Professional Documents
Culture Documents
تحت إشراف:
إعداد الطالبة:
نجوى العويطي
الدكتور محمد غربي
«إني رأيت أنه ال يكتب أحدا كتابا يف يومه إال قال يف
غده :لو غري هذا لكان أحسن ،ولو زيد هذا لكان
يستحسن ،ولو قدم هذا كان أفضل ،ولو ترك هذا لكان
0
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
كلمة شكر
بعد شكر املوىل عز وجل عىل فضل نعمه ،ال يسعين يف هذا املقام اال أن
أتقدم خبالص الشكر واحملبة لدلكتور محمد غريب اذلي قبل االرشاف عىل هاته
الرساةل بصدر رحب ،واذلي مل يبخل ي
عل يوما بتوجهياته السديدة ونصاحئه
القمية لكام التجأت اليه جفزاه هللا عين خري جزاء.
كام ال يفوتين أن أتقدم ابلشكر اجلزيل اىل السادة الساتذة الجالء أعضاء
جلنة املناقشة اذلين أعطوين من وقهتم ،وقبلوا مناقشة رساليت رمغ انشغاالهتم
الكثرية.
كام أوجه شكري وتقديري اىل لك أساتذتنا الكرام ،أس تاذة القانون العام بلكية
احلقوق بطنجة.
إهداء
ً ى َ َ َ ى َ ُّ َ َ َّ َ ْ ُ ُ ٓ ْ َّ ٓ َّ ُ َ ْ َ ى َ ْ ْ َ
إلى من قال فيهما هللا عز وجل :وقض ربك أل تعبدوا إِل إِياه وب ِٱلو ِِلي ِن إِحسناۚ والداي العزيزان،
أنتما أساس وجودي في الحياة ،وأنتما ألامن وألامان وراحة النفس وهدوء البال ،وأنتما ّ
سر النجاح
تقدير ُيمكن أن
ٍ يستطيع أن ُيحيط بمقدار التضحية والتعب الذي تبذالنه ،وأي
ُ شكر
ٍ
والتفوقّ ،
فأي
يستوعب سهر الليالي الطوال على راحتي ،لكن رغم هذا كله اسمحا لي أيها الغاليان القريبان أن أقول
ٌ ُ
آيات تتلى وقر ٌآن يوص ي بطاعتكما وطلب الرض ى لكما :شكرا ،فأنتما وصية هللا تعالى لألبناء ،وفيكم نزلت
ٌ ٌ
ونفحات من نور الحياة ،وسحابة تمطر الخير منكما ،فأنتما يا أبي وأمي بابان من أبواب الجنة،
طاهرة
ٍ والحسنات ،وألن النعم تدوم بالشكر ،فشكرا هلل على أنكما في الحياة ،وشكرا لكل قطرة عر ٍق
سر الفرح في قلبي،نزلت منكما ألجلي ،واسمحا لي أن أقول لكما أيضا أنكما أغلى ما في حياتي ،وأنكما ّ
واحدة من درجات ّ
البر التي أمرني هللا بها ٍ ولو بذلت عمري كله ألجلكما فلن أستطيع أن أصل إلى در ٍ
جة
تجاهكما ،فسامحاني على التقصير ،وسامحا لغتي التي تلعثمت حروفهما أمام عظمة ما تصف ،أمي
وأبي :شكرا لكما...
إلى من ساهم بنصائحه وإرشاداته ...إلى من جمعتنا بهم أواصر املحبة والاحترام املتبادل
أساتذتي الكرام...إلى من ساهم في إخراج هذا البحث إلى الوجود...إلى جميع هؤالء أهدي
نجوى العويطي
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
مقدمة
حظي موضوع املرأة باهتمام كبير ومتزايد من طرف مجموعة من املهتمين بهذا املجال ،خاصة
فقهاء القانون وعلماء الاجتماع والسياسة وكذا هيئات املجتمع املدني بما فيها الجمعيات الحقوقية التي
تعنى بالدفاع عن حقوق املرأة ،ويرجع هذا الاهتمام إلى الدور الذي أصبحت تلعبه املرأة في ألاسرة
واملجتمع.
وقد أبانت املرأة املغربية على مر العصور من حضور قوي ورائد في مختلف املجاالت ،وساهمت
مساهمات جليلة في ميادين متنوعة ستظل خالدة في التاريخ إلانساني ،تكشف عن قوة شخصيتها،
ويبدو أن حق املرأة في العمل قد برز على الساحة الدولية منذ العصور القديمة ،لكنه تبلور
بشكل أكبر مع ظهور الثورة الصناعية ،وازدياد الحاجة امللحة لليد العاملة ،ونظرا للوضعية التي كانت
تعمل فيها املرأة ،فقد كان من الالزم الاعتراف القانوني بحقها في العمل لضمان تحسين وضعيتها ،كما
كان من واجب املجتمع بكل مكوناته تيهئ فرص العمل وظروفه ،وأن يدعم هذه الفرص دائما بما يصون
املرأة ويحفظ كرامتها ،وأن يقيم املساواة بين الرجل واملرأة في فرص الشغل.
واملالحظ أن املرأة عانت طويال يسبب هذا التمييز في ممارستها لحق الشغل ،وذلك ألسباب
متعددة ،أهمها تلك التي تتعلق بالخلفيات الثقافية التي ترسخ فكرة التمييز بين الجنسين ،ويضاف إلى
ذلك الاعتقاد السائد داخل أغلب املجتمعات ،خاصة العربية والبلدان النامية بعدم جدوى العمل
النسائي لكون الرجل يبقى في املجتمعات التقليدية هو املسؤول عن ألاسرة ومعيلها الوحيد ،بينما تلقى
1
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
املرأة رهينة دورها التقليدي املتمثل في إنجاب ألابناء وتربيتهم والقيام بمتطلبات ألاسرة ،مما يجعل عمل
الرجال يحظى باهتمام وتقدير خاص من طرف املجتمع ،على خالف عمل النساء.
وعلى اعتبار أن الشغل من أهم حقوق إلانسان ،بل ويأتي من حيث ألاهمية مباشرة بعد الحق
في الحياة ،فقد عبر املغرب عن موقفه الواضح بشأن مبدأ كونية حقوق إلانسان ،وعن ضرورة إعمال
مقتضيات ألاوقاف الدولية ،وبفضل هذا املوقف املتبصر استطاع الانخراط في املنظومة الحقوقية عبر
وهكذا اتخذ املغرب مجموعة من إلاجراءات لتحسين وضعية النساء العامالت ،تمثلت أساسا في
التزامه دستوريا بتطبيق املعايير الدولية في جملة من النصوص التي تهم املرأة بصفة عامة ،وإدخال
إصالحات تشريعية على مجموعة من القوانين ،ومن بينها مدونة الشغل التي تدخل املشرع من خاللها
على غرار باقي التشريعات لتنظيم عمل املرأة بمقتضيات أكثر حمائية ،وأكثر انسجاما مع املواثيق الدولية
املتعلقة بهذا املجال ،أخذا بعين الاعتبار تكوينها الفيزيولوجي الخاص ،وما تحمله من رسالة ألامومة وتربية
ألاجيال.
مدونة الشغل جاءت لتكرس مجموعة من الضمانات التي تكفل الحقوق ألاساسية والشخصية
ومبدأ تكافؤ الفرص وحظر التمييز ،والصحة السليمة والعمل املأمون لألجيرة ،حيث من جهة أولى شكلت
اعترافا للمرأة املغربية بدورها التنموي داخل املجتمع عبر التأكيد على حقها في العمل وإقرار مبدأ املساواة
لصالحها ،وصيانة كرامتها ،ومن جهة ثانية أخذت بعين الاعتبار الطبيعة الفيزيولوجية ألانثوية ،وبناء
على ذلك نصت على مقتضيات استثنائية خاصة بحماية صحتها ،وتنظيم ظروف تشغيلها ،إضافة إلى
2
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
مناهضة العنف املمارس عليها ،ومن جهة ثالثة راعت حالتها الخاصة إذا تعلق ألامر بأجيرة ذات إعاقة،
كما عملت على صيانة وظيفتها إلانجابية والتربوية داخل ألاسرة واملجتمع.
إال أن هذه الضمانات قد اعترتها مجموعة من النقائص و الثغرات التي تعرقل مسار الحماية
الاجتماعية الذي سلكه املغرب ،في نطاق الحماية التي ستتها مدونة الشغل لم يشمل بعض الفئات من
اليد العاملة النسوية ،حيث تم تهميشين وإقصاؤهن ،وعلقت حمايتهن على صدور قانون خاص يؤطرها،
وإذا كان املشرع قد حظى خطوة إيجابية من خالل إصداره لهذا القانون لفائدة العامالت املنزليات ،فإن
النساء العامالت بالقطاع التقليدي الصرف لم يظهر القانون الخاص بتنظيم عالقتهن مع املشغل
وشروط شغلين في هذا القطاع إلى الوجود ،وال يزال وضعهن ومعاناتهن في ازدياد دائم.
من جانب آخر ،فإن الحفاظ على املقتضيات القانونية واستقرار العالقة التغطية ،رهين بالبحث
عن وسيلة قانونية قادرة على مراقبة حسن تطبيقها وتفعيلها ،ولذلك كان من الضروري خلق نظام من
شأنه تعزيز حماية حقوق املرأة في ميدان العمل .ويعد نظام تفتيش الشغل وطب الشغل من ألاجهزة
الرئيسية ملباشرة التطبيق أحكام قانون الشغل وتوفير الحماية الاجتماعية الطرف الضعيف.
وإذا كان املشرع املغربي قد حاول تفعيل دور ألاجهزة الرقابية الاجتماعية ،بما يؤدي إلى خلق مناخ
اجتماعي عادل سمته الرئيسية ألامن والاستقرار ،وبالتالي النهوض باالقتصاد الوطني ،فإن ذلك يبقى
رهينا بانسجام كل الفاعلين ،حيث ال يتأتى هذا إال بتدخل جهاز قضائي قادر على تخطي حرفية النص
القانوني وتحويله إلى نص من املمكن تكييفه بالطريقة التي يراها القاض ي لصالح ألاجيرة.
انطالقا من كل ما سبق ،وفي ضوء ما تقدم بيانه في هذا املدخل العام ،تبرز بوضوح مالمح
املوضوع الذي سنتناوله في هذه الدراسة ،تحليال وتفصيال ،وهو ما يستدعي إلاشارة الضرورية إلى ما يلي:
3
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
-أهمية املوضوع:
يستقي هذا املوضوع أهميته الخاصة من الظرفية الوطنية الراهنة ،في مجال الاهتمام بوضعية
املرأة على املستوى النظري والعملي ،واملتمثلة في تعبئة كل الجهود املختلفة للحد من املعاناة التي تتكبدها
النساء في وضعية صعبة ،بما فيهن إضافة إلى ألاجيرات -العامالت املنزليات والعامالت في القطاعات غير
املهيكلة ،وذلك بالتحسين من ظروفهن ،والقضاء على كل أشكال الاستغالل التي تطالهن ،والعنف الذي
يتعرضن له ،ومنع الظروف القاسية وغير ألامنية التي ال تتناسب مع طبيعتهن الجسدية ،إضافة إلى سد
الفراغ والقصور التشريعيين اللذان يعيقان مسار التنمية ويضعفان آفاق الحماية الاجتماعية.
كما أن املوضوع له أهمية على املستوى الاقتصادي ،فاملرأة جزء ال يتجزأ من القوى العاملة
املساهمة في تحريك دواليب الاقتصاد ،والدفع بعجلة التنمية الاقتصادية إلى ألامام ،حيت إن هناك
ازديادا ملحوظا في وثيرة عمل املرأة في السنوات ألاخيرة ،مقابل کثرة الانتهاكات التي تمس بحقوقها -سواء
-صعوبات البحث:
إن تناول هذا املوضوع بالدراسة واجهن بعض الصعوبات ،وتتجلى أساسا فيما يلي:
-1غني وتنوع إشكاليات هذا املوضوع ،فكثرة املواضيع وإلاشكاالت التي يطرحها يجعل كل محاولة
-2كون هذا املوضوع حساسا جدا ،إذ كثيرا ما ينظر إلى املساعي الهادفة للكشف عن وضعية املرأة،
والحديث عن قضاياها ،والدفاع عن حقوقها ،والنهوض بأوضاعها في القانون واملجتمع ،على أنها محاوالت
4
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
للنيل من حقوق الرجل التي اكتسبت شرعيتها عبر التاريخ ،كما ينظر إلى الكتابات التي تقادي بتحقيق
-2البحث في موضوع عمل املرأة ،يجعل الباحث يتعامل مع أكبر عدد من املراجع ،وفي شتى املجاالت،
سواء ذات الطابع القانوني أو الاجتماعي أو النفس ي ،إضافة إلى مختلف الدراسات ،وإلاحصائيات
الرسمية ،وألاحكام والقرارات القضائية ،الش يء الذي يولد تداخال بين املعطيات القانونية والاقتصادية
-3قلة املراجع القانونية املحينة واملتعلقة ببعض الفقرات املستثناة من مدونة الشغل ،مثل فئة
العامالت املنزلية ،خاصة بعد صدور القانون املنظم لشروط شغلهن وتشغيلهن.
-إشكالية املوضوع:
تتمحور الاشكالية املركزية لهذا البحث كما صاغها عنوانه" :الحماية الاجتماعية للمرأة بين النص
القانوني والتعامل القضائي" ،وعليه سيتم تسليط الضوء على أبرز املقتضيات القانونية التي تعنى
بحماية املرأة ،حيث إن إلاشكالية تتبع أساسا بالنظر إلى مدى توقف املشرع املغربي في إقرار الضمانات
الحمائية لليد العاملة النسائية ،في جميع القطاعات ،مقارنة بتوجهات باقي التشريعات ،ومدى
استحضاره الاتفاقيات الدولية خاصة تلك التي صادق عليها املغرب أثناء سنه لهذه املقتضيات ،وكذا
استطاعة الجهاز القضائي املغربي تكييف هذه النصوص وفق ما هو لصالح ألاجيرة.
وفي صلب هذه إلاشكالية املحورية ،تطفو على سطح هذا البحث مجموعة من الاشكاالت الجزئية
التي تنبع عن ألاصل ،وتطرحها طبيعة هذا املوضوع املركب (قانوني اجتماعي) وهو ما يمكن اختزاله في
5
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
-ما هي الضمانات القانونية التي وفرها املشرع الحماية الحقوق ألاساسية ،الشخصية واملعنوية لألجيرة
-إذا كانت مدونة الشغل تشكل إطارا حمائيا لألجيرة ،فهل الوسائل التي جاء بها املشرع كافية لتوفير
-ما هي وضعية النساء املنتميات للفئات املستقاة من مدونة الشغل ،وهل حصل تطور انتقالي في موقف
املشرع اتجاههن؟
-ما مدى تمكن مدونة الشغل من توفير الضمانات القانونية للتشغيل النساء عامة ،وألاجيرات نوات
-ما هو دور ألاجهزة القانونية الرقابية مثل مفتشية الشغل وطبيب الشغل في الحفاظ على السلم
-إلى أي حد استطاع القضاء املغربي تفعيل الحماية الاجتماعية من خالل تكييف النصوص القانونية
إن معالجة ألاسئلة السابقة ،تقتض ي بحكم طبيعة املوضوع ،ضرورة الانفتاح على أكثر من منهج،
لضمان تناوله بشكل أكاديمي وعلمي ،ومحاولة إلاحاطة بكل جوانبه ،فموضوع البحث من املواضيع
القانونية والاجتماعية ،والتي تحتاج في مقاربتها تتبع املنهجين الوصفي والتحليلي ،اللذين يساعدان على
تحليل املقتضيات الحمائية التي سنها القانون ،من خالل عرضها والوقوف على أهم إيجابياتها وسلبياتها
6
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
إضافة إلى املنهج املقارن الذي يسمح بقراتها ،ومقارنتها مع املواقف التي التشريعات ألاخرى ،والتحق من
مدى مالءمة هذه املقتضيات للمعايير الدولية التي تلقاها املغرب من خالل املصادقة عليها.
وإلغناء الدراسة ،البد من الاعتماد على املنهج التاريخي من خالل تعقب املسار القانوني التاريخي
-خطة البحث:
إن معالجة مختلف إلاشكاالت املذكورة سابقا يتطلب التنظر أوال :إلى مظاهر حماية ألاوقاف الدولي
والتشريع الداخلي لحقوق املرأة في ميدان العمل ،سواء تعلق ألامر بالحقوق ألاساسية أو الشخصية ،أو
املعنوية والنفسية ،إضافة إلى تنظيم أحكام تشغيلها ،سواء ألاجيرات بصفة عامة ،أو ألاجيرة ألام ،أو
ألاجيرة ذات إلاعاقة ،ومالءمة ظروف التشغيل حسب وضعية كل واحدة منهن ،ثم الوقوف على امتداد
الحماية الاجتماعية إلى بعض الفئات التي سبق وأن تم استثناؤها من مدونة الشغل ،وقصورها فيما
يتعلق بقنات أخرى ،حيث سيتم العمل على إبراز مدى فعالية التشريع الاجتماعي في تغطية اليد العاملة
التسوية في جميع القطاعات الشغلية بالحماية الشاملة ،ثم بعد ذلك عرض أبرز ألادوار التي تلعبها أجهزة
الرقابة في تفعيلها والعوائق التي تحد من فعالية هذه ألاجهزة ،انتهاء بالوقوف على العمل القضائي في
هذا املجال.
-الفصل ألاول :الحماية الاجتماعية للمرأة بين مضامين املواثيق الدولية واملبادئ الحقوقية املكرسة
7
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
-الفصل الثاني :امتداد الحماية الاجتماعية للمرأة إلى بعض الفئات املستثناة من مدونة الشغل،
8
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
الفصل األول:
الضعيف
9
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
تعتبر حقوق املرأة جزء من حقوق إلانسان ،وإذا كانت املواثيق الدولية قد ركزت ضرورة عمومية
وعاملية هذه الحقوق باعتبارها تنطلق من طبيعة إلانسان ،إال أنها قد أخذت بعين الاعتبار بعض الفئات
في املجتمع التي تتطلب طبيعتها حقوقا إضافية تراعي خصوصيتها ،ومن بينها املرأة التي ظلت لفترة طويلة
تعاني من إلاقصاء والتمييز والتهميش ،لذا كان لزاما لتجاوز هذه الوضعية تمتيعها بحماية خاصة
والحقوق إضافية تضمن النهوض بأوضاعها بشكل يسمح بتحقيق املساواة بينها وبين الرجل.1
إال أن خروج املرأة إلى ميدان العمل جعلها تتعرض لالستغالل باعتبارها العنصر الضعيف في
حلقة الشغل ،وتقيل بكل الشروط املجحفة في حقها ،وكذا عدم مساواتها مع الرجل في العمل وألاجر،
مما دفع ألاجيرات إلى التكتل والخروج للدفاع عن حقوقهن ،واملطالبة بتعديل وضعيتهن ،والدفع باملنتظم
الدولي إلى حمايتهن .فتأسست سنة 1111م منظمة العمل الدولية التي شرعت منذ أول مؤتمر لها في
إصدار اتفاقية دولية لحماية املرأة ألاجيرة وكانت بذلك أكبر مساند للمرأة ألاجيرة.
وعلى منوال هذه الاتفاقيات الدولية ،وإيمانا بأهمية ودور املرأة ،بادرت جل التشريعات بما فيها
التشريع املغربي إلى التدخل بمقتض ى نصوص قانونية قصد وضع هيكلة متينة ومتوازنة بين حياتها
- 1أنس سعدون :وضعية املرأة على ضوء منهاج عمل بيجين ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخامس ،جامعة عبد املالك السعدي،
كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة ،السنة الجماعية ،2112/2112 ،ص .11
10
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
املهنية والعائلية ،وهذه النصوص جعلتها تحظى بحماية خاصة ،وذلك من منطلق ضمان الفرص
- 2غزالن التاقي :حماية املرأة ألاجيرة في مدونة الشغل املغربية ،بحثل لنيل دبلوم املاستر في القانون الخاص ،جامعة عبد املالك السعدي،
كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة ،السنة الجامعية ،2113\2112 ،ص .1
11
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
أصبحت قضية املرأة ألاجيرة ذات أبعاد دولية ،فكثيرة هي الاتفاقيات الدولية واملنظمات الحقوقية
التي عملت جاهدة على إنصاف املرأة ألاجيرة ،والاعتراف لها بالدور املهم الذي أصبحت تلعبه في ألاسرة
ومن جانب آخر فإن التطورات الاجتماعية والاقتصادية التي عرفها املغرب وانفتاحه على محيطه
العالمي ،أدى إلى بروز اليد العاملة السوية ومساهمتها إلى جانب الرجل في تنمية الاقتصاد الوطني .4وبعد
التزام املغرب دستوريا باحترام حقوق إلانسان كما هو متعارف عليها دوليا ،ومصادقته على العديد من
الاتفاقيات الدولية الخاصة بعمل املرأة ،وقيامه بمجموعة من إلاجراءات لتحسين وضعيتها ،فقد تدخل
املشرع املغربي على غرار باقي التشريعات لتنظيم عمل املرأة بمقتضيات أكثر حمائية وأكثر انسجاما مع
مضامين املواثيق الدولية املتعلقة بتشغيل النساء ،ولم يكتف املشرع بحماية الحقوق ألاساسية أو املادية
للمرأة ألاجيرة فقط (املطلب ألاول) ،وإنما امتدت هذه الحماية لتشمل الحقوق املعنوية والنفسية أيضا
(املطلب الثاني).
- 3بنخوية هدى :الحماية القانونية للمرأة ألاجيرة ،بحث لنيل دبلوم املاستر في القانون الخاص ،جامعة عبد املالك السعدي ،كلية العلوم
القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة ،السنة الجامعية ،2112-2113 :ص .2-1
- 4إدريس الخوري :املركز القانوني للمرأة املغربية ،مطبعة وجدة ،2112 ،ص .3
12
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
إلانسانية وألاممية عبر تدابير تشريعية وتطبيقية وطنيا ودوليا ،ونجد أن حقوق إلانسان هي مجموعة
الحقوق والحريات السياسية واملدنية والاقتصادية والاجتماعية املقررة لإلنسان باعتباره أحد أفراد
املجتمع ،وتهدف إلى حماية ذاته وسالمته وصون كرامته وتنمية قدراته ،وذلك بالتساوي بين الرجال
والنساء.
وإذا كانت هذه الحقوق ألاساسية يتمتع بها كل فرد باعتبارها ملزمة لإلنسان ،فإنها أيضا قابلة
التط بيق في جميع العالقات الاجتماعية بما فيها عالقات الشغل .وللحق في العمل (أو الحق في الشغل)
أهمية كبيرة باعتباره حقا ومطليا يهدف إلى تأمين مستوى معيش ي الئق لألفراد ،بمن فيهم النساء
الشغيالت ،اللواتي يشكلن نسبة كبيرة من الشريحة العاملة ،والحق في العمل مكفول لهن ،سواء في
الشركة الدولية أو القوانين الداخلية (الفقرة ألاولى) ،إضافة إلى أن رغبتهن في الشغل لضمان أجر يمكنهن
من العيش هن وأسرهن ،يجعلهن تحت تأثير الحاجة يرضخن لشروط املشغل التي قد تكون تعسفية،
ويقبلن بها ،ألامر الذي يتطلب توافر حماية قانونية لألجيرات من الشروط املاسة بحقوقهن الشخصية
(الفقرة الثانية).
13
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
املحلية ،وهو حق إنساني يقض ي بعدم إقصاء أي شخص عن املساهمة في الحياة الاقتصادية ،وتمكينه
من ممارسة الحق في املشاركة في إنتاج وخدمة أنشطة املجتمع إلانساني ،والانتفاع بالفوائد العائدة
جراء هذه ألانشطة املشتركة ،بما يكفل لإلنسان مستوى معيشيا الئقا.5
وتأتي ضرورة وأهمية الاعتراف بالحق في العمل نظرا لدوره في تمكين الفرد ذكرا كان أم أنثى من
تحقيق حاجياته الاقتصادية والاجتماعية الحيوية ،واملساهمة في ارتقائهم وتطوير مهاراتهم .وإن أحد
التحوالت الكبرى التي حدثت في الخمسين سنة ألاخيرة هو النمو السريع لعمل النساء في العالم ،في سنة
2112كان هنالك 1.3ملیار امرأة في سوق الشغل ،أي أكتر من سنة 2111ب ،21 %ويمثل عمل النساء
حوالي %21من قوة العمل الكلية ( 3.3مليار) ،6ويرجع ذلك إلى مجموعة من املقتضيات الدولية التي
إال أن إحصائيات رسمية أشارت إلى أن حصة القوى العاملة النسائية املغربية في سوق العمل
بلغت %22السنة الجارية ،مما يدل على أن النشاط الاقتصادي للمرأة باملغرب يبقى ضعيفا ،7رغم أن
- 5املرصد املغربي لحقوق الانسان في الجوالن ،دليلي العامل وفق املعايير الدولية لحقوق الانسان والقوانين املحلية ،إعداد املحامي أبو
الخير أبو جبل ،مطبعة ألارز ،2112 ،ص .3
- 6وضعية املرأة في العالم ،إليزابيت كريميو ،ترجمة حنان قصبي ومحمد الهاللي ،ص ،123دار توبقال للنشر ،الطبعة الاولى.2112 ،
- 7حصة املرأة في سوق العمل في املغرب ،مقالة إلكترونية ،قناة العربية ،2112 ،ص .1
14
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
وفي أجر عادل يكفل له وأسرته عليه ،وفي الحماية من البطالة ،وفي أن ينشأ وينظم النقابات الحماية
مصلحته ،وكذلك الحق في الراحة وأوقات الفراغ ،وفي تحديد معقول للعمل والراحة.8
إذن الشغل من أهم الحقوق واملطالب البشرية ،بل ويأتي من حيث ألاهمية مباشرة بعد الحق
في الحياة .وقد استطاعت املرأة اكتساح سوق الشغل ،وتمكنت من فرض وجودها في مجاالت مختلفة،
مما أدى إلى استغاللها من طرف أرباب العمل ،ومن أجل إنصافها اتخذت قضيتها طابعا دوليا ،فكانت
حاضرة في إلاعالن العالمي لحقوق إلانسان الذي أكد على حق كل شخص في العمل وفي حرية اختياره
ضمن شروط عادلة ومرضية ،كما أكتم الاتفاقية الدولية الخاصة بالقضاء على جميع أشكال التمييز
ضد املرأة على املساواة بين الرجل واملرأة في الحقوق السياسية واملدنية والاقتصادية والاجتماعية
والثقافية ،إضافة إلى أن مؤتمر بيجين أكد في نص الوثيقة الختامية الصادرة عنه على املساواة بين املرأة
والرجل في الحقوق ،والتشبث باملقاصد واملبادئ املنصوص عليها في املواثيق والاتفاقيات الدولية
املناهضة لكل أشكال التمييز ضد املرأة .وفي نفس السياق ،بلغ عدد الاتفاقيات الصادرة عن منظمة
- 8مصدق عادل طالب :دور منظمتي العمل الدولية والعربية في حماية حقوق العمال ،ص .121
- 9أنس سعدون :وضعية املرأة املغربية على ضوء منهاج عمل بيجين ،مرجع سابق ،ص .211
15
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
" -1لكل شخص الحق في العمل وأن توفر له الحماية من البطالة - 2 ،لكل شخص اختيار عمله
بحرية -3 ،للعامل الحق في شروط عمل عادلة ومرضية ،وأجر متساو دون تمييز ،إذ أكدت املادة 23على
هذا املبدأ عندما نصت على أن لكل شخص الحق في العمل وفي حرية اختياره ،وهو ما سبق أن أقره
إلاعالن الخاص بأهداف ومقاصد العمل الدولية منذ 1122في البند "أ" من املبدأ التأني الذي نص على
أن لجميع البشر أيا كان عرقهم أو معتقدهم أو جنسهم ،الحق في العمل من أجل رفاهيتهم املادية
وتقدمهم الروحي في ظروف قوامها الحرية والكرامة والاستقرار الاقتصادي وتكافؤ الفرص" .11
ب -حق املرأة في العمل في العهدين الدوليين لحقوق إلانسان املدنية والسياسية والاقتصادية
والاجتماعية والثقافية:
نجد أن اتفاقية العهدين 12تنص في الفصل الثالث على أن الدول ألاطراف "تلتزم بضمان الحق
املتماثل للرجال والنساء في التمتع بكافة الحقوق" الواردة في العهدين .وقد ركز العهد الدولي املتعلق
بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في فصوله من 2إلى 12على" :الحق في العمل" ،أي حق كل
فرد في الحصول على إمكانية كسب قوته عن طريق عمل يختاره بحرية أو يقبله ،وكذا حق كل شخص
في التمتع بظروف عمل عادلة ومناسبة ،أي ألاجر العادل ،وألاجر املساوي للعمل املنجز ،وخاصة النساء
- 10حقوق العمال ...حقوق إلانسان ،نشرة شهرية تهتم بشؤون العمال ،العدد السادس ،2112 ،فلسطين ،ص .2
- 11خديجة بوعود :منع التمييز بين الجنسين على ضوء مدونة الشغل-دراسة مقارنة-بحث لنيل دبلوم املاستر القانون املدني وألاعمال،
جامعة عبد املالك السعدي ،كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة ،السنة الجامعية ،2112-2112ص .32
- 12اتفاقية العهد الدولي املتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ،واتفاقية العهد الدولي املتعلقة بالحقوق املدنية والسياس ي.
16
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
اللواتي يلزم أن تضمن لهن ظروف عمل ال تقل عن تلك التي يستفيد منها الرجال ،وأن يتلقين نفس
ألاجر عن نفس العمل ،والعيش الالئق ،والصحة والسالم ،وفرص الترقية املتساوية والراحة والترفيه.13
أما العهد الدولي للحقوق املدنية والسياسية فقد ركز بصفة خاصة على حقوق املرأة في املادتين
2و ،3التي نصت على عدم التمييز واملساواة بين الذكور وإلاناث في التمتع بجميع الحقوق املنصوص
عليها في العهد بما فيها الحق في العمل ،إضافة إلى املادة 22التي نصت على املساواة في تقد الوظائف.
ج -حق املرأة في العمل في الاتفاقيات الدولية للقضاء على كافة أشكال التمييز ضد املرأة لعلم 0292
(السيداو):
جاءت هذه الاتفاقية بواقع 31مادة لتحقيق مساواة املرأة بالرجل في كل مكان وفي جميع امليادين
السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية واملدنية .14وقد عالجت هذه الاتفاقية حقوق املرأة في
العمل في القسم الثالث املتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية في املادة الحادية عشر ،15داود نصت
على أنه:
" تتخذ ألاطراف جميع ما يقتض ي الحال اتخاذه من تدابير القضاء على التمييز ضد املرأة في ميدان
العمل لكي تكفل لها ،وعلى أساس تساوي الرجل واملرأة ،في نفس الحقوق ،والسيما :أ -الحق في العمل
بوصفه حقا غير قابل للتصرف لكل البشر ،ب -الحق في التمتع بنفس فرص التوظيف بما في ذلك
تطبيق معايير الاختيار نفسها في شؤون التوظيف ،ج-الحق في اختيار املهنة والعمل "...
- 13جميلة لعماري :مدخل لدراسة عقد الشغل الفردي ،مطبعة سليكي أخوين ،الطبعة الثالثة ،2112 ،ص .122
- 14حقوق العمال ...حقوق الانسان ،نشرة شهرية تهتم بشؤون العمال ،العدد السادس ،2112 ،فلسطين ،ص .3
- 15حق املرأة في العمل في املواثيق الدولية ،ورقة عمل بالدوحة ،2112 ،ص .11
17
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
تشكل معايير العمل الدولي أداة تستعين بها التشريعات التي تسعى إلى صياغة قانون العمل
والسياسة الاجتماعية وتطبيقهما بالتشاور مع منظمات أصحاب العمل والعمال ،مع مراعاة املعايير
الدولية املقبولة ،وهي تنص من بين ما تنص عليه على ظروف العمل الدنيا ومبدأ عدم التمييز في العديد
من النواحي ،وهي عادة ما تكون مصممة لجميع العمال بصرف النظر عن الجنس وألاثنية والقدرة
وقد أصدرت منظمة العمل الدولية ،باعتبارها الجهاز املخول له توحيد تسريع الشغل والسهر
على تلقي املبادئ املعلن عنها في ألاوقاف الدولية ألاخرى ،والسعي على تكريسها في التشريعات الوطنية،
الاتفاقية رقم 111املتعلقة بالتمييز في الاستخدام واملهنة لسنة 1122التي نصت في مادتها الثانية بأنه:
" يتعهد كل عضو هذه الاتفاقية نافذة إزاءه بأن يضع ويطبق سياسة وطنية تهدف من خالل
طرائق تالئم ظروف البلد وأعراقه ،إلى تحقيق املساواة في القرض وفي املعاملة على صعيد الاستخدام
واتفاقيات العمل جميعها تنص على حق العامل على الدولة التي يقيمون فيها إقامة دائمة أو
مؤقتة أن توفر لهم عمال مالئما وذا مردود مناسب ،وحقهم في حرية التنظيم النقابي ،وفي شروط وظروف
عمل مالئمة ،وأن تقوم الدول ألاطراف بتوفير مخصصات البطالة والحماية الاجتماعية.
العمل18: وفيما يلي الاتفاقيات الدولية الخاصة بالحق في
- 16مكتبة العمل الدولي بجنيف ،ألفباء ،حقوق املرأة واملساواة بين الجنسين ،الطبعة الثانية ،2112 ،ص .2-2
- 17خديجة بوعود :منع التمييز بين الجنسين على ضوء مدونة الشغل –دراسة مقارنة ،-مرجع سابق ،ص .32
- 18حقوق العمال ...حقوق الانسان ،نشرة شهرية تهتم بشؤون العمال ،العدد السادس ،2112 ،فلسطين ،ص .2
18
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
-اتفاقية الحرية النقابية الدولية وحق التنظيم النقابي (رقم .1122 )22
-الاتفاقية الخاصة بتطبيق مبادئ الحق في التنظيم النقابي وفي املفاوضة الجماعية (رقم)12
.1121
وفي نفس إلاطار ،أصدرت منظمة العمل العربية مجموعة من الاتفاقيات املهتمة باملرأة ،ومن
ضمنها الاتفاقية العربية (رقم )2لعام 1122بشأن املرأة العاملة التي نصت في املادة الثانية على أنه:
"يجب العمل على ضمان تكافؤ الفرص في الاستخدام بين الرجل واملرأة في كافة مجاالت العمل
فرص الشغل يخلف دائما شعورا باملساس بالكرامة وإلاقصاء باعتبار الشخص املقص ي غير قادر على
إلانتاج واملساهمة في تطوير املجتمع اقتصاديا ،لذلك كانت دائما املطالبة بالحق في الشغل وبالحرية في
اختياره من أهم ما تواجه به الحكومات من طرف مواطنيها على اختالف تكويناتهم ،الدرجة جعلته يرتقي
19
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
إلى مصاف الحقوق التي تنص عليها الدساتير 19والتشريعات الداخلية للدول بعد إلحاح املواثيق الدولية
إن اململكة املغربية وفاء الختيارها في بناء دولة ديمقراطية يسودها الحق والقانون ،تواصل مسيرتها
في إرساء دعائم مجتمع متضامن يتمتع باألمن والحرية والكرامة واملساواة ،وتكافؤ الفرص ،والعدالة
الاجتماعية ،ومقومات العيش الكريم ،20وتأسيسا على هذه القيم واملبادئ الثابتة فإن اململكة تؤكد
وتلتزم بحماية منظومتي حقوق إلانسان والقانون الدولي إلانساني ،والنهوض بهما ،إضافة إلى حظر
ومكافحة كل أشكال التمييز ،يسلب الجنس أو اللون أو املعتقد أو الانتماء الاجتماعي أو اللغة أو الاعاقة
أو أي وضع شخص ي مهما كان .ومن بين هذه الحقوق التي يكفلها الدستور ،حق املرأة في العمل شأنها
شأن الرجل وعلى قدم املساواة ،ويؤكد الفصل 11على ذلك بحيث ينص على أنه:
"يتمتع الرجل واملرأة ،على قدم املساواة ،بالحقوق والحريات املدنية والسياسية والاقتصادية
والاجتماعية والثقافية والبيئية ،الواردة في هذا الباب من الدستور ،وفي مقتضياته ألاخرى ،وكذا في
الاتفاقيات واملواثيق الدولية ،كما صادق عليها املغرب ،وكل ذلك في نطاق أحكام الدستور ،وثوابت
اململكة وقوانينها تسعى الدولة إلى تحقيق مبدأ املناصفة بين الرجال والنساء ".
إضافة إلى ذلك ،أكد الدستور املغربي على أن الدولة تعمل مع املؤسسات العمومية والجماعات
الترابية على تعبئة كل الوسائل املتاحة لتيسير أسباب استفادة املواطنات واملواطنين على قدم املساواة
- 19عبد اللطيف الخالفي :الوسيط في مدونة الشغل ،الجزء ألاول :عالقة الشغل الفردية ،الطبعة ألاولى ،2112ص .222
- 20دستور اململكة املغربية الجديد ،2111 ،تصدير.
20
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
من الشغل والدعم من طرف السلطات العمومية في البحث عن منصب شغل ،أو في التشغيل الذاتي،21
إضافة إلى تأكيده أن السلطات العمومية تسهر خصوصا على معالجة ألاوضاع الهشة للنساء ،22وتسهر
الدولة أيضا على ضمان تكافؤ الفرص للجميع ،والرعاية الاجتماعية للفئات ألاقل حظا.23
وقد كان دستور 1112املغربي يكفل الحق في الشغل أيضا ،حيث نص في فصله 13على أن:
"التربية والشغل حق للمواطنين على السواء" ،بمعنى أن الدولة ملزمة بتمكين املواطنات واملواطنين من
الشغل باعتباره حقا يكفله الدستور بغض النظر عن الانتماء والعرق وذلك إعماال للفصل الخامس منه
إضافة إلى الاهتمام الدستوري بقضية حق املرأة في العمل ،فإن مدونة الشغل أيضا نظمت
بدورها تشغيل النساء ،وأقرت لهن العديد من أوجه الحماية ،وهو ما يظهر من خالل العديد من
مقتضياتها ،ومن بينها املادة 1من مدونة الشغل بسبب الجنس ،وأكدت بصفة خاصة على حق املرأة في
إبرام عقد الشغل ،إضافة إلى املادة 32التي أكدت على عدم جواز فصل ألاجراء بدون مبرر مقبول وإال
كان الفصل تعسفيا يستحق التعويض ،25وذلك تكريسا للحق في العمل ،إضافة إلى أن املادة 121نصت
على أنه ال يمكن للمشغل إنهاء عقد شغل ألاجيرة التي تبت حملها سواء أثناء الحمل أو بعد الوضع ب
21
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
إضافة إلى ما سبق ،فإن ديباجة القانون 22.11املتعلق بمدونة الشغل أقرت لكل شخص يناسب
حالته الصحية ومؤهالته ومهارته ،كما يحق له أن يختار عمله بكل حرية وأن يمارسه في مجموع التراب
الوطني .ومنعت أي إجراء يستهدف استقرار ألاجراء في العمل إلحدى ألاسباب التي ذكرت من بينها الحمل
وألامومة.
إال أن املالحظ في هذا الصدد أن مدونة الشغل خلت من أي إجراءات من شأنها ضمان احترام
الحماية التي كرستها املادة التاسعة ،ما عدا الاستثناء الوحيد الذي خص به املشرع وكاالت التشغيل
"منع كل تمييز على أساس العرق أو اللون أو الجنس ...من شأنه املس بمبدأ تكافؤ الفرص واملعاملة
في ميدان الشغل" حيث تخضع هذه الوكاالت املراقبة للسلطة الحكومية املكلفة بالشغل حسب املادة
.26222
باستقراء مقتضيات بعض تشريعات العمل الوطنية ،نجد أن أغلبها ذهب في اتجاه إقرار حق
املرأة في العمل ،وإقرار مبدأ املساواة وعدم التمييز القائم على الجنس في التشغيل ،ومن ذلك نجد قانون
الشغل الفرنس ي الذي أكدت املادة 1132-1منه على ضرورة استفادة جميع ألاجراء من الحقوق املرتبطة
بالشغل وامتيازاته ،27إضافة إلى منع التمييز القائم على الجنس سواء في التشغيل أو الحقوق املرتبطة
به ،أما املشرع الجزائري فقد اتخذ موقفا بموجبه أقر للمرأة بحقها في العمل وأبقى على مكانتها كراعية
22
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
ألسرة ،وهذا التوجه نجده في عدة أحكام دستورية ،نذكر منها ما ورد في نص املادة 21من دستور 1112
املعدل سنة 2112التي أكدت على أن كل املواطنين سواسية أمام القانون ،أما املادة 31فقد نصت على
أن مؤسسات الدولة تستهدف ضمان املساواة بين املواطنين واملواطنات في الحقوق ،وإزالة العقبات التي
تحول دون مشاركة الجميع في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية ،أما املادة 22من
نفس الدستور فكانت صريحة بتكريس الحق في العمل لكل املواطنين واملواطنات مع ضمان القانون
الحماية الالزمة أثناء العمل .28أما قانون العمل اليمني فقد نص على أن العمل حق طبيعي لكل مواطن
وواجب على كل قادر عليه ،بشروط وفرص وضمانات وحقوق متكافئة دون تمييز بسبب الجنس (املادة
2من قانون العمل اليمني رقم 2لسنة 1112واملعدل بقانون رقم 22سنة .29)2113
وقد كرس املشرع الليبي أيضا املساواة بين الرجل واملرأة في الحق في العمل ،حيث إن املادة 2من
قانون العمل الليبي لسنة 2111نصت على محاربة التمييز في العمل بكافة أشكاله سواء تعلق ألامر
بالجنس أو اللون أو الدين...ورتب غرامات مالية على من يخالف هذه النصوص طبقا للمادة 121منه.30
إضافة إلى ذلك ،فإن قانون العمل الفلسطيني رقم ( )2لسنة 2111أكد على أن العمل حق
للمرأة على قدم املساواة مع الرجل ،وأكد على حظر التمييز في ظروف التشغيل وشروط العمل.31
أما فيما يتعلق بالنمسا ،فإن الدستور الفيدرالي أرس ى مجموعة من الحقوق ألاساسية ،ومن بين
هذه الحقوق:
- 28الحماية القانونية للمرأة العاملة في قانون العمل الجزائري ،ورقة بحثية ،امللتقى الدولي حول املركز القانوني والسياس ي للمرأة في
التشريعات املغاربية في ظل التعديالت املستحدثة ،جامعة محمد الصديق بن يحيى ،جيجل ،ص .2-3
- 29حنان أسوان :مرجع سابق ،ص .13
- 30الحماية القانونية للمرأة العاملة على ضوء قانون العمل الليبي ،مقالة إلكترونية.2112 ،
- 31حقوق املرأة العاملة في فلسطين ،دليل إرشادي من طرف اللجنة الوطنية لتشغيل النساء ومنظمة العمل الدولية ،2112 ،ص .2
23
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
-الحق في املساواة في املعاملة بين الرجل واملرأة :يتساوى كل من الرجل واملرأة في الحقوق والواجبات في
جمهورية النمسا ،كما أنهما يتساويان في حقوقهما القانونية ،فيجوز للمرأة السعي للعمل دون موافقة
زوجها.32
يتضح من خالل استقرار هذه القوانين ،أنه بالرغم من الجهود املبذولة من طرف الدول العربية
املحاولة النهوض بأوضاع املرأة العاملة وتعزيز مكانتها في سوق العمل ،من خالل مجموعة من املقتضيات
التي تضمن لها الحق في العمل ،إال أن هذه الجهود لم تجد الصدى املالئم ،ويرجع ذلك حسب بعض
الفقهاء القانونيين إلى عدم وعي املرأة بحقوقها ،إضافة إلى وجود قصور في تطبيق هذه القوانين.33
الشخصية ،إضافة إلى مجموعة من الحقوق التي يتمتع بها الفرد والتي ال تقع تحت الحصر .34فالحقوق
الشخصية هي الحقوق الوثيقة الصلة بشخصية إلانسان ،ويردها الفقهاء إلى ثالثة فروع ،فرع أول
يعكس شخصية إلانسان من حيث مقوماتها املادية مثل الحق في الحياة ،والحق في السالمة البدنية،
وفرع ثان يعكس شخصية إلانسان من حيث مقوماتها املعنوية التي ترتبط ارتباطا مباشرا بكرامة
- 32املعيشة في النمسا والعمل بها ،إدارة التوظيف العام بالنمسا ،2112 ،ص .11
- 33عبد إلاله الخنوس :الفئات املحمية في قانون الشغل-النساء وألاحداث نموذجا ،-بحث لنيل دبلوم املاستر القانون املدني وألاعمال،
جامعة عبد املالك السعدي ،كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة ،السنة الجامعية ،2112-2111 ،ص .21
- 34حنان أسوان :مرجع سابق ،ص .21
24
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
إلانسان ،ومعتقداته و ،..أما الفرع الثالث فيدخل في نشاط هذه الشخصية ذاتها ،وما يستلزمها من
والحقوق التي تهمنا في هذا املجال هي الحقوق الشخصية املتصلة بعالقات الشغل ،وبالخصوص
تلك التي تتعلق بشخص ألاجيرة .36ونظرا لكون حقوق الشخصية التي يقع املساس بها في مجال الشغل
ال تقع تحت الحصر ،فقد اكتفينا بأهمها فقط ،وسنحاول التطرق إلى حقوق الشخصية لألجيرة ،حقوق
الشخصية في عقد الشغل (الحق في الزواج والحق في اختيار املظهر) ،ثم حقوق الشخصية عند مزاولة
للزواج أهمية كبيرة وعظيمة في حياة ألافراد وألامم والشعوب ،ولعل ألاهمية التي تكتسيها مؤسسة
الزواج هي التي دفعت معظم الاتفاقيات الدولية التي تعنى بحقوق إلانسان إلى التأكيد على حماية حق
كل إنسان فيه 37فقد نصت املادة 12من إلاعالن العالمي لحقوق إلانسان الصادر في 11دجنبر 1122
- 35محمد بنحساين :حماية حقوق الشخصية في قانون الشغل وفق آخر املستجدات القانونية ،مطبعة تطوان ،2112 ،ص .2-2
- 36حنان أسوان :مرجع سابق ،ص .21
- 37محمد بنحساين :حماية حقوق الشخصية في عالقات الشغل باملغرب ،سلسلة دراسات قانونية ( ،)1مطبعة طوب بريس ،الطبعة
ألاولى ،2112 ،ص .22
25
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
" للرجل واملرأة متى بلغا سن الزواج حق التزوج وتأسيس أسرة دون أي قيد بسبب العرق أو
الجنس أو الدين ،"...وهو ما أكدته املادة 23من العهد الدولي املتعلق بالحقوق املدنية والسياسية التي
أقرت حق الرجال والنساء الذين في سن الزواج بتكوين أسرة .وفي نفس الصدد ،نصت اتفاقية القضاء
" توخيا ملنع التمييز ضد املرأة بسبب الزواج ...تتخذ الدول ألاطراف التدابير املناسبة :لحظر
الفصل من الخدمة ،والتمييز في الفصل من العمل على أساس الحالة الزوجية " .38ولكن رغم ألاهمية
التي يكتسيها الحق في الزواج في املجتمع إلانساني ،إال أن حق كل إنسان في الانضمام إليه فقد يعرض
لالنتهاكات وعدم الاحترام ،إذ أن شرط عدم الزواج أصبح من بين الشروط املفروضة على بعض ألاجيرات
بمناسبة إبرامها لعقد الشغل ،ومخالفة هذا الشرط بعد سيبا لفسخ عقد الشغل من طرف بعض
املؤسسات املشغلة مما يكرس التمييز وعدم املساواة بسبب الحالة عند انتهاء عقد الشغل.39
هذا الهاجس كان حاضرا بقوة لدى املشرع املغربي الذي سعى جاهدا إلى جعل الحق في الزواج
مضمونا ومحميا لكل فرد طبقا ملا تنص عليه الاتفاقيات الدولية واملبادئ إلانسانية ،وهكذا نصت مدونة
الشغل صراحة على منع أي تمييز قائم على أساس الحالة الزوجية ،وذلك من خالل املادة 1في فقرتها
الثانية ،وجعلت مخالفة أحكام هذه املادة سببا موجيا للتعرض للعقوبة ،حيث نصت املادة 12من
مدونة الشغل" :يعاقب املشغل عن مخالفة أحكام املادة 1أعاله بغرامة من 12111إلى 31111درهم.
26
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
و ق.ل.ع كان السباق إلى ضمان حق ألاجيرة في الزواج ،من خالل الفصل ،111حيث حدد الشرط
الذي يمنع من مباشرة الحقوق والرخص الثابتة لكل إنسان ،كحق إلانسان في أن يتزوج يكون جزاؤه
البطالن.
إضافة إلى أن ما يؤكد هذا الحق هو إلغاء الفصل 222من قلع والذي كان يمس بأهلية املرأة
املتزوجة في إبرام عقد الشغل ،ويشكل تبعا لذلك خرقا خطيرا ملبدأ املساواة .40وبالرجوع إلى الفصل
امللغى ،نجد أن املشرع في هذا الفصل كان يؤكد أنه ليس للمرأة املتزوجة أن تؤجر خدماتها للرضاعة أو
غيرها إال بإذن زوجها ،وللزوج الحق في فسخ إلاجارة التي تعقدها الزوجة بدون إقراره.41
وقد سار القضاء املغربي في اتجاه تكريس حماية الحق في الزواج ،وكانت له السلطة في ميالد
املبدأ القانوني املتعلق بعدم التمييز بسبب الحالة الزوجية 42وأبرز قضية عرضت على القضاء املغربي
والتي جسدت موقفه بوضوح في القرار الصادر عن املجلس ألاعلى بتاريخ ،1123/12/21في قضية ألاجيرة
التي ارتبطت بعقد شغل كمضيفة جوية مع الخطوط الوطنية امللكية ،وكانت الشركة تمنع املضيفات
من الزواج كشرط لتشغيلهن ،ويعتبر الزواج بمثابة استقالة بمقتض ى القرار رقم 22الصادر بتاريخ
1122/11/21عن إلادارة العامة للشركة ،و عند تزوج هذه املضيفة تم فصلها عن العمل.
وقد اعتبر املجلس ألاعلى أن الشرط يلحقه البطالن دون العقد ،حيث جاء في قراره " :لئن كان
الفصل 111من قانون الالتزامات والعقود ينص على بطالن الالتزام املقترن بشرط من شأنه أن يمنع أو
يحد من مباشرة الحقوق والرخص الثابتة لكل إنسان كحقه في أن يتزوج وحقه في أن يباشر حقوقه
27
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
املدنية ،فإن هذا الشرط يكون باطال وال يؤدي إلى بطالن الالتزام الذي يعلق عليه إذا كان من شأنه
الانتقاص من حقوق ألاجيرة .لذلك فإن املحكمة كانت على صواب عندما اعتبرت أن شرط عدم الزواج
الذي التزمت به املطلوبة في النقض يعتبر باطال ويبقى العقد صحيحا ورتبت على ذلك أثار الفسخ
التعسفي لعقد العمل الصادر بإرادة منفردة من جانب الطاعنة ،وكان بذلك قرارها معلال تعليال كافيا
وصحيحا ولم تخرق الفصول املحتج بها مما تكون معه الوسيلة غير مرتكزة على أساس".43
وهكذا يالحظ أن املجلس ألاعلى وإن كان قد أشار في قراره إلى الفصل 111من ق.ل.ع ،فهو لم
يعتمد عليه منفردا لتقرير صحة عقد الشغل خالفا ملا اعتقده البعض الذي اعتبر قرار املجلس ألاعلى
يشكل تطبيقا ملبدأ قانوني نص عليه املشرع املغربي في الفصل 111من ق.ل.ع ،ذلك أن من شأن اعتماد
هذا الفصل بالصياغة التي ورد بها أن يحرم ألاجرة من أي تعويض لكونه يجعل الشرط الباطل يؤدي
تلقائيا إلى بطالن الالتزام املعلق عليه ،وإنما عمد املجلس ألاعلى إلى تفسير نص الفصل 111بما يتناسب
مع مفهوم النظام العام الاجتماعي ،وذلك حينما أشار إلى أن بطالن الشرط ال يؤدي إلى بطالن الالتزام
إذا كان من شأنه الانتقاص من حقوق ألاجير .وفي هذا إلاطار ذهبت محكمة النقض الفرنسية في إحدى
قراراتها إلى ما إلى "وحيث أن مخالفة القواعد القانونية املقررة ملصلحة ألاجراء ال يترتب عليها البطالن
إال إذا مسك بمصلحة هؤالء ( )...فإنه ال يقبل من املؤجر أن ينير بطالنا لم يتقرر إال لحماية ألاجير ،وبقدر
- 43قرار رقم 1311صادر بتاريخ 23-12-21في امللف الاجتماعي عدد ،1322منشور بمجلة القضاء والقانون عدد ،132ص .132
- 44محمد بنحساين :حماية حقوق الشخصية في قانون الشغل وفق آخر املستجدات ،مطبعة تطوان ،2112 ،ص .31
28
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
وفي نفس املنحى سار القضاء الفرنس ي الذي اعتبر من خالل قراره الشهير الصادر في 3أبريل 1123
عن محكمة الاستئناف بباريس أن شرط العزوبة اعتداء على حق من الحقوق الشخصية لإلنسان ومن
ثم يعير باطال بطالنا مطلقا ،وأن كل إنهاء بسبب زواج العاملة إنهاء تعسفي.45
وبذلك يكون مشرع مدونة الشغل منسجما والاتفاقيات الدولية التي صادق عليها ،ومتبنيا
التوجهات القضاء املغربي في تكريس الحقوق ألاساسية التي ال يمكن املس بها تحت ذريعة العقد شريعة
املتعاقدين.46
لقد سعت منظمة العمل الدولية جاهدة من خالل مجموعة من الاتفاقيات الدولية إلى إيالء املرأة
حماية خاصة عن طريق وضع إطار دولي شمولي هدفه ألاساس ي الحفاظ على خصوصية املرأة مع ضمان
تمتعها بمجموعة من الحقوق ،47ومن أبرزها الحق في اختيار املظهر بما ال يتعارض مع حقها في العمل.
فكثيرا ما تعاني ألاجيرة من التمييز القائم على أساس املظهر ،إذ يعمد املشغل إلى محاولة فصلها
عن العمل ،أو نقلها من منصب إلى آخر أدني منه دون موافقتها مما يمس بمعنوياتها حتى وإن ظلت
محتفظة بنفس الامتيازات املادية ،وقد اعتبر القضاء املغربي سواء قبل صدور مدونة الشغل أو بعد
- 45أشار إليه محمد الكشبور :عناصر عقد الشغل في التشريع الاجتماعي املغربي ،ص .122
- 46عبد الواحد موالدة :حماية ألاجيرة في ضوء الاتفاقيات الدولية ومدونة الشغل ،بحث نهاية التمرين باملعهد العالي للقضاء ،موسم
التكوين ،2111/2112ص .12
- 47عادل املشاشتي :مرجع سابق ،ص - .32أنس سعدون :مرجع سابق ،ص ،121أنظر لهذا الخصوص :قرار املجلس ألاعلى (الغرفة
الاجتماعية رقم 2222بتاريخ 1112\11\22 :في امللف رقم 222غ.م)
29
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
صدورها أن إقدام املشغل على نقل ألاجير من منصب إلى أخر بدون موافقته يعتبر بمثابة طرد غير مباشر
يلصف بطابع التعسف ،مما يجعل ألاجير محقا في طلب تعويض عنه.48
وبتفحص مدونة الشغل املغربية ،ال نجدها تنص على حماية هذا الحق ،عكس التشريع املقارن
خاصية املشرع الفرنس ي الذي كرس هذه الحماية بمقتض ى املادة 121 -2من قانون الشغل الفرنس ي
التي تنص على عدم تقييد الحقوق الشخصية والحريات الفردية والجماعية لألجير دون أن تكون هذه
ويالحظ أن القضاء املغربي حاول تدارك هذا النقص التشريعي وأقر بحق ألاجيرة في اختيار مظهرها
وذلك من خالل قرار يتعلق بمضيفة جوية تعرضت للطرد من طرف الشركة املشغلة بعد ارتدائها
الحجاب ،فاستصدرت حكما ابتدائيا أيدته أيضا محكمة الاستئناف بالدار البيضاء التي قضت برفع
مبلغ التعويض الذي تستحقه ألاخيرة عن الفصل التعسفي إلى 121111درهم بعدما تبيت للمحكمة
من خالل جلسة البحث أن سبب عدم إدراجها في الرحالت الجوية السنة 2111هو ارتداؤها للحجاب،
وقد تم تأييد هذا القرار الاستئنافي من طرف محكمة النقض ،وجاء في حيثيات هذا القرار:
"حيث تطرق العارض بشكل دقيق إلى املعايير املنصوص عليها في الفصل 222من ق.ل.ع التبيان
مدى جسامة الضرر الذي لحقها من جراء الفصل ،وأكدت أن التعويض ينبغي أن يكون مناسبا للضرر
وأن يراعى نية املطلوب في النقض ألاضرار بالعارضة ألنها ارتدت الحجاب ومدى التعسف في إنهاء عقد
- 48قرار املجلس ألاعلى (الغرفة الاجتماعية رقم 121بتاريخ 2112\13\22في امللف رقم 2111\2\1121غ.م)
30
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
العمل ...يكون القرار املطعون فيه صادرا عن النحو املذكور قد قدر الوقائع تقديرا سليما ومطابقا
وفي قرار أخر صادر عن املجلس ألاعلى بتاريخ 1دجنبر 2111ملف عدد 2111/2/211في قضية
املختبرات الصيدلية ضد السيدة أمينة ،قض ى املجلس ألاعلى أن استعمال املرأة ألاجيرة ل"سترة الرأس"
التي التزمت بها كطريقة خاصة في لباسها إلى جانب قبعة العمل التي تقتضيها ظروف الاشتغال ال يعد
إخالال من ألاجرة بنظام العمل ومطالبة املشغل لها بإزالة الحجاب من فوق رأسها يشكل مساسا بحق
شخص ي ،ومغادرة ألاجيرة لعملها بسبب رفضها إزالة "الحجاب" من فوق رأسها يعد طردا مقنعا من
إذن ال شك أن القضاء تدخل إلقرار هذا الحق بالنسبة لجميع ألاجيرات ما دام أن اختيار املظهر
ال يؤثر على املردودية أو إلانجاح ،واعتبر في الوقت ذاته أن كل فصل عن العمل تتعرض له ألاجيرة بسبب
مظهر معين وعدم احترامها لهذا املظهر يعتبر فصال تعسفيا ،ويترتب عنه استحقاقها للتعويض في إطار
أوامر قد تمس بحقوقها الشخصية ،فكان من الضروري توفير الحماية الالزمة لصيانة هذه الحقوق أثناء
31
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
مزاولة العمل ،ونظرا لكثرة هذه الحقوق ستقتصر على أكثرها إثارة في عالقة العمل ،ويتعلق ألامر بحق
تعتبر السالمة البدنية ركنا أساسيا لحياة كل فرد وقدرته على العمل والكسب ،ألامر الذي جعلها
تحظى باهتمام منظمة العمل الدولية التي أصدرت في هذا الصدد سنة 1121اتفاقية تحمل رقم 122
تتعلق بالسالمة والصحة املهنيين وبيئة العمل ،حيث نص في مادتها 13على أنه " :تكفل الحماية للعامل
الذي ينسحب من موقع عمل يعقد لسيب معقول أنه يشكل تهديدا وشيكا وخطيرا لحياته أو صحته،
وعند الحديث عن الحق في الصحة بالنسبة لألجير فإن ذلك يشمل السالمة البدنية لألجير وكذا
ضمان توفير الظروف الصحية لألجير وكذلك حالة إصابته بمرض غير منهي أو بحادثة غير حادثة شغل.53
وبعد توفير نظافة بيئة الشغل من أهم الالتزامات التي تقع على املشغل ،54وذلك ملا قد تسببه
البيئة غير النظيفة من أمراض مهنية أو ذات صبغة مهنية يمكن أتتهدد صحة ألاجراء وخاصة النساء
منهم ،لذلك أوجب املشرع على املشغل في املادة 221من مدونة الشغل أن يسهر على نظافة أماكن
الشغل ،وبتوفير ظروف وشروط الوقاية الصحية ومتطلبات السالمة الالزمة للحفاظ على صحة هؤالء
32
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
ألاجراء بما في ذلك الوقاية من الحرائق ،وتدفئة وإضاءة أماكن الشغل والتخفيف من الضجيج 55كما
صدر قرار لوزير التشغيل و التكوين املنهي رقم 13.12يحدد التدابير التطبيقية والخاصة باملوضوع ،56
وفي هذا الصدد نصت مادته الرابعة على ضرورة وجود النظافة الدائمة في أماكن العمل وأن تنظف
ألارضية مرة واحدة في اليوم ،وبواسطة الشفط أو طرق أخرى ال تثير الغبار.
وللوقاية من الحرائق والحيلولة دون هذا الخطر ،وضع القرار العديد من التوجيهات الواجب
احترامها من طرف املشغل تتضمن معايير علمية تصنف املواد القابلة لالشتعال إلى مجموعات حسب
درجة قابليتها لالشتعال ،وتوجيهات أخرى إلخماد أية بداية حريق بشكل سريع وفعال بهدف إنقاذ ألاجراء
إضافة إلى ذلك ،أوجبت املادة 221من مدونة الشغل ضرورة توفير تجهيزات صحية داخل املقاولة
والتي تساهم بدورها في التقليص من املخاطر الصحية التي قد تصيب ألاجراء عند عدم وجودها وخاصة
بالنسبة للمرأة ألاجيرة ،وتتجسد هذه التجهيزات الصحية في مجموعة من الحاجيات ألاساسية التي تقع
على عاتق املشغل توفيرها داخل أماكن العمل وهي املاء القروب ،ومستودعات املالبس ،والرشاشات
كمض ي وقائي يهم نظافة ألاجراء .ونصت املادة 21من قرار 13.12على أنه يتعين على ألاجراء تناول
الوجبات الغذائية في ألاماكن املخصصة لذلك ،وفي ألاوقات والشروط املحددة وفقا للضوابط املنصوص
- 55ملياء العنصري :صحة وسالمة املرأة ألاجيرة ،أية حماية في ظل مدونة الشغل ،بحث لنيل دبلوم املاستر في قانون ألاعمال ،جامعة محمد
الخامس أكدال بالرباط ،السنة الجامعية ،2113\2112ص .22
- 56قرار لوزير التشغيل والتكوين املنهي رقم 13.12الصادر في 12ماي 2112بتجديد التدابير التطبيقية العامة والخاصة املتعلقة باملبادئ
املنصوص عليها في املواد من 221إلى 211من مدونة الشغل ،الجريدة الرسمية عدد .2221
33
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
عليها في القانون الداخلي للمؤسسة ،وما يستفاد من املادة هو أن توفير أماكن مخصصة لتناول الوجبات
الغذائية تعد من فواعد حفظ صحة ألاجراء وتقع على عاتق املشغل.
والتزامات املشغل ال تقف عند الالتزام بالحفاظ على صحة ألاجراء وألاجيرات كما ذكرنا سالفا،
وإنما تتسع لتشمل أيضا الحفاظ على سالمتهم جميعا بحيث تنص املادة 222من مدونة الشغل أنه
"يجب أن تكون آلاالت وأجهزة التوصيل ،ووسائل التدفئة مجهزة بوسائل الوقاية ،ذات فعالية معترف
بها ،وأن توفر لها أضمن شروط ألامان املمكنة تفاديا ملا قد يترتب عن استعمالها من خطر على ألاجراء".
إضافة إلى ذلك ،أوجبت املادة 221من مدونة الشغل على املشغل في هذا إلاطار أن يلصق في
مكان مناسب من أماكن الشغل والتي اعتاد ألاجراء دخولها إعالنا سهل القراءة يحذر فيه من مخاطر
استعمال آلاالت ،ويشير فيه إلى الاحتياطات التي يجب اتخاذها في هذا الشأن وفيما يتعلق بالحموالت،
فقد ميز املشرع بين الحموالت التي تحمل يدويا ،ومنع من خالل الفقرة ألاخيرة من املادة 221تكليف أي
أجير يحملها إذا كان من شأن ذلك تعرض صحته وسالمته للخطر ،وبين نقل الطرود التي يفوق وزنها
طنا ،حيث أورد لها أحكاما خاصة وأفراد لها بابا مستقال وهو الباب الثاني من القسم الرابع (حفظ
صحة ألاجراء وسالمتهم) .وبالنسبة لهذه ألاشغال فهي من اختصاصات الرجل يقوم بها نظرا العتبارات
واختالفات تكوينية وفيزيولوجية بين الرجل واملرأة من جهة ،والعتبارات أخرى سنتها مدونة الشغل،
ويتعلق ألامر أساسا هنا باملادة 22التي يستفاد منها ضرورة مالءمة الشغل لصحة وسالمة ألاجراء
وألاجيرات ،ألامر الذي يعني معه أن مثل هذه ألاشغال (الحموالت) ال يمكن أن تسند للمرأة ،وكذلك
املادة 121تمنع تشغيل املرأة في ألاشغال التي تفوق طاقتها 57ورغم هذه املقتضيات ،فإن مدونة الشغل
34
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
لم ترق بقواعد الصحة والسالمة إلى مستوى القهر والجبر الجنائي كرادع للحيلولة دون خرقها ،وبالتالي
ما زال إعمالها كعنصر وقائي فعال غير وارد من الناحية القانونية ،ويلقي عبارة عن قواعد ال يستغني
عنها من الناحية العملية مع غياب أية وسيلة الضمان فعاليتها حيث تتراوح العقوبات بين الغرامات
إن تسيير املقاولة حق للمشغل ،يتالءم والالتزامات التي يتعهد بها تجاه الغير ،والريح املنتظر
تحقيقه من نشاطها ،وباملقابل ،فإنه على ألاجزاء تنفيذ التزاماتهم تجاه املشغل ،غير أنه قد يحصل أن
يتجاوز هذا ألاخير هذه الالتزامات الطبيعية إلى املس بالحياة الخاصة للمرأة العاملة ،وهو ما يعد في نظر
وإذا كان من النادر أن نعثر على حكم أو قرار صادر عن القضاء املغربي يشير إلى الحاالت التي يتم
فيها التعدي على حياة ألاجيرات الخاصة عند مزاولة العمل املأجور ،فإنه باملقابل نجد مثل هذه الحاالت
في العديد من أحكام القضاء الفرنس ي الذي يتوانى في حماية حق ألاجراء بصفة عامة واملرأة ألاجيرة
بصفة خاصة في احترام حياتهم الخاصة ودرء ما قد يلحقها من أذى نتيجة سلطات املؤاجر داخل
املؤسسة .فقد اعتبر هذا القضاء أن لكل أجيرة كامل الحرية في حياتها العاطفية ،وأن فصلها بسبب
زواجها من منافس ملشغلها يعد بمثابة فصل تعسفي ،كما أكد القضاء الفرنس ي أن لألجير وألاجيرة كامل
الحرية في شراء املواد والسلع التي يشاؤون ،معتبرا أن شراء سيارة من نوع غير الذي يبيعه املؤاجر ال
- 58عبد العزيز الخمليش ي :مدى فعالية الحماية القانونية لصحة ألاجراء داخل مؤسسة الشغل ،بحث لنيل دبلوم املاستر في القانون املدني
وألاعمال ،جامعة عبد املالك السعدي ،كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة ،السنة الجامعية ،2113\2112ص .22
- 59عبد الواحد موالدة :مرجع سابق ،ص .11-11
35
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
يعتبر سببا مبررا للفصل .كما ال يمكن للمؤاجر تحت طائلة البطالن أن يصرح بأي فصل لسبب له عالقة
بآراء ألاجيرة والسياسية أو الدينية ،أو لها صلة خاصة بحياتها الخاصة.60
ولكن إذا كنا ال نكاد نعلم بين أحكام القضاء الاجتماعي املغربي ملا يشير إلى حماية الحياة الخاصة
لألجير عند تعارضها مع العمل الذي يزاوله ،فإن ذلك ال يعني أن عالقات العمل باملغرب ال تعرف مثل
هذه النزاعات ،ذلك أن مثل هذا الفراغ ال يمكن تفسيره إال بتردد ألاجراء في طرق باب القضاء عند
املساس بحياتهم الشخصية ،ذلك أن ألاجيرة حتى عند وعيها بحقوقها قد تتردد في الدفاع عنه خشية
فقدان العمل بعد مشقة الحصول عليه مما يمنع ألاجيرة وبصرفها عن مقاضاة املؤاجر واملطالبة بتطبيق
القانون.
ويمكن القول أن لألجيرة الحق في التمسك باحترام حياتها الخاصة عند مزاولة العمل ،وكل توقيف
أو فصل تتعرض له إال ويجب اعتباره تعسفيا ،لكن مع ألاخذ بعين الاعتبار عدم تضرر املؤاجر ،فإذا
كان املبدأ هو حرية ألاجراء في حياتهم الخاصة ،فإن ذلك ال يمنع من ورود بعض القيود على هذه الحرية
لتحقيق نوع من التوفيق بين الحماية املطلوبة لشخصية ألاجراء ،وبين حق املشغل في عدم تضرر
مؤسسته ،فالسير الحسن للمؤسسة يتطلب أن يعرف كل طرف حدوده ،فكما يحق للمشغل أن يعلم
من مشروعه ،أيضا يجب صيانة حقوق ألاجيرة الشخصية عند مزاولة العمل .61
36
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
يعد موضوع املرأة أحد املوضوعات ألاكثر إثارة للجدل والاهتمام في ألاوساط الثقافية والسياسية
وإلاعالمية باملغرب في العقدين ألاخيرين .فقد اتخذت هذه املسألة محورا لعدد من الندوات وامللتقيات
الوطنية والدولية ،وتناولتها ألاقالم ووسائل إلاعالم من زوايا متعددة .وهذا التناول يصب أساسا على
وأمام خروج املرأة لسوق الشغل ،وما يعرفه ذلك من إكراهات وصراع بين مختلف أطراف العالقة
الشغلية ،وخاصية إلاذعان التي يتميز بها عقد الشغل اتجاه ألاجراء بصفة عامة وألاجيرات بصفة خاصة،
كان من الضروري البحث عن وسائل لتوفير الحماية الخاصة لهن ،للحفاظ على كرامة ألاجيرات
وإنسانيتهن انسجاما مع مبادئ حقوق إلانسان والاتفاقيات التي صادق عليها املغرب ،وراهن على
احترامها ومراعاتها.63
ولهذا سوف نحاول التطرق للحماية املعنوية للمرأة ألاجيرة من خالل دراسة حماية حق املرأة
ألاجيرة في املساواة ومنع التمييز املمارس ضدها (الفقرة ألاولى) ،تم حمايتها من العنف املعنوي وصيانة
- 62جميلة املصلي :الحركة النسائية في املغرب املعاصر اتجاهات وقضايا ،مركز الجزيرة للدراسات ،الدار العربية للعلوم ناشرون ،الطبعة
الاولى ،2113 ،ص .22
- 63عبد الواحد مولدة :مرجع سابق ،ص .2
37
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
الحقهن أو الاستغالل أو الاشتغال بأقل الضمانات ،ألامر الذي دفع باملنتظم الدولي إلى محاولة إيجاد
حلول لهذه املشاكل كل من خالل الاتفاقيات الدولية التي صدرت في هذا إلاطار ،والتي حاول املغرب
ترجمتها في تشريعه الوطني ،ومن ثم حظر التمييز ضد ألاجيرة ،واتخاذ تدابير كفيلة بحمايتها.64
العقد ،فحق التكوين املنهي الذي يعتبر مرحلة تمهيدية الستجماع املعارف النظرية والعملية هو حق
للرجل واملرأة على حد سواء ،وذلك من أجل إتاحة الفرصة إلى ولوج الشغل وإدارته.
يقصد بالتكوين املنهي ذلك النشاط التربوي الذي من شأنه تمكين الفرد من املعلومات النظرية
وآلاليات العملية الالزمة لالنخراط في ممارسة حرفة أو صنعة أو مهنة معينة ،كما يمكنه من تطوير
املعلومات وتكييفها مع مستجدات العصر في جوانبه الفنية والتكنولوجية وانعكاس ذلك على مستوى
املهن والحرف.65
- 64دنيا مباركة :قضايا مدونة الشغل بين التشريع والقضاء ،دار املعرفة للنشر.21 2 ،2112 ،
- 65عزيز التيجيني :نظام التكوين املنهي باملغرب ،مجلة عالم التربية ،العدد ،2سنة ،1112ص .121
38
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
ويلعب التكوين املنهي دورا أساسيا في نهوض املرأة بأدوارها الاجتماعية والاقتصادية ،فهو ألاداة
التي تساعد املرأة في الحصول على فرص الشغل املناسبة وتهيئها لبلوغ أعلى املناصب في املؤسسة
وهكذا فقد نصت املادة 13من الاتفاقية الدولية بشأن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية
والثقافية في فقرتها ألاولى على حك الدول على وجوب جعل التعليم الثانوي والفني متاحا وميسورا
وقد أكد منهاج عمل بيكين الذي انبثق عن عمل املؤتمر العالمي لسنة 1112أهمية التدريب املنهي
واعتبره كحق من حقوق الانسان ،خاصة بالنسبة للمرأة ،ألنه ألاداة التي تساعدها في اتخاذ القرارات
املناسبة في حياتها السيما فيما يتعلق بالعمل واملشاركة في شتى املجاالت املهنية.67
وقد كرست املادة 11من إلاعالن العالمي لحقوق الانسان نفس املبدأ حينما ألزمت الدول ألاطراف
في الاتفاقية باتخاذ جميع التدابير املتاحة ملنع التمييز ضد املرأة في ميدان التدريب املنهي ،وقد تم تكريس
هذا املبدأ من طرف منظمة العمل الدولية بصفتها الجهاز املتخصص في توجيه تشريعات العمل وتكريس
املبادئ املعلن عنها في الشرعية الدولية والاتفاقيات ألاخرى الصادرة عن منظمة ألامم املتحدة والساهرة
- 66عمرو بنعلي :حظر التمييز ضد املرأة في مدونة الشغل ،رسالة لنيل دبلوم املاستر ،جامعة محمد ألاول بوجدة ،كلية العلوم القانونية
والاقتصادية والاجتماعية ،السنة الجامعية ،2111/2112ص .2
- 67عمرو بنعل :مرجع سابق ،ص .12
39
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
وانسجاما مع املقتضيات الدستورية والاتفاقيات املصادق عليها ،عمل املغرب على ضمان املساواة
بين الجنسين في التكوين املنهي ،وقد جاء ذلك صراحة في املادة التاسعة من مدونة الشغل ،وبهذا يكون
وقد نصت الفقرة الثانية من املادة 1على أنه " ...يمنع كل تمييز بين ألاجراء من حيت الساللة أو
اللون أو الجنس أو إلاعاقة أو الحالة الزوجية أو العقيدة أو الرأي السياس ي أو الانتماء النقابي أو ألاصل
الوطني أو ألاصل الاجتماعي ،يكون من شأنه خرق أو تحريف مبدأ تكافؤ الفرص ،أو عدم املعاملة باملثل
في مجال التشغيل أو تعاطى مهلة ،ال سيما فيما يتعلق باالستخدام ،وإدارة الشغل وتوزيعه والتكوين
املنهي " وذلك تحت طائلة عقوبة جنائية تتمثل في غرامة مالية يتراوح مقدارها بين 12111و 31111
وهكذا يكون املشرع املغربي قد تأثر باالتجاه الذي سطرته الاتفاقيات واملواثيق الدولية وسارت
عليه مختلف التشريعات الوطنية .ولكن رغم ذلك تبقى املسألة من الناحية الواقعية رهينة بعملية
إثبات إلاجراء التمييزي وما يترتب عليه من ضرر ضد املرأة وما يعرفه هذا إلاثبات من صعوبة.68
وعلى العموم ،فإنه يتعين على الجهة املوكول إليها مهمة التكوين أن تهتم باستهداف الفئة النسوية
في عملية التكوين باعتبارها الفنية املحرومة والتي غالبا ما تشتغل في أعمال جانبية إلدماجها في سوق
العمل املنتج.69
40
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
رغبة منه في املالءمة مع معايير العمل الدولية والعربية ،وتطبيقا للمبادئ الدستورية الخاصة
بحق املرأة في العمل ،فقد حاول املشرع املغربي من خالل تشريعه الاجتماعي التأكيد على حق املرأة في
العمل وتكريس ضمانات ملساواتها مع الرجل في ذلك ،وهكذا أصبح من حق املرأة مختلف املهن
وألاعمال ،70فمبدأ تكافؤ الفرص واملساواة في املعاملة بين الرجل واملرأة في إبرام العقد هو مبدأ أساس ي
حرصت مختلف الدول على التنصيص عليه في صلب دساتيرها ،71وحق املرأة في الشغل مضمون وفق
وقد كان صدور مدونة الشغل فرصة مهمة ملالءمة تشريع الشغل املغربي مع الاتفاقيات الدولية
التي صادقت عليها اململكة ،والتي تعد املنطلق ألاساس لحماية مبدأ املساواة وتكافؤ الفرص في اللجوء
إلى العمل ،ألن ذلك يضمن للقرد الكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية .وفي هذا الصدد ،نصت املادة
التاسعة في فقرتها الثانية على منع كل تمييز بين ألاجراء بسبب الساللة أو اللون أو الجنس يكون من
شأنه خرق مبدأ تكافؤ الفرص أو تحريف مبدأ املعاملة باملثل في مجال التشغيل ،وهو ما تم تأكيده من
خالل املادة 222من املدونة في فقرتها الثانية التي منعت وكاالت التشغيل الخصوصية من كل تمييز على
هذا ألاساس.
- 70ملياء السوس ي :عمل املرأة وأبعاده الاقتصادية والاجتماعية ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا املعمقة ،جامعة عبد املالك السعدي،
كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة ،السنة الجامعية ،2111/2111ص .21
71مريم الزغيغي :مظاهر الحماية ألاسرية في تشريعات –دراسة مقارنة -رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا املعمقة بجامعة محمد ألاول،
كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بوجدة ،السنة الجامعية ،2111/2112 ،ص .1
41
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
وفي نفس السياق ،اعتبر املشرع أن املعطيات املتعلقة بالعرق أو اللون أو الجنس ال تعد مبررات
مقبولة لفصل اليد العاملة النسوية ،وذلك في إطار الحرص على حمايتهن من الفصل في حالة عدم
ارتكابهن لخطأ جسيم يبرر ذلك ،بل واعتبر أن انهاء عقد الشغل من طرف املشغل لسبب غير مذكور في
املادة 31من املدونة بمكانة فصل تعسفي يستوجب التعويض ،ويالحظ في هذا الصدد أن القضاء
املغربي لم يتردد في تطبيق هذه الحماية التشريعية للمرأة ألاجيرة ،وهو ما يبدو من خالل مجموعة من
ألاحكام التي صدرت عن مختلف املحاكم املغربية بمختلف درجاتها املتعلقة بالطرد التعسفي .وهكذا
اعتبرت املحكمة الابتدائية بوجدة أن املشغل وإن كان من حقه فسخ عقد الشغل في كل أن وحين ،فإن
هذا الحق مقيد بعدم التعسف في استعماله بشكل يضر ألاجيرة ،وإن انعدام السبب املبرر للنسخ كاف
العتباره فسخا تعسفيا (حكم املحكمة الابتدائية بوجدة ،صادر بتاريخ ،2112/12/21في امللف الاجتماعي
والقائمة للشخص قبل إبرام عقد الشغل ،تم إصدار مجموعة من الاتفاقيات ترمي كلها إلى ضمان
املساواة بين الجنسين في الحقوق املترتبة عن عقد الشغل بما فيها حق ألاجر والحق النقابي.
42
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
إلى جانب حماية ألاجيرة عند إبرام عقد الشغل ،والتي تطرح مجمـوعة من إلاشكاالت ،73فإن
إعطاء الحق للمرأة في العمل إلى جانب الرجل يستوجب إعطاءها نفس الحق في الحصول على أجر عادل
يساوي أجر الرجل عندما تتساوى ظروف العمل وقيمته ،وبالفعل فإن ألاجر املتكافئ للرجل واملرأة عن
العمل املسائل دون تمييز على أساس الجنس يعد من املبادي ألاساسية لهيئة العمل الدولية ،وقد تقرر
ذلك ألول مرة في املادة 222من معاهدة فرساي التي أصبحت بعد ذلك املادة 21من دستور الهيئة،
كما تم تأكيد ذلك من خالل الاتفاقية رقم 111الخاصة باملساواة ألاجرية بين العمال والعامالت عند
إضافة إلى أن املادة 111من العقد الصادر عن املجلس ألاوروبي قد نصت على التزام كل الدول
ألاعضاء بتأمين تطبيق مبدأ املساواة في ألاجور بين العمال الذكور وإلاناث متى قاما بعمل من نفس
القيمة .وتجدر إلاشارة إلى أن إلاعالن العالمي لحقوق إلانسان أكد على هذا الحق في الفقرة الثانية من
املادة 23والتي نصت على أن الجميع ألافراد ،دون تمييز ،الحق في أجر متساو على العمل املتساوي"،
وعلى نفس هذا النهج سارت منظمة العمل العربية حيت نصت في الاتفاقية رقم 2لسنة 1122على
منح املرأة العاملة ألاجر املائل ألجر الرجل عند العمل املماثل.
- 73مالك عواد :حماية حقوق ألاجيرات في قانون الشغل املغربي ،بحث لنيل دبلوم املاستر في القانون الخاص ،جامعة محمد الخامس
السويس ي ،كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالرباط ،2111 ،ص .12
- 74ملياء السوس ي :مرجع سابق ،ص .22-22
43
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
وبالفعل ،فقد تم تكريس هذا املبدأ في الدستور الفرنس ي لسنة 1122الذي ينص في ديباجته
على أن القانون يضمن للمرأة في جميع املجاالت حقوقا متساوية لتلك التي يتمتع بها الرجل ،وعلى املشغل
تأمين أجر متساو عقد العمـل املتساوي القيمة بين الرجـل واملرأة.75
وسيرا على نهج ألاوقاف الدولية ،نصت املادة 322من مدونة الشغل على أنه " :كل تمييز في ألاجر
بين الجنسين ،إذا تساوت قيمة الشغل الذي يؤديانه" .وفي حالة عدم التقيد بأحكام هذه املادة ،فإن
املادة 321في فقرتها ألاخيرة قضت بغرامة مالية تتراوح ما بين 22111و 31111درهم ،والتي تضاعف في
حالة العود ،وبذلك يكون املشرع املغربي قد الءم تشريعه الداخلي مع معايير الاتفاقيات الدولية في هذا
املجال.76
وهكذا تكون مدونة الشغل قد تجاوزت مظاهر النقص الحمائي للمرأة من حيث ألاجر ،والذي
إال أن ألاجر ،مع كل ما سبق ذكره ،ال يزال ينير مجموعة من التساؤالت ،فاإلحصائيات تقدير إلى
أنه بالرغم من وجود قوانين في هذا املجال فإن مبادئ املساواة املتعلقة باألجر تبقى بدون تطبيق شامل78
فإذا كانت مظاهر التميز قد قانونا ،فإن ذلك ال يعني أن املرأة العاملة تتمتع واقعيا بنفس الحقوق التي
يتمتع بها الرجل وعلى رأسها ألاجر املتساوي عن العمل املتكافئ ،إذ أن الهوة ال تزال شاسعة بين املبادئ
44
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
إن العمل النقابي يقوم على الدفاع عن املصالح املعنوية للمنخرطين فيه ،ويقوم أيضا بتمثيل
املهنة والدفاع عنها أمام مختلف الجهات ،وتحاول توفير ألامان ألعضاء النقابة من بعض مخاوف الحياة،
فالعمل النقابي هو حق دستوري ،وقبل ذلك هو حق إنساني ،إذ إنه من حق كل جماعة من
ألاجراء وألاجيرات الاتحاد من أجل الدفاع عن مصالحهم ،وذلك في مواجهة القوة الاقتصادية
للمشغلين 80وهذا ما جعل املشرع الفرنس ي يغير تعريف النقابات وذلك بمقتض ى قانون 22أكتوبر ،1122
حيث أصبح القصد الوحيد من النقابات املهنية هو الدفاع عن الحقوق وكذا املصالح املادية واملعنوية
ولذلك فمن البديهي إذن أن يشكل الانتماء النقابي لألجراء حجر عثرة سواء عند الولوج لشغل
أو أتناء مزاولته ،ذلك أن املؤاجر قد يعتبر املمارسة النقابية مضايقة لسلطاته أو ماسة بكيفية إنجاز
العمل ،مما قد تدفعه التخاذ عدة تدابير ملنع الوجود النقابي داخل مقاولته.
وعلى هذا ألاساس ،ونظرا ألهمية حماية النشاط النقابي ،فقد أولته منظمة العمل الدولية أهمية
بالغة ،حيث سجل ميثاق املنظمة سنة 1111في ديباجته التزام املجتمع الدولي على إقرار وحماية الحقوق
والحريات النقابية في إطار نشاط املنظمة ،وبعد ذلك تم اعتماد قاعدة معيارية دولية لحماية الحرية
45
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
النقابية ،وهو ما تم من خالل الاتفاقية رقم 22لسنة 1122في مادتها 111حول تحريم التمييز في
الاستخدام والعمل.81
وفي املغرب ،فإن بوادر الاعتراف بالحرية النقابية ظهرت في دستور 1122والدساتير التي أعقبته
حيث اعترفت صراحة باملساواة بين الرجل واملرأة في الحقوق والواجبات ،وبالتالي فاالنضمام للنقابة حق
دستوري لألجيرة تستفيد منه دون قيد أو شرط ،وقد كان ظهير 12يوليوز املتعلق بالحق النقابي هو
السياق إلى منح املرأة الحق في الانخراط في النقابات املهنية واملساهمة في إدارتها وتسيير شؤونها ،ألن
مساهمة املرأة في العمل النقابي تجعلها دائما تسعى إلى تحسين ألاوضاع الاجتماعية للطبقة الشغيلة
أما على مستوى مدونة الشغل ،فقد دافع عن حرية الانضمام إلى النقابة ،باعتباره حقا ينبغي
صيانته ،82فتجسد مبدأ الحرية النقابية في تصدير امللونة وفي ديباجتها الذي جاء مالئما ملا هو منصوص
عليه في الدستور ،ومالئما ملا ملبادئ حقوق إلانسان كما هي متعارف عليها دوليا ،وكذا الاتفاقيات الصادرة
إذن ،من أجل الحفاظ على التوازن بين حقوق ألاجراء وألاجيرات من جهة واملشغلين من جهة
أخرى ،وتأمين الدفاع عن هذه الحقوق بما يكفله القانون من وسائل ،وتالفي أي تمييز مستوى التشغيل،
46
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
املساس بالحريات والحقوق املتعلقة باملمارسة النقابية داخل املقاولة وفق القوانين وألانظمة
التمييز بين ألاجراء من حيت الساللة أو اللون أو الجنس أو إلاعاقة أو الحالة الزوجية أو العقيدة
أو الرأي السياس ي أو الانتماء النقابي ...كلما كان من شأن ذلك خرق وتحريف مبدأ تكافؤ الفرص.
وقد أكد املشرع وحرص على تكريس حق املرأة في إبرام عقد الشغل وحقها في الانضمام إلى نقابة
مهنية ،واملشاركة في إدارتها وتسييرها سواء كانت متزوجة أو غير متزوجة والحترام هذه املقتضيات والعمل
-معاقبة املشغل بغرامة من 12.111إلى 31.111درهم ،ومضاعفة هذه الغرامة في حالة العود ،كلما
ثبت مساسه بالحريات والحقوق املتعلقة باملمارسة النقابية داخل املقاولة وفق القوانين وألانظمة
الجاري بها العمل ،أو في حالة التمييز بين ألاجراء من حيث الساللة أو الجنس أو ...أو الانتماء النقابي ...
-تطبيق عقوبة التوقيف ملدة 2أيام في حق أي أجير يتسبب بفعله ،عن قصد ،في أي مس بالحريات
والحقوق املتعلقة باملمارسة النقابية داخل املقاولة وفق القوانين وألانظمة الجاري بها العمل ،وفي تكراره
لنفس املخالفة خالل السنة ،تتخذ في حقه عقوبة التوقيف ملدة 12يوما ،ويمكن فصله نهائيا عن
وتعزيزا ملبدأ الحرية النقابية ،نصت املادة 312من مدونة الشغل على منع تدخل املنظمات املهنية
للمشغلين وألاجراء في شؤون بعضها البعض سواء بصفة مباشرة أو غير مباشرة فيما يخص تكوينها أو
47
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
تسييرها وإدارتها ،وذلك تفاديا لتأسيس نقابات يهيمن عليها املشغل أو يقدم لها دعما ماليا قصد وضعها
تحت مراقبته.85
خاصة أو عامة .وال يجوز ألحد أن يعامل الغير ،تحت أي ذريعة ،معاملة قاسية ،أو ال إنسانية ،أو حالة
بالكرامة إلانسانية ،كما أن ممارسة التعذيب بكافة أشكاله ،ومن قبل أي أحد ،جريمة يعاقب عليها
القانون".86
بعدما أصبحت تشغل عدة مناصب يفعل تكوينها العلمي واملنهي ،مما سمح لها بولوج عالم الشغل ،فإذا
كانت ألالفية التي نعيشها هي ألفية العوملة والتكنولوجيا ،فقد ساهمت في إبراز الدور الفعال الذي تلعبه
املرأة في كافة املجاالت باعتبارها شريكا يساهم في التنمية الاقتصادية ورغم إلايجابيات الناجمة عن
عمل املرأة ،إال أنها قد تصطدم بمجموعة من ألامور الخطيرة التي تقال من حقها في الكرامة كالعلف
48
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
يعتبر حق الكرامة إلانسانية من حقوق إلانسان في إكرام هللا تعالى إلانسان بنعم ال تعد وال تحص ى،
اه ْم َ َ ى
َع
َ َ َّ ْ َ ُ
ات وفضلن
َْر َ َْ ْ َ َ َ َْ ُ
اهم رم َِن َّ
الط ري ِ َب ِ ب وابلح ِر ورزقن ال ِف
ِ م
َ َ َ ََ َْ ُ
اه ْن ل َحو م آد ِن َ ولَ َق ْد َك َّر ْم َنا بَ
ِ ِ
ر َّ ْ َ َ ْ َ َ ْ ً َ
ضيل.88َي مِمن خلقنا تف ِ ٍ ِ ث ك
ويبقى الحق في الكرامة من الحقوق ألاساسية التي ال يجوز املس بها أو حرمان إلانسان منها ،فهي
كلية ومتساوية بين جميع أفراد الشعوب ،ألن إلانسان في حاجة للتخلص من التمييز بكافة أشكاله
وطرقه ،إضافة إلى ضرورة مكافحة حاالت الظلم التي تواجهها املرأة ،وانتهاك حقوقها في املجتمعات.
فالجميع بحاجة إلى حقوق مدنية واجتماعية واقتصادية ،ومن أهم هذه الحقوق هو الحق في الكرامة
إلانسانية.
ويعتبر هذا الحق أحد الحقوق املكرسة بمقتض ى إلاعالن العالمي لحقوق إلانسان ،حيث جاء في
ديباجته أنه "ملا كان الاعتراف بالكرامة املتأصلة في جميع أعضاء ألاسرة البشرية وبحقوقهم املتساوية
الثابتة هو أساس الحرية والعدل والسالم في العالم" ،وأضافت املادة ألاولى من نفس إلاعالن "يولد الناس
أحرارا متساويين في الكرامة والحقوق وقد وهبوا عقال وضميرا ،وعليهم أن يعامل بعضهم بعضا بروح
إلاخاء".89
49
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
كما تم الاعتراف بهذا الحق في الاتفاقية الدولية بشأن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية
والاتفاقية الدولية بشأن الحقوق املدنية والسياسية ،حيث استهال كالهما بنفس الجملة" :حيث إن
الاعتراف بالكرامة املتأصلة في جميع أعضاء ألاسرة الدولية وبحقوقهم املتساوية التي ال يمكن التصرف
فيها بأي شك ل ،استنادا للمبادئ املعلنة في ميثاق ألامم املتحدة أساس الحرية والعدالة والسالم في
وحيث إن هاتين الاتفاقيتين قد صودق عليهما من طرف املغرب ،وأضحى احترامهما إلزاميا ،مما
دفع بالتشريع املغربي إلى مراعاتهما بشكل يحمي كرامة إلانسان عامة وكرامة ألاجيرات خاصة ،ذلك ألن
املشغل قد يشتغل بموقعه باعتباره الطرف القوي في العالقة الشغلية مع ألاجيرة ،ليعتدي على حقها في
الكرامة الذي يكفله الدستور في الفصل 22منه ..." :وال يجوز ألحد أن يعامل الخير ،تحت أي ذريعة،
معاملة قاسية ،أو ال إنسانية ،أو حاطه بالكرامة إلانسانية ." ...
حاجة ألاجيرة إلى أجر تعيش به وأفراد أسرتها ،يجعل من مكان العمل بمثابة املجال الخصب
للنيل من كرامتها ،ولذلك وضعت مدونة الشغل كرامة ألاجراء وألاجيرات كهدف من أهدافها ألاساسية،
من خالل النص في ديباجته على عدم جواز ممارسة العمل في ظروف تنقص من كرامة ألاجير وألاجيرة،
والتزام املقاولة باحترام كرامة من يشتغلون بها ،كما نصت في مادتها 22على وجوب اتخاذ املشغل كافة
التدابير الالزمة لحماية كرامة ألاجراء والسهر على مراعاة حسن السلوك وألاخالق الحميدة واستتباب
50
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
حيث إن صيانة كرامة ألاجيرة يقتض ي الحفاظ على مكارم ألاخالق ومراعاة كل ما من شأنها صيانة
ألاعراض ،وهذا ما أكده الفصل 32من ظهير 2يوليوز 1122والذي جاء فيه ":على أصحاب معامل
الصناعة والتجارة أن يحافظوا على التشبث بمكارم ألاخالق وعلى مراعاة ما من شأنه على العموم صيانة
ألاعراض".91
وعلى العموم ،فإنه بالرغم من كل هذه املقتضيات التي سعت منذ سنوات إلى حماية كرامة ألاجيرة
من جميع ألاشغال املخالفة لآلداب العامة وألاخالق الحميدة ،فإن املشرع املغربي لم يمنح ألامر ألاهمية
املستحقة ،مما يزيد معه احتمال املس بكرامة وأخالق ألاجيرة أكثر تحققا خاصة أمام الاستغالل التجاري
لجسد النساء الذي أصبح أحد الركائز ألاساسية املعتمد عليها املراكمة أرباح الرأسماليين الذين يعتبرون
أضح ى العنف أحد أهم الحقائق في عصرنا هذا ،حيث أصبحت مجتمعات اليوم تعيش حالة
القلق والحيرة إزاء هذه الظاهرة التي تفشت في مختلف ألاوساط والشرائح ،وعلى مستوى املؤسسات
باختالف طبيعتها اقتصادية كانت أو تربوية ،في املالعب والشوارع وألاحياء ،فباتت تهدد أجياال ومستقبل
أمم .فالعنف عموما يهدف إلى املس بحرمة الشخص وكرامته ،ويستهدف الجسد أو قدرة الشخص على
51
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
اتخاذ قرارات حرة ومستقلة ،فيجسد عبر كل تجلياته انتهاكا لحق الفرد في الاحترام والسالمة الجسدية
ونجحت البلدان إلاسالمية والدول الغربية ،في 12مارس 2113إبان انعقاد الدورة السنوية 22
للجنة وضع املرأة بهيئة ألامم املتحدة ،في تجاوز اختالفات وجهات نظرها ،واتفقت على إعالن هيئة ألامم
املتحدة الذي يدين العنف ضد النساء" :بعد مرور أسبوعين من املفاوضات ما بين ممثلي 113من الدول
ألاعضاء ،قبلت إيران وليبيا والسودان وبلدان مسلمة أخرى تضمين هذا إلاعالن فقرة تؤكد على عدم
وجود أية عادة أو تقليد أو اعتبار ديني يبرر العنف " (لوموند 12 ،مارس ،)2113 ،وأساس هذا الاتفاق
هو تقرير البنك الدولي الذي كشف على أن نساء كبيرات من بين اللواتي تتراوح أعمارهن ما بين 12و 22
سنة يفارقن الحياة بسبب العنف أكثر مما يفارقنها بسبب أمراض الحمى أو السيدا أو السرطان.94
ومع صدور دستور فاتح يوليوز ،2111الذي ينص على سمو املواثيق الدولية لحقوق إلانسان التي
صادق عليها املغرب ،و على مبدأ املساواة بين الجنسين في كافة الحقوق ،و على الحق في السالمة الجسدية
واملعنوية لجميع ألافراد ،95و على مبدأ املناصفة ،وإحداث هيئة للمناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز،
التزمت الحكومة في برنامجها الحكومي بتقوية السياسات العمومية الخاصة بمحاربة العنف ضد النساء
تطبيقا للفصل 32من الدستور ،وبوضع آلاليات والتدابير القانونية واملالية املتطلبة لذلك والتعزيز
- 93سكينة بوجدرية :آلاليات الوطنية ملناهضة العنف ضد املرأة ،خلية التكفل بالنساء وألاطفال ضحايا العنف –نموذجا ،-بحث لنيل
دبلوم املاستر لحقوق الانسان ،جامعة عبد املالك السعدي ،كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة ،السنة الجامعية
،2112-2112ص .1
- 94إليزابيت كريميو :وضعية املرأة في العالم ،جرائم وعنف ضد النساء مرض ى عالمي ،مرجع سابق ،ص .212
- 95الفصل 22من الدستور.
52
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
املؤسساتي والجغرافي ملراكز الاستماع وللمساعدة القانونية والنفسية للنساء ضحايا العنف ،96ويندرج
ضمن هذا السياق قانون 113.13املتعلق بمحاربة العنف ضد النساء ،الذي وضع من قبل وزارة
التضامن واملرأة وألاسرة والتنمية بشراكة مع وزارة العدل والحريات ،وعرض على مجلس الحكومة بتاريخ
2نونبر ،2113ليخرج بعد ذلك إلى الوجود قانون 113.13املتعلق بمحاربة العنف ضد النساء الصادر
بتنفيذه ظهير شريف رقم 11211صادر في جمادى آلاخرة 1231هـ ( 22فبراير .)2112
وتعرف املادة ألاولى من هذا القانون العنف ضد املرأة هو" :كل فعل مادي أو معنوي أو امتناع
أساسه التمييز بسبب الجنس ،يترتب عليه ضرر جسدي أو نفس ي أو جنس ي أو اقتصادي للمرأة ".
وإذا كانت بعض التنظيمات النسائية تربط ظاهرة العنف ضد النساء بما تسميه التمييز ضد
املرأة عند الرجل فيه املسؤول ألاول عن معاناة النساء ،فإن بعض التنظيمات ألاخرى ترى أن هذه
الظاهرة ترجع إلى جوانب متعددة فجانب منها بعد صورة من صور العنف املسلط على املجتمع ككل
من قبل قوى الاستغالل والنفود ،وجانب آخر له أسباب مرتبطة بثالث خلفيات ،97إحدى هذه الخلفيات
هي الخلفية الاقتصادية التي تقوم على غياب العدالة الاجتماعية ،وانعدام برامج حقيقية تهدف إلى
التوزيع العادل للثروات ،إضافة إلى اتساع الفوارق الاجتماعية ،كل هذه العوامل أنتجت ظروفا صعبة،
خاصة بالنسبة لألجيرات ،حيث إن املرأة دائما ما تكون هي الضحية ألاولى ،خاصة إذا ما ارتبط ألامر
- 96ربيع الكرامة :قراءة تحليلية نقدية ملشروع القانون 113.13املتعلق بمحاربة العنف ضد النساء ،2112 ،ص .11
- 97جميلة املصلي :الحق في الصحة بالوسط املنهي في مدونة الشغل ،الناشر :جمعية نشر املعلومة القانونية والقضائية ،مطبعة أليت،
الرباط ،2111 ،ص .112
53
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
ويكتس ي موضوع العنف ضد املرأة العاملة أهمية خاصة من حيث إنه أصبح موضوعا على طاولة
البحث والتدقيق واملساءلة وإلادانة والتنديد في العقد ألاخير من القرن املاض ي ،وذلك يفضل نضال
الحركة النسائية عبر العالم ،فقد تفاقمت الاختالالت الجسدية والنفسية الناتجة عن العنف املمارس
ضد النساء 98ويشكل العنف ضد املرأة في أماكن العمل في العقد ألاخير نسبة ،%12حيث بلغ عدد
ألاجيرات املعلقات في الوسط املنهي 221ألفا سنة 2111حسب بحث وطني أجرته املندوبية السامية
ويتمثل العنف في أماكن العمل في كل وضعية واقعية للعرض فيها املرأة العاملة لالضطهاد
والتعذيب أو إلاكراه الجسدي أو النفس ي خالل تنفيذها لعملها ،فالعنف في العمل يستهدف كل
ويقصد بالعنف املادي أو الجسدي كل ألافعال والسلوكيات التي تلحق أضرارا جسدية تؤثر بشكل
مباشر على السالمة البدنية للمرأة ،من ضرب إلى جرح إلى كسر إلى بتر عضو من أعضاء الجسم إلى
الحرق أو الحرمان من ألاكل إلى الحبس في مكان معين وإلاغالق باألقفال ،100ويستعمل في العمل بهدف
أما العنف املعنوي أو النفس ي له أوصاف متعددة ذات طابع السب والشتم أو تعابير وإشارات أو
- 98نادية النحلي :الحق في الصحة بالوسط املنهي في مدونة الشغل ،الناشر :جمعية نشر املعلومة القانونية والقضائية ،مطبعة أليت،
الرباط ،2111 ،ص .112
- 99ملياء العنصري :مرجع سابق ،ص .21
- 100بشرى العلوي :العنف املسلط على املرأة يعد انتهاكها لحقوق الانسان ،مجلة الودادية الحسنية للقضاة ،العدد الاول ،أبريل ،2111
ص .121
54
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
ويعتبر هذا النوع من العنف من أخطر الوسائل املاسة بالكرامة إلانسانية ،حيث وحسب البحث
الوطني حول انتشار العنف ضد النساء ،تتعرض امرأة واحدة في الوسط املنهي من بين 2نساء في الوسط
الحضري ،وواحدة من كل 21امرأة بالوسط القروي للعنف النفس ي ،بمعدل بلغ %1332على املستوى
الوطني.
وهناك أيضا العنف الاقتصادي ،وهو كل فعل أو امتناع عن فعل ذي طبيعة اقتصادية أو مالية
إذ يبقى حضور املرأة في الحياة العامة مطبوعا ومتأثرا بمدى تمتعها بالحق في الشغل ،ونوعية
اندماجها في إلانتاج الاقتصادي الذي وإن كان يوفر لها استقاللية مالية ،فإنه ال يخلو من الاستغالل
والتمييز في الترقية ،وضعف ضمانات تطبيق القواعد الحمائية للمرأة وظروف عملها ،وكما يتجلى العنف
الاقتصادي في قطاع إلانتاج الفالحي الذي يعرف استغالال للمرأة القروية التي ال تستخدم إال كيد عاملة
موسمية ويشكل غير منظم ،مع التمييز في ألاجر مقارنة مع أجور الرجال ،والذي ال يصل حتى إلى الحد
وعالج املشرع املغربي إشكالية العنف ضد املرأة بصفة عامة ،بما فيها املرأة العاملة ،أوال في
الفصل 22من الدستور الذي أكد أنه ال يجوز املس بالسالمة الجسدية ألي شخص في أي ظرف ومن
قبل أي جهة كانت خاصة أو عامة ...إضافة إلى أن قانون 113.13الذي جاء لتكريس هذا املبدأ
الدستوري ،الذي عالج موضوع العنف ضد املرأة في جميع مواده ،خاصة املادة ( 2الفصل )213-1-1
55
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
الذي شدد من عقوبة العنف في صورة التحرش الجنس ي إذا ما صدرت عن زميل في العمل أو أشخاص
ويالحظ أن مدونة الشغل لم تتطرق بشكل مباشر للعلف املوجه للمرأة العاملة ،حيث جاءت
بمقتضيات حمائية عامة ،جاء في تصديرها ...":وإيمانا أن العمل وسيلة أساسية من وسائل تنمية البالد،
وصيانة كرامة إلانسان ،"...بينما تنص في ديباجتها على أن ...":العمل ليس بضاعة ،والعامل ليس أداة
من أدوات إلانتاج ،وال يجوز ،في أي حال من ألاحوال ،أن يمارس العمل في ظروف تنتقص من كرامة
العامل".
وجدير بالذكر أن هناك نوعا رابعا من أنواع العنف وأشكاله ،والذي قد تتعرض له ألاجيرة أثناء
ممارسة العمل وفي املؤسسة التي تشتغل بها ،وهو العنف الجنس ي ،وسنتطرق إليه مستفيضا فيما يلي:
إضافة إلى املواثيق والاتفاقيات الدولية التي جاءت بمجموعة من املضامين واملبادئ التي تهدف
إلى حماية املرأة من كل تعسف أو تحرش قد يطالها ،لكن رغم كل ذلك ،ال زالت املرأة تعاني من معاملة
دونية ،104وتتعرض للضغوطات من املشغلين .والتحرش بنوعيه ،الجنس ي واملعنوي ،هو من الوسائل التي
استغلها املشغلون لتسريح العامالت ودفعهن لفسخ عقد الشغل من جانبهن ،ونتيجة للمضايقات
56
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
الجنسية أو النفسية املستمرة ،فإن املرأة تضطر إلى ترك عملها لتقبل أعماال أقل من مستواها وكفاءتها
إن لخاصية ألانوثة تأثيرا بالغا على شكل الظروف التي يمارس فيها النساء عملهن خارج البيت،
حيت ال يقف هذا التأثير عند اعتباره معيارا للتمييز من حيث ألاجر ،بل يتعداه إلى الاعتداء على الوقار
والكرامة إلانسانية للمرأة العاملة ،تلك هي معضلة التحرش الجنس ي في أماكن العمل.
فبعد أن كانت الظاهرة تمر تحت غطاء من التستر والصمت ،أصبح من املمكن الاعتياد على
فضحها من طرف النقابات والهيئات النسائية ،106وذلك نظرا لخطورة التي يتسم بها هذا الفعل،
ويعرف جانب من الفقه التحرش الجنس ي بأنه" :كل سلوك ذي مضمون جلس ي يصدر من الرجل
أو املرأة تجاه الجنس ألاخر بدون رضاه أو رضاها ،سواء كان فعال أو إظهارا لصور أو كالم" .107أما البعض
آلاخر من الفقه فيرى أنه" :يعتبر تحرشا جنسيا كل سلوك ذي داللة جنسية؛ كاأللفاظ والعروض
والحركات والاتصاالت والاقتراحات بشكل من شأنه أن يخلق إزعاجا لدى ضحية هذا التحرش ،وذلك
في الحالة التي يصدر فيها هذا السلوك عن شخص يس ئ استعمال سلطته التي تخولها له مهمته أو
وضعيته".108
57
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
أما بعض الفقه املغربي فيرى أن التحرش الجنس ي هو "كل ضغط ذو غاية جنسية".109
ومدونة الشغل املغربية لم تتحدث عن هذه الظاهرة إال باحتشام شديد ،وذلك من خالل (املادة
)21التي جعلته من ألاخطاء الجسيمة املرتكبة ضد ألاجير من طرف املشغل أو رئيس املقاولة ،مع وضع
إمكانية التقاض ي بيد املتضرر في حالة إثبات التحرش الجنس ي واملطالبة بالتعويض.110
إضافة إلى أن املشرع املغربي خطا خطوات مهمة للحد من استعمال الظاهرة من خالل تجريم
التحرش الجنس ي بمقتض ى الفصل 213-1من القانون الجنائي الذي ينص على أنه" :يعاقب بالحبس
من سنة إلى ثالث سنوات والغرامة من خمسة آالف إلى خمسين ألف درهم ،من أجل جريمة التحرش
الجنس ي ،كل من استعمل ضد الغير أوامر أو تهديدات أو وسائل لإلكراه أو أية وسيلة أخرى مستغال
السلطة التي تخولها له مهامه ،ألغراض ذات طبيعة جنسية" .كما تم تغيير وتتميم الفصل 213 -1أعاله
إضافة إلى أنه تمت إضافة الفصلين 2131-1و ، 213-1-2بمقتض ى املادة 2من القانون السالف
الذكر .وقد تطرق الفصل 2131-1إلى التحرش الجنس ي في إطار العمل "يعتبر مرتكبا لجريمة التحرش
الجنس ي ،ويعاقب بالحبس من شهر واحد إلى ستة أشهر وغرامة مالية من 2111إلى 11.111درهم أو
-في الفضاءات العمومية أو غيرها ،بأفعال أو إشارات ذات طبيعة جنسية أو ألغراض جنسية.
- 109أحمد حميوي :الوسيط في قانون الشغل املغربي ،الجزء الاول ،الطبعة الاولى ،2113 ،ص .321
- 110جميلة العماري :مرجع سابق ،ص .121-122
58
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
-بواسطة رسائل مكتوبة أو هاتفية أو إلكترونية أو تسجيالت أو صور ذات طبيعة جنسية أو
ألغراض جنسية.
تضاعف العقوبة إذا كان مرتكب الفعل زميال في العمل أو من ألاشخاص املكلفين بحفظ النظام
وألامن في الفضاءات العمومية أو غيرها " إضافة إلى الفصل 213-1-2الذي حدد عقوبة جريمة التحرش
الجنس ي في تالت سنوات وغرامة من 2.111إلى 21.111درهم إذا ارتكب التحرش الجنس ي ممن له والية
وبعد عرض املقتضيات التشريعية التي اهتمت بحماية ألاجيرة من هذه الظاهرة الالأخالقية فإنه
يالحظ ندرة القرارات التي تناولت هذا الجانب الحمائي ،سواء الزجرية ،أو املادة الاجتماعية ،ومن بينها
حكم صادر عن ابتدائية الدار البيضاء 111في قضية تتلخص وقائعها من خالل جلسة البحث التي عقدتها
املحكمة بتاريخ ،2112-12 -21أكدت ألاجرة نادية أن وضع مكتبها أمام مرحاض إهانة عملية لها ،وأكدت
أن املشغل كان يتحرش بها جنسيا بأفعال وأقوال ذات طابع جنس ي ،ولكن املشغل أنكر ما تدعيه ألاخيرة
من أنه تحرش بها مدعيا أنها سيدة متزوجة .وعند الاستماع إلى الشاهد الذي يعمل بالشركة ذاتها مدة
وهكذا اقتنعت املحكمة بقيام واقعة التحرش واعتبر أنه بعد الاستماع إلى أقوال الشهود وما راج
من نقاش بين ألاطراف أن التحرش الجنس ي ثابت في حق املشغل ،وبالتالي قضت املحكمة بتعويض
- 111حكم صادر عن املحكمة الابتدائية بالدار البيضاء ،بتاريخ ،2112\12\12منشور على املوقع:
http://www.ensan.net/news/202/articale/3749/2008-04-27.html
59
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
ألاجيرة املتحرش بها عن إلاشعار 2122 :درهم ،وعن إلاعفاء 22.221 :درهم ،وعن الطرد التعسفي
12.111درهم.112
ورغم أنه يمكن إثبات واقعة التحرش الجنس ي لكل وسائل إلاثبات ،حيث يتم الرجوع عادة إلى
وسائل إلاثبات العادية املقبولة في املادة الجزائية من شهادة الشهود واعتراف وغيره من الوسائل املتعارف
عليها ،113إال أنه يبقى من الصعب إثبات الواقعة ،ومن بين ألاشياء والحاالت التي تجعله صعب إلاثبات
نذكر ما يلي:
-إن التحرش الجنس ي داخل العمل يجعل من مشكل إلاثبات أكثر صعوبة ،حيث يالحظ أنه يكون
أكثر صعوبة إذا ما كان التحرش في أماكن مغلقة كمكان العمل ،لذلك تبقى الوسائل التكنولوجية
الحديقة ألامر ألانسب إلثباتها ،أي الاستفادة من التطور العلمي والتكنولوجي لرد الاعتبار للمرأة
ألاجيرة ،رغم أن هذا ألامر أيضا يتسم بالصعوبة ،نظرا ألن ألاجيرة ال تعلم وال تدري بالضبط في أي
-إنه إذا كان إثبات التحرش املادي أمرا صعبا ،فإن إثبات التحرش اللفظي من شأنه أن يكون
مستحيال.
-إنه بناء على املقتضيات التشريعية فإن إلاثبات يفسر لصالح املتهم ،وتبعا لذلك فإن عدم اقتناع
املحكمة اقتناعا وجدانيا تاما بقيام جريمة التحرش الجنس ي من شأنه إفالت الجاني من الجريمة.114
60
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
ويجدر القول إن قلة القرارات القضائية ال يعني انعدام الظاهرة أو عدم تواجدها بمؤسسات
الشغل املغربية ،وإنما سبب ندرة ألاحكام والقرارات هي املعيقات الاجتماعية والنفسية التي تواجهها
املرأة ،إضافة إلى إشكالية إلاثبات التي تواجه ضحايا التحرش غياب مقتضيات حمائية للشهود على
ارتكاب الفعل ،مما يؤدي إلى تنامي الظاهرة في الخفاء بعيدا عن بسط يد القضاء لينالها بالتنظيم
واملراقبة.115
إن التحرش املعنوي هو ظاهرة قديمة ،وال تزال مستحقة إلى يومنا هذا في ميدان العمل ،إال أن
ويعرفه " : Henz Lymanالتحرش املعنوي هو شكل من إلارهاب النفس ي الذي يظهر في تتابع ملدة
طويلة نسبيا ،ألقوال وتصرفات معادية ،إذا أخذت هذه ألاخيرة بمفردها كانت بسيطة ،أما تكرارها فقد
يخلف آثارا مدمرة " ،وتعرفه ماري فرانس ارغويان" :التحرش املعنوي هو ممارسة متكررة تؤدي إلى
تدهور ظروف العمل ،بإمكانها أن تحدت اعتداء على حقوق ألاجير أو على شرفه أو تدهور صحته
وتعرف الوكالة ألاوربية لألمن والصحة التحرش املعنوي في العمل هو سلوك غير طبيعي مكرر
موجه ضد موظف أو مجموعة من املوظفين ،والذي من شأنه أن يولد خطرا على ألامن والصحة ،ويأخذ
61
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
هذا السلوك شكل احتقار أو إضعاف الشخص املتحرش به أو تهديده أو التعامل معه بشكل غير
عادل".116
مما سبق من التعريفات فإن التحرش املعنوي يجب أن ينطوي على سلوك متكرر يهدف إلى إلاضرار
بالخر ،ويمتد خالل فترة زمنية ما ،وإن اختلفت في صياغة أوجه الضرر املتحقق في فعل التحرش
املعنوي.
وفي الواقع ليس هناك تعريف عام شامل جامع مانع لكل حاالت التحرش املعنوي ،فيمكن أن
تخضع له كل الوقائع والتصرفات املتعلقة بهذا النوع من التحرش ،ألن كل حالة من حاالت التحرش
املعنوي تختلف عن غيرها حسبما كشف عنه الاجتهاد القضائي للغرفة الاجتماعية بمحكمة النقض
الفرنسية ،إذ جاء فيه" :إن التحرش املعنوي هو فعل يقدم عليه مدير مؤسسة من أجل إخضاع ألاجراء
لضغط مستمر ،أو لتوجيه مؤاخذات لهم ال تنتهي ،أو إلعطاء أوامر وأوامر مضادة بنية إحداث تفرقة
بين ألاجراء تنتهي بتهميش أجير معين واحتقاره" .117كما ذهبت نفس املحكمة إلى "اعتبار التحرش املعنوي
قائما ملا يقترح على ألاجيرة وظائف أقل من مستوى إطار باملقاولة كمنصب موظفة استقبال الزبناء"
- 116نادية بنحكزة :التحرش املعنوي في العمل ،مقالة إلكترونية ،موقع الجمهورية اليوم 12 ،نونبر ،2112الجزائر.
- 117محكمة النقض الفرنسية ،الغرفة الاجتماعية ،قرار ،2111/11/11رقم ،2232112النشرة إلاخبارية املحكمة النقض BICCعدد
.221
- 118إدريس فجر :مرجع سابق ،ص .222
62
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
ومدونة الشغل قد نظمت التحرش الجنس ي وأغفلت التحرش املعنوي ،والتحرش املعنوي أخطر
من بكثير من التحرش الجنس ي ألنه يجعل ألاجيرات يعانين في صمت يسبب إهدار كرامتهن كل يوم من
قبل املشغل أو من ينوب عنه إلى أن تنتهي عالقة الشغل بين الطرفين باستقالة "مزعومة" أو مغادرة
تلقائية للعمل "ملفقة" ،ويعتبر التحرش املعنوي في الدول املتقدمة (فرنسا مثال) جريمة يعاقب عليها
املشغل جنائيا.119
إال أن الاجتهاد القضائي ملحكمة النقض املغربية جاء في أحد قراراته ..." :لكن حيث إن الثابت
من تعليل القرار املطعون فيه أن الطالبة باعتبارها مشغلة قامت بتغيير عمل املطلوبة (ألاجيرة) من
مساعدة ممرضة إلى مجرد منظفة للمستودع واملراحيض والزجاج رغم أن ورقة أداء ألاجور املتعلقة
بشهر أبريل 2112واملدلى بها بجلسة 2111/2/2من طرف املطلوبة باملحكمة الابتدائية يفيد أن عملها
هو مساعدة طبية وليس منظفة أو عون خدمة ،وال يجوز إدخال تغيير جوهري على طبيعة العمل الذي
اعتادت ألاجيرة(املطلوبة) القيام به باإلرادة املنفردة للطالبة و دون موافقة املطلوبة (الفصل 231من
ق.ل.ع.).
وحيث إن محكمة الاستئناف ملا خلصت في قرارها املطعون فيه إلى أن قيام الطالبة بتغيير عمل
املطلوبة يشكل إخالال ببنود عقد العمل ،ويعتبر إنهاء تعسفيا لهذا العقد ،فإنها تكون قد عللت قرارها
بما فيه الكفاية لتبرير ما انتهى إليه ،وال تتحمل املطلوبة أية مسؤولية فيما نسب إليها من مغادرة العمل
63
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
وسبق أن قررت الغرفة الاجتماعية املحكمة النقض في قرار سابق بتاريخ ،1112/11/22تحت
عدد ( 2222غير منشور) ،أن فصل ألاجير مشوب بالتعسف لكون املشغل مارس عليه تحرشا معنويا،
وفي خصوص إثبات التحرش املعنوي ،فإنه يقع على من يدعيه مبدئيا ،ألن من الصعب على
املشغل إثبات أنه بريء تماما مما نسب إليه من فعل أو أفعال التحرش املعنوي ،ألنه من الصعب على
املدعى عليه إثبات وجود ش يء غير موجود أصال ،أي إثبات واقعة سلبية ،لذلك فإن ألاجيرة هي امللزمة
مبدئيا بإثبات وجود التحرش املعنوي املرتكب في حقها ،طبقا ملبدأ البينة على من ادعى ،لكن التحرش
املعنوي كالتحرش الجنس ي يكون على إثباته صعبا وثقيال على ألاجيرة ،ألن املشغل ال في التحرش ألاول وال
في الثاني يحتاط لنفسه بعد ارتكاب فعلته وال يترك وراءه أدلة أو بصمات تدينه وتثبت ارتكابه .121
يبدو من خالل معالجة موضوع حماية حقوق املرأة ،وكذا خطر التمييز ضدها ،ومناهضة أشكال
العنف املوجهة لألجيرة ،يبدو أن املشرع املغربي استطاع أن يحقق لها حماية نسبية في ميدان الشغل
على مستوى النص القانوني ،حيث ساوى بينها وبين الرجل في حق اللجوء إلى العمل وممارسته
والاستفادة من كل الحقوق املترتبة عن عقد الشغل ،ومنع التمييز ضدها سواء قبل إبرام عقد الشغل
أو أثناء تنفيذه أو عند انتهائه ،إضافة إلى سن مقتضيات قانونية الحماية النساء من العنف املوجه
ضدهن.
64
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
إال أن القضاء الفعلي على التمييز والعنف ضد املرأة ،وتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص على أرض
الواقع ال زالت تعترضه مجموعة من العقبات والعراقيل البد من تجاوزها ،بعضها يتعلق بصياغة
النصوص القانونية ملدونة الشغل وانعدام تفعيلها على أرض الواقع ،والبعض آلاخر يتعلق بالنظرة
السائدة في املجتمع املغربي حول مشاركة املرأة في املجاالت الاقتصادية والاجتماعية نتيجة التأثر
65
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
لقد كانت وضعية التمييز التي عانت منه املرأة على مر العصور باعتا على الاهتمام الدولي.
على مستوى التشريع -بإدانة التمييز القائم على أساس الجنس ،حتى أضحى التماثل مع الرجال
في الحقوق هو منتهى ما يستهدفه أي تشريع وطني يتعلق بالنساء عموما وبتشغيلهن خصوصا ،وقد طرح
هذا الواقع إشكالية عويصة تتعلق بمدى استقالل الحقوق إلانسانية عن شخص إلانسان عامة ،واملرأة
خاصة ،وأن املنتظم الدولي ما زال يصر على معالجة حقوق املرأة من خالل مالحظة التمييز وتكريس
املساواة.
و هكذا طرح إشكال حقيقي أمام كفالة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمرأة بمعزل عن كونها
امرأة ،وجاء ذلك مطبوعا بالبحث عن املساواة ،لم يرجع هذا إلاشكال أيضا على مستوى التنظيم
القانوني لعمل املرأة ،فعولج من منطلق ضمان الفرص املتكافئة للجنسين ،مع مراعاة صفة ألانوثة في
أحكام تشغيل املرأة ،حيث لم تخرج عن منع تشغيلها ليال ،وحفظ حقها في ألامومة وأداء وظيفة إلانجاب،
تم تحديد ألاثقال التي يسمح لها بحملها ،وقد كانت نتيجة ذلك أن كرست التشريعات الوطنية جميعها
بما في ذلك معايير العمل الدولية ،هذه الخصائص ،ولم تستطع أن تفرز نظاما قانونيا لتشغيل النساء
يتجاهل صفة ألانوثة وال يستهدف املساواة كمبدأ .فقد اتجهت ألانظمة التشريعية بادئ ألامر إلى معالجة
الظروف السيئة وألاوضاع القاسية التشغيل النساء لضمان عدم التفريق بين املرأة والرجل سواء
66
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
صراحة أو ضمنيا ،وذلك فيما يخص ألاجر املماثل وساعات العمل والعطلة ألاسبوعية وإلاجازات
واتجه الجزء آلاخر من هذه القوانين إلى الاهتمام بحفظ صحو املرأة ووقايتها من ظروف العمل
اعتبارا لتكوينها الجسماني ،كمنع تشغيلها في بعض الصناعات وحظر العمل الليلي واهتم الجزء الثالث
بحماية ألامومة ،إذ وضع قواعد لرعاية ألام وطفلها ،كرخصة الوالدة وألاجر املدفوع عنها ،وتحديد
وهكذا أجمعت أغلب التشريعات على ثالثة معايير في تنظيم تشغيل النساء ،وهي ضمان املساواة
في املهنة والاستخدام ،وحفظ صحة املـرأة العاملـة ،وضمـان أمومـة سليمة.123
وبعد أن عالجنا املعيار ألاول املرتبط باملساواة في املهنة والاستخدام في املبحث ألاول ،فإننا
سنرصد سمات وإشكاالت املعيارين آلاخرين في التشريع املغربي من خالل هذا املبحث وتقسيماته :تدابير
الحماية الخاصة باألمومة في املواثيق الدولية والقوانين الداخلية (املطلب ألاول) ،وحماية ألاجيرات على
67
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
والقوانين الداخلية
إن أسمى الوظائف التي تضطلع بها املرأة هي وظيفة ألامومة وتربية مولودها ،فهذه املهمة ال يمكن
للمشرع أن يغفلها ،ألنها وظيفة طبيعية ترتبط بخصوصية املرأة وطبيعتها الفيزيولوجية لهذا فحماية
ألامومة تعد أهم مظاهر التنظيم القانوني لحماية املرأة ،ذلك أنها تجد نفسها في حاجة إلى الانقطاع عن
العمل لفترات معينة خالل الحمل والوالدة أو من أجل تربية أطفالها (الفقرة ألاولى) من غير أن تجبر على
الفقرة ألاولى :الحقوق املكفولة لألجيرة أثناء فترة الحمل وعند الوضع
يعتبر الكثيرون ممن ينظرون إلى مسألة املساواة في املهنة والاستخدام بين املرأة والرجل أنه مطلب
من باب الترف والعيب ،أماله إحساس بالدونية لدى املرأة ،ورغبة في التحرر من أجل التحرر نفسه ال
غير ،إال أن املتتبع لتمثالت هذا املبدأ .خاصة في ظل قوانين العمل -يعي أن الاختالف فرض الحماية
الخاصة للمرأة العاملة دون أن يمس ذلك بمبدأ املساواة ،بل أعطاه وجها أكثر عدالة ،ومن أهم صيغ
املساواة في الاستخدام هدف حماية ألامومة ووقاية املرأة الحامل والجنين ،وكذا القدرة على إلانجاب
يشكل عام ،125إضافة إلى تمكينها من الحصول على إلاجازة الكافية للوضع وما لذلك من أهمية في تأمين
- 124بشرى العلوي :املرأة العاملة بين املسؤولية املهنية وألاسرية ،مجلة املحاكم املغربية ،مارس-أبريل ،2111 ،ص .11
- 125نادية النحلي :سمات التنظيم القانوني لعمل املرأة في قانون الشغل املغربي ،مجلة القانون املغربي ،العدد ،13مارس ،2111ص
.211-212
68
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
تنامي الاستثمارات وطبيعة الشغل الذي يتطلب يدا عاملة تسوية خاصة في مجاالت متعددة ،وعلى
اعتبار أن املرأة هي بالدرجة ألاولى النواة ألي أسرة ،126فهذه املسؤولية تقتض ي حماية خاصة ،ألامر الذي
من شأنه أن ينعكس على مردوديتها التي يراهن عليها املشغل ،وبالتالي كان من الضرورة إقرار مقتضيات
خاصة بحماية صحتها خالل فترة الحمل ضمانا لحقوقها ،وتكريسا للمبادئ واملعايير الدولية في هذا
الشأن.
اهتمت الاتفاقيات الدولية بحماية ألامومة والحقوق املرتبطة بها ،وذلك في وقت مبكر ،من خالل
إصدار اتفاقية حماية ألامومة (رقم 3لسنة ،)1111فمن املعلوم أن املرأة العاملة تحتاج إلى الحماية،
خاصة أثناء فترة ألامومة والحمل ،حتى تتمكن القيام بوظيفتها كأم وعاملة في آن واحد .127وجميع هذه
الاتفاقيات تناولت الجانب الصحي لألجيرة الحامل بالتنظيم والحماية لتحقيق الهدف املشار إليه أعاله.
فقد نصت اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد املرأة في 12كانون ألاول سنة 1121في
مادتها 11أنه تتخذ ألاطراف جميع ما يقتض ي الحل اتخاذه من تدابير للقضاء على التمييز ضد املرأة في
ميدان العمل لكي تكفل لها ..." :الحق في الوقاية الصحية وسالمة ظروف العمل بما في ذلك حماية
وظيفة إلانجاب".128
69
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
وأكدت التوصية رقم 111الصادرة عن منظمة العمل الدولية ضرورة اتخاذ الدول ألاعضاء
التدابير الالزمة لضمان سالمة وصحة ألام الحامل أو املرضع وطفلها ،وذلك من خالل إزالة كل خطر
يهددها في أماكن العمل أو محاولة توفير بديل لهذا العمل متى كان من شأن العمل ألاصلي الذي تزاوله
ونصت الاتفاقية رقم 3الصادرة عن منظمة العمل الدولية أن املرأة أيا كان سنها أو جنسيتها،
متزوجة أو غير متزوجة ،وأن الطفل سواء كان شرعيا أو غير شرعي ،فإنه من الضروري منح إجازة للمرأة
الحامل.130
وأكدت منظمة العمل العربية على ضرورة منح ألاجيرة الحامل إجازة مرضية في حالة مرضها،
حيت تنص املادة 11من اتفاقية العمل العربية على أنه" :تمنح املرأة العاملة إجازة مرضية خاصة في
تنص القوانين في كثير من البلدان أنه ال يجوز السماح للنساء الحوامل وألامهات املرضعات بأداء
أعمال " تجاوز طاقتهن" و "تنطوي على مخاطر" و "خطرة على صحتهن أو على صحة أطفالهن" أو
"تستوجب جهدا بدنيا ال يناسب وضعهن" ،ولكن مثل هذا الحظر العام قد يتير مشاكل في التنفيذ إذا
لم يتوفر نهج واضح ومتفق عليه لتحديد درجة التعرض املرتبطة بأي وظيفة بعينها وقدرة كل امرأة على
70
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
أداء العمل دون التعرض لخطر على صحتها أو صحة طفلها .ويجب تحديد دور كل من صاحب العمل
ومفتش العمل وطبيب الصحة املهنية وطبيب النساء والعاملة ذاتها لضمان حماية العاملة وطفلها.
وتغيير املهام في العمل هو أحد ألاساليب املمكنة ملعالجة الوظائف التي تتطلب جهدا بدنيا كبيرا،
حيث إنه في البلدان إلافريقية الناطقة بالفرنسية يحظر على النساء أثناء فترة الحمل وطوال 3أسابيع
وفي كثير من البلدان ،من حق الحوامل وألامهات املرضعات املستخدمات في أعمال خطرة أو غير
صحية أن يتقن إلى عمل من نوع أخر وأن ينهي استخدامهن مع دفع تعويض بدال من ألاخطار إذا ثبت
وقد يسمح أيضا بالنقل من عمل ليس خطرا في حد ذاته ولكن يشهد طبيب بأنه ضار بالحالة
الصحية المرأة معينة ،كما هو الحال في فرنسا .ويمكن أن يتم النقل في سويسرا وكندا بناء على طلب
العاملة املعنية ،وإذا كانت القوانين تجيز صاحب العمل اقتراح النقل ،ونشب خالف بين صاحب العمل
والعاملة ،يحدد طبيب العمل ما إذا كانت هناك ضرورة طبية لتغيير الوظيفة وما إذا كانت العاملة الئقة
لشغل الوظيفة املقترحة عليها ،ويحول عادة إما ملفتش الشغل أو املرأة ذاتها طلب إجراء هذا التقييم
الطبي.
وتم اللجوء إلى خيارات النقل في حالة الرجال والنساء معاء ،إذا كانوا معرضين لخطر على وظيفتهم
إلانجابية ،في الاتحاد ألاوروبي وفنلندا والواليات املتحدة وبلدان أخرى ،ويشترط أن تنفذ سياسات النقل
71
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
هذه دون خسائر من حيث ألاجر وألاقدمية وأن تمنح الحق في العودة إلى العمل ألاصلي عند اختفاء
واتخذت في بضعة بلدان احتياطات لضمان وفاء صاحب بالتزاماته تجاه العامالت الحوامل فيما
يتعلق بالسالمة والصحة في النمسا مثال ،يلزم صاحب العمل بالتزاماته بإخطار مفتش العمل أو أي هيئة
مختصة في مجال حماية ألايدي العاملة عن أي عاملة حامل ،ويقض ي القانون في البرازيل أنه يتعين على
صاحب أن يعتمد الشهادات الطبية التي تفيد في إثبات اطالعه حسب ألاصول على حالة العاملة.
وتتضمن تعليمات الاتحاد ألاوروبي في ديباجتها تدابير تتعلق بحماية صحة العامالت الحوامل
واملرضعات" :ال تكون مفيدة على إلاطالق إذا لم تقترن بالحفاظ على الحقوق املرتبطة بعقد الاستخدام،
وبما في ذلك املحافظة على ألاجر ،أو الحق في تعويض كاف "ويحرص عدد من البلدان على ضمان أال
تؤدي عمليات النقل املبنية على أسباب تتعلق بالصحة والسالمة إلى املساس عن غير يكسب العامل أو
وقد حاول املشرع املغربي مالءمة تشريعه الاجتماعي مع الاتفاقيات الدولية املشار إليها ،فقد
حرص على حماية ألاجيرة الحامل ،وخصص الباب الثاني من القسم الثاني من الكتاب الثاني الحماية
ألامومة بصفة عامة ،وحماية صحة ألاجيرة بوجه خاص ،حيث إنه على املستوى الوطني نجد الفقرة
الثانية من املادة 123من مدونة الشغل تنص على ضرورة سهر املشغل على تخفيف ألاشغال التي تكلف
بها املرأة ألاجيرة أثناء الفترة ألاخيرة من الحمل ،وفي الفترة ألاولى عقب الوالدة ،مما يعني أن املشغل
- 131حماية ألامومة في العمل :مؤتمر العمل الدولي ،الدورة ،22التقرير الخامس ،مكتب العمل الدولي ،جنيف ،1111ص .21
- 132حماية ألامومة في العمل :مرجع سابق ،ص .22
72
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
يستطيع تعديل بنود عقد شغل ألاجيرة الحامل إما عن طريق نقلها إلى عمل يكون أقل إرهاقا لها ،أو
تخفيض ساعات شغلها إلى الحد الذي يتناسب مع قدرتها على التحمل ،وقد يلجأ املشغل إلى الاستعانة
بطبيب الشغل من خالل اقتراحات حتى ال يعرض ألاخيرة إلى شغل خطير ،خاصة وأن مدونة الشغل
إال أنه يؤاخذ على املشرع كونه جعل هذه املقتضيات الحمائية على سبيل الجواز ،وهو ما يستفاد
من عبارة "يسهر" التي تفيد الوجوب وإلالزام ،مما يجعل تطبيقها أمرا موكوال إلارادة املشغل وضميره.
كما أنه لم يجعل من مهام طبيب املؤسسة السهر على احترام هذه املقتضيات على خالف ما
ذهبت إليه بعض التشريعات املقارنة ،ومن هذه التشريعات القانون الفرنس ي الذي أوكل لطبيب
املؤسسة التأكد من مدى مالءمة العمل الذي تقوم به ألاجيرة الحامل لوضعها الصحي" :يمكن تشغيل
ألاجيرة الحامل في وظيفة أخرى بناء على طلبها أو بمبادرة من املشغل متى استدعت حالتها الصحية ذلك،
وفي حالة عدم اتفاق ألاجيرة الحامل واملشغل على املنصب الجديد فإن طبيب الشغل يبقى الفيصل في
ومن جهة أخرى يالحظ أن مدونة الشغل لم تعمل على تحديد ساعات الشغل بالنسبة لألجيرة
الحامل ،ألامر الذي يستفاد منه أن مدة الشغل تبقى هي 22ساعة في ألاسبوع ،وكان ألاولى تقليص
ساعات العمل إلى 2ساعات في اليوم أو أقل كما فعلت بعض التشريعات املقارنة على غرار املشرع اليمني
الذي ذهب إلى التنصيص على تخفيض ساعات العمل اليومية للمرأة إلى 2ساعات حسب ما نصت
- 133عصام الوراري :تعديلي عقد الشغل على ضوء العمل القضائي ،دار تشر املعرفة ،الطبعة الاولى ،2113 ،الرباط ،ص .22
- 134أنس سعدون :مرجع سابق ،ص .221
73
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
عليه املادة 23من قانون العمل اليمني ،فقد نصت على أنه "تحدد ساعات عمل املرأة اليومية بخمس
ساعات إذا كانت حامال في شهرها السادس "...إضافة إلى أنه منع بمقتض ى املادة 22تشغيل املرأة
حماية لألم ألاجيرة من خالل وضع باب خاص بها تحت عنوان "حماية ألامومة" ،ومن أهم هذه
املقتضيات :الرفع من مدة إجازة الوضع ،والحق في توقيف العقد لتربية املولود ،تحديد الساعات
املخصصة للرضاعة ،ووضع مكان مخصص داخل املقاولة لهذه الغاية ،إنشاء دور الحضانة بين
املؤسسات املتجاورة ،وتخفيف أشغال ألاجيرة خالل فترة الحمل وبعد الوضع (املواد من 122إلى
.136)122
تعتبر حماية ألامومة من أهم مظاهر حماية اليد العاملة النسائية ،وقد اهتمت بها الاتفاقيات
الدولية والتشريعات الوطنية على حد سواء .ونظرا ألهمية الراحة للمرأة الحامل ،سواء قبل أو بعد
الوضع ،منح املشرع لألجيرة التي أدليت حملها بشهادة طبية حق التمتع بإجازة والدة ملدة 12أسبوعا ما
لم ينص عقد الشغل أو اتفاقية الشغل أو اتفاقية الجماعية على مقتضيات أفيد حساب من جاءت به
- 135رشيدة بنسرغين :املختصر في قانون الشغل املغربي ،مطبعة فارس بريس ،الطبعة الاولى ،2112 ،ص .22
- 136عبد الغني اسنينة :قراءة في مستجدات مدونة الشغل الجديدة ،مقالة ،الناظور.2112 ،
74
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
املادة 122من مدونة الشغل .137وأضافت املادة 123من املدونة أنه" :ال يمكن تشغيل ألاجيرات النوافس
ويظهر أن املشرع املغربي على غرار باقي التشريعات املقارنة ميز بخصوص إجازة ألامومة بين فترتين:
ألاولى تكون قبل الوضع وجعلها اختيارية بالنسبة لألجيرة إذ يجوز لها الاشتغال خاللها أو الاستفادة منها،
والثانية تكون بعد الوضع واعتبرها إلزامية ومن النظام العام ،إذ ال يجوز للمشغل أن يسمح لألجيرة
بالعمل خاللها ولو بإرادتها ،ألن ألامر له مساس بصحتها وصحة مولودها.
ومن مظاهر حماية ألامومة أن املشرع نفيه للحالة التي تسوء فيها الوضعية الصحية لألجيرة
بسبب الحمل أو الوالدة وتعجز عن استئناف عملها بعد انتهاء املدة املحددة لهذه إلاجازة ،138حيث قرر
في املادة 122أنه باإلضافة إلى إجازة الوالدة العادية ،هناك حالة تمديد استثنائية للمدة ،بسبب نشوء
حالة مرضية عن الحمل أو النفاس شريطة إثباتها بشهادة طبية ،ونصت على:
حق املرأة ألاجرة الحامل أن توقف عقد الشغل قبل 2أسابيع من الوضع وتنتهي بعد تاريخ الوضع
ب 2أسابيع.
إذا ثبت بشهادة طبية نشوء حالة مرضية عن الحمل أو النفاس ،تجعل من الضروري إضافة فترة
توقف العقد ،زادت في فترة إجازة الوالدة مدة استمرار تلك الحالة املرضية .لكن املشرع لم يترك هذا
الاستمرار مطلقا ،بل وضع له حدا أقص ى -بموجب املادة 122في فقرتها الثانية – وهو 2أسابيع قبل
تاريخ توقع الوضع ،و 12أسبوعا بعد تاريخ الوضع ،بمعنى أن الفترة العادية لتوقف عقد الشغل
- 137محمد بنحساين :القانون الاجتماعي املغربي ،عالقات الشغل الفردية والجماعية ،الجزء ألاول ،طبعة ،2112ص .22
- 138أنس سعدون :مرجع سابق ،ص .231
75
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
بسبب الوالدة هي 12أسبوعا .أما املدة إلاجمالية في الحاالت الاستثنائية بسبب حالة مرضية فقد
حددها املشرع في فترة أقصاها 2أسابيع ،وأيا كان تاريخ الوضع فإن املرأة في ألاحوال العادية تستفيد
إضافة إلى ما سبق ،يحق لألجيرة عدم استئناف الشغل ألجل تربية مولودها ،فقد نصت املادة
122على ذلك" :يحق لكل أجيرة أال تستأنف شغلها بعد مض ي سبعة أسابيع على الوضع ،أو أربعة عشر
أسبوعا عند الاقتضاء ،وذلك ألجل تربية مولودها ،شريطة أن تشعر مشغلها في أجل أقصاه خمسة
عشر يوما من انتهاء إجازة ألامومة .وفي هذه الحالة ،فإن فترة توقف العقد ال تتجاوز تسعين يوما.
يمكن لألم ألاجيرة باتفاق مع املشغل الاستفادة من عطلة غير مدفوعة ألاجر ملدة سنة التربية
مولودها.
تستأنف ألام ألاجيرة شغلها بعد انتهاء فترة التوقيف املشار إليها في الفقرتين ألاولى والثانية من
هذا ويمكن لألجيرة العدول عن استئناف شغلها ،غير أنه يتعين عليها في هذه الحالة أن توجه إلى
مشغلها ،قبل انتهاء مدة توقف عقدها بخمسة عشر يوما على ألاقل ،رسالة مضمونة مع إلاشعار
بالتوصل ،تخبره فيها بعدم استئناف شغلها بعد انتهاء مدة توقف الشغل املذكورة سابقا ،دون أن تكون
ملزمة بمراعاة أجل إلاخطار وال أداء أي تعويض عن انتهاء عقد الشغل (املادة 122من مدونة الشغل).140
- 139املختار اعمارة :املختصر في قانون الشغل املغربي ،الطبعة الاولى ،فضاء الطباعة ،حي السالم سال ،2111 ،ص .111/112
- 140عبد الجليل عينوس ي :شرح القانون الاجتماعي املغربي (الجزء الاول) بتنظيم الشغل ،مطبعة دار القلم ،2112 ،ص .21
76
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
للمرأة وضع خاص ناتج عن طبيعتها الفيزيولوجية وألادوية ،وهذا الوضع يتضاعف عندما تكون
في وضعية ألامومة ،لذلك فإن املشرع انطلق من هذه العوامل وسن قواعد آمرة يتعين تطبيقها والعمل
بها ،141ومنها القواعد املتعلقة بحق ألام في إلارضاع وترتبط الرضاعة ارتباطا وثيقا بكيان الطفل ،وتعتبر
من أوجب حقوقه وأوالدها بالرعاية لتعلقها أوال وقبل كل ش يء بحقه في الحياة واملحافظة على صحة
وسالمة نموه.
وتكريسا للمقتضيات واملبادئ الدولية ،وإيمانا من املشرع املغربي بالدور الكبير الذي تقوم به
الرضاعة الطبيعية في نمو املولود ،فقد نص في املادة 121من مدونة الشغل على أحقية تمتع املرأة
العاملة بإرضاع طفلها يوميا ،على مدى اثني عشر شهرا من تاريخ استئنافها الشغل إثر الوضع ،باستراحة
خاصة ،يؤدى عنها ألاجر باعتبارها وقتا من أوقات الشغل ،مدتها نصف ساعة صباحا ونصف ساعة
ظهرا ،مع مالحظة أن هذه الساعة تكون مستقلة عن فترات الراحة املعمول بها في املقاولة أو املؤسسة
املشغلة.
وحين حدد املشرع املغربي هذه املدة 12شهرا ،نجد أن التشريعات املقارنة اختلفت في تحديد
هذه املدة ،وهكذا فإن املشرع املصري واملشرع الليبي واملشرع السوري حددوها في 12شهرا.
- 141محمد الهاشمي التسولي :مدونة الشغل بين النظرية والتطبيق في العقود الفردية ،الجزء ألاول ،الطبعة ألاولى ،2111املطبعة والوراقة
الوطنية ،ص .233
77
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
ويعاقب كل مشغل رفض تمتيع ألام ألاجيرة بفترة الاستراحة الخاصة املستحقة لها خالل أوقات
الشغل من أجل إرضاع مولودها أثناء املدة املحددة قانونا بغرامة من 2111إلى 2111درهم حسب
وانطالقا من الطابع الوقائي لقانون الشغل ،وأخذا بعين الاعتبار املقدرة املالية للمؤسسات
وللمقاوالت الخاضعة ملدونة الشغل ،ينص املشرع املغربي في املادة 122على وجوب أن تجهز كل مقاولة
تشغل ما ال يقل عن خمسين أجيرة يتجاوز سنهن السادسة عشر ،غرفة خاصة للرضاعة ،سواء بداخلها
أو على مقربة منها مباشرة ،مع إمكانية استعمال هذه الغرف روضا ألاطفال ألاجيرات العامالت باملقاولة،
حيث تتولى السلطة الحكومية املكلفة بالشغل تحديد شروط قبول إلارضاع ،وغرف إرضاع املواليد،
وشروط حراسة ألامكنة وتوفير مستلزماتها الصحية ،بل إن املشرع -ومن خالل نص املادة -123يلزم
املقاوالت واملنشآت الصناعية بإنشاء دار للحضانة ،وذلك بمساهمة عدة مقاوالت متجاورة بمنطقة
من خالل ما سبق تظهر أهمية هذه املقتضيات وقيمتها ،لكن تفعيلها يظل معلقا بتوفير مفتشية
فعالة ،إذ يجب عدم الاكتفاء بالغرامة املنصوص عليها في حالة املخالفة (املادة 122من همش) بل يكون
من ألاهمية بمكان إضافة إجراء يقرض على املؤسسة إقامة هذه الغرف وتجهيزها وفقا ألحكام املدونة،
من قبيل فرض غرامة تهديدية إذا لم تنفذ املؤسسة مضمون إلانذار الذي يمنح فيه مفتش الشغل أجال
78
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
معينا لالستجابة ،بل ويمكن اعتبار إلاخالل بعدم إقامة غرف مالئمة للرضاعة إخالال بتدابير الصحة
والسالمة.144
ملقتضياته أقر في الباب الثاني من القسم ألاول من الكتاب الثاني من قانون مدونة الشغل 22.11قواعد
حمائية خاصة للمرأة الحامل في إطار نظرة حقوقية تزاوج بين حق املرأة العاملة وحق الجنين و الطفل
وألاسرة عموما ،وذلك حين حرص على إدراج املوضوع تحت عنوان له أكثر من داللة "حماية ألامومة"،
وخص املوضوع باملواد (من 122إلى ،)122ضمنها قواعد و مبادئ جوهرية لحماية ألاجيرة الحامل
وحقوقها ألاساسية مع التأكيد على التزامات قانونية مفروض على املشغل التقيد بها واحترامها .145
إن املالحظة ألاساسية التي يمكن إثارتها عند الحديث عن إجازة الوضع هو ما ذهب إليه املشرع
الذي اعتبر عقد العمل خالل تلك الفترة متواصلة ،ومعلوم أن توقف عقد الشغل يؤدي تلقائيا إلى
توقف ألاجر.
79
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
فعلى مستوى اتفاقيات منظمة العمل الدولية لم تلزم مقتضياتها صاحب العمل بدفع أجرة
العامالت أثناء إجازة الوضع ،سواء في الاتفاقية رقم 3الخاصة باستخدام النساء قبل الوضع وبعده أو
في الاتفاقيات التي أعقبتها في نفس املوضوع ،وهكذا قضت الاتفاقية بمنح ألاجيرة إعانة مالية تكفي
لعيشها هي ووليدها في صحة طيبة ،ولم تلزم هذه املادة املؤاجر بدفع هذه إلاعانة بل جعلتها تدفع إما
من ألاموال العامة أو عن طريق التأمين ،وفي نفس الاتجاه ذهبت املادة 2من الاتفاقية رقم 113بشأن
حماية ألامومة التي قضت بأحقية ألاجيرة في تلقي إعانات نقدية أثناء تغيبها عن العمل في إجازة ألامومة،
ونصت هذه املادة بشكل صريح على عدم جواز جعل صاحب العمل مسؤوال على حدة عن تكاليف
إلاعانات املستحقة لألجيرات العامالت لديه ،ونفس املقتض ى جاءت به املادة 2من الاتفاقية رقم .146123
والتشريع املغربي بدوره يصنف ضمن التشريعات التي ال تمنح أجرا للعاملة ،وإنما تكتفي بمنحها
إعانة أو (تعويضا عن ألامومة) سواء في ظل التشريع القديم وذلك بالرجوع إلى أحكام ألامومة الواردة في
ظهير 2يوليوز 1122امللغى ،أو في ظهير 22أبريل ،1123فإننا ال نالحظ أية إشارة إلى أجر العاملة ،مما
إذ إن املتأمل ،سواء في مقتضيات تشريع الشغل امللغى أو في مدونة الشغل الحالية ،ال يلمس أي
إشارة ال من قريب وال من بعيد إلى مصير أجر املرأة خالل فترة ألامومة .لذلك تفهم من سكوت املشرع
80
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
وإذا كان بعض الفقه ال يضر هذا السكوت بالحرمان من ألاجر ألن املشرع خصها بتعويضات
ألامومة على مستوى ظهير 22يوليوز 1122املتعلق بالضمان الاجتماعي ،يكون لكل أجيرة الحق في التمتع
بتعويضات ابتداء من تاريخ التوقف عن العمل وذلك طوال أربعة عشر أسبوعا ،سبعة منها على ألاقل
-بعد الوضع ،وفي نفس الوقت اشترط توافر مجموعة من الشروط الاستفادة ألاجيرة من هذه التعويضات
واملتمثلة في:
-اشتراك املرأة ألاجيرة في الضمان الاجتماعي ملدة 22يوما متصلة أو غير متصلة خالل عشرة أشهر
هذا ويتعين على ألاجيرة إخبار الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي تطبيقا للفصل 31من ظهير
22يوليوز 1122والذي يحيل على الفصل 33الخاص بالتزام العامل املريض بإشعار الصندوق الوطني
للضمان الاجتماعي بحالته املرضية ،وهناك من الفقه من اعتبر إخبار الصندوق الوطني للضمان
الاجتماعي بمثابة شرط رابع الاستفادة ألاجيرة ما لم تحل دون ذلك قوة قاهرة.148
وابتداء من يناير ،1113أصبحت ألاجيرة تستقيد %111من ألاجر اليومي املتوسط 149خالل أربعة
عشر أسبوعا ،سب عة منها على ألاقل بعد الوضع ،كما حدد املشرع مقدار التعويضات في الفقرة الثانية
من الفصل 32من ظهير ،1122حيث جاء فيها" :يساوي ألاجر اليومي املتوسط املتخذ أساسا لحساب
81
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
التعويض اليومي املستحق من العجز ألاول ناتج عن قمة مجموع ألاجور الخاضعة لالشتراط التي فيها
املؤمن له خالل ألاشهر املدنية السنة السابقة البتداء العجز ألاول عن العمل على عدد ألايام التي اشتغل
بمجرد استئناف ألاجيرة للشغل بعد انقضاء فترة إجازة الوضع أو إلاجازة املرتبطة بحالة مرضية
ناتجة عن النفاس ،يبرز مشكل أساس ي يمس حق الطفل في التغذية ويؤثر على نفسية ألاجيرة التي تكون
أكثر ارتباطا بمولودها ،ألامر الذي من شأنه التأثير على مردوديتها داخل املقاولة ،وقد يحصل مساس
بصحة املولود ملا للرضاعة الطبيعية من أهمية قصوى في النمو السليم ،وتوفير مناعة ضد ألامراض.150
فأمام ارتباط تغذية املولود بأمه ألاجيرة التي قد تكون عند استئناف العالقة الشغلية بعيدة عن
وليدها ملدة ثمان ساعات ،فكان ال بد من تدخل تشريعي يوفر الحماية ملولودها من جهة ،ومنحها في
ألاجر من جهة ثانية ،وهو ما تم تكريسه بمقتض ى املادة 121من مدونة الشغل التي تنص على أنه" :يحق
لألم ألاجيرة أن تتمتع يوميا ،على مدى اثني عشر شهرا ،من تاريخ استئنافها الشغل إثر الوضع باستراحة
خاصة ،يؤدى عنها ألاجر باعتبارها وقتا من أوقات الشغل ،وتكون هذه الساعة مستقلة عن فترات الراحة
فاألجيرة املرضعة في ظل التشريع املغربي لها الحق في الحصول على رخصة يومية مدتها نصف
ساعة صباحا ونصف ساعة مساءا إلارضاع طفلها ،ويمكن جمع هاتين املدتين في مدة واحدة صباحا
82
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
عند بداية العمل أو مساءا عند انتهائه بعد اتفاق مع املشغل ،ويؤدي لها ألاجر عن فترة إلارضاع ،وتعتبر
كوقت من أوقات العمل ،وهذه من أهم الامتيازات املمنوحة للمرأة بمناسبة ألامومة.
وعلى العموم ،فالتشريع املغربي على غرار التشريعات ألاخرى أحاط أجر املرأة خالل فترة ألامومة
بعناية بالغة وعيا منها بأهميته بالنسبة لها في ضمان عيش مناسب أثناء فترة توقفها عن العمل بسبب
الوضع ،151وحتى بعد رجوعها إلى العمل واستئنافه من خالل تمكينها من ألاجر عن فترة إلارضاع.
تكريما من هللا عز وجل في القرآن والسنة النبوية ،حيث يبدو جليا التذكير بفضل ألامهات والتوجيه إلى
حجم العناية املطلوبة لهن والتنصيص على الحقوق املطلوب تنفيذها لهن من قبل ألاوالد خاصة
واملجتمع عامة.153
والرخص الشرعية التي خصت بها الحامل والنفساء دليل آخر ومظهر ينضاف إلى ما ذكر في سياق
تكريم ألامومة في إلاسالم ،ومن ذلك إعفاء النفساء من حق هللا الخالص املتمثل في الصالة مدة أربعين
يوما ،فقد أجمع أهل العلم من أصحاب الرسول صلى هللا عليه وسلم والتابعين ومن بعدهم أن الفضاء
83
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
حيت ،من البديهي ،إن الحمل والوضع والرضاع تكون له آثار بالغة على صحة املرأة بصفة عامة،
و على ألاجيرة يشكل خاص ،فتكون لها بالتالي انعكاسات سلبية على قدرتها إلانتاجية في العمل ،ولعل
هذه الانعكاسات من أهم العوامل ألاساسية التي تدفع بعض املشغلين إلى تسريح العاملة والتخلص منها
كلما ظهرت عليها بوادر حملها ،أو في أقص ى الظروف قبل وضعها أو بعده بقليل حيت إنتاجيتها تبدأ في
الانخفاض ،إضافة إلى تغيباتها املؤقتة عن العمل خالل الفترات السابقة والالحقة للوضع وخالل فترة
إذا كانت اتفاقيات الشغل الدولية والعربية تقر لألجيرة إجازة خاصة بالوالدة تمكنها من الوضع في
ظروف مناسبة وفي استعادة ولو جزء من صحتها ،وأيضا تمكنها من رعاية مولودها في أسابيعه ألاولى،
فإن هذه الاتفاقيات الدولية لم تقف عند هذا الحد ،وإنما مددت حماية املرأة أيضا إلى استقرار منصب
شغلها.156
فلم تعد قضية حماية املرأة العاملة أثناء فترة ألامومة قضية هامة على املستوى الوطني فحسب،
وإنما أصبحت وأكثر من ذلك قضية عامة على املستوى الدولي .وفي هذا إلاطار بادرت منظمة الشغل
الدولية أثناء انعقاد مؤتمرها ألاول في مدينة واشنطن سنة 1111إلى إصدار اتفاقية دولية تتعلق بحماية
ألامومة " ،" Protection de la maternitéوقد تخلت هذه الاتفاقية حيز التنفيذ بتاريخ 13يونيو .1121
وفي سنة 1122قامت منظمة الشغل الدولية بإصدار اتفاقية تتعلق بمراجعة الاتفاقية الصادرة سنة
84
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
،1111وقد حظيت الاتفاقية املراجعة عام 1122بمصادقة 32دولة ،ومن أهم املبادئ الواردة في
الاتفاقية املذكورة هو حق املرأة العاملة في الاحتفاظ بمنصبها ويذلك فإنه ال يجوز لصاحب العمل أن
فاالتفاقية رقم 113املعدلة لالتفاقية املذكورة جاء في املادة 2منها أنه "ال يجوز قانونا أن ينذر
صاحب العمل بالفصل امرأة متغيبة عن عملها في إجازة ألامومة املمنوحة لها طبقا ألاحكام املادة الثالثة
من هذه الاتفاقية ،وال يبت لها بمثل هذا إلانذار بحيث تنتهي مدته أثناء التغيب".
وهذا ما نصت عليه املادة 11من اتفاقية القضاء على أشكال التمييز ضد املرأة في بندها الخامس،
وذلك حينما عملت على "ضمان الحماية من التمييز ضد املرأة بسبب الزواج أو ألامومة وذلك من خالل
منع فصلها يسيب الزواج والحمل وألامومة ،"...وهو ما جاء أيضا في الفقرة الثانية من املادة 11من
إلاعالن العالمي للقضاء على التمييز ضد املرأة الصادر في 2نونبر 1122عندما منعت التمييز ضد املرأة
يسيب ألامومة .وحثت الدول على اتخاذ التدابير الالزمة للحيلولة دون فصلها يسيل ألامومة.158
وعلى مستوى منظمة العمل العربية ،فقد نصت املادة 12من الاتفاقية رقم 2املتعلقة باملرأة
العاملة لسنة 1122على أنه" :يحظر فصل املرأة أثناء حملها أو قيامها بإجازة الوضع أو أثناء إجازتها
- 157الحاج الكوري :قانون الضمان الاجتماعي ،دراسة تحليلية ومقارنة ،الطبعة الاولى ،2111 ،ص .122-123
- 158عمرو بنعلي :مرجع سابق ،ص .22
85
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
في إطار الحماية التي راهن مشرع مدونة الشغل على تفعيلها للطرف الضعيف في العالقة الشغلية
بشكل ال يؤثر على حقوق املؤاجر ،تصدر في ديباجة املدونة إلاقرار مبدأ مؤداه منع كل إجراء يستهدف
-الحمل وألامومة.
فاملشرع املغربي اعتبر في ديباجة مدونة الشغل ،أنه ال يمكن فصل ألاخيرة الحامل من املؤسسة
وأكدت املادة 121من مدونة الشغل أنه ال يمكن للمشغل إنهاء عقد شغل ألاجيرة التي ثبت حملها
بشهادة طبية أثناء الحمل ،أو بعد الوضع بأربعة عشر أسبوعا ،كما ال يمكنه إنهاء عقد شغل ألاجيرة
أثناء فترة توقفها عن الشغل بسبب نشوء حالة مرضية عن الحمل أو النفاس ،مثبتة بشهادة طبية،
وبالتالي فإنه إذا ما فسخ عقد الشغل مع املرأة الحامل ،يعتبر فخه هذا عديم ألاثر ،ومن لم يحق لها
وبالتالي فقد ميز املشرع بين بادرة الضخ الصادرة عن املشغل ،أو تلك الصادرة عن ألاجيرة ،فمنع
على ألاول فسخ العقد لهذا السيب ،في حين أنه لم يزيل تعويض في حالة اتخاذ هذه البادرة من طرف
86
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
ألاخيرة الحامل ،وبذلك فهي غير ملزمة بمراعاة أجل ألاخطار ،وألداء تعويض عن إنهاء عقد الشغل حسب
ولعل هذه إلاجراءات فيها مراعاة لظروف ألاجيرة الحامل الصحية والنفسية ،وحماية ألمومتها
وملولودها.
وفي هذا السياق فإن املادة 121من م.س تؤكد على ذلك ،حيث إن قرار فصل ألاخيرة يكون
باطال ،وذلك إذا بلغت قرار فصلها قبل أن تثبت حملها بشهادة طبية ،حيث يمكنها في أجل خمسة عشر
يوما من إبالغها قرار الفصل إثبات حملها بشهادة طبية توجهها إلى املشغل برسالة مضمونة مع إلاشعار
بالتوصل ،ويصيح الفصل نتيجة ذلك باطال ،مع مراعاة مقتضيات الفقرة الثانية من املادة .121
وإذا كان املبدأ العام هو منع املساس باستقرار ألاجيرة الحامل ،فإن هناك استثناءات ترد عليه
حددها املشرع وفق ضوابط ومسطرة خاصة تنص عليها في الفقرة الثالثة من املادة 121من مدونة
الشغل التي تنص على أنه "غير أنه يمكن للمشغل إنهاء العقد إذا اتبت ارتكاب املعنية باألمر خطأ جسيما،
أو لألسباب ألاخرى القانونية الفصل ،شرط أال تبلغ ألاجيرة قرار إلانهاء أثناء فترة توقف عند الشغل
املنصوص عليها في املادتين 122و 122أعاله ،وال يكون لهذا إلانهاء أي أثر خالل هذه الفترة".161
واملشرع املغربي نص على ألافعال التي تعز بعناية أخطاء جسيمة في املادة 31من مدونة الشغل،
وأوردها على سبيل املثال ال الحصر ،ويبقى للمحكمة في إطار سلطتها التقديرية القول بجسامة الخطأ
من عدمه .162فبذلك يكون مشرع مدونة الشغل مكرسا ملبدأ استقرار ألاجيرة في شغلها ،وأنه ال يمكن
87
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
للمؤاجر طردها بسبب حملها أو املرض الناتج عن الحمل ،بل حتى في حالة ارتكابها لخطأ جسيم يبرر
طردها وتأجيل ذلك إلى ما بعد استقرار الحالة الصحية والنفسية للمرأة الحامل ،بوضعها للمولود
وانتظار مرور مدة ال تقل عن 12أسبوعا بعد الوضع أو السنة في حالة اتفاقها مع املشغل كما هو
أما فيما يتعلق بالتشريعات املقارنة ،فإن املشرع الفرنس ي فيد سلطات املشغل خالل فترة ألامومة،
حيث نصت املادة L122-22-2على أنه يمنع منعا مطلقا على املشغل اتخذ قرار يطرد املرأة في الحاالت
التالية:
ولقد فرض املشرع الفرنس ي على املشغل الذي يخالف املقتضيات السابقة املتعلقة بمنع الفصل
بسبب الحمل أو الوالدة جزاءات مدنية وجنائية ،كما ذهب إلى أبعد من ذلك عندما أقر حماية ألاجيرة
من تماطل املشغل من إدماجها في عملها بعد انتهاء إجازة ألامومة حيت رتب تعويضا عن كل يوم تأخير
في التنفيذ.
أما في القانون الجزائري فإنه في بداية ألامر كان املشرع الجزائري فاصال في هذه املسألة بمقتض ى
الفقرة الثانية من املادة 22من ألامر رقم 31/22التي كانت تنص على أنه" :يعد باطال وعديم ألاثر كل
تسريح مبلغ خالل هذه الفترة التي تقطع سريان مهلة العطلة" ،أي أثناء فترة إلاجازة كما ينص في الفقرة
88
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
الثانية من املادة 32من املرسوم 312\22على أنه "يعد كل تسريح يبلغ في هذه الفترة التي تقطع أجل
العطلة الغيا وبدون أثر" .غير أن القوانين التي تلت هذا القانون املذكور لم تدرج هذا املقتض ى بصورة
صريحة وواضحة ،مما دفع الفقه الجزائري إلى دعوة املشرع إلى النص صراحة على مبدأ حظر فصل
أما املشرع املصري فقد نص ملقتض ى املادة 12من قانون العمل املصري لسنة 2113على أنه:
"يحظر على صاحب العمل فصل العاملة أو إنهاء ختمتها أثناء إجازة الوضع املبينة باملادة السابقة ".
ونص املشرع ألاردني في املادة 22من قانون العمل لسنة 1112على ما يلي" :مع مراعاة أحكام
الفقرة -ب -من هذه املادة ال يجوز لصاحب العمل إنهاء خدمة العامل أو توجيه إشعار إليه إلنهاء
خدمته في أي الحاالت التالية :املرأة العاملة الحامل ابتداء من الشهر السادس من حملها " .165 ....
أما في القانون الفلسطيني ،فال يجوز فصل املرأة العاملة بسبب إجازة ألامومة إال إذا ثبت أنها
وهكذا فاملشرع املغربي لم يكن بمعزل عن غيره من التشريعات التي تناولت الجانب الحمائي
للحامل وألام ألاجيرة ،سواء فيما يتعلق بحماية عملها ،أو حماية أجرها بتمكينها من الحصول على
تعويضات عن الوالدة ،إضافة تمتيعها بإجازة الوضع وفترة إلارضاع ،وكان من الضروري إحالة صحة
الحامل بمقتضيات حمائية كافية قبل الوضع وبعده ،فعملية الوضع مرحلة عصيبة ومؤملة ملا تعيشه
املرأة من صعوبات تم التعبير عنها في الثقافة الشعبية بالقول إن املرأة تكون فيها ما بين الحياة واملوت،
89
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
وذلك ملا تكايده من معاناة وملا يمكن أن يترتب عن ذلك من نتائج قد يكون تمنها حياة ألام ،167مما جعل
تميزت مدونة الشغل بتعزيز الترسانة القانونية املتعلقة بالحماية التشريعية للمرأة ،وجمع شتاتها
بعد أن كانت موزعة على عدة تشريعات وقوانين خاصة بالشغل ،وسيطر على مشرع دونة الشغل
مالءمته النص الوطني مع الاتفاقيات واملعاهدات الدولية التي صادق عليها املغرب فيما يتعلق بحماية
النساء.168
فقد ضمنت مدونة الشغل أحكاما خاصة لتنظيم تشغيل النساء ألاجيرات في الباب الرابع والباب
الخامس من الكتاب الثاني ،تحت عنوان تشغيل النساء وألاحداث ليال (املواد من 122إلى ،)122
وألاشغال املمنوعة على النساء وألاحداث وألاحكام الخاصة بتشغيل النساء وألاحداث املواد من 121إلى
،)123وسنتطرق إلى هذه املقتضيات في الفترة ألاولى ،أما الفقرة الثانية فسنخصصها لتنظيم ظروف
- 167خلود السباعي :الجسد ألانثوي وهوية الجندر ،جداول للنشر والتوزيع ،الطبعة الاولى ،مايو ،2111ص .123
- 168مراد القادري :الحماية التشريعية للمرأة أو الطفل في مدونة الشغل الجديدة ،مجلة امللف ،العدد السادس ،ماي ،2112ص .221
90
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
العمل على مالءمة ظروف وبيئة العمل مع القدرة الجسدية للمرأة ألاجيرة والحيلولة بينها وبين تعاطي
بعض ألاعمال غير الصحية التي قد يكلفها بها املشغل وتؤثر عليها (أو ال) ،إضافة إلى ذلك تتجلى أهم هذه
منع استخدامهن في بعض ألاعمال التي تشكل خطورة بالغة عليهن ،أو تفوق طاقاتهن أو من شأن
ممارستهن لها إلاخالل بالداب العامة .وهكذا منعت تشغيل النساء في ألاعمال الجوفية أو ألاعمال
الباطنية ،إضافة إلى ألاعمال وألاشغال الخطرة والشاقة التي من شأن ممارستها من طرف ألاخيرة إلاضرار
مما ال شك فيه أن ألاعمال الجوفية ال تتالءم وقدرة النساء البدنية ،كما ال تناسبهن من الناحية
الصحية وألاخالقية ،وذلك أن السماح لهن بالشغل في أغوار املناجم يعني بالضرورة تعريضهن ملجموعة
91
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
من ألاخطار التي من شأنها أن تضر بصحتهن أو سالمة أجسادهن وتمثل خطرا على وظيفة ألامومة
لديهن.170
وهكذا منع تشغيل النساء في ألاعمال الجوفية التي يقصد بها تلك ألاعمال التي تمارس باملناجم
أو املقالع أو املحاجر أو غيرها من الحفريات ،وقد عمدت منظمة العمل الدولية في وقت مبكر منذ سنة
1132إلى حظر استخدام النساء في هذا النوع من ألاعمال بموجب الاتفاقية الدولية رقم ،22وقد بينت
املادة ألاولى من هذه الاتفاقية أن املقصود بكلمة منجم يشمل كل شغل عام أو خاص ،الغرض منه
وقد تدخل املشرع املغربي لتكريس مبدأ منع تشغيل النساء بهذا النوع من ألاشغال وذلك من
خالل مجموعة من الظهائر التي سبقت مدونة الشغل ،وذلك من قبيل الفترة ألاولى من الفصل 22من
ظهير 2يوليوز 1122الذي منع من خاللها استخدام النساء في هذه ألاعمال كيفما كان سنهن ،والفصل
21من ظهير 1121/12/22املتعلق بالنظام ألاساس ي ملستخدمي املقاوالت املنجمية حيث أكد على منع
أما مدونة الشغل فقد نصت في مادته 121على أنه " يمنع تشغيل ...النساء ...في املقالع وفي
ألاشغال الجوفية التي تؤدي في أغوار املناجم واستثنى النص التنظيمي الصادر بهذا الخصوص 171طائفة
من النساء اللواتي ال يسري عليهن هذا املنع ،ويتعلق ألامر بالنساء العامالت باملصالح الصحية
- 170محمود سالمة :الحماية الدولية والعربية للمرأة العاملة ،مجلة الحقوق ،مجلس النشر العالمي ،مجلة الكويت ،العدد الثاني ،يونيو
،1111ص .313
- 171بنيت املادة الاولى من هذه الاتفاقية أن املقصود بكلمة منجم يشمل كل شغل عام أو خاص الغرض منه استخراج مواد من باطن
ألارض.
92
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
والاجتماعية ومناصب إلادارة والتسيير فضال عن النساء اللواتي يوجدن في وضعية املتدربات ،وكذلك
الذين يدعون بصفة عرضية للنزول إلى أغوار املناجم املزاولة أشغال غير يدوية (املادة 3من املرسوم
رقم .172)2/12/1222
ولعل املالحظة البديهية في منع اشتغال النساء في ألاعمال الجوفية هي تكريس مدونة الشغل للمنع
املطلق لعمل املرأة ألاجيرة تحت سطح ألارض ،وذلك كيفما كان شكل هذه ألاشغال ،سواء تعلق ألامر
وإذا كان هذا النوع من ألاشغال ال يطرح إشكاال كبيرا خاصة أمام عدم إقبال النساء عليه من
جهة بالنظر لتركيبة املجتمع املغربي بعاداته وتقاليده الذي يصعب إمكانية الولوج لهذا املجال واملحتكر
غير أن هناك نسبة كبيرة من النساء تقبل باالشتغال في ألاشغال الخطرة والضارة وفي أسوء
كما هو معلوم ،هناك بعض ألاعمال التي تتطلب من الجهد ما يعجز عنه جسم النساء ،بالنظر
لتكوينهن الفيزيولوجي ،أو قد يشكل خطرا على صحتهن ،مما يجعلهن مؤهالت للعمل في بعض ألاعمال
دون أخرى ،وال شك أن الرغبة في تجنب العواقب التي من املمكن أن تنتج عن ممارسة هذه املهن ،مما
دفع املشرع املغربي إلى منع بعض ألاعمال الخطرة والشاقة على النساء.
93
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
وفي السياق الدولي نجد أن منظمة العمل الدولية سنة 1122الاتفاقية رقم 13حول استعمال
الرصاص ألابيض في الطالء ،حيث منعت في املادة 3استخدام جميع النساء في أعمال الطالء الصناعي،
وأيضا اتجهت منظمة العمل العربية منذ تأسيسها إلى منع استخدام النساء في ألاعمال الخطيرة والشاقة،
وقد منعت املادة 121من مدونة الشغل تشغيل النساء وألاحداث واملعاقين في ألاشغال التي تشكل
مخاطر بالغة عليهم أو تفوق طاقتهم ،أو قد يترتب عنها ما قد يخل بالداب العامة ،مع ترك تحديد الئحة
إذن ،واعتبارا للبنية الجسدية الضعيفة عامة بالنسبة للمرأة سواها بالحدث ومنع تشغيلها في
املقالع وألاشغال الجوفية التي تؤدى في أغوار املناجم ،وفي ألاشغال التي تشكل مخاطر بالغة عليهن أو
وقد تم تحديد هذه ألاشغال بداية بواسطة املرسوم رقم 2.12.222بتاريخ 21ديسمبر 2112
بتحديد الئحة ألاشغال املمنوعة على ألاحداث دون الثامنة عشر والنساء وألاجراء املعاقين ،غير أن
مرسوما آخر صدر بتاريخ 12نوفمبر ،2111وهو مرسوم رقم 2.11.123املتعلق بتحديد ألاشغال التي
يمنع أن يشغل فيها بعض التقنيات من ألاشخاص ،ونسخ املرسوم السابق وغير ومدد الئحة ألاشغال
املمنوعة والتي هي إضافة إلى منع ألاشغال الجوفية وفي املقالع التي تؤدي في أغوار املناجم نجد منع
ألاشغال التالية:
- 174مصطفى حتبيتي :القانون الاجتماعي ،عالقات الشغل الفردية ،مرجع سابق ،ص .22
- 175محمد بنحساين :القانون الاجتماعي املغربي ،مرجع سابق ،ص .22
94
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
ألاشغال التي قد تعرضهن للسقوط أو الانزالق ،وكذا ألاشغال املنجزة في وضعية تربع أو انحناء دائم.
أشغال أو أنشطة تستعمل فيها مادتي الحرير الصخري والبنزين أو في أي نشاط آخر يعرضهن ملواد
كيماوية خطيرة.
بأشغال تجعلها في اتصال مع مواد كيماوية تحتوي على الرصاص ،أو عناصر بيولوجية من قبيل
وجدير بالذكر أنه حماية للنساء ألاجيرات وتوفير الحماية الالزمة لهن ،نصت املادة 122من مدونة
الشغل أنه "يجب أن يتوفر في كل قاعة من القاعات داخل املؤسسات التي تتولى النساء فيها نقل البضائع
وألاشياء ،أو عرضها على الجمهور ،عدد من املقاعد لالستراحة يساوي عدد ألاجيرات بها" ،حتى يتمكن
جميعا من العمل في ظروف مالئمة ويتجنبن مشقة أداء هذا العملية في وضعية الوقوف ملدة طويلة.
بالنسبة للنساء ،فقد كشفت العديد من الدراسات وألابحاث التي تناولت انعكاسات العمل الليلي على
صحة النساء أن هذا ألاخير يعرض النساء ملخاطر صحية بما في ذلك اضطرابات النوم وتغير عادتهن
الغذائية ،177كما أشارت إلى أن مخاطر العمل الليلي ال تقف عند ألاضرار الصحية ،وإنما له انعكاسات
95
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
على الحياة العائلية والاجتماعية ،وما يحدث من اضطرابات في تنظيم الحياة اليومية داخل املنزل وفي
حياة ألاسرة بما في ذلك العالقات التي تربط بين مختلف أعضائها .178
العمل الليلي هو كل عمل يتم إنجازه في الفترة التي ينص تشريع الشغل على أنها فترة ليل ،ويقصد
به في مفهوم الاتفاقيات الدولية" أي عمل يؤدي حالل فترة ال عن سبع ساعات متعاقبة وتشمل املدة
من منتصف الليل إلى الساعة الخامسة صباحا ،على أن تحددها السلطة املختصة بعد استشارة أكثر
وموضوع التشغيل الليلي مواقف متباينة ومختلفة بين العديد من التيارات الفكرية والحقوقية
ويمكن التمييز في هذا الصدد بين اتجاهين بارزين .اتجاه أول يذهب للقول بضرورة حظر هذا النوع من
العمل ملا فيه من تحميل النساء بأكثر من طاقتهن ،كما أمه يعرضهن ألخطار متعددة ،سواء وهن في
طريقهن للعمل ،أو أثناء عملهن ،أو عند عودتهن للمنزل ،فضال عن كونه ال يالئم خصوصيات املرأة
واتجاه تان يعتبر حظر التشغيل الليلي للنساء من صور التمييز القائم على النوع الاجتماعي الذي
واملالحظ أن الاتفاقيات الدولية ذهبت في بداية ألامر إلى حظر التشغيل الليلي للنساء ،حيت أقرت
منظمة العمل الدولية منذ سنة 1111هذا امليدان من خالل الاتفاقية رقم 2املتعلقة بالعمل الليلي
96
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
للنساء ،والتي قضت بمنع تشغيل النساء ليال ما عدا كان العمل املوكول ملن يمارس في إطار مؤسسة
إضافة إلى الاتفاقية رقم 21لسنة 1122بشأن تشغيل النساء ليال الصادرة أيضا عن منظمة
العمل الدولية ،والتي حظرت تشغيل النساء ليال ،راشدة كانت أم حدنا ،باستثناء املشروعات التي
تستخدم ألفراد أسرة أصحاب العمل ،180فقد نصت املادة 3منها أنه "ال يجوز تشغيل النساء من أي
سن ليال ،في أي منشأة صناعية عامة أو خاصة ،أو أحد فروعها ،ويستثني من ذلك املشروعات التي ال
وأكدت منظمة العمل العربية مبدأ حظر التشغيل الليلي من خالل اتفاقية رقم 2لسنة ،1122
والتي سارت في نفس املنحى ،حيث نصت على أنه "ال يجوز تشغيل النساء ليال وتحدد الجهات املختصة
في كل دولة املقصود باليل طبقا ملا يتماش ى مع جو وموقع وتقاليد كل بلد ،ويستثنى من ذلك ألاعمال
إال أن التحوالت التي عرفتها املجتمعات املعاصرة ،وظهور مقاوالت تفرض طبيعتها الاشتغال ليال،
جعلت موضوع التشغيل الليلي للنساء يطرح من جديد ،ذلك أن استمرار مبدأ حظر تشغيلهن بالليل
كان يشكل عائقا يحول دون ولوج املرأة لعالم الشغل ،بسبب قلة فرص الشغل املتاحة من جهة ،وكذا
97
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
إذا كان املبدأ هو حق إلانسان املطلق في الشغل ،فإن من الطبيعي أن يكون ذلك خالل النهار،
َ َ َ ْ َ َّ
الليْ َل ِ َبل ً
اسا ألنه الوقت املناسب للعمل وطلب الرزق سواء بالنسبة للرجل أو املرأة ،قال تعالى :وجعلنا
لكن التطور الحاصل في ميدان العمل من حيت ظهور الصناعات املستمرة واملعامل التي ال تتوقف
فيها عجالت إلانتاج ،أصبح معه العمل الليلي ضرورة وواقعا مألوفا .لكن ال يمكن ألحد أن يجادل بأن
للعمل الليلي تأثيرا على الجانب الصحي واملعنوي على ألاجراء عموما وعلى ألاجيرات خصوصا ،183الرتباطها
وبالرجوع إلى تسريع العمل املغربي ،فإن الالتفات إلى تنظيم العمل الليلي عرف منذ ،1122من
خالل ظهير 13يوليوز 1122الذي منع الحمل الليلي للنساء ،فقد استمر العمل بهذا الظهير إلى أن تم
إلغاؤه بظهير 2يوليوز 1122الذي تضمن قواعد صريحة تمنع النساء من العمل ليال حسب الفصل 12
منه ،ولكن مع ذلك فقد أورد املشرع بعض الاستثناءات سواء املنصوص عليها في نفس الظهير ،أو
املراسيم التطبيقية له أو في نصوص الحقة له ،بمعنى أن املعنى لم يكن كليا .وفي امليدان الفالحي ،لضمن
الفصل 12من ظهير 1123املحدد لشروط التشغيل وأداء ألاجور بمؤسسات الاستغالالت الفالحية
98
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
والغابوية واملرافق التابعة لها ،مبدا حظر تشغيل النساء ليال في هذه املؤسسات في املادة 12منه حيث
تنص أنه "ال يمكن تشغيل ألاطفال البالغين من العمر 12سنة والنساء القيام بعمل ليلي".184
وقد كان صدور مدونة الشغل فرصة إلعادة النظر في الخطر املوجود سابقا على العمل الليلي
للنساء ،حيث أصبحت املدونة الجديدة تسمح بتشغيل اليد العاملة النسائية في أي شغل ليلي مع ألاخذ
بعين الاعتبار وضعهن الصحي والاجتماعي ومراعاة الاستثناءات التي تحدد بنص تنظيمي ،وذلك بعد
استشارة املنظمات املهنية للمشغلين واملنظمات النقابية لألجراء ألاكثر تمنية ،بل وسمحت بتشغيلهن في
أي شغل ليلي بدون مراعاة الاستثناءات املحددة بنص تنظيمي وذلك في املؤسسات التي تحكم الضرورة
أن يكون نشاطها متواصال أو موسميا ،أو منصبا على استعمال مواد أولية ،أو في طور إلاعداد ،أو
استخدام محاصيل فالحية سريعة التلف ،وكذلك في حالة تعرض املقاولة لظروف استثنائية .وعلقت
العمل الليلي في هذه الحاالت على ضرورة الحصول على رخصة استثنائية من العون املكلف بالشغل،
وكما هو معلوم ،فإن تشريعات العمل الحديثة تجيز العمل الليلي للنساء ،وهو أمر حكمته
التحوالت الاجتماعية والاقتصادية ،وفرضته التطورات التي عرفتها الساحة الحقوقية لكنها وضعت
قيودا ينبغي على املقاوالت التي تقض ي طبيعتها العمل ليال الالتزام بها منها توفير وسائل النقل الالزمة
للربط بين مقر الشغل ومحل إلاقامة ،وتمتيع العامالت بمدة راحة معينة بعد كل أربع ساعات من العمل
املتواصل.185
99
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
وقد صدر النص التنظيمي املحدد لشروط العمل الليلي للنساء ،وهو املرسوم رقم 212.222في
12من ذي القعدة 1222هـ ( .186)2112/12/21وجاء في مادته ألاولى ما يلي " :تحدد كما يلي الشروط
توفير وسائل النقل من محل إقامتهن إلى مقرات الشغل ذهابا وإيابا ،في حالة عدم توفر وسائل النقل
العمومي.
تمتيعهن براحة ال تقل مدتها عن نصف ساعة بعد كل أربع ساعات من العمل املتواصل .تدخل مدة
وما يالحظ على هذا النص التنظيمي كونه حاول توفير بعض الضمانات الحمائية لألجيرة في حال
اشتغالها ليال ،إال أن ما يعاب عليه أنه اقتصر على إلزام املشغل بتوفير وسائل النقل في حالة عدم توفر
وسائل النقل العمومي ،وقد كان من ألاجدر به إلزامه بذلك سواء كانت وسائل النقل العمومي متوفرة
أم ال.
ويبقى الشرط ألاخير أيضا محل تساؤل بالنظر إلى مصطلحاته الفضفاضة ،إذ ما هي املعايير
من جهة أخرى يالحظ أن مدونة الشغل لم تتضمن كذلك188 املعتمدة العتبار وسائل الراحة فعال
مقتضيات واضحة ودقيقة تتعلق بالتشغيل الليلي للنساء خالل فترة الحمل أو بعده حينما اكتفت في
100
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
املادة 122على إلزام املشغل بمراعاة الوضع الصحي والاجتماعي لألجيرة ،وهذه الصياغة تقبل أكثر من
تأويل.
وبهذا يكون املشرع املغربي قد استجاب الدعوات الهادفة إلى إلغاء الحظر املذكور الذي عانت منه
املرأة املغربية طويال ،إذ تحولت قاعدة منع العمل الليلي إلى مجرد استثنائي قانوني ،بينما تحول الاستثناء
الاقتصادية ضمان كرامة إلانسان وتلبية حاجياته ،واملساهمة في خلق أهم خلية في املجتمع وهي
ألاسرة.190
إال أن التمتع بهذا الحق ال يمكن أن يتحقق بدون ضوابط أو شروط ،فتقرير مبدأ حرية الشغل
لم يكن ليمنع املشرع من التدخل الترسيم حدود هذا املبدأ ،وتقييده العتبارات تتعلق بمصلحة ألاجيرة
نفسها ،كتلك املقتضيات التي ترمي إلى توفير الحماية لألجيرات ذوات إلاعاقة.
وفي هذا السياق ،فقد تمتع ألاشخاص ذوي إلاعاقة باهتمام دولي ملحوظ ،وحظي موضوع
تشغيلهم باهتمام واسع من قبل العديد من الدول واملنظمات الدولية ،إذ أن العناية املوجهة لهذه
الفئات لم تعد تمثل فقط تحديا أمام الدول لتوفير الرعاية الشريحة من سكانها ،وإنما أصبحت تمثل
101
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
أيضا أحد املعايير ألاساسية القياس مدى تحضر وتقدم الدول ومدى احترامها ملبادئ حقوق إلانسان،
وقد أصدر املجتمع الدولي مجموعة من الاتفاقيات التي تهدف إلى حماية ألاشخاص ذوي إلاعاقة،
بما فيها اتفاقية القواعد املوحدة بشأن تحقق تكافؤ الفرص للمعاقين ( ،)111واتفاقية حقوق ألاشخاص
ذوي إلاعاقة ( ،)2112وقد صادق عليها املغرب وعلى بروتوكولها .ومن بين مواد هذه الاتفاقية التي اهتمت
بتشغيل الشخص املعاق :املادة 22التي تنص على أن ألاشخاص املعاقين يتمتعون بحقوق متساوية في
العمل وكسب العيش ،وعلى الدول أن تحظر التمييز في املسائل ذات الصلة بالعمل ،وأن تكفل لهم توفير
حماية أكبر لصحة وسالمة ألاجراء دون استثناء ،ويضمن لهم حقوقا أساسية تسمح لهم بأداء عملهم في
جو ومناخ مالئمين ،لذلك فإنه في بعض ألاحيان يستوجب تمتيع بعض الفئات بحماية خاصة.192
صادق املغرب على عدة اتفاقيات ومعاهدات ،وبذلك يكون ملزما بتعزيز حقوق النساء ذوات
إلاعاقة وحمايتهن من جميع أشكال التمييز ،193فقد وقع على اتفاقية حقوق ألاشخاص ذوي إلاعاقة في
- 191جميلة العماري :مدخل لدراسة الشغل الفردي ،مرجع سابق ،ص .131
- 192أمل وديع :تشغيل ذوي الاحتياجات الخاصة ،أية حماية في ضوء مدونة الشغل ،بحث لنيل دبلوم املاستر في القانون الخاص ،جامعة
محمد الخامس ،أكدال ،كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية ،الرباط ،السنة الجامعية ،2111\2111ص .1
- 193امتثال املغرب لحقوق ألاشخاص ذوي إلاعاقة ،منظمة مناصري حقوق الانسان ومنظمة املرأة ،الدورة الثامنة عشر للجنة حقوق
ألاشخاص ذوي إلاعاقة ،2112 ،ص .2
102
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
31مارس 2112وصادق عليها وعلى بروتوكولها في 2أبريل ،2111وهذه الاتفاقية تعترف للدول ألاطراف
بحق ألاشخاص ذوي إلاعاقة في العمل ،وعلى قدم املساواة مع آلاخرين ،ويشمل هذا الحق إتاحة الفرص
لهم لك الرزق في عمل يختارونه أو يقبلونه بحرية في سوق عمل منفتحين أمام ألاشخاص ذوي إلاعاقة
شاملتين لهم ويسهل انخراطهم فيهما ،وتحمي الدول ألاطراف إعمال الحق في العمل وتعززه ،بما في ذلك
وطبقا ملقتضيات الفصل 31من الدستور نجد أن ألاشخاص ذوي إلاعاقة يتمتعون بنفس
الحقوق التي يتمتع بها ألاشخاص آلاخرون ،ألن املشرع لم يميز بين الشخص املعاق والشخص السليم
وطبقا للمقتضيات القانونية املنصوص عليها في املادة 1من مدونة الشغل ،فإن ألاجير له كامل
الحرية في اختيار العمل الذي يرغب في ممارسته ،وأكدت الفترة الثانية من املادة التاسعة أنه" ...كما
يمنع كل تمييز بين ألاجراء ،من حيث الساللة ،أو اللون ،أو الجنس ،أو إلاعاقة ...يكون من شأنه خرق أو
تحريف مبدأ تكافؤ الفرص ،أو عدم املعاملة باملثل في مجال التشغيل أو تعاطي مهنة ال سيما فيما يتعلق
باالستخدام." ...
ومن هذا املنطلق منع املشرع أي تمييز بين ألاجراء وألاجيرات بسبب إلاعاقة ،حيث اعتبر أن كل
تمييز بين ألاجراء يعد خرقا ملبدأ تكافؤ الفرص ،كما ألزم املشرع املشغل الذي يعتزم تشغيل أجير أو أجيرة
في حالة إعاقة يأن يقدم تصريحا بذلك إلى مقتش الشغل ،وذلك حتى يتسنى لهذا ألاخير إجراء املراقبة
- 194جميلة العماري :مدخل لدراسة عقد الشغل الفردي ،مرجع سابق ،ص .132
103
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
وفي هذا السياق ،تنص املادة 132من مدونة الشغل أنه "يجب على كل شخص ،طبيعيا كان أو
اعتباریا ،يخضع ملقتضيات هذا القانون يزيد فتح مقاولة أو مؤسسة أو ورش يشغل فيه أجراء أن يقدم
تصريحا بذلك إلى العون املكلف بتفتيش الشغل ،وفق الشروط والشكليات املحددة بنص تنظيمي ".
ونقص املادة 132أنه يجب على املشغل أن يقدم تصريحا مماثال للتصريح الوارد في املادة ،132في
-إذا قررت املقاولة تشغيل أجراء معوقين ،وذلك حتى يكون العون على علم بهذا التشغيل ويقوم
ألزمت املادة 122من مدونة الشغل ضرورة عرض ألاجراء املعاقين على الفحص الطبي عندما
يرغب في تشغيلهم ،لم يجري ذلك بصفة دورية كل سنة من طرف طبيب الشغل ،بل يحق للعون املكلف
بتفتيش الشغل في أي وقت عرض جميع ألاجراء املعاقين على طبيب بمستشفى تابع للوزارة املكلفة
بالصحة العمومية ،للتحقق من أن الشغل املعهود إليهم ال يفوق طاقتهم أو ال يتناسب مع إعاقتهم ،وإال
أمر بإعفاء أي أجير من الشغل بدون إخطار إذا أبدي الطبيب رأيا مطابقا لرأيه وأجرى عليه فحصا
مضادا بطلب من ذويهم ،وال شك أن هذه التدابير ال تعتبر تمييزية ضد غيرهم من ألاجراء ،وفق املادة
121من مدونة الشغل التي تنص على أنه ال تعتبر التدابير إلايجابية التي تستهدف تحقيق املساواة الفعلية
في الفرص واملعاملة بين ألاجراء املعاقين و غيرهم من ألاجراء بعناية تدابير تمييزية ضد غيرهم من ألاجراء.
وعموما ،فإن الضمانات التي خولها املشرع لفائدة ألاجيرة ذات إعاقة في نفس الضمانات التي
خولها لألجير املعاق ،فصياغة املواد املتعلقة باملوضوع جاءت شاملة لهما معا لوجود قاسم مشترك بينهما
104
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
وهو إلاعاقة ،195وهذه الضمانات تبتدئ منذ املراحل ألاولى للعمل داخل املقاولة وهي مرحلة تشغيلهم
فيها من خالل إلزامية التصريح بهذا التشغيل ،وتستمر الضمانات القانونية لحمايتهم من خالل وجوب
عرضهم على الفحص الطبي عندما ينوي املشغل تشغيلهم ،كما يمكن لطبيب الشغل عند الضرورة أن
يطالب بإجراء فحوصات تكميلية عند بداية تشغيلهم للكشف عن ألامراض املشتبه فيها حسب املادة
322من مدونة الشغل ،وتظل هذه الضمانات لتشمل كافة مراحل العمل داخل املقاولة ،196حيث يبقى
املشغل ملزما بإخضاع ألاجراء ونون تميز الدورية الفحص الطبي لتتبع مدى مالئمة وتناسب العمل الذي
واملالحظ في هذا الصدد أن هذه الضمانات ال تختلف عن الضمانات التي منحها قانون الشغل
الفرنس ي لألجراء املعاقين دون استقاء ،إال أن املشرع الفرنس ي كان أكثر توسعا في ذلك ،ويبدو ذلك من
خالل إلزامه طبيب الشغل بأن يخضع ألاجير املعاق لفحوصات طبية قبل تشغيله وفي فترة الاختبار ،وله
أن يمنح للشخص املعاق شهادة طبية تساعده على اختيار العمل املناسب لحالته الصحية وظروف
العمل املقترح عليه ،باإلضافة إلى مجموعة من الصالحيات ألاخرى التي منحها لطبيب الشغل بما في ذلك
إجراء خبرة توضح وتيرة العمل ومدى توافقها الفيزيولوجي لألجراء ،وهي خيرة من شأنها أن تساعد املشغل
105
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
املعاقين ،حيث تم التنصيص وألول مرة في تاريخ قانون الشغل املغربي على أحكام خاصة تشغيل ألاجراء
املعاقين.
وإن كان الكثير من هذه ألاحكام تشبه إلى حد ما ثالثي الخاصة باألجراء ألاحداث ،ومنها ما ينطبق
عليهما معا ،فإن هناك أحكاما خاصة بهم تهم سواهم وتراعي خصوصية وضعهم الصحي ،وترجم إرادة
املشرع في الالتفات إلى هذه الفئة من ألاجراء ،198التي سنحاول الوقوف على ظروف تشغيلها ،تم ألاشغال
وعيا من املشرع بخصوصية ألاجيرات ذوات إلاعاقة فقد نص على ضرورة توفير ظروف مالئمة
ومناسبة تراعى وضعيتهم بما يسمح لهم بالعمل في ظروف مأمونة وصحية بجانب بقية ألاجيرات وألاجراء
داخل املقاولة ،وجاء هذا إلالزام في املادة 121من مدونة الشغل التي ألزمت املشغل بضرورة تجهيز
أماكن العمل بالولوجيات الضرورية ،بحيث تنص على أنه "يجب على املشغل أن يجهز أماكن الشغل
يالولوجيات الالزمة لتسهيل قيام ألاجراء املعاقين بشغلهم ،وأن يحرص على توفير كل شروط الوقاية
الصحية والسالمة املهنية لهؤالء ألاجراء" ،فضال على ضرورة أن تكون املقاولة مجهزة تجهيزا يضمن
سالمتهم ويسهل شغلهم كما تنص على ذلك الفقرة الثانية من املادة .222
- 198محمد بهير :الحماية الزجرية لألجير في التشريع املغربي ،دراسة نقدية على ضوء مدونة الشغل والعمل القضائي واملقارن ،مطبعة
ألامنية ،الرباط ،2112 ،ص .113-112
106
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
وقد أحالت مدونة الشغل بخصوص ضوابط الولوجيات إلى القرار رقم 11.13املؤرخ في 12ماي
2113املتعلق بالولوجيات ،وهو ألامر الذي من شأنه أن يسهل إدماج ذوي إلاعاقة في املجتمع ،ويفعل
ومن بين املرتكزات التي جاء بها هذا القرار ،هو ما نصت عليه مادته ألاولى ،وهو جعل الفضاءات
الخارجية ،والبنايات ،ووسائل النقل ،ووسائل الاتصال ،سهلة الولوج أمام ألاشخاص املعاقين،
كما تضمن القرار مجموعة من إلاجراءات التي تستهدف حماية ألاجيرات وألاجراء املعاقين في حالة
الطوارئ ،والتي تعطير من متطلبات الوقاية والسالمة املهنية كضرورة توفر املقاولة على نظام أمني ،يمكن
الشخص املعاق من الاتصال خارجيا بالبواب ،أو حارس املبني عند اندالع الحرائق أو في حالة حصول
وفي املقابل هذه الحماية التي تهم تحسين وتناسب بيئة الشغل والحالة الفيزيولوجية والصحية
ألاجراء املعاقين ،فسجل مظهرا أخر لها في مدونة الشغل ،يتعلق ألامر أساسا بحظر وقف راحتهم
ألاسبوعية عندما تنوي املقاولة أو املؤسسة التي يقض ي نشاطها أن تظل مفتوحة باستمرار للعموم.200
براد باألجراء ذوي إلاعاقة ألاجراء الذين يعانون من إعاقة تجعلهم في حالة عجز أو عرقلة دائمة
أو عارضة ناجمة عن نقص أو عدم قدرة ،201ومظاهر الحماية التي أقرها املشرع املغربي لهذه الفئة
- 199عبد الكريم غالي :مساهمة مدونة الشغل في حماية شغل املعاقين ،مجلة القانون املغربيين العدد ،2مارس ،2112ص .112
- 200ملياء العنصري :صحة وسالمة املرأة ألاجيرة ،مرجع سابق ،ص .21-21
- 201عبد الجليل عينوس ي :مرجع سابق ،ص .21
107
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
تشمل ألاجير وألاجيرة معا ،وتمتد باإلضافة إلى الفحص الطبي واملراقبة الصحية لتشمل الظروف التي
ينفذ فيها الشغل ،حيث منع املشغل من تشغيل ألاجراء املعاقين ليال أو في أعمال قد تعرضهم ألضرار أو
تزيد من إعاقتهم ،وفي املقالع وألاشغال الجوفية ،وفي جميع ألاعمال التي قد تساهم في تفاقم إعاقتهم أو
تعرضهم ألضرار تزيد من حدة إعاقتهم (حسب املادة ،)122وجميع ألاعمال التي تشكل مخاطر بالغة
عليهم أو تفوق طاقتهم ،أو قد يترتب عنها ما قد يخل بالداب العامة ،والتي أحالت مدونة الئحتها إلى نص
تنظيمي .وقد تم تحديد هذه ألاشغال بداية بواسطة املرسوم 212.222بتحديد الئحة الشغال املمنوعة
على ألاحداث دون الثامنة عشر والنساء وألاجراء املعاقين ،غير أن مرسوما آخر صدر بتاريخ 12يونيو
،2111وهو مرسوم رقم 1.11.123بتحديد الئحة ألاشغال التي يمنع أن يشغل فيها بعض الفئات من
ألاشخاص ،نسخ املرسوم السابق ومدد الئحة ألاشغال املمنوعة ،202والتي أضحت على الشكل التالي:
أشغال التشحيم والتنظيف أثناء عملية فحص وإصالح ألاجهزة امليكانيكية عندما تكون في حالة
الاشتغال؛
استخدام آلاالت التي تشغل باليد أو بواسطة محرك ميكانيكي ،وال تتوفر ألاجزاء الخطيرة منها
108
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
إقامة هياكل خشبية أو معدنية ثابتة تستعمل في صناعة البناء وألاشغال العمومية؛
استخدام آلاالت بمعامل الزجاج ،حيت يتم صنع القنينات بالطرق امليكانيكية؛
أشغال إنتاج الكهرباء وتحويلها وإرسالها وكل قوة محركة كيفما كان نوعها؛
أشغال الصياغة التي تستعمل فيها مواد كيماوية خطيرة تحتوي على الرصاص والاكزان
()hexane؛
ألاشغال التي تستعمل فيها مواد الحريز الصخري أو تحتوي على مادة البنزين؛
109
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
تصنيع واستخدام وبيع كتابات أو مطبوعات أو ملصقات أو رسوم أو نقوش أو لوحات أو شعارات
أو صور أو أشياء أخرى يعاقب عليها القانون الجنائي لتعارضها مع آلاداب العامة أو لكونها مضرة
بطبيعتها بأخالق ألاطفال ولو لم تكن موضوع تجريم بموجب القانون املذكور؛
ألاشغال التي تنجز بمقصات ميكانيكية حادة وكل شغل ينجز باالت ضاغطة كيفما كانت طبيعتها،
جميع ألاشغال التي قد تتسبب في أمراض مهنية كما هي محددة بموجب قرار وزير التنمية
الاجتماعية والتضامن والتشغيل والتكوين املنهي رقم 111.11الصادر في 12رمضان 23( 1221
ديسمبر )1111؛
110
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
وإذا كان يسمح استثناء للمشغل تشغيل ألاحداث نون 12سنة ليال ،فإن هذا الاستثناء ال يطبق
إذا تعلق ألامر بأجير أو إعاقة حسب الفقرة الرابعة من املادة 122من مدونة الشغل.
ونظرا لكون ألاجراء معرضين بسبب عملهم أو لسبب أخر إلى إلاصابة بإعاقة ،فإن املشرع قد تنبه
للحالة التي تؤثر فيها إعاقتهم على مستقبل شغلهم ،وألزم املشغل باالحتفاظ باألجير الذي أصبح معاقا
وأن يسند إليه شغل يالئم نوع إعاقته بعد إعادة تأهيله ،وال يعفى من هذا الالتزام إال إذا استحال ذلك
لحدة إلاعاقة أو لطبيعة الشغل بعد أخذ رأي طبيب الشغل أو لجنة السالمة وحفظ الصحة (املادة 122
واستخالصا مما سبق ،فإن مظاهر الحماية الصحية لألجيرة املعاقة يمكن إجمالها في النقاط
التالية:
وجوب توفير كل شروط الوقاية الصحية والسالمة املهنية لألجيرة املعاقة.
يحق للعون املكلف بتفتيش الشغل أن يطلب في أي وقت عرض جميع ألاشخاص ذوي إلاعاقة على
ضرورة الفحص الطبي السنوي لألجيرة املعاقة من طرف طبيب عمومي للتأكد من أن الشغل الذي
تقديم الاقتراحات بشأن إعادة تأهيل ألاجرة املعاقة داخل املقاولة من طرف لجنة حفظ الصحة.
باإلضافة إلى الحماية الصحية هنالك الحماية من الفصل بسبب إلاعاقة ،حيث ينص املشرع
املغربي صراحة على أن إلاعاقة ال تعد مبرر مقبوال التخاذ عقوبة الفصل من الشغل ،إال إذا كانت تحول
111
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
الفصل الثاني:
112
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
في إطار تضارب وتعارض املصالح بين ألاطراف في العالقة الشغلية ،خطا املغرب خطوات كبيرة في
مجال حقوق إلانسان بانفتاحه على مختلف الاتفاقيات الدولية والعاملية لحقوق إلانسان ،وذلك من
أجل توفير نوع من الحماية وتحقيق الاستقرار الاجتماعي دون املساس بحقوق ألاطراف الضعيفة.
بحيث نجد أن ألاخيرة باعتبارها طرفا ضعيفا ،والتي تطمح في مقابل العمل الذي تؤديه لصالح
املشغل إلى الاستمرارية في الشغل وضمان أجر مناسب ،وذلك في إطار احترام حقوقها الشخصية بعدم
التدخل في حياتها الشخصية ،وحقها في الصحة وألامومة ،واحترامها كطرف في العالقة الشغلية ،كل
هذا في مواجهة املشغل الذي يسعى بدوره إلى النهوض وتطوير مؤسسته وتحقيق مصالحه على حساب
ألاجيرة ،204لكن مهما بلغت الحقوق والضمانات والحماية في القوانين الاجتماعية ،سيلقى ذلك مجرد
حبر على ورق إذا لم يكن هناك مقتضيات زجرية تعزز هذه الحماية ،و جهاز قضائي قادر على نقل ثلث
الحماية من السكون إلى الحركة وذلك بالتقييد من سلطات املشغل وزجره عقد مساسه بحقوق ألاجيرات
(املبحث الثاني) ،من جانب آخر ،فقد كان من أبرز مظاهر التعارض بين التشريع الاجتماعي املغربي
واملعايير الدولية لحقوق إلانسان هو الفراغ التشريعي الحاصل في مجال تنظيم تشغيل خادمات املنزل،
فديباجة مدونة الشغل تنص على أنها تتطلق من احترام الحقوق والحريات التي يضمنها الدستور العالم
113
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
الشغل ،عالوة على مبادئ حقوق إلانسان كما هو متعارف عليها عامليا والاتفاقيات الصادرة عن منظمة
العمل الدولية املصادق عليها من طرف املغرب ،الذي انضم إلى هذه املنظمة منذ 1122وصادق على
مجموعة من الاتفاقيات الصادرة عنها ،205إال أن العامالت املنزليات ظللن بعيدات عن الحماية
الاجتماعية إذ تم استثناؤهن بمقتض ى املادة 2من مدونة الشغل التي أحالت على قانون خاص على
قانون خاص سيصدر الحقا .ونظرا لتأخر صدوره والتهميش الذي لحق فئة العمال املنزليين وأغلبهم
النساء ،فقد أدى ذلك إلى ارتفاع حدة املطالب املنادية بضرورة التعجيل بإصدار تشريع خاص يحمي
هذه الفئة .وفي هذا الصدد ،وبعد مرور ثالثة عشر سنة من الانتظار ،كتب لهذا القانون أن يرى النور،
حيت خرج إلى العلن مؤخرا القانون رقم 11.12املتعلق بتحديد شروط التشغيل والشغل املتعلقة
بالعامالت والعمال املنزليين ،الصادر بتنفيذه ظهير شريف رقم 112.121صادر في 2ذي القعدة 1232
( 11أغسطس ،)2112ومن أبرز مكاسبه سد الفراغ القانوني في هذا املجال ،إضافة إلى توفير الحماية
الاجتماعية للعامالت املنزليات ،وإن كانت هذه ألاخيرة قد تحققت فإن هناك بعض الفئات ألاخرى التي
114
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
حاول املشرع املغربي جاهدا من خالل قواعد مدونة الشغل توفير حماية خاصة لليد العاملة
النسائية ،لكن هذا لم يمنع من وجود طائفة كبيرة افتقدت لكل هذه املزايا ،حيت تم استثناؤها بمقتض ى
املادة 2من مدونة الشغل ،ويتعلق ألامر باملعامالت املنزليات ،وهن الفئة التي أبان الواقع أنها ألاكثر
تعرضا لالستغالل وإلاهانة وسلب الحقوق في الوقت الحاضر ،أما الفئة الثانية فهي فئة العامالت
وإذا كان املشرع قد تدارك النقص والفراغ التشريعي بصدور قانون متعلق بتشغيل العامالت
والعمال املنزلين ،بعد ثالثة عشر عاما من القصور الحمائي والتهميش الذي طال هذه الفئة إبان استثنائها
من أحكام مدونة الشغل ،وبذلك يكون قد خطا الخطوة ألاولى في طريق إرساء وتكريس الحماية
الاجتماعية لها (املطلب ألاول) ،فإن الفئة ألاخرى املتعلقة بالعامالت بالقطاع التقليدي الصرف ال تزال
فرضت معطيات العصر الحديث شروطا جديدة للتعيين في واقع الحياة الاجتماعية والاقتصادية
والثقافية بشتى أنماطها ،وقد امتد مداها بعيدا ليخيم بأعمق آلاثار على العنصر البشري تحديدات
115
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
فاضطر معها هذا ألاخير تدريجيا إلى تطوير أدائه ومراجعة أدواره داخل نسق املجتمع إلانساني الذي إليه
ويتفاعل معه ويتأثر به .وبديهي أن تظهر أولى بصمات هذا التحول جلية في مرآة املحيط ألاسري
والاجتماعي للفرد ،من خالل منظومة الوظائف املتبادلة والعالقات املشتركة التي تتبلور داخله بصورة
جدلية.206
وإذا كان النشاط إلانساني في أي مجتمع يتخذ صورا متعددة تختلف بحسب طبيعة هذا النشاط
وصفة من يؤديه ومركز من يؤدي لحسابه ،فمن هذا املنطلق يمكن استحضار ألاهمية القصوى للعمل
املنزلي ،خاصة في ظل شروط الحياة العصرية الجديدة ،والتي أدت بفعل عوامل متداخلة إلى وجود
شريحة اجتماعية شغلية داخل البيوت تؤدي خدمات منزلية ذات سمة عائلية خاصة.207
حيث أن وجود العامالت املنزليات داخل البيوت يرجع باألساس نتيجة لخروج املرأة إلى العمل
مما يؤدي إلى استنزاف كثير من طاقتها في أداء مسؤوليتها الوظيفية ،وبالتالي تصبح غير قادرة أن تقوم
بأعباء البيت ،ومن هنا كانت استعانتها وحاجتها إلى عاملة منزلية أمر محتوما لتتولى هذه ألاخيرة أعمال
من هذه الزاوية ،تبدو الحاجة ماسة إلى إحاطة املرأة بتدابير حمائية كلما أصبحت طرفا أساسيا
في أي عالقة شغل كما هو عليه حال العاملة املنزلية نظرا لغلبة الطابع النسوي على العمل املنزلي دون
أن ننس ى فئة الذكور الذين يؤدون أعماال وخدمات محددة دون سواها ،رغم أنه يسري عليها نفس أحكام
- 206عبد السالم مفرج :الوضعية القانونية لخدم البيوت في التشريع املغربي واملقارن ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا املعمقة في
القانون الخاص ،جامعة عبد املالك السعدي ،كلية العلوم القانونية والاجتماعية ،بطنجة ،السنة الجامعية ،2112\2112 ،ص .1
- 207عبد السالم مفرج :مرجع سابق ،ص .1
- 208أفيالل الطريبق حنان :وضعية خدمات البيوت القاصرات وآليات املعالجة ،رسالة لنيل املاستر في القانون الخاص ،جامعة عبد املالك
السعدي ،كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة ،السنة الجامعية ،2111\2111ص .2
116
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
ألاعمال املمارسة من قبل النساء ،209وهي التي تشكل ظاهرة النساء املشتغالت في البيوت ،سواء من
الفقرة ألاولى :وضعية العامالت املنزليات على مستوى املعايير الدولية ومدونة
الشغل
جاء القانون الخاص بتحديد شروط الشغل والتشغيل املتعلقة بالعمال املنزليين نتيجة توقيع
املغرب ومصادقته على العديد من الاتفاقيات واملواثيق الدولية التي تصب في مجال احترام حقوق
إلانسان بمفهومه الواسع .ويعتبر هذا القانون أيضا امتدادا ملسلسل إلاصالحات الاجتماعية والاقتصادية
التي انخرط فيها املغرب ،واملجهودات الداعمة لحقوق إلانسان ،والعدالة الاجتماعية ،وتوسيع الحماية
كما أن هذا القانون جاء متأثرا بمبادئ الدستور الجديد ،املتمثلة في إقراره ملجموعة من الحقوق
الاجتماعية والاقتصادية ،خاصة الفصل 22منه املتعلق بمناهضة كل أشكال العنف واملعاملة املهينة
- 209أحالم شميعة :الوضعية الاجتماعية والقانونية لخدم البيوت دراسة على ضوء املشرع "الطفالت الصغيرات نموذجا" ،رسالة لنيل
دبلوم الدراسات العليا املعمقة في القانون الخاص ،جامعة سيدي محمد بن عبد هللا ،كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية
بفاس ،السنة الجامعية ،2111-2112ص .23
- 210عفاف البوعناني :الجماية القانونية للعمل الانساني في ظل مشروع قانون رقم ،11.12بحث لنيل دبلوم املاستر تخصص قانون
ألاعمال ،جامعة محمد الخامس أكدال ،الرباط ،السنة الجامعية .22 2 ،2113\2112
117
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
عندما يتخذ منحى مقارنا في سياق التقابل املوضوعي ،بينما أعلنت عنه مواثيق املنظمات الدولية في هذا
املجال ،وبين ما اتخذته جل دول العالم من تدابير تنظيمية وحمائية في توجهاتها الداخلية لنفس الغاية.
ال يمكن الحديث عن الوضعية الخاصة بالعمل املنزلي بمعزل عن إلاطار القانوني الدولي الذي
ينظم مجال تشغيلهم يشكل عام ،ومنه عمالة النساء والفتيات القاصرات على وجه التحديد وذلك
اعتبارا ملا أضحت تمثله الخدمة املنزلية من شكل بارز ضمن ألاشكال املتعددة التي تتخذها هذه العمالة
وإزاء هذه الظاهرة ،ما انفكت املنظمات الدولية تجتهد في إرسال منظومة من املعايير الحمائية
تندرج في ثناياها سلسلة من الاتفاقيات والتوصيات الرامية إلى تنظيم قطاع التشغيل وضبط عالقاته
بما يضمن الاحترام الفعلي للحد ألادنى من الحقوق الانسانية للطبقة السفلية ،وخصوصا الشرائح
الضعيفة منها .211وهذا ما ساهم في تبلور الاهتمام الدولي بترسيخ القواعد الضابطة لعمالة النساء
والفتيات القاصرات ،وضمنها توجيه العناية الخاصة لتنظيم ومراقبة شروط التشغيل والشغل داخل
ويرتكز هذا التدخل الدولي على نقطتين جوهريين ،تتعلق أوالهما بوضع حد أدنى لسن القبول في
الشغل ،وتروم ثانيهما سن القواعد ألاساسية لضمان الحماية القانونية والعمل الالئق للعمال املنزليين
118
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
وتعتبر الاتفاقية رقم 132الصادرة سنة 1123من أهم املواثيق الدولية املتعلقة بضبط الحد ألادنى
للسن املسموح به قانونا في مجال التشغيل ،وقد سبقتها في الظهور تسع اتفاقيات متفرقة أصدرتها
منظمة العمل الدولية منذ تأسيسها سنة 1111وتناولت نفس املوضوع بشأن سن تشغيل ألاحداث في
القطاعات املختلفة.
فإذا كان العمل بوجه عام حقا مطلقا ال قيد على مزاولته في حدود القانون ،ومفتوحا في وجه
ألافراد دون أي تمييز ،فإن ألامر ليس كذلك بالنسبة للفتيات القاصرات حيت أن تشغيلهن في سن
مبكرة يؤدي إلى أضرار مختلفة تلحق بهم ،إذ ينتزعهم من بيتهم العائلية قبل إتمام تعليمهن إلالزامي،
فيؤثر على صحتهن ويعوق نموهن اليمني والذهني ،ويقصر مدة إنتاجهم في الحياة ،بل وقد يفض ي إلى
من منطلق هذا الواقع جرى اعتماد الاتفاقية رقم 132املتعلقة بتحديد السن ألادنى لتشغيل
ألاطفال خالل املؤتمر العام ملنظمة العمل الدولية في دورته الثانية والخمسين املنعقدة بجنيف يوم 22
يونيو 1123حيث دخلت حيز التنفيذ ابتداء من تاريخ 11يونيو .2121122وقد حددت هذه الاتفاقية
السن ألادنى للتشغيل ،وأكدت على عدم جواز أن يكون الحد ألادنى لسن التشغيل أنني من سن إنهاء
الدراسة إلالزامية ( 12سنة) وعدم جواز أن يقل الحد ألادنى عن ( 12سنة) للقبول بأي نوع من أنواع
الاستخدام أو العمل التي يحتمل أن يعرض للخطر صحة وسالمة أو أخالق ألاحداث بسبب الطبيعة
119
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
أما فيما يتعلق باالتفاقيات التي سقت القواعد ألاساسية لضمان الحماية والعمل الالئق
للعامالت املنزليات ،فقد تعرضت الاتفاقية رقم 122لسنة 1112بشأن العمل في املنزل وتعرضت في
مادتها الرابعة إلى تعزيز املساواة في املعاملة فيما يتعلق بالحماية من التمييز في الاستخدام أو املهنة وكذلك
إضافة إلى ذلك هناك الاتفاقية الدولية رقم 121والتوصية رقم 211بشأن العمل الالئق للعمال
املنزليين املعتمدين في 12يونيو 2111في مؤتمر العمل الدولي ملنظمة العمل الدولية.
ويستند املكان أي الاتفاقية والتوصية إلى املبدأ ألاساس ي القائل بأن العمال املنزليين ليسوا خدما
أو أفرادا من ألاسرة أو عماال من الفئة الثانية إلى ذلك ،يتيح املكان املجال أمام تحسين شروط وظروف
العمل الخاصة بعشرات املاليين من العمال املنزليين الذين يؤدون عمال منقوص التيمة تقليديا
ومحصورة بالنساء.
ويعتبر هذان الصكان تاريخيين ألنهما دوليان يطيقان ألول مرة على شريحة من العمال في القالع
غير النظام في مختلف أنحاء العالم ،ويعترفان بالقيمة الاقتصادية والاجتماعية للعمل املنزلي ويشكالن
قاع دة لضمان احترام العمال املنزليين وحقوقهم أسوة بالعمال النظاميين الذين ناضلوا الوقت طويل
ويتبين من مضمون الاتفاقية أنها تفترض تقيد الدول باملعايير ألاساسية للعمل ،وتعمل على
تطبيقها في إطار عالقة الشغل مع العمال املنزليين ،إذ تسري أحكام الاتفاقية على جميع العمال املنزليين،
- 213خوان سومافيا :العمل الالئق للعمال املنزليين ،منظمة العمل الدولي ،الاتفاقية رقم 121والتوصية رقم 211حول العمل الالئق
للعمال املنزليين ،2111الطبعة الاولى.2112 ،
120
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
لكن يمكن استثناء بعض الفئات جزئيا أو كليا ،سواء الستفادتها بطريقة أخرى من حماية تعادل على
وتتضمن هذه الاتفاقية مجموعة من املعايير الحمائية املتصلة بتعزيز حقوق الانسان واملبادئ
وذلك من خالل التنصيص على الحق في شروط وظروف عمل عادلة ،بما فيه الحق في أجر متساو
ومرض يكمل عيشة الئقة بكرامة إلانسان ،والحق في الراحة وفي أوقات الفراغ ،والسيما في تحديد معقول
لساعات العمل وفي عطالت دورية بأجر ،إلى جانب أحكام ذات صلة بالحماية الاجتماعية وتلزم املادة في
الدول ألاعضاء باتخاذ تدابير تضمن على نحو فعال تعزيز وحماية حقوق الانسان لجميع العمال املنزليين،
وتؤكد على حقهم أسوة بالعمال ألاخرين في احترام وحماية املبادئ والحقوق ألاساسية في العمل ،أال وهي:
- 214املجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي ،مشروع رقم 11.12بتحديد شروط والتشغيل املتعلقة بالعمال املنزليين ،اململكة املغربية،
،2113ص .11
121
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
يعتبر العمال املنزليون ،ومعظمهم من النساء عرضة لشكل خاص إلى إلاساءة واملضايقات والعنف
الجسدي والجنس ي والنفس ي وسواء ألن مكان عملهم محجوب عن العموم ،وبموجب الاتفاقية ،تتخذ
كل دولة تدابير تضمن أن يتمتع العمال املنزليون بحماية فعالة من جميع أشكال إلاساءة واملضايقات
بموجب الاتفاقية ،تتخذ كل دولة تدابير تضمن أن يتمتع العمال املنزليون شأنهم شأن العمال
عموما بشروط استخدام عادلة (املادة ،)2فضال عن ظروف عمل الئقة ،وإذا كانوا مقيمين مع ألاسرة
وتنص الاتفاقية على جملة من الحقوق العام والعمال املنزليين ،حيث نصت على املساواة في
املعاملة بين العمال املنزليين والعمال عموما فيما يتعلق بساعات العمل العادية وتعويضات الساعة
إلاضافية ،وأن تتخذ الدول ألاعضاء التدابير التي تضمن أن يتمتع العمال املنزليون بالحد ألادنى لألجر
كما تكفل لهم الاتفاقية الحق في بيئة آمنة وصحية وإلزام الدول ألاعضاء باتخاذ تدابير فعالة لضمان
- 215حبيبة الريحاني :الحماية القانونية للعمال املنزليين ،دراسة في ضوء الاتفاقية الدولية رقم 121والتوصية رقم ،211جامعة ألامير
عبد القادر للعلوم الاسالمية ،قسطنطينة ،ص .121-122
122
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
جرت العادة أن يتم استبعاد الخدمة املنزلية من كافة التشريعات الوطنية املنظمة للشغل
وللعالقات القائمة في ظله ،فإذا كان نطاق تطبيق تشريع الشغل يتحدد تبعا للنظام القانوني لكل دولة،
من خالل تحديد القطاعات والفئات العمالية املشمولة بهذا التطبيق فإن ألامر يشكل استثناء متميزا
فطبيعة العمل املنزلي بمواصفاته الذاتية تفرض النظر إليها والتخيل لتنظيمها وحماية أصحابها
وفق نظام مستقل وقواعد خاصة بها ،تغطي أهم عناصرها التي تطرح مشاكل واقعية ال تحص ى أثناء
ممارستها السيما منها ساعات العمل ،وأداء ألاجر ،وكيفية قيام العالقة بين العامل املنزلي وصاحب
البيت ،ثم استمرارها وانتهائها ،فضال عن حماية الحد ألادنى من الحقوق إلانسانية خاللها.
هذا ما تنبهت إليه بعض الدول فعملت على تنظيم هذا القطاع وحماية شغيلته ،في إطار عدد من
القواعد الشكلية واملقتضيات املوضوعية التي تتفاوت أهميتها وحدود تفعيلها تبعا لكل دولة وخلفيتها
وقد تدخل املشرع في عدد من الدول ألاوروبية لتحديد موقع خاص للشغل املنزلي ،تتضبط معه
شروط ممارسته وفق قواعد حمائية ومبادئ تنظيمية متفق عليها ،وتتكرس أولى الجوانب التنظيمية
لهذا القطاع في القانون ألاوروبي املقارن من خالل وضع إطار تعريفي واضح لكل من العامل املنزلي وعالقة
الشغل املنزلية على حد سواء ،ويقدم قانون العمل الفرنس ي في مادته ( )LT22-1التعريف آلاتي للعامل
123
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
املنزلي "هو شخص يستخدمه أفراد للقيام بالعمل املنزلي" ،217بينما يعرفه القانون املدني إلايطالي "الشغل
املنزلي هو تلك العالقة التي تنص على تقديم خدمة ذات طبيعة منزلية" ،وينص التشريع إلايطالي في
القانون رقم 331الصادر في 2أبريل 1122أنه "يحدد مجال العمل املنزلي بالنسبة لشخاص الذين
يمارسون أعماال لحساب مشغل واحد و على ألاقل أربع ساعات في اليوم ،التغطية الاجتماعية تطبق
أما في إسبانيا ،فقد عرفت املادة 1من املرسوم امللكي رقم ( )2111\1221الصادر بتاريخ 12
نوفمبر 2111عالقة العمل املنزلي أنها "عالقة العمل الخاصة للعمل في منازل تعتبر تلك التي أبرمت بين
رب البيت بصفه صاحب العمل وعامل يؤدي خالل عمله لذا صاحب العمل هذا في إطار عالقة عمل
وانطالقا من هذه التعاريف يتضح التأكيد القانوني على الطابع العائلي والداخلي ملمارسة العمل
املنزلي من طرف ألاشخاص املكلفين به ،في إطار عالقة عمل تجمعهم بمن يستفيد من خدماتهم ،وفي
ضوء هذه العالقة ،يخضع العمل املنزلي لنظام خاص تحدد فيه حقوق وواجبات الطرفين.
أما البلدان العربية ،فقد تباينت تشريعات العمل الخاصة بها بين الدول استثنت عامالت املنازل
من نطاق تطبيقها ودول شملت عامالت املنازل سواء بشكل مباشر في قانون العمل أو عبر إحالة قانون
- 217مكتب العمل الدولي :الحماية الفعالة للعمال املزليين ،دليل لوضع قوانين العمل ،الطبعة ألاولى( ،جنيف ،منظمة العمل الدولية
،)2112ص .13
- 218رشيدة أحفوض :الحماية الاجتماعية لفئات ألاجراء املستثناة من مدونة الشغل ،الطبعة ألاولى ،2112 ،ص .22
- 219حبيبة الرحايبي :مرجع سابق ،ص .121
124
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
العمل على نظام خاص صدر لهذه الغاية ،ودول رغم أنها نصت على إلاحالة بالحماية على تشريع آخر
يصدر ،غير أنه لم يصدر بعد ،لتكون هذه الحماية بمثابة املعلقة على صدور ذلك التشريع.
فمن بين قوانين العمل التي استنت عامالت املنازل من تطاق تطبيق قانون العمل ،نجد القانون
إلاماراتي (املادة ،3فقرة ج ،من قانون العمل رقم ) 1121/2والقانون السوري الذي أخضعهم لعقود
عملهم (املادة 2من قانون العمل رقم 12لعام ،)2111والقانون العراقي املادة 22من قانون رقم 21
لسنة ،)1122والقانون العماني (املادة 3/2من قانون العمل) ،والقانون اللبناني (املادة 2من قانون
العمل الصادر عام 1122وتعديالته) ،والقانون املصري املادة 2ب من القانون 12لسنة ،)2113
والقانون اليمني (املادة 3للفترة 1من القانون رقم 2لسنة 1112بشأن العمل وتعديالته) .220
وجدير بالذكر أن الدول العربية لم تصادق على اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم ،121حيث
إن كثيرا من البلدان العربية لم تدرج العمل املنزلي في قوانين العمل الوطنية كما سبق وأن أشرنا ،إذ
لوحظ أن أحكام هذه الاتفاقية ال تتالءم مع أوضاعها املحلية أو تتماش ى مع ألاعراف الاجتماعية السائدة
فيها ،ولهذه املنطقة تقاليد وأعراف اجتماعية راسخة نابعة من ثقافتها وقيمتها الاجتماعية والروحية،
وهي متمسكة بها ،وتصر على احترام خصائصها الثقافية التي تشكل مكونات ثقافتها القومية ،وقد تجد
من غير املناسب الدخول في اتفاقية تصطدم بقوة بالثقافة والقيم العربية .221
وفي معظم البلدان العربية ،يتم استثناء العامالت املنزليات من تشريعات العمل الوطنية وأنظمة
الضمان الاجتماعي والرعاية الصحية وإجراءات السالمة ،أما بالنسبة للعامالت الوافدات من الخارج،
125
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
فيرتبطون بأصحاب العمل من خالل نظام الكفالة املقيد ،حيت يتم حجز جوازات السفر وأوراق
الكثيرات منهن ،وخضوعهن ملا يشبه "إلاقامة الجبرية" الفعلية وبالتالي فطبيعة عملهن غير النظامية وغير
اكتنف هذه املرحلة من رغبة وطنية في الانخراط التدريجي في املنظومة القانونية الدولية والانفتاح على
املعايير الدولية املتعلقة بحقوق املرأة ،وعلى رأسها اتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد املرأة
وهذا ما دفع باملشرع املغربي إلى تلقي مالمة تسريع الشغل مع الاتفاقيات الدولية اقتناعا منه
كان مفهوم العمل املنزلي ينحصر في أغلب ألاحيان في الخدمة املنزلية فقط ،أي الطبخ والكي
والتنظيف دون ألاعمال ألاخرى كالتربية أو سياقة السيارة ،...وكنتيجة لذلك كان يطلق على العمل
املنزليين تسمية "خدم البيوت" ،223وكانت وضعية هذه الفئة -التي تشكل املرأة والفتيات معظمهما إن
لم نقل جميعها -كانت كثيرا ما تكون قابلة لالنتقاد ،وفي بعض ألاحيان مزرية ،بالنظر الرتفاع ساعات
العمل ،وتعدد ألاشغال وطبيعتها املضنية في كثير من ألاحيان ،وضالة ألاجر ،فمعظم الخادمات كن
- 222ندى الناشف :آن للعرب الارتقاء بمطالبهم بالعدالة الاجتماعية من خالل اتحاد الحماية للعمال املستضعفين ،من تكون أو دولة
ستصادق على اتفاقية العمل الالئق للعمال املنزليين ،بيروت ،مكتب منظمة العمل الدولي الاقليمي ،2111 ،ص .1
- 223عفاف البوعناني :مرجع سابق ،ص .33
126
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
يوجدن في حالة ال يخيطن عليها .واملالحظ أنه باإلضافة إلى كل هذه املعاناة ،فإن العمال املنزليين
محرومون من أية حماية اجتماعية ،كما أن أحكام الفصل 223من قانون الالتزامات والعقود ال يضفي
على العالقة بين الخادمة ومشغليها ضمانا قانونيا ،بقدر ما تجعلها تحت إلاطار العام لنظرية العقد الذي
يستلزم فقط التراض ي ،وركن ألاهلية غالبا ما يكون معدوما في هذه العالقة ،فأي إرادة تتوفر لعاملة
صغيرة تنتمي ألسرة فقيرة ،وقد ال تتجاوز الخامسة عشرة ،وفي بعض ألاحيان العشر سنوات مما يجعل
وبذلك تقص ي الخادمات املنزليات من مجموع التشريع الاجتماعي ،حيث لم تطبق عليهن نصوص
أساسية كظهير يناير 1122حول العطلة السنوية املؤدى عنها ،وظهير 12يونيو 1132حول الحد ألادنى
لألجور وكذلك النصوص القانونية املتعلقة باملادة القانونية للعمل كظهير 12يونيو ،1132إضافة إلى
الحماية ضد أخطار وحوادث الشغل وألامراض املهنية وظهير 22يونيو 1122املتعلق بالضمان الاجتماعي.
الكون أحكام القانون املدني لم تكن تكفل حقوق العمال كطرف ضعيف في عالقات الشغل،
وأمام تنامي الحركات النقابية ،تم وضع قانون الشغل كقرع مستقل بذاته في مجال تنظيم الشغل كفرع
مستقل بذاته في مجال تنظيم الشغل ،وقد جاء ذلك بمثابة إطار ملزم يلبي الحاجة الاجتماعية إلى
- 224محمد أمزيان :الحماية القانونية لخدمات املنازل ،الطبعة ألاولى ،2111 ،ص .21
- 225عبد اللطيف خالقي :استقاللية قانون الشغل بين الواقع والطموح ،مجلة املرافعة ،العدد ،2ماي ،1113ص 12و .12
127
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
وتعتبر هذه املدونة أهم حدث قانوني في ميدان عالم الشغل وميدان العالقات املهنية ،ذلك أن
هذه املدونة تعد بحق أول منتوج قانوني خاص يتيم عالقات الشغل في تاريخ املغرب ،هذا الحفل الذي
ظل يعاني من فراغ تقنين جامع للمقتضيات املنظمة العالقات الشغل ملدة تقرب من نصف قرن بدءا
من تاريخ حصول املغرب على الاستقالل إلى تاريخ صدور هذه املدونة لذلك تولت هذه املدونة منذ
صدورها سنة 2113تنظيم عالقة العمل بين ألاجراء واملشغلين في كل مناحي الحياة الاقتصادية في
القطاع الخاص.
أما فيما يتعلق بوضعية العامالت املنزليات في مدونة الشغل ،فقد استكنت في الفترة ألاولى من
املادة الرابعة صراحة خدم البيوت من الخضوع إلى أحكامها ،226حيث نصت أنه "يحدد قانون خاص
شروط التشغيل والشغل املتعلقة بخدم البيوت التين تربطهم عالقة شغل بصاحب البيت."...
إذن ،في ظل مدونة الشغل أصبحت ألامور واضحة ،فهي لن تطيق في حق العمال املنزليين ،وفي
هذا الخيار تأكيد لالجتهاد القضائي الذي أقص ى هذه الفئة من تطبيقها عليه ،وبذلك صدر القانون
الخاص الذي تحدثت عنه املادة 2من مدونة الشغل واملتعلق بتحديد شروط الشغل والتشغيل املتعلقة
وتعود ألاسباب التي اعتمد عليها كل من املشرع الشرعية استثناء العامالت املنزليات من مدونة
128
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
كون طبيعة العمل الذي يؤديه العمال املنزليون يختلف عن طبيعة العمل املؤدي من طرف باقي
طوائف العمال في القطاعات ألاخرى ،إضافة إلى أن ألاعمال املنزلية تكون وثيقة الصلة بشخص
صاحب البيت ،مما يمكن العمال املنزليين من الاطالع على أسرارهم العائلية وشؤونهم الخاصة.
كون ألاعمال املنزلية من ألاعمال املتواضعة التي تقض ي املخالطة بين القائمين لها واملستفيدين منها،
وبالتالي فيظمها قانونيا يقض ي حل مشكل املحافظة على حرمة املنازل ،كما أن هناك بعض
املقتضيات القانونية الواردة في مدونة الشغل التي يصعب ويستحيل تطبيقها في هذه العالقة كمبدأ
إرجاع العامل إلى عمله ،إذ ال يمكن إلزام صاحب البيت على قبول عودة العامل املنزلي الذي تم
طرده.227
املرة -حق الشغل -ليس بحق عادي ،على اعتبار أن في حمايته حماية للكرامة إلانسانية ولو في أبسط
صورها .228
واعتبارا لتطور القانون الدولي للعمل الذي تجسد في صدور اتفاقية وتوصية دوليتين للشغل
حول "العمل الالئق للعمال املنزليين "من طرف منظمة العمل الدولية ،أصبح املغرب ملزما بتطبيق معايير
العمل الدولية ذات الصلة ،ال سيما اتفاقية الشغل رقم 132بتحديد السن ألادنى للعمل ،والاتفاقية
رقم 122حول أسوء أشكال عمل الطفل والاتفاقية الدولية حول القضاء على جميع أشكال التمييز
129
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
ضد املرأة ،كلها اتفاقيات صادق عليها املغرب ،مما يجعله محل مساءلة أمام التزاماته تجاه املجتمع
املدني.
قصوى ويشكل تقدما ملموسا في مجال الحماية الاجتماعية لهذه الفئة املوجودة في وضعية هشاشة،229
واملتمثلة أساسا في ألاطفال والنساء ،وإيجابية صدور هذا القانون تكمن كذلك في كونه يعزز التقدم
بناء على ما جاءت به املادة 2من مدونة الشغل ،وبعد مرور ثالث عشرة سنة ،صدر القانون رقم
11.12املتعلق بتحديد شروط التشغيل والشغل املتعلقة بالعامالت والعمال املنزليين .وقد خرج هذا
القانون إلى الوجود ليكتس ي أهمية كبرى ،خاصة في الوضعية التي تعاني منها العامالت على وجه
الخصوص ،فبعد أن تم استثناؤهن من أحكام منونة الشغل ،بات من الضروري التدخل التشريعي
وقد جاء هذا القانون في 22مادة موزعة على خمسة أبواب ،وقد تطرق في الباب ألاول منه إلى
تحديد تعريف ألاطراف العالقة الشغلية وموضوعها ،وأول ما يحسب له هو استخدامه مصطلح "العاملة
أو العامل املنزلي "بصيغة املؤقت واملنكر في نفس الوقت ،عوضا عن مصطلح "خدم البيوت "الذي
- 229محمد حجيوي :مشروع قانون العمال املنزليين يرى النور بعد طول انتظار" ،بيان اليومwww.maghress.com : 2111 ،
130
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
استخدمه مشرع مدونة الشغل ،والذي القي انتقادا من طرف البعض ملا يشكله من تعبير عن استعباد
هذا وقد عرفت الاتفاقية الدولية رقم 121بشأن العمل الالئق للعمال العامل املنزلي بأنه "أي
شخص مستخدم في العمل في إطار عالقة استخدام" ،كما اعتبرت الاتفاقية أنه ال يعتبر عامال منزليا
الشخص الذي يؤدي عمال منزليا من حين إلى آخر أو على نحو متقطع .وحاول هذا القانون من خالل
مادته ألاولى السير على نفس اتجاه املعايير الدولية ،فأعطى تعريفا للعاملة أو العامل املنزلي مفاده أنه هو
الذي يقوم بصفة دائمة واعتيادية مقابل أجر ،بإنجاز أشغال مرتبطة بالبيت وألاسرة كما هي محددة في
املادة 2من هذا القانون سواء عند مشغل واحد أو أكثر "وهو ما يدل على أن العمل املنزلي يجب أن
يتسم بالدوام الذي يفيد الاستمرارية وألاعياد الذي يفيد تكرار العمل ولو بشكل متقطع.
إضافة إلى أن القانون قد استعمل مصطلح "املشغل و املشغلة "بدال من "صاحب البيت" ،وعرفه
أنه "كل شخص ذاتي يستأجر عمل عاملة أو عامل منزلي إلنجاز ألاشغال املنصوص عليها في املادة 2أو
أحدها ".
وإن الخضوع لنطاق تطبيق هذا القانون ال يتطلب فقط في العاملة أداء العمل بصقة اعتيادية
ودائمة مقابل أجر سواء عند مشغلة أو مشغل واحد أو أكثر ،بل ال بد أن يكون العمل منزليا يدخل
ضمن ألاشغال التي حددتها املادة الثانية والتي جاءت على سبيل املثال ال الحصر ،أو يدخل ضمن
- 230عدنان بوشان :القانون الاجتماعي ،مقالة الكترونية ،الجريدة القانونية ،جريدة التكترونية www.alkanounia.com :
131
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
التعريف الذي حدده املشرع العمل املنزلي بشكل عام ،حيث عرفه في املادة 1من قانون 11.12أنه
ونظرا لكون القانون رقم 11.12سيكون تسريعا موازيا ملدونة الشغل ،وخاصا بتنظيم تشغيل فئة
العامالت والعمال املنزليين املستثنيين من تطبيق هذه املدونة فإن مقتضياته ينبغي أن تتسم بالشمولية
والوضوح ،مع ضرورة ألاخذ بعين الاعتبار طبيعة ألاشغال التي يقوم بها العمل املنزليون ومكان قيامهم
بها.
وقد خصص هذا القانون الباب الثاني لشروط تشغيل العامالت والعمال املنزليين والذي جاء في
عمر مواد ،تطرق من خاللها الى كيفية ابرام عقد الشغل ،وشروط والتزامات ألاطراف إبان هذا إلابرام،
إال أنه أغفل أهم املراحل التي قد يصل إليها العقد وهي انتهاؤه وأسباب هذا الانهاء ومسطرته.
وقد تم تحديد من التشغيل في 12سنة كحد أدنى ال يجوز للمشغل النزول عنه ،غير أن املشرع
وكأنه لم يستسيغ الانتقادات التي تم توجيهها للقانون في صيغته ألاولية كمشروع باعتماده لسن 12
سنة كحد أدنى ،حيث عمل على فتح الباب أمام امكانية تشغيل ألاشخاص الذين تتراوح أعمارهم ما
بين 12و 12سنة وذلك خالل فترة انتقالية مدتها خمس سنوات تبتدئ من تاريخ دخول هذا القانون
حيز التنفيذ.232
إضافة الى أن هذا القانون تطرق إلى شروط الشغل ،وذلك من خالل مدة الشغل والراحة
ألاسبوعية والعطلة السنوية وأيام العطلة ،باإلضافة لألجر والذي خصه بباب خاص به فقد حددت
- 231املادة 1من قانون ،11.12الجريدة الرسمية ،عدد 22( ،2213أغسطس ،)2112ص .2122
- 232عدنان بوشان :القانون الاجتماعي ،مرجع سابق ،مقالة.
132
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
املادة 13من هذا القانون مدة الشغل في 22ساعة في ألاسبوع وفي 21ساعة بالنسبة للعامالت والعمال
املنزليين املتراوحة أعمارهم ما بين 12و 12سنة يتم توزيعها يتم توزيعها باتفاق من الطرفين.
وإذا ما حاولنا مقارنة بعض املقتضيات التي جاء بها القانون بما هو منصوص عليه بالنسبة الباقي
ألاجراء ،نجد أن البعض منها جاء موافقا ملا هو مكرس ضمن الكتاب الثاني من مدونة الشغل ،خاصة
ما يتعلق بالراحة ألاسيوية والراحة في أيام ألاعياد املؤدى عنها ،إضافة إلى مدة العطلة السنوية،
والاستراحة الخاصة بالرضاعة ،إال أن هذا القانون لم يبين إذا ما كانت استراحة الرضاعة مؤدى عنها
أم ال.
أما بخصوص التغييبات القانونية فقد أشار القانون إلى نقص التغييبات التي نظمتها مدونة الشغل
في املواد 221و ،222وما يالحظ أنها موافقة ملا جاء بمدونة الشغل باستثناء زيادة ثالثة أيام عن التغيب
بسبب زواج العاملة املنزلية أو العامل املنزلي لتصبح املدة 2أيام مؤداة ألاجر عن 2أيام منها فقط.
كما تطرق القانون لألجر واعتبره مبلغا نقديا ال يمكن بأي حال من ألاحوال اعتبار مزايا إلاطعام
واملسكن تدخل ضمن مكونات هذا ألاجر ،في مقابل أال يقل هذا املبلغ النقدي عن 21 %من الحد ألادنى
القانوني لألجر املطبق في قطاعات الصناعة والتجارة واملهن الحرة هذا وإن كان القانون قد أغفل كيفية
إنهاء عقد شغل العامل املنزلي وأسباب هذا الانتهاء ،فإنه تطرق من خالل املدة 21إلى استحقاق العامل
املنزلي لتعويض عند فصله ،غير أنه اشترط على هذا العامل أن يكون فض ي ما ال يقل عن سنة متواصلة
من الشغل الفعلي لدي نفس املشغل ،و هي مدة طويلة قد تدفع بعض املشغلين إلى التحايل من خالل
133
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
فصل العامل املنزلي قبل مرور تلك املدة وتعويضه بعامل آخر ،وكان ألاجدر باملشرع جعل هذه املدة في
واملالحظ أن هذا القانون قد أغفل مجموعة من الحقوق ألاساسية للعاملة املنزلية كعدم تحديده
الساعات العمل إلاضافية والتعويض عنها وإغفاله إلاجازة ألامومة كما لم يبين أحقية العامالت والعمال
في الحرية النقابية والحق في التنظيم النقابي وحق املقاوضة الجماعية كما هو مقرر باالتفاقية رقم 121
وجدير بالذكر أن أحكام هذا القانون لم تتخل حيز التنفيذ بعد ،وإن كان قد صدر سنة 2112
بالجريدة الرسمية ( 22أغسطس ،)2112إال أن املادة 22نصت أن أحكامه تدخل حيز التنفيذ بعد
انصرام أجل سنة ابتداء من التاريخ التي انتشر فيه بالجريدة الرسمية النصوص الالزمة لتطبيقه التام،
ويتعين على املشغلين في التاريخ املذكور والتين يشغلون عامالت منزليات أو عمال منزليين التقيد بأحكامه
ب -املراسيم التطبيقية لقانون 02.09املتعلق بشروط التشغيل والشغل املتعلقة بالعمالت والعمال
املنزليين
من املنتظر أن يدخل قانون 11.12املتعلق بتحديد شروط عمل العمال املنزليين حيز التنفيذ
أكتوبر من العام ،2112بعد صدور املراسيم التطبيقية له في الجريدة الرسمية 235حيت صدر املرسومان
134
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
رقم 2.12.322 \2.12.322املتعلقان بالعمل املنزلي ،حيث نشرتهما الجريدة الرسمية في عددها 2211
ويهدف املرسوم ألاول إلى إضفاء الحماية القانونية الضرورية للعامالت والعمال املنزليين عبر توثيق
العالقة الشغلية بين طرفي العقد وتحديد التزاماتها املتبادلة درء تعسف يمكن أن يطال حقوق و مصالح
هذه الشريحة ،وذلك في إطار تنزيل املادة 3من القانون رقم 11.12املتعلق بتحديد شروط الشغل
ويتضمن هذا املرسوم مجموعة من إلاجراءات ،من بينها تضمين نموذج العقد مجموعة من
البيانات ألاساسية التي يجب أن تتوفر في عقد العمل الخاص بالعاملة أو العامل املنزلي ،وهي بيانات
تتماش ى مع أحكام املادة 2من اتفاقية العمل الدولية رقم 121بشأن العمل الالئق للعامالت والعمال
املنزليين ،وكذا الحقوق الدنيا التي ال يمكن لألطراف الاتفاق على مخالفتها ما عدا إذا تم تضمين العقود
وينص أيضا على سبعة بيانات أساسية تتعلق ببيانات حول طرفي العقد ،وبتحديد طبيعة العمل
واملهمة ،وتحديد فترة الاختبار ،وتحديد مدة العمل والراحة ألاسبوعية والعطل السنوية املؤدى عنها،
وتحديد ألاجر ،ويلزم كل مشغل باختيار صفقين من العقود" ،عقد بمدة محدودة" أو "عقد غير محدد
املدة " ،كما يفرض أال تتجاوز فترة الاختيار بالنسبة للعقدين 12يوما.
أما املرسوم الث اني املتعلق بالئحة ألاشغال التي يمنع فيها تشغيل العامالت والعمال املنزليين
املتراوحة أعمارهم بين 12و 12سنة ،فيهدف إلى تميم الئحة ألاشغال املرتبطة ببعض املهام املتعلقة
- 236تفاصيل املرسومين املتعلقين بالعمال املنزليين ،حزب العدالة والتنمية ،مقالة الكترونية :أكتوبر www.pgd.ma 2112
135
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
بالعمل املنزلي ،بالنظر لخطورتها على سالمة وصحة العامالت والعمال املنزلين املنتمين لهذه الفئة
العمرية ،وعلى سلوكهم ألاخالقي أو ما قد يترتب عنها وما قد يخل بالداب العامة.
ونص هذا املرسوم على تحديد الئحة ألاشغال املرتبطة ببعض املهام املتعلقة بالعمل املنزلي على
هؤالء العامالت والعمال ،والتي تضمن 12نوعا من ألاشغال املادة )22وتكتس ي طابع الخطورة ،واملرتبطة
أساسا باألعناء بشؤون البيت ،والاعتناء باألطفال أو بقرد من أفراد البيت بسبب سنه أو عجزه أو مرضه
أو لكونه من ألاشخاص في وضعية إعاقة ،والسياقة والبستنة ،وحراسة البيت وحمل ألاثقال.237
والستكمال الترسانة القانونية بأكملها ،من املنتظر أن ينشر مرسوم نالت في الجريدة الرسمية
ويتعلق بتسجيل العمال والعامالت املنزليين في الضمان الاجتماعي ،إال أنه لن يؤثر على دخول قانون
11.12حيز التنفيذ بعض انصرام أجل سنة من تاريخ نشر املرسومين السابقين.
ثانيا :وضعية العامالت املنزليات على مستوى نظامي الضمان الاجتماعي والتعويض عن
حوادث الشغل
يحتاج العمال املنزليون كباقي العمال إلى حماية لحقوقهم ،وخاصة الحقوق الشخصية وهي
الحقوق الوثيقة الصلة بشخصية كل إنسان تعبير عما له من سلطات مختلفة ترد على مقومات
- 237القانون املتعلق بتحديد شروط شغل وتشغيل العمال املنزليين يدخل حيز التنفيذ ،مقالة الكترونية www.maroc.ma :
- 238عفاف البوعناني :مرجع سابق ،ص .22
136
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
وباإلضافة الى حاجتهم لهذه الحماية ،فهم أيضا بحاجة للحماية في حالة إصابتهم بحادثة أو مرض
أثناء قيامهم بعملهم ،وبحاجة أيضا إلى الحماية الاجتماعية املتمثلة في الاستفادة من التعويضات
إذا كان الضمان الاجتماعي وليد تحوالت عرفتها البشرية ،فما ذلك إال نتيجة شعور إلانسان
بالحاجة إلى تأمين نفسه من مختلف املخاطر الاجتماعية ،وهو ما يدل على أهمية الضمان الاجتماعي،
ويمكن تعريف هذا ألاخير يكونه "النظام املحقق لألمان من املخاطر الحياتية لقائدة أشخاص معينين،
وفي قطاعات معينة ومعنى هذا أن الحماية تستوجب تحققها ضد عدة مخاطر سواء تعلقت بمخاطر
العمل ،أو املرض غير املنهي ،أو الشيخوخة ،أو البطالة ،أو الوالدة ،أو الوفاة ،أو غيرها من املخاطر
الاجتماعية".240
وتعتبر الاتفاقية رقم 112املتعلقة بالحد ألادنى للضمان الاجتماعي لسنة ،1122الاتفاقية
ألاساسية التي عالجت فيها منظمة الشغل الدولية موضوع الضمان الاجتماعي بشكل مباشر وقد أوجبت
املذكورة على الدول املصادقة عليها تقديم التعويضات لجميع أو لبعض رعاياها بغرض تأمين معاشهم
أما فيما يتعلق بالتشريع املغربي ،فقد حدد الفصل 2من ظهير 22يوليوز 1122املنظم للضمان
الاجتماعي ،باإلضافة إلى ما تضمنه الفصل 2من ظهير 2أبريل -1121الفئات الاجتماعية التي من
137
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
املفروض أن تتمتع بالضمان الاجتماعي ،وأضاف الفصل املذكور أنه ستحدد بمراسيم شروط تطبيق
الضمان الاجتماعي على العاملين في مقاوالت الصناعة التقليدية وألاعوان املستخدمين في املنازل و .241 ...
وبعد صدور قانون 11.12املنظم واملرسومين التطبيقيين له ،ما زال منتظرا صدور املرسوم
الثالث املتعلق بتسجيل العامالت والعمال املنزليين في الضمان الاجتماعي ،حيت ستتمكن هذه الفئة
بصدوره وستحظى بالتسجيل في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي) ، (CNSSإال أن هذه الحماية ال
وبالرجوع إلى التشريعات املقارنة فيما يخص الحماية القانونية التي تم تخصيصها للعامالت
املنزلية في مصر نجد أن القانون املصري في مادته الرابعة قد استبعد فئة خادمات املنازل من الاستفادة
من مقتضيات قانون التأمين الاجتماعي ،الذي أدخل في نطاق تطبيقه املشتغلين باألعمال املتعلقة
بالخدمة املنزلية ،واستثنى منهم من كان يستغل في منازل خاصة ،وعلى نفس نهجه سارت عدة تشريعات
عربية.
إال أن قانون العمل التونس ي كان أكتر حماية العاملة املنزلية ،إذ أصدر قانونا خاصا بعامالت
املنازل ،والذي تضمن مجموعة من املقتضيات الحماية لصالح فئة خادمات املنازل ،إذ نص على التزام
املشغل يتعهد ضمان سالمة العاملة يدنيا و فكريا ،إضافة إلى ضرورة اعالم املصالح املكلفة برعاية
الطفولة ،إذا كان املؤاجر يعتزم تشغيل خدمة عمرها ما بين 12و 12سنة ،إلى جانب تحديد للسن
ألادنى للتشغيل في حدود 12سنة ،دون أن تنس ى استفادة هذه الفئة من الامتيازات التي جاء بها قانون
- 241عبد الكريم غالي :في القانون الاجتماعي املغربي ،على ضوء مدونة الشغل وأنظمة الحماية الاجتماعية وفي ظل املستجدات الاقتصادية
والتكنولوجية الحديثة ،الطبعة الرابعة ،دار القلم للطباعة ،2111 ،ص .212
138
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
الضمان الاجتماعي التونس ي وخاصة ما يتعلق بمجوعة من الخدمات ألاساسية ،كعالج في املستشفيات
العمومية وفي املصحات التابعة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ،كما ينتفع املنضوون تحت هذا
قبل صدور القانون رقم 12.12املتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل ،كان إلاطار القانوني املنظم
للتعويض عنها هو ظهير 2فبراير ،1123ولكي تتار مسؤولية املؤاجر في هذا الظهير كان البد أن يستفيد
املصاب من مقتضيات هذا التشريع ،وذلك باشتغاله عند مؤاجر خاضع ملقتضيات ظهير 2فبراير ،1123
وأن يكون الفعل الذي تضرر منه هو إحدى الوقائع املشمولة بحماية الظهير املذكور ،وهذه الوقائع هي
ومن خالل التعداد الذي كان واردا في هذا الظهير في الفصلين 2و ،2يتضح أن هذا التشريع كان
ساريا على املؤسسات الصناعية والتجارية والاستغالالت الفالحية والغابوية ،وكذا على املهن الحرة،
وباإلضافة إلى كل هذه املؤسسات ،أوجد املشرع املغربي حاالت خاصة املسؤولية املؤاجر التي يتعرض لها
بعض ألاشخاص الذين يعملون لقائدته .ومن ذلك مالكو العمارات املعدة للسكن بالنسبة للحوات التي
تقع لبوابي هذه العمارات ،كما يخضع له كل شخص يشتغل في بيته خادما تكون مهمته ألاساسية هي
وقد نتج عن ذلك أن هذا الظهير كان يقص ي بدقة كبيرة من العامالت والعمال املنزليين من
الاستفادة من أحكامه ،فهم ال يستفيدون من الحماية الاجتماعية املقررة فيه ،وبذلك كان على العمال
139
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
والعامالت املنزليات في حالة إصابتهم بحادثة شغل أن يثيروا مسؤولية مؤاجريهم حسب القواعد العامة
للمسؤولية ،أي أنه يكون عليهم إثبات الخطأ من جانب املؤاجر ،وكان بإمكان هذا ألاخير دفع املسؤولية
عنه إذا وقعت الحادثة بخطأ من الخادم أو قوة قاهرة أو حادت فجائي ،وكانت هذه املسألة تعد عليا
من عيوب الظهير املذكور ،ألنها تحول دون استفادة كافة ألاشخاص الذين يتعاطون ويمارسون العمل
املنزلي من مقتضيات ظهير 2فبراير ،1123والتي وضعت تمييزا ال أساس له بين عمال املنازل التي تكون
مهمتهم هي سياقة السيارة وبين الذين يقومون باألعمال املنزلية ألاخرى ،كما أن إخراج العام والعمال
املنزليين من الحماية القانونية ترقيت عنها صعوبات تتجلى في تطبيق أو عدم تطبيق مقتضيات الظهير،
حيث كان يصعب أحيانا تحديد صحة املصاب ،وذلك الختالط صفة الخدم بصفة ألاجير ،وفي هذه
الحالة كان الحل هو القضاء الذي يكون الفيصل فيها إذا كان ألامر ينطبق على عاملة منزلية أو أجيرة.
وفي هذا السياق ،فإن قرارا صادرا عن محكمة النقض عدد 1122والصادر بتاريخ 2111/11/12في
امللف الاجتماعي عدد 2112/2/1222غير منشور) ،243أكد أن العمل في شركة إلى جانب العمل في منزل
مدير الشركة ال يجعل من تقوم به خادمة ومستثناة من تطبيق قانون الشغل ،فالعمل ألاصلي ألجيرة
كمنظفة في شركة إلى جانب العمل في أشغال البيت بمنزل مدير الشركة بصفة عرضية ال يضفي على
من تقوم به وصف خادمة منزل ،وفي حيثيات القرار" :حيث تبين صحة ما عابته الطاعنة على القرار،
ذلك أنه من الثابت من عقد الشغل وشهادة العمل وأوراق أداء ألاجور املدلى بها أن الطالبة كانت تعمل
لذا املطلوبة منظفة داخل الشركة ،وأن قيامها بأشغال املنزل داخل منزل املدير ال ينفي عنها صفة
- 243محمد سعيد جرندي :الدليل العلمي ملدونة الشغل ،قراءة تحليلية نقدية ملقتضيات املدعمة بأهم اجتهادات محكمة النقض ،الجزء
الاول ،مطبعة صناعة الكتاب ،الدار البيضاء ،2112 ،ص .22-22
140
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
مستخدمة لذا الشركة الطالبة مادام عملها ألاصلي يكون داخل الشركة خاصة وأن العقد الرابط بين
الطرفين يفرض عليها القيام بعملها داخل أو خارج الشركة ،إال أن املحكمة املطعونة في قرارها اعتبرت
عملها بنخل في إطار عمل خدم املنازل ،واستنتها من تطبيق مدونة الشغل ،مما تكون معه قد بنت قرارها
إال أنه بصدور الظهير رقم 1-12-111الصادر في 2ربيع ألاول 21 ،1232ديسمبر 2112بتنفيذ
القانون رقم 12.12املتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل ،فقد تم تجاوز العيب املذكور والاختالالت
التي شابت الظهير السابق ،حيث إن مقتضيات القانون الجديد امتدت لتشمل بالحماية جميع العامالت
والعمال املنزليين بتصريح املادة 2منه" :يستفيد أيضا من أحكام هذا القانون - 1...العمال املنزليون".
وبذلك يكون املشرع املغربي قد خطا خطوات هامة في طريق النهوض بوضعية هذه الفئة التي طاملا قالها
يعتم د على ألاعراف خصوصا في تنظيم العالقات بين أصحاب العمل والعميالت في قطاع الصناعة
التقليدية و هذا الوضع يجعل العاملة دائما في خوف موف من تصرفات مشغلها وال تملك أن تحتج على
الاضطهادات التي تمارس في حقها إضافة إلى صعوبة إثبات العالقة الشغلية فحاول املشرع املغربي تدارك
هذا ألامر بصدور مدونة الشغل ليدخل هذه الفئات من ألاجيرات في مجال تطبيقه إال أنه أدخل فئة
141
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
أجيرات الصناعة التقليدية فقط أما ألاجيرات اللواتي يشتغلن في القطاعات التي تتميز بطابع تقليدي
يعتبر القطاع التقليدي الصرف قطاعا غير مهيكل ،وتعتبر اليد العاملة النسائية فيه من بين الفئات
املستبعدة واملحرومة من املقتضيات الحماية التشريع الاجتماعي سواء على مستوى مدونة الشغل أو
قانون الضمان الاجتماعي أو حتى ظهير حوات الشغل وألامراض املهنية ،ألامر الذي جعلها تعمل في ظروف
نسيجها الاقتصادي ،ويوفر هذا القطاع مجاالت واسعة في التشغيل والعمل للحساب الخاص ،وبالتالي
ومن بين هذه ألانشطة التي يشملها هذا القطاع تجد الصناعة التقليدية الصرفة ،وقد أشارت
الفترة الثانية من املادة 2من مدونة الشغل إلى عدم سريان أحكامها على ألاجراء الذين يستغلون في
القطاعات التقليدية الصرفة ،معلقة ذلك على صدور قانون خاص ينظم العالقات بين املشغلين
- 244بن خوية هدى :الحماية القانونية للمرأة ألاجيرة ،مرجع سابق ،ص .21
- 245حنان أسوان :وضعية املرأة العاملة في ظل مدونة الشغل املغربية ،مرجع سابق ،ص .23
- 246كان مكتب العمل الدولي يعرف القطاع غير املهيكل بـ "الوحدات الصغيرة إلنتاج وتوزيع الخيرات والخدمات املتواجدة باملناطق
الحضرية خاصة في البلدان التي هي في طريق النمو" ،تعريف ورد في تقرير املدير العام مؤتمر العمل الدولي سنة .1111
142
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
وألاجراء في هذا القطاع ،كما حددت املقصود به أنه ذلك القطاع الذي يزاول فيه كل شخص طبيعي
حرفة يدوية بمساعدة زوجته وأصوله وفروعه وبمعية خمسة مساعدين على ألاكثر ،ويتعاطى حرفة إما
بمنزله أو في مكان يشتغل به وذلك قصد صنع املنتوجات التقليدية التي يهينها الاتجار فيها .247واملقصود
باملشغلين الذين يزاولون نشاطا حرفيا أو تقليديا هم ألاشخاص الذين يعتمدون في الغالب على ألاعمال
اليدوية كصناع السجادات والزرابي والنسيج التقليدي ،واملالبس التقليدية ،وألاثاث الخشبي التقليدي
وبذلك فهناك مقاوالت غير معنية بأية أحكام مادامت متوفرة فيها املعايير املعتمدة واملتمثلة فيما
يلي:
مزاولة حرفة تقليدية حرفة تؤدي إلى إنتاج مصنوع للمتاجرة فيه ،وينتج عن هذا الشرط استبعاد
العمل غير اليدوي والخدمات والحرف غير املؤدية إلى ترويج مصنوع.
تنظيمها تحت إشراف وسلطة شخص طبيعي هو بالذات الصانع التقليدي املسؤول.
استقرار هذا النشاط بمنزل الصانع التقليدي أو يمحل مخصص لهذه الغاية ،ليتأكد بهذا الشرط
أن الخدمات التي تقدم للزبائن في أماكن أخرى ال تدخل في هذا النطاق.
أال يفوق عدد الصناع املأجورين خمسة بغض النظر عن ألاعوان الذين تربطهم بالصانع
143
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
كذلك أشارت الفترة ألاخيرة من املادة 2من مدونة الشغل إلى شرط آخر هو أال يتجاوز الدخل
السنوي للصانع التقليدي خمس مرات الحصة املعنية من الضريبة على الدخل ،وإال طبقت عليه أحكام
مدونة الشغل ،ويمثل هذا الشرط ألاخير بعض إلاشكاليات القانونية ،وذلك أن قدر املبلغ املصرح به
لدى مصلحة الضرائب قد يكون غير صحيح ،وإذا تركنا ألامر للمصلحة قد تبالغ تحديد مقدار هذا
الدخل ،كما أن املبلغ املعفي من الضرائب تطرأ عليه تغييرات من حين ألخر حسب نخل الصانع من
جهة ،ومن جهة أخرى على مستوى القانون الذي يحدد الدخل املعفى من الضريبة ،وعليه فإن نفس
املشغل يمكن مرة أن يخضع ملدونة الشغل وأحيانا أخرى ال يخضع لها .249
بقي أن ن شير إلى أن القطاع غير املهيكل املستبعد من نطاق مدونة الشغل يمثل حوالي %21من
فرص العمل ،ونسبة النساء العامالت فيه مرتفعة جدا ،حيت في املجال الصناعي تشكل ،% 2233وفي
مجال الخدمات ،% 1132وفي مجال التجارة ،% 233بينما يعرف قطاع البناء وألاشغال العمومية نسبة
وترجع هذه النسب إلى كون العمل أصبح ضرورة من ضرورات الحياة في العصر الحالي ،وأمام
إلحاح النساء للحصول على فرصة عمل يسيب تفاقم ألازمات الاقتصادية والاجتماعية التي تعاني منها
الدول النامية بشكل كبير مما يجعلهن أمام حتمية الشغل في القطاعات غير املهيكلة ،حتى في ظل عدم
توفير الحماية لهن في هذا القطاع من طرف املشرع ،حيت تم استبعادهن من نطاق الحماية القانونية
املدونة الشغل.
- 249محمد سعد الجرندي :الطرد التعسفي لألجير في ظل مدونة الشغل والقضاء املغربي ،مطبعة ألامنية ،الرباط ،الطبعة الثانية،2112 ،
ص .21
- 250حنان أسوان :مرجع سابق ،ص .22
144
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
معيقات تحول دون أن تحظى املرأة املغربية ألاجيرة بنوع من الحماية الالزمة ،خصوصا في بعض
القطاعات كقطاع الصناعة التقليدية ،حيث أن هذا ألاخير هو القطاع الذي تلجأ له النساء كثيرا نظرا
ملجموعة من الاعتبارات ،أولها أن هذا القطاع يفضل تشغيل النساء نظرا لتدني أجورهن مقارنة
بالرجال ،وكذا إمكانية فصلين متى أراد املشغل ذلك دون محاولة التصدي والدفاع.
وكما هو متعارف عليه لدي جل املهتمين بالشأن القانوني أن قطاع الصناعة التقليدية وقبل
إقرار مدونة الشغل ،كان خاضعا من حيت تنظيمه لألعراف املهنية ،ومع صدور مدونة الشغل املغربية
أدخلت هذه الفئة من ألاجيرات في مجال تطبيق مدونة الشغل وهو الش يء الذي عمل على تحقيق الحماية
الاجتماعية لهن ،لكنه لم يكن شامال حيت أقصر فقط على أجيرات الصناعة التقليدية ،في ظل تركت
ألاجيرات اللواتي يدخلن في قطاع يطيعه ما هو تقليدي صرف ملتقلبات وقوانين املجتمع ،251بعيدا عن
وبالعودة إلى وضعية املرأة في هذا القطاع نجدها محرومة من أبسط الحقوق التي تحمي كرامتها،
وهي ال تتوفر على أبسط شروط وظروف العمل الالئق ،فهي محرومة من حقوقها كحامل وأم ،ومن ألاجر
الذي يعتبر الوسيلة الوحيدة للعيش بالنسبة لها ،أضف إلى ذلك ملول ساعات العمل.
- 251خديجة بوعود :منع التمييز بين الجنسين على ضوء مدونة الشغل –دراسة مقارنة ،-مرجع سابق ،ص .22
145
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
أما بخصوص املرأة الحامل فهي تشتغل إلى أن تشعر بمخاض الوالدة ،وتستأنف عملها بعد
أسبوع على أكثر تقدير بعد والدتها خوفا من فقدان عملها ،مع العلم أن فترة الوضع غير مؤدی عنها وال
وهذا الوضع الذي تعيشه ألام في قطاع الصناعة التقليدية الصرفة ال يؤثر على رضيعها فقط
بحرمانه من الحنان والرعاية التي يتطلبها ،بل يضر بصحته إن هي فكرت أن تأتي به إلى مكان العمل
لعدم التوفر على أماكن للرضاعة وانعدام وسائل النظافة ،والغبار الناش ئ عن النسيج إذا تعلق ألامر
بمعامل الزرابي.252
وبالتالي فالعمل التقليدي البسيط الذي تؤديه ألاجيرة ،والذي يعتمد على إمكانيات محدودة
ووسائل بسيطة يغلب عليها الطابع اليدوي ،واملهارات الذاتية ،ال يخضع لقانون الشغل ،أما إذا تطور
نشاط هذا العمل وأصبح في شكل مقاولة تؤدي خدمات مهمة قد تتجاوز الحدود الوطنية إلى تصدير
منتوجاتها إلى الخارج ،وتتوفر على طاقم إداري ،وتستعين بآالت وتجهيزات ضخمة ،ومواد أولية ،فليس
وبما أن املادة الرابعة من مدونة الشغل نصت على أنه سيحدد قانون خاص بشروط العالقة
بين عامالت القطاع التقليدي الصرف وبين مشغليهن ،فقد تم بالفعل وضع مشروع قانون يحدد العالقة
بين املشغلين وألاجراء ،وشروط الشغل في هذه القطاعات التي تتميز بطابع تقليدي صرف ،ووجه بتاريخ
2مارس 2112إلى ألامانة العامة للحكومة ،تتضمن مجموعة من إلايجابيات من بينها تعريفه للمشغل
- 252مالك عواد :حماية حقوق ألاجيرات في ضوء قانون الشغل املغربي ،مرجع سابق ،ص .21
- 253محمد سعيد جرندي :مرجع سابق ،ص .21
146
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
في القطاع الذي يتميز بطابع تقيدي صرف ،باإلضافة إلى املعايير املحددة في املادة 2من مدونة الشغل
يستخدم على ألاكثر خمسة مساعدين متوفرين على حد أدنى من املهارة التي يتطلبها صنع
املنتوج التقليدي.
كما حدد املشروع مدة العمل ألاسبوعي حسب ألاعراف وخصوصية ألانشطة واملناطق ،كما
تطرق ملسألة التمرس املنهي ،واملنظم بمقتض ى القانون رقم 32.13املتعلق بإحداث وتنظيم التمرس املنهي
كنمط من التكوين ألاساس ي ،والهدف منه هو تلقين املتدربين معارف عامة ومهنية بمؤسسات التكوين
املنهي التابعة للدولة أو املقبولة من طرفها لهذا الغرض ،واكتساب مهارات عملية عن طريق ممارسة
وجدير بالذكر أن التغيير الوحيد الذي أتى ليه مشروع القانون املتعلق بهذا القطاع بهذا القطاع
هو إخضاع جهاز املراقبة لهيئة مفتش ي الصناعة التقليدية بدال من مقتش الشغل ،وتسوية نزاعات
الشغل الفردية والجماعية عن طريق أمين الحرفة ،وفي حالة تعذر التوصل إلى تسوية النزاعات يتم
اللجوء إلى املحتسب ،لكن الصانع التقليدي املشغل في القطاع التقليدي الصرف ،قد يفضل اللجوء إلى
املحاكم مباشرة ،دون اللجوء ال إلى أمين الحرفة ،وال إلى املحتسب ،فال قانون يجبره على ذلك ،واملحكمة
147
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
ال يمكن أن تقض ي بعدم قبول طليه مادام مشروع القانون لم يلزمه بفعل ذلك ،لكن رغم ذلك فإن
هذا املشروع سيعمل على هيكلة القطاع التقليدي الصرف ،والاهتمام به ،هو اهتمام بقطاع الصناعة
التقليدية يصفه قطاعا اقتصاديا تأخر لسنوات عديدة ،ولعل السبب في ذلك هو الاقتصار على التعامل
معه من وجهة نظر اجتماعية محضة ،جعلت منه قطاعا ال يلزمه سوى بعض الدعم و املساعدة ،دون
الارتكاز على أية سياسية إنمائية أو تنموية ،مما قوت على املقاولة الحرفية فرص التطور واملساهمة
وحين على املشرع املغربي الحماية الاجتماعية للعامالت في القطاع التقليدي الصرف على صدور
قانون خاص يحدد شروط الشغل والتشغيل املتعلقة لهم كان حيفا بالنسبة لهن ،مما جعل حقوق
ألاجيرة بصفة عامة ،وألاميرة ألام بصفة خاصة عرضة لالنتهاك ،الش يء الذي يستوجب تدخل املشرع في
أقرب وقت لسن هذا القانون وإخراجه إلى الوجود لتأمين الحماية الالزمة لهذه الفئة ،مع النظر في
املستعيدة واملحرومة من املقتضيات الحمائية للتشريع الاجتماعي ،حيت يظهر ذلك جليا من خالل عدم
تكريس املشرع حماية تنكر للمرأة في قطاع الصناعة التقليدية الصرفة ،وأقصاها من التمتع بتعويضات
148
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
الضمان الاجتماعي (أوال) ،غير أن هنالك مجموعة من الحلول التي إذا ما تمت مراعاتها مستقبال يمكن
أوال :وضعية العامالت بالقطاع التقليدي الصرف على مستوى نظام الضمان الاجتماعي
يعتبر الضمان الاجتماعي حقا من حقوق إلانسان ،256تروم ألاول من خالله الحماية الاقتصادية
والاجتماعية لساكنتها ،مما جعله يحتل مكانة رئيسية في اهتمامات كافة املجتمعات املعاصرة التي عملت
على تنظيمه بنظام يحدد املنافع التي يحتويها ،وألاشخاص املستفيدين منها ،وشروط الاستفادة .257وإذا
كان لكل شخص الحق في مستوى معيش ي يضمن له وألسرته صحة جيدة ،السيما على مستوى املأكل
واملليس والعناية الطبية والخدمات الاجتماعية الضرورية ،فهذا يفيد أن كل شخص له الحق في الضمان
ويقصد بالضمان الاجتماعي النصوص القانونية التي يهدف املشرع من ورائها إلى تنظيم الحماية
الاجتماعية في قطاع معين ولفائدة أشخاص محددين .259ويعتبر ظهير 22يوليو 2601122بمثابة إلاطار
املنظم أو القانون ألاساس ي لنظام الضمان الاجتماعي الذي يتعلق بالدرجة ألاولى باألحكام أو القوانين
املوضوعية التي تسمح باستفادة العمال املؤمن لهم من مزايا قانون الضمان الاجتماعي فالضمان
- 256املادة 22من الاعالن العالمي لحقوق الانسان" ،لكل إنسان عضوو في املجتمع الحق في الضمان الاجتماعي"...
- 257محمد بنحساين :الضمان الاجتماعي للعمال املغاربة بأوروبا ،الطبعة الاولى ،2112 ،مطبعة طوب بريس ،الرباط ،ص .2
- 258عفاف البوعناني :مرجع يابق ،ص .23
- 259الحاج الكوري :قانون الضمان الاجتماعي ،مرجع سابق ،ص .11
- 260الجريدة الرسمية عدد 3221بتاريخ 13رجب 23( 1312غشت ،)1122ص .2122
149
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
الاجتماعي يعمل كتأمين اجتماعي ممول بواسطة اشتراكات املشغلين وألاجراء ،فهو ليس موجها إلى
املجتمع بأكمله ،أو حتى إلى مجموع العاملين املأجورين في القطاع الخاص.261
فبالرغم مما يمتاز به قطاع الصناعة التقليدية من دور اقتصادي واجتماعي مهم ،بحيث يساهم
في الناتج الداخلي الخام ،كما يساهم يقسط وافر من مداخيل املنتجات املصدرة ،وتزويد السوق الداخلي
بكميات هائلة من املواد واملنتوجات ذات الطابع التقني والنفعي ،وحسب التقديرات إلاحصائية يضمن
قطاع الصناعة التقليدية نخال متوسطا لفئة عريضة من سكان اململكة ،وبذلك يتميز القطاع الحر بدوره
الكبير في امتصاص اليد العاملة ،إضافة إلى الظروف التي تنجز فيها هذه الفئة عملها مما يجعلها أكثر
إال أن إلاشكال املطروح الذي يبقي عائقا أمام تطور قطاع الصناعة التقليدية يتمثل في عدم
اعتماد نظام الضمان الاجتماعي لفئة العمال والعامالت املنتمين إلى قطاع الصناعة التقليدية الصرفة
حيت على ظهير الضمان الاجتماعي استفادة هؤالء إلى حين صدور مرسوم ،وذلك بصريح نص الفصل
الثاني في فقرته الثالثة من الظهير السالف الذكر ،والذي جاء فيه "تحدد بمراسيم شروط تطبيق نظام
الضمان الاجتماعي على من يأتي ألافراد املنتمون لعائلة أحد املشغلين والعاملون لحسابه".
ونتيجة إللحاح الفقه املهتم بضرورة تمديد الاستفادة من مقتضيات الضمان الاجتماعي لعمال
الصناعة التقليدية ،فقد صدر مرسوم بتاريخ 21أبريل 1113مدت بمقتضاه هذه الاستفادة لفائدة
150
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
وكان من املتوقع أن يشمل هذا املرسوم حماية العام والعاملين في قطاع الصناعة التقليدية
الصرفة ،إال أنه بدوره أقص ى هذه الفئة الضعيفة من املأجورين .كما أن الفصل الثاني من مرسوم 21
أبريل 1113ألزم أجراء املنشآت الحرفية يتق مبالغ الفصل الثاني من ظهير 1122املتعلق بالضمان
الاجتماعي ،مما يثير الاستغراب خاصة وأن الاشتراكات تحدد على أساس مجموع ألاجور التي يتقاضاها
هؤالء العمال .مع العلم أنه غالبا ما يتقاض ى العامل في هذا القطاع أجرا هزيال جدا ،حيث ال يصل إلى
لذلك ينبغي لتحقيق الحماية الاجتماعية بمعناها التأمل تمديد نظام الضمان الاجتماعي إلى قطاع
الصناعة التقليدية الصرفة مع ألاخذ بعين الاعتبار طبيعة هذا القطاع بجعل اشتراكات العاملين
والعامالت رمزية.
وفي ألاخير نشير إلى وضعية ألاجيرات في القطاع الفالحي ،فهي ليست أحسن حاال ،حيت أقدم
املشرع على إصدار ظهير 2أبريل ،1111مدد بمقتضاه الاستفادة من مقتضياته على فئة ألاجيرات
الدائمات ،دون مراعاة ألاجيرات املؤقتات اللواتي يقمنا بتقس ي النشاط ،واللواتي ال ينتجن إال ما يقتن به
دون الحصول على الربح ،إذن فهذه الفئة بدورها كانت محط تهميش وحرمان من الحماية الاجتماعية.
وهكذا تبقى للضمان الاجتماعي أهمية بالغة بالنسبة للمرأة العاملة ،خاصة في حمايتها من ألاخطار
التي تهددها وتخلق لديها تخلق لديها هاجس الخوف دائما من املستقبل.264
151
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
فإذا استطاع نظام الضمان الاجتماعي تحقيق هذه الغاية ،يكون قد حقق الغاية التي أنش ئ من
أجلها ،والتي دافعت عليها الطبقة الشغيلة بكل ما أوتيت من قوة حتى وصلت إلى املستوى الذي نراها
عليه اليوم في الدول املتقدمة وذلك بفضل شمولية هذا النظام لكل فئات املجتمع ،طبقا ملا جاء في
الفصل 22من إلاعالن العالمي لحقوق إلانسان الذي تبنته الجمعية العامة لألمم املتحدة في 11دجنبر
" 1122كل شخص بوصفه فردا من أفراد املجتمع له الحق في الضمان الاجتماعي".
فمن املؤسف حقا أن تبقى فئات عريضة من ألاجيرات والعامالت الكادحان في بالدنا واللواتي
يشتغل في ظروف صعبة ويحصل على أجر هزيل خارج نطاق ضمان الاجتماعي.
ثانيا :أفاني تعزيز الحماية الاجتماعية وتحسين الوضعية القانونية للعامالت بالقطاع
التقليدي الصرف
إن الصناعة التقليدية كانت والزالت تستهوي عددا كبيرا من النساء ،ليس في املغرب فحسب بل
و في كافة أقطار العالم ،فاملرأة بطبعها تحب صنع ألاشياء بيدها ،لهذا كانت تعمل من أجل تعلم صنعة
تستفيد منها وتفيد أسرتها ،خاصة صناعة ألالبسة ،حيت كانت أغلب النساء يقمن بنسج الجلباب
الصوفي الذي يقي من برد الشتاء وأغطية صوفية تقوم بنفس الدور ،أو يتم استعمالها في ألافرشة
كالزرابي مثال ،والتي تشهد على أصالة هذه الصناعة ومهارة اليد العاملة النسوية في هذا امليدان.265
وإضافة إلى ذلك يحتل قطاع الصناعة التقليدية مكانة في الاقتصاد الوطني ،كما يساهم في ازدهار
السياحة ،غير أنه رغم أهميته هذه ،فإنه قوبل بتمييز مجحف من قبل املشرع املغربي الذي مدد أحكام
- 265فاطمة أنوار :الحماية القانونية لعمال الصناعة التقليدية ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص ،جامعة محمد
الخامس كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية الرباط ،السنة الجامعية ،1112ص .11
152
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
قانون الشغل إلى مقاوالت الصناعة التقليدية دون العاملين في القطاعات التي تتميز بطابع تقليدي
صرف.266
وال بد من إلاشارة إلى أسباب ظهور القطاع التقليدي الصرف ،حيت يعزى ذلك إلى عدم قدرة
بعض املشغلين على تحمل التبعات القانونية لخضوعهم لقانون الشغل ،ويجدر التأكيد هنا على أنه
ليست كل هذه الوحدات تلجأ إلى التهرب من الضرائب والتغطية الاجتماعية وال تقوم باحترام قوانين
الشغل ،بل تعمد أحيانا إلى ذلك الفتقار في مواردها وخوفها من تحمل مصاريف إدارية ليست لها طاقة
على تحملها ،حيث ال يحمل هؤالء من صفة "مشعل "إال الاسم .267وأيضا في حاله عدم قدرة بعض
املقاوالت الخاضعة ملقتضيات مدونة الشغل الاستمرار ومجابهة التنافسية فتحولت إلى الاشتغال خارج
نطاق القانون فيما يعرف بالقطاع غير املهيكل أو اقتصاد الظل ،للنص من تكلفة إلانتاج وبالتالي تسويق
بضائعهم بأسعار بخسة ،تقل بكثير عما تعرضه مقاوالت القطاع املهيكل.
ولذلك فإن تحسين الوضعية القانونية للعامالت في القطاع التقليدي الصرف يقتض ي أوال
إلاصالح الاقتصادي الشامل ،كإحداث برامج خاصة لتنظيم القطاعات غير املهيكلة بما يحسن وينهض
بوضعية تشغيل ألاجيرات ،ومن ذلك تمكين املؤسسات العاملة في هذه القطاعات من حوافز وامتيازات
ملساعدتها على تحسين منتوجها وضمان تسويقية واعتماد أساليب مرنة في التعامل مع املرافق إلادارية
واملالية مع التفكير في تجميع أجراء قطاع الصناعة التقليدية الصرفة في إطار تعاونيات خاصة.268
- 266مريم ازغيغي :مظاهر الحماية ألاسرية في تشريعات العمل دراسة مقارنة لنيل دبلوم الدراسات العليا املعمقة في القانون الخاص،
جامعة محمد ألاول ،كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بوجدة ،السنة الجامعية ،2111-2112 ،ص .22
- 267محمد سعيد بناني :الخاصيات الجديدة في مدونة الشغل ومنطلقاتها ،اللقاء القضائي املغربي الاسباني الثالث بين املجلس ألاعلى
باململكة املغربي واملجلس العام للسلطة القضائية للمملكة الاسبانية الرباط 22-22 ،نوفمبر ،2112 ،ص .12
- 268حنان أسوان :مرجع سابق ،ص .22
153
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
هذا من الناحية الاقتصادية ،أما من الناحية القانونية فقد أصبح من الضروري تمديد نظام
الضمان الاجتماعي الى عامالت القطاع التقليدي الصرف من أجل تعزيز الحماية الاجتماعية املبتغاة
الهن ،مع ألاخذ بعين الاعتبار طبيعة القطاع وأيضا الاسراع بتعزيز الترسانة القانونية والاجتماعية
بالقانون الذي وعدت به املادة الرابعة ،وذلك بسبب قانون خاص يتعلق بتحديد العالقات بين املشغلين
من خالل ما سبق ،فان املشرع املغربي وإن كان قد استثنى العامالت والعمال املنزليين و عامالت
و عمال القطاع التقليدي الصرف من مدونة الشغل و من مجموعة من املقتضيات ذات الطابع الحمائي
الاجتماعي ،إال أنه نتيجة لتظافر عدد من العوامل الداخلية والخارجية الضاغطة في اتجاه تغيير ملموس
في موقف املشرع املغربي إزاء واقع البؤس الاجتماعي لفئة الشغيلة املنزلية ،في ظل مسلسل الفراغ
القانوني الذي عمر طويال ،رغم ما بات يفرزه هذا النوع من الشغل من مشاكل واقعية ال حصر لها أثناء
املمارسة ،فإنه واستجابة لذلك ،أقدمت اململكة املغربية -أخيرا۔ على تغطية الفراغ التشريعي الحاصل،
وعند هذه الصورة عبر صدور القانون الخاص بالقطاع املذكور ،ويوفر من خالله مختلف جوانب
الحماية الاجتماعية الالزمة لفئة مهنية تكاثرت أعدادها وتفاقمت أوضاعها بعد أن عانت مستهدفة -
أكثر من غيرها -بمظاهر إلاهمال وإلاقصاء طيلة املحطات السابقة لتنظيم مجال الشغل وتقنين شروط
التشغيل املتعلقة بهم ،وذلك في طريق تكريس الحماية املتوخاة للحد ألادنى من حقوق عمال املنازل
ببلدنا.
إال أن هذه الخطوة إلايجابية التي سار عليها املشرع املغربي وإن كانت قد شملت العامالت والعمال
املنزليين ،إال أنها أعطت العامالت والعمال بالقطاع التقليدي الصرف ،الذي يشكل نسبه ال يستهان بها
154
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
من الشغيلة الوطنية خاصة النساء اللواتي ال زلنا يعانين من غياب جميع أشكال الحماية الاجتماعية
أمام غياب نص قانوني منظم تشملهم أحكامه وتنظيم شروط شغلهم وتشغيلهم ،وتمكنهم من الاستفادة
من نظام الضمان الاجتماعي الذي يمثل حقا لكل إنسان في املجتمع.
من جانب أخر ،فعلى الصعيد العربي ،تتفاوت الدول العربية في درجة الاستجابة الوطنية لتنظيم
قطاع الخدمة املنزلية ،وتحسين شروطه وحماية الحقوق الاجتماعية لعمالته ،وذلك بناء على تظافر
الضغوط الداخلية اقتصاديا واجتماعيا ،إلى جانب التدخالت الخارجية لعدد من املنظمات الدولية التي
ما فتئت تدق ناقوس إلانذار من أجل تغيير الوضعية الاستثنائية الفئات العمالية تزداد انتشارا من حيث
أعداد النساء والفتيات املهاجرات من جهة ،وتكاثر مشاكلها القانونية وإلانسانية على املستوى الداخلي
ويمكننا القول عموما أن العمالة النسائية في املنازل ألاوروبية تميل إلى أن تحتل املكانة الالئقة
بها من الحماية القانونية والتأثير الاجتماعي والاهتمام إلاعالمي ،فهذه هي الصورة إلاجمالية التي تطيع
وضعية هذا القطاع في مجتمع إنساني جديد شهد قدرا كبيرا من التطور والعصرنة في نظمه الاجتماعية
والاقتصادية وأساليب عليه اليومية وعالقات أفراده ،بما يحفظ القدر الكافي من الحقوق والواجبات
ولذلك يظل املجتمع ألاوروبي عامة -كقاعدة ال تخلو من الاستثناءات -في منأى عن اجتياح الهجرة
النسائية املنظمة لغرض التشغيل املنزلي ،والتي تمثل معدل ارتفاع صارخ في دول آسيا ومنطقة الشرق
155
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
ألاوسط كمحور جغرافي بارز على صعيد حركية إرسال واستقبال ال تكاد تقت ،عنوانها "العمالة املنزلية
ويبدو أنه لهذا السبب على ألاقل يظل تنظيم هذا القطاع وحماية شغلته في املجتمع ألاوروبي
أفضل بكثير من بعض الدول العربية املعنية بهذه الظاهرة أكثر من غيرها قانونيا وإنسانيا.
156
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
رغم املقتضيات الحمائية التي كرستها مدونة الشغل لقائدة املرأة ألاجرة ،إال أنها تبقى غير كافية
من أجل تحقيق النجاعة والحماية املطلوبتين ،فاملرأة ألاجيرة تحتاج إلى ضمان تفعيل النصوص القانونية
املوجودة التي تحظر أي تمييز بينها وبين زميلها ألاجير سواء عند إبرام عقد الشغل أو على مستوى ألاجر،270
وتحتاج أيضا إلى التطبيق ألاسلم للنصوص الحمائية التي تكرس حقها في ظروف عمل مالئمة تراعي
أيضا حقها في ألامومة ،وعدم فصلها لهذا السبب .ويبقى أهم مشكل يواجه عموم ألاجراء وألاجيرات منهم
على وجه الخصوص هو الفصل التعسفي خاصة إذا كان بأسباب لها عالقة بالنوع الاجتماعي ،ومن بينها
التحرش الجنس ي ،إذ أكدت مجموعة من التقارير املتعلقة بتطبيق مدونة الشغل أن عددا كبيرا من
ومن هنا تبدو ألاهمية البالغة للمقتضيات الزجرية في توفير الحماية املنشودة ،بحيث إن نبوت
الصفة ألامرة لقواعد قانون الشغل ،هو الذي يبرر ما أقره املشرع من تدابير زجرية على مخالفة
مقتضياتها تأكيدا ملا تقوم عليه هذه الصفة في توفير حماية أساسية للجيرة ،وإشعارا باألهمية البالغة
لهذه الحماية ،فإن تذييل مقتضيات مدونة الشغل بتدابير زجرية جاء كعنصر مالئم لتقوية وضمان
التطبيق السليم لتشريع الشغل ،ذلك أن املقتضيات الزجرية جات من أجل بعت الفعالية في نصوص
- 270أمينة رضوان :جزاء مخالفة النظام العام في قانون الشغل ،مقال منشور بمجلة قضاء محمكة النقض ،العدد ،|2112 ،22ص
.221
- 271أنس سعدون :وضعية املرأة املغربية على ضوء منهاج عمل بيجين ،مرجع سابق ،ص .212
157
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
املدونة ودعم الطرف الضعيف في العالقة الشغلية ،وحماية من تعسف الطرف القوي ،من أجل تحقيق
التوازن العقدي املنشود ،272وهنا تتمثل أهمية هذه الحماية الزجرية (املطلب ،)1وفي هذا السياق ال بد
من إلاشارة إلى دور العمل القضائي في املادة الاجتماعية في تكريس الحماية الاجتماعية للمرأة ألاخيرة،
حيث ال يمكن لهذه الحماية التي أرادتها التشريعات أن تتحقق إال عن طريق قضاء متخصص يروم
باألساس تحقيق تطور و استقرار للعالقة الشغلية فمهما بلغت حنكة املشرع في وضع النصوص القانونية
باعتماد آلاليات التشريعية واملناهج املقارنة ،فإن تحقيق ذلك يظل رعينا بوجود قضاء متخصص يسمو
تعتبر التدابير الزجرية أداة القانون الجنائي للشغل ووسيلته في تحقيق الردع وفي ضمان احترام
مقتضياته وتفعيلها على أرض الواقع في عالقات الشغل ،وبالتالي فهي ضرورية لتجنب تدمير نجاعة
ولذلك حرص املشرع في التشريع الاجتماعي على توفير ضمانات حمائية لفائدة اليد العاملة
النسائية نظرا ألهمية هذه املقتضيات الزجرية لضمان الامتثال وعدم مخالفة أحكام الحماية التي سنها
والحقوق التي كفلها للمرأة ألاخيرة ،سواء للحفاظ على حقوقها ألاساسية (الفترة ألاولى) ،أو املنع أي
- 272محمد بهير :الحماية الزجرية لألجير في التشريع املغربي ،مرجع سابق ،ص .13
- 273أمينة رضوان :مدونة الشغل من خالل الاجتهاد القضائي (دراسة مقارنة) ،مطبعة ألامنية ،الرباط ،2112 ،ص .13
- 274محمد بهير :مرجع سابق ،ص .12
158
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
من الحماية لها أثناء تأدية عملها ،كما قامت بإقرار عقوبات جزائية في حالة مخالفة تطبيق هذه القواعد،
وامتيازاته ،ولذلك كان من الضروري إدراج مقتضيات زجرية من شأنه ضمان صيانة حق املرأة في العمل
وحقها في ألاجر.
تعتبر عالقة العمل السمة البارزة لهذا العصر الحديث ،فبعد أن كان العمل سلعة تخضع لقانون
العرض والطلب في بداية تقسيم العمل ،وأدى ذلك إلى سيطرة املستخدم باعتباره مالك بوسائل إلانتاج
على قواعد السوق ،بسبب كرة اليد العاملة وقلة الطلب على الوظائف واملهن ،مما حمل العمال على
القبول وإلاذعان للشروط التي يضعها صاحب العمل ،سواء تعلق ألامر بشروط التشغيل وكيفية
تنفيذه ،أو املقاب ل املالي الذي يدفعه لقاء الجهود املبذولة ،ولم يكتف املستخدم باستغالل العمال ،بل
أدخل آالت صناعية جديدة حلت محل اليد العاملة ،وكل ذلك أوجد مخاطر صحية وأمنية تلحق
العامل ،275دون أن ننس ى املخاطر التي تصيبه في حقه ألاساس ي و الجوهري وهو الحق في العمل .لذا قرر
- 275بوصنبورة مسعود :الحماية الجنائية للعمل ،أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في العلوم ،جامعة منتوري ،كلية الحقوق والعلوم
القانونية وإلادارية ،قسطنطينة ،الجزائر ،السنة الجامعية ،2111\2112 ،ص 32-3
159
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
املشرع جزاء عدم املشروعية -التعسف -لكل إنهاء يتم خرقا القانون العمل ،التي صارت سمتها الرئيسية
أنها آمرة ال يجوز الاتفاق على مخالفتها إال إذا كانت فائدة للعامل .276بحيث يعاقب على عدم احترام
املقتضيات املتعلقة بالفصل ،لتصبح أمام طرد تعسفي ،ولعل أكثر القضايا الاجتماعية إبرازا لحدة
إشكالية الحق في الشغل ،277تكمن في مسألة الفصل من الشغل ،أو خرق وتحريف مبدأ تكافؤ الفرص
فبالرجوع إلى املادة 1من مدونة الشغل نجدها تنص في فقرتها الثانية على كل تمييز بين ألاجراء
من حيث الجنس ،يكون من شقه خرق أو تحريف مبدأ تكافؤ الفرص ،أو عدم املعاملة باملثل في مجال
التشغيل أو تعاطي مهنة ،ال سيما فيما يتعلق باالستخدام ،وإدارة الشغل وتوزيعه ،والتكوين املنهي
وألاجر ،والترقية ،والاستفادة من الامتيازات الاجتماعية والتدابير التأديبية والفصل من الشغل .ولزجر
املشغل من ممارسة هذه ألافعال ،فقد جاءت املادة 12لتنص على عقوبات مخالفة املادة ،1حيث
نصت" :يعاقب املشغل عن مخالفة أحكام املادة 1أعاله بغرامة من 12.111إلى 31.111درهم وفي حالة
واملالحظ أن املشرع املغربي في هذه املادة اكتفى بغرامة مالية ،على خالف املشرع الفرنس ي الذي
-إلى جانب إقراره ملبدأ املساواة سواء فيما يخص إبرام عقد الشغل أو املساواة في ألاجر .عزز حماية
املبدأ الحقوقي بعقوبات حبسية وغرامة تصل إلى 3221أورو (املادة L1146من القانون الفرنس ي).278
160
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
رغم توقيع املغرب على الاتفاقية رقم 111بشأن تحريم التمييز في التشغيل والعمل التي ألغت
على املستوى القانوني كل مظاهر التمييز ألاجرية القائمة على اساس الجنس ،فإن التشريع املغربي لم
ينسجم مع هذه الاتفاقيات إال بصدور مدونة الشغل ،مع العلم أنه قد صادق سنة 1121على الاتفاقية
وفي هذا السياق ،فقد نصت املادة 322من مدونة الشغل صراحة على منع كل تمييز في ألاجر بين
ألاجير وألاجيرة إذا تساوت قيمة الشغل الذي يؤديانه ،وعززتها بمقتضيات زجرية جاءت بها املادة 321
من نفس املدونة بنصها" :يعاقب عن عدم التقيد بأحكام املادة 322بغرامة من 22.111إلى 31.111
إضافة إلى ذلك ،فقد منعت املادة 1التمييز بين الجنسين فيما يتعلق باالنتماء النقابي ،ونص
على عقوبة زجرية في حالة مخالفة املشغل ألحكامها ،واملتمثلة في غرامة من 12.111إلى 31.111درهم،
إال أن إلاشكال الذي يتعلق بهذا الصدد يتعلق بكيفية إثبات التمييز من طرف ألاجيرة ،فإذا كان
املبدأ السائد في املادة الاجتماعية هو حرية إلاثبات ،فإن إثبات التمييز من طرف ألاجيرة أمر صعب ،إن
واملالحظ أن هذه الحماية الجنائية تتسم لنوع من املرونة وتقلد إلى الحزم والشدة .فاملشرع املغربي
تبني الغرامات املالية كأصل ،ولم يلتفت إلى العقوبة الحبسية إال كاستثناء وبصفة اختيارية في حاالت
أخرى ،مما يؤدي برئيس املؤسسة إلى خرق النص القانوني عوض الالتزام به ،لعلمه املسبق بهزالة
- 279عبد النور إدريس :املرأة ومدونة الشغل املغربية ...مقارنة سوسيولوجية" ،مقالة الكترونيةhttp//abdenour.overblog.net :
161
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
العقوبة املفروضة عليه من جهة ،ولصعوبة إثبات املخالفات من طرف مفتش الشغل ،ومن تم إحالتها
على القضاء للنطق بالعقوبة املقررة في حقها من جهة أخرى ،280وبذلك فرغم رفعه للغرامات فإنها تبقى
عاجزة عن ضمان حماية حقيقية لألجيرة على أرض الواقع ،مما يجعل بعض املشغلين يفضلون دفع
الغرامة على تمكين ألاجيرة من حقوقها ،ألامر الذي يتطلب مراجعتها وجعلها مناسبة لطبيعة املخالفة
التي كانت مطروحة على هذا املستوى ،خاصة فيما يتعلق بحماية الحقوق الشخصية ،التي يعتبر املس
بها انتهاكا صارخا لحقوق الانسان ،خاصة ما يتعلق بالحق في الزواج ،والحق في الصحة والسالمة البدنية.
عمد املشرع إلى وضع بعض املقتضيات الزجرية ،وذلك لكي يجبر املشغل على احترام النصوص
وعلى هذا ألاساس ،وحماية الحقوق ألاجرة الشخصية ،فقد نصت املادة التاسعة من مدونة
الشغل على أن كل تمييز بين ألاجراء يسيب الحالة الزوجية يكون من شأنه خرق أو تحريف ملبدأ تكافؤ
الفرص ،وعدم املعاملة باملثل ،السيما فيما يتعلق بالتدابير التأديبية والفصل من الشغل ،ورتب املشرع
- 280دنيا مباركة :الوضع الحقوقي للمرأة العاملة ،النساء ودولة الحق والقانون ،كرس ي اليونسكو "املرأة وحقوقها" ،مطبعة دار القلم،
طبعة .112 2 ،2112
- 281مالك عواد :مرجع سابق ،ص .21
162
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
على مخالفة هذه املقتضيات عقوبة زجرية تتمثل في غرامة من 12.111إلى 31.111درهم ،تضاعف في
حالة العود.
وقد استبعد املشرع الحالة الزوجية في املادة 322من مدونة الشغل من املبررات املقبولة التخاذ
العقوبات التأديبية أو الفصل من الشغل ،حيت تنص على أنه "ال تعد ألامور التالية من املبررات املقبولة
التخاذ العقوبات التأديبية أو الفصل من الشغل - :العرق ،أو اللون ،أو الجنس ،أو الحالة الزوجية"...
إضافة إلى ذلك أصدر املشرع املغربي بتاريخ 11يونيو 2113ظهيرا شريفا بتنفيذ القانون رقم -31
،28222أضاف بموجبه إلى القانون الجنائي مجموعة من املقتضيات ،منها الفصل 231-1الذي اعتبر
التفرقة بين ألاشخاص الطبيعيين بسبب الوضعية العائلية بمثابة تمييز ،ورتب عليه عقوبة الحبس من
لكن إذا كانت هذه املقتضيات الواردة في كل من مدونة الشغل والقانون الجنائي تشكل حماية
إضافية لألجيرات اللواتي قد تضرر وضعيتهن في عملهن بسبب الزواج ،فإنه باملقابل يالحظ غياب أي
إشارة لكيفية إثبات التمييز الذي قد يتعرض له طالب العمل ،عكس ما عليه ألامر في قوانين أخرى
فإذا عدنا إلى هذا القانون ،سنجده يتضمن نصا شبيها باملادة 1من مدونة الشغل هو
الفصلم L1132-1الذي ينص على أنه ال يمكن إقصاء أي شخص من مسطرة التوظيف ،أو قضاء
تدريب ،أو فترة تكوين باملقاولة ،أو معاقبته ،أو فصله ،أو أن يكون موضوع إجراء تمييزي مباشر أو غير
163
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
مباشر ،خاصة فيما يخص ألاجر ،أو التكوين ،أو إعادة الترتيب ،أو التعيين ،أو التأهيل ،أو الترتيب ،أو
الترقية املهنية ،أو النقل ،أو تجديد العقد بسبب أصله أو جنسه ،...أو وضعية العائلة.
كما نص الفصل L1132-3من قانون الشغل على أن ألاجير ال يمكن معاقبته أو فصله ،أو أن
يكون موضوع أي إجراء تمييزي إذا قم شهادته بخصوص تمييز في إحدى ألاوضاع الواردة أعاله.
ولتيسير عملية إلاثبات ،نص الفصل L1134-1من نفس القانون على أنه في حالة النزاع بخصوص
تطبيق مقتضيات الفصل ،L1132-1فإن ألاجير املعنى ،أو املترشح للعمل أو التدريب أو لفترة تكوين
باملقاولة يقدم العناصر الواقعية التي تمكن من افتراض وجود تمييز مباشر أو غير مباشر والتي على ضوئها
يتعين على املدعى عليه ،أي املشغل ،أن يثبت أن قراره كان مبررا بمقتض ى عناصر موضوعية بعيدة عن
أي تمييز ،ويكون القاض ي آنذاك اعتقاده ،بعد أن يأمر عند الاقتضاء بجميع إجراءات التحقيق التي
يراها مفيدة.283
نظرا لكون عالم الشغل كان وال يزال محفوفا بالكثير من املخاطر التي من شأنها أن تعرض ألاجيرات
وألاجراء العديد من ألاضرار ،خصوصا بعد أن اقتحمت آلالة كل ميادين الشغل تقريبا ،فقد اهتم
وإذا كانت التشريعات قد نصت على القواعد القانونية التي تضمن تعويض ألاجير عما يمكن أن
يصيبه من أضرار ،سواء أثناء ممارسته لعمله أو بسبب القيام بذلك ،فإن هذه التشريعات .و عمال
- 283محمد بنحساين :حملة حقوق الشخصية في قانون الشغل وفق آخر املستجدات ،مرجع سابق ،2112 ،ص .33-31
- 284محمد بهير :مرجع سابق ،ص .22
164
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
بمقولة "الوقاية خير من العالج " -لجأت إلى سن قواعد تهدف إلى درء كل ما من شأنه أن يعرض صحة
وسالمة ألاجراء للخطر ،وكذلك إلى سن القواعد التي ترمي إلى املحافظة على صحتهم ،وهو ما من شأنه
أن يخف املخاطر املحدقة عادة بالعمل ،ويساهم إلى حد ما في ضمان سالمة ألاجيرات وألاجراء.
بل إن هذه التشريعات ،ومن بينها مدونة الشغل ،اعتبرت أن املس بقواعد الصحة والسالمة
املنصوص عليها قانونا ،أفعاال إجرامية يستوجب معها تطبيق التدابير الزجرية على مرتكبيها ،وهو ما
والتجريم يعتبر من أهم الوسائل الوقائية للصحة املهنية من حيت الردع ،حيت تذيل كافة تدابير
الصحة والسالمة بنصوص التجريم والعقاب ،ففي حالة خرق مقتضيات النصوص التشريعية املتعلقة
بقواعد الصحة والسالمة من طرف املشغل ،فإنه يسل جنائيا ،وهذا ما نصت عليه املادة 222من
املدونة بأنه "يكون مسؤوال جنائيا من ألافعال املخالفة ملقتضيات هذا القانون ،والنصوص التنظيمية
الصادرة تطبيقا له ،كل مشغل أو مدير أو رئيس طبقا للمادة السابقة أعاله ،يكون له داخل املؤسسة،
وبتفويض من املشغل الاختصاص والسلطة الكافية ،لحمل ألاجراء املوضوعين تحت إشرافه على الطاعة
يعتبر املشغل مسؤوال مدنيا عن ألاحكام الصادرة على املديرين واملسيرين والتابعين له بأداء
165
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
إذن يتضح لنا من هذه املادة أن املشغل يسأل جنائيا ومدنيا في حالة خرق ومخالفة الالتزامات
والواجبات القانونية امللقاة على عاتقه ،واملتعلقة بقواعد حفظ صحة ألاجراء وسالمتهم.286
وتطبيقا لهذه املادة ،فمن حيث املسؤولية الجنائية ،نص املشرع بمعاقبة املشغلين في حالة عدم
التزامهم بواجباتهم بأداء غرامة مالية قد تصل في أقص ى حدها إلىال 21.111درهم ،وقد تضاعف في
حالة لعود ،وذلك حسب املادة 212من املدونة" :يعاقب بغرامة من 11.111إلى 21.111درهم عن عدم
التقيد باملقتضيات املنصوص عليها في املواد 223و 222و 221و 211و." 211
ونتيجة للعواقب الوخيمة التي يمكن أن تترتب في حالة عدم أداء املشغل اللتزاماته القانونية،
فقد ملح املشرع للمحكمة إمكانية أن تصدر حكما باإلدانة مقرونا باإلغالق النهائي في حالة العود ،وهذا
فمن خالل النصوص املشار إليها ،نالحظ أن إرادة املشرع قد انصرفت إلى تسخير القانون الجنائي
من أجل ضمان صحتها وسالمتها ،وتوفير ظروف إلنجاز وظيفتها إلانجابية والتربوية ولحمايتها من كل
السلوكيات التعسفية التي يمكن أن تكون عرضة لها ،288وضمانا ألحكام املقتضيات املتصلة بهذه الفئات
- 286الخمليش ي عبد العزيز :مدى فعالية الحماية القانونية لصحة ألاجراء وسالمتهم ،مرجع سابق ،ص .22
- 287محمد أنوار يوسف :التزام املشغل بحفظ صحة ألاجراء وسالمتهم ،بحث لنيل دبلوم املاستر في العلوم القانونية ،تخصص قانون
ألاعمال ،كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية ،جامعة محمد الخامس ،الرباط ،السنة الجامعية ،2111-2111ص .11
- 288بن خوية هدى :مرجع سابق ،ص .22
166
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
من ألاجراء ،تتخل املشرع لسن مقتضيات زجرية تدعم ألاحكام املنصوص عليها في مدونة الشغل للحد
(رقم 3لسنة ،)1113والتشريعات املقارنة ،والاتفاقيات الجماعية في العديد من الدول على اعتبار أن
إلاجازة قبل الوضع أو بعده لها انعكاس إيجابي على صحة املرأة.289
فحماية ألامومة من أهم مظاهر التنظيم القانوني لحماية املرأة ،ويتضح ذلك من خالل املقتضيات
التشريعية الواردة في مدونة الشغل التي مكنتها من القيام بوظيفتها كأم وكأجيرة في آن واحد ،الش يء
الذي يفرض عليها أن تتحمل عدة أعباء أسرية إلى جانب العمل خارج البيت ،وهذا مع جعلها تنفرد
بوضعية قانونية خاصة ،تجعلها نسبيا قادرة على التوفيق بين شؤونها العائلية واملهنية.290
انطالقا من الطابع الحمائي لقانون الشغل ،ورعاية للمرأة ألاجيرة الحامل ،والتي تبت حملها
بشهادة طبية ،فإن املشرع املغربي جعلها تتمتع بإجازة والدة منتها أربعة عشر أسبوعا (املادة ،)122وإذا
ثبت بموجب شهادة طبية نشوء حالة مرضية يتعذر لألجيرة معها استئناف عملها ،يمكن أن يتم تمديدها
(املادة - 122الفقرة الثانية) ،واعتبارا لكون املرأة العاملة في أمس الحاجة إلى هذه الراحة ،فقد دعم
املشرع ألاحكام بمقتضيات زجرية لضمان تمتيع الحامل بإجازة الوضع ،حيث أكدت املادة 122أنه
167
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
يعاقب بغرامة من 11.111إلى 21.111درهم عن تشغيل ألاجيرة وهي قضاء في فترة السبعة أسابيع
املوالية للوضع ،وعن رفض توقيف عقد شغل ألاجيرة خالفا ألحكام املادة .122
وإيمانا من املشرع بالدور الكبير الذي تقوم الرضاعة الطبيعية في نمو املولود ،وملا لها من تأثير على
تمتعه بصحة جيدة ،خولت مدونة الشغل لكم ألاجرة الحق في التمتع يوميا ،وعلى مدى سنة كاملة من
استراحة الرضاعة وحماية لهذا الحق ،فقد أقرت املادة 122بعقوبة الغرامة من 2111إلى 2111درهم
على كل مشغل لم يرخص لجيرة ألام لفترة الاستراحة املستحقة لها خالل أوقات العمل إلارضاع مولودها
وباإلضافة إلى حق ألاجيرة في الاستفادة من راحة إلرضاع طفلها ،فإن املشرع قد حرص على ضرورة
تجهيز غرفة خاصة للرضاعة ،وذلك كلما تعلق ألامر بمقاولة تشغل 21أجيرة على ألاقل ،يتجاوز سنهن
12سنة ،ولتعزيز هذه الحماية أقر املشرع عقوبات زجرية في حالة إلاخالل بهذه املقتضيات ،تتمثل في
غرامة تتراوح بين 2111و 2111درهم ،وهذا التدبير الحمائي يبدو مهما إذا كان مقرونا بمتابعة تفتيشية
فعالة ،وهذه ألاحكام تؤكد حضور القانون الجنائي للشغل وطابعه الحمائي ليس فقط لألجيرة ،بل يشمل
مولودها أيضا.291
إذا كانت اتفاقيات الشغل الدولية والعربية ،ومعها التشريعات املقارنة تقر للمرأة ألاجرة إجازة
الوالدة ،وتمكنها من الوضع في ظروف قاسية ،ومن استعادة ولو جزء من صحتها ،و أيضا تمكنها من
رعاية مولودها في أسابيعه ألاولى ،فإن هذه الاتفاقيات الدولية والتشريعات املقارنة لم تقف عند هذا
168
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
الحد ،وإنما مدت حماية املرأة أيضا إلى منصب شغلها ،ذلك أنه إذا كان الوضع ورعاية الوليد ،من شأنه
أن تكون له انعكاسات سلبية على القدرة إلانتاجية للمرأة ألاجيرة ،فإنه وحتى ال تكون هذه ألاخيرة هدفا
للفصل ،فإن الاتفاقيات الدولية والتشريعات الوطنية عملت على حظر فصل ألاجيرة املتوقفة عن العمل
وفي هذا السياق أكدت اتفاقية حماية ألامومة (رقم )113وتوصيتها (رقم )12أنه ينبغي أن يجرم
القانون على صاحب العمل أن ينهي استخدام أي امرأة حامل أو متغيبة في إجازة ألامومة أو في إجازة
إضافية ،وكذلك خالل فترة تعقب عودتها إلى العمل ،على أن تقررها القوانين واللوائح الوطنية ،ويستثنى
من ذلك الحاالت القائمة على أسباب ال تمت بصلة إلى الحمل أو الوضع ومضاعفاته وإلارضاع .وينبغي
أن تتخذ كل جولة تدابير مناسبة لضمان أال تشكل ألامومة سببا للتمييز في الاستخدام.293
وهو نفس املوقف الذي تبنته مدونة الشغل ،ذلك أنه ال يمكن للمشغل إنهاء عقد شغل أجيرة
ثبت حملها بشهادة طبية ،سواء أثناء الحمل أو بعد الوالدة في فترة إجازة الوضع ،كما ال يمكن له أيضا
إنهاء عقد شغلها أثناء فترة توقفها عن الشغل بسبب نشوء حالة مرضية عن الحمل أو النفاس ،مليئة
بشهادة طبية طبقا للفقرة الثانية من املادة ،122حتى وإن تعدت فترة غيابها عن الشغل أربعة عشر
أسبوعا ،طاملا أن تعذر استئنافها للعمل يرجع إلى الحالة املرضية املتولدة عن الحمل أو عـن النفاس،
169
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
وعليه قام املشرع بتجريم إنهاء عقد عملها بسبب الحمل أو الوضع ،وذلك من خالل املادة 122
التي نصت على أنه" :يعاقب بغرامة من 11.111إلى 21.111درهم عن ألافعال التالية:
-إنهاء عقد شغل أجيرة حامل ،أثبتت حملها بشهادة طبية ،أو نفساء ،وهي في فترة ألاربعة عشر
يالحظ من خالل هذه النصوص ،أن مدونة الشغل ،لم ترتب أي عقوبة حبسية على خرق الحقوق
املرتبطة بحماية ألامومة ،وإنما اقتصرت فقط على العقوبات املالية .295واملالحظ أيضا هو أنه إذا كانت
مدونة الشغل قد رفعت من مبلغ الغرامة إلى ما بين 2111و 2111درهم باملقارنة مع الفصل 21من
ظهير 2يوليوز 1122التي كانت تتراوح بمقتضاه بين 211و 1111درهم ،فإنها قد تراجعت عن عقوبة
الحبس التي كانت محددة في الظهير ما بين شهر وستة أشهر ،والتي كان يخير بالحكم بها إلى جانب الغرامة
أو بإحداهما فقط ،و عن إمكانية تنشر حكم إلادانة على نفقة املخالف.
وبالرجوع إلى القوانين املقارنة ،فإن قانون العمل اليمني من خالل املادة 122كان أكتر حماية لها،
من خالل فرض مقتضيات زجرية رادعة ،وذلك عندما أخذ بعقوبتي الحبس والغرامة ،296إذ تتمثل
عقوبة الحبس في ثالثة أشهر كحد أقص ى ال ينبغي تجاوزه ،أما الغرامة فال تقل عن ألف ريال ،وال تتجاوز
عشرين ألف ريال ،إذ القاض ي الخيار بين الحكم بالحبس أو الاكتفاء بالغرامة املالية فقط.
أما القانون املصري فقد سار على نهج مدونة الشغل املغربية ،حين تص أن خرق صاحب العمل
ألي قاعدة من قواعد تشغيل النساء ،فإنه تتوفر في حقه حالة من حاالت املساءلة الجنائية ،فيعاقب
170
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
على هذه التجاوزات بعقوبة املخالفة ،وهي الغرامة التي ال تقل عن عشرة جنيهات وال تزيد عن عشرين
جنيها ،وتتعدد الغرامة يقدر عدد النساء اللواتي وقعت املخالفة في حقهن ،وتضاعف العقوبة في حالة
العود.
وبخصوص املشرع ألاردني ،فإن صاحب العمل أو مدير املؤسسة التي يديرها نيابة عن صاحب
العمل إذا خالف أحد القيود املتعلقة بتشغيل النساء ،فإنه يعاقب بعقوبة الغرامة التي ال تقل عن مائة
دينار ،وال تزيد عن خمسمائة دينار ،وتضاعف العقوبة في حالة التكرار ،وال يجوز تخفيضها عن الحد
وهكذا يمكننا أن نستخلص أن معظم التشريعات قد سلكت نفس منحى املشرع املغربي ،وذلك
بالتخلي عن العقوبات الحبسية ،وربما ذلك راجع إلى الرغبة في عدم أثقال كاهل املقاولة بالعقوبات
الحبسية ،مما يضطرها في بعض ألاحيان إلى التخفيض من عدد العمال ،أو إغالق املقاولة.297
للمجتمع ،على اعتبار أنها تكون أما وزوجة وربة بيت ،كما أنها تلعب دورا مزدوجا بين الحياة املهنية
وأعبائها ألاسرية ،وذلك ما حكم على املشرع التدخل بمقتض ى نصوص قانونية مهمة تجريم إلاخالل
بأحكام تشغيل ألاجيرات ،سواء على مستوى ظروف تشغيل املرأة ألاجيرة بصفة عامة ،أو ظروف تشغيل
171
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
إن املشرع املغربي ،وفي سبيل الحفاظ على صحة املرأة العاملة ،298قد تدخل من خالل مقتضيات
زجرية لقانون الشغل ليحرم التشغيل ألاجيرات في ألاعمال الشاقة ،حيث إن هذه ألاخيرة تحمل تسميتها
علة منع ممارستها من طرف النساء ،أي إنها أعمال شاقة يصعب على البنية الضعيفة للمرأة تحملها.
وقد نصت املادة 123من مدونة الشغل على معاقبة املؤاجر الذي يشغل ألاجيرات في املقالع،
وأغوار املناجم ،خالفا للمادة 121التي حظرت ذلك ،حيت يعاقب بغرامة من 311إلى 211درهم ،وتكرر
عقوبات الغرامة بتعدد ألاجزاء الذين لم يراع في حقهم تطبيق أحكام املادتين 121و ،122على أال تتجاوز
مجموع الغرامات مبلغ 21.111درهم ،حيث إن املادة 121ايضا قد عملت على حظر تشغيل النساء في
ألاشغال التي تشكل مخاطر بالغة عليهن أو تفوق طاقتهن ،أو قد يترتب عنها ما قد يخل بالداب العامة.
وإضافة إلى أن مدونة الشغل قد فرضت عقوبات مالية على خرق الالتزام بتوفير مقاعد الاستراحة
في كل قاعة من القا عات داخل املؤسسة التي تتولى فيها ألاجيرة نقل البضائع أو ألاشياء ،أو عرضها على
الجمهور ،بمعدل عدد ألاجيرات بها ،حيت حدد املشرع هذه العقوبة في 2111درهم كحد أدنى ،و 2111
درهم كحد أقص ى حسب املادة ،123وبالتالي جرم كل خرق لهذه املقتضيات سواء في صورة عتم توفير
املقاعد داخل املؤسسة ،أو توفيرها بعدد غير كاف أو يقل عن العند املنصوص عليه قانونا.299
أما فيما يتعلق بأحكام الشغل الليلي ،فقد نصت املادتان 122و 122من مدونة الشغل على
العقوبات املقررة ملخالفة ملقتضيات املنظمة لذلك ،وقررت لها عقوبة زجرية تتمثل في غرامة من 311
172
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
إلى 211درهم في حالة تشغيل النساء ليال في الحالة املبينة في الفترة ألاخيرة من املادة 123دون الحصول
على إلاذن الاستثنائي املنصوص عليه ،حيث إنه إذا تعرضت مؤسسة لظروف استثنائية ،وتعذر عليها،
إما بسبب نشاطها ،أو بسبب طبيعة شغلها ،الاستفادة من الاستثناء الوارد في الفقرة ألاولى من نقص
املادة ،أمكنها الحصول على رخصة استثنائية يمنحها لها العون املكلف بتفتيش الشغل تبيح لها
الاستفادة من إمكانية تشغيل النساء ليال ويعاقب بنفس العقوبة عند عدم التقيد في النشاطات الفنية،
واملدة الدنيا من الراحة املتمثلة في إحدى عشرة ساعة متوالية ،واملتعين إتاحتها للنساء فيما بين كل
وتكرر عقوبات الغرامة في هاتين الحالتين بتعدد النساء اللواتي لم يراع في حقهن تطبيق هذه
أما املادة 122فقد نصت على أنه ":يعاقب بغرامة من 2111إلى 2111درهم عما يلي -عدم
توجيه إشعار مسبق إلى العون املكلف بتفتيش الشغل في الحالة املنصوص عليها في الفقرة ألاولى من
املادة 122أو العمل باستثناء املنصوص عليه في الفترة القانية من هذه املادة ،دون الحصول على إذن
- 300تنص الفقرة الاولى من املادة 122أنه" :يمكن للمشغل ،في حالة بطالة ناتجة عن قوة قاهرة أو توقف عارض ،ال يكتس ي طابعا دوريا،
أن يخالف أحكام الفقرة الثانية من املادة 123أعاله ،في حدود ما ضاع من أيام الشغل ،شرط أن يشعر مسبقا بذلك العون املكلف
بتفتيش الشغل".
173
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
وتبقى هذه الغرامات املحددة غير كافية عند مخالفة مقتضيات وأحكام التشغيل الليلي ،نظرا
الخطورة هذا الخرق وكذا ألارباح التي يجنيها املشغل من ذلك ،والتي تجعله غير مبال بهذه الغرامات
الهزيلة.301
من بين شروط تشغيل ألاجيرات وألاجيرات ذوي إلاعاقة نجد املنع من كل تمييز ،حيت إنه بصفة
عامة ال يمكن أن تكون إلاعاقة سببا في التمييز بين ألاجراء في الاستفادة من الامتيازات الاجتماعية ،أو
التدابير ،أو الفصل من الشغل ،302وكل مشغل خالف هذه املقتضيات يتعرض للعقوبة الزجرية
املنصوص عليها في املادة 12واملتمثلة في الغرامة من 12.111درهم إلى 31.111درهم ،وفي حالة العود
تضاعف الغرامة.
ومن بين شروط تشغيلهم أيضا وجوب وإلزامية تقييم صريح بذلك إلى العون املكلف بتفتيش
الشغل ،ويعاقب على إلاخالل بهذا املقتض ي حسب املادة 132من مدونة الشغل بغرامة من 2111إلى
2111درهم.
كما ألزم كل مشغل يشغل أجراء معاقين أن يوفر لهم كل شروط الصحة والسالمة املهنية ويسهل
عليهم شغلهم ،خاصة من حيت تجهيز أماكن الشغل بالولوجيات الالزمة لتسهيل قيامهم بشغلهم وذلك
طبقا للمادة 121واملادة 221من مدونة الشغل ،303وكل مؤسسة أو مشغل يخالف هذه ألاحكام يعاقب
174
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
إضافة إلى ذلك يمنع تشغيل ألاجراء ذوي إلاعاقة في أشغال قد تفاقم إعاقتهم سواء على سطح
ألارض أو في جوفها ،ويمنع تشغيلهم في ألاشغال التي تشكل مخاطر بالغة عليهم ،أو تفوق طاقتهم ،أو قد
يترتب عنها ما قد يخل بالداب العامة ،وفي حالة إلاخالل بهذه ألاحكام ،فإن العقوبة املقررة لذلك هي
وبالرجوع إلى املادة ،122نجد أن املشرع املغربي قد سمح للعامل الحدت باالشتغال ليال على
سبيل الاستثناء ،وبخالف ذلك فإن الفقرة الرابعة من املادة 122منعت على املشغل مطلقا أن يشغل
الشخص املعاق ليال مهما كانت ألاسباب وظروف العمل ،ونصت املادة 122على عقوبة إلاخالل بذلك،
إذن في إطار تكريس الحماية الاجتماعية والصحية للمرأة ألاجيرة ،فإن هذه الحماية تطال بشكل
أكبر حماية صحة وسالمة ألاجيرات قوات إلاعاقة ،فمدونة الشغل و إن لم تفرد نصوصا لحمايتهن بشكل
خاص وصريح ،إال أنها أوجدت مقتضيات قانونية تهم ظروف تشغيل ذوي إلاعاقة وحماية صحتهم ،والتي
تنسحب على املرأة والرجل على حد سواء ،محيلة فيما يتعلق بسالمتهم إلى القرار رقم 11.13املتعلق
بالولوجيات.304
ومن هنا تظهر الحاجة نحو الرقي يدور مدونة الشغل في تكريس الحماية الالزمة للمرأة ألاجيرة
بشكل مباشر يأخذ بعين الاعتبار طبيعتها كأنثى ،وتكوينها الفيزيولوجي وظروفها كأجيرة عادية ،أو في وضعية
175
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
حمل ،أو الوالدة والرضاع ،أو كأجيرة ذات إعاقة ،ويجب أن تكون حماية متكاملة ألاركان تشمل صيانة
كرامتها والحفاظ على صحتها وسالمتها البدنية وتنظيم ظروف اشتغالها بما يتالءم وطبيعتها ووضعيتها.
وفي إطار الحديث عن الحماية الزجرية ،فمدونة الشغل تتوفر على مجموعة كبيرة من املقتضيات،
تمس كل الجوانب الزجرية لقانون الشغل ،وبنسبة مرتفعة من موارده ،مما أدى إلى تساؤل البعض ،ألم
يصبح قانون الشغل الجنائي مبالغ في غزوه ملدونة الشغل ،وهذا ما أتار استغراب املشغلين الذين اعتبروا
وبذلك يمكن القول إن الزجر في هذا امليدان يعتبر وسيلة لالرتقاء بقانون الشغل ،وتقريبه إلى
الهدف الذي أراده املشرع من حماية طبقة ألاجراء وألاجيرات وذلك مهما كانت الانتقادات املوجهة إليه
في عالقة الشغل يبقى حبرا على ورق ،إن لم توضع آليات للمراقبة والتتبع ،306فكان من الضروري إذن
أن تخصص مدونة الشغل الكتاب الخامس (ما قبل ألاخير) ألجهزة الرقابة ودورها في حماية الفئات
الضعيفة في مدونة الشغل (الفقرة ألاولى) ،دون أن ننس ى الدور الريادي الذي يلعبه العمل القضائي في
- 305محمد سعيد بناني :قانون الشغل باملغرب في ضوء مدونة الشغل ،عالقات الشغل الفردية ،الجزء الثاني ،املجلد الثاني ،مطبعة
النجاح الجديدة ،طبعة يناير ،2112ص .221
- 306عبد إلاله الخنوس :مرجع سابق ،ص .22
176
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
املادة الاجتماعية ،فمعلوم أن املقتضيات التي سنتها املدونة تبقى بدون فعالية إذا لم يكن هناك جهاز
قضائي و فعل قوي يخرج هذه ألاحكام إلى أرض الواقع (الفقرة الثانية).
الفقرة ألاولى :مفتشية الشغل وطبيب الشغل ،أي دور في تفعيل الحماية
الاجتماعية للمرأة
يضطلع مفتش الشغل في إطار املهام املسندة إليه يدور بارز في حماية النساء ألاجيرات ،307وقد
برز ذلك جليا من خالل املستجدات التي جاءت بها مدونة الشغل ،وتعتبر حماية صحة وسالمة هؤالء
ألاجيرات من املطالب ألاساسية التي يطالب بها الفاعلون في الحقل الاجتماعي بهدف ترسيخ الحماية
املبتغاة لهن ،ولذلك كان ضروريا تحديد ألاجهزة الرقابية املكلفة بذلك.
وينال منهم ،حيث أنيط به مهمة ممارسة كل أنواع املراقبة والبحث والتحري للتأكد من تطبيق القانون،
وقد أوردت مدونة الشغل مجموعة من املقتضيات إلايجابية بخصوص تطوير دور مفتشية الشغل ،لكن
رغم ذلك تظل هناك بعض العوائق التي تحد من فعاليتها في القيام بوظيفتها ،مما يجعل معه من
177
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
تعتبر مفتشية الشغل جهازا إداريا تابعا لوزارة التشغيل والتكوين املنهي ،فهي تقوم بدور أساس ي
وفعال قصد ضمان استمرار عالقات الشغل والحفاظ على السلم الاجتماعي الضروري لتحقيق التقدم
واختصاصات متنوعة أهمها مراقبة مدى التزام املشغلين باملقتضيات القانونية املتعلقة بالشغل.
ومن صالحياته أيضا السهر على التطبيق الحسن ملختلف املقتضيات التشريعية والتنظيمية
الخاصة بالشغل ،يمل فيها تلك التي تنظم عمل ألاجيرة ،سواء تعلق ألامر باألجر أو التعويضات أو بأحكام
إجازة ألامومة ،أو تلك التي تتعلق بتشغيلهن ليال وبصفة عامة حمايتهن أثناء مزاولة عملهن.309
إضافة إلى ذلك ،ال يمكننا إغفال دور مفتش الشغل في حماية ألاجيرات نوات إلاعاقة ،حيت نجد
املشرع املغربي قد ألزم على كل شخص يريد أن يشغل معه أشخاصا معاقين أن يقدم تصريحا للعون
املكلف بتفتيش الشغل ،حتى يكون العون على علم بهذا التفتيش ويقوم بواجبه املتمثل في مراقبة شروط
وظروف تشغيلهم.310
ويكمن دور مفتش الشغل أيضا في حماية صحة ألاجيرات وألاجراء من خالل املراقبة والتحري
للتأكد من تطبيق القانون ،وأكدت على ذلك املادة 222في فقراتها ألاولى حين نصت على أنه "يجب على
العون املكلف بتفتيش الشغل ،أن ينبه املشغل باتخاذ جميع التدابير الالزمة فورا ،عند إخالله
178
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
باملقتضيات التشريعية أو التنظيمية املتعلقة بحفظ الصحة ،وبالسالمة ،إخالال يعرض صحة ألاجراء أو
كما يحق ملفتش ي املشغل إجراء كل فحص أو اختبار أو مراقبة أو بحت يرونه الزما للتحقق من أن
املقتضيات القانونية قد تمت مراعاتها فعال ،ويؤذن لهم خاصة في أن يستفسروا املشغل أو أجراء
املؤسسة على حدة ،أو بحضور الشهود حول جميع الشؤون املتعلقة بتطبيق ألاحكام القانونية
والتنظيمية املتعلقة بالشغل .311ويمكنهم أيضا الاطالع على جميع الدفاتر والسجالت والوثائق التي أوجب
التشريع املتعلق بالشغل الاطالع عليها ،ليتحققوا من مدى مطابقتها لألحكام القانونية ،ولهم أن
وإذا ظهرت مخالفات ألحكام مدونة الشغل ،يلجأ مفتش الشغل إلى تنبيه املشغل عن طريق تقرير
الزيارة ،والذي يحرر في تالت نسخ ،تكون ألاولى للمشغل ،والثانية للمصلحة املركزية بالرباط ،والثالثة
يحتفظ بها مفتش الشغل ،وبعد مرور ألاجل املحدد قانونا إذا لم يستجب املشغل ولتقرير مفتش الشغل،
يلجأ هذا ألاخير إلى تحرير محضر ضده ويؤشر عليه رئيس الدائرة ثم املندوب إلاقليمي ،بعد ذلك يرسله
إلى رئيس املحكمة التي يخضع لنفوذها الترابي صاحب املؤسسة ،حيت يقوم رئيس املحكمة بتوجيه هذا
املحض ر إلى وكيل امللك الذي يعمل على استدعاء صاحب املؤسسة ،وبعد سماع أقواله يرفع امللف إلى
املحكمة لتحديد جلسة النطق بالحكم الذي تراه مناسبا للقضية املعروضة عليها.313
179
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
كما أوكلت له مدونة الشغل مهمة جديدة تتمثل في القيام باملهام التصالحية ،وهو الدور الذي
تكرس بفعل الواقع العملي لعالقات الشغل ،والتي أصبحت تدخل ضمن الاختصاصات القانونية لهذا
الجهاز .وبذلك أصبح لزاما على مفتش الشغل محاولة حل النزاعات املعروضة عليه بين طرفي العالقة
الشغلية ،واتخاذ الاجراءات القانونية بشأنها ،حيث يقوم بمحاوالت الصلح بينهم حول النزاع الذي نشب،
ويحرر في شأن هذه املحاوالت محضرة يمضيه الطرقان ،ويوقعه بالعطف العون املكلف بتفتيش الشغل،
تعتبر مفتشية الشغل إحدى آلاليات ألاساسية لفعالية النصوص القانونية الاجتماعية وتكريس
طابعها الحمائي على كل أصناف ألاجراء ،وخاصة النساء منهم .وقد أعادت مدونة الشغل مراجعة وتنظيم
اختصاصات هذا الجهاز الرقابي ضمن القصور 231إلى ،222حيت أناطت به عدة مهام رقابية ،وأخرى
إدارية ،إلى جانب مهمة ضبط املخالفات .وأمام املسؤولية الجسيمة امللقاة على عاتق مفتشية الشغل
والتي ال تتناسب مطلقا مع واقع املعاناة الذي تعيشه هذه ألاخيرة ،ألجل ذلك فإن آلافاق املستقبلية
لقطاع الشغل بصفة عامة ،وهيئة مفتشية الشغل بصفة خاصة ،تقتض ي إعادة النظر في أسس وقوانين
هذه الهيئة ،والسيما أن الدور القانوني والاجتماعي وإلانساني الذي تلعبه يبقى قاصرا بسبب عدم
التناسب الجدري بين حجم إلامكانات املادية والتأطيرية وإلادارية املتوفرة لها وبين ألادوار الهامة املنوطة
180
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
بحيث تعاني هذه املؤسسة من عوائق تتقص من دورها في حماية حقوق ألاجراء وألاجيرات
وضمانها ،ويعد رفع هذه العوائق من أكبر التحديات امللقاة على عاتق املشرع ،فإذا ما تمت معالجتها،
ذلك أن لالضطالع بمهامها على النحو املطلوب ،أو إعادة الفعالية لها ،لن يتأتى إال بمنحها ألادوات
والوسائل الكفيلة فعال بوضعها في صلب العملية الاقتصادية والاجتماعية ،والقائمة أصال على تكريس
وحماية الحقوق ألاساسية العمال ،وأيضا على حماية املقاولة ومساعدتها على القيام بوظائفها التنموية
والاقتصادية.317
ويمكن تحقيق هذه الفعالية ملؤسسة تفتيش الشغل من خالل تزويدها بالحد الالزم من ألاطر
ملواجهة الاتساع الكمي للمؤسسات الخاضعة للقانون الاجتماعي ووجوب الاهتمام بالرفع من تكوينهم
املنهي بشكل يتالءم مع التطورات التقنية والتكنولوجية التي تعرفها املؤسسة إلانتاجية ،اضافة الى ضرورة
الاهتمام بتحسين ظروف شغل أعوان تفتيش الشغل بإصدار نظام خاص لهم يكفل لهم ممارسة
الصالحيات والسلطات التي أسندتها لهم مدونة الشغل ،إضافة إلى توزيع املهام بينهم ،حيت إن تعدد
املهام واملسؤوليات يؤثر بشكل سلبي على نجاعة الدور ألاساس ي املتمثل في مراقبة حسن تطبيق مدونة
الشغل.
إضافة إلى اعتبار نزاعات الشغل ال تدخل ضمن اختصاص الغرفة الاجتماعية للمحكمة
الابتدائية ،بل يعود الاختصاص أوال للجهاز إلاداري ،وجعلها مرحلة إجبارية يلزم املرور منها قبل اللجوء
181
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
إلى القضاء بهدف تخفيض إلاجراءات وسرعتها ،وكذا إعطاء طابع املجانية باملقارنة مع القضاء العادي،
مع العمل على تحديد إجراءات املصالحة على مستوى مفتشية الشغل بأجل معين لتحقيق سرعة البت
في النزاع ،وذلك بهدف تقييد سلطة املشغل وجعلها تخدم مصلحة الطرف الضعيف -ألاجيرة .-
ويجب أيضا توفير الحوافز املادية الالزمة ،حتى يبقى هؤالء املوظفون بمنأى عن إغراءات املشغلين
ويتمكنوا من أداء عملهم بخيار تام ويشكل مستقل ،وأخيرا يتوجب مد الجسور بين مفتشية الشغل
صحة ألاجيرات وألاجراء ،وتقديم املساعدة لضمان الانسجام بين حالتهم الصحية وعملهم ،واملحافظة
وانطالقا من القوانين املنظمة ،تقييم أن طب الشغل يحتل نظريا مكانة متميزة في مجال الوقاية
املهنية ،وكل ما يتعلق بالصحة املهنية في الشغل ،فهو يضمن التشاور والتداول بين السلطات العمومية
غير أن الواقع العملي أظهر عدم تحقيق طلب الشغل حماية فعالة في هذا املجال ،وهذا راجع
لعدة أسباب بما فيها الصعوبات التي يواجهها في الحياة املهنية اليومية ،مما يجعله أمام رهان كبير نحو
التطور إلعطاء فعالية أكبر للمقتضيات القانونية املنصوص عليها في هذا املجال.
- 318الخمليش ي عبد العزيز :مدى فعالية الحماية القانونية لصحة ألاجراء داخل مؤسسة الشغل ،مرجع سابق ،ص .21
182
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
يعتبر طب الشغل من آليات املراقبة الصحية والوقائية داخل مؤسسة الشغل ،وهذا ما دفع
املشرع املغربي إلى تحديد إلاطار القانوني ألطباء الشغل في مدونة الشغل وتحديد مهامهم.319
حيث نصت في املادة 311أنه "يسهر على سير املصالح الطبية للشغل ،طبيب أو أكثر ،يطلق عليهم
«أطباء الشغل» ،ويجب عليهم أن يباشروا مهامهم بأنفسهم" .وأكدت املدونة على وجوب أن يكون أطباء
ونجد أن العالقة التي تربط بين طبيب الشغل واملقاولة هي عقد شغل تراعى فيه القواعد التي
تقوم عليها أخالقيات املهنة ،وقد كان القضاء سياقا إلى اعتبار طبيب الشغل أجبرا تابعا للمقاولة وبعد
ذلك جاءت املدونة لتؤكد ذلك ،حيث نصت صراحة على أن طبيب الشغل يرتبط باملشغل أو برئيس
املصلحة الطبية املشتركة بين املقاوالت بعقد شغل تراعي فيه القواعد التي تقوم عليها أخالقيات املهنة،
وهذا ما كان عليه موقف القضاء في تحديد نوع العقد الذي يربط بين طبيب الشغل واملقاولة ،فإذا كان
يتوفر على عنصر التوجيه واملراقبة والاشراف ،أي التبعية الاقتصادية والقانونية ،اعتبر طبيب الشغل
أجيرا ،كما جاء في حكم املحكمة الابتدائية بالدار البيضاء حسب الحكم الصادر في ملف منازعات الشغل
183
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
وبهذا تكون مدونة الشغل بيت ووضحت طبيعة العالقة التي تجمع بين املشغل وطبيب الشغل،
وذلك انطالقا من املادة 312التي حددت املركز القانوني للمقاولة وطبيب الشغل ،واعتبرت العقد الذي
كما ألزمت املدونة طبيب الشغل بأداء مهمته في جميع الظروف وبكل استقاللية وحرية سواء
اتجاه املشغل أو ألاجراء ،وأال يراعي إال الاعتبارات الخاصة باملهنة (املادة .)312
وطب الشغل يعتبر طيا وقائيا واستشاريا في كل ألامور املتعلقة بحماية صحة ألاجيرات وألاجراء
داخل مؤسسة الشغل ،ويلعب دورا رئيسيا في املقاولة ويسهر على الحفاظ على سالمتهم من ألامراض
والحوادث التي قد تصيبهم ،كما أن له دورا فعاال في إعطاء رأيه ومقترحاته باإلضافة إلى استشارته في
ولفعالية الحماية القانونية الطبيب الشغل في ممارسة مهامه املتعلقة بقواعد حفظ الصحة
والسالمة في أحسن الظروف ،دون خوف من الطرد أو التعسف من طرف املشغل أو رئيس املصلحة
الطبية املشتركة بين املقاوالت ،ألزمت مدونة الشغل في حالة اتخاذهم أي إجراء تأديبي في حق طبيب
الشغل ضرورة موافقة العون املكلف بتفتيش الشغل بعد أخذ رأي الطبيب مفتش الشغل.322
وهذا ما ذهب إليه الاجتهاد القضائي الفرنس ي الذي أكد أن أي إجراء يتخذ ضد طبيب الشغل ال
يكون إال بموافقة مفتش الشغل يعد أخذ رأي الطبيب مفتش الشغل.323
184
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
يكتس ي طب الشغل أهمية كبرى في حماية صحة ألاجيرات وألاجراء ووقايتهم ،فهو يتسم بخاصية
تقنية أصلية ،ويعد تبعا لذلك مؤسسة ذات صبغة اجتماعية ال تقتصر على املقاوالت الكبرى فقط ،بل
يشمل نطاقها حتى املقاوالت الصغرى التي تستطيع أن تستقطب مصلحة طبية مشتركة.
ورغم إلايجابيات التي جاءت بها مدونة الشغل فيما يتعلق بطبيب الشغل ،إال أنه يواجه صعوبات
متعددة تتمثل أساسا في صرامة وجمود التنظيم التشريعي ملهامه .وألامر ال يتوقف عند هذا الحد ،نظرا
لوجود صعوبات عملية تعترض أطباء الشغل مما يزيد في نقص فعالية تنخلهم الوقائي باملقاولة.
وتتمثل هذه الصعوبات العملية في مواجهة طبيب الشغل للمشغل وألاجير ،مما ينعكس سلبا
على وظيفته في أداء مهامه .فمن جانب املشغلين فإنه باإلضافة إلى تحملهم للعبء املالي املترتب عن
إحداث املصالح الطبية عامة ،فإن طبيب الشغل يشعرهم بنوع من الضيق ،ألنه يراقبهم في تدبير
مقاوالتهم ،إضافة إلى أن الطبيب ال يستطيع أن يتصرف بمحض إرادته في الوسائل املادية واملالية التي
ومن جانب ألاجراء ،قد يعتقدون أن طبيب الشغل هو طبيب املشغل ،ونوره بدون فائدة أو منفعة
خاصة في ظل إمكانية اتخاذه قرار عدم مالءمة منصب الشغل للحالة الصحية لحجيرات وألاجراء ،والتي
185
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
إضافة إلى هذه الصعوبات نجد أن املشرع املغربي عاقب املشغل في حالة إلاخالل باملقتضيات
املتعلقة بنظام طلب الشغل بغرامة هزيلة من 2111إلى 2111درهم 326مما يدفع باملشغلين إلى عدم
إحداث مصالح طبية و التملص من التزاماتهم ،ذلك أن هذه الغرامات أقل وأخف من تحمل ألاعباء
املالية املترتبة عن إحداث املصالح الطبية للشغل ،ونفقات الفحوصات الطبية لألجراء وألاجيرات،
ونفقات الفحوصات التكميلية وغيرها ،327وهذا يدل على أن النصوص القانونية املنظمة لعلب الشغل
عامة و النصوص القانونية املتعلقة بالغرامات التي تطبق على املشغل في حالة عدم إحداث مصالح
طبية داخل مؤسسة الشغل خصوصا منها التي تشغل أزيد من 21أجيرا ،ويدل على ضعف الحماية
القانوني لألجراء ،وذلك على مستوى الصحة املهنية ،لذا يجب على املشرع إعادة النظر في هذا النوع من
الغرامات.
ويعد تطوير طب الشغل إحدى أهم ألاولويات التي يتعين تحقيقها ،إذ أن الظرفية الحالية وما
تعرفه من تنافس شرس بين املقاوالت ،وتقدم الاقتصاد الوطني وتكره باالقتصاد الدولي ،وتشجيع
الاستثمارات ،أصبح معه إصالح املنظومة الاجتماعية والرقي بمؤسسة طب الشغل ضرورة ال مجال
لتأجيلها ،حتى تكون النساء ألاجيرات وكذا ألاجراء في كامل صحتهم أثناء أداء عملهم.
ولقيام طبيب الشغل بوظيفته الاجتماعية على أحسن وجه ،وتفعيل دوره ألاساس ي املتمثل في
حماية العامالت والعمال ووقايتهم ،يجب إعطاء الاستقاللية لألطباء في ممارسة املهام املنوطة بهم ،فإن
املنطق يقض ي بعدم إخضاعهم للمشغلين أو الرقابة نقابات العمال ولجان السالمة ،328وإنما إلى جهاز
186
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
مستقل عن الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين ،لتمكينهم من القيام بالواجبات امللقاة على عاتقهم
بناء على ما سبق ،فإن ضمان حماية حقوق املرأة ألاجيرة وكذا صحتها وسالمتها في أماكن العمل،
فإنه يجب تظافر العديد من املجهودات وتعاون املؤسسات الفاعلة في ميدان العناية الاجتماعية فيما
بينها ،وإشراك الفاعلين في الشأن املتعلق باملرأة والعمل ،للرقي بوضعها ،وصيانة حقوقها ،وحفظ صحتها
وسالمتها ،وذلك من خالل إقامة لقاءات علمية ،وطنية ودولية بمعية مجلس طب الشغل والوقاية من
املخاطر املهنية ،329الذي يعد هيئة عليا لها مهمة استشارية يعهد إليه بتقديم أراء من أجل النهوض
أنور كل من مفتشية ا لشغل واملصالح الحلبية للشغل ،حيت له من إلامكانيات ما يسمح له بإقامة
ندوات على املستوى الدولي ،وبالتالي املساهمة في التقليل من مخاطر الشغل عن طريق إصداره منشورات
ودراسات وتعميمها على كل املقاوالت ،من أجل تطوير وسائل الحماية والوقاية.
وإلى جانب مجلس طب الشغل ،هناك أيضا مفتشية الشغل التي تعتبر بمثابة الحارس املنوط به
حماية ألاجيرة من خالل فرض املقتضيات الخاصة بحماية حقوقها الشخصية وصمتها وسالمتها البدنية
عن طريق املراقبة ،وبالتالي وجب العمل على من هذا الجهاز باإلمكانات التي تمكنه من الرقي بدوره في
187
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
لحساسية هذه العالقات وتأثيرها على شريح واسعة من املجتمع ،فكان لزاما على الدولة أن تتدخل في
رسم حدود هذه العالقة وتأطيرها ،نظرا لتفاوت املراكز القانونية بين طرفيها.331
وإذا كان تقريع الشغل املغربي فقد جاء منسجما مع املبادئ ألاساسية للقانون ألاسمى للمملكة
ومالئما للمعايير الدولية كما تضمنتها الاتفاقيات الدولية ،إيمانا من املشرع بالدور الذي يلعبه الشغل
في رفع التنمية ،وصيانة كرامة إلانسان ،والتحسين من مستواه املعيش ي .إال أنه سيبقى حبرا على ورق
إذا لم يكن هناك جهاز قضائي فعال لبلورة هذه الحماية ،فالقضاء الاجتماعي هو أحد مناهج العدالة،
وال يكون للقاعدة القانونية حياة إال عندما يطيقها لينقلها من الجانب النظري إلى الواقع العملي.
أوال :مظاهر الحماية القضائية للمرأة على مستوى حقوقها ألاساسية والشخصية
إن خروج املرأة إلى سوق العمل وما يعرفه من إكراهات وصراعات متبادلة بين مختلف أطراف
العالقة الشغلية ،جعلها تتعرض لكل أنواع الاستغالل والتعسف والتمييز ،ألامر الذي يتحتم معه البحث
عن وسائل لصيانة حقوقها ،وتطبيق املقتضيات التي سعت إلى حمايتها من املواثيق الدولية إلى القوانين
الداخلية ،وقد اصطلح القضاء الاجتماعي بهذا الدور ليمنع أي حيف يطالها أو يمس بحق من حقوقها
ألاساسية أو الشخصية.
- 331عديل هتوف ،صوابني عبد إلاله :دور القضاء الاجتماعي في حماية ألاجير ،بحث نهاية التدريب باملعهد العالي للقضاء ،فترة التدريب
،2111/2112 ،الرباط ،ص .1
188
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
يعتبر العمل وسيلة إلانسان إلشباع احتياجاته الضرورية ،فهو حق طبيعي ال يقبل تقييدا وال
وقد سار القضاء املغربي في اتجاه حماية حق ألاجيرة في العمل من خالل مجموعة من ألاحكام،
والتي اعتبر فيها أن فصل ألاجيرة من عملها كان تعسفيا ،مما ترتب عنه الحكم لها بالتعويض.
وفي هذا الصدد ،قضت ابتدائية سال 333في أحد أحكامها ،أن املؤاجر وإن كان من حقه فسخ
عقد الشغل في كل آن وحين ،فإن هذا الحق ليس مطلقا بل هو مقيد بعدم التعسف في استعماله،
حيت إن انعدام السيب املبرر للضخ كاف العتبار الطرد تعسفيا يستوجب التعويض وتسليم شهادة
العمل تحت طائلة غرامة تهديدية وفي نفس الاتجاه ،ذهبت ابتدائية تمارة 334إلى أن توقف ألاجيرة عن
العمل لعدم توصلها باألجرة ،وفصلها من طرف املشغل يعد فصال تعسفيا يستوجب التعويض.
كما ذهب القضاء أيضا إلى حماية بعض الحقوق ألاساسية لألجيرات ،حيث اعتبرت ابتدائية
الناظور فصل ألاجيرة من عملها بسبب انتمائها النقابي فصال تعسفيا ،وحكمت على املشغل بأداء
189
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
كما أن محكمة الاستئناف بالدار البيضاء 335بدورها قضت في أحد قراراتها أنه ال يمكن طرد
ألاخيرة بناء على الرغبة املنفردة للمشغلة ،حيث اعتبرت عدم رغبة هذه ألاخيرة في استقبال ألاجيرة بعد
وصدر قرار أيضا عن محكمة الاستئناف بالدار البيضاء يقض ي بأن حماية املرأة سواء الوطنية أو
الدولية تحت عليه ،وحيث أن الطرد التعسفي ثابت ،مما يتعين معه الحكم بالتعويض الجيرة ،336ومن
خالل هذا الحكم تبين أن القضاء املغربي أبدى رغبة قوية في حماية املرأة ألاجيرة من الفصل من العمل
أما قضاء املجلس ألاعلى ،فقد عمل على دعم حماية حق ألاجيرة في العمل من خالل مجموعة
من القرارات التي اعتبر فيها الفصل الذي تعرضت له ألاجيرة هو فصل تعسفي.
وفي هذا الصدد ،جاء في أحد قراراته أن طرد ألاجيرة بدعوى إهمالها في ضياع املعلومات من
الحاسوب ،وحيث إن املشغلة لم تستطع إلاثبات بالخبرة أن الحاسوب تعرض لبعض ألاعمال التي أدت
إلى ضياع املعلومات ،كما أن الخطأ املنسوب إلى ألاجيرة غير ثابت ،وقد صدر حكم قض ي لها بالتعويضات
على أساس أن فسخ العقد تم بصفة تعسفية مما يستوجب تعويض ألاجيرة.337
- 335قرار محكمة الاستئناف بالدار البيضاء رقم 2111الصادر بتاريخ ،2111/12/12رقم ( 11-2222غير منشور).
- 336قرار صادر عن الغرفة الاجتماعية بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء في ملف عدد 2112/2322بتاريخ ،2112/12/12منشور بمجلة
املحاكم املغربية ،عدد ،111يوليوز غشت ،2112ص .122
- 337قرار عدد 132املؤرخ في 2112/12/12امللف الاجتماعي عدد ،2112/1/2/1212منشور بمجلة قضاء املجلس ألاعلى ،العدد ،22
ماي ،2112ص 232وما بعدها.
190
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
وفي هذا املنحى ذهب قرار أخر صادر عن قرار املجلس ألاعلى ،338الذي اعتبر بدوره أن طرد ألاجيرة
كان طردا تعسفيا يستوجب التعويض ،رغم أن املشغلة تمسكت يكون العقد محدد املدة وينص على
عدم تجاوز السنة ،لكن الثابت أن ألاجيرة قضت أكثر من 12شهر وبالتالي يعتبر العقد غير محدد املدة،
من جانب أخر ،وعلى اعتبار أن ألاجر هو وسيلة تكفل لجيرة وألاجير ،على حد سواء ،عيشة الئقة
بكرامة إلانسان ،ويضمن لهم حاجياتهم ألاساسية ،ويمكنهم من تربية أبنائهم وإعالة أسرهم .ويسبب
هذا الدور ألاساس ي الذي يلعبه ،فقد عمل القضاء على صيانة حق ألاجيرة في ألاجر .حيت أن قرارا صادرا
عن املجلس ألاعلى عدد 2112/22بتاريخ ،2112/11/12ء جاء فيه ما يلي "حيت أن املحكمة بتعليلها
أن ألاجيرة غير محقة في الحصول على التعويض عن تكملة ألاجرة ألنها رضيت باألجر وقت التعاقد،
والحال أن ألاجرة من النظام العام وال يمكن أن تقل عن الحد ألادنى وهي القيمة الدنيا املستحقة
للجيرة".339
وعلى نفس النهج ،دأب القضاء الفرنس ي على إقرار الحق في ألاجر ،واملساواة في استحقاق ألاجر،
حيث جاء في قرار للغرفة الاجتماعية املحكمة النقض أن "الاختالف في الوضعية القانونية للعمال
والعامالت ال يكفي ليكون هناك اختالف في ألاجر" ،340كما ذهبت في قرار آخر إلى أنه يجب على املشغل
تأمين املساواة في ألاجر بين جميع ألاجراء الذين يتمتعون بوضعية متماثلة داخل املؤسسة أو املقاولة،
- 338قرار عدد 212املؤرخ في ،1112\12\22امللف الاجتماعي عدد 12\1\2\1122منشور بمجلة قضاء املجلس ألاعلى ،العدد 23و 22
دجنبر ،2111ص 222وما بعدها.
- 339حنان أسوان :مرجع سابق ،ص .21
- 340قرار محكمة النقض الفرنسية ،ملف عدد 12-22-212بتاريخ .2112-12-12
191
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
لهذا فأي اختالف في ألاجر بين العمال يجب أن يكون معلال بأسباب موضوعية مثل (الشواهد،
الخيرة.341")...
كما أدان قرار قضائي آخر صادر عن قضت املحكمة شركة ذات مسؤولية محدودة للتمييز في
ألاجر الذي وقع في حق عاملين في هذه الشركة بحجة أن ألاعمال التي تقومان بها ال تتطلب جهدا كبيرا
باملقارنة مع ألاعمال ألاخرى التي ينجزها العمال ،لذلك فهن يتقاضين أجرا أقل ب 2أورو عن ألاجر الذي
عمل القضاء املغربي على توفير حماية مهمة للمرأة ألاجرة ،وذلك من خالل حماية حقوقها
الشخصية وحياتها الخاصة ،فكثيرون هم املشغلون الذين يضعون مجموعة من الشروط على ألاجيرات
اللواتي يرغبن في الولوج إلى شغل معين الخضوع لها ،كأن ال يرتدين الحجاب مثال ،أو أن يلبسن لباسا
معينا ،وهذا مش خطير بحقوق املرأة التي ضمنتها لها كافة الاتفاقيات واملواثيق الدولية.343
وإذا كان املشرع املغربي لم يقر بحق ألاجيرة في اختيار مظهرها ،إال أن العمل القضائي قد عالج
هذه املسألة ،حيث قض ى بحماية حقوق الشخصية ،حيث نجده قد عمل على تجسيد حق ألاجيرة في
اختيار مظهرها 344من خالل قرار يتعلق بمضيفة جوية تعرضت للطرد ،بعد ارتدائها للحجاب ،من طرف
الشركة املشغلة ،فاستصدرت قرارا عن استئنافية الدار البيضاء ،345قض ى برفع التعويض عن الفصل
192
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
التعسفي إلى 121.111درهم بعدما تبت للمحكمة من خالل جلسة البحث أن سبب عدم إدراجها في
الرحالت الجوية السنة 2111هو ارتداؤها للحجاب ،وهذا القرار تم تأييده من طرف املجلس ألاعلى .346
وهذا التوجه الذي سلكه العمل القضائي كان صائبا ،حيت إن من حق ألاجيرة اختيار مظهر معين
لها ،فارتداء الحجاب ليس من شأنه التأثير على العمل الذي تمارسه ألاجيرة ،إذ أنه لن ينقص من
وإذا كان التحليل القانوني يسمح باعتبار تعليمات املشغل التي من شأنها املساس بالحياة الخاصة
بمثابة خطأ جسيم من املشغل ،فإنه من القادر العثور على حكم أو قرار صادر عن القضاء املغربي يشير
إلى الحاالت التي قد يتم فيها الاعتداء من طرف املشغل على الحياة الخاص لألجيرة عند مزاولتها لعملها
املأجور.
وفي هذا الصدد ،اعتبر املجلس ألاعلى أن تواجد ألاجيرة بين الحين وآلاخر في متجر زوجها خارج
أوقات عملها لدى املشغل ،ال يكفي القول بأنها أجيرة لدى الغير ،وتبعا لذلك ال تكون حالة التنافي قائمة،
فاملجلس ألاعلى اعتبر أن املشغل ال يملك أي سلطة على ألاجيرة خارج أوقات العمل ،حيث لألجيرة كامل
وبرجوعنا للقضاء الفرنس ي نجده ال يتوانى عن حماية الحياة الخاصة لألجيرة ،حيث اعتبرت
محكمة النقض الفرنسية أن لألجيرة كامل الحرية في اختيار حياتها الشخصية والعاطفية ،كما اعتبرت
أن فصل ألاجيرة بسبب زواجها من منافس ملشغلها ال يعتبر خطأ جسيما يبرر الطرد.347
- 346قرار رقم 222صادر عن املجلس ألاعلى بتاريخ ،2112/12/22في ملف عدد ،12/2211غير منشور.
- 347عبد إلاله الخنوس ي :مرجع سابق ،ص .112-112
193
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
وخالصة القول إن العمل القضائي عمل جاهدا على إنصاف املرأة ألاجيرة واملحافظة على حقوقها
ثانيا :التدخل القضائي في مجال حماية الصحة البدنية والنفسية لألجيرة وحماية حقها
في ألامومة
يقوم القضاء الاجتماعي بدور مهم في استقرار عالقات الشغل ،وحماية الطرف الضعيف فيها،
وذلك من خالل التطبيق السليم للنصوص القانونية ،فضمان أهمية ذلك مع التطور امليدان الاقتصادي
في بالدنا ،الذي أفرز نزاعات وحوادث ذات صبغة مهنية ،وتعتبر اليد العاملة النسوية أكثر الفئات عرضة
فضمان الصحة والسالمة املهنية للمرأة ألاجيرة على أرض الواقع يبقى رهينا بتكريس القضاء
لقد سار القضاء املغربي في اتجاه حماية حقوق املرأة ألاجيرة من خالل مجموعة من ألاحكام
والقرارات الفضائية التي يستشف منها مسایرة العمل القضائي للنصوص القانونية املتعلقة بحماية
ألامومة ،وقد تأكدت الحماية القضائية لألجيرة ألام بتدخله إلقرار حماية خاصة للحامل ،حيت قضت
محكمة الاستئناف بالرباط في أحد قراراتها بإلزام املشغلة بالتراجع عن قرار نقل ألاجيرة الحامل مئى
194
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
علمت بحملها ،كما قضت بعدم أحقية املشغلة في فصل ألاجيرة الحامل خالل فترة التوقف ،ولو ارتكبت
كما قض ى لحماية حقها الطبيعي في إرضاع طفلها ،حيث ذهب املجلس ألاعلى إلى تأكيد حق
ألاخيرة في الاستفادة من املدة القانونية إلرضاع طفلها ،وأن مغادرة ألاجيرة للعمل قصد الاستفادة من
هذا الحق ال يعتبر مغادرة تلقائية للعمل ،وكل فصل يتخذه املشغل تجاه ألاجيرة بسبب من هذه الرخصة،
يعتبر فصال تعقيا تستحق معه ألاجيرة املعنية التعويضات التحتية الناتجة عن الفصل التعسفي ،فضال
من خالل هاذين القرارين يتضح أن القضاء املغربي سار في اتجاه حماية الطرف الضعيف في
العالقة الشغلية ،وهي ألاجيرة ،بل أكثر من ذلك ،حيث استطاع باإلضافة إلى مسايرته للنصوص القانونية
ملدونة الشغل في هذا املجال ،فإنه استطاع السير في مالءمة النصوص القانونية الوطنية مع القوانين
وفي هذا الصدد اعتبرت محكمو الاستئناف بالرياض أنه "وحيت إن املشغلة استندت في فصلها
الكبيرة على تغيبها عن العمل بدون مبرر والحال أن ألاجيرة وكما تبت ذلك من الشهادات الطبية وشهادة
الوضع أنها كانت حامال ،وبعلت بالشواهد التي لم تنازع املشغلة في توصلها بها لتبرير غيابها ،ومن ثم
- 349قرار استئنافية الرباط ،رقم 312الصادر بتاريخ ،2112\12\22منشور بمجلة رسالة املحاماة ،عدد .22
- 350قرار املجلس ألاعلى :صادر بتاريخ ،2112/11/13تحت عدد 1132في امللف الاجتماعي رقم ،2112/2/222غير منشور ،تمت الاشارة
إليه في مرجع :ملياء العنصري ،مرجع سابق ،ص .113
- 351بشرى العلوي :تعامل مدونة الشغل مع الاتفاقيات الدولية ،املجلة املغربية الالكترونية لندوات محاكم فاس ،عدد خاص من مدونة
الشغل ،عدد ،2يونيو ،2112ص .113
195
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
فالسبب املستند عليه ال أساس له لوجود إلاثبات و مخالف للمادة 122و 122من مدونة الشغل
واتفاقيات الشغل الدولية رقم 3لسنة 1111والاتفاقية رقم 113مراجعة لسنة .(1952
وحيث إنه يتعين القول بأن ألاجيرة طردت تعسفيا وتستحق عن ذلك التعويضات املخولة لها
قانونا ألن الطرد في هذه الحالة يكون باطال ،وفي هذا حماية لألمومة كما تناولتها املدونة والاتفاقيات
الدولية".352
وفي مناسبة أخرى اعتبرت املحكمة الابتدائية بالدار البيضاء أن فصل ألاجيرة يوم دخولها
للمصحة بسبب الوضع يعتبر فصال غير مشروع ،وجاء في حيثيات الحكم ما يلي ":حيث تبين أن املدعية
قد تم فصلها بتاريخ 1122/11/11وهو اليوم الذي تخلت فيه املصحة بسبب الوضع حسب الشهادة
وهكذا كرس القضاء املقتضيات الحمائية الخاصة باستقرار عمل ألاخيرة ألام ،وكذا ألاجيرة
الحامل ،حيث أعتبر أن منع فصل ألاجيرات الحوامل -بعد ثبوت تلك بشهادة طبية -قاعدة آمرة ال يمكن
املساس بها تحت ذريعة انخفاض املردودية أو التغيب باستمرار ما دام هذا التغيب مبررا ومرتبطا بحالة
الحمل.354
- 352قرار رقم 323في امللف 12/2112/212بتاريخ ،2112/12/22صادر عن محكمة الاستئناف بالرباط ،غير منشور ،أشار له :عبد الواحد
موالدة ،مرجع سابق ،ص .22
- 353حكم املحكمة الابتدائية بالدار البيضاء رقم ،3213ملف اجتماعي عدد 22/221بتاريخ 22أكتوبر ،1122أشار له :عبد الواحد
موالدة ،مرجع سابق ،ص .22
- 354عبد الواحد موالدة :مرجع سابق ،ص .22/22
196
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
قد يستغل املغل سلطاته املخولة له لتسيير مقاولته ،والتزام ألاخيرة بتنفيذ توجيهاته ليقرض عليها
بعض التعليمات التي قد تمس بالحقوق ألاساسية املكفولة لها ،وبكرامتها التي يتوجب صيانتها ،فيس يء
املشغل معاملتها ،مما يشكل تأثيرا على صحتها النفسية ،ألامر الذي يطرح مجموعة من التساؤالت عن
موقف القضاء في ضمان هذه الحقوق ،وبالتالي ضمان صحة نفسية سليمة لألجيرات.355
وتدخل القضاء املغربي إلقرار هذا الحق ألجيرات ،حين اعتبر املجلس ألاعلى أن صدور بعض
العبارات املشينة من املشغل في حق ألاجيرة من شأنه أن يخل بالتزام املشغل بحسن معاملة ألاجراء،
حين اعتبر املجلس ألاعلى أن "تصرف وأقوال املدعى عليها (املشغلة) املوجهة للمدعية (ألاجيرة) ،على إثر
رفضها مسح زجاج الواجهة للصيدلية الذي ال يدخل ضمن اختصاصها ( )...كما هو ثابت من تصريح
املسمين ( )...و ( )...الواردة بمحضر الضابطة الفضائية ،وذلك في الوقت الذي يفرض فيه املشرع على
املؤاجر حسن املعاملة والتأدب مع ألاجراء ،مقابل الطاعة والامتثال لتعليماته وأوامره ،وذلك بمقتض ى
الفصل 2من النظام النموذجي ،وبذلك يكون تصرف املدعى عليها وسوء معاملتها للمدعية و أسلوبها غير
الالئق في توجيه التعليمات لهذه ألاخيرة وإهانتها لها عند تغيير عملها من مشرفة على املداخيل اليومية
الصيدلية طوال مدة إحدى عشرة سنة إلى منطقة ،كلها عناصر ساهمت وشاركت بكيفية غير مباشرة،
في استفزاز املدعية وصدور الخطأ عنها ،الذي جاء كرد فعل عن سلوك املدعى عليها الخاطئ " .356
197
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
ومن جانب آخر ،فقد أقر القضاء أيضا بحماية السالمة البينية لألجيرات وألاجراء على حد سواء،
وفي ذلك حكم صادر عن املحكمة الابتدائية الزجرية بالدار البيضاء بتاريخ 2112-12-12في امللف الجنحي
عدد 2111/12222قض ى بمؤاخذة املشغل من أجل جنحة عدم توفير املتطلبات الالزمة لحفظ صحة
ألاجراء وسالمتهم طبقا للمادتين 221و 212من مدونة الشغل ،والحكم عليه بغرامة مالية قدرها 211.11
درهم مع الصائر وإلاجبار في ألادنى ،وذلك لكونه .حسب محضر مفتش الشغل -لم يسهر على أن تكون
أماكن العمل في نظافة دائمة بعدم وضعه رهن إشارة العمال وسائل لضمان نظافتهم الشخصية ،ال
سيما املغتسالت ومستودعات املالبس ،كما أنه لم يحرص على إضاءة املراحيض بضوء منم وتغطية
أرضيتها وحيطانها بمواد غير نافذة و كذا جعلها في نظافة دائمة ،ولم يعمل على أن يضع رهن إشارة
العمال أقنعة ومعدات مناسبة للوقاية من الغبار والغازات وألابخرة املزعجة واملضرة بالصحة ،كما أنه
لم يسهر على تجهيز مؤسسته بعدد كاف من أجهزة إطفاء الحريق مزودة بقوة كافية ،ومحفوظة في حالة
وفي حكم آخر صادر عن الابتدائية الزجرية بالدار البيضاء قض ى بمؤاخذة املشغل من أجل عدم
منح بطائق الشغل وعدم مسك سجل الانذارات ،وعدم إحداث مصلحة طبية دورية ،وحكم عليه بغرامة
ومن خالل هذه النماذج من ألاحكام والقرارات القضائية ،يتبين أن القضاء املغربي أبدى رغبة
قوية وواضحة في صحة وسالمة املرأة ألاجيرة ،سواء املادية منها أو النفسية ،من خالل تأكيد حقوقها
198
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
كأجير بصفة عامة ،وكأم بصفة خاصة ،وتتخل إلقرار حقوقها ألاساسية وحقوقها الشخصية ،وللحفاظ
على آلاداب العامة وألاخالق الحميدة داخل املقاولة من باب حفظ صحتها التي قد تتأثر ماديا أو معنويا
إال أنه مع ذلك ال يمكن الجزم بنجاعة الحماية القضائية لحقوق املرأة ،في ظل غياب إلاقرار
الصريح في مدونة الشغل واعترافها بحقوق أخرى للمرأة ألاجيرة ،بما في ذلك حقها في اختيار اسمها أو
الاحتفاظ به ،وعدم استعمال صورتها إال بإذنها ورضاها ،359السيما وأن العمل القضائي في مجال حماية
صحة املرأة وسالمتها وأضح ،ولكن يبقى السؤال مفتوحا حول رهان الرقي بدور القضاء في حماية جميع
الحقوق املرتبطة باألجرة وصيانة كرامتها أمام الفراغ التشريعي والنقص والقصور التي يحرمها من التمتع
199
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
خاتمة:
حاولنا على امتداد صفحات هذا البحث أن نعالج قدر إلامكان موضوعا حيويا ذا أهمية كبرى،
ويتعلق ألامر بالحماية الاجتماعية للمرأة ،وذلك باعتبار أن منظومة متكاملة تسعى إلى تكريس هذه
الحماية ،وتدعيم وضعية املرأة اقتصاديا واجتماعيا ،وذلك ابتداء من الاتفاقيات الدولية التي تعني
بشؤون املرأة ،مرورا بالتشريع الداخلي الدستور املغربي ومدونة الشغل تم القوانين الخاصة من قبيل
قانون 11.12الذي شكل خطوة بارزة في طريق تعزيز الحماية املبتغاة ،دون أن ننس ى دور املقتضيات
الزجرية وآلاليات الرقابية على رأسها مفتشية الشغل في ضمان التفعيل السليم ألاحكام التي جاء بها
القانون ،وأخيرا الجهاز القضائي الذي يشكل العنصر ألاكثر أهمية ،ويعزى ذلك إلى الحركية التي يتسم
بها ،حيت ينقل هذه املقتضيات الحمائية من حالة الجمود وينزلها إلى أرض الواقع.
حيث ال يمكن ملن اطلع على مقتضيات حماية املرأة ألاجيرة إال أن يعترف باملجهود الذي بذلته
هذه املنظومة في صياغتها ،والرغبة القوية للمشرع والقضاء املغربيين في حفظ حقوق املرأة وصيانتها،
استجابة للتطورات التي تعرفها املرجعيات القانونية من اتفاقات دولية وتشريعات مقارنة التي تسعى إلى
ارساء دعائم هذه الحماية ،والتي ال يمكن في أي حال من ألاحوال تجاهلها .إن هذه الرغبة التي أبداها
املشرع املغربي ترجمت بالعديد من املقتضيات إلايجابية التي همت ألاجيرة في أحوالها العادية ،وألاجيرة
ذات الاعاقة ،وألام ألاجيرة ،كما غطت وشملت جميع مراحل الشغل ،قبل إبرام عقد الشغل وأثناء
تنفيذه ،حيت كلت لها الحق في الشغل ،كحق أساس ي تتفرع عنه باقي الحقوق والامتيازات ألاخرى ،والتي
200
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
وسعى املشرع أيضا إلى تنظيم الظروف املادية الشتغالها بما في ذلك تنظيمه لبعض ألاعمال
ولظروف التشغيل املتعلقة بها ،وتوفير بيئة شغل سليمة ،وحرصه على أمنها وسالمتها املهنية أثناء
ممارستها لعملها بواسطة تدابير حفظ الصحة والسالمة ،دون اهماله لصحتها النفسية ،وهو ألامر الذي
يترجم في ضمانه مجموعة من الحقوق ألاساسية وحقوق الشخصية ،إضافة إلى محاربة شتى أنواع
العنف املوجه ضدها ،حتى ال تقع ضحية استغالل مشغلها أو زميلها ألاجير أو زبون عملها ،وعزز ذلك
بأجهزة تنفيذية تسهر على تطبيق هذه ألاحكام ،وبجزاءات زجرية تطبق على كل من خالفها.
كما تم توفير حماية شاملة لألم ألاخيرة ،والتي تعيش ازدواجية املسؤولية املهنية والعائلية ،حيث
تم توفير عناية خاصة بها غطت تالت مراحل ابتداء من مرحلة الحمل إلى الوضع والنفاس تم مرحلة
الرضاع.
وإذا كانت هذه الدراسة قد أبانت وكشفت عن املظاهر إلايجابية التي يمتاز بها قانون الشغل في
حماية املرأة ،فإنها أظهرت أيضا العديد من السلبيات والثغرات ومظاهر القصور التي تنال من أهمية
وفعالية هذا القانون ،حيت تبقى مدونة الشغل نسبية ومعرضة في تطبيقها العملي للخرق والتملص،
وتجاوزها مما يفرغها من بعض محتواها ،فبعض أحكامها ال زالت مشلولة إلى حين صدور نصوص
تطبيقية لها ،ألامر الذي يساعد بعض املشغلين على تحقيق مكاسب مهمة على حساب الفئة النسوية
التي ترضخ لألمر الواقع ،ألنها غالبا ما تكون الطرف الضعيف الذي ينفذ ألاوامر باعتبارها من تعليمات
فالغاية ليست هي تدوين قانون متطور ومتقدم ومقتبس من التشريعات الوضعية الغربية ،أو
التطبيق ألاعمى لالتفاقيات املصادق عليها ،ليبقى حبيس الرفوف بدون تطبيق ،بل الغاية منه التفعيل
201
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
والتحيين كلما اقتضت الضرورة ذلك من أجل املحافظة على دور النساء داخل مجتمع اقتصادي يعول
على أفراده من أجل مواكبة الركب الحضاري باملساهمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية املنشودة.
ومن تم فإن القانون الذي تطالب به هو الذي يكون من شأنه ضمان الحماية الشاملة كأجيرات
والعامالت مراعيا كينونتهن ألانثوية والاجتماعية ،وأن يغطي كل القطاعات وكل فئات العامالت ويشمل
املستثنيات من أحكام مدونة الشغل حاليا وأن يضمن حماية عامة ال تنقص عن الحد ألاني املنصوص
عليه في املواثيق والاتفاقيات الدولية ،ومن جهة أخرى أن تعامل بمبدأ املساواة وتكافؤ الفرص ،ومنع
سليها لحقوقها العتبارات قائمة على أساس الجنس .وال يمكن ضمان تفعيل كل ذلك إال بالتنصيص على
دعم هذه الضمانات بعقوبات صارمة من شأنها ردع املشغلين عن كل حرف في حقه .وبعدها يأتي دور
القضاء الذي يفترض فيها التنزيل السليم ملقتضيات هذا القانون ،والاجتهاد في سبيل حماية الطرف
الضعيف.
وفي النهاية يبقى السؤال مفتوحا ،حول الوقت الذي نحتاج إليه لتوفير قانون متكامل يشمل كل
العامالت وألاجيرات ويعمل على حمايتهن أمام القوى الاقتصادية الكبرى ،وعلى ردع املشغل الذي يعتبر
الطرف ألاقوى في حلقة الشغل .وإن كان من املمكن تحقيق ذلك على املستوى القانوني ،فما مدى
202
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
-أحفوض رشيدة :الحماية الاجتماعية لغات ألاجزاء املستثناة من مدونة الشغل ،الطبعة ألاولى،
.2112
أحمد حميوي :الوسيط في قانون الشغل املغربي ،الجزء ألاول ،الطبعة ألاولى .2113 -
إدريس الفاخوري :املركز القانوني للمرأة املغربية ،مطبعة وجدة.2112 ، -
-إدريس فجر :القضاء والسلطة السياسية أي نور القضاء في حماية ألاجيرة املتحجبة ،الطبعة
ألاولى.2014،
-الحاج الكوري :قانون الضمان الاجتماعي ،دراسة تحليلية واملقارنة ،الطبعة ألاولى.2111 ،
-ألفباء حقوق املرأة ال عاملة واملساواة بين الجنسين ،مكتب العمل الدولي ،جنيف ،الطبعة الثانية،
.2112
-املختار اعمارة :املختصر في قانون الشغل املغربي ،فضاء الطباعة ،حي السالم سة ،الطبعة ألاولة،
.2111
-املركز العربي لحقوق إلانسان في الجوالن ،دليل حول حقوق العامل وفق املعايير الدولية لحقوق
إلانسان والقوانين املحلية ،إعداد املحامي أبو جبيل ،مطيعة ألارز.2112 ،
-إليزابيت كريميو :وضعية املرأة في العالم ،ترجمة حنان القصبي ومحمد الهتلي ،دار توبقال للنشر،
203
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
-أمينة رضوان :مدونة الشغل من خالل الاجتهاد القضائي (دراسة مقارنة) ،مطبعة ألامنية،
الرباط.2016،
جميلة العماري :مدخل لدراسة عقد الشغل الفردي ،مطبعة سليكي أخوين ،الطبعة الثالثة -
.2112
-جميلة املصلى :الحركة النسائية في املغرب املعاصر :اتجاهات وقضايا ،مركز الجزيرة للدراسات،
-حبيبة الرحابي :الحماية القانونية للعمال املنزليين ،دراسة على ضوء الاتفاقية الدولية رقم 121
-خديجة مقيد :في قضايا املرأة وألاسرة واملجتمع ،مطيعة النجاح الجديدة ،الطبعة ألاولى ،الدار
البيضاء .2015،
-خلود السباعي :الجسد ألانثوي وهوية الجندر ،جداول للنشر والتوزيع ،الطبعة ألاولى ،مايو .2111
-دنيا مباركة :قضايا مدونة الشغل بين التشريع والقضاء ،سلسلة "سلسلة املعارف القانونية
-دنيا مباركة :الوضع الحقوقي للمرأة العاملة النساء وتولية الحق والقانون ،كرس ي اليونيسكو "املرأة
-ربيع الكرامة :قراءة تحليلية نقدية ملشروع القانون 113.13املتعلق بمحاربة العنف النساء ،نونبر
.2201
-رشيدة بنسرغين :املختصر في قانون الشغل املغربي ،مطبعة قارع بزي ،الطبعة ألاولى.2112 ،
204
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
-عبد الجليل عينوس ي :شرح القانون الاجتماعي املغربي (الجزء ألاول :تنظيم الشغل) ،مطبعة دار
القلم.2017،
-عبد الكريم عالي :في القانون الاجتماعي املغربي على ضوء مدونة الشغل وأنظمة الحماية الاجتماعي
.2111
-عبد الطليف الخالفي :الوسيط في مدونة الشغل ،الجزء ألاول عالقة الشغل الفردية ،املطبعة
-عصام الوراري :تعديل عقد الشغل على ضوء العمل القضائي ،دار نشر املعرفة ،الرباط ،الطبعة
ألاولى.2013 ،
محمد العروص ي :املختصر في الحماية الاجتماعية ،شركة الخطاب للطباعة ،مكناس ،الطبعة -
ألاولى.2009،
-محمد الهاشمي التسولی :مدونة الشغل بين النظرية والتطبيق في العقود الفردية ،الجزء ألاول،
محمد بنحساين :القانون الاجتماعي املغربي ،عالقات الشغل الفردية والجماعية ،الجزء ألاول، -
.2112
محمد بنحساين :حماية حقوق الشخصية في قانون الشغل وفق أخر املستجدات القانونية، -
205
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
-محمد بنحسين :حماية حقوق الشخصية في قانون الشغل باملغرب ،سلسلة دراسات قانونية (،)1
-محمد بنحساين :الضمان الاجتماعي للعمال املغاربية بأوروبا ،الطبعة ألاولى ،مطبعة طوب بريس
الرباط.2112 ،
محمد بهير :الحماية الزجرية لألجير في التشريع املغربي ،دراسة تقنية على ضوء مدونة الشغل -
-محمد سعد جرندي :الدليل العملي ملدونة الشغل ،قراءة تحليلية نقدية ملقتضيات املدونة مدعمة
بأهم اجتهادات محكمة النقض ،الجزء ألاول ،مطيعة صناعة الكتاب ،الدار البيضاء.2112 ،
-محمد سعد جرندي :الطرد التعسفي لألجير في ظل مدونة الشغل والقضاء املغربي ،مطبعة ألامنية،
-محمد سعيد بناني :قانون الشغل باملغرب في ضوء مدونة الشغل :عالقات الشغل الفردية ،الجزء
-محمد سعيد بناني :قانون الشغل باملغرب في ضوء مدونة الشغل عالقات الشغل الفردية ،الجزء
-محمد سعيد بناني :الشغل باملغرب في ضوء مدونة الشغل :عالقات الشغل الفردية ،الجزء ألاول،
-مصطفى املنتصر :مغربيات رائدات ،منشورات دار ألامان ،مطبعة الكرامة ،الرباط ،الطبعة ألاولى،
.2112
206
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
-مصطفى حتيتي :القانون الاجتماعي :عالقات الشغل الفردية ،مطبعة سليكي أخوان ،طنجة -2112
.2112
-ندى الناشف :أن العرب الارتقاء بمطالبهم بالعدالة الاجتماعية من خالل إتاحة الحماية للعمال
املستضعفين ،من تكون أول دولة عربية ستصادق على اتفاقية العمل التئق للعمال املنزلين،
نادية النحلي :الحق في الصحة بالوسط املنهي في مدونة الشغل ،جمعية نشر املعلومة القانونية -
يحيى صافي :ألاجراء واملشغلون الحقوق والالتزامات املتبادلة ،مطبعة ربانيت ماروك .2112 -
ألاطروحات والرسائل:
-0ألاطروحات الجامعية:
-أنس سعدون :وضعية املرأة املغربية على ضوء منهاج عمل بيجين ،أطروحة لنيل الدكتوراه في
القانون الخاص ،وحدة التكوين والبحث قانون ألاسرة املغربي واملقارن ،جامعة عبد املالك السعدي،
كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية بطنجة ،السنة الجامعية .2112 -2112
-يوصنبورة مسعود :الحماية الجنائية للعمل ،أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في العلوم القانونية،
جامعة منتوری ،كلية الحقوق والعلوم القانونية والادارية قسنطينة ،الجزائر ،السنة الجامعية،
.2111 -2112
207
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
-عادل املشاشتى :حماية ألاجير في مواجهة سلطات املغل وضمانات حقوق إلانسان بين الاتفاقيات
الدولية ومدونة الشغل ،رسالة لنيل دبلوم املاستر املهن القانونية والقضائية ،جامعة عبد املالك
السعدي ،كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة ،السنة الجامعية .2112 /2112
-خديجة بو عود :منع التمييز بين الجنسين على ضوء مدونة الشغل -دراسة مقارنة ،بحت لنيل
دبلوم املاستر القانون املدني وألاعمال ،جامعة عبد املالك السعدي ،كلية العلوم القانونية
-سكينة بوجدرية :آلاليات الوطنية ملناهضة العنف ضد املرأة ،خلية التكفل بالنساء وألاطفال
ضحايا العنف – نموذجا ، -بحت لنيل دبلوم املاستر لحقوق إلانسان ،جامعة عبد املالك السعدي،
كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة ،السنة الجامعية .2112 –2112 :
-بن حرية هدي :الحماية القانونية للمرأة ألاجيرة ،يحت لنيل دبلوم املاستر في القانون الخاص،
ماستر القانون املدني وألاعمال ،جامعة عبد املالك السعدي ،كلية العلوم القانونية والاقتصادية
ملياء العنصري :صحة وسالمة املرأة ألاجيرة ،أية حماية في ظل مدونة الشغل ،بحت لنيل دبلوم -
املاستر في العلوم القانونية ،تخصص قانون ألاعمال ،جامعة محمد الخامس أڭدال ،كلية العلوم
208
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
-عبد العزيز الخمليش ي :مدى فعالية الحماية القانونية لصحة ألاجزاء داخل مؤسسة الشغل ،بحث
لنيل دبلوم املاستر القانون املدني وألاعمال ،جامعة عبد املالك السعدي ،كلية العلوم القانونية
-غزالن الثاني :حماية املرأة ألاجيرة في مدونة الشغل املغربية ،بحت لنيل دبلوم املاستر في القانون
الخاص ،ماستر القانون املدني وألاعمال ،جامعة عبد املالك السعدي ،كلية العلوم القانونية
-عفاف البوعنانی :الحماية القانونية للعمل املنزلي في ظل مشروع قانون رقم ،11.12بحت لنيل
دبلوم املاستر تخصص قانون ألاعمال ،جامعة محمد الخامس أڭدال ،كلية العلوم القانونية
-عبد إلاله الخنوس :الفئات املحمية في قانون الشغل -النساء وألاحداث نموذجا ،بحت لنيل دبلوم
املاستر في القانون الخاص ،القانون املدني وألاعمال ،جامعة عبد املالك السعدي ،كلية العلوم
-حنان أسوان :وضعية املرأة العاملة في ظل مدونة الشغل املغربية ،يحت لنيل ديبلوم املاستر في
العلوم القانونية ،تخصص قانون ألاعمال ،جامعة محمد الخامس أڭدال ،كلية العلوم القانونية
-ملياء السوس ي :عمل املرأة وأبعاده الاقتصادية والاجتماعية ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا
املسمنة في القانون العاص ،وحدة التكوين والبحث قانون ألاسرة املغربي واملقارن ،جامعة عبد
209
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
املالك السعدي ،كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة ،السنة الجامعية -2111
.2111
-عبد املنعم أكدي :الحماية القانونية لذوي الاحتياجات الخاصة ،يحت لنيل دبلوم املاستر في
القانون ا لخاص ،جامعة محمد الخامس ،السويس ي ،كلية العلوم القانونية والاقتصادية
-محمد أنوار يوسف :التزام املشغل بحفظ صحة ألاجزاء وسالمتهم ،بحث لنيل دبلوم املاستر في
العلوم القانونية ،تخصص قانون ألاعمال ،جامعة محمد الخامس ،كلية العلوم القانونية
-مالك عواد :حماية حقوق ألاجيرات في قانون الشغل املغربي ،بحث لنيل دبلوم املاستر في القانون
الخاص ،ماستر قانون ألاعمال واملقاوالت ،جامعة محمد الخامس السويس ي ،كلية العلوم القانونية
-أمل وديع :تشغيل ذوي الاحتياجات الخاصة :أية حماية في ضوء مدونة الشعل ،بحت لنيل دبلوم
املاستر في القانون الخاص ،جامعة محمد الخامس أڭدال ،كلية العلوم القانونية والاقتصادية
-أفيالل الطريبق حنان :وضعية خادمات البيوت القاصرات وآليات املعالجة ،رسالة لنيل دبلوم
املاستر في القانون الخاص ،جامعة عبد املالك السعدي ،كلية العلوم القانونية والاقتصادية
210
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
-مريم الزغيعي :مظاهر الحماية ألاسرية في تشريعات العمل دراسة مقارنة ،لنيل دبلوم الدراسات
العليا املعمة ،جامعة محمد ألاول ،كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بوجدة ،السنة
-عمرو بنعلی :حظر التمييز ضد املرأة في مدونة الشغل حراسة مقارنة ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات
العليا املعمقة في القانون الخاص ،وحدة التكوين والبحث في تشريعات ألاسرة و الهجرة ،جامعة
محمد ألاول ،كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بوجدة ،السنة الجامعية – 2112
.2111
-أحالم شميعة :الوضعية الاجتماعية والقانونية لختم البيوت دراسة على ضوء املشروع " الطفالت
الصغيرات نموذجا" ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا املعمقة في القانون الخاص ،جامعة سيدي
محمد بن عبد هللا ،كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بفاس ،السنة الجامعية
.2111-2112
-منى سرتاني :الحماية القانونية لألم ألاجيرة في القانون الاجتماعي املغربي ،بحت لنيل دبلوم املاستر
في القانون الخاص ،جامعة الحسن الثاني ،كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالدار
-عبد السالم مفرج :الوضعية القانونية لختم البيوت في التشريع املغربي واملقارن ،رسالة لنيل دبلوم
الدراسات العليا املعمقة في القانون الخاص ،جامعة عبد املالك السعدي ،كلية العلوم القانونية
211
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
-فاطمة أنوار :الحماية القانونية لعمال الصناعة التقليدية ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في
القانون الخاص ،جامعة محمد الخامس ،كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية
-3البحوث:
عديل الهنوف :صوابني عبد إلاله ،دور القضاء الاجتماعي في حماية ألاجير ،بحت نهاية التدريب -
-عبد الواحد موالدة :حماية ألاجيرة في ضوء الاتفاقيات الدولية ومدونة الشغل ،بحث نهاية التمرين
املجالت:
-حقوق املرأة العاملة في فلسطين ،دليل إرشادي من طرف اللجنة الوطنية لتشغيل النساء ومنظمة
-أمينة رضوان :جزاء مخالفة النظام العام في قانون الشغل ،مقال منشور بمجلة قضاء محكمة
املجلة املغربية لإلدارة املحلية والتنمية( ،سلسلة نصوص ووثائق) ،قانون الشغل والتشغيل -
القانون الدولي والقانون الوطني ،الجزء ألاول ،الطبعة ألاولى ،عن .2112 ،222
-مصطفى الطايل :املقتضيات الزجرية لحماية املرأة والبحث في مدونة الشغل ،مجلة امللف ،العدد
21فبراير .2113
212
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
-حقوق العمال ،حقوق إلانسان ،نشرة شهرية تهتم بشؤون العمال ،العدد السادس ،فلسطين،
.2112
-شالية النحلی :سمات التنظيم القانوني لعمل املرأة في قانون الشغل املغربي ،مجلة القانون املغربي،
-جميلة العماري :املرأة وق الشغل :أية حماية ،مجلة الفقه والقانون.2111 ،
www.majalah.news.ma
بشرى العلوي :العنف املسلط على املرأة بعد انتهاكا لحقوق انتهاكا لحقوق الانسان ،مجلة الودادية -
-بشرى العلوي :املرأة العاملة بين املسؤولية املهنية وألاسرية ،مجلة املحاكم املغربية ،عند ،111
-بشرى العلوي :تعامل مدونة الشغل مع الاتفاقيات الدولية ،املجلة املغربية إلالكترونية لندوات
امللكي حسين :الحماية الخاصة لألمومة /ألاجيرة الحامل من خالل مستجدات قانون مدونة -
-مراد القدري :الحماية التشريعية للمرأة والطفل في مدونة الشغل الجديدة ،مجلة امللف ،العدد
-عبد الكريم غالي :مساهمة مدونة الشغل في حماية الشخص املعاق ،مجلة القانون املغربي ،العدد
،2مارس .2112
213
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
محمود سالمة :الحماية الدولية والعربية للمرأة العاملة ،مجلة الحقوق ،مجلس النشر العالمي، -
-عزيز التيجيني :نظام التكوين املنهي باملغرب ،مجلة عالم التربية ،العدد ،2سنة .1112
-عبد اللطيف خالفي :استقاللية الشغل بين الواقع والطموح ،مجلة املرافعة ،العدد ،2ماي .1113
-عبد هللا العلوي :املرأة في قانون الشغل املغربي ،مجلة املحامي ،العدد غير متوفر.
إدريس فجر :دور القضاء في حماية الحريات ألاساسية املرأة املتحجبة نموذجا منبر الدراسات -
املقاالت:
-حصة املرأة في سوق العمل في املغرب ،مقالة إلكترونية ،قناة العربية.2112 ،
-نادية بنحمزة ،التحرش املعنوي في العمل ،مقالة إلكترونية ،موقع الجمهورية اليوم 12 ،نونبر ،2112
الجزائر.
-قانون عمال املنازل يدخل حيز التنفيذ أكتوبر ( 2112مقالة إلكترونية)2112 ،
www.mowatine.com
-القانون املتعلق بتحديد شروط شغل وتشغيل العمال املنزليين يدخل حيز التنفيذ (مقالة إلكترونية)،
2112
www.maroc.ma
-تفاصيل املرسومين املتعلقين بالعمال املنزليين ،حزب العدالة والتنمية ،مقالة إلكترونية ،أكتوبر
.2112
214
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
www.pjd.ma
-الحماية القانونية للمرأة العاملة على ضوء قانون العمل الليبي ،مقالة إلكترونية.2112 ،
www.barakapress.com
-املعيشة في النمسا والعمل بها ،إدارة التوظيف العام بالنمسا " .2016 ،AMS
حق املرأة في العمل في املواثيق الدولية ،ورقة عمل بالدوحة.2112 ، -
-محمد حموي :مشروع قانون العمال املنزليين يرى النور بعد طول انتظار ،بيان اليوم ،2111 ،مقالة
-عبد الغني اسنينة :قراءة في مستجدات مدونة الشغل الجديدة ،مقالة ،الناظور .2112
-عبد النور إدريس :املرأة ومدونة الشغل ...مقاربة سوسيولوجية( ،مقالة إلكترونية).2112-11-31 ،
www.alkanounia.com
-مصدق عادل طالب :دور منظمتي العمل الدولية والوطنية في حماية حقوق العمال.
-امتثال املغرب لحقوق ألاشخاص ذوي إلاعاقة ،منظمة مناصري حقوق إلانسان ومنظمة امرأة،
215
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
-املجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي ،مشروع رقم 11.12بتحديد شروط الشغل والتشغيل
-مكتب العمل الدولي ،الحماية الفعالة للعمال املنزليين ،دليل لوضع قوانين العمل ،الطبعة ألاولى
-خوان سومافيا :العمل الالئق للعمال املنزليين -تمهيد ،منظمة العمل الدولية ،مؤتمر العمل الدولي،
الاتفاقية رقم 121والتوصية رقم 211حول العمل العنق لعمال املنزليين ،2111الطبعة ألاولى
.2112
-منظمة العمل العربية ،ملحق مشروع اتفاقية العمل الدولية بشأن العمل القلق للعمال املنزليين،
تقرير نتائج أعمال الدورة ( )11ملؤتمر العمل الدولي ،جنيف ،يونيو .2111
-جميلة العماري :مشاكل البيئة العربية وآفاق تطوير هاء أشغال امللتقى الخامس للمرأة العربية ،دور
-محمد سعيد بناني :الخاصيات الجديدة في مدونة الشغل ومنطلقاتها اللقاء القضائي املغربي إلاسباني
الثالث بين املجلس ألاعلى باململكة املغربية واملجلس العام للسلطة القضائية باململكة إلاسبانية،
-التقرير ألاول ملكتب العمل الدولي ،زمن املساواة في العمل ،الدورة ،11طبع في سويسرا ،الطبعة
ألاولى .2003
-حماية ألامومة في العمل ،مؤتمر العمل الدولي ،الدورة ،22التقرير الخامس ،مكتب العمل الدولي،
جنيف .1111
216
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
-حماية ألامومة في العمل ،مراجعة اتفاقية حماية ألامومة (رقم )113والتوصية رقم ( ،)12التقرير
الخامس ،)2( ،مؤتمر العمل الدولي ،الدورة ،1111 ،22مكتب العمل الدولي ،جنيف ،الطبعة ألاولى
-طبيح عيد الكبيرة العنف ضد النساء في املجتمع املغربي :أية حماية (نموذج القانون الجنائي)،
أعمال اليوم الدراس ي املنظم من طرف الجمعية املغربية لحقوق النساء حول " العنف ضد النساء"،
-الحماية القانونية للمرأة العاملة ،ورقة بحثية ،امللتقى الدولي حول املركز القانوني والسياس ي للمرأة
في التشريعات املغاربية في ظل التشريعات املحنة ،جامعة محمد الصديق بنيحي ،جيجل.
217
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
الفهرس
مقدمة 1 ----------------------------------------------------------------------------------------------------------
الفصل األول :الحماية االجتماعية للمرأة بين مضامين المواثيق الدولية والمبادئ الحقوقية المكرسة في مدونة
الشغل لحماية الطرف الضعيف 11 -------------------------------------------------------------------------------
المبحث األول :حماية المرأة األجيرة على ضوء مدونة الشغل واالتفاقيات الدولية 11 -----------------------------
المطلب األول :صيانة الحقوق األساسية للمرأة األجيرة 13 --------------------------------------------------------
الفقرة األولى :ضمان حق المرأة في العمل14 --------------------------------------------------------------------
أوال :الحق في العمل في المواثيق الدولية 15 ---------------------------------------------------------------------
ثانيا :حق المرأة في العمل في القوانين الداخلية 19 ---------------------------------------------------------------
الفقرة الثانية :حماية حقوق المرأة الشخصية 24 ------------------------------------------------------------------
أوال :حق األجرة في الزواج واختيار المظهر 25 -----------------------------------------------------------------
ثانيا :حق األجيرة في السالمة البدنية واحترام حياتها الخاصة 31 -------------------------------------------------
المطلب الثاني :صيانة الحقوق النفسية والمعنوية لألجيرة 37 ------------------------------------------------------
الفقرة األولى :منع التمييز ضد المرأة األجيرة 38 ----------------------------------------------------------------
أوال :المساواة بين الجنسين في الشغل قبل إبرام عقد الشغل 38 ---------------------------------------------------
ثانيا :المساواة بين الجنسين عند تنفيذ عقد الشغل 42 --------------------------------------------------------------
الفقرة الثانية :حماية األجيرة من العنف المعنوي وصيانة حقها في الكرامة 48 ------------------------------------
أوال :صيانة حق األجيرة في الكرامة ومناهضة العنف الموجه ضدها 48 -----------------------------------------
218
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
ثانيا :التحرش الجنسي والتحرش المنوي إهدار لكرامة األجيرة 56 -----------------------------------------------
المبحث الثاني :الحماية االجتماعية لحقوق األجيرة المرتبطة بكينونتها كأنثى 66 ---------------------------------
المطلب األول :تدابير الحماية الخاصة باألمومة في المواثيق الدولية والقوانين الداخلية 68 -------------------------
الفقرة األولى :الحقوق المكفولة لألجيرة أثناء فترة الحمل وعند الوضع 68 ----------------------------------------
أوال :حماية صحة األجيرة الحامل 69 ----------------------------------------------------------------------------
ثانيا :حق األجيرة في إجازة الوضع وفترة اإلرضاع 74 ----------------------------------------------------------
الفقرة الثانية :حماية حق األجيرة األم في األجر والعمل 79 -------------------------------------------------------
أوال :حماية حق األجيرة األم في األجر 79 -----------------------------------------------------------------------
ثانيا :الحماية من الفصل بسبب األمومة 83 -----------------------------------------------------------------------
المطلب الثاني :حماية األجيرات على مستوى ظروف التشغيل 90 -------------------------------------------------
الفقرة األولى :قيود تشغيل األجيرات 91 -------------------------------------------------------------------------
أوال :األشغال الممنوعة على األجيرات ضمانا للحماية المكفولة لهن 91 ------------------------------------------
ثانيا :الشغل الليلي للنساء بين الحظر والتنظيم95 -----------------------------------------------------------------
الفقرة الثانية :الضمانات القانونية لمالءمة شغل األجيرات ذوات إعاقة 101 --------------------------------------
أوال :شروط تشغيل األجيرات ذوات اإلعاقة 102 ----------------------------------------------------------------
ثانيا :تنظيم ظروف تشغيل األجيرات المعاقات 106 -------------------------------------------------------------
الفصل الثاني :امتداد الحماية االجتماعية للمرأة إلى بعض الفئات المستثناة من مدونة الشغل ،ودور المقتضيات
الزجرية واآلليات الرقابية والقضائية في تفعيل هذه الحماية 111 -----------------------------------------------
المبحث األول :الحماية االجتماعية للفئات المستثناة من مدونة الشغل وضيق نطاق الحماية لبعض الفئات
األخرى 111 ----------------------------------------------------------------------------------------------------
المطلب األول :الحماية القانونية للعامالت المنزليات على ضوء المعايير الدولية وقانون 11.11المنظم 111 -----
الفقرة األولى :وضعية العامالت المنزليات على مستوى المعايير الدولية ومدونة الشغل 117 ---------------------
أوال :وضعية العامالت المنزليات في القانون الدولي والتشريعات المقارنة 118 ----------------------------------
ثانيا :وضعية العامالت المنزليات في ظل مدونة الشغل 126 -----------------------------------------------------
219
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
220
-الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي-
221