You are on page 1of 10

‫الفصل الثالث‬ ‫نقترب من‬

‫م َغيَّبة‬
‫التحديات الديموغرافية؛ متغيرات ُ‬ ‫حقبة النافذة‬
‫الديموغرافية!!‬
‫الذهنية التي تدير العالقات داخل الأ�سرة واملجتمع‬ ‫متثل التحوالت الدميوغرافية بُعد ًا مهم ًا غائب ًا عن دليل‬
‫بل والنظام الإجتماعي‪ .‬يبني التحليل مدى ح�ضور‬ ‫التنمية الب�شرية‪ ،‬و�إن ت�أثرت مكونات الدليل بخ�صائ�ص‬ ‫كيف نجعل منها‬
‫التقاليد الإجتماعية والدين والأعراف يف �أذهان النا�س‬ ‫ال�سكان الدميغرافية‪ .‬وهو بُعد ال ميكن �إغفاله يف بلد مازال‬ ‫ِهبَ ًة ال عِبئاً؟‬
‫و�سلوكياتهم‪.1‬‬ ‫معدل اخل�صوبة الكلية فيه ي�صل اىل ‪ 4.2‬والدة حية‪ ،‬ومثل‬
‫ •كما �إن الإحاطة بالعوامل الدميوغرافية وحتوالتها تف�سر‬ ‫عدد حمدود من الدول النامية والعربية‪ ،‬يت�صف العراق‬
‫جوانب مهمة يف حراك ال�شباب وحتولهم �إىل قوة تلعب‬ ‫ببطء �إجناز مراحل التحول الدميوغرايف والتحول يف هيكل‬
‫دور ًا هام ًا يف التحوالت ال�سيا�سية‪.‬‬ ‫الأ�سرة املرافق له‪.‬‬
‫لقد ظلت قاعدة الهرم تغذي با�ستمرار الفئة الو�سطى‬
‫التقدم المحرز في نوعية الحياة‬ ‫‪� 49-15‬سنة امل�س�ؤولة عن �إعادة �إنتاج ال�سكان‪ .‬فمعدل‬
‫حالت احلروب املتعاقبة واحل�صار والأزمات التي مر بها‬ ‫اخل�صوبة املرتفع يكر�س هيكل عمري يدمي زخم النمو‬
‫العراق يف العقود الأخرية‪ ،‬دون �إحداث تقدم ملمو�س يف‬ ‫ال�سكاين مع حت�سن م�ؤ�شرات ال�صحة امل�ؤثرة يف دليل‬
‫نوعية حياة ال�سكان ب�سبب تداعياتها على الأمن واخلدمات‬ ‫التنمية الب�شرية‪ ،‬كاالنخفا�ض ال�سريع يف معدل وفيات‬
‫التعليمية وال�صحية واالجتماعية والإ�سكان‪ .‬كما �أن �إ�ستمرار‬ ‫الأطفال الر�ضع والأطفال دون اخلام�سة ومعدل وفيات‬
‫الزيادة ال�سكانية مبعدالت عالية �ساهم يف ال�ضغط على‬ ‫الأمهات‪ .‬وكلما �أزداد عدد �أفراد الأ�سرة �أ�صبح عبء الإعالة‬
‫اخلدمات وامل�ؤ�س�سات والبنى التحتية واملوارد الطبيعية‬ ‫العمرية قيد ًا كبري ًا على متتع النا�س بخياراتهم يف احلياة‬
‫ال �سيما �أن بع�ضها يت�سم باملحدودية كاملياه والأرا�ضي‬ ‫واال�ستفادة من ثمارها‪.‬‬
‫الزراعية‪ ،‬مع دالئل ت�شري �إىل �إنخفا�ض يف معدالت ن�صيب‬ ‫يخ�ضع معدل اخل�صوبة �إىل عوامل ثقافية تتجاوز يف‬
‫الفرد منها ف�ض ًال ع ّما ي�ؤ�شر من �سوء �إ�ستخدام �أو�سوء‬ ‫�أهميتها العوامل االقت�صادية التي غالب ًا ما ي�صر عليها‬
‫توزيع‪.‬‬ ‫الباحثون يف البلدان النامية والفقرية (تقرير �أو�ضاع‬
‫�إن ب�إمكان م�ؤ�شرات الو�صول �إىل الأهداف الإمنائية‬ ‫ال�سكان يف العراق ‪.)2013‬‬
‫للألفية ‪� 312015‬أن تعرب عن مدى التقدم املحرز يف الت�صدي‬ ‫وال تقل التحوالت الدميوغرافية الأخرى �أهمية كالهجرة‬
‫لأثر التحديات الدميوغرافية على التنمية الب�شرية‪ ،‬وتك�شف‬ ‫الداخلية �أواخلارجية كعوامل ممكنة لبناء القدرات �أو تو�سيع‬
‫عن حالة الإت�ساق �أوعدم الإت�ساق بني الربامج التنموية‬ ‫فر�ص العمل والو�صول اىل نوعية �أف�ضل للحياة‪� ،‬أوخالف‬
‫واملتغريات ال�سكانية ‪(.‬ينظر جدول ‪ 9‬امللحق االح�صائي)‪.‬‬ ‫ذلك �إن مل تكن الهجرة طوعية‪ .‬فاخل�سارة يف الفر�ص‬
‫ •ح�صل حت�سن ب�سيط يف ن�سب متتع ال�سكان مبياه ال�شرب‬ ‫ال�ضائعة يف ال�صحة والتعليم وم�ستوى املعي�شة والعالقات‬
‫امل�أمونة وال�صرف ال�صحي �أوالبيئة الآمنة �أوال�سكن‪.‬‬ ‫االجتماعية كر�صيد لر�أ�س املال الب�شري والإجتماعي‪ ،‬لي�ست‬
‫ •يقرتب معدل وفيات الأطفال الر�ضع الذي �إنخف�ض‬ ‫غائبة عن الدليل فح�سب‪ ،‬بل ال ميكن �إحت�سابها‪.‬‬
‫ح�سب النتائج الأولية مل�سح خارطة الفقر ووفيات‬ ‫�إن حركة ال�سكان (الداخلية واخلارجية) يف العراق‬
‫الأمهات ‪ 2013‬اىل ‪ 21‬حالة وفاة لكل �ألف والدة حية‪،‬‬ ‫ترتبط تاريخي ًا بعوامل �إقت�صادية تف�سر الإنتقال من �أجل‬
‫من امل�ؤ�شر امل�ستهدف لغاية ‪ 2015‬يف الأهداف الألفية‬ ‫العمل من ريف �إىل ح�ضر ومن حمافظة �إىل �أخرى‪ ،‬لكن‬
‫الرقم ‪.17‬‬ ‫العوامل الثقافية وال�سيا�سية كانت �أقوى �أحيان ًا وتف�سر دوافع‬
‫ •�إنخف�ض كذلك معدل وفيات الأمهات لكل مائة �إلف‬ ‫الهجرة التي �أتخذت منط هجرة الأ�سرة ولي�س الفرد‪.‬‬
‫والدة حية من ‪ 84‬وفاة عام ‪� 2006‬إىل ‪ 35‬وفاة عام‬ ‫يف منط الهجرة احلايل والذي ابتد�أ من عام ‪2003‬‬
‫‪ 2013‬ويقرتب من امل�ؤ�شر امل�ستهدف لعام ‪ 2015‬الرقم‬ ‫ترتاجع جميع العوامل �أمام العنف ويربز ال ُبعد ال�سيا�سي‬
‫‪.29‬‬ ‫املرتبط بالنزاع امل�سلح وال�صراع الطائفي والإرهاب الذي‬
‫ •ويبقى حتقيق �شمولية التعليم غري مكتمل على الرغم‬ ‫يقف وراء �أ�شكال النزوح والتهجري والهجرة الق�سرية‬
‫من �إرتفاع معدالت االلتحاق ال�صافية يف التعليم‬ ‫�إنعك�ست على ال�شباب يف العنا�صر الثالث من التحوالت‪.‬‬
‫الإبتدائي عن املعدالت التي كانت عليها يف �سنة ‪،1990‬‬ ‫�إن حتليل البُعد الثقايف وال�سيا�سي لعنا�صر التحول‬
‫حيث كانت تبلغ �آنذاك ‪� ،%91‬إذ �سجلت يف العام‬ ‫الدميغرايف �سيدعم نتائج القيا�س وي�شخ�ص جماالت‬
‫الدرا�سي ‪ 2013/2012‬ن�سبة ‪.%93‬‬ ‫التدخل على قدر تعلق الأمر بال�شباب‪.‬‬
‫ •�أما ق�ضية متكني املر�أة فهناك �إجتاهات �إيجابية يف‬ ‫ •فاحلديث عن العوامل الدميوغرافية لي�س و�صف ًا عادياً‬
‫التحاق البنات بالتعليم و�إجنا ٌز كب ٌري يف م�شاركتها‬ ‫حول الو�ضع القائم فح�سب لكنه يك�شف عن ماهية‬
‫العراق تقرير التنمية البشرية ‪2014‬‬ ‫‪ 38‬‬
‫ال�سيا�سية (كوتا ‪ )%25‬يفوق ما حتقق لقريناتها يف الزواج المبكر أهم أسباب الخصوبة العالية‬
‫مل ي�شهد متو�سط العمر عند الزواج يف العراق �إرتفاع ًا‬ ‫الدول العربية ولكن ال يزال �أمامها الكثري لكي تتمتع‬
‫ملحوظ ًا خالل العقود الثالثة الأخرية فبلغ املتو�سط للذكور‬ ‫بتكاف�ؤ الفر�ص وامل�ساواة يف املجاالت الأخرى‪.‬‬
‫‪� 26.3‬سنة وللإناث ‪� 22.8‬سنة‪ .‬يرتفع قلي ًال يف �إقليم‬ ‫ •�أما ن�سبة الفقر‪ ،‬فما يزال ‪ %18.9‬من ال�سكان دون خط‬
‫كرد�ستان �إىل ‪� 25.4‬سنة للإناث و‪� 27.6‬سنة للذكور‪.32‬‬ ‫الفقر(فقر الدخل)‪.‬‬
‫ويُعد منخف�ض ًا باملقارنة مع دول عربية‪ ،‬كالأردن ‪� 26.3‬سنة‬ ‫ثالثة تحديات ديموغرافية‬
‫للإناث وللذكور ‪� 29.4‬سنة ولبنان ‪� 28.8‬سنة للإناث و‪32.8‬‬
‫�سنة للذكور‪.‬‬ ‫تواجه الشباب‬
‫ومازال املجتمع مييل �إىل التزويج املبكر للذكور والإناث‪.‬‬ ‫ترتبط امل�ؤ�شرات الدميوغرافية بال�شباب يف الفئة العمرية‬
‫�إذ تبلغ ن�سبة املتزوجات دون �سن ‪� 18‬سنة ‪ %23.4‬لعموم‬ ‫‪ 29-15‬قدر تعلقها بال�سكان عموم ًا‪� .‬إال �إن ثالث ًا من‬
‫العراق و‪ %22.4‬يف �إقليم كرد�ستان‪� .‬أما ن�سبة الزواج لأقل‬ ‫التحديات ترتبط ابتداء ًا بال�شباب وهي‪ :‬معدالت اخل�صوبة‬
‫من ‪� 15‬سنة بني الفتيات فتبلغ ‪ %1.7‬للعراق عموم ًا و‪%5.5‬‬ ‫ومنو ال�سكان‪ ،‬التغري يف الرتكيب العمري لل�سكان‪ ،‬والهجرة‪،‬‬
‫�إقليم كرد�ستان‪ .‬وبلغت ن�سبة الفتيات بعمر ‪� 19-15‬سنة‬ ‫�ست�شكل هذه التحديات حماور هذا الف�صل الذي يبني كيف‬
‫املتزوجات حالي ًا ‪ %18.7‬للعراق عموم ًا و‪ %19.1‬يف �إقليم‬ ‫تتفاعل العوامل الثقافية والإجتماعية وال�سيا�سية �أي�ض ًا‪،‬‬
‫كرد�ستان ‪ 16‬كما �أن ثالث �سيدات من بني كل ع�شرة ترتاوح‬ ‫لت�ؤثر يف �أبعاد التنمية الب�شرية دون �أن يحتويها دليل التنمية‬
‫�أعمارهن بني ‪� 49-15‬سنة من املتزوجات �أوالالتي �سبق لهن‬ ‫الب�شرية‪.‬‬
‫الزواج‪ ،‬قد بد�أن حياتهن الإجنابية وتزوجن لأول مرة قبل‬
‫بلوغ الثامنة ع�شرة من العمر‪.‬‬ ‫أوالً‪ :‬اإلنخفاض البطيء في معدل‬
‫يبلغ معدل والدات املراهقات يف العراق ‪ 59‬والدة لكل‬ ‫الخصوبة‬
‫�ألف امر�أة بعمر ‪� 19–15‬سنة‪ .‬وعلى الرغم من �إنخفا�ضه‬ ‫لقد منا �سكان العراق ب�شكل مت�سارع بفعل ال�سيا�سات‬
‫ب�شكل ملحوظ عن املعدل امل�سجل عام ‪ )84( 2006‬لكنه ما‬ ‫ال�سكانية ال�سابقة التي دعمت رفع معدالت منوال�سكان‬
‫يزال يُعد مرتفع ًا مقارن ًة بالدول متو�سطة التنمية الب�شرية‪.‬‬ ‫منذ �سبعينيات القرن املا�ضي‪ ،‬فقد بلغ �سكان العراق يف‬
‫فهو يف م�صر ‪ %46‬ويف �إيران ‪ %29.5‬ويف تركيا ‪.%39.2‬‬ ‫عام ‪� 2009‬أكرث من ‪� 10‬أمثال �سكانه يف عام ‪ .1927‬و�إذا‬
‫املالحظ �إنه ينخف�ض �إىل ‪ %26.2‬يف �إقليم كرد�ستان‬ ‫�أ�ستمرت معدالت اخل�صوبة والوفيات �ضمن املعطيات‬
‫ويختلف بني املحافظات‪ ،‬من �أدنى معدل يف دهوك ‪� 23.5‬إىل‬ ‫الراهنة‪� ،‬سيت�ضاعف عدد �سكان العراق مرة �أخرى خالل‬
‫�أعلى معدل يف النجف ‪ 89.3‬والدة لكل ‪� 1000‬إمر�أة للفئة‬ ‫‪� 23‬سنة‪� .‬أنخف�ض معدل اخل�صوبة الكلية يف العراق‬
‫العمرية نف�سها‪ .‬تعزز هذه املعدالت التحليل الذي ي�ؤكد �أثر‬ ‫�إنخفا�ض ًا ملحوظ ًا خالل العقود الثالثة املا�ضية‪ ،‬من ‪6.2‬‬
‫العامل الثقايف والديني ب�شكل خا�ص يف ال�سلوك الإجنابي‬ ‫والدة حية لكل �إمر�أة يف الثمانينات �إىل ‪ 5.7‬يف �آخر تعداد‬
‫للأ�سرة‪.‬‬ ‫ر�سمي عام‪ ،1997‬لي�صل �إىل ‪ 4.2‬يف عام ‪ .2013‬لكنه ما‬
‫وي�سهم هذا املعدل مع الإجتاه العام نحو تف�ضيل الزواج‬ ‫زال يُعد من املعدالت املرتفعة حيث يزيد بحوايل ‪ %52‬عن‬
‫املبكر‪ ،‬يف رفع معدل اخل�صوبة العام ب�سبب طول الف�سحة‬ ‫املعدل العاملي البالغ ‪ 2.0‬والدة حية‪.‬‬
‫الزمنية املتاحة للإجناب‪ .‬وب�صفة عامة ف�إن املجتمعات‬ ‫ثمة جذر ثقايف عميق وراء هذا التحول الدميوغرايف‬
‫التي يبد�أ فيها الإجناب يف �سن مبكرة البد �أن ينتهي �أي�ض ًا‬ ‫البطيء يتحمل ال�شباب جانب ًا مهم ًا منه‪ .‬فمعدل اخل�صوبة‬
‫يف �سن مت�أخرة‪ ،‬لأن ذلك مرتبط بقيم �إجتماعية متوارثة‬ ‫املرتفع يرافق زيادة معدالت الزواج املبكر‪ ،‬وتعرث التحاق‬
‫ي�ضعف �إزاءها �أثر تعليم املر�أة املحدود‪ .‬ويُالحظ �إرتباط‬ ‫الفتيات يف الدرا�سة املتو�سطة وما بعدها‪ ،‬و�ضعف م�شاركة‬
‫معدل خ�صوبة ال�شابات مب�ستوى التعليم فريتفع �إىل ال�ضعف‬ ‫املر�أة يف القوى العاملة‪ ،‬كما �سنالحظ يف ف�صول التقرير‬
‫ملن ال يزيد تعليمهن عن الإبتدائية وينخف�ض �إىل ‪ 45‬طفل‬ ‫القادمة‪.‬‬
‫مقارنة مبن لديهن تعليم متو�سط ف�أكرث‪.‬‬ ‫وعند تناول الق�ضايا التي ت�ضمنها التعريف ال�شامل‬
‫يف الوقت الذي ميكن للقيم والتقاليد امل�شجعة للزواج‬ ‫لربنامج عمل م�ؤمتر القاهرة ‪ 1994‬للحقوق وال�صحة‬
‫املبكر وامليل املرتفع للإجناب �أن تف�سر ال�سلوك الإجنابي‬ ‫الإجنابية باعتبارها حالة رفاه كامل‪ ،‬تتك�شف حقائق‬
‫لل�شباب‪ ،‬فان �ضعف ثقافة ال�صحة الإجنابية لدى ال�شباب‬ ‫�أخرى ال ت�ؤ�شر اجتاهات �إيجابية منها �إن ما يزيد عن‬
‫وب�شكل خا�ص لدى ال�شابات يف�سر عدم �إدراكهم للت�أثريات‬ ‫‪ %25‬من الن�ساء يف �سن احلمل تزوجن دون �سن ‪� 18‬سنة‬
‫ال�سلبية ملخاطر احلمل املبكر و�إختيار الفرتة املنا�سبة بني‬ ‫ويرتبط بذلك بارتفاع ن�سبة احلمل املبكر وتكراره‪ ،‬وان‬
‫الوالدات‪ ،‬على الأو�ضاع ال�صحية للأمهات والأطفال وعلى‬ ‫ن�صف الن�ساء املتزوجات فقط يعرفن و�سيلة ملنع احلمل‪.‬‬
‫�أو�ضاع الأ�سرة االقت�صادية واالجتماعية‪ .‬لقد �أظهر امل�سح‬ ‫�إن م�ستوى �إ�ستعمال و�سائل تنظيم الأ�سرة يف العراق ما‬
‫الوطني للفتوة وال�شباب ‪ 2009‬نق�ص ًا معرفي ًا وا�ضح ًا لدى‬ ‫زال �أمامه �شوط طويل لي�صل �إىل امل�ستوى الذي ي�ساعد على‬
‫ال�شباب‪ ،‬فحوايل ن�صف املبحوثني يف العينة ال يعرفون ما‬ ‫�إنخفا�ض اخل�صوبة‪.‬‬
‫ ‪39‬‬ ‫العراق تقرير التنمية البشرية ‪2014‬‬
‫‪� 29-15‬سنة ‪ 8.7‬مليون �شاب و�شابة يف عام ‪ 2011‬وبن�سبة‬ ‫هي م�ؤ�شرات ال�صحة الإجنابية‪.33‬‬
‫‪ %28‬تقريب ًا من �إجمايل ال�سكان‪ ،‬ن�صفهم من الإناث‪.‬‬ ‫وعموم ًا يك�شف ذلك عن �ضعف �إدماج ق�ضايا ال�صحة‬
‫وتدل التنب�ؤات ال�سكانية �إن احل�صة الن�سبية لل�شباب‬ ‫اجلن�سية التي تخ�ص ال�شباب واملراهقني‪ ،‬وق�ضايا ال�سكان‬
‫�ست�ستمر بالتزايد قبل �أن تبد�أ بالثبات ثم تتجه �إىل الإنحدار‬ ‫عموم ًا باملقررات املدر�سية‪.‬‬
‫التدريجي‪ .‬حيث يتوقع �أن ي�صل عدد ال�شباب �إىل ‪17.6‬‬ ‫مع ذلك يالحظ ت�أثري الأو�ضاع الإقت�صادية �إىل حد ما‬
‫مليون ن�سمة �سنة ‪ 2040‬ت�شكل ن�سبة ‪ %27.1‬من �إجمايل‬ ‫يف االجتاه نحو تكوين �أُ�سر �أ�صغر حجم ًا‪ .‬كما ت�ؤكد تطلعات‬
‫ال�سكان‪.‬‬ ‫ال�شابات الرغبة يف �أ�سر �أ�صغر حجم ًا‪�ُ .‬سئلت ال�شابات‬
‫يالحظ �أن �سكان العراق احلايل �أكرث �شبابية فحوايل‬ ‫اليافعات يف امل�سح املتكامل للأو�ضاع االجتماعية وال�صحية‬
‫‪ %60‬هم دون اخلام�سة والع�شرين يف مقابل ‪ %54‬من‬ ‫للمر�أة العراقية (‪ )I-WISH‬عام ‪ 2011‬عن عدد الأطفال‬
‫ال�سكان يف البلدان العربية‪ ،‬و‪ %48‬بالن�سبة للبلدان النامية‪،‬‬ ‫املرغوب �إجنابه فكانت �إجابتهن بـ ‪ 3‬مواليد‪ .‬اال �إن الإجتاه‬
‫وهو ما يعني زخم ًا �أكرب للنمو ال�سكاين وعبئ ًا �أكرب على‬ ‫يف ال�سلوك الإجنابي (‪ )attitude‬لي�س كالتطبيق الواقعي‬
‫احلكومات لتلبية متطلبات ال�سكان وحقوقهم‪ .‬ومع االجتاه‬ ‫(‪.)practice‬‬
‫امللحوظ نحو �إنخفا�ض معدل الإعالة العمرية �إىل ‪ 77‬عام‬
‫‪ 2013‬مقارنة مع ‪ 93.3‬عام ‪ 1997‬فهو مرتفع �أي�ض ًا لأرتباطه‬ ‫ثانياً‪ :‬البنية العمرية للسكان فتية‬
‫مبتو�سط حجم الأ�سرة الذي �أنخف�ض بدوره من ‪ 7.7‬فرد ًا‬ ‫ت�شري اخل�صائ�ص ال�سكانية يف العراق �إىل �إن �سكان العراق‬
‫عام ‪� 1997‬إىل ‪ 6.1‬عام ‪.342013‬‬ ‫ظل عقود ًا طويلة فتي ًا‪ ،‬بلغ عدد ال�سكان يف الفئة العمرية‬
‫شكل ‪3.1‬‬
‫توزيع سكان العراق حسب الفئة العمرية‬

‫امل�صدر‪ :‬م�سح خارطة الفقر ووفيات الأمهات ‪IPMM-2013‬‬

‫بينّ يف هرم �سكان العراق بانح�سار ملمو�س يف الفئتني‬ ‫يالحظ من خالل ال�شكل ‪� 3.1‬إرتفاع ن�سبة الفئة العمرية‬
‫العمريتني احلاليتني ‪ 55-45‬حني تنح�سر �أعداد الذكور يف‬ ‫‪ 14-10‬مقارنة بالفئتني الأعلى‪ ،‬مما يعني �أنَّ معظمهم يف‬
‫الفئة العمرية احلالية ‪ 50-45‬التي دفعت يف الثمانينات‬ ‫مرحلة املراهقة‪ ،‬والتي تتطلب توفري برامج وم�شروعات‬
‫ع�شرات الآالف من �أفرادها يف حمرقة احلرب العراقية‪-‬‬ ‫معينة تت�صل ب�إعدادهم �صحي ًا وتعليمي ًا وتربوي ًا‪ .‬يف حني‬
‫الإيرانية وبعدها يف حرب اخلليج ‪ .1991‬غري �أن الت�أكيد‬ ‫جند �أن �إحتياجات الفئتني العمريتني الأعلى ‪19-15‬‬
‫على ظاهرتي الوالدات والهجرة يف هذا الف�صل �إمنا تنطلق‬ ‫و‪� 24-20‬سنة تختلف ب�سبب وقوفهما على �أعتاب مرحلة‬
‫من �إدراك الأدوار املتوقعة لتبني �سيا�سات �سكانية ترجح‬ ‫جديدة تتطلب الإختيار بني العمل و�إكمال الدرا�سة وتكوين‬
‫ك ّفة �إحداث التوازن يف منوال�سكان من جانب‪ ،‬وت�سخر ر�أ�س‬ ‫الأ�سرة‪.‬‬
‫املال الب�شري الأكرث فاعلية‪ ،‬وهم �شبابها و�شاباتها الذين‬ ‫ً‬
‫�إن ظاهرة الوفيات ت�شكل واحدا من العنا�صر الأ�سا�سية‬
‫تبدّدت جهود بنائهم وت�أهيلهم حتت وط�أة التهجري والهجرة‬ ‫الثالثة التي حتكم م�سرية التحوالت الدميوغرافية يف �أي‬
‫بلد‪ ..‬ومع �إدراك �آثار احلروب التي �شهدها العراق على‬
‫�إىل املنايف‪.‬‬
‫مدى عقدين �أويزيد‪ ،‬نالت من �شريحة ال�شباب وهو يف النافذة السكانية‪ :‬هل هي هبة حقا ً؟‬
‫تخ�صر تفر�ض زيادة عدد ال�شباب حتديات تنموية مثلما توفر فر�صاً‬
‫كل حني حطبُ احلروب‪ ،‬ولي�س �أد ّل على ذلك من ّ‬
‫العراق تقرير التنمية البشرية ‪2014‬‬ ‫‪ 40‬‬
‫با�ستجابة ال�سيا�سات الإجتماعية والإقت�صادية لها يف‬ ‫لها‪ ،‬وميكن �أن ت�ؤتي ثمارها مع و�صولهم �إىل �سن العمل‪.‬‬
‫التوقيت املنا�سب ‪ 41‬ومن اجلدير باملالحظة �إن التحول يف‬ ‫فعندما تنكم�ش ن�سبة ال�سكان ممن هم خارج قوة العمل‬
‫الرتكيب العمري يف حالة العراق من املتوقع �أن ي�ستمر لأكرث‬ ‫مقارنة بال�سكان داخل قوة العمل‪ ،‬ي�صبح بالإمكان زيادة‬
‫من جيل‪ ،‬وذلك لعوامل تتعلق بالإنخفا�ض البطيء ملعدالت‬ ‫الإنتاجية وزيادة حجم الدخل وهذا ما تطلق عليه الأدبيات‬
‫اخل�صوبة واالرتفاع يف متو�سط العمر املتوقع‪.‬‬ ‫ال�سكانية بـ"الهبة الدميوغرافية" التي �ستتبع �إنخفا�ض‬
‫بلغت ن�سبة ال�سكان بعمر ‪� 64-15‬سنة يف العراق ‪%56.4‬‬ ‫معدالت اخل�صوبة بعد م�ضي ‪ 25-15‬عام ًا‪ ،‬ثم تعود �أعمار‬
‫ولذا فقد دخل العراق نطاق النافذة الدميوغرافية ومن‬ ‫ال�سكان لالرتفاع ويرتفع معدل الإعالة‪ .‬لذا ي�شري خرباء‬
‫امل�ؤمل �أن يدخل النافذة الدميوغرافية بحلول عام ‪2023‬‬ ‫ال�سكان �إىل �إن املدة الزمنية التي متتد ما بني ‪ 40-30‬عام ًا‬
‫ينظر خمطط ‪.3.1‬‬ ‫والتي تتميز بارتفاع ن�سبة ال�سكان يف �سن العمل ُتعد فر�صة‬
‫دميوغرافية للنموالإقت�صادي‪ ،‬لكنها بالت�أكيد م�شروطة‬
‫مخطط ‪3.1‬‬
‫سيناريودخول العراق نطاق الهبة الديموغرافية‬

‫امل�صدر‪� :‬أ�ستنبطت الفكرة من التقرير الوطني حلال التنمية الب�شرية ‪� ،2008‬إطار ‪� ،2.6‬ص‪68‬‬

‫و�إن التباين بني املحافظات يف م�ؤ�شرات التنمية الب�شرية‬ ‫ثالثاً‪ :‬حركة السكان والهجرة‬
‫والفقر متعدد الأبعاد الذي الحظناه يف الف�صل الثاين‬
‫يعك�س يف حقيقة الأمر‪ ،‬تباين م�ستوى اخلدمات ال�صحية‬ ‫الهجرة الداخلية‬
‫والتعليمية وعدم �إت�ساقها مع �إحتياجات ال�سكان (�أنظر‬ ‫يف غياب التعداد العام لل�سكان‪ ،‬ال ميكن ر�صد حركة ال�سكان‬
‫م�صفوفة االرتباط جدول ‪ 7‬امللحق الإح�صائي)‪ ،‬ويف�سر �إىل‬ ‫الداخلية بني املحافظات وبني الريف واحل�ضر �أو ت�شخي�ص‬
‫حد كبري الفروقات بينها يف �أدلة التنمية الب�شرية (جدول ‪1‬‬ ‫ن�سبة ال�شباب بينها على نحو �شامل‪ ،‬كما ال تتوفر بيانات‬
‫امللحق االح�صائي)‪.‬‬ ‫دقيقة عن عدد النازحني داخلي ًا �أواملُهج ّرين ق�سر ًا من‬
‫يرتك الإختالل يف توزيع ال�سكان بني املحافظات �آثاره‬ ‫ال�شباب‪� .‬أال �إنه من الوا�ضح �إن النزوح والهجرة والتهجري‬
‫املبا�شرة على توزيع ال�شباب جغرافي ًا اي�ض ًا‪ .‬فما زالت‬ ‫التي ح�صلت مبعدالت عالية �أدت �إىل �إختالالت مهمة يف‬
‫العا�صمة بغداد حتتفظ بهيمنتها وب�صورة جلية على‬ ‫التوزيع اجلغرايف لل�سكان‪.‬‬
‫�أعلى ن�سبة ل�شريحة ال�شباب ‪ %21.4‬حمتلة املرتبة الأوىل‬ ‫رافق الزيادة يف ال�سكان �إختالالت يف التوزيع اجلغرايف‬
‫على عموم حمافظات العراق‪ .‬بالرغم من �إن م�ساحتها‬ ‫من مظاهرها‪ :‬هيمنة تكتل �سكاين واحد‪ ،‬هو العا�صمة وما‬
‫ال ت�شكل �سوى ‪ %1‬من م�ساحة العراق الكلية‪ ،‬لكن تركز‬ ‫حولها‪ ،‬وبروز ظواهر الرتكز يف املدن الكربى‪ ،‬والرتهل‬
‫الأن�شطة احلكومية واالقت�صادية وفعاليات �أخرى جعل لها‬ ‫املديني ومنو الع�شوائيات يف �أطراف املدن وحميطها‪ .‬الأمر‬
‫احلظ الأوفر ل�صايف الهجرة الداخلية من بني املحافظات‬ ‫الذي �أنعك�س على تدين م�ستوى اخلدمات وتدهور البيئة‪ .‬وال‬
‫الأخرى‪ .‬وب�صورة عامة يعي�ش ‪ %39‬من �شريحة ال�شباب يف‬ ‫تخ�ص هذه الظاهرة العراق فح�سب بل هي حم�صلة اجليل‬
‫املحافظات الثالث التي فيها املدن الرئي�سة‪ ،‬بغداد واملو�صل‬ ‫الأول من �أ�سرتاتيجيات التنمية التي �أنحازت لر�أ�س املال ومل‬
‫والب�صرة‪ .‬يف حني �إن هناك ثالث حمافظات ت�شكل ن�صف‬ ‫ت�ضع الإن�سان يف حمورها‪.‬‬
‫م�ساحة العراق لكن ن�صيبها من ال�شباب يبلغ حوايل ‪%11‬‬
‫فقط‪ ،‬وهي حمافظات الأنبار واملثنى والنجف‪.‬‬
‫ ‪41‬‬ ‫العراق تقرير التنمية البشرية ‪2014‬‬
‫الع�شرة املا�ضية حركة نزوح داخلية غري م�سبوقة �سواء‬ ‫النزوح والتهجير القسري‬
‫يف عام ‪ 2013‬وبح�سب ن�شرة بعثة الأمم املتحدة يف العراق‪ ،‬بني املحافظات �أوداخل املحافظة نف�سها‪ .‬يبني ال�شكل ‪3.2‬‬
‫ما يزال هناك ما يزيد عن مليون نازح داخلي ًا يف العراق‪� ،‬إن ‪ %60‬من ال�سكان مل يغريوا حمل �إقامتهم‪� ،‬أما الذين‬
‫غريوا حمل �إقامتهم خاللها في�صل �إىل ‪ .%40‬كانت ن�سبة‬ ‫معظمهم يف بغداد ودياىل ونينوى‪.35‬‬
‫فقد �سببت النزاعات امل�سلحة على مدى ال�سنوات النازحني الأعلى ‪ %21.3‬قد غريوا حمل �أقامتهم خالل‬
‫ال�سنوات ‪ 10-6‬ال�سابقة لعام ‪.2013‬‬
‫شكل ‪3.2‬‬
‫توزيع السكان حسب مدة تغيير محل اإلقامة‬

‫امل�صدر‪ :‬م�سح خارطة الفقر ووفيات الأمهات ‪IPMM- 2013‬‬

‫وتعزى ‪ %25‬من جمموع �أ�سباب الإنتقال �إىل النزاع الأ�سرة‪ 36‬ينظر �شكل ‪.3.3‬‬
‫امل�سلح والتهجري الق�سري والتهديد‪ ،‬و‪ %36.5‬ملرافقة‬
‫شكل ‪3.3‬‬
‫أسباب تغيير محل اإلقامة‬

‫امل�صدر‪ :‬م�سح خارطة الفقر ووفيات الأمهات ‪IPMM-2013‬‬

‫�أكرث املحافظات الطاردة لل�سكان تليها حمافظة نينوى التي‬ ‫ويبدو �إن هذا احلراك ال�سكاين الذي �أرتبط بالنزاعات‬
‫ماتزال ُتعد �أكرث املحافظات �إ�ضطراب ًا يف و�ضعها الأمني‬ ‫امل�سلحة وتردي الأو�ضاع الأمنية عموم ًا‪ ،‬قد �ساهم يف تغيري‬
‫وال�سيا�سي ‪.‬‬ ‫طبيعة املحافظات بني جاذبة وطاردة لل�سكان بالقيا�س �إىل‬
‫كما ال تقدم ن�سب االنتقال لأ�سباب كالعمل ‪� %8.6‬أو �سوء‬ ‫الو�ضع الأمني الذي رمبا يف�سر النزوح من نينوى �أوالنزوح‬
‫اخلدمات ‪ %1.2‬مربر ًا كافي ًا لتحليل حركة ال�سكان‪ ،‬وحركة‬ ‫�إىل �صالح الدين ودهوك‪ .‬يالحظ من ال�شكل ‪� 3.4‬أن‬
‫ال�شباب �أي�ض ًا‪ ،‬على �أ�سا�س العامل الإقت�صادي‪.‬‬ ‫حمافظة دهوك هي من �أكرث املحافظات اجلاذبة لل�سكان‬
‫تليها حمافظة �صالح الدين‪ ،‬و ُتعد حمافظة ذي قار من‬

‫العراق تقرير التنمية البشرية ‪2014‬‬ ‫‪ 42‬‬


‫شكل ‪3.4‬‬
‫صافي الهجرة بين المحافظات حسب محل اإلقامة السابق‬

‫امل�صدر‪ :‬م�سح خارطة الفقر ووفيات الأمهات ‪IPMM-2013‬‬

‫ال تختلف �أ�سباب تغيري �إقامة ال�شباب �سوى يف �إرتفاع ‪ %20‬وال ميثل العمل ونق�ص اخلدمات �سوى ‪ %4‬من جمموع‬
‫ن�سبة مرافقة الأ�سرة �إىل ‪ %47‬يف احل�ضر و‪ %38‬يف الريف‪� ،‬أ�سباب �إنتقال ال�شباب‪.‬‬
‫يليه يف الأهمية الرتحيل والتهجري الق�سري �أوالعودة منه‪،‬‬
‫شكل ‪3.5‬‬
‫أسباب تغيير محل االقامة المعتاد للسكان الشباب (‪ )29-15‬سنة‬

‫امل�صدر‪ :‬م�سح خارطة الفقر ووفيات الأمهات ‪IPMM-2013‬‬

‫وجود عالقة متوازنة بني حجم ال�سكان واملوارد املتاحة‬ ‫هجرة الشباب إلى الخارج‪ :‬خسارة‬
‫�إىل حد ما (والتي يف�سر غيابها الكثري من حاالت الهجرة‬
‫يف�سر اىل حد كبري هجرة‬‫الدولية) ف�إن العامل الإقت�صادي ّ‬
‫في الثروة الحقيقية‬
‫ال�شباب والكفاءات �أثناء احل�صار يف عقد الت�سعينات وتعد‬ ‫�أ�شار تقرير الأمني العام للأمم املتحدة ‪� 91‬إىل �أن الهجرة‬
‫هجرة طوعية‪� .‬إال انه ال يكفي وحده لتف�سري منط هجرة‬ ‫متنح ال�شباب فر�صة اال�ستفادة من منافع العوملة وزيادة‬
‫العراقيني (وال�شباب حتديد ًا) �إىل اخلارج منذ عام ‪2003‬‬ ‫رفاههم �أمال يف احل�صول على فر�ص �أف�ضل‪ .‬وقد زاد تدفق‬
‫والتي تعزى اىل الهجرة‪ 37‬الق�سرية واللجوء وقد حدثت‬ ‫املهاجرين عرب العامل بف�ضل تكامل الإقت�صاد العاملي‪ .‬مل‬
‫ب�شكل موجات وخ�صو�ص ًا بعد عام ‪ 2003‬وذلك "هروب ًا‬ ‫ي�شهد العراق يف تاريخه احلديث موجات هجرة �سكانية‬
‫من العنف الذي بد�أ مبكر ًا من قبيل العمليات الإرهابية‪،‬‬ ‫حتى وقت قريب‪ .‬رمبا بت�أثري من ثقافة معينة ال ت�شجع‬
‫واجلرمية املنظمة‪ ،‬والعنف الطائفي والتهجري الق�سري‬ ‫الهجرة �أوغياب التطلعات �إليها ف�ض ًال عن قيود قانونية‬
‫‪ "21‬وبالرغم من عدم وجود �أرقام ر�سمية دقيقة تف�صح‬ ‫�أو�إدارية فر�ضتها ال�سلطات احلكومية‪ ،‬ومع �إدراك حقيقة‬

‫ ‪43‬‬ ‫العراق تقرير التنمية البشرية ‪2014‬‬


‫‪( ،2012‬جدول ‪ 16‬جداول �إ�ستطالع الر�أي) �إن ن�سبة‬ ‫عما و�صلت �إليه البيانات عن الالجئني العراقيني‪� ،‬إال �أن‬
‫ال�شباب للأعمار من ‪� 29-15‬سنة الراغبني بالهجرة على‬ ‫ما يالحظ يف التقارير والدرا�سات الدولية يدعونا �إىل‬
‫م�ستوى العراق تبلغ ‪ %22.2‬وهي ‪ )%28.7‬للذكور مقابل‬ ‫الإ�ستنتاج �أن هناك ن�سبة ال ي�ستهان بها من �شريحة ال�شباب‬
‫‪ %13.7‬للإناث)‪ ،‬كما �إنها تبلغ يف احل�ضر ‪ %23.5‬ويف‬ ‫(الذكور خ�صو�ص ًا) وعلى خمتلف م�ستوياتهم التعليمية‪،‬‬
‫الريف ‪ %18.8‬ومن اجلدير باملالحظة �إن رغبة �شباب �إقليم‬ ‫قد هاجر �إىل اخلارج‪ 38‬ال�سيما �إرتفاع هجرة الكفاءات‬
‫كرد�ستان يف الهجرة �إىل اخلارج تبلغ ‪ %35.5‬لتفوق رغبة‬ ‫الوطنية �إىل اخلارج وبالأخ�ص هجرة الكفاءات العاملة يف‬
‫�شباب املحافظات الأخرى يف العراق ‪ %19.9‬وهوما يدل �إن‬ ‫القطاعات احليوية كال�صحة والتعليم والبحث العلمي‪ ،‬مما‬
‫الدافع �إىل الهجرة مركب‪ ،‬وال يقت�صر على الدافع الأمني‬ ‫كان له تداعيات �سلبية عدّة على �أداء هذه القطاعات‪.39‬‬
‫وال الدافع املعي�شي لأن �إقليم كرد�ستان �أكرث �أمن ًا و�أقل فقر ًا‬
‫من باقي املحافظات‪ ،‬بل ثمة عوامل �أخرى تتعلق بالقدرة‬ ‫لماذا يرغب الشباب بالهجرة‬
‫على توفري متطلبات الهجرة‪ ،‬والطموح �أوامل�شروع الفردي‬ ‫�إن عقود ًا من عدم الإ�ستقرار يف العراق‪� ،‬أ�س�ست لتوجه‬
‫للراغب بالهجرة‪ ،‬والذي قد ال يتبلور �أحيان ًا �إال بعد جتاوز‬ ‫ال�شباب ‪�/‬أو�إظهار الرغبة التواقة للهجرة نحو اخلارج‪.‬‬
‫عتبة توفري متطلبات احلياة الأ�سا�سية‪.‬‬ ‫�أ�شارت نتائج م�سح �إ�ستطالع ر�أي �أو�ضاع وتطلعات ال�شباب‬
‫شكل ‪3.6‬‬
‫أسباب الرغبة بالهجرة‬

‫امل�صدر‪ :‬م�سح �إ�ستطالع ر�أي �أو�ضاع وتطلعات ال�شباب ‪YS-2012‬‬

‫كيف يري الشباب المهجرون أو‬ ‫من �أهم الأ�سباب التي تدفع ال�شباب اىل الهجرة اىل‬
‫النازحون‪ ،‬أوضاعهم وما هي‬ ‫اخلارج هو �إحتمال احل�صول على (دخل �أعلى �أوفر�ص‬
‫تطلعاتهم؟‬ ‫عمل �أف�ضل) و(عدم وجود فر�ص عمل) حيث �شكلت ن�سبة‬
‫�سعى فريق العمل خالل �إعداد التقرير اىل ر�صد تطلعات‬ ‫‪ %45.3‬على م�ستوى العراق وكانت ن�سبة الذكور ‪� %50‬أما‬
‫ال�شباب وهمومهم يف جل�سات احلوار واال�ستماع‪ .‬وحيث‬ ‫الإناث ف�أقل من الذكور ‪ %32.6‬و�أعلى ن�سبة كانت �ضمن‬
‫�إن الأردن و�سوريا من �أهم الدول التي نزح اليها عدد كبري‬ ‫الفئة العمرية ‪� 29-25‬سنة حيث �شكلت ن�سبتها ‪%26.7‬‬
‫من العراقيني‪ ،‬وال�شباب منهم على نحو خا�ص ومع تعذر‬ ‫مقارنة بالفئة العمرية ‪� 19-18‬سنة كانت ‪ %20‬الأمر الذي‬
‫�إ�ستطالع �آراء ال�شباب العراقيني يف �سوريا ب�سبب الأحداث‬ ‫يتفق مع الرغبة يف �إكمال الدرا�سة واحل�صول على �شهادة‬
‫ال�سيا�سية والأمنية امل�ضطربة‪ ،‬عقدت جل�سة حوار فاعلة‬ ‫جامعية و�أي�ض ًا الزواج‪.‬‬
‫ملجموعة من ال�شباب العراقيني يف العا�صمة عمان‪ ....‬ماذا‬
‫طرح ه�ؤالء ال�شباب يف تلك اجلل�سة؟‬

‫العراق تقرير التنمية البشرية ‪2014‬‬ ‫‪ 44‬‬


‫صوت الشباب‬
‫‪ 1‬الشباب العراقيون في األردن‪ :‬رؤية مختلفة‬
‫توجد �سهولة يف اجلمع بني الدرا�سة والعمل مقارنة بالعراق‪ .‬و�إمكانية التنقل بني‬ ‫كانت جل�سة احلوار مع جمموعة من ال�شباب العراقيني من اجلن�سني (‪18‬‬
‫�أعمال خمتلفة بحريّة غري متوفرة يف العراق حاليا خا�صة بالن�سبة للفتيات"‪.‬‬ ‫من الذكور و‪ 11‬من الإناث)‪ ،‬منهم طلبة �إعدادية وجامعيون و�أ�صحاب حرف‬
‫احلرية هي الكلمة ال�سحرية‪ .‬ت�شرح النا�شطة املدنية امل�شاركة �إح�سا�سها‬ ‫ومنتمون اىل منظمات‪ ،‬مقيمون �أو يحملون �إقامات م�ؤقتة‪ ،‬وبع�ضهم الجئون يف‬
‫عندما تلتقي عائلتها �أثناء زياراتها �إىل بغداد‪" :‬ينظرون �إيل نظرة فيها ريبة‪.‬‬ ‫�إنتظار الهجرة الدائمة �إىل دولة �أخرى‪ .‬قال بع�ضهم �إن الهجرة مكنتهم من‬
‫ي�شعرون �إين غريبة عنهم‪ ،‬قريباتي و�صديقاتي ال يعجبهم حتى احلجاب الذي‬ ‫الإبتعاد م�سافة عن التفا�صيل اليومية ال�ضاغطة على وعيهم‪ ،‬وجعلتهم قادرين‬
‫�أ�ضعه على ر�أ�سي‪ ،‬يعتربونه غري منا�سب!! ول�ست افهم ملاذا ف�إنا متدينة وارتدي‬ ‫على ممار�سة نوع النقد املختلف لواقعهم وواقع جمتمعهم‪.‬‬
‫احلجاب عن اقتناع ول�ست افهم هذه املبالغة"‪ .‬وي�ؤكد �شاب هذه الإح�سا�س‪:‬‬ ‫تقول �إحدى ال�شابات يف �أول رد فعل على �أ�سئلة فريق العمل الذي كان‬
‫"�إنهم ينظرون �إلينا ك�أننا غرباء‪ ،‬ك�أننا ال ن�شبههم ملجرد �إننا نعي�ش الآن يف‬ ‫يحاورهم‪" :‬الإقامة يف الأردن فتحت عيوننا على �أ�شياء كثرية مل نكن ننتبه لها‬
‫االردن"‪ .‬الإح�سا�س املتطرف بهوية منغلقة على الذات �أمر �شائع يف الفرتات‬ ‫�أثناء وجودنا يف العراق‪� ،‬أومل نكن جندها فيه"‪ .‬وتتفاعل املجموعة ب�سرعة مع‬
‫ال�صعبة والنزاعات التي لها طابع �أهلي‪ .‬التطرف هو �سيد املواقف‪ ،‬وال يخلو‬ ‫هذا الر�أي‪" :‬ميكن لنا هنا ان نتحدث بحرية عما نعانيه على ال�صعيد النف�سي‬
‫ذلك من �شعور باالزدراء ورمبا بع�ض "الكراهية" جتاه كل ما هو خمتلف‪� ،‬سواء ًا‬ ‫وال�شخ�صي (�أفراحنا و�أحزاننا وك�آبتنا)‪ .‬وكلها �أ�شياء ال ميكن لنا التعبري عنها‬
‫كان هذا املختلف �صاحب ثروة �أكرب‪� ،‬أو �صاحب فر�صة عمل منا�سبة‪� ،‬أو �أتيحت‬ ‫يف العراق"‪ .‬ت�ضيف �شابة �أخرى‪" :‬ال توجد هنا مظاهر دينية �أومذهبية جتعلك‬
‫له فر�صة التعليم‪� ،‬أو �أرتدى لبا�س ًا �أكرث حرية �أو �ألوان ًا‪ .‬هي �آلية معروفة للدفاع‬ ‫ت�شعر ب�أنك تنتمي �أوال تنتمي لطائفة معينة"‪ .‬ويعقب م�شارك �شاب‪" :‬ن�شعر‬
‫عن النف�س وحت�صني القناعات والإندماج يف بيئة �إجتماعية تتقل�ص دائرتها‬ ‫هنا باحلنني �إىل بع�ضنا البع�ض‪� ،‬أكرث مما كنا ن�شعر بذلك يف بغداد"‪ .‬ال‬
‫من العامل‪� ،‬إىل الوطن‪� ،‬إىل الدين‪� ،‬إىل القبلية‪� ،‬إىل الع�شرية‪� ،‬إىل احلزب‪� ،‬إىل‬ ‫يتعلق الأمر بالغربة عن الوطن التي جتعل املهاجرين �أكرث تقاربا فح�سب‪ ،‬انه يف‬
‫الطائفة‪ ...‬الخ‪� ،‬أو �إىل مزيج مركب مع بع�ض هذه االنتماءات‪.‬‬ ‫احلالة العراقية تعبري عن رف�ض االنق�سام ال�سيا�سي ذي الطابع املذهبي الذي‬
‫ومع تعبريهم عن �إرتياحهم بـ «احلرية» ف�إنهم قلقون من امل�ستقبل‪ .‬ي�شكون‬ ‫يعتربونه غري منطقي‪.‬‬
‫من �إجراءات الإقامة واللجوء �إىل دول �أخرى وعدم توفر فر�ص عمل جمزية �أو‬ ‫ي�ضيف ال�شاب العامل امل�شجع للريا�ضة الذي ي�شارك يف االجتماع‪:‬‬
‫متنا�سبة مع م�ؤهالتهم‪ ،‬ومن التمييز يف املعاملة الذي ي�شعر به الالجئون منهم‪.‬‬ ‫ان االنق�سام الوحيد الذي يفرق ال�شباب العراقيني يف الأردن هو لي�س الطائفة‬
‫وال ين�سى ال�شباب �إن بودهم �أن يقدموا م�ساهماتهم خلدمة العراق وهم‬ ‫�أوالعرق �أوالدين �أواالنتماء ال�سيا�سي‪ ،‬بل االنق�سام بني م�شجعني لفريق ريال‬
‫يف الأردن لكنهم ال ي�ستطيعون! وباملقابل ف�إنهم ومن خالل الأعمال التطوعية‬ ‫مدريد وم�شجعني لفريق بر�شلونة‪� .‬إنها طريقة يف التعبري عن رف�ض االنق�سام‬
‫يقدمون اخلدمة للمجتمع العراقي يف الأردن‪.‬‬ ‫ال�سائد يف العراق ال �أكرث‪ .‬ففي االجتماع يف عمان‪ ،‬كانوا �شبانا و�شابات‪ ،‬طالبا‬
‫�س�ألنا امل�شاركني‪ ،‬ما هو ال�شيء املوجود يف العراق الآن‪ ،‬وال ترغبون بوجوده‪،‬‬ ‫ونا�شطني وعماال وعاطلني عن العمل‪ ،‬وكانوا �سنة و�شيعة م�سيحيني و�صابئة‪،‬‬
‫وال تريدون له ان يبقى م�ؤثر ًا يف بلدكم؟‬ ‫عربا واكرد ًا وتركمان ًا‪ .‬ول�سبب ما بد�أ مثل هذا االجتماع م�ستحي ًال بالن�سبة‬
‫�أنهالت الإجابات ب�سرعة ودون ترتيب‪" :‬الطائفية‪ ،‬الف�ساد‪ ،‬الأداء احلكومي‬ ‫�إليهم عندما كانوا يف العراق‪ .‬ثمة ما هو �أقوى منهم يحول دون لقائهم‪.‬‬
‫ال�سيئ‪ ،‬املحا�ص�صة‪� ،‬إ�ستغالل الدين‪ ،‬النفط‪ ،‬اجلهل‪ ،‬تدخل دول اجلوار‪،‬‬ ‫"هنا جتاوزنا انق�ساماتنا‪ ،‬ومنظمات املجتمع املدين هنا جتمع العراقيون على‬
‫البطالة‪ ،‬التجزئة‪ ،‬احلواجز الكونكريتية"‪ .‬هي كلمات منفردة ال ت�شكل من‬ ‫اختالفهم وتنوعهم"‪ ،‬ت�ضيف �إحدى امل�شاركات‪ :‬اللقاء ممكن خارج العراق‬
‫الناحية اللغوية جملة مفيدة‪ ،‬ولكنها �أكرث من برنامج �أولويات للتنمية ال�شاملة‪.‬‬ ‫(املكان) وخارج ال�سيا�سة (يف منظمات املجتمع املدين)‪.‬‬
‫ولكي تكتمل ال�صورة‪ ،‬نطرح ال�س�ؤال الثاين‪ :‬ما هي الأ�شياء التي تتمنون‬ ‫لكل واحد منهم ق�صته اخلا�صة للهجرة‪� ،‬أوالأ�صح للتهجري‪ ،‬ال تخلومن‬
‫وجودها يف العراق الآن؟ �أي�ضا تنهال الأجوبة بالطريقة نف�سها‪:‬‬ ‫امل�آ�سي‪ .‬فهذه هاجرت يف عز موجة ال�صدامات الطائفية‪ ،‬وذاك تعر�ض للخطف‬
‫"�أن يعود العراق كما كان يف �سبعينات القرن املا�ضي‪ ،‬عراق �آمن‪ ،‬عراق‬ ‫وهو يعتقد �إن �أحد �أ�صدقائه �ضالع يف ذلك‪ ،‬وثالث تعر�ض �أفراد عائلته للقتل‪،‬‬
‫منفتح‪ ،‬عودة التعاون والت�سامح والت�ضامن بني النا�س‪ ،‬خدمات جيدة يف خمتلف‬ ‫و�آخر �سدت �سبل الرزق بالكامل �أمامه‪ .‬كل �أتى من منطقة ومن بيئة معينة‬
‫املجاالت‪ ،‬بيئة مالئمة للزراعة‪ ،‬احلياة الإجتماعية ال�سابقة‪ ،‬النزاهة والإخال�ص‬ ‫خمتلفة عن الآخر‪ ،‬لكنهم جميع ًا ي�شرتكون يف التعر�ض للعنف ب�أ�شكاله املختلفة‬
‫يف العمل‪ ،‬عودة �أنهار العراق �إىل ما كانت عليه‪ ...‬الخ"‪ .‬ال مفاج�أة �أي�ض ًا‪ .‬حتى‬ ‫الذي دفعهم �إىل الهجرة‪ ،‬رغم ًا عنهم يف الغالب «عندما قرر �أهلي مغادرة‬
‫يف رد الفعل الغريزي بالعودة �إىل �سبعينات القرن املا�ضي يجب قراءتها يف �ضوء‬ ‫بغداد‪ ،‬عار�ضت ذلك بقوة‪ ،‬و�أرغموين على الهجرة معهم‪ ،‬و�أ�ص ًال لي�س لدي‬
‫ما �أتى بعدها‪ .‬هي حنني م�شروع �إىل الأمن والرفاهية واحلريات الإجتماعية‪،‬‬ ‫خيار �آخر‪ .‬الآن �أقتنعت �إنهم كانوا على حق» تقول �إحدى امل�شاركات‪.‬‬
‫والتي مل تكن م�ضمونة يف تلك الأيام �أي�ض ًا حني كانت فيها م�شكالت خطرية‬ ‫النا�شطون يف العمل الأهلي واملدين ي�شعرون باالختالف بدرجة �أعلى رمبا‬
‫تتعلق باحلرية والدميقراطية وامل�ساواة بني النا�س وان ب�أ�شكال خمتلفة عن ما‬ ‫بحكم عملهم‪":‬‬
‫هو قائم حالي ًا‪ .‬ولكن هذا احلنني على "املا�ضي الذهبي" هو �أي�ضا جزء من‬ ‫"ن�شعر هنا باهتمام الآخرين بنا كمنظمات املجتمع املدين واملنظمات‬
‫ثقافة �أزمنة الأزمات واحلروب‪� ،‬إذ عندما يكون امل�ستقبل قامت ًا وغري �أكيد‪،‬‬ ‫الدولية‪ ،‬كما ان العمل التطوعي هنا منظم ويحظى باالحرتام على عك�س‬
‫وعندما ال يجد ال�شباب ب�صي�ص �أمل وثقة يف قدرتهم على التغيري‪ ،‬يجري‬ ‫العراق‪ .‬وهذا العمل يتيح لنا خدمة العراقيني قبل الآخرين"‪ .‬ال يتعلق الأمر‬
‫�إ�سقاط الأحالم امل�ستقبلية على التاريخ‪ .‬فالعودة �إىل املا�ضي (امل�ستحيلة واقع ًا)‬ ‫بالهروب من امل�س�ؤولية‪ ،‬ال بل على العك�س من ذلك‪� ،‬إنها احلاجة �إىل خدمة‬
‫ال تطرح �إال عندما يبدوامل�ستقبل الأف�ضل م�ستحي ًال‪.‬‬ ‫املجتمع‪ ،‬ال بل القدرة على خدمة املجتمع ويف الوقت نف�سه حتقيق الذات‪" :‬هنا‬

‫ ‪45‬‬ ‫العراق تقرير التنمية البشرية ‪2014‬‬


‫املتوقع‪� .‬ص‪.35-34‬‬ ‫كيف تستجيب السياسات العامة‬
‫ •ت�ستوعب الإ�سرتاتيجية الوطنية لل�شباب ‪2020-2013‬‬
‫البعد الدميوغرايف ‪ 27‬يف مربرات و�ضعها‪ ،‬فت�شري �إىل‬ ‫الى التحديات الديموغرافية‬
‫"فر�صة الهبة الدميوغرافية التي تتطلب جهود ًا لإعداد‬ ‫يزداد الوعي احلكومي واملجتمعي ب�أهمية الت�صدي للتحديات‬
‫ر�أ�س املال الب�شري معرفي ًا ومعلوماتي ًا ومهاري ًا وتو�سيع‬ ‫الدميوغرافية يف ت�أثريها على التنمية الب�شرية‪ .‬يبدو �إن‬
‫م�شاركة ال�شباب يف العمل‪ ،‬وزيادة معدالت الإنتاجية‪،‬‬ ‫هناك �إدراك ًا �أو�سع لأثر اخل�صوبة العالية على معدالت‬
‫وحتقيق خف�ض حقيقي يف معدالت الإعالة االقت�صادية‪".‬‬ ‫الإعالة الإقت�صادية‪ ،‬وملخاطر هجرة ال�شباب و�ضرورة‬
‫�أنظر الإ�سرتاتيجية الوطنية لل�شباب‪� ،‬ص ‪.11‬‬ ‫التوا�صل مع املهاجرين‪ ،‬عدم �إ�ستقرار التوزيع اجلغرايف‬
‫ •�إ�سرتاتيجية ال�صحة الإجنابية‪.‬‬ ‫لل�سكان‪ ،‬وكيفية التهي�ؤ ملتطلبات النافذة الدميوغرافية‪.‬‬
‫ •ويف �سياق الإهتمام بالتحديات الدميوغرافية ي�أتي‬ ‫ •ت�ستجيب خطة التنمية الوطنية ‪ 2017-2013‬للتحديات‬
‫ت�شكيل املجل�س الأعلى لل�سكان يف عام ‪� ،2013‬إدراك ًا‬ ‫الدميوغرافية من خالل �أهدافها يف‪ :‬دمج املعطيات‬
‫لأهمية العالقة املتبادلة بني ال�سكان والتنمية �إطار ‪.3.1‬‬ ‫ال�سكانية يف اخلطط والربامج التنموية‪ ،‬الت�أثري‬
‫التدريجي يف معدالت منو ال�سكان‪ ،‬ورفع متو�سط العمر‬
‫إطار ‪3.1‬‬
‫وثيقة السياسات السكانية‪ ،‬إيقاف لحقبة تجاهل قضايا السكان‬
‫وحتقيق توجهات الأهداف التنموية للألفية وخطة العمل الدولية لل�سكان‬ ‫على مدى عقود مل تول حكوماتها املتعاقبة �أهمية خا�صة لل�سيا�سات‬
‫والتنمية وتت�ضمن وثيقة ال�سيا�سة ال�سكانية التي �أقرت يف مطلع عام ‪ 2013‬على‬ ‫ال�سكانية بالقدر الذي توليه الدول الأخرى‪ .‬ومل تكن متحم�سة للأخذ مبقررات‬
‫املبادئ الأ�سا�سية الآتية‪:‬‬ ‫وتو�صيات امل�ؤمترات والندوات الدولية املعنية باملو�ضوع‪ .‬وكانت القرارات التي‬
‫‪1.1‬احرتام حقوق الإن�سان واحلريات الأ�سا�سية مبا يف ذلك احلق يف احلياة‬ ‫تبنتها الدولة منذ ال�سبعينات تدعم الإبقاء على ن�سبة عالية لنمو ال�سكان‬
‫والكرامة الإن�سانية وامل�ساواة‪ ،‬والتحرر من التمييز على �أ�سا�س اجلن�س‬ ‫بتقدمي املحفزات للأ�سر الولودة وت�شجيع الزيجات املبكرة وغريها من‬
‫اوالعرق �أوالدين؛ والإميان مببد�أ تكاف�ؤ الفر�ص جلميع الأفراد واجلماعات‪،‬‬ ‫�أنواع الدعم املادي واملعنوي‪ .‬ومن م�ؤ�شرات عدم االلتزام ب�سيا�سات حمددة‬
‫وهي ما ن�ص عليها د�ستور العراق لعام ‪.2005‬‬ ‫ب�ش�أن ال�سكان‪ ،‬هو منع ترويج وتداول موانع احلمل ل�سنوات عديدة‪ .‬ومل يتم‬
‫‪2.2‬االعرتاف ب�أن الأ�سرة هي الوحدة الأ�سا�سية يف املجتمع‪.‬‬ ‫�إطالق ا�ستخدامها اال يف بداية �سنوات الت�سعينات ومن خالل مراكز ال�صحة‬
‫‪3.3‬االلتزام بتحقيق العدالة والإن�صاف للمر�أة‪ ،‬ومتكينها‪ ،‬و�إزالة كل �أ�شكال‬ ‫الإجنابية ومراكز تنظيم الأ�سرة‪.‬‬
‫التمييز والعنف �ضدها‪.‬‬ ‫لقد �أدركت وزارة التخطيط بعد �إطالقها لتقرير التنمية الب�شرية الوطني‬
‫‪4.4‬ت�أكيد حقوق الزوجني يف االختيار بحرية وم�س�ؤولية عدد الوالدات �أو‬ ‫‪ 2008‬ان غياب التوجهات ال�سكانية يف العراق‪ ،‬يربك م�سرية التنمية ويح ّد‬
‫املباعدة بينها‪ ،‬واحل�صول على املعلومات واخلدمات املطلوبة والو�سائل‬ ‫نوعي يرتقي �إىل م�صاف الدول التي ال يتوفر‬‫من �إطالقها باجتاه بناء جمتمع ّ‬
‫الالزمة لتحقيق خياراتهما‪.‬‬ ‫لها ما يتوفر للعراق من �إمكانات مادية وموارد طبيعية‪ .‬لكن هناك حتديات‬
‫‪5.5‬ت�أكيد حقوق الفئات اله�شة‪.‬‬ ‫تواجه �صياغة وتنفيذ �سيا�سات �سكانية وا�ضحة يف العراق �أهمها؛ غياب‬
‫ً‬
‫‪6.6‬اعتبار ال�شباب حمور التنمية و�شريكا فيها ميكن ان ي�ساهم بفعالية يف‬ ‫اجلهات املحددة امل�س�ؤولة عن ر�سم ال�سيا�سات ال�سكانية م�ؤ�س�سي ًا‪ ،‬وعدم وجود‬
‫حتقيقها ان توفرت له عوامل التمكني التعليمي واملهني‪.‬‬ ‫قواعد بيانات متكاملة و�شاملة ت�سهم يف ر�سم ال�سيا�سات ال�سكانية لت�أخر تنفيذ‬
‫‪7.7‬اعتبار ال�شراكة الوا�سعة والفاعلة مع خمتلف الأطراف ذات العالقة �شرطاً‬ ‫التعداد ال�شامل لل�سكان‪.‬‬
‫�أ�سا�سيا لنجاح ال�سيا�سة ال�سكانية باعتبار التداخل الوا�سع بني املتغريات‬ ‫وقد مت ت�شكيل املجل�س الأعلى لل�سكان يف �شهر �شباط ‪ 2013‬تنفيذ ًا لتو�صيات‬
‫ال�سكانية وخمتلف �أبعاد التنمية الأخرى‪.‬‬ ‫اللجنة الوطنية لل�سيا�سات ال�سكانية التي �أكدت �أهمية تب ّني �سيا�سات �سكانية‬
‫حتظى بالدعم الت�شريعي والتنفيذي وتنطلق من ر�ؤية لتحقيق الأهداف‬
‫عقود ح�سني‬ ‫الإ�سرتاتيجية الوطنية والرامية �إىل �إحداث تغيريات كمية ونوعية يف حياة‬
‫املدير التنفيذي لإدارة ال�سيا�سات ال�سكانية‬ ‫ال�سكان لبلوغ التنمية امل�ستدامة وحتقيق العدالة وتكاف�ؤ الفر�ص ب�أ�سرع وقت‪،‬‬

‫العراق تقرير التنمية البشرية ‪2014‬‬ ‫‪ 46‬‬


‫إن لم تُستثم ْر‬
‫الفصل الرابع‬
‫طاقات الشباب في‬
‫العمل اإلنتاجي‪،‬‬
‫الشباب والتحديات اإلقتصادية‬
‫ان العمل لي�س جمرد حاجة اقت�صادية لت�أمني متطلبات‬ ‫الشباب وتحدي البطالة‬
‫َ‬
‫حول‬ ‫ُّ‬
‫سيظل يدو ُر‬
‫احلياة فح�سب‪ ،‬بل هوم�شروع حياة بالن�سبة �إىل ال�شاب‬
‫َوهْم المعطيات‬ ‫�أوال�شابة‪ ،‬فالعمل م�صدر ثقة بالنف�س وبناء ال�شخ�صية‬ ‫لل�شباب حق يف العمل والفر�ص املتكافئة وامل�شاركة باحلياة‬
‫من إقتصا ٍد ريعي‪...‬‬ ‫ويجعل ال�شباب يف الوقت ذاته �أكرث �إندماج ًا يف املجتمع‪.‬‬ ‫االجتماعية وال�سيا�سية‪ .‬وف�ض ًال عن ت�أكيد هذا احلق يف‬
‫يبدو‪ ،‬بداللة م�ؤ�شرات الت�شغيل والبطالة ان تفاعل‬ ‫املواثيق والعهود الدولية‪ ،‬فقد �أكد عليه الد�ستور العراقي‬
‫ال�سيا�سات املعتمدة مع �أو�ضاع املرحلة االنتقالية‪ ،‬مل تنجح‬ ‫‪ ،2005‬وت�ؤكده ال�سيا�سة العامة للدولة يف (�سيا�سة الت�شغيل‬
‫يف �ضمان هذا احلق �أو حتقيق املواءمة املثلى بني حق‬ ‫الوطنية ‪ )2014-2010‬و(خطة التنمية الوطنية ‪2017-‬‬
‫الإن�سان يف التعليم وحقه يف فر�ص العمل‪.‬‬ ‫‪ )2013‬والإ�سرتاتيجية الوطنية لل�شباب ‪.2020-2013‬‬

‫خطة التنمية الوطنية ‪:2017-2013‬‬


‫األهداف اإلستراتيجية المرتبطة بإصالح سوق العمل‬
‫المادة (‪ )22‬من دستور‬ ‫ •زيادة �إنتاجية قوة العمل‪.‬‬ ‫ •خف�ض معدل البطالة �إىل ‪.%6‬‬
‫العراق ‪:2005‬‬ ‫ •زيادة معدل امل�شاركة يف الن�شاط االقت�صادي اىل •توفري بيئة عمل الئقة‪.‬‬
‫أوالً‪ :‬العمل حق لكل‬ ‫ •تو�سيع نطاق العمل املحمي‪.‬‬ ‫‪%60‬‬
‫العراقيين بما يضمن‬ ‫ •تطوير فعاليات م�ؤ�س�سات �سوق العمل‪.‬‬
‫لهم حياة كريمة‪.‬‬
‫الن�سبية بني الذكور والإناث تت�صاعد كلما زادت �أعمارهم‬ ‫النشاط اإلقتصادي للشباب‬
‫لي�صل مقدار الفجوة بينهما اىل ‪ %76‬يف عمر ‪� 30‬سنة ثم‬ ‫بلغ �إجمايل الن�شطني �إقت�صادي ًا من ال�شباب ‪ %38.4‬من‬
‫‪40‬‬
‫تبد�أ بالإنخفا�ض بعد عمر ‪� 45‬سنة‪ .‬ال�شكل (‪ .)5.1‬ال يعني‬ ‫�إجمايل الفئة العمرية ‪� 29-15‬سنة‪ .‬وبلغت هذه الن�سبة‬
‫ذلك �إرتفاع ن�سبة �إ�شتغال الإناث يف هذا العمر �إمنا عدم‬ ‫‪ %63.4‬للذكور‪ ،‬يف حني مل تتجاوز ‪ %12‬فقط‪ ،‬للإناث‪.‬‬
‫دخولهن يف خانة الن�شاط الإقت�صادي الذي ميثل امل�شتغالت‬ ‫ولعل �أهم ما يثري الإنتباه هو الفجوة الوا�ضحة يف معدالت‬
‫والعاطالت الباحثات عن عمل لإن�شغالهن ب�ش�ؤون منازلهن‪،‬‬ ‫الن�شاط الإقت�صادي بني اجلن�سني‪ ،‬فيالحظ �أن الفروق‬
‫ربات بيوت‪.‬‬
‫شكل ‪4.1‬‬
‫مقدار الفجوة بين الذكور واإلناث لمعدل النشاط اإلقتصادي‬
‫للسكان بعمر ‪ 15‬سنة فأكثر (‪)%‬‬

‫ذكور‬
‫�إناث‬

‫امل�صدر‪ :‬م�سح �شبكة معرفة العراق ‪،IKN-2011‬‬


‫ ‪47‬‬ ‫العراق تقرير التنمية البشرية ‪2014‬‬

You might also like