علم من أعالم الطب ،نشأ وترعرع فى دمشق ،فى مطلع القرن السابع الهجري (الثالث عشر الميالدي) ،ثم انتقل إلى القاهرة، وعاش فيها طيلة حياته ،وتوفي فيها عن عمر يناهز الثمانين. سيرته: هو عالء الدين ،أبو الحسن ،علي بن أبى الحزم القرشى الدمشقي ( .)1ولد في دمشق عام 607للهجرة الموافق لعام 1215 للميالد ،يخا عهد الملك العادل سيف الدين األيوبي أخي الملك الناصر صالح الدين األيوبي .ودرس الطب في البيمارستان النوري الكبير" ،في دمشق ،على األستاذين الشهيرين مهذب الدين الدخوار( )3وعمران اإلسرائيلي اللذين تخرج على أيديهما كثير من األطباء المعروفين في ذلك الزمن ،أمثال مؤ رخ الطب ابن أبي أصيبعة صاحب كتاب (عيون األنباء في طبقات األطباء) ،وبدر الدين بن قاضي بعلبك ،وشمس الدين محمد الكلي ،وموفق الدين عبد السالم ،ونجم الدين بن المنفاخ ،وعز الدين السويدي، وشرف الدين علي بن الرحبي. وفي وقت ال يمكن تحديده بدقة -يعتقد بأنه كان حوالي 633هـ 1 236 /م -ارتحل ابن النفيس إلى الديار المصرية ،وعاش في القاهرة طبيباً ومدرساً للطب ،ثم أصبح رئيساً لقسم الكحالة (طب العيون) في البيمارستان الناصري ( ،)،وتولى في أواخر حياته رئاسة األطباء في البيمارستان -المنصوري ( .)5ومن تالميذه المشهورين بدر الدين حسن وأمين الدولة ،وابن القف ،والسيد الدمياطي ،وأبو الفرج بن الصغير ،وأبو القفل بن كوشك اإلسكندري .وكان يدرس إلى جانب الطب اللغة والفقهـ في المدرسة المسرورية (.)6 لم يتزوج ابن النفيس ،وقد يكون عدم زواجه مما ساعده فى حياته على التركيز فى الدراسة ووفرة اإلنتاج وانصرافه إلى العلم والتعليم. ولقد وصف بأنه كان شيخاً طويالً ،أسيل الخدين ،نحيفاً غاية في الجمال ،وقوراً ،ذا هيبة واحترام ،دمث األخالق ،لطيف المعاملة، ذا مروءة وورع ،ال يحجب عن اإلفادة ليالً وال نهاراً ". وكان يحضر مجلسهـ في داره جماعة من األمراء ،والمهذب بن أبي حليفة رئيس األطباء وشرف الدين بن الصغير ،وأكابر األطباء. وكان متديناً ورعاً يخشى اهلل في جميع أعماله وتصرفاته ولقد روى عنه أنه في علته التي توفي بها ،أشار عليه بعض أصحابه األطباء بتناول شيء من الخمر ،إذ كان صالحاً لعلته ،وعلى ما زعموا ،فأبى أن يتناول شيئاً منه ،وقال :أال ألقى اهلل تعالى ،وفي بطني شيء من الخمر). عاش ابن النفيس مطيعاً لربه أميناً لدينه ،وفتحت له كنوز الدنيا ،كما أتيحت له أبواب العلم والمعرفة. توفي ابن النفيس في القاهرة ،وله من العمر ثمانون عاماً ،في سنة 687للهجرة الموافق لسنة 1288للميالد ،في زمن الملك قالوون. وكان قد وقف جميع أمالكه وأمواله وكتبه وداره الجميلة التي ابتناها وفرشها بالرخام حتى إيوانها على البيمارستان المنصوري. عصره : عاش ابن النفيس حياته كلها ،في دمشق والقاهرة ،طوال القرن السابع الهجري أو الثالث عشر الميالدي تقريباً .وهو قرن سادت فيه االضطرابات الداخلية في البالد العربية واإلسالمية من أقصاها إلى أدناها ،واشتعلت نيران الفتن في كل مكان ،وتتالت الحمالت الصليبية على بالد الشام ومصر ،واشتدت هجماتـ الروم على الثغور والمدن الشمالية ،واجتاحت جحافل التتر ،بقيادة هوالكو ، البالد كلها ،ودمرت أمهات المدن (بغداد وحلب ودمشق) ،وقضت على مراكز الحضارة العربية اإلسالمية وأهلكت الحرث والنسل ،وخلفت وراءها الخراب والدمار والمجاعاتـ واألوبئة. ولقد هزت االنكسارات والنكبات شعور العرب والمسلمين وأذكت فيهم نار الحمية ،ووحدت صفوفهم ضد الغزاة المعتدين فهبوا لصد االعتداءات ورد الهجمات ودفع الخزي والعار .وانتصروا في معارك حاسمة على الصليبيين وحلفائهم ،وحرروا القدس وما جاورها من البلدان الشامية ،وطهروا الساحل المصري من جيوش الفرنجة ،وقهروا أكبر قائد فيهم( لويس التاسع) وأسروه في المنصورة ،ودحروا جيوش التتر في عين جالوت. ولقد أنجبت األمة العربية اإلسالمية ،في تلك الفترة الحرجة من تاريخها ،خيرة رجالها ومقاتليها ،أمثال صالح الدين األيوبي والظاهر بيبرس ،والمنصور قالوون الذين قادوا تلك المعارك المظفرة. كما أكسبت تلك االنتصارات الحربية يقظة علمية ونهضة عمرانية تجلت في ازدهار دمشق والقاهرة اللتين أصبحتا مركزين هامين من مراكز الحضارة العربية اإلسالمية .فحملتا الشعلة التي خبا نورها في بغداد ،وغدتا مالذاً للعلماء وموئالً لألدباء ،يتفيئون ظل حكامها وينعمون برعايتهم. واتسم القرن السابع الهجري (الثالث عشر الميالدي) ،بميسم خاص طابعه الثورة الفكرية والتحرر من التبعية والتمرد عام تعاليم األقدمين ،وهذا ما يبدو جلياً واضحاً لدى عالمين فذين من علماء دمشق والقاهرة :األول /عبد اللطيف البغدادي الذي أدرك الثلث األول من ذلك القرن ،والثاني /عالء الدين بن النفيس الذي عاشه كله تقريباً . ولقد شهد هذأن العالمان الطبيبان أحداث ذلك الزمان ،وذاقا أهواله ،وانتشيا بانتصاراته ،ونعما برعاية حكامه ووسمهما بميسمه الثوري الخاص ،لذا نجدهما قد تحررا تحرراً كامالً من قيود التبعية وتمرد على تعاليم وأفكار جالينوس وابن سينا .وسنرى ذلك بالتفصيل عند الكالم عن نظرية ابن النفيس في دوران الدم. غير أن هذه اليقظة السياسية والطفرة العلمية والنهضة العمرانية لم تلبث أن أصيبت بنكس مريع وتقهقر بالغ إثر اجتياح الجيوش العثمانية للبالد العربية ،فأخمدت تلك الجذوة المتوقدة وغطت األمة العربية في سبات عميق. ثم أعقب ذلك استعمار أوربي حاقد متعصب حاول أن يقضي على ما تبقى من مظاهر الحضارة العربية اإلسالمية ،فنهب التراث والثروات ،وسلب الكتب واآلثار ،كما حاول أن يطمس أسماء العلماء والمؤلفين ،وكان من جملة هؤالء علم شامخ وطود راسخ هو عالء الدين بن النفيس الذي فقدنا معظم كتبه وآثاره ،على وفرتها وخصوبتها ،نتيجة الكوارث والحرائق والسرقات ،بل كدنا نفقد اسمه ،لوال بقية عثر عليها صدفة ،طبيب مصري شاب ،إبان دراسته للطب في ألمانيا عام 1924م ،هو المرحوم الدكتور محي الدين التطاوي ( )7الذي يعود إليه الفضل األكبر واألول في إعادة سيرة ابن النفيس إلى األذهان ،وفي إثارة اهتمام العالم به، وذلك إثر عثوره على مخطوطة (شرح تشريح القانون) في برلين في ألمانيا. ابن النفيس الطبيب العالم: ال جدال في أن ابن النفيس عالم موسوعي ،واسع االطالع ،غزير المعرفة ،خصب اإلنتاج ،متعدد االهتمامات ،فهو فيلسوف ولغوي ،وفقيه ،ومصنف ،ومحدث وطبيب بارع ،وكحال متميز وله شهرة في الطب ال تضاهى .ولقد قيل عنه (وأما في الطب فلم يكن على وجه األرض مثله في زمانه) .وقيل " وال جاء بعد ابن سينا مثله " .وقالوا( :وكان ال العالج أعظم من ابن سينا) (.)8 والبن النفيس ،في تأليفه وأبحاثه ،منهج خاص لم يسبقه إليه أحد سوى عبد اللطيف البغدادي ،فلقد كان يبني نظرياته على المشاهدات والتجارب والخبرات العلمية ،وكان ذا أفكار نقادة ومالحظات دقيقة قادته إلى اكتشافات طبية رائدة ،وأحلته مقاماًـ عالياً ،وأكسبته صفةـ الطبيب العالم المكتشف ،عن جدارة وتقدير. ولقد كان ذا ذاكرة خارقة " ،فكان إذا أراد التصنيف توضع له األقالم مبرية ،ويدير وجهه إلى الحائط ،ويأخذ في التصنيف إمالء من خاطره ،ويكتب مثل السيل إذا تحدر فإذا كل القلم وحفي رمى به وتناول غيره لئال يضيع عليه الزمان في بري القلم (.)9 ولقد قيل عنه " أن ملكة التأليف كانت تتسلط عليه أحياناً بقوة ال يستطيع اإلفالت منها ،فكأنها الوحي يدعوه إلى الكتابة في أغرب األماكن وشتى الظروف .فلقد روى عنه أنه دخل الحمام ،ذات مرة ،فلما كان في بعض تغسيله خرج إلى مشلح الحمام واستدعى بدواة وقلم وورق وأخذ فى تصنيف مقالة فى النبض إلى أن أنهاها ،ثم عاد ودخل الحمام وكمل تغسيله " (.)90 ومما يدل على سعة علمه وإخالصه للبحث ما حدث به السديد الدمياطي الحكيم في القاهرة وكان من تالميذه ،فقال "اجتمع ليلة ابن النفيس والقاضيـ جمال الدين بن واصل ،وأنا نائم عندهما ،فلما فرغا من صالة العشاء شرعا في البحث ،وانتقال من علم إلى علم ،والشيخ عالء الدين بن النفيس في كل ذلك يبحث برياضة وال انزعاج وأما القاضي جمال الدين فإنه ينزعج ،ويعلو صوته، وتحمر عيناه ،وتنتفخ عروق رقبته ،ولم يزاال كذلك إلى أن أسفر الصبح ،فلما انفصل الحال ،قال القاضي جمال الدين :يا شيخ عالء الدين )،ما نحن فعندنا مسائل ونكت وقواعد ،وأما أنت فعندك خزائن علوم (.)11 كان ابن النفيس واثقاً من آرائه ،متمكناً من أقواله ،ولقد روى عنه أنه قال " :لو لم أعلم أن تصانيفي تبقى بعدي عشرة آالف سنة ما وضعتها(.)12 تلك هي لمحة مقتضبة عن حياة ابن النفيس وصفاته وأخالقه وعصره وبيئته ،وتلك هي صورة عن عبقريته التي أتحفت اإلنسانية ببحر من العلم والمعرفة واإلنتاج الفكري الغزير. مؤلفاتـ ابن النفيس الطبية: خلف ابن النفيس تراثاً ضخما ومتنوعاً في مختلف فروع الطب وتعاليمه .وهو شارح أو ملخص لمؤلفات األقدمين في بعض كتبه وموسوعي فى بعضها اآلخر ،شأنه فى ذلك شأن مؤلفي عصره ،كما أنه مبتكر وصاحب نظريات خاصة به مخالفة ألراء أساطين الطب السابقين في بعض تصانيفه وشروحه وتعاليقه. -وفيما يلي ملخص لمؤلفاته الطبية: أ -الموجز في الطب: وهو موجز القانون البن سينا .وهذا الكتاب من خير ما صنف من المختصرات والمطوالت فى علم الطب .أطلق عليه اسم (الموجز) أو (الموجز في الطب) وهو في الحقيقةـ كامل في الطب شامل لقوانينه وقواعده ،جامع ألصوله ومسائله العلمية والعملية. توجد نسخ منه ني برلين ومانشستر وباريس واستنبول والقاهرة ودمشق وحلب ،وغيرها من المدن والعواصم العربية واألجنبية. -2شرح القانون البن سينا: ويقع في عشرين مجلدا. -3تشرح تشريح القانون: لهذا الكتاب شهرة واسعة طبقت اآلفاق وخلدت اسم ابن النفيس .إذ أنه وصف فيه الدورة الدموية الرئوية وصفاً دقيقاً كامالً ،كما سنرى ذلك مفصالً. ولقد ابتدأ كتابه هذا بمقدمة (تعين على إتقان العلم بهذا الفن) ،ويريد بذلك (فن التشريح) ،وقسم المقدمةـ إلى خمسة مباحث: البحث األول :في اختالف الحيوانات في األعضاء. البحث الثاني :في قواعد علم التشريح. البحث الثالث :في إثبات منافع األعضاء ،وهذا ما يعرف في زماننا ،ب (الفبزيولوجيا )Physiologie البحث الرابع :في المبادئ التي يستخرج منها العلم بمنافع األعضاء بطريقة التشريح ،وهو ما .يعرف فى هذه األيام ،ب (التشريح المقارن . )Anatomit comparee البحث الخامس :في ماهية التشريح وآالته. وهذا الكتاب موجود في باريس ،ولقد رأيت منه تسع نسخ في المكتبة الوطنية في باريس .كما توجد منه نسخ كثيرة فى برلين واالسكولاير وأكسفورد واستنبول والقاهرة وبيروت ودمشق وحلب . -4شرح كليات القانون. -5شرح تقدمة المعرفة في الطب ألبقراط. -6شرح فصول أبو قراط. -7كتاب المهذب فى الكحل المجرب. ويبحث في طب العين وتشريحها وأمراضها وحفظ صحتها وطرق معالجتها باألدوية والجراحة .وتوجد منه نسخة فريدة فى الفاتيكان وأخرى عثر عليها مؤخراً في دمشق فى المكتبة الظاهرية. -8الكتاب الشامل فى الطب. وهو أوسع كتبه ،إذ يدل فهرسه على أنه لو تم تبييضه لبلغ ثالثمائة مجلد ،ولقد أنجز منها ثمانين مجلدا فقط وبيضها ونقحها قبل أن توافيه المنية. ومما يؤسف له أن هذه المجلدات الثمانين قد ضاع أكثرها ولم يبق منها إال وريقات موجودة حالياً في أكسفورد في (المكتبة البولدية ،)Boldeian librayوجزء واحد ناقص في المكتبة الظاهرية بدمشق ،وآخر ناقض أيضاً في دار الكتب المصرية في القاهرة. والبن النفيس كتب طبية أخرى كثيرة منها. -9بغية الطالبين وحجة المتطببين. -10بغية الفطن في علم البدن. -11رقائق الحلل في دقائق الحيل. -12شرح الفصول ألبي العالء مساعد. -13ثمار المسائل. -14كتاب النبات في األدوية المفردة. -15كتاب مواليد الثالثة. -16جامع الدقائق من الطب. -17كتاب الشافي. -18رسالة في أوجاع البطن. -19كتاب المختار من األغذية. -20شرح مسائل حنين بن اسحاق. هذه هي كتب ابن النفيس الطبية ،كما تذكرها المصادر التاريخية الموثوقة. أما كتبه في العلوم األخرى التي نبغ فيها كالفقه وأصوله والنحو والبيان والحديث والسيرة النبوية المنطق والعلوم العقلية فكثيرة جداً ،ونغفل ذكرها اآلن. ابن النفيس مكتشف الدورة الدموية الرئوية: ال شك في أن شهرة ابن النفيس ومكانته الطبية العالية تتأتى من نواح كثيرة ،غيرأن وصفه للدورة الدموية الرئوية وصفاً علمياً صحيحاًـ مبنياً على المالحظة الواعية والمشاهدة الدقيقة ،ألول مرة في تاريخ الطب ،وانتقاده آراء جالينوس وابن سينا وغيرهما في هذا الموضوع ،وتصحيحه أخطاءهما بجرأة فائقة ومنطق سليم ،تجعلنا نعده المكتشف األول والحقيقي لدوران الدم في الرئة. ال شك أن موضوع اكتشاف الدورة الدموية الرئوية هو من الحوادث الكبرى في عالم الطب ،ولقد أثير جدل كبير في النصف األول من هذا القرن حول هذا الموضوع من قبل العلماء ومؤرخي العلم والطب في العالم أجمع. لذا أرى لزاماً على بادئ ذي بدء أن أذكر بعض الحقائق الثابتة عن الظروف والمالبسات التي رافقت إثارة هذه الحقيقةـ العلمية الكبرى بعد نسيان طويل. من المعروف في كتب تاريخ الطب حتى عام /1924 /بالذات أن المكتشف األول للدوران الدموي هو العالم اإلنجليزي ويليام هارفي W. Harveyعام ،1628فلقد وصفه وصفاً كامالً مبنياً على البراهين العلمية والتجارب الدقيقة. ومن المعروف أيضاً أن علماء كثيرين من فالسفة عصر النهضة وأطبائه في إيطاليا كسرفيتوس Servetusوفيز اليوس Ceslpionوكولومبو Colomboوسيزالبينو Cesalpinoقد سبقوا هارفي وشاركوه في كشفه. هكذا كانت تروى كتب تاريخ الطب والفيزيولوجيا ،وما كان أحد يتطرق في بحثه إلى ذكر الطبيب العربي ابن النفيس في هذا المجال ،إلى أن جاء الطبيب المصري الدكتور /محمي الدين التطاوي فقدم أطروحة إلى جامعة فرايبورغ في ألمانيا عام ،1924 وأعلن فيها أن ابن النفيس قد وصف الدوران الرئوي وصفاً صحياً في كتابه (شرح تشريح القانون) مستنداً في ذلك إلى مخطوطة موجودة في برلين. ثم أتى بعده المستشرق مايرهوف Maeyerhofفردد هذه الحقيقةـ العلمية في تقرير مفصل قدمه إلى المعهد المصري Institut d Egyptعام 1931م ،وفي مقال آخر في مجلة إيزيس ( Isisعام 1932م .وأنصف بذلك ابن النفيس والدكتور التطاوي صاحب الفضل األول في هذا االكتشاف. وأتى من بعدهما الطبيبان اللبنانيان األستاذان سامي حداد وأمين خيراهلل فكتبا مقاالً باإلنجليزية في مجلة Annal of surgery عام 1936م عن ابن النفيس ونظريته في الدوران ،مستندين إلى نسخة محطوطة من شرح تشريح القانون يملكها الدكتور سامي حداد في بيروت. وأخيراً أشار إلى الموضوعـ إشارة عابرة األستاذ (ليون بيني) L, Binetعميد كلية الطب في باريس ،في كتابه (على هامش المؤ تمرات En marge des congresالمنشور عام .1947ثم عاد (بيني) إلى الموضوعـ ثانية ،وقدم تقريراً مفصالً إلى أكاديمية الطب في باريس ،باالشتراك مع زميله هيربان Herpinأثار فيه موضوع اكتشاف الدوران الرئوي من قبل الطبيب العربي ابن النفيس وذلك في جلسة 26تشرين الثاني من عام 1948م .ولقد جرت في تلك الجلسة مناقشة حامية كان فيها األستاذ لوبري Laubryمتعصباً تعصباً أعمى لهارفي ،ولم يكن مستعداً لتقبل حقيقة علمية ثابتة وهي أسبقية ابن النفيس ،كما أن بيني نفسه لم يكن آنذاك متمكناً من الموضوع ،فلم يستطع أن يفحم مناوئيه في تلك الجلسة .ونجم عن ذلك سكوت كتب تاريخ الطب سكوتاً شبه كامل عن هذه الحقيقةـ العلمية الثابتة. وفي عام 1951م رغبت في تتويج دراستي الطبية في جامعةـ باريس بأطروحة عن الطبيب العربي ابن النفيس ،ولم يكن زادي من الموضوع سوى اسم ابن النفيس الذي لم أكن أعرف عنه شيئاً. راسلت بعض األساتذة الذين تلمذت لهم في السنتين األولى والثانية في كلية الطب بدمشق أطلب منهم العون ،فلم ألق إال أجوبة مقتضبة من األستاذين الدكتورين شوكة الشطي وأسعد الحكيم ،ولكنهما كانا صاحبي فضل كبير إذ وجهاني توجيهاً خاصاً نحو النبع الغزير والكنز الثمين ،أال هو المكتبة الوطنية في باريس حيث المصادر الموثوقة والمخطوطات العربية النادرة التي اعتمدت عليها في عملي. ولقد كان دخولي إلى المكتبة الوطنية في باريس بدء الطريق ولكنه الطريق الصحيح المستقيم. منه عرفت أن التطاوي هو الرائد األول وأن مايرهوف صاحب الفضل األكبر ،فلواله لما تحدث أحد عن التطاوي ،إذ لم أطلع ال أنا وال غيري على أطروحته التي كتبت باأللمانية ،على اآللة الكاتبة وعلى ست نسخ فقط عام 1924م ،فلم تطبع ولم تنشر ،ولم يتيسر لنا االطالع عليها وال على ترجمة لها ،على الرغم من المحاوالت المتكررة .غير أن مايرهوف قد شهرها وأعلم المؤرخ الكبير (سارتونSartonعنها ،فنشر هذا األخير الخبر في آخر جزء من كتابه المشهور (المدخل إلى تاريخ العلوم )Introduction of the history of seienses وفي المكتبة الوطنية في باريسي اطلعت على أن (بيني) كان قد كتب عن الموضوع مرتين ،فهرعت إليه طالباً العون ،فوجدته تواقاً إلى المزيد من هذا البحث واالطالع على حقائق علمية ثابتة ،فشجعني على تهيئة أطروحتي عن ابن النفيس وتقديمها تحت إشرافه . وفي المكتبة الوطنية في باريس ،أيضاً ،اكتشفت مخطوطة ابن النفيس (شرح تشريح القانون) التي يبسط فيها نظريته في الدوران الرئوي ،فكانت الحجة التي ال تقارع والبرهان الذي ال يتطرق إليه الشك في صحة أقوالي وأقوال من سبقوني في الكالم على ابن النفيس وكشفه. ولقد قمت بتصوير صفحات المخطوطة التي يصف فيها ابن النفيس دوران الدم وأثبتها في نسخ األطروحة التي قدمت للمناقشة مع ترجمتها إلى اللغة الفرنسية ،فبرهنت للجنة التي ألفت للمناقشة ولرئيسها العميد (ليون بيني) بالحجج واألسانيد التى ال تنكر ،وأمام جمع غفير من الحضور أن المكتشف األول والحقيقي للدورة الدموية الرئوية هو العالم العربي ابن النفيس وليس العالم اإلنجليزي هارفي . Harver وإنني ال أزال أذكر كلمات أحد أعضاء لجنة المناقشة التي يقول فيها " :لقد وضعتنا أمام حقائق دامغةـ وبراهين ثابتة ال يتطرق إليها الشك بهذه الصفحات المصورة من مخطوطة ابن النفيس األصلية ،وترجمتها لنا بلغتنا لتفحمنا ولئال تترك لنا مجاالً للشك في صحةـ أقوالك وقوة لدعائك ،وأثبت لنا بأن مواطنك العربي ابن النفيسة قد سبق هارفي بقرون في اكتشاف الدوران الرئوي ،فاهنأ بمواطنك الجليل هذا ،وافخر إثباتك في هذا الحرم الجامعي،ـ وفي هذه المدينة العظيمة التي ستردد هذه الحقيقةـ الكبرى وستنشرها على المأل أجمع ". والحق يقال أن باريس قد رددت أصداء هذا االكتشاف الضخم في العالم أجمع ونفضت الغبار عن هذه الصفحةـ المنسية من تاريخنا العلمي المجيد ،فنشطت األقالم للكتابة عن ابن النفيس وكشفه ،وهب المنصفون والمخلصون إلى إعطائه حقه وإحالله المنزلة الرفيعة التي يستحقها في تاريخ االكتشافات العلمية الكبرى. الدورة الدموية الرئوية: ال بد لنا قبل سرد نظرية ابن النفيس في الدوران الرئوي أن نورد بصورة مختصرة ومبسطة نظريات األقدمين الذين سبقوه في هذا الموضوع اكتشفها ثم ننتقل نظريته التي اكتشفها بحدسه الكبير وفكره الثاقب ومالحظته الدقيقة ،ونقارن أخيراً بين اكتشافه واكتشافات من أتى بعده من علماء عصر النهضة من إيطاليين وإسبانيين وفرنسيين ،لنصل إلى العالم اإلنجليزي هارفي الذي ينسب إليه اكتشاف دوران الدم كله. ومن المعروف ،في أيامنا هذه ،أن العضلة القلبية ،هي المضخة المركزية في حركة الدم ودورانه تنقسم إلى قسمين :أيمن وأيسر، وكل واحد من هذين القسمين يتألف من جزأين علوي وهو األذينة وسفلي وهو البطين ،وهذان الجزءان يتصل أحدهما باألخر بواسطة فوهات واسعة تدعى (الدسامات) ،في حين يفترق القسم األيمن من القلب عن القسم األيسر افتراقاً تاماً كامالً بواسطة حاجز سميك جداً. ومن المعروف أيضاً أن الدورة الدموية الكاملة ،تقسم إلى قسمين: ا -الدورة الكبرى :وهي التي تبتديء من البطين األيسر وتنتهي في البطين األيمن. ينقبض البطين األيسر ،فيندفع الدم النقي المشبع باألوكسجين بواسطة األبهر والشرايين ويتوزع على جميع األجهزة واألعضاء ،ثم يعود هذا الدم إلى األذينة اليمنى فالبطين األيمن بواسطة األوردة مثقالً بغاز الفحم والفضالت . -2الدورة الصغرى ،وتسمى الدورة الرئوية أيضاً :تبتديء من البطين األيمن وتنتهي في البطين األيسر. وينقبض البطين األيمن فيندفع الدم المشبع بغاز الفحم إلى الرئة بواسطة الشريان الرئوي حيث يختلط بالهواء ،فيصفى وينقى ،ثم يعود بواسطة األوردة الرئوية إلى األذينة اليسرى بالبطين األيسر صافياً نقياً مشبعاً باألوكسجينـ (والحياة). لنر اآلن كيف ينظر األقدمون إلى حركة الدم في الجسم. كان علماء الطب القدامى (اليونان والعرب) يعتقدون بأن الدم يتشكل في الكبد ،حيث ينقل إليه الوريد البابي األغذية من األمعاء بعد هضمها وتحضيرها ،فتتحول فيه إلى دم ،ومن الكبد يتوزع الدم بواسطة األوردة على أجهزة الجسم وأعضائه. وكان قسم من الدم يصل إلى القلب األيمن بواسطة الوريد األجوف وفي البطين األيمن يتخلص هذا الدم مما يكون قد علق به من شوائب ويسخنـ ويترقق ،ثم يعود مطهراً بعد هذه العملية التحضيرية إلى األوردة ومنها إلى األعضاء .ويمر قسم من الدم المسخنـ المرقق إلى البطين األيسر عبر منافذ غير مرئية كائنة في الحجابـ الحاجز بين البطينين. وفي البطين األيسر يختلط الدم مع الهواء اآلتي من الرئتين بواسطة الشرايين الوريدية (أي األوردة الرئوية) ومن هذا الخليط (الدم المسخن والهواء) تتولد الروح في البطين األيسر الذي يوزعها بدوره على الجسم كله بواسطة األبهر. وتبعاً لهذه النظرية فاألوردة تحمل الدم فقط ،في حين تنقل الشرايين الهواء والروح ،كما أن فكرة دوران الدم واتجاهه لم تكن معلومةـ أصالً ،وإنما توجد هناك حركة متواصلة للدم بين مد وجزر ورواح ومجيء ،وأما الرئة فلم يكن لها من وظيفة سوى تبريد الدم المرتفع الحرارة. تلك هي النظرية التي كانت سائدة قبل ابن النفيس ،وتلك هي مفاهيم أساطين الطب القدماء أمثال أبقراط وجالينوس وابن سينا. لقد كانت نظريات هؤالء العظام وآراؤهم تحاط بهاالت من القدسية واإلكبار ،وبقيت ردحاً طويالً من الزمن قوانين أزلية ثابتة ال يداخلها الشك وال تقبل المناقشة واالجتهاد إلى أن جاء ابن النفيس فكسر هذا الطوق وحطم هذه الهالة وتجرأ أن ينتقد جالينوس وابن سينا بآراء صريحة ال تقبل الشك والغموض ،وبعبارات قوية وقاسية تدل على تمكن صاحبها من صواب رأيه وقوة حجته ،مثل قوله( :هذا هو الرأي المشهور ،وهو عندنا باطل) ،ومثل قوله( :ال يصح البتة) ،أو (هذا عندنا من الخرافات) ،أو (وهذا ظاهر البطالن) . الدوران الدموي الرئوي عند ابن النفيس: ودونكم ما ورد في كتاب ابن النفيس (شرح تشريح القانون) بالحرف الواحد ،في معرض كالمه عن دوران الدم في القلب والرئة: " والذي نقوله نحن ،واهلل أعلم ،إن القلب لما كان من أفعاله توليد الروح ،وهي إنما تكون من دم رقيق جداً شديد المخالطة بجرم هوائي ،فال بد أن يحصل في القلب دم رقيق جداً وهواء ليمكن أن تحدث الروح من الجرم المختلط منها وذلك حيث تولد الروح ،وهو في التجويف األيسر من تجويفي القلب .وال بد في قلب اإلنسان ونحوه مما له رئة من تجويف آخر يتلطف فيه الدم ليصلح لمخالطة الهواء ،فإن الهواء لو خلط بالدم وهو على غلظه لم يكن من جملتهما جسم متشابه األجزاء ،وهذا التجويف هو التجويف األيمن من تجويف القلب .وإذا لطف الدم في هذا التجويف ،فال بد من نفوذه إلى التجويف األيسر حيث مولد الروح. ولكن ليس بينهما منفذ ،فإن جرم القلب هناك مسمت ليس فيه منفذ ظاهر ،كما ظنه جماعة ،وال منفذ غير ظاهر يصلح لنفوذ هذا الدم ،كما ظنه جالينوس فإن مسام القلب هناك مستحصفة وجرمه غليظ .فال بد أن يكون هذا الدم إذا لطف نفذ في الوريد الشرياني إلى الرئة لينبث في جرمها ويخالط الهواء ويصفى ألطف ما فيه وينفذ إلى الشريان الوريدي ليوصله إلى التجويف األيسر من تجويفي القلب وقد خالط الهواء وصلح ألن تتولد منه الروح .وما بقي منه أقل لطافة تستعمله الرئة في غذائها (." )13 ويقول في مكان آخر: "قوله -أي قول ابن سينا -وفيه ثالثة بطون :هذا الكالم ال يصح ،فإن القلب له بطنان فقط ،أحدهما مملوء من الدم وهو األيمن: واآلخر مملوء من الروح وهو األيسر .وال منفذ بين هذين البطنين البتة ،وإال كان الدم ينفذ إلى موضع الروح فيفسد جوهرها! والتشريح يكذب ما قالوه ،والحاجز بين البطنين أشد كثافة من كيره ،لئال ينفذ منه شىء من الدم أو من الروح فتضيع .فلذلك قول من قال :إن ذلك الموضع كثير التخلخل باطل .والذي يوحيه له ذلك ظنه أن الدم الذي في البطين األيسر إنما ينفذ إليه من البطين األيمن من هذا التخلخل وذلك باطل ،فإن نفوذ الدم إلى البطين األيسر إنما هو من الرئة بعد تسخنه وتصعده من البطين األيمن، كما قررناه أوالً " (.)14 وفي مكان آخر ،يؤكد لنا بأن اتجاه الدم في دورانه واحد وثابت ،أي أنه يمر من التجويف األيمن إلى الرئة حيث يخالط الهواء، ومن الرئة إلى التجويف األيسر .فيقول: " قوله -أي قول ابن سينا -وإيصال الدم الذي يغذي الرئة إلى الرئة من القلب -ويقصد القلب األيسر .-هذا هو الرأي المشهور، وهو عندنا باطل ،فإن غذاء الرئة ال يصل إليها من هذا الشريان -ويقصد الشريان الوريدي -ألنه ال يرتفع إليها من التجويف األيسر من تجويفي القلب ،إذ الدم الذي في هذا التجويف إنما يأتي إليه من الرئة ال أن الرئة آخذة منه .وأما نفوذ الدم من القلب إلى الرئة فهو في الوريد الشرياني " (.)15 نستطيع اآلن أن نلخص ما تقدم من أقوال ابن النفيس بما يلي: ا -وجوب مرور الدم من البطين األيمن إلى الرئة ،لتحدث التهوية (وتحصل المبادالت الغازية). -2عدم جواز مرور الدم من البطين األيمن إلى البطين األيسر عبر المنافذ الوهمية الموجودة قي لحاجز بين البطينين كما كان معروفاً عند من سبقه ،وقد نفى ذلك نفياً باتاً ،وكذبه تكذيباً قاطعاً. -3اتباع الدم في سيره وجهة ثابتة فهو يمر من الرئة آتياً من البطين األيمن ،ويتشبع بالهواء ،ثم ينتقل إال البطين األيسر. -4نفي رجوع الدم من القلب األيسر إلى الرئة ليغذيها. كيف توصل ابن النفيس إلى اكتشافه؟ أما كيف توصل ابن النفيس إلى هذا االكتشاف العظيم ،فال يمكن إعطاء رأي قاطع فيه. يقول بعضهم ،وعلى رأسهم مايرهوف ( :،لقد تم ذلك نتيجة لفرضية موفقة Une heureuse )hypothese ويعتقد اآلخرون بأنه كان يشرح الحيوانات خفية ،وإن كان قد صرح في مقدمة كتابه ،بقوله( :وقد صدنا عن مباشرة التشريح وازع الشريعة وما في أخالقنا من الرحمة ( .)16إذ ربما كان يخفى عن اآلخرين ما يقوم به ويتستر بأقواله هذه خشية حقهم وحق علماء الدين الذين كانوا يستنكرون مباشرة التشريح في ذلك الزمن .وإال فما معنى أقواله( :ولكن ليس بينهما منفذ فإن جرم القلب هناك مصمت ليس فيه منفذ ظاهركما ظنه جماعة ،وال منفذ غير ظاهر كما ظنه جالينوس). وكيف يفسر توصل ابن النفيس إلى معرفة أن العضلة القلبية تتغذى بأوعيتها الخاصةـ بها ،وهو أول من اكتشف تلك األوعية ووصفها ولم يسبقه أحد في ذلك. وكيف عرف وأكد بأن العضالتـ المحركة للعين ست ال ثالث ،دون أن يشرح ويتحققـ مما يقول؟ وكيف جزم وردد بقوة وجرأة وتشديد( :وهذا ظاهر البطالن)( ،والحاجز بين البطنين أشد كثافة من غيره) ،و (التشريح يكذب ما قالوه)؟ أي تشريح هذا؟ .أهو تشريح جالينوس ومن سبقه؟. إنه يطعن في هذا التشريح وينعته بالكذب والبطالن .ويصرح في مكان آخر بأنه اعتقد في صور األعضاء الباطنة وأوضاعها على كالم من تقدمه من المباشرين للتشريح ،وخاصة الفاضل جالينوس " ،إال في أشياء يسيرة ظننا أنهما من أغاليط النساخ ،أو أن إخباره عنها لم يكن من بعد تحقق المشاهدة فيها " (.)17 أي مشاهدةـ هذه؟. - أليست مشاهدة ابن النفيس ذاته الذي تحرر من سيطرة التبعية العمياء لهؤالء األفاضل أبقراط وجالينوس وابن سينا؟. وكيف تصحح المشاهدة أخطاء جسيمة ويكذب التشريح أوصافاً غير حقيقية دون أن تبنى على تحقق تام بالنظر واللمس؟ وهو ال يجد حرجاً في مخالفة آراء اآلخرين ،إذا اقتضى األمر ذلك ،فيقول " :وأما منافع كل واحد من األعضاء فإنما نعتمد في تعرفها على ما يقتضيه النظر المحقق والبحث المستقيم ،وال علينا وافق ذلك رأي من تقدمنا أو خالفه " ( .)18 والتحرر من التبعية غير جديد على بعض العلماء العرب فلقد سبق ابن النفيس إلى ذلك طبيب عربي آخر هو عبد اللطيف البغد ادي .الذي قال في كتابه (اإلفادة واالعتبار): (والحس أقوى دليالً من السمع ،وإن جالينوس ،وإن كان في الدرجة العليا من التحري والتحفظ فيما يباشره ويحكيه ،فإن الحس أصدق منه). إنني أميل إلى االعتقاد بأن ابن النفيس قد زاول التشريح وبنى مالحظاته الدقيقة ومشاهداته الصحيحةـ بعد تحقق وتأكد مما يقوله ويراه .وهناك عدة براهين على ذلك: األول: أقواله ،في معرض الكالم على أجزاء القلب. أ " التشريح يكذب ما قالوه ،والحاجز بين البطنين أشد كثافة من غيره ". ب " -ولكن ليس بينهما منفذ ،فإن جرم القلب هناك مصمت ليس فيه منفذ ظاهر ،كما ظنه جماعة ،وال منفذ غير ظاهر ،كما ظنه جالينوس ". ج " -فلذلك جعلنا أكثر اعتمادنا في تعرف صور األعضاء وأوضاعها ونحو ذلك على قوله -أي قول جالينوس -إال في أشياء يسيرة ظننا أنها من أغاليط النساخ ،أو أن إخباره عنها لم يكن من بعد تحقق المشاهدة فيها ". الثاني: ذكره المبادئ التي يستخرج منها العلم بمنافع األعضاء بطريق التشريح ،وتوصياته بضرورة دراسة (التشريح المقارن ) Anatomie compareeالذي يعده ضرورياً والزماً لفهم تشريح جسم اإلنسان. ولقد كرر هذه الفكرة وألح عليها في مخطوط آخر له ،هو (رسالة الرجل الكامل) ،إذ قال في التعرف على منافع األعضاء التى في بطن الحيوانات وصدرها ما يأتي " :فشق بطنها وشاهد القلب في الصدر وبطنه األيمن مملوء من الدم وبطنه األيسر مملوء من الروح. وهذا البطن ينقبض فتنفذ تلك الروح في الشرايين إلى األعضاء ،ئم ينبسط فينجذب إليه الهواء من الرئة". الثالث: كتاباته في فوائد التشريح وقواعده وآالته واعتباره فناً. انتشار نظرية ابن النفيس: ما هو صدى هذا الكشف العظيم في حينه؟ وما مدى انتشاره في العالم العربي الذي انطلق منه؟ وبالتالي في العالم الغربي الذي ورث الحضارة العربية ونقل أثمن ما فيها إلى لغاته؟ .ونحن في القرن السابع الهجري الموافق للقرن الثالث عشر الميالدي والبالد العربية تمر في حالة من القلق واالضطراب الشديدين ،والطفرة العلمية الرائعة التي كان يرعاها الحكام األيوبيون في دمشق والقاهرة لم تكن بمأمن من عاديات الدهر وهجمات األعداء في الداخل والخارج: دسائس ومؤامرات وقتل وتعذيب بين الطامعين في الحكم والعروش ،وحروب صليبية ال تبقى وال تذر ،وهجمات على الدولة اإلسالمية ال تهدأ وال تنقطع. وكانت االضطرابات التي تنشأ في قطر من األقطار العربية ال تلبث أن تتسع وتمتد لتطغى على األقطار األخرى. بالد لم تكن لتنعم باالستقرار والهدوء واالطمئنان ،فمن أين لها أن تحافظ على كنوزها الثمينة وقد ابتلعت األنهار أكثرها ،والتهمت بعضها النيران ،ونهب ما تبقى منها. وأين يكون الجو المالئم لقبول أفكار جريئة ولمناقشة نظريات ثورية من نوع نظرية ابن النفيس تهاجم آراء الطودين الراسخين جالينوس وابن سينا وتعارضهما وتسفههما وتنعتهما بالبطالن و (هذا القول باطل) ،و (هو عندنا باطل) ،و (هذا الكالم ال يصح)، و(فهذا عندنا من الخرافات) .بل تذهب إلى أبعد من ذلك فتصفها بالكذب( :والتشريع يكذب ما قالوه). إن نظرية من هذا النوع ال يمكن أن يكتب لها النجاح واالنتشار إال إذا أتت في زمن تكون فيه النفس راضية مطمئنة ،متفرغة للنقاش والتأمل ،ويظللها الهدوء واالستقرار .ومع ذلك فال يجوز لنا أن ندعى أن الوسط العربي قد أهملها أو أنكرها ولم يأبه بها. فإن منزلة صاحبها عالية ومقامهـ رفيع غير أننا كما فقدنا كنوز ابن النفيس الثمينة ومعظم كتبه ،وخاصة مؤلفه الضخم (الشامل في الطب) ،فقد أضعنا صدى نظريته في الفترة القلقة التي أعقبت وفاته. ولقد وجدت في المكتبة الوطنية في باريس مخطوطة عربية تردد نظرية ابن النفيس هي المخطوطة ذات الرقم /5776 /هي شرح لقانون ابن سينا ،غير أنها ويا لألسف ناقصة من أولها وآخرها ،ونتيجة لذلك فهي مجهولة المؤلف وغير محددة التاريخ ،وهي، على وصف الفهرست لها ،مخطوطة من القرن السابع عشر ،ومكتوب على جلدها باللغة الفارسية والعربية ما يلي( :هذا شرح للقانون .نسخة فريدة وصحيحة ،غير أن مؤلفها مجهول). ولدى مطالعتي لهذه المخطوطة وجدت أن مؤلفها ،حين يتكلم عن القلب يروي أقوال ابن النفيس بكثير من اإلجالل واالحترام وينعته بالقرشي ،فيقول :قال القرشي رحمه اهلل (.)19 ويردد نظرية ابن النفيس في الدوران ( )20كما جاءت في شرح تشريح القانون تماماً. أما صدى هذه النظرية ،في العالم الغربي الذي ورث الثقافة العربية وكنوزها ،فنجمله فيما يلي: لقد وجدت أثناء تحرياتي في باريس عن صدى نظرية ابن النفيس في عصر النهضة أن هذا الطبيب العربي لم يكن مجهوالً كما يعتقد بعضهم ،وأن كتابه (شرح تشريح القانون) قد ترجمت أجزاء منه إلى الالتينية ونشرت في مدينة البندقية عام ،1547ولقد قام بهذه الترجمة طبيب إيطالي اسمه الباغو ) ،Alpago (21كان قد زار دمشق وأقام فيها ردحاً من الزمن يتعلم اللغة العربية ويطلع على الكتب الطبية ويصحح ترجمات كتب ابن سينا التي كانت قد نقلت إلى الالتينية آنذاك . ومن نافلة القول أن أردد حقائق علمية أصبحت بديهية وال ينكرها أحد ،وهي أن المعاهد الطبية في! لعالم الغربي كانت تدرس في عهد النهضة المؤلفات العربية وخاصة كتاب (القانون) البن سينا .ولقد بقي هذا الكتاب حجة في الطب حتى القرن الثامن عشر، كما أن المؤلفات العربية وترجماتها كانت ترد إلى أوروبا كالسيل الهادر من اسبانيا ،وصقلية ،وسالرنو في جنوب إيطاليا ،ومن البالد العربية ذات!ها. ولقد ترجم الباغو أجزاء كثيرة من كتاب ابن النفش! (شرح تشريح القانون)،وأكد ،في مسخ!هلـ مؤلفه ،أن هذه الترجمة الالتينية البن النفيس تندثر ألول مرة ،وأنها أخذت من كتابه من اللغة العربية رأساً ،غير أن هذه األجزاء ،وإن كانت ال تخلق بالدورة الرئوية ،كما يقول المحققون ،فهي على كل حال كافية لتعريف علماء عصر النهضة في أوروبا بابن النفيس ومنزلته الكبرى. ولم تمض سمته سنوات على ظهور ترجمة كتاب ابن النفيس حتى صدر مؤلف سرفيتوس ( Servetusإصالح المسيحية ( )Chrisitianismi restitutioعام ،1553وفيه يصف الدورة الرئوية كما ذكر ابن النفيس قبل ثالثة قرون ،في الشكل والمعنى. يقول مايرهوف( :إن ما أثار دهشتي أثناء المقاطع التي تخص الدوران الرئوي في مخطوطة ابن النفيس ،هو الشبه العظيم بينها وبين الجمل التي كتبها سيرفيتوس ،حتى ليخيل للمرء أن المقاطع في الكتاب العربي قد ترجمت إلى الالتينية بشيء من التصرف). وفي عام 1555ظهرت الطبعة الثانية لكتاب (في مصنع الجسم البشري Dehumani corporis fabricosالذي ألفه (فيزاليوس )Vesaliusأستاذ الجراحة في جامعة يادوفا ،وفيها يؤكد بوضوح عدم وجود منفذ بين تجويفي القلب ،بينما يرى الباحثون بأن هذه الفكرة لم ترد في الطبعة األولى لهذا الكتاب والتي صدرت عام ،1542أي أن فكرة عدم نفوذ الدم من البطين األيمن إلى البطين األيسر وهي فكوة ابن النفيس في األصل -لم تتردد في الوسط الطبي اإليطالي ،وفي كتاب فيزاليوس إال بعد ترجمة الباغو عام 1547ومع هذا فكتب الفيزيولوجيا وتاريخ الطب تعد فيزال أول من وصف وأكد عدم وجود منافذ بين البطنين. ويأتي بعد فيزاليوس مساعده كولومبوه " Colomboوهو أستاذ التشريح في جامعة بادوفا ،فينشر عام 1559كتاباً قي التشريح اسمه (عن التشريح ،)De re anatomicaويصف فيه الدورة الرئوية كما جاءت في كتاب سيرفيتوس الذي كان قد أقام من قبل في مديتة بادوفا ،دون أن يشسير إلى المصدر الذي أخذ عنه ،وكان كولومبو يصحرح بأن أحداً لم يسبقه إلى هذا الوصف، فكأنما كان يخشى أن توجه إليه تهمة السرقة والنقل عن سرفيتوس ،ولكن سيرفيتوع نفسه لم يذكر المصدر الذي استقى منه معلوماتهـ ولم يشر إلى المؤلف الذي استرشد بأقواله. ومما تجدر اإلشارة إليه أن سيرفيتوس إسباني المولد ،يعرف اللغة العربية إلى جانب الالتينية واليونانية والعبرية والفرنسية ،ويعرف المؤلفين العرب وكتبهم معرفة تامة ،وبالتالي ال بد أن يكون قد اطلع على أعمال ابن النفيس وكشفه وأخذ يرددها أيما حل ورحل. إن في باريس أو في ليون أو في فينا أو في جنيف أو في بادوفا. وأخيراً ينظر سيزالبينو Cesalpinoأحد أساتذة كلية الطب في بيزا في كتبه التي صدرت ما بين األعوام ،1573 -1571نبذاً بسيطة وأفكاراً غير مترابطة عن الدوران الرئوي واتجاه دوران الدم في القلب والرئة ،فتعزى إليه أسبقية هذا الكشف وتنعته كتب تاريخ الطب بأنه أول من أشار إلى اتجاه الدم في دورانه ،ألنه أول من استعمل كلمة (الدوران . )Circulation ولقد رأينا كيف أن ابن النفيس كان أول من ذكر اتجاه الدم في القلب والرئة ،قبل قرون،في كتابه (شرح تشريح القانون)- ـ ماذا نستخلص من سرد هذه التواريخ ،وكيف نفسرتتابع هذه األحداث خالل األعوام المتعددة من 1547إلى 1559؟. -بل ما هو السبب وراء هذا السيل الهادر من الكتب وهذا الفيض من األفكار التي تحوم حول نقطة معينة؟. ـ وبماذا نفسر محاولة إنكار كل واحد على أصحابه األسبقية وادعاءه بأنه أتى بهذه األفكار ،للمرة األولى ،دون أن يأخذها عن أحد؟ هذا مع العلم بأنهم جميعاً قد نشأوا في وسط واحد وتعارفوا فيما بينهم وعملوا معاً :فسرفيتوس ناصر فيزاليوس أصبح ،فيما بعد، أستاذاً للجراحة والتشريح في جامعة بادوفا حيث كان كولومبو مساعداً له في التشريح ويعمل تحت إمرته ،وأخيراً يأتي سيزالبينو، وهو من أتباع كولومبو وتالمذته .كل هؤالء جميعاً يشكلون فيما بينهم وحدة متكاملة يخا العمل والثقافة والتفكير ،يتبادلون اآلراء، ويتناقلون األخبار ،ويرددون فكرة ثورية جديدة في الطب تقلب المفاهيم السائدة واألفكار المقدسة ،مفاهيم جالينوس وابن سينا. كل هذا يحدث فجأة ،بعد ترجمة الباغو الشهيرة وانتشارها في إيطاليا مركز الحركة الفكرية والمعاهد الطبية والنهضة العلمية آنذاك. ويأتي مؤ رخو الطب ،فيما بعد ،وحتى سنوات خلت ،فينسبون اكتشاف الدورة الدموية الرئوية لسيرفيتوس حيناً ،أو لكولومبو وأصحابه حيناً آخر ،متجاهلين أو متناسين عبقرياً فذاً فاق هؤالء جميعاً وسبقهم بثالثة قرون ،وكان المنبع األساسي الذي اغترفوا كلهم منه. ومما ال ريب فيه أن هؤالء جميعاً قد ساهموا مساهمةـ فعالة بما قاموا به من تجارب على الحيوان ،وبعد أن شرحوا جثث اإلنسان، فمهدوا الطريق بأعمالهم وأفكارهم لوليام هارفي W. Harveyالذي وصف الدوران الدموي كله وصفاً كامالً صحيحاً مبنياً علىالخبرة والتجارب ،وذلك في كتابه (دراسة تشريحية تحليلية لحركة الدم والقلب في الحيوان) Exercitation anatomica de motu cordis et sanguinis in animalibusالذي صدر عام 1628في لندن. وإن هارفي نفسه لم يشر إلى المصادر التي استقى منها معلوماتهـ على الرغم من أنه تأثر تأثراً كبيراً بآراء من سبقه من هؤالء العلماء، فلقد درس في جامعة بادوفا التى تعاقب على تدريس التشريح والطب فيها أولئك العلماء الذين مهدوا له الطريق. والخالصة أن ابن النفيس قد عرف فى الغرب ،في عصر النهضة معرفة تامة ،بفضل ترجمة الباغو ،وبفضل ما تسرب من مخطوطات عربية وترجمات وأفكار عبر المعاهد العلمية األسبانية والفرنسية واإليطالية وأن نظريته في الدوران الرئوي اقتبست ،أو سرقت، دون أن يشار إلى ذكر صاحبها األصلي ،إما طمعاً بسبق ،أو إهماالً لألمانة العلمية التي لم تكن من الصفات المرعية في تلك األيام، أو خوفاً من الرأي العام المسيحي المتعصب الذي كان ال يتقبل نظريات جديدة صادرة عن عالم غير مسيحيـ (.)22 اكتشافات ابن النفيسة األخرى: والبن النفيس اكتشافات أخرى لم يسبقه إليها أحد من علماء العرب أو الغرب. فهو أول من وصف األوعية اإلكليلية التي تغذي العضلة القلبية .يقول ابن النفيس في كتابه شرح تشريح القانون) في معرض كالمه على تغذية العضلة القلبية: " وجعله للدم الذي في البطين األيمن منه يغتذي القلب ال يصح البتة ،فإن غذاء القلب إنما هو من الدم المنبث فيه من العروق المثبتة في جرمه (.)23 فهو يعارض بذلك رأي ابن سينا ومن سبقه في موضوع تغذية العضلة القلبية ،ويكون أول من وصف تغذيتها من األوعية الخاصة بها ،خالفاً لما يدعيه مؤرخو الطب من أن ستاكيو Eustachiهو أول من ذكر الشرايين اإلكليلية التي تغذي العضلة القلبية ووصفها. والبن النفيس سبق آخر ال يجوز أن نغفل ذكره ،وهو وصفه لألوعية الشعرية ،فهو يقوله: "وكذلك جعل الوريد الشرياني شديد االنحصاف ذا طبقتين ليكون ما ينفذ من مسامه شديد الرقة ،وجعل الشريان الوريدي نحيفاً ذا طبقة واحدة ليسهل قبوله لما يخرج من ذلك الوريد ،ولذلك جعل بين هذين العرقين منافذ محسوسة"ـ (.)24 ومما ال ريب فيه أن هذه المنافذ المحسوسةـ أو المسام بين العروق ليست إال األوعية الشعرية الدقيقة التي يتم بواسطتها التبادل فيما بين األوردة والشرايين والتي وصفهاكولومبو بعد ابن النفيس بثالثة قرون ،وادعى بأن أحداً لم يسبقه إلى كشفها ،فأصبحت تعزى أسبقية وصفها إليه وإلى مالبيكي الذي أثبت وجودها بعد اختراع العدسات المكبرة والمجهر. تلك هي بعض الحقائق التي وردت في كتاب ابن النفيس (شرح تشريح القانون) عن دوران الدم ال الرئة والقلب وعن الشرايين اإلكليلية ،وعن األوعية الشعرية. ترى أي كنز ثمين ينطوي عليه التراث الضخم من المخطوطات العديدة التي خلفها لنا ولم تكتشف مكنوناتها بعد؟ المصادر العر بية " الكتب " ا -ابن أبي أصيبعة :عيون األنباء في طبقات األطباء -مكتبة الحياة -بيروت.1965 - -2ابن العماد الحنبلي :شذرات الذهب في أخبار من ذهب .المكتب التجاري -بيروت -الجزء الخامس الصفحة .401 -3ابن كثير :البداية والنهاية .مكتبة المعارف -بيروت -1 977 -الجزء -13الصفحة .313 -4الدكتور أحمد عيسى بك :تاريخ البيمارستانات في اإلسالم .المطبعة الهـاشمية -دمشق 1357هـ 1929 -م. -5الدكتور أحمد عيسى بك :معجمـ األطباء .مطبعة فتح اهلل -مصر 1361هـ 1942 -م الصفحاتـ .296 ،292 -6إسماعيل باشا البغدادي :هدية العارفين -أسماء المؤلفين وآثار المصنفين .مكتبة المثنى -بيروت -المجلد األول صفحةـ .714 -7الدكتور أمين أسعد خير اهلل :الطب العربي .المطبعة األمريكانية -بيروت.1946 ، -8الدكتور بول غليونجي :ابن النفيس .مطبعة مصر -القاهرة.1966 ، -9تاج الدين السبكى :طبقات الشافعية الكبرى .المطبعة الحسينية -مصر -الطبعة األولى 1224 -هـ الجزء الخامس الصفحةـ -15 .129جالل الدين عبد الرحمن السيوطي :حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة. عيسى البابي الحلبي وشركاه -القاهرة الطبعة األولى 1387هـ 1967 -م الجزء األول -الصفحةـ .54 2 -11جمال الدين يوسف بن تغري بردي األتابكي :النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة -دار الكتب المصرية -القاهرة، 1357هـ 1 938م ،الجزء السابع -الصفحة .377 -12حاجي خليفة :كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون .مكتبة المثنى -بيروت -المجلد الثاني ،الصفحات،1024 : .2031 ،1899 ،1267 ، 1114 -13زين الدين الزركى :األعالم .الطبعة الثالثة -بيروت 1389هـ 1 969 -م -الجزء الخامس الصفحةـ .78 -14الذهبي :تاريخ دول اإلسالم .طبعة حيدر آباد الدكن -13655المجلد الثاني -الصفحةـ .145 -1 5زيت الدين عمر بن الوردي :تاريخ ابن الوردي " تتمة المذتصر في أخبار البشر " .دار المعرفة -بيروت 1389 ،هـ 97 0 1م الجزء الثاني -الصفحةـ .334 -16صالح الدين خليل بن ابيك الصفدي :الوافي بالوفيات .فرانز شتاينر -فيسبان (المانيا) 1381هـ 1962م. -17طاش كبري زاده :مفتاح السعادة ومصباح السيادة .دار الكتب الحديثة -القاهرة. -18عبد القادر بن محمد النعيمي الدمشقىـ :الدارس في تاريخ المدارس .مطبعة الترقي -دمشق 1370هـ 1951م الجزء الثاني -الصفحةـ .131 -19عبد اهلل بن أسعد بن علي بن سليمان اليافعى :مرآة الجنان وعبرة اليقظان .مؤسسة األعلمي -بيروت الطبعة الثانية 1395 :هـ 1970م .المجلد الرابع -الصفحةـ .207 -20المجلس األعلى للعلوم في سورية :مهرجان أسبوع العلم الثامن -دمشق 01967الكتاب األول :مهرجان ابن النفيس. -21محمد باقر الموسوي الخوانساري :روضات الجنان حول العلماء والسادات .مصر 1347هص -الصفحات:ـ .495 ،494 ا لمخطوطات ا -ابن أبي أصيبعة :عيون األنباء في طبقات األطباء. مخطوطة المكتبة الظاهرية في دمشق رقم./4883 / -2ابن فضل اهلل العمري :مسالك األبصار في أخبار ملوك األمصار. مخطوطة دار الكتب المصرية -القاهرة ،رقم 99م. -3ابن النفيس :شرح تشريح القانون. مخطوطة المكتبة الظاهرية في دمشق .رقم 3145طب 20 -4ابن النفيس :شرح تشريح القانون مخطوطة المكتبة الوطنية في باريس رقم./2939 / -5بدر الدين محمود بن أحمد العيني :عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان مخطوط ،بشيرآغا./457 / -6المؤلف مجهول :مخطوطة المكتبة الوطنية في باريس .رقم./5776 / التعليقات ا -هكذا وردت تسميته في (النجوم الزاهرة) وفي (مسالك األبصار) .والقرشي نسبة إلى (قرش) بفتح القاف والراء -وهي قرية من قرى الشام. -2البيمارستان النوري الكبير :هو المستشفىـ الذي بناه السلطان العادل نور الدين محمود بن زنكي الذي ملك دمشق سنه 549 هـ 1154 /م. -3هو مهذب الدين عبد الرحيم بن علي بن حامد المعروف بالدخوار ،رئيس أطباء بالد الشام ومصر. وكان قد أوصى بأن تحول داره ،بعد وفاته ،إلى مدرسة للطب ،وأوقف لها مكتبته وأمواله وضياعه ،فعرفت باسم (المدرسة الدخوارية) ،وأنجبت كثيراً من األطباء في ذلك الزمان. -4البمارستان الناصري الصالحي ،ويعرف باسم (البمارستان العتيق) :هو المستشفى الذي أنشأه السلطان الناصر صالح الدين األيوبي ،في القاهرة ،وافتتحه عام 577هـ 1181م. -5البمارستان المنصوري ،أو بيمارستان قالوون ،ويعرب باسم (البيمارستان الجلدية) :هو المستشفىـ الذي ابتناه الملك المنصور قالوون ،في القاهرة ،عام 683هـ 1 284م .كما ابتنى فيه مدرسة تعرف باسم المدرسة المنصررية. -6المدرسة المسرورية :هي المدرسة التي بناها مسرور الخادم في القاهرة. -7أرى من الواجب علي ،في هذا المقام ،أن أحكي ذكرى الدكتور محى الدين التطاوي الذي لم يسعفهـ الحظ ،فلم يستطع بحد رجوعه إلى مصر ،عام 1925م .أن يتابع بنفسهـ موضوعـ كشفه ،إذ!ن في وزارة الصحة إثر عودته إلى بالده .وكان غالباً ما ينقل من بلدة صغيرة إلى أخرى في الريف المصري بعيداً عن دور الكتب والمعاهد العلمية .وتوفي أخيراً ،وهو يقاوم التيفوس في الريف المصري،عام ،1945فكان شهيد الواجب واإلنسانية -.الدكتور بول غليونجي في كتاب (ابن النفيس -سلسلة أعالم العرب). -8مفتاح السعادة ـ ص ./ 269 / 9ـ مسالك األبصار للعمري. 10ـ نفس المصدر .. 11ـ نفس المصدر . 12ـ مسالك األبصار للعمري . 13ـ الورقتان 66ط و 67ومن مخطوطة باريس ذات الرقم . 2939 -1 4الورقة 95ظ من مخطوطة باريس ذات الرقم .2939 " -15الورقتان 67و 67ظ من المخطوطة ذاتها . 16ـ الورقة أو من مخطوطة باريس ذات الرقم . 2939 -18الورقة أو من مخطوطة باريس ذات الرقم .2939 -1 9الورقتان 1 1 5و 1 1 6و من مخطوطة باريس ذات الرقم .5776 -20الورقتان 115و 115ظ من المخطوطة ذاتها. -21حسب الدراسة التي نثرها (أو مالي عام 1957م .فإن أندريا الباغو وابن أخيه باولو ألباغو كانا قد ترجما بعض أعمال ابن سينا وابن النفيس الطبية من العربية إلى الالتينية.