Professional Documents
Culture Documents
الأمانة
الأمانة
الخطبة األولى
الحمد هلل على فضله وإحسانه ،وأشكره على توفيقه وامتنانه ،أمر بــأداء
األمانة ونهى عن الخيانة ،وأشهد أن محمدا عبــده ورســوله الصــادق في
إبالغه وبيانه ،صلى هللا عليه وعلى آله وأصحابه أهل الصــدق والديانــة،
وسلم تسليما كثيرا ،أما بعد
أيُّها الناس ،اتقوا هللا تعالى ،واعلموا أن كل عبد فهو محمل باألمانة فيم ا بين ه
وبين هللا ،وفيما بينه وبين والة األمور ،وفيما بينه وبين الناس ،فليكن أميناً محافظ ا
ُم أَنْ ُت َؤدُّوا األ َ َمانَاتِ إِلَى أَ ْ
هلِ َها). على أمانته( :إِنَّ اللَّ َه يَ ْأ ُم ُرك ْ
واألمانات كثيرة وثقيلة ،ولها حساب عند هللا عز وجل يوم القيام ة فمن ته اون به ا
في الدنيا وسلم من العقوبة فلن يسلم من عقوبة هللا له في اآلخرة.
فحافظوا على أمانتكم وأدوها كما أمركم هللا عز وج ل ق ال هللا ج ل وعال( :يَ ا أَيُّ َه ا
مام وا أَنَّ َ اعلَ ُ
م ونَ * َو ْ ُم َوأَ ْن ُت ْ
م تَ ْعلَ ُ خو ُن وا أَ َمانَ اتِك ْ ل َوتَ ُ
سو َ خو ُنوا اللَّ َه َو َّ
الر ُ الَّ ِذ َ
ين آ َم ُنوا ال تَ ُ
م) ،هللا يبتلي به ذه األمان ة عب اده ظي ٌ ج ٌر َع ِ َ
ع ْن َد ُه أ ْ َ
ة َوأنَّ اللَّ َه ِ ُم فِ ْت َن ٌ
الدك ْ َ
ُم َوأ ْو ُ أَ ْم َوا ُلك ْ
ليتميز المحافظ عليها من المض يع له ا ،والمته اون بش أنها ،واألمان ات كث يرة ولكن
منها:
األمان ة في أداء األعم ال ال تي أتمن عليه ا ولي األم ر لبعض الن اس لألف راد أو
للشركات فعليهم أن يحافظوا عليها ،فمن ولي على عم ل فإن ه أمان ة في عنق ه،
يبادر بأدائها كما أمره هللا سبحانه وتع الى وي نزه نفس ه وكس به ومأكل ه ومش ربه
من الخيانة في األمانة ،فهي ابتالء وامتحان ،فمن حاف ظ عليه ا وأداه ا ن ال الج زء
من هللا عز وحل ،ومن خانه ا فإنم ا يخ ون نفس ه ،وإنم ا يرج ع ض رر الخيان ة علي ه
وسيحاسب عن ذلك ي وم القيام ة ،فيجب على من ت ولى عمال وظيفي ا أن يؤديه ا
بالوفاء والتمام وأن يحاف ظ على ال دوام الرس مي وال يتخل ف إال لع ذر ش رعي م ع
طلب اإلذن من المرجع المسئول حتى تبرأ ذمت ه ويس لم من الل وم والعت اب ،ف إن
تخلفه عن الدوام يسجل عليه ويحسب عليه قد يكون متراكم ا ثم ي ؤثر ذل ك على
مستقبله وقد يطرد من الوظيف ة فين ال الخ زي والخس ارة ،ال تحاف ظ على ال دوام
خوفا من الناس؛ ولكن حافظ على الدوام خوفا من هللا س بحانه وتع الى ،فإن ه وإن
تغاضى عنك المس ئول أو ك ذبت علي ه وب ررت ع ذرا ف إن هللا س بحانه وتع الى لن
يتركك بال حساب وال عقاب.
وكذلك من تولى ماال من أموال المسلمين فعليه أن يحاف ظ علي ه وأن يحفظ ه وأن
يؤديه بالوفاء والتمام ال يبخس من ه ش يئا ،ف إن ال ذين يأخ ذون من األم وال العام ة
يأخذون غلوال ،والغلو كبيرة من كبائر الذنوب ،فعلي ه أن يحاف ظ على م ا ولي علي ه
من األموال وأن يؤديها بالوفاء والتم ام ،وال يتس اهل فيه ا في حفظه ا وفي أداءه ا
فإن ه محاس ب على ذل ك في ال دنيا واآلخ رة ،وإن فات ه حس اب ال دنيا فلن يفوت ه
حس اب اآلخ رة ،ك ان رج ل من الص حابة ق د ولي على عم ل فأت اه المفتش ون
والمراقب ون لحاس بوه فق ال لهم :حس اب في ال دنيا وحس ب في اآلخ رة لكم
عملكم ،وترك العمل خوفا من الحساب.
فاتقوا هلل عباد هللا ،كان رجل مع الصحابة يجاهد مع رسول هللا ص لى هللا علي ه
وسلم وكان شجاعا في الحرب أعجب الصحابة ،فقالوا يا رسول هللا :م ا أبلى أح د
مثل ما أبلى فالن؟ قال :هو في النار فأشكل ذلك على الص حابة ففتش وا في م ا
معه ،فوجدوا عنده شملة غلة من الغنيمة ،قالوا :صدق رسول هللا صلى هللا عليه
ة) يحمل ه على م ا ْل ِقيَا َم ِل يَ ْو َم ا غَ َّل يَ ْأتِ بِ َ
ن يَ ْغ ُل ْ
وسلم ،وهللا جل وعال يقولَ ( :و َم ْ
ْ
ُل يَ أتِ
ن يَ ْغل ْ
رقبته إن كان بعيرا ،إن كان شاة ،إن كان ماال يأتي به يوم القيامةَ ( :و َم ْ
مونَ )؛ ولكن كما ج اء ظلَ ُ م ال ُي ْ ه ْ ت َو ُ
سبَ ْ س َما َك َل نَ ْف ٍ م ُت َوفَّى ُك ُّ م ا ْل ِقيَا َم ِ
ة ُث َّ ل يَ ْو َ
ما غَ َّ
بِ َ
في الحديث :في آخر الزمان تتخ ذ األمان ة مغنما فمن اس ترعيا على م ال اعت بره
غنيمة يأخذه له ألنه ال يخاف من هللا سبحانه وتعالى.
وكذلك في المقولين الذين يتولون المقاوالت ويتعهدون بها ل ولي األم ر ثم يخون ون
ويغشون في األعمال وينقصونه وقد يسلمون منها بأس باب منه ا الرش وة ،والغش
للمراقبين فيشتركون في اآلثم والعدوان ،المراقب الذي أعطاه ش هادة على تم ام
العمل والعامل الذي غش في عمله كلهم خانوا األمانة وسيحاس بون عن ذل ك إن
سلموا في الدنيا وزوروا فلن يس لموا في اآلخ رة ف إن هللا ج ل عال ال يخفى علي ه
ش يئا ول ه كت اب مس جل ك ل أعمال ه وتص رفاته ومنه ا الخيان ة في األمان ة وهي
حقوق الخلق أيضا ،حقوق الخلق ال تس قط إال إذا س محوا عنه ا فل و س مح عن ك
المراقب فلن تسمح عنك الرعية التي لها حق في هذا المشروع بأن تؤديه بالوفاء
والتمام ،فعلى المقاولين وعلى المراقبين المراق بين عليهم أن يتق وا هللا س بحانه
وتع الى فيم ا ول و علي ه وأتمن وا علي ه وال يخ ون هللا والرس ول ويخون وا ولي األم ر
ويخونوا المسلمين في مالهم العام ،فعليهم أن يتقوا هللا فيؤدوا العمل كما تعه دوا
ب ه ،وعلى الم راقين عليهم أن ال يمنح وهم ش هادات م زورة؛ ب ل الب د أن تك ون
الشهادة على حق ،على وف اء العم ل وتم ام العم ل ،ومطابق ة المقاول ة على م ا
لن يَ ْغ ُل ْ
تعهد به المقاول وإال فإنه مسئول أمام هللا سبحانه وتعالى وهو غالواَ ( :و َم ْ
ة) سيأتي هذا المقاول الخائن بكل األموال ال تي غش فيه ا م ا ْل ِقيَا َم ِ
ل يَ ْو َ
ما َغ َّيَ ْأتِ بِ َ
وأخذ مقابل لها ،سيأتي به يوم القيامة يحمله على رقبته ،فضيحة له وعقوب ة ل ه
أم ام هللا وأم ام الخالئ ق ي وم القيام ة فال يظن أن ه إذا أخ ف ه ذا عن الن اس أن ه
سيخفى على هللا ،ال يطن أنه إذا سجل له المراقب شهادة وزك اه به ا في عمل ه
ملك سجل عليه خيانة وكتبها في ديوانه في سجله ،ثم يوم القيام ة ي دفع لكن ال َ
له هذا السجل ويحاسب على ما فيه ،فليتقي هللا هؤالء الذين يتول ون المق اوالت
ويعتبرونها مغنما وال يؤدونها على وجهه وي زورون ويغش ون في العم ل أو ينقص ونه
فعليهم أن يتقوا هللا سبحانه وتعالى.
كذلك من ولي على مال ع ام ف إن علي ه أن يحاف ظ علي ه ،فمن ك ان على خزين ة
الدولة فإن هذه أمانة عظيمة ،أنت لو كان عندك أمانة عش رة ري االت أو أق ل فإنه ا
أمانة ثقيلة ،فكيف بالذي عنده الماليين والمليارات اس تحفظ عليه ا؟ أال يخ اف هللا
ين إِذَا ا ْك َتالُوا مطَ ِ ّف ِف َ
ين* الَّ ِذ َ ل لِ ْل ُ
م َم ْب ُعوثُونَ )َ ( ،و ْي ٌ ك أَنَّ ُه ْ
سبحانه وتعالى( :أَال يَظُنُّ ُأولَئِ َ
س ُرونَ ) فهذا المقاول ه ذا طف ف خ ِ م ُي ْ م أَ ْو َو َز ُن ُ
وه ْ ه ْ س َت ْوفُونَ * َوإِذَا َكالُو ُ اس يَ ْ
ِ َعلَى ال َّن
الميزان والكيل كيل العمل ما هو كيل الطعام كيل العمل عند هللا سبحانه وتعالى:
ين)
م َ ب ا ْل َع الَ ِ
اس لِ َر ّ ِ
م يَ ُق و ُم ال َّن ُ يم* يَ ْو َ ظ ٍم َم ْب ُعو ُث ونَ * لِيَ ْو ٍم َع ِ ك أَنَّ ُه ْ
(أَال يَظُنُّ ُأولَئِ َ
فليتقي هللا ه ؤالء وعلى من اس تحفظ على عم ل س واء للدول ة أو لألف راد أو
للش ركات أو ألي أح د علي ه أن يحاف ظ علي ه ،ويس لمه بالوف اء والتم ام ،وإال فإن ه
ه َدايَا
سيأتي ب ه ي وم القيام ة يحمل ه على رقبت ه وق ال ص لى هللا علي ه وس لمَ :
ل ف إذا ك ان ع امال أو متولي ا على عم ل وأعطي ا رش وة ف إن ه ذا ال ُغ ُل و ٌ ا ْل ُع َّ
م ِ
ل أي ما يه دى إليهم من قب ل الن اس من أج ل أن يخون وا ل ُغلُو ٌ ه َدايَا ا ْل ُع َّ
ما ِ غلولَ :
األمانة لهم فإن هذا هو الغلول -والعياذ باهلل.-
فعلى المسلم أن يكون أمينا في عمل ه ووظيفت ه ،يك ون أمين ا على م ا اس تحفظ
م
ه ْ اس أَ ْ
ش يَا َء ُ س وا ال َّن َ
خ ُ
عليه فيحفظه ويسلمه تماما وال يبخس منه شيئاَ ( :وال تَ ْب َ
ين) نعم هؤالء مفسدون ،ول ذلك يس مى الجه از ال ذي س ِد َ َوال تَ ْع َث ْوا فِي األ َ ْر ِ
ض ُم ْف ِ
وكيل إليه النظر في هذه الخيانات يسمى بالنزاه ة ألن ه يري د أن ي نزه الن اس عن
هذه الخيانات وهذه االختالسات التي يعيشون عليها.
يا عباد هللا ،كيف يأكل هذا الخائن ،يأكل من األموال التي خانه ا أو األم وال ال تي
تسامح فيها مع غيره م ع أص دقاءه تس امح فيه ا ألج ل الرش وة ،كي ف يأك ل ه ذا
ش َعثَ أَغْ بَ َر الس َف َر أَ ْ
َّ يل ط ُ المال؟ وقد قال النبي صلى هللا عليه وسلم :في الرجل ُي ِ
م ُهط َع ُب مض طر ق ال ص لى هللا علي ه وس لمَ :و َم ْ ب يَ ا َر ّ ِ ما ِء يَ ا َر ّ ِ الس َ
َّ ه إِلَى م ُّد يَ َد ْي ِيَ ُ
ك يعني ال يس تجاب ل ه وإن اب لِ َذلِ َج ُ س َت َ َ
م َفأنَّى ُي ْ ح َرا ٌ
س ُه َ م َو َم ْلبَ ُ ح َرا ٌ
ش َر ُب ُه َم َو َم ْ ح َرا ٌَ
اجتهد في الدعاء والتضرع والفقر والحاجة إلى هللا ال يستجاب دعاءه ،وق ال ص لى
هللا عليه وسلم :كل جس م نبت على الس حت الن ار أولى به فعلى ه ؤالء ال ذين
ابتلوا في األموال العامة أو الخاصة عليهم أن يتق وا هللا فيه ا ،وأن يس لموها وافي ة
تامة ليس لموا من المس ئولية والحس اب أم ام هللا س بحانه وتع الى ال يخ ون في
العمل وينقصوه ويظهروه بمظهر العمل التام ويزوق وه وهم غاش ون في ه مخ ادعون
فيه ال تدخل في هذه المقاوالت وهذه األم ور إال وأنت ص ادق في أن تقيمه ا على
الحق والعدل أو أن تتركها أطلب ال رزق في غيره ا ،ال ت دخل م ع فيم ا دخ ل فيه ا
كثير من الناس وتقلد الناس تقول كل الناس على هذا ،أو فالن يس وي ك ذا وفالن
أنت مسئول عن نفسك فعليك بأنجاء نفسك وال تغتر بكثير من خانوا هللا والرس ول
وخ انوا أمان اتهم وهم يعلم ون ،ال تغ تر بهم ف إن لهم يوم ا يقف ون في ه أم ام رب
ين) وسيحاس بون عن ال دقيق والجلي ل م َ ب ا ْل َع الَ ِ اس لِ َر ّ ِوم ال َّن ُ م يَ ُق ُ الع المين( :يَ ْو َ
ج ُدوا َم ا ها َو َو َ صا َ ح َ َ
ص ِغي َر ًة َوال َك ِب ي َر ًة إِال َّ أ ْ هذَا ا ْلكِ َتابِ ال ُيغَا ِد ُر َ ل َ والكبير والصغيرَ ( :ما ِ
حداً ) ،بارك هللا ولكم في القرآن العظيم ونفعنا بما في ه كأ َ َ م َربُّ َ ظ ِل ُ ضراً َوال يَ ْ حا ِملُوا َ َع ِ
من البي ان وال ذكر الحكيم ،أق ول ق ولي ه ذا واس تغفر هللا لي ولكم ولجمي ع
المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد هلل على فضله وإحسانه ،وأشهد أن ال إلــه إال هللا وحــده ال شــريك
له تعظيما لشـأنه ،وأشـهد أن محمـ ًدا عبــده ورســوله بلـغ البالغ المـبين،
صلى هللا عليــه وعلى آلــه وأصــحابه والتــابعين ومن تبعهم بإحســان إلى
يوم الدين ،أما بعد:
أيهــا النــاس ،اتق وا هللا تع الى ،ومن ت ولى على عم ل وظيفي أو على مقال ة أو
أوتمن على شيء فعليه أن يحافظ عليه ويعتب ه ذه مس ئولية أم ام هللا س بحانه
م
ه ْ م أل َ َمانَ اتِ ِه ْ
م َو َع ْه ِد ِ ه ْ وتعالى قبل الناس ،فعليه أن يحافظ على أمانت هَ ( :والَّ ِذ َ
ين ُ
اعونَ ) ويحفظها كما يحفظ ماله ،لو أن إنسانا أخذ من مالك ش يئا بغ ير ح ق ه ل
َر ُ
ترضى وتس كت أو تش تكي وتحس به وتخاص م؟ كي ف ال ترض ى بالخيان ة لنفس ه
وترضى بالخيانة للناس.
فاتقوا هللا ،عباد هللا ،ومن علمتموه يخ ون في عمل ه يخ ون في أم اتهم ،يخ ون
ك ًرا َف ْل ُي َغ ِي ّ ْر ُه بِيَ ِد ِه َف إِنْ لَ ْ
م ن َرأَى ِم ْنك ْ
ُم ُم ْن َ في مقاولته فال يسعكم السكوت عليهَ :م ْ
ه أنت ال تقدر أن تغيره بيدك ولكن بلغ عنه، ط ْع َفبِ َق ْلبِ ِ
س َت ِ ه َف ِإنْ لَ ْ
م يَ ْ ط ْع َفبِلِ َ
سانِ ِ س َت ِ
يَ ْ
بلغ عنه والة األمور أبرأ ذمتك وذمته هو أيضا فإن س كوتك علي ه يض ره ه و قب ل أن
يضرك فبلع عنه حتى يطهر من هذه الجريمة البشعة ،حتى يتطهر المجتمع كل ه،
فل و أن الن اس تتناص ح فيم ا بينهم لم ا وج د بينهم خ ائن؛ ولكن إذا دلس الن اس
وسكتوا انتشر الخونة ونشطوا وصار لهم رواج عند الناس.
إن هذا المال هلل عز وجل ،وهذا المال إنما هو أمانة عندكم هلل ع ز وج ل فأحس نوا
فيه وحافظوا عليه ،ومن تولى منه شيئا فال يبخس من ه ش يئا ،على المس لم أن
يكون أمينا فيما أوتمن عليه ،يحافظ على أمانته ويؤديها بالوفاء والتم ام ق ال ص لى
هللا عليه وسلم :أدي األمانة إلى من أتمنك وال تخن من خانك.
فعلى المسلمين أن يتنزهوا عن هذه الخيان ات المالي ة واالختالس ات ،وأن ي نزهوا
إخوانهم بالنصيحة والموعظ ة أو ب الرفع في ش أنهم إلى من يأخ ذ بأي ديهم لينج و
وينجوا الجميع ،فإن الخيانة إذا أهملت استشرت وانتش رت ونش ط الخون ة أم ا إذا
علموا أن هناك من يرصد أعم الهم ف إنهم ينكف ون عن ه ذا إن لم يكن بهم إيم ان
يردهم فسينكفون خوفا من العقوبة ،وينكفون خوفا من الفضيحة؛ ولكن لما س كت
الناس وتركوا هؤالء العابثين في أموال المسلمين وفي المجتم ع نش طوا وتخ ذوا
هذه الخيانة مصدرا للكسب يتبارون فيها ويتسابقون فيها خائن من وراء خائن.
فاتقوا هللا عباد هللا ،نزه وا مجتمعكم من ه ذه الخيان ات في المس ئوليات ،من
م
ه ْ ين ُه ذه الخيان ات في األعم ال ،في األم وال ،ح افظوا على أمان اتكمَ ( :والَّ ِذ َ
اعونَ ) هذه الصفات من صفات المؤمنين الذين يدخلون الجن ة: م َر ُ ه ْ
م َو َع ْه ِد ِأل َ َمانَاتِ ِه ْ
م فِي َه اه ْ
س ُ ين يَ ِر ُث ونَ ا ْل ِف ْر َد ْو َ م ا ْل َو ِ
ار ُث ونَ * الَّ ِذ َ ه ْ ج َّناتٍ ُم ْك َر ُمونَ )ُ ( ،أ ْولَئِ َ
ك ُ ك فِي َ ( ُأ ْولَئِ َ
خالِ ُدونَ ). َ
إن األمانة عظيمة يا عباد هللا ،وليس هناك أحد ليس عليه أمانة ،ليس هن اك أح د
إن سلم من األمان ة أمان ات الن اس لن يس لم من األمان ة فيم ا بين ه وبين هللا ع ز
وجل ،فيما بين ه وبين والة األم ور أم ور المس لمين فكون وا ناص حين ألنفس كم أوال
ولعوائلكم هؤالء الذين يخزنون هذه األموال بالخيانة والغش هؤالء يطعمون أوالدهم
زوجاتهم ضيوفهم يطعم ونهم من الح رام ويغ ذونهم ب الحرام ،والمس ئولية ليس ت
على ه ؤالء ،المس ئولية على القيم على ال بيت ال ذي يخ ون أم انتهم فيتحم ل
األمانة يتحمل إثم ضياع األمانة ويتحمل هؤالء الذين أطعمهم من الحرام.
فــاتقوا هللا عبــاد هللا ،واعمل وا أن المس ئولية عظيم ة ليس ت من أج ل الن اس
والمراقبين فقط عليك رقيب ال يغادر وال يغفل وال ينام ،عليك مالئكة حفظة يراقبون
أعمالك ويكتبونها يسجلونها عليك وس تجدها ي وم القيام ة في أص عب موق ف ،وال
م ال
يمكنك أن تتخلص منها أو أن تكذب ،أو أن تستعين بج اهن يخلص ك منه ا( :يَ ْو َ
يم).
سلِ ٍ ن أَتَى اللَّ َه بِ َق ْل ٍ
ب َ ل َوال بَ ُنونَ * إِال َّ َم ْ
يَ ْن َف ُع َما ٌ
ي هدي فاتقوا هللا عباد هللا ،واعلموا أنَّ خير الحديث كتاب هللا ،وخير الهد َّ
محمد صلى هللا عليه وسلم ،وش َّر األم ور ُمح دثاتها ،وك ل بدع ة ض اللة ،وعليكم
بالجماع ة ،ف إنَّ ي د هللا على الجماع ة ،ومن ش َّذ ش َّذ في الن ار ،من ش ذ عن
ه كما في الح ديث، سال َ ِم ِم ْ
ن ُع ُن ِق ِ اإل ْع ِر ْب َق َة ِ خلَ َ الجماعة شذ في النار والعياذ باهللَ ،
فعليكم بلزوم جماعة المسلمين وإم ام المس لمين ف إن ه ذا طري ق النج اة ال ذي
أرشد إليه النبي ص لى هللا علي ه وس لم عن د االختالف ،عن د الش قاق والنزاع ات
والثورات ،عند الفتن ،ألزموا جماعة المسلمين وإمام المسلمين كما أوص اكم ه ذا
رسول هللا صلى هللا عليه وسلم .
س ِل ّ ُ
موا ه َو َص لُّوا َعلَ ْي ِ
ين آ َم ُنوا َ ي يَا أَيُّ َها الَّ ِذ َ
صلُّونَ َعلَى ال َّن ِب ّ ِ (إِنَّ اللَّ َه َو َمالئِ َ
ك َت ُه ُي َ
ل وسلِ ّم على نبيَّنا محمد ،وعلى أهل ه وأص حابه أجمعين وعن م ص ِّ ما) ،اللَّ ُه َّسلِي ً
تَ ْ
بإحسان إلى يو ِم الدين وخص منهم الخلفاء الراشدين أب ا بك ر ٍ التابعين ومن تبعهم
وعمر وعثمان وعلي وعن الصحابة أجمعين.
م أع ز اإلس الم والمس لمين ،وأذل الش رك والمش ركين ،ودم ر أع داء اللَّ ُه َّ
م أحف ظ ه ذه م أحف ظ ه ذا البل د ،اللَّ ُه َّ الدين ،وجعل هذا البل د آمن ا مس تقرا ،اللَّ ُه َّ
م البالد بالد الحرمين الش ريفين م أوى أفئ دة المس لمين حجاج ا ومعتم رين ،اللَّ ُه َّ
م أحفظها بحفظ تولها برعايتك ،وأمده بنص رك أحفظ هذه البالد آمنة مستقرة ،اللَّ ُه َّ
م دمر أع داء ال دين م أحفظ بالد المسلمين عامة يا رب العالمين اللَّ ُه َّ وتوفيقك ،اللَّ ُه َّ
م شتت من اليهود والنصارى وسائر الكفرة والمشركين والمنافقين والمرتدين ،اللَّ ُه َّ
شملهم ،وخاف بين كلمتهم وجع ل ت دميرهم في ت دبيرهم إن ك على ك ل ش يء
م أحف ظ م كف عنا بأس الذين كفروا فأنت أش د بأس ا وأش د تنكيال ،اللَّ ُه َّ قدير ،اللَّ ُه َّ
م أخ رجهم من الظلم ات إلى الن ور، م أهدهم سبيل السالم ،اللَّ ُه َّ والة أمورنا ،اللَّ ُه َّ
م أنص ر بهم دين ك وحف ظ م أجعلهم هداة مهتدين غير ضالين وال مظلين ،اللَّ ُه َّ اللَّ ُه َّ
بهم أمننا وإيماننا واستقرارنا في أوطانن ا وال تس لط علين ا ب ذنوبنا م ا ال يخاف ك وال
يرحمنا يا أرحم الراحمين ،يا أرحم الراحمين يا أرحم الراحمين يا حي يا قي وم ي ا ذا
يم). يع ا ْل َعلِ ُ م ُ الس ِ
َّ ك أَ ْن َ
ت ل ِم َّنا إِنَّ َ الجالل واإلكرام يا سميع الدعاء ( َربَّ َنا تَقَبَّ ْ
ش ا ِء ح َ ن ا ْل َف ْ ن َوإِي َت ا ِء ِذي ا ْل ُق ْربَى َويَ ْن َهى َع ْ سا ِ ح َ اإل ْل َو ِ د هللا( ،إِنَّ اللَّ َه يَ ْأ ُم ُر بِا ْل َع ْد ِ عبا َ
ض وا م َوال تَن ُق ُ ه ْد ُت ْ ه إِذَا َعا َ َ
ُم تَ َذك َُّرونَ )َ ( ،وأ ْو ُف وا بِ َع ْه ِد اللَّ ِ ُم لَ َعلَّك ْ ظك ْ ْي يَ ِع ُ ك ِر َوا ْلبَغ ِ من َ َوا ْل ُ
م َما تَ ْف َعلُونَ ) ،ف ذكروا ُم َك ِفيال ً إِنَّ اللَّ َه يَ ْعلَ ُ م اللَّ َه َعلَ ْيك ْ ج َع ْل ُت ْ
ها َو َق ْد َ مانَ بَ ْع َد تَ ْو ِكي ِد َ األ َ ْي َ
يعلم ما تصنعون. ُ يز ْدكم ،ول ِذ ْك ُر هللا أكب َر ،وهللا هللا يذكركم ،واشكُروه على نعمه ِ
خطبة الجمعة 1435-02-17هـ