You are on page 1of 72

‫‪ 1441‬هجري‬

‫ملخص مقرر مناهج المفسرين‬


‫دبلوم رياض القرآن – الدفعة األولى‬
‫ملخص مقرر مناهج المفسرين‬

‫تـمهيد‬

‫إن الحمد لله نحمده ونستعينه‪ ،‬ونتوب إليه ونستغفره‪ ،‬ونعوذ بالله من شرور أنفسنا‪ ،‬ومن سيئات أعمالنا‪،‬‬
‫من يهده الله فال مضلل له‪ ،‬ومن يضلل فال هادي له‪ ،‬وأشهد أن ال إله إال الله‪ ،‬وحده ال شريك له‪،‬‬
‫وأشهد أن محمداً عبده ورسوله‪ ،‬صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين‪.‬‬

‫أما بعد‪:‬‬

‫فلقد تعددت مناهج التفسير ومدارسه واتجاهاته‪ ،‬على مدار التاريخ اإلسالمي‪ ،‬ومن أهم مناهج التفسير‪:‬‬
‫التفسير بالمأثور المجرد‪ ،‬والتفسير األثري النظري‪ ،‬والتفسير بالرأي المحمود‪ ،‬والتفسير بالرأي المذموم‪.‬‬
‫وأفضل هذه المناهج هو منهج التفسير األثري النظري‪ ،‬الذي يجمع بين اعتماد األقوال المأثورة من آيات‬
‫وأحاديث‪ ،‬وأقوال صحابة وتابعين‪ ،‬ولغة وشواهد شعرية‪ ،‬وبين النظر في اآليات‪ ،‬واستخراج بعض ما فيها‬
‫فسروا القرآن بقواعد هذا المنهج‬
‫من دالالت ولطائف وأحكام‪ ،‬وكثير من المفسرين في القديم والحديث ّ‬
‫األثري النظري‪.‬‬

‫وألن الحاجة ماسة إلى تعريف الدارسين ‪ -‬من طالب جامعيين أكاديميين‪ ،‬ومثقفين إسالميين‪ ،‬وطلبة‬
‫علم – بأهم مناهج المفسرين‪ ،‬وعرض ألهم قواعد كل منهج‪ ،‬وتعريف بأشهر التفاسير التي تحقق فيها‬
‫هذا المنهج‪ ،‬لهذا جاء هذا المقرر (مناهج المفسرين) ليتعرف دارسوه على قواعد ومالمح هذه المناهج‬
‫التفسيرية‪ ،‬وموجز حركة التفسير‪ ،‬وليتمكنوا من مالحظة توزيع هذه التفاسير على تلك المناهج‪.‬‬

‫وثمرة هذا المقرر المرجوة هي القراءة في التفاسير التي سنتطرق لبعضها‪ ،‬لتكون عوناً لفهم كتاب الله‬
‫وتدبّره‪.‬‬

‫اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا‪ ،‬ونور صدورنا‪ ،‬وذهاب همومنا‪ ،‬وجالء أحزاننا‪ ،‬وارزقنا تالوته آناء‬
‫حجة لنا يوم القيامة" اللهم آمين‪.‬‬
‫الليل وآناء النهار وعلمنا منه ما جهلنا‪ ،‬وذكرنا منه ما تُشينا‪ ،‬واجعله ّ‬
‫وصلى الله على سيدنا محمد‪ ،‬وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬

‫الصفحة ‪1‬‬
‫ملخص مقرر مناهج المفسرين‬

‫الصفحة ‪2‬‬
‫ملخص مقرر مناهج المفسرين‬

‫مقدمات تمهيدية‬
‫المقدمة األولى‪ :‬معنى مناهج المفسرين وطرق معرفته وأهميته‪:‬‬

‫‪ -1‬معنى مناهج المفسرين‪:‬‬

‫مناهج المفسرين‪ :‬مركب إضافي‪ّ ،‬‬


‫مكون من مضاف ومضاف إليه‪ ،‬وهي خبر لمبتدأ محذوف‪ ،‬تقديره‪(:‬‬
‫هذه مناهج المفسرين)‪.‬‬

‫و(مناهج) جمع (منهج)‪ ،‬وهي مشتقة من الكلمة الثالثية (ن هج)‪.‬‬

‫قال ابن فارس في (مقاييس اللغة)‪" :‬النهج‪ :‬الطريق‪ ،‬ونهج لي األمر‪ :‬أوضحه‪ ،‬وهو مستقيم المنهاج‪،‬‬
‫(‪)1‬‬
‫والمنهج‪ :‬الطريق‪ ،‬والجمع‪ :‬المناهج "‬

‫وقال الراغب األصفهاني في (المفردات)‪" :‬النهج‪ :‬الطريق الواضح‪ ،‬ونهج األمر وأنهج‪ :‬وضح‪ ،‬ومنهج‬
‫(‪)2‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫شرعةً ﴾ [المائدة‪. " ]84 :‬‬
‫الطريق ومنهاجه‪ ،‬قال تعالى‪ ﴿ :‬ل ُك ٍّّل جعْلنا مْن ُك ْم ْ‬
‫وورد في (المعجم الوسيط) ‪":‬نهج الطريق‪ ،‬ينهج‪ ،‬نهجاً ونهوجاً‪ :‬وضح واستبان‪.‬‬

‫وخالصة األقوال السابقة‪ :‬أن مادة (ن هج) تقوم على‪ :‬توضيح األمر وبيانه‪ ،‬وتُستعمل في الطريق الذي‬
‫يكون واضحاً مستقيماً معروفاً بيِّناً‪ ،‬بحيث يمكن معرفته وتمييزه‪ ،‬ويُسهل سلوُكه والسير فيه‪.‬‬

‫أما المنهج والمنهاج فهو الطريق الواضح البين المستقيم‪.‬‬

‫ويُستعمل (المنهج) في استعمالين‪:‬‬

‫األول‪ :‬استعمال مادي حسي‪ ،‬حيث يُطلق على الطريق الواضحة المستقيمة‪ ،‬التي يعرفها اإلنسان‪،‬‬
‫ويتمكن من سلوكها والسير عليها بقدميه‪.‬‬

‫(‪ )1‬مقاييس اللغة البن فارس‪ ،‬ص ‪.0111‬‬


‫(‪ )2‬مفردات ألفاظ القرآن للراغب‪ ،‬ص ‪.528‬‬
‫الصفحة ‪3‬‬
‫ملخص مقرر مناهج المفسرين‬

‫الثاني‪ :‬استعمال معنوي نظري‪ ،‬حيث يطلق على الخطة العلمية الموضوعية المحددة المرسومة الدقيقة‪،‬‬
‫التي يتعرف عليها الباحث أو الدارس‪ ،‬ويقف على قواعدها وأسسها‪ ،‬ويلتزم بها‪ ،‬لتكون دراسته علمية‬
‫منهجية موضوعية صحيحة‪.‬‬
‫واالستعماالن المادي والمعنوي لمصطلح (المنهج) متكامالن متوافقان‪ ،‬ولبسا متناقضين‪ ،‬وهما يقومان‬
‫على الوضوح والبيان‪.‬‬

‫ويهمنا في دراستنا االستعمال الثاني لمصطلح (المنهج)‪ ،‬وهو االستعمال النظرية المعنوي‪.‬‬
‫ُ‬
‫إذن‪( :‬منهج الدراسة) هو‪ :‬الخطة المرسومة المح ّددة للدراسة‪ ،‬هذه الخطة لها قواعد وأسس ومنطلقات‪،‬‬
‫ولها طرق وأساليب وتطبيقات‪.‬‬

‫ينطبق هذا على كل دراسة علمية منهجية‪ ،‬إسالمية أو غير إسالمية‪ ،‬تقول‪ :‬مناهج الدراسات اإلسالمية‪،‬‬
‫ومناهج التعليم العام‪ ،‬ومناهج التفسير‪ ،‬ومناهج الحديث والفقه‪ ،‬وغير ذلك‪.‬‬

‫ومن هنا نقول أن (مناهج المفسرين) هي‪ :‬الخطط العلمية الموضوعية المحددة التي التزم بها‬
‫المفسرون في تفاسيرهم للقرآن الكريم‪ ،‬هذه الخطط الموضوعية لها قواعد وأسس منهجية مرسومة‪،‬‬
‫ولها طرق وأساليب وتطبيقات ظهرت في تفاسيرهم‪.‬‬

‫الصفحة ‪8‬‬
‫ملخص مقرر مناهج المفسرين‬

‫‪ -2‬الفرق بين المنهج والطريقة‪:‬‬


‫يفرقوا بين المنهج والطريقة في أبحاثهم ودراساتهم‪ ،‬فهم يخلطون بينهما‪،‬‬
‫معظم الباحثين والدارسين لم ّ‬
‫ويجعلونهما كلمتين مترادفتين بمعنى واحد‪ ،‬فالمنهج عندهم هو الطريقة‪ ،‬والطريقة هي المنهج‪.‬‬

‫وهذا الخلط والترادف بين المنهج والطريقة عندهم جعل دراساتهم غير واضحة وغير محددة وال تُعرف‬
‫على األشخاص الذين تتح ّدث عنهم‪ ،‬وال على المناهج التي تعرضها‪.‬‬

‫ولذا وجب التفريق بين المنهج والطريقة‪ ،‬في الدراسات اإلسالمية أو األدبية أو العلمية أو الفكرية أو‬
‫غيرها‪.‬‬
‫وإذا كان هذا التفريق ضرورياً في مختلف الدراسات النظرية‪ ،‬فإنه أكثر ضرورة في الدراسات اإلسالمية‬
‫التي تتحدث عن علمائنا ومفكرينا في مختلف ميادين العلوم اإلسالمية‪ ،‬من تفسير وحديث وفقه وعقيدة‪.‬‬

‫الب ّد أن نفرق بين المنهج والطريقة عند‪ :‬المفسرين‪ ،‬والمحدثين‪ ،‬والفقهاء‪ ،‬وعلماء العقيدة‪ ،‬وعلماء‬
‫النحو‪ ،‬والمؤرخين‪ ،‬وغيرهم‪.‬‬

‫فالمنهج هو‪ :‬الخطة المرسومة المحددة الدقيقة‪ ،‬التي تتمثل في القواعد واألسس والمنطلقات‪ ،‬التي‬
‫تعرف عليها المفسر‪ ،‬والتي انطلق منها في فهمه للقرآن الكريم‪ ،‬والتي التزم بها في تفسيره له‪ ،‬هذه‬
‫القواعد واألسس كانت ضوابط له ولتفسيره‪ ،‬حکمته وهو يتعامل مع كتاب الله ويفهمه ويفسره‪ ،‬فلم‬
‫يخالفها‪ ،‬ولم يخرج عنها‪.‬‬

‫ّأما الطريقة‪ :‬فهي األسلوب الذي سلكه المفسر أثناء تفسيره لكتاب الله‪ ،‬والطرق التي عرض تفسير‬
‫كتاب الله من خاللها‪.‬‬

‫المفسر للقواعد واألسس المنهجية التي کانت منهجه في فهم‬


‫ّ‬ ‫وبعبارة أخرى‪ :‬الطريقة هي تطبيق‬
‫القرآن‪.‬‬

‫الصفحة ‪5‬‬
‫ملخص مقرر مناهج المفسرين‬

‫تطبيق تلك القواعد في مختلف ألوان علوم التفسير‪ :‬كتفسير آيات العقيدة‪ ،‬وآيات األحكام‪ ،‬وآيات‬
‫االمثال‪ ،‬وآيات القصص‪ ،‬وغير ذلك‪.‬‬

‫وبالمثال يتضح المقال‪:‬‬


‫من قواعد منهج اإلمام الطبري في التفسير‪ :‬ذكر األقوال المأثورة للصحابة والتابعين في التفسير‪ ،‬التي‬
‫وصلت إليه ووقف عليها‪ ،‬بأسانيدها المختلفة المكررة‪.‬‬

‫هذا كالم ضمن الحديث عن (منهج اإلمام الطبري في التفسير)‪ ،‬ويُعرض ضمن التعريف على قواعد‬
‫منهجه فيه‪.‬‬
‫أما (طريقة الطبري في التفسير) فتعنى بتطبيق الطبري للقاعدة السابقة‪ ،‬وذكر أمثلة ونماذج لها من تفسيره‪،‬‬
‫إذ يبين الباحث كيف طبق الطبري هذه القاعدة المنهجية على أسلوبه في عرض الروايات المختلفة‬
‫المسندة‪.‬‬

‫مثال آخر‪ :‬من قواعد (منهج اإلمام الزمخشري في التفسير)‪ :‬االنتصار لمذهب المعتزلة في تفسير آيات‬
‫العقيدة‪ ،‬والدفاع عنهم‪ ،‬وذم األقوال األخرى المخالفة لهم‪.‬‬

‫وعند حديث الباحث عن (طريقة الزمخشري في التفسير) فإنه يذكر أمثلة وتطبيقات من تفسير‬
‫الزمخشري‪ ،‬تظهر القاعدة المنهجية السابقة واضحة من خاللها‪ :‬تفسير الزمخشري آليات رؤية الله في‬
‫اآلخرة‪ ،‬وتفسيره آليات الوعد والوعيد‪ ،‬وآيات الهدى والضالل ‪...‬الخ‪.‬‬

‫الصفحة ‪6‬‬
‫ملخص مقرر مناهج المفسرين‬

‫‪ -3‬طرق معرفة المنهج‪:‬‬


‫بعض المفسرين القدماء والمعاصرين يريحون الباحث الراغب في التعرف على مناهجهم التفسيرية‪،‬‬
‫فيذكرون له ذلك‪ ،‬وبعضهم يتعبونه وهو يبحث في صفحات التفسير الستخراج تلك القواعد‪.‬‬

‫المفسر أو عدمه‪ ،‬فمن كانت خطته التفسيرية‬


‫وأعتقد أ ّن األمر ناتج عن مدى وضوح الخطة المنهجية عند ّ‬
‫واضحة‪ ،‬ومن كان يعرف ماذا يريد أن يفعل في تفسيره بالضبط‪ ،‬فإنه يذكر هذا ويبينه‪ ،‬ومن كان األمر‬
‫ملتبساً عنده أو (غائماً) غير واضح أمامه‪ ،‬فإنه ال يذكره وال يبينه‪.‬‬

‫المفسر في تفسيره الب ّد أن يقوم بما يلي‪:‬‬


‫ّ‬ ‫يتعرف الدارس على قواعد منهج‬
‫وحتى ّ‬
‫لمفسر‬
‫‪ - 1‬الدراسة الفاحصة لمقدمة المفسر في تفسيره‪ ،‬واستخراج القواعد المنهجية التي أشار لها ا ّ‬
‫فيها‪ ،‬وفهم تلك القواعد واألسس‪.‬‬
‫‪ -٢‬الدراسة الفاحصة للتفسير‪ ،‬للوقوف على توضيح القواعد التي أشار لها المفسر في مقدمته‪ ،‬والوقوف‬
‫على قواعد أخرى ذكرها المفسر أثناء التفسير‪.‬‬

‫بعض المفسرين ‪ -‬أو معظمهم بتعبير أدق‪ -‬ال يكتفون بالحديث عن منهجهم في التفسير في مقدمته‪،‬‬
‫وإنما يُشيرون إلى قواعد أخرى أثناء التفسير‪ ،‬فأثناء تفسير أحدهم لسورة ‪ -‬أو آيات منها ‪ -‬يخطر له‬
‫أن يذكرها قاعدة من قواعد فهمه للقرآن‪ ،‬أو واحداً من أسس تعامله معه‪ ،‬ويكون هذا في جملة أو ُجمل‬
‫قصيرة‪.‬‬

‫وعلى الدارس المنتبه أن يحسن مالحظة والتقاط هذه الجمل القصيرة‪ ،‬التي تكون معالم هادية كاشفة‬
‫عرف على منهج المفسر في فهم القرآن وتفسيره‪.‬‬
‫تُ ّ‬
‫أما معرفة (طريقة) المفسر في تفسيره فهي أسهل من معرفة قواعد منهجه‪.‬‬

‫يتعرف على طريقة المفسر في تفسير السور‪ ،‬وتقسيم آياتها إلى وحدات ودروس‪ ،‬وأن‬
‫فعلى الدارس أن ّ‬
‫يتعرف على طريق ته في تفسير مختلفي موضوعات (علوم التفسير)‪ ،‬كآيات األحكام‪ ،‬وآيات العقيدة‪،‬‬
‫ّ‬
‫الصفحة ‪7‬‬
‫ملخص مقرر مناهج المفسرين‬

‫ليتعرف على موقف المفسر من مختلف موضوعات التفسير‪ ،‬التي اختلف فيها‬‫وآيات القصص‪ّ ،‬‬
‫المفسرون والعلماء‪ ،‬ورجال الفرق اإلسالمية‪.‬‬

‫‪ -4‬أهمية معرفة مناهج المفسرين‪:‬‬


‫معرفة مناهج المفسرين ضرورية للدارسين المتخصصين في الدراسات اإلسالمية‪ ،‬وضرورية للراغبين في‬
‫العلم‪ ،‬والحريصين على الثقافة اإلسالمية‪.‬‬

‫منوعة‪ ،‬منذ عهد الصحابة الكرام‪ ،‬وحتى العصر الحاضر‪،‬‬


‫إن مدارس التفسير عديدة‪ ،‬وتياراته واتجاهاته ّ‬
‫حيث ظهر مئات المفسرين‪ ،‬وكتبت مئات التفاسير‪ ،‬واختلفت مناهج المفسرين في فهم القرآن وتفسيره‪.‬‬
‫وإذا كانت التفاسير بهذه الكثرة وهذا التنوع والتشعب‪ ،‬فالب ّد من معرفة اتجاهاتها ومدارسها‪ ،‬والوقوف‬
‫على مناهج أصحابها‪ ،‬وحسن ترتيبها وتصنيفها‪.‬‬

‫من الواجب معرفة المفسرين وتفاسيرهم ومناهجهم وطرائقهم معرفة مجملة‪ :‬المفسر ونسبه‪ ،‬وعصره‬
‫وعلمه ‪ ،‬ونتاجه وجهوده‪ ،‬وهدفه من التفسير‪ ،‬ومنهجه فيه‪ ،‬وتقويم ذلك التفسير‪ ،‬ومعرفة ما فيه من خير‬
‫وفائدة‪ ،‬وج ّدة وإضافة‪ ،‬ومعرفة ما عليه من مآخذ‪.‬‬

‫وبذلك يكون الدارس ُملِ ّماً إلماماً موجزاً بحركة التفسير ورجالها وتراثها ومناهجها‪ ،‬ويكون هذا اإللمام‬
‫حافزاً له على الدراسة المفصلة للتفاسير األساسية التي أعجب بها‪ ،‬ووجدها أكثر دقة وعلمية ومنهجية‪.‬‬

‫الصفحة ‪4‬‬
‫ملخص مقرر مناهج المفسرين‬

‫المقدمة الثانية‪ :‬أهم المؤلفات في مناهج المفسرين‬


‫التصنيف في مناهج المفسرين واتجاهاتهم متأخر فلم يبدأ بهذه الصورة إال في العصر الحديث‪ ،‬ويعتبر‬
‫كتاب الدكتور محمد الذهبي (التفسير والمفسرون) أول كتاب في هذا‪ ،‬ثم تكاثرت المؤلفات بعد ذلك‪.‬‬
‫وليس المقام هنا مقام استيفاء‪ ،‬وإنما سنعرف ببعض المؤلفات المفيدة في مناهج المفسرين على النحو‬
‫التالي‪:‬‬

‫‪ -1‬التفسير والمفسرون‪ ،‬للدكتور محمد حسين للذهبي‪:‬‬

‫المؤلف‪ :‬هو الشيخ الدكتور‪ :‬محمد حسين الذهبي ولد في قرية مطوبس في مصر سنة ‪1333‬ه حصل‬
‫على شهادة العالمية من األزهر سنة ‪1365‬ه ‪ ،‬وکان البحث الذي تقدم به للحصول على هذه الدرجة‬
‫وعيّن وزيراً لألوقاف‬
‫هو کتابه‪( :‬التفسير والمفسرون)‪ ،‬عمل مدرساً في مصر والسعودية والكويت والعراق ُ‬
‫المصرية‪ ،‬اغتيل رحمه الله تعالى في سنة ‪1397‬ه ‪.‬‬

‫ومن مؤلفاته رسالة بعنوان‪( :‬االتجاهات المنحرفة في تفسير القرآن الكريم)‪ ،‬و(اإلسرائيليات في التفسير‬
‫والحديث)‪ ،‬و(أثر إقامة الحدود في استقرار المجتمع)‪.‬‬

‫مميزات كتاب التفسير والمفسرون‪:‬‬

‫‪-1‬أنه يعد أول دراسة شاملة لمناهج عدد كبير من المفسرين‪ ،‬حيث لم يسبقه أحد في هذا العلم‪،‬‬
‫والفضل للمتقدم كما قال األول! ولذلك فقد نفدت طبعته األولى في أسابيع معدودة من طباعته‪.‬‬

‫‪-2‬أنه درس مناهج كتب عديدة لم تطبع في ذلك الوقت‪ ،‬وقد كان لهذا فائدة كبيرة وال زال‪.‬‬

‫‪-3‬أنه قد خرج من تحت عباءة هذا الكتاب عدد كبير من الرسائل العلمية‪ ،‬فقد أفردت بعد ذلك رسائل‬
‫عديدة لمناهج المفسرين الذين أشار إليهم في كتابه‪ ،‬وبعض تلك الدراسات كانت تحت إشراف الدكتور‬
‫الذهبي‪.‬‬

‫الصفحة ‪9‬‬
‫ملخص مقرر مناهج المفسرين‬

‫منهجه في الكتاب‪:‬‬

‫سار المؤلف في رسالته وفق خطة علمية مرتبة على طريقة الرسائل الجامعية‪ ،‬التي استقرت عليها األعراف‬
‫الجامعية في األقسام العلمية‪ ،‬وهي موضحة في الكتاب يمكن الرجوع عليها‪.‬‬

‫ويعد الكتاب بحق من الكتب الهامة جداً في المكتبة القرآنية‪ ،‬فهو موسوعة شاملة في تاريخ التفسير‬
‫عرف به مؤلفه رحمه الله تعالى في مقدمته فقال‪" :‬هو كتاب يبحث‬
‫منذ نشأته إلى العصر الحديث وقد ّ‬
‫عن نشأة التفسير وتطوره‪ ،‬وعن مناهج المفسرين‪ ،‬وطرائقهم في شرح كتاب الله تعالى‪ ،‬وعن ألوان التفسير‬
‫عند أشهر طوائف المسلمين ومن ينتسبون إلى اإلسالم‪ ،‬وعن ألوان التفسير في هذا العصر الحديث‪،‬‬
‫تطرق الوضع إليه‪ ،‬ودخول‬
‫وراعيت أن أضمن هذا الكتاب بعض البحوث التي تدور حول التفسير‪ :‬من ّ‬
‫()‬
‫اإلسرائيليات عليه‪ ،‬وما يجب أن يکون عليه المفسر عندما يحاول فهم القرآن أو كتابة التفسير" ‪. 1‬‬

‫وقد اعتذر المؤلف في خاتمة كتابه أنه قد اختصر الحديث اختصاراً‪ ،‬وأن الموضوعات التي تعرض لها‬
‫تستحق أن تبحث بشكل منفصل‪ ،‬لتنال حظها من البحث والنقد والتمحيص‪ ،‬وقد تحقق كثير من ذلك‬
‫في حياته وبعد وفاته‪ ،‬وغفر لنا وله‪.‬‬

‫وهذا الكتاب وإن كان عليه بعض المالحظات الخفيفة تظهر أثناء حديثه عن بعض التفاسير‪ ،‬كون‬
‫صاحبه أشعري المذهب‪ ،‬إال أنه ال يکاد يستغني عنه الباحث في علم التفسير‪ ،‬بل إنه يعتبر المرجع‬
‫األساس في دراسة مناهج المفسرين‪ ،‬وكل من ألف بعده في مناهج المفسرين فهو عالة عليه‪.‬‬

‫‪ -2‬مختصر مناهج المفسرين‪ ،‬للدكتور محمد أبو زيد‪.‬‬

‫حاول المؤلف اختصار وتهذيب كتاب الدكتور الذهبي السابق (التفسير والمفسرون) في كتابه هذا‪ ،‬وقد‬
‫ذكر في مقدمة كتابه أن عمله في الكتاب كان مركزاً على االستطرادات واألمثلة الضعيفة في داللتها‬

‫(‪ )1‬التفسير والمفسرون‪ ،‬للذهبي ‪.9/0‬‬


‫الصفحة ‪11‬‬
‫ملخص مقرر مناهج المفسرين‬

‫واألحاديث واآلثار الضعيفة‪ ،‬وقد جعل تعليقاته على الكتاب في الهامش األسفل للكتاب وجعلها مميزة‬
‫عن حواشي الذهبي بأن جعل حواشي الذهبي بين األقواس هكذا ( ) وما علقه هو جعله أرقاماً بال أقواس‬
‫هكذا ‪ -2 -1‬ولم يتعرض المختصر لمتن الذهبي بأي تعديل وإنما ركز عمله بالتعليقات في الحاشية‪.‬‬

‫وتميز المؤلف بإضافات أضافها للكتاب‪ ،‬فالذهبي لم تُطبع في زمانه ُ‬


‫بعض الكتب فكان يقول‪ :‬وهذا‬
‫الكتاب غير مطبوع‪ .‬ولكنها طبعت بعد ذلك في زمن المختصر فكان ينص عليها‪.‬‬

‫مثال ذلك‪ ،‬كتاب (بحر العلوم للسمرقندي) قال عنه الذهبي‪ :‬مخطوط‪.‬‬

‫كما قام المختصر بتخريج األحاديث واآلثار التي ذكرها الذهبي في كتابه ولم يخرجها‪.‬‬

‫والكتاب مفيد لمن رغب الحصول على المعلومة دون استطراد وإطالة‪.‬‬

‫‪ -3‬اتجاهات التفسير في القرن الرابع عشر الهجري للدكتور فهد بن عبد الرحمن الرومي‪.‬‬
‫هذا الكتاب أصله رسالة الدكتوراه للدكتور فهد الرومي نوقشت عام ‪1815‬ه ‪ ،‬وهو يتناول اتجاهات‬
‫التفسير في القرن الرابع عشر الهجري‪.‬‬

‫وقد قسم بحثه بعد التمهيد إلى أبواب‪:‬‬

‫الباب األول‪ :‬تحدث فيه عن االتجاه العقدي في التفسير‪ ،‬وهي التفاسير التي عنيت بإبراز جوانب‬
‫العقيدة وبيان دقائقها والرد على الخصوم‪.‬‬

‫وذكر تحتها‪:‬‬

‫♦ منهج أهل السنة والجماعة في التفسير‪.‬‬


‫♦ منهج الشيعة في التفسير‪.‬‬

‫♦ منهج اإلباضية في التفسير‪.‬‬


‫♦ منهج الصوفية في التفسير‪.‬‬
‫الصفحة ‪11‬‬
‫ملخص مقرر مناهج المفسرين‬

‫الباب الثاني‪ :‬تحدث فيه عن االتجاهات العلمية في التفسير‪ ،‬وذكر تحته‪:‬‬


‫♦ المنهج الفقهي في التفسير وتناول فيه تفاسير آيات األحكام‪.‬‬

‫♦ المنهج األثري في التفسير وهي كتب التفسير بالمأثور‪.‬‬

‫♦ المنهج العلمي التجريبي في التفسير‪.‬‬

‫الباب الثالث‪ :‬االتجاه العقلي االجتماعي في التفسير‪.‬‬


‫وقد مزج بين الوصفين العقلي واالجتماعي لتوفر هذه الصفتين في مدرسة محمد عبده خصوصاً في‬
‫العصر الحديث‪ ،‬فقد مزجت بين إعمال العقل في التفسير والوقوع في بعض األخطاء بسبب ذلك‪ ،‬مع‬
‫العناية بإصالح الجانب االجتماعي في المجتمع اإلسالمي‪.‬‬

‫الباب الرابع‪ :‬االتجاه األدبي في التفسير‪ ،‬وتناول فيه‪:‬‬


‫♦ المنهج البياني في التفسير‪.‬‬

‫♦ منهج التذوق األدبي للقرآن الكريم‪.‬‬

‫الباب الخامس‪ :‬االتجاه المنحرف في التفسير‪.‬‬


‫وقد تعرض فيه للمنهج اإللحادي في التفسير‪ ،‬وعن منهج المقصرين في التفسير وهم قوم لم يدركوا شروط‬
‫التفسير فوقعوا في مخالفات كثيرة‪ ،‬وما أكثر المقصرين في زماننا‪ ،‬كما تعرض لما سماه اللون الالمنهجي‬
‫في التفسير وهم قوم ليسوا من الملحدين وال من المقصرين وجاءوا بتفاسير ليس لها سند علمي وإنما‬
‫يخبطون خبط عشواء‪.‬‬
‫وهذا الكتاب من أثمن وأجود ما كتب في هذا الموضوع وهو كتاب يجدر بكل طالب علم في القرآن‬
‫وعلومه أو غيره‪ ،‬وقد وفق الدكتور فهد الرومي لكتابته وتحريره بأسلوب أدبي رائع كعادته في سائر كتبه‬
‫وفقه الله ورعاه‪.‬‬

‫الصفحة ‪12‬‬
‫ملخص مقرر مناهج المفسرين‬

‫‪ -4‬اتجاهات التفسير في العصر الراهن للدكتور عبد المجيد عبد السالم المحتسب‪.‬‬
‫وقد طبع الجزء األول منه عام ‪1812‬ه ‪ ،‬وقد أشار إليه الدكتور فهد الرومي في الدراسات السابقة في‬
‫بحثه للدكتوراه‪.‬‬

‫‪ -5‬معجم تفاسير القرآن الكريم‪.‬‬


‫وهذا الكتاب صدر منه مجلدان‪:‬‬
‫األول‪ :‬شارك في تحريره األستاذ عبد القادر زمامة‪ ،‬والدكتور عبد الوهاب التازي واألستاذ عبد النبي‬
‫فاضل‪ ،‬والدكتور محمد الكتاني‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬حرره الباحث المدقق الشيخ المغربي محمد بو خبزة‪.‬‬
‫وقد وعد بإصدار جزء ثالث ولم أره منشوراً بعد‪ ،‬وهذا الكتاب من أجود كتب مناهج المفسرين المطبوعة‬
‫على قلة شهرته وانتشاره‪ ،‬وقد صدر عن المنظمة اإلسالمية للتربية والعلوم والثقافة عام ‪1828‬ه ‪.‬‬

‫وهم يعرفون بالمفسر باختصار‪ ،‬ثم يبرزون أبرز معالم منهجه في نقاط مختصرة‪ ،‬ثم يوردون نموذجاً من‬
‫تفسيره وهكذا‪.‬‬
‫وقد تناولوا في الجزء األول تسعة وثمانين تفسيراً‪ ،‬ولم ترتب على حسب وفيات المؤلفين‪ ،‬وإنما جاءت‬
‫متتابعة دون ترتيب‪ ،‬ولو رتب على تاريخ الوفيات لكان أفضل‪.‬‬

‫وتناول الجزء الثاني التعريف بتسعة وتسعين مؤلفاً في التفسير وعلوم القرآن المختلفة‪ ،‬والجزء الثاني أكثر‬
‫تحريراً من الجزء األول بكثير‪ ،‬وفيه استدراكات قيمة لمؤلفه وفقه الله‪.‬‬

‫‪ -6‬مناهج المفسرين‪ :‬للدكتور منيع عبد الحليم محمود‪.‬‬


‫وهو كتاب مختصر في بيان مناهج أبرز المفسرين‪ ،‬وقد عرض فيه ثالثة وخمسين كتاباً من كتب التفسير‬
‫المشهورة المتداولة بأسلوب مختصر وجيز يبين أبرز مزايا الكتاب‪.‬‬
‫ومؤلفه من علماء التصوف فلينتبه لتقويمه ورأيه في كتب التصوف من كتب التفسير‪.‬‬

‫الصفحة ‪13‬‬
‫ملخص مقرر مناهج المفسرين‬

‫تعريف الدارسين بمناهج المفسرين‪ ،‬للدكتور‪ :‬صالح عبد الفتاح الخالدي‪( .‬أوصى به‬ ‫‪-7‬‬
‫الدكتور في المحاضرة)‪.‬‬
‫وقد حاول المؤلف في هذا الكتاب بيان مناهج أبرز المفسرين‪ ،‬ومميزات كتبهم‪ ،‬وأبرز الملحوظات التي‬
‫تؤخذ على كتبهم‪ ،‬مع تنبيهات وفوائد متفرقة‪ ،‬ولغته سهلة‪ ،‬وهو مفيد لعامة القراء والمثقفين‪.‬‬

‫‪ -8‬القول المختصر المبين في مناهج المفسرين‪ ،‬لمحمد الحمود النجدي‬


‫وهو مختصر على اسمه عرض فيه في نقاط مركزة ملخصة من كتب مناهج المفسرين السابقة كالذهبي‬
‫وغيره‪ ،‬مناهج أربعة وعشرين مفسراً من أشهر المفسرين قديماً وحديثاً‪.‬‬

‫ويصلح للمستعجل الراغب في معرفة أبرز مميزات هذه التفاسير‪ ،‬كما أن من مميزاته أنه يذكر عقيدة‬
‫المؤلف‪.‬‬

‫هذا استعراض سريع ألبرز الكتب المؤلفة في مناهج المفسرين وأغلب هذه الكتب مطبوعة ومتوفرة في‬
‫المكتبات لمن يريد اقتناءها‪.‬‬

‫الصفحة ‪18‬‬
‫ملخص مقرر مناهج المفسرين‬

‫المقدمة الثالثة‪ :‬معنى اتجاهات التفسير‪ ،‬ونشأتها‪ ،‬وأسباب ظهورها‬

‫‪ -1‬معنى اتجاهات التفسير‪:‬‬


‫مكون من مضاف ومضاف إليه‪.‬‬
‫اتجاهات التفسير‪ :‬مركب إضافي‪ّ ،‬‬
‫مفهوم االتجاه في اللغة‪:‬‬
‫قال ابن منظور في (لس ان العرب)‪" :‬الوجهة‪ :‬القبلة والموض ع الذي نتوجه إليه ونقص ده‪ ،‬ووجه الكالم‬
‫()‬
‫السبيل الذي نقصده" ‪. 1‬‬
‫()‬
‫وقال صاحب (القاموس المحيط)‪" :‬الوجه – بالضم والكسر– الجانب والناحية " ‪. 2‬‬

‫مفهوم االتجاه في التفسير‪:‬‬

‫عرف د‪ .‬فهد الرومي االتجاه التفس يري بقوله‪" :‬هو الهدف الذي يتجه إليه المفس ـ ــرون بتفاس ـ ــيرهم‪،‬‬
‫()‬
‫ويجعلونه نصب أعينهم وهم يكتبون ما يكتبون" ‪. 3‬‬

‫وقد اصطلح بعض المعاصرين على (اتجاهات التفسير) ب (ألوان التفسير)‪ ،‬الشخص الذي يفسر نصاً‬
‫يلون هذا النص بتفس يره له وفهمه إياه‪ ،‬وعلى هذا األص ل وجدنا آثار شخصية المتصدين لتفسير القرآن‬
‫تطبع تفس يرهم له في كل عهد وعص ر‪ ،‬وعلى أي طريقة ومنهج‪ ،‬س واء أكان تفس يرهم نقلياً مروياً‪ ،‬أم‬
‫()‬
‫كان عقلياً اجتهادياً" ‪. 4‬‬

‫واعتباراً لما س لف‪ ،‬فالمراد باالتجاه في علم التفس ير‪ :‬المقص ـ ــد الذي يتوجه إليه المفس ـ ــر والهدف‬
‫الذي يرجو بلوغه‪.‬‬

‫(‪ )1‬لسان العرب‪ ،‬البن منظور مادة وجه‪.‬‬


‫(‪ )2‬القاموس املحيط‪ ،‬البن فيروز آبادي‪ ،‬مادة وجه‪.‬‬
‫(‪ )3‬اتجاهات التفسير في القرن الرابع عشر‪ ،‬للدكتور فهد الرومي‪.22/0 ،‬‬
‫(‪ )4‬مادة تفسير ضمن دائرة المعارف اإلسالمية‪ ،‬لمين اخوويي‪.262/8 ،‬‬
‫الصفحة ‪15‬‬
‫ملخص مقرر مناهج المفسرين‬

‫فاالتجاه الفقهي‪ :‬يهدف المفس ر من خالله إلى تقرير أحكام القرآن‪ ،‬ويس تعين في ذلك باآلثار واللغة‬
‫وقواعد أصول الفقه وغير ذلك‪.‬‬

‫واالتجـاه العلمي‪ :‬يقص د من خالل ه المفس ر إلى إبراز مختلف دالالت آي ات اآلف اق واألنفس في‬
‫القرآن‪.‬‬

‫واالتجاه البياني‪ :‬في التفسير يهتم بإبراز مناحي اإلعجاز عن طريق االستعانة بعلم البالغة خاصة‪.‬‬
‫وقد يكون للمفس ر اتجاه منحرف‪ ،‬كأن يكون منتص راً لمذهبه أو عقيدته الباطلة‪ ،‬فيس تغل معرفته بعلم‬
‫من العلوم المتصلة بالتفسير‪ :‬كاللغة أو البالغة ألجل االحتجاج على مذهبه ونحلته‪.‬‬
‫وقد درج مفسرو المعتزلة وطوائف من مفسري اإلمامية إلى التنقل باأللفاظ القرآنية من الحقيقة إلى‬
‫المجاز إذا كان المعنى الحقيقي للفظ يخالف مذاهبهم‪ ،‬ومن هنا اشتهر عنهم القول في الكثير من‬
‫محكم الكتاب بأنه تخيل أو حمله على التمثيل‪ ،‬وذلك حرصاً على سالمة المذهب أو العقيدة الباطلة‪.‬‬

‫وقد يسمى هذا االتجاه بمدرسة التفسير‪ ،‬وموقف المفسر من مدرسة التفسير‪ ،‬ولهذا قد يقول مدرسة‬
‫التفسير بالمأثور والمنقول‪ ،‬ومدرسة التفسير بالرأي‪ ،‬ومدرسة أهل السنة‪ ،‬ومدرسة أصحاب العقل‪،‬‬
‫ومدرسة أهل البيت‪ ،‬ونحو ذلك‪.‬‬

‫الصفحة ‪16‬‬
‫ملخص مقرر مناهج المفسرين‬

‫‪-2‬الفرق بين االتجاه والمنهج‪:‬‬


‫الفرق بين المنهج واالتجاه قريب من الفرق بين المنهج والطريقة‪:‬‬

‫فاالتجاه‪ :‬هو الميل‪ ،‬والتوجه إلى قضية معينة؛ سواء كانت عقدية أو فقهيه أو لغويه للوصول إلى هذا‬
‫األمر‪ ،‬فهو بمثابة الغاية التي يريد المفسر تحقيقها‪،‬‬

‫أما المنهج فهو حديث عن الوسيلة‪ ،‬االتجاه والتوجه ميول‪ ،‬والمنهج قواعد معينة يسير عليها المفسر‪،‬‬

‫يعني لو أقول ما اتجاه هذا المفسر فتقول االتجاه العقدي له أنه مثالً‪ :‬االتجاه الشيعي أو االتجاه‬
‫الرافضي ويقال االتجاه الفقهي‪ :‬مالكي المذهب توجهه‪.‬‬
‫لكن المنهج يختلف‪ ،‬فهو القواعد والخطط التي سار عليها‪ ،‬وقد يتشابه مفسران في منهج لكن يختلفان‬
‫في االتجاه‪ ،‬وقد يختلفان في المنهج ويتفقان في االتجاه‪.‬‬

‫مثال‪ :‬لو أن عندنا كتابين اتجاههم فقهي مالكي‪ ،‬لكن األول‪ :‬يختلف منهجه عن اآلخر في ذلك‪ ،‬فقد‬
‫يكون مطول يعتمد عل تفسيره القرآن بالقرآن والسنة وهكذا‪ ،‬واآلخر‪ :‬مقتصد مع أن اتجاههما واحد‪.‬‬

‫الصفحة ‪17‬‬
‫ملخص مقرر مناهج المفسرين‬

‫المقدمة الرابعة‪ :‬مراحل تطور التفسير‪ ،‬ومعالم كل مرحلة‬

‫أنزل الله القرآن الکريم بلسان عربي مبين‪ ،‬وجعله ميسرا للذكر والفهم والتالوة والحفظ﴿ ولق ْد يس ْرنا‬
‫الْ ُق ْرآن لِل ِّذ ْك ِر ف ه ْل ِم ْن ُمدكِ ٍّر ﴾[القمر‪ ،]17 :‬ولهذا كان الصحابة يعرفون معظم معاني القرآن‪.‬‬
‫وما خفي عليهم معناه وغمض عليهم تفسيره؛ كانوا يسألون عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬فيجيبهم‬
‫على سؤالهم‪ ،‬ومعظم القرآن لم يكن بحاجة إلى تفسير زمن الصحابة‪ ،‬لفهمهم له‪.‬‬

‫مرت حركة التفسير في مسيرتها التاريخية ‪ -‬منذ الصحابة الكرام وحتى العصر الحاضر‪ -‬بعدة‬ ‫ولقد ّ‬
‫مراحل بارزة‪ ،‬تميّز التفسير في كل واحدة منها بمزايا خاصة‪.‬‬

‫استمرت حركة التفسير في مسيرتها التاريخية على مدار القرون واألجيال‪ ،‬وامتألت مكتبة التفسير‬
‫و ّ‬
‫بالتفاسير المختلفة‪ ،‬على اختالف مدارسها واتجاهاتها‪.‬‬

‫وفيما يلي حديث مجمل عن كل مرحلة‪ ،‬وعن طبيعة التفسير فيها‪ ،‬والمنهج الذي برز واضحاً فيها‪.‬‬

‫الصفحة ‪14‬‬
‫ملخص مقرر مناهج المفسرين‬

‫المرحلة األولى‪ :‬التفسير في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين (ما قبل عهد‬
‫التدوين)‪:‬‬

‫هذه هي المرحلة األساسية‪ ،‬التي نشأ فيها التفسير نشأة علمية صحيحة‪ ،‬وتأسس فيها علم التفسير‬
‫تأسيساً قوياً متيناً‪ ،‬واتصف فيها بالعلمية والمنهجية والموضوعية‪.‬‬

‫وامت ّدت هذه المرحلة على مدار القرون الخيرية الثالثة األولى‪ ،‬التي شهد لها رسول الله بالفضل والخير‪،‬‬
‫وتمثل هذه القرون الثالثة األجيال الثالثة األولى الفاضلة في هذه األمة‪ :‬جيل الصحابة‪ ،‬وجيل التابعين‪،‬‬
‫وجيل أتباع التابعين‪.‬‬

‫‪ -1‬التفسير في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم‪:‬‬

‫يُعتبر الرسول صلى الله عليه وسلم المؤسس لعلم التفسير‪ ،‬ويكفي هذا فضالً ومزية لعلم التفسير الشريف‪.‬‬

‫فقد تكفل الله سبحانه وتعالى بحفظ القرآن‪﴿ :‬إِنا ن ْح ُن ن زلْنا ال ِّذ ْكر وإِنا لهُ لحافِظُون‪[ ﴾٩‬سورة‬
‫الحجر‪.]9:‬‬

‫کما تکفل لنبيه محمد صلی الله عليه وسلم أن يجمع القرآن في صدره﴿ ال تُحِّرْك بِ ِه لِسانك لِت ْعجل‬
‫بِِه‪٦١‬إِن علْي نا ج ْمعهُ وقُ ْرآنهُ‪[﴾٦١‬سورة القيامة‪ ،]17-16:‬ثم كلف الله نبيه محمداً صلی الله عليه‬
‫وسلم أن يبين لهم القرآن‪ ،‬وأن يفسره لهم قال تعالى مخاطباً نبيه صلى الله عليه وسلم﴿ وأنْ زلْنا إِلْيك‬
‫ال ِّذ ْكر لِتُب يِّن لِلن ِ‬
‫اس ما نُِّزل إِلْي ِه ْم ولعل ُه ْم ي ت فك ُرون‪[﴾٤٤‬سورة النحل‪]88:‬‬

‫ولذا فقد كان الصحابة رضي الله عنهم يرجعون إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فيما أشكل عليهم فهمه‬
‫من القرآن فيجدون الجواب الشافي‪.‬‬

‫الصفحة ‪19‬‬
‫ملخص مقرر مناهج المفسرين‬

‫منهج الرسول صلى الله عليه وسلم في التفسير‪:‬‬

‫لم يكن الرسول صلى الله عليه وسلم يُطنب في تفسير اآلية‪ ،‬أو يخرج إلى ما ال فائدة في معرفته وال‬
‫ثمرة في إدراكه‪ ،‬فكان جل تفسيره صلى الله عليه وسلم بياناً لمجمل‪ ،‬أو توضيحا لمشكل‪ ،‬أو تخصيصا‬
‫لعام‪ ،‬أو تقييداً لمطلق أو بياناً لمعنى لفظ أو متعلقه‪.‬‬

‫التفسير في عهد الصحابة رضي الله عنهم‪:‬‬ ‫‪-2‬‬

‫الصحابة رضي الله عنهم كانوا عرباً خلصاً يفهمون القرآن ويدركون معانيه ومراميه بمقتضى سليقتهم العربية‬
‫فهماً ال تُعكره عجمة وال يشوهه شيء من قبح االبتداع وتحكم العقيدة الزائفة‪.‬‬

‫وإذا خفي عليهم معنى أو دق عليهم مرمى رجعوا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فبين لهم ذلك‬
‫ووضحه‪ ،‬وإن لم يتيسر لهم ذلك رجعوا إلى اجتهاد هم وکان التفاوت بينهم واضحاً في هذه الرتبة‪،‬‬
‫فكان بعضهم يرجع إلى بعض‪ ،‬إذ التفاوت بينهم راجع إلى التفاوت في قوة الفهم واإلدراك‪ ،‬والتفاوت‬
‫فيما أحاط باآلية من ظروف ومالبسات‪ ،‬بل کانوا يتفاوتون في معرفة المعاني التي وضعت لها‬
‫المفردات‪ ،‬فمن مفردات القرآن ما خفي معناه على بعض الصحابة وظهر آلخرين منهم‪ ،‬وال ضير في‬
‫هذا؛ فإن اللغة وإن أحاط بها مجموع أهلها‪ ،‬فإنه ال يُحيط بها كل فرد من أهلها فقد خفي على عمر‬
‫بن الخطاب رضي الله عنه معنى األب في قوله تعالى‪﴿ :‬وفاكِهةً وأبًّا﴾ [سورة عبس‪ ،]31:‬ومعنى‬
‫يم﴾ [سورة النحل‪ ]87:‬حتى‬ ‫التخوف في قوله تعالى‪﴿ :‬أو يأْخذهم على تخ ُّو ٍّ‬
‫ف فِإن رب ُكم لرء ٌ ِ‬
‫وف رح ٌ‬ ‫ْ ُ‬ ‫ْ ُ ُْ‬
‫(‪)1‬‬
‫قال له رجل من هذيل التخوف عندنا التن ّقص‬

‫وورد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال‪ :‬كنت ال أدري ما فاطر السماوات حتى أتاني أعرابيان‬
‫(‪)2‬‬
‫يختصمان في بئر فقال أحدهما‪ :‬أنا فطرتها يقول‪ :‬ابتدأتها‬

‫(‪ )1‬الموافقات للشاطبي‪.55-58/2 ،‬‬


‫(‪ )2‬االتقان للسيوطي‪.049/0،‬‬
‫الصفحة ‪21‬‬
‫ملخص مقرر مناهج المفسرين‬

‫وهذا عدي بن حاتم رضي الله عنه لم يفهم المراد بقوله تعالى‪ ﴿ :‬وُكلُوا وا ْشربُوا حتى ي ت ب ين ل ُك ُم‬
‫ض ِمن الْخْي ِط ْاأل ْسوِد ﴾ [سورة البقرة‪ ،]147:‬فكان يجعل عند رأسه عقاالً أبيض وعقاالً‬ ‫ط ْاألبْي ُ‬
‫الْخْي ُ‬
‫()‬
‫أسود حتى بين له الرسول صلى الله عليه وسلم المراد ‪. 1‬‬

‫ويرجع تفاوت الصحابة رضي الله عنهم في فهم القرآن إلى أمور عديدة منه‪:‬‬

‫لما بغريبها‪ ،‬ومنهم‬


‫تفاوتهم في أدوات الفهم كالعلم باللغة فمنهم من كان واسع االطالع فيها ُم ّ‬ ‫‪-1‬‬
‫دون ذلك‪.‬‬
‫تفاوتهم في مالزمة الرسول صلى الله عليه وسلم وحضور مجالسه‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫تفاوتهم في معرفة أسباب النزول وغيرها مما له تأثيره في فهم اآلية‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫تفاوتهم في العلم الشرعي‪.‬‬ ‫‪-8‬‬
‫تفاوتهم في مداركهم العقلية شأنهم شأن غيرهم من البشر‪ ،‬كل هذا وغيره كان من أسباب‬ ‫‪-5‬‬
‫تفاوتهم في معرفة القرآن وتفسيره‪ ،‬ولذا قال مسروق رحمه الله تعالى‪" :‬جالست أصحاب‬
‫محمد صلی الله عليه وسلم فوجدتهم كاإلخاذ (يعني الغدير) فاإلخاذ يروي الرجل‪ ،‬واإلخاذ‬
‫يروي الرجلين‪ ،‬واإلخاذ يروي العشرة‪ ،‬واإلخاذ يروي المائة‪ ،‬واإلخاذ لو نزل به أهل األرض‬
‫()‬
‫ألصدرهم" ‪. 2‬‬

‫أشهر المفسرين من الصحابة‪ :‬أشهر المفسرين من الصحابة عشرة‪ ،‬وهم‪ :‬أبو بکر الصديق‪ ،‬وعمر بن‬
‫الخطاب‪ ،‬وعثمان بن عفان‪ ،‬وعلي بن أبي طالب‪ ،‬وعبد الله بن مسعود‪ ،‬و عبد الله بن عباس‪ ،‬و أبي‬
‫()‬
‫بن کعب‪ ،‬وزيد بن ثابت‪ ،‬و أبو موسى األشعري‪ ،‬وعبد الله بن الزبير‪ ،‬رضي الله عنهم أجمعين ‪. 3‬‬

‫(‪ )1‬اخحديث في صحيح البخاري ‪.086/8‬‬


‫(‪ )2‬مسند اإلمام أحمد ‪.258/2‬‬
‫(‪ )3‬االتقان في علوم القرآن للسيوطي ‪.0228/2‬‬
‫الصفحة ‪21‬‬
‫ملخص مقرر مناهج المفسرين‬

‫وأشهر المفسرين العشرة‪ :‬ابن مسعود وابن عباس وأبي بن كعب رضي الله عنهم‪.‬‬

‫واشتهرت ثالث مدارس للتفسير زمن الصحابة‪ :‬مدرسة ابن عباس في مكة‪ ،‬ومدرسة أُبي بن كعب في‬
‫المدينة‪ ،‬ومدرسة ابن مسعود في الكوفة رضي الله عنهم‪.‬‬

‫منهج الصحابة رضي الله عنهم في التفسير‪:‬‬

‫يقوم منهج الصحابة رضي الله عنهم في التفسير على ثالثة أسس‪:‬‬

‫األول‪ :‬تفسير القرآن بالقرآن‪:‬‬

‫فإن من آيات القرآن ما جاء مجمالً في موضع وجاء في موضع آخر مبينا‪ ،‬ومنه ما فيه إيجاز‪ ،‬وما فيه‬
‫إطناب‪ ،‬ومنه ما فيه عموم وما فيه خصوص‪ ،‬وما فيه إطالق‪ ،‬وما فيه تقييد‪ ،‬ومثل هذا يفسر بعضه‬
‫ببعض‪.‬‬

‫فقصص القرآن مثال جاءت في بعض المواضع موجزة وجاءت القصة نفسها في موضع آخر مفصلة‬
‫كقصة آدم وإبليس‪ ،‬وقصة موسى عليه السالم مع فرعون‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫وهذا النوع هو أحسن طرق التفسير كما قال ابن تيمية رحمه الله تعالى‪.‬‬

‫الثاني‪ :‬تفسير القرآن بأقوال الرسول صلى الله عليه وسلم‪:‬‬

‫وإن لم يجد الصحابة رضي الله عنهم تفسير اآلية في القرآن رجعوا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم‬
‫فسألوه عنها فبينها لهم‪ ،‬وقد أفردت کتب السنة باباً للتفسير بالمأثور ذكرت فيه کثيراً من التفسير النبوي‬
‫للقرآن الكريم‪.‬‬

‫(‪ )1‬مقدمة في أصول التفسير البن تيمية‪ ،‬ص‪.92‬‬


‫الصفحة ‪22‬‬
‫ملخص مقرر مناهج المفسرين‬

‫الثالث‪ :‬االجتهاد واالستنباط‪:‬‬

‫فإن لم يجد الصحابة رضي الله عنهم التفسير في القرآن وال في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫اجتهدوا ألنهم عرب خلص شاهدوا التنزيل وحضروا مجالس الرسول صلى الله عليه وسلم والقرآن نزل‬
‫بلسان عربي مبين‪ ،‬وهذا فيما يحتاج إلى اجتهاد وإعمال ذهن‪.‬‬
‫()‬
‫وقد توافرت عندهم أدوات االجتهاد وهي ‪: 1‬‬

‫أوالً‪ :‬يعرفون أوضاع اللغة العربية وأسرارها وهذا يعينهم على معرفة اآليات التي يتوقف فهمها على فهم‬
‫اللغة العربية‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬يعرفون عادات العرب وأخالقهم‪ ،‬وهذا يعين على فهم ما يتعلق بإصالح عاداتهم وتهذيب‬
‫سلوكهم من اآليات‪.‬‬

‫ثالثاً‪ :‬معرفتهم بأحوال اليهود والنصارى في جزيرة العرب وقت نزول القرآن الكريم وهذا يُعينهم على معرفة‬
‫اآليات التي تتحدث عن اليهود والنصارى وما يأتون من أمور وما يُدبرون للمسلمين‪.‬‬

‫رابعاً‪ :‬معرفة أسباب النزول فهم الذين شاهدوا التنزيل وحضروا األحداث والوقائع ومعرفة ذلك تُعين على‬
‫فهم كثير من اآليات‪.‬‬

‫خامساً‪ :‬قوة الفهم واالدراك فقد آتاهم الله عقال وفهما جلّوا به كثيراً من األمور وهذا أمر معلوم من‬
‫سيرتهم رضي الله عنهم وبهذه األمور فهم الصحابة كثيراً من آيات القرآن الكريم التي لم يرد تفسيرها في‬
‫الكتاب وال في السنة‪.‬‬

‫(‪ )1‬التفسير والمفسرون‪ ،‬للذهبي ‪.89-85/0‬‬


‫الصفحة ‪23‬‬
‫ملخص مقرر مناهج المفسرين‬

‫وقد تميز تفسير الصحابة رضي الله عنهم بمزايا منها‪:‬‬

‫قلة األخذ باإلسرائيليات وتناولها في التفسير لحرصه صلى الله عليه وسلم على اقتصار‬ ‫‪-1‬‬
‫أصحابه على نبع اإلسالم الصافي الذي لم تكدره األهواء ولم تشبه االختالفات واالفتراءات‬
‫يدل على هذا المقصد غضبه صلى الله عليه وسلم حين رأى في يد عمر رضي الله عنه‬
‫صحيفة من التوراة‪.‬‬
‫لم يكن تفسيرهم يشمل القرآن كله‪ ،‬إذ أن بعض اآليات من الوضوح لديهم بحيث ال تحتاج‬ ‫‪-2‬‬
‫إلى خوض في تفسيرها لتضلعهم في اللغة ومعرفتهم بأحوال المجتمع آنذاك وغير ذلك من‬
‫األسباب‪.‬‬
‫وقد كانوا ال يتكلفون التفسير وال يتعمقون فيه تعمقاً مذموماً‪ ،‬فقد كانوا يكتفون في بعض‬ ‫‪-3‬‬
‫اآليات بالمعنى العام وال يلتزمون بالتفصيل فيما ال فائدة كبيرة في تفصيله‪ ،‬فيكتفون مثال‬
‫بمعرفة أن المراد بقوله تعالى‪ ﴿:‬وفاكِهةً وأبًّا ﴾[سورة عبس‪ ]31:‬أنه تعداد ليعم الله تعالى‬
‫على عباده‪.‬‬
‫قلة تدوينهم للتفسير‪ ،‬وأ ّن أغلب ما روي عنهم كان بالرواية والتلقين وليس بالتدوين‪ ،‬وإن كان‬ ‫‪-8‬‬
‫دون عبد الله ابن عمرو بن العاص رضي الله عنه صحيفته‬
‫بعض الصحابة يعتني بالتدوين فقد ّ‬
‫التي يسميها الصادقة ويقول عنها "هذه الصادقة فيها ما سمعته من رسول الله صلى الله عليه‬
‫()‬
‫وسلم ليس بيني وبينه فيها أحد" ‪ ، 1‬وهي موجودة في مسند اإلمام أحمد لكن هذا التدوين‬
‫()‬
‫كان نادراً ‪. 2‬‬

‫(‪ )1‬الطبقات الكبرى البن سعد‪ ،‬ص‪.059‬‬


‫(‪ )2‬تعريف الدارسين بمناهج المفسرين لصالح اخوالدي‪ ،‬ص‪.44‬‬
‫الصفحة ‪28‬‬
‫ملخص مقرر مناهج المفسرين‬

‫‪ -3‬التفسير في عهد التابعين‪:‬‬

‫والمفسرون من أعالم علماء التابعين في التفسير هم تالميذ الصحابة أئمة المدارس الثالثة‪:‬‬

‫‪- 1‬مدرسة التفسير بمكة‪ :‬التي ّ‬


‫تأسست على يد حبر األمة وترجمان القرآن‪ ،‬عبد الله بن عباس رضي‬
‫الله عنهما‪ ،‬ومن تالميذ ابن عباس في هذه المدرسة‪ :‬مجاهد بن جبر‪ ،‬وسعيد بن جبير‪ ،‬وطاووس بن‬
‫()‬
‫كيسان اليماني‪ ،‬وعكرمة البربري‪ ،‬وعطاء بن أبي رباح‪ ،‬وأبو الشعثاء جابر بن زيد األزدي ‪. 1‬‬

‫‪-٢‬مدرسة التفسير بالمدينة‪ :‬التي ّ‬


‫تأسست على يد الصحابي أبي بن كعب األنصاري رضي الله عنه‪،‬‬
‫ومن أشهر رجال هذه المدرسة‪ :‬أبو العالية‪ :‬رفيع بن مهران الرياحي‪ ،‬ومحمد بن كعب القرظي‪ ،‬وسعيد‬
‫()‬
‫بن المسيب‪ ،‬وزبد بن أسلم ‪. 2‬‬

‫‪ -3‬مدرسة التفسير بالكوفة‪ :‬التي ّ‬


‫تأسست على يد الصحابي عبد الله بن مسعود رضي الله عنه‪ ،‬ومن‬
‫وزر بن حبيش‪ ،‬وأبو عبد‬
‫أشهر رجال هذه المدرسة‪ :‬علقمة بن قيس النخعي‪ ،‬ومسروق بن األجدع‪ّ ،‬‬
‫الرحمن عبد الله بن حبيب السلمي‪ ،‬واألسوة بن يزيد النخعي‪ ،‬وعامر الشعبي‪ ،‬والحسن البصري‪ ،‬وقتادة‬
‫()‬
‫بن دعامة السدوسي‪ ،‬وعبيدة السلماني ‪. 3‬‬

‫ولم يكن ثمة فارق كبير بين منهج الصحابة رضي الله عنهم ومنهج التابعين فقد تلقى التابعون‬
‫تفسيرهم من الصحابة رضي الله عنهم‪.‬‬

‫(‪ )1‬التفسير والمفسرون للذهبي ‪.004-010/0‬‬


‫(‪ )2‬المرجع السابق ‪.008-004/0‬‬
‫(‪ )3‬المرجع السابق ‪.028-005/0‬‬
‫الصفحة ‪25‬‬
‫ملخص مقرر مناهج المفسرين‬

‫تحرج الصحابة رضي الله عنهم‪ ،‬فهذا سعيد بن المسيب‬


‫وكان التابعون يتحرجون من التفسير كما ّ‬
‫رحمه الله تعالى كان إذا سئل عن تفسير آية من القرآن سكت كأن لم يسمع‪ ،‬وهذا الشعبي يقول‪:‬‬
‫()‬
‫"والله ما من آية إال وقد سألت عنها ولكنها الرواية عن الله" ‪. 1‬‬

‫وهذا القول منهم رحمهم الله تعالى محمول على تحرجهم عن الكالم في التفسير بما ال علم لهم به‪،‬‬
‫فأما من تكلم بما يعلم من ذلك لغة وشرعاً فال حرج عليه‪.‬‬
‫ّ‬
‫(‪)2‬‬
‫منهج التابعين في التفسير‪:‬‬

‫يشترك التابعون رحمهم الله تعالى مع الصحابة رضي الله عنهم في أهم اسس التفسير‪ ،‬إال أنهم نظراً‬
‫لتلقيهم التفسير عن الصحابة واتساع الفتوحات اإلسالمية ج ّدت أسس أخرى‪ ،‬فمنهج التابعين رحمهم‬
‫الله تعالى يقوم على‪:‬‬

‫‪ -1‬تفسير القرآن بالقرآن‪.‬‬


‫‪ -2‬تفسير القرآن بالسنة النبوية‪.‬‬
‫‪ -3‬تفسير القرآن بأقوال الصحابة فإن التابعين رحمهم الله تعالى كانوا يرجعون إلى تفسير الصحابة‬
‫رضي الله عنهم ويُقدمونه على أقوالهم وهم الذين تلقوا التفسير عن الصحابة وعرضوه عليهم‪ ،‬کما‬
‫قال مجاهد بن جبر‪" :‬عرضت المصحف على ابن عباس ثالث عرضات من فاتحته إلى خاتمته‬
‫()‬
‫أوقفه عند كل آية منه وأسأله عنها" ‪. 3‬‬
‫‪ -8‬الفهم واالجتهاد فإن لم يجد التابعون التفسير في القرآن وال في السنة وال في أقوال الصحابة‬
‫اجتهدوا فهم أهل لالجتهاد وهم الذين يعلمون لغة العرب ومناحيهم في القول‪ ،‬وقد تلقوا التفسير‬
‫عن الصحابة وسمعوا منهم ما لم يسمعه غيرهم فحق لهم أن يجتهدوا بعد ذلك كانوا يرجعون‬

‫(‪ )1‬مقدمة في أصول التفسير البن تيمية‪ ،‬ص ‪.004-002‬‬


‫(‪ )2‬بحوث في أصول التفسير للرومي‪ ،‬ص ‪.22-20‬‬
‫(‪ )3‬طبقات المفسرين للداودي ‪.42/2‬‬
‫الصفحة ‪26‬‬
‫ملخص مقرر مناهج المفسرين‬

‫إلى تفسير الصحابة رضي الله عنهم ويُقدمونه على أقوالهم وهم الدين تلقوا التفسير عن الصحابة‬
‫وسمعوا منهم ما لم يسمعه غيرهم فحق لهم أن يجتهدوا بعد ذلك‪.‬‬
‫‪ -5‬أقول أهل الكتاب من اليهود والنصارى‪ :‬وذلك أ ّن القرآن الكريم يذكر قصص األنبياء السابقين‬
‫واألمم الماضية ذكراً موجزاً‪ ،‬ولم يتعرض لتفاصيل هذه األحداث والقصص‪ ،‬والنفوس تميل إلى‬
‫االستيفاء واالستقصاء‪ ،‬فلما اتسعت الفتوحات االسالمية ودخل في االسالم أمم من أهل الكتاب‬
‫الذين يعرفون تفاصيل هذه القصص من التوراة واإلنجيل صاروا يروون هذا للناس‪ ،‬وصار الناس‬
‫يقبلون على سماعها حباً لسماع تفاصيل القصص واألخبار القرآنية فدخل في التفسير طائفة من‬
‫هذه االخبار التي تعرف باإلسرائيليات‪.‬‬

‫وأكثر من رويت عنه اإلسرائيليات عبد الله بن سالم‪ ،‬وكعب األحبار‪ ،‬ووهب بن منبه‪ ،‬وعبد الملك‬
‫بن جريج‪.‬‬

‫المرحلة الثانية‪ :‬التفسير في عهد التدوين‪:‬‬

‫وقد بدأ عصر التدوين في أواخر القرن األول الهجري حيث ُد ِّون الحديث النبوي الشريف بمختلف‬
‫موضوعاته وأبوابه في عهد جيل أتباع التابعين‪ ،‬وظهر علماء الطبقة الثالثة من طبقات المفسرين‪ ،‬وهم‬
‫تالميذ التابعين وبعضهم دون تفاسير مستقلة للقرآن الكريم‪.‬‬

‫ومن أعالم المفسرين في هذه الطبقة‪ :‬شعبة بن الحجاج‪ ،‬ووكيع بن الجراح‪ ،‬وسفيان بن عيينة‪ ،‬ومقاتل‬
‫بن سليمان البلخي‪ ،‬وعبد الملك بن جريج‪ ،‬وعبد الرزاق بن همام الصنعاني‪ ،‬ويحيى بن سالم البصري‪،‬‬
‫()‬
‫وعبد بن حميد ‪. 1‬‬
‫ُ‬

‫(‪ )1‬االتقان للسيوطي ‪ ،0228/2‬والتفسير والمفسرون للذهبي ‪.040/0‬‬


‫الصفحة ‪27‬‬
‫ملخص مقرر مناهج المفسرين‬

‫ونالحظ أ ّن التفسير في بدايات هذه المرحلة كان يتصف باإليجاز واالختصار‪ ،‬ولم يتم تفسير القرآن‬
‫كامالً من سورة الفاتحة إلى سورة الناس‪ ،‬وإنما كان المفسر يفسر اآليات التي يُسأل عنها‪ ،‬أو التي تدعو‬
‫الحاجة إلى تفسيرها‪.‬‬

‫ونستطيع أن نقسم مرحلة تدوين التفسير إلى عدة خطوات‪:‬‬

‫الخطوة األولى‪:‬‬

‫ُد ّون فيها التفسير على أنه باب من أبواب الحديث كباب الطهارة وباب الصالة وباب الزكاة وباب الحج‬
‫وغيرها ولم يُفرد للتفسير تأليف خاص ال يتناول إال التفسير سورة سورة وآية آية من أول القرآن إلى آخره‪.‬‬

‫وممن دون التفسير في هذه المرحلة على أنه باب من أبواب الحديث‪:‬‬
‫‪-‬يزيد بن هارون السلمي ت ‪117‬ه ‪.‬‬
‫‪ -‬شعبة بن الحجاج ت ‪ 16 1‬ه‬
‫‪ -‬وكيع بن الجراح ت ‪ 197‬ه ‪.‬‬
‫‪ -‬عبد بن حميد ت ‪ 289‬ه ‪ .‬وغير هؤالء‪.‬‬

‫وتتميز مؤلفاتهم بمزايا منها‪:‬‬

‫‪ 1‬كان لهم عناية خاصة بذكر اإلسناد ولكن دون تخريج وتميز بين الصحيح وغيره‪.‬‬
‫‪ 2‬لم يكن جمعهم للتفسير مستقالً‪ ،‬بل على أنه باب من أبواب الحديث‪.‬‬
‫‪ 3‬لم يقتصر على التفسير المرفوع للرسول صلى الله عليه وسلم‪ ،‬بل اشتمل على تفسير الصحابي‬
‫والتابعي‪.‬‬

‫الصفحة ‪24‬‬
‫ملخص مقرر مناهج المفسرين‬

‫الخطوة الثانية‪:‬‬

‫أصبح التفسير فيها علماً مستقالً قائماً بنفسه شامالً آليات القرآن الكريم وسوره مرتباً حسب ترتيب‬
‫المصحف‪ ،‬وقد نص ابن تيمية وابن خلكان على‪ :‬أن أول من صنف في التفسير عبد الملك بن جريج‬
‫(‪181-41‬ه )‪.‬‬

‫وأشهر من ألف في هذه المرحلة‪:‬‬


‫‪ -‬ابن ماجة ت ‪ ۳۷۲‬ه ‪.‬‬
‫‪ -‬ابن جرير الطبري ت ‪ ۲۱۳‬ه ‪.‬‬
‫‪ -‬أبو بكر المنذر النيسابوري ت ‪ ۲۱۳‬ه ‪.‬‬
‫‪ -‬ابن أبي حاتم ت ‪ ۲۳۷‬ه ‪.‬‬
‫‪ -‬ابن حبان ت ‪ 369‬ه ‪.‬‬
‫‪-‬الحاكم ت ‪ 815‬ه ‪.‬‬
‫‪ -‬ابن مردويه ت ‪ 811‬ه ‪ ،‬وغير هؤالء‪.‬‬

‫وبرز في التأليف في تلك الخطوة عدة أمور منها‪:‬‬

‫‪ 1‬أن ما دون فيها كان بالتفسير المأثور عن الرسول صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه وتابعيهم رضي‬
‫الله عنهم‪.‬‬
‫‪ ٢‬كان التفسير باإلسناد المتصل إلى صاحب التفسير المروي عنه‪.‬‬
‫‪ ٢‬لم تكن لهم عناية بالنقد وتحري الصحة في رواية األحاديث في التفسير بل إن بعضهم ذكر ما روي‬
‫في كل آية من صحيح وسقيم‪ ،‬ولم يتحر الصحة كابن جريج مثالً ويرجع السبب في ذلك إلى ذكرهم‬
‫لإلسناد فهم يكتفون بذكر اإلسناد عن بيان درجة المروي على حد قول القائل من أسند فقد أبرأ ذمته‪.‬‬

‫الصفحة ‪29‬‬
‫ملخص مقرر مناهج المفسرين‬

‫‪- 8‬اتسعت رواية اإلسرائيليات فدون الكثير منها ضمن التفسير‪.‬‬

‫المرحلة الثالثة‪ :‬اختصار األسانيد‪:‬‬

‫شكلت هذه المرحلة منعطفاً خطيراً في تاريخ التفسير بدأت حين اتجه بعض المفسرين إلى اختصار‬
‫األسانيد ونقلوا اآلثار المروية عن السلف دون أن ينسبوها إلى قائليها فاختلط الصحيح بالضعيف وكانت‬
‫تلك الهفوة من أخطر الهفوات وأوسع الفجوات لنفوذ األعداء إلى الدين ليضعوا فيه ما ال يرتضيه‪،‬‬
‫وينحلوه ما ليس من مبادئه‪ ،‬لوال أن الله هيأ لهذا األمر من علماء اإلسالم من كشف زيف الزائفين ودس‬
‫المغرضين وميز بين الصحيح والسقيم وحفظ الله تعالى لهذه األمة هذا الدين‪.‬‬

‫كما ازداد في هذه المرحلة القول في التفسير بالرأي المحمود منه والمذموم وتجرأوا على القول في القرآن‬
‫بغير علم‪ ،‬وحرص بعضهم على اإلكثار من رواية األقوال في تفسير اآلية الواحدة‪ ،‬فصار كل من يسنح له‬
‫قول يورده من غير أن يخطر بباله شيء يعتمد عليه فيأتي من بعده فيظن أ ّن لما أورد أصالً غير ُملتفت‬
‫لصحة وال باحثاً عن سند‪.‬‬

‫وتطورت كثيرا رواية اإلسرائيليات وتوسعت في استقصاء األخبار اإلسرائيلية‪ ،‬والخوض فيما ال فائدة في‬
‫الجاد األسمى في أمور الدين‪.‬‬
‫معرفته واشتغلوا بهذا عن البحث ّ‬

‫المرحلة الرابعة‪ :‬التوسع في التفسير‪:‬‬

‫وهذه نتيجة حتمية لما سبقها من خطوات‪ ،‬فقد انفتح باب التفسير على مصراعيه فدخل منه الغث‬
‫والسمين‪ ،‬والصحيح والعليل‪ ،‬فبعد أن كان التفسير يعتمد على النقل عن الرسول صلى الله عليه وسلم‬
‫وأصحابه والتابعين‪ ،‬أصبح يعتمد على التفسير بالرأي وذلك نتيجة لنشأة كثير من الفرق والملل والمذاهب‬
‫في اإلسالم فأصبح أصحاب كل مذهب يتجهون إلى آيات القرآن ويفسرونها حسب ما يوافق مذاهبهم‬

‫الصفحة ‪31‬‬
‫ملخص مقرر مناهج المفسرين‬

‫ومعتقداتهم‪ ،‬كما اعتنى أرباب العلوم بما يوافق علومهم فكان كل من برع في علم من العلوم غلب ذلك‬
‫على تفسيره‪.‬‬

‫فالفقيه‪ :‬يكاد يسرد فيه الفقه وربما استطرد الي إقامة أدلة الفروع والرد على المخالفين‪ ،‬كالقرطبي‬
‫الجصاص‪.‬‬
‫و ّ‬

‫والمؤرخ‪ :‬ليس له هم إال ّ‬


‫سرد القصص واستيفاؤها‪ ،‬كالثعلبي‪.‬‬

‫وصاحب العلوم العقلية‪ :‬مأل تفسيره بأقوال الحكماء والفالسفة وشبههم و ّ‬


‫الرد عليهم كالفخر الرازي‪.‬‬

‫هم له إال اإلعراب‪ ،‬وذكر ما يُحتمل في ذلك من أوجه‪ ،‬وتراه ينقل فروع النحو‬‫والنحوي‪ :‬تراهُ ال ّ‬
‫وخالفياته‪ ،‬كالزجاج‪ ،‬والواحدي في البسيط‪ ،‬وأبي حيان في البحر المحيط‪.‬‬

‫وصاحب البدع‪ :‬ليس له قصد إال أن يؤول كالم الله‪ ،‬وينزله على مذهبه الفاسد‪ ،‬وذلك كالرماني‪،‬‬
‫والجبائي‪ ،‬والقاضي عبد الجبار‪ ،‬والزمخشري‪ ،‬وهؤالء من المعتزلة‪ ،‬ومال محسن الكاشي من اإلمامية‬
‫االثني عشرية‪.‬‬

‫وأصحاب التصوف‪ :‬قصدوا إلى ناحية الترغيب والترهيب‪ ،‬واستخراج المعاني اإلشارية من اآليات‬
‫القرآنية‪ ،‬بما يتفق مع مشاربهم‪ ،‬ويتناسب مع رياضاتهم ومواجيدهم‪ ،‬ومن هؤالء ابن عربي‪.‬‬

‫استمرت هذه المرحلة قروناً عديدة‪ ،‬من القرن الرابع حتى نهاية القرن الثالث عشر‪.‬‬
‫وقد ّ‬

‫المرحلة الخامسة‪ :‬مرحلة التجديد في التفسير‪:‬‬

‫بقي المفسرون منذ القرن الرابع حتى القرن الرابع عشر يفرعون وينوعون في تفاسيرهم‪ ،‬كل حسب الجانب‬
‫الذي مهر فيه‪ ،‬والعلم الذي غلب عليه‪ ،‬حتى جاء العصر الحديث‪.‬‬

‫الصفحة ‪31‬‬
‫ملخص مقرر مناهج المفسرين‬

‫ويبدأ العصر الحديث من بداية القرن العشرين الميالدي‪ ،‬أو القرن الرابع عشر الهجري‪.‬‬
‫تميز التفسير في العصر الحديث بمزية (التجديد)‪.‬‬

‫ونعني بالتجديد في التفسير‪ :‬التجديد الصحيح السليم‪ ،‬المنضبط بالضوابط العلمية‪ ،‬الملتزم باألسس‬
‫المنهجية‪ ،‬التجديد القائم على اإلبداع والتحسين والج ّدة‪ ،‬واالستفادة من العلوم والمعارف والثقافات‬
‫المعاصرة‪ ،‬وتوسيع أبعاد معاني اآليات القرآنية‪ ،‬وإحسان تنزيلها على الواقع الذي تعيشه األمة‪ ،‬والعمل‬
‫على حل مشكالت األمة على هدي حقائق القرآن الكريم‪.‬‬

‫وال نعني بالتجديد الخروج على القواعد والضوابط واألسس العلمية المنهجية‪ ،‬واالنفالت والفوضى‪،‬‬
‫والقول في القرآن بدون علم‪ ،‬وتحريف معاني اآليات ودالالتها‪ ،‬لتوافق أهواء هؤالء‪ ،‬وتتفق مع مقررات‬
‫الغربيين أو الشرقيين‪ ،‬المخالفة لكتاب الله‪.‬‬

‫هذا استعراض موجز لحركة التفسير في مسيرتها التاريخية‪ ،‬منذ عهد الصحابة حتى العصر الحاضر‪ ،‬وهذه‬
‫مرت بها‪.‬‬
‫هي المراحل األساسية التي ّ‬

‫التفسير بالمأثور‬

‫التفسير بالمأثور والمراد به وأهميته‪:‬‬ ‫‪.1‬‬

‫للتفسير بالمأثور اسمان‪ :‬التفسير بالمأثور‪ ،‬والتفسير النقلي‪.‬‬

‫ويُذكر التفسير بالمأثور في مقابل التفسير بالرأي‪ ،‬ويُذكر التفسير النقلي في مقابل التفسير العقلي‪.‬‬

‫والمأثور اسم مفعول بمعنى المنقول‪.‬‬

‫الصفحة ‪32‬‬
‫ملخص مقرر مناهج المفسرين‬

‫)‪(1‬‬
‫واألثر‪ :‬الخبر المروي والسنة الباقية‪ .‬والمأثور‪ :‬الحديث المروي‪ ،‬وما ورث الخلف عن السلف" ‪.‬‬

‫فالمأثور‪ :‬يقوم على الرواية والنقل‪ ،‬ويطلق على ما ورثة الخلف عن السلف من علم وحديث والروايات‬
‫وغير ذلك‪ ،‬وغالب إطالقه على الحديث والروايات‪ ،‬هذا في اللغة واالصطالح‪.‬‬

‫ّأما في موضوعنا‪( :‬التفسير بالمأثور) فقد قال عنه الدكتور محمد حسبن الذهبي رحمه الله‪" :‬يشمل‬
‫التفسير بالمأثور‪ :‬ما جاء في القرآن نفسه من البيان والتفصيل لبعض آياته‪ ،‬وما نقل عن الرسول‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وما نقل عن الصحابة رضوان الله عليهم‪ ،‬وما نقل عن التابعين‪ ،‬من كل ما‬
‫()‬
‫هو بيان وتوضيح لمراد الله من نصوص كتابه" ‪. 2‬‬

‫إن التفسير بالمأثور ‪-‬الذي يتحقق فيه معنى المأثور في اللغة واالصطالح‪-‬هو ما روي عن الرسول صلى‬
‫الله عليه وسلم‪ ،‬أو الصحابة‪ ،‬أو التابعين‪ ،‬من روايات نقلية مروية في تفسير القرآن‪.‬‬

‫اسمه اآلخر يؤكد هذا المفهوم‪ ،‬وهو التفسير النقلي‪ ،‬الذي يقوم على نقل األقوال والروايات عن السلف‬
‫و ُ‬
‫في تفسير القرآن‪.‬‬

‫ورد في المعجم الوسيط‪" :‬نقل‪ ،‬ينقل‪ ،‬نقالً ونقل الكالم أو الخبر‪ :‬بلغه عن صاحبه‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫والمنقول‪ :‬ما علم من طريق الرواية أو السماع‪ ،‬كعلم اللغة أو الحديث ونحوهما‪ ،‬وهو يقابل المعقول"‪.‬‬

‫وقال اإلمام السيوطي في اإلتقان‪" :‬قال الزركشي‪ُ :‬‬


‫الحق أ ّن علم التفسير منه ما يتوقف على النقل‪:‬‬
‫كسبب النزول‪ ،‬والنسخ‪ ،‬وتعيين المبهم‪ ،‬وتبيين المجمل‪ ،‬ومنه ما ال يتوقف‪ ،‬ويكفي في تحصيله الثقة‬
‫على الوجه المعتبر‪.‬‬

‫(‪ )1‬المعجم الوسيط ص ‪.6-8‬‬


‫(‪ )2‬التفسير والمفسرون‪ ،‬للذهبي ‪.082/0‬‬
‫(‪ )3‬المعجم الوسيط‪ ،‬ص ‪.949‬‬
‫الصفحة ‪33‬‬
‫ملخص مقرر مناهج المفسرين‬

‫واعلم أ ّن القرآن قسمان‪ :‬قسم ورد تفسيره بالنقل‪ ،‬وقسم لم يرد‪:‬‬

‫واألول‪ :‬إما أن يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬أو الصحابة‪ ،‬أو رؤوس التابعين‪ ،‬فاألول يبحث فيه‬
‫فسره من حيث اللغة فهم أهل اللسان‪ ،‬والشك‬
‫عن صحة السند‪ .‬والثاني‪ :‬يُنظر في تفسير الصحابي‪ :‬فإن ّ‬
‫في اعتمادهم‪ ،‬أو بما شاهده من األسباب والقرائن‪ ،‬فالشك فيه‪ ،‬وإن تعارضت أقوال جماعة من‬
‫()‬
‫الصحابة‪ ،‬فإن أمكن الجمع فذاك‪ ،‬وإن تعذر قُ ّدم ابن عباس" ‪. 1‬‬

‫وبما أ ّن التفسير بالمأثور ‪-‬أو التفسير النقلي‪-‬هو ما نقل بنقل صحيح عن رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم أو الصحابة أو التابعين‪ ،‬فإنه ضروري لحسن فهم القرآن وتفسيره‪ ،‬والب ّد لكل مفسر يريد أن يكون‬
‫تفسيره صواباً مقبوالً من أن ينطلق من التفسير بالمأثور‪ ،‬وأن يلتزم بمراحله وخطواته‪.‬‬
‫ً‬
‫أهمية التفسير بالمأثور‪:‬‬ ‫‪.2‬‬

‫تبرز أهمية التفسير بالمأثور كونه أفضل أنواع التفسير وأعالها ألنه‪:‬‬

‫‪ّ ‬إما أن يكون تفسيراً للقرآن بكالم الله تعالى فهو أعلم بمراده‪.‬‬

‫‪ّ ‬‬
‫وإما أن يكون تفسيراً له بكالم الرسول صلى الله عليه وسلم فهو المبين لكالم الله تعالى‪.‬‬
‫‪ ‬وإ ّما أن يكون بأقوال الصحابة فهم الذين شاهدوا التنزيل وهم أهل اللسان وتميزوا عن غيرهم بما‬
‫شاهدوه من القرائن واألحوال حين النزول‪.‬‬

‫ولكن ينبغي أن يعلم أن هذا مشروط بصحة السند عن الرسول صلى الله عليه وسلم أو عن الصحابة‬
‫رضي الله عنهم‪.‬‬

‫أسباب الضعف في التفسير بالمأثور‪:‬‬ ‫‪.3‬‬

‫(‪ )1‬االتقان للسيوطي ‪.0208-0206/2‬‬


‫الصفحة ‪38‬‬
‫ملخص مقرر مناهج المفسرين‬

‫التفسير بالمأثور إذا صح سنده ال خالف في قبوله وتقديمه على غيره‪ ،‬لكن ينبغي أن نتفطن إلى أن‬
‫التفسير بالمأثور قد دخله ما ليس منه مما يوجب التثبت وأخذ الحيطة والحذر عند تناوله وبيان الصحيح‬
‫من الدخيل فال نقبل المروي من التفسير بالمأثور إال بعد نقد وتمحيص‪ ،‬ألنه قد دخله الوضع وسرى‬
‫فيه ال ّدس والخرافات ويرجع ذلك إلى أسباب منها‪:‬‬

‫ما دس ه أعداء اإلس الم مثل زنادقة اليهود الذين تظاهروا باإلس الم ل ّدس األخبار المحرفة‬ ‫‪-1‬‬
‫التي يجدونها في كتبهم‪.‬‬
‫ما دس ه أص حاب المذاهب الباطلة والنحل الزائفة كالرافضة الذين افتروا األحاديث ونسبوها‬ ‫‪-2‬‬
‫زوراً وبهتانا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم أو الى أصحابه رضي الله عنهم‪.‬‬
‫نقل كثير من األقوال المنس وبة إلى الص حابة بغير إس ناد مما ّأدى إلى اختالط الص حيح‬ ‫‪-3‬‬
‫بغير الصحيح والتباس الحق بالباطل‪.‬‬
‫كما كان لالنتماء الس ياس ي في ص در اإلس الم أثره في وض ع األحاديث تقرباً لبعض‬ ‫‪-8‬‬
‫السالطين أو كرهاً آلخرين‪.‬‬

‫ولذا فإنه ينبغي التثبت عند الرواية للتفسير بالمأثور وعلى هذا َّ‬
‫فإن التفسير بالمأثور نوعان‪:‬‬

‫أحدهما‪ :‬ما توافرت األدلة على صحته وقبوله‪.‬‬

‫ثانيهما‪ :‬ما لم يص ح لس بب من األس باب الس ابقة وهذا يجب ّ‬


‫رده وال يجوز قبوله وال االش تغال به إال‬
‫لتمحيصه أو التنبيه إلى ضالله حتى ال يغتر به أحد‪.‬‬

‫وليس من الحق االعتقاد بأن التص نيف في التفس ير بالمأثور عمل آلي ليس لص احبه من عمل فيه إال‬
‫النقل‬

‫الصفحة ‪35‬‬
‫ملخص مقرر مناهج المفسرين‬

‫بل إن هذا النوع من التفس ير يحتاج إلى جهد من المفس ر وجهد من القار للتفس ير لتحري مذهب‬
‫المفسر‪.‬‬

‫‪ -4‬مصادر التفسير بالمأثور‪ :‬سيأتي التفصيل فيها في مقرر ألصول التفسير‪:‬‬

‫أوالا‪ :‬القرآن الكريم‪:‬‬


‫ثاني ا‪ :‬السنة النبوية‪:‬‬
‫ثالث ا‪ :‬تفسير الصحابة رضي الله عنهم‪:‬‬

‫‪ -5‬اإلسرائيليات وأثرها على التفسير‪:‬‬

‫تناول القرآن كثيراً قصص األنبياء السابقين واألمم الماضية والحوادث الغابرة‪ ،‬وحين يتناولها القرآن فإنه‬
‫يبرز منها جانب الموعظة والعبرة وال يعتني بتفصيل دقائقها‪.‬‬

‫وفي النفس اإلنسانية ميل إلى استيفاء القصة واستكمال الصورة‪ ،‬فكان بعض المسلمين يسأل من دخل‬
‫في اإلسالم من أهل الكتاب عن تفاصيل قصص القرآن وأخباره مما ورد في التوراة واإلنجيل ويطلق على‬
‫هذا اللون من األخبار (اإلسرائيليات) وهو إطالق وإن كان يدل على ما ورد عن بني إسرائيل وهم اليهود‪،‬‬
‫إال أن المراد به ما ورد عن اليهود والنصارى‪ ،‬أيضاً من باب التغليب وإطالق الجزء على الكل‪ ،‬وإنما‬
‫غلب اليهود لوجود طائفة منهم في المدينة في صدر االسالم وكان االتصال بهم أقرب‪.‬‬

‫ومعلوم أن التحريف والتغيير والتبديل قد أصاب التوراة واإلنجيل‪ ،‬ولهذا فإن االسرائيليات ال تخلو‬
‫من ثالث حاالت‪:‬‬

‫الصفحة ‪36‬‬
‫ملخص مقرر مناهج المفسرين‬

‫أن توافق ما جاء في شريعتنا‪.‬‬ ‫‪-1‬‬


‫أن تخالفه‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫أن ال توافقه وال تخالفه‪.‬‬ ‫‪-3‬‬

‫فالنوع األول‪ :‬نعلم صدقه تبعاً لتصديقنا ما جاء في شريعتنا وحكم هذا النوع القبول‪.‬‬

‫والنوع الثاني‪ :‬نعلم كذبه لمخالفته ما صح في شريعتنا‪ ،‬وهذا النوع مردود ال تجوز روايته؛ إال على سبيل‬
‫التحذير منه ورده‪.‬‬

‫والنوع الثالث‪ :‬ال نعلم صدقه وال كذبه‪ ،‬فال نصدقه وال نكذبه‪ ،‬بل نتوقف فيه‪ ،‬وغالب هذا النوع مما‬
‫ال فائدة في معرفته‪.‬‬

‫ولهذا ينبغي التثبت فيما روي من التفسير بالمأثور لئال يكون من االسرائيليات‪.‬‬

‫‪ -6‬أهم المؤلفات في التفسير بالمأثور والتعريف بها‪:‬‬

‫من أهم المؤلفات في التفسير بالمأثور ما يلي‪:‬‬

‫‪ 1‬جامع البيان في تفسير القرآن المعروف بتفسير الطبري‪.‬‬


‫‪ - 2‬بحر العلوم ألبى الليث السمرقندي‪.‬‬
‫‪-3‬الكشف والبيان عن تفسير القرآن للثعلبي‪.‬‬
‫‪- 8‬معالم التنزيل للبغوي‪.‬‬
‫‪- 5‬المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز البن عطية‪.‬‬
‫‪ 6‬الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي‪.‬‬
‫‪ 7‬تفسير القرآن العظيم المعروف ب (تفسير ابن كثير)‪.‬‬

‫الصفحة ‪37‬‬
‫ملخص مقرر مناهج المفسرين‬

‫‪ ٨‬الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي‪.‬‬


‫‪ .9‬أضواء البيان في ايضاح القرآن بالقرآن للشنقيطي‪.‬‬

‫وسنعرف ببعضها كما يلي ونعرض لبعض مناهجهم‪:‬‬

‫‪ - ۱‬جامع البيان عن تأويل آي القرآن‪ ،‬للطبري‪:‬‬

‫مؤلفه‪ :‬هو أبو جعفر محمد بن جرير الطبري‪ ،‬ولد في (آمل) في طبرستان سنة‪ 228‬ه ‪ ،‬وتوفي وفي‬
‫بغداد سنة ‪۲۱۳‬ه‪.‬‬

‫كان عالماً بالقراءات‪ ،‬وإماماً في التفسير‪ ،‬بارعاً في الحديث وشيخاً للمؤرخين‪ ،‬انفرد في الفقه بمذهب‬
‫مستقل وأقاويل واختيارات وله أتباع ومقلدون‪.‬‬
‫()‬
‫قال عنه ابن الخطيب‪" :‬جمع من العلوم ما لم يشاركه فيه أحد من أهل عصره" ‪. 1‬‬
‫()‬
‫وقال ابن خزيمة‪" :‬ما أعلم على أديم األرض أعلم من محمد ابن جرير" ‪ ، 2‬وقال عنه السيوطي إنه "رأس‬
‫()‬
‫المفسرين على اإلطالق" ‪. 3‬‬

‫وله مؤلفات عديدة منها ما هو مطبوع ومنها ما لم يطبع بعد‪ ،‬فمن ذلك‪:‬‬

‫(‪ )1‬تاريخ بغداد البن اخوطيب‪.062/2 ،‬‬


‫(‪ )2‬طبقات المفسرين للداودي‪.000/2 ،‬‬
‫(‪ )3‬طبقات المفسرين للسيوطي‪ ،‬ص‪.98‬‬
‫الصفحة ‪34‬‬
‫ملخص مقرر مناهج المفسرين‬

‫في علوم القرآن‪ :‬کتاب في القراءات‪( ،‬الغرائب)‪( ،‬التنزيل) (العدد) وكتاب في التفسير و(تاريخ الرجال)‬
‫في الصحابة والتابعين و(لطيف القول) جمع فيه مذهبه الذي اختاره و(الخفيف) و(التبصير) و(تهذيب‬
‫اآلثار)‪ ،‬و(البسيط) و(الفضائل) ومن أهم كتبه (تاريخ األمم والملوك وأخبارهم)‪.‬‬

‫تفسيره‪ :‬أما تفسيره (جامع البيان عن تأويل آي القرآن) فلم يؤلف قبله وال بعده مثله في موضوعه‪ ،‬وال‬
‫يزال المفسرون عالة على تفسيره في التفسير بالمأثور‪ ،‬ويتميز تفسيره بمزايا منها‪:‬‬

‫اعتماده على التفسير بالمأثور عن الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعين‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫التزامه باإلسناد في الرواية‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫عنايته بتوجيه األقوال والترجيح‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫ذكره لوجوه اإلعراب‪.‬‬ ‫‪-8‬‬
‫دقته في استنباط األحكام الشرعية من اآليات‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫وكان هذا التفسير مفقوداً إلى وقت قريب حيث ُعثر على نسخة مخطوطة منه عند أحد أمراء حائل وهو‬
‫حمود بن عبيد الرشيد‪ ،‬فطبع على هذه النسخة في ‪ 31‬جزء‪ ،‬ثم نقح بعد ذلك وطبع أخرى سنة‪1991‬م‬
‫وصورت هذه الطبعة عدة مرات بعد ذلك‪.‬‬
‫ّ‬
‫وقام الشيخان الفاضالن محمود وأحمد محمد شاكر بتحقيق الكتاب والتعليق عليه ومراجعته‪ ،‬وتخريج‬
‫أحاديثه‪ ،‬وصدر منه ستة عشر جزءاً إلى نهاية تفسير اآلية ‪ ٢١‬من سورة ابراهيم‪ ،‬ثم توقف العمل‪ ،‬نسأل‬
‫الله أن يهيئ من عباده العلماء من يتمه‪.‬‬
‫()‬
‫قال النووي‪" :‬لم يصنف أحد مثله" ‪ 1‬يعني تفسير الطبري‪.‬‬

‫(‪ )1‬االتقان للسيوطي‪.091/2 ،‬‬


‫الصفحة ‪39‬‬
‫ملخص مقرر مناهج المفسرين‬

‫وقال أبو حامد اإلسفراييني‪" :‬لو سافر رجل إلى الصين حتى يحصل له کتاب تفسير محمد بن جرير لم‬
‫()‬
‫يکن ذلك کثيراً" ‪. 1‬‬

‫وقال ابن تيمية‪" :‬وأما التفاسير التي في أيدي الناس فأصحها تفسير محمد بن جرير الطبري‪ ،‬فإنه يذكر‬
‫()‬
‫مقاالت السلف باألسانيد الثابتة‪ ،‬وليس فيه بدعة‪ ،‬وال ينقل عن المتهمين‪ ،‬كمقاتل بن بکير‪ ،‬والكلبي" ‪. 2‬‬

‫التفسير بالرأي‬

‫‪ -1‬المراد بالتفسير بالرأي‪:‬‬

‫الرأي مصدر‪ ،‬تقول رأى‪ -‬يرى– رأياً‪ ،‬وأساس استعماله في اإلبصار والرؤية والمشاهدة‪ ،‬رآه‪ :‬أبصره بعينه‪.‬‬
‫()‬
‫ويستعمل في االعتقاد والتدبير والتفكير‪ ،‬والنظر والتأمل ‪. 3‬‬

‫قال أبو البقاء في (الكليات)‪" :‬الرأي اعتقاد النفس أحد النقيضين‪ ،‬عن غلبة الظن‪ ،‬وعليه قوله تعالى‪:‬‬
‫ُخرى كافِرةٌ ي رْون ُه ْم ِمثْ لْي ِه ْم رأْي الْعْي ِن‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫﴿ق ْد كان ل ُك ْم آيةٌ في فئ ت ْي ِن الْت قتا فئةٌ تُقات ُل في سبِ ِيل الله وأ ْ‬
‫ص ِرهِ م ْن يشاءُ إِن فِي ذلِك لعِْب رًة ِألُولِي ْاألبْصا ِر﴾ [سورة آل عمران‪ ]13:‬أي‪ :‬يظنونهم‬ ‫واللهُ يُؤيِّ ُد بِن ْ‬
‫بحسب مقتضى مشاهدة العين مثليهم‪ ،‬وقال بعضهم‪ :‬الرأي هو‪ :‬إجالة الخاطر في المقدمات‪ ،‬التي‬
‫()‬
‫يُرجى منها إنتاج المطلوب" ‪. 4‬‬

‫(‪ )1‬طبقات المفسرين للداودي‪.019/2 ،‬‬


‫(‪ )2‬مقدمة في أصول التفسير البن تيمية ص ‪.82‬‬
‫(‪ )3‬المعجم الوسيط‪ ،‬ص ‪ ،221‬مادة رأى‪.‬‬
‫(‪ )4‬الكليات لبي البقاء‪ ،‬ص ‪.421‬‬
‫الصفحة ‪81‬‬
‫ملخص مقرر مناهج المفسرين‬

‫وقال الدكتور محمد حسين الذهبي‪" :‬يُطلق الرأي على االعتقاد‪ ،‬وعلى االجتهاد‪ ،‬وعلى القياس‪ ،‬ومنه ‪:‬‬
‫()‬
‫أصحاب الرأي‪ :‬أي‪ :‬أصحاب القياس" ‪. 1‬‬

‫وعرف الذهبي التفسير بالرأي بقوله‪" :‬التفسير بالرأي‪ :‬عبارة عن تفسير القرآن باالجتهاد‪ ،‬بعد معرفة‬
‫ّ‬
‫المفسر لكالم العرب ومناحيهم في القول‪ ،‬ومعرفته لأللفاظ العربية‪ ،‬ووجوه داللتها‪ ،‬واستعانته في ذلك‬
‫بالشعر الجاهلي‪ ،‬ووقوفه على أسباب النزول‪ ،‬ومعرفته بالناسخ والمنسوخ من آيات القرآن‪ ،‬وغير ذلك‬
‫()‬
‫من األدوات التي يحتاج إليها المفسر" ‪. 2‬‬
‫‪ -2‬كالم العلماء حول التفسير بالرأي‪:‬‬

‫اختلف العلماء من قديم الزمان في جواز التفسير بالرأي‪ ،‬فمنهم من منعه مطلقاً‪ ،‬واعتبره قوالً بدون علم‪،‬‬
‫يفسر القرآن برأيه وعقله‬
‫ومنهياً عنه‪ ،‬ومن فعله فهو آثم‪ ،‬ومنهم من أباحه مطلقاً‪ ،‬وأجاز لكل إنسان أن ّ‬
‫ونظره واجتهاده‪ ،‬بدون شروط وال قيود وال ضوابط‪.‬‬

‫وقد تح ّدث العلماء عن هذا االختالف‪ ،‬وبسطوا أدلة المجيزين والمانعين‪ ،‬وتوسعوا في ذلك كثيراً‪.‬‬

‫منهم‪ :‬أبو حيان األندلسي في مقدمة تفسيره (البحر المحيط)‪ ،‬واإلمام الشاطبي في كتابه (الموافقات)‪،‬‬
‫وجمال الدين القاسمي في تفسيره (محاسن التأويل)‪ ،‬ومحمد الطاهر بن عاشور في مقدمة تفسيره‬
‫(التحرير والتنوير )‪ ،‬والدكتور محمد حسين الذهبي في (التفسير والمفسرون)‪ ،‬وخالد العك في (أصول‬
‫التفسير وقواعده)‪ ،‬وسنلخص أهم ما استدل به الفريقان بمنتهى اإليجاز‪:‬‬

‫أ‪-‬من أدلة المانعين للتفسير بالرأي‪:‬‬

‫(‪ )1‬التفسير والمفسرون للذهبي ‪.288/0‬‬


‫(‪ )2‬المرجع السابق ‪.288/0‬‬
‫الصفحة ‪81‬‬
‫ملخص مقرر مناهج المفسرين‬

‫التفسير بالرأي قول على الله بال علم‪ ،‬وهذا منهي عنه في القرآن فهو محرم قال تعالى‪:‬‬ ‫‪-1‬‬
‫ف ما لْيس لك بِِه ِعْل ٌم إِن الس ْمع والْبصر والْ ُفؤاد ُك ُّل أُولئِك كان عْنهُ م ْسئُ ًوال﴾‬‫﴿وال ت ْق ُ‬
‫[سورة اإلسراء‪.]36:‬‬
‫جعل الله بيان القرآن لرسوله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وهذا معناه أنه ال يجوز لغيره أن يفسر‬ ‫‪-2‬‬
‫القرآن برأيه‪ ،‬وهذا في قوله تعالى‪ ﴿:‬وأنْزلْنا إِلْيك ال ِّذ ْكر لِتُب يِّن لِلن ِ‬
‫اس ما نُِّزل إِلْي ِه ْم ولعل ُه ْم‬
‫ي ت فك ُرون ﴾[سورة النحل‪]88:‬‬
‫نه ُي النبي صلى الله عليه وسلم عن تفسير القرآن بالرأي‪ ،‬واعتباره من قال في القرآن برأيه‬ ‫‪-3‬‬
‫فقد أخطأ وإن أصاب‪.‬‬
‫ويسجلون فيها تحرجهم من‬
‫ورود آثار عن الصحابة والتابعين ينهون فيها عن التفسير بالرأي‪ّ ،‬‬
‫ُ‬ ‫‪-8‬‬
‫القول في التفسير‪.‬‬
‫رد المُجيزون للتفسير بالرأي المحمود على تلك األدلة األربعة ردوداً مفصلة‪ ،‬وسجل مجمل تلك‬
‫وقد ّ‬
‫()‬
‫الردود الدكتور الذهبي في كتابه‪( :‬التفسير والمفسرون) ‪. 1‬‬

‫ب ‪-‬من أدلة المجيزين للتفسير بالرأي‪:‬‬

‫أن الله دعا عباده إلى تدبر القرآن‪ ،‬وهذا معناه النظر في آياته‪ ،‬وإعمال العقل فيه‪ ،‬وترداد‬ ‫‪-0‬‬
‫وب أقْ فالُها ﴾[سورة‬ ‫الرأي في نصوصه‪ ،‬قال تعالى‪ ﴿:‬أفال ي تدب رون الْ ُقرآن أ ْم على قُلُ ٍّ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬
‫اب أنْ زلْناه إِلْيك مبارٌك لِيدب روا آياتِِه ولِي تذكر أُولُو ْاأللْب ِ‬
‫اب‬ ‫ِ‬
‫محمد‪ ،]28:‬وقال تعالى‪ ﴿:‬كت ٌ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫﴾[سورة ص‪.]29:‬‬
‫أن الله مدح الذين يستنبطون المعاني والدالالت من اآليات‪ ،‬وهم أولوا األلباب‪ ،‬الذين‬ ‫‪-2‬‬
‫يجتهدون في تفسير القرآن بآرائهم‪ ،‬قال تعالى‪ ﴿:‬أفال ي تدب ُرون الْ ُق ْرآن ول ْو كان ِم ْن ِعْن ِد‬
‫اختِالفًا كثِ ًيرا ﴾[سورة النساء‪.]42:‬‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫غْي ِر الله لوج ُدوا فيه ْ‬

‫(‪ )1‬لالستزادة ينظر لتلك الردود في كتاب التفسير والمفسرون للذهبي ‪.260-286/0‬‬
‫الصفحة ‪82‬‬
‫ملخص مقرر مناهج المفسرين‬

‫لو كان التفسير بالرأي غير جائز لما كان االجتهاد جائزاً‪ ،‬وهذا معناه تعطيل األحكام‪ ،‬وإلغاء‬ ‫‪-2‬‬
‫دور العقل في فهم القرآن‪.‬‬
‫دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم البن عباس رضي الله عنهما أن يعلمه الله التأويل‪ ،‬فقد‬ ‫‪-4‬‬
‫روى أحمد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال‪ :‬وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده‬
‫على كتفي ‪ -‬أو منكبي – ثم قال‪(( :‬اللهم فقهه في الدين وعلّ ُمه التأويل(( ‪.‬‬
‫ولو كان التفسير بالرأي ممنوعاً لما كان لتخصيص ابن عباس بهذا الدعاء فائدة‪ ،‬وقد استجاب الله دعاء‬
‫رسوله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وعلّم ابن عباس التأويل‪ ،‬فكان حبر األمة وترجمان القرآن‪.‬‬

‫الرأي الراجح‪ :‬أن التفسير بالرأي جائز ومطلوب إذا انطبقت فيه الشروط الضرورية لصحته وصوابه وقبوله‪.‬‬

‫ألن الرأي قسمان‪:‬‬

‫‪ -‬قسم جار على موافقة کالم العرب‪ ،‬ومناحيهم في القول‪ ،‬مع موافقة الكتاب والسنة‪ ،‬ومراعاة سائر‬
‫شروط التفسير‪ ،‬وهذا القسم جائز ال شك فيه‪ ،‬وعليه يحمل کالم المجيزين للتفسير بالرأي‪.‬‬

‫‪-‬وقسم غير جار على قوانين العربية‪ ،‬وال موافق لألدلة الشرعية‪ ،‬وال مستوف لشرائط التفسير وهذا هو‬
‫مورد النهى ومحط الذم‪.‬‬

‫إن التفسير بالرأي الجائز محدود بحدود‪ ،‬ومقيد بقيود‪ ،‬البد من مراعاتها‪.‬‬

‫وقد ساق اإلمام ابن تيمية في رسالته (أصول التفسير) أقواالً عن الصحابة والتابعين في النهي عن التفسير‬
‫بالرأي‪.‬‬

‫تحرجهم عن‬
‫وعلّق عليها بقوله‪" :‬فهذه اآلثار الصحيحة وما شاكلها عن أئمة السلف‪ ،‬محمولة على ّ‬
‫الكالم في التفسير بما ال علم لهم به‪ ،‬فأما من تكلم بما يعلم من ذلك لغة وشرعاً فال حرج عليه‪.‬‬

‫الصفحة ‪83‬‬
‫ملخص مقرر مناهج المفسرين‬

‫ولهذا روي عن هؤالء وغيرهم أقوال في التفسير‪ ..‬وال منافاة‪ ،‬ألنهم تکلموا فيما علموه‪ ،‬وسكتوا عما‬
‫جهلوه‪ .‬وهذا هو الواجب على كل أحد‪ ،‬فإنه كما يجب السكوت عما ال علم له به‪ ،‬فكذلك يجب‬
‫()‬
‫القول فيما سئل عنه مما يعلمه‪ ،‬لقوله تعالى‪ { :‬ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ} [سورة آل عمران‪. 1 "]147:‬‬

‫ونورد هذه الخالصة الموجزة لإلمام محمد الطاهر بن عاشور عن أهمية التفسير بالرأي المشروط‬
‫المحمود‪ ،‬في مقدمة تفسيره (التحرير والتنوير)‪:‬‬

‫حيث يری ابن عاشور أن تفسيرا کثيراً للقرآن لم يکن من المأثور عن رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫وأصحابه‪ ،‬وأ ّن التفاسير قد اتسعت‪ ،‬وتفنّن أصحابها في استنباط معاني القرآن‪ ،‬بما رزقهم الله من فهم‬
‫كتاب الله‪ ،‬هذا تحقيق لقول السلف عن القرآن‪( :‬ال تنقضي عجائبه)‪ ،‬ولوال التفسير بالرأي لكان تفسير‬
‫القرآن مختصراً في ورقات قليلة‪ ،‬ويقول‪" :‬ثم لو کان التفسير مقصوراً علی بيان معاني مفردات القرآن‬
‫من جهة العربية لكان التفسير نزراً‪ ،‬ونحن نشاهد كثرة أقوال السلف ‪ -‬من الصحابة فمن يليهم ‪ -‬في‬
‫تفسير القرآن‪ ،‬وما أكثر ذلك االستنباط برأيهم وعلمهم‪.‬‬

‫ونقل قول الغزالي والقرطبي‪ :‬أنه ال يصح أن يكون كل ما قاله الصحابة في التفسير مسموعاً من النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم لوجهين‪:‬‬

‫أحدهما ‪ :‬أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يثبت عنه من التفسير إال تفسير آيات قليلة‪.‬‬

‫الثاني‪ :‬أنهم اختلفوا في التفسير على وجوه مختلفة ال يمكن الجمع بينها‪ ،‬وسماع جميعها من رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم محال‪ ،‬فتبين على القطع أن كل مفسر قال في معنى اآلية بما ظهر له من‬
‫استنباطه‪.‬‬

‫(‪ )1‬مقدمة في أصول التفسير البن تيمية‪ ،‬ص‪.008-018‬‬


‫الصفحة ‪88‬‬
‫ملخص مقرر مناهج المفسرين‬

‫روى البخاري عن أبي جحيفة رضي الله عنه قال‪ :‬قلت لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه‪ :‬هل عندكم‬
‫شيء من الوحي إال ما في كتاب الله؟‬
‫()‬
‫قال علي‪" :‬ال‪ ،‬والذي فلق الحبة‪ ،‬وبرأ النسمة‪ ،‬ما أعلمه إال فهماً يُعطيه الله رجالً في القرآن" ‪. 1‬‬

‫وقال الغزالي‪" :‬ومن موانع الفهم أن يكون قد قرأ تفسيراً واعتقد أن ال معنى لكلمات القرآن إال ما تناوله‬
‫النقل عن ابن عباس ومجاهد‪ ،‬وأن ما وراء ذلك تفسير بالرأي‪ ،‬فهذا من الح ّجب العظيمة"‪.‬‬

‫وقال فخر الدين الرازي‪ .." :‬إذا ذكر المتقدمون وجهاً في تفسير اآلية فذلك ال يمنع المتأخرين من‬
‫استخراج وجه آخر في تفسيرها‪ ،‬وإال لصارت الدقائق التي يستنبطها المتأخرون مردودة‪ ،‬وذلك ال يقوله‬
‫إال ُمقلّد خلف"‪.‬‬

‫ثم ختم ابن عاشور كالمه بقوله‪ :‬وهل استنباط األحكام التشريعية من القرآن في خالل القرون الثالثة‬
‫()‬
‫األولى من قرون اإلسالم إال من قبيل التفسير آليات القرآن بما لم يسبق تفسيرها به من قبل؟ ‪. 2‬‬

‫‪ -3‬شروط التفسير بالرأي‪:‬‬

‫ال ب ّد من توفر شروط وضوابط ضرورية في التفسير بالرأي المحمود ليكون صواباً‪ ،‬وليكون مقبوالً معتمداً‪،‬‬
‫فإذا لم تتوفر فيه الشروط والضوابط المقررة كان تفسيراً بالرأي المذموم‪ ،‬قائماً علی الهوی والمزاجية‪ ،‬ومن‬
‫ثم کان مرفوضاً مردوداً‪.‬‬

‫وقد ذكر الذهبي في (التفسير والمفسرون) أمورا خمسة يجب على المفسر أن يتجنبها في تفسيره‪،‬‬
‫حتى ال يخطئ‪:‬‬

‫(‪ )1‬أخرجه البخاري برقم ‪.2148‬‬


‫(‪ )2‬التحرير والتنوير البن عاشور ‪.21-25/0‬‬
‫الصفحة ‪85‬‬
‫ملخص مقرر مناهج المفسرين‬

‫‪ – ۱‬تجنب التهجم على بيان مراد اهلل تعالی من کالمه‪ ،‬مع الجهل بقوانين اللغة وأصول الشريعة‪ ،‬وبدون‬
‫أن يُحصل العلوم الضرورية للتفسير‪.‬‬

‫‪-٢‬عدم الخوض في ما استأثر الله بعلمه‪ ،‬كأشراط الساعة ومشاهد القيامة‪.‬‬

‫‪ -۲‬عدم السير مع الهوی واالستحسان‪.‬‬

‫‪ – 8‬تجنب التفسير المقرر للمذهب الفاسد‪ ،‬بأن يجعل المذهب أصالً والتفسير تابعاً‪.‬‬
‫()‬
‫‪ - 5‬عدم القطع بأ ّن مراد الله كذا وكذا من غير دليل ‪. 1‬‬

‫هم شروط التفسير بالرأي وهي‪:‬‬


‫وتطرق د‪ .‬صالح الخالدي في (تعريف الدارسين) أل ّ‬
‫يتأدب باآلداب التي ال بد منها له‪.‬‬
‫‪ - 1‬أن يتصف المفسر بالصفات الضرورية للمفسر‪ ،‬وأن ّ‬

‫‪ -2‬أن يلم المفسر بالعلوم األساسية التي ال ب ّد منها‪ ،‬ليحسن فهم القرآن وتفسيره وبيان معانيه‪.‬‬

‫‪ -3‬أن يتجنب األخطاء التي نبه عليها العلماء‪ ،‬وأن يحرص على عدم الوقوع بها أثناء تفسيره للقرآن‪.‬‬

‫‪- 8‬أال يدخل عالم القرآن‪ ،‬بمقررات فكرية سابقة‪ ،‬وأن ال يجعل القرآن تابعاً لمقرراته المخالفة للقرآن‪.‬‬

‫‪ - 5‬أن يتخلى عن الهوى في تفس يره وإعمال رأيه‪ ،‬ألن الهوى يحجبه عن حس ن فهم القرآن‪ ،‬ويقوده‬
‫إلى الوقوع في الخطأ‪.‬‬

‫‪-6‬أال يخالف في تفسيره آيات القرآن األخرى‪ ،‬وأن ال يتعارض رأيه مع مقررات اآليات األخرى‪.‬‬

‫‪ -7‬أال يخالف في تفس يره األحاديث الص حيحة عن رس ول الله ص لى الله عليه وس لم‪ ،‬وال يقرر آراء‬
‫تتعارض مع ما تقرره تلك األحاديث‪.‬‬

‫(‪ )1‬التفسير والمفسرون للذهبي ‪.288/0‬‬


‫الصفحة ‪86‬‬
‫ملخص مقرر مناهج المفسرين‬

‫يفس ر ألفاظ وتراکيب القرآن تفس يرا يخالف‬


‫‪-4‬أال يتعارض في تفس يره مع معاني اللغة العربية‪ ،‬وال ّ‬
‫()‬
‫معاني اللغة واستعماالتها وتصريفاتها ‪. 1‬‬

‫‪ -4‬أنواع التفسير بالرأي‪:‬‬

‫التفسير بالرأي نوعان‪:‬‬

‫نوع محمود مقبول‪ ،‬ألنه يقوم على أسسي علمية منهجية‪ ،‬وتتحقق فيه الشروط والضوابط‬ ‫‪-1‬‬
‫المطلوبة‪.‬‬
‫ونوع مذموم مردود‪ ،‬ألنه يقوم على الهوى أو الجهل‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫أوال‪ :‬التفسير بالرأي المحمود‪:‬‬

‫وهو التفسير المُستم ّد من القرآن ومن سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وكان صاحبه عالماً باللغة العربية‪،‬‬
‫خبيراً بأساليبها‪ ،‬عالماً بقواعد الشريعة وأصولها‪.‬‬

‫والمفسر ‪-‬هنا‪ -‬يبذل جهده ووسعه في فهم النص القرآني وإدراك معناه مستندا إلى اللغة‪ ،‬والنصوص‪،‬‬
‫واألدلة الشرعية‪.‬‬

‫ولعل هذا النوع هو الذي دعا به الرسول صلى الله عليه وسلم البن عباس رضي الله عنهما بقوله ((اللهم‬
‫فقهه في الدين وعلمه التأويل) ) وفيه وقع االختالف بين الصحابة رضي الله عنهم في معنى اآلية فأخذ‬
‫()‬
‫كل واحد برأيه على مقتضى نظره في المقتضى کما قال الزركشي ‪. 2‬‬

‫حکم التفسير بالرأي المحمود‪:‬‬

‫(‪ )1‬التحرير والتنوير البن عاشور ‪.21-25/0‬‬


‫(‪ )2‬البرهان في علوم القرآن للزركش ي ‪.060/2‬‬
‫الصفحة ‪87‬‬
‫ملخص مقرر مناهج المفسرين‬

‫أجاز العلماء رحمهم الله تعالى التفسير بالرأي المحمود الذي يستند إلى اللغة‪ ،‬ونصوص الشريعة‪.‬‬
‫()‬
‫قال ابن تيمية‪" :‬فأما من تكلم – يعني في التفسير – بما يُعلم من ذلك لغة وشرعاً فال حرج عليه" ‪. 1‬‬

‫ثانيا‪ :‬التفسير بالرأي المذموم‪:‬‬

‫وهو التفسير بمجرد الرأي والهوى‪ ،‬فهو تفسير ال يستند إلى نصوص الشريعة‪ ،‬وأكثر الذين فسروا القرآن‬
‫بمجرد الرأي هم أهل البدع والمذاهب الباطلة فقد اعتقدوا معتقدات باطلة‪ ،‬وآراء زائفة ليس لها سند وال‬
‫دليل‪ ،‬ثم أرادوا أن يستدلوا لها من القرآن الکريم فلم تطاوعهم النصوص على ما ذهبوا إليه ففسروها‬
‫بآرائهم‪ ،‬وحملوها ما ال تحتمل كما قال ابن تيمية عن هؤالء‪" :‬إن مثل هؤالء اعتقدوا رأياً ثم حملوا ألفاظ‬
‫القرآن عليه‪ ،‬وليس لهم سلف من الصحابة والتابعين لهم بإحسان‪ ،‬وال من أئمة المفسرين‪ ،‬ال في رأيهم‬
‫()‬
‫وال في تفسيرهم" ‪. 2‬‬

‫حکم التفسير بالرأي المذموم‪:‬‬

‫مجرد الرأي‬
‫هذا النوع من التفسير حرام ال يجوز‪ ،‬قال ابن تيمية رحمه الله تعالى‪" :‬فأما تفسير القرآن ب ّ‬
‫()‬
‫فحرام" ‪. 3‬‬

‫واألدلة على تحريمه كثيرة من الكتاب ومن السنة ومن أقوال الصحابة والتابعين‪.‬‬

‫قال ابن تيمية رحمه الله تعالى‪ " :‬روى عن بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫()‬
‫وغيرهم أنهم ش ّددوا في أن يُفسر القرآن بغير علم" ‪. 4‬‬

‫(‪ )1‬مجموع فتاوى ابن تيمية ‪.285/02‬‬


‫(‪ )2‬مجموع فتاوى ابن تيمية ‪.285/02‬‬
‫(‪ )3‬مقدمة في أصول التفسير البن تيمية ص‪.018‬‬
‫(‪ )4‬المرجع السابق ص‪.018‬‬
‫الصفحة ‪84‬‬
‫ملخص مقرر مناهج المفسرين‬

‫‪ -5‬أهم المؤلفات في التفسير بالرأي والتعريف بها‪:‬‬

‫من أهم المؤلفات في التفسير بالرأي‪:‬‬

‫‪ - - ۱‬الكشاف للزمخشري‪.‬‬
‫‪ - ۳‬مفاتيح الغيب للرازي‪.‬‬
‫‪ 3‬مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي‪.‬‬
‫‪ 8‬لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن‪.‬‬

‫‪ – 5‬البحر المحيط ألبي حيان‪.‬‬


‫‪- 6‬أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي‪.‬‬
‫‪ - ۷‬تفسر الجاللين لجالل الدين المحلي وجالل الدين السيوطي‪.‬‬
‫‪ ٨‬إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم ألبي السعود‪.‬‬
‫‪ - ۹‬روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني لأللوسي‪.‬‬
‫‪-11‬تفسير المنار لمحمد رشيد رضا‪.‬‬
‫‪ -۱۱‬في ظالل القرآن لسيد قطب‪.‬‬
‫وسوف نتطرق لبعض تلك الكتب منعرف بمناهج مؤلفيها‪:‬‬

‫‪ -1‬مفاتيح الغيب‪ :‬فخر الدين الرازي‪:‬‬

‫الري سنة ‪588‬ه وتوفي في‬


‫المؤلف‪ :‬أبو عبد الله محمد بن عمر الرازي الملقب بفخر الدين‪ ،‬ولد في ّ‬
‫هراة سنة ‪616‬ه ‪ ،‬جمع كثيراً من العلوم فكان إماماً في التفسير‪ ،‬وعلوم الكالم‪ ،‬والعلوم العقلية‪ ،‬والمنطق‪،‬‬
‫والفلسفة واشتهر بذلك وفاق فالسفة عصره‪ ،‬وكان طبيباً حاذقاً‪ ،‬وقد ندم على االشتغال بعلم الکالم‬

‫الصفحة ‪89‬‬
‫ملخص مقرر مناهج المفسرين‬

‫وکان يقول‪" :‬ليتني لم أشتغل بعلم الکالم" ثم يبکي ويقول‪" :‬لقد اختبرت الطرق الکالمية‪ ،‬والمناهج‬
‫()‬
‫الفلسفية‪ ،‬فلم أجدها تروي غليالً‪ ،‬وال تشفي عليال‪ ،‬ورأيت أصح الطرق طريقة القرآن" ‪. 1‬‬

‫ومن مؤلفاته‪( :‬مفاتيح الغيب)‪ ،‬و(المحصول في علم األصول)‪ ،‬و(درة التنزيل وغرة التأويل)‪ ،‬و(األربعين‬
‫في أصول الدين)‪ ،‬و(عصمة األنبياء)‪ ،‬و(نهاية اإليجاز في دراية اإلعجاز)‪ ،‬و(مسائل الطب) وغير ذلك‪.‬‬

‫تفسيره‪ :‬ألّف الرازي كتابين في التفسير‪:‬‬

‫األول‪ :‬التفسير الكبير وسماه (مفاتيح الغيب)‪.‬‬

‫والثاني‪ :‬التفسير الصغير وسماه (أسرار التنزيل وأنوار التأويل)‪.‬‬

‫ويُع ّد تفسيره (مفاتيح الغيب) أوسع التفاسير في علم الكالم‪ ،‬فقد تأثر كثيراً بالعلوم العقلية فتوسع فيها‪،‬‬
‫وسلك في تفسيره مسلك الحكماء والفالسفة وعلماء الکالم‪ ،‬واستطرد في العلوم الرياضية والطبيعية‬
‫()‬
‫والفلكية والمسائل الطبية‪ ،‬ومأل تفسيره بهذه العلوم حتى قيل عنه‪" :‬فيه كل شيء اال التفسير" ‪. 2‬‬

‫ولم يتم الرازي تفسيره هذا‪ ،‬بل قيل إنه بلغ في التفسير إلى سورة األنبياء‪ ،‬ثم جاء تلميذه الخويي فشرع‬
‫في تكملته ولم يتمه‪ ،‬وأتمه نجم الدين القمولي‪ ،‬وقيل إن الخويي أكمله‪ ،‬وكتب القمولي تكملة أخرى‬
‫غيرها‪ ،‬وال يكاد القار يلحظ تفاوتاً بين أساليبهم‪.‬‬

‫وقد طبع هذا التفسير في ‪ 32‬جزءاً وتقع في ‪ 16‬مجلداً کبيراً‪.‬‬

‫التفسير اللغوي‬
‫‪ -1‬المراد بالتفسير اللغوي‪:‬‬

‫(‪ )1‬طبقات المفسرين للسيوطي ص‪.006-008‬‬


‫(‪ )2‬االتقان للسيوطي ‪.291/2‬‬
‫الصفحة ‪51‬‬
‫ملخص مقرر مناهج المفسرين‬

‫اللغوي‪ :‬هو بيان معاني القرآن بما ورد في لغة العرب‪.‬‬


‫ُ‬ ‫التفسير‬
‫ُ‬
‫عام يشمل ُكل مصاد ِر ِ‬
‫البيان في التفسي ِر؛‬ ‫يف‪ ،‬وهو بيان معاني القرآن‪ :‬فإنه ُّ‬‫األول ِمن التعر ِ‬
‫الش ُّق ُ‬‫أما ِ‬
‫ُ‬
‫السن ِة‪ ،‬وأسباب النزول‪ ،‬وغيرها‬ ‫ِ‬
‫كالقرآن‪ ،‬و ُّ‬
‫لنوع ِ‬
‫البيان الذي وقع لتفسي ِر‬ ‫اصف ِ‬‫الش ُّق الثاني منه‪ ،‬وهو بما ورد في لغة العرب‪ :‬فإنه قي ٌد و ٌ‬ ‫وأما ِّ‬
‫لغة ِ‬
‫العرب‪.‬‬ ‫القرآن‪ ،‬وهو ما كان طريق بيانِه عن ِ‬
‫ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫وقصص اآل ِي‪،‬‬ ‫بأسباب الن ِ‬
‫ُّزول‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كالبيان الكائ ِن‬ ‫وع من ِ‬
‫البيان يخر ُج ما عداه من أنو ِاع البيان؛‬ ‫وبهذا الن ِ‬
‫لغة ِ‬
‫العرب‪ ،‬كمن‬ ‫أو غي ِرها مما ليس طريق معرفتِه اللُّغةُ‪ .‬كما يخرج بهذا ِ‬
‫القيد ما كان طريق بيانِه بغي ِر ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ( )‬ ‫ِ‬ ‫ٍّ‬ ‫ِ‬
‫الحادثة ‪. 1‬‬ ‫كالمصطلحات‬ ‫عرف عند ِ‬
‫العرب؛‬ ‫بمدلوالت ال تُ ُ‬ ‫فس ُر‬
‫يُ ّ‬
‫‪ -2‬مكانة التفسير اللغوي وأهميته‪:‬‬
‫يهتم هذا التفسير اللغوي بمفردات القرآن الكريم وشكل األلفاظ القرآنية (النحو والصرف والحجة)‪،‬‬
‫وكان موضوعه‪ :‬إعراب القرآن وغريبه والوجوه والنظائر فيه‪.‬‬
‫أما أهمية هذا االتجاه فتظهر بالنظر إلى أن تفسير القرآن منه ما يرجع فيه إلى الوحي نفسه كتابا وسنة‪،‬‬
‫ومنه ما يتوقف فهمه على الرجوع إلى اللغة التي أنزل الله تعالى بها كتابه‪.‬‬
‫العرب الذين نزل القرآ ُن بلس انِهم‪،‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫قال الش اطبي‪" :‬ال بد في ف ه ِم الش ر ِ‬
‫األميِّين‪ ،‬وهم ُ‬ ‫اتباع معهود ّ‬‫يعة من ِ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬ ‫ستمٌّر فال ي ِ‬
‫فم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ف‪،‬‬ ‫العدول عنه في ف ْه ِم الشريعة‪ ،‬وإ ْن لم ي ْ‬
‫كن ثم ُع ْر ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ص ُّح‬ ‫فإ ْن كان للعرب في لسانهم ُع ْر ٌ ُ‬
‫()‬ ‫ص ُّح أ ْن يجرى في ف ه ِمها على ما ال تعرفُه‪ ،‬وهذا ج ٍّار في المعاني و ِ‬
‫األلفاظ واألسال ِ‬
‫يب" ‪. 2‬‬ ‫فال ي ِ‬
‫ْ‬ ‫ُْ‬

‫(‪ )1‬التفسير اللغوي للقرآن الكريم‪ ،‬للدكتور مساعد الطيار ص‪.25 :‬‬
‫(‪ )2‬الموافقات‪ ،‬للشاطبي‪ ،‬تحقيق‪ :‬محيي الدين عبد اخحميد ‪.286/2‬‬
‫الصفحة ‪51‬‬
‫ملخص مقرر مناهج المفسرين‬

‫رف اللُّغة‬ ‫ط في ف ه ِم ِ‬
‫القرآن؛ ألن من أراد تفسيره‪ ،‬وهو ال ي ْع ُ‬ ‫ْ‬ ‫غة العربي ِة شر ٌ‬
‫ويفهم من ذلك أن معرفة اللُّ ِ‬
‫ُ ُ‬
‫اضعِ ِه‪ ،‬كما حصل من‬ ‫سيحرف الكلِم عن مو ِ‬
‫سيقع في الزل ِل‪ ،‬بل ِّ‬
‫التي نزل بها القرآ ُن‪ ،‬فإنه ال شك ُ‬
‫مدلوالت غي ِر عربي ٍّة ‪. 1‬‬
‫ٍّ‬ ‫ٍّ‬ ‫ِ‬
‫()‬
‫مصطلحات أو‬ ‫المبتدعة الذين حملوا القرآن على‬ ‫ِ‬
‫بعض‬

‫‪ -3‬نشأة التفسير اللغوي وتطوره‪:‬‬


‫ظهرت الحاجة إلى ش رح غريب مفردات القرآن‪ ،‬وتتبع جوهره‪ ،‬والبحث في إعرابه خالل عصر التابعين‪،‬‬
‫فقد كانت الس ليقة العربية تغني مجمل الص حابة عن الس ؤال والبحث عن ذلك‪ ،‬وكان من المتعذر أن‬
‫نجد من ألفاظ القرآن‪ ،‬وإعرابه ما خفي على جمهور الص حب‪ ،‬وإن وجد من تلك األلفاظ ما اس تعصى‬
‫على بعض هم‪ ،‬فكان العلم باللغة كالعلم باألنس اب عندهم‪ ،‬إن وجد منهم من توقف في ش يء منه‪ ،‬فإن‬
‫ذلك ال يخفى على جمهورهم حتى ال يعرفه أحد منهم‪.‬‬
‫قال أبو عبيدة‪" :‬فلم يحتج الس لف وال الذين أدركوا وحيه إلى النبي ص لى الله عليه وس لم أن يس ألوا عن‬
‫()‬
‫معانيه‪ ،‬ألنهم كانوا عرب األلسن‪ ،‬فاستغنوا بعلمهم به عن المسألة عن معانيه‪. 2 "..‬‬
‫لكن في عص ر التابعين احتاج الناس إلى الس ؤال عن غريب لغة القرآن‪ ،‬ثم احتاجوا إلى إعرابه‪ ،‬وذلك‬
‫بسبب عوامل ثالثة‪:‬‬
‫‪ – 1‬ضعف السليقة‪ ،‬وقد كان العرب قديما يربون أبناءهم في البادية حفاظا عليها‪.‬‬
‫‪ – 2‬اختالط المسلمين العرب من الفاتحين بغيرهم من األقوام عن طريق المصاهرة‪.‬‬
‫‪ – 3‬دخول عامة العجم إلى اإلسالم وحاجتهم لمعرفة تعاليمه‪.‬‬
‫فظهرت بذلك الحجة إلى البحث في لغة القرآن بس بب فش و اللحن‪ ،‬وفس اد اللس ان‪ ،‬واهتم المفس رون‬
‫منذ عص ر التابعين بإعراب القرآن‪ ،‬وحرص وا على ذلك قبل تقعيد علم النحو‪ ،‬إلدراكهم بأن اإلعراب هو‬
‫الذي يقيم المعنى‪.‬‬

‫(‪ )1‬التفسير اللغوي للقرآن الكريم‪ ،‬للدكتور مساعد الطيار ص‪.40 :‬‬
‫(‪ )2‬مجاز القرآن‪ ،‬لبي عبيدة ‪.5/0‬‬
‫الصفحة ‪52‬‬
‫ملخص مقرر مناهج المفسرين‬

‫كما اهتم الص در األول أيض ا ببيان غريب مفردات القرآن‪ ،‬وكانوا يحتجون للغريب بنظم الش عراء قبل‬
‫ظهور اإلسالم‪.‬‬
‫وقد تض منت كتب اآلثار وكتب التفس ير روايات أس ندت إلى ابن عباس رض ي الله عنهما بش أن‬
‫احتجاجه بالش عر الجاهلي لتفس ير غريب القرآن‪ ،‬واش تهرت عنه بهذا الخص وص (مس ائل نافع بن‬
‫األزرق)‪ ،‬التي اعتنى بها‪ ،‬ودرسها القدامى والمعاصرون على السواء‪.‬‬
‫وفي آخر القرن األول الهجري ومطلع القرن الثاني اتس ع مجال االهتمام بلغة القرآن‪ ،‬وتنوعت العلوم‬
‫التي تخ دم ه ذه الم ادة‪ ،‬فظهر‪ :‬علم نقط القرآن وش كل ه‪ ،‬وعلم الوقف واالبتداء‪ ،‬وعلم الغريب‪ ،‬وعلم‬
‫لغات القرآن‪ ،‬وغيرها من العلوم‪.‬‬

‫وقبل أفول القرن الثاني الهجري ظهر في إطار االتجاه اللغوي التأليف في‪:‬‬
‫‪ -‬إعراب القرآن الكريم‪.‬‬
‫‪ -‬غريب مفردات القرآن‬
‫‪ -‬علم الوجوه والنظائر‪.‬‬
‫وحين ابتدأ عص ر التص نيف اتجه المؤلفون في التفس ير اللغوي إلى إفراد كل واحد من المناحي الثالثة‬
‫الس الفة بالتأليف‪ ،‬على أنه ينبغي اإلش ارة إلى أن االهتمام بلغة القرآن لم ينحص ر في المفس رين اللغويين‬
‫فحسب‪ ،‬بل اهتم بها كذلك األثريون والبيانيون والفقهاء‪ ...‬من المفسرين على تفاوت بينهم في ذلك‪.‬‬
‫ثم تطور هذا االتجاه في منحيين اثنين‪:‬‬
‫المنحى األول‪ :‬غلب عليه االهتمام بمفردات القرآن‪ ،‬وما اتص ل بها من بحث في الغريب واالش تقاق‪،‬‬
‫والتصريف‪ ،‬والوجوه‪ ،‬والنظائر‪.‬‬
‫والمنحى الثاني‪ :‬اتجه إلى االهتمام بإعراب القرآن‪.‬‬
‫وس عى أهل اللغة حين ص نفوا في التفس ير إلى إبراز فروع علم اللغة التي نبغوا فيها من خالل تفاس يرهم‪،‬‬
‫وقد وجد من المفس رين اللغويين من جنح إلى التص نيف الموس وعي الذي يهتم باس تيعاب مختلف علوم‬
‫اللغة‪ ،‬واالستفادة منها في فهم آيات القرآن‪.‬‬
‫الصفحة ‪53‬‬
‫ملخص مقرر مناهج المفسرين‬

‫اعتباراً لذلك فإن االتجاه اللغوي في التفسير تطور في مناحي ثالثة‪:‬‬


‫األول‪ :‬منحى التفاسير اللغوية التي اهتمت بالمفردات‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬منحى التفاسير اللغوية التي اهتمت بإعراب القرآن‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬منحى التفاسير اللغوية الجامعة‪.‬‬
‫‪ -4‬أهم المؤلفات في التفسير اللغوي‪:‬‬
‫س تناول الكتب المص نفة في التفس ير اللغوي بناء على المناحي الثالثة في تطور التفس ير اللغوي التي‬
‫ذكرناها سابقاً كما يلي‪:‬‬
‫المنحى األول‪ :‬التفاسير اللغوية التي اهتمت بالمفردات‪:‬‬
‫ويمكننا أن نميز فيها بين‪:‬‬
‫‪ -‬المصنفات في غريب القرآن‪.‬‬
‫‪ -‬المصنفات في الوجوه والنظائر‪.‬‬
‫أ – كتب غريب القرآن‪ :‬ومعرفة غريب القرآن يعني‪ :‬معرفة مدلوالت األلفاظ خاصة‪.‬‬
‫والمفس ر اللغوي يتتبع غريب ألفاظ القرآن للكش ف عن غموض ها وس يان مدلوالتها في لس ان قبائل‬
‫العرب‪ ،‬بما يرفع عنها الخفاء بالنسبة للمخاطبين‪.‬‬
‫‪ -‬وأهم ما ألف في غريب القرآن على ترتيب المصحف‪:‬‬
‫مجاز القرآن‪ :‬ألبي عبيدة معمر بن المثنى‪ ،‬ت‪ 211:‬ه ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫معاني القرآن‪ :‬لسعيد بن مسعدة البلخي المعروف باألخفش األوسط‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫معاني القرآن الكريم‪ :‬ألبي جعفر النحاس‪ ،‬ت‪334:‬ه ‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫‪ -‬وأهم ما ألف في غريب القرآن على ترتيب المعجم‪:‬‬
‫تنوير القلوب‪ :‬ألبي بكر محمد السجستاني‪ ،‬ت‪ 331:‬ه ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫مفردات غريب القرآن‪ :‬للراغب األصفهاني‪ ،‬ت ‪ 512:‬ه ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫تحفة األريب‪ :‬ألبي حيان األندلسي‪ ،‬ت‪ 758:‬ه ‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫ب – كتب الوجوه والنظائر‪:‬‬
‫الصفحة ‪58‬‬
‫ملخص مقرر مناهج المفسرين‬

‫والوجوه هي اللفظ المش ترك ال ذي يس تعم ل في ع دة مع ان‪ ،‬كلم ة (األم ة)‪ ،‬والنظ ائر ك األلف اظ‬
‫()‬
‫المتواطئة" ‪. 1‬‬
‫‪ -‬وأهم المؤلفات في الوجوه والنظائر‪:‬‬
‫‪ -1‬األشباه والنظائر في القرآن الكريم‪ ،‬لمقاتل بن سليمان البلخي‪ ،‬ت‪ 151:‬ه ‪.‬‬
‫‪ -2‬ما اتفق لفظه واختلف معناه من القرآن المجيد‪ ،‬للمبرد ت‪ 245:‬ه ‪.‬‬
‫‪ -3‬الوجوه والنظائر في القرآن الكريم‪ ،‬للدامغاني ت‪ 874:‬ه ‪.‬‬
‫‪ -8‬معترك األقران في مشترك القرآن‪ ،‬للسيوطي ت‪ 911:‬ه ‪.‬‬

‫المنحى الثاني‪ :‬التفاسير اللغوية التي اهتمت بإعراب القرآن‪:‬‬


‫()‬
‫قال الزركشي‪" :‬واإلعراب بين المعنى‪ ،‬وهو الذي يميز المعاني ويوقف على أغراض المتكلمين" ‪. 2‬‬
‫وكان الص حابة رض ي الله عنهم أهل س ليقة‪ ،‬فما كانوا يلحنون‪ ،‬فلما ظهر اللحن احتيج على ض بط‬
‫القرآن ب النقط حي ث ك ان ت الكت اب ة العربي ة مجردة من عالم ات الحرك ة‪ ،‬فك ان ذل ك س بب اً في ظهور‬
‫اللحن‪ ،‬من ثم ابتكر أبو األســود الديلي طريقة النقط لما كان في البص رة لتمثيل الحركات‪ ،‬اس تخدمت‬
‫هذه الطريقة في المص احف خاص ة‪ ،‬وظل اس تخدام النقط زمانا رغم ص عوبتها والتباس ها باألعجام حتى‬
‫جاء عالم اللغة‪ :‬الخليل بن أحمد الفراهيدي البص ري‪ ،‬فابتكر طريقة الش كل المعروفة‪ ،‬فيس ر بها قراءة‬
‫القرآن وإعرابه‪.‬‬
‫لق د ك ان إعراب القرآن والوقوف على مع اني ه هو ال دافع إلى تقعي د علم النحو لالس تف ادة من ه في فهم‬
‫كت اب الل ه‪ ،‬وك ان إقب ال األقوام األعجمي ة التي دخل ت اإلس الم على القرآن ع امال مهم ا في توجي ه‬
‫الدراسات اللغوية ألجل خدمة الكتاب العزيز‪.‬‬

‫(‪ )1‬البرهان في علوم القرآن للزركش ي ‪.012/0‬‬


‫(‪ )2‬المرجع السابق ‪.210/0‬‬
‫الصفحة ‪55‬‬
‫ملخص مقرر مناهج المفسرين‬

‫وبدأ هذا األثر جلياً في آخر عص ر التدوين حين ظهر من علماء العربية والعجم من اس تفاد من اإلعراب‬
‫في تفسير القرآن‪ ،‬ومنذ أفول القرن الثاني الهجري‪ ،‬تتالت التفاسير المصنفة في إعراب القرآن‪.‬‬
‫وإذا كان المفس رون – عامة ‪-‬يولون للنحو مكانة خاص ة‪ ،‬فقد وجد من علماء اللغة من عكف على‬
‫إخراج مصنفات في إعراب القرآن خاصة‪.‬‬
‫‪ -‬وأهم المؤلفات في هذا العلم‪:‬‬
‫‪ -1‬إعراب القرآن‪ ،‬ألبي جعفر النحاس‪ ،‬ت‪ 34:‬ه ‪.‬‬
‫‪ -2‬إعراب القرآن‪ ،‬البن خالويه‪ ،‬ت‪ 371 :‬ه ‪.‬‬
‫‪ -3‬إعراب القرآن‪ ،‬ألبي الحسن الحوفي‪ ،‬ت‪ 831 :‬ه ‪.‬‬
‫‪ -8‬مشكل إعراب القرآن‪ ،‬لمكي بن أبي طالب القيسي‪ ،‬ت‪ 837 :‬ه ‪.‬‬

‫المنحى الثالث‪ :‬التفاسير اللغوية الجامعة‪:‬‬


‫لم تقتص ر تفاس ير علماء اللغة على االكتفاء بالمفردات أو الوقوف عند إعراب القرآن فحسب‪ ،‬بل وجد‬
‫من المفسرين اللغويين من جنح إلى الموسوعية واالستفادة من مختلف علوم اللسان في التفسير‪.‬‬
‫ويعتبر كتاب‪:‬‬
‫معاني القرآن‪ :‬ألبي زكريا يحيى الفراء ت‪ 217 :‬ه ‪ ،‬أول كتاب مطول جمع بين االهتمام‬ ‫‪-1‬‬
‫بالمفردات‪ ،‬وتعقب اإلعراب وشرح معاني اآليات‪.‬‬
‫وبعد الفراء جاء أبو إسحاق الزجاج ت‪ 311 :‬ه ‪ ،‬فنصف (معاني القرآن وإعرابه) واتبع‬ ‫‪-2‬‬
‫نفس المنهج الجامع معتمدا طريقة المفس رين اللغويين من حيث تتبعه للمفردات واإلعراب‬
‫وطريقة األثريين الذين يفسرون بالنقل‪.‬‬
‫وكان خاتمة المفس ـرين من أئمة اللغة أبو حيان األندلســي ت‪ 754:‬هـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ الذي ص نف‬ ‫‪-3‬‬
‫(البحر المحيط) وجمع في ه بين طريق ة الفقه اء ومنهج اللغويين‪ ،‬وأق اوي ل األثريين‪ :‬فج اء‬
‫مصنفه مستوعباً تام التحرير‪.‬‬

‫الصفحة ‪56‬‬
‫ملخص مقرر مناهج المفسرين‬

‫قال أبو حيان في وص ف منهجه‪ ...":‬بحيث إني ال أغادر منها – أي اآلية – كلمة وإن اش تهرت –‬
‫حتى أتكلم عليه ا‪ ،‬مب دي اً م ا فيه ا من غوامض اإلعراب‪ ،‬ودق ائق اآلداب من ب ديع وبي ان‪ ،‬مجته دا أن ال‬
‫أكرر الكالم في لفظ س بق‪ ،‬وال في جملة تقدم الكالم عليها‪ ،...‬وكذلك ما نذكره من القواعد النحوية‬
‫أحيل في تقريرها واالس تدالل عليها على كتب النحو‪ ،...‬منكباً في اإلعراب عن الوجوه التي تنزه القرآن‬
‫عنها‪ ،‬مبينا أنها مما يجب أن يعدل عنه‪ ،...‬ثم أختتم الكالم في جملة من اآليات التي فس رتها إفرادا‬
‫()‬
‫وتركيبا بما ذكروا فيها من علم البيان والبديع ملخصا‪. 1 "...‬‬
‫ومض ى الزمان والناس متوقفون عند تراث المتقدمين بعد أن قص رت هممهم وفترت عزائمهم‪ ،‬وتتالت‬
‫القرون على ذلك‪ ،‬فانحسر التأليف في لغة القرآن‪.‬‬
‫لكن بعد هذه الطبقة توقف التأليف والتصنيف في التفسير اللغوي حتى العصر الراهن‪.‬‬
‫وإذا نظرنا اليوم إلى إس هامات المعاص رين في هذا االتجاه التفس يري تجدها محدودة جدا‪ ،‬وهي في‬
‫جوهرها مؤلفات (مدرس ية) مبس طة‪ ،‬وض عها أفراد أو هيئات تهتم باللغة العربية‪ ،‬والهدف من وضعها هو‬
‫تقريب المادة العلمية التي تضمنتها المصادر القديمة إلى فهم المعاصرين‪.‬‬

‫‪ -‬ومن هذه اإلسهامات على سبيل المثال‪:‬‬


‫‪( o‬معجم ألفاظ القرآن الكريم) وض عه أعض اء مجمع اللغة العربية بالقاهرة‪ ،‬وقد درج مؤلفو‬
‫ه ذا المعجم على منهج الراغ ب األص فه اني في مفردات غري ب القرآن‪ ،‬فهم يعرض ون المفردات‬
‫ويش رحونها لغوياً مع ذكر موض عها في القرآن ومختلف الوجوه التي جاءت بها‪ ،‬وكان مجهود مجمع‬
‫اللغة مزيجاً من غريب القرآن واألشباه والنظائر لكنه رتب على حروف المعجم‪.‬‬

‫التفسير الفقهي‪( :‬تفسير آيات األحكام)‬

‫(‪ )1‬البحر املحيط لبي حيان ‪ 012/0‬ج‪ ،0:‬ص ‪.012:‬‬


‫الصفحة ‪57‬‬
‫ملخص مقرر مناهج المفسرين‬

‫‪ -1‬المراد بالتفسير الفقهي‪:‬‬

‫التفســير الفقهي‪ :‬هو تفس ير ما له ص لة باألحكام الش رعية العملية في القرآن الكريم وهو ما يس مى‬
‫تارة آيات األحكام وتارة فقه الكتاب‪.‬‬

‫أما أحكام القرآن فتنقس م إلى أنواع ثالثة تمثل األحكام الفقهية أو العملية نوعاً واحداً منها‪ ،‬وهي‬
‫على التفصيل‪:‬‬

‫أوالا‪ :‬األحكــام االعتقــاديــة‪ :‬التي تتعلق بم ا يج ب على المكلف اعتق اده في الل ه ومالئكت ه وكتب ه‬
‫ورسله واليوم اآلخر‪ ،‬وهو ما يدرس ضمن مباحث العقيدة‪.‬‬

‫الخلقيـة‪ :‬التي تتعلق بما يجب على المكلف أن يتحلى به من الفض ائل ويتخلى‬
‫ثـانيـا‪ :‬األحكـام ُ‬
‫عنه من الرذائل‪ ،‬وهو ما يتعلق بالجوانب التربوية من القرآن الكريم‪.‬‬

‫ث ــالثـ ـا‪ :‬األحك ــام العملي ــة‪ :‬وهي التي تتعلق بم ا يص در عن المكلف من أقوال وأفع ال وعقود‬
‫وتص رفات‪ .‬وهذا النوع هو فقه القرآن وهو الذي اهتم به المفس رون ض من ما عرف بالتفسير الفقهي‬
‫وهو يتضمن نوعين أساسيين‪:‬‬

‫‪ .1‬أحكام العبادات‪ :‬من صالة وصيام وزكاة وحج ونذر ويمين ونحو دلك من العبادات التي يقصد‬
‫بها تنظيم العالقة بين اإلنسان وربه‪.‬‬

‫‪ .2‬أحكام المعامالت‪ :‬من عقود وتصرفات وعقوبات وجنايات وغيرها‪ ،‬مما يقصد به تنظيم‬
‫عالقات الناس بعضهم ببعض سواء كانوا أفراداً أم جماعات‪.‬‬

‫‪ -2‬أشهر المذاهب الفقهية‪ ،‬وأبرز المؤلفات فيها‪:‬‬

‫قبل الحديث عن أهم كتب التفسير الفقهي تحسن اإلشارة إلى أن هذه الكتب لم تكن وحدها مهتمة‬
‫بجانب األحكام ف ي القرآن بل شاركتها في ذلك كل كتب التفسير تقريبا‪ ،‬فالفرق إذن بينها وبين غيرها‬

‫الصفحة ‪54‬‬
‫ملخص مقرر مناهج المفسرين‬

‫أنها اختصت باألحكام أساسا وشاركها فيها غيرها‪ .‬وإذا أخذنا تفسير الطبري مثال فهو ال يخلو من‬
‫أحكام فقهية‪.‬‬

‫ومن جهة أخرى فإن كتب أحكام القرآن لم تخل من اإلشارة إلى جوانب في التفسير غير األحكام فلقد‬
‫احتوت على مباحث لغوية وعقدية وغيرها وإذا أخذنا مثاال على ذلك أحكام القرآن البن العربي‪ ،‬فإن‬
‫المسائل التي يتناولها تتجاوز الجانب الفقهي‪ ،‬بل في كتابه األحكام الصغرى رغم اختصاره تناول بعض‬
‫ذلك‪.‬‬

‫إن تفاسير األحكام تتنوع بتنوع المذاهب الفقهية المعروفة فأحكام القرآن للجصاص يعبر عن اختيار‬
‫األحناف‪ ،‬وأحكام القرآن البن العربي يعبر عن اختيار المالكية‪ ،‬وأحكام القرآن للهراسي يعبر عن اختيار‬
‫الشافعية‪ ،‬وهكذا‪.‬‬

‫فكل فريق من هؤالء يجتهد في تأويل النص وص القرآنية حتى تش هد له أو ال تعارض ه على األقل مما‬
‫أدى ببعضهم إلى التعسف في التأويل والخروج باأللفاظ القرآنية عن معانيها ومدلوالتها‪ ،‬وإذا كان التنوع‬
‫مس لماً؛ فإن تعميم القول بتأويل النص وص لتش هد للمذهب فيه نظر والتس ليم به؛ يفقد كتب التفس ير‬
‫الفقهي علميتها‪ ،‬واألمر تابع لش خص ية المفس ر وقدرته االجتهادية‪ ،‬ثم إن االختالف الفقهي كانت له‬
‫مبرراته العلمية‪.‬‬

‫أم ا عن أهم م ا كت ب في التفس ير الفقهي ففي م ا يلي عرض لط ائف ة من ه ذه الكت ب مرتبة حس ب‬
‫المذاهب الفقهية األربعة المشهورة‪:‬‬

‫فعلى مذهب المالكية نذكر من ذلك‪:‬‬

‫أحكام القرآن‪ :‬ألبي عبد الله محمد بن سحنون القيرواني‪ ،‬ت‪ 255 :‬ه ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬

‫الصفحة ‪59‬‬
‫ملخص مقرر مناهج المفسرين‬

‫أحكام القرآن‪ :‬القاض ي أبو إس حاق إس ماعيل بن إس حاق بن إس ماعيل المالكي‪ ،‬ت‪:‬‬ ‫‪-2‬‬
‫‪242‬ه ‪.‬‬
‫أحكام القرآن‪ :‬ألبي بكر محمد بن عبد الله المعروف بابن العربي‪ ،‬ت‪ 583 :‬ه ‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫الجامع ألحكام القرآن‪ :‬ألبي عبد الله محمد بن أحمد األنص ــاري القرطبي‪ ،‬ت‪671 :‬‬ ‫‪-4‬‬
‫هـ‪.‬‬

‫وعلى مذهب الحنفية نذكر‪:‬‬

‫‪ -1‬أحك ام القرآن‪ :‬ألبي جعفر احم د بن محم د بن س لم ة االزدي الطح اوي الحنفي‪،‬‬
‫ت‪321:‬ه ‪.‬‬
‫‪ -2‬أحكام القرآن‪ :‬ألحمد بن علي الرازي‪ ،‬المشهور بالجصاص الحنفي‪ ،‬ت‪373 :‬هـ‪.‬‬
‫‪ -3‬تخليص أحكام القرآن‪ ،‬تهذيب أحكام القرآن‪ :‬جمال الدين محمود بن مس عود المعروف‬
‫بابن سراج القونوي الحنفي ت‪ 771 :‬ه ‪.‬‬

‫وعلى مذهب الشافعية نذكر‪:‬‬

‫‪ -1‬أحكام القرآن‪ :‬لإلمام الشافعي‪ ،‬ت‪218 :‬ه وجمعه اإلمام أبو بكر احمد بن الحسن البيهقي‬
‫النيسابوري‪ ،‬ت‪ 854 :‬ه ‪.‬‬
‫‪ -2‬أحكام القرآن‪ :‬ألبي ثور إبراهيم بن خالد الكلبي البغدادي الشافعي‪ ،‬ت ‪ 281‬ه ‪.‬‬
‫‪ -3‬أحكام القرآن‪ :‬لعماد الدين أبى الحس ـ ــين علي المعروف بالكيا الهراس ـ ــي الش ـ ــافعي‪ ،‬ت‪:‬‬
‫‪ 534‬هـ‪.‬‬
‫‪ -8‬اإلكليل في استنباط التنزيل‪ :‬جالل الدين السيوطي الشافعي‪ ،‬ت‪ 911:‬ه ‪.‬‬

‫وعلى مذهب الحنابلة نذكر‪:‬‬

‫الصفحة ‪61‬‬
‫ملخص مقرر مناهج المفسرين‬

‫‪ -1‬أحكام القرآن‪ :‬ألبي يعلى محمد بن الحسـ ـ ـ ــين بن محمد بن خلف بن الفراء الحنبلي‪ ،‬ت‪:‬‬
‫‪458‬هـ‪.‬‬
‫‪ -2‬إحكام الراي في أحكام اآلي‪ :‬ش مس الدين محمد بن عبد الرحمن بن الص ائغ الحنبلي‪ ،‬ت‪:‬‬
‫‪ 776‬ه ‪.‬‬
‫‪ -3‬أزهار الفالة في آية قصر الصالة‪ :‬مرعي بن يوسف بن ابي بكر الكرمي المقدسي الحنبلي‪ ،‬ت‪:‬‬
‫‪1133‬ه ‪.‬‬

‫التفسير العلمي التجريبي‬

‫‪ -1‬معنى التفسير العلمي‪:‬‬

‫الصفحة ‪61‬‬
‫ملخص مقرر مناهج المفسرين‬

‫التفسير العلمي‪ :‬هو التفسير الذي يحكم االصطالحات العلمية في عبارات القرآن الكريم‪ ،‬يعني م ًثال‬
‫مصطلح علمي مثل تناقض ضغط الجو واألكسجين‪ ،‬كلما ارتفعنا في الفضاء‪ ،‬يأتي التفسير العلمي‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫على اآلية التي تقول‪ ﴿:‬فم ْن يُِرد اللهُ أ ْن ي ْهديهُ ي ْشر ْح ص ْدرهُ ل ِْإل ْسالم وم ْن يُِرْد أ ْن يُضلهُ ي ْجع ْل ص ْدرهُ‬
‫الر ْجس على ال ِذين ال يُ ْؤِمنُون ﴾[سورة‬ ‫ضيِّ ًقا حر ًجا كأنما يصع ُد فِي السم ِاء كذلِك ي ْجعل اللهُ ِّ‬
‫ُ‬
‫األنعام‪]125:‬‬

‫فيأتي بهذه المصطلحات العلمية‪ ،‬ويحاول أن يفسر بها عبارات القرآن الكريم‪ ،‬ويجتهد الذي يفسر‬
‫تفسيرا علميًّا في استخراج مختلف العلوم‪.‬‬
‫القرآن ً‬
‫‪ -2‬أهم المؤلفات في التفسير العلمي‪:‬‬

‫قبل الحديث عن المؤلفات في هذا اللون من التفس ير ‪-‬أعني التفس ير العلمي‪ -‬الذي يرمي إلى جعل‬
‫تمال على س ائر العلوم ما جد منها‪ ،‬وما يجد‪ ،‬أود أن أبين أن هذا األمر قد اس تشرى أمره في‬
‫القرآن مش ً‬
‫هذا العص ر الحديث‪ ،‬وراج لدى بعض المثقفين الذين لهم عناية بالعلوم‪ ،‬وعناية بالقرآن الكريم‪ .‬وكان‬
‫كثيرا من‬
‫من أثر هذه النزعة التفس يرية‪ ،‬التي تس لطت على قلوب أص حابها فأخرج لنا المش غوفون بها ً‬
‫الكتب‪ ،‬يحاول أص حابها فيها أن يحملوا القرآن كل علوم األرض والس ماء‪ ،‬وأن يجعلوه ًّ‬
‫داال عليها‬
‫اعتقادا منهم أن هذا بيان لناحية من أهم نواحي صدقه وإعجازه‪ ،‬وصالحيته‬
‫ً‬ ‫بطريق التص ريح أو التلميح‪،‬‬
‫للبقاء‪.‬‬

‫ومن أهم هذه الكتب التي ظهرت فيها هذه النزعة التفسيرية‪:‬‬

‫(كش ف األس رار النورانية القرآنية فيما يتعلق باألجرام الس ماوية واألرض ية‪ ،‬والحيوانات‬ ‫‪-1‬‬
‫والنباتات والجواهر المعدنية) لإلمام الفاض ل والطبيب البارع‪ ،‬محمد بن أحمد اإلسكندراني‬
‫من علم اء القرن الث ال ث عش ر الهجري‪ ،‬وهو كت اب كبير الحجم يقع في ثالث ة مجل دات‪،‬‬
‫ومطبوع بالمطبعة الوهبية بمصر سنة ‪ 1297‬ه ‪ ،‬ومنه نسخة بدار الكتب المصرية‪.‬‬

‫الصفحة ‪62‬‬
‫ملخص مقرر مناهج المفسرين‬

‫رس الة عبد الله باش ا فكري في مقارنة بعض مباحث الهيئة بالوارد في النص وص الش رعية‪،‬‬ ‫‪-2‬‬
‫وقد طبعت بالقاهرة سنة ‪ 1315‬ه ‪.‬‬
‫(طبائع االس تبداد ومص ارع االس تعباد) لرجل اإلص الح اإلس المي‪ ،‬المرحوم الس يد عبد‬ ‫‪-3‬‬
‫الرحمن الكواكبي‪.‬‬
‫(إعجاز القرآن) للمرحوم مص طفى ص ادق الرافعي‪ ،‬وهو من أنص ار هذه النزعة التفس يرية‪،‬‬ ‫‪-8‬‬
‫خاص ا لموض وع‬
‫ومن المؤيدين لها‪ ،‬وفي هذا الكتاب نجد المؤلف ‪-‬رحمه الله‪-‬يعقد بحثًا ًّ‬
‫القرآن والعلوم‪.‬‬
‫(اإلسالم والطب الحديث) للدكتور عبد العزيز السباعي الطبيب المعروف‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫إنتاجا لهذا التفســير العلمي هو المرحوم الشــي طنطاوي جوهري؛ إذ إنه جمع‬
‫وأكثرهم ا‬ ‫‪-6‬‬
‫كثيرا من هذا العلم‪ ،‬وأطال في تفسـ ـ ــيره (الجواهر) الذي يقع في خمس ة وعش رين جزءًا‬
‫ً‬
‫كبارا‪ ،‬والمطبوع س نة ‪1351‬ه ‪ ،‬يقول الدكتور الذهبي‪ " :‬الش يخ طنطاوي جوهري يقول‬ ‫ً‬
‫عن نفس ه‪" :‬إن ه مغرم ب العج ائ ب الكوني ة‪ ،‬معجب بالبدائع الطبيعية‪ ،‬مش وق إلى ما في‬
‫الس ماء من جمال وما في األرض من بهاء وكمال‪ ،‬ولما تأمل األمة اإلس المية وتعاليمها‬
‫ال ديني ة‪ ،‬وج د أكثر العقالء وبعض أجل ة العلم اء عن تل ك المع اني معرض ين‪ ،‬وعن التفرج‬
‫عليه ا س اهين الهين‪ ،‬فقلي ل منهم من فكر في خلق العوالم‪ ،‬وم ا أودع فيه ا من الغرائ ب‪.‬‬
‫فدفعه ذلك إلى أن ألف كتبًا كثيرة مزج فيها اآليات القرآنية بالعجائب الكونية‪ ،‬وجعل آيات‬
‫الوحي مط ابق ة لعج ائ ب الص نع‪ ،‬وحكم الخلق‪ ،‬وك ان من أهم ه ذه الكت ب كت اب (نظ ام‬
‫العالم واألمم) و (جواهر العلوم) و (التاج المرص ع) و (جمال العالم) و (النظام واإلس الم) و‬
‫(األم ة وحي اته ا)‪ ،‬لكن ه وج د أن ه ذه الكت ب رغم كثرته ا وانتش اره ا وترجمته ا إلى اللغ ات‬
‫األجنبي ة‪ ،‬لم تش ف غليل ه‪ ،‬فتوجه إلى ذي العزة والجالل أن يوفقه إلى أن يفس ر القرآن‬

‫الصفحة ‪63‬‬
‫ملخص مقرر مناهج المفسرين‬

‫تفس ًيرا ينطوي على كل ما وص ل إليه البش ر من علوم‪ ،‬فاس تجاب الله دعاءه‪ ،‬وتم له ما‬
‫أراد"‪.‬‬

‫اجا عند بعض المتأخرين‬


‫وإذا كانت فكرة التفس ير العلمي قد راجت عند بعض المتقدمين وازدادت رو ً‬
‫أيضا‪.‬‬
‫اجا عند بعض المتأخرين منهم ً‬
‫اجا عند بعض العلماء األقدمين كما أنها لم تلق رو ً‬
‫فإنها لم تلق رو ً‬

‫التفسير العقدي‬

‫‪ -1‬معنى التفسير العقدي‪:‬‬

‫يراد بالتفس ــير العقدي‪ :‬تلك التفاس ير التي تعنى بجوانب بعض مس ائل العقيدة التي يعتقدها ص احب‬
‫التفسير‪ ،‬من الفرق اإلسالمية المختلفة‪ ،‬وإن كان ال يهمل إهماالً تاماً الجوانب األخرى‪.‬‬

‫بحي ث يكون الهدف (االتجاه) هو مس ائل العقيدة وتقريرها وبس ط معالمها والذود عنها وما يتعلق‬
‫بهذا‪ ،‬ويظهر هذا الهدف على مجموعة من التفاسير فيكون االتجاه لهذه التفاسير (االتجاه العقدي)‪.‬‬
‫ويس لك كل واحد من هؤالء المفس رين س بيالً خاص اً لتقرير العقيدة‪ ،‬فيس لك أحدهم أص ول عقيدة‬
‫األش اعرة مثالً فيكون منهجه تقرير عقيدة األش اعرة‪ ،‬ويس لك آخر أص ول عقيدة الش يعة فيكون منهجه‬
‫تقرير عقيدة الشيعة‪ ،‬ويسلك ثالث أصول عقيدة الصوفية‪ ،‬وهكذا‪.‬‬

‫‪ -2‬أمثلة للتفسير المذموم حسب عقيدة بعض الفرق‪:‬‬


‫الصفحة ‪68‬‬
‫ملخص مقرر مناهج المفسرين‬

‫‪ -1‬يرى المعتزل ة أن مرتك ب الكبيرة إذا م ات ولم يت ب ال يجوز أ ْن يعفو الله عنه؛ ألنه أوعد بالعقاب‬
‫حتمي التزم الله به‪ ،‬ومن‬
‫على الكبائر‪ ،‬ووعد بالثواب على الطاعات‪ ،‬والعقاب على المعاص ي قانون ّ‬
‫هنا قالوا‪ :‬إن مرتكب الكبيرة مخلّد في النار‪ ،‬ولو ص دق بوحدانية الله وآمن برس له واس تدلوا على‬
‫مذهبهم الفاس د بقوله تعالى‪:‬‬
‫[سورة البقرة‪.]41 :‬‬
‫اليهودي الذي تظاهر باإلس الم ‪ -‬أن علياً ‪‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -2‬يرى بعض الس بئية ‪ -‬وهم جماعة عبد الله بن س بأ‬
‫تبس مه‪ ،‬ولهذا‬ ‫ِ‬
‫يفس رون الرعد بأنه ص وت علي‪ ،‬والبرق بأنه لمعان ص وته أو ُّ‬
‫في الس حاب‪ ،‬وعلى هذا ّ‬
‫كان الواحد منهم إذا سمع صوت الرعد يقول‪ :‬عليك السالم يا أمير المؤمنين‪.‬‬
‫‪ -3‬كذلك نجد بعض الس بئية يزعم أن محمداً ‪ ‬س يرجع إلى الحياة الدنيا‪ّ ،‬‬
‫وتأول على ذلك قول‬
‫[سورة القصص‪.]45 :‬‬ ‫الله تعالى‪:‬‬
‫التميمي أن ه هو الم ذكور في قول ه تع الى‪:‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -8‬يزعم بي ان بن س مع ان‬
‫[سورة آل عمران‪ ،]133 :‬يقول‪ :‬أنا البيان‪ ،‬وأنا الهدى والموعظة‪.‬‬
‫‪ -5‬ي زع م ال م غ ي رة ب ن س ع ي د ال ع ج ل ّي أن ال م راد ب الش ي ط ان ف ي ق ول ه ت ع ال ى‬
‫[الحش ر‪ ،]16 :‬هو‬
‫عمر ‪.‬‬
‫فس روا القرآن تبعاً لعقيدتهم الفاس دة‪ ،‬وأهوائهم الباطلة‪ ،‬فص رفوا اللفظ‬ ‫تلك نماذج عن الغالة الذين ّ‬
‫القرآني عن معناه الذي س يق له‪ ،‬وقالوا عن الله بغير علم وال برهان‪ ،‬فهلكوا وأهلكوا م ْن تبعهم‪ ،‬أو قال‬
‫ّ‬
‫بقولهم‪ ،‬أو اعتقد ما يعتقدون‪.‬‬

‫أبرز الكتب التي غلب عليها اتجاه أحد المذاهب العقدية في التفسير‪:‬‬ ‫‪-3‬‬

‫الصفحة ‪65‬‬
‫ملخص مقرر مناهج المفسرين‬

‫أشهر كتب التفسير عند المعتزلة‪:‬‬

‫‪ -1‬تنزيه القرآن عن المطاعن‪ :‬للقاضي عبد الجبار‬

‫مؤلفه‪ :‬القاضي عبد الجبار بن أحمد الهمداني‪ ،‬المتوفى سنة ‪ 815‬ه ‪ ،‬ولكنه غير شامل لجميع آيات‬
‫القرآن الكريم‪.‬‬

‫ودرر القالئد‪ :‬للشريف المرتضى‪.‬‬


‫‪ -2‬غُرر الفوائد ُ‬

‫مؤلفه‪ :‬الش ريف المرتض ى‪ ،‬العالِم الش يعي العلوي المتوفى س نة ‪ 836‬ه ‪ ،‬ومؤلفه رغم أنه ش يعي‬
‫المذهب إال أنه كتب بحوثاً فياض ة في بعض آيات القرآن الكريم التي رأى أنها تص ادم مذهب‬
‫المعتزلة‪ ،‬فوفق بين ظاهر النظم الكريم والعقيدة االعتزالية‪.‬‬

‫الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون األقاويل في وجوه التأويل‪:‬‬ ‫‪-3‬‬

‫مؤلفه‪ :‬أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري المتوفى سنة ‪ 534‬ه ‪ ،‬فسر القرآن الكريم تفسيراً عظيماً‬
‫جداً لوال ما فيه من نزعات االعتزال‪ ،‬وهو أش مل ما وص ل إلينا من تفاس ير المعتزلة‪ ،‬وقد س بق الحديث‬
‫عنه بالتفصيل أثناء عرض بعض كتب التفسير بالرأي‪.‬‬

‫الصفحة ‪66‬‬
‫ملخص مقرر مناهج المفسرين‬

‫ضوابط لتقويم التفاسير‬

‫يقع بعض دارس ي التفاس ير في أخطاء کثيرة‪ ،‬عندما ال يدرس ون التفس ير الذي بين أيديهم دراس ة جيدة‪،‬‬
‫حيث ال يقفون على حقيقة رأي المفسر في بعض القضايا والمسائل‪ ،‬فينسبون له ما لم يقله‪ ،‬ويخرجون‬
‫من الدراسة بنتائج خاطئة‪ ،‬ويحکمون عليه حکماً خاطئاً ظالماً‪.‬‬
‫والس بب في هذا هو عدم مراعاتهم المنهج العلمي في الدراس ة‪ ،‬والموض وعية في البحث‪ ،‬واألمانة في‬
‫النقل‪ ،‬والنزاهة في الحكم‪.‬‬
‫أو بمعنى آخر‪ :‬عدم مراعاتهم الضوابط المنهجية الضرورية للدراسة‪ ،‬وأهم هذه الضوابط هي‪:‬‬
‫المعرفة التامة لعصر المفسر‪:‬‬ ‫‪-1‬‬
‫ال ب ّد للدارس أن يتعرف على العص ر الذي عا فيه المفسر‪ ،‬وأن يقف على مختلف مظاهر الحياة‬
‫يفسر القرآن ألهداف‬
‫فيه‪ :‬السياسية واالقتصادية واالجتماعية والعلمية‪ ،‬ألن المفسر الذي يعيش عصره‪ّ ،‬‬
‫خاص ة‪ ،‬لها ص لة بقض ايا ومش كالت عص ره‪ ،‬ويرکز في تفس يره على مس ائل تهم أمته في عصره‪ ،‬ويتناول‬
‫بعض األفكار والمذاهب المنتش رة في عص ره‪ ،‬لذلك الب ّد للدارس أن يذهب إلى المفس ر‪ ،‬ليعيش معه‬
‫عصره‪.‬‬
‫وال يليق بالدارس أن (يس لخ) المفس ر عن عص ره‪ ،‬وأن يُحض ره إلينا ليعيش عص رنا‪ ،‬أو أن يسلخ المفسر‬
‫المعاصر عن عصرنا‪ ،‬ليعيش عصراً سابقاً‪ ،‬ليس له مشكالت وقضايا واهتمام هذا العصر‪.‬‬
‫‪ -2‬المعرفة التامة لشخصية المفسر‪:‬‬
‫على الدارس أن يتعرف على ش خص ية المفس ر‪ ،‬ودراس ة مراحل حياته‪ ،‬ومظاهر التأثر والتأثير فيها‪،‬‬
‫ومعرفة دراس ته وش يوخه وثقافته‪ ،‬والكتب التي درس ها‪ ،‬واألماكن التي ذهب إليها‪ ،‬والوظائف التي‬
‫درس هم‪ ،‬ومعرفة أس رته وأوالده‪ .‬إن تيس ر له معرفة‬
‫ش غلها‪ ،‬واألعمال التي قام بها‪ ،‬ومعرفة تالميذه الذين ّ‬
‫ذلك‪.‬‬

‫الصفحة ‪67‬‬
‫ملخص مقرر مناهج المفسرين‬

‫‪ -3‬الوقوف على أهداف المفسر من تفسيره‪:‬‬


‫األص ل في المفس ر أن يكون له أهداف‪ ،‬يس عى إلى تحقيقها من تفس يره‪ ،‬والهدف يحدد المنهج‪،‬‬
‫والمنهج يوضح الطريقة‪.‬‬
‫وعدم معرفة الدارس ألهداف المفسر يوقعه في أخطاء في البحث والتقويم‪.‬‬
‫ويمكن الوقوف على أهداف المفس ر من تفس يره‪ ،‬فقد يذكر ذلك في المقدمة‪ ،‬وقد يذكر بعض ها أثناء‬
‫التفسير‪ ،‬وعلى الدارس أن يحسن استخراج تلك األهداف‪.‬‬
‫تحديد قواعد منهج المفسر ومعالمه‪:‬‬ ‫‪-4‬‬
‫يتعرف على منهج المفس ر‪ ،‬وأن يجدد قواعد ذلك المنهج‪ ،‬ثم طريقته في تطبيق ذلك‬
‫على الدارس أن ّ‬
‫المنهج‪.‬‬
‫وقد يذكر المفسر بعض قواعد منهجه في المقدمة‪ ،‬وقد يذكر بعضها في التفسير‪ ،‬ولکل مفسر إشارات‬
‫وعبارات مبثوثة في تفسيره‪ ،‬تعين الدارس على تحديد ذلك المنهج‪.‬‬
‫االطالع الكامل على نتاج المفسر ومؤلفاته‪:‬‬ ‫‪-5‬‬
‫ال ب ّد للدارس أن يطلع على نتاج وكتابات المفس ر‪ ،‬وليس تفس يره فقط‪ ،‬وأن يرتبها حس ب تس لس لها‬
‫التاريخي‪ ،‬حسب كتابة صاحبها لها‪.‬‬
‫إ ّن االطالع عليها وحسن ترتيبها التاريخي ضروري للدارس‪ ،‬ليقف على حقيقة أفكار المفسر‪ ،‬فقد يغير‬
‫المفس ر أو يبذل في بعض آرائه على هدي مكتس باته العلمية الجديدة‪ ،‬وقد يتخلى عن رأي له س ابق‬
‫في مس ألة ما‪ ،‬فإذا لم يطلع الدارس على مؤلفات المفس ر‪ ،‬ولم يرتبها تاريخياً‪ ،‬فس وف يظلم المفس ر‪،‬‬
‫وينسب له رأياً تخلى عنه في کتاب الحق‪.‬‬
‫الدراسة الشاملة الواعية الفاحصة المتأنية المتكررة للتفسير‪:‬‬ ‫‪-6‬‬
‫وردت في هذا الض ابط‪ ،‬فالب ّد أن تكون دراسة الدارس للتفسير شاملة له كله‪ ،‬وأن‬ ‫وأؤكد على كل ص فة ّ‬
‫تكون واعية‪ ،‬بحيث يكون الدارس منتبهاً يقظاً فاحص اً‪ ،‬يعي ويستوعب ما يقرأ‪ ،‬والب ّد أن تكون الدراسة‬
‫متعجالً‪ ،‬فقد يحتاج إلى أن يدرس التفسير أكثر من مرة‪،‬‬
‫متأنية متمهلة‪ ،‬وأن ال يكون الدارس سريعاً ّ‬
‫وعلى الدارس يجمع كالم المفس ر في المس ألة الواحدة من المواض ع المتفرقة في التفس ير ‪ -‬وإن تكرر‬
‫ذلك ‪ -‬ألنه ال يخلو من إضافة يضيفها المفسر‪.‬‬

‫الصفحة ‪64‬‬
‫ملخص مقرر مناهج المفسرين‬

‫الموضوعية في البحث‪:‬‬ ‫‪-7‬‬


‫يجب أن تكون دراس ة الدارس موض وعية‪ ،‬وأن يكون بحثه منهجياً‪ ،‬بحيث يس ير مع المفس ر حيث‬
‫سار‪ ،‬ويصحبه في رحلته الطويلة من خالل التفسير‪.‬‬
‫يجب أن يكون هدف الدارس من خالل دراس ته للتفس ير بيان الحق في المس ألة‪ ،‬وبيان الص واب في‬
‫يهمه التفسير الذي أمامه‪ ،‬ليعرف ما له وما عليه‪.‬‬
‫الموضوع‪ .‬وأن يكون الدارس موضوعياً محايداً‪ُ ،‬‬
‫ال يجوز أن يكون هدف الدراس ة تتبع األخطاء‪ ،‬وتص يد العيوب‪ ،‬وجمع المآخذ والس قطات‪ ،‬والخروج‬
‫من هذا بحكم جائر على المفسر وتفسيره‪ ،‬آو دعوة ظالمة إللغاء تفسيره وطرحه وإهماله‪.‬‬
‫‪ -8‬النظرة المتزنة للمفسر‪:‬‬
‫األص ل أن تكون نظرة الدارس إلى المفس ر متزنة‪ ،‬متص فة بالتوس ط واالعتدال‪ ،‬فال يُغالي في محبته‬
‫وتقديره‪ ،‬حتى يوص له إلى درجة قريبة من القداس ة والعص مة‪ ،‬وال يُبالغ في النظرة األخرى ض ّده‪ ،‬إلى‬
‫درجة تعتمد التنقيص والتشويه‪ ،‬بحيث يصدر حکماً باإلعدام على تفسيره وعلمه ومؤلفاته‪.‬‬
‫ال يجوز أن يعمي حب الدارس للمفس ر عن رؤية مآخذ تؤخذ عليه‪ ،‬أو اإلش ارة إلى أخطاء وقع فيها‪،‬‬
‫كما أنه ال يجوز أن يعمي تعصب الدارس ض ّد المفسر عن رؤية مزاياه وحسناته‪.‬‬
‫بمعنى آخر‪ :‬أن ينظر الدارس إلى المفس ر بعينين إس الميتين مبص رتين عادلتين‪ ،‬ومنظار عادل يری کل‬
‫األمور والمسائل‪ ،‬يری الحسنات ويثني على صاحبها‪ ،‬ويرى السيئات ويردها‪.‬‬
‫عدم محاكمة المفسر إلى مدرسة خاصة في التفسير‪:‬‬ ‫‪-9‬‬
‫على الدارس أن ال يحاكم المفس ر إلى مدرس ة خاص ة في التفس ير‪ ،‬أو ص ورة ٍّ‬
‫معينة للتفس ير‪ ،‬أو نموذج‬
‫واحد للتفسير‪ ،‬ومن ثم طرح هذا التفسير إذا لم يتفق مع تلك المدرسة أو النموذج‪.‬‬
‫كذلك على الدارس أن ال يحاكم المفس ر إلى مذهب كالمي أو فقهي أو فكري معين‪ ،‬ومن ثم الحكم‬
‫عليه وتخطئه إن لم يتفق مع ذلك المذهب‪.‬‬
‫على الدارس أن يحاكم المفس ر وتفس يره إلى الحق األص يل المتمثل في الكتاب والس نة‪ ،‬وفهم س لفي‬
‫األمة من الص حابة والتابعين‪ ،‬فإذا وافق المفس ر هذا الحق والفهم كان مص يباً‪ ،‬وال يحتاج إلى تزكية بعد‬
‫ذل ك‪ ،‬ب أن يوافق ه ذا الم ذه ب أو ذاك‪ ،‬أو يخ الف ه ذا الع الم أو ذاك! ال يجوز اعتب ُار کالم الن اس‬

‫الصفحة ‪69‬‬
‫ملخص مقرر مناهج المفسرين‬

‫وفهمهم وآرائهم البش رية القاص رة أص الً يحاكم إليه العلم وأص حابه‪ ،‬فاألصل في هذا هو كتاب الله وسنة‬
‫رسوله صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫‪ -13‬الموضوعية في التقويم والعدالة والنزاهة في الحكم‪:‬‬
‫على الدارس أن يحرص على الدقة وحس ن الفهم‪ ،‬بحيث يطيل النظرة في التفس ير‪ ،‬ويس توعب الفکرة‪،‬‬
‫ويقلب وجوة الرأي‪ ،‬ليحسن فهم كالم المفسر‪ ،‬وال يظلمه بأن ينسب له رأياً لم يقل به‪.‬‬
‫وإذا ج اء دور النق ل فال ب ّد من توفر األم ان ة العلمي ة ل دى الب اح ث‪ ،‬ب أن ينق ل عب ارة المفس ر ك امل ة‪،‬‬
‫ويالحظ ما قبلها وما بعدها‪ ،‬وال يجوز أن يقتطع عبارة من سياقها‪ ،‬ليعتبرها إدانة للمفسر‪.‬‬
‫البد للدراس من أن يكون موض وعياً في تقويم التفس ير بأن يطرح الهوى جانباً‪ ،‬س واءً في جانب الحب‬
‫أو جانب البغض‪ .‬عليه في التقويم أن يالحظ الحس نات واإليجابيات ويُش يد بها‪ ،‬ويعرف نس بتها إلى‬
‫تفس يره‪ ،‬وقيمة التفس ير بس ببها‪ ،‬ثم يالحظ المآخذ واألخطاء‪ ،‬ويُحس ن تص نيفها ‪-‬هل هي في المقص د‬
‫أوفي المنهج أو في بعض خطوات الطريق ‪-‬ومدى تأثر التفسير بها‪ ،‬ومدى أثرها عليه‪.‬‬
‫دور الحكم‪ ..‬البد للدارس من أن‬ ‫وبعد األمانة في النقل‪ ،‬وحس ن الفهم‪ ،‬والموض وعية في التقويم‪ ،‬يأتي ُ‬
‫يكون نزيهاً عادالً في الحكم‪ ،‬فعندما يض ع التفسير في الميزان‪ ،‬عليه أن يكون ميزانه إسالمياً شرعياً‪ ،‬له‬
‫كفتان‪ :‬واحدة للمزايا واإليجابيات‪ ،‬واألخرى للمآخذ واألخطاء والسلبيات‪.‬‬
‫ال يجوز أن يكون ميزانه بكفة واحدة‪ ،‬ال يض ع فيها إال الحس نات إذا كان يحب المفس ر‪ ،‬أو ال تعرف‬
‫إال األخطاء إذا كان ال يحب المفسر‪.‬‬
‫على الدارس المتص ف بهذه الص فات أن يتقي الله في حكمه على التفسير والمفسر ويعطبه ما يستحقه‬
‫من حكم‪ ،‬بعد معرفة نس بة أخطائه إلى حس ناته‪ ،‬وأن يهب الخطأ القليل إلى الص واب الكثير‪ ،‬وكفى‬
‫المرء نبالً أن تُع ّد معايبه‪.‬‬
‫وبعد ‪ ...‬فهذا ما يس ره الله لنا وأعاننا على جمعه من نواح ش تى من مناهج التفس ير‪ ،‬فما كان فيه من‬
‫ص واب وإحس ان‪ ،‬فذلك من فض ل الله وتوفيقه‪ ،‬وإن كانت األخرى‪ ،‬فذلك هو ج ْه ُد ال ُم ِقل‪ ،‬وطاقة‬
‫الناشئ‪ ،‬الذي ال يزال يرقب من وراء الغيب أمالً فسيحاً‪ ،‬وكماالً صريحاً‪.‬‬

‫والله أعلى وأعلم‪ ،‬وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم‬

‫الصفحة ‪71‬‬
‫ملخص مقرر مناهج المفسرين‬

‫الصفحة ‪71‬‬

You might also like