You are on page 1of 225

‫المملكة المغربية‬

‫جامعة عبدالمالك السعدي‬


‫كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‬
‫‪ -‬طنجة ‪-‬‬

‫رسالة لنيل ماستر حقوق إلانسان‬


‫تحت عنوان‬

‫تحت إشراف‪:‬‬
‫إعداد الطالبة‪:‬‬

‫نجوى العويطي‬
‫الدكتور محمد غربي‬

‫أعضاء لجنة املناقشة‪:‬‬


‫‪ -‬الدكتور‪ :‬عبد القادر مساعد‪ .................................‬رئيسا‬
‫‪ -‬الدكتور‪ :‬محمد غربي‪ ..............................‬مشرفا وعضوا‬
‫‪ -‬األستاذ ‪ :‬إسماعيل الجباري الڭرفطي‪ .....................‬عضوا‬
‫‪0‬‬

‫السنة الجامعية‪9102/9102 :‬‬


‫‪SWEET‬‬
‫َّ َ َ ْ َ ْ َ ْ َ‬ ‫َ َّ َ َ ُ َ ْ َ‬
‫سينا أو أخطأناۚ‪...‬‬ ‫خذنا إِن ن ِ‬‫‪...‬ربنا ل تؤا ِ‬
‫سورة ابلقرة‪ ،‬اآلية‪682 :‬‬

‫ُ‬ ‫َّ ُ َ َ َ ُ ْ َ َ ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َُ ْ َُ َ‬


‫وق ِل اعملوا فسَيى اّلل عملكم ورسول‪...‬‬
‫سورة اتلوبة‪ ،‬اآلية‪501 :‬‬

‫«إني رأيت أنه ال يكتب أحدا كتابا يف يومه إال قال يف‬

‫غده‪ :‬لو غري هذا لكان أحسن‪ ،‬ولو زيد هذا لكان‬

‫يستحسن‪ ،‬ولو قدم هذا كان أفضل‪ ،‬ولو ترك هذا لكان‬

‫أمجل وهذا من أعظم العرب‪ ،‬وهو دليل على استيالء النقص‬

‫على مجلة البشر»‬


‫عماد الدين األصفهاني‬

‫‪0‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫كلمة شكر‬
‫بعد شكر املوىل عز وجل عىل فضل نعمه‪ ،‬ال يسعين يف هذا املقام اال أن‬
‫أتقدم خبالص الشكر واحملبة لدلكتور محمد غريب اذلي قبل االرشاف عىل هاته‬
‫الرساةل بصدر رحب‪ ،‬واذلي مل يبخل ي‬
‫عل يوما بتوجهياته السديدة ونصاحئه‬
‫القمية لكام التجأت اليه جفزاه هللا عين خري جزاء‪.‬‬

‫كام ال يفوتين أن أتقدم ابلشكر اجلزيل اىل السادة الساتذة الجالء أعضاء‬
‫جلنة املناقشة اذلين أعطوين من وقهتم‪ ،‬وقبلوا مناقشة رساليت رمغ انشغاالهتم‬
‫الكثرية‪.‬‬

‫كام أوجه شكري وتقديري اىل لك أساتذتنا الكرام‪ ،‬أس تاذة القانون العام بلكية‬
‫احلقوق بطنجة‪.‬‬

‫فلهم مين مجيعا أمسى أايت الشكر والامتنان‬


‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫إهداء‬
‫ً‬ ‫ى‬ ‫َ َ َ ى َ ُّ َ َ َّ َ ْ ُ ُ ٓ ْ َّ ٓ َّ ُ َ ْ َ ى َ ْ ْ َ‬
‫إلى من قال فيهما هللا عز وجل‪  :‬وقض ربك أل تعبدوا إِل إِياه وب ِٱلو ِِلي ِن إِحسناۚ‪ ‬والداي العزيزان‪،‬‬
‫أنتما أساس وجودي في الحياة‪ ،‬وأنتما ألامن وألامان وراحة النفس وهدوء البال‪ ،‬وأنتما ّ‬
‫سر النجاح‬
‫تقدير ُيمكن أن‬
‫ٍ‬ ‫يستطيع أن ُيحيط بمقدار التضحية والتعب الذي تبذالنه‪ ،‬وأي‬
‫ُ‬ ‫شكر‬
‫ٍ‬
‫والتفوق‪ّ ،‬‬
‫فأي‬
‫يستوعب سهر الليالي الطوال على راحتي‪ ،‬لكن رغم هذا كله اسمحا لي أيها الغاليان القريبان أن أقول‬
‫ٌ ُ‬
‫آيات تتلى وقر ٌآن يوص ي بطاعتكما وطلب الرض ى‬ ‫لكما‪ :‬شكرا‪ ،‬فأنتما وصية هللا تعالى لألبناء‪ ،‬وفيكم نزلت‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫ونفحات من نور الحياة‪ ،‬وسحابة تمطر الخير‬ ‫منكما‪ ،‬فأنتما يا أبي وأمي بابان من أبواب الجنة‪،‬‬
‫طاهرة‬
‫ٍ‬ ‫والحسنات‪ ،‬وألن النعم تدوم بالشكر‪ ،‬فشكرا هلل على أنكما في الحياة‪ ،‬وشكرا لكل قطرة عر ٍق‬
‫سر الفرح في قلبي‪،‬‬‫نزلت منكما ألجلي‪ ،‬واسمحا لي أن أقول لكما أيضا أنكما أغلى ما في حياتي‪ ،‬وأنكما ّ‬
‫واحدة من درجات ّ‬
‫البر التي أمرني هللا بها‬ ‫ٍ‬ ‫ولو بذلت عمري كله ألجلكما فلن أستطيع أن أصل إلى در ٍ‬
‫جة‬
‫تجاهكما‪ ،‬فسامحاني على التقصير‪ ،‬وسامحا لغتي التي تلعثمت حروفهما أمام عظمة ما تصف‪ ،‬أمي‬
‫وأبي‪ :‬شكرا لكما‪...‬‬

‫إلى زوجي وإخوتي‬

‫إلى من ساهم بنصائحه وإرشاداته ‪...‬إلى من جمعتنا بهم أواصر املحبة والاحترام املتبادل‬

‫أساتذتي الكرام‪...‬إلى من ساهم في إخراج هذا البحث إلى الوجود‪...‬إلى جميع هؤالء أهدي‬

‫ثمرة هذا العمل املتواضع‬

‫نجوى العويطي‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫مقدمة‬
‫حظي موضوع املرأة باهتمام كبير ومتزايد من طرف مجموعة من املهتمين بهذا املجال‪ ،‬خاصة‬

‫فقهاء القانون وعلماء الاجتماع والسياسة وكذا هيئات املجتمع املدني بما فيها الجمعيات الحقوقية التي‬

‫تعنى بالدفاع عن حقوق املرأة‪ ،‬ويرجع هذا الاهتمام إلى الدور الذي أصبحت تلعبه املرأة في ألاسرة‬

‫واملجتمع‪.‬‬

‫وقد أبانت املرأة املغربية على مر العصور من حضور قوي ورائد في مختلف املجاالت‪ ،‬وساهمت‬

‫مساهمات جليلة في ميادين متنوعة ستظل خالدة في التاريخ إلانساني‪ ،‬تكشف عن قوة شخصيتها‪،‬‬

‫وحنكتها وحكمتها‪ ،‬ودورها ألاساس في البناء الحضاري‪.‬‬

‫ويبدو أن حق املرأة في العمل قد برز على الساحة الدولية منذ العصور القديمة‪ ،‬لكنه تبلور‬

‫بشكل أكبر مع ظهور الثورة الصناعية‪ ،‬وازدياد الحاجة امللحة لليد العاملة‪ ،‬ونظرا للوضعية التي كانت‬

‫تعمل فيها املرأة‪ ،‬فقد كان من الالزم الاعتراف القانوني بحقها في العمل لضمان تحسين وضعيتها‪ ،‬كما‬

‫كان من واجب املجتمع بكل مكوناته تيهئ فرص العمل وظروفه‪ ،‬وأن يدعم هذه الفرص دائما بما يصون‬

‫املرأة ويحفظ كرامتها‪ ،‬وأن يقيم املساواة بين الرجل واملرأة في فرص الشغل‪.‬‬

‫واملالحظ أن املرأة عانت طويال يسبب هذا التمييز في ممارستها لحق الشغل‪ ،‬وذلك ألسباب‬

‫متعددة‪ ،‬أهمها تلك التي تتعلق بالخلفيات الثقافية التي ترسخ فكرة التمييز بين الجنسين‪ ،‬ويضاف إلى‬

‫ذلك الاعتقاد السائد داخل أغلب املجتمعات‪ ،‬خاصة العربية والبلدان النامية بعدم جدوى العمل‬

‫النسائي لكون الرجل يبقى في املجتمعات التقليدية هو املسؤول عن ألاسرة ومعيلها الوحيد‪ ،‬بينما تلقى‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫املرأة رهينة دورها التقليدي املتمثل في إنجاب ألابناء وتربيتهم والقيام بمتطلبات ألاسرة‪ ،‬مما يجعل عمل‬

‫الرجال يحظى باهتمام وتقدير خاص من طرف املجتمع‪ ،‬على خالف عمل النساء‪.‬‬

‫وعلى اعتبار أن الشغل من أهم حقوق إلانسان‪ ،‬بل ويأتي من حيث ألاهمية مباشرة بعد الحق‬

‫في الحياة‪ ،‬فقد عبر املغرب عن موقفه الواضح بشأن مبدأ كونية حقوق إلانسان‪ ،‬وعن ضرورة إعمال‬

‫مقتضيات ألاوقاف الدولية‪ ،‬وبفضل هذا املوقف املتبصر استطاع الانخراط في املنظومة الحقوقية عبر‬

‫املصادقة على مختلف الاتفاقيات الدولية في مجال حقوق املرأة‪.‬‬

‫وهكذا اتخذ املغرب مجموعة من إلاجراءات لتحسين وضعية النساء العامالت‪ ،‬تمثلت أساسا في‬

‫التزامه دستوريا بتطبيق املعايير الدولية في جملة من النصوص التي تهم املرأة بصفة عامة‪ ،‬وإدخال‬

‫إصالحات تشريعية على مجموعة من القوانين‪ ،‬ومن بينها مدونة الشغل التي تدخل املشرع من خاللها‬

‫على غرار باقي التشريعات لتنظيم عمل املرأة بمقتضيات أكثر حمائية‪ ،‬وأكثر انسجاما مع املواثيق الدولية‬

‫املتعلقة بهذا املجال‪ ،‬أخذا بعين الاعتبار تكوينها الفيزيولوجي الخاص‪ ،‬وما تحمله من رسالة ألامومة وتربية‬

‫ألاجيال‪.‬‬

‫مدونة الشغل جاءت لتكرس مجموعة من الضمانات التي تكفل الحقوق ألاساسية والشخصية‬

‫ومبدأ تكافؤ الفرص وحظر التمييز‪ ،‬والصحة السليمة والعمل املأمون لألجيرة‪ ،‬حيث من جهة أولى شكلت‬

‫اعترافا للمرأة املغربية بدورها التنموي داخل املجتمع عبر التأكيد على حقها في العمل وإقرار مبدأ املساواة‬

‫لصالحها‪ ،‬وصيانة كرامتها‪ ،‬ومن جهة ثانية أخذت بعين الاعتبار الطبيعة الفيزيولوجية ألانثوية‪ ،‬وبناء‬

‫على ذلك نصت على مقتضيات استثنائية خاصة بحماية صحتها‪ ،‬وتنظيم ظروف تشغيلها‪ ،‬إضافة إلى‬

‫‪2‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫مناهضة العنف املمارس عليها‪ ،‬ومن جهة ثالثة راعت حالتها الخاصة إذا تعلق ألامر بأجيرة ذات إعاقة‪،‬‬

‫كما عملت على صيانة وظيفتها إلانجابية والتربوية داخل ألاسرة واملجتمع‪.‬‬

‫إال أن هذه الضمانات قد اعترتها مجموعة من النقائص و الثغرات التي تعرقل مسار الحماية‬

‫الاجتماعية الذي سلكه املغرب‪ ،‬في نطاق الحماية التي ستتها مدونة الشغل لم يشمل بعض الفئات من‬

‫اليد العاملة النسوية‪ ،‬حيث تم تهميشين وإقصاؤهن‪ ،‬وعلقت حمايتهن على صدور قانون خاص يؤطرها‪،‬‬

‫وإذا كان املشرع قد حظى خطوة إيجابية من خالل إصداره لهذا القانون لفائدة العامالت املنزليات‪ ،‬فإن‬

‫النساء العامالت بالقطاع التقليدي الصرف لم يظهر القانون الخاص بتنظيم عالقتهن مع املشغل‬

‫وشروط شغلين في هذا القطاع إلى الوجود‪ ،‬وال يزال وضعهن ومعاناتهن في ازدياد دائم‪.‬‬

‫من جانب آخر‪ ،‬فإن الحفاظ على املقتضيات القانونية واستقرار العالقة التغطية‪ ،‬رهين بالبحث‬

‫عن وسيلة قانونية قادرة على مراقبة حسن تطبيقها وتفعيلها‪ ،‬ولذلك كان من الضروري خلق نظام من‬

‫شأنه تعزيز حماية حقوق املرأة في ميدان العمل‪ .‬ويعد نظام تفتيش الشغل وطب الشغل من ألاجهزة‬

‫الرئيسية ملباشرة التطبيق أحكام قانون الشغل وتوفير الحماية الاجتماعية الطرف الضعيف‪.‬‬

‫وإذا كان املشرع املغربي قد حاول تفعيل دور ألاجهزة الرقابية الاجتماعية‪ ،‬بما يؤدي إلى خلق مناخ‬

‫اجتماعي عادل سمته الرئيسية ألامن والاستقرار‪ ،‬وبالتالي النهوض باالقتصاد الوطني‪ ،‬فإن ذلك يبقى‬

‫رهينا بانسجام كل الفاعلين‪ ،‬حيث ال يتأتى هذا إال بتدخل جهاز قضائي قادر على تخطي حرفية النص‬

‫القانوني وتحويله إلى نص من املمكن تكييفه بالطريقة التي يراها القاض ي لصالح ألاجيرة‪.‬‬

‫انطالقا من كل ما سبق‪ ،‬وفي ضوء ما تقدم بيانه في هذا املدخل العام‪ ،‬تبرز بوضوح مالمح‬

‫املوضوع الذي سنتناوله في هذه الدراسة‪ ،‬تحليال وتفصيال‪ ،‬وهو ما يستدعي إلاشارة الضرورية إلى ما يلي‪:‬‬

‫‪3‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫‪ -‬أهمية املوضوع‪:‬‬

‫يستقي هذا املوضوع أهميته الخاصة من الظرفية الوطنية الراهنة‪ ،‬في مجال الاهتمام بوضعية‬

‫املرأة على املستوى النظري والعملي‪ ،‬واملتمثلة في تعبئة كل الجهود املختلفة للحد من املعاناة التي تتكبدها‬

‫النساء في وضعية صعبة‪ ،‬بما فيهن إضافة إلى ألاجيرات ‪ -‬العامالت املنزليات والعامالت في القطاعات غير‬

‫املهيكلة‪ ،‬وذلك بالتحسين من ظروفهن‪ ،‬والقضاء على كل أشكال الاستغالل التي تطالهن‪ ،‬والعنف الذي‬

‫يتعرضن له‪ ،‬ومنع الظروف القاسية وغير ألامنية التي ال تتناسب مع طبيعتهن الجسدية‪ ،‬إضافة إلى سد‬

‫الفراغ والقصور التشريعيين اللذان يعيقان مسار التنمية ويضعفان آفاق الحماية الاجتماعية‪.‬‬

‫كما أن املوضوع له أهمية على املستوى الاقتصادي‪ ،‬فاملرأة جزء ال يتجزأ من القوى العاملة‬

‫املساهمة في تحريك دواليب الاقتصاد‪ ،‬والدفع بعجلة التنمية الاقتصادية إلى ألامام‪ ،‬حيت إن هناك‬

‫ازديادا ملحوظا في وثيرة عمل املرأة في السنوات ألاخيرة‪ ،‬مقابل کثرة الانتهاكات التي تمس بحقوقها ‪-‬سواء‬

‫املادية أو املعنوية ‪-‬أثناء ممارستها لعملها‪.‬‬

‫‪ -‬صعوبات البحث‪:‬‬

‫إن تناول هذا املوضوع بالدراسة واجهن بعض الصعوبات‪ ،‬وتتجلى أساسا فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -1‬غني وتنوع إشكاليات هذا املوضوع‪ ،‬فكثرة املواضيع وإلاشكاالت التي يطرحها يجعل كل محاولة‬

‫لتحديده وحصر نطاقه أمرا صعبا‪.‬‬

‫‪ -2‬كون هذا املوضوع حساسا جدا‪ ،‬إذ كثيرا ما ينظر إلى املساعي الهادفة للكشف عن وضعية املرأة‪،‬‬

‫والحديث عن قضاياها‪ ،‬والدفاع عن حقوقها‪ ،‬والنهوض بأوضاعها في القانون واملجتمع‪ ،‬على أنها محاوالت‬

‫‪4‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫للنيل من حقوق الرجل التي اكتسبت شرعيتها عبر التاريخ‪ ،‬كما ينظر إلى الكتابات التي تقادي بتحقيق‬

‫املساواة بين الجنسين على أنها أفكار متأثرة بالغرب‪.‬‬

‫‪ -2‬البحث في موضوع عمل املرأة‪ ،‬يجعل الباحث يتعامل مع أكبر عدد من املراجع‪ ،‬وفي شتى املجاالت‪،‬‬

‫سواء ذات الطابع القانوني أو الاجتماعي أو النفس ي‪ ،‬إضافة إلى مختلف الدراسات‪ ،‬وإلاحصائيات‬

‫الرسمية‪ ،‬وألاحكام والقرارات القضائية‪ ،‬الش يء الذي يولد تداخال بين املعطيات القانونية والاقتصادية‬

‫والاجتماعية في موضوع واحد‪.‬‬

‫‪ -3‬قلة املراجع القانونية املحينة واملتعلقة ببعض الفقرات املستثناة من مدونة الشغل‪ ،‬مثل فئة‬

‫العامالت املنزلية‪ ،‬خاصة بعد صدور القانون املنظم لشروط شغلهن وتشغيلهن‪.‬‬

‫‪ -‬إشكالية املوضوع‪:‬‬

‫تتمحور الاشكالية املركزية لهذا البحث كما صاغها عنوانه‪" :‬الحماية الاجتماعية للمرأة بين النص‬
‫القانوني والتعامل القضائي"‪ ،‬وعليه سيتم تسليط الضوء على أبرز املقتضيات القانونية التي تعنى‬

‫بحماية املرأة‪ ،‬حيث إن إلاشكالية تتبع أساسا بالنظر إلى مدى توقف املشرع املغربي في إقرار الضمانات‬

‫الحمائية لليد العاملة النسائية‪ ،‬في جميع القطاعات‪ ،‬مقارنة بتوجهات باقي التشريعات‪ ،‬ومدى‬

‫استحضاره الاتفاقيات الدولية خاصة تلك التي صادق عليها املغرب أثناء سنه لهذه املقتضيات‪ ،‬وكذا‬

‫استطاعة الجهاز القضائي املغربي تكييف هذه النصوص وفق ما هو لصالح ألاجيرة‪.‬‬

‫وفي صلب هذه إلاشكالية املحورية‪ ،‬تطفو على سطح هذا البحث مجموعة من الاشكاالت الجزئية‬

‫التي تنبع عن ألاصل‪ ،‬وتطرحها طبيعة هذا املوضوع املركب (قانوني اجتماعي) وهو ما يمكن اختزاله في‬

‫التساؤالت ألاساسية التالية‪:‬‬

‫‪5‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫‪ -‬ما هي الضمانات القانونية التي وفرها املشرع الحماية الحقوق ألاساسية‪ ،‬الشخصية واملعنوية لألجيرة‬

‫في ميدان الشغل؟‬

‫‪ -‬ما مدى مالءمة هذه الضمانات الحماية للمعايير الدولية؟‬

‫‪ -‬إذا كانت مدونة الشغل تشكل إطارا حمائيا لألجيرة‪ ،‬فهل الوسائل التي جاء بها املشرع كافية لتوفير‬

‫حماية قانونية واجتماعية لها فيما يتعلق بأحكام ألامومة؟‬

‫‪ -‬ما هي وضعية النساء املنتميات للفئات املستقاة من مدونة الشغل‪ ،‬وهل حصل تطور انتقالي في موقف‬

‫املشرع اتجاههن؟‬

‫‪ -‬ما مدى تمكن مدونة الشغل من توفير الضمانات القانونية للتشغيل النساء عامة‪ ،‬وألاجيرات نوات‬

‫إلاعاقة بشكل بما يتالءم مع وضعيتهن؟‬

‫‪ -‬ما هو دور ألاجهزة القانونية الرقابية مثل مفتشية الشغل وطبيب الشغل في الحفاظ على السلم‬

‫الاجتماعي وتفعيل حماية الطرف الضعيف؟‬

‫‪ -‬إلى أي حد استطاع القضاء املغربي تفعيل الحماية الاجتماعية من خالل تكييف النصوص القانونية‬

‫وفق ما يتناسب مع صالح ألاجيرة؟‬

‫‪ -‬املناهج املعتمدة في البحث‪:‬‬

‫إن معالجة ألاسئلة السابقة‪ ،‬تقتض ي بحكم طبيعة املوضوع‪ ،‬ضرورة الانفتاح على أكثر من منهج‪،‬‬

‫لضمان تناوله بشكل أكاديمي وعلمي‪ ،‬ومحاولة إلاحاطة بكل جوانبه‪ ،‬فموضوع البحث من املواضيع‬

‫القانونية والاجتماعية‪ ،‬والتي تحتاج في مقاربتها تتبع املنهجين الوصفي والتحليلي‪ ،‬اللذين يساعدان على‬

‫تحليل املقتضيات الحمائية التي سنها القانون‪ ،‬من خالل عرضها والوقوف على أهم إيجابياتها وسلبياتها‬

‫‪6‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫إضافة إلى املنهج املقارن الذي يسمح بقراتها‪ ،‬ومقارنتها مع املواقف التي التشريعات ألاخرى‪ ،‬والتحق من‬

‫مدى مالءمة هذه املقتضيات للمعايير الدولية التي تلقاها املغرب من خالل املصادقة عليها‪.‬‬

‫وإلغناء الدراسة‪ ،‬البد من الاعتماد على املنهج التاريخي من خالل تعقب املسار القانوني التاريخي‬

‫لبعض جوانب هذه الحماية‪.‬‬

‫‪ -‬خطة البحث‪:‬‬

‫إن معالجة مختلف إلاشكاالت املذكورة سابقا يتطلب التنظر أوال‪ :‬إلى مظاهر حماية ألاوقاف الدولي‬

‫والتشريع الداخلي لحقوق املرأة في ميدان العمل‪ ،‬سواء تعلق ألامر بالحقوق ألاساسية أو الشخصية‪ ،‬أو‬

‫املعنوية والنفسية‪ ،‬إضافة إلى تنظيم أحكام تشغيلها‪ ،‬سواء ألاجيرات بصفة عامة‪ ،‬أو ألاجيرة ألام‪ ،‬أو‬

‫ألاجيرة ذات إلاعاقة‪ ،‬ومالءمة ظروف التشغيل حسب وضعية كل واحدة منهن‪ ،‬ثم الوقوف على امتداد‬

‫الحماية الاجتماعية إلى بعض الفئات التي سبق وأن تم استثناؤها من مدونة الشغل‪ ،‬وقصورها فيما‬

‫يتعلق بقنات أخرى‪ ،‬حيث سيتم العمل على إبراز مدى فعالية التشريع الاجتماعي في تغطية اليد العاملة‬

‫التسوية في جميع القطاعات الشغلية بالحماية الشاملة‪ ،‬ثم بعد ذلك عرض أبرز ألادوار التي تلعبها أجهزة‬

‫الرقابة في تفعيلها والعوائق التي تحد من فعالية هذه ألاجهزة‪ ،‬انتهاء بالوقوف على العمل القضائي في‬

‫هذا املجال‪.‬‬

‫وعلى هذا ألاساس سنعالج هذا املوضوع في فصلين‪:‬‬

‫‪ -‬الفصل ألاول‪ :‬الحماية الاجتماعية للمرأة بين مضامين املواثيق الدولية واملبادئ الحقوقية املكرسة‬

‫في مدونة الشغل لحماية الطرف الضعيف‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫‪ -‬الفصل الثاني‪ :‬امتداد الحماية الاجتماعية للمرأة إلى بعض الفئات املستثناة من مدونة الشغل‪،‬‬

‫ودور املقتضيات الزجرية وآلاليات الرقابية والقضائية في تفعيل هذه الحماية‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫الفصل األول‪:‬‬

‫احلماية االجتماعية للمرأة بني مضامني املواثيق الدولية‬

‫واملبادئ احلقوقية املكرسة يف مدونة الشغل حلماية الطرف‬

‫الضعيف‬

‫‪9‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫الفصل ألاول‪ :‬الحماية الاجتماعية للمرأة بين مضامين‬


‫املواثيق الدولية واملبادئ الحقوقية املكرسة في مدونة‬
‫الشغل لحماية الطرف الضعيف‬

‫تعتبر حقوق املرأة جزء من حقوق إلانسان‪ ،‬وإذا كانت املواثيق الدولية قد ركزت ضرورة عمومية‬

‫وعاملية هذه الحقوق باعتبارها تنطلق من طبيعة إلانسان‪ ،‬إال أنها قد أخذت بعين الاعتبار بعض الفئات‬

‫في املجتمع التي تتطلب طبيعتها حقوقا إضافية تراعي خصوصيتها‪ ،‬ومن بينها املرأة التي ظلت لفترة طويلة‬

‫تعاني من إلاقصاء والتمييز والتهميش‪ ،‬لذا كان لزاما لتجاوز هذه الوضعية تمتيعها بحماية خاصة‬

‫والحقوق إضافية تضمن النهوض بأوضاعها بشكل يسمح بتحقيق املساواة بينها وبين الرجل‪.1‬‬

‫إال أن خروج املرأة إلى ميدان العمل جعلها تتعرض لالستغالل باعتبارها العنصر الضعيف في‬

‫حلقة الشغل‪ ،‬وتقيل بكل الشروط املجحفة في حقها‪ ،‬وكذا عدم مساواتها مع الرجل في العمل وألاجر‪،‬‬

‫مما دفع ألاجيرات إلى التكتل والخروج للدفاع عن حقوقهن‪ ،‬واملطالبة بتعديل وضعيتهن‪ ،‬والدفع باملنتظم‬

‫الدولي إلى حمايتهن‪ .‬فتأسست سنة ‪1111‬م منظمة العمل الدولية التي شرعت منذ أول مؤتمر لها في‬

‫إصدار اتفاقية دولية لحماية املرأة ألاجيرة وكانت بذلك أكبر مساند للمرأة ألاجيرة‪.‬‬

‫وعلى منوال هذه الاتفاقيات الدولية‪ ،‬وإيمانا بأهمية ودور املرأة‪ ،‬بادرت جل التشريعات بما فيها‬

‫التشريع املغربي إلى التدخل بمقتض ى نصوص قانونية قصد وضع هيكلة متينة ومتوازنة بين حياتها‬

‫‪ - 1‬أنس سعدون‪ :‬وضعية املرأة على ضوء منهاج عمل بيجين‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخامس‪ ،‬جامعة عبد املالك السعدي‪،‬‬
‫كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة‪ ،‬السنة الجماعية‪ ،2112/2112 ،‬ص ‪.11‬‬

‫‪10‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫املهنية والعائلية‪ ،‬وهذه النصوص جعلتها تحظى بحماية خاصة‪ ،‬وذلك من منطلق ضمان الفرص‬

‫املتكافئة للجنسين ومراعاة صفة ألانوثة في أحكام تشغيل املرأة‪.2‬‬

‫‪ - 2‬غزالن التاقي‪ :‬حماية املرأة ألاجيرة في مدونة الشغل املغربية‪ ،‬بحثل لنيل دبلوم املاستر في القانون الخاص‪ ،‬جامعة عبد املالك السعدي‪،‬‬
‫كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة‪ ،‬السنة الجامعية‪ ،2113\2112 ،‬ص ‪.1‬‬

‫‪11‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫املبحث ألاول‪ :‬حماية املرأة ألاجيرة على ضوء مدونة الشغل‬


‫والاتفاقيات الدولية‬

‫أصبحت قضية املرأة ألاجيرة ذات أبعاد دولية‪ ،‬فكثيرة هي الاتفاقيات الدولية واملنظمات الحقوقية‬

‫التي عملت جاهدة على إنصاف املرأة ألاجيرة‪ ،‬والاعتراف لها بالدور املهم الذي أصبحت تلعبه في ألاسرة‬

‫واملجتمع والتنمية الاقتصادية‪.3‬‬

‫ومن جانب آخر فإن التطورات الاجتماعية والاقتصادية التي عرفها املغرب وانفتاحه على محيطه‬

‫العالمي‪ ،‬أدى إلى بروز اليد العاملة السوية ومساهمتها إلى جانب الرجل في تنمية الاقتصاد الوطني‪ .4‬وبعد‬

‫التزام املغرب دستوريا باحترام حقوق إلانسان كما هو متعارف عليها دوليا‪ ،‬ومصادقته على العديد من‬

‫الاتفاقيات الدولية الخاصة بعمل املرأة‪ ،‬وقيامه بمجموعة من إلاجراءات لتحسين وضعيتها‪ ،‬فقد تدخل‬

‫املشرع املغربي على غرار باقي التشريعات لتنظيم عمل املرأة بمقتضيات أكثر حمائية وأكثر انسجاما مع‬

‫مضامين املواثيق الدولية املتعلقة بتشغيل النساء‪ ،‬ولم يكتف املشرع بحماية الحقوق ألاساسية أو املادية‬

‫للمرأة ألاجيرة فقط (املطلب ألاول)‪ ،‬وإنما امتدت هذه الحماية لتشمل الحقوق املعنوية والنفسية أيضا‬

‫(املطلب الثاني)‪.‬‬

‫‪ - 3‬بنخوية هدى‪ :‬الحماية القانونية للمرأة ألاجيرة‪ ،‬بحث لنيل دبلوم املاستر في القانون الخاص‪ ،‬جامعة عبد املالك السعدي‪ ،‬كلية العلوم‬
‫القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة‪ ،‬السنة الجامعية‪ ،2112-2113 :‬ص ‪.2-1‬‬
‫‪ - 4‬إدريس الخوري‪ :‬املركز القانوني للمرأة املغربية‪ ،‬مطبعة وجدة‪ ،2112 ،‬ص ‪.3‬‬

‫‪12‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫املطلب ألاول‪ :‬صيانة الحقوق ألاساسية للمرأة ألاجيرة‬


‫ترسخ منهج حقوق إلانسان عبر مجموعة من املواثيق الدولية التي كرست للكثير من املطالب‬

‫إلانسانية وألاممية عبر تدابير تشريعية وتطبيقية وطنيا ودوليا‪ ،‬ونجد أن حقوق إلانسان هي مجموعة‬

‫الحقوق والحريات السياسية واملدنية والاقتصادية والاجتماعية املقررة لإلنسان باعتباره أحد أفراد‬

‫املجتمع‪ ،‬وتهدف إلى حماية ذاته وسالمته وصون كرامته وتنمية قدراته‪ ،‬وذلك بالتساوي بين الرجال‬

‫والنساء‪.‬‬

‫وإذا كانت هذه الحقوق ألاساسية يتمتع بها كل فرد باعتبارها ملزمة لإلنسان‪ ،‬فإنها أيضا قابلة‬

‫التط بيق في جميع العالقات الاجتماعية بما فيها عالقات الشغل‪ .‬وللحق في العمل (أو الحق في الشغل)‬

‫أهمية كبيرة باعتباره حقا ومطليا يهدف إلى تأمين مستوى معيش ي الئق لألفراد‪ ،‬بمن فيهم النساء‬

‫الشغيالت‪ ،‬اللواتي يشكلن نسبة كبيرة من الشريحة العاملة‪ ،‬والحق في العمل مكفول لهن‪ ،‬سواء في‬

‫الشركة الدولية أو القوانين الداخلية (الفقرة ألاولى)‪ ،‬إضافة إلى أن رغبتهن في الشغل لضمان أجر يمكنهن‬

‫من العيش هن وأسرهن‪ ،‬يجعلهن تحت تأثير الحاجة يرضخن لشروط املشغل التي قد تكون تعسفية‪،‬‬

‫ويقبلن بها‪ ،‬ألامر الذي يتطلب توافر حماية قانونية لألجيرات من الشروط املاسة بحقوقهن الشخصية‬

‫(الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫الفقرة ألاولى‪ :‬ضمان حق املرأة في العمل‬


‫الحق في العمل هو حق أساس ي لكل شخص‪ ،‬تكفله الاتفاقيات الدولية لحقوق إلانسان والقوانين‬

‫املحلية‪ ،‬وهو حق إنساني يقض ي بعدم إقصاء أي شخص عن املساهمة في الحياة الاقتصادية‪ ،‬وتمكينه‬

‫من ممارسة الحق في املشاركة في إنتاج وخدمة أنشطة املجتمع إلانساني‪ ،‬والانتفاع بالفوائد العائدة‬

‫جراء هذه ألانشطة املشتركة‪ ،‬بما يكفل لإلنسان مستوى معيشيا الئقا‪.5‬‬

‫وتأتي ضرورة وأهمية الاعتراف بالحق في العمل نظرا لدوره في تمكين الفرد ذكرا كان أم أنثى من‬

‫تحقيق حاجياته الاقتصادية والاجتماعية الحيوية‪ ،‬واملساهمة في ارتقائهم وتطوير مهاراتهم‪ .‬وإن أحد‬

‫التحوالت الكبرى التي حدثت في الخمسين سنة ألاخيرة هو النمو السريع لعمل النساء في العالم‪ ،‬في سنة‬

‫‪ 2112‬كان هنالك ‪ 1.3‬ملیار امرأة في سوق الشغل‪ ،‬أي أكتر من سنة ‪ 2111‬ب ‪ ،21 %‬ويمثل عمل النساء‬

‫حوالي ‪ %21‬من قوة العمل الكلية (‪ 3.3‬مليار)‪ ،6‬ويرجع ذلك إلى مجموعة من املقتضيات الدولية التي‬

‫تكفل حقهن في العمل وتهدف إلى حمايته‪.‬‬

‫إال أن إحصائيات رسمية أشارت إلى أن حصة القوى العاملة النسائية املغربية في سوق العمل‬

‫بلغت ‪ %22‬السنة الجارية‪ ،‬مما يدل على أن النشاط الاقتصادي للمرأة باملغرب يبقى ضعيفا‪ ،7‬رغم أن‬

‫حقها في العمل مكفول دستوريا‪.‬‬

‫‪ - 5‬املرصد املغربي لحقوق الانسان في الجوالن‪ ،‬دليلي العامل وفق املعايير الدولية لحقوق الانسان والقوانين املحلية‪ ،‬إعداد املحامي أبو‬
‫الخير أبو جبل‪ ،‬مطبعة ألارز‪ ،2112 ،‬ص ‪.3‬‬
‫‪ - 6‬وضعية املرأة في العالم‪ ،‬إليزابيت كريميو‪ ،‬ترجمة حنان قصبي ومحمد الهاللي‪ ،‬ص ‪ ،123‬دار توبقال للنشر‪ ،‬الطبعة الاولى‪.2112 ،‬‬
‫‪ - 7‬حصة املرأة في سوق العمل في املغرب‪ ،‬مقالة إلكترونية‪ ،‬قناة العربية‪ ،2112 ،‬ص ‪.1‬‬

‫‪14‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫أوال‪ :‬الحق في العمل في املواثيق الدولية‬


‫الحق في العمل هو حق إلانسان في أن يعمل من أجل العيش‪ ،‬وحقه في اختيار العمل الذي يريده‪،‬‬

‫وفي أجر عادل يكفل له وأسرته عليه‪ ،‬وفي الحماية من البطالة‪ ،‬وفي أن ينشأ وينظم النقابات الحماية‬

‫مصلحته‪ ،‬وكذلك الحق في الراحة وأوقات الفراغ‪ ،‬وفي تحديد معقول للعمل والراحة‪.8‬‬

‫إذن الشغل من أهم الحقوق واملطالب البشرية‪ ،‬بل ويأتي من حيث ألاهمية مباشرة بعد الحق‬

‫في الحياة‪ .‬وقد استطاعت املرأة اكتساح سوق الشغل‪ ،‬وتمكنت من فرض وجودها في مجاالت مختلفة‪،‬‬

‫مما أدى إلى استغاللها من طرف أرباب العمل‪ ،‬ومن أجل إنصافها اتخذت قضيتها طابعا دوليا‪ ،‬فكانت‬

‫حاضرة في إلاعالن العالمي لحقوق إلانسان الذي أكد على حق كل شخص في العمل وفي حرية اختياره‬

‫ضمن شروط عادلة ومرضية‪ ،‬كما أكتم الاتفاقية الدولية الخاصة بالقضاء على جميع أشكال التمييز‬

‫ضد املرأة على املساواة بين الرجل واملرأة في الحقوق السياسية واملدنية والاقتصادية والاجتماعية‬

‫والثقافية‪ ،‬إضافة إلى أن مؤتمر بيجين أكد في نص الوثيقة الختامية الصادرة عنه على املساواة بين املرأة‬

‫والرجل في الحقوق‪ ،‬والتشبث باملقاصد واملبادئ املنصوص عليها في املواثيق والاتفاقيات الدولية‬

‫املناهضة لكل أشكال التمييز ضد املرأة‪ .‬وفي نفس السياق‪ ،‬بلغ عدد الاتفاقيات الصادرة عن منظمة‬

‫العمل الدولية التي تناولت موضوع املرأة العاملة ما مجموعه ‪ 22‬اتفاقية‪.9‬‬

‫‪ - 8‬مصدق عادل طالب‪ :‬دور منظمتي العمل الدولية والعربية في حماية حقوق العمال‪ ،‬ص ‪.121‬‬
‫‪ - 9‬أنس سعدون‪ :‬وضعية املرأة املغربية على ضوء منهاج عمل بيجين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.211‬‬

‫‪15‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫أ ‪ -‬الحق في العمل من خالل إلاعالن العاملي لحقوق إلانسان‪:‬‬


‫أن‪10:‬‬ ‫تنص املادة ‪ 23‬من إلاعالن العالمي لحقوق إلانسان على‬

‫" ‪ -1‬لكل شخص الحق في العمل وأن توفر له الحماية من البطالة‪ - 2 ،‬لكل شخص اختيار عمله‬

‫بحرية‪ -3 ،‬للعامل الحق في شروط عمل عادلة ومرضية‪ ،‬وأجر متساو دون تمييز‪ ،‬إذ أكدت املادة ‪ 23‬على‬

‫هذا املبدأ عندما نصت على أن لكل شخص الحق في العمل وفي حرية اختياره‪ ،‬وهو ما سبق أن أقره‬

‫إلاعالن الخاص بأهداف ومقاصد العمل الدولية منذ ‪ 1122‬في البند "أ" من املبدأ التأني الذي نص على‬

‫أن لجميع البشر أيا كان عرقهم أو معتقدهم أو جنسهم‪ ،‬الحق في العمل من أجل رفاهيتهم املادية‬

‫وتقدمهم الروحي في ظروف قوامها الحرية والكرامة والاستقرار الاقتصادي وتكافؤ الفرص" ‪.11‬‬

‫ب‪ -‬حق املرأة في العمل في العهدين الدوليين لحقوق إلانسان املدنية والسياسية والاقتصادية‬

‫والاجتماعية والثقافية‪:‬‬

‫نجد أن اتفاقية العهدين‪ 12‬تنص في الفصل الثالث على أن الدول ألاطراف "تلتزم بضمان الحق‬

‫املتماثل للرجال والنساء في التمتع بكافة الحقوق" الواردة في العهدين‪ .‬وقد ركز العهد الدولي املتعلق‬

‫بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في فصوله من ‪ 2‬إلى ‪ 12‬على‪" :‬الحق في العمل"‪ ،‬أي حق كل‬

‫فرد في الحصول على إمكانية كسب قوته عن طريق عمل يختاره بحرية أو يقبله‪ ،‬وكذا حق كل شخص‬

‫في التمتع بظروف عمل عادلة ومناسبة‪ ،‬أي ألاجر العادل‪ ،‬وألاجر املساوي للعمل املنجز‪ ،‬وخاصة النساء‬

‫‪- 10‬حقوق العمال‪ ...‬حقوق إلانسان‪ ،‬نشرة شهرية تهتم بشؤون العمال‪ ،‬العدد السادس‪ ،2112 ،‬فلسطين‪ ،‬ص ‪.2‬‬
‫‪ - 11‬خديجة بوعود‪ :‬منع التمييز بين الجنسين على ضوء مدونة الشغل‪-‬دراسة مقارنة‪-‬بحث لنيل دبلوم املاستر القانون املدني وألاعمال‪،‬‬
‫جامعة عبد املالك السعدي‪ ،‬كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2112-2112‬ص ‪.32‬‬
‫‪ - 12‬اتفاقية العهد الدولي املتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية‪ ،‬واتفاقية العهد الدولي املتعلقة بالحقوق املدنية والسياس ي‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫اللواتي يلزم أن تضمن لهن ظروف عمل ال تقل عن تلك التي يستفيد منها الرجال‪ ،‬وأن يتلقين نفس‬

‫ألاجر عن نفس العمل‪ ،‬والعيش الالئق‪ ،‬والصحة والسالم‪ ،‬وفرص الترقية املتساوية والراحة والترفيه‪.13‬‬

‫أما العهد الدولي للحقوق املدنية والسياسية فقد ركز بصفة خاصة على حقوق املرأة في املادتين‬

‫‪ 2‬و‪ ،3‬التي نصت على عدم التمييز واملساواة بين الذكور وإلاناث في التمتع بجميع الحقوق املنصوص‬

‫عليها في العهد بما فيها الحق في العمل‪ ،‬إضافة إلى املادة ‪ 22‬التي نصت على املساواة في تقد الوظائف‪.‬‬

‫ج‪ -‬حق املرأة في العمل في الاتفاقيات الدولية للقضاء على كافة أشكال التمييز ضد املرأة لعلم ‪0292‬‬

‫(السيداو)‪:‬‬

‫جاءت هذه الاتفاقية بواقع ‪ 31‬مادة لتحقيق مساواة املرأة بالرجل في كل مكان وفي جميع امليادين‬

‫السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية واملدنية‪ .14‬وقد عالجت هذه الاتفاقية حقوق املرأة في‬

‫العمل في القسم الثالث املتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية في املادة الحادية عشر‪ ،15‬داود نصت‬

‫على أنه‪:‬‬

‫" تتخذ ألاطراف جميع ما يقتض ي الحال اتخاذه من تدابير القضاء على التمييز ضد املرأة في ميدان‬

‫العمل لكي تكفل لها‪ ،‬وعلى أساس تساوي الرجل واملرأة‪ ،‬في نفس الحقوق‪ ،‬والسيما‪ :‬أ‪ -‬الحق في العمل‬

‫بوصفه حقا غير قابل للتصرف لكل البشر‪ ،‬ب ‪ -‬الحق في التمتع بنفس فرص التوظيف بما في ذلك‬

‫تطبيق معايير الاختيار نفسها في شؤون التوظيف‪ ،‬ج‪-‬الحق في اختيار املهنة والعمل ‪"...‬‬

‫‪ - 13‬جميلة لعماري‪ :‬مدخل لدراسة عقد الشغل الفردي‪ ،‬مطبعة سليكي أخوين‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،2112 ،‬ص ‪.122‬‬
‫‪ - 14‬حقوق العمال‪ ...‬حقوق الانسان‪ ،‬نشرة شهرية تهتم بشؤون العمال‪ ،‬العدد السادس‪ ،2112 ،‬فلسطين‪ ،‬ص ‪.3‬‬
‫‪ - 15‬حق املرأة في العمل في املواثيق الدولية‪ ،‬ورقة عمل بالدوحة‪ ،2112 ،‬ص ‪.11‬‬

‫‪17‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫د ‪ -‬الحق في العمل في اتفاقيات منظمة العمل الدولية‪:‬‬

‫تشكل معايير العمل الدولي أداة تستعين بها التشريعات التي تسعى إلى صياغة قانون العمل‬

‫والسياسة الاجتماعية وتطبيقهما بالتشاور مع منظمات أصحاب العمل والعمال‪ ،‬مع مراعاة املعايير‬

‫الدولية املقبولة‪ ،‬وهي تنص من بين ما تنص عليه على ظروف العمل الدنيا ومبدأ عدم التمييز في العديد‬

‫من النواحي‪ ،‬وهي عادة ما تكون مصممة لجميع العمال بصرف النظر عن الجنس وألاثنية والقدرة‬

‫الجسدية وغيرها من الصفات‪.16‬‬

‫وقد أصدرت منظمة العمل الدولية‪ ،‬باعتبارها الجهاز املخول له توحيد تسريع الشغل والسهر‬

‫على تلقي املبادئ املعلن عنها في ألاوقاف الدولية ألاخرى‪ ،‬والسعي على تكريسها في التشريعات الوطنية‪،‬‬

‫الاتفاقية رقم ‪ 111‬املتعلقة بالتمييز في الاستخدام واملهنة لسنة ‪ 1122‬التي نصت في مادتها الثانية بأنه‪:‬‬

‫" يتعهد كل عضو هذه الاتفاقية نافذة إزاءه بأن يضع ويطبق سياسة وطنية تهدف من خالل‬

‫طرائق تالئم ظروف البلد وأعراقه‪ ،‬إلى تحقيق املساواة في القرض وفي املعاملة على صعيد الاستخدام‬

‫واملهنة بغية القضاء على أي تمييز في هذا املجال"‪.17‬‬

‫واتفاقيات العمل جميعها تنص على حق العامل على الدولة التي يقيمون فيها إقامة دائمة أو‬

‫مؤقتة أن توفر لهم عمال مالئما وذا مردود مناسب‪ ،‬وحقهم في حرية التنظيم النقابي‪ ،‬وفي شروط وظروف‬

‫عمل مالئمة‪ ،‬وأن تقوم الدول ألاطراف بتوفير مخصصات البطالة والحماية الاجتماعية‪.‬‬
‫العمل‪18:‬‬ ‫وفيما يلي الاتفاقيات الدولية الخاصة بالحق في‬

‫‪ - 16‬مكتبة العمل الدولي بجنيف‪ ،‬ألفباء‪ ،‬حقوق املرأة واملساواة بين الجنسين‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،2112 ،‬ص ‪.2-2‬‬
‫‪ - 17‬خديجة بوعود‪ :‬منع التمييز بين الجنسين على ضوء مدونة الشغل –دراسة مقارنة ‪ ،-‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.32‬‬
‫‪ - 18‬حقوق العمال ‪ ...‬حقوق الانسان‪ ،‬نشرة شهرية تهتم بشؤون العمال‪ ،‬العدد السادس‪ ،2112 ،‬فلسطين‪ ،‬ص ‪.2‬‬

‫‪18‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫‪ -‬اتفاقية الحرية النقابية الدولية وحق التنظيم النقابي (رقم ‪.1122 )22‬‬

‫‪ -‬الاتفاقية الخاصة بتطبيق مبادئ الحق في التنظيم النقابي وفي املفاوضة الجماعية (رقم‪)12‬‬

‫‪.1121‬‬

‫‪ -‬الاتفاقية الخاصة بمساواة العمال والعامالت (رقم ‪.1121)111‬‬

‫‪ -‬الاتفاقية الخاصة بالتمييز في مجال الاستخدام واملهنة (رقم ‪.1122 )111‬‬

‫‪ -‬الاتفاقية الخاصة بسياسة العمالة (رقم ‪.1122 )122‬‬

‫‪ -‬الاتفاقية الخاصة بسياسة العمالة (رقم ‪.1121)122‬‬

‫‪ -‬الاتفاقية بشأن النهوض بالعمالة والحماية من البطالة‪.‬‬

‫وفي نفس إلاطار‪ ،‬أصدرت منظمة العمل العربية مجموعة من الاتفاقيات املهتمة باملرأة‪ ،‬ومن‬

‫ضمنها الاتفاقية العربية (رقم ‪ )2‬لعام ‪ 1122‬بشأن املرأة العاملة التي نصت في املادة الثانية على أنه‪:‬‬

‫"يجب العمل على ضمان تكافؤ الفرص في الاستخدام بين الرجل واملرأة في كافة مجاالت العمل‬

‫عند تساوي املؤهالت والصالحيات ‪"...‬‬

‫ثانيا‪ :‬حق املرأة في العمل في القوانين الداخلية‬


‫يعتبر الحق في الشغل من الحقوق ذات الارتباط الوثيق بكرامة إلانسان‪ ،‬حيث إن عدم توفير‬

‫فرص الشغل يخلف دائما شعورا باملساس بالكرامة وإلاقصاء باعتبار الشخص املقص ي غير قادر على‬

‫إلانتاج واملساهمة في تطوير املجتمع اقتصاديا‪ ،‬لذلك كانت دائما املطالبة بالحق في الشغل وبالحرية في‬

‫اختياره من أهم ما تواجه به الحكومات من طرف مواطنيها على اختالف تكويناتهم‪ ،‬الدرجة جعلته يرتقي‬

‫‪19‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫إلى مصاف الحقوق التي تنص عليها الدساتير‪ 19‬والتشريعات الداخلية للدول بعد إلحاح املواثيق الدولية‬

‫على هذا الحق‪.‬‬

‫أ‪ -‬حق املرأة في العمل في الدستور املغربي و مدونة الشغل‪:‬‬

‫إن اململكة املغربية وفاء الختيارها في بناء دولة ديمقراطية يسودها الحق والقانون‪ ،‬تواصل مسيرتها‬

‫في إرساء دعائم مجتمع متضامن يتمتع باألمن والحرية والكرامة واملساواة‪ ،‬وتكافؤ الفرص‪ ،‬والعدالة‬

‫الاجتماعية‪ ،‬ومقومات العيش الكريم‪ ،20‬وتأسيسا على هذه القيم واملبادئ الثابتة فإن اململكة تؤكد‬

‫وتلتزم بحماية منظومتي حقوق إلانسان والقانون الدولي إلانساني‪ ،‬والنهوض بهما‪ ،‬إضافة إلى حظر‬

‫ومكافحة كل أشكال التمييز‪ ،‬يسلب الجنس أو اللون أو املعتقد أو الانتماء الاجتماعي أو اللغة أو الاعاقة‬

‫أو أي وضع شخص ي مهما كان‪ .‬ومن بين هذه الحقوق التي يكفلها الدستور‪ ،‬حق املرأة في العمل شأنها‬

‫شأن الرجل وعلى قدم املساواة‪ ،‬ويؤكد الفصل ‪ 11‬على ذلك بحيث ينص على أنه‪:‬‬

‫"يتمتع الرجل واملرأة‪ ،‬على قدم املساواة‪ ،‬بالحقوق والحريات املدنية والسياسية والاقتصادية‬

‫والاجتماعية والثقافية والبيئية‪ ،‬الواردة في هذا الباب من الدستور‪ ،‬وفي مقتضياته ألاخرى‪ ،‬وكذا في‬

‫الاتفاقيات واملواثيق الدولية‪ ،‬كما صادق عليها املغرب‪ ،‬وكل ذلك في نطاق أحكام الدستور‪ ،‬وثوابت‬

‫اململكة وقوانينها تسعى الدولة إلى تحقيق مبدأ املناصفة بين الرجال والنساء "‪.‬‬

‫إضافة إلى ذلك‪ ،‬أكد الدستور املغربي على أن الدولة تعمل مع املؤسسات العمومية والجماعات‬

‫الترابية على تعبئة كل الوسائل املتاحة لتيسير أسباب استفادة املواطنات واملواطنين على قدم املساواة‬

‫‪ - 19‬عبد اللطيف الخالفي‪ :‬الوسيط في مدونة الشغل‪ ،‬الجزء ألاول‪ :‬عالقة الشغل الفردية‪ ،‬الطبعة ألاولى ‪ ،2112‬ص ‪.222‬‬
‫‪ - 20‬دستور اململكة املغربية الجديد‪ ،2111 ،‬تصدير‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫من الشغل والدعم من طرف السلطات العمومية في البحث عن منصب شغل‪ ،‬أو في التشغيل الذاتي‪،21‬‬

‫إضافة إلى تأكيده أن السلطات العمومية تسهر خصوصا على معالجة ألاوضاع الهشة للنساء‪ ،22‬وتسهر‬

‫الدولة أيضا على ضمان تكافؤ الفرص للجميع‪ ،‬والرعاية الاجتماعية للفئات ألاقل حظا‪.23‬‬

‫وقد كان دستور ‪ 1112‬املغربي يكفل الحق في الشغل أيضا‪ ،‬حيث نص في فصله ‪ 13‬على أن‪:‬‬

‫"التربية والشغل حق للمواطنين على السواء"‪ ،‬بمعنى أن الدولة ملزمة بتمكين املواطنات واملواطنين من‬

‫الشغل باعتباره حقا يكفله الدستور بغض النظر عن الانتماء والعرق وذلك إعماال للفصل الخامس منه‬

‫الذي نص على أن جميع املغاربة سواء أمام القانون‪.24‬‬

‫إضافة إلى الاهتمام الدستوري بقضية حق املرأة في العمل‪ ،‬فإن مدونة الشغل أيضا نظمت‬

‫بدورها تشغيل النساء‪ ،‬وأقرت لهن العديد من أوجه الحماية‪ ،‬وهو ما يظهر من خالل العديد من‬

‫مقتضياتها‪ ،‬ومن بينها املادة ‪ 1‬من مدونة الشغل بسبب الجنس‪ ،‬وأكدت بصفة خاصة على حق املرأة في‬

‫إبرام عقد الشغل‪ ،‬إضافة إلى املادة ‪ 32‬التي أكدت على عدم جواز فصل ألاجراء بدون مبرر مقبول وإال‬

‫كان الفصل تعسفيا يستحق التعويض‪ ،25‬وذلك تكريسا للحق في العمل‪ ،‬إضافة إلى أن املادة ‪ 121‬نصت‬

‫على أنه ال يمكن للمشغل إنهاء عقد شغل ألاجيرة التي تبت حملها سواء أثناء الحمل أو بعد الوضع ب‬

‫‪ 12‬أسبوعا حماية الحق ألاجرة في الاستمرار في الشغل‪.‬‬

‫‪ - 21‬الفصل ‪ 31‬من دستور اململكة الجديد‪.2111 ،‬‬


‫‪ - 22‬الفصل ‪ 32‬من دستور اململكة الجديد‪.2111 ،‬‬
‫‪ - 23‬الفصل ‪ 32‬من دستور اململكة الجديد‪.2111 ،‬‬
‫‪ - 24‬مقالة إلكترونية‪https :www.maghress.com /essouuiranews/4835 :‬‬
‫‪ - 25‬عادل املشاشتي‪ :‬حماية ألاجير في مواجهة سلطات املشغل وضمانات حقوق الانسان بين الاتفاقيات الدولية ومدونة الشغل‪ ،‬بحث‬
‫لنيل دبلوم املاستر املهن القانونية والقضائية‪ ،‬جامعة عبد املالك السعدي‪ ،‬كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية‪ ،‬السنة‬
‫الجامعية ‪ ،2112/2112‬ص ‪.21‬‬

‫‪21‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫إضافة إلى ما سبق‪ ،‬فإن ديباجة القانون ‪ 22.11‬املتعلق بمدونة الشغل أقرت لكل شخص يناسب‬

‫حالته الصحية ومؤهالته ومهارته‪ ،‬كما يحق له أن يختار عمله بكل حرية وأن يمارسه في مجموع التراب‬

‫الوطني‪ .‬ومنعت أي إجراء يستهدف استقرار ألاجراء في العمل إلحدى ألاسباب التي ذكرت من بينها الحمل‬

‫وألامومة‪.‬‬

‫إال أن املالحظ في هذا الصدد أن مدونة الشغل خلت من أي إجراءات من شأنها ضمان احترام‬

‫الحماية التي كرستها املادة التاسعة‪ ،‬ما عدا الاستثناء الوحيد الذي خص به املشرع وكاالت التشغيل‬

‫الخصوصية في املادة ‪ 222‬التي تنص على‪:‬‬

‫"منع كل تمييز على أساس العرق أو اللون أو الجنس‪ ...‬من شأنه املس بمبدأ تكافؤ الفرص واملعاملة‬

‫في ميدان الشغل" حيث تخضع هذه الوكاالت املراقبة للسلطة الحكومية املكلفة بالشغل حسب املادة‬

‫‪.26222‬‬

‫ب ‪ -‬حق املرأة في العمل في القوانين املقارنة‪:‬‬

‫باستقراء مقتضيات بعض تشريعات العمل الوطنية‪ ،‬نجد أن أغلبها ذهب في اتجاه إقرار حق‬

‫املرأة في العمل‪ ،‬وإقرار مبدأ املساواة وعدم التمييز القائم على الجنس في التشغيل‪ ،‬ومن ذلك نجد قانون‬

‫الشغل الفرنس ي الذي أكدت املادة ‪ 1132-1‬منه على ضرورة استفادة جميع ألاجراء من الحقوق املرتبطة‬

‫بالشغل وامتيازاته ‪ ،27‬إضافة إلى منع التمييز القائم على الجنس سواء في التشغيل أو الحقوق املرتبطة‬

‫به‪ ،‬أما املشرع الجزائري فقد اتخذ موقفا بموجبه أقر للمرأة بحقها في العمل وأبقى على مكانتها كراعية‬

‫‪ - 26‬أنس سعدون‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.212‬‬


‫‪ - 27‬حنان أسوان‪ :‬وضعية املرأة العاملة في ظل مدونة الشغل املغربية‪ ،‬بحث لنيل دبلوم املاستر تخصص قانون ألاعمال‪ ،‬جامعة محمد‬
‫الخامس أكدال‪ ،‬كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالرباط‪ ،‬السنة الجامعية‪ ،2111/2111 ،‬ص ‪.12‬‬

‫‪22‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫ألسرة‪ ،‬وهذا التوجه نجده في عدة أحكام دستورية‪ ،‬نذكر منها ما ورد في نص املادة ‪ 21‬من دستور ‪1112‬‬

‫املعدل سنة ‪ 2112‬التي أكدت على أن كل املواطنين سواسية أمام القانون‪ ،‬أما املادة ‪ 31‬فقد نصت على‬

‫أن مؤسسات الدولة تستهدف ضمان املساواة بين املواطنين واملواطنات في الحقوق‪ ،‬وإزالة العقبات التي‬

‫تحول دون مشاركة الجميع في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية‪ ،‬أما املادة ‪ 22‬من‬

‫نفس الدستور فكانت صريحة بتكريس الحق في العمل لكل املواطنين واملواطنات مع ضمان القانون‬

‫الحماية الالزمة أثناء العمل ‪ .28‬أما قانون العمل اليمني فقد نص على أن العمل حق طبيعي لكل مواطن‬

‫وواجب على كل قادر عليه‪ ،‬بشروط وفرص وضمانات وحقوق متكافئة دون تمييز بسبب الجنس (املادة‬

‫‪ 2‬من قانون العمل اليمني رقم ‪ 2‬لسنة ‪ 1112‬واملعدل بقانون رقم ‪ 22‬سنة ‪.29)2113‬‬

‫وقد كرس املشرع الليبي أيضا املساواة بين الرجل واملرأة في الحق في العمل‪ ،‬حيث إن املادة ‪ 2‬من‬

‫قانون العمل الليبي لسنة ‪ 2111‬نصت على محاربة التمييز في العمل بكافة أشكاله سواء تعلق ألامر‬

‫بالجنس أو اللون أو الدين‪...‬ورتب غرامات مالية على من يخالف هذه النصوص طبقا للمادة ‪ 121‬منه‪.30‬‬

‫إضافة إلى ذلك‪ ،‬فإن قانون العمل الفلسطيني رقم (‪ )2‬لسنة ‪ 2111‬أكد على أن العمل حق‬

‫للمرأة على قدم املساواة مع الرجل‪ ،‬وأكد على حظر التمييز في ظروف التشغيل وشروط العمل‪.31‬‬

‫أما فيما يتعلق بالنمسا‪ ،‬فإن الدستور الفيدرالي أرس ى مجموعة من الحقوق ألاساسية‪ ،‬ومن بين‬

‫هذه الحقوق‪:‬‬

‫‪ - 28‬الحماية القانونية للمرأة العاملة في قانون العمل الجزائري‪ ،‬ورقة بحثية‪ ،‬امللتقى الدولي حول املركز القانوني والسياس ي للمرأة في‬
‫التشريعات املغاربية في ظل التعديالت املستحدثة‪ ،‬جامعة محمد الصديق بن يحيى‪ ،‬جيجل‪ ،‬ص ‪.2-3‬‬
‫‪ - 29‬حنان أسوان‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.13‬‬
‫‪ - 30‬الحماية القانونية للمرأة العاملة على ضوء قانون العمل الليبي‪ ،‬مقالة إلكترونية‪.2112 ،‬‬
‫‪ - 31‬حقوق املرأة العاملة في فلسطين‪ ،‬دليل إرشادي من طرف اللجنة الوطنية لتشغيل النساء ومنظمة العمل الدولية‪ ،2112 ،‬ص ‪.2‬‬

‫‪23‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫‪ -‬الحق في املساواة في املعاملة بين الرجل واملرأة‪ :‬يتساوى كل من الرجل واملرأة في الحقوق والواجبات في‬

‫جمهورية النمسا‪ ،‬كما أنهما يتساويان في حقوقهما القانونية‪ ،‬فيجوز للمرأة السعي للعمل دون موافقة‬

‫زوجها‪.32‬‬

‫‪ -‬حق الفرد في اختيار مهنته (وفقا للمادة ‪ 12‬من دستور الدولة)‪.‬‬

‫يتضح من خالل استقرار هذه القوانين‪ ،‬أنه بالرغم من الجهود املبذولة من طرف الدول العربية‬

‫املحاولة النهوض بأوضاع املرأة العاملة وتعزيز مكانتها في سوق العمل‪ ،‬من خالل مجموعة من املقتضيات‬

‫التي تضمن لها الحق في العمل‪ ،‬إال أن هذه الجهود لم تجد الصدى املالئم‪ ،‬ويرجع ذلك حسب بعض‬

‫الفقهاء القانونيين إلى عدم وعي املرأة بحقوقها‪ ،‬إضافة إلى وجود قصور في تطبيق هذه القوانين‪.33‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬حماية حقوق املرأة الشخصية‬


‫يتمتع إلانسان بمجموعة من الحقوق‪ ،‬منها الحقوق السياسية واملدنية‪ ،‬والحقوق املالية والحقوق‬

‫الشخصية‪ ،‬إضافة إلى مجموعة من الحقوق التي يتمتع بها الفرد والتي ال تقع تحت الحصر‪ .34‬فالحقوق‬

‫الشخصية هي الحقوق الوثيقة الصلة بشخصية إلانسان‪ ،‬ويردها الفقهاء إلى ثالثة فروع‪ ،‬فرع أول‬

‫يعكس شخصية إلانسان من حيث مقوماتها املادية مثل الحق في الحياة‪ ،‬والحق في السالمة البدنية‪،‬‬

‫وفرع ثان يعكس شخصية إلانسان من حيث مقوماتها املعنوية التي ترتبط ارتباطا مباشرا بكرامة‬

‫‪ - 32‬املعيشة في النمسا والعمل بها‪ ،‬إدارة التوظيف العام بالنمسا‪ ،2112 ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪ - 33‬عبد إلاله الخنوس‪ :‬الفئات املحمية في قانون الشغل‪-‬النساء وألاحداث نموذجا‪ ،-‬بحث لنيل دبلوم املاستر القانون املدني وألاعمال‪،‬‬
‫جامعة عبد املالك السعدي‪ ،‬كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة‪ ،‬السنة الجامعية‪ ،2112-2111 ،‬ص ‪.21‬‬
‫‪ - 34‬حنان أسوان‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.21‬‬

‫‪24‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫إلانسان‪ ،‬ومعتقداته و‪ ،..‬أما الفرع الثالث فيدخل في نشاط هذه الشخصية ذاتها‪ ،‬وما يستلزمها من‬

‫حماية قانونية مثل حرية التفكير وحرية الزواج‪.35‬‬

‫والحقوق التي تهمنا في هذا املجال هي الحقوق الشخصية املتصلة بعالقات الشغل‪ ،‬وبالخصوص‬

‫تلك التي تتعلق بشخص ألاجيرة‪ .36‬ونظرا لكون حقوق الشخصية التي يقع املساس بها في مجال الشغل‬

‫ال تقع تحت الحصر‪ ،‬فقد اكتفينا بأهمها فقط‪ ،‬وسنحاول التطرق إلى حقوق الشخصية لألجيرة‪ ،‬حقوق‬

‫الشخصية في عقد الشغل (الحق في الزواج والحق في اختيار املظهر)‪ ،‬ثم حقوق الشخصية عند مزاولة‬

‫العمل (الحق في السالمة البدنية والحق في احترام الحياة الخاصة)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬حق ألاجرة في الزواج واختيار املظهر‬


‫تتجلى مظاهر حماية الحقوق الشخصية في مدونة الشغل من خالل العديد من املقتضيات أهمها‬

‫ضمان حق ألاجيرة في الزواج واختيار املظهر‪.‬‬

‫أ‪ -‬حق ألاجيرة في الزواج ‪:‬‬

‫للزواج أهمية كبيرة وعظيمة في حياة ألافراد وألامم والشعوب‪ ،‬ولعل ألاهمية التي تكتسيها مؤسسة‬

‫الزواج هي التي دفعت معظم الاتفاقيات الدولية التي تعنى بحقوق إلانسان إلى التأكيد على حماية حق‬

‫كل إنسان فيه‪ 37‬فقد نصت املادة ‪ 12‬من إلاعالن العالمي لحقوق إلانسان الصادر في ‪ 11‬دجنبر ‪1122‬‬

‫في فقوتها ألاولى على أنه‪:‬‬

‫‪ - 35‬محمد بنحساين‪ :‬حماية حقوق الشخصية في قانون الشغل وفق آخر املستجدات القانونية‪ ،‬مطبعة تطوان‪ ،2112 ،‬ص ‪.2-2‬‬
‫‪ - 36‬حنان أسوان‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.21‬‬
‫‪ - 37‬محمد بنحساين‪ :‬حماية حقوق الشخصية في عالقات الشغل باملغرب‪ ،‬سلسلة دراسات قانونية (‪ ،)1‬مطبعة طوب بريس‪ ،‬الطبعة‬
‫ألاولى‪ ،2112 ،‬ص ‪.22‬‬

‫‪25‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫" للرجل واملرأة متى بلغا سن الزواج حق التزوج وتأسيس أسرة دون أي قيد بسبب العرق أو‬

‫الجنس أو الدين ‪ ،"...‬وهو ما أكدته املادة ‪ 23‬من العهد الدولي املتعلق بالحقوق املدنية والسياسية التي‬

‫أقرت حق الرجال والنساء الذين في سن الزواج بتكوين أسرة‪ .‬وفي نفس الصدد‪ ،‬نصت اتفاقية القضاء‬

‫على جميع أشكال التمييز ضد املرأة في مادتها ‪ 11‬على أنه‪:‬‬

‫" توخيا ملنع التمييز ضد املرأة بسبب الزواج ‪...‬تتخذ الدول ألاطراف التدابير املناسبة‪ :‬لحظر‬

‫الفصل من الخدمة‪ ،‬والتمييز في الفصل من العمل على أساس الحالة الزوجية "‪ .38‬ولكن رغم ألاهمية‬

‫التي يكتسيها الحق في الزواج في املجتمع إلانساني‪ ،‬إال أن حق كل إنسان في الانضمام إليه فقد يعرض‬

‫لالنتهاكات وعدم الاحترام‪ ،‬إذ أن شرط عدم الزواج أصبح من بين الشروط املفروضة على بعض ألاجيرات‬

‫بمناسبة إبرامها لعقد الشغل‪ ،‬ومخالفة هذا الشرط بعد سيبا لفسخ عقد الشغل من طرف بعض‬

‫املؤسسات املشغلة مما يكرس التمييز وعدم املساواة بسبب الحالة عند انتهاء عقد الشغل‪.39‬‬

‫هذا الهاجس كان حاضرا بقوة لدى املشرع املغربي الذي سعى جاهدا إلى جعل الحق في الزواج‬

‫مضمونا ومحميا لكل فرد طبقا ملا تنص عليه الاتفاقيات الدولية واملبادئ إلانسانية‪ ،‬وهكذا نصت مدونة‬

‫الشغل صراحة على منع أي تمييز قائم على أساس الحالة الزوجية‪ ،‬وذلك من خالل املادة ‪ 1‬في فقرتها‬

‫الثانية‪ ،‬وجعلت مخالفة أحكام هذه املادة سببا موجيا للتعرض للعقوبة‪ ،‬حيث نصت املادة ‪ 12‬من‬

‫مدونة الشغل‪" :‬يعاقب املشغل عن مخالفة أحكام املادة ‪ 1‬أعاله بغرامة من ‪ 12111‬إلى ‪ 31111‬درهم‪.‬‬

‫وفي العود تضاعف الغرامة املذكورة أعاله‪.‬‬

‫‪ - 38‬أنس سعدون‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.212-212‬‬


‫‪ - 39‬خديجة بوعود‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.22‬‬

‫‪26‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫و ق‪.‬ل‪.‬ع كان السباق إلى ضمان حق ألاجيرة في الزواج‪ ،‬من خالل الفصل ‪ ،111‬حيث حدد الشرط‬

‫الذي يمنع من مباشرة الحقوق والرخص الثابتة لكل إنسان‪ ،‬كحق إلانسان في أن يتزوج يكون جزاؤه‬

‫البطالن‪.‬‬

‫إضافة إلى أن ما يؤكد هذا الحق هو إلغاء الفصل ‪ 222‬من قلع والذي كان يمس بأهلية املرأة‬

‫املتزوجة في إبرام عقد الشغل‪ ،‬ويشكل تبعا لذلك خرقا خطيرا ملبدأ املساواة‪ .40‬وبالرجوع إلى الفصل‬

‫امللغى‪ ،‬نجد أن املشرع في هذا الفصل كان يؤكد أنه ليس للمرأة املتزوجة أن تؤجر خدماتها للرضاعة أو‬

‫غيرها إال بإذن زوجها‪ ،‬وللزوج الحق في فسخ إلاجارة التي تعقدها الزوجة بدون إقراره‪.41‬‬

‫وقد سار القضاء املغربي في اتجاه تكريس حماية الحق في الزواج‪ ،‬وكانت له السلطة في ميالد‬

‫املبدأ القانوني املتعلق بعدم التمييز بسبب الحالة الزوجية ‪ 42‬وأبرز قضية عرضت على القضاء املغربي‬

‫والتي جسدت موقفه بوضوح في القرار الصادر عن املجلس ألاعلى بتاريخ ‪ ،1123/12/21‬في قضية ألاجيرة‬

‫التي ارتبطت بعقد شغل كمضيفة جوية مع الخطوط الوطنية امللكية‪ ،‬وكانت الشركة تمنع املضيفات‬

‫من الزواج كشرط لتشغيلهن‪ ،‬ويعتبر الزواج بمثابة استقالة بمقتض ى القرار رقم ‪ 22‬الصادر بتاريخ‬

‫‪ 1122/11/21‬عن إلادارة العامة للشركة‪ ،‬و عند تزوج هذه املضيفة تم فصلها عن العمل‪.‬‬

‫وقد اعتبر املجلس ألاعلى أن الشرط يلحقه البطالن دون العقد‪ ،‬حيث جاء في قراره‪ " :‬لئن كان‬

‫الفصل ‪ 111‬من قانون الالتزامات والعقود ينص على بطالن الالتزام املقترن بشرط من شأنه أن يمنع أو‬

‫يحد من مباشرة الحقوق والرخص الثابتة لكل إنسان كحقه في أن يتزوج وحقه في أن يباشر حقوقه‬

‫‪ - 40‬غزالن التاقي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.31‬‬


‫‪ - 41‬عبد هللا العلوي‪ :‬املرأة في قانون الشغل املغربي‪ ،‬مجلة املحامي‪ ،‬العدد ‪ ،32‬ص ‪.11‬‬
‫‪ - 42‬محمد سعيد بناني‪ :‬قانون الشغل باملغرب في ضوء مدونة الشغل‪ ،‬عالقات الشغل الفردية‪ ،‬طبعة ‪ ،2112‬ص ‪.122‬‬

‫‪27‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫املدنية‪ ،‬فإن هذا الشرط يكون باطال وال يؤدي إلى بطالن الالتزام الذي يعلق عليه إذا كان من شأنه‬

‫الانتقاص من حقوق ألاجيرة‪ .‬لذلك فإن املحكمة كانت على صواب عندما اعتبرت أن شرط عدم الزواج‬

‫الذي التزمت به املطلوبة في النقض يعتبر باطال ويبقى العقد صحيحا ورتبت على ذلك أثار الفسخ‬

‫التعسفي لعقد العمل الصادر بإرادة منفردة من جانب الطاعنة‪ ،‬وكان بذلك قرارها معلال تعليال كافيا‬

‫وصحيحا ولم تخرق الفصول املحتج بها مما تكون معه الوسيلة غير مرتكزة على أساس"‪.43‬‬

‫وهكذا يالحظ أن املجلس ألاعلى وإن كان قد أشار في قراره إلى الفصل ‪ 111‬من ق‪.‬ل‪.‬ع‪ ،‬فهو لم‬

‫يعتمد عليه منفردا لتقرير صحة عقد الشغل خالفا ملا اعتقده البعض الذي اعتبر قرار املجلس ألاعلى‬

‫يشكل تطبيقا ملبدأ قانوني نص عليه املشرع املغربي في الفصل ‪ 111‬من ق‪.‬ل‪.‬ع‪ ،‬ذلك أن من شأن اعتماد‬

‫هذا الفصل بالصياغة التي ورد بها أن يحرم ألاجرة من أي تعويض لكونه يجعل الشرط الباطل يؤدي‬

‫تلقائيا إلى بطالن الالتزام املعلق عليه‪ ،‬وإنما عمد املجلس ألاعلى إلى تفسير نص الفصل ‪ 111‬بما يتناسب‬

‫مع مفهوم النظام العام الاجتماعي‪ ،‬وذلك حينما أشار إلى أن بطالن الشرط ال يؤدي إلى بطالن الالتزام‬

‫إذا كان من شأنه الانتقاص من حقوق ألاجير‪ .‬وفي هذا إلاطار ذهبت محكمة النقض الفرنسية في إحدى‬

‫قراراتها إلى ما إلى "وحيث أن مخالفة القواعد القانونية املقررة ملصلحة ألاجراء ال يترتب عليها البطالن‬

‫إال إذا مسك بمصلحة هؤالء (‪ )...‬فإنه ال يقبل من املؤجر أن ينير بطالنا لم يتقرر إال لحماية ألاجير‪ ،‬وبقدر‬

‫ما يمس حقوق هذا ألاخير"‪.44‬‬

‫‪ - 43‬قرار رقم ‪ 1311‬صادر بتاريخ ‪ 23-12-21‬في امللف الاجتماعي عدد ‪ ،1322‬منشور بمجلة القضاء والقانون عدد ‪ ،132‬ص ‪.132‬‬
‫‪ - 44‬محمد بنحساين‪ :‬حماية حقوق الشخصية في قانون الشغل وفق آخر املستجدات‪ ،‬مطبعة تطوان‪ ،2112 ،‬ص ‪.31‬‬

‫‪28‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫وفي نفس املنحى سار القضاء الفرنس ي الذي اعتبر من خالل قراره الشهير الصادر في ‪ 3‬أبريل ‪1123‬‬

‫عن محكمة الاستئناف بباريس أن شرط العزوبة اعتداء على حق من الحقوق الشخصية لإلنسان ومن‬

‫ثم يعير باطال بطالنا مطلقا‪ ،‬وأن كل إنهاء بسبب زواج العاملة إنهاء تعسفي‪.45‬‬

‫وبذلك يكون مشرع مدونة الشغل منسجما والاتفاقيات الدولية التي صادق عليها‪ ،‬ومتبنيا‬

‫التوجهات القضاء املغربي في تكريس الحقوق ألاساسية التي ال يمكن املس بها تحت ذريعة العقد شريعة‬

‫املتعاقدين‪.46‬‬

‫ب‪ -‬حق ألاجيرة في اختيار املظهر‪:‬‬

‫لقد سعت منظمة العمل الدولية جاهدة من خالل مجموعة من الاتفاقيات الدولية إلى إيالء املرأة‬

‫حماية خاصة عن طريق وضع إطار دولي شمولي هدفه ألاساس ي الحفاظ على خصوصية املرأة مع ضمان‬

‫تمتعها بمجموعة من الحقوق‪ ،47‬ومن أبرزها الحق في اختيار املظهر بما ال يتعارض مع حقها في العمل‪.‬‬

‫فكثيرا ما تعاني ألاجيرة من التمييز القائم على أساس املظهر‪ ،‬إذ يعمد املشغل إلى محاولة فصلها‬

‫عن العمل‪ ،‬أو نقلها من منصب إلى آخر أدني منه دون موافقتها مما يمس بمعنوياتها حتى وإن ظلت‬

‫محتفظة بنفس الامتيازات املادية‪ ،‬وقد اعتبر القضاء املغربي سواء قبل صدور مدونة الشغل أو بعد‬

‫‪ - 45‬أشار إليه محمد الكشبور‪ :‬عناصر عقد الشغل في التشريع الاجتماعي املغربي‪ ،‬ص ‪.122‬‬
‫‪ - 46‬عبد الواحد موالدة‪ :‬حماية ألاجيرة في ضوء الاتفاقيات الدولية ومدونة الشغل‪ ،‬بحث نهاية التمرين باملعهد العالي للقضاء‪ ،‬موسم‬
‫التكوين ‪ ،2111/2112‬ص ‪.12‬‬
‫‪ - 47‬عادل املشاشتي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ - .32‬أنس سعدون‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ،121‬أنظر لهذا الخصوص‪ :‬قرار املجلس ألاعلى (الغرفة‬
‫الاجتماعية رقم ‪ 2222‬بتاريخ‪ 1112\11\22 :‬في امللف رقم ‪ 222‬غ‪.‬م)‬

‫‪29‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫صدورها أن إقدام املشغل على نقل ألاجير من منصب إلى أخر بدون موافقته يعتبر بمثابة طرد غير مباشر‬

‫يلصف بطابع التعسف‪ ،‬مما يجعل ألاجير محقا في طلب تعويض عنه‪.48‬‬

‫وبتفحص مدونة الشغل املغربية‪ ،‬ال نجدها تنص على حماية هذا الحق‪ ،‬عكس التشريع املقارن‬

‫خاصية املشرع الفرنس ي الذي كرس هذه الحماية بمقتض ى املادة ‪ 121 -2‬من قانون الشغل الفرنس ي‬

‫التي تنص على عدم تقييد الحقوق الشخصية والحريات الفردية والجماعية لألجير دون أن تكون هذه‬

‫القيود مبررة بطبيعة العمل املطلوب إنجازه‪.‬‬

‫ويالحظ أن القضاء املغربي حاول تدارك هذا النقص التشريعي وأقر بحق ألاجيرة في اختيار مظهرها‬

‫وذلك من خالل قرار يتعلق بمضيفة جوية تعرضت للطرد من طرف الشركة املشغلة بعد ارتدائها‬

‫الحجاب ‪ ،‬فاستصدرت حكما ابتدائيا أيدته أيضا محكمة الاستئناف بالدار البيضاء التي قضت برفع‬

‫مبلغ التعويض الذي تستحقه ألاخيرة عن الفصل التعسفي إلى ‪ 121111‬درهم بعدما تبيت للمحكمة‬

‫من خالل جلسة البحث أن سبب عدم إدراجها في الرحالت الجوية السنة ‪ 2111‬هو ارتداؤها للحجاب‪،‬‬

‫وقد تم تأييد هذا القرار الاستئنافي من طرف محكمة النقض‪ ،‬وجاء في حيثيات هذا القرار‪:‬‬

‫"حيث تطرق العارض بشكل دقيق إلى املعايير املنصوص عليها في الفصل ‪ 222‬من ق‪.‬ل‪.‬ع التبيان‬

‫مدى جسامة الضرر الذي لحقها من جراء الفصل‪ ،‬وأكدت أن التعويض ينبغي أن يكون مناسبا للضرر‬

‫وأن يراعى نية املطلوب في النقض ألاضرار بالعارضة ألنها ارتدت الحجاب ومدى التعسف في إنهاء عقد‬

‫‪ - 48‬قرار املجلس ألاعلى (الغرفة الاجتماعية رقم ‪ 121‬بتاريخ ‪ 2112\13\22‬في امللف رقم ‪ 2111\2\1121‬غ‪.‬م)‬

‫‪30‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫العمل ‪ ...‬يكون القرار املطعون فيه صادرا عن النحو املذكور قد قدر الوقائع تقديرا سليما ومطابقا‬

‫للقانون وتبقى الوسيلة املستدل بها على غير أساس" ‪.49‬‬

‫وفي قرار أخر صادر عن املجلس ألاعلى بتاريخ ‪ 1‬دجنبر ‪ 2111‬ملف عدد ‪ 2111/2/211‬في قضية‬

‫املختبرات الصيدلية ضد السيدة أمينة‪ ،‬قض ى املجلس ألاعلى أن استعمال املرأة ألاجيرة ل"سترة الرأس"‬

‫التي التزمت بها كطريقة خاصة في لباسها إلى جانب قبعة العمل التي تقتضيها ظروف الاشتغال ال يعد‬

‫إخالال من ألاجرة بنظام العمل ومطالبة املشغل لها بإزالة الحجاب من فوق رأسها يشكل مساسا بحق‬

‫شخص ي‪ ،‬ومغادرة ألاجيرة لعملها بسبب رفضها إزالة "الحجاب" من فوق رأسها يعد طردا مقنعا من‬

‫العمل تتحمل مسؤوليته الشركة املشغلة‪.50‬‬

‫إذن ال شك أن القضاء تدخل إلقرار هذا الحق بالنسبة لجميع ألاجيرات ما دام أن اختيار املظهر‬

‫ال يؤثر على املردودية أو إلانجاح‪ ،‬واعتبر في الوقت ذاته أن كل فصل عن العمل تتعرض له ألاجيرة بسبب‬

‫مظهر معين وعدم احترامها لهذا املظهر يعتبر فصال تعسفيا‪ ،‬ويترتب عنه استحقاقها للتعويض في إطار‬

‫املسؤولية التقصيرية للمشغل‪.51‬‬

‫ثانيا‪ :‬حق ألاجيرة في السالمة البدنية واحترام حياتها الخاصة‬


‫قد يستغل املشغل سلطاته في تسيير مؤسسته‪ ،‬وواجب ألاجيرة في تنفيذ تعليماته ليفرض عليها‬

‫أوامر قد تمس بحقوقها الشخصية‪ ،‬فكان من الضروري توفير الحماية الالزمة لصيانة هذه الحقوق أثناء‬

‫‪ - 49‬أنس سعدون‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.221‬‬


‫‪ - 50‬إدريس فجر‪ :‬القضاء والسلطة السياسية‪ ،‬أي دور للقضاء في حماية ألاجيرة املتحجبة‪ ،‬الطبعة الاولى‪ ،2112 ،‬ص ‪.221‬‬
‫‪ - 51‬إدريس فجر‪ :‬القضاء في حماية الحريات ألاساسية لألجيرة‪ ،‬املرأة املحتجبة نموذجا‪ ،‬مقال منشور بمنبر الدراسات والتعليق على ألاحكام‬
‫القضائية‪ ،‬العدد ‪ ،2‬ص ‪.221‬‬

‫‪31‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫مزاولة العمل‪ ،‬ونظرا لكثرة هذه الحقوق ستقتصر على أكثرها إثارة في عالقة العمل‪ ،‬ويتعلق ألامر بحق‬

‫ألاخيرة في السالمة البدنية‪ ،‬ثم حقها في احترام حياتها الخاصة‪.‬‬

‫أ‪ -‬حق ألاجيرة في السالمة البدنية‪:‬‬

‫تعتبر السالمة البدنية ركنا أساسيا لحياة كل فرد وقدرته على العمل والكسب‪ ،‬ألامر الذي جعلها‬

‫تحظى باهتمام منظمة العمل الدولية التي أصدرت في هذا الصدد سنة ‪ 1121‬اتفاقية تحمل رقم ‪122‬‬

‫تتعلق بالسالمة والصحة املهنيين وبيئة العمل‪ ،‬حيث نص في مادتها ‪ 13‬على أنه‪ " :‬تكفل الحماية للعامل‬

‫الذي ينسحب من موقع عمل يعقد لسيب معقول أنه يشكل تهديدا وشيكا وخطيرا لحياته أو صحته‪،‬‬

‫مما قد يرتبه انسحابه من عواقب وفقا لألوضاع واملمارسات الوطنية"‪.52‬‬

‫وعند الحديث عن الحق في الصحة بالنسبة لألجير فإن ذلك يشمل السالمة البدنية لألجير وكذا‬

‫ضمان توفير الظروف الصحية لألجير وكذلك حالة إصابته بمرض غير منهي أو بحادثة غير حادثة شغل‪.53‬‬

‫وبعد توفير نظافة بيئة الشغل من أهم الالتزامات التي تقع على املشغل ‪ ،54‬وذلك ملا قد تسببه‬

‫البيئة غير النظيفة من أمراض مهنية أو ذات صبغة مهنية يمكن أتتهدد صحة ألاجراء وخاصة النساء‬

‫منهم‪ ،‬لذلك أوجب املشرع على املشغل في املادة ‪ 221‬من مدونة الشغل أن يسهر على نظافة أماكن‬

‫الشغل‪ ،‬وبتوفير ظروف وشروط الوقاية الصحية ومتطلبات السالمة الالزمة للحفاظ على صحة هؤالء‬

‫‪ - 52‬محمد بنحساين‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.22‬‬


‫‪ - 53‬عادل املشاش ي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.22‬‬
‫‪ - 54‬محمد سعيد بناني‪ :‬قانون الشغل باملغرب في ضوء مدونة الشغل الفردية‪ ،‬الجزء الثالث‪ ،‬دار السالم ‪ ،‬الرباط ‪ ،‬طبعة يناير ‪،2111‬‬
‫ص ‪.231‬‬

‫‪32‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫ألاجراء بما في ذلك الوقاية من الحرائق‪ ،‬وتدفئة وإضاءة أماكن الشغل والتخفيف من الضجيج‪ 55‬كما‬

‫صدر قرار لوزير التشغيل و التكوين املنهي رقم ‪ 13.12‬يحدد التدابير التطبيقية والخاصة باملوضوع ‪،56‬‬

‫وفي هذا الصدد نصت مادته الرابعة على ضرورة وجود النظافة الدائمة في أماكن العمل وأن تنظف‬

‫ألارضية مرة واحدة في اليوم‪ ،‬وبواسطة الشفط أو طرق أخرى ال تثير الغبار‪.‬‬

‫وللوقاية من الحرائق والحيلولة دون هذا الخطر‪ ،‬وضع القرار العديد من التوجيهات الواجب‬

‫احترامها من طرف املشغل تتضمن معايير علمية تصنف املواد القابلة لالشتعال إلى مجموعات حسب‬

‫درجة قابليتها لالشتعال‪ ،‬وتوجيهات أخرى إلخماد أية بداية حريق بشكل سريع وفعال بهدف إنقاذ ألاجراء‬

‫بما في ذلك التوفر على عدد كاف من الات إطفاء الحرائق‪.‬‬

‫إضافة إلى ذلك‪ ،‬أوجبت املادة ‪ 221‬من مدونة الشغل ضرورة توفير تجهيزات صحية داخل املقاولة‬

‫والتي تساهم بدورها في التقليص من املخاطر الصحية التي قد تصيب ألاجراء عند عدم وجودها وخاصة‬

‫بالنسبة للمرأة ألاجيرة‪ ،‬وتتجسد هذه التجهيزات الصحية في مجموعة من الحاجيات ألاساسية التي تقع‬

‫على عاتق املشغل توفيرها داخل أماكن العمل وهي املاء القروب‪ ،‬ومستودعات املالبس‪ ،‬والرشاشات‬

‫كمض ي وقائي يهم نظافة ألاجراء‪ .‬ونصت املادة ‪ 21‬من قرار ‪ 13.12‬على أنه يتعين على ألاجراء تناول‬

‫الوجبات الغذائية في ألاماكن املخصصة لذلك‪ ،‬وفي ألاوقات والشروط املحددة وفقا للضوابط املنصوص‬

‫‪ - 55‬ملياء العنصري‪ :‬صحة وسالمة املرأة ألاجيرة‪ ،‬أية حماية في ظل مدونة الشغل‪ ،‬بحث لنيل دبلوم املاستر في قانون ألاعمال‪ ،‬جامعة محمد‬
‫الخامس أكدال بالرباط‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2113\2112‬ص ‪.22‬‬
‫‪ - 56‬قرار لوزير التشغيل والتكوين املنهي رقم ‪ 13.12‬الصادر في ‪ 12‬ماي ‪ 2112‬بتجديد التدابير التطبيقية العامة والخاصة املتعلقة باملبادئ‬
‫املنصوص عليها في املواد من ‪ 221‬إلى ‪ 211‬من مدونة الشغل‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪.2221‬‬

‫‪33‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫عليها في القانون الداخلي للمؤسسة‪ ،‬وما يستفاد من املادة هو أن توفير أماكن مخصصة لتناول الوجبات‬

‫الغذائية تعد من فواعد حفظ صحة ألاجراء وتقع على عاتق املشغل‪.‬‬

‫والتزامات املشغل ال تقف عند الالتزام بالحفاظ على صحة ألاجراء وألاجيرات كما ذكرنا سالفا‪،‬‬

‫وإنما تتسع لتشمل أيضا الحفاظ على سالمتهم جميعا بحيث تنص املادة ‪ 222‬من مدونة الشغل أنه‬

‫"يجب أن تكون آلاالت وأجهزة التوصيل‪ ،‬ووسائل التدفئة مجهزة بوسائل الوقاية‪ ،‬ذات فعالية معترف‬

‫بها‪ ،‬وأن توفر لها أضمن شروط ألامان املمكنة تفاديا ملا قد يترتب عن استعمالها من خطر على ألاجراء"‪.‬‬

‫إضافة إلى ذلك‪ ،‬أوجبت املادة ‪ 221‬من مدونة الشغل على املشغل في هذا إلاطار أن يلصق في‬

‫مكان مناسب من أماكن الشغل والتي اعتاد ألاجراء دخولها إعالنا سهل القراءة يحذر فيه من مخاطر‬

‫استعمال آلاالت‪ ،‬ويشير فيه إلى الاحتياطات التي يجب اتخاذها في هذا الشأن وفيما يتعلق بالحموالت‪،‬‬

‫فقد ميز املشرع بين الحموالت التي تحمل يدويا‪ ،‬ومنع من خالل الفقرة ألاخيرة من املادة ‪ 221‬تكليف أي‬

‫أجير يحملها إذا كان من شأن ذلك تعرض صحته وسالمته للخطر‪ ،‬وبين نقل الطرود التي يفوق وزنها‬

‫طنا‪ ،‬حيث أورد لها أحكاما خاصة وأفراد لها بابا مستقال وهو الباب الثاني من القسم الرابع (حفظ‬

‫صحة ألاجراء وسالمتهم)‪ .‬وبالنسبة لهذه ألاشغال فهي من اختصاصات الرجل يقوم بها نظرا العتبارات‬

‫واختالفات تكوينية وفيزيولوجية بين الرجل واملرأة من جهة‪ ،‬والعتبارات أخرى سنتها مدونة الشغل‪،‬‬

‫ويتعلق ألامر أساسا هنا باملادة ‪ 22‬التي يستفاد منها ضرورة مالءمة الشغل لصحة وسالمة ألاجراء‬

‫وألاجيرات‪ ،‬ألامر الذي يعني معه أن مثل هذه ألاشغال (الحموالت) ال يمكن أن تسند للمرأة‪ ،‬وكذلك‬

‫املادة ‪ 121‬تمنع تشغيل املرأة في ألاشغال التي تفوق طاقتها‪ 57‬ورغم هذه املقتضيات‪ ،‬فإن مدونة الشغل‬

‫‪ - 57‬ملياء العنصري‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.33-32-22-22‬‬

‫‪34‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫لم ترق بقواعد الصحة والسالمة إلى مستوى القهر والجبر الجنائي كرادع للحيلولة دون خرقها‪ ،‬وبالتالي‬

‫ما زال إعمالها كعنصر وقائي فعال غير وارد من الناحية القانونية‪ ،‬ويلقي عبارة عن قواعد ال يستغني‬

‫عنها من الناحية العملية مع غياب أية وسيلة الضمان فعاليتها حيث تتراوح العقوبات بين الغرامات‬

‫الهزيلة وإلاغالق ‪.58‬‬

‫ب ‪ -‬حق ألاجيرة في احترام حياتها الخاصة‪:‬‬

‫إن تسيير املقاولة حق للمشغل‪ ،‬يتالءم والالتزامات التي يتعهد بها تجاه الغير‪ ،‬والريح املنتظر‬

‫تحقيقه من نشاطها‪ ،‬وباملقابل‪ ،‬فإنه على ألاجزاء تنفيذ التزاماتهم تجاه املشغل‪ ،‬غير أنه قد يحصل أن‬

‫يتجاوز هذا ألاخير هذه الالتزامات الطبيعية إلى املس بالحياة الخاصة للمرأة العاملة‪ ،‬وهو ما يعد في نظر‬

‫بعض الفقهاء اعتـداءا صـارخا على تلك الحيـاة‪.59‬‬

‫وإذا كان من النادر أن نعثر على حكم أو قرار صادر عن القضاء املغربي يشير إلى الحاالت التي يتم‬

‫فيها التعدي على حياة ألاجيرات الخاصة عند مزاولة العمل املأجور‪ ،‬فإنه باملقابل نجد مثل هذه الحاالت‬

‫في العديد من أحكام القضاء الفرنس ي الذي يتوانى في حماية حق ألاجراء بصفة عامة واملرأة ألاجيرة‬

‫بصفة خاصة في احترام حياتهم الخاصة ودرء ما قد يلحقها من أذى نتيجة سلطات املؤاجر داخل‬

‫املؤسسة‪ .‬فقد اعتبر هذا القضاء أن لكل أجيرة كامل الحرية في حياتها العاطفية‪ ،‬وأن فصلها بسبب‬

‫زواجها من منافس ملشغلها يعد بمثابة فصل تعسفي‪ ،‬كما أكد القضاء الفرنس ي أن لألجير وألاجيرة كامل‬

‫الحرية في شراء املواد والسلع التي يشاؤون‪ ،‬معتبرا أن شراء سيارة من نوع غير الذي يبيعه املؤاجر ال‬

‫‪ - 58‬عبد العزيز الخمليش ي‪ :‬مدى فعالية الحماية القانونية لصحة ألاجراء داخل مؤسسة الشغل‪ ،‬بحث لنيل دبلوم املاستر في القانون املدني‬
‫وألاعمال‪ ،‬جامعة عبد املالك السعدي‪ ،‬كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2113\2112‬ص ‪.22‬‬
‫‪ - 59‬عبد الواحد موالدة‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.11-11‬‬

‫‪35‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫يعتبر سببا مبررا للفصل‪ .‬كما ال يمكن للمؤاجر تحت طائلة البطالن أن يصرح بأي فصل لسبب له عالقة‬

‫بآراء ألاجيرة والسياسية أو الدينية‪ ،‬أو لها صلة خاصة بحياتها الخاصة‪.60‬‬

‫ولكن إذا كنا ال نكاد نعلم بين أحكام القضاء الاجتماعي املغربي ملا يشير إلى حماية الحياة الخاصة‬

‫لألجير عند تعارضها مع العمل الذي يزاوله‪ ،‬فإن ذلك ال يعني أن عالقات العمل باملغرب ال تعرف مثل‬

‫هذه النزاعات‪ ،‬ذلك أن مثل هذا الفراغ ال يمكن تفسيره إال بتردد ألاجراء في طرق باب القضاء عند‬

‫املساس بحياتهم الشخصية‪ ،‬ذلك أن ألاجيرة حتى عند وعيها بحقوقها قد تتردد في الدفاع عنه خشية‬

‫فقدان العمل بعد مشقة الحصول عليه مما يمنع ألاجيرة وبصرفها عن مقاضاة املؤاجر واملطالبة بتطبيق‬

‫القانون‪.‬‬

‫ويمكن القول أن لألجيرة الحق في التمسك باحترام حياتها الخاصة عند مزاولة العمل‪ ،‬وكل توقيف‬

‫أو فصل تتعرض له إال ويجب اعتباره تعسفيا‪ ،‬لكن مع ألاخذ بعين الاعتبار عدم تضرر املؤاجر‪ ،‬فإذا‬

‫كان املبدأ هو حرية ألاجراء في حياتهم الخاصة‪ ،‬فإن ذلك ال يمنع من ورود بعض القيود على هذه الحرية‬

‫لتحقيق نوع من التوفيق بين الحماية املطلوبة لشخصية ألاجراء‪ ،‬وبين حق املشغل في عدم تضرر‬

‫مؤسسته‪ ،‬فالسير الحسن للمؤسسة يتطلب أن يعرف كل طرف حدوده‪ ،‬فكما يحق للمشغل أن يعلم‬

‫من مشروعه‪ ،‬أيضا يجب صيانة حقوق ألاجيرة الشخصية عند مزاولة العمل ‪.61‬‬

‫‪ - 60‬محمد بنحساين‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.22‬‬


‫‪ 61‬محمد بنحساين ك مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.22‬‬

‫‪36‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫املطلب الثاني‪ :‬صيانة الحقوق النفسية واملعنوية لألجيرة‬

‫يعد موضوع املرأة أحد املوضوعات ألاكثر إثارة للجدل والاهتمام في ألاوساط الثقافية والسياسية‬

‫وإلاعالمية باملغرب في العقدين ألاخيرين‪ .‬فقد اتخذت هذه املسألة محورا لعدد من الندوات وامللتقيات‬

‫الوطنية والدولية‪ ،‬وتناولتها ألاقالم ووسائل إلاعالم من زوايا متعددة‪ .‬وهذا التناول يصب أساسا على‬

‫حقوق املرأة وسبيل تحسين مركزها القانوني داخل ألاسرة واملجتمع‪.62‬‬

‫وأمام خروج املرأة لسوق الشغل‪ ،‬وما يعرفه ذلك من إكراهات وصراع بين مختلف أطراف العالقة‬

‫الشغلية‪ ،‬وخاصية إلاذعان التي يتميز بها عقد الشغل اتجاه ألاجراء بصفة عامة وألاجيرات بصفة خاصة‪،‬‬

‫كان من الضروري البحث عن وسائل لتوفير الحماية الخاصة لهن‪ ،‬للحفاظ على كرامة ألاجيرات‬

‫وإنسانيتهن انسجاما مع مبادئ حقوق إلانسان والاتفاقيات التي صادق عليها املغرب‪ ،‬وراهن على‬

‫احترامها ومراعاتها‪.63‬‬

‫ولهذا سوف نحاول التطرق للحماية املعنوية للمرأة ألاجيرة من خالل دراسة حماية حق املرأة‬

‫ألاجيرة في املساواة ومنع التمييز املمارس ضدها (الفقرة ألاولى)‪ ،‬تم حمايتها من العنف املعنوي وصيانة‬

‫حقها في الكرامة من خالل الفترة الثانية)‪.‬‬

‫‪ - 62‬جميلة املصلي‪ :‬الحركة النسائية في املغرب املعاصر اتجاهات وقضايا‪ ،‬مركز الجزيرة للدراسات‪ ،‬الدار العربية للعلوم ناشرون‪ ،‬الطبعة‬
‫الاولى‪ ،2113 ،‬ص ‪.22‬‬
‫‪ - 63‬عبد الواحد مولدة‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.2‬‬

‫‪37‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫الفقرة ألاولى‪ :‬منع التمييز ضد املرأة ألاجيرة‬


‫إن ميدان العمل ظل أحد امليادين التي عانت من خاللها النساء سواء من حيث التمييز الذي‬

‫الحقهن أو الاستغالل أو الاشتغال بأقل الضمانات‪ ،‬ألامر الذي دفع باملنتظم الدولي إلى محاولة إيجاد‬

‫حلول لهذه املشاكل كل من خالل الاتفاقيات الدولية التي صدرت في هذا إلاطار‪ ،‬والتي حاول املغرب‬

‫ترجمتها في تشريعه الوطني‪ ،‬ومن ثم حظر التمييز ضد ألاجيرة‪ ،‬واتخاذ تدابير كفيلة بحمايتها‪.64‬‬

‫أوال‪ :‬املساواة بين الجنسين في الشغل قبل إبرام عقد الشغل‬


‫عند معالجة موضوع املساواة بين الجنسين في الشغل‪ ،‬ال بد أن نتحدث عن مرحلة ما قبل إبرام‬

‫العقد‪ ،‬فحق التكوين املنهي الذي يعتبر مرحلة تمهيدية الستجماع املعارف النظرية والعملية هو حق‬

‫للرجل واملرأة على حد سواء‪ ،‬وذلك من أجل إتاحة الفرصة إلى ولوج الشغل وإدارته‪.‬‬

‫أ ‪ -‬منع التمييز في التكوين املنهي‪:‬‬

‫يقصد بالتكوين املنهي ذلك النشاط التربوي الذي من شأنه تمكين الفرد من املعلومات النظرية‬

‫وآلاليات العملية الالزمة لالنخراط في ممارسة حرفة أو صنعة أو مهنة معينة‪ ،‬كما يمكنه من تطوير‬

‫املعلومات وتكييفها مع مستجدات العصر في جوانبه الفنية والتكنولوجية وانعكاس ذلك على مستوى‬

‫املهن والحرف‪.65‬‬

‫‪ - 64‬دنيا مباركة‪ :‬قضايا مدونة الشغل بين التشريع والقضاء‪ ،‬دار املعرفة للنشر‪.21 2 ،2112 ،‬‬
‫‪ - 65‬عزيز التيجيني‪ :‬نظام التكوين املنهي باملغرب‪ ،‬مجلة عالم التربية‪ ،‬العدد ‪ ،2‬سنة ‪ ،1112‬ص ‪.121‬‬

‫‪38‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫ويلعب التكوين املنهي دورا أساسيا في نهوض املرأة بأدوارها الاجتماعية والاقتصادية‪ ،‬فهو ألاداة‬

‫التي تساعد املرأة في الحصول على فرص الشغل املناسبة وتهيئها لبلوغ أعلى املناصب في املؤسسة‬

‫املشغلة‪ ،‬كما يساهم في تحسين مردوديتها وزيادة إنتاجها‪.66‬‬

‫وهكذا فقد نصت املادة ‪ 13‬من الاتفاقية الدولية بشأن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية‬

‫والثقافية في فقرتها ألاولى على حك الدول على وجوب جعل التعليم الثانوي والفني متاحا وميسورا‬

‫للجميع بكافة الوسائل املمكنة‪.‬‬

‫وقد أكد منهاج عمل بيكين الذي انبثق عن عمل املؤتمر العالمي لسنة ‪ 1112‬أهمية التدريب املنهي‬

‫واعتبره كحق من حقوق الانسان‪ ،‬خاصة بالنسبة للمرأة‪ ،‬ألنه ألاداة التي تساعدها في اتخاذ القرارات‬

‫املناسبة في حياتها السيما فيما يتعلق بالعمل واملشاركة في شتى املجاالت املهنية‪.67‬‬

‫وقد كرست املادة ‪ 11‬من إلاعالن العالمي لحقوق الانسان نفس املبدأ حينما ألزمت الدول ألاطراف‬

‫في الاتفاقية باتخاذ جميع التدابير املتاحة ملنع التمييز ضد املرأة في ميدان التدريب املنهي‪ ،‬وقد تم تكريس‬

‫هذا املبدأ من طرف منظمة العمل الدولية بصفتها الجهاز املتخصص في توجيه تشريعات العمل وتكريس‬

‫املبادئ املعلن عنها في الشرعية الدولية والاتفاقيات ألاخرى الصادرة عن منظمة ألامم املتحدة والساهرة‬

‫على تبنيها من طرف الدول املصادقة عليها‪.‬‬

‫‪ - 66‬عمرو بنعلي‪ :‬حظر التمييز ضد املرأة في مدونة الشغل‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم املاستر‪ ،‬جامعة محمد ألاول بوجدة‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬
‫والاقتصادية والاجتماعية‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2111/2112‬ص ‪.2‬‬
‫‪ - 67‬عمرو بنعل‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.12‬‬

‫‪39‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫وانسجاما مع املقتضيات الدستورية والاتفاقيات املصادق عليها‪ ،‬عمل املغرب على ضمان املساواة‬

‫بين الجنسين في التكوين املنهي‪ ،‬وقد جاء ذلك صراحة في املادة التاسعة من مدونة الشغل‪ ،‬وبهذا يكون‬

‫املغرب قد كرس مبدأ دستوريا ووفيا اللتزاماته تجاه املنظومة الدولية‪.‬‬

‫وقد نصت الفقرة الثانية من املادة ‪ 1‬على أنه "‪ ...‬يمنع كل تمييز بين ألاجراء من حيت الساللة أو‬

‫اللون أو الجنس أو إلاعاقة أو الحالة الزوجية أو العقيدة أو الرأي السياس ي أو الانتماء النقابي أو ألاصل‬

‫الوطني أو ألاصل الاجتماعي‪ ،‬يكون من شأنه خرق أو تحريف مبدأ تكافؤ الفرص‪ ،‬أو عدم املعاملة باملثل‬

‫في مجال التشغيل أو تعاطى مهلة‪ ،‬ال سيما فيما يتعلق باالستخدام‪ ،‬وإدارة الشغل وتوزيعه والتكوين‬

‫املنهي " وذلك تحت طائلة عقوبة جنائية تتمثل في غرامة مالية يتراوح مقدارها بين ‪ 12111‬و ‪31111‬‬

‫درهم وتضاعف في حالة العود طبقا للمادة ‪ 12‬من مدونة الشغل‪.‬‬

‫وهكذا يكون املشرع املغربي قد تأثر باالتجاه الذي سطرته الاتفاقيات واملواثيق الدولية وسارت‬

‫عليه مختلف التشريعات الوطنية‪ .‬ولكن رغم ذلك تبقى املسألة من الناحية الواقعية رهينة بعملية‬

‫إثبات إلاجراء التمييزي وما يترتب عليه من ضرر ضد املرأة وما يعرفه هذا إلاثبات من صعوبة‪.68‬‬

‫وعلى العموم‪ ،‬فإنه يتعين على الجهة املوكول إليها مهمة التكوين أن تهتم باستهداف الفئة النسوية‬

‫في عملية التكوين باعتبارها الفنية املحرومة والتي غالبا ما تشتغل في أعمال جانبية إلدماجها في سوق‬

‫العمل املنتج‪.69‬‬

‫‪ - 68‬خديجة بوعود‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.31-31‬‬


‫‪ - 69‬عمرو بنعلي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.13‬‬

‫‪40‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫ب ‪ -‬حظر التمييز ضد املرأة في العمل‪:‬‬

‫رغبة منه في املالءمة مع معايير العمل الدولية والعربية‪ ،‬وتطبيقا للمبادئ الدستورية الخاصة‬

‫بحق املرأة في العمل‪ ،‬فقد حاول املشرع املغربي من خالل تشريعه الاجتماعي التأكيد على حق املرأة في‬

‫العمل وتكريس ضمانات ملساواتها مع الرجل في ذلك‪ ،‬وهكذا أصبح من حق املرأة مختلف املهن‬

‫وألاعمال‪ ،70‬فمبدأ تكافؤ الفرص واملساواة في املعاملة بين الرجل واملرأة في إبرام العقد هو مبدأ أساس ي‬

‫حرصت مختلف الدول على التنصيص عليه في صلب دساتيرها‪ ،71‬وحق املرأة في الشغل مضمون وفق‬

‫الفصل ‪ 13‬من الدستور املغربي وذلك على قدم املساواة من الرجل‪.‬‬

‫وقد كان صدور مدونة الشغل فرصة مهمة ملالءمة تشريع الشغل املغربي مع الاتفاقيات الدولية‬

‫التي صادقت عليها اململكة‪ ،‬والتي تعد املنطلق ألاساس لحماية مبدأ املساواة وتكافؤ الفرص في اللجوء‬

‫إلى العمل‪ ،‬ألن ذلك يضمن للقرد الكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية‪ .‬وفي هذا الصدد‪ ،‬نصت املادة‬

‫التاسعة في فقرتها الثانية على منع كل تمييز بين ألاجراء بسبب الساللة أو اللون أو الجنس يكون من‬

‫شأنه خرق مبدأ تكافؤ الفرص أو تحريف مبدأ املعاملة باملثل في مجال التشغيل‪ ،‬وهو ما تم تأكيده من‬

‫خالل املادة ‪ 222‬من املدونة في فقرتها الثانية التي منعت وكاالت التشغيل الخصوصية من كل تمييز على‬

‫هذا ألاساس‪.‬‬

‫‪ - 70‬ملياء السوس ي‪ :‬عمل املرأة وأبعاده الاقتصادية والاجتماعية‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا املعمقة‪ ،‬جامعة عبد املالك السعدي‪،‬‬
‫كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2111/2111‬ص ‪.21‬‬
‫‪ 71‬مريم الزغيغي‪ :‬مظاهر الحماية ألاسرية في تشريعات –دراسة مقارنة‪ -‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا املعمقة بجامعة محمد ألاول‪،‬‬
‫كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بوجدة‪ ،‬السنة الجامعية‪ ،2111/2112 ،‬ص ‪.1‬‬

‫‪41‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫وفي نفس السياق‪ ،‬اعتبر املشرع أن املعطيات املتعلقة بالعرق أو اللون أو الجنس ال تعد مبررات‬

‫مقبولة لفصل اليد العاملة النسوية‪ ،‬وذلك في إطار الحرص على حمايتهن من الفصل في حالة عدم‬

‫ارتكابهن لخطأ جسيم يبرر ذلك‪ ،‬بل واعتبر أن انهاء عقد الشغل من طرف املشغل لسبب غير مذكور في‬

‫املادة ‪ 31‬من املدونة بمكانة فصل تعسفي يستوجب التعويض‪ ،‬ويالحظ في هذا الصدد أن القضاء‬

‫املغربي لم يتردد في تطبيق هذه الحماية التشريعية للمرأة ألاجيرة‪ ،‬وهو ما يبدو من خالل مجموعة من‬

‫ألاحكام التي صدرت عن مختلف املحاكم املغربية بمختلف درجاتها املتعلقة بالطرد التعسفي‪ .‬وهكذا‬

‫اعتبرت املحكمة الابتدائية بوجدة أن املشغل وإن كان من حقه فسخ عقد الشغل في كل أن وحين‪ ،‬فإن‬

‫هذا الحق مقيد بعدم التعسف في استعماله بشكل يضر ألاجيرة‪ ،‬وإن انعدام السبب املبرر للنسخ كاف‬

‫العتباره فسخا تعسفيا (حكم املحكمة الابتدائية بوجدة‪ ،‬صادر بتاريخ ‪ ،2112/12/21‬في امللف الاجتماعي‬

‫رقم ‪ ،21/12/22‬غ‪ .‬م)‪.72‬‬

‫ثانيا‪ :‬املساواة بين الجنسين عند تنفيذ عقد الشغل‬


‫على غرار املجهودات املبذولة من طرف املنتظم الدولي لضمان املساواة وتكافؤ الفرص في الحقوق‬

‫والقائمة للشخص قبل إبرام عقد الشغل‪ ،‬تم إصدار مجموعة من الاتفاقيات ترمي كلها إلى ضمان‬

‫املساواة بين الجنسين في الحقوق املترتبة عن عقد الشغل بما فيها حق ألاجر والحق النقابي‪.‬‬

‫‪ - 72‬أنس سعدون‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.213-212‬‬

‫‪42‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫أ‪ -‬ضمان املساواة في ألاجر بين الجنسين‪:‬‬

‫إلى جانب حماية ألاجيرة عند إبرام عقد الشغل‪ ،‬والتي تطرح مجمـوعة من إلاشكاالت‪ ،73‬فإن‬

‫إعطاء الحق للمرأة في العمل إلى جانب الرجل يستوجب إعطاءها نفس الحق في الحصول على أجر عادل‬

‫يساوي أجر الرجل عندما تتساوى ظروف العمل وقيمته‪ ،‬وبالفعل فإن ألاجر املتكافئ للرجل واملرأة عن‬

‫العمل املسائل دون تمييز على أساس الجنس يعد من املبادي ألاساسية لهيئة العمل الدولية‪ ،‬وقد تقرر‬

‫ذلك ألول مرة في املادة ‪ 222‬من معاهدة فرساي التي أصبحت بعد ذلك املادة ‪ 21‬من دستور الهيئة‪،‬‬

‫كما تم تأكيد ذلك من خالل الاتفاقية رقم ‪ 111‬الخاصة باملساواة ألاجرية بين العمال والعامالت عند‬

‫تساوي قيمة العمل‪.74‬‬

‫إضافة إلى أن املادة ‪ 111‬من العقد الصادر عن املجلس ألاوروبي قد نصت على التزام كل الدول‬

‫ألاعضاء بتأمين تطبيق مبدأ املساواة في ألاجور بين العمال الذكور وإلاناث متى قاما بعمل من نفس‬

‫القيمة‪ .‬وتجدر إلاشارة إلى أن إلاعالن العالمي لحقوق إلانسان أكد على هذا الحق في الفقرة الثانية من‬

‫املادة ‪ 23‬والتي نصت على أن الجميع ألافراد‪ ،‬دون تمييز‪ ،‬الحق في أجر متساو على العمل املتساوي"‪،‬‬

‫وعلى نفس هذا النهج سارت منظمة العمل العربية حيت نصت في الاتفاقية رقم ‪ 2‬لسنة ‪ 1122‬على‬

‫منح املرأة العاملة ألاجر املائل ألجر الرجل عند العمل املماثل‪.‬‬

‫‪ - 73‬مالك عواد‪ :‬حماية حقوق ألاجيرات في قانون الشغل املغربي‪ ،‬بحث لنيل دبلوم املاستر في القانون الخاص‪ ،‬جامعة محمد الخامس‬
‫السويس ي‪ ،‬كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالرباط‪ ،2111 ،‬ص ‪.12‬‬
‫‪ - 74‬ملياء السوس ي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.22-22‬‬

‫‪43‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫وبالفعل‪ ،‬فقد تم تكريس هذا املبدأ في الدستور الفرنس ي لسنة ‪ 1122‬الذي ينص في ديباجته‬

‫على أن القانون يضمن للمرأة في جميع املجاالت حقوقا متساوية لتلك التي يتمتع بها الرجل‪ ،‬وعلى املشغل‬

‫تأمين أجر متساو عقد العمـل املتساوي القيمة بين الرجـل واملرأة‪.75‬‬

‫وسيرا على نهج ألاوقاف الدولية‪ ،‬نصت املادة ‪ 322‬من مدونة الشغل على أنه‪ " :‬كل تمييز في ألاجر‬

‫بين الجنسين‪ ،‬إذا تساوت قيمة الشغل الذي يؤديانه"‪ .‬وفي حالة عدم التقيد بأحكام هذه املادة‪ ،‬فإن‬

‫املادة ‪ 321‬في فقرتها ألاخيرة قضت بغرامة مالية تتراوح ما بين ‪ 22111‬و‪ 31111‬درهم‪ ،‬والتي تضاعف في‬

‫حالة العود‪ ،‬وبذلك يكون املشرع املغربي قد الءم تشريعه الداخلي مع معايير الاتفاقيات الدولية في هذا‬

‫املجال‪.76‬‬

‫وهكذا تكون مدونة الشغل قد تجاوزت مظاهر النقص الحمائي للمرأة من حيث ألاجر‪ ،‬والذي‬

‫كان مكرسا إلى حدود ‪.771121‬‬

‫إال أن ألاجر‪ ،‬مع كل ما سبق ذكره‪ ،‬ال يزال ينير مجموعة من التساؤالت‪ ،‬فاإلحصائيات تقدير إلى‬
‫أنه بالرغم من وجود قوانين في هذا املجال فإن مبادئ املساواة املتعلقة باألجر تبقى بدون تطبيق شامل‪78‬‬

‫فإذا كانت مظاهر التميز قد قانونا‪ ،‬فإن ذلك ال يعني أن املرأة العاملة تتمتع واقعيا بنفس الحقوق التي‬

‫يتمتع بها الرجل وعلى رأسها ألاجر املتساوي عن العمل املتكافئ‪ ،‬إذ أن الهوة ال تزال شاسعة بين املبادئ‬

‫القانونية والواقع املعاش يسبب عدم احترام القانون في بعض ألاحيان‪.‬‬

‫‪ - 75‬خديجة بوعود‪ :‬مرجع سابق‪.23 ،‬‬


‫‪ - 76‬دنيا مباركة‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.21‬‬
‫‪ - 77‬خديجة بوعود‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.23‬‬
‫‪ - 78‬القرار ألاول ملكتب العمل الدولي‪ ،‬زمن املساواة في العمل‪ ،‬الدورة ‪ ،11‬طبع ‪ ،11‬طبع في سويسرا‪ ،‬الطبعة الاولى‪ ،2113 ،‬ص ‪.21‬‬

‫‪44‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫ب ‪ -‬املساواة في الحق النقابي‪:‬‬

‫إن العمل النقابي يقوم على الدفاع عن املصالح املعنوية للمنخرطين فيه‪ ،‬ويقوم أيضا بتمثيل‬

‫املهنة والدفاع عنها أمام مختلف الجهات‪ ،‬وتحاول توفير ألامان ألعضاء النقابة من بعض مخاوف الحياة‪،‬‬

‫كما يوفر لهم الفرص لتنمية قدراتهم وأوضاعهم الاجتماعية‪.79‬‬

‫فالعمل النقابي هو حق دستوري‪ ،‬وقبل ذلك هو حق إنساني‪ ،‬إذ إنه من حق كل جماعة من‬

‫ألاجراء وألاجيرات الاتحاد من أجل الدفاع عن مصالحهم‪ ،‬وذلك في مواجهة القوة الاقتصادية‬

‫للمشغلين‪ 80‬وهذا ما جعل املشرع الفرنس ي يغير تعريف النقابات وذلك بمقتض ى قانون ‪ 22‬أكتوبر ‪،1122‬‬

‫حيث أصبح القصد الوحيد من النقابات املهنية هو الدفاع عن الحقوق وكذا املصالح املادية واملعنوية‬

‫سواء كانت جماعية أو فردية‪.‬‬

‫ولذلك فمن البديهي إذن أن يشكل الانتماء النقابي لألجراء حجر عثرة سواء عند الولوج لشغل‬

‫أو أتناء مزاولته‪ ،‬ذلك أن املؤاجر قد يعتبر املمارسة النقابية مضايقة لسلطاته أو ماسة بكيفية إنجاز‬

‫العمل‪ ،‬مما قد تدفعه التخاذ عدة تدابير ملنع الوجود النقابي داخل مقاولته‪.‬‬

‫وعلى هذا ألاساس‪ ،‬ونظرا ألهمية حماية النشاط النقابي‪ ،‬فقد أولته منظمة العمل الدولية أهمية‬

‫بالغة‪ ،‬حيث سجل ميثاق املنظمة سنة ‪ 1111‬في ديباجته التزام املجتمع الدولي على إقرار وحماية الحقوق‬

‫والحريات النقابية في إطار نشاط املنظمة‪ ،‬وبعد ذلك تم اعتماد قاعدة معيارية دولية لحماية الحرية‬

‫‪ - 79‬خديجة بوعود‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.22‬‬


‫‪ - 80‬عمرو بنعلي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.22‬‬

‫‪45‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫النقابية‪ ،‬وهو ما تم من خالل الاتفاقية رقم ‪ 22‬لسنة ‪ 1122‬في مادتها ‪ 111‬حول تحريم التمييز في‬

‫الاستخدام والعمل‪.81‬‬

‫وفي املغرب‪ ،‬فإن بوادر الاعتراف بالحرية النقابية ظهرت في دستور ‪ 1122‬والدساتير التي أعقبته‬

‫حيث اعترفت صراحة باملساواة بين الرجل واملرأة في الحقوق والواجبات‪ ،‬وبالتالي فاالنضمام للنقابة حق‬

‫دستوري لألجيرة تستفيد منه دون قيد أو شرط‪ ،‬وقد كان ظهير ‪ 12‬يوليوز املتعلق بالحق النقابي هو‬

‫السياق إلى منح املرأة الحق في الانخراط في النقابات املهنية واملساهمة في إدارتها وتسيير شؤونها‪ ،‬ألن‬

‫مساهمة املرأة في العمل النقابي تجعلها دائما تسعى إلى تحسين ألاوضاع الاجتماعية للطبقة الشغيلة‬

‫بصفة عامة وألاجيرة بصفة خاصة‪.‬‬

‫أما على مستوى مدونة الشغل‪ ،‬فقد دافع عن حرية الانضمام إلى النقابة‪ ،‬باعتباره حقا ينبغي‬

‫صيانته‪ ،82‬فتجسد مبدأ الحرية النقابية في تصدير امللونة وفي ديباجتها الذي جاء مالئما ملا هو منصوص‬

‫عليه في الدستور‪ ،‬ومالئما ملا ملبادئ حقوق إلانسان كما هي متعارف عليها دوليا‪ ،‬وكذا الاتفاقيات الصادرة‬

‫عن منظمة العمل الدولية‪.‬‬

‫إذن‪ ،‬من أجل الحفاظ على التوازن بين حقوق ألاجراء وألاجيرات من جهة واملشغلين من جهة‬

‫أخرى‪ ،‬وتأمين الدفاع عن هذه الحقوق بما يكفله القانون من وسائل‪ ،‬وتالفي أي تمييز مستوى التشغيل‪،‬‬

‫حظرت مدونة الشغل صراحة‪:83‬‬

‫‪ - 81‬حنان أسوان‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.12‬‬


‫‪ - 82‬محمد سعيد بناني‪ :‬قانون الشغل باملغرب في ضوء مدونة الشغل‪ ،‬عالقات الشغل الفردية‪ ،‬ج‪ .‬الاول‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار‬
‫البيضاء‪ ،‬الطبعة الاولى‪ ،2112 ،‬ص ‪.333‬‬
‫‪ - 83‬يحيى الصافي‪ :‬ألاجراء واملشغلون‪ ،‬الحقوق والالتزامات املتباينة‪ ،‬مطبعة ربانيت ماروك‪ ،2112 ،‬ص ‪.22‬‬

‫‪46‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫املساس بالحريات والحقوق املتعلقة باملمارسة النقابية داخل املقاولة وفق القوانين وألانظمة‬ ‫‪‬‬

‫الجاري بها العمل‪.‬‬

‫التمييز بين ألاجراء من حيت الساللة أو اللون أو الجنس أو إلاعاقة أو الحالة الزوجية أو العقيدة‬ ‫‪‬‬

‫أو الرأي السياس ي أو الانتماء النقابي ‪ ...‬كلما كان من شأن ذلك خرق وتحريف مبدأ تكافؤ الفرص‪.‬‬

‫وقد أكد املشرع وحرص على تكريس حق املرأة في إبرام عقد الشغل وحقها في الانضمام إلى نقابة‬

‫مهنية‪ ،‬واملشاركة في إدارتها وتسييرها سواء كانت متزوجة أو غير متزوجة والحترام هذه املقتضيات والعمل‬

‫بها‪ ،‬نص القانون على تطبيق جزاءات زجرية من أهمها‪:‬‬

‫‪ -‬معاقبة املشغل بغرامة من ‪ 12.111‬إلى ‪ 31.111‬درهم‪ ،‬ومضاعفة هذه الغرامة في حالة العود‪ ،‬كلما‬

‫ثبت مساسه بالحريات والحقوق املتعلقة باملمارسة النقابية داخل املقاولة وفق القوانين وألانظمة‬

‫الجاري بها العمل‪ ،‬أو في حالة التمييز بين ألاجراء من حيث الساللة أو الجنس أو ‪ ...‬أو الانتماء النقابي ‪...‬‬

‫‪ -‬تطبيق عقوبة التوقيف ملدة ‪ 2‬أيام في حق أي أجير يتسبب بفعله‪ ،‬عن قصد‪ ،‬في أي مس بالحريات‬

‫والحقوق املتعلقة باملمارسة النقابية داخل املقاولة وفق القوانين وألانظمة الجاري بها العمل‪ ،‬وفي تكراره‬

‫لنفس املخالفة خالل السنة‪ ،‬تتخذ في حقه عقوبة التوقيف ملدة ‪ 12‬يوما‪ ،‬ويمكن فصله نهائيا عن‬

‫الشغل فـي حال تكـراره لنفس املخالفـة للمـرة الثالثـة‪.84‬‬

‫وتعزيزا ملبدأ الحرية النقابية‪ ،‬نصت املادة ‪ 312‬من مدونة الشغل على منع تدخل املنظمات املهنية‬

‫للمشغلين وألاجراء في شؤون بعضها البعض سواء بصفة مباشرة أو غير مباشرة فيما يخص تكوينها أو‬

‫‪ - 84‬يحيى الصافي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.22-23‬‬

‫‪47‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫تسييرها وإدارتها‪ ،‬وذلك تفاديا لتأسيس نقابات يهيمن عليها املشغل أو يقدم لها دعما ماليا قصد وضعها‬

‫تحت مراقبته‪.85‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬حماية ألاجيرة من العنف املعنوي وصيانة حقها في الكرامة‬


‫" ال يجوز املس بالسالمة الجسدية أو املعنوية ألي شخص‪ ،‬في أي ظرف‪ ،‬ومن قبل أية جهة كانت‬

‫خاصة أو عامة‪ .‬وال يجوز ألحد أن يعامل الغير‪ ،‬تحت أي ذريعة‪ ،‬معاملة قاسية‪ ،‬أو ال إنسانية‪ ،‬أو حالة‬

‫بالكرامة إلانسانية‪ ،‬كما أن ممارسة التعذيب بكافة أشكاله‪ ،‬ومن قبل أي أحد‪ ،‬جريمة يعاقب عليها‬

‫القانون"‪.86‬‬

‫أوال‪ :‬صيانة حق ألاجيرة في الكرامة ومناهضة العنف املوجه ضدها‬


‫لقد احتلت املرأة اليوم حيزا هاما من النقاشات التي تعرفها الساحة الوطنية والدولية‪ ،‬خصوصا‬

‫بعدما أصبحت تشغل عدة مناصب يفعل تكوينها العلمي واملنهي‪ ،‬مما سمح لها بولوج عالم الشغل‪ ،‬فإذا‬

‫كانت ألالفية التي نعيشها هي ألفية العوملة والتكنولوجيا‪ ،‬فقد ساهمت في إبراز الدور الفعال الذي تلعبه‬

‫املرأة في كافة املجاالت باعتبارها شريكا يساهم في التنمية الاقتصادية ورغم إلايجابيات الناجمة عن‬

‫عمل املرأة‪ ،‬إال أنها قد تصطدم بمجموعة من ألامور الخطيرة التي تقال من حقها في الكرامة كالعلف‬

‫املمارس ضدها في الشغل‪.‬‬

‫‪ - 85‬عمرو بنعلي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.22‬‬


‫‪ - 86‬الفصل ‪ 22‬من الدستور الجديد للمملكة املغربية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ ،1.11.11‬بتاريخ ‪ 21‬يوليوز ‪ ،2111‬الجريدة‬
‫الرسمية عدد ‪ 2122‬مكرر بتاريخ ‪ 31‬يوليو ‪.3211 ،2111‬‬

‫‪48‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫أ‪ -‬حق ألاجيرة في الكرامة‪:‬‬

‫يعتبر حق الكرامة إلانسانية من حقوق إلانسان في إكرام هللا تعالى إلانسان بنعم ال تعد وال تحص ى‪،‬‬

‫وفضله على كثير من مخلوقاته‪ 87‬قال تعالى في كتابه الكريم‪:‬‬

‫اه ْم َ َ ى‬
‫َع‬
‫َ َ َّ ْ َ ُ‬
‫ات وفضلن‬
‫َْر َ َْ ْ َ َ َ َْ ُ‬
‫اهم رم َِن َّ‬
‫الط ري ِ َب ِ‬ ‫ب وابلح ِر ورزقن‬ ‫ال‬ ‫ِف‬
‫ِ‬ ‫م‬
‫َ َ َ ََ َْ ُ‬
‫اه ْ‬‫ن‬ ‫ل‬ ‫َح‬‫و‬ ‫م‬ ‫آد‬ ‫ِن‬ ‫‪َ ‬ولَ َق ْد َك َّر ْم َنا بَ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ر َّ ْ َ َ ْ َ َ ْ ً‬ ‫َ‬
‫ضيل‪.88‬‬‫َي مِمن خلقنا تف ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ث‬ ‫ك‬

‫ويبقى الحق في الكرامة من الحقوق ألاساسية التي ال يجوز املس بها أو حرمان إلانسان منها‪ ،‬فهي‬

‫كلية ومتساوية بين جميع أفراد الشعوب‪ ،‬ألن إلانسان في حاجة للتخلص من التمييز بكافة أشكاله‬

‫وطرقه‪ ،‬إضافة إلى ضرورة مكافحة حاالت الظلم التي تواجهها املرأة‪ ،‬وانتهاك حقوقها في املجتمعات‪.‬‬

‫فالجميع بحاجة إلى حقوق مدنية واجتماعية واقتصادية‪ ،‬ومن أهم هذه الحقوق هو الحق في الكرامة‬

‫إلانسانية‪.‬‬

‫ويعتبر هذا الحق أحد الحقوق املكرسة بمقتض ى إلاعالن العالمي لحقوق إلانسان‪ ،‬حيث جاء في‬

‫ديباجته أنه "ملا كان الاعتراف بالكرامة املتأصلة في جميع أعضاء ألاسرة البشرية وبحقوقهم املتساوية‬

‫الثابتة هو أساس الحرية والعدل والسالم في العالم"‪ ،‬وأضافت املادة ألاولى من نفس إلاعالن "يولد الناس‬

‫أحرارا متساويين في الكرامة والحقوق وقد وهبوا عقال وضميرا‪ ،‬وعليهم أن يعامل بعضهم بعضا بروح‬

‫إلاخاء"‪.89‬‬

‫‪ - 87‬هدى برهان‪ :‬حق الكرامة الانسانية من حقوق الانسان‪ ،‬مقالة إلكترونية‪.‬‬


‫‪ - 88‬سورة إلاسراء‪ :‬آلاية ‪.21‬‬
‫‪ - 89‬محمد بنحساين‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.21‬‬

‫‪49‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫كما تم الاعتراف بهذا الحق في الاتفاقية الدولية بشأن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية‬

‫والاتفاقية الدولية بشأن الحقوق املدنية والسياسية‪ ،‬حيث استهال كالهما بنفس الجملة‪" :‬حيث إن‬

‫الاعتراف بالكرامة املتأصلة في جميع أعضاء ألاسرة الدولية وبحقوقهم املتساوية التي ال يمكن التصرف‬

‫فيها بأي شك ل‪ ،‬استنادا للمبادئ املعلنة في ميثاق ألامم املتحدة أساس الحرية والعدالة والسالم في‬

‫العالم‪ ،‬وإقرارا منها بانبثاق هذه عن الكرامة املتأصلة في إلانسان‪"...‬‬

‫وحيث إن هاتين الاتفاقيتين قد صودق عليهما من طرف املغرب‪ ،‬وأضحى احترامهما إلزاميا‪ ،‬مما‬

‫دفع بالتشريع املغربي إلى مراعاتهما بشكل يحمي كرامة إلانسان عامة وكرامة ألاجيرات خاصة‪ ،‬ذلك ألن‬

‫املشغل قد يشتغل بموقعه باعتباره الطرف القوي في العالقة الشغلية مع ألاجيرة‪ ،‬ليعتدي على حقها في‬

‫الكرامة الذي يكفله الدستور في الفصل ‪ 22‬منه‪ ..." :‬وال يجوز ألحد أن يعامل الخير‪ ،‬تحت أي ذريعة‪،‬‬

‫معاملة قاسية‪ ،‬أو ال إنسانية‪ ،‬أو حاطه بالكرامة إلانسانية ‪." ...‬‬

‫حاجة ألاجيرة إلى أجر تعيش به وأفراد أسرتها‪ ،‬يجعل من مكان العمل بمثابة املجال الخصب‬

‫للنيل من كرامتها‪ ،‬ولذلك وضعت مدونة الشغل كرامة ألاجراء وألاجيرات كهدف من أهدافها ألاساسية‪،‬‬

‫من خالل النص في ديباجته على عدم جواز ممارسة العمل في ظروف تنقص من كرامة ألاجير وألاجيرة‪،‬‬

‫والتزام املقاولة باحترام كرامة من يشتغلون بها‪ ،‬كما نصت في مادتها ‪ 22‬على وجوب اتخاذ املشغل كافة‬

‫التدابير الالزمة لحماية كرامة ألاجراء والسهر على مراعاة حسن السلوك وألاخالق الحميدة واستتباب‬

‫آلاداب العامة داخل املقاولة‪.90‬‬

‫‪ - 90‬محمد بنحساين‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.21‬‬

‫‪50‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫حيث إن صيانة كرامة ألاجيرة يقتض ي الحفاظ على مكارم ألاخالق ومراعاة كل ما من شأنها صيانة‬

‫ألاعراض‪ ،‬وهذا ما أكده الفصل ‪ 32‬من ظهير ‪ 2‬يوليوز ‪ 1122‬والذي جاء فيه‪ ":‬على أصحاب معامل‬

‫الصناعة والتجارة أن يحافظوا على التشبث بمكارم ألاخالق وعلى مراعاة ما من شأنه على العموم صيانة‬

‫ألاعراض"‪.91‬‬

‫وعلى العموم‪ ،‬فإنه بالرغم من كل هذه املقتضيات التي سعت منذ سنوات إلى حماية كرامة ألاجيرة‬

‫من جميع ألاشغال املخالفة لآلداب العامة وألاخالق الحميدة‪ ،‬فإن املشرع املغربي لم يمنح ألامر ألاهمية‬

‫املستحقة‪ ،‬مما يزيد معه احتمال املس بكرامة وأخالق ألاجيرة أكثر تحققا خاصة أمام الاستغالل التجاري‬

‫لجسد النساء الذي أصبح أحد الركائز ألاساسية املعتمد عليها املراكمة أرباح الرأسماليين الذين يعتبرون‬

‫الريح فقط املحرك الرئيس ي لهم"‪.92‬‬

‫ب ‪ -‬مناهضة العنف ضد املرأة العاملة‪:‬‬

‫أضح ى العنف أحد أهم الحقائق في عصرنا هذا‪ ،‬حيث أصبحت مجتمعات اليوم تعيش حالة‬

‫القلق والحيرة إزاء هذه الظاهرة التي تفشت في مختلف ألاوساط والشرائح‪ ،‬وعلى مستوى املؤسسات‬

‫باختالف طبيعتها اقتصادية كانت أو تربوية‪ ،‬في املالعب والشوارع وألاحياء‪ ،‬فباتت تهدد أجياال ومستقبل‬

‫أمم‪ .‬فالعنف عموما يهدف إلى املس بحرمة الشخص وكرامته‪ ،‬ويستهدف الجسد أو قدرة الشخص على‬

‫‪ - 91‬بن خوية هدى‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.21-22‬‬


‫‪ - 92‬رشيدة املساوي‪ :‬حماية ألاجيرة في التشريع املغربي على ضوء العمل القضائي‪ ،‬ص ‪.22‬‬

‫‪51‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫اتخاذ قرارات حرة ومستقلة‪ ،‬فيجسد عبر كل تجلياته انتهاكا لحق الفرد في الاحترام والسالمة الجسدية‬

‫والنفسية‪ ،‬كما يمس بحريته‪ ،‬ويمكن أن يهدد حقه في الحياة‪.93‬‬

‫ونجحت البلدان إلاسالمية والدول الغربية‪ ،‬في ‪ 12‬مارس ‪ 2113‬إبان انعقاد الدورة السنوية ‪22‬‬

‫للجنة وضع املرأة بهيئة ألامم املتحدة‪ ،‬في تجاوز اختالفات وجهات نظرها‪ ،‬واتفقت على إعالن هيئة ألامم‬

‫املتحدة الذي يدين العنف ضد النساء‪" :‬بعد مرور أسبوعين من املفاوضات ما بين ممثلي ‪ 113‬من الدول‬

‫ألاعضاء‪ ،‬قبلت إيران وليبيا والسودان وبلدان مسلمة أخرى تضمين هذا إلاعالن فقرة تؤكد على عدم‬

‫وجود أية عادة أو تقليد أو اعتبار ديني يبرر العنف " (لوموند‪ 12 ،‬مارس‪ ،)2113 ،‬وأساس هذا الاتفاق‬

‫هو تقرير البنك الدولي الذي كشف على أن نساء كبيرات من بين اللواتي تتراوح أعمارهن ما بين ‪ 12‬و ‪22‬‬

‫سنة يفارقن الحياة بسبب العنف أكثر مما يفارقنها بسبب أمراض الحمى أو السيدا أو السرطان‪.94‬‬

‫ومع صدور دستور فاتح يوليوز ‪ ،2111‬الذي ينص على سمو املواثيق الدولية لحقوق إلانسان التي‬

‫صادق عليها املغرب‪ ،‬و على مبدأ املساواة بين الجنسين في كافة الحقوق‪ ،‬و على الحق في السالمة الجسدية‬

‫واملعنوية لجميع ألافراد ‪ ،95‬و على مبدأ املناصفة‪ ،‬وإحداث هيئة للمناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز‪،‬‬

‫التزمت الحكومة في برنامجها الحكومي بتقوية السياسات العمومية الخاصة بمحاربة العنف ضد النساء‬

‫تطبيقا للفصل ‪ 32‬من الدستور‪ ،‬وبوضع آلاليات والتدابير القانونية واملالية املتطلبة لذلك والتعزيز‬

‫‪ - 93‬سكينة بوجدرية‪ :‬آلاليات الوطنية ملناهضة العنف ضد املرأة‪ ،‬خلية التكفل بالنساء وألاطفال ضحايا العنف –نموذجا‪ ،-‬بحث لنيل‬
‫دبلوم املاستر لحقوق الانسان‪ ،‬جامعة عبد املالك السعدي‪ ،‬كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة‪ ،‬السنة الجامعية‬
‫‪ ،2112-2112‬ص ‪.1‬‬
‫‪ - 94‬إليزابيت كريميو‪ :‬وضعية املرأة في العالم‪ ،‬جرائم وعنف ضد النساء مرض ى عالمي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.212‬‬
‫‪ - 95‬الفصل ‪ 22‬من الدستور‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫املؤسساتي والجغرافي ملراكز الاستماع وللمساعدة القانونية والنفسية للنساء ضحايا العنف‪ ،96‬ويندرج‬

‫ضمن هذا السياق قانون ‪ 113.13‬املتعلق بمحاربة العنف ضد النساء‪ ،‬الذي وضع من قبل وزارة‬

‫التضامن واملرأة وألاسرة والتنمية بشراكة مع وزارة العدل والحريات‪ ،‬وعرض على مجلس الحكومة بتاريخ‬

‫‪ 2‬نونبر ‪ ،2113‬ليخرج بعد ذلك إلى الوجود قانون ‪ 113.13‬املتعلق بمحاربة العنف ضد النساء الصادر‬

‫بتنفيذه ظهير شريف رقم ‪ 11211‬صادر في جمادى آلاخرة ‪1231‬هـ (‪ 22‬فبراير ‪.)2112‬‬

‫وتعرف املادة ألاولى من هذا القانون العنف ضد املرأة هو‪" :‬كل فعل مادي أو معنوي أو امتناع‬

‫أساسه التمييز بسبب الجنس‪ ،‬يترتب عليه ضرر جسدي أو نفس ي أو جنس ي أو اقتصادي للمرأة "‪.‬‬

‫وإذا كانت بعض التنظيمات النسائية تربط ظاهرة العنف ضد النساء بما تسميه التمييز ضد‬

‫املرأة عند الرجل فيه املسؤول ألاول عن معاناة النساء‪ ،‬فإن بعض التنظيمات ألاخرى ترى أن هذه‬

‫الظاهرة ترجع إلى جوانب متعددة فجانب منها بعد صورة من صور العنف املسلط على املجتمع ككل‬

‫من قبل قوى الاستغالل والنفود‪ ،‬وجانب آخر له أسباب مرتبطة بثالث خلفيات‪ ،97‬إحدى هذه الخلفيات‬

‫هي الخلفية الاقتصادية التي تقوم على غياب العدالة الاجتماعية‪ ،‬وانعدام برامج حقيقية تهدف إلى‬

‫التوزيع العادل للثروات‪ ،‬إضافة إلى اتساع الفوارق الاجتماعية‪ ،‬كل هذه العوامل أنتجت ظروفا صعبة‪،‬‬

‫خاصة بالنسبة لألجيرات‪ ،‬حيث إن املرأة دائما ما تكون هي الضحية ألاولى‪ ،‬خاصة إذا ما ارتبط ألامر‬

‫بالعمل الذي تجلى منه قوت العيش‪.‬‬

‫‪ - 96‬ربيع الكرامة‪ :‬قراءة تحليلية نقدية ملشروع القانون ‪ 113.13‬املتعلق بمحاربة العنف ضد النساء‪ ،2112 ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪ - 97‬جميلة املصلي‪ :‬الحق في الصحة بالوسط املنهي في مدونة الشغل‪ ،‬الناشر‪ :‬جمعية نشر املعلومة القانونية والقضائية‪ ،‬مطبعة أليت‪،‬‬
‫الرباط‪ ،2111 ،‬ص ‪.112‬‬

‫‪53‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫ويكتس ي موضوع العنف ضد املرأة العاملة أهمية خاصة من حيث إنه أصبح موضوعا على طاولة‬

‫البحث والتدقيق واملساءلة وإلادانة والتنديد في العقد ألاخير من القرن املاض ي‪ ،‬وذلك يفضل نضال‬

‫الحركة النسائية عبر العالم‪ ،‬فقد تفاقمت الاختالالت الجسدية والنفسية الناتجة عن العنف املمارس‬

‫ضد النساء‪ 98‬ويشكل العنف ضد املرأة في أماكن العمل في العقد ألاخير نسبة ‪ ،%12‬حيث بلغ عدد‬

‫ألاجيرات املعلقات في الوسط املنهي ‪ 221‬ألفا سنة ‪ 2111‬حسب بحث وطني أجرته املندوبية السامية‬

‫للتخطيط حول انتشار العنف ضد النساء‪.99‬‬

‫ويتمثل العنف في أماكن العمل في كل وضعية واقعية للعرض فيها املرأة العاملة لالضطهاد‬

‫والتعذيب أو إلاكراه الجسدي أو النفس ي خالل تنفيذها لعملها‪ ،‬فالعنف في العمل يستهدف كل‬

‫السلوكيات العنيفة سواء كانت مادية أو معنوية كالسب والقذف‪.‬‬

‫ويقصد بالعنف املادي أو الجسدي كل ألافعال والسلوكيات التي تلحق أضرارا جسدية تؤثر بشكل‬

‫مباشر على السالمة البدنية للمرأة‪ ،‬من ضرب إلى جرح إلى كسر إلى بتر عضو من أعضاء الجسم إلى‬

‫الحرق أو الحرمان من ألاكل إلى الحبس في مكان معين وإلاغالق باألقفال‪ ،100‬ويستعمل في العمل بهدف‬

‫تخويف ألاجيرات وخاصة اللواتي في وضعية غير مستقرة‪.‬‬

‫أما العنف املعنوي أو النفس ي له أوصاف متعددة ذات طابع السب والشتم أو تعابير وإشارات أو‬

‫مواقف تؤثر على السالمة النفسية لألجيرة‪.‬‬

‫‪ - 98‬نادية النحلي‪ :‬الحق في الصحة بالوسط املنهي في مدونة الشغل‪ ،‬الناشر‪ :‬جمعية نشر املعلومة القانونية والقضائية‪ ،‬مطبعة أليت‪،‬‬
‫الرباط‪ ،2111 ،‬ص ‪.112‬‬
‫‪ - 99‬ملياء العنصري‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.21‬‬
‫‪ - 100‬بشرى العلوي‪ :‬العنف املسلط على املرأة يعد انتهاكها لحقوق الانسان‪ ،‬مجلة الودادية الحسنية للقضاة‪ ،‬العدد الاول‪ ،‬أبريل ‪،2111‬‬
‫ص ‪.121‬‬

‫‪54‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫ويعتبر هذا النوع من العنف من أخطر الوسائل املاسة بالكرامة إلانسانية‪ ،‬حيث وحسب البحث‬

‫الوطني حول انتشار العنف ضد النساء‪ ،‬تتعرض امرأة واحدة في الوسط املنهي من بين ‪ 2‬نساء في الوسط‬

‫الحضري‪ ،‬وواحدة من كل ‪ 21‬امرأة بالوسط القروي للعنف النفس ي‪ ،‬بمعدل بلغ ‪ %1332‬على املستوى‬

‫الوطني‪.‬‬

‫وهناك أيضا العنف الاقتصادي‪ ،‬وهو كل فعل أو امتناع عن فعل ذي طبيعة اقتصادية أو مالية‬

‫يحضر‪ ،‬أو من شأنه أن يضر‪ ،‬بالحقوق الاجتماعية أو الاقتصادية للمرأة‪.101‬‬

‫إذ يبقى حضور املرأة في الحياة العامة مطبوعا ومتأثرا بمدى تمتعها بالحق في الشغل‪ ،‬ونوعية‬

‫اندماجها في إلانتاج الاقتصادي الذي وإن كان يوفر لها استقاللية مالية‪ ،‬فإنه ال يخلو من الاستغالل‬

‫والتمييز في الترقية‪ ،‬وضعف ضمانات تطبيق القواعد الحمائية للمرأة وظروف عملها‪ ،‬وكما يتجلى العنف‬

‫الاقتصادي في قطاع إلانتاج الفالحي الذي يعرف استغالال للمرأة القروية التي ال تستخدم إال كيد عاملة‬

‫موسمية ويشكل غير منظم‪ ،‬مع التمييز في ألاجر مقارنة مع أجور الرجال‪ ،‬والذي ال يصل حتى إلى الحد‬

‫ألادنى لألجر‪ ،‬علما أن ‪ %21‬من السكان النشيطين في الوسط القروي نساء‪.102‬‬

‫وعالج املشرع املغربي إشكالية العنف ضد املرأة بصفة عامة‪ ،‬بما فيها املرأة العاملة‪ ،‬أوال في‬

‫الفصل ‪ 22‬من الدستور الذي أكد أنه ال يجوز املس بالسالمة الجسدية ألي شخص في أي ظرف ومن‬

‫قبل أي جهة كانت خاصة أو عامة ‪ ...‬إضافة إلى أن قانون ‪ 113.13‬الذي جاء لتكريس هذا املبدأ‬

‫الدستوري‪ ،‬الذي عالج موضوع العنف ضد املرأة في جميع مواده‪ ،‬خاصة املادة ‪( 2‬الفصل ‪)213-1-1‬‬

‫‪ - 101‬املادة الاولى من قانون ‪ 113.13‬املتعلق بمحاربة العنف ضد النساء‪.‬‬


‫‪ - 102‬ملياء السوس ي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.122-122‬‬

‫‪55‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫الذي شدد من عقوبة العنف في صورة التحرش الجنس ي إذا ما صدرت عن زميل في العمل أو أشخاص‬

‫مكلفين بحفظ النظام وألامن في الفضاءات العمومية أو غيرها‪.‬‬

‫ويالحظ أن مدونة الشغل لم تتطرق بشكل مباشر للعلف املوجه للمرأة العاملة‪ ،‬حيث جاءت‬

‫بمقتضيات حمائية عامة‪ ،‬جاء في تصديرها‪ ...":‬وإيمانا أن العمل وسيلة أساسية من وسائل تنمية البالد‪،‬‬

‫وصيانة كرامة إلانسان ‪ ،"...‬بينما تنص في ديباجتها على أن‪ ...":‬العمل ليس بضاعة‪ ،‬والعامل ليس أداة‬

‫من أدوات إلانتاج‪ ،‬وال يجوز‪ ،‬في أي حال من ألاحوال‪ ،‬أن يمارس العمل في ظروف تنتقص من كرامة‬

‫العامل"‪.‬‬

‫وجدير بالذكر أن هناك نوعا رابعا من أنواع العنف وأشكاله‪ ،‬والذي قد تتعرض له ألاجيرة أثناء‬

‫ممارسة العمل وفي املؤسسة التي تشتغل بها‪ ،‬وهو العنف الجنس ي‪ ،‬وسنتطرق إليه مستفيضا فيما يلي‪:‬‬

‫ثانيا‪ :‬التحرش الجنس ي والتحرش املنوي إهدار لكرامة ألاجيرة‬


‫رغم املكانة السامية التي تحظى بها النساء سواء في إلاسالم الذي كرمها أحسن تكريم ونه ى عن‬
‫ََ ْ َ‬
‫إيذائها يقوله سبحانه وتعالى‪  :‬فل يُؤذ ْي َن‪.103‬‬

‫إضافة إلى املواثيق والاتفاقيات الدولية التي جاءت بمجموعة من املضامين واملبادئ التي تهدف‬

‫إلى حماية املرأة من كل تعسف أو تحرش قد يطالها‪ ،‬لكن رغم كل ذلك‪ ،‬ال زالت املرأة تعاني من معاملة‬

‫دونية‪ ،104‬وتتعرض للضغوطات من املشغلين‪ .‬والتحرش بنوعيه‪ ،‬الجنس ي واملعنوي‪ ،‬هو من الوسائل التي‬

‫استغلها املشغلون لتسريح العامالت ودفعهن لفسخ عقد الشغل من جانبهن‪ ،‬ونتيجة للمضايقات‬

‫‪ - 103‬سورة ألاحزاب‪ ،‬آلاية ‪.122‬‬


‫‪ - 104‬خديجة بوعود‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.22‬‬

‫‪56‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫الجنسية أو النفسية املستمرة‪ ،‬فإن املرأة تضطر إلى ترك عملها لتقبل أعماال أقل من مستواها وكفاءتها‬

‫وأقل مما كانت تتقاضاه من أجر في عملها السابق‪.105‬‬

‫أ‪ -‬التحرش الجنس ي بين خطورة الفعل وصعوبة إلاثبات‪:‬‬

‫إن لخاصية ألانوثة تأثيرا بالغا على شكل الظروف التي يمارس فيها النساء عملهن خارج البيت‪،‬‬

‫حيت ال يقف هذا التأثير عند اعتباره معيارا للتمييز من حيث ألاجر‪ ،‬بل يتعداه إلى الاعتداء على الوقار‬

‫والكرامة إلانسانية للمرأة العاملة‪ ،‬تلك هي معضلة التحرش الجنس ي في أماكن العمل‪.‬‬

‫فبعد أن كانت الظاهرة تمر تحت غطاء من التستر والصمت‪ ،‬أصبح من املمكن الاعتياد على‬

‫فضحها من طرف النقابات والهيئات النسائية‪ ،106‬وذلك نظرا لخطورة التي يتسم بها هذا الفعل‪،‬‬

‫والضغوطات التي تعاني منها العامالت بسببه‪.‬‬

‫ويعرف جانب من الفقه التحرش الجنس ي بأنه‪" :‬كل سلوك ذي مضمون جلس ي يصدر من الرجل‬

‫أو املرأة تجاه الجنس ألاخر بدون رضاه أو رضاها‪ ،‬سواء كان فعال أو إظهارا لصور أو كالم"‪ .107‬أما البعض‬

‫آلاخر من الفقه فيرى أنه‪" :‬يعتبر تحرشا جنسيا كل سلوك ذي داللة جنسية؛ كاأللفاظ والعروض‬

‫والحركات والاتصاالت والاقتراحات بشكل من شأنه أن يخلق إزعاجا لدى ضحية هذا التحرش‪ ،‬وذلك‬

‫في الحالة التي يصدر فيها هذا السلوك عن شخص يس ئ استعمال سلطته التي تخولها له مهمته أو‬

‫وضعيته"‪.108‬‬

‫‪ - 105‬جميلة العماري‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.122‬‬


‫‪ - 106‬نادية النحلي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.12‬‬
‫‪ - 107‬طبيح عبد الكريم‪ :‬العنف ضد النساء في املجتمع املغربي‪ ،‬أية حماية (نموذج القانون الجنائي)‪ ،‬أعمال اليوم الدراس ي املنظم من‬
‫طرف الجمعية املغربية لحقوق النساء حول "العنف ضد املرأة"‪ 22 ،‬يونيو ‪ 1112‬بالدار البيضاء‪ ،‬ص ‪.22‬‬
‫‪ - 108‬إبن نفيسة والرازي نجاة‪ :‬العنف ضد املرأة أية حماية قانونية‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬ص ‪.31‬‬

‫‪57‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫أما بعض الفقه املغربي فيرى أن التحرش الجنس ي هو "كل ضغط ذو غاية جنسية"‪.109‬‬

‫ومدونة الشغل املغربية لم تتحدث عن هذه الظاهرة إال باحتشام شديد‪ ،‬وذلك من خالل (املادة‬

‫‪ )21‬التي جعلته من ألاخطاء الجسيمة املرتكبة ضد ألاجير من طرف املشغل أو رئيس املقاولة‪ ،‬مع وضع‬

‫إمكانية التقاض ي بيد املتضرر في حالة إثبات التحرش الجنس ي واملطالبة بالتعويض‪.110‬‬

‫إضافة إلى أن املشرع املغربي خطا خطوات مهمة للحد من استعمال الظاهرة من خالل تجريم‬

‫التحرش الجنس ي بمقتض ى الفصل ‪ 213-1‬من القانون الجنائي الذي ينص على أنه‪" :‬يعاقب بالحبس‬

‫من سنة إلى ثالث سنوات والغرامة من خمسة آالف إلى خمسين ألف درهم‪ ،‬من أجل جريمة التحرش‬

‫الجنس ي‪ ،‬كل من استعمل ضد الغير أوامر أو تهديدات أو وسائل لإلكراه أو أية وسيلة أخرى مستغال‬

‫السلطة التي تخولها له مهامه‪ ،‬ألغراض ذات طبيعة جنسية"‪ .‬كما تم تغيير وتتميم الفصل ‪ 213 -1‬أعاله‬

‫بمقتض ى املادة ‪ 2‬من قانون ‪ 113.13‬املتعلق بمحارية العنف ضد النساء‪.‬‬

‫إضافة إلى أنه تمت إضافة الفصلين ‪ 2131-1‬و ‪ ، 213-1-2‬بمقتض ى املادة ‪ 2‬من القانون السالف‬

‫الذكر‪ .‬وقد تطرق الفصل ‪ 2131-1‬إلى التحرش الجنس ي في إطار العمل "يعتبر مرتكبا لجريمة التحرش‬

‫الجنس ي‪ ،‬ويعاقب بالحبس من شهر واحد إلى ستة أشهر وغرامة مالية من ‪ 2111‬إلى ‪ 11.111‬درهم أو‬

‫بإحدى هاتين العقوبتين كل من أمعن في مضايقة الغير في الحاالت التالية‪:‬‬

‫‪ -‬في الفضاءات العمومية أو غيرها‪ ،‬بأفعال أو إشارات ذات طبيعة جنسية أو ألغراض جنسية‪.‬‬

‫‪ - 109‬أحمد حميوي‪ :‬الوسيط في قانون الشغل املغربي‪ ،‬الجزء الاول‪ ،‬الطبعة الاولى‪ ،2113 ،‬ص ‪.321‬‬
‫‪ - 110‬جميلة العماري‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.121-122‬‬

‫‪58‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫‪ -‬بواسطة رسائل مكتوبة أو هاتفية أو إلكترونية أو تسجيالت أو صور ذات طبيعة جنسية أو‬

‫ألغراض جنسية‪.‬‬

‫تضاعف العقوبة إذا كان مرتكب الفعل زميال في العمل أو من ألاشخاص املكلفين بحفظ النظام‬

‫وألامن في الفضاءات العمومية أو غيرها " إضافة إلى الفصل ‪ 213-1-2‬الذي حدد عقوبة جريمة التحرش‬

‫الجنس ي في تالت سنوات وغرامة من ‪ 2.111‬إلى ‪ 21.111‬درهم إذا ارتكب التحرش الجنس ي ممن له والية‬

‫أو سلطة على الضحية‪.‬‬

‫وبعد عرض املقتضيات التشريعية التي اهتمت بحماية ألاجيرة من هذه الظاهرة الالأخالقية فإنه‬

‫يالحظ ندرة القرارات التي تناولت هذا الجانب الحمائي‪ ،‬سواء الزجرية‪ ،‬أو املادة الاجتماعية‪ ،‬ومن بينها‬

‫حكم صادر عن ابتدائية الدار البيضاء‪ 111‬في قضية تتلخص وقائعها من خالل جلسة البحث التي عقدتها‬

‫املحكمة بتاريخ ‪ ،2112-12 -21‬أكدت ألاجرة نادية أن وضع مكتبها أمام مرحاض إهانة عملية لها‪ ،‬وأكدت‬

‫أن املشغل كان يتحرش بها جنسيا بأفعال وأقوال ذات طابع جنس ي‪ ،‬ولكن املشغل أنكر ما تدعيه ألاخيرة‬

‫من أنه تحرش بها مدعيا أنها سيدة متزوجة‪ .‬وعند الاستماع إلى الشاهد الذي يعمل بالشركة ذاتها مدة‬

‫‪ 2‬سنوات‪ ،‬أكد أن ما يقوله املشغل لألجيرة ال يوجهه إلى باقي العامالت‪...‬‬

‫وهكذا اقتنعت املحكمة بقيام واقعة التحرش واعتبر أنه بعد الاستماع إلى أقوال الشهود وما راج‬

‫من نقاش بين ألاطراف أن التحرش الجنس ي ثابت في حق املشغل‪ ،‬وبالتالي قضت املحكمة بتعويض‬

‫‪ - 111‬حكم صادر عن املحكمة الابتدائية بالدار البيضاء‪ ،‬بتاريخ ‪ ،2112\12\12‬منشور على املوقع‪:‬‬
‫‪http://www.ensan.net/news/202/articale/3749/2008-04-27.html‬‬

‫‪59‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫ألاجيرة املتحرش بها عن إلاشعار‪ 2122 :‬درهم‪ ،‬وعن إلاعفاء‪ 22.221 :‬درهم‪ ،‬وعن الطرد التعسفي‬

‫‪ 12.111‬درهم‪.112‬‬

‫ورغم أنه يمكن إثبات واقعة التحرش الجنس ي لكل وسائل إلاثبات‪ ،‬حيث يتم الرجوع عادة إلى‬

‫وسائل إلاثبات العادية املقبولة في املادة الجزائية من شهادة الشهود واعتراف وغيره من الوسائل املتعارف‬

‫عليها‪ ،113‬إال أنه يبقى من الصعب إثبات الواقعة‪ ،‬ومن بين ألاشياء والحاالت التي تجعله صعب إلاثبات‬

‫نذكر ما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬إن املتحرش عادة ما يخطط لجريمته تخطيطا محكما‪.‬‬

‫‪ -‬إن التحرش الجنس ي داخل العمل يجعل من مشكل إلاثبات أكثر صعوبة‪ ،‬حيث يالحظ أنه يكون‬

‫أكثر صعوبة إذا ما كان التحرش في أماكن مغلقة كمكان العمل‪ ،‬لذلك تبقى الوسائل التكنولوجية‬

‫الحديقة ألامر ألانسب إلثباتها‪ ،‬أي الاستفادة من التطور العلمي والتكنولوجي لرد الاعتبار للمرأة‬

‫ألاجيرة‪ ،‬رغم أن هذا ألامر أيضا يتسم بالصعوبة‪ ،‬نظرا ألن ألاجيرة ال تعلم وال تدري بالضبط في أي‬

‫وقت ستتعرض لذلك‪.‬‬

‫‪ -‬إنه إذا كان إثبات التحرش املادي أمرا صعبا‪ ،‬فإن إثبات التحرش اللفظي من شأنه أن يكون‬

‫مستحيال‪.‬‬

‫‪ -‬إنه بناء على املقتضيات التشريعية فإن إلاثبات يفسر لصالح املتهم‪ ،‬وتبعا لذلك فإن عدم اقتناع‬

‫املحكمة اقتناعا وجدانيا تاما بقيام جريمة التحرش الجنس ي من شأنه إفالت الجاني من الجريمة‪.114‬‬

‫‪ - 112‬عبد الواحد موالدة‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.31‬‬


‫‪ - 113‬خديجة بوعود‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.22‬‬
‫‪ - 114‬غزالن التاقي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.21‬‬

‫‪60‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫ويجدر القول إن قلة القرارات القضائية ال يعني انعدام الظاهرة أو عدم تواجدها بمؤسسات‬

‫الشغل املغربية‪ ،‬وإنما سبب ندرة ألاحكام والقرارات هي املعيقات الاجتماعية والنفسية التي تواجهها‬

‫املرأة‪ ،‬إضافة إلى إشكالية إلاثبات التي تواجه ضحايا التحرش غياب مقتضيات حمائية للشهود على‬

‫ارتكاب الفعل‪ ،‬مما يؤدي إلى تنامي الظاهرة في الخفاء بعيدا عن بسط يد القضاء لينالها بالتنظيم‬

‫واملراقبة‪.115‬‬

‫ب ‪ -‬التحرش املعنوي ضد املرأة ألاجرة و عبء إثباته‪:‬‬

‫إن التحرش املعنوي هو ظاهرة قديمة‪ ،‬وال تزال مستحقة إلى يومنا هذا في ميدان العمل‪ ،‬إال أن‬

‫التسمية تعتبر جديدة نوعا ما‪ ،‬وهو يتخذ أشكاال مختلفة‪.‬‬

‫ويعرفه ‪" : Henz Lyman‬التحرش املعنوي هو شكل من إلارهاب النفس ي الذي يظهر في تتابع ملدة‬

‫طويلة نسبيا‪ ،‬ألقوال وتصرفات معادية‪ ،‬إذا أخذت هذه ألاخيرة بمفردها كانت بسيطة‪ ،‬أما تكرارها فقد‬

‫يخلف آثارا مدمرة "‪ ،‬وتعرفه ماري فرانس ارغويان" ‪:‬التحرش املعنوي هو ممارسة متكررة تؤدي إلى‬

‫تدهور ظروف العمل‪ ،‬بإمكانها أن تحدت اعتداء على حقوق ألاجير أو على شرفه أو تدهور صحته‬

‫الجسمية والعقلية‪ ،‬أو إعاقة مستقبله املنهي‪.‬‬

‫وتعرف الوكالة ألاوربية لألمن والصحة التحرش املعنوي في العمل هو سلوك غير طبيعي مكرر‬

‫موجه ضد موظف أو مجموعة من املوظفين‪ ،‬والذي من شأنه أن يولد خطرا على ألامن والصحة‪ ،‬ويأخذ‬

‫‪ - 115‬عبد الواحد موالدة‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.31‬‬

‫‪61‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫هذا السلوك شكل احتقار أو إضعاف الشخص املتحرش به أو تهديده أو التعامل معه بشكل غير‬

‫عادل"‪.116‬‬

‫مما سبق من التعريفات فإن التحرش املعنوي يجب أن ينطوي على سلوك متكرر يهدف إلى إلاضرار‬

‫بالخر‪ ،‬ويمتد خالل فترة زمنية ما‪ ،‬وإن اختلفت في صياغة أوجه الضرر املتحقق في فعل التحرش‬

‫املعنوي‪.‬‬

‫وفي الواقع ليس هناك تعريف عام شامل جامع مانع لكل حاالت التحرش املعنوي‪ ،‬فيمكن أن‬

‫تخضع له كل الوقائع والتصرفات املتعلقة بهذا النوع من التحرش‪ ،‬ألن كل حالة من حاالت التحرش‬

‫املعنوي تختلف عن غيرها حسبما كشف عنه الاجتهاد القضائي للغرفة الاجتماعية بمحكمة النقض‬

‫الفرنسية‪ ،‬إذ جاء فيه‪" :‬إن التحرش املعنوي هو فعل يقدم عليه مدير مؤسسة من أجل إخضاع ألاجراء‬

‫لضغط مستمر‪ ،‬أو لتوجيه مؤاخذات لهم ال تنتهي‪ ،‬أو إلعطاء أوامر وأوامر مضادة بنية إحداث تفرقة‬

‫بين ألاجراء تنتهي بتهميش أجير معين واحتقاره"‪ .117‬كما ذهبت نفس املحكمة إلى "اعتبار التحرش املعنوي‬

‫قائما ملا يقترح على ألاجيرة وظائف أقل من مستوى إطار باملقاولة كمنصب موظفة استقبال الزبناء"‬

‫(محكمة النقض الفرنسية‪ ،‬الغرفة الاجتماعية‪ ،‬قرار ‪ ،2111\122‬رقم ‪ 2221212‬النشرة إلاخبارية‬

‫ملحكمة النقض ‪ ، BICC‬عدد ‪.118 )222‬‬

‫‪ - 116‬نادية بنحكزة ‪ :‬التحرش املعنوي في العمل‪ ،‬مقالة إلكترونية‪ ،‬موقع الجمهورية اليوم‪ 12 ،‬نونبر ‪ ،2112‬الجزائر‪.‬‬
‫‪ - 117‬محكمة النقض الفرنسية‪ ،‬الغرفة الاجتماعية‪ ،‬قرار‪ ،2111/11/11‬رقم‪ ،2232112‬النشرة إلاخبارية املحكمة النقض ‪ BICC‬عدد‬
‫‪.221‬‬
‫‪ - 118‬إدريس فجر‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.222‬‬

‫‪62‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫ومدونة الشغل قد نظمت التحرش الجنس ي وأغفلت التحرش املعنوي‪ ،‬والتحرش املعنوي أخطر‬

‫من بكثير من التحرش الجنس ي ألنه يجعل ألاجيرات يعانين في صمت يسبب إهدار كرامتهن كل يوم من‬

‫قبل املشغل أو من ينوب عنه إلى أن تنتهي عالقة الشغل بين الطرفين باستقالة "مزعومة" أو مغادرة‬

‫تلقائية للعمل "ملفقة"‪ ،‬ويعتبر التحرش املعنوي في الدول املتقدمة (فرنسا مثال) جريمة يعاقب عليها‬

‫املشغل جنائيا‪.119‬‬

‫إال أن الاجتهاد القضائي ملحكمة النقض املغربية جاء في أحد قراراته‪ ..." :‬لكن حيث إن الثابت‬

‫من تعليل القرار املطعون فيه أن الطالبة باعتبارها مشغلة قامت بتغيير عمل املطلوبة (ألاجيرة) من‬

‫مساعدة ممرضة إلى مجرد منظفة للمستودع واملراحيض والزجاج رغم أن ورقة أداء ألاجور املتعلقة‬

‫بشهر أبريل ‪ 2112‬واملدلى بها بجلسة ‪ 2111/2/2‬من طرف املطلوبة باملحكمة الابتدائية يفيد أن عملها‬

‫هو مساعدة طبية وليس منظفة أو عون خدمة‪ ،‬وال يجوز إدخال تغيير جوهري على طبيعة العمل الذي‬

‫اعتادت ألاجيرة(املطلوبة) القيام به باإلرادة املنفردة للطالبة و دون موافقة املطلوبة (الفصل ‪ 231‬من‬

‫ق‪.‬ل‪.‬ع‪.).‬‬

‫وحيث إن محكمة الاستئناف ملا خلصت في قرارها املطعون فيه إلى أن قيام الطالبة بتغيير عمل‬

‫املطلوبة يشكل إخالال ببنود عقد العمل‪ ،‬ويعتبر إنهاء تعسفيا لهذا العقد‪ ،‬فإنها تكون قد عللت قرارها‬

‫بما فيه الكفاية لتبرير ما انتهى إليه‪ ،‬وال تتحمل املطلوبة أية مسؤولية فيما نسب إليها من مغادرة العمل‬

‫يسيب ذلك‪ ،‬وتبقى الوسيلة بال أساس ‪"...‬‬

‫‪ - 119‬إدريس فجر‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.223‬‬

‫‪63‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫وسبق أن قررت الغرفة الاجتماعية املحكمة النقض في قرار سابق بتاريخ ‪ ،1112/11/22‬تحت‬

‫عدد ‪( 2222‬غير منشور)‪ ،‬أن فصل ألاجير مشوب بالتعسف لكون املشغل مارس عليه تحرشا معنويا‪،‬‬

‫وهو ما اعتبرته محكمة النقض املغربية طردا تعسفيا غير مباشر‪.120‬‬

‫وفي خصوص إثبات التحرش املعنوي‪ ،‬فإنه يقع على من يدعيه مبدئيا‪ ،‬ألن من الصعب على‬

‫املشغل إثبات أنه بريء تماما مما نسب إليه من فعل أو أفعال التحرش املعنوي‪ ،‬ألنه من الصعب على‬

‫املدعى عليه إثبات وجود ش يء غير موجود أصال‪ ،‬أي إثبات واقعة سلبية‪ ،‬لذلك فإن ألاجيرة هي امللزمة‬

‫مبدئيا بإثبات وجود التحرش املعنوي املرتكب في حقها‪ ،‬طبقا ملبدأ البينة على من ادعى‪ ،‬لكن التحرش‬

‫املعنوي كالتحرش الجنس ي يكون على إثباته صعبا وثقيال على ألاجيرة‪ ،‬ألن املشغل ال في التحرش ألاول وال‬

‫في الثاني يحتاط لنفسه بعد ارتكاب فعلته وال يترك وراءه أدلة أو بصمات تدينه وتثبت ارتكابه ‪.121‬‬

‫يبدو من خالل معالجة موضوع حماية حقوق املرأة‪ ،‬وكذا خطر التمييز ضدها‪ ،‬ومناهضة أشكال‬

‫العنف املوجهة لألجيرة‪ ،‬يبدو أن املشرع املغربي استطاع أن يحقق لها حماية نسبية في ميدان الشغل‬

‫على مستوى النص القانوني‪ ،‬حيث ساوى بينها وبين الرجل في حق اللجوء إلى العمل وممارسته‬

‫والاستفادة من كل الحقوق املترتبة عن عقد الشغل‪ ،‬ومنع التمييز ضدها سواء قبل إبرام عقد الشغل‬

‫أو أثناء تنفيذه أو عند انتهائه‪ ،‬إضافة إلى سن مقتضيات قانونية الحماية النساء من العنف املوجه‬

‫ضدهن‪.‬‬

‫‪ - 120‬إدريس فجر‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.222‬‬


‫‪ - 121‬إدريس فجر‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.222‬‬

‫‪64‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫إال أن القضاء الفعلي على التمييز والعنف ضد املرأة‪ ،‬وتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص على أرض‬

‫الواقع ال زالت تعترضه مجموعة من العقبات والعراقيل البد من تجاوزها‪ ،‬بعضها يتعلق بصياغة‬

‫النصوص القانونية ملدونة الشغل وانعدام تفعيلها على أرض الواقع‪ ،‬والبعض آلاخر يتعلق بالنظرة‬

‫السائدة في املجتمع املغربي حول مشاركة املرأة في املجاالت الاقتصادية والاجتماعية نتيجة التأثر‬

‫بالعادات وألاعراف السائدة بهذا الخصوص‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫املبحث الثاني‪ :‬الحماية الاجتماعية لحقوق ألاجيرة املرتبطة‬


‫بكينونتها كأنثى‬

‫لقد كانت وضعية التمييز التي عانت منه املرأة على مر العصور باعتا على الاهتمام الدولي‪.‬‬

‫على مستوى التشريع ‪-‬بإدانة التمييز القائم على أساس الجنس‪ ،‬حتى أضحى التماثل مع الرجال‬

‫في الحقوق هو منتهى ما يستهدفه أي تشريع وطني يتعلق بالنساء عموما وبتشغيلهن خصوصا‪ ،‬وقد طرح‬

‫هذا الواقع إشكالية عويصة تتعلق بمدى استقالل الحقوق إلانسانية عن شخص إلانسان عامة‪ ،‬واملرأة‬

‫خاصة‪ ،‬وأن املنتظم الدولي ما زال يصر على معالجة حقوق املرأة من خالل مالحظة التمييز وتكريس‬

‫املساواة‪.‬‬

‫و هكذا طرح إشكال حقيقي أمام كفالة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمرأة بمعزل عن كونها‬

‫امرأة‪ ،‬وجاء ذلك مطبوعا بالبحث عن املساواة‪ ،‬لم يرجع هذا إلاشكال أيضا على مستوى التنظيم‬

‫القانوني لعمل املرأة‪ ،‬فعولج من منطلق ضمان الفرص املتكافئة للجنسين‪ ،‬مع مراعاة صفة ألانوثة في‬

‫أحكام تشغيل املرأة‪ ،‬حيث لم تخرج عن منع تشغيلها ليال‪ ،‬وحفظ حقها في ألامومة وأداء وظيفة إلانجاب‪،‬‬

‫تم تحديد ألاثقال التي يسمح لها بحملها‪ ،‬وقد كانت نتيجة ذلك أن كرست التشريعات الوطنية جميعها‬

‫بما في ذلك معايير العمل الدولية‪ ،‬هذه الخصائص‪ ،‬ولم تستطع أن تفرز نظاما قانونيا لتشغيل النساء‬

‫يتجاهل صفة ألانوثة وال يستهدف املساواة كمبدأ‪ .‬فقد اتجهت ألانظمة التشريعية بادئ ألامر إلى معالجة‬

‫الظروف السيئة وألاوضاع القاسية التشغيل النساء لضمان عدم التفريق بين املرأة والرجل سواء‬

‫‪66‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫صراحة أو ضمنيا‪ ،‬وذلك فيما يخص ألاجر املماثل وساعات العمل والعطلة ألاسبوعية وإلاجازات‬

‫الاعتيادية واملرضية وأسباب الفصل‪.122‬‬

‫واتجه الجزء آلاخر من هذه القوانين إلى الاهتمام بحفظ صحو املرأة ووقايتها من ظروف العمل‬

‫اعتبارا لتكوينها الجسماني‪ ،‬كمنع تشغيلها في بعض الصناعات وحظر العمل الليلي واهتم الجزء الثالث‬

‫بحماية ألامومة‪ ،‬إذ وضع قواعد لرعاية ألام وطفلها‪ ،‬كرخصة الوالدة وألاجر املدفوع عنها‪ ،‬وتحديد‬

‫ساعات الرضاعة‪ ،‬وإنشاء دور الحضانة‪.‬‬

‫وهكذا أجمعت أغلب التشريعات على ثالثة معايير في تنظيم تشغيل النساء‪ ،‬وهي ضمان املساواة‬

‫في املهنة والاستخدام‪ ،‬وحفظ صحة املـرأة العاملـة‪ ،‬وضمـان أمومـة سليمة‪.123‬‬

‫وبعد أن عالجنا املعيار ألاول املرتبط باملساواة في املهنة والاستخدام في املبحث ألاول‪ ،‬فإننا‬

‫سنرصد سمات وإشكاالت املعيارين آلاخرين في التشريع املغربي من خالل هذا املبحث وتقسيماته‪ :‬تدابير‬

‫الحماية الخاصة باألمومة في املواثيق الدولية والقوانين الداخلية (املطلب ألاول)‪ ،‬وحماية ألاجيرات على‬

‫مستوى ظروف التشغيل (املطلب الثاني)‪.‬‬

‫‪ - 122‬نادية النحلي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.112‬‬


‫‪ - 123‬نادية النحلي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.112‬‬

‫‪67‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫املطلب ألاول‪ :‬تدابير الحماية الخاصة باألمومة في املواثيق الدولية‬

‫والقوانين الداخلية‬
‫إن أسمى الوظائف التي تضطلع بها املرأة هي وظيفة ألامومة وتربية مولودها‪ ،‬فهذه املهمة ال يمكن‬

‫للمشرع أن يغفلها‪ ،‬ألنها وظيفة طبيعية ترتبط بخصوصية املرأة وطبيعتها الفيزيولوجية لهذا فحماية‬

‫ألامومة تعد أهم مظاهر التنظيم القانوني لحماية املرأة‪ ،‬ذلك أنها تجد نفسها في حاجة إلى الانقطاع عن‬

‫العمل لفترات معينة خالل الحمل والوالدة أو من أجل تربية أطفالها (الفقرة ألاولى) من غير أن تجبر على‬

‫إنهاء عقد شغلها‪( 124‬الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة ألاولى‪ :‬الحقوق املكفولة لألجيرة أثناء فترة الحمل وعند الوضع‬
‫يعتبر الكثيرون ممن ينظرون إلى مسألة املساواة في املهنة والاستخدام بين املرأة والرجل أنه مطلب‬

‫من باب الترف والعيب‪ ،‬أماله إحساس بالدونية لدى املرأة‪ ،‬ورغبة في التحرر من أجل التحرر نفسه ال‬

‫غير‪ ،‬إال أن املتتبع لتمثالت هذا املبدأ‪ .‬خاصة في ظل قوانين العمل ‪ -‬يعي أن الاختالف فرض الحماية‬

‫الخاصة للمرأة العاملة دون أن يمس ذلك بمبدأ املساواة‪ ،‬بل أعطاه وجها أكثر عدالة‪ ،‬ومن أهم صيغ‬

‫املساواة في الاستخدام هدف حماية ألامومة ووقاية املرأة الحامل والجنين‪ ،‬وكذا القدرة على إلانجاب‬

‫يشكل عام ‪ ،125‬إضافة إلى تمكينها من الحصول على إلاجازة الكافية للوضع وما لذلك من أهمية في تأمين‬

‫وقت الراحة الكافي الستعادة صحة الجسم‪.‬‬

‫‪ - 124‬بشرى العلوي‪ :‬املرأة العاملة بين املسؤولية املهنية وألاسرية‪ ،‬مجلة املحاكم املغربية‪ ،‬مارس‪-‬أبريل‪ ،2111 ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪ - 125‬نادية النحلي‪ :‬سمات التنظيم القانوني لعمل املرأة في قانون الشغل املغربي‪ ،‬مجلة القانون املغربي‪ ،‬العدد ‪ ،13‬مارس ‪ ،2111‬ص‬
‫‪.211-212‬‬

‫‪68‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫أوال‪ :‬حماية صحة ألاجيرة الحامل‬


‫إن تواجد النساء ألاجيرات داخل املؤسسات الشغلية أصبح أمرا مفروضا وضرورة حتمية فرضها‬

‫تنامي الاستثمارات وطبيعة الشغل الذي يتطلب يدا عاملة تسوية خاصة في مجاالت متعددة‪ ،‬وعلى‬

‫اعتبار أن املرأة هي بالدرجة ألاولى النواة ألي أسرة‪ ،126‬فهذه املسؤولية تقتض ي حماية خاصة‪ ،‬ألامر الذي‬

‫من شأنه أن ينعكس على مردوديتها التي يراهن عليها املشغل‪ ،‬وبالتالي كان من الضرورة إقرار مقتضيات‬

‫خاصة بحماية صحتها خالل فترة الحمل ضمانا لحقوقها‪ ،‬وتكريسا للمبادئ واملعايير الدولية في هذا‬

‫الشأن‪.‬‬

‫أ ‪ -‬حماية صحة ألاجيرة الحامل في الاتفاقيات الدولية‪:‬‬

‫اهتمت الاتفاقيات الدولية بحماية ألامومة والحقوق املرتبطة بها‪ ،‬وذلك في وقت مبكر‪ ،‬من خالل‬

‫إصدار اتفاقية حماية ألامومة (رقم ‪ 3‬لسنة ‪ ،)1111‬فمن املعلوم أن املرأة العاملة تحتاج إلى الحماية‪،‬‬

‫خاصة أثناء فترة ألامومة والحمل‪ ،‬حتى تتمكن القيام بوظيفتها كأم وعاملة في آن واحد‪ .127‬وجميع هذه‬

‫الاتفاقيات تناولت الجانب الصحي لألجيرة الحامل بالتنظيم والحماية لتحقيق الهدف املشار إليه أعاله‪.‬‬

‫فقد نصت اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد املرأة في ‪ 12‬كانون ألاول سنة ‪ 1121‬في‬

‫مادتها ‪ 11‬أنه تتخذ ألاطراف جميع ما يقتض ي الحل اتخاذه من تدابير للقضاء على التمييز ضد املرأة في‬

‫ميدان العمل لكي تكفل لها‪ ..." :‬الحق في الوقاية الصحية وسالمة ظروف العمل بما في ذلك حماية‬

‫وظيفة إلانجاب"‪.128‬‬

‫‪ - 126‬ملياء العنصري‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.22-22‬‬


‫‪ - 127‬أنس سعدون‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.222‬‬
‫‪ - 128‬حقوق العمال‪ ...‬حقوق الانسان‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.2-3‬‬

‫‪69‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫وأكدت التوصية رقم ‪ 111‬الصادرة عن منظمة العمل الدولية ضرورة اتخاذ الدول ألاعضاء‬

‫التدابير الالزمة لضمان سالمة وصحة ألام الحامل أو املرضع وطفلها‪ ،‬وذلك من خالل إزالة كل خطر‬

‫يهددها في أماكن العمل أو محاولة توفير بديل لهذا العمل متى كان من شأن العمل ألاصلي الذي تزاوله‬

‫أن يؤثر على وضعها الصحي‪.129‬‬

‫ونصت الاتفاقية رقم ‪ 3‬الصادرة عن منظمة العمل الدولية أن املرأة أيا كان سنها أو جنسيتها‪،‬‬

‫متزوجة أو غير متزوجة‪ ،‬وأن الطفل سواء كان شرعيا أو غير شرعي‪ ،‬فإنه من الضروري منح إجازة للمرأة‬

‫الحامل‪.130‬‬

‫وأكدت منظمة العمل العربية على ضرورة منح ألاجيرة الحامل إجازة مرضية في حالة مرضها‪،‬‬

‫حيت تنص املادة ‪ 11‬من اتفاقية العمل العربية على أنه‪" :‬تمنح املرأة العاملة إجازة مرضية خاصة في‬

‫حالة املرض الناجم عن الحمل أو الوالدة"‪.‬‬

‫ب ‪ -‬حماية صحة ألاجيرة الحامل في التشريع املغربي والتشريعات املقارنة‪:‬‬

‫تنص القوانين في كثير من البلدان أنه ال يجوز السماح للنساء الحوامل وألامهات املرضعات بأداء‬

‫أعمال " تجاوز طاقتهن" و "تنطوي على مخاطر" و "خطرة على صحتهن أو على صحة أطفالهن" أو‬

‫"تستوجب جهدا بدنيا ال يناسب وضعهن"‪ ،‬ولكن مثل هذا الحظر العام قد يتير مشاكل في التنفيذ إذا‬

‫لم يتوفر نهج واضح ومتفق عليه لتحديد درجة التعرض املرتبطة بأي وظيفة بعينها وقدرة كل امرأة على‬

‫‪ - 129‬أنس سعدون‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.222‬‬


‫‪ - 130‬عبد الواحد موالدة‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.32‬‬

‫‪70‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫أداء العمل دون التعرض لخطر على صحتها أو صحة طفلها‪ .‬ويجب تحديد دور كل من صاحب العمل‬

‫ومفتش العمل وطبيب الصحة املهنية وطبيب النساء والعاملة ذاتها لضمان حماية العاملة وطفلها‪.‬‬

‫وتغيير املهام في العمل هو أحد ألاساليب املمكنة ملعالجة الوظائف التي تتطلب جهدا بدنيا كبيرا‪،‬‬

‫حيث إنه في البلدان إلافريقية الناطقة بالفرنسية يحظر على النساء أثناء فترة الحمل وطوال ‪ 3‬أسابيع‬

‫بعد عودتها إلى العمل عقب الوضع أن تحمل أي ثقل‪.‬‬

‫وفي كثير من البلدان‪ ،‬من حق الحوامل وألامهات املرضعات املستخدمات في أعمال خطرة أو غير‬

‫صحية أن يتقن إلى عمل من نوع أخر وأن ينهي استخدامهن مع دفع تعويض بدال من ألاخطار إذا ثبت‬

‫طبيا أن العمل الذي يؤدينه فوق طاقتهن أو ضار بصحتهن‪.‬‬

‫وقد يسمح أيضا بالنقل من عمل ليس خطرا في حد ذاته ولكن يشهد طبيب بأنه ضار بالحالة‬

‫الصحية المرأة معينة‪ ،‬كما هو الحال في فرنسا‪ .‬ويمكن أن يتم النقل في سويسرا وكندا بناء على طلب‬

‫العاملة املعنية‪ ،‬وإذا كانت القوانين تجيز صاحب العمل اقتراح النقل‪ ،‬ونشب خالف بين صاحب العمل‬

‫والعاملة‪ ،‬يحدد طبيب العمل ما إذا كانت هناك ضرورة طبية لتغيير الوظيفة وما إذا كانت العاملة الئقة‬

‫لشغل الوظيفة املقترحة عليها‪ ،‬ويحول عادة إما ملفتش الشغل أو املرأة ذاتها طلب إجراء هذا التقييم‬

‫الطبي‪.‬‬

‫وتم اللجوء إلى خيارات النقل في حالة الرجال والنساء معاء‪ ،‬إذا كانوا معرضين لخطر على وظيفتهم‬

‫إلانجابية‪ ،‬في الاتحاد ألاوروبي وفنلندا والواليات املتحدة وبلدان أخرى‪ ،‬ويشترط أن تنفذ سياسات النقل‬

‫‪71‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫هذه دون خسائر من حيث ألاجر وألاقدمية وأن تمنح الحق في العودة إلى العمل ألاصلي عند اختفاء‬

‫السيب القاهر الذي استوحيته الحماية‪.131‬‬

‫واتخذت في بضعة بلدان احتياطات لضمان وفاء صاحب بالتزاماته تجاه العامالت الحوامل فيما‬

‫يتعلق بالسالمة والصحة في النمسا مثال‪ ،‬يلزم صاحب العمل بالتزاماته بإخطار مفتش العمل أو أي هيئة‬

‫مختصة في مجال حماية ألايدي العاملة عن أي عاملة حامل‪ ،‬ويقض ي القانون في البرازيل أنه يتعين على‬

‫صاحب أن يعتمد الشهادات الطبية التي تفيد في إثبات اطالعه حسب ألاصول على حالة العاملة‪.‬‬

‫وتتضمن تعليمات الاتحاد ألاوروبي في ديباجتها تدابير تتعلق بحماية صحة العامالت الحوامل‬

‫واملرضعات‪" :‬ال تكون مفيدة على إلاطالق إذا لم تقترن بالحفاظ على الحقوق املرتبطة بعقد الاستخدام‪،‬‬

‫وبما في ذلك املحافظة على ألاجر‪ ،‬أو الحق في تعويض كاف "ويحرص عدد من البلدان على ضمان أال‬

‫تؤدي عمليات النقل املبنية على أسباب تتعلق بالصحة والسالمة إلى املساس عن غير يكسب العامل أو‬

‫حقوقه املرتبطة باالستخدام‪.132‬‬

‫وقد حاول املشرع املغربي مالءمة تشريعه الاجتماعي مع الاتفاقيات الدولية املشار إليها‪ ،‬فقد‬

‫حرص على حماية ألاجيرة الحامل‪ ،‬وخصص الباب الثاني من القسم الثاني من الكتاب الثاني الحماية‬

‫ألامومة بصفة عامة‪ ،‬وحماية صحة ألاجيرة بوجه خاص‪ ،‬حيث إنه على املستوى الوطني نجد الفقرة‬

‫الثانية من املادة ‪ 123‬من مدونة الشغل تنص على ضرورة سهر املشغل على تخفيف ألاشغال التي تكلف‬

‫بها املرأة ألاجيرة أثناء الفترة ألاخيرة من الحمل‪ ،‬وفي الفترة ألاولى عقب الوالدة‪ ،‬مما يعني أن املشغل‬

‫‪ - 131‬حماية ألامومة في العمل‪ :‬مؤتمر العمل الدولي‪ ،‬الدورة ‪ ،22‬التقرير الخامس‪ ،‬مكتب العمل الدولي‪ ،‬جنيف ‪ ،1111‬ص ‪.21‬‬
‫‪ - 132‬حماية ألامومة في العمل‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.22‬‬

‫‪72‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫يستطيع تعديل بنود عقد شغل ألاجيرة الحامل إما عن طريق نقلها إلى عمل يكون أقل إرهاقا لها‪ ،‬أو‬

‫تخفيض ساعات شغلها إلى الحد الذي يتناسب مع قدرتها على التحمل‪ ،‬وقد يلجأ املشغل إلى الاستعانة‬

‫بطبيب الشغل من خالل اقتراحات حتى ال يعرض ألاخيرة إلى شغل خطير‪ ،‬خاصة وأن مدونة الشغل‬

‫تنص في املادة ‪ 321‬على استشارة طبيب الشغل‪.133‬‬

‫إال أنه يؤاخذ على املشرع كونه جعل هذه املقتضيات الحمائية على سبيل الجواز‪ ،‬وهو ما يستفاد‬

‫من عبارة "يسهر" التي تفيد الوجوب وإلالزام‪ ،‬مما يجعل تطبيقها أمرا موكوال إلارادة املشغل وضميره‪.‬‬

‫كما أنه لم يجعل من مهام طبيب املؤسسة السهر على احترام هذه املقتضيات على خالف ما‬

‫ذهبت إليه بعض التشريعات املقارنة‪ ،‬ومن هذه التشريعات القانون الفرنس ي الذي أوكل لطبيب‬

‫املؤسسة التأكد من مدى مالءمة العمل الذي تقوم به ألاجيرة الحامل لوضعها الصحي‪" :‬يمكن تشغيل‬

‫ألاجيرة الحامل في وظيفة أخرى بناء على طلبها أو بمبادرة من املشغل متى استدعت حالتها الصحية ذلك‪،‬‬

‫وفي حالة عدم اتفاق ألاجيرة الحامل واملشغل على املنصب الجديد فإن طبيب الشغل يبقى الفيصل في‬

‫تحديد الشغل املناسب لصحة ألاجيرة"‪.134‬‬

‫ومن جهة أخرى يالحظ أن مدونة الشغل لم تعمل على تحديد ساعات الشغل بالنسبة لألجيرة‬

‫الحامل‪ ،‬ألامر الذي يستفاد منه أن مدة الشغل تبقى هي ‪ 22‬ساعة في ألاسبوع‪ ،‬وكان ألاولى تقليص‬

‫ساعات العمل إلى ‪ 2‬ساعات في اليوم أو أقل كما فعلت بعض التشريعات املقارنة على غرار املشرع اليمني‬

‫الذي ذهب إلى التنصيص على تخفيض ساعات العمل اليومية للمرأة إلى ‪ 2‬ساعات حسب ما نصت‬

‫‪ - 133‬عصام الوراري‪ :‬تعديلي عقد الشغل على ضوء العمل القضائي‪ ،‬دار تشر املعرفة‪ ،‬الطبعة الاولى‪ ،2113 ،‬الرباط‪ ،‬ص ‪.22‬‬
‫‪ - 134‬أنس سعدون‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.221‬‬

‫‪73‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫عليه املادة ‪ 23‬من قانون العمل اليمني‪ ،‬فقد نصت على أنه "تحدد ساعات عمل املرأة اليومية بخمس‬

‫ساعات إذا كانت حامال في شهرها السادس ‪ "...‬إضافة إلى أنه منع بمقتض ى املادة ‪ 22‬تشغيل املرأة‬

‫ساعات إضافية ابتداء من الشهر السادس من الحمل‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬حق ألاجيرة في إجازة الوضع وفترة إلارضاع‬


‫بالنظر للدور الكبير الذي تلعبه املرأة داخل املجتمع‪ ،‬باعتبارها ُأ ّما ور ّبة أسرة‪ ،‬فقد ّ‬
‫خصها املشرع‬
‫في مدونة الشغل ببعض املزايا تثمينا لهذا الدور واعترافا منه بأهميته ‪ ،135‬فقد ّ‬
‫سن مقتضيات أكثر‬

‫حماية لألم ألاجيرة من خالل وضع باب خاص بها تحت عنوان "حماية ألامومة"‪ ،‬ومن أهم هذه‬

‫املقتضيات‪ :‬الرفع من مدة إجازة الوضع‪ ،‬والحق في توقيف العقد لتربية املولود‪ ،‬تحديد الساعات‬

‫املخصصة للرضاعة‪ ،‬ووضع مكان مخصص داخل املقاولة لهذه الغاية‪ ،‬إنشاء دور الحضانة بين‬

‫املؤسسات املتجاورة‪ ،‬وتخفيف أشغال ألاجيرة خالل فترة الحمل وبعد الوضع (املواد من ‪ 122‬إلى‬

‫‪.136)122‬‬

‫أ ‪ -‬تمكين ألاجيرة من إجازة الوضع‪:‬‬

‫تعتبر حماية ألامومة من أهم مظاهر حماية اليد العاملة النسائية‪ ،‬وقد اهتمت بها الاتفاقيات‬

‫الدولية والتشريعات الوطنية على حد سواء‪ .‬ونظرا ألهمية الراحة للمرأة الحامل‪ ،‬سواء قبل أو بعد‬

‫الوضع‪ ،‬منح املشرع لألجيرة التي أدليت حملها بشهادة طبية حق التمتع بإجازة والدة ملدة ‪ 12‬أسبوعا ما‬

‫لم ينص عقد الشغل أو اتفاقية الشغل أو اتفاقية الجماعية على مقتضيات أفيد حساب من جاءت به‬

‫‪ - 135‬رشيدة بنسرغين‪ :‬املختصر في قانون الشغل املغربي‪ ،‬مطبعة فارس بريس‪ ،‬الطبعة الاولى‪ ،2112 ،‬ص ‪.22‬‬
‫‪ - 136‬عبد الغني اسنينة‪ :‬قراءة في مستجدات مدونة الشغل الجديدة‪ ،‬مقالة‪ ،‬الناظور‪.2112 ،‬‬

‫‪74‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫املادة ‪ 122‬من مدونة الشغل‪ .137‬وأضافت املادة ‪ 123‬من املدونة أنه‪" :‬ال يمكن تشغيل ألاجيرات النوافس‬

‫أثناء فترة ألاسابيع السبعة املتصلة التي تلي الوضع"‪.‬‬

‫ويظهر أن املشرع املغربي على غرار باقي التشريعات املقارنة ميز بخصوص إجازة ألامومة بين فترتين‪:‬‬

‫ألاولى تكون قبل الوضع وجعلها اختيارية بالنسبة لألجيرة إذ يجوز لها الاشتغال خاللها أو الاستفادة منها‪،‬‬

‫والثانية تكون بعد الوضع واعتبرها إلزامية ومن النظام العام‪ ،‬إذ ال يجوز للمشغل أن يسمح لألجيرة‬

‫بالعمل خاللها ولو بإرادتها‪ ،‬ألن ألامر له مساس بصحتها وصحة مولودها‪.‬‬

‫ومن مظاهر حماية ألامومة أن املشرع نفيه للحالة التي تسوء فيها الوضعية الصحية لألجيرة‬

‫بسبب الحمل أو الوالدة وتعجز عن استئناف عملها بعد انتهاء املدة املحددة لهذه إلاجازة‪ ،138‬حيث قرر‬

‫في املادة ‪ 122‬أنه باإلضافة إلى إجازة الوالدة العادية‪ ،‬هناك حالة تمديد استثنائية للمدة‪ ،‬بسبب نشوء‬

‫حالة مرضية عن الحمل أو النفاس شريطة إثباتها بشهادة طبية‪ ،‬ونصت على‪:‬‬

‫حق املرأة ألاجرة الحامل أن توقف عقد الشغل قبل ‪ 2‬أسابيع من الوضع وتنتهي بعد تاريخ الوضع‬ ‫‪‬‬

‫ب ‪ 2‬أسابيع‪.‬‬

‫إذا ثبت بشهادة طبية نشوء حالة مرضية عن الحمل أو النفاس‪ ،‬تجعل من الضروري إضافة فترة‬ ‫‪‬‬

‫توقف العقد‪ ،‬زادت في فترة إجازة الوالدة مدة استمرار تلك الحالة املرضية‪ .‬لكن املشرع لم يترك هذا‬

‫الاستمرار مطلقا‪ ،‬بل وضع له حدا أقص ى ‪-‬بموجب املادة ‪ 122‬في فقرتها الثانية – وهو ‪ 2‬أسابيع قبل‬

‫تاريخ توقع الوضع‪ ،‬و‪ 12‬أسبوعا بعد تاريخ الوضع‪ ،‬بمعنى أن الفترة العادية لتوقف عقد الشغل‬

‫‪ - 137‬محمد بنحساين‪ :‬القانون الاجتماعي املغربي‪ ،‬عالقات الشغل الفردية والجماعية‪ ،‬الجزء ألاول‪ ،‬طبعة ‪ ،2112‬ص ‪.22‬‬
‫‪ - 138‬أنس سعدون‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.231‬‬

‫‪75‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫بسبب الوالدة هي ‪ 12‬أسبوعا‪ .‬أما املدة إلاجمالية في الحاالت الاستثنائية بسبب حالة مرضية فقد‬

‫حددها املشرع في فترة أقصاها ‪ 2‬أسابيع‪ ،‬وأيا كان تاريخ الوضع فإن املرأة في ألاحوال العادية تستفيد‬

‫من فترة راحة هي ‪ 12‬أسبوعا ال يمكن الاتفاق على نقصانها‪.139‬‬

‫إضافة إلى ما سبق‪ ،‬يحق لألجيرة عدم استئناف الشغل ألجل تربية مولودها‪ ،‬فقد نصت املادة‬

‫‪ 122‬على ذلك‪" :‬يحق لكل أجيرة أال تستأنف شغلها بعد مض ي سبعة أسابيع على الوضع‪ ،‬أو أربعة عشر‬

‫أسبوعا عند الاقتضاء‪ ،‬وذلك ألجل تربية مولودها‪ ،‬شريطة أن تشعر مشغلها في أجل أقصاه خمسة‬

‫عشر يوما من انتهاء إجازة ألامومة‪ .‬وفي هذه الحالة‪ ،‬فإن فترة توقف العقد ال تتجاوز تسعين يوما‪.‬‬

‫يمكن لألم ألاجيرة باتفاق مع املشغل الاستفادة من عطلة غير مدفوعة ألاجر ملدة سنة التربية‬

‫مولودها‪.‬‬

‫تستأنف ألام ألاجيرة شغلها بعد انتهاء فترة التوقيف املشار إليها في الفقرتين ألاولى والثانية من‬

‫هذه املادة‪ ،‬وتستفيد من الفوائد التي كتبها قبل توقف عقدها"‪.‬‬

‫هذا ويمكن لألجيرة العدول عن استئناف شغلها‪ ،‬غير أنه يتعين عليها في هذه الحالة أن توجه إلى‬

‫مشغلها‪ ،‬قبل انتهاء مدة توقف عقدها بخمسة عشر يوما على ألاقل‪ ،‬رسالة مضمونة مع إلاشعار‬

‫بالتوصل‪ ،‬تخبره فيها بعدم استئناف شغلها بعد انتهاء مدة توقف الشغل املذكورة سابقا‪ ،‬دون أن تكون‬

‫ملزمة بمراعاة أجل إلاخطار وال أداء أي تعويض عن انتهاء عقد الشغل (املادة ‪ 122‬من مدونة الشغل)‪.140‬‬

‫‪ - 139‬املختار اعمارة‪ :‬املختصر في قانون الشغل املغربي‪ ،‬الطبعة الاولى‪ ،‬فضاء الطباعة‪ ،‬حي السالم سال‪ ،2111 ،‬ص ‪.111/112‬‬
‫‪ - 140‬عبد الجليل عينوس ي‪ :‬شرح القانون الاجتماعي املغربي (الجزء الاول) بتنظيم الشغل‪ ،‬مطبعة دار القلم‪ ،2112 ،‬ص ‪.21‬‬

‫‪76‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫ب ‪ -‬حق ألاخيرة ألام في فترة إلارضاع‪:‬‬

‫للمرأة وضع خاص ناتج عن طبيعتها الفيزيولوجية وألادوية‪ ،‬وهذا الوضع يتضاعف عندما تكون‬

‫في وضعية ألامومة‪ ،‬لذلك فإن املشرع انطلق من هذه العوامل وسن قواعد آمرة يتعين تطبيقها والعمل‬

‫بها‪ ،141‬ومنها القواعد املتعلقة بحق ألام في إلارضاع وترتبط الرضاعة ارتباطا وثيقا بكيان الطفل‪ ،‬وتعتبر‬

‫من أوجب حقوقه وأوالدها بالرعاية لتعلقها أوال وقبل كل ش يء بحقه في الحياة واملحافظة على صحة‬

‫وسالمة نموه‪.‬‬

‫وتكريسا للمقتضيات واملبادئ الدولية‪ ،‬وإيمانا من املشرع املغربي بالدور الكبير الذي تقوم به‬

‫الرضاعة الطبيعية في نمو املولود‪ ،‬فقد نص في املادة ‪ 121‬من مدونة الشغل على أحقية تمتع املرأة‬

‫العاملة بإرضاع طفلها يوميا‪ ،‬على مدى اثني عشر شهرا من تاريخ استئنافها الشغل إثر الوضع‪ ،‬باستراحة‬

‫خاصة‪ ،‬يؤدى عنها ألاجر باعتبارها وقتا من أوقات الشغل‪ ،‬مدتها نصف ساعة صباحا ونصف ساعة‬

‫ظهرا‪ ،‬مع مالحظة أن هذه الساعة تكون مستقلة عن فترات الراحة املعمول بها في املقاولة أو املؤسسة‬

‫املشغلة‪.‬‬

‫وحين حدد املشرع املغربي هذه املدة ‪ 12‬شهرا‪ ،‬نجد أن التشريعات املقارنة اختلفت في تحديد‬

‫هذه املدة‪ ،‬وهكذا فإن املشرع املصري واملشرع الليبي واملشرع السوري حددوها في ‪ 12‬شهرا‪.‬‬

‫‪ - 141‬محمد الهاشمي التسولي‪ :‬مدونة الشغل بين النظرية والتطبيق في العقود الفردية‪ ،‬الجزء ألاول‪ ،‬الطبعة ألاولى ‪ ،2111‬املطبعة والوراقة‬
‫الوطنية‪ ،‬ص ‪.233‬‬

‫‪77‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫ويعاقب كل مشغل رفض تمتيع ألام ألاجيرة بفترة الاستراحة الخاصة املستحقة لها خالل أوقات‬

‫الشغل من أجل إرضاع مولودها أثناء املدة املحددة قانونا بغرامة من ‪ 2111‬إلى ‪ 2111‬درهم حسب‬

‫مقتضيات املادة ‪ 122‬من مدونة الشغل‪.142‬‬

‫وانطالقا من الطابع الوقائي لقانون الشغل‪ ،‬وأخذا بعين الاعتبار املقدرة املالية للمؤسسات‬

‫وللمقاوالت الخاضعة ملدونة الشغل‪ ،‬ينص املشرع املغربي في املادة ‪ 122‬على وجوب أن تجهز كل مقاولة‬

‫تشغل ما ال يقل عن خمسين أجيرة يتجاوز سنهن السادسة عشر‪ ،‬غرفة خاصة للرضاعة‪ ،‬سواء بداخلها‬

‫أو على مقربة منها مباشرة‪ ،‬مع إمكانية استعمال هذه الغرف روضا ألاطفال ألاجيرات العامالت باملقاولة‪،‬‬

‫حيث تتولى السلطة الحكومية املكلفة بالشغل تحديد شروط قبول إلارضاع‪ ،‬وغرف إرضاع املواليد‪،‬‬

‫وشروط حراسة ألامكنة وتوفير مستلزماتها الصحية‪ ،‬بل إن املشرع ‪ -‬ومن خالل نص املادة ‪ -123‬يلزم‬

‫املقاوالت واملنشآت الصناعية بإنشاء دار للحضانة‪ ،‬وذلك بمساهمة عدة مقاوالت متجاورة بمنطقة‬

‫معينة‪ ،‬مع تجهيزها وفق الظروف املالئمة ‪.143‬‬

‫من خالل ما سبق تظهر أهمية هذه املقتضيات وقيمتها‪ ،‬لكن تفعيلها يظل معلقا بتوفير مفتشية‬

‫فعالة‪ ،‬إذ يجب عدم الاكتفاء بالغرامة املنصوص عليها في حالة املخالفة (املادة ‪ 122‬من همش) بل يكون‬

‫من ألاهمية بمكان إضافة إجراء يقرض على املؤسسة إقامة هذه الغرف وتجهيزها وفقا ألحكام املدونة‪،‬‬

‫من قبيل فرض غرامة تهديدية إذا لم تنفذ املؤسسة مضمون إلانذار الذي يمنح فيه مفتش الشغل أجال‬

‫‪ - 142‬ملياء السوس ي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬


‫‪ - 143‬عبد اللطيف خالفي‪ :‬الوسيط في مدونة الشغل‪ ،‬الجزء الاول‪ ،‬الطبعة الاولى ‪ ،2112‬املطبعة والوراقة الوطنية‪ ،‬ص ‪.221‬‬

‫‪78‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫معينا لالستجابة‪ ،‬بل ويمكن اعتبار إلاخالل بعدم إقامة غرف مالئمة للرضاعة إخالال بتدابير الصحة‬

‫والسالمة‪.144‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬حماية حق ألاجيرة ألام في ألاجر والعمل‬


‫إن املشرع املغربي وترسيخا ملقتضيات ظهير ‪ 1122/12/12‬بشأن حماية املرأة الحامل‪ ،‬وتحيينا‬

‫ملقتضياته أقر في الباب الثاني من القسم ألاول من الكتاب الثاني من قانون مدونة الشغل ‪ 22.11‬قواعد‬

‫حمائية خاصة للمرأة الحامل في إطار نظرة حقوقية تزاوج بين حق املرأة العاملة وحق الجنين و الطفل‬

‫وألاسرة عموما‪ ،‬وذلك حين حرص على إدراج املوضوع تحت عنوان له أكثر من داللة "حماية ألامومة"‪،‬‬

‫وخص املوضوع باملواد (من ‪ 122‬إلى ‪ ،)122‬ضمنها قواعد و مبادئ جوهرية لحماية ألاجيرة الحامل‬

‫وحقوقها ألاساسية مع التأكيد على التزامات قانونية مفروض على املشغل التقيد بها واحترامها ‪.145‬‬

‫أوال‪ :‬حماية حق ألاجيرة ألام في ألاجر‬


‫أ ‪ -‬حماية أجر ألاخيرة في إجازة الوضع‪:‬‬

‫إن املالحظة ألاساسية التي يمكن إثارتها عند الحديث عن إجازة الوضع هو ما ذهب إليه املشرع‬

‫الذي اعتبر عقد العمل خالل تلك الفترة متواصلة‪ ،‬ومعلوم أن توقف عقد الشغل يؤدي تلقائيا إلى‬

‫توقف ألاجر‪.‬‬

‫‪ - 144‬ملياء السوس ي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬


‫‪ - 145‬امللكي حسين‪ :‬الحماية الخاصة لألمومة\ ألاجيرة الحامل من خالل مستجدات قانون مدونة الشغل ‪ ،22.11‬مجلة رسالة املحاماة‪،‬‬
‫عدد ‪.22‬‬

‫‪79‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫فعلى مستوى اتفاقيات منظمة العمل الدولية لم تلزم مقتضياتها صاحب العمل بدفع أجرة‬

‫العامالت أثناء إجازة الوضع‪ ،‬سواء في الاتفاقية رقم ‪ 3‬الخاصة باستخدام النساء قبل الوضع وبعده أو‬

‫في الاتفاقيات التي أعقبتها في نفس املوضوع‪ ،‬وهكذا قضت الاتفاقية بمنح ألاجيرة إعانة مالية تكفي‬

‫لعيشها هي ووليدها في صحة طيبة‪ ،‬ولم تلزم هذه املادة املؤاجر بدفع هذه إلاعانة بل جعلتها تدفع إما‬

‫من ألاموال العامة أو عن طريق التأمين‪ ،‬وفي نفس الاتجاه ذهبت املادة ‪ 2‬من الاتفاقية رقم ‪ 113‬بشأن‬

‫حماية ألامومة التي قضت بأحقية ألاجيرة في تلقي إعانات نقدية أثناء تغيبها عن العمل في إجازة ألامومة‪،‬‬

‫ونصت هذه املادة بشكل صريح على عدم جواز جعل صاحب العمل مسؤوال على حدة عن تكاليف‬

‫إلاعانات املستحقة لألجيرات العامالت لديه‪ ،‬ونفس املقتض ى جاءت به املادة ‪ 2‬من الاتفاقية رقم ‪.146123‬‬

‫والتشريع املغربي بدوره يصنف ضمن التشريعات التي ال تمنح أجرا للعاملة‪ ،‬وإنما تكتفي بمنحها‬

‫إعانة أو (تعويضا عن ألامومة) سواء في ظل التشريع القديم وذلك بالرجوع إلى أحكام ألامومة الواردة في‬

‫ظهير ‪ 2‬يوليوز ‪ 1122‬امللغى‪ ،‬أو في ظهير ‪ 22‬أبريل ‪ ،1123‬فإننا ال نالحظ أية إشارة إلى أجر العاملة‪ ،‬مما‬

‫يفيد أن املشغل غير ملزم بدفع أجرها في هذه الحالة‪.147‬‬

‫إذ إن املتأمل‪ ،‬سواء في مقتضيات تشريع الشغل امللغى أو في مدونة الشغل الحالية‪ ،‬ال يلمس أي‬

‫إشارة ال من قريب وال من بعيد إلى مصير أجر املرأة خالل فترة ألامومة‪ .‬لذلك تفهم من سكوت املشرع‬

‫انعدام حقها في ألاجر طيلة مدة إجازة الوضع‪.‬‬

‫‪ - 146‬حنان أسوان‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.22‬‬


‫‪ - 147‬الحاج الكوري‪ :‬حماية ألاجور على ضوء سياسة التشغيل في املغرب‪ ،‬ص ‪.112‬‬

‫‪80‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫وإذا كان بعض الفقه ال يضر هذا السكوت بالحرمان من ألاجر ألن املشرع خصها بتعويضات‬

‫ألامومة على مستوى ظهير ‪ 22‬يوليوز ‪ 1122‬املتعلق بالضمان الاجتماعي‪ ،‬يكون لكل أجيرة الحق في التمتع‬

‫بتعويضات ابتداء من تاريخ التوقف عن العمل وذلك طوال أربعة عشر أسبوعا‪ ،‬سبعة منها على ألاقل‬

‫‪-‬بعد الوضع‪ ،‬وفي نفس الوقت اشترط توافر مجموعة من الشروط الاستفادة ألاجيرة من هذه التعويضات‬

‫واملتمثلة في‪:‬‬

‫‪ -‬اشتراك املرأة ألاجيرة في الضمان الاجتماعي ملدة ‪ 22‬يوما متصلة أو غير متصلة خالل عشرة أشهر‬

‫السابقة لإلجازة بسبب الوضع‪.‬‬

‫توقف ألاجيرة عن العمل املأجور خالل مدة الاستفادة من التعويض‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪ -‬أن تكون ألاجيرة مستوطنة في املغرب‪.‬‬

‫هذا ويتعين على ألاجيرة إخبار الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي تطبيقا للفصل ‪ 31‬من ظهير‬

‫‪ 22‬يوليوز ‪ 1122‬والذي يحيل على الفصل ‪ 33‬الخاص بالتزام العامل املريض بإشعار الصندوق الوطني‬

‫للضمان الاجتماعي بحالته املرضية‪ ،‬وهناك من الفقه من اعتبر إخبار الصندوق الوطني للضمان‬

‫الاجتماعي بمثابة شرط رابع الاستفادة ألاجيرة ما لم تحل دون ذلك قوة قاهرة‪.148‬‬

‫وابتداء من يناير ‪ ،1113‬أصبحت ألاجيرة تستقيد ‪ %111‬من ألاجر اليومي املتوسط‪ 149‬خالل أربعة‬

‫عشر أسبوعا‪ ،‬سب عة منها على ألاقل بعد الوضع‪ ،‬كما حدد املشرع مقدار التعويضات في الفقرة الثانية‬

‫من الفصل ‪ 32‬من ظهير ‪ ،1122‬حيث جاء فيها‪" :‬يساوي ألاجر اليومي املتوسط املتخذ أساسا لحساب‬

‫‪ - 148‬غزالن التاقي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.22‬‬


‫‪ - 149‬محمد العروص ي‪ :‬املختصر في الحماية الاجتماعية‪ ،‬الطبعة الاولى‪ ،2111 ،‬شركة الخطاب للطباعة‪ ،‬مكناس‪ ،‬ص ‪.222‬‬

‫‪81‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫التعويض اليومي املستحق من العجز ألاول ناتج عن قمة مجموع ألاجور الخاضعة لالشتراط التي فيها‬

‫املؤمن له خالل ألاشهر املدنية السنة السابقة البتداء العجز ألاول عن العمل على عدد ألايام التي اشتغل‬

‫فيها فعال أثناء ألاشهر الستة آلانفة الذكر‪.‬‬

‫ب ‪ -‬حماية ألاجر في فترة إلارضاع‪:‬‬

‫بمجرد استئناف ألاجيرة للشغل بعد انقضاء فترة إجازة الوضع أو إلاجازة املرتبطة بحالة مرضية‬

‫ناتجة عن النفاس‪ ،‬يبرز مشكل أساس ي يمس حق الطفل في التغذية ويؤثر على نفسية ألاجيرة التي تكون‬

‫أكثر ارتباطا بمولودها‪ ،‬ألامر الذي من شأنه التأثير على مردوديتها داخل املقاولة‪ ،‬وقد يحصل مساس‬

‫بصحة املولود ملا للرضاعة الطبيعية من أهمية قصوى في النمو السليم‪ ،‬وتوفير مناعة ضد ألامراض‪.150‬‬

‫فأمام ارتباط تغذية املولود بأمه ألاجيرة التي قد تكون عند استئناف العالقة الشغلية بعيدة عن‬

‫وليدها ملدة ثمان ساعات‪ ،‬فكان ال بد من تدخل تشريعي يوفر الحماية ملولودها من جهة‪ ،‬ومنحها في‬

‫ألاجر من جهة ثانية‪ ،‬وهو ما تم تكريسه بمقتض ى املادة ‪ 121‬من مدونة الشغل التي تنص على أنه‪" :‬يحق‬

‫لألم ألاجيرة أن تتمتع يوميا‪ ،‬على مدى اثني عشر شهرا‪ ،‬من تاريخ استئنافها الشغل إثر الوضع باستراحة‬

‫خاصة‪ ،‬يؤدى عنها ألاجر باعتبارها وقتا من أوقات الشغل‪ ،‬وتكون هذه الساعة مستقلة عن فترات الراحة‬

‫املعمول بها في املقاولة ‪."...‬‬

‫فاألجيرة املرضعة في ظل التشريع املغربي لها الحق في الحصول على رخصة يومية مدتها نصف‬

‫ساعة صباحا ونصف ساعة مساءا إلارضاع طفلها‪ ،‬ويمكن جمع هاتين املدتين في مدة واحدة صباحا‬

‫‪ - 150‬ملياء العنصري‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.22-22‬‬

‫‪82‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫عند بداية العمل أو مساءا عند انتهائه بعد اتفاق مع املشغل‪ ،‬ويؤدي لها ألاجر عن فترة إلارضاع‪ ،‬وتعتبر‬

‫كوقت من أوقات العمل‪ ،‬وهذه من أهم الامتيازات املمنوحة للمرأة بمناسبة ألامومة‪.‬‬

‫وعلى العموم‪ ،‬فالتشريع املغربي على غرار التشريعات ألاخرى أحاط أجر املرأة خالل فترة ألامومة‬

‫بعناية بالغة وعيا منها بأهميته بالنسبة لها في ضمان عيش مناسب أثناء فترة توقفها عن العمل بسبب‬

‫الوضع‪ ،151‬وحتى بعد رجوعها إلى العمل واستئنافه من خالل تمكينها من ألاجر عن فترة إلارضاع‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الحماية من الفصل بسبب ألامومة‬


‫إن الشغل حق للمرأة‪ ،‬وكذلك ألامومة فهي حق وواجب عليها‪ ،152‬فقد نالت هذه املهمة العظيمة‬

‫تكريما من هللا عز وجل في القرآن والسنة النبوية‪ ،‬حيث يبدو جليا التذكير بفضل ألامهات والتوجيه إلى‬

‫حجم العناية املطلوبة لهن والتنصيص على الحقوق املطلوب تنفيذها لهن من قبل ألاوالد خاصة‬

‫واملجتمع عامة‪.153‬‬

‫والرخص الشرعية التي خصت بها الحامل والنفساء دليل آخر ومظهر ينضاف إلى ما ذكر في سياق‬

‫تكريم ألامومة في إلاسالم‪ ،‬ومن ذلك إعفاء النفساء من حق هللا الخالص املتمثل في الصالة مدة أربعين‬

‫يوما‪ ،‬فقد أجمع أهل العلم من أصحاب الرسول صلى هللا عليه وسلم والتابعين ومن بعدهم أن الفضاء‬

‫تدع الصالة أربعين يوما‪.154‬‬

‫‪ - 151‬بنخوية هدى‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.21‬‬


‫‪ - 152‬خديجة مفيد‪ :‬في قضايا املرأة وألاسرة واملجتمع‪ ،‬الطبعة الاولى‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،2112 ،‬ص ‪.111‬‬
‫‪ - 153‬جميلة العماري‪ :‬مشاكل البيئة العربية وآفاق تطورها‪ ،‬أشغال امللتقى الخامس للمرأة العربية‪ ،‬دور املرأة العربية في التنمية املستدامة‪،‬‬
‫الرباط ‪ 12-12‬نونبر ‪ ،2112‬الطبعة الاولى‪ ،2111 ،‬ص ‪.122‬‬
‫‪ - 154‬جميلة العماري‪ :‬مشاكل البيئة العربية وآفاق تطويرها‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.122‬‬

‫‪83‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫حيت‪ ،‬من البديهي‪ ،‬إن الحمل والوضع والرضاع تكون له آثار بالغة على صحة املرأة بصفة عامة‪،‬‬

‫و على ألاجيرة يشكل خاص‪ ،‬فتكون لها بالتالي انعكاسات سلبية على قدرتها إلانتاجية في العمل‪ ،‬ولعل‬

‫هذه الانعكاسات من أهم العوامل ألاساسية التي تدفع بعض املشغلين إلى تسريح العاملة والتخلص منها‬

‫كلما ظهرت عليها بوادر حملها‪ ،‬أو في أقص ى الظروف قبل وضعها أو بعده بقليل حيت إنتاجيتها تبدأ في‬

‫الانخفاض‪ ،‬إضافة إلى تغيباتها املؤقتة عن العمل خالل الفترات السابقة والالحقة للوضع وخالل فترة‬

‫إرضاع وليدها والاعتناء به في سنته ألاولى‪.155‬‬

‫أ‪ -‬الحماية من الفصل بسبب ألامومة في القانون الدولي‪:‬‬

‫إذا كانت اتفاقيات الشغل الدولية والعربية تقر لألجيرة إجازة خاصة بالوالدة تمكنها من الوضع في‬

‫ظروف مناسبة وفي استعادة ولو جزء من صحتها‪ ،‬وأيضا تمكنها من رعاية مولودها في أسابيعه ألاولى‪،‬‬

‫فإن هذه الاتفاقيات الدولية لم تقف عند هذا الحد‪ ،‬وإنما مددت حماية املرأة أيضا إلى استقرار منصب‬

‫شغلها‪.156‬‬

‫فلم تعد قضية حماية املرأة العاملة أثناء فترة ألامومة قضية هامة على املستوى الوطني فحسب‪،‬‬

‫وإنما أصبحت وأكثر من ذلك قضية عامة على املستوى الدولي‪ .‬وفي هذا إلاطار بادرت منظمة الشغل‬

‫الدولية أثناء انعقاد مؤتمرها ألاول في مدينة واشنطن سنة ‪ 1111‬إلى إصدار اتفاقية دولية تتعلق بحماية‬

‫ألامومة "‪ ،" Protection de la maternité‬وقد تخلت هذه الاتفاقية حيز التنفيذ بتاريخ ‪ 13‬يونيو ‪.1121‬‬

‫وفي سنة ‪ 1122‬قامت منظمة الشغل الدولية بإصدار اتفاقية تتعلق بمراجعة الاتفاقية الصادرة سنة‬

‫‪ - 155‬عبد إلاله الخنوس‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.22‬‬


‫‪ - 156‬مالك عواد‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.23‬‬

‫‪84‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫‪ ،1111‬وقد حظيت الاتفاقية املراجعة عام ‪ 1122‬بمصادقة ‪ 32‬دولة‪ ،‬ومن أهم املبادئ الواردة في‬

‫الاتفاقية املذكورة هو حق املرأة العاملة في الاحتفاظ بمنصبها ويذلك فإنه ال يجوز لصاحب العمل أن‬

‫يقدم على فصل املرأة أثناء فترة ألامومة‪.157‬‬

‫فاالتفاقية رقم ‪ 113‬املعدلة لالتفاقية املذكورة جاء في املادة ‪ 2‬منها أنه "ال يجوز قانونا أن ينذر‬

‫صاحب العمل بالفصل امرأة متغيبة عن عملها في إجازة ألامومة املمنوحة لها طبقا ألاحكام املادة الثالثة‬

‫من هذه الاتفاقية‪ ،‬وال يبت لها بمثل هذا إلانذار بحيث تنتهي مدته أثناء التغيب"‪.‬‬

‫وهذا ما نصت عليه املادة ‪ 11‬من اتفاقية القضاء على أشكال التمييز ضد املرأة في بندها الخامس‪،‬‬

‫وذلك حينما عملت على "ضمان الحماية من التمييز ضد املرأة بسبب الزواج أو ألامومة وذلك من خالل‬

‫منع فصلها يسيب الزواج والحمل وألامومة ‪ ،"...‬وهو ما جاء أيضا في الفقرة الثانية من املادة ‪ 11‬من‬

‫إلاعالن العالمي للقضاء على التمييز ضد املرأة الصادر في ‪ 2‬نونبر ‪ 1122‬عندما منعت التمييز ضد املرأة‬

‫يسيب ألامومة‪ .‬وحثت الدول على اتخاذ التدابير الالزمة للحيلولة دون فصلها يسيل ألامومة‪.158‬‬

‫وعلى مستوى منظمة العمل العربية‪ ،‬فقد نصت املادة ‪ 12‬من الاتفاقية رقم ‪ 2‬املتعلقة باملرأة‬

‫العاملة لسنة ‪ 1122‬على أنه‪" :‬يحظر فصل املرأة أثناء حملها أو قيامها بإجازة الوضع أو أثناء إجازتها‬

‫املرضية بسبب الحمل أو الوضع"‪.‬‬

‫‪ - 157‬الحاج الكوري‪ :‬قانون الضمان الاجتماعي‪ ،‬دراسة تحليلية ومقارنة‪ ،‬الطبعة الاولى‪ ،2111 ،‬ص ‪.122-123‬‬
‫‪ - 158‬عمرو بنعلي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.22‬‬

‫‪85‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫ب ‪ -‬الحماية من الفصل بسبب ألامومة في التشريع املغربي و املقارن‪:‬‬

‫في إطار الحماية التي راهن مشرع مدونة الشغل على تفعيلها للطرف الضعيف في العالقة الشغلية‬

‫بشكل ال يؤثر على حقوق املؤاجر‪ ،‬تصدر في ديباجة املدونة إلاقرار مبدأ مؤداه منع كل إجراء يستهدف‬

‫استقرار ألاجراء في العمل ألحد ألاسباب التالية‪:‬‬

‫‪ -‬املشاركة في نزاع جماعي‪.‬‬

‫‪ -‬ممارسة حق التفاوض الجماعي‪.‬‬

‫‪ -‬الحمل وألامومة‪.‬‬

‫فاملشرع املغربي اعتبر في ديباجة مدونة الشغل‪ ،‬أنه ال يمكن فصل ألاخيرة الحامل من املؤسسة‬

‫التعلية كمبدأ عام‪.159‬‬

‫وأكدت املادة ‪ 121‬من مدونة الشغل أنه ال يمكن للمشغل إنهاء عقد شغل ألاجيرة التي ثبت حملها‬

‫بشهادة طبية أثناء الحمل‪ ،‬أو بعد الوضع بأربعة عشر أسبوعا‪ ،‬كما ال يمكنه إنهاء عقد شغل ألاجيرة‬

‫أثناء فترة توقفها عن الشغل بسبب نشوء حالة مرضية عن الحمل أو النفاس‪ ،‬مثبتة بشهادة طبية‪،‬‬

‫وبالتالي فإنه إذا ما فسخ عقد الشغل مع املرأة الحامل‪ ،‬يعتبر فخه هذا عديم ألاثر‪ ،‬ومن لم يحق لها‬

‫العودة لعملها بعد إكمالها للمدة املحددة قانونا‪.‬‬

‫وبالتالي فقد ميز املشرع بين بادرة الضخ الصادرة عن املشغل‪ ،‬أو تلك الصادرة عن ألاجيرة‪ ،‬فمنع‬

‫على ألاول فسخ العقد لهذا السيب‪ ،‬في حين أنه لم يزيل تعويض في حالة اتخاذ هذه البادرة من طرف‬

‫‪ - 159‬عبد الواحد موالدة‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.31‬‬

‫‪86‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫ألاخيرة الحامل‪ ،‬وبذلك فهي غير ملزمة بمراعاة أجل ألاخطار‪ ،‬وألداء تعويض عن إنهاء عقد الشغل حسب‬

‫املادة ‪ 122‬من مدونة الشغل‪.160‬‬

‫ولعل هذه إلاجراءات فيها مراعاة لظروف ألاجيرة الحامل الصحية والنفسية‪ ،‬وحماية ألمومتها‬

‫وملولودها‪.‬‬

‫وفي هذا السياق فإن املادة ‪ 121‬من م‪.‬س تؤكد على ذلك‪ ،‬حيث إن قرار فصل ألاخيرة يكون‬

‫باطال‪ ،‬وذلك إذا بلغت قرار فصلها قبل أن تثبت حملها بشهادة طبية‪ ،‬حيث يمكنها في أجل خمسة عشر‬

‫يوما من إبالغها قرار الفصل إثبات حملها بشهادة طبية توجهها إلى املشغل برسالة مضمونة مع إلاشعار‬

‫بالتوصل‪ ،‬ويصيح الفصل نتيجة ذلك باطال‪ ،‬مع مراعاة مقتضيات الفقرة الثانية من املادة ‪.121‬‬

‫وإذا كان املبدأ العام هو منع املساس باستقرار ألاجيرة الحامل‪ ،‬فإن هناك استثناءات ترد عليه‬

‫حددها املشرع وفق ضوابط ومسطرة خاصة تنص عليها في الفقرة الثالثة من املادة ‪ 121‬من مدونة‬

‫الشغل التي تنص على أنه "غير أنه يمكن للمشغل إنهاء العقد إذا اتبت ارتكاب املعنية باألمر خطأ جسيما‪،‬‬

‫أو لألسباب ألاخرى القانونية الفصل‪ ،‬شرط أال تبلغ ألاجيرة قرار إلانهاء أثناء فترة توقف عند الشغل‬

‫املنصوص عليها في املادتين ‪ 122‬و‪ 122‬أعاله‪ ،‬وال يكون لهذا إلانهاء أي أثر خالل هذه الفترة"‪.161‬‬

‫واملشرع املغربي نص على ألافعال التي تعز بعناية أخطاء جسيمة في املادة ‪ 31‬من مدونة الشغل‪،‬‬

‫وأوردها على سبيل املثال ال الحصر‪ ،‬ويبقى للمحكمة في إطار سلطتها التقديرية القول بجسامة الخطأ‬

‫من عدمه‪ .162‬فبذلك يكون مشرع مدونة الشغل مكرسا ملبدأ استقرار ألاجيرة في شغلها‪ ،‬وأنه ال يمكن‬

‫‪ - 160‬مالك عواد‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.22‬‬


‫‪ - 161‬عبد الواحد موالدة‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.21‬‬
‫‪ - 162‬محمد سعد جرندي‪ :‬الطرد التعسفي لألجير في ظل مدونة الشغل والقضاء املغربي‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،2112 ،‬مطبعة ألامنية‪ ،‬ص ‪.222‬‬

‫‪87‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫للمؤاجر طردها بسبب حملها أو املرض الناتج عن الحمل‪ ،‬بل حتى في حالة ارتكابها لخطأ جسيم يبرر‬

‫طردها وتأجيل ذلك إلى ما بعد استقرار الحالة الصحية والنفسية للمرأة الحامل‪ ،‬بوضعها للمولود‬

‫وانتظار مرور مدة ال تقل عن ‪ 12‬أسبوعا بعد الوضع أو السنة في حالة اتفاقها مع املشغل كما هو‬

‫منصوص عليه في املادة ‪122‬من مدونة الشغل‪.163‬‬

‫أما فيما يتعلق بالتشريعات املقارنة‪ ،‬فإن املشرع الفرنس ي فيد سلطات املشغل خالل فترة ألامومة‪،‬‬

‫حيث نصت املادة ‪ L122-22-2‬على أنه يمنع منعا مطلقا على املشغل اتخذ قرار يطرد املرأة في الحاالت‬

‫التالية‪:‬‬

‫حالة ما إذا كانت حامل بشهادة طبية‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫أتناء مدة إجازة ألامومة الاختيارية‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫خالل أربعة أسابيع التي تعقب مدة إجازة ألامومة‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫ولقد فرض املشرع الفرنس ي على املشغل الذي يخالف املقتضيات السابقة املتعلقة بمنع الفصل‬

‫بسبب الحمل أو الوالدة جزاءات مدنية وجنائية‪ ،‬كما ذهب إلى أبعد من ذلك عندما أقر حماية ألاجيرة‬

‫من تماطل املشغل من إدماجها في عملها بعد انتهاء إجازة ألامومة حيت رتب تعويضا عن كل يوم تأخير‬

‫في التنفيذ‪.‬‬

‫أما في القانون الجزائري فإنه في بداية ألامر كان املشرع الجزائري فاصال في هذه املسألة بمقتض ى‬

‫الفقرة الثانية من املادة ‪ 22‬من ألامر رقم ‪ 31/22‬التي كانت تنص على أنه‪" :‬يعد باطال وعديم ألاثر كل‬

‫تسريح مبلغ خالل هذه الفترة التي تقطع سريان مهلة العطلة"‪ ،‬أي أثناء فترة إلاجازة كما ينص في الفقرة‬

‫‪ - 163‬عبد الواحد موالدة‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.21‬‬

‫‪88‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫الثانية من املادة ‪ 32‬من املرسوم ‪ 312\22‬على أنه "يعد كل تسريح يبلغ في هذه الفترة التي تقطع أجل‬

‫العطلة الغيا وبدون أثر"‪ .‬غير أن القوانين التي تلت هذا القانون املذكور لم تدرج هذا املقتض ى بصورة‬

‫صريحة وواضحة‪ ،‬مما دفع الفقه الجزائري إلى دعوة املشرع إلى النص صراحة على مبدأ حظر فصل‬

‫املرأة ألاجيرة خالل فترة الوضع أو الوالدة‪.164‬‬

‫أما املشرع املصري فقد نص ملقتض ى املادة ‪ 12‬من قانون العمل املصري لسنة ‪ 2113‬على أنه‪:‬‬

‫"يحظر على صاحب العمل فصل العاملة أو إنهاء ختمتها أثناء إجازة الوضع املبينة باملادة السابقة "‪.‬‬

‫ونص املشرع ألاردني في املادة ‪ 22‬من قانون العمل لسنة ‪ 1112‬على ما يلي‪" :‬مع مراعاة أحكام‬

‫الفقرة ‪ -‬ب ‪ -‬من هذه املادة ال يجوز لصاحب العمل إنهاء خدمة العامل أو توجيه إشعار إليه إلنهاء‬

‫خدمته في أي الحاالت التالية‪ :‬املرأة العاملة الحامل ابتداء من الشهر السادس من حملها " ‪.165 ....‬‬

‫أما في القانون الفلسطيني‪ ،‬فال يجوز فصل املرأة العاملة بسبب إجازة ألامومة إال إذا ثبت أنها‬

‫اشتغلت بعمل آخر خاللها‪.166‬‬

‫وهكذا فاملشرع املغربي لم يكن بمعزل عن غيره من التشريعات التي تناولت الجانب الحمائي‬

‫للحامل وألام ألاجيرة‪ ،‬سواء فيما يتعلق بحماية عملها‪ ،‬أو حماية أجرها بتمكينها من الحصول على‬

‫تعويضات عن الوالدة‪ ،‬إضافة تمتيعها بإجازة الوضع وفترة إلارضاع‪ ،‬وكان من الضروري إحالة صحة‬

‫الحامل بمقتضيات حمائية كافية قبل الوضع وبعده‪ ،‬فعملية الوضع مرحلة عصيبة ومؤملة ملا تعيشه‬

‫املرأة من صعوبات تم التعبير عنها في الثقافة الشعبية بالقول إن املرأة تكون فيها ما بين الحياة واملوت‪،‬‬

‫‪ - 164‬خديجة بوعود‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.21‬‬


‫‪ - 165‬عبد الواحد موالدة‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.22-23‬‬
‫‪ - 166‬حقوق املرأة العاملة في فلسطين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬

‫‪89‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫وذلك ملا تكايده من معاناة وملا يمكن أن يترتب عن ذلك من نتائج قد يكون تمنها حياة ألام ‪ ،167‬مما جعل‬

‫القوانين الدولية والتشريعات الوطنية توفر جانبا كبيرا من الحماية لألمومة‪.‬‬

‫املطلب الثاني‪ :‬حماية ألاجيرات على مستوى ظروف التشغيل‬

‫تميزت مدونة الشغل بتعزيز الترسانة القانونية املتعلقة بالحماية التشريعية للمرأة‪ ،‬وجمع شتاتها‬

‫بعد أن كانت موزعة على عدة تشريعات وقوانين خاصة بالشغل‪ ،‬وسيطر على مشرع دونة الشغل‬

‫مالءمته النص الوطني مع الاتفاقيات واملعاهدات الدولية التي صادق عليها املغرب فيما يتعلق بحماية‬

‫النساء‪.168‬‬

‫فقد ضمنت مدونة الشغل أحكاما خاصة لتنظيم تشغيل النساء ألاجيرات في الباب الرابع والباب‬

‫الخامس من الكتاب الثاني‪ ،‬تحت عنوان تشغيل النساء وألاحداث ليال (املواد من ‪ 122‬إلى ‪،)122‬‬

‫وألاشغال املمنوعة على النساء وألاحداث وألاحكام الخاصة بتشغيل النساء وألاحداث املواد من ‪ 121‬إلى‬

‫‪ ،)123‬وسنتطرق إلى هذه املقتضيات في الفترة ألاولى‪ ،‬أما الفقرة الثانية فسنخصصها لتنظيم ظروف‬

‫تشغيل ألاجيرات في حالة إعاقة‪.‬‬

‫‪ - 167‬خلود السباعي‪ :‬الجسد ألانثوي وهوية الجندر‪ ،‬جداول للنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة الاولى‪ ،‬مايو ‪ ،2111‬ص ‪.123‬‬
‫‪ - 168‬مراد القادري‪ :‬الحماية التشريعية للمرأة أو الطفل في مدونة الشغل الجديدة‪ ،‬مجلة امللف‪ ،‬العدد السادس‪ ،‬ماي ‪ ،2112‬ص ‪.221‬‬

‫‪90‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫الفقرة ألاولى‪ :‬قيود تشغيل ألاجيرات‬


‫راهن املشرع املغربي على توفير نوع من الحماية الصحة املرأة ألاجرة وسالمتها‪ ،‬وذلك من خالل‬

‫العمل على مالءمة ظروف وبيئة العمل مع القدرة الجسدية للمرأة ألاجيرة والحيلولة بينها وبين تعاطي‬

‫بعض ألاعمال غير الصحية التي قد يكلفها بها املشغل وتؤثر عليها (أو ال)‪ ،‬إضافة إلى ذلك تتجلى أهم هذه‬

‫املظاهر الحمائية في تنظيم أشغالها ليال (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬ألاشغال املمنوعة على ألاجيرات ضمانا للحماية املكفولة لهن‬


‫اهتمت اتفاقيات الشغل بضرورة تحسين ظروف تشغيل اليد العاملة النسائية وذلك من خالل‬

‫منع استخدامهن في بعض ألاعمال التي تشكل خطورة بالغة عليهن‪ ،‬أو تفوق طاقاتهن أو من شأن‬

‫ممارستهن لها إلاخالل بالداب العامة‪ .‬وهكذا منعت تشغيل النساء في ألاعمال الجوفية أو ألاعمال‬

‫الباطنية‪ ،‬إضافة إلى ألاعمال وألاشغال الخطرة والشاقة التي من شأن ممارستها من طرف ألاخيرة إلاضرار‬

‫بصحتها وتعريضها للخطر‪.169‬‬

‫أ‪ -‬خطر ألاشغال الجوفية على النساء‪:‬‬

‫مما ال شك فيه أن ألاعمال الجوفية ال تتالءم وقدرة النساء البدنية‪ ،‬كما ال تناسبهن من الناحية‬

‫الصحية وألاخالقية‪ ،‬وذلك أن السماح لهن بالشغل في أغوار املناجم يعني بالضرورة تعريضهن ملجموعة‬

‫‪ - 169‬أنس سعدون‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.223‬‬

‫‪91‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫من ألاخطار التي من شأنها أن تضر بصحتهن أو سالمة أجسادهن وتمثل خطرا على وظيفة ألامومة‬

‫لديهن‪.170‬‬

‫وهكذا منع تشغيل النساء في ألاعمال الجوفية التي يقصد بها تلك ألاعمال التي تمارس باملناجم‬

‫أو املقالع أو املحاجر أو غيرها من الحفريات‪ ،‬وقد عمدت منظمة العمل الدولية في وقت مبكر منذ سنة‬

‫‪ 1132‬إلى حظر استخدام النساء في هذا النوع من ألاعمال بموجب الاتفاقية الدولية رقم ‪ ،22‬وقد بينت‬

‫املادة ألاولى من هذه الاتفاقية أن املقصود بكلمة منجم يشمل كل شغل عام أو خاص‪ ،‬الغرض منه‬

‫استخراج مواد من باطن ألارض‪.‬‬

‫وقد تدخل املشرع املغربي لتكريس مبدأ منع تشغيل النساء بهذا النوع من ألاشغال وذلك من‬

‫خالل مجموعة من الظهائر التي سبقت مدونة الشغل‪ ،‬وذلك من قبيل الفترة ألاولى من الفصل ‪ 22‬من‬

‫ظهير ‪ 2‬يوليوز ‪ 1122‬الذي منع من خاللها استخدام النساء في هذه ألاعمال كيفما كان سنهن‪ ،‬والفصل‬

‫‪ 21‬من ظهير ‪ 1121/12/22‬املتعلق بالنظام ألاساس ي ملستخدمي املقاوالت املنجمية حيث أكد على منع‬

‫استخدام النساء في قعر املناجم‪.‬‬

‫أما مدونة الشغل فقد نصت في مادته ‪ 121‬على أنه " يمنع تشغيل ‪ ...‬النساء ‪ ...‬في املقالع وفي‬

‫ألاشغال الجوفية التي تؤدي في أغوار املناجم واستثنى النص التنظيمي الصادر بهذا الخصوص‪ 171‬طائفة‬

‫من النساء اللواتي ال يسري عليهن هذا املنع‪ ،‬ويتعلق ألامر بالنساء العامالت باملصالح الصحية‬

‫‪ - 170‬محمود سالمة‪ :‬الحماية الدولية والعربية للمرأة العاملة‪ ،‬مجلة الحقوق‪ ،‬مجلس النشر العالمي‪ ،‬مجلة الكويت‪ ،‬العدد الثاني‪ ،‬يونيو‬
‫‪ ،1111‬ص ‪.313‬‬
‫‪ - 171‬بنيت املادة الاولى من هذه الاتفاقية أن املقصود بكلمة منجم يشمل كل شغل عام أو خاص الغرض منه استخراج مواد من باطن‬
‫ألارض‪.‬‬

‫‪92‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫والاجتماعية ومناصب إلادارة والتسيير فضال عن النساء اللواتي يوجدن في وضعية املتدربات‪ ،‬وكذلك‬

‫الذين يدعون بصفة عرضية للنزول إلى أغوار املناجم املزاولة أشغال غير يدوية (املادة ‪ 3‬من املرسوم‬

‫رقم ‪.172)2/12/1222‬‬

‫ولعل املالحظة البديهية في منع اشتغال النساء في ألاعمال الجوفية هي تكريس مدونة الشغل للمنع‬

‫املطلق لعمل املرأة ألاجيرة تحت سطح ألارض‪ ،‬وذلك كيفما كان شكل هذه ألاشغال‪ ،‬سواء تعلق ألامر‬

‫باملناجم أو املقالع أو غيرها من الحفريات‪.‬‬

‫وإذا كان هذا النوع من ألاشغال ال يطرح إشكاال كبيرا خاصة أمام عدم إقبال النساء عليه من‬

‫جهة بالنظر لتركيبة املجتمع املغربي بعاداته وتقاليده الذي يصعب إمكانية الولوج لهذا املجال واملحتكر‬

‫من قبل الرجال‪ ،173‬ولخطورة هذه ألاشغال من جهة أخرى‪.‬‬

‫غير أن هناك نسبة كبيرة من النساء تقبل باالشتغال في ألاشغال الخطرة والضارة وفي أسوء‬

‫الظروف التي من شأنها تعريض صحة وسالمة املرأة للخطر‪.‬‬

‫ب ‪ -‬حظر ألاشغال الخطيرة و الشاقة‬

‫كما هو معلوم‪ ،‬هناك بعض ألاعمال التي تتطلب من الجهد ما يعجز عنه جسم النساء‪ ،‬بالنظر‬

‫لتكوينهن الفيزيولوجي‪ ،‬أو قد يشكل خطرا على صحتهن‪ ،‬مما يجعلهن مؤهالت للعمل في بعض ألاعمال‬

‫دون أخرى‪ ،‬وال شك أن الرغبة في تجنب العواقب التي من املمكن أن تنتج عن ممارسة هذه املهن‪ ،‬مما‬

‫دفع املشرع املغربي إلى منع بعض ألاعمال الخطرة والشاقة على النساء‪.‬‬

‫‪ - 172‬أنس سعدون‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.222-223‬‬


‫‪ - 173‬منى سرتاني‪ :‬الحماية القانونية لألم ألاجيرة في القانون الاجتماعي املغربي‪ ،‬بحث لنيل دبلوم املاستر في القانون الخاص‪ ،‬جامعة الحسن‬
‫الثاني‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2112\2112‬ص ‪.22‬‬

‫‪93‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫وفي السياق الدولي نجد أن منظمة العمل الدولية سنة ‪ 1122‬الاتفاقية رقم ‪ 13‬حول استعمال‬

‫الرصاص ألابيض في الطالء‪ ،‬حيث منعت في املادة ‪ 3‬استخدام جميع النساء في أعمال الطالء الصناعي‪،‬‬

‫وأيضا اتجهت منظمة العمل العربية منذ تأسيسها إلى منع استخدام النساء في ألاعمال الخطيرة والشاقة‪،‬‬

‫وذلك بموجب املادة السادسة من الاتفاقية رقم ‪ 2‬لسنة ‪.1122‬‬

‫وقد منعت املادة ‪ 121‬من مدونة الشغل تشغيل النساء وألاحداث واملعاقين في ألاشغال التي تشكل‬

‫مخاطر بالغة عليهم أو تفوق طاقتهم‪ ،‬أو قد يترتب عنها ما قد يخل بالداب العامة‪ ،‬مع ترك تحديد الئحة‬

‫ألاشغال إلى النصوص التنظيمية التي ستصدر بهذا الشأن‪.174‬‬

‫إذن‪ ،‬واعتبارا للبنية الجسدية الضعيفة عامة بالنسبة للمرأة سواها بالحدث ومنع تشغيلها في‬

‫املقالع وألاشغال الجوفية التي تؤدى في أغوار املناجم‪ ،‬وفي ألاشغال التي تشكل مخاطر بالغة عليهن أو‬

‫تفوق طاقتهن‪ ،‬أو قد يترتب عنها ما قد يخل بالداب العامة‪.175‬‬

‫وقد تم تحديد هذه ألاشغال بداية بواسطة املرسوم رقم‪ 2.12.222‬بتاريخ ‪ 21‬ديسمبر ‪2112‬‬

‫بتحديد الئحة ألاشغال املمنوعة على ألاحداث دون الثامنة عشر والنساء وألاجراء املعاقين‪ ،‬غير أن‬

‫مرسوما آخر صدر بتاريخ ‪ 12‬نوفمبر ‪ ،2111‬وهو مرسوم رقم ‪ 2.11.123‬املتعلق بتحديد ألاشغال التي‬

‫يمنع أن يشغل فيها بعض التقنيات من ألاشخاص‪ ،‬ونسخ املرسوم السابق وغير ومدد الئحة ألاشغال‬

‫املمنوعة والتي هي إضافة إلى منع ألاشغال الجوفية وفي املقالع التي تؤدي في أغوار املناجم نجد منع‬

‫ألاشغال التالية‪:‬‬

‫‪ - 174‬مصطفى حتبيتي‪ :‬القانون الاجتماعي‪ ،‬عالقات الشغل الفردية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.22‬‬
‫‪ - 175‬محمد بنحساين‪ :‬القانون الاجتماعي املغربي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.22‬‬

‫‪94‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫ألاشغال التي قد تعرضهن للسقوط أو الانزالق‪ ،‬وكذا ألاشغال املنجزة في وضعية تربع أو انحناء دائم‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫أشغال أو أنشطة تستعمل فيها مادتي الحرير الصخري والبنزين أو في أي نشاط آخر يعرضهن ملواد‬ ‫‪‬‬

‫كيماوية خطيرة‪.‬‬

‫كما يمنع تكليف املرأة الحامل أو املرضعة‪:‬‬

‫برفع حمولة يتعدى وزنها ‪ 2‬كيلوغرامات‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫بأشغال تجعلها في اتصال مع مواد كيماوية تحتوي على الرصاص‪ ،‬أو عناصر بيولوجية من قبيل‬ ‫‪‬‬

‫داء املقوسات‪ ،‬أو داء الحميراء‪.176‬‬

‫وجدير بالذكر أنه حماية للنساء ألاجيرات وتوفير الحماية الالزمة لهن‪ ،‬نصت املادة ‪ 122‬من مدونة‬

‫الشغل أنه "يجب أن يتوفر في كل قاعة من القاعات داخل املؤسسات التي تتولى النساء فيها نقل البضائع‬

‫وألاشياء‪ ،‬أو عرضها على الجمهور‪ ،‬عدد من املقاعد لالستراحة يساوي عدد ألاجيرات بها"‪ ،‬حتى يتمكن‬

‫جميعا من العمل في ظروف مالئمة ويتجنبن مشقة أداء هذا العملية في وضعية الوقوف ملدة طويلة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الشغل الليلي للنساء بين الحظر والتنظيم‬


‫مما ال شك فيه أن الشغل الليلي أكثر مشقة من الشغل بالنهار‪ ،‬وتعتبر هذه املشقة أكثر خطورة‬

‫بالنسبة للنساء‪ ،‬فقد كشفت العديد من الدراسات وألابحاث التي تناولت انعكاسات العمل الليلي على‬

‫صحة النساء أن هذا ألاخير يعرض النساء ملخاطر صحية بما في ذلك اضطرابات النوم وتغير عادتهن‬

‫الغذائية ‪ ،177‬كما أشارت إلى أن مخاطر العمل الليلي ال تقف عند ألاضرار الصحية‪ ،‬وإنما له انعكاسات‬

‫‪ - 176‬محمد بنحساين‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.22‬‬


‫‪ - 177‬ملياء العنصري‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.12‬‬

‫‪95‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫على الحياة العائلية والاجتماعية‪ ،‬وما يحدث من اضطرابات في تنظيم الحياة اليومية داخل املنزل وفي‬

‫حياة ألاسرة بما في ذلك العالقات التي تربط بين مختلف أعضائها ‪.178‬‬

‫أ‪ -‬التشغيل الليلي للنساء في القانون الدولي‪:‬‬

‫العمل الليلي هو كل عمل يتم إنجازه في الفترة التي ينص تشريع الشغل على أنها فترة ليل‪ ،‬ويقصد‬

‫به في مفهوم الاتفاقيات الدولية" أي عمل يؤدي حالل فترة ال عن سبع ساعات متعاقبة وتشمل املدة‬

‫من منتصف الليل إلى الساعة الخامسة صباحا‪ ،‬على أن تحددها السلطة املختصة بعد استشارة أكثر‬

‫املنظمات تمثيال ألصحاب العمل والعمال أو تحدد باالتفاقيات الجماعية"‪.‬‬

‫وموضوع التشغيل الليلي مواقف متباينة ومختلفة بين العديد من التيارات الفكرية والحقوقية‬

‫ويمكن التمييز في هذا الصدد بين اتجاهين بارزين‪ .‬اتجاه أول يذهب للقول بضرورة حظر هذا النوع من‬

‫العمل ملا فيه من تحميل النساء بأكثر من طاقتهن‪ ،‬كما أمه يعرضهن ألخطار متعددة‪ ،‬سواء وهن في‬

‫طريقهن للعمل‪ ،‬أو أثناء عملهن‪ ،‬أو عند عودتهن للمنزل‪ ،‬فضال عن كونه ال يالئم خصوصيات املرأة‬

‫العاملة‪ ،‬ومن شأن السماح به إلاخالل بدور املرأة داخل ألاسرة‪.‬‬

‫واتجاه تان يعتبر حظر التشغيل الليلي للنساء من صور التمييز القائم على النوع الاجتماعي الذي‬

‫تتعرض له املرأة العاملة‪.‬‬

‫واملالحظ أن الاتفاقيات الدولية ذهبت في بداية ألامر إلى حظر التشغيل الليلي للنساء‪ ،‬حيت أقرت‬

‫منظمة العمل الدولية منذ سنة ‪ 1111‬هذا امليدان من خالل الاتفاقية رقم ‪ 2‬املتعلقة بالعمل الليلي‬

‫‪ - 178‬محمود سالمة‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.312‬‬

‫‪96‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫للنساء‪ ،‬والتي قضت بمنع تشغيل النساء ليال ما عدا كان العمل املوكول ملن يمارس في إطار مؤسسة‬

‫يعمل فيها أفراد نفس ألاسرة‪.179‬‬

‫إضافة إلى الاتفاقية رقم ‪ 21‬لسنة ‪ 1122‬بشأن تشغيل النساء ليال الصادرة أيضا عن منظمة‬

‫العمل الدولية‪ ،‬والتي حظرت تشغيل النساء ليال‪ ،‬راشدة كانت أم حدنا‪ ،‬باستثناء املشروعات التي‬

‫تستخدم ألفراد أسرة أصحاب العمل‪ ،180‬فقد نصت املادة ‪ 3‬منها أنه "ال يجوز تشغيل النساء من أي‬

‫سن ليال‪ ،‬في أي منشأة صناعية عامة أو خاصة‪ ،‬أو أحد فروعها‪ ،‬ويستثني من ذلك املشروعات التي ال‬

‫تستخدم سوى أسرة صاحب العمل"‪.‬‬

‫وأكدت منظمة العمل العربية مبدأ حظر التشغيل الليلي من خالل اتفاقية رقم ‪ 2‬لسنة ‪،1122‬‬

‫والتي سارت في نفس املنحى‪ ،‬حيث نصت على أنه "ال يجوز تشغيل النساء ليال وتحدد الجهات املختصة‬

‫في كل دولة املقصود باليل طبقا ملا يتماش ى مع جو وموقع وتقاليد كل بلد‪ ،‬ويستثنى من ذلك ألاعمال‬

‫التي يحددها التشريع في كل دولة"‪.‬‬

‫إال أن التحوالت التي عرفتها املجتمعات املعاصرة‪ ،‬وظهور مقاوالت تفرض طبيعتها الاشتغال ليال‪،‬‬

‫جعلت موضوع التشغيل الليلي للنساء يطرح من جديد‪ ،‬ذلك أن استمرار مبدأ حظر تشغيلهن بالليل‬

‫كان يشكل عائقا يحول دون ولوج املرأة لعالم الشغل‪ ،‬بسبب قلة فرص الشغل املتاحة من جهة‪ ،‬وكذا‬

‫استغالل هذا الحظر القانوني دريعة إلقصاء املرأة من حقها في الشغل‪.181‬‬

‫‪ - 179‬أنس سعدون‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.222‬‬


‫‪ - 180‬ملياء العنصري‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.12‬‬
‫‪ - 181‬أنس سعدون‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.222‬‬

‫‪97‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫ب ‪ -‬التشغيل الليلى للنساء في التشريع املغربي‪:‬‬

‫إذا كان املبدأ هو حق إلانسان املطلق في الشغل‪ ،‬فإن من الطبيعي أن يكون ذلك خالل النهار‪،‬‬
‫َ َ َ ْ َ َّ‬
‫الليْ َل ِ َبل ً‬
‫اسا‬ ‫ألنه الوقت املناسب للعمل وطلب الرزق سواء بالنسبة للرجل أو املرأة‪ ،‬قال تعالى‪  :‬وجعلنا‬

‫ً‬ ‫َو َج َعلْ َنا انلَّ َه َ‬


‫ار َم َعاشا ‪.182‬‬

‫لكن التطور الحاصل في ميدان العمل من حيت ظهور الصناعات املستمرة واملعامل التي ال تتوقف‬

‫فيها عجالت إلانتاج‪ ،‬أصبح معه العمل الليلي ضرورة وواقعا مألوفا‪ .‬لكن ال يمكن ألحد أن يجادل بأن‬

‫للعمل الليلي تأثيرا على الجانب الصحي واملعنوي على ألاجراء عموما وعلى ألاجيرات خصوصا‪ ،183‬الرتباطها‬

‫بأسرة وزوج يكونون بحاجة ماسة لتواجدها‪.‬‬

‫وبالرجوع إلى تسريع العمل املغربي‪ ،‬فإن الالتفات إلى تنظيم العمل الليلي عرف منذ ‪ ،1122‬من‬

‫خالل ظهير ‪ 13‬يوليوز ‪ 1122‬الذي منع الحمل الليلي للنساء‪ ،‬فقد استمر العمل بهذا الظهير إلى أن تم‬

‫إلغاؤه بظهير ‪ 2‬يوليوز ‪ 1122‬الذي تضمن قواعد صريحة تمنع النساء من العمل ليال حسب الفصل ‪12‬‬

‫منه‪ ،‬ولكن مع ذلك فقد أورد املشرع بعض الاستثناءات سواء املنصوص عليها في نفس الظهير‪ ،‬أو‬

‫املراسيم التطبيقية له أو في نصوص الحقة له‪ ،‬بمعنى أن املعنى لم يكن كليا‪ .‬وفي امليدان الفالحي‪ ،‬لضمن‬

‫الفصل ‪ 12‬من ظهير ‪ 1123‬املحدد لشروط التشغيل وأداء ألاجور بمؤسسات الاستغالالت الفالحية‬

‫‪ - 182‬سورة النبأ ‪ ،‬آلايتان ‪ 11‬و ‪.11‬‬


‫‪ - 183‬جميلة العماري ‪ :‬املرأة وحق الشغل أية حماية‪ ،‬مجلة الفقه والقانون ‪WWW.majalah.com :‬‬

‫‪98‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫والغابوية واملرافق التابعة لها‪ ،‬مبدا حظر تشغيل النساء ليال في هذه املؤسسات في املادة ‪ 12‬منه حيث‬

‫تنص أنه "ال يمكن تشغيل ألاطفال البالغين من العمر ‪ 12‬سنة والنساء القيام بعمل ليلي"‪.184‬‬

‫وقد كان صدور مدونة الشغل فرصة إلعادة النظر في الخطر املوجود سابقا على العمل الليلي‬

‫للنساء‪ ،‬حيث أصبحت املدونة الجديدة تسمح بتشغيل اليد العاملة النسائية في أي شغل ليلي مع ألاخذ‬

‫بعين الاعتبار وضعهن الصحي والاجتماعي ومراعاة الاستثناءات التي تحدد بنص تنظيمي‪ ،‬وذلك بعد‬

‫استشارة املنظمات املهنية للمشغلين واملنظمات النقابية لألجراء ألاكثر تمنية‪ ،‬بل وسمحت بتشغيلهن في‬

‫أي شغل ليلي بدون مراعاة الاستثناءات املحددة بنص تنظيمي وذلك في املؤسسات التي تحكم الضرورة‬

‫أن يكون نشاطها متواصال أو موسميا‪ ،‬أو منصبا على استعمال مواد أولية‪ ،‬أو في طور إلاعداد‪ ،‬أو‬

‫استخدام محاصيل فالحية سريعة التلف‪ ،‬وكذلك في حالة تعرض املقاولة لظروف استثنائية‪ .‬وعلقت‬

‫العمل الليلي في هذه الحاالت على ضرورة الحصول على رخصة استثنائية من العون املكلف بالشغل‪،‬‬

‫وذلك تحت طائلة غرامة تتراوح بين ‪ 311‬إلى ‪ 211‬درهم‪.‬‬

‫وكما هو معلوم‪ ،‬فإن تشريعات العمل الحديثة تجيز العمل الليلي للنساء‪ ،‬وهو أمر حكمته‬

‫التحوالت الاجتماعية والاقتصادية‪ ،‬وفرضته التطورات التي عرفتها الساحة الحقوقية لكنها وضعت‬

‫قيودا ينبغي على املقاوالت التي تقض ي طبيعتها العمل ليال الالتزام بها منها توفير وسائل النقل الالزمة‬

‫للربط بين مقر الشغل ومحل إلاقامة‪ ،‬وتمتيع العامالت بمدة راحة معينة بعد كل أربع ساعات من العمل‬

‫املتواصل‪.185‬‬

‫‪ - 184‬حنان أسوان‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.22-22‬‬


‫‪ - 185‬أنس سعدون‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.222‬‬

‫‪99‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫وقد صدر النص التنظيمي املحدد لشروط العمل الليلي للنساء‪ ،‬وهو املرسوم رقم ‪ 212.222‬في‬

‫‪ 12‬من ذي القعدة ‪1222‬هـ (‪ .186)2112/12/21‬وجاء في مادته ألاولى ما يلي‪ " :‬تحدد كما يلي الشروط‬

‫الواجب توفيرها لتسهيل تشغيل النساء في أي شغل ليلي‪:‬‬

‫توفير وسائل النقل من محل إقامتهن إلى مقرات الشغل ذهابا وإيابا‪ ،‬في حالة عدم توفر وسائل النقل‬ ‫‪‬‬

‫العمومي‪.‬‬

‫تمتيعهن براحة ال تقل مدتها عن نصف ساعة بعد كل أربع ساعات من العمل املتواصل‪ .‬تدخل مدة‬ ‫‪‬‬

‫هذه الاستراحة ضمن مدة الشغل الفعلي‪.‬‬

‫توفير وسائل الراحة‪.187‬‬ ‫‪‬‬

‫وما يالحظ على هذا النص التنظيمي كونه حاول توفير بعض الضمانات الحمائية لألجيرة في حال‬

‫اشتغالها ليال‪ ،‬إال أن ما يعاب عليه أنه اقتصر على إلزام املشغل بتوفير وسائل النقل في حالة عدم توفر‬

‫وسائل النقل العمومي‪ ،‬وقد كان من ألاجدر به إلزامه بذلك سواء كانت وسائل النقل العمومي متوفرة‬

‫أم ال‪.‬‬

‫ويبقى الشرط ألاخير أيضا محل تساؤل بالنظر إلى مصطلحاته الفضفاضة‪ ،‬إذ ما هي املعايير‬

‫من جهة أخرى يالحظ أن مدونة الشغل لم تتضمن‬ ‫كذلك‪188‬‬ ‫املعتمدة العتبار وسائل الراحة فعال‬

‫مقتضيات واضحة ودقيقة تتعلق بالتشغيل الليلي للنساء خالل فترة الحمل أو بعده حينما اكتفت في‬

‫‪ - 186‬محمد بلهاشمي التسولي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.232‬‬


‫‪ - 187‬املجلة املغربية لإلدارة املحلية والتنمية‪ ،‬سلسلة "نصوص ووثائق" ‪ ،‬قانون الشغل والتشغيل ‪ ،‬القانون الدولي والقانون الوطني‪ ،‬الجزء‬
‫ألاول‪ ،‬الطبعة الاولى‪ ،222 ،‬ص ‪.222‬‬
‫‪ - 188‬محمد بلهاشمي التسولي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.232‬‬

‫‪100‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫املادة ‪ 122‬على إلزام املشغل بمراعاة الوضع الصحي والاجتماعي لألجيرة‪ ،‬وهذه الصياغة تقبل أكثر من‬

‫تأويل‪.‬‬

‫وبهذا يكون املشرع املغربي قد استجاب الدعوات الهادفة إلى إلغاء الحظر املذكور الذي عانت منه‬

‫املرأة املغربية طويال‪ ،‬إذ تحولت قاعدة منع العمل الليلي إلى مجرد استثنائي قانوني‪ ،‬بينما تحول الاستثناء‬

‫القانوني إلى قاعدة‪.189‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬الضمانات القانونية ملالءمة شغل ألاجيرات ذوات إعاقة‬


‫يعد الشغل من الحقوق التي تكفلها القوانين واملواثيق الدولية‪ ،‬نظرا ملا يلعبه من دور في التنمية‬

‫الاقتصادية ضمان كرامة إلانسان وتلبية حاجياته‪ ،‬واملساهمة في خلق أهم خلية في املجتمع وهي‬

‫ألاسرة‪.190‬‬

‫إال أن التمتع بهذا الحق ال يمكن أن يتحقق بدون ضوابط أو شروط‪ ،‬فتقرير مبدأ حرية الشغل‬

‫لم يكن ليمنع املشرع من التدخل الترسيم حدود هذا املبدأ‪ ،‬وتقييده العتبارات تتعلق بمصلحة ألاجيرة‬

‫نفسها‪ ،‬كتلك املقتضيات التي ترمي إلى توفير الحماية لألجيرات ذوات إلاعاقة‪.‬‬

‫وفي هذا السياق‪ ،‬فقد تمتع ألاشخاص ذوي إلاعاقة باهتمام دولي ملحوظ‪ ،‬وحظي موضوع‬

‫تشغيلهم باهتمام واسع من قبل العديد من الدول واملنظمات الدولية‪ ،‬إذ أن العناية املوجهة لهذه‬

‫الفئات لم تعد تمثل فقط تحديا أمام الدول لتوفير الرعاية الشريحة من سكانها‪ ،‬وإنما أصبحت تمثل‬

‫‪ - 189‬أنس سعدون‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.222‬‬


‫‪ - 190‬مصطفى حتبيتي‪ :‬القانون الاجتماعي‪ ،‬عالقات الشغل الفردية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.21-21‬‬

‫‪101‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫أيضا أحد املعايير ألاساسية القياس مدى تحضر وتقدم الدول ومدى احترامها ملبادئ حقوق إلانسان‪،‬‬

‫كما تنص على ذلك التشريعات الوطنيـة والاتفاقيات الدولية‪.191‬‬

‫وقد أصدر املجتمع الدولي مجموعة من الاتفاقيات التي تهدف إلى حماية ألاشخاص ذوي إلاعاقة‪،‬‬

‫بما فيها اتفاقية القواعد املوحدة بشأن تحقق تكافؤ الفرص للمعاقين (‪ ،)111‬واتفاقية حقوق ألاشخاص‬

‫ذوي إلاعاقة (‪ ،)2112‬وقد صادق عليها املغرب وعلى بروتوكولها‪ .‬ومن بين مواد هذه الاتفاقية التي اهتمت‬

‫بتشغيل الشخص املعاق‪ :‬املادة ‪ 22‬التي تنص على أن ألاشخاص املعاقين يتمتعون بحقوق متساوية في‬

‫العمل وكسب العيش‪ ،‬وعلى الدول أن تحظر التمييز في املسائل ذات الصلة بالعمل‪ ،‬وأن تكفل لهم توفير‬

‫ترتيبات معقولة لهم في أماكن العمل‪.‬‬

‫أوال‪ :‬شروط تشغيل ألاجيرات ذوات إلاعاقة‬


‫إن فلسفة مدونة الشغل تروم تحقيق جانب من السلم والعدالة الاجتماعية‪ ،‬بالشكل الذي يوفر‬

‫حماية أكبر لصحة وسالمة ألاجراء دون استثناء‪ ،‬ويضمن لهم حقوقا أساسية تسمح لهم بأداء عملهم في‬

‫جو ومناخ مالئمين‪ ،‬لذلك فإنه في بعض ألاحيان يستوجب تمتيع بعض الفئات بحماية خاصة‪.192‬‬

‫أ ‪ -‬املنع من التمييز في التشغيل‪ ،‬ووجوب التصريح بتشغيل ألاجيرة املعاقة‪:‬‬

‫صادق املغرب على عدة اتفاقيات ومعاهدات‪ ،‬وبذلك يكون ملزما بتعزيز حقوق النساء ذوات‬

‫إلاعاقة وحمايتهن من جميع أشكال التمييز‪ ،193‬فقد وقع على اتفاقية حقوق ألاشخاص ذوي إلاعاقة في‬

‫‪ - 191‬جميلة العماري‪ :‬مدخل لدراسة الشغل الفردي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.131‬‬
‫‪ - 192‬أمل وديع‪ :‬تشغيل ذوي الاحتياجات الخاصة‪ ،‬أية حماية في ضوء مدونة الشغل‪ ،‬بحث لنيل دبلوم املاستر في القانون الخاص‪ ،‬جامعة‬
‫محمد الخامس‪ ،‬أكدال‪ ،‬كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية‪ ،‬الرباط‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2111\2111‬ص ‪.1‬‬
‫‪ - 193‬امتثال املغرب لحقوق ألاشخاص ذوي إلاعاقة‪ ،‬منظمة مناصري حقوق الانسان ومنظمة املرأة‪ ،‬الدورة الثامنة عشر للجنة حقوق‬
‫ألاشخاص ذوي إلاعاقة‪ ،2112 ،‬ص ‪.2‬‬

‫‪102‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫‪ 31‬مارس ‪ 2112‬وصادق عليها وعلى بروتوكولها في ‪ 2‬أبريل ‪ ،2111‬وهذه الاتفاقية تعترف للدول ألاطراف‬

‫بحق ألاشخاص ذوي إلاعاقة في العمل‪ ،‬وعلى قدم املساواة مع آلاخرين‪ ،‬ويشمل هذا الحق إتاحة الفرص‬

‫لهم لك الرزق في عمل يختارونه أو يقبلونه بحرية في سوق عمل منفتحين أمام ألاشخاص ذوي إلاعاقة‬

‫شاملتين لهم ويسهل انخراطهم فيهما‪ ،‬وتحمي الدول ألاطراف إعمال الحق في العمل وتعززه‪ ،‬بما في ذلك‬

‫حق أولئك الذين تصيبهم إلاعاقة خالل عملهم‪.‬‬

‫وطبقا ملقتضيات الفصل ‪ 31‬من الدستور نجد أن ألاشخاص ذوي إلاعاقة يتمتعون بنفس‬

‫الحقوق التي يتمتع بها ألاشخاص آلاخرون‪ ،‬ألن املشرع لم يميز بين الشخص املعاق والشخص السليم‬

‫من حيث التمتع في الحق في الشغل‪.‬‬

‫وطبقا للمقتضيات القانونية املنصوص عليها في املادة ‪ 1‬من مدونة الشغل‪ ،‬فإن ألاجير له كامل‬

‫الحرية في اختيار العمل الذي يرغب في ممارسته‪ ،‬وأكدت الفترة الثانية من املادة التاسعة أنه"‪ ...‬كما‬

‫يمنع كل تمييز بين ألاجراء‪ ،‬من حيث الساللة‪ ،‬أو اللون‪ ،‬أو الجنس‪ ،‬أو إلاعاقة ‪ ...‬يكون من شأنه خرق أو‬

‫تحريف مبدأ تكافؤ الفرص‪ ،‬أو عدم املعاملة باملثل في مجال التشغيل أو تعاطي مهنة ال سيما فيما يتعلق‬

‫باالستخدام‪." ...‬‬

‫ومن هذا املنطلق منع املشرع أي تمييز بين ألاجراء وألاجيرات بسبب إلاعاقة‪ ،‬حيث اعتبر أن كل‬

‫تمييز بين ألاجراء يعد خرقا ملبدأ تكافؤ الفرص‪ ،‬كما ألزم املشرع املشغل الذي يعتزم تشغيل أجير أو أجيرة‬

‫في حالة إعاقة يأن يقدم تصريحا بذلك إلى مقتش الشغل‪ ،‬وذلك حتى يتسنى لهذا ألاخير إجراء املراقبة‬

‫الالزمة بخصوص ظروف شغل ألاجير وألاجيرة املعنية‪.194‬‬

‫‪ - 194‬جميلة العماري‪ :‬مدخل لدراسة عقد الشغل الفردي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.132‬‬

‫‪103‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫وفي هذا السياق‪ ،‬تنص املادة ‪ 132‬من مدونة الشغل أنه "يجب على كل شخص‪ ،‬طبيعيا كان أو‬

‫اعتباریا‪ ،‬يخضع ملقتضيات هذا القانون يزيد فتح مقاولة أو مؤسسة أو ورش يشغل فيه أجراء أن يقدم‬

‫تصريحا بذلك إلى العون املكلف بتفتيش الشغل‪ ،‬وفق الشروط والشكليات املحددة بنص تنظيمي "‪.‬‬

‫ونقص املادة ‪ 132‬أنه يجب على املشغل أن يقدم تصريحا مماثال للتصريح الوارد في املادة ‪ ،132‬في‬

‫مجموعة من ألاحوال بما فيها‪:‬‬

‫‪ -‬إذا قررت املقاولة تشغيل أجراء معوقين‪ ،‬وذلك حتى يكون العون على علم بهذا التشغيل ويقوم‬

‫بواجبه في مراقبة شروط تشغيلهم‪.‬‬

‫ب ‪ -‬الفحص الطبي واملراقبة الطبية لألجيرة ذات إعاقة‪:‬‬

‫ألزمت املادة ‪ 122‬من مدونة الشغل ضرورة عرض ألاجراء املعاقين على الفحص الطبي عندما‬

‫يرغب في تشغيلهم‪ ،‬لم يجري ذلك بصفة دورية كل سنة من طرف طبيب الشغل‪ ،‬بل يحق للعون املكلف‬

‫بتفتيش الشغل في أي وقت عرض جميع ألاجراء املعاقين على طبيب بمستشفى تابع للوزارة املكلفة‬

‫بالصحة العمومية‪ ،‬للتحقق من أن الشغل املعهود إليهم ال يفوق طاقتهم أو ال يتناسب مع إعاقتهم‪ ،‬وإال‬

‫أمر بإعفاء أي أجير من الشغل بدون إخطار إذا أبدي الطبيب رأيا مطابقا لرأيه وأجرى عليه فحصا‬

‫مضادا بطلب من ذويهم‪ ،‬وال شك أن هذه التدابير ال تعتبر تمييزية ضد غيرهم من ألاجراء‪ ،‬وفق املادة‬

‫‪ 121‬من مدونة الشغل التي تنص على أنه ال تعتبر التدابير إلايجابية التي تستهدف تحقيق املساواة الفعلية‬

‫في الفرص واملعاملة بين ألاجراء املعاقين و غيرهم من ألاجراء بعناية تدابير تمييزية ضد غيرهم من ألاجراء‪.‬‬

‫وعموما‪ ،‬فإن الضمانات التي خولها املشرع لفائدة ألاجيرة ذات إعاقة في نفس الضمانات التي‬

‫خولها لألجير املعاق‪ ،‬فصياغة املواد املتعلقة باملوضوع جاءت شاملة لهما معا لوجود قاسم مشترك بينهما‬

‫‪104‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫وهو إلاعاقة ‪ ،195‬وهذه الضمانات تبتدئ منذ املراحل ألاولى للعمل داخل املقاولة وهي مرحلة تشغيلهم‬

‫فيها من خالل إلزامية التصريح بهذا التشغيل‪ ،‬وتستمر الضمانات القانونية لحمايتهم من خالل وجوب‬

‫عرضهم على الفحص الطبي عندما ينوي املشغل تشغيلهم‪ ،‬كما يمكن لطبيب الشغل عند الضرورة أن‬

‫يطالب بإجراء فحوصات تكميلية عند بداية تشغيلهم للكشف عن ألامراض املشتبه فيها حسب املادة‬

‫‪ 322‬من مدونة الشغل‪ ،‬وتظل هذه الضمانات لتشمل كافة مراحل العمل داخل املقاولة ‪ ،196‬حيث يبقى‬

‫املشغل ملزما بإخضاع ألاجراء ونون تميز الدورية الفحص الطبي لتتبع مدى مالئمة وتناسب العمل الذي‬

‫أسند إليهم مع إعاقتهم ومؤهالتهم الجسدية‪.‬‬

‫واملالحظ في هذا الصدد أن هذه الضمانات ال تختلف عن الضمانات التي منحها قانون الشغل‬

‫الفرنس ي لألجراء املعاقين دون استقاء‪ ،‬إال أن املشرع الفرنس ي كان أكثر توسعا في ذلك‪ ،‬ويبدو ذلك من‬

‫خالل إلزامه طبيب الشغل بأن يخضع ألاجير املعاق لفحوصات طبية قبل تشغيله وفي فترة الاختبار‪ ،‬وله‬

‫أن يمنح للشخص املعاق شهادة طبية تساعده على اختيار العمل املناسب لحالته الصحية وظروف‬

‫العمل املقترح عليه‪ ،‬باإلضافة إلى مجموعة من الصالحيات ألاخرى التي منحها لطبيب الشغل بما في ذلك‬

‫إجراء خبرة توضح وتيرة العمل ومدى توافقها الفيزيولوجي لألجراء‪ ،‬وهي خيرة من شأنها أن تساعد املشغل‬

‫على اقتراح العمل املناسب للشخص بعد استشارة ممثلي العمال‪.197‬‬

‫‪ - 195‬ملياء العنصري‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.22‬‬


‫‪ - 196‬عبد املنعم أكدي‪ :‬الحماية القانونية لذوي الاحتياجات الخاصة‪ ،‬بحث لنيل دبلوم املاستر في القانون الخاص‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪،‬‬
‫السوسيس‪ ،‬كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية‪ ،‬الرباط‪ ،‬السنة الجامعية‪ ،2111/2111 ،‬ص ‪.22‬‬
‫‪ - 197‬ملياء العنصري‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.22‬‬

‫‪105‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫ثانيا‪ :‬تنظيم ظروف تشغيل ألاجيرات املعاقات‬


‫إن من أهم ما جاءت به مدونة الشغل‪ ،‬هو إيراد أحكام خاصة‪ ،‬تتعلق بتشغيل وحماية ألاجراء‬

‫املعاقين‪ ،‬حيث تم التنصيص وألول مرة في تاريخ قانون الشغل املغربي على أحكام خاصة تشغيل ألاجراء‬

‫املعاقين‪.‬‬

‫وإن كان الكثير من هذه ألاحكام تشبه إلى حد ما ثالثي الخاصة باألجراء ألاحداث‪ ،‬ومنها ما ينطبق‬

‫عليهما معا‪ ،‬فإن هناك أحكاما خاصة بهم تهم سواهم وتراعي خصوصية وضعهم الصحي‪ ،‬وترجم إرادة‬

‫املشرع في الالتفات إلى هذه الفئة من ألاجراء‪ ،198‬التي سنحاول الوقوف على ظروف تشغيلها‪ ،‬تم ألاشغال‬

‫التي يمنع عليهم ممارستها‪.‬‬

‫أ‪ -‬ظروف تشغيل ألاجيرات املعاقات‪:‬‬

‫وعيا من املشرع بخصوصية ألاجيرات ذوات إلاعاقة فقد نص على ضرورة توفير ظروف مالئمة‬

‫ومناسبة تراعى وضعيتهم بما يسمح لهم بالعمل في ظروف مأمونة وصحية بجانب بقية ألاجيرات وألاجراء‬

‫داخل املقاولة‪ ،‬وجاء هذا إلالزام في املادة ‪ 121‬من مدونة الشغل التي ألزمت املشغل بضرورة تجهيز‬

‫أماكن العمل بالولوجيات الضرورية‪ ،‬بحيث تنص على أنه "يجب على املشغل أن يجهز أماكن الشغل‬

‫يالولوجيات الالزمة لتسهيل قيام ألاجراء املعاقين بشغلهم‪ ،‬وأن يحرص على توفير كل شروط الوقاية‬

‫الصحية والسالمة املهنية لهؤالء ألاجراء"‪ ،‬فضال على ضرورة أن تكون املقاولة مجهزة تجهيزا يضمن‬

‫سالمتهم ويسهل شغلهم كما تنص على ذلك الفقرة الثانية من املادة ‪.222‬‬

‫‪ - 198‬محمد بهير‪ :‬الحماية الزجرية لألجير في التشريع املغربي‪ ،‬دراسة نقدية على ضوء مدونة الشغل والعمل القضائي واملقارن‪ ،‬مطبعة‬
‫ألامنية‪ ،‬الرباط‪ ،2112 ،‬ص ‪.113-112‬‬

‫‪106‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫وقد أحالت مدونة الشغل بخصوص ضوابط الولوجيات إلى القرار رقم ‪ 11.13‬املؤرخ في ‪ 12‬ماي‬

‫‪ 2113‬املتعلق بالولوجيات‪ ،‬وهو ألامر الذي من شأنه أن يسهل إدماج ذوي إلاعاقة في املجتمع‪ ،‬ويفعل‬

‫إدماجهم في عالم الشغل‪.199‬‬

‫ومن بين املرتكزات التي جاء بها هذا القرار‪ ،‬هو ما نصت عليه مادته ألاولى‪ ،‬وهو جعل الفضاءات‬

‫الخارجية‪ ،‬والبنايات‪ ،‬ووسائل النقل‪ ،‬ووسائل الاتصال‪ ،‬سهلة الولوج أمام ألاشخاص املعاقين‪،‬‬

‫واستخدامها دون تعارض مع طبيعة إلاعاقة‪.‬‬

‫كما تضمن القرار مجموعة من إلاجراءات التي تستهدف حماية ألاجيرات وألاجراء املعاقين في حالة‬

‫الطوارئ‪ ،‬والتي تعطير من متطلبات الوقاية والسالمة املهنية كضرورة توفر املقاولة على نظام أمني‪ ،‬يمكن‬

‫الشخص املعاق من الاتصال خارجيا بالبواب‪ ،‬أو حارس املبني عند اندالع الحرائق أو في حالة حصول‬

‫طارئ معين‪ ،‬وهو ما نصت عليه املادة ‪ 22‬من القرار ‪.11.13‬‬

‫وفي املقابل هذه الحماية التي تهم تحسين وتناسب بيئة الشغل والحالة الفيزيولوجية والصحية‬

‫ألاجراء املعاقين‪ ،‬فسجل مظهرا أخر لها في مدونة الشغل‪ ،‬يتعلق ألامر أساسا بحظر وقف راحتهم‬

‫ألاسبوعية عندما تنوي املقاولة أو املؤسسة التي يقض ي نشاطها أن تظل مفتوحة باستمرار للعموم‪.200‬‬

‫ب ‪ -‬ألاشغال املمنوعة على ألاجيرات ذوات إعاقة‪:‬‬

‫براد باألجراء ذوي إلاعاقة ألاجراء الذين يعانون من إعاقة تجعلهم في حالة عجز أو عرقلة دائمة‬

‫أو عارضة ناجمة عن نقص أو عدم قدرة ‪ ،201‬ومظاهر الحماية التي أقرها املشرع املغربي لهذه الفئة‬

‫‪ - 199‬عبد الكريم غالي‪ :‬مساهمة مدونة الشغل في حماية شغل املعاقين‪ ،‬مجلة القانون املغربيين العدد ‪ ،2‬مارس ‪ ،2112‬ص ‪.112‬‬
‫‪ - 200‬ملياء العنصري‪ :‬صحة وسالمة املرأة ألاجيرة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.21-21‬‬
‫‪ - 201‬عبد الجليل عينوس ي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.21‬‬

‫‪107‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫تشمل ألاجير وألاجيرة معا‪ ،‬وتمتد باإلضافة إلى الفحص الطبي واملراقبة الصحية لتشمل الظروف التي‬

‫ينفذ فيها الشغل‪ ،‬حيث منع املشغل من تشغيل ألاجراء املعاقين ليال أو في أعمال قد تعرضهم ألضرار أو‬

‫تزيد من إعاقتهم‪ ،‬وفي املقالع وألاشغال الجوفية‪ ،‬وفي جميع ألاعمال التي قد تساهم في تفاقم إعاقتهم أو‬

‫تعرضهم ألضرار تزيد من حدة إعاقتهم (حسب املادة ‪ ،)122‬وجميع ألاعمال التي تشكل مخاطر بالغة‬

‫عليهم أو تفوق طاقتهم‪ ،‬أو قد يترتب عنها ما قد يخل بالداب العامة‪ ،‬والتي أحالت مدونة الئحتها إلى نص‬

‫تنظيمي‪ .‬وقد تم تحديد هذه ألاشغال بداية بواسطة املرسوم ‪ 212.222‬بتحديد الئحة الشغال املمنوعة‬

‫على ألاحداث دون الثامنة عشر والنساء وألاجراء املعاقين‪ ،‬غير أن مرسوما آخر صدر بتاريخ ‪ 12‬يونيو‬

‫‪ ،2111‬وهو مرسوم رقم ‪ 1.11.123‬بتحديد الئحة ألاشغال التي يمنع أن يشغل فيها بعض الفئات من‬

‫ألاشخاص‪ ،‬نسخ املرسوم السابق ومدد الئحة ألاشغال املمنوعة‪ ،202‬والتي أضحت على الشكل التالي‪:‬‬

‫أشغال التشحيم والتنظيف أثناء عملية فحص وإصالح ألاجهزة امليكانيكية عندما تكون في حالة‬ ‫‪‬‬

‫الاشتغال؛‬

‫استخدام آلاالت التي تشغل باليد أو بواسطة محرك ميكانيكي‪ ،‬وال تتوفر ألاجزاء الخطيرة منها‬ ‫‪‬‬

‫على ما يلزم من وسائل وقاية؛‬

‫خدمة الحنفيات البخارية؛‬ ‫‪‬‬

‫طرق وتمطيط القضبان املعدنية وترقيقها؛‬ ‫‪‬‬

‫ألاشغال التي يتوقف إنجازها على‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ ‬إقامة هياكل خشبية أو معدنية متحركة من أجل ترميم وتنظيف املنازل؛‬

‫‪ - 202‬محمد بنحساين‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.22‬‬

‫‪108‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫‪ ‬إقامة هياكل خشبية أو معدنية ثابتة تستعمل في صناعة البناء وألاشغال العمومية؛‬

‫ألاشغال التي تنجز فوق السطوح؛‬ ‫‪‬‬

‫أشغال الهدم؛‬ ‫‪‬‬

‫إذابة الزجاج؛‬ ‫‪‬‬

‫استخدام آلاالت بمعامل الزجاج‪ ،‬حيت يتم صنع القنينات بالطرق امليكانيكية؛‬ ‫‪‬‬

‫تمديد أنابيب وقضبان الزجاج؛‬ ‫‪‬‬

‫كل شغل قد يعرضهم لإلشعاعات؛‬ ‫‪‬‬

‫ألاشغال التي تنجز في قوات الصرف الصحي؛‬ ‫‪‬‬

‫ألاشغال التي تنجز باملدابغ؛‬ ‫‪‬‬

‫أشغال إنتاج الكهرباء وتحويلها وإرسالها وكل قوة محركة كيفما كان نوعها؛‬ ‫‪‬‬

‫أشغال جمع النفايات ومعالجتها؛‬ ‫‪‬‬

‫تصنيع املتفجرات ونقلها؛‬ ‫‪‬‬

‫إنتاج ومناولة مبيدات الطفيليات والحشرات وألاعشاب؛‬ ‫‪‬‬

‫أشغال تسطيح ألارض؛‬ ‫‪‬‬

‫ألاشغال التي تنجز في الهواء املضغوط؛‬ ‫‪‬‬

‫أشغال الصياغة التي تستعمل فيها مواد كيماوية خطيرة تحتوي على الرصاص والاكزان‬ ‫‪‬‬

‫(‪)hexane‬؛‬

‫ألاشغال التي تستعمل فيها مواد الحريز الصخري أو تحتوي على مادة البنزين؛‬ ‫‪‬‬

‫‪109‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫أشغال ذبح الحيوانات في املجازر؛‬ ‫‪‬‬

‫تصنيع واستخدام وبيع كتابات أو مطبوعات أو ملصقات أو رسوم أو نقوش أو لوحات أو شعارات‬ ‫‪‬‬

‫أو صور أو أشياء أخرى يعاقب عليها القانون الجنائي لتعارضها مع آلاداب العامة أو لكونها مضرة‬

‫بطبيعتها بأخالق ألاطفال ولو لم تكن موضوع تجريم بموجب القانون املذكور؛‬

‫ألاشغال التي تتم داخل الحانات والخمارات أو دور ألالعاب؛‬ ‫‪‬‬

‫أشغال أو أنشطة تعرض لعوامل بيولوجية خطيرة؛‬ ‫‪‬‬

‫أشغال تنجز في أجواء شديدة الحرارة أو البرودة أو الرطوبة؛‬ ‫‪‬‬

‫ألاشغال التي تتم بواسطة أمشاط يدوية في صناعة الدوم؛‬ ‫‪‬‬

‫ألاشغال التي تتم بآالت تستعمل في الصناعات الخشبية؛‬ ‫‪‬‬

‫ألاشغال التي تنجز بمقصات ميكانيكية حادة وكل شغل ينجز باالت ضاغطة كيفما كانت طبيعتها‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫غير تلك التي تحرك باليد؛‬

‫العمل بالشغل املؤدي؛‬ ‫‪‬‬

‫مختلف ألاشغال املنجزة في باطن ألارض؛‬ ‫‪‬‬

‫جميع ألاشغال التي قد تتسبب في أمراض مهنية كما هي محددة بموجب قرار وزير التنمية‬ ‫‪‬‬

‫الاجتماعية والتضامن والتشغيل والتكوين املنهي رقم ‪ 111.11‬الصادر في ‪ 12‬رمضان ‪23( 1221‬‬

‫ديسمبر ‪)1111‬؛‬

‫ألاشغال التي تنجز في ظروف تتسم بالضجيج والتنينات املؤدية‪.203‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ - 203‬املادة الثانية من مرسوم ‪.2.11.123‬‬

‫‪110‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫وإذا كان يسمح استثناء للمشغل تشغيل ألاحداث نون ‪ 12‬سنة ليال‪ ،‬فإن هذا الاستثناء ال يطبق‬

‫إذا تعلق ألامر بأجير أو إعاقة حسب الفقرة الرابعة من املادة ‪ 122‬من مدونة الشغل‪.‬‬

‫ونظرا لكون ألاجراء معرضين بسبب عملهم أو لسبب أخر إلى إلاصابة بإعاقة‪ ،‬فإن املشرع قد تنبه‬

‫للحالة التي تؤثر فيها إعاقتهم على مستقبل شغلهم‪ ،‬وألزم املشغل باالحتفاظ باألجير الذي أصبح معاقا‬

‫وأن يسند إليه شغل يالئم نوع إعاقته بعد إعادة تأهيله‪ ،‬وال يعفى من هذا الالتزام إال إذا استحال ذلك‬

‫لحدة إلاعاقة أو لطبيعة الشغل بعد أخذ رأي طبيب الشغل أو لجنة السالمة وحفظ الصحة (املادة ‪122‬‬

‫من مدونة الشغل)‪.‬‬

‫واستخالصا مما سبق‪ ،‬فإن مظاهر الحماية الصحية لألجيرة املعاقة يمكن إجمالها في النقاط‬

‫التالية‪:‬‬

‫وجوب توفير كل شروط الوقاية الصحية والسالمة املهنية لألجيرة املعاقة‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫يحق للعون املكلف بتفتيش الشغل أن يطلب في أي وقت عرض جميع ألاشخاص ذوي إلاعاقة على‬ ‫‪‬‬

‫طبيب قصد التحقق من أن الشغل الذي يوكل إليهم يتناسب مع إعاقتهم‪.‬‬

‫ضرورة الفحص الطبي السنوي لألجيرة املعاقة من طرف طبيب عمومي للتأكد من أن الشغل الذي‬ ‫‪‬‬

‫أسند إليها ال يفوق طاقتها أو ال يتناسب مع نوع إعاقتها‪.‬‬

‫تقديم الاقتراحات بشأن إعادة تأهيل ألاجرة املعاقة داخل املقاولة من طرف لجنة حفظ الصحة‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫باإلضافة إلى الحماية الصحية هنالك الحماية من الفصل بسبب إلاعاقة‪ ،‬حيث ينص املشرع‬

‫املغربي صراحة على أن إلاعاقة ال تعد مبرر مقبوال التخاذ عقوبة الفصل من الشغل‪ ،‬إال إذا كانت تحول‬

‫دون أداء ألاجيرة املعاقة الشغل يناسبها داخل املقاولة املشغلة‪.‬‬

‫‪111‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫امتداد احلماية االجتماعية للمرأة إىل بعض الفئات املستثناة‬

‫من مدونة الشغل‪ ،‬ودور املقتضيات الزجرية واآلليات الرقابية‬

‫والقضائية يف تفعيل هذه احلماية‬

‫‪112‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬امتداد الحماية الاجتماعية للمرأة إلى بعض‬


‫الفئات املستثناة من مدونة الشغل‪ ،‬ودور املقتضيات‬
‫الزجرية وآلاليات الرقابية والقضائية في تفعيل هذه الحماية‬

‫في إطار تضارب وتعارض املصالح بين ألاطراف في العالقة الشغلية‪ ،‬خطا املغرب خطوات كبيرة في‬

‫مجال حقوق إلانسان بانفتاحه على مختلف الاتفاقيات الدولية والعاملية لحقوق إلانسان‪ ،‬وذلك من‬

‫أجل توفير نوع من الحماية وتحقيق الاستقرار الاجتماعي دون املساس بحقوق ألاطراف الضعيفة‪.‬‬

‫بحيث نجد أن ألاخيرة باعتبارها طرفا ضعيفا‪ ،‬والتي تطمح في مقابل العمل الذي تؤديه لصالح‬

‫املشغل إلى الاستمرارية في الشغل وضمان أجر مناسب‪ ،‬وذلك في إطار احترام حقوقها الشخصية بعدم‬

‫التدخل في حياتها الشخصية‪ ،‬وحقها في الصحة وألامومة‪ ،‬واحترامها كطرف في العالقة الشغلية‪ ،‬كل‬

‫هذا في مواجهة املشغل الذي يسعى بدوره إلى النهوض وتطوير مؤسسته وتحقيق مصالحه على حساب‬

‫ألاجيرة ‪ ،204‬لكن مهما بلغت الحقوق والضمانات والحماية في القوانين الاجتماعية‪ ،‬سيلقى ذلك مجرد‬

‫حبر على ورق إذا لم يكن هناك مقتضيات زجرية تعزز هذه الحماية‪ ،‬و جهاز قضائي قادر على نقل ثلث‬

‫الحماية من السكون إلى الحركة وذلك بالتقييد من سلطات املشغل وزجره عقد مساسه بحقوق ألاجيرات‬

‫(املبحث الثاني)‪ ،‬من جانب آخر‪ ،‬فقد كان من أبرز مظاهر التعارض بين التشريع الاجتماعي املغربي‬

‫واملعايير الدولية لحقوق إلانسان هو الفراغ التشريعي الحاصل في مجال تنظيم تشغيل خادمات املنزل‪،‬‬

‫فديباجة مدونة الشغل تنص على أنها تتطلق من احترام الحقوق والحريات التي يضمنها الدستور العالم‬

‫‪ - 204‬عادل املشاشتي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.22‬‬

‫‪113‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫الشغل‪ ،‬عالوة على مبادئ حقوق إلانسان كما هو متعارف عليها عامليا والاتفاقيات الصادرة عن منظمة‬

‫العمل الدولية املصادق عليها من طرف املغرب‪ ،‬الذي انضم إلى هذه املنظمة منذ ‪ 1122‬وصادق على‬

‫مجموعة من الاتفاقيات الصادرة عنها‪ ،205‬إال أن العامالت املنزليات ظللن بعيدات عن الحماية‬

‫الاجتماعية إذ تم استثناؤهن بمقتض ى املادة ‪ 2‬من مدونة الشغل التي أحالت على قانون خاص على‬

‫قانون خاص سيصدر الحقا‪ .‬ونظرا لتأخر صدوره والتهميش الذي لحق فئة العمال املنزليين وأغلبهم‬

‫النساء‪ ،‬فقد أدى ذلك إلى ارتفاع حدة املطالب املنادية بضرورة التعجيل بإصدار تشريع خاص يحمي‬

‫هذه الفئة‪ .‬وفي هذا الصدد‪ ،‬وبعد مرور ثالثة عشر سنة من الانتظار‪ ،‬كتب لهذا القانون أن يرى النور‪،‬‬

‫حيت خرج إلى العلن مؤخرا القانون رقم ‪ 11.12‬املتعلق بتحديد شروط التشغيل والشغل املتعلقة‬

‫بالعامالت والعمال املنزليين‪ ،‬الصادر بتنفيذه ظهير شريف رقم ‪ 112.121‬صادر في ‪ 2‬ذي القعدة ‪1232‬‬

‫(‪ 11‬أغسطس ‪ ،)2112‬ومن أبرز مكاسبه سد الفراغ القانوني في هذا املجال‪ ،‬إضافة إلى توفير الحماية‬

‫الاجتماعية للعامالت املنزليات‪ ،‬وإن كانت هذه ألاخيرة قد تحققت فإن هناك بعض الفئات ألاخرى التي‬

‫ماتزال وضعيتها الاجتماعية بعيدة عن هذه الحماية‪.‬‬

‫‪ - 205‬أنس سعدون‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.212‬‬

‫‪114‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫املبحث ألاول‪ :‬الحماية الاجتماعية للفئات املستثناة من‬


‫مدونة الشغل وضيق نطاق الحماية لبعض الفئات ألاخرى‬

‫حاول املشرع املغربي جاهدا من خالل قواعد مدونة الشغل توفير حماية خاصة لليد العاملة‬

‫النسائية‪ ،‬لكن هذا لم يمنع من وجود طائفة كبيرة افتقدت لكل هذه املزايا‪ ،‬حيت تم استثناؤها بمقتض ى‬

‫املادة ‪ 2‬من مدونة الشغل‪ ،‬ويتعلق ألامر باملعامالت املنزليات‪ ،‬وهن الفئة التي أبان الواقع أنها ألاكثر‬

‫تعرضا لالستغالل وإلاهانة وسلب الحقوق في الوقت الحاضر‪ ،‬أما الفئة الثانية فهي فئة العامالت‬

‫بالقطاع التقليدي الصرف‪.‬‬

‫وإذا كان املشرع قد تدارك النقص والفراغ التشريعي بصدور قانون متعلق بتشغيل العامالت‬

‫والعمال املنزلين‪ ،‬بعد ثالثة عشر عاما من القصور الحمائي والتهميش الذي طال هذه الفئة إبان استثنائها‬

‫من أحكام مدونة الشغل‪ ،‬وبذلك يكون قد خطا الخطوة ألاولى في طريق إرساء وتكريس الحماية‬

‫الاجتماعية لها (املطلب ألاول)‪ ،‬فإن الفئة ألاخرى املتعلقة بالعامالت بالقطاع التقليدي الصرف ال تزال‬

‫مستبعدة ومحرومة من املقتضيات الحمائية للتشريع إلاجتماعي (املطلب الثاني)‪.‬‬

‫املطلب ألاول‪ :‬الحماية القانونية للعامالت املنزليات على ضوء‬


‫املعايير الدولية وقانون ‪ 02.09‬املنظم‬

‫فرضت معطيات العصر الحديث شروطا جديدة للتعيين في واقع الحياة الاجتماعية والاقتصادية‬

‫والثقافية بشتى أنماطها‪ ،‬وقد امتد مداها بعيدا ليخيم بأعمق آلاثار على العنصر البشري تحديدات‬

‫‪115‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫فاضطر معها هذا ألاخير تدريجيا إلى تطوير أدائه ومراجعة أدواره داخل نسق املجتمع إلانساني الذي إليه‬

‫ويتفاعل معه ويتأثر به‪ .‬وبديهي أن تظهر أولى بصمات هذا التحول جلية في مرآة املحيط ألاسري‬

‫والاجتماعي للفرد‪ ،‬من خالل منظومة الوظائف املتبادلة والعالقات املشتركة التي تتبلور داخله بصورة‬

‫جدلية‪.206‬‬

‫وإذا كان النشاط إلانساني في أي مجتمع يتخذ صورا متعددة تختلف بحسب طبيعة هذا النشاط‬

‫وصفة من يؤديه ومركز من يؤدي لحسابه‪ ،‬فمن هذا املنطلق يمكن استحضار ألاهمية القصوى للعمل‬

‫املنزلي‪ ،‬خاصة في ظل شروط الحياة العصرية الجديدة‪ ،‬والتي أدت بفعل عوامل متداخلة إلى وجود‬

‫شريحة اجتماعية شغلية داخل البيوت تؤدي خدمات منزلية ذات سمة عائلية خاصة‪.207‬‬

‫حيث أن وجود العامالت املنزليات داخل البيوت يرجع باألساس نتيجة لخروج املرأة إلى العمل‬

‫مما يؤدي إلى استنزاف كثير من طاقتها في أداء مسؤوليتها الوظيفية‪ ،‬وبالتالي تصبح غير قادرة أن تقوم‬

‫بأعباء البيت‪ ،‬ومن هنا كانت استعانتها وحاجتها إلى عاملة منزلية أمر محتوما لتتولى هذه ألاخيرة أعمال‬

‫املنزل من غسل وکي وطيخ وتربية ألاطفال‪.208‬‬

‫من هذه الزاوية‪ ،‬تبدو الحاجة ماسة إلى إحاطة املرأة بتدابير حمائية كلما أصبحت طرفا أساسيا‬

‫في أي عالقة شغل كما هو عليه حال العاملة املنزلية نظرا لغلبة الطابع النسوي على العمل املنزلي دون‬

‫أن ننس ى فئة الذكور الذين يؤدون أعماال وخدمات محددة دون سواها‪ ،‬رغم أنه يسري عليها نفس أحكام‬

‫‪ - 206‬عبد السالم مفرج‪ :‬الوضعية القانونية لخدم البيوت في التشريع املغربي واملقارن‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا املعمقة في‬
‫القانون الخاص‪ ،‬جامعة عبد املالك السعدي‪ ،‬كلية العلوم القانونية والاجتماعية‪ ،‬بطنجة‪ ،‬السنة الجامعية‪ ،2112\2112 ،‬ص ‪.1‬‬
‫‪ - 207‬عبد السالم مفرج‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.1‬‬
‫‪ - 208‬أفيالل الطريبق حنان‪ :‬وضعية خدمات البيوت القاصرات وآليات املعالجة‪ ،‬رسالة لنيل املاستر في القانون الخاص‪ ،‬جامعة عبد املالك‬
‫السعدي‪ ،‬كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2111\2111‬ص ‪.2‬‬

‫‪116‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫ألاعمال املمارسة من قبل النساء‪ ،209‬وهي التي تشكل ظاهرة النساء املشتغالت في البيوت‪ ،‬سواء من‬

‫حيث حجمها أو هزالة ألاجور والضمانات الاجتماعية الدنيا‪...‬‬

‫الفقرة ألاولى‪ :‬وضعية العامالت املنزليات على مستوى املعايير الدولية ومدونة‬
‫الشغل‬

‫جاء القانون الخاص بتحديد شروط الشغل والتشغيل املتعلقة بالعمال املنزليين نتيجة توقيع‬

‫املغرب ومصادقته على العديد من الاتفاقيات واملواثيق الدولية التي تصب في مجال احترام حقوق‬

‫إلانسان بمفهومه الواسع‪ .‬ويعتبر هذا القانون أيضا امتدادا ملسلسل إلاصالحات الاجتماعية والاقتصادية‬

‫التي انخرط فيها املغرب‪ ،‬واملجهودات الداعمة لحقوق إلانسان‪ ،‬والعدالة الاجتماعية‪ ،‬وتوسيع الحماية‬

‫املختلف الفئات الاجتماعية‪.‬‬

‫كما أن هذا القانون جاء متأثرا بمبادئ الدستور الجديد‪ ،‬املتمثلة في إقراره ملجموعة من الحقوق‬

‫الاجتماعية والاقتصادية‪ ،‬خاصة الفصل ‪ 22‬منه املتعلق بمناهضة كل أشكال العنف واملعاملة املهينة‬

‫أو الحاطة بكرامة إلانسان‪.210‬‬

‫‪ - 209‬أحالم شميعة‪ :‬الوضعية الاجتماعية والقانونية لخدم البيوت دراسة على ضوء املشرع "الطفالت الصغيرات نموذجا"‪ ،‬رسالة لنيل‬
‫دبلوم الدراسات العليا املعمقة في القانون الخاص‪ ،‬جامعة سيدي محمد بن عبد هللا‪ ،‬كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية‬
‫بفاس‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2111-2112‬ص ‪.23‬‬
‫‪ - 210‬عفاف البوعناني‪ :‬الجماية القانونية للعمل الانساني في ظل مشروع قانون رقم ‪ ،11.12‬بحث لنيل دبلوم املاستر تخصص قانون‬
‫ألاعمال‪ ،‬جامعة محمد الخامس أكدال‪ ،‬الرباط‪ ،‬السنة الجامعية ‪.22 2 ،2113\2112‬‬

‫‪117‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫أوال‪ :‬وضعية العامالت املنزليات في القانون الدولي والتشريعات املقارنة‬


‫إن الحديث عن الوضعية القانونية للعمل املنزلي وأشخاصه يقرض بكيفية منهجية أفضل‪،‬‬

‫عندما يتخذ منحى مقارنا في سياق التقابل املوضوعي‪ ،‬بينما أعلنت عنه مواثيق املنظمات الدولية في هذا‬

‫املجال‪ ،‬وبين ما اتخذته جل دول العالم من تدابير تنظيمية وحمائية في توجهاتها الداخلية لنفس الغاية‪.‬‬

‫أ ‪ -‬وضعية العامالت املنزليات في الاتفاقيات الدولية‪:‬‬

‫ال يمكن الحديث عن الوضعية الخاصة بالعمل املنزلي بمعزل عن إلاطار القانوني الدولي الذي‬

‫ينظم مجال تشغيلهم يشكل عام‪ ،‬ومنه عمالة النساء والفتيات القاصرات على وجه التحديد وذلك‬

‫اعتبارا ملا أضحت تمثله الخدمة املنزلية من شكل بارز ضمن ألاشكال املتعددة التي تتخذها هذه العمالة‬

‫في واقع العصر الحديث‪.‬‬

‫وإزاء هذه الظاهرة‪ ،‬ما انفكت املنظمات الدولية تجتهد في إرسال منظومة من املعايير الحمائية‬

‫تندرج في ثناياها سلسلة من الاتفاقيات والتوصيات الرامية إلى تنظيم قطاع التشغيل وضبط عالقاته‬

‫بما يضمن الاحترام الفعلي للحد ألادنى من الحقوق الانسانية للطبقة السفلية‪ ،‬وخصوصا الشرائح‬

‫الضعيفة منها‪ .211‬وهذا ما ساهم في تبلور الاهتمام الدولي بترسيخ القواعد الضابطة لعمالة النساء‬

‫والفتيات القاصرات‪ ،‬وضمنها توجيه العناية الخاصة لتنظيم ومراقبة شروط التشغيل والشغل داخل‬

‫املنازل وتحسين ظروفهم‪.‬‬

‫ويرتكز هذا التدخل الدولي على نقطتين جوهريين‪ ،‬تتعلق أوالهما بوضع حد أدنى لسن القبول في‬

‫الشغل‪ ،‬وتروم ثانيهما سن القواعد ألاساسية لضمان الحماية القانونية والعمل الالئق للعمال املنزليين‬

‫‪ - 211‬عبد السالم مفرج‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.122‬‬

‫‪118‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫وتعتبر الاتفاقية رقم ‪ 132‬الصادرة سنة ‪ 1123‬من أهم املواثيق الدولية املتعلقة بضبط الحد ألادنى‬

‫للسن املسموح به قانونا في مجال التشغيل‪ ،‬وقد سبقتها في الظهور تسع اتفاقيات متفرقة أصدرتها‬

‫منظمة العمل الدولية منذ تأسيسها سنة ‪ 1111‬وتناولت نفس املوضوع بشأن سن تشغيل ألاحداث في‬

‫القطاعات املختلفة‪.‬‬

‫فإذا كان العمل بوجه عام حقا مطلقا ال قيد على مزاولته في حدود القانون‪ ،‬ومفتوحا في وجه‬

‫ألافراد دون أي تمييز‪ ،‬فإن ألامر ليس كذلك بالنسبة للفتيات القاصرات حيت أن تشغيلهن في سن‬

‫مبكرة يؤدي إلى أضرار مختلفة تلحق بهم‪ ،‬إذ ينتزعهم من بيتهم العائلية قبل إتمام تعليمهن إلالزامي‪،‬‬

‫فيؤثر على صحتهن ويعوق نموهن اليمني والذهني‪ ،‬ويقصر مدة إنتاجهم في الحياة‪ ،‬بل وقد يفض ي إلى‬

‫فساد أخالقهن بسبب الاحتكاك بالعمل والعامالت البالغين‪.‬‬

‫من منطلق هذا الواقع جرى اعتماد الاتفاقية رقم ‪ 132‬املتعلقة بتحديد السن ألادنى لتشغيل‬

‫ألاطفال خالل املؤتمر العام ملنظمة العمل الدولية في دورته الثانية والخمسين املنعقدة بجنيف يوم ‪22‬‬

‫يونيو ‪ 1123‬حيث دخلت حيز التنفيذ ابتداء من تاريخ ‪ 11‬يونيو ‪ .2121122‬وقد حددت هذه الاتفاقية‬

‫السن ألادنى للتشغيل‪ ،‬وأكدت على عدم جواز أن يكون الحد ألادنى لسن التشغيل أنني من سن إنهاء‬

‫الدراسة إلالزامية (‪ 12‬سنة) وعدم جواز أن يقل الحد ألادنى عن (‪ 12‬سنة) للقبول بأي نوع من أنواع‬

‫الاستخدام أو العمل التي يحتمل أن يعرض للخطر صحة وسالمة أو أخالق ألاحداث بسبب الطبيعة‬

‫والظروف التي يؤدي فيها‪.‬‬

‫‪ - 212‬عبد السالم مفرج‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.122-123‬‬

‫‪119‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫أما فيما يتعلق باالتفاقيات التي سقت القواعد ألاساسية لضمان الحماية والعمل الالئق‬

‫للعامالت املنزليات‪ ،‬فقد تعرضت الاتفاقية رقم ‪ 122‬لسنة ‪ 1112‬بشأن العمل في املنزل وتعرضت في‬

‫مادتها الرابعة إلى تعزيز املساواة في املعاملة فيما يتعلق بالحماية من التمييز في الاستخدام أو املهنة وكذلك‬

‫في مجال ألاجور‪ ،‬مع مراعاة السمات الخاصة للعمل في املنزل‪.‬‬

‫إضافة إلى ذلك هناك الاتفاقية الدولية رقم ‪ 121‬والتوصية رقم ‪ 211‬بشأن العمل الالئق للعمال‬

‫املنزليين املعتمدين في ‪ 12‬يونيو ‪ 2111‬في مؤتمر العمل الدولي ملنظمة العمل الدولية‪.‬‬

‫ويستند املكان أي الاتفاقية والتوصية إلى املبدأ ألاساس ي القائل بأن العمال املنزليين ليسوا خدما‬

‫أو أفرادا من ألاسرة أو عماال من الفئة الثانية إلى ذلك‪ ،‬يتيح املكان املجال أمام تحسين شروط وظروف‬

‫العمل الخاصة بعشرات املاليين من العمال املنزليين الذين يؤدون عمال منقوص التيمة تقليديا‬

‫ومحصورة بالنساء‪.‬‬

‫ويعتبر هذان الصكان تاريخيين ألنهما دوليان يطيقان ألول مرة على شريحة من العمال في القالع‬

‫غير النظام في مختلف أنحاء العالم‪ ،‬ويعترفان بالقيمة الاقتصادية والاجتماعية للعمل املنزلي ويشكالن‬

‫قاع دة لضمان احترام العمال املنزليين وحقوقهم أسوة بالعمال النظاميين الذين ناضلوا الوقت طويل‬

‫من أجلها واستحقاقها بموجب القانون‪.213‬‬

‫ويتبين من مضمون الاتفاقية أنها تفترض تقيد الدول باملعايير ألاساسية للعمل‪ ،‬وتعمل على‬

‫تطبيقها في إطار عالقة الشغل مع العمال املنزليين‪ ،‬إذ تسري أحكام الاتفاقية على جميع العمال املنزليين‪،‬‬

‫‪ - 213‬خوان سومافيا‪ :‬العمل الالئق للعمال املنزليين‪ ،‬منظمة العمل الدولي‪ ،‬الاتفاقية رقم ‪ 121‬والتوصية رقم ‪ 211‬حول العمل الالئق‬
‫للعمال املنزليين ‪ ،2111‬الطبعة الاولى‪.2112 ،‬‬

‫‪120‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫لكن يمكن استثناء بعض الفئات جزئيا أو كليا‪ ،‬سواء الستفادتها بطريقة أخرى من حماية تعادل على‬

‫ألاقل ما تضمنته أو لخصوصية املشاكل التي تطرحها وضعيتها‪.214‬‬

‫وتتضمن هذه الاتفاقية مجموعة من املعايير الحمائية املتصلة بتعزيز حقوق الانسان واملبادئ‬

‫والحقوق ألاساسية في العمل‪ ،‬ويمكن إجمالها في‪:‬‬

‫‪ ‬تعزيز حماية حقوق الانسان‪:‬‬

‫وذلك من خالل التنصيص على الحق في شروط وظروف عمل عادلة‪ ،‬بما فيه الحق في أجر متساو‬

‫ومرض يكمل عيشة الئقة بكرامة إلانسان‪ ،‬والحق في الراحة وفي أوقات الفراغ‪ ،‬والسيما في تحديد معقول‬

‫لساعات العمل وفي عطالت دورية بأجر‪ ،‬إلى جانب أحكام ذات صلة بالحماية الاجتماعية وتلزم املادة في‬

‫الدول ألاعضاء باتخاذ تدابير تضمن على نحو فعال تعزيز وحماية حقوق الانسان لجميع العمال املنزليين‪،‬‬

‫وتؤكد على حقهم أسوة بالعمال ألاخرين في احترام وحماية املبادئ والحقوق ألاساسية في العمل‪ ،‬أال وهي‪:‬‬

‫‪ ‬الحرية النقابية والاقرار الفعلي بحق املفاوضة الجماعية‪.‬‬

‫‪ ‬القضاء على جميع أشكال العمل الجيري أو إلالزامي‪.‬‬

‫‪ ‬القضاء الفعلي على عمل ألاطفال‪.‬‬

‫‪ ‬القضاء على التمييز في الاستخدام واملهنة‪.‬‬

‫‪ - 214‬املجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي‪ ،‬مشروع رقم ‪ 11.12‬بتحديد شروط والتشغيل املتعلقة بالعمال املنزليين‪ ،‬اململكة املغربية‪،‬‬
‫‪ ،2113‬ص ‪.11‬‬

‫‪121‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫‪ ‬لحماية من إلاضاءة واملضايقات والعنف‪:‬‬

‫يعتبر العمال املنزليون‪ ،‬ومعظمهم من النساء عرضة لشكل خاص إلى إلاساءة واملضايقات والعنف‬

‫الجسدي والجنس ي والنفس ي وسواء ألن مكان عملهم محجوب عن العموم‪ ،‬وبموجب الاتفاقية‪ ،‬تتخذ‬

‫كل دولة تدابير تضمن أن يتمتع العمال املنزليون بحماية فعالة من جميع أشكال إلاساءة واملضايقات‬

‫والعنف (املادة ‪.)2‬‬

‫‪ ‬وشروط استخدام عادلة وظروف عمل ومعينة الئقة‪:‬‬

‫بموجب الاتفاقية‪ ،‬تتخذ كل دولة تدابير تضمن أن يتمتع العمال املنزليون شأنهم شأن العمال‬

‫عموما بشروط استخدام عادلة (املادة ‪ ،)2‬فضال عن ظروف عمل الئقة‪ ،‬وإذا كانوا مقيمين مع ألاسرة‬

‫أن يتمتعوا بظروف معيشية الئقة تحترم حياتهم الخاصة‪.‬‬

‫وتنص الاتفاقية على جملة من الحقوق العام والعمال املنزليين‪ ،‬حيث نصت على املساواة في‬

‫املعاملة بين العمال املنزليين والعمال عموما فيما يتعلق بساعات العمل العادية وتعويضات الساعة‬

‫إلاضافية‪ ،‬وأن تتخذ الدول ألاعضاء التدابير التي تضمن أن يتمتع العمال املنزليون بالحد ألادنى لألجر‬

‫كما تكفل لهم الاتفاقية الحق في بيئة آمنة وصحية وإلزام الدول ألاعضاء باتخاذ تدابير فعالة لضمان‬

‫صحتهم وسالمتهم املهنية‪.215‬‬

‫‪ - 215‬حبيبة الريحاني‪ :‬الحماية القانونية للعمال املنزليين‪ ،‬دراسة في ضوء الاتفاقية الدولية رقم ‪ 121‬والتوصية رقم ‪ ،211‬جامعة ألامير‬
‫عبد القادر للعلوم الاسالمية‪ ،‬قسطنطينة‪ ،‬ص ‪.121-122‬‬

‫‪122‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫ب ‪ -‬وضعية العامالت املنزليات في التشريعات املقارنة‬

‫جرت العادة أن يتم استبعاد الخدمة املنزلية من كافة التشريعات الوطنية املنظمة للشغل‬

‫وللعالقات القائمة في ظله‪ ،‬فإذا كان نطاق تطبيق تشريع الشغل يتحدد تبعا للنظام القانوني لكل دولة‪،‬‬

‫من خالل تحديد القطاعات والفئات العمالية املشمولة بهذا التطبيق فإن ألامر يشكل استثناء متميزا‬

‫فيما يتعلق بوضعية العمال املنزليين‪.‬‬

‫فطبيعة العمل املنزلي بمواصفاته الذاتية تفرض النظر إليها والتخيل لتنظيمها وحماية أصحابها‬

‫وفق نظام مستقل وقواعد خاصة بها‪ ،‬تغطي أهم عناصرها التي تطرح مشاكل واقعية ال تحص ى أثناء‬

‫ممارستها السيما منها ساعات العمل‪ ،‬وأداء ألاجر‪ ،‬وكيفية قيام العالقة بين العامل املنزلي وصاحب‬

‫البيت‪ ،‬ثم استمرارها وانتهائها‪ ،‬فضال عن حماية الحد ألادنى من الحقوق إلانسانية خاللها‪.‬‬

‫هذا ما تنبهت إليه بعض الدول فعملت على تنظيم هذا القطاع وحماية شغيلته‪ ،‬في إطار عدد من‬

‫القواعد الشكلية واملقتضيات املوضوعية التي تتفاوت أهميتها وحدود تفعيلها تبعا لكل دولة وخلفيتها‬

‫الاقتصادية والاجتماعية والسياسية‪.216‬‬

‫وقد تدخل املشرع في عدد من الدول ألاوروبية لتحديد موقع خاص للشغل املنزلي‪ ،‬تتضبط معه‬

‫شروط ممارسته وفق قواعد حمائية ومبادئ تنظيمية متفق عليها‪ ،‬وتتكرس أولى الجوانب التنظيمية‬

‫لهذا القطاع في القانون ألاوروبي املقارن من خالل وضع إطار تعريفي واضح لكل من العامل املنزلي وعالقة‬

‫الشغل املنزلية على حد سواء‪ ،‬ويقدم قانون العمل الفرنس ي في مادته (‪ )LT22-1‬التعريف آلاتي للعامل‬

‫‪ - 216‬عبد السالم مفرج‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.121‬‬

‫‪123‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫املنزلي "هو شخص يستخدمه أفراد للقيام بالعمل املنزلي"‪ ،217‬بينما يعرفه القانون املدني إلايطالي "الشغل‬

‫املنزلي هو تلك العالقة التي تنص على تقديم خدمة ذات طبيعة منزلية"‪ ،‬وينص التشريع إلايطالي في‬

‫القانون رقم ‪ 331‬الصادر في ‪ 2‬أبريل ‪ 1122‬أنه "يحدد مجال العمل املنزلي بالنسبة لشخاص الذين‬

‫يمارسون أعماال لحساب مشغل واحد و على ألاقل أربع ساعات في اليوم‪ ،‬التغطية الاجتماعية تطبق‬

‫على جميع خدام البيوت كيفما كانت مدة عملهم" ‪.218‬‬

‫أما في إسبانيا‪ ،‬فقد عرفت املادة ‪ 1‬من املرسوم امللكي رقم (‪ )2111\1221‬الصادر بتاريخ ‪12‬‬

‫نوفمبر ‪ 2111‬عالقة العمل املنزلي أنها "عالقة العمل الخاصة للعمل في منازل تعتبر تلك التي أبرمت بين‬

‫رب البيت بصفه صاحب العمل وعامل يؤدي خالل عمله لذا صاحب العمل هذا في إطار عالقة عمل‬

‫تبعية خدمة بأجر في املنزل"‪.219‬‬

‫وانطالقا من هذه التعاريف يتضح التأكيد القانوني على الطابع العائلي والداخلي ملمارسة العمل‬

‫املنزلي من طرف ألاشخاص املكلفين به‪ ،‬في إطار عالقة عمل تجمعهم بمن يستفيد من خدماتهم‪ ،‬وفي‬

‫ضوء هذه العالقة‪ ،‬يخضع العمل املنزلي لنظام خاص تحدد فيه حقوق وواجبات الطرفين‪.‬‬

‫أما البلدان العربية‪ ،‬فقد تباينت تشريعات العمل الخاصة بها بين الدول استثنت عامالت املنازل‬

‫من نطاق تطبيقها ودول شملت عامالت املنازل سواء بشكل مباشر في قانون العمل أو عبر إحالة قانون‬

‫‪ - 217‬مكتب العمل الدولي‪ :‬الحماية الفعالة للعمال املزليين‪ ،‬دليل لوضع قوانين العمل‪ ،‬الطبعة ألاولى‪( ،‬جنيف‪ ،‬منظمة العمل الدولية‬
‫‪ ،)2112‬ص ‪.13‬‬
‫‪ - 218‬رشيدة أحفوض‪ :‬الحماية الاجتماعية لفئات ألاجراء املستثناة من مدونة الشغل‪ ،‬الطبعة ألاولى‪ ،2112 ،‬ص ‪.22‬‬
‫‪ - 219‬حبيبة الرحايبي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.121‬‬

‫‪124‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫العمل على نظام خاص صدر لهذه الغاية‪ ،‬ودول رغم أنها نصت على إلاحالة بالحماية على تشريع آخر‬

‫يصدر‪ ،‬غير أنه لم يصدر بعد‪ ،‬لتكون هذه الحماية بمثابة املعلقة على صدور ذلك التشريع‪.‬‬

‫فمن بين قوانين العمل التي استنت عامالت املنازل من تطاق تطبيق قانون العمل‪ ،‬نجد القانون‬

‫إلاماراتي (املادة ‪ ،3‬فقرة ج‪ ،‬من قانون العمل رقم ‪ ) 1121/2‬والقانون السوري الذي أخضعهم لعقود‬

‫عملهم (املادة ‪ 2‬من قانون العمل رقم ‪ 12‬لعام ‪ ،)2111‬والقانون العراقي املادة ‪ 22‬من قانون رقم ‪21‬‬

‫لسنة ‪ ،)1122‬والقانون العماني (املادة ‪ 3/2‬من قانون العمل)‪ ،‬والقانون اللبناني (املادة ‪ 2‬من قانون‬

‫العمل الصادر عام ‪ 1122‬وتعديالته)‪ ،‬والقانون املصري املادة ‪ 2‬ب من القانون ‪ 12‬لسنة ‪،)2113‬‬

‫والقانون اليمني (املادة ‪ 3‬للفترة ‪ 1‬من القانون رقم ‪ 2‬لسنة ‪ 1112‬بشأن العمل وتعديالته) ‪.220‬‬

‫وجدير بالذكر أن الدول العربية لم تصادق على اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم ‪ ،121‬حيث‬

‫إن كثيرا من البلدان العربية لم تدرج العمل املنزلي في قوانين العمل الوطنية كما سبق وأن أشرنا‪ ،‬إذ‬

‫لوحظ أن أحكام هذه الاتفاقية ال تتالءم مع أوضاعها املحلية أو تتماش ى مع ألاعراف الاجتماعية السائدة‬

‫فيها‪ ،‬ولهذه املنطقة تقاليد وأعراف اجتماعية راسخة نابعة من ثقافتها وقيمتها الاجتماعية والروحية‪،‬‬

‫وهي متمسكة بها‪ ،‬وتصر على احترام خصائصها الثقافية التي تشكل مكونات ثقافتها القومية‪ ،‬وقد تجد‬

‫من غير املناسب الدخول في اتفاقية تصطدم بقوة بالثقافة والقيم العربية ‪.221‬‬

‫وفي معظم البلدان العربية‪ ،‬يتم استثناء العامالت املنزليات من تشريعات العمل الوطنية وأنظمة‬

‫الضمان الاجتماعي والرعاية الصحية وإجراءات السالمة‪ ،‬أما بالنسبة للعامالت الوافدات من الخارج‪،‬‬

‫‪ - 220‬حبيبة الرحايبي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.122-122‬‬


‫‪ - 221‬منظمة العمل العربية‪ ،‬ملحق مشروع اتفاقية العمل الدولية بشأن العمل الالئق املنزليين‪ ،‬تقرير أعمال الدورة (‪ )11‬ملؤتمر العمل‬
‫الدولي (جنيف‪ ،‬يونيو ‪ ،)2111‬ص ‪.2‬‬

‫‪125‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫فيرتبطون بأصحاب العمل من خالل نظام الكفالة املقيد‪ ،‬حيت يتم حجز جوازات السفر وأوراق‬

‫الكثيرات منهن‪ ،‬وخضوعهن ملا يشبه "إلاقامة الجبرية" الفعلية وبالتالي فطبيعة عملهن غير النظامية وغير‬

‫املنظمة واملعزولة تجعلهن عرضة لالستغالل وإلاساءة‪.222‬‬

‫ثانيا‪ :‬وضعية العامالت املنزليات في ظل مدونة الشغل‬


‫يعود الاهتمام الخاص بتشغيل النساء عموما إلى العقود ألاخيرة من القرن العشرين‪ ،‬نظرا ملا‬

‫اكتنف هذه املرحلة من رغبة وطنية في الانخراط التدريجي في املنظومة القانونية الدولية والانفتاح على‬

‫املعايير الدولية املتعلقة بحقوق املرأة‪ ،‬وعلى رأسها اتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد املرأة‬

‫الصادرة بتاريخ ‪ 12‬ديسمبر‪.1121‬‬

‫وهذا ما دفع باملشرع املغربي إلى تلقي مالمة تسريع الشغل مع الاتفاقيات الدولية اقتناعا منه‬

‫يكون التشريع هو آلالية الحاسمة التفعيل الضمانات القانونية‪.‬‬

‫أ ‪ -‬إلاطار القانوني للعام املنزليات قبل صدور املدونة‪:‬‬

‫كان مفهوم العمل املنزلي ينحصر في أغلب ألاحيان في الخدمة املنزلية فقط‪ ،‬أي الطبخ والكي‬

‫والتنظيف دون ألاعمال ألاخرى كالتربية أو سياقة السيارة ‪ ،...‬وكنتيجة لذلك كان يطلق على العمل‬

‫املنزليين تسمية "خدم البيوت"‪ ،223‬وكانت وضعية هذه الفئة ‪-‬التي تشكل املرأة والفتيات معظمهما إن‬

‫لم نقل جميعها ‪-‬كانت كثيرا ما تكون قابلة لالنتقاد‪ ،‬وفي بعض ألاحيان مزرية‪ ،‬بالنظر الرتفاع ساعات‬

‫العمل‪ ،‬وتعدد ألاشغال وطبيعتها املضنية في كثير من ألاحيان‪ ،‬وضالة ألاجر‪ ،‬فمعظم الخادمات كن‬

‫‪ - 222‬ندى الناشف‪ :‬آن للعرب الارتقاء بمطالبهم بالعدالة الاجتماعية من خالل اتحاد الحماية للعمال املستضعفين‪ ،‬من تكون أو دولة‬
‫ستصادق على اتفاقية العمل الالئق للعمال املنزليين‪ ،‬بيروت‪ ،‬مكتب منظمة العمل الدولي الاقليمي‪ ،2111 ،‬ص ‪.1‬‬
‫‪ - 223‬عفاف البوعناني‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.33‬‬

‫‪126‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫يوجدن في حالة ال يخيطن عليها‪ .‬واملالحظ أنه باإلضافة إلى كل هذه املعاناة‪ ،‬فإن العمال املنزليين‬

‫محرومون من أية حماية اجتماعية‪ ،‬كما أن أحكام الفصل ‪ 223‬من قانون الالتزامات والعقود ال يضفي‬

‫على العالقة بين الخادمة ومشغليها ضمانا قانونيا‪ ،‬بقدر ما تجعلها تحت إلاطار العام لنظرية العقد الذي‬

‫يستلزم فقط التراض ي‪ ،‬وركن ألاهلية غالبا ما يكون معدوما في هذه العالقة‪ ،‬فأي إرادة تتوفر لعاملة‬

‫صغيرة تنتمي ألسرة فقيرة‪ ،‬وقد ال تتجاوز الخامسة عشرة‪ ،‬وفي بعض ألاحيان العشر سنوات مما يجعل‬

‫هذه ألاحكام غير ذات محل‪.224‬‬

‫وبذلك تقص ي الخادمات املنزليات من مجموع التشريع الاجتماعي‪ ،‬حيث لم تطبق عليهن نصوص‬

‫أساسية كظهير يناير ‪ 1122‬حول العطلة السنوية املؤدى عنها‪ ،‬وظهير ‪ 12‬يونيو ‪ 1132‬حول الحد ألادنى‬

‫لألجور وكذلك النصوص القانونية املتعلقة باملادة القانونية للعمل كظهير ‪ 12‬يونيو ‪ ،1132‬إضافة إلى‬

‫الحماية ضد أخطار وحوادث الشغل وألامراض املهنية وظهير ‪ 22‬يونيو ‪ 1122‬املتعلق بالضمان الاجتماعي‪.‬‬

‫ب‪ -‬إلاطار القانوني للعمل املنزليين يعد صدور مدونة الشغل‪:‬‬

‫الكون أحكام القانون املدني لم تكن تكفل حقوق العمال كطرف ضعيف في عالقات الشغل‪،‬‬

‫وأمام تنامي الحركات النقابية‪ ،‬تم وضع قانون الشغل كقرع مستقل بذاته في مجال تنظيم الشغل كفرع‬

‫مستقل بذاته في مجال تنظيم الشغل‪ ،‬وقد جاء ذلك بمثابة إطار ملزم يلبي الحاجة الاجتماعية إلى‬

‫مختلف التدابير الوقائية والحماية الطبقة العاملة‪.225‬‬

‫‪ - 224‬محمد أمزيان‪ :‬الحماية القانونية لخدمات املنازل‪ ،‬الطبعة ألاولى‪ ،2111 ،‬ص ‪.21‬‬
‫‪ - 225‬عبد اللطيف خالقي‪ :‬استقاللية قانون الشغل بين الواقع والطموح‪ ،‬مجلة املرافعة‪ ،‬العدد ‪ ،2‬ماي ‪ ،1113‬ص ‪ 12‬و ‪.12‬‬

‫‪127‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫وتعتبر هذه املدونة أهم حدث قانوني في ميدان عالم الشغل وميدان العالقات املهنية‪ ،‬ذلك أن‬

‫هذه املدونة تعد بحق أول منتوج قانوني خاص يتيم عالقات الشغل في تاريخ املغرب‪ ،‬هذا الحفل الذي‬

‫ظل يعاني من فراغ تقنين جامع للمقتضيات املنظمة العالقات الشغل ملدة تقرب من نصف قرن بدءا‬

‫من تاريخ حصول املغرب على الاستقالل إلى تاريخ صدور هذه املدونة لذلك تولت هذه املدونة منذ‬

‫صدورها سنة ‪ 2113‬تنظيم عالقة العمل بين ألاجراء واملشغلين في كل مناحي الحياة الاقتصادية في‬

‫القطاع الخاص‪.‬‬

‫أما فيما يتعلق بوضعية العامالت املنزليات في مدونة الشغل‪ ،‬فقد استكنت في الفترة ألاولى من‬

‫املادة الرابعة صراحة خدم البيوت من الخضوع إلى أحكامها‪ ،226‬حيث نصت أنه "يحدد قانون خاص‬

‫شروط التشغيل والشغل املتعلقة بخدم البيوت التين تربطهم عالقة شغل بصاحب البيت‪."...‬‬

‫إذن‪ ،‬في ظل مدونة الشغل أصبحت ألامور واضحة‪ ،‬فهي لن تطيق في حق العمال املنزليين‪ ،‬وفي‬

‫هذا الخيار تأكيد لالجتهاد القضائي الذي أقص ى هذه الفئة من تطبيقها عليه‪ ،‬وبذلك صدر القانون‬

‫الخاص الذي تحدثت عنه املادة ‪ 2‬من مدونة الشغل واملتعلق بتحديد شروط الشغل والتشغيل املتعلقة‬

‫بالعامالت والعمال املنزليين‪.‬‬

‫وتعود ألاسباب التي اعتمد عليها كل من املشرع الشرعية استثناء العامالت املنزليات من مدونة‬

‫الشغل‪ ،‬ويمكن إجمالها فيما يلي‪:‬‬

‫‪ - 226‬عفاف البوعناني‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.32‬‬

‫‪128‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫‪ ‬كون طبيعة العمل الذي يؤديه العمال املنزليون يختلف عن طبيعة العمل املؤدي من طرف باقي‬

‫طوائف العمال في القطاعات ألاخرى‪ ،‬إضافة إلى أن ألاعمال املنزلية تكون وثيقة الصلة بشخص‬

‫صاحب البيت‪ ،‬مما يمكن العمال املنزليين من الاطالع على أسرارهم العائلية وشؤونهم الخاصة‪.‬‬

‫‪ ‬كون ألاعمال املنزلية من ألاعمال املتواضعة التي تقض ي املخالطة بين القائمين لها واملستفيدين منها‪،‬‬

‫وبالتالي فيظمها قانونيا يقض ي حل مشكل املحافظة على حرمة املنازل‪ ،‬كما أن هناك بعض‬

‫املقتضيات القانونية الواردة في مدونة الشغل التي يصعب ويستحيل تطبيقها في هذه العالقة كمبدأ‬

‫إرجاع العامل إلى عمله‪ ،‬إذ ال يمكن إلزام صاحب البيت على قبول عودة العامل املنزلي الذي تم‬

‫طرده‪.227‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬مظاهر الحماية الاجتماعية للعامالت املنزليات‬


‫يلعب التشريع عموما دورا مهما في حماية الحقوق وتثبيتها‪ ،‬بيد أن الحق املطلوب حمايته هذه‬

‫املرة ‪ -‬حق الشغل ‪ -‬ليس بحق عادي‪ ،‬على اعتبار أن في حمايته حماية للكرامة إلانسانية ولو في أبسط‬

‫صورها ‪.228‬‬

‫واعتبارا لتطور القانون الدولي للعمل الذي تجسد في صدور اتفاقية وتوصية دوليتين للشغل‬

‫حول "العمل الالئق للعمال املنزليين "من طرف منظمة العمل الدولية‪ ،‬أصبح املغرب ملزما بتطبيق معايير‬

‫العمل الدولية ذات الصلة‪ ،‬ال سيما اتفاقية الشغل رقم ‪ 132‬بتحديد السن ألادنى للعمل‪ ،‬والاتفاقية‬

‫رقم ‪ 122‬حول أسوء أشكال عمل الطفل والاتفاقية الدولية حول القضاء على جميع أشكال التمييز‬

‫‪ - 227‬محمد أمزيان‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.22‬‬


‫‪ - 228‬رشيدة أحفوض‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.22‬‬

‫‪129‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫ضد املرأة‪ ،‬كلها اتفاقيات صادق عليها املغرب‪ ،‬مما يجعله محل مساءلة أمام التزاماته تجاه املجتمع‬

‫املدني‪.‬‬

‫أوال‪ :‬الحماية الاجتماعية من خالل قانون ‪ 02.09‬املنظم‬


‫إن القانون املتعلق بتحديد شروط الشغل والتشغيل الخاصة بالعمال املنزليين يكتس ي أهمية‬

‫قصوى ويشكل تقدما ملموسا في مجال الحماية الاجتماعية لهذه الفئة املوجودة في وضعية هشاشة‪،229‬‬

‫واملتمثلة أساسا في ألاطفال والنساء‪ ،‬وإيجابية صدور هذا القانون تكمن كذلك في كونه يعزز التقدم‬

‫الحقيقي الذي تعرفه بالدنا في مجال الحماية الاجتماعية‪.‬‬

‫أ‪ -‬وضعية العامالت املنزليات في قانون ‪:02.09‬‬

‫بناء على ما جاءت به املادة ‪ 2‬من مدونة الشغل‪ ،‬وبعد مرور ثالث عشرة سنة‪ ،‬صدر القانون رقم‬

‫‪ 11.12‬املتعلق بتحديد شروط التشغيل والشغل املتعلقة بالعامالت والعمال املنزليين‪ .‬وقد خرج هذا‬

‫القانون إلى الوجود ليكتس ي أهمية كبرى‪ ،‬خاصة في الوضعية التي تعاني منها العامالت على وجه‬

‫الخصوص‪ ،‬فبعد أن تم استثناؤهن من أحكام منونة الشغل‪ ،‬بات من الضروري التدخل التشريعي‬

‫وأخذ بعين الاعتبار التزامات املغرب الدولية في هذا الشأن‪.‬‬

‫وقد جاء هذا القانون في ‪ 22‬مادة موزعة على خمسة أبواب‪ ،‬وقد تطرق في الباب ألاول منه إلى‬

‫تحديد تعريف ألاطراف العالقة الشغلية وموضوعها‪ ،‬وأول ما يحسب له هو استخدامه مصطلح "العاملة‬

‫أو العامل املنزلي "بصيغة املؤقت واملنكر في نفس الوقت‪ ،‬عوضا عن مصطلح "خدم البيوت "الذي‬

‫‪ - 229‬محمد حجيوي‪ :‬مشروع قانون العمال املنزليين يرى النور بعد طول انتظار"‪ ،‬بيان اليوم‪www.maghress.com : 2111 ،‬‬

‫‪130‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫استخدمه مشرع مدونة الشغل‪ ،‬والذي القي انتقادا من طرف البعض ملا يشكله من تعبير عن استعباد‬

‫إلانسان ألخيه إلانسان‪.230‬‬

‫هذا وقد عرفت الاتفاقية الدولية رقم ‪ 121‬بشأن العمل الالئق للعمال العامل املنزلي بأنه "أي‬

‫شخص مستخدم في العمل في إطار عالقة استخدام"‪ ،‬كما اعتبرت الاتفاقية أنه ال يعتبر عامال منزليا‬

‫الشخص الذي يؤدي عمال منزليا من حين إلى آخر أو على نحو متقطع‪ .‬وحاول هذا القانون من خالل‬

‫مادته ألاولى السير على نفس اتجاه املعايير الدولية‪ ،‬فأعطى تعريفا للعاملة أو العامل املنزلي مفاده أنه هو‬

‫الذي يقوم بصفة دائمة واعتيادية مقابل أجر‪ ،‬بإنجاز أشغال مرتبطة بالبيت وألاسرة كما هي محددة في‬

‫املادة ‪ 2‬من هذا القانون سواء عند مشغل واحد أو أكثر "وهو ما يدل على أن العمل املنزلي يجب أن‬

‫يتسم بالدوام الذي يفيد الاستمرارية وألاعياد الذي يفيد تكرار العمل ولو بشكل متقطع‪.‬‬

‫إضافة إلى أن القانون قد استعمل مصطلح "املشغل و املشغلة "بدال من "صاحب البيت"‪ ،‬وعرفه‬

‫أنه "كل شخص ذاتي يستأجر عمل عاملة أو عامل منزلي إلنجاز ألاشغال املنصوص عليها في املادة ‪ 2‬أو‬

‫أحدها "‪.‬‬

‫وإن الخضوع لنطاق تطبيق هذا القانون ال يتطلب فقط في العاملة أداء العمل بصقة اعتيادية‬

‫ودائمة مقابل أجر سواء عند مشغلة أو مشغل واحد أو أكثر‪ ،‬بل ال بد أن يكون العمل منزليا يدخل‬

‫ضمن ألاشغال التي حددتها املادة الثانية والتي جاءت على سبيل املثال ال الحصر‪ ،‬أو يدخل ضمن‬

‫‪ - 230‬عدنان بوشان ‪ :‬القانون الاجتماعي‪ ،‬مقالة الكترونية‪ ،‬الجريدة القانونية‪ ،‬جريدة التكترونية ‪www.alkanounia.com :‬‬

‫‪131‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫التعريف الذي حدده املشرع العمل املنزلي بشكل عام‪ ،‬حيث عرفه في املادة ‪ 1‬من قانون ‪ 11.12‬أنه‬

‫"العمل املنزلي‪ .‬هو العمل املنجز لدى أسرة أو عدة أسر"‪.231‬‬

‫ونظرا لكون القانون رقم ‪ 11.12‬سيكون تسريعا موازيا ملدونة الشغل‪ ،‬وخاصا بتنظيم تشغيل فئة‬

‫العامالت والعمال املنزليين املستثنيين من تطبيق هذه املدونة فإن مقتضياته ينبغي أن تتسم بالشمولية‬

‫والوضوح‪ ،‬مع ضرورة ألاخذ بعين الاعتبار طبيعة ألاشغال التي يقوم بها العمل املنزليون ومكان قيامهم‬

‫بها‪.‬‬

‫وقد خصص هذا القانون الباب الثاني لشروط تشغيل العامالت والعمال املنزليين والذي جاء في‬

‫عمر مواد‪ ،‬تطرق من خاللها الى كيفية ابرام عقد الشغل‪ ،‬وشروط والتزامات ألاطراف إبان هذا إلابرام‪،‬‬

‫إال أنه أغفل أهم املراحل التي قد يصل إليها العقد وهي انتهاؤه وأسباب هذا الانهاء ومسطرته‪.‬‬

‫وقد تم تحديد من التشغيل في ‪ 12‬سنة كحد أدنى ال يجوز للمشغل النزول عنه‪ ،‬غير أن املشرع‬

‫وكأنه لم يستسيغ الانتقادات التي تم توجيهها للقانون في صيغته ألاولية كمشروع باعتماده لسن ‪12‬‬

‫سنة كحد أدنى‪ ،‬حيث عمل على فتح الباب أمام امكانية تشغيل ألاشخاص الذين تتراوح أعمارهم ما‬

‫بين ‪ 12‬و‪ 12‬سنة وذلك خالل فترة انتقالية مدتها خمس سنوات تبتدئ من تاريخ دخول هذا القانون‬

‫حيز التنفيذ‪.232‬‬

‫إضافة الى أن هذا القانون تطرق إلى شروط الشغل‪ ،‬وذلك من خالل مدة الشغل والراحة‬

‫ألاسبوعية والعطلة السنوية وأيام العطلة‪ ،‬باإلضافة لألجر والذي خصه بباب خاص به فقد حددت‬

‫‪ - 231‬املادة ‪ 1‬من قانون ‪ ،11.12‬الجريدة الرسمية‪ ،‬عدد ‪ 22( ،2213‬أغسطس ‪ ،)2112‬ص ‪.2122‬‬
‫‪ - 232‬عدنان بوشان ‪ :‬القانون الاجتماعي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬مقالة‪.‬‬

‫‪132‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫املادة ‪ 13‬من هذا القانون مدة الشغل في ‪ 22‬ساعة في ألاسبوع وفي ‪ 21‬ساعة بالنسبة للعامالت والعمال‬

‫املنزليين املتراوحة أعمارهم ما بين ‪ 12‬و‪ 12‬سنة يتم توزيعها يتم توزيعها باتفاق من الطرفين‪.‬‬

‫وإذا ما حاولنا مقارنة بعض املقتضيات التي جاء بها القانون بما هو منصوص عليه بالنسبة الباقي‬

‫ألاجراء‪ ،‬نجد أن البعض منها جاء موافقا ملا هو مكرس ضمن الكتاب الثاني من مدونة الشغل‪ ،‬خاصة‬

‫ما يتعلق بالراحة ألاسيوية والراحة في أيام ألاعياد املؤدى عنها‪ ،‬إضافة إلى مدة العطلة السنوية‪،‬‬

‫والاستراحة الخاصة بالرضاعة‪ ،‬إال أن هذا القانون لم يبين إذا ما كانت استراحة الرضاعة مؤدى عنها‬

‫أم ال‪.‬‬

‫أما بخصوص التغييبات القانونية فقد أشار القانون إلى نقص التغييبات التي نظمتها مدونة الشغل‬

‫في املواد ‪ 221‬و ‪ ،222‬وما يالحظ أنها موافقة ملا جاء بمدونة الشغل باستثناء زيادة ثالثة أيام عن التغيب‬

‫بسبب زواج العاملة املنزلية أو العامل املنزلي لتصبح املدة ‪ 2‬أيام مؤداة ألاجر عن ‪ 2‬أيام منها فقط‪.‬‬

‫كما تطرق القانون لألجر واعتبره مبلغا نقديا ال يمكن بأي حال من ألاحوال اعتبار مزايا إلاطعام‬

‫واملسكن تدخل ضمن مكونات هذا ألاجر‪ ،‬في مقابل أال يقل هذا املبلغ النقدي عن ‪ 21 %‬من الحد ألادنى‬

‫القانوني لألجر املطبق في قطاعات الصناعة والتجارة واملهن الحرة هذا وإن كان القانون قد أغفل كيفية‬

‫إنهاء عقد شغل العامل املنزلي وأسباب هذا الانتهاء‪ ،‬فإنه تطرق من خالل املدة ‪ 21‬إلى استحقاق العامل‬

‫املنزلي لتعويض عند فصله‪ ،‬غير أنه اشترط على هذا العامل أن يكون فض ي ما ال يقل عن سنة متواصلة‬

‫من الشغل الفعلي لدي نفس املشغل‪ ،‬و هي مدة طويلة قد تدفع بعض املشغلين إلى التحايل من خالل‬

‫‪133‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫فصل العامل املنزلي قبل مرور تلك املدة وتعويضه بعامل آخر‪ ،‬وكان ألاجدر باملشرع جعل هذه املدة في‬

‫‪ 2‬أشهر كما هو الشأن بالنسبة للمادة ‪ 22‬من مدونة الشغل ‪.233‬‬

‫واملالحظ أن هذا القانون قد أغفل مجموعة من الحقوق ألاساسية للعاملة املنزلية كعدم تحديده‬

‫الساعات العمل إلاضافية والتعويض عنها وإغفاله إلاجازة ألامومة كما لم يبين أحقية العامالت والعمال‬

‫في الحرية النقابية والحق في التنظيم النقابي وحق املقاوضة الجماعية كما هو مقرر باالتفاقية رقم ‪121‬‬

‫بشأن العمل الالئق للعمال املنزليين‪.‬‬

‫وجدير بالذكر أن أحكام هذا القانون لم تتخل حيز التنفيذ بعد‪ ،‬وإن كان قد صدر سنة ‪2112‬‬

‫بالجريدة الرسمية (‪ 22‬أغسطس ‪ ،)2112‬إال أن املادة ‪ 22‬نصت أن أحكامه تدخل حيز التنفيذ بعد‬

‫انصرام أجل سنة ابتداء من التاريخ التي انتشر فيه بالجريدة الرسمية النصوص الالزمة لتطبيقه التام‪،‬‬

‫ويتعين على املشغلين في التاريخ املذكور والتين يشغلون عامالت منزليات أو عمال منزليين التقيد بأحكامه‬

‫ابتداء من هذا التاريخ ‪.234‬‬

‫ب‪ -‬املراسيم التطبيقية لقانون ‪ 02.09‬املتعلق بشروط التشغيل والشغل املتعلقة بالعمالت والعمال‬

‫املنزليين‬

‫من املنتظر أن يدخل قانون ‪ 11.12‬املتعلق بتحديد شروط عمل العمال املنزليين حيز التنفيذ‬

‫أكتوبر من العام ‪ ،2112‬بعد صدور املراسيم التطبيقية له في الجريدة الرسمية ‪235‬حيت صدر املرسومان‬

‫‪ - 233‬عدنان بوشان ‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬مقالة الكترونية‪.‬‬


‫‪ - 234‬الجريدة الرسمية‪ ،‬عدد ‪ ،2213‬ذي القعدة ‪ 22( 1232‬أغسطس ‪ ،)2112‬ص ‪.2121‬‬
‫‪ - 235‬قانون عمال املنازل يدخل حيز التنفيذ أكتوبر ‪ ،2112‬مقالة الكترونية‪www.mowatine.com : 2112 ،‬‬

‫‪134‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫رقم ‪ 2.12.322 \2.12.322‬املتعلقان بالعمل املنزلي‪ ،‬حيث نشرتهما الجريدة الرسمية في عددها ‪2211‬‬

‫الصادر في ‪ 2‬أكتوبر ‪.2362112‬‬

‫ويهدف املرسوم ألاول إلى إضفاء الحماية القانونية الضرورية للعامالت والعمال املنزليين عبر توثيق‬

‫العالقة الشغلية بين طرفي العقد وتحديد التزاماتها املتبادلة درء تعسف يمكن أن يطال حقوق و مصالح‬

‫هذه الشريحة‪ ،‬وذلك في إطار تنزيل املادة ‪ 3‬من القانون رقم ‪ 11.12‬املتعلق بتحديد شروط الشغل‬

‫والتشغيل املتعلقة بالعامالت والعمال املنزليين‪.‬‬

‫ويتضمن هذا املرسوم مجموعة من إلاجراءات‪ ،‬من بينها تضمين نموذج العقد مجموعة من‬

‫البيانات ألاساسية التي يجب أن تتوفر في عقد العمل الخاص بالعاملة أو العامل املنزلي‪ ،‬وهي بيانات‬

‫تتماش ى مع أحكام املادة ‪ 2‬من اتفاقية العمل الدولية رقم ‪ 121‬بشأن العمل الالئق للعامالت والعمال‬

‫املنزليين‪ ،‬وكذا الحقوق الدنيا التي ال يمكن لألطراف الاتفاق على مخالفتها ما عدا إذا تم تضمين العقود‬

‫يقودا أكثر فائدة للعاملة أو العامل املنزلي‪.‬‬

‫وينص أيضا على سبعة بيانات أساسية تتعلق ببيانات حول طرفي العقد‪ ،‬وبتحديد طبيعة العمل‬

‫واملهمة‪ ،‬وتحديد فترة الاختبار‪ ،‬وتحديد مدة العمل والراحة ألاسبوعية والعطل السنوية املؤدى عنها‪،‬‬

‫وتحديد ألاجر‪ ،‬ويلزم كل مشغل باختيار صفقين من العقود‪" ،‬عقد بمدة محدودة" أو "عقد غير محدد‬

‫املدة "‪ ،‬كما يفرض أال تتجاوز فترة الاختيار بالنسبة للعقدين ‪ 12‬يوما‪.‬‬

‫أما املرسوم الث اني املتعلق بالئحة ألاشغال التي يمنع فيها تشغيل العامالت والعمال املنزليين‬

‫املتراوحة أعمارهم بين ‪ 12‬و‪ 12‬سنة‪ ،‬فيهدف إلى تميم الئحة ألاشغال املرتبطة ببعض املهام املتعلقة‬

‫‪ - 236‬تفاصيل املرسومين املتعلقين بالعمال املنزليين ‪ ،‬حزب العدالة والتنمية‪ ،‬مقالة الكترونية ‪ :‬أكتوبر ‪www.pgd.ma 2112‬‬

‫‪135‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫بالعمل املنزلي‪ ،‬بالنظر لخطورتها على سالمة وصحة العامالت والعمال املنزلين املنتمين لهذه الفئة‬

‫العمرية‪ ،‬وعلى سلوكهم ألاخالقي أو ما قد يترتب عنها وما قد يخل بالداب العامة‪.‬‬

‫ونص هذا املرسوم على تحديد الئحة ألاشغال املرتبطة ببعض املهام املتعلقة بالعمل املنزلي على‬

‫هؤالء العامالت والعمال‪ ،‬والتي تضمن ‪ 12‬نوعا من ألاشغال املادة ‪ )22‬وتكتس ي طابع الخطورة‪ ،‬واملرتبطة‬

‫أساسا باألعناء بشؤون البيت‪ ،‬والاعتناء باألطفال أو بقرد من أفراد البيت بسبب سنه أو عجزه أو مرضه‬

‫أو لكونه من ألاشخاص في وضعية إعاقة‪ ،‬والسياقة والبستنة‪ ،‬وحراسة البيت وحمل ألاثقال‪.237‬‬

‫والستكمال الترسانة القانونية بأكملها‪ ،‬من املنتظر أن ينشر مرسوم نالت في الجريدة الرسمية‬

‫ويتعلق بتسجيل العمال والعامالت املنزليين في الضمان الاجتماعي‪ ،‬إال أنه لن يؤثر على دخول قانون‬

‫‪ 11.12‬حيز التنفيذ بعض انصرام أجل سنة من تاريخ نشر املرسومين السابقين‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬وضعية العامالت املنزليات على مستوى نظامي الضمان الاجتماعي والتعويض عن‬
‫حوادث الشغل‬

‫يحتاج العمال املنزليون كباقي العمال إلى حماية لحقوقهم‪ ،‬وخاصة الحقوق الشخصية وهي‬

‫الحقوق الوثيقة الصلة بشخصية كل إنسان تعبير عما له من سلطات مختلفة ترد على مقومات‬

‫شخصيته تضمن له الانتفاع ينقسه وحمايتها من الاعتداء عليها‪.238‬‬

‫‪ - 237‬القانون املتعلق بتحديد شروط شغل وتشغيل العمال املنزليين يدخل حيز التنفيذ‪ ،‬مقالة الكترونية ‪www.maroc.ma :‬‬
‫‪ - 238‬عفاف البوعناني‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.22‬‬

‫‪136‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫وباإلضافة الى حاجتهم لهذه الحماية‪ ،‬فهم أيضا بحاجة للحماية في حالة إصابتهم بحادثة أو مرض‬

‫أثناء قيامهم بعملهم‪ ،‬وبحاجة أيضا إلى الحماية الاجتماعية املتمثلة في الاستفادة من التعويضات‬

‫الاجتماعية التي يمنحها الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي‪.239‬‬

‫أ ‪ -‬الحماية على مستوى نظام الضمان الاجتماعي‪:‬‬

‫إذا كان الضمان الاجتماعي وليد تحوالت عرفتها البشرية‪ ،‬فما ذلك إال نتيجة شعور إلانسان‬

‫بالحاجة إلى تأمين نفسه من مختلف املخاطر الاجتماعية‪ ،‬وهو ما يدل على أهمية الضمان الاجتماعي‪،‬‬

‫ويمكن تعريف هذا ألاخير يكونه "النظام املحقق لألمان من املخاطر الحياتية لقائدة أشخاص معينين‪،‬‬

‫وفي قطاعات معينة ومعنى هذا أن الحماية تستوجب تحققها ضد عدة مخاطر سواء تعلقت بمخاطر‬

‫العمل‪ ،‬أو املرض غير املنهي‪ ،‬أو الشيخوخة‪ ،‬أو البطالة‪ ،‬أو الوالدة‪ ،‬أو الوفاة‪ ،‬أو غيرها من املخاطر‬

‫الاجتماعية"‪.240‬‬

‫وتعتبر الاتفاقية رقم ‪ 112‬املتعلقة بالحد ألادنى للضمان الاجتماعي لسنة ‪ ،1122‬الاتفاقية‬

‫ألاساسية التي عالجت فيها منظمة الشغل الدولية موضوع الضمان الاجتماعي بشكل مباشر وقد أوجبت‬

‫املذكورة على الدول املصادقة عليها تقديم التعويضات لجميع أو لبعض رعاياها بغرض تأمين معاشهم‬

‫وراحتهم في حالة املرض وألامومة والعجز الصحي والشيخوخة ‪...‬‬

‫أما فيما يتعلق بالتشريع املغربي‪ ،‬فقد حدد الفصل ‪ 2‬من ظهير ‪ 22‬يوليوز ‪ 1122‬املنظم للضمان‬

‫الاجتماعي‪ ،‬باإلضافة إلى ما تضمنه الفصل ‪ 2‬من ظهير ‪ 2‬أبريل ‪ -1121‬الفئات الاجتماعية التي من‬

‫‪ - 239‬الحاج الكوري‪ :‬قانون الضمان الاجتماعي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬


‫‪ - 240‬محمد العروص ي‪ :‬املختصر في الحماية الاجتماعية‪ ،‬الطبعة الاولى‪ ،‬مطبعة الخطاب‪ ،2111 ،‬ص ‪.222-222-222‬‬

‫‪137‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫املفروض أن تتمتع بالضمان الاجتماعي‪ ،‬وأضاف الفصل املذكور أنه ستحدد بمراسيم شروط تطبيق‬

‫الضمان الاجتماعي على العاملين في مقاوالت الصناعة التقليدية وألاعوان املستخدمين في املنازل و ‪.241 ...‬‬

‫وبعد صدور قانون ‪ 11.12‬املنظم واملرسومين التطبيقيين له‪ ،‬ما زال منتظرا صدور املرسوم‬

‫الثالث املتعلق بتسجيل العامالت والعمال املنزليين في الضمان الاجتماعي‪ ،‬حيت ستتمكن هذه الفئة‬

‫بصدوره وستحظى بالتسجيل في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي)‪ ، (CNSS‬إال أن هذه الحماية ال‬

‫تزال معلقة على صدور املرسوم‪.‬‬

‫وبالرجوع إلى التشريعات املقارنة فيما يخص الحماية القانونية التي تم تخصيصها للعامالت‬

‫املنزلية في مصر نجد أن القانون املصري في مادته الرابعة قد استبعد فئة خادمات املنازل من الاستفادة‬

‫من مقتضيات قانون التأمين الاجتماعي‪ ،‬الذي أدخل في نطاق تطبيقه املشتغلين باألعمال املتعلقة‬

‫بالخدمة املنزلية‪ ،‬واستثنى منهم من كان يستغل في منازل خاصة‪ ،‬وعلى نفس نهجه سارت عدة تشريعات‬

‫عربية‪.‬‬

‫إال أن قانون العمل التونس ي كان أكتر حماية العاملة املنزلية‪ ،‬إذ أصدر قانونا خاصا بعامالت‬

‫املنازل‪ ،‬والذي تضمن مجموعة من املقتضيات الحماية لصالح فئة خادمات املنازل‪ ،‬إذ نص على التزام‬

‫املشغل يتعهد ضمان سالمة العاملة يدنيا و فكريا‪ ،‬إضافة إلى ضرورة اعالم املصالح املكلفة برعاية‬

‫الطفولة‪ ،‬إذا كان املؤاجر يعتزم تشغيل خدمة عمرها ما بين ‪ 12‬و ‪ 12‬سنة‪ ،‬إلى جانب تحديد للسن‬

‫ألادنى للتشغيل في حدود ‪ 12‬سنة‪ ،‬دون أن تنس ى استفادة هذه الفئة من الامتيازات التي جاء بها قانون‬

‫‪ - 241‬عبد الكريم غالي‪ :‬في القانون الاجتماعي املغربي‪ ،‬على ضوء مدونة الشغل وأنظمة الحماية الاجتماعية وفي ظل املستجدات الاقتصادية‬
‫والتكنولوجية الحديثة‪ ،‬الطبعة الرابعة‪ ،‬دار القلم للطباعة‪ ،2111 ،‬ص ‪.212‬‬

‫‪138‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫الضمان الاجتماعي التونس ي وخاصة ما يتعلق بمجوعة من الخدمات ألاساسية‪ ،‬كعالج في املستشفيات‬

‫العمومية وفي املصحات التابعة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي‪ ،‬كما ينتفع املنضوون تحت هذا‬

‫النظام بتعويضات الشيخوخة أو العجز أو الباقي بعد الوفاة ‪.242‬‬

‫ب ‪ -‬الحماية على مستوى نظام التعويض عن حوادث الشغل‪:‬‬

‫قبل صدور القانون رقم ‪ 12.12‬املتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل‪ ،‬كان إلاطار القانوني املنظم‬

‫للتعويض عنها هو ظهير ‪ 2‬فبراير ‪ ،1123‬ولكي تتار مسؤولية املؤاجر في هذا الظهير كان البد أن يستفيد‬

‫املصاب من مقتضيات هذا التشريع‪ ،‬وذلك باشتغاله عند مؤاجر خاضع ملقتضيات ظهير ‪ 2‬فبراير ‪،1123‬‬

‫وأن يكون الفعل الذي تضرر منه هو إحدى الوقائع املشمولة بحماية الظهير املذكور‪ ،‬وهذه الوقائع هي‬

‫تالث‪ :‬حادثة شغل‪ ،‬حادثة الطريق‪ ،‬واملرض املنهي‪.‬‬

‫ومن خالل التعداد الذي كان واردا في هذا الظهير في الفصلين ‪ 2‬و‪ ،2‬يتضح أن هذا التشريع كان‬

‫ساريا على املؤسسات الصناعية والتجارية والاستغالالت الفالحية والغابوية‪ ،‬وكذا على املهن الحرة‪،‬‬

‫وباإلضافة إلى كل هذه املؤسسات‪ ،‬أوجد املشرع املغربي حاالت خاصة املسؤولية املؤاجر التي يتعرض لها‬

‫بعض ألاشخاص الذين يعملون لقائدته‪ .‬ومن ذلك مالكو العمارات املعدة للسكن بالنسبة للحوات التي‬

‫تقع لبوابي هذه العمارات‪ ،‬كما يخضع له كل شخص يشتغل في بيته خادما تكون مهمته ألاساسية هي‬

‫سياقة عربة (حسب الفترة ‪ 2‬من الفصل ‪ 2‬من الظهير املذكور)‪.‬‬

‫وقد نتج عن ذلك أن هذا الظهير كان يقص ي بدقة كبيرة من العامالت والعمال املنزليين من‬

‫الاستفادة من أحكامه‪ ،‬فهم ال يستفيدون من الحماية الاجتماعية املقررة فيه‪ ،‬وبذلك كان على العمال‬

‫‪ - 242‬غزالن التاقي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.13‬‬

‫‪139‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫والعامالت املنزليات في حالة إصابتهم بحادثة شغل أن يثيروا مسؤولية مؤاجريهم حسب القواعد العامة‬

‫للمسؤولية‪ ،‬أي أنه يكون عليهم إثبات الخطأ من جانب املؤاجر‪ ،‬وكان بإمكان هذا ألاخير دفع املسؤولية‬

‫عنه إذا وقعت الحادثة بخطأ من الخادم أو قوة قاهرة أو حادت فجائي‪ ،‬وكانت هذه املسألة تعد عليا‬

‫من عيوب الظهير املذكور‪ ،‬ألنها تحول دون استفادة كافة ألاشخاص الذين يتعاطون ويمارسون العمل‬

‫املنزلي من مقتضيات ظهير ‪ 2‬فبراير ‪ ،1123‬والتي وضعت تمييزا ال أساس له بين عمال املنازل التي تكون‬

‫مهمتهم هي سياقة السيارة وبين الذين يقومون باألعمال املنزلية ألاخرى‪ ،‬كما أن إخراج العام والعمال‬

‫املنزليين من الحماية القانونية ترقيت عنها صعوبات تتجلى في تطبيق أو عدم تطبيق مقتضيات الظهير‪،‬‬

‫حيث كان يصعب أحيانا تحديد صحة املصاب‪ ،‬وذلك الختالط صفة الخدم بصفة ألاجير‪ ،‬وفي هذه‬

‫الحالة كان الحل هو القضاء الذي يكون الفيصل فيها إذا كان ألامر ينطبق على عاملة منزلية أو أجيرة‪.‬‬

‫وفي هذا السياق‪ ،‬فإن قرارا صادرا عن محكمة النقض عدد ‪ 1122‬والصادر بتاريخ ‪ 2111/11/12‬في‬

‫امللف الاجتماعي عدد ‪ 2112/2/1222‬غير منشور)‪ ،243‬أكد أن العمل في شركة إلى جانب العمل في منزل‬

‫مدير الشركة ال يجعل من تقوم به خادمة ومستثناة من تطبيق قانون الشغل‪ ،‬فالعمل ألاصلي ألجيرة‬

‫كمنظفة في شركة إلى جانب العمل في أشغال البيت بمنزل مدير الشركة بصفة عرضية ال يضفي على‬

‫من تقوم به وصف خادمة منزل‪ ،‬وفي حيثيات القرار‪" :‬حيث تبين صحة ما عابته الطاعنة على القرار‪،‬‬

‫ذلك أنه من الثابت من عقد الشغل وشهادة العمل وأوراق أداء ألاجور املدلى بها أن الطالبة كانت تعمل‬

‫لذا املطلوبة منظفة داخل الشركة‪ ،‬وأن قيامها بأشغال املنزل داخل منزل املدير ال ينفي عنها صفة‬

‫‪ - 243‬محمد سعيد جرندي‪ :‬الدليل العلمي ملدونة الشغل‪ ،‬قراءة تحليلية نقدية ملقتضيات املدعمة بأهم اجتهادات محكمة النقض‪ ،‬الجزء‬
‫الاول‪ ،‬مطبعة صناعة الكتاب‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،2112 ،‬ص ‪.22-22‬‬

‫‪140‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫مستخدمة لذا الشركة الطالبة مادام عملها ألاصلي يكون داخل الشركة خاصة وأن العقد الرابط بين‬

‫الطرفين يفرض عليها القيام بعملها داخل أو خارج الشركة‪ ،‬إال أن املحكمة املطعونة في قرارها اعتبرت‬

‫عملها بنخل في إطار عمل خدم املنازل‪ ،‬واستنتها من تطبيق مدونة الشغل‪ ،‬مما تكون معه قد بنت قرارها‬

‫على تعليل فاسد و عرضته للنقض ‪."...‬‬

‫إال أنه بصدور الظهير رقم ‪ 1-12-111‬الصادر في ‪ 2‬ربيع ألاول ‪ 21 ،1232‬ديسمبر ‪ 2112‬بتنفيذ‬

‫القانون رقم ‪ 12.12‬املتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل‪ ،‬فقد تم تجاوز العيب املذكور والاختالالت‬

‫التي شابت الظهير السابق‪ ،‬حيث إن مقتضيات القانون الجديد امتدت لتشمل بالحماية جميع العامالت‬

‫والعمال املنزليين بتصريح املادة ‪ 2‬منه‪" :‬يستفيد أيضا من أحكام هذا القانون‪ - 1...‬العمال املنزليون"‪.‬‬

‫وبذلك يكون املشرع املغربي قد خطا خطوات هامة في طريق النهوض بوضعية هذه الفئة التي طاملا قالها‬

‫التهميش والظلم وإلاقصاء‪.‬‬

‫املطلب الثاني‪ :‬الحماية الاجتماعية لعامالت القطاع التقليدي‬


‫الصرف‬
‫لم يعرف قطاع الصناعة التقليدية تنظيما من طرف املشرع‪ ،‬خصوصا وأنه ظل لوقت طويل‬

‫يعتم د على ألاعراف خصوصا في تنظيم العالقات بين أصحاب العمل والعميالت في قطاع الصناعة‬

‫التقليدية و هذا الوضع يجعل العاملة دائما في خوف موف من تصرفات مشغلها وال تملك أن تحتج على‬

‫الاضطهادات التي تمارس في حقها إضافة إلى صعوبة إثبات العالقة الشغلية فحاول املشرع املغربي تدارك‬

‫هذا ألامر بصدور مدونة الشغل ليدخل هذه الفئات من ألاجيرات في مجال تطبيقه إال أنه أدخل فئة‬

‫‪141‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫أجيرات الصناعة التقليدية فقط أما ألاجيرات اللواتي يشتغلن في القطاعات التي تتميز بطابع تقليدي‬

‫صرف فقد استبعدت من املقتضيات الحمائية في نصوص مدونة الشغل‪.244‬‬

‫الفقرة ألاولى‪ :‬وضعية العامالت في القطاع التقليدي الصرف‬

‫يعتبر القطاع التقليدي الصرف قطاعا غير مهيكل‪ ،‬وتعتبر اليد العاملة النسائية فيه من بين الفئات‬

‫املستبعدة واملحرومة من املقتضيات الحماية التشريع الاجتماعي سواء على مستوى مدونة الشغل أو‬

‫قانون الضمان الاجتماعي أو حتى ظهير حوات الشغل وألامراض املهنية‪ ،‬ألامر الذي جعلها تعمل في ظروف‬

‫صعبة وغير مستقرة وتتعرض ملختلف أنواع الاستغالل الاقتصادي والاجتماعي‪.245‬‬

‫أوال‪ :‬مفهوم القطاع التقليدي الصرف‬


‫يحتل القطاع غير املهيكل‪ 246‬مكانة هامة في حال البلدان التي في طور النمو بالنظر إلى خصوصيات‬

‫نسيجها الاقتصادي‪ ،‬ويوفر هذا القطاع مجاالت واسعة في التشغيل والعمل للحساب الخاص‪ ،‬وبالتالي‬

‫يخفف من حدة الفقر‪.‬‬

‫ومن بين هذه ألانشطة التي يشملها هذا القطاع تجد الصناعة التقليدية الصرفة‪ ،‬وقد أشارت‬

‫الفترة الثانية من املادة ‪ 2‬من مدونة الشغل إلى عدم سريان أحكامها على ألاجراء الذين يستغلون في‬

‫القطاعات التقليدية الصرفة‪ ،‬معلقة ذلك على صدور قانون خاص ينظم العالقات بين املشغلين‬

‫‪ - 244‬بن خوية هدى‪ :‬الحماية القانونية للمرأة ألاجيرة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.21‬‬
‫‪ - 245‬حنان أسوان‪ :‬وضعية املرأة العاملة في ظل مدونة الشغل املغربية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.23‬‬
‫‪ - 246‬كان مكتب العمل الدولي يعرف القطاع غير املهيكل بـ "الوحدات الصغيرة إلنتاج وتوزيع الخيرات والخدمات املتواجدة باملناطق‬
‫الحضرية خاصة في البلدان التي هي في طريق النمو"‪ ،‬تعريف ورد في تقرير املدير العام مؤتمر العمل الدولي سنة ‪.1111‬‬

‫‪142‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫وألاجراء في هذا القطاع‪ ،‬كما حددت املقصود به أنه ذلك القطاع الذي يزاول فيه كل شخص طبيعي‬

‫حرفة يدوية بمساعدة زوجته وأصوله وفروعه وبمعية خمسة مساعدين على ألاكثر‪ ،‬ويتعاطى حرفة إما‬

‫بمنزله أو في مكان يشتغل به وذلك قصد صنع املنتوجات التقليدية التي يهينها الاتجار فيها ‪ .247‬واملقصود‬

‫باملشغلين الذين يزاولون نشاطا حرفيا أو تقليديا هم ألاشخاص الذين يعتمدون في الغالب على ألاعمال‬

‫اليدوية كصناع السجادات والزرابي والنسيج التقليدي‪ ،‬واملالبس التقليدية‪ ،‬وألاثاث الخشبي التقليدي‬

‫دون استعمال لآلالت‪.248‬‬

‫وبذلك فهناك مقاوالت غير معنية بأية أحكام مادامت متوفرة فيها املعايير املعتمدة واملتمثلة فيما‬

‫يلي‪:‬‬

‫‪ ‬مزاولة حرفة تقليدية حرفة تؤدي إلى إنتاج مصنوع للمتاجرة فيه‪ ،‬وينتج عن هذا الشرط استبعاد‬

‫العمل غير اليدوي والخدمات والحرف غير املؤدية إلى ترويج مصنوع‪.‬‬

‫‪ ‬تنظيمها تحت إشراف وسلطة شخص طبيعي هو بالذات الصانع التقليدي املسؤول‪.‬‬

‫‪ ‬استقرار هذا النشاط بمنزل الصانع التقليدي أو يمحل مخصص لهذه الغاية‪ ،‬ليتأكد بهذا الشرط‬

‫أن الخدمات التي تقدم للزبائن في أماكن أخرى ال تدخل في هذا النطاق‪.‬‬

‫‪ ‬أال يفوق عدد الصناع املأجورين خمسة بغض النظر عن ألاعوان الذين تربطهم بالصانع‬

‫التقليدي املسؤول عالقة قرابة من أزواج وأصول وفروع‪.‬‬

‫‪ - 247‬الفقرة الثانية من املادة ‪ 2‬من مدونة الشغل‪.‬‬


‫‪ - 248‬ملياء العنصري‪ :‬صحة وسالمة املرأة ألاجيرة‪ ،‬أية حماية في ظل مدونة الشغل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.21‬‬

‫‪143‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫كذلك أشارت الفترة ألاخيرة من املادة ‪ 2‬من مدونة الشغل إلى شرط آخر هو أال يتجاوز الدخل‬

‫السنوي للصانع التقليدي خمس مرات الحصة املعنية من الضريبة على الدخل‪ ،‬وإال طبقت عليه أحكام‬

‫مدونة الشغل‪ ،‬ويمثل هذا الشرط ألاخير بعض إلاشكاليات القانونية‪ ،‬وذلك أن قدر املبلغ املصرح به‬

‫لدى مصلحة الضرائب قد يكون غير صحيح‪ ،‬وإذا تركنا ألامر للمصلحة قد تبالغ تحديد مقدار هذا‬

‫الدخل‪ ،‬كما أن املبلغ املعفي من الضرائب تطرأ عليه تغييرات من حين ألخر حسب نخل الصانع من‬

‫جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى على مستوى القانون الذي يحدد الدخل املعفى من الضريبة‪ ،‬وعليه فإن نفس‬

‫املشغل يمكن مرة أن يخضع ملدونة الشغل وأحيانا أخرى ال يخضع لها ‪.249‬‬

‫بقي أن ن شير إلى أن القطاع غير املهيكل املستبعد من نطاق مدونة الشغل يمثل حوالي ‪ %21‬من‬

‫فرص العمل‪ ،‬ونسبة النساء العامالت فيه مرتفعة جدا‪ ،‬حيت في املجال الصناعي تشكل ‪ ،% 2233‬وفي‬

‫مجال الخدمات ‪ ،% 1132‬وفي مجال التجارة ‪ ،% 233‬بينما يعرف قطاع البناء وألاشغال العمومية نسبة‬

‫ضئيلة ‪.250 % 131‬‬

‫وترجع هذه النسب إلى كون العمل أصبح ضرورة من ضرورات الحياة في العصر الحالي‪ ،‬وأمام‬

‫إلحاح النساء للحصول على فرصة عمل يسيب تفاقم ألازمات الاقتصادية والاجتماعية التي تعاني منها‬

‫الدول النامية بشكل كبير مما يجعلهن أمام حتمية الشغل في القطاعات غير املهيكلة‪ ،‬حتى في ظل عدم‬

‫توفير الحماية لهن في هذا القطاع من طرف املشرع‪ ،‬حيت تم استبعادهن من نطاق الحماية القانونية‬

‫املدونة الشغل‪.‬‬

‫‪ - 249‬محمد سعد الجرندي ‪ :‬الطرد التعسفي لألجير في ظل مدونة الشغل والقضاء املغربي‪ ،‬مطبعة ألامنية‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة الثانية‪،2112 ،‬‬
‫ص ‪.21‬‬
‫‪ - 250‬حنان أسوان‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.22‬‬

‫‪144‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫ثانيا‪ :‬مظاهر القصور الحتمي للعامالت بالقطاع التقليدي الصرف‬


‫بالرغم من كون العمل من الحقوق املقدسة التي ال تقبل املساس بها‪ ،‬إال أنه ال زالت هناك عدة‬

‫معيقات تحول دون أن تحظى املرأة املغربية ألاجيرة بنوع من الحماية الالزمة‪ ،‬خصوصا في بعض‬

‫القطاعات كقطاع الصناعة التقليدية‪ ،‬حيث أن هذا ألاخير هو القطاع الذي تلجأ له النساء كثيرا نظرا‬

‫ملجموعة من الاعتبارات‪ ،‬أولها أن هذا القطاع يفضل تشغيل النساء نظرا لتدني أجورهن مقارنة‬

‫بالرجال‪ ،‬وكذا إمكانية فصلين متى أراد املشغل ذلك دون محاولة التصدي والدفاع‪.‬‬

‫وكما هو متعارف عليه لدي جل املهتمين بالشأن القانوني أن قطاع الصناعة التقليدية وقبل‬

‫إقرار مدونة الشغل‪ ،‬كان خاضعا من حيت تنظيمه لألعراف املهنية‪ ،‬ومع صدور مدونة الشغل املغربية‬

‫أدخلت هذه الفئة من ألاجيرات في مجال تطبيق مدونة الشغل وهو الش يء الذي عمل على تحقيق الحماية‬

‫الاجتماعية لهن‪ ،‬لكنه لم يكن شامال حيت أقصر فقط على أجيرات الصناعة التقليدية‪ ،‬في ظل تركت‬

‫ألاجيرات اللواتي يدخلن في قطاع يطيعه ما هو تقليدي صرف ملتقلبات وقوانين املجتمع‪ ،251‬بعيدا عن‬

‫املقتضيات القانونية الحمائية‪.‬‬

‫وبالعودة إلى وضعية املرأة في هذا القطاع نجدها محرومة من أبسط الحقوق التي تحمي كرامتها‪،‬‬

‫وهي ال تتوفر على أبسط شروط وظروف العمل الالئق‪ ،‬فهي محرومة من حقوقها كحامل وأم‪ ،‬ومن ألاجر‬

‫الذي يعتبر الوسيلة الوحيدة للعيش بالنسبة لها‪ ،‬أضف إلى ذلك ملول ساعات العمل‪.‬‬

‫‪ - 251‬خديجة بوعود‪ :‬منع التمييز بين الجنسين على ضوء مدونة الشغل –دراسة مقارنة‪ ،-‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.22‬‬

‫‪145‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫أما بخصوص املرأة الحامل فهي تشتغل إلى أن تشعر بمخاض الوالدة‪ ،‬وتستأنف عملها بعد‬

‫أسبوع على أكثر تقدير بعد والدتها خوفا من فقدان عملها‪ ،‬مع العلم أن فترة الوضع غير مؤدی عنها وال‬

‫تستفيد من أي تعويض بشأنها‪.‬‬

‫وهذا الوضع الذي تعيشه ألام في قطاع الصناعة التقليدية الصرفة ال يؤثر على رضيعها فقط‬

‫بحرمانه من الحنان والرعاية التي يتطلبها‪ ،‬بل يضر بصحته إن هي فكرت أن تأتي به إلى مكان العمل‬

‫لعدم التوفر على أماكن للرضاعة وانعدام وسائل النظافة‪ ،‬والغبار الناش ئ عن النسيج إذا تعلق ألامر‬

‫بمعامل الزرابي‪.252‬‬

‫وبالتالي فالعمل التقليدي البسيط الذي تؤديه ألاجيرة‪ ،‬والذي يعتمد على إمكانيات محدودة‬

‫ووسائل بسيطة يغلب عليها الطابع اليدوي‪ ،‬واملهارات الذاتية‪ ،‬ال يخضع لقانون الشغل‪ ،‬أما إذا تطور‬

‫نشاط هذا العمل وأصبح في شكل مقاولة تؤدي خدمات مهمة قد تتجاوز الحدود الوطنية إلى تصدير‬

‫منتوجاتها إلى الخارج‪ ،‬وتتوفر على طاقم إداري‪ ،‬وتستعين بآالت وتجهيزات ضخمة‪ ،‬ومواد أولية‪ ،‬فليس‬

‫هناك ما يمنع من خضوع عالمتها القانون الشغل‪.253‬‬

‫وبما أن املادة الرابعة من مدونة الشغل نصت على أنه سيحدد قانون خاص بشروط العالقة‬

‫بين عامالت القطاع التقليدي الصرف وبين مشغليهن‪ ،‬فقد تم بالفعل وضع مشروع قانون يحدد العالقة‬

‫بين املشغلين وألاجراء‪ ،‬وشروط الشغل في هذه القطاعات التي تتميز بطابع تقليدي صرف‪ ،‬ووجه بتاريخ‬

‫‪ 2‬مارس ‪ 2112‬إلى ألامانة العامة للحكومة‪ ،‬تتضمن مجموعة من إلايجابيات من بينها تعريفه للمشغل‬

‫‪ - 252‬مالك عواد‪ :‬حماية حقوق ألاجيرات في ضوء قانون الشغل املغربي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.21‬‬
‫‪ - 253‬محمد سعيد جرندي ‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.21‬‬

‫‪146‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫في القطاع الذي يتميز بطابع تقيدي صرف‪ ،‬باإلضافة إلى املعايير املحددة في املادة ‪ 2‬من مدونة الشغل‬

‫والتي أشرنا إليها سابقا‪ ،‬وتمت إضافة الشروط التالية‪:‬‬

‫‪ ‬كل شخص يزاول إحدى املهن املحددة الئحتها بنص تنظيمي‪.‬‬

‫‪ ‬يستعين في ممارسة مهنته بأفراد أسرته‪.‬‬

‫‪ ‬يستخدم على ألاكثر خمسة مساعدين متوفرين على حد أدنى من املهارة التي يتطلبها صنع‬

‫املنتوج التقليدي‪.‬‬

‫‪ ‬كل شخص ذاتي يقدم رأسمال إلنجاز أنشطة تقليدية صرفة‪.‬‬

‫كما حدد املشروع مدة العمل ألاسبوعي حسب ألاعراف وخصوصية ألانشطة واملناطق‪ ،‬كما‬

‫تطرق ملسألة التمرس املنهي‪ ،‬واملنظم بمقتض ى القانون رقم ‪ 32.13‬املتعلق بإحداث وتنظيم التمرس املنهي‬

‫كنمط من التكوين ألاساس ي‪ ،‬والهدف منه هو تلقين املتدربين معارف عامة ومهنية بمؤسسات التكوين‬

‫املنهي التابعة للدولة أو املقبولة من طرفها لهذا الغرض‪ ،‬واكتساب مهارات عملية عن طريق ممارسة‬

‫نشاط معني قصد الحصول على اختصاص منهي‪.254‬‬

‫وجدير بالذكر أن التغيير الوحيد الذي أتى ليه مشروع القانون املتعلق بهذا القطاع بهذا القطاع‬

‫هو إخضاع جهاز املراقبة لهيئة مفتش ي الصناعة التقليدية بدال من مقتش الشغل‪ ،‬وتسوية نزاعات‬

‫الشغل الفردية والجماعية عن طريق أمين الحرفة‪ ،‬وفي حالة تعذر التوصل إلى تسوية النزاعات يتم‬

‫اللجوء إلى املحتسب‪ ،‬لكن الصانع التقليدي املشغل في القطاع التقليدي الصرف‪ ،‬قد يفضل اللجوء إلى‬

‫املحاكم مباشرة‪ ،‬دون اللجوء ال إلى أمين الحرفة‪ ،‬وال إلى املحتسب‪ ،‬فال قانون يجبره على ذلك‪ ،‬واملحكمة‬

‫‪ - 254‬ملياء العنصري‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.21-21‬‬

‫‪147‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫ال يمكن أن تقض ي بعدم قبول طليه مادام مشروع القانون لم يلزمه بفعل ذلك‪ ،‬لكن رغم ذلك فإن‬

‫هذا املشروع سيعمل على هيكلة القطاع التقليدي الصرف‪ ،‬والاهتمام به‪ ،‬هو اهتمام بقطاع الصناعة‬

‫التقليدية يصفه قطاعا اقتصاديا تأخر لسنوات عديدة‪ ،‬ولعل السبب في ذلك هو الاقتصار على التعامل‬

‫معه من وجهة نظر اجتماعية محضة‪ ،‬جعلت منه قطاعا ال يلزمه سوى بعض الدعم و املساعدة‪ ،‬دون‬

‫الارتكاز على أية سياسية إنمائية أو تنموية‪ ،‬مما قوت على املقاولة الحرفية فرص التطور واملساهمة‬

‫الفعالة " في مجهود التنمية الشاملة" ‪.255‬‬

‫وحين على املشرع املغربي الحماية الاجتماعية للعامالت في القطاع التقليدي الصرف على صدور‬

‫قانون خاص يحدد شروط الشغل والتشغيل املتعلقة لهم كان حيفا بالنسبة لهن‪ ،‬مما جعل حقوق‬

‫ألاجيرة بصفة عامة‪ ،‬وألاميرة ألام بصفة خاصة عرضة لالنتهاك‪ ،‬الش يء الذي يستوجب تدخل املشرع في‬

‫أقرب وقت لسن هذا القانون وإخراجه إلى الوجود لتأمين الحماية الالزمة لهذه الفئة‪ ،‬مع النظر في‬

‫ظروف عمل الصانعات التقليديات في القطاع التقليدي الصرف والوقاية الصحية‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬قصور الحماية الاجتماعية لعامالت القطاع التقليدي الصرف‬


‫وآفاق تعزيزها‬
‫إن الواقع الذي كرسته مدونة الشغل جعل ألاجيرة في القطاع التقليدي الصرف من بين الفئات‬

‫املستعيدة واملحرومة من املقتضيات الحمائية للتشريع الاجتماعي‪ ،‬حيت يظهر ذلك جليا من خالل عدم‬

‫تكريس املشرع حماية تنكر للمرأة في قطاع الصناعة التقليدية الصرفة‪ ،‬وأقصاها من التمتع بتعويضات‬

‫‪ - 255‬رشيدة أحفوض‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.222‬‬

‫‪148‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫الضمان الاجتماعي (أوال)‪ ،‬غير أن هنالك مجموعة من الحلول التي إذا ما تمت مراعاتها مستقبال يمكن‬

‫توفير الحماية لهذه الفئة والنهوض بوضعيتها (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬وضعية العامالت بالقطاع التقليدي الصرف على مستوى نظام الضمان الاجتماعي‬
‫يعتبر الضمان الاجتماعي حقا من حقوق إلانسان‪ ،256‬تروم ألاول من خالله الحماية الاقتصادية‬

‫والاجتماعية لساكنتها‪ ،‬مما جعله يحتل مكانة رئيسية في اهتمامات كافة املجتمعات املعاصرة التي عملت‬

‫على تنظيمه بنظام يحدد املنافع التي يحتويها‪ ،‬وألاشخاص املستفيدين منها‪ ،‬وشروط الاستفادة‪ .257‬وإذا‬

‫كان لكل شخص الحق في مستوى معيش ي يضمن له وألسرته صحة جيدة‪ ،‬السيما على مستوى املأكل‬

‫واملليس والعناية الطبية والخدمات الاجتماعية الضرورية‪ ،‬فهذا يفيد أن كل شخص له الحق في الضمان‬

‫الاجتماعي سواء كان رائدا أو طفال‪.258‬‬

‫ويقصد بالضمان الاجتماعي النصوص القانونية التي يهدف املشرع من ورائها إلى تنظيم الحماية‬

‫الاجتماعية في قطاع معين ولفائدة أشخاص محددين‪ .259‬ويعتبر ظهير ‪ 22‬يوليو ‪ 2601122‬بمثابة إلاطار‬

‫املنظم أو القانون ألاساس ي لنظام الضمان الاجتماعي الذي يتعلق بالدرجة ألاولى باألحكام أو القوانين‬

‫املوضوعية التي تسمح باستفادة العمال املؤمن لهم من مزايا قانون الضمان الاجتماعي فالضمان‬

‫‪ - 256‬املادة ‪ 22‬من الاعالن العالمي لحقوق الانسان‪" ،‬لكل إنسان عضوو في املجتمع الحق في الضمان الاجتماعي‪"...‬‬
‫‪ - 257‬محمد بنحساين‪ :‬الضمان الاجتماعي للعمال املغاربة بأوروبا‪ ،‬الطبعة الاولى‪ ،2112 ،‬مطبعة طوب بريس‪ ،‬الرباط‪ ،‬ص ‪.2‬‬
‫‪ - 258‬عفاف البوعناني‪ :‬مرجع يابق‪ ،‬ص ‪.23‬‬
‫‪ - 259‬الحاج الكوري‪ :‬قانون الضمان الاجتماعي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪ - 260‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 3221‬بتاريخ ‪ 13‬رجب ‪ 23( 1312‬غشت ‪ ،)1122‬ص ‪.2122‬‬

‫‪149‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫الاجتماعي يعمل كتأمين اجتماعي ممول بواسطة اشتراكات املشغلين وألاجراء‪ ،‬فهو ليس موجها إلى‬

‫املجتمع بأكمله‪ ،‬أو حتى إلى مجموع العاملين املأجورين في القطاع الخاص‪.261‬‬

‫فبالرغم مما يمتاز به قطاع الصناعة التقليدية من دور اقتصادي واجتماعي مهم‪ ،‬بحيث يساهم‬

‫في الناتج الداخلي الخام‪ ،‬كما يساهم يقسط وافر من مداخيل املنتجات املصدرة‪ ،‬وتزويد السوق الداخلي‬

‫بكميات هائلة من املواد واملنتوجات ذات الطابع التقني والنفعي‪ ،‬وحسب التقديرات إلاحصائية يضمن‬

‫قطاع الصناعة التقليدية نخال متوسطا لفئة عريضة من سكان اململكة‪ ،‬وبذلك يتميز القطاع الحر بدوره‬

‫الكبير في امتصاص اليد العاملة‪ ،‬إضافة إلى الظروف التي تنجز فيها هذه الفئة عملها مما يجعلها أكثر‬

‫عرضة للحوادث وألامراض املهنية‪.‬‬

‫إال أن إلاشكال املطروح الذي يبقي عائقا أمام تطور قطاع الصناعة التقليدية يتمثل في عدم‬

‫اعتماد نظام الضمان الاجتماعي لفئة العمال والعامالت املنتمين إلى قطاع الصناعة التقليدية الصرفة‬

‫حيت على ظهير الضمان الاجتماعي استفادة هؤالء إلى حين صدور مرسوم‪ ،‬وذلك بصريح نص الفصل‬

‫الثاني في فقرته الثالثة من الظهير السالف الذكر‪ ،‬والذي جاء فيه "تحدد بمراسيم شروط تطبيق نظام‬

‫الضمان الاجتماعي على من يأتي ألافراد املنتمون لعائلة أحد املشغلين والعاملون لحسابه"‪.‬‬

‫ونتيجة إللحاح الفقه املهتم بضرورة تمديد الاستفادة من مقتضيات الضمان الاجتماعي لعمال‬

‫الصناعة التقليدية‪ ،‬فقد صدر مرسوم بتاريخ ‪ 21‬أبريل ‪ 1113‬مدت بمقتضاه هذه الاستفادة لفائدة‬

‫مأجوري الصناعة التقليدية‪.262‬‬

‫‪ - 261‬عفاف البوعناني‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.22‬‬


‫‪ - 262‬غزالن التاقي‪ :‬حماية املرأة ألاجيرة في مدونة الشغل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.21‬‬

‫‪150‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫وكان من املتوقع أن يشمل هذا املرسوم حماية العام والعاملين في قطاع الصناعة التقليدية‬

‫الصرفة‪ ،‬إال أنه بدوره أقص ى هذه الفئة الضعيفة من املأجورين‪ .‬كما أن الفصل الثاني من مرسوم ‪21‬‬

‫أبريل ‪ 1113‬ألزم أجراء املنشآت الحرفية يتق مبالغ الفصل الثاني من ظهير ‪ 1122‬املتعلق بالضمان‬

‫الاجتماعي‪ ،‬مما يثير الاستغراب خاصة وأن الاشتراكات تحدد على أساس مجموع ألاجور التي يتقاضاها‬

‫هؤالء العمال‪ .‬مع العلم أنه غالبا ما يتقاض ى العامل في هذا القطاع أجرا هزيال جدا‪ ،‬حيث ال يصل إلى‬

‫ما هو محدد كحد أدنى لألجور‪.263‬‬

‫لذلك ينبغي لتحقيق الحماية الاجتماعية بمعناها التأمل تمديد نظام الضمان الاجتماعي إلى قطاع‬

‫الصناعة التقليدية الصرفة مع ألاخذ بعين الاعتبار طبيعة هذا القطاع بجعل اشتراكات العاملين‬

‫والعامالت رمزية‪.‬‬

‫وفي ألاخير نشير إلى وضعية ألاجيرات في القطاع الفالحي‪ ،‬فهي ليست أحسن حاال‪ ،‬حيت أقدم‬

‫املشرع على إصدار ظهير ‪ 2‬أبريل ‪ ،1111‬مدد بمقتضاه الاستفادة من مقتضياته على فئة ألاجيرات‬

‫الدائمات‪ ،‬دون مراعاة ألاجيرات املؤقتات اللواتي يقمنا بتقس ي النشاط‪ ،‬واللواتي ال ينتجن إال ما يقتن به‬

‫دون الحصول على الربح‪ ،‬إذن فهذه الفئة بدورها كانت محط تهميش وحرمان من الحماية الاجتماعية‪.‬‬

‫وهكذا تبقى للضمان الاجتماعي أهمية بالغة بالنسبة للمرأة العاملة‪ ،‬خاصة في حمايتها من ألاخطار‬

‫التي تهددها وتخلق لديها تخلق لديها هاجس الخوف دائما من املستقبل‪.264‬‬

‫‪ - 263‬خديجة بوعود‪ :‬مرجع سابقن ص ‪.22‬‬


‫‪ - 264‬غزالن التاقي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.22‬‬

‫‪151‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫فإذا استطاع نظام الضمان الاجتماعي تحقيق هذه الغاية‪ ،‬يكون قد حقق الغاية التي أنش ئ من‬

‫أجلها‪ ،‬والتي دافعت عليها الطبقة الشغيلة بكل ما أوتيت من قوة حتى وصلت إلى املستوى الذي نراها‬

‫عليه اليوم في الدول املتقدمة وذلك بفضل شمولية هذا النظام لكل فئات املجتمع‪ ،‬طبقا ملا جاء في‬

‫الفصل ‪ 22‬من إلاعالن العالمي لحقوق إلانسان الذي تبنته الجمعية العامة لألمم املتحدة في ‪ 11‬دجنبر‬

‫‪ " 1122‬كل شخص بوصفه فردا من أفراد املجتمع له الحق في الضمان الاجتماعي"‪.‬‬

‫فمن املؤسف حقا أن تبقى فئات عريضة من ألاجيرات والعامالت الكادحان في بالدنا واللواتي‬

‫يشتغل في ظروف صعبة ويحصل على أجر هزيل خارج نطاق ضمان الاجتماعي‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬أفاني تعزيز الحماية الاجتماعية وتحسين الوضعية القانونية للعامالت بالقطاع‬
‫التقليدي الصرف‬

‫إن الصناعة التقليدية كانت والزالت تستهوي عددا كبيرا من النساء‪ ،‬ليس في املغرب فحسب بل‬

‫و في كافة أقطار العالم‪ ،‬فاملرأة بطبعها تحب صنع ألاشياء بيدها‪ ،‬لهذا كانت تعمل من أجل تعلم صنعة‬

‫تستفيد منها وتفيد أسرتها‪ ،‬خاصة صناعة ألالبسة‪ ،‬حيت كانت أغلب النساء يقمن بنسج الجلباب‬

‫الصوفي الذي يقي من برد الشتاء وأغطية صوفية تقوم بنفس الدور‪ ،‬أو يتم استعمالها في ألافرشة‬

‫كالزرابي مثال‪ ،‬والتي تشهد على أصالة هذه الصناعة ومهارة اليد العاملة النسوية في هذا امليدان‪.265‬‬

‫وإضافة إلى ذلك يحتل قطاع الصناعة التقليدية مكانة في الاقتصاد الوطني‪ ،‬كما يساهم في ازدهار‬

‫السياحة‪ ،‬غير أنه رغم أهميته هذه‪ ،‬فإنه قوبل بتمييز مجحف من قبل املشرع املغربي الذي مدد أحكام‬

‫‪ - 265‬فاطمة أنوار‪ :‬الحماية القانونية لعمال الصناعة التقليدية‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص‪ ،‬جامعة محمد‬
‫الخامس كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية الرباط‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،1112‬ص ‪.11‬‬

‫‪152‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫قانون الشغل إلى مقاوالت الصناعة التقليدية دون العاملين في القطاعات التي تتميز بطابع تقليدي‬

‫صرف‪.266‬‬

‫وال بد من إلاشارة إلى أسباب ظهور القطاع التقليدي الصرف‪ ،‬حيت يعزى ذلك إلى عدم قدرة‬

‫بعض املشغلين على تحمل التبعات القانونية لخضوعهم لقانون الشغل‪ ،‬ويجدر التأكيد هنا على أنه‬

‫ليست كل هذه الوحدات تلجأ إلى التهرب من الضرائب والتغطية الاجتماعية وال تقوم باحترام قوانين‬

‫الشغل‪ ،‬بل تعمد أحيانا إلى ذلك الفتقار في مواردها وخوفها من تحمل مصاريف إدارية ليست لها طاقة‬

‫على تحملها‪ ،‬حيث ال يحمل هؤالء من صفة "مشعل "إال الاسم‪ .267‬وأيضا في حاله عدم قدرة بعض‬

‫املقاوالت الخاضعة ملقتضيات مدونة الشغل الاستمرار ومجابهة التنافسية فتحولت إلى الاشتغال خارج‬

‫نطاق القانون فيما يعرف بالقطاع غير املهيكل أو اقتصاد الظل‪ ،‬للنص من تكلفة إلانتاج وبالتالي تسويق‬

‫بضائعهم بأسعار بخسة‪ ،‬تقل بكثير عما تعرضه مقاوالت القطاع املهيكل‪.‬‬

‫ولذلك فإن تحسين الوضعية القانونية للعامالت في القطاع التقليدي الصرف يقتض ي أوال‬

‫إلاصالح الاقتصادي الشامل‪ ،‬كإحداث برامج خاصة لتنظيم القطاعات غير املهيكلة بما يحسن وينهض‬

‫بوضعية تشغيل ألاجيرات‪ ،‬ومن ذلك تمكين املؤسسات العاملة في هذه القطاعات من حوافز وامتيازات‬

‫ملساعدتها على تحسين منتوجها وضمان تسويقية واعتماد أساليب مرنة في التعامل مع املرافق إلادارية‬

‫واملالية مع التفكير في تجميع أجراء قطاع الصناعة التقليدية الصرفة في إطار تعاونيات خاصة‪.268‬‬

‫‪ - 266‬مريم ازغيغي‪ :‬مظاهر الحماية ألاسرية في تشريعات العمل دراسة مقارنة لنيل دبلوم الدراسات العليا املعمقة في القانون الخاص‪،‬‬
‫جامعة محمد ألاول‪ ،‬كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بوجدة‪ ،‬السنة الجامعية‪ ،2111-2112 ،‬ص ‪.22‬‬
‫‪ - 267‬محمد سعيد بناني‪ :‬الخاصيات الجديدة في مدونة الشغل ومنطلقاتها‪ ،‬اللقاء القضائي املغربي الاسباني الثالث بين املجلس ألاعلى‬
‫باململكة املغربي واملجلس العام للسلطة القضائية للمملكة الاسبانية الرباط‪ 22-22 ،‬نوفمبر‪ ،2112 ،‬ص ‪.12‬‬
‫‪ - 268‬حنان أسوان‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.22‬‬

‫‪153‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫هذا من الناحية الاقتصادية‪ ،‬أما من الناحية القانونية فقد أصبح من الضروري تمديد نظام‬

‫الضمان الاجتماعي الى عامالت القطاع التقليدي الصرف من أجل تعزيز الحماية الاجتماعية املبتغاة‬

‫الهن‪ ،‬مع ألاخذ بعين الاعتبار طبيعة القطاع وأيضا الاسراع بتعزيز الترسانة القانونية والاجتماعية‬

‫بالقانون الذي وعدت به املادة الرابعة‪ ،‬وذلك بسبب قانون خاص يتعلق بتحديد العالقات بين املشغلين‬

‫وألاجراء وشروط الشغل في القطاعات التي تتميز بطابع تقليدي صرف‪.‬‬

‫من خالل ما سبق‪ ،‬فان املشرع املغربي وإن كان قد استثنى العامالت والعمال املنزليين و عامالت‬

‫و عمال القطاع التقليدي الصرف من مدونة الشغل و من مجموعة من املقتضيات ذات الطابع الحمائي‬

‫الاجتماعي‪ ،‬إال أنه نتيجة لتظافر عدد من العوامل الداخلية والخارجية الضاغطة في اتجاه تغيير ملموس‬

‫في موقف املشرع املغربي إزاء واقع البؤس الاجتماعي لفئة الشغيلة املنزلية‪ ،‬في ظل مسلسل الفراغ‬

‫القانوني الذي عمر طويال‪ ،‬رغم ما بات يفرزه هذا النوع من الشغل من مشاكل واقعية ال حصر لها أثناء‬

‫املمارسة‪ ،‬فإنه واستجابة لذلك‪ ،‬أقدمت اململكة املغربية ‪-‬أخيرا۔ على تغطية الفراغ التشريعي الحاصل‪،‬‬

‫وعند هذه الصورة عبر صدور القانون الخاص بالقطاع املذكور‪ ،‬ويوفر من خالله مختلف جوانب‬

‫الحماية الاجتماعية الالزمة لفئة مهنية تكاثرت أعدادها وتفاقمت أوضاعها بعد أن عانت مستهدفة ‪-‬‬

‫أكثر من غيرها‪ -‬بمظاهر إلاهمال وإلاقصاء طيلة املحطات السابقة لتنظيم مجال الشغل وتقنين شروط‬

‫التشغيل املتعلقة بهم‪ ،‬وذلك في طريق تكريس الحماية املتوخاة للحد ألادنى من حقوق عمال املنازل‬

‫ببلدنا‪.‬‬

‫إال أن هذه الخطوة إلايجابية التي سار عليها املشرع املغربي وإن كانت قد شملت العامالت والعمال‬

‫املنزليين‪ ،‬إال أنها أعطت العامالت والعمال بالقطاع التقليدي الصرف‪ ،‬الذي يشكل نسبه ال يستهان بها‬

‫‪154‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫من الشغيلة الوطنية خاصة النساء اللواتي ال زلنا يعانين من غياب جميع أشكال الحماية الاجتماعية‬

‫أمام غياب نص قانوني منظم تشملهم أحكامه وتنظيم شروط شغلهم وتشغيلهم‪ ،‬وتمكنهم من الاستفادة‬

‫من نظام الضمان الاجتماعي الذي يمثل حقا لكل إنسان في املجتمع‪.‬‬

‫من جانب أخر‪ ،‬فعلى الصعيد العربي‪ ،‬تتفاوت الدول العربية في درجة الاستجابة الوطنية لتنظيم‬

‫قطاع الخدمة املنزلية‪ ،‬وتحسين شروطه وحماية الحقوق الاجتماعية لعمالته‪ ،‬وذلك بناء على تظافر‬

‫الضغوط الداخلية اقتصاديا واجتماعيا‪ ،‬إلى جانب التدخالت الخارجية لعدد من املنظمات الدولية التي‬

‫ما فتئت تدق ناقوس إلانذار من أجل تغيير الوضعية الاستثنائية الفئات العمالية تزداد انتشارا من حيث‬

‫أعداد النساء والفتيات املهاجرات من جهة‪ ،‬وتكاثر مشاكلها القانونية وإلانسانية على املستوى الداخلي‬

‫من جهة ثانية‪.269‬‬

‫ويمكننا القول عموما أن العمالة النسائية في املنازل ألاوروبية تميل إلى أن تحتل املكانة الالئقة‬

‫بها من الحماية القانونية والتأثير الاجتماعي والاهتمام إلاعالمي‪ ،‬فهذه هي الصورة إلاجمالية التي تطيع‬

‫وضعية هذا القطاع في مجتمع إنساني جديد شهد قدرا كبيرا من التطور والعصرنة في نظمه الاجتماعية‬

‫والاقتصادية وأساليب عليه اليومية وعالقات أفراده‪ ،‬بما يحفظ القدر الكافي من الحقوق والواجبات‬

‫نحو التوازن والتكافؤ‪.‬‬

‫ولذلك يظل املجتمع ألاوروبي عامة ‪ -‬كقاعدة ال تخلو من الاستثناءات ‪ -‬في منأى عن اجتياح الهجرة‬

‫النسائية املنظمة لغرض التشغيل املنزلي‪ ،‬والتي تمثل معدل ارتفاع صارخ في دول آسيا ومنطقة الشرق‬

‫‪ 269‬عبد السالم مفرج ‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.121-122‬‬

‫‪155‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫ألاوسط كمحور جغرافي بارز على صعيد حركية إرسال واستقبال ال تكاد تقت‪ ،‬عنوانها "العمالة املنزلية‬

‫في أسوء ظروفها"‪.‬‬

‫ويبدو أنه لهذا السبب على ألاقل يظل تنظيم هذا القطاع وحماية شغلته في املجتمع ألاوروبي‬

‫أفضل بكثير من بعض الدول العربية املعنية بهذه الظاهرة أكثر من غيرها قانونيا وإنسانيا‪.‬‬

‫‪156‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫املبحث الثاني‪ :‬تدعيم الحماية الزجرية للمرأة ألاجيرة باملقتضيات‬


‫الزجرية‪ ،‬ودور ألاجهزة الرقابية في تفعيل هذه الحماية‬

‫رغم املقتضيات الحمائية التي كرستها مدونة الشغل لقائدة املرأة ألاجرة‪ ،‬إال أنها تبقى غير كافية‬

‫من أجل تحقيق النجاعة والحماية املطلوبتين‪ ،‬فاملرأة ألاجيرة تحتاج إلى ضمان تفعيل النصوص القانونية‬

‫املوجودة التي تحظر أي تمييز بينها وبين زميلها ألاجير سواء عند إبرام عقد الشغل أو على مستوى ألاجر‪،270‬‬

‫وتحتاج أيضا إلى التطبيق ألاسلم للنصوص الحمائية التي تكرس حقها في ظروف عمل مالئمة تراعي‬

‫أيضا حقها في ألامومة‪ ،‬وعدم فصلها لهذا السبب‪ .‬ويبقى أهم مشكل يواجه عموم ألاجراء وألاجيرات منهم‬

‫على وجه الخصوص هو الفصل التعسفي خاصة إذا كان بأسباب لها عالقة بالنوع الاجتماعي‪ ،‬ومن بينها‬

‫التحرش الجنس ي‪ ،‬إذ أكدت مجموعة من التقارير املتعلقة بتطبيق مدونة الشغل أن عددا كبيرا من‬

‫املقاوالت تتحول إلى فضاء للتحرش باألجيرات‪.271‬‬

‫ومن هنا تبدو ألاهمية البالغة للمقتضيات الزجرية في توفير الحماية املنشودة‪ ،‬بحيث إن نبوت‬

‫الصفة ألامرة لقواعد قانون الشغل‪ ،‬هو الذي يبرر ما أقره املشرع من تدابير زجرية على مخالفة‬

‫مقتضياتها تأكيدا ملا تقوم عليه هذه الصفة في توفير حماية أساسية للجيرة‪ ،‬وإشعارا باألهمية البالغة‬

‫لهذه الحماية‪ ،‬فإن تذييل مقتضيات مدونة الشغل بتدابير زجرية جاء كعنصر مالئم لتقوية وضمان‬

‫التطبيق السليم لتشريع الشغل‪ ،‬ذلك أن املقتضيات الزجرية جات من أجل بعت الفعالية في نصوص‬

‫‪ - 270‬أمينة رضوان‪ :‬جزاء مخالفة النظام العام في قانون الشغل‪ ،‬مقال منشور بمجلة قضاء محمكة النقض‪ ،‬العدد ‪ ،|2112 ،22‬ص‬
‫‪.221‬‬
‫‪ - 271‬أنس سعدون‪ :‬وضعية املرأة املغربية على ضوء منهاج عمل بيجين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.212‬‬

‫‪157‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫املدونة ودعم الطرف الضعيف في العالقة الشغلية‪ ،‬وحماية من تعسف الطرف القوي‪ ،‬من أجل تحقيق‬

‫التوازن العقدي املنشود‪ ،272‬وهنا تتمثل أهمية هذه الحماية الزجرية (املطلب ‪ ،)1‬وفي هذا السياق ال بد‬

‫من إلاشارة إلى دور العمل القضائي في املادة الاجتماعية في تكريس الحماية الاجتماعية للمرأة ألاخيرة‪،‬‬

‫حيث ال يمكن لهذه الحماية التي أرادتها التشريعات أن تتحقق إال عن طريق قضاء متخصص يروم‬

‫باألساس تحقيق تطور و استقرار للعالقة الشغلية فمهما بلغت حنكة املشرع في وضع النصوص القانونية‬

‫باعتماد آلاليات التشريعية واملناهج املقارنة‪ ،‬فإن تحقيق ذلك يظل رعينا بوجود قضاء متخصص يسمو‬

‫بالقاعدة القانونية ويطبقها بالشكل الذي أراده من وضعها ‪( 273‬املطلب ‪.)2‬‬

‫املطلب ألاول‪ :‬الحماية الزجرية للمرأة ألاجيرة‬

‫تعتبر التدابير الزجرية أداة القانون الجنائي للشغل ووسيلته في تحقيق الردع وفي ضمان احترام‬

‫مقتضياته وتفعيلها على أرض الواقع في عالقات الشغل‪ ،‬وبالتالي فهي ضرورية لتجنب تدمير نجاعة‬

‫القواعد الواردة في قانون الشغل والتي تعتبر من النظام العام‪.274‬‬

‫ولذلك حرص املشرع في التشريع الاجتماعي على توفير ضمانات حمائية لفائدة اليد العاملة‬

‫النسائية نظرا ألهمية هذه املقتضيات الزجرية لضمان الامتثال وعدم مخالفة أحكام الحماية التي سنها‬

‫والحقوق التي كفلها للمرأة ألاخيرة‪ ،‬سواء للحفاظ على حقوقها ألاساسية (الفترة ألاولى)‪ ،‬أو املنع أي‬

‫إخالل بأحكام تشغيلها (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫‪ - 272‬محمد بهير‪ :‬الحماية الزجرية لألجير في التشريع املغربي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.13‬‬
‫‪ - 273‬أمينة رضوان‪ :‬مدونة الشغل من خالل الاجتهاد القضائي (دراسة مقارنة)‪ ،‬مطبعة ألامنية‪ ،‬الرباط‪ ،2112 ،‬ص ‪.13‬‬
‫‪ - 274‬محمد بهير‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.12‬‬

‫‪158‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫الفقرة ألاولى‪ :‬دور الحماية الزجرية في ضمان الحقوق ألاساسية لألجيرة‬


‫حرصت مدونة الشغل املغربية على حماية حقوق ألاجيرة ودعمها بضمانات قانونية لتوفير نوع‬

‫من الحماية لها أثناء تأدية عملها‪ ،‬كما قامت بإقرار عقوبات جزائية في حالة مخالفة تطبيق هذه القواعد‪،‬‬

‫واملس بأحد الحقوق ألاساسية للمرأة‪.‬‬

‫أوال‪ :‬ضمان الحقوق الاقتصادية واملادية لألجيرة‬


‫أقر املشرع على غرار التشريعات املقارنة مبدأ املساواة بين الرجل واملرأة من حيت فرص العمل‬

‫وامتيازاته‪ ،‬ولذلك كان من الضروري إدراج مقتضيات زجرية من شأنه ضمان صيانة حق املرأة في العمل‬

‫وحقها في ألاجر‪.‬‬

‫أ ‪ -‬الحماية الجنائية الحق في العمل‪:‬‬

‫تعتبر عالقة العمل السمة البارزة لهذا العصر الحديث‪ ،‬فبعد أن كان العمل سلعة تخضع لقانون‬

‫العرض والطلب في بداية تقسيم العمل‪ ،‬وأدى ذلك إلى سيطرة املستخدم باعتباره مالك بوسائل إلانتاج‬

‫على قواعد السوق‪ ،‬بسبب كرة اليد العاملة وقلة الطلب على الوظائف واملهن‪ ،‬مما حمل العمال على‬

‫القبول وإلاذعان للشروط التي يضعها صاحب العمل‪ ،‬سواء تعلق ألامر بشروط التشغيل وكيفية‬

‫تنفيذه‪ ،‬أو املقاب ل املالي الذي يدفعه لقاء الجهود املبذولة‪ ،‬ولم يكتف املستخدم باستغالل العمال‪ ،‬بل‬

‫أدخل آالت صناعية جديدة حلت محل اليد العاملة‪ ،‬وكل ذلك أوجد مخاطر صحية وأمنية تلحق‬

‫العامل‪ ،275‬دون أن ننس ى املخاطر التي تصيبه في حقه ألاساس ي و الجوهري وهو الحق في العمل‪ .‬لذا قرر‬

‫‪ - 275‬بوصنبورة مسعود‪ :‬الحماية الجنائية للعمل‪ ،‬أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في العلوم‪ ،‬جامعة منتوري‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم‬
‫القانونية وإلادارية‪ ،‬قسطنطينة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬السنة الجامعية‪ ،2111\2112 ،‬ص ‪32-3‬‬

‫‪159‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫املشرع جزاء عدم املشروعية ‪ -‬التعسف ‪ -‬لكل إنهاء يتم خرقا القانون العمل‪ ،‬التي صارت سمتها الرئيسية‬

‫أنها آمرة ال يجوز الاتفاق على مخالفتها إال إذا كانت فائدة للعامل ‪ .276‬بحيث يعاقب على عدم احترام‬

‫املقتضيات املتعلقة بالفصل‪ ،‬لتصبح أمام طرد تعسفي‪ ،‬ولعل أكثر القضايا الاجتماعية إبرازا لحدة‬

‫إشكالية الحق في الشغل‪ ،277‬تكمن في مسألة الفصل من الشغل‪ ،‬أو خرق وتحريف مبدأ تكافؤ الفرص‬

‫فيما يتعلق باالستخدام‪ ،‬وذلك بسبب التمييز بين الرجل واملرأة‪.‬‬

‫فبالرجوع إلى املادة ‪ 1‬من مدونة الشغل نجدها تنص في فقرتها الثانية على كل تمييز بين ألاجراء‬

‫من حيث الجنس‪ ،‬يكون من شقه خرق أو تحريف مبدأ تكافؤ الفرص‪ ،‬أو عدم املعاملة باملثل في مجال‬

‫التشغيل أو تعاطي مهنة‪ ،‬ال سيما فيما يتعلق باالستخدام‪ ،‬وإدارة الشغل وتوزيعه‪ ،‬والتكوين املنهي‬

‫وألاجر‪ ،‬والترقية‪ ،‬والاستفادة من الامتيازات الاجتماعية والتدابير التأديبية والفصل من الشغل‪ .‬ولزجر‬

‫املشغل من ممارسة هذه ألافعال‪ ،‬فقد جاءت املادة ‪ 12‬لتنص على عقوبات مخالفة املادة ‪ ،1‬حيث‬

‫نصت‪" :‬يعاقب املشغل عن مخالفة أحكام املادة ‪ 1‬أعاله بغرامة من ‪ 12.111‬إلى ‪ 31.111‬درهم وفي حالة‬

‫العود‪ ،‬تضاعف الغرامة املذكورة أعاله "‪.‬‬

‫واملالحظ أن املشرع املغربي في هذه املادة اكتفى بغرامة مالية‪ ،‬على خالف املشرع الفرنس ي الذي‬

‫‪-‬إلى جانب إقراره ملبدأ املساواة سواء فيما يخص إبرام عقد الشغل أو املساواة في ألاجر‪ .‬عزز حماية‬

‫املبدأ الحقوقي بعقوبات حبسية وغرامة تصل إلى ‪ 3221‬أورو (املادة ‪ L1146‬من القانون الفرنس ي)‪.278‬‬

‫ب ‪ -‬الحماية الزجرية للحق في ألاجر والانتماء النقابي‪:‬‬

‫‪ - 276‬بوصنبورة مسعود ‪ :‬كرجع سابق‪ ،‬ص ‪.2‬‬


‫‪ - 277‬محمد بهير ‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.22‬‬
‫‪ - 278‬حنان أسوان ‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.21‬‬

‫‪160‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫رغم توقيع املغرب على الاتفاقية رقم ‪ 111‬بشأن تحريم التمييز في التشغيل والعمل التي ألغت‬

‫على املستوى القانوني كل مظاهر التمييز ألاجرية القائمة على اساس الجنس‪ ،‬فإن التشريع املغربي لم‬

‫ينسجم مع هذه الاتفاقيات إال بصدور مدونة الشغل‪ ،‬مع العلم أنه قد صادق سنة ‪ 1121‬على الاتفاقية‬

‫رقم ‪ 111‬حول املساواة ألاجرية بين الجنسين‪.279‬‬

‫وفي هذا السياق‪ ،‬فقد نصت املادة ‪ 322‬من مدونة الشغل صراحة على منع كل تمييز في ألاجر بين‬

‫ألاجير وألاجيرة إذا تساوت قيمة الشغل الذي يؤديانه‪ ،‬وعززتها بمقتضيات زجرية جاءت بها املادة ‪321‬‬

‫من نفس املدونة بنصها‪" :‬يعاقب عن عدم التقيد بأحكام املادة ‪ 322‬بغرامة من ‪ 22.111‬إلى ‪31.111‬‬

‫درهم‪ ،‬وفي حالة العود تضاعف الغرامة املذكورة أعاله‪.‬‬

‫إضافة إلى ذلك‪ ،‬فقد منعت املادة ‪ 1‬التمييز بين الجنسين فيما يتعلق باالنتماء النقابي‪ ،‬ونص‬

‫على عقوبة زجرية في حالة مخالفة املشغل ألحكامها‪ ،‬واملتمثلة في غرامة من ‪ 12.111‬إلى ‪ 31.111‬درهم‪،‬‬

‫وفي حالة العود تضاعف الغرامة‪.‬‬

‫إال أن إلاشكال الذي يتعلق بهذا الصدد يتعلق بكيفية إثبات التمييز من طرف ألاجيرة‪ ،‬فإذا كان‬

‫املبدأ السائد في املادة الاجتماعية هو حرية إلاثبات‪ ،‬فإن إثبات التمييز من طرف ألاجيرة أمر صعب‪ ،‬إن‬

‫لم يكن مستحيال‪.‬‬

‫واملالحظ أن هذه الحماية الجنائية تتسم لنوع من املرونة وتقلد إلى الحزم والشدة‪ .‬فاملشرع املغربي‬

‫تبني الغرامات املالية كأصل‪ ،‬ولم يلتفت إلى العقوبة الحبسية إال كاستثناء وبصفة اختيارية في حاالت‬

‫أخرى‪ ،‬مما يؤدي برئيس املؤسسة إلى خرق النص القانوني عوض الالتزام به‪ ،‬لعلمه املسبق بهزالة‬

‫‪ - 279‬عبد النور إدريس ‪ :‬املرأة ومدونة الشغل املغربية‪ ...‬مقارنة سوسيولوجية" ‪ ،‬مقالة الكترونية‪http//abdenour.overblog.net :‬‬

‫‪161‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫العقوبة املفروضة عليه من جهة‪ ،‬ولصعوبة إثبات املخالفات من طرف مفتش الشغل‪ ،‬ومن تم إحالتها‬

‫على القضاء للنطق بالعقوبة املقررة في حقها من جهة أخرى ‪ ،280‬وبذلك فرغم رفعه للغرامات فإنها تبقى‬

‫عاجزة عن ضمان حماية حقيقية لألجيرة على أرض الواقع‪ ،‬مما يجعل بعض املشغلين يفضلون دفع‬

‫الغرامة على تمكين ألاجيرة من حقوقها‪ ،‬ألامر الذي يتطلب مراجعتها وجعلها مناسبة لطبيعة املخالفة‬

‫من أجل املالءمة بين النص وإكراهات الواقع‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬ضمان الحقوق الشخصية للمرأة ألاجيرة‬


‫جاءت مدونة الشغل بمقتضيات زجرية ذات أهمية بالغة من أجل إيجاد حلول لبعض املشاكل‬

‫التي كانت مطروحة على هذا املستوى‪ ،‬خاصة فيما يتعلق بحماية الحقوق الشخصية‪ ،‬التي يعتبر املس‬

‫بها انتهاكا صارخا لحقوق الانسان‪ ،‬خاصة ما يتعلق بالحق في الزواج‪ ،‬والحق في الصحة والسالمة البدنية‪.‬‬

‫أ‪ -‬الحماية الزجرية لحق ألاجيرة في الزواج‪:‬‬

‫عمد املشرع إلى وضع بعض املقتضيات الزجرية‪ ،‬وذلك لكي يجبر املشغل على احترام النصوص‬

‫القانونية‪ ،‬وحتى ال تبقى القوانين لصالح ألاجيرات وألاجراء مجردة من أي دعم‪.281‬‬

‫وعلى هذا ألاساس‪ ،‬وحماية الحقوق ألاجرة الشخصية‪ ،‬فقد نصت املادة التاسعة من مدونة‬

‫الشغل على أن كل تمييز بين ألاجراء يسيب الحالة الزوجية يكون من شأنه خرق أو تحريف ملبدأ تكافؤ‬

‫الفرص‪ ،‬وعدم املعاملة باملثل‪ ،‬السيما فيما يتعلق بالتدابير التأديبية والفصل من الشغل‪ ،‬ورتب املشرع‬

‫‪ - 280‬دنيا مباركة‪ :‬الوضع الحقوقي للمرأة العاملة‪ ،‬النساء ودولة الحق والقانون‪ ،‬كرس ي اليونسكو "املرأة وحقوقها"‪ ،‬مطبعة دار القلم‪،‬‬
‫طبعة ‪.112 2 ،2112‬‬
‫‪ - 281‬مالك عواد‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.21‬‬

‫‪162‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫على مخالفة هذه املقتضيات عقوبة زجرية تتمثل في غرامة من ‪ 12.111‬إلى ‪ 31.111‬درهم‪ ،‬تضاعف في‬

‫حالة العود‪.‬‬

‫وقد استبعد املشرع الحالة الزوجية في املادة ‪ 322‬من مدونة الشغل من املبررات املقبولة التخاذ‬

‫العقوبات التأديبية أو الفصل من الشغل‪ ،‬حيت تنص على أنه "ال تعد ألامور التالية من املبررات املقبولة‬

‫التخاذ العقوبات التأديبية أو الفصل من الشغل‪ - :‬العرق‪ ،‬أو اللون‪ ،‬أو الجنس‪ ،‬أو الحالة الزوجية‪"...‬‬

‫إضافة إلى ذلك أصدر املشرع املغربي بتاريخ ‪ 11‬يونيو ‪ 2113‬ظهيرا شريفا بتنفيذ القانون رقم ‪-31‬‬

‫‪ ،28222‬أضاف بموجبه إلى القانون الجنائي مجموعة من املقتضيات‪ ،‬منها الفصل ‪ 231-1‬الذي اعتبر‬

‫التفرقة بين ألاشخاص الطبيعيين بسبب الوضعية العائلية بمثابة تمييز‪ ،‬ورتب عليه عقوبة الحبس من‬

‫شهر إلى سنتين‪ ،‬وغرامة من ‪ 1211‬إلى ‪ 21.111‬درهم‪.‬‬

‫لكن إذا كانت هذه املقتضيات الواردة في كل من مدونة الشغل والقانون الجنائي تشكل حماية‬

‫إضافية لألجيرات اللواتي قد تضرر وضعيتهن في عملهن بسبب الزواج‪ ،‬فإنه باملقابل يالحظ غياب أي‬

‫إشارة لكيفية إثبات التمييز الذي قد يتعرض له طالب العمل‪ ،‬عكس ما عليه ألامر في قوانين أخرى‬

‫كقانون الشغل الفرنس ي‪.‬‬

‫فإذا عدنا إلى هذا القانون‪ ،‬سنجده يتضمن نصا شبيها باملادة ‪ 1‬من مدونة الشغل هو‬

‫الفصلم‪ L1132-1‬الذي ينص على أنه ال يمكن إقصاء أي شخص من مسطرة التوظيف‪ ،‬أو قضاء‬

‫تدريب‪ ،‬أو فترة تكوين باملقاولة‪ ،‬أو معاقبته‪ ،‬أو فصله‪ ،‬أو أن يكون موضوع إجراء تمييزي مباشر أو غير‬

‫‪ - 282‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 2122‬بتاريخ ‪ 2‬يناير ‪ ،2112‬ص ‪.121‬‬

‫‪163‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫مباشر‪ ،‬خاصة فيما يخص ألاجر‪ ،‬أو التكوين‪ ،‬أو إعادة الترتيب‪ ،‬أو التعيين‪ ،‬أو التأهيل‪ ،‬أو الترتيب‪ ،‬أو‬

‫الترقية املهنية‪ ،‬أو النقل‪ ،‬أو تجديد العقد بسبب أصله أو جنسه ‪ ،...‬أو وضعية العائلة‪.‬‬

‫كما نص الفصل ‪ L1132-3‬من قانون الشغل على أن ألاجير ال يمكن معاقبته أو فصله‪ ،‬أو أن‬

‫يكون موضوع أي إجراء تمييزي إذا قم شهادته بخصوص تمييز في إحدى ألاوضاع الواردة أعاله‪.‬‬

‫ولتيسير عملية إلاثبات‪ ،‬نص الفصل ‪ L1134-1‬من نفس القانون على أنه في حالة النزاع بخصوص‬

‫تطبيق مقتضيات الفصل ‪ ،L1132-1‬فإن ألاجير املعنى‪ ،‬أو املترشح للعمل أو التدريب أو لفترة تكوين‬

‫باملقاولة يقدم العناصر الواقعية التي تمكن من افتراض وجود تمييز مباشر أو غير مباشر والتي على ضوئها‬

‫يتعين على املدعى عليه‪ ،‬أي املشغل‪ ،‬أن يثبت أن قراره كان مبررا بمقتض ى عناصر موضوعية بعيدة عن‬

‫أي تمييز‪ ،‬ويكون القاض ي آنذاك اعتقاده‪ ،‬بعد أن يأمر عند الاقتضاء بجميع إجراءات التحقيق التي‬

‫يراها مفيدة‪.283‬‬

‫ب ‪ -‬الحماية الزجرية للحق في الصحة والسالمة البدنية‪:‬‬

‫نظرا لكون عالم الشغل كان وال يزال محفوفا بالكثير من املخاطر التي من شأنها أن تعرض ألاجيرات‬

‫وألاجراء العديد من ألاضرار ‪ ،‬خصوصا بعد أن اقتحمت آلالة كل ميادين الشغل تقريبا‪ ،‬فقد اهتم‬

‫املشرع باألمن الصحي لألجير‪.284‬‬

‫وإذا كانت التشريعات قد نصت على القواعد القانونية التي تضمن تعويض ألاجير عما يمكن أن‬

‫يصيبه من أضرار‪ ،‬سواء أثناء ممارسته لعمله أو بسبب القيام بذلك‪ ،‬فإن هذه التشريعات‪ .‬و عمال‬

‫‪ - 283‬محمد بنحساين‪ :‬حملة حقوق الشخصية في قانون الشغل وفق آخر املستجدات‪ ،‬مرجع سابق‪ ،2112 ،‬ص ‪.33-31‬‬
‫‪ - 284‬محمد بهير‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.22‬‬

‫‪164‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫بمقولة "الوقاية خير من العالج ‪" -‬لجأت إلى سن قواعد تهدف إلى درء كل ما من شأنه أن يعرض صحة‬

‫وسالمة ألاجراء للخطر‪ ،‬وكذلك إلى سن القواعد التي ترمي إلى املحافظة على صحتهم‪ ،‬وهو ما من شأنه‬

‫أن يخف املخاطر املحدقة عادة بالعمل‪ ،‬ويساهم إلى حد ما في ضمان سالمة ألاجيرات وألاجراء‪.‬‬

‫بل إن هذه التشريعات‪ ،‬ومن بينها مدونة الشغل‪ ،‬اعتبرت أن املس بقواعد الصحة والسالمة‬

‫املنصوص عليها قانونا‪ ،‬أفعاال إجرامية يستوجب معها تطبيق التدابير الزجرية على مرتكبيها‪ ،‬وهو ما‬

‫يمكن أن يشكل ضمانة فعلية من شأنها أن تساهم في التخفيف من مخاطر العمل‪.285‬‬

‫والتجريم يعتبر من أهم الوسائل الوقائية للصحة املهنية من حيت الردع‪ ،‬حيت تذيل كافة تدابير‬

‫الصحة والسالمة بنصوص التجريم والعقاب‪ ،‬ففي حالة خرق مقتضيات النصوص التشريعية املتعلقة‬

‫بقواعد الصحة والسالمة من طرف املشغل‪ ،‬فإنه يسل جنائيا‪ ،‬وهذا ما نصت عليه املادة ‪ 222‬من‬

‫املدونة بأنه "يكون مسؤوال جنائيا من ألافعال املخالفة ملقتضيات هذا القانون‪ ،‬والنصوص التنظيمية‬

‫الصادرة تطبيقا له‪ ،‬كل مشغل أو مدير أو رئيس طبقا للمادة السابقة أعاله‪ ،‬يكون له داخل املؤسسة‪،‬‬

‫وبتفويض من املشغل الاختصاص والسلطة الكافية‪ ،‬لحمل ألاجراء املوضوعين تحت إشرافه على الطاعة‬

‫الضرورية‪ ،‬التي يقضيها احترام التعليمات القانونية والتنظيمية‪.‬‬

‫يعتبر املشغل مسؤوال مدنيا عن ألاحكام الصادرة على املديرين واملسيرين والتابعين له بأداء‬

‫املصاريف والتعويض عن الضرر"‪.‬‬

‫‪ - 285‬محمد بهير‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.22‬‬

‫‪165‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫إذن يتضح لنا من هذه املادة أن املشغل يسأل جنائيا ومدنيا في حالة خرق ومخالفة الالتزامات‬

‫والواجبات القانونية امللقاة على عاتقه‪ ،‬واملتعلقة بقواعد حفظ صحة ألاجراء وسالمتهم‪.286‬‬

‫وتطبيقا لهذه املادة‪ ،‬فمن حيث املسؤولية الجنائية‪ ،‬نص املشرع بمعاقبة املشغلين في حالة عدم‬

‫التزامهم بواجباتهم بأداء غرامة مالية قد تصل في أقص ى حدها إلىال ‪ 21.111‬درهم‪ ،‬وقد تضاعف في‬

‫حالة لعود‪ ،‬وذلك حسب املادة ‪ 212‬من املدونة‪" :‬يعاقب بغرامة من ‪ 11.111‬إلى ‪ 21.111‬درهم عن عدم‬

‫التقيد باملقتضيات املنصوص عليها في املواد ‪ 223‬و‪ 222‬و‪ 221‬و‪ 211‬و‪." 211‬‬

‫ونتيجة للعواقب الوخيمة التي يمكن أن تترتب في حالة عدم أداء املشغل اللتزاماته القانونية‪،‬‬

‫فقد ملح املشرع للمحكمة إمكانية أن تصدر حكما باإلدانة مقرونا باإلغالق النهائي في حالة العود‪ ،‬وهذا‬

‫ما نصت عليه املادة ‪ 311‬من مدونة الشغل‪.287‬‬

‫فمن خالل النصوص املشار إليها‪ ،‬نالحظ أن إرادة املشرع قد انصرفت إلى تسخير القانون الجنائي‬

‫للشغل لضمان احترام مقتضيات حق صحة وسالمة العمال من ألاخطار املهنية‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬عقوبات إلاخالل بأحكام تشغيل ألاجيرات‬


‫على اعتبار ما للمرأة من وظيفة اجتماعية هامة‪ ،‬فقد أولتها مدونة الشغل تدابير حماية خاصة‬

‫من أجل ضمان صحتها وسالمتها‪ ،‬وتوفير ظروف إلنجاز وظيفتها إلانجابية والتربوية ولحمايتها من كل‬

‫السلوكيات التعسفية التي يمكن أن تكون عرضة لها‪ ،288‬وضمانا ألحكام املقتضيات املتصلة بهذه الفئات‬

‫‪ - 286‬الخمليش ي عبد العزيز‪ :‬مدى فعالية الحماية القانونية لصحة ألاجراء وسالمتهم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.22‬‬
‫‪ - 287‬محمد أنوار يوسف‪ :‬التزام املشغل بحفظ صحة ألاجراء وسالمتهم‪ ،‬بحث لنيل دبلوم املاستر في العلوم القانونية‪ ،‬تخصص قانون‬
‫ألاعمال‪ ،‬كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬الرباط‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2111-2111‬ص ‪.11‬‬
‫‪ - 288‬بن خوية هدى‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.22‬‬

‫‪166‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫من ألاجراء‪ ،‬تتخل املشرع لسن مقتضيات زجرية تدعم ألاحكام املنصوص عليها في مدونة الشغل للحد‬

‫من التجاوزات التي تمس حقوق ألاجيرات‪.‬‬

‫أوال‪ :‬عقوبات إلاخالل بأحكام ألامومة‬


‫لقيت قضايا حماية ألامومة والحقوق املرتبطة بها أهمية بالغة من قبل اتفاقية حماية ألامومة‬

‫(رقم ‪ 3‬لسنة ‪ ،)1113‬والتشريعات املقارنة‪ ،‬والاتفاقيات الجماعية في العديد من الدول على اعتبار أن‬

‫إلاجازة قبل الوضع أو بعده لها انعكاس إيجابي على صحة املرأة‪.289‬‬

‫فحماية ألامومة من أهم مظاهر التنظيم القانوني لحماية املرأة‪ ،‬ويتضح ذلك من خالل املقتضيات‬

‫التشريعية الواردة في مدونة الشغل التي مكنتها من القيام بوظيفتها كأم وكأجيرة في آن واحد‪ ،‬الش يء‬

‫الذي يفرض عليها أن تتحمل عدة أعباء أسرية إلى جانب العمل خارج البيت‪ ،‬وهذا مع جعلها تنفرد‬

‫بوضعية قانونية خاصة‪ ،‬تجعلها نسبيا قادرة على التوفيق بين شؤونها العائلية واملهنية‪.290‬‬

‫أ ‪ -‬الحماية الزجرية لحق املرأة في إجازة الوضع و استراحة الرضاعة‪:‬‬

‫انطالقا من الطابع الحمائي لقانون الشغل‪ ،‬ورعاية للمرأة ألاجيرة الحامل‪ ،‬والتي تبت حملها‬

‫بشهادة طبية‪ ،‬فإن املشرع املغربي جعلها تتمتع بإجازة والدة منتها أربعة عشر أسبوعا (املادة ‪ ،)122‬وإذا‬

‫ثبت بموجب شهادة طبية نشوء حالة مرضية يتعذر لألجيرة معها استئناف عملها‪ ،‬يمكن أن يتم تمديدها‬

‫(املادة ‪ - 122‬الفقرة الثانية)‪ ،‬واعتبارا لكون املرأة العاملة في أمس الحاجة إلى هذه الراحة‪ ،‬فقد دعم‬

‫املشرع ألاحكام بمقتضيات زجرية لضمان تمتيع الحامل بإجازة الوضع‪ ،‬حيث أكدت املادة ‪ 122‬أنه‬

‫‪ - 289‬محمد بهير‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.12‬‬


‫‪ - 290‬عبد إلاله الخنوس‪ :‬الفئات املحمية في قانون الشغل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.12‬‬

‫‪167‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫يعاقب بغرامة من ‪ 11.111‬إلى ‪ 21.111‬درهم عن تشغيل ألاجيرة وهي قضاء في فترة السبعة أسابيع‬

‫املوالية للوضع‪ ،‬وعن رفض توقيف عقد شغل ألاجيرة خالفا ألحكام املادة ‪.122‬‬

‫وإيمانا من املشرع بالدور الكبير الذي تقوم الرضاعة الطبيعية في نمو املولود‪ ،‬وملا لها من تأثير على‬

‫تمتعه بصحة جيدة‪ ،‬خولت مدونة الشغل لكم ألاجرة الحق في التمتع يوميا‪ ،‬وعلى مدى سنة كاملة من‬

‫استراحة الرضاعة وحماية لهذا الحق‪ ،‬فقد أقرت املادة ‪ 122‬بعقوبة الغرامة من ‪ 2111‬إلى ‪ 2111‬درهم‬

‫على كل مشغل لم يرخص لجيرة ألام لفترة الاستراحة املستحقة لها خالل أوقات العمل إلارضاع مولودها‬

‫أثناء املدة املنصوص عليها في املادة ‪ 121‬من مدونة الشغل‪.‬‬

‫وباإلضافة إلى حق ألاجيرة في الاستفادة من راحة إلرضاع طفلها‪ ،‬فإن املشرع قد حرص على ضرورة‬

‫تجهيز غرفة خاصة للرضاعة‪ ،‬وذلك كلما تعلق ألامر بمقاولة تشغل ‪ 21‬أجيرة على ألاقل‪ ،‬يتجاوز سنهن‬

‫‪ 12‬سنة‪ ،‬ولتعزيز هذه الحماية أقر املشرع عقوبات زجرية في حالة إلاخالل بهذه املقتضيات‪ ،‬تتمثل في‬

‫غرامة تتراوح بين ‪ 2111‬و‪ 2111‬درهم‪ ،‬وهذا التدبير الحمائي يبدو مهما إذا كان مقرونا بمتابعة تفتيشية‬

‫فعالة‪ ،‬وهذه ألاحكام تؤكد حضور القانون الجنائي للشغل وطابعه الحمائي ليس فقط لألجيرة‪ ،‬بل يشمل‬

‫مولودها أيضا‪.291‬‬

‫ب ‪ -‬الحماية الزجرية من الفصل بسبب ألامومة‪:‬‬

‫إذا كانت اتفاقيات الشغل الدولية والعربية‪ ،‬ومعها التشريعات املقارنة تقر للمرأة ألاجرة إجازة‬

‫الوالدة‪ ،‬وتمكنها من الوضع في ظروف قاسية‪ ،‬ومن استعادة ولو جزء من صحتها‪ ،‬و أيضا تمكنها من‬

‫رعاية مولودها في أسابيعه ألاولى‪ ،‬فإن هذه الاتفاقيات الدولية والتشريعات املقارنة لم تقف عند هذا‬

‫‪ - 291‬عبد إلاله الخنوس ‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.12‬‬

‫‪168‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫الحد‪ ،‬وإنما مدت حماية املرأة أيضا إلى منصب شغلها‪ ،‬ذلك أنه إذا كان الوضع ورعاية الوليد‪ ،‬من شأنه‬

‫أن تكون له انعكاسات سلبية على القدرة إلانتاجية للمرأة ألاجيرة‪ ،‬فإنه وحتى ال تكون هذه ألاخيرة هدفا‬

‫للفصل‪ ،‬فإن الاتفاقيات الدولية والتشريعات الوطنية عملت على حظر فصل ألاجيرة املتوقفة عن العمل‬

‫بسبب الحمل أو الوضع‪ ،‬أو بسبب املرض الذي ينشأ عن أي منهما‪.292‬‬

‫وفي هذا السياق أكدت اتفاقية حماية ألامومة (رقم ‪ )113‬وتوصيتها (رقم ‪ )12‬أنه ينبغي أن يجرم‬

‫القانون على صاحب العمل أن ينهي استخدام أي امرأة حامل أو متغيبة في إجازة ألامومة أو في إجازة‬

‫إضافية‪ ،‬وكذلك خالل فترة تعقب عودتها إلى العمل‪ ،‬على أن تقررها القوانين واللوائح الوطنية‪ ،‬ويستثنى‬

‫من ذلك الحاالت القائمة على أسباب ال تمت بصلة إلى الحمل أو الوضع ومضاعفاته وإلارضاع‪ .‬وينبغي‬

‫أن تتخذ كل جولة تدابير مناسبة لضمان أال تشكل ألامومة سببا للتمييز في الاستخدام‪.293‬‬

‫وهو نفس املوقف الذي تبنته مدونة الشغل‪ ،‬ذلك أنه ال يمكن للمشغل إنهاء عقد شغل أجيرة‬

‫ثبت حملها بشهادة طبية‪ ،‬سواء أثناء الحمل أو بعد الوالدة في فترة إجازة الوضع‪ ،‬كما ال يمكن له أيضا‬

‫إنهاء عقد شغلها أثناء فترة توقفها عن الشغل بسبب نشوء حالة مرضية عن الحمل أو النفاس‪ ،‬مليئة‬

‫بشهادة طبية طبقا للفقرة الثانية من املادة ‪ ،122‬حتى وإن تعدت فترة غيابها عن الشغل أربعة عشر‬

‫أسبوعا‪ ،‬طاملا أن تعذر استئنافها للعمل يرجع إلى الحالة املرضية املتولدة عن الحمل أو عـن النفاس‪،‬‬

‫واملثبتة بموجـب شهـادة طبيـة‪.294‬‬

‫‪ - 292‬محمد بهير‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.12‬‬


‫‪ - 293‬حماية ألامومة في العمل‪ ،‬مراجعة اتفاقية حماية ألامومة (رقم ‪ )113‬والتوصية (رقم ‪ ،)12‬التقرير الخامس (‪ ،)2‬مؤتمر العمل الدولي‪،‬‬
‫الدورة ‪ ،1111 ،22‬مكتب العمل الدولي‪ ،‬جنيف‪ ،‬الطبعة الاولى‪ ،‬ص ‪.321-321‬‬
‫‪ - 294‬محمد بهير‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬

‫‪169‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫وعليه قام املشرع بتجريم إنهاء عقد عملها بسبب الحمل أو الوضع‪ ،‬وذلك من خالل املادة ‪122‬‬

‫التي نصت على أنه‪" :‬يعاقب بغرامة من‪ 11.111‬إلى ‪ 21.111‬درهم عن ألافعال التالية‪:‬‬

‫‪ -‬إنهاء عقد شغل أجيرة حامل‪ ،‬أثبتت حملها بشهادة طبية‪ ،‬أو نفساء‪ ،‬وهي في فترة ألاربعة عشر‬

‫أسبوعا املوالية للوضع‪ ،‬خارج ألاحوال املنصوص عليها في املادة ‪...121‬‬

‫يالحظ من خالل هذه النصوص‪ ،‬أن مدونة الشغل‪ ،‬لم ترتب أي عقوبة حبسية على خرق الحقوق‬

‫املرتبطة بحماية ألامومة‪ ،‬وإنما اقتصرت فقط على العقوبات املالية ‪ .295‬واملالحظ أيضا هو أنه إذا كانت‬

‫مدونة الشغل قد رفعت من مبلغ الغرامة إلى ما بين ‪ 2111‬و ‪ 2111‬درهم باملقارنة مع الفصل ‪ 21‬من‬

‫ظهير‪ 2‬يوليوز ‪ 1122‬التي كانت تتراوح بمقتضاه بين ‪ 211‬و ‪ 1111‬درهم‪ ،‬فإنها قد تراجعت عن عقوبة‬

‫الحبس التي كانت محددة في الظهير ما بين شهر وستة أشهر‪ ،‬والتي كان يخير بالحكم بها إلى جانب الغرامة‬

‫أو بإحداهما فقط‪ ،‬و عن إمكانية تنشر حكم إلادانة على نفقة املخالف‪.‬‬

‫وبالرجوع إلى القوانين املقارنة‪ ،‬فإن قانون العمل اليمني من خالل املادة ‪ 122‬كان أكتر حماية لها‪،‬‬

‫من خالل فرض مقتضيات زجرية رادعة‪ ،‬وذلك عندما أخذ بعقوبتي الحبس والغرامة‪ ،296‬إذ تتمثل‬

‫عقوبة الحبس في ثالثة أشهر كحد أقص ى ال ينبغي تجاوزه‪ ،‬أما الغرامة فال تقل عن ألف ريال‪ ،‬وال تتجاوز‬

‫عشرين ألف ريال‪ ،‬إذ القاض ي الخيار بين الحكم بالحبس أو الاكتفاء بالغرامة املالية فقط‪.‬‬

‫أما القانون املصري فقد سار على نهج مدونة الشغل املغربية‪ ،‬حين تص أن خرق صاحب العمل‬

‫ألي قاعدة من قواعد تشغيل النساء‪ ،‬فإنه تتوفر في حقه حالة من حاالت املساءلة الجنائية‪ ،‬فيعاقب‬

‫‪ - 295‬مالك عواد‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.23‬‬


‫‪ - 296‬املصطفى طايل‪ :‬املقتضيات الزجرية لحماية املرأة والحدث في مدونة الشغل‪ ،‬مجلة امللف‪ ،‬العدد ‪ ،21‬فبراير ‪ ،2113‬ص ‪.121‬‬

‫‪170‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫على هذه التجاوزات بعقوبة املخالفة‪ ،‬وهي الغرامة التي ال تقل عن عشرة جنيهات وال تزيد عن عشرين‬

‫جنيها‪ ،‬وتتعدد الغرامة يقدر عدد النساء اللواتي وقعت املخالفة في حقهن‪ ،‬وتضاعف العقوبة في حالة‬

‫العود‪.‬‬

‫وبخصوص املشرع ألاردني‪ ،‬فإن صاحب العمل أو مدير املؤسسة التي يديرها نيابة عن صاحب‬

‫العمل إذا خالف أحد القيود املتعلقة بتشغيل النساء‪ ،‬فإنه يعاقب بعقوبة الغرامة التي ال تقل عن مائة‬

‫دينار‪ ،‬وال تزيد عن خمسمائة دينار‪ ،‬وتضاعف العقوبة في حالة التكرار‪ ،‬وال يجوز تخفيضها عن الحد‬

‫ألادنى لألسباب التقديرية املخففة‪.‬‬

‫وهكذا يمكننا أن نستخلص أن معظم التشريعات قد سلكت نفس منحى املشرع املغربي‪ ،‬وذلك‬

‫بالتخلي عن العقوبات الحبسية‪ ،‬وربما ذلك راجع إلى الرغبة في عدم أثقال كاهل املقاولة بالعقوبات‬

‫الحبسية‪ ،‬مما يضطرها في بعض ألاحيان إلى التخفيض من عدد العمال‪ ،‬أو إغالق املقاولة‪.297‬‬

‫ثانيا‪ :‬عقوبات إلاخالل بظروف التشغيل‬


‫من النادر أن تكون املرأة مجرد عاملة‪ ،‬بل هي في غالب ألاحيان تجمع بين أدوار تمثل العمود الفقري‬

‫للمجتمع‪ ،‬على اعتبار أنها تكون أما وزوجة وربة بيت‪ ،‬كما أنها تلعب دورا مزدوجا بين الحياة املهنية‬

‫وأعبائها ألاسرية‪ ،‬وذلك ما حكم على املشرع التدخل بمقتض ى نصوص قانونية مهمة تجريم إلاخالل‬

‫بأحكام تشغيل ألاجيرات‪ ،‬سواء على مستوى ظروف تشغيل املرأة ألاجيرة بصفة عامة‪ ،‬أو ظروف تشغيل‬

‫ألاجيرة ذات إلاعاقة بصفة خاصة‪.‬‬

‫‪ - 297‬مالك عواد‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.22‬‬

‫‪171‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫أ ‪ -‬الحماية الزجرية لظروف تشغيل ألاجيرات‪:‬‬

‫إن املشرع املغربي‪ ،‬وفي سبيل الحفاظ على صحة املرأة العاملة‪ ،298‬قد تدخل من خالل مقتضيات‬

‫زجرية لقانون الشغل ليحرم التشغيل ألاجيرات في ألاعمال الشاقة‪ ،‬حيث إن هذه ألاخيرة تحمل تسميتها‬

‫علة منع ممارستها من طرف النساء‪ ،‬أي إنها أعمال شاقة يصعب على البنية الضعيفة للمرأة تحملها‪.‬‬

‫وقد نصت املادة ‪ 123‬من مدونة الشغل على معاقبة املؤاجر الذي يشغل ألاجيرات في املقالع‪،‬‬

‫وأغوار املناجم‪ ،‬خالفا للمادة ‪ 121‬التي حظرت ذلك‪ ،‬حيت يعاقب بغرامة من ‪ 311‬إلى ‪ 211‬درهم‪ ،‬وتكرر‬

‫عقوبات الغرامة بتعدد ألاجزاء الذين لم يراع في حقهم تطبيق أحكام املادتين ‪ 121‬و‪ ،122‬على أال تتجاوز‬

‫مجموع الغرامات مبلغ ‪ 21.111‬درهم‪ ،‬حيث إن املادة ‪ 121‬ايضا قد عملت على حظر تشغيل النساء في‬

‫ألاشغال التي تشكل مخاطر بالغة عليهن أو تفوق طاقتهن‪ ،‬أو قد يترتب عنها ما قد يخل بالداب العامة‪.‬‬

‫وإضافة إلى أن مدونة الشغل قد فرضت عقوبات مالية على خرق الالتزام بتوفير مقاعد الاستراحة‬

‫في كل قاعة من القا عات داخل املؤسسة التي تتولى فيها ألاجيرة نقل البضائع أو ألاشياء‪ ،‬أو عرضها على‬

‫الجمهور‪ ،‬بمعدل عدد ألاجيرات بها‪ ،‬حيت حدد املشرع هذه العقوبة في ‪ 2111‬درهم كحد أدنى‪ ،‬و ‪2111‬‬

‫درهم كحد أقص ى حسب املادة ‪ ،123‬وبالتالي جرم كل خرق لهذه املقتضيات سواء في صورة عتم توفير‬

‫املقاعد داخل املؤسسة‪ ،‬أو توفيرها بعدد غير كاف أو يقل عن العند املنصوص عليه قانونا‪.299‬‬

‫أما فيما يتعلق بأحكام الشغل الليلي‪ ،‬فقد نصت املادتان ‪ 122‬و ‪ 122‬من مدونة الشغل على‬

‫العقوبات املقررة ملخالفة ملقتضيات املنظمة لذلك‪ ،‬وقررت لها عقوبة زجرية تتمثل في غرامة من ‪311‬‬

‫‪ - 298‬عبد إلاله الخنوس‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.12‬‬


‫‪ - 299‬مالك عواد‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.22‬‬

‫‪172‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫إلى ‪ 211‬درهم في حالة تشغيل النساء ليال في الحالة املبينة في الفترة ألاخيرة من املادة ‪ 123‬دون الحصول‬

‫على إلاذن الاستثنائي املنصوص عليه‪ ،‬حيث إنه إذا تعرضت مؤسسة لظروف استثنائية‪ ،‬وتعذر عليها‪،‬‬

‫إما بسبب نشاطها‪ ،‬أو بسبب طبيعة شغلها‪ ،‬الاستفادة من الاستثناء الوارد في الفقرة ألاولى من نقص‬

‫املادة‪ ،‬أمكنها الحصول على رخصة استثنائية يمنحها لها العون املكلف بتفتيش الشغل تبيح لها‬

‫الاستفادة من إمكانية تشغيل النساء ليال ويعاقب بنفس العقوبة عند عدم التقيد في النشاطات الفنية‪،‬‬

‫واملدة الدنيا من الراحة املتمثلة في إحدى عشرة ساعة متوالية‪ ،‬واملتعين إتاحتها للنساء فيما بين كل‬

‫يومين متواليين من أيام الشغل‪.‬‬

‫وتكرر عقوبات الغرامة في هاتين الحالتين بتعدد النساء اللواتي لم يراع في حقهن تطبيق هذه‬

‫ألاحكام على أال يتجاوز مجموع الغرامات ‪ 21.111‬درهم‪.‬‬

‫أما املادة ‪ 122‬فقد نصت على أنه‪ ":‬يعاقب بغرامة من ‪ 2111‬إلى ‪ 2111‬درهم عما يلي ‪ -‬عدم‬

‫توجيه إشعار مسبق إلى العون املكلف بتفتيش الشغل في الحالة املنصوص عليها في الفقرة ألاولى من‬

‫املادة ‪ 122‬أو العمل باستثناء املنصوص عليه في الفترة القانية من هذه املادة‪ ،‬دون الحصول على إذن‬

‫مسبق من العون املذكور " ‪.300‬‬

‫‪ - 300‬تنص الفقرة الاولى من املادة ‪ 122‬أنه‪" :‬يمكن للمشغل‪ ،‬في حالة بطالة ناتجة عن قوة قاهرة أو توقف عارض‪ ،‬ال يكتس ي طابعا دوريا‪،‬‬
‫أن يخالف أحكام الفقرة الثانية من املادة ‪ 123‬أعاله‪ ،‬في حدود ما ضاع من أيام الشغل‪ ،‬شرط أن يشعر مسبقا بذلك العون املكلف‬
‫بتفتيش الشغل"‪.‬‬

‫‪173‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫وتبقى هذه الغرامات املحددة غير كافية عند مخالفة مقتضيات وأحكام التشغيل الليلي‪ ،‬نظرا‬

‫الخطورة هذا الخرق وكذا ألارباح التي يجنيها املشغل من ذلك‪ ،‬والتي تجعله غير مبال بهذه الغرامات‬

‫الهزيلة‪.301‬‬

‫ب ‪ -‬الحماية الزجرية ألحكام تشغيل ألاجيرات قوات إلاعاقة‪:‬‬

‫من بين شروط تشغيل ألاجيرات وألاجيرات ذوي إلاعاقة نجد املنع من كل تمييز‪ ،‬حيت إنه بصفة‬

‫عامة ال يمكن أن تكون إلاعاقة سببا في التمييز بين ألاجراء في الاستفادة من الامتيازات الاجتماعية‪ ،‬أو‬

‫التدابير‪ ،‬أو الفصل من الشغل‪ ،302‬وكل مشغل خالف هذه املقتضيات يتعرض للعقوبة الزجرية‬

‫املنصوص عليها في املادة ‪ 12‬واملتمثلة في الغرامة من ‪ 12.111‬درهم إلى ‪ 31.111‬درهم‪ ،‬وفي حالة العود‬

‫تضاعف الغرامة‪.‬‬

‫ومن بين شروط تشغيلهم أيضا وجوب وإلزامية تقييم صريح بذلك إلى العون املكلف بتفتيش‬

‫الشغل‪ ،‬ويعاقب على إلاخالل بهذا املقتض ي حسب املادة ‪ 132‬من مدونة الشغل بغرامة من ‪ 2111‬إلى‬

‫‪ 2111‬درهم‪.‬‬

‫كما ألزم كل مشغل يشغل أجراء معاقين أن يوفر لهم كل شروط الصحة والسالمة املهنية ويسهل‬

‫عليهم شغلهم‪ ،‬خاصة من حيت تجهيز أماكن الشغل بالولوجيات الالزمة لتسهيل قيامهم بشغلهم وذلك‬

‫طبقا للمادة ‪ 121‬واملادة ‪ 221‬من مدونة الشغل‪ ،303‬وكل مؤسسة أو مشغل يخالف هذه ألاحكام يعاقب‬

‫بغرامة من ‪ 2111‬إلى ‪ 2111‬درهم (املادة ‪.)121‬‬

‫‪ - 301‬عبد إلاله الخنوس‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.12‬‬


‫‪ - 302‬محمد بهير‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.113‬‬
‫‪ - 303‬جميلة العماري‪ :‬مدخل لدراسة عقد الشغل الفردي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.132‬‬

‫‪174‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫إضافة إلى ذلك يمنع تشغيل ألاجراء ذوي إلاعاقة في أشغال قد تفاقم إعاقتهم سواء على سطح‬

‫ألارض أو في جوفها‪ ،‬ويمنع تشغيلهم في ألاشغال التي تشكل مخاطر بالغة عليهم‪ ،‬أو تفوق طاقتهم‪ ،‬أو قد‬

‫يترتب عنها ما قد يخل بالداب العامة‪ ،‬وفي حالة إلاخالل بهذه ألاحكام‪ ،‬فإن العقوبة املقررة لذلك هي‬

‫الغرامة من ‪ 311‬إلى ‪ 211‬درهم (حسب املادة ‪ 123‬من مدونة الشغل)‪.‬‬

‫وبالرجوع إلى املادة ‪ ،122‬نجد أن املشرع املغربي قد سمح للعامل الحدت باالشتغال ليال على‬

‫سبيل الاستثناء‪ ،‬وبخالف ذلك فإن الفقرة الرابعة من املادة ‪ 122‬منعت على املشغل مطلقا أن يشغل‬

‫الشخص املعاق ليال مهما كانت ألاسباب وظروف العمل‪ ،‬ونصت املادة ‪ 122‬على عقوبة إلاخالل بذلك‪،‬‬

‫حيث جاء فيها‪ ":‬يعاقب بغرامة من ‪ 2111‬إلى ‪ 2111‬درهم عما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬عدم التقيد بمقتضيات الفقرة الرابعة من املادة ‪."122‬‬

‫وهي املقتضيات التي أشرنا إليها‪.‬‬

‫إذن في إطار تكريس الحماية الاجتماعية والصحية للمرأة ألاجيرة‪ ،‬فإن هذه الحماية تطال بشكل‬

‫أكبر حماية صحة وسالمة ألاجيرات قوات إلاعاقة‪ ،‬فمدونة الشغل و إن لم تفرد نصوصا لحمايتهن بشكل‬

‫خاص وصريح‪ ،‬إال أنها أوجدت مقتضيات قانونية تهم ظروف تشغيل ذوي إلاعاقة وحماية صحتهم‪ ،‬والتي‬

‫تنسحب على املرأة والرجل على حد سواء‪ ،‬محيلة فيما يتعلق بسالمتهم إلى القرار رقم ‪ 11.13‬املتعلق‬

‫بالولوجيات‪.304‬‬

‫ومن هنا تظهر الحاجة نحو الرقي يدور مدونة الشغل في تكريس الحماية الالزمة للمرأة ألاجيرة‬

‫بشكل مباشر يأخذ بعين الاعتبار طبيعتها كأنثى‪ ،‬وتكوينها الفيزيولوجي وظروفها كأجيرة عادية‪ ،‬أو في وضعية‬

‫‪ - 304‬ملياء العنصري‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.112‬‬

‫‪175‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫حمل‪ ،‬أو الوالدة والرضاع‪ ،‬أو كأجيرة ذات إعاقة‪ ،‬ويجب أن تكون حماية متكاملة ألاركان تشمل صيانة‬

‫كرامتها والحفاظ على صحتها وسالمتها البدنية وتنظيم ظروف اشتغالها بما يتالءم وطبيعتها ووضعيتها‪.‬‬

‫وفي إطار الحديث عن الحماية الزجرية‪ ،‬فمدونة الشغل تتوفر على مجموعة كبيرة من املقتضيات‪،‬‬

‫تمس كل الجوانب الزجرية لقانون الشغل‪ ،‬وبنسبة مرتفعة من موارده‪ ،‬مما أدى إلى تساؤل البعض‪ ،‬ألم‬

‫يصبح قانون الشغل الجنائي مبالغ في غزوه ملدونة الشغل‪ ،‬وهذا ما أتار استغراب املشغلين الذين اعتبروا‬

‫هذا القانون بمثابة قانون جنائي وليس قانون شغل‪.305‬‬

‫وبذلك يمكن القول إن الزجر في هذا امليدان يعتبر وسيلة لالرتقاء بقانون الشغل‪ ،‬وتقريبه إلى‬

‫الهدف الذي أراده املشرع من حماية طبقة ألاجراء وألاجيرات وذلك مهما كانت الانتقادات املوجهة إليه‬

‫وإلى القيمة املالية التي حددها للغرامات‪.‬‬

‫املطلب الثاني‪ :‬دور القضاء وأجهزة الرقابة الاجتماعية في حماية‬


‫املرأة‬
‫مما ال شك فيه أن أي تشريع للشغل مهما حمل في طياته من امتيازات و مكاسب للطرف الضعيف‬

‫في عالقة الشغل يبقى حبرا على ورق‪ ،‬إن لم توضع آليات للمراقبة والتتبع‪ ،306‬فكان من الضروري إذن‬

‫أن تخصص مدونة الشغل الكتاب الخامس (ما قبل ألاخير) ألجهزة الرقابة ودورها في حماية الفئات‬

‫الضعيفة في مدونة الشغل (الفقرة ألاولى)‪ ،‬دون أن ننس ى الدور الريادي الذي يلعبه العمل القضائي في‬

‫‪ - 305‬محمد سعيد بناني‪ :‬قانون الشغل باملغرب في ضوء مدونة الشغل‪ ،‬عالقات الشغل الفردية‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬املجلد الثاني‪ ،‬مطبعة‬
‫النجاح الجديدة‪ ،‬طبعة يناير ‪ ،2112‬ص ‪.221‬‬
‫‪ - 306‬عبد إلاله الخنوس‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.22‬‬

‫‪176‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫املادة الاجتماعية‪ ،‬فمعلوم أن املقتضيات التي سنتها املدونة تبقى بدون فعالية إذا لم يكن هناك جهاز‬

‫قضائي و فعل قوي يخرج هذه ألاحكام إلى أرض الواقع (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة ألاولى‪ :‬مفتشية الشغل وطبيب الشغل‪ ،‬أي دور في تفعيل الحماية‬
‫الاجتماعية للمرأة‬

‫يضطلع مفتش الشغل في إطار املهام املسندة إليه يدور بارز في حماية النساء ألاجيرات‪ ،307‬وقد‬

‫برز ذلك جليا من خالل املستجدات التي جاءت بها مدونة الشغل‪ ،‬وتعتبر حماية صحة وسالمة هؤالء‬

‫ألاجيرات من املطالب ألاساسية التي يطالب بها الفاعلون في الحقل الاجتماعي بهدف ترسيخ الحماية‬

‫املبتغاة لهن‪ ،‬ولذلك كان ضروريا تحديد ألاجهزة الرقابية املكلفة بذلك‪.‬‬

‫أوال‪ :‬وظيفة مفتشية الشغل في حماية ألاجيرة‬


‫يكمن الدور ألاساس ي ملفتش الشغل في حماية حقوق ألاجيرات وإلاجراء من كل ما قد يمس بهم‬

‫وينال منهم‪ ،‬حيث أنيط به مهمة ممارسة كل أنواع املراقبة والبحث والتحري للتأكد من تطبيق القانون‪،‬‬

‫وقد أوردت مدونة الشغل مجموعة من املقتضيات إلايجابية بخصوص تطوير دور مفتشية الشغل‪ ،‬لكن‬

‫رغم ذلك تظل هناك بعض العوائق التي تحد من فعاليتها في القيام بوظيفتها‪ ،‬مما يجعل معه من‬

‫الضروري إيجاد السبل الكفيلة بالتفعيل ألافضل لهذا الجهاز‪.‬‬

‫‪ - 307‬خديجة بوعود‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.23‬‬

‫‪177‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫أ ‪ -‬دور مفتش الشغل في حماية املرأة ألاجيرة‪:‬‬

‫تعتبر مفتشية الشغل جهازا إداريا تابعا لوزارة التشغيل والتكوين املنهي‪ ،‬فهي تقوم بدور أساس ي‬

‫وفعال قصد ضمان استمرار عالقات الشغل والحفاظ على السلم الاجتماعي الضروري لتحقيق التقدم‬

‫الاقتصادي والاجتماعي الضروري لتحقيق التقدم الاقتصادي والاجتماعي‪ ،308‬وتناط به مهام‬

‫واختصاصات متنوعة أهمها مراقبة مدى التزام املشغلين باملقتضيات القانونية املتعلقة بالشغل‪.‬‬

‫ومن صالحياته أيضا السهر على التطبيق الحسن ملختلف املقتضيات التشريعية والتنظيمية‬

‫الخاصة بالشغل‪ ،‬يمل فيها تلك التي تنظم عمل ألاجيرة‪ ،‬سواء تعلق ألامر باألجر أو التعويضات أو بأحكام‬

‫إجازة ألامومة‪ ،‬أو تلك التي تتعلق بتشغيلهن ليال وبصفة عامة حمايتهن أثناء مزاولة عملهن‪.309‬‬

‫إضافة إلى ذلك‪ ،‬ال يمكننا إغفال دور مفتش الشغل في حماية ألاجيرات نوات إلاعاقة‪ ،‬حيت نجد‬

‫املشرع املغربي قد ألزم على كل شخص يريد أن يشغل معه أشخاصا معاقين أن يقدم تصريحا للعون‬

‫املكلف بتفتيش الشغل‪ ،‬حتى يكون العون على علم بهذا التفتيش ويقوم بواجبه املتمثل في مراقبة شروط‬

‫وظروف تشغيلهم‪.310‬‬

‫ويكمن دور مفتش الشغل أيضا في حماية صحة ألاجيرات وألاجراء من خالل املراقبة والتحري‬

‫للتأكد من تطبيق القانون‪ ،‬وأكدت على ذلك املادة ‪ 222‬في فقراتها ألاولى حين نصت على أنه "يجب على‬

‫العون املكلف بتفتيش الشغل‪ ،‬أن ينبه املشغل باتخاذ جميع التدابير الالزمة فورا‪ ،‬عند إخالله‬

‫‪ - 308‬غزالن التاقي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬


‫‪ - 309‬غزالن التاقي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.111‬‬
‫‪ - 310‬املادة ‪ 132‬من مدونة الشغل‪.‬‬

‫‪178‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫باملقتضيات التشريعية أو التنظيمية املتعلقة بحفظ الصحة‪ ،‬وبالسالمة‪ ،‬إخالال يعرض صحة ألاجراء أو‬

‫سالمتهم لخطر حال"‪.‬‬

‫كما يحق ملفتش ي املشغل إجراء كل فحص أو اختبار أو مراقبة أو بحت يرونه الزما للتحقق من أن‬

‫املقتضيات القانونية قد تمت مراعاتها فعال‪ ،‬ويؤذن لهم خاصة في أن يستفسروا املشغل أو أجراء‬

‫املؤسسة على حدة‪ ،‬أو بحضور الشهود حول جميع الشؤون املتعلقة بتطبيق ألاحكام القانونية‬

‫والتنظيمية املتعلقة بالشغل‪ .311‬ويمكنهم أيضا الاطالع على جميع الدفاتر والسجالت والوثائق التي أوجب‬

‫التشريع املتعلق بالشغل الاطالع عليها‪ ،‬ليتحققوا من مدى مطابقتها لألحكام القانونية‪ ،‬ولهم أن‬

‫يستنسخوها وأن يأخذوا ملخصا منها‪.312‬‬

‫وإذا ظهرت مخالفات ألحكام مدونة الشغل‪ ،‬يلجأ مفتش الشغل إلى تنبيه املشغل عن طريق تقرير‬

‫الزيارة‪ ،‬والذي يحرر في تالت نسخ‪ ،‬تكون ألاولى للمشغل‪ ،‬والثانية للمصلحة املركزية بالرباط‪ ،‬والثالثة‬

‫يحتفظ بها مفتش الشغل‪ ،‬وبعد مرور ألاجل املحدد قانونا إذا لم يستجب املشغل ولتقرير مفتش الشغل‪،‬‬

‫يلجأ هذا ألاخير إلى تحرير محضر ضده ويؤشر عليه رئيس الدائرة ثم املندوب إلاقليمي‪ ،‬بعد ذلك يرسله‬

‫إلى رئيس املحكمة التي يخضع لنفوذها الترابي صاحب املؤسسة‪ ،‬حيت يقوم رئيس املحكمة بتوجيه هذا‬

‫املحض ر إلى وكيل امللك الذي يعمل على استدعاء صاحب املؤسسة‪ ،‬وبعد سماع أقواله يرفع امللف إلى‬

‫املحكمة لتحديد جلسة النطق بالحكم الذي تراه مناسبا للقضية املعروضة عليها‪.313‬‬

‫‪ - 311‬مريم الزغيغي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.13‬‬


‫‪ - 312‬غزالن التاقي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.111‬‬
‫‪ - 313‬عبد إلاله الخنوس‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.21‬‬

‫‪179‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫كما أوكلت له مدونة الشغل مهمة جديدة تتمثل في القيام باملهام التصالحية‪ ،‬وهو الدور الذي‬

‫تكرس بفعل الواقع العملي لعالقات الشغل‪ ،‬والتي أصبحت تدخل ضمن الاختصاصات القانونية لهذا‬

‫الجهاز‪ .‬وبذلك أصبح لزاما على مفتش الشغل محاولة حل النزاعات املعروضة عليه بين طرفي العالقة‬

‫الشغلية‪ ،‬واتخاذ الاجراءات القانونية بشأنها‪ ،‬حيث يقوم بمحاوالت الصلح بينهم حول النزاع الذي نشب‪،‬‬

‫ويحرر في شأن هذه املحاوالت محضرة يمضيه الطرقان‪ ،‬ويوقعه بالعطف العون املكلف بتفتيش الشغل‪،‬‬

‫وتكون لهذا املحضر قوة إلابراء في حدود املبالغ املبينة فيه‪.314‬‬

‫ب ‪ -‬تفعيل جهاز مفتشية الشغل‪:‬‬

‫تعتبر مفتشية الشغل إحدى آلاليات ألاساسية لفعالية النصوص القانونية الاجتماعية وتكريس‬

‫طابعها الحمائي على كل أصناف ألاجراء‪ ،‬وخاصة النساء منهم‪ .‬وقد أعادت مدونة الشغل مراجعة وتنظيم‬

‫اختصاصات هذا الجهاز الرقابي ضمن القصور ‪ 231‬إلى ‪ ،222‬حيت أناطت به عدة مهام رقابية‪ ،‬وأخرى‬

‫إدارية‪ ،‬إلى جانب مهمة ضبط املخالفات‪ .‬وأمام املسؤولية الجسيمة امللقاة على عاتق مفتشية الشغل‬

‫والتي ال تتناسب مطلقا مع واقع املعاناة الذي تعيشه هذه ألاخيرة‪ ،‬ألجل ذلك فإن آلافاق املستقبلية‬

‫لقطاع الشغل بصفة عامة‪ ،‬وهيئة مفتشية الشغل بصفة خاصة‪ ،‬تقتض ي إعادة النظر في أسس وقوانين‬

‫هذه الهيئة‪ ،‬والسيما أن الدور القانوني والاجتماعي وإلانساني الذي تلعبه يبقى قاصرا بسبب عدم‬

‫التناسب الجدري بين حجم إلامكانات املادية والتأطيرية وإلادارية املتوفرة لها وبين ألادوار الهامة املنوطة‬

‫بها‪ ،‬والتي تزامنت بشكل كبير خصوصا في إطار مدونة الشغل‪.315‬‬

‫‪ - 314‬غزالن التاقي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.112‬‬


‫‪ - 315‬أنس سعدون‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.212‬‬

‫‪180‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫بحيث تعاني هذه املؤسسة من عوائق تتقص من دورها في حماية حقوق ألاجراء وألاجيرات‬

‫وضمانها‪ ،‬ويعد رفع هذه العوائق من أكبر التحديات امللقاة على عاتق املشرع‪ ،‬فإذا ما تمت معالجتها‪،‬‬

‫سينعكس ذلك إيجابا على ضمان حماية املرأة ألاجيرة‪.316‬‬

‫ذلك أن لالضطالع بمهامها على النحو املطلوب‪ ،‬أو إعادة الفعالية لها‪ ،‬لن يتأتى إال بمنحها ألادوات‬

‫والوسائل الكفيلة فعال بوضعها في صلب العملية الاقتصادية والاجتماعية‪ ،‬والقائمة أصال على تكريس‬

‫وحماية الحقوق ألاساسية العمال‪ ،‬وأيضا على حماية املقاولة ومساعدتها على القيام بوظائفها التنموية‬

‫والاقتصادية‪.317‬‬

‫ويمكن تحقيق هذه الفعالية ملؤسسة تفتيش الشغل من خالل تزويدها بالحد الالزم من ألاطر‬

‫ملواجهة الاتساع الكمي للمؤسسات الخاضعة للقانون الاجتماعي ووجوب الاهتمام بالرفع من تكوينهم‬

‫املنهي بشكل يتالءم مع التطورات التقنية والتكنولوجية التي تعرفها املؤسسة إلانتاجية‪ ،‬اضافة الى ضرورة‬

‫الاهتمام بتحسين ظروف شغل أعوان تفتيش الشغل بإصدار نظام خاص لهم يكفل لهم ممارسة‬

‫الصالحيات والسلطات التي أسندتها لهم مدونة الشغل‪ ،‬إضافة إلى توزيع املهام بينهم‪ ،‬حيت إن تعدد‬

‫املهام واملسؤوليات يؤثر بشكل سلبي على نجاعة الدور ألاساس ي املتمثل في مراقبة حسن تطبيق مدونة‬

‫الشغل‪.‬‬

‫إضافة إلى اعتبار نزاعات الشغل ال تدخل ضمن اختصاص الغرفة الاجتماعية للمحكمة‬

‫الابتدائية‪ ،‬بل يعود الاختصاص أوال للجهاز إلاداري‪ ،‬وجعلها مرحلة إجبارية يلزم املرور منها قبل اللجوء‬

‫‪ - 316‬ملياء العنصري‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.112‬‬


‫‪ - 317‬أنس سعدون‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.212‬‬

‫‪181‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫إلى القضاء بهدف تخفيض إلاجراءات وسرعتها‪ ،‬وكذا إعطاء طابع املجانية باملقارنة مع القضاء العادي‪،‬‬

‫مع العمل على تحديد إجراءات املصالحة على مستوى مفتشية الشغل بأجل معين لتحقيق سرعة البت‬

‫في النزاع‪ ،‬وذلك بهدف تقييد سلطة املشغل وجعلها تخدم مصلحة الطرف الضعيف ‪ -‬ألاجيرة ‪.-‬‬

‫ويجب أيضا توفير الحوافز املادية الالزمة‪ ،‬حتى يبقى هؤالء املوظفون بمنأى عن إغراءات املشغلين‬

‫ويتمكنوا من أداء عملهم بخيار تام ويشكل مستقل‪ ،‬وأخيرا يتوجب مد الجسور بين مفتشية الشغل‬

‫وهيئة القضاء الاجتماعي التبادل الاستفادة من الخبرات بين الهيئتين‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬آلية طب الشغل في حماية صحة ألاجيرات‬


‫يعتبر طب الشغل من أهم آلاليات الفاعلة في حفظ الصحة‪ ،318‬حيث نجده يسهر على مراقبة‬

‫صحة ألاجيرات وألاجراء‪ ،‬وتقديم املساعدة لضمان الانسجام بين حالتهم الصحية وعملهم‪ ،‬واملحافظة‬

‫على هذا الانسجام‪ ،‬ووقايتهم من أي مخاطر معينة يمكن أن تمسهم‪.‬‬

‫وانطالقا من القوانين املنظمة‪ ،‬تقييم أن طب الشغل يحتل نظريا مكانة متميزة في مجال الوقاية‬

‫املهنية‪ ،‬وكل ما يتعلق بالصحة املهنية في الشغل‪ ،‬فهو يضمن التشاور والتداول بين السلطات العمومية‬

‫ومختلف الفاعلين في مجال الصحة والسالمة املهنية‪.‬‬

‫غير أن الواقع العملي أظهر عدم تحقيق طلب الشغل حماية فعالة في هذا املجال‪ ،‬وهذا راجع‬

‫لعدة أسباب بما فيها الصعوبات التي يواجهها في الحياة املهنية اليومية‪ ،‬مما يجعله أمام رهان كبير نحو‬

‫التطور إلعطاء فعالية أكبر للمقتضيات القانونية املنصوص عليها في هذا املجال‪.‬‬

‫‪ - 318‬الخمليش ي عبد العزيز ‪ :‬مدى فعالية الحماية القانونية لصحة ألاجراء داخل مؤسسة الشغل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.21‬‬

‫‪182‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫أ ‪ -‬الوضعية القانونية الطبيب الشغل‪:‬‬

‫يعتبر طب الشغل من آليات املراقبة الصحية والوقائية داخل مؤسسة الشغل‪ ،‬وهذا ما دفع‬

‫املشرع املغربي إلى تحديد إلاطار القانوني ألطباء الشغل في مدونة الشغل وتحديد مهامهم‪.319‬‬

‫حيث نصت في املادة ‪ 311‬أنه "يسهر على سير املصالح الطبية للشغل‪ ،‬طبيب أو أكثر‪ ،‬يطلق عليهم‬

‫«أطباء الشغل»‪ ،‬ويجب عليهم أن يباشروا مهامهم بأنفسهم"‪ .‬وأكدت املدونة على وجوب أن يكون أطباء‬

‫الشغل حاصلين على شهادة تثبت كونهم مختصين في طب الشغل‪.320‬‬

‫ونجد أن العالقة التي تربط بين طبيب الشغل واملقاولة هي عقد شغل تراعى فيه القواعد التي‬

‫تقوم عليها أخالقيات املهنة‪ ،‬وقد كان القضاء سياقا إلى اعتبار طبيب الشغل أجبرا تابعا للمقاولة وبعد‬

‫ذلك جاءت املدونة لتؤكد ذلك‪ ،‬حيث نصت صراحة على أن طبيب الشغل يرتبط باملشغل أو برئيس‬

‫املصلحة الطبية املشتركة بين املقاوالت بعقد شغل تراعي فيه القواعد التي تقوم عليها أخالقيات املهنة‪،‬‬

‫وهذا ما كان عليه موقف القضاء في تحديد نوع العقد الذي يربط بين طبيب الشغل واملقاولة‪ ،‬فإذا كان‬

‫يتوفر على عنصر التوجيه واملراقبة والاشراف‪ ،‬أي التبعية الاقتصادية والقانونية‪ ،‬اعتبر طبيب الشغل‬

‫أجيرا‪ ،‬كما جاء في حكم املحكمة الابتدائية بالدار البيضاء حسب الحكم الصادر في ملف منازعات الشغل‬

‫عد ‪ 1221‬بتاريخ ‪.321 1122/12/13‬‬

‫‪ - 319‬عزيز الخمليش ي ‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.31‬‬


‫‪ - 320‬املادة ‪ 311‬من مدونة الشغل‪.‬‬
‫‪ - 321‬عزيز الخمليش ي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.31‬‬

‫‪183‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫وبهذا تكون مدونة الشغل بيت ووضحت طبيعة العالقة التي تجمع بين املشغل وطبيب الشغل‪،‬‬

‫وذلك انطالقا من املادة ‪ 312‬التي حددت املركز القانوني للمقاولة وطبيب الشغل‪ ،‬واعتبرت العقد الذي‬

‫يجمعهم عقد شغل‪.‬‬

‫كما ألزمت املدونة طبيب الشغل بأداء مهمته في جميع الظروف وبكل استقاللية وحرية سواء‬

‫اتجاه املشغل أو ألاجراء‪ ،‬وأال يراعي إال الاعتبارات الخاصة باملهنة (املادة ‪.)312‬‬

‫وطب الشغل يعتبر طيا وقائيا واستشاريا في كل ألامور املتعلقة بحماية صحة ألاجيرات وألاجراء‬

‫داخل مؤسسة الشغل‪ ،‬ويلعب دورا رئيسيا في املقاولة ويسهر على الحفاظ على سالمتهم من ألامراض‬

‫والحوادث التي قد تصيبهم‪ ،‬كما أن له دورا فعاال في إعطاء رأيه ومقترحاته باإلضافة إلى استشارته في‬

‫كل ما يتعلق بهذا املجال‪.‬‬

‫ولفعالية الحماية القانونية الطبيب الشغل في ممارسة مهامه املتعلقة بقواعد حفظ الصحة‬

‫والسالمة في أحسن الظروف‪ ،‬دون خوف من الطرد أو التعسف من طرف املشغل أو رئيس املصلحة‬

‫الطبية املشتركة بين املقاوالت‪ ،‬ألزمت مدونة الشغل في حالة اتخاذهم أي إجراء تأديبي في حق طبيب‬

‫الشغل ضرورة موافقة العون املكلف بتفتيش الشغل بعد أخذ رأي الطبيب مفتش الشغل‪.322‬‬

‫وهذا ما ذهب إليه الاجتهاد القضائي الفرنس ي الذي أكد أن أي إجراء يتخذ ضد طبيب الشغل ال‬

‫يكون إال بموافقة مفتش الشغل يعد أخذ رأي الطبيب مفتش الشغل‪.323‬‬

‫‪ - 322‬املادة ‪ 313‬من مدونة الشغل‪.‬‬


‫‪ - 323‬محمد أنوار يوسف‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.13‬‬

‫‪184‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫ب‪ -‬تفعيل مؤسسة طب الشغل‪:‬‬

‫يكتس ي طب الشغل أهمية كبرى في حماية صحة ألاجيرات وألاجراء ووقايتهم‪ ،‬فهو يتسم بخاصية‬

‫تقنية أصلية‪ ،‬ويعد تبعا لذلك مؤسسة ذات صبغة اجتماعية ال تقتصر على املقاوالت الكبرى فقط‪ ،‬بل‬

‫يشمل نطاقها حتى املقاوالت الصغرى التي تستطيع أن تستقطب مصلحة طبية مشتركة‪.‬‬

‫ورغم إلايجابيات التي جاءت بها مدونة الشغل فيما يتعلق بطبيب الشغل‪ ،‬إال أنه يواجه صعوبات‬

‫متعددة تتمثل أساسا في صرامة وجمود التنظيم التشريعي ملهامه‪ .‬وألامر ال يتوقف عند هذا الحد‪ ،‬نظرا‬

‫لوجود صعوبات عملية تعترض أطباء الشغل مما يزيد في نقص فعالية تنخلهم الوقائي باملقاولة‪.‬‬

‫وتتمثل هذه الصعوبات العملية في مواجهة طبيب الشغل للمشغل وألاجير‪ ،‬مما ينعكس سلبا‬

‫على وظيفته في أداء مهامه‪ .‬فمن جانب املشغلين فإنه باإلضافة إلى تحملهم للعبء املالي املترتب عن‬

‫إحداث املصالح الطبية عامة‪ ،‬فإن طبيب الشغل يشعرهم بنوع من الضيق‪ ،‬ألنه يراقبهم في تدبير‬

‫مقاوالتهم‪ ،‬إضافة إلى أن الطبيب ال يستطيع أن يتصرف بمحض إرادته في الوسائل املادية واملالية التي‬

‫تخضع ملراقبة املشغل‪.324‬‬

‫ومن جانب ألاجراء‪ ،‬قد يعتقدون أن طبيب الشغل هو طبيب املشغل‪ ،‬ونوره بدون فائدة أو منفعة‬

‫خاصة في ظل إمكانية اتخاذه قرار عدم مالءمة منصب الشغل للحالة الصحية لحجيرات وألاجراء‪ ،‬والتي‬

‫قد يترتب عنها عدم توظيفهم أو فسخ عقود لتشغيلهم‪.325‬‬

‫‪ - 324‬الخمليش ي عبد العزيز‪ :‬مرجع سابق‪.21-22-23 ،‬‬


‫‪ - 325‬الخمليش ي عبد العزيز‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.21‬‬

‫‪185‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫إضافة إلى هذه الصعوبات نجد أن املشرع املغربي عاقب املشغل في حالة إلاخالل باملقتضيات‬

‫املتعلقة بنظام طلب الشغل بغرامة هزيلة من ‪ 2111‬إلى ‪ 2111‬درهم ‪ 326‬مما يدفع باملشغلين إلى عدم‬

‫إحداث مصالح طبية و التملص من التزاماتهم‪ ،‬ذلك أن هذه الغرامات أقل وأخف من تحمل ألاعباء‬

‫املالية املترتبة عن إحداث املصالح الطبية للشغل‪ ،‬ونفقات الفحوصات الطبية لألجراء وألاجيرات‪،‬‬

‫ونفقات الفحوصات التكميلية وغيرها ‪ ،327‬وهذا يدل على أن النصوص القانونية املنظمة لعلب الشغل‬

‫عامة و النصوص القانونية املتعلقة بالغرامات التي تطبق على املشغل في حالة عدم إحداث مصالح‬

‫طبية داخل مؤسسة الشغل خصوصا منها التي تشغل أزيد من ‪ 21‬أجيرا‪ ،‬ويدل على ضعف الحماية‬

‫القانوني لألجراء‪ ،‬وذلك على مستوى الصحة املهنية‪ ،‬لذا يجب على املشرع إعادة النظر في هذا النوع من‬

‫الغرامات‪.‬‬

‫ويعد تطوير طب الشغل إحدى أهم ألاولويات التي يتعين تحقيقها‪ ،‬إذ أن الظرفية الحالية وما‬

‫تعرفه من تنافس شرس بين املقاوالت‪ ،‬وتقدم الاقتصاد الوطني وتكره باالقتصاد الدولي‪ ،‬وتشجيع‬

‫الاستثمارات‪ ،‬أصبح معه إصالح املنظومة الاجتماعية والرقي بمؤسسة طب الشغل ضرورة ال مجال‬

‫لتأجيلها‪ ،‬حتى تكون النساء ألاجيرات وكذا ألاجراء في كامل صحتهم أثناء أداء عملهم‪.‬‬

‫ولقيام طبيب الشغل بوظيفته الاجتماعية على أحسن وجه‪ ،‬وتفعيل دوره ألاساس ي املتمثل في‬

‫حماية العامالت والعمال ووقايتهم‪ ،‬يجب إعطاء الاستقاللية لألطباء في ممارسة املهام املنوطة بهم‪ ،‬فإن‬

‫املنطق يقض ي بعدم إخضاعهم للمشغلين أو الرقابة نقابات العمال ولجان السالمة‪ ،328‬وإنما إلى جهاز‬

‫‪ - 326‬املادة ‪ 332‬من مدونة الشغل‪.‬‬


‫‪ - 327‬نادية النحلي‪ :‬الحق في الصحة بالوسط املنهي في مدونة الشغل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.312‬‬
‫‪ - 328‬عبد العزيز الخمليش ي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.21‬‬

‫‪186‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫مستقل عن الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين‪ ،‬لتمكينهم من القيام بالواجبات امللقاة على عاتقهم‬

‫على أكمل وجه‪.‬‬

‫بناء على ما سبق‪ ،‬فإن ضمان حماية حقوق املرأة ألاجيرة وكذا صحتها وسالمتها في أماكن العمل‪،‬‬

‫فإنه يجب تظافر العديد من املجهودات وتعاون املؤسسات الفاعلة في ميدان العناية الاجتماعية فيما‬

‫بينها‪ ،‬وإشراك الفاعلين في الشأن املتعلق باملرأة والعمل‪ ،‬للرقي بوضعها‪ ،‬وصيانة حقوقها‪ ،‬وحفظ صحتها‬

‫وسالمتها‪ ،‬وذلك من خالل إقامة لقاءات علمية‪ ،‬وطنية ودولية بمعية مجلس طب الشغل والوقاية من‬

‫املخاطر املهنية ‪ ،329‬الذي يعد هيئة عليا لها مهمة استشارية يعهد إليه بتقديم أراء من أجل النهوض‬

‫أنور كل من مفتشية ا لشغل واملصالح الحلبية للشغل‪ ،‬حيت له من إلامكانيات ما يسمح له بإقامة‬

‫ندوات على املستوى الدولي‪ ،‬وبالتالي املساهمة في التقليل من مخاطر الشغل عن طريق إصداره منشورات‬

‫ودراسات وتعميمها على كل املقاوالت‪ ،‬من أجل تطوير وسائل الحماية والوقاية‪.‬‬

‫وإلى جانب مجلس طب الشغل‪ ،‬هناك أيضا مفتشية الشغل التي تعتبر بمثابة الحارس املنوط به‬

‫حماية ألاجيرة من خالل فرض املقتضيات الخاصة بحماية حقوقها الشخصية وصمتها وسالمتها البدنية‬

‫عن طريق املراقبة‪ ،‬وبالتالي وجب العمل على من هذا الجهاز باإلمكانات التي تمكنه من الرقي بدوره في‬

‫أدائه ملهامه على أحسن وجه‪.330‬‬

‫‪ - 329‬ملياء العنصري‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.112‬‬


‫‪ - 330‬ملياء العنصري‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.112‬‬

‫‪187‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬حماية القضاء الاجتماعي لحقوق املرأة ألاجيرة‬


‫تعد عالقات الشغل من أهم تمظهرات تدخل الدولة في تنظيم العالقات إلانسانية‪ ،‬وذلك‬

‫لحساسية هذه العالقات وتأثيرها على شريح واسعة من املجتمع‪ ،‬فكان لزاما على الدولة أن تتدخل في‬

‫رسم حدود هذه العالقة وتأطيرها‪ ،‬نظرا لتفاوت املراكز القانونية بين طرفيها‪.331‬‬

‫وإذا كان تقريع الشغل املغربي فقد جاء منسجما مع املبادئ ألاساسية للقانون ألاسمى للمملكة‬

‫ومالئما للمعايير الدولية كما تضمنتها الاتفاقيات الدولية‪ ،‬إيمانا من املشرع بالدور الذي يلعبه الشغل‬

‫في رفع التنمية‪ ،‬وصيانة كرامة إلانسان‪ ،‬والتحسين من مستواه املعيش ي‪ .‬إال أنه سيبقى حبرا على ورق‬

‫إذا لم يكن هناك جهاز قضائي فعال لبلورة هذه الحماية‪ ،‬فالقضاء الاجتماعي هو أحد مناهج العدالة‪،‬‬

‫وال يكون للقاعدة القانونية حياة إال عندما يطيقها لينقلها من الجانب النظري إلى الواقع العملي‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬مظاهر الحماية القضائية للمرأة على مستوى حقوقها ألاساسية والشخصية‬
‫إن خروج املرأة إلى سوق العمل وما يعرفه من إكراهات وصراعات متبادلة بين مختلف أطراف‬

‫العالقة الشغلية‪ ،‬جعلها تتعرض لكل أنواع الاستغالل والتعسف والتمييز‪ ،‬ألامر الذي يتحتم معه البحث‬

‫عن وسائل لصيانة حقوقها‪ ،‬وتطبيق املقتضيات التي سعت إلى حمايتها من املواثيق الدولية إلى القوانين‬

‫الداخلية‪ ،‬وقد اصطلح القضاء الاجتماعي بهذا الدور ليمنع أي حيف يطالها أو يمس بحق من حقوقها‬

‫ألاساسية أو الشخصية‪.‬‬

‫‪ - 331‬عديل هتوف‪ ،‬صوابني عبد إلاله‪ :‬دور القضاء الاجتماعي في حماية ألاجير‪ ،‬بحث نهاية التدريب باملعهد العالي للقضاء ‪ ،‬فترة التدريب‬
‫‪ ،2111/2112 ،‬الرباط ‪ ،‬ص ‪.1‬‬

‫‪188‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫أ ‪ -‬حماية القضاء لحق ألاجيرة في العمل وألاجر‪:‬‬

‫يعتبر العمل وسيلة إلانسان إلشباع احتياجاته الضرورية‪ ،‬فهو حق طبيعي ال يقبل تقييدا وال‬

‫إهدارا‪ ،332‬ويتمتع به الرجال والنساء على حد سواء‪.‬‬

‫وقد سار القضاء املغربي في اتجاه حماية حق ألاجيرة في العمل من خالل مجموعة من ألاحكام‪،‬‬

‫والتي اعتبر فيها أن فصل ألاجيرة من عملها كان تعسفيا‪ ،‬مما ترتب عنه الحكم لها بالتعويض‪.‬‬

‫وفي هذا الصدد‪ ،‬قضت ابتدائية سال‪ 333‬في أحد أحكامها‪ ،‬أن املؤاجر وإن كان من حقه فسخ‬

‫عقد الشغل في كل آن وحين‪ ،‬فإن هذا الحق ليس مطلقا بل هو مقيد بعدم التعسف في استعماله‪،‬‬

‫حيت إن انعدام السيب املبرر للضخ كاف العتبار الطرد تعسفيا يستوجب التعويض وتسليم شهادة‬

‫العمل تحت طائلة غرامة تهديدية وفي نفس الاتجاه‪ ،‬ذهبت ابتدائية تمارة‪ 334‬إلى أن توقف ألاجيرة عن‬

‫العمل لعدم توصلها باألجرة‪ ،‬وفصلها من طرف املشغل يعد فصال تعسفيا يستوجب التعويض‪.‬‬

‫كما ذهب القضاء أيضا إلى حماية بعض الحقوق ألاساسية لألجيرات‪ ،‬حيث اعتبرت ابتدائية‬

‫الناظور فصل ألاجيرة من عملها بسبب انتمائها النقابي فصال تعسفيا‪ ،‬وحكمت على املشغل بأداء‬

‫التعويض عن الطرد التعسفي لصالح ألاجيرة‪.‬‬

‫‪ - 332‬عمرو بنعلي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.21‬‬


‫‪ - 333‬حكم ابتدائية سال رقم ‪ 1222‬الصادر بتاريخ ‪ ،2111/12/12‬ملف اجتماعي رقم ‪( 1122‬غير منشور)‪.‬‬
‫‪ - 334‬حكم ابتدائية تمارة رقم ‪ 313‬الصادر بتاريخ ‪ ،2111/12/22‬ملف جماعي رقم ‪( 11-22-232‬غير منشور)‪.‬‬

‫‪189‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫كما أن محكمة الاستئناف بالدار البيضاء‪ 335‬بدورها قضت في أحد قراراتها أنه ال يمكن طرد‬

‫ألاخيرة بناء على الرغبة املنفردة للمشغلة‪ ،‬حيث اعتبرت عدم رغبة هذه ألاخيرة في استقبال ألاجيرة بعد‬

‫عودتها من إجازتها إلى العمل يعد طردا تعسفيا يستوجب التعويض‪.‬‬

‫وصدر قرار أيضا عن محكمة الاستئناف بالدار البيضاء يقض ي بأن حماية املرأة سواء الوطنية أو‬

‫الدولية تحت عليه‪ ،‬وحيث أن الطرد التعسفي ثابت‪ ،‬مما يتعين معه الحكم بالتعويض الجيرة‪ ،336‬ومن‬

‫خالل هذا الحكم تبين أن القضاء املغربي أبدى رغبة قوية في حماية املرأة ألاجيرة من الفصل من العمل‬

‫بسبب التمييز القائم على أساس الجنس‪.‬‬

‫أما قضاء املجلس ألاعلى‪ ،‬فقد عمل على دعم حماية حق ألاجيرة في العمل من خالل مجموعة‬

‫من القرارات التي اعتبر فيها الفصل الذي تعرضت له ألاجيرة هو فصل تعسفي‪.‬‬

‫وفي هذا الصدد‪ ،‬جاء في أحد قراراته أن طرد ألاجيرة بدعوى إهمالها في ضياع املعلومات من‬

‫الحاسوب‪ ،‬وحيث إن املشغلة لم تستطع إلاثبات بالخبرة أن الحاسوب تعرض لبعض ألاعمال التي أدت‬

‫إلى ضياع املعلومات‪ ،‬كما أن الخطأ املنسوب إلى ألاجيرة غير ثابت‪ ،‬وقد صدر حكم قض ي لها بالتعويضات‬

‫على أساس أن فسخ العقد تم بصفة تعسفية مما يستوجب تعويض ألاجيرة‪.337‬‬

‫‪ - 335‬قرار محكمة الاستئناف بالدار البيضاء رقم ‪ 2111‬الصادر بتاريخ ‪ ،2111/12/12‬رقم ‪( 11-2222‬غير منشور)‪.‬‬
‫‪ - 336‬قرار صادر عن الغرفة الاجتماعية بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء في ملف عدد ‪ 2112/2322‬بتاريخ ‪ ،2112/12/12‬منشور بمجلة‬
‫املحاكم املغربية‪ ،‬عدد ‪ ،111‬يوليوز غشت ‪ ،2112‬ص ‪.122‬‬
‫‪ - 337‬قرار عدد ‪ 132‬املؤرخ في ‪ 2112/12/12‬امللف الاجتماعي عدد ‪ ،2112/1/2/1212‬منشور بمجلة قضاء املجلس ألاعلى‪ ،‬العدد ‪،22‬‬
‫ماي ‪ ،2112‬ص ‪ 232‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪190‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫وفي هذا املنحى ذهب قرار أخر صادر عن قرار املجلس ألاعلى‪ ،338‬الذي اعتبر بدوره أن طرد ألاجيرة‬

‫كان طردا تعسفيا يستوجب التعويض‪ ،‬رغم أن املشغلة تمسكت يكون العقد محدد املدة وينص على‬

‫عدم تجاوز السنة‪ ،‬لكن الثابت أن ألاجيرة قضت أكثر من ‪ 12‬شهر وبالتالي يعتبر العقد غير محدد املدة‪،‬‬

‫ويكون الطرد تعسفيا‪.‬‬

‫من جانب أخر‪ ،‬وعلى اعتبار أن ألاجر هو وسيلة تكفل لجيرة وألاجير‪ ،‬على حد سواء‪ ،‬عيشة الئقة‬

‫بكرامة إلانسان‪ ،‬ويضمن لهم حاجياتهم ألاساسية‪ ،‬ويمكنهم من تربية أبنائهم وإعالة أسرهم‪ .‬ويسبب‬

‫هذا الدور ألاساس ي الذي يلعبه‪ ،‬فقد عمل القضاء على صيانة حق ألاجيرة في ألاجر‪ .‬حيت أن قرارا صادرا‬

‫عن املجلس ألاعلى عدد ‪ 2112/22‬بتاريخ ‪ ،2112/11/12‬ء جاء فيه ما يلي "حيت أن املحكمة بتعليلها‬

‫أن ألاجيرة غير محقة في الحصول على التعويض عن تكملة ألاجرة ألنها رضيت باألجر وقت التعاقد‪،‬‬

‫والحال أن ألاجرة من النظام العام وال يمكن أن تقل عن الحد ألادنى وهي القيمة الدنيا املستحقة‬

‫للجيرة"‪.339‬‬

‫وعلى نفس النهج‪ ،‬دأب القضاء الفرنس ي على إقرار الحق في ألاجر‪ ،‬واملساواة في استحقاق ألاجر‪،‬‬

‫حيث جاء في قرار للغرفة الاجتماعية املحكمة النقض أن "الاختالف في الوضعية القانونية للعمال‬

‫والعامالت ال يكفي ليكون هناك اختالف في ألاجر"‪ ،340‬كما ذهبت في قرار آخر إلى أنه يجب على املشغل‬

‫تأمين املساواة في ألاجر بين جميع ألاجراء الذين يتمتعون بوضعية متماثلة داخل املؤسسة أو املقاولة‪،‬‬

‫‪ - 338‬قرار عدد ‪ 212‬املؤرخ في ‪ ،1112\12\22‬امللف الاجتماعي عدد ‪ 12\1\2\1122‬منشور بمجلة قضاء املجلس ألاعلى‪ ،‬العدد ‪ 23‬و ‪22‬‬
‫دجنبر ‪ ،2111‬ص ‪ 222‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ - 339‬حنان أسوان‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.21‬‬
‫‪ - 340‬قرار محكمة النقض الفرنسية‪ ،‬ملف عدد ‪ 12-22-212‬بتاريخ ‪.2112-12-12‬‬

‫‪191‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫لهذا فأي اختالف في ألاجر بين العمال يجب أن يكون معلال بأسباب موضوعية مثل (الشواهد‪،‬‬

‫الخيرة‪.341")...‬‬

‫كما أدان قرار قضائي آخر صادر عن قضت املحكمة شركة ذات مسؤولية محدودة للتمييز في‬

‫ألاجر الذي وقع في حق عاملين في هذه الشركة بحجة أن ألاعمال التي تقومان بها ال تتطلب جهدا كبيرا‬

‫باملقارنة مع ألاعمال ألاخرى التي ينجزها العمال‪ ،‬لذلك فهن يتقاضين أجرا أقل ب ‪ 2‬أورو عن ألاجر الذي‬

‫يتقاضاه العامل (الرجل)‪.342‬‬

‫ب ‪ -‬الحماية القضائية لحقوق املرأة الشخصية‪:‬‬

‫عمل القضاء املغربي على توفير حماية مهمة للمرأة ألاجرة‪ ،‬وذلك من خالل حماية حقوقها‬

‫الشخصية وحياتها الخاصة‪ ،‬فكثيرون هم املشغلون الذين يضعون مجموعة من الشروط على ألاجيرات‬

‫اللواتي يرغبن في الولوج إلى شغل معين الخضوع لها‪ ،‬كأن ال يرتدين الحجاب مثال‪ ،‬أو أن يلبسن لباسا‬

‫معينا‪ ،‬وهذا مش خطير بحقوق املرأة التي ضمنتها لها كافة الاتفاقيات واملواثيق الدولية‪.343‬‬

‫وإذا كان املشرع املغربي لم يقر بحق ألاجيرة في اختيار مظهرها‪ ،‬إال أن العمل القضائي قد عالج‬

‫هذه املسألة‪ ،‬حيث قض ى بحماية حقوق الشخصية‪ ،‬حيث نجده قد عمل على تجسيد حق ألاجيرة في‬

‫اختيار مظهرها‪ 344‬من خالل قرار يتعلق بمضيفة جوية تعرضت للطرد‪ ،‬بعد ارتدائها للحجاب‪ ،‬من طرف‬

‫الشركة املشغلة‪ ،‬فاستصدرت قرارا عن استئنافية الدار البيضاء‪ ،345‬قض ى برفع التعويض عن الفصل‬

‫‪ - 341‬قرار محكمة النقض الفرنسية في ملف رقم ‪ 12-23-221‬بتاريخ ‪.1112-11-21‬‬


‫‪ - 342‬قرار محكمة النقض الفرنسية بتاريخ ‪ ،1111/11/23‬انظر املوقع الالكتروني ‪www.cadref-irub,hommes.fr/afuches :‬‬
‫‪ - 343‬غزالن التاقي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.112-112‬‬
‫‪ - 344‬حنان أسوان‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.22‬‬
‫‪ - 345‬قرار رقم ‪ 3132‬صادر عن محكمة الاستئناف بالدار البيضاء بتاريخ ‪ 2112\12\12‬في امللف عدد ‪ 12\2211‬غير منشور‪.‬‬

‫‪192‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫التعسفي إلى ‪ 121.111‬درهم بعدما تبت للمحكمة من خالل جلسة البحث أن سبب عدم إدراجها في‬

‫الرحالت الجوية السنة ‪ 2111‬هو ارتداؤها للحجاب‪ ،‬وهذا القرار تم تأييده من طرف املجلس ألاعلى ‪.346‬‬

‫وهذا التوجه الذي سلكه العمل القضائي كان صائبا‪ ،‬حيت إن من حق ألاجيرة اختيار مظهر معين‬

‫لها‪ ،‬فارتداء الحجاب ليس من شأنه التأثير على العمل الذي تمارسه ألاجيرة‪ ،‬إذ أنه لن ينقص من‬

‫مردوديتها‪ ،‬فالعبرة بمردودية عملها ال بمظهرها الخارجي‪.‬‬

‫وإذا كان التحليل القانوني يسمح باعتبار تعليمات املشغل التي من شأنها املساس بالحياة الخاصة‬

‫بمثابة خطأ جسيم من املشغل‪ ،‬فإنه من القادر العثور على حكم أو قرار صادر عن القضاء املغربي يشير‬

‫إلى الحاالت التي قد يتم فيها الاعتداء من طرف املشغل على الحياة الخاص لألجيرة عند مزاولتها لعملها‬

‫املأجور‪.‬‬

‫وفي هذا الصدد‪ ،‬اعتبر املجلس ألاعلى أن تواجد ألاجيرة بين الحين وآلاخر في متجر زوجها خارج‬

‫أوقات عملها لدى املشغل‪ ،‬ال يكفي القول بأنها أجيرة لدى الغير‪ ،‬وتبعا لذلك ال تكون حالة التنافي قائمة‪،‬‬

‫فاملجلس ألاعلى اعتبر أن املشغل ال يملك أي سلطة على ألاجيرة خارج أوقات العمل‪ ،‬حيث لألجيرة كامل‬

‫الحرية في استغالل وقتها وفق ما تراه مناسبا ملصلحتها ولحياتها الخاصة‪.‬‬

‫وبرجوعنا للقضاء الفرنس ي نجده ال يتوانى عن حماية الحياة الخاصة لألجيرة‪ ،‬حيث اعتبرت‬

‫محكمة النقض الفرنسية أن لألجيرة كامل الحرية في اختيار حياتها الشخصية والعاطفية‪ ،‬كما اعتبرت‬

‫أن فصل ألاجيرة بسبب زواجها من منافس ملشغلها ال يعتبر خطأ جسيما يبرر الطرد‪.347‬‬

‫‪ - 346‬قرار رقم ‪ 222‬صادر عن املجلس ألاعلى بتاريخ ‪ ،2112/12/22‬في ملف عدد ‪ ،12/2211‬غير منشور‪.‬‬
‫‪ - 347‬عبد إلاله الخنوس ي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.112-112‬‬

‫‪193‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫وخالصة القول إن العمل القضائي عمل جاهدا على إنصاف املرأة ألاجيرة واملحافظة على حقوقها‬

‫الشخصية‪ ،‬وحماية حياتها الخاصة‪ ،‬باعتبارها الطرف الضعيف في العالقة الشغلية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬التدخل القضائي في مجال حماية الصحة البدنية والنفسية لألجيرة وحماية حقها‬
‫في ألامومة‬

‫يقوم القضاء الاجتماعي بدور مهم في استقرار عالقات الشغل‪ ،‬وحماية الطرف الضعيف فيها‪،‬‬

‫وذلك من خالل التطبيق السليم للنصوص القانونية‪ ،‬فضمان أهمية ذلك مع التطور امليدان الاقتصادي‬

‫في بالدنا‪ ،‬الذي أفرز نزاعات وحوادث ذات صبغة مهنية‪ ،‬وتعتبر اليد العاملة النسوية أكثر الفئات عرضة‬

‫لذلك‪ ،‬نظرا لتمادي املشغلين في استخدام هذه الفئة‪.‬‬

‫فضمان الصحة والسالمة املهنية للمرأة ألاجيرة على أرض الواقع يبقى رهينا بتكريس القضاء‬

‫لهذه الحماية وتفعيلها‪.348‬‬

‫أ ‪ -‬حماية القضاء لألجيرة ألام وصيانة حقها في ألامومة‪:‬‬

‫لقد سار القضاء املغربي في اتجاه حماية حقوق املرأة ألاجيرة من خالل مجموعة من ألاحكام‬

‫والقرارات الفضائية التي يستشف منها مسایرة العمل القضائي للنصوص القانونية املتعلقة بحماية‬

‫ألامومة‪ ،‬وقد تأكدت الحماية القضائية لألجيرة ألام بتدخله إلقرار حماية خاصة للحامل‪ ،‬حيت قضت‬

‫محكمة الاستئناف بالرباط في أحد قراراتها بإلزام املشغلة بالتراجع عن قرار نقل ألاجيرة الحامل مئى‬

‫‪ - 348‬ملياء العنصري ‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.112‬‬

‫‪194‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫علمت بحملها‪ ،‬كما قضت بعدم أحقية املشغلة في فصل ألاجيرة الحامل خالل فترة التوقف‪ ،‬ولو ارتكبت‬

‫هذه ألاخيرة خطأ جسيما يستوجب الفصل‪.349‬‬

‫كما قض ى لحماية حقها الطبيعي في إرضاع طفلها‪ ،‬حيث ذهب املجلس ألاعلى إلى تأكيد حق‬

‫ألاخيرة في الاستفادة من املدة القانونية إلرضاع طفلها‪ ،‬وأن مغادرة ألاجيرة للعمل قصد الاستفادة من‬

‫هذا الحق ال يعتبر مغادرة تلقائية للعمل‪ ،‬وكل فصل يتخذه املشغل تجاه ألاجيرة بسبب من هذه الرخصة‪،‬‬

‫يعتبر فصال تعقيا تستحق معه ألاجيرة املعنية التعويضات التحتية الناتجة عن الفصل التعسفي‪ ،‬فضال‬

‫عن التعويضات الناتجة عن العقد‪.350‬‬

‫من خالل هاذين القرارين يتضح أن القضاء املغربي سار في اتجاه حماية الطرف الضعيف في‬

‫العالقة الشغلية‪ ،‬وهي ألاجيرة‪ ،‬بل أكثر من ذلك‪ ،‬حيث استطاع باإلضافة إلى مسايرته للنصوص القانونية‬

‫ملدونة الشغل في هذا املجال‪ ،‬فإنه استطاع السير في مالءمة النصوص القانونية الوطنية مع القوانين‬

‫الدولية‪ ،‬وخاصة فيما يتعلق باالتفاقيات الدولية للشغل‪.351‬‬

‫وفي هذا الصدد اعتبرت محكمو الاستئناف بالرياض أنه "وحيت إن املشغلة استندت في فصلها‬

‫الكبيرة على تغيبها عن العمل بدون مبرر والحال أن ألاجيرة وكما تبت ذلك من الشهادات الطبية وشهادة‬

‫الوضع أنها كانت حامال‪ ،‬وبعلت بالشواهد التي لم تنازع املشغلة في توصلها بها لتبرير غيابها‪ ،‬ومن ثم‬

‫‪ - 349‬قرار استئنافية الرباط‪ ،‬رقم ‪ 312‬الصادر بتاريخ ‪ ،2112\12\22‬منشور بمجلة رسالة املحاماة‪ ،‬عدد ‪.22‬‬
‫‪ - 350‬قرار املجلس ألاعلى‪ :‬صادر بتاريخ ‪ ،2112/11/13‬تحت عدد ‪ 1132‬في امللف الاجتماعي رقم ‪ ،2112/2/222‬غير منشور‪ ،‬تمت الاشارة‬
‫إليه في مرجع‪ :‬ملياء العنصري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.113‬‬
‫‪ - 351‬بشرى العلوي ‪ :‬تعامل مدونة الشغل مع الاتفاقيات الدولية‪ ،‬املجلة املغربية الالكترونية لندوات محاكم فاس‪ ،‬عدد خاص من مدونة‬
‫الشغل‪ ،‬عدد ‪ ،2‬يونيو ‪ ،2112‬ص ‪.113‬‬

‫‪195‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫فالسبب املستند عليه ال أساس له لوجود إلاثبات و مخالف للمادة ‪122‬و ‪ 122‬من مدونة الشغل‬

‫واتفاقيات الشغل الدولية رقم ‪ 3‬لسنة ‪ 1111‬والاتفاقية رقم ‪ 113‬مراجعة لسنة ‪.(1952‬‬

‫وحيث إنه يتعين القول بأن ألاجيرة طردت تعسفيا وتستحق عن ذلك التعويضات املخولة لها‬

‫قانونا ألن الطرد في هذه الحالة يكون باطال‪ ،‬وفي هذا حماية لألمومة كما تناولتها املدونة والاتفاقيات‬

‫الدولية"‪.352‬‬

‫وفي مناسبة أخرى اعتبرت املحكمة الابتدائية بالدار البيضاء أن فصل ألاجيرة يوم دخولها‬

‫للمصحة بسبب الوضع يعتبر فصال غير مشروع‪ ،‬وجاء في حيثيات الحكم ما يلي‪ ":‬حيث تبين أن املدعية‬

‫قد تم فصلها بتاريخ ‪ 1122/11/11‬وهو اليوم الذي تخلت فيه املصحة بسبب الوضع حسب الشهادة‬

‫الطبية املدلى بها‪ ،‬مما يجعل الفصل غير مشروع"‪.353‬‬

‫وهكذا كرس القضاء املقتضيات الحمائية الخاصة باستقرار عمل ألاخيرة ألام‪ ،‬وكذا ألاجيرة‬

‫الحامل‪ ،‬حيث أعتبر أن منع فصل ألاجيرات الحوامل ‪ -‬بعد ثبوت تلك بشهادة طبية‪ -‬قاعدة آمرة ال يمكن‬

‫املساس بها تحت ذريعة انخفاض املردودية أو التغيب باستمرار ما دام هذا التغيب مبررا ومرتبطا بحالة‬

‫الحمل‪.354‬‬

‫‪ - 352‬قرار رقم ‪ 323‬في امللف ‪ 12/2112/212‬بتاريخ ‪ ،2112/12/22‬صادر عن محكمة الاستئناف بالرباط‪ ،‬غير منشور‪ ،‬أشار له‪ :‬عبد الواحد‬
‫موالدة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.22‬‬
‫‪ - 353‬حكم املحكمة الابتدائية بالدار البيضاء رقم ‪ ،3213‬ملف اجتماعي عدد ‪ 22/221‬بتاريخ ‪ 22‬أكتوبر ‪ ،1122‬أشار له‪ :‬عبد الواحد‬
‫موالدة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.22‬‬
‫‪ - 354‬عبد الواحد موالدة‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.22/22‬‬

‫‪196‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫ب ‪ -‬حماية السالمة البدنية والصحة النفسية لألجيرة‪:‬‬

‫قد يستغل املغل سلطاته املخولة له لتسيير مقاولته‪ ،‬والتزام ألاخيرة بتنفيذ توجيهاته ليقرض عليها‬

‫بعض التعليمات التي قد تمس بالحقوق ألاساسية املكفولة لها‪ ،‬وبكرامتها التي يتوجب صيانتها‪ ،‬فيس يء‬

‫املشغل معاملتها‪ ،‬مما يشكل تأثيرا على صحتها النفسية‪ ،‬ألامر الذي يطرح مجموعة من التساؤالت عن‬

‫موقف القضاء في ضمان هذه الحقوق‪ ،‬وبالتالي ضمان صحة نفسية سليمة لألجيرات‪.355‬‬

‫وتدخل القضاء املغربي إلقرار هذا الحق ألجيرات‪ ،‬حين اعتبر املجلس ألاعلى أن صدور بعض‬

‫العبارات املشينة من املشغل في حق ألاجيرة من شأنه أن يخل بالتزام املشغل بحسن معاملة ألاجراء‪،‬‬

‫حين اعتبر املجلس ألاعلى أن "تصرف وأقوال املدعى عليها (املشغلة) املوجهة للمدعية (ألاجيرة)‪ ،‬على إثر‬

‫رفضها مسح زجاج الواجهة للصيدلية الذي ال يدخل ضمن اختصاصها (‪ )...‬كما هو ثابت من تصريح‬

‫املسمين (‪ )...‬و (‪ )...‬الواردة بمحضر الضابطة الفضائية‪ ،‬وذلك في الوقت الذي يفرض فيه املشرع على‬

‫املؤاجر حسن املعاملة والتأدب مع ألاجراء‪ ،‬مقابل الطاعة والامتثال لتعليماته وأوامره‪ ،‬وذلك بمقتض ى‬

‫الفصل ‪ 2‬من النظام النموذجي‪ ،‬وبذلك يكون تصرف املدعى عليها وسوء معاملتها للمدعية و أسلوبها غير‬

‫الالئق في توجيه التعليمات لهذه ألاخيرة وإهانتها لها عند تغيير عملها من مشرفة على املداخيل اليومية‬

‫الصيدلية طوال مدة إحدى عشرة سنة إلى منطقة‪ ،‬كلها عناصر ساهمت وشاركت بكيفية غير مباشرة‪،‬‬

‫في استفزاز املدعية وصدور الخطأ عنها‪ ،‬الذي جاء كرد فعل عن سلوك املدعى عليها الخاطئ " ‪.356‬‬

‫‪ - 355‬ملياء العنصري‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.112‬‬


‫‪ - 356‬حكم صادر عن املحكمة الابتدائية بوجدة بتاريخ ‪ ،2112/12/21‬في امللف الاجتماعي عدد ‪ 11/1222‬قرار رقم ‪ ،1322‬منشور في‪:‬‬
‫حسن عابدي‪ ،‬تعديل عقد الشغل على ضوء العمل القضائي‪ ،‬بحث نهاية التمرين‪ ،‬املعهد العالي للقضاء‪ ،‬الفوج ‪ ،31‬موسم التكوين‬
‫‪.2113/2111‬‬

‫‪197‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫ومن جانب آخر‪ ،‬فقد أقر القضاء أيضا بحماية السالمة البينية لألجيرات وألاجراء على حد سواء‪،‬‬

‫وفي ذلك حكم صادر عن املحكمة الابتدائية الزجرية بالدار البيضاء بتاريخ ‪ 2112-12-12‬في امللف الجنحي‬

‫عدد ‪ 2111/12222‬قض ى بمؤاخذة املشغل من أجل جنحة عدم توفير املتطلبات الالزمة لحفظ صحة‬

‫ألاجراء وسالمتهم طبقا للمادتين ‪ 221‬و ‪ 212‬من مدونة الشغل‪ ،‬والحكم عليه بغرامة مالية قدرها ‪211.11‬‬

‫درهم مع الصائر وإلاجبار في ألادنى‪ ،‬وذلك لكونه‪ .‬حسب محضر مفتش الشغل ‪ -‬لم يسهر على أن تكون‬

‫أماكن العمل في نظافة دائمة بعدم وضعه رهن إشارة العمال وسائل لضمان نظافتهم الشخصية‪ ،‬ال‬

‫سيما املغتسالت ومستودعات املالبس‪ ،‬كما أنه لم يحرص على إضاءة املراحيض بضوء منم وتغطية‬

‫أرضيتها وحيطانها بمواد غير نافذة و كذا جعلها في نظافة دائمة‪ ،‬ولم يعمل على أن يضع رهن إشارة‬

‫العمال أقنعة ومعدات مناسبة للوقاية من الغبار والغازات وألابخرة املزعجة واملضرة بالصحة‪ ،‬كما أنه‬

‫لم يسهر على تجهيز مؤسسته بعدد كاف من أجهزة إطفاء الحريق مزودة بقوة كافية‪ ،‬ومحفوظة في حالة‬

‫جيدة لالستعمال ومحتوية على مادة مالئمة لنوع الحريق‪.357‬‬

‫وفي حكم آخر صادر عن الابتدائية الزجرية بالدار البيضاء قض ى بمؤاخذة املشغل من أجل عدم‬

‫منح بطائق الشغل وعدم مسك سجل الانذارات‪ ،‬وعدم إحداث مصلحة طبية دورية‪ ،‬وحكم عليه بغرامة‬

‫مالية قدرها ‪ 21.111‬درهم مع الصائر وإلاجبار في ألادنى‪.358‬‬

‫ومن خالل هذه النماذج من ألاحكام والقرارات القضائية‪ ،‬يتبين أن القضاء املغربي أبدى رغبة‬

‫قوية وواضحة في صحة وسالمة املرأة ألاجيرة‪ ،‬سواء املادية منها أو النفسية‪ ،‬من خالل تأكيد حقوقها‬

‫‪ - 357‬محمد بهير‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.23‬‬


‫‪ - 358‬حكم صادر عن املحكمة الابتدائية الزجرية بالدار البيضاء بتاريخ ‪ 2112/11/23‬تحت عدد ‪ 31122‬في امللف الجنحي عدد ‪،12/22121‬‬
‫حكم غير منشور‪ ،‬أشار إليه‪ :‬محمد بهير‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.22‬‬

‫‪198‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫كأجير بصفة عامة‪ ،‬وكأم بصفة خاصة‪ ،‬وتتخل إلقرار حقوقها ألاساسية وحقوقها الشخصية‪ ،‬وللحفاظ‬

‫على آلاداب العامة وألاخالق الحميدة داخل املقاولة من باب حفظ صحتها التي قد تتأثر ماديا أو معنويا‬

‫في حالة انتهاكات للمقتضيات القانونية في هذا املجال‪.‬‬

‫إال أنه مع ذلك ال يمكن الجزم بنجاعة الحماية القضائية لحقوق املرأة‪ ،‬في ظل غياب إلاقرار‬

‫الصريح في مدونة الشغل واعترافها بحقوق أخرى للمرأة ألاجيرة‪ ،‬بما في ذلك حقها في اختيار اسمها أو‬

‫الاحتفاظ به‪ ،‬وعدم استعمال صورتها إال بإذنها ورضاها‪ ،359‬السيما وأن العمل القضائي في مجال حماية‬

‫صحة املرأة وسالمتها وأضح‪ ،‬ولكن يبقى السؤال مفتوحا حول رهان الرقي بدور القضاء في حماية جميع‬

‫الحقوق املرتبطة باألجرة وصيانة كرامتها أمام الفراغ التشريعي والنقص والقصور التي يحرمها من التمتع‬

‫ببعض هذه الحقوق‪.‬‬

‫‪ - 359‬ملياء العنصري‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.111‬‬

‫‪199‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫خاتمة‪:‬‬
‫حاولنا على امتداد صفحات هذا البحث أن نعالج قدر إلامكان موضوعا حيويا ذا أهمية كبرى‪،‬‬

‫ويتعلق ألامر بالحماية الاجتماعية للمرأة‪ ،‬وذلك باعتبار أن منظومة متكاملة تسعى إلى تكريس هذه‬

‫الحماية‪ ،‬وتدعيم وضعية املرأة اقتصاديا واجتماعيا‪ ،‬وذلك ابتداء من الاتفاقيات الدولية التي تعني‬

‫بشؤون املرأة‪ ،‬مرورا بالتشريع الداخلي الدستور املغربي ومدونة الشغل تم القوانين الخاصة من قبيل‬

‫قانون ‪ 11.12‬الذي شكل خطوة بارزة في طريق تعزيز الحماية املبتغاة‪ ،‬دون أن ننس ى دور املقتضيات‬

‫الزجرية وآلاليات الرقابية على رأسها مفتشية الشغل في ضمان التفعيل السليم ألاحكام التي جاء بها‬

‫القانون‪ ،‬وأخيرا الجهاز القضائي الذي يشكل العنصر ألاكثر أهمية‪ ،‬ويعزى ذلك إلى الحركية التي يتسم‬

‫بها‪ ،‬حيت ينقل هذه املقتضيات الحمائية من حالة الجمود وينزلها إلى أرض الواقع‪.‬‬

‫حيث ال يمكن ملن اطلع على مقتضيات حماية املرأة ألاجيرة إال أن يعترف باملجهود الذي بذلته‬

‫هذه املنظومة في صياغتها‪ ،‬والرغبة القوية للمشرع والقضاء املغربيين في حفظ حقوق املرأة وصيانتها‪،‬‬

‫استجابة للتطورات التي تعرفها املرجعيات القانونية من اتفاقات دولية وتشريعات مقارنة التي تسعى إلى‬

‫ارساء دعائم هذه الحماية‪ ،‬والتي ال يمكن في أي حال من ألاحوال تجاهلها‪ .‬إن هذه الرغبة التي أبداها‬

‫املشرع املغربي ترجمت بالعديد من املقتضيات إلايجابية التي همت ألاجيرة في أحوالها العادية‪ ،‬وألاجيرة‬

‫ذات الاعاقة‪ ،‬وألام ألاجيرة‪ ،‬كما غطت وشملت جميع مراحل الشغل‪ ،‬قبل إبرام عقد الشغل وأثناء‬

‫تنفيذه‪ ،‬حيت كلت لها الحق في الشغل‪ ،‬كحق أساس ي تتفرع عنه باقي الحقوق والامتيازات ألاخرى‪ ،‬والتي‬

‫تتمتع بها كلها على قدم املساواة مع الرجل‪.‬‬

‫‪200‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫وسعى املشرع أيضا إلى تنظيم الظروف املادية الشتغالها بما في ذلك تنظيمه لبعض ألاعمال‬

‫ولظروف التشغيل املتعلقة بها‪ ،‬وتوفير بيئة شغل سليمة‪ ،‬وحرصه على أمنها وسالمتها املهنية أثناء‬

‫ممارستها لعملها بواسطة تدابير حفظ الصحة والسالمة‪ ،‬دون اهماله لصحتها النفسية‪ ،‬وهو ألامر الذي‬

‫يترجم في ضمانه مجموعة من الحقوق ألاساسية وحقوق الشخصية‪ ،‬إضافة إلى محاربة شتى أنواع‬

‫العنف املوجه ضدها‪ ،‬حتى ال تقع ضحية استغالل مشغلها أو زميلها ألاجير أو زبون عملها‪ ،‬وعزز ذلك‬

‫بأجهزة تنفيذية تسهر على تطبيق هذه ألاحكام‪ ،‬وبجزاءات زجرية تطبق على كل من خالفها‪.‬‬

‫كما تم توفير حماية شاملة لألم ألاخيرة‪ ،‬والتي تعيش ازدواجية املسؤولية املهنية والعائلية‪ ،‬حيث‬

‫تم توفير عناية خاصة بها غطت تالت مراحل ابتداء من مرحلة الحمل إلى الوضع والنفاس تم مرحلة‬

‫الرضاع‪.‬‬

‫وإذا كانت هذه الدراسة قد أبانت وكشفت عن املظاهر إلايجابية التي يمتاز بها قانون الشغل في‬

‫حماية املرأة‪ ،‬فإنها أظهرت أيضا العديد من السلبيات والثغرات ومظاهر القصور التي تنال من أهمية‬

‫وفعالية هذا القانون‪ ،‬حيت تبقى مدونة الشغل نسبية ومعرضة في تطبيقها العملي للخرق والتملص‪،‬‬

‫وتجاوزها مما يفرغها من بعض محتواها‪ ،‬فبعض أحكامها ال زالت مشلولة إلى حين صدور نصوص‬

‫تطبيقية لها‪ ،‬ألامر الذي يساعد بعض املشغلين على تحقيق مكاسب مهمة على حساب الفئة النسوية‬

‫التي ترضخ لألمر الواقع‪ ،‬ألنها غالبا ما تكون الطرف الضعيف الذي ينفذ ألاوامر باعتبارها من تعليمات‬

‫املشغل التي ال ينبغي مخالفتها‪.‬‬

‫فالغاية ليست هي تدوين قانون متطور ومتقدم ومقتبس من التشريعات الوضعية الغربية‪ ،‬أو‬

‫التطبيق ألاعمى لالتفاقيات املصادق عليها‪ ،‬ليبقى حبيس الرفوف بدون تطبيق‪ ،‬بل الغاية منه التفعيل‬

‫‪201‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫والتحيين كلما اقتضت الضرورة ذلك من أجل املحافظة على دور النساء داخل مجتمع اقتصادي يعول‬

‫على أفراده من أجل مواكبة الركب الحضاري باملساهمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية املنشودة‪.‬‬

‫ومن تم فإن القانون الذي تطالب به هو الذي يكون من شأنه ضمان الحماية الشاملة كأجيرات‬

‫والعامالت مراعيا كينونتهن ألانثوية والاجتماعية‪ ،‬وأن يغطي كل القطاعات وكل فئات العامالت ويشمل‬

‫املستثنيات من أحكام مدونة الشغل حاليا وأن يضمن حماية عامة ال تنقص عن الحد ألاني املنصوص‬

‫عليه في املواثيق والاتفاقيات الدولية‪ ،‬ومن جهة أخرى أن تعامل بمبدأ املساواة وتكافؤ الفرص‪ ،‬ومنع‬

‫سليها لحقوقها العتبارات قائمة على أساس الجنس‪ .‬وال يمكن ضمان تفعيل كل ذلك إال بالتنصيص على‬

‫دعم هذه الضمانات بعقوبات صارمة من شأنها ردع املشغلين عن كل حرف في حقه‪ .‬وبعدها يأتي دور‬

‫القضاء الذي يفترض فيها التنزيل السليم ملقتضيات هذا القانون‪ ،‬والاجتهاد في سبيل حماية الطرف‬

‫الضعيف‪.‬‬

‫وفي النهاية يبقى السؤال مفتوحا‪ ،‬حول الوقت الذي نحتاج إليه لتوفير قانون متكامل يشمل كل‬

‫العامالت وألاجيرات ويعمل على حمايتهن أمام القوى الاقتصادية الكبرى‪ ،‬وعلى ردع املشغل الذي يعتبر‬

‫الطرف ألاقوى في حلقة الشغل‪ .‬وإن كان من املمكن تحقيق ذلك على املستوى القانوني‪ ،‬فما مدى‬

‫إمكانية التطبيق الفعلي له؟‬

‫" تم بحمد هللا وتوفيقه "‬

‫‪202‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫الئحة املراج ـ ـ ـ ـع‬


‫‪ ‬الكت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـب‪:‬‬

‫‪ -‬أحفوض رشيدة‪ :‬الحماية الاجتماعية لغات ألاجزاء املستثناة من مدونة الشغل‪ ،‬الطبعة ألاولى‪،‬‬

‫‪.2112‬‬

‫أحمد حميوي‪ :‬الوسيط في قانون الشغل املغربي‪ ،‬الجزء ألاول‪ ،‬الطبعة ألاولى ‪.2113‬‬ ‫‪-‬‬

‫إدريس الفاخوري‪ :‬املركز القانوني للمرأة املغربية‪ ،‬مطبعة وجدة‪.2112 ،‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪ -‬إدريس فجر‪ :‬القضاء والسلطة السياسية أي نور القضاء في حماية ألاجيرة املتحجبة‪ ،‬الطبعة‬

‫ألاولى‪.2014،‬‬

‫‪ -‬الحاج الكوري‪ :‬قانون الضمان الاجتماعي‪ ،‬دراسة تحليلية واملقارنة‪ ،‬الطبعة ألاولى‪.2111 ،‬‬

‫‪ -‬ألفباء حقوق املرأة ال عاملة واملساواة بين الجنسين‪ ،‬مكتب العمل الدولي‪ ،‬جنيف‪ ،‬الطبعة الثانية‪،‬‬

‫‪.2112‬‬

‫‪ -‬املختار اعمارة‪ :‬املختصر في قانون الشغل املغربي‪ ،‬فضاء الطباعة‪ ،‬حي السالم سة‪ ،‬الطبعة ألاولة‪،‬‬

‫‪.2111‬‬

‫‪ -‬املركز العربي لحقوق إلانسان في الجوالن‪ ،‬دليل حول حقوق العامل وفق املعايير الدولية لحقوق‬

‫إلانسان والقوانين املحلية‪ ،‬إعداد املحامي أبو جبيل‪ ،‬مطيعة ألارز‪.2112 ،‬‬

‫‪ -‬إليزابيت كريميو ‪ :‬وضعية املرأة في العالم‪ ،‬ترجمة حنان القصبي ومحمد الهتلي‪ ،‬دار توبقال للنشر‪،‬‬

‫الطبعة ألاولى‪.2112 ،‬‬

‫‪203‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫‪ -‬أمينة رضوان‪ :‬مدونة الشغل من خالل الاجتهاد القضائي (دراسة مقارنة)‪ ،‬مطبعة ألامنية‪،‬‬

‫الرباط‪.2016،‬‬

‫جميلة العماري‪ :‬مدخل لدراسة عقد الشغل الفردي‪ ،‬مطبعة سليكي أخوين‪ ،‬الطبعة الثالثة‬ ‫‪-‬‬

‫‪.2112‬‬

‫‪ -‬جميلة املصلى‪ :‬الحركة النسائية في املغرب املعاصر‪ :‬اتجاهات وقضايا‪ ،‬مركز الجزيرة للدراسات‪،‬‬

‫الدار العربية للعلوم الناشرون‪ ،‬الطبعة ألاولى ‪.2113‬‬

‫‪ -‬حبيبة الرحابي‪ :‬الحماية القانونية للعمال املنزليين‪ ،‬دراسة على ضوء الاتفاقية الدولية رقم ‪121‬‬

‫والتوصية رقم ‪ ،211‬قسنطينة‪.‬‬

‫‪ -‬خديجة مقيد‪ :‬في قضايا املرأة وألاسرة واملجتمع‪ ،‬مطيعة النجاح الجديدة‪ ،‬الطبعة ألاولى‪ ،‬الدار‬

‫البيضاء ‪.2015،‬‬

‫‪ -‬خلود السباعي‪ :‬الجسد ألانثوي وهوية الجندر‪ ،‬جداول للنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة ألاولى‪ ،‬مايو ‪.2111‬‬

‫‪ -‬دنيا مباركة‪ :‬قضايا مدونة الشغل بين التشريع والقضاء‪ ،‬سلسلة "سلسلة املعارف القانونية‬

‫والقضائية" دار املعرفة للنشر‪.2112 ،‬‬

‫‪ -‬دنيا مباركة‪ :‬الوضع الحقوقي للمرأة العاملة النساء وتولية الحق والقانون‪ ،‬كرس ي اليونيسكو "املرأة‬

‫و حقوقه"‪ ،‬مطبعة دار الظم‪ ،‬طبعة ‪.2112‬‬

‫‪ -‬ربيع الكرامة‪ :‬قراءة تحليلية نقدية ملشروع القانون ‪ 113.13‬املتعلق بمحاربة العنف النساء‪ ،‬نونبر‬

‫‪.2201‬‬

‫‪ -‬رشيدة بنسرغين‪ :‬املختصر في قانون الشغل املغربي‪ ،‬مطبعة قارع بزي‪ ،‬الطبعة ألاولى‪.2112 ،‬‬

‫‪204‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫‪ -‬عبد الجليل عينوس ي‪ :‬شرح القانون الاجتماعي املغربي (الجزء ألاول‪ :‬تنظيم الشغل)‪ ،‬مطبعة دار‬

‫القلم‪.2017،‬‬

‫‪ -‬عبد الكريم عالي‪ :‬في القانون الاجتماعي املغربي على ضوء مدونة الشغل وأنظمة الحماية الاجتماعي‬

‫و في ظل املستجدات الاقتصادية والتكنولوجية الحديثة‪ ،‬دار القلم للطباعة‪ ،‬الطبعة الرابعة‪،‬‬

‫‪.2111‬‬

‫‪ -‬عبد الطليف الخالفي‪ :‬الوسيط في مدونة الشغل‪ ،‬الجزء ألاول عالقة الشغل الفردية‪ ،‬املطبعة‬

‫والوراقة الوطنية‪ ،‬الطبعة ألاولى ‪.2112‬‬

‫‪ -‬عصام الوراري‪ :‬تعديل عقد الشغل على ضوء العمل القضائي‪ ،‬دار نشر املعرفة‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة‬

‫ألاولى‪.2013 ،‬‬

‫محمد العروص ي‪ :‬املختصر في الحماية الاجتماعية‪ ،‬شركة الخطاب للطباعة‪ ،‬مكناس‪ ،‬الطبعة‬ ‫‪-‬‬

‫ألاولى‪.2009،‬‬

‫‪ -‬محمد أمزيان‪ :‬الحماية القانونية الخادمات املنازل‪ ،‬الطبعة ألاولى‪.2111 ،‬‬

‫‪ -‬محمد الهاشمي التسولی‪ :‬مدونة الشغل بين النظرية والتطبيق في العقود الفردية‪ ،‬الجزء ألاول‪،‬‬

‫املطبعة والوراقة الوطنية‪ ،‬الطبعة ألاولى‪.2111 ،‬‬

‫محمد بنحساين‪ :‬القانون الاجتماعي املغربي‪ ،‬عالقات الشغل الفردية والجماعية‪ ،‬الجزء ألاول‪،‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪.2112‬‬

‫محمد بنحساين‪ :‬حماية حقوق الشخصية في قانون الشغل وفق أخر املستجدات القانونية‪،‬‬ ‫‪-‬‬

‫مطبعة تطوان‪.2015 ،‬‬

‫‪205‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫‪ -‬محمد بنحسين‪ :‬حماية حقوق الشخصية في قانون الشغل باملغرب‪ ،‬سلسلة دراسات قانونية (‪،)1‬‬

‫مطبعة طوب بريس‪ ،‬الطبعة ألاولى‪.2112 ،‬‬

‫‪ -‬محمد بنحساين‪ :‬الضمان الاجتماعي للعمال املغاربية بأوروبا‪ ،‬الطبعة ألاولى‪ ،‬مطبعة طوب بريس‬

‫الرباط‪.2112 ،‬‬

‫محمد بهير‪ :‬الحماية الزجرية لألجير في التشريع املغربي‪ ،‬دراسة تقنية على ضوء مدونة الشغل‬ ‫‪-‬‬

‫والعمل القضائي واملقارن‪ ،‬مطبعة ألامنية‪ ،‬الرياض ‪.2112‬‬

‫‪ -‬محمد سعد جرندي‪ :‬الدليل العملي ملدونة الشغل‪ ،‬قراءة تحليلية نقدية ملقتضيات املدونة مدعمة‬

‫بأهم اجتهادات محكمة النقض‪ ،‬الجزء ألاول‪ ،‬مطيعة صناعة الكتاب‪ ،‬الدار البيضاء‪.2112 ،‬‬

‫‪ -‬محمد سعد جرندي‪ :‬الطرد التعسفي لألجير في ظل مدونة الشغل والقضاء املغربي‪ ،‬مطبعة ألامنية‪،‬‬

‫الرباط‪ ،‬الطبعة الثانية‪.2112 ،‬‬

‫‪ -‬محمد سعيد بناني‪ :‬قانون الشغل باملغرب في ضوء مدونة الشغل‪ :‬عالقات الشغل الفردية‪ ،‬الجزء‬

‫الثالث‪ ،‬مطبعة دار السالم‪ ،‬الرباط طبعة يناير ‪.2111‬‬

‫‪ -‬محمد سعيد بناني‪ :‬قانون الشغل باملغرب في ضوء مدونة الشغل عالقات الشغل الفردية‪ ،‬الجزء‬

‫الثاني مطبعة النجاح‪ ،‬طبعة يناير ‪.2112‬‬

‫‪ -‬محمد سعيد بناني‪ :‬الشغل باملغرب في ضوء مدونة الشغل‪ :‬عالقات الشغل الفردية‪ ،‬الجزء ألاول‪،‬‬

‫مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة ألاولى‪.2112 ،‬‬

‫‪ -‬مصطفى املنتصر‪ :‬مغربيات رائدات‪ ،‬منشورات دار ألامان‪ ،‬مطبعة الكرامة‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة ألاولى‪،‬‬

‫‪.2112‬‬

‫‪206‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫‪ -‬مصطفى حتيتي‪ :‬القانون الاجتماعي‪ :‬عالقات الشغل الفردية‪ ،‬مطبعة سليكي أخوان‪ ،‬طنجة ‪-2112‬‬

‫‪.2112‬‬

‫‪ -‬ندى الناشف‪ :‬أن العرب الارتقاء بمطالبهم بالعدالة الاجتماعية من خالل إتاحة الحماية للعمال‬

‫املستضعفين‪ ،‬من تكون أول دولة عربية ستصادق على اتفاقية العمل التئق للعمال املنزلين‪،‬‬

‫بيروت‪ ،‬مكتب منظمة العمل الدولية إلاقليمية‪.2111 ،‬‬

‫نادية النحلي‪ :‬الحق في الصحة بالوسط املنهي في مدونة الشغل‪ ،‬جمعية نشر املعلومة القانونية‬ ‫‪-‬‬

‫والقضائية‪ ،‬مطيعة أليت‪ ،‬الرباط‪.2111 ،‬‬

‫يحيى صافي‪ :‬ألاجراء واملشغلون الحقوق والالتزامات املتبادلة‪ ،‬مطبعة ربانيت ماروك ‪.2112‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪ ‬ألاطروحات والرسائل‪:‬‬
‫‪ -0‬ألاطروحات الجامعية‪:‬‬

‫‪ -‬أنس سعدون‪ :‬وضعية املرأة املغربية على ضوء منهاج عمل بيجين‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في‬

‫القانون الخاص‪ ،‬وحدة التكوين والبحث قانون ألاسرة املغربي واملقارن‪ ،‬جامعة عبد املالك السعدي‪،‬‬

‫كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية بطنجة‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2112 -2112‬‬

‫‪ -‬يوصنبورة مسعود‪ :‬الحماية الجنائية للعمل‪ ،‬أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في العلوم القانونية‪،‬‬

‫جامعة منتوری‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم القانونية والادارية قسنطينة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬السنة الجامعية‪،‬‬

‫‪.2111 -2112‬‬

‫‪207‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫‪ -9‬الرسائل الجامعية ‪:‬‬

‫‪ -‬عادل املشاشتى‪ :‬حماية ألاجير في مواجهة سلطات املغل وضمانات حقوق إلانسان بين الاتفاقيات‬

‫الدولية ومدونة الشغل‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم املاستر املهن القانونية والقضائية‪ ،‬جامعة عبد املالك‬

‫السعدي‪ ،‬كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2112 /2112‬‬

‫‪ -‬خديجة بو عود‪ :‬منع التمييز بين الجنسين على ضوء مدونة الشغل ‪ -‬دراسة مقارنة ‪ ،‬بحت لنيل‬

‫دبلوم املاستر القانون املدني وألاعمال‪ ،‬جامعة عبد املالك السعدي‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬

‫والاقتصادية والاجتماعية بطنجة‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2112-2112‬‬

‫‪ -‬سكينة بوجدرية‪ :‬آلاليات الوطنية ملناهضة العنف ضد املرأة‪ ،‬خلية التكفل بالنساء وألاطفال‬

‫ضحايا العنف – نموذجا‪ ، -‬بحت لنيل دبلوم املاستر لحقوق إلانسان‪ ،‬جامعة عبد املالك السعدي‪،‬‬

‫كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2112 –2112 :‬‬

‫‪ -‬بن حرية هدي‪ :‬الحماية القانونية للمرأة ألاجيرة‪ ،‬يحت لنيل دبلوم املاستر في القانون الخاص‪،‬‬

‫ماستر القانون املدني وألاعمال‪ ،‬جامعة عبد املالك السعدي‪ ،‬كلية العلوم القانونية والاقتصادية‬

‫والاجتماعية بطنجة‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2112 -2113:‬‬

‫ملياء العنصري‪ :‬صحة وسالمة املرأة ألاجيرة‪ ،‬أية حماية في ظل مدونة الشغل‪ ،‬بحت لنيل دبلوم‬ ‫‪-‬‬

‫املاستر في العلوم القانونية‪ ،‬تخصص قانون ألاعمال‪ ،‬جامعة محمد الخامس أڭدال‪ ،‬كلية العلوم‬

‫القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالرباط‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2113 – 2112‬‬

‫‪208‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫‪ -‬عبد العزيز الخمليش ي‪ :‬مدى فعالية الحماية القانونية لصحة ألاجزاء داخل مؤسسة الشغل‪ ،‬بحث‬

‫لنيل دبلوم املاستر القانون املدني وألاعمال‪ ،‬جامعة عبد املالك السعدي‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬

‫والاقتصادية والاجتماعية بطنجة‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2113 – 2112‬‬

‫‪ -‬غزالن الثاني‪ :‬حماية املرأة ألاجيرة في مدونة الشغل املغربية‪ ،‬بحت لنيل دبلوم املاستر في القانون‬

‫الخاص‪ ،‬ماستر القانون املدني وألاعمال‪ ،‬جامعة عبد املالك السعدي‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬

‫والاقتصادية والاجتماعية بطنجة السنة الجامعية‪.2113 – 2112 :‬‬

‫‪ -‬عفاف البوعنانی‪ :‬الحماية القانونية للعمل املنزلي في ظل مشروع قانون رقم ‪ ،11.12‬بحت لنيل‬

‫دبلوم املاستر تخصص قانون ألاعمال‪ ،‬جامعة محمد الخامس أڭدال‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬

‫والاقتصادية والاجتماعية الرباط‪ ،‬السنة الجامعية‪.2113-2112 :‬‬

‫‪ -‬عبد إلاله الخنوس‪ :‬الفئات املحمية في قانون الشغل ‪ -‬النساء وألاحداث نموذجا ‪ ،‬بحت لنيل دبلوم‬

‫املاستر في القانون الخاص‪ ،‬القانون املدني وألاعمال‪ ،‬جامعة عبد املالك السعدي‪ ،‬كلية العلوم‬

‫القانونية والاقتصادية والاجتماعية طنجة‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2112 – 2111‬‬

‫‪ -‬حنان أسوان ‪ :‬وضعية املرأة العاملة في ظل مدونة الشغل املغربية‪ ،‬يحت لنيل ديبلوم املاستر في‬

‫العلوم القانونية‪ ،‬تخصص قانون ألاعمال‪ ،‬جامعة محمد الخامس أڭدال‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬

‫والاقتصادية والاجتماعية بالرباط‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2111-2111‬‬

‫‪ -‬ملياء السوس ي‪ :‬عمل املرأة وأبعاده الاقتصادية والاجتماعية‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا‬

‫املسمنة في القانون العاص‪ ،‬وحدة التكوين والبحث قانون ألاسرة املغربي واملقارن‪ ،‬جامعة عبد‬

‫‪209‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫املالك السعدي‪ ،‬كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة‪ ،‬السنة الجامعية ‪-2111‬‬

‫‪.2111‬‬

‫‪ -‬عبد املنعم أكدي‪ :‬الحماية القانونية لذوي الاحتياجات الخاصة‪ ،‬يحت لنيل دبلوم املاستر في‬

‫القانون ا لخاص‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬السويس ي‪ ،‬كلية العلوم القانونية والاقتصادية‬

‫والاجتماعية‪ ،‬الرباط‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2011 – 2010‬‬

‫‪ -‬محمد أنوار يوسف‪ :‬التزام املشغل بحفظ صحة ألاجزاء وسالمتهم‪ ،‬بحث لنيل دبلوم املاستر في‬

‫العلوم القانونية‪ ،‬تخصص قانون ألاعمال‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬

‫والاقتصادية والاجتماعية بالرباط‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2111 – 2111‬‬

‫‪ -‬مالك عواد‪ :‬حماية حقوق ألاجيرات في قانون الشغل املغربي‪ ،‬بحث لنيل دبلوم املاستر في القانون‬

‫الخاص‪ ،‬ماستر قانون ألاعمال واملقاوالت‪ ،‬جامعة محمد الخامس السويس ي‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬

‫والاقتصادية والاجتماعية بالرباط‪ ،‬يوليوز ‪.2111‬‬

‫‪ -‬أمل وديع‪ :‬تشغيل ذوي الاحتياجات الخاصة‪ :‬أية حماية في ضوء مدونة الشعل‪ ،‬بحت لنيل دبلوم‬

‫املاستر في القانون الخاص‪ ،‬جامعة محمد الخامس أڭدال‪ ،‬كلية العلوم القانونية والاقتصادية‬

‫والاجتماعية‪ ،‬الرباط السنة الجامعية ‪.2111-2111:‬‬

‫‪ -‬أفيالل الطريبق حنان‪ :‬وضعية خادمات البيوت القاصرات وآليات املعالجة‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم‬

‫املاستر في القانون الخاص‪ ،‬جامعة عبد املالك السعدي‪ ،‬كلية العلوم القانونية والاقتصادية‬

‫والاجتماعية بطنجة‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2111-2111‬‬

‫‪210‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫‪ -‬مريم الزغيعي ‪ :‬مظاهر الحماية ألاسرية في تشريعات العمل دراسة مقارنة‪ ،‬لنيل دبلوم الدراسات‬

‫العليا املعمة‪ ،‬جامعة محمد ألاول‪ ،‬كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بوجدة‪ ،‬السنة‬

‫الجامعية ‪.2009 -2008‬‬

‫‪ -‬عمرو بنعلی ‪ :‬حظر التمييز ضد املرأة في مدونة الشغل حراسة مقارنة ‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات‬

‫العليا املعمقة في القانون الخاص‪ ،‬وحدة التكوين والبحث في تشريعات ألاسرة و الهجرة‪ ،‬جامعة‬

‫محمد ألاول‪ ،‬كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بوجدة‪ ،‬السنة الجامعية ‪– 2112‬‬

‫‪.2111‬‬

‫‪ -‬أحالم شميعة‪ :‬الوضعية الاجتماعية والقانونية لختم البيوت دراسة على ضوء املشروع " الطفالت‬

‫الصغيرات نموذجا"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا املعمقة في القانون الخاص‪ ،‬جامعة سيدي‬

‫محمد بن عبد هللا‪ ،‬كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بفاس‪ ،‬السنة الجامعية‬

‫‪.2111-2112‬‬

‫‪ -‬منى سرتاني‪ :‬الحماية القانونية لألم ألاجيرة في القانون الاجتماعي املغربي‪ ،‬بحت لنيل دبلوم املاستر‬

‫في القانون الخاص‪ ،‬جامعة الحسن الثاني‪ ،‬كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالدار‬

‫البيضاء‪ ،‬السنة الجامعية‪.2112-2112 :‬‬

‫‪ -‬عبد السالم مفرج‪ :‬الوضعية القانونية لختم البيوت في التشريع املغربي واملقارن‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم‬

‫الدراسات العليا املعمقة في القانون الخاص‪ ،‬جامعة عبد املالك السعدي‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬

‫والاجتماعية بطنجة‪ ،‬السنة الجامعية‪.2112 –2112 :‬‬

‫‪211‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫‪ -‬فاطمة أنوار‪ :‬الحماية القانونية لعمال الصناعة التقليدية‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في‬

‫القانون الخاص‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية‬

‫بالرباط‪ ،‬السنة الجامعية ‪.1112:‬‬

‫‪ -3‬البحوث‪:‬‬

‫عديل الهنوف‪ :‬صوابني عبد إلاله‪ ،‬دور القضاء الاجتماعي في حماية ألاجير‪ ،‬بحت نهاية التدريب‬ ‫‪-‬‬

‫باملعهد العالي للقضاء‪ ،‬الرباط‪ ،‬الفوج ‪ ،32‬فترة التدريب‪.2111 – 2112 :‬‬

‫‪ -‬عبد الواحد موالدة‪ :‬حماية ألاجيرة في ضوء الاتفاقيات الدولية ومدونة الشغل‪ ،‬بحث نهاية التمرين‬

‫باملعهد العالي للقضاء الفوج ‪ ،32‬موسم التكوين‪.2111 – 2112 :‬‬

‫‪ ‬املجالت‪:‬‬

‫‪ -‬حقوق املرأة العاملة في فلسطين‪ ،‬دليل إرشادي من طرف اللجنة الوطنية لتشغيل النساء ومنظمة‬

‫العمل الدولية‪.2112 ،‬‬

‫‪ -‬أمينة رضوان‪ :‬جزاء مخالفة النظام العام في قانون الشغل‪ ،‬مقال منشور بمجلة قضاء محكمة‬

‫النقض‪ ،‬العدد ‪.2112/22‬‬

‫املجلة املغربية لإلدارة املحلية والتنمية‪( ،‬سلسلة نصوص ووثائق)‪ ،‬قانون الشغل والتشغيل‬ ‫‪-‬‬

‫القانون الدولي والقانون الوطني‪ ،‬الجزء ألاول‪ ،‬الطبعة ألاولى‪ ،‬عن ‪.2112 ،222‬‬

‫‪ -‬مصطفى الطايل‪ :‬املقتضيات الزجرية لحماية املرأة والبحث في مدونة الشغل‪ ،‬مجلة امللف‪ ،‬العدد‬

‫‪ 21‬فبراير ‪.2113‬‬

‫‪212‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫‪ -‬حقوق العمال‪ ،‬حقوق إلانسان‪ ،‬نشرة شهرية تهتم بشؤون العمال‪ ،‬العدد السادس‪ ،‬فلسطين‪،‬‬

‫‪.2112‬‬

‫‪ -‬شالية النحلی‪ :‬سمات التنظيم القانوني لعمل املرأة في قانون الشغل املغربي‪ ،‬مجلة القانون املغربي‪،‬‬

‫العدد ‪ ،13‬مارس ‪.2111‬‬

‫‪ -‬جميلة العماري‪ :‬املرأة وق الشغل‪ :‬أية حماية‪ ،‬مجلة الفقه والقانون‪.2111 ،‬‬

‫‪www.majalah.news.ma‬‬

‫بشرى العلوي‪ :‬العنف املسلط على املرأة بعد انتهاكا لحقوق انتهاكا لحقوق الانسان‪ ،‬مجلة الودادية‬ ‫‪-‬‬

‫الحسنية للقضاة‪ ،‬العدد ألاول‪ ،‬أبريل ‪.2111‬‬

‫‪ -‬بشرى العلوي‪ :‬املرأة العاملة بين املسؤولية املهنية وألاسرية‪ ،‬مجلة املحاكم املغربية‪ ،‬عند ‪،111‬‬

‫مارس أبريل ‪.2111‬‬

‫‪ -‬بشرى العلوي ‪ :‬تعامل مدونة الشغل مع الاتفاقيات الدولية‪ ،‬املجلة املغربية إلالكترونية لندوات‬

‫محاكم فاس‪ ،‬عدد خاص عن مدونة الشغل‪ ،‬عدد ‪.2112 ،2‬‬

‫امللكي حسين‪ :‬الحماية الخاصة لألمومة ‪ /‬ألاجيرة الحامل من خالل مستجدات قانون مدونة‬ ‫‪-‬‬

‫الشغل ‪ ،22.11‬مجلة رسالة املحاماة‪ ،‬عدد ‪ ،22‬يونيو ‪.2112‬‬

‫‪ -‬مراد القدري‪ :‬الحماية التشريعية للمرأة والطفل في مدونة الشغل الجديدة‪ ،‬مجلة امللف‪ ،‬العدد‬

‫السادس‪ ،‬ماي ‪.2112‬‬

‫‪ -‬عبد الكريم غالي‪ :‬مساهمة مدونة الشغل في حماية الشخص املعاق‪ ،‬مجلة القانون املغربي‪ ،‬العدد‬

‫‪ ،2‬مارس ‪.2112‬‬

‫‪213‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫محمود سالمة‪ :‬الحماية الدولية والعربية للمرأة العاملة‪ ،‬مجلة الحقوق‪ ،‬مجلس النشر العالمي‪،‬‬ ‫‪-‬‬

‫جامعات الكويت‪ ،‬العدد الثاني‪ ،‬يونيو ‪.1111‬‬

‫‪ -‬عزيز التيجيني‪ :‬نظام التكوين املنهي باملغرب‪ ،‬مجلة عالم التربية‪ ،‬العدد ‪ ،2‬سنة ‪.1112‬‬

‫‪ -‬عبد اللطيف خالفي‪ :‬استقاللية الشغل بين الواقع والطموح‪ ،‬مجلة املرافعة‪ ،‬العدد ‪ ،2‬ماي ‪.1113‬‬

‫‪ -‬عبد هللا العلوي‪ :‬املرأة في قانون الشغل املغربي‪ ،‬مجلة املحامي‪ ،‬العدد غير متوفر‪.‬‬

‫إدريس فجر‪ :‬دور القضاء في حماية الحريات ألاساسية املرأة املتحجبة نموذجا منبر الدراسات‬ ‫‪-‬‬

‫والتعليق على ألاحكام القضائية‪ ،‬العدد ‪.2‬‬

‫‪ ‬املقاالت‪:‬‬

‫‪ -‬حصة املرأة في سوق العمل في املغرب‪ ،‬مقالة إلكترونية‪ ،‬قناة العربية‪.2112 ،‬‬

‫‪ -‬نادية بنحمزة‪ ،‬التحرش املعنوي في العمل‪ ،‬مقالة إلكترونية‪ ،‬موقع الجمهورية اليوم‪ 12 ،‬نونبر ‪،2112‬‬

‫الجزائر‪.‬‬

‫‪ -‬قانون عمال املنازل يدخل حيز التنفيذ أكتوبر ‪( 2112‬مقالة إلكترونية)‪2112 ،‬‬

‫‪www.mowatine.com‬‬

‫‪ -‬القانون املتعلق بتحديد شروط شغل وتشغيل العمال املنزليين يدخل حيز التنفيذ (مقالة إلكترونية)‪،‬‬

‫‪2112‬‬

‫‪www.maroc.ma‬‬

‫‪ -‬تفاصيل املرسومين املتعلقين بالعمال املنزليين‪ ،‬حزب العدالة والتنمية‪ ،‬مقالة إلكترونية‪ ،‬أكتوبر‬

‫‪.2112‬‬

‫‪214‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫‪www.pjd.ma‬‬

‫‪ -‬الحماية القانونية للمرأة العاملة على ضوء قانون العمل الليبي‪ ،‬مقالة إلكترونية‪.2112 ،‬‬

‫‪www.barakapress.com‬‬

‫‪ -‬املعيشة في النمسا والعمل بها‪ ،‬إدارة التوظيف العام بالنمسا " ‪.2016 ،AMS‬‬

‫حق املرأة في العمل في املواثيق الدولية‪ ،‬ورقة عمل بالدوحة‪.2112 ،‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪ -‬محمد حموي‪ :‬مشروع قانون العمال املنزليين يرى النور بعد طول انتظار‪ ،‬بيان اليوم‪ ،2111 ،‬مقالة‬

‫إلكترونية ‪www.maghress.com :‬‬

‫‪ -‬عبد الغني اسنينة‪ :‬قراءة في مستجدات مدونة الشغل الجديدة‪ ،‬مقالة‪ ،‬الناظور ‪.2112‬‬

‫‪ -‬عبد النور إدريس‪ :‬املرأة ومدونة الشغل ‪ ...‬مقاربة سوسيولوجية‪( ،‬مقالة إلكترونية)‪.2112-11-31 ،‬‬

‫‪ -‬عدنان بونان‪ :‬القانون الاجتماعي‪ ،‬مقال بجريدة القانونية‪ ،‬جريدة إلكترونية‬

‫‪www.alkanounia.com‬‬

‫‪ -‬هدی برهان‪ :‬حق الكرامة إلانسانية من حقوق الانسان‪ ،‬مقالة إلكترونية‪.‬‬

‫مقالة إلكترونية‪www.maghress.com/essouranews/2232 :‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪ -‬مصدق عادل طالب‪ :‬دور منظمتي العمل الدولية والوطنية في حماية حقوق العمال‪.‬‬

‫‪ ‬الندوات و ألايام الدراسية‪:‬‬

‫‪ -‬امتثال املغرب لحقوق ألاشخاص ذوي إلاعاقة‪ ،‬منظمة مناصري حقوق إلانسان ومنظمة امرأة‪،‬‬

‫الدورة الثامنة عشر للجنة حقوق ألاشخاص ذوي إلاعاقة‪.2112 ،‬‬

‫‪215‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫‪ -‬املجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي‪ ،‬مشروع رقم ‪ 11.12‬بتحديد شروط الشغل والتشغيل‬

‫املتعلقة بالعمال املنزليين‪ ،‬اململكة املغربية‪.‬‬

‫‪ -‬مكتب العمل الدولي‪ ،‬الحماية الفعالة للعمال املنزليين‪ ،‬دليل لوضع قوانين العمل‪ ،‬الطبعة ألاولى‬

‫جنيف‪ ،‬منظمة العمل الدولية ‪.2112‬‬

‫‪ -‬خوان سومافيا‪ :‬العمل الالئق للعمال املنزليين ‪ -‬تمهيد‪ ،‬منظمة العمل الدولية‪ ،‬مؤتمر العمل الدولي‪،‬‬

‫الاتفاقية رقم ‪ 121‬والتوصية رقم ‪ 211‬حول العمل العنق لعمال املنزليين ‪ ،2111‬الطبعة ألاولى‬

‫‪.2112‬‬

‫‪ -‬منظمة العمل العربية‪ ،‬ملحق مشروع اتفاقية العمل الدولية بشأن العمل القلق للعمال املنزليين‪،‬‬

‫تقرير نتائج أعمال الدورة (‪ )11‬ملؤتمر العمل الدولي‪ ،‬جنيف‪ ،‬يونيو ‪.2111‬‬

‫‪ -‬جميلة العماري‪ :‬مشاكل البيئة العربية وآفاق تطوير هاء أشغال امللتقى الخامس للمرأة العربية‪ ،‬دور‬

‫املرأة العربية في التنمية املستدامة‪ ،‬الرباط ‪ 1212‬نونبر ‪ ،2112‬الطبعة ألاولى ‪.2111‬‬

‫‪ -‬محمد سعيد بناني‪ :‬الخاصيات الجديدة في مدونة الشغل ومنطلقاتها اللقاء القضائي املغربي إلاسباني‬

‫الثالث بين املجلس ألاعلى باململكة املغربية واملجلس العام للسلطة القضائية باململكة إلاسبانية‪،‬‬

‫الرباط ‪ 22-22‬نوفمبر ‪.2112‬‬

‫‪ -‬التقرير ألاول ملكتب العمل الدولي‪ ،‬زمن املساواة في العمل‪ ،‬الدورة ‪ ،11‬طبع في سويسرا‪ ،‬الطبعة‬

‫ألاولى ‪.2003‬‬

‫‪ -‬حماية ألامومة في العمل‪ ،‬مؤتمر العمل الدولي‪ ،‬الدورة ‪ ،22‬التقرير الخامس‪ ،‬مكتب العمل الدولي‪،‬‬

‫جنيف ‪.1111‬‬

‫‪216‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫‪ -‬حماية ألامومة في العمل‪ ،‬مراجعة اتفاقية حماية ألامومة (رقم ‪ )113‬والتوصية رقم (‪ ،)12‬التقرير‬

‫الخامس‪ ،)2( ،‬مؤتمر العمل الدولي‪ ،‬الدورة ‪ ،1111 ،22‬مكتب العمل الدولي‪ ،‬جنيف‪ ،‬الطبعة ألاولى‬

‫‪-‬طبيح عيد الكبيرة العنف ضد النساء في املجتمع املغربي‪ :‬أية حماية (نموذج القانون الجنائي)‪،‬‬

‫أعمال اليوم الدراس ي املنظم من طرف الجمعية املغربية لحقوق النساء حول " العنف ضد النساء"‪،‬‬

‫‪ 22‬يونيو ‪ ،1112‬الدار البيضاء‪.‬‬

‫‪ -‬الحماية القانونية للمرأة العاملة‪ ،‬ورقة بحثية‪ ،‬امللتقى الدولي حول املركز القانوني والسياس ي للمرأة‬

‫في التشريعات املغاربية في ظل التشريعات املحنة‪ ،‬جامعة محمد الصديق بنيحي‪ ،‬جيجل‪.‬‬

‫‪217‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫الفهرس‬

‫مقدمة ‪1 ----------------------------------------------------------------------------------------------------------‬‬

‫الفصل األول‪ :‬الحماية االجتماعية للمرأة بين مضامين المواثيق الدولية والمبادئ الحقوقية المكرسة في مدونة‬
‫الشغل لحماية الطرف الضعيف ‪11 -------------------------------------------------------------------------------‬‬

‫المبحث األول‪ :‬حماية المرأة األجيرة على ضوء مدونة الشغل واالتفاقيات الدولية ‪11 -----------------------------‬‬
‫المطلب األول‪ :‬صيانة الحقوق األساسية للمرأة األجيرة ‪13 --------------------------------------------------------‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬ضمان حق المرأة في العمل‪14 --------------------------------------------------------------------‬‬
‫أوال‪ :‬الحق في العمل في المواثيق الدولية ‪15 ---------------------------------------------------------------------‬‬
‫ثانيا‪ :‬حق المرأة في العمل في القوانين الداخلية ‪19 ---------------------------------------------------------------‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬حماية حقوق المرأة الشخصية ‪24 ------------------------------------------------------------------‬‬
‫أوال‪ :‬حق األجرة في الزواج واختيار المظهر ‪25 -----------------------------------------------------------------‬‬
‫ثانيا‪ :‬حق األجيرة في السالمة البدنية واحترام حياتها الخاصة ‪31 -------------------------------------------------‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬صيانة الحقوق النفسية والمعنوية لألجيرة ‪37 ------------------------------------------------------‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬منع التمييز ضد المرأة األجيرة ‪38 ----------------------------------------------------------------‬‬
‫أوال‪ :‬المساواة بين الجنسين في الشغل قبل إبرام عقد الشغل ‪38 ---------------------------------------------------‬‬
‫ثانيا‪ :‬المساواة بين الجنسين عند تنفيذ عقد الشغل ‪42 --------------------------------------------------------------‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬حماية األجيرة من العنف المعنوي وصيانة حقها في الكرامة ‪48 ------------------------------------‬‬
‫أوال‪ :‬صيانة حق األجيرة في الكرامة ومناهضة العنف الموجه ضدها ‪48 -----------------------------------------‬‬

‫‪218‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫ثانيا‪ :‬التحرش الجنسي والتحرش المنوي إهدار لكرامة األجيرة ‪56 -----------------------------------------------‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬الحماية االجتماعية لحقوق األجيرة المرتبطة بكينونتها كأنثى ‪66 ---------------------------------‬‬
‫المطلب األول‪ :‬تدابير الحماية الخاصة باألمومة في المواثيق الدولية والقوانين الداخلية ‪68 -------------------------‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬الحقوق المكفولة لألجيرة أثناء فترة الحمل وعند الوضع ‪68 ----------------------------------------‬‬
‫أوال‪ :‬حماية صحة األجيرة الحامل ‪69 ----------------------------------------------------------------------------‬‬
‫ثانيا‪ :‬حق األجيرة في إجازة الوضع وفترة اإلرضاع ‪74 ----------------------------------------------------------‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬حماية حق األجيرة األم في األجر والعمل ‪79 -------------------------------------------------------‬‬
‫أوال‪ :‬حماية حق األجيرة األم في األجر ‪79 -----------------------------------------------------------------------‬‬
‫ثانيا‪ :‬الحماية من الفصل بسبب األمومة ‪83 -----------------------------------------------------------------------‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬حماية األجيرات على مستوى ظروف التشغيل ‪90 -------------------------------------------------‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬قيود تشغيل األجيرات ‪91 -------------------------------------------------------------------------‬‬
‫أوال‪ :‬األشغال الممنوعة على األجيرات ضمانا للحماية المكفولة لهن ‪91 ------------------------------------------‬‬
‫ثانيا‪ :‬الشغل الليلي للنساء بين الحظر والتنظيم‪95 -----------------------------------------------------------------‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬الضمانات القانونية لمالءمة شغل األجيرات ذوات إعاقة ‪101 --------------------------------------‬‬
‫أوال‪ :‬شروط تشغيل األجيرات ذوات اإلعاقة ‪102 ----------------------------------------------------------------‬‬
‫ثانيا‪ :‬تنظيم ظروف تشغيل األجيرات المعاقات ‪106 -------------------------------------------------------------‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬امتداد الحماية االجتماعية للمرأة إلى بعض الفئات المستثناة من مدونة الشغل‪ ،‬ودور المقتضيات‬
‫الزجرية واآلليات الرقابية والقضائية في تفعيل هذه الحماية ‪111 -----------------------------------------------‬‬

‫المبحث األول‪ :‬الحماية االجتماعية للفئات المستثناة من مدونة الشغل وضيق نطاق الحماية لبعض الفئات‬
‫األخرى ‪111 ----------------------------------------------------------------------------------------------------‬‬

‫المطلب األول‪ :‬الحماية القانونية للعامالت المنزليات على ضوء المعايير الدولية وقانون ‪ 11.11‬المنظم ‪111 -----‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬وضعية العامالت المنزليات على مستوى المعايير الدولية ومدونة الشغل ‪117 ---------------------‬‬
‫أوال‪ :‬وضعية العامالت المنزليات في القانون الدولي والتشريعات المقارنة ‪118 ----------------------------------‬‬
‫ثانيا‪ :‬وضعية العامالت المنزليات في ظل مدونة الشغل ‪126 -----------------------------------------------------‬‬

‫‪219‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬مظاهر الحماية االجتماعية للعامالت المنزليات ‪129 -----------------------------------------------‬‬


‫أوال‪ :‬الحماية االجتماعية من خالل قانون ‪ 19.12‬المنظم ‪130 ---------------------------------------------------‬‬
‫ثانيا‪ :‬وضعية العامالت المنزليات على مستوى نظامي الضمان االجتماعي والتعويض عن حوادث الشغل ‪136 ---‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الحماية االجتماعية لعامالت القطاع التقليدي الصرف ‪141 ----------------------------------------‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬وضعية العامالت في القطاع التقليدي الصرف ‪142 -----------------------------------------------‬‬
‫أوال‪ :‬مفهوم القطاع التقليدي الصرف ‪142 -----------------------------------------------------------------------‬‬
‫ثانيا‪ :‬مظاهر القصور الحتمي للعامالت بالقطاع التقليدي الصرف ‪145 -------------------------------------------‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬قصور الحماية االجتماعية لعامالت القطاع التقليدي الصرف وآفاق تعزيزها ‪148 ------------------‬‬
‫أوال‪ :‬وضعية العامالت بالقطاع التقليدي الصرف على مستوى نظام الضمان االجتماعي ‪149 --------------------‬‬
‫ثانيا‪ :‬أفاني تعزيز الحماية االجتماعية وتحسين الوضعية القانونية للعامالت بالقطاع التقليدي الصرف ‪152 -------‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬تدعيم الحماية الزجرية للمرأة األجيرة بالمقتضيات الزجرية‪ ،‬ودور األجهزة الرقابية في تفعيل هذه‬
‫الحماية ‪111 ----------------------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫المطلب األول‪ :‬الحماية الزجرية للمرأة األجيرة ‪158 --------------------------------------------------------------‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬دور الحماية الزجرية في ضمان الحقوق األساسية لألجيرة ‪159 -----------------------------------‬‬
‫أوال‪ :‬ضمان الحقوق االقتصادية والمادية لألجيرة ‪159 -----------------------------------------------------------‬‬
‫ثانيا‪ :‬ضمان الحقوق الشخصية للمرأة األجيرة ‪162 --------------------------------------------------------------‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬عقوبات اإلخالل بأحكام تشغيل األجيرات ‪166 -----------------------------------------------------‬‬
‫أوال‪ :‬عقوبات اإلخالل بأحكام األمومة ‪167 ----------------------------------------------------------------------‬‬
‫ثانيا‪ :‬عقوبات اإلخالل بظروف التشغيل ‪171 --------------------------------------------------------------------‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬دور القضاء وأجهزة الرقابة االجتماعية في حماية المرأة ‪176 -------------------------------------‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬مفتشية الشغل وطبيب الشغل‪ ،‬أي دور في تفعيل الحماية االجتماعية للمرأة ‪177 -------------------‬‬
‫أوال‪ :‬وظيفة مفتشية الشغل في حماية األجيرة ‪177 ---------------------------------------------------------------‬‬
‫ثانيا‪ :‬آلية طب الشغل في حماية صحة األجيرات ‪182 ------------------------------------------------------------‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬حماية القضاء االجتماعي لحقوق المرأة األجيرة ‪188 ----------------------------------------------‬‬
‫أوال ‪ :‬مظاهر الحماية القضائية للمرأة على مستوى حقوقها األساسية والشخصية ‪188 ----------------------------‬‬
‫ثانيا‪ :‬التدخل القضائي في مجال حماية الصحة البدنية والنفسية لألجيرة وحماية حقها في األمومة ‪194 ------------‬‬

‫‪220‬‬
‫‪ -‬الحماية االجتماعية للمرأة بين النص القانوني والتعامل القضائي‪-‬‬

‫خاتمة‪111 ----------------------------------------------------------------------------------------------------- :‬‬

‫الئحة المراجــــــــــــع‪111 --------------------------------------------------------------------------------------‬‬

‫‪221‬‬

You might also like