You are on page 1of 15

‫ابن النفيس‬

‫المكتشف األول للدورة الدموية الرئوية‬


‫علم من أعالم الطب‪ ،‬نشأ وترعرع فى دمشق‪ ،‬فى مطلع القرن السابع الهجري (الثالث عشر الميالدي)‪ ،‬ثم انتقل إلى القاهرة‪،‬‬
‫وعاش فيها طيلة حياته‪ ،‬وتوفي فيها عن عمر يناهز الثمانين‪.‬‬
‫سيرته‪:‬‬
‫هو عالء الدين‪ ،‬أبو الحسن‪ ،‬علي بن أبى الحزم القرشى الدمشقي (‪ .)1‬ولد في دمشق عام ‪ 607‬للهجرة الموافق لعام ‪1215‬‬
‫للميالد‪ ،‬يخا عهد الملك العادل سيف الدين األيوبي أخي الملك الناصر صالح الدين األيوبي‪ .‬ودرس الطب في‪  ‬البيمارستان‬
‫النوري الكبير"‪ ،‬في دمشق‪ ،‬على األستاذين الشهيرين مهذب الدين الدخوار(‪ )3‬وعمران اإلسرائيلي اللذين تخرج على أيديهما كثير‬
‫من األطباء المعروفين في ذلك الزمن‪ ،‬أمثال مؤ رخ الطب ابن أبي أصيبعة صاحب كتاب (عيون األنباء في طبقات األطباء)‪ ،‬وبدر‬
‫الدين بن قاضي بعلبك‪ ،‬وشمس الدين محمد الكلي‪ ،‬وموفق الدين عبد السالم‪ ،‬ونجم الدين بن المنفاخ‪ ،‬وعز الدين السويدي‪،‬‬
‫وشرف الدين علي بن الرحبي‪.‬‬
‫وفي وقت ال يمكن تحديده بدقة‪ -‬يعتقد بأنه كان حوالي ‪ 633‬هـ‪ 1 236 /‬م‪ -‬ارتحل ابن النفيس إلى الديار المصرية‪ ،‬وعاش في‬
‫القاهرة طبيباً ومدرساً للطب‪ ،‬ثم أصبح رئيساً لقسم الكحالة (طب العيون) في البيمارستان الناصري (‪ ،)،‬وتولى في أواخر حياته‬
‫رئاسة األطباء في البيمارستان‪ -‬المنصوري (‪ .)5‬ومن تالميذه المشهورين بدر الدين حسن وأمين الدولة‪ ،‬وابن القف‪ ،‬والسيد‬
‫الدمياطي‪ ،‬وأبو الفرج بن الصغير‪ ،‬وأبو القفل بن كوشك اإلسكندري‪ .‬وكان يدرس إلى جانب الطب اللغة والفقهـ في المدرسة‬
‫المسرورية (‪.)6‬‬
‫لم يتزوج ابن النفيس‪ ،‬وقد يكون عدم زواجه مما ساعده فى حياته على التركيز فى الدراسة ووفرة اإلنتاج وانصرافه إلى العلم‬
‫والتعليم‪.‬‬
‫ولقد وصف بأنه كان شيخاً طويالً‪ ،‬أسيل الخدين‪ ،‬نحيفاً غاية في الجمال‪ ،‬وقوراً‪ ،‬ذا هيبة واحترام‪ ،‬دمث األخالق‪ ،‬لطيف المعاملة‪،‬‬
‫ذا مروءة وورع‪ ،‬ال يحجب عن اإلفادة ليالً وال نهاراً "‪.‬‬
‫وكان يحضر مجلسهـ في داره جماعة من األمراء‪ ،‬والمهذب بن أبي حليفة رئيس األطباء وشرف الدين بن الصغير‪ ،‬وأكابر األطباء‪.‬‬
‫وكان متديناً ورعاً يخشى اهلل في جميع أعماله وتصرفاته ولقد روى عنه أنه في علته التي توفي بها‪ ،‬أشار عليه بعض أصحابه األطباء‬
‫بتناول شيء من الخمر‪ ،‬إذ كان صالحاً لعلته‪ ،‬وعلى ما زعموا‪ ،‬فأبى أن يتناول شيئاً منه‪ ،‬وقال‪ :‬أال ألقى اهلل تعالى‪ ،‬وفي بطني شيء‬
‫من الخمر)‪.‬‬
‫عاش ابن النفيس مطيعاً لربه أميناً لدينه‪ ،‬وفتحت له كنوز الدنيا‪ ،‬كما أتيحت له أبواب العلم والمعرفة‪.‬‬
‫توفي ابن النفيس في القاهرة‪ ،‬وله من العمر ثمانون عاماً‪ ،‬في سنة ‪ 687‬للهجرة الموافق لسنة ‪ 1288‬للميالد‪ ،‬في زمن الملك‬
‫قالوون‪.‬‬
‫وكان قد وقف جميع أمالكه وأمواله وكتبه وداره الجميلة التي ابتناها وفرشها بالرخام حتى إيوانها على البيمارستان المنصوري‪.‬‬
‫عصره ‪:‬‬
‫عاش ابن النفيس حياته كلها‪ ،‬في دمشق والقاهرة‪ ،‬طوال القرن السابع الهجري أو الثالث عشر الميالدي تقريباً‪ .‬وهو قرن سادت‬
‫فيه االضطرابات الداخلية في البالد العربية واإلسالمية من أقصاها إلى أدناها‪ ،‬واشتعلت نيران الفتن في كل مكان‪ ،‬وتتالت الحمالت‬
‫الصليبية على بالد الشام ومصر‪ ،‬واشتدت هجماتـ الروم على الثغور والمدن الشمالية‪ ،‬واجتاحت جحافل التتر‪ ،‬بقيادة هوالكو ‪،‬‬
‫البالد كلها‪ ،‬ودمرت أمهات المدن (بغداد وحلب ودمشق)‪ ،‬وقضت على مراكز الحضارة العربية اإلسالمية وأهلكت الحرث‬
‫والنسل‪ ،‬وخلفت وراءها الخراب والدمار والمجاعاتـ واألوبئة‪.‬‬
‫ولقد هزت االنكسارات والنكبات شعور العرب والمسلمين وأذكت فيهم نار الحمية‪ ،‬ووحدت صفوفهم ضد الغزاة المعتدين فهبوا‬
‫لصد االعتداءات ورد الهجمات ودفع الخزي والعار‪ .‬وانتصروا في معارك حاسمة على الصليبيين وحلفائهم‪ ،‬وحرروا القدس وما‬
‫جاورها من البلدان الشامية‪ ،‬وطهروا الساحل المصري من جيوش الفرنجة‪ ،‬وقهروا أكبر قائد فيهم‪(  ‬لويس التاسع) وأسروه في‬
‫المنصورة‪ ،‬ودحروا جيوش التتر في عين جالوت‪.‬‬
‫ولقد أنجبت األمة العربية اإلسالمية‪ ،‬في تلك الفترة الحرجة من تاريخها‪ ،‬خيرة رجالها ومقاتليها‪ ،‬أمثال صالح الدين األيوبي‬
‫والظاهر بيبرس‪ ،‬والمنصور قالوون الذين قادوا تلك المعارك المظفرة‪.‬‬
‫كما أكسبت تلك االنتصارات الحربية يقظة علمية ونهضة عمرانية تجلت في ازدهار دمشق والقاهرة اللتين أصبحتا مركزين هامين‬
‫من مراكز الحضارة العربية اإلسالمية‪ .‬فحملتا الشعلة التي خبا نورها في بغداد‪ ،‬وغدتا مالذاً للعلماء وموئالً لألدباء‪ ،‬يتفيئون ظل‬
‫حكامها وينعمون برعايتهم‪.‬‬
‫واتسم القرن السابع الهجري (الثالث عشر الميالدي)‪ ،‬بميسم خاص طابعه الثورة الفكرية والتحرر من التبعية والتمرد عام تعاليم‬
‫األقدمين‪ ،‬وهذا ما يبدو جلياً واضحاً لدى عالمين فذين من علماء دمشق والقاهرة‪ :‬األول‪ /‬عبد اللطيف البغدادي الذي أدرك الثلث‬
‫األول من ذلك القرن‪ ،‬والثاني‪ /‬عالء الدين بن النفيس الذي عاشه كله تقريباً ‪.‬‬
‫ولقد شهد هذأن العالمان الطبيبان أحداث ذلك الزمان‪ ،‬وذاقا أهواله‪ ،‬وانتشيا بانتصاراته‪ ،‬ونعما برعاية حكامه ووسمهما بميسمه‬
‫الثوري الخاص‪ ،‬لذا نجدهما قد تحررا تحرراً كامالً من قيود التبعية وتمرد على تعاليم وأفكار جالينوس وابن سينا‪ .‬وسنرى ذلك‬
‫بالتفصيل عند الكالم عن نظرية ابن النفيس في دوران الدم‪.‬‬
‫غير أن هذه اليقظة السياسية والطفرة العلمية والنهضة العمرانية لم تلبث أن أصيبت بنكس مريع وتقهقر بالغ إثر اجتياح الجيوش‬
‫العثمانية للبالد العربية‪ ،‬فأخمدت تلك الجذوة المتوقدة وغطت األمة العربية في سبات عميق‪.‬‬
‫ثم أعقب ذلك استعمار أوربي حاقد متعصب حاول أن يقضي على ما تبقى من مظاهر الحضارة العربية اإلسالمية‪ ،‬فنهب التراث‬
‫والثروات‪ ،‬وسلب الكتب واآلثار‪ ،‬كما حاول أن يطمس أسماء العلماء والمؤلفين‪ ،‬وكان من جملة هؤالء علم شامخ وطود راسخ‬
‫هو عالء الدين بن النفيس الذي فقدنا معظم كتبه وآثاره‪ ،‬على وفرتها وخصوبتها‪ ،‬نتيجة الكوارث والحرائق والسرقات‪ ،‬بل كدنا‬
‫نفقد اسمه‪ ،‬لوال بقية عثر عليها صدفة‪ ،‬طبيب مصري شاب‪ ،‬إبان دراسته للطب في ألمانيا عام ‪ 1924‬م‪ ،‬هو المرحوم الدكتور‬
‫محي الدين التطاوي (‪ )7‬الذي يعود إليه الفضل األكبر واألول في إعادة سيرة ابن النفيس إلى األذهان‪ ،‬وفي إثارة اهتمام العالم به‪،‬‬
‫وذلك إثر عثوره على مخطوطة (شرح تشريح القانون) في برلين في ألمانيا‪.‬‬
‫ابن النفيس الطبيب العالم‪:‬‬
‫ال جدال في أن ابن النفيس عالم موسوعي‪ ،‬واسع االطالع‪ ،‬غزير المعرفة‪ ،‬خصب اإلنتاج‪ ،‬متعدد االهتمامات‪ ،‬فهو فيلسوف‬
‫ولغوي‪ ،‬وفقيه‪ ،‬ومصنف‪ ،‬ومحدث وطبيب بارع‪ ،‬وكحال متميز وله شهرة في الطب ال تضاهى‪ .‬ولقد قيل عنه (وأما في الطب فلم‬
‫يكن على وجه األرض مثله في زمانه)‪ .‬وقيل " وال جاء بعد ابن سينا مثله "‪ .‬وقالوا‪( :‬وكان ال العالج أعظم من ابن سينا) (‪.)8‬‬
‫والبن النفيس‪ ،‬في تأليفه وأبحاثه‪ ،‬منهج خاص لم يسبقه إليه أحد سوى عبد اللطيف البغدادي‪ ،‬فلقد كان يبني نظرياته على‬
‫المشاهدات والتجارب والخبرات العلمية‪ ،‬وكان ذا أفكار نقادة ومالحظات دقيقة قادته إلى اكتشافات طبية رائدة‪ ،‬وأحلته مقاماًـ‬
‫عالياً‪ ،‬وأكسبته صفةـ الطبيب العالم المكتشف‪ ،‬عن جدارة وتقدير‪.‬‬
‫ولقد كان ذا ذاكرة خارقة‪ " ،‬فكان إذا أراد التصنيف توضع له األقالم مبرية‪ ،‬ويدير وجهه إلى الحائط‪ ،‬ويأخذ في التصنيف إمالء‬
‫من خاطره‪ ،‬ويكتب مثل السيل إذا تحدر فإذا كل القلم وحفي رمى به وتناول غيره لئال يضيع عليه الزمان في بري القلم (‪.)9‬‬
‫ولقد قيل عنه " أن ملكة التأليف كانت تتسلط عليه أحياناً بقوة ال يستطيع اإلفالت منها‪ ،‬فكأنها الوحي يدعوه إلى الكتابة في‬
‫أغرب األماكن وشتى الظروف‪ .‬فلقد روى عنه أنه دخل الحمام‪ ،‬ذات مرة‪ ،‬فلما كان في بعض تغسيله خرج إلى مشلح الحمام‬
‫واستدعى بدواة وقلم وورق وأخذ فى تصنيف مقالة فى النبض إلى أن أنهاها‪ ،‬ثم عاد ودخل الحمام وكمل تغسيله " (‪.)90‬‬
‫ومما يدل على سعة علمه وإخالصه للبحث ما حدث به السديد الدمياطي الحكيم في القاهرة وكان من تالميذه‪ ،‬فقال "اجتمع ليلة‬
‫ابن النفيس والقاضيـ جمال الدين بن واصل‪ ،‬وأنا نائم عندهما‪ ،‬فلما فرغا من صالة العشاء شرعا في البحث‪ ،‬وانتقال من علم إلى‬
‫علم‪ ،‬والشيخ عالء الدين بن النفيس في كل ذلك يبحث برياضة وال انزعاج وأما القاضي جمال الدين فإنه ينزعج‪ ،‬ويعلو صوته‪،‬‬
‫وتحمر عيناه‪ ،‬وتنتفخ عروق رقبته‪ ،‬ولم يزاال كذلك إلى أن أسفر الصبح‪ ،‬فلما انفصل الحال‪ ،‬قال القاضي جمال الدين‪ :‬يا شيخ‬
‫عالء الدين‪ )،‬ما نحن فعندنا مسائل ونكت وقواعد‪ ،‬وأما أنت فعندك خزائن علوم (‪.)11‬‬
‫كان ابن النفيس واثقاً من آرائه‪ ،‬متمكناً من أقواله‪ ،‬ولقد روى عنه أنه قال‪ " :‬لو لم أعلم أن تصانيفي تبقى بعدي عشرة آالف سنة‬
‫ما وضعتها(‪.)12‬‬
‫تلك هي لمحة مقتضبة عن حياة ابن النفيس وصفاته وأخالقه وعصره وبيئته‪ ،‬وتلك هي صورة عن عبقريته التي أتحفت اإلنسانية‬
‫ببحر من العلم والمعرفة واإلنتاج الفكري الغزير‪.‬‬
‫مؤلفاتـ ابن النفيس الطبية‪:‬‬
‫خلف ابن النفيس تراثاً ضخما ومتنوعاً في مختلف فروع الطب وتعاليمه‪ .‬وهو شارح أو ملخص لمؤلفات األقدمين في بعض كتبه‬
‫وموسوعي فى بعضها اآلخر‪ ،‬شأنه فى ذلك شأن مؤلفي عصره‪ ،‬كما أنه مبتكر وصاحب نظريات خاصة به مخالفة ألراء أساطين‬
‫الطب السابقين في بعض تصانيفه وشروحه وتعاليقه‪.‬‬
‫‪ -‬وفيما يلي ملخص لمؤلفاته الطبية‪:‬‬
‫أ‪ -‬الموجز في الطب‪:‬‬
‫وهو موجز القانون البن سينا‪ .‬وهذا الكتاب من خير ما صنف من المختصرات والمطوالت فى علم الطب‪ .‬أطلق عليه اسم‬
‫(الموجز) أو (الموجز في الطب) وهو في الحقيقةـ كامل في الطب شامل لقوانينه وقواعده‪ ،‬جامع ألصوله ومسائله العلمية والعملية‪.‬‬
‫توجد نسخ منه ني برلين ومانشستر وباريس واستنبول والقاهرة ودمشق وحلب‪ ،‬وغيرها من المدن والعواصم العربية واألجنبية‪.‬‬
‫‪ -2‬شرح القانون البن سينا‪:‬‬
‫ويقع في عشرين مجلدا‪.‬‬
‫‪ -3‬تشرح تشريح القانون‪:‬‬
‫لهذا الكتاب شهرة واسعة طبقت اآلفاق وخلدت اسم ابن النفيس‪ .‬إذ أنه وصف فيه الدورة الدموية الرئوية وصفاً دقيقاً كامالً‪ ،‬كما‬
‫سنرى ذلك مفصالً‪.‬‬
‫ولقد ابتدأ كتابه هذا بمقدمة (تعين على إتقان العلم بهذا الفن)‪ ،‬ويريد بذلك (فن التشريح)‪ ،‬وقسم المقدمةـ إلى خمسة مباحث‪:‬‬
‫البحث األول‪ :‬في اختالف الحيوانات في األعضاء‪.‬‬
‫البحث الثاني‪ :‬في قواعد علم التشريح‪.‬‬
‫البحث الثالث‪ :‬في إثبات منافع األعضاء‪ ،‬وهذا ما يعرف في زماننا‪ ،‬ب (الفبزيولوجيا ‪)Physiologie‬‬
‫البحث الرابع‪ :‬في المبادئ التي يستخرج منها العلم بمنافع األعضاء بطريقة التشريح‪ ،‬وهو ما‪ .‬يعرف فى هذه األيام‪ ،‬ب (التشريح‬
‫المقارن ‪. )Anatomit comparee‬‬
‫البحث الخامس‪ :‬في ماهية التشريح وآالته‪.‬‬
‫وهذا الكتاب موجود في باريس‪ ،‬ولقد رأيت منه تسع نسخ في المكتبة الوطنية في باريس‪ .‬كما توجد منه نسخ كثيرة فى برلين‬
‫واالسكولاير وأكسفورد واستنبول والقاهرة وبيروت ودمشق وحلب‪ .‬‬
‫‪ -4‬شرح كليات القانون‪.‬‬
‫‪ -5‬شرح تقدمة المعرفة في الطب ألبقراط‪.‬‬
‫‪ -6‬شرح فصول أبو قراط‪.‬‬
‫‪ -7‬كتاب المهذب فى الكحل المجرب‪.‬‬
‫ويبحث في طب العين وتشريحها وأمراضها وحفظ صحتها وطرق معالجتها باألدوية والجراحة‪ .‬وتوجد منه نسخة فريدة فى‬
‫الفاتيكان وأخرى عثر عليها مؤخراً في دمشق فى المكتبة الظاهرية‪.‬‬
‫‪ -8‬الكتاب الشامل فى الطب‪.‬‬
‫وهو أوسع كتبه‪ ،‬إذ يدل فهرسه على أنه لو تم تبييضه لبلغ ثالثمائة مجلد‪ ،‬ولقد أنجز منها ثمانين مجلدا فقط وبيضها ونقحها قبل‬
‫أن توافيه المنية‪.‬‬
‫ومما يؤسف له أن هذه المجلدات الثمانين قد ضاع أكثرها ولم يبق منها إال وريقات موجودة حالياً في أكسفورد في (المكتبة‬
‫البولدية ‪ ،)Boldeian libray‬وجزء واحد ناقص في المكتبة الظاهرية بدمشق‪ ،‬وآخر ناقض أيضاً في دار الكتب المصرية في‬
‫القاهرة‪.‬‬
‫والبن النفيس كتب طبية أخرى كثيرة منها‪.‬‬
‫‪ -9‬بغية الطالبين وحجة المتطببين‪.‬‬
‫‪ -10‬بغية الفطن في علم البدن‪.‬‬
‫‪ -11‬رقائق الحلل في دقائق الحيل‪.‬‬
‫‪ -12‬شرح الفصول ألبي العالء مساعد‪.‬‬
‫‪ -13‬ثمار المسائل‪.‬‬
‫‪ -14‬كتاب النبات في األدوية المفردة‪.‬‬
‫‪ -15‬كتاب مواليد الثالثة‪.‬‬
‫‪ -16‬جامع الدقائق من الطب‪.‬‬
‫‪ -17‬كتاب الشافي‪.‬‬
‫‪ -18‬رسالة في أوجاع البطن‪.‬‬
‫‪ -19‬كتاب المختار من األغذية‪.‬‬
‫‪ -20‬شرح مسائل حنين بن اسحاق‪.‬‬
‫هذه هي كتب ابن النفيس الطبية‪ ،‬كما تذكرها المصادر التاريخية الموثوقة‪.‬‬
‫أما كتبه في العلوم األخرى التي نبغ فيها كالفقه وأصوله والنحو والبيان والحديث والسيرة النبوية‪  ‬المنطق والعلوم العقلية فكثيرة‬
‫جداً‪ ،‬ونغفل ذكرها اآلن‪.‬‬
‫ابن النفيس مكتشف الدورة الدموية الرئوية‪:‬‬
‫ال شك في أن شهرة ابن النفيس ومكانته الطبية العالية تتأتى من نواح كثيرة‪ ،‬غيرأن وصفه للدورة الدموية الرئوية وصفاً علمياً‬
‫صحيحاًـ مبنياً على المالحظة الواعية والمشاهدة الدقيقة‪ ،‬ألول مرة في تاريخ الطب‪ ،‬وانتقاده آراء جالينوس وابن سينا وغيرهما في‬
‫هذا الموضوع‪ ،‬وتصحيحه أخطاءهما بجرأة فائقة ومنطق سليم‪ ،‬تجعلنا نعده المكتشف األول والحقيقي لدوران الدم في الرئة‪.‬‬
‫ال شك أن موضوع اكتشاف الدورة الدموية الرئوية هو من الحوادث الكبرى في عالم الطب‪ ،‬ولقد أثير جدل كبير في النصف‬
‫األول من هذا القرن حول هذا الموضوع من قبل العلماء ومؤرخي العلم والطب في العالم أجمع‪.‬‬
‫لذا أرى لزاماً على بادئ ذي بدء أن أذكر بعض الحقائق الثابتة عن الظروف والمالبسات التي رافقت إثارة هذه الحقيقةـ العلمية‬
‫الكبرى بعد نسيان طويل‪.‬‬
‫من المعروف في كتب تاريخ الطب حتى عام‪ /1924 /‬بالذات أن المكتشف األول للدوران الدموي هو العالم اإلنجليزي‪  ‬ويليام‪ ‬‬
‫هارفي ‪W. Harvey‬عام ‪ ،1628‬فلقد وصفه وصفاً كامالً مبنياً على البراهين العلمية والتجارب الدقيقة‪.‬‬
‫ومن المعروف أيضاً أن علماء كثيرين من فالسفة عصر النهضة وأطبائه في إيطاليا كسرفيتوس ‪ Servetus‬وفيز اليوس‬
‫‪ Ceslpion‬وكولومبو ‪ Colombo‬وسيزالبينو ‪ Cesalpino‬قد سبقوا هارفي‪  ‬وشاركوه في كشفه‪.‬‬
‫هكذا كانت تروى كتب تاريخ الطب والفيزيولوجيا ‪ ،‬وما كان أحد‪  ‬يتطرق في بحثه إلى ذكر الطبيب العربي ابن النفيس في هذا‬
‫المجال‪ ،‬إلى أن جاء الطبيب المصري الدكتور‪ /‬محمي الدين التطاوي فقدم أطروحة إلى جامعة فرايبورغ في ألمانيا عام ‪،1924‬‬
‫وأعلن فيها أن ابن النفيس قد وصف الدوران الرئوي وصفاً صحياً في كتابه (شرح تشريح القانون) مستنداً في ذلك إلى مخطوطة‬
‫موجودة في برلين‪.‬‬
‫ثم أتى بعده المستشرق مايرهوف‪ Maeyerhof‬فردد هذه الحقيقةـ العلمية في تقرير مفصل قدمه إلى المعهد المصري‬
‫‪ Institut d Egypt‬عام‪ 1931‬م‪ ،‬وفي مقال آخر في مجلة إيزيس ‪( Isis‬عام‪ 1932‬م‪ .‬وأنصف بذلك ابن النفيس والدكتور‬
‫التطاوي صاحب الفضل األول في هذا االكتشاف‪.‬‬
‫وأتى من بعدهما الطبيبان اللبنانيان األستاذان سامي حداد وأمين خيراهلل فكتبا مقاالً باإلنجليزية في مجلة ‪Annal of surgery‬‬
‫عام ‪ 1936‬م عن ابن النفيس ونظريته في الدوران‪ ،‬مستندين إلى نسخة محطوطة من شرح تشريح القانون يملكها الدكتور سامي‬
‫حداد في بيروت‪.‬‬
‫وأخيراً أشار إلى الموضوعـ إشارة عابرة األستاذ (ليون بيني) ‪ L, Binet‬عميد كلية الطب في باريس‪ ،‬في كتابه (على هامش المؤ‬
‫تمرات ‪  En marge des congres‬المنشور عام ‪ .1947‬ثم عاد (بيني) إلى الموضوعـ ثانية‪ ،‬وقدم تقريراً مفصالً إلى‬
‫أكاديمية الطب في باريس‪ ،‬باالشتراك مع زميله هيربان ‪ Herpin‬أثار فيه موضوع اكتشاف الدوران الرئوي من قبل الطبيب‬
‫العربي ابن النفيس وذلك في جلسة ‪ 26‬تشرين الثاني من عام ‪ 1948‬م‪ .‬ولقد جرت في تلك الجلسة مناقشة حامية كان فيها‬
‫األستاذ لوبري ‪ Laubry‬متعصباً تعصباً أعمى لهارفي ‪ ،‬ولم‪  ‬يكن مستعداً لتقبل حقيقة علمية ثابتة وهي أسبقية ابن النفيس‪ ،‬كما‬
‫أن بيني نفسه لم يكن آنذاك متمكناً من الموضوع‪ ،‬فلم يستطع أن يفحم مناوئيه في تلك الجلسة‪ .‬ونجم عن ذلك سكوت كتب‬
‫تاريخ الطب سكوتاً شبه كامل عن هذه الحقيقةـ العلمية الثابتة‪.‬‬
‫وفي عام ‪ 1951‬م رغبت في تتويج دراستي الطبية في جامعةـ باريس بأطروحة عن الطبيب العربي ابن النفيس‪ ،‬ولم يكن زادي من‬
‫الموضوع سوى اسم ابن النفيس الذي لم أكن أعرف عنه شيئاً‪.‬‬
‫راسلت بعض األساتذة الذين تلمذت لهم في السنتين األولى والثانية في كلية الطب بدمشق أطلب منهم العون‪ ،‬فلم ألق إال أجوبة‬
‫مقتضبة من األستاذين الدكتورين شوكة الشطي وأسعد الحكيم‪ ،‬ولكنهما كانا صاحبي فضل كبير إذ وجهاني توجيهاً خاصاً نحو‬
‫النبع الغزير والكنز الثمين‪ ،‬أال هو المكتبة الوطنية في باريس حيث المصادر الموثوقة والمخطوطات العربية النادرة التي اعتمدت‬
‫عليها في عملي‪.‬‬
‫ولقد كان دخولي إلى المكتبة الوطنية في باريس بدء الطريق ولكنه الطريق الصحيح المستقيم‪.‬‬
‫منه عرفت أن التطاوي هو الرائد األول وأن مايرهوف صاحب الفضل األكبر‪ ،‬فلواله لما تحدث أحد عن التطاوي ‪ ،‬إذ لم أطلع ال‬
‫أنا وال غيري على أطروحته التي كتبت باأللمانية‪ ،‬على اآللة الكاتبة وعلى ست نسخ فقط عام ‪ 1924‬م‪ ،‬فلم تطبع ولم تنشر‪ ،‬ولم‬
‫يتيسر لنا االطالع عليها وال على ترجمة لها‪ ،‬على الرغم من المحاوالت المتكررة‪ .‬غير أن مايرهوف قد شهرها وأعلم المؤرخ‬
‫الكبير (سارتون‪Sarton‬عنها‪ ،‬فنشر هذا األخير الخبر في آخر جزء من كتابه المشهور (المدخل إلى تاريخ العلوم‬
‫‪ )Introduction of the history of seienses‬‬
‫وفي المكتبة الوطنية في باريسي اطلعت على أن (بيني) كان قد كتب عن الموضوع مرتين‪ ،‬فهرعت إليه طالباً العون‪ ،‬فوجدته تواقاً‬
‫إلى المزيد من هذا البحث واالطالع على حقائق علمية‪  ‬ثابتة‪ ،‬فشجعني على تهيئة أطروحتي عن ابن النفيس وتقديمها تحت إشرافه‬
‫‪.‬‬
‫وفي المكتبة الوطنية في باريس‪ ،‬أيضاً‪ ،‬اكتشفت مخطوطة ابن النفيس (شرح تشريح القانون) التي يبسط فيها نظريته في الدوران‬
‫الرئوي‪ ،‬فكانت الحجة التي ال تقارع والبرهان الذي ال يتطرق إليه الشك في صحة أقوالي وأقوال من سبقوني في الكالم على ابن‬
‫النفيس وكشفه‪.‬‬
‫ولقد قمت بتصوير صفحات المخطوطة التي يصف فيها ابن النفيس دوران الدم وأثبتها في نسخ األطروحة التي قدمت للمناقشة مع‬
‫ترجمتها إلى اللغة الفرنسية‪ ،‬فبرهنت للجنة التي ألفت للمناقشة ولرئيسها العميد (ليون بيني) بالحجج واألسانيد التى ال تنكر‪ ،‬وأمام‬
‫جمع غفير من الحضور أن المكتشف األول والحقيقي للدورة الدموية الرئوية هو العالم العربي ابن النفيس وليس العالم اإلنجليزي‬
‫هارفي ‪. Harver‬‬
‫وإنني ال أزال أذكر كلمات أحد أعضاء لجنة المناقشة التي يقول فيها‪ " :‬لقد وضعتنا أمام حقائق دامغةـ وبراهين ثابتة ال يتطرق إليها‬
‫الشك بهذه الصفحات المصورة من مخطوطة ابن النفيس األصلية‪ ،‬وترجمتها لنا بلغتنا لتفحمنا ولئال تترك لنا مجاالً للشك في‬
‫صحةـ أقوالك وقوة لدعائك‪ ،‬وأثبت لنا بأن مواطنك العربي ابن النفيسة قد سبق هارفي بقرون في اكتشاف الدوران الرئوي‪ ،‬فاهنأ‬
‫بمواطنك الجليل هذا‪ ،‬وافخر إثباتك في هذا الحرم الجامعي‪،‬ـ وفي هذه المدينة العظيمة التي ستردد هذه الحقيقةـ الكبرى وستنشرها‬
‫على المأل أجمع "‪.‬‬
‫والحق يقال أن باريس قد رددت أصداء هذا االكتشاف الضخم في العالم أجمع ونفضت الغبار عن هذه الصفحةـ المنسية من‬
‫تاريخنا العلمي المجيد‪ ،‬فنشطت األقالم للكتابة عن ابن النفيس وكشفه‪ ،‬وهب المنصفون والمخلصون إلى إعطائه حقه وإحالله‬
‫المنزلة الرفيعة التي يستحقها في تاريخ االكتشافات العلمية الكبرى‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫الدورة الدموية الرئوية‪:‬‬
‫ال بد لنا قبل سرد نظرية ابن النفيس في الدوران الرئوي أن نورد بصورة مختصرة ومبسطة نظريات األقدمين الذين سبقوه في هذا‬
‫الموضوع اكتشفها ثم ننتقل نظريته التي اكتشفها بحدسه الكبير وفكره الثاقب ومالحظته الدقيقة ‪ ،‬ونقارن أخيراً بين اكتشافه‬
‫واكتشافات من أتى بعده من علماء عصر النهضة من إيطاليين وإسبانيين وفرنسيين ‪ ،‬لنصل إلى العالم اإلنجليزي هارفي الذي ينسب‬
‫إليه اكتشاف دوران الدم كله‪.‬‬
‫ومن المعروف‪ ،‬في أيامنا هذه‪ ،‬أن العضلة القلبية‪ ،‬هي المضخة المركزية في حركة الدم ودورانه تنقسم إلى قسمين‪ :‬أيمن وأيسر‪،‬‬
‫وكل واحد من هذين القسمين يتألف من جزأين علوي وهو األذينة وسفلي وهو البطين‪ ،‬وهذان الجزءان يتصل أحدهما باألخر‬
‫بواسطة فوهات واسعة تدعى (الدسامات)‪  ،‬في‪  ‬حين يفترق القسم األيمن من القلب عن القسم األيسر افتراقاً تاماً كامالً بواسطة‬
‫حاجز سميك جداً‪.‬‬
‫ومن المعروف أيضاً أن الدورة الدموية الكاملة‪ ،‬تقسم إلى قسمين‪:‬‬
‫ا‪ -‬الدورة الكبرى‪ :‬وهي التي تبتديء من البطين األيسر وتنتهي في البطين األيمن‪.‬‬
‫ينقبض البطين األيسر‪ ،‬فيندفع الدم النقي المشبع باألوكسجين بواسطة األبهر والشرايين ويتوزع على جميع األجهزة واألعضاء‪ ،‬ثم‬
‫يعود هذا الدم إلى األذينة اليمنى فالبطين األيمن بواسطة األوردة مثقالً بغاز الفحم والفضالت‪ .‬‬
‫‪ -2‬الدورة الصغرى‪ ،‬وتسمى الدورة الرئوية أيضاً‪ :‬تبتديء من البطين األيمن وتنتهي في البطين األيسر‪.‬‬
‫وينقبض البطين األيمن فيندفع الدم المشبع بغاز الفحم إلى الرئة بواسطة الشريان الرئوي حيث يختلط بالهواء‪ ،‬فيصفى وينقى‪ ،‬ثم‬
‫يعود بواسطة األوردة الرئوية إلى األذينة اليسرى بالبطين األيسر صافياً نقياً مشبعاً باألوكسجينـ (والحياة)‪.‬‬
‫لنر اآلن كيف ينظر األقدمون إلى حركة الدم في الجسم‪.‬‬
‫كان علماء الطب القدامى (اليونان والعرب) يعتقدون بأن الدم يتشكل في الكبد‪ ،‬حيث ينقل إليه الوريد البابي األغذية من األمعاء‬
‫بعد هضمها وتحضيرها‪ ،‬فتتحول فيه إلى دم‪ ،‬ومن الكبد يتوزع الدم بواسطة األوردة على أجهزة الجسم وأعضائه‪.‬‬
‫وكان قسم من الدم يصل إلى القلب األيمن بواسطة الوريد األجوف وفي البطين األيمن يتخلص هذا الدم مما يكون قد علق به من‬
‫شوائب ويسخنـ ويترقق‪ ،‬ثم يعود مطهراً بعد هذه العملية التحضيرية إلى األوردة ومنها إلى األعضاء‪ .‬ويمر قسم من الدم المسخنـ‬
‫المرقق إلى البطين األيسر عبر منافذ غير مرئية كائنة في الحجابـ الحاجز بين البطينين‪.‬‬
‫وفي البطين األيسر يختلط الدم مع الهواء اآلتي من الرئتين بواسطة الشرايين الوريدية (أي األوردة الرئوية) ومن هذا الخليط (الدم‬
‫المسخن والهواء) تتولد الروح في البطين األيسر الذي يوزعها بدوره على الجسم كله بواسطة األبهر‪.‬‬
‫وتبعاً لهذه النظرية فاألوردة تحمل الدم فقط‪ ،‬في حين تنقل الشرايين الهواء والروح‪ ،‬كما أن فكرة دوران الدم واتجاهه لم تكن‬
‫معلومةـ أصالً‪ ،‬وإنما توجد هناك حركة متواصلة للدم بين مد وجزر ورواح ومجيء‪ ،‬وأما الرئة فلم يكن لها من وظيفة سوى تبريد‬
‫الدم المرتفع الحرارة‪.‬‬
‫تلك هي النظرية التي كانت سائدة قبل ابن النفيس‪ ،‬وتلك هي مفاهيم أساطين الطب القدماء أمثال أبقراط وجالينوس وابن سينا‪.‬‬
‫لقد كانت نظريات هؤالء العظام وآراؤهم تحاط بهاالت من القدسية واإلكبار‪ ،‬وبقيت ردحاً طويالً من الزمن قوانين أزلية ثابتة ال‬
‫يداخلها الشك وال تقبل المناقشة واالجتهاد إلى أن جاء ابن النفيس فكسر هذا الطوق وحطم هذه الهالة وتجرأ أن ينتقد جالينوس‬
‫وابن سينا بآراء صريحة ال تقبل الشك والغموض‪ ،‬وبعبارات قوية وقاسية تدل على تمكن صاحبها من صواب رأيه وقوة حجته‪ ،‬مثل‬
‫قوله‪( :‬هذا هو الرأي المشهور‪ ،‬وهو عندنا باطل)‪ ،‬ومثل قوله‪( :‬ال يصح البتة)‪ ،‬أو (هذا عندنا من الخرافات)‪ ،‬أو (وهذا ظاهر‬
‫البطالن)‪ .‬‬
‫الدوران الدموي الرئوي عند ابن النفيس‪:‬‬
‫ودونكم ما ورد في كتاب ابن النفيس (شرح تشريح القانون) بالحرف الواحد‪ ،‬في معرض كالمه عن دوران الدم في القلب والرئة‪:‬‬
‫" والذي نقوله نحن‪ ،‬واهلل أعلم‪ ،‬إن القلب لما كان من أفعاله توليد الروح‪ ،‬وهي إنما تكون من‪  ‬دم رقيق جداً شديد المخالطة بجرم‬
‫هوائي‪ ،‬فال بد أن يحصل في القلب دم رقيق جداً وهواء ليمكن أن تحدث الروح من الجرم المختلط منها وذلك حيث تولد‬
‫الروح‪ ،‬وهو في التجويف األيسر من تجويفي القلب‪ .‬وال بد في قلب اإلنسان ونحوه مما له رئة من تجويف آخر يتلطف فيه الدم‬
‫ليصلح لمخالطة الهواء‪ ،‬فإن الهواء لو خلط بالدم وهو على غلظه لم يكن من جملتهما جسم متشابه األجزاء‪ ،‬وهذا التجويف هو‬
‫التجويف األيمن من تجويف القلب‪ .‬وإذا لطف الدم في هذا التجويف‪ ،‬فال بد من نفوذه إلى التجويف األيسر حيث مولد الروح‪.‬‬
‫ولكن ليس بينهما منفذ‪ ،‬فإن جرم القلب هناك مسمت ليس فيه منفذ ظاهر‪ ،‬كما ظنه جماعة‪ ،‬وال منفذ غير ظاهر يصلح لنفوذ هذا‬
‫الدم‪ ،‬كما ظنه جالينوس فإن مسام القلب هناك مستحصفة وجرمه غليظ‪ .‬فال بد أن يكون هذا الدم إذا لطف نفذ في الوريد‬
‫الشرياني إلى الرئة لينبث في جرمها ويخالط الهواء ويصفى ألطف ما فيه وينفذ إلى الشريان الوريدي ليوصله إلى التجويف األيسر‬
‫من تجويفي القلب وقد خالط الهواء وصلح ألن تتولد منه الروح‪ .‬وما بقي منه أقل لطافة تستعمله الرئة في غذائها (‪." )13‬‬
‫ويقول في مكان آخر‪:‬‬
‫"قوله‪ -‬أي قول ابن سينا‪ -‬وفيه ثالثة بطون‪ :‬هذا الكالم ال يصح‪ ،‬فإن القلب له بطنان فقط‪ ،‬أحدهما مملوء من الدم وهو األيمن‪:‬‬
‫واآلخر مملوء من الروح وهو األيسر‪ .‬وال منفذ بين هذين البطنين البتة‪ ،‬وإال كان الدم ينفذ إلى موضع الروح فيفسد جوهرها!‬
‫والتشريح يكذب ما قالوه‪ ،‬والحاجز بين البطنين أشد كثافة من كيره‪ ،‬لئال ينفذ منه شىء من الدم أو من الروح فتضيع‪ .‬فلذلك قول‬
‫من قال‪ :‬إن ذلك الموضع كثير التخلخل باطل‪ .‬والذي يوحيه له ذلك ظنه أن الدم الذي في البطين األيسر إنما ينفذ إليه من البطين‬
‫األيمن من هذا التخلخل وذلك باطل‪ ،‬فإن نفوذ الدم إلى البطين األيسر إنما هو من الرئة بعد تسخنه وتصعده من البطين األيمن‪،‬‬
‫كما قررناه أوالً " (‪.)14‬‬
‫وفي مكان آخر‪ ،‬يؤكد لنا بأن اتجاه الدم في‪  ‬دورانه‪  ‬واحد وثابت‪ ،‬أي أنه يمر من التجويف األيمن إلى الرئة حيث يخالط الهواء‪،‬‬
‫ومن الرئة إلى التجويف األيسر‪ .‬فيقول‪:‬‬
‫" قوله‪ -‬أي قول ابن سينا‪ -‬وإيصال الدم الذي يغذي الرئة إلى الرئة من القلب‪ -‬ويقصد القلب األيسر‪ .-‬هذا هو الرأي المشهور‪،‬‬
‫وهو عندنا باطل‪ ،‬فإن غذاء الرئة ال يصل إليها من هذا الشريان‪ -‬ويقصد الشريان الوريدي‪ -‬ألنه ال يرتفع إليها من التجويف األيسر‬
‫من تجويفي القلب‪ ،‬إذ الدم الذي في هذا التجويف إنما يأتي إليه من الرئة ال أن الرئة آخذة منه‪ .‬وأما نفوذ الدم من القلب إلى الرئة‬
‫فهو في الوريد الشرياني " (‪.)15‬‬
‫نستطيع اآلن أن نلخص ما تقدم من أقوال ابن النفيس بما يلي‪:‬‬
‫ا‪ -‬وجوب مرور الدم من البطين األيمن إلى الرئة‪ ،‬لتحدث التهوية (وتحصل المبادالت الغازية)‪.‬‬
‫‪ -2‬عدم جواز مرور الدم من البطين األيمن إلى البطين األيسر عبر المنافذ الوهمية الموجودة قي‪  ‬لحاجز بين البطينين كما كان‬
‫معروفاً عند من سبقه‪ ،‬وقد نفى ذلك نفياً باتاً‪ ،‬وكذبه تكذيباً قاطعاً‪.‬‬
‫‪ -3‬اتباع الدم في سيره وجهة ثابتة فهو يمر من الرئة آتياً من البطين األيمن‪ ،‬ويتشبع بالهواء‪ ،‬ثم ينتقل إال البطين األيسر‪.‬‬
‫‪ -4‬نفي رجوع الدم من القلب األيسر إلى الرئة ليغذيها‪.‬‬
‫كيف توصل ابن النفيس إلى اكتشافه؟‬
‫أما كيف توصل ابن النفيس إلى هذا االكتشاف العظيم‪ ،‬فال يمكن إعطاء رأي قاطع فيه‪.‬‬
‫يقول بعضهم‪ ،‬وعلى رأسهم مايرهوف‪ ( :،‬لقد تم ذلك نتيجة لفرضية موفقة ‪Une heureuse‬‬
‫‪ )hypothese‬‬
‫ويعتقد اآلخرون بأنه كان يشرح الحيوانات خفية‪ ،‬وإن كان قد صرح في مقدمة كتابه‪ ،‬بقوله‪( :‬وقد صدنا عن مباشرة التشريح‬
‫وازع الشريعة وما في أخالقنا من الرحمة (‪ .)16‬إذ ربما كان يخفى عن اآلخرين ما يقوم به ويتستر بأقواله هذه خشية حقهم وحق‬
‫علماء الدين الذين كانوا يستنكرون مباشرة التشريح في ذلك الزمن‪ .‬وإال فما معنى أقواله‪( :‬ولكن ليس بينهما منفذ فإن جرم القلب‬
‫هناك مصمت ليس فيه منفذ ظاهركما ظنه جماعة‪ ،‬وال منفذ غير ظاهر كما ظنه جالينوس)‪.‬‬
‫وكيف يفسر توصل ابن النفيس إلى معرفة أن العضلة القلبية تتغذى بأوعيتها الخاصةـ بها‪ ،‬وهو أول من اكتشف تلك األوعية‬
‫ووصفها ولم يسبقه أحد في ذلك‪.‬‬
‫وكيف عرف وأكد بأن العضالتـ المحركة للعين ست ال ثالث‪ ،‬دون أن يشرح ويتحققـ مما يقول؟‬
‫وكيف جزم وردد بقوة وجرأة وتشديد‪( :‬وهذا ظاهر البطالن)‪( ،‬والحاجز بين البطنين أشد كثافة من غيره)‪ ،‬و (التشريح يكذب ما‬
‫قالوه)؟‬
‫أي تشريح هذا؟‪ .‬أهو تشريح جالينوس ومن سبقه؟‪.‬‬
‫إنه يطعن في هذا التشريح وينعته بالكذب والبطالن‪ .‬ويصرح في مكان آخر بأنه اعتقد في صور األعضاء الباطنة وأوضاعها على‬
‫كالم من تقدمه من المباشرين للتشريح‪ ،‬وخاصة الفاضل جالينوس‪ " ،‬إال في أشياء يسيرة ظننا أنهما من أغاليط النساخ‪ ،‬أو أن إخباره‬
‫عنها لم يكن من بعد تحقق المشاهدة فيها " (‪.)17‬‬
‫أي مشاهدةـ هذه؟‪.‬‬
‫‪ - ‬أليست مشاهدة ابن النفيس ذاته الذي تحرر من سيطرة التبعية العمياء لهؤالء األفاضل أبقراط وجالينوس وابن سينا؟‪.‬‬
‫وكيف تصحح المشاهدة أخطاء جسيمة ويكذب التشريح أوصافاً غير حقيقية دون أن تبنى على تحقق تام بالنظر واللمس؟‬
‫وهو ال يجد حرجاً في مخالفة آراء اآلخرين‪ ،‬إذا اقتضى األمر ذلك‪ ،‬فيقول‪ " :‬وأما منافع كل واحد من األعضاء فإنما نعتمد في‬
‫تعرفها على ما يقتضيه النظر المحقق والبحث المستقيم‪ ،‬وال علينا وافق ذلك رأي من تقدمنا أو خالفه " (‪ .)18‬‬
‫والتحرر من التبعية غير جديد على بعض العلماء العرب فلقد سبق ابن النفيس إلى ذلك طبيب عربي آخر هو عبد اللطيف البغد‬
‫ادي‪ .‬الذي قال في كتابه (اإلفادة واالعتبار)‪:‬‬
‫(والحس أقوى دليالً من السمع‪ ،‬وإن جالينوس‪ ،‬وإن كان في الدرجة العليا من التحري والتحفظ فيما يباشره ويحكيه‪ ،‬فإن الحس‬
‫أصدق منه)‪.‬‬
‫إنني أميل إلى االعتقاد بأن ابن النفيس قد زاول التشريح وبنى مالحظاته الدقيقة ومشاهداته الصحيحةـ بعد تحقق وتأكد مما يقوله‬
‫ويراه‪ .‬وهناك عدة براهين على ذلك‪:‬‬
‫األول‪:‬‬
‫أقواله‪ ،‬في معرض الكالم على أجزاء القلب‪.‬‬
‫أ " التشريح يكذب ما قالوه‪ ،‬والحاجز بين البطنين أشد كثافة من غيره "‪.‬‬
‫ب‪ " -‬ولكن ليس بينهما منفذ‪ ،‬فإن جرم القلب هناك مصمت ليس فيه منفذ ظاهر‪ ،‬كما ظنه جماعة‪ ،‬وال منفذ غير ظاهر‪ ،‬كما ظنه‬
‫جالينوس "‪.‬‬
‫ج‪ " -‬فلذلك جعلنا أكثر اعتمادنا في تعرف صور األعضاء وأوضاعها ونحو ذلك على قوله‪ -‬أي قول جالينوس‪ -‬إال في أشياء‬
‫يسيرة ظننا أنها من أغاليط النساخ‪ ،‬أو أن إخباره عنها لم يكن من بعد تحقق المشاهدة فيها "‪.‬‬
‫الثاني‪:‬‬
‫ذكره المبادئ التي يستخرج منها العلم بمنافع األعضاء بطريق التشريح‪ ،‬وتوصياته بضرورة دراسة (التشريح المقارن‬
‫‪ ) Anatomie comparee‬الذي يعده ضرورياً والزماً لفهم تشريح جسم اإلنسان‪.‬‬
‫ولقد كرر هذه الفكرة وألح عليها في مخطوط آخر له‪ ،‬هو (رسالة الرجل الكامل)‪ ،‬إذ قال في التعرف على منافع األعضاء التى في‬
‫بطن الحيوانات وصدرها ما يأتي‪ " :‬فشق بطنها وشاهد القلب في الصدر وبطنه األيمن مملوء من الدم وبطنه األيسر مملوء من‬
‫الروح‪.‬‬
‫وهذا البطن ينقبض فتنفذ تلك الروح في الشرايين إلى األعضاء‪ ،‬ئم ينبسط فينجذب إليه الهواء من الرئة"‪.‬‬
‫الثالث‪:‬‬
‫كتاباته في فوائد التشريح وقواعده وآالته واعتباره فناً‪.‬‬
‫انتشار نظرية ابن النفيس‪:‬‬
‫ما هو صدى هذا الكشف العظيم في حينه؟ وما مدى انتشاره في العالم العربي الذي انطلق منه؟ وبالتالي في العالم الغربي الذي‬
‫ورث الحضارة العربية ونقل أثمن ما فيها إلى لغاته؟‪ .‬ونحن في القرن السابع الهجري الموافق للقرن الثالث عشر الميالدي والبالد‬
‫العربية تمر في حالة من القلق واالضطراب الشديدين‪ ،‬والطفرة العلمية الرائعة التي كان يرعاها الحكام األيوبيون في دمشق والقاهرة‬
‫لم تكن بمأمن من عاديات الدهر وهجمات األعداء في الداخل والخارج‪:‬‬
‫دسائس ومؤامرات وقتل وتعذيب بين الطامعين في الحكم والعروش‪ ،‬وحروب صليبية ال تبقى وال تذر‪ ،‬وهجمات على الدولة‬
‫اإلسالمية ال تهدأ وال تنقطع‪.‬‬
‫وكانت االضطرابات التي تنشأ في قطر من األقطار العربية ال تلبث أن تتسع وتمتد لتطغى على األقطار األخرى‪.‬‬
‫بالد لم تكن لتنعم باالستقرار والهدوء واالطمئنان‪ ،‬فمن أين لها أن تحافظ على كنوزها الثمينة وقد ابتلعت األنهار أكثرها‪ ،‬والتهمت‬
‫بعضها النيران‪ ،‬ونهب ما تبقى منها‪.‬‬
‫وأين يكون الجو المالئم لقبول أفكار جريئة ولمناقشة نظريات ثورية من نوع نظرية ابن النفيس تهاجم آراء الطودين الراسخين‬
‫جالينوس وابن سينا وتعارضهما وتسفههما وتنعتهما بالبطالن و (هذا القول باطل)‪ ،‬و (هو عندنا باطل)‪ ،‬و (هذا الكالم ال يصح)‪،‬‬
‫و(فهذا عندنا من الخرافات)‪ .‬بل تذهب إلى أبعد من ذلك فتصفها بالكذب‪( :‬والتشريع يكذب ما قالوه)‪.‬‬
‫إن نظرية من هذا النوع ال يمكن أن يكتب لها النجاح واالنتشار إال إذا أتت في زمن تكون فيه النفس راضية مطمئنة‪ ،‬متفرغة‬
‫للنقاش والتأمل‪ ،‬ويظللها الهدوء واالستقرار‪ .‬ومع ذلك فال يجوز لنا أن ندعى أن الوسط العربي قد أهملها أو أنكرها ولم يأبه بها‪.‬‬
‫فإن منزلة صاحبها عالية ومقامهـ رفيع غير أننا كما فقدنا كنوز ابن النفيس الثمينة ومعظم كتبه‪ ،‬وخاصة مؤلفه الضخم (الشامل في‬
‫الطب)‪ ،‬فقد أضعنا صدى نظريته‬
‫في الفترة القلقة التي أعقبت وفاته‪.‬‬
‫ولقد وجدت في المكتبة الوطنية في باريس مخطوطة عربية تردد نظرية ابن النفيس هي المخطوطة ذات الرقم ‪ /5776 /‬هي شرح‬
‫لقانون ابن سينا‪ ،‬غير أنها ويا لألسف ناقصة من أولها وآخرها‪ ،‬ونتيجة لذلك فهي مجهولة المؤلف وغير محددة التاريخ‪ ،‬وهي‪،‬‬
‫على وصف الفهرست لها‪ ،‬مخطوطة من القرن السابع عشر‪ ،‬ومكتوب على جلدها باللغة الفارسية والعربية ما يلي‪( :‬هذا شرح‬
‫للقانون‪ .‬نسخة فريدة وصحيحة‪ ،‬غير أن مؤلفها مجهول)‪.‬‬
‫ولدى مطالعتي لهذه المخطوطة وجدت أن مؤلفها‪ ،‬حين يتكلم عن القلب يروي أقوال ابن النفيس بكثير من اإلجالل واالحترام‬
‫وينعته بالقرشي‪ ،‬فيقول‪ :‬قال القرشي رحمه اهلل (‪.)19‬‬
‫ويردد نظرية ابن النفيس في الدوران (‪ )20‬كما جاءت في شرح تشريح القانون تماماً‪.‬‬
‫أما صدى هذه النظرية‪ ،‬في العالم الغربي الذي ورث الثقافة العربية وكنوزها‪ ،‬فنجمله فيما يلي‪:‬‬
‫لقد وجدت أثناء تحرياتي في باريس عن صدى نظرية ابن النفيس في عصر النهضة أن هذا الطبيب العربي لم يكن مجهوالً كما‬
‫يعتقد بعضهم‪ ،‬وأن كتابه (شرح تشريح القانون) قد ترجمت أجزاء منه إلى الالتينية ونشرت في مدينة البندقية عام ‪ ،1547‬ولقد‬
‫قام بهذه الترجمة طبيب إيطالي اسمه الباغو‬
‫)‪ ،Alpago (21‬كان قد زار دمشق وأقام فيها ردحاً من الزمن يتعلم اللغة العربية ويطلع على الكتب الطبية ويصحح ترجمات‬
‫كتب ابن سينا التي كانت قد نقلت إلى الالتينية آنذاك ‪.‬‬
‫ومن نافلة القول أن أردد حقائق علمية أصبحت بديهية وال ينكرها أحد‪ ،‬وهي أن المعاهد الطبية في! لعالم الغربي كانت تدرس في‬
‫عهد النهضة المؤلفات العربية وخاصة كتاب (القانون) البن سينا‪ .‬ولقد بقي هذا الكتاب حجة في الطب حتى القرن الثامن عشر‪،‬‬
‫كما أن المؤلفات العربية وترجماتها كانت ترد إلى‬
‫أوروبا كالسيل الهادر من اسبانيا‪ ،‬وصقلية‪ ،‬وسالرنو في جنوب إيطاليا‪ ،‬ومن البالد العربية ذات!ها‪.‬‬
‫ولقد ترجم الباغو أجزاء كثيرة من كتاب ابن النفش! (شرح تشريح القانون)‪،‬وأكد‪ ،‬في مسخ!هلـ مؤلفه‪ ،‬أن هذه الترجمة الالتينية‬
‫البن النفيس تندثر ألول مرة‪ ،‬وأنها أخذت من كتابه من اللغة العربية رأساً‪ ،‬غير أن هذه األجزاء‪ ،‬وإن كانت ال تخلق بالدورة‬
‫الرئوية‪ ،‬كما يقول المحققون‪ ،‬فهي على كل حال كافية لتعريف علماء عصر النهضة في أوروبا بابن النفيس ومنزلته الكبرى‪.‬‬
‫ولم تمض سمته سنوات على ظهور ترجمة كتاب ابن النفيس حتى صدر مؤلف سرفيتوس ‪( Servetus‬إصالح المسيحية (‬
‫‪ )Chrisitianismi restitutio‬عام ‪ ،1553‬وفيه يصف الدورة الرئوية كما ذكر ابن النفيس قبل ثالثة قرون‪ ،‬في الشكل‬
‫والمعنى‪.‬‬
‫يقول مايرهوف‪( :‬إن ما أثار دهشتي أثناء المقاطع التي تخص الدوران الرئوي في مخطوطة ابن النفيس‪ ،‬هو الشبه العظيم بينها وبين‬
‫الجمل التي كتبها سيرفيتوس‪ ،‬حتى ليخيل للمرء أن المقاطع في الكتاب العربي قد ترجمت إلى الالتينية بشيء من التصرف)‪.‬‬
‫وفي عام ‪ 1555‬ظهرت الطبعة الثانية لكتاب (في مصنع الجسم البشري‪ Dehumani corporis fabricos‬الذي ألفه‬
‫(فيزاليوس ‪ )Vesalius‬أستاذ الجراحة في جامعة يادوفا‪ ،‬وفيها يؤكد بوضوح عدم وجود منفذ بين تجويفي القلب‪ ،‬بينما يرى‬
‫الباحثون بأن هذه الفكرة لم ترد في الطبعة األولى لهذا الكتاب والتي‬
‫صدرت عام ‪ ،1542‬أي أن فكرة عدم نفوذ الدم من البطين األيمن إلى البطين األيسر وهي فكوة ابن النفيس في األصل‪ -‬لم تتردد‬
‫في الوسط الطبي اإليطالي‪ ،‬وفي كتاب فيزاليوس إال بعد ترجمة الباغو عام ‪ 1547‬ومع هذا فكتب الفيزيولوجيا وتاريخ الطب تعد‬
‫فيزال أول من وصف وأكد عدم وجود منافذ‬
‫بين البطنين‪.‬‬
‫ويأتي بعد فيزاليوس مساعده كولومبوه "‪ Colombo‬وهو أستاذ التشريح في جامعة بادوفا‪ ،‬فينشر عام ‪ 1559‬كتاباً قي التشريح‬
‫اسمه (عن التشريح ‪ ،)De re anatomica‬ويصف فيه الدورة الرئوية كما جاءت في كتاب سيرفيتوس الذي كان قد أقام من‬
‫قبل في مديتة بادوفا‪ ،‬دون أن يشسير إلى المصدر الذي أخذ عنه‪ ،‬وكان كولومبو‪  ‬يصحرح بأن أحداً لم يسبقه إلى هذا الوصف‪،‬‬
‫فكأنما كان يخشى أن توجه إليه تهمة السرقة والنقل عن سرفيتوس‪  ،‬ولكن سيرفيتوع نفسه لم يذكر المصدر الذي استقى منه‬
‫معلوماتهـ ولم يشر إلى المؤلف الذي استرشد بأقواله‪.‬‬
‫ومما تجدر اإلشارة إليه أن سيرفيتوس إسباني المولد‪ ،‬يعرف اللغة العربية إلى جانب الالتينية واليونانية والعبرية والفرنسية‪ ،‬ويعرف‬
‫المؤلفين العرب وكتبهم معرفة تامة‪ ،‬وبالتالي ال بد أن يكون قد اطلع على أعمال ابن النفيس وكشفه وأخذ يرددها أيما حل ورحل‪.‬‬
‫إن في باريس أو في ليون أو في فينا أو في جنيف أو في بادوفا‪.‬‬
‫وأخيراً ينظر سيزالبينو ‪ Cesalpino‬أحد أساتذة كلية الطب في بيزا في كتبه التي صدرت ما بين األعوام ‪ ،1573 -1571‬نبذاً‬
‫بسيطة وأفكاراً غير مترابطة عن الدوران الرئوي واتجاه دوران الدم في القلب والرئة‪ ،‬فتعزى إليه أسبقية هذا الكشف وتنعته كتب‬
‫تاريخ الطب بأنه أول من أشار إلى اتجاه الدم في دورانه‪ ،‬ألنه أول من استعمل كلمة (الدوران ‪. )Circulation‬‬
‫ولقد رأينا كيف أن ابن النفيس كان أول من ذكر اتجاه الدم في القلب والرئة‪ ،‬قبل قرون‪،‬في كتابه (شرح تشريح القانون)‪-‬‬
‫ـ ماذا نستخلص من سرد هذه التواريخ‪ ،‬وكيف نفسرتتابع هذه األحداث خالل األعوام المتعددة من ‪ 1547‬إلى ‪1559‬؟‪.‬‬
‫‪ -‬بل ما هو السبب وراء هذا السيل الهادر من الكتب وهذا الفيض من األفكار التي تحوم حول نقطة معينة؟‪.‬‬
‫ـ وبماذا نفسر محاولة إنكار كل واحد على أصحابه األسبقية وادعاءه بأنه أتى بهذه األفكار‪ ،‬للمرة األولى‪ ،‬دون أن يأخذها عن‬
‫أحد؟‬
‫هذا مع العلم بأنهم جميعاً قد نشأوا في وسط واحد وتعارفوا فيما بينهم وعملوا معاً‪ :‬فسرفيتوس ناصر فيزاليوس أصبح‪ ،‬فيما بعد‪،‬‬
‫أستاذاً للجراحة والتشريح في جامعة بادوفا حيث كان كولومبو مساعداً له في التشريح ويعمل تحت إمرته‪ ،‬وأخيراً يأتي سيزالبينو‪،‬‬
‫وهو من أتباع كولومبو وتالمذته‪ .‬كل هؤالء جميعاً يشكلون فيما بينهم وحدة متكاملة يخا العمل والثقافة والتفكير‪ ،‬يتبادلون اآلراء‪،‬‬
‫ويتناقلون األخبار‪ ،‬ويرددون فكرة ثورية جديدة في الطب تقلب المفاهيم السائدة واألفكار المقدسة‪ ،‬مفاهيم جالينوس وابن سينا‪.‬‬
‫كل هذا يحدث فجأة‪ ،‬بعد ترجمة الباغو الشهيرة وانتشارها في إيطاليا مركز الحركة الفكرية والمعاهد الطبية والنهضة العلمية‬
‫آنذاك‪.‬‬
‫ويأتي مؤ رخو الطب‪ ،‬فيما بعد‪ ،‬وحتى سنوات خلت‪ ،‬فينسبون اكتشاف الدورة الدموية الرئوية لسيرفيتوس حيناً‪ ،‬أو لكولومبو‬
‫وأصحابه حيناً آخر‪ ،‬متجاهلين أو متناسين عبقرياً فذاً فاق هؤالء جميعاً وسبقهم بثالثة قرون‪ ،‬وكان المنبع األساسي الذي اغترفوا‬
‫كلهم منه‪.‬‬
‫ومما ال ريب فيه أن هؤالء جميعاً قد ساهموا مساهمةـ فعالة بما قاموا به من تجارب على الحيوان‪ ،‬وبعد أن شرحوا جثث اإلنسان‪،‬‬
‫فمهدوا الطريق بأعمالهم وأفكارهم لوليام هارفي ‪ W. Harvey‬الذي وصف الدوران الدموي كله وصفاً كامالً صحيحاً مبنياً‬
‫علىالخبرة والتجارب‪ ،‬وذلك في كتابه (دراسة تشريحية تحليلية لحركة الدم والقلب في الحيوان) ‪Exercitation‬‬
‫‪ anatomica de motu cordis et sanguinis in animalibus‬الذي صدر عام‪ 1628‬في لندن‪.‬‬
‫وإن هارفي نفسه لم يشر إلى المصادر التي استقى منها معلوماتهـ على الرغم من أنه تأثر تأثراً كبيراً بآراء من سبقه من هؤالء العلماء‪،‬‬
‫فلقد درس في جامعة بادوفا التى تعاقب على تدريس التشريح والطب فيها أولئك العلماء الذين مهدوا له الطريق‪.‬‬
‫والخالصة أن ابن النفيس قد عرف فى الغرب‪ ،‬في عصر النهضة معرفة تامة‪ ،‬بفضل ترجمة الباغو‪ ،‬وبفضل ما تسرب من مخطوطات‬
‫عربية وترجمات وأفكار عبر المعاهد العلمية األسبانية والفرنسية واإليطالية وأن نظريته في الدوران الرئوي اقتبست‪ ،‬أو سرقت‪،‬‬
‫دون أن يشار إلى ذكر صاحبها األصلي‪ ،‬إما طمعاً بسبق‪ ،‬أو إهماالً لألمانة العلمية التي لم تكن من الصفات المرعية في تلك األيام‪،‬‬
‫أو خوفاً من الرأي العام المسيحي المتعصب الذي كان ال يتقبل نظريات جديدة صادرة عن عالم غير مسيحيـ (‪.)22‬‬
‫اكتشافات ابن النفيسة األخرى‪:‬‬
‫والبن النفيس اكتشافات أخرى لم يسبقه إليها أحد من علماء العرب أو الغرب‪.‬‬
‫فهو أول من وصف األوعية اإلكليلية التي تغذي العضلة القلبية‪ .‬يقول ابن النفيس في كتابه شرح تشريح القانون) في معرض كالمه‬
‫على تغذية العضلة القلبية‪:‬‬
‫" وجعله للدم الذي في البطين األيمن منه يغتذي القلب ال يصح البتة‪ ،‬فإن غذاء القلب إنما هو من الدم المنبث‪  ‬فيه من العروق‬
‫المثبتة في جرمه (‪.)23‬‬
‫فهو يعارض بذلك رأي ابن سينا ومن سبقه في موضوع تغذية العضلة القلبية‪ ،‬ويكون أول من وصف تغذيتها من األوعية الخاصة‬
‫بها‪ ،‬خالفاً لما يدعيه مؤرخو الطب من أن ستاكيو‪ Eustachi‬هو أول من ذكر الشرايين اإلكليلية التي تغذي العضلة القلبية‬
‫ووصفها‪.‬‬
‫والبن النفيس سبق آخر ال يجوز أن نغفل ذكره‪ ،‬وهو وصفه لألوعية الشعرية‪ ،‬فهو يقوله‪:‬‬
‫"وكذلك جعل الوريد الشرياني شديد االنحصاف ذا طبقتين ليكون ما ينفذ من مسامه شديد الرقة‪ ،‬وجعل الشريان الوريدي نحيفاً‬
‫ذا طبقة واحدة ليسهل قبوله لما يخرج من ذلك الوريد‪ ،‬ولذلك جعل بين هذين العرقين منافذ محسوسة"ـ (‪.)24‬‬
‫ومما ال ريب فيه أن هذه المنافذ المحسوسةـ أو المسام بين العروق ليست إال األوعية الشعرية الدقيقة التي يتم بواسطتها التبادل‬
‫فيما بين األوردة والشرايين والتي وصفهاكولومبو بعد ابن النفيس بثالثة قرون‪ ،‬وادعى بأن أحداً لم يسبقه إلى كشفها‪ ،‬فأصبحت‬
‫تعزى أسبقية وصفها إليه وإلى مالبيكي الذي أثبت وجودها بعد اختراع العدسات المكبرة والمجهر‪.‬‬
‫تلك هي بعض الحقائق التي وردت في كتاب ابن النفيس (شرح تشريح القانون) عن دوران الدم ال الرئة والقلب وعن الشرايين‬
‫اإلكليلية‪ ،‬وعن األوعية الشعرية‪.‬‬
‫ترى أي كنز ثمين ينطوي عليه التراث الضخم من المخطوطات العديدة التي خلفها لنا ولم تكتشف مكنوناتها بعد؟‬
‫المصادر العر بية " الكتب "‬
‫ا‪ -‬ابن أبي أصيبعة‪ :‬عيون األنباء في طبقات األطباء‪ -‬مكتبة الحياة‪ -‬بيروت‪.1965 -‬‬
‫‪ -2‬ابن العماد الحنبلي‪ :‬شذرات الذهب في أخبار من ذهب‪ .‬المكتب التجاري‪ -‬بيروت‪ -‬الجزء الخامس الصفحة ‪.401‬‬
‫‪ -3‬ابن كثير‪ :‬البداية والنهاية‪ .‬مكتبة المعارف‪ -‬بيروت‪ -1 977 -‬الجزء‪ -13‬الصفحة ‪.313‬‬
‫‪ -4‬الدكتور أحمد عيسى بك‪ :‬تاريخ البيمارستانات في اإلسالم‪ .‬المطبعة الهـاشمية‪ -‬دمشق ‪ 1357‬هـ‪ 1929 -‬م‪.‬‬
‫‪ -5‬الدكتور أحمد عيسى بك‪ :‬معجمـ األطباء‪ .‬مطبعة فتح اهلل‪ -‬مصر ‪ 1361‬هـ‪ 1942 -‬م الصفحاتـ ‪.296 ،292‬‬
‫‪ -6‬إسماعيل باشا البغدادي‪ :‬هدية العارفين‪ -‬أسماء المؤلفين وآثار المصنفين‪ .‬مكتبة المثنى‪ -‬بيروت‪ -‬المجلد األول صفحةـ‬
‫‪.714‬‬
‫‪ -7‬الدكتور أمين أسعد خير اهلل‪ :‬الطب العربي‪ .‬المطبعة األمريكانية‪ -‬بيروت‪.1946 ،‬‬
‫‪ -8‬الدكتور بول غليونجي‪ :‬ابن النفيس‪ .‬مطبعة مصر‪ -‬القاهرة‪.1966 ،‬‬
‫‪ -9‬تاج الدين السبكى‪ :‬طبقات الشافعية الكبرى‪ .‬المطبعة الحسينية‪ -‬مصر‪ -‬الطبعة األولى‪ 1224 -‬هـ الجزء الخامس الصفحةـ‬
‫‪ -15 .129‬جالل الدين عبد الرحمن السيوطي‪ :‬حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة‪.‬‬
‫عيسى البابي الحلبي وشركاه‪ -‬القاهرة الطبعة األولى ‪ 1387‬هـ‪ 1967 -‬م الجزء األول‪ -‬الصفحةـ ‪.54 2‬‬
‫‪ -11‬جمال الدين يوسف بن تغري بردي األتابكي‪ :‬النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة‪ -‬دار الكتب المصرية‪ -‬القاهرة‪،‬‬
‫‪ 1357‬هـ ‪ 1 938‬م‪ ،‬الجزء السابع‪ -‬الصفحة ‪.377‬‬
‫‪ -12‬حاجي خليفة‪ :‬كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون‪ .‬مكتبة المثنى‪ -‬بيروت‪ -‬المجلد الثاني‪ ،‬الصفحات‪،1024 :‬‬
‫‪.2031 ،1899 ،1267 ، 1114‬‬
‫‪ -13‬زين الدين الزركى‪ :‬األعالم‪ .‬الطبعة الثالثة‪ -‬بيروت ‪ 1389‬هـ‪ 1 969 -‬م‪ -‬الجزء الخامس الصفحةـ ‪.78‬‬
‫‪ -14‬الذهبي‪ :‬تاريخ دول اإلسالم‪ .‬طبعة حيدر آباد الدكن ‪ -13655‬المجلد الثاني‪ -‬الصفحةـ ‪.145‬‬
‫‪ -1 5‬زيت الدين عمر بن الوردي‪ :‬تاريخ ابن الوردي " تتمة المذتصر في أخبار البشر "‪ .‬دار المعرفة‪ -‬بيروت‪ 1389 ،‬هـ ‪97 0‬‬
‫‪ 1‬م الجزء الثاني‪ -‬الصفحةـ ‪.334‬‬
‫‪ -16‬صالح الدين خليل بن ابيك الصفدي‪ :‬الوافي بالوفيات‪ .‬فرانز شتاينر‪ -‬فيسبان (المانيا) ‪ 1381‬هـ ‪ 1962‬م‪.‬‬
‫‪ -17‬طاش كبري زاده‪ :‬مفتاح السعادة ومصباح السيادة‪ .‬دار الكتب الحديثة‪ -‬القاهرة‪.‬‬
‫‪ -18‬عبد القادر بن محمد النعيمي الدمشقىـ‪ :‬الدارس في تاريخ المدارس‪ .‬مطبعة الترقي‪ -‬دمشق ‪ 1370‬هـ ‪ 1951‬م الجزء‬
‫الثاني‪ -‬الصفحةـ ‪.131‬‬
‫‪ -19‬عبد اهلل بن أسعد بن علي بن سليمان اليافعى‪ :‬مرآة الجنان وعبرة اليقظان‪ .‬مؤسسة األعلمي‪ -‬بيروت الطبعة الثانية‪ 1395 :‬هـ‬
‫‪ 1970‬م‪ .‬المجلد الرابع‪ -‬الصفحةـ ‪.207‬‬
‫‪ -20‬المجلس األعلى للعلوم في سورية‪ :‬مهرجان أسبوع العلم الثامن‪ -‬دمشق ‪ 01967‬الكتاب األول‪ :‬مهرجان ابن النفيس‪.‬‬
‫‪ -21‬محمد باقر الموسوي الخوانساري‪ :‬روضات الجنان حول العلماء والسادات‪ .‬مصر ‪ 1347‬هص‪ -‬الصفحات‪:‬ـ ‪.495 ،494‬‬
‫ا لمخطوطات‬
‫ا‪ -‬ابن أبي أصيبعة‪ :‬عيون األنباء في طبقات األطباء‪.‬‬
‫مخطوطة المكتبة الظاهرية في دمشق رقم‪./4883 /‬‬
‫‪ -2‬ابن فضل اهلل العمري‪ :‬مسالك األبصار في أخبار ملوك األمصار‪.‬‬
‫مخطوطة دار الكتب المصرية‪ -‬القاهرة‪ ،‬رقم ‪ 99‬م‪.‬‬
‫‪ -3‬ابن النفيس‪ :‬شرح تشريح القانون‪.‬‬
‫مخطوطة المكتبة الظاهرية في دمشق‪ .‬رقم ‪ 3145‬طب ‪20‬‬
‫‪ -4‬ابن النفيس‪ :‬شرح تشريح القانون‬
‫مخطوطة المكتبة الوطنية في باريس رقم‪./2939 /‬‬
‫‪ -5‬بدر الدين محمود بن أحمد العيني‪ :‬عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان مخطوط‪ ،‬بشيرآغا‪./457 /‬‬
‫‪ -6‬المؤلف مجهول‪ :‬مخطوطة المكتبة الوطنية في باريس‪ .‬رقم‪./5776 /‬‬
‫التعليقات‬
‫ا‪ -‬هكذا وردت تسميته في (النجوم الزاهرة) وفي (مسالك األبصار)‪ .‬والقرشي نسبة إلى (قرش) بفتح القاف والراء‪ -‬وهي قرية من‬
‫قرى الشام‪.‬‬
‫‪ -2‬البيمارستان النوري الكبير‪ :‬هو المستشفىـ الذي بناه السلطان العادل نور الدين محمود بن زنكي الذي ملك دمشق سنه ‪549‬‬
‫هـ‪ 1154 /‬م‪.‬‬
‫‪ -3‬هو مهذب الدين عبد الرحيم بن علي بن حامد المعروف بالدخوار‪  ،‬رئيس‪  ‬أطباء بالد الشام ومصر‪.‬‬
‫وكان قد أوصى بأن تحول داره‪ ،‬بعد وفاته‪ ،‬إلى مدرسة للطب‪ ،‬وأوقف لها مكتبته وأمواله وضياعه‪ ،‬فعرفت باسم (المدرسة‬
‫الدخوارية) ‪  ،‬وأنجبت‪  ‬كثيراً من األطباء في ذلك الزمان‪.‬‬
‫‪ -4‬البمارستان الناصري الصالحي ‪ ،‬ويعرف باسم (البمارستان العتيق)‪ :‬هو المستشفى الذي أنشأه السلطان الناصر صالح الدين‬
‫األيوبي‪ ،‬في القاهرة‪ ،‬وافتتحه عام ‪ 577‬هـ ‪ 1181‬م‪.‬‬
‫‪ -5‬البمارستان المنصوري‪ ،‬أو بيمارستان قالوون‪ ،‬ويعرب باسم (البيمارستان الجلدية)‪ :‬هو المستشفىـ الذي ابتناه الملك المنصور‬
‫قالوون‪ ،‬في القاهرة‪ ،‬عام ‪ 683‬هـ ‪ 1 284‬م‪ .‬كما ابتنى فيه مدرسة تعرف باسم المدرسة المنصررية‪.‬‬
‫‪ -6‬المدرسة المسرورية‪ :‬هي المدرسة التي بناها مسرور الخادم في القاهرة‪.‬‬
‫‪ -7‬أرى من الواجب علي‪ ،‬في هذا المقام‪ ،‬أن أحكي ذكرى الدكتور محى الدين التطاوي الذي لم يسعفهـ الحظ‪ ،‬فلم يستطع بحد‬
‫رجوعه إلى مصر‪ ،‬عام ‪ 1925‬م‪ .‬أن يتابع بنفسهـ موضوعـ كشفه‪ ،‬إذ!ن في وزارة الصحة إثر عودته إلى بالده‪ .‬وكان غالباً ما ينقل‬
‫من بلدة صغيرة إلى أخرى في الريف المصري بعيداً عن دور الكتب والمعاهد العلمية‪ .‬وتوفي أخيراً‪  ،‬وهو‪  ‬يقاوم التيفوس في‬
‫الريف المصري‪،‬عام ‪ ،1945‬فكان شهيد الواجب واإلنسانية‪ -.‬الدكتور بول غليونجي في كتاب (ابن النفيس‪ -‬سلسلة أعالم‬
‫العرب)‪.‬‬
‫‪ -8‬مفتاح السعادة ـ ص ‪./ 269 /‬‬
‫‪ 9‬ـ مسالك األبصار للعمري‪.‬‬
‫‪ 10‬ـ نفس المصدر ‪..‬‬
‫‪ 11‬ـ نفس المصدر ‪.‬‬
‫‪ 12‬ـ مسالك األبصار للعمري ‪ .‬‬
‫‪ 13‬ـ الورقتان ‪ 66‬ط و ‪ 67‬ومن مخطوطة باريس ذات الرقم ‪. 2939‬‬
‫‪ -1 4‬الورقة ‪ 95‬ظ من مخطوطة باريس ذات الرقم ‪.2939‬‬
‫‪ " -15‬الورقتان ‪ 67‬و ‪ 67‬ظ من المخطوطة ذاتها ‪ .‬‬
‫‪ 16‬ـ الورقة أو من مخطوطة باريس ذات الرقم ‪. 2939‬‬
‫‪ -18‬الورقة أو من مخطوطة باريس ذات الرقم ‪.2939‬‬
‫‪ -1 9‬الورقتان ‪  1 1 5‬و ‪ 1 1 6‬و من مخطوطة باريس ذات الرقم ‪.5776‬‬
‫‪ -20‬الورقتان ‪ 115‬و ‪ 115‬ظ من المخطوطة ذاتها‪.‬‬
‫‪ -21‬حسب الدراسة التي نثرها (أو مالي عام ‪ 1957‬م‪ .‬فإن أندريا الباغو وابن أخيه باولو ألباغو كانا قد ترجما بعض أعمال ابن‬
‫سينا وابن النفيس الطبية من العربية إلى الالتينية‪.‬‬
‫‪ ‬‬

You might also like