‫اﻷرواح ﺟﻧود ﻣﺟﻧدة‬

‫اﻷرواح ﺟﻧود ﻣﺟﻧدة ﻓﻣﺎ ﺗﻌﺎرف ﻣﻧﮫﺎ اﺋﺘﻠف وﻣﺎ ﺗﻧﺎﻛﺮ ﻣﻧﮫﺎ اﺧﺘﻠف‪ .‬ﺣدﻳث ﺻﺣﻴﺢ‬
‫ﻛﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺻﺣﻴﺣﻴن وﻏﻴﺮھﻣﺎ‬

‫ودﻟﻴل ﺻﺣﺔ ذﻟك ﻓﻲ ﺣﻴﺎة اﻟﻧﺎس اﻟﻌﺎدﻳﺔ أن اﻹﻧﺳﺎن رﺑﻣﺎ ﻳطﻣﺋن أو ﻳﺮﺗﺎح ﻟﺷﺧص‬
‫وھو ﻻ ﻳﻌﺮﻓﻪ أﺻﻼً‪ ،‬ورﺑﻣﺎ ﻳﻛون ﻏﺮﻳﺑ ًﺎ ﻋﻧﻪ وﻟﻴس ﻣن أھل ﺑﻠده وﻻ ﻳﺘﻛﻠم‬
‫ﻟﻐﺘﻪ‪ ...‬وﻳﻛون ﺑﺟﺎﻧﺑﻪ وﻣن أﻗﺎرﺑﻪ وﺑﻧﻲ وطﻧﻪ وﻗوﻣﻪ ﻣن ﻻ ﻳﺮﺗﺎح ﻟﻪ وﻻ ﻳطﻣﺋن‬
‫إﻟﻴﻪ‪ ،‬وﻗد ﻗﺎل ﺑﻌض أھل اﻟﻌﻠم إن ﺳﺑب ذﻟك ھو ﻣﺎ ﺟﺮى ﻣن اﻟﺘﻌﺎرف ﺑﻴن اﻷرواح‬
‫ﻓﻲ ﻋﺎﻟم اﻟذر ﻋﻧدﻣﺎ ﺧﻠق ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ آدم ﻓﻣﺳﺢ ﻋﻠﻰ ظﮫﺮه ﻓﺄﺧﺮج ﻣﻧﻪ ﻧﺳﻣﺎت ﺑﻧﻴﻪ‬
‫وﻗﺎل ﻟﮫم‪ :‬أﻟﺳت ﺑﺮﺑﻛم؟ ﻗﺎﻟوا‪ :‬ﺑﻠﻰ‪ ...‬ﻓﻣﺎ ﺗﻌﺎرف ﻣن اﻷرواح ﻓﻲ ﺗﻠك اﻟﻔﺘﺮة‬
‫‪.‬اﺋﺘﻠف‪ ،‬وﻣﺎ ﺗﻧﺎﻛﺮ ﻣﻧﮫﺎ اﺧﺘﻠف‬

‫ﻗﺑل ان ﻳﺧﻠق ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ اﻷﺟﺳﺎد ﺧﻠق اﻷرواح وﻋﺎﺷت ھذه اﻷرواح ﻓﻲ ﻋﺎﻟم‬
‫اﺳﻣﻪ ﻋﺎﻟم اﻟذر ﻋﺎﻟم اﻷرواح‪ ،‬وﻣن ھﻧﺎك ﻛﺎن ﺗﻌﺎﻣل ھذه اﻷرواح ﻣﻊ ﺑﻌﺿﮫﺎ‬
‫اﻟﺑﻌض‪ ،‬ﻓﻣن ﺗﺮﺗﺎﺣﻴن ﻟﻪ ﻳﻛون ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟك ارﺗﻴﺎح ﻓﻲ ﻋﺎﻟم اﻟذر اﻟﺳﺎﺑق واﻟﻌﻛس‬
‫ﺻﺣﻴﺢ‪ ،‬أﻧت ﺗﺷﻌﺮﻳن أﻧك ﺗﻌﺮﻓﻴن ھذا اﻟﺷﺧص وﻣﺘﺄﻛدة أﻧك رأﻳﺘﻪ ﻓﻲ ﻣﻛﺎن ﻣﺎ‬
‫وﻟﻛن اﻟﺣﻘﻴﻘﻪ أﻧك ﺗﺮﻳﻧﻪ أول ﻣﺮة‪ ،‬وﻟﻛن ﺑﻌﺎﻟم اﻟذر ﺳﺑق وأن ﺗﻌﺎﻣﻠت ﻣﻌﻪ ﻟذﻟك ﻛل‬
‫إﻧﺳﺎن أﻧت ﺗﺷﻌﺮﻳن ﺑﺄﻧك ﺗﻌﺮﻓﻴﻧﻪ أو ﺗﺮﺗﺎﺣﻴن ﻟﻪ ﻓﻘد ﺳﺑق ﻟك ﺑﻌﺎﻟم اﻟذر أن ﺷﻌﺮت‬
‫ﺑﻪ ﻛﮫذا اﻟﺷﻌور‬

‫ﻓﺎﻷرواح ﺧﻠﻘت ﻗﺑل اﻷﺟﺳﺎد‪ ،‬وﻋﺎﻟم اﻷرواح أﻋم ﻣن ﻋﺎﻟم اﻟذر‪ ،‬ﻓﺈن اﻟﻣﺮاد ﺑﻌﺎﻟم‬
‫‪.‬اﻟذر‪ :‬اﻷرواح اﻟﺘﻲ أﺧﺮﺟﮫﺎ ﷲ ﻣن ظﮫﺮ آدم وأﺧذ ﻋﻠﻴﮫﺎ اﻟﻌﮫد ﺑﺘوﺣﻴده‬

‫ﻓظﺎھﺮ ﻛﻼم اﺑن اﻟﻘﻴم واﻟﺷوﻛﺎﻧﻲ أن اﻷرواح ﻛﺎﻧت ﻣﺧﻠوﻗﺔ ﻗﺑل دﺧول اﻟﻧطف ﻓﻲ‬
‫اﻷرﺣﺎم‪ ،‬وﻣﻌﻧﻰ ﻛﻠﻣﺔ اﻟذر‪ :‬اﻟﻧﻣل‪ ،‬واﻟﻣﺮاد ﺑﻌﺎﻟم اﻟذر اﻷرواح اﻟﺘﻲ أﺧﺮﺟﮫﺎ ﷲ‬
‫ﻣن ظﮫﺮ أﺑﻴﻧﺎ آدم ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم‪ ،‬ﺣﻴث أﺧﺮﺟﮫﺎ ﻛﺎﻟذر أي ﻛﺎﻟﻧﻣل وأﺧذ‬
‫ﻋﻠﻴﮫم اﻟﻣﻴﺜﺎق ﺑﺘوﺣﻴده وﻋﺑﺎدﺗﻪ ﻓﻘﺎل‪ :‬أﻟﺳت ﺑﺮﺑﻛم‪ ،‬ﻗﺎﻟوا‪ :‬ﺑﻠﻰ‪ ...‬ﻓﺎﻷرواح ﻛﺎﻧت‬
‫ﻣﺧﻠوﻗﺔ ﻗﺑل أﺧذ اﻟﻣﻴﺜﺎق‪ ،‬وﻻ ﺷك أن أﺧذ اﻟﻣﻴﺜﺎق ﺗم ﻗﺑل دﺧول اﻷرواح ﻓﻲ‬
‫‪.‬أﺟﺳﺎﻣﮫﺎ ﻓﻲ اﻷرﺣﺎم ﻛﻣﺎ ھو ظﺎھﺮ‬

‫‪Page 1‬‬
 ‫اﻷرواح ﺟﻧود ﻣﺟﻧدة‬

‫واﻟﻘﺻص ﻓﻲ ذﻟك ﻛﺜﻴﺮة ﺗﺣدث ﻋﻧﮫﺎ اﻟﺳﻠف رﺿوان ﷲ ﻋﻠﻴﮫم‪ ،‬وﺷﺎھدھﺎ اﻟﻧﺎس‬
‫ﻓﻲ واﻗﻊ ﺣﻴﺎﺗﮫم‪ ،‬وﻻ ﻣﺎﻧﻊ أن ﻳدﺧل ﻓﻲ ذﻟك ﺣدﻳث اﻟﻧﻔس ﻣن ﺷﺧﺻﻴن وﻳﻔﻛﺮ ﻛل‬
‫ﻣﻧﮫﺎ ﻓﻲ اﻵﺧﺮ أو ﻳﺘﺻل ﺑﻪ أو ﻳﺰوره‪ ،‬ﻓﻔﻲ ﻣﺟﻣﻊ اﻟﺰواﺋد‪ :‬أن اﻣﺮأة ﻛﺎﻧت ﺑﻣﻛﺔ‬
‫ﻣﺰاﺣﺔ ﻓﺟﺎءت إﻟﻰ اﻟﻣدﻳﻧﺔ ﻓﻧﺰﻟت ﻋﻠﻰ اﻣﺮأة ﺷﺑﮫﺎ ﻟﮫﺎ ﻓﺑﻠﻎ ذﻟك ﻋﺎﺋﺷﺔ رﺿﻲ ﷲ‬
‫ﻋﻧﮫﺎ ﻓﻘﺎﻟت‪ :‬ﺻدق ﺣﺑﻲ ﺻﻠﻰ ﷲ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠم‪ :‬اﻷرواح ﺟﻧود ﻣﺟﻧدة ﻣﺎ ﺗﻌﺎرف‬
‫ﻣﻧﮫﺎ اﺋﺘﻠف‪ ...‬اﻟﺣدﻳث‪ .‬وﻳدﺧل ﻓﻲ ذﻟك اﻹﻟﻔﺔ واﻟﻣﻴول اﻟذي ﻳﺣﺻل ﺑﻴن اﻟﺧﺎطب‬
‫‪.‬وﺧطﻴﺑﺘﻪ‬
‫وﻟﻛن ﻻ ﻳﺟوز أن ﻳﺘﺧذ ذﻟك ذرﻳﻌﺔ ﻟﻼﺗﺻﺎل ﻏﻴﺮ اﻟﻣﺷﺮوع ﺑﻴن اﻟﺟﻧﺳﻴن‪ ،‬ﻓﻘد ﺣﺮم‬
‫‪.‬اﻹﺳﻼم اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﻴن رﺟل واﻣﺮأة أﺟﻧﺑﻴﻴن إﻻ ﻋن طﺮﻳق اﻟﺰواج اﻟﺷﺮﻋﻲ‬

‫وروى اﺑن ﻋﺑد اﻟﺑﺮ ﻓﻲ اﻟﺘﻣﮫﻴد ﻋن ﻋﺑد ﷲ ﺑن ﻣﺳﻌود ﻗﺎل‪ :‬اﻷرواح ﺟﻧود‬
‫ﻣﺟﻧدة‪ ،‬ﺗﺘﻼﻗﻰ ﻓﻲ اﻟﮫواء ﻓﺘﺘﺷﺎم ﻛﻣﺎ ﺗﺘﺷﺎم اﻟﺧﻴل‪ ،‬ﻓﻣﺎ ﺗﻌﺎرف ﻣﻧﮫﺎ اﺋﺘﻠف وﻣﺎ‬
‫ﺗﻧﺎﻛﺮ ﻣﻧﮫﺎ اﺧﺘﻠف‪ ،‬وﻟو أن ﻣؤﻣﻧﺎ ﺟﺎء إﻟﻰ ﻣﺟﻠس ﻓﻴﻪ ﻣﺎﺋﺔ ﻣﻧﺎﻓق ﻟﻴس ﻓﻴﻪ إﻻ ﻣؤﻣن‬
‫‪.‬واﺣد ﻟﻘﻴض ﻟﻪ ﺣﺘﻰ ﻳﺟﻠس إﻟﻴﻪ‪ .‬اﻧﺘﮫـﻰ‬
‫وذﻛﺮ أﺑو اﻟﻘﺎﺳم اﻷﺻﻔﮫﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﻣﺣﺎﺿﺮات اﻷدﺑﺎء ﻋن اﻟﺣﺳﻴن ﺑن ﻋﻠﻲ رﺿﻲ‬
‫‪:‬ﷲ ﻋﻧﮫﻣﺎ أن ﻋﻣﺮ ﺑن اﻟﺧطﺎب ﻗﺎل‪ :‬ﺛﻼث ﻟم أﺳﺄل ﻋﻧﮫن رﺳول ﷲ ﻓﻘﺎل ﻋﻠﻲ‬
‫وﻣﺎ ھن ؟ ﻗﺎل ﻋﻣﺮ‪ :‬ﺣب اﻟﺮﺟل اﻟﺮﺟل ﻟم ﻳﺟﺮ ﺑﻴﻧﮫﻣﺎ ﺧﻠطﺔ وﻻ ﻣﻌﺮﻓﺔ‪ ،‬ﻓﺄﻧﻰ‬
‫ذﻟك ؟ ‪ ....‬ﻓﻘﺎل ﻋﻠﻲ‪ :‬أﻣﺎ ﻣﺎ ذﻛﺮت ﻣن ﺣب اﻟﺮﺟل اﻟﺮﺟل ﻟم ﺗﺟﺮ ﺑﻴﻧﮫﻣﺎ ﺧﻠطﺔ‬
‫وﻻ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻓﺈن ﷲ ﺧﻠق اﻷرواح ﻗﺑل اﻷﺟﺳﺎد ﻓﺘﻠﺘﻘﻲ اﻷرواح ﻋﻠﻰ ﺳﺑب ﺑﻴن‬
‫‪.‬اﻟﺳﻣﺎء واﻷرض‪ ،‬ﻓﺘﺘﺷﺎم ﻛﻣﺎ ﺗﺘﺷﺎم اﻟﺧﻴل ﻓﻣﺎ ﺗﻌﺎرف اﺋﺘﻠف ھﻧﺎ ‪ ....‬اﻧﺘﮫﻰ‬
‫‪.‬وﷲ أﻋﻠم‬

‫‪Page 2‬‬