Professional Documents
Culture Documents
التشريع الضريبي- المحاضرة الأولى- حقوق الحسكة- د - أحمد حسين-1
التشريع الضريبي- المحاضرة الأولى- حقوق الحسكة- د - أحمد حسين-1
جامعة الفرات
احملاضرة األوىل
1
التشريع الضريبي -المحاضرة األولى
* النظام الضرييب:
-1السياسة الضريبية :فن حتقيق األهداف السياسية واالقتصادية واالجتماعية املنشودة ابلضريبة وهي
ترتبع قمة اهلرم الضرييب ,مهيمنة على التشريع الضرييب ,الذي ينظم عالقة اإلدارة الضريبية ابجملتمع
-تشكل السياسة الضريبية جزءاً ال يتجزأ من السياسة املالية ,املتفرعة أصالً عن السياسة االقتصادية
-2التشريع الضرييب :يعكس مفهوم النظام الضرييب ابملعىن الضيق ,و يعترب جتسيداً حقوقيا للسياسة
الضريبية ,يف القواعد القانونية كافة ,اليت تنظم كيفية أو آلية فرض الضرائب يف اجملتمع من األلف إىل
الياء .
-3اإلدارة الضريبية " اجلبائية " :تتمثّل يف وزارة املالية وما يتبعها أو يتفرع عنها من هيئات
تتحمل أعباء تنفيذ أحكام القواعد القانونية ,اليت يتألف منها التشريع الضرييب.
ومديرايت ,وهي اليت ّ
-4اجملتمع الضرييب :يلتزم أفراد اجملتمع الضرييب قاطبة ,بتنفيذ أحكام قواعد التشريع الضرييب ,انطالقاً
من الواجب الوطين يف املسامهة يف حتمل األعباء والتكاليف العامة ,حسب املقدرة التكليفية الفردية لكل
منهم.
* القانون الضرييب:
مم يتألف التشريع الضرييب؟
سؤالّ :
يتألف التشريع الضرييب ,يف أية دولة ,من جمموعة قوانني ضريبية ,تنتسب عادة:
2
التشريع الضريبي -المحاضرة األولى
أ -إىل الوعاء "املطرح" ,الذي تفرض عليه ب -أو الواقعة القانونية ,أو املادية املعتربة يف التكليف هبا
من عدمه ج -أو إىل املكلف هبا ,الذي خياطب أبحكام قواعدها ,إما قانونا أو فعال .
-ويعترب التشريع أو التقنني الصادر عن السلطة التشريعية ممثلة عادة يف الربملان " جملس الشعب " مصدرا
رئيساً لقواعد القانون الضرييب.
سؤال :مبَ تتميز قواعد القانون الضرييب؟
تتميز أبهنا قواعد آمرة متعلقة ابلنظام العام ,ال جيوز االتفاق على خالفها ,سواء فيما بني املكلفني
أنفسهم أم مع اإلدارة الضريبية.
سؤال :ما هي أنواع الضرائب اليت حيتويها اهليكل الضرييب؟
حيوي اهليكل الضرييب -يف الغالب -نوعني من الضرائب املفروضة مبقتضى هذه القوانني :الضرائب
املباشرة والضرائب غري املباشرة وختتلف النسبة الكمية والنوعية لكل منها ,يف اهليكل الضرييب ,من
دولة إىل أخرى ,ويف الدولة ذاهتا من آن إىل آخر ,حبسب النظام االقتصادي واالجتماعي السائد ,
والظروف احمليطة ابلبيئة الضريبية.
سؤال :ما هو معيار التمييز بني الضرائب املباشرة والضرائب غري املباشرة ؟
إن التمييز بني نوعي الضرائب املباشرة وغري املباشرة ,إمنا يعتمد -ابلرغم من تعدد املعايري -على واقعة
اكتساب أو إنتاج الدخل لتمييز الضرائب املباشرة ,وعلى واقعة إنفاق أو تداول الدخل لتمييز الضرائب
غري املباشرة .
سؤال :ما هي أنواع القواعد القانونية اليت حتكم الضريبة ؟
حتكم الضريبة نوعان من القواعد القانونية:
األوىل :موضوعية أو فنية ,تتعلق بوعاء الضريبة ومعدهلا املكلف هبا .
الثانية :شكلية أو وصولية ,تتعلق إبجراءات التحقق والربط واجلباية ,وقواعد فض املنازعات الضريبية,
اليت ميكن أن تثور بني املكلفني واإلدارة الضريبية يف معرض تطبيق أحكام القانون الضرييب.
3
التشريع الضريبي -المحاضرة األولى
كانت تومئ بوجود ضريبة مسترتة ,حتت أمساء فرائض مالية أخرى ,مثل الرسوم والغرامات واإلاتوات
...وما شابه ذلك .
عرف الضريبة ؟
سؤالّ :
وتتميز الضريبة ,عن اإليرادات العامة األخرى ,أبهنا" فريضة مالية ,يدفعها الشخص جربا إىل
الدولة ,دون مقابل ,وبصفة هنائية ,مسامهة يف األعباء والتكاليف العامة ,قصد حتقيق نفع عام".
-تعترب الضريبة مظهرا من مظاهر سيادة الدولة ,على األموال واألفراد ,أو تعبريا عنها على أقل تقدير
.لذا كان انتماء القواعد ,اليت يتألف منها القانون الضرييب ,إىل دائرة القانون العام .
* أسس االلتزام ابلضريبة:
أ -الرابطة السياسية ,أو اجلنسية :وهي اليت جتعل الشخص ملزماً أبحكام قوانني الدولة التابع هلا
ب -الرابط االقتصادية :وهي اليت يتحدد وفقا هلا ,النطاق اإلقليمي لسراين قوانني الدولة قاطبة,
السيما الضريبية منها ,بـ مكان مزاولة النشاط أو حتقيق الدخل " اإليراد" أو وجود املال أو الثروة.
ج -الرابطة االجتماعية " مكان اإلقامة ":وهي اليت تفرض على الشخص احرتام أحكام قوانني الدولة
اليت يقيم فيها إقامة دائمة أو مؤقتة ,مبا يف ذلك أحكام القوانني الضريبية.
-وقد يثق الشخص الطبيعي أو االعتباري ,بدولة ما أو عدة دول يف آن معاً ,بواحدة أو أكثر من هذه
األسس " الروابط فال مناص له من الضرائب املفروضة عليه مبوجبها .
-تعريف القانون الضرييب ":مجلة القواعد العامة اجملردة ,تسنها السلطة التشريعية ,بغية تنظيم فرض
الضرائب يف اجملتمع " .
* مشروعية الضريبة:
عالم تتوقف مشروعية الضريبة ؟
سؤالَ :
-1تتوقف مشروعية أي ضريبة أو ما يعرف بـ " مبدأ قانونية الضريبة " على فرضها من قبل
السلطة التشريعية حصرا دون سواها من السلطات األخرى تنفيذية كانت أم قضائية :وبغض الطرف
عن طريقة تشكيلها أو األداة اليت تصاغ وفقا هلا األحكام اليت تنظم هبا قواعد حتققها وجبايتها .فال
يقدح يف مشروعية الضريبة عدم دميقراطية تكوين هذه السلطة أو آلية عملها يف سن القوانني الضريبية .
4
التشريع الضريبي -المحاضرة األولى
-وتتمثل السلطة التشريعية اليت حيق هلا فرض الضرائب يف اجلمهورية العربية السورية ,وفق ما ذهب إليه
الدستور السوري يف جملس الشعب " الربملان " .
-2جيب على من يتوىل سلطة سن القوانني الضريبية مراعاة املبادئ العامة يف العدل واملساواة يف بيان
وحتديد أسس االستقطاع الضرييب .
-3ال بد من مراعاة القيم واملبادئ الدستورية عند صياغة أحكام الضريبة ,يف املساواة والعدالة
االجتماعية .وكل تنكب " إمهال " هلذه القيم واملبادئ السامية يقدح يف مشروعيتها الدستورية ,وإن
صدر هبا قانون عن السلطة التشريعية .
-3ال حيق للسلطة التشريعية تفويض السلطة التنفيذية يف موضوع الضرائب ألهنا مفوضة هبا أصال
املفوض ال ميلك التفويض فيما فوض فيه .من قبل الشعب ,صاحب السيادة ومصدر كل سلطة .و ّ
ألن السلطة التشريعية ال متارس حقا البتة ,وإمنا متارس اختصاصا " واجباً حمدداً يف الدستور .
-4ضرورة أن يقوم بتحقيق وجباية الضريبة املفروضة من عينهم القانون هلذا الغرض ,أي رجال اإلدارة
الضريبية فقط ,واملختصني منهم إبجراء عمليات التحقق واجلباية دون سواهم ,حتت طائلة عدم شرعية
قرار التكليف هبا ,ومالحقة املخالفني جزائيا ومسلكياً .
-5ال جيوز -حتت طائلة عدم شرعية التكليف ابلضريبة -خمالفة أي من اإلجراءات أو إتباع أية
أساليب أخرى غري تلك اليت حددها القانون سبيال إىل حتقق وجباية الضريبة ,وإن كانت فيها
مصلحة اخلزينة العامة .
-6جيب عدم تقاضي أية مبالغ زائدة على الضريبة ,حتت أي مسمى كان .
-7ال جيوز قبض الضريبة يف غري املكان الذي عينه القانون ,أو خارج أوقات وساعات الدوام الرمسية
.فال جتزئ املكلف أو املوظف الورقة املشعرة بسداد الضريبة ,ما مل تكن إيصاالً رمسيا ممهوراً خبامت الدائرة
املالية املختصة .وبناء عليه ,ال جيوز إثبات واقعة سداد دين الضريبة ابليمني أو بشهادة العدول أو
البينة مهما كانت حجيتها أو قوهتا الثبوتية .
* التقادم الضرييب:
-1تسقط وتتالشى هنائياً ملصلحة اخلزينة العامة مجيع الديون اليت ال يطلب تسديدها قبل انتهاء السنة
املالية الرابعة اليت تلي السنة املالية العائدة هلا تلك الديون .
-2ولقد نص املشرع يف قانون العقوابت االقتصادية على أنه :ال تسقط حقوق الدولة من ضرائب
ورسوم وأموال عامة وخالفها إال بعد مخسة عشرة عاما من اتريخ تبليغ املكلف الوثيقة املشعرة
بوجوب الدفع - .تنظم بقرار من وزير املالية أصول ترقني الضرائب والرسوم اهلالكة أو الساقطة ابلتقادم
.
5
التشريع الضريبي -المحاضرة األولى
-و تبدأ مرحلة التقادم :إذا أخفى املكلف نشاطاً أو مستندات أو غريها أو ق ّدم بياانت غري صحيحة
أو استعمل طرقاً احتيالية للتخلص من أداء الضريبة أو الرسوم أو غريه من التكاليف كلها أو بعضها ,
وذلك إبخفاء أو حماولة إخفاء مبالغ تسري عليها الضريبة أو الرسم أو التكليف من اتريخ العلم ابلعناصر
املخفاة .
* التهرب الضرييب:
يلتزم املواطن انطالقا من إحساسه العميق ابلوالء ألمته ووطنه ,ابملسامهة يف متويل النفقات النامجة عن
قيام الدولة بوظائفها وذلك حبسب مقدرته التكليفية ,اليت تقاس أبساليب شىت ,ولعل منها :مقدار
الدخل والثروة ,أو مدى االنتفاع أبداء مؤسسات الدولة لوظائفها ,أو خدمات املرافق العامة .
أ -مفهوم التهرب الضرييب:
-تتجلى هذه الظاهرة :يف كل فعل إجيايب أو سليب ,مباشرة أو غري مباشر ,مشروع أو غري مشروع,
حالل أو حرام ,فضيلة أو رذيلة ,أيتيه املكلف " املمول " ,عن قصد أو غري قصد ,يدرأ به عبء
الضريبة عنه ,كالً أو جزءاً ,دائماً أو مؤقتاً ظلماً أو عدالً ,سواء كان الباعث عليه سياسياً أم اقتصادايً
أم اجتماعياً ,أم غري ذلك.
ب -أنواع التهرب الضرييب:
-1التهرب غري املشروع من الضريبة .ويتجلى يف األعمال غري املشروعة ,اليت يتفادى هبا املواطن -
املكلف " املمول " وموظف اإلدارة املالية وكل جهة عامة أو خاصة منوط هبا واجب حتقيق وجباية
الضريبة -عن قصد وسوء نية وطوية ,دفع الضريبة الواجبة قانوان .ويعترب هذا النوع األخطر و
األعظم أثرا وضررا ًً ,حيث أن درجة عدم مشروعية األعمال قد تصل أو تدفع أحياانً ,إىل حد
ارتكاب جرائم خطرية ,متس أمن األفراد واجملتمع والدولة ,كالتزوير والرشوة والتهديد .....
-2التهرب املشروع من الضريبة ,أو ما يطلق عليه التجنب الضرييب :ويتجلى يف تفادي املكلف
الواقعة املنشئة لدين الضريبة يف ذمته .
كأن ميتنع عن االسترياد لتفادي الضرائب اجلمركية ,أو استهالك سلعة معينة لتفادي ضرائب اإلنفاق ,
أو مزاولة نشاط اقتصادي معني لتفادي ضرائب الدخل .
-وال أبس يف هذا النوع األخري ,وال ضري منه ,ال بل قد يكون أحياانً مرغوابً فيه أو مطلوابً من قبل
املشرع الضرييب ,قصد حتقيق أهداف سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية حمددة يف السياسة الضريبية .
ألن امتناع املكلف عن استرياد بعض السلع الكمالية لئال يتحمل أعباء الضريبة اجلمركية على واقعة
استريادها ,من شأنه احلد من تبديد الدخل القومي يف استهالك بذخي أو تريف غري رشيد للسلع
األجنبية الكمالية ,وتشجيع االدخار أو توجيه التجارة اخلارجية إىل تلبية الطلب على السلع الرأمسالية ,
6
التشريع الضريبي -المحاضرة األولى
كاآلالت واملعدات واملواد األولية الالزمة لتأسيس أو تنمية قاعدة صناعية وطنية قوية ومتينة ,قادرة على
النهوض ابالقتصاد القومي إىل مستوى رفيع من التقدم واالزدهار ,أو تلبية الطلب احمللي على السلع
االستهالكية الضرورية ,مثل األدوية واألغذية والطاقة وما شابه ذلك .
-وقد يعىن املشرع الضرييب كثريا ابألغراض الصحية أو األخالقية النامجة عن جتنب املكلف لضريبة
اإلنفاق االستهالكي على التبغ أو املشروابت الروحية ,أكثر من حرصه على األغراض املالية للضريبة .
واألمثلة على ذلكم أجل من حتصى يف هذا املقام ,واليت تعكس أمهية األغراض غري املالية للضريبة .
7
التشريع الضريبي -المحاضرة األولى
8
التشريع الضريبي -المحاضرة األولى
.2الشفافية يف القواعد القانونية والالئحية ,واليت تنظم أساليب االستقطاع الضرييب ,واملنوطة
ابملعدالت الضرييب ,وحتديد األوعية املختلفة املفروضة عليها ,واملكلفني هبا ,وكيفية ربطها وحتصيلها,
مبا ال يدع جماال للتحكم أو التعسف يف تطبيقها من قبل اإلدارة اجلبائية .
.3االقتصاد يف تكاليف اجلباية ,حبيث يزيد ما يلج خزانة الدولة من الضرائب على ما تتحمله اإلدارة
الضريبية أو املكلفون من نفقات مالية يف حتققها وجبايتها .
.4الكفاءة يف أداء الوظائف املنوطة ابلسياسة الضريبية املعاصرة ,وذلك أبقل تكلفة رفاهية اقتصادية
أو اجتماعية ممكنة .
.5املرونة يف االستجابة للتغريات أو التقلبات االقتصادية املختلفة ,مبا ال خيل ابعتبارات احلصيلة .
.6احلياد يف معاملة األوعية الضريبية املختلفة أو املكلفني ابلضريبة ,مبا ال خيل ابليات السوق .فال
تتأثر اخليارات االقتصادية املتعلقة ابالدخار أو االستثمار أو االستهالك أو العمل ابلضرائب املفروضة,
اللهم إال إذا كان ذلك يف إطار حتقيق أهداف معينة .
-وإنه ملن الصعوبة مبكان ,إن مل يكن مستحيالً على أي نظام ضرييب الوفاء بتلك املعايري املثالية
مجلة وتفصيالا هكذا دفعة واحدة .فالنظام الضرييب األمثل هو ما كان مالئما للظروف السياسية
واالقتصادية واالجتماعية احمليطة ابلبيئة الضريبية يف دولة ما يف حلظة ما .واحلكم على مثالية هذا
النظام أو ذاك منوطة دوماً مبدى قربه أو ابتعاده عن هذه املعايري ,يف ضوء تلك الظروف ,اليت يعمل
من خالهلا وحتت مظلتها .
-ولكن النظام الضرييب األمثل ليس ابلضرورة هو النظام الضرييب املثايل ,لذلك وصفت السياسة
الضريبية أبهنا فن استخدام املمكن وليس األمثل ,من ابب أوىل املثايل أو الكامل .
-وال بد عند إصالح األنظمة الضريبية اعتبار واقع احلياة السياسية واالقتصادية واالجتماعية يف البيئة
الضريبية .فمن العبث مبكان تقليد ما عليه احلال يف األنظمة الضريبية األخرى يف برامج اإلصالح
الضرييب املزمعة ,السيما يف الدول النامية .إذ إن استرياد القوالب واهلياكل الضريبية اجلاهزة ال يعد
إصالحا هلا ما مل يتم حتويرها وتعديلها مبا يتالءم والظروف اخلاصة بكل دولة على حدة .
-مما يؤخذ على النظم الضريبية يف الدول النامية ,يف هذا الصدد ,التقليد األعمى يف مسعى
حماكاهتا ملا عليه حال النظم الضريبية يف الدول املتقدمة ,الذي يتجلى يف تبين مناذج فنية وإدارية حديثة
ومتطورة ,تعجز عن تطبيقها يف بيئاهتا ,أو تطبيقها بطريقة مشوهة .
-واملشكلة اليت تواجه الدول النامية تتمثل يف اختيار ما يالءم البيئة الضريبية فيها ,ومدى توافر
9
التشريع الضريبي -المحاضرة األولى
ابلظروف احمليطة هبا ,فاستجابة النظام الضرييب لكل حادث وجديد يف البيئة الضريبية أو الظروف
-ومتثل العوملة اليوم حتدايً ضريبياً عظيماً ,وسبباً رئيساً إلصالح النظم الضريبية املعاصرة .
10
التشريع الضريبي -المحاضرة األولى
* ظاهرة النمل األبيض :مثة اليوم ما يطلق عليه بعضهم " النمل األبيض " الذي ُ
ينخر يف بنية النظم
الضريبية القدمية والبالية ,ملحقاً هبا أفدح األضرار ,والذي ابت يشكل جزأ من النظام اإليكولوجي
.1النمو املذهل يف معامالت التجارة االلكرتونية عرب شبكة االنرتنت ,وتعاظم نشاط املشروعات
االفرتاضية يف إنتاج وتوزيع املنتجات الرقمية ,واتساع نطاق استخدام النقود االلكرتونية يف الصفقات
التجارية عرب الشبكة ,األمر الذي ح ّد من قدرة اإلدارة الضريبية على حصر األوعية وفرض الضريبة
.2احلضور الطاغي للشركات متعدية اجلنسية ,وتعذر حكومتها ضريبياً ,اليت َّ
تتوسل ابلية أسعار
ابحها ِ
الفاحشة من األوعية الواسعة إىل األوعية الضيقة ,يف الداخل واخلارج وعرب التحويل نقل أر ِ
َ
احلدود يف العامل .
.3االنتشار الواسع ملا ابت بعرف ابلواحات أو اجلنات الضريبية على طول إحداثيات الكرة األرضية
وعرضها ,واليت تزايدت أمهيتها يف ظل العوملة املالية ,كمالذ آمن لالستثمارات املالية ,ومراكز لعمليات
.4منو املعامالت املالية الدولية كما ونوعا ,واتساع نطاق استخدام املبتكرات املالية يف األسواق
املالية العاملية ,لدرجة تعذر معها تنظيم االستقطاع الضرييب يف القطاع املايل واملصريف ,يف ظل قدرهتا
الفائقة هلا على احلركة و االنتقال من مكان إىل آخر وعرب احلدود ,يف غفلة عن مراقبة السلطات املالية
الرمسية .
-إن العوملة حدت من إمكانية فرض الضرائب على رؤوس األموال أو الدخول احمللية لذوي املهارات
الفنية اخلاصة يف ظل تعاظم إمكانية هروهبا أو هروهبم إىل حيث تنعدم أو تقل األعباء الضريبية .
اثلث ا :عوائق اإلصالح الضرييب :لعل من أبرز عوائق إصالح األنظمة الضريبية ,يف الدول عامة
السيما النامية منها ,ما يلي:
11
التشريع الضريبي -المحاضرة األولى
-1مجود النظام الضرييب :البد وأن يتمتع النظام الضرييب عموما بدرجة معينة من االستقرار ,تقتضيها
ضرورات تعزيز الثقة به واحملافظة على استقرار املعامالت واألنشطة االقتصادية يف اجملتمع .إال أن ذلك
ال يعين مجوده وحتجره ,وعدم قابليته للتطوير والتحديث ,وبشكل عام فإن مجود األنظمة الضريبية
يعود يف الغالب إىل عدة عوامل ,لعل من أمهها اآليت:
* التقاليد اإلدارية :تلعب التقاليد اإلدارية املتعلقة بكفاءة األجهزة
الضريبية ومدى قدرهتا على تنفيذ اإلصالحات الضريبية ,ال سيما تلك املتعلقة إبلغاء الضرائب القدمية
اليت يرتبط وجودها هبا ,أو استحداث أنواع جديدة يقتضي حتققها تنظيميا فنيا وحماسبيا رفيعا فوق
مستوى أتهيلها ,دورا ابلغ األمهية يف مجود األنظمة الضريبية ,كما أهنا قد حتول دون دقة وسالمة تنفيذ
اإلصالحات الضريبية وحتد من آاثرها اإلجيابية .
* التقاليد الفنية:
إن اعتياد اإلدارة واملكلفني ابلقدمي ,جيعله -من وجهة نظرهم -أفضل ورمبا أصلح من اجلديد ,ال
سيما ابلنسبة إىل املكلفني ,نظراً الخنفاض درجة احلساسية به لديهم .إذ إن طول عهدهم به جعلهم
,وقد الفوا أداء الضرائب القدمية واعتادوا على أساليب حتققها ,ال يشعرون بوطأة عبئه عليهم .وهذا
معروف يف أدب املالية العامة بظاهرة اخلدر أو التخدر الضرييب:
ميكن تفسري ظاهرة التخدر أو اخلدر الضرييب ,اليت جتعل من الضرائب القدمية أفضل من اجلديدة على
حنو يتعذر معه إصالح النظم الضريبية القائمة ,ابستقرار املعامالت والعالقات االقتصادية ,الناجم عن
الظواهر التالية:
-1استهالك الضريبة الذي يتحقق من خالل ختفيض مثن شراء األصول العينية أو املالية مبقدار
الضريبة اإلمجالية السنوية ,كلياً أو جزئياً ,وذلك عن املدة اليت يقدر هلا فيها أن تغل إيرادا .فظاهرة
استهالك الضريبة من شأهنا امتصاص أو التخفيف من وطأة آاثرها و أعبائها املستقبلية .
-2رمسلة الضريبة ( جتميدها ):اليت تتجلى يف زايدة قيمة بعض األصول العينية أو املالية مبقدار
الضريبة اإلمجالية ,كلياً أو جزئياً ,املفروضة على األصول األخرى ذات الطبيعة املثيلة ,وذلك عن
املدة اليت من املقدر هلا فيها أن تغل إيرادا ,نتيجة إعفائها ذاهتا أو إيرادها من الضريبة أو معاملتها
ضريبيا بشكل مميز .
-فرمسلة أو جتميد الضريبة من شأنه زايدة قيمة هذه األصول على حنو يتعذر معه قبول إدخال أية
تعديالت جوهرية ,يتمخض عنها إعادة هيكلة منط توزيع العبء الضرييب القائم ,من غري إاثرة حفيظة
احلائزين هلا أو معارضتهم .
12
التشريع الضريبي -المحاضرة األولى
-3تعويض الضريبة من خالل زايدة اإلنتاجية احلدية لعوامل اإلنتاج ,بغية تعظيم العائد أبكثر من
قيمة الضريبة املفروضة ,من خالل ضغط تكاليف اإلنتاج إىل أدىن حد ممكن ,إبدخال حتسينات أو
جتديدات تكنولوجية معينة يف منط أسلوب اإلنتاج السائد أو يف املنتج ذاته ,مبا يكفل حتقيق عائد صايف
معوض للنقص احلاصل ابلضريبة املدفوعة .
-فاألثر املعدل أو املعوض للضريبة ,الذي يتجلى فيما ابت يعرف ابلضريبة احلافزة أو الضريبة
املهماز ,من شأنه إضفاء نوع من اجلمود على النظام الضرييب القائم ,على حنو يتعذر معه إدخال أية
تعديالت عليه ,ملا هلا من أثر على حوافز االدخار واالستثمار واالستهالك والرغبة يف العمل أو الفراغ
يغل كل يد رامية إىل تعديله جذرايً ,لئال ينقلب اإلصالح إىل نقيضه .
لدى املكلفني ,قد ّ
-4راجعية أو انعكاس الضريبة اليت تتحقق من خالل قيام املكلف القانوين هبا بنقل عبئها كله أو
جله أو بعضه ,إىل األمام بزايدة مثن بيع املنتجات أو إىل اخللف بتخفيض مثن عوامل اإلنتاج ,حبيث
يستقر عبؤها بصفة هنائية على املكلف الفعلي هبا .
-2قصور اهلياكل الضريبية:
لقد جتلت مالمح القصور يف اهلياكل الضريبية للدول النامية عموما يف اآليت:
-1ضعف اجلهد الضرييب :تعاين معظم الدول النامية من ضعف عام يف اجلهد الضرييب ,الذي
انعكس يف اخنفاض نسبة احلصيلة إىل الطاقة الضريبية لالقتصاد القومي مبجمله .
-ويتحدد هذا الضعف عادة من خالل الطاقة الضريبية ,أي املقدرة اإلنتاجية الكلية لالقتصاد
القومي مطروحا منها مستوى االستهالك األساسي .
-وتتوقف الطاقة الضريبية جملتمع ما على:
أ -حجم الدخل القومي وتوزيعه ومتوسط نصيب الفرد منه .
ب -حجم وهيكل توزيع رأس املايل القومي .
جَ -ك ْم ونوع اإلنفاق العام احلكومي .
د -مستوى كفاءة اإلدارة الضريبية .
هـ-درجة منو الوعي الضرييب .
-كلما اشتد التفاوت يف توزيع الدخل القومي ازدادت الطاقة الضريبية الكلية للمجتمع وذلك بزايدة
ما خيضع منه للضريبة ,والعكس صحيح .ومن مث فإن احلكم على مدى توازن هذه الطاقة منوط مبدى
تساوى الضرائب الفعلية احملققة ابملمكنة أو احملتملة ,وذلك بقسمة األوىل على الثانية ,فإن ابتعد خارج
القسمة نزوالً أو صعوداً عن الواحد الصحيح ,فإن ذلك يعكس مدى االختالل أ ,عدم التوازن .
وميكن أن نعزو ضعف اجلهد الضرييب يف الدول النامية إىل األسباب التالية:
13
التشريع الضريبي -المحاضرة األولى
.1اخنفاض مستوى الدخل القومي ومتوسط نصيب الفرد منه ,والذي حيد من أمكانية فرض
ضرائب جديدة أو زايدة معدالت القائمة منها .إذ إن دالة الضرائب تتناسب طردا مع زايدة املتوسط
السنوي لنصيب الفرد من الدخل القومي .
.2غلبة طابع االقتصاد العيين على اهلياكل االقتصادية للدول النامية ,والذي يتميز ابتساع نطاق
املقايضة واملبادالت العينية ,ال سيما يف الدول اليت ترتفع فيها نسبة مسامهة قطاع الزراعة يف تكوين
الدخل القومي.
. 3كثرة اإلعفاءات الضريبية املرتبطة بسياسات تنمية قطاعات اقتصادية معينة ,أو تلك املتعلقة
.4اتساع نطاق القطاع غري املنظم ,وصعوبة حصر وتقدير األوعية الضريبية فيه ,نظرا لعدم أو
لصعوبة إمساك دفاتر حماسبية منتظمة ,األمر الذي متخض عنه تعذر عمليات الربط والتحصيل أو تقدير
.6فساد اإلدارات املالية عموما ,والضريبية منها خصوصا ,واخنفاض كفاءهتا .
.7اتساع نطاق االقتصاد غري الرمسي ,الذي ينأى ابلدخول النامجة عن األنشطة املشروعة وغري
-من األفضل دوما ربط الطاقة الضريبية يف الدول النامية ابلفائض االقتصادي .إذ أن العدالة يف
توزيع األعباء العامة تقتضي إخضاع الدخول اليت هبا فائض اقتصادي للضريبة ,دون تلك اليت ال تكاد
تكفي للوفاء حباجات االستهالك األساسي أو الضروري .ومقتضى ذلك أن زايدة الطاقة الضريبية
منوط بذلك احلد الذي ميكن معه الوصول إىل أكرب حصيلة ممكنة من الضريبة على الدخول ,اليت
تنطوي على فائض اقتصادي ,والذي يعترب املؤشر الفعلي واملعيار احلقيقي لقياس هذه الطاقة .
-2اختالل اهليكل الضرييب :مثة اختالل حاد وابرز يف العالقة الرمسية بني الضرائب املباشرة وغري
املباشرة يف اهليكل الضرييب للدول النامية ,يتجلى يف ارتفاع نسبة األخرية إىل األوىل يف إمجايل اإليرادات
العامة ,ال سيما الضريبية منها .ففي دراسة ألكثر من 86دولة ,تبني أن نسبة ضرائب الدخل مل
14
التشريع الضريبي -المحاضرة األولى
تتعدى الـ % 30من إمجايل اإليرادات الضريبية ,بينما جتاوزت نسبة ضرائب االستهالك الـ % 60
من ذلك اإلمجايل .
-ترتفع األمهية النسبية للضرائب على قطاع التجارة اخلارجية ,ال سيما يف الدول املنفتحة للعامل اخلارجي
.
-وحتظى الضرائب اجلمركية على الواردات أبمهية خاصة :نظرا لبساطتها ,وسهولة حتققها وصعوبة
التهرب منها ,وغزارة حصيلتها ,واخنفاض تكلفة جبايتها ,انهيكم عن الدور االقتصادي اهلام الذي
تلعبه يف محاية الصناعة الوطنية من منافسة الواردات األجنبية يف السوق الداخلية ,واحلد من االستهالك
الرتيف أو البذخي فيما يتعلق ابلواردات الكمالية .
-3غياب العدالة الضريبية :تفتقر النظم الضريبية يف الدول النامية إىل العدالة يف توزيع األعباء
الضريبية على القطاعات االقتصادية يف اجملتمع ,إن على الصعيد الفردي أو على الصعيد القومي .
وهذا نجم عن سيطرة العقلية اجلبائية على من يصممون األنظمة الضريبية أو على من يطبقوهنا ,ولقد
جتلى ابتعاد هذه األنظمة على العدالة الضريبية يف االجتاهني التالني:
أ -غياب العدالة األفقية :اليت تقتضي متاثل املعاملة الضريبية فيما بني املتماثلني أو املتساويني يف املراكز
االقتصادية واملالية واملقدرة التكليفية.
-فنجد أن السواد األعظم من الدول النامية ال حيفل كثرياً ابلعبء الضرييب الثقيل الذي تتحمله الدخول
النامجة عن العمل ,يف الضرائب املفروضة على الدخل الشخصي ,كالرواتب واألجور.
-أما الدخل الناجم عن رأس املال وحده ,وكذلك ما كان مصدره خمتلطا ,فالغالب فيه إعفاءه من
الضريبة على الدخل أو معاملته ضريبياً معاملة هينة ,يف إطار سياسة حتفيز االستثمارات أو تشجيع
االدخار أو منو أسواق رأس املال الناشئة ,أو ما شابه ذلك من الذرائع.
ب -غياب العدالة الرأسية ,اليت تقتضي تباين املعاملة الضريبية بني املختلفني يف املقدرة التكليفية
واملراكز املالية واالقتصادية .فنجد أن هيكل الضرائب يف الدول النامية يعكس اختالل النسب القائمة
بني الضرائب املباشرة وغري املباشرة ,لصاحل األخرية ,نظراً لسهولة حتققها.
-4الفجوة الضريبية :مثة فجوة يف اإليرادات الضريبية يف النظم الضريبية للدول النامية ,آخذة يف
االتساع .وتعكس هذه الفجوة الفرق بني اإليرادات الضريبية املقدرة نظرايا وتلك اليت متت جبايتها فعلي ا.
-ميكن قياس هذه الفجوة ابالستناد إىل أحد املؤشرات التالية:
-1نسبة اإليرادات الضريبية الكلية إىل إمجايل الناتج القومي اإلمجايل أو الدخل القومي اإلمجايل.
-2نسبة اإليرادات الضريبية الفعلية إىل اإليرادات الضريبية املقدرة نظرايً يف برامج املوازنة العامة .
15
التشريع الضريبي -المحاضرة األولى
-وهناك أيضاً ما ميكن تسميته ب ـ " فجوة التوقعات الضريبية " النامجة عن تباين واقع التطبيق الفعلي
للنظم الضريبية يف الدول النامية ,مع توقعات كل من املشروع الضرييب واإلدارة الضريبية واجملتمع الضرييب,
واليت تنعكس يف تناقض مفردات النظام وعجزها عن حتقيق ما أنيط هبا من أهداف .
وتتجلى فجوة التوقعات الضريبية يف املظاهر التالية:
-1تباين األهداف الواقعية مع األهداف النظرية.
-2تباين دور الضرييب يف الواقع ,عن دورها احملدد يف السياسة الضريبية.
-3تباين وظائف اإلدارة الضريبية الواقعية مع ما هو حمدد هلا يف النظام الضرييب .
-لقد متخض عن هذه الفجوة تباين إدراك كل طرف يف املثلث الضرييب ,املشرع واإلدارة واملكلف,
لنوااي اآلخر ,والذي أدى يف النهاية إىل تداعي جسور الثقة اليت يفرتض وجودها فيما بينها .فكثرت
بذلك حاالت التهرب والتجنب الضرييب.
-ولقد تفرع عن فجوة التوقعات الضريبية فجوات فرعية أخرى متثلت يف:
-1فجوة التطبيق :اليت تعكس املسافة الفاصلة بني التشريع الضرييب والتطبيق الواقعي له من قبل اإلدارة
الضريبية.
-2فجوة الوعي الضرييب :اليت تعكس املسافة الفاصلة بني التشريع الضرييب واجملتمع الضرييب واإلدارة
الضريبية.
-3فجوة األداء :اليت تعكس املسافة الفاصلة بني اإلدارة الضريبية واجملتمع الضرييب .
رابعا .ضوابط اإلصالح الضرييب:
يف ظل العوملة الضريبية والتنافس الضرييب احملموم على تعظيم مكاسب الدول منها ,البد يف السياسة
الضريبية الناجعة ,واملتالئمة مع تيارات العوملة يف االقتصاد الدويل ,من مراعاة الضوابط التالية:
-1اعتبار الدخل مطرح ا ضريبي ا وحيد ا ,وفرض ضريبة عامة عليه بعدالة واعتدال لدى اكتسابه
وإنفاقه .وهذا ال يتحقق إال من خالل األخذ بنظام الضريبة العامة على الدخل ,والضريبة العامة على
األنفاق يف صورة الضريبة على القيمة املضافة.
-2إعادة النظر يف سياسة حوافز االستثمار الضريبية ,وذلك من خالل ترشيد هذه احلوافز مبا جيعل
فائدهتا أكرب من تكلفتها ,والرتكيز على اإلصالحات االقتصادية والسياسية ,بدالً من التوسع يف منح
احلوافز .
16
التشريع الضريبي -المحاضرة األولى
-3تبسيط أحكام النظام الضرييب القائم ,وختفيض تكاليف االلتزام الضرييب سواء من قبل اإلدارة أو
املمول ,وذلك من خالل إدماج اإلدارات الضريبية يف إدارة واحدة ,إذا أمكن ذلك طبعاً ,وخصخصة
بعض من وظائفها ,واإلسراع يف عملية األمتتة واألخذ بنماذج اإلدارة الضريبية االلكرتونية.
-4دعم وتكريس عوامل الثقة املتبادلة بني اإلدارة الضريبية واجملتمع الضرييب ,واالرتقاء مبستوى
االلتزام الضرييب ,يف إطار النظرة إىل املكلف على انه زبون أو عميل ,ينبغي على اإلدارة الضريبية
رعايته -وتدليله إن أمكن -ومعاونته على أداء الضريبة املستحقة عليه.
انتهت احملاضرة
17