Professional Documents
Culture Documents
الإمامة والامتداد الرسالي
الإمامة والامتداد الرسالي
يحاول هذا الكتاب جمع ما ورد من األحاديث في المصادر الس نية والش يعية
حول اإلمامة واالمتداد الرسالي ،والتي تتوافق مع ما ورد في القرآن الكريم من:
1ـ أن من مقتضيات عناية هللا تعالى بعباده ،باعتباره ربهم وهاديهم ،توف ير
كل أسباب الهداية التي تحميهم من الضاللة ،ومن التحريف الذي يلحق األديان بع د
وفاة األنبياء عليهم السالم ،وأن الذين يقومون بذلك يُطلق عليهم [األئمة] ،أو [أئم ة
الهدى] ،أو [الخلفاء] ،أو [الورثة] ،أو [الهداة]
2ـ أن أتب اع األنبي اء يف ترقون في م واقفهم من أولئ ك األئم ة اله داة ال ذين
اس تخلفهم أنبي اؤهم عليهم ،وأوص وهم بهم؛ فبينم ا يطب ق بعض هم تل ك الوص ايا،
ويحرص عليها ،بينما يخالف آخرون ،وهم كثر ،تلك الوصايا ،ويرتضون ألنفسهم
أئمة ب دلهم ،لكن ذل ك ال يع ني ان دراس ال دين األص يل ،ألن في ذل ك فتن ة ك برى،
تجعل البش ر مح رومين من الهداي ة اإللهي ة الص افية ..فل ذلك ال يخل وا عص ر من
العصور من المتمسكين بالدين الحقيقي ،وأتباع أئمة الهدى.
3ـ أن األصل في إمامة األئمة ووراثتهم أن تكون شاملة لكل الج وانب ال تي
يرتبط بها الدين سواء تعلقت بالقضايا الديني ة البحت ة ،أو تعلقت ب الجوانب الحياتي ة
ابتداء من الجانب السياس ي ..ذل ك أنهم يمثل ون الهداي ة النبوي ة ويطبقونه ا في تل ك
الجوانب ،لكن النصوص الكثيرة تشير إلى أن إمامة األئمة للجانب السياس ي تفتق ر
للقابلي ة الش عبية؛ ف إن لم تتحق ق ،أو رغب الن اس عن حكم األئم ة لهم؛ ف إن ذل ك
يعفيهم من ه ذا الج انب ،ليبقى الج انب األساس ي ،وه و ج انب الهداي ة والتوجي ه
والبالغ عن هللا وتوضيح حقائق الدين في كل الجوانب بما فيها الجانب السياسي.
سنة بال مذاهب
()2
الطبعة الأولى
1441ـ 2019
4
الفتنة الرابعة :فتن وهن األمة وضعفها وارتدادها الكامل عن قيم دينها:
293
أ ـ ما ورد في التحذير من تحريف الدين وتشويهه والبعد عنه293 :
303 ب ـ ما ورد في التحذير من االنحراف السياسي:
308 ج ـ ما ورد في التحذير من تمزق األمة وهوانها:
311 د ـ ما ورد في التحذير من التثاقل إلى الدنيا:
314 هـ ـ ما ورد في التحذير من االنحرافات االجتماعية:
319 و ـ ما ورد في الطائفة الناجية من الفتن:
320 ما ورد في الحديث من أن األمة ال تجتمع على ضاللة:
321 ما ورد في الحديث من أنه ستبقى طائفة ملتزمة بالحق:
323 ما ورد فيمن يشتاق إليهم رسول هللا :
324 ما ورد في شأن مواطن الفئة المنصورة وغيرها:
327 ما ورد في البشارة بانتصارات الطائفة المنصورة:
332 الفصل الرابع
332 االمتداد الرسالي والفتن التي تعرض له في المصادر الشيعية
334 أوال ـ اهتمام أئمة الهدى بالفتن ومصادرهم فيها:
ثانيا ـ ما ورد في شأن هجر الوصية وكيفية مواجهة أئمة الهدى لها340 :
340 .1أنواع األذى التي تصيب العترة:
344 3ـ ما ورد من احتجاجات اإلمام علي للرافضين لإلمامة:
345 الحديث األول:
362 الحديث الثاني:
367 الحديث الثالث:
373 ثالثا .ما ورد في شأن التحريفات الناتجة عن هجر الوصية:
1ـ ما ورد في شأن التحريفات الحاصلة بعد وفاة رسول هللا 373 :
2ـ ما ورد في شأن التحريفات التي قام بها معاوية وأصحابه387 :
388 أ ـ ما ورد في تحذير اإلمام علي من معاوية وفتنته:
392 ب ـ ما ورد من رسائل اإلمام علي إلى معاوية:
401 ج ـ ما ورد في تحذير اإلمام الحسن من معاوية وفتنته:
414 3ـ ما ورد في شأن التحريفات التي قام بها بنو أمية:
رابعا ـ ما ورد في الفتن الناتجة عن عدم مراعاة اإلمامة واالمتداد
422 الرسالي:
428 خامسا ـ ما ورد في شأن الناجين من الفتن وفضلهم وصفاتهم:
428 1ـ األحاديث الواردة في الناجين من الفتن عموما:
2ـ األحاديث الواردة في أصحاب اإلمام المهدي والممهدين له434 :
5
441 الفصل الخامس
441 األحاديث المردودة حول اإلمامة واالمتداد الرسالي
443 أوال ـ األحاديث المشوهة ألئمة الهدى والمسيئة لهم:
443 1ـ األحاديث المشوهة ألئمة الهدى:
444 النموذج األول :تشويه اإلمام علي
446 النموذج الثاني :تشويه اإلمام الحسن
449 2ـ أحاديث الغلو في حق أئمة الهدى:
أ ـ الغلو المرتبط باألحاديث الموضوعة الخالية من اإلسناد452 :
452 الخطبة االفتخارية:
455 الخطبة التطنجية:
ب ـ الغلو المرتبط باالجتهاد المبني على النظريات الصوفية458 :
461 3ـ أحاديث الغلو في حق أتباع أئمة الهدى:
470 ثانيا ـ أحاديث المناقب التي وضعتها الفئة الباغية:
475 1ـ األحاديث الموضوعة في حق معاوية:
483 2ـ األحاديث الموضوعة في المبشرين بالجنة
490 3ـ األحاديث الموضوعة في فضائل التابعين ومن بعدهم:
494 ثانيا ـ األحاديث المردودة حول االمتداد الرسالي:
494 1ـ ما ورد في المصادر السنية:
494 أ ـ األحاديث الغريبة الواردة في فتح القسطنطينية:
ب ـ ما ورد من األحاديث التي تبعث التشاؤم في مستقبل األمة497 :
499 ج ـ ما ورد من األحاديث الغريبة المرتبطة بالمستقبل:
504 2ـ ما ورد في المصادر الشيعية:
504 أ ـ خطبة البيان الغريبة المنسوبة لإلمام علي:
510 ب ـ ما ورد من األحاديث في تشويه حركة اإلمام المهدي:
6
المقدمة
لم تكتف العناية اإللهية بتلك التعاليم المقدسة المنزل ة في وحي ه ألنبيائ ه ،وال
بتلك الشروح والبيانات التفصيلية التي وضح بها األنبياء ما نُ زل إليهم ،وإنم ا ض م
إلى ذلك توفير أسباب االمت داد الرس الي ح تى ال يحص ل لألدي ان التغي ير والتب ديل
الذي يحرفها عن مسارها.
وقد أخبر هللا تعالى عن ذلك في قوله عن زكريا علي ه الس الم حينم ا دع ا هللا
ث ِم ْن ك َولِيًّا ( )5يَ ِرثُنِي َويَ ِر ُ عز وجل في طلب الذرية الصالحة﴿ :فَهَبْ لِي ِم ْن لَ ُد ْن َ
ضيًّا﴾ [مريم]6 ،5 : وب َواجْ َع ْلهُ َربِّ َر ِ آ ِل يَ ْعقُ َ
فزكريا عليه السالم حسب هذا الدعاء ،لم يكن يقصد الول د لذات ه ،وال ليتمت ع
برؤيته ،وتق ّر به عينه ،وإنما كان لحرص ه على ب ني إس رائيل ،خوف ا من أن ي ؤثر
فيهم غيابه عنهم ،ليتحولوا عن الهداية التي جاء بها.
وهكذا أخبر عن موسى عليه السالم أنه لم يذهب للميعاد إال بع د أن اس تخلف
أخاه في بني إسرائيل حتى ال يضلوا من بعده ،وق د أش ار إلى ذل ك ،ب ل ص رح ب ه
﴿ولَقَ ْد قَ ا َل لَهُ ْم هَ ا ُرونُ ِم ْن قَ ْب ُل يَ اقَوْ ِم إِنَّ َم ا فُتِ ْنتُ ْم بِ ِه َوإِ َّن َربَّ ُك ُم ال رَّحْ َمنُ قوله تعالىَ :
وس ى فَاتَّبِعُونِي َوأَ ِطيعُوا أَ ْم ِري ( )90قَالُوا لَ ْن نَب َْر َح َعلَ ْي ِه عَا ِكفِينَ َحتَّى يَرْ ِج َع إِلَ ْينَ ا ُم َ
صيْتَ أَ ْم ِري ()93 ضلُّوا ( )92أَاَّل تَتَّبِ َع ِن أَفَ َع َ ال يَاهَا ُرونُ َما َمنَ َعكَ إِ ْذ َرأَ ْيتَهُ ْم َ ( )91قَ َ
ول فَ َّر ْقتَ بَ ْينَ بَنِي إِ ْس َرائِي َل يت أَ ْن تَقُ َ َش ُ ْ ْ
قَا َل يَ ْبنَ ُؤ َّم اَل تَأ ُخ ْذ بِلِحْ يَتِي َواَل بِ َرأ ِسي إِنِّي خ ِ
َولَ ْم تَرْ قُبْ قَوْ لِي ([ ﴾)94طه]94 - 90 :
وهكذا أخبر عن إبراهيم عليه السالم أنه دعا هللا أن يمد البشر باألئم ة اله داة
﴿وإِ ِذ ا ْبتَلَى إِ ْب َرا ِهي َم
الذين يحفظون مسيرة الدين من التحريف والتبديل ،ق ال تع الىَ :
ال َو ِم ْن ُذرِّ يَّتِي قَا َل يَنَا ُل َع ْه ِدي
اَل ك لِلنَّ ِ
اس إِ َما ًما قَ َ ال إِنِّي َجا ِعلُ َ ت فَأَتَ َّمه َُّن قَ َ
َربُّهُ بِ َكلِ َما ٍ
الظَّالِ ِمينَ ﴾ [البقرة]124 :
فإبراهيم عليه السالم ـ لحرص ه الش ديد على هداي ة الخل ق ـ لم يكت ف بأه ل
زمانه ،وإنما تطلع لسائر األزمنة ،سائال هللا تع الى أن ي رزقهم من أئم ة اله دى من
يحفظون لهم الهداية اإللهية.
ومن هذه اآلية الكريمة اخترنا هذا االصطالح [اإلمام] ،وربطناه بـ [االمتداد
الرسالي] ..ذلك أن النبوة محدودة في مدتها ،وأجلها ،وقد انتهت أدوارها بوفاة آخ ر
الرسل عليهم السالم ،ولذلك لم يبق إال اإلمام.
وسر ذلك واضح ..ذلك أن النبوة تتضمن إيص ال التع اليم اإللهي ة إلى العب اد
لتطبيقها في حياتهم ،ثم يقوم اإلمام بعد ذلك بشرح تلك التعاليم ،وخاص ة في ال زمن
الذي يتسلل فيه البغاة للتحريف والتبديل.
وقد أشار إلى هذا قول ه تع الى ـ مش يرا إلى من ابع الهداي ة الثالث ة :الكت اب،
7
اب فَاَل تَ ُك ْن فِي ِمرْ يَ ٍة ِم ْن لِقَائِ ِه َو َج َع ْلنَ اهُ وس ى ْال ِكتَ َ والنبوة ،واإلمامة ـَ ﴿ :ولَقَ ْد آتَ ْينَا ُم َ
صبَرُوا َو َك انُوا بِآيَاتِنَ ا يل (َ )23و َج َع ْلنَا ِم ْنهُ ْم أئِ َّمة يَ ْه ُدونَ بِأ ْم ِرنَا لَ َّما َ
َ ً َ هُدًى لِبَنِي إِ ْس َرائِ َ
يُوقِنُونَ ﴾ [السجدة]24 ،23 :؛ فقد قرن هللا تعالى اإلمامة بالهداية ،أي أن دور اإلمام
هو حفظ الهداية من أن يتسلل إليه ا المتس للون ع بر اس تثمار المتش ابه ،واس تعماله
وسيلة للفتنة.
اب ْ ْ َ ُ
وهكذا ورد اإلخبار عن هذه السنة اإللهية في قوله تعالى﴿ :ث َّم أوْ َرثنَ ا ال ِكتَ َ
اص طَفَ ْينَا ِم ْن ِعبَا ِدنَ ا﴾ [ف اطر ،]32 :ثم بين مواق ف األمم من ه ؤالء الَّ ِذينَ ْ
ت بِ إِ ْذ ِن ق بِ ْالخَ ْي َرا ِ َص ٌد َو ِم ْنهُ ْم َس ابِ ٌالمصطفين ،فقال﴿ :فَ ِم ْنهُ ْم ظَ الِ ٌم لِنَ ْف ِس ِه َو ِم ْنهُ ْم ُم ْقت ِ
هَّللا ِ﴾ [فاطر]32 :
وبذلك؛ فإن القرآن الكريم يشير إلى أن أئمة الهدى يتعرضون ـ مثلما تعرض
األنبياء ـ لمواجه ة أص حاب الفتن ،ومتبعي الش بهات ،وال ذين ال يكتف ون بتحري ف
الدين ،وإنما يضيفون إليه إقصاء األئمة ،وتشويههم ،واستبدالهم بأئمة آخرين.
ث هَّللا ُ النَّبِيِّينَ اح َدةً فَبَ َع َ وق د أش ار إلى ذل ك قول ه تع الىَ ﴿ :ك انَ النَّاسُ أُ َّمةً َو ِ
اختَلَفُوا فِي ِه َو َم ا اس فِي َما ْ ق لِيَحْ ُك َم بَ ْينَ النَّ ِ َاب بِ ْال َح ِّ
ُمبَ ِّش ِرينَ َو ُم ْن ِذ ِرينَ َوأَ ْنزَ َل َم َعهُ ُم ْال ِكت َ
َات بَ ْغيًا بَ ْينَهُ ْم فَهَدَى هَّللا ُ الَّ ِذينَ آ َمنُوا اختَلَفَ فِي ِه إِاَّل الَّ ِذينَ أُوتُوهُ ِم ْن بَ ْع ِد َما َجا َء ْتهُ ُم ْالبَيِّن ُ ْ
اط ُم ْس تَقِ ٍيم﴾ [البق رة: ص َر ٍ ق بِإِ ْذنِ ِه َوهَّللا ُ يَ ْه ِدي َم ْن يَ َش ا ُء إِلَى ِ اختَلَفُوا فِي ِه ِمنَ ْال َح ِّ لِ َما ْ
]213
ثم عقب هللا تعالى على هذه اآلية الكريمة ب أن س نته في ه ذه األم ة هي نفس
سنته في سائر األمم ،وأن الش يطان ال ذي أض ل س ائر األمم بإبعاده ا عن س راطها
المستقيم ،وممثلي ه الش رعيين ،س يفعل ذل ك م ع ه ذه األم ة أيض ا ،ق ال تع الى﴿ :أَ ْم
ضرَّا ُء َح ِس ْبتُ ْم أَ ْن تَ ْد ُخلُوا ْال َجنَّةَ َولَ َّما يَأْتِ ُك ْم َمثَ ُل الَّ ِذينَ خَ لَوْ ا ِم ْن قَ ْبلِ ُك ْم َم َّس ْتهُ ُم ْالبَأْ َسا ُء َوال َّ
ول ال َّرسُو ُل َوالَّ ِذينَ آ َمنُوا َم َعهُ َمتَى نَصْ ُر هَّللا ِ أَاَل إِ َّن نَصْ َر هَّللا ِ قَ ِريبٌ ﴾ َو ُز ْل ِزلُوا َحتَّى يَقُ َ
[البقرة]214 :
وبذلك يمكن أن نستنبط من اآليات الكريمة ثالثة معان:
أولها ـ أن من مقتض يات عناي ة هللا تع الى بعب اده ،باعتب اره ربهم وه اديهم،
توف ير ك ل أس باب الهداي ة ال تي تحميهم من الض اللة ،ومن التحري ف ال ذي يلح ق
األدي ان بع د وف اة األنبي اء عليهم الس الم ،وأن ال ذين يقوم ون ب ذلك يُطل ق عليهم
[األئمة] ،أو [أئمة الهدى] ،أو [الخلفاء] ،أو [الورث ة] ،أو [اله داة] ،كم ا نص على
ذلك قوله تعالى﴿ :إِنَّ َما أَ ْنتَ ُم ْن ِذ ٌر َولِ ُكلِّ قَوْ ٍم هَا ٍد﴾ [الرعد]7 :
ثانيها ـ أن أتباع األنبياء يفترقون في مواقفهم من أولئ ك األئم ة اله داة ال ذين
اس تخلفهم أنبي اؤهم عليهم ،وأوص وهم بهم؛ فبينم ا يطب ق بعض هم تل ك الوص ايا،
ويحرص عليها ،بينما يخالف آخرون ،وهم كثر ،تلك الوصايا ،ويرتضون ألنفس هم
الص اَل ةَ َواتَّبَ ُع وا ض اعُوا َّ ف أَ َ أئم ة ب دلهم ،كم ا ق ال تع الى﴿ :فَ َخلَ فَ ِم ْن بَ ْع ِد ِه ْم خَ ْل ٌ
ف َو ِرثُ وا ت فَ َسوْ فَ يَ ْلقَوْ نَ َغيًّا﴾ [م ريم ،]59 :وق ال﴿ :فَخَ لَ فَ ِم ْن بَ ْع ِد ِه ْم خَ ْل ٌ ال َّشهَ َوا ِ
8
ض هَ َذا اأْل َ ْدنَى َويَقُولُ ونَ َس يُ ْغفَ ُر لَنَ ا َوإِ ْن يَ أْتِ ِه ْم َع َرضٌ ِم ْثلُ هُ اب يَأْ ُخ ُذونَ َع َر َ ْال ِكتَ َ
ق َود ََرسُوا َم ا فِي ِه ب أَ ْن اَل يَقُولُوا َعلَى هَّللا ِ إِاَّل ْال َح َّ
ق ْال ِكتَا ِ يَأْ ُخ ُذوهُ أَلَ ْم ي ُْؤخ َْذ َعلَ ْي ِه ْم ِميثَا ُ
َوال َّدا ُر اآْل ِخ َرةُ َخ ْي ٌر لِلَّ ِذينَ يَتَّقُونَ أَفَاَل تَ ْعقِلُونَ ﴾ [األعراف]169 :
لكن ذلك ال يعني ان دراس ال دين األص يل ،ألن في ذل ك فتن ة ك برى ،تجع ل
البشر محرومين من الهداية اإللهية الصافية ..فل ذلك ال يخل وا عص ر من العص ور
من المتمسكين بالدين الحقيقي ،واتباع أئمة الهدى ،كم ا أش ار إلى ذل ك قول ه تع الى
ب َوأَقَ ا ُموا َّ
الص اَل ةَ إِنَّا اَل ﴿والَّ ِذينَ يُ َم ِّس ُكونَ بِ ْال ِكتَ ا ِ
في اآلية التي تلت اآلي ة الس ابقةَ :
ضي ُع أَجْ َر ْال ُمصْ لِ ِحينَ ﴾ [األعراف]170 : نُ ِ
ولهذا يخبر هللا تعالى أن الح ق لن ينطفئ ن وره أب دا ،ق ال تع الى ﴿ :ي ُِري ُدونَ
ور ِه َولَوْ َك ِرهَ ْال َك افِرُونَ ﴾ [الص ف ،]8 :وق ال: ور هَّللا ِ بِأ َ ْف َوا ِه ِه ْم َوهَّللا ُ ُمتِ ُّم نُ ِ
ُطفِئُوا نُ َلِي ْ
اط َل َكانَ زَ هُوقًا ﴾ [اإلسراء]81 : ق ْالبَا ِط ُل إِ َّن ْالبَ ِ ق َو َزهَ َ ﴿ َوقُلْ َجا َء ْال َح ُّ
وأخبر عن بني إسرائيل أنهم لم يجمع وا على تحري ف ال دين ،ب ل بقيت منهم
وس ى أُ َّمةٌ ﴿و ِم ْن قَ وْ ِم ُم َ
طائفة صالحة ،إلى أن جاء اإلسالم فاتبعته ،كما ق ال تع الىَ :
ق َوبِ ِه يَ ْع ِدلُونَ ﴾ [األعراف]159 : يَ ْه ُدونَ بِ ْال َح ِّ
وكل ذلك حتى تقوم الحجة على الخلق ،ذلك أن وقوع جميع األمة في الباطل
يعني انتصاره على الحق ،وهو ما يعني حرمان األجيال من الهداية اإللهية الصافية
التي لم تكدر باألهواء البشرية.
ثالثها ـ أن األصل في إمامة األئمة ووراثتهم أن تك ون ش املة لك ل الج وانب
ال تي يرتب ط به ا ال دين س واء تعلقت بالقض ايا الديني ة البحت ة ،أو تعلقت ب الجوانب
الحياتية ابتداء من الجانب السياسي ..ذلك أنهم يمثلون الهداية النبوية ويطبقونه ا في
تلك الجوانب.
لكن النصوص المقدسة الكثيرة تشير إلى أن إمام ة األئم ة للج انب السياس ي
تفتقر للقابلية الشعبية؛ فإن لم تتحقق ،أو رغب الناس عن حكم األئمة لهم؛ ف إن ذل ك
يعفيهم من ه ذا الج انب ،ليبقى الج انب األساس ي ،وه و ج انب الهداي ة والتوجي ه
والبالغ عن هللا وتوضيح حقائق الدين في كل الجوانب بما فيها الجانب السياسي.
وه ذا م ا يزي ل ك ل اإلش كاالت ال تي يطرحه ا من لم يفهم تل ك النص وص
المقدسة؛ فيتصور أن إمامة اإلمام قاصرة على توليه لمسؤولية الخالفة ،وله ذا نج د
الصوفية في المدرسة السنية يذكرون هذا االعتبار؛ فيقس مون الخالف ة إلى قس مين:
ظ اهرة وباطن ة ..وي ذكرون أن اإلم ام علي ،وغ يره من األئم ة ،تول وا الخالف ة
الباطنة.
بناء على هذا سنحاول في هذا الكت اب جم ع األح اديث الموض حة لمص اديق
هذه المعاني والمؤكدة لها ،والتي تنب ع جميع ا من ح رص رس ول هللا على ه ذه
األمة ،ال في جيله الذي عايشه فقط ،وإنما في جمي ع األجي ال ،وق د رأين ا أن ه يمكن
تقسيمها إلى قسمين:
9
القسم األول :ما ورد حول اإلمامة وأهلها وشروطها:
وهي األح اديث ال تي ي بين فيه ا رس ول هللا ب التلميح واإلش ارة ،أو
بالتصريح والعبارة ،المصاديق الذين ينطبق عليهم ألقاب األئمة والخلف اء والورث ة،
حتى تجتم ع األم ة عليهم ،وتحف ظ نفس ها من الفرق ة والخالف بس بب الت وزع على
أئمة كثيرين مختلفين.
وبما أن هذه القضية من أكبر القضايا التي وق ع فيه ا الخالف في األم ة؛ فق د
ورد في القرآن الكريم اإلشارة إلى ناحية مهمة جدا ،ربم ا يك ون اعتباره ا المعي ار
األول في تحديد مص اديق األئم ة ،فاهلل تع الى يعطي أهمي ة خاص ة لذري ة األنبي اء
عليهم الص الة والس الم ،وي بين أن لهم مكان ة كب يرة ال من الج انب الع اطفي فق ط،
وإنما من الجانب العملي أيض ا ،باعتب ار أن لهم اص طفاء خاص ا ،ودورا مهم ا في
الرسالة وحفظها والوفاء بمقتضياتها.
وقد ذكر هللا سبحانه وتعالى سنته في ذلك ،فقال ﴿ :إِ َّن هَّللا َ اصْ طَفَى آ َد َم َونُوحًا
ْض َوهَّللا ُ َس ِمي ٌع ْض هَا ِم ْن بَع ٍ َوآ َل إِ ْب َرا ِهي َم َوآ َل ِع ْم َرانَ َعلَى ْال َع الَ ِمينَ (ُ )33ذرِّ يَّةً بَع ُ
َعلِي ٌم﴾ [آل عمران]34 ،33 :
ومثلها قوله تعالى عند تسميته لألنبياء عليهم الصالة والسالم الم ذكورين في
ت َم ْن ن ََش ا ُء إِ َّن ك ُح َّجتُنَا آتَ ْينَاهَا إِ ْب َرا ِهي َم َعلَى قَوْ ِم ِه نَرْ فَ ُع د ََر َج ا ٍ القرآن الكريمَ ﴿ :وتِ ْل َ
وب ُك هَ َد ْينَا َونُو ًح ا هَ َد ْينَا ِم ْن قَ ْب ُل اًّل ق َويَ ْعقُ َ ك َح ِكي ٌم َعلِي ٌم (َ )83و َوهَ ْبنَا لَهُ إِ ْس َحا َ َربَّ َ
وس ى َوهَ ارُونَ َو َك َذلِكَ نَجْ ِزي ُوس فَ َو ُم َ ُّوب َوي ُ َو ِم ْن ُذ ِّريَّتِ ِه دَا ُوو َد َو ُس لَ ْي َمانَ َوأَي َ
الص الِ ِحينَ ()85 َّ اس ُك لٌّ ِمنَ َ يس ى َوإِ ْليَ ْال ُمحْ ِس نِينَ (َ )84و َز َك ِريَّا َويَحْ يَى َو ِع َ
ض ْلنَا َعلَى ْال َع الَ ِمينَ (َ )86و ِم ْن آبَ ائِ ِه ْم اًّل
س َولُوطً ا َو ُك فَ َّ يل َو ْاليَ َس َع َويُ ونُ َ اع ََوإِ ْس َم ِ
اط ُم ْستَقِ ٍيم ([ ﴾)87األنع ام- 83 : ص َر ٍ َو ُذ ِّريَّاتِ ِه ْم َوإِ ْخ َوانِ ِه ْم َواجْ تَبَ ْينَاهُ ْم َوهَ َد ْينَاهُ ْم إِلَى ِ
]87
فهذه اآليات الكريمة توضح الصالت النس بية بين األنبي اء جميع ا ،وت بين أن
االجتباء اإللهي شملهم بهذا الشكل ،وال راد الجتباء هللا.
ولم يكتف القرآن الكريم بهذا التعميم ،بل ذكر تفاصيل كثيرة تدل عليه ،ح تى
يترس خ في األذه ان أن اص طفاء األنبي اء فض ل إلهي باعتب اره اس تمرارا للنهج
الرسالي وتوحيدا لمسيرته حتى ال تنحرف به الطرق والمناهج.
ومن تلك التفاصيل ما ذكره هللا تعالى من اصطفائه آلل إبراهيم عليهم السالم
قفي آي ات متع ددة ،كقول ه تع الى عن إب راهيم علي ه الس المَ ﴿ :و َوهَ ْبنَ ا لَ هُ إِ ْس َحا َ
اب َوآتَ ْينَ اهُ أَجْ َرهُ فِي ال ُّد ْنيَا َوإِنَّهُ فِي اآْل ِخ َر ِة وب َو َج َع ْلنَا فِي ُذرِّ يَّتِ ِه النُّبُ َّوةَ َو ْال ِكتَ ََويَ ْعقُ َ
لَ ِمنَ الصَّالِ ِحينَ ﴾ [العنكبوت]27 :
بل إن القرآن الكريم ي ذكر أن إب راهيم علي ه الس الم نفس ه دع ا هللا أن يك ون
ت فَ أَتَ َّمه َُّن قَ ا َل
﴿وإِ ِذ ا ْبتَلَى إِ ْب َرا ِهي َم َربُّهُ بِ َكلِ َم ا ٍ الخط الرسالي ممتدا في ذريته ،فق الَ :
َّ
ال اَل يَنَ ا ُل َع ْه ِدي الظالِ ِمينَ ﴾ [البق رة: اس إِ َما ًم ا قَ ا َل َو ِم ْن ُذ ِّريَّتِي ق َ
َ ك لِلنَّ ِإِنِّي َجا ِعلُ َ
10
]124
وقد صرح القرآن الكريم بانقس ام ذريت ه إلى محس ن وظ الم في قول ه تع الى:
ق َو ِم ْنار ْكنَ ا َعلَ ْي ِه َو َعلَى إِ ْس َحا َ َّ
الص الِ ِحينَ (َ )112وبَ َ ق نَبِيًّ ا ِمنَ ﴿ َوبَ َّش رْ نَاهُ بِإِ ْس َحا َ
ين﴾ [الصافات]113 ،112 : ُذ ِّريَّتِ ِه َما ُمحْ ِس ٌن َوظَالِ ٌم لِنَف ِس ِه ُمبِ ٌ
ْ
بل إن هللا تعالى صرح بأن األمر باق في عقبه ،فق الَ ﴿ :و َج َعلَهَ ا َكلِ َم ةً بَاقِيَ ةً
فِي َعقِبِ ِه لَ َعلَّهُ ْم يَرْ ِجعُونَ ﴾ [الزخرف]28 :
بل إن هللا تعالى ذكر أن إبراهيم عليه السالم ـ كما سأل رب ه أن يجع ل ذريت ه
أئمة للناس ـ س أله أيض ا أن يوف ق الن اس لم ودتهم واالقت داء بهم ،فق ال على لس ان
ع ِع ْن َد بَ ْيتِ كَ ت ِم ْن ُذرِّ يَّتِي بِ َوا ٍد َغ ْي ِر ِذي زَرْ ٍ إبراهيم عليه الس المَ ﴿ :ربَّنَ ا إِنِّي أَ ْس َك ْن ُ
الص اَل ةَ فَاجْ َع لْ أَ ْفئِ َدةً ِمنَ النَّ ِ
اس تَ ْه ِوي إِلَ ْي ِه ْم َوارْ ُز ْقهُ ْم ِمنَ ْال ُم َح ر َِّم َربَّنَ ا لِيُقِي ُم وا َّ
ت لَ َعلَّهُ ْم يَ ْش ُكرُونَ ﴾ [إبراهيم]37 : الثَّ َم َرا ِ
ومن تلك التفاصيل ما ذكره هللا تعالى من اص طفائه آلل موس ى وآل ه ارون
عليهم السالم ،كما يشير إلى ذلك قوله تعالى في قصة طالوتَ ﴿ :وقَ ا َل لَهُ ْم نَبِيُّهُ ْم إِ َّن
وس ى َوآ ُل ُوت فِي ِه َس ِكينَةٌ ِم ْن َربِّ ُك ْم َوبَقِيَّةٌ ِم َّما تَ َركَ آ ُل ُم َ آيَ ةَ ُم ْل ِك ِه أَ ْن يَ أْتِيَ ُك ُم التَّاب ُ
هَارُونَ تَحْ ِملُهُ ْال َماَل ئِ َكةُ إِ َّن فِي َذلِكَ آَل يَةً لَ ُك ْم إِ ْن ُك ْنتُ ْم ُم ْؤ ِمنِينَ ﴾ [البقرة]248 :
بل إننا نجد أن هللا تعالى اختار هارون أخا موسى عليه الس الم ليك ون معين ا
َاب َو َج َع ْلنَا َم َعهُ أَ َخ اهُ له ووزيرا بناء على طلب موسى ،فقالَ ﴿:ولَقَ ْد آتَ ْينَا ُمو َسى ْال ِكت َ
هَارُونَ َو ِزيرًا ﴾ [الفرقان]35 :
ومن تل ك التفاص يل م ا ذك ره هللا تع الى من اص طفائه آلل يعق وب عليهم
الس الم ،وهم وإن ك انوا ج زءا من آل إب راهيم ،لكن الق رآن خص هم بال ذكر عن د
﴿و َك َذلِكَ يَجْ تَبِي كَ َربُّكَ الحديث عن يوسف بن يعقوب عليهما السالم في قوله تعالىَ :
َ
وب َك َم ا أتَ َّمهَ ا َعلَى آل يَ ْعقُ َ ث َويُتِ ُّم نِ ْع َمتَ هُ َعلَ ْي كَ َو َعلَى ِ َويُ َعلِّ ُم كَ ِم ْن تَأْ ِوي ِل اأْل َ َح ا ِدي ِ
ق إِ َّن َربَّكَ َعلِي ٌم َح ِكي ٌم﴾ [يوسف]6 : ك ِم ْن قَ ْب ُل إِ ْب َرا ِهي َم َوإِ ْس َحا َأَبَ َو ْي َ
وذكرهم عند الحديث عن زكريا عليه السالم حينما دعا هللا ع ز وج ل وطلب
وب ث ِم ْن آ ِل يَ ْعقُ َ الذرية الصالحة ،فق ال﴿ :فَهَبْ لِي ِم ْن لَ ُد ْنكَ َولِيًّ ا ( )5يَ ِرثُنِي َويَ ِر ُ
ضيًّا ﴾ [مريم]6 ،5 : َواجْ َع ْلهُ َربِّ َر ِ
ومن تلك التفاصيل ما ذكره هللا تعالى من اصطفائه آلل داود عليهم الس الم،
ي وال ذين ورد ذك رهم في قول ه تع الى ﴿ :ا ْع َملُ وا آ َل دَا ُوو َد ُش ْكرًا َوقَلِي ٌل ِم ْن ِعبَ ا ِد َ
ث ال َّش ُكو ُر ﴾ [سبأ ،]13 :وقد بين القرآن الكريم أن سليمان ورث داود ،فق الَ ﴿ :و َو ِر َ
ُسلَ ْي َمانُ دَا ُوودَ﴾ [النمل]16 :
وهك ذا نج د ح ديث هللا عن اص طفائه آلل بيت أنبيائ ه ،وإعط ائهم مكان ة
خاص ة ،وهي س نته فيهم ،ورس ول هللا أولى ب ذلك منهم ،إن لم يكن نظ يرا لهم
ت بِ ْدعًا ِمنَ الرُّ ُس ِل َو َم ا أَ ْد ِري َم ا يُ ْف َع ُل بِي َواَل فيه ،وقد قال تعالى عنه﴿ :قُلْ َما ُك ْن ُ
ين﴾ [األحقاف]9 : ي َو َما أَنَا إِاَّل نَ ِذي ٌر ُمبِ ٌ بِ ُك ْم إِ ْن أَتَّبِ ُع إِاَّل َما يُو َحى إِلَ َّ
11
ولذلك؛ فإن وجود أحاديث تدل على هذه المعاني ،وأن رسول هللا يتحدث
عن أهل بيته ،أو يوصي بهم ،أو ي دل على أن لهم وظ ائف خاص ة ترتب ط بالهداي ة
ليس مستغربا؛ فالقرآن الكريم يؤكد ذلك ،ويصرح به ،وسر ذلك يعود ألم رين ي دل
عليهما العقل والنقل:
أم ا أولهما :فه و نفس الس ر ال ذي بس ببه رفض إبليس الس جود آلدم علي ه
السالم ،وهو أن األمم قد تخضع ألنبيائها بدافع المعجزات التي ظهرت على أيديهم،
ولكنها ترفض أن تخضع لقرابتهم من بعدهم حسدا وبغيا ،كم ا ذك ر الق رآن الك ريم
ض لِ ِه فَقَ ْد آتَ ْينَ ا َ
آل إِ ْب َرا ِهي َم ذلك ،فق ال ﴿ :أَ ْم يَحْ ُس ُدونَ النَّ َ
اس َعلَى َم ا آتَ اهُ ُم هَّللا ُ ِم ْن فَ ْ
ص َّد َع ْن هُ َاب َو ْال ِح ْك َمةَ َوآتَ ْينَاهُ ْم ُم ْل ًكا َع ِظي ًم ا ( )54فَ ِم ْنهُ ْم َم ْن آ َمنَ بِ ِه َو ِم ْنهُ ْم َم ْن َ
ْال ِكت َ
َو َكفَى بِ َجهَنَّ َم َس ِعيرًا ([ ﴾)55النساء]55 ،54 :
وأما الثاني :فهو ما تدل عليه الفط رة الس ليمة ،ذل ك أن أق رب الن اس تم ثيال
لألنبياء واقتداء بهم وعلم ا ب أحوالهم هم أهل وهم ال ذين عاش وا معهم ،وه ذا مت وفر
أله ل بيت النب وة بحكم ت ربيتهم في بيت الن بي ،ومن ثم األخ ذ عنهم بص فة
مباشرة ،ومن ثم انتقال العلم بينهم بالتوالي من المصدر تماماً.
وهذا ما يدل عليه الواقع؛ فالصانع الحرفي اليدوي الماهر ينق ل س ر ص نعته
ومهارت ه تل ك إلی ابن ه وحفي ده ..والرياض ي الب ارع ه و في الغ الب ابن رياض ي
بارع ..والسياسي الحاذق نجده قد تربی ونقل عن والده نفس المهارة ..حتى الساحر
والحاوي ينقل سر مهنته تلك عن أبيه ،وبالمثل الط بيب الح اذق والموس قي المب دع
والعالم الباحث.
وهذا ال يعني أن اإلمامة تنطبق على كل أوالد الرسول أو أقارب ه ،فق د أخ بر
هللا تعالى أن منهم من يكون ظالما ،ولذلك ال يستحق ذلك الشرف ..بل أخ بر أن ابن
نوح عليه السالم كان كافرا ،ولذلك نزل عليه الع ذاب مثلم ا ن زل على غ يره ،بن اء
على ما تقتضيه العدالة اإللهية.
ولهذا يحتاج التعرف على اإلمام وص فاته ووظائف ه إلى البي ان النب وي ال ذي
يحمي األمة من أن تضع مص اديق اإلمام ة في غ ير أهله ا؛ فتنح رف عن الس راط
المستقيم.
القسم الثاني :ما ورد في شأن االمتداد الرسالي والفتن التي تعرض له:
وهي األحاديث التي يبين فيها رسول هللا مواقف األم ة الواقعي ة من تل ك
الوصايا ،والفتن التي تحصل لها بس بب ذل ك ،مم ا ين درج ض من النب وءات ..وهي
ليست مجرد نب وءات ،وإنم ا هي وص ايا ت دل على الطري ق ال ذي ينجي من الفتن،
ويعيد األمة إلى مسارها الصحيح.
ذلك أن هللا تعالى أبلغ نبيه بكل ما تفعله األمة من بعده ..وهو لذلك ـ بن اء
على ش فقته وحرص ه عليهم ـ ال يكتفي ب أن يوص يهم بالوص ايا ال تي يعلم أنهم
سيقصرون فيها ،وإنما يضيف إلى ذلك تحذيرهم من المواقف ال تي تص يبهم بس بب
12
ذلك التقصير ،ويبين لهم كيفية الخروج منه.
وكل ذلك تابع لما تقتضيه الهداية اإللهية للخلق ،والتي لم تكتف بتلك الوصايا
الداعية إلى مراعاة السراط المستقيم الذي يمثله أئمة الهدى ،وع دم االنح راف عن ه
إلى غيره ،وإنما أضافت إلى ذلك وصف الواقع ال ذي س يؤول إلي ه ح ال المس لمين
بسبب تفريطهم في الوصايا اإللهية ،وبيان كيفية التعامل معه ،وهو م ا يطل ق علي ه
[الفتن والمالحم]
ونرى أن أصل هذا النوع من األحاديث مقبول موافق للقرآن الكريم وللعقول
والفطر السليمة ،ذلك أنها من دالئل الحرص على الهداية ،وتوفير كل ما يؤدي إلى
إقامة الحجة على الخلق ،حتى ال تبقى حج ة لمحتج؛ فأح اديث الفتن ،ليس ت مج رد
استش راف للمس تقبل ،ووص ف دقي ق ل ه ،وإنم ا هي بمثاب ة التش ريعات المرتبط ة
بالظروف المختلفة ،حتى يتعرف المؤمن على وجه الحق فيها؛ فيتبعه.
وبذلك ،فإنه يمكن وصفها بأنها امت دادا للنب وة ،وامت داد لنص حها وتوجيهه ا،
وكأن رسول هللا حاضر عند كل فتنة ،ليعلمنا كيفية تجنبها ،مثلما كان في حيات ه
َزي ٌز َعلَ ْي ِهالدنيوية تماما ،كما قال تعالى في وصفه﴿ :لَقَ ْد َجا َء ُك ْم َرسُو ٌل ِم ْن أَ ْنفُ ِس ُك ْم ع ِ
وف َر ِحي ٌم ﴾ [التوبة]128 : َما َعنِتُّ ْم َح ِريصٌ َعلَ ْي ُك ْم بِ ْال ُم ْؤ ِمنِينَ َر ُء ٌ
فالحرص الشديد لرسول هللا على نجاة البشرية وخالصها هو الذي جعل ه
ال يترك مناسبة إال ويخبر فيها عما يتربصها في جميع مراح ل تاريخه ا المس تقبلية
من خير أو شر ،مبينا أسباب ذلك وعوامله ،وموجها إلى كيفية التعامل معه.
وهذا ما ينسجم م ع م ا ورد في النص وص الكث يرة من وض وح أم ر ال دين،
وكل ما يعترض حركته وتطبيقه في التاريخ من عقبات.
وفوق ذلك؛ ف إن الواق ع أحس ن دلي ل على ص حتها ،ذل ك أن الكث ير من تل ك
االستشرافات التي أخبر عنها رسول هللا تحققت بالفعل ،ولذلك لم تبق حجة لمن
ينكرها ،ولذلك أدرجها العلماء في [دالئل النبوة]
باإلضافة إلى ذلك؛ فقد أخبر هللا تعالى عن استعمال األنبياء عليهم السالم لها
لبيان نبوتهم وصدقهم ،مثلما فعل يوسف عليه السالم عن دما ق ال مخاطب ا ص احبيه
في السجن ﴿ :اَل يَأْتِي ُك َما طَ َعا ٌم تُرْ َزقَانِ ِه إِاَّل نَبَّأْتُ ُك َما بِتَأْ ِويلِ ِه قَ ْب َل أَ ْن يَأْتِيَ ُك َم ا َذلِ ُك َم ا ِم َّما
عَلَّ َمنِي َربِّي﴾ [يوسف]37 :
ومثل ه قول ه تع الى على لس ان المس يح علي ه الس الم مخاطب ا ب ني إس رائيل:
﴿ َوأُنَبِّئُ ُك ْم بِ َما تَأْ ُكلُونَ َو َما تَ َّد ِخرُونَ فِي بُيُوتِ ُك ْم إِ َّن فِي َذلِ كَ آَل يَ ةً لَ ُك ْم إِ ْن ُك ْنتُ ْم ُم ْؤ ِمنِينَ ﴾
[آل عمران]49 :
ولهذا نرى اليهود والمسيحيين وغيرهم من أصحاب األدي ان ،يعتم دون على
النبوءات في إثبات عقائدهم ،ولهذا نجد في كتبهم المقدسة اهتماما كب يرا ب النبوءات
الغيبية ،ومحاولة تطبيقها على الواقع.
وسر ذلك أن [النبوءات] ،وخاصة الدقيقة منها ،خارجة عن القدرات العلمي ة
13
العادية ،فاإلنسان ال يعرف إال ماضيه وحاض ره ،أم ا المس تقبل فه و غيب مطل ق،
ولذلك ال يعرفه بدقته إال من يملك االتصال بعالم الغيب ،وذلك ألن النط ق ب النبوءة
خطير جدا ،ذلك أنه يميز الصادق من الكاذب ،وفي الت اريخ نب وءات كث يرة ك ذبت
أصحابها ،وكانت من أسباب ارتفاع ثقة جمهورهم بهم ..ومن ذلك البي ان الش يوعي
المعروف الذي صدر س نة ،1848وال ذي تنب أ ب أن أول البالد ال تي س تقود الث ورة
الشيوعية هي (ألمانيا) ،لكنه وبعد مض ي العق ود الكث ير من الس نين لم تتحق ق ه ذه
النبوءة ،بل سقطت الشيوعية نفس ها قب ل أن تتحق ق ..وق د كتب ك ارل م اركس في
مايو سنة 1849ق ائال( :إن الجمهوري ة الحم راء ت بزغ في س ماء ب اريس) ،ورغم
أكثر من قرن على هذه النبوءة إال أنها لم تتحقق(.)1
بناء على هذا لقي هذا الن وع من األح اديث اهتمام ا كب يرا من المح دثين من
المدرستين السنية والشيعية ،حيث ال نجد كتاب ا من كتب الح ديث ،إال ويش تمل على
أبواب من هذا النوع.
ففي الصحيحين اللذين تعتبرهما المدرسة الس نية أص ح الكتب بع د كت اب هللا
نجد هذا النوع من األحاديث ،ففي صحيح البخاري ،نرى كتابا ً مخصص ا ألح اديث
الفتن والمالحم ،ترجم له البخاري بعنوان (كتاب الفتن) ،جمع فيه ما ال يقل عن 87
حديثا ً مقسمةً على 28باباً ..ومثله نجد في صحيح مس لم كتاب ا تحت عن وان (كت اب
الفتن وأشراط الساعة) ،جمع في ه م اال يق ل عن 143ح ديثا ً موزع ا على 28باب اً،
وكان فيه أكثر تفصيالً ودقة من البخاري.
أما ّ في كتب السنن األربع ال تي تعتبره ا المدرس ة الس نية تالي ة للص حيحين،
فنجد فيها جميعا كتبا وأبوابا خاصة بهذا الن وع من الح ديث ..ومن أمثله ا س نن أبي
داوود ال ِّس ِجستاني ،الذي جمع مروي ات الفتن في مص نفه المش هور في ثالث ة كتب،
األول بعن وان (كت اب الفتن والمالحم) ،أورد في ه م ا يق ارب 88ح ديثاً ،والث اني
بعنوان (كتاب المه دي) ،وذك ر في ه 21ح ديثاً ،والث الث بعن وان (كت اب المالحم)،
جمع فيها ما يزيد عن 50حديثاً.
ومثله فعل الحافظ الترمذي ،والذي خص ص كتاب ا ألح اديث الفتن والمالحم،
وترجم له بعنوان (أبواب الفتن عن رسول هللا ،)وقد جمع في ه م ا يزي د عن 70
بابا ً في أحاديث ومرويات الفتن.
ومثلهما فعل الحاف ظ أب و عب د ال رحمن النس ائي ،لكن ه لم يف رد كتاب ا ً خاص ا ً
ألحاديث الفتن ،بل بثها في ثنايا سننه على شكل أبواب متفرقة في كتب مختلفة.
ومثلهم فعل الحافظ ابن ماجة محمد القزويني ،ال ذي خ رّج أح اديث الفتن في
سننه في كتاب ترجم له بـ [كت اب الفتن] ،قس مه إلى م ا يزي د على 30باب ا ً جمعت
أكثر من 100حديث للنبي في الموضوع.
)(1االسالم يتحدى مدخل علمي الى االيمان ،وحيد الدين خان ،ص .١٢٨
14
بل إنهم خصصوا كتبا خاصة بذلك ،وهي كث يرة ،ومن أهمه ا [كت اب الفتن]
( ،)2لنعيم بن حماد ،وه و من المص ادر الرئيس ية في ه ذا الب اب ،لكون ه من الكتب
المتقدمة التي جمعت أكثر ما يتعلق بهذا الموضوع من أحاديث ،باإلضافة إلى كونه
لقي اهتماما كبيرا من أئم ة الح ديث ،ذل ك أن مؤل ف الكت اب (نعيم بن حم اد) ك ان
ش يخا لكب ار أئم ة الح ديث من أمث ال البخ اري ومس لم وأبي داوود والترم ذي
والنسائي ،بل إنهم استندوا إليه في تخريج هذا النوع من الحديث.
ومنها كتاب (السنن الواردة في الفتن وغوائله ا واألزمن ة وفس ادها والس اعة
وأشراطها)( )2ألبي عم رو ال داني ،وق د قس مه إلى أك ثر من مئ ة ب اب ،جم ع فيه ا
الكثير من أحاديث الفتن وتفاصيلها وأزمنتها واألمكنة التي تقع فيها.
وهك ذا نج د اهتم ام المص ادر الحديثي ة للمدرس ة الش يعية بأح اديث الفتن
والمالحم والنب وءات ،ب ل إن اهتمامه ا به ا أك بر بكث ير ،ذل ك أنه ا تعتبره ا من
المع ارف الديني ة الض رورية ،وال تي ترتب ط به ا الكث ير من المواق ف والس لوكات
بخالف المدرسة السنية ،والتي تكتفي عادة بربطها بالعقائد أو دالئل النبوة.
ولهذا نجد في كتب الحج اج والمن اظرات والج دل ال ذي دار بين المدرس تين
احتج اج كب ار أعالم الش يعة ومتكلميهم بأمث ال تل ك الرواي ات والنص وص ،وال تي
ينقلونها في مصادرهم عبر طرق كثيرة متواترة.
ونحب أن ننب ه هن ا إلى أن الكث ير من الرواي ات ال تي نج دها في المص ادر
الشيعية ،هي نفسها في المصادر السنية ،وربما يكون ذل ك العتم اد كال المدرس تين
على م ا كتب ه نعيم بن حم اد في [كت اب الفتن] ،باإلض افة ألبي ص الح الس ليلي بن
أحمد بن عيسى ابن شيخ الحساني ،وأبي يحيى زكريا بن يحيى بن الحارث البزار..
وقد جمعها جميع ا علي بن موس ى بن ط اووس في كتاب ه [المالحم والفتن]،
وال ذي ذك ر ه ذه الكتب الثالث ة ،وبين م دى مص داقيتها ،ثم ق ال( :وق د اقتض ت
االس تخارة أن أذك ر من ه ذه الثالث ة المص نفات م ا يوفق ني هللا ج ل جالل ه ل ذكره
وأكون في ثقله متابعا لمق دس أم ره وحافظ ا بجمع ه م ا تف رق من س ره ومس تفتحا
ألبواب بره ونصره ،وتعظيم قدره والتعريف لما يجب على ذلك من حمده وش كره،
وأجعله أبوابا وفي كل باب أذكر ما اشتمل عليه الباب من خبره وخبره ،وأقيد ذك ر
األبواب التي في ذلك الكتاب ليعرف الناظر فيها ما اش تملت علي ه فيطلب ه من حيث
يرشده إليه إن شاء هللا تعالى)()3
ثم بين م دى قيم ة كت اب أبي نعيم خصوص ا ،وذك ر أن ذل ك بس بب كون ه
(..أق رب عه د بالص حابة والت ابعين وق د زك اه جماع ة من المفس رين)( ،)4ثم ذك ر
)(2ويقال بأن اسمه الصحيح هو (الفتن والمالحم) ،ولكنه اشتهر بكتاب [الفتن].
)( 2وقد قام بتحقيقه رضاء هللا المباركفوري ،وطبعته دار العاصمة بالرياض في ستنة مجلدات.
)( 3المالحم والفتن في ظهور الغائب المنتظر عجل هللا فرجه الشريف ،السيد رض ي ال دين ابي القاس م علي بن
موسى بن جعفر بن محمد بن طاووس ،ص .20
)(4المرجع السابق ،ص .19
15
بعض الروايات عن األعالم الذين وثقوه ،وال ذين ذك روا عالقت ه الطيب ة بأص حاب
اإلمام علي ،وروايته عنهم.
ول ذلك؛ ف إن معظم الخالف بين المدرس تين ليس في نص وص األح اديث
والروايات ،وإنما في تطبيقها على المصاديق الالئقة بها ،حيث نجد ك ل مص نف أو
شارح لتلك األحاديث يطبقها على ما يراه من الواقع الذي عاشه.
ومن األمثلة على ذلك ما فعله أبو عمرو الداني في كتابه [الس نن ال واردة في
الفتن وغوائلها واألزمنة وفسادها والساعة وأشراطها] حيث طب ق أحاديث ه على م ا
وقع في زمانه من أحداث ،ول ذلك ذك ر في كتاب ه أن الفتن ة ق د وص لت ذروته ا في
زمانه ولم يبق إالّ العالمة الكبرى لقيام الساعة ،فقال( :فقد ظهر في وقتن ا وفش ا في
زماننا من الفتن وتغي ير األح وال وفس اد ال دين ،واختالف القل وب ،وإحي اء الب دع،
وإماتة السنن ،ما دل على انقراض الدنيا وزوالها ،ومجيء الساعة واقترابها ،إذ كل
ما قد تواتر من ذلك وتتابع وانتشر ،وفشا وظهر ،قد أعلمنا به نبينا وخوفناه)()1
بناء على هذا كله ،فقد قسمنا الكتاب إلى خمسة فصول ،كما يلي:
الفصــل األول :ح ول األح اديث المقبول ة المرتبط ة بتحدي د أئم ة اله دى
وأوصافهم في المصادر السنية.
الفصــل الثــاني :ح ول األح اديث المقبول ة المرتبط ة بتحدي د أئم ة اله دى
وأوصافهم في المصادر الشيعية.
الفصل الثالث :حول األحاديث المقبولة المرتبط ة باالمت داد الرس الي ،والفتن
التي تعرض له في المصادر السنية.
الفصل الرابع :حول األحاديث المقبولة المرتبط ة باالمت داد الرس الي ،والفتن
التي تعرض له في المصادر الشيعية.
الفصــل الخــامس :ح ول األح اديث الم ردودة المرتبط ة باإلمام ة واالمت داد
الرسالي.
وقد حاولنا االكتفاء بإيراد األحاديث ،وبيان مدلوالتها العامة من دون تفصيل
كبير ،إال إذا رأينا أن تأويال لحق بتلك األحاديث ليحرفها عن معناها؛ فنحتاج حينها
لرده.
17
وهي أحاديث كثيرة ،لكن أشهرها م ا يطل ق علي ه [ح ديث الثقلين] ،ويس مى
ك فيكم الثَّقَلي ِن) ـ كم ا ي ذكر المح دثون ـ كذلك لقوله في بعض ألفاظه( :إنِّي تار ٌ
ألهميتهما ،قال القاضي عياض( :قِيل ُس ِّميَا بذلك؛ ل ِعظم أقدارهما ،وقيل :لش َّدة ْ
األخذ
بهما)( ،)1وقال النوويُّ ( :س ِّميَا ثَقلين؛ لعظمهما ،وكبير شأنهما)()2
وقد روي عن جمع من الصحابة ،وبصيغ متقارب ة ،ت دل على أن رس ول هللا
كان يكثر من ذكره والتنبي ه علي ه ،وه و بجمي ع ص يغه ي دل على ك ون الع ترة
الطاهرة منبعا من منابع الهداية الصافية ،بدليل ذكرها مع القرآن الك ريم ،واإلخب ار
بعدم افتراقها عنه ،ومن تلك الصيغ:
ُ
(تركت فيكم م ا علي عن رسول هللا أنه قال: حديث اإلمام ِّ ُ [الحديث ]1 :ـ
وأهل بَيتي)()3 َ كتاب هللا ،سببُه بيده وسببُه بأيديكم، َ إن أخذتُم به لن تضلُّوا: ْ
ك ت عن رس ول هللا أن ه ق ال( :إني ت ار ٌ حديث زَي د بن ث اب ٍ ُ [الحديث]2 :ـ
وع ترتي أه ل بي تي؛ فإنَّهم ا لن يفترقَ ا فيكم ما إن تمسَّكتُم به لن تضلُّوا :كت اب هللاِ ،
الحوض)()4 ي
يردَا عل َّ
َ حتى ِ
ك فيكم [الحديث ]3 :حديث زَيد بن أرق َم عن رسول هللا أنه قال( :إنِّي تار ٌ
ما إن تمسَّكتُم به لن تضلُّوا بعدي .أحدُهما أعظ ُم من اآلخَ ر:.كتاب هللا ،ح ْب ٌل مم دو ٌد
وض، َ ي الح من السَّماء إلى األرض ،و ِعترتي أهل بيتي ،ولن يتف َّرقَا ح تى ي ِردَا عل َّ
فانظروا كيف تَخلُفوني فيهما)()5
أمرين لن تضلُّوا إن اتَّبعتموهم ا، ِ ك فيكم وفي لفظ آخر( :أيُّها الناس ،إنِّي تار ٌ
عترتي)()6 وهما :كتابُ هللا ،وأه ُل بيتي ِ
جابر بن عبد هللا عن رس ول هللا أن ه ق ال( :ي ا أيُّه ا ِ ُ
حديث [الحديث]4 :ـ
ل بَيتي)()7 وعترتي أ ْه َ إن أخذتُم به لن تضلُّوا :كتاب هللاِ ، تركت فيكم ما ْ ُ الناس ،إني
[الحديث ]5 :ـ حديث أبي سعي ٍد ال ُخدريِّ عن رسول هللا أنه ق ال( :إنِّي ق د
ين .أحدهما أكب ُر ِمن اآلخَر .كتاب إن أخذتم به ،لن تضلُّوا بعدي :الثَّقلَ ِ تركت فيكم ما ْ ُ
فترقَ اهللا ،ح ْب ٌل ممدود من السَّماء إلى األرض ،و ِعترتي أهل بي تي ،أاَل وإنهم ا لن يَ ِ
الحوض)()8 ي يردَا عل َّ
َ حتى ِ
)(1انظر( :مشارق األنوار على صحاح اآلثار) ()1/134
)(2انظر( :شرح صحيح مسلم) ()15/180
)(3رواه إسحاق بن راهويه كما في (إتحاف الخ يرة المه رة) للبوص يري ( ،)7/210و(المط الب العالي ة) البن
حج ر ( )4/252والطح اوي في (ش رح مش كل اآلث ار) ( ،)1760والح ديث ص حح إس ناده الحاف ظ ابن حج ر في
(المطالب العالية) ()4/252
)(4رواه عبد بن حميد في (مسنده) ()240
)(5رواه الترمذي ( ،)3788والفس وي في (المعرف ة والت اريخ) ( ،)1/536والش جري في (ت رتيب األم الي) (
)738قال الترمذي( :حسن غريب)
)(6رواه الحاكم ( ،)4577والشجري في (ترتيب األمالي) ()712
)(7رواه الترمذي ( ،)3786والطبراني في (المعجم الكبير) ()2680( )3/66
)(8رواه أحمد ( ،)11578وابن أبي عاصم في (السنة) ( ،)1553وأبو يعلى ( ،)1140والطبراني في (المعجم
الكبير) ( ،)2678( )3/65والبغوي في (شرح السنة) ()3914
18
تمس كتم ب ه ،فلن تض لُّوا :كت َ
اب هللا ،وأه َل إن َّ ُ
ركت فيكم م ا ْ وفي رواي ة( :ت
بيتي)()1
تمس كتم ب ه ،لن تض لُّوا بع دي .أح دهما إن َّ ك فيكم م ا ْ وفي رواي ة( :إني ت ار ٌ
وع ترتي أ ْه ل الس ماء إلى األرضِ ، أعظ ُم من اآلخَر :.كت اب هللا ،حب ٌل مم دود من َّ
ي الحوض ،فانظروا كيف تَخلُفوني فيهما)()2
بيتي ،ولن يتف َّرقَا حتى ِ
يردَا عل َّ
وال تع ارض بين ه ذه األح اديث وبين م ا ورد من الرواي ات في الجم ع بين
الوصية بالقرآن الكريم والسنة ،على الرغم من كون المح دثين يض عفون الرواي ات
التي استبدل فيها لفظ [العترة] بلفظ [السنة] ،ذلك أن ه وردت أح اديث أخ رى تض ع
سنة رسول هللا ،وس نة أئم ة اله دى في مح ل واح د ،وله ذا يمكن اعتباره ا من
األحاديث المقبولة ،والتي يمكن الجمع بينها وبين األحاديث الواردة بلفظ العترة.
ركت فيكم أم رين لن تض لُّوا ُ [الحديث ]6 :ـ ومن تلك األحاديث قول ه ( :ت
وس نَّةَ
اب هللا ُ كتاب هللا ج َّل وع َّز ،و ُسنَّةَ نبيِّه)( ،)3وقوله ..( :وما عطَّلوا كت َ
َ بعدهما:
ركت فيكم أيُّه ا الن اس ،م ا إ ِن ُ بأس هم بينهم)( ،)4وقول ه( :ت رس ولِه ،إاَّل ج َع ل هللا َ
ركت فيكم ُ وس نَّة نبيِّه)( ،)5وقول ه( :ق د تاعتصمتم به ،فلن تض لُّوا أب دًا :كت اب هللاُ ،
فت وس نَّة ن بيِّكم)( ،)6وقول ه( :إنِّي ق د َخلَّ ُ بَعْدي ما إن أخ ذتُم ،لم تض لُّوا :كت اب هللاُ ،
يوس نتي ،ولن يتف َّرقَ ا ح تى ي ِردَا عل َّ فيكم اثنين ،لن تضلُّوا بعدهما أبدًا :كت اب هللاُ ،
وس نَّتي؛ تركت فيكم الثَّقلين :كت اب هللاُ ،
ُ الحوض)( ،)7وقوله( :يا أيُّها الناس ،إنِّي قد
فاستن ِطقوا القرآن ب ُسنَّتي ،وال تعسفوه؛ فإنَّه لن تع َمى أبص ارُكم ،ولن تَ ِز َّل أق دامكم،
ر أيديكم ما أخذتُم بهما)()8 ولن تقص َ
ومع ورود الحديث بتلك الصيغ الكثيرة الصحيحة الدال ة على وص ية رس ول
هللا بالعترة ،واعتبارها منبعا من منابع الهداية مثلها مثل القرآن الكريم ،وأن ه ال
تعارض لذلك بينها وبين السنة النبوي ة ،ذل ك أنه ا مكمل ة ومبين ة له ا ،مثلم ا تكم ل
السنة القرآن وتبينه؛ إال أنه مع ذلك نجد من العلماء ال ذين أث رت فيهم الفئ ة الباغي ة
يردون تلك األحاديث ،مع أنهم يسلمون بصحتها.
ومن األمثلة على ذلك قول ابن قدامة المقدسي( :ال نس لم أن الم راد ب الثقلين:
[الحديث ]38 :ـ عن عبد الملك بن عمير ق ال :أرس ل الحج اج إلى يح يى بن
يعمر ،قال :بلغني أنك تزعم أن الحسن والحسين من ذرية الن بي ق ال :تج ده في
كتاب هللا ـ عز وجل ـ وقد قرأته من أوله إلى آخ ره ،فلم أج ده ،ق ال يح يى :ك ذبت،
قال الحجاج :لتأتيني على ما قلت ببينة ،فقال :أليس تقرأ سورة األنع ام :ومن ذريت ه
داود وسليمان [األنعام ]84حتى بلغ (ويحيى وعيسى) قال :بلى ،قال :أليس عيس ى
من ذرية إبراهيم وليس له أب؟)()5
)(1المفهم ()9-4/8
)(2منهاج السنة ()8/170
37
وغربا وشماال ويمينا مم ا غلب علي ه المس لمون ،وال يت ولى أح د في بل د من البالد
كلها اإلمارة على شيء منها اال بأمر الخليفة ،ومن نظر في أخبارهم ع رف ص حة
ذلك ،فعلى هذا يكون المراد بقوله( :ثم يكون الهرج) يعني :القت ل الناش ئ عن الفتن
وقوعا فاشيا ،يفشو ويستمر ويزداد على مدى األيام ،وكذا كان)()1
والمالحظة التي ذكرها ابن حجر مهمة جدا ،وهي م ا ورد في األح اديث من
اإلش ارة إلى إجم اع األم ة عليهم ،وه و قول ه( :كلهم يجتم ع علي ه الن اس) ..ولكن
تأويله لذلك بعيد جدا ،ذلك أن أولئ ك الخلف اء ال ذين ذك رهم لم يجم ع عليهم الن اس،
وإنم ا فرض ت بيعتهم قه را وتس لطا ،بخالف أئم ة اله دى ،وال ذين اجتمعت األم ة
جميعا على مكانتهم وفضلهم ،وإن اختلفت في التبعية لهم.
ولم يكتف الف ارون من الح ديث ومقتض ياته به ذه الت أويالت البعي دة ،ب ل إن
بعض هم ذهب إلى أن الم راد من ه تفاص يل الهيئ ة الحاكم ة :الخليف ة ،وال وزراء،
والنواب ،والحكام ،وغيره ا ،كم ا ع بر عن ذل ك ابن تيمي ة بقول ه( :وق د ت أول ابن
هب يرة الح ديث على أن الم راد أن ق وانين المملك ة ب اثني عش ر ،مث ل ال وزير،
والقاضي ،ونحو ذلك)()2
خامسا .اعتبار اإلمام علي أول أئمة الهدى:
والكثير منها صحيح بحسب شروط الصحة في المصادر السنية ،وعند أك ثر
المحدثين تشددا ،بل إن بعضها بلغ مبلغ التواتر ،وفوق ذل ك ال تع ارض بينه ا وبين
القرآن الكريم ،وال العقل السليم ،وال الفطرة الصافية.
فالقرآن الكريم يشير إلى أن الوظائف الكبرى قد تستدعي تدخال إلهيا حتى ال
يقع البشر في سوء االختي ار ،ومن األمثل ة على ذل ك م ا قص ه هللا تع الى علين ا من
قصة ب ني إس رائيل ولج وئهم إلى ن بيهم ليح دد لهم المل ك ال ذي يخ رجهم من الذل ة
والهوان الذي ارتكسوا فيه بسبب سوء اختيارهم ،كم ا نص على ذل ك قول ه تع الى:
ث لَنَ ا َملِ ًك ا وس ى إِ ْذ قَ الُوا لِنَبِ ٍّي لَهُ ُم ا ْب َع ْ
﴿أَلَ ْم ت ََر إِلَى ْال َمإَل ِ ِم ْن بَنِي إِ ْس َرائِي َل ِم ْن بَ ْع ِد ُم َ
نُقَاتِلْ فِي َسبِي ِل هَّللا ِ﴾ [البقرة]246 :
ومث ل ذل ك أخ بر عن عناي ة هللا تع الى ب إخراج المستض عفين من ن ير
المستكبرين ،وذلك بتوفير أئمة اله دى ال ذين ي ؤدون ذل ك ال دور ،كم ا ق ال تع الى:
ارثِينَ ( ض َونَجْ َعلَهُ ْم أَئِ َّمةً َونَجْ َعلَهُ ُم ْال َو ِ
﴿ َونُ ِري ُد أَ ْن نَ ُم َّن َعلَى الَّ ِذينَ ا ْستُضْ ِعفُوا فِي اأْل َرْ ِ
ي فِرْ َع وْ نَ َوهَا َم انَ َو ُجنُو َدهُ َم ا ِم ْنهُ ْم َم ا َك انُوا ض َونُ ِر َ َ )5ونُ َم ِّكنَ لَهُ ْم فِي اأْل َرْ ِ
يَحْ َذرُونَ ([ ﴾)6القصص 5 :ـ ]6
وهكذا أخبر عن إبراهيم عليه السالم أنه س أل هللا تع الى أن يك ون في ذريت ه
من األئم ة م ا يحفظ ون ب ه ال دين من التحري ف والتب ديل ،ق ال تع الىَ ﴿ :وإِ ِذ ا ْبتَلَى
ال َو ِم ْن ُذ ِّريَّتِي قَ ا َل اَل اس إِ َما ًم ا قَ َ اعلُ كَ لِلنَّ ِ
ال إِنِّي َج ِ ت فَ أَتَ َّمه َُّن قَ َ
إِ ْب َرا ِهي َم َربُّهُ بِ َكلِ َم ا ٍ
)(1الفصل .160-4/159
)(2منهاج السنة ،332-7/330وانظر :أيضا ً 5/34من الكتاب نفسه ،ومجموع الفتاوى .4/416
43
على الرغم من أسانيده الكثيرة( ..)1ولو أن أح دها فق ط ك ان في غ يره ،لط اروا ب ه
فرحا ،ولحفظوه كما يحفظون السورة من القرآن ،ونص الح ديث ه و م ا ح دث ب ه
أنس بن مالك ق ال :كنت أخ دم رس ول هللا ،فق دم لرس ول هللا ف رخ مش وي،
فقال( :اللهم ائت ني ب أحب خلق ك إلي ك يأك ل معي من ه ذا الط ير) ق ال :فقلت :اللهم
اجعله رجال من األنصار فجاء علي ،فقلت :إن رسول هللا على حاجة ،ثم ج اء،
فقلت :إن رس ول هللا على حاج ة ثم ج اء ،فق ال رس ول هللا ( :افتح) ف دخل،
فقال رسول هللا ( :ما حبسك علي) فقال( :إن هذه آخ ر ثالث ك رات ي ردني أنس
يزعم إنك على حاجة) ،فق ال( :م ا حمل ك على م ا ص نعت؟) فقلت :ي ا رس ول هللا،
سمعت دعاءك ،فأحببت أن يكون رجال من قومي ،فقال رس ول هللا( :إن الرج ل ق د
يحب قومه)()2
وفي هذا الحديث إشارة واضحة إلى اإلمامة ،ذلك أن المحبة اإللهية ال تك ون
إال لألصلح واألعلم واألتقى ،والذي تتوفر في ه ك ل كم االت الهداي ة ،وب ذلك يك ون
أهال لإلمامة فيها.
[الحديث]63 :ـ ما يطلق علي ه ح ديث ال دار ،ونص ه أن ه بع د أن ن زل قول ه
ك األَ ْق َربِينَ ﴾ (الش عراء )۲۱٤ :دع ا رس ول هللا ب ني عب د تعالىَ ﴿:وأَن ِذرْ ع َِش ي َرتَ َ
المطلب ،وبعد أن أطعمهم ،قال( :يا بني عبد المطلب ،وهللا ما اعلم شابا ً في الع رب
جاء قومه بأفضل م ّما قد جئتكم به ،انّي جئتكم بخير الدنيا واآلخرة ،وق د أم رني هللا
تعالى أن أدعوكم إليه ،فأيّكم يؤازرني على هذا األمر على أن يكون أخي ،ووصيي
وخليفتي فيكم) ،قال اإلمام علي :فأحجم الق وم عنه ا جميع اً ،وقلت ـ وإنّي ألح دثهم
(إن هذا أخي ووص يي سنا ً ـ أنا يا نبي هللا أكون وزيرك عليه؛ فاخذ برقبتي ث ّم قالّ :
وخليفتي فيكم ،فاسمعوا له واطيعوا) فقام القوم يضحكون ويقولون ألبي طالب( :ق د
أمرك أن تسمع البنك وتطيع)()3
ونحن لم ن ورد ه ذا الح ديث لص حته المطلق ة ،وإنم ا لموافقت ه لغ يره من
النصوص ،وتوافقه مع القرآن الكريم ،وكونه يدل على السبب الذي ُشرف به اإلمام
علي في ذلك االختيار ،وكون ه ص غيرا في ذل ك ال وقت ال يتن افى م ع المهم ة ال تي
أخبر رسول هللا عنها ،ذلك أن هللا تع الى ق ال عن يحي علي ه الس الم﴿ :يَ ا يَحْ يَى
صبِيًّا﴾ [مريم]12 :َاب بِقُ َّو ٍة َوآتَ ْينَاهُ ْال ُح ْك َم َ
ُخ ِذ ْال ِكت َ
باإلضافة إلى أن ذلك من مقتضيات االختبار اإللهي ،ذل ك أن ه ينص رف إلى
)(1رواه من الص حابة :أنس بن مال ك ،وعلي ،وابن عب اس ،وج ابر بن عب د هللا ،وأبي راف ع ،ويعلى بن م رة،
وسفينة .ولذلك فإنه يكاد يصير من األحاديث من المتواترة ،بل هناك من صرح بتواتره .قد ذكر ابن كثيرّ :
أن الحافظ
الذهبي ألف جزءا في طرق الحديث ،فبلغ عدد من رواه عن أنس :بضعة وتسعين نفسا [البداية والنهاي ة (،])4/416
وقال الذهبي( :له طرق كثيرة جدا قد أفردتــُها بمصنــَّف ،ومجموعه ا ي وجب أن يك ون الح ديث ل ه أص ل) [ت ذكرة
الحفاظ (])3/1043
)(2المستدرك على الصحيحين للحاكم (،)141 /3وقال :هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ،ولم يخرجاه.
)(3تاريخ الطبري ،۲۱۷ /۲الكامل في التاريخ ٦۲ /۲ـ ،٦٤السيرة الحلبية ٤٦۱ :۱وغيرها.
44
من يحتقرهم الن اس ،ويتعجب ون من ك ونهم أهال لتل ك المناص ب ،وه و م ا حص ل
لإلمام علي عند استبعاده بسبب صغر سنه.
[الحديث ]64 :ـ ما روي عن عمران بن حصين أن رس ول هللا ق ال( :إن
عليا مني وأنا منه ،وهو ولي كل مؤمن)()1
[الحديث ]65 :ـ ما روي عن أبي سعيد وسليمان أن رس ول هللا ق ال( :إن
وصيي ،وموضع سري ،وخير من أترك بعدي ،وينجز عدتي ،ويقض ي دي ني علي
بن أبي طالب)()2
[الحديث ]66 :ـ ما روي عن ابن عباس أن رسول هللا ق ال( :ي ا أم س لمة
إن عليا لحمه من لحمي ،ودمه من دمي وهو مني بمنزل ة ه ارون من موس ى غ ير
أنه ال نبي بعدي)()3
[الحديث]67 :ـ ما روي أن عمر قال :كفوا عن علي فإني سمعت رس ول هللا
يق ول( :في علي ثالث خص ال ال يك ون لي واح دة منهن :أحب إلي مم ا طلعت
عليه الشمس ،كنت أنا وأبو بك ر وأب و عبي دة نف د والن بي متكئ على علي ح تى
ضرب بيده على منكبه ،ثم قال :يا علي ،أنت أول المؤمنين إيمان ا ،وأولهم إس الما،
ثم قال :أنت مني بمنزلة هارون من موسى)()4
[الحــديث ]70 :ـ م ا روي عن أنس أن رس ول هللا ق ال لعلي :أنت ت بين
للناس ما اختلفوا فيه من بعدي)()7
[الحديث ]71 :ـ ما روي عن معاذ أن رسول هللا ق ال( :أخص مك ب النبوة
وال نب وة بع دي وتخص م الن اس بس بع وال يحاج ك فيه ا أح د من ق ريش أنت أول
المؤم نين إيمان ا باهلل ،وأوف اهم بعه د هللا ،وأق ومهم ب أمر هللا ،وأرأفهم وأع دلهم
بالرعي ة ،وأقس مهم بالس وية ،وأبص رهم وأعلمهم بالقض ية ،وأعظمهم مزي ة ي وم
القيامة) ،وفي رواية (سبع خصال ال يحاجك فيهن أحد)8()..
)(1رواه أب و داود الطيالس ي والحس ن بن س فيان وأب و نعيم في فض ائل الص حابة ،س بل اله دى والرش اد( ،
)11/291
)(2رواه الطبراني في الكبير ،سبل الهدى والرشاد)11/291( ،
)(3رواه العقيلي ،سبل الهدى والرشاد)11/291( ،
)(4رواه الحاكم ،سبل الهدى والرشاد)11/291( ،
)(5رواه أبو نعيم في فضائل الصحابة ،سبل الهدى والرشاد)11/292( ،
)(6رواه الديلمي ،سبل الهدى والرشاد)11/295( ،
)(7رواه الديلمي ،سبل الهدى والرشاد)11/295( ،
)(8رواه أبو نعيم في الحلية ،سبل الهدى والرشاد)11/296( ،
45
[الحديث ]72 :ما روي عن عمار بن ياسر قال :قال رسول هللا ( :يا علي
إن هللا ق د زين ك بزين ة لم ت زين العب اد بزين ة أحب إلى هللا تع الى منه ا ،هي زين ة
األبرار عند هللا عز وجل .الزهد في الدنيا فجعلك ال ترزأ من ال دنيا ش يئا وال ت رزأ
الدنيا منك شيئا ،ووهب لك حب المساكين فجعلك ترضى بهم أتباعا ويرض ون ب ك
إماما)()1
[الحديث ]73 :ما روي عن اإلمام علي أن رسول هللا قال له( :سألت هللا
فيك خمسا فأعطاني أربعا ومنعني واحدة س ألته فأعط اني في ك أن ك أول من تنش ق
األرض عنه يوم القيامة وأنت معي مع ك ل واء الحم د وأنت تحمل ه وأعط اني أن ك
ولي المؤمنين من بعدي)()2
[الحديث ]74 :ـ ما روي عن زيد بن األرقم والبراء بن عازب أن رس ول هللا
قال( :أال إن هللا وليي وأنا ولي كل مؤمن ،ومن كنت مواله فعلي مواله)()3
[الحديث]75 :ـ ما روي عن عمر قال :قال رس ول هللا ( :علي م ني وأن ا
منه ،وعلي ولي كل مؤمن من بعدي)()4
[الحــديث]76 :ـ م ا روي عن عب د هللا بن بري دة عن أبي ه أن رس ول هللا
قال( :ال تقع في علي فإنه مني وأنا منه ،وهو وليكم من بعدي)()5
ب ـ ما ورد في اإلشارة إلى إمامته:
وهي األح اديث الكث يرة ال تي تش ير إلى مزاي اه وخصوص ياته ،وت دعو إلى
رعايتها ،واعتبارها ،وذلك ما يشير إلى إمامته ،وقد اتفق كل المح دثين على أن ه ال
يوجد أحد من الصحابة نال من المزايا والمناقب والخصائص م ا نال ه اإلم ام علي،
كما ع بر عن ذل ك أحم د بن حنب ل بقول ه( :م ا ج اء ألح د من أص حاب رس ول هللا
من الفضائل ما جاء لعلي)()6
وحدث محم د بن منص ور الطوس ي ق ال :كنّ ا عن د أحم د بن حنب ل فق ال ل ه
أن علي ا ً ق ال( :أن ا قس يم
رجل :يا أبا عبد هللا ،ما تقول في هذا الحديث الذي ي روى ّ
أن الن بي ق ال لعلي( :اليحبّ ك إالّ النار)؟ فقال :وما تنكرون من ذا؟ أليس روينا ّ
مؤمن وال يبغضك إالّ منافق)؟ قلنا :بلى .قال :ف أين الم ؤمن؟ قلن ا :في الجن ة .ق ال:
فعلي قسيم النار)()7
ٌّ وأين المنافق؟ قلنا :في النار ،قال:
ومن اإلشارات الواردة في هذا المجال:
ما ورد في بيان دوره في محاربة المحرفين للدين:
[الحديث ]82 :ـ ما روي عن سلمان ق ال :ق ال رس ول هللا ( :علي بن أبي
طالب ينجز بوعدي ويقضي ديني)()6
[الحديث]83 :ـ ما روي أن رسول هللا قال( :علي أصلي وجعفر فرعي)
()7
[الحديث ]84 :ـ ما روي عن ابن عب اس أن رس ول هللا ق ال( :علي م ني
)(1رواه الدارقطني في اإلفراد رواه ابن عدي ،سبل الهدى والرشاد)11/297( ،
)( 2رواه عبد هللا بن أحمد وأبو نعيم في فضائل الصحابة والحاكم ،سبل الهدى والرشاد)11/298( ،
)(3المستدرك ( )130 /3الطبراني في المعجم الكبير ( )380/901 /23عن أم سلمة ،وقال الهيثمي في المجمع
(( :)132 /9وإسناده حس ن) ،وق د عل ق علي ه الش يخ مم دوح بقول ه( :فه ذا طريق ان للح ديث كالهم ا حس ن لذات ه،
فالحديث :صحيح بهما)
)(4رواه الطبراني في الكبير ،سبل الهدى والرشاد)11/293( ،
)( 5رواه الصدفي وأبو يعلى والضياء وأحمد والبخاري في تاريخه وابن سعد والطبراني والحاكم ،س بل اله دى
والرشاد)11/293( ،
)(6رواه الطبراني في الكبير ،سبل الهدى والرشاد)11/293( ،
)(7رواه الطبراني في الكبير والحاكم ،سبل الهدى والرشاد)11/293( ،
49
بحبك)()1
أحبك ،فإن العبد ال ينال واليتي إال
[الحديث]100 :ـ م ا روي عن س لمان أن رس ول هللا ق ال لعلي( :محب ك
محبي ،ومبغضك مبغضي)()2
[الحديث ]101 :ـ ما روي عن ابن عم ر أن رس ول هللا ق ال( :من ف ارق
عليا فارقني ،ومن فارقني فارق هللا)()3
[الحديث]102 :ـ ما روي عن أبي ذر أن رس ول هللا ق ال( :ي ا علي ،من
فارقك فقد فارق هللا ومن فارقك فقد فارقني)()4
[الحديث]103 :ـ ما روي عن أم سلمة أن رسول هللا قال( :من سب عليا
فقد سبني ،ومن سبني فقد سب هللا)()5
[الحديث ]104 :ـ ما روي عن عمرو بن شراحيل ق ال :ق ال رس ول هللا :
(اللهم ،انصر من نصر عليا ،اللهم أكرم من أكرم عليا ،اللهم ،اخذل من خذل علي ا)
وفي لفظ (اللهم ،أعنه ،وأعن به ،وارحمه وارحم به ،وانصره وانصر به)()6
[الحديث]105 :ـ ما روي عن كعب بن عجرة ق ال :ق ال رس ول هللا ( :ال
تسبوا عليا فإنه كان ممسوسا في ذات هللا())7
[الحديث]106 :ـ ما روي عن اإلمام علي أن رس ول هللا ق ال( :ال يحب ك
إال مؤمن ،وال يبغضك إال منافق)()8
[الحديث]107 :ـ ما روي أن رسول هللا ق ال( :ال يحب علي ا من افق ،وال
يبغضه مؤمن)()9
[الحديث ]108 :ـ ما روي عن أم سلمة ق الت( :ال يحب علي ا إال م ؤمن ،وال
يبغضه إال منافق)()10
[الحديث ]109 :ما روي عن الحسن بن علي أن رسول هللا قال( :أن هللا
تعالى يحب من أصحابك ثالثة فأحبهم :علي بن أبي ط الب ،وأب و ذر ،والمق داد بن
األسود)()11
[الحديث]110 :ـ ما روي عن عب د هللا بن بري دة عن أبي ه أن رس ول هللا
قال( :إن هللا عز وج ل يحب من أص حابي أربع ة :وأخ برني أن ه يحبهم علي منهم،
[الحــديث ]126 :ـ ما روي عن اإلم ام علي ق ال :ق ال رس ول هللا ( :علي
أعلم الناس باهلل وأكثر الناس حبا وتعظيما ألهل ال إله إال هللا)()6
[الحــديث ]127 :ـ م ا روي عن أبي س عيد الخ دري أن رس ول هللا ق ال:
(أيها الناس ال تشكوا عليا ،فوهللا ،إنه ألخشن في ذات هللا عز وج ل وفي س بيل هللا)
()7
[الحديث ]128 :عن عامر بن واثلة ،قال :سمعت عليا ً قام ،فقال :سلوني قبل
أن تفقدوني ،ولن تسألوا بعدي مثلي ،فقام ابن الكواء فق ال :من ال ذين بدلوانعم ة هللا
كفراً وأحلوا قومهم دار البوار؟ ،قال :منافقو قريش ،قال :فمن الذين ضل سعيهم في
الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا؟ ،قال :منهم أهل حروراء)()8
[الحديث ]129 :ـ ما روي من األحاديث الدالة على ارتباط النصر به ،وذل ك
إلخالصه وقوته وشجاعته ،ومنها ما روي عن جمع من الص حابة أنهم ق الوا :ك ان
رسول هللا تأخذه ال ّشقيقة فيمكث اليوم واليومين ال يخرج ،فلما نزل خيبر أخذت ه
ال ّشقيقة فلم يخرج إلى الناس ،فأرس ل أب ا بك ر فأخ ذ راي ة رس ول هللا ،ثم نهض
فقات ل قت االً ش ديداً ،ثم رج ع ،ولم يكن فتح ،وق د جه د ،ثم أرس ل عم ر فأخ ذ راي ة
رسول هللا فقاتل قتاال ش ديدا ه و أش د من القت ال األول ،ثم رج ع ،ولم يكن فتح؛
)(1رواه أحمد والطبراني في (الكبير) وابن عساكر ،سبل الهدي والرشاد ()11/57
)(2رواه سعيد بن منصور والترمذي وحسنه ،سبل الهدي والرشاد ()11/73
56
وبذلك فإن هذا الجانب العملي من هذه األحاديث ال يدعو فقط إلى البحث عن
القيم التي ارتبطت بهما اللتزامه ا والعم ل به ا ،وإنم ا ي دعو قب ل ذل ك إلى التعام ل
معهما بالعاطفة المشحونة بمشاعر الحب ،ذلك أن تلك المشاعر هي الكفيل ة بغ رس
كل القيم الرفيع ة؛ ف الحب أعظم مدرس ة تربوي ة ،ذل ك أن ص فات المحب وب تنتق ل
بسالسة وسهولة إلى المحب ،وبقدر المحبة التي امتأل بها قلبه ،ومن تلك األحاديث:
[الحديث ]132 :ـ عن أبي هريرة قال :قال رسول هللا ( :من أحب الحس ن
والحسين فقد أحبني ومن أبغضهما فقد أبغضني)()1
[الحديث ]133 :عن زيد بن ثابت قال :قال رسول هللا ( :من أحب هؤالء
فقد أحبني ومن أبغضهم فقد أبغضني) ،يعني الحسن والحسين وفاطمة وعليا(.)2
[الحديث]134 :ـ عن س لمان أن رس ول هللا ق ال( :الحس ن والحس ين من
أحبهما أحببته ،ومن أحببت ه أحب ه هللا ومن أحب هللا تع الى أدخل ه هللا جن ات النعيم،
ومن أبغضهما أو بغى عليهم ا أبغض ته ومن أبغض ته أبغض ه هللا ،ومن أبغض ه هللا
أدخله نار جهنم ،وله عذاب مقيم)()3
[الحديث]135 :ـ عن اإلمام علي قال :قال رس ول هللا ( :من أحب ه ذين،
يعني الحسن والحسين وأباهما وأمهما كان معي في درجتي يوم القيامة)()4
[الحــديث ]136 :ـ عن س لمان ق ال :ق ال رس ول هللا ( :من أحب الحس ن
والحس ين أحببت ه ومن أحببت ه أحب ه هللا ومن أحب ه هللا أدخل ه جن ات النعيم ،ومن
أبغضهما أو بغى عليهما أبغضته ،ومن أبغضته أبغضه هللا ،ومن أبغض ه هللا أدخل ه
نار جهنم وله عذاب مقيم)()5
[الحديث ]137 :ـ عن ابن مسعود أن رس ول هللا ق ال( :من أحب ني فليحب
هذين) ،يعني الحسن والحسين(.)6
[الحديث]138 :ـ عن اإلمام علي قال :قال رسول هللا ( :من أحبني وأحب
هذين وأباهما وأمهما كان معي في درجتي يوم القيامة)()7
[الحــديث ]139 :ـ عن أس امة بن زي د وأبي هري رة أن رس ول هللا ق ال:
(اللهم ،إني أحبهما فأحبهما ،وأبغض من أبغضهما) يعني الحسن والحسين(.)8
[الحديث]140 :ـ عن الحسين بن علي ق ال( :من أحبن ا لل دنيا ،ف إن ص احب
الدنيا يحبه البر والفاجر ،ومن أحبنا هلل ،كن ا نحن وه و ي وم القيام ة كه اتين وأش ار
)( 1رواه احمد وابن ماجة وابن سعد وأبو يعلى والطبراني في الكبير والحاكم والبيهقي ،سبل اله دي والرش اد (
)11/57
)(2رواه ابن عساكر ،سبل الهدي والرشاد ()11/57
)(3رواه ابن عساكر وأبو نعيم ،سبل الهدي والرشاد ()11/57
)(4رواه الطبراني ،سبل الهدي والرشاد ()11/57
)(5رواه الطبراني في (الكبير) ،سبل الهدي والرشاد ()11/57
)(6رواه الطبراني في الكبير ،سبل الهدي والرشاد ()11/57
)(7رواه أحمد والترمذي ،سبل الهدي والرشاد ()11/57
)(8رواه الترمذي وقال حسن صحيح ،سبل الهدي والرشاد ()11/58
57
والوسطى)()1 بإصبعيه السبابة
[الحديث]141 :ـ عن أنس قال :سئل رسول هللا أي أهل بيتك أحب إليك؟
ق ال( :الحس ن والحس ين) وك ان رس ول هللا يق ول لفاطم ة( :ادعي لي اب ني)،
فيشمهما ويضمهما إليه(.)2
[الحديث]142 :ـ عن اإلمام علي أن رس ول هللا أخ ذ بي د حس ن وحس ين،
وقال (من أحبني وأحب هذين وأباهم ا وأمهم ا ك ان معي في درج تي ي وم القيام ة،
وكان معي في الجنة)()3
[الحــديث]143 :ــ عن اإلم ام علي ق ال( :أن ا وفاطم ة والحس ن والحس ين
مجتمعون ،ومن أحبنا يوم القيامة نأك ل ونش رب ح تى يف رق هللا بين العب اد) ،فبل غ
ذلك رجال من الناس فسألت عنه فأخبر به فقال :كيف بالعرض والحساب؟ فقلت له:
كيف لصاحب ياسين بذلك حين أدخله الجنة من ساعته؟(.)4
[الحديث ]144 :ـ عن أبي هريرة أن رسول هللا ق ال( :اللهم ،إني أحبهم ا
فأحبهما ،وأبغض من أبغضهما) ،يعني :الحسن والحسين(.)5
[الحــديث ]145 :ـ عن أس امة بن زي د ق ال :إن رس ول هللا ك ان يأخ ذني
والحسن ،ويقول( :اللهم ،إني أحبهما فأحبهما)()6
[الحديث]146 :ـ عن ابن عباس قال :كان رس ول هللا حام ل الحس ين بن
علي على عاتقه ،فقال رجل :نعم المركب ركبت يا غالم ،فقال رسول هللا ( :نعم
الراكب هو)()7
[الحديث ]147 :عن زهير بن األقمر رجل من األزد قال :سمعت رسول هللا
يقول للحسن بن علي( :من أحبني فليحبه ،فليبل غ الش اهد الغ ائب ،ول وال عزم ة
رسول هللا ما حدثتكم)()8
[الحديث ]148 :ـ عن أنس أن رسول هللا قال( :أن الحسن والحس ين هم ا
ريحنتاي من الدنيا)()9
[الحــديث ]149 :ـ عن أبي أي وب ق ال :دخلت على رس ول هللا والحس ن
والحسين يلعبان بين يديه أو في حجره فقلت :يا رسول هللا أتحبهم ا؟ فق ال( :وكي ف
ال أحبهما وهما ريحانتاي من الدنيا أشمهما) ،يعني الحسن والحسين(.)10
3ـ ما ورد من األحاديث الدالة على كونهما من األسباط:
)(1رواه الطبراني ،سبل الهدي والرشاد ()11/58
)(2رواه العقيلي والترمذي وقال حسن غريب ،سبل الهدي والرشاد ()11/58
)(3رواه أحمد في (المناقب) ،سبل الهدي والرشاد ()11/58
)(4رواه الطبراني وابن عساكر ،سبل الهدي والرشاد ()11/58
)(5رواه ابن أبي شيبة والطبراني ،سبل الهدي والرشاد ()11/56
)(6رواه البخاري ،سبل الهدي والرشاد ()11/65
)(7رواه الترمذي ،سبل الهدي والرشاد ()11/65
)(8رواه أحمد في (المناقب) ،سبل الهدي والرشاد ()11/65
)(9رواه الترمذي والنسائي ،سبل الهدي والرشاد ()11/58
)(10رواه الطبراني في (الكبير) والضياء ،سبل الهدي والرشاد ()11/59
58
وهي تشير إلى أن األمة ستنقسم إلى أسباط وف رق ونح ل كث يرة ،كم ا أش ار
إلى ذلك قوله ( :تفرقت اليه ود على إح دى وس بعين فرق ة ،أو اثن تين وس بعين،
والنصارى مثل ذلك ،وستفترق أمتي على ثالث وسبعين فرقة)( ،)1ويشير في نفس
الوقت إلى أنهم ا س يكونان س بطا من األس باط ،وفرق ة من الف رق ،ول ذلك من أراد
الدين األصيل ،وقيمه الرفيعة؛ فعليه باتباعهما ،وسلوك سبيلهما.
ُ
وهي في ذلك تشبه قوله تعالى في حق إبراهيم﴿ :إِ َّن إِب َْرا ِهي َم َكانَ أ َّمةً قَانِتً ا هلل
ك ِمنَ ْال ُم ْش ِر ِكينَ ﴾ [النح ل]120 :؛ فلم يكن رس ول هللا يقص د تل ك َحنِيفً ا َولَ ْم يَ ُ
النظرة السطحية التي فسر بها الح ديث ،وال تي تقص ره على كونهم ا س بطا نس بيا،
ذلك أن هذا النوع من السبطية ال يحوي أي ثناء أو مدح ،ألن ه متحق ق لك ل الن اس،
فالكثير منهم يمكن أن يصير سبطا ،وليس عليه ألجل تحقيق ذلك سوى اإلكث ار من
الذرية.
وربما يكون رسول هللا ذكر السبطية بدل األمة ،ألنهما تابعان لرسول هللا
،ومتمثالن بالهدي الذي جاء به ،وهما بذلك يكونان كالمرآة الصافية التي تعكس
هديه ،أو كالصراط المس تقيم ال ذي يوض ح منهج ه النظ ري ،ليحول ه إلى واق ع
عملي ،ومن تلك األحاديث:
[الحديث]150 :ـ عن يعلى بن مرة أن رسول هللا قال( :الحس ن والحس ين
سبطان من األسباط)()2
[الحديث]151 :ـ عن يعلى العامري أنه خ رج م ع رس ول هللا إلى طع ام
دعي إليه ،ف إذا حس ين م ع غلم ان يلعب في طري ق فاس تهوى رس ول هللا أم ام
القوم ،ثم بسط يده ،وانطلق الصبي بعدها هنا مرة ،وها هنا مرة ،وجعل رس ول هللا
يضاحكه ،حتى أخذه رسول هللا فجعل إحدى يديه تحت ذقنه ،واألخرى تحت
قف اه ،ثم أق ام رأس ه فقبل ه فق ال( :حس ين م ني وأن ا من حس ين ،رحم هللا من أحب
حسينا ،حسين سبط من األسباط)()3
4ـ ما ورد من األحاديث الدالة على كونهما سيدي شباب أهل الجنة:
وهي تتج اوز البش ارة الغيبي ة المرتبط ة ب اآلخرة ،لت دل على بش ارة أخ رى
ترتبط بالدنيا ،وهي مضمنة في كلمة [السيد] والتي تعني في اللغ ة العربي ة االتب اع
( ،)4أي أنهما سيدان أي ُمتبعان ،يتبعهما شباب أهل الجنة ..وهو بش ارة من رس ول
هللا لمن يتخذ هذين اإلمامين الجليلين سيدين له بالجنة ،وه و ي دل على ص وابية
ذلك االتباع ،وكونه أشرف وأرقى أنواع االتباع ،ومن تلك األحاديث:
[الحــديث]152 :ـ عن ابن عب اس أن رس ول هللا ق ال( :الحس ن والحس ين
)(1رواه أحمد ( ،)2/332وأبو داود ،)4596( ،وابن ماجه ،)3991( ،والترمذي ()2640
)(2رواه الطبراني في (الكبير) وأبو نعيم وابن عساكر ،سبل الهدي والرشاد ()11/57
)(3رواه أبو بكر بن أبي شيبة ،سبل الهدي والرشاد ()11/71
)(4انظر في معنى كلمة السيد :لسان العرب)228 /3( ،
59
أبغضني)()1 سيدا شباب أهل الجنة من أحبهما فقد أحبني ومن أبغضهما فقد
[الحديث ]153 :ـ عن أسامة بن زيد أن رسول هللا قال( :الحسن والحس ين
سيدا شباب أهل الجنة ،اللهم ،إني أحبهما فأحبهما)()2
[الحديث ]154 :ـ عن حذيفة أن رسول هللا قال( :أتاني جبري ل ،فبش رني
أن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة)()3
[الحديث]155 :ـ عن حذيفة أن رس ول هللا ق ال( :أت اني مل ك فس لم علي
نزل من السماء نزلة لم ينزل قبلها فبش رني أن الحس ن والحس ين س يدا ش باب أه ل
الجنة ،وأن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة)()4
[الحديث ]156 :ـ عن حذيفة قال :رأينا في وجه رسول هللا الس رور يوم ا
من األيام فقلنا :يا رسول هللا ،لقد رأينا في وجهك تباشير السرور ،فق ال رس ول هللا
( :وكيف ال أسر وقد أتاني جبريل فبش رني أن حس نا وحس ينا س يدا ش باب أه ل
الجنة ،وأبو هما أفضل منهما)()5
[الحديث]157 :ـ عن أبي سعيد الخ دري ق ال :ق ال رس ول هللا ( :الحس ن
والحسين سيدا شباب أهل الجنة)()6
[الحديث ]158 :ـ عن حذيفة أن أمه بعثته يستغفر لها رسول هللا فص ليت
معه المغرب فصلى حتى صلى العشاء ثم انفتل فتبعته فسمع صوتي فق ال( :من
هذا ،حذيفة؟) قلت نعم ،قال( :ما حاجتك ،غفر هللا لك وألمك؟ إن هذا مل ك لم ي نزل
األرض قط قبل هذه الليلة ،استأذن ربه ـ ع ز وج ل ـ أن يس لم علي ويبش رني ب أن
فاطمة سيدة نساء أهل الجنة .وأن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة)()7
5ـ ما ورد من األحاديث الدالة على وظائف كل منهما:
وهي تش ير إلى أن اإلم ام يتص رف بم ا تقتض يه الحكم ة؛ وأن لك ل ظ رف
أحكامه الخاصة به ،ولذلك ،فإن من يرجح م ا فعل ه اإلم ام الحس ن من الهدن ة ال تي
اضطر إليها على ما فعله اإلمام الحسين من الخروج ال يع رف اإلمام ة ،وحال ه في
ذلك حال من يرجع ما فعله رسول هللا في صلح الحديبية على ما فعله في غزوة
بدر ،مع أن لكل وقت أحكامه الخاصة به ،ومن تلك األحاديث:
[الحديث ]159 :قوله في حق اإلمام الحسن( :إن ابني هذا سيد ،ولعل هللا
أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين)()8
[الحديث ]160 :ـ عن عائشة أن رسول هللا قال( :أخبرني جبريل أن اب ني
)(1رواه ابن عساكر ،سبل الهدي والرشاد ()11/57
)(2رواه الطبراني في (الكبير) ،سبل الهدي والرشاد ()11/57
)(3رواه ابن سعد والحاكم ،سبل الهدي والرشاد ()11/60
)(4رواه ابن عساكر ،سبل الهدي والرشاد ()11/60
)(5رواه الطبراني في الكبير ،سبل الهدي والرشاد ()11/61
)(6رواه الترمذي وقال حسن صحيح ،سبل الهدي والرشاد ()11/61
)(7رواه الترمذي وحسنه والنسائي ،سبل الهدي والرشاد ()11/61
)(8البخاري.2704 ،
60
مضجعه)()1 الحسين يقتل بأرض الطف ،وجاءني بهذه التربة وأخبرني أن فيها
[الحديث ]161 :ـ عن ثابت عن أنس قال :استأذن ملك المطر أن ي أتي الن بي
فأذن له ،فقال ألم سلمة( :احفظي علينا الباب ال يدخل أحد) فج اء حس ين ف وثب
حتى دخل فجعل يصعد على منكب رس ول هللا فق ال المل ك :أتحب ه ،فق ال الن بي
(:نعم) قال :إن أمتك تقتله وإن شئت أريتك المكان الذي يقت ل في ه ق ال :فض رب
بيده ،فأراه ترابا أحمر ،فأخذت أم سلمه ذلك التراب فصرته في ط رف ثوبه ا ق ال:
فكنا نسمع بقتله بكربالء(.)2
[الحديث]162 :ـ عن وهب بن ربيعة ق ال :أخبرت ني أم س لمة أن رس ول هللا
اضطجع ذات يوم فاستيقظ وهو خاثر ثم اضطجع فرقد ،ثم استيقظ وه و خ اثر،
دون ما رأيت منه في المرة األولى ،ثم اضطجع فاستيقظ وفي يده تربة حمراء وهو
يقبلها فقلت :ما هذه التربة يا رسول هللا؟ ق ال( :أخ برني جبري ل أن اب ني ه ذا يقت ل
بأرض العراق) ،قال :قلت له :يا جبريل ،أرني تربة األرض ،فقال :هذه تربتها(.)3
[الحديث]163 :ـ عن ابن عب اس ق ال :ك ان الحس ين جالس ا في حج ر الن بي
فقال له جبريل :أتحبه؟ فقال( :وكيف ال أحبه ،وهو ثمرة فؤادي؟) ،فقال :أم ا إن
أمتك ستقتله ،أال أريك من موضع قبره ،فقبض قبضة ،فإذا تربة حمراء(.)4
[الحديث ]164 :ـ عن عبد هللا بن يحيى عن أبيه أنه سار م ع أم ير المؤم نين
علي بن أبي طالب فلما حاذى شط الفرات قال :خيرا ي ا عب د هللا ،قلت :وم ا ذاك ي ا
أمير المؤمنين؟ قال :دخلت على النبي وعيناه تفيضان ،فقلت :مم ذاك يا رس ول
هللا؟ قال( :قام من عندي جبريل وأخبرني أن الحسين يقتل بشط الفرات) ،وقال :هل
ل ك أن أش مك من تربت ه؟ فقلت :نعم ،فقبض قبض ة من ت راب فأعطانيه ا فلم أمل ك
عيني أن فاضتا(.)5
[الحديث]165 :ـ عن أبي أمامة الباهلي ق ال :ق ال رس ول هللا ( :ال تبك وا
هذا الصبي) يعني حسينا فكان ي وم أم س لمة ف نزل جبري ل فق ال رس ول هللا ألم
سلمة( :ال تدعي أحدا يدخل) ،فجاء الحسين فأخذت ه واحتض نته ،فبكى فخلت ه ي دخل
ح تى قع د في حج ر الن بي فق ال جبري ل :إن أمت ك س تقتله ،ق ال (يقتلون ه وهم
مؤمنون؟) قال :نعم ،وأراه من تربته(.)6
[الحديث]166 :ـ عن عائش ة أو أم س لمة أن رس ول هللا ق ال( :لق د دخ ل
على البيت ملك لم يدخل علي قبلها) ،فقال :إن ابنك ه ذا حس ين مقت ول ،وإن ش ئت
أريتك األرض التي يقتل بها ،قال :فأخرج تربة حمراء(.)7
)(1رواه الطبراني في (الكبير) وابن سعد ،سبل الهدي والرشاد ()11/73
)(2رواه أحمد ،سبل الهدي والرشاد ()11/74
)(3رواه البيهقي ،سبل الهدي والرشاد ()11/74
)(4رواه البزار ،سبل الهدي والرشاد ()11/74
)(5رواه أحمد ،سبل الهدي والرشاد ()11/74
)(6رواه أحمد ،سبل الهدي والرشاد ()11/74
)(7رواه أحمد ،سبل الهدي والرشاد ()11/74
61
[الحديث]167 :ـ عن أنس بن الحارث قال :سمعت رسول هللا يقول( :إن
ابني هذا يعني الحسين ،يقتل بأرض يقال لها كربالء ،فمن شهد ذلك فلينصره) قال:
فخرج أنس بن الحارث إلى كربالء ،فقاتل مع الحسين فقتل(.)1
[الحديث]168 :ـ عن اإلمام علي أنه م ر بك ربالء ،وه و ذاهب إلى ص فين،
فسأل عن اسمها ،فقيل :كربالء ،فنزل فصلى عند شجرة هنالك ،فقال :يقتل ه ا هن ا
شهداء وهم خير الش هداء ،ي دخلون الجن ة بغ ير حس اب ،وأش ار إلى مك ان فعلم وه
بشيء ،فقتل فيه الحسين(.)2
[الحديث]169 :ـ عن اإلمام علي بن زيد بن جدعان ،قال :استيقظ ابن عباس
من نومه ،فاسترجع ،فقال :قتل الحسين ،وهللا ،فقال له أصحابه :كال ي ا ابن عب اس،
قال :رأيت رسول هللا ومعه زجاجة من دم ،فقال :أال ترى ما ص نعت أم تي من
بعدي قتلوا ابني الحسين ،وهذا دمه ودم أصحابه ،أرفعه إلى هللا ـ عز وجل ـ فكتب
ذلك اليوم الذي قال فيه ،وتلك الساعة ،فجاء الخبر بعد أي ام أن ه قت ل في ذل ك الي وم
وتلك الساعة(.)3
[الحديث]170 :ـ عن سلمى ،قالت :دخلت على أم سلمة وهي تبكي فقلت :ما
يبكيك؟ قالت :رأيت رسول هللا في المنام ،وعلى رأسه ولحيته ال تراب ،قلت :م ا
لك يا رسول هللا عليك؟ قال :شهدت قتل الحسين آنفا(.)4
[الحــديث]171 :ــ عن ش هر بن حوش ب ق ال :إن ا لعن د أم س لمة فس معتها
صارخة فأقبلت حتى انتهيت إلى أم سلمة ،فقالت :قتل الحسين ،فق الت :ق د فعلوه ا،
مأل هللا قبورهم أو بيوتهم نارا ،ووقعت مغشيا عليها وقمنا(.)5
سابعا ـ أحاديث البشارة باإلمام المهدي:
وهي أح اديث ال يمكن رفض ها ،كم ا فع ل بعض المتج رئين على الس نة
المطهرة ،لسببين:
أولهما ـ داللة القرآن الكريم عليها ،وتبشيره بها ،ذلك أن كل النصوص ال تي
ت دل على انتص ار المش روع اإللهي على المش روع الش يطاني ،وأن دول ة الح ق
ستقوم ،وأن نور هللا لن ينطفئ كلها تدل عليها.
ور ِم ْن بَ ْع ِد ال ِّذ ْك ِر أَنَّ َّ
ومن األمثلة على ذلك قوله تعالىَ ﴿ :ولَقَد كت ْبنَا فِي الزبُ ِ
َ َ ْ
اأْل َرْ َ
ض يَ ِرثُهَا ِعبَا ِد َ
ي الصَّالِحُونَ ( )105إِ َّن فِي هَ َذا لَبَاَل ًغا لِقَوْ ٍم عَابِ ِدينَ ﴾ [األنبي اء:
،]106 ،105وه و ص ريح ينطب ق تمام ا على اإلم ام المه دي ومن بع ده من
الصالحين الذين يرثون األرض بع د أن ينه ار مش روع الش يطان ،ويق وم مش روع
الرحمن.
)(1رواه ابن أبى ش يبة ( ،)37648وال دراقطني في (األف راد)( 3643ت رتيب ابن طاهـر) ،وأب و نعيم (،)19
والحاكم ()4/442/8413
)(2رواه الطبراني [ في الكبير ] ()10/133/10216
)(3رواه أحمد ( ،)1/99/773وابن أبى شيبة( ،)37648وأبو داود( ،)4283قال األلباني:صحيح(،ص حيح ابي
داود)( )3603وقال الشيخ أحمد الغماري في (إبراز الوهم المكنون)(ص :)60ص حيح على ش رط البخ اري ومس لم
وال علة له وال مطعن في رجاله وقال أيضا (ص :)65الحديث ليس فيه ما بنزل رتبته إلى درج ة الحس ن فض ال عن
أن يحط قدره إلى مرتبة الض عيف ب ل ه و ص حيح بال ش ك وال ش بهة وق ال أخ وه عب د هللا في كتاب ه ( :)29إس ناده
صحيح.
)(4رواه الترمذي ()2239
)(5رواه نعيم بن حماد ( ،)1127وابن ماجة ( ،)4083قال األلباني :حسن(،صحيح ابن ماجة)( )3299
)(6رواه ال بزار ( ،)3327ق ال في (المجم ع :)7/316/12407( ،رجال ه رج ال الص حيح ،وق ال الحاف ظ في
(مختصر زوائد البزار)( :)1652صحيح.
)(7رواه أب و نعيم ( )16والط براني في (مس ند الش اميين )937( ،وابن ع دي في (الكام ل)()5/295/1933
والكنجي في (البيان)(ص 92رقم ،)37قال الشيخ عبدهللا الغماري في كتابه ( :)60إسناده حسن.
)(8رواه أبو نعيم ( ،)17والخطيب في (تلخيص المتشابه)( ،)1/417والكنجي في (البيان( ،ص 93رقم )38
)(9رواه ابن أبى شيبة ()37755
67
رسول هللا؟ قال :بل منا ،بنا يختم هللا كما بنا فتح ،وبن ا يس تنقذون من الش رك ،وبن ا
يؤلف هللا بين قلوبهم بعد عداوة بينة ،كما بنا ألف بين قلوبهم بعد عداوة الشرك ،قال
علي :أمؤمنون أم كافرون؟ ،قال( :مفتون وكافر)()1
[الحديث]190 :ـ عن اإلمام علي بن أبي طالب قال :قلت :يا رس ول هللا أمن ا
آل محمد المهدي،أم من غيرنا؟ قال( :ال بل منا ،يختم هللا به الدين كما فتح بنا ،وبن ا
ينقذون من الفتن ة ،كم ا أنق ذوا من الش رك ،وبن ا يؤل ف هللا بين قل وبهم بع د ع داوة
الفتنة ،كما ألف بين قل وبهم بع د ع داوة الش رك ،وبن ا يص بحون بع د ع داوة الفتن ة
إخوانا ،كما أصبحوا بعد عداوة الشرك إخوانا في دينهم)()2
[الحديث]191 :ـ عن أبي سعيد الخ دري ق ال س معت رس ول هللا يق ول:
(يخرج رج ل من أم تي يق ول بس نتي ،ي نزل هللا ع ز وج ل ل ه القط ر من الس ماء،
وتخرج له األرض من بركته ا تمأل األرض من ه قس طا وعـدال ،كم ا ملئت جـورا
وظلمـا ،يعمل على هذه األمة سبع سنين ،وينزل بيت المقـدس)()3
[الحديث ]192 :عن أبي هريرة عن النبي قال( :يكون في أمتي المهدي،
إن قصر فسبع وإال فثمان وإال فتسع ،تنعم أمتي فيها نعم ة لم ينعم وا مثله ا ،يرس ل
هللا عليهم السماء مدرارا ،وال تدخر األرض بشيء من النبات ،والمال كدوس ،يقوم
الرجل فيقول :يا مهدي أعطني فيقول:خذ)()4
[الحــديث]193 :ـ عن أبى س عيد ق ال :ق ال رس ول هللا ( :يك ون في آخ ر
الزمان عند تظاهـر من الفتن وانقطاع من الزمن أمير أول ما يك ون عط اؤه للن اس
أن يأتيه الرجل فيحثي له في حجره،يهمه من يقبل منه صدقة ذلك المال ،لما يصيب
الناس من الفرج)()5
[الحديث]194 :ـ عن أبى سعيد عن رسول هللا قال( :يكون في آخر أمتي
خليفة ،يحثي المال حثيا وال يعده عدا)()6
[الحديث]195 :ـ عن أبي س عيد وج ابر عن رس ول هللا ق ال( :يك ون في
آخر الزمان خليفة ،يقسم المال وال يعده)()7
[الحديث ]196 :ـ عن أبى سعيد عن النبي قال( :يكون في أمتي المه دي،
إن قصر عم ره فس بع س نين ،وإال فثم ان ،وإال فتس ع س نين ،تنعم أم تي في زمان ه
نعيما لم يتنعموا مثله قط ،البر والفاجر ،يرسل هللا السماء عليهم مدرارا ،وال ت دخر
األرض شيئا من نباتها)()8
)(1رواه ابن أبى شيبة ( )37727ونعيم بن حماد في الفتن ( )895وابن ماجة ( )4082وأبو نعيم ()27
)(2رواه ابن ماجة ( )4184والحاكم ( )1/463/4882وأب و نعيم ( ،)32ق ال ابن كث ير في (النهاي ة ،ص:)26
تفرد به ابن ماجة وهذا إسناد قوي صحيح ،وقال البوصيري في (زوائده)( :)1442هذا إسناد صحيح رجاله ثقات
)(3رواه ابن ماجة ( ،)4088والطبراني ( 287األوسط)
)(4رواه أحمد ( )2/365/8760والترمذي ( )2276ونعيم بن حماد ()569
)(5رواه البزار ( 3325كشف) ،والحارث بن أبى أسامة ( ،)789والطبراني ()68 /19/32
)(6رواه البزار ( 3338كشف)
73
فالن)()1
[الحديث]229 :ـ عن أم سلمة ق الت :ق ال رس ول هللا ( :يب ايع لرج ل بين
ال ركن والمق ام ع دة أه ل ب در ،فيأتي ه عص ائب أه ل الع راق وأب دال أه ل الش ام،
فيغزوهم جيش من أهل الشام ،حتى إذا ك انوا بالبي داء خس ف بهم ،فيغ زوهم رج ل
من ق ريش ،أخوال ه من كلب ،فيلتق ون فيه زمهم هللا ،فالخ ائب من خ اب من غنيم ة
كلب)()2
[الحديث]230 :ـ عن أم سلمة قالت :قال رسول هللا ( :يسير ملك المغرب
إلى ملك المشرق فيقتله ،فيبعث جيشا إلى المدينة فيخسف بهم ،ثم يبعث جيشا فينش أ
ن اس من أه ل المدين ة فيع ود عائ د ب الحرم ،فيجتم ع الن اس إلي ه ك الطير ال واردة
المتفرقة ،حتى يجتمع إليه ثلثمائة وأربعة عشر رجال منهم نس وة ،فيظه ر على ك ل
جبار وابن جبار ،ويظهر من العدل ما يتمنى له األحياء أمواتهم فيحي ا س بع س نين،
ثم ما تحت األرض خير مما فوقها)()3
[الحــديث]231 :ــ عن ابن عم ر :ك ان رس ول هللا جالس ا في نف ر من
المه اجرين واألنص ار ،وعلي بن أبي ط الب عن يس اره والعب اس عن يمين ه ،إذ
تالحى العباس ورجل من األنصار ،فأغلظ األنصاري للعباس ،فأخ ذ الن بي بي د
العباس ويد علي ،فقال( :س يخرج من ص لب ه ذا حي يمأل األرض ج ورا وظلم ا،
وس يخرج من ص لب ه ذا حي يمال األرض قس طا وع دال ،ف إذا رأيتم ذل ك فعليكم
بالفتى التميمي ،فإنه يقبل من قبل المشرق ،وهو صاحب راية المهدي)()4
[الحديث]232 :ـ عن أم حبيبة قالت :سمعت رسول هللا يقول( :يأتي ناس
من قبل المشرق ،يريدون رجال عند البيت ،حتى إذا كانوا ببيداء من األرض خسف
بهم ،فيلحق بهم من تخلف فيصيبهم ما أصابهم) ،قلت :يا رسول هللا كي ف بمن ك ان
أخرج مستكرها؟ قال( :يصيبهم ما أصاب الناس ،ثم يبعث هللا كل امرئ على نيت ه)
()5
[الحديث ]233 :عن اإلمام علي بن أبي طالب أن رسول هللا قال( :يكون
في آخر الزمان فتنة ،تحصل الناس كما يحصل الذهب في المع دن ،فال تس بوا أه ل
الشام ،ولكن سبوا أش رارهم ،ف إن فيهم األب دال ،يوش ك أن يرس ل على أه ل الش ام
سيب فيفرق جماعتهم ،حتى لو قاتلتهم الثعالب غلبتهم ،فعند ذل ك يخ رج خ ارج من
أهل بيتي ،في ثالث رايات ،المكثر يقول:هم خمسة عشر ألفا والمق ل يق ول:هم اثن ا
عشر ألف ا ،أم اراتهم (أمت أمت) ،يلق ون س بع راي ات ،تحت ك ل راي ة منه ا رج ل
يطلب المل ك ،فيقتلهم هللا جميع ا ،وي رد هللا إلى المس لمين ألفتهم ونعمتهم وقاص يهم
)(1رواه نعيم(.)999
)(2رواه نعيم()1000
79
الفصل الثاني
أئمة الهدى وأوصافهم في المصادر الشيعية
وهي أح اديث كث يرة ج دا يوض ح فيه ا أئم ة اله دى المع اني والمص اديق
المرتبطة بما ورد في المصادر الس نية من الح ديث عن الع ترة الط اهرة وأدواره ا
في حفظ دين األمة ووحدتها ،وس المتها من الفتن والتحري ف ،والمس تقبل المش رق
الذي ينتظرها ،واألدوار التي عليها القيام بها تمهيدا لذلك.
ويمكننا أن نقول جازمين ،أن هذه األحاديث ال تي س نوردها ،وال تي ال ن رى
مثلها في تراث أي مذهب من المذاهب هي وحدها من يعطي التفسير ال واقعي لتل ك
األحاديث النبوية ،وإال كانت مجرد نبوءات ووصايا ليس لها أي سند واقعي.
فكل هذه األح اديث ال تي س نوردها تؤك د أن أئم ة اله دى من الع ترة النبوي ة
الطاهرة ،وكلهم يدعون إلى تحكيم اإلسالم في كل شؤون الحياة ،ابتداء من الج انب
السياسي ،وكلهم قدموا التضحيات في سبيل ذلك ،وكلهم واجهوا التحري ف بمختل ف
أشكاله ،وكلهم واجهوا ما واجهه األنبياء من التشويه والمنحرفين والغالة.
وهم بذلك ينطب ق عليهم قول ه تع الىَ ﴿ :و َج َع ْلنَ ا ِم ْنهُ ْم أَئِ َّمةً يَ ْه ُدونَ بِأ ْم ِرن ا ل َّما
َ َ َ
صبَرُوا َو َك انُوا بِآيَاتِنَ ا يُوقِنُ ونَ ﴾ [الس جدة]24 :؛ وال تي تجم ع بين العلم والتض حية َ
التي تدعو إلى الصبر.
وعن دما نطب ق تل ك المق اييس على أئم ة الفق ه والعقائ د والتفس ير والح ديث
وغيرها ،والذين كان لهم أتباع كثيرون ،ال نجد تلك المصاديق تنطبق عليهم ،وب أي
ص ورة من الص ور ،ألن أك ثرهم ،أو كلهم ك انوا م داهنين لحك امهم ،ولم يكون وا
يفكرون أبدا في حاكمية اإلسالم على جميع شؤون الحياة ،باإلض افة إلى أنهم ك انوا
منشغلين بتالميذهم عن أداء األدوار الدعوية التي قام بها األئم ة ،وال تي وف رت لهم
عداوة الحكام ،حتى حصل لهم ما عبر عنه اإلمام الحسن بقوله عند استش هاد وال ده
أن هذا األمر يملك ه اثن ا عش ر إمام ا ً اإلمام علي( :وهللا لقد عهد إلينا رسول هللا ّ
ل()2())1 من ولد علي وفاطمة ،ما منا إال مسمو ٌم أو مقتو ٌ
وفي الح ديث عن رس ول هللا أن ه ق ال( :م ازلت أن ا ومن ك ان قبلي من
)(1قال الصدوق في اعتقاداته( :اعتقادنا في النبي أنه ُس ّم في غزاة خيبر ،فما زالت هذه األكلة تعاوده ح تى
قطّعت أبهره فمات منها ،واإلمام علي قتل ه عب د ال رحمن بن ملجم لعن ه هللا ،ودفن ب الغري ،والحس ن بن علي س ّمته
امرأته جعدة بنت ،والحسين بن علي قُتل بكربالء ،وعلي بن الحس ين س يد العاب دين (ع) س ّمه الولي د بن عب د المل ك
فقتله ،والباقر محمد بن اإلمام علي س ّمه إبراهيم بن الوليد فقتله ،والصادق جعفر بن محمد س ّمه أبو جعف ر المنص ور
فقتله ،وموسى بن جعفر س ّم ه هارون الرشيد فقتله ،والرضا علي بن موسى قتله المأمون بالس ّم ،وأبو جعفر محمد بن
علي الثاني قتله المعتصم بالس ّم ،وعلي بن محمد قتله المتو ّكل بالس ّم ،والحسن بن اإلم ام علي قتل ه المعتض د بالس ّم)،
نقال عن :بحار األنوار.27/215 :
)(2بحار األنوار ،27/217 :والكفاية.
80
النبيين والمؤمنين مبتلين بمن يؤذين ا ،ول و ك ان الم ؤمن على رأس جب ل لقيّض هللا
ل له من يؤذيه ليأجره على ذلك)()1
َ ع ّز وج ّ
بن اء على ه ذا نح اول في ه ذا المبحث جم ع م ا ن راه مقب وال من األح اديث
المرفوع ة إلى رس ول هللا أو الموقوف ة على أئم ة اله دى ،وال تي تش ير إلى
النواحي التالية:
األولى :األدل ة النقلي ة والعقلي ة على ك ون أئم ة اله دى هم المص اديق ال ذين
أوصى بهم رسول هللا .
الثانية :وظائف األئمة وأدوارهم في األمة.
الثالثة :صفات األئمة التي أتاحت لهم أن يكونوا أهال لإلمامة.
الرابعة :اإلم ام المه دي ووظائف ه في تص حيح مس ار األم ة ،وس ر ت أخر
ظهوره.
أوال ـ األدلة النقلية والعقلية على إمامة أئمة الهدى:
من خالل اس تقراء م ا ورد في األح اديث المنقول ة عن أئم ة اله دى ،نج د
استعمالهم لنوعين من األدلة:
األول :األدلة النقلي ة ،باعتب ار اإلمام ة أم را ديني ا محض ا ،ال يمكن التع رف
عليه من دون وروده في النصوص المقدسة القرآنية أو النبوية؛ وله ذا ن رى اهتم ام
أئمة الهدى ببيان أدلتها وبراهينها من خالل الرجوع إلى القرآن الكريم ،أو ما روي
عن رسول هللا إما مباشرة ،أو موقوفا عليهم.
الثاني :األدلة العقلية ،وهي محاولة تقريب مع اني اإلمام ة من خالل م ا تق ر
ب ه الفط رة الس ليمة ،أو م ا تس لم ل ه العق ول ،وق د اس تعملوا ه ذا الن وع من األدل ة
خصوص ا في ال وقت ال ذي ابت دأ في ه علم الكالم ،وأس اليب المتكلمين في ط رح
القضايا العقدية.
بناء على هذا سنورد هنا ما روي عنهم من ذلك:
1ـ األدلة النقلية:
ويمكن تصنيفها إلى صنفين :القرآن الكريم ،وما ورد في األح اديث النبوي ة،
والروايات الواردة عن أئمة الهدى ،وسنورد ما ورد فيهما من األحاديث فيما يلي:
أ ـ األدلة المستنبطة من القرآن الكريم.
اهتم أئم ة اله دى باالس تدالل ب القرآن الك ريم بن اء على م ا يذكرون ه من أن
المصاديق القرآني ة أعظم من أن تنحص ر في بيئ ة مح ددة ،أو زم ان مح دد ،وأنه ا
شاملة لكل زمان ومك ان ،وله ذا ن راهم يس تخرجون من القص ص الق رآني وغ يره
المعاني الواقعية الكثيرة.
ومن هذا الب اب م ا روي عنهم من األح اديث ال تي ت برهن على اإلمام ة من
خالل القرآن الك ريم ،س واء ك انت مرفوع ة إلى رس ول هللا ،أو ك انت موقوف ة
)(1بحار األنوار ،27/209 :والعلل.
81
عليهم ،وه و م ا لم يفهم ه المخ الفون لهم ،حيث أنهم يتوهم ون أن األدل ة القرآني ة
لإلمامة تعني أن ينص الق رآن الك ريم على أس ماء األئم ة ،ووظ ائفهم ،وه ذا م ا ال
يمكن أن يكون ،ولو أنه حصل لما وقع الخالف في اإلمامة ،وال في مصاديقها.
ذلك أن االختبار اإللهي للبش ر إنم ا يك ون في تقري ر الحق ائق ،وبي ان أدلته ا
وحججها ،دون التفاصيل المرتبطة بها ،ألن ذلك مجال البيان النبوي ،فمن أق ر ب ه،
وسلم له ،وصل إلى تلك التفاصيل ،ومن جحده ،أو نفر منه ،لم يصل إليها.
ومث ال ذل ك الص الة وك ل الش عائر التعبدي ة؛ فمن طلب علمه ا وكيفيته ا من
خالل القرآن الكريم لم يصل إلى شيء ،ولم يصل في حياته ركع ة واح دة ،لكن ه إن
سلم للنبوة ،وعاد إليها في معرفة كيفية الصالة استطاع أن يطبق ذلك األم ر اإللهي
بشأنها.
ولهذا؛ فإن أخطر مقولة وقعت في اإلسالم تل ك المقول ة ال تي تق ول( :حس بنا
كتاب هللا) ،وال تي ح ذر منه ا رس ول هللا ،وبين ع واقب المعرض ين عن ه وعن
سنته ،كما أوردنا أدلة ذلك في الفصل الثاني من هذا الكتاب.
بناء على هذا سنذكر هنا بعض األحاديث الدال ة على م ا يمكن اس تنباطه من
القرآن الكريم بشأن اإلمامة ،فمنها:
[الحديث]253 :ـ ما روي أنه لما نزلت هذه اآلي ة ﴿ :قُ لْ هُ َو ْالقَ ا ِد ُر َعلَى أَ ْن
ْض ُك ْمق بَع َ ت أَرْ ُجلِ ُك ْم أَوْ يَ ْلبِ َس ُك ْم ِش يَعًا َويُ ِذي َ
ث َعلَ ْي ُك ْم َع َذابًا ِم ْن فَ وْ قِ ُك ْم أَوْ ِم ْن تَحْ ِ يَ ْب َع َ
ت لَ َعلَّهُ ْم يَ ْفقَهُونَ ﴾ [األنعام ،]65 :ق ام الن بي صرِّ فُ اآْل يَا ِ ْض ا ْنظُرْ َك ْيفَ نُ َ س بَع ٍ بَأْ َ
فتوضأ وضوءه ،ثم قام وصلّى فأحسن صالته ،ثم سأل هللا سبحانه أن ال يبعث على
أمته عذابا ً من فوقهم وال من تحت أرجلهم ،وال يلبسهم شيعا وال يذيق بعضهم ب أس
إن هللا تعالى سمع مقالتك ،وأنه بعض ،فنزل جبرائيل عليه السالم ،فقال( :يا محمدّ ،
ق د أج ارهم من خص لتين ،ولم يج رهم من خص لتين :أج ارهم من أن يبعث عليهم
ع ذابا ً من ف وقهم أو من تحت أرجلهم ،ولم يج رهم من الخص لتين األخ ريين ،فق ال
:يا جبريل ،فما بقاء أمتي مع قتل بعضهم بعضا؟ ،فقام وعاد إلى الدعاء ،فنزل:
ب النَّاسُ أَ ْن يُ ْت َر ُكوا أَ ْن يَقُولُ وا آ َمنَّا َوهُ ْم اَل يُ ْفتَنُ ونَ (َ )2ولَقَ ْد فَتَنَّا الَّ ِذينَ ﴿الم ( )1أَ َح ِس َ
ص َدقُوا َولَيَ ْعلَ َم َّن ْال َكا ِذبِينَ ﴾ [العنكب وت ،]3 - 1 :فق ال: ِم ْن قَ ْبلِ ِه ْم فَلَيَ ْعلَ َم َّن هَّللا ُ الَّ ِذينَ َ
ألن ال وحي (ال ب ّد من فتنة تبتلي بها األمة بع د نبيه ا ،ليت بين الص ادق من الك اذبّ ،
انقطع ،وبقي السيف وافتراق الكلمة إلى يوم القيامة)()1
[الحديث]254 :ـ قال اإلمام الباقر :دعا رسول هللا بطهور ،فلما فرغ أخذ
بيد اإلمام علي فألزمها يده ثم قال ﴿ :إِنَّ َما أَ ْنتَ ُم ْن ِذ ٌر﴾ ،ثم ض ّم يده إلى ص دره وق ال:
﴿ َولِ ُك ِّل قَ وْ ٍم هَ ا ٍد ﴾ ،ثم ق ال( :ي ا علي ،أنت أص ل ال دين ،ومن ار اإليم ان ،وغاي ة
ر المحجّلين ،أشه ُد لك بذلك)()2 الهدى ،وقائد الغ ّ
[الحديث]268 :ـ قال رسول هللا ( :إنما مثل أهل بيتي في هذه االمة كمثل
نجوم السماء ،كلما غاب نجم طلع نجم)()3
[الحديث ]269 :قال اإلمام علي( :اللهم إنك ال تخلي االرض من قائم بحجة،
إما ظاهر ،أو خائف مغمور ،لئال تبطل حججك وبيناتك) ()4
[الحديث ]270 :ـ قال اإلمام علي في خطبة له على من بر الكوف ة( :اللهم إن ه
البد الرضك من حجة لك على خلقك ،يهديهم إلى دينك ،ويعلمهم علمك ،لئال تبط ل
حجتك وال يضل تبع أولياءك بعد إذ هديتهم به إم ا ظ اهر ليس بالمط اع ،أو مكتتم،
أو مترقب إن غاب من الناس شخص ه في ح ال ه دنتم ف إن علم ه وآداب ه في قل وب
المؤمنين مثبتة ،فهم بها عاملون) ()5
[الحديث ]271 :ـ قال اإلمام علي في خطبة خطبه ا بالكوف ة( :اللهم الب د ل ك
من حجج في أرضك ،حج ة بع د حج ة على خلق ك يه دونهم إلى دين ك ،ويعلم ونهم
علمك ،لئال يتفرق أتباع أوليائ ك ،ظ اهر غ ير مط اع ،أو مكتتم خ ائف ي ترقب .إن
غاب عن الناس شخصهم في حال هدنتهم في دول ة الباط ل فلن يغيب عنهم مبث وث
علمهم وآدابهم في قلوب المؤمنين مثبتة وهم بها عاملون ،يأنسون بما يستوحش منه
المكذبون ،ويأباه المسرفون باهلل ،كالم يكال بال ثمن ،من كان يسمعه يعقل ه فيعرف ه
ويؤمن به ويتبعه وينهج نهجه فيصلح به) ،ثم قال( :فمن هذا ولهذا ي أرز العلم إذ لم
يوجد حملة يحفظونه ويؤدونه كما يسمعونه من العالم) ،ثم قال بع د كالم طوي ل في
هذه الخطبة( :اللهم وإني ألعلم أن العلم ال يأرز كله وال ينقطع مواده ،فإنك ال تخلي
أرضك من حجة على خلقك ،إما ظاهر مطاع أو خائف مغم ور ليس بمط اع ،لكيال
تبطل حجتك ،ويضل أولياؤك بعد إذ هديتهم) ()6
[الحديث]272 :ـ قال اإلم ام الص ادق( :إن هللا عزوج ل أج ل وأعظم من أن
يترك االرض بغير إمام)()7
[الحديث ]273 :ـ عن نعمان الرازي قال :كنت أنا وبشير الدهان عن د اإلم ام
الصادق ،فقال( :لما انقضت نبوة آدم وانقطع أكله أوحى هللا عزوجل إليه :أن ي ا آدم
)(1المحاسن.235 :
)(2تفسير القمى.336 :
)(3علل الشرائع.76 :
)(4علل الشرايع.76 ،
)(5علل الشرايع.76 ،
)(6علل الشرايع.76 ،
)(7علل الشرايع.76 ،
)(8علل الشرايع.76 :
)(9علل الشرايع.76 :
86
إال وفيها إمام يهتدى ب ه إلى هللا عزوج ل وه و حج ة هللا عزوج ل على العب اد ،من
تركه هلك ،ومن لزمه نجا حقا على هللا عزوجل) ()1
[الحديث]283 :ـ ق ال اإلم ام الص ادق( :إن هللا عزوج ل لم ي دع االرض إال
وفيها عالم يعلم الزيادة والنقصان في االرض ،وإذا زاد المؤمنون ش يئا ردهم ،وإذا
نقصوا أكمله لهم ،فقال :خذوه كامال ،ولوال ذلك اللتبس على المؤمنين امورهم ،ولم
يفرقوا بين الحق والباطل) ()2
[الحديث ]284 :ـ قال اإلمام الباقر( :إن عليا عالم هذه االمة ،والعلم يت وارث
وليس يهلك منا أحد إال ترك من أهل بيتي من يعلم مثل علمه .أو ما شاء هللا) ()3
[الحديث]285 :ـ قال اإلم ام الب اقر( :إن العلم ال ذي اهب ط م ع آدم لم يرف ع،
والعلم يتوارث ،وكل شئ من العلم وآثار الرسل واالنبياء لم يكن من أهل هذا البيت
وهو باطل ،وإن عليا عالم هذه االمة وإنه لن يموت منا عالم إال خل ف من بع ده من
يعلم مثل علمه ،أو ما شاء هللا) ()4
[الحديث]286 :ـ قال اإلمام الصادق( :إن العلم الذي ان زل م ع آدم لم يرف ع،
وما مات منا عالم إال ورث علمه إن االرض ال تبقى بغير عالم) ()5
[الحديث ]287 :ـ عن أبي عبيدة ق ال :قلت لإلم ام الص ادق :جعلت ف داك إن
سالم بن أبي حفص ة يلق اني فيق ول لي :ألس تم ت روون أن ه من م ات وليس ل ه إم ام
فموتته موتة جاهلية؟ فأقول له :بلى ،فيق ول" ق د مض ى اإلم ام الب اقر ،فمن إم امكم
اليوم؟ فأكره ـ جعلت فداك ـ أن أقول له :جعفر ،فأقول :أئمتي آل محم د ،فيق ول
لي :ما أراك صنعت شيئا ،فق ال :ويح س الم بن أبي حفص ة ،لعن ه هللا ،وه ل ي دري
سالم ما منزلة االمام؟ إن منزلة االمام أعظم مما يذهب إليه سالم والن اس أجمع ون،
فانه لن يهلك منا إمام قط إال ترك من بعده من يعلم مثل علمه ،ويسير مث ل س يرته،
ويدعو إلى مثل ال ذي دع ا إلي ه فإن ه لم يمن ع هللا م ا أعطى داود أن أعطى س ليمان
أفضل منه)()6
[الحديث ]288 :ـ قال اإلمام الصادق( :ما زالت االرض إال وهلل تعالى ذك ره
فيه ا حج ة يع رف الحالل والح رام ،وي دعو إلى س بيل هللا ،وال تنقط ع الحج ة من
االرض إال أربعين يوما قبل يوم القيامة ،ف إذا رفعت الحج ة أغل ق ب اب التوب ة وال
ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أن ترفع الحج ة ،اولئ ك ش رار من خل ق هللا،
وهم الذين يقوم عليهم القيامة)()7
[الحديث]289 :ـ قال اإلم ام الس جاد( :نحن أئم ة المس لمين ،وحجج هللا على
)(1علل الشرايع 76 :و ،77اكمال الدين.133 :
)(2علل الشرايع.77 :
)(3اكمال الدين.129 :
)(4اكمال الدين.129 :
)(5اكمال الدين.129 :
)(6اكمال الدين.129 :
)(7اكمال الدين.129 :
87
العالمين ،وسادة المؤمنين وقادة الغر المحجلين ،وموالي المؤمنين ،ونحن أمان أهل
االرض كما أن النجوم أمان الهل السماء ،ونحن الذين بنا يمسك هللا الس ماء أن تق ع
على االرض إال باذنه ،وبنا يمسك االرض أن تميد بأهلها ،وبن ا ي نزل الغيث ،وبن ا
ينشر الرحمة ،ويخرج بركات االرض ،ولوال ما في االرض من ا لس اخت بأهله ا)،
ثم ق ال( :ولم تخ ل االرض من ذ خل ق هللا آدم من حج ة هللا فيه ا ظ اهر مش هور أو
غائب مستور ،وال تخلو إلى أن تقوم الساعة من حجة هللا فيه ا ،ول وال ذل ك لم يعب د
هللا) ،قال سليمان :فقلت للصادق :فكيف ينتفع الناس بالحجة الغائب المس تور؟ ق ال:
(كما يتفعون بالشمس إذا سترها السحاب) ()1
2ـ األدلة العقلية:
مع إن اإلمامة قضية ديني ة محض ة ،واألدل ة عليه ا نص ية نقلي ة إال أن أئم ة
اله دى ،ك انوا ي دعون أتب اعهم إلى اس تعمال األس اليب العقلي ة والكالمي ة لتقريبه ا
للعقول ،خاصة في األزمنة التي وجد فيها هذا الن وع من ال براهين ،ومن األح اديث
الواردة في هذا:
[الحديث]290 :ـ سئل اإلمام الرضا :لم جع ل اولي االم ر ،وأم ر بط اعتهم؟
فقال( :لعلل كثيرة ،منها أن الخلق مما وقفوا على حد محدود ،وأم روا أن ال يتع دوا
ذلك الحد لما في ه من فس ادهم لم يكن يثبت ذل ك وال يق وم إال ب أن يجع ل عليهم في ه
أمين ا ،يأخ ذهم ب الوقف عن دما أبيح لهم ويمنعهم من التع دى وال دخول فيم ا خط ر
عليهم ،ألنه لو لم يكن ذلك كذلك لكان أحد ال يترك لذته ومنفعته لفساد غيره ،فجعل
عليه قيما يمنعهم من الفساد ،ويقيم فيهم الحدود واالحك ام ..ومنه ا أن ا ال نج د فرق ة
من الفرق وال ملة من الملل بقوا وعاشوا إال بقيم ورئيس لم ا الب د لهم من ه في أم ر
الدين والدنيا ،فلم يجز في حكمة الحكيم أن يترك الخلق مم ا يعلم أن ه الب د لهم من ه،
وال ق وام لهم إال ب ه ،فيق اتلون ب ه ع دوهم ويقس مون ب ه ف يئهم ،ويقيم لهم جمعتهم
وجماعتهم ،ويمنع ظالمهم من مظلومهم ..ومنها أنه لو لم يجعل لهم إماما قيما أمين ا
حافظا مستودعا لدرست الملة ،وذهب ال دين وغ يرت الس نة واالحك ام ،ول زاد في ه
المبتدعون ،ونقص منه الملحدون ،وشبهوا ذلك على المسلمين ،النا قد وجدنا الخلق
منقوصين محتاجين غير كاملين مع اختالفهم واختالف أه وائهم ،وتش تت أنح ائهم،
فلو لم يجع ل لهم قيم ا حافظ ا لم ا ج اء ب ه الرس ول فس دوا على م ا بين ا ،وغ يرت
الشرائع والسنن واالحكام وااليمان ،وكان في ذلك فساد الخلق أجمعين) ()2
[الحديث]291 :ـ وهو حديث طويل ي دل على ض رورة اإلمام ة من الناحي ة
العقلية الواقعية ،ونص الحديث هو أنه كان عند اإلمام الصادق جماعة من أص حابه
فيهم هشام بن الحكم ،وحمران بن أعين ،ومؤمن الطاق ،وهشام بن س الم ،والطي ار
وجماعة من أص حابه فيهم هش ام بن الحكم ،وه و ش اب ،فق ال اإلم ام الص ادق :ي ا
[الحديث]297 :ـ قال اإلمام علي في قوله تعالىَ ﴿ :غي ِْر ْال َم ْغضُو ِ
ب َعلَ ْي ِه ْم َواَل
الضَّالِّينَ ﴾ [الفاتحة( :]7 :أمر هللا عزوجل عباده أن يسألوه طريق المنعم عليهم وهم
النبيون والص ديقون والش هداء والص الحون ،وأن يس تعيذوا من طري ق المغض وب
عليهم ،وهم اليهود الذين قال هللا فيهم﴿ :قُلْ هَ لْ أُنَبِّئُ ُك ْم بِ َش رٍّ ِم ْن َذلِ كَ َمثُوبَ ةً ِع ْن َد هَّللا ِ
ك َش ٌّر ير َو َعبَ َد الطَّا ُغوتَ أُولَئِ َ ب َعلَ ْي ِه َو َج َع َل ِم ْنهُ ُم ْالقِ َر َدةَ َو ْالخَ ن ِ
َاز َ ض ََم ْن لَ َعنَهُ هَّللا ُ َو َغ ِ
ضلُّ ع َْن َس َوا ِء ال َّسبِي ِل﴾ [المائدة ،]60 :وأن يس تعيذوا من طري ق الض الين، َم َكانًا َوأَ َ
ق َواَل تَتَّبِ ُع وا ب اَل تَ ْغلُوا فِي ِدينِ ُك ْم َغ ْي َر ْال َح ِّ وهم الذين قال هللا فيهم ﴿ :قُلْ يَاأَ ْه َل ْال ِكتَا ِ
يل﴾ [المائ دة: ض لُّوا ع َْن َس َوا ِء َّ
الس بِ ِ ض لُّوا َكثِ يرًا َو َ ض لُّوا ِم ْن قَ ْب ُل َوأَ َأَ ْه َوا َء قَوْ ٍم قَ ْد َ
،]77وهم النصارى) ،ثم قال( :كل من كف ر باهلل فه و مغض وب علي ه وض ال عن
سبيل هللا) ،ثم قال( :ال تتجاوزوا بنا العبودية ،ثم قولوا ما ش ئتم ولن تبلغ وا ،وإي اكم
والغلو كغلو النصارى ،فاني برئ من الغالين)()3
[الحديث]302 :ـ قيل لإلمام الصادق :جعلت فداك عجبت لق وم ك انوا ي أتون
معن ا إلى ه ذا الموض ع ف انقطعت آث ارهم وف نيت آج الهم ،ق ال :ومن هم؟ قي ل:
أبوالخطاب وأصحابه ،وكان متكئ ا فجلس فرف ع أص بعه إلى الس ماء ثم ق ال( :على
أبي الخطاب لعنة هللا والمالئكة والناس أجمعين ،فأشهد باهلل أنه كافر فاسق مشرك،
وأنه يحشر مع فرعون في أشد العذاب غدوا وعشيا) ،ثم ق ال( :أم ا وهللا إني ألنفس
على أجساد صليت معه النار)()5
[الحديث]303 :ـ عن زرارة قال :ق ال اإلم ام الص ادق :أخ برني عن حم زة
إن إبليس أيزعم أن أبي آتي ه؟! ،قلت :نعم ،ق ال( :ك ذب وهللا م ا يأتي ه إال المتك وّنّ ،
إن ش اء في ص ورة سلّط شيطانا ً يقال له المتكوّن يأتي الن اس في أي ص ورة ش اءْ ،
كبيرة ،وإن شاء في صورة صغيرة ،وال وهللا ما يستطيع أن يجيء في صورة أبي)
()6
[الحديث]304 :ـ قال اإلمام الصادق( :تراءى وهللا إبليس ألبي الخطاب على
سور المدينة أو المسجد ،فكأني أنظر إليه وه و يق ول :إيه ا ً تظف ر اآلن ،إيه ا ً تظف ر
اآلن)()7
[الحديث ]305 :ـ عن حفص بن عمرو النخعي ق ال:كنت جالس ا ً عن د اإلم ام
)(1بحار األنوار ،25/287 :والكشي ص.71
)(2بحار األنوار ،25/269 :وقرب اإلسناد ص.61
)(3بصائر الدرجات 64 :ـ و.65
)(4رجال الكشى 190 :ـ .191
)(5رجال الكشى 190 :ـ .191
)(6بحار األنوار ،25/281 :والكشي ص.193
)(7بحار األنوار ،25/281 :والكشي ص.195
95
إن أبا منصور ح ّدثني أنه رُفع إلى ربه وتمسح الصادق فقال له رجل :جعلت فداكّ ،
على رأسه ،وقال له بالفارسية يا بس ر ،فق ال ل ه اإلم ام الص ادق( :ح دثني أبي عن
إن إبليس اتخذ عرشا ً فيما بين السماء واألرض ،واتخذ أن رسول هللا قالّ : جدي ّ
زبانية بعدد المالئكة ،فإذا دعا رجالً فأجابه ُوطئ عقبُه وتخطت إليه األقدام ،تراءى
وإن أبا منصور كان رس ول إبليس ،لعن هللا أب ا منص ور ،لعن له إبليس ورُفع إليهّ ،
هللا أبا منصور ،ثالثاً)()1
[الحديث]306 :ـ قال اإلم ام الص ادق(:إن ا أه ل بيت ص ّديقون ،ال نخل و من
كذاب يكذب علينا ويُسقط صدقنا بكذبه علينا عند الناس ..كان رسول هللا أصدق ّ
الناس لهجةً وأص دق البري ة كله ا ،وك ان مس يلمة يك ذب علي ه ،وك ان اإلم ام علي
أصدق َمن برأ هللا بعد رسول هللا ،وكان الذي يكذب عليه ويعمل في تك ذيب ص دقه
ويفتري على هللا الكذب عب ُد هللا بن سبأ)()2
[الحديث ]307 :ـ عن مصادف قال :لما لبّى القوم الذين لبّ وا بالكوف ة ،دخلت
على اإلمام الصادق فأخبرت ه ب ذلك ،فخ ّر س اجداً وأل زق جؤج ؤه ب األرض ،وبكى
قن داخ ر ـ م راراً كث يرةً ـ ثم رف ع رأس ه وأقبل يلوذ بإصبعه ويق ول :ب ل عب ٌد هلل ّ
ودموعه تسيل على لحيته ،فندمت ُعلى إخباري إياه فقلت :جعلت فداك ،وم ا علي ك
إن عيسى لو سكتَ ع ّما قالت النص ارى في ه ،لك ان أنت من ذا؟ ،فقال :يا مصادفّ ،
سكت ع ّما قال أب و الخط اب ،لك ان ُّ حقّا ً على هللا أن يُص ّم سمعه ويُعمي بصره ،ولو
حقّا ً على هللا أن ي ُص ّم سمعي وي ُعمي بصري)()3
ي وبزيعا ـ لعنهم هللا ـ (إن بنانا والسر ّ [الحديث ]308 :ـ قال اإلمام الصادقّ :
تراءى لهم الشيطان في أحسن ما يكون صورة آدمي من قرنه إلى س ّرته) ،فقيل له:
ض إِلَ هٌ﴾ [الزخ رف:الس َما ِء إِلَ هٌ َوفِي اأْل َرْ ِ
﴿وهُ َو الَّ ِذي فِي َّ
إن بنانا يتأول هذه اآليةَ : ّ
،]84أن الذي في األرض غير إله السماء وإله الس ماء غ ير إل ه األرضّ ،
وأن إل ه
وأن أه ل األرض يعرف ون فض ل إل ه الس ماء الس ماء أعظم من إل ه األرضّ ،
ويعظّمونه ،فقال( :وهللا ما هو إال هللا وحده ال شريك له ،إلهٌ في الس ماوات وإل هٌ في
ل جالله ،وص ّغر عظمته)()4 األرضين ،كذب بنان ـ عليه لعنة هللا ـ ص ّغر هللا ج ّ
[الحديث ]309 :عن أبي بصير قال :قلت لإلمام الصادق :إنهم يقولون ،قال:
وما يقولون؟ قلت :يقولون :يعلم قطر المطر وعدد النجوم وورق الش جر ووزن م ا
في البحر وعدد التراب ،فرفع يده إلى السماء وقال( :س بحان هللا س بحان هللا ال وهللا
ما يعلم هذا إال هللا) ()5
[الحديث ]310 :ـ ذكر اإلمام الصادق أصحاب أبي الخطاب والغالة فقال :ي ا
[الحديث]336 :ـ قال رسول هللا ( :أثبتكم على الصراط أش ّدكم حبّ ا ً أله ل
بيتي وألصحابي)()4
[الحديث]338 :ـ قال رسول هللا ( :عنوان صحيفة المؤمن( :حبّ علي بن
أبي طالب)()6
[الحديث]339 :ـ عن أنس بن مالك قال :رجعنا مع رسول هللا ق افلين من
تبوك ،فقال لي في بعض الطري ق( :ألق وا لي األحالس واألقت اب ،ففعل وا) ،فص عد
رسول هللا فخطب فحمد هللا وأثنى عليه بما هو أهله ،ثم قال( :معاشر الناس ،ما
لي إذا ُذكر آل إبراهيم عليه السالم تهلّلت وجوهكم ،وإذا ُذك ر آل محم د كأنم ا يُفق أ
ق نبياً ،ل و ج اء أح دكم ي وم القيام ة في وجوهكم حبّ الرمان؟ ..فو الذي بعثني بالح ّ
بأعمال كأمثال الجبال ،ولم يجيء بوالية علي بن أبي طالب ألكبّه هللا ع ّز وج ّل في
النار)()7
[الحديث ]340 :ـ قال رسول هللا ُ ( :حرّمت الجنة على َمن ظلم أه ل بي تي
وآذاني في ع ترتي ،ومن ص نع ص نيعةً إلى أح د من ول د عب د المطلب ولم يج ازه
)(1بحار األنوار ،27/79 :والخصال .2/99
)(2بحار األنوار ،27/81 :وأمالي الطوسي ص.30
)(3بحار األنوار ،27/131 :والمحتضر ص.126
)(4بحار األنوار ،27/133 :ونوادر الراوندي.
)(5بحار األنوار ،27/135 :وأمالي الطوسي ص.25
)(6بحار األنوار ،27/142 :والعمدة ص.193
)(7بحار األنوار ،27/171 :وأمالي الطوسي ص.17
105
القيامة)()1
عليها ،فإني أجازيه غدا إذا لقيني يوم
[الحديث]341 :ـ ق ال رس ول هللا َ ( :من أراد التوس ل إل ّي ،وأن يك ون ل ه
عندي ي ٌد أشفع له بها يوم القيامة ،فليصلْ أهل بيتي ،ويدخل السرور عليهم)()2
[الحديث ]342 :ـ قال رسول هللا ( :يا سلمانَ ..من أحبّ فاطمة ابنتي فه و
في الجنة معي ،و َمن أبغضها فهو في النار ..يا س لمان ..حبّ فاطم ة ينف ع في مائ ة
م وطن ،أيس ر تل ك الم واطن( :الم وت والق بر والم يزان والمحش ر والص راط
رضيت عنه ابنتي فاطمة رضيت عنه ،و َمن رض يت عن ه رض ي ْ والمحاسبة ،ف َمن
ب هللا
بت علي ه غض َ غضبت عليه فاطم ة غض بت علي ه ،و َمن غض ُ ْ هللا عنه ،و َمن
ل لمن يظلمها ويظلم ذريتها وشيعتها)()3 عليه ..يا سلمان ..وي ٌ
[الحديث]343 :ـ كان النبي كلما أصبح أقبل على أصحابه بوجه ه فق ال:
(هل رأى أح ٌد منكم رؤيا؟ ..وإن النبي أصبح ذات ي وم فق ال( :رأيت في المن ام
عمي حمزة وابن عمي جعفراً جال َسين ،وبين يديهما طبق تين وهما يأكالن منه ،فما
لبث ا أن تح وّل رطب ا ً ف أكال من ه ،فقلت لهم ا( :فم ا وج دتما أفض ل األعم ال في
اآلخرة؟) ..قاال( :الصالة ،وحبّ علي بن أبي طالب ،وإخفاء الصدقة)()4
أن رجالً ق دم على اإلم ام علي فق ال :ي ا أم ير [الحـــديث]344 :ـــ روي ّ
المؤم نين ..إني أحبّ ك وأحبّ فالن اً ،وس ّمى بعض أعدائ ه ،فق ال( :أم ا اآلن ف أنت
أعور ،فإما أن تَعمى وإما أن تُبصر)()5
[الحديث]345 :ـ قال اإلمام علي( :مازلت مظلوما ً منذ ولدتني أمي ،حتى ّ
أن
تذروني حتى تذرّوا علياً ،في ذرّوني وم ا بي رم د) عقيالً كان يصيبه رم ٌد فقال( :ال ّ
()6
[الحــديث ]346 :ـ ق ال اإلم ام علي( :ذكرن ا أه ل ال بيت ش فا ٌء من الوع ك
واألسقام ووسواس الريب ،وحبنا رضى الرب تبارك وتعالى)()7
[الحــديث ]347 :ـ ق ال اإلم ام علي( :م ا خل ق هللا ع ّز وج ّل ش يئا ً أش ّر من
ر منه)()8 الكلب ،والناصب أش ّ
[الحــديث]348 :ــ عن عم رو بن قيس المش رقي ق ال :دخلت على اإلم ام
الحسين أنا وابن عم لي وهو في قصر بني مقاتل ،فسلّمنا عليه فقال له ابن عمي :ي ا
أبا عبد هللا ..هذا الذي أرى خضابٌ أو شعرك؟ ..فقال( :خضابٌ والش يب إلين ا ب ني
هاشم يعجل) ،ثم أقبل علينا فقال( :جئتما لنصرتي؟ ..فقلت( :إني رج ٌل كب ير الس ن،
)(1بحار األنوار ،26/229 :والعمدة ص.26
)(2بحار األنوار ،26/227 :وأمالي الصدوق ص.228
)(3بحار األنوار ،27/117 :وإيضاح دفائن النواصب ص.39
)(4بحار األنوار ،27/117 :ومدينة المعاجز .3/43
)(5بحار األنوار ،27/58 :والسرائر.
)(6بحار األنوار ،27/62 :واعتقادات الصدوق ص.111
)(7بحار األنوار ،26/227 :والمحاسن ص.62
)(8بحار األنوار ،27/221 :وأمالي الطوسي ص.171
106
كثير ال َّدين ،كثير العي ال ،وفي ي دي بض ايع للن اس وال أدري م ا يك ون ،وأك ره أن
أضيّع أمانتي ،وقال له ابن عمي مثل ذلك ،ق ال لن ا( :فانطلق ا فال تس معا لي واعي ة
وال تريا لي سواداً ،فإنه َمن سمع واعيتنا أو رأى س وادنا فلم يجبن ا ولم يغثن ا ،ك ان
ل أن يكبّه على منخريه في النار)()1 حقّا ً على هللا ع ّز وج ّ
[الحديث ]349 :قال اإلمام الباقر عن آبائه :لما قضى رسول هللا مناسكه
من حجة الوداع ركب راحلته وأنشأ يقول( :ال يدخل الجنة إال من كان مسلماً) ،فقام
إليه أبو ذر الغفاري فقال :ي ا رس ول هللا وم ا اإلس الم؟! ..فق ال( :اإلس الم عري ان:
ولباسه التقوى ،وزينته الحياء ،ومالكه الورع ،وكماله الدين وثمرته العم ل ..ولك ل
شيء أساس وأساس اإلسالم حبنا أهل البيت)()2
[الحديث]350 :ـ دخل بعضهم على اإلمام الباقر فقال( :بأبي أنت ..ربما خال
ابت نفس ي، فخبثت نفس ي ،ثم ذك رت ح بي إي اكم وانقط اعي إليكم فط ْ ْ بي الشيطان
فقال( :يا زياد ويح ك ..وم ا ال دين إال الحبّ ،أال ت رى إلى ق ول هللا تع الى﴿ :قُ لْ إِ ْن
ُك ْنتُ ْم تُ ِحبُّونَ هَّللا َ فَ اتَّبِعُونِي يُحْ بِ ْب ُك ُم هَّللا ُ َويَ ْغفِ رْ لَ ُك ْم ُذنُ وبَ ُك ْم َوهَّللا ُ َغفُ و ٌر َر ِحي ٌم ﴾ [آل
عمران)3()]31 :
[الحديث ]351 :قال بعضهم :كنت عند اإلمام الباقر وعنده في الفسطاط نحو
من خمسين رجالً ،فجلس بعد سكوت منا طوي ل فق ال( :م ا لكم؟ ..لعلكم ت رون أني
نبي هللا؟ ..وهللا ما أنا كذلك ،ولكن لي قرابة من رس ول هللا ووالدة ،ف َمن وص لنا
وص له هللا ،ومن أحبّن ا أحبّ ه هللا ع ّز وج لّ ،و َمن حرمن ا حرم ه هللا ..أفت درون أي
البقاع أفضل عند هللا منزلةً؟) ..فلم يتكلّم أح ٌد من ا ،فك ان ه و ال را ّد على نفس ه ق ال:
(ذلك مكة الحرام التي رضيها هللا لنفسه حرما ً وجعل بيته فيه ا) ،ثم ق ال( :أت درون
أي البقاع أفضل فيها عند هللا حرمةً؟) ..فلم يتكلّم أح ٌد منا فكان هو ال را ّد على نفس ه
فقال( :ذلك المسجد الحرام) ،ثم قال( :أت درون أي بقع ة في المس جد الح رام أفض ل
عند هللا حرمةً؟) ..فلم يتكلّم أح ٌد منا فكان هو الرا ّد على نفسه فقال( :ذاك بين الركن
والمقام وباب الكعبة ،وذلك حطيم إسماعيل علي ه الس الم ذاك ال ذي ك ان ي زوّد في ه
صف قدميه في ذلك المكان ،قام الليل مصليّا ً ّ أن عبداً غنيماته ويصلّي فيه ،ووهللا لو ّ
حتى يجيئه النهار ،وصام النهار حتى يجيئه اللي ل ،ولم يع رف حقّن ا وحرمتن ا أه ل
البيت لم يقبل هللا منه شيئا ً أبداً)()4
(إن أحبّ أص حابي إل ّي أفقههم وأورعهم [الحديث ]352 :ـ قال اإلمام الباقرّ :
وإن أسوأهم عندي حاالً ،وأمقتهم إل ّي الذي إذا سمع الحديث يُنسب وأكتمهم لحديثناّ ،
إلينا ويُروى عنا ،فلم يحتمله قلبُه واشمأ ّز منه ،جحده وأكفر َمن دان ب ه ،وال ي دري
[الحديث]417 :ـ وعن المفضّل بن عمر أنه قال :سألت سيدي الصادق علي ه
السالم هل الم أمول المنتظ ر المه دي علي ه الس الم ِم ْن وقت م وقّت يعلم ه الن اس؟
فقال :حاشا هلل أن يوقّت ظهوره بوقت يعلمه شيعتنا .فقلت :يا سيدي! ولم ذاك؟ قال:
الس ا َع ِة أَيَّانَ ُمرْ َس اهَا قُ لْ إِنَّ َم ا ألنه هو الساعة ال تي ق ال هللا تع الى﴿ :يَ ْس أَلُونَكَ ع َِن َّ
ض اَل تَ أْتِي ُك ْم إِاَّلت َواأْل َرْ ِ الس َما َوا ِ ت فِي َّ ِع ْل ُمهَا ِع ْن َد َربِّي اَل ي َُجلِّيهَا لِ َو ْقتِهَ ا إِاَّل هُ َو ثَقُلَ ْ
الس ا َع ِة بَ ْغتَةً﴾ [األعراف ،]187 :وهو الساعة التي ق ال هللا تع الى ﴿ :يَ ْس أَلُونَكَ َع ِن َّ
أَيَّانَ ُمرْ َس اهَا﴾ [النازع ات ،]42 :وق ال عن ده علم الس اعة ولم يق ل أنه ا عن د أح د،
الس ا َعةَ أَ ْن تَ أْتِيَهُ ْم بَ ْغتَ ةً فَقَ ْد َج ا َء أَ ْش َراطُهَا فَ أَنَّى لَهُ ْم إِ َذا وق ال﴿ :فَهَ لْ يَ ْنظُ رُونَ إِاَّل َّ
ق ْالقَ َم رُ﴾ [القم ر،]1 : ت السَّا َعةُ َوا ْن َش َّ َجا َء ْتهُ ْم ِذ ْك َراهُ ْم ﴾ [محمد ،]18 :وقال﴿ :ا ْقت ََربَ ِ
ْج ُل بِهَا الَّ ِذينَ اَل ي ُْؤ ِمنُونَ بِهَا َوالَّ ِذينَ ك لَ َع َّل السَّا َعةَ قَ ِريبٌ ( )17يَ ْستَع ِ وقالَ ﴿ :و َما يُ ْد ِري َ
ض اَل ٍل َ َّ
ق أاَل إِ َّن ال ِذينَ يُ َمارُونَ فِي َّ
الس ا َع ِة لفِي َ َ ْ َّ َ
آ َمنُوا ُم ْشفِقُونَ ِم ْنهَا َويَ ْعل ُمونَ أنهَا ال َح ُّ
َ
بَ ِعي ٍد﴾ [الشورى ،]18 ،17 :قلت فما معنى يمارون؟ ق ال :يقول ون م تى ول د ،ومن
رآه ،وأين يكون ،ومتى يظه ر؛ وك لُّ ذل ك اس تعجاالً ألم ر هللا ،وش ّكا ً في قض ائه،
)( 1رواه الحاكم واللفظ له والحارث وأحمد وأبو داود وابن ماجه ،سبل الهدى والرشاد ()10/160
)(2رواه أبو نعيم في الحلية ،سبل الهدى والرشاد ()10/160
)( 3رواه الدارقطني في اإلفراد والطبراني في األوسط وأبو نعيم في الحلية ،سبل الهدى والرشاد ()10/160
)(4رواه مسلم والترمذي ،سبل الهدى والرشاد ()10/142
)(5رواه الطبراني في الكبير ،سبل الهدى والرشاد ()10/142
134
﴿وا ْعلَ ُموا أَنَّ َما أَ ْم َوالُ ُك ْم َوأَوْ اَل ُد ُك ْم فِ ْتنَ ةٌ َوأَ َّن هَّللا َ ِع ْن َدهُ
مضالتها) ،فإن هللا تعالى يقولَ :
أَجْ ٌر َع ِ
ظي ٌم ﴾ [األنفال)1()]28 :
[الحديث ]441 :ـ ما روي أنه لما صار طلحة والزبير وعائشة إلى البص رة،
بعث علي عمار بن ياسر وحسنا ،فقدما علينا الكوفة ،فصعدا المنبر وكان حس ن بن
علي في أعاله وعم ار أس فل من ه ،فاجتمعن ا إليهم ا ،فق ال عم ار( :إن عائش ة ق د
صارت إلى البصرة ،وهللا إنها لزوجة نبيكم ،ولكن هللا ابتالكم ليعلم إياه تطيع ون أم
هي)()2
[الحديث ]442 :ـ ما روي أنه دخل أبو موسى وأبو مسعود على عم ار حيث
أتى الكوفة ليستنفر الناس ،فق اال :م ا رأين ا من ك أم را من ذ أس لمت أك ره عن دنا من
إسراعك في هذا األمر ،فقال( :ما رأيت منكم ا أم را من ذ أس لمتما أك ره عن دي من
إبطائكما عن هذا األمر)()3
ثانيا ـ ما ورد في بيان أنواع الفتن ،وكيفية التعامل معها:
لم يكت ف رس ول هللا باإلش ارة إلى الفتن والتح ذير منه ا ،ومن أس بابها،
وإنما كان ي ذكر أنواعه ا ،وكيفي ة التعام ل م ع ك ل ن وع منه ا ،ويخ بر عن أس بابه
ومواطنه ومن تكون له اليد الطولى فيه.
ومن التصنيفات التي وردت حولها ما ورد في األحاديث التالية:
[الحديث]443 :ـ قوله ( :أربع فتن تكون بعدي :األولى تسفك فيها الدماء،
والثاني ة تس تحل فيه ا ال دماء واألم وال ،والثالث ة تس تحل فيه ا ال دماء واألم وال
والفروج ،والرابعة صماء عمياء مطبقة تمور م ور الم وج في البح ر ح تى ال يج د
أحد من الناس منها ملج أ تطي ف بالش ام ،وتغش ى الع راق ،وتخب ط الجزي رة بي دها
ورجلها ،تعدل األمة فيها بالبالء عدل األديم ،ثم ال يستطيع أحد من الن اس أن يق ول
فيها :مه مه ،ال يدفعونها من ناحية إال انفقعت من ناحية أخرى)()4
[الحديث ]444 :ـ قول حذيفة( :وهللا إني ألعلم الناس بكل فتنة هي كائنةٌ فيم ا
بيني وبين الساعة ،وما بي إال أن يكون رسول هللا أسر إلي في ذلك ش يئا م ا لم
يحدثه غيري ،ولكنه قال يوما وهو في مجلس يتحدث فيه عن الفتن ويع دهن :منهن
فتن كرياح الصيف ،ومنها ص غارٌ ،ومنه ا كب ارٌ، ثالث ال يكدن يذرن شيئا ،ومنهن ٌ ٌ
فذهب أولئك الرهط الذين سمعوه معي كلهم غيري()5
[الحديث ]445 :قول حذيفة :كنا عند عمر ،فقال :أيكم يحفظ من حديث النبي
في الفتنة؟ فقلت :أنا أحفظه ،فقال :هات إنك لجري ٌء ،وكيف ق ال؟ قلت :س معته
يقول( :فتنة الرجل في أهله وماله ونفسه وول ده وج اره ،يكفره ا الص يام والص الة
)(1تاريخ الطبري .618 :2تاريخ مدينة دمشق .411 :3الطبقات الكبرى .200 :3الثقات .192 :2
االمامة والسياسة.28 / 1 :
ِ )(2
)( 3يمكن اعتبار حديث صدق أبي ذر وزهده من أظهر مصاديق التواتر المعنوي ،إذ أخرجه جملة الحفاظ على
اختالف ألفاظه كابن سعد والترمذي وابن ماج ة وأحم د وابن أبي ش يبة وابن جري ر وأبي عم ر وأبي نعيم والبغ وي
والحاكم وابن عساكر والطبراني وابن الجوزي وغيرهم .انظر :الطبق ات 4ـ 167و ،168س نن ابن ماج ة 1ـ ،68
مس ند أحم د 2ـ 163و 175و ،223و 5ـ ،197و 6ـ ،442مس تدرك الح اكم 3ـ ،342و 4ـ 480وق د ص ححه
وأقره عليه الذهبي ،مصابيح السنة 2ـ ،228صفة الصفوة 1ـ ،340االستيعاب 1ـ ،84مجم ع الزوائ د 9ـ ،329
اإلص ابة البن حج ر 3ـ 622و 4ـ ،62ك نز العم ال 6ـ 169و 8ـ 15ـ ،17وجمل ة كتب الح ديث والرج ال
والتراجم.
)(4رواه الترمذي وابن ماجة ()156
)(5الترمذي 2ـ .221
)(6حلية األولياء وطبقات األصفياء ()162 /1
)(7االستيعاب 1ـ ،83وأسد الغابة 5ـ ،188واإلصابة 4ـ .164
143
تحتي ،وال أنظر إلى من هو فوقي ،وأن أقول الحق وإن ك ان م را ،وأن ال تأخ ذني
في هللا لومة الئم)()1
[الحديث ]461 :ـ ما ورد في نفيه بسبب مواجهته للفتن ة األولى ،فعن أبي ذر
أن رس ول هللا ق ال( :ي ا أب ا ذر ،كي ف تص نع ،إن أخ رجت من المدين ة؟) ق ال:
للسعة والدعة إلى مكة فأكون حمامة من حمام مكة ،قال( :فكيف تصنع إذا أخرجت
من مكة؟) قال :للسعة والدعة ،إلى الشام واألرض المقدسة ،قال( :فكيف تص نع إذا
أخرجت من الشام؟) قال :قلت :والذي بعثك بالحق أضع س يفي على ع اتقي وأقات ل
حتى أموت قال( :أو خير من ذلك؟ تسمع وتطيع وإن كان عبدا حبشيا)()2
[الحديث ]462 :ـ وعن أبي ذر قال :بينا أنا نائم في المسجد خرج رس ول هللا
فضربني برجله وقال( :أال أراك نائم ا في ه؟) قلت :ي ا ن بي هللا ،غلبت ني عي ني.
قال( :كيف تصنع إذا أخرجت منه) ،قال :آتي الشام واألرض المقدسة .قال( :فكيف
تصنع إذا أخرجت منه) قال :ما أصنع يا ن بي هللا أض رب بس يفي .فق ال الن بي :
(أال أدلك على ما هو خير لك من ذلك وأقرب رشدا تسمع وتطيع وتنس اق لهم حيث
ساقوك) قال أبو ذر :وهللا ،أللقين هللا ،وأنا سامع مطيع لعثمان(.)3
[الحديث ]463 :ـ وعن القرظي قال :خرج أبو ذر إلى الربذة فأص ابه ق دره،
فأوص اهم أن غس لوني وكفن وني ،ثم ض عوني على قارع ة الطري ق ،ف أول ركب
يمرون بكم فقولوا :هذا أبو ذر ص احب رس ول هللا فأعينون ا على غس له ودفن ه
ففعلوا ،فأقبل عبد هللا بن مسعود في ركب من الع راق ،وق د وض عت الجن ازة على
قارعة الطريق ،فقام عليه غالم ،فقال :هذا أبو ذر صاحب رسول هللا قال :فبكى
عبد هللا بن مسعود قال :سمعت رسول هللا يقول( :تمشي وحدك ،وتموت وحدك
وتبعث وحدك)()4
[الحديث]464 :ـ وعن إبراهيم بن األش تر عن أبي ه ق ال :أن أب ا ذر حض ره
الموت ،وهو بالربذة ،فبكت امرأته ،ق ال :م ا يبكي ك؟ ق الت :وم ا لي ال أبكي وأنت
تموت بفالة من األرض وليس عندي ثوب يسع لك كفنا فقال :ال تبكي ،فإني سمعت
رس ول هللا يق ول( :ليم وتن رج ل منكم بفالة من األرض فيش هده عص ابة من
المؤم نين) ،فك ل من ك ان معي في المجلس م ات في جماع ة وقري ة فلم يب ق منهم
غيري ،وقد أصبحت بفالة أموت فراقبي الطريق ،فإنك سوف ترين ما أق ول ،ف إني
وهللا ما كذبت ،وال كذبت ،قالت :أنى وقد انقطع الحاج ،قال :راق بي الطري ق ،ق ال:
فبينا هي كذلك ،إذا هي بق وم تخب بهم رواحلهم ك أنهم ال رخم على رح الهم ،فأقب ل
القوم حتى وقفوا عليها ،فقالوا :مالك؟ قالت :امرؤ من المسلمين تكفنون ه وت ؤجرون
[الحديث]480 :ـ قوله ( :إني ال أدري ما قدر بقائي فيكم ..فاهت دوا به دي
عمار)()3
[الحديث ]481 :عن علقمة ،قال( :قدمت الشام ،فقلت :من ها هنا؟ ،قالوا أبو
ال درداء ،ق ال :أفيكم ال ذي أج اره هللا من الش يطان على لس ان نبي ه ؟)( ،)4وه و
يقصد عمار بن ياسر.
[الحديث]482 :ـ عن موالة لعم ار بن ياس ر ق الت :اش تكى عم ار بن ياس ر
شكوى ثقل منها ،فغشي عليه فأف اق ،ونحن نبكي حول ه ق ال :م ا يبكيكم؟ أتحس بون
أني أموت على فراشي ،أخبرني حبيبي رسول هللا أنه تقتلني الفئة الباغية ،وأن ا
آخر زادي مذقة من لبن ،وفي رواية ضياح لبن وفي لفظ( :أن آخر زادك من ال دنيا
ضياح من لبن)()5
[الحديث ]483 :ـ عن أم سلمة وعمار بن ياس ر وغيرهم ا أن رس ول هللا
قال ،وهو يبني المسجد لعمار بن ياسر( :تقتلك الفئة الباغية)()6
[الحديث]484 :ـ عن إسماعيل بن عبد الرحمن األنصاري أن رسول هللا
قال لعمار( :أبشر ،عمار ،تقتلك الفئة الباغية)()7
[الحديث]485 :ـ قوله في الحديث الذي روي بط رق مت واترة كث يرة(:)8
)(1قال الهيثمي ( )7/243الطبراني رجاله ثقات إال أني لم أعرف الرجل المبهم.
ويقصد بالرجل المبهم هو (سيار أبي الحكم) الراوي عن حذيفة)
)(2أحمد ( )165 -2/164وقال الهيثمي ( :)7/244رجاله ثقات.
)(3رواه الترمذي ()3799
)(4رواه البخاري ()3287
)(5رواه الطبراني والبزار بإسناد حسن ،سبل الهدى والرشاد ()10/151
)(6رواه مسلم وابن عساكر وابن أبي شيبة ،سبل الهدى والرشاد ()10/152
)(7رواه الترمذي ،سبل الهدى والرشاد ()10/152
)( 8فقد رواه مسلم وابن عساكر وابن أبي شيبة عن أم سلمة ،واإلمام أحمد وابن عساكر والط براني في الكب ير،
وأبو يعلى ،والخطيب عن عثمان ،واإلمام أحمد وابن سعد وابن أبي شيبة وأب و يعلى والط براني في الكب ير والح اكم
عن عمرو بن العاص ،وابن عساكر وابن أبي شيبة وأبو يعلى وأبو عوانة والطبراني في الكبير عن أبي رافع ،وأب و
يعلى وابن سعد في كتاب المواالة والطبراني في الكبير وال دار قط ني في األف راد عن عم ار بن ياس ر وابن عس اكر
عن ابن عباس وعن حذيفة وعن أبي هريرة وعن ج ابر بن عب د هللا وعن ج ابر بن س مرة وعن أنس عن أبي أمام ة
وعن عبد هللا بن كعب بن مالك عن أبيه وعن عمرو بن العاص ،وابن أبي شيبة ،واإلم ام احم د وابن س عد والبغ وي
149
النار)()1
(ويح عمار تقتله الفئة الباغية ،عمار يدعوهم إلى هللا ،ويدعونه إلى
وقد تعرض ه ذا الح ديث وغ يره للتالعب والتأوي ل من الم دافعين عن الفئ ة
الباغية ،بل إنهم حولوه إلى مدح معاوية بدل ثلبه.
ومن األمثلة على ذلك قول ابن كثير في شرحه للح ديث( :وه ذا الح ديث من
دالئل النبوة حيث أخبر عن عمار أنه تقتله الفئة الباغية ،وقد قتله أهل الش ام في
وقع ة ص فين ،وعم ار م ع علي وأه ل الع راق ..وق د ك ان علي أح ق ب األمر من
معاوي ة ..وال يل زم من تس مية أص حاب معاوي ة بغ اة تكف يرهم ،كم ا يحاول ه جهل ة
الفرقة الض الة من الش يعة وغ يرهم ،ألنهم ،وإن ك انوا بغ اة في نفس األم ر ،ف إنهم
كانوا مجتهدين فيما تعاطوه من القتال ،وليس ك ل مجته د مص يبا ،ب ل المص يب ل ه
أجران ،والمخطئ له أجر)()2
وق ال في تأوي ل قول ه ( :ي دعوهم إلى الجن ة ،ويدعون ه إلى الن ار)( :ف إن
عمارا وأصحابه يدعون أهل الشام إلى األلفة واجتماع الكلمة ،وأهل الش ام يري دون
أن يستأثروا باألمر دون من هو أحق به ،وأن يك ون الن اس أوزاع ا على ك ل قط ر
إمام برأس ه ،وه ذا ي ؤدي إلى اف تراق الكلم ة ،واختالف األم ة ،فه و الزم م ذهبهم
وناشئ عن مسلكهم ،وإن كانوا ال يقصدونه)()3
ولست أدري كيف عرف أنهم ال يقصدونه ،وأن كل تلك ال دماء ال تي س الت
والتحريف الذي حصل كان مجرد اجتهاد مأجور عليه ،يؤدي إلى الجن ة ب دل أدائ ه
إلى النار.
[الحديث]486 :ـ ما روي في ص دقه وإيمان ه وتبش يره بالجن ة ،ومنه ا قول ه
( :ملئ عمار إيمانا إلى مشاشه)( ،)4وقوله( :دم عمار ولحم ه؛ ح رام على الن ار
أن تأكله أو تمسه)( ،)5وقوله( :إن الجنة تشتاق إلى ثالثة :علي وعمار وأبي ذر)()6
[الحديث ]487 :ـ عن جابر بن عبد هللا(:مر رسول هللا بعمار وأهل ه وهم
يعذبون ،فقال( :أبشروا آل عمار ،وآل ياسر ،ف إن موع دكم الجن ة)( )7وفي رواي ة:
وأبو نعيم والطبراني في الكبير ،والحاكم عن عمرو بن حرام ،واإلم ام احم د وأب و يعلى والط براني في الكب ير وابن
عساكر عن ابن عمرو وأبو يعلى والطبراني في الكبير عن معاوي ة بن عتب ة ،والط براني عن أبي راف ع والط براني
عن أبي أيوب ،والطبراني في الكبير ،والباوردي وابن قانع ،والدار قطني في األفراد عن أبي البش ير بن عم رو عن
زي اد بن الج رد ،وال بزار برج ال الص حيح عن أبي س عيد الخ دري ،وأب و يعلى برج ال الص حيح عن أبي هري رة
والطبراني برجال ثقات عن عبد هللا بن عمرو وأبيه عم رو ومعاوي ة وال بزار عن أبي مس عود ،وحذيف ة والط براني
بإسناد حسن .انظر :معجزات حسية (ص)240 :
)(1رواه أحمد [ ،]306 /5والبخاري ( ،)2812ومسلم [ ،]2915 /71 /70[ ،]226 /9والنسائي في الكبرى
[ ،]156 /5كتاب الخصائص :حديث [ ،]8548وابن سعد [ ]191 /3وغيرهم
)(2البداية والنهاية)538 /4( ،
)(3البداية والنهاية)538 /4( ،
)(4رواه النسائي ()5007
)(5رواه البزار ( ،)51 /3وابن عساكر ()1 /314 /12
)(6الهيثمي في مجمع الزوائد 9ـ 39
)(7رواه الحاكم ( ،)5666وقال( :صحيح على شرط مسلم ،ولم يخرجاه) ووافقه الذهبي.
150
(عذب المشركون عمارا بالنار ،فكان النبي يمر به فيمر يده على رأسه ويق ول:
(يا نار كوني بردا وسالما على عمار كما كنت على إب راهيم ،تقتل ك الفئ ة الباغي ة)
()1
ما ورد في شأن المقداد بن األسود:
وه و من أص حاب اإلم ام علي المخلص ين ،وال ذين ورد في حقهم من
األحاديث ما ي دل على اعتب ارهم من العالم ات ال تي يُم يز به ا بين الح ق والباط ل
عندما تختلط األمور ،فهو أحد األربعة الذين أخ بر رس ول هللا عن ش وق الجن ة
لهم ،وهو أحد الذين أمر رسول هللا بحبهم ،والتأسي به في ذلك.
ففي الحديث ،ق ال رس ول هللا ( :إن الجن ة تش تاق إلى أربع ة :إلى عم ار،
وعلي وسلمان ،والمقداد)( ،)2وقال( :إن هللا تعالى أمرني بحب أربعة ،وأخبرني أنه
يحبهم ،وإنك يا علي منهم ،والمقداد وأبو ذر وسلمان)()3
وهو صاحب ذلك المشهد الذي تمنى عبد هللا بن مسعود ـ على جالل ة ق دره ـ
أن يكون صاحبه ،فقال( :لقد شهدت من المقداد مش هدا ألن أك ون أن ا ص احبه أحب
إلي مما في األرض من شيء ،وكان رجال فارسا ،وكان رس ول هللا إذا غض ب
احمرت وجنتاه ،فأتاه المقداد على تل ك الح ال فق ال( :أبش ر ي ا رس ول هللا ،فوهللا ال
نقول لك كما قالت بنو إس رائيل لموس ى علي ه الس الم :اذهب أنت ورب ك فق اتال إن ا
هاهنا قاعدون ،ولكن والذي بعثك ب الحق لنك ونن من بين ي ديك ،ومن خلف ك ،وعن
يمينك ،وعن شمالك ،أو يفتح هللا عز وجل لك)()4
وهو من الذين آتاهم هللا البصيرة؛ الذين ميزوا بين الجاهلية واإلس الم ،والقيم
ال تي تمثلهم ا ،ولم يغ تر بالص حبة المج ردة عن القيم ،وق د رد على من ق ال ل ه:
(طوبى لهاتين العينين الل تين رأت ا رس ول هللا ،وهللا لوددن ا أن ا رأين ا م ا رأيت،
وشهدنا ما شهدت) ،بقوله( :م ا يحم ل الرج ل أن يتم نى محض را غيب ة هللا عن ه ال
يدري كيف يكون فيه ،وهللا لقد حضر رس ول هللا أق وام كبهم هللا على من اخرهم
في جهنم لم يجيبوه ولم يصدقوه ،أال يحم د هللا تع الى أح دكم أن ال تعرف وا إال ربكم
مصدقين بما جاء به ن بيكم ،فق د كفيتم البالء بغ يركم ،وهللا لق د بعث الن بي على
أشد حال بعث عليها نبي من األنبياء في ف ترة وجاهلي ة لم ي روا أن دين ا أفض ل من
عبادة األوثان ،فجاء بفرقان فرق بين الحق والباطل ،وفرق بين الوالد وولده ،ح تى
إن ك ان الرج ل ل يرى وال ده أو ول ده أو أخ اه ك افرا ،وق د فتح هللا تع الى قف ل قلب ه
لإليمان ليعلم أنه قد هلك من دخل النار ،فال تقر عينه وهو يعلم أن حميمه في النار،
وأنها التي ق ال هللا تع الىَ ﴿ :ربَّنَ ا هَبْ لَنَ ا ِم ْن أَ ْز َوا ِجنَ ا َو ُذرِّ يَّاتِنَ ا قُ َّرةَ أَ ْعيُ ٍن َواجْ َع ْلنَ ا
)(1رواه الطبراني في الكبير ،ورواه ابن أبي خيثم ة في تاريخ ه المس مى ت اريخ ابن أبي خيثم ة،)991 / 2 :
وانظر :الهيثمي في مجمع الزوائد ()1/118
وقد علق الشيخ حسن بن فرحان على هذا الحديث الخطير بقوله( :السند صحيح على شرط الشيخين إال س عد بن
حذيفة بن اليمان وهو تابعي كبير ثقة ،بل يحتمل أن له صحبة .فالسند ص حيح ورجال ه كلهم ثق ات س مع بعض هم من
بعض .وعنعنة األعمش في الصحيحين ،وهذا القول قاله عمار بن ياسر يوم صفين ،ومعناه واضح؛ فعم ار بن ياس ر
ميزان تلك الحروب يقس م باهلل أن معاوي ة وأمثال ه من رم وز أه ل الش ام لم يس لموا ي وم فتح مك ة ،وإنم ا استس لموا
وخضعوا حتى يجدوا على الح ق أعوان اً ،ول ه ش اهد من ح ديث ابن عم ر في قص ة التحكيم( :أولى به ذا األم ر من
ضربك وأباك على اإلسالم حتى دخلتم فيه كرهاً) واصله في صحيح البخاري) [بحث في إسالم معاوية ،ص]67
)(2نصر (ص ،)213تاريخ الطبري)82 / 3 :
)(3قال الهيثمي في مجمع الزوائد (ج / 7ص :)175رواه أحمد والطبراني ورجال أحمد رجال الصحيح غير
عبد هللا بن سلمة وهو ثقة ،وقال البوصيري في كتابه( :إتحاف الخيرة المه رة بزوائ د المس انيد العش رة( ،ج / 8ص
:)5رواه أبوداود الطيالسي وأبو يعلى وأحمد بن حنبل بسند صحيح.
155
بالمدينة)()1 قولوا لهم كما يقولون لكم فإن كنا لنعلمه اإلماء
ومن اآليات التي تشير إلى هذا ،ب ل تك اد تص رح ب ه قول ه تع الى﴿:لَقَ ْد َح َّ
ق
ْالقَوْ ُل َعلَى أَ ْكثَ ِر ِه ْم فَهُ ْم اَل ي ُْؤ ِمنُونَ ( )7إِنَّا َج َع ْلنَا فِي أَ ْعنَاقِ ِه ْم أَ ْغاَل اًل فَ ِه َي إِلَى اأْل َ ْذقَا ِن
فَهُ ْم ُم ْق َم ُح ونَ (َ )8و َج َع ْلنَ ا ِم ْن بَي ِْن أَ ْي ِدي ِه ْم َس ًّدا َو ِم ْن خَ ْلفِ ِه ْم َس ًّدا فَأ َ ْغ َش ْينَاهُ ْم فَهُ ْم اَل
صرُونَ (َ )9و َس َوا ٌء َعلَ ْي ِه ْم أَأَ ْن َذرْ تَهُ ْم أَ ْم لَ ْم تُ ْن ِذرْ هُ ْم اَل ي ُْؤ ِمنُونَ ﴾ [يس]10 - 7 : يُ ْب ِ
فهذه اآليات ـ باتفاق جميع المفسرين ـ نزلت في كف ار ق ريش ،وهي تقص د ـ
أول ما تقصد ـ رؤس اءهم الكب ار ال ذين ح ولهم الس لفية إلى مؤم نين ص ادقين ،ب ل
صحابة أجالء ،مع أن القرآن الكريم أخبر أن ه س واء أن ذروا أولم ين ذروا ،ف إنهم ال
يؤمنون..
ونحن في ذل ك بين أن نص دق الق رآن الك ريم ،وإخبارات ه الغيبي ة ،وإم ا أن
نصدق تلك المقوالت التي خالفت القرآن مخالفة شديدة حين لم تكتف بإثبات اإليمان
ألولئ ك ال ذين أخ بر هللا تع الى أنهم لن يؤمن وا ،وإنم ا أض افت إلي ه ال دفاع عنهم،
واعتبارهم من أركان الدين وأعمدته ،بل أخرجت من الملة من لم يؤمن بذلك.
ومن اآليات الكريمة الدالة على هذا المعنى قوله تع الىَ ﴿ :ويَقُولُ ونَ َمتَى هَ َذا
ح اَل يَ ْنفَ ُع الَّ ِذينَ َكفَ رُوا إِي َم انُهُ ْم َواَل هُ ْم ص ا ِدقِينَ ( )28قُ لْ يَ وْ َم ْالفَ ْت ِ ْالفَ ْت ُح إِ ْن ُك ْنتُ ْم َ
يُ ْنظَرُونَ ( )29فَأ َ ْع ِرضْ َع ْنهُ ْم َوا ْنتَ ِظرْ إِنَّهُ ْم ُم ْنت َِظرُونَ ﴾ [السجدة]30 - 28 :
فمن مصاديق الفتح في هذه اآلي ة ـ وبحس ب التفس ير الق رآني ال ذي ه و أهم
التفاسير وأدقها وأصحها ـ فتح مكة ،أو الفتح الذي حصل بعد صلح الحديبي ة ،حيت
أسرع الكثير إلى اإلسالم ال قناعة ب ه ،وإنم ا بس بب انتص اراته ،فأس لموا رغب ة أو
رهبة ،ولم يسلموا قناعة وإذعانا.
ولألسف فإن الكث ير من األم ة تب نى أولئ ك ال ذين أس لموا بع د الفتح ،أو بع د
ص لح الحديبي ة أك ثر مم ا تتب نى غ يرهم من الس ابقين ،م ع أن هللا تع الى أش ار في
القرآن الكريم إلى الفرق الكبير بينهما.
وبناء على هذا يجتهدون في نفي ارتباط اآليات الكريمة بفتح مك ة م ع ورود
الكثير من الروايات عن السلف الذين يعتمدونهم في الداللة على ذلك ،وق د ق ال ابن
كث ير مع برا عن ه ذا ..( :ومن زعم أن الم راد من ه ذا الفتح فتح مك ة فق د أبع د
النجعة ،وأخطأ فأفحش ،فإن ي وم الفتح ق د قب ل رس ول هللا إس الم الطلق اء ،وق د
كانوا قريبا من ألفين ،ولو كان المراد فتح مكة لما قبل إسالمهم)()2
وهذا تبرير عجيب ،فرسول هللا كان يقب ل إس الم أي ك ان من غ ير بحث
في باطن ه ،ول ذلك قب ل إس الم المن افقين ،وتعام ل معهم كم ا يتعام ل م ع المس لمين
أنفسهم ،مع علمه بباطنهم ،وبكف رهم ،ب ل بك ونهم أش د كف را من الكف ار الص رحاء
أنفسهم.
)(1أنساب األشراف)328 / 1 :
)(2تفسير ابن كثير :ج / 6ص .374
156
ومشكلة هؤالء هي أنهم يتصورون أن قريشا ال يمكن أن تنافق ..وأن النف اق
خاص باألوس والخزرج ،فلذلك يذكرون أن عبد هللا بن أبي بن س لول ن افق عن دما
دخل رسول هللا المدين ة حرص ا على نفس ه ومص الحه ..وال يتص ورون أن أب ا
سفيان أو معاوية أو غيرهم ا من ص ناديد ق ريش ن افقوا بع د دخ ول رس ول هللا
مكة ..ولست أدري الدليل الذي خصوا به النفاق في أهل المدينة ،وعصموا منه أهل
مكة ،مع أن األدلة الواقعية الكث يرة ت دل على أن ص ناديد ق ريش ك انوا أك ثر عت وا
وطغيانا من صناديد المدينة.
ومن اآليات القرآنية الواضحة والصريحة في ش دة كف ر كب ار كف ار ق ريش،
وأنهم ال يختلف ون عن كب ار ق وم ع اد وثم ود ،تل ك اآلي ات ال تي ت ذكر ش روطهم
لإليم ان ،باعتباره ا ش روطا تعجيزي ة ال يمكن تحققه ا ،ومنه ا قول ه تع الىَ ﴿ :ولَقَ ْد
اس إِاَّل ُكفُ ورًا (َ )89وقَ الُوا اس فِي هَ َذا ْالقُرْ آ ِن ِم ْن ُك ِّل َمثَ ٍل فَ أَبَى أَ ْكثَ ُر النَّ ِ ص َّر ْفنَا لِلنَّ َِ
ك َجنَّةٌ ِم ْن ن َِخي ٍل ض يَ ْنبُو ًع ا ( )90أَوْ تَ ُك ونَ لَ َ ِ رْ َ أْلا نَ مِ ا َ نَ ل ر
َ ج
ُ ْ
ف َ ت ىَّ تحَ كََ ل نَ لَ ْن ِ
م ؤْ ُ ن
ب فَتُفَ ِّج َر اأْل َ ْنهَا َر ِخاَل لَهَا تَ ْف ِجيرًا ( )91أَوْ تُ ْسقِطَ ال َّس َما َء َك َم ا َز َع ْمتَ َعلَ ْينَ ا ِك َس فًا َو ِعنَ ٍ
ُف أَوْ تَرْ قَى فِي ال َّس َما ِء ْت ِم ْن ُز ْخر ٍ أَوْ تَأْتِ َي بِاهَّلل ِ َو ْال َماَل ئِ َك ِة قَبِياًل ( )92أَوْ يَ ُكونَ لَ َ
ك بَي ٌ
ت إِاَّل بَ َش رًا َولَ ْن نُ ْؤ ِمنَ لِ ُرقِيِّكَ َحتَّى تُن َِّز َل َعلَ ْينَا ِكتَابً ا نَ ْق َر ُؤهُ قُ لْ ُس ب َْحانَ َربِّي هَ لْ ُك ْن ُ
ث هَّللا ُ بَ َش رًا اس أَ ْن ي ُْؤ ِمنُوا إِ ْذ َجا َءهُ ُم ْالهُدَى إِاَّل أَ ْن قَ الُوا أَبَ َع َ
َر ُسواًل (َ )93و َما َمنَ َع النَّ َ
َر ُسواًل ﴾ [اإلسراء]94 - 89 :
ويؤيد هذا تلك الوقائع التاريخية المس جلة في كتب الح ديث والس يرة ،وال تي
ت بين تعنت رؤوس الش رك ـ بمن فيهم ال بيت الس فياني نفس ه ـ أم ام المعج زات
والخوارق التي كان يظهرها هللا على يدي نبيه .
فهل يمكن لمن رأى القمر منشقا في الس ماء ـ كم ا دلت على ذل ك الرواي ات
الكثيرة ـ ثم ال يؤمن ،بل يزداد كفرا وعتوا ،ب ل يض يف إلى ذل ك ك ل أن واع الص د
عن سبيل هللا ..هل يمكن لمن كان هذا حاله أن ي ؤمن ،ويحس ن إيمان ه عن دما ي رى
جيش المسلمين داخال إلى بلده ،وليس له أي حيلة في صده؟
ومن اآليات القرآنية المخبرة عن مستقبل كفار قريش ال ذين واجه وا رس ول
﴿واَل يَ زَ ا ُل الَّ ِذينَ َكفَ رُوا فِي ِمرْ يَ ٍة ِم ْن هُ َحتَّى هللا بالمحاربة والصد قول ه تع الىَ :
تَأْتِيَهُ ُم السَّا َعةُ بَ ْغتَةً أَوْ يَأْتِيَهُ ْم َع َذابُ يَوْ ٍم َعقِ ٍيم ﴾ [الحج]55 :
وهي إخب ار من هللا تع الى ب أن أولئ ك المش ركين ختم على قل وبهم ،وأنهم ال
يؤمنون حتى تأتيهم الساعة.
ومن اآلي ات القرآني ة المخ برة عن موق ف كف ار ق ريش من الق رآن الك ريم،
ال الَّ ِذينَ َكفَ رُوا اَل ت َْس َمعُوا ﴿وقَ َوسعيهم الدؤوب لمعارضته ومحاربته قول ه تع الىَ :
لِهَ َذا ْالقُ رْ آ ِن َو ْال َغ وْ ا فِي ِه لَ َعلَّ ُك ْم تَ ْغلِبُ ونَ ( )26فَلَنُ ِذيقَ َّن ال ِذينَ َكف رُوا َع ذابًا َش ِديدًا
َ َ َّ
َولَنَجْ ِزيَنَّهُ ْم أَ ْس َوأَ الَّ ِذي َكانُوا يَ ْع َملُ ونَ (َ )27ذلِ كَ َج زَ ا ُء أَ ْع دَا ِء هَّللا ِ النَّا ُر لَهُ ْم فِيهَ ا دَا ُر
ْال ُخ ْل ِد َج َزا ًء بِ َما َكانُوا بِآيَاتِنَا يَجْ َح ُدونَ ﴾ [فصلت]28 - 26 :
157
وهي في تطبيقه ا الت اريخي ال تنحص ر في مك ة المكرم ة ،وال في أولئ ك
الص ناديد من المش ركين ،وإنم ا تمت د إلى الف ترة ال تي ق ام فيه ا أولئ ك الص ناديد
وأبناؤهم ب االنقالب على اإلس الم المحم دي األص يل ،فق د اس تمر معاوي ة في ص د
المسلمين عن كتاب هللا وش غلهم باإلس رائيليات وغيره ا ،وال ي زال ت أثير ذل ك إلى
اليوم.
ومن اآليات القرآنية المخبرة عن طبع هللا على قلوب المح اربين لرس ول هللا
من كفار قريش ،قوله تعالىَ ﴿ :ذلِكَ بِأَنَّهُ ُم ا ْست ََحبُّوا ْال َحيَاةَ ال ُّد ْنيَا َعلَى اآْل ِخ َر ِة َوأَ َّن
هَّللا َ اَل يَ ْه ِدي ْالقَ وْ َم ْال َك افِ ِرينَ ( )107أُولَئِ كَ الَّ ِذينَ طَبَ َع هَّللا ُ َعلَى قُلُ وبِ ِه ْم َو َس ْم ِع ِه ْم
َاس رُونَ ( ك هُ ُم ْال َغ افِلُونَ ( )108اَل َج َر َم أَنَّهُ ْم فِي اآْل ِخ َر ِة هُ ُم ْالخ ِ ار ِه ْم َوأُولَئِ َ ْص ِ َوأَب َ
ك ِم ْن ص بَرُوا إِ َّن َربَّ َ )109ثُ َّم إِ َّن َربَّكَ لِلَّ ِذينَ هَا َجرُوا ِم ْن بَ ْع ِد َم ا فُتِنُ وا ثُ َّم َجاهَ دُوا َو َ
بَ ْع ِدهَا لَ َغفُو ٌر َر ِحي ٌم ([ ﴾ )110النحل]110 - 107 :
فهذه اآليات لم تستثن إال المهاجرين ،وب ذلك ف إن الطلق اء قس م ث الث ،ليس وا
مهاجرين وال أنصارا ،وهم واقعون بذلك تحت الوعيد وخاصة رؤساؤهم وكبارهم.
ومن اآليات القرآنية المخبرة عن طبع هللا على قلوب المح اربين لرس ول هللا
من كف ار ق ريش ،قول ه تع الى﴿ :إِ َّن الَّ ِذينَ َكفَ رُوا َس َوا ٌء َعلَ ْي ِه ْم أَأَ ْن َذرْ تَهُ ْم أَ ْم لَ ْم
ار ِه ْم ِغ َش ا َوةٌ ْص ِ تُ ْن ِذرْ هُ ْم اَل ي ُْؤ ِمنُونَ (َ )6ختَ َم هَّللا ُ َعلَى قُلُوبِ ِه ْم َو َعلَى َس ْم ِع ِه ْم َو َعلَى أَب َ
َظي ٌم ﴾ [البقرة]7 ،6 : َولَهُ ْم َع َذابٌ ع ِ
وأول المقصودين باآلية ـ باعتبارها من أوائل ما نزل بالمدين ة المن ورة ـ هم
كفار قريش الذين أخرجوا رسول هللا والمؤمنين معه من مكة المكرمة ،واآليات
واضحة في كون هللا طبع على قلوبهم ،وختم عليها ،فلذلك يستحيل أن يؤمنوا.
ومن اآليات القرآنية المخبرة عن مستقبل المحاربين لرسول هللا من كفار
قريش ،اآليات الكريمة التي تشبههم بكفار األمم من قبلهم ،ألن س نة هللا فيهم جميع ا
واحدة ،ومنها قوله تعالى﴿ :إِ َّن الَّ ِذينَ َكفَ رُوا لَ ْن تُ ْغنِ َي َع ْنهُ ْم أَ ْم َوالُهُ ْم َواَل أَوْ اَل ُدهُ ْم ِمنَ
آل فِرْ عَوْ نَ َوالَّ ِذينَ ِم ْن قَ ْبلِ ِه ْم َك َّذبُوا بِآيَاتِنَا ب ِ ار (َ )10كد َْأ ِ ُ
هَّللا ِ َش ْيئًا َوأولَئِكَ هُ ْم َوقُو ُد النَّ ِ
ب ( )11قُ لْ لِلَّ ِذينَ َكفَ رُوا َس تُ ْغلَبُونَ َوتُحْ َش رُونَ فَأ َ َخ َذهُ ُم هَّللا ُ بِ ُذنُوبِ ِه ْم َوهَّللا ُ َش ِدي ُد ْال ِعقَ ا ِ
س ْال ِمهَادُ﴾ [آل عمران]12 - 10 : إِلَى َجهَنَّ َم َوبِ ْئ َ
واآلية األخيرة واضحة الداللة في بيان مستقبل أولئ ك المش ركين ،س واء في
الدنيا أو في اآلخرة.
هذه مجرد نماذج عن اآليات القرآني ة الكث يرة الدال ة على موق ف ق ريش من
اإلسالم ،والتي لم تكتف باستعمال ك ل الوس ائل لحرب ه ،وإنم ا امت د ذل ك بع د وف اة
رس ول هللا بع د أن مكن الطلق اء من المناص ب بحج ة ك ونهم قرش يين ،و ُع زل
األنص ار وغ يرهم إلى أن تم لهم م ا يري دون؛ فأع ادوا الكس روية والقيص رية إلى
األمة.
بناء على هذا سنذكر هنا ما ورد من األحاديث في ذلك ،والتي ال تزال مح ل
158
ريبة عند الكثيرين من أبناء المدرسة السنية رغم وجودها في مصادرهم.
ما ورد في شأن معاوية بن أبي سفيان:
وهي أحاديث كثيرة جدا ،يدعمها الواقع والصحابة الكب ار ال ذين أث نى عليهم
رسول هللا ،وسنذكر هن ا م ا ورد من تل ك األح اديث ،وم ا ي دعمها من مواق ف
الص حابة المتف ق على جاللتهم ،وال ذين أثنت األح اديث الص حيحة على م واقفهم
ودينهم.
وننبه إلى أن النواصب لم يكتف وا بكتم ان تل ك األح اديث ،أو تك ذيبها ،وإنم ا
راحوا يضعون األحاديث التي تعظم معاوية وتذكر فضله ،والتي سنتعرض لها عند
الحديث عن األحاديث المردودة.
[الحديث ]497 :عن أبي عبيدة بن الجراح قال :قال رسول هللا ( :ال يزال
أمر هذه األمة قائما بالقسط ،حتى يكون أول من يثلمه رجل من بني أمية)()1
[الحديث ]498 :قال ( :أول من يبدل سنتي رجل من بني أمية)()2
وقد صححه األلباني ،وال شك في انطباقه على معاوية ..ألن يزيد ك ان تابع ا
ألبي ه ،ولم ي أت بجدي د ،وأولي ات معاوي ة في تغي ير الس نن كث يرة ج دا ،وأوله ا
وأعظمها تغيير نظام الحكم اإلسالمي.
[الحـــديث ]499 :قول ه ( :الخالف ة ثالث ون عام اً ،ثم يك ون المل ك
العضوض)()3
وقد تالعب بعضهم بهذا الحديث بما ش اءت لهم أه واؤهم ،ف رووا في نقض ه
أحاديث أخرى أق ل من ه درج ة ،لكنهم ق دموها علي ه ،كم ا ه و ش أنهم في التالعب
بالنصوص ،منها هذه الرواية العجيبة التي تنط ق ألفاظه ا بك ذبها( :أول ه ذا األم ر
نبوة ورحمة ،ثم يكون خالفة ورحمة ،ثم يك ون مل ًك ا ورحم ة ،ثم يتك ادمون عليه ا
تك ادم الحم ير ،فعليكم بالجه اد ،وإن أفض ل جه ادكم الرب اط ،وإن أفض ل رب اطكم
عسقالن)()4
[الحديث ]500 :ما حدث به عبد هللا بن عمرو بن الع اص ق ال :كنت جالس ا
عند رسول هللا فقال( :يطلع عليكم من هذا الفج رج ل يم وت على غ ير مل تى)،
قال :وكنت تركت أبي قد وضع له وضوءا ،فكنت كحابس الب ول مخاف ة أن يجىء،
قال :فطلع معاوية ،فقال النبي ( :هذا هو)()5
قال الشيخ حسن بن فرحان معلقا عليه( :وهو صحيح اإلسناد وفق منهج أهل
)(1رواه الحارث وابن منيع ونعيم بن حماد في الفتن وابن عساكر وأبو يعلى ،سبل الهدى والرشاد ()10/89
)(2رواه ابن أبي ش يبة في المص نف ( ،)35866وابن أبي عاص م ( ،)63وأب و نعيم في ت اريخ أص بهان (
،)1/132وابن عدي في الكامل ( ،)3/164وابن عساكر في تاريخ دمشق ()18/160
)(3سنن الترمذي 4/436 :ــ سنن أبي داوود ،5/36 :فضائل الصحابة -لالم ام أحم د بن حنب ل ص ،17مس ند
احمد ج 5ص .221
)(4رواه الطبراني
)(5البالذري في كتابه جمل من أنساب األشراف ( )1978 / 5وغيره.
159
الحديث ،إال أن بعضهم إذا لم يلتزم بمنهجه الذي ارتضاه فهذا شأنه ،كأي جماعة أو
دولة ،فإذا وضعت دولة لها قانونا ً فيه معايير الفساد ،ثم ال تطبقه على الفاسدين فهذا
شأنها ،وال يعني أنهم غير فاسدين ،والحديث قد روي بأسانيد على شرط الص حيح،
في قوة الرجال واالتصال في السند ،ورجاله كلهم رج ال الش يخين ،وأش هر طرق ه
طريق عبد هللا بن عم رو بن الع اص (وأرجح أن ه أذاع ه بع د م وت معاوي ة وبع د
توبته على يد الحسين بن علي بمكة في أواخر عهد معاوية) ،وقد روي بأسانيد أق ل
صحة عن جابر بن عبد هللا وعبد هللا بن عمر ،وله شواهد من طري ق آخ ر عن ابن
عم ر (وبس بب ذل ك ه دد معاوي ة بقت ل عم ر) ،ول و ك ان هن اك إنص اف لك ان من
عالمات النبوة)()1
[الحديث ]501 :عن البراء بن عازب ،قال :أقبل أبو س فيان ومع ه معاوي ة،
فقال رسول هللا ( :اللهم العن الت ابع والمتب وع اللهم علي ك ب األقيعس) ،فق ال ابن
البراء ألبيه :من األقيعس؟ قال :معاوية(.)2
ق ال الش يخ حس ن بن فرح ان الم الكي تعليق ا علي ه( :ورد في معاوي ة وأبي ه
وأخيه ،وله طرق كثيرة جداً ،أغلبها صحيح لذاته ،وفق منهج أهل الح ديث ،ب ل ق د
يصل هذا الحديث للتواتر ،فهو مروي من طرق سفينة والحسن بن علي والبراء بن
عازب وعاصم اللي ثي وابن عم ر والمه اجر بن قنف ذ ،وك ل ه ذه الط رق ص حيحة
األسانيد مع أقرار بعض أصحاب معاوي ة كعم رو بن الع اص والمغ يرة بن ش عبة،
فالح ديث يق ترب من الت واتر ألن الط رق كله ا بين الص حيح والحس ن ،وس يتفاجأ
هؤالء الغالة قطعا ً بصحة األسانيد ،وإذا ضعفوها فأنا معهم بش رط أن نط رد ذل ك،
ثم ينظرون هل يبقى لنا حديث كثير بعد هذا التشدد)()3
قلت لعم ار أرأيتم ص نيعكم [الحــديث ]502 :عن أبي نض رة عن قيس ق الُ :
هذا الذي صنعتم في أم ر علي :أرأي ا ً رأيتم وه أو ش يئا ً عه ده إليكم رس ول هللا ؟
فقال :ما عهد إلينا رسول هللا شيئا ً لم يعهده إلى الناس كافة ولكن حذيفة أخ برني
عن الن بي ق ال :ق ال الن بي ( :في أص حابي اثن ا عش ر منافق ا ً فيهم ثماني ة ال
يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط ،ثمانية منهم تكفيكهم :الدبيلة ،وأربع ة
لم أحفظ ما قال شعبة فيهم)()4
وفي رواية أخرى في صحيح مسلم ،قال رسول هللا ( :في أمتي اثنا عش ر
منافقا ً ال يدخلون الجنة وال يج دون ريحه ا ح تى يلج الجم ل في س م الخي اط ثماني ة
منهم تكفيكهم :الدبيلة سراج من النار يظهر في أكتافهم حتى ينجم من صدورهم)
وقد روي بروايات أخرى سبب ورود الحديث ،وك ون معاوي ة من المن افقين
الذين هموا بقتل رسول هللا ،فعن حذيفة ق ال :كنت آخ ذاً بزم ام ناق ة رس ول هللا
)(1مثالب معاوية في األحاديث الصحيحة.1/17 :
)(2وقعة صفين.217:
)(3مثالب معاوية في األحاديث الصحيحة.1/18 :
)(4صحيح مسلم)4/2143
160
أقود وعمار يس وق أو عم ار يق ود وأن ا أس وق ب ه إذ اس تقبلنا اثن ا عش ر رجالً
قلت :يا رس ول هللا أال تبعث إلى ك لمتلثمين قال :هؤالء المنافقون إلى يوم القيامةُ ،
ً
رجل منهم فتقتله؟ فق ال :أك ره أن يتح دث الن اس أن محم دا يقت ل أص حابه وعس ى
يكفينيهم الدبيلة ،قلنا :وما الدبيلة؟ قال :شهاب من نار يوضع على ني اط قلب أح دهم
فيقتله)()1
وقد ثبت تاريخيا ومن خالل مصادر السنة أن معاوية أصيب بالدبيلة ،وم ات
به ا ،ومن تل ك الرواي ات م ا روي عن أبي ب ردة بن أبي موس ى ق ال :دخلت على
معاوية بن أبي سفيان وبه قرحة بظهره وهو يتأوه منها تأوها ً شديدا ً فقلت :أكل هذا
من هذه؟ فقال :ما يسرني أن هذا التأوه لم يكن سمعت رسول هللا يقول( :م ا من
مسلم يصيبه أذى في جسده إال كان كفارة لخطاياه) وهذا أشد األذى)()2
والمح دثون ي ذكرون بفخ ر عظيم م ا ذك ره معاوي ة من األج ر المرتب ط
بالمرض ،وينسون حديث حذيفة وعمار ،وأصحاب الدبلي ة ال ذين أخ بر رس ول هللا
بنفاقهم.
باإلضافة إلى ذلك كله ف إن في الح ديث (إش ارة واض حة لنف اق معاوي ة ،وال
يعرف هذا إال من تدبر الحديث به دوء ،فق د قال ه عم ار وه و متج ه إلى قت ال أه ل
الشام جوابا ً على قيس بن عباد ،والحديث يفيد التخليد في النار ،ألن فيه (ال يدخلون
الجنة حتى يلج الجمل في سم الخي اط)..وه و رأي راوي الح ديث عم ار بن ياس ر،
وبه احتج وهو منطلق لقتال معاوية)()3
[الحديث ]503 :ما روي أن عبادة بن الصامت ،قام قائما في وسط دار أمير
المؤمنين عثمان بن عفان فقال :إني سمعت رسول هللا محم دا أب ا القاس م يق ول:
(سيلي أموركم من بعدي رجال يعرفونكم ما تنكرون ،وينكرون عليكم ما تعرف ون،
فال طاعة لمن عص ى هللا ،فال تعتب وا أنفس كم ،فوال ذي نفس ي بي ده ،إن معاوي ة من
أولئك) ،فما راجعه عثمان حرفا)()4
وقد علق عليه الشيخ حسن المالكي بقوله( :وسنده حسن ،وعبادة بن الصامت
بدري كبير ،ليس من الطلقاء وال األعراب وال المنافقين ح تى نتهم ه في روايت ه أو
وقد وقع ذلك في عهد يزيد وبأمر منه ،وقد قال ابن عب اس :ج اء تأوي ل ه ذه
ارهَ ا ثُ َّم ُس ئِلُوا ْالفِ ْتنَ ةَ آَل تَوْ هَ ا
ت َعلَ ْي ِه ْم ِم ْن أَ ْقطَ ِ
اآلية على رأس ستين سنةَ ﴿ :ولَوْ ُد ِخلَ ْ
َو َما تَلَبَّثُوا بِهَا إِاَّل يَ ِسيرًا ﴾ [األحزاب ]14 :قال :ألعطوها يع ني إدخ ال ب ني حارث ة
أهل الشام على المدينة)()2
وعن الحسن قال( :لما كان ي وم الح رة قت ل أه ل المدين ة ح تى ك اد ال ينفلت
منهم أحد)()3
وعن مالك بن أنس قال( :قتل يوم الحرة سبعمائة رجل من حملة القرآن منهم
ثالثمائة من الصحابة ،وذلك في خالفة يزيد)()4
[الحديث ]523 :ـ عن عبد هللا بن عمرو قال :ق ال رس ول هللا ( :يزي د ،ال
ب ارك هللا في يزي د الطع ان اللع ان أم ا إن ه نعي إلي حبي بي حس ين ،أتيت بتربت ه،
ورأيت قاتله ،أما إنه ال يقتل بين ظهراني ق وم ،فال ينص رونه إال عمهم هللا بعق اب)
()5
[الحديث]524 :ـ ما ورد في شأن الوليد بن عقبة ،وقد روي عنه أنه قال :لما
فتح رس ول هللا مك ة جع ل أه ل مك ة ي أتون بص بيانهم ،فيمس ح على رؤوس هم
ويدعو لهم ،فخرجت بي أمي إليه وأن ا مطيب ب الخلوق ،فلم يمس ح على رأس ي ولم
يمسني)()6
وقد علق البيهقي على الحديث بقوله( :هذا الس ابق علم هللا تع الى في الولي د،
فمنع بركة رسول هللا وأخبار الولي د حين اس تعمله عثم ان معروف ة ،من ش ربه
الخمر وتأخيره الصالة ،وهو من جملة األسباب ال تي نقم وا به ا على عثم ان ح تى
قتلوه)()7
د .ما ورد في التحذير من حرب اإلمام علي:
ونريد بها تلك األحاديث التي حذر فيها رسول هللا تصريحا أو تلميحا من
ح رب اإلم ام علي ،أو اإلس اءة إلي ه ،وهي أح اديث متف ق عليه ا من ط رف األم ة
جميعا ،لكنها لألسف لقيت الكثير من اإلعراض والتأويل والته وين من ش أنها على
الرغم من كونها وصايا نبوية ترتبط بمص ير األم ة جميع ا؛ فلك ل خط أ يح دث في
ذلك الوقت تأثيره في صياغة الدين وعلى جميع العصور ،وقد صنفنا تلك األحاديث
)(1مسلم ()1066
)(2رواه الطبراني ،سبل الهدى والرشاد ()10/149
)(3البخاري ( )7083ومسلم ( ،)2888وأبو داود ( )4268والنسائي ()7/125
171
فأبو بكرة أساء فهم الحديث ،ولو أن ه فهم ه على ض وء األح اديث األخ رى،
لعرف المقصودين من اعتزال الفتنة.
[الحديث ]537 :ـ ما روي عن ابن عمرو ،أنه قال :ش بك الن بي أص ابعه
وق ال(:كي ف أنت ي ا عب د هللا بن عم رو إذا بقيت في حثال ة ق د م رجت عه ودهم
وأماناتهم ،واختلفوا فصاروا هكذا؟) قال :فكيف يا رسول هللا؟ قال(:تأخذ م ا تع رف
وتدع ما تنكر ،وتقبل على خاصتك ،وتدعهم وعوامهم)()1
[الحديث ]538 :ما روي عن أبي ذر ،أنه ق ال :ق ال رس ول هللا ( :ي ا أب ا
ذر) قلت :لبيك يا رسول هللا وسعديك ،قال(:كي ف أنت إذا رأيت أحج ار ال زيت ق د
غرقت بالدم؟) قلت :م ا خ ار هللا لي ورس وله ،ق ال(:علي ك بمن أنت من ه) قلت :ي ا
رسول هللا ،أفال آخذ سيفي فأضعه على عاتقي؟ ق ال(:ش اركت الق وم إذا) قلت :فم ا
تأمرني؟ قال(:تلزم بيتك) قلت :فإن دخ ل علي بي تي؟ ق ال(:ف إن خش يت أن يبه رك
شعاع السيف فألق ثوبك على وجهك يبوء بإثمك وإثمه)()2
[الحديث ]539 :عن عديسة بنت أهبان ،قالت :ج اء علي إلى أبي ف دعاه إلى
الخروج معه ،فقال له :إن خليلي وابن عمك عهد إلي إذا اختلف الناس أن أتخذ سيفا
من خشب فقد اتخذته ،فإن شئت خرجت به معك،فتركه(.)3
[الحــديث ]540 :عن أبي موسى ،ق ال :ق ال رس ول هللا ( :إن بين ي دي
الساعة فتنا كقطع الليل المظلم ،يصبح الرج ل فيه ا مؤمن ا ويمس ي ك افرا ،ويمس ي
مؤمنا ويصبح كافرا ،القاعد فيها خي ٌر من الق ائم ،والماش ي فيه ا خ ير من الس اعي،
فكسروا قسيكم ،وقطعوا أوتاركم واضربوا سيوفكم بالحج ارة ،ف إن دخ ل على أح د
منكم فليكن كخير ابني آدم)()4
وفي رواية :قالوا :فما تأمرنا؟ قال(:كونوا أحالس بيوتكم)()5
[الحــديث ]541 :عن أم مال ك البهزي ة ،ق الت :ذك ر الن بي فتن ة فقربه ا،
فقلت :يا رسول هللا ،من خير الناس فيها؟ قال(:رج ٌل في ماش ية ي ؤدي حقه ا ويعب د
ربه ،ورج ٌل آخذ برأس فرسه يخيف العدو ويخوفونه)(..)6
والمقصود بالخيرية هنا هي كون المعتزل في الفتنة خير من الذي كان موقفه
سلبيا فيها ،أما الذي كان موقفه إيجابيا فهو أفضل بكث ير ،ب ل ال يمكن المقارن ة بين
المحايد وصاحب الدور اإليجابي كما سنرى ذلك في سائر األحاديث.
[الحديث ]542 :عن محم د بن علي ،أن حرمل ة م ولى أس امة أخ بره ،ق ال:
أرسلني أسامة إلى علي ليعطيني ،وقال :إنه سيسألك اآلن فيقول :ما خلف صاحبك؟
)(1البخاري ()7110
)(2أبو داود ()4663
)( 3رواه أحمد بن منيع والبيهقي في الكبرى وابن أبي شيبة وابن ماجة ،سبل الهدى والرشاد ()10/128
)(4مسلم ( ،)2948والترمذي ()2201
)(5أبو داود ()4263
)(6البخاري ( )7087ومسلم ()1862
173
[الحديث ]548 :عن ابن عباس قال :ق ال رس ول هللا ( :وي ٌل للع رب من
شر قد اقترب ،أفلح من كف يديه)()1
[الحديث ]549 :عن سعيد بن زيد قال :كن ا عن د الن بي ف ذكر فتن ة عظم
أمرها فقلنا أو قالوا :يا رسول هللا،لئن أدركتنا ه ذه لتهلكن ا؟ فق ال(:كال ،إن بحس بكم
القتل) قال سعيد :فرأيت إخواني قتلوا(.)2
[الحديث ]550 :عن ابن عمر ،قال :دخلت على حفصة ونوساتها( )3تنطف،
قلت :قد كان من الن اس م ا ت رين فلم يجع ل من األم ر ش ي ٌء ،فق الت :الح ق ف إنهم
ينتظرونك وأخشى أن يكون في احتباسك عنهم فرق ةٌ ،فلم تدع ه ح تى ت ذهب ،فلم ا
تفرق الناس خطب معاوية ،وقال :من كان يريد أن يتكلم في ه ذا األم ر فليطل ع لن ا
قرنه فلنحن أحق به منه ومن أبيه ،قال حبيب بن مسلمة :فهال أجبت ه؟ ق ال عب د هللا:
فحللت حب وتي وهممت أن أق ول :أح ق به ذا األم ر من ك من قاتل ك وأب اك على
اإلسالم ،فخشيت أن أقول كلم ة تف رق بين الجم ع وتس فك ال دم وتحم ل ع ني غ ير
ذلك ،فذكرت ما أعد هللا في الجنان ،قال حبيب :حفظت وعصمت(.)4
وقد روي ندمه على ذلك ،حيث ق ال( :لم أج دني آس ي على ش يء إال أني لم
أقاتل الفئة الباغية مع علي)()5
2ـ ما ورد في تحذير آحاد الصحابة من محاربة اإلمام علي:
وقد ورد فيها روايات كثيرة في مصادر السنة والش يعة ،وأهمه ا م ا ورد في
شأن تحذير أم المؤمنين عائشة والزبير بن العوام ،ومن تلك األحاديث:
ما ورد في تحذير عائشة من محاربة اإلمام علي:
وهي أحاديث متفق عليه ا بين الم دارس اإلس المية ،وهي م ع كونه ا وردت
بصيغة النبوءات إال أنها تحمل في طياتها تحذيرا شديدا ،ولكن لألسف ه وّن ش أنه،
واعتبر وكأنه مجرد وصف لما سيقع لألمة بعد رس ول هللا على ال رغم من أن ه
قت ل في تل ك الح رب م ا بين س تة آالف إلى خمس وعش رين أل ف قتيل( ،)6وعلى
الرغم من أن آثارها ال تزال ممتدة إلى اآلن ،وك ان يمكن تفاديه ا ل و طبقت وص ايا
رسول هللا بمجرد تذكرها.
وأحب أن أنبه أن نقطة الخالف الفارق ة بين الس نة والش يعة في الموق ف من
عائشة ،هو في موقفها من حرب الجمل ،أو موقفها من اإلمام علي خصوصا ،وه و
موقف متفق عليه في تخطئتها بس بب ذل ك ،وق د نق ل ال زيلعي اإلجم اع على ذل ك،
فق ال( :وأجمع وا على أن علي ا ك ان مص يبا في قت ال أه ل الجم ل ،وهم طلح ة،
)(1أبو داود ()4249
)(2أبو داود ()4277
)(3نوساتها :بفتح النون أي ذوائبها ومعنى تنطف أي تقطر كأنها قد اغتسلت.
)(4البخاري ()4108
)(5قال الهيثمي ( )7/242الطبراني بأسانيد وأحدها رجاله رجال الصحيح.
)(6خليف ة بن خي اط ،ج ،1ص 112؛ الط بري ،ت اريخ الط بري ،ج ،4ص 539؛ ابن أعثم الك وفي ،كت ا
ب
الفتوح ،ج ،2ص488 - 487؛ المسعودي ،مروج الذهب ،ج ،3ص .96 - 95
174
والزبير ،وعائشة ،ومن معهم ،وأهل صفين ،وهم معاوية ،وعسكره ،وق د أظه رت
عائشة الندم ،كما أخرجه ابن عبد البر في كتاب االستيعاب عن ابن أبي عتيق ،وهو
عبد هللا بن محم د بن عب د ال رحمن بن أبي بك ر الص ديق ،ق ال :ق الت عائش ة البن
عمر :يا أبا عبد الرحمن ،ما منعك أن تنهاني عن مسيري؟! ق ال :رأيت رجال غلب
عليك -يعني ابن الزبير -فقالت :أما وهللا لو نهيتني ما خرجت)()1
وعلق األلباني على بعض األحاديث التي تذكر نبوءة رسول هللا بخ روج
عائش ة في ح رب الجم ل ،فق ال( :وجمل ة الق ول أن الح ديث ص حيح اإلس ناد ،وال
إشكال في متن ه ..ف إن غاي ة م ا في ه أن عائش ة لم ا علمت ب الحوأب ك ان عليه ا أن
ترج ع ،والح ديث ي دل أنه ا لم ترج ع! وه ذا مم ا ال يلي ق أن ينس ب ألم المؤم نين.
وجوابنا على ذلك أنه ليس كل ما يقع من الكمل يكون الئقا بهم ،إذ ال عص مة إال هلل
وحده .والسني ال ينبغي له أن يغالي فيمن يحترمه ح تى يرفع ه إلى مص اف األئم ة
الشيعة المعصومين! وال نشك أن خروج أم المؤمنين ك ان خط أ من أص له ،ول ذلك
همت بالرجوع حين علمت بتحقق نبوءة النبي عند الحوأب ،ولكن الزبير أقنعه ا
بترك الرجوع بقوله( :عسى هللا أن يصلح بك بين الناس) وال نشك أنه ك ان مخطئ ا
في ذل ك أيض ا .والعق ل يقط ع بأن ه ال من اص من الق ول بتخطئ ة إح دى الط ائفتين
المتق اتلتين الل تين وق ع فيهم ا مئ ات القتلى .وال ش ك أن عائش ة المخطئ ة ألس باب
كث يرة ،وأدل ة واض حة ،ومنه ا ن دمها على خروجه ا ،وذل ك ه و الالئ ق بفض لها
وكمالها ،وذلك مما يدل على أن خطأها من الخطأ المغفور بل المأجور)()2
باإلضافة لهذا؛ فإن كل مراجع الشيعة الكبار ،وعلى مدار التاريخ ،اح ترموا
عرض رسول هللا ،بل احترموا عرض جميع األنبياء ،ب ل اعت بروا من عص مة
النبي عصمة عرضه ،ولذلك لم يسيئوا لرسول هللا في عرضه ،حتى لو اختلف وا
مع بعض أمهات المؤم نين بس بب ح ربهم لإلم ام علي ..ألن أمه ات المؤم نين وإن
عصموا في أعراضهم بسبب ارتب اطهم بالمعص وم إال أنهم ليس وا معص ومين فيم ا
عدا ذلك ،وقد نص القرآن الكريم على ذلك ،بل ذك ر أن من نس اء األنبي اء من وق ع
في الكفر ذاته ..وفرق كبير بين الكفر والفاحش ة ..فالفاحش ة ترتب ط بع رض الن بي،
بخالف الكفر وغيره ،فال عالقة لذلك بعرض النبي ..بل إن الق رآن الك ريم ذك ر أن
أبناء األنبياء أنفسهم ليسوا معصومين من الكفر ،وقد قص علينا من قص ة ابن ن وح
عليه السالم ما يثبت ذلك ،وقص علينا من أمر امرأة نوح ول وط م ا ي دل على ذل ك
أيضا.
ومن األمثلة على ذلك ما قاله العالمة السيد شرف الدين الموسوي ،وه و من
أعالم الشيعة الكبار في هذا العصر ،فقد قال في أجوبة مسائل جار هللا( :من الوجوه
التي اعتمد عليها الناصب موسى جار هللا في تكف ير الش يعة اإلمامي ة أنهم يطول ون
وم ع وض وح دالل ة ه ذا الح ديث ،واتف اق الم ؤرخين على وقوع ه إال أن ه
لألس ف وج د في أعالم المدرس ة الس نية من ي ؤول م ا فعل ه معاوي ة وي دافع عن ه،
وبتكلف شديد ،ومن األمثلة على ذلك قول النووي تعليقا على الحديث( :قول معاوية
هذا ،ليس فيه تصريح بأنه أمر س عداً بس به ،وإنم ا س أله عن الس بب الم انع ل ه من
الس ب ،كأن ه يق ول :ه ل امتنعت تورع ا ً أو خوف ا ً أو غ ير ذل ك .ف إن ك ان تورع ا ً
وإجالالً له عن السب ،فأنت مصيب محسن ،وإن كان غ ير ذل ك فل ه ج واب آخ ر،
ولعل سعداً قد كان في طائفة يسبون ،فلم يسب معهم ،وعج ز عن اإلنك ار ،أو أنك ر
عليهم ،فسأله هذا السؤال ،قالوا :ويحتمل تأويالً آخر أن معناه :ما منع ك أن تخطئ ه
في رأيه واجتهاده ،وتظهر للناس حسن رأينا واجتهادنا وأنه أخطأ) ()3
وق ال القرط بي( :وه ذا ليس بتص ريح بالس ب ،وإنم ا ه و س ؤال عن س بب
امتناعه ليستخرج من عنده من ذلك ،أو من نقيضه ،كما ق د ظه ر من جواب ه ،ولم ا
سمع ذلك معاوية سكت وأذعن ،وعرف الحق لمستحقه) ()4
[الحديث ]577 :عن سهل بن س عد ق ال :اس تُعمل على المدين ة رج ل من آل
مروان قال :فدعا سهل بن سعد فأمر أن يشتم عليا ً ،فأبى سهل ،فقال له :أما إذا أبيت
)(1الكامل في التاريخ ()69 /3
)(2شرح نهج البالغة .57 :4
)(3شرح صحيح مسلم ()175 / 15
)(4المفهم ()278 / 6
183
فقل :لعن هللا أبا تراب ،فقال سهل( :ما كان لعلي اسم أحب إلي ه من أبي ت راب ،وإن
كان ليفرح به إذا ُد ِع َي بها ،جاء رسول هللا بيت فاطمة ،فلم يجد عليّا َ في ال بيت،
فقال إلنسان :انظر أين هو؟ فجاء فقال :ي ا رس ول هللا ه و في المس جد راق د ،فج اء
رسول هللا وهو مضطجع ،قد سقط رداؤه عن ِشقِّه فأصاب تراب ،فجعل رسول
هللا يمسحه عنه وهو يقول :قم أبا تراب ،قم أبا تراب) ()1
[الحديث ]578 :كتبت أُ ّم سلمة إلى معاوي ة( :إنّكم تلعن ون هللا ورس وله على
منابركم ،وذلك أنّكم تلعنون عل ّي بن أبي ط الب ومن أحبّ ه ،وأن ا أش ه ُد َّ
أن هللا أحبّ ه
ورسوله)()2
الفتنة الرابعة :فتن وهن األمة وضعفها وارتدادها الكامل عن قيم دينها:
وهي أحاديث كثيرة ج دا ،وتك اد تك ون مح ل اتف اق بين األم ة جميع ا ،وهي
ناتجة عن الفتن السابقة ،ذل ك أن األم ة بع د تركه ا لوص ايا نبيه ا ،وتش تتها في
دينها ،وتوسع ذلك التشتت مع الزمن ليتحول إلى صراع وطائفي ة ،يص يبها ال وهن
والفشل في جميع النواحي.
وقد رسمت األحاديث النبوية الكثير مما يحصل من فتن ،بل ذكرت أس بابها،
وكيفية النجاة منها ،حتى يتحصن بها كل من أراد أن يتمسك بحبل النبوة الممتد لكل
ف رد من أف راد األم ة ،وفي ك ل األجي ال ،وق د رأين ا أن ه يمكن تص نيف األح اديث
الواردة في هذا المجال إلى األصناف التالية:
أ ـ ما ورد في التحذير من تحريف الدين وتشويهه والبعد عنه:
وهي أح اديث كث يرة تش ير إلى أن م ا يحص ل لألم ة من فتن يع ود س ببه
للتحريفات والتشويهات التي قام بها األئمة المضللون لل دين ليتناس ب م ع األمزج ة
واألهواء ،ومن تلك األحاديث:
[الحــديث ]579 :ق ال رس ول هللا ( :س يأتي على أم تي زم ان يك ثر في ه
القراء ،ويقل الفقهاء ،ويقبض العلم ،ويكثر الهرج ثم يأتي من بع د ذل ك زم ان يق رأ
القرآن رجال من أمتي ال يجاوز تراقيهم ،ثم يأتي من بعد ذلك زمان يجادل المن افق
الكافر المشرك باهلل المؤمن بمثل ما يقول)()3
[الحــديث ]580 :قال رس ول هللا ( :ي درس اإلس الم كم ا ي درس وش يء
الثوب ،ح تى ال يعلم أح د ال ص الة وال ص يام وال نس ك ،ح تى إن الرج ل والم رأة
ليقوالن :قد كان من قبلنا ،يقولون :ال إله إال هللا؟)()4
[الحديث ]581 :قال رسول هللا ( :لتنتقضن عرى اإلس الم ع روة ع روة
فكلما انقضت عروة تشبثت بالتي تليها ،فأولها نقضا الحكم وآخرها الصالة)()5
)( 1رواه أحمد والترمذي والنسائي والبيهقي والحاكم ،سبل الهدى والرشاد ()10/127
)(2رواه أحمد بن منيع وإسحاق ،سبل الهدى والرشاد ()10/136
)(3رواه الطبراني ،سبل الهدى والرشاد ()10/137
191
الوالة؟)()1 [الحديث ]627 :قال رسول هللا ( :كيف أنتم إذا جاءت عليكم
[الحديث ]628 :قال رس ول هللا ( :س تكون بع دي أئم ة يعط ون الحكم ة
على منابرهم ،فإذا نزلوا نزعت منهم ،وأجسادهم شر من الجيف)()2
[الحــديث ]629 :ق ال رس ول هللا ( :س يكون عليكم أم راء من بع دي،
يأمرونكم بما تعرفون ،ويعملون بما تنكرون ،فليس أولئك عليكم بأئمة)()3
[الحديث ]630 :قال رسول هللا ( :إال إن ه س يكون عليكم أم راء يقض ون
ألنفس هم م ا ال يقض ون لكم ،ف إذا عص يتموهم قتل وكم ،وإن أطعتم وهم أض لوكم)،
قالوا :يا رسول هللا ،كيف نصنع؟ قال( :كما صنع أصحاب عيسى ابن مريم نش روا
بالمناشير وحملوا على الخشب ،موت في طاعة ،خير من حياة في معصية هللا)()4
[الحديث ]631 :عن عبادة بن الص امت ق ال :ذك ر رس ول هللا األم راء
فقال( :يكون عليكم أمراء إن أطعتموهم أدخل وكم الن ار ،وإن عص يتموهم قتل وكم)،
فقال رجل منهم :يا رسول هللا ،س مهم لن ا ،لعلن ا نحث وا في وج وههم ال تراب ،فق ال
رسول هللا ( :لعلهم يحثون في وجهك ويفقئون عينيك)()5
[الحديث ]632 :قال رسول هللا ( :ثالثون نبوة ،وثالث ون ملك ا وجبروت ا
وما وراء ذلك ال خير فيه)()6
[الحديث ]633 :عن كعب بن عجرة قال :خ رج علين ا رس ول هللا ق ال:
(إنه ا س تكون عليكم أم راء من بع دي يعظ ون بالحكم ة على من ابر ،ف إذا نزل وا
اختلست منهم ،وقلوبهم أنتن من الجيف)()7
[الحـــديث ]634 :ق ال رس ول هللا ( :إنم ا أخ اف على أم تي األئم ة
المضلون)()8
[الحــديث ]635 :ق ال رس ول هللا ( :إني ال أخ اف على أم تي إال األئم ة
المضلين ،وإذا وضع السيف في أمتي ال يرفع عنهم إلى يوم القيامة)()9
[الحديث ]636 :قال رسول هللا ( :يكون في آخ ر الزم ان أم راء ظلم ة،
ووزراء فسقة ،وقضاة خونة ،وفقهاء كذب ة ،فمن أدرك ذل ك الزم ان فال يك ونن لهم
جابيا ،وال عريفا وال شرطيا)()10
[الحديث ]637 :قال رسول هللا ( :ال تقوم الس اعة ح تى يبعث هللا أم راء
كذبة ووزراء فجرة ،وأمناء خونة ،وقراء فسقة ،سمتهم سمت الرهب ان فيلبس هم هللا
)(1رواه الطبراني ،سبل الهدى والرشاد ()10/137
)(2رواه الطبراني ،سبل الهدى والرشاد ()10/137
)(3رواه الطبراني في الكبير ،سبل الهدى والرشاد ()10/83
)(4رواه الطبراني ،سبل الهدى والرشاد ()10/137
)(5رواه الطبراني ،سبل الهدى والرشاد ()10/137
)(6رواه الطبراني ،سبل الهدى والرشاد ()10/137
)(7رواه الطبراني ،سبل الهدى والرشاد ()10/137
)(8رواه أحمد ،سبل الهدى والرشاد ()10/137
)(9رواه أحمد ،سبل الهدى والرشاد ()10/138
)(10رواه الطبراني ،سبل الهدى والرشاد ()10/138
192
الظلم)()1
فتنة غبراء مظلمة يتهوكون فيها تهوك اليهود في
[الح ــديث ]638 :ق ال رس ول هللا ( :يك ون عليكم أم راء هم ش ر من
المجوس)()2
[الحديث ]639 :قال رسول هللا ( :يخرج رج ال من ه ذه األم ة في آخ ر
الزمان معهم سياط كأذناب البقر ،يغدون في سخط هللا ويروحون في غضبه)()3
[الحديث ]640 :قال رسول هللا ( :إن طالت بك حياة يوشك أن ترى قوما
يغدون في سخط هللا ويروحون في لعنة هللا ،بأيديهم مثل أذناب البقر)()4
[الحــديث ]641 :ق ال رس ول هللا ( :س يكون أم راء ال ي رد عليهم ق ولهم
يتقاحمون في النار كما تتقاحم القردة ،يتبع بعضهم بعضا)()5
[الحديث ]642 :قال رسول هللا ( :ليأتين على الن اس زم ان يك ون عليهم
أمراء سفهاء ،يقدمون شرار الن اس ،ويظه رون بخي ارهم ،وي ؤخرون الص الة عن
مواقيتها ،فمن أدرك ذلك منكم ،فال يكونن عريفا وال ش رطيا وال جابي ا وال خازن ا)
()6
[الحديث ]643 :قال رس ول هللا ( :تع وذوا باهلل من رأس الس بعين ،ومن
إمارة الصبيان) ،وقال( :ال تذهب الدنيا حتى تصير للكع بن لكع)()7
[الحديث ]644 :قال رسول هللا ( :اسمعوا ،إنه سيكون عليكم أم راء ،فال
تعينوهم على ظلمهم ،وال تصدقوهم بكذبهم ،فإن ه من أع انهم على ظلمهم وص دقهم
بكذبهم ،فلن يرد علي الحوض)()8
[الحديث ]645 :قال رسول هللا ( :اسمعوا ،هل سمعتم أنه سيكون بع دي
أمراء فمن دخل عليهم فصدقهم بكذبهم ،وأعانهم على ظلمهم فليس مني ولست منه،
وليس بوارد علي الحوض ،ومن لم يدخل عليهم ولم يعنهم على ظلمهم ولم يصدقهم
بكذبهم ،فهو مني وأنا منه ،وهو وارد على الحوض)()9
[الحـــديث ]646 :ق ال رس ول هللا ( :س تفتح عليكم مش ارق األرض
ومغاربها أال وعمالها في النار إال من اتقى هللا وأدى األمانة)()10
ج ـ ما ورد في التحذير من تمزق األمة وهوانها:
وهي أحاديث تشير إلى أن من عقوبات هللا تعالى لهذه األم ة نتيج ة تفرطيه ا
في هدي ربها ،ووص ايا نبيه ا الفرق ة ال تي تحص ل بينه ا ،وال تي تجعله ا ض عيفة،
)(1رواه البزار ،سبل الهدى والرشاد ()10/138
)(2رواه الطبراني ،سبل الهدى والرشاد ()10/138
)(3رواه أحمد والطبراني ،سبل الهدى والرشاد ()10/138
)(4رواه البزار ،سبل الهدى والرشاد ()10/138
)(5رواه أبو يعلى ،سبل الهدى والرشاد ()10/138
)(6رواه أبو يعلى وابن حبان ،سبل الهدى والرشاد ()10/138
)(7رواه أحمد بن منيع وابن أبي شيبة ،وأبو يعلى ،سبل الهدى والرشاد ()10/138
)( 8رواه أحمد وابن حبان وأبو يعلى والطبراني في الكبير والضياء ،سبل الهدى والرشاد ()10/139
)( 9رواه الترمذي وقال :صحيح غريب وابن حبان والنسائي ،سبل الهدى والرشاد ()10/139
)(10رواه الحسن ،سبل الهدى والرشاد ()10/164
193
ولقمة سائغة ألعدائها ينهشونها ،ومن تلك األحاديث:
[الحــديث ]647 :ق ال رس ول هللا ( :يوش ك أن ت داعى عليكم األمم كم ا
تداعى األكلة إلى قصعتها) قيل :من قلة؟ قال( :ال ،ولكنكم غثاء كغثاء السيل ،يجعل
الوهن في قلوبكم ،وينزع الرعب من قلوب عدوكم بحبكم الدنيا وكراهيتكم الم وت)
()1
[الحديث ]648 :قال رسول هللا ( :إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون
في جزيرة العرب ،ولكن في التحريش بينهم)()2
[الحديث ]649 :قال رسول هللا ( :يكون بعدي ق وم يأخ ذون المل ك يقت ل
عليه بعضهم بعضا)()3
[الحــديث ]650 :قال رس ول هللا ( :س ألت ربي أربع ا ،فأعط اني ثالث ا،
ومنعني واحدة ،سألته أال يجمع أمتي على ض اللة فأعطانيه ا ،وس ألته أن ال يهلكهم
بالسنين كما أهلكت األمم قبلهم فأعطانيها ،وسألته أن ال يلبسهم شيعا ويذيق بعضهم
بأس بعض فمنعنيها)()4
[الحــديث ]651 :ق ال رس ول هللا ( :س ألت ربي ثالث ا فأعط اني اثن تين
ومنعني واحدة ،سألته أن ال يهلك أمتي بالسنة فأعطانيها ،وس ألته أن ال يهل ك أم تي
بالغرق فأعطانيها ،وسألته أال يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها)()5
[الحديث ]652 :وهو يشير إلى ما يفعله األتراك بالمسلمين ،وهو م ا تحق ق
في الكثير من الفترات التاريخية( ،)6وربما يش ير إلى أح داث الحق ة في المس تقبل،
ونص الح ديث ه و قول ه ( :يجيء ق وم ص غار العي ون ،ع راض الوج وه ك أن
وجوههم الحجف ،فيلحقون أهل اإلسالم بمنابت الشيح كأني أنظر إليهم ،وقد ربطوا
خيولهم بسواري المسجد) ،قيل :يا رسول هللا ،من هم؟ قال( :الترك)()7
[الحديث ]653 :قال رسول هللا ( :ال تقوم الساعة ح تى يقات ل المس لمون
الترك ،صغار األعين ،حمر الوجوه ،ذلف األنوف ،كأن وجوههم المجان المطرقة)
وفي لفظ( :قوما وجوههم كالمجان المطرقة ،يلبسون الشعر ،ويمشون في الش عر)،
وفي لفظ( :ال تقوم الس اعة ح تى تق اتلوا قوم ا نع الهم الش عر ،ولي أتين على أح دكم
زمان ألن يراني أحب إليه من أن يكون له مثل أهله ،وماله)()8
[الحديث ]654 :قال رسول هللا ( :إن أمتي يسوقها قوم ع راض الوج وه
)(1رواه الطيالسي ،سبل الهدى والرشاد ()10/162
)(2رواه مسلم ،سبل الهدى والرشاد ()10/97
)( 3رواه ابن أبي شيبة والطبراني في الكبير رواه أبو نعيم ،سبل الهدى والرشاد ()10/94
)(4رواه أحمد والطبراني في الكبير ،سبل الهدى والرشاد ()10/160
)( 5رواه ابن أبي شيبة وأحمد ومسلم وابن خذيمة وابن حبان ،سبل الهدى والرشاد ()10/161
)( 6أشرنا إلى الكثير من التفاصيل التاريخية المرتبطة بذلك في مقال بعنوان :أيهم ا أك ثر جرم ا :العثم انيون أم
الصفويون؟ ،من كتاب :صفحات من أسفار المجد المزيف (ص)193 :
)(7رواه الحاكم ،سبل الهدى والرشاد ()10/93
)(8رواه ابن أبي شيبة والبخ اري ومس لم وأب و داود والترم ذي وابن ماج ه والنس ائي ،س بل اله دى والرش اد (
)10/93
194
صغار األعين ،حتى كأن وج وههم الحج ف ثالث م رات ،ح تى يلحق وهم بجزي رة
العرب ،أما السابقة األولى فينجو من هرب منهم ،وأما الثاني ة فينج و بعض ويهل ك
بعض ،وأما الثالثة فيصطلمون من بقي منهم) ،ق الوا :ي ا رس ول هللا ،من هم؟ ق ال:
(الترك والذي نفسي بيده ليربطن خيولهم إلى جنب سواري المسلمين)()1
[الحــديث ]655 :ق ال رس ول هللا ( :لتظه رن ال ترك على الع رب ح تى
تلحقها بمنابت الشيح والقيصوم)()2
[الحديث ]656 :قال رسول هللا ( :اتركوا الترك ما تركوكم ،فإن أول من
يسلب أمتي ملكهم وما خولهم هللا بنو قنطوراء)()3
[الحــديث ]657 :ق ال رس ول هللا ( :ك أني ب الترك ق د أتتكم على ب راذين
محدمة اآلذان حتى تربطها بشط الفرات)()4
د ـ ما ورد في التحذير من التثاقل إلى الدنيا:
وهي أح اديث كث يرة تش ير إلى أن م ا يحص ل لألم ة من فتن ه و بس بب
انغماسها في الترف واألهواء ،كما قال تعالى مخبرا عما وقع في أتب اع األنبي اء من
َاب يَأْ ُخ ُذونَ ف َو ِرثُوا ْال ِكت َ ذلك بسبب هجرهم لوصايا أنبيائهم﴿ :فَخَ لَفَ ِم ْن بَ ْع ِد ِه ْم خَ ْل ٌ
ض هَ َذا اأْل َ ْدنَى َويَقُولُ ونَ َس يُ ْغفَ ُر لَنَ ا َوإِ ْن يَ أْتِ ِه ْم َع َرضٌ ِم ْثلُ هُ يَأ ُخ ُذوهُ أَلَ ْم ي ُْؤخَ ْذ
ْ ع ََر َ
ق َود ََر ُس وا َم ا فِي ِه َوال َّدا ُر اآْل ِخ َرةُ ب أَ ْن اَل يَقُولُوا َعلَى هَّللا ِ إِاَّل ْال َح َّ
ق ْال ِكتَا ِ
َعلَ ْي ِه ْم ِميثَا ُ
خَ ْي ٌر لِلَّ ِذينَ يَتَّقُونَ أَفَاَل تَ ْعقِلُونَ ﴾ [األعراف]169 :
ومن تلك األحاديث:
[الحــديث ]658 :ق ال رس ول هللا ( :يوش ك األمم أن ت داعى عليكم كم ا
تداعى األكلة إلى قصعتها) ،فقال قائ لٌ :من قل ة نحن يومئ ذ؟ فق ال( :ب ل أنتم يومئ ذ
كثيرون ،ولكنكم غثا ٌء كغثاء السيل ،ولينزعن هللا من صدور ع دوكم المهاب ة منكم،
وليقذفن في قلوبكم الوهن) ،قيل وما الوهن يا رسول هللا؟ قال( :حب الدنيا وكراهية
الموت)()5
[الحديث ]659 :قال رسول هللا ( :إن بين ي دي الس اعة فتن ا كقط ع اللي ل
المظلم ،فتنا كقطع الدخان ،يموت فيها قلب الرجل المؤمن كم ا يم وت بدن ه يص بح
الرجل مؤمنا ،ويمسي كافرا ،ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا ي بيع فيه ا ق وم أخالقهم،
ودينهم بعرض من الدنيا قليل)()6
[الحــديث ]660 :ق ال رس ول هللا ( :ال ت ذهب اللي الي واألي ام ح تى يق وم
القائم ،فيقول :من يبيعنا دينه بكف من دراهم؟)()7
)(1رواه أحمد والبزار والحاكم بسند صحيح ،سبل الهدى والرشاد ()10/93
)(2رواه أبو يعلى ،سبل الهدى والرشاد ()10/93
)(3رواه الطبراني وأبو نعيم ،سبل الهدى والرشاد ()10/93
)(4رواه الطبراني والحاكم ،سبل الهدى والرشاد ()10/93
)(5أبو داود ( )4297وقال األلباني :صحيح ()3610
)(6رواه ابن أبي شيبة وأحمد ،سبل الهدى والرشاد ()10/145
)(7رواه أبو يعلى ،سبل الهدى والرشاد ()10/145
195
[الحديث ]661 :قال رسول هللا ( :أصابتكم فتن ة الض راء فص برتم ،وإن
أخوف ما أخاف عليكم فتنة السراء من قبل النساء إذا تسورن ال ذهب ،ولبس ن ري ط
الشام ،وعصب اليمن وأتعبن الغني وكلفن الفقير ما ال يجد)()1
[الحديث ]662 :قال رسول هللا ( :إذا مشت أم تي المطيط اء( )2وخ دمتها
أبناء الملوك وفارس والروم ،سلط شرارها على خيارها)()3
[الحـــديث ]663 :ق ال رس ول هللا ( :إن ال دنيا خض رة حل وة ،وإن هللا
مستخلفكم فيها ،لينظر كيف تعملون ،فاتقوا الدنيا واتق وا النس اء ف إن أول فتن ة ب ني
إسرائيل كانت في النساء)()4
[الحــديث ]664 :ق ال رس ول هللا ( :وهللا ،م ا أخش ى عليكم الفق ر ،ولكن
أخشى عليكم أن تبسط عليكم الدنيا ،كما بس طت على من ك ان قبلكم ،فتنافس وا كم ا
تنافسوا وتلهيكم كما ألهتهم)()5
[الحديث ]665 :قال رسول هللا ( :هل لكم من أنماط؟) قلنا :يا رسول هللا،
وأنى لنا أنماط؟ قال( :إنها ستكون لكم أنماط ،فأن ا أق ول الي وم الم رأتي نحي ع ني
أنماطك ،فتقول :ألم يقل رسول هللا إنها ستكون لكم أنماط بعدي)()6
[الحديث ]666 :ق ال رس ول هللا ( :عس ى أن ت دركوا زمان ا ح تى يغ دى
على أحدكم بجفنة ،ويراح عليه بأخرى ،وتلبس ون أمث ال أس تار الكعب ة) ،ق الوا :ي ا
رس ول هللا ،أنحن الي وم خ ير أم ذاك الي وم؟ ق ال(:ب ل أنتم الي وم خ ير ،أنتم الي وم
متحابون ،وأنتم يومئذ متباغضون ،يضرب بعضكم رقاب بعض)()7
[الحديث ]667 :قال رسول هللا ( :ستفتح مشارق األرض ومغاربه ا على
أمتي أال وعمالها في النار ،إال من اتقى هللا ،وأدى األمانة)()8
[الحديث ]668 :قال رسول هللا ( :لعلكم ستفتحون بع دي م دائن عظام ا،
وتتخذون في أسواقها مجالس ،فإذا كان ذلك فردوا السالم ،وغض وا من أبص اركم،
وأهدوا األعمى ،وأعينوا المظلوم)()9
[الحديث ]669 :قال رسول هللا ( :إنكم ستدركون زمان ا من أدرك ه منكم
يلبسون فيه مثل أستار الكعبة ،ويغدى ويراح عليه بالجفان)()10
[الحديث ]670 :قال رسول هللا ( :يظهر معدن في أرض بني سليم ،يق ال
)(1رواه الخطيب ،سبل الهدى والرشاد ()10/164
)(2المطيطاء :مشية فيها تبختر ومد اليدين.
)(3الترمذي ()2261
)(4رواه مسلم ،سبل الهدى والرشاد ()10/71
)(5رواه البخاري ومسلم ،،سبل الهدى والرشاد ()10/71
رواه البخاري ومسلم ،سبل الهدى والرشاد ()10/71
)(6رواه البخاري ومسلم ،سبل الهدى والرشاد ()10/71
)(7رواه اإلمام أحمد ،والحاكم وصححه ،سبل الهدى والرشاد ()10/71
)(8رواه أبو نعيم في الحلية ،سبل الهدى والرشاد ()10/71
)(9رواه الطبراني في الكبير ،سبل الهدى والرشاد ()10/72
)(10رواه البغوي ،سبل الهدى والرشاد ()10/72
196
له :فرعون أو فرعون وذلك بلسان أبي الجهم قريب من الس واء يخ رج إلي ه ش رار
الناس ،أو يحشر إليه شرار الناس)()1
[الحــديث ]671 :عن ابن عم ر ق ال :أتى رس ول هللا بقطع ة من ذهب
كانت أول صدقة جاءته من معدن لنا ،فقال( :إنها ستكون معادن وسيكون فيه ا ش ر
الخلق)()2
[الحديث ]672 :عن رافع بن خديج عن رجل من بني سليم عن جده أنه أتى
رس ول هللا بفض ة ،فق ال :من مع دن لن ا؟ فق ال الن بي ( :إن ه س يكون مع ادن
يحضرها شرار الناس)()3
[الحديث ]673 :قال رسول هللا ( :إنها س تفتح عليكم ال دنيا ح تى تتخ ذوا
بي وتكم كم ا نتخ ذ الكعب ة )،قلن ا :ونحن على دينن ا الي وم؟ ق ال( :وأنتم على دينكم
اليوم) ،قلنا فنحن يومئذ خير أم ذلك اليوم؟ قال( :بل أنتم اليوم خير)()4
هـ ـ ما ورد في التحذير من االنحرافات االجتماعية:
وهي أح اديث كث يرة تش ير إلى أن من مظ اهر االبتع اد عن دين هللا وهج ر
وصايا رس ول هللا الوق وع في االنحراف ات االجتماعي ة ال تي وقعت فيه ا س ائر
األمم نتيجة بعدها عن دينها ،ومن تلك األحاديث:
[الحـــديث ]674 :ق ال رس ول هللا ( :إن من أش راط الس اعة الفحش
والتفحش ،وس وء الج وار ،وقط ع األرح ام ،وأن ي ؤتمن الخ ائن ،ويخ ون األمين،
كمثل القطعة الذهب الجيدة أوقد عليها ،فخلصت ووزنت فلم تنقص ،ومث ل الم ؤمن
كمثل النحلة أكلت طيبا ووض عت طيب ا ،أال إن أفض ل الش هداء المقس طون ،أال إن
أفض ل المه اجرين من هج ر م ا ح رم هللا علي ه ،إال أن أفض ل المس لمين من س لم
المسلمون من لسانه ويده ،أال إن حوضي طوله كعرضه أبيض من اللبن وأحلى من
العسل آنيته عدد النجوم من أقداح ال ذهب والفض ة ،من ش رب من ه ش ربة لم يظم أ
آخر ما عليها أبدا)()5
[الحديث ]645 :قال رسول هللا ( :إن من أش راط الس اعة أن يرف ع العلم
ويثبت الجهل ،ويفشو الزن ا ،ويش رب الخم ر ،ويق ل الرج ال ،وتك ثر النس اء ح تى
يكون لخمسين امرأة قيم واحد)()6
[الحديث ]646 :قال رسول هللا ( :يتقارب الزم ان ،وينقص العلم ،ويلقى
الشح ،وتظهر الفتن ،ويكثر الهرج) ،قيل :يا رس ول هللا ،إن ا لنقت ل في الع ام األل ف
واأللفين من المشركين؟ قال( :ال أعني ذلك ،ولكن يقتل بعض كم بعض ا) ،ق الوا :ي ا
)(1رواه أبو يعلى ،سبل الهدى والرشاد ()10/125
)(2رواه الطبراني برجال الصحيح رواه أبو يعلى ،سبل الهدى والرشاد ()10/125
)(3رواه ابن أبي شيبة رواه أبو يعلى ،سبل الهدى والرشاد ()10/125
)( 4رواه البزار برجال ثقات ،والطبراني في الكبير ،سبل الهدى والرشاد ()10/135
)(5رواه الخرائطي في (مساوئ األخالق) ،سبل الهدى والرشاد ()10/164
)(6رواه أبو داود الطيالسي وأحمد وابن أبي شيبة وعبد بن حميد والبخ اري ومس لم والترم ذي والنس ائي وابن
ماجة ،سبل الهدى والرشاد ()10/164
197
رسول هللا أنى يقتل بعضنا بعضا ،ونحن أحياء ونفعل؟ ق ال( :يميت هللا قل وب أه ل
ذلك الزمان كما يميت أبدانهم)()1
[الحديث ]677 :قال رسول هللا ( :إن من أشراط الساعة إخراب العامر،
وإعمار الخراب ،وأن يكون الغزو فداء ،وأن يتم رس الرج ل بأمانت ه كم ا يتم رس
البعير بالشجرة)()2
[الحــديث ]678 :ق ال رس ول هللا ( :بين ي دي الس اعة فتن كقط ع اللي ل
المظلم يصبح الرجل فيها مؤمنا ويمسي ك افرا ويمس ي مؤمن ا ويص بح ك افرا ي بيع
أقوام دينهم بعرض من الدنيا قليل)()3
[الحديث ]679 :قال رسول هللا ( :صنفان من أه ل الن ار لم أرهم ا ،ق وم
معهم سياط كأذناب البق ر يض ربون به ا الن اس ،ونس اء كاس يات عاري ات مميالت
م ائالت رؤوس هن كأس نمة البخت ال ي دخلن الجن ة وال يج دن ريحه ا ،وإن ريحه ا
ليوجد من مسيرة كذا وكذا)()4
[الحديث ]680 :قال رسول هللا ( :ال تقوم الساعة حتى يخرج قوم يأكلون
بألسنتهم كما يأكل البقر بألسنتهم من األرض)()5
[الحــديث ]681 :عن حذيف ة ق ال :ح دثنا رس ول هللا ح ديثين ،ق د رأين ا
أحدهما وأنا أنتظر اآلخر ،حدثنا أن األمانة ن زلت في ج ذر قل وب الرج ال ثم ن زل
القرآن ،فعلموا من القرآن وعلموا من السنة ،ثم حدثنا عن رفع األمان ة ،ق ال( :ين ام
الرجل النومة فتقبض األمانة من قلبه ،فيظل أثرها مثل أثر ال وكت ،ثم ين ام النوم ة
فتقبض األمانة من قلبه فيظل أثرها مثل المجل كجم ر ،دحرجت ه على رجل ك فنف ط
ف تراه منت برا ،وليس في ه ش يء فيص بح الن اس يتب ايعون ،فال يك اد أح دهم ي ؤدي
األمانة ،حتى يقال :إن في بني فالن رجال أمينا ،ح تى يق ال للرج ل :م ا أجل ده ،م ا
أكرمه ما أظرفه ما أعقله وما في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان)()6
[الحديث ]682 :قال رسول هللا ( :أول ما تفقدون من دينكم األمانة)()7
[الحديث ]683 :قال رسول هللا ( :أول ما يرفع من الناس األمانة ،وآخ ر
ما يبقى من دينهم الصالة ،ورب مصل ال خالق له عند هللا)()8
[الحديث ]684 :قال رس ول هللا ( :أول لم ا يرف ع من ه ذه األم ة الحي اء
واألمانة)()9
)( 1رواه ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والحارث والبخاري ومسلم ،سبل الهدى والرشاد ()10/146
)(2رواه البغوي وابن عساكر ،سبل الهدى والرشاد ()10/164
)(3رواه الحاكم ،سبل الهدى والرشاد ()10/164
)(4رواه مسلم رواه أبو يعلى ،سبل الهدى والرشاد ()10/125
)( 5رواه مسدد وابن أبي شيبة وأحمد والضياء في المختارة والنسائي ،سبل الهدى والرشاد ()10/126
)(6رواه مسلم ،سبل الهدى والرشاد ()10/126
)(7رواه الطبراني في الكبير ،سبل الهدى والرشاد ()10/126
)(8رواه الحكيم الترمذي ،سبل الهدى والرشاد ()10/126
)(9رواه الطبراني ،سبل الهدى والرشاد ()10/126
198
[الحــديث ]685 :ق ال رس ول هللا ( :ال تق وم الس اعة ح تى يقبض العلم،
وتكثر الزالزل ،ويتقارب الزمان ،وتظهر الفتن ويكثر الهرج وهو القتل حتى يك ثر
فيكم المال فيفيض)()1
[الحديث ]686 :قال رسول هللا ( :ليكونن من أمتي ق و ٌم يس تحلون الح ر
والحرير والخمر والمعازف ،ولينزلن أقوا ٌم إلى جنب علم تروح عليهم سارحةٌ لهم،
فيأتيهم رج ٌل لحاجة فيقولون ارجع إلينا غدا ،فيبيتهم هللا ويضع العلم ويمسخ آخرين
قردة وخنازير إلى يوم القيامة) ()2
[الحديث ]687 :قال رسول هللا ( :سيكون في آخر أمتي رج ال يركب ون
على سروج كأشباه الرحال ينزلون على أبواب المساجد ،نساؤهم كاسيات عاريات،
على رؤوسهم كأسنمة البخت فالعنوهن ف إنهن ملعون ات ل و ك انت وراءكم أم ة من
األمم ،لخدم نس اؤكم نس اءهم كم ا خ دمتكم نس اء األمم من قبلكم) ولف ظ الط براني:
(سيكون في أمتي رجال يركب نساؤهم على سروج كأشباه الرجال)()3
[الحديث ]688 :ق ال رس ول هللا ( :إذا رأيتم الالتي ألقين على رؤوس هن
مثل أسنمة البقر ،فأعلموهن أنهن ال تقبل لهن صالة)()4
[الحديث ]689 :قال رسول هللا ( :صنفان من أه ل الن ار لم أرهم ا بع د:
قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ،ونساء كاسيات عاري ات مميالت
مائالت رؤوسهن كأس نمة البخت المائل ة ،ال ي دخلن الجن ة وال يج دن ريحه ا ،وإن
ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا!)()5
[الحديث ]690 :وهو ما يشير إلى ظواهر العنف التي تحدث بين المسلمين،
ونص الحديث ه و قول ه ( :س تكون فتن ةٌ ص ماء بكم اء عمي اء ،من أش رف له ا
استشرفت له ،وإشراف اللسان فيها كوقوع السيف)()6
[الحديث ]691 :قال رس ول هللا ( :من مش ى إلى رج ل من أم تي ليقتل ه
فليقل هكذا ،فالقاتل في النار والمقتول في الجنة)()7
[الحديث ]692 :وهو ما يشير إلى انتشار التشاؤم واالنتحار بسبب البعد عن
الدين الحقيقي وقيمه النبيلة ،ومن تلك األحاديث قوله ( :ال تقوم الساعة حتى يمر
الرجل بقبر الرجل فيقول :يا ليتني كنت مكانك)()8
[الحديث ]693 :قال رسول هللا ( :ال تقوم الساعة حتى يمر الرج ل على
أما ما روي في رواية أخ رى( :إن أم تي ال تجتم ع على ض اللة ،ف إذا رأيتم
اختالفا فعليكم بالسواد األعظم)()4
فغير صحيحة ،وتتنافى مع ما ورد في القرآن الكريم من ذم الكثرة ،كم ا ق ال
تعالىَ ﴿ :و َما أَ ْكثَ ُر النَّ ِ
اس َولَوْ َح َرصْ تَ بِ ُم ْؤ ِمنِينَ ﴾ [يوس ف ،]103 :كم ا تتن افى م ع
األحاديث الواردة في مدح الغرباء والصالحين وبيان قلتهم.
ما ورد في الحديث من أنه ستبقى طائفة ملتزمة بالحق:
وهي أحاديث متفق عليها بين المدارس اإلسالمية ،ولألسف الكل يدعيها م ع
عدم مراعاة شروطها ،وهي تطبيق جميع وص ايا رس ول هللا ،وع دم االقتص ار
على بعضها ،ومن تلك األحاديث:
[الحديث ]698 :قال رسول هللا ( :ال يزال من أمتي أمة قائمة بأمر هللا ال
يضرهم من خذلهم وال من خالفهم حتى يأتي أمر هللا)()5
[الحديث ]699 :ق ال رس ول هللا ( :ال تق وم الس اعة ح تى يظه ر الفحش
وقطيعة الرحم وسوء الجوار ،ويخون األمين) ،قيل :ي ا رس ول هللا! فكي ف الم ؤمن
يومئذ؟ قال( :كالنخلة وقعت ولم تفسد ،وأكلت فلم تكسر ،ووضعت طيبا)()6
[الحــديث ]700 :ق ال رس ول هللا ( :ي أتي على الن اس زم ان تح ل في ه
الغربة ،وال يسلم لذي دين دينه إال من فر بدينه من شاهق إلى ش اهق ،أو من جح ر
)(1نهج البالغة :الخطبة رقم( ،)128وغرر الحكم ودرر الكلم :ص .118
)(2نهج البالغة :الخطبة رقم()156
)(3نهج البالغة :الخطبة رقم( ،)93وكتاب سليم بن قيس :ص .713 -712
210
[الحــديث ]421 :قال اإلم ام علي في وقت الش ورى بع د وف اة عثم ان( :لن
ق ،وصلة رحم ،وعائ دة ك رم ،فاس معوا ق ولي ،وع وا يسرع أحد قبلي إلى دعوة ح ّ
منطقي ،عسى أن تروا هذا األمر من بعد هذا اليوم تنتضى فيه السّيوف ،وتخان فيه
العهود ،حتّى يكون بعضكم أئ ّمة ألهل الضّاللة ،وشيعة ألهل الجهالة)()1
[الحديث]722 :ـ قال اإلم ام علي في خطب ة ل ه يح ذر من الفتن( :وأحمد هللا
وأستعينه على مداحر ال ّشيطان ومزاجره ،واالعتصام من حبائل ه ومخاتل ه ،وأش هد
أن مح ّم دا عب ده ورس وله ،ونجيب ه وص فوته ،ال ي ؤازى أن ال إل ه إاّل هللا ،وأش هد ّ
فضله ،وال يجبر فقده ،أضاءت به البالد بع د ّ
الض اللة المظلم ة ،والجهال ة الغالب ة،
والجفوة الجافية ،والنّاس يس تحلّون الح ريم ،ويس تذلون الحكيم ،يحي ون على ف ترة،
ّ
ويموتون على كفرة ،ث ّم إنّكم معشر العرب أغراض باليا قد اقتربت ،فاتّقوا سكرات
النّعمة ،واحذروا بوائق النّقمة ،وتثبّتوا في قتام العشوة ،واعوجاج الفتنة ،عند طلوع
جنينها ،وظهور كمينها ،وانتصاب قطبه ا ،وم دار رحاه ا ،تب دأ في م دارج خفيّ ة،
وتؤول إلى فظاعة جليّ ة ،ش بابها كش باب الغالم ،وآثاره ا كآث ار ّ
الس الم ،يتوارثه ا
الظّلمة بالعهود ،أوّلهم قائد آلخرهم ،وآخرهم مقتد بأوّلهم ،يتنافس ون في دني ا دنيّ ة،
ويتكالبون على جيفة مريحة ،وعن قليل يتبرّأ التّابع من المتبوع ،والقائد من المقود،
فيتزايلون بالبغضاء ،ويتالعنون عند اللّقاء ..ث ّم يأتي بعد ذلك طالع الفتنة الرّج وف،
والقاصمة ال ّزحوف ،فتزيغ قلوب بعد استقامة ،وتض ّل رجال بع د س المة ،وتختل ف
األهواء عند هجومها ،وتلتبس اآلراء عن د نجومه ا ،من أش رف له ا قص مته ،ومن
سعى فيه ا حطمت ه ،يتك ادمون فيه ا تك ادم الحم ر في العان ة ،ق د اض طرب معق ود
ق أه ل الحبل ،وعمي وجه األمر ،تغيض فيه ا الحكم ة ،وتنط ق فيه ا الظّلم ة ،وت د ّ
البدو بمسحلها ،وترضّهم بكلكلها ،يضيع في غباره ا الوح دان ،ويهل ك في طريقه ا
الرّكبان ،ترد بم ّر القض اء ،وتحلب عبي ط ال ّدماء ،وتثلم من ار ال ّدين ،وتنقض عق د
اليقين ،يهرب منها األكياس ،ويدبّرها األرجاس ،مرعاد م براق ،كاش فة عن س اق،
تقطع فيها األرحام ،ويفارق عليها اإلسالم ،بريئه ا س قيم ،وظاعنه ا مقيم ،بين قتي ل
مطل ول ،وخ ائف مس تجير ،يختل ون بعق د األيم ان ،وبغ رور اإليم ان ،فال تكون وا
أنصاب الفتن ،وأعالم الب دع ،والزم وا م ا عق د علي ه حب ل الجماع ة ،وب نيت علي ه
أركان الطّاعة ،واقدموا على هللا مظلومين ،وال تقدموا عليه ظالمين ،واتّقوا م دارج
ال ّشيطان ،ومهابط العدوان ،وال تدخلوا بط ونكم لع ق الح رام؛ ف إنّكم بعين من ح رّم
عليكم المعصية ،وسهّل لكم سبل الطّاعة)()2
[الحــديث ]723 :ق ال اإلم ام علي( :أيّه ا النّ اس ،ال يج رمنّكم ش قاقي ،وال
يستهوينّكم عصياني ،وال تتراموا باألبص ار عن د م ا تس معونه منّي ،ف و الّ ذي فل ق
إن الّذي أنبّئكم به عن النّب ّي األ ّم ّي ما كذب المبلّغ ،وال جه ل
الحبّة وبرأ النّسمةّ ،
[الحديث ]727 :روي أن اإلمام الصادق ،بكى بكاء شديد ،فسئل عن س ببه،
فقال( :ويكم إني نظرت في كتاب الجفر صبيحة ه ذا الي وم ،وه و الكت اب المش تمل
)(1نهج البالغة :الخطبة رقم( ،)101وشرح نهج البالغة البن أبي الحديد :ج 7ص 96الخطبة رقم()100
)(2نهج البالغة :الخطبة رقم .147
)(3نهج البالغة للشريف الرضي :الخطبة رقم( ،)38وغرر الحكم ودرر الكلم :ص .72
)(4نهج البالغة :الخطبة رقم( ،)50والمحاسن :ج 1ص .208
212
على علم المنايا والباليا والرزايا وعلم ما كان وما يكون إلى يوم القيامة الذي خص
هللا تقدس اسمه ب ه محم دا واألئم ة من بع ده ،وت أملت في ه مول د قائمن ا وغيبت ه
وإبطاءه وطول عمره وبلوى المؤمنين به من بعده في ذل ك الزم ان وتول د الش كوك
في قل وبهم من ط ول غيبت ه وارت داد أك ثرهم عن دينهم وخلعهم ربق ة اإلس الم من
أعناقهم)()1
ثانيا ـ ما ورد في شأن هجر الوصية وكيفية مواجهة أئمة الهدى لها:
وهي األحاديث التي تؤكد ما ورد في المصادر السنية من هجر األمة لوصية
نبيه ا المرتبط ة باإلمام ة واالمت داد الرس الي ،بس بب تص ورها ع دم الحاج ة
لإلمامة ،وأنه يمكن أن يتوالها أي أحد ظفر بشرف الصحبة.
وقد قسمنا األحاديث الواردة في هذا الشأن إلى األقسام التالية:
.1أنواع األذى التي تصيب العترة:
وهي أح اديث كث يرة تتف ق م ع نظيراته ا ال واردة في المص ادر الس نية،
باإلضافة إلى توافقها مع ما اتفق عليه المؤرخون من ذل ك البالء العظيم ال ذي ن زل
بأهل بيت النبوة ابتداء من العصر األول لإلسالم إلى الدرجة التي أصبح فيها س بهم
عبادة.
وهي تتوافق مع القرآن الك ريم ال ذي يش ير كث يرا إلى الخالف ال ذي يق ع في
األمم بعد أنبيائها بسبب البغي والحسد ،وهذا ما حص ل أله ل بيت النب وة ،وخاص ة
في ظل النظام العشائري الذي كانت تقوم عليه ق ريش خصوص ا ،ول ذلك تص وروا
أنه ال يحق لبني هاش م أن يجمع وا بين النب وة واإلمام ة ،العتق ادهم أن اإلمام ة من
الدنيا ،وليست من الدين.
وذلك الخالف رد طبيعي على عدم اإليمان باإلمامة ،ذل ك أن ال ذي ال ي ؤمن
بها يتيح ألي شخص أن يفتي ويفسر الدين بحس ب م ا ي راه ،وه و م ا يجع ل لل دين
قراءات ومصادر متعددة ال ينتج عنها إال الخالف وربما الشقاق.
ومن األحاديث الواردة في هذا:
ً
[الحديث ]728 :قال اإلمام علي :كنا جلوسا عند النبي وهو ن ائ ٌم ورأس ه
في حجري ،فتذاكرنا ال ّدجال فاستيقظ النبي محم ّراً وجهه ،فق ال( :لغ ير ال ّدجال
المض لون ،وس فك دم اء ع ترتي من بع دي ،أن ا ّ أخ وف عليكم من ال ّدجال :األئم ة
حربٌ لمن حاربهم وسل ٌم لمن سالمهم)()2
[الحديث ]729 :عن سلمان الفارس ى ق ال :كنت جالس ا ً بين ي دي رس ول هللا
في مرضته التي قُبض فيها ،فدخلت فاطمة فلما رأت ما بأبيها من الضعف،
كيا بكت ح تى ج رت دموعه ا على خ ديها ،فق ال له ا رس ول هللا ( :م ا يبكي ِ
فاطم ة؟!) ،ق الت :ي ا رس ول هللا ،أخش ى الض يعة على نفس ي وول دي بع دك،
217
وأخبره باللّيلة ال تي يجتمع ون ل ه فيه ا ،والس اعة ال تي ي أتون فراش ه فيه ا ،وأم ره
ب الخروج في ال وقت ال ذي خ رج في ه إلى الغ ار ،وأنب أني رس ول هللا ب الخبر،
وأم رني أن أض طجع مض جعه وأن أقي ه بنفس ي ،فأس رعت إلى ذل ك مطيع ا ل ه
الس الم لوجه ه، مس رورا ب ه ،ولنفس ي على أن أفت ك موطن ا ،فمض ى علي ه ّ
واضطجعت مضجعه ،وأقبلت رجاالت قريش موقنة في أنفسها بقتل النبي ،فلما
استوى بي وبهم البيت الذي أنا فيه نهضت بسيفي ،فدفعتهم عن نفسي بم ا ق د علم ه
النّاس) ،ثم أقبل على أصحابه فقال :أليس كذلك؟ قالوا :بلى يا أمير المؤمنين.
إن اب ني ربيع ة وابن عتب ة [الحديث ]737 :قال اإلم ام علي( :أم ا الثالث ة ،ف ّ
ك انوا فرس ان ق ريش ،دع وا إلى ال براز ي وم ب در ،فلم ي برز لهم خل ق ،فأنهض ني
رسول هللا إلى صاحبي وأنا أحدث أصحابي سنّا ،وأقلهم للحرب تجربة ،فقتل هللا
بيدي وليدا وشيبة ،سوى م ا قتلت من جحاجح ة ق ريش في ذل ك الي وم ،وس وى من
أسرت ،وكان منّي أكثر مما كان من أحد من أصحابي ،فاستشهد ابن ع ّمي في ذل ك
الي وم (رحم ه هّللا ) ،ث ّم التفت إلى أص حابه فق ال :أليس ك ذلك؟ ق الوا :بلى ي ا أم ير
المؤمنين.
إن قريش ا والع رب تج ّمعت [الحديث ]738 :قال اإلمام علي( :أما الرابعة ،ف ّ
وعق دت بينه ا عق دا وميثاق ا أن ال ترج ع من وجوهه ا ،حتّى تقت ل رس ول هللا ،
وتقتلنا معه معاشر بني عبد المطلب ،ث ّم أقبلت بح ّدها وحدي دها ،ح تى أن اخت علين ا
الس الم على الن بي بالمدينة ،واثقة في أنفسها بما ت وجّهت ،فهب ط جبرئي ل علي ه ّ
فأنبأه الخبر ،فخندق على نفس ه وعلى من مع ه من المه اجرين واألنص ار ،فق دمت
قريش وأقامت على الخندق محاصرة ،ترى في أنفسها القوّة وفين ا الض عف ،ت برق
وترعد ،ورسول هللا يدعوها ويناشدها القرابة والرحم ،فتأبى وال يزيدها ذلك إاّل
عتوّا ،وفارسها وف ارس الع رب يومئ ذ عم رو بن عب د ود ،يه در ك البعير المغتلم،
يدعو إلى البراز ويرتجز ،ويخطر برمحه م ّرة وبسيفه م ّرة ،ال يقدم عليه مقدم ،وال
يطمع فيه طامع ،ال حميّة تهيّجه ،وال بصيرة تشجعه ..فأنهضني إليه رسول هللا ،
وع ّممني بي ده ،وأعط اني س يفه ه ذا ،وض رب بي ده إلى ذي الفق ار ،فخ رجت إلي ه
ونس اء أه ل المدين ة ب واك إش فاقا عل ّي من ابن عب د ود الع امريّ ،فقتله هللا بي دي،
والعرب ال تع ّد لها فارسا غيره ،وضربني ه ذه الض ربة ـ وأوم أ بي ده إلى هامت ه ـ
فه زم هللا قريش ا والع رب ب ذلك وبم ا ك ان منّي فيهم من النكاي ة) ،ث ّم التفت إلى
أصحابه فقال :أليس كذلك؟ قالوا :بلى يا أمير المؤمنين.
ّ
[الحديث ]739 :قال اإلمام علي( :أم ا الخامس ة ،ف إن أه ل مك ة أقبل وا إلين ا
على بك رة أبيهم ،استحاش وا من يليهم من قبائ ل الع رب وق ريش ،ط البين بث أر
مشركي قريش في يوم بدر ويوم الخندق ،فهبط جبرئيل عليه السّالم على الن بي
فأنبأه ذلك ،فتأهب النبي لهم ،وعسكر بأصحابه في سفح أحد ،وأقبل المش ركون
إلينا بحملة رجل واحد ،فاستشهد من المسلمين من استشهد ،وكان ممن بقي منهم م ا
218
ك ان من الهزيم ة عفا هللا عنهم ،وبقيت م ع رس ول هللا ،ومض ى المه اجرون
واألنص ار إلى من ازلهم من المدين ة ،ك ّل يق ول :قت ل الن بي وقت ل أص حابه ،ث ّم
ضرب هللا بوجوه المشركين ،وقد جرحت بين يدي النبي نيف ا وس بعين جراح ة،
ومنها هذه ومنها هذه ـ ث ّم ألقى رداءه وأم ّر بيده على جراحاته ـ وك ان منّي في ذل ك
اليوم ما كان هللا على ثواب ه إن ش اء هّللا ) ،ثم التفت إلى أص حابه فق ال :أليس ك ذلك؟
قالوا :بلى يا أمير المؤمنين.
[الحديث ]740 :قال اإلمام علي( :أما السادسة ،فإنّا وردنا مع رس ول هللا
مدين ة أص حابك خي بر ،على رج ال اليه ود وفرس انها من ق ريش وغيره ا ،فلقون ا
بأمثال الجبال من الخيل والرجال والسالح ،في أمنع دار وأكثر عدد ،كل ينادي إلى
ال براز ويب ادر في القت ال ،فلم ي برز لهم من أص حابنا أح د إاّل وهم قتل وه ،حتّى إذا
احمرّت الح دق ،ودعيت إلى ال براز ،وأه ّمت ك ل رج ل منهم نفس ه ،والتفت بعض
أصحابي إلى بعض وك ّل يقول( :أوجلهم يا أب ا الحس ن ،انهض) ،فأنهض ني رس ول
هللا إليهم ،فلم ي برز إل ّي منهم أح د إاّل قتلت ه ،وال ثبت لي ف ارس إاّل طعنت ه ،ثم
ش ددت عليهم ش ّد الليث على فريس ته ،حتّى إذا أدخلتهم ج وف م دينتهم ،يكس ع
بعضهم بعضا ..حتّى افتتحتها وحدي ،لم يكن لي معاون إال هللا وحده) ،ث ّم التفت إلى
أصحابه فقال :أليس كذلك؟ قالوا :بلى يا أمير المؤمنين.
[الحديث ]741 :قال اإلمام علي( :أ ّما السابعة ف إن رس ول هللا ل ّم ا توج ه
بفتح م ّكة ،أحبّ أن يعذر إليهم ،ويدعوهم إلى هللا ع ّز وج ّل آخ را كم ا دع اهم أوال،
فكتب إليهم كتاب ا يح ّذرهم وين ذرهم ع ذاب ربّهم ،ويع دهم الص فح فيهم ،ويم نيّهم
مغفرة ربّهم ،ونسخ لهم في آخره س ورة ب راءة ليتل و عليهم ،ث ّم ع رض على جمي ع
أصحابه المضي إليهم بالكتاب ،وكلّهم يرى في ه التثاق ل ،فل ّم ا رأى ذل ك ن دب منهم
رجال ليوجّهه به ،فأتاه جبرئيل فقال( :يا محمد ،إنّه ال يؤ ّدي عن ك إاّل رج ل من ك)،
فأنبأني رس ول هللا ذل ك ،ووجه ني بكتاب ه ورس الته إلى أه ل م ّك ة ،ف أتيت م ّك ة
وأهلها من قد عرفتم ،ليس منهم أحد إاّل ولو قدر على أن يض ع منّي على ك ل جب ل
إربا لفعل ،ول و بب ذل مال ه ونفس ه وأهل ه وول ده ،فبلّغتهم رس الة الن بي وق رأت
عليهم كتابه ،فك ّل تلقاني بالتهدد والوعي د ،ويب دي البغض اء ،ويظه ر الش حناء ،من
رجالهم ونسائهم ،وكان منّي في ذلك ما قد رأيتم) ،ث ّم التفت إلى أصحابه فقال :أليس
كذلك؟ قالوا :بلى يا أمير المؤمنين.
ّ
[الحديث ]742 :قال اإلمام علي( :هذه المواطن التي امتحنني فيهن رب ّي م ع
فيهن كلّها بمنّه مطيع ا ليس ألح د فيه ا مث ل ال ذي لي ،ول و
ّ رسول هللا ،فوجدني
وصفت ذلك ال تسع لي في ه الق ول ،ولكن هللا نهى عن التزكي ة) ،فق الوا :ص دقت ي ا
أمير المؤمنين ،فو هللا لق د أعط اك هللا الفض يلة بالقراب ة من نبيّن ا ،وأس عدك ب أن
جعلك أخاه ،تنزل منه بمنزلة هارون من موسى ،وفضّلك بالمواقف ال تي باش رتها،
واألهوال التي ركبتها ،وذخرك الذي ذك رت ،وأك ثر من ه مم ا لم ت ذكره ،م ّم ا ليس
219
ألحد من المسلمين مثله ،يقول ذلك من شهدك منّا مع نبيّن ا ،ومن ش هدك منّ ا بع ده،
فأخبرنا يا أمير المؤمنين ،بما امتحنك اهلل به بعد نبيّنا فاحتملته وصبرت علي ه،
فإنّا لو شئنا أن نصف ذلك لك لوصفناه ،علما منّا به ،وظهورا عليه ،إاّل أنّا نحبّ أن
نسمع منك ذلك ،كما سمعنا منك ما امتحنك هللا به في حياته فأطعته فيه.
(إن هللا تب ارك وتع الى امتحن ني بع د وف اة [الحديث ]743 :قال اإلمام عليّ :
ّ
فيهن ـ من غ ير تزكي ة لنفس ي بمن ه ونعمت ه ـ ّ نبيّه في سبعة مواطن ،فوج دني
أولهن :فإنّه لم يكن لي خاصّة دون المس لمين عا ّم ة أح د آنس ب ه ،وال
ّ صبورا ..أما
أعتمد عليه ،وال أستنيم إليه ،وال أتق رّب إلى هللا بطاعت ه ،وال أنهج ب ه في الس رّاء،
وال أستريح إليه في الض رّاء ،غ ير رس ول هللا ،وه و ربّ اني ص غيرا ،وب وأني
كبيرا ،وكفاني العيل ة ،وج برني من اليتم ،وأغن اني عن الطلب ،ووق اني المكس ب،
خص ني ب ه من ّ وعال لي النفس واألهل والولد ،هذا في تصاريف أمر الدنيا ،مع ما
الدرجات التي قادتني إلى معالي الحظوة عند هللا ،فنزل بي بوفاة رس ول هللا م ا
أظن أن الجبال لو حملت عنوة كانت لتنهض به ،فرأيت الن اس من أهلي من لم أكن ّ
بين جازع ال يملك جزعه ،وال يضبط نفسه ،وال يقوى على حمل فادح ما ن زل ب ه،
ق د أذهب الج زع ص بره ،وأذه ل عقل ه ،وح ال بين ه وبين الفهم واإلفه ام ،والق ول
واالستماع ،وسائر الناس من غير بني عب د المطلب بين مع ّز ي أمر بالص بر ،وبين
مساعد باك لبكائهم ،جازع لجزعهم ،وحملت نفسي على الصبر بع د وفات ه ،ل زمت
الصمت واالش تغال بم ا أم رني اهلل ب ه ،من تجه يزه وتغس يله ،وتحنيط ه وتكفين ه،
وكتاب ه ،وعه ده ال ذي حملن اه والصالة عليه ،ووضعه في حفرته ،وجم ع أمانة اهلل
إلى خلقه ،واستودعناه فيهم ،ال يشغلني عن ذل ك ب ادر دمع ة ،وال ه ائج زف رة ،وال
ق ال واجب هلل ع ّز وج ل الذع حرق ة ،وال جلي ل مص يبة ،حتّى أ ّديت في ذل ك الح ّ
ولرسوله عل ّي ،وبلّغت منه الذي أمرني به ،فاحتملته صابرا محتس با) ،ث ّم التفت
إلى أصحابه فقال :أليس كذلك؟ قالوا :بلى يا أمير المؤمنين.
فإن رس ول هللا أ ّم رني في [الحديث ]744 :قال اإلمام علي( :أما الثانيةّ ،
حياته على جميع أ ّمته ،وأخذ على من حضره منهم البيعة بالسمع والطاعة ألم ري،
وأم رهم أن يبلّ غ الش اهد الغ ائب في ذل ك ،فكنت الم ؤ ّدي إليهم عن رس ول هللا
أمره إذا حضرته ،واألم ير على من حض رني منهم إذا فارقت ه ،ال تختلج في نفس ي
منازعة أحد من الخلق لي في شيء من األمور في حياة النبي وال بعد وفاته ،ث ّم
أمر هللا رسوله بتوجيه الجيش الذي وجّهه مع أسامة بن زيد ،عن د ال ذي أح دث
هللا له من المرض الذي توفّاه فيه ،فلم يدع النبي أحدا من قبائل العرب وقريش،
واألوس والخزرج ،وغيرهم من سائر الناس ،ممن يخاف عل ّي نقضه أو منازعت ه،
وال أحدا ممن يراني بعين البغضاء ،ممن قد قهرته بقتل أبيه أو أخيه أو حميم ه ،إاّل
220
وجه ه في ذل ك الجيش ،وال من المه اجرين واألنص ار والمس لمين وغ يرهم من
المؤلفة قلوبهم والمنافقين ،لتصفو قلوب من يبقى معي بحض رته ،ولئال يق ول قائ ل
شيئا مما أكره في جواره ،وال يدفعني دافع عن الوالي ة والقي ام ب أمر رعيّت ه وأ ّمت ه
من بعده ،ث ّم كان آخر ما تكلّم به في شيء من أمر أ ّمته أن يمضي جيش أسامة ،وال
يتخلّف عنه أحد ممن أنهض معه ،وتق ّدم في ذلك الجيش أش ّد التق ّدم ،وأوعز فيه أبلغ
اإليعاز ،وأكد في ه أك ثر التأكي د ،فلم أش عر بع د أن قبض رس ول هللا إاّل برج ال
ممن بعث مع أسامة وأهل عسكره قد تركوا مراكزهم ،وأخلوا مواض عهم ،وخ الفوا
أمر رسول هللا فيما أنهضهم ل ه وأم رهم ب ه ،وتق ّدم إليهم في مالزم ة أم يرهم،
والمسير مع ه تحت لوائ ه ،ينف ذ لوجه ه ال ذي نف ذه إلي ه ،فخلّف وا أم يرهم مقيم ا في
عسكره ،وأقبلوا يتبادرون على الحيل ،ركضا إلى ح ّل عقدة عق دها هللا لي ورس وله
في أعن اقهم فحلّوه ا ،وعه د عاهد هللا ورس وله فنكث وه ،وعق دوا ألنفس هم عق دا
واختص ت ب ه آراؤهم ،من غ ير من اظرة ألح د منّ ا ب ني عب د ّ ضجّت به أصواتهم،
المطلب ،أو مشاركة في رأي ،أو استقامة لما في أعناقهم من بيعتي ،فعلوا ذلك وأنا
برس ول هللا مش غول ،وبتجه يزه عن س ائر األش ياء مص دود ،فإنّ ه ك ان أه ّمه ا
ق ما بدئ به منها ،فكانت ه ذه أف دح م ا ي رد على قل بي ،م ع ال ذي أن ا في ه من وأح ّ
عظيم الرزية ،ومفاجع المصيبة ،وفقد من ال خلف له إاّل هللا ،فصبرت عليها إذ أتت
بعد أختها على تقاربها وسرعة اتّصالها) ،ثم التفت إلى أصحابه فقال :أليس ك ذلك؟
قالوا :بلى يا أمير المؤمنين.
فإن الق ائم بع د الن بي ك ان [الحديث ]745 :قال اإلمام علي( :أما الثالثةّ ،
يلقاني معتذرا في كل أيّامه ،ويلزم غ يره م ا ارتكب ه من أخ ذ حقّي ،ونقض بيع تي،
ويسألني تحليل ه ،فكنت أق ول :تنقض ي أيّام ه ث ّم يرج ع إل ّي حقّي ال ذي جعله هللا لي
عفوا هيّنا ،من غير أن أحدث في اإلسالم ـ مع حدثه وقرب عهده بالجاهلي ة ـ ح دثا
في طلب حقّي بمنازعة ،لعل قائال يقول فيها :نعم ،وقائال يقول :ال ،فيؤول ذل ك من
القول إلى الفعل ،وجماعة من خواص أصحاب رسول هللا أعرفهم بالنصيحة هلل
ولرس وله ولكتاب ه ودين ه اإلس الم ،ي أتونني ع ودا وب دءا ،وعالني ة وس رّا،
ق بيع تي فيدعونني إلى أخذ حقّي ،ويبذلون أنفسهم في نصرتي ،ليؤ ّدوا إل ّي بذلك ح ّ
في أعناقهم ،فأقول :رويدا وصبرا قليال ،لع ّل هللا أن ي أتيني ب ذلك عف وا بال منازع ة
وال إراقة الدماء ،فقد ارتاب كث ير من الن اس بع د وف اة الن بي وطم ع في األم ر
بعده من ليس ل ه بأه ل ،فق ال ك ل ق وم :منّ ا أم ير ،وم ا طم ع الق ائلون في ذل ك إاّل
ليتناول األمر غيري ،فل ّما دنت وفاة الق ائم وانقض ت أيّام ه ،ص يّر األم ر من بع ده
لصاحبه ،وكانت هذه أخت أختها ،ومحلّه ا منّي مث ل محلّه ا ،وأخ ذها منّي م ا جعل
هللا لي مثل أخذها ،واجتمع إل ّي نفر من أصحاب محمد ممن مضى (رحم ه هللا)
وممن بقي أخرّه هللا م ّمن اجتمع ،فقالوا لي فيه ا مث ل ال ذي ق الوا لي في أخته ا ،فلم
يعد قولي الثاني قولي األول ،صبرا واحتس ابا ،ويقين ا وإش فاقا من أن تف نى عص بة
221
تألّفها رسول هللا باللين مرّة وبالش ّدة أخرى ،وبالبذل م ّرة وبالسيف أخرى ،حتّى
لقد كان من تألفه لهم :أن كان الناس في الس كن والق رار ،والش بع وال رّي ،واللّب اس
والوطاء وال ّدثار ،ونحن أهل بيت مح ّمد ال سقوف لبيوتنا ،وال أبواب وال سور،
إاّل الجرائد وم ا أش بهها ،وال وط اء لن ا وال دث ار علين ا ،ت داولنا الث وب الواح د في
الصالة أكثرنا ،ونطوي األيّام واللّيالي جوعا عا ّمتنا ،فرّبم ا أتان ا الش يء مم ا أف اءه
خاص ة دون غيرن ا ،ونحن على م ا وص فت من حالن ا ،في ؤثر ب ه ّ اهلل وص يّره لن ا
أرباب النعم واألموال ،تألفا منه لهم ،واستكانة من ه لهم ،فكنت أح ّ
ق رسول اهلل
ولم يحمله ا على الخطّ ة ال تي ال من لم يفرّق هذه العصبة التي ألّفها رسول اهلل
خالص لها منها ،دون بلوغها أو فناء آجالها؛ ألني ل و نص بت نفس ي ف دعوتهم إلى
نصرتي ،كانوا منّي وفي أمري على إحدى منزلتين :إ ّما متبع مقاتل أو مقتول إن لم
يتبع الجميع ،وإ ّما خاذل يكفر بخذالنه إن قصّر عن نصرتي أو أمسك عن ط اعتي،
وقد علم أنّي منه بمنزلة هارون من موسى ،يح ّل به في مخالفتي واإلمس اك عن
نصرتي ،ما أح ّل قوم موسى بأنفس هم في مخ الفتهم ه ارون وت رك طاعت ه ،ورأيت
تجرّع الغصص ،ور ّد أنفاس الصعداء ،ولزوم الصبر ،حتّى يفتح هللا أو يقض ي بم ا
أحب ،أزيد لي في حظّي من هللا ،وأرفق بالعصابة التي وصفت أم رهم ،وك ان أمر
هللا قدرا مقدورا ،ولو لم أتّق ه ذه الح ال ث ّم طلبت حقّي لكنت أولى ممن طلب ه ،لعلم
من مضى من أصحاب مح ّمد ومن بحضرتك منهم ،أنّي كنت أكثر عددا ،وأع ّز
عشيرة ،وأمنع رجاال ،وأطوع أمرا ،وأوضح ح ّج ة ،وأك ثر في ه ذا من اقب وآث ارا
بسوابقي وقرابتي ووراثتي ،فضال عن استحقاقي في ذلك بالوص يّة ال تي ال مخ رج
للعباد منها ،والبيع ة المتق ّدم ة في أعن اقهم ممن تناوله ا ،ولق د قبض وإ ّن والي ة
األ ّمة في يده وفي بيته ،ال في أيدي الذين تناولوها وال في بيوتهم ،وألهل بيته الذين
أذهب هللا عنهم ال رجس وطهّ رهم تطه يرا ،أولى ب األمر من بع ده من غ يرهم في
جمي ع الخص ال) ،ثم التفت إلى أص حابه فق ال :أليس ك ذلك؟ ق الوا :بلى ي ا أم ير
المؤمنين.
ّ
[الحديث ]746 :قال اإلمام علي( :أما الرابعة ،ف إن الق ائم بع د ص احبه ك ان
يش اورني في م وارد األم ور ،ويص درها عن أم ري ،وين اظرني في غوامض ها،
فيمضيها على رأيي ،ال أعلم أحدا ـ وال يعلم أصحابي ـ يناظره في ذلك غيري ،وال
يطمع في األمر بعده سواي ،فل ّما أتته منيّته على فجأة بال مرض كان قبله ،وال أم ر
كان أمضاه في صحة من بدنه ،لم أشك أنّي قد اس ترجعت حقّي في عافي ة بالمنزل ة
التي كنت أطلبها ،والعاقبة التي كنت ألتمسها ،وأن هللا س يأتي ب ذلك على أحس ن م ا
رجوت ،وأفضل ما أ ّملت ،وكان من فعله أن ختم أمره بأن س ّمى قوما أن ا سادس هم،
ولم يساوني بواحد منهم ،وال ذكر منّي حاال في وراث ة الرس ول ،وال قراب ة وال
222
صهر وال نسب ،وال كان لواحد منهم مثل س ابقة من س وابقي ،وال أث ر من آث اري،
وصيّرها شورى بيننا ،وصيّر ابنه فيها حاكما علينا ،وأمره أن يضرب أعناق النف ر
الستّة الذين ص يّر األم ر فيهم إن لم ينف ذوا أم ره ،وكفى بالص بر على ه ذا ص برا،
فمكث القوم أيّامهم كلّها ،ك ّل يخطبه ا لنفس ه وأن ا ممس ك ،ف إذا س ألوني عن أم ري
فناظرتهم في أيّامي وأيّامهم ،وآثاري وآثارهم ،وأوضحت لهم ما جهل وه من وج وه
اس تحقاقي له ا دونهم ،وذ ّك رتهم عه د رس ول هللا لي إليهم ،وتأكي ده م ا أك د من
البيع ة لي في أعن اقهم ،دع اهم حبّ اإلم ارة ،وبس ط األي دي واأللس ن في األم ر
والنهي ،والركون إلى ال دنيا باالقت داء بالماض ين قبلهم ،إلى تن اول م ا لم يجع ل هللا
وحذرته ما ه و ق ادم علي ه ّ لهم ،فإذا خلوت بالواحد منهم بعد الواحد ذ ّكرته أيّام هللا،
وصائر إليه ،التمس منّي شرطا بطائفة من الدنيا أصيّرها له ،فل ّم ا لم يج دوا عن دي
إاّل المحجّة البيض اء ،والحم ل على الكت اب ووص ية الرس ول ،من إعط اء ك ل
امرئ منهم ما جعل هللا له ،ومنعه م ّما لم يجعل هللا له ،ش ّد من الق وم مس تب ّد فأزاله ا
عنّي إلى ابن عفّ ان ،طمع ا في الش حيح مع ه فيه ا ،وابن عفّ ان رج ل لم يس تو ب ه
وبواحد ممن حض ر ح ال ق ط ،فض ال ع ّمن دونهم ،ال يب در الق وم ال تي هي واح دة
الق وم وس نام فخ رهم ،وال غيره ا من الم آثر ال تي أك رم هللا به ا رس وله ،ومن
اختصّه معه من أه ل بيت ه ،ث ّم لم أعلم الق وم أمس وا من ي ومهم ذل ك ،حتّى ظه رت
ندامتهم ،ونكصوا على أعقابهم ،وأحال بعض هم على بعض ،ك ّل يل وم نفس ه ويل وم
أصحابه ،ث ّم لم تطل األيّام بالمستب ّد ب األمر ابن عف ان حتّى أكف روه ،وت برّؤوا من ه،
صة ،وسائر أصحاب الن بي عا ّم ة ،يس تقليهم من بيعت ه، ومشى إلى أصحابه خا ّ
ويتوب إلى اهلل من فلتته .وكانت هذه أكبر من أختيها وأفظع ،وأحرى أن ال يص بر
عليها ،فنالني منها الذي ال يبل غ وص فه ،وال يح ّد وقته ا ولم يكن عن دي إاّل الص بر
على ما أمض وأبلغ منها ،ولقد أتاني الباقون من الستة من ي ومهم ،ك ّل راج ع ع ّم ا
كان منه ،يس ألني خل ع ابن عفّ ان والوث وب علي ه في أخ ذ حقّي ،ويعطي ني ص فقته
وبيعته على الم وت تحت راي تي ،أو ي رد هللا عل ّي حقّي ،ث ّم بع د ذل ك م رّة أخ رى،
امتحن القوم فيها بألوان المحن ،مرّة بحلق الرؤوس ،ومرّة بمواعيد الخلوات ،ومرّة
بموافاة األماكن ،ك ّل ذلك بقي القوم بوعدهم ،فو هللا ما منعني منه ا إاّل ال ذي منع ني
من أختيها قبلها ،ورأيت اإلبقاء على من بقي من الطائف ة أبهج لي ،وآنس لقل بي من
فنائها ،وعلمت أنّي إن حملته ا على دع وة الم وت ركبت ه ،وأم ا نفس ي فق د علم من
أن الموت عندي بمنزلة الش ربة حضر ممن ترى ومن غاب من أصحاب محمد ّ
الب اردة في الي وم الش ديد الح ّر من ذي العطش الص دي ،ولق د كنت عاه دت هللا
ورسوله أنا وع ّمي حمزة ،وأخي جعفر ،وابن ع ّمي عبيدة ،على أمر وفينا به هلل
ولرسوله فتقدمني أصحابي ،وتخلّفت بع دهم لم ا أراد هللا ع ّز وج ل ،ف أنزل هللا
فيناِ ﴿ :منَ ْال ُم ْؤ ِمنِينَ ِر َجا ٌل َ
ص َدقُوا َما عَاهَدُوا هَّللا َ َعلَ ْي ِه فَ ِم ْنهُ ْم َم ْن قَ َ
ض ى نَحْ بَ هُ َو ِم ْنهُ ْم
223
َم ْن يَ ْنت َِظ ُر َو َم ا بَ َّدلُوا تَ ْب ِدياًل ﴾ [األح زاب ،]23 :فمن قض ى نحب ه :حم زة وعبي دة
وجعفر ،وأنا المنتظ ر وم ا ب ّدلت تب ديال ،وم ا أس كتني عن ابن عفّ ان ،وحثّ ني عن
اإلمساك عنه ،إاّل أنّي عرفت من أخالقه فيما اختبرت منه ما لم يدعه حتّى يستدعي
األباعد إلى قتله وخلعه ،فض ال عن األق ارب ،وأن ا في عزل ة ،فص برت حتّى ك ان
ذلك ،لم أنطق فيه بحرف من( :ال) وال (نعم) ،ث ّم أتاني القوم وأنا ـ علم هللا ـ ك اره،
بأن تل كلمعرفتي ما تطاعموا به من اعتقال األموال ،والمرح في األرض ،وعلمهم ّ
ّ
ليس ت لهم عن دي ،وش ديد ولهم ع ادة منتزع ة ،فل ّم ا لم يج دوها عن دي تعلل وا
األعاليل) ،ث ّم التفت إلى أصحابه فقال :أليس كذلك؟ قالوا :بلى يا أمير المؤمنين.
[الحديث ]747 :قال اإلمام علي( :أما الخامسةّ ،
فإن المبايعين ل ّما لم يطمعوا
في ذلك منّي ،وثبوا بامرأة عل ّي ،وأن ا ول ّي أمره ا والوص ّي عليه ا ،فحملوه ا على
الجمل ،وش ّدوها على الرحال ،وأقبلوا به ا تخب ط الفي افي ،وتقط ع ال براري ،وتنبح
عليها كالب الحوأب ،وتظهر لهم عالمات الندم في ك ّل س اعة وعلى ك ّل ح ال ،في
عصبة قد بايعوني ثانية ،بعد بيعتهم األولى في حياة الن بي ،حتّى أتت أه ل بل دة
قصيرة أيديهم ،طويلة لح اهم ،قليل ة عق ولهم ،عازب ة آراؤهم ،ج يران ب دو ،وورّاد
بحر ،فأخرجتهم يخبطون بسيوفهم بغير علم ،يرمون بسهامهم بغير فهم ،فوقفت من
أمرهم على اثنتين ،كلتاهما في محلّة المكروه :إن كففت لم يرجعوا ولم يصلوا ،وإن
أقمت كنت قد صرت إلى الذي كرهت ،فق ّدمت الحجة باإلع ذار واإلن ذار ،ودع وت
المرأة إلى الرجوع إلى بيتها ،والقوم الذين حملوها على الوفاء ببيعتهم لي ،وال ترك
لنقض هم عهد اهلل ع ّز وج ّل ف ّي ،وأعطيتهم من نفس ي ك ّل ال ذي ق درت علي ه،
ون اظرت بعض هم فرج ع ،وذ ّكرت ه ف ذكر ..ث ّم أقبلت على الن اس بمث ل ذل ك ،فلم
يزدادوا إاّل جهال وتماديا وغيّا ،فل ّما أبوا إاّل هي ركبتها منهم ،فكانت عليهم ال دبرة،
وبهم الهزيمة ،ولهم الحسرة ،وفيهم الفناء والقت ل ،وحملت نفس ي على ال تي لم أج د
منها ب ّدا ،ولم يسعني إذا فعلت ذلك ،وأظهرته آخرا مثل الذي وس عني في ه أوال ،من
اإلغضاء واإلمساك ،ورأيتني إن أمسكت كنت معينا لهم بإمساكي على م ا ص اروا
إليه ،وطمعوا فيه من تناول األطراف ،وسفك الدماء ،وقتل الرعيّة ،وتحكيم النساء،
كعادة بني األصفر ومن مضى من ملوك سبأ واألمم الخالية ،فأصير إلى ما ك رهت
أوال آخرا ،وقد أهملت المرأة وجندها يفعل ون م ا وص فت بين الف ريقين من الن اس،
وألقى م ا ح ذرت ،ولم أهجم على األم ر إاّل بع د م ا ق ّدمت وأخ رّت ،وت أنّيت
وراجعت ،وراسلت وشافهت ،وأعذرت وأنذرت ،وأعطيت القوم ك ّل شيء التمسوه
منّي ،بعد أن عرضت عليهم ك ّل شيء لم يلتمسوه ،فل ّما أبوا إاّل تلك أق دمت ،فبلغ هللا
بي وبهم ما أراد ،وكان لي عليهم بما كان منّي إليهم ش هيدا) ،ثم التفت إلى أص حابه
فقال :أليس كذلك؟ قالوا :بلى يا أمير المؤمنين.
[الحديث ]748 :قال اإلمام علي( :أما السادس ة ،فتحكيم الحكمين ،ومحارب ة
224
ابن آكلة األكباد ،وهو طليق معاند هلل ولرسوله والمؤم نين من ذ بعث هللا رس وله
إلى أن فتح عليه م ّكة عنوة ،فأخذت بيعته وبيع ة أبي ه لي مع ه في ذل ك الي وم ،وفي
ثالثة مواطن بعده ،وأبوه باألمس أول من سلّم عل ّي بإمرة المؤمنين ،ويحضّني على
النهوض في أخذ حقّي من الماضين قبلي ،يجدد لي بيعته ك ّل م ا أت اني ،ث ّم يتث اءب
عل ّي بما يطعم من أموال المسلمين ،والتحكم عليهم ،ليستديم قليل ما يفنى بم ا يفوت ه
من كث ير م ا يبقى ..وأعجب العجب :أنّ ه ل ّم ا رأى ربّي تب ارك وتع الى ق د ر ّد إل ّي
حقّي ،وأق ّره في معدنه ،وانقطع طمعه أن يصبح في دين هللا رابعا ،وفي أمانته التي
حملناها حاكما ،ك ّر عل ّي العاصي ابن العاصي فاستماله فمال إلي ه ،ث ّم أقب ل ب ه بع د
أن أطمعه مصر ،وحرام عليه أن يأخذ من الفيء ف وق قس مه درهم ا ،وح رام على
الراعي إيصال درهم إليه فوق حقّه ،واإلغضاء له على ما يأخذه ،فأقبل يخبط البالد
بالظلم ،ويطأها بالغش م ،فمن بايع ه أرض اه ،ومن خالف ه ن اواه ،ث ّم تو ّج ه إل ّي ناكث ا
علينا ،مغيرا في البالد ،شرقا وغربا ،ويمينا وشماال ،واألنباء تأتيني ،واألخبار ترد
عل ّي بذلك ،فأتاني أعور ثقيف فأشار عل ّي بأن أولّيه الناحية ال تي ه و به ا ،ألداري ه
بما الذي أولّيه منها ،وفي الذي أشار به الرأي في أمر الدنيا ،لو وجدت عند اهلل في
توليته لي مخرج ا وأص بت لنفس ي فيم ا أتى من ذل ك ع ذرا ،فم ا عملت ال رأي في
ذلك ،وشاورت من أثق بنصيحته هلل ع ّز وجل ولرسوله ولي وللمؤم نين ،فك ان
رأيه في ابن آكلة األكباد ك رأيي ،ينه اني عن توليت ه ،ويح ذرني أن أدخ ل في أم ر
المسلمين يده ،ولم يكن اهلل ليعلم أنّي أتخذ من المض لّين عض دا ،ف وجّهت إلي ه أخ ا
بجيلة مرّة ،وأخا األشعريين مرّة أخرى ،فكالهما ركن إلى دنياه ،وت ابع ه واه فيم ا
أرضاه ،فل ّما رأيته لم يزد فيما انتهك من محارم هللا إاّل تماديا ،شاورت من معي من
أصحاب مح ّمد البدريين ،والذين ارتضى هللا أمرهم ،ورضي عنهم عند بيعتهم،
وغ يرهم من ص لحاء المس لمين والت ابعين ،فك ّل يواف ق رأي ه رأيي ،في غزوت ه
ومحاربته ومنعه مما نالت يده ،فنهضت إليه بأص حابي ،أنف ذ إلي ه من ك ّل موض ع
كتبي ،وأوجّه إليه رس لي ،وأدع وه إلى الرج وع ع ّم ا ه و في ه ،وال دخول فيم ا في ه
الن اس معي ،فكتب يتح ّكم عل ّي ،ويتمنّى عل ّي األم اني ،ويش ترط عل ّي ش روطا ال
يرضاها هللا ع ّز وجل وال رسوله وال المس لمون ،ويش ترط عل ّي في بعض ها أن
أدفع إليه أقواما من أصحاب مح ّمد أخيارا وأبرارا ،منهم ع ّم ار بن ياس ر ،وأين
مثل ع ّمار؟ فو هللا لقد أتينا مع الن بي وال يع ّد منّ ا خمس ة إاّل ك ان سادس هم ،وال
أربع ة إاّل ك ان ع ّم ار خامس هم ،اش ترط دفعهم إلي ه ليقتلهم ويص لبهم ،وانتح ل دم
عثمان ولعمر اهلل ما ألّب على عثمان وال أجمع الن اس على قتل ه ،إاّل ه و وأش باهه
من أهل بيته ،أصحاب الشجرة الملعونة في القرآن .فل ّما لم أجبه إلى م ا اش ترط من
ذلك ،ك ّر مستعليا في نفسه بطغيانه وبغي ه ،بحم ير ال عق ول لهم وال بص ائر ،فم وّه
225
لهم أم را ف اتّبعوه ،وأعط اهم من ال دنيا م ا أم الهم ب ه إلي ه ،فناجزن اهم إلى هللا بع د
اإلعذار واإلنذار ،فل ّما لم يزده ذلك إاّل تماديا وبغيا ،لقيناه بعادة هللا التي عوّدن اه من
النصر على أعدائه وعدوّنا ،وراية رسول هللا بأيدينا ،لم يزل هللا تبارك وتع الى
يف ّل حزب الشيطان بها ،حتى أفضى الموت إليه ،فح ّل منه مح ّل الس حا ،وه و معلم
رايات أبيه ،ال تي لم أزل أقاتله ا م ع رس ول هللا في ك ل الم واطن ،فلم يج د من
الموت منجى إاّل الهرب ،فركب فرسه ،وقلب رايته ،ال يدري كيف يحتال ،فاستعان
برأي ابن العاص ،فأشار إليه بإظه ار المص احف ،ورفعه ا على األعالم ،وال دعاء
إلى ما فيها ،فقال له :إن ابن أبي طالب وحزبه أه ل بص يرة ورحم ة ومع نى ،وق د
دعوك إلى كتاب هللا أوال ،وهم مجيبوك إليه آخ را ،فأطاع ه فيم ا أش ار ب ه إلي ه ،إذ
رأى أنّه ال منجى من القتل غيره ،فرفع المصاحف يدعو إلى ما فيها بزعمه ،فمالت
إلى المصاحف قلوب من بقي من أصحابي ،بعد فناء خيارهم وج ّدهم في قتال أعداء
أن ابن آكل ة األكب اد ل ه الوف اء بم ا دع ا إلي ه،هللا وأعدائهم على بصائرهم ،وظنّ وا ّ
والتم ام على م ا يف ارقهم علي ه ،فأص غوا إلى دعوت ه ،وأقبل وا عل ّي ب أجمعهم في
أن ذلك منه مكر ،ومن ابن العاص معه ،وأنهم ا إلى المك ر أق رب إجابته ،فأعلمتهم ّ
منهما إلى الوفاء ،فلم يقبلوا قولي ،ولم يطيعوا أم ري ،وأب وا إاّل إجابت ه ،ك رهت أم
هويت ،شئت أم أبيت ،حتّى أخ ذ بعض هم يق ول لبعض( :إن لم يفع ل ف ألحقوه ب ابن
عفّان ،أو ادفعوه إلى ابن هند بر ّمته) ،فجهدت ـ علم اهلل جهدي ـ ولم أدع غاي ة في
نفس ي إاّل بلغته ا ،في أن يخلّ وني ورأيي ،فلم يفعل وا ،وراودتهم على الص بر على
مقدار فواق الناقة ،أو ركضة الفرس فلم يفعلوا ،ما خال هذا الشيخ ـ وأوم أ بي ده إلى
األشتر ـ وعص بة من أه ل بي تي .فو هللا م ا منع ني أن أمض ي على بص يرتي ،إاّل
مخافة أن يقتل هذان ـ وأومأ بيده إلى الحسن والحسين ـ فينقطع نسل رس ول هللا
وذريّته من أ ّمته ،ومخافة أن يقتل هذان ـ وأومأ بيده إلى عبد هللا بن جعف ر ،ومحم د
ابن الحنفية ـ فإنّي أعلم لو ال مكاني لم يقفا ذلك الموقف ،فلذلك صبرت على ما أراد
الق وم ،م ع م ا س بق في ه من علم هللا ،فل ّم ا أن رفعن ا عن الق وم س يوفنا تح ّكم وا في
األمور ،وتخيّ روا األحك ام واآلراء ،وترك وا المص احف ،وم ا دع وا إلي ه من حكم
كالقرآن ،فأبيت أن أح ّكم في دين هللا أحدا ،إذ كان التحكيم في ذلك الخطأ الذي ال ش ّ
فيه وال امتراء .فلما أبوا إاّل ذلك أردت أن أح ّكم رجال من أهل بيتي ،أو من أرضى
رأيه وعقله ،وأثق بنصيحته ومو ّدته ودينه ،وأقبلت ال أس ّمي أحدا إال امتنع ابن هن د
ق إاّل أدبر عنه ،وأقبل ابن هند يسومنا عسفا ،وم ا منه ،وال أدعوه إلى شيء من الح ّ
ذلك إاّل باتّباع أصحابي له على ذلك ،فل ّما أبوا قالوا :بلى يا أمير المؤمنين.
[الحديث ]749 :قال اإلمام علي( :أما السابعة ،فإن رسول هللا ك ان عه د
إل ّي :أن أقاتل في آخر أيّامي قوما من أصحابي ،يصومون النهار ،ويقوم ون اللّي ل،
ويتلون كتاب هللا ،يمرقون من الدين بخالفهم لي ،ومحاربتهم إيّاي مروق السهم من
226
الرمية ،فيهم ذو الثدية ،يختم لي بقتلهم بالسعادة ،فل ّما انصرفت إلى موض عي ه ذا ـ
يعني بعد الحكمين ـ أقب ل بعض الق وم على بعض بالالئم ة فيم ا ص اروا إلي ه ،من
تحكيم الحكمين ،ولم يج دوا ألنفس هم من ذل ك مخرج ا إاّل أن ق الوا( :ك ان ينبغي
ألميرنا أن اّل يبايع من أخطأ منّا ،وأن يمضي بحقيقة رأيه على قتل نفسه ،وقتل من
خالفه منّا ،فقد كفر بمتابعته إيّانا ،وطاعته في الخطأ لنا ،وأح ّل لنا بذلك قتله ،وسفك
دمه) .فتج ّمع وا على ذل ك من ح الهم ،وخرج وا راك بين رؤوس هم ،ين ادون ب أعلى
أص واتهم :ال حكم إاّل هلل .ثم تفرّق وا فرق ا فرق ا ،فرق ة بالنخيل ة ،وفرق ة بح روراء،
وأخرى راكبة رأسها تخبط األرض شرقا ،ح تى ع برت دجل ة ،فلم تم ّر بمس لم إاّل
امتحنته ،فمن بايعها استحيت ،ومن خالفها قتلت ،فخرجت إلى األول يين واح دة بع د
أخرى ،أدع وهم إلى طاعة اهلل ومتابع ة الح ّ
ق والرج وع إلي ه ،فأبي ا إاّل الس يف ال
ه ذه يقنعهما غيره ،فل ّما أعيت الحيلة فيهما حاكمتهم ا إلى اهلل ع ّز وج ل ،فقتل اهلل
وهذه ،وكانوا لو ال ما فعلوا ركنا لي قويا وسدا منيعا ،فأبى اهلل إاّل ما صاروا إلي ه،
ث ّم كتبت إلى الفرقة الثالثة ووجّهت رسلي تترى ،وكانوا من أجلّ ة أص حابي ،وأه ل
التعبّ د منهم ،والزه د في ال دنيا ،ف أبت إاّل إتب اع أختيه ا ،واالحت ذاء على مثالهم ا،
وأسرعت في قتل من خالفها من المسلمين ،وتتابعت إل ّي األخب ار بفعله ا ،فخ رجت
حتّى قطعت إليهم دجلة ،وأو ّج ه الس فراء النص حاء ،وأطلب العت بى بجه دي ،به ذا
م رّة وبه ذا م رّة ـ وأوم أ بي ده إلى األش تر ،واألحن ف بن قيس ،أو س عيد بن قيس
الكندي ـ فلما أبوا إاّل تلك ،ركبتها منهم ،فقتلهم اهلل عن آخرهم ،وهم أربعة آالف أو
يزيدون ،حتّى لم يفلتني منهم مخ بر ،فاس تخرجت ذا الثديّ ة من قتالهم بحض رة من
يرى) ،ثم التفت إلى أصحابه فقال :أليس كذلك؟ قالوا :بلى يا أمير المؤمنين.
[الحديث ]750 :قال اإلمام علي( :ق د وفيت ك س بعا وس بعا وبقيت األخ رى،
وأوشك بها وكان قد ق ربت) ،فبكى أص حاب علي ،وبكى رأس اليه ود ،وق الوا :ي ا
أمير المؤمنين ،أخبرنا باألخرى .فقال( :األخرى أن تخضب هذه ـ وأوم أ بي ده إلى
لحيته ـ من هذه ـ وأومأ إلى هامت ه) ،ف ارتفعت أص وات الن اس في المس جد الج امع
بضجّة البكاء ،وأسلم رأس اليه ود على ي دي أم ير المؤم نين من س اعته ،ولم ي زل
مقيما حتى قتل أمير المؤمنين.
الحديث الثاني:
وه و ح ديث طويل( )1يفص ل في ه اإلم ام علي مناقب ه ال تي ت دل على أهليت ه
لإلمامة ،وقد ذكرنا الكثير من تفاصيل أدلتها عند ذكرنا للمصادر الس نية ،م ع العلم
أننا حذفنا بعض ما ُذكر العتقادنا أنه روي بالمعنى.
)(1نهج البالغة :الخطبة رقم( ،)108وغرر الحكم ودرر الكلم :ص 109ق 1ب 4ف 2ح .1945
)(2نهج البالغة ،خطبه .87
)(3نهج البالغة :الخطبة رقم( ،)73وأنساب األشراف للبالذري :ص .363
)(4نهج البالغة ،خطبه .75
)(5نهج البالغة ،خطبه .98
262
فيها مبسوطة وأيدي القادة عنكم مكفوف ة ،وس يوفكم عليهم مس لطة ،وس يوفهم عنكم
مقبوضة؛ أال وإن لكل دم ثائرا ،ولكل حق طالبا .وإن الث ائر في دمائن ا كالح اكم في
حق نفسه ،وهو هللا الذي ال يعج زه من طلب ،وال يفوت ه من ه رب .فأقس م باهلل ،ي ا
ب ني أمي ة ،عم ا قلي ل لتعرفنه ا في أي دي غ يركم وفي دار ع دوكم أال إن أبص ر
األبصار ما نفذ في الخير طرفه أال إن أسمع األسماع ما وعى التذكير) ()1
[الحديث ]804 :قال اإلمام علي في خطبة له يذكر فتنة بني أمية( :فعند ذل ك
ال يبقى بيت مدر وال وبر إال وأدخله الظلم ة ترح ة ،وأولج وا في ه نقم ة .فيومئ ذ ال
يبقى لهم في الس ماء ع اذر ،وال في األرض ناص ر .أص فيتم ب األمر غ ير أهل ه،
وأوردتموه غير مورده ،وسينتقم هللا ممن ظلم ،مأكال بمأك ل ومش ربا بمش رب ،من
مطاعم العلقم ،ومشارب الصبر والمقر ،ولباس شعار الخوف ،ودثار السيف .وإنما
هم مطايا الخطيئات وزوامل اآلث ام .فأقس م ،ثم أقس م لتنخمنه ا أمي ة من بع دي كم ا
تلفظ النخامة ،ثم ال تذوقها وال تطعم بطعمها أبدا ما كر الجديدان) ()2
[الحديث ]805 :قال اإلمام علي عن بني أمية( :افترقوا بع د ألفتهم ،وتش تتوا
عن أصلهم .فمنهم آخذ بغصن أينما مال مال معه .على أن هللا تعالى سيجمعهم لش ر
يوم لبني أمية ،كما تجتمع قزع الخري ف يؤل ف هللا بينهم ،ثم يجمعهم ركام ا كرك ام
السحاب ثم يفتح لهم أبوابا .يسيلون من مستثارهم كسيل الجنتين ،حيث لم تسلم عليه
قارة ،ولم تثبت عليه أكمة ،ولم يرد س ننه رص ط ود ،وال ح داب أرض .يذع ذعهم
هللا في بطون أوديته ،ثم يسلكهم ينابيع في األرض ،يأخ ذ بهم من ق وم حق وق ق وم،
ويمكن لقوم في ديار قوم .وأيم هللا ،ليذوبن م ا في أي ديهم بع د العل و والتمكين ،كم ا
تذوب األلية على النار) ()3
[الحديث ]806 :قال اإلم ام علي في كت اب كتب ه إلى أه ل مص ر م ع مال ك
االشتر لما واله إمارتها( :أما بعد ،فإن هللا سبحانه بعث محم دا ن ذيرا للع المين،
ومهيمنا على المرسلين ،فلما مضى تنازع المسلمون االمر من بعده ،فوهللا م ا ك ان
يلقى في روعي ،وال يخطر بب الي ،أن الع رب ت زعج ه ذا االم ر من بع ده عن
أهل بيته ،وال أنهم منح وه ع ني من بع ده؛ فم ا راع ني إال انثي ال الن اس على فالن
يبايعونه ،فأمسكت يديحتى رأيت راجعة الناس قد رجعت عن االسالم ،ي دعون إلى
محق دين محمد فخشيت إن لم أنصر االس الم أهل ه أن أرى في ه ثلم ا أو ه دما،
تكون المصيبة به علي أعظم من فوت واليتكم التي إنما هي متاع أيام قالئل ،يزول
منها ما كان ،كما يزول السراب ،أو كما يتقشع السحاب ،فنهضت في تلك االح داث
حتى زاح الباطل وزهق ،واطم أن ال دين وتنهن ه ..وإني وهللا ل و لقيتهم واح دا وهم
طالع االرض كله ا م ا ب اليت وال استوحش ت ،وإني من ض اللهم ال ذي هم في ه
واله دى ال ذي أن ا علي ه لعلى بص يرة من نفس ي ويقين من ربي ،وإني إلى لق اء هللا
)(1نهج البالغة ،خطبه .105
)(2نهج البالغة ،خطبه .158
)(3نهج البالغة ،خطبه .166
263
لمشتاق ،ولحسن ثوابه لمنتظر راج ،ولكنني آسى أن يلي أمر ]هذه االم ة س فهاؤها
وفجارها ،فيتخذوا مال هللا دوال ،وعباده خوال ،والصالحين حربا ،والفاسقين حزب ا،
فإن منهم الذي قد شرب فيكم الحرام ،وجلد ح دا في االس الم ،وإن منهم من لم يس لم
حتى رضخت له على االسالم الرض ائخ ،فل وال ذل ك م ا أك ثرت ت أليبكم وت أنيبكم،
وجمعكم وتحريضكم ،ولتركتكم إذ أبيتم وونيتم ،أال ترون إلى أطرافكم قد انتقصت،
وإلى أمص اركم ق د افتتحت ،وإلى مم الككم ت زوى ،وإلى بالدكم تغ زى ..انف روا ـ
رحمكم هللا ـ إلى قت ال ع دوكم ،وال تث اقلوا إلى االرض فتق روا بالخس ف ،وتب وؤوا
بال ذل ،ويك ون نص يبكم االخس ،وإن أخ ا الح رب االرق ،ومن ن ام لم ينم عن ه،
والسالم) ()1
[الحديث ]807 :قال اإلمام علي في ذكر الكوفة والفتن التي تنزل به ا بع ده:
(كأنّي بك يا كوفة تم ّدين م ّد األديم العكاظ ّي ،تعركين بالنّوازل ،وتركبين بال ّزالزل،
وإنّي ألعلم أنّه ما أراد بك جبّار سوء إاّل ابتاله هللا بشاغل ،ورماه بقاتل) ()2
[الحديث ]808 :قال اإلمام علي في ذكر الحج اج بن يوس ف وتس ليطه على
الذين تكاسلوا نصرته( :لو تعلمون ما أعلم م ّما ط وي عنكم غيب ه ،إذا لخ رجتم إلى
صعدات تبكون على أعمالكم ،وتلتدمون على أنفسكم ،ولتركتم أم والكم ال ح ارس ال ّ
له ا وال خ الف عليه ا ،وله ّمت ك ّل ام رئ منكم نفس ه ال يلتفت إلى غيره ا ،ولكنّكم
حذرتم ،فتاه عنكم رأيكم ،وتشتّت عليكم أمركم ،ول وددت نسيتم ما ذ ّكرتم ،وأمنتم ما ّ
ق بي منكم :ق وم وهللا مي امين ال رّأي، أن هللا فرّق بيني وبينكم ،وألحقني بمن هو أح ّ ّ
ق ،متاريك للبغي ،مضوا ق دما على الطّريق ة ،وأوجف وا مراجيح الحلم ،مقاويل بالح ّ
طن عليكم على المح ّجة ،فظفروا بالعقبى ال ّدائم ة ،والكرام ة الب اردة ،أم ا وهللا ليس لّ ّ
الذيّال الميّال ،يأكل خضرتكم ،ويذيب شحمتكم ،إيه أبا وذحة()4())3 غالم ثقيف ّ
[الحــديث ]809 :ق ال اإلم ام علي في ذك ر البص رة والفتن ال تي ت نزل به ا
بعده( :يا أحنف ،كأنّي به وقد سار ب الجيش الّ ذي ال يك ون ل ه غب ار وال لجب ،وال
قعقعة لجم ،وال حمحمة خيل ،يثيرون األرض بأقدامهم كأنّه ا أق دام النّع ام( ،)5وي ل
لسكككم العامرة ،وال ّدور المزخرف ة الّ تي له ا أجنح ة كأجنح ة النّس ور ،وخ راطيم
كخراطيم الفيلة ،من أولئك الّذين ال يندب ق تيلهم ،وال يفق د غ ائبهم ،أن ا ك ابّ ال ّدنيا
كأن وج وههم المج ّ
ان لوجهها ،وقادرها بقدرها ،وناظرها بعينها ،كأنّي أراهم قوما ّ
المطرّقة ،يلبسون السّرق وال ّديباج ،ويعتقبون الخيل العتاق ،ويكون هناك اس تحرار
)(1نهج البالغ ة :الخطب ة رقم( ،)128وغ رر الحكم ودرر الكلم :ص 118ق 1ب 5ف 2فض ائله ح 2060
وشرح نهج البالغة البن أبي الحديد :ج 8ص 125الخطبة رقم()128
)(2نهج البالغة :الخطبة رقم( ،)156وشرح نهج البالغة البن أبي الحديد :ج 9ص 189الخطب ة رقم(،)156
وكنز العمال :ج 16ص 197 -183ح .44216
)(3مناقب آل أبى طالب ج 4ص .8
265
إلى اإلمامة ،والذي يتحقق بكماله في العصر الذي يظهر فيه اإلمام المهدي.
وهي تتوافق مع م ا ورد في الق رآن الك ريم من أن اإلمام ة هي ال تي تعص م
األمة من الفتن ومظاهرها ،وأنه في حال عدم االع تراف به ا وتفعيله ا يس هل على
المندسين أن يحرفوا الدين بحسب ما تقتضيه أهواؤهم وأمزجتهم ،مثلم ا حص ل في
األديان السابقة.
ومن تلك األحاديث:
[الحديث ]812 :عن أنس بن مالك قال( :كان رس ول هللا يق ول :تف رقت
أمة موسى على إح دى وس بعين ملة س بعون منها في الن ار ،وواح دة في الجنة،
وتف رقت أمة عيسى على اثن تين وس بعين فرقة إح دى وس بعون فرقة في الن ار،
وواحدة في الجنة ،وتعلوا أمتي على الفريقين جميع ا بمل ة واح دة في الجن ة وثنت ان
وس بعون في الن ار ،ق الوا :من هم يارس ول هللا؟ ق ال :الجماع ات الجماع ات ..ق ال
يعقوب بن زيد :كان علي بن أبي ط الب إذا ح دث ه ذا الح ديث عن رس ول هللا
يل َو َما أُ ْن ِز َل إِلَ ْي ِه ْم ِم ْن َربِّ ِه ْم أَل َ َكلُ وا ِم ْن
تال فيه قرآنا ﴿ َولَوْ أَنَّهُ ْم أَقَا ُموا التَّوْ َراةَ َواإْل ِ ْن ِج َ
َص َدةٌ َو َكثِي ٌر ِم ْنهُ ْم َس ا َء َم ا يَ ْع َملُ ونَ ﴾ [المائ دة: ت أَرْ ُجلِ ِه ْم ِم ْنهُ ْم أُ َّمةٌ ُم ْقت ِ
فَوْ قِ ِه ْم َو ِم ْن تَحْ ِ
ق َوبِ ِه يَ ْع ِدلُونَ ﴾ [األع راف: ُ
﴿و ِم َّم ْن َخلَ ْقنَ ا أ َّمةٌ يَ ْه ُدونَ بِ ْال َح ِّ ،]66 ،65وتال أيضا َ
]181يعنى أمة محمد )1()
( :س يأتي على أم تي ما أتى على ب ني [الحــديث ]813 :ق ال رس ول هللا
إسرائيل مثل بمثل وإنهم تفرقوا على اثنتين وسبعين ملة ،وستفرق أم تي على ثالث
وسبعين ملة ،تزيد عليهم واحدة كلها في النار غير واحدة ،قال :قي ل :ي ا رس ول هللا
وما تلك الواحدة؟ قال( :هو ما نحن عليه الي وم أن ا وأه ل بي تي) ،وفي رواي ة( :أن ا
وأصحابى)()2
والمراد بأصحابه ـ كما فسر ذلك في أح اديث أخ رى ـ ال ذين لم يغ يروا ولم
يب دلوا ،وظل وا مح افظين على وص ية رس ول هللا بأه ل بيت ه ،وب ذلك تتواف ق
الروايتان.
[الحــديث ]814 :ق ال رس ول هللا ( :تف ترق أم تي ثالث ف رق فرقة على
الحق لاينقص الباطل من ه ش يئا يحبون ني ويحب ون أه ل بي تي ،مثلهم كمث ل ال ذهب
الجيد كلما أدخلته النار فأوقدت عليه لم يزده إال جودة ،وفرقة على الباطل ال ينقص
الحق منه شيئا يبغضونني ويبغضون أهل بيتي مثلهم مثل الحديد كلم ا أدخلت ه الن ار
فأوق دت علي ه لم ي زده إال ش را ،وفرق ة مدهده ة على مل ة الس امري اليقول ون
المساس ،لكنهم يقولون القتال) ()3
[الحديث ]815 :قال رسول هللا ( :كل ما كان في األمم السالفة فانه يك ون
[الحديث ]858 :قي ل لإلم ام الرض ا :أنت ص احب ه ذا األم ر؟ ،فق ال( :أن ا
لست بالذي أمألها عدالً كم ا ُملئت ج وراً ،وكي ف أك ون ُ صاحب هذا األمر ،ولكني
وإن الق ائم ه و ال ذي إذا خ رج ك ان في س ن ذاك على ما ترى من ض عف ب دني؟ّ ،
الشيوخ ،ومنظر الشباب ،قويا ً في بدنه ،حتى لو م ّد يده إلى أعظم ش جرة على وج ه
األرض لقلعها ،ولو صاح بين الجبال لتدكدكت صخورها ،يكون معه عصا موسى،
وخاتم س ليمان ،ذاك الراب ع من ول دي ،يغيّب ه هللا في س تره م ا ش اء هللا ،ثم يُظه ره
فيمأل به األرض قسطا ً وعدالً كما ُملئت جوراً وظلماً)()4
)(1بحار األنوار.57/215:
)(2بحار األنوار.57/217:
)(3بحار األنوار.57/213:
)(4بحار األنوار ،52/322 :وإكمال الدين.
277
الفصل الخامس
األحاديث المردودة حول اإلمامة واالمتداد الرسالي
بما أن الوصايا النبوية المتعلقة باإلمام ة وم ا يق ف في وجهه ا من الفتن ،من
أكبر العقب ات ال تي تح ول بين الفئ ة الباغي ة ومش روعها الش يطاني المض اد لل دين
الحق؛ فقد استعملت كل إمكانياتها في تحري ف تل ك الوص ايا وتش ويهها ع بر ض خ
الكثير من الروايات المضادة لمعانيها ،أو المشوهة لها.
وهو نفس المنهج الذي قام به المشركون حين كانوا يستعملون الباطل واللغ و
ال الَّ ِذينَ َكفَ رُوا اَل ت َْس َمعُوا لِهَ َذا ﴿وقَ َ للصرف عن القرآن الك ريم ،كم ا ق ال تع الىَ :
ْالقُرْ آ ِن َو ْال َغوْ ا فِي ِه لَ َعلَّ ُك ْم تَ ْغلِبُونَ ﴾ [فصلت]26 :
وقد وصف هللا تعالى ما كانوا يمارسونه لصرف الن اس عن الق رآن الك ريم،
يل هَّللا ِ بِ َغ ْي ِر ِع ْل ٍم َويَتَّ ِخ َذهَا
ض َّل ع َْن َسبِ ِث لِيُ ِ اس َم ْن يَ ْشت َِري لَ ْه َو ْال َح ِدي ِ فقالَ ﴿ :و ِمنَ النَّ ِ
ين (َ )6وإِ َذا تُ ْتلَى َعلَ ْي ِه آيَاتُنَا َولَّى ُم ْستَ ْكبِرًا َكأ َ ْن لَ ْم يَ ْس َم ْعهَا هُ ُز ًوا أُولَئِكَ لَهُ ْم َع َذابٌ ُم ِه ٌ
ب أَلِ ٍيم﴾ [لقمان]7 ،6 : َكأ َ َّن فِي أُ ُذنَ ْي ِه َو ْقرًا فَبَ ِّشرْ هُ بِ َع َذا ٍ
والمراد باللهو كل األحاديث الفارغة الممل وءة بم ا تنبه ر ب ه األس ماع ،مم ا
يغذي الخيال ،لكنه ال يفيد في الواقع أي فائدة.
ولهذا؛ فإن الفئة الباغية ـ بشقيها السياسي والديني ـ استعملت إلنج اح الث ورة
المضادة التي ق امت به ا في مواجه ة اإلمام ة واالمت داد الرس الي ،ثالث ة أن واع من
الروايات:
األولى :تلك الروايات المشوهة والمسيئة ألئمة اله دى ،وتص ويرهم بص ورة
مخالفة تماما لم ا ورد في الرواي ات الص حيحة الكث يرة عنهم ،وهي رواي ات تخ دم
المشروع الذي قام به بنو أمية للقضاء على ك ل أث ر لل والء لخص ومهم من آل بيت
النبوة.
(إن مخالفين ا وق د أش ار إلى ه ذا الن وع من الرواي ات اإلم ام الرض ا بقول هّ :
وض عوا أخب اراً في فض ائلنا وجعلوه ا على أقس ام ثالث ة :أح دها :الغل و ،وثانيه ا:
التقصير في أمرنا ،وثالثها :التصريح بمثالب أع دائنا ،ف إذا س مع الن اس الغل و فين ا
كفّروا شيعتنا ونسبوهم إلى القول بربوبيتنا ،وإذا سمعوا التقصير اعتقدوه فين ا ،وإذا
سمعوا مثالب أعدائنا بأسمائهم ثلبونا بأسمائنا)()1
الثانية :تل ك الرواي ات ال تي وض عت لمن اقب الكث ير من الص حابة ،وال تي
تخالف في معانيها القرآن الك ريم ،أو تض اد تل ك الوص ايا المرتبط ة بأئم ة اله دى،
والغرض من ذلك تمييع ما ورد عنهم ،وكأن رسول هللا كان يثني كل حين على
)(1من الكتب المؤلفة عنه ما كتبه الحافظ أبوبكر بن أبي الدنيا (ت )281 :في حلم معاوية (الموجود منتقى من ه
مجرد األسانيد ،مخطوط في الظاهرية ،ويستخرج أغلبه من تاريخ ابن عساكر)،
وصنف في مناقبه أبوبكر ابن أبي عاصم (ت ،)287 :وأب وعمر غالم ثعلب (ت ،)345 :وأب وبكر النق اش (ت:
)351ذكر كتابهما ابن حجر في فتح الباري .7/104
وجمع أبوالفتح بن أبي الفوارس (ت )412 :في فضائل معاوية (منهاج السنة ،)4/84وصنف أبوالقاسم السقطي
(ت )406 :جزءا في فضائل معاوية (مخط وط في الظاهري ة) ،وك ذا علي بن الحس ن الص يقلي القزوي ني (الت دوين
،)3/352وللحس ين بن علي األه وازي (ت )446 :كت اب ش رح عق د أه ل اإليم ان في معاوي ة بن أبي س فيان (في
الظاهرية الجزء السابع عشر منه)
وألحم د رض ا ال بريلوي (ت )1340 :كت اب األح اديث الراوي ة لمن اقب الص حابي معاوي ة (كم ا في معجم
الموضوعات المطروقة ص)595
وقد طبعت مؤخرا رسائل :ابن أبي الدنيا ،والسقطي ،واألهوازي مع ا ،بتحقي ق هزايم ة وياس ين ،نش ر مؤسس ة
حمادة ،إربد ،األردن ،كما طبع رسالة ابن أبي الدنيا لوحدها :إبراهيم صالح في دار البشائر بدمشق.
أما من ذب عن معاوية ودافع عن ه :فمنهم أب ويعلى محم د بن الحس ين الف راء في كتاب ه :تنـزيه خ ال المؤم نين
معاوية بن أبي سفيان من الظلم والفسق في مطالبته بدم أمير المؤمنين عثمان (حققه عب د الحمي د بن علي الفقيهي ،ثم
حققه أبوعبد هللا األثري وطبعه بدار النبالء بعمان)
والبن تيمية جواب سؤال عن معاوية بن أبي سفيان (حققه صالح الدين المنجد ،وطبع ب دار الكت اب الع ربي في
بيروت ،وطبع ناقصا ضمن مجموع الفتاوى 4/453وانظر 79-35/58منه)
وألحد علماء اليمن سنة :1137نصيحة اإلخ وان في ت رك الس ب لمعاوي ة بن أبي س فيان (كم ا في ذي ل كش ف
الظنون )4/652
وألحمد بن حجر الهيتمي :تطهير الجنان واللسان عن الخوض والتف وه بثلب معاوي ة بن أبي س فيان (طب ع آخ ر
الصواعق المحرقة له ،وطبع في مكتبة الصحابة بطنطا وغيرها مفردا ،واختصره الشيخ سليمان الخراشي ،وقدم ل ه
مقدمة مفيدة)
وللشيخ حسن بن علوي بن شهاب الدين العلوي الحضرمي (ت :)1332الرقية الشافية من نفثات سموم النصائح
الكافية (طبع في سنغافورة عام 1328ويعاد طبعه إن شاء هللا)
ولعصريه القاسمي كتاب نقد النصائح الكافية (طبع) ،ولعبد العزيز بن حامد الفرهاوري :الناهي ة عن الطعن في
أمير المؤمنين معاوية (طبع)
وقد جمع الشيخ محمد مال هللا كالم ابن تيمية عن معاوية في منهاج السنة (طب ع) ،وللش يخ زي د الفي اض رس الة
في الدفاع عن معاوية (لم تطبع ،كما في ذيل األعالم للعالونة )2/68
وللشيخ عبد المحسن العباد رسالة :أقوال المنصفين في الصحابي الخليفة معاوي ة (طب ع بالجامع ة اإلس المية في
طيبة)
وللمؤرخ محمود شاكر ترجمة مفردة لمعاوية ضمن سلسلة خلفاء اإلسالم (طبع في المكتب اإلسالمي ببيروت)
ولألستاذ منير الغضبان كتاب معاوية بن أبي سفيان صحابي كبير وملك مجاهد (طبع بدار القلم في دمشق)
300
)1()
يخزيه ألنه ممن آمن برسول هللا
وقال ابن بطة في (اإلبانة الصغرى)( :تترحم على أبي عبد ال رحمن معاوي ة
بن أبي سفيان أخي أم حبيبة زوج النبي خ ال المؤم نين أجمعين وك اتب ال وحي
وتذكر فضائله)()2
ولهذا ـ أيضا ـ ن راهم يج يزون نق د عم ار والطعن في ه وتأوي ل م ا ورد في
فضله من نصوص ،بينما يعتبرون الكالم في معاوية طامة كبرى ،وزندقة عظمى،
وبدعة ليس لصاحبها قرار سوى في النار ،فقد رووا عن عبد هللا بن المب ارك قوله:
(معاوية عندنا محنة ،فمن رأيناه ينظر إلى معاوية َش ْزراً؛ اتهمناه على القوم ،أع ني
على أصحاب محمد )3()
ورووا عن الربيع بن نافع قوله( :معاوية بن أبي سفيان ستر أصحاب رسول
هللا فإذا كشف الرجل الستر اجترئ على ما وراءه)()4
ورووا كذبا وزورا عن النس ائي أن ه ُس ئِ َل عن معاوية ،فق ال( :إنم ا اإلس الم
كدار لها باب ،فباب اإلس الم الص حابة فمن آذى الص حابة إنم ا أراد اإلس الم ،كمن
نقر الباب إنما يريد دخول الدار ،قال :فمن أراد معاوية؛ فإنما أراد الصحابة)()5
وهذا تزوير وك ذب على اإلم ام النس ائي ،ألن الم ؤرخين ي ذكرون تعرض ه
لمحنة سببها كتابه في في فضل اإلمام علي بن أبي طالب الذي جمع في ه األح اديث
الواردة في فضل االم ام علي وأه ل بيت ه ،فق د ذك روا أن ه بع د أن ت رك مص ر في
أواخر عمره قصد دمشق ونزلها ،فوجد الكثير من أهلها منحرفين عن االم ام علي،
فأخذ على نفسه وضع كتاب يضم مناقبه وفضائله رجاء أن يهتدي به من يطالعه أو
يلقى إليه سمعه ،فأتى به والقاه على مسامعهم بص ورة دروس متواص لة ..وبع د ان
فرغ منه س ئل عن معاوي ة وم ا روي من فض ائله ،فق ال( :أم ا يرض ى معاوي ة أن
يخرج رأسا برأس حتى يفضل؟) ،وفي رواية( :ما أعرف له فضيلة إال ال أش بع هللا
بطنك) ،فهجموا عليه وداسوه حتى أخرجوه من المسجد ،فقال :احمل وني إلى مك ة،
فحمل إليها ،فتوفى بها(.)6
بناء على ه ذا س نذكر هن ا بعض النم اذج عن تل ك األح اديث ال تي وض عت
لتحسين ص ورة معاوي ة ،وال تي ي دافع عنه ا ويح اول تص حيحها ك ل أولئ ك ال ذين
يستعملون كل الوسائل للتهوين من شأن اإلمام علي ،وتضعيف ك ل ح ديث ص حيح
ورد فيه ،أو تأويله ،أو تمييعه.
[النموذج ]1 :ـ وهي األحاديث التي وضعت إلعط اء ش رعية لحكم ه ،وهي
)(1الشريعة [ .496 / 3
)(2اإلبانة الصغرى [ ص.] 299 :
)(3تاريخ دمشق.59/209
)(4تاريخ بغداد .1/209
)(5تهذيب الكمال .،340-1/339
)(6انظر :تذكرة الحفاظ للذهبي ص،699ووفيات األعيان البن خلكان ج 1ص 77والمقفى الكبير للمقري زي ج
1ص ،402والبداية والنهاية البن كثير ج 11ص 124وغيرها كثير.
301
متناقضة مع كل تلك األحاديث التي تحذر من الملك العضوض ،ومن عالقة معاوية
به ،والتي سبق ذكرها.
ومن تلك األحاديث ال تي ي دافعون عنه ا م ا رواه معاوي ة ق ال :كنت أوض ئ
رس ول هللا ذات ي وم؛ أف رغ علي ه من إن اء في ي دي ،فنظ ر إلي نظ رة ش ديدة،
ففزعت ،فسقط اإلناء من يدي ،فقال( :يا معاوية؛ إن وليت شيئا من أمر أم تي ف اتق
هللا واعدل ،فما زلت أطمع فيها منذ ذلك اليوم ،وأسأل هللا أن يرزقني العدل فيكم)()
والمحدثون الذين رووا هذا الحديث ،ويس تدلون ب ه ،يجته دون في تص حيحه
يذكرون وثاقة الرواة الذين رووه ،ويغفل ون عن معاوي ة ،م ع أنهم ل و طبق وا علي ه
أحاديث رسول هللا العتبروه أكبر المدلس ين والوض اعين والك اذبين ،وكي ف ال
يكون كذلك وهو الذي لم يكتف ببغض اإلمام علي ،بل كان يقاتل ه ويس به ويس تعمل
كل الوسائل للتهوين من شأنه.
ولهذا نرى ابن تيمية وتالميذه يستعملون أمثال ذلك الحديث ،ويعتبرون عه د
معاوية أفضل من عهد اإلم ام علي ،فق د ق ال( :ج رى بع د م وت معاوي ة من الفتن
والفرقة واالختالف ما ظهر به مصداق ما أخبر ب ه الن بي ،حيث ق ال( :س يكون
ك ورحم ة ،ثم يك ون مل ٌ
ك نبوة ورحمة ،ثم يكون خالفة نبوة ورحم ة ،ثم يك ون مل ٌ
عضوض) ،فكانت نبوة الن بي نب وة ورحم ة ،وك انت خالف ة الخلف اء الراش دين
ك عض وض) خالفة نبوة ورحمة ،وكانت إمارة معاوية ملكا ورحمة ،وبعده وقع مل ٌ
()1
أما دعاؤه عليه؛ فق د حول وه إلى فض يلة من الفض ائل ،وس أذكر الح ديث ،ثم
أذكر تالعبهم ب ه ،فق د روي عن ابن عب اس ق ال( :كنت ألعب م ع الص بيان ،فج اء
رسول هللا ،فتواريت خلف باب ،قال :فجاء فحط أني حط أة ،وق ال :اذهب وادع
لي معاوية ،قال :فجئت فقلت :ه و يأك ل .ق ال :ثم ق ال لي :اذهب ف ادع لي معاوي ة.
قال :فجئت فقلت :هو يأكل ،فقال :ال أشبع هللا بطنه)()4
فهذا الحديث مع وضوحه في تحذير األم ة من معاوي ة ،وذم ه إال أنهم ع دوه
)(1مجموع الفتاوى ()19 /35
)(2رواه البخاري في التاريخ ( )5/240والترم ذي ( )3842وابن س عد ( )7/418وابن أبي عاص م في اآلح اد
والمثاني ( 2/358رقم )1129والبغوي في معجم الصحابة ()4/491
)(3رواه أحمد في المسند ( )4/127وفضائل الصحابة (- )1748ومن طريقه الخالل في العل ل ( )141والس نّة
( )2/449وابن عساكر ()59/75
)(4مسل ٌم ( 4/2010رقم )2604
302
من فضائله معاوية( ،)1كما عبر عن ذلك ابن كث ير بقوله( :وق د انتف ع معاوي ة به ذه
الدعوة في دنياه وأخراه ،أما فى دنياه فإنه لما صار إلى الش ام أم يرا ك ان يأك ل في
اليوم سبع مرات ،يجاء بقصعة فيها لح ٌم كثير وبص ٌل فيأك ل منه ا ،ويأك ل فى الي وم
سبع أكالت بلحم ،ومن الحلوى والفاكهة شيئا كثيرا ،ويقول( :وهللا م ا أش بع ،وإنم ا
أعيا) ،وهذه نعمة ٌ ومعدة ٌ يرغب فيها كل الملوك)()2
وقال الشيخ ربيع بن عبد الرؤوف الزواوي معلقا على هذه التأويالت( :انظر
إلى أهل العلم كيف يبحث ون عن الفض ائل ،ويَجمع ون ش تاتها ،ويُر ّكب ونَ ُمتَف ِّرقَه ا،
ألن قلوبَهم َسلِ َمت ألصحاب الرسول ،واليوم يبتُ ُر بعضُ أهل الكالم النصوص؛
ليخترع للقوم ُذنوبا ونقائص ي ْ
ُطلِقون األلسنة بها)()3
وق ال عب د هللا بن جعف ر بن ف ارس( :معن اه وهللا أعلم :ال أش بع هللا بطن ه في
الدنيا حتى ال يكون ممن يجوع يوم القيامة ،ألن الخبر عن النبي أنه قال :أط ول
الناس شبعا في الدنيا أطولهم جوعا يوم القيامة)()4
بل إنهم اخترعوا ألجله حديثا مسيئا لرسول هللا ،وهم ال يروونه إال ألجل
الرفع من شأن معاوية ،فقد رووا أنه قال ألم س ليم( :ي ا أم س ليم؛ أم ا تعلمين أن
شرطي على ربي؟ أني اشترطت على ربي فقلت :إنما أنا بش ٌر أرضى كما يرض ى
البشر؛ وأغضب كما يغضب البشر ،فأيما أحد دعوت عليه من أمتي بدعوة ليس لها
بأهل أن تجعلها له طهورا وزكاة وقربة تقربه بها منه يوم القيامة)()5
[النموذج ]3 :ما يروونه من نبوءات رسول هللا عنه وعن ابنه يزيد ،فقد
رووا عن أم حرام ،قالت :أتانا النبي يوما فق ال عن دنا ،فاس تيقظ وه و يض حك،
فقلت :م ا يض حكك ي ا رس ول هللا؛ ب أبي أنت وأمي؟ ق ال( :أريت قوم ا من أم تي
يركبون ظه ر البح ر ك الملوك على األس رة) فقلت :ادع هللا أن يجعل ني منهم .ق ال:
(فإنك منهم) قالت :ثم نام ،فاستيقظ أيضا وه و يض حك ،فس ألته ،فق ال مث ل مقالت ه،
فقلت :ادع هللا أن يجعل ني منهم .ق ال( :أنت من األولين) ،ق ال :فتزوجه ا عب ادة بن
الصامت بعد ،فغزا في البحر؛ فحملها معه ،فلما أن جاءت قربت لها بغلة فركبته ا،
فصرعتها؛ فاندقت عنقها)()2
ومنها ما يروونه عن أبي سعيد الخدري ،ق ال :خ رج معاوي ة على حلق ة في
المسجد ،فقال :ما أجلس كم؟ ق الوا :جلس نا ن ذكر هللا .ق ال :آهلل! م ا أجلس كم إال ذاك؟
قالوا :وهللا م ا أجلس نا إال ذاك.ق ال :أم ا إني لم أس تحلفكم تهم ة لكم ،وم ا ك ان أح ٌد
بمنـزلتي من رس ول هللا أق ل عن ه ح ديثا م ني ،وإن رس ول هللا خ رج على
حلقة من أصحابه ،فقال( :ما أجلسكم؟" قالوا :جلسنا نذكر هللا ونحمده على ما ه دانا
لإلسالم؛ ومن به علينا .قال( :آهلل! م ا أجلس كم إال ذاك؟" ق الوا :وهللا م ا أجلس نا إال
قال ابن كثير( :فالمدحة في قوله( :وأيضا وال ذي نفس ي بي ده) ،وه و أن ه
كان يود أن هند وأهلها وكل كافر يذلوا في حال كفرهم ،فلم ا أس لموا ك ان يحب أن
يعزوا ،فأعزهم هللا ،يعني أهل خبائها)()3
المناوي في (الفيض) نقال عن ابن الجوزي وبه تبين خطأ السيوطي في إيراده لهذا الحديث في الجامع الص غير ق ال:
ومما يدل على كذب هذا الحديث أن ه مخ الف لقول ه ( :المه دي من ع ترتي من ول د فاطم ة) وق د تق دم ب رقم ( )7
(الضعيفة) )80قال الشيخ أحمد في (إبراز الوهم المكنون)(ص :)133قد جمع بأنه عباسي األم ،حسني األب ،وليس
بذاك ،والحديث ال يصح وقال أخوه عبد هللا في كتابه (المهدي)( :)44هو ضعيف جدا
)( 1رواه أحمد وأبو نعيم والبخاري ومسلم والترمذي ،،سبل الهدى والرشاد ()10/116
)(2سبل الهدى والرشاد ()10/116
)(3الخطيب البغدادي في تاريخه 13ص .335
)(4الخطيب الخوارزمي في مناقب أبي حنيفة 1ص .14
)(5قال العجلوني :ال يصلح وإن تعددت طرقه .كشف الخفاء ج 1ص .33
)(6كشف الخفاء 1ص .33
)(7رواه الحاكم وصححه ،سبل الهدى والرشاد ()10/117
311
والفضل بن عياض ،وعبد هللا بن المبارك ،وإبراهيم بن أدهم(.)1
ومثله ما يذكرونه في مناقب اإلمام الشافعي ،فق د رووا عن ابن عب اس ق ال:
قال رسول هللا ( :اللهم اهد قريشا ،فإن علم الع الم يس ع طب اق األرض)( ،)2وفي
رواية( :فإن عالمها يمأل طباق األرض علما)()3
ثانيا ـ األحاديث المردودة حول االمتداد الرسالي:
وهي أيضا كثيرة ،والقصد في أكثره ا اإلغ راب ال ذي يش ابه اإلس رائيليات،
باإلضافة إلى تفاصيلها الكثيرة التي ال ترد عادة في النبوءات الغيبية ،باإلضافة إلى
أن بعضها يتناقض مع القيم القرآنية والفطرية.
وقد يكون من بين تلك األحاديث بعض م ا أوردن اه س ابقا من تفاص يل ح ول
الفتن ال تي تس بق اإلم ام المه دي ،وخاص ة تل ك ال تي ت ذكر األس ماء بدق ة ،وإنم ا
ذكرناه ا في مح ل األح اديث المقبول ة باعتب ار معانيه ا العام ة متف ق عليه ا بين
المسلمين جميعا.
وبما أن هذا النوع من الحديث مما تمتلئ به مصادر السنة والشيعة؛ فس نذكر
هنا نماذج عما ورد في كليهما.
1ـ ما ورد في المصادر السنية:
من النماذج عن األحاديث الغريبة ،وال تي ن رى رده ا ،ال بجمي ع تفاص يلها،
وإنما بالكثير منها:
أ ـ األحاديث الغريبة الواردة في فتح القسطنطينية:
ومن أمثلتها ما رواه أبو هريرة عن رسول هللا أنه قال( :ال تق وم الس اعة
حتى ينزل الروم باألعماق أو بدابق ،فيخرج إليهم جيش من المدينة ،من خيار أه ل
األرض يومئذ ،فإذا تصافوا ،قالت الروم :خلوا بينن ا وبين ال ذين س بوا من ا نق اتلهم.
فيق ول المس لمون :ال ،وهللا ال نخلي بينكم وبين إخوانن ا .فيق اتلونهم ،فينه زم ثلث ال
يتوب هللا عليهم أبدا ،ويقتل ثلثهم ،أفضل الشهداء عن د هللا ،ويفتتح الثلث ،ال يفتن ون
أبدا ،فيفتتحون قسطنطينية ،فبينما هم يقتسمون الغنائم ،قد علقوا س يوفهم ب الزيتون،
إذ صاح فيهم الشيطان :إن المس يح ق د خلفكم في أهليكم ،فيخرج ون ،وذل ك باط ل،
ف إذا ج اءوا الش أم خ رج ،فبينم ا هم يع دون للقت ال ،يس وون الص فوف ،إذ أقيمت
الصالة ،فينزل عيسى ابن مريم صلى هللا عليه وسلم ،فأمهم ،فإذا رآه ع دو هللا ذاب
كما يذوب الملح في الماء ،فلو تركه النذاب حتى يهلك ،ولكن يقتله هللا بيده ،ف يريهم
دمه في حربته)()4
فهذا الحديث الغريب يربط فتح القسطنطينية بال دجال ،ب ل يجعل ه عالم ة من
عالمات الساعة الكبرى من خروج الدجال ،ونزول المسيح ..وذلك مم ا لم يحص ل
)(1سبل الهدى والرشاد ()10/117
)(2رواه أحمد والترمذي ،سبل الهدى والرشاد ()10/117
)(3رواه الخطيب وابن عساكر ،سبل الهدى والرشاد ()10/117
)(4رواه مسلم في صحيحه ()8/175رقم ( )2897في الفتن ،باب فتح قسطنطينية ،ونزول عيسى ابن مريم.
312
في الواقع التاريخي.
باإلض افة إلى ذل ك ،ف إن الح ديث ي برر ك ل تل ك الس لوكات العدواني ة ال تي
مورس ت باس م الفتح م ع أن اله دف ه و الغن ائم ،فق د ورد في الح ديث (فيفتتح ون
قسطنطينية ،فبينما هم يقتسمون الغنائم ،قد علقوا س يوفهم ب الزيتون) ،ولس ت أدري
كيف يتناسب اسم الفتح مع اقتسام الغنائم ،وهل الذي يقوم بإنقاذ الناس يس تل م ا في
جيوبهم.
ومن األحاديث المتعلقة بهذا ما رواه عن النبي أنه ق ال( :س معتم بمدين ة،
جانب منها في البر ،وجانب منها في البحر؟ قالوا :نعم يا رس ول هللا ،ق ال :ال تق وم
الساعة حتى يغزوها سبعون ألفا من ب ني إس حاق ،ف إذا جاؤوه ا نزل وا ،فلم يق اتلوا
بسالح ،ولم يرموا بسهم ،قالوا :ال إله إال هللا ،وهللا أكبر ،فيسقط أح د جانبيه ا -ق ال
ثور بن يزيد :ال أعلمه إال قال :ال ذي في البح ر -ثم يقول ون الثاني ة :ال إل ه إال هللا،
وهللا أكبر ،فيسقط جانبها اآلخر ،ثم يقولون الثالثة :ال إله إال هللا ،وهللا أك بر ،فيف رج
في دخلونها فيغنم ون ،فبينم ا هم يقتس مون المغ انم ،إذ ج اءهم الص ريخ ،فق ال :إن
الدجال قد خرج ،فيتركون كل شيء ويرجعون(.)1
وهذا الحديث الذي رواه مسلم أيضا يتناقض مع الحديث السابق ،وق د اس تفاد
منه المحدثون أن الروم أو األتراك من ب ني إس حاق ،م ع أن ذل ك ال ي دل علي ه أي
شيء.
ومن عجائب الحديث أن هؤالء يفتحون هذه المدينة ذات الجيش القوي ب دون
سالح ،بل بأذكار يرددونها فقط.
والح ديث ال ينس ى كس ابقه اقتس ام المغ انم باعتباره ا ه دفا من األه داف
الكبرى..
والحديث يربط مثل س ابقه فتح القس طنطينية بظه ور ال دجال ..ولس ت أدري
ه ل م ا حص ل قب ل ق رون من فتح القس طنطينية وتحوله ا إلى عاص مة للخالف ة
اإلس المية ،وامتالئه ا بالمس اجد ليس فتح ا ،ف إن ك ان ك ذلك فليس هن اك أي أرض
مفتوحة للمسلمين.
وقد حاول أحمد شاكر أن يتالعب بمعنى الفتح في ه ذا الح ديث ،فق ال( :فتح
القسطنطينية المبشر به في الحديث سيكون في مستقبل قريب أو بعيد يعلمه هللا ع ز
وجل ،وهو الفتح الصحيح لها حين يعود المسلمون إلى دينهم ال ذي أعرض وا عن ه،
وأما فتح الترك الذي كان قبل عصرنا هذا فإنه كان تمهيدا للفتح األعظم ،ثم هي ق د
خرجت بعد ذلك من أيدي المسلمين من ذ أعلنت حك ومتهم هن اك أنه ا حكوم ة غ ير
إسالمية وغير دينية وعاهدت الكفار أعداء اإلسالم ،وحكمت أمتها بأحكام الق وانين
الوثنية الكافرة ،وسيعود الفتح اإلسالمي لها إن شاء هللا كما بشر به رس ول هللا )
ومنها ما رواه أبو هريرة عن رسول هللا أنه قال( :ال تق وم الس اعة ح تى
)(1رواه مسلم رقم ( ،)2942وأبو داود رقم ( )4325و( )4326و( ،)4327والترمذي رقم ()2254
316
مكانه)()1 يمر الرجل بقبر الرجل فيقول :يا ليتني
ومثل هذا حصل في كل األزمنة ،ففيها جميعا كان هن اك من يتم نى الم وت،
بسبب اآلالم التي تصيبه في الحياة ،بل إن رسول هللا نفس ه نهى عن ذل ك ،كم ا
ورد في الح ديث عن أنس بن مال ك ق ال :ق ال رس ول هللا ( :ال يتم نين أح دكم
الموت من ضر أصابه ،فإن كان ال بد ف اعال ،فليق ل :اللهم أحي ني م ا ك انت الحي اة
خ يرا لي ،وتوف ني إذا ك انت الوف اة خ يرا لي) ،وق د عقب أنس على ه ذا الح ديث
بقوله( :لوال أن رسول هللا قال( :ال يتمنين أحدكم الموت ،لتمنيته)()2
ومن تلك األحاديث الغريبة التي حدث بها أبو هري رة عن رس ول هللا وال
ندري معناها ،وال نثق فيه ثقة مطلق ة ،قول ه( :ال تق وم الس اعة ح تى يمط ر الن اس
مطرا ال تكن منه بيوت المدر ،وال تكن منه إال بيوت الشعر)()3
ومنها حكايت ه أن رس ول هللا ق ال( :ال تق وم الس اعة ح تى تق اتلوا خ وزا
وكرم ان من األع اجم حم ر الوج وه فطس األن وف ص غار األعين ك أن وج وههم
المجان المطرقة نعالهم الشعر)()4
ومنها إخباره عن طلوع الشمس من مغربها ،فقد روى عن رسول هللا أنه
قال( :ال تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها ف إذا طلعت من مغربه ا ورآه ا
تَت ِم ْن قَ ْب ُل أَوْ َك َسبَ ْ
الناس آمنوا أجمعون فذلك حين ﴿اَل يَ ْنفَ ُع نَ ْفسًا إِي َمانُهَا لَ ْم تَ ُك ْن آ َمن ْ
فِي إِي َمانِهَا َ
خ ْيرًا﴾[األنعام)5()]158 :
ومثل هذا الحدث الكوني العظيم يقتضي أدلة أقوى ،وأسانيد أكثر ،وال يجدي
في ه أمث ال أبي هري رة ..باإلض افة إلى أن الح ديث مم ا يس تدل ب ه الس لفية على أن
الشمس تدور حول األرض.
ومن أحاديثه المرتبط ة به ذا الب اب ،وال تي أث ارت ج دال كب يرا بين الش راح
حكايته أن رسول هللا قال( :ال تق وم الس اعة ح تى يحس ر الف رات عن جب ل من
ذهب يقتتل الناس عليه ،فيقتل من كل مائة تسعة وتس عون ،فيق ول ك ل رج ل منهم:
لعلي أكون أنا أنجو)()6
)(1المقال بعنوان :شبهات حول مش روع اإلم ام المه دي ،الش يخ حس ين الخش ن ،من موقع ه االلك تروني على
النت.
)(2تفسير العياشي ج 1ص ،183وعنه منتخب األثر في اإلمام الثاني عشر ص.136
)(3نهج البالغة :ج 2ص.21
)(4الغيبة للنعماني :ص.239
)(5صحيح مسلم ،ج 1ص 90والحديث مروي من طرق الشيعة أيضاً ،فالحظ :كم ال ال دين وتم ام النعم ة ص
.66
)(6المستدرك للحاكم النيسابوري :ج 4ص.473
)(7اإلرشاد للمفيد :ج 2ص.383
323
مغايرة لسنّة جده المصطفى ،أو بكت اب غ ير كت اب هللا تع الى فال ب ّد أن ت رمى
وتضرب عرض الحائط بإجماع علماء األمة.
4ـ من أخطر اإلساءات والتشويهات التي تعرضت له ا النهض ة المهدوي ة
الموع ودة تل ك المحاول ة ال تي تعم ل على تص ويرها باعتباره ا مش روعا ً دموي اً،
ويتحول اإلمام المهدي في هذا المشروع إلى ش خص س فاح وقتّ ال ،ون ابش للقب ور
ومنكل بأجساد الموتى.
فإن العقل الدموي المتوحش ل دى بعض المس لمين ق د أس اء إلى ومع األسف ّ
كل العقائد اإلسالمية وصورّها بصورة العنف ولون الدم ،فاهلل تع الى في نظ ر ه ذا
العقل ليس سوى منتقم جبار يتلذذ بتعذيب عباده ،والنبي إنما أرسل بالذبح.
واألمر على خالف ذلك ،فمش روع اإلم ام المه دي ه و بس ط األمن والس الم
والعدل ،وليس القتل وسفك الدماء ،وهذا م ا أك دت علي ه النص وص المعت برة ،ففي
الح ديث عن اإلم ام علي( :ول و ق د ق ام قائمن ا ألن زلت الس ماء قطره ا وألخ رجت
األرض نباتها ولذهبت الشحناء من قلوب العباد واص طلحت الس باع والبه ائم ح تى
تمشي الم رأة بين الع راق إلى الش ام ال تض ع ق دميها إال على النب ات وعلى رأس ها
زينتها ال يهيجها سبع وال تخافه لو تعلمون) ()1
فهذا الحديث يشير إلى الكثير من المعاني الجميلة ال تي تنعم به ا البش رية في
حكومة اإلمام المهدى ،ومنها:
.1وفرة النعم اإللهية( ،ألنزلت السماء قطرها وألخرجت األرض نباتها)
.2إقام ة الع دل( ،اص طلحت الس باع والبه ائم) فه ذا التعب ير كناي ة عن بس ط
العدل ،فال يحصل عدوان ،كما أنّه تعبير عن حصول االكتفاء ووفرة النعم.
.3األمن( ،تمشي الم رأة بين الع راق والش ام ال تض ع ق دميها إال على النب ات
وعلى رأسها زينتها) ،وهذا تعبير واضح عن االستقرار األم ني ال ذي تنعم
به البشرية وعن تحسن وضع البيئة ،بحيث تتحول الص حاري إلى واح ات
أن مش روعه ه و اإلعم ار ،وليس ال دمار ،وإنق اذ اإلنس ان خض راء ،أي ّ
وليس إبادته.
وبناء على هذا فإن كل الروايات التي تخ الف ه ذه المع اني مرفوض ة ،ومن
أمثلتها ما روي عن اإلمام الباقر أنه قال( :ليس شأنه إال القتل وال يس تتب أح داً وال
تأخذه في هللا لومة الئم) ()2
ومثلها ما روي عن زرارة أنه سأل اإلمام الباقر ،فقال( :أيسير بسيرة محم د
؟) (قال( :هيهات هيهات يا زرارة ما يسير بسيرته) ،قلت :جعلت فداك لِ َم؟ قال:
(إن رسول هللا سار في أمته ب اللين وك ان يت ألف الن اس ،والق ائم يس ير بالقت ل،
بذلك أمر في الكتاب الذي معه أن يسير بالقتل وال يستتب أحداً) ()3
)(1الخصال ص .626
)(2مختصر بصائر الدرجات :ص.213
)(3الغيبة للنعماني :ص.236
324
وكال الرواي تين مرفوض تان س ندا( )1ومتن ا ،ألنه ا تخ الف ك ل م ا ورد في
القرآن الكريم والسنة المطهرة والرواي ات ال واردة عن أئم ة اله دى ،باإلض افة إلى
أنها تحول من الخالص الذي سيأتي به اإلمام المهدى والذي تنتظره البشرية جميع ا
مشروعا للدمار ،ال للسالم واإلنقاذ.
وهذا ال يعني ـ كما أشرنا سابقا ـ إلى عدم حصول المواجهات والقتال؛ فقت ال
الظلمة والمستبدين ضروري لتحقيق السالم.
5ـ أسوء تشويه يمكن أن تتع رض ل ه نهض ة اإلم ام المه دي ه و م ا تلوك ه
بعض األلسن من أنّه يتوجه منذ اليوم األول لخروجه إلى قبور بعض الناس فينبشها
وينشر أجس اد أص حابها ويص لبهم على ج ذوع الش جر ،مم ا ي وحي بأن ه ص احب
مشروع انتقامي وثأري.
وقد حاول بعض المغرضين المتاجرين بالفتن ،تحميل الش يعة اإلمامي ة وزر
هذا االعتقاد زاعما ً أنهم يؤمنون بأن المهدي يُخرج فالنا ً وفالنا ً من حج رة الرس ول
ويأمر بصلبهما ،مع أن هذا الكالم افتراء واضح ،وال يمت إلى الحقيق ة بص لة،
ألن مثل هذا التصرف هو أمر مرف وض وال يمكن القب ول ب ه ،ألنّ ه يمث ل تج اوزاً
وانتهاكا ً لكل القيم األخالقية واإلسالمية التي نهت عن التمثيل بجثث الموتى.
أن قائل هذا الكالم ينق ل مث ل ه ذا االعتق اد عن الس يد المرتض ى، والعجيب ّ
(إن أب ا بك ر وعم ر يص لبان يومئ ذ على وأنه قال في كتاب ه [المس ائل الناص رية]ّ :
شجرة في زمن المهدي ..وتكون تلك الشجرة رطبة قبل الصلب فتصير يابسة بعده)
()2
وهو كالم ال صحة له على اإلطالق ،فال يوج د مث ل ه ذا الكالم في المس ائل
أن المسائل الناص رية كت اب فقهي الناصرية والمعروف بـ [الناصريات] ،وال سيما ّ ّ
فرعي ،وليس فيه ما يتصل بالعقيدة.
باإلضافة إلى أنه إذا ورد ش يء من ذل ك في بعض المروي ات ال يمكن بن اء
تص ور عقائ دي ح ول دور اإلم ام المه دي ومش روعه على أس اس ه ذه الرواي ات
الضعيفة ،وال يمكن نسبة مضمونها إلى أهل البيت وال إلى أتباع نهجهم.
إن مشروع اإلمام المهدي ه و مش روع اإلس الم ،واإلس الم ق د ه دم ك ل 6ـ ّ
العصبيات ودفنها إلى غير رجعة﴿ ،إِ َّن أَ ْك َر َم ُك ْم ِع ْن َد هَّللا ِ أَ ْتقَ ا ُك ْم﴾ [الحج رات،]13 :
وهدف اإلمام المهدي هو إحقاق الحق وإقامة العدل ،وليس من العدل من ش يء وال
من قيم اإلسالم وال العدالة في ش يء أن يتم اس تعداء ص نف من البش ر على أس اس
عرقي ،سوا ًء كانوا من العرب أو العجم ،فكيف يُنسب إلى المهدي عداوة العرب؟
)(1وذلك ألن الرواية األولى قد اشتمل سندها على الحسن بن علي بن أبي حمزة البط ائني وه و ك ذاب ملع ون
وفيه يوسف بن كليب وهو مجهول ،أما الرواية الثانية فهي أشد وهنا ً وضعفا ً من األولى فقد اشتمل الس ند على محم د
بن علي الكوفي المعروف بأبي سمينة وهو ضعيف حداً فاسد االعتق اد ال يعتم د في ش يء ،ول ذلك أخرج ه أحم د بن
محمد بن عيسى األشعري من قم ،انظ ر رج ال النجاش ي ص ،332إلى غ ير ذل ك من الرواي ات ال تي أج اد الش يخ
المنتظري في تفنيدها وردها انظر :موعود األديان ص 191وما بعدها.
)(2نقالً عن كتاب المهدي المنتظر في ضوء األحاديث واآلثار الصحيحة ،ص .79
325
فهذا تشويه لصورة المهدي ولمشروعه النهضوي ،ليغدو مشروعا ً عنصرياً،
كما حولته بعض التص ورات إلى مش روع م ذهبي خ اص ،يخ الف م ا ورد من أن
مشروع المهدي هو مشروع إنساني ،ألن محقق العدل ورافع رايت ه ولوائ ه ،وليس
من العدل في شيء استعداء جماعة على أساس العرق أو اللون.
326
هذا الكتاب
يحاول هذا الكتاب جمع ما ورد من األحاديث في المص ادر الس نية والش يعية
حول اإلمامة واالمتداد الرسالي ،والتي تتوافق مع ما ورد في القرآن الكريم من:
1ـ أن من مقتضيات عناية هللا تعالى بعباده ،باعتباره ربهم وه اديهم ،توف ير
كل أسباب الهداية التي تحميهم من الضاللة ،ومن التحريف الذي يلحق األديان بع د
وفاة األنبياء عليهم السالم ،وأن الذين يقومون بذلك يُطلق عليهم [األئم ة] ،أو [أئم ة
الهدى] ،أو [الخلفاء] ،أو [الورثة] ،أو [الهداة]
2ـ أن أتب اع األنبي اء يف ترقون في م واقفهم من أولئ ك األئم ة اله داة ال ذين
اس تخلفهم أنبي اؤهم عليهم ،وأوص وهم بهم؛ فبينم ا يطب ق بعض هم تل ك الوص ايا،
ويحرص عليه ا ،بينم ا يخ الف آخ رون ،تل ك الوص ايا ،ويرتض ون ألنفس هم أئم ة
بدلهم ،لكن ذلك ال يعني ان دراس ال دين األص يل ،ألن في ذل ك فتن ة ك برى ،تجع ل
البشر محرومين من الهداية اإللهية الصافية ..فل ذلك ال يخل وا عص ر من العص ور
من المتمسكين بالدين الحقيقي ،وأتباع أئمة الهدى.
3ـ أن األصل في إمامة األئمة ووراثتهم أن تكون شاملة لكل الج وانب ال تي
يرتبط بها الدين سواء تعلقت بالقضايا الديني ة البحت ة ،أو تعلقت ب الجوانب الحياتي ة
ابتداء من الجانب السياس ي ..ذل ك أنهم يمثل ون الهداي ة النبوي ة ويطبقونه ا في تل ك
الجوانب ،لكن النصوص الكثيرة تشير إلى أن إمامة األئمة للج انب السياس ي تفتق ر
للقابلية الشعبية؛ فإن لم تتحقق ،أو رغب الناس عن حكم األئمة لهم؛ فإن ذلك يعفيهم
من هذا الجانب ،ليبقى الجانب األساسي ،وهو ج انب الهداي ة والتوجي ه والبالغ عن
هللا وتوضيح حقائق الدين في كل الجوانب بما فيها الجانب السياسي.
327