You are on page 1of 210

‫إصدارات أنصار إلامام املهدي ‪ /‬العدد (‪)431‬‬

‫دراسة‬
‫يف شخصية اليماني املوعـود‬
‫(احللقة‪ :‬األوىل ‪ -‬الثالثة)‬

‫تأليف‬
‫الشيخ ناظم العقيلي‬
‫‪ .............................................2‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫دراسة في شخصية اليماني الموعود (الحلقة ‪)3-1‬‬ ‫عنوان الكتاب‪:‬‬


‫الشيخ ناظم العقيلي‬ ‫تأليف‪:‬‬
‫شركة نجمة الصباح للطباعة والنشر والتوزيع‬ ‫الناشر‪:‬‬
‫الرابعة (‪1017‬م – ‪1438‬هـ)‬ ‫الطبعة‪:‬‬
‫‪ 1000‬نسخة‬ ‫العدد‪:‬‬
‫بغداد ‪ 1441‬لسنة ‪1013‬‬ ‫رقم اإليداع‪:‬‬
‫بغداد ‪ 1131 /1134‬لسنة ‪1011‬‬

‫وكالء شركة نجمة الصباح‬


‫لبنان‬
‫مكتبة نجمة الصباح‪ /‬جنوب لبنان‪ /‬صور‪ /‬برج الشمالي‪ /‬مفرق المؤسسة‬
‫‪Tel.: 0096170621437 / 009617346015‬‬
‫‪lebanon@najmatalsabah.com‬‬ ‫جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة‬
‫أمريكا‬ ‫لشركة نجمة الصباح المحدودة‬
‫‪Straight Path Library 24142‬‬ ‫العراق‪ /‬بغداد‪ /‬هاتف ‪+9647815643684‬‬
‫‪B. Warren Street. Dearborn Heights. Michigan. 48127 USA‬‬ ‫‪contact@najmatalsabah.com‬‬
‫‪Tel. (313)914-3397 / (313)919-1977,‬‬
‫‪E-mail: usa@najmatalsabah.com‬‬
‫السويد‬
‫‪Byggmästargatan 3. 80324 Gävle. Sweden‬‬
‫‪Tel.: +46737297728 , E-mail: sweden@najmatalsabah.com‬‬
‫لمعرفة المزيد حول دعوة السيد أحمد الحسن‬
‫أستراليا‬
‫يمكنكم الدخول إلى الموقع التالي‪:‬‬
‫‪Antwerp Street, Auburn, NSW 2144. Australia 15‬‬
‫‪Tel.:+61406009043 , E-mail: australia@najmatalsabah.com‬‬
‫‪www.almahdyoon.org‬‬
‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪3 ........................................ 3 - 1 :‬‬

‫‪‬‬
‫‪ .............................................4‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬
‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪5 ........................................ 3 - 1 :‬‬

‫اإلهداء‬

‫‪‬‬
‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪7 .........................................3 - 1 :‬‬

‫املقدمة‬
‫واحلمد هلل رب العاملني‪ ،‬وصلى اهلل على حممد وعلى آله األئمة واملهديني وسلم تسليماً‪.‬‬
‫تعد مرحلة عصر الظهور لإلمام املهدي ‪ ‬من أهم املراحل البشرية‪ ،‬أو قل أهم املراحل‬
‫إذا ما نظرنا هلا من جهة الغربلة والتمحيص الذي تتعرض إليه األمة اإلسالمية بل البشرية‬
‫برمتها‪ ،‬حيث االبتعاد عن مصادر التشريع اإلهلي‪ ،‬وبُعد العهد الزمين بني الناس وبني احلجة‬
‫املعصوم‪ ،‬واحندار اجملتمع البشري حنو املادة‪ ،‬والتكامل الفردي واالجتماعي على الصعيد الدنيوي‬
‫‪ -‬إن صح التعبري ‪ ،-‬والغفلة عن عالقة اإلنسان باهلل تعاىل وبالدين وحبجج اهلل تعاىل‪ ،‬حيث‬
‫جند أن كل املقاييس قد قلبت‪ ،‬فال جتد نظرة وال تعريفا صحيحاً لألخالق وال للعلم وال للعقل‬
‫وال حىت لإلنسانية‪ ..‬حيث جند كل هذه املفاهيم قد وضعت يف القالب الدنيوي واملنفعة الفردية‬
‫املادية‪ ،‬وبالتايل فكل تنظري وتقنني ال يتالئم مع اعوجاج املفاهيم الدنيوية يعد احنرافاً بل وجهالً‬
‫وختلفاً يستدعي الضحك والفكاهة‪.‬‬
‫وهذا الوضع املزري وصل إليه الناس نتيجة شدة التصاقهم بالدنيا وما يتعلق فيها وانبهارهم‬
‫بزخرفها‪ ،‬وابتعادهم وجهلهم باألخالق اإلهلية والتكامل الروحي والعلمي حنو السمو الذي أراده‬
‫اهلل تعاىل للبشر‪ ،‬فمن جهل شيئاً عاداه‪ ،‬وشبيه الشيء منجذب إليه‪ ،‬كما يقال‪.‬‬
‫ويف خضم هذا البحر اهلائج‪ ..‬تظهر راية احلق املمهدة لإلمام املهدي ‪ ،‬راية اليماين‬
‫املوعود‪ ،‬يف قلة مستضعفة‪ ،‬متخضت هبم األرض فأولدهتم يف آخر الزمان‪.‬‬
‫ولذلك جند اإلمام الصادق ‪ ‬حيدد لنا موقف الناس جتاه هذه الراية‪ ،‬بقوله‪( :‬إذا ظهرت‬
‫راية الحق لعنها أهل المشرق وأهل المغرب‪.)1( )...‬‬

‫‪ -1‬كتاب الغيبة‪ :‬ص‪ 803‬باب‪ 71‬ح‪.4‬‬


‫‪ .............................................8‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫وراية احلق يف عصر الظهور هي راية اليماين املوعود (أهدى الرايات)‪ ،‬كما سيأيت تفصيل‬
‫ذلك‪ ،‬وسنعرف أن امتحان األمة األول واألصعب سيكون مع اليماين املوعود قبل قيام اإلمام‬
‫املهدي ‪.‬‬
‫ومن أجل هذا وغريه‪ ،‬عزمت على أن أتعرض لدراسة مفصلة حسب اإلمكان حول‬
‫الروايات اليت تتحدث عن عصر الظهور‪ ،‬والراية املمهدة لإلمام املهدي ‪ ،‬وتكليف الناس‬
‫جتاهها‪ ،‬وإيضاح السبل إىل معرفة تلك الراية املقدسة‪ ،‬فقد وجدت حىت من تعرض لبيان هذا‬
‫املوضوع بنية حسنة قد قصر نظره على روايات معينة‪ ،‬وترك البقية‪ ،‬أو إنه مل يوفق إىل التوفيق‬
‫بني الروايات واقتناص النتيجة منها ولو بصورة جزئية‪.‬‬
‫فتجدهم عندما يتناولون موضوع اليماين املوعود يقتصرون على الروايات اليت صرحت بامسه‬
‫فقط‪ ،‬ويغفلون عن سائر الروايات اليت ترتبط بروايات اليماين وبشخصيته ارتباطاً وثيقاً‪ ،‬حيث‬
‫جند روايات كثرية تتكلم عن أشخاص أو رايات ممدوحة مبدائح جليلة‪ ،‬حبيث ال ميكن أن تكون‬
‫مبعزل عن شخصية اليماين املوعود‪ ،‬وخصوصاً إذا الحظنا أن راية احلق واهلدى واملأمور بنصرهتا‬
‫هي راية واحدة ال أكثر‪ ،‬وبقية الشخصيات أو الرايات إما أن تكون منطوية حتت راية احلق‬
‫واهلدى‪ ،‬وإما أن تكون ضالة وشاذة‪.‬‬
‫ومسألة أن راية احلق واهلدى يف عصر الظهور واحدة ال غري‪ ،‬مستفاد من روايات كثرية‪،‬‬
‫وهبذا القيد نستطيع أن حنكم روايات كثرية حتدثت عن رايات عصر الظهور بشكل رمزي أو‬
‫مموه‪ ،‬فال ميكن لكاتب يف موضوع ما أن ينظر إليه من جانب واحد ويرتك بقية اجلوانب اليت‬
‫بدوهنا ال ميكن معرفة متام معامل وحدود ذلك املوضوع‪ ،‬بل قد يصل إىل صورة مشوهة عن‬
‫املوضوع املبحوث عنه‪.‬‬
‫فمثالً عندما نقرأ القرآن الكرمي ال ميكن أن نقتصر يف فهم مسألة معينة على آية واحدة أو‬
‫آيات‪ ،‬بل البد أن ننظر إىل كل اآليات اليت تتحدث عن تلك املسألة املعينة‪.‬‬
‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪9 .........................................3 - 1 :‬‬

‫فنحن مثالً ال ميكن أن ننظر إىل قوله تعاىل‪﴿ :‬إِن ال ِذين يُـبايِ ُعونك إِنما يُـبايِ ُعون الله ي ُد‬
‫الل ِه فـ ْوق أيْ ِدي ِه ْم‪ .)1(﴾...‬فنحكم أن هلل يد كاأليدي‪ ،‬وإن هلا ظرف مكان (فوق أيديهم)‪ ،‬بل‬
‫ص ُير﴾(‪.)2‬‬ ‫البد مثالً أن ننظر إىل قوله تعاىل‪ ...﴿ :‬ل ْيس ك ِمثْلِ ِه شيء و ُهو الس ِميع الب ِ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬
‫يف الْخبِ ُير﴾ ‪ .‬وهكذا‬ ‫ار و ُهو يُ ْد ِر ُك األبْصار و ُهو الل ِط ُ‬
‫وقوله تعاىل‪﴿ :‬ل تُ ْد ِرُكهُ األبْص ُ‬
‫(‪)3‬‬

‫يف مسائل كثرية‪.‬‬


‫وأنا ‪ -‬وأعوذ باهلل من األنا ‪ -‬يف هذه الدراسة ال أدعي إين قد وقفت على كل تفاصيل‬
‫شخصية اليماين املوعود‪ ،‬أو إين أصبت عني احلقيقة يف كل ما سأكتب‪ ،‬فإن هذا حبر عباب‪،‬‬
‫وسر إهلي مكنون‪ ،‬قد أحكمه أهله أشد اإلحكام؛ حلكم وغايات تقصر عن إدراكها العقول‪.‬‬
‫وإمنا أقول‪ :‬بأين قد بذلت جهدي يف تتبع الروايات ومقارنة بعضها بالبعض اآلخر‪ ،‬مبا‬
‫وفقين إليه اهلل ‪ ،‬فكل صواب هو من توفيق اهلل تعاىل‪ ،‬وكل خطأ هو من قصوري وتقصريي‬
‫ال حمالة‪.‬‬
‫ولكن الذي أجزم به أن القارئ اللبيب عندما يتأمل يف هذا البحث سيقف على خطأ كثري‬
‫من الباحثني الذين خبطوا خبط عشواء‪ ،‬وسيجد أن هناك كثرياً من األسرار واملفاتيح اليت بثها‬
‫يف‬ ‫يف رواياهتم‪ ،‬وأن من اخلطأ الفادح أن نقولب روايات أهل البيت‬ ‫أهل البيت‬
‫منظار ضيق ونتعامل معها بعني اهلوى واملصاحل واملنافع‪.‬‬
‫فسنعرف إن شاء اهلل يف هذه الدراسة جوانب كثرية عن شخصية اليماين املوعود‪ ،‬وخفايا‬
‫كثرية عن عصر الظهور املقدس ومراحله وتداعياته‪ ،‬فإن هذا من األمهية مبكان؛ ألنه يتعلق‬
‫مبصري مجيع البشر الدنيوي واألخروي‪ ،‬وتتعلق به السعادة والشقاوة يف الدارين‪.‬‬
‫والذي أرجوه من القارئ الكرمي أن يرتك اهلوى والتعصب األعمى‪ ،‬ويتجرد عن العوائق‬
‫املعرفية‪ ،‬عسى أن تتضح له الصورة جبالء‪ ،‬وميسك بطرف اخليط الذي يوصله إىل الصراط‬

‫‪ -7‬الفتح‪.70 :‬‬
‫‪ -2‬الشورى‪.77 :‬‬
‫‪ -8‬األنعام‪.708 :‬‬
‫‪ .............................................11‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫املستقيم‪ ،‬حيث النجاة من فنت آخر الزمان والفوز برضا الرمحن ونصرة إمام اإلنس واجلان‬
‫(أرواحنا لرتاب مقدمه الفداء)‪.‬‬
‫وال أخفي عليكم بأين سأتعرض يف هذه الدراسة لعقبات كثرية‪ ،‬ال ميكن جتاوزها إال على‬
‫حنو طرح االحتماالت‪ ،‬لكي ال نكون من القائلني بال علم‪ ،‬ومراعاة للتدرج مع القارئ الكرمي‪،‬‬
‫لكي تتضح عنده الصورة بال تشويش‪.‬‬
‫وأكيد قد فاتين الكثري من الروايات واحلقائق‪ ،‬لقصر باعي وقلة بضاعيت‪ ،‬وألين كتبت هذا‬
‫علي‬
‫البحث على عجلة‪ ،‬وضيق من الوقت‪ ،‬واألمل يف اإلخوة املؤمنني أن يتموا ذلك‪ ،‬ويتكرموا ّ‬
‫مبالحظاهتم‪ ،‬أو أن يعملوا أحباثاً هبذا الصدد‪ ،‬لينريوا الطريق لسالكيه‪ ،‬ويرموا بسهم بني يدي‬
‫القائم ‪.‬‬
‫وأكثر شيء حتريته يف هذه الدراسة هو أن أشد انتباه طالب احلقيقة واحلق إىل أمور مهمة‬
‫جداً‪ ،‬عسى أن يتجهوا إىل دراسة احلقائق بعني التجرد واإلنصاف واملسؤولية‪ ،‬فالطريق شائك‪،‬‬
‫واحلساب عسري‪ ،‬والناقد بصري‪ ،‬ال ختفى عليه خافية يف السموات واألرض‪.‬‬
‫وإن مل يُِرد القارئ االقتناع بطرح معني‪ ،‬فال أقل أن يكون حمتمالً عنده‪ ،‬فال ينكره ويعتقد‬
‫خبالفه‪ ،‬فيهلك نفسه من حيث يعلم أو ال يعلم‪ ،‬فقد روي عن أمري املؤمنني ‪:‬‬
‫(‪.)1‬‬

‫(‪.)2‬‬
‫وعن اإلمام الصادق ‪:‬‬

‫(‪.)3‬‬
‫(‪.)4‬‬

‫‪ -1‬نهج البالغة‪ :‬ج‪ 7‬ص‪.754‬‬


‫‪ -2‬الغيبة للنعماني‪ :‬ص‪.85‬‬
‫‪ -8‬الغيبة للنعماني‪ :‬ص‪.805‬‬
‫‪ -4‬الكافي‪ :‬ج‪ 7‬ص‪.585‬‬
‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪11 .........................................3 - 1 :‬‬

‫(‪.)1‬‬
‫فليحذر كل من يريد النجاة من مكر اهلل تعاىل واختباره‪ ،‬قال اهلل تعاىل‪:‬‬
‫‪‬‬

‫(‪)2‬؛ ألن اإلمام املهدي ‪ ‬سيظهر بأمر جديد شديد ال يقر به إال من‬
‫(‪)3‬‬
‫‪‬‬ ‫امتحن اهلل قلبه لإلميان‪ ،‬كما روي عن اإلمام‪:‬‬
‫‪‬‬

‫(‪.)4‬‬
‫وعن مالك اجلهين‪ ،‬قال‪( :‬قال‪ :‬قلت أليب جعفر ‪ :‬إنا نصف صاحب هذا األمر‬
‫بالصفة اليت ليس هبا أحد من الناس‪ .‬فقال‪:‬‬
‫(‪.)5‬‬
‫واحلمد هلل رب العاملني‪ ،‬وصلى اهلل على حممد وآله األئمة واملهديني وسلم تسليماً كثرياً‪.‬‬
‫***‬

‫‪ -7‬بحار األنوار‪ :‬ج‪ 4‬ص‪.771‬‬


‫‪ -2‬العنكبوت‪.8 – 2 :‬‬
‫‪ -8‬الغيبة للطوسي‪ :‬ص‪ 418‬ح‪.414‬‬
‫‪ -4‬اإلرشاد ‪ -‬للمفيد‪ :‬ج‪ 2‬ص‪.838‬‬
‫‪ -5‬كتاب الغيبة للنعماني‪ :‬ص‪ 881‬باب‪ 22‬ح‪.8‬‬
‫‪ .............................................12‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬
‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪13 .........................................3 - 1 :‬‬

‫(‪.)1‬‬ ‫عن الرسول ى‪:‬‬

‫عن اإلمام الباقر ‪:‬‬

‫(‪.)2‬‬
‫وعن أيب عبد اهلل ‪ ،‬قال‪:‬‬

‫أوصاف جليلة وعظيمة ال ميكن‬ ‫األوصاف الواردة عن اليماين يف روايات أهل البيت‬
‫يتبني‬ ‫‪ ،‬ومن خالل روايات أهل البيت‬ ‫أن تتوفر إال يف حجج اهلل تعاىل واملعصومني‬
‫أن امتحان األمة األول هو باليماين وقبل قيام اإلمام املهدي ‪ ،‬وإنه قسيم النار واجلنة يف‬
‫بت فيزول َع َجبُك عندما تسمع اإلمام الباقر يصف امللتوي عليه بأنه من‬ ‫ِ‬
‫عصر الظهور‪ ،‬وإن َعج َ‬
‫يكون من أهل النار إن التوى‬ ‫أهل النار‪ ،‬أي حىت لو كان مقراً ‪ -‬بلسانه ‪ -‬جبميع األئمة‬
‫على اليماين‪.‬‬

‫‪ -1‬األصول الستة عشر ‪ -‬عدة محدثين‪ :‬ص‪ ،37‬أصل جعفر بن محمد الحضرمي‪ ،‬بحار األنوار‪:‬‬
‫ج‪ 51‬ص‪ ،282‬مستدرك سفينة البحار‪ :‬ج‪ 70‬ص‪.202‬‬
‫‪ -2‬الغيبة ‪ -‬للنعماني‪ :‬ص‪ 224 – 22‬باب‪ 74‬ح‪.78‬‬
‫‪ -8‬اإلرشاد ‪ -‬للمفيد‪ :‬ج‪ 2‬ص‪ ،815‬إعالم الورى بأعالم الهدى ‪ -‬للطبرسي‪ :‬ج‪ 2‬ص‪ ،234‬الغيبة ‪-‬‬
‫للطوسي‪ :‬ص‪ 441 – 442‬ح‪ 448‬بتفاوت يسير‪.‬‬
‫‪ .............................................14‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫وهذا االمتحان واخلروج عن الوالية واستحقاق النار قبل قيام اإلمام املهدي ‪ ‬قد َّ‬
‫حذر‬
‫‪:‬‬ ‫منه األئمة‬
‫عن اإلمام الصادق ‪ ‬يف تفسري بعض اآليات القرآنية‪ ،‬قال‪( :‬وقوله‪:‬‬

‫‪ .)2‬فمن تقدم إىل قبول احلق تأخر عن سقر‪ ،‬ومن تأخر عن قبول‬
‫احلق تقدم إىل سقر‪.‬‬
‫إذن‪ ،‬فااللتواء على اليماين ومعاداته ُُيرج الناس عن الوالية ويوردهم سقر ‪ -‬والعياذ باهلل ‪،-‬‬
‫يف عصر الظهور ومن مسعه ومل ينصره أكبه اهلل‬ ‫وسيتبني أن اليماين هو واعية أهل البيت‬
‫يف النار على وجهه‪ ،‬كما قال اإلمام احلسني ‪:‬‬
‫(‪.)3‬‬
‫والواعية هي الدعوة‪ ،‬والكالم يف هذا املوضوع طويل أتركه إىل حمله‪ .‬ولنسلط الضوء اآلن‬
‫على صفات اليماين املوعود اليت وردت يف كالم الباقر والصادق (عليهما السالم)‪:‬‬

‫‪ -7‬المدثر‪.81 ،87 :‬‬


‫‪ -2‬بحار األنوار‪ :‬ج‪ 24‬ص‪ ،822 – 825‬تأويل اآليات ‪ -‬لشرف الدين الحسني‪ :‬ج‪ 2‬ص‪– 184‬‬
‫‪.185‬‬
‫‪ -8‬االمالي ‪ -‬للصدوق‪ :‬ص‪.271‬‬
‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪15 .........................................3 - 1 :‬‬

‫‪( - 1‬وليس يف الرايات راية أهدى من راية اليماني)‪:‬‬

‫فهو أهدى الرايات يف عصر الظهور‪ ،‬وهذا يعين أنه املمهد الرئيسي لقيام اإلمام املهدي‬
‫قرن به أحد مهما كان‪.‬‬ ‫‪ ،‬وكل راية أو دعوة تعارضه فهي باطل واحنراف‪ ،‬وال ميكن أن يُ َ‬
‫قال اهلل تعاىل‪:‬‬
‫(‪ .)1‬وقال اهلل تعاىل‪:‬‬
‫(‪.)2‬‬
‫ومن هذا نعرف أن يف عصر الظهور املقدس هناك راية هي أهدى الرايات‪ ،‬ومأمور بنصرهتا‬
‫ومنهي عن خمالفتها‪ ،‬وتدعو إىل اإلمام املهدي ‪ ،‬وتدعو إىل احلق وإىل طريق مستقيم‪ ،‬فهي‬
‫؛ ألهنا نفس أوصافها‪.‬‬ ‫راية حممد وآل حممد‬
‫وعندما خنوض يف دراسة موضوع الرايات يف عصر الظهور يطول بنا الكالم كثرياً‪ ،‬وسأحاول‬
‫اختصاره قدر اإلمكان‪ ،‬ولذلك أرجو من القارئ الكرمي أن يتابع معي وبدقة إىل النهاية؛ ألنه‬
‫قد بيَّنوا األمر بصورة جلية ولكن مبناسبات وعبارات خمتلفة‪.‬‬ ‫سيتضح أن أهل البيت‬
‫عن أمري املؤمنني ‪ ‬يف حديث طويل‪:‬‬
‫(‪.)3‬‬
‫وهذا أيضاً وصف الراية املوروثة من رسول اهلل ‪ :‬عن أمري املؤمنني ‪:‬‬

‫(‪.)4‬‬
‫‪ ،‬كما يف الرواية اآلتية‪:‬‬ ‫وآله‬ ‫بل جند راية اليماين املوعود مشاهبة لدين حممد‬

‫‪ -7‬القصص‪.41 :‬‬
‫‪ -2‬القصص‪.24 :‬‬
‫‪ -8‬بحار األنوار‪ :‬ج‪ 70‬ص‪.777 – 31‬‬
‫‪ -4‬نهج البالغة‪ :‬ج‪ 7‬ص‪.718‬‬
‫‪ .............................................11‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫عن حممد بن سنان‪ ،‬قال‪( :‬كنت عند أيب جعفر الثاين ‪ ‬فأجريت اختالف الشيعة‪،‬‬
‫فقال‪:‬‬

‫(‪.)1‬‬
‫والذي يكون عند التمييز ‪ -‬عصر الظهور ‪-‬‬ ‫وهذا الوصف ُو ِصف به باب آل حممد‬
‫كما يف قول أمري املؤمنني ‪ ‬لبعض شيعته وقد ذكر تغلب أهل الباطل‪:‬‬

‫(‪.)2‬‬
‫والحظ هنا أن أمري املؤمنني ‪ ‬يشري إىل زمن قيام اإلمام املهدي ‪ ‬واحلروب والفنت‬
‫‪ ،‬وقارنه مع وصف‬ ‫اليت تسبقه‪ ،‬فتأمل يف قوله ‪ ‬عن هذا الباب‪:‬‬
‫اليماين يف كالم اإلمام الباقر ‪:‬‬
‫‪ ،‬واحلر تكفيه اإلشارة‪.‬‬
‫؟‬ ‫فإن قلت‪ :‬من أين لك إثبات أن راية اليماين هي راية أهل البيت‬
‫أقول‪ :‬ثبت من خالل ما تقدم أن راية اليماين راية هدى بل أهدى الرايات‪ ،‬وهي راية حق‬
‫وتدعو إىل احلق وإىل اإلمام املهدي ‪ ،‬وممدوحة مبدائح عظيمة‪.‬‬
‫جندها حتذر بلهجة شديدة عن اتباع أي راية قبل‬ ‫وعندما نأيت إىل روايات أهل البيت‬
‫قيام القائم ‪ ‬ويف عصر الظهور‪ ،‬إال راية واحدة‪ ،‬وصفت بعدة أوصاف وبألفاظ خمتلفة‪،‬‬
‫فتارة جندهم يعربون عنها بأهنا حسينية‪ ،‬وتارة بأن مع صاحبها عهد رسول اهلل ‪ ،‬وتارة بأهنا‬

‫‪ -7‬الكافي‪ :‬ج‪ 7‬ص‪ 447‬باب بلد النبي (صلى هللا عليه وآله) ووفاته ح‪.5‬‬
‫‪ -2‬شرح األخبار ‪ -‬للقاضي النعمان المغربي‪ :‬ج‪ 8‬ص‪.831‬‬
‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪17 .........................................3 - 1 :‬‬

‫مشرقية‪ ،‬وتارة بأهنا سوداء‪ ،‬وتارة بأن صاحبها خامل أصله‪ ،‬وتارة بأهنا راية آل حممد وعلي‬
‫‪ ،‬وتارة بأهنا يسوقها رجل من آل حممد ‪ ...‬اخل‪.‬‬
‫ومبا أن احلق واحد ال يتعدد‪ ،‬فالبد أن تكون هذه الراية املمدوحة من بني الرايات واملأمور‬
‫باتباعها هي راية اليماين املوعود ‪ -‬أهدى الرايات ‪ ،-‬إذن فهي راية أهل البيت ‪ ‬ال غري‪،‬‬
‫ولنتصفح الروايات اآلتية لنقف على احلقيقة بشكل أوضح‪:‬‬
‫عن الباقر ‪ ،‬قال‪:‬‬
‫‪‬‬

‫(‪.)1‬‬
‫ويف الرواية السابقة لو قلنا بأن هذه الراية غري راية اليماين املوعود للزم أن تكون راية اليماين‬
‫من ضمن الرايات الشاذة واملنهي عن اتباعها؛ ألن الرواية مل تستث ِن غري راية واحدة حسينية‪،‬‬
‫ومن املعلوم أن راية اليماين املوعود موصوفة بأهنا أهدى الرايات وتدعو إىل احلق وإىل صراط‬
‫مستقيم ومأمور بنصرهتا‪ ،‬إذن فهي الراية احلسينية وهي راية آل حممد ‪.‬‬
‫ومما تقدم نعرف أن اليماين سيد حسيين ومن آل حممد ومعه عهد رسول اهلل ‪.‬‬
‫‪‬‬ ‫عن أيب جعفر ‪ ‬أنه ُسئل عن الفرج مىت يكون‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫(‪ ،)2‬مث قال‪:‬‬
‫‪‬‬
‫(‪.)3‬‬ ‫‪‬‬
‫وهذه الرواية أيضاً تؤكد على أن الراية احلقة الوحيدة قبل قيام اإلمام املهدي ‪ ‬هي راية‬
‫حسينية وفيها األمر أي الفرج وقيام اإلمام املهدي ‪ ‬وإنشاء دولة العدل اإلهلي املوعودة‪.‬‬

‫‪ -7‬إلزام الناصب‪ :‬ص‪.212‬‬


‫‪ -2‬األعراف‪ ،17 :‬يونس‪ ،20 :‬يونس‪.702 :‬‬
‫‪ -8‬شرح األخبار‪ :‬ج‪ 8‬ص‪.11‬‬
‫‪ .............................................18‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫وقوله‪( :‬فيها األمر) له عالقة بوصف اليماين (ألنه يدعو إىل صاحبكم)‪ ،‬أي إىل اإلمام‬
‫املهدي ‪ ،‬وميهد له قيامه املقدس‪.‬‬
‫عن أمري املؤمنني ‪ ‬يف حديث طويل‪:‬‬

‫(‪.)1‬‬
‫ويف هذه الرواية عدة نقاط‪:‬‬
‫أ‪ -‬بعد أن أسسنا نقطة هامة جداً‪ ،‬وهي أن راية اهلدى واحلق يف عصر الظهور واحدة وهي‬
‫راية اليماين املوعود‪ ،‬يتبني أن هذه الراية أو الرايات اليت يف الرواية السابقة هي رايات اليماين‬
‫املوعود؛ ألهنا موصوفة بصفات جليلة وعظيمة‪ ،‬وقد تقدم أن كل الرايات يف عصر الظهور‬
‫مذمومة إال راية واحدة‪:‬‬
‫‪‬‬
‫ب‪ -‬قوله ‪( :‬وتقبل رايات من شرقي األرض)‪:‬‬
‫نعرف منه أن هذه الرايات مشرقية وال عالقة هلا باليمن أو غريه‪ ،‬وجهة املشرق هنا هي‬
‫العراق وإيران‪ ،‬إذن فحركة اليماين مشرقية مرددة بني العراق وإيران أو إن عصبة أنصارها منهما‪.‬‬
‫ج‪ -‬قوله ‪( :‬غير معلمة‪ ،‬ليست بقطن ول كتان ول حرير)‪:‬‬
‫الرايات املعلمة الظاهر هي الرايات امللونة أو املرسوم على حافاهتا رموز أو كتابة معينة‪ ،‬ومع‬
‫مقارنة ذلك مع روايات أخرى يتبني أهنا رايات سود ال يشوهبا لون غري السواد‪ ،‬ولعل هلا معىن‬
‫باطنياً آخر؛ وهو كوهنا هدى خالصاً ال يشوبه باطل‪ ،‬أي كوصف راية اليماين (أهدى‬
‫الرايات‪ ..‬يدعو إىل احلق وإىل طريق مستقيم‪.)..‬‬
‫وأما وصفها بأهنا ليست من قطن وال كتان وال حرير‪ ،‬فلعل معناه أهنا هي الراية الغالبة اليت‬
‫كابر عن كابر‪ ،‬أو أهنا منها ومنطوية حتتها هدفاً ومنهجاً‪ ...‬اخل‪.‬‬ ‫يتوارثها األئمة‬

‫‪ -7‬بحار األنوار‪ :‬ج‪ 52‬ص‪.214‬‬


‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪19 .........................................3 - 1 :‬‬

‫ويتضح هذا األمر أكثر عندما نسمع وصف الراية املغلبة‪ ،‬وأهنا ليست من قطن وال كتان‬
‫وال حرير‪ ،‬يف الرواية اآلتية‪:‬‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫عن أيب بصري‪ ،‬قال‪:‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬


‫‪‬‬

‫(‪.)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫ويؤيد هذا األمر أكثر ما تقدم من أن راية اليماين املوعود هي راية آل حممد وعلي‬
‫د‪ -‬قوله ‪( :‬مختوم في رأس القناة بخاتم السيد األكبر)‪:‬‬
‫السيد األكرب هو الرسول حممد ‪ ،‬ال كما حاول الكوراين حتريفها‪ ،‬عندما قال‪ :‬بأنه قد‬
‫يكون السيد اخلميين (رمحه اهلل)‪ ،‬فقد جاء يف دعاء الندبة‪( :‬وصل على محمد جده رسولك‬
‫السيد األكبر‪.)2( )...‬‬
‫وأيضاً روى املفضل بن عمر يف حديث طويل‪ ،‬عن اإلمام الصادق ‪ ‬يف القائم ‪‬‬
‫والرجعة‪:‬‬

‫(‪.)3‬‬

‫‪ -7‬كتاب الغيبة ‪ -‬للنعماني‪ :‬ص‪ 820 – 871‬باب‪ 71‬ح‪.7‬‬


‫‪ -2‬المزار ‪ -‬للمشهدي‪ :‬ص‪.538‬‬
‫‪ -8‬بحار األنوار‪ :‬ج‪ 58‬ص‪.74‬‬
‫‪ .............................................21‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫املغلبة‪ ،‬فهي منها أي من ميثلها وحيكي‬ ‫وهذا إن مل يعين أهنا نفس راية رسول اهلل‬
‫عنها‪.‬‬
‫وأما مسألة خامت رسول اهلل ‪ ،‬فاملستفاد من الراويات أن له أكثر من خامت‪ ،‬ولكن‬
‫األرجح ‪ -‬إن محلناه على املعىن املادي ‪ -‬هو اخلامت الذي أعطاه الرسول لعلي ‪ ‬قبل‬
‫وفاته‪:‬‬
‫عن أبان بن عثمان‪ ،‬عن أيب عبد اهلل ‪ ،‬قال‪:‬‬
‫‪‬‬
‫(‪.)1‬‬
‫وقد احتج أمري املؤمنني ‪ ‬على القوم بوراثته هلذا اخلامت‪ :‬عن أيب جعفر ‪ ،‬قال‪ :‬قال‬
‫أمري املؤمنني ‪ ‬حني قتل عمر ناشدهم‪ ،‬قال‪:‬‬
‫(‪.)2‬‬
‫والظاهر أن هذا اخلامت هو خامت سليمان ‪ ‬الذي كان يفتخر به أمري املؤمنني ‪:‬‬
‫‪‬‬ ‫عن أيب جعفر ‪ ،‬قال‪:‬‬

‫(‪.)3‬‬
‫وخامت سليمان كان عند اإلمام اجلواد ‪ ‬أيضاً‪:‬‬
‫عن احلسني بن موسى بن جعفر‪ ،‬قال‪( :‬رأيت يف يد أيب جعفر حممد بن علي الرضا‬
‫(عليهما السالم)‪ ،‬خامت فضة ناحل‪ ،‬فقلت‪ :‬مثلك يلبس مثل هذا ! قال ‪:‬‬
‫(‪.)4‬‬

‫‪ -7‬الكافي‪ :‬ج‪ 7‬ص‪ 282‬باب ما عند األئمة من سالح رسول هللا (صلى هللا عليه وآله) ح‪.1‬‬
‫‪ -2‬بصائر الدرجات ‪ -‬للصفار‪ :‬ص‪.202‬‬
‫‪ -8‬الكافي‪ :‬ج‪ 7‬ص‪.282 – 287‬‬
‫‪ -4‬مستدرك الوسائل‪ :‬ج‪ 8‬ص‪.234‬‬
‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪21 .........................................3 - 1 :‬‬
‫(‪)1‬‬
‫لعبد‬ ‫وقد يكون هو نفسه اخلامت ذو الفص األسود الذي أخرجه اإلمام الصادق ‪‬‬
‫‪ ،‬فقال‪ :‬تحب أن‬ ‫اهلل بن سنان‪ :‬عن عبد اهلل بن سنان‪ ،‬قال‪( :‬ذكرنا خامت رسول اهلل‬
‫أريكه؟ فقلت‪ :‬نعم‪ ،‬فدعا حبق خمتوم ففتحه وأخرجه يف قطنة‪ ،‬فإذا حلقة فضة وفيه فص أسود‬
‫عليه مكتوب سطران "حممد رسول اهلل "‪ ،‬قال‪ :‬مث قال‪ :‬إن فص النيب أسود) (‪.)2‬‬
‫وقد روي عن اإلمام علي ‪ ‬أن خامت سليمان عند دابة األرض اليت خترج يف آخر‬
‫الزمان‪:‬‬

‫(‪.)3‬‬
‫وأيضاً روي أن خامت سليمان يكون مع القائم ‪:‬‬
‫‪‬‬ ‫عن الريان بن الصلت‪ ،‬قال‪:‬‬

‫(‪.)4‬‬
‫وقد قيل أن خامت سليمان سداسي الشكل‪ ،‬كما جاء يف هامش حبار األنوار ج‪ 92‬هامش‬
‫ص ‪ ،28‬رقم‪( :2‬قيل‪ :‬وصورة خامت سليمان أن ترسم مثلثني متواردين‪ ،‬حبيث حيصل من ذلك‬
‫كوكبة هلا ستة زوايا هكذا (أي جنمة سداسية) (‪ ،)5‬وقيل يرسم ثالث مثلثات متواردات)‪.‬‬

‫‪ -7‬هذا هو الظاهر؛ ألن عبد هللا بن سنان يروي عن أبي عبد هللا الصادق ‪ ،‬وقيل إنه يروي عن‬
‫الكاظم ‪ ‬ولكنه غير ثابت كما قال النجاشي في رجاله‪.‬‬
‫‪ -2‬الكافي‪ :‬ج‪ 2‬ص‪.414 – 418‬‬
‫‪ -8‬كمال الدين وتمام النعمة‪ :‬ص‪.521‬‬
‫‪ -4‬كمال الدين وتمام النعمة‪ :‬ص‪.812‬‬
‫‪ -5‬ما بين قوسين من المؤلف للتوضيح‪ ،‬وليس من المصدر‪.‬‬
‫‪ .............................................22‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫وأيضاً جاء ذلك يف هامش مكارم األخالق للطربسي هامش ص‪ ،412‬رقم‪( :1‬صورة خامت‬
‫سليمان ‪ ‬يف الكتب املشهورة هكذا‪ :‬ويف بعضها كذا‪ :‬ويف بعضها كذا‪ .):‬وذكر أن أحد‬
‫األشكال هو النجمة السداسية‪.‬‬
‫‪ ،‬وهي جنمة نيب اهلل داود ‪،‬‬ ‫وقد وردت النجمة السداسية يف بعض أحراز األئمة‬
‫وهلا أسرار عظيمة‪ ،‬والثابت أن مواريث األنبياء كلها عند الرسول حممد وقد ورثها منه أمري‬
‫املؤمنني ‪ ‬وهكذا األوصياء من بعده إىل القائم ‪ ،‬وقد دلت الروايات السابقة على أن‬
‫وهم يتفاخرون به ويعظمونه أشد التعظيم (‪.)1‬‬ ‫خامت سليمان ‪ ‬عند األئمة‬
‫وعلى أي حال فالراجح إن مل يكن أكيداً أن املقصود من خامت الرسول هو خامت نيب‬
‫اهلل سليمان ‪ ‬وهو سداسي الشكل‪ ،‬وإذا غضضنا النظر عن ذلك‪ ،‬فاملتحصل لدينا أن هذه‬
‫وخمتومة خبامت رسول اهلل أي إهنا منه وله وإليه‬ ‫الرايات املشرقية هي رايات آل حممد‬
‫وليست برايات ضالل‪.‬‬
‫هـ‪ -‬قوله ‪( :‬يسوقها رجل من آل محمد تظهر بالمشرق)‪:‬‬
‫هنا تأكيد آخر على أن هذه الرايات تظهر باملشرق‪ ،‬وقوله بأهنا يسوقها رجل من آل حممد‬
‫أي يقودها‪ ،‬سواء كانت قيادة فكرية وعقائدية أو قيادة مباشرة بأن يكون معها يف نفس‬

‫‪ -7‬ومن باب؛ الشيء بالشيء يذكر‪ ،‬فقد قيل أن الصابئة عملوا هياكل للكواكب وكان هيكل زحل‬
‫مسدس الشكل‪ ،‬وربما هذا ليس من سبيل الصدفة؛ ألن بعض األديان وإن كانت منحرفة ولكنها ورثت‬
‫بعض األمور‪ ،‬أي علمتها من الشرائع السابقة لألنبياء (عليهم السالم)‪:‬‬
‫قال الطباطبائي في تفسيره‪ ...( :‬ثم ذكر المسعودي‪ ....‬ومن هياكل الصابئة هيكل السلسلة‪ ،‬وهيكل‬
‫الصورة‪ ،‬وهيكل النفس وهذه مدورات الشكل‪ ،‬وهيكل زحل مسدس‪ )...‬تفسير الميزان‪ :‬ج‪ 1‬ص‪.281‬‬
‫وكوكب زحل هو كوكب أمير المؤمنين ‪ ‬كما روي عن أهل البيت (عليهم السالم)‪:‬‬
‫قال اإلمام الصادق ‪ ‬في حوار له مع رجل يماني‪( :‬فما زحل عندكم في النجوم؟ فقال اليماني‪ :‬نجم‬
‫نحس‪ .‬فقال له أبو عبد هللا ‪ :‬مه‪ ،‬ال تقولن هذا فإنه نجم أمير المؤمنين ‪ ،‬وهو نجم األوصياء‬
‫عليهم السالم‪ ،‬وهو النجم الثاقب الذي قال هللا ‪ ‬في كتابه‪ .‬فقال له اليماني‪ :‬فما يعني بالثاقب؟ قال‪:‬‬
‫إن مطلعه في السماء السابعة وإنه ثقب بضوئه حتى أضاء في السماء الدنيا‪ ،‬فمن ثم سماه هللا ‪‬‬
‫النجم الثاقب‪ )...‬الخصال ‪ -‬للصدوق‪ :‬ص‪.410 – 431‬‬
‫وقال علي بن إبراهيم القمي في تفسيره‪"( :‬والسماء والطارق" قال‪ :‬الطارق النجم الثاقب‪ ،‬وهو نجم‬
‫العذاب ونجم القيامة‪ ،‬وهو زحل في أعلى المنازل‪ )...‬تفسير القمي‪ :‬ج‪ 2‬تفسير سورة الطارق‬
‫ص‪.475‬‬
‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪23 .........................................3 - 1 :‬‬

‫املسري‪ ،‬ومن هذا نعرف أن هذه الرايات يقودها رجل من آل حممد أي إنه صاحب راية آل‬
‫حممد وعلي (عليهما السالم) كما يف رواية اإلمام الباقر ‪ ،‬وهي أيضاً راية حسينية كما ثبت‬
‫أيضاً فيما تقدم‪ ،‬إذن فال يكون هلا مصداق غري راية اليماين؛ ألنه ال توجد أكثر من راية‬
‫ممدوحة هكذا غري راية اليماين املوعود‪ ،‬وبذلك يتضح أن اليماين رجل من آل حممد ومعه عهد‬
‫رسول اهلل ‪ -‬وصيته ‪ -‬أي إنه وصي من األوصياء‪.‬‬
‫و‪ -‬قوله ‪( :‬وتوجد ريحها بالمغرب كالمسك األذفر)‪:‬‬
‫رمبا الريح هنا كناية عن العلم واهلداية وحسن السرية‪ ،‬أي إن هذه الرايات تظهر باملشرق‬
‫ويبلغ هداها واستقامة منهجها إىل املغرب‪ ،‬وتوجد هناك من يعرف رحيها وحيمله ويتعطر به‪.‬‬
‫واهلل العامل‪.‬‬
‫ز‪ -‬قوله ‪( :‬يسير الرعب أمامها بشهر حتى ينزلوا الكوفة طالبين بدماء آبائهم)‪:‬‬
‫اليت جاء هبا جربائيل‬ ‫ومسألة مسرية الرعب أمامها شهراً هي من صفات راية رسول اهلل‬
‫‪ ‬من اجلنة واليت هي راية اإلمام املهدي ‪ ‬كما سبق يف رواية اإلمام‪:‬‬

‫وهذا يؤكد أكثر على أن هذه الراية هي راية اإلمام املهدي ‪ ‬أو إهنا راية اليماين املوعود‬
‫اليت هي أهدى الرايات‪ ،‬واملأمور باتباعها‪ ،‬املنهي عن اتباع غريها‪.‬‬
‫ح‪ -‬قوله ‪:‬‬
‫‪:‬‬
‫الظاهر أن املقصود من خيل اليماين هنا ليس راية اليماين وال جيشه امللتصق به منذ البداية؛‬
‫ألن تكملة الرواية تبني أن هؤالء ‪ -‬خيل اليماين ‪ -‬يظهرون الندم والتوبة عن تأخرهم‬
‫وجلوسهم‪ ،‬وهذا هو قوهلم كما جاء يف تكملة الرواية‪:‬‬
‫‪ .............................................24‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫(‪.))1‬‬
‫وقد يكون هؤالء من أتباع اليماين واخلراساين وقد تأخروا عن النصرة أو عرض هلم أمر ما‬
‫عربت عنهم بـ (خيل اليماين) وليس‬ ‫سبب تأخرهم ولذلك نرى حسرهتم وندامتهم‪ ..‬فالرواية َّ‬
‫اليماين نفسه‪.‬‬
‫وسيأيت إن شاء اهلل يف احللقات القادمة مبحث تعدد اليماين مبعىن أن أصحاب وأنصار‬
‫وقادة اليماين املوعود كلهم ميانية نسبة إىل قائدهم‪ ،‬أي إن كل واحد منهم يوصف بـ (اليماين)‪،‬‬
‫كما أن قادة وأتباع السفياين كل واحد منهم يسمى سفياين نسبة إىل قائدهم السفياين األصل‪.‬‬
‫وعلى هذا فقد يكون (خيل اليماين) هي خيل أحد قادة اليماين وأتباعه‪ ،‬وقد تأخروا أو‬
‫حال بينهم وبني اللحوق حائل ما‪ ...‬واهلل العامل‪.‬‬
‫وال ننسى األصل األصيل الذي تقدم بيانه وهو أن راية اليماين هي أهدى الرايات‪ ،‬وهي‬
‫وال توجد راية غريها مأمور بطاعتها‪ ...‬اخل‪.‬‬ ‫راية آل حممد‬
‫ولنأيت اآلن إىل مساع رواية أخرى عن راية آل حممد يف عصر الظهور املقدس‪.‬‬
‫عن أمري املؤمنني ‪ ،‬قال على منرب الكوفة‪:‬‬

‫(‪.)2‬‬
‫وأيضاً يف الرواية أعاله عدة نقاط البد من بياهنا‪:‬‬
‫أ‪ -‬قوله ‪:‬‬

‫‪ -7‬البقرة‪.222 :‬‬
‫‪ -2‬غيبة النعماني‪ :‬ص‪.225‬‬
‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪25 .........................................3 - 1 :‬‬

‫جند هذا الوصف للفنت ورحى احلرب‪( :‬قامت على قطبها وثبتت على ساقها) يف غري‬
‫يصرحون أو يشريون بأنه حينئذ يكون الفرج‬
‫‪ ،‬وجندهم ِّ‬ ‫هذه الرواية من كالم أهل البيت‬
‫‪ ،‬بل ويشريون إىل راية آل حممد يف عصر الظهور املقدس‪.‬‬ ‫برجل من آل حممد‬
‫عن أمري املؤمنني ‪ ‬يف خطبة طويلة‪:‬‬

‫(‪.)1‬‬
‫فنجد أمري املؤمنني ‪ُ ‬يرب عن رحى الضاللة واحلرب‪ ،‬مث ُيرب عن راية احلق واهلدى اليت‬
‫من لزمها حلق ومن خذهلا حمق‪ ،‬وكأنه يقول عند ذلك فعليكم باتباع رايتنا املعصومة املنجية من‬
‫تلك الفتنة‪ ،‬وقد عرفنا أن راية آل حممد وعلي (عليهما السالم) يف آخر الزمان هي راية اليماين‬
‫املوعود‪ ،‬وهي متصفة بنفس الصفات اليت ذكرها أمري املؤمنني ‪:‬‬

‫وكذلك جند أمري املؤمنني ‪ ‬يتكلم عن نفس الرحى الطاحنة‪ ،‬وخصوصاً إذا قارنا بني‬
‫الروايتني‪:‬‬

‫مث جند اإلمام علي ‪ ‬بعد ذلك يطلب النصرة واالتباع هلذه الراية املهدية‪ ،‬وحيذر عن‬
‫خذالهنا بالعذاب‪:‬‬
‫وأيضاً قارن ذلك بوصف الباقر ‪ ‬لليماين املوعود بوجوب نصرته وأن املتخلف عنه من‬
‫أهل النار‪ ،‬يتضح لك احلال بأوضح مقال‪.‬‬

‫‪ -7‬كتاب سليم بن قيس ‪ -‬تحقيق األنصاري‪ :‬ص‪.251 – 253‬‬


‫‪ .............................................21‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫واآلن نأيت إىل قول أمري املؤمنني ‪ ‬بعد قوله‪:‬‬

‫ب‪ -‬قوله ‪( :‬بعث اهلل عليها عبداً عنيفاً خامالً أصله)‪:‬‬


‫أي إن بعد قيام الرحى يبعث اهلل تعاىل عليها عبداً عنيفاً‪ ،‬أي يبعثه للحرب والقضاء على‬
‫قطب رحى الباطل والفساد واإلفساد‪ ،‬ووصفه بـ (عبداً)‪ ،‬مأخوذ من العبودية والطاعة هلل تعاىل‪،‬‬
‫أي إن هذا الرجل هو (عبد اهلل) يف عصر الظهور‪ ،‬وطبعاً هذا ال يعين انتفاء هذه الصفة عن‬
‫غريه مطلقاً‪ ،‬بل يعين انطباقها عليه بأعلى مستوياهتا يف وقته وحميطه‪ ،‬كما قال عيسى ‪:‬‬
‫ْكتاب وجعلنِي نبِيّاً﴾(‪ ،)1‬وكما وصف اهلل تعاىل رسوله حممد‬ ‫﴿قال إِنِّي عب ُد الل ِه آتانِي ال ِ‬
‫ْ‬
‫ادوا ي ُكونُون عل ْي ِه لِبداً﴾(‪ ،)2‬وأيضاً كما كان يقول أمري‬
‫‪﴿ :‬وأنهُ لما قام ع ْب ُد الل ِه ي ْد ُعوهُ ك ُ‬
‫املؤمنني ‪ ‬مفتخراً‪( :‬أنا عبد اهلل وأخو رسوله) (‪.)3‬‬
‫ووصفه بـ (عنيفاً) يعين أنه شديد صلب يف أمره‪ ،‬مأخوذ من العنف وهو ضد الرفق‪ ،‬وهذا‬
‫أكيد نظراً إىل مهمة هذا الرجل الذي هو املمهد الرئيسي لإلمام املهدي ‪ ،‬وقد استفاضت‬
‫الروايات يف وصف شدة اإلمام املهدي ‪ ‬وكثرة القتل والتنكيل الذي يوقعه بالظاملني‬
‫واملنافقني واملنحرفني عند قيامه‪.‬‬
‫وأما وصفه بـ (خامالً أصله)‪ ،‬فهنا مفردتان البد من الوقوف على معنامها‪ ،‬ومها‪( :‬خامالً) و‬
‫(أصله)‪:‬‬
‫‪ -‬خامالً‪ :‬مأخوذ من (مخل) أي خفي‪ ،‬فيكون (خامالً) مبعىن خافياً‪.‬‬
‫قال الزبيدي يف تاج العروس‪[( :‬مخل]‪ :‬مخل ذكره وصوته مخوالً‪ :‬خفي‪ .‬قال املتنخل‪:‬‬
‫هل تعرف املنزل باألهيل * كالوشم يف املعصم مل ُيمل؟‬

‫‪ -7‬الجن‪.80 :‬‬
‫‪ -2‬الجن‪.71 :‬‬
‫‪ -8‬انظر‪ :‬الخصال‪ :‬ص‪.402‬‬
‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪27 .........................................3 - 1 :‬‬

‫أراد مل يدرس فيخفى‪ ،‬هو من حد نصر‪ ،‬هكذا صرح به األزهري وابن سيده واجلوهري‬
‫والصاغاين وابن القطاع وابن القوطية‪.)1( )....‬‬
‫إذن‪ ،‬فاخلمول هنا يف هذا احلديث هو اخلفاء وعدم الشهرة بني الناس‪.‬‬
‫‪( -‬أصله)‪ :‬وأصل الشجر والنبات هو جذوره وعروقه‪ ،‬وقوهلم قلعت الشجرة من أصلها أي‬
‫من عروقها‪ ،‬وهو يطلق على اإلنسان ويراد منه نسبه من اآلباء واألجداد‪.‬‬
‫قال ابن منظور يف لسان العرب‪ ...( :‬أنشد ثعلب‪ :‬ورب حسيب األصل غري حسيب أي‬
‫له آباء يفعلون اخلري وال يفعله هو‪.)2( )...‬‬
‫وهذا هو املتعارف بني الناس واملتبادر عندما يقال (أصل فالن) أي نسبه‪ ،‬والنسب هو‬
‫االنتساب إىل اآلباء‪ ..‬واحلسب هو مفاخر اآلباء ومناقبهم‪ ،‬أو مفاخر الرجل نفسه‪ ،‬وقد يطلق‬
‫أيضاً على املال‪ ..‬اخل‪.‬‬
‫فيكون معىن (خامالً أصله) أي خافياً نسبه‪ ،‬ومنه يتضح أن صاحب راية آل حممد وأهدى‬
‫ليست‬ ‫الرايات يف عصر الظهور يوجد أمر خفي يف نسبه‪ ،‬وهذه اإلشارة من أهل البيت‬
‫اعتباطية ‪ -‬وحاشاهم من االعتباط ‪ -‬فلهم يف كل إشارة غاية أو غايات‪ ،‬وسيأيت بيان كيفية‬
‫خفاء نسب اليماين ومخوله يف احللقات القادمة إن شاء اهلل فانتظر‪.‬‬
‫وقوله‪( :‬بعث اهلل عليهم عبداً‪ )...‬أي إن هذا الرجل مبعوث من اهلل مبعىن أنه من جند اهلل‬
‫تعاىل‪ ،‬ال مبعىن أنه سلطه عليهم كما يُسلط الظامل على الظامل‪ ..‬ويعرف هذا من بقية فقرات‬
‫الرواية وسائر الروايات أيضاً‪ ،‬حيث نعرف أنه املمهد لإلمام املهدي ‪ ‬وصاحب راية آل‬
‫‪ ،‬وهذا البعث واإلرسال جاء يف قوله تعاىل‪﴿ :‬فِإذا جاء و ْع ُد أ ُ‬
‫ُولهما بـعثْـنا عل ْي ُك ْم‬ ‫حممد‬
‫اسواْ ِخالل الدِّيا ِر وكان و ْعداً م ْف ُعولً﴾(‪.)3‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عباداً لنا أ ُْولي بأْس شديد فج ُ‬
‫وتعال معي أيها القارئ لنقارن بني ألفاظ اآلية والرواية‪:‬‬

‫‪ -7‬تاج العروس‪ :‬ج‪ 74‬ص‪ 272‬مادة خمل‪.‬‬


‫‪ -2‬لسان العرب‪ :‬ج‪ 7‬ص‪ 870‬مادة حسب‪.‬‬
‫‪ -8‬اإلسراء‪.5 :‬‬
‫‪ .............................................28‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫بعثنا = بعث اهلل‪.‬‬


‫عباداً لنا "عباد اهلل" = عبداً "عبد اهلل"‪.‬‬
‫أويل بأس شديد = عنيفاً‪ ...‬يسلطهم اهلل عليهم بال رمحة فيقتلوهنم هرجاً‪.‬‬
‫وكما هو معلوم أنه ميكن التعبري عن املفرد باجلمع للتعظيم أو ما شابه‪ ،‬وكذلك ميكن أن‬
‫يعرب عن اجملموع ويراد زعيمهم وقائدهم‪ ،‬وأيضاً قد يعرب عن الزعيم ويراد األعم منه ومن قومه‪.‬‬
‫يف تأويل هذه اآلية املباركة‪:‬‬ ‫ولنسمع ما جاء عن أهل البيت‬
‫اب لتُـ ْف ِس ُدن‬ ‫عن أيب عبد اهلل ‪ ‬يف قوله تعاىل‪﴿( :‬وقضيـنا إِلى بنِي إِسرائِيل فِي ال ِ‬
‫ْكت ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ض مرتـ ْي ِن﴾ قال‪ :‬قتل علي بن أبي طالب ‪ ‬وطعن الحسن ‪﴿ ،‬ولتـ ْعلُن‬ ‫فِي األ ْر ِ‬
‫ُولهما﴾ فإذا جاء نصر دم‬ ‫ُعلُّواً كبِيراً﴾ قال‪ :‬قتل الحسين ‪﴿ ،‬فِإذا جاء و ْع ُد أ ُ‬
‫اسواْ ِخالل الدِّيا ِر﴾ قوم يبعثهم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الحسين ‪﴿ ‬بـعثْـنا عل ْي ُك ْم عباداً لنا أ ُْولي بأْس شديد فج ُ‬
‫(‪)1‬‬
‫اهلل قبل خروج القائم ‪ ‬فال يدعون وترا آلل محمد إل قتلوه‪﴿ ،‬وكان و ْعداً م ْف ُعولً﴾‬
‫خروج القائم ‪.)2( )...‬‬
‫تفسري العياشي‪ :‬عن محران‪ ،‬عن أيب جعفر ‪ ،‬قال‪( :‬كان يقرأ ﴿بـعثْـنا عل ْي ُك ْم ِعباداً‬
‫لنا أ ُْولِي بأْس ش ِديد﴾‪ ،‬مث قال‪ :‬وهو القائم وأصحابه أولى بأس شديد) (‪ .)3‬وأترك التعليق‬
‫على هاتني الروايتني؛ ألن فيهما كالم طويل رمبا يأيت يف مستقبل هذه الدراسة إن شاء اهلل‬
‫تعاىل‪.‬‬
‫ج‪ -‬قوله ‪( :‬يكون النصر معه)‪:‬‬
‫والنصر هنا على الفاسقني واملنحرفني من بين العباس وأتباعهم وبين أمية وأشباههم أي كل‬
‫‪ ،‬وهذا النصر هو نصر وفتح للقائم ‪.‬‬ ‫عدو آلل حممد‬
‫ش ِر ال ُْم ْؤِمنِين﴾(‪.)4‬‬
‫صر ِّمن الل ِه وفـ ْتح ق ِريب وب ِّ‬ ‫ِ‬
‫قال تعاىل‪﴿ :‬وأُ ْخرى تُحبُّونـها ن ْ‬

‫‪ -7‬اإلسراء‪.5 – 4 :‬‬
‫‪ -2‬الكافي‪ :‬ج‪ 3‬ص‪.202‬‬
‫‪ -8‬تفسير العياشي‪ :‬ج‪ 2‬ص‪ ،237‬بحار األنوار‪ :‬ج‪ 57‬ص‪.51‬‬
‫‪ -4‬الصف‪.78 :‬‬
‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪29 .........................................3 - 1 :‬‬

‫صر ِّمن الل ِه وفـ ْتح ق ِريب﴾ يعين يف‬ ‫ِ‬


‫قال علي بن إبراهيم القمي‪﴿( :‬وأُ ْخرى تُحبُّونـها ن ْ‬
‫الدنيا بفتح القائم‪.)1( )...‬‬
‫د‪ -‬قوله ‪( :‬أصحابه الطويلة شعورهم أصحاب السبال)‪:‬‬
‫قد تكون الشعور هنا كناية عن األفكار والعلم‪ ،‬أي إن علم هؤالء املؤمنني اجملاهدين وافر‬
‫وكثري‪.‬‬
‫وأما (أصحاب السبال)‪ ،‬فقد يراد منه وصف للشعر بأنه سبل أو سبط أي ليس جبعد‪،‬‬
‫وهذا أيضاً قد يكون على الظاهر‪ ،‬وقد يكون أيضاً كناية عن سهولة أفكارهم مبعىن عدم‬
‫تشوشها واضطراهبا واعوجاجها‪.‬‬
‫وقد يكون السبال مجع سبلة وهي مبعان عديدة‪ ،‬منها سبلة الشارب وتثىن سباالن‪ ،‬ومها‬
‫طرفا الشارب النازالن على اللحية‪ ،‬وقيل هي اللحية‪ ،‬وقيل إهنا مقدمة اللحية خاصة (‪ ..)2‬وقد‬
‫تعين أن هؤالء أصحاب شجاعة ورجولة يف ذات اهلل ودينه‪ ،‬أي أن شجاعتهم مقيدة بقيود‬
‫الدين واألخالق؛ ألن الشارب يرمز للرجولة واللحية ترمز للدين‪ ..‬واهلل العامل‪.‬‬
‫هـ‪ -‬قوله ‪( :‬سود ثيابهم‪ ،‬أصحاب رايات سود)‪:‬‬
‫بعد بيان أن راية احلق يف عصر الظهور هي واحدة‪ ،‬وأهنا راية اليماين املوعود‪ ،‬وأنه حسيين‬
‫النسب‪ ،‬وأنه وصي‪ ...‬فهنا يضاف شيء آخر‪ ،‬وهو أنه صاحب الرايات السود كما تدل عليه‬
‫روايات أخرى‪ ،‬وكذلك أن أتباعه أصحاب ثياب سود‪.‬‬
‫و‪ -‬قوله ‪:‬‬

‫‪.‬‬

‫‪ -7‬تفسير القمي‪ :‬ج‪ 2‬ص‪.822‬‬


‫‪ -2‬راجع لسان العرب ‪ -‬البن منظور‪ :‬ج‪ 77‬ص‪ 822 – 827‬مادة سبل‪.‬‬
‫‪ .............................................31‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫وهنا يبني اإلمام علي ‪ ‬شدة هؤالء األولياء ضد الفجار واألعراب اجلفاة‪ ،‬وأهنم‬
‫يقتصون من هؤالء الفاسقني بال رمحة هرجاً بشاطئ الفرات أي يف العراق‪ ،‬ومسألة القتل بال‬
‫رمحة هرجاً وصف هبا القائم ‪ ‬أيضاً‪:‬‬
‫‪‬‬ ‫عن أيب بصري‪ ،‬قال‪:‬‬

‫(‪.)1‬‬
‫وعن أمري املؤمنني ‪ ‬يف خطبة له‪:‬‬

‫(‪.)2‬‬
‫وإىل هنا انتهينا من شرح الرواية السابقة بتوفيق اهلل تعاىل ونشرع برواية أخرى أيضاً ألمري‬
‫املؤمنني ‪ ‬وهي تنطبق انطباقاً عجيباً مع سابقتها‪.‬‬
‫عن أمري املؤمنني ‪ ،‬أنه قال‪:‬‬

‫(‪.)3‬‬
‫وهنا أيضاً عدة نقاط‪:‬‬
‫أ‪ -‬بنو العباس هنا هم بنو العباس يف آخر الزمان‪ ،‬وهم آخر دولة يف العراق قبل قيام اإلمام‬
‫املهدي ‪ ،‬والظاهر أن التسمية هنا ليست بسبب النسب‪ ،‬بل بسبب املشاهبة يف املنهج‬
‫واحلكم‪ ،‬فإن بين العباس ابتدأت دولتهم برايات سود وشعارات الرضا من آل حممد ‪ ،‬مث‬

‫‪ -7‬الغيبة ‪ -‬للنعماني‪ :‬ص‪.723‬‬


‫‪ -2‬شرح األخبار ‪ -‬للقاضي النعمان المغربي‪ :‬ج‪ 8‬ص‪.812‬‬
‫‪ -8‬الغيبة ‪ -‬للنعماني‪ :‬ص‪.253‬‬
‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪31 .........................................3 - 1 :‬‬

‫تتبعوا آل حممد وقتلوهم وسجنوهم ومثلوا هبم‪ ...‬اخل‪ ،‬أي إهنا دولة مكر وخداع مقنعة بربقع‬
‫الدين وهي منه براء‪.‬‬
‫والدليل على أن آخر دولة للباطل يف العراق تسمى دولة بين العباس الروايات اآلتية‪:‬‬
‫‪‬‬ ‫عن احلسن بن اجلهم‪ ،‬قال‪:‬‬
‫(‪.)1‬‬
‫‪‬‬ ‫وعن علي بن أيب محزة‪ ،‬قال‪:‬‬

‫(‪.)2‬‬
‫وعن أيب جعفر الباقر ‪:‬‬

‫(‪.)3‬‬
‫وعن أيب جعفر الباقر ‪:‬‬

‫‪‬‬

‫(‪.)4‬‬

‫‪ -7‬الغيبة ‪ -‬للنعماني‪ :‬ص‪.875‬‬


‫‪ -2‬الغيبة ‪ -‬للنعماني‪ :‬ص‪.874‬‬
‫‪ -8‬الغيبة ‪ -‬للنعماني‪ :‬ص‪.221‬‬
‫‪ -4‬كتاب الغيبة ‪ -‬للنعماني‪:‬ص‪.224‬‬
‫‪ .............................................32‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫وأعتقد أن الروايات ال حتتاج للتفصيل باملعىن املراد‪ ،‬وسيأيت شرحها من جهات أخرى إن‬
‫شاء اهلل تعاىل‪.‬‬
‫ب‪ -‬قوله ‪( :‬ويسلط اهلل عليهم علجاً)‪:‬‬
‫يف الرواية اليت سبق شرحها قال أمري املؤمنني ‪( :‬بعث اهلل عليها عبداً عنيفاً‪ ،)...‬هنا‬
‫قال‪( :‬سلط اهلل عليهم علجاً‪ )...‬ومها متقاربان كما سيأيت‪.‬‬
‫ومنه ومما سبق نعرف أن رحى احلرب والفتنة اليت تدور املقصود أهنا يف العراق خاصة‪ ،‬وإن‬
‫كان هذا ال ينفي وجود فنت وحروب يف باقي الدول‪ ،‬ولكن الرتكيز يف هذه الروايات على‬
‫العراق كما ال ُيفى‪.‬‬
‫وقيل يف معىن (العلج) عدة معان‪( :‬الرجل القوي الضخم‪ ،..‬اجللد الشديد يف أمره‪،..‬‬
‫شديد صريع معاجل لألمور‪ ،..‬الكافر‪ ،..‬اجلايف يف اخللقة‪ ،..‬اللئيم) (‪.)1‬‬
‫وطبعاً ال ميكن محله على املعاين املذمومة؛ ألنه هو الذي يسلب ملك بين العباس ويسلمه‬
‫إىل اإلمام املهدي ‪ ‬كما تبني نفس الرواية‪ ،‬بل إن الرواية تشهد على أنه الشديد يف احلرب‬
‫القوي احلازم يف أمره واملعاجل لألمور الصعاب؛ ألنه موصوف بأنه ال ترفع له راية إال هدها‪..‬‬
‫والويل ملن ناواه‪ ..‬اخل‪.‬‬
‫وقد ذكر هذا املعىن ابن منظور يف لسان العرب ضمن معاين مادة (علج)‪( :‬علج‪ :‬العِلج‪:‬‬
‫الرجل الشديد الغليظ‪ ،‬وقيل هو كل ذي حلية‪ ،‬واجلمع أعالج وعلوج‪ ...‬واستَـعلَج الرجل‪:‬‬
‫خرجت حليته وغلظ واشتد وعبل بدنه‪ ...‬وكل صلب شديد‪ِ :‬علج‪...‬‬
‫العلَّج‪ :‬الشديد من الرجال قتاالً ونطاحاً‪ .‬ورجل ُعلَّج‪ :‬شديد العالج‪ .‬ورجل َعلِج‪ ،‬بكسر‬ ‫وُ‬
‫وعلَّج‪.)2( )...‬‬
‫الالم‪ ،‬أي شديد‪ .‬ويف التهذيب‪ُ :‬علَج ُ‬
‫(علِج)‪ ،‬وأما بكسر العني وسكون‬ ‫فيكون لفظ (علج)‪ ،‬أما بفتح العني وكسر الالم هكذا َ‬
‫(علَج أو ُعلَّج)‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الالم هكذا (علج)‪ ،‬وأما بضم العني وفتح الالم مع التشديد وبدونه هكذا ُ‬

‫‪ -7‬راجع بحار األنوار‪ :‬ج‪ 87‬ص‪ ،582 – 587‬وغيبة النعماني‪ :‬ص‪.253‬‬


‫‪ -2‬لسان العرب‪ :‬ج‪ 2‬ص‪.821‬‬
‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪33 .........................................3 - 1 :‬‬

‫وكذلك الزبيدي يف تاج العروس حيث قال‪ ...( :‬وكل صلب شديد‪ :‬علج‪ .‬والعلج‪:‬‬
‫"الرغيف"‪ ......‬وعاجله "أي الشيء‪ "،‬عالجاً ومعاجلة‪ :‬زاوله "ومارسه‪ .......‬ويف حديث علي‬
‫رضي اهلل عنه" أنه بعث برجلني يف وجه وقال‪" :‬إنكما علجان فعاجلا عن دينكما"‪ .‬العلج‪ :‬هو‬
‫الرجل القوي الضخم‪ .‬وعاجلا‪ :‬أي مارسا العمل الذي ندبتكما إليه واعمال به وزاواله‪ .‬وكل‬
‫شيء زاولته ومارسته فقد عاجلته‪ .‬وعاجل املريض معاجلة وعالجاً عاناه و "داواه"‪ .‬واملعاجل‪:‬‬
‫املداوي‪ ،‬سواء عاجل جرحياً أو عليالً أو دابة‪ ........‬ويف اللسان‪ :‬العلج‪ :‬الشديد من الرجال‬
‫قتاالً ونطاحاً) (‪.)1‬‬
‫ذكرت املعاين اللغوية اليت تبني املعىن احلسن‪ ،‬مع أننا يف غىن عنها بروايات أهل البيت ‪‬‬
‫اليت بيَّنت أن هذا الرجل هو من آل حممد وأهدى الرايات ومشرقي وحسيين‪ ...‬اخل‪ ،‬ومنها‬
‫يتضح معىن (علجاً) وهو الشديد يف أمره املعاجل لألمور الصعاب من احلروب واألهوال‪ ،‬وهو‬
‫مقارب ملعىن قول أمري املؤمنني ‪ ‬يف الرواية اليت سبقت (بعث عليهم عبداً عنيفاً‪ )...‬أي‬
‫؛ ألنه‬ ‫عنيفاً يف احلروب‪ ،‬وال تأخذه يف اهلل لومة الئم‪ ،‬وال يرحم أحداً من أعداء آل حممد‬
‫العذاب اإلهلي املصبوب على اجلاحدين والغاصبني واملفسدين‪ ،‬فكيف للمعاجل أن يسمح ببقاء‬
‫الداء والعلة يف جسد الدين واألمة اإلسالمية‪ ،‬بل إن الرمحة يف هكذا جمال ال تسمى رمحة بل‬
‫هي خيانة وتقصري يف أداء التكليف اإلهلي وتفريط يف النصح هلل ولعباده‪.‬‬
‫ج‪ -‬قوله ‪( :‬يخرج من حيث بدأ ملكهم)‪:‬‬
‫وحتديد ذلك يكون بالتدقيق يف بداية ملك دولة بين العباس يف آخر الزمان‪ ،‬وهذا حبث‬
‫مؤجل إىل وقته‪ ..‬إن شاء اهلل تعاىل‪.‬‬
‫د‪ -‬قوله ‪( :‬ل يمر بمدينة إل فتحها‪ ،‬ول ترفع له راية إل هدها‪ ،‬ول نعمة إل‬
‫أزالها‪ ،‬الويل لمن ناواه)‪:‬‬

‫‪ -7‬تاج العروس‪ :‬ج‪ 8‬ص‪.481 – 482‬‬


‫‪ .............................................34‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫وهذا يدل على أن هذا الرجل عند خروجه وقيامه بالسيف يف الوقت املعلوم‪ ،‬يكون مؤيداً‬
‫مظفراً بنصر اهلل تعاىل‪ ،‬وهذا يساوي معىن قول أمري املؤمنني ‪ ‬يف الرواية السابقة‪:‬‬
‫‪ .‬وعميت عني ال ترى‬
‫احلقيقة إن بانت كالشمس إذا انزاح عنها السحاب‪.‬‬
‫هـ‪ -‬قوله ‪( :‬فال يزال كذلك حتى يظفر ويدفع بظفره إلى رجل من عترتي‪ ،‬يقول‬
‫بالحق‪ ،‬ويعمل به)‪:‬‬
‫وهنا نقطتان‪:‬‬
‫األولى‪ :‬هي أن هذا الرجل ُيرج على بين العباس وينتصر عليهم ويسقيهم كأساً مصربة‬
‫وبدون رمحة‪ ،‬وهو نفسه الـ (العبد العنيف خامل األصل) الذي َّبني أمري املؤمنني ‪ ‬أنه ُيرج‬
‫على الظاملني يف العراق ويقتلهم َهرجاً بال رمحة‪ ،‬وهؤالء أيضاً هم بنو العباس‪.‬‬
‫وهذا الرجل املنصور املظفر صاحب الفتح يدفع بنصره إىل اإلمام املهدي ‪ ‬أي إنه‬
‫املمهد لإلمام املهدي ‪ ،‬وقد تبني من خالل الروايات اليت ناقشناها وسيتبني أكثر مما سيأيت‬
‫وهو حسيين النسب وُيرج من املشرق وهو‬ ‫بأن هذا املمهد هو صاحب راية آل حممد‬
‫أهدى الرايات ويدعو إىل احلق وإىل طريق مستقيم وصاحب دعوة إىل اإلمام املهدي ‪،‬‬
‫ودليل االحنصار به هو الروايات اليت تنص على أن كل الرايات يف عصر الظهور شاذة إال راية‬
‫واحدة‪ ،‬إذن فالبد أن تكون الراية صاحبة الظفر املدفوع لإلمام املهدي ‪ ‬هي راية اهلدى‬
‫واملأمور بنصرهتا واملنهي عن االلتواء عليها‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬بعد إثبات أن آخر دولة للباطل يف العراق هي دولة بين العباس‪ ،‬فنحن نعلم من‬
‫خالل الروايات بأن الرايات اليت تشارك يف استئصاهلا وهالكها ثالث رايات‪ :‬راية اليماين‪ ،‬وراية‬
‫اخلراساين‪ ،‬وراية السفياين‪.‬‬
‫فالبد أن يكون هذا العبد العنيف أحد هذه الرايات الثالث‪ ،‬ومن البديهي أن راية السفياين‬
‫ساقطة رأساً؛ ألهنا راية ضالل‪ ،‬فيبقى الرتديد بني راية اليماين واخلراساين‪ ،‬وبعد الرجوع إىل ما‬
‫أصلناه سابقاً من أن الراية املمدوحة مبدائح عظيمة هي راية اليماين املوعود وهي راية آل حممد‬
‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪35 .........................................3 - 1 :‬‬

‫‪ ...‬فتسقط راية اخلراساين من االحتمال‪ ،‬ويكون اليماين‬ ‫وقائدها رجل من آل حممد‬


‫هو الرجل العنيف خامل األصل الذي كون النصر معه والذي يدفع بنصره وظفره إىل اإلمام‬
‫املهدي ‪.‬‬
‫وراية اخلراساين إما أن تكون منطوية حتت راية اليماين وتابعة هلا‪ ،‬وإما أن تكون راية ضالل‪،‬‬
‫وإن شاء اهلل سيأيت تفصيل هذه املسألة يف احللقات القادمة‪ ..‬فانتظر‪.‬‬
‫وقد وردت روايات وأخبار عن طرق العامة تتكلم عن الذي يؤدي الطاعة للمهدي ‪‬‬
‫ويقاتل عنه‪ ،‬أتعرض هلا باختصار‪:‬‬
‫عن أيب قبيل‪ ،‬عن شفى‪ ،‬عن تبيع‪ ،‬عن كعب‪ ،‬قال‪( :‬إذا ملك رجل الشام وآخر مصر‬
‫فاقتتل الشامي واملصري‪ ،‬وسىب أهل الشام قبائل من مصر‪ ،‬وأقبل رجل من املشرق برايات سود‬
‫صغار قبل صاحب الشام‪ ،‬فهو الذي يؤدي الطاعة إىل املهدي‪ ،‬قال أبو قبيل‪ :‬مث ميلك رجل‬
‫أمسر ميالها عدالً مث يسري إىل املهدي‪ ،‬فيؤدي إليه الطاعة ويقاتل عنه) (‪.)1‬‬
‫وهذا اخلرب ينص على أن الذي يؤدي الطاعة للمهدي ‪ ‬ويقاتل عنه رجل أمسر يأيت من‬
‫املشرق صاحب رايات سود صغار وهو معاصر للسفياين امللعون‪ ،‬ونستفيد من هذا اخلرب صفة‬
‫أخرى لصاحب راية اهلدى يف عصر الظهور وهو أنه امسر اللون‪ ،‬وأنه ميأل األرض عدالً قبل أن‬
‫يسلمها لإلمام املهدي ‪.‬‬
‫وأما وصف راياته بأهنا سود صغار فستأيت أيضاً روايات أو أخبار تنص على ذلك‪.‬‬
‫بقيت مسألة يف اخلرب السابق ال ينبغي إغفاهلا‪ ،‬وهي أن اخلرب كأنه يوحي بوجود أكثر من‬
‫مهدي‪ ،‬فهو قال أوالً‪ ...( :‬وأقبل رجل من املشرق برايات سود صغار قبل صاحب الشام‪ ،‬فهو‬
‫الذي يؤدي الطاعة إىل املهدي)‪ ،‬مث قال‪( :‬قال أبو قبيل‪ :‬مث ميلك رجل أمسر ميالها عدالً مث‬
‫يسري إىل املهدي‪ ،‬فيؤدي إليه الطاعة ويقاتل عنه)‪.‬‬

‫‪ -7‬المالحم والفتن‪ :‬ص‪ 727‬الباب‪.700‬‬


‫‪ .............................................31‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫فإن كان كالم أيب قبيل متفرعاً عن الكالم األول‪ ،‬فاخلرب يدل على أن صاحب الرايات‬
‫السود الصغار يسلم األمر ملهدي غري اإلمام املهدي احلجة ابن احلسن ‪ ‬أي يسلمها إىل‬
‫الرجل األمسر الذي ميالها عدالً‪ ..‬مث هذا الرجل األمسر ‪ -‬املهدي ‪ -‬يسلمها إىل املهدي األصل‬
‫احلجة ابن احلسن ‪ ‬ويقاتل عنه‪.‬‬
‫وأما إذا كان كالم أيب قبيل األخري مستقالً عن الكالم األول فهو ظاهر يف أن الرجل األمسر‬
‫هو صاحب الرايات السود الصغار املشرقية وهو الذي يسلمها إىل اإلمام املهدي احلجة ابن‬
‫احلسن ‪ ..‬واهلل العامل‪.‬‬
‫وسيأيت إن شاء اهلل أن اليماين أيضاً يسمى مهدي‪ ،‬وأن هذا االسم أو الصفة ليس خمتصاً‬
‫فقط باإلمام املهدي احلجة ابن احلسن ‪.‬‬
‫وعن رسول اهلل أنه ذكر بالء يلقاه أهل بيته‪:‬‬

‫(‪.)1‬‬
‫يعين‬ ‫وقول الرسول عن هذه الراية‪:‬‬
‫يوحي بأهنا الراية الوحيدة اليت يكون‬ ‫وجوب نصرهتا وحرمة االلتواء عليها‪ ،‬بل كالم الرسول‬
‫هبا النصر والفرج والتمهيد لإلمام املهدي ‪( :‬حتى يبعث اهلل راية من المشرق سوداء)‪.‬‬
‫وإن قلنا بأن هذه الراية غري راية اليماين املوعود يكون التناقض على قدم وساق‪ ،‬بل يكون‬
‫اليماين مأموراً بنصرة هذه الراية السوداء املشرقية وإال فهو خمذول وحاشاه‪ ،‬يف حني أننا جند‬
‫اإلمام الباقر ‪ ‬يصف راية اليماين بأهنا أهدى الرايات‪ ،‬وقد تقدم أن هبا النصر والفتح وهي‬
‫اليت تدفع بنصرها إىل اإلمام املهدي ‪ ،‬إذن فال حميص عن القول بأن هذه الراية السوداء‬
‫املشرقية هي نفسها راية اليماين املوعود أو أهنا تابعة له وجزء من ثورته املقدسة‪ ،‬بل إن أوصافها‬
‫مواطئة ألوصاف راية اليماين ومؤكدة هلا‪.‬‬

‫‪ -7‬المالحم والفتن‪ :‬ص‪ 727‬الباب‪ ،707‬معجم أحاديث اإلمام المهدي‪ :‬ج‪ 7‬ص‪ ،832‬دالئل اإلمامة ‪-‬‬
‫للطبري الشيعي‪ :‬ص‪ 445 – 444‬ح‪ 473‬بتفاوت‪.‬‬
‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪37 .........................................3 - 1 :‬‬

‫وقد جاءت هذه الرواية بألفاظ أخرى دالة على املطلوب وزيادة بل منها ما ينص على أن‬
‫يف هذه الرايات املهدي ‪ .‬وسيأيت تفصيل ذلك يف احللقات القادمة إن شاء اهلل‪.‬‬
‫عن سعيد بن املسيب‪ ،‬قال‪ :‬قال رسول اهلل ‪:‬‬

‫(‪.)1‬‬
‫نستفيد من هذه الرواية أمراً جديداً يف معرفة راية اهلدى واحلق يف عصر الظهور‪ ،‬وهو أهنا‬
‫مسبوقة برايات سوداء أخرى خترج من املشرق ومتتاز بأهنا سود كبار‪ ..‬مث بعد ذلك بزمن ليس‬
‫بالقصري خترج الرايات السود الصغار اليت حتارب السفياين وتؤدي الطاعة للمهدي ‪.‬‬
‫عن جابر‪ ،‬عن أيب جعفر‪ ،‬قال‪:‬‬
‫(‪.)2‬‬
‫وعن الرسول ‪ ،‬قال‪:‬‬
‫(‪.)3‬‬
‫ورد هذا احلديث بألفاظ متقاربة وهناك أحاديث كثرية مبعناه‪ ،‬والبد من نقاش نقطتني فيه‪:‬‬
‫األولى‪ :‬إهنا تبني أن هناك مهدياً يأيت من املشرق مع الرايات السود بينما الروايات متواترة‬
‫تنص على أنه يأيت من مكة‪ ،‬وكذلك روايات كثرية عن طرق أبناء العامة‪،‬‬ ‫عن أهل البيت‬
‫وتفصيل الكالم يف هذه النقطة موكول إىل حمله يف احللقات القادمة إن شاء اهلل تعاىل‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬جند هذه الرواية وغريها تنص على أن الراية السوداء املنصورة واملأمور بنصرهتا وعدم‬
‫التخلف عنها تأيت من خراسان‪ ،‬وجند التأكيد على نصرهتا شديداً جداً‪ ،‬فهي إذن ال ميكن حبال‬

‫‪ -7‬المالحم والفتن‪ :‬ص‪ 728‬الباب ‪ ،708‬الفتن ‪ -‬البن حماد‪ :‬ص‪ ،772‬معجم أحاديث اإلمام المهدي‪:‬‬
‫ج‪ 7‬ص‪.812‬‬
‫‪ -2‬المالحم والفتن‪ :‬ص‪ 728‬الباب‪.705‬‬
‫‪ -8‬المهدي الموعود المنتظر‪ :‬باب‪ 24‬ص‪ ،53‬المالحم والفتن‪ :‬ص‪ 771‬باب ‪ ،15‬بحار األنوار‪:‬‬
‫ج‪ 57‬ص‪ ،32‬معجم أحاديث اإلمام المهدي‪ :‬ج‪ 7‬ص‪ ،810‬مسند أحمد‪ :‬ج‪ 5‬ص‪ ،211‬مستدرك‬
‫الحاكم النيسابوري‪ :‬ج‪ 4‬ص‪ 502‬وصححه على شرط الشيخين‪ ،‬الجامع الصغير ‪ -‬للسيوطي‪ :‬ج‪7‬‬
‫ص‪ 700‬ح‪ ،243‬كنز العمال‪ :‬ج‪ 74‬ص‪ 227‬ح‪ ،83257‬وغيرها من المصادر‪.‬‬
‫‪ .............................................38‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫أن تكون غري راية اليماين املوعود‪ ،‬ولكن ليس هذا هو السؤال املهم اآلن‪ ،‬بل السؤال املهم هو‬
‫هل أن اليماين خراساين األصل أي البلد أم ال؟!‬
‫واجلواب‪ :‬أكيد كال‪ ..‬وهذا بالنظر إىل عموم الروايات‪ ،‬فإننا ال ميكن أن ننظر إىل رواية‬
‫واحدة أو روايات يف مسألة متشاهبة‪ ،‬كما سبق التنبيه على ذلك‪ ،‬بل البد من النظر إىل عموم‬
‫الروايات وحماولة إرجاعها إىل أصوهلا وتقييد وختصيص وتفسري وإحكام بعضها بالبعض اآلخر‪،‬‬
‫وسيأيت إن شاء اهلل تعاىل بأن اليماين املوعود البد أن يكون من العراق أي أصله وبلده‪ ،‬ومن‬
‫البصرة باخلصوص‪ ،‬وهذا حبث ليس هنا حمله كما قلت‪.‬‬
‫فيبقى احتماالن لتوجيه هذه الروايات‪:‬‬
‫الحتمال األول‪ :‬أن يضطر اليماين املوعود بعد مراحل من دعوته وظروف وأحداث قاهرة‬
‫إىل اهلجرة من العراق هو وبعض أو كل أنصاره إىل إيران‪ ،‬وجتتمع له أنصار هناك ويقوى أمره‪،‬‬
‫مث عند توجه السفياين حنو العراق يتوجه هو أيضاً ويتسابق معه حنو الكوفة بالتحديد‪.‬‬
‫الحتمال الثاني‪ :‬أن تكون هذه الرايات منسوبة لليماين ليس ألن شخص اليماين فيها‬
‫بالفعل أو قائد هلا باملباشرة‪ ،‬بل آمنت به وبدعوته وأعدت نفسها لنصرته‪ ،‬وعندما يتوجه‬
‫السفياين حنو الكوفة خترج هذه الرايات ملبية ألمر اليماين املوعود‪ ،‬والظاهر أن عدد أفرادها‬
‫سيكون هو الثقل األكرب من جيش اليماين ولذلك ركزت الروايات عليها‪ ،‬فقد روي أن قوامها‬
‫(‪ )12111‬ألفاً‪ ،‬ويؤيد هذا االحتمال الرواية اآلتية اليت تصف هذه الرايات بأن فيها نفر من‬
‫أصحاب القائم ‪:‬‬
‫عن أيب جعفر ‪ ‬يف حديث طويل‪:‬‬

‫(‪.)1‬‬
‫فالظاهر هنا من (أصحاب القائم) ليس اجليش أو مطلق األنصار‪ ،‬بل إن هلم مزية خاصة‬
‫من الصحبة‪ ،‬وإال فهؤالء االثنا عشر ألفاً كلهم يصدق عليهم أهنم جيش وأنصار للقائم ‪،‬‬

‫‪ -7‬كتاب الغيبة ‪ -‬للنعماني‪ :‬ص‪.217 – 213‬‬


‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪39 .........................................3 - 1 :‬‬

‫يف حني أنه ‪ ‬عرب عن هؤالء األصحاب بالنفر‪ ،‬وقيل إن النفر هم العشرة فما دون من‬
‫الرهط أو القرابة أو اخلاصة‪ ...‬وإذا كان هؤالء أصحاباً للقائم ‪ ‬مبعىن املصاحبة‪ ،‬فالروايات‬
‫تبني أن اإلمام املهدي ‪ ‬يف هذا الوقت مل يقم‪ ،‬فكيف صاحبوه؟!‬
‫واجلواب حمصور بأمرين‪:‬‬
‫األمر األول‪ :‬أن يكون هناك ظهور مبكر لإلمام املهدي ‪ ‬قبل فرتة ليست بالقصرية‬
‫من خروج السفياين‪ ،‬وهذا الوجه حمتمل وخصوصاً إذا الحظنا بعض الروايات اليت تنص على أن‬
‫هناك اثنا عشر شخصاً يرونه ويكذهبم الناس‪ ..‬ولكن هذا الوجه رمبا سيضعف يف مستقبل‬
‫البحث عندما يتبني تعدد القوام وأن القائم كما يصدق على اإلمام املهدي ‪ ‬كمصداق‬
‫أعلى‪ ،‬أيضاً يصدق على غريه كاليماين املوعود كمصداق أدىن منه‪.‬‬
‫األمر الثاني‪ :‬أن يكون هؤالء األصحاب هم أصحاب اليماين املوعود‪ ،‬وهم من ُخلَّص‬
‫أصحابه واملقربني إليه‪ ،‬وقد صحبوه وعايشوه لفرتة حبيث يكون هلم هذا التمييز عن غريهم‪،‬‬
‫وخصوصاً إذا الحظنا أن متييزهم جاء يف وسط جيش موصوف باإلميان وبصفات جليلة أخرى‪.‬‬
‫فكما كررت مراراً بأن اليماين املوعود أيضاً قائم بأمر القائم األصل وهو احلجة ابن احلسن‬
‫‪ ،‬بل سيتضح أن كل أو أكثر املالحم واحلروب ستجري على يد اليماين املوعود وبإشراف‬
‫وتوجيه اإلمام املهدي ‪ ،‬بل سيتضح يف مستقبل هذا البحث أن هناك روايات تكلمت عن‬
‫القائم أو عن املهدي ‪ ‬وتقصد اليماين املوعود‪.‬‬
‫فقد يكون هؤالء أصحاب اليماين املوعود هم من يقود هذه الرايات املشرقية اخلراسانية نيابة‬
‫عن اليماين املوعود‪ ،‬ويكون بقية اجليش قد آمنوا بدعوة اليماين من دون أن يصاحبوه أو من‬
‫دون أن يروه أصالً‪ ،‬بل آمنوا من خالل حسن سريته وقوة حجته واستقامة هنجه وضالل من‬
‫ناواه وخالفه‪ ،‬فكما يقال (تعرف األشياء بأضدادها)‪.‬‬
‫ولو قارنَّا رواية‪:‬‬
‫مع الرواية اليت ناقشناها يف الصفحات السابقة وهي‪:‬‬
‫‪ .............................................41‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫‪ ،‬لعرفنا أن‬
‫الروايتني تتكلمان عن نفس الرايات املشرقية‪ ،‬وقد أشرت سابقاً إىل أن معىن (يسوقها رجل من‬
‫‪ ،‬وقلت أيضاً بأنه ال يشرتط‬ ‫آل حممد)‪ ،‬أي يقودها اليماين املوعود الذي هو من آل حممد‬
‫أن يقودها اليماين بصورة مباشرة حبيث يكون فيها ومن ضمنها‪ ،‬بل قد تكون حتت قيادته ورهن‬
‫إشارته‪ ،‬فالسائق هو القائد املرشد والباعث واملدبر‪ ،‬وفيه داللة على انقياد هذا اجليش له‬
‫وإمجاعهم عليه‪ ،‬وهذه القيادة كما تصدق باملباشرة أيضاً تصدق بالنيابة وبامتثال األمر والنهي‬
‫غري املباشرين‪.‬‬
‫ويؤكد هذا املعىن أكثر فأكثر الرواية اآلتية‪:‬‬
‫عن اإلمام الباقر ‪:‬‬

‫(‪.)1‬‬
‫فالرواية هذه تتكلم عن نفس الرايات اخلراسانية املشرقية املأمور باتباعها‪ ،‬وتنص الرواية على أن‬
‫شعارهم (أمحد أمحد)‪ ،‬والشعار هو العالمة‪ ،‬وهي إما أن تكون للجيش ليعرف هبا بعضه البعض‬
‫اآلخر ككلمة سر‪ ،‬أو كعالمة يَ ِسمون هبا أنفسهم ليتميزوا عن غريهم‪ ،‬كأن تكون مكتوبة على‬
‫األعالم والرايات أو ما شابه ذلك أو أنه هتافهم عند احلرب‪.‬‬
‫واملعىن الثاين أقرب وأوفق؛ ألن الرواية بصدد التعريف هبذا اجليش واهلداية إليه‪ ،‬فهي تذكر‬
‫‪ ،‬أي‬ ‫صفاته وعالمته مث ختتم بقوله ‪:‬‬
‫إذا مسعتم هبؤالء القوم الذين يأتون من خراسان والذين شعارهم (أمحد أمحد) ويقودهم شاب‬
‫من بين هاشم عليه عصابة محراء‪ ،‬فسارعوا إىل نصرهتم‪ .‬واجليش الذي يرفع امساً معيناً كشعار‬
‫يعرف به‪ ،‬البد أن يكون هلذا االسم قدسية خاصة‪ ،‬وعادة ما يكون هو إمام القوم أو قائدهم‪..‬‬
‫كما هو متعارف يف هذا الزمان‪.‬‬

‫‪ -7‬منتخب األنوار المضيئة‪ :‬ص‪.848‬‬


‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪41 .........................................3 - 1 :‬‬

‫وقد تقدم بيان أن أهدى وأفضل وأقدس شخصية يف عصر الظهور هي شخصية اليماين‬
‫‪ ،‬وعرفنا أيضاً أن الراية الوحيدة املأمور باتباعها هي راية‬ ‫املوعود‪ ،‬وهو حامل راية آل حممد‬
‫اليماين احلسيين‪ ..‬إذن فالبد أن تكون هذه الرايات تابعة إليه ومقتدية به‪ ،‬وشعارها (أمحد‬
‫أمحد) هو اسم اليماين املوعود‪ ،‬ويتأكد ذلك أكثر إذا عرفنا يف مستقبل هذا البحث أن أول‬
‫أنصار اإلمام املهدي ‪ ‬امسه أمحد‪ ،‬وإن وصي اإلمام املهدي ‪ ‬أيضاً امسه أمحد كما جاء‬
‫بأنه أول املؤمنني‪ ،‬وسيتبني أن ال معىن‬ ‫يف وصية الرسول حممد ‪ ،‬وقد وصفه الرسول‬
‫لذلك إال أن يكون أول املؤمنني واملصدقني باإلمام املهدي ‪ ‬يف عصر الظهور‪ ،‬وإنه من‬
‫بأنه رجل‬ ‫ذريته وولده‪ ،‬وبه سيتضح معىن الروايات اليت تصف حامل وقائد راية آل حممد‬
‫وأنه من أهل بيت اإلمام املهدي ‪.‬‬ ‫من آل حممد وأن معه عهد رسول اهلل‬
‫وقوله‪( :‬يقودهم شاب من بني هاشم)‪ ،‬ليس بالضرورة أن يكون هذا الشاب هو اليماين‬
‫املوعود‪ ،‬فقد يكون قائداً منصباً من قبل اليماين املوعود لقيادة الرايات املشرقية‪ ..‬واهلل العامل‪.‬‬
‫عن علي بن أيب طالب ‪ ،‬قال‪:‬‬

‫(‪.)2‬‬
‫والبد من التوقف عند ثالث نقاط يف هذا احلديث‪:‬‬
‫النقطة األولى‪ :‬قوله ‪( :‬يخرج رجل قبل المهدي من أهل بيته بالمشرق)‪:‬‬
‫ُيرج قبل قيام‬ ‫لقد مسعنا ‪ -‬وسنسمع ‪ -‬روايات كثرية تتحدث عن رجل من آل حممد‬
‫اإلمام املهدي ‪ ‬وإن رايته ممدوحة مبدائح جليلة‪ ،‬وقد تقدم بيان أن هذا الرجل هو اليماين‬
‫املوعود‪ ،‬بل جاء التصريح بذلك يف أحد األخبار‪:‬‬
‫عن كعب قال‪( :‬فيظهر اليماين ويقتل قريش ببيت املقدس وعلى يديه تكون املالحم) (‪.)3‬‬

‫‪ -7‬ما بين معقوفتين موجود في أحد النسخ الخطية لكتاب عقد الدرر‪ ،‬كما سيأتي بيانه‪.‬‬
‫‪ -2‬كتاب الفتن ‪ -‬لنعيم بن حماد‪ :‬ص ‪ ،713‬شرح إحقاق ‪ -‬للمرعشي‪ :‬ج‪ 21‬ص‪ ،518‬معجم أحاديث‬
‫اإلمام المهدي‪ :‬ج‪ 8‬ص‪ 771‬باختالف يسير‪ ،‬كنز العمال‪ :‬ج‪ 74‬ص‪ 531‬ح‪.81221‬‬
‫‪ -8‬كتاب الفتن ‪ -‬لنعيم بن حماد المروزي‪ :‬ص‪.281‬‬
‫‪ .............................................42‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫واآلن هذه الرواية تتحفنا بشيء جديد‪ ،‬وهو أن هذا الرجل املشرقي من أهل بيت اإلمام‬
‫املهدي ‪ ،‬وحنن نعلم أن اإلمام املهدي ‪ ‬ليس له أهل بيت يف عصر الظهور إال أن‬
‫يكونوا من ذريته‪ ،‬فال مناص من القول بأن هذا الرجل هو من ذرية اإلمام املهدي ‪ ،‬والرواية‬
‫تبني أنه هو املمهد الرئيسي املشرقي صاحب املالحم‪.‬‬
‫إذن فاليماين املوعود هو مشرقي حسيين مهدوي أي من ذرية اإلمام املهدي ‪( ‬يخرج‬
‫رجل قبل المهدي من أهل بيته بالمشرق)‪ .‬بل إن كل الروايات اليت تصف هذا املمهد بأنه‬
‫البد أن يكون معناها أنه من ذرية اإلمام املهدي ‪‬‬ ‫من آل حممد أو من أهل البيت‬
‫ومن األوصياء باخلصوص؛ ألن (أهل البيت) ال تصدق على كل من انتسب إىل أمري املؤمنني‬
‫‪ ،‬وخصوصاً عندما نالحظ صفاته ومهمته الواردة يف الروايات‪ ،‬ومن املعلوم أن آخر األئمة‬
‫االثين عشر هو اإلمام املهدي احلجة ابن احلسن ‪ ،‬وهذا الرجل غريه؛ ألن الرواية تقول بأنه‬
‫عند وفاته وغريها من الروايات‬ ‫ُيرج قبله ومن أهل بيته‪ ،‬وإذا رجعنا إىل وصية الرسول حممد‬
‫ال جند مصداقاً هلذا الرجل إال املهدي األول (أمحد) من ذرية اإلمام املهدي ‪ ‬والذي وصفه‬
‫‪.‬‬ ‫رسول اهلل بأنه أول املؤمنني‪ ،‬وأنه وصيه وأول املهديني‬
‫لنعرف معىن (أهل البيت) ما هو‪:‬‬ ‫ولنعرج على روايات األئمة‬
‫عن علي بن أيب طالب ‪ ،‬قال‪:‬‬

‫(‪.)1‬‬
‫وعن حممد بن سليمان الديلمي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬قال‪( :‬قلت أليب عبد اهلل ‪ :‬جعلت فداك‪،‬‬
‫‪ .‬فقلت‪ :‬قوله‬ ‫ومن األهل؟ قال‪ :‬األئمة‬‫َمن اآلل؟ قال‪ :‬ذريته محمد ‪ .‬قال‪ :‬فقلت‪َ :‬‬
‫‪﴿ :‬أ ْد ِخلُوا آل فِ ْرع ْون أشد الْعذ ِ‬
‫اب﴾(‪ ،)2‬قال‪ :‬واهلل ما عنى إل ابنته) (‪.)3‬‬

‫‪ -7‬معاني األخبار‪ :‬ص‪ 17‬باب معنى الثقلين ح‪.5‬‬


‫‪ -2‬غافر‪.42 :‬‬
‫‪ -8‬معاني األخبار‪ :‬ص‪ 14‬باب معنى اآلل واألهل والعترة واألمة ح‪.2‬‬
‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪43 .........................................3 - 1 :‬‬

‫‪‬‬ ‫وعن أيب بصري‪ ،‬قال‪:‬‬

‫‪‬‬
‫‪‬‬
‫(‪.)1‬‬
‫ومن الروايات املتقدمة نعرف أن (أهل البيت) تعين األوصياء من ذرية علي وفاطمة (عليهما‬
‫السالم) إىل يوم القيامة‪ ،‬وأرى من الضروري هنا أن أذكر خمتصر الوصية لنعرف من هم أوصياء‬
‫الرسول إىل يوم القيامة‪:‬‬
‫عن أيب عبد اهلل جعفر بن حممد‪ ،‬عن أبيه الباقر‪ ،‬عن أبيه ذي الثفنات سيد العابدين‪ ،‬عن‬
‫أبيه احلسني الزكي الشهيد‪ ،‬عن أبيه أمري املؤمنني ‪ ،‬قال‪:‬‬
‫‪‬‬

‫(‪.)2‬‬
‫ومن هذه الوصية املقدسة نعرف أن أوصياء الرسول اثنا عشر إماماً واثنا عشر مهدياً‬
‫من ذرية اإلمام املهدي ‪ ،‬وأول أوصياء اإلمام املهدي ‪ ‬امسه (أمحد)‪ ،‬وهو أول املؤمنني‬
‫ينس شعار‬‫أي باإلمام املهدي ‪ ‬يف عصر الظهور املقدس‪ ،‬وأرجو أن القارئ الكرمي مل َ‬
‫الرايات اخلراسانية (أمحد أمحد)‪ ،‬فقد تقدم التنبيه على أن له عالقة بأمحد ابن اإلمام املهدي‬
‫ينس أن الراية املأمور باتباعها واحدة ال غري‪ ،‬فالبد أن تكون هي راية أمحد‬
‫‪ ،‬وكذلك مل َ‬
‫‪ -7‬معاني األخبار‪ :‬ص‪ 14‬باب معنى اآلل واألهل والعترة واألمة ح‪.8‬‬
‫‪ -2‬الغيبة ‪ -‬للطوسي‪ :‬ص‪ 757 – 750‬ح‪ ،777‬مختصر بصائر الدرجات‪ :‬ص‪ ،81‬بحار األنوار‪:‬‬
‫ج‪ 82‬ص‪ ،227 – 220‬مكاتيب الرسول (صلى هللا عليه وآله) ‪ -‬للميانجي‪ :‬ج‪ 2‬ص‪ ،12 – 15‬غاية‬
‫المرام ‪ -‬للسيد هاشم البحراني‪ :‬ج‪ 7‬ص‪ ،712 – 715‬وغير ذلك من المصادر‪.‬‬
‫‪ .............................................44‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫اليماين املشرقي احلسيين املهدوي وصي اإلمام املهدي ‪ ،‬وأول أنصاره واملصدقني به يف‬
‫عصر الظهور املقدس‪.‬‬
‫وما دام الكالم قد جرين إىل مسألة ابن اإلمام املهدي ‪ ‬ووصية فال بأس أن أسلط‬
‫الضوء عليه أكثر بذكر بعض الروايات لتتم الفائدة‪:‬‬
‫روي عن اإلمام الرضا ‪ ‬الدعاء لصاحب األمر هبذا الدعاء‪ ،‬وإليكم ملخصه‪:‬‬
‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫(‪.)1‬‬
‫فهنا خص بالدعاء ولداً واحداً من ذرية اإلمام املهدي ‪ ،‬وهذا ما يؤكد على وجود‬
‫خصوصية هلذا الولد الطاهر‪.‬‬
‫وهذا الدعاء للذرية مشابه للدعاء اآليت املروي عن اإلمام املهدي ‪ ‬وأذكره باختصار أيضاً‪:‬‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫(‪.)2‬‬

‫‪ -7‬مصباح المتهجد ‪ -‬للطوسي‪ :‬ص‪ 401‬وما بعدها‪ ،‬المصباح ‪ -‬للكفعمي‪ :‬ص‪ 543‬وما بعدها‪ ،‬مفاتيح‬
‫الجنان ‪ -‬للقمي‪ :‬ص‪ 272‬ط بيروت‪ ،‬مؤسسة االعلمي‪ ،‬الطبعة األولى ‪ 2004‬م‪ ،‬وغير ذلك من‬
‫المصادر‪.‬‬
‫‪ -2‬غيبة الشيخ الطوسي‪ :‬ص‪ 218‬وما بعدها‪ ،‬وجمال األسبوع ‪ -‬للسيد ابن طاووس‪ :‬ص‪ 807‬وما‬
‫بعدها‪ ،‬وإلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب ‪ -‬للشيخ علي اليزدي الحائري‪ :‬ج‪ 7‬ص‪ ،887‬وغيرها‬
‫من المصادر‪.‬‬
‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪45 .........................................3 - 1 :‬‬

‫ومما تقدم تبني أن األوصياء من ذرية اإلمام املهدي ‪ ‬مهديون وأئمة أي حجج اهلل‬
‫تعاىل على الناس بعد أبيهم اإلمام املهدي ‪ ،‬ولإلحاطة أكثر هبذا املوضوع أنصح بقراءة‬
‫كتاب (الوصية والوصي) الذي هو أحد إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪.‬‬
‫وإذا عرفنا أن املهدي األول من ذرية اإلمام املهدي ‪( ‬أمحد) يوصف بأنه (مهدي)‪،‬‬
‫فلنسمع الرواية اآلتية واليت تزيد األمر وضوحاً حول رواية‬

‫عن حذمل بن بشري‪ ،‬قال‪( :‬قلت لعلي بن احلسني (عليهما السالم)‪:‬‬

‫(‪.)1‬‬
‫والرواية واضحة الداللة على أن املهدي ‪ ‬موجود وظاهر قبل خروج السفياين من الوادي‬
‫اليابس‪ ،‬يف حني أن الروايات متواترة على أن السفياين عالمة من عالمات قيام اإلمام املهدي‬
‫‪ ‬وأنه ُيرج قبله بشهور عديدة‪ ،‬إذن فمن هو هذا املهدي الظاهر قبل خروج السفياين؟‬
‫وال أظن أن اجلواب بات صعباً بعد أن عرفنا بأن هناك ممهداً من ذرية اإلمام املهدي ‪،‬‬
‫‪ ،‬وأيضاً يوصف بـ (املهدي)‪ ،‬وسيأيت البحث مفصالً يف موضوع تعدد‬ ‫وهو من أهل البيت‬
‫املهدي والقائم يف احللقات املقبلة إن شاء اهلل تعاىل‪.‬‬
‫وما يؤكد ذلك أيضاً الرواية اآلتية‪:‬‬
‫عن أيب احلسن ‪ ،‬قال‪:‬‬
‫(‪)2‬‬
‫‪ .‬والبد أوالً من معرفة الوصيات وصاحبها أوالً‬
‫حىت نعرف ابنه‪.‬‬

‫‪ -7‬الغيبة ‪ -‬للطوسي‪ :‬ص‪ 444 – 448‬ح‪ ،481‬بحار األنوار‪ :‬ج‪ 52‬ص‪ ،278‬معجم أحاديث اإلمام‬
‫المهدي‪ :‬ج‪ 8‬ص‪ ،711‬مكيال المكارم ‪ -‬لألصفهاني‪ :‬ج‪ 2‬ص‪.742‬‬
‫‪ -2‬اإلرشاد‪ :‬ج‪ 2‬ص‪ ،812‬الصراط المستقيم ‪ -‬لعلي بن يونس العاملي‪ :‬ج‪ 2‬ص‪ ،250‬معجم أحاديث‬
‫اإلمام المهدي‪ :‬ج‪ 4‬ص‪ ،721‬كشف الغمة ‪ -‬لالربلي‪ :‬ج‪ 8‬ص‪.251‬‬
‫‪ .............................................41‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫فأقول‪ :‬الوصيات هي مجع وصية‪ ،‬وكذلك يأيت اجلمع‪ :‬وصايا‪ ،‬واملراد هنا بالوصيات هي‬
‫‪ ،‬فإن وصايا‬ ‫ووصايا األئمة الطاهرين ومواريثهم‬ ‫وصايا األنبياء ووصية الرسول حممد‬
‫وورثها لعلي ‪ ،‬ويرثها إمام عن إمام إىل أن وصلت إىل‬‫َّ‬ ‫األنبياء ورثها الرسول حممد‬
‫اإلمام املهدي ‪ ،‬فهي اآلن مستحفظة عند اإلمام املهدي ‪‬؛ ألنه اإلمام واحلجة على‬
‫اخللق أمجعني‪.‬‬
‫وما يدل على ذلك ما يلي‪ :‬عن درست بن أيب منصور‪ ،‬أنه سأل أبا احلسن األول ‪:‬‬
‫حمجوجاً بأيب طالب؟ فقال‪ :‬ل‪ ،‬ولكنه كان مستودعاً للوصايا فدفعها‬ ‫(أكان رسول اهلل‬
‫إليه ‪ .‬قال‪ :‬قلت‪ :‬فدفع إليه الوصايا على أنه حمجوج به؟ فقال‪ :‬لو كان محجوجاً به ما‬
‫دفع إليه الوصية‪ .‬قال‪ :‬فقلت‪ :‬فما كان حال أيب طالب؟ قال‪ :‬أقر بالنبي وبما جاء به ودفع‬
‫إليه الوصايا ومات من يومه) (‪.)1‬‬
‫عن أمري املؤمنني ‪ ،‬قال‪:‬‬

‫(‪.)2‬‬
‫‪‬‬ ‫وقال سلمان احملمدي ‪:‬‬
‫(‪.)3‬‬
‫ويف أحد رسائل أمري املؤمنني ‪ ‬إىل معاوية‪:‬‬

‫(‪.)4‬‬

‫‪ -7‬الكافي‪ :‬ج‪ 7‬ص‪.445‬‬


‫‪ -2‬بصائر الدرجات ‪ -‬للصفار‪ :‬ص‪.825‬‬
‫‪ -8‬بحار األنوار‪ :‬ج‪ 21‬ص‪.11‬‬
‫‪ -4‬مصباح البالغة (مستدرك نهج البالغة) ‪ -‬للميرجهاني‪ :‬ج‪ 4‬ص‪ ،23‬بحار األنوار‪ :‬ج‪88‬‬
‫ص‪.783‬‬
‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪47 .........................................3 - 1 :‬‬

‫وقال أمري املؤمنني ‪:‬‬

‫(‪.)1‬‬
‫(‪.)2‬‬ ‫ومن ألقاب زين العابدين ‪:‬‬
‫إذن فاألئمة عندهم علم الوصايا‪ ،‬وهم املستحفظون واخلزان هلا‪ ،‬ولذلك جند اإلمام املهدي‬
‫يف وصيته السابقة الذكر بـ (املستحفظ من آل حممد)‪:‬‬ ‫قد وصفه الرسول حممد‬
‫‪.‬‬
‫وأيضاً وصفه اإلمام الصادق ‪ ‬بـ (احلافظ ملا استودع)‪:‬‬
‫(‪.)3‬‬
‫ومما تقدم يتضح لنا أن صاحب الوصيات هو اإلمام املهدي ‪ ،‬فيكون معىن (ابن صاحب‬
‫الوصيات) هو ابن اإلمام املهدي ‪ ،‬وهذا االبن هتدى إليه الرايات أي تبايع وتطيع‪.‬‬
‫‪ ،‬يعين أن هذا‬ ‫فقول اإلمام علي ‪:‬‬
‫الرجل هو ابن اإلمام املهدي ‪ ،‬وهو أمحد وهو وصيه وهو اليماين املوعود‪ ...‬اخل‪ ،‬كما تقدم‬
‫بيان ذلك مراراً‪.‬‬
‫ومسك اخلتام يف هذه النقطة هو رواية تدل على أن (أمحد) وصي اإلمام املهدي وولده‬
‫أيضاً تكون له بيعة بني الركن واملقام‪:‬‬
‫عن حذيفة‪ ،‬قال‪ :‬مسعت رسول اهلل وذكر املهدي فقال‪:‬‬
‫(‪.)4‬‬

‫‪ -7‬الكافي‪ :‬ج‪ 7‬ص‪.713 – 711‬‬


‫‪ -2‬بحار األنوار‪ :‬ج‪ 42‬ص‪.4‬‬
‫‪ -8‬بحار األنوار‪ :‬ج‪ 25‬ص‪.221‬‬
‫‪ -4‬الغيبة ‪ -‬للشيخ الطوسي‪ :‬ص‪.454‬‬
‫‪ .............................................48‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫وال أريد أن أطيل يف شرح هذه الرواية؛ ألن ذلك سيأيت يف مستقبل هذا البحث إن شاء‬
‫اهلل تعاىل‪ ،‬ولكن فقط أرجو مقارنة هذه الرواية مع ما جاء يف وصية رسول اهلل من وصف‬
‫وصي اإلمام املهدي ‪:‬‬
‫‪‬‬

‫‪.‬‬
‫فالحظ تطابق األمساء بتمامها يف الروايتني‪ :‬أمحد وعبد اهلل واملهدي !‬
‫واآلن نأيت إىل النقطة الثانية حول رواية أمري املؤمنني ‪.‬‬
‫النقطة الثانية‪ :‬قوله ‪( :‬يحمل السيف على عاتقه ثمانية أشهر)‪:‬‬
‫من‬ ‫مسألة محل السيف مثانية أشهر للقتال وخوض املالحم وقتل أعداء آل حممد‬
‫املنحرفني واملفسدين جاءت يف روايات عديدة‪ ،‬ولكن تارة يظهر منها أهنا تقصد املمهد لإلمام‬
‫املهدي ‪ ،‬وتارة يظهر منها أهنا تقصد اإلمام املهدي ‪ ‬نفسه‪ ،‬وهنا أمري املؤمنني ‪‬‬
‫ينص على أن الذي حيمل السيف على عاتقه مثانية أشهر هو رجل من أهل بيت اإلمام املهدي‬
‫‪ ‬وُيرج قبل اإلمام املهدي احلجة ابن احلسن ‪:‬‬

‫يف خطبة طويلة ألمري املؤمنني ‪:‬‬


‫‪‬‬
‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬
‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪49 .........................................3 - 1 :‬‬

‫‪‬‬

‫(‪.)1‬‬

‫(‪.)2‬‬
‫يف هذه الرواية ُيرب أمري املؤمنني ‪ ‬عن فنت آخر الزمان وتشتت أهله واختالفهم‬
‫‪:‬‬ ‫واقتتاهلم‪ ،‬مث ُيرب ‪ ‬عن تفريج ذلك برجل من أهل البيت‬

‫(‪.)3‬‬
‫‪ .‬وهنا بعض‬ ‫مث يقول ‪:‬‬
‫املالحظات‪:‬‬
‫المالحظة األولى‪ :‬أظن أننا ال زلنا نذكر قول أمري املؤمنني ‪ ‬يف رواية ناقشناها سابقاً‪،‬‬
‫وهو‪:‬‬

‫‪.‬‬
‫وكذلك قول أمري املؤمنني ‪ ‬يف رواية أخرى أيضاً ناقشناها سابقاً‪ ،‬وهو‪:‬‬

‫‪.‬‬

‫‪ -7‬األحزاب‪.22 – 27 :‬‬
‫‪ -2‬كتاب سليم بن قيس‪ :‬ص‪.251 – 253‬‬
‫‪ -8‬راجع معجم أحاديث اإلمام المهدي ‪ :‬ج‪ 8‬ص‪ ،773‬كنز العمال‪ :‬ج‪ 74‬ص‪ 531‬ح‪،81210‬‬
‫كتاب الفتن ‪ -‬البن حماد‪ :‬ص‪ ،272‬شرح إحقاق الحق‪ :‬ج‪ 78‬ص‪.804‬‬
‫‪ .............................................51‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫وتبني أن الروايتني تتكلم عن شخص واحد يقضي على دولة بين العباس‪ ،‬الرواية األوىل‬
‫عربت عنه بأنه‪( :‬عبداً عنيفاً خامالً أصله)‪ ،‬والرواية الثانية عربت عنه بأنه‪( :‬علجاً)‪ ،‬وقد عرفنا‬
‫آنذاك معىن العنيف والعلج وأهنما مبعىن واحد أو متقارب‪ ،‬وأيضاً استشهدت بأحد فقرات هذه‬
‫الرواية اليت اآلن بصدد مناقشتها‪ ،‬والفقرة هي‪:‬‬

‫عرب‬
‫وقد تبني مدى انطباق كالم أمري املؤمنني ‪ ‬يف الروايات الثالث على رجل واحد‪ّ ،‬‬
‫مزامن لرحى‬ ‫عنه بألفاظ ومناسبات خمتلفة‪ ،‬إذن فهذا الرجل الذي هو من أهل البيت‬
‫احلرب والضاللة وعندما تقوم على قطبها أو ساقها يكون هو من يقضي عليها وعلى دعاهتا‪،‬‬
‫وهذا يكون يف هناية ملك بين العباس‪ ،‬أي إن ملك بين أمية قد انقرض ووىل (‪ ،)1‬ولكن الظاهر‬
‫أن عشاقه وحمبيه ومواليه واملنتفعني منه ما زالوا موجودين‪ ،‬وإهنم يتحينون الفرص ألعادت‬
‫ملكهم املقبور‪ ،‬ولذلك ستكون مواجهة وقتال املمهد اليماين ليس لبين العباس فحسب بل لبين‬
‫أمية أيضاً‪.‬‬
‫وقد عرفنا أن النصر والظفر يكون للرجل (العنيف)‪ ،‬وهو الذي سوف يقتل بين العباس‬
‫وأتباعهم شر قتلة ويدفع بنصره وظفره إىل اإلمام املهدي ‪ ،‬ومنه خنلص إىل نتيجة أن قول‬
‫أمري املؤمنني ‪:‬‬
‫‪‬‬
‫‪ ،‬حيث أن بيت اإلمام علي ‪ ‬يف آخر‬
‫الزمان هو بيت اإلمام املهدي ‪ ‬ال غري‪ ،‬فيكون قوله (من بييت) و (من بيت اإلمام املهدي)‬
‫واحد‪.‬‬
‫المالحظة الثانية‪ :‬قوله ‪:‬‬

‫دال على شدة القتل والقتال الذي‬

‫‪ -7‬الظاهر هنا ملك بني أمية إشارة إلى حكم صدام الملعون‪ ،‬لمشابهته لهم في نصب العداء آلل محمد‬
‫(عليهم السالم) وشيعتهم المعلن‪ ،‬وقد يشمل النواصب وأمثالهم األرجاس‪.‬‬
‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪51 .........................................3 - 1 :‬‬

‫ميارسه هذا الرجل‪ ،‬وهو مشابه ملا يقوم به املمهد العنيف‪ ،‬انظر‪:‬‬

‫وكذلك انظر‪:‬‬

‫حيث جند أن هذه املالحم العصيبة يقوم هبا رجل واحد قبل قيام اإلمام املهدي ‪ ،‬بل‬
‫يف آخر الزمان‪،‬‬ ‫هو من ميهد وميكن لإلمام املهدي ‪ ،‬بل هو حامل راية أهل البيت‬
‫مصربة ويطحنهم طحن الرحى‪ ،‬وقد تقدم اخلرب الذي‬
‫وإنه سيسقي بين العباس وبين أمية كأساً َّ‬
‫ينص على أن اليماين هو الذي جتري على يديه مالحم عصر الظهور‪.‬‬
‫المالحظة الثالثة‪ :‬قول قريش آخر الزمان‪:‬‬
‫‪،‬‬ ‫‪ ،‬ظاهر املعىن يف التشكيك بانتساب هذا الرجل املمهد إىل آل حممد‬
‫وأظن أن له عالقة بوصف هذه املمهد على لسان أمري املؤمنني ‪ ‬بـ (عبداً عنيفاً خامالً‬
‫أصله)‪ ،‬ومخول األصل أو النسب وعدم اشتهاره وجدوه طريقاً للطعن هبذا الرجل أجلأهم إىل‬
‫ذلك شدة ما ينزله هبم قصاصاً عن أفعاهلم الشنيعة وفسقهم يف دين اهلل تعاىل‪ ،‬وجند هذا‬
‫التشكيك مرتبطاً بقوة البطش الذي ينزله هبم شبل آل حممد ‪ ،‬كما تدل عليه الروايتان‬
‫اآلتيتان‪:‬‬
‫عن حممد بن مسلم‪ ،‬قال‪ :‬مسعت أبا جعفر ‪ ‬يقول‪:‬‬

‫(‪.)1‬‬
‫وعن حيىي بن العالء الرازي‪ ،‬قال‪ :‬مسعت أبا عبد اهلل ‪ ‬يقول‪:‬‬

‫‪ -7‬كتاب الغيبة ‪ -‬للنعماني‪ :‬ص‪.283‬‬


‫‪ .............................................52‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫(‪.)1‬‬
‫المالحظة الرابعة‪ :‬قوله ‪:‬‬

‫‪.‬‬
‫مأمورون باجللوس يف تلك الفتنة واالختالف‪ ،‬حىت‬ ‫يدل على أن شيعة آل حممد‬
‫‪ ،‬وهو نفس معىن قول اإلمام الباقر ‪:‬‬ ‫يستنصرهم رجل من آل حممد‬

‫الذي‬ ‫‪‬‬
‫ناقشناه سابقاً‪ ،‬وهناك روايات عديدة يف هذا املعىن‪.‬‬
‫ومن املعلوم أن اليماين املوعود هو أول راية أمر أهل البيت باتباعها ونصرهتا وحذروا من‬
‫االلتواء عليها‪ ،‬إذن فاليماين املوعود من أهل بيت النيب ‪ ،‬بدليل أن اإلمام علي ‪ ‬حصر‬
‫النصرة فقط ألهل بيت النيب بقوله السابق‪:‬‬
‫‪.‬‬
‫وتأمل يف بقية كالم أمري املؤمنني ‪:‬‬
‫‪ ،‬جتده نفس معىن صفات اليماين املوعود اليت وردت عن اإلمام‬
‫الباقر ‪:‬‬

‫مأمورون أن ال جييبوا وال ينصروا إال رجل من أهل بيت‬ ‫وما دام أن شيعة آل حممد‬
‫النيب ‪ ،‬يكون املقصود بالرجل يف قول أمري املؤمنني ‪:‬‬
‫‪ ،‬هو اليماين املوعود حتماً‪ ،‬والقول بغري هذا يستلزم التناقض يف كالم أهل‬
‫‪ -‬وحاشاهم ‪-‬؛ ألنه يعين أن اليماين منهي عن نصرته؛ ألنه ليس من بيت النيب‬ ‫البيت‬
‫‪ ،‬وحنن مأمورون باجللوس وعدم نصرة أي شخص حىت نسمع نداء رجل من أهل بيت النيب‬

‫‪ -7‬الغيبة ‪ -‬للطوسي‪ :‬ص‪.733‬‬


‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪53 .........................................3 - 1 :‬‬

‫‪:‬‬

‫وكذلك الكالم يف الروايات اليت تصف هذا املمهد بأنه (رجل من آل حممد) و (من ولد‬
‫احلسني) و(من املشرق)‪ ...‬اخل‪ ،‬فكلها تدل على رجل واحد‪ ،‬وال أريد اإلطالة باإلعادة‬
‫والتفصيل‪.‬‬
‫يساوي‬ ‫وبالتايل فإن قوله‪:‬‬

‫نعم توجد روايات (‪ )1‬كما أشرت قبل قليل يظهر منها أن الذي حيمل السيف على عاتقه‬
‫هو اإلمام املهدي ‪ ‬احلجة ابن احلسن‪ ،‬كالروايات التالية‪:‬‬
‫عن أيب بصري‪ ،‬قال‪ :‬قال أبو عبد اهلل ‪:‬‬
‫‪‬‬
‫‪.)2( ‬‬
‫‪‬‬ ‫وعن عيسى اخلشاب‪ ،‬قال‪:‬‬

‫(‪.)3‬‬
‫‪‬‬ ‫وعن أيب بصري‪ ،‬قال‪:‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬
‫(‪.)4‬‬

‫‪ -7‬يوجد فيها أو في بعضها كالم أتركه اآلن‪ ،‬وربما سأتعرض إليه في مستقبل هذا البحث‪ ،‬فألجل‬
‫تسهيل طريق البحث أغض النظر عن نقاشها اآلن‪.‬‬
‫‪ -2‬كتاب الغيبة ‪ -‬للنعماني‪ :‬ص‪.827 – 820‬‬
‫‪ -8‬اإلمامة والتبصرة ‪ -‬البن بابوية القمي‪ :‬ص‪.775‬‬
‫‪ -4‬كمال الدين وتمام النعمة‪ :‬ص‪.821‬‬
‫‪ .............................................54‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫وبعد غض النظر عن بعض األمور يف منت الروايات السابقة‪ ،‬أقول‪ :‬حنن هنا أمام خيارين‬
‫لفهم هذه املسألة‪:‬‬
‫الخيار األول‪ :‬أن نقول بأن اليماين املوعود سيضع السيف على عاتقة مثانية أشهر متهيداً‬
‫لإلمام املهدي ‪ ،‬مث إن اإلمام املهدي ‪ ‬أيضاً بعد قيامه يضع السيف على عاتقه مثانية‬
‫أشهر ليتم ما بدأه اليماين املوعود من تطهري األرض من الفاسدين واملفسدين الذي ال عالج‬
‫هلم إال السيف والنار‪ .‬وهذا الوجه وإن كان ممكناً يف ذاته‪ ،‬ولكنه رمبا سيسبب لنا مشاكل‬
‫وعقبات يف مستقبل البحث‪ ،‬ورمبا سيكون اخليار الثاين هو األصح واألوفق مع جممل أحداث‬
‫الظهور والقيام املذكورة يف الروايات‪.‬‬
‫الخيار الثاني‪ :‬أن نقول بأن فرتة املالحم هذه املوصوفة بأهنا ملدة مثانية أشهر ‪ -‬هبذه الشدة‬
‫والصعوبة ‪ -‬هي فرتة واحدة حسب ما يفهم من عموم الروايات‪ ،‬حيث يرتاءى منها أن الثمانية‬
‫وإن رجالً واحداً هو الذي يضع السيف على عاتقه مثانية أشهر ويقتل هرجاً‬ ‫أشهر هي واحدة‪َّ ،‬‬
‫مرجاً بال رمحة‪.‬‬
‫ولكن املهم هو حتديد من هو هذا الرجل‪ ،‬هل هو اليماين املوعود‪ ،‬أم اإلمام املهدي ‪‬؟‬
‫واجلواب‪ :‬هو أن هذا الرجل هو اليماين املوعود املمهد وليس اإلمام املهدي احلجة ابن احلسن‬
‫‪ ،‬وطبعاً من حق القارئ أن يتساءل‪ ،‬ويقول ملاذا؟‬
‫أقول‪ :‬الدليل على ذلك عدة أمور‪:‬‬
‫األمر األول‪ :‬إنه تقدم تفصيل أن اليماين املوعود هو من يقضي على دولة بين العباس يف‬
‫‪ ،‬وإن على يديه تكون املالحم‪ ،‬ويتبني من الروايات أن‬ ‫آخر الزمان وعلى أعداء آل حممد‬
‫ذروة ذلك يكون يف مثانية أشهر‪ ،‬ونعلم أيضاً أن اليماين هو من سيهزم السفياين من العراق ومن‬
‫إيران‪ ..‬أي إن اليماين املوعود سيخوض ذروة املالحم وأشدها‪ ،‬فيكون انطباق الوصف عليه‬
‫أكثر‪ ،‬يف حني أننا جند أن اإلمام املهدي ‪ ‬عند قيامه يف عاشوراء سيخسف جبيش السفياين‬
‫وبعد اخلسف تنهار معظم قوة السفياين‪ ،‬وحىت لو كان هناك قتال معه بعد القيام املقدس يف‬
‫عاشوراء ولكننا جنده قليالً وملدة قصرية ال تصل الثمانية أشهر‪ ،‬وحينئذ يكون اليماين املوعود قد‬
‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪55 .........................................3 - 1 :‬‬

‫أمخد نريان فتنة العراق وانتصر على رؤوس الضالل‪ ،‬وإنه يدفع بظفره هذا إىل اإلمام املهدي‬
‫‪ ،‬فأين إذن هي الثمانية أشهر من املالحم املوصوفة هبذه الشدة من القتل والقتال املرير؟!‬
‫األمر الثاني‪ :‬ميكن لنا أن ننسب كل احلروب واملالحم اليت يقوم هبا اليماين املوعود إىل‬
‫اإلمام املهدي ‪ ،‬من باب أهنا بأمره وإرشاده‪ ،‬كما نقول فتح امللك الفالين املدينة الفالنية‪،‬‬
‫يف حني أن قائد جيشه هو الذي فتحها وليس امللك نفسه‪ ،‬ولكن ال نستطيع أن نعكس‬
‫املسألة‪ ،‬أي ال نستطيع أن ننسب املالحم اليت يقودها اإلمام املهدي ‪ ‬بنفسه باملباشرة إىل‬
‫اليماين املوعود؛ الن اليماين املوعود حينئذ ال يكون سوى جندي كبقية اجلنود والقادة‪ ،‬فال‬
‫قيادة مباشرة له وال أمر أو هني أو ختطيط‪.‬‬
‫األمر الثالث‪ :‬وردت روايات عديدة تشري أو تؤكد على وجود سر خفي يف مسألة قيام‬
‫على سبيل‬ ‫اإلمام املهدي ‪ ،‬وأنه قد يكون هناك كثري من األخبار قاهلا أهل البيت‬
‫الرمز والتنويه‪ ،‬وأهنا تعرف يف وقتها‪ ،‬ولنسمع بعض هذه الروايات‪:‬‬
‫عن أمحد بن حممد بن عيسى‪ ،‬عن أمحد بن حممد بن أيب نصر‪ ،‬يف أجوبة الرضا ‪ ‬على‬
‫مسائله عن الواقفة‪:‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫‪‬‬
‫(‪.)2‬‬

‫‪ -7‬آل عمران‪.84 :‬‬


‫‪ -2‬قرب اإلسناد ‪ -‬للحميري القمي‪ :‬ص‪ 852 – 843‬ح‪.7220‬‬
‫‪ .............................................51‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫‪‬‬ ‫وعن حممد بن أيب طلحة‪ ،‬قال‪:‬‬

‫(‪.)2‬‬
‫تفسري علي بن إبراهيم‪ :‬أيب‪ ،‬عن حممد بن الفضيل‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن أيب جعفر ‪ ،‬قال‪:‬‬

‫(‪.)4‬‬
‫وعن الفضيل بن يسار‪ ،‬عن أيب جعفر ‪ ،‬قال‪:‬‬
‫‪‬‬

‫(‪.)5‬‬
‫وعن أيب بصري‪ ،‬عن أيب عبد اهلل ‪ ،‬قال‪:‬‬

‫‪ -7‬المائدة‪.27 :‬‬
‫‪ -2‬بحار األنوار‪ :‬ج‪ 22‬ص‪.225‬‬
‫‪ -8‬يونس‪.24 :‬‬
‫‪ -4‬تفسير القمي‪ :‬ج‪ 7‬ص‪ ،877 – 870‬بحار األنوار‪ :‬ج‪ 4‬ص‪.11‬‬
‫‪ -5‬الغيبة ‪ -‬للنعماني‪ :‬ص‪.805‬‬
‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪57 .........................................3 - 1 :‬‬

‫‪‬‬
‫(‪.)2‬‬
‫عن إبراهيم ابن عمر اليماين‪ ،‬عن أيب عبد اهلل ‪ ،‬قال‪:‬‬
‫(‪.)3‬‬
‫عن أيب خدجية‪ ،‬قال‪ :‬مسعت أبا عبد اهلل ‪ ‬يقول‪:‬‬
‫(‪.)4‬‬
‫تفسري العياشي‪ :‬عن أيب محزة الثمايل‪ ،‬قال‪ :‬قال أبو جعفر وأبو عبد اهلل (عليهما السالم)‪:‬‬

‫(‪.)5‬‬
‫والروايات كثرية ويطول املقام عند التعليق عليها‪ ،‬ولكنها كلها تعطي معىن متقارباً‪ ،‬وبعضها‬
‫شيئاً ومل يكن فيه وكان يف ولده أو ولد ولده‬ ‫إن قالوا يف أحد األئمة‬ ‫نص على أهنم‬
‫فهو هو‪ ،‬وهذا يف احلقيقة إشارات واضحة على أن هناك سراً مكنوناً يف مسألة اإلمام املهدي‬
‫‪ ،‬وإن األمة ستمتحن به امتحاناً شديداً‪ ،‬وال ينجو منه إال من اهتدى هبدي حممد وآل‬
‫‪.‬‬ ‫حممد‬
‫وبعد أن ثبت فيما سبق أن اليماين املوعود من ذرية اإلمام املهدي ‪ ،‬فقد تنص‬
‫الروايات على أمور كثرية يقوم هبا اإلمام املهدي ‪ ،‬ولكن يف احلقيقة سيقوم هبا ابنه وميانيه‬
‫أمحد الوصي‪ ،‬ومنها مسألة مباشرة املالحم ومحل السيف على عاتقه مثانية أشهر‪ ،‬وقد تكون‬
‫هناك أمور أخرى مل ختطر على البال‪ ،‬نسأل اهلل تعاىل أن مين علينا باهلدى والبصرية وأن ال‬
‫يكلنا إىل أنفسنا طرفة عني دائماً أبداً‪.‬‬

‫‪ -7‬آل عمران‪.82 :‬‬


‫‪ -2‬الكافي‪ :‬ج‪ 7‬ص‪.585‬‬
‫‪ -8‬الكافي‪ :‬ج‪ 7‬ص‪.585‬‬
‫‪ -4‬الكافي‪ :‬ج‪ 7‬ص‪.858‬‬
‫‪ -5‬بحار األنوار‪ :‬ج‪ 4‬ص‪.771‬‬
‫‪ .............................................58‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫‪‬‬ ‫عن مالك اجلهين‪ ،‬قال‪:‬‬

‫(‪.)1‬‬
‫بقيت مالحظة بسيطة‪ ،‬وهي هل أن مالحم أو قتال اليماين املوعود سيستمر لثمانية أشهر‬
‫فقط‪ ،‬أم ماذا؟‬
‫الجواب‪ :‬ليس بالضرورة ذلك‪ ،‬وإمنا قد تكون هذه ذروة املالحم وأشدها واليت يتلوها الفتح‬
‫املبني‪ ،‬ولذلك عرب عنه بأنه (حيمل السيف على عاتقه مثانية أشهر) إشارة إىل شدة هذه احلرب‬
‫واستمرارها دون انقطاع حبيث ال يضع سيفه أو يهدأ من احلرب والقتال‪.‬‬
‫واآلن نأيت إىل شرح أخر فقرة من حديث أمري املؤمنني‪.‬‬
‫النقطة الثالثة‪ :‬قول أمري املؤمنني ‪:‬‬
‫‪.‬‬
‫وهنا يواجهنا إشكال قد ينقدح يف ذهن القارئ الكرمي‪ ،‬وهو كيف ميوت هذا املمهد الذي‬
‫هو من أهل بيت اإلمام املهدي ‪ ‬قبل أن يبلغ بيت املقدس‪ ،‬وحنن قد عرفنا بأنه هو اليماين‬
‫املوعود وهو من ميهد وميكن لإلمام املهدي ‪...‬؟!‬
‫أقول‪ :‬اجلواب يف عدة أمور‪:‬‬
‫ألامر األول‪ :‬لقد ذكر محقق كتاب عقد الدرر الشيخ مهيب بن صالح بن عبد الرحمن‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫البوريني‪ ،‬في هامش الكتاب تعليقا على لفظ (فال يبلغه حتى يموت)‪ ،‬قائال‪ ( :‬في [أ] فال يقتله‬
‫أحد حتى يموت)‪ ،‬أي إن هذه الرواية في أحد النسخ الخطية لكتاب عقد الدرر جاءت‬
‫بلفظ‪ ...( :‬فال يقتله أحد حتى يموت)‪ ،‬وهذه املخطوطة التي رمز لها املحقق بـ (أ)‪ ،‬هي أحد‬
‫النسخ الخطية التي اعتمد عليها في تحقيق كتاب عقد الدرر‪ ،‬وقال املحقق عنها في مقدمته‬
‫ما نصه‪ -1 ( :‬نسخة مكتبة البلدية باالسكندرية‪ ،‬ومصورتها في معهد املخطوطات برقم ‪161‬‬
‫توحيد‪ .‬وكتبت بخط نسخي جيد سنة ‪ 1116‬هـ‪ .‬كتبها يوسف بن محمد الشهير بابن الوكيل‬
‫امللوي‪ .‬وتقع في ‪ 111‬صفحة ومسطرتها ‪ .11 × 32‬وخطها دقيق‪ ،‬وهي نسخة (أ) )‪ .‬انتهى‪.‬‬

‫‪ -7‬كتاب الغيبة ‪ -‬للنعماني‪ :‬ص‪ 881‬باب‪ 22‬ح‪.8‬‬


‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪59 .........................................3 - 1 :‬‬

‫فيكون معنى الرواية؛ إن هذا الرجل املمهد املشرقي الذي هو من أهل بيت إلامام املهدي‬
‫‪ ، ‬ال يقتله أحد في تمهيده وقتاله وتوجهه نحو بيت املقدس‪ ،‬حتى يموت بأجله الذي‬
‫(‪)1‬‬
‫كتبه هللا له‪ ،‬أي إنه ال يقتل في مهمة التمهيد لإلمام املهدي ‪ ..‬وهللا العالم ‪.‬‬

‫وبهذا يكون لفظ (فال يبلغه حتى يموت)‪ ،‬على قألقل مشك فيه‪ ،‬فال يصحح لالستدالل‪،‬‬
‫ً‬
‫بل إن لفظ (فال يقتله أحد حتى يموت) هو قألقرب‪ ،‬وخصوصا إذا الحظنا سائر الروايات‬
‫وقألخبار‪.‬‬
‫‪ ،‬وهو‬ ‫ألامر الثاني‪ :‬إننا بعد أن سمعنا الترابط العجيب في روايات أهل البيت‬
‫ً‬
‫ترابط مقصود ومخطط له أكيدا‪ ،‬نعلم أن هذا الكالم ال يمكن أن يفهم على ما يتبادر منه‬
‫ألول وهلة؛ ألن هذا املمهد هو من آل بيت النبي وهو (أحمد) وص ي إلامام املهدي واليماني‬
‫املوعود‪ ،..‬فال يمكن أن يموت قبل قيام إلامام املهدي ‪ ‬وبسط دولة العدل إلالهي‪ ،‬إذن‬
‫فالبد من حمل الكالم على معنى آخر ملناسبة معينة‪ ،‬وهو ما سيتضح في قألسطر التالية إن‬
‫شاء هللا تعالى‪.‬‬
‫ألامر الثالث‪ :‬وردت في اللغة عدة معاني للموت غير الذي يقابل الحياة‪ ،‬منها‪ :‬املوت‬
‫بمعنى (السكون)‪ ،‬قال ابن منظور‪( :‬وقيل‪ :‬املوت في كالم العرب يطلق على السكون‪ ،‬يقال‪:‬‬
‫ماتت الريح أي سكنت) (‪ .)3‬وقال الزبيدي في تاج العروس‪( :‬من املجاز‪ :‬املوت‪ :‬السكون‪،‬‬
‫يقال‪" :‬مات‪ :‬سكن"‪ ،‬وكل ما سكن فقد مات‪ ،‬وهو على املثل‪ ،‬ومن ذل قولهم‪ :‬ماتت الريح‪،‬‬
‫إذا ركدت وسكنت‪ ،‬قال‪ :‬إني ألرجو أن تموت الريح * فأسكن اليوم وأستريح) (‪.)2‬‬

‫‪ -7‬والرواية في كتاب عقد الدرر‪ :‬ص‪ ،711‬للشيخ العالمة يوسف بن يحيى المقدسي الشافعي‬
‫السلمي؛ من علماء القرن السابع الهجري‪ ،‬طبع ونشر وتوزيع مكتبة المنار‪ ،‬األردن‪ ،‬الزرقاء‪ ،‬الطبعة‬
‫الثانية؛ ‪ 7470‬هـ – ‪ 7131‬م‪.‬‬
‫والمؤلف أورد الرواية مختصرة هكذا‪( :‬وعن علي بن أبي طالب رضي هللا عنه قال‪" :‬يخرج رجل‬
‫قبل المهدي من أهل بيته بالمشرق‪ ،‬يحمل السيف على عاتقه ثمانية أشهر يقتل ويمثل‪ ،‬ويتوجه الى‬
‫بيت المقدس‪ ،‬فال يبلغه حتى يموت"‪.‬‬
‫‪ -2‬المالحم والفتن‪ :‬باب‪ 788‬ص‪ ،781‬كنز العمال‪ :‬ج‪ 74‬ص‪ 531‬ح ‪ ،81221‬شرح إحقاق الحق‬
‫للسيد المرعشي‪ :‬ج‪ 78‬ص‪ ،878‬معجم أحاديث اإلمام المهدي ‪ :‬ج‪ 8‬ص‪.771‬‬
‫‪ -2‬لسان العرب‪ :‬ج‪ 2‬ص‪ 12‬مادة موت‪.‬‬
‫‪ -8‬تاج العروس‪ :‬ج‪ 8‬ص‪ 782‬مادة موت‪.‬‬
‫‪ .............................................11‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫ومنها‪ :‬املوت بمعنى (النوم)‪ ،‬قال ابن منظور‪ ...( :‬أبو عمرو‪ :‬مات الرجل وهمد وهوم إذا‬
‫نام‪ ...‬وفي حديث دعاء الانتباه‪ :‬الحمد هلل الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور‪ .‬سمي‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫النوم موتا؛ ألنه يزول معه العقل والحركة‪ ،‬تمثيال وتشبيها‪ ،‬ال تحقيقا‪ ...‬ومنها املنام‪ ،‬كقوله‬
‫َ‬ ‫َّ َ َ ْ‬
‫تعالى‪َ ﴿ :‬وال ِتي ل ْم ت ُمت ِفي َمن ِام َها﴾‪ ،‬وقد قيل‪ :‬املنام املوت الخفيف‪ ،‬واملوت‪ :‬النوم الثقيل‪)...‬‬
‫(‪.)1‬‬
‫ومنها‪ :‬املوت بمعنى (الجهل)‪ ،‬ذكر ابن منظور‪ ...( :‬ومنها زوال القوة العاقلة‪ ،‬وهي‬
‫َْ َ‬ ‫َّ َ َ ُ‬ ‫َ َ ً ََ َ‬ ‫َ‬
‫الجهالة‪ ،‬كقوله تعالى‪﴿ :‬أ َو َمن كان َم ْيتا فأ ْح َي ْين ُاه﴾‪ ،‬و ﴿ ِإنك َل ت ْس ِم ُع امل ْوتى﴾‪.)3( )...‬‬
‫ومنها‪ :‬املوت بمعنى (الحزن والخوف)‪ ،‬قال ابن منظور‪( :‬ومنها الحزن والخوف املكدر‬
‫ُ َ‬ ‫َْ ُ‬ ‫ْ‬
‫لححياة‪ ،‬كقوله تعالى‪َ ﴿ :‬و َيأ ِت ِيه امل ْوت ِمن ك ِل َمك ٍان َو َما ُه َو ِب َم ِي ٍت﴾) (‪.)2‬‬
‫وقال الزبيدي‪( :‬ومن املجاز‪ :‬فالن مائت من الغم) (‪.)1‬‬
‫ومنها‪ :‬املوت بمعنى (الشدة ومطلق قألحوال الشاقة)‪ ،‬قال ابن منظور‪( :‬وقد يستعار‬
‫املوت لألحوال الشاقة‪ :‬كالفقر والذل والسؤال والهرم واملعصية‪ ،‬وغير ذل ‪ ،‬ومنه الحديث‪:‬‬
‫أول من مات إبليس؛ ألنه أول من عص ى‪.)1( )...‬‬
‫وقال الشاعر‪:‬‬
‫ليس من مات فاستراح بميت إنما امليت ميت قألحيـ ـ ـاء‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫إنما امليت من يعيش شقي ـ ـ ـ ـ ـا كاسفا باله‪ ،‬قليل الرجاء‬
‫ً‬
‫وأناس حلوقهم في املاء‬ ‫فأنـاس يمصصون ثمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـادا‬
‫ومنها‪ :‬املوت بمعنى (الخضوع لححق)‪ ،‬قال ابن منظور‪( :‬وقال الححياني‪ :‬املوتة شبه‬
‫ً‬
‫الغشية‪ .‬ومات الرجل إذا خضع لححق‪ .‬واستمات الرجل إذا طاب نفسا باملوت) (‪.)6‬‬
‫ومنها‪ :‬املوت بمعنى (الاستبسال في الحرب والقتال وعدم املباالة باملوت‪...‬الخ)‪ ،‬قال ابن‬
‫منظور‪( :‬واملستميت‪ :‬الشجاع الطالب للموت‪ ،‬على حد ما يجئ عليه بعض هذا النحو‪.‬‬

‫‪ -7‬لسان العرب‪ :‬ج‪ 2‬ص‪.12‬‬


‫‪ -2‬لسان العرب‪ :‬ج‪ 2‬ص‪.12‬‬
‫‪ -8‬نفس المصدر‪.‬‬
‫‪ -4‬تاج العروس‪ :‬ج‪ 8‬ص‪ 747‬مادة موت‪.‬‬
‫‪ -5‬نفس المصدر‪.‬‬
‫‪ -2‬لسان العرب‪ :‬ج‪ 2‬ص‪.18‬‬
‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪11 .........................................3 - 1 :‬‬

‫واستمات الرجل‪ :‬ذهب في طلب الش يء كل مذهب‪ ....‬واملستميت‪ :‬املستقتل الذي ال يبالي في‬
‫الحرب‪ ،‬املوت‪ .‬وفي حديث بدر‪ :‬أرى القوم مستميتين أي مستقتلين‪ ،‬وهم الذي يقاتلون على‬
‫املوت) (‪.)1‬‬
‫َْ ُ‬ ‫ْ‬
‫ومنها‪ :‬املوت بمعنى (أسباب املوت)‪ ،‬قال ابن منظور‪( :‬وقوله تعالى‪َ ﴿ :‬و َيأ ِت ِيه امل ْوت ِمن‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ك ِل َمك ٍان َو َما ُه َو ِب َم ِي ٍت﴾‪ ،‬إنما معناه‪ ،‬وهللا أعلم‪ ،‬أسباب املوت‪ ،‬إذ لو جاءه املوت نفسه‬
‫ملات به ال محالة) (‪.)3‬‬
‫وعلى ما تقدم يمكن أن يكون معنى (فال يبلغه حتى يموت)‪ ،‬أي إنه ال يبلغ بيت املقدس‬
‫إال من بعد جهد وعناء واستماتة في القتل والقتال واملبالغة في التضحية وعدم املباالة‬
‫ً‬
‫باملوت واملرور باملصاعب والشدائد املميتة‪ ..‬وما شابه هذه املعاني مجازا أو استعارة‪.‬‬
‫ألامر الرابع‪ :‬ثم إننا نجد بعض الروايات وقألخبار تفيد أن هذا املمهد يصل إلى بيت‬
‫املقدس‪ ،‬وأنه يسمى املهدي وعلى لوائه شعيب بن صالح‪ ،‬وهذه النقطة وإن كان محل بحثها‬
‫في حلقة قادمة من هذه الدراسة‪ ،‬ولكن ال بأس باإلشارة إليها باختصار لعالقتها بموضوعنا‬
‫آلان‪:‬‬
‫عن رسول هللا ‪ ،‬أنه قال‪( :‬يخرج من خراسان رايات سود َل يردها ش يء حتى‬
‫تنصب بإيليا) (‪.)2‬‬
‫وعن محمد بن الحنفية ‪( :‬تخرج راية سوداء لبني العباس‪ ،‬ثم تخرج من خراسان‬
‫أخرى سوداء قالنسهم سود وثيابهم بيض‪ ،‬على مقدمتهم رجل يقال له شعيب بن صالح‪ ،‬أو‬
‫صالح بن شعيب‪ ،‬من تميم‪ ،‬يهزمون أصحاب السفياني‪ ،‬حتى تنزل بيت املقدس‪ ،‬توطئ‬
‫للمهدي سلطانه‪ ،‬ويمد إليه ثالثمائة من الشام‪ .‬يكون بين خروجه وبين أن يسلم قألمر‬
‫ً‬
‫للمهدي اثنان وسبعون شهرا) (‪.)1‬‬
‫وعن عمار بن ياسر‪ ،‬قال‪( :‬املهدي على لوائه شعيب بن صالح) (‪.)1‬‬

‫‪ -7‬لسان العرب‪ :‬ج‪ 2‬ص‪.14‬‬


‫‪ -2‬لسان العرب‪ :‬ج‪ 2‬ص‪.17‬‬
‫‪ -8‬البداية والنهاية ‪ -‬البن كثير‪ :‬ج‪ 2‬ص‪.212‬‬
‫‪ -4‬المالحم والفتن‪ :‬ص‪ 773 – 771‬باب‪ ،18‬الفتن ‪ -‬البن حماد‪ :‬ص‪ ،733‬معجم أحاديث اإلمام‬
‫المهدي ‪ :‬ج‪ 7‬ص‪.811‬‬
‫‪ -5‬المالحم والفتن‪ :‬ص‪ 720‬باب‪.11‬‬
‫‪ .............................................12‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫عن عبد هللا بن إسماعيل البصري‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن الحسن‪ ،‬قال‪( :‬يخرج بالري رجل ربعة‬
‫أسمر‪ ،‬مولى لبني تميم‪ ،‬كوسج يقال له شعيب بن صالح‪ ،‬في أربعة آالف‪ ،‬ثيابهم بيض‬
‫وراياتهم سود‪ ،‬يكون على مقدمة املهدي‪ ،‬ال يلقاه أحد إال فله) (‪.)1‬‬
‫وعن سفيان الكلبي‪( :‬يخرج على لواء املهدي غالم حديث السن‪ ،‬خفيف الححية‪ ،‬أصفر‪،‬‬
‫لو قاتل الجبال لهزها حتى ينزل إيليا) (‪.)3‬‬
‫وعن عمار بن ياسر أنه قال‪ ...( :‬ثم يسير إلى الكوفة (أي السفياني) فيقتل أعوان آل‬
‫ً‬
‫ويقتل رجال من مسميهم‪ .‬ثم يخرج املهدي على لوائه شعيب بن صالح‪.)2( )...‬‬ ‫محمد‬
‫ومن قألحاديث وقألخبار السابقة نستخلص نتائج ثالث‪:‬‬
‫النتيجة ألاولى‪ :‬إن هذه الرايات الخراسانية هي املمهدة لإلمام املهدي ‪ ،‬وهي التي‬
‫تهزم السفياني من إيران والعراق حتى تصل إلى بيت املقدس‪ ،‬وقد تقدم أن هذه الرايات‬
‫البد أن تكون تابعة لليماني املوعود‪ ،‬املهدي قألول من ذرية الحجة محمد بن الحسن ‪‬؛‬
‫ألن الراية املمدوحة واملأمور بنصرتها واحدة ال غير وهي أهدى الرايات‪.‬‬
‫النتيجة الثانية‪ :‬إن هذه الرايات هي رايات املهدي ‪ ،‬وعلى لوائه شعيب بن صالح‪،‬‬
‫كما صرحت رواية عمار بن ياسر ‪( :‬ثم يخرج املهدي على لوائه شعيب بن صالح)‪ ،‬فأي‬
‫مهدي هذا الذي يخرج مع الرايات الخراسانية التي تكون مزامنة لخروج السفياني نحو‬
‫العراق‪ ،‬والتي هي من عالمات قيام الحجة محمد بن الحسن ‪‬؟!‬
‫ً‬
‫وسيأتي بحث هذا املوضوع مفصال إن شاء هللا في الحلقات القادمة‪.‬‬
‫النتيجة الثالثة‪ :‬إن هذا املهدي ال يموت‪ ،‬بل يصل إلى بيت املقدس‪ ،‬بل ال يشترط أن‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫يكون هو بنفسه موجودا في الجيش الذي يفتح بيت املقدس‪ ،‬إنما يكون هذا الجيش مؤتمرا‬
‫بأمره وتحت إشرافه وجزء من ثورته‪ ،‬ويكون القائد املباشر هو شعيب بن صالح‪ ،‬وينسب‬
‫قتال شعيب بن صالح إلى اليماني املوعود؛ ألنه جندي من جنوده ومنفذ ألوامره وإرادته‪.‬‬
‫وبهذا البد من حمل الرواية (فال يبلغه حتى يموت) على غير معنى املوت الذي يقابل‬
‫‪ ،‬أي‬ ‫الحياة‪ ،‬بل إن التعبير باملوت في هكذا مورد مستبعد كما هو في كالم أهل البيت‬

‫‪ -7‬المالحم والفتن‪ :‬ص‪ ،771‬معجم أحاديث اإلمام المهدي ‪ :‬ج‪ 7‬ص‪.813‬‬


‫‪ -2‬المالحم والفتن‪ :‬ص‪ 720‬باب‪ ،11‬معجم أحاديث اإلمام المهدي ‪ :‬ج‪ 7‬ص‪.811 – 813‬‬
‫‪ -8‬الغيبة ‪ -‬للطوسي‪ :‬ص‪ 424 – 428‬ح‪ ،411‬المالحم والفتن‪ :‬ص‪ 728‬باب ‪ ،704‬ومعجم أحاديث‬
‫اإلمام المهدي ‪ :‬ج‪ 7‬ص‪ 811‬باختالف يسير‪.‬‬
‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪13 .........................................3 - 1 :‬‬

‫إن الذي يموت في الحرب يعبر عنه بـ (استشهد أو قتل)‪ ،‬وعلى أي حال فاعتقد أن املسألة‬
‫ً‬
‫باتت واضحة جدا لكل ذي عينين‪.‬‬
‫واآلن بعد هذا اإلسهاب‪ ،‬نأيت إىل مناقشة رواية أخرى حول حامل راية آل حممد يف عصر‬
‫الظهور املقدس‪ ،‬ولكن البد من االختصار حسب اإلمكان‪.‬‬
‫‪‬‬ ‫عن أبان بن تغلب‪ ،‬قال‪:‬‬

‫(‪.)1‬‬
‫أقول‪:‬‬
‫أ‪ -‬قوله ‪( :‬إذا ظهرت راية الحق لعنها أهل المشرق وأهل المغرب)‪:‬‬
‫يف عصر الظهور هي راية اليماين‬ ‫قد عرفنا بأن راية احلق واهلدى وراية آل حممد‬
‫املوعود‪ ،‬فأكيد أن راية اليماين مقصودة من هذه الرواية‪.‬‬
‫ب‪ -‬قوله ‪( :‬لعنها أهل المشرق وأهل المغرب)‪:‬‬
‫اللعن هو الطرد‪ ،‬أي الطرد من رمحة اهلل تعاىل‪ ،‬وهذا يدل على أن الالعنني هلذه الراية هم‬
‫من الذين يدَّعون التدين‪ ،‬ويرون هذه الراية حبسب اجتهادهم أهنا خارجة عن الدين وبدعة‪،‬‬
‫ولذلك يلعنوهنا ويتربأون منها‪.‬‬
‫وأهل املشرق واملغرب‪ :‬إما يراد منهم كل أهل األرض‪ ،‬أو يراد منهم الشيعة وأبناء العامة‪،‬‬
‫باعتبار أن الثقل األكرب للشيعة يف املشرق كالعراق وإيران‪ ،..‬وأن املغرب هو من املخالفني ألهل‬
‫البيت إال نسبة قليلة‪ ،‬ابتداء من الشام واحلجاز وإىل أقصى املغرب العريب‪ ..‬فكل هؤالء يلعنون‬
‫راية احلق‪ ،‬وكل حسب اعتقاده وخترصه‪.‬‬
‫ج‪ -‬قوله ‪( :‬للذي يلقى الناس من أهل بيته قبل خروجه)‪:‬‬
‫وهنا رمبا يتبادر ‪ -‬ألول وهلة ‪ -‬إىل الذهن معىن غري الذي سأبينه‪ ،‬ولكن عند التأمل يف‬
‫معىن العبارة ومقارنتها مع روايات أخرى يتبني معىن آخر‪ ،‬وهو‪ :‬أن الناس تلعن راية احلق؛ ألهنم‬

‫‪ -7‬الغيبة ‪ -‬للنعماني‪ :‬ص‪ 803‬باب‪ 71‬ح‪.4‬‬


‫‪ .............................................14‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫سريون أن حاملها هو رجل من أهل بيت اإلمام املهدي ‪‬؛ ألن قوله (من أهل بيته قبل‬
‫خروجه)‪ ،‬الضمري يف (بيته) ويف (خروجه) عائد على اإلمام املهدي ‪ ،‬أي إن الناس ستلقى‬
‫أحد أهل بيت اإلمام املهدي ‪ ‬وذلك قبل خروج اإلمام املهدي ‪.‬‬
‫وبعبارة أخرى‪ :‬إن الناس ستالقي رجالً من أهل بيت اإلمام املهدي ‪ ،‬وهو حامل راية‬
‫آل حممد راية احلق‪ ،‬وسيلعنون تلك الراية‪ ،‬إما ألهنم سيعتقدون بأن هذا الرجل ليس من آل‬
‫املهدي ‪ ،‬وإما ألنه سيبني هلم أهنم قد احنرفوا عن الدين وأهنم ال خالق هلم‪ ،‬وبذلك‬
‫سريونه مبتدعاً ومنحرفاً (وحاشاه)‪ ،‬فيلعنونه‪ ،‬وإما بسبب ما ينزله هبم من القتل والتنكيل‬
‫والقضاء على كل فسادهم ومفسديهم‪ ،‬ولذلك مسعنا يف بعض الروايات أهنم يقولون‪( :‬لو كان‬
‫من آل حممد لرمحنا)‪ ،‬و (لو كان من بين فاطمة لرحم)‪ ،..‬وقد تكون كل هذه األسباب وغريها‬
‫جمتمعة سبباً يف لعنهم لراية احلق وحاملها اليماين املوعود الذي هو من أهل بيت اإلمام املهدي‬
‫‪.‬‬
‫فإن قيل‪ :‬ملاذا ال نفهم من هذه الرواية بأن الناس ستلعن راية اإلمام املهدي عند خروجه؛‬
‫ألهنم عايشوا الفساد واإلفساد الذي ظهر من مدعي الدين والتشيع‪ ،‬فعندما يرون راية اإلمام‬
‫املهدي ‪ ‬سيظنون بأنه نفس سرية هؤالء املنحرفني عن اإلنصاف والعدل‪..‬؟‬
‫وخصوصاً إذا الحظنا أن هناك رواية بنفس املعىن ولكنها تنص على أن علة اللعن هو ما‬
‫ستلقاه الناس من بين هاشم قبل خروج اإلمام املهدي ‪:‬‬
‫عن منصور بن حازم‪ ،‬عن أيب عبد اهلل ‪ ‬أنه قال‪:‬‬
‫(‪.)1‬‬
‫أقول‪ :‬نعم قد يتبادر إىل الذهن هذا التفسري‪ ،‬ولكنه بعيد بعد مالحظة عدة أمور‪:‬‬
‫األمر األول‪ :‬إن الرواية األوىل حتكم وتقيد الرواية الثانية‪ ،‬أي إهنا تقيد (بين هاشم) بـ (أهل‬
‫بيت اإلمام املهدي ‪ ،)‬فكل أهل بيت املهدي ‪ ‬هم من بين هاشم وال عكس‪ ،‬أي‬
‫ليس كل بين هاشم هم من أهل بيت اإلمام املهدي ‪ ،‬وخصوصاً إذا الحظنا الروايات اليت‬

‫‪ -7‬الغيبة ‪ -‬للنعماني‪ :‬ص‪ 801‬باب‪ 71‬ح‪.5‬‬


‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪15 .........................................3 - 1 :‬‬

‫تفسر (أهل بيت النيب) بأهنم األوصياء وليس مطلق ذريته‪ ،‬فحىت لو تنزلنا وقلنا بأن املقصود هو‬
‫فسرها أهل البيت‬
‫ّ‬ ‫(أهل بيت النيب) وليس (أهل بيت املهدي) خاصة‪ ،‬فأهل بيت النيب‬
‫بأهنا تعين األوصياء إىل يوم القيامة‪ ،‬فمن هذا الوصي الذي ستلقاه الناس قبل خروج‬
‫اإلمام املهدي ‪.‬‬
‫بالنسب‬ ‫األمر الثاني‪ :‬محل فساد بعض رموز الشيعة أو من ينتمي إىل أهل البيت‬
‫على اإلمام املهدي ‪ ‬بعيد‪ ،‬وخصوصاً إذا الحظنا أن اإلمام الصادق ‪ ‬ال يتكلم حكاية‬
‫عن لسان أهل آخر الزمان‪ ،‬أي إنه مل يقل بأهنم سيقولون‪ :‬إن هذا الرجل من أهل بيت املهدي‬
‫‪ ،‬بل اإلمام الصادق ‪ ‬يف مقام اإلخبار والتكلم بلسانه‪ ،‬فعندما يقول‪( :‬أهل بيت‬
‫املهدي) يقصد املعىن الذي عنده هو‪ ،‬ال املعىن املغلوط الذي عند أهل آخر الزمان الذين يلعنون‬
‫راية احلق‪.‬‬
‫األمر الثالث‪ :‬راية احلق عند ظهورها ال ميكن محلها على مذهب معني بالذات‪ ،‬وبعبارة‬
‫أخرى‪ :‬إنه ال ُيرج مثالً مؤيداً ملن ينتحل التشيع يف آخر الزمان‪ ،‬بل سيعلن مذهب التشيع‬
‫األصيل‪ ،‬وسيميت وحيارب كل البدع سواء اليت عند الشيعة أو عند العامة أو غريهم‪ ،‬بل‬
‫نالحظ من الروايات بأنه أول ما يبدأ بكذايب الشيعة ومنحرفيهم‪.‬‬
‫عن املفضل بن عمر‪ ،‬قال‪ :‬مسعت أبا عبد اهلل ‪ ‬يقول‪( :‬لو قام قائمنا بدأ بكذابي‬
‫الشيعة فقتلهم) (‪.)1‬‬
‫وعن رسول اهلل ‪:‬‬
‫(‪.)2‬‬

‫‪ -7‬اختيار معرفة الرجال ‪ -‬للطوسي‪ :‬ج‪ 2‬ص‪ 531‬ح‪ ،858‬معجم أحاديث اإلمام المهدي‪ :‬ج‪8‬‬
‫ص‪ ،422‬نقالً عن اختيار معرفة الرجال واثبات الهداة‪ .‬والرواية صحيحة السند‪.‬‬
‫‪ -2‬كمال الدين وتمام النعمة‪ :‬ص‪ 258‬باب‪ 28‬ح‪ ،8‬إعالم الورى بأعالم الهدى ‪ -‬للطبرسي‪ :‬ج‪2‬‬
‫ص‪ ،732‬مناقب آل أبي طالب ‪ -‬البن شهر آشوب‪ :‬ج‪ 7‬ص‪.242‬‬
‫‪ .............................................11‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫وقد مسعنا الروايات اليت تنص على أنه ال يبقى من الشيعة مع القائم ‪ ‬إال كالكحل يف‬
‫العني أو امللح يف الزاد‪ ،..‬إذن اإلمام املهدي ‪ ‬يبدأ بالتصدي لالحنراف الشيعي مث غريهم‪،‬‬
‫وهكذا‪ ،‬أي إن راية اإلمام املهدي ‪ ‬وراية احلق ستكون ثورة على كل احنرافات املذاهب‪،‬‬
‫وأوهلا من ينتحلون التشيع‪ ،‬فكيف ستظن الناس أنه من صنف املنحرفني من رموز الشيعة‪..‬؟!‬
‫بل سرتاه كل الناس شيئاً جديداً وديناً جديداً‪ ،‬وأول من يراه كذلك الشيعة فضالً عن‬
‫غريهم‪ ،‬ولذلك نطقت الروايات بأنه يقوم بدين جديد وكتاب جديد وسنة وقضاء جديد‪.‬‬
‫عن أيب جعفر ‪:‬‬

‫(‪.)1‬‬
‫وعن أيب عبد اهلل ‪ ،‬قال‪:‬‬
‫(‪.)2‬‬
‫فسريى مجيع املسلمني مبا فيهم الشيعة ديناً جديداً‪ ،‬وكذلك كل العامل‪ ،‬وهذا ليس ألن‬
‫القائم سيقوم بغري دين اإلسالم‪ ،‬بل ألن كل املذاهب قد احنرفت عن اإلسالم احلنيف بآرائهم‬
‫وأهوائهم‪ ...‬فغريوا صورة اإلسالم احلقيقية‪ ،‬ولذلك عندما يرون اإلسالم املهدوي يعدونه ديناً‬
‫جديداً‪.‬‬
‫وعلى ما تقدم يكون من البعيد جداً أن تظن الناس بأن اإلمام املهدي ‪ ‬من صنف‬
‫مفسدي الشيعة‪ ،‬يف الوقت الذي يرونه يبدأ هبم فيقتلهم ويستأصل فسادهم وبدعهم !‬
‫‪ ،‬على‬ ‫فال وجه حلمل قول الصادق ‪:‬‬
‫غري معناها الذي قدمته قبل قليل‪ ،‬وهو‪ :‬أن الناس ستلقى رجالً من أهل بيت اإلمام املهدي‬
‫‪ ،‬وقول‬ ‫‪ ،‬وخصوصاً إذا تذكرنا قول اإلمام علي ‪:‬‬
‫اإلمام الرضا ‪( :‬ابن صاحب الوصيات)‪ ،‬وغري ذلك‪.‬‬

‫‪ -7‬الغيبة ‪ -‬للنعماني‪ :‬ص‪ 224 – 228‬باب‪ 74‬ح‪.78‬‬


‫‪ -2‬الغيبة ‪ -‬للنعماني‪ :‬ص‪ 282‬باب‪ 78‬ح‪ ،78‬بحار األنوار‪ :‬ج‪ 52‬ص‪.858 – 852‬‬
‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪17 .........................................3 - 1 :‬‬

‫األمر الرابع‪ :‬الرواية تشري إىل أن كل الناس ستلعن راية احلق وال استثناء للشيعة‪ ،‬فكيف‬
‫يعقل أن الشيعة سيلعنون راية احلق؛ ألهنم يروهنا موافقة هلم أو لسرية فقهائهم يف آخر الزمان؟!‬
‫وبعبارة أوضح‪ :‬إن الرواية مل تستث ِن منتحلي التشيع من الالعنني لراية احلق‪ ،‬فإذا كانوا من‬
‫ضمن الالعنني ينتفي القول بأن الناس تلعن راية احلق؛ ألهنم يظنوهنا من صنف رايات فقهاء‬
‫الشيعة يف آخر الزمان الذي يعتقدون بفسادهم؛ ألن غري الشيعة إذا كان هذا هو سبب لعنهم‬
‫لراية احلق فما هو الداعي للشيعة إىل لعن تلك الراية؟!‬
‫عن أيب بصري‪ ،‬عن أيب عبد اهلل ‪ ،‬قال‪:‬‬

‫(‪.)1‬‬
‫‪ ،‬أوهلما ممهد صاحب راية‬ ‫أقول‪ :‬أ‪ -‬الرواية خترب عن خروج رجلني من أهل البيت‬
‫هدى‪ ،‬واآلخر هو اإلمام املهدي ‪ ،‬واألول ال ميكن أن يكون غري اليماين املوعود وصي‬
‫اإلمام املهدي ‪( ‬أمحد)‪.‬‬
‫ب‪ -‬قوله ‪( :‬ما دام لولد بني فالن ملك حتى ينقرض ملكهم)‪:‬‬
‫البد لنا أوالً أن نعرف املقصود من (بين فالن)‪ ،‬هل هم بنو أمية أم بنو العباس؛ ألن أهل‬
‫أحياناً ُيربون عن كليهما بـ (بين فالن)‪.‬‬ ‫البيت‬
‫فإن قلنا إن املقصود هم (بنو العباس) يستعرضنا إشكال ال ميكن جتاوزه‪ ،‬وهو أن دولة بين‬
‫يف رواياهتم بـ (منا‬ ‫العباس آخر الدول‪ ،‬وهالكها سيكون على يد رجل عرب عنه أهل البيت‬

‫‪ -7‬بحار األنوار‪ :‬ج‪ 25‬ص‪.221‬‬


‫‪ .............................................18‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫أهل البيت) وبصفات أخرى جليلة‪ ،‬فكيف يتيحه اهلل تعاىل بعد انقراض ملكهم؟! يف حني أننا‬
‫جنده هو من يقضي على ملك بين العباس !‬
‫إذن فالبد أن يتاح هذا الرجل احملمدي عند أو بعد انقراض ملك بين أمية يف آخر الزمان‪،‬‬
‫والذي يسبق ملك بين العباس يف آخر الزمان‪.‬‬
‫ومبا أنه قد تقدم بيان أن هذا الرجل املمهد احلسيين املهدي املشرقي هو اليماين املوعود‪،‬‬
‫يتبني لنا أن ظهور اليماين املوعود يكون قبل قيام اإلمام املهدي ‪ ‬بفرتة زمنية طويلة‪ ،‬بل‬
‫وقبل خروج السفياين بكثري أيضاً‪.‬‬
‫ج‪ -‬قوله ‪( :‬فإذا انقرض ملكهم أتاح اهلل ألمة محمد برجل منا أهل البيت‪ ،‬يشير‬
‫(يسير) بالتقى‪ ،‬ويعمل بالهدى‪ ،‬ول يأخذ في حكمه الرشا)‪:‬‬
‫جاء معىن هذا الوصف (يشري (يسري) بالتقى ويعمل باهلدى وال يأخذ يف حكمه الرشا)‪،‬‬
‫يف كالم أمري املؤمنني ‪ ‬يف أحد خطبه وهو يتكلم عن فنت ومالحم آخر الزمان‪ ،‬إليكم‬
‫ملخصها‪:‬‬
‫عن األصبغ بن نباته أنه قال‪ :‬خطب علي بن أيب طالب ‪ ‬فحمد اهلل وأثىن عليه مث‬
‫قال‪:‬‬

‫(‪.)1‬‬

‫‪ -7‬مصباح البالغة (مستدرك نهج البالغة) ‪ -‬للميرجهاني‪ :‬ج‪ 2‬ص‪ ،824 – 820‬معجم أحاديث‬
‫اإلمام المهدي‪ :‬ج‪ 8‬ص‪ ،51 – 55‬كنز العمال‪ :‬ج‪ 74‬ص‪ 515 – 512‬ح‪ ،81211‬شرح إحقاق‬
‫الحق‪ :‬ج‪ 21‬ص‪.831 – 835‬‬
‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪19 .........................................3 - 1 :‬‬

‫ويف اخلطبة إشارات كثرية ومهمة ولكن ال يسعين اآلن الوقوف عليها‪ ،‬فقط أنبه إىل التطابق‬
‫يف الوصف بني هذا اخلليفة وبني الرجل الذي ذكره اإلمام الصادق ‪ ‬بأنه ُيرج قبل قيام‬
‫اإلمام املهدي ‪ ‬ووصفه بأنه من أهل البيت يسري بالتقى ويعمل باهلدى وال يأخذ يف حكمه‬
‫الرشا‪.‬‬
‫وأيضاً أنبه إىل أن قول أمري املؤمنني ‪( :‬ليستخلفن اهلل خليفة)‪ ،‬سيفسر لنا الروايات‬
‫اليت تنص على وجود خليفة اهلل املهدي مع الرايات السود أو مزامن هلا‪:‬‬
‫عن ثوبان‪ ،‬عن النيب قال‪:‬‬
‫‪.)1‬‬
‫وغري هذه من الروايات‪.‬‬
‫د‪ -‬قوله ‪( :‬واهلل إني ألعرفه باسمه واسم أبيه)‪:‬‬
‫يشعر هذا الكالم بأن اسم هذا الرجل واسم أبيه من األسرار اليت اختص هبا األئمة ‪‬‬
‫وال يعرفه أحد غريهم إال منهم‪ ،‬وخصوصاً إذا الحظنا أن اإلمام الصادق ‪ ‬يقسم على ذلك‬
‫ويؤكد كالمه بـ (الم التأكيد)‪( ..‬ألعرفه)‪.‬‬
‫وكذلك جند أمري املؤمنني ‪ ‬يؤكد على هذه املسألة عندما يتكلم عن قائد جيش‬
‫الغضب‪ ،‬كما يف الرواية اآلتية‪:‬‬
‫عن جابر‪ ،‬قال‪ :‬حدثين من رأى املسيب بن جنبة‪ ،‬قال‪:‬‬
‫‪‬‬
‫‪‬‬

‫‪ -7‬المالحم والفتن‪ :‬ص‪ 771‬الباب‪ ،15‬مسند أحمد بن حنبل ج‪ 5‬ص‪ ،211‬المستدرك للحاكم‬
‫النيسابوري ج‪ 4‬ص‪.502‬‬
‫‪ .............................................71‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫(‪.)1‬‬
‫وهنا أيضاً جند أمري املؤمنني ‪ ‬يقسم على أنه يعرف اسم هذا األمري‪ ،‬ويؤكد أيضاً كالمه‬
‫بـ (الم التأكيد)‪( ..‬ألعرفه)‪.‬‬
‫وأيضاً توجد إشارات أخرى يف كالم أمري املؤمنني ‪ ،‬رمبا يأيت التأكيد عليها إن شاء اهلل‬
‫تعاىل‪.‬‬
‫هـ‪ -‬وردت بعض األلفاظ يف كالم اإلمام الصادق ‪ ‬رمبا تكون غري مفهومة‪ ،‬أحاول‬
‫اآلن بياهنا‪ ،‬مثل‪( :‬الرشا‪ ...‬الغليظ‪ ...‬القصرة‪ ...‬ذو الخال‪ ...‬الشامتين)‪:‬‬
‫(الرشا)‪ :‬الظاهر أنه مأخوذ من الرشوة‪ ،‬أي إن مفرد الرشا هو رشوة‪.‬‬
‫قال اجلواهري‪[( :‬رشا] الرشاء‪ :‬احلبل‪ ،‬واجلمع أرشية‪ .‬والرشوة معروفة‪ ،‬والرشوة بالضم مثله‪،‬‬
‫واجلمع رشا ورشا‪ .‬وقد رشاه يرشوه رشوا‪ .‬وارتشى‪ :‬أخذ الرشوة‪ .‬واسرتشى يف حكمه‪ :‬طلب‬
‫الرشوة عليه‪.)2( )...‬‬
‫(الغليظ)‪ :‬الغلظة ضد الرقة سواء كانت يف األعضاء أو الصفات والطباع‪.‬‬
‫قال ابن منظور‪( :‬غلظ‪ :‬الغلظ‪ :‬ضد الرقة يف اخللق والطبع والفعل واملنطق والعيش وحنو‬
‫(‪)3‬‬
‫صَرة)‪ ،‬كاآليت‪:‬‬ ‫ذلك‪ . )...‬والظاهر أن (الغليظ) هي وصف لـ (ال َق َ‬
‫صَرة)‬
‫(القصرة)‪ :‬الظاهر املقصود منها الرقبة أو أصل الرقبة‪ ،‬وقيل الرقبة إذا غلظت تسمى (قَ َ‬
‫صَرة‪ ،‬بالتحريك‪ :‬أصل العنق‪ .‬قال‬ ‫بفتح القاف والصاد والراء‪ ،‬قال ابن منظور‪ ...( :‬وال َق َ‬
‫صر‪ ،‬وبه فسر ابن عباس قوله ‪:‬‬ ‫اللحياين‪ :‬إمنا يقال ألصل العنق قصرة إذا غلظت‪ ،‬واجلمع قَ َ‬
‫إهنا ترمي بشرر كالقصر‪ ،‬بالتحريك‪ ،‬وفسره قصر النخل يعين األعناق‪ ....‬وقال كراع‪ :‬القصرة‬
‫أصل العنق‪ ،‬واجلمع أقصار‪ ،‬قال‪ :‬وهذا نادر إال أن يكون على حذف الزائد‪.)4( )...‬‬

‫‪ -7‬كتاب الغيبة ‪ -‬للنعماني‪ :‬ص‪.825‬‬


‫‪ -2‬الصحاح‪ :‬ج‪ 2‬ص‪ 2851‬مادة رشا‪.‬‬
‫‪ -8‬لسان العرب‪ :‬ج‪ 1‬ص‪.441‬‬
‫‪ -4‬لسان العرب‪ :‬ج‪ 5‬ص‪.707‬‬
‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪71 .........................................3 - 1 :‬‬

‫فيكون معىن (الغليظ القصرة)‪ ،‬هو غليظ الرقبة‪ ،‬كما تقول مثالً (الطويل القامة)‪ ،‬فيكون‬
‫لفظ الغليظ وصف لـ (القصرة)‪ ،‬وهو من قبيل إضافة الصفة إىل موصوفها‪ ...‬واهلل العامل‪.‬‬
‫وهذا الوصف إشارة إىل قوة اإلمام املهدي ‪ ‬وصالبة بنيته اجلسمانية‪ ،‬وقد روي عن أيب‬
‫عمرو عثمان بن سعيد ‪ -‬أول السفراء ‪ -‬أنه وصف اإلمام املهدي ‪ ‬بعظم رقبته إشارة منه‬
‫إىل ضخامة جسمه‪ :‬عن عبد اهلل بن جعفر احلمريي‪ ،‬قال‪( :‬اجتمعت والشيخ أبو عمرو عند‬
‫أمحد بن إسحاق بن سعد األشعري‪ ،‬فغمزين أمحد بن إسحاق أن أسأله عن اخللف‪ .‬فقلت‬
‫له‪ ....:‬أنت رأيت اخللف من أيب حممد ‪‬؟ فقال‪ :‬إي واهلل ورقبته مثل هذا وأومأ بيده‪)...‬‬
‫(‪.)1‬‬
‫ويف األبيات املنسوبة إىل أمري املؤمنني ‪ ‬يف وصف نفسه (‪:)2‬‬
‫أنا الذي مستين أمي حيدرة ضرغام آجام وليث قسورة‬
‫عبل الذراعني شديد القصرة كليث غابات كريه املنظـرة‬
‫أكيلكم بالسيف كيل السندرة أضربكم ضربا يبني الفقـرة‬
‫أضرب بالسيف رقاب الكفـرة‬ ‫وأترك القرن بقاع جـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـزرة‬
‫وقد توهم وحتري الكوراين يف كتابه (عصر الظهور) يف تفسري معىن (الغليظ القصرة)‪ ،‬فتوهم‬
‫أن الغليظ تعين البدين أي السمني‪ ،‬والقصرة تعين القصري القامة‪ ،‬ولذلك استبعد أن يكون هذا‬
‫الوصف لإلمام املهدي ‪ ،‬وأساء فهم الرواية الشريفة‪ ،‬ولو اتعب نفسه قليالً رمبا توصل إىل‬
‫معىن العبارة‪ ،‬وإليكم نص كالم الكوراين‪:‬‬
‫(أما عبارة‪" :‬مث يأتينا الغليظ القصرة‪ ،‬ذو اخلال والشامتني القائد العادل" فهي تتحدث‬
‫عمن يأيت بعد هذا السيد املوعود (‪ ،)3‬واملفهوم منها أنه املهدي ‪ ‬الذي هو ذو اخلال‬

‫‪ -7‬الغيبة ‪ -‬للطوسي‪ :‬ص‪ 244 – 248‬ح‪.201‬‬


‫‪ -2‬انظر بحار األنوار‪ :‬ج‪ 27‬ص‪ ،73‬أعيان الشيعة‪ :‬ج‪ 7‬ص‪ ،557‬ينابيع المودة ‪ -‬للقندوزي‪ :‬ج‪7‬‬
‫ص‪ ،755‬شرح إحقاق الحق‪ :‬ج‪ 5‬ص‪.423‬‬
‫‪ -8‬احتمل الكوراني قبل كالمه هذا أن يكون هذا الرجل هو السيد الخميني (رحمه هللا) !‬
‫‪ .............................................72‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫والشامتني كما ورد يف أوصافه‪ .‬ولكن وصف "الغليظ القصرة" أي البدين القصري ال ينطبق على‬
‫املهدي ‪‬؛ ألن الروايات جتمع على أنه طويل القامة معتدهلا‪ .‬ولذا يرجح أن يكون سقط من‬
‫الرواية فقرة أو أكثر باستنساخ ابن طاووس (رمحه اهلل) أو غريه من النساخ‪ ،‬وأن يكون هذا‬
‫الرجل البدين القصري يأيت بعد السيد املوعود‪ ،‬وأن بعض أوصافه األخرى سقطت‪ .‬ولذا ال ميكن‬
‫أن نستفيد من الرواية االتصال بني هذا السيد املوعود وبني ظهور املهدي ‪.)1( )‬‬
‫وقضي األمر الذي فيه تستفتيان !!!‬
‫(ذو اخلال والشامتني)‪ :‬اخلال والشامة كالمها نكته سوداء يف البدن‪ ،‬وقد تكون قريبة إىل‬
‫السواد أو قريبة إىل احلمرة‪ ..‬والظاهر أن الفرق بني اخلال والشامة‪ ،‬إن اخلال يكون بارزاً عن‬
‫البدن مرتفعاً عن مستواه‪ ،‬وأما الشامة فهي جمرد بقعة سوداء مبستوى البدن أي ليست مرتفعة‬
‫عنه‪ ،‬كما قال ابن منظور‪( :‬واخلال‪ :‬الذي يكون يف اجلسد‪ .‬ابن سيده‪ :‬واخلال سامة سوداء يف‬
‫البدن‪ ،‬وقيل‪ :‬هي نكتة سوداء فيه‪ ،‬واجلمع خيالن‪ .‬وامرأة خيالء ورجل أخيل وخميل وخميول‬
‫وخمول مثل مقول من اخلال أي كثري اخليالن‪ ،‬وال فعل له‪ .‬ويقال ملا ال شخص له شامة‪ ،‬وما له‬
‫شخص فهو اخلال) (‪.)2‬‬
‫أن اإلمام املهدي ‪ ‬يف خده األمين خال ويف ظهره‬ ‫وقد روي عن أهل البيت‬
‫شامتني‪.‬‬
‫عن أيب احلسن بن هالل بن عمري‪ ،‬قال‪ :‬مسعت علياً ‪ ‬يقول‪:‬‬

‫(‪.)3‬‬
‫وأذكر بعض النقاط حول هذا احلديث‪:‬‬

‫‪ -7‬عصر الظهور‪ :‬ص‪.277 – 270‬‬


‫‪ -2‬لسان العرب‪ :‬ج‪ 77‬ص‪ 221‬مادة خيل‪.‬‬
‫‪ -8‬العمدة ‪ -‬البن البطريق‪ :‬ص‪ ،484‬معجم أحاديث اإلمام المهدي ‪ :‬ج‪ 7‬ص‪ ،814‬سنن أبي داود‬
‫‪ -‬للسجستاني‪ :‬ج‪ 2‬ص‪ ،877‬شرح إحقاق الحق‪ :‬ج‪ 21‬ص‪،424‬غاية المرام ‪ -‬للسيد هاشم البحراني‪:‬‬
‫ج‪ 1‬ص‪ 15‬باختالف‪ :‬حرث مكان حارث مع عدم ذكر األب (حراث)‪.‬‬
‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪73 .........................................3 - 1 :‬‬

‫‪( :‬يقال له الحارث بن حراث)‪:‬‬ ‫أ‪ -‬قوله‬


‫أكيد أن هذا صفة وليس امساً‪ ،‬ورمبا يؤيد ذلك قوله (يقال له‪ )...‬ومل يقل يسمى أو امسه‪..‬‬
‫النهي عن تسمية الولد بـ (حارث)‪ ،‬نعم روي‬ ‫وخصوصاً إذا الحظنا أنه ورد عن األئمة‬
‫أن اسم (حارثة) من أفضل األمساء‪ ،‬ولكن الظاهر حارثة غري حارث‪.‬‬ ‫عن األئمة‬
‫وحارث مأخوذ من حرث‪ ،‬واحلرث يعين الكسب والتفقه والتفتيش والزرع‪ ...‬اخل‪.‬‬
‫قال الزبيدي يف تاج العروس‪[( :‬حرث]‪" :‬احلرث‪ :‬الكسب"‪ ،‬كاالحرتاث‪ ،‬ويف احلديث‬
‫"أصدق األمساء احلارث"؛ ألن احلارث هو الكاسب‪ ،‬واحرتاث املال كسبه‪ ،‬واإلنسان ال ُيلو‬
‫من الكسب طبعاً واختياراً‪.‬‬
‫قال األزهري‪ :‬واالحرتاث‪ :‬كسب املال‪ ،‬واحلرث العمل للدنيا واآلخرة‪ ...‬واحلرث "التفقه"‪،‬‬
‫يقال‪ :‬حرث‪ ،‬إذا تفقه‪ ،‬ويقال‪ :‬احرث القرآن‪ ،‬أي ادرسه‪ ،‬وهو جماز‪ ،‬وحرثت القرآن أحرثه‪ ،‬إذا‬
‫أطلت دراسته وتدبرته‪ ،‬ويف حديث عبد اهلل "احرثوا هذا القرآن" أي فتشوه وثوروه‪.)1( )...‬‬
‫فقد يكون (احلارث) مبعىن حارث العلم والقرآن ومن يبقر العلم بقراً‪ ،‬كما روي عن أمري‬
‫يف وصف أمري جيش الغضب‪:‬‬ ‫املؤمنني‬
‫‪.‬‬
‫فبقر األرض وحرث األرض مبعىن متقارب‪ ،‬أي شقها وقلبها لتغطية البذر‪.‬‬
‫قال اجلوهري‪( :‬والتبقر‪ :‬التوسع يف العلم واملال‪ .‬وكان يقال حملمد بن علي بن احلسني بن‬
‫علي بن أيب طالب رضي اهلل عنه "الباقر"؛ لتبقره يف العلم) (‪.)2‬‬
‫وقال الزبيدي‪ ...( :‬وبقره‪ ،‬كمنعه‪ ،‬يبقره‪ :‬شقه‪ ،‬وفتحه ووسعه‪ ،‬ويف حديث حذيفة‪" :‬فما‬
‫بال هؤالء الذين يبقرون بيوتنا"‪ ،‬أي يفتحوهنا ويوسعوهنا‪ ،‬ومنه حديث اإلفك‪" :‬فبقرت هلا‬
‫احلديث"‪ ،‬أي فتحته وكشفته‪.‬‬

‫‪ -7‬تاج العروس‪ :‬ج‪ 8‬ص‪ 715 – 714‬مادة حرث‪.‬‬


‫‪ -2‬الصحاح‪ :‬ج‪ 2‬ص‪ 515 – 514‬مادة بقر‪.‬‬
‫‪ .............................................74‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫وبقر اهلدهد األرض‪ :‬نظر موضع املاء فرآه‪ .‬يف التهذيب‪ :‬روى األعمش عن املنهال بن‬
‫عمرو‪ ،‬عن سعيد بن جبري‪ ،‬عن ابن عباس يف حديث هدهد سليمان‪ ،‬قال‪" :‬بيننا سليمان يف‬
‫فالة احتاج إىل املاء‪ ،‬فدعا اهلدهد‪ ،‬فبقر األرض‪ ،‬فأصاب املاء فدعا الشياطني فسلخوا مواضع‬
‫املاء‪ ،‬فرأى املاء حتت األرض‪ ،‬فأعلم سليمان حىت أمر حبفره"‪.‬‬
‫وبقر يف بين فالن‪ ،‬إذا عرف أمرهم‪ ،‬ويف التكملة‪ :‬إذا علم أمرهم وفتشهم‪.)1( )...‬‬
‫(فعال) صيغة مبالغة‪ ،‬وهي أيضاً صفة‪ ،‬قال اجلوهري‪ ...( :‬واحلرث‪:‬‬ ‫و(حراث) على وزن َّ‬‫َّ‬
‫الزرع‪ .‬واحلراث‪ :‬الزراع‪.)2( )...‬‬
‫وعلى ما تقدم يكون معىن (احلارث بن حراث)‪ ،‬العامل ابن العالم‪ ،‬أو الباقر ابن َّ‬
‫البقار‪ ،‬وما‬
‫أشبه ذلك‪ ،‬أي فيه داللة على أن األب أعلم وأفضل وأفقه من االبن‪ ..‬واهلل العامل‪.‬‬
‫)‪:‬‬ ‫كما مكنت قريش لرسول اهلل‬ ‫‪( :‬يوطئ أو يمكن آلل محمد‬ ‫ب‪ -‬قوله‬
‫وهذا يدل على أن هذا الرجل (احلارث بن حراث) هو نفسه املمهد الرئيسي الذي هو من‬
‫والذي هو اليماين املوعود‪...‬اخل‪ ،‬كما تقدم تفصيله‪ ،‬أو أن يكون تابعاً له‬ ‫أهل البيت‬
‫ومنطوياً حتت رايته (أهدى الرايات) و (راية آل حممد) و (راية اهلدى) إىل غريها من الصفات‬
‫واألمساء اليت تقدم تفصيل القول فيها‪.‬‬
‫‪( :‬واجب على كل مؤمن نصرته)‪:‬‬ ‫ج‪ -‬قوله‬
‫وهذا يؤكد لنا أكثر أن هذا املمهد ال ميكن أن ينفك عن اليماين املوعود؛ ألننا أثبتنا أن‬
‫قد أمروا شيعتهم باجللوس وعدم نصرة أي راية قبل قيام اإلمام املهدي ‪‬‬ ‫أهل البيت‬
‫حىت يروا رجالً من ولد احلسني أو من أهل البيت أو اليماين املوعود أو الرايات املشرقية‪ ...‬واليت‬
‫تبني أهنا مجيعاً مبعىن واحد وإن كانت بصيغ خمتلفة‪.‬‬
‫وإذا قارنت ما قاله الرسول عن هذا املمهد (احلارث) مع ما قاله اإلمام الباقر ‪ ‬عن‬
‫اليماين املوعود لوجدهتما يصبان يف معىن واحد‪:‬‬

‫‪ -7‬تاج العروس‪ :‬ج‪ 2‬ص‪ 705‬مادة بقر‪.‬‬


‫‪ -2‬الصحاح‪ :‬ج‪ 7‬ص‪ 211‬مادة حرث‪.‬‬
‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪75 .........................................3 - 1 :‬‬

‫‪.‬‬

‫عن الرايات املشرقية‪:‬‬ ‫وكذلك قول الرسول حممد‬

‫يف كل زمان‪:‬‬ ‫وجيمعها مجيعاً صفة راية آل حممد‬

‫عن أيب الطفيل‪ ،‬أن علياً ‪ ‬قال له‪:‬‬

‫(‪.)1‬‬
‫ويف هذه الرواية يبلغ التأكيد على نصرة الرايات السود اخلراسانية ذروته‪ ،‬وبصورة عجيبة‪ ،‬فال‬
‫اليمانية احلسينية املهدوية‪.‬‬ ‫ميكن أن تكون غري راية آل حممد‬
‫عن أيب جعفر ‪ ‬أنه قال‪:‬‬

‫(‪.)2‬‬
‫ولنحاول توضيح بعض النقاط يف هذه الرواية‪:‬‬
‫أ‪ -‬إن الرواية موافقة للروايات السابقة يف حديثها عن رايات مشرقية‪ ،‬بيد أهنا مل تعني إيران‬
‫أو خراسان‪ ،‬واملشرق هنا كما أشرت سابقاً يشمل العراق أو جنوبه باخلصوص وإيران‪.‬‬
‫وقد حاول بعض الكاتبني تفسري هذه الرواية بثورة السيد اخلميين (رمحه اهلل)‪ ،‬ولكن هذا‬
‫بعيد جداً‪ ،‬وال حاجة اآلن إىل االنشغال برده‪.‬‬

‫‪ -7‬كنز العمال‪ :‬ج‪ 77‬ص‪ 213‬ح‪ ،87574‬معجم أحاديث اإلمام المهدي ‪ :‬ج‪ 8‬ص‪.11‬‬
‫‪ -2‬الغيبة ‪ -‬للنعماني‪ :‬ص‪ 232 – 237‬باب‪ 74‬ح‪.50‬‬
‫‪ .............................................71‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫ب‪ -‬تؤكد لنا هذه الرواية الشريفة على أمر مهم جداً‪ ،‬وهو أن هؤالء القوم يطلبون احلق‬
‫مرتني وال يعطونه مث يضعون سيوفهم على عواتقهم فيعطون ما سألوا وال يقبلونه حىت يسلموا‬
‫األمر لإلمام املهدي ‪ ،‬وهذا يدل على أن هذه الراية خترج قبل قيام اإلمام املهدي ‪‬‬
‫بزمن ليس بالقصري‪ ،‬ويتبني أيضاً أن هؤالء أصحاب دعوة إىل احلق‪ ،‬كما هو احلال يف وصف‬
‫اليماين (يدعو إىل احلق وإىل طريق مستقيم)‪.‬‬
‫ويظهر أن دعوهتم على ثالث مراحل‪ ،‬واملرحلة الثالثة يضعون سيوفهم على عواتقهم‪ ،‬أي‬
‫يدخلون يف مرحلة ذروة املالحم وشدهتا دون انقطاع أو هدنة‪ ،‬وهذا ما مسعناه سابقاً عن حامل‬
‫راية آل حممد يف عصر الظهور (حيمل السيف على عاتقة مثانية أشهر)‪ ،‬وتأكيد الباقر ‪‬‬
‫على أن هؤالء ميهدون األمر لإلمام املهدي ويدفعون بظفرهم لإلمام املهدي ‪ ،‬يتبني منه‬
‫أيضاً احتادهم مع الرجل (العنيف خامل األصل) الذي يقضي على بين العباس ويدفع بظفره إىل‬
‫اإلمام املهدي ‪ ،‬وكذلك مع الروايات اليت تصف الرايات املشرقية اليت توطئ أو متهد لإلمام‬
‫املهدي ‪ ،‬وكذلك مع (احلارث بن حراث) الذي يوطئ أو ميكن آلل حممد ‪...‬‬
‫وهكذا‪ ....‬فنجد كل الروايات مرتبطة بعضها مع البعض اآلخر‪.‬‬
‫‪ ،‬ال‬ ‫ج‪ -‬وقول اإلمام الباقر‪:‬‬
‫يعين أنه تقليل من أمهية ووجوب نصرة هذه الرايات‪ ،‬فلعل معناه‪ :‬إن أدرك ذلك الزمان الدخر‬
‫نفسه لنصرة القائم‪ ،‬وقد تبني أن هذه الرايات هي رايات القائم‪ ،‬أي إن اإلمام الباقر ‪‬‬
‫‪ ،‬أي كأنه‬ ‫بصدد إرشاد من يدرك آخر الزمان أن ال يتبع أي راية سوى راية آل حممد‬
‫‪.‬‬ ‫يقول‪ :‬إن آلل حممد وعلي راية ولغريهم رايات فال تتبع إال راية آل حممد‬
‫أو لعل معىن كالمه أن قيام اإلمام املهدي ‪ ‬قريب بعد خروج هذه الرايات حبيث أن‬
‫من يعاصر هذه الرايات فهو يدرك اإلمام املهدي ‪ ‬إن بقي حياً‪.‬‬
‫وعلى أي حال فاإلمام الباقر ‪ ‬قال‪( :‬إني لو أدركت ذلك) أي يتكلم عن نفسه‪ ،‬ومل‬
‫يقل من أدرك ذلك أو إن أدركتم ذلك فاستبقوا أنفسكم لإلمام املهدي ‪ ،‬فهو ‪ ‬أعلم‬
‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪77 .........................................3 - 1 :‬‬

‫هلم غايات وإرادات ال ميكن إدراكها إال بتوفيق اهلل ‪ ..‬واهلل أعلم‬ ‫مبراده من قوله‪ ،‬فهم‬
‫وأحكم‪.‬‬
‫فتكليف األمة قد حترر جتاه راية آل حممد يف عصر الظهور من الروايات املتكاثرة واليت سبق‬
‫شرحها بالتفصيل‪ ،‬والتكليف هو وجوب النصرة‪ ،‬وإن من نصرها نصره اهلل ومن خذهلا خذله اهلل‬
‫تعاىل ومصريه جهنم وبئس املصري ‪ -‬أعاذنا اهلل ‪ ،-‬وال أنسى التنبيه على أن اإلمام الباقر يف‬
‫نفس هذه الرواية قد مدح هؤالء القوم وأهنم يطلبون احلق وميهدون األمر لإلمام املهدي ‪‬‬
‫وإن قتالهم شهداء‪ ،‬فكيف نتصور أنه يقلل من أمهيتها ومن شدة احلرص على نصرهتا؟!‬
‫يف حني أننا جند هؤالء القوم هم أنفسهم يف الرواية اآلتية عن رسول اهلل والذين يشدد‬
‫على نصرهتم ولو حبواً على الثلج‪:‬‬
‫عن رسول اهلل ‪:‬‬

‫(‪.)1‬‬

‫‪ -7‬دالئل اإلمامة ‪ -‬للطبري (الشيعي)‪ :‬ص‪ ،442‬المالحم والفتن‪ :‬ص‪ 773‬باب‪ 14‬مع زيادة في آخره‬
‫(فانه المهدي)‪ ،‬بحار األنوار‪ :‬ج‪ 57‬ص‪ 31‬مع اختالف يسير‪ ،‬وغيرها من المصادر‪.‬‬
‫‪ .............................................78‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬
‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪79 .........................................3 - 1 :‬‬

‫‪( - 2‬يدعو إىل صاحبكم)‪:‬‬


‫أي إىل اإلمام املهدي ‪ ،‬وهذا يعين أنه صاحب دعوة وفكر ُيتلف عن غريه من‬
‫أصحاب الرايات‪ ،‬أي إن دعوته خاصة باإلمام املهدي ‪ ‬ال إىل مرجعية دينية وال إىل حزب‬
‫سياسي وال غري ذلك‪ ،‬كما هو متعارف عند أهل هذا الزمان‪.‬‬
‫قال اهلل تعاىل‪:‬‬

‫(‪.)2‬‬
‫وقد تقدم ذكر روايات كثرية تدل على وجود دعوة قبل قيام اإلمام املهدي ‪ ،‬واآلن‬
‫أذكر بعض ما مل يذكر أو ذكر بدون شرح‪:‬‬
‫عن جابر‪ ،‬عن [جعفر بن حممد و] أيب جعفر (عليهما السالم)‪ ،‬يف قول اهلل‪:‬‬
‫(‪.)4‬‬
‫والتعليق يف نقاط‪:‬‬
‫أ‪ -‬الرواية تنص على أن هناك دعوة لإلمام املهدي ‪ ‬وهناك آذان هلذه الدعوة أي‬
‫إعالن وإعالم‪.‬‬
‫يف عصر الظهور هو‬ ‫ب‪ -‬وقد ثبت مما تقدم وبالتفصيل أن حامل راية آل حممد‬
‫صاحب دعوة‪ ،‬وهو اليماين املوعود‪ ،‬كما وصفه اإلمام الباقر ‪ ‬بقوله‪:‬‬
‫والرواية أعاله تقول‪( :‬وأذان دعوته إلى نفسه) أي إىل‬
‫نفس اإلمام املهدي ‪ ،‬وحنن جند أن اليماين املوعود دعوته إىل نفس اإلمام املهدي ‪‬‬
‫(يدعو إىل صاحبكم) أي إىل اإلمام املهدي ‪.‬‬

‫‪ -7‬االنشقاق‪.74 :‬‬
‫‪ -2‬االنشقاق‪.25 :‬‬
‫‪ -8‬التوبة‪.8 :‬‬
‫‪ -4‬تفسير العياشي‪ :‬ج‪ 2‬ص‪.12‬‬
‫‪ .............................................81‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫‪:‬‬ ‫ج‪ -‬وعندما نرجع إىل انطباق هذه اآلية يف زمن رسول اهلل‬

‫(‪ .)1‬جند أن صاحب‬


‫الدعوة هو رسول اهلل واملؤذن والداعي إليه هو علي بن أيب طالب ‪.‬‬
‫عن حفص بن غياث النخعي القاضي‪ ،‬قال‪ :‬سألت أبا عبد اهلل ‪ ‬عن قول اهلل تعاىل‪:‬‬
‫‪‬‬
‫(‪.)2‬‬
‫وعن أيب جعفر حممد بن علي (عليهما السالم)‪ ،‬قال‪:‬‬
‫‪‬‬

‫(‪.)4‬‬
‫وعن علي بن احلسني (عليهما السالم) يف قول اهلل ‪:‬‬
‫‪.)5( ‬‬
‫‪‬‬ ‫وعن أيب عبد اهلل ‪ ،‬قال‪:‬‬
‫‪‬‬
‫‪‬‬

‫‪‬‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ -7‬التوبة‪.8 :‬‬
‫‪ -2‬علل الشرائع‪ :‬ج‪ 2‬ص‪ 442‬باب‪ 733‬ح‪.7‬‬
‫‪ -8‬األعراف‪.44 :‬‬
‫‪ -4‬معاني األخبار‪ :‬ص‪.51 – 53‬‬
‫‪ -5‬معاني األخبار‪ :‬ص‪.213‬‬
‫‪ -2‬معاني األخبار‪ :‬ص‪.213‬‬
‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪81 .........................................3 - 1 :‬‬

‫وكان األذان واملؤذن هو‬ ‫فاآلية تقول‪:‬‬


‫علي بن أيب طالب ‪.‬‬
‫د‪ -‬ومن النقطة (ج) يتضح لنا السنة اإلهلية يف مصاديق هذه اآلية الشريفة يف زمن رسول‬
‫اهلل ويف زمن القائم ‪ ‬والتطابق بينهما‪ ،‬السيما إذا الحظنا أن الداعي إىل اإلمام املهدي‬
‫‪ ‬يف عصر الظهور هو ابنه ووصيه ومنه‪ ،‬كما ثبت يف الصفحات املتقدمة‪ ،‬إذن فاليماين‬
‫املوعود هو األذان وهو املؤذن بدعوة اإلمام املهدي ‪ ،‬وهو رجل من أهل بيت النيب حممد‬
‫؟‬
‫هـ‪ -‬وأيضاً من النقطة (ج) يتضح لنا أن أذان أمري املؤمنني ‪ ‬كان بالرباءة من املشركني‬
‫والكافرين الذين مل يؤمنوا برسالة الرسول حممد ‪:‬‬

‫‪.‬‬
‫فهناك براءة وتبشري بالنار للمكذبني واملتولني‪ ،‬وإذا رجعنا إىل دعوة اليماين املوعود وأذانه إىل‬
‫اإلمام املهدي ‪ ‬جنده أيضاً كذلك‪:‬‬

‫ويكون األمر أكثر وضوحاً إذا مسعنا الرواية اآلتية‪:‬‬


‫عن اإلمام الصادق ‪ ‬يف تفسري بعض اآليات القرآنية‪ ،‬قال‪:‬‬

‫(‪.)2‬‬
‫فالحظ أن هذا التقدم والتأخر قبل قيام القائم ‪ ،‬فمن تقدم إىل قبول احلق تأخر عن‬
‫سقر‪ ،‬ومن تأخر عن قبول احلق تقدم إىل سقر‪ ،‬إذن فااللتواء على اليماين ومعاداته ُُيرج الناس‬

‫‪ -7‬المدثر‪.81 – 87 :‬‬
‫‪ -2‬بحار األنوار‪ :‬ج‪ 24‬ص‪ ،822 – 825‬تأويل اآليات ‪ -‬لشرف الدين الحسني‪ :‬ج‪ 2‬ص‪– 184‬‬
‫‪.185‬‬
‫‪ .............................................82‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫عن الوالية ويوردهم سقر ‪ -‬والعياذ باهلل ‪ ،-‬فاليماين هو واعية أهل البيت ‪ ‬يف عصر‬
‫الظهور ‪ -‬والواعية هي الدعوة ‪ -‬ومن مسعه ومل ينصره أكبه اهلل يف النار على وجهه‪ ،‬كما قال‬
‫اإلمام احلسني ‪:‬‬
‫(‪.)1‬‬
‫وكذلك قا ِرن بني قوله تعاىل‪:‬‬

‫و‪ -‬ومن النقطة (ج) أيضاً نعرف أن املؤذن لرسول اهلل واملؤدي عنه البد أن يكون منه‪،‬‬
‫‪‬‬ ‫كما يف قول اإلمام الصادق ‪:‬‬
‫‪‬‬
‫وأيضاً مسعنا الروايات اليت تتحدث عن حامل راية آل حممد والداعي هلم يف عصر الظهور‬
‫تصفه بـ (رجل منا أهل البيت)‪ ،‬و (رجل من آل حممد)‪ ،‬و (رجل من أهل بيت القائم ‪،)‬‬
‫و (من ولد احلسني ‪ ،)‬و (ابن صاحب الوصيات)‪ ،‬إىل غريها من األوصاف اجلليلة‪ ،‬واليت‬
‫نت أهنا كلها تنطبق على اليماين املوعود وصي اإلمام املهدي ‪ ،‬واملوصوف بوصية رسول‬ ‫بيَّ ُ‬
‫اهلل بأنه (أول املؤمنني)‪ ،‬أي هو أول املؤمنني باإلمام املهدي ‪ ‬وأول املصدقني له وأول‬
‫يف بداية‬ ‫أنصاره يف عصر الظهور‪ ،‬كما كان اإلمام علي ‪ ‬هو أول املؤمنني برسول اهلل‬
‫دعوته‪ ،‬فكان ميانية ووصيه وخليفته وأقرب الناس إليه‪.‬‬
‫واليماين املوعود هو الداعي إىل اإلمام املهدي ‪ ‬قبل قيامه‪ ،‬وهو وزيره يف حياته‪ ،‬وهو‬
‫خليفته بعد استشهاده‪ ،‬كما كان اإلمام علي ‪ ‬لرسول اهلل ‪ ،‬وهذا الوزير جنده من‬
‫أخلص أصحاب اإلمام املهدي ‪ ،‬كما تبينه الرواية اآلتية‪:‬‬
‫‪‬‬ ‫عن أيب عبد اهلل ‪:‬‬

‫‪‬‬

‫‪ -7‬األمالي ‪ -‬للصدوق‪ :‬ص‪.271‬‬


‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪83 .........................................3 - 1 :‬‬

‫‪‬‬
‫(‪.)1‬‬
‫ومن املعلوم أن أول الذين بقوا مع موسى ‪ ‬هو وصيه وخليفته وفتاه‪ ،‬يوشع بن نون ‪.‬‬
‫وهذا الوزير وردت اإلشارة إليه يف لقاء اإلمام املهدي ‪ ‬مع علي بن مهزيار األهوازي‪:‬‬
‫عن حبيب بن حممد بن يونس بن شاذان الصنعاين‪ ،‬قال‪:‬‬
‫‪‬‬

‫(‪.)2‬‬
‫وهنا الشمس والقمر والكواكب والنجوم كناية وليس على احلقيقة؛ ألنه مل يرو أن الشمس‬
‫والقمر جيتمعان قبل قيام اإلمام املهدي ‪.‬‬
‫والشمس هنا هو اإلمام املهدي ‪ ،‬والقمر يشري إىل الوزير والوصي‪ ،‬والكواكب والنجوم‬
‫هم النقباء واألصحاب الثالمثائة والثالثة عشر‪ ،‬واستدارهتم حول الشمس والقمر تعين‬
‫اجتماعهم عليهم ونصرهتم واالقتباس من أنوارهم واالقتداء هبم‪.‬‬
‫والشمس والقمر أيضاً يرمزان إىل رسول اهلل ووزيره ووصيه علي بن أيب طالب ‪:‬‬
‫عن أيب بصري‪ ،‬عن أيب عبد اهلل ‪ ،‬قال‪( :‬سألته عن قول اهلل ‪:‬‬

‫‪.)4( ‬‬
‫كان الشمس هو علي بن أيب طالب ‪ ‬والقمر مها احلسن‬ ‫وبعد وفاة الرسول حممد‬
‫واحلسني (عليهما السالم)‪:‬‬

‫‪ -7‬كمال الدين وتمام النعمة‪ :‬ص‪ 218 – 212‬باب‪ 53‬النوادر ح‪.25‬‬


‫‪ -2‬الغيبة ‪ -‬للطوسي‪ :‬ص‪ 221 – 228‬ح‪.223‬‬
‫‪ -8‬الشمس‪.2 – 7 :‬‬
‫‪ -4‬تفسير القمي‪ :‬ج‪ 2‬ص‪.424‬‬
‫‪ .............................................84‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫عن الفضل بن العباس‪ ،‬عن أيب عبد اهلل ‪ ،‬أنه قال‪:‬‬


‫‪‬‬ ‫‪‬‬
‫‪.)2( ‬‬
‫بأهنم الشموس الطالعة‬ ‫وقد وصف اإلمام املهدي ‪ ‬يف دعاء الندبة األئمة‬
‫(‪ .)3‬إذن فالشمس هو احلجة‬ ‫واألقمار املنرية‪:‬‬
‫يف زمانه والقمر وصيه ووزيره‪.‬‬
‫وقد ُو ِصف اإلمام املهدي ‪ ‬بأنه الشمس الطالعة‪:‬‬
‫عن اإلمام املهدي ‪ ‬أنه قال‪:‬‬
‫(‪.)4‬‬
‫وعن جابر بن عبد اهلل األنصاري‪:‬‬

‫(‪.)5‬‬
‫وعن النزال بن سربة‪ ،‬عن أمري املؤمنني ‪ ‬يف حديث يذكر فيه أمر الدجال ويقول يف‬
‫أن ل أخبر به غير‬ ‫إلي حبيبي‬
‫آخره‪( :‬ل تسألوني عما يكون بعد هذا‪ ،‬فإنه عهد ّ‬
‫عترتي‪ .‬قال النزال بن سربة‪ :‬فقلت لصعصعة ابن صوحان‪ :‬ما عىن أمري املؤمنني هبذا القول؟‬
‫فقال صعصعة‪ :‬يا ابن سربة‪ ،‬إن الذي يصلي عيسى بن مرمي خلفه هو الثاين عشر من العرتة‪،‬‬
‫التاسع من ولد احلسني بن علي (عليهما السالم)‪ ،‬وهو الشمس الطالعة من مغرهبا‪.)1( )...‬‬

‫‪ -7‬الشمس‪.8 – 7 :‬‬
‫‪ -2‬بحار األنوار‪ :‬ج‪ 24‬ص‪.12‬‬
‫‪ -8‬بحار األنوار‪ :‬ج‪ 11‬ص‪.701 – 704‬‬
‫‪ -4‬كمال الدين‪ :‬ص‪ ،435 – 38‬باب‪ 45‬التوقيعات ح‪.4‬‬
‫‪ -5‬كمال الدين وتمام النعمة‪ :‬ص‪ 258‬باب‪ 28‬ح‪.8‬‬
‫‪ -2‬كمال الدين وتمام النعمة‪ :‬ص‪.13 – 11‬‬
‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪85 .........................................3 - 1 :‬‬

‫وما دام أن اإلمام املهدي ‪ ‬هو الشمس فمن هو القمر غري وصيه (أمحد) اليماين‬
‫املوعود املذكور يف وصية الرسول حممد ؟ والذي هو من عالمات قيامه احلتمية‪ ،‬واجتماع‬
‫الشمس والقمر هو كوهنما يف زمان واحد‪ ،‬وحينئذ جتتمع عليهم الكواكب والنجوم‪ ،‬وهم الدعاة‬
‫إىل الشمس والقمر‪ ،‬أي هم أيضاً أصحاب دعوة‪ ،‬كما يف اخلرب اآليت‪:‬‬
‫ذكر السيد ابن طاوس (قدس اهلل روحه) يف كتاب سعد السعود‪:‬‬
‫‪‬‬

‫(‪.)1‬‬
‫و (دعاة الشمس والقمر)‪ ،‬أي أصحاب دعوة إىل اإلمام املهدي ‪ ‬ووصيه (أمحد‬
‫اليماين)‪ ،‬وهذه الدعوة تكون قبل قيام اإلمام املهدي ‪ ،‬فبعد قيام اإلمام املهدي ‪ ‬ترفع‬
‫التوبة‪ ،‬فال ينفع نفس إمياهنا‪.‬‬
‫قال اهلل تعاىل‪:‬‬

‫(‪.)2‬‬
‫عن علي بن رئاب‪ ،‬عن أيب عبد اهلل ‪ ‬أنه قال يف قول اهلل ‪:‬‬

‫‪‬‬
‫(‪.)3‬‬

‫‪ -7‬بحار األنوار‪ :‬ج‪ 52‬ص‪ ،835 – 834‬سعد السعود ‪ -‬البن طاووس‪ :‬ص‪ ،85 – 84‬معجم أحاديث‬
‫اإلمام المهدي ‪ :‬ج‪ 5‬ص‪ ،200 – 711‬إلزام الناصب‪ :‬ج‪ 2‬ص‪.220 – 251‬‬
‫‪ -2‬األنعام‪.753 :‬‬
‫‪ -8‬كمال الدين وتمام النعمة‪ :‬ص‪.73‬‬
‫‪ .............................................81‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫وعن تفسري اإلمام العسكري‪:‬‬

‫(‪.)1‬‬
‫عن عمار بن ياسر أنه قال‪ ....( :‬ويظهر ثالثة نفر بالشام كلهم يطلب امللك‪ ،‬رجل‬
‫أبقع‪ ،‬ورجل أصهب‪ ،‬ورجل من أهل بيت أيب سفيان ُيرج يف كلب‪ ،‬وحيضر الناس بدمشق‪،‬‬
‫وُيرج أهل الغرب إىل مصر‪ .‬فإذا دخلوا فتلك إمارة السفياين‪ ،‬وُيرج قبل ذلك من يدعو آلل‬
‫‪.)2( )...‬‬ ‫حممد‬
‫ُيرج قبل خروج السفياين بالشام‬ ‫وهذا اخلرب ينص على أن هذا الداعي آلل حممد‬
‫يف عصر الظهور هو‬ ‫وقبل توجهه حنو العراق‪ ،‬وقد عرفنا أن صاحب الدعوة آلل حممد‬
‫اليماين املوعود‪ ،‬فهذه إشارة إليه‪ ..‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫وعليه فيكون ظهور اليماين املوعود كدعوة سابق للفنت املميزة يف عصر الظهور كفتنة‬
‫السفياين وغريه‪.‬‬
‫عن أيب بصري‪ ،‬عن أيب عبد اهلل ‪ ،‬قال‪:‬‬

‫(‪.)3‬‬
‫الرواية تتحدث عن فتنة تكون يف دولة بين العباس يف آخر الزمان ويف عصر الظهور يف يوم‬
‫مجعة‪ ،‬ويقتل يف هذا اليوم أربعة آالف بني باب الفيل وهو أحد أبواب مسجد الكوفة وبني‬
‫أصحاب الصابون وهو اسم موضع يف الكوفة أو اسم لسوق يف الكوفة‪ ،‬واإلمام الصادق ‪‬‬
‫حيذر من اتباع طريق هؤالء املقتتلني ويرشد إىل اتباع طريق األنصار‪ ،‬وإنه املنجي من هذه الفتنة‬
‫واالقتتال‪.‬‬

‫‪ -7‬بحار األنوار‪ :‬ج‪ 2‬ص‪.84‬‬


‫‪ -2‬الغيبة‪ :‬ص‪ 428‬ح‪.411‬‬
‫‪ -8‬اإلرشاد‪ :‬ج‪ 2‬ص‪.811‬‬
‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪87 .........................................3 - 1 :‬‬

‫ودرب األنصار يعين هنج وسرية وراية وفكر األنصار‪ ،‬وهذا يدل على أن يف ذلك الوقت‬
‫‪،‬‬ ‫هناك جمموعة معينة تسمى (األنصار)‪ ،‬وقوله ‪:‬‬
‫يدل على أن هنج وسرية وطريق هؤالء األنصار هو أهدى الطرق واملناهج املوجودة آنذاك‪ ،‬وبه‬
‫تكون النجاة من الفنت والضالل‪.‬‬
‫وهناك رواية أخرى تؤكد هذه الواقعة بالكوفة‪:‬‬
‫عن أيب عبد اهلل ‪ ،‬قال‪:‬‬
‫(‪.)2‬‬
‫وإذا عرفنا أن (ولد فالن) هم بنو العباس‪ ،‬يتضح لنا أن درب األنصار موجود قبل زوال‬
‫دولة بين العباس؛ ألن الرواية توحي إىل أن هذا الدرب معروف ومشهور ومتبع من بعض الناس‪،‬‬
‫وقد عرفنا مما سبق أن أهدى الرايات يف عصر الظهور هي راية اليماين املوعود الذي حيمل راية‬
‫أكيد غري ناظر إىل اجلانب‬ ‫‪ ،‬وقول اإلمام ‪:‬‬ ‫آل حممد ويدعو إليهم‬
‫الدنيوي‪ ،‬بل إىل اجلانب الديين األخروي وإىل اهلدى واحلق‪ ،‬وقد عرفنا أيضاً أن الداعي إىل‬
‫اهلدى واحلق والصراط املستقيم هو اليماين املوعود‪.‬‬
‫بل إذا محلنا هذا الدرب على غري درب اليماين‪ ،‬نصدم بالروايات اليت حتذر الناس من اتباع‬
‫‪ ،‬فكيف يشري اإلمام الصادق ‪ ‬إىل اتباع هذا‬ ‫أي راية إال راية رجل من أهل البيت‬
‫الدرب للنجاة من الفنت والضالل؟!‬
‫مث إن اسم مجاعة (األنصار) مأخوذ من النصرة‪ ،‬والنصرة احلق يف ذلك الوقت هي نصرة‬
‫اإلمام املهدي ‪ ..‬ومنه يتضح أن هذه اجلماعة أنصار لإلمام املهدي ‪ ‬أي إن عنواهنم‪:‬‬
‫(أنصار اإلمام املهدي)‪ ...‬ومبا أن درهبم (أحسن درب) أي أهدى طريق‪ ،‬فالبد أن يكونوا‬
‫أتباعا لـ (أهدى الرايات) يف ذلك الزمان‪ ،‬الذي (يدعو إىل طريق مستقيم)‪.‬‬

‫‪ -7‬يستعرضوا الناس‪ :‬أي يعرضوهم للقتل‪ .‬وتندر‪ :‬أي تسقط‪.‬‬


‫‪ -2‬اإلرشاد‪ :‬ج‪ 2‬ص‪.812‬‬
‫‪ .............................................88‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫‪:‬‬ ‫عن رسول اهلل‬

‫(‪.)1‬‬
‫آخر الزمان هو عصر ظهور اإلمام املهدي ‪ ‬كما هو معلوم‪ ،‬والرواية أعاله تبني أن‬
‫هناك مجاعة يف آخر الزمان يتولون اإلمام علي ‪ ،‬وهذا إشارة إىل أن الناس سوف ترتك‬
‫والية أمري املؤمنني بالقول أو بالفعل‪ ،‬كما أن هناك روايات كثرية تؤكد ذلك يطول املقام بذكرها‪.‬‬
‫‪ ،‬وهؤالء اجلماعة‬ ‫والناس سوف تبغض تلك اجلماعة بسبب واليتهم ألهل البيت‬
‫‪،‬‬ ‫يرتكون اآلباء واألمهات واإلخوة واألخوات والعشائر والقرابات من أجل والية أهل البيت‬
‫وبني والية أهلهم وعشائرهم‬ ‫وطبعاً ال يرتكوهنم إال إذا خريوا بني والية أهل البيت‬
‫وأقربائهم‪ ،‬أي إن هؤالء األقرباء هم من سيحاربون عقيدة هذه اجلماعة املنتجبة وبالتايل فيجب‬
‫حينئذ الرباءة من أعداء اهلل تعاىل‪ ،‬أو إن األقرباء والعشائر سيتربؤون من تلك اجلماعة بسبب‬
‫يف آخر الزمان‪ ،‬كما حصل ذلك يف زمن الرسول حممد‬ ‫متسكهم بوالية أهل البيت‬
‫‪.‬‬ ‫ويف زمن األئمة‬
‫يصلي عليهم بأفضل الصلوات‬ ‫وتلك اجلماعة املطهرة بلغ من منزلتها أن الرسول حممد‬
‫بقوله‪:‬‬

‫بل الرواية تشري إىل أن عشائر وقرابات وأهل تلك اجلماعة كانوا معهم على دينهم أي‬
‫موالني؛ ألهنم أوالدهم‪ ،‬وليست املسألة من قبيل أن هؤالء مثالً كانوا نواصب واستبصروا؛ ألن‬
‫الرواية تصف كل تلك اجلماعة بذلك‪ ،‬وهذا يدل على أن من ينتمون إىل والية أهل البيت‬
‫أي الشيعة سيتعرضون إىل غربلة ومتحيص وبالء ال ينجو منه إال أقل القليل‪ ،‬كما نطقت‬
‫بذلك روايات متواترة‪ ،‬أذكر منها‪:‬‬

‫‪ -7‬الغيبة ‪ -‬للطوسي‪ :‬ص‪ 781 – 782‬ح‪.700‬‬


‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪89 .........................................3 - 1 :‬‬

‫(‪.)1‬‬ ‫عن رسول اهلل ‪:‬‬


‫وجند سبب الغرابة متعلقاً باإلمام املهدي ‪ ‬ودعوته يف آخر الزمان‪ ،‬كما يف الرواية اآلتية‪:‬‬
‫عن أيب جعفر ‪ ‬أنه قال‪:‬‬
‫(‪ .)2‬فأكيد أن‬
‫الناس ستحارب القائم وأنصاره بسبب األمر اجلديد الذي سيدعون إليه؛ ألن الناس تراه خمالفاً‬
‫لعقوهلم وملوروثهم عن الدين‪ ،‬أو قل إنه خمالف هلواهم ودنياهم‪ ..‬ولذلك ستحصل الرباءة من‬
‫اآلباء واألمهات واإلخوة واألخوات واألقرباء والعشائر‪.‬‬
‫وهذه الغربلة ستحصل يف من ينتمون إىل التشيع‪ ،‬وإال فغريهم ساقطون ومنحرفون منذ‬
‫صرحوا بذلك وحذروا منه أشد‬ ‫قد َّ‬ ‫مئات السنني وليس يف آخر الزمان فقط‪ ،‬وجند األئمة‬
‫التحذير‪:‬‬
‫عن مالك بن ضمرة‪ ،‬قال‪ :‬قال أمري املؤمنني ‪ ‬لشيعته‪:‬‬

‫(‪.)3‬‬
‫هم أنفسهم يف قول‬ ‫وهذه العصابة الباقية رغم الفنت واملتمسكة بوالية أهل البيت‬
‫‪.‬‬ ‫رسول اهلل ‪:‬‬
‫وعن مهزم األسدي‪ ،‬عن أيب عبد اهلل ‪ ‬أنه دخل عليه بعض أصحابه‪ ،‬فقال له‪:‬‬

‫‪‬‬

‫‪ -7‬كمال الدين وتمام النعمة‪ :‬ص ‪ ،207‬غيبة النعماني‪ :‬ص‪ 881‬باب‪ 22‬ح‪ ،4‬صحيح مسلم‪ :‬ج‪7‬‬
‫ص‪ 10‬باب إن اإلسالم بدأ غريباً‪ ،...‬سنن ابن ماجة‪ :‬ج‪ 2‬ص‪.7820‬‬
‫‪ -2‬الغيبة ‪ -‬للنعماني‪ :‬ص‪ 882‬باب‪ 22‬ح‪.7‬‬
‫‪ -8‬الغيبة ‪ -‬للنعماني‪ :‬ص‪.88‬‬
‫‪ .............................................91‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫(‪.)1‬‬
‫وهناية كالم اإلمام الصادق تدل على أن هؤالء اجلماعة قد تربأت منهم الناس وهجرهتم‬
‫ونبذهتم‪ ،‬حبيث أهنم حىت إذا خطبوا ال يزوجهم أحد‪!!! ...‬‬
‫وعن أمري املؤمنني ‪ ،‬يقول‪:‬‬
‫(‪.)2‬‬
‫وعن أيب جعفر ‪ ‬أنه قال‪:‬‬

‫(‪.)3‬‬
‫فليتأمل طالب احلق واهلدى والنجاة يف هذه الروايات وغريها وال يلتفتوا إىل نعيق العمائم‬
‫للناس‬ ‫الرقطاء املرتفة‪ ،‬وأصحاب املنابر املتشدقني‪ ،‬الذين يصورون الدين ووالية آل حممد‬
‫على أهنا جمرد شعائر ظاهرية كاللطم على الصدور والبكاء وما شابه ذلك‪ ،‬ويرتكون حتذيرهم‬
‫ومعرفة مدى الغربلة والتمحيص الذي يتعرض له‬ ‫وإرشادهم إىل التأمل يف كالم أهل البيت‬
‫حبيث ال يبقى منهم إال كالكحل يف العني أو كامللح يف الزاد‪ ،‬فهؤالء‬ ‫شيعة آل حممد‬
‫املرتفون يريدون أن يصوروا للناس أن جمرد اتباع العمائم وأهل املنابر هو الذي يوصل إىل نصرة‬
‫عن‬ ‫اإلمام املهدي ‪ ،‬واملسألة بالعكس؛ ألننا لو سألنا الرسول حممداً وأهل بيته‬
‫فقهاء آخر الزمان وأتباعهم من أهل املنابر الذين يقولون ما ال يفعلون لوجدنا اجلواب كالتايل‪:‬‬

‫‪ -7‬كتاب الغيبة ‪ -‬للنعماني‪ :‬ص‪ 277 – 270‬باب‪ 72‬ح‪.5 – 4‬‬


‫‪ -2‬كمال الدين وتمام النعمة‪ :‬ص‪ 804‬باب‪ 22‬ح‪.73‬‬
‫‪ -8‬الغيبة ‪ -‬للطوسي‪ :‬ص‪ 840 – 881‬ح‪ ،233‬األنوار البهية للشيخ عباس القمي‪ :‬ص‪ ،822‬الغيبة ‪-‬‬
‫للنعماني‪ :‬ص‪ 274‬باب‪ 72‬ح‪.72‬‬
‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪91 .........................................3 - 1 :‬‬

‫‪‬‬ ‫عن أيب عبد اهلل ‪ ،‬قال‪:‬‬

‫‪.)1‬‬
‫عن جابر‪ ،‬عن أيب جعفر ‪ ،‬قال‪:‬‬

‫(‪.)2‬‬
‫‪:‬‬ ‫ويف حديث املعراج‪ :‬قال رسول اهلل‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬
‫(‪.)3‬‬
‫والروايات يف ذلك كثرية جداً يطول املقام يف سردها‪ ،‬ولكن املهم هو التأكيد على موضوعنا‬
‫وهو الثلة احملقة املهدية يف آخر الزمان‪ ،‬الذين يتربأ منهم أهلهم وعشائرهم وأقارهبم‪ ،‬والذين‬
‫رغم كل الصعاب والفنت‪،‬‬ ‫تعاديهم الناس وتنبذهم بسبب ثباهتم على والية أهل البيت‬
‫وإن هؤالء هم أنصار اإلمام املهدي ‪ ‬الذين يقبلون ويسلمون لألمر اجلديد الذي سيظهره‬
‫اإلمام املهدي ‪( ‬أحسنهم حالً من أخذ في درب األنصار)‪ ،‬وبلغ فضل هؤالء األولياء‬
‫األتقياء أن اختذهم رسول اهلل إخوة له ووصف شدة صربهم على دينهم وأهنم يكونون يف‬
‫آخر الزمان‪:‬‬
‫عن أيب جعفر ‪ ،‬قال‪:‬‬

‫‪ -7‬الكافي‪ :‬ج‪ 3‬ص‪ 803 – 801‬ح‪.411‬‬


‫‪ -2‬تهذيب األحكام ‪ -‬للطوسي‪ :‬ج‪ 2‬ص‪ 737 – 730‬باب األمر بالمعروف‪ ...‬ح‪.812‬‬
‫‪ -8‬كمال الدين وتمام النعمة‪ :‬ص‪ 252 – 250‬باب‪ 28‬ح‪.7‬‬
‫‪ .............................................92‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫(‪.)1‬‬
‫والحظ التأكيد على أن هؤالء يأتون يف آخر الزمان‪:‬‬
‫‪ ،‬والرواية اآلتية أيضاً تؤكد على هذه الثلة‬
‫يف آخر الزمان وأهنم أفضل أهل كل زمان‪ ،‬وعلة ذلك أهنم آمنوا بسواد على بياض‪ ،‬أي بروايات‬
‫‪:‬‬ ‫أهل البيت‬
‫عن علي بن أيب طالب ‪ ‬يف حديث طويل يف وصية النيب يذكر فيها أن رسول اهلل‬
‫قال له‪:‬‬
‫(‪.)2‬‬
‫وعن أيب خالد الكابلي‪ ،‬عن علي بن احلسني زين العابدين ‪:‬‬

‫(‪.)3‬‬ ‫‪‬‬
‫وأختم الكالم يف هذا املوضوع بالرواية اآلتية اليت تبني مدى عداء الناس للمؤمنني يف آخر الزمان‪:‬‬
‫عن عمرة (عمرو) بن نفيل‪ ،‬قال‪ :‬مسعت النيب يقول‪:‬‬

‫(‪.)4‬‬
‫ونأيت اآلن إىل دراسة وصف آخر من أوصاف اليماين املوعود‪.‬‬

‫‪ -7‬بصائر الدرجات ‪ -‬للصفار‪ :‬ص‪.704‬‬


‫‪ -2‬كمال الدين وتمام النعمة‪ :‬ص‪ 233‬باب‪ 25‬ح‪.3‬‬
‫‪ -8‬كمال الدين وتمام النعمة‪ :‬ص‪ 820 – 871‬باب‪ 87‬ح‪.2‬‬
‫‪ -4‬جامع أحاديث الشيعة ‪ -‬للبروجردي‪ :‬ج‪ 74‬ص‪ 81 – 82‬ح‪.7121‬‬
‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪93 .........................................3 - 1 :‬‬

‫‪( - 3‬فإذا خرج اليماني حرم بيع السالح على الناس وكل مسلم)‪:‬‬

‫(حَّرم) فيكون فاعلها هو اليماين‪ ،‬أي إن اليماين هو الذي‬ ‫(حرم) إما أهنا مبين للمعلوم حنو َ‬
‫(حِّرم)‪ ،‬فتفيد أن هناك علة تشريعية يف‬
‫ُحيِّرم بيع السالح‪ ،‬وإما أن تكون مبين للمجهول حنو ُ‬
‫خروج اليماين حبيث ُحيَّرم بيع السالح تلقائياً‪ ،‬وعلى أي حال فاملستفاد هو حرمة بيع السالح‬
‫على الناس وحىت على املسلمني‪ ،‬وحىت لو كان احملرم هو اليماين فهو أهدى الرايات ومأمور‬
‫باتباعه‪ ..‬فيكون حترميه لبيع السالح حكماً شرعياً نافذاً‪.‬‬
‫وحترمي بيع السالح على كل املسلمني ال يكون إال يف حالة أهنم مجيعاً أصبحوا أعداء‬
‫لإلسالم احلقيقي وإن أظهروا اإلسالم‪ ،‬وحينئذ سيكون بيع السالح إليهم إعانة ألعداء الدين‪،‬‬
‫وإال فبيع السالح على املسلمني حقيقة فيه تقوية لدين اهلل تعاىل على أعدائه‪ ،‬فلماذا حيرم‬
‫عليهم إذا كانوا ما زالوا مسلمني بعد خروج اليماين املوعود؟!‬
‫وقوله ‪( :‬فإذا خرج اليماني حرم بيع السالح)‪ ،‬مجلة شرطية‪ ،‬أي إن حترمي السالح‬
‫مشروط خبروج اليماين‪ ،‬واخلروج هنا الظاهر أنه اخلروج للحرب‪ ،‬وهذا يعين أن قبل ذلك ال حيرم‬
‫بيع السالح على كل املسلمني‪ ،‬فقد تكون هناك بعض املوارد احملللة لبيع السالح على جهة‬
‫معينة‪ ،‬ولكن عندما يرفع اليماين السالح حينئذ حيرم بيع السالح على كل الناس وكل املسلمني‪،‬‬
‫والرواية هنا مل تستث ِن أحداً أبداً‪ ،‬وهذا يعين أن اليماين املوعود هو راية احلق الوحيدة يف عصر‬
‫الظهور وكل الرايات اليت ال تتبعه وال تنصره فهي رايات ضالل سواء كانت رايات دينية أو‬
‫سياسية‪ ،‬فيحرم إعانتها أو بيع السالح هلا؛ ألنه يعترب إعانة ألعداء راية احلق؛ راية آل حممد‬
‫‪.‬‬
‫ومسألة حترمي بيع السالح لألعداء عند احلرب بني أهل احلق وأهل الباطل نطقت هبا‬
‫‪:‬‬ ‫روايات آل حممد‬
‫‪ .............................................94‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫‪‬‬ ‫عن أيب سارة‪ ،‬عن هند السراج‪ ،‬قال‪:‬‬

‫(‪.)1‬‬
‫لعلي ‪ - ‬قال‪:‬‬ ‫‪ -‬يف وصية النيب‬ ‫وعن جعفر بن حممد‪ ،‬عن آبائه‬

‫(‪.)2‬‬
‫‪‬‬ ‫وعن أيب بكر احلضرمي‪ ،‬قال‪:‬‬

‫(‪.)3‬‬
‫وهذه الروايات تصرح حبرمة بيع السالح يف حال احلرب بني أهل احلق وأهل الباطل أو بني‬
‫وبني أعدائهم‪ ،‬وأما إذا كانت احلرب بني فئتني ضالتني فروي أنه جيوز بيع ما‬ ‫أهل البيت‬
‫حيميهم كالدروع واألحذية وما شابه‪:‬‬
‫‪‬‬ ‫عن حممد بن قيس‪ ،‬قال‪:‬‬
‫(‪.)4‬‬
‫إذن فمسألة حترمي السالح على كل املسلمني عند خروج اليماين تدل على أن كل من‬
‫خالف اليماين فهو خارج عن مجاعة احلق وداخل يف مجاعة الباطل‪ ،‬وجيب على اجلميع نصرته‬
‫وإعانته باملال والسالح والنفس‪.‬‬
‫وإىل هنا عرفنا أن بيع السالح وإعطاءه ألهل احلرب حمرم يف عصر الظهور إال لليماين‬
‫املوعود‪ ،‬فكل الناس مأمورة بالنهوض إليه ونصرته‪ ،‬واآلن نأيت إىل ذكر الرواية اآلتية واليت تأمر‬
‫الناس حبمل السالح إىل رجل معني يف عصر الظهور املقدس‪:‬‬

‫‪ -7‬الكافي‪ :‬ج‪ 5‬ص‪ 772‬باب بيع السالم منهم ح‪.2‬‬


‫‪ -2‬وسائل الشيعة (آل البيت)‪ :‬ج‪ 77‬ص‪.87‬‬
‫‪ -8‬الكافي‪ :‬ج‪ 5‬ص‪ 772‬باب بيع السالح منهم ح‪.7‬‬
‫‪ -4‬الكافي‪ :‬ج‪ 5‬ص‪ 778‬باب بيع السالح منهم ح‪.8‬‬
‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪95 .........................................3 - 1 :‬‬

‫‪‬‬ ‫عن أيب بكر احلضرمي‪ ،‬قال‪:‬‬

‫(‪.)1‬‬
‫(فانهدوا إلينا بالسالح)‪ ،‬أي فاهنضوا وسارعوا إلينا بالسالح‪ ،‬وهو نفس األمر بالنهوض‬
‫لليماين‪( :‬وإذا خرج اليماني فانهض إليه)‪ ،‬إذن فهذا الرجل الذي جيتمع عليه أهل البيت‬
‫قد أمروا الشيعة باجللوس‬ ‫هو اليماين املوعود؛ ألن اإلمام الصادق وغريه من األئمة‬
‫وعدم النهوض بالسالح إال لرجل جيتمع عليه أهل البيت‪ ،‬ومن املعلوم أن اليماين مأمور‬
‫على رجل‬ ‫بنصرته‪ ،‬فيتضح أنه هو من ينهد إليه بالسالح‪ ،‬وأما كيفية اجتماع أهل البيت‬
‫فسيأيت بيانه يف احللقات املقبلة إن شاء اهلل تعاىل‪.‬‬
‫بنصرته والنهوض معه يف عصر‬ ‫وإذا عرفنا أن اليماين املوعود قد أمر أهل البيت‬
‫)‪ ،‬وهو‪( :‬من يبايع له بين الركن والمقام)‬ ‫الظهور‪ ،‬يتبني لنا أنه هو‪( :‬متحرك أهل البيت‬
‫يف الروايتني اآلتيتني‪:‬‬
‫‪‬‬ ‫عن أيب بصري‪ ،‬عن أيب عبد اهلل ‪ ،‬قال‪:‬‬

‫(‪.)2‬‬
‫وعن جابر‪ ،‬قال‪ :‬قال يل حممد بن علي (عليهما السالم)‪( :‬يا جابر‪ ،‬إن لبني العباس راية‬
‫ولغيرهم رايات‪ ،‬فإياك ثم إياك ثم إياك ‪ -‬ثالثاً ‪ -‬حىت ترى رجالً من ولد احلسني ‪،‬‬
‫يبايع له بني الركن واملقام‪.)3( )...‬‬

‫‪ -7‬الغيبة ‪ -‬للنعماني‪ :‬ص‪ 208‬باب‪ 77‬ح‪.2‬‬


‫‪ -2‬الغيبة ‪ -‬للنعماني‪ :‬ص‪ 200‬باب‪ 77‬ح‪.7‬‬
‫‪ -8‬مستدرك الوسائل‪ :‬ج‪ 77‬ص‪ 83‬ح‪ ،72812‬األصول الستة عشر‪ :‬ص‪( 11‬أصل جعفر بن محمد‬
‫الحضرمي)‪ ،‬جامع أحاديث الشيعة ‪ -‬للبروجردي‪ :‬ج‪ 78‬ص‪ 15‬ح‪ ،724‬األصول الستة عشر من‬
‫األصول األولية ‪ -‬تحقيق ضياء الدين المحمودي‪ :‬ص‪.243‬‬
‫‪ .............................................91‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫ولرجل من ولد احلسني ‪،‬‬ ‫فالروايات هنا حتصر النهوض فقط ملتحرك أهل البيت‬
‫فلو محلنا هذه الروايات على اإلمام املهدي ‪ ‬يلزم حرمة النهوض مع اليماين املوعود؛ ألن‬
‫الروايات تقول‪( :‬فكونوا أحالس بيوتكم‪ ،‬والبدوا ما ألبدنا)‪ ،‬وهذا غري صحيح أبداً؛ ألننا‬
‫مسعنا الروايات املتكاثرة واملتواترة اليت تأمر بنصرة املمهد الرئيسي وحامل راية أهل البيت‬
‫قبل قيام اإلمام املهدي ‪ ،‬وهو اليماين املوعود‪.‬‬
‫وأما مسألة البيعة بني الركن واملقام‪ ،‬وهل هي متعددة أم ال؟ فسيأيت الكالم عنها يف‬
‫احللقات القادمة من هذه الدراسة إن شاء اهلل تعاىل‪.‬‬
‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪97 .........................................3 - 1 :‬‬

‫‪( - 4‬وإذا خرج اليماني فانهض إليه‪ ،‬فإن رايته راية هدى)‪:‬‬
‫وفرض طاعة اليماين املوعود على الناس ال ميكن أن تكون إال إذا كان اليماين معصوماً عن‬
‫‪:‬‬ ‫الضالل واالحنراف‪ ،‬وإال لزم من اتباعه ضالل الناس واحنرافهم‪ ،‬كما يف كالم آل حممد‬
‫عن عيون أخبار الرضا ‪ :‬فيما كتب الرضا ‪ ‬للمأمون‪:‬‬

‫(‪.)1‬‬
‫‪‬‬ ‫وعن أمري املؤمنني ‪ ‬أنه قال‪:‬‬
‫(‪ .)2‬و (إمنا) هنا للحصر كما هو‬
‫وأويل األمر‪ ،‬وهم أوصياء الرسول ‪ ،‬مث َّبني اإلمام‬ ‫معلوم‪ ،‬أي حصر الطاعة بالرسول‬
‫علي ‪ ‬بأن العلة من األمر بطاعتهم هي ألهنم معصومون ال يأمرون مبعصية‪.‬‬
‫مأمور بطاعته وعدم االلتواء عليه‪ ،‬وقبل قيام اإلمام املهدي ‪ ،‬إذن‬ ‫واليماين املوعود ٌ‬
‫فاليماين معصوم عن املعصية والضالل واالحنراف‪.‬‬
‫ومن األوصياء‬ ‫وقد تقدم تفصيل الكالم يف أن اليماين املوعود رجل من أهل البيت‬
‫وأنه من أهل بيت اإلمام املهدي ‪ ،‬فال حاجة لإلطالة هنا‪.‬‬

‫‪ -7‬بحار األنوار‪ :‬ج‪ 25‬ص‪.711‬‬


‫‪ -2‬علل الشرائع‪ :‬ج‪ 7‬ص‪ 728‬باب‪.702‬‬
‫‪ .............................................98‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫‪( - 5‬ال حيل ملسلم أن يلتوي عليه‪ ،‬فمن فعل ذلك فهو من أهل النار)‪:‬‬
‫أي إن امللتوي على اليماين مهما صام أو صلى‪ ...‬اخل‪ ،‬فهو من أهل النار‪ ،‬ومن املعلوم أن‬
‫‪ ،‬وأما املوالون فهم ليس من أهل النار أبداً‪،‬‬ ‫أهل النار هم اخلارجون عن والية أهل البيت‬
‫وقوله ‪( :‬من أهل النار) أي إنه آهل فيها ومنها كما يكون الشخص من أهله أي إنه‬
‫منهم وإليهم‪ ،‬أو إنه مستحق للنار‪.‬‬
‫وقد رويت روايات كثرية تنص على أن الذي يدين بإمامة األئمة الذين نصبهم اهلل تعاىل ال‬
‫يكون من أهل النار وإن كانت أعماله سيئة قبيحة‪ ،‬أي إن اهلل تعاىل يوفقه للتوبة قبل املوت‪،‬‬
‫وإن اهلل تعاىل ال يعفو عن أي شخص ينكر إمامة إمام منصب من اهلل وإن كانت أعماله برة‬
‫تقية‪:‬‬
‫‪‬‬ ‫عن أيب جعفر ‪ ،‬قال‪:‬‬

‫(‪.)1‬‬
‫وعن أيب عبد اهلل ‪ ،‬قال‪:‬‬

‫(‪.)2‬‬
‫‪‬‬ ‫وعن عبد اهلل بن أيب يعفور‪ ،‬قال‪:‬‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫‪ -7‬الغيبة ‪ -‬للنعاني‪ :‬ص‪ 787‬باب‪ 1‬ح‪ ،78‬الكافي‪ :‬ج‪ 7‬ص‪.812‬‬


‫‪ -2‬الكافي‪ :‬ج‪ 7‬ص‪.812‬‬
‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪99 .........................................3 - 1 :‬‬

‫(‪.)2‬‬
‫إذن فما دام أن االلتواء على اليماين يسبب دخول النار والكون من أهلها ‪ -‬والعياذ باهلل ‪-‬‬
‫فالبد أن يكون اليماين إماماً منصباً من اهلل تعاىل وحجة إهلية؛ ألنه لو مل يكن كذلك ملا كان‬
‫‪ ،‬ويكون‬ ‫امللتوي عليه من أهل النار‪ ،‬ولكان امللتوي عليه غري خارج عن والية أهل البيت‬
‫من أهل اجلنة ال من أهل النار‪.‬‬
‫واحلجج واألئمة هم املنصوص عليهم بوصية الرسول حممد اثنا عشر إماماً‪ ،‬واثنا عشر‬
‫مهدياً من ذرية اإلمام املهدي ‪ ،‬وقد مضى من األئمة أحد عشر إماماً (سالم اهلل عليهم)‪،‬‬
‫وبقي منهم اإلمام املهدي ‪ ،‬وطبعاً اليماين ليس هو اإلمام املهدي ‪ ،‬إذن البد أن‬
‫يكون اليماين هو وصي اإلمام املهدي ‪ ‬وأول املهديني من ذريته واملوصوف بوصية الرسول‬
‫بأن امسه (أمحد) وهو أول املؤمنني‪ ،‬أي أول املؤمنني باإلمام املهدي ‪ ،‬أي إنه‬ ‫حممد‬
‫يكون موجوداً قبل قيام اإلمام املهدي ‪ ،‬وهذا املوضوع مت تفصيله يف كتاب (الوصية‬
‫والوصي أمحد احلسن) وغريه‪ ،‬فمن أراد التفصيل فلرياجع‪.‬‬
‫إذن فمعرفة اليماين غري مقتصرة أبداً على جهة أو مكان خروجه أو ظهوره‪ ،‬بل يعرف‬
‫اليت ال ميكن أن يدعيها غري صاحبها‪ ،‬ويعرف أيضاً بالعلم اإلهلي‪،‬‬ ‫بوصية الرسول حممد‬
‫وكذلك بأنه أهدى الرايات ودعوته لإلمام املهدي ‪.‬‬

‫‪ -7‬البقرة‪.251 :‬‬
‫‪ -2‬كتاب الغيبة ‪ -‬للنعماني‪ :‬ص‪ 782 – 787‬باب‪ 1‬ح‪ ،74‬الكافي‪ :‬ج‪ 7‬ص‪.814‬‬
‫‪ ............................................. 111‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫‪( - 6‬يدعو إىل احلق وإىل طريق مستقيم)‪:‬‬


‫والدعوة إىل احلق وإىل الصراط املستقيم ال ميكن أن تكون إال من قبل املعصوم؛ ألن غري‬
‫املعصوم حمتمل الصواب واخلطأ‪ ،‬وإذا كان حمتمل اخلطأ ال يكون معصوماً‪ ،‬وال يسمى أو‬
‫يوصف بأنه يهدي إىل طريق أو صراط مستقيم؛ ألن االستقامة تعين عدم االحنراف واخلطأ أبداً‬
‫يف هداية األمة‪ ،‬أي إنه ال يدخل األمة يف ضالل وال ُيرجهم من هدى‪.‬‬
‫وقويل بأن غري املعصوم ال يهدي إىل احلق وإىل الصراط املستقيم‪ ،‬أي على حنو احلتم واجلزم‪،‬‬
‫كما هو احلال يف اليماين‪ ،‬ال على حنو اجلزئية واالحتمال‪ ،‬فأي إنسان ممكن أن يدعو إىل حق‬
‫‪ ،‬ولكن هذا‬ ‫أو إىل الصراط املستقيم عموماً كمن يدعو الناس إىل اتباع أهل البيت‬
‫الشخص ال ميكن وصفه بأنه يدعو إىل متام احلق وإىل حقيقة الصراط املستقيم ‪ -‬على حنو اجلزم‬
‫‪ ،-‬فهو قد يدعو إىل عموم احلق ولكنه قد ُيطأ يف مصداقه أو يف تفاصيله‪ ،‬أو إنه ظاهراً مثالً‪:‬‬
‫ولكن حقيقته غري ذلك‪ ،‬أو أنه يسري خبالف منهج أهل البيت‬ ‫يدعو إىل أهل البيت‬
‫‪ ،‬فهو قد يكون ضاالً ذاتاً أو منهجاً أو أنه يصيب أشياءً وُيطأ أشياءً أخرى‪ ...‬إذن‬
‫فاتباعه يؤدي إىل الضالل أو ال أقل أنه حمتمل الضالل‪.‬‬
‫أما اليماين فقد وصف بنص كالم الطاهرين بأنه‪( :‬يدعو إلى الحق‪ ،)...‬واحلق هنا حملى بـ‬
‫(الـ) مما يفيد كل احلق املطلوب هلداية الناس‪ ،‬واليماين مأمور باتباعه ونصرته على حنو اإلطالق‪،‬‬
‫وكذلك منهي عن االلتواء عليه على حنو اإلطالق‪ ،‬فإذن هو يدعو إىل احلق قوالً ومنهجاً وفعالً‬
‫على حنو احلتم واجلزم ال على حنو اجلزئية أو االحتمال‪ ...‬اخل‪.‬‬
‫ولو تتبعنا هذه الصفة (يهدي إىل طريق مستقيم) يف القرآن والسنة املطهرة‪ ،‬لوجدنا أهنا‬
‫‪.‬‬ ‫صفة للثقلني‪ ،‬أي القران والعرتة وكذلك األنبياء والرسل‬
‫قال اهلل تعاىل حكاية عن قول اجلن عندما مسعوا القران‪:‬‬
‫(‪.)1‬‬

‫‪ -7‬األحقاف‪.80 :‬‬
‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪111 .........................................3 - 1 :‬‬

‫جتده‬ ‫فالحظ وصف القرآن يف هذه اآلية بأنه‪:‬‬


‫‪ ،‬وال‬ ‫متاماً كوصف اليماين يف رواية اإلمام الباقر ‪‬‬
‫حكماء علماء حيسبون لكل كلمة‬ ‫يتصور أحد أن هذا جمرد صدفة؛ ألن أهل البيت‬
‫ولكل حرف حسابه‪.‬‬
‫وقد وصف اإلمام املهدي ‪ ‬أبيه وكل أجداده هبذا الوصف ‪ -‬يهدي إىل احلق وإىل‬
‫طريق مستقيم ‪ ،-‬يف أحد التوقيعات الصادرة عنه ‪:‬‬
‫‪‬‬

‫‪‬‬
‫‪‬‬
‫‪‬‬

‫‪‬‬
‫(‪.)1‬‬
‫‪:‬‬ ‫يف وصف أمري املؤمنني وعرتته‬ ‫وعن الرسول حممد‬
‫(‪.)2‬‬ ‫‪‬‬
‫وقال تعاىل‪:‬‬
‫(‪.)3‬‬
‫وهذه اآلية تدل على أن اليماين معصوم‪ ،‬وليس جمرد ممهد‪ ،‬والدليل على ذلك أن ذيل اآلية‬
‫صم بِاللّ ِه﴾‪ ،‬وجوابه هو‪﴿ :‬فـق ْد‬
‫مكون من فعل شرط وجوابه‪ ،‬وفعل الشرط هو‪﴿ :‬ومن يـ ْعت ِ‬
‫صراط ُّم ْست ِقيم﴾‪ ،‬أي إن الذي يعتصم باهلل يهتدى إىل صراط مستقيم‪ ،‬فكيف مبن‬
‫ُه ِدي إِلى ِ‬

‫‪ -7‬كمال الدين وتمام النعمة‪ :‬ص‪ 577‬باب‪ 45‬ح‪.42‬‬


‫‪ -2‬األمالي ‪ -‬للشيخ الصدوق‪ :‬ص‪.14‬‬
‫‪ -8‬آل عمران‪.707 :‬‬
‫‪ ............................................. 112‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫عرف الناس ويدعوهم إىل الصراط‬‫هو يهدي ويدعو إىل صراط مستقيم؟ أي إنه هو من يُ ِّ‬
‫املستقيم‪ ،‬فيكون هو أكثر الناس اعتصاماً باهلل تعاىل‪.‬‬
‫فإن قيل‪ :‬كثري من الناس يهتدون إىل الصراط املستقيم مع أهنم غري معصومني !‬
‫أقول‪ :‬ال ُيفى أن مفهوم العصمة مفهوم مشكك وليس متواطئاً‪ ،‬أي إنه متفاوت وليس‬
‫متساوي النسبة بني البشر‪ ،‬فكل من يهتدي إىل الصراط املستقيم البد أن يكون معصوماً بنسبة‬
‫ما وكل حبسبه وقدر إخالصه واعتصامه باهلل تعاىل‪ ،‬كما أن اهلداية إىل الصراط املستقيم أيضاً‬
‫نسبية أي ختتلف باختالف اليقني واملعرفة والنصرة‪ ...‬اخل‪.‬‬
‫واليماين موصوف بأنه (أهدى الرايات)‪ ،‬أي إنه أكثر الناس اعتصاماً باهلل تعاىل على‬
‫اإلطالق‪ ،‬و (يدعو إىل احلق وإىل طريق مستقيم)‪ ،‬أي إنه ليس أهدى الرايات فقط‪ ،‬بل إنه هاد‬
‫لغريه وعاصم لغريه ويعرف الناس بالصراط املستقيم ويدعوهم إليه‪.‬‬
‫قال تعاىل‪:‬‬
‫(‪.)1‬‬
‫إذن فاليماين مستغ ٍن عن كل الناس‪ ،‬وكل الناس حتتاج إليه للهداية إىل الصراط املستقيم‪،‬‬
‫إذن فاليماين معتصم باهلل وقد عصمه اهلل عن كل ضالل واحنرف عن الصراط املستقيم‪ ،‬وإن مل‬
‫‪.‬‬ ‫يكن كذلك ملا صح وصفه بأنه‪:‬‬
‫ويزداد األمر تأكيداً عندما نالحظ أن اليماين مأمور بطاعته‬
‫‪،‬‬ ‫‪ ،‬ومنهي عن معصيته‬
‫وجوب طاعته وحرمة معصيته‬ ‫فلو كان اليماين ممكن أن يضل أو ينحرف ملا أطلق األئمة‬
‫أو االلتواء عليه‪ ،‬بل إن االلتواء عليه يستلزم أن يكون امللتوي من أهل النار !‬
‫‪ ،‬فقد اتضح‬ ‫واآلن نرجع إىل قوله تعاىل‪:‬‬
‫لدينا بأن اليماين أهدى الناس‪ ،‬وهذا يعين أنه أكثرهم اعتصاماً باهلل تعاىل‪ ،‬بل إن اليماين هو‬
‫عرف الناس بالصراط املستقيم ويدعوهم إليه‪ ،‬وواجب عليهم اتباعه وامتثال أوامره‪.‬‬ ‫من يُ ِّ‬

‫‪ -7‬يونس‪.85 :‬‬
‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪113 .........................................3 - 1 :‬‬

‫فإن قيل‪ :‬سلمنا بأن اليماين حسب الروايات بأنه أهدى الناس إىل الصراط املستقيم‪،‬‬
‫واهلداية إىل الصراط املستقيم ال تكون إال باالعتصام باهلل‪ ،‬إذن فهو أكثر الناس اعتصاماً باهلل‪،‬‬
‫ولكن هل أن العصمة هي جمرد االعتصام باهلل تعاىل‪ ،‬وما هو الدليل الشرعي على ذلك؟!‬
‫أقول‪ :‬ال ُيفى أنه ال حول وال قوة لإلنسان إال باهلل العلي العظيم‪ ،‬وإذا أوكل اهلل اإلنسان‬
‫إىل نفسه ال يهتدي إىل حق‪ ،‬وإن أفضل ما يصعد إىل السماء اإلخالص وأفضل ما ينزل من‬
‫السماء التوفيق‪ ،‬أي كلما زاد املؤمن إخالصاً واعتصاماً باهلل تعاىل زاد توفيقاً وتسديداً من اهلل‬
‫‪ ،‬حىت يكون أهدى الناس ويكون هادياً لغريه‪ ،‬أو يكون حجة على غريه وجيب اتباعه وحيرم‬
‫معصيته‪.‬‬
‫إذن فالعصمة هي من اهلل تعاىل وتابعة إىل مقدار اعتصام اإلنسان باهلل ‪ ،‬وقد نص‬
‫على ذلك يف بعض الروايات‪:‬‬ ‫األئمة‬
‫الشيخ الصدوق بسنده عن علي بن احلسني ‪ ،‬قال‪ :‬حدثين موسى بن جعفر‪ ،‬عن أبيه‬
‫‪ ،‬قال‪:‬‬ ‫جعفر بن حممد‪ ،‬عن أبيه حممد بن علي‪ ،‬عن أبيه علي بن احلسني‬

‫(‪.)2‬‬ ‫‪‬‬
‫الشيخ الصدوق بسنده عن حسني األشقر‪ ،‬قال‪:‬‬
‫‪‬‬

‫(‪.)4‬‬

‫‪ -7‬اإلسراء‪.1 :‬‬
‫‪ -2‬معاني األخبار‪ :‬ص‪ 782‬باب معنى عصمة اإلمام ح‪.7‬‬
‫‪ -8‬آل عمران‪.707 :‬‬
‫‪ -4‬معاني األخبار‪ :‬ص‪ 782‬باب معنى عصمة اإلمام ح‪.2‬‬
‫‪ ............................................. 114‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫(‪.)1‬‬ ‫وعن أيب عبد اهلل ‪ ،‬قال‪:‬‬


‫وعن أيب عبد اهلل ‪ ‬أنه قال‪:‬‬
‫(‪.)2‬‬
‫وعن الكاظم ‪ ،‬أنه قال هلشام يف خرب طويل‪:‬‬

‫(‪.)3‬‬
‫‪‬‬ ‫وعن صفوان‪ ،‬قال‪ :‬قال جعفر بن حممد (عليهما السالم)‪:‬‬
‫(‪.)4‬‬
‫إذن فاليماين معصوم‪ ،‬ويدل على ذلك القرآن والعرتة الطاهرة‪ ،‬فقوله تعاىل‪:‬‬
‫‪ ،‬يدل على أن اهلداية ال تكون إال باالعتصام باهلل تعاىل‪،‬‬
‫ومبا أن اليماين راية هدى وأهدى الرايات ويدعو إىل احلق وإىل طريق مستقيم ومأمور بطاعته‬
‫ومنهي عن معصيته‪ ،‬إذن فهو معتصم باهلل تعاىل بل أكثر الناس اعتصاماً باهلل‪ ،‬بدليل أنه‬
‫أهداهم‪ ،‬أي إنه ال يُدخل أحداً يف ضالل‪ ،‬وال ُُيرج أحداً من حق أبداً‪.‬‬
‫للعصمة بقوهلم‪:‬‬ ‫وال ننسى تعريف األئمة‬

‫(‪.)5‬‬ ‫وقال اهلل تعاىل‪:‬‬

‫‪ -7‬الكافي‪ :‬ج‪ 2‬ص‪.25‬‬


‫‪ -2‬الخصال ‪ -‬للشيخ الصدوق‪ :‬ص‪.235‬‬
‫‪ -8‬مستدرك الوسائل ‪ -‬للميرزا النوري‪ :‬ج‪ 77‬ص‪ 742 – 747‬ح‪.72254‬‬
‫‪ -4‬بحار األنوار‪ :‬ج‪ 22‬ص‪.811‬‬
‫‪ -5‬المؤمنون‪.18 :‬‬
‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪115 .........................................3 - 1 :‬‬

‫بأنه يدعو إىل صراط مستقيم‪ ،‬وكذلك جند هذا الوصف‬ ‫فهنا اهلل تعاىل يصف رسوله‬
‫لليماين بقول الباقر ‪:‬‬

‫(‪.)1‬‬
‫وقال اهلل تعاىل‪:‬‬
‫(‪.)2‬‬
‫ويف اآلية السابقة جند اهلل تعاىل قد وصف (األهدى) بأنه‪:‬‬
‫‪ ،‬وأيضاً جند اليماين قد وصف بأنه‪( :‬أهدى الرايات)‪( ،‬ويدعو‪ ...‬إلى طريق‬
‫مستقيم)‪ ،‬أي إنه ميشي سوياً بدون احنراف على صراط مستقيم ال عوج فيه‪.‬‬
‫وقد روي يف تفسري هذه اآلية‪ :‬عن الفضيل‪ ،‬قال‪ :‬دخلت مع أيب جعفر ‪ ...( :‬مث تال‬
‫هذه اآلية‪:‬‬
‫(‪.)3‬‬ ‫‪‬‬
‫واملتحصل مما سبق أن جمموع أوصاف اليماين تدل على أنه إمام مفرتض الطاعة ومعصوم‪،‬‬
‫وال يوجد يف دعوته أي احنراف أو ضالل‪ ،‬وهكذا شخص يُعرف من خالل دعوته ومن خالل‬
‫النص ال من خالل جهة أو مكان ظهوره‪ ،‬والسيما إذا الحظنا أن الروايات تنص على أن‬
‫الزمان واملكان متعرض للبداء والتغيري‪.‬‬
‫وقبل أن أختم هذه النقطة أود أن أسلط الضوء أكثر على (الصراط املستقيم)‪ ،‬لنرى دقة‬
‫عندما وصفوا اليماين بأنه يدعو إىل طريق مستقيم‪.‬‬ ‫وصف األئمة‬
‫الصفار‪ :‬حدثنا حممد بن احلسني‪ ،‬عن النضر بن سويد‪ ،‬عن خالد‪ ،‬بن محاد وحممد بن‬
‫الفضيل‪ ،‬عن الثمايل‪ ،‬عن أيب جعفر ‪ ،‬قال‪:‬‬

‫‪ -7‬الشورى‪.52 :‬‬
‫‪ -2‬الملك‪.22 :‬‬
‫‪ -8‬الكافي‪ :‬ج‪ 3‬ص‪.233‬‬
‫‪ ............................................. 111‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫الصفار‪ :‬حدثنا عبد اهلل بن عامر‪ ،‬عن أيب عبد اهلل الربقي‪ ،‬عن احلسني بن عثمان‪ ،‬عن‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫حممد بن الفضيل‪ ،‬عن أيب محزة‪ ،‬قال‪:‬‬
‫‪‬‬

‫(‪.)4‬‬
‫فالروايتان نصتا على أن (الصراط املستقيم) هو علي بن أيب طالب ‪ ‬وواليته‪ ،‬وأن الذي‬
‫يدعو إىل (صراط مستقيم) يدعو إىل والية علي بن أيب طالب ‪ ،‬والرواية األخرية تشري إىل‬
‫أمر مهم‪ ،‬وهو أن والية اإلمام علي ‪ ‬سترتك يف آخر الزمان وقبل قيام القائم ‪ ،‬ويكون‬
‫ذلك مزامناً لدولة مبسوطة قد فتح اهلل على أهلها النعيم الدنيوي‪ ،‬وعند فرحهم بذلك يأخذهم‬
‫اهلل بغتة بقيام القائم ‪.‬‬
‫وعن حممد بن الفضيل ‪ -‬يف حديث طويل ‪ ،-‬عن أيب احلسن املاضي ‪ ،‬قال‪:‬‬
‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫(‪.)1‬‬
‫إذن فعلي ‪ ‬هو الصراط املستقيم‪ ،‬والدعوة إىل واليته ووالية أوصيائه هي الدعوة إىل‬
‫الصراط املستقيم‪ ،‬واليماين املوعود موصوف بأنه‪( :‬يدعو إىل احلق وإىل طريق مستقيم)‪ ،‬أي إنه‬

‫‪ -7‬الزخرف‪.48 :‬‬
‫‪ -2‬بصائر الدرجات ‪ -‬لمحمد بن الحسن الصفار‪ :‬ص‪ ،12 – 17‬الكافي‪ :‬ج‪ 7‬ص‪.471 – 472‬‬
‫‪ -8‬األنعام‪.44 :‬‬
‫‪ -4‬بصائر الدرجات‪ :‬ص‪.13 – 11‬‬
‫‪ -5‬الجن‪.24 :‬‬
‫‪ -2‬الكافي‪ :‬ج‪ 7‬ص‪.485 – 482‬‬
‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪117 .........................................3 - 1 :‬‬

‫يدعو إىل والية أمري املؤمنني واألئمة من ذريته وإىل القائم ‪ ،‬حيث أن اليماين أيضاً‬
‫موصوف بأنه (يدعو إىل صاحبكم) أي اإلمام املهدي ‪ ،‬أي إن اليماين يدعو إىل‬
‫التنصيب واالختيار اإلهلي املتمثل بأوصياء الرسول املنصوص عليهم بوصيته ‪ ،‬خبالف‬
‫غريه من الرايات يف عصر الظهور اليت تكون إما أهنا تدعو إىل حاكمية وتنصيب الناس‪ ،‬وإما‬
‫أهنا مشوبة بذلك‪ ،‬ولذلك وصف اليماين بأنه‪( :‬أهدى الرايات)‪ ،‬و (يدعو إىل احلق وإىل طريق‬
‫مستقيم)‪.‬‬
‫وهذه أهم صفة يف دعوة اليماين‪ ،‬حيث جند اإلمام الباقر ‪ ‬جعل علة األمر بطاعة‬
‫‪.‬‬ ‫اليماين والنهي عن خمالفته أو االلتواء عليه هو‪:‬‬
‫وسأذكر متام العبارة ليكون األمر واضحاً للقارئ اللبيب‪:‬‬

‫والدعوة إىل احلق أي كل احلق‪ ،‬وإىل الصراط املستقيم أي الذي ال اعوجاج فيه أبداً‪ ،‬أي إنه‬
‫يدعو إىل والية أمري املؤمنني ‪ ‬حبقيقتها الناصعة‪ ،‬ال إىل صورهتا اليت شوهها فقهاء آخر‬
‫الزمان‪ ،‬وجعلوها فقط كلمات تقال على املنابر لتدر عليهم األموال وكثرة األتباع واجلاه‪ ،‬وأفتوا‬
‫بشرعية التشريع واحلكم الطاغويت‪ ،‬وكأن الدين ال يصلح إال أن يكون من خمدرات املساجد‬
‫والصوامع !!‬
‫ويؤيد ذلك ما روي عن اإلمام الصادق ‪ :‬عن هشام‪ ،‬عن أيب عبد اهلل ‪ ،‬قال‪:‬‬
‫‪‬‬
‫(‪ .)2‬فال ُيفى تأكيد اإلمام الصادق ‪ ‬على صفة (والية أمري‬ ‫‪‬‬
‫املؤمنني) واليت هي الصراط املستقيم‪ ،‬اليت ميتاز هبا اليماين‪.‬‬

‫‪( -7‬منه) زيادة في بحار األنوار ج‪ 41‬ص‪.211‬‬


‫‪ -2‬األمالي ‪ -‬للشيخ الطوسي‪ :‬ص‪ 227‬ح‪.7815‬‬
‫‪ ............................................. 118‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫كاتب اإلمام الصادق ‪ ‬عندما ظهرت الرايات‬ ‫َ‬ ‫ومما يؤيد ذلك أيضاً أن بعض الشيعة‬
‫السود من خراسان آنذاك بأهنم قدَّروا أن يكون التمكني لإلمام الصادق ‪ ،‬أي إهنم توقعوا‬
‫أن هذه الرايات هي الرايات املمهدة أو رايات اليماين املوعود كما يف الرواية السابقة‪ ،‬مع‬
‫علمهم أهنا اجتهت من خراسان وليس من بالد اليمن‪:‬‬
‫الكايف‪ :‬بسنده عن املعلى بن خنيس‪ ،‬قال‪:‬‬
‫‪‬‬

‫(‪.)1‬‬
‫‪ ،‬الظاهر رجوع الضمري يف (أنه) إىل‬ ‫وقول اإلمام ‪:‬‬
‫صاحب الرايات السود (أيب مسلم اخلراساين) الذي ظنوا به أنه اليماين املوعود‪ ،‬أو املمهد الذي‬
‫‪ ،‬فبني هلم اإلمام ‪ ‬بأن ذلك إمنا يقتل السفياين‪ ،‬وليس‬ ‫به يؤول األمر إىل أهل البيت‬
‫هذا ‪ -‬أبو مسلم اخلراساين ‪ -‬الذي مل ُيرج معه السفياين ‪ -‬عندما خرج للقتال ورفع الرايات‬
‫السود ‪ ،-‬وعلى هذا يكون الذي يقتل السفياين هو اليماين املوعود‪ ،‬مبالحظة الروايات اليت‬
‫تذكر مواجهة وقتال اليماين مع السفياين‪ ...‬واهلل العامل‪.‬‬
‫وعلى أي حال فإن صفة حاكمية اهلل والدعوة إىل والية أمري املؤمنني ‪ -‬الصراط املستقيم ‪-‬‬
‫هي من أبرز صفات اليماين اليت يُعرف هبا‪ ،‬وال يوجد تأكيد على أن من عالماته خروجه من‬
‫بالد اليمن حتديداً‪ ،‬وسيأيت الكالم عن ذلك ومناقشته تفصيالً إن شاء اهلل تعاىل‪.‬‬
‫واحلمد هلل رب العاملني‪ ،‬وصلى اهلل على حممد وعلى آله األئمة واملهديني‪ ،‬ولعنة اهلل على‬
‫ظامليهم ومنكري حقوقهم إىل يوم الدين‪.‬‬

‫مت حترير هذا اجلزء بتوفيق اهلل ‪ ‬بتاريخ‪:‬‬


‫يوم اجلمعة‪ /13 :‬صفر‪ 1431 /‬هـ‬
‫‪ 2111 /1 /29‬م‬

‫‪ -7‬الكافي‪ :‬ج‪ 3‬ص‪ 887‬ح‪ ،501‬بحار األنوار‪ :‬ج‪ 41‬ص‪.211‬‬


‫احللقة الثانية‬

‫اليماني وبالد اليمن‬


‫‪ ............................................. 111‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬
‫املدخل‪:‬‬
‫احلمد هلل رب العاملني‪ ،‬وصلى اهلل على حممد وآله األئمة واملهديني وسلم تسليماً‪.‬‬
‫تقدم تفصيل القول يف احللقة األوىل من هذا البحث‪ ،‬عن أن اليماين املوعود يكون ظهوره‬
‫‪ ،‬ووصي اإلمام املهدي ‪،‬‬ ‫من املشرق‪ ،‬وأنه معصوم‪ ،‬وحجة إهلية‪ ،‬ومن أهل البيت‬
‫واملمهد له‪ ،‬وأن رايته أهدى الرايات‪ ،‬وأن امللتوي عليه من أهل النار‪ ،‬وغري ذلك من الصفات‬
‫اليت مت تفصيلها‪.‬‬
‫وبعد التأمل فيما ُسطِّر يف احللقة األوىل من هذا البحث‪ ،‬يتبني أن اليماين املوعود يعرف من‬
‫خالل النص (الوصية)‪ ،‬واهلداية (العلم واحلكمة)‪ ،‬وراية البيعة هلل (يدعو اىل صاحبكم ‪ -‬أي‬
‫املهدي ‪ )-‬أي التنصيب اإلهلي وطاعة أويل األمر ‪.‬‬
‫أما جهة أو بلد اخلروج أو الظهور‪ ،‬فال ضرورة يف بيانه‪ ،‬فإن انطبق على ما جاءت به‬
‫األخبار كان زيادة تأييد‪ ،‬وإن مل ينطبق مل يكن دليل بطالن؛ ألنه ليس من احملتومات اليت ال‬
‫يتطرق إليها البداء‪.‬‬
‫مث إن دواعي التكتم والتمويه على دعوة اليماين املوعود كثرية ومهمة جداً‪ ،‬لكونه أهدى‬
‫الرايات ومفتاح دولة العدل اإلهلي‪ ،‬وألن كل أهل األرض يف زمانه عدو له وملنهجه إال قليالً من‬
‫املؤمنني‪ ،‬فكيف واحلال هذا نتصور التصريح بتفاصيل ثورته بكل وضوح؟!‬
‫ولذلك جند بعض الروايات تشري اىل هذا املعىن وتنبه الناس اىل إمكان جميء أمر أهل البيت‬
‫‪ ‬خالف ما يُعرف ويُتوقع الناس‪:‬‬
‫عن أيب عبيدة احلذاء‪ ،‬قال‪ :‬سألت أبا جعفر ‪ ‬عن هذا األمر‪ ،‬مىت يكون؟ قال‪:‬‬

‫‪ -7‬اإلمامة والتبصرة ‪ -‬البن بابويه القمي‪ :‬ص‪.14‬‬


‫‪ ............................................. 112‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫وعن أيب محزة الثمايل‪ ،‬قال‪ :‬قال أبو جعفر وأبو عبد اهلل (عليهما السالم)‪:‬‬

‫(‪.)1‬‬
‫وعن أيب جعفر ‪ ،‬قال‪:‬‬
‫(‪.)2‬‬
‫وعن الفضيل بن يسار‪ ،‬عن أيب جعفر ‪:‬‬

‫(‪.)3‬‬
‫فهذه الروايات وغريها تضع أيدينا على حقيقة مهمة جداً‪ ،‬وهي أن مسألة اجلهات والزمان‬
‫قد تتعرض للبداء والتمويه والرمزية‪ ،‬حلكمة يعلمها أهلها ومن أطلعوه عليها‪ ،‬وال يسعنا إال‬
‫التسليم عند إقامة الدليل والربهان‪.‬‬
‫‪ ،‬واستقرأ أكثرها‪ ،‬يتضح له بوضوح جهة‬ ‫ومع ذلك فإن من تأمل يف روايات الطاهرين‬
‫ومكان خروج أو ظهور اليماين املوعود‪ ،‬وهو جهة املشرق ‪ -‬العراق ‪ ،-‬مع مالحظة التمويه‬
‫والرمزية‪ ،‬كما بيَّنت ذلك يف احللقة السابقة‪ ،‬فال أعيد‪.‬‬
‫واقتصر اآلن على ذكر زعم بعض من يدَّعون العلم‪ ،‬وتصرحيهم بأن اليماين ال ُيرج إال من‬
‫بالد اليمن‪ ،‬وسأذكر مستندهم يف ذلك والرد عليه‪ ،‬إن شاء اهلل تعاىل‪.‬‬
‫واحلمد هلل رب العاملني‪.‬‬
‫***‬

‫‪ -7‬بحار األنوار‪ :‬ج‪ 4‬ص‪.771‬‬


‫‪ -2‬تفسير القمي‪ :‬ج‪ 7‬ص‪ ،877 – 870‬بحار األنوار‪ :‬ج‪ 4‬ص‪.11‬‬
‫‪ -8‬الغيبة للنعماني‪ :‬ص‪.805‬‬
‫اليماني وبالد اليمن !‬
‫لقد زعم بعض املتومهني بأن اليماين ‪ -‬الذي وصفته الروايات بأنه أهدى الرايات قبل قيام‬
‫القائم ‪ُ - ‬يرج من اليمن حصراً‪ ،‬وال ميكن أن ُيرج من غريها‪ ،‬فكل شخص يدعي ذلك‬
‫وال يكون من بلد اليمن فهو كاذب قطعاً !!!‬
‫وقد استدلوا بروايتني روامها الشيخ الصدوق يف كمال الدين ومها كاآليت‪:‬‬
‫الرواية األوىل‪:‬‬
‫الصدوق‪ :‬حدثنا حممد بن حممد بن عصام (رضي اهلل عنه)‪ ،‬قال‪ :‬حدثنا حممد بن يعقوب‬
‫(الكليين)‪ ،‬قال‪ :‬حدثنا القاسم بن العالء‪ ،‬قال‪ :‬حدثنا إمساعيل بن علي القزويين‪ ،‬قال‪ :‬حدثين‬
‫علي بن إمساعيل‪ ،‬عن عاصم بن محيد احلناط‪ ،‬عن حممد بن مسلم الثقفي الطحان‪ ،‬قال‪:‬‬
‫(دخلت على أيب جعفر حممد بن علي الباقر (عليهما السالم) وأنا أريد أن أسأله عن القائم من‬
‫آل حممد صلى اهلل عليه وعليهم‪ ،‬فقال يل مبتدئاً‪:‬‬

‫‪‬‬
‫‪‬‬
‫‪‬‬

‫(‪.)1‬‬

‫‪ -7‬كمال الدين وتمام النعمة‪ :‬ص‪.823 – 821‬‬


‫‪ ............................................. 114‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫الرواية الثانية‪:‬‬
‫الصدوق‪ :‬حدثنا حممد بن حممد بن عصام (رضي اهلل عنه)‪ ،‬قال‪ :‬حدثنا حممد بن يعقوب‬
‫الكليين‪ ،‬قال‪ :‬حدثنا القاسم بن العالء‪ ،‬قال‪ :‬حدثين إمساعيل بن علي القزويين‪ ،‬قال‪ :‬حدثين‬
‫علي بن إمساعيل‪ ،‬عن عاصم بن محيد احلناط‪ ،‬عن حممد بن مسلم الثقفي‪ ،‬قال‪ :‬مسعت أبا‬
‫جعفر حممد بن علي الباقر (عليهما السالم) يقول‪:‬‬
‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫(‪.)2‬‬
‫ويكون الرد عليهم من جهتني‪:‬‬

‫اجلهة األوىل‪:‬‬
‫مناقشة الرواية األوىل‪:‬‬

‫‪ -7‬هود‪.32 :‬‬
‫‪ -2‬كمال الدين وتمام النعمة‪ :‬ص‪.887 – 880‬‬
‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪115 ........................................ 3 - 1 :‬‬

‫فمن الواضح أن كلمة (من اليمن) يف الرواية األوىل جاءت موضوعة بني قوسني‪ ،‬وهذا يعين‬
‫أهنا ال توجد يف بعض النسخ‪ ،‬بل أهنا ال توجد يف النسخة األم أو األكثر اعتماداً؛ ألن الناسخ‬
‫أو احملقق يعتمد يف منت ما حيقق له؛ النسخة األم أو األكثر اعتماداً‪ ...‬وأما إذا وجدت زيادة أو‬
‫نقصان يف بعض النسخ األخرى‪ ،‬فإما أن يضعه بني قوسني أو يشري إليه يف اهلامش‪.‬‬
‫وعلى أي حال فكلمة (من اليمن) غري ثابتة يف هذه الرواية‪ ،‬وال ميكن التعويل عليها حبال‪،‬‬
‫ويؤيد ذلك أن بعض العلماء عندما نقلوها عن كمال الدين مل ينقلوا (من اليمن) فيها أصالً‪،‬‬
‫منهم‪:‬‬
‫‪ -1‬العالمة اجمللسي يف حبار األنوار‪ :‬ج‪ 51‬ص‪.218 – 217‬‬
‫‪ -2‬الشيخ الطربسي يف إعالم الورى بأعالم اهلدى‪ :‬ج‪ 2‬ص‪.234 – 232‬‬
‫‪ -3‬السيد هباء الدين النجفي يف منتخب األنوار املضيئة‪ :‬ص‪.318 – 317‬‬
‫‪ -4‬الشيخ علي اليزدي احلائري يف إلزام الناصب يف إثبات احلجة الغائب‪ :‬ج‪ 1‬ص‪191‬‬
‫– ‪.197‬‬
‫‪ -5‬مريزا حممد تقي األصفهاين يف مكيال املكارم‪ :‬ج‪ 1‬ص‪.71 – 71‬‬
‫فهؤالء وجدهتم على عجالة‪ ،‬وكلهم نقلوا هذه الرواية عن كمال الدين ومل ينقلوا فيها كلمة‬
‫(من اليمن)‪ ،‬وهذا يدل على وجود نسخ معتمدة عندهم ال توجد فيها تلك الكلمة‪ ،‬أو إهنا مل‬
‫تثبت عندهم أصالً يف مجيع النسخ فلم ينقلوها لعدم وثوقهم بوجودها‪.‬‬
‫وال ُيفى أن مثل العالمة اجمللسي وأمثاله كانوا أقرب إىل النسخ اخلطية لكتب احلديث‪ ،‬بل‬
‫أهنم صرحوا بوجود تلك النسخ عندهم‪.‬‬
‫وعلى أي حال فكلمة (من اليمن) يف هذه الرواية ال ميكن االستدالل هبا لعدم ثبوهتا ‪-‬‬
‫كما قدمت ‪ -‬وسيأيت بقية الكالم يف اجلهة الثانية‪.‬‬
‫اجلهة الثانية‪:‬‬
‫مناقشة الرواية الثانية‪:‬‬
‫‪ ............................................. 111‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫ويرد على االستدالل هبا يف نقاط‪:‬‬


‫النقطة األوىل‪ :‬إن هذه الرواية ضعيفة سنداً‪ ،‬فهي ضعيفة على منهج القوم وال ميكن‬
‫االعتماد عليها‪ ،‬فهذا رد عليهم من باب اإللزام‪.‬‬
‫وضعف سند الرواية مبا يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬حممد بن حممد بن عصام‪ :‬فهو مل يوثق‪ ،‬ومل يذكر يف الكتب الرجالية للمتقدمني‪ ،‬وقد‬
‫ترجم له احملقق اخلوئي يف معجم رجال احلديث ج‪ 18‬ص‪ 219‬برقم ‪ ،11731‬قائالً‪( :‬حممد‬
‫بن حممد بن عصام‪ :‬الكليين‪ ،‬من مشايخ الصدوق (قدس سره) ترضى عليه يف املشيخة‪ :‬يف‬
‫طريقه إىل حممد بن يعقوب الكليين‪ ،‬وذكره يف العيون‪ :‬اجلزء ‪ ،1‬الباب ‪ ،11‬فيما جاء عن‬
‫الرضا علي بن موسى (عليهما السالم) يف التوحيد‪ ،‬احلديث ‪ ،13‬ولكن فيه‪ :‬حممد بن حممد‬
‫بن عاصم الكليين‪ ،‬والظاهر أنه حتريف‪ .‬وروى عنه يف الفقيه‪ :‬اجلزء ‪ ،4‬باب الوصي مينع الوارث‬
‫ماله بعد البلوغ‪ ،‬ذيل حديث ‪ )578‬انتهى‪.‬‬
‫بل صرح احملقق اخلوئي مبجهوليته‪ ،‬يف تضعيفه لسند توقيع‪( :‬وأما احلوادث الواقعة‪،)...‬‬
‫حيث قال‪ ...( :‬ومنها التوقيع الذي رواه الصدوق يف كتاب إكمال الدين وإمتام النعمة عن‬
‫حممد بن حممد بن عصام‪ ،‬عن حممد بن يعقوب‪ ،‬عن إسحاق بن يعقوب‪ ،‬قال‪ :‬سألت حممد‬
‫بن عثمان العمري أن يوصل يل كتاباً قد سألت فيه عن مسائل أشكلت علي فورد التوقيع خبط‬
‫موالنا صاحب الزمان ‪ :‬أما ما سألت عنه أرشدك اهلل وثبتك‪ ..‬إىل أن قال‪ :‬وأما‬
‫الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة اهلل‪ ..‬اخل‪.‬‬
‫فإن أمر اهلالل من احلوادث الواقعة فريجع فيه إىل رواة احلديث وهم حكام الشرع ويكون‬
‫قوهلم حجة متبعة وحكمهم نافذا يف األمة‪ .‬وفيه أهنا قاصرة سنداً وداللة‪.‬‬
‫أما السند فلجهالة ابن عصام‪ ،‬وكذا إسحاق بن يعقوب) انتهى (‪.)1‬‬

‫‪ -7‬كتاب الصوم ‪ -‬للسيد الخوئي‪ :‬ج‪ 2‬شرح ص‪.34 – 38‬‬


‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪117 ........................................ 3 - 1 :‬‬

‫‪ -2‬إمساعيل بن علي القزويين‪ :‬وهو جمهول العني واحلال يف الكتب الرجالية للمتقدمني‪ ،‬ومل‬
‫يوثقه أو ميدحه أحد منهم‪ ،‬وذكره الشيخ علي النمازي الشاهرودي يف مستدركات علم رجال‬
‫احلديث ج‪ 1‬ص‪ ،155 – 154‬برقم ‪ ،2121 / 377‬قائالً‪( :‬إمساعيل بن علي القزويين‪ :‬مل‬
‫يذكروه‪ .‬روى الصدوق يف اإلكمال‪ ،‬عن حممد بن يعقوب الكليين‪ ،‬عن القاسم بن العالء‪ ،‬عنه‪،‬‬
‫عن علي بن إمساعيل‪ ،‬رواية موت حممد بن احلنفية‪ .‬ونقله يف جد ج‪ 42‬ص‪ ،81‬وكمبا ج‪9‬‬
‫ص‪ .117‬وهبذا اإلسناد‪ ،‬عنه‪ ،‬عنه‪ ،‬روايات أخر‪ ،‬كما يف اإلكمال ج‪ 1‬باب ‪ 31‬ص‪ 439‬و‬
‫‪ ) 441‬انتهى‪.‬‬
‫وذكره السيد حمسن األمني يف أعيان الشيعة ج‪ 3‬ص‪ 391‬برقم ‪ ،1139‬قائالً‪:‬‬
‫(إمساعيل بن علي القزويين شيخ جليل من قدماء مشايخ اإلمامية متقدم على الكليين‬
‫والكليين يروي عنه بواسطة ولكن بواسطة طول عمره بقي بعد الكليين بعشر سنوات والظاهر‬
‫أنه بعينه إمساعيل بن علي بن قدامة القزويين الذي روى بإسناده إىل موسى بن عبد ربه عن علي‬
‫بن أيب طالب حديثا يتعلق باملعراج) انتهى‪.‬‬
‫ومدح السيد حمسن األمني للقزويين ال يفي بالغرض من أجل توثيق إمساعيل بن علي‬
‫القزويين؛ ألن السيد حمسن األمني تويف سنة (‪ 1371‬هـ) أي قبل (‪ )11‬سنة تقريباً‪ ،‬فيعترب من‬
‫املعاصرين لعصرنا احلايل‪.‬‬
‫وقد وقع اخلالف يف حجية توثيقات املتأخرين عن الشيخ الطوسي كالعالمة احللي وابن‬
‫داود وابن شهرآشوب واحلر العاملي وأمثاهلم (‪ ،)1‬فما بالك بتوثيقات املعاصرين؛ كيف يعتمد‬
‫عليها مع عدم معرفة مستندها؟!‬

‫‪ -7‬وقع الخالف في حجية توثيقاتهم لمن لم يعاصروه‪ ،‬واعتبرت توثيقاتهم لمن عاصروه؛ ألن التوثيق‬
‫إما أن يكون حسيا ً أو حدسياً‪ ،‬والحسي ما كان عن معاشرة مباشرة أو نقل عمن عاشر الراوي‪ .‬أما‬
‫الحدسي فهو االجتهادي‪ ،‬فالعالمة الحلي ومن تأخر عنه مقلدون لمن تقدمهم من علماء الرجال‪ ،‬فأي‬
‫توثيق غير مأخوذ عن المتقدمين يعتبر اجتهادياً؛ ألن العالمة الحلي ومن تأخر عنه لم يعاصروا هؤالء‬
‫الرواة فكيف وثقوهم توثيقا ً حسياً‪ ،‬والكالم طويل يطلب من مظانه‪ ،‬ومجمل القول ما أفاده المحقق‬
‫الخوئي‪:‬‬
‫‪ ............................................. 118‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫وهذا احملقق اخلوئي ال يعتمد على توثيقات العالمة احللي وأمثاله (‪ ،)1‬وال على توثيقات احلر‬
‫العاملي وأمثاله (‪.)2‬‬

‫(ومما تثبت به الوثاقة أو الحسن أن ينص على ذلك أحد األعالم المتأخرين‪ ،‬بشرط أن يكون من أخبر‬
‫عن وثاقته معاصراً للمخبر أو قريب العصر منه‪ ،‬كما يتفق ذلك في توثيقات الشيخ منتجب الدين‪ ،‬أو‬
‫ابن شهرآشوب وأما في غير ذلك كما في توثيقات ابن طاووس والعالمة وابن داود ومن تأخر عنهم‬
‫كالمجلسي لمن كان بعيداً عن عصرهم فال عبرة بها‪ ،‬فإنها مبنية على الحدس واالجتهاد جزما‪ .‬وذلك‪:‬‬
‫فإن السلسلة قد انقطعت بعد الشيخ‪ ،‬فأصبح عامة الناس إال قليالً منهم مقلدين يعملون بفتاوى الشيخ‬
‫ويستدلون بها كما يستدل بالرواية على ما صرح به الحلي في السرائر وغيره في غيره‪[ ....‬إلى قوله]‪:‬‬
‫وعلى الجملة‪ :‬فالشيخ (قدس سره) هو حلقة االتصال بين المتأخرين وأرباب األصول التي أخذ منها‬
‫الكتب األربعة وغيرها‪ .‬وال طريق للمتأخرين إلى توثيقات رواتها وتضعيفهم غالبا إال االستنباط‪،‬‬
‫وإعمال الرأي والنظر ) انتهى‪ .‬معجم رجال الحديث‪ :‬ج‪ 7‬ص‪.48 – 42‬‬
‫وقال أيضاً‪( :‬وقد تحصل مما ذكرناه أن ابن طاووس والعالمة وابن داود ومن تأخر عنهم إنما‬
‫يعتمدون في توثيقاتهم وترجيحاتهم على آرائهم واستنباطاتهم أو على ما استفادوه من كالم النجاشي أو‬
‫الشيخ في كتبهم‪ ،‬وقليالً ما يعتمدون على كالم غيرهما‪ ،‬وقد يخطئون في االستفادة كما سنشير إلى‬
‫بعض ذلك في موارده‪ ،‬كما قد يخطئون في االستنباط‪ ،‬فترى العالمة يعتمد على كل إمامي لم يرد فيه‬
‫قدح‪ ،‬يظهر ذلك مما ذكره في ترجمة أحمد بن إسماعيل بن سمكة وغير ذلك‪ .‬وترى المجلسي يعد كل‬
‫من للصدوق إليه طريق ممدوحا ‪ -‬وهو غير صحيح ‪ -‬على ما نبينه عن قريب إن شاء هللا تعالى‪،‬‬
‫وعليه فال يعتد بتوثيقاتهم بوجه من الوجوه) معجم رجال الحديث‪ :‬ج‪ 7‬ص‪.45‬‬
‫وقال السيد محمد على األبطحي في تهذيب المقال في تنقيح كتاب رجال النجاشي ج‪ 7‬ص‪– 705‬‬
‫‪( :702‬اختار بعض األعالم عدم حجية توثيق المتأخرين من أهل الرجال وجرحهم‪ .‬بل يظهر منه عدم‬
‫حجية قول مثل ابن طاووس‪ ،‬والمحقق‪ ،‬والعالمة‪ ،‬وابن داود‪ ،‬وأمثالهم من المتأخرين قدس سرهم‪.‬‬
‫بدعوى كثرة أخطائهم‪ ،‬وخصوصا العالمة (رحمه هللا)‪ ،‬وأن المتأخرين نقلة لمن تقدم فيما لهم توثيق‬
‫أو جرح‪ ،‬وفي غير ذلك استعملوا الرأي واالجتهاد ال محالة‪ ،‬وال دليل على اعتبار رأيهم‪.)...‬‬
‫واألبطحي وإن حاول ترجيح االعتماد على توثيقات المتأخرين‪ ،‬ولكن نعرف من كالمه أن من اختار‬
‫عدم حجية توثيق المتأخرين‪ ،‬هم عدة علماء‪ ،‬وليس رأيا ً شاذاً‪.‬‬
‫بل حتى الذين اعتبروا حجية توثيق المتأخرين لم يقبلوه على اإلطالق‪ ،‬بل قيدوه بالنظر في الدليل‬
‫والبرهان‪ ،‬كما جاء في كتاب بحوث في فقه الرجال ‪ -‬تقرير بحث الفاني‪ ،‬لمكي‪ :‬ص‪:13 – 11‬‬
‫(وأما اإليراد الثالث فهو ناشئ من الغفلة عن أن مرادنا من اعتماد بحوث المتأخرين اعتمادها في‬
‫الجملة ال مطلقا ً ومن أي معل م صدرت‪ ..‬بل ال بد من النظر فيما أوردوه من األدلة حيث ال يكونون‬
‫بمثابة من الدقة والضبط وقوة الملكة‪ .‬والتضاد المذكور إنما يكشف عن عدم صحة مقدمات‬
‫واستدالالت أحدهما أو كليهما مما يدعونا إلى مالحظة ما أقيم من األدلة وسيق من البرهان)‪.‬‬
‫‪ -7‬قال المحقق الخوئي في معجم رجال الحديث ج‪ 27‬ص‪ ،208 – 202‬في ترجمة يونس بن رباط‪،‬‬
‫برقم ‪( : 78353‬وقد تقدم غير مرة أن توثيقات المتأخرين كالعالمة وغيره ال يعتمد عليها فيما لم يظهر‬
‫مستندهم)‪.‬‬
‫‪ -2‬قال المحقق الخوئي في كتاب الحج ج‪ 4‬شرح ص‪ ،737‬في نقاشه ألحد المسائل الفقهية‪ ...( :‬بل‬
‫طريق الشيخ إل ى النوادر ضعيف؛ ألن فيه شيخه أحمد بن محمد بن موسى األهوازي‪ ،‬وهو ممن لم‬
‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪119 ........................................ 3 - 1 :‬‬

‫فإذا كان اخلالف واقع يف اعتبار توثيقات املتأخرين اليت ال يعرف مستندها‪ ،‬فكيف تعترب‬
‫توثيقات املعاصرين كالسيد حمسن األمني مع عدم معرفة مستندهم يف التوثيق؟!‬
‫والسيد حمسن األمني غري معاصر لـ (إمساعيل بن علي القزويين)‪ ،‬بل هو نص على أنه كان‬
‫متقدماً على الشيخ الكليين وبقي حياً بعده‪ ،‬فمن أين عرف أو استفاد (جاللته)؟!‬
‫فهذا املدح بـ (اجلاللة)‪ ،‬ال ُيلو حتصيله عن أمرين‪:‬‬
‫أ‪ -‬أن يكون منقوالً عن علماء الرجال املتقدمني أو املتأخرين‪ ،‬وهذا ما مل جنده‪ ،‬ومل يذكره‬
‫السيد حمسن األمني‪ ،‬فيكون األمر متوقفاً على إثبات ذلك أوالً‪.‬‬
‫ب‪ -‬أن يكون اجتهاداً من السيد حمسن األمني‪ ،‬والتوثيق االجتهادي ال حجية فيه ما مل‬
‫يعرف مستنده ودليله‪ ،‬وبعد ذلك ُيضع هذا الدليل أو املستند إىل النقد‪ ،‬فقد يكون مقنعاً وقد‬
‫يكون غري مقنع‪.‬‬
‫والسيد حمسن األمني أيضاً مل يذكر لنا مستنده يف القول جباللة (إمساعيل بن علي القزويين)‪،‬‬
‫فال حجية يف قوله هذا‪ .‬فيبقى الرجل جمهوالً‪ ،‬وال يعتمد على روايته‪ ،‬حسب قواعد القوم‪.‬‬
‫‪ -3‬علي بن إمساعيل‪ :‬وعلي بن إمساعيل هذا مشرتك بني الثقة وغريه‪ ،‬فهو هنا يروي عن‬
‫عاصم بن محيد احلناط‪ ،‬الذي هو من أصحاب اإلمام الصادق ‪ ،)1( ‬ويف طبقته غري واحد‬
‫ممن يشاركه بامسه‪ ،‬منهم الثقة ومنهم من غري ذلك‪ ،‬فال حيكم بوثاقته إال أن يثبت بعينه وُمييِّز‬
‫عمن شاركه‪ ،‬ويكون منصوصاً على وثاقته‪.‬‬ ‫ّ‬
‫عمن روى عن الصادق ‪ ‬فقد يكون من طبقة أصحاب الصادق ‪‬‬ ‫فبما أنه يروي ّ‬
‫وأصحاب الكاظم ‪ ،‬بل وحىت أصحاب الرضا ‪ ،‬واآلن أذكر بعض املشرتكني يف هذا‬
‫العنوان‪:‬‬

‫يوثق وإن قال في حقه صاحب الوسائل في تذكرة المتبحرين فاضل‪ .‬جليل‪ .‬ولكن ال نعتمد على‬
‫توثيقات المتأخرين‪.)...‬‬
‫‪ -7‬عاصم بن حميد الحناط‪ ،‬من أصحاب الصادق ‪ ،‬ذكر ذلك النجاشي في رجاله‪ :‬ص‪807‬‬
‫برقم‪ ،327‬وأيضا ً ذكر ذلك الشيخ الطوسي في رجاله‪ :‬ص‪ 222‬برقم‪.8140‬‬
‫‪ ............................................. 121‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫أ‪ -‬علي بن إمساعيل بن شعيب امليثمي‪ ،‬من أصحاب الرضا ‪ ،‬وهو ممدوح ويعترب ثقة(‪.)1‬‬
‫ب‪ -‬علي بن إمساعيل بن عامر‪ ،‬من أصحاب الكاظم ‪ ،‬ومل يوثق (‪.)2‬‬
‫ج‪ -‬علي بن إمساعيل بن عمار‪ ،‬من أصحاب الكاظم ‪ ،‬ومل يوثق (‪.)3‬‬
‫د‪ -‬علي بن إمساعيل بن جعفر بن حممد الباقر ‪ ،‬وهو مذموم (‪.)4‬‬
‫هـ‪ -‬علي بن إمساعيل بن يقطني‪ ،‬روى عن عيسى بن املستفاد الضرير عن الكاظم ‪،‬‬
‫ومل يوثق (‪.)5‬‬
‫و‪ -‬علي بن إمساعيل الدغشي‪ ،‬روى عن الرضا ‪ ،)1( ‬ومل يوثق (‪.)7‬‬
‫فيبقى (علي بن إمساعيل) يف هذه الرواية جمهوالً‪ ،‬ومن ادعى التمييز فعليه إقامة الدليل الواضح‪.‬‬
‫ومبا تقدم تكون هذه الرواية ضعيفة السند بأكثر من را ٍو‪ ،‬فهي ال تصلح لالستدالل‪ ،‬على‬
‫منهج القوم‪.‬‬
‫النقطة الثانية‪ :‬جاءت هذه الرواية يف إعالم الورى للطربسي‪ ،‬بدون (من اليمن) أصالً‪،‬‬
‫هكذا‪ ...( :‬وخروج السفياني من الشام واليماني وخسف في البيداء‪.)8( )...‬‬

‫‪ -7‬راجع معجم رجال الحديث‪ :‬ج‪ 72‬ص‪ 800 – 211‬برقم ‪.1148‬‬


‫‪ -2‬راجع معجم رجال الحديث‪ :‬ج‪ 72‬ص‪ 800‬برقم ‪.1144‬‬
‫‪ -8‬راجع معجم رجال الحديث‪ :‬ج‪ 72‬ص‪ 800‬برقم ‪.1145‬‬
‫‪ -4‬راجع معجم رجال الحديث‪ :‬ج‪ 72‬ص‪ 213‬برقم ‪.1142‬‬
‫‪ -5‬راجع معجم رجال الحديث‪ :‬ج‪ 72‬ص‪ 802 – 807‬برقم ‪.1143‬‬
‫‪ -2‬راجع علل الشرائع‪ :‬ج‪ 2‬ص‪.812 – 817‬‬
‫‪ -1‬راجع معجم رجال الحديث‪ :‬ج‪ 72‬ص‪ 802‬برقم ‪.1150‬‬
‫‪ -3‬إعالم الورى بأعالم الهدى ص‪ ،443 – 441‬تصحيح وتعليق علي أكبر الغفاري‪ ،‬مؤسسة‬
‫األعلمي‪ ،‬بيروت ‪ -‬لبنان ‪ -‬الطبعة األولى‪ ،‬سنة ‪ 7424‬هـ ‪ 2004 -‬م‪ .‬وكذلك إعالم الورى في برنامج‬
‫النور موافق للطبعة اللبنانية‪ ،..‬بينما في طبعة إيران إلعالم الورى قد اثبتوا (من اليمن) وبدون‬
‫قوسين !‬
‫وفي الحقيقة حاولت أن أحصل على كتاب (كمال الدين) طبعة بيروت بتاريخ قديم فلم أجد غير الطبعة‬
‫اإليرانية؛ ألني أصبحت أشك كثيراً في الطبعات اإليرانية‪ ،‬وخصوصا ً برنامج (مكتبة أهل البيت) فيد‬
‫الكوراني وأمثاله تدخلها واضح فيها‪ ،‬فقد تكون في الطبعات البيروتية القديمة ال توجد فيها كلمة (من‬
‫اليمن) أصالً في هذه الرواية‪.‬‬
‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪121 ........................................ 3 - 1 :‬‬

‫وكذلك يف الرواية األخرى اليت جاءت فيها عبارة (من اليمن) بني قوسني‪ ،‬ففي إعالم الورى‬
‫العبارة ال توجد أصالً حىت بني قوسني‪ ،‬بل املوجود هكذا فقط‪:‬‬
‫(‪.)1‬‬
‫وذكر هذه الرواية السيد املرعشي يف إحقاق احلق ج‪ 13‬ص‪ 342‬نقالً عن كتاب الفصول‬
‫املهمة البن الصباغ املالكي هكذا‪:‬‬
‫‪ ،‬فلم يرد يف هذه الرواية لفظ اليماين أصالً بل ورد مكانه (اليمن)‪.‬‬
‫والرواية بلفظ (واليمن) غري بعيدة الصحة وخصوصاً إذا علمنا بأن السفياين متعدد‪ ،‬وقد‬
‫روي عن أمري املؤمنني ‪ ‬بأن هناك سفياين من الشام وسفياين من هجر‪:‬‬
‫عنه ‪ ‬بعد التحميد العظيم والثناء على الرسول الكرمي‪ ،‬قال‪:‬‬

‫‪‬‬

‫وهجر أيضاً بلدة يف اليمن‪ ،‬كما جاء يف معجم البلدان ج‪ 5‬ص‪ ...( :393‬واهلجر‪ :‬بلد‬
‫باليمن بينه وبني عثر يوم وليلة من جهة اليمن‪.)...‬‬
‫وأيضاً ذكر ذلك السمعاين يف األنساب ج‪ 5‬ص‪( :127‬اهلجري‪ :‬بفتح اهلاء واجليم وكسر‬
‫الراء يف آخرها‪ .‬هذه النسبة إىل هجر‪ ،‬وهي بلدة من بالد اليمن من أقصاها وقالل هجر‬
‫معروفة‪.)...‬‬
‫فقد تكون الرواية ناظرة إىل بيان أن هناك سفيانياً ُيرج من الشام وسفيانياً آخر ُيرج من‬
‫اليمن‪ ،‬فتوهم النساخ أو غريهم بأهنا قد تكون مصحفة‪ ،‬وأن أصلها (واليماين من اليمن)‬
‫فأثبتوه‪.‬‬

‫‪ -7‬إعالم الورى ‪ -‬الهوية السابقة‪ :‬ص‪.471‬‬


‫‪ -2‬المالحم والفتن‪ :‬ص‪.217‬‬
‫‪ ............................................. 122‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫فإن قيل بأن لفظ (من اليمن) لعله تصحيف والصحيح يف أصل كتاب الفصول املهمة هو‬
‫(واليماين من اليمن)؟ أقول‪ :‬نعم هذا االحتمال وارد‪ ،‬ولكين عثرت على نسخة لكتاب الفصول‬
‫املهمة‪ ،‬طبعة بريوت ‪ -‬دار األضواء ‪ -‬الطبعة الثانية‪ 1419 :‬هـ ‪ 1988 -‬م‪ ،‬والرواية فيها‬
‫بلفظ (وخروج السفياين من الشام واليمن)‪ ،‬كما نقلها السيد املرعشي‪ ،‬هكذا‪:‬‬
‫(‪.)1‬‬
‫بينما يف طبعة قم ‪ -‬دار احلديث ‪ -‬الطبعة الثانية لسنة ‪1422‬هـ‪ ،‬حتقيق سامي الغريري‪،‬‬
‫جند الرواية بلفظ‪( :‬واليماين من اليمن) وهذا عجيب !‬
‫وعلى أي حال فبعد ما تقدم أقل ما يقال بأن منت الرواية مشكوك فيه‪ ،‬وهبذا ال ميكن‬
‫االحتجاج به‪ ،‬وخصوصاً إذا الحظنا ما يأيت يف النقطة الثالثة‪.‬‬
‫النقطة الثالثة‪ :‬حيتمل جداً بأن أصل الروايتني رواية واحدة‪ ،‬وقد نقل الراوي أحدمها نصاً أو‬
‫كاملة ونقل األخرى باملعىن وبصورة غري كاملة‪ ،‬أو إن كالً من الروايتني منها ما هو نصاً ومنها‬
‫ما هو معىن كالم املعصوم‪.‬‬
‫وخصوصاً إذا الحظنا أهنما متحدتان يف السند متاماً‪ ،‬واليكم سند الروايتني‪:‬‬
‫سند الرواية األوىل‪:‬‬
‫(حدثنا حممد بن حممد بن عصام (رضي اهلل عنه)‪ ،‬قال‪ :‬حدثنا حممد بن يعقوب (الكليين)‪،‬‬
‫قال‪ :‬حدثنا القاسم بن العالء‪ ،‬قال‪ :‬حدثنا إمساعيل بن علي القزويين‪ ،‬قال‪ :‬حدثين علي بن‬
‫إمساعيل‪ ،‬عن عاصم بن محيد احلناط‪ ،‬عن حممد بن مسلم الثقفي الطحان‪ ،‬قال‪ :‬دخلت على‬
‫أيب جعفر حممد بن علي الباقر (عليهما السالم)‪.)...‬‬
‫سند الرواية الثانية‪:‬‬
‫(حدثنا حممد بن حممد بن عصام (رضي اهلل عنه)‪ ،‬قال‪ :‬حدثنا حممد بن يعقوب الكليين‪،‬‬
‫قال‪ :‬حدثنا القاسم بن العالء‪ ،‬قال‪ :‬حدثين إمساعيل بن علي القزويين‪ ،‬قال‪ :‬حدثين علي بن‬

‫‪ -7‬الفصول المهمة‪ :‬ص‪.218 – 212‬‬


‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪123 ........................................ 3 - 1 :‬‬

‫إمساعيل‪ ،‬عن عاصم بن محيد احلناط‪ ،‬عن حممد بن مسلم الثقفي‪ ،‬قال‪ :‬مسعت أبا جعفر حممد‬
‫بن علي الباقر (عليهما السالم)‪.)...‬‬
‫قد أجازوه‪:‬‬ ‫والنقل باملعىن موجود عند الرواة‪ ،‬بل إن األئمة‬
‫فهذا حممد بن مسلم راوي الروايتني اللتني مها حمل كالمنا يصرح بأنه قد يزيد أو ينقص يف‬
‫احلديث‪ ،‬أو إنه يروي باملعىن‪:‬‬
‫عن حممد بن مسلم‪ ،‬قال‪( :‬قلت أليب عبد اهلل ‪ :‬أمسع احلديث منك فأزيد وأنقص؟‬
‫قال‪ :‬إن كنت تريد معانيه فال بأس) (‪.)1‬‬
‫وعن خلف بن محاد‪ ،‬عن ابن املختار أو غريه رفعه قال‪ :‬قلت أليب عبد اهلل ‪:‬‬

‫(‪.)2‬‬
‫وعن كتاب أيب عبد اهلل السياري‪ ،‬عن بعض أصحابنا يرفعه إىل أيب عبد اهلل ‪ ‬قال‪:‬‬

‫(‪.)3‬‬
‫وعن داود بن فرقد‪ ،‬قال‪ :‬قلت أليب عبد اهلل ‪:‬‬

‫(‪.)4‬‬
‫وإذا كانت الروايتان أصلهما واحد‪ ،‬فال ميكن االستدالل بالرواية اليت فيها (من اليمن) بدون‬
‫قوسني؛ ألنه حيتمل أهنا من إضافة النساخ‪ ،‬لظنهم أهنا ساقطة‪ ،‬أو أهنا األوفق بسياق الكالم؛‬
‫ألن قبلها (السفياين من الشام)‪ ،‬فتبقى كلمة (من اليمن) غري ثابتة وال ميكن االعتماد عليها‪.‬‬

‫‪ -7‬الكافي‪ :‬ج‪ 7‬ص‪.57‬‬


‫‪ -2‬وسائل الشيعة (آل البيت)‪ :‬ج‪ 21‬ص‪ ،705 – 704‬ح‪.88882‬‬
‫‪ -8‬وسائل الشيعة (آل البيت)‪ :‬ج‪ 21‬ص‪ ،705 – 704‬ح‪.88888‬‬
‫‪ -4‬الكافي‪ :‬ج‪ 7‬ص‪.57‬‬
‫‪ ............................................. 124‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫النقطة الرابعة‪ :‬حىت لو قلنا بأن كلمة (من اليمن) موجودة وثابتة يف الرواية فهي ال تعين‬
‫بالضرورة أن ُيرج اليماين من بلد اليمن عند ظهوره أو قيامه املسلح‪ ،‬فقد يكون أصله مياين‬
‫ولكنه يظهر أو يقوم من بلد آخر‪.‬‬
‫فيمكن أن يكون اليماين قد وصف بأنه (من اليمن) أي إن له أصالً يف اليمن‪ ،‬وليس معناه‬
‫أنه ُيرج من بالد اليمن حتديداً‪ ،‬فقد يوصف شخص مثالً بأنه خراساين أو سيستاين أو خوئي‬
‫أو بغدادي أو حبراين‪ ....‬وهو ال يعيش يف نفس البلد املنسوب إليه‪ ،‬بل نسب إىل ذلك البلد‬
‫ألنه ولد فيه أو إن أصله منه‪ ...‬اخل‪ ،‬فيقال مثالً‪ :‬من عالمات قيام القائم ‪ ‬ظهور علي من‬
‫خراسان‪ ،‬والدجال من سجستان و‪ ...‬و‪ ...‬اخل (‪ ،)1‬فليس معىن ذلك أن علياً اخلراساين البد‬
‫أن يكون بداية ظهوره من بلد خراسان‪ ،‬وأن الدجال السجستاين البد أن يكون بداية ظهوره‬
‫من بلد سجستان‪ ،‬بل قد يكون املراد من اخلراساين أصله أو والدته يف بلد خراسان‪ ،‬والدجال‬
‫السجستاين؛ أصله أو والدته يف بلد سجستان‪ ،‬وإن (من) يف مجليت (من خراسان) و (من‬
‫سجستان) بيانية‪ ،‬أي لبيان أن أصلهم أو والدهتم يف خراسان أو سجستان‪.‬‬
‫فقد يكون ‪ -‬وهذا ما نعتقده ‪ -‬بأن اليماين له أصل ونسب يف اليمن وليس معناه بداية‬
‫ظهوره وقيامه من بلد اليمن بالذات‪ ،‬ويؤيد ذلك األخبار الواردة يف نفي أن يكون اليماين أو‬
‫املهدي من بلد اليمن املعروف‪:‬‬
‫عن كعب‪ ،‬قال‪( :‬ما املهدي إال من قريش‪ ،‬وما اخلالفة إال فيهم غري أن له أصالً ونسباً يف‬
‫اليمن) (‪.)2‬‬
‫وعن أرطأة‪( :‬فيجتمعون وينظرون ملن يبايعون‪ ،‬فبينا هم كذلك إذ مسعوا صوتاً ما قاله إنس‬
‫وال جان‪ :‬بايعوا فالناً‪ ،‬بامسه‪ ،‬وليس من ذي وال ذو‪ ،‬ولكنه خليفة مياين) (‪.)3‬‬

‫‪ -7‬هذا مجرد مثال وليس رواية أو خبراً‪.‬‬


‫‪ -2‬معجم أحاديث اإلمام المهدي ‪ :‬ج‪ 7‬ص‪.211‬‬
‫‪ -8‬معجم أحاديث اإلمام المهدي ‪ :‬ج‪ 7‬ص‪ ،211‬المالحم والفتن ‪ -‬البن طاووس‪ :‬ص‪ 723‬برقم‬
‫‪.223‬‬
‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪125 ........................................ 3 - 1 :‬‬

‫وقوله‪( :‬ليس من ذي وال ذو) أي إنه ليس من أهل اليمن؛ ألن هذه لغة أهل اليمن‪ .‬أو‬
‫إنه ليس من نسب أذواء اليمن وهم ملوك محري‪ ،‬منهم ذو يزن وذو رعني‪ ،‬كما ذكر ذلك‬
‫العالمة اجمللسي يف البحار ج‪ 21‬ص‪.374‬‬
‫واملعروف قدمياً بأن مكة من هتامة وهتامة من اليمن‪ ،‬وعلى هذا يكون كل من ينتسب إىل‬
‫مكة ميكن أن يوصف بأنه (مكي) و (هتامي) و (مياين)‪ ،‬وعلى هذا أيضاً يكون حممد وآل‬
‫حممد كلهم (مكيني) و (هتاميني) و (ميانيني)‪.‬‬
‫وقد روي بأن مكة من اليمن‪ ،‬أو أهنا وصفت بأهنا ميانية‪:‬‬
‫جاء وصف النيب حممد يف مناجاة اهلل لعيسى ‪:‬‬
‫(‪.)1‬‬
‫(‪.)2‬‬ ‫وجاء يف دعاء أيب طالب ‪:‬‬
‫صرح بعض العلماء بذلك وكما يلي‪:‬‬ ‫وقد َّ‬
‫‪ -1‬الشريف الرضي يف اجملازات النبوية ص‪:341 – 338‬‬
‫قال‪( :‬ومن ذلك قوله عليه الصالة والسالم‪( :‬اإليمان يمان والحكمة يمانية)‪ ...‬إىل قوله‪:‬‬
‫ويدخل يف هذا الوصف أهل مكة وأهل املدينة‪ .‬فأما مكة فهي جهة من جهات اليمن ومفضى‬
‫إىل ذلك الشق والسمت‪ .‬وأما املدينة فمعظم أهلها األنصار وهم من أهل اليمن باألصل وإن‬
‫كانوا من أهل احلجاز بالدار‪ ...‬اخل)‪.‬‬
‫‪ -2‬املوىل حممد صاحل املازندراين يف شرح أصول الكايف ج‪ 11‬ص‪:428 – 427‬‬
‫قال‪( :‬فقال رسول اهلل ‪:‬‬
‫‪ ،‬كذبه وأشار إىل أن أفضل الرجال ليس‬
‫ما ذكره سيما إذا كان من احلمية اجلاهلية‪ ،‬بل فضلهم هو اإلميان واحلكمة وهو غري موجود‬

‫‪ -7‬الكافي‪ :‬ج‪ 3‬ص‪.781‬‬


‫‪ -2‬بحار األنوار‪ :‬ج‪ 75‬ص‪.870‬‬
‫‪ ............................................. 121‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫فيهم بل هو يف رجال أهل اليمن‪ ،‬قيل‪ :‬املراد هبم األنصار الذين استجابوا هلل ولرسوله طوعاً‬
‫ونصروه وهم مياين النسب‪ ،‬وقيل‪ :‬املراد هبم أهل مكة أي بعضهم‪ ،‬إما ألن مكة من هتامة وهتامة‬
‫من أرض اليمن‪ ،‬أو ألنه قال هذا وهو بتبوك ومكة بينه وبني اليمن فأشار إىل ناحية اليمن وأراد‬
‫مكة‪ ،‬ويؤيده قوله‪" :‬ولول الهجرة لكنت امرأ من أهل اليمن"‪ ،‬فإنه صريح يف أن املراد باليمن‬
‫مكة بأحد الوجهني املذكورين‪ ،‬وقوله‪" :‬اإليمان يماني" أي منسوب إىل اليمن معناه على القول‬
‫األول أن قوة اإلميان واشتهاره من أهل اليمن لكوهنم من أنصار الدين‪ ،‬وعلى القول الثاين أن‬
‫مبدأه مكة‪.)...‬‬
‫‪ -3‬العالمة اجمللسي يف حبار األنوار ج‪ 22‬ص‪:137‬‬
‫قال‪( :‬وقال اجلزري‪ :‬يف احلديث اإلميان ميان‪ ،‬واحلكمة ميانية‪ ،‬إمنا قال ذلك؛ ألن‬
‫اإلميان بدأ من مكة وهي من هتامة‪ ،‬وهتامة من أرض اليمن‪ ،‬وهلذا يقال‪ :‬الكعبة‬
‫اليمانية‪.....،‬اخل)‪.‬‬
‫إذن فمكة من هتامة‪ ،‬وهتامة من اليمن‪ ،‬ويصح أن يقال عن أهل مكة بأهنم‪ :‬ميانيون‬
‫وهتاميون ومكيون‪.‬‬
‫وعلى هذا ميكن أن يكون اليماين مسي بذلك؛ ألنه من ذرية الرسول ‪ ،‬فالرسول‬
‫مياين‪ ،‬وكذلك علي بن أيب طالب ‪ ‬مياين‪ ،‬وذريتهم كلهم ميانيون النتساهبم هلما‪.‬‬
‫أنه قال‪ ...( :‬إن خير الرجال أهل اليمن‪ ،‬واإليمان يمان‬ ‫فقد روي عن رسول اهلل‬
‫وأنا يماني‪.)1( )...‬‬
‫‪ ،‬وقد‬ ‫النقطة اخلامسة‪ :‬من املعلوم أن مسألة قيام القائم ‪ ‬هي من أسرار آل حممد‬
‫وردت روايات كثرية تؤكد على ضرورة التكتم على أمر اإلمام املهدي ‪ ‬أي عدم اإلفصاح مبا‬
‫‪ ،‬وذلك ألن قيام اإلمام املهدي ‪ ‬هو أمل كل األنبياء واملرسلني‬ ‫تكتم عليه أهل البيت‬
‫والشهداء والصديقني وهو وعد اهلل الصادق‪.‬‬

‫‪ -7‬بحار األنوار‪ :‬ج‪ 51‬ص‪.282‬‬


‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪127 ........................................ 3 - 1 :‬‬

‫فنجد كثرياً من الروايات جاءت على حنو الرمز والتمويه‪ ،‬للحفاظ على هذه الثورة املقدسة‪،‬‬
‫ومن املعلوم أن أي قائد حكيم ال ميكن أن يكشف عن كل تفاصيل خطته العسكرية‪ ،‬بل لعله‬
‫جيعل فيها بعض اخلدع ‪ -‬احلرب خدعة ‪ -‬والغموض والتمويه املتعمد‪.‬‬
‫على أهنم قد يقولوا شيئاً ويأيت خالفه‪،‬‬ ‫ولذلك جند تأكيداً يف روايات أهل البيت‬
‫وهذه الروايات تنص أو تشري إىل ظهور وقيام اإلمام املهدي ‪ ،‬وهذا يُ ّبني لنا بأن هناك كثرياً‬
‫من األمور سوف تكون على خالف ما يظنه الناس اعتماداً على بعض الروايات‪.‬‬
‫تفسري علي بن إبراهيم‪ :‬حدثين أيب‪ ،‬عن حممد بن الفضيل‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن أيب جعفر ‪،‬‬
‫قال‪:‬‬

‫(‪.)2‬‬
‫النعماين‪ :‬حدثنا حممد بن يعقوب (‪ ،)3‬عن احلسني بن حممد (‪ ،)4‬عن معلى بن حممد (‪،)5‬‬
‫عن احلسن بن علي اخلزاز (‪ ،)1‬عن عبد الكرمي بن عمرو اخلثعمي (‪ ،)2‬عن الفضيل بن يسار(‪،)3‬‬

‫‪ -7‬يونس‪.24 :‬‬
‫‪ -2‬تفسير القمي‪ :‬ج‪ 7‬ص‪ ،877 – 870‬بحار األنوار‪ :‬ج‪ 4‬ص‪ .11‬إن هذه الرواية عن تفسير القمي‬
‫وقد حكم الخوئي وغيره بوثاقة كل رجال تفسير القمي إال من ابتلى بمعارض أقوى‪ ،‬فالكتاب من‬
‫الكتب واألصول المعتبرة ورواياته مع ّول عليها وموثقة‪.‬‬
‫‪( -8‬محمد بن يعقوب) هو الشيخ الكليني مؤلف كتاب الكافي‪.‬‬
‫‪( -4‬الحسين بن محمد) وثقه النجاشي في رجاله‪ :‬ص‪ 22‬برقم‪ ،752‬ووثقه الشيخ علي النمازي‬
‫الشاهرودي في مستدركات علم رجال الحديث‪ :‬ج‪ 8‬ص‪ ،717‬برقم ‪ ،4224‬قائالً‪( :‬الحسين بن محمد‬
‫بن عامر األشعري القمي أبو عبد هللا‪ :‬من مشائخ الكليني في الكافي‪ .‬يروي عنه كثيراً وهو الحسين بن‬
‫محمد بن عامر بن عمران بن أبي بكر األشعري القمي الثقة باالتفاق)‪ ،‬ووثقه المحقق الخوئي في‬
‫معجم رجال الحديث‪ :‬ج‪ 1‬ص‪ ،32‬برقم‪ .8280‬فراجع‪.‬‬
‫‪( -5‬معلى بن محمد) وثقه ودافع عنه المحقق الخوئي في معجم رجال الحديث‪ :‬ج‪ 71‬ص‪– 211‬‬
‫‪ ،230‬برقم‪ .72582‬وكذلك برقم‪ ،72585‬وذكر أنه وقع في إسناد تفسير القمي‪ ،‬فراجع‪.‬‬
‫‪ ............................................. 128‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫عن أيب جعفر ‪ ،‬قال‪:‬‬


‫‪‬‬

‫(‪.)4‬‬
‫ويف الروايتني السابقتني تأكيد واضح على مسألة التوقيت وإمكانية حصول البداء به‪ ،‬بل إن‬
‫عن‬ ‫ذيل الروايتني عام لكل أمر غري حمتوم كاجلهة واملكان وما شابه‪ ،‬فقد يقول األئمة‬
‫شيء بأنه يأيت من املشرق مثالً فيأيت من املغرب‪ ،‬وعندئذ ال جيوز التكذيب وال يسع املؤمنني إال‬
‫التسليم‪.‬‬
‫الكليين‪ :‬حممد بن حيىي (‪ ،)5‬عن أمحد بن حممد‪ ،‬وعلي بن إبراهيم (‪ ،)1‬عن أبيه (‪ )7‬مجيعاً‪،‬‬
‫عن ابن حمبوب (‪ )1‬عن ابن رئاب (‪ ،)2‬عن أيب بصري (‪ ،)3‬عن أيب عبد اهلل ‪ ،‬قال‪:‬‬

‫‪( -7‬الحسن بن علي الخزاز) ذكر مدحه وبيَّن جاللته الشيخ النجاشي‪ :‬ص‪ ،81‬برقم ‪ 30‬قائالً‪( :‬الحسن‬
‫بن علي بن زياد الوشاء بجلي كوفي‪ ،‬قال أبو عمرو‪ :‬ويكنى بأبي محمد الوشاء وهو ابن بنت الياس‬
‫الصيرفي خزاز من أصحاب الرضا ‪ ‬وكان من وجوه هذه الطائفة‪.)...‬‬
‫ووثقه المحقق الخوئي في معجم رجال الحديث ج ‪ 2‬ص ‪ ،40 – 81‬برقم ‪ ،2123‬حيث قال بعد كالم‬
‫طويل‪ ...( :‬وكيف كان فال ينبغي الريب في جاللة الرجل ووثاقته) انتهى‪.‬‬
‫ً‬
‫‪( -2‬عبد الكريم بن عمرو الخثعمي) وثقه النجاشي‪ :‬ص‪ ،245‬برقم ‪ ،245‬قائال‪ ...( :‬ثقة ثقة‪ ،)...‬ونقل‬
‫المحقق الخوئي عن الشيخ المفيد توثيقه ومدحه‪ ،‬قائالً‪ ...( :‬وعد الشيخ المفيد في رسالته العددية الكرام‬
‫الخثعمي من الفقهاء األعالم والرؤساء المأخوذ منهم الحالل والحرام الذين ال يطعن عليهم وال طريق‬
‫لذم واحد منهم‪ )...‬معجم رجال الحديث‪ :‬ج‪ 77‬ص‪.17‬‬
‫‪( -8‬الفضيل بن يسار) وثقه النجاشي‪ :‬ص‪ ،870 – 801‬برقم ‪ 342‬قائالً‪( :‬الفضيل بن يسار النهدي‬
‫أبو الق اسم عربي‪ ،‬بصري‪ ،‬صميم‪ ،‬ثقة‪ ،‬روى عن أبي جعفر وأبي عبد هللا عليهما السالم‪ ،‬ومات في‬
‫أيامه وقال ابن نوح‪ :‬يكنى أبا مسور‪ )...‬انتهى‪.‬‬
‫‪ -4‬الغيبة للنعماني‪ :‬ص ‪.805‬‬
‫‪( -5‬محمد بن يحيى) وثقه النجاشي‪ :‬ص‪ ،858‬برقم ‪ 142‬قائالً‪( :‬محمد بن يحيى أبو جعفر العطار‬
‫القمي‪ ،‬شيخ أصحابنا في زمانه‪ ،‬ثقة‪ ،‬عين‪ ،‬كثير الحديث‪.)...‬‬
‫‪( -2‬أحمد بن محمد‪ ،‬وعلي بن إبراهيم) وهذه الواسطة مكونه من رجلين وتوثيق أحدهما يكفي‪،‬‬
‫وأحدهما علي بن إبراهيم بن هاشم القمي‪ ،‬وهو ثقة جليل باالتفاق‪ ،‬وهو صاحب تفسير القمي‬
‫المشهور‪ ،‬وثقه النجاشي في رجاله‪ :‬ص‪ 220‬برقم ‪ .230‬فراجع‪.‬‬
‫‪ -1‬أبيه‪( :‬إبراهيم بن هاشم القمي) وثقة المحقق الخوئي في معجم رجال الحديث‪ :‬ج‪ 7‬ص‪– 231‬‬
‫‪ ،217‬برقم ‪ ،882‬فراجع‪.‬‬
‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪129 ........................................ 3 - 1 :‬‬

‫‪‬‬

‫(‪.)4‬‬
‫الشيخ الكليين‪ :‬حممد بن إمساعيل (‪ ،)5‬عن الفضل بن شاذان (‪ ،)1‬عن محاد بن عيسى (‪،)7‬‬
‫عن إبراهيم ابن عمر اليماين (‪ ،)8‬عن أيب عبد اهلل ‪ ،‬قال‪:‬‬
‫(‪.)9‬‬

‫‪( -7‬ابن محبوب) هو الحسن بن محبوب‪ :‬وثقه الشيخ الطوسي في الفهرست‪ :‬ص‪ ،11 – 12‬برقم‬
‫‪ 722‬قائالً‪( :‬الحسن بن محبوب السراد‪ ،...،‬ثقة‪ .‬روى عن أبي الحسن الرضا ‪ ،‬وروى عن ستين‬
‫رجالً من أصحاب أبي عبد هللا ‪ ،‬وكان جليل القدر‪ ،‬ويعد في األركان األربعة في عصره)‪.‬‬
‫‪( -2‬ابن رئاب) هو علي بن رئاب‪ :‬وثقه الشيخ الطوسي في الفهرست‪ :‬ص‪ ،757 – 750‬برقم ‪815‬‬
‫قائالً‪( :‬علي بن رئاب الكوفي‪ ،‬له أصل كبير‪ ،‬وهو ثقة جليل القدر‪.)...‬‬
‫‪( - 8‬أبو بصير) ثقة باالتفاق‪.‬‬
‫‪ -4‬الكافي‪ :‬ج‪ 7‬ص‪.585‬‬
‫‪( -5‬محمد بن إسماعيل)‪ :‬وثقه الشيخ علي النمازي الشاهرودي في مستدركات علم رجال الحديث‪:‬‬
‫ج‪ 2‬ص‪ ،451‬برقم ‪ 72232‬قائالً‪( :‬محمد بن إسماعيل أبو الحسن النيشابوري البندقي أو بندفر‪ :‬شيخ‬
‫إجازة الكليني فيما يرويه عن المفضل بن شاذان‪ .‬وأكثر الكليني في الكافي عنه‪ .‬حتى أنه روى عنه‬
‫أزيد من خمسمائة حديث‪ .‬وهذا يدل على جاللته وعظم قدره ووثاقته‪ .‬وأشار إليه الخوئي في ‪/ 75‬‬
‫‪ )700‬انتهى‪.‬‬
‫‪( -2‬الفضل بن شاذان) وثقه النجاشي في رجاله‪ :‬ص‪ 801 – 802‬برقم ‪ 340‬قائالً‪( :‬الفضل بن‬
‫شاذان بن الخليل أبو محمد األزدي النيشابوري‪ ...‬وروى عن أبي جعفر الثاني‪ ،‬وقيل [عن] الرضا‬
‫أيضا ً عليهما السالم وكان ثقة‪ ،‬أحد أصحابنا الفقهاء والمتكلمين‪ .‬وله جاللة في هذه الطائفة‪ ،‬وهو في‬
‫قدره أشهر من أن نصفه‪ .‬وذكر الكنجي أنه صنف مائة وثمانين كتاباً‪ )...‬انتهى‪.‬‬
‫‪( -1‬حماد بن عيسى)‪ :‬وثقه النجاشي‪ :‬ص‪ ،742‬برقم ‪ 810‬قائالً‪( :‬حماد بن عيسى أبو محمد الجهني‬
‫مولى‪ ،‬وقيل‪ :‬عربي‪ ،‬أصله الكوفة [و] سكن البصرة‪ ...‬وكان ثقة في حديثه صدوقاً‪ )...‬انتهى‪ ،‬ووثقه‬
‫الشيخ الطوسي في الفهرست‪ :‬ص‪ ،772 – 775‬برقم ‪.247‬‬
‫‪( -3‬إبراهيم ابن عمر اليماني)‪ :‬وثقه النجاشي‪ :‬ص‪ ،20‬برقم ‪ 22‬قائالً‪( :‬إبراهيم بن عمر اليماني‬
‫الصنعاني شيخ من أصحابنا ثقة روى عن أبي جعفر وأبي عبد هللا عليهما السالم‪ )...‬انتهى‪ ،‬ووثقه‬
‫المحقق الخوئي في معجم رجال الحديث‪ :‬ج ‪ 7‬ص ‪ ،240‬برقم ‪ .223‬فراجع‪.‬‬
‫‪ -1‬الكافي‪ :‬ج‪ 7‬ص‪.585‬‬
‫‪ ............................................. 131‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫الشيخ الكليين‪ :‬احلسني بن حممد (‪ ،)1‬عن معلى بن حممد (‪ ،)2‬عن الوشاء (‪ ،)3‬عن أمحد بن‬
‫عائذ (‪ ،)4‬عن أيب خدجية (‪ )5‬قال‪ :‬مسعت أبا عبد اهلل ‪ ‬يقول‪:‬‬
‫(‪.)1‬‬
‫ويف الروايات الثالث املتقدمة أيضاً تأكيد واضح على مسألة التمويه الذي قد يتعمده‬
‫وخصوصاً يف مسألة اإلمام املهدي ‪ ‬حلكمة هم أدرى هبا‪ ،‬وقد متسك الواقفية‬ ‫األئمة‬
‫بعدة روايات تنص على أن اإلمام الكاظم ‪ ‬هو القائم وهو صاحب السيف وهو الذي ميأل‬
‫قد بيَّنوا املخرج من‬ ‫األرض قسطاً وعدالً بعدما ملئت ظلماً وجوراً‪ ،‬يف حني أن األئمة‬
‫ذلك‪ ،‬ولزوم محلها على ذرية اإلمام الكاظم ‪ ‬كما يف الروايات الثالث املتقدمة وغريها‪.‬‬

‫‪( -7‬الحسين بن محمد) وثقه النجاشي في رجاله‪ :‬ص‪ 22‬برقم‪ ،752‬ووثقه الشيخ علي النمازي‬
‫الشاهرودي في مستدركات علم رجال الحديث‪ :‬ج‪ 8‬ص‪ ،717‬برقم ‪ ،4224‬قائالً‪( :‬الحسين بن محمد‬
‫بن عامر األشعري القمي أبو عبد هللا‪ :‬من مشائخ الكليني في الكافي‪ .‬يروي عنه كثيراً وهو الحسين بن‬
‫محمد بن عامر بن عمران بن أبي بكر األشعري القمي الثقة باالتفاق)‪ ،‬ووثقه المحقق الخوئي في‬
‫معجم رجال الحديث‪ :‬ج‪ 1‬ص‪ ،32‬برقم ‪ .8280‬فراجع‪.‬‬
‫‪( -2‬معلى بن محمد) وثقه ودافع عنه المحقق الخوئي في معجم رجال الحديث‪ :‬ج‪ 71‬ص‪– 211‬‬
‫‪ ،230‬برقم ‪ .72582‬وكذلك برقم ‪ ،72585‬وذكر أنه وقع في إسناد تفسير القمي‪ ،‬فراجع‪.‬‬
‫‪( -8‬الوشاء)‪ :‬هو الحسن بن علي الخزاز – الوشاء‪ :‬ذكر مدحه وجاللته النجاشي‪ :‬ص‪ ،81‬برقم ‪30‬‬
‫قائالً‪( :‬الحسن بن علي بن زياد الوشاء بجلي كوفي‪ ،‬قال أبو عمرو‪ :‬ويكنى بأبي محمد الوشاء وهو ابن‬
‫بنت الياس الصيرفي خزاز من أصحاب الرضا ‪ ‬وكان من وجوه هذه الطائفة‪ ،)...‬ووثقه المحقق‬
‫الخوئي في معجم رجال الحديث‪ :‬ج‪ 2‬ص‪ ،40 – 81‬برقم ‪ ،2123‬حيث قال بعد كالم طويل‪........( :‬‬
‫وكيف كان فال ينبغي الريب في جاللة الرجل ووثاقته) انتهى‪.‬‬
‫‪( -4‬أحمد بن عائذ) وثقه النجاشي‪ :‬ص‪ ،11 – 13‬برقم ‪ 242‬قائالً‪( :‬أحمد بن عائذ بن حبيب‬
‫األحمسي البجلي مولى‪ ،‬ثقة‪ ) ...‬انتهى‪ ،‬ووثقه الشيخ علي النمازي الشاهرودي في مستدركات علم‬
‫رجال الحديث‪ :‬ج‪ 7‬ص‪ ،882‬برقم ‪ ،7051‬ووثقه المحقق الخوئي في معجم رجال الحديث‪ :‬ج‪2‬‬
‫ص‪ ،781‬برقم ‪ .270‬فراجع‪.‬‬
‫‪( -5‬أبو خديجة)‪ :‬هو سالم بن مكرم‪ :‬وثقه النجاشي‪ :‬ص‪ ،733‬برقم ‪ 507‬قائالً‪( :‬سالم بن مكرم بن‬
‫عبد هللا أبو خديجة ويقال أبو سلمة الكناسي‪ .‬يقال صاحب الغنم مولى بني أسد الجمال‪ .‬يقال‪ :‬كنيته‬
‫كانت أبا خديجة وإن أبا عبد هللا ‪ ‬كناه أبا سلمة‪ ،‬ثقة ثقة‪ ،‬روى عن أبي عبد هللا وأبي الحسن عليهما‬
‫السالم‪ )...‬انتهى‪ ،‬ووثقه الشيخ علي النمازي الشاهرودي في مستدركات علم رجال الحديث‪ :‬ج‪ 4‬ص‬
‫‪ ،70‬برقم ‪ ،2045‬ووثقه المحقق الخوئي في معجم رجال الحديث‪ :‬ج‪ 1‬ص‪ ،24‬برقم ‪ .4122‬فراجع‪.‬‬
‫‪ -2‬الكافي‪ :‬ج‪ 7‬ص‪.585‬‬
‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪131 ........................................ 3 - 1 :‬‬

‫وعلى هذا أيضاً قد تنسب بعض األعمال إىل اإلمام املهدي ‪ ،‬وإنه هو الذي يقوم‬
‫هبا‪ ،‬ولكن الذي يباشرها هو وصيه وابنه‪ ،‬فيكون هو هو‪ ،‬سواء على النحو املتقدم يف الروايات‬
‫السابقة أو على حنو النيابة‪ ،‬كقولنا‪ :‬فتح األمري املدينة‪ ،‬يف حني أن الذي باشر أو أشرف على‬
‫فتحها هو قائد اجليش‪ ،‬ويقال عن هذا القائد أيضاً بأنه فتح املدينة‪ ،‬وقد يكون اجليش هو‬
‫املباشر لذلك ونسب إىل القائد؛ ألن الفتح بإشرافه وبأمره‪ ،‬إن مل يكن مع السرية الفاحتة‪.‬‬
‫تفسري العياشي‪ :‬عن أيب محزة الثمايل‪ ،‬قال‪ :‬قال أبو جعفر وأبو عبد اهلل (عليهما السالم)‪:‬‬

‫(‪.)2( ،)1‬‬
‫عن أمر ما بأنه‬ ‫ويف هذه الرواية تصريح ِّبني على ضرورة التسليم حىت لو قال األئمة‬
‫يأيت من جهة املغرب مثالً وأتى من جهة املشرق‪ ،‬فال جيوز التكذيب‪ ،‬حبجة اختالف اجلهة أو‬
‫املكان ما دام األمر الذي أخربوا عنه ‪ ‬قد حصل نفسه‪ ،‬فسواء كان من نفس اجلهة املخرب‬
‫عنها أو من غريها فإن اهلل يفعل ما يشاء‪ ،‬وقد يكون هذا من جهة املكر اإلهلي بأعداء اهلل‪،‬‬
‫وخصوصاً يف قضية اإلمام املهدي ‪ ،‬ليلتبس األمر على األعداء ويبدأ ظهور أو قيام القائم‬
‫‪ ‬من حيث ال يتوقعون وبعكس ما حسبوا وأعدوا له‪ ،‬وقد يكون ذلك من جهة االمتحان‬
‫اإلهلي والغربلة والتمحيص كما حصل مع قوم نوح وعيسى ‪ ‬وغريهم‪ ،‬قال تعاىل‪:‬‬
‫‪‬‬

‫(‪.)3‬‬

‫‪ -7‬بحار األنوار‪ :‬ج‪ 4‬ص‪.771‬‬


‫‪ -2‬أقول‪ :‬وهذه الرواية موافقة لمعنى الروايات الصحيحة السابقة‪ ،‬فال حاجة إلى إثبات وثاقتها‪ ،‬وألن‬
‫تفسير العياشي عمد ناسخة إلى حذف أسانيده‪.‬‬

‫‪ -8‬العنكبوت‪.8 – 2 :‬‬
‫‪ ............................................. 132‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫ومبالحظة ما تقدم؛ حىت لو جاءت عدة روايات تنص بوضوح على أن اليماين يأيت من‬
‫اليمن مثالً‪ ،‬وجاء اليماين من العراق‪ ،‬ال جيوز التكذيب أبداً؛ ألن هذا عائد إىل مشيئة اهلل‬
‫(‪.)1‬‬ ‫تعاىل‪ ،‬قال تعاىل‪:‬‬
‫فكيف إذا كان احلال أهنا رواية واحدة ضعيفة السند عندهم وخمتلف يف متنها ‪ -‬ولو على‬
‫حنو االحتمال ‪ -‬وخاضعة للبداء؟؟!!‬
‫وهذه النقطة لوحدها كافية لرد ودحض قول املرتابني بأن اليماين البد أن يأيت من بالد‬
‫اليمن‪ ،‬وإن جاء من غريها ال جيب تصديقه أو جيب تكذيبه وحماربته‪ ،‬فحىت لو تنزلنا وقلنا بأن‬
‫الرواية اليت نقلها الشيخ الصدوق يف إكمال الدين بأهنا نصاً‪ :‬بأن اليماين ُيرج من اليمن ‪-‬‬
‫وبدون أي تأويل ‪ ،-‬فتكون خاضعة للبداء‪ ،‬وال جيوز تكذيب اليماين إن جاء من العراق‪ ،‬والراد‬
‫‪ ،‬اليت تقدم نقلها قبل قليل‪.‬‬ ‫على ذلك يكون راداً على روايات أهل البيت‬
‫مث إنه قد صرحت وأشارت بعض الروايات اىل أن اإلمام املهدي ‪ُ ‬يرج أو يبدأ من‬
‫اليمن أو من املشرق‪ ،‬فهل سوف تلتزمون هبا؟ يف حني أن الروايات املتواترة تنص على أنه يبدأ‬
‫قيامه من بيت اهلل يف مكة املكرمة !‬
‫(‪.)2‬‬ ‫عن رسول اهلل أنه قال‪:‬‬
‫وعن أمري املؤمنني ‪ ،‬عن رسول اهلل يف حديث طويل‪:‬‬

‫‪‬‬
‫(‪.)4‬‬

‫‪ -7‬األنبياء‪.28 :‬‬
‫‪ -2‬المالحم والفتن ‪ -‬للسيد ابن طاووس‪ :‬باب ‪ 21‬ص‪ ،213‬الصراط المستقيم ‪ -‬لعلي بن يونس‬
‫العاملي‪ :‬ج‪ 2‬ص‪.251‬‬
‫‪ -8‬هناك كالم حول هذه العبارة ربما سيأتي في مناسبات أخرى إن شاء هللا تعالى‪.‬‬
‫‪ -4‬بحار األنوار‪ :‬ج‪ 82‬ص‪ ،885‬الصراط المستقيم ‪ -‬لعلي بن يونس العاملي‪ :‬ج‪ 2‬ص‪.754‬‬
‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪133 ........................................ 3 - 1 :‬‬

‫‪ ،‬أنه قال‪:‬‬ ‫وعن ثوبان‪ ،‬عن رسول اهلل‬


‫(‪.)1‬‬
‫وعن أمري املؤمنني ‪ ،‬أنه قال‪:‬‬
‫(‪.)2‬‬
‫وعن عبد اهلل بن عمر‪ ،‬قال‪ُ( :‬يرج رجل من ولد احلسني من قبل املشرق لو استقبلته اجلبال‬
‫هلدها واختذها طرقاً) (‪.)3‬‬
‫فهذه الروايات بعضها ينص على أن اإلمام املهدي ‪ُ ‬يرج اليمن من قرية يقال هلا‬
‫كرعة‪ ،‬وبعضها ينص على أنه يكون من قبل املشرق أو من خراسان‪ ،‬يف حني أن الروايات‬
‫املتواترة تنص على أن قيامه املقدس يبدأ من مكة املكرمة‪ ،‬فكيف جتمعون بني هذه الروايات‬
‫املتعارضة ظاهراً؟‬
‫ولنا كالم يف هذه الروايات نرتكه إىل مناسبات أخرى إن شاء اهلل تعاىل‪.‬‬
‫إذن اتضح أن مسألة حتديد اجلهات وما شاهبها‪ ،‬ليس حتمياً‪ ،‬وقد يقع فيه البداء‪ ،‬بل قد‬
‫يكون األمر فيه متويه ال تعرف حقيقته إال باإلحاطة به من مجيع الوجوه‪ ،‬أو ببيان أهله له‪.‬‬
‫النقطة السادسة‪ :‬وأيضاً إذا سلمنا بوجود وثبوت كلمة (من اليمن)‪ ،‬يف منت الرواية‪ ،‬فقد‬
‫يكون املقصود من مياين اليمن هو مياين تابع وناصر وممهد لليماين املوعود األصل؛ ألن كل من‬
‫يتبع اليماين املوعود يسمى مياين‪ ،‬نسبة إىل قائده‪ ،‬كما أن من يتبع السفياين يسمى سفياين‬
‫كل حبسبه‪ ،‬وأكيد ستكون هذه الصفة أشهر‬ ‫لنفس املناسبة‪ ،‬ويبقى اشتهار هذه التسمية ٌ‬
‫الثوار الذين يتبعون اليماين املوعود‪ ،‬فقد يكون هناك مياين من اليمن‪ ،‬ومياين من‬
‫بالنسبة للقادة و ّ‬
‫العراق‪ ،‬ومياين من إيران‪ ،‬ومياين من الشام‪ ،...‬وكل هؤالء تابعون لليماين املوعود األصل‪.‬‬

‫‪ -7‬بحار األنوار‪ :‬ج‪ 57‬ص‪ ،32‬المالحم والفتن ‪ -‬للسيد ابن طاووس‪ :‬ص‪ ،771 – 773‬الباب ‪،15‬‬
‫غاية المرام ‪ -‬للسيد هاشم البحراني‪ :‬ج‪ 1‬ص‪.708‬‬
‫‪ -2‬الغيبة للنعماني‪ :‬باب ‪ 73‬ح‪74‬ص‪.872‬‬
‫‪ -8‬المالحم والفتن‪ :‬باب‪.15‬‬
‫‪ ............................................. 134‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫صرحت بعض األخبار بأن هناك ميانياً ُيرج من بلد اليمن‪ ،‬وبعض الروايات تصفه بـ‬ ‫وقد ّ‬
‫(املنصور) أو (املنصور اليماين)‪.‬‬
‫عن جابر بن عبد اهلل األنصاري‪ ،‬قال‪:‬‬

‫(‪.)1‬‬
‫ويتبني من هذه الرواية أن هذا (املنصور) يكون يف آخر الزمان‪ ،‬أي يف زمن القيام املبارك؛‬
‫‪ ،‬فيبقى انتظار وجودها مع القائم من‬ ‫ألنه مل توجد هكذا شخصية مع األئمة السابقني‬
‫آل حممد ‪.‬‬
‫واملنصور اليماين هذا ليس هو اليماين املوعود‪ ،‬بدليل أنه يقاتل السفياين قبل خروج‬
‫السفياين حنو العراق‪ ،‬كما يتضح من الروايتني اآلتيتني‪:‬‬
‫عن جابر‪ ،‬عن أيب جعفر ‪ ،‬أنه قال‪:‬‬

‫(‪.)2‬‬
‫وعن جابر‪ ،‬عن أيب جعفر ‪:‬‬
‫(‪.)3‬‬
‫إذن مياين اليمن حسب هذه الروايات‪ ،‬ينتصر عليه السفياين وينتهي منه قبل خروجه حنو‬
‫العراق‪ ،‬كما أهنى أمر األبقع والكندي‪ ،‬بينما حتدثنا الروايات عن اليماين املوعود بأنه يتسابق مع‬
‫السفياين حنو الكوفة كفرسي رهان‪ ،‬يف يوم واحد‪.‬‬

‫‪ -7‬كتاب الغيبة – للنعماني‪ :‬ص‪.42‬‬


‫‪ -2‬كتاب الفتن ‪ -‬لنعيم بن حماد‪ :‬ص‪ ،714‬معجم أحاديث اإلمام المهدي ‪ :‬ج‪ 8‬ص‪.212‬‬
‫‪ -8‬كتاب الفتن ‪ -‬لنعيم بن حماد‪ :‬ص‪ ،734‬كنز العمال ‪ -‬للمتقي الهندي‪ :‬ج‪ 77‬ص‪ 211‬برقم‬
‫‪ ،87577‬معجم أحاديث اإلمام المهدي ‪ :‬ج‪ 8‬ص‪.215‬‬
‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪135 ........................................ 3 - 1 :‬‬

‫عن أيب جعفر ‪ ،‬أنه قال‪:‬‬

‫(‪.)1‬‬
‫فاملنصور اليماين الصنعاين يكون خروجه قبل توجه السفياين إىل العراق‪ ،‬ويهزمه السفياين مث‬
‫يتوجه حنو العراق‪ ،‬بينما خروج اليماين املوعود يكون يف نفس يوم خروج السفياين حنو العراق‪،‬‬
‫فيتسابقان حنو الكوفة‪.‬‬
‫فحىت لو سلمنا أن رواية الشيخ الصدوق فيها (واليماين من اليمن)‪ ،‬فيمكن القول بأن‬
‫ذلك اليماين هو الصنعاين املنصور الذي يقضي عليه السفياين قبل توجهه حنو العراق‪ ،‬وهو‬
‫املطلوب‪.‬‬
‫وبعد كل ما تقدم ال ميكن االستدالل بتلك الرواية على أن اليماين املوعود البد أن يكون‬
‫خروجه من اليمن حصراً‪ ،‬بل بداية ظهور اليماين البد أن يكون من املشرق‪ ،‬ومن العراق حصراً‬
‫كما تقدم بيانه يف احللقة األوىل من هذا البحث‪.‬‬
‫واحلمد هلل رب العاملني‪ ،‬وصلى اهلل على حممد وآله األئمة واملهديني وسلم تسليماً‪.‬‬

‫مت حترير هذه األسطر بتاريخ‪:‬‬


‫‪ /28‬ربيع األول‪ 1432 /‬هـ‬
‫‪ 2111 /3 /3‬م‬

‫‪ -7‬كتاب الغيبة – للنعماني‪ :‬ص‪.224‬‬


‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪137 ........................................ 3 - 1 :‬‬

‫احللقة الثالثة‬

‫اليماني والسفياني‬
‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪139 ........................................ 3 - 1 :‬‬

‫املدخل‪:‬‬
‫احلمد هلل رب العاملني‪ ،‬وصلى اهلل على حممد وآله األئمة واملهديني وسلم تسليماً‪.‬‬
‫عندما نسمع بعض مدعي العلم؛ وهو يتكلم عن ظهور اإلمام املهدي ‪ ،‬جنده يضع‬
‫كيفية حتمية‪ ،‬وجيزم على أن اإلمام املهدي ‪ ‬يظهر ويقوم على وفق تلك الكيفية‪ ،‬والذي‬
‫ُيالف هذا يكون مبتدعاً ومنحرف التفكري !‬
‫أي إهنم يريدون من اإلمام املهدي ‪ ‬أن يكون تابعاً لتنظريهم وخترصهم‪ ،‬بل يريدون‬
‫مشيئة اهلل تعاىل خاضعة ملشيئتهم وهواهم وعقوهلم الناقصة‪ ،‬بيد إننا جند أصحاب األمر ‪ -‬أهل‬
‫‪ -‬قد وضعوا بعض الثوابت‪ ،‬ولكنهم قد أكدوا على أن كثرياً من األمور خاضعة‬ ‫البيت‬
‫للبداء والتغيري‪ ،‬وإن اخللق سيمتحنون ويبتلون بالءً شديداً‪ ،‬حبيث يسقط يف هذا البالء‬
‫واالمتحان أحذق الناس‪ ،‬وال يبقى من القائلني هبذا األمر؛ إال كالكحل يف العني وكامللح يف‬
‫الزاد‪.‬‬
‫‪ ،‬إن يف زمن ظهور اإلمام املهدي ‪ ،‬ستتجه الناس إىل‬ ‫فقد أخرب أهل البيت‬
‫طلب اإلمام املهدي ‪ ‬من حيث ال ينال‪ ،‬وإنه ستظهر كثري من املفاجئات واالمتحانات‬
‫الشديدة‪ ،‬وإن مسألة قيام اإلمام املهدي ‪ ‬ستكون خافضة رافعة‪ ،‬وإنه سيدعو إىل أمر‬
‫جديد على العرب شديد‪ ،‬وإىل أمر قد خفي وضل عنه مجهور الناس‪ ،‬من أقر به هدي ومن‬
‫أنكره ضل وغوى‪ ،‬وإنه سيدعو إىل أمر غري الذي كان‪ ،‬وإن الناس ال ميكنها معرفة اإلمام‬
‫املهدي ‪ ‬إال أن حيتج هو عليهم بذلك ويدعوهم إليه‪ ...‬اخل‪.‬‬
‫نبهوا وحذروا األمة عن اجلزم بشيء مل يرد اجلزم به عن اهلل‬ ‫واألمر املهم اآلخر أهنم‬
‫نبهوا على إمكان حدوث البداء يف إخباراهتم‪،‬‬ ‫‪ ،‬بل أهنم‬ ‫تعاىل وعن حممد وآل حممد‬
‫فقد ُيربوا عن شيء أنه يأيت من جهة املغرب مثالً ويأيت من املشرق‪ ،‬وقد يقولوا يف رجل معني‬
‫‪ ............................................. 141‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬
‫قوالً وال يكون فيه‪ ،‬بل يكون يف ولده أو ولد ولده‪ ...‬ويف كل ذلك ال جيوز للناس أن يُ ِّ‬
‫كذبوا‬
‫ويَعرتضوا؛ ألن اهلل يفعل ما يشاء‪.‬‬
‫وورود هذه التحذيرات يف مسألة اإلمام املهدي ‪ ‬تدل على وجود سر عظيم مل يكشف‬
‫ولن يكشف إال يف وقته‪ ،‬حلكم وغايات‪ ..‬أحدها غربلة األمة وامتحاهنا كما امتحن اهلل تعاىل‬
‫‪‬‬ ‫األمم السابقة ليعلم الصادقني من الكاذبني‪ ،‬قال اهلل تعاىل‪:‬‬
‫‪‬‬

‫‪.)1‬‬
‫ومنها احلفاظ على ثورة اإلمام املهدي ‪ ‬من االنكشاف لألعداء متاماً‪ ،‬وكذلك لتفويت‬
‫الفرصة على املنتحلني واملزورين والكاذبني‪.‬‬
‫ومن هنا نعرف أن هناك كثرياً من الصفحات املطوية أو املخفية أو املشفرة سوف تفتح‬
‫وتتضح يف عصر الظهور املقدس‪.‬‬
‫ومن أهم األمور اليت خفيت على أكثر الناس‪ ،‬واليت جاءت الروايات فيها بالرمز أو التمويه‬
‫أو اإلمجال وحىت تعمد التسرت على كثري من احلقائق والتفاصيل؛ من أهم هذه األمور هو أمر‬
‫اليماين والسفياين‪ ،‬وتفاصيلهما ووقت ومكان ظهورمها أو خروجهما‪ ،...‬فتحديد هذه التفاصيل‬
‫أو بعضها ال ميكن إال باستقراء الروايات والتأمل فيها واجلمع بينها‪ ،‬ومعرفة بعض الثوابت فيها‬
‫لتكون أدوات إحكام لبعض ما تشابه منها‪ ،‬واألهم من هذا هو أن يكون الباحث منقاداً لكالم‬
‫‪ ،‬ال أن يكون قائداً هلا بسبب الفهم املسبق‪ ،‬أو اهلوى والتعصب لرأي أو مجاعة‬ ‫آل حممد‬
‫ما‪.‬‬
‫وال أدعي أين قد أحكمت مجيع هذه املسائل يف حبثي هذا على حنو اجلزم واليقني‪ ،‬ولكن‬
‫ميكنين أن أقول بأن اهلل قد وفقين إليضاح بعض األمور وكشف بعض املستور‪ ،‬فإن أصبت يف‬
‫‪ ،‬وإن أخطأت فهو من نفسي وتقصريي‬ ‫كالمي هذا فهو من اهلل ومن آل حممد‬
‫وقصوري‪ ،‬وأعوذ باهلل من شر نفسي‪.‬‬

‫‪ -7‬العنكبوت‪.8 – 7 :‬‬
‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪141 ........................................ 3 - 1 :‬‬
‫وأقل ما ميكنين قوله؛ إن هذا البحث املختصر ينسف كثرياً من خترصات بعض املتمحلني‬
‫واملتخرصني‪ ،‬واثبات أن ما ادعوا كونه ثابتاً من الثوابت اليت ال ميكن النقاش فيها‪ ،‬هو يف‬
‫احلقيقة وهم حمض‪ ،‬بل وينم عن جهل وقصر باع وقلة إطالع‪.‬‬
‫نعم‪ ..‬ال أنكر أين مقتنع بكل أو أغلب ما سأكتبه‪ ،‬أو على األقل أصول املطالب‪ ،‬ولكن‬
‫يبقى هذا قناعة كاتب يكتب ما توصل إليه‪ ،‬وعلى القارئ التأمل والنقد الصحيح‪ ،‬والعصمة‬
‫ألهلها‪.‬‬
‫وأقل ما أريد أن يعرفه القارئ هو أن كثرياً من األمور لعلها تأيت خالف ما يفهم الناس‬
‫قد نبهوا على ذلك‪ ،‬وسيجد القارئ يف هذا البحث الشواهد‬ ‫وتتوقع؛ ألن أهل البيت‬
‫الروائية اليت تبني عكس ما يتبجح به البعض ويراهن عليه‪ ،‬فسنجد مثالً أن الروايات قد تطلق‬
‫صفة [القائم] ولكن يراد منها اليماين وليس اإلمام املهدي احلجة بن احلسن ‪ ،‬وسنرى أن‬
‫هناك أموراً كثرية ختص اليماين والسفياين قد فهمت بصورة مغلوطة تفضي إىل التعارض بني‬
‫الروايات‪ ،‬مما حيتم على الباحث املنصف أن يعيد النظر وفق ما ميليه عليه كالم حممد وآل حممد‬
‫‪ ،‬ال وفق املوروث أو ما متليه عليه العقول الناقصة فحسب‪.‬‬
‫وأظن أن هذا املدخل بعمومه سيكون مدخالً للحلقات اآلتية من هذا البحث‪ ،‬فليكن‬
‫حاضراً عند القارئ‪ ،‬ليعرف هدف الكاتب ومنهجه‪.‬‬

‫واحلمد هلل وحده‬


‫‪ ............................................. 142‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬
‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪143 ........................................ 3 - 1 :‬‬

‫القائم والسفياني يف سنة واحدة‬


‫نصت عدة روايات على أن خروج اليماين والسفياين يكون يف يوم واحد‪ ،‬وإهنما يتسابقان‬
‫كفرسي رهان‪ ...‬اخل‪ ،‬ومن ذلك نعرف أن اليماين هو الذي يقاتل السفياين ويهزمه‪ ،‬وخصوصاً‬
‫يف العراق‪ ،‬كما تصف الروايات تسابقهما إىل الكوفة‪ ،‬وأدلل على ذلك ببعض الروايات‪:‬‬
‫‪ -1‬عن أيب عبد اهلل ‪ ،‬قال‪:‬‬

‫(‪.)1‬‬
‫‪ -2‬عن الباقر ‪:‬‬

‫(‪.)2‬‬
‫(‪.)3‬‬ ‫‪ -3‬عن هشام‪ ،‬عن أيب عبد اهلل ‪ ،‬قال‪:‬‬
‫‪ -4‬عن أيب احلسن الرضا ‪ ‬أنه قال‪:‬‬
‫(‪.)4‬‬
‫‪ -5‬عن يعقوب السراج‪ ،‬قال‪ :‬قلت أليب عبد اهلل ‪ :‬مىت فرج شيعتكم؟ قال‪ :‬فقال‪:‬‬

‫(‪.)5‬‬
‫‪ -1‬عن عمار بن ياسر يف خرب طويل‪ ...( :‬فإذا دخلوا فتلك أمارة السفياين‪ ،‬وُيرج قبل‬
‫‪ ،‬وتنزل الرتك احلرية‪ ،‬وتنزل الروم فلسطني‪ ،‬ويسبق عبد اهلل حىت‬ ‫ذلك من يدعو آلل حممد‬
‫يلتقي جنودمها بقرقيسا على النهر‪ ،‬ويكون قتال عظيم‪ ،‬ويسري صاحب املغرب فيقتل الرجال‬

‫‪ -7‬اإلرشاد‪ :‬ج‪ 2‬ص‪ ،815‬الغيبة للشيخ الطوسي‪ :‬ص‪ ،441 – 442‬ح‪.448‬‬


‫‪ -2‬الغيبة للنعماني‪ :‬ص‪ 224‬باب ‪ 74‬ح‪.78‬‬
‫‪ -8‬األمالي للشيخ الطوسي‪ :‬ص‪ ،227‬وغيبة النعماني‪ :‬باب ‪ 73‬ح‪ 75‬ص‪.871‬‬
‫‪ -4‬كتاب الغيبة للنعماني‪ :‬باب ‪ 74‬ح‪72‬ص‪.222‬‬
‫‪ -5‬الكافي‪ :‬ج‪ 3‬ص‪ 225 – 224‬ح‪ ،235‬غيبة النعماني‪ :‬باب ‪ 74‬ح‪ 42‬ص‪.213‬‬
‫‪ ............................................. 144‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬
‫ويسيب النساء‪ ،‬مث يرجع يف قيس حىت ينزل اجلزيرة السفياين فيسبق اليماين وحيوز السفياين ما‬
‫مجعوا‪.)1( )...‬‬
‫أضف إىل ذلك الروايات اليت تعد السفياين واليماين من ضمن العالمات احملتومة قبل قيام‬
‫القائم ‪ ،‬وهبذا يتبني أن مواجهة السفياين ستكون مع اليماين املوعود‪ ،‬ورمبا تقوم بعض‬
‫اجلهات مبساعدة اليماين‪ ،‬وإن التسابق إىل الكوفة‪ ،‬والقتال سيكون بني السفياين واليماين‪،‬‬
‫وإهنما يف سنة واحدة‪ ،‬وأرجو أن حتفظوا ذلك وتركزوا عليه؛ ألننا سنحتاجه بعد قليل‪.‬‬
‫واآلن نأيت إىل معرفة مدة السفياين من بداية خروجه إىل ذهاب ملكه؛ ألن هذه النقطة‬
‫مهمة جداً لنعرف من هو القائم الذي سيقاتل السفياين‪ ،‬والذي يكون معه يف سنة واحدة‪.‬‬
‫على أن مدته من بداية خروجه إىل ذهاب ملكه‬ ‫فقد نصت روايات أهل البيت‬
‫مخسة عشر شهراً‪ ،‬يقاتل فيها ستة أشهر وميلك تسعة أشهر‪.‬‬
‫الشيخ النعماين‪ :‬أخربنا أمحد بن حممد بن سعيد بن عقدة (‪ ،)2‬قال‪ :‬حدثين حممد بن‬
‫املفضل بن إبراهيم بن قيس بن رمانة (‪ )3‬من كتابه يف رجب سنة مخس وستني ومائتني‪ ،‬قال‪:‬‬
‫حدثنا احلسن بن علي بن فضال (‪ ،)4‬قال‪ :‬حدثنا ثعلبة بن ميمون أبو إسحاق (‪ ،)5‬عن عيسى‬
‫بن أعني(‪ ،)1‬عن أيب عبد اهلل ‪ ،‬أنه قال‪:‬‬

‫‪ -7‬بحار األنوار‪ :‬ج‪ 52‬ص‪.203‬‬


‫‪ -2‬وثقه الشيخ الطوسي في الفهرست‪ :‬ص ‪ ،18‬برقم ‪ ،32‬ووثقه النجاشي في رجاله‪ :‬ص ‪ ،14‬برقم‬
‫‪.288‬‬
‫‪ -8‬وثقه الشيخ النجاشي في رجاله‪ :‬ص‪ 840‬برقم ‪.177‬‬
‫‪ -4‬وثقه الشيخ الطوسي وأثنى عليه كثيراً‪ ،‬في الفهرست‪ :‬ص‪ 13 – 11‬برقم ‪.724‬‬
‫‪ -5‬أثنى عليه الشيخ النجاشي كثيراً في رجاله‪ :‬ص‪ 773 – 771‬برقم ‪ ،802‬حيث قال‪ " :‬كان وجها ً‬
‫في أصحابنا‪ ،‬قارئاً‪ ،‬فقيهاً‪ ،‬نحوياً‪ ،‬لغوياً‪ ،‬راوية‪ ،‬وكان حسن العمل‪ ،‬كثير العبادة و الزهد‪ ،‬روى عن‬
‫أبي عبد هللا وأبي الحسن عليهما السالم‪ ،"...‬وذكره العالمة الحلي في القسم األول من الخالصة – قسم‬
‫الموثقين والمعتمد عليهم – ونقل مدحه والثناء عليه‪ ،‬راجع خالصة األقوال‪ :‬ص‪ ،32‬ونقل توثيقه‬
‫المحقق الخوئي عن الكشي‪ ،‬راجع معجم رجال الحديث‪ :‬ج‪ 4‬ص‪ ،820 – 872‬وأيضا ً نقل ما تقدم‬
‫الشيخ علي النمازي الشاهرودي‪ ،‬ونفى عنه أي غمز‪ ،‬راجع مستدركات علم رجال الحديث‪ :‬ج‪2‬‬
‫ص‪ 10 – 31‬برقم ‪.2822‬‬
‫‪ -2‬وثقه النجاشي في رجاله‪ :‬ص‪ 212‬برقم ‪ ،308‬ووثقه العالمة الحلي في الخالصة‪ :‬ص‪– 272‬‬
‫‪ ،271‬وقال عنه الشيخ علي النمازي في مستدركات علم رجال الحديث‪ :‬ج‪ 2‬ص‪ 758‬برقم ‪:77871‬‬
‫"عيسى بن أعين الجريري األسدي‪ :‬من أصحاب اإلمام الصادق ‪ .‬ثقة باالتفاق‪."...‬‬
‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪145 ........................................ 3 - 1 :‬‬

‫(‪.)1‬‬
‫(‪.)2‬‬ ‫وعن أيب عبد اهلل ‪:‬‬
‫ويظهر لنا من هاتني الروايتني أن السفياين يقاتل ستة أشهر أول خروجه‪ ،‬مث ميلك الكور‬
‫اخلمس (دمشق‪ ،‬ومحص‪ ،‬وفلسطني‪ ،‬واألردن‪ ،‬وقنسرين)‪ ،‬وبعد ذلك ميلك تسعة أشهر ال يزيد‬
‫عليها يوماً‪.‬‬
‫واآلن نأيت إىل معرفة الشهر الذي ُيرج به السفياين حىت نعد له مخسة عشر شهراً‪ ،‬لنرى يف‬
‫أي شهر سينتهي حكم السفياين‪:‬‬
‫(‪.)3‬‬ ‫عن أيب عبد اهلل ‪:‬‬
‫وعن معلى بن خنيس‪ ،‬قال‪ :‬مسعت أبا عبد اهلل ‪ ‬يقول‪:‬‬
‫(‪.)4‬‬
‫(‪.)5‬‬ ‫وعن أيب عبد اهلل ‪:‬‬
‫وإىل اآلن توصلنا إىل عدة نقاط أخلصها حىت ال يضيع األمر على القارئ‪:‬‬
‫‪ -1‬اليماين والسفياين يتسابقان إىل الكوفة للقتال يف وقت واحد ويف سنة واحدة‪.‬‬
‫‪ -2‬مدة خروج السفياين من أوله إىل آخره مخسة عشر شهراً‪ ،‬يقاتل ستة أشهر‪ ،‬مث ميلك‬
‫الكور اخلمس تسعة أشهر فقط‪.‬‬

‫وال يقال بأنه قد يكون مشتركا ً مع (عيسى بن أعين الشيباني أخي زرارة)؛ ألن أخا زرارة عدوه من‬
‫أصحاب الباقر ‪ ،‬وعيسى بن أعين الجريري من أصحاب الصادق‪ ،‬بل إن أخا زرارة غير مشهور‬
‫بل قال عنه المحقق الخوئي بأنه ال توجد له رواية أصالً‪ ،‬وإليكم نص كالمه‪ ...( :‬بقي هنا شيء‪ ،‬وهو‬
‫أن الصدوق وإن كان ذكر في المشيخة‪ ،‬عيسى بن أعين من دون تقييده بالجريري‪ ،‬إال أنه هو المراد‬
‫جزماً‪ ،‬فإن الجريري هو المعروف والمشهور الذي له كتاب‪ ،‬وأما عيسى بن أعين الشيباني فلم نعثر‬
‫له على رواية‪ ،‬بل أنكر بعضهم أصل وجوده‪ ،‬وهللا العالم) معجم رجال الحديث‪ :‬ج‪ 74‬ص‪.712‬‬
‫‪ -7‬غيبة النعماني‪ :‬باب ‪ 73‬ح‪ 7‬ص‪.870‬‬
‫‪ -2‬غيبة النعماني‪ :‬باب ‪ 73‬ح‪ 78‬ص‪.872‬‬
‫‪ -8‬غيبة النعماني‪ :‬باب ‪ 73‬ح‪ 1‬ص‪.878‬‬
‫‪ -4‬كتاب الغيبة للنعماني‪ :‬باب ‪ 73‬ح‪ 2‬ص‪.877 – 870‬‬
‫‪ -5‬غيبة النعماني‪ :‬باب ‪ 73‬ح‪ 7‬ص‪.870‬‬
‫‪ ............................................. 141‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬
‫‪ -3‬ال ُيرج السفياين إال يف شهر رجب‪.‬‬
‫واآلن لنبدأ احلساب ملدة السفياين من شهر رجب إىل مخسة عشر شهراً‪:‬‬
‫‪ -1‬رجب‪ -2 .‬شعبان‪ -3 .‬رمضان‪ -4 .‬شوال‪ -5 .‬ذو القعدة‪ -1 .‬ذو احلجة‪.‬‬
‫(بعد ذلك ميلك السفياين الكور اخلمس)‪:‬‬
‫‪ -1‬حمرم‪ -2 .‬صفر‪ -3 .‬ربيع األول‪ -4 .‬ربيع الثاين‪ -5 .‬مجادى األوىل‪ -1 .‬مجادى‬
‫الثانية‪ -7 .‬رجب‪ -8 .‬شعبان‪ -9 .‬رمضان‪.‬‬
‫اآلن نأيت إىل معرفة هل إن السفياين جيتمع مع اإلمام املهدي ‪ ‬يف سنة واحدة كما‬
‫ذكرت إحدى الروايات أم ال؟‬
‫أوالً أذكر الرواية مث أعلق عليها‪:‬‬
‫النعماين‪ :‬بسنده عن حممد بن مسلم‪ ،‬عن أيب جعفر حممد بن علي ‪ ‬أنه قال‪:‬‬
‫(السفياني والقائم في سنة واحدة) (‪.)1‬‬
‫الكالم يف احتمالني‪:‬‬
‫الحتمال األول‪ :‬أن يكون قصد اإلمام ‪ ‬أهنما يف سنة واحدة‪ ،‬أي السنة اهلجرية اليت‬
‫تبدأ من شهر حمرم وتنتهي بذي احلجة‪.‬‬
‫وعلى هذا االحتمال ال جيتمع اإلمام املهدي ‪ ‬مع السفياين يف سنة واحدة؛ ألن اإلمام‬
‫املهدي ‪ ‬يقوم يف حمرم ‪ -‬حسب الروايات ‪ ،-‬ولو حسبنا من بداية خروج السفياين ‪-‬‬
‫رجب ‪ -‬إىل حمرم من نفس السنة‪ ،‬سيكون العدد ستة أشهر (رجب‪ ،‬شعبان‪ ،‬رمضان‪ ،‬شوال‪،‬‬
‫ذو القعدة‪ ،‬ذو احلجة‪ ،‬حمرم)‪ ،‬أي ستنتهي السنة بستة أشهر وتبدأ سنة جديدة بشهر حمرم‪.‬‬
‫وحمرم هذا ال ميكن أن يكون هو حمرم الذي يقوم فيه اإلمام املهدي ‪‬؛ ألن من رجب‬
‫إىل حمرم هذا هي الفرتة اليت يقاتل فيها السفياين مث ميلك الكور اخلمس بعدها تسعة أشهر‪ ،‬مث‬
‫إن السفياين بعد متلكه الكور اخلمس يقصد العراق ‪ -‬كما سيأيت بيانه ‪ -‬ويتسابق مع اليماين‬

‫‪ -7‬كتاب الغيبة للنعماني‪ :‬باب ‪ 74‬ح‪ 82‬ص‪.215‬‬


‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪147 ........................................ 3 - 1 :‬‬
‫واخلراساين حنو الكوفة‪ ،‬وبعد قتال لثمانية أشهر أو تسعة يقضى على السفياين‪ ،‬وبعد ذلك يقوم‬
‫القائم ‪ ‬مبكة‪.‬‬
‫إذن ال يبقى إال أن نقول إن القائم ال يقوم يف أول حمرم الذي يعقب أول خروج السفياين‬
‫‪ -‬رجب ‪ -‬بل يف حمرم الثاين من السنة القابلة‪.‬‬
‫وإذا حسبنا من أول خروج السفياين ‪ -‬رجب ‪ -‬إىل مخسة عشر شهراً سيكون هناية ملكه‬
‫يف شهر رمضان‪ ،‬أي قبل قيام القائم ‪ ‬بثالثة أشهر وأيام‪ ،‬أي إن السفياين ال جيتمع مع‬
‫اإلمام املهدي ‪ ‬يف سنة واحدة‪.‬‬
‫‪ -1‬رجب‪ -2 .‬شعبان‪ -3 .‬رمضان‪ -4 .‬شوال‪ -5 .‬ذو القعدة‪ -1 .‬ذو احلجة‪-7 .‬‬
‫حمرم‪ -8 .‬صفر‪ -9 .‬ربيع األول‪ -11 .‬ربيع الثاين‪ -11 .‬مجادى األوىل‪ -12 .‬مجادى الثانية‪.‬‬
‫‪ -13‬رجب‪ -14 .‬شعبان‪ -15 .‬رمضان‪.‬‬
‫إذن فمن هو القائم الذي يكون يف نفس السنة اليت ُيرج فيها السفياين؟!‬
‫الحتمال الثاني‪ :‬أن يكون قصد اإلمام الباقر ‪ ،‬إن السفياين والقائم يكونان يف سنة‬
‫واحدة أي (‪ )12‬شهراً‪ ،‬بغض النظر عن بدايتها‪ ،‬أي ال يعترب بالسنة أن تبدأ مبحرم وتنتهي‬
‫بذي احلجة‪ ،‬بل يكفي مثالً أن ُيرج اإلمام املهدي ‪ ‬بعد (‪ )11‬شهراً من خروج السفياين‪،‬‬
‫فيصدق أهنما اجتمعا يف سنة واحدة‪.‬‬
‫وهذا االحتمال اتضح جوابه من التعليق على االحتمال األول؛ ألن من بداية خروج‬
‫السفياين يف (رجب) إىل هناية ملكه يف (شهر رمضان) ال جيتمع مع اإلمام املهدي ‪ ،‬بل‬
‫اإلمام املهدي ‪ ‬يقوم بعد ذهاب ملك السفياين بثالثة أشهر وعشرة أيام‪ ( :‬شوال‪ ،‬ذو‬
‫القعدة‪ ،‬ذو احلجة‪ 11 ،‬حمرم)‪.‬‬
‫إذن خرجنا بنتيجة من هذا احلساب‪ ،‬وهي أن اإلمام املهدي ‪ ‬والسفياين ال يكونان يف‬
‫سنة واحدة‪ ،‬فمن هو القائم املذكور يف الرواية السابقة والذي يكون هو والسفياين يف سنة‬
‫واحدة؟!‬
‫وأعيد ذكر الرواية للفائدة‪:‬‬
‫‪ ............................................. 148‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬
‫عن أيب جعفر حممد بن علي ‪ ‬أنه قال‪:‬‬
‫وإذا علمنا أن السفياين ينتهي ملكه قبل قيام اإلمام املهدي ‪ ،‬فمن هو القائم الذي‬
‫يقاتله السفياين يف الرواية اآلتية‪:‬‬
‫عن أيب عبد اهلل ‪ ،‬قال‪:‬‬
‫‪‬‬
‫‪.)1( ‬‬
‫وروي عن طرق العامة‪ ،‬عن أيب هريرة‪ُ( :‬يرج السفياين واملهدي كفرسي رهان‪ ،‬فيغلب‬
‫السفياين على ما يليه‪ ،‬واملهدي على ما يليه) (‪.)2‬‬
‫وبعد ما تقدم يتضح لنا أن القائم الذي يقاتل السفياين ويتسابق معه كفرسي رهان ليس‬
‫اإلمام املهدي حممد بن احلسن ‪ ،‬وإذا كان كذلك فال ميكن أن يكون غري اليماين املوعود؛‬
‫ألن اليماين موصوف بأنه أهدى الرايات ومأمور بنصرته وأن امللتوي عليه من أهل النار‪ ...‬اخل‪.‬‬
‫وخصوصاً إذا قارنّا الروايات اليت تقول بأن السفياين والقائم يف سنة واحدة‪ ،‬وأن السفياين يقاتل‬
‫القائم‪ ،‬مع روايات تسابق اليماين والسفياين‪:‬‬

‫ورمبا يتضح اآلن جلياً القصد من كالم اإلمام الصادق ‪ ،‬عندما خرج أبو مسلم‬
‫اخلراساين وظن بعض الشيعة أنه اليماين‪ ،‬وأن األمر سيؤول إىل اإلمام الصادق ‪ ،‬كما يأيت‬
‫يف الروايات اآلتية‪:‬‬

‫‪ -7‬معاني األخبار‪ :‬ص‪ ،842‬بحار األنوار‪ :‬ج‪ 88‬ص‪.725‬‬


‫‪ -2‬معجم أحاديث اإلمام المهدي ‪ :‬ج‪ 7‬ص‪.424‬‬
‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪149 ........................................ 3 - 1 :‬‬
‫الكايف‪ :‬بسنده عن املعلى بن خنيس‪ ،‬قال‪:‬‬
‫‪‬‬

‫(‪.)1‬‬
‫فقد عرفنا بأن الذي يقاتل السفياين قائم غري احلجة حممد بن احلسن العسكري ‪،‬‬
‫وهذا القائم هو ممهد لإلمام املهدي ‪ ‬وال ميكن أن يكون غري أهدى الرايات‪ ،‬وهو اليماين‬
‫املوعود‪ .‬وخصوصاً إذا عرفنا أن اإلمام الصادق ‪ ‬يف الرواية السابقة‪ ،‬يشري اىل أن صاحب‬
‫الرايات املمهدة هو الذي يقتل السفياين‪.‬‬
‫‪ ،‬أي إن‬ ‫إذن‪ ،‬فالقصد من كالم اإلمام الصادق ‪:‬‬
‫صاحب الرايات السود يقاتل ويقتل السفياين‪ ،‬وهذا ‪ -‬أي أبو مسلم اخلراساين ‪ -‬مل يقاتل‬
‫السفياين بل مل ُيرج معه أو يف وقته سفياين أصالً‪.‬‬
‫ميهد لقيام اإلمام املهدي‬ ‫وهذا يؤكد أن الذي يقاتل السفياين هو قائم من آل حممد‬
‫‪ ،‬أو ميهد لدولة العدل اإلهلية بقيادة اإلمام املهدي (روحي وأرواح العاملني له الفداء)‪.‬‬
‫القوام قبل قيام اإلمام املهدي ‪ ‬ورد يف بعض الروايات‪:‬‬ ‫وتعدد ّ‬
‫‪‬‬ ‫عن أيب عبد اهلل جعفر بن حممد (عليهما السالم)‪:‬‬

‫‪‬‬

‫(‪.)2‬‬

‫‪ -7‬الكافي‪ :‬ج‪ 3‬ح ‪ 501‬ص‪ ،887‬بحار األنوار‪ :‬ج‪ 41‬ص‪.211‬‬


‫‪ -2‬كتاب الغيبة للنعماني‪ :‬باب ‪ 74‬ح ‪ 55‬ص‪.234 – 238‬‬
‫‪ ............................................. 151‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬
‫وعن أيب عبد اهلل ‪:‬‬

‫(‪.)1‬‬
‫فقوله ‪( :‬أول قائم يقوم)‪ ،‬يشري إىل أن هناك أكثر من قائم يقوم‪ ،‬وهذا أوهلم‪ ...‬واهلل‬
‫العامل‪.‬‬
‫وحول مسألة القائم الذي يقاتل السفياين أيضاً يتضح لنا مراد اإلمام الصادق ‪ ‬يف‬
‫الرواية اآلتية‪:‬‬
‫عن عبد احلميد بن أيب الديلم‪ ،‬قال‪ :‬كنت عند أيب عبد اهلل ‪ ‬فأتاه كتاب عبد السالم‬
‫ابن عبد الرمحن بن نعيم‪ ،‬وكتاب الفيض بن املختار‪ ،‬وسليمان بن خالد ُيربونه أن الكوفة‬
‫شاغرة برجلها وأنه إن أمرهم أن يأخذوها أخذوها‪ ،‬فلما قرأ كتاهبم رمى به‪ ،‬مث قال‪:‬‬
‫(‪.)2‬‬
‫‪ ،‬الذي يُفهم منه؛ أي إن صاحبهم هو الذي‬ ‫وقوله ‪:‬‬
‫يقاتل أو يقتل السفياين أو ُيرج معه‪ ...‬اخل‪ ،‬وخصوصاً أن الكالم موجه إىل أهل الكوفة‪،‬‬
‫والذي يتسابق مع السفياين إىل الكوفة هو اليماين واخلراساين‪ ،‬ومبا أن اليماين هو أهدى الرايات‬
‫ويدعو إىل احلق وإىل صراط مستقيم ومأمور بطاعته وامللتوي عليه من أهل النار‪ ،‬فال يكون‬
‫مصداقاً هلذا الكالم غريه‪ ...‬واهلل العامل‪.‬‬
‫وقريباً من ذلك ما ذكره الشيخ املنتظري يف معىن هذه الرواية‪ ،‬حيث قال‪( :‬ولعل املراد أن‬
‫صاحبهم القائم ‪ ،‬املصاحب للسفياين حبسب الزمان) (‪.)3‬‬
‫وعلى أي حال تبني مما تقدم أن اليماين هو القائم الذي يقاتل السفياين وهو معصوم ال‬
‫يدخل الناس يف ضالل وال ُيرجهم من حق‪ ،‬وأن اإلمام املهدي ‪ ‬ال يكون مع السفياين‬

‫‪ -7‬بحار األنوار‪ :‬ج‪ 52‬ص‪.815‬‬


‫‪ -2‬بحار األنوار‪ :‬ج‪ 41‬ص‪.857‬‬
‫‪ -8‬دراسات في والية الفقيه وفقه الدولة اإلسالمية للشيخ المنتظري‪ :‬ج‪ 7‬ص‪.282‬‬
‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪151 ........................................ 3 - 1 :‬‬
‫يف سنة واحدة‪ ،‬بل اليماين هو الذي يكون كذلك‪ ،...‬وسيتبني احلال أكثر يف مستقبل هذا‬
‫البحث إن شاء اهلل تعاىل‪.‬‬
‫فإن قيل‪ :‬إن اإلمام املهدي احلجة بن احلسن ‪ ‬أيضاً سيكون عند قيامه سفياين‪،‬‬
‫وسيقاتله ويقضي عليه‪ ،‬كما تنص عليه بعض الروايات‪ ،‬فقد تكون الروايات اليت تنص على أن‬
‫القائم والسفياين يف سنة واحدة‪ ،‬وأن القائم يقاتل السفياين؛ تقصد السفياين املوجود عند قيام‬
‫اإلمام املهدي ‪ ‬مبكة يف عاشوراء؟‬
‫أقول‪:‬‬
‫ال ُيفى أن الرواية اليت تنص على أن القائم والسفياين يف سنة واحدة‪ ،‬ناظرة اىل بداية‬
‫خروج السفياين‪ ،‬واىل الداللة على وقت خروجه‪ ،‬وتزامنه مع القائم ‪ -‬يف سنة واحدة ‪،-‬‬
‫وبداية خروج السفياين ال تكون مع قيام اإلمام املهدي ‪ ‬يف سنة واحدة‪ ،‬كما تقدم بيانه‪.‬‬
‫وبعبارة أخرى‪ :‬إن الرواية بصدد التطرق اىل املرحلة األوىل للسفياين‪ ،‬واليت هي أخطر وأشد‬
‫مرحلة‪ ،‬وهي اليت ُُيِّرب فيها بالد الشام وبغداد والكوفة وغريها‪ ،‬فحىت لو قلنا بتعدد السفياين ال‬
‫يضرنا هنا‪ ،‬ألن احتمال إرادة السفياين الثاين أول املرحلة الثانية للسفياين بعيد جداً‪ ،‬مث إن القول‬
‫بتعدد السفياين ليس بالضرورة أن يعين انفصال االثنني بالظهور أو احلركة‪ ،‬بل األقرب كون‬
‫السفياين األصل واحد والتعدد يرجع اىل تعدد أمراء اجليش‪ ،‬كما سيأيت تفصيل هذا املوضوع‬
‫وذكر كل االحتماالت‪ ،‬يف احللقة الرابعة من هذا البحث‪.‬‬
‫وأما الرواية اليت تنص على أن القائم يقاتل السفياين‪ ،‬فهي وإن كانت حتتمل قصد اإلمام‬
‫املهدي احلجة بن احلسن ‪ ،‬إال أن األقرب هو قصد اليماين املوعود‪ ،‬ألن ذروة القتال مع‬
‫السفياين ستكون يف مرحلة التمهيد على يد اليماين املوعود وأتباعه‪ ،‬أما بعد قيام اإلمام املهدي‬
‫‪ ‬مبكة‪ ،‬سيكون السفياين قد انتهى ملكه‪ ،‬وانكسرت شوكته‪ ،‬حبيث تفيدنا الروايات‬
‫واألخبار‪ ،‬إن القضاء عليه سيكون بيسر ووقت قصري جداً على يد اإلمام املهدي ‪.‬‬
‫ويتأكد هذا املعىن أكثر لو الحظنا أن الرواية تقارن مقاتلة السفياين للقائم مع مقاتلة أيب‬
‫سفيان لرسول اهلل ‪ ،‬ومقاتلة معاوية (لعنه اهلل) ألمري املؤمنني ‪ ،‬ومقاتلة يزيد (لعنه اهلل)‬
‫‪ ............................................. 152‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬
‫للحسني ‪ ،‬فمواجهة هؤالء السفيانيني ألهل البيت ‪ ‬كان يف ذروة قوهتم‪ ،‬ويف بداية‬
‫كل من رسول اهلل ‪ ،‬وأمري املؤمنني ‪ ،‬واحلسني ‪ ،‬وهذا ما ينطبق متاماً‬ ‫ظهور أمر ٌ‬
‫على مقاتلة السفياين لليماين املوعود؛ القائم األول‪.‬‬
‫***‬

‫هزمية السفياني من الكوفة قبل قيام اإلمام املهدي ‪ ‬مبكة‬


‫ربما يقال‪ :‬اثبتوا أوالً أن اإلمام املهدي ‪ ‬ميتنع قيامه بعد ستة أشهر من خروج السفياين‬
‫يف الشام‪ ،‬أي يف شهر حمرم الذي يأيت بعد شهر رجب بستة أشهر‪ ،‬فما املانع أن يقوم اإلمام‬
‫املهدي ‪ ‬مبكة يف عاشوراء يف نفس الوقت الذي يتوجه به السفياين اىل العراق؟‬
‫أقول‪ :‬اجلواب عن هذا اإلشكال رغم أنه تبني من عموم ما سبق‪ ،‬ولكن ال بأس من الرتكيز‬
‫عليه هنا‪.‬‬
‫فعند التأمل يف عموم الروايات واألخبار‪ ،‬يتضح لنا أن السفياين يُهزم من العراق‪ ،‬وأيضاً يف‬
‫معركة اصطخر‪ ،‬قبل قيام اإلمام املهدي مبكة يف عاشوراء‪ ،‬بل ويهزم على يد رجل يسمى أو‬
‫يوصف بـ (املهدي) أيضاً‪ ،‬وبذلك ال ميكن أن يقوم اإلمام املهدي ‪ ‬مبكة بعد ستة أشهر‬
‫من خروج السفياين يف الشام‪ ،‬أي يف شهر حمرم الذي ميلك فيه السفياين الكور اخلمس‪ ،‬وبعده‬
‫ميلك تسعة أشهر ويتوجه إىل العراق وإيران‪ ،...‬وللتدليل على ذلك أذكر بعض الروايات‪:‬‬
‫الرواية األوىل‪:‬‬
‫عن جابر‪ ،‬عن أيب جعفر ‪ ‬قال‪:‬‬
‫(‪.)1‬‬ ‫‪‬‬
‫وروى هذه الرواية السيد ابن طاووس هبذا اللفظ‪:‬‬
‫عن جابر عن أيب جعفر ‪ ،‬قال‪:‬‬
‫(‪.)1‬‬

‫‪ -7‬الغيبة للشيخ الطوسي‪ :‬ص‪ 452‬ح‪ ،451‬بحار األنوار‪ :‬ج‪ 52‬ص‪.271‬‬


‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪153 ........................................ 3 - 1 :‬‬
‫فمن املعلوم أن الرايات السود املمهدة‪ ،‬تأيت إىل الكوفة وختوض معارك عنيفة مع جيش‬
‫السفياين‪ ،‬كما تبينه الروايات‪ ،‬وتكون النتيجة هزمية جيش السفياين‪ ،‬وكسر شوكته يف الشرق‪،‬‬
‫والرواية أعاله تنص على أن الرايات السود تصل وتنزل الكوفة‪ ،‬مث تقول الرواية‪( :‬فإذا ظهر‬
‫املهدي مبكة بعثت إليه بالبيعة)‪ ،‬وال ُيفى أن الرواية واضحة املعىن؛ بأن ظهور املهدي ‪‬‬
‫مبكة متأخر عن خروج الرايات السود وعن وصوهلا إىل الكوفة‪ ،‬بل يستفاد منها أن ظهور‬
‫املهدي ‪ ‬مبكة‪ ،‬ليس قريباً أو بعد أيام معدودة من نزول الرايات السود الكوفة‪ ،‬وخصوصاً‬
‫إذا الحظنا الروايات اآلتية‪ ،‬بل أحد األخبار ينص على أن بني خروج الرايات السود وبني أن‬
‫يسلم األمر للمهدي ‪ ‬ست سنني‪ ،‬كما سيأيت قريباً يف الروايات اآلتية‪.‬‬
‫فإذا قلنا بأن الرايات السود خترج حنو الكوفة يف نفس وقت خروج السفياين حنو الكوفة ‪-‬‬
‫كما تشري إليه الروايات ‪ ،-‬فهذا يعين أن السفياين عندما يسيطر على كور الشام اخلمس‪ ،‬بعد‬
‫قتال لستة أشهر‪( :‬رجب‪ ،‬شعبان‪ ،‬رمضان‪ ،‬شوال‪ ،‬ذو القعدة‪ ،‬ذو احلجة)‪ ،‬بعد متام الشهر‬
‫السادس‪ ،‬يتوجه السفياين حنو العراق‪ ،‬ويف العراق وإيران سيواجه السفياين معارك أمها مواجهته‬
‫مع الرايات السود املمهدة‪ ،‬وهذه الرايات السود بعد أن تصل اىل الكوفة ‪ -‬وهذا الوصول يعين‬
‫أهنا خاضت املعركة مع السفياين أو انتهت منها وهزمت السفياين ‪ -‬إذا بلغها أن املهدي ‪‬‬
‫قد ظهر مبكة بعثت إليه بالبيعة‪.‬‬
‫فهل ميكن أن يكون كل ذلك يتحقق خالل عشرة أيام ال غري؟!‬
‫طبعاً‪ ،‬هذا إذا فرضنا أن خروج السفياين سيكون يف بداية شهر رجب‪ ،‬أما إذا فرضنا أن‬
‫خروج السفياين ال يكون يف بداية شهر رجب‪ ،‬أي يف منتصفه أو يف هنايته‪ ،‬أو بعد العاشر من‬
‫رجب‪ ،‬فهنا ال يتم للسفياين ستة أشهر إال بعد العاشر من حمرم‪ ،‬وهبذا ال يسيطر على الكور‬
‫اخلمس إال بعد العاشر من حمرم‪ ،‬وهذا يعين أنه ال يتوجه اىل العراق إال بعد العاشر من حمرم‪ ،‬أي‬
‫بعد قيام اإلمام املهدي ‪ ‬مبكة يف عاشوراء‪.‬‬

‫‪ -7‬المالحم والفتن‪ :‬ص‪.728‬‬


‫‪ ............................................. 154‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬
‫يف حني أننا مسعنا أن الرايات السود اليت تقاتل السفياين يف املشرق‪ ،‬تنزل الكوفة وملا يظهر‬
‫اإلمام املهدي ‪ ‬مبكة بعد !‬
‫الرواية الثانية‪:‬‬
‫‪:‬‬ ‫عن سعيد بن املسيب‪ ،‬قال‪ :‬قال رسول اهلل‬

‫(‪ .)1‬وهذه الرواية تؤيد ما قلته يف التعليق‬


‫على الرواية األوىل‪ ،‬من أن الرايات السود خترج على السفياين وجيشه عندما يتوجه اىل العراق‪،‬‬
‫وبعد وصوهلا اىل الكوفة‪ ،‬إن بلغها أن املهدي ‪ ‬قد ظهر مبكة‪ ،‬بعثت إليه بالبيعة‪ ،‬وهذا‬
‫يعين أن قتال السفياين مع الرايات السود متقدم على ظهور اإلمام املهدي ‪ ‬مبكة‪ ،‬وقد‬
‫تقدم أيضاً أن السفياين ال يتوجه إىل العراق إال بعد أن يقاتل ستة أشهر يف الشام‪ ،‬والستة أشهر‬
‫ال تنتهي إال يف بداية شهر حمرم‪ ،‬هذا إذا فرضنا أن السفياين ُيرج يف بداية شهر رجب‪ ،‬وإنه‬
‫يتوجه إىل العراق مبجرد أن تتم له ستة أشهر‪ ،‬يف حني أنه قد يتأخر لفرتة معينة قد تكون أقل‬
‫من شهر أو أكثر‪.‬‬
‫واحملصلة؛ إنه على أحسن االحتماالت ال توجد فرتة بني بداية توجه السفياين اىل العراق‬
‫وبني ظهور اإلمام املهدي ‪ ‬مبكة إال عشرة أيام ال غري‪ ،‬وهي ال تكفي الستيعاب فرتة توجه‬
‫السفياين إىل العراق‪ ،‬مث توجه الرايات السود إليه إىل أن تنزل الكوفة‪ ،‬وخصوصاً إذا عرفنا أن‬
‫السفياين يصل اىل الكوفة قبل الرايات السود‪ ،‬كما يستفاد من بعض األخبار‪ ،‬منها اخلرب اآليت‪:‬‬
‫عن أرطأة‪ ،‬قال‪( :‬يدخل السفياين الكوفة فيسبيها ثالثة أيام‪ ،‬ويقتل من أهلها ستني ألفاً‪،‬‬
‫وميكث فيها مثاين عشرة ليلة يقسم أمواهلا‪.)2( )...‬‬
‫الرواية الثالثة‪:‬‬

‫‪ -7‬المالحم والفتن‪ :‬بـ‪ 708‬ص‪ ،728 – 722‬كتاب الفتن لنعيم بن حماد‪ :‬ص‪ ،710‬معجم أحاديث‬
‫اإلمام المهدي ‪ :‬ج‪ 7‬ص‪.812‬‬
‫‪ -2‬المالحم والفتن‪ :‬ص‪ ،771‬شرح إحقاق الحق للسيد المرعشي‪ :‬ج‪ 21‬ص‪ ،528‬معجم أحاديث‬
‫اإلمام المهدي ‪ :‬ج‪ 7‬ص‪.400‬‬
‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪155 ........................................ 3 - 1 :‬‬
‫عن حممد بن احلنفية‪ ،‬قال‪( :‬خترج راية سوداء لبين العباس‪ ،‬مث خترج من خراسان أخرى‬
‫سوداء‪ ،‬قالنسهم سود‪ ،‬وثياهبم بيض‪ ،‬على مقدمتهم رجل يقال له‪ :‬شعيب بن صاحل‪ ،‬أو‪:‬‬
‫صاحل بن شعيب من متيم‪ ،‬يهزمون أصحاب السفياين حىت ينزل بيت املقدس‪ ،‬يوطئ للمهدي‬
‫سلطانه‪ ،‬وميد إليه ثالمثائة من الشام يكون بني خروجه وبني أن يسلم األمر للمهدي اثنان‬
‫وسبعون شهراً) (‪.)1‬‬
‫وهذه الرواية تعطينا تفاصيل أكثر عن الرايات السود‪ ،‬فهي تنص أن على مقدمة هذه‬
‫الرايات قائد يسمى (شعيب بن صاحل)‪ ،‬وإنه يهزم جيش السفياين حىت يصل اىل بيت املقدس‪،‬‬
‫وإن بني خروج الرايات السود بقيادة شعيب بن صاحل وبني أن يسلم األمر للمهدي ‪ ‬اثنان‬
‫وسبعون شهراً‪ ،‬وأقل ما يقال ‪ -‬حسب هذا اخلرب ‪ -‬إن السفياين يهزم من العراق قبل قيام‬
‫اإلمام املهدي ‪ ‬مبكة يقيناً‪ ،‬وهذا يعين أن اإلمام املهدي ‪ ‬ال يقوم مبكة يف حمرم الذي‬
‫يسيطر فيه السفياين على الكور اخلمس يف الشام‪ ،‬بل يف حمرم آخر‪.‬‬
‫الرواية الرابعة‪:‬‬
‫عن رسول اهلل ‪ ،‬أنه قال‪:‬‬
‫(‪ .)2‬وبيان هذه الرواية يعرف مما تقدم من التعليق على الروايات السابقة‪.‬‬
‫الرواية اخلامسة‪:‬‬
‫عن جابر‪ ،‬عن أيب جعفر ‪ ،،‬قال‪:‬‬
‫(‪ .)1‬وهي‬
‫أيضاً تؤيد ما أفادته الروايات السابقة‪.‬‬

‫‪ -7‬المالحم والفتن‪ :‬باب‪ 18‬ص‪ ،773 – 771‬كتاب الفتن ‪ -‬لنعيم بن حماد‪ :‬ص‪ ،733‬شرح إحقاق‬
‫الحق ‪ -‬للسيد المرعشي‪ :‬ج‪ 21‬ص‪ ،414‬معجم أحاديث اإلمام المهدي ‪ :‬ج‪ 7‬ص‪.811‬‬
‫‪ -2‬سنن الترمذي‪ :‬ج‪ 8‬ص‪ 822‬ح‪ ،2817‬مسند أحمد بن حنبل‪ :‬ج‪ 2‬ص‪ ،825‬المعجم األوسط‬
‫للطبراني‪ :‬ج‪ 4‬ص‪ ،87‬كتاب الفتن لنعيم بن حماد‪ :‬ص‪ ،722‬كنز العمال‪ :‬ج‪ 74‬ص‪ 227‬ح‬
‫‪ ،83252‬شرح إحقاق الحق للسيد المرعشي‪ :‬ج‪ 78‬ص‪.232‬‬
‫‪ ............................................. 151‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫الرواية السادسة‪:‬‬
‫عن أمري املؤمنني ‪:‬‬

‫(‪ .)2‬وهي مبعىن ما تقدم تقريباً‪.‬‬


‫الرواية السابعة‪:‬‬
‫عن أمري املؤمنني ‪:‬‬

‫(‪.)3‬‬
‫وهذه الرواية تتحفنا بشيء مهم جداً‪ ،‬وهو أن املهدي ‪ ‬موجود وظاهر عند خروج‬
‫الرايات السود من خراسان‪ ،‬وقبل وصوهلا إىل الكوفة‪ ،‬بينما الروايات واألخبار املتقدمة تبني‬
‫وتنص على أن املهدي ال يظهر مبكة إال بعد أن تصل الرايات السود إىل الكوفة‪ ،‬وأكيداً إن‬
‫املهدي األول غري اإلمام املهدي ‪ ‬الذي يقوم مبكة يف عاشوراء‪ ،‬بعد هزمية السفياين من‬
‫العراق واملشرق عموماً‪.‬‬
‫الرواية الثامنة‪:‬‬
‫عن أمري املؤمنني ‪:‬‬

‫‪ -7‬المالحم والفتن‪ :‬باب ‪ 13‬ص‪ ،720‬كتاب الفتن لنعيم بن حماد‪ :‬ص‪ ،731‬شرح إحقاق الحق ‪-‬‬
‫للسيد المرعشي‪ :‬ج‪ 21‬ص‪ ،477‬معجم أحاديث اإلمام المهدي ‪ :‬ج‪ 8‬ص‪.210‬‬
‫‪ -2‬كتاب الفتن ‪ -‬لنعيم بن حماد‪ :‬ص‪ ،710‬شرح إحقاق الحق ‪ -‬للسيد المرعشي‪ :‬ج‪ 21‬ص‪417‬‬
‫وص‪ ،412‬معجم أحاديث اإلمام المهدي ‪ :‬ج‪ 8‬ص‪.13‬‬
‫‪ -8‬كنز العمال‪ :‬ج‪ 74‬ص‪ 533‬ح‪ ،81221‬كتاب الفتن ‪ -‬لنعيم بن حماد‪ :‬ص‪ ،712‬شرح إحقاق‬
‫الحق ‪ -‬للسيد المرعشي‪ :‬ج‪ 21‬ص‪ ،401‬معجم أحاديث اإلمام المهدي ‪ :‬ج‪ 8‬ص‪.11‬‬
‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪157 ........................................ 3 - 1 :‬‬

‫(‪.)2‬‬
‫ومن هذه الرواية نعرف أن قبل قيام اإلمام املهدي ‪ ‬مبكة‪ ،‬يكون خروج لرجل من أهل‬
‫بيته يف املشرق‪،‬‬

‫وهذا الرجل املمهد الذي من أهل بيت اإلمام املهدي ‪ ،‬يقاتل مثانية أشهر يف الشرق‬
‫ويتوجه اىل بيت املقدس‪ ،‬ومن الروايات املتقدمة واآلتية نعرف أن هذا الرجل هو صاحب‬
‫الرايات السود الذي يقاتل السفياين ويهزمه‪.‬‬
‫فنعرف أن هذا الرجل املشرقي يقضي مثانية أشهر يف قتال السفياين وأتباعه ومؤيديه أو‬
‫نظرائه‪ ،‬وهذه الثمانية أشهر كلها قبل قيام اإلمام املهدي ‪ ‬مبكة يف العاشر من حمرم‪ ،‬وهذه‬
‫املدة متطابقة متاماً مع مدة ملك السفياين بعد أن يسيطر على الكور اخلمس‪ ،‬وخصوصاً إن قلنا‬

‫‪ -7‬لقد أطلت الكالم في الحلقة األولى من هذا البحث‪ ،‬عن ذيل هذه الرواية (فال يبلغه حتى يموت)‪،‬‬
‫وذكرت وجوها ً في بيان معناها‪ ،‬ولكن اآلن وجدت وجها ً آخر ربما يكون هو األقوى‪ ،‬وهو أني وجدت‬
‫هامشا ً للشيخ مهيب بن صالح بن عبد الرحمن البوريني ‪ -‬محقق كتاب عقد الدرر ‪ -‬على هذه الجملة‬
‫بالذات‪ ،‬ونص الهامش هو‪( :‬في [أ] فال يقتله أحد)‪ ،‬أي إن هذه الرواية في أحد النسخ الخطية لكتاب‬
‫عقد الدرر جاءت بلفظ‪ ...( :‬فال يقتله أحد حتى يموت)‪ ،‬وهذه المخطوطة التي رمز لها المحقق بـ (أ)‪،‬‬
‫هي أحد النسخ الخطية التي اعتمد عليها في تحقيق كتاب عقد الدرر‪ ،‬وقال المحقق عنها في مقدمته ما‬
‫نصه‪ -7 ( :‬نسخة مكتبة البلدية باالسكندرية‪ ،‬ومصورتها في معهد المخطوطات برقم ‪ 725‬توحيد‪.‬‬
‫وكتبت بخط نسخي جيد سنة ‪ 7702‬هـ‪ .‬كتبها يوسف بن محمد الشهير بابن الوكيل الملوي‪ .‬وتقع في‬
‫‪ 744‬صفحة ومسطرتها ‪ .70 × 28‬وخطها دقيق‪ ،‬وهي نسخة (أ) )‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫فيكون معنى الرواية؛ إن هذا الرجل الممهد المشرقي الذي من أهل بيت اإلمام المهدي ‪ ،‬ال يقتله‬
‫أحد في تمهيده وقتاله وتوجهه نحو بيت المقدس‪ ،‬حتى يموت بأجله الذي كتبه هللا له‪ ،‬أي إنه ال يقتل في‬
‫مهمة التمهيد لإلمام المهدي ‪ ..‬وهللا العالم‪.‬‬
‫والرواية في كتاب عقد الدرر‪ :‬ص‪ ،711‬للشيخ العالمة يوسف بن يحيى المقدسي الشافعي السلمي؛‬
‫من علماء القرن السابع الهجري‪ ،‬طبع ونشر وتوزيع مكتبة المنار‪ ،‬األردن‪ ،‬الزرقاء‪ ،‬الطبعة الثانية؛‬
‫‪ 7470‬هـ – ‪ 7131‬م‪.‬‬
‫والمؤلف أورد الرواية مختصرة هكذا‪( :‬وعن علي بن أبي طالب رضي هللا عنه قال‪" :‬يخرج رجل‬
‫قبل المهدي من أهل بيته بالمشرق‪ ،‬يحمل السيف على عاتقه ثمانية أشهر يقتل ويمثل‪ ،‬ويتوجه الى‬
‫بيت المقدس‪ ،‬فال يبلغه حتى يموت"‪.‬‬
‫‪ -2‬المالحم والفتن‪ :‬باب ‪ 788‬ص‪ ،781‬كنز العمال‪ :‬ج‪ 74‬ص‪ 531‬ح ‪ ،81221‬شرح إحقاق الحق‬
‫‪ -‬للسيد المرعشي‪ :‬ج‪ 78‬ص‪ ،878‬معجم أحاديث اإلمام المهدي ‪ :‬ج‪ 8‬ص‪.771‬‬
‫‪ ............................................. 158‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬
‫أن السفياين ال يتوجه إىل العراق مبجرد انتهاء قتاله يف الشام يف بداية شهر حمرم‪ ،‬بل قد يتأخر‬
‫ما يقارب الشهر‪.‬‬
‫فيعترب هذا الرجل املشرقي الذي من أهل بيت اإلمام املهدي ‪ ‬هو الذي يقاتل السفياين‬
‫ملدة مثانية أشهر ويهزمه من املشرق‪ ،‬وكل ذلك قبل قيام اإلمام املهدي ‪ ‬مبكة‪ ،‬فكيف ميكن‬
‫القول بأن اإلمام املهدي ‪ ‬يقوم مبكة‪ ،‬يف شهر حمرم الذي يسيطر فيه السفياين على كور‬
‫الشام اخلمس‪ ،‬بعد قتال يدوم ستة أشهر؟!‬
‫الرواية التاسعة‪:‬‬
‫عن عبد السالم ابن مسلمة مسع أبا قبيل‪:‬‬

‫(‪.)1‬‬
‫ويتبني من هذا اخلرب أن قتال الرايات السود مع السفياين وهزميته يكون قبل ظهور اإلمام‬
‫املهدي ‪ ‬مبكة‪ ،‬وهو يؤيد ما سبق وما يأيت‪.‬‬
‫الرواية العاشرة‪:‬‬
‫عن اإلمام علي ‪ ،‬قال‪:‬‬

‫(‪.)2‬‬

‫‪ -7‬المالحم والفتن‪ :‬باب ‪ 701‬ص‪ ،722‬شرح إحقاق الحق ‪ -‬للسيد المرعشي‪ :‬ج‪ 21‬ص‪ ،521‬معجم‬
‫أحاديث اإلمام المهدي‪ :‬ج‪ 7‬ص‪.422‬‬
‫‪ -2‬المالحم والفتن‪ :‬ص‪ ،782‬كنز العمال‪ :‬ج‪ 74‬ص‪ 510‬ح‪ ،81218‬شرح إحقاق الحق ‪ -‬للمرعشي‪:‬‬
‫ج‪ 21‬ص‪.477‬‬
‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪159 ........................................ 3 - 1 :‬‬
‫والرواية صرحية الداللة على أن اإلمام املهدي ‪ ‬ال يقوم مبكة‪ ،‬إال بعد أن هتزم الرايات‬
‫السود السفياين وجيشه‪ ،‬بقيادة شعيب بن صاحل‪.‬‬
‫الرواية احلادية عشر‪:‬‬
‫‪:‬‬ ‫عن رسول اهلل‬

‫(‪.)1‬‬
‫ومبقارنة هذه الرواية مع ما تقدم‪ ،‬يتضح أن فتنة السفياين تستمر يف املشرق تسعة أشهر‬
‫(محل امرأة)‪ ،‬مث يكون النصر لشعيب بن صاحل‪ ،‬صاحب الراية املهدية‪ ،‬اىل أن يبايع اإلمام‬
‫املهدي ‪ ‬يف مكة‪ ،‬وهذا يدل على أن فتنة السفياين تنقضي من املشرق‪ ،‬وبعدها يقوم القائم‬
‫‪ ‬مبكة‪.‬‬
‫الرواية الثانية عشر‪:‬‬
‫عن أيب جعفر ‪ ،‬أنه قال‪:‬‬

‫(‪.)2‬‬

‫‪ -7‬المالحم والفتن ‪ -‬البن طاووس‪ :‬باب‪ 20‬ص‪ ،212‬معجم أحاديث اإلمام المهدي ‪ :‬ج‪7‬‬
‫ص‪.407‬‬
‫‪ -2‬الغيبة للنعماني‪ :‬ص‪.225‬‬
‫‪ ............................................. 111‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬
‫وال ُيفى أن أصحاب الرايات السود يف هذه الرواية‪ ،‬هم أنفسهم أصحاب الرايات السود‬
‫يف الروايات املتقدمة‪ ،‬ونصرهم يتم قبل قيام اإلمام املهدي ‪ ‬مبكة‪.‬‬
‫الرواية الثالثة عشر‪:‬‬
‫عن عبد اهلل بن أيب منصور البجلي قال‪ :‬سألت أبا عبد اهلل ‪ ‬عن اسم السفياين فقال‪:‬‬

‫(‪.)1‬‬
‫ومن املعلوم ‪ -‬مما تقدم ‪ -‬أن السفياين ميلك الكور اخلمس بعد متام شهر ذي احلجة وبداية‬
‫شهر حمرم‪ ،‬والرواية الشريفة أعاله تقول عند ذلك توقعوا الفرج أي قيام اإلمام املهدي ‪ ،‬ال‬
‫أنه سيقوم عند ذلك‪ ،‬فالرواية واضحة يف الرتاخي الزمين‪ ،‬وخصوصاً إن تأملنا ما سبق من‬
‫الروايات‪.‬‬
‫إذن فقد تبني بوضوح تام؛ إن السفياين ُيرج يف شهر رجب‪ ،‬ويقاتل ستة أشهر يف الشام‬
‫يسيطر فيها على الكور اخلمس‪ -1( ،‬رجب‪ -2 .‬شعبان‪ -3 .‬رمضان‪ -4 .‬شوال‪ -5 .‬ذو‬
‫القعدة‪ -1 .‬ذو احلجة)‪ ،‬فإذا كان خروجه يف أول شهر رجب‪ ،‬فستنتهي الستة أشهر يف هناية‬
‫شهر ذي احلجة وبداية شهر حمرم احلرام‪ ،‬مث ميلك تسعة أشهر‪ ،‬يتوجه فيها إىل توسعة نفوذه يف‬
‫املشرق (العراق وإيران وغريمها)‪ -1( ،‬حمرم‪ -2 .‬صفر‪ -3 .‬ربيع األول‪ -4 .‬ربيع الثاين‪-5 .‬‬
‫مجادى األوىل‪ -1 .‬مجادى الثانية‪ -7 .‬رجب‪ -8 .‬شعبان‪ -9 .‬رمضان)‪.‬‬
‫فينتهي ملكه يف هناية شهر رمضان‪ ،‬مث يقوم اإلمام املهدي ‪ ‬مبكة‪ ،‬بعد ثالثة أشهر‬
‫وعشرة أيام‪ -1( ،‬شوال‪ -2 .‬ذو القعدة‪ -3 .‬ذو احلجة‪ -4 .‬العاشر من شهر حمرم)‪.‬‬
‫بقيت مسألة لبد من بيانها‪:‬‬
‫وهي معرفة وقت حترك السفياين إىل العراق‪ ،‬ومىت يكون خروج السفياين واليماين واخلراساين‬
‫يف سنة واحدة يف شهر واحد يف يوم واحد؟‬

‫‪ -7‬كمال الدين وتمام النعمة‪ :‬ص‪.252 – 257‬‬


‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪111 ........................................ 3 - 1 :‬‬
‫وهل أن اليماين يظهر مع أول خروج السفياين يف رجب‪ ،‬أم ماذا؟‬
‫ولإلجابة على ذلك البد أن نستعرض الروايات أوالً‪ ،‬والروايات واألخبار مستفيضة على أن‬
‫السفياين ال يتوجه إىل العراق إال بعد أن ميلك الكور اخلمس وبعد االنتصار على األبقع‬
‫واألصهب‪ ...‬اخل‪ ،‬فاستمع وتدبر‪ :‬عن الباقر ‪:‬‬

‫(‪.)1( ،)1‬‬

‫‪ -7‬ذكر الشيخ النعماني عدة أسانيد لهذه الرواية تنتهي الى الحسن بن محبوب‪ ،‬أذكر أحدها مع توثيق‬
‫رجاله‪:‬‬
‫النعماني‪ :‬أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد عن محمد بن المفضل وسعدان بن إسحاق بن سعيد واحمد‬
‫بن الحسين بن عبد الملك ومحمد بن احمد بن الحسن جميعا ً عن الحسن بن محبوب عن عمرو بن أبي‬
‫المقدام عن جابر بن يزيد الجعفي عن أبي جعفر ‪.‬‬
‫وهذا السند يحتوي خمسة وسائط‪:‬‬
‫األولى‪ :‬أحمد بن محمد بن سعيد‪ ،‬وهو ثقة باإلجماع‪ ،‬وقد تقدم توثيقه في هوامش هذا البحث‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬تحتوي على أربعة رجال‪ ،‬ويكفي توثيق أحدهم‪ ،‬ومنهم محمد بن المفضل‪ ،‬وقد تقدم توثيقه في‬
‫هوامش هذا البحث‪ ،‬ومنهم أحمد بن الحسين بن عبد الملك؛ وقد وثقه النجاشي في رجاله ص‪ 30‬برقم‬
‫‪ ،718‬ووثقه أيضا ً الشيخ الطوسي في الفهرست‪ :‬ص‪ 21‬برقم ‪.17‬‬
‫الثالثة‪ :‬الحسن بن محبوب؛ ثقة باالتفاق‪ ،‬وراجع توثيقه في فهرست الشيخ الطوسي‪ :‬ص‪،11 –12‬‬
‫برقم ‪.722‬‬
‫الرابعة‪ :‬عمرو بن أبي المقدام؛ ذكره العالمة في القسم األول من خالصة األقوال ‪ -‬قسم المعتمد عليهم‬
‫‪ -‬ص‪ ،272‬وذكر تو ثيقه الشيخ علي النمازي الشاهرودي في مستدركات علم رجال الحديث‪ :‬ج ‪2‬‬
‫ص ‪ ،28‬برقم ‪ ، 70127‬أضف إلى ذلك انه وقع في إسناد تفسير القمي وكامل الزيارات‪ - ،‬الذين‬
‫اعتبرهما الخوئي دليال على وثاقة الرواة – راجع ترجمة عمرو بن أبي المقدام في معجم رجال‬
‫الحديث ج‪ 74‬ص‪ ،37 – 30‬برقم ‪.3328‬‬
‫الخامسة‪ :‬جابر بن يزيد الجعفي‪ ،‬ثقة جليل القدر‪ ،‬قال عنه المحقق الخوئي عنه في معجم رجال‬
‫الحديث ج‪ 4‬ص‪ 845 – 882‬برقم ‪...( :2088‬أقول‪ :‬الذي ينبغي أن يقال‪ :‬أن الرجل البد من عده من‬
‫الثقات األجالء لشهادة علي بن إبراهيم‪ ،‬والشيخ المفيد في رسالته العددية وشهادة ابن الغضائري‪ ،‬على‬
‫ما حكاه العالمة‪ ،‬ولقول الصادق عليه السالم في صحيحة زياد إنه كان يصدق علينا‪ ،‬وال يعارض‬
‫ذلك‪ ،‬قول النجاشي إنه كان مختلطا‪ ،‬وإن الشيخ المفيد‪ ،‬كان ينشد أشعارا تدل على االختالط‪ ،‬فإن فساد‬
‫العقل ‪ -‬لو سلم ذلك في جابر‪ ،‬ولم يكن تجننا كما صرح به فيما رواه الكليني في الكافي‪ :‬الجزء ‪،7‬‬
‫كتاب الحجة ‪ ، 4‬باب أن الجن يأتون األئمة سالم هللا عليهم‪ ،‬فيسألونهم عن معالم دينهم ‪ ،13‬الحديث ‪1‬‬
‫‪ -‬ال ينافي الوثاقة‪ ،‬ولزوم األخذ برواياته‪ ،‬حين اعتداله وسالمته‪( ...‬إلى قوله)‪ :‬الدالة على صدقه في‬
‫‪ ............................................. 112‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬
‫فاألمر واضح يف الرواية السابقة‪ ،‬وهو أن السفياين ال يتوجه إىل العراق إال بعد القضاء على‬
‫األبقع واألصهب‪ ،‬وبعد سيطرته على املنطقة‪ ،‬وسيتضح األمر أكثر من خالل ما يأيت‪.‬‬
‫عن عمار بن ياسر أنه قال‪ ...( :‬ويظهر ثالثة نفر بالشام كلهم يطلب امللك‪ ،‬رجل أبقع‪،‬‬
‫ورجل أصهب‪ ،‬ورجل من أهل بيت أيب سفيان ُيرج يف كلب‪ ،‬وحيضر الناس بدمشق‪ ،‬وُيرج‬
‫أهل الغرب إىل مصر‪ .‬فإذا دخلوا فتلك إمارة السفياين‪ ،‬وُيرج قبل ذلك من يدعو آلل حممد‬
‫‪ ...،‬ويسري صاحب املغرب فيقتل الرجال ويسيب النساء‪ ،‬مث يرجع يف قيس حىت ينزل‬
‫اجلزيرة السفياين‪ ،‬فيسبق اليماين وحيوز السفياين ما مجعوا‪ .‬مث يسري إىل الكوفة فيقتل أعوان آل‬
‫حممد ويقتل رجالً من مسميهم‪.)2( )...‬‬
‫وعن جابر‪ ،‬عن أيب جعفر ‪:‬‬
‫(‪.)3‬‬
‫وعن جابر‪ ،‬عن أيب جعفر ‪ ،‬قال‪:‬‬

‫(‪.)4‬‬
‫وعن علي بن أيب طالب ‪ ،‬قال‪:‬‬

‫(‪.)5‬‬

‫األحاديث المؤيدة بما تقدم من الروايات الدالة على جاللته ومدحه‪ ،‬وأنه كان عنده من أسرار أهل‬
‫البيت سالم هللا عليهم‪.)...‬‬
‫‪ -7‬غيبة النعماني‪ :‬باب ‪74‬ح‪ 22‬ص‪.231 – 233‬‬
‫‪ -2‬بحار األنوار‪ :‬ج‪ 52‬ص‪ ،203 – 201‬معجم أحاديث اإلمام المهدي ‪ :‬ج‪ 7‬ص‪.823 – 821‬‬
‫‪ -8‬معجم أحاديث اإلمام المهدي ‪ :‬ج‪ 8‬ص‪.215‬‬
‫‪ -4‬كتاب الفتن ‪ -‬لنعيم بن حماد‪ :‬ص‪ ،714 – 718‬معجم أحاديث اإلمام المهدي ‪ :‬ج‪ 8‬ص‪– 215‬‬
‫‪.212‬‬
‫‪ -5‬شرح إحقاق الحق ‪ -‬للسيد المرعشي‪ :‬ج‪ 21‬ص‪.512 – 522‬‬
‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪113 ........................................ 3 - 1 :‬‬
‫فهذه الروايات ورمبا توجد غريها مل أحط هبا يف هذه العجالة‪ ،‬كلها تبني أن السفياين ال‬
‫يتوجه إىل العراق إال بعد أن يقضي على األبقع واألصهب ورمبا غريهم‪ ،‬وحىت ميلك الكور‬
‫اخلمس‪ ،‬وقد علمنا أنه بعد أن ميلك الكور اخلمس ميلك تسعة أشهر‪.‬‬
‫وهذا يعين أن السفياين ُيرج يف الشام ويبقى يقاتل هناك ستة أشهر وبعد ذلك يتوجه إىل‬
‫العراق‪ ،‬والروايات تنص على أنه عندما يتوجه إىل العراق أو إىل الكوفة باخلصوص‪ُ ،‬يرج معه يف‬
‫نفس اليوم والشهر والسنة اليماين واخلراساين‪ ،‬يتسابقون إىل الكوفة كخيل الرهان‪.‬‬
‫إذن يتبني أن خروج الثالثة يف سنة واحدة يف شهر واحد يف يوم واحد‪ ،‬متأخر عن بداية‬
‫خروج السفياين يف الشام‪ ،‬فاخلروج هنا هو اخلروج إىل العراق‪ ،‬وهو متأخر عن بداية خروج‬
‫السفياين بستة أشهر ‪ -‬كما تقدم مراراً ‪.-‬‬
‫وهذا يؤكد لنا أن القائم الذي يقاتل السفياين‪ ،‬أو الذي يكون معه يف نفس السنة‪ ،‬ليس‬
‫هو حممد بن احلسن العسكري ‪‬؛ ألن السفياين هنا قد خرج ستة أشهر يقاتل‪ ،‬وبعد أن‬
‫ملك الكور اخلمس يتجه حنو العراق‪ ،‬مث بعد تسعة أشهر ينتهي ملكه ويقضى عليه‪ ،‬وتقدم أن‬
‫هناية ملكه تكون يف شهر رمضان تقريباً‪ ،‬أي يكون قد مضى على أول خروج السفياين مخسة‬
‫عشر شهراً وقضي عليه‪ ،‬وإىل اآلن مل يقم اإلمام املهدي ‪‬؛ ألن الروايات تنص على أنه‬
‫يقوم يف حمرم‪ ،‬أي بعد القضاء على السفياين بثالثة أشهر وأيام‪ ،‬فكيف يقاتله أو يكون معه يف‬
‫سنة واحدة؟!‬
‫وقد اضطربت األقالم يف بيان ومعرفة معىن خروج اليماين والسفياين‪ ...‬يف يوم واحد وشهر‬
‫واحد وسنة واحدة‪ ..‬حيث تومهوا أن هذا اخلروج هو بداية خروج السفياين واليماين‪ ،‬وقبل ذلك‬
‫ال أثر هلما على الساحة‪ ..‬وهذا وهم واشتباه كبري؛ ألن الروايات ال عالقة هلا ببدء وجود اليماين‬
‫والسفياين واخلراساين‪ ..‬بل تعرضت إىل خروجهم على دولة بين العباس يف العراق على أنه يف‬
‫يوم واحد وشهر واحد وسنة واحدة ‪ -‬هذا اخلروج بالتحديد ‪ ،-‬أما قبل ذلك فالروايات مل‬
‫حتدد خروجهم أو ظهورهم يف زمن واحد أبداً‪ ،‬ولنتأمل يف أكثر الروايات تفصيالً لذلك‪:‬‬
‫‪ ............................................. 114‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬
‫الشيخ النعماين‪ :‬أخربنا أمحد بن حممد بن سعيد بن عقدة (‪ ،)1‬قال‪ :‬حدثين أمحد بن‬
‫يوسف بن يعقوب أبو احلسن اجلعفي (‪ )2‬من كتابه‪:‬‬
‫قال‪ :‬حدثنا إمساعيل بن مهران (‪ ،)3‬قال‪ :‬حدثنا احلسن بن علي بن أيب محزة (‪،)4‬‬

‫‪ -7‬ثقة باالتفاق‪ ،‬وقد تقدم ذكر توثيق النجاشي والطوسي له في هوامش هذا البحث‪.‬‬
‫‪ -2‬اعتبره المحقق الخوئي متحداً مع (أحمد بن يوسف مولى بني تيم هللا‪ ،‬الثقة‪ ،‬واستدل على اتحاده‬
‫بكالم طويل‪ ،‬راجع معجم رجال الحديث‪ :‬ج‪ 8‬ص‪ ،728 – 722‬برقم ‪ ،7022‬ورقم ‪ ،7021‬ورقم‬
‫‪.7021‬‬
‫وأحمد بن يوسف مولى بني تيم الكوفي‪ ،‬وثقه الشيخ الطوسي في الفهرست ص‪ 857‬برقم ‪.5205‬‬
‫وذكره النجاشي في رجاله في ترجمة الحسن بن علي بن أبي حمزة‪ ،‬وانه في طريقه إلى كتاب الحسن‬
‫بن علي بن أبي حمزة (فضائل القرآن)‪ ،‬راجع رجال النجاشي‪ :‬ص‪ ،81 - 882‬برقم ‪ .18‬وأيضاً‬
‫ذكره في كثير من طرقه الى الكتب واألصول‪.‬‬
‫وهو من أصحاب األصول كما صرح الشيخ النعماني في نفس الرواية حيث قال‪( :‬حدثني احمد بن‬
‫يوسف‪ ...‬من كتابه) وبما أن الشيخ النعماني اخذ من هذا الكتاب واعتمد عليه فهو كتاب معتمد ومن‬
‫األصول المعول عليها لدى الشيعة‪ ،‬وهذا إن لم يشعر بوثاقة صاحب الكتاب فهو يشير إلى اعتبار‬
‫الكتاب نفسه‪.‬‬
‫بل صرح النجاشي في ترجمة جميل بن دراج بأن أحمد بن يوسف بن يعقوب صاحب كتاب‪ ،‬حيث‬
‫قال في ص‪ ،721 - 722‬برقم ‪( :823‬وله ‪ -‬يقصد جميل بن دراج ‪ -‬كتاب اشترك هو ومحمد بن‬
‫حمران فيه‪ ،‬رواه الحسن بن علي ابن بنت إلياس عنهما أخبرنا محمد بن جعفر التميمي عن أحمد بن‬
‫محمد بن سعيد‪ ،‬عن أحمد بن يوسف بن يعقوب الجعفي من كتابه وأصله في رجب سنة تسع ومائتين‬
‫قال‪ :‬حدثنا الحسن بن علي ابن بنت إلياس عنهما به) انتهى‪.‬‬
‫إذن فالرجل من أصحاب األصول والكتب المعتمدة من قبل المعترف بوثاقتهم من الرجال‪.‬‬
‫وأيضا ذكر كتابه أو أصله آقا بزرگ الطهراني في الذريعة‪ :‬ج‪ 2‬ص‪ 740‬برقم ‪ ،520‬فقال‪( ( :‬أصل)‬
‫أحمد بن يوسف بن يعقوب الجعفي‪ ،‬قال النجاشي في ترجمة جميل بن دراج إنه ( يروي ابن عقدة‬
‫أحمد بن محمد بن سعيد الذي ولد سنة ‪ 241‬وتوفي ‪ - 888‬عن أحمد بن يوسف بن يعقوب الجعفي من‬
‫كتابه وأصله في رجب سنة تسع ومئتين‪ )...‬انتهى‪.‬‬
‫وقال السيد محسن األمين في أعيان الشيعة‪ :‬ج‪ 8‬ص‪( :275‬أحمد بن يوسف بن يعقوب الجعفي‪ :‬قال‬
‫الب هبهاني في تعليقته على منهج المقال‪ :‬روى عن محمد بن إسماعيل الزعفراني وقال النجاشي في‬
‫ترجمة جميل بن دراج في طريقه إليه عن أحمد بن يوسف بن يعقوب الجعفي من كتابه وأصله وهو‬
‫يدل على أن له كتابا ً وأصالً وأنه من مشايخ الرواية‪ .‬انتهى)‪.‬‬
‫‪ -8‬وثقه النجاشي في رجاله‪ :‬ص‪ ،21 -22‬برقم ‪ ،41‬ووثقه الشيخ الطوسي في الفهرست‪ :‬ص‪،42‬‬
‫برقم ‪ ،82‬ووثقه العالمة الحلي في خالصة األقوال‪ :‬ص‪.55 – 54‬‬
‫‪ -4‬نقل توثيقه وتضعيفه الشيخ علي النمازي الشاهرودي في مستدركات علم رجال الحديث‪ :‬ج‪2‬‬
‫ص‪ ،485 – 484‬برقم ‪ 8233‬قائالً‪:‬‬
‫(الحسن بن علي بن أبي حمزة البطائني‪ :‬واسم أبي حمزة سالم‪ ،‬من وجوه الواقفية‪ ،‬كذاب ملعون قاله‬
‫علي بن الحسن بن فضال على ما نقله كش عن محمد بن مسعود‪ ،‬وله كتب‪ ،‬وكان أبوه قائد أبي‬
‫بصير‪ .‬ونقل العالمة المامقاني عن العالمة المجلسي األول‪ :‬أن الطعون باعتبار مذهبه الفاسد‪ ،‬ولذا‬
‫روى عنه مشايخنا لثقته في النقل‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪115 ........................................ 3 - 1 :‬‬

‫واستبعد العالمة النوري في (المستدرك‪ :‬ج‪ 8‬ص‪ )533‬كونه كذابا ً أي في غير ما يرجع إلى مذهبه‬
‫لرواية البزنطي عنه الذي ال يروي إال عن ثقة‪ ،‬وهو من أصحاب اإلجماع‪ ،‬وكذا رواية األجالء عنه‪،‬‬
‫وعد منهم سبعة‪ ،‬وتلقي األصحاب رواياته بالقبول‪ .‬وذكره الصدوق في مشيخة الفقيه في صواحب‬
‫األصول المعتمدة التي استخرج منها كتابه‪ ،‬وروى كتابه إسماعيل بن مهران‪ .‬وهو راوي تفسير‬
‫النعماني الملخص في أول تفسير القمي‪ ،‬والسيد علم الهدى اختصره‪ ،‬ويعرف برسالة المحكم‬
‫والمتشابه‪ ،‬والشيخ الجليل سعد بن عبد هللا‪ ،‬ثم قال‪ :‬إن صوبنا راميه فال بد من توجيهه في كذب دعواه‬
‫في مذهبه‪.‬‬
‫أقول‪ :‬ويشهد على ذلك قول راميه علي بن الحسن بن فضال‪ :‬رويت عنه أحاديث كثيرة‪ .‬وبالجملة له‬
‫كتب منها‪ :‬كتاب الدالئل‪ ،‬وكتاب الفضائل‪ ،‬وكتاب فضائل القرآن‪ ،‬وغير ذلك‪ )...‬انتهى‪.‬‬
‫أقول‪ :‬إن الطعن الموجه إلى الحسن بن علي بن أبي حمزة هو لوقفه‪ ،‬ال ألنه غير معتمد في الرواية‪،‬‬
‫وتوهم البعض انه لضعف روايته‪ ،‬ولذلك نجد انه قد روى عن الثقاة ورووا عنه‪ ،‬بل روى عنه‬
‫أصحاب اإلجماع الذين قال عنهم الشيخ الطوسي بأنهم ال يروون إال عن ثقة‪ ،‬فقد روى عنه البزنطي‬
‫وغيره من الثقاة‪ ،‬وما يؤكد ذلك أمور منها‪:‬‬
‫ً‬
‫أ‪ -‬إن الشيخ الطوسي ذكره من أصحاب الكتب واألصول ولم يتعرض لذمه أو تضعيفه أصال‪ ،‬راجع‬
‫الفهرست‪ :‬ص‪ ،707‬برقم ‪.713‬‬
‫ب‪ -‬وقع في إسناد روايات تفسير القمي وكامل الروايات‪ ،‬اللذان شهد مؤلفاهما بأنهما ال يروون فيهما‬
‫إال عن الثقاة‪ ،‬ونقل ذلك الخوئي عن الحر العاملي وارتضاه‪ ،‬بل جعله دليال على توثيق من لم يوثق‪،‬‬
‫ولكن الخوئي في الحسن بن أبي حمزة تردد في توثيقه في كالم طويل انتهى بعدم توثيقه‪ ،‬والمهم انه‬
‫اعترف بوقوعه في إسناد تفسير القمي وكامل الزيارات‪ ،‬راجع معجم رجال الحديث‪ :‬ج‪ 2‬ص‪– 71‬‬
‫‪.20‬‬
‫ج‪ -‬كالم الميرزا النوري ودفاعه عن وثاقته في النقل‪ ،‬على ما نقله الشيخ علي النمازي كما تقدم‪.‬‬
‫د‪ -‬توثيق العالمة المجلسي األول له على ما نقله الشيخ النمازي كما تقدم وهو كاآلتي‪:‬‬
‫(أن الطعون باعتبار مذهبه الفاسد‪ ،‬ولذا روى عنه مشايخنا لثقته في النقل)‪.‬‬
‫هـ‪ -‬اعتماد الشيخ الصدوق (رحمه هللا) على كتاب الحسن بن علي بن أبي حمزة في كتاب من ال‬
‫يحضره الفقيه‪ ،‬ومن المعلوم أن الشيخ المفيد اعترف جازما ً في مقدمة كتابه بأنه يعتمد فقط على الكتب‬
‫المعتبرة التي إليها المرجع وعليها المعول‪ ،‬واليكم نص كالمه مختصراً‪:‬‬
‫(‪ ...‬وصنفت له هذا الكتاب بحذف األسانيد لئال تكثر طرقه وإن كثرت فوائده‪ ،‬ولم أقصد فيه قصد‬
‫المصنفين في إيراد جميع ما رووه‪ ،‬بل قصدت إلى إيراد ما أفتي به وأحكم بصحته وأعتقد فيه أنه‬
‫حجة فيما بيني وبين ربي ‪ -‬تقدس ذكره وتعالت قدرته ‪ -‬وجميع ما فيه مستخرج من كتب مشهورة‪،‬‬
‫عليها المعول وإليها المرجع‪ ،‬مثل كتاب حريز بن عبد هللا السجستاني وكتاب عبيد هللا بن علي‬
‫الحلبي‪ ...‬إلى قوله‪ :‬إلي وغيرها من األصول والمصنفات التي طرقي إليها معروفة في فهرس الكتب‬
‫التي رويتها عن مشايخي وأسالفي ‪ -‬رضي هللا عنهم ‪ -‬وبالغت في ذلك جهدي‪ ،‬مستعينا باهلل‪ ،‬ومتوكال‬
‫عليه‪ ،‬ومستغفرا من التقصير‪ ،‬وما توفيقي إال باهلل عليه توكلت وإليه أنيب‪ ،‬وهو حسبي ونعم الوكيل)‬
‫من ال يحضره الفقيه‪ :‬ج‪ 7‬ص‪.4 – 2‬‬
‫وقد ذكر في مشيخة كتاب من ال يحضره الفقيه طريقه إلى كتاب (الحسن بن علي بن أبي حمزة) قائالً‪:‬‬
‫(وما كان فيه عن الحسن بن علي بن أبي حمزة فقد رويته عن محمد بن علي ماجيلويه رضي هللا عنه‬
‫عن عمه محمد بن القاسم‪ ،‬عن محمد بن علي الصيرفي‪ ،‬عن إسماعيل بن مهران‪ ،‬عن الحسن بن علي‬
‫بن أبي حمزة البطائني) من ال يحضره الفقيه‪ :‬ج‪ 4‬ص‪.573‬‬
‫‪ ............................................. 111‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬
‫عن أبيه ووهيب بن حفص (‪ ،)1‬عن أيب بصري (‪ ،)2‬عن أيب جعفر حممد بن علي ‪ ،‬أنه قال‪:‬‬

‫‪‬‬

‫(‪.)3‬‬

‫وبعد كل ما تقدم يكون الحسن بن علي بن أبي حمزة موثقا في النقل والرواية ومعتمداً عليه وان كان‬
‫واقفياً‪ ،‬فكم من واقفي أو فطحي أو ما شابه يعتمد عليه القوم‪ ،‬وعلى ذلك يكون حديثه من صنف‬
‫(الموثق) وهو حجة ومعمول به على المشهور المنصور‪ ،‬حسب قواعد القوم‪.‬‬
‫‪ -7‬هنا الواسطة مشتركة بين (علي بن حمزة البطائني) وبين (وهيب بن حفص) ويكفي توثيق‬
‫أحدهما‪ ،‬وبما أن البطائني واقفي والكالم فيه طويل فاترك الخوض في ترجمته تجنبا لإلطالة وان كان‬
‫ثقة‪ ،‬واختار توثيق (وهيب بن حفص)‪ :‬فقد وثقه النجاشي في رجاله‪ :‬ص‪ ،487‬برقم ‪ ،7751‬ووثقه‬
‫المحقق الخوئي في معجم رجال الحديث‪ :‬ج‪ 20‬ص‪ ،281 – 282‬برقم ‪.78285‬‬
‫‪ -2‬ثقة باالتفاق‪ ،‬وهو يحيى بن القاسم األسدي‪ ،‬ومن أشكل باشتراك غيره معه بكنية (أبي بصير)‪،‬‬
‫فيجيبه المحقق الخوئي بقوله‪ ...( :‬ولكنا ذكرنا في ترجمة يحيى بن القاسم‪ ،‬أن أبا بصير عندما أطلق‪،‬‬
‫فالمراد به هو‪ :‬يحيى بن أبي القاسم‪ ،‬وعلى تقدير االغماض فاألمر يتردد بينه وبين ليث بن البختري‬
‫المرادي‪ ،‬الثقة‪ ،‬فال أثر للتردد‪ ،‬وأما غيرهما فليس بمعروف بهذه الكنية‪ ،‬بل لم يوجد مورد يطلق فيه‬
‫أبو بصير‪ ،‬ويراد به غير هذين) معجم رجال الحديث‪ :‬ج‪ 22‬ص‪.52‬‬
‫وأيضا ً يجيبه الشيخ علي النمازي الشاهرودي بقوله‪ ...( :‬فتعين أن إطالق أبي بصير في روايات‬
‫الباقرين صلوات هللا عليهما منصرف إلى الثاني والثالث والرابع وكلهم ثقات أجالء) مستدركات علم‬
‫رجال الحديث‪ :‬ج‪ 3‬ص‪.847‬‬
‫‪ -8‬الغيبة للنعماني‪ :‬ص‪ 224‬باب ‪ 74‬ح‪.78‬‬
‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪117 ........................................ 3 - 1 :‬‬
‫الشيخ الطوسي (‪ :)1‬عن (الفضل بن شاذان) (‪ ،)2‬عن سيف بن عمرية (‪ ،)3‬عن بكر بن‬
‫حممد األزدي (‪ ،)4‬عن أيب عبد اهلل ‪ ،‬قال‪:‬‬

‫(‪.)5‬‬
‫فنرى التأكيد كله منصباً على خروج الثالثة عند اختالف بين فالن ‪ -‬بين العباس ‪ -‬وحنو‬
‫العراق أو الكوفة باخلصوص‪ ،‬وهذا اخلروج ليس بداية ظهور وخروج السفياين واليماين على‬
‫الساحة‪ ..‬وقد تقدم بيان أن السفياين خارج قبل هذا الوقت بستة أشهر يف الشام وقد خاض‬
‫حروباً كثرية وشديدة وسيطر على عدة دول !‬
‫وال يفوتين أن أعرج على كتاب الكوراين (عصر الظهور) لنرى كيف بىن أفكاره يف هذه‬
‫املسألة على وهم‪ ،‬وجعل من هذا الوهم مقياساً للحقائق‪ ،‬فهو كحاطب ليل ال يدري أين يضع‬
‫فأسه !‬
‫قال الكوراين يف كتابه عصر الظهور ص‪:113 – 112‬‬
‫البحار‪ :‬ج‪52‬‬ ‫(فعن اإلمام الصادق ‪ ‬قال‪:‬‬
‫ص‪ ،249‬وهذا يعين أن خروجه يكون قبل ظهور املهدي ‪ ‬بنحو ستة أشهر؛ ألنه ‪‬‬

‫‪ -7‬هذه الرواية التي ينقلها الشيخ الطوسي عن الفضل بن شاذان‪ ،‬قد رويت في كتاب مختصر إثبات‬
‫الرجعة للفضل بن شاذان ‪ -‬تحقيق السيد هاشم باسم الموسوي ‪ -‬الحديث رقم ‪ .71‬وبهذا ال يهمنا إال‬
‫إثبات وثاقة م ا بعد الفضل بن شاذان‪ ،‬وكلهم ثقات أثبات‪ ،‬كما يأتي في الهوامش اآلتية‪ .‬مع أن هناك‬
‫عدة طرق للشيخ الطوسي إلى الفضل بن شاذان منها الصحيح المعتبر‪ ،‬وصرَّح انه قد روى به كتب‬
‫الفضل بن شاذان ورواياته‪ ،‬وعد منها كتاب إثبات الرجعة‪ ،‬راجع ترجمة الفضل بن شاذان في‬
‫فهرست الشيخ الطوسي‪ :‬ص‪ 711 -711‬برقم ‪.528‬‬
‫وكتاب (مختصر إثبات الرجعة) هو عبارة عن اختصار لكتاب (إثبات الرجعة) للفضل بن شاذان‪،‬‬
‫انتخبه بعض فضالء المحدثين‪ ،‬راجع كتاب الذريعة‪ :‬ج‪ 22‬ص‪ 821‬برقم ‪ ،1412‬وأيضا ً ج‪ 7‬ص‪18‬‬
‫برقم ‪.450‬‬
‫‪ -2‬متفق على جاللته ووثاقته وعلو مقامه‪ ،‬راجع توثيقه في رجال النجاشي‪ :‬ص‪ 801 – 802‬برقم‬
‫‪.340‬‬
‫‪ -8‬وثقه النجاشي‪ :‬ص ‪ ،731‬برقم‪ ،504‬ووثقه الشيخ الطوسي في الفهرست‪ :‬ص‪ ،740‬برقم ‪.888‬‬
‫‪ -4‬وثقه النجاشي‪ :‬ص ‪ ،703‬برقم ‪ ،218‬ووثقه الخوئي في معجم رجال الحديث‪ :‬ج‪ 4‬ص‪.220‬‬
‫‪ -5‬الغيبة للشيخ الطوسي‪ :‬ص‪.441 – 442‬‬
‫‪ ............................................. 118‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬
‫يظهر يف مكة يف ليلة العاشر أو يوم العاشر من حمرم من تلك (السنة)‪ .‬ويعين أيضاً أن سيطرة‬
‫السفياين على منطقة بالد الشام تتم قبل ظهور املهدي ‪ ،‬األمر الذي ميكنه من إرسال‬
‫جيشه إىل العراق‪ ،‬مث إىل احلجاز للقضاء بزعمه على أنصار املهدي وحركته‪ .‬وعلى هذا‪ ،‬تكون‬
‫مراحل حركة السفياين ثالثة‪ :‬مرحلة تثبيت سلطته يف الستة أشهر األوىل‪ ،‬مث مرحلة غزوه ومعاركه‬
‫يف العراق واحلجاز‪ ،‬مث مرحلة تراجعه عن التوسع يف العراق واحلجاز‪ ،‬ودفاعه أمام زحف جيش‬
‫املهدي عما يبقى يف يده من بالد الشام‪ ،‬وعن إسرائيل والقدس) انتهى‪.‬‬
‫فالحظ؛ إن الكوراين قال أوالً إن خروج السفياين قبل ظهور اإلمام املهدي ‪ ‬بستة‬
‫أشهر‪ ،‬مث ينقض قوله هذا عندما يقول إن حركة السفياين على ثالثة مراحل‪ ،‬املرحلة األوىل‬
‫تثبيت سلطته يف ستة أشهر‪ ..‬واملرحلة الثانية هي مرحلة غزوه ومعاركه يف العراق واحلجاز‪.‬‬
‫وعلى هذا البد أن يقوم اإلمام املهدي ‪ ‬عند هناية أول مرحلة من مراحل السفياين ‪-‬‬
‫الستة أشهر ‪ -‬أي إن اإلمام املهدي ‪ ‬يقوم قبل أو عند توجه السفياين حنو العراق‪.‬‬
‫وهذا ما ال يقوله حىت الكوراين نفسه‪ ،‬والروايات خالفه‪ ،‬حيث أهنا بيَّنت أن السفياين يقاتل‬
‫ستة أشهر يف الشام وبعد ذلك يتوجه حنو العراق‪ ،‬وبعد متلكه الشامات يبقى تسعة أو مثانية‬
‫أشهر حىت يهلك‪ ،‬وجند أن السفياين يتوجه إىل العراق بعد الستة أشهر‪ ،‬واإلمام املهدي ‪‬‬
‫غري قائم‪ ،‬بل وُيوض احلروب يف العراق وغريه وما زال اإلمام املهدي ‪ ‬غري قائم‪ ،‬بل‬
‫ومتضي مخسة عشر شهراً على خروج السفياين‪ ،‬وأيضاً اإلمام املهدي ‪ ‬غري قائم يف الوقت‬
‫الذي حدده الكوراين‪ ،‬وهو العاشر من حمرم‪.‬‬
‫فكيف حيدد الكوراين خروج السفياين قبل قيام اإلمام املهدي ‪ ‬بستة أشهر‪ ،‬مث حيدد‬
‫الفرتة اليت يسيطر فيها السفياين على الشام فقط بستة أشهر‪ ..‬حيث قال نصاً‪( :‬أن سيطرة‬
‫السفياين على منطقة بالد الشام تتم قبل ظهور املهدي ‪ ،‬األمر الذي ميكنه من إرسال‬
‫جيشه إىل العراق‪ ،‬مث إىل احلجاز للقضاء بزعمه على أنصار املهدي وحركته)‪.‬‬
‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪119 ........................................ 3 - 1 :‬‬
‫وإرسال اجليش إىل العراق مث إىل احلجاز يكون يف املرحلة الثانية ‪ -‬حسب تصنيف الكوراين‬
‫– وهذه املرحلة تبدأ بعد الستة أشهر اليت يسيطر فيها السفياين على الشام‪ ،‬وقبل قيام اإلمام‬
‫املهدي ‪ ‬يف عاشوراء‪ ،‬فأين هو زمن املرحلة الثانية؟!‬
‫نعم‪ ..‬هنا تشابه البقر على الكوراين أكيداً‪ ..‬ألن الستة أشهر اليت هي من بداية خروج‬
‫السفياين إىل قيام اإلمام املهدي ‪ ‬يف عاشوراء ‪ -‬على رأي الكوراين ‪ -‬تنتهي فقط بسيطرة‬
‫السفياين على الشام وحينئذ تبدأ املرحلة الثالثة ‪ -‬من مراحل الكوراين ‪ -‬بقيام اإلمام املهدي‬
‫‪ ‬يف عاشوراء‪ ..‬وكما قدمت تبقى املرحلة الثانية بال وقت أصالً؛ ألننا حىت لو قلنا بأن‬
‫السفياين ُيرج يف بداية رجب فال تتم له ستة أشهر إال بنهاية ذي احلجة‪ ،‬وعندئذ يبقى على‬
‫قيام اإلمام املهدي ‪ ‬عشرة أيام ال غري‪ ،‬فهل أن السفياين يتوجه حنو العراق والري وغريها‬
‫وُيوض معاركه الطاحنة فيها و‪ ..‬و‪ ..‬كلها يف عشرة أيام؟!!‬
‫وليس هذا هناية خبط الكوراين‪ ..‬بل تعال معي إىل الصفحة (‪ )142‬من كتابه عصر‬
‫الظهور‪ ،‬حيث يقول‪:‬‬
‫(وتكون هناية السفياين أن يقبض عليه أحد جنود اإلمام املهدي فيقتلونه عند حبرية طربية أو‬
‫عند مدخل القدس كما تذكر الروايات‪ .‬وينهون ذلك حياة طاغية استطاع يف مخسة عشر شهراً‬
‫أن يرتكب من اجلرائم ما ال يستطيع أن يرتكبه غريه يف سنني طويلة)‪.‬‬
‫وهنا الكوراين ينص على أن مدة السفياين من خروجه إىل هالكه مخسة عشر شهراً‪ ،‬وأكيداً‬
‫أنه اعتمد على الرواية اليت تفصل مدة السفياين بأنه ُيرج يف رجب ومن بداية خروجه إىل هناية‬
‫ملكه مخسة عشر شهراً يقاتل فيها ستة أشهر يف الشام مث ميلك تسعة أشهر‪.‬‬
‫فأقول‪:‬‬
‫‪ -1‬قال الكوراين يف الصفحة (‪( :)112‬فعن اإلمام الصادق ‪ ‬قال‪( :‬ومن المحتوم‬
‫خروج السفياني في رجب)‪ ،‬وهذا يعين أن خروجه يكون قبل ظهور املهدي ‪ ‬بنحو ستة‬
‫أشهر؛ ألنه ‪ ‬يظهر يف مكة يف ليلة العاشر أو يوم العاشر من حمرم من تلك "السنة")‬
‫انتهى‪.‬‬
‫‪ ............................................. 171‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬
‫وإصرار الكوراين على أن اإلمام املهدي ‪ ‬يقوم يف حمرم الذي من نفس سنة شهر رجب‬
‫الذي ُيرج فيه السفياين؛ أوقعه يف متاهات ال خمرج منها‪ ،‬ألن من خروج السفياين يف رجب إىل‬
‫ستة أشهر هي الفرتة اليت يقاتل فيها السفياين حىت يسيطر على الكور اخلمس يف الشام‪،‬‬
‫والروايات تؤكد على أن هالك السفياين بعد ذلك بتسعة أو مثانية أشهر‪ ،‬بينما الكوراين توهم أن‬
‫بعد هناية الستة أشهر بعشرة أيام يقوم اإلمام املهدي ‪ ‬يف عاشوراء من نفس السنة‪ ،‬يف‬
‫حني أننا جند الروايات تبني أن يف أيام قيام القائم ‪ُ ‬يسف جبيش السفياين أو بالسفياين‬
‫وجيشه‪ ..‬وعلى فرض تعدد السفياين‪ ،‬فأيضاً تبني الروايات بأن هالكه ال يطول بعد قيام اإلمام‬
‫املهدي ‪ ‬يف مكة أكثر من شهر‪ ..‬وإن تنزلنا نعطي للكوراين شهرين أو ثالثة‪ ..‬فأيضاً ال‬
‫تبلغ مدة السفياين مخسة عشر شهراً من بداية خروجه يف رجب إىل هناية ملكه‪ ،‬بل تكون مدته‬
‫كلها مثانية أشهر أو تسعة‪ ،‬يف حني إننا جند الروايات تصرح بأن ملكه فقط تسعة أشهر‪ ،‬فضالً‬
‫عن قتاله قبل ملكه أو سيطرته ستة أشهر‪ ،‬بل إننا جند أن السفياين يهزم من العراق ومن الري‪..‬‬
‫قبل حمرم الذي يقوم فيه اإلمام املهدي ‪ ،‬ونعرف أيضاً أنه ُيسف جبيشه قبل العاشر من‬
‫حمرم أو بعده بأيام‪ ،‬وعندئذ يكون ملك السفياين قد هترأ ومل يبق منه إال القليل‪ ،‬مث إن اإلمام‬
‫املهدي ‪ُ ‬جي ِهز عليه يف مدة يسرية‪ ،‬فهل كل هذا يتحقق يف عشرة أيام‪ ،‬أو أقل إن قلنا إن‬
‫السفياين ال ُيرج يف بداية شهر رجب؟!‬
‫فإذا سرنا على كالم الكوراين فتكون معارك السفياين واليماين واخلراساين وكثري من األحداث‬
‫يف العراق ويف إيران وغريمها تكون يف أو بعد حمرم الذي يقوم فيه اإلمام املهدي ‪‬؛ ألن‬
‫الروايات جممعة على أن السفياين ال يتوجه إىل العراق إال بعد أن يسيطر على كور الشام اخلمس‬
‫(دمشق‪ ،‬ومحص‪ ،‬وفلسطني‪ ،‬واألردن‪ ،‬وقنسرين)‪ ،‬وسيطرته على تلك الكور يكون يف ستة‬
‫أشهر‪:‬‬
‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪171 ........................................ 3 - 1 :‬‬
‫عن أيب عبد اهلل ‪ ‬أنه قال‪:‬‬

‫(‪.)1‬‬
‫وعن أيب عبد اهلل جعفر بن حممد ‪ ‬أنه قال‪:‬‬
‫(‪.)2‬‬
‫‪‬‬ ‫وعن عبد اهلل بن أيب منصور البجلي‪ ،‬قال‪:‬‬

‫(‪.)3‬‬
‫إذن فال حميص من التنازل عن كون اإلمام املهدي ‪ ‬يقوم يف شهر حمرم الذي هو بعد‬
‫ستة أشهر من شهر رجب الذي ُيرج فيه السفياين‪ ،‬وإال فال تستقيم األحداث أبداً؛ ألن من‬
‫املقطوع به أن غزو السفياين للعراق يكون قبل قيام اإلمام املهدي ‪ ‬بعدة أشهر‪ ،‬وعلى‬
‫حساب الكوراين يكون توجه السفياين حنو العراق عند أو بعد قيام اإلمام املهدي ‪‬؛ ألنه‬
‫حصر مدة خروج السفياين قبل قيام اإلمام املهدي ‪ ‬بنحو ستة أشهر فقط‪ ،‬وكما تقدم أن‬
‫هذه الستة أشهر هي الفرتة اليت يقاتل فيها السفياين يف الشام حىت يسيطر على الكور اخلمس‬
‫مث بعد ذلك يتوجه إىل العراق وإىل غريه ويستمر ملكه يف الشام بعد سيطرته تسعة أو مثانية‬
‫أشهر‪ ..‬أي تكون مدة السفياين من بداية خروجه إىل هناية ملكه مخسة عشر شهراً‪.‬‬
‫عن الباقر ‪:‬‬

‫‪ -7‬الغيبة للنعماني‪ :‬ص‪.870‬‬


‫‪ -2‬الغيبة للنعماني‪ :‬ص‪.872‬‬
‫‪ -8‬كمال الدين‪ :‬باب ‪ 51‬ح‪ 77‬ص‪.252 – 257‬‬
‫‪ ............................................. 172‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫(‪.)1‬‬
‫إذن فكيف يقول الكوراين إن السفياين ُيرج قبل قيام اإلمام املهدي ‪ ‬بستة أشهر‬
‫فقط؟!‬
‫تبني ما تقدم‪ ،‬وهو أن اإلمام املهدي ‪ ‬ال ميكن أن يكون قيامه بعد خروج‬ ‫‪ -2‬وإذا َّ‬
‫السفياين ‪ -‬يف رجب ‪ -‬بستة أشهر فقط‪ ،‬وبعد مساع اعرتاف الكوراين بأن بقاء السفياين مخسة‬
‫عشر شهراً‪ ،‬يتبني أن الكوراين قد غفل عن أمر آخر‪ ،‬وهو أن بقاء السفياين ‪ -‬على حسابه ‪-‬‬
‫ال يبقى إال سبعة أو مثانية أو تسعة أشهر على أكثر التقادير‪ ..‬وعلى أي حال ال يصل إىل‬
‫مخسة عشر شهراً؛ ألنه ال يبقى تسعة أشهر بعد قيام اإلمام املهدي ‪ ‬يف حمرم‪ ،‬حسب ما‬
‫تفيده الروايات املتكاثرة‪ ،‬فأين هي اخلمسة عشر شهراً‪ ...‬وأين هي التسعة أشهر اليت ميلك فيها‬
‫السفياين بعد أن يقاتل ستة أشهر؟!!!‬
‫‪ -3‬وأكيداً أن الكوراين سيذهل عندما يتضح له أن السفياين الذي ُيرج يف رجب ويبقى‬
‫مخسة عشر شهراً‪ ،‬تتم سيطرته على الشام يف شهر حمرم‪ ،‬مث ميلك تسعة أشهر يتوجه فيها إىل‬
‫توسيع ملكه حنو العراق وإيران واحلجاز‪ ...‬وتنتهي التسعة أشهر‪ ،‬واىل اآلن مل يقم اإلمام‬
‫املهدي ‪‬؛ ألنه على هذا ال يقوم يف حمرم الذي يلي رجب الذي ُيرج فيه السفياين‪ ،‬بل يف‬
‫حمرم الذي بعده أي بعد سنة كاملة بعد سيطرت السفياين على الشام‪ ،‬وإذا حسبنا تسعة أشهر‬
‫من حمرم ‪ -‬بداية ملك السفياين ‪ -‬يكون هالك السفياين يف شهر رمضان أي قبل حمرم الثاين‬
‫بأكثر من ثالثة أشهر‪.‬‬
‫وإن قلت‪ :‬إن هناك روايات تنص على أن السفياين موجود عند قيام اإلمام املهدي ‪‬‬
‫يف العاشر من حمرم مبكة؟‬
‫أقول‪ :‬نعم‪ ..‬وسيأيت الكالم عن ضرورة القول بتعدد السفياين بوجه ما‪ ،‬بل حىت تعدد‬
‫القائم‪ ،‬يف احللقة الرابعة إن شاء اهلل تعاىل‪ ،‬وقد تقدم بيان ذلك خمتصراً‪.‬‬

‫‪ -7‬غيبة النعماني‪ :‬باب ‪74‬ح‪ 22‬ص‪.231 – 233‬‬


‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪173 ........................................ 3 - 1 :‬‬
‫بقي أن نعرف‪:‬‬
‫إذا قلنا بأن السفياين يتوجه إىل العراق بعد أن يقاتل يف الكور اخلمس ستة أشهر ‪ -‬من‬
‫رجب إىل حمرم ‪ ،-‬وإن اليماين يتسابق معه إىل الكوفة يف هذا الوقت كما تنص الروايات‪ ،‬فهل‬
‫هذا يعين أن اليماين وكذلك اخلراساين غري ظاهرين وغري خارجني قبل توجه السفياين إىل‬
‫العراق؟‬
‫وبعبارة أخرى‪ :‬هل هذا يستلزم أن ال وجود لليماين ‪ -‬ظهوراً أو خروجاً ‪ -‬قبل توجه‬
‫السفياين إىل العراق؛ ألن الروايات تصف خروجهم هذا يف سنة واحدة وشهر واحد ويوم واحد؟‬
‫الجواب‪:‬‬
‫رمبا تنبه القارئ الفطن من خالل ما تقدم إىل عدم وجود أي مالزمة بني بداية خروج الثالثة‬
‫(اليماين واخلراساين والسفياين)‪ ،‬نعم خروجهم املسلح حنو الكوفة يكون يف يوم واحد‪ ،‬ولكن‬
‫اخلروج إىل الكوفة شيء‪ ،‬واخلروج قبل ذلك شيء آخر‪ ،‬فقد تبني بأوضح صورة أن السفياين‬
‫خارج قبل ذلك بستة أشهر‪.‬‬
‫فالظاهر أن الروايات اليت تنص على خروج هؤالء الثالثة إىل الكوفة يف وقت واحد‪ ،‬قد‬
‫أومهت اجلميع بأن ال وجود هلم قبل ذلك الوقت‪ ،‬يف حني أن هذا األمر مسكوت عنه‪ ،‬بل إنه‬
‫خمالف للروايات اليت يتضح منها أن السفياين خارج قبل ذلك بكثري‪.‬‬
‫فغاية ما تدل عليه روايات خروج الثالثة؛ هو حتديد خروجهم إىل الكوفة يف يوم واحد‬
‫وتسابقهم إليها‪ ،‬أما خروجهم قبل ذلك فمصرح به بالنسبة للسفياين ومسكوت عنه بالنسبة‬
‫أن خروج اليماين قبل ذلك مشار إليه يف‬ ‫لليماين واخلراساين‪ ،‬بل سيأيت ‪ -‬إن شاء اهلل ‪َّ -‬‬
‫روايات كثرية‪ ،‬وأيضاً يستفاد ذلك مما تقدم من هذا البحث‪.‬‬
‫وقول الباقر ‪:‬‬
‫‪ ،‬ليس بالضرورة أن يكون هذا اخلروج حمصوراً باخلروج الذي يزامن توجه‬
‫السفياين إىل الكوفة‪ ،‬فقد يكون اليماين خارجاً قبل ذلك‪.‬‬
‫‪ ............................................. 174‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬
‫كما أن خروج السفياين عندما يذكر يف بقية الروايات ال يعين بالضرورة أنه توجهه إىل‬
‫الكوفة‪ ،‬بل قد يراد منه بداية خروجه يف رجب والذي يستمر إىل مخسة عشر شهراً‪ ،‬وسيأيت إن‬
‫شاء اهلل الرتكيز على ذلك‪.‬‬
‫فال ميكن اجلزم بأن اليماين املوعود مهمته مقتصرة على مواجهة السفياين وطرده من العراق‪،‬‬
‫فقد يكون قبل ذلك عنده مهام أخرى‪ ،‬كما أن للسفياين قبل ذلك حروب طاحنة وملدة ستة‬
‫أشهر‪ ،‬وهبذا ينفك متاماً التالزم بني خروج اليماين والسفياين‪ ،‬إال يف توجههما إىل العراق أو‬
‫الكوفة كما تقدم‪.‬‬
‫وقد ذكر الكوراين رواية واعرتف بصحة سندها‪ ،‬تدل على ذلك‪ ،‬يف كتابه عصر الظهور‪،‬‬
‫حيث قال‪ ...( :‬ولكن توجد رواية أخرى صحيحة السند عن اإلمام الصادق ‪ ‬تقول‪:‬‬
‫) (‪.)1‬‬
‫وعليه فيكون هذا اليماين األول ممهداً لليماين املوعود‪ ...‬أما وقت خروج هذا اليماين‬
‫األول‪ ،‬فقد حددت الرواية الشريفة أنه قبل السفياين فقط‪ .‬وقد يكون قبله مبدة قليلة أو سنني‬
‫طويلة‪ .‬واهلل العامل) (‪.)2‬‬
‫وهنا الكوراين التجأ إىل القول بأن اليماين يف هذه الرواية هو مياين ممهد لليماين املوعود‪،‬‬
‫لتومهه بأن اليماين املوعود ال يظهر إال مع توجه السفياين حنو العراق‪ ،‬وبعد اتضاح عدم املالزمة‬
‫بني خروج السفياين واليماين‪ ،‬ال يلتفت إىل هذا التأويل االضطراري‪.‬‬
‫فيمكن القول بأن اليماين ظاهر قبل خروج السفياين يف رجب‪ ،‬ورمبا قبل ذلك بسنني‪ ،‬نظراً‬
‫إىل وصف اليماين بأنه صاحب دعوة (يدعو إىل صاحبكم) و (يدعو إىل احلق واىل طريق‬
‫مستقيم)‪ ،‬واتضح أن الطريق املستقيم هو والية أمري املؤمنني ‪.‬‬
‫وال ُيفى أن هكذا دعوة تأيت بكل احلق وبالدين اإلهلي اخلالص‪ ،‬يف وسط الزمان الذي‬
‫وصف بأنه مملوء بالفنت واالحنرافات‪ ،‬وكثرة الرايات الضالة‪ ،‬وفساد فقهاء الدين وإتباع الناس‬
‫هلم‪ ،‬وامتالء األرض ظلماً وجوراً‪ ...‬اخل‪ ،‬فالبد أن حتتاج هكذا دعوة إىل وقت طويل لكي‬

‫‪ -7‬بحار األنوار‪ :‬ج‪ 52‬ص‪ 270‬عن غيبة الطوسي‪.‬‬


‫‪ -2‬عصر الظهور‪ :‬ص‪.743‬‬
‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪175 ........................................ 3 - 1 :‬‬
‫تستطيع أن تربهن على فساد الواقع الديين والسياسي واالجتماعي واحنرافه‪ ،‬وتثبت الدين احلق‬
‫‪ ،‬مع مالحظة أن هكذا دعوة خترج يف هكذا‬ ‫الذي جاء به الرسول حممد وأهل بيته‬
‫جمتمع حتماً ستعامل على أهنا دين جديد وبدعة واحنراف عما تعارف عليه الناس من دين‬
‫وعن أهل بيته يف روايات متواترة‪ ،‬اقتصر على اثنتني‬ ‫الفقهاء‪ ،‬كما روي عن الرسول حممد‬
‫منها‪:‬‬
‫عن أيب جعفر ‪:‬‬
‫(‪.)1‬‬
‫وعن جابر‪ ،‬عن أيب جعفر ‪ ،‬قال‪:‬‬

‫(‪.)2‬‬
‫فكم حيتاج اليماين املوعود لكي يثبت زيف هؤالء الفقهاء وابتعادهم عن الدين‪ ،‬وكم حيتاج‬
‫لكي يُقنع أتباعه بدعوته ويرسخ إمياهنم هبا‪ ،‬ويربيهم تربية تؤهلهم إىل أن يكونوا الثلة اليت متهد‬
‫لدولة العدل اإلهلي‪...‬؟؟؟‬
‫يف حني جند أن جيش السفياين جيتمع بيسر وسهولة وبأقصر مدة وبأعداد مهولة‪ ،‬كما‬
‫نسمعه يف خرب طويل عن اإلمام علي ‪:‬‬

‫(‪.)3‬‬
‫املر الثقيل ومتبعيه‪.‬‬
‫نعم‪ ،‬فما أكثر أتباع الباطل ومريديه‪ ،‬وما أقل أتباع احلق ّ‬
‫(‪.)4‬‬ ‫قال تعاىل‪:‬‬

‫‪ -7‬غيبة النعماني‪ :‬باب ‪ 22‬ح‪ 7‬ص‪.882‬‬


‫‪ -2‬تهذيب األحكام ‪ -‬للشيخ الطوسي‪ :‬ج‪ 2‬ح‪ 812‬ص‪.730‬‬
‫‪ -8‬شرح إحقاق الحق ‪ -‬للسيد المرعشي‪ :‬ج‪ 21‬ص‪ 522‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -4‬هود‪.40 :‬‬
‫‪ ............................................. 171‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬
‫وإبليس وأتباعه من اإلنس واجلن قطاع طريق احلق والعدل‪ ،‬قال تعاىل حكاية عن كالم‬
‫(‪.)1‬‬ ‫إبليس (لعنه اهلل)‪:‬‬
‫هذا الصراط املستقيم الذي يدعو إليه اليماين املوعود يف آخر الزمان‪ ،‬كما قال األئمة‬
‫‪.‬‬ ‫‪:‬‬
‫إشكال‪:‬‬
‫قد يُشكل البعض قائالً‪ :‬جاءت عدة روايات حتذر األمة من اخلروج والتزام الصمت‬
‫والسكينة حىت ُيرج السفياين‪ ...‬فكيف يقال بأن اليماين قد يكون ظاهراً قبل خروج‬
‫السفياين؟!‬
‫أقول‪ :‬سيتضح اجلواب عن هذا اإلشكال من خالل املوضوع اآليت‪ ،‬فتأمل‪.‬‬
‫***‬
‫تكليف األمة عند خروج السفياني‬
‫عندما نطالع الروايات اليت تعظ املؤمنني وحتثهم على االنتظار والسكون والرتيث‪ ،‬ال يعين‬
‫هذا أهنا حترم الثورة يف وجه الطغاة والدفاع عن الدين واملال والعرض والنفس‪ ،‬بل عند التحقيق‬
‫جندها إما حتث على التحرز عن رايات الضالل وطالب اجلاه واألموال والرتؤس‪ ،‬والتمسك‬
‫واالنقياد هلم يف كل الشؤون‪ ،‬وإما تبني أن ال فرج وال متكني‬ ‫حباكمية اهلل أي والية األئمة‬
‫إال بقيام القائم ‪ ،‬وإن اخلارج قبل ذلك فمصريه القتل‪ ،‬وطبعاً هذا ال يعين بالضرورة أنه‬
‫ليس قتالً يف سبيل اهلل‪ ،‬وإمنا تلك النصوص بصدد احلفاظ على الشيعة وإبعادهم عن الغوغاء‬
‫اليت ال جتلب نفعاً وتؤدي إىل هالكهم بال فائدة تذكر‪ ،‬أو التنبيه على أن الثائر قبل قيام القائم‬
‫‪ ‬مصريه القتل دون حتقيق املراد‪ ،‬وال تتحقق دولة عدل قبل قيام اإلمام املهدي ‪...‬‬
‫اخل‪.‬‬
‫وسنأيت على سرد بعض الروايات اليت تتكلم عن ذلك ومناقشتها واخلروج بنتيجة منها إن‬
‫شاء اهلل تعاىل‪:‬‬

‫‪ -7‬األعراف‪.72 :‬‬
‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪177 ........................................ 3 - 1 :‬‬
‫عن سدير‪ ،‬قال‪ :‬قال أبو عبد اهلل ‪:‬‬
‫(‪.)1‬‬
‫ومناقشة هذه الرواية يف نقاط‪:‬‬
‫‪ -1‬عند مقارنة هذه الرواية مع روايات أخرى ‪ -‬كما سيأيت ‪ -‬يتبني أهنا ال تعين النهي عن‬
‫الثورة يف وجوه الظاملني أبداً‪ ،‬بل تعين النهي عن اتباع الرايات الضالة أو اليت ظاهرها الدعوة‬
‫وباطنها الدعوة للتسلط والرتؤس بال حق‪ ،‬حيث روي عن أهل البيت‬ ‫للرضا من آل حممد‬
‫الرضا بثورة زيد بن علي ‪ ‬والرتحم عليه‪ ،‬وكذلك ثورة احلسني صاحب فخ‪ ،‬كما‬
‫سيأيت بيانه إن شاء اهلل‪.‬‬
‫‪ -2‬رمبا تقصد ‪ -‬كما هو ظاهر ‪ -‬عصر الظهور لإلمام املهدي ‪ ‬والتحذير عن اتباع‬
‫الرايات الضالة وأهل الفنت‪ ،‬واإلرشاد إىل انتظار قائم آل حممد ‪ ،‬وعدم اتباع أي راية إال ما‬
‫وارشدوا إليه‪ ،‬كراية اليماين املوعود‪ ،‬وما يؤيد أهنا أكثر انطباقاً على عصر‬ ‫أمر به األئمة‬
‫الظهور هو ذكر خروج السفياين الذي هو من عالمات قيام القائم ‪.‬‬
‫‪ -3‬من النقطة الثانية يتبني أن اليماين غري مقصود من مفهوم عموم هذه الروايات؛ ألن‬
‫اليماين مأمور بنصرته وعدم االلتواء عليه‪ ،‬وسيأيت تفصيل ذلك إن شاء اهلل تعاىل‪.‬‬
‫‪ ،‬ما املقصود منه؟ وما هو حقيقة‬ ‫‪ -4‬قول اإلمام ‪:‬‬
‫الليل والنهار يف هذه الرواية؟ فهناك رواية عن اإلمام الصادق ‪ ‬تشبه هذه ولكن ذكر فيها‪:‬‬
‫وبني اإلمام الرضا ‪ ‬بأهنا ليس على ظاهرها‪ ،‬وإن‬ ‫‪َّ ،‬‬
‫املقصود منها ما سكنت السماء من النداء واألرض من اخلسف باجليش‪ ،‬فما هو املراد يا ترى‬
‫من سكون الليل والنهار يف هذه الرواية؟‬
‫‪ ،‬ما‬ ‫‪ -5‬قول اإلمام ‪:‬‬
‫هي الغاية من الرحيل هنا؟ ال ُيفى أن الرواية توحي بصورة واضحة إىل أن القصد من الرحيل‬
‫هو للقتال ولنصرة قائم آل حممد ‪ - ‬وكما سيتضح أكثر من الروايات اآلتية ‪ -‬أي إن‬

‫‪ -7‬الكافي‪ :‬ج‪ 3‬ص‪.225 – 224‬‬


‫‪ ............................................. 178‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬
‫الرواية تبني أن القتال األكرب سيكون عند خروج السفياين وعلى اجلميع النفري ولو مشياً على‬
‫األقدام‪ ،‬وهذا يعين التأكيد على وجوب النهوض‪ ،‬وأن ال جمال للتسويف واالعتذار‪.‬‬
‫وهذا طبعاً ال يعين نفي وجود قائم للحق قبل خروج السفياين‪ ،‬جتب مناصرته واتباعه‬
‫وإن قبله‬ ‫واإلميان به‪ ،‬فقد روي‪:‬‬
‫)‪ ،‬وغري ذلك‪.‬‬
‫‪ -1‬بل إن األمر بالنفري عند خروج السفياين يستلزم وجود ممثل وقائم آلل حممد ‪ ‬قبل‬
‫ذلك؛ ألن خروج السفياين يف شهر رجب ويستمر إىل مخسة عشر شهراً‪ ،‬فإىل من تنفر الناس‬
‫واإلمام املهدي ‪ ‬ما زال غائباً؟!‬
‫يف حني إننا جند التشديد على اإلسراع بالرحيل عند خروج السفياين‪ ،‬وحيدد اإلمام ‪‬‬
‫غاية الرحيل والنفري بقوله‪( :‬فارحل إلينا)‪ ،‬وال ُيفى أن عند خروج السفياين ما زال اإلمام‬
‫املهدي ‪ ‬حمتجباً عن عموم الناس‪ ،‬فإىل من يكون الرحيل؟ ومن هو املمثل آلل حممد‬
‫عند خروج السفياين‪ ،‬وما أو من املقصود من قول اإلمام ‪( ‬إلينا)؟‬
‫الكليين‪ :‬علي بن إبراهيم‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن صفوان بن حيىي‪ ،‬عن عيص بن القاسم‪ ،‬قال‪:‬‬
‫مسعت أبا عبد اهلل ‪ ‬يقول‪:‬‬

‫‪‬‬
‫(‪.)2‬‬
‫وهذه الرواية فيها تفسري لكثري من الروايات‪ ،‬وهنا تعليق يف عدة نقاط‪:‬‬

‫‪ -7‬قال العالمة المجلسي كما جاء في هامش البحار ج‪ 52‬هامش ص‪( :802‬ظاهره أن خروج القائم‬
‫‪ ‬في رجب ويحتمل أن يكون المراد أنه مبدأ ظهور عالمات خروجه فأقبلوا إلى مكة في ذلك‬
‫الشهر لتكونوا شاهدين هناك عند خروجه)‪.‬‬
‫‪ -2‬الكافي‪ :‬ج‪ 3‬ص‪.224‬‬
‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪179 ........................................ 3 - 1 :‬‬
‫‪ ،‬هنا اإلمام‬ ‫‪ -1‬قول اإلمام ‪:‬‬
‫الصادق ‪ ‬حيث الناس على التأمل يف دعاوى املدعني‪ ،‬وإىل أي شيء يدعون وعلى أي‬
‫شيء يكون اخلروج والقتال‪ ،‬وهذا يعين أن ليس كل من ُيرج ثائراً على الطواغيت ال جيوز‬
‫نصرته‪.‬‬
‫‪ -2‬قول اإلمام ‪:‬‬

‫ال ُيفى أن كالم اإلمام يوحي بأنه يف مقام صد الناس عن اتباع بعض الدعاة آنذاك‪ ،‬كأيب‬
‫مسلم اخلراساين وغريه‪ ،‬فقد توهم بعض الشيعة بأنه راية حق وجيب نصرته‪ ،‬واخندعوا بالشعار‬
‫الذي رفعه وهو الرضا من آل حممد ‪.‬‬
‫فاإلمام الصادق ‪ ‬يقول هلم‪ :‬ال حتتجوا وتقولوا إن زيداً قد خرج بثورة فلماذا ال ُيرج غريه؟‬
‫مث يبدأ اإلمام بتعداد الصفات اليت كان يتحلى هبا زيد ‪ ‬واليت أخرجته من دائرة الثوار‬
‫املنحرفني فقال‪:‬‬
‫‪.‬‬
‫الثوار لكي ال يكونوا من رايات الضالل هي‪:‬‬ ‫إذن فالصفات اليت جيب أن يتحلى هبا ّ‬
‫أ‪ -‬أن يكون عاملاً‪ ،‬حىت يكون قادراً على تدبري أمر الثورة واإلحاطة مبكر الطغاة‪ ...‬اخل‪ ،‬أو‬
‫‪ ،‬كما كان سلمان الفارسي ‪ ،‬حيث قال‬ ‫أن يكون عاملاً مبعىن أنه من أهل البيت‬
‫اإلمام الصادق ‪:‬‬
‫(‪.)1‬‬
‫بقوله‪:‬‬ ‫بل وصف اإلمام الرضا ‪ ‬زيداً ‪ ‬بأنه عامل من علماء آل حممد‬
‫(‪.)2‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ -7‬الكافي‪ :‬ج‪ 7‬ص‪ ،407‬بصائر الدرجات للصفار‪ :‬ص‪.45‬‬


‫‪ -2‬عيون أخبار الرضا ‪ :‬ج‪ 2‬ص‪.222 – 225‬‬
‫‪ ............................................. 181‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬
‫ب‪ -‬أن يكون صادقاً‪ ،‬لتجنب الكاذبني والذين يقولون ما ال يفعلون‪ ،‬والذين يستحمرون‬
‫الناس باسم الدين ليرتأسوا عليهم‪ ،‬ويَصفو هلم اجلاه واملال واملنصب والدنيا الرخيصة‪.‬‬
‫ج‪( -‬ولم يدعكم إلى نفسه)‪ ،‬وهذا يعين أن كل من يدعو إىل نفسه فهو طاغوت يعبد‬
‫من دون اهلل‪ ،‬فيجب على املؤمنني احلذر من هؤالء الذي يريدون بناء مرجعياهتم وأحزاهبم باسم‬
‫وهم منهم براء‪.‬‬ ‫الدين وباسم آل حممد‬
‫)‪ ،‬أي إن الدعوة إىل آل حممد‬ ‫د‪( -‬إنما دعاكم إلى الرضا من آل محمد‬
‫مشروعة‪ ،‬ولكن جيب أن تكون مقرونة بالعلم والصدق والوفاء‪ ،‬فما أكثر املدعني وأقل‬
‫الصادقني‪.‬‬
‫هـ‪( -‬ولو ظهر لوفى بما دعاكم إليه)‪ ،‬وهذه شهادة إىل الثائر زيد بن علي ‪ ‬بأنه راية‬
‫‪.‬‬ ‫لسلم األمر إىل أهله وهم آل حممد‬
‫حق‪ ،‬وإنه استشهد يف سبيل اهلل‪ ،‬ولو ظفر وانتصر َّ‬
‫وهو غري مشمول بالروايات اليت تنهى عن اخلروج قبل خروج القائم ‪.‬‬
‫ومبا أن هذا البحث هو للتكلم عن اليماين املوعود فأقول‪:‬‬
‫‪ ،‬وسيفي مبا يدعو إليه‪ ،‬من تسليم‬ ‫اليماين املوعود عامل وصادق ويدعو إىل آل حممد‬
‫النصر إىل احلجة ابن احلسن ‪ ،‬وقد ثبت مما تقدم من هذا البحث أن اليماين املوعود هو‬
‫قائم من آل حممد ‪ ‬ومعصوم‪ ،‬وإنه يهدي إىل احلق وإىل طريق مستقيم‪ ،‬ومأمور بطاعته‬
‫ومنهي عن خمالفته‪ ،‬فالذي يدعو إىل احلق وطريق مستقيم‪ ...‬كيف ال يكون عاملاً وصدوقاً ووفياً‬
‫وراية حق؟!‬
‫إذن فال يكون اليماين مشموالً بتلك الروايات‪ ،‬وميكن أن يكون موجوداً‪ ،‬بل البد أن يكون‬
‫موجوداً قبل خروج السفياين بسنني؛ ألنه صاحب دعوة‪ ،‬وقد تقدم أن هذه الدعوة حتتاج إىل‬
‫وقت طويل إلثبات عقيدهتا وما تدعو إليه ولتفنيد الواقع الديين املنحرف‪ ،‬لتستقطب أنصارها‬
‫وإعدادهم اإلعداد الذي يؤهلهم أن يكونوا جنوداً لدولة العدل اإلهلي‪ ،‬الذين وصفهم اهلل تعاىل‬
‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪181 ........................................ 3 - 1 :‬‬
‫بقوله‪:‬‬
‫(‪.)1‬‬
‫حيث جاء تفسري ذلك عن اإلمام الصادق بأن هؤالء اجلنود مبعوثون من قبل اهلل وقبل قيام‬
‫القائم ‪:‬‬
‫‪‬‬
‫‪.)2( ‬‬
‫‪ -3‬قول اإلمام ‪:‬‬
‫‪ ،‬الظاهر أن اإلمام ‪ ‬يتكلم عن راية كانت موجودة‬
‫‪ ،‬ورمبا يكون هو أبو مسلم اخلراساين‪ ،‬وهنا انتفى‬ ‫تدَّعي الدعوة إىل الرضا من آل حممد‬
‫شرط من شروط راية احلق اليت ذكرها اإلمام قبل قليل عن زيد الشهيد ‪ ،‬وهي الدعوة إىل‬
‫ورضاهم هبا أو إجازهتم هلا‪ ،‬حيث روي أن ثورة زيد كانت بإجازة من اإلمام‬ ‫آل حممد‬
‫الصادق ‪.‬‬
‫عن اإلمام الرضا ‪ ‬يف كالم له مع املأمون العباسي‪:‬‬

‫(‪.)4‬‬

‫‪ -7‬اإلسراء‪.5 :‬‬
‫‪ -2‬الكافي‪ :‬ج‪ 3‬ح‪ 250‬ص‪.202‬‬
‫‪ -8‬الحج‪.13 :‬‬
‫‪ -4‬عيون أخبار الرضا ‪ :‬ج‪ 2‬ص‪.222 – 225‬‬
‫‪ ............................................. 182‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬
‫‪،‬‬ ‫وعن جابر بن يزيد اجلعفي‪ ،‬عن أيب جعفر حممد بن علي الباقر‪ ،‬عن آبائه‪ ،‬عن علي‬
‫قال‪ :‬قال رسول اهلل للحسني ‪:‬‬
‫(‪.)1‬‬
‫وعن عبد اهلل بن سيابة‪ ،‬قال‪:‬‬
‫‪‬‬
‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫(‪.)2‬‬
‫‪ -4‬قول اإلمام ‪:‬‬

‫وهنا يبني اإلمام ‪ ‬انتفاء صفة الوفاء هلذا الذي يدعي الدعوة إىل الرضا من آل حممد‬
‫‪ ،‬وهو مفرد بال أتباع‪ ،‬فكيف إذا صار متبوعاً وخفقت‬ ‫ٍ‬
‫وعاص لالئمة‬ ‫‪ ،‬بل إنه متمرد‬
‫‪.‬‬ ‫حوله الرايات واأللوية‪ ،‬فأكيد سيكون أكثر عصياناً ومترداً على أهل البيت‬
‫هم من شهدوا له بأنه يدعو إىل اإلمام‬ ‫أما بالنسبة إىل اليماين املوعود‪ ،‬فأهل البيت‬
‫املهدي ‪ ،‬وإنه أهدى الرايات‪ ،‬وإنه يدعو إىل احلق وإىل طريق مستقيم‪ ،‬وإن امللتوي عليه‬
‫‪ ،‬بل هو القائم الذي ميهد لدولة العدل‬ ‫من أهل النار‪ ،‬إذن فهو من علماء آل حممد‬
‫اإلهلي‪ ،‬وقد وصف يف بعض الروايات بأنه القائم (القائم والسفياني في سنة واحدة)‪،‬‬
‫(السفياني يقاتل القائم)‪ ،‬حيث تبني مما سبق أن السفياين ينتهي ملكه قبل قيام اإلمام املهدي‬
‫‪ ‬فال جيتمع معه يف سنة واحدة وال يقاتله – على تفصيل قد سبق ‪ ،-‬فمن هو هذا القائم‬
‫غري اليماين املوعود؟‬

‫‪ -7‬عيون أخبار الرضا ‪ :‬ج‪ 2‬ص‪.222‬‬


‫‪ -2‬عيون أخبار الرضا ‪ :‬ج‪ 2‬ص‪.223‬‬
‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪183 ........................................ 3 - 1 :‬‬
‫‪ -5‬قول اإلمام ‪:‬‬

‫كالم اإلمام هذا جاء مباشرة بعد قوله ‪:‬‬


‫‪ ،‬أي إنه استثىن من هؤالء الذين ال يطيعون آل‬
‫حممد ‪ ‬إن ظفروا بالنصر وال يسلمون األمر إليهم‪ ،‬استثىن من ذلك من اجتمع بنو فاطمة‬
‫معه‪ ،‬مث يقسم اإلمام ‪ ‬بأن صاحبنا فقط من اجتمع بنو فاطمة عليه !‬
‫وطبعاً اإلمام ‪ ‬يقصد عصر الظهور املقدس‪ ،‬بدليل أنه بعد ذلك ذكر خروج السفياين‬
‫ومىت يلتحق املؤمنون بالقائم ‪ ،‬أو مىت ينفروا للقتال‪.‬‬
‫فلنا أن نتساءل‪ :‬من هم بنو فاطمة الذين يكون اجتماعهم على صاحب الرايات دليالً‬
‫؟‬ ‫على أنه احلق والويف واملطيع آلل حممد‬
‫‪ ،‬وليس كل من انتسب إىل‬ ‫وال ميكن أن يكون اجلواب غري أن بين فاطمة هم األئمة‬
‫‪ ،‬فما أكثر الضالني واملنحرفني والفاسقني ممن ينتسب إىل فاطمة الزهراء‬ ‫فاطمة الزهراء‬
‫‪:‬‬ ‫‪ .‬بل روي أن أشد الناس عداءً لإلمام املهدي ‪ ‬هم بنو فاطمة‬
‫النعماين‪ :‬أخربنا عبد الواحد بن عبد اهلل بن يونس (‪ ،)1‬قال‪ :‬حدثنا حممد بن جعفر‬
‫القرشي(‪ ،)2‬قال‪:‬‬
‫حدثين حممد بن احلسني بن أيب اخلطاب (‪ ،)3‬عن حممد بن سنان (‪ ،)4‬عن حممد بن حيىي‬
‫اخلثعمي (‪ ،)1‬قال‪ :‬حدثين الضريس (‪ ،)2‬عن أيب اخلالد الكابلي (‪ ،)3‬قال‪:‬‬

‫‪ -7‬ذكر توثيقه الشيخ الطوسي في رجاله‪ :‬ص‪ 487‬برقم ‪ ،2734‬ووثقه الشيخ علي النمازي‬
‫الشاهرودي في مستدركات علم رجال الحديث‪ :‬ج‪ 5‬ص‪ 752‬برقم ‪ ،3122‬قائالً‪( :‬عبد الواحد بن عبد‬
‫هللا بن يونس الموصلي أبو القاسم‪ :‬ثقة باالتفاق‪.)...‬‬
‫‪ -2‬وثقه الشيخ علي النمازي الشاهرودي في مستدركات علم رجال الحديث راجع‪ :‬ج‪ 2‬ص‪– 415‬‬
‫‪ 412‬برقم ‪ ،72328‬و ج‪ 2‬ص‪ 500‬برقم ‪ ،72334‬ووثقه السيد الخوئي في معجم رجال الحديث‪:‬‬
‫ج‪ 72‬ص‪ 738‬برقم ‪ ،70428‬فراجع‪.‬‬
‫‪ -8‬وثقه النجاشي في رجاله‪ :‬ص‪ 884‬برقم ‪ ،311‬ووثقه الشيخ الطوسي في الفهرست‪ :‬ص‪ 275‬برقم‬
‫‪ ،201‬وكذلك وثقه الشيخ الطوسي في رجاله‪ :‬ص‪ 811‬برقم ‪.5275‬‬
‫‪ -4‬وثقه الشيخ علي النمازي الشاهرودي في مستدركات علم رجال الحديث‪ :‬ج‪ 1‬ص‪722 – 727‬‬
‫برقم ‪ ،78411‬قائالً‪( :‬محمد بن سنان أبو جعفر الزاهدي الخزاعي‪ :‬عدوه من أصحاب الكاظم‬
‫‪ ............................................. 184‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫(‪.)4‬‬
‫ومما يؤيد ذلك الرواية اآلتية‪:‬‬
‫‪‬‬ ‫عن أيب بكر احلضرمي‪ ،‬قال‪:‬‬

‫‪.‬‬
‫‪ ،‬ال مطلق من ينتسب‬ ‫فهنا الصادق ‪ ‬يقول‪( :‬إذا رأيتمونا)‪ ،‬أي حنن أهل البيت‬
‫‪ ،‬وسوف يأيت متام التعليق على هذه الرواية عند ذكرها‪ ،‬وسأبني كيفية‬ ‫إىل فاطمة الزهراء‬
‫اجتماع أهل البيت على رجل يف آخر الزمان إن شاء اهلل تعاىل‪.‬‬

‫والرضا والجواد صلوات هللا عليهم‪ .‬ثقة جليل صاحب األسرار والمعضالت والغرائب المعظمات‪،‬‬
‫وفاقا لعدة كثيرة‪ ،‬منهم الشيخ المفيد في اإلرشاد حيث عده من خاصة الكاظم ‪ ‬وثقاته وأهل الورع‬
‫والعلم والفقه من شيعته الذين رووا النص على الرضا صلوات هللا عليه‪ .‬ومنهم المجلسيان‪ ،‬والشيخ‬
‫الحر في الوسائل‪ ،‬والسيد ابن طاووس‪ ،‬والحسن بن علي بن شعبة‪ ،‬والعالمة في المختلف‪.)..‬‬
‫‪ -7‬ثقة باالتفاق كما قال عنه الشيخ علي النمازي الشاهرودي في مستدركات علم رجال الحديث‪ :‬ج‪1‬‬
‫ص‪ 822‬برقم ‪ ،74217‬وثقة السيد الخوئي في معجم رجال الحديث‪ :‬ج‪ 71‬ص‪ 85‬برقم ‪،72071‬‬
‫ووثقه النجاشي في رجاله‪ :‬ص‪ 851‬برقم ‪.128‬‬
‫‪ -2‬وثقه الكشي راجع اختيار معرفة الرجال‪ :‬ج‪ 2‬ص‪ 207‬ح‪ ،522‬ووثقه العالمة الحلي في الخالصة‬
‫راجع‪ :‬ص‪ ،712‬ووثقه المحقق الخوئي في معجم رجال الحديث‪ :‬ج‪ 70‬ص‪ 724 – 728‬برقم‬
‫‪ ، 5112‬ونص على حسنه وكماله الشيخ علي النمازي الشاهرودي في مستدركات علم رجال الحديث‪:‬‬
‫ج‪ 4‬ص‪ 232 – 237‬برقم ‪ ،1718‬فراجع‪.‬‬
‫‪ -8‬وثقه الشيخ علي النمازي الشاهرودي في مستدركات علم رجال الحديث‪ :‬ج‪ 3‬ص‪ ،818‬برقم‬
‫‪ ،72352‬قائالً‪( :‬أبو خالد الكابلي‪ :‬اسمه وردان وكنكر‪ .‬من خواص أصحاب السجاد والباقر والصادق‬
‫صلوات هللا عليهم‪ .‬وهو من ثقات السجاد ‪ ،‬كما عده الصادق ‪ .‬ومن حواريه‪ ،‬كما عده الكاظم‬
‫‪.)‬‬
‫‪ -4‬كتاب الغيبة للنعماني‪ :‬باب ‪ 72‬ح‪ 2‬ص‪ ،800 – 211‬الغيبة للطوسي‪ :‬ح‪ 213‬ص‪.888‬‬
‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪185 ........................................ 3 - 1 :‬‬
‫‪ -1‬بعد أن َّبني الصادق ‪ ‬ألصحابه أن الراية املمهدة احلقة هي من اجتمع عليها بنو‬
‫‪‬‬ ‫‪ ،‬أردف قائالً‪:‬‬ ‫فاطمة‬

‫‪،‬‬ ‫فالحظ حتديد وقت اإلقبال على نصرة صاحب الرايات الذي جيتمع عليه آل حممد‬
‫وهو (شهر رجب)‪ ،‬وهو نفسه الشهر الذي يبدأ به خروج السفياين ‪ -‬كما تقدم شرحه ‪،-‬‬
‫وكما هو معلوم أن يف هذا الوقت ال يكون اإلمام املهدي ‪ ‬ظاهراً‪ ،‬حىت يقول أحد بأن‬
‫النهضة والنفري تكون إليه !‬
‫وتراخي أمر النفري إىل شهر شعبان أو إىل رمضان‪ ،‬رمبا ملا روي من أن السفياين يف بداية‬
‫خروجه ينشغل بغري الشيعة لشهر أو شهرين‪ ،‬أو النشغاله يف السيطرة على الكور اخلمس لستة‬
‫أشهر‪ ،‬فيكون هناك متسع لشهر أو شهرين‪ ،‬بالنسبة إىل النفري والنهضة بالسالح إىل صاحب‬
‫الرايات أو أهدى الرايات وهو اليماين املوعود‪ ،‬وال ننسى أن النهضة والنفري إىل القتال ال يعين‬
‫أنه بداية ظهور اليماين املوعود‪ ،‬بل إن هذا ‪ -‬أي رجب أو شعبان أو رمضان ‪ -‬هو آخر وقت‬
‫لالنضمام إىل جيش اليماين؛ ألن بعد ذلك بفرتة قصرية يتوجه السفياين إىل العراق ويبدأ القتال‬
‫بينه وبني اليماين املوعود‪ ،‬واجتماع اجليش من خمتلف البالد البد أن يكون قبل ذلك بأشهر‬
‫حىت يتم االجتماع والتحضري‪.‬‬
‫وهذا يعين أن اليماين قد ظهر قبل ذلك بفرتة طويلة وأعلن دعوته واستقطب املؤمنني‬
‫املنتظرين حقاً لقيام اإلمام املهدي ‪ ،‬وال ُيفى أن حال اليماين يف هذا الوقت كمن يبحث‬
‫عن حفنة درر يف مئات األطنان من احلصى‪ ،‬فكم حيتاج من الوقت إىل مجعهم‪ ،‬يف وسط هذا‬
‫اجلو اململوء بالفنت واالضطراب الديين والسياسي واالجتماعي واالقتصادي؟‬
‫وقول الصادق ‪( :‬وكفاكم بالسفياني عالمة)‪ ،‬عالمة على من؟‬
‫إن قال أحد إنه عالمة على اإلمام املهدي ‪ ،‬أقول‪ :‬إن كالم الصادق ‪ ‬هنا عن‬
‫صاحب الرايات الذي جيتمع عليه آل حممد‪ ،‬وكيفية النفري والرحيل إىل نصرته يف رجب‪ ،‬ويف‬
‫‪ ............................................. 181‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬
‫هذا الوقت ‪ -‬كما قلت مراراً ‪ -‬ما زال اإلمام املهدي ‪ ‬غري ظاهر للناس‪ ،‬مع أن مدة‬
‫السفياين من بداية خروجه إىل ذهاب ملكه مخسة عشر شهراً‪ ،‬وقيام اإلمام املهدي ‪ ‬بعد‬
‫ذلك بعدة أشهر‪ ،‬فهل تبقى الناس تائهة يف الصحراء أكثر من سنة ونصف؟!‬
‫مع أننا نرى الصادق ‪ ‬أعطاهم آخر فرصة للنفري والرحيل بعد صيام شهر رمضان‪ ،‬أي‬
‫ال يوجد تراخي بعد ذلك يف األمر‪ ،‬فالبد بعد شهر رمضان من ترك البالد واألهل وشد الرحال‬
‫إىل صاحب الرايات‪.‬‬
‫وهبذا يتبني أن قوله ‪( :‬وكفاكم بالسفياني عالمة)‪ ،‬أي عالمة على صاحب الرايات‬
‫والذي يكون خروجه للقتال مزامناً أو قريباً من خروج‬ ‫الذي جيتمع عليه آل حممد‬
‫السفياين‪.‬‬
‫ومنه نعرف أن قبل هذا الوقت رمبا ال يكون هناك وجوب برتك البالد واألهل والنفري إىل‬
‫القتال‪ ،‬أي يكون املؤمنون ‪ -‬أتباع صاحب الرايات ‪ -‬يف بالدهم وبني أهليهم‪ ،‬إىل أن حتني‬
‫ساعة الصفر‪ ،‬وعندها البد من شد الرحال على اجلميع وبال استثناء خلوض املعركة احلامسة مع‬
‫السفياين وأمثاله‪ ،‬أي إن الشيعة قبل ذلك ال يوجد عندهم نفري عام ما دام السفياين مل ُيرج‪.‬‬
‫وبعد أن مت التعليق على الرواية السابقة بتوفيق اهلل‪ ،‬نأيت إىل رواية أخرى‪:‬‬
‫‪‬‬ ‫عن الفضل الكاتب‪ ،‬قال‪:‬‬

‫(‪.)1‬‬
‫‪ ،‬يدل على ما‬ ‫‪ -1‬قول الصادق ‪:‬‬
‫قلته يف التعليق على الرواية السابقة قبل قليل‪ ،‬بأنه قبل خروج السفياين ال يوجد نفري وقتال عام‪،‬‬
‫ووجوب ترك البالد واألهل وشد الرحال‪( ،‬ل تبرح األرض)‪.‬‬

‫‪ -7‬وسائل الشيعة (آل البيت)‪ :‬ج‪ 75‬ص‪.52‬‬


‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪187 ........................................ 3 - 1 :‬‬
‫‪،‬‬ ‫وهذا ال يدل أبداً على عدم ظهور اليماين قبل ذلك والتبشري بدعوته إىل آل حممد‬
‫بل ظهوره قبل ذلك أمر ال مناص منه‪ ،‬وتقدم شرح ذلك‪.‬‬
‫‪ -2‬قول الصادق ‪:‬‬

‫‪‬‬
‫(‪.)1‬‬
‫(فإذا كان كذلك)‪ ،‬أي إذا خرج السفياين (فأتونا على كل صعب وذلول)‪ ،‬والصعب هو‬
‫اخليل أو اجلمال اليت ال ميكن ركوهبا بسهولة‪ ،‬والذلول عكسها‪ ،‬ويف هذا تأكيد على ضرورة‬
‫النفري عند خروج السفياين‪ ،‬والغاية أيضاً حيددها الصادق ‪ ‬بقوله‪( :‬فأتونا) !‬
‫‪‬‬ ‫وعن حممد بن مسلم‪ ،‬قال‪:‬‬

‫(‪.)2‬‬
‫وقول الباقر ‪:‬‬
‫‪ ،‬الظاهر أن له عالقة ‪-‬‬
‫كما قدمت ‪ -‬بقول الصادق ‪ ‬يف أحد الروايات السابقة‪:‬‬
‫‪‬‬

‫فالظاهر أن قول الباقر ‪( :‬يتغيب الرجل منكم عنه)‪ ،‬يف أول خروج السفياين عندما‬
‫يكون منشغالً بغري الشيعة‪ ،‬فمن كان يف معرض خطر السفياين يف أول خروجه فعليه أن يتغيب‬

‫‪ -7‬كتاب الغيبة للنعماني‪ :‬ص‪.873 – 871‬‬


‫‪ -2‬كتاب الغيبة للنعماني‪ :‬ص‪.872 – 877‬‬
‫‪ ............................................. 188‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬
‫عنه وال يتعرض له إىل أن يرحل ويلتحق باليماين‪ ،‬فبقية الروايات كلها ناطقة باحلث على الرحيل‬
‫والنفري عند خروج السفياين‪ ،‬مع وجود مهلة لشهر شعبان ورمضان‪ ...‬واهلل العامل‪.‬‬
‫وعن خالد الصائغ‪ ،‬عن أيب عبد اهلل ‪ ‬أنه قال‪:‬‬
‫(‪.)1‬‬
‫وهذه الرواية هي كسابقاهتا تبني أن خروج السفياين يف رجب وجيب عندئذ الرحيل إىل أهل‬
‫للنصرة‪( ،‬فإلينا) !‬ ‫البيت‬
‫وعن حممد بن عيسى‪ ،‬عن احلسني بن خالد‪ ،‬قال‪ :‬قلت أليب احلسن الرضا ‪:‬‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬
‫(‪.)2‬‬ ‫‪‬‬
‫ويف هذه الرواية ال ميكن املصري إىل الفهم املتعارف عن النداء وحىت اخلسف؛ ألنه قد تقدم‬
‫أن اليماين يظهر حىت قبل السفياين‪ ،‬والسفياين يظهر يف رجب والشيعة مأمورة بالرحيل والنفري‬
‫إىل القتال وترك البالد واألهل عند خروج السفياين يف رجب‪ ،‬بينما الصيحة تكون يف ليلة‬
‫الثالث والعشرين من شهر رمضان‪ ،‬وهل هو شهر رمضان الذي يعقب رجب الذي ُيرج فيه‬
‫السفياين‪ ،‬أي هل هو شهر رمضان من نفس سنة خروج السفياين يف رجب؟‬
‫اجلواب‪ :‬كال؛ ألن الظاهر من الروايات أن قيام القائم ‪ ‬يكون يف العاشر من حمرم الذي‬
‫يعقب شهر رمضان الذي تكون فيه الصيحة ‪ -‬وسيأيت بيان ذلك ‪ ،-‬أي بعد الصيحة بثالثة‬
‫أشهر ونصف تقريباً‪ ،‬ويف حمرم هذا يكون قد مضى على خروج السفياين ستة أشهر وأيام – إن‬

‫‪ -7‬كتاب الغيبة للنعماني‪ :‬ص‪.878‬‬


‫‪ -2‬وسائل الشيعة (آل البيت)‪ :‬ج‪ 75‬ص‪.55 – 54‬‬
‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪189 ........................................ 3 - 1 :‬‬
‫سرنا على الفهم اخلاطئ ‪( :-‬رجب ‪ +‬شعبان ‪ +‬رمضان ‪ +‬شوال ‪ +‬ذو القعدة ‪ +‬ذو احلجة ‪+‬‬
‫‪ 11‬حمرم)‪.‬‬
‫ويف هذا الوقت (‪ 11‬حمرم)‪ ،‬يكون اإلمام املهدي ‪ ‬غري ظاهر‪ ،‬بل أن السفياين يف هذا‬
‫الوقت قد ملك الكور اخلمس‪ ،‬ويبقى بعد ذلك تسعة أشهر‪ ،‬وبعد متلكه الكور اخلمس يتوجه‬
‫إىل العراق وتكون املواجهة هناك بينه وبني اليماين‪ ،‬والثابت من خالل الروايات أن اإلمام‬
‫املهدي ‪ ‬غري قائم يف فرتة قتال السفياين مع اليماين يف العراق‪ ،‬وقد تقدم بيان ذلك‬
‫بالتفصيل فال أعيد‪.‬‬
‫إذن الصيحة تكون يف شهر رمضان الذي يف السنة اليت تعقب سنة خروج السفياين يف‬
‫رجب‪ ....( :‬رجب‪ :‬خروج السفياني‪ /‬شعبان‪ /‬رمضان‪ /‬شوال‪ /‬ذو القعدة‪ /‬ذو احلجة‪ /‬محرم‪:‬‬
‫ملك السفياني للكور الخمس‪ /‬صفر‪ /‬ربيع األول‪ /‬ربيع الثاين‪ /‬مجادى األوىل‪ /‬مجادى الثانية‪/‬‬
‫رجب‪ /‬شعبان‪ /‬رمضان‪ :‬الصيحة ونهاية ملك السفياني‪ /‬شوال‪ /‬ذو القعدة‪ /‬ذو الحجة‪:‬‬
‫مقتل النفس الزكية‪ /‬محرم‪ :‬قيام القائم ‪.)...‬‬
‫فإذا كان معىن الرواية السابقة‪( :‬اسكنوا ما سكنت السماء من النداء‪ ،)...‬الصيحة يف شهر‬
‫رمضان‪ ،‬فماذا نصنع بالروايات املتواترة اليت حتث املؤمنني على النهوض والنفري عند خروج‬
‫السفياين يف رجب‪ ،‬والذي هو قبل صيحة شهر رمضان خبمسة عشر شهراً تقريباً؟!!‬
‫إذن فالبد أن يكون هناك نداء قبل صيحة شهر رمضان بوقت طويل‪ ،‬وسيأيت بيان أن‬
‫الصيحة متعددة وليست واحدة‪ ،‬ورمبا هناك فرق بني النداء والصيحة‪ ...‬اخل‪.‬‬
‫وسنأيت اآلن للبحث عن نداء مساوي يكون يف شهر رجب أي مزامن خلروج السفياين‬
‫بالنهضة والرحيل عند خروج السفياين‪ ،‬حىت ال يكون تعارض‬ ‫وكذلك موافق ألمر األئمة‬
‫مع قول اإلمام ‪( :‬اسكنوا ما سكنت السماء من النداء‪ ،)...‬أي البد أن تكون السماء‬
‫واألرض عند خروج السفياين يف رجب غري ساكنة‪ ،‬أو على األقل البد أن تكون أحدمها غري‬
‫ساكنة إما السماء وإما األرض‪.‬‬
‫‪ ............................................. 191‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬
‫‪ ،‬مل يرتكوا هذا األمر بال مفتاح وعالمة هادية‪ ،‬وإن خفيت‬ ‫ويف احلقيقة أن أهل البيت‬
‫على كثري من الناس‪ ،‬فسنقرأ فيما يأيت أن هناك عدة نداءات يف شهر رجب‪:‬‬
‫النعماين‪ :‬حدثنا حممد بن مهام (‪ ،)1‬قال‪:‬‬
‫حدثنا أمحد بن مابنداذ وعبد اهلل بن جعفر احلمريي (‪ ،)2‬قاال‪ :‬حدثنا أمحد بن هالل (‪،)3‬‬
‫‪‬‬ ‫قال‪ :‬حدثنا احلسن بن حمبوب الزراد (‪ ،)4‬قال‪:‬‬

‫‪( -7‬محمد بن همام)‪ :‬ثقة وجليل باالتفاق‪ ،‬وثقه النجاشي والطوسي وغيرهم‪ ،‬راجع‪ :‬الفهرست للشيخ‬
‫الطوسي‪ :‬ص‪ 271‬برقم ‪ ،272‬رجال الطوسي‪ :‬ص ‪ 481 – 483‬برقم ‪ ،2210‬رجال النجاشي‪:‬‬
‫ص‪ 811‬برقم ‪ ،7082‬مستدركات علم رجال الحديث‪ :‬ج‪ 2‬ص‪ 812‬برقم ‪ 72802‬و ج‪ 1‬ص‪822‬‬
‫برقم ‪ 74228‬و ج‪ 1‬ص‪ 257‬برقم ‪ ،74702‬معجم رجال الحديث للخوئي‪ :‬ج‪ 75‬ص‪ 244‬برقم‬
‫‪ 1112‬وج‪ 73‬ص‪ 842 – 847‬برقم ‪.77133‬‬
‫‪( -2‬أحمد بن مابنداذ وعبد هللا بن جعفر الحميري) هذه الواسطة مكونه من رجلين وتوثيق أحدهما‬
‫يكفي‪:‬‬
‫(عبد هللا بن جعفر الحميري)‪ :‬ثقة جليل باالتفاق‪ ،‬كما قال الشيخ علي النمازي الشاهرودي في‬
‫مستدركات علم رجال الحديث‪ :‬ج‪ 4‬ص‪ 508‬برقم ‪ ،3755‬ووثقه النجاشي والطوسي وغيرهما راجع‬
‫معجم رجال الحديث للخوئي‪ :‬ج‪ 77‬ص‪ 743‬برقم ‪.2122‬‬
‫‪( -8‬أحمد بن هالل)‪ :‬مذموم إال أنه ثقة في الرواية كما برهن عليه المحقق الخوئي في معجم رجال‬
‫الحديث‪ :‬ج‪ 8‬ص‪ 741‬وما بعدها برقم ‪ ،7003‬وأيضا ً تعرف وثاقته في الرواية رغم ذمه ممن ترجمة‬
‫النجاشي له‪ :‬ص‪ 8‬برقم ‪ ،711‬حيث قال‪( :‬أحمد بن هالل‪ ...‬صالح الرواية يعرف منها وينكر وقد‬
‫روي فيه ذموم من سيدنا أبي محمد العسكري ‪ ،)‬وعلق الخوئي على كالم النجاشي هذا بأنه يستفاد‬
‫منه توثيقه في الرواية وإن كان فاسد العقيدة‪ ،‬حيث ال تالزم بين فساد العقيدة والضعف في الرواية‪.‬‬
‫وذكر الخوئي بأنه وقع في إسناد تفسير القمي مما يؤيد وثاقته أكثر‪.‬‬
‫‪( -4‬الحسن بن محبوب)‪ :‬وثقه الشيخ الطوسي في الفهرست‪ :‬ص‪ 11 – 12‬برقم ‪ 722‬قائالً‪( :‬الحسن‬
‫بن محبوب السراد‪ ،...،‬ثقة‪ .‬روى عن أبي الحسن الرضا ‪ ،‬وروى عن ستين رجالً من أصحاب‬
‫أبي عبد هللا ‪ ،‬وكان جليل القدر‪ ،‬ويعد في األركان األربعة في عصره)‪.‬‬
‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪191 ........................................ 3 - 1 :‬‬

‫(‪.)2‬‬
‫ورواه اخلزاز القمي يف كفاية األثر بسنده عن حممد بن احلنفية عن أمري املؤمنني ‪ ‬عن‬
‫الرسول حممد هكذا‪:‬‬

‫‪‬‬
‫(‪.)3‬‬
‫إذن فهناك نداء يف شهر رجب وهو عبارة عن ثالث أصوات‪ ،‬ومما تقدم نعرف أن شهر‬
‫رجب هذا هو رجب الذي ُيرج فيه السفياين‪ ،‬وقد يكون قبله‪ ،‬ولكن أن يكون شهر (رجب‬
‫الصيحة) بعد الذي ُيرج فيه السفياين سنقع يف مشكلة التعارض بني الروايات اليت حتث وتأمر‬
‫بالنفري عند خروج السفياين وبني الرواية اليت حتث على السكون ما دامت السماء ساكنة من‬
‫النداء‪.‬‬
‫والرواية اآلتية تبني لنا بكل وضوح بأن السنة اليت فيها الصيحة قبلها السنة اليت فيها آية يف‬
‫رجب‪:‬‬
‫النعماين‪ :‬أخربنا حممد بن مهام‪ ،‬قال‪ :‬حدثين جعفر بن حممد بن مالك الفزاري‪ ،‬قال‪:‬‬
‫حدثين موسى بن جعفر بن وهب‪ ،‬قال‪ :‬حدثين احلسن بن علي الوشاء‪ ،‬عن عباس بن عبد‬
‫اهلل‪ ،‬عن داود بن سرحان‪ ،‬عن أيب عبد اهلل ‪ ‬أنه قال‪:‬‬
‫(‪.)4‬‬
‫فقارن بني قول الرضا ‪ ‬يف الرواية اليت تنص على وجود نداء يف رجب بثالث أصوات‪،‬‬
‫وهو قوله‪:‬‬

‫‪ -7‬وفي رواية الشيخ الطوسي عن الحميري بهذا اللفظ‪( :‬إن هللا بعث فالنا ً فاسمعوا له وأطيعوا)‪.‬‬
‫‪ -2‬الغيبة للنعماني‪ :‬باب‪ 70‬ح ‪ 23‬ص‪ ،732‬الغيبة للطوسي‪ :‬ص‪ 440 – 481‬ح‪.487‬‬
‫‪ -8‬بحار األنوار‪ :‬ج‪ 57‬ص‪.701 – 703‬‬
‫‪ -4‬الغيبة للنعماني‪ :‬باب‪ 74‬ح‪ 70‬ص‪.227‬‬
‫‪ ............................................. 192‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬
‫‪ ،‬وبني اآلية اليت تكون يف رجب‪( :‬ويد بارزة)‪ ،‬فاليد البارز هو الذي ينادي‪( :‬أال‬
‫أن اهلل قد بعث فالناً على هالك الظاملني)‪.‬‬
‫فقول الصادق ‪( :‬العام الذي فيه الصيحة قبله اآلية في رجب)‪ ،‬أي يف العام الذي‬
‫قبل العام احملتوي على الصيحة تكون اآلية يف رجب‪ ،‬فالضمري الذي يف (قبله) عائد على (العام‬
‫الذي فيه الصيحة)‪ ،‬والظاهر أن املراد من الصيحة هنا هي صيحة شهر رمضان‪ ،‬ورجب‬
‫املقصود هنا ليس رجب الذي قبل شهر رمضان من نفس السنة‪ ،‬بل رجب من السنة السابقة‪،‬‬
‫والذي بينه وبني شهر رمضان الصيحة مخسة عشر شهراً تقريباً‪ ،‬وهي نفس مدة بقاء السفياين‬
‫من أول خروجه يف رجب إىل هنايته يف رمضان‪.‬‬
‫فاآلية اليت تكون يف رجب (يد بارزة) هي نفسها يف كالم الرضا ‪( :‬يرون يداً بارزاً مع‬
‫قرن الشمس ينادي‪ ،)...‬أي النداء السماوي‪ ،‬ورجب هذا هو الذي ُيرج فيه السفياين ‪-‬‬
‫حسب ما تبني ‪ -‬وهو الذي حث أهل البيت يف روايات كثرية على النفري فيه وشد الرحال‬
‫عن اإلمام املهدي‬ ‫وترك البلد واألهل‪ ،...‬فسبحان اهلل‪ ،‬ما أغمض روايات أهل البيت‬
‫‪ ‬وما أوضحها عندما تضعها واحدة جنب األخرى وتنظر هلا بتأمل وبصرية وإخالص نية!‬
‫فإذن قد عرفنا أن هناك نداء يف شهر رجب قبل قيام القائم مبكة بثمانية عشر شهراً تقريباً !‬
‫والظاهر أن شهر رجب هذا صاحب أعاجيب ودواهي‪ ،‬فقد روي عن أمري املؤمنني ‪‬‬
‫أنه قال‪ :‬عن الشعيب‪ ،‬قال‪:‬‬

‫(‪.)1‬‬
‫ويف خطبة له ‪ ‬تسمى املخزون‪:‬‬

‫‪ -7‬بحار األنوار‪ :‬ج‪ 58‬ص‪.51‬‬


‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪193 ........................................ 3 - 1 :‬‬

‫(‪)2‬‬

‫وعن أمري املؤمنني ‪ ،‬يف خطبة له‪:‬‬

‫(‪.)3‬‬
‫وقول أمري املؤمنني ‪( :‬أل صوتات بينهن موتات)‪ ،‬رمبا هو إشارة إىل النداء الذي يف‬
‫شهر رجب والذي فيه ثالث أصوات‪ ،‬كما نصت عليه الروايتان السابقتان (ثالثة أصوات يف‬
‫رجب)‪.‬‬
‫وأما قوله‪( :‬ومن أصوات بعد أصوات)‪ ،‬قد يدل على أن هناك صيحة أو صيحات قبل‬
‫شهر رجب أيضاً‪ ،‬وقد يدل على توايل الصيحات يف رجب‪ ..‬واهلل العامل‪.‬‬
‫وأما قول اإلمام الرضا ‪ ‬عن الصوت الثالث يف رجب‪( :‬أل أن اهلل قد بعث فالناً على‬
‫هالك الظالمين)‪ ،‬أو كما يف رواية احلمريي‪( :‬إن اهلل بعث فالناً فاسمعوا له وأطيعوا)‪ ،‬فسيأيت‬
‫الكالم عنه يف مستقبل هذا البحث إن شاء اهلل تعاىل‪.‬‬
‫ونرجع إىل قول اإلمام الصادق ‪( :‬اسكنوا ما سكنت السماء من النداء‪ ،)...‬بأن‬
‫السماء غري ساكنة عند خروج السفياين يف رجب وهناك نداء بثالثة أصوات‪ ،‬فيجب على‬
‫وترك البالد واألهل‪ ،‬بل قد تكون السماء غري‬ ‫املؤمنني الرحيل والنفري إىل أهل البيت‬
‫ساكنة من النداء حىت قبل شهر رجب الذي ُيرج فيه السفياين‪ ،‬كما تقدم من قول أمري املؤمنني‬
‫‪( ‬ومن أصوات بعد أصوات)‪ ،‬وكما قد يفهم من الرواية اآلتية‪:‬‬
‫عن جابر بن يزيد اجلعفي‪ ،‬قال‪ :‬قال أبو جعفر حممد بن علي الباقر ‪:‬‬

‫‪ -7‬الممتحنة‪.78 :‬‬
‫‪ -2‬بحار األنوار‪ :‬ج‪ 58‬ص‪.37 – 11‬‬
‫‪ -8‬ينابيع المودة للقندوزي‪ :‬ج‪ 8‬ص‪ ،484‬معجم أحاديث اإلمام المهدي ‪ :‬ج‪ 8‬ص‪.707‬‬
‫‪ ............................................. 194‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫(‪.)1‬‬
‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫‪ -7‬الغيبة النعماني‪ :‬بـاب‪ 74‬ح‪ 21‬ص‪ ،231 – 233‬غيبة الطوسي‪ :‬ص‪ 442 – 447‬ح‪.484‬‬
‫‪ -2‬وسائل الشيعة (آل البيت)‪ :‬ج‪ 75‬ص‪.52‬‬
‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪195 ........................................ 3 - 1 :‬‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬
‫‪‬‬ ‫عن أيب بكر احلضرمي‪ ،‬قال‪:‬‬

‫(‪.)1‬‬
‫لفهم هذه الرواية البد من تذكر ما أسهبت يف توضيحه سابقاً‪:‬‬
‫‪ -1‬إن املأمور بالنهوض إليه ونصرته هو رجل يظهر قبل قيام اإلمام املهدي ‪ ،‬وهو‬
‫اليماين املوعود (إذا خرج اليماني فانهض إليه)‪.‬‬
‫‪ -2‬هناك روايات كثرية تنص على النفري والرحيل عند خروج السفياين‪ ،‬وقد تبني أنه ال‬
‫يوجد منفور إليه يف هذا الوقت غري اليماين املوعود‪.‬‬
‫‪ ،‬وقد تقدم بيان أن‬ ‫‪ -3‬روي عن الباقر ‪ ‬أنه قال‪:‬‬
‫اإلمام املهدي ‪ ،‬ال جيتمع مع السفياين يف سنة واحدة‪ ،‬بل إن السفياين ُيرج ويبقى مخسة‬
‫عشر شهراً ويقضى عليه‪ ،‬وإىل اآلن مل يقم القائم ‪ ‬يف مكة‪.‬‬
‫فال يوجد مصداق هلذا القائم غري اليماين املوعود‪ ،‬املوصوف بأنه أهدى الرايات‪ ،‬وأنه يكون‬
‫يف نفس سنة السفياين وأهنما يتسابقان كفرسي رهان‪.‬‬
‫‪ ، ‬وقد تبني أن‬ ‫‪ -4‬وعن أيب عبد اهلل ‪ ،‬قال‪:‬‬
‫السفياين الذي ُيرج يف رجب ال يقاتل القائم احلجة بن احلسن ‪ ،‬بل الذي يقاتله هو‬
‫اليماين املوعود‪.‬‬

‫‪ -7‬بحار األنوار‪ :‬ج‪ 52‬ص‪.781 – 783‬‬


‫‪ ............................................. 191‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬
‫‪ -5‬وكذلك ينبغي تذكر قول الصادق ‪:‬‬

‫‪ ، ‬إذ تبني أنه ‪ ‬يتكلم عن صاحب الرايات املمهدة‪ ،‬مث وصفه بأنه جيتمع‬
‫‪ ،‬وقد اتضح سابقاً أن بين فاطمة ال ميكن أن يقصد هبم غري األئمة‬ ‫عليه بنو فاطمة‬
‫يف هذا املقام‪ ،‬وهذا شبيه إن مل يكن نفس كالم الصادق ‪:‬‬

‫‪ ، ‬يدل على وجود قائم آلل‬ ‫فقول الصادق ‪:‬‬


‫يف رجب مزامن للسفياين‪ ،‬وبسبب ذلك استظهر العالمة اجمللسي من هذا احلديث‬ ‫حممد‬
‫إن خروج القائم ‪ ‬يف رجب‪ ،‬كما نقل عنه يف هامش البحار‪ ،‬واليكم نص كالمه‪( :‬ظاهره‬
‫أن خروج القائم ‪ ‬يف رجب وحيتمل أن يكون املراد أنه مبدأ ظهور عالمات خروجه فأقبلوا‬
‫إىل مكة يف ذلك الشهر لتكونوا شاهدين هناك عند خروجه) (‪.)1‬‬
‫واحتمال اجمللسي األخري يف غري حمله؛ ألنه قد تقدم أن هناك روايات كثرية حتث على‬
‫اخلروج إىل القتال والنفري‪ ،‬أضف إليها الروايات اليت تأمر بالنهوض اىل نصرة اليماين عند خروج‬
‫وإن بني رجب هذا وبني قيام اإلمام املهدي ‪ ‬يف حمرم أكثر من مخسة‬ ‫السفياين‪ ...‬اخل‪َّ ،‬‬
‫عشر شهراً !‬
‫‪ -1‬وينبغي أيضاً االلتفات إىل جواب الصادق ‪ ‬للذين تومهوا أن أبا مسلم اخلراساين‬
‫هو صاحب الرايات املمهدة‪ ،‬حيث قال‪ ...( :‬فضرب بالكتب األرض‪ ،‬مث قال‪ :‬أف أف ما أنا‬
‫لهؤلء بإمام‪ ،‬أما يعلمون أنه إنما يقتل السفياني)‪ ،‬أي أما يعلمون أن صاحب الرايات إمنا‬
‫يقتل السفياين؟! وقد تقدم التعليق على هذا املوضوع فال أعيد‪.‬‬
‫هت إىل تذكر هذه األمور الستة‪ ،‬نأيت إىل مناقشة الرواية‪:‬‬
‫وبعد أن نبَّ ُ‬

‫‪ -7‬بحار األنوار‪ :‬ج‪ 52‬هامش ص‪.802‬‬


‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪197 ........................................ 3 - 1 :‬‬
‫‪ -1‬ال ُيفى أن اإلمام ‪ ‬يف هذه الرواية يأمر باجللوس يف البيوت وعدم االستجابة إىل‬
‫‪.‬‬ ‫من يدَّعي أنه صاحب الرايات إال من جيتمع عليه أهل البيت‬
‫هو اإلمام املهدي ‪ ‬ال شخص قبله‪.‬‬ ‫فإن قيل‪ :‬بأن من جيتمع عليه أهل البيت‬
‫أقول‪ :‬إذا كان كذلك‪ ،‬فنكون منهيني عن اتباع أي شخص قبل قيام اإلمام املهدي ‪،‬‬
‫وهذا غري صحيح أبداً؛ ألنه ثبت بأننا مأمورون باتباع اليماين املوعود ونصرته‪ ،‬وهو يقيناً يظهر‬
‫قبل قيام اإلمام املهدي ‪ ،‬بل حىت قبل السفياين الذي ُيرج قبل قيام اإلمام املهدي ‪‬‬
‫بأكثر من مخسة عشر شهراً‪ ،‬إذن فالبد من وجود شخص قبل قيام اإلمام املهدي ‪ ‬جيتمع‬
‫ويؤيدوه‪ ،‬وأكيداً أن هذا الشخص هو اليماين املوعود؛ ألنه أهدى‬ ‫عليه أهل البيت‬
‫الرايات‪ ،‬ويدعو إىل اإلمام املهدي ‪ ،‬وإىل احلق وطريق مستقيم‪.‬‬
‫وكما قال رسول اهلل ‪:‬‬
‫يف كل زمان‪ ،‬وهاك وصفها على‬ ‫(‪ .)1‬وهذه الراية هي راية آل حممد‬
‫لسان أمري املؤمنني ‪:‬‬
‫(‪.)2‬‬
‫وقال أيضاً ‪:‬‬
‫(‪.)3‬‬
‫وعنه ‪:‬‬
‫(‪.)4‬‬
‫وهذه الراية يف آخر الزمان هي راية اليماين املوعود‪ ،‬واملوصوفة بأهنا أهدى الرايات‪،‬‬
‫وصاحبها يدعو إىل احلق وإىل صراط مستقيم‪ ،‬وامللتوي عليه من أهل النار‪ ،‬فهل جتدون فرقاً بني‬
‫‪ ،‬وبني صفات راية اليماين املوعود؟‬ ‫صفات راية أهل البيت‬

‫‪ -7‬دالئل اإلمامة للطبري (الشيعي)‪ :‬ص‪.445‬‬


‫‪ -2‬الخصال للصدوق‪ :‬ص‪.288‬‬
‫‪ -8‬نهج البالغة‪ :‬ج‪ 7‬ص‪.718‬‬
‫‪ -4‬كتاب سليم بن قيس‪ :‬ص‪.251‬‬
‫‪ ............................................. 198‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬
‫ال من اليمن كما يتوهم البعض‪.‬‬ ‫وهذه الراية تأيت من املشرق كما أخرب الرسول حممد‬
‫‪ -2‬قول الصادق ‪ ...( :‬فانهدوا إلينا بالسالح)‪ ،‬صريح الداللة بأن األمر هنا إىل‬
‫احلرب وبسرعة (فاهندوا)‪.‬‬
‫أن أهل البيت‬‫‪ ...( -3‬فإذا رأيتمونا قد اجتمعنا على رجل‪ ،)...‬من املعلوم َّ‬
‫وإن اإلمام املهدي ‪ ‬غائب‪ ،‬فكيف جيتمعون على رجل‪ ،‬أي ما هو الطريق إىل‬ ‫متوفون‪َّ ،‬‬
‫اجتماعهم هذا‪ ،‬وبأي وسيلة؟!‬
‫يف احلقيقة أن هناك طريقني ال اعتقد بوجود ثالث هلما‪:‬‬
‫من خالل رواياهتم‪ ،‬أي إهنم مثالً مسوه ووصفوه ووصفوا دعوته ورايته‬ ‫أ‪ -‬اجتماعهم‬
‫ووصفوا أنصاره وأعداءه‪ ...‬اخل‪.‬‬
‫ب‪ -‬أن يكون اجتماعهم بالطرق الغيبية ‪ -‬إن صح التعبري ‪ -‬أي من خالل الرؤى الصادقة‬
‫واملكاشفات وما شابه ذلك‪ ،‬وأظن إن هذا الوجه أقرب‪ ،‬وقد يكون اجتماعهم من كال الطريقني‬
‫أوفق‪.‬‬
‫وأظن إن هناك عالقة بني الطريق الثاين وبني الرواية اآلتية‪:‬‬
‫عن أمحد بن حممد بن أيب نصر‪ ،‬قال‪ :‬سألت أبا احلسن علي بن موسى الرضا ‪ ‬عن‬
‫الرؤيا فامسك عين مث قال‪:‬‬
‫(‪.)1‬‬
‫والكالم كثري يف هذا املوضوع أعرض عنه اآلن‪ ،‬وأتركه إىل حمله إن شاء اهلل تعاىل‪ .‬وأشرع‬
‫مبناقشة رواية أخرى‪.‬‬
‫عن علي بن احلسني (عليهما السالم) قال‪:‬‬
‫‪‬‬
‫(‪.)2‬‬

‫‪ - 7‬مختصر بصائر الدرجات للحسن بن سليمان الحلي‪ :‬ص‪.704‬‬


‫‪ - 2‬الكافي‪ :‬ج‪ 3‬ص‪.224‬‬
‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪199 ........................................ 3 - 1 :‬‬
‫‪ -1‬هذه الرواية ال تدل على أن الذي ُيرج قبل القائم ‪ ‬مذموم‪ ،‬بل غاية ما تدل عليه‬
‫أنه سوف يقتل‪ ،‬وال يكون نصر وال فتح أو متكني إال عند قيام القائم ‪.‬‬
‫تبني مما‬
‫‪ -2‬وهذه الرواية ال تشمل اليماين املوعود أصالً؛ ألنه مأمور بنصرته ومبشر به‪ ،‬مث َّ‬
‫سبق أنه هو القائم املوصوف يف بعض الروايات‪ ،‬وهو الذي ُمي ِّهد للقائم األصل احلجة ابن‬
‫احلسن سالم اهلل عليه وعلى آبائه‪.‬‬
‫وشيعتهم‪ ،‬وهي‬ ‫‪ -3‬ويؤيد النقطة األوىل؛ إن هناك ثورات قام هبا ثوار من آل حممد‬
‫ممدوحة كثورة زيد بن علي بن احلسني ‪ ،‬وقد تقدم ذكر الروايات اليت تُقدِّسها وتُقدِّس‬
‫قائدها‪ ،‬وكثورة احلسني بن علي بن احلسن صاحب معركة فخ‪ ،‬الذي خرج يف زمن اإلمام‬
‫الكاظم ‪ ،‬يف خالفة اهلادي العباسي (لعنه اهلل) سنة ‪ 119‬هـ‪ ،‬وأذكر هنا بعض ما جاء‬
‫عن عظمة الرزية هبذه املعركة وعظمة قائدها ومن استشهد فيها‪:‬‬
‫ذكر الشيخ علي النمازي الشاهرودي يف ترمجة احلسني بن علي بن احلسن‪ ،‬يف مستدركات‬
‫علم رجال احلديث ج‪ 3‬ص‪ ،159‬برقم ‪ ...( :4499‬وروى أبو الفرج األصبهاين بأسانيده يف‬
‫حديث طويل أن موسى الكاظم ‪ ‬ملا رأى رأس احلسني قال‪:‬‬

‫وقال النمازي أيضاً‪( :‬وروى يف عمدة الطالب ومعجم البلدان عن أيب جعفر اجلواد ‪‬‬
‫أنه قال‪ :‬لم يكن لنا بعد الطف مصرع أعظم من فخ)‪.‬‬
‫وقال النمازي أيضاً‪( :‬وروى أبو الفرج األصفهاين يف مقاتل الطالبني بإسناده عن حممد بن‬
‫إسحاق‪ ،‬عن أيب جعفر حممد بن علي صلوات اهلل عليهما يف حديث بكاء النيب ملا مر‬
‫بفخ ونزول جربئيل‪ ،‬قال‪ :‬يا محمد‪ ،‬إن رجالً من ولدك يقتل في هذا المكان‪ ،‬وأجر الشهيد‬
‫معه أجر شهيدين‪.‬‬
‫وبإسناده عن الصادق ‪ ‬يف حديث نزوله بفخ قال‪ :‬يقتل هنا رجل من أهل بيتي في‬
‫عصابة تسبق أرواحهم أجسادهم إلى الجنة‪.‬‬
‫‪ ............................................. 211‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬
‫إىل موضع فخ فصلى بأصحابه صالة‬ ‫وروى أيضاً "عن زيد بن علي قال‪ :‬انتهى النيب‬
‫اجلنائز‪ ،‬قال‪ :‬يقتل هاهنا رجل من أهل بيتي في عصابة من المؤمنين ينزل لهم بأكفان‬
‫وحنوط من الجنة) انتهى‪.‬‬
‫وقد رثاه وأصحابه دعبل اخلزاعي أمام اإلمام الرضا ‪ ‬قائالً‪:‬‬
‫وأخرى بفخ ناهلا صلوايت‬ ‫قبور بكوفان وأخرى بطيبة‬
‫وإليكم ما يروي اإلمام علي ‪ ‬عن وجود ثوار يف البصرة قبل قيام اإلمام املهدي ‪،‬‬
‫وإهنم شهداء ومن أولياء اهلل تعاىل‪:‬‬

‫(‪.)1‬‬
‫ونأيت اآلن إىل مناقشة رواية أخرى‪:‬‬
‫الكايف‪ :‬حممد بن حيىي‪ ،‬عن أمحد بن حممد‪ ،‬عن احلسني بن سعيد‪ ،‬عن محاد بن عيسى‪،‬‬
‫عن احلسني بن املختار‪ ،‬عن أيب بصري‪ ،‬عن أيب عبد اهلل ‪ ،‬قال‪:‬‬
‫‪.)3( ،)2( ‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ -7‬بحار األنوار‪ :‬ج‪ 82‬ص‪.255 – 254‬‬


‫‪ -2‬ال يوجد من يناقش فيه في سند هذه الرواية إال الحسين بن المختار‪ ،‬وقد وثقه الشيخ المفيد وابن‬
‫عقدة وجزم المحقق الخوئي بوثاقته وكذلك وثقه الشيخ النمازي الشاهرودي في مستدركاته‪ ،‬راجع‬
‫معجم رجال الحديث للخوئي‪ :‬ج‪ 1‬ص‪ 18‬برقم ‪ ،8258‬ومستدركات علم رجال الحديث‪ :‬ج‪8‬‬
‫ص‪ ،711‬وأيضا ً جزم الميرزا النوري بوثاقته وساق أدلة كثيرة‪ ،‬راجع خاتمة المستدرك‪ :‬ج‪4‬‬
‫ص‪ .251‬وأما بقية رجال سند هذه الرواية فكلهم من الثقاة األجالء المشهورين‪.‬‬
‫‪ -8‬وسائل الشيعة (آل البيت)‪ :‬ج‪ 75‬ص‪.52‬‬
‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪211 ........................................ 3 - 1 :‬‬
‫بصدق‪ ،‬واليت‬ ‫‪ -1‬تبني مما تقدم بأن الرايات الصادقة األمينة واليت تدعو إىل آل حممد‬
‫هدفها دفع جور الطغاة‪ ،‬ال تكون مشمولة هبذا الذم‪ ،‬وال أريد التفصيل أكثر‪.‬‬
‫ومأمور بطاعتها ومنهي عن‬ ‫‪ -2‬تقدم أن راية اليماين املوعود هي راية أهل البيت‬
‫خمالفتها‪ ،‬وإهنا حق وهدى وتدعو إىل اإلمام املهدي ‪ ‬وإىل طريق مستقيم‪.‬‬
‫فال تكون مشمولة هبذه الرواية أصالً‪.‬‬
‫‪ -3‬بيَّنت فيما سبق بأن اليماين املوعود قائم آلل حممد ‪ ‬أيضاً‪ ،‬وإن رايته ودعوته مها‬
‫راية ودعوة اإلمام املهدي ‪ ،‬فتكون هي الراية املوعودة واملنتظرة‪.‬‬
‫ونأيت إىل رواية أخرى‪:‬‬
‫عن إمساعيل بن مهران‪ ،‬عن ابن عمرية‪ ،‬عن احلضرمي قال‪ :‬قلت‪ :‬أليب عبد اهلل ‪‬‬
‫كيف نصنع إذا خرج السفياين قال‪:‬‬
‫(‪.)1‬‬
‫ال ختتلف هذه الرواية عن بعض الروايات املتقدمة إال يف شيء واحد وهو قول الصادق‬
‫‪ ،‬فهل هذا‬ ‫‪:‬‬
‫يدل على أن النفور إىل القائم ‪ ‬حمدد مبلك السفياين للكور اخلمس؟‬
‫أقول‪:‬‬
‫‪1‬‬

‫‪ -7‬بحار األنوار‪ :‬ج‪ 52‬ص‪.212‬‬


‫‪ ............................................. 212‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬
‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫قال اهلل تعاىل‪:‬‬

‫‪‬‬
‫(‪)3‬‬
‫‪.‬‬
‫إذن البد أن يكون النفور إىل اليماين املوعود صاحب أهدى الرايات الذي أمر أهل البيت‬
‫‪ ‬بنصرته‬
‫فورياً وبدون تثاقل أو تسويف‪ ،‬وال‬
‫ُيفى أن املواجهة بني السفياين واليماين تكون بعد متّلك السفياين للكور اخلمس‪ ،‬فيكون‬
‫املقصود من قول الصادق ‪( :‬فإذا ظهر على األكوار الخمس فانفروا إلى صاحبكم)‪،‬‬
‫أي انفروا إىل نصرة اليماين املوعود يف مواجهة السفياين امللعون‪ ...‬واهلل العامل‪.‬‬
‫ولنكتفي هبذا القدر من التعليق‪ ،‬ونأخذ رواية أخرى‪:‬‬

‫‪ -7‬التوبة‪.47 :‬‬
‫‪ -2‬التوبة‪.83 :‬‬
‫‪ -8‬النساء‪.12 – 17 :‬‬
‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪213 ........................................ 3 - 1 :‬‬
‫‪‬‬ ‫عن أيب بصري‪ ،‬عن أيب عبد اهلل ‪ ،‬قال‪:‬‬

‫(‪.)1‬‬
‫‪ -1‬هنا اإلمام الباقر ‪ُ ‬يرب عن حدوث فتنة أو حرب طاحنة أو ما شابه ذلك‪ ،‬تكون‬
‫يف أذربيجان‪ ،‬ويأمر شيعته أن جيلسوا يف بيوهتم وال يتدخلوا يف ذلك‪ ،‬وأن يلبدوا ما لبد أهل‬
‫)‪ ،‬فمن هذا املتحرك يا ترى؟‬ ‫‪ ،‬مث يقول‪:‬‬ ‫البيت‬
‫إن هذا املتحرك هو اإلمام املهدي ‪ ‬نفسه‪ ،‬فهذا يستلزم النهي عن اتباع أي‬ ‫إن قلنا َّ‬
‫شخص قبل قيام اإلمام املهدي ‪ ،‬حىت اليماين املوعود؛ ألن الباقر ‪ ‬أمر شيعته‬
‫بالسكون واجللوس وأعطاهم عالمة لبداية السعي والتحرك وهي قوله‪( :‬فإذا تحرك متحركنا‬
‫فاسعوا إليه‪ ،)...‬وعلى هذا الفهم ترد نقطتان‪:‬‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬
‫‪‬‬

‫‪‬‬
‫‪‬‬

‫‪ -2‬بقي إشكال رمبا ينقدح يف أذهان من يقرأون هذه الرواية‪ ،‬وهو قول الباقر ‪:‬‬
‫‪ ،‬فقد‬

‫‪ -7‬الغيبة للنعماني‪ :‬باب‪ 77‬ح‪ 7‬ص‪.200‬‬


‫‪ ............................................. 214‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬
‫إن هذا الكالم ظاهر يف اختصاصه باإلمام املهدي احلجة ابن احلسن ‪ ‬لتواتر‬ ‫يقول البعض َّ‬
‫الروايات بأنه يُبايَع بني الركن واملقام مبكة‪.‬‬
‫أقول‪:‬‬
‫أ‪ -‬ال ميكن حصر البيعة بني الركن واملقام باإلمام املهدي ‪ ‬نفسه‪ ،‬فقد تسبقها بيعة‬
‫املأمور بنصرته‪.‬‬ ‫ملتحرك أهل البيت‬
‫ب‪ -‬قد تكون البيعة لإلمام املهدي ‪ ‬وهلذا املتحرك يف نفس الوقت‪ ،‬باعتباره وزيره أو‬
‫أن الرسول نصب علياً ‪ ‬كخليفة ووصي ووزير له يف أول بعثته كما‬ ‫ميانيه‪ ...‬اخل‪ ،‬كما َّ‬
‫يف حديث الدار‪.‬‬
‫وقد جاء يف خرب طويل بأن وزير املهدي يكون مرافقاً له وامسه املنصور‪ ،‬عن الباقر ‪:‬‬

‫(‪.)1‬‬
‫فقد تبايع الناس أيضاً وزير اإلمام املهدي ‪ ،‬كما بايعت اإلمام املهدي ‪ ،‬ويكون‬
‫‪.‬‬ ‫هو متحرك أهل البيت‬
‫ج‪ -‬وقد يكون هذا املتحرك هو من يستلم البيعة نيابة عن اإلمام املهدي ‪ ،‬وتنسب‬
‫البيعة لإلمام املهدي ‪‬؛ ألنه هو املقصود منها‪ ،‬فيصدق أن نقول عن هذا املتحرك بأنه يبايع‬
‫له بني الركن واملقام‪ ،‬أي إنَّه يتوىل استالم البيعة نيابة عن اإلمام املهدي ‪ ،‬وإىل هذا تشري‬
‫بعض الروايات‪:‬‬
‫يف خرب طويل عن الباقر ‪ ‬يف مسرية املهدي ‪:‬‬

‫(‪.)1‬‬

‫‪ -7‬بحار األنوار‪ :‬ج‪ 52‬ص‪.225 – 222‬‬


‫‪ - 2‬المولى في هذه الرواية؛ فيه كالم آخر قد يأتي في وقته إن شاء هللا تعالى‪.‬‬
‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪215 ........................................ 3 - 1 :‬‬
‫ويل البيعة الظاهر هو املوىل يف الرواية اآلتية‪:‬‬
‫وهذا املوىل الذي ّ‬
‫عن الباقر ‪ ‬أنه قال‪:‬‬

‫(‪.)2‬‬
‫أن هذا املوىل هو الذي يطلِّع على موضع القائم ‪ ‬يف الرواية اآلتية‪:‬‬
‫والظاهر َّ‬
‫عن الصادق ‪ ‬أنه قال‪:‬‬

‫(‪.)3‬‬
‫وقد يكون هذا املوىل هو املقصود أيضاً يف الرواية اآلتية‪:‬‬
‫عن أيب عبد اهلل ‪ ،‬قال‪:‬‬

‫(‪.)1( ،)5‬‬
‫وقوله‪( :‬يمشون إلى المولى إرسالً)‪ ،‬أي أفواجاً فوج بعد فوج‪ ،‬وقد يكون ذلك من أجل‬
‫البيعة والتسليم واالستعداد للنصرة‪.‬‬
‫د‪ -‬وقد يكون هذا املتحرك الذي يُبايَع بني الركن واملقام هو وصي اإلمام املهدي ‪،‬‬
‫الذي نص عليه الرسول حممد بوصيته ليلة وفاته‪:‬‬

‫‪ -7‬معجم أحاديث اإلمام المهدي ‪ :‬ج‪ 5‬ص‪.21 – 22‬‬


‫‪ -2‬كتاب الغيبة للنعماني‪ :‬ص‪.731‬‬
‫‪ -8‬الغيبة للشيخ الطوسي‪ :‬ص‪.722‬‬
‫ً‬
‫‪ -4‬لعلها (أرساالً) بالفتح وليس بالكسر‪ ،‬و (أرساال) يعني أفواجا فوج بعد فوج‪ ،‬ومفردها ( َر َسل)‬
‫ً‬
‫بفتحتين‪ ،‬راجع الصحاح للجوهري‪ ،‬وتاج العروس للزبيدي‪ ،‬مادة‪ :‬رسل‪.‬‬
‫‪ -5‬كلمة المولى تستعمل في معان عديدة‪( :‬األولى بالشيء) و (الذي يلي أمر شخص ما ويقوم بقضاء‬
‫حوائجه) و (الناصر) و (ابن العم) و (المحب) و (مالك الرق كما يملك المولى عبده) و (المولى‬
‫المعتق من الرق) و (العاقبة) و (ما يلي الشيء مثل خلفه‪ ،‬وقدامه )‪ ...‬الخ‪.‬‬
‫‪ -2‬بحار األنوار‪ :‬ج‪ 52‬ص‪.803 – 801‬‬
‫‪ ............................................. 211‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫وقول الرسول ‪( :‬وهو أول المؤمنين) أي أول املؤمنني باإلمام املهدي ‪ ‬يف عصر‬
‫الظهور‪ ،‬وأول املصدقني والناصرين له‪ ،‬كما كان اإلمام علي ‪ ‬إىل رسول اهلل ‪ ،‬أي َّ‬
‫إن‬
‫وصي اإلمام املهدي ‪ ‬البد أن يكون موجوداً قبل قيام اإلمام املهدي ‪ ،‬ولإلحاطة هبذا‬
‫املوضوع يرجى مراجعة كتاب الوصية والوصي‪.‬‬
‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫(‪.)1‬‬

‫‪ -7‬الغيبة للطوسي‪ :‬ص‪ 454‬ح‪ 428‬و ص‪ 10‬ح‪.432‬‬


‫‪ -2‬الكافي‪ :‬ج‪ 7‬ص‪.585‬‬
‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪217 ........................................ 3 - 1 :‬‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫مت االنتهاء من حترير هذه األسطر بتاريخ‪:‬‬


‫‪ /1‬ربيع الثاين‪ 1432 /‬هـ‬
‫‪ 2111 /3 /1‬م‬

‫‪ -7‬بحار األنوار‪ :‬ج‪ 24‬ص‪.273‬‬


‫‪ -2‬جامع أحاديث الشيعة للسيد البروجردي‪ :‬ج‪ 78‬ص‪.18‬‬
‫‪ ............................................. 218‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬
‫دراسة يف شخصية اليماين املوعود‪ /‬ح‪219 ........................................ 3 - 1 :‬‬

‫الفهرس‬

‫الحلقة ألاولى‬
‫املقدمة ‪7........ ................................ ................................ ................................ ................................‬‬
‫‪( -1‬وليس في الرايات راية أهدى من راية اليماني) ‪41 .......... ................................ ................................‬‬
‫‪( -3‬يدعو إلى صاحبكم) ‪77 .............. ................................ ................................ ................................‬‬
‫‪( -2‬فإذا خرج اليماني حرم بيع السالح على الناس وكل مسلم) ‪73......................... ................................‬‬
‫‪( -1‬وإذا خرج اليماني فانهض إليه‪ ،‬فإن رايته راية هدى) ‪77 ................................ ................................‬‬
‫‪( -1‬ال يحل ملسلم أن يلتوي عليه‪ ،‬فمن فعل ذل فهو من أهل النار) ‪79 .............. ................................‬‬
‫‪( -6‬يدعو إلى الحق وإلى طريق مستقيم) ‪411 ...................... ................................ ................................‬‬
‫الحلقة الثانية‬
‫اليماني وبالد اليمن ‪417 .................. ................................ ................................ ................................‬‬
‫املدخل ‪444 ................................... ................................ ................................ ................................‬‬
‫اليماني وبالد اليمن ! ‪443 ................ ................................ ................................ ................................‬‬
‫الحلقة الثالثة‬
‫اليماني والسفياني ‪437 .................... ................................ ................................ ................................‬‬
‫املدخل ‪437 ................................... ................................ ................................ ................................‬‬
‫القائم والسفياني في سنة واحدة ‪413 ............................... ................................ ................................‬‬
‫هزيمة السفياني من الكوفة قبل قيام إلامام املهدي ‪ ‬بمكة ‪411 ..................... ................................‬‬
‫تكليف قألمة عند خروج السفياني ‪471 ............................. ................................ ................................‬‬

‫واحلمد هلل رب العاملني‬


‫‪ ............................................. 211‬إصدارات أنصار اإلمام املهدي ‪‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬

You might also like