You are on page 1of 15

‫التفويض اإلدارى‬

‫يعنى التفويض اإلدارى فى مفهومه العام أن يعهد رئيس إدارى بجانب من اختصاصاته إلى بعض‬
‫مرؤوسيه ‪ ،‬يمارسونها تحت رقابته ‪ ،‬ومع عدم تخليه عن هذه االختصاصات ‪.‬‬
‫ومعنى ذلك أن التفويض يكون من رئيس إدارى إلى أحد أو بعض مرؤوسيه أى أنه تفويض إلى أسفل ‪،‬‬
‫على أن التفويض يمكن أيضا ً أن يكون إلى موظف إدارى فى مستوى مماثل لمستوى الرئيس الذى‬
‫يفوض ‪ ،‬والتفويض من ناحية أخرى ال يعنى التنازل أو التخلى عن االختصاص ‪ ،‬فالرئيس المفوض يحتفظ‬
‫بالحق فى ممارسة العمل الذى كان محالً للتفويض‪ ،‬ويتمتع بحق متابعة أعمال المرؤوس‪ J‬المفوض‬
‫ومراقبتها ‪ ،‬ويظل مسئوالً عن هذا االختصاص أمام رؤسائه ويجوز له فى أى وقت سحب التفويض أو‬
‫انهاؤه أو تعديله ‪.‬‬
‫والتفويض بذلك أسلوب لتوزيع السلطة اإلدارية وتقليل التركيز اإلدارى ‪ ،‬على أنه يختلف عن إجراءات قد‬
‫تقترب منه ‪ ،‬كالحلول واإلنابة والوكالة ‪ ..‬الخ ‪ ،‬على ما سنرى ‪.‬‬
‫والتفويض كعملية إدارية يتحلل إلى عدة عناصر ‪ ،‬وتتمثل هذه العناصر التى يتكون منها التفويض ‪،‬‬
‫والمتضمنة فى مفهومه ‪ ،‬فى ثالث ‪ :‬واجبات تسند إلى المرؤوس ‪ ،‬وسلطة تمكنه من أدائها ‪ ،‬ومسئوليته‬
‫عن هذا األداء تجاه الرئيس ‪.‬‬

‫اوالً ‪ -:‬عناصر التفويض‬

‫‪ -1‬الواجبات ‪: Duties‬‬
‫بمقتضى التفويض يعهد الرئيس إلى المرؤوس بأداء واجبات معينة ‪ ،‬سواء فى صورة نشاط يؤديه أو فى‬
‫صورة نتائج محددة ليعمل على تحقيقها ‪ ،‬وميزة هذه الطريقة الثانية أنها توضح للمفوض إليه مهمة‬
‫واضحة محددة ‪ ،‬وتحمله على أن يبذل قصارى جهده للوصول إلى النتيجة وتمكن الرئيس وأجهزة الرقابة‬
‫من التعرف على مدى ما تحقق من إنجاز لألهداف والنتائج المطلوبة على أن استخدام هذه الطريقة يتطلب‬
‫أن تكون نتائج األعمال قابلة للقياس ‪.‬‬

‫‪ -2‬السلطة ‪:‬‬

‫فأداء الواجبات الموكولة إلى المرؤوس‪ J‬يقتضى تزويده بالسلطة التى تمكنه من إنجازها ‪ ،‬وبدون إعطاء‬
‫المفوض بواجب معين القدر من السلطة المناسبة ‪ ،‬فلن يستطيع القيام به ‪ ،‬وال يقتصر مدلول السلطة على‬
‫السلطة القانونية التى تتمثل فى القدرة على إصدار قرارات ملزمة ‪ ،‬وعلى توقيع الجزاء عند مخالفتها ‪..‬‬
‫وإنما تشمل كذلك سائر اإلمكانيات المادية والبشرية الالزمة لإلنجاز ‪ .‬فيدخل فى نطاقها توفير االعتمادات‬
‫المالية ‪ ،‬وتهيئة مكان وأدوات العمل ‪ ،‬والعدد الالزم من الموظفين ‪ ،‬إلى جانب سلطة إصدار القرارات‬
‫الملزمة وتوقيع الجزاءات ‪.‬‬
‫وإزاء لزوم السلطة إلنجاز الواجبات ‪ ..‬فإن تفويض الواجبات وتفويض السلطة يتالزمان وجوداً ‪ ،‬واألصل‬
‫كذلك أن يكونا متالزمين مقداراً ‪ .‬إذ يلزم أن تكون السلطة المفوضة على قدر الواجب المفوض حتى يتمكن‬
‫المفوض إليه من أدائه على خير وجه ‪ ،‬على أن مقدار السلطة الالزم يختلف بحسب شخصية المرؤوس‪J‬‬
‫المفوض إليه ‪ ،‬فمرؤوس يتمتع بالكفاءة والصفات القيادية يستطيع بكفاءته أن يسد النقص فى سلطاته ‪..‬‬
‫بينما صاحب سلطة آخر ال يعرف – رغم كفايتها – كيف يستعملها أو يتهيب استعمالها ‪ ،‬فتبدو غير كافية ‪.‬‬

‫‪ -3‬المسئولية ‪:‬‬
‫مع التفويض تظل مسئولية الرئيس عن العمل ‪ ،‬كما تتولد عن التفويض مسئولية جديدة على عاتق المفوض‬
‫إليه تجاه الرئيس ‪ ،‬فالرئيس يظل مسئوالً عن العمل الذى فوضه ‪ :‬يملك إنهاء التفويض ‪ ،‬ويكون مسئوالً‬
‫عن إنجاز المرؤوس ‪ ،‬ومن هنا قيل إن المسئولية ال تفوض وال تتأثر بالتفويض ‪ ،‬وعلى ذلك ‪ ..‬فإن‬
‫التفويض ينصرف إلى الواجبات والسلطة ‪.‬‬
‫وبقاء مسئولية الرئيس أمر منطقى طالما أنه هو الذى رغب فى التفويض ‪ ،‬وطالما أنه يملك تعديله‬
‫وتقييده ‪ ،‬أو إنهاءه ‪ ،‬ولذا ‪ ..‬تستمر مسئولية الرئيس ولو أخطأ المرؤوس فى استعمال السلطة المخولة له ‪،‬‬
‫فإن رئيسه يكون مسئوالً عما يترتب على هذا الخطأ أمام المنظمة باعتبار أنه لم يحسن التقدير بتفويض‬
‫سلطات ال تتناسب والقدرة الفعلية للمرؤوس‪ ، J‬وألنه لم يحسن اإلشراف على مباشرة المرؤوس‪ J‬للسلطات‬
‫المفوضة له على الوجه السليم ‪ ،‬و طالما أن حسن التفويض هو أحد الجوانب األساسية لسلطة الرئيس‬
‫‪.‬وللرئيس أن يعيد النظر فى التفويض الممنوح منه طبقا ً لمدى نجاح العمل ‪ ،‬وطبقا ً لحسن مباشرة السلطات‬
‫المفوضة لهم ‪ ،‬والقول بأن التفويض يشمل الواجبات والسلطة والمسئولية ‪ ،‬يكون من شأنه – فى الواقع –‬
‫نقل االختصاص ذاته من وظيفة أخرى بما يخل بالتسلسل اإلدارى ‪ ،‬ويغير من وضع وظيفة كل من‬
‫الرئيس والمرؤوس ‪.‬‬
‫فالتفويض يعنى أن يعهد الرئيس إلى المرؤوس بجزء من اختصاصاته ‪ ،‬يمارسها تحت إشراف الرئيس ‪،‬‬
‫ومسئوليته ‪ ،‬والتفويض – من ناحية أخرى – تتـــــولد عنه مســــئولية جــــديدة ‪ ،‬هى مسئولية المرؤوس‪، J‬‬
‫أى المفوض له ‪ ،‬تجاه رئيسه ‪ ،‬وتكون هذه المسئولية على قدر السلطة المفوضة‪ ،‬وليس على قدر الواجبات‬
‫موضوع التفويض ‪ ،‬وإذا جاز للمرؤوس أن يفوض السلطة المفوضة إليه ‪ ،‬وإذا تكرر ذلك فى المستويات‬
‫األدنى ‪ ..‬فإن كل مرؤوس يكون مسئوالً عن السلطة المفوضة إليه تجاه رئيسه ‪ ،‬ويكون كل رئيس مسئوالً‬
‫عن إنجاز كل المسئولين فى المستويات األدنى مهما توالت ‪ ،‬وعلى ذلك ‪ ..‬يكون الوزير مثالً مسئوالً عن‬
‫العمل أصغر موظف فى وزارته ‪ ،‬وإن لم تكن هذه مسئولية جنائية أو مدنية ‪ ..‬فإنها يمكن أن تثير المسئولية‬
‫اإلدارية ‪ ،‬والمسئولية السياسية ( أمام البرلمان فى صورة توجيه أسئلة واستجوابات ‪ ،‬وسحب ثقة ‪ ..‬الخ ) ‪،‬‬
‫وفى القليل مسئولية أدبية ‪.‬‬
‫ثانيا ً – قواعد التفويض ‪:‬‬
‫يمكن إجمال القواعد واألحكام العامة واألساسية للتفويض فيما يلى ‪:‬‬

‫‪ -1‬األصل فى التفويض أن يكون جزئيا ً ‪ ،‬وذلك نتيجة أن االختصاص هو وظيفة ‪ ،‬وليس حقا ً ‪ ،‬أو امتيازاً‬
‫شخصيا ً حتى يتنازل الرئيس عن ممارسة اختصاصه لغيره ‪ ،‬ولذا فإذا جاز التفويض ‪ ..‬فإنه يلزم أن يكون‬
‫فى مسائل معينة ‪ ،‬أما التفويض الشامل فإنه يكون تخليا ً من الرئيس عن اختصاصه ‪.‬‬
‫وللتفويض ( الجزئى ) صور وأشكال مختلفة ‪ ،‬فقد يأخذ شكل التفويض الكامل للسلطة ( فى مسألة أو‬
‫مسائل معينة ) أى دون وضع قيود أو ضوابط على سلطة المرؤوس‪ ، J‬وقد يكون تفويضا ً بجزء من‬
‫السلطة‪ ،‬كالتفويض الذى يقتصر على مهمة التحضير أو اإلعداد ‪ ،‬أو التفويض المقترن بوجوب الرجوع‬
‫إلى الرئيس للحصول على الرأى أو التوجيه فى األمور الهامة ‪.‬‬

‫‪ -2‬النص اآلذن بالتفويض ‪ ،‬حيث يلزم إلجراء التفويض وجود نص قانونى يأذن به ‪ ،‬وذلك باعتبار أن‬
‫األصل هو الممارسة الشخصية لالختصاص الذى حدده القانون ‪ ،‬فال يجوز لصاحب االختصاص أن‬
‫يفوض فيه ما لم يرد نص يأذن به ‪ ،‬وهذا المبدأ مطبق فى مصر وفرنسا ‪ ..‬أما فى الواليات المتحدة‬
‫األمريكية فإن األصل هو جواز التفويض من مدير المنظمة ‪ ،‬ما لم يمنعه من ذلك نص خاص ‪ ،‬ويرجع‬
‫ذلك إلى اختالف أساس التنظيم اإلدارى األمريكي واختالف مفهوم التفويض بالتالى ‪.‬‬
‫فالتنظيم اإلدارى بالواليات المتحدة األمريكية يقوم على تركيز السلطة اإلدارية فى رئيس الجمهورية ‪،‬‬
‫فالرئيس األمريكى هو صاحب السلطة التنفيذية تتجمع فيه اختصاصاتها والوحدات اإلدارية األخرى تحوز‬
‫اختصاصات مشتقة من اختصاصاته ‪ ،‬ويتمتع رؤساء تلك الوحدات بسلطتهم بتفويض منه ‪ ،‬هذا مع استثناء‬
‫الهيئات المستقلة التى تتبع الكونجرس وليس الرئيس وكذلك يستمد الموظفون فى داخل الوزارات‪ J‬سلطتهم‬
‫من الوزير بتفويض منه ‪ ،‬سواء فى ذلك موظفو العاصمة أو الفروع فى األقاليم ‪ .‬وليس هناك ما يمنع –‬
‫بالطبع – من أن يصدر قانون خاص يخول بعض السلطات مباشرة إلى بعض فئات الموظفين ‪ ،‬إال أن‬
‫األصل أن السلطة اإلدارية فى األجهزة اإلدارية األمريكية تتركز قانونا ً ‪ ،‬وبصفة عامة فى يد رئيس‬
‫الجهاز ‪ ،‬ويستمد مرؤوسوه اختصاصاتهم عادة بتفويضات من الرئيس ‪ ،‬وليس من القانون مباشرة‪.‬‬
‫‪ -3‬تفويض التفويض ‪ :‬من المتفق عليه –بصفة عامة – أنه ال يجوز للمرؤوس المفوض إليه أن يعيد‬
‫تفويض السلطة المفوضة إليه إلى من هم أدنى منه فى هيكل السلم اإلدارى ‪ ،‬ذلك ألن الرئيس اإلدارى‬
‫يفوض جزء من سلطاته ليباشر تحت إشرافه ‪ ،‬ويظل مسئوالً عن ممارسته ‪ ،‬ولذا ‪ ..‬فمن المنطقى أال‬
‫يتوالى التفويض حتى ال تتأثر قدرة الرئيس على المتابعة و اإلشراف والتوجيه ‪ ،‬وحتى ال تضيع المسئولية‬
‫بين عدد من اإلداريين ‪ ،‬كما أنه يلزم حتى ينجح التفويض ويحقق الغرض منه أن يراعى الرئيس – قبل‬
‫إجراء التفويض – مدى كفاءة المرؤوس المفوض إليه وقدرته على أداء الواجبات واستخدام السلطات‬
‫المفوضة إليه ‪،‬وهذا يقتضى أال يقوم المرؤوس بتفويض االختصاصات المفوضة إليه إلى غيره ‪.‬‬

‫على أن كتاب اإلدارة العامة يجيزون للمرؤوس تفويض غيره فيما فوض فيه ‪ ،‬إذا صرح له بذلك فى قرار‬
‫التفويض الصادر له ‪.‬‬
‫ومن ناحية أخرى ‪ ..‬فإن ذلك ال يمنع المرؤوس‪ J‬المفوض إليه من أن يلجأ هو بدوره إلى تفويض بعض‬
‫سلطاته األصلية لألسباب التى تدعو إلى التفويض ‪ ،‬خاصة وأنه قد ينوء بمباشرة جميع سلطاته األصلية ‪،‬‬
‫عالوة على السلطات المفوضة إليه ‪.‬‬

‫‪ -4‬عدم جواز التفويض فى المسائل الهامة ‪ :‬يذكر كتاب اإلدارة العامة عدة موضوعات يجب على الرئيس‬
‫اإلدارى األعلى أن يمارسها بنفسه ‪ ،‬بحيث ال يجوز التفويض فيها ‪ ،‬ومنها المسائل المالية ‪ ،‬والتصرف‪ J‬فى‬
‫الميزانية ‪ ،‬وتوزيع بنودها ‪ ،‬واقتراح التغيير فى السياسة العامة للمنظمة ‪ ،‬والتغيرات الكبرى فى طرائق‬
‫العمل وإجراءاته ‪ ،‬والتعيين فى الوظائف األساسية والكبرى فى اإلدارة ‪ ،‬ورفع التقارير والتوصيات إلى‬
‫الجهات العليا ( كرئيس الدولة والبرلمان ) ‪ ،‬والتصديق على قرارات المرؤوسين المباشرين فى الحاالت‬
‫التى تحتاج إلى تصديق ‪ ،‬والنظر فى التظلمات من تصرفاتهم ‪ ،‬والقرارات الكبرى المتعلقة بالتنظيم‬
‫الداخلى للمنظمة أو بعالقاتها بالمنظمات األخرى ‪.‬‬

‫على أن هذه الموضوعات التى ال يجوز التفويض فيها ال يمكن تحديدها على سبيل الحصر ‪ ،‬وهى أمور‬
‫نسبية تختلف من منظمة إلى أخرى ‪ ،‬بل تختلف داخل المنظمة الواحدة تبعا ً لظروفها وظروف البيئة التى‬
‫تعمل فيها ‪ .‬وال يمكن القول بأن الموضوعات المذكورة تستعصى كلها بحسب طبيعتها ‪ ،‬وفى كل الظروف‬
‫على أن تكون محالً للتفويض‪.‬‬
‫‪ -5‬وضوح حدود التفويض‪ :‬يجب أن يكون التفويض واضحا ً ومحدداً حتى يكون المرؤوس متفهما ً لواجباته‬
‫وسلطاته ومسئولياته ‪ .‬وهذا من شأنه منع النزاع أو سوء الفهم عند ممارسة السلطات المفوضة ‪ ،‬وذلك‬
‫بإرساء أسس عالقات واضحة محددة سواء بين الرئيس والمرؤوسين أو بين المرؤوسين المفوض إليهم‬
‫بعض االختصاصات فيما بينهم ‪ ،‬أو بين المنظمة والجمهور أو المنظمات األخرى ‪ .‬ولذا يستحسن أن يكون‬
‫التفويض كتابيا َ ال شفويا ً ‪ ،‬وإذا ما تكشفت الممارسة عن أخطاء أو قصور أو غموض فى التفويض ‪ ،‬كان‬
‫على الرئيس إعادة النظر فى التفويض وتعديله إلصالح األخطاء أو جالء الغموض ‪ ،‬كما أن له أن ينهى‬
‫التفويض إذا وجد أن المصلحة العامة تقتضى ذلك ‪ ،‬أو لعدم قدرة المرؤوس على مباشرة السلطة المفوضة‬
‫إليه ‪ ،‬أو إن أساء استعمالها ‪.‬‬

‫‪ -6‬التفويض من أعلى إلى أسفل ‪ :‬بمعنى أن التفويض بطبيعته هو تخويل الرئيس بعض سلطاته لمن هم‬
‫أدنى منه فى التدرج اإلدارى ‪ ،‬وذلك تخفيفا ً للتركيز الشديد للسلطات عند قمة الجهاز اإلدارى حتى يتفرغ‬
‫الرئيس ألداء مهامه الرئيسية متخففا ً من األعمال األقل أهمية التى قد تعوقه عن أداء تلك المهام الرئيسية ‪،‬‬
‫ولذا ‪ ..‬يكون التفويض من أعلى إلى أسفل ‪ ،‬عــلى أنه يمكن أحيانا ً أن يكون التفويض لمن هو فى مستوى‬
‫مماثل لمستوى الرئيس المفوض ‪.‬‬

‫إال أنه ال معنى ألن يكون التفويض من أسفل إلى أعلى ‪ ،‬أى من المرؤوس إلى رئيسه ‪ ،‬خاصة وأن‬
‫التفويض يفترض – على ما تقدم – استمرار مسئولية الرئيس عن ممارسة االختصاص المفوض ‪ ،‬وهو ما‬
‫يعنى حقه فى المتابعة واإلشراف والتوجيه والرقابة ‪ ،‬وهى أمور ال يتصور االعتراف بها للمرؤوس على‬
‫أعمال رئيسه ‪ ،‬وليس من المحتم أن يكون التفويض للمرؤوس المباشر ‪ ،‬أى للمستوى األدنى فى هيكل‬
‫السلم اإلدارى ‪ .‬فليس ثمة ما يمنع من أن ينزل التفويض عن هذا المستوى ‪ ،‬وذلك نظراً لقلة أهمية المسألة‬
‫موضوع التفويض ‪ ،‬وللسرعة الواجبة فى اتخاذ القرار ‪ ،‬ومدى اتصال المرؤوسين فى مستوى معين‬
‫بجمهور المنتفعين بخدمات المرفق ‪ ،‬وإلمامهم باحتياجاته ‪ ،‬وبالحقائق التى تمكنهم من اتخاذ القرارات ‪.‬‬
‫فالقرارات ينبغى أن تتخذ أقرب ما يمكن إلى موضع التنفيذ ‪ ،‬فضالً عن مراعاة مدى قدرة المرؤوس‬
‫المفوض إليه ومهارته الشخصية وكفاءته ‪ ،‬كما يكون نزول التفويض – على هذا النحو – مقبوالً بالنسبة‬
‫لإلدارات الخارجية للوزارة ‪ ،‬فيفوض الوزير بعض اختصاصاته إلى رؤساء ومديرى اإلدارات التابعة‬
‫لوزارته فى األقاليم ‪ ،‬تحقيقا ً للسرعة والقرب من منبع الحاجة بالنسبة لبعض القرارات ‪.‬‬
‫على أنه أيا كان األمر ‪ ..‬فإنه يجب أن يحدد المستوى الذى ينزل إليه التفويض أو الذى يجب أن يقف عنده‬
‫بالدقة الكافية ‪ ،‬كما يجب مراعاة المبادئ األساسية للتنظيم واإلدارة العامة ‪ ،‬ومنها فى هذا المقام مبدأ وحدة‬
‫الرئاسة ‪ ،‬فينبغى أال يؤدى التفويض إلى تعدد الرئاسات ‪ ،‬بالنسبة للمرؤوس الواحد إال فى أضيق الحدود‬
‫وذلك أن من مبادئ التنظيم وحدة األمر الذى يعنى أن المرؤوس‪ J‬يجب أن يتلقى أوامره من رئيس واحد ‪،‬‬
‫منعا ً لوقوع التضارب أو التعارض فى األوامر الصادرة إلى نفس المرؤوس ‪ ،‬وعلى ذلك ‪ ..‬ففى حالة‬
‫التفويض الصادر من رئيس إلى مرؤوس ال يليه مباشرة فى خط السلطة ‪ ..‬فإنه يلزم أال يرد هذا التفويض‬
‫على أمور تتصل بنطاق واجبات أو سلطات الرئيس المباشر للمفوض إليه ‪ ،‬فمثل هذا التفويض ال يؤدى‬
‫فقط إلى الخروج على مبدأ وحدة الرئاسة واألمر ‪ ،‬حيث يتلقى المرؤوس األوامر من رئيسه المباشر ومن‬
‫الرئيس األعلى ‪ ..‬بل قد يترتب عليه قلب نظام تدرج السلطة ‪ ،‬بإعطاء المرؤوس‪ – J‬عن طريق التفويض –‬
‫سلطة أعلى أو سلطة رقابية على رئيسه المباشر‪.‬‬

‫‪ -7‬مراعاة مبادئ التنظيم اإلدارى ‪ :‬بصفة عامة إنه يلزم فى التفويض ( حتى ولو كان للمرؤوس المباشر )‬
‫عدم التعارض مع المبادئ العامة للتنظيم اإلدارى ‪ ،‬ومنها وحدة الرئاسة واألمر ‪ ،‬فيجب أال يؤدى التفويض‬
‫إلى تعدد الرئاسات ‪ ،‬بالنسبة للمرؤوس الواحد ‪ ،‬إال فى أضيق الحدود ‪ ،‬على ما تقدم ‪ ،‬ويتعارض مع هذا‬
‫المبدأ أن يتلقى المرؤوس‪ J‬تفويضا ً من جهتين رئاسيتين بشأن عمل واحد ‪ ،‬ولذا ‪ ..‬فإنه ال يجوز أن يفوض‬
‫المرؤوس من قبل أكثر من رئيس إال في أضيق الحدود ‪ ،‬نظراً لما يترتب عليه من اضطراب العمل‬
‫وارتباك المرؤوس‪ J‬إزاء أوامر قد تكون متناقضة ‪ ،‬عالوة على ما قد ينشب من خالف بين الرئيس األعلى‬
‫والرئيس المباشر ‪ ،‬بشأن عدم تنفيذ تعليمات كليهما‪.‬‬
‫ومن ناحية أخرى ‪ ..‬إذا تعددت التفويضات من الرئيس الواحد ألكثر من مرؤوس وجب التنسيق بينهم ‪،‬‬
‫بحـــيث يختص كل منهم بقطاع معين أو بقطاعات متكاملة ‪ ،‬أو بمنطقة معينة ‪ ،‬منعا ً لتضارب‬
‫االختصاصات أو ازدواج األنشطة ‪.‬‬

‫ثالثا ً – معوقات التفويض ‪:‬‬


‫يقابل التفويض في العمل صعوبات ومشاكل تقلل من اإلفادة منه ‪ .‬وقد تمنع تحقق مزاياه ‪ ..‬بل قد تجعله‬
‫يتمخض عن مساوئ ومضار لعمل المنظمة اإلدارية ‪ ،‬وإن لم يتم معالجة تلك المعوقات ‪ ،‬ومن هذه‬
‫المعوقات ما يرجع إلى الرئيس اإلدارى ‪ ،‬ومنها ما يرجع إلى المرؤوس ‪ ،‬ومنها ما يرجع إلى عوامل‬
‫وظروف أخرى ‪ ،‬وهو ما نبينه فيما يلى ‪:‬‬

‫معوقات ترجع إلى الرئيس اإلدارى ‪:‬‬

‫وتتمثل أهم تلك المعوقات فيما يلى ‪:‬‬


‫‪ -1‬ميل بعض الرؤساء اإلداريين إلى االستئثار بالسلطة وعدم تفويضها بسبب حب السيطرة ‪ ،‬أو روح‬
‫األنانية والخوف من أن يضعف التفويض مركزهم في المنظمة ‪ ،‬أو الحرص على المسائل الصغيرة‪ J‬لعدم‬
‫قدرته على التصدى للمسائل الكبيرة ‪.‬‬
‫‪ -2‬عدم الثقة في المرؤوسين ‪ ،‬وعدم االطمئنان إلى قدرتهم على أداء العمل المفوض إليهم على خير وجه ‪،‬‬
‫سواء كان ذلك عن اعتقاد خاطئ ‪ ،‬أو كان راجعا ً إلى عدم تدريب المرؤوسين على تحمل المسئوليات‬
‫الجديدة‪.‬‬
‫‪ -3‬الجهل بأحكام وقواعد التفويض ‪ ،‬وعدم إدراك مزاياه وفوائده ‪ ” ،‬والناس أعداء ما جهلوا “‪.‬‬

‫معوقات ترجع إلى المرؤوسين ‪:‬‬

‫‪ -1‬ضعف بعض المرؤوسين ‪ ،‬وعدم ثقتهم في النفس ‪ ..‬مما يدفعهم إلى رهبة الرؤساء وتقديسهم ‪،‬‬
‫والرجوع إليهم في كل األمور ‪ ،‬تهيبا ً وخوفا ُ من المسئولية ‪ ،‬وهو سلوك يغرى بعض الرؤساء بالتمسك‬
‫بالسلطة وتوسيع دائرة السيطرة على المرؤوسين ‪.‬‬
‫‪ -2‬ضعف ثقة المرؤوسين في رؤسائهم وعدم اطمئنانهم إلى مسلكهم ‪ ،‬وهذا ما يدفع المرؤوسين إلى السلبية‬
‫واالستكانة خوفا ً من تصيد الرؤساء ألخطائهم ‪ .‬وعدم الثقة في تخويل الرؤساء لهم السلطة الكافية ألداء‬
‫الواجبات المفوضة ‪.‬‬
‫‪ -3‬كثرة أعباء المرؤوس في عمله األصلى ‪ ،‬أو كثرة أعبائه الخارجية التى قد تشغله خاصة إذا كانت‬
‫مجزية له من الناحية المادية أو األدبية ‪ ،‬هذا فضالً عن مشاكله االجتماعية أو الصحية ‪.‬‬
‫‪ -4‬المفاهيم والسلوكيات الخاطئة كالرغبة في االحتفاظ بالصداقة مع الزمالء في العمل ‪ ،‬مما يدفع بعض‬
‫المرؤوسين إلى التردد في قبول التفويض بما يخوله من سلطة وما يفرضه من أعباء ‪.‬‬
‫‪ -5‬عدم وجود نظام للحوافز المادية أواألدبية يشجع المرؤوسين‪ J‬على قبول األعباء الجديدة ومسئولياتها ‪.‬‬

‫معوقات مختلفة ‪:‬‬

‫وإلى جانب المعوقات والصعوبات المتقدمة ‪ ،‬توجد صعوبات متفرقة ال ترجع إلى الرؤساء أو المرؤوسين‬
‫وحدهم ‪ .‬ومن أهم هذه المعوقات والصعوبات االعتبارات السياسية المختلفة ‪ ،‬ومدى تأثيرها على سير‬
‫اإلدارة العامة ‪ ،‬وعدم إدراك المبادئ األساسية للتنظيم واإلدارة العامة وطبيعة عمل المنظمة اإلدارية‬
‫ومدى حاجاتها إلى التفويض ‪ ،‬وحجم المنظمة اإلدارية ‪ ،‬فالمنظمة اإلدارية الكبيرة تكون في حاجة أكبر من‬
‫المنظمة الصغيرة‪ J‬لعملية التفويض للقضاء على التركيز في السلطات ‪ ،‬وما يسببه من تعقيدات ومشاكل ‪.‬‬
‫رابعا ً – عالج معوقات التفويض ‪:‬‬
‫يمكن إجمال أهم وسائل العالج فيما يلى ‪:‬‬

‫( أ ) عالج المعوقات الراجعة إلى الرؤساء ‪:‬‬


‫‪ -1‬ضرورة العمل على تغيير الفهم الخاطئ للتفويض لدى الرؤساء الذين ينظرون إلى التفويض على أنه‬
‫إقرار بعدم قدرة الرئيس على تحمل المسئولية والتخوف من ممارسة السلطة أو أنه يصم الرئيس الذى‬
‫يفوض سلطاته بالضعف ‪ ،‬أو يقلل من هيبته ‪ ،‬ويجب لذلك االهتمام بتدريب وتثقيف القادة اإلداريين ‪،‬‬
‫وإيضاح مزايا التفويض ‪ ،‬باعتباره وسيلة فعالة لحسن سير العمل اإلدارى من أجل تحقيق أهداف التنظيم ‪،‬‬
‫وأنه ال يمثل انتزاعا ً لبعض سلطاته ‪ ،‬وال انتقاصا ً من كرامته ‪ ،‬وال يعنى عدم كفاءته وقدرته على اإلدارة ‪،‬‬
‫وإيضاح الحقائق أمام الرئيس اإلدارى من شأنه إدراك أن العكس هو الصحيح ‪ ،‬فرفض التفويض يؤدى‬
‫إلى إضعاف مركز الرئيس ألنه يصبح عاجزاً عن إنجاز كل األعمال والمهام المسندة إليه ‪ .‬ويلزم إفهام‬
‫الرؤساء اإلداريين أن مهمتهم ليست التصدى لكل صغيرة وكبيرة ‪ ،‬وإنما تتمثل هذه المهمة األساسية في‬
‫المسائل الكبرى والهامة ‪ ،‬من تخطيط ورسم سياسة عامة ‪ ،‬وإشراف وتوجيه ‪ ،‬ومتابعة ‪ ،‬وتنسيق ‪ ،‬وغيره‬
‫من المهام األساسية ‪ .‬أما عوامل األنانية وحب االستئثار بالسلطة والسيطرة والغرور ‪ ،‬وغيرها من‬
‫االنحرافات التى تصم شخصية الرئيس فإنه يمكن لعلم النفس أن يكون له دور هام في إصالحها ‪.‬‬
‫‪ -2‬وجوب العمل على تغيير نظرة الرؤساء إلى المرؤوسين من شك وعدم ثقة في كفاءتهم وقدرتهم عــلى‬
‫مـــباشرة مـا يعهد إليهم من مهام إلى تفهم واحترام متبادل بين الرئيس والمرؤوس‪ ، J‬ذلك أن التفويض ال‬
‫يتحقق الهدف منه إال إذا تقبله المرؤوسون‪ ، J‬وهذا ال يتحقق إال في ظل ثقة الرئيس في مرؤوسيه ‪ ،‬وثقته‬
‫في قدرته على استخدام وسائل المتابعة واإلشراف والرقابة على المهام المفوضة إلى مرؤوسيه ‪ ،‬مما يسمح‬
‫باالطمئنان على حسن أداء هذه المهام وإنجازها ‪.‬‬
‫‪ -3‬يجب أن براعى في اختيار القيادات اإلدارية مدى قدرتهم على ممارسة مهام القيادة وتوافر صفات‬
‫وخصائص القائد اإلدارى فيهم ‪ ،‬كالقدرة على التوقع ‪ ،‬وإيجاد الحلول للمشاكل ‪ ،‬وإيمان بالهدف وبإمكانية‬
‫تحقيقه ‪ ،‬والقدرة على التعامل مع األفراد بما يتطلبه ذلك من قدرة على بناء عالقات طيبة مع الجميع ‪،‬‬
‫وكفاءته في إبراز وتطوير القدرات الكامنة لدى مرؤوسيه وكفاءته وقدرته على االتصال الفعال ‪ ،‬وكفاءته‬
‫في ممارسة الرقابة للتحقق من إنجاز األعمال المفوضة على أفضل وجه والتقييم المستمر للقدر من السلطة‬
‫المفوضة ‪ ،‬ومتابعة موضوعية لسلوك المفوضين والتدخل للتصحيح ‪ ،‬بل يمكنه االتصال الفعال وحسن‬
‫التوجيه واإلشراف والمتابعة من كشف األخطاء وتفاديها قبل وقوعها من أجل إنجاح التفويض ‪.‬‬
‫( ب ) عالج المعوقات التى ترجع إلى المرؤوسين ‪:‬‬
‫‪ -1‬تدريب المرؤوسين على كيفية إنجاز المهام واألعمال المفوضة إليهم على خير وجه وعلى تحمل‬
‫المسئولية وكيفية مواجهة المشاكل ‪ ،‬فالتفويض يعمل على الوصول إلى أفضل النتائج وتحقيق األهداف‬
‫ويؤدى بذلك إلى نجاح التفويض ‪ ،‬كما أن هذا النجاح يعمل بدوره على القضاء على تشكك الرؤساء في‬
‫قدرات مرؤوسيهم ‪ ،‬ويزيد من ثقتهم فيهم ‪.‬‬
‫‪ -2‬وضع نظام للحوافز المادية واألدبية التى تمنح للعاملين األكثر كفاءة وامتيازاً في إنجاز األعمال والمهام‬
‫المفوضة لهم ‪ .‬األمر الذى يشجعهم ويثير الحماس فيهم إلنجاز األعمال الموكولة إليهم بسرعة وإتقان ‪.‬‬

‫( ج ) وسائل عامة لمعالجة معوقات التفويض ‪:‬‬


‫وإلى جانب وسائل عالج المعوقات الراجعة إلى الرئيس أو المرؤوس‪ J‬المفوض إليه ‪ ،‬ثمة عدة وسائل عامة‬
‫لمعالجة صعوبات ال ترجع إلى الرئيس بمفرده أو المرؤوسين وحدهم ‪ ،‬وفى مقدمتها ‪:‬‬
‫‪ -1‬تطبيق المبادئ العامة في التنظيم على المنظمات والهيئات اإلدارية المختلفة كمبدأ وحدة األمر ‪،‬‬
‫والتناسب بين السلطة والمسئولية ‪ ،‬وضرورة تحديد الواجبات والمسئولية بدقة ‪ ،‬وقاعدة التخصص ‪ ،‬ذلك‬
‫ألن نجاح التفويض يتوقف على فهم المبادئ األساسية للتنظيم واإلدارة العامة حتى يتأكد االقتناع بالمزايا‬
‫التى يحققها التفويض إلنجاز أهداف المنظمة اإلدارية ‪ ،‬وبالتالى ‪ ..‬المساهمة في تنفيذ الخطة العامة للدولة‪.‬‬
‫‪ -2‬العمل على زيادة الوعى واإلدراك بأهمية إنجاز أهداف المنظمة اإلدارية ‪ ،‬وما يؤدى إليه من تحقيق‬
‫المصلحة العامة ‪ ،‬وذلك بزيادة مشاعر اإلخالص واالنتماء للمنظمة اإلدارية ‪ ،‬والتفانى والصدق في أداء‬
‫العمل لدى جميع العاملين ‪ ،‬وخلق روح الفريق‪.‬‬
‫‪ -3‬توفير البيانات والمعلومات والحقائق الالزمة ألداء الواجبات وإتاحتها بالقدر وفى الوقت المناسبين ‪،‬‬
‫بحيث يمكن المفوضين‪ J‬من إنجاز المهام المفوضة إليهم هذا مع إيجاد وسائل اتصال فعالة بين الرئيس‬
‫والمرؤوسين ‪ ،‬ذلك أن التفويض الفعال يتطلب تدفقا ً سليما ً للمعلومات بين الرئيس ومرؤوسيه ‪ ،‬ليتمكن‬
‫المفوض إليهم من الحصول على المعلومات الالزمة عند اتخاذ القرار ‪ ،‬وليتمكنوا من تفسير السلطة‬
‫المفوضة لهم وفهمها فهما ً صحيحا ً وليتمكن الرئيس‪ J‬اإلدارى من مواجهة المشاكل ‪ ،‬وإزالة الصعوبات التى‬
‫تنشا ً أثناء التطبيق ‪ .‬وكلما كانت وسائل االتصال بين الرئيس‪ J‬ومرؤوسيه سريعة واضحة ‪ .‬كلما شجعه ذلك‬
‫على تفويضهم السلطات الكافية إلنجاز المهام المفوضة إليهم وزاد تشجيعه لهم على قبول المسئولية‬
‫واالرتفاع إلى مستواها‪.‬‬

‫خامسا ً – التمييز بين التفويض وعمليات مقاربة ‪:‬‬


‫‪ -1‬التفويض والالمركزية‪: J‬‬
‫في الالمركزية يكون توزيع السلطة بين وحدات إدارية مستقلة تتمتع بالشخصية المعنوية – على ما تقدم –‬
‫أم التفويض ‪ ..‬فال يتصل بتوزيع السلطة بين هيئات مستقلة عن بعضها ‪ ،‬وإنما يوزع االختصاص بين‬
‫أعضاء سلطة واحدة ‪ ،‬بحيث تكون ألعضاء هذه السلطة في المستويات األدنى سلطة البت في بعض‬
‫األمور دون الرجوع إلى الرئيس ‪.‬‬
‫وعلى ذلك ‪ ..‬فإن التفويض يمكن تطبيقه في داخل كل من النظامين المركزى والالمركزى‪ ، J‬حيث يخول‬
‫الرئيس بعض اختصاصاته إلى مرؤوسيه من أعضاء ذات السلطة – مركزية أو المركزية – أى أن‬
‫التفويض يحقق عدم التركيز اإلدارى سواء في داخل السلطة المركزية أو الالمركزية ‪.‬‬

‫‪ -2‬التفويض ونقل االختصاص ‪:‬‬


‫التفويض هو أسلوب لتوزيع السلطة داخل المنظمة اإلدارية ‪ ،‬على أن لهذا التوزيع أو عدم التركيز اإلدارى‬
‫أسلوبان ‪ :‬األول ‪ ،‬هو تحديد االختصاصات األصلية للمستويات اإلدارية المختلفة ‪ ،‬أى توزيع‬
‫االختصاصات ابتداء على أعضاء السلطة اإلدارية أو نقل بعض االختصاصات بصفة دائمـــة نتيـــجة‬
‫إلعادة النظر في التنظيم أو في سياسات ‪ ،‬أو قواعد توزيع االختصاص داخل المنظمة ‪ ،‬وتحديد‬
‫االختصاص على هذا النحو يتم باألداة القانونية المقررة ‪ ،‬سواء كانت دستورية ‪ ،‬أو تشريعية ‪ ،‬أو الئحية ‪،‬‬
‫بحيث تستمد المستويات اإلدارية المختلفة سلطاتها من ” القانون ” مباشرة ‪ .‬ويتصل هذا التوزيع ببناء‬
‫هيكل المنظمة العامة وترتيب وحداتها اإلدارية ‪ ،‬وبيان اختصاصاتها ‪ ،‬باعتبار كالً منها أهالً لمباشرة ما‬
‫تحدد لها من اختصاص ‪ ،‬وبمراعاة اعتبارات مختلفة ‪ ،‬كتحديد وتجميع األنشطة اإلدارية في المنظمة ‪،‬‬
‫وقوتها العاملة ‪ ،‬من حيث عددها وطريقة اختيار أعضائها وتأهيلهم ‪ ..‬الخ ‪.‬‬

‫واالسلوب الثاني ‪ ،‬لتوزيع السلطة داخل المنظمة هى التفويض ‪ ،‬حيث يعهد الرئيس‪ J‬اإلدارى إلى مرؤوسيه‬
‫ممارسة بعض اختصاصاته ‪ ،‬إذا وجد نص يأذن بذلك ‪ ،‬فالمرؤوس ال يستمد سلطته من ” القانون ”‬
‫مباشرة ‪ ،‬وإنما يستمدها بتفويضات من رئيسه اإلدارى ‪ ،‬اى بعمل إرادى من جانب صاحب االختصاص‬
‫األصيل ‪ ،‬وذلك لالعتبارات واألسباب التى سبق ذكرها ‪ ،‬والتى تدعو الرئيس إلى تفويض بعض‬
‫اختصاصاته للمرؤوس‪ . J‬ويملك الرئيس اإلدارى إلغاء التفويض واسترداد االختصاص من المفوض إليه ‪.‬‬
‫وأسلوب التفويض أكثر مرونة من إعادة توزيع االختصاصات داخل المنظمة ‪ ،‬ذلك ألن التفويض يتم بعمل‬
‫إرادى من جانب صاحب االختصاص األصيل الذى يملك – بحسب تقديره – إجراء التفويض أو عدم‬
‫إجرائه ‪ ،‬ويملك إطالق التفويض أو تقييده ‪ ،‬كما يستطيع إنهاءه في أى وقت ‪ ،‬كل ذلك في ضوء شخصية‬
‫المفوض إليه ومهاراته وقدراته ‪ ،‬وفى ضوء الظروف المحيطة بأعباء الرئيس ‪ ،‬وقد تكون ظروفا ً وقتية‬
‫فيفوض المرؤوس في ممارسة بعض اختصاصاته بدالً من منحه اختصاصا ً قد يصعب بعد ذلك المساس به‬
‫العتبارات قانونية أو عملية ‪ .‬هذا خاصة وأن إعادة توزيع االختصاص قد تقتضى تدخل جهات أعلى داخل‬
‫المنظمة ‪ ،‬بل خارجها ‪ ،‬كصدور قانون أو قرار جمهورى أو وزارى‪.‬‬

‫ويالحظ أخيراً أن كتابات اإلدارة العامة كثيراً ما تخلط بين عدم التركيز اإلدارى والالمركزية ‪ ،‬على ما‬
‫سبق أن ذكرناه ‪ ،‬فيطلق اصطالح ” الالمركزية ” على عملية توزيع أو تفويض االختصاصات داخل‬
‫المنظمة اإلدارية ‪ ،‬خاصة إذا لم يقتصر تقرير أو تفويض بعض السلطات على مستويات المركز ‪ ،‬وإنما ‪..‬‬
‫امتد إلى الفروع التى تمارس نشاطها ضمن نطاق إقليمي معين ويطلقون تعبير ” نقل السلطة ” عند األخذ‬
‫بنظام اإلدارة المحلية‪ ،‬حيث تمارس الوحدات المحلية اختصاصات أصيلة نقلت إليها بكل عناصرها(من‬
‫واجبات وسلطة ومسئولية ) وتنتفى بذلك تبعية الوحدة المحلية للمركز ‪ ،‬وتنتفى مسئوليته عن إنجاز هذه‬
‫الوحدة ألعمالها ‪ ،‬هذا بعكس الفروع التى تتبع المركز رئاسيا ً وتؤدى واجباتها بتفويض منه ‪ ،‬مما يترتب‬
‫عليه بقاء مسئولية المركز عن أداء هذه الواجبات ‪ ،‬ويملك المركز إزاءها حق الرقابة والتوجيه وحق سحب‬
‫التفويض ‪ ،‬وهو ما ال يملكه المركز إزاء الوحدة المحلية التى تخلق مركز سلطة جديد خارج المركز‬
‫ومستقالً عنه ‪.‬‬

‫‪ -3‬التفويض والوكالة ‪:‬‬


‫الوكالة عقد بمقتضاه يلتزم الوكيل بأن يقوم بعمل قانونى لحساب الموكل ( م ‪699‬مدنى ) ‪ ،‬فالوكالة عقد من‬
‫عقود القانون الخاص ‪ ،‬وهى كعقد خاص تتم بإرادة الطرفين – الموكل والوكيل – وتخضع لمبدأ سلطان‬
‫اإلرادة أو الحرية التعاقدية ‪ :‬حرية الطرفين في الدخول في التعاقد ‪ ،‬وحرية تحديد مضمونه ‪ ،‬وحرية إنهائه‬
‫‪.‬‬
‫‪ -1‬فالطرفان يدخالن في التعاقد بحرية كاملة ‪ ،‬حيث يملك الموكل الحرية في التعاقد ‪ ،‬وفى اختيار وكيله ‪.‬‬
‫كما أن الوكالة ال تنعقد إال بموافقة الوكيل ورضائه الصريح أو الضمنى ‪.‬‬

‫‪ – 2‬ويستقل الطرفان بتحديد نطاق الوكالة ووضع أحكامها ‪ ،‬بما ال يخالف النظام العام وحسن اآلداب‬
‫فالموكل ينيب عنه غيره في مصالحه الشخصية ويحدد العقد نطاق األعمال التى تشملها الوكالة ‪ ،‬بحيث‬
‫يمكن أن يعهد األصيل إلى الوكيل بكل شئون مصالحه ‪ ،‬اللهم إال األعمال المرتبطة بشخصه ‪ ،‬كحلف‬
‫اليمين ‪.‬‬
‫‪ -3‬وتخضع الوكالة في آثارها ألحكام القانون المدنى ‪ ،‬ومنها حق الوكيل في أن ينيب عنه غيره في تنفيذ‬
‫الوكالة ‪ ،‬حتى ولو لم يكن مرخصا ً له في ذلك ‪ ،‬على أن يكون مسئوالً عن عمل النائب كما لو كان العمل قد‬
‫صدر منه هو ( م ‪ 708‬مدنى ) ‪ ،‬والوكيل يعمل لحساب الموكل فما يبرمه الوكــيل من عقود باسم الموكل‬
‫تنصرف آثاره من حقوق والتزامات إلى هــذا األخير ( م ‪ 105‬مدنى ) وإذا كان الوكيل ملزما ً بتنفيذ الوكالة‬
‫دون أن يجاوز حدوده المرسومة ‪ ..‬إال أن القانون يجيز أحيانا ً هذا الخروج ‪ ،‬كما أن إجازة الموكل الالحـقة‬
‫– صـــــراحة أو ضمنا ً – قد تصحح تصرفات الوكيل الخارجة على حدود الوكالة ‪ ،‬وهى تصححها بأثر‬
‫رجعى بحيث يعتبر التصرف كما لو أنه قد صدر منذ البداية ضمن حدود الوكالة ‪ .‬ومن جهة أخرى يكون‬
‫الموكل مسئوالً عما يصيب الوكيل من ضرر دون خطأ منه بسبب تنفيذ الوكالة تنفيذاً معتاداً ( م ‪ 711‬مدنى‬
‫)‪.‬‬

‫‪ – 4‬ويجوز لكل من الموكل والوكيل إنهاء الوكالة في أى وقت ‪ ،‬كما تنتهى الوكالة بموت أيهما ‪.‬‬
‫ويتبين من كل ما تقدم اختالف نظامى الوكالة والتفويض اختالفا ً جوهريا ً ‪ ،‬فالتفويض نظام من أنظمة‬
‫القانون العام ‪ ،‬ويتم من جانب واحد هو جانب صاحب االختصاص – وأحيانا ً من سلطة أعلى ‪ ،‬وال يتوقف‬
‫على إرادة المفوض إليه الذى ال يملك رفض التفويض ‪ ،‬وال يملك إنهاءه ‪.‬‬

‫والرئيس اإلدارى المفوض هو الذى يحدد نطاق التفويض ‪ ،‬أى يحدد المسائل التى يفوضها إلى مرؤوسيه ‪،‬‬
‫على أن حريته في ذلك ليست كاملة ‪ ،‬فالتفويض ال يكون إال جزئيا ً ‪ ،‬حيث ال يجوز أن يمتد التفويض إلى‬
‫كل واجبات وسلطات الرئيس اإلدارى ‪ ،‬كما أن ثمة مسائل ال يجوز التفويض فيها ‪ ،‬على ما سبق ذكره ‪.‬‬
‫ويخضع التفويض لقواعد القانون العام ولمبادئ اإلدارة العامة والتنظيم اإلدارى ‪ ،‬وال يجوز – قانونا ً –‬
‫تفويض االختصاصات المفوضة ‪ ،‬كما تتجه إلى ذلك مبادئ التنظيم اإلدارى بصفة عامة ‪ .‬وال يعمل‬
‫المفوض إليه لحساب الرئيس اإلدارى وال في مصالحه الخاصة ‪ ،‬وإنما يعمل كل من الرئيس صاحب‬
‫االختصاص والمرؤوس المفوض إليه في سبيل المصلحة العامة ‪ .‬وآثار تصرفات المفوض إليه من حقوق‬
‫أو التزامات قبل الغير ‪ ،‬ال تنصرف إلى الرئيس اإلدارى ‪ ،‬وإنما تتم لحساب الجهة اإلدارية ‪ ،‬وتضاف إليها‬
‫وتبطل تصرفات المفوض إليه إذا تجاوزت حدود التفويض ‪.‬‬
‫وال يجوز للمفوض إليه إنهاء التفويض ‪ ،‬كما ال يتأثر التفويض في بعض صوره بتغير شخص األصيل أو‬
‫المفوض إليه ‪ ،‬فقد يتم التفويض لصاحب منصب أو موقع معين بصرف النظر عن شخص شاغله ‪.‬‬

‫‪ -4‬التفويض والنيابة ‪:‬‬


‫تعنى النيابة في القــــانون المــدنى قيام شخص ( النائب ) بالتصرف باسم شخص آخر ( األصيل ) مع‬
‫انصراف آثار التصرف إلى هذا األخير ‪ ،‬ومن صورها الوكالة ‪ ،‬فهى نيابة اتفاقية ‪ ،‬وثمة نيابة قانونية ‪،‬‬
‫أى أن القانون هو الذى يعين النائب ‪ ،‬كنيابة الولى ‪ ،‬وثمة النيابة القضائية ‪ ،‬حيث يصدر القرار من القاضى‬
‫بتعيين النائب ‪ ،‬كنيابة الوصى والقيم والحارس القضائى ‪ .‬وفى النيابة بأنواعها المتقدمة تحل إرادة النائب‬
‫محل إرادة األصيل في إبرام التصرف الذى تضاف آثاره إلى هذا األخير ‪ .‬ويلتزم النائب بحدود النيابة التى‬
‫يحددها االتفاق ‪ ،‬أو القانون بحسب األحوال ‪ .‬وتهدف إلى حماية القانون لغير القادر على الدفاع عن حقوقه‬
‫بسبب انعدام أو نقص أهليته ‪ ،‬أو إلى تخفف الشخص ( في النيابة االتفاقية ) من بعض األعباء في ممارسة‬
‫نشاطه الخاص ‪ .‬على أن النيابة في المجال اإلدارى مدلول متميز ‪ .‬ويقصد بها اإلنابة التى تقوم بها سلطة‬
‫أخرى ( أعلى ) غير األصيل عند وجود مانع يمنعه من ممارسة اختصاصاته ‪ ،‬فتعين من ينوب عنه ليباشر‬
‫اختصاصاته ‪ .‬فهذه النيابة تفترض وجود عائق مؤقت أو دائم يحول بين األصيل وممارسة اختصاصاته ‪.‬‬
‫وتفترض وجود قاعدة قانونية تجيز اإلنابة ‪ .‬كما تفترض وجود ثالثة أشخاص المنيب ‪ ،‬واألصيل ( صاحب‬
‫االختصاص ) ‪ ،‬والنائب ‪ .‬وتقترب النيابة بهذا المعنى من التفويض ‪ ،‬حيث يمكن أن يصدر قرار التفويض‬
‫أحيانا ً من سلطة إدارية أعلى من صاحب االختصاص المفوض ‪ .‬ولكن يبقى الفارق في أن اإلنابة تفترض‬
‫قيام مانع يحول دون مباشرة األصيل الختصاصاته ‪ ،‬فيتم تعيين من ينوب عنه ‪ ،‬ويقوم باختصاصاته إلى‬
‫أن يزول هذا المانع ‪ ،‬ويترتب على ذلك أن النيابة يمكن أن تكون كاملة ‪ ،‬بحيث يمارس المناب جميع‬
‫اختصاصات األصيل حتى يزول المانع ‪ ،‬كما أن النيابة – بعكس التفويض – قد تكون إلى أعلى ‪ ،‬وذلك‬
‫كأن يصدر قرار من رئيس الجمهورية يوكل بمقتضاه اختصاصات أحد الوزراء عند غيابه إلى رئيس‬
‫الوزراء ‪.‬‬
‫والنيابة قد تستند إلى نصوص قانونية مكتوبة – دستورية ‪ ،‬أو تشريعية ‪ ،‬أو الئحية – وهى كثيراً ما تستند‬
‫إلى قواعد قانونية غير مكتوبة ‪ ،‬وفى هذه الحالة األخيرة ‪ ..‬فإن األصل أن تكون اإلنابة إلى سلطة إدارية‬
‫توازى أو تعلو األصيل ‪ ،‬خاصة وأن النائب قد يوكل إليه ممارسة كل اختصاصات األصيل ‪ ،‬ويصدر قرار‬
‫اإلنابة من سلطة أعلى – بطبيعة الحال – من اإلثنين ‪ ،‬أى أعلى من األصيل ومن النائب ‪.‬‬

‫وإذا كان الجائز أن تمتد اإلنابة إلى كل اختصاصات األصيل ‪ ..‬إال أن االختصاصات التى توكل للنائب قد‬
‫يحددها النص اآلذن باإلنابة أو القرار الصادر بتعيين النائب ‪ .‬وإذا لم يتحدد هذا االختصاص في النص‬
‫القانونى اآلذن ‪ ،‬وال في قرار تعيين النائب ‪ ..‬فإن الرأى – في القانون العام وفى علم اإلدارة العامة – يميل‬
‫إلى القول بتحديد اختصاصات النائب في األعمال التى تفرض نفسها عادة عند غياب األصيل ‪ .‬والواقع أن‬
‫مقتضيات العمل تفرض مثل هذا التحديد ‪ ،‬خاصة عند غياب األصيل لمدة قصيرة ‪ ،‬حيث تبرر أن يقوم‬
‫النائب باألعمال العاجلة التى التحتمل التأخير ‪ ،‬ودون أن يعوق سياسة األصيل وتوجيهاته ‪.‬‬
‫والنائب إذ يمارس اختصاصات األصيل ‪ ..‬فإن أعماله في هذا الشأن تعتبر – من حيث قوتها – كما لو‬
‫كانت صادرة من األصيل ‪ ،‬ويكون النائب مسئوالً عنها وهو يجمع أثناء النيابة بين اختصاصاته األصلية‬
‫واالختصاصات التى يمارسها بالنيابة عن األصيل الغائب ‪ .‬وتنتهى النيابة عادة بزوال الظروف التى أدت‬
‫إليها‪ ،‬كحضور األصيل الغائب ‪ ،‬أو شغل وظيفة األصيل التى كانت شاغرة ‪ ،‬كما تنتهى بانتهاء المدة التى‬
‫قد تحدد لها في قرار تعيين النائب ‪ ..‬هذا فضالً عن جواز إنهاء النيابة في أى وقت ‪ ،‬فيصدر قرار بإنهائها‬
‫حتى قبل الموعد المحدد لها أو قبل زوال أسبابها ‪ ،‬وكذلك تنتهى النيابة بتعيين نائب جديد ‪ ،‬وغير ذلك من‬
‫األسباب التى تؤدى إلى انتهاء النيابة صراحة أو ضمنا ً ‪.‬‬

‫‪ -5‬التفويض والحلول ‪:‬‬


‫يعنى الحلول أن يقوم شخص ( الحال ) بمباشرة اختصاصات األصيل بقوة القانون ‪ ،‬إذا قامت ظروف‬
‫تؤدى إلى منع صاحب االختصاص األصيل من مباشرته ‪.‬‬
‫والحلول يجب في األصل أن يستند إلى نص قانونى يجيزه ‪ ،‬واألصل أن يكون في مرتبة النصوص‬
‫القانونية المانحة لالختصاصات التى يرد عليها الحلول وإذا ما تحققت الظروف التى عينها النص كسبب‬
‫للحلول ‪ ..‬فإن هذا الحلول يتم بقوة القانون ‪ ،‬أى دون حاجة إلى قرار يصدر بذلك ‪ ،‬وفى ذلك يختلف الحلول‬
‫عن كل من التفويض واإلنابة ‪.‬‬
‫ونجد أمثلة لكل من الحلول والنيابة فيما نصت عليه المادة ‪ 57‬من قانون العاملين المدنيين رقم ‪ 47‬لسنة‬
‫‪ ، 1978‬من أنه في حالة غياب أحد شاغلى الوظائف العليا يقوم نائبه بأعباء وظيفته ( حلول ) ‪ ،‬فإذا لم يكن‬
‫له نــــائب ‪ ،‬جاز للسلطة المختصة إنابة من يقوم بعمله ( نيابة ) ‪ ،‬على أن يكون شاغالً لوظيفة من درجة‬
‫معادلة أو من الدرجة األدنى مباشرة ‪ .‬وإذا كان األصل أن يستند الحلول إلى نص يجيزه إال أن بعض الفقه‬
‫القانونى قد ذهب – وهذا ما يقبله فقه اإلدارة العامة – إلى جواز الحلول دون نص ‪ ،‬وذلك نظراً لضرورة‬
‫سير المرافق العامة بانتظام واطراد ‪ ،‬وهو ما يتطلب عدم تعطيل المرفق لوجود مانع يحول بين الرئيس‬
‫ومزاولة اختصاصاته ‪ ،‬فاالختصاص وإن كان األصل فيه أن يباشره صاحبه ‪ ..‬إال أن األصول العامة‬
‫تقتضى عند الضرورة أن تنزل مباشرة اختصاص األصيل إلى من يليه ‪ ،‬متى قام باألصيل مانع أو عذر‬
‫حتى ال يتعطل سير العمل ‪.‬‬
‫بل إن من الجائز تكرار الحلول‪ ،‬بمعنى أنه إذا غاب الحال أو قام به مانع يحول دون مباشرته‬
‫اختصاصاته ‪ ..‬حل محله من يليه في مباشرة اختصاصاته ‪ ،‬سواء اختصاصاته األصلية أو االختصاصات‬
‫المحالة إليه بحكم القانون ‪ .‬وفى هذا تحقيق لمبدأ سير المرافق العامة بانتظام واطراد ‪ .‬وعدم تعطلها بسبب‬
‫قيام مثل هذه الموانع ‪ .‬ويتفق الحلول والتفويض في أن كالً منهما ينقل مباشرة اختصاصات األصيل إلى‬
‫شخص آخر ‪ ،‬ويتفقان كذلك في أن كليهما يستند – في األصل – إلى نص قانونى يجيزه ‪ ،‬مع فارق يرجع‬
‫أن الحلول يفترض وجود مانع يحول بين األصيل وممارسة اختصاصاته ‪ ،‬ولذا ‪ ..‬فإن مقتضيات العمل قد‬
‫تمثل حالة ضرورة تبرر الحلول دون نص ‪.‬‬

‫والنص المقرر للحلول قد يحدد االختصاصات التى يحل الحال محل األصيل في مباشرتها ‪ .‬وعند سكوت‬
‫النص فاألصل أن يكون الحلول كامالً أى يشمل جميع اختصاصات األصيل ‪ ،‬خاصة في حالة الحلول الذى‬
‫يرجع إلى الغياب الطويل أو خلو وظيفة األصيل ( بالوفاة أو باالستقالة مثالً ) ‪ .‬أما في حالة الغياب القصير‬
‫‪ ..‬فإنه يكفى أن يقتصر الحلول على األعمال العاجلة التى ال تحتمل التأخير أو التى يضيرها االنتظار ‪.‬‬

‫ويأخذ الحال مرتبة األصيل من ممارسة اختصاصه ‪ ،‬وتأخذ أعماله في هذا المجال ذات القوة القانونية‬
‫ألعمال األصيل وكأنها صادرة من هذا األخير ‪ ،‬وال يخضع الحال في ممارسة تلك االختصاصات لرقابة‬
‫أو إشراف األصيل ‪ ،‬إذ الفرض هو قيام عائق يحول دون مباشرة األصيل الختصاصه ‪ ،‬كما أن األصيل ال‬
‫يتحمل مسئولية تصرفات الحال ‪ ،‬وذلك على عكس التفويض ‪ ،‬حيث يتحمل األصيل مسئولية أعمال‬
‫المفوض إليه ‪ ،‬ألن المسئولية ال تفوض ‪ ،‬على ما تقدم ‪.‬‬
‫وثمة صورة أخرى للحلول تختلف عن الفكرة المتقدمة ‪ ،‬ونعنى حلول جهة إدارية محل أخرى أدنى منها‬
‫في مباشرة بعض اختصاصات الجهة األخيرة التى امتنعت أو تقاعست عن أدائها ‪ ،‬فهو نوع من رقابة‬
‫سلطة عليا على التزام جهة أدنى منها بأداء اختصاصاتها الوجوبية ‪ ،‬ويحدث ذلك في نطاق العالقة بين‬
‫السلطة المركزية والهيئات الالمركزية الخاضعة لرقابتها ‪ .‬فاألصل في هذه الرقابة أو الوصاية اإلدارية‬
‫أنها ال تخول السلطة المركزية الحق في الحلول محل الهيئات المحلية في ممارسة اختصاصاتها ‪ ،‬ذلك أن‬
‫مقتضى االستقالل الالمركزى أن يكون لهذه الهيئات اختصاصات أصلية تمارسها ابتداء ‪ ،‬على أن يكون‬
‫لسلطة الرقابة – حفاظا ً على وحدة الدولة ‪ ،‬وحرصا ً على تنسيق نشاطها – حق التعقيب على األعمال التى‬
‫تمارس بها هذه االختصاصات ‪ ،‬على أن القانون يجيز هذا الحلول استثنا ًء ‪ ،‬وفى حاالت محددة وضيقة‬
‫وذلك خشية أن يؤدى امتناع الهيئات المستقلة عن أداء واجبها ‪ ،‬أو إهمالها فى أدائه ‪ ،‬إلى تعريض‬
‫المصلحة العامة للخطر أو إعاقة حركة الجهاز اإلدارى ‪ .‬ونظراً لخطورة هذا النوع األخير من الحلول ‪،‬‬
‫لما فيه من خروج على توزيع االختصاصات فى صورته المعتادة ‪ ..‬فإن القانون يحيط ممارسته بضمانات‬
‫أهمها ‪:‬‬

‫‪ -1‬أنه يتقرر استثناء بنص صريح ‪ ،‬وفى حدود ما ورد فيه النص‪.‬‬

‫‪ -2‬أنه يتقرر فى حالة االختصاص المقيد إلى االختصاص الوجوبى الذى يلزم القانون الجهة اإلدارية بأدائه‬
‫‪ ،‬أى أنه يتقرر عندما يكون امتناع الهيئة المستقلة عن ممارسة اختصاصها ابتداء أمراًُ مخالفا ً للقانون ‪ ،‬وال‬
‫يصح اللجوء إلى الحلول ‪ ،‬بالنسبة لالختصاص التقديرى الذى يكون للجهة اإلدارية معه ممارسة عمل‬
‫معين أو عدم ممارسته ‪ ،‬وامتنعت عن إجرائه تقديراً لمالءمات العمل اإلدارى ‪.‬‬

‫‪ -3‬يشترط إعذار الجهة صاحبة االختصاص ‪ ،‬أى توجيه دعوة صريحة إليها للقيام بالعمل بداءة ‪ ،‬فتمتنع‬
‫عن القيام به رغم هذا اإلنذار ‪ .‬ومثال ذلك حق السلطة المركزية فى أن تدرج فى موازنة الهيئة المحلية ما‬
‫تهمل هذه فى إدراجه من مصروفات إلزامية ‪ ،‬وهى تلك التى يلزمها القانون برصد المبالغ الالزمة للوفاء‬
‫بها‬

You might also like