عبدالرحمن (ت 954هـ) ،مواهب الجليل لشرح مختصر الخليل ،بيروت ،دار الفكر ،ط1398 ،2هـ ،ج ،6ص.49
)) الح ّ 55
)) النووي ،يحيى بن شرف (ت 676هـ) ،المجموع شرح المهذب ،حققه وعلّق عليه محمد نجيب ،بيروت ،دار إحياء التراث العربي ،ط 56
2001 ،1م ،ج ،15ص .249وانظر :ابن قدامة ،المغني ،القاهرة ،دار هجر1992 ،م ،ط ،2ج ،8ص.239
)) انظ ر :الن ووي ،يح يى بن ش رف (ت 676هـ) ،روض#ة الط#البين وعم#دة المف#تين ،حق ق أص وله د .خلي ل م أمون ش يحا ،ب يروت ،دار 57
)) انظر :الزحيلي ،وهبة ،التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج ،دمشق ،دار الفكر ،ط2014 ،12م ،ج ،10ص.326 59
)) ص##حيح البخ##اري ،كت اب الهب ة وفض لها والتح ريض عليه ا ،ال يوج د ب اب ،ص ،296رقم الح ديث ( ، )2566ومس لم ،ص##حيح مس##لم، 61
كتاب الزكاة ،باب الحث على الصدقة ولو بالقليل ،وال تمتنع من القليل الحتقاره ،ص ،244رقم الحديث ( ،)1030متفق عليه.
)) النووي ،صحيح مسلم بشرح النووي ،ج ،7ص.120-119 62
)) البخاري ،صحيح البخاري ،كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها ،باب القليل من الهبة ،ص ، 296رقم الحديث (.)2568 63
)) انظر :العسقالني ،فتح الباري شرح صحيح البخاري ،ج ،5ص.246 64
)) البخاري ،صحيح البخاري ،كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها ،باب المكافأة في الهبة ،ص ، 298رقم الحديث (.)2585 65
)) البخ#اري ،ص#حيح البخ#اري ،كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها ،باب قبول الهدية ،ص ، 297رقم الحديث ( ،)2576واللفظ له، 66
ومسلم ،صحيح مسلم ،كتاب الزكاة ،باب قبول النبي الهدية ورده الصدقة ،ص ،257رقم الحديث (.)1077
)) البخ اري ،األدب المف#رد ،ب اب قب ول الهدي ة ،ص ،180رقم الح ديث ( ،)594وه و ح ديث حس ن ،والموص لي ،أحم د بن علي (ت 307 67
هـ) ،مسند أبي يعلى الموصلي ،تحقيق :حسين سليم أسد ،دمشق ،دار المأمول للتراث ،ط 1405 ،1هـ ،ج ،11ص ،9رقم الحديث (،)6148
والبيهقي ،أحمد بن الحسين (ت 458هـ) السنن الكبرى ،تحقيق :محمد عبد القادر عطا ،مكة المكرمة ،مكتبة دار الباز1414 ،هـ ،ج ،6ص
،169قال ابن حجر العسقالني" :إسناده حسن" .انظر :تلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير ،بيروت ،دار المعرفة1986 ،م ،ج
،2ص.70
)) البخاري ،األدب المفرد ،باب قبول الهدية ،ص ،180رقم الحديث (.)595 68
)) ابن قدامة ،المغني والشرح الكبير ،كتاب الهبة والعطية ،ج ،6ص ،273مسألة رقم .4438 69
ورداء
ً )) الحلة :الثوب الجيد الجديد غليظ اً أو رقيق اً ،وثوب له بطانة ،وثوبان من جنس واحد ،وثالثة أثواب ،وقد تكون قميص اً وإ زاراً 70
) ) راغبة :أي طامعة طالبة صلتي ،أو كارهة لإلسالم ساخطته ،وفيه جواز صلة القريب المشرك ،النووي ،صحيح مسلم بشرح النووي، 73
ج ،7ص.89
)) البخاري ،صحيح البخاري ،كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها ،باب الهدية للمشركين َوقَ ْو ِل اللَّ ِه تَ َع الَى :الَ َي ْن َه#ا ُك ُم اللَّ ُه َع ِن الَّ ِذ َ
ين 74
)) القرطبي ،الجامع ألحكام القرآن ،القاهرة ،دار الشعب ،ج ،18ص.59 76
)) أب و داود ،س##نن أبي داود ،كت اب األدب ،ب اب في ح ق الج وار ،ج ،4ص ،341رقم الح ديث ( ،)5152وس كت عن ه ،والترم ذي ،الج##امع 77
الصحيح وهو سنن الترمذي ،كتاب البر والصلة ,باب ما جاء في حق الجوار ،ج ،4ص ،333رقم الحديث ( ،)1943وقال أبو عيسى :هذا
حديث حسن غريب.
)) الطبري ،جامع البيان من تأويل آي القرآن ،ج ،2ص ،459وابن كثير ،تفسير القرآن العظيم ،ج ،1ص.468 78
)) العسقالني ،فتح الباري شرح صحيح البخاري ،ج ،10ص.541 80
)) الشوكاني ،نيل األوطار من أسرار منتقى األخبار ،ج ،7ص.93 81
)) انظر :القاسمي :محمد جمال الدين ،محاس#ن التأويل ،اعتنى به عبد القادر عرفان حسونة ،بيروت ،دار الفكر ،ط2005 ،1م ،ج ،9ص 82
.3885-3884
)) الشافعي ،محمد بن إدريس (ت 204هـ) ،األم ،تحقيق :أحمد بدر الدين ،دمشق ،دار قتيبة ،ط2003 ،2م ،ج ،4ص.222 83
)) ابن عابدين ،محمد أمين (ت 1252هـ) ،رد المحتار على الدر المختار ،تحقيق :عبدالمجيد ،بيروت ،دار المعرفة ،ط2000 ،1م ،ج ،3ص 85
.353
)) أيل ة :البل د المع روف فيم ا بين مص ر والش ام ،بل د على س احل البح ر األحم ر ،وهي اآلن مدين ة العقب ة .انظ ر :النهاي#ة في غ#ريب الح#ديث 86
)) البخاري ،صحيح البخاري ،كتاب الزكاة ،باب خرص الثمر ،ص ،170رقم الحديث ( ،)1481وكتاب الجزية ،باب إذا وادع اإلمام 88
ملك القرية هل يكون ذلك لبقيتهم؟ ص ،372رقم الحديث ( ، )3161وعلقه في كتاب الهبة ،باب قبول الهدية من المشركين ،ص.301
)) مسلم ،صحيح مسلم ،كتاب الفضائل ،باب في معجزات النبي ،ص ،590رقم الحديث (.)1392 89
)) البخ اري ،ص##حيح البخ ##اري ،كت اب األيم ان والن ذور ،ب اب كي ف ك انت يمين الن بي ، ص ،774رقم الح ديث ( ،)6640واللف ظ ل ه، 90
والترم ذي ،الج#امع الص#حيح وه#و س#نن الترم#ذي ،كتاب اللباس ،باب ( ، )3ج ،4ص ،218رقم الح ديث ( ،)1723وقال أبو عيس ى :هذا
ح ديث ص حيح ،والنس ائي ،أحم د بن ش عيب بن علي (ت 303هـ) ،س##نن النس##ائي بش##رح الحاف##ظ جالل ال##دين الس##يوطي وحاش##ية اإلم##ام
السندي ،اعتنى به ورقمه وصنع فهارسه عبد الفتاح أبو غدة ،بيروت ،دار البشائر اإلسالمية ،الطبعة الثالثة المفهرسة1414 ،هـ1994/م ،
كتاب الزين ة ،ب اب لبس ال ديباج المنس وج بال ذهب ،ج ،8ص ،199رقم الح ديث ( ،)5302وأحم د ،المسند ،ج ،20ص ،395رقم الح ديث (
،)13148قال المحقق :اسناده صحيح ،وأحمد ،المسند ،و ج ،21ص ،123رقم الحديث ( )13455وقال المحقق :إسناده صحيح.
)) انظر :النسائي ،سنن النسائي ،ج ،8ص.200-199 91
)) أكي در دوم ة :أكي در تص غير أك در ،ودوم ة بل د بين الحج از والش ام ،وهي دوم ة الجن دل ،مدين ة ق رب تب وك ،على عش ر مراح ل من 92
المدينة ،وأكيد ملكها ،وهو ابن عبد الملك وكان نصرانياً ،انظر :العسقالني :فتح الباري ،ج ،5ص.284
)) البخاري ،ص#حيح البخ#اري ،كتاب الهبة وفضلها ،باب قبول الهدية من المشركين ،ص ،301رقم الحديث ( ،)2616ومس#لم ،ص#حيح 93
مسلم ،كتاب فضائل الصحابة ،باب من فضائل سعد بن معاذ ،ص ،632رقم الحديث (.)2469
)) البخاري ،صحيح البخاري ،كتاب الهبة وفضلها ،باب قبول الهدية من المشركين ،ص ،301رقم الحديث (.)2617 94
)) المشعان :الطويل جداً فوق الطول ،شعث الرأس ،انظر :العسقالني :فتح الباري ،ج ،5ص.285 95
)) البخاري ،صحيح البخاري ،كتاب الهبة وفضلها ،باب قبول الهدية من المشركين ،ص ،301رقم الحديث (.)2618 96
)) الترم ذي ،الج#امع الص#حيح وه و س نن الترم ذي ،كت اب الس ير ،باب ما ج اء في قب ول ه دايا المش ركين ،ج ،4ص ،140رقم الح ديث ( 99
،)1576قال أبو عيسى :هذا حديث حسن غريب ،وأحمد ،المسند ،ج ،2ص ،144رقم الحديث (.)747
)) انظر :المباركفوري ،تحفة األحوذي بشرح صحيح الترمذي ،ج ،4ص.528 100
)) أب و داود ،س##نن أبي داود ،كت اب اللب اس ،كت اب في لبس الص وف والش عر ،ج ،4ص ،44رقم الح ديث ( ،)4034وأحمد ،المس##ند ،ج 101
،21ص ،37رقم الح ديث ( ،)13315والح اكم ،المستدرك على الصحيحين ،ج ،4ص ،187وق ال ص حيح ووافق ه ال ذهبي ،قلت :إس ناد
أبي داود حسن لغيره ،فيه عمارة بن زادان الصيدالني ،صدوق كثير الخطأ ،التقريب ،ص ،409ترجمة .4847
)) أبو داود ،سنن أبي داود ،كتاب الخراج واإلمارة والفيء ،باب في اإلمام يقبل هدايا المشركين ،ج ،3ص ،170رقم الحديث (،)3057 102
وهو حديث صحيح ،والترمذي ،الجامع الصحيح وهو سنن الترمذي ،كتاب السير ،باب في كراهية هدايا المشركين ،ج ،4ص ،140رقم
الح ديث ( ،)1577وق ال أب و عيس ى :ه ذا ح ديث حس ن ص حيح ،وأحم د ،المس##ند ،ج ،29ص ،29رقم الح ديث ( ،)17482وق ال المحق ق:
ح ديث ص حيح رجال ه ثق ات رج ال الص حيحين ،والطيالس ي ،س ليمان بن داود (ت 204هـ) ،المس#ند ،ب يروت ،دار المعرف ة ،ص ،146رقم
الح ديث ( )1082و( ،)1083وق ال األلب اني :ص حيح ،انظ ر :ص حيح س نن أبي داود ،الك ويت ،مؤسس ة غ راس2002 ،م ،ط ،1ج ،8ص
.383
)) أحم د ،المس###ند ،ج ،24ص ،39رقم الح ديث ( )15323وق ال المحق ق :إس ناده ص حيح ،والح اكم ،المس ##تدرك ،ج ،3ص،485-484 103
وصححه ووافقه الذهبي ،وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد ،ج ،4ص ،151وقال رواه أحمد والطبراني في الكبير ،رقم
الحديث ( )3125وإ سناده جيد ،رجاله ثقات ،وقال الشيخ األلباني :صحيح اإلسناد ،سلسلة األحاديث الصحيحة ،ج ،4ص.283
)) الترمذي ،الجامع الصحيح ،ج ،4ص.140 104
)) العسقالني ،فتح الباري بشرح صحيح البخاري ،ج ،5ص.284 106
)) الفتاوى الهندية في مذهب اإلمام أبي حنيفة ،بيروت ،دار الفكر1411 ،هـ ،ج ،5ص.347 107
)) ابن حزم ،علي بن أحمد بن سعيد (ت 456هـ) ،المحلى ،بيروت ،دار اآلفاق الجديدة ،ج ،9ص.159 108
)) وهبة الزحيلي ،موسوعة الفقه اإلسالمي والقضايا المعاصرة ،دمشق ،دار الفكر ،ط2013 ،3م ،ج ،12ص.769 109
)) ابن تيمية ،ش#رح اقتض#اء الص#راط المس#تقيم في مخالف#ة أص#حاب الجحيم ،شرحه محمد بن صالح الع ثيمين ،الق اهرة ،دار ابن الهيثم، 110
)) وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية ،الكويت ،الموسوعة الفقهية ،ط2012 ،1م ،ج ،14ص.95 113
)) محمد رواس قلعجي ،معجم لغة الفقهاء ،بيروت ،دار النفائس ،ط1988 ،2م ،ج ،1ص.495 114
)) البخاري ،صحيح البخاري ،كتاب النكاح ،باب كيف يدعى للمتزوج ،ص ،624رقم الحديث ( ،)5155وكتاب الدعوات ،باب الدعاء 115
)) مسلم ،صحيح مسلم ،كتاب فضائل الصحابة ،باب من فضائل أبي طلحة األنصاري ،ص ،629رقم الحديث (.)2144 117
)) مسلم ،صحيح مسلم ،كتاب صالة المسافرين وقصرها ،باب فضل سورة الكهف وآية الكرسي ،ص ،193رقم الحديث ( .)810 118
)) البخاري ،صحيح البخاري ،كتاب المغازي ،باب حديث كعب بن مالك وقول اهلل ( وعلى الثالثة الذين خلّفوا) ،ص ،517رقم الحديث 119
( ،)4418ومسلم ،صحيح مسلم ،كتاب التوبة ،باب حديث توبة كعب بن مالك وصاحبيه ،ص ،700رقم الحديث (.)2769
)) انظر :الموسوعة الفقهية الكويتية ،ج ،14ص.97 120
)) العسقالني ،فتح الباري بشرح صحيح البخاري ،ج ،8ص.156 122
)) ابن قيم الجوزية ،محمد بن أبي بكر الزرعي (ت 751هـ) ،زاد المع#اد في ه#دي خ#ير العب#اد ،تحقيق :شعيب األرناؤوط وعبدالقادر 123
)) البخ#اري ،ص#حيح البخ#اري ،كت اب الجن ائز ،ب اب إذا أس لم الص بي فم ات :ه ل يص لى علي ه؟ ،ص ،154رقم الح ديث ( ،)1356وكت اب 125
.)1718
)) ابن تيمية ،شرح اقتضاء الصراط المستقيم في مخالفة أصحاب الجحيم ،ص.231 129
)) انظر :شرح اقتضاء الصراط المستقيم في مخالفة أصحاب الجحيم ،ص #.238وانظر :الش#رح الممت#ع على زاد المس#تقنع ،ج ،8ص 130
،75البن عثيمين.
)) ابن عاشور ،تفسير التحرير والتنوير ،تونس ،الدار التونسية للنشر1985 ،م ،ج ،19ص.78 131
)) أب و داود ،س##نن أبي داود ،كت اب الص الة ،ب اب ص الة العي دين ،ج ،1ص ،294رقم الح ديث ( ،)1134وإ س ناده ص حيح ،والنس ائي ،س##نن 132
النس##ائي ،كت اب ص الة العي دين ،ب اب ،1ج ،3ص ،179رقم الح ديث ( ، )1556وإ س ناده ص حيح ،وأحم د ،المس##ند ،ج ،19ص ،65رقم
الحديث ( ،)12006وقال المحقق :إسناده صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين ،وج ،20ص ،212رقم الحديث ( ،)12827وج ،21ص،225
رقم الحديث ( ، )13622وكلها أسانيد صحيحة ،وصححه البغوي ،الحسين بن مسعود (ت 516هـ) ،شرح السنة ،تحقيق :شعيب األرناؤوط
ومحمد زهير الشاويش ،بيروت ،المكتب اإلسالمي ،ط1983 ،2م ،ج ،4ص.292
)) انظر :شمس الحق أبادي ،عون العبود شرح سنن أبي داود ،بيروت ،دار الكتب العلمية1995 ،م ،ج ،3ص.342 133
)) أبو داود ،س#نن أبي داود ،كتاب األيمان والنذور ،باب ما يؤمر به من الوف اء بالن ذر ،ج ،3ص ،235رقم الح ديث ( ،)3313وإ س ناده 134
صحيح ،وصححه األلباني في صحيح سنن أبي داود ،رقم الحديث (.)3313
)) انظر :شرح اقتضاء الصراط المستقيم في مخالفة أصحاب الجحيم ،ص.235 135
)) البخاري ،صحيح البخاري ،كتاب الجنائز ،باب من قام لجنازة يهودي ،ص ،150رقم الحديث (.)1312 136
)) انظر" :فتاوى مص#طفى الزرق#اء" اعتنى بها مجد أحمد مكي ،وقدم لها يوسف القرضاوي ،دمشق ،دار القلم1420 ،هـ1999/م ،ط ،1ص 137
،357-355بتصرف.
)) انظر" :فتاوى وأحكام –العيد-التعامل مع أهل الكتاب وتهنئتهم في أعيادهم ،تاريخ 19/12/2004م. 138