Professional Documents
Culture Documents
النظم الاجتماعية في رؤية القرآن للعالم- نحو برنامج للبحث العلمي
النظم الاجتماعية في رؤية القرآن للعالم- نحو برنامج للبحث العلمي
العلم
ي النظم االجتماعية الكلية يف رؤية القرآن للعالم :نحو برنامج للبحث
محمد الحسن بريمة إبراهيم (2020م)
ٱَّلل وك َع ۢن َب ۡع َ ٓ َ َ َ ه ُ َ ۡ َ َۖ َ َ َ ه ۡ ْ َ ۡ
ٱع َل ۡم َأ َّن َما ُير ُيد ه ُ َ َ ۡ ُ َ ۡ َ ُ َ ٓ َ َ َ ه ُ َ َ َ َّ ۡ َ ۡ َ ٓ َ ُ ۡ َ ۡ َ ۡ ُ ۡ َ َ ۡ ُ َ
ض َ َۚما َأنزل َٱَّلل ِإليك ف ِإ هن تول ۡوا ف ِّ َ ُ ُ َِ ِ َ﴿وأ ِن ٱحكم بينهم ِبما أنز ۗۡل ٱَّلل وَل تت ِبع أهواءهم وٱحذرهم أن يف ِتن
َ َ ُ ۡ َ ۡ َ َٰ َّ َ ۡ ُ ََ ُ َ ُ ُ ۡ َ َّ َ ٗ ِّ َ َّ
ۡ
ٱَّلل حكما لقو ٖم يو ِقنون﴾٥٠ ٗ ُ َ ُ َ ۡ ۡ َ
اس لف َٰ ِسقون ٤٩أفحكم ٱلج ِه ِلي ِة يبغون ومن أحسن ِمن ِ ُ َُ َ ۡ
وب ِهم و ِإن ك ِث ريا من ٱلن ِ
ض ذن ِأن ي ِصيبهم ِببع ِ
(المائدة).
-1مقدمة
الن تم التوصل إليها فيهما .الورقة األوىل كانت
وتبن عىل النتائج ي
ي هذه الورقة سبقتها ورقتان من تأليف هذا الباحث،
المنهج لرؤية القرآن للعالم (خطة
ي بعنوان "رؤية القرآن للعالم وداللتها عىل النظم االجتماعية" ،وكان جوهرها هو التأسيس
الخلق العامة) ،واستنباط النظم االجتماعية النسانية الكلية الدالة عليها .الورقة الثانية جاءت بعنوان "الطريقة النظمية يف
ُ ُ
م السائد يف العلوم الطبيعية واالجتماعية الغربية ،واالقتاح بأن يكوندراسة النظم االجتماعية" ،وتم فيها تقديم المنهج النظ ي
هو األساس لدراسة النظم االجتماعية المستخلصة من رؤية القرآن للعالم بعد التصديق عليه بالدالالت الوجودية والمعرفية
والمنهجية لتلك الرؤية .لذلك البد لكل من يريد االطالع عىل هذا البحث بغرض فهمه من أجل نقده ،أو االستفادة منه ،أن
ّ
وه منشورة يف مجلة "تفكر" ،ومرفوعة يف موقع (.)biraima.net يستوعب ما جاء يف ورقة المنهج المذكورة أعاله ،ي
علم يستندي األختة يف وضع األسس العلمية لتنامج بحث ر إذن ،يف إطار السياق أعاله ،يمثل محتوى هذه الورقة الخطوة
النظم ،الذي تم وصفه يف الورقة
ي الوح الكريم يف مجال النظم االجتماعية ،حيث تتم محاولة توظيف المنهج ي إىل مرجعية
الثانية ،يف الدراسة األولية للنظم االجتماعية الكلية المستخلصة من رؤية القرآن للعالم يف الورقة األوىل .ي
وه دراسة أولية
العالم من حيث قضايا البحث
ي نظته
السالم عىل قدم المساواة مع ر
ي االجتماع
ي العلم
ي استكشافية تطمح إىل أن تضع البحث
الوح الكريم ،المعادل
ي العلم المطروحة ،ومناهج بحثها ،وتتقدم عليها من حيث مرجعيتها الوجودية والمعرفية المرتكزة عىلي
واالجتماع.
ي الطبيع
ي ، العلم
ي البحث موضوع هو الذي وجود ل ل موضوع
ي ال
ّ
" -1مفهوم إقامة الدين يف القرآن الكريم :أبعاده الوجودية ،والمعرفية ،والمنهجية"؛ محمد الحسن بريمة .مجلة تفكر؛ م ،17ع 2017 ،1م؛ إمام،
جامعة الجزيرة ،السودان.
1
ينتم إليها ،المحدودة بعالم الشهادة ،المحجوبة
ي الن
وتتجاوز الرؤية الوجودية المادية لماريو بنج ،وللمدرسة الوجودية النقدية ي
كبتا يف
لعالم الغيب والشهادة ،ومن ثم تتيح ثراء ر
ي بظاهر من الحياة الدنيا ،ألن الرؤية القرآنية مؤسسة عىل األبعاد الوجودية
عالم الغيب
ي النساب المتجذر يف
ي تفست مظاهر الوجود
ر غت محدود يف معطيات التحليل للنظم االجتماعية ،وتنوعا وعمقا ر
والشهادة.
ملهمات الفجور :الهلع، الرؤية خليط من ملهمات الرؤية ملهمات التقوى :العدل،
الضعف ،العجلة ،الكبر ...إلخ) الدنيوية التقوى والفجور التوحيدية اإلحسان ،الصبر ،العلم،
للعالم للعالم الرحمة ...إلخ )
العمل السيىء سيادة الهوى عمل (صالح +سيىء) سيادة العلم العمل الصالح
(كفر النعمة) والشهوات والحكمة (شكر النعمة)
السياسات السياسات
النظام االجتماعي الدنيوية نحو الواقع االجتماعي الشرعية نحو النظام االجتماعي
الدنيوي المعيار النظام الدنيوي النظام التوحيدي
التوحيدي المعيار
2
نتبي القوى الفاعلة اآلتية يف
النساب فسوف ر
ي إذا نظرنا إىل الشكل ( )1أعاله الذي يلخص رؤية القرآن لعالم االجتماع
االجتماع:
ي فضاء الوجود
مباشة ،ومن خالل السي االجتماعية المذكورة أوال؛ هللا المتعاىل ،المصدق ،والمهيمن عىل جملة الفضاء االجتماع ،إحاطة ر
ي ي
شء يحدث يف هذا غتها مما اختص هللا تعاىل بعلمه ،وأشار إليه ف كتابه المتل ،فال ر ر خالل ومن الكريم، يف القرآن
ي يُ ۡ َ َ َ َ ۡ َ ُ َ
ون م ۡن َع َمل إ اَل ُك انا َع َل ۡي ُكمۡ َ ۡ َ َ َ ُۡ ْ ۡ ُ ُ ُ َ َ َ :
ذنه ،أو بأمره وفعله ﴿وما تكون ِ يف شأ ٖن َوما تتلوا ِمنه ِمن قرء ٖان َ وَل تعمل بعلمه َوبإ ِۚ الفضاء إال
َ َ ِ َ َ ا َ ٍۡ ِ ا ا ٓ َا َ َ يه َو َما َي ۡع ُز ُب َعن ا ِّرب َك من ِّم ۡث َقال َذ ارة ف ۡٱأل ۡ ُ ُ ً ۡ ُ ُ
ٱلس َما ِء َول أ ۡصغ َر ِمن ذ َٰ ِلك َول أ ك َ َت ِإَل ِ يف ِكت َٰ ٖب ض َوَل ِ يف
ِ ر ِ ٖ ِي ِ ف
ِ ِ ون يض ف شهودا ِإذ ِ
ت
ي( ﴾٦١يونس)، ُّ
م ِب ر ن
الدين المطلوب إقامته
ي مبي ،وهو يحوي المثال
عرب ر
االجتماع يف كتاب بلسان ي
ي الله المتل عىل فضاء الوجود ي الوح
ي ثانيا؛
.
الظرف ،وهو كالم هللا وعلمه ،وهو محفوظ من التحريف بحفظ هللا له إىل قيام الساعة وهو كتاب ي االجتماع يف الواقع
يُ ُ
النساب ،وتفاعالته الكونية
ي االجتماع يسع فيه الذي العلم أن إال العدد متناهية ته آيا كانت وإن لت، صف ثم آياته، حكمت أ
إىل قيام الساعة،
الظرف
ي االجتماع
ي االجتماع وقاعدته الكونية (النفس ،المال ،البنون) المحددان بالزمان والمكان ،باعتباره الواقع
ي ثالثا؛ الوجود
الدين الظرف (الدين المقام) نحو التوحد مع مثاله االجتماع ُ
الذي سوف يشاد فيه بنيان الدين ،ومن ثم االتجاه بالواقع
ي ي ي
الله .فالنفس ،أي النسان يف كليته المادية والمعنوية ،أهم ما تتزه فيها رؤية القرآن لعالم االجتماع ي الوح
ي الثاوي يف
ُ
آب ،ألنه الموضع الذي يصب فيه ساس النساب ،فيما يتعلق بإقامة الدين (مجتمع التوحيد) ،هو "القلب" بمعناه القر ي
ي
الدين(اليمان) .واالهتمام بأمر القلب أمر بالغ األهمية ألي رؤية اجتماعية يراد لها أن تقام يف الواقع .هناك أيضا "النفس"
بفجورها وتقواها ،وهواها من حيث تعلقها بشهوات المتاع الدنيوي ،وأثر ذلك عىل "القلب".
"المال" و"البنون" بشهواتهما هما زينة الحياة الدنيا حيث االبتالء واالمتحان الذي قامت عليه "خطة الخلق العامة"،
وفضاؤهما هو مضمار السباق ،والتنافس لمن أراد الدنيا ،ولمن أراد اآلخرة ،ولمن أرادهما معا .فالذين يريدون الحياة الدنيا
وزينتها إنما يتنافسون عىل تعظيم حظوظهم من متاعها ،والذين يريدون الدار اآلخرة يتنافسون عىل تعظيم صالحات األعمال
و"البني" ،هو المجال
ر يف فضائها .إذن فضاء زينة الحياة الدنيا ،حيث تتفاعل "النفس" (بفجورها وتقواها) مع "المال"
ر
النساب .لذلك يعتت العلم الدقيق بمكونات هذا الفضاء ،وبتفاعالته ،برسوط الزمان والمكان، الحقيف لفهم ظاهرة االجتماع
ي ُ ي
القناطت المقنطرة من الذهب والفضة ،والخيل المسومة ،واألنعام، ر يف مجال "المال" حيث زين للناس حب الشهوات من
بالمتان
"البني" حيث عالقة الفتنة الجنسية ربي النساء والرجال ،وما يتتب عليها من فتنة الذرية ،والعلم ر ر وف مجال
والحرث ،ي
ينبع أن يحكم التفاعل الدائم يف هذا الفضاء ،هو أساس علم النظم االجتماعية من منظور رؤية القرآن لعالم ي الله الذي
ي
النساب.
ي االجتماع
النساب الجوهرية أن الناس لها مقاصد حياتية ،تتجه غالبا ،إن لم يكن الدين مقاما ،نحو تعظيم
ي من سمات االجتماع
ر
المتاع الدنيوي ،وهذا أساس الرصاعات واالضطرابات االجتماعية عت التاري خ البرسي ،ألن المتاع الدنيوي المحدود يف الزمان
البرسية الالمحدودة .لكن عندما تتأسس المقاصد االجتماعية عىل تعظيم اليمان باهلل والمكان ال يسع جميع أطماع النفوس ر
االجتماع يف عمل الصالحات،
ي النساب فإنه يسع جميع أنواع التنافس
ي تعاىل من خالل تعظيم العمل الصالح يف فضاء االجتماع
ترقيا نحو الكماالت اللهية ،ألنه يف حقيقته تعاون عىل الت والتقوى ،وليس تعاونا عىل الثم والعدوان الذي يحتمه خيار الحياة
ه األساس لمقاصد المجتمع وأفراده، الدنيا .والدرس المستفاد هنا ،فيما يتعلق بإقامة الدين ،هو أن تكون مقاصد الدين ي
وه من السعة بحيث تستوعب جميع تطلعات النسان المحققة للحياة الطيبة يف العاجل ،ولحسن المآب يف اآلجل .ي
ولك ي
ه أساس الدين المقام ،وحفظها عىل الدوام هو الضامن لحفظ نظام االجتماع التوحيدي ،البد تكون هذه المقاصد الدينية ي
االجتماع الذي يثمره هذا التفاعل ،بما يحقق تلك
ي االجتماع وأحكامه ،وللنظام
ي ه أيضا المحدد للفعل والتفاعلأن تكون ي
ه المحدد لوسائل تحقيقها. برسوط الزمان والمكان ،فالمنطق الثاوي ف الفطرة رالمقاصد ،ر
يقتض أن تكون المقاصد ي
ي البرسية ي
3
االجتماع من منطلقات الفجور يف النفس كوسيلة لتحقيق المقاصد ي النساب الفعل
ي أيضا من السمات البارزة لالجتماع
الدنيوية المحضة ،أو من منطلقات التقوى كوسيلة لتحقيق المقاصد الدينية ،باعتبار الدنيا مزرعة اآلخرة .ويتتب عىل الفعل
جتماع ربي أفراد المجتمع ،ويتم ذلك يف إطار نسيج ،أو بنية اجتماعية جوهرية ي ه التفاعل اال
االجتماع سمة بارزة أخرى ي
ي
الن تعنينا هنا عبارة عن فعالية عالقاتية
ي االجتماعية والبنية .االجتماع
ي النظام مكونات تربط الن
ي العالقات مجموع ه
ي
تمت عنهما بنوع من االستقالل ،وتؤثر فيهمااالجتماع ،وإن كانت ت ر
ي والتفاعل الفعل عىل وجودها في تعتمد )relational (
بدورها.
النساب أن من أهم خواص النسان قدرته عىل كسب العلم ،من خالل وسائل الدراك ي تتز رؤية القرآن لعالم االجتماع
الوح من السماء ،والوفاء بحق ي الن تسمح له بعمران األرض ،وباستيعاب رسالة وه الخاصية ي لديه (السمع ،البرص ،الفؤاد) ،ي
الله يعتمد كليا يف ي الوح
ي الدين الثاوي يف ي ستخالف .والدرس المستفاد ،فيما يتعلق بإقامة الدين ،هو أن المثال ي التكليف اال
والطبيع
ي االجتماع
ي بالوح ،وعلم بالواقع ي االجتماع ،واستدامته ،عىل خاصية كسب العلم عند النسان ،علم ي إقامته يف الواقع
ُ ْ
يف الزمان والمكان الذي سوف يقام فيه الدين .ولذلك أمر هللا تعاىل النسان أال يقف ما ليس له به علم ،وأن السمع والبرص
والفؤاد ،كل أولئك كان عنه مسؤوال.
َ ُ ۡ
﴿وق ِل ٱل َح ُّق ِمن لعالم االجتماع َالنساب ه "الحرية"( : ۖۡ لعل الخاصية األبرز عند النسان بما أكدت عليه رؤية القرآن
ُ يُّ ُ ۡ ي َ ً ِۚ َ َ َ َ ُ ۡ ُ ا ﴿و َل ۡو َش ٓا َء َرُّب َك َ األ َم َن َمن ف ۡٱأل ۡ
ارِّب ُك ۡم َف َمن َش ٓا َء َف ۡل ُي ۡؤمن َو َمن َش ٓا َء َف ۡل َي ۡك ُف ۡ ِۚر﴾ (الكهف)؛ َ
اس َح ا َٰنٱلن َ هرِ ك ت نت أف أ ايع م
ِ ج م ه ل ك ض
ِ ر ي ِ ِ
َ ۡ َ ُ ْ َ ٓ َ َۡ َ َّ َ َ َ َ ِّ ا ٓ َ َ َ ِّ وا ُم ۡؤمن َ َ ُ ُ ْ
﴿فذك ۡر ِإن َما أنت ُمذكر ٢١ل ۡست َعل ۡي ِهم ِب ُم َص ۡي ِط نر( ﴾٢٢الغاشية)؛ ﴿ف ِإن أ ۡع َرضوا ف َما أ ۡر َسلن َٰ ك ُۗ ( (يونس)؛ ي﴾٩٩ ر ِ ِ يكون
َ َٰ َ َ َ َ ۡ ر َ ۡ َُ ْ َ ُۡ ۡ ا ُ َ َ ۡ َُ َ َ َ ۡ ۡ َ ً ۖۡ ۡ َ َ ۡ َ ا ۡ َ َ َٰ ُ
علي ِهم ح ِفيظا ِإن عليك ِإَل ٱلبل غ﴾ (الشورى)؛ ﴿ٱعملوا ما َ ِشئتم ِإنهۥ ِبما تعملون ب ِص رت( ﴾٤٠فصلت)؛ (﴿خلق ِٱلنس ن ِمن
ٓ َا َا َۡ ُّ ۡ َ َ َ ُ َ َ
ووع النسان العميق بهذه الحرية ،وما ي ض َما أ َم َر ُهۥ( ﴾٢٣عبس)...إلخ، ُّ
نطف ٖة ف ِإذا هو خ ِصيم م ِب ري( ﴾٤النحل)؛ (﴿كَّل لما يق ِ
تلقيه عليه من تبعات تتتب عىل حق االمتياز بها.
التغيت والتطوير ،سواء يف ذاتها ،أو يف بنية االجتماع ر النساب قدرة النفس عىل ي خاصية بارزة من خصائص االجتماع
التغيت هو من طبيعة ر يعن أن .
النساب بما تعمله يد النسان فيها وهذا ي ي الن تدعم الوجود النساب ،أو يف القاعدة المادية ي
ي
النساب ،وما لم يتم استيعاب هذه الخاصية فقد تجمد القوالب البنيوية للمجتمع ،بينما محتواها من الفعل ي المجتمع
االجتماع يف حالة مد يفيض عنها ،وتضيق به ،وهذا مصدر للتوترات االجتماعية .والدرس المستفاد هنا ،بالنسبة ي والتفاعل
الوح ،الثابتة نصا ،الالمتناهية معن ،أمر ي الدين الثاوي يف نصوص ي المعرف الدائم يف المثال
ي لقامة الدين ،هو أن االجتهاد
االجتماع سوف يتجاوز الظرف ،وإال فإن الواقع
ي االجتماع التغيت
ر الن تناسب وتستوعب حركة حتم الستنباط صورته ي
َي َ ي َ َ ي
ور يف ُمستودع ٍ
ن ث ك ،المجتمع كة
حر وتصبح اتجاه، كل ف ها
ِ ير د بق أوديته تسيل وسوف قبل، من يستوعبه كان الذي الدين
ُ ي القالب
َ
و"التغيت" مع "اليمان" فإن ر و"العلمية"، "الحرية"، اص خو تجتمع وعندما .ار
ر ق لها يقر أن قبل الكثت
ر بخر للخ َزف ،ت
الكوب الذي يكاف عظمة الخلق ئ يأب من األعمال العظيمة ما
ي ختة هائلة ،ي يصت ،يف المجتمع المقام فيه الدين ،طاقة ر النسان ر
ُجعل مجاال لحركته ،والذي هو ال محالة بالغه ،سواء بحوافز دينية ،أو دنيوية .والعكس صحيح عندما تجتمع خواص
يصت ،يف المجتمع الدنيوي ،طاقة إفساد يف ه إال حياتنا الدنيا" فإن النسان ر و"التغيت" مع "إن ي
ر "الحرية" ،و"العلمية"،
األرض هائلة.
الساع لمنع إقامة بنيان الدين من ِق َبل النسان ،أو لتقويضه بعد بنائه ،ذو المهارات الفائقة،
ي رابعا؛ الشيطان ،عدو النسان،
التأثت عىل خيارات النسان ،وأفعاله .الشيطان ،بحكم تسليطه عىل النسان ،له طرق ر
كثتة نافذة يف ر والح َيل الناجعة يف
ِ
تفزز بصوته ،ويجلب بخيله سالتأثت عىل خيارات النسان ،فهو أحيانا يأمر ،وهو يوسوس ،وهو ُيزين ،وهو َيعد ،وهو َي ْ ر
ِ ِ
ورجله ،وهو يشارك يف األموال واألوالد...إلخ ،كما ربي ذلك القرآن الكريم.
ُ
خامسا؛ المالئكة ،رسل هللا تعاىل ،ال تفعل حن تؤمر ،وال يعصون هللا ما أمرهم ،ويفعلون ما يؤمرون .لذلك نستنتج أن
تأثت سببية ذاتية كما هو الحال مع الشيطان. النساب ،إال إنها ال تملك قوة ر
ي المالئكة ،رغم وجودها يف فضاء االجتماع
4
الكريم"2
وف بحث لنا بعنوان "الحركة الكونية لإلنسان يف القرآن النساب ،ي
ي الكوب لفضاء االجتماع
ي أختا هناك البعد
سادسا ،ر
يف ذكرهما بالغرض يف هذا المقام .جاء يف الفرضية األوىل أن " :األرض ،بقمرها وشمسها،
أساسيتي ي
ر فرضيتي
ر توصلنا إىل
اآلب" :سوف
لها ما يماثلها يف كل سماء من السماوات السبع ،وجميعها مستخلف فيها النسان" .وجاء يف الفرضية الثانية ي
اب عليها
يبلغ النسان بعلمه وعمله جميع المتماثالت من األرض يف السماوات السبع ليحقق مغزى االستخالف العمر ي
قبل قيام الساعة".
اإلنسان
ي -3النظم االجتماعية يف رؤية القرآن لعالم االجتماع
النساب
ي االجتماع
ي النساب " :النظام
ي االجتماع
ي اآلب للنظام
الن مض ذكرها التعريف ي جاء يف ورقة "الطريقة النظمية "...ي
المعايت
ر اجتماع يتشكل من الناس ،ومما عملته أيديهم من أشياء ،ويمسكه روابط من األحاسيس ،المعتقدات، ي هو نظام
الن تم استخالصها من رؤية القرآن .
األخالقية والقانونية ،وأفعال اجتماعية مشتكة" النظم االجتماعية الكلية ،التأسيسية ي
:
ه أربعة ،ويمكن الرجوع إىل منهج استخالصها كما هو موضح يف الورقة األوىل وعنوانها "رؤية القرآن للعالم وداللتها للعالم ي
االجتماع العام ،ويمثله الشكل رقم ( )2أدناه ،نظام االجتماع الدنيوي (شكل
ي :
ه النظام .
عىل النظم االجتماعية" وتلك النظم ي
االجتماع (شكل رقم ،)5و(شكل رقم .)7نستخدم مصطلح ي الواقع نظام ، )4 رقم (شكل رقم ،)3نظام االجتماع التوحيدي
"نموذج" ألن النموذج يشبه الصورة المقطعية ،أو اللقطة الفوتوغرافية للنظام يف لحظة زمانية محددة ،بينما النظام ذاته هو
التغت الدائم.
ر كائن يف حالة مد وجزر بال انقطاع ،أي إنه يف حال من
الن يلخصها النموذج يف االجتماع العام المستخلص من "خطة الخلق العامة" ي ي الشكل رقم ( )2أدناه يمثل نموذج النظام
اجتماع
ي الشكل رقم ( )1أعاله ،المستخلصة بدورها منهجيا من القرآن الكريم .النموذج يف الشكل رقم ( )2هو نموذج لنظام
االجتماع الفطري العام الذي نفتض أنه يبدأ يف ي مثاىل ( )Ideal Typeتأسيسا عىل تعريف (ماكس فيت) ،يعت عن النظام ي
الن تكون فيها جميع المكونات الوجودية لخطة الخلق العامة قد اكتملت كما كانت يف ي اللحظة وه
ي صفر، اللحظة من العمل
َ
والمكاب عىل
ي الزماب
ي الواقع في تم قد ذلك أن رغم العلم، ذلك بمقتض العمل في تبدأ أن لخطة ل تعاىل الله ،وأ ِذن هللا
ي العلم
التأطتر السني ،وتمدد ،وما زال يتمدد مكانا يف الكون كله .الغرض من هذا ر اح الذي امتد ،وما زال يمتد زمانا إىل مليارات الت ي
االجتماع بحيث
ي النساب عندما يسوده هذا النظام
ي الن تتم يف فضاء االجتماع النظري هو الوقوف عىل طبيعة التفاعالت ي
االجتماع غته ،علما بأن منته ( )limitsهذا النظام ُ
ي عي دون ر اجتماع م ر
ي يؤدي هذا التفاعل ،يف الزمان والمكان ،إىل واقع
االجتماع التوحيدي (شكل رقمي االجتماع الدنيوي (شكل رقم ،)3والنظام
ي اجتماعيي ،هما النظام
ر نظامي
ر الفطري هو أحد
.)4
السالم؛
ي العالم للفكر
ي " - 2الحركة الكونية لإلنسان يف القرآن الكريم"؛ محمد الحسن بريمة .مجلة إسالمية المعرفة ،ع2016 ،83م .المعهد
واشنجطن.
- 3اإليمان :أثره في حياة اإلنسان؛ حسن عبد هللا الترابي .دار القلم ( ،)1983الكويت.
5
الممت هو أنه يقوم مقام (" )proxyالشيطان" عند تحليل النموذج ،إذ ال يمكنر السبب يف إفراد "الهوى" بهذا الوضع
الوح الكريم ،أن ر
مباشة ،ألنه يرانا هو وقبيله من حيث ال نراهم نحن البرس ،ولكنا نفتض ،تأسيسا عىلرصد الشيطان وفعله ر
ي
االجتماع لدى المؤمن من محض الهوى ،ويؤثر سلبا
ي االجتماع يمكن رصده عندما ينطلق الفعل
ي أثره عىل الفعل والتفاعل
ر
ه مقاصد الرسيعة السالمية ،عىل الن ي
عىل خيارات الفرد الحياتية الراشدة ،ومن ثم عىل قدرته عىل تحقيق مقاصده الدينية ي
مستويي ،األول جعله يستحب الكفر عىل اليمان،
ر غت المسلم فيكون أثر الشيطان عىلأي مستوى من مستوياتها .أما يف حالة ر
تأثته عىل فعله وعىل خياراته الحياتية عندما يكون الفعل مخالفا
الثاب ر
ي ومن ثم يؤثر الحياة الدنيا عىل اآلخرة؛ والمستوى
معايت الرص والنفع ،المصلحة والمفسدة .وسوف نذكر الحقا كيفيات العمل ر للمصالح الدنيوية المعتتة عقال ،المؤسسة عىل
الن أمر الشارع المسلم بتفعيلها للنجاة من كيده.
الن يوظفها الشيطان لإليقاع بالنسان ،وتلك ي "المكتمات" ي
االجتماع
ي الشكل رقم ( )3يحتوي عىل نموذج نظام االجتماع الدنيوي الخالص ،الذي هو أحد نهايات ( )limitsالنظام
ّ
النساب
ي الن تجري يف فضاء االجتماعثاىل يمكننا من رصد وتحليل التفاعالت ي اجتماع م ي
ي الفطري العام ،وهو نموذج لنظام
عندما يسوده نظام االجتماع الدنيوي الخالص .الشكل رقم ( )4يحتوي عىل نموذج نظام االجتماع التوحيدي الخالص ،وهو
ثاىل
اجتماع م ي
ي االجتماع العام ،وهو نموذج لنظام
ي ينته إليها النظام
ي الن
النهاية األخرى ،المقابلة لنظام االجتماع الدنيوي ،ي
ّ
النساب عندما يسوده نظام االجتماع التوحيدي الخالص.
ي الن تجري يف فضاء االجتماع
يمكننا من رصد وتحليل التفاعالت ي
النظامي
ر االجتماع ،وهو يقع يف المنطقة الحدودية ربي
ي الشكالن رقم ( ،)5ورقم ( )7يعتان عن نموذج نظام الواقع
ه نظمالدنيوي والتوحيدي ،حيث يتقاطع النظامان ،أو يتجاوران يف الزمان والمكان ،وذلك بسبب أن النظم االجتماعية ي
الن تتأثر بها وتؤثر فيها .لذلك فإن
ه بيئتها ي
الن ي
مفتوحة ،بمعن أن حدودها قابلة لالختاق من قبل النظم المجاورة لها ،ي
النظامي الدنيوي والتوحيدي ،وقد تغلب عليه سمات أحد
ر االجتماع هو دائما محصلة التفاعل الحدودي ربي
ي نظام الواقع
التأثت لعوامل المد والجزر المتبادل بينهما عىل الدوام.
ر النظامي بحسب قوة
ر
وه
بعد هذا التوصيف للنظم االجتماعية الجوهرية المنبثقة من رؤية القرآن للعالم ننتقل إىل المرحلة األهم من البحث ي
النظم الموصوف يف بحثنا المشار إليه سابقا للتعرف عىل أهم سمات هذه النظم من حيث مكوناتها؛ ي توظيف المنهج
األختة من هذا البحث ،الذي يمثل برنامج البحث
ر وه المرحلة
نسيجها؛ بيئتها وكيفيات العمل (المكتمات) الفاعلة فيها ،ي
النساب بحسب اجتهاد الباحث.
ي العلم يف النظم االجتماعية ومنهج دراستها تأسيسا عىل رؤية القرآن لعالم االجتماع
ي
6
7
8
9
10
النظم عىل النظم االجتماعية
ي -4داللة المنهج
-1.4انبثاق اإلنسان يف رؤية القرآن للعالم
االجتماع ربي آحاد الناس يف إطار
ي ه كائنات اجتماعية "تنبثق" من الفعل والتفاعلالنظم االجتماعية يف هذا البحث ي
المنهج الصحيح هو الجابة عن سؤال:
ي جماعة معينة من الناس يحدها الزمان ولربما المكان .لذلك البد أن يكون المدخل
ُ
الن ال تحض؟
الن تحدث كل هذه اآلثار االجتماعية بظواهرها ي
من هو هذا النسان ذو الخواص السببية ي
تقتض استدعاء أمرين ،أولهما مفهوم "االنبثاق" الذي رشحنا معناه يف بحثنا سابق الذكر عن
ي الجابة عن هذا السؤال
اآلب من ذلك البحث بما يخدم الغرض الذي نحن بصدده: "الطريقة النظمية" لماريو بنج .نقتطف ي
معي من التنظيم (" )organizationمنبثقا" ُ
"يعتت أي مظهر من مظاهر الوجود تم العثور عليه يف مستوى ر
( )emergentإن كان هناك احتمال لنشأته من مستوى وجودي أدب ،وتم تكييفه ( )conditionedمن ِق َبل خواص
( )propertiesذلك المستوى األدب ويعتمد عليها ،ولكن ال يمكن التنبؤ به من خالل العلم التام بتلك الخواص ،أي من خالل
النظام.
بالنسبة لماريو بنج فإن "االنبثاق" هو تصنيف وجودي ( )ontological categoryللخواص النوعية الجديدة والطريفة
تفسته من خالل أجزاء النظام والتفاعل بينها .ويرى كذلك أن هدف العلم ليس ر ( )novelيف النظم ،ويمكن ،من حيث المبدأ،
ّ
تفسته،
ر فقط االعتاف بالتصنيف ( ،)categorizationوالوضع الوجودي "لالنبثاق" ،ولكن إدراجه يف نظريات تمكن من
تفسته
ر يعن زوال صفة االنبثاق عنه ،ألن االنبثاق الذي تم
تفست "االنبثاق" ال ي
ر وأحيانا التنبؤ به .ولكن علينا أن نتذكر دائما أن
ال يقل طرافة عن الذي ما زال لغزا ،فاالنبثاق هو قضية وجودية ( )ontologicalوليست معرفية ( .)epistemologicalإن
ه دعوى تتعلق بالعالقة ربي خواص ( )propertiesالكليات ( )wholesوخواص أجزائها ( )partsيف إطار دعوى "االنبثاق" ي
التفست ( ،)explanationأو التنبؤ ( )predictionهو فرضية ( )thesisمعرفية تتعلق بقدرات ر
البرس يف ر عملية التطور ،بينما
تفست الخواص المنبثقة من خالل خواص مكونات النظام ،أو استنباط األوىل من ر العلم عىل
ي لحظة محددة من التطور
الثانية".
الن بها يؤثر سببيا يف العالم ،فمثال ،من الخواص ويقصد بالخواص المنبثقة لكائن ما تلك الخواص ،أو القوى الذاتية له ي
واألوكسجي.
ر األيدروجي
ر يطف النار ،وأنه يروي الظمأ ،بينما تنعدم هذه الخواص يف مكوناته من ئ المنبثقة الذاتية للماء أنه
َ ْ
الله لإلنسان إال به هو ما أطلقت عليه اصطالحا "خطة الخلق ي الثاب الذي ال يستقيم فهم طبيعة وحكمة الخلق األمر ي
الله من خلق المقصد ألن ،الورقة هذه مبتدأ ف إليه ت أش العامة" الن فص َلتها رؤية القرآن للعالم ف البحث األول الذي ر
ي ي ي ي
نتبي معالمها أدناه .إنالن سوف ر ي الهيئة عىل النسان تعاىل هللا خلق لم لنا فرس ي الخطة ف الله
ي ي التدبت
ر نهبي الذي النسان
....
سافلي إال الذين آمنوا وعملوا الصالحات ) إنما يفهم ر :
قول هللا تعاىل (لقد خلقنا النسان يف أحسن تقويم ،ثم رددناه أسفل
يف إطار نسبة هذا الخلق إىل االبتالء واالمتحان يف زينة الحياة الدنيا (المال والبنون) ومآله مما بينته خطة الخلق العامة ،وهو
مآلي أشارت إليهما اآلية الكريمة بعد الخلق يف امتحان البد أن يخوض كل إنسان غماره يف هذه الحياة الدنيا ليؤول أمره إىل ر
النساب فسوف يعرس الفهم ي أحسن تقويم .لكن إن لم نستحرص هذه العالقة التناسبية ربي حقيقة االبتالء وحقيقة الخلق
تمت عن سائر الخلق ،كما بينها القرآن الكريم ،وكما سوف الن خلقه هللا بها ،وب ها ر للحكمة من خلق النسان بالطريقة المعجزة
ُي ُ
م.نحاول يف الصفحات التالية نمذجتها يف قالب نظ ي
سني عددا أن خلق النسان شهد أربعة أنواع من ر وتطويرها باستخالصها الباحث الن قام
نستنبط من رؤية القرآن للعالم ي
وف أحسن تقويم من حيث استعداداته الفطرية لخوض امتحان زينة الحياة ر
"االنبثاق" قبل أن يستوي النسان برسا سويا ،ي
اآلب:
الدنيا الذي هو قدره يف هذه الحياة .نوجز هذه األربعة أنواع من االنبثاق يف ي
11
وا َي ۡو َم ۡٱلق َي َٰ َمة إ انا ُك انا َع ۡن َه َٰ َذا َغ َٰ فل َ ۡ َ َ ۡ ُ َ ِّ ُ ۡ ۖۡ َ ُ ْ َ َ َٰ َ ۡ َ ِٓۚ َ َ ُ ُ ْ ۡ ُ ِّ ا َ ُ ۡ َ َ ۡ َ َ ُ ۡ َ َ َٰا َ ُ ُ
ي﴾١٧٢ ِ ِ ُر ِ ِ ِ ىل أنف ِس ِهم أل َست ِبربكم قالوا بىل ش ِهدنا أن تقول ور ِهم ذريتهمَ وأشهدهم ع ِ ِمن ظ ُه
ا َ ا َٰ ُ ٓ َ َ
نس َٰ ن من طي ٧ث ام َج َع َل ن ۡسلهۥ م ُ َٰ ِّ ا ا ُ َ َ ُ ۡ ۡ
شء خلقهۥ َو َبدأ خل َق ٱل َ َ َ ۖۡ ُ َ َ َ َ ُ
ا ۡ َ َ ا َّ
ي ٨ثم سوىه ن سل ل ٖة من ما ٖء م ِه ر ن ِ َ ر (األعراف)؛ ﴿ٱل ِذي أحسن كل ر ۡ ٍ
﴿أ َل ۡم َي ُك ُن ۡط َف اة ِّمن امن ُي ۡم َ َٰنُ ٣٧ثما ۖۡ َ َ َ َ َ ُ ُ ي ا ۡ َ َ ۡ َ ۡ َ َٰ َ َ ۡ َ ۡ َِ ِۚ َ َ ِ ا ِ ا َ ِ ۡ ُ ن ُ َ ََ َ
ٖ ي ِ وح ِهۦوجعل لكم ٱلسمع وٱألبص ر وٱألف ِ د ُة ق ِليَّل ما تشكرون(﴾٩السجدة)؛ ِ يه ِمن ُّر ِ َونفخ ِف
َ ٓ ُ ُ ۡ َ ُ ۡ َ ۡ َ
ٱلز ۡو َج ۡي ٱلذك َر َوٱأل َ َٰا ا َ
ان َعل َقة ف َخل َق ف َس او َٰى ٣٨ف َج َع َل م ۡن ُه ا َ َ َ ا َ َ َ
نس َٰ ُن ِم ام خ ِل َق ٥خ ِل َق ِمن اما ٖء د ِاف ٖق٦ نظر ٱل َ
نن(﴾٣٩القيامة)؛ ﴿فلي ِ ِ رِ ِ ك
ُّ ۡ َ ا َ ٓ ۡ َ ۢ ُ ُ َ ۡ
ي ٱلصل ِب وٱلتا ِئ ِب(﴾٧الطارق) ،فلم تعد هناك حاجة إىل أن يخلق هللا تعاىل كل إنسان كما خلق أباه آدم بيديه يخرج ِمن ب ر ِ
الطين لكل إنسان قدر هللا أن يخلقه عىل هيئة جسم آدم إن كان ذكرا ،وجسم حواء إن كانت ي تكف برمجة الجسم أول مرة ،بل ي
برسا سويا يف الزمان والمكان، أنن ،لتتناقل عت األجيال ف أصالب الرجال وترائب النساء حن إذا اقتب الوعد الحق ف تجسده ر
ي ﴿ما َخ ۡل ُق ُك ۡم َو ََل َب ۡع ُث ُك ۡ يم إ اَل َك َن ۡفس َ َٰو ح َد ِۚة إ ان َّ َ
يع َب ِص ر رت( ﴾٢٨لقمان) .ولعلنا نستخدم مجازا لغة الكومبيوتر ليصال ٱَّلل َسم ُ ۢ
ِ ن ِ ٍ ِ ِ
كان :ا
َ ُ َ ۡ َ َ َ ۡ ُ َ َ َ ُ َّ َ :
المراد بأقرص طريق ،ألن هللا تعاىل خلق النسان وما يعمله ﴿وٱَّلل خلقكم وما تعملون(﴾٩٦الصافات) ،فنعتت يف هذا بذاك،
ّ
البرسي تتحكم يف كل مراحل نموه برمجيات ُم ْحكمة عىل شاكلة برمجيات الكومبيوتر ،لعلها برمجيات فنقول :ربما إن الجسم ر
المورثات الجينية ،حن إذا تمت تسويته يف الرحم جاء الملك فنفخ فيه الروح ،لينتج عن ذلك التفاعل االنبثاق الثالث لإلنسان
نبي الحقا إن شاء هللا تعاىل .قال هللا تعاىل يف محكم التتيل: الثاب له ،كما سوف ر ي وهو "النفس" ،بينما الروح ه االنبثاق
ُ َ َ ۡ َ ُّ ۡ َ َ َ َ ا َ َ َ ۡ َ ۡ َ َ َ ۡ َ ا
ي ١٣ث ا َم خلقنا ٱلنطفة َعلقة فخلقنا ٱل َعلقة ُمضغة ك م نس َٰ َن من ُس َل َٰ ي َلة ِّمن طيُ ١٢ث ام َج َع ۡل َن َٰ ُه ُن ۡط َف اة ف َق َرار ا ﴿و َل َق ۡد َخ َل ۡق َنا ۡٱل َ َ
ۡ ن ر ِ ن ي ِ ۡ َ ن ر ِ ٖ ِ ِ
ي ،﴾١٤وقد ورد يف صحيح
َ
ٱَّلل أ ۡح َس ُن ٱلخ َٰ لق َ َف َخلقنا ٱل ُمضغة عظ َٰ اما فك َس ۡونا ٱلعظ َٰ َم ل ۡح اما ث ام أنشأن َٰ ه خلقا َءاخ َر فت َب َارك ُ
َّ َ َ َ ِۚ َ ً ۡ َ ُ َ َ ُ َ َ ۡ َ َ َ َ َ َ ۡ ۡ َ ۡ َ
ر ِ ِ ِ ِ
َ َ َََ ْ َ َ َ ُا َ ُ ُ :ا َ َ َ ُ ْ ُ ْ َ ُ َ ْ ُ ُ َ ْ ُ ِّ َ ْ َ َ َ ْ ً ُ ا َ ُ ُ ر
ط ِن أم ِه أرب ِع ري يوما ثم يك َون ِ يف ذ ِلك علقة ِمث َل ذ ِلك ثم يكون اآلب نصه " ِإن أحدكم يجمع خلقه ِ يف ب مسلم الحديث الرسيف
ْ َ َ َ َ َ َ َ ٌّ ْ َ ر َ َّ َْ وح َو ُي ْؤ َم ُر ب َأ ْرَب ع َكل َ الر َ َ َ ُ ْ َ ْ َ َ َ ُ ا يُ ْ َ ُ ْ َ َ ُ َ َ ْ ُ ُ
يد ف َوال ِذي ع ِ س وأ ف شو ه ل
ِِ م ع و ه ل
ِِ ج أ و ه ِ ق زر ب ت ك ب ات ِ ٍ م ُّ يه ِ ِ ف خ ف ن ي ف ك ل م ال ل س ر ي م ث ك ف ذ ِلك مضغة ِمثل ذ ِل
ا َِ ي َ َ َ ْ ُ ُ ا َ َ َ ُ ْ َ َ ْ َ ُ َ َ َ ْ ْ َ ا َ ا َ َ ُ ُ َ ْ َ ُ ِ َ َ ْ ِ َ َ ا َ ِ ر َ ِ َ ْ ِ ِ ُ َ َ ْ ْ َ ُ َ َ ْ ِ َ ي ُ َ َ َ ْ
َل ِإله غ رته ِإن َ أحدكم ليعمل ِبعم ِل َ أه ِل الجن ِة حن ما يكون بينه وبينها ِإَل ِذراع فيس ِبق علي ِه ال ِكتاب فيعمل ِبعم ِ َل أه ِل الن ِار
ْ ْ ا ا َ ا َ َ ُ ُ ََْ ُ ََََْ ا َ ر ََ ْ ُ ََْ ْ َ ُ َ ْ َ ُ َ ا َ ْ ُ ُ
اب ف َي ْع َم ُل ِب َع َم ِل أه ِل ال َجن ِة ف َيدخل َها َو ِإن أ َحدك ْم ل َي ْع َم ُل ِب َع َم ِل أه ِل الن ِار حن ما يكون بينه وبينها ِإَل ِذراع فيس ِبق علي ِه ال ِكت
ُ َ
ف َي ْد ُخل َها".
الج ،وله خواصه السببية ر ر
يستوف جميع الرسوط الوجودية المادية لنظام الكائن ي ي الج هو نظام حيوي الجسم البرسي ي
الن ال توجد يف عنارصه األولية المكونة له (الخاليا) ،مثل إمكان" :الحركة ،السمع ،البرص ،الشم ،اللمس ،الذوق، المنبثقة ي
الن ال يمكن تفعيلها عمليا إال من خالل ما يشاكلها من ي الروحية السببية الخواص محل باعتباره " إلخ . .. العاطفة التفكت، ر
وه قوى سببية موجودة فيه بالقوة ،ولكنها تتحول إىل الفعل بعد اكتمال مراحل االنبثاق األخرى الخواص السببية الجسمية .ي
توأمي ،فلكل إنسان بصمته اللونية ،والبنانية، ر لإلنسان .ولكل إنسان بصمة جسمية خاصة به بحيث ال يتطابق جسمان ولو كانا
يبي ذلك العلم الحديث. والعينية ،واللسانية...إلخ يكتسبها من خالل مورثاته الجينية كما ر
البرسي يف العلوم الغربية السائدة اآلن ،طبيعية واجتماعية ،باعتباره النسان يف كليته ،وباعتباره نظاما وتتم دراسة الجسم ر
ئ
ياب، الفت ي حيويا ماديا ،من حيث "مكوناته"" ،نسيجه"" ،مكتماته" و"بيئته" .كذلك يتم البحث يف هذا النسان عىل المستوى ر
الج ،وال يبحثون فيما ر ئ
نبن عليها الجسم البرسي ي الن ي ي واالجتماع باعتبارها المستويات الجوهرية ي ي النفس
ي الكيمياب ،الحيوي، ي
البرسي يرصب غت مادي .إذن الجسم ر وه فلسفة مادية ال تؤمن بوجود ر وراء ذلك بحكم فلسفة العلوم الوجودية المهيمنة ،ي
بجذوره يف الكون وتتجسم فيه جميع العنارص المكونة له بمستوياتها المختلفة ،رفتيائية وكيميائية وحيوية.
- 4الروح؛ ابن قيم الجوزية ،تحقيق محمد أجمل أيوب الصالح ،دار عالم الفوائد ر
للنرس والتوزي ع. ي
12
اآلب: ر
يورد ابن القيم يف المسألة السابعة عشة السؤال ي
"هل الروح قلييملة أم مثليثلة مةلوقلة وإذا كلانلم مثليثلة مةلوقلة ،و ي م أمر ي ،يكين يكون أمر ي مثليثلا
أخت سل ل ل ل ل للفثان أن نف يف آدم م روح ،يهذه اإلضل ل ل ل ل ل للاية إلي ه تيل عىل أنها قييمة أم ال وما حقيقة
مةلوقا وقي ر
خت ع آدم أن خلق بييه ،ونف يي م روح ،يأضاف اليي والروح إلي إضاية واحية". هذه اإلضاية يقي أ ر
اآلب ،مبتدئا
يس تعرض ابن القيم آراء مختلف الفرق الس المية والعلماء يف األس ئلة أعاله ثم يرد عليها ،وقد ترجح لديه ي
بآية نفخ الروح يف آدم:
وف ذلك خالف ربي السلف والخلف ،وأ كت السلف بل كلهم عىل "وهذا بناء عىل أن المراد بالروح يف اآلية روح النسان ي
بن آدم بل هو الروح الذي أخت هللا عنه يف كتابه أنه يقوم يوم القيامة مع
أن الروح المس ؤول عنها يف اآلية ليس ت أرواح ي
بن آدم فليس ت من الغي ب ،وق د تكلم فيه ا طوائف من الن اس من أه ل المل ل المالئك ة ،وهو مل ك عظيم ....وأم ا أرواح ي
وغتهم ،فلم يكن الجواب عنها من أعالم النبوة".ر
بن آدم كلها مخلوقة هلل ،خلقها وأنش أها، الن يف آدم وبنيه وعيس ومن س واه من ي لمي أن األرواح ي"وال خالف ربي المس ر
اآلدم مخلوقة
ي وكونها ،واختعها؛ ثم أض افها إىل نفس ه كما أض اف إليه س ائر خلقه .....وقال ش يخ الس الم ابن تيمية :روح
مبتدعة باتفاق سلف األمة وائمتها وسائر أهل السنة".
الن
ي ي وه ، الموت ك مل ا اه يتوف الن
ي ي وه ا، امه من وفي ا موته حي
ر هللا ا ه الن يتوف اه النفس ي "فه ذه الروح المقبوض ة ي
الن يجلس الملك عند رأس ص احبها ،ويخرجها من بدنه كرها ،ويكفنها بكفن من الجنة أو وه ي تتوفاها رس ل هللا س بحانه .ي
.
فيقض فيها بأمره ثم تعاد إىل األرض ي ىل عليها المالئكة أو تلعنها ،وتوقف ربي يدي رب ها، النار ،ويص عد بها إىل الس ماء ،فتص ي
وترس ب من الطت الخرص تأ كل ر الن تجعل يف أجواف ر وه . مع وتن اقب وتع وتمتحن فتدخل ربي الميت وأكفانه ،فتس أل
ي ي
الن تعرض عىل النار غدوا وعشيا. وه يالجنة .ي
الن
ي يوه . وذكره وأمره ها رب إىل المطمئنة وه
ي اللوامة، وه
ي وء، بالس ارة م األ ه
ي و . تعض
ي و وتطيع وتكفر، تؤمن الن
وه يي
تعذب وتنعم ،وتس عد وتش ف ،وتحبس وترس ل ،وتص ح وتس قم ،وتلذ وتألم ،وتخاف وتحزن .وما ذاك إال س مات مخلوق
رصف تحت مشيئة خالقه وفاطره وبارئه". مدبر ُم ا ختع ،وأحكام مربوب ا ُم َبدع ،وصفات ُم َنشأ ُم َ
الوح ،كقول ه تع اىل( :وك ذل ك أوحين ا إلي ك روح ا من أمرن ا) (الش ورى )52؛ ي "والروح يف القرآن عىل ع دة أوج ه :أحليهلا
ُ
الوح روحا لما يحص ل به من حياة القلوب واألرواح. ي (يلف الروح من أمره عىل من يش اء من عباده) (غافر .)15 :وس ي
م
13
المؤمني ،كما قال( :أولئك كتب يف قلوب هم اليمان وأيدهمر الن يايد بها من يش اء من عباده الثان :القوة والثبات والنرص ة ي
ي
بروح منه) (المجادلة؛ .)22
األمي 193عىل قلبك) (الش عراء؛ ،)194 -193وقال تعاىل( :من كان عدوا الثلالل جتيل ،كقوله تعاىل( :نزل به الروح ر
لجتيل فإنه نزله عىل قلبك بإذن هللا) (البقرة؛ .)97وهو روح القدس ،قال تعاىل( :قل نزله روح القدس) (النحل.)102 ،
الن س أل عنها اليهود ،فأجيبوا بأنها من أمر هللا .وقد قيل إنها الروح المذكورة يف قوله تعاىل( :يوم يقوم الرابع الروح ي
:
الروح والمالئك ة ص ف ا ال يتكلمون) (النبأ ،)38 ،وأنه ا الروح الم ذكورة يف قوله تع اىل (تتل المالئك ة والروح فيه ا ب إذن رب هم)
(القدر.)4 ،
الةامس :المس يح ابن مريم قال تعاىل( :إنما المس يح عيس ابن مريم رس ول هللا وكلمته ألقاها إىل مريم ،وروح منه)
(النساء.)171 ،
بن آدم ،فلم يقع تس ميته ا يف القرآن إال بالنفس .قال تع اىل( :يا أيتها النفس المطمئن ة) (الفجر ،)27،وقال: وأما أرواح ي
(وال أقس م بالنفس اللوامة) (القيامة ،)2 ،وقال( :إن النفس ألمارة بالس وء) (يوس ف ،)53 ،وقال( :أخرجوا أنفس كم) (األنعام،
،)93وقال( :ونفس وما س واها 7 ،فألهمها فجورها وتقواها) (الش مس ،)8 -7 ،وقال( :كل نفس ذائقة الموت) (آل عمران،
غت مخلوقة". .)185وأما يف السنة فجاءت بلفظ النفس والروح .والمقصود أن كونها من أمر هللا ال يدل عىل قدمها وأنها ر
اآلب :ه تقيم خلق األرواح عىل األجساد أو تأخر خلقها عنها ر
أورد ابن القيم ،يف المسألة الثامنة عشة ،السؤال ي
بعد اس تعراضه لعدد وافر من آراء الفقهاء يف المسألة ترجح البن القيم تأخر خلق الروح عن خلق الجسد مقدما أدلته يف
ذلك:
"وأما الدليل عىل أن خلق األرواح متأخر عن خلق أبدانها ،فمن وجوه :أحيها أن خلق أب ر
البرس وأصلهم كان هكذا .فإن ي
هللا سبحانه أرسل جتيل ،فقبض قبضة من األرض ،ثم خمرها حن صارت طينا ،ثم صوره ،ثم نفخ فيه الروح بعد أن صوره.
فلما دخلت الروح فيه ص ار لحما ودما ،حيا ناطقا .....فالقرآن والحديث واآلثار تدل عىل أن هللا س بحانه نفخ فيه من روحه
بعد خلق جسده ،فمن تلك النفخة حدثت فيه الروح".
كثتة من القرآن والسنة النبوية ،يمكن للقارئ أن يرجع إليها يف كتابه المذكور.
وقد رفد ابن القيم آراءه السابقة بأدلة ر
14
المؤدي َإىل تفاعلها َ ۡ َ النسيج الذي يربط ربي هذه القوى السببية اللهية ،المخلوقة بما يتناسب مع خلق النسان ،يف
ٱَّلل ُي ۡم ِسك ٱلسم َٰو ِت وٱألرض أن
َ ۡ َ َٰ َ ا ُ انبثاق "الروح" ،هو (ال إله إال هللا) ،وهو ذات النسيج الذي يمسك الكون من الزوال﴿ :إ ان َّ َ
ِ َ ُ َ ِۚ َ َ ئ َ َ َ ٓ ۡ َ ۡ َ َ ُ َ ۡ َ َ ِّ ۢ َ ۡ ا ِۚ ا ُ َ َ
واصل سعيه َالحثيث اآلن النسان أن ولو ، (فاطر) ﴾ ٤١ ا
وريما َغ ُف ا ان َحل ً تزوَل ول ِي زالتا ِإن أمسكهما ِمن أح ٖد من بع ِد ِهۦ ِإنهۥك
ۡاَ َ ا ُ ِ
َ َٰ َ َ ۡ ُ َ :
ف أنف ِس ِه ۡم َح ا َٰن ِ ِي و اق ف ٱأل ف ان
ِ ِي ت اي ء م ه
ِ ِ ي
ت ﴿س هللا) إال إله (ال إىل النته األولية تفكيكَ المادة الكونية إىل عنارصها إىل منتهاه ف
ر َ ِّ َ َ ا ُ َ َ َٰ ُ ِّ رَ ۡ َ َ َ َ ا َ َ ُ ۡ َ اي ُ ۡ َ ُّ ُۗ َ َ ۡ َ ۡ
ش ٖء ش ِهيد( ﴾٥٣فصلت). يتب ري لهم أنه ٱلحق أو لم يك ِف ِبربك أنهۥ عىل كل ي
السبن جاء "الكون" استجابة رصورية لكن فيكون، ي الصفات اللهية مطلقة السببية يف الذات اللهية ،ولهذا الطالق
ُ ُ ُ
النساب الذي سقفه ُخلق الرسول محمد ،صىل هللا عليه وسلم: ي وه أساس الخلق السببية يف الذات النسانية ،ي ولكنها نسبية
َ َ ا َ َ َ َ َٰ ُ ُ
النساب نسبية أيضا بمقدار تفعيل النسان
َ َ ا َ َُ ي تأب استجابة الكون بالصالح للعمل ﴿و ِإنك لعىل خل ٍق ع ِظ ٖيم( ﴾٤القلم) .ولذلك ي
َٰ َ َٰ َ ا ا
ه الكون المسخر لإلنسان ﴿وسخر لكم ما ِ يف ٱلسم و ِت : هللا ،و"بيئته" ي اللهية كنظام "نسيجه" ال إله إال
َ َٰ َ َ ا َ َٰ ِّ َ ۡ َ َ َ َّ ُ َ َ ا ِّ ۡ ُِۚ ا
القوى السببية لهذه ۡ َ
النساب يف سعيه ي العمل كيفيات ه "
َ ُ َ َ َ ُ َ يماته مكت " و ،(الجاثية) ﴾ ١٣ ون ر ك ف
َ ت ي مٖ و ق ل ت َٖ ي أل ك ل ذ ف
ِ ُ ِ ي ِۡن إ ه ن م ا يع م ج
ِ ِ ض ر ٱأل ۡ َو َما ِ يف
ۡ ا َ ُ َ
تمكي ر ض ِم ۢن َب ۡع ِد ِه ۡم ِلننظ َر ك ۡيف ت ۡع َملون(َ ﴾١٤يونس) ،ووظيفته ه ۡ ا َ َ َٰ ۡ َٰ َ
االستخالف يف األرض ﴿ :ثم جعلن كم خل ِئف ِ يف ٱألر ِ
5
ي
ا َ ا َ َ يَ َ ۡ ُ ُ ۡ ۡ َ َ َ ا َ َ
الختات بالحسان ف هذا العمل النساب﴿ :وهو ٱل ِذي خلق ٱلسم َٰ َٰو ت وٱألر ََ َّ َ ُ َ
ض ِ يف ِست ِة أي ٖام وكان عرشهۥ ِ ر استباق من النسان
َّل َو ُه َو ۡٱل َعز ُيز ۡٱل َغ ُف ُ َ َ َ ي ۡ َ ۡ َ َ ۡ َ َ َٰ َ َ ۡ ُ َ ُ ۡ َ ُّ ُ ۡ َ ۡ َ ُ َ َ ا ِۚ َّ ي َ َ ۡ َ ٓ َ ۡ ُ َ ُ ۡ َ ُّ ُ ۡ َ ۡ َ ُ َ َ ا ُۗ
ور﴾٢ م ع ن س ح أ م ك ي أ م كو ل ب ي ل ة و ي ح ٱلو ت و م ٱل ق ل خ ي ذ ﴿ٱل
ۡ َ ر ُ َ ُ َ ِّ َ ۖۡ َ ۡ َ ُ ْ ۡ َ ۡ َ ِ ِۚ َ ۡ َ َ َ ُ ُ ْ َ ۡ (هود)؛ ﴾ ٧ ...َّل م ع ن س ح أ م ك ي أ م ك و ل ب ي ل ء اعىل ٱلم
ُ ُ ِ َّ ُ َ ً ِۚ ا َّ َ َ َ َٰ ُ ِّ رَ ۡ ِ َ ِ ِ َ ُ
ش ٖء ق ِدير﴾١٤٨ ٱَّلل َ ۡج ِم ِۚيعا َ ِإن َّٱَّلل عىل كل ي ت ِت أين ما تكونوا يأت بكم (الملك)؛ ﴿و ِلك ٖل ِوجهة هو موليها فٱست ِبقوا ٱلخ ر َٰ
يعا َف ُي َن ِّب ُئ ُكم بماَ ٱَّلل َم ۡرج ُع ُك ۡم َجم ا َ َ ٓ َ َ َٰ ُ ۡ ۖۡ َ ِ ۡ ِ َ ُ ْ ۡ ۡ ِّ َ ۡ ُ َ ُ ُ
ٱَّلل َل َج َع َل ُك ۡم أ ام اة َ َٰو ِح َد اة َو َل َٰ ﴿و َل ۡو َش ٓا َء َّ ُ (البقرة)؛ َ
ِ ِ ِ ِ ىل إِ ت ِ ت َٰ ر خ ل ٱ وا ق ب
ِ ت ٱس ف م ك ى ات ء ام ف ي ِ م ك و لب ي ل ن ك ِ
ون( ﴾٤٨المائدة). َ ُ َ ۡ َ
يه تخت ِلف ُ ُۡ
كنتم ِف ِ
ه الصفات الن ي الفرض األساس الذي ننطلق منه فيما يتعلق بالروح هو أنها كائن معنوي انبثق من التفاعل ربي مكوناته ي
الج ،تحركت قواه السببية الكامنة فيه من القوة إىل الفعل، الطين ي ي الن بنفخها يف الجسد وه (الروح) ي اللهية المذكورة آنفا ،ي
الطين، ي للجسد المادية الكثافة إن . والتفضيل التكريم استحق ها وب هللا، خلق باف ي عن نوعه يختلف وصار النسان خلقا آخر
الن يقتفها النسان بسبب حب هذه الشهوات المعاص ي ي الن تنبعث من ِقبل حاجات بقائه المادية ،وكثافة وكثافة الشهوات ي
الن حملها النسان بنفخ الروح فيه ،ولوال ذلك لكان من الممكن تحد من الفاعلية السببية الكونية للصفات اللهية ي الن ِ ه ي ي
ويمس يف الماء ،ويسمع دبيب النملة يف الصخرة الصماء ،ويرى أبعد مما تراه أقمار التجسس ر الهواء، ف يطتر ن أ بإيمانه لإلنسان
َ ُ ُ َْ َ َ ْ َ ُ ُ ُُ ُ ُ ي ي
وبك ْم كما تكون ِعند المصنوعة ،ولصافحته المالئكة يف الطرقات ،كما ورد يف صحيح مسلم( :ولو كانت تكون قل
ُّ َ ُ ا ُ ِّ ِّ ْ َ َ َ َ ْ ُ ُ َ َ َ ُ
حن ت َسل َم عل ْيكم يف الط ُر ِق) ،ولتسع قلبه لحب هللا فكان سمعه الذي يسمع به ،وبرصه الذي المَّل ِئكة، الذك ِر ،لصافحتكم
إله محكم تدبت ذلك وكل . ه ليعطين سأله ولي ئ ه، ليعيذن استعاذه ولن ، بها يمس ر الن ورجله بها، يبطش الن
ي ر ي ي يبرص به ،ويده ي
اقتضته طبيعة االبتالء الذي جعله هللا تعاىل قدرا لإلنسان يف هذه الحياة الدنيا.
وه نظام جامع للصفات اللهية يف نسبيتها النسانية ،وألن غت قابل للفناء والفساد ،ي ه كائن ر الروح بهذا التعريف ي
فأبي أن ر والجبال واألرض السماوات عىل تعاىل هللا عرضها فقد يحملها، حامل من لها البد بل الصفات ال قوام لها بذاتها
يحملنها ،وأشفقن منها ،وحملها النسان ألنه هو ذلك الكائن المقصود بتلك الصفات الجليلة ،المخلوق خلقا ال صالح له إال
بحمل تلك الصفات .وقد وصفه هللا تعاىل يف ذلك الحمل بأنه كان ظلوما جهوال ،فقد ظلم عىل الدوام حق تلك القوى السببية
وف الكون عامة، العظيمة بعدم تفعيلها يف الكون بالوجه الذي يحقق الصالح لإلنسان يف نفسه ،والصالح يف األرض خاصة ،ي
الن يؤدي إليها ظلمه والشكر هلل عىل نعمته ،بل كان ديدنه هو توظيفها لإلفساد ُ ي َف األرض ،وهو جهول بالمآالت والعواقب ي
غته ،ومن ضيق الدنيا إىل ه كت تحر ِره من سجن نفسه ،ومن سجن ر وإفساده هذا .لكن تظل التكيبة الروحية يف النسان ي
سعة الدنيا واآلخرة.
ه نظام واحد يوجد يف جميع الناس ألنه أساس تكريم النسان ،وأساس التفاضل ربي والروح بهذا التعريف والتكييف ي
ّ ر
وحقتها ،إنما تأ يب من النفس البرسية بمقدار تخلقها بالصفات ر الناس يف مواقف اليمان والكفر .واألخالق واألعمال ،جليلها
ه العنارص المكونة له ،وبمقدار جعلها أساسا للفعل والتفاعل روح تكون هذه الصفات ي ي اللهية يف نسبيتها النسانية كنظام
االجتماع يف البيئة الخارجية .ودراسة الروح إنما تتم من خالل دراسة مكوناتها ،أي الصفات الربانية يف نسبيتها النسانية، ي
الن يمثلها النسان يف كليته ،ودراسة تفاعلها مع البيئة الكونية ودراسة نسيجها (التوحيد) ،ودراسة عالقتها ببيئتها الداخلية ي
ينبع أن يفعلها المؤمن يف ي لنالخارجية ،السيما زينة الحياة الدنيا (المال ،البنون) ،ودراسة كيفيات عمل (مكتمات) التكية ا ي
15
كل خاصية من الخواص اللهية الثاوية يف الروح ،مثال العلم ،اليمان ،الرحمة ،العدل ،الحسان ،الصت ،الشكر...إلخ حن
ه خواصه النفسية العملية. تصبح ي
الله الذي جاءت منه ،فكل صفة ي الن تهيأت لإلنسان بنفخة الروح فيه تربطه ربطا وثيقا بعالم األمر إن الصفات الربانية ي
من هذه الصفات طرفها األدب عند النسان وطرفها األعىل عند هللا تعاىل ،وهو تعاىل الذي يقبض ويبسط منها لكل إنسان
َ ّ
ٱص ِ ۡت َو ََما ََص ۡ ُتك ﴿و ۡ التخلق بها طلبا لها من مظانها ،وبمقدار التحقق بها ف الحياة العملية صالحا ف األرضَ :
ي َ َ ي َ َ بمقدار سعيه يف
ىل َ َٰو ل َد اي َوأ ۡن أ ۡع َملَ َ َ َ ا َ َ ٗ ِّ َ ۡ َ َ َ َ َ ِّ ۡ ۡ ا ۡ ۡ ُ َ ۡ َ َ َ َّ ا ۡ َ ۡ َ َ َ ا َ َ َ َّ ِۚ ا
َٰ احكا من قو ِلها وقال رب أوزعن أن أشكر نعمتك ٱلن أنعمت عىل وع (النحل)؛ ﴿فتبسم ض ِ ٱَّلل ﴾١٢٧ ِإَل ِب ِ
ِ ِ ي َ َ َ ۡ َ ِ ِّ َ َّ ِ ي َ َ ُ ۡ ۖۡ َ َ ي ۡ ُ َ َ ًّ ِ َ َ ۡ َ ۡ ٱلص َٰ لح َ َص َٰ ل احا ت ۡر َض َٰى ُه َوأ ۡدخلن ب َر ۡح َمت َك ف ع َباد َك ا ۡ َ َ
ٱَّلل ِلنت لهم ولو كنت ۖۡفظا غ ِليظ ٱلقل ِب ي(﴾١٩النمل)؛ ﴿ف ِبما رحمة من
ُُ َ َ َ َ َۡ ٖ َ ۡ ِ َ ۡ َ َ َ َ َ ۡ َ َٰ ُ ۡ ُ ُ َ َ َ ا َۡ ِ ِ ي ِ ِ ُ ا َ ا ۡ َ ِ ِ َ رَ اَٰ َ ََٰ َ ٱ َ ِ ُّ ْ ۡ َ ۡ ِ ِ ي ِ
وب ل ق ف ان ل ع ج و يل نج ٱل ه ن ي ات ء و م ي ر م نٱب يس عِ ب ان ي ف ق و ا ن ل ِ س ر ب م ه
ِ ر اث ء ىل ع ان ي ف ق م ﴿ث ان)؛ ر عم ﴾(آل لنفضوا من حولك١٥٩
ِي َ َ ُ ِ ْ َ ا َ
ُ َ ۡ َِ ِ
َ ِّ َ ُ ِّ َ َٰ َ ُِ ۡ َ َِ ا َٰ ُ ۡ َ َ َ ۡ َ ِ ُ ُ َ ُ ۡ َ َِٰ َ اۖۡ َ َ َۡ َّ َ ا َ ُِ ُ َ ۡ َ ِ ا َ َ ۡ َ اِۚ
اض ِع ِهۦونسوا سية َّيحرفون ۡٱلك ِلم عن مو ِ ﴿ف ٓ ِبما نق ِض ِه ام م َيث اقهم لع ۖۡن َهم وجعلنا قلوب هم ق ِ ٱل ِ ٗذين ٱتبعوه رأفة ِۚورحمة﴾(الحديد)؛
ي(﴾١٣المائدة)؛ ب ٱل ُم ۡحسن َ ٱَّلل ُيح ُّ ٱص َف ۡ ِۚح إ ان َ ف َع ۡن ُه ۡم َو ۡ ٱع ُ ىل َخائ َنة ِّم ۡن ُه ۡم إَل قليَّل ِّم ۡن ُه ۡم ف ۡ ال َت اط ِل ُع َع َ َٰ َح ّظا ِّم اما ُذ ِّك ُر ْوا بهۦ َو ََل َت َز ُ
ِ ِر ِ ِ ِ ِ ٖ ِ ِ
ون(﴾٧الحجرات). ُ ُ ُ ۡ َ َ ا َ َ ۡ ُ ُ ۡ ُ ۡ َ َ ۡ ُ ُ َ َ ۡ ۡ َ َِۚ ُ ْ َ َٰا َ ُ ُ ا َٰ ُ َ َ َ َٰ ا َّ َ َ ا ِ َ َ ۡ ُ ُ ۡ َ َٰ َ َ َ ا َ ُ
وبكم وكره ِإليكم ٱلكفر وٱلفسوق وٱل ِعصيان أول ِئك هم ٱلر ِشد ل ق ف ِي ۥ ه ن ي ز و ن يم ٱلِ م ك ي ل إ﴿ول ِكن ٱَّلل حب ِ
ب
ِّ َ ُِ
الن ال تنفد ﴿و ِإن من : الن كرم بها النسان مفتوحة عىل ما يناسبها من خزائن هللا الربانية ا ُ ي وكل صفة من هذه الصفات
َ ۡ َ ۡ ُۗ َ َّ ُ َ َ َٰ ُ ي ِّ رَ ۡ َ ٱلس َم َٰ ََّلل ُم ۡل ُك ا َ َّ ۡ َ َ َ َ ٓ ُ ُ َ َ ُ َ ِّ ُ ُ ا ا َ َ رَ ۡ ا
ش ٖء ق ِد رير﴾١٨٩ ي ل ك ىل ع ٱَّلل و ض ِ ر ٱألو تِ َٰ
و ِ ِ ﴿و ؛ (الحجر) ﴾ ٢١ وم ٖ ل ع م ر ن د ق ب
ِ َلإِ ۥ هلت ن ام و ۥ ه ن ئِ ا
ز خ ان ند ع ِ َل ش ٍء ِإي
ا ُ َّ ۡ َ ُ ۡ َ ۡ ُ َ َ َ ٓ َ َ ۡ َ َ ِّ ا ا ا َ ۡ َ ۡ ُ ۡ َ ۡ َ َ ۡ َ ِۚ َ َ َ ۡ َ َٰ ُ َ ُ
﴾ (الش َاء) ،وهو تعاىل ١٠٠ ا
ور ت ق ن نس ٱل ان ك و اق نف ٱل ة ي ش خ م ت ك س م أل ا ذ إ ب ر ةِ م ح ر ن ئ
ِ از خ ون ك لِ م ت م نت أ و ل ل ﴿ق ؛ ان) ر عم (آل
ُ ُ ْ ۡ َِ ُ ُ َ ُ َّ ۡ ُ َ رِۚ ُ َّ ۡ ِ َِ َ َ ي ِ
ٱَّلل َمغلولة غلت أ ۡي ِد ِيه ۡم َول ِعنوا ِ ﴿وقال ِت ٱليهود يد بصتا: ر خبتا ر يشاء ،إنه كان بعباده ينفق ْۘمنها عىل من يشاء من عباده كيف
ۡ ََ َ َ ۖۡ
اس ِمن ار ِۚ ۡح َم ٖة فَّل ُم ۡم ِسك ل َها َو َما ُي ۡم ِسك فَّل
ََ َّ ُ ا
لن ل ٱَّلل ح
ا ََۡ
ت ف ي ا ﴿م ؛ )(المائدة ﴾ ٦٤ ف َي َش ٓا ِۚ ُ
ء وط َتان ُينف ُق َك ۡي َ َ َ ُ ْ َ ۡ ََ ُ َۡ ُ َ
بما قالوا بل يداه مبس
َّ ُ َ ۡ ُ ُ ِّ ۡ َ َ َ َ ٓ ُ َ َ ۡ ُ َ َ ُ ْ ۡ َ َ َٰ ُّ ۡ َ َ َ ۡ َ َ َٰ ُ ِ ِ ِ ِ ِ
ِ ُ ۡ َ َ ُ ۢ َ ۡ ِۚ َ ُ َ ۡ َ ُ ۡ
مر ِسل لهۥ ا ِمن بع ِد ِهۦ وهو ٱلع ِزيز ٱلح ِكيم( ﴾٢فاطر)؛ ﴿ٱَّلل يبسط ٱلرزق ِلم ِۚن يشاء ويق ِدر وف ِرحوا ِبٱلحيو ِة ٱلدنيا وما ٱلحيوة ُ َ
وف َ َۢ َ ا ٱلد ۡن َيا ف ۡٱألخ َرة إ اَل َم َت َٰ ع( ﴾٢٦الرعد)؛ ﴿إ ان َراب َك َي ۡب ُس ُط ِّ ۡ َ َ َ َ ٓ ُ َ َ ۡ ُ ا ُ َ َ َ ُّ
ٱلر َزق ِلم َن يشاء َويق ِ َدر ِإنه َۥكان ِب ِ َعب ِاد ِهۦ خ ِب رتا َب ِص ْ رتا( ﴾٣٠الشاء) ،ي ا َّ ِ ِ ِ ِي ِ
فبها رحمة أنزل منها رحمة واحدة ِ ٍ الصحيحي عن رسول هللا ،صىل هللا عليه وسلم( :إن اَّلل خلق االرحمة يوم خلقها مائة ر
القيامة
ِ يوم
َ
كان ُ َ
وتسعي رحمة فإذا
ر تسعا
َ َ
عند ُه ً َ
ولدها من تلك االر ِ
حمة واحتبس حن اإن االد اابَة لت ُفع َ
حافرها عن ِ
ُ
الخلق ا يت ُ
احم
ُ َ َ َ َ
هذ ِه إىل تلك فر ِحم ِبها عباده) .فتأمل كيف تحولت الرحمة ،ي
وه صفة ربانية ،إىل خلق من خلق هللا ،وخزنة من خزائنه جمع ِ
ينفق منها عىل مخلوقاته ،وقس عىل ذلك بقية الصفات.
فمن
عليهِۚٓ َ ۡ ، رسل هللا لتقام بذلك الحجة الن بها تهيأ الستقبال رسالة السماء عت وهذه الصفات الربانية لدى النسان ه
ۡ َ َ ۡ ُ َ ِّ ُ ۡ ۖۡ َ ُ ْ َ َ َٰ َ ۡ ُ ِّ ا َ ُ ۡ َ َ ۡ َ َ ُ ۡ َ َ َٰا َ ُ ُ ُ َ ۢ َ ُّ َ َ َ َ ۡ َ :ي َ ا يَ َ
ور ِهم ذريتهم وأشهدهم عىل أنف ِس ِهم ألست ِبربكم قالوا بىل ش ِهدنا ﴿و ِإذ َأخذ َ ربَك َ ِمن ب ِ ين ءادم ِمن ظه ِ َشاء آمن ومن شاء كفر
الن استقرت يف فطرة النسان اللهية السببية القوى وهذه .اف) ر (األع ﴾ ١٧٢ وا َي ۡو َم ۡٱلق َي َٰ َمة إ انا ُك انا ع ۡن ه َٰ ذا غ َٰ فل َ
ي
َُ ُ ْ
أن تقول
ي ِِر ِ ِ ِ
تهن النسان المؤمن بأسباب ال محدودة للعمل الصالح ئ السالكي إىل هللا تعاىل ،ولكل درجات مما عملوا .وه ر ه مدارج
ٱَّلل َو ۡٱب َت ُغ او ْا إ َل ۡيه ۡٱل َوس َيل َة َو َج َٰ ه ُد ْوا ف َسبيلهۦ َل َع َّل ُكمۡ َ َٰا َ ُّ َ َّ َ َ َ ي ُ ْ ر ا ُ ْ
وا َّ َ ي
ِ ِ ي ِ ِ ِ ِ ِ ق ٱت وان ام ء ين ذ
ِ ٱل اهي أ ﴿ي : تعاىل هللا إىل الوسيلة به يبتع
ي الكون ف ي المبدع
اب ون َع َذ َاب ُِه ا ِۚۥإ ان َع َذ َُ ْ َ َٰا َ َّ َ َ ۡ ُ َ َ ۡ َ ُ َ َ َٰ َ ِّ ُ ۡ َ َ َ َ ُّ ُ ۡ َ ۡ َ ُ َ َ ۡ ُ َ َ ۡ َ َ ُ َ َ َ ُ َ
تف ِل ُحون( ﴾٣٥المائدة)؛ ﴿أول ِئك ٱل ِذين يدعون يبتغون ِإىل رب ِهم ٱلو ِسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمتهۥويخاف
َ ُۡ
ِ
ََ ْ َُُْ ْ ا َّ َ َ
اَّلل ق َال َم ْن َع ُ َادى ِ يىل َو ِل ًّي َا فقد آذنته بِال َح ْر ِب وف الحديث الصحيح الذي رواه الشيخانِ ( :إن ورا( ﴾٥٧ال َشاء)، ان َم ۡح ُذ ا َ ِّ َ َ َ
ربك ك
ُ َ َ ْ ُْ ُ ْ ُ َ ُ ُ َََ ُ َ َْ ْ ُ ََ َ َ ََ ُ َ ي َ ا َ َ َ َ ََ َ َ َ
ل حن أ ِح ابه ف ِإذا أح َببته َ ُكنت س ْم َعه َ ا النو ِاف اَ س ٍء أحب ِإ ا يىل ِم اما اف َتضت عل ْي ِه وما يزال ع ْب ِدي يتق ارب ِإ ا يىل ب وما تق ارب إ اىل ع ْب ِدي ب ر ْ
َ َ ُ ِ َ َ َ ِ َّ َّ ي َ ْ ُِ ي َ َ َ ُ ِ
ُ ا َ َ اُ ْ
س ِبَها َوإِن َسأل ِ ين أل ْع ِط َينه َول ئ ِ ْي ْاست َعاذ ِ يب أل ِعيذنه َو َما
َ
ش بَها َورْجل ُه ال ِن َي ْم ِر َ
رص ب ِه َ َويد ُه الن َي ْب ِط ُ
ُ ب رصه َّال ِذي ُي ْ َّال ِذي يس َمع ب ِه وب َ
ي َ ي َ ِ ِ ي ِ ِ ِ َ َ ا ْ ُ َ ْ َر ِ ْ َ َ َ ُ
. َ ْ َ ُ ْ َ ْ َ َ َ ْ َ ُ َ َ ََ ُ ْ ُْ َ ْ َْ اعل ُه َ ت َ ُّ
والمؤمن الذي يكون هذا حاله يمكن أن ) ه ت اء س م هر ك أ ان أ و ت و م ال هرك ي ن م ؤ م ال س فن ن ع ي د
ِ در ش ٍء َأنا ف َّ ِ
ترددت عن ي
َ ُ َ َ َ َ َ ۡ َ َ َ َ ا َ ۡ َ َ ُ َ ِۚ َ َ ا َ َ ُ ُ ۡ َ َ ُ ۡ ِّ َ ِۡ َ ِ َ َِ ۠ َ َ َ
ال ٱل ِذ َي ِ َعندهۥ ِعلم من ٱل ِكت َٰ ِب أنا ءا ِتيك ِب ِهۦ ۖۡقبل أن ي ۡرتد ِإليك ط ۡرفك فلما رءاه مست ِق ًّرا ِعندهۥ قال ه َٰ ذا ِمن يأب بالخوارق﴿ :ق
َ
﴿ف َو َج َدا َع ۡب ادا ِّمنۡ َ َ َ َ َ َ ا َ ِّ َ َ َ ۡي َ ِّ َ ۡ ُ َ ا َ َ ۡ ُ ُ ۡ ۡ ُ ُ ۖۡ َ َ َ َ َ َ ا َ َ ۡ ُ ُ َ ۡ
فض ِل ر يب ِليبلو ِ يب ءأشكر أم أ كفر ومن شكر ف ِإنما يشكر ِلنف ِس ِهۦ ومن كفر ف ِإن ر يب غ ِ ين ك ِريم( ﴾٤٠النمل)؛
َّ ا ۡ َّ َ َ ٓ َ َ ۡ َ ُ َ ۡ ا ِّ ۡ
ندنا َو َعل ۡم َن َٰ ُه ِمن ل ُدنا ِعل اما( ﴾٦٥الكهف).
ِع َب ِادنا ءاتين َٰ ه رح َمة من ِع ِ
االجتماع،
ي المعايت األخالقية والقانونية لإلنسان يف إطار فعله وتفاعله ر ه مصدر الصفات اللهية يف نسبيتها النسانية ي
سواء كان ذلك يف مجتمع ُيعبد فيه هللا تعاىل ،ويقام فيه الدين ،أو يف مجتمع دنيوي يرتبط سعيه بتحقيق المنافع الدنيوية ال
تعاىل ،وما ينتج عنه من آثار يكون ً المعايت األخالقية عبادة هلل
ر االجتماع المؤطر بهذهي غت .المجتمع األول يكون فيه الفعل ر
للمعايت األخالقية والقانونية ر تصت فيه هذه الصفات اللهية منشأ وف المجتمع الدنيوي ر عمال صالحا يعمر األرض بالصالح ،ي
المعايت مثل الرحمة ،العدل، ر النفعية ،ألن النفع الدنيوي ال يتحقق يف المجتمع عىل الجملة إال بالتام حد أدب من هذه
غت مادي، الطين المادي أن يكون مصدرا لما هو ر برسية بامتياز ،وال يمكن للجسم الحسان ،الصت...إلخ .إن المعيارية ظاهرة ر
ي
ه مصدرها. الموضوع أن تكون الروح ي ي فصار من
والنسان قد ينس وجود هذه القوى السببية لديه ،وما تقتضيه من عالقة باهلل تعاىل ،وال يؤسس عليها فعله وتفاعله
َ َ َ
مع الحياة ،أو يوظفها للدنيا فقط جلبا للمصالح ودرءا للمفاسد اآلنية ،أو يسع بها يف األرض فساداَ ﴿(:ي ۡعل ُمون ظ َٰ ِه ارا ِّم َن
16
ُ َ ُ ْ ا ُ ْ َ ُ ْ ا َ َ َ ْ َ َ وا َّٱلذ ََ َ َُ ْ ُ َ ُ َ ۡا ُ ُّ ۡ ۡ
ين َء َامنوا َقال اوا َء َامنا َو ِإذا َخل ۡوا ِإ َٰىل ش َي َٰ ِط ِين ِه ۡم قال اوا ِإنا َم َعك ۡم ِ ٱل َح َي َٰو ِة ٱلدن َيا َوه ۡم َع ِن ٱأل ِخ َر ِة ه ۡم غ َٰ ِفلون(﴾٧الروم)؛ ﴿و ِإذا ل َق
َ َ َ
﴿من كان
ُ
ض َوتقط ُع اوا أ ۡر َح َامك ۡم(﴾٢٢محمد)؛
ُ َ ِّ ْ ۡ ۡ ُۡ ُ ْ َ َ َّ ۡ ُ ۡ ون(﴾١٤البقرة)؛ َ َ ۡ َ َ ۡ ُ ۡ اَ َ ۡ ُ ُ ۡ َۡ ُ َ
﴿ف ۡهل َ ُعسيت َم ِإ َن ُتوليت َم أ َن ُتف َ ِسدوا َ ِ يف ٱألر ِ َ إنما نحن مستهزء
ِ ُ ُ ۡ َ َ َٰ َ ُّ ۡ ِ َ َ َ َ َ ُ َ ِّ َ
. ُ ۡ
ي ِريد ٱلحيوة ٱلدنيا و ِزينتها نوف ِإلي ِهم أعم لهم ِفيها وهم ِفيها َل يبخسون(﴾١٥هود) والذي يفعل ذلك يكون قد ظلم نفسه ۡ ۡ َٰ َ ۡ ۡ
ينس ۡهللا ينساه هللا ،وينسيه نفسه ،أي ينسيه حقيقة نس هللا الذي أمده بأسباب صالحه ف هذه الحياة الدنيا ،ومن ألنه ي
ََۡ ُ َ ُ ۡ َ ۡ ُ َ َٰ ُ َ ي َ ۡ ُ َ َٰ َ َٰ ُ َ ۡ ُ ُ ِّ ۢ َ ۡ ِۚ َ ُ ُ َ ۡ ُ َ َ َ ۡ َ ۡ َ َ ۡ
وف ُ ويق ِبضون ون ِبٱل َمنك ِر ْ وي َّنه َو َن عن ٱلمعر ِ ض يأمر وجوده يف هذه الحياة ِۚالدنيا﴿ :ٱلمن ِفقون وٱلمن ِفق ت بعضهم من بع
نس َٰى ُ ِه ۡم َأ ُنف َس ُه ۡ ِۚم أ ْو َل َٰا ئ َك ُهمُ ين ن ُسوا َ
ٱَّلل فأ َ َ َ َنُ ُ ْ
وا َك َّٱلذ َ َ ۡ َ ُ ۡ ِۚ َ ُ ْ َّ َ َ َ َ ُ ۡ ا ۡ ُ َ َٰ َ ُ ُ ۡ َ َٰ ُ َ
ِ ِ ون ك ت َل﴿و )؛ ﴾(التوبة ٦٧ ون أي ِديهم نسوا ٱَّلل فن ِسيهم ِإن ٱلمن ِف ِق ري هم ٱلف ِسق
ٱَّلل َغ ِ ٌّ ۡ َ ِّ َ َٰ َ َ ُ ا ْ َ َ رَ َ ۡ ُ َ َ َ َ َ ُ ْ َ َ َ َّ ۖۡ ْ ا ۡ َ ۡ َ َّ ُِۚ
ٱَّلل َو َّ ُ ﴿ذ َٰ ل َك ب َأ ان ُهۥ َك َانت ات ۡأتيه ۡم ُر ُس ُل ُ
َ ر ۡ َ َٰ ُ َ
ن ي ن غ ت ٱسو والو تو وار فك ف ان وند ه ي رس ب أ او الق ف ت ِ ني ب ٱل ب
ِ م ه ِ ِ ٱلف ِسقون(﴾١٩الحرس)؛ ِ ِ
َح ِميد(﴾٦التغابن).
-3.1.4انبثاق النفس
اإلسالم ر
-1.3.1.4النفس يف التاث
ي
طرح ابن القيم ف المسألة التاسعة ر
عشة يف كتابه "الروح" األسئلة اآلتية: ي
"ملا حقيقلة النفس هل ي جء م أجءا الفلين ،أو عرم م أعراضل ل ل ل ل ل ،أو جسل ل ل ل ل للم مسل ل ل ل ل للا لل منفوخ ييل ،أو جوهر
واللوامة والمطمئنة نفس واحية لها هذه الصفات ،أم ي ثالثة أنفس ". الروح أو غتها وه األ ّمارة ّ
ر مجرد وه ي
ه:
انترص ابن القيم للرأي القائل بأن النفس ي
ح متحرك ينفذ يف جوهر األعض اء،
اب علوي خفيف ي
" جس م مخالف بالماهية لهذا الجس م المحس وس ،وهو جس م نور ي
ويرس ي فيها شيان الماء يف الورد ،وشيان الدهن يف الزيتون ،والنار يف الفحم .فما دامت هذه األعض اء ص الحة لقبول اآلثار
بف ذلك ا لجس م اللطيف مش ابكا لهذه األعض اء ،وأفادها هذه اآلثار من الحس الفائض ة عليها من هذا الجس م اللطيف ،ي
والحركة الرادية .وإذا فس دت هذه األعض اء بس بب اس تيالء األخالط الغليظة عليها ،وخرجت عن قبول تلك اآلثار ،فارق
الروح البدن ،وانفصل إىل عالم األرواح ".
ّ
علق ابن القيم عىل التعريف أعاله بقوله" :وهذا القول هو الص واب يف المس ألة ،وهو الذي ال يص ح ر
غته ،وكل األقوال
س واه باطلة ،وعليه دل الكتاب والس نة وإجماع الص حابة ،وأدلة العقل والفطرة" .وقد أورد مائة وس تة ر
عرسة دليال من القرآن
والسنة والعقل يايد بها هذا االختيار لمفهوم النفس ،ويمكن للقارئ الرجوع إليها يف كتابه المذكور.
18
ويلي إليه قلبه ومفاص له ،حن كأنه ش اهد األمر ئ
الزالل عىل القلب الملتهب بالعطش ،فيطمي إليه ،ويس كن إليه ،ويفرح به ،ر
الظهتة لعينه فلو خالفه يف ذلك من ربي رشق األرض ر كما أختت به الرس ل .بل يص رت ذلك لقلبه بمتلة رؤية الش مس يف
وغرب ها لم يلتفت إىل خالفهم ،وقال إذا اس توحش من الغربة :قد كان الص ديق األكت مطمئنا باليمان وحده ،وجميع أهل
األرض يخالفه ،وما نقص ذلك من طمأنينته ش يئا .فهذا أول درجات الطمأنينة ،ثم ال يزال يقوى كلما س مع بآية متض منة
لصفة من صفات ربه .وهذا أمر ال نهاية له.
ئ
الن عليها قام بناؤه ثم يطمي إىل خته عما بعد الموت من أمور التزخ وما بعدها . فهذه الطمأنينة أص ل أص ول اليمان ي
اليقي الذي وص ف به س بحانه أهل اليمان حيث قال: ر حقيقة وهذا .عيانا كله من أحوال القيامة ،حن كأنه يش اهد ذلك
(وباآلخرة هم يوقنون) (البقرة.)4 ،
. ُ :
الن أقس م بها س بحانه يف قوله (وال أقس م بالنفس اللوامة) (القيامة )2 ،فاختلف فيها فقالت طائفة وه يوأما اللوامة ،ي
ّ ُّ َ
وه من أعظم آيات هللا، ي .ن والتلو ب التقل ةكثت
ي ر فه دد، الت وهو م، و التل من ةظ اللف خذوا أ ، واحدة حال الن ال تثبت عىل ه ي ي
فإنها مخلوق من مخلوقاته تتقلب وتتلون يف الس اعة الواحدة -فض ال عن اليوم والش هر والعام والعمر -ألوانا متلونة ،فتذكر
وتعض ،
ي وتغفل ،وتقبل وتعرض ،وتلطف وتكثف ،وتنيب وتجفو ،وتحب وتبغض ،وتفرح وتحزن ،وترص وتغض ب ،وتطيع
كثتة .فهذا قول.فه تتلون كل وقت ألوانا ر حاالتها وتلونها ،ي وتتف وتفجر ،إىل أضعاف ذلك من ي
ّ
ه نفس المؤمن ،وهذا من ص فاتها المحمودة .قال ي فرقة فقالت اختلفوا، ثم .وم الل من مأخوذة اللفظة : طائفة وقالت
غت هذا أوىل ،ونحو هذا الحس ن البرص ي :إن المؤمن ال تراه إال يلوم نفس ه دائما ،يقول :ما أردت بهذا؟ لم فعلت هذا؟ كان ر
من الكالم.
ه نفس المؤمن توقعه يف الذنب ،ثم تلومه عليه فهذا اللوم من اليمان ،بخالف الش يف فإنه ال يلوم نفس ه غته :يوقال ر
عىل ذنب ،بل يلومها ،وتلومه عىل فواته.
للنوعي ،فإن كل أحد يلوم نفس ه ،برا كان أو فاجرا .فالس عيد يلومها عىل ارتكاب معص ية هللا ر وقالت طائفة :بل هذا اللوم
والشف ال يلومها إال عىل فوات حظها وهواها. ي وترك طاعته،
وقالت فرقة أخرى هذا اللوم يوم القيامة ،فإن كل أحد يلوم نفس ه إن كان مس يئا عىل إس اءته ،وإن كان محس نا عىل :
تقصته.
ر
اف بينها ،فإن النفس موص وفة بهذا كله ،وباعتباره س ميت لوامة ،ولكن اللوامة نوعان: وهذه األقوال كلها حق ،وال تن ي
الن ال تزال تلوم ص احبها عىل وه ي :
غت ملومة ي .
الن يلومها هللا ومالئكته ولوامة ر وه النفس الجاهلة الظالمة ي لوامة ملومة :ي
غت ملوم ة .وأشف النفوس من الم ت نفس ه ا يف ط اع ة هللا ،واحتمل ت مالم ر تقص رته يف ط اع ة هللا مع ب ذل ه جه ده ،فه ذه ر
الالئمي يف مرض اته ،فال تأخذها فيه لومة الئم ،فهذه قد تخلص ت من لوم هللا لها .وأما من رض يت بأعمالها ،ولم تلم نفس ها ر
الن يلومها هللا عز وجل. فه ي عليها ،ولم تحتمل يف هللا مالم اللوام ،ي
الن تأمر بكل س وء .وهذا من طبيعتها إال ما وفقها هللا ،وثبتها ،وأعانها .فما ي ا نه إ ف فه المذمومة، وأما النفس األمارة ،ي
نفس إن النفس ألمارة بالس وء ي تخلص أحد من رش نفس ه إال بتوفيق هللا له ،كما قال تعاىل حاكيا عن امرأة العزيز( :وما أبرئ
رب غفور رحيم) (يوس ف .)53 ،وقال تعاىل( :ولوال فض ل هللا عليكم ورحمته ما زىك منكم من أحد أبدا) رب ،إن ي إال ما رحم ي
(النور .)21 ،وقال تعاىل أل كرم خلقه عليه ،وأحبهم إليه( :ولوال أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليال) (الشاء.)74 ،
النن ،ص ىل هللا عليه وس لم ،يعلمهم خطبة الحاجة" :إن الحمد هلل ،نحمده ،ونس تعينه ،ونس تغفره ،ونعوذ باهلل وكان ي
من رشور أنفس نا ومن س يئات أعمالنا ،من يهده هللا فال مض ل له ،ومن يض لل فال هادي له " فالرس كامن يف النفس ،وهو
ر .
وبي نفس ه هلك ربي رشها وما تقتض يه من س يئات األعمال ،وإن وفقه موجب س يئات األعمال .فإن خىل هللا ربي العبد ر
ر
وأعانه نجاه من ذلك كله .فنس أل هللا العظيم أن يعيذنا من شور أنفس نا وس يئات أعمالنا .وقد امتحن هللا س بحانه النس ان
وه
فه نفس واح دة تكون أم ارة ،ثم لوام ة ،ثم مطمئن ة ،ي اتي النفس ري :األم ارة ،واللوام ة؛ كم ا أكرم ه ب المطمئن ة .ي به ر
غ اي ة ك م ال ه ا وص الح ه ا .وأي د ال م ط م ئ ن ة ب ج ن ود ع دي دة ،ف ج ع ل ال م ل ك ق ري ن ه ا وص اح ب ه ا ال ذي ي ل ي ه ا
ويس ددها ،ويقذف فيها الحق ،ويرغبها فيه ،ويري ها حس ن ص ورته ،ويزجرها عن الباطل ،ويزهدها فيه ،ويري ها قبح ص ورته.
ّ
وأم ده ا ب م ا ع ل م ه ا م ن ال ق رآن واألذك ار وأع م ال ال ت ،وج ع ل وف ود ال خ رتات وأ م داد ال ت وف ي ق ت ن ت اب ه ا
وتص ل إليها من كل ناحية .وكلما تلقتها بالقبول ،والش كر ،والحمد هلل ،ورؤية أوليته يف ذلك كله ،ازداد مددها ،فتقوى عىل
َ ُ
واليقي .فالجيوش الس المية كلها تحت لوائه ناظرة ر وم ِلكها -اليمان محاربة األمارة .فمن جندها -وهو س لطان عس اكرها
ّ
إليه ،إن ثبت ثبتت ،وإن انهزم ولت عىل أدبارها.
ثم أمراء هذا ا لجيش ومقدمو عس اكره :ش عب اليمان المتعلقة بالجوارح عىل اختالف أنواعها ،كالص الة والزكاة والص يام
والنه عن المنكر ،ونص يحة الخلق ،والحس ان إليهم بأنواع الحس ان؛ وش عبه الباطنة ي والحج والجهاد ،واألمر بالمعروف
19
المتعلقة بالقلب ،كالخالص والتوكل والنابة والتوبة والمراقبة والص ت والحلم والتواض ع والمس كنة ،وامتالء القلب من محبة
وف هللا ،والشجاعة والعفة والصدق والشفقة والرحمة. والغتة هلل ي
ر هللا ورسوله ،وتعظيم أوامر هللا وحقوقه،
ومالك ذلك كله الخالص والص دق .فال يتعن الص ادق المخلص ،فقد أقيم عىل الرصاط المستقيم ،فيسار به وهو راقد.
حتان ،فإن ش اء فليعمل، ياطي يف األرض رر وال يتهن من حرم الص دق والخالص ،فقد قطعت عليه الطريق ،واس تهوته الش
وإن شاء فليتك ،فال يزيده عمله من هللا إال بعدا .وبالجملة فما كان هلل وباهلل ،فهو من جند النفس المطمئنة.
وأم ا النفس األم ارة فجع ل الش يط ان قرينه ا وص احبه ا ال ذي يليه ا ،فهو يع ده ا ويمنيه ا ،ويق ذف فيه ا الب اط ل ،وي أمرها
ماب
بالس وء ويزينه لها ،ويطيلها يف األمل ،ويري ها الباطل يف ص ورة تقبلها وتس تحس نها ،ويمدها بأنواع المداد الباطل من األ ي
تعي عليها بهواها وإرادتها ،فمنه يدخل عليها ،ويدخل عليها كل مكروه .فما اس تعان ر الكاذبة والش هوات المهلكة .ويس
بسء هو أبلغ من هواها وإرادتها البتة".ر
عىل النفوس ي
20
التنظت يف حال تعذر الوصول
ر البرسي .وهو افتاض آمن ،بل مسلمة إيمانية غيبية يحتملها التجريبية لكيفية ارتباطها بالجسم ر
ُ ُ ْ
ه النفس المنبثقة القابلة للدراسةإىل افتاض أقرب رحما إىل التجريب .وقد ال يكون ذلك م ِهما ما دام هذا التفاعل ثمرته ي
التجريبية .وقد ذكر ابن القيم فيما نقلناه عنه أن القرآن الكريم يتكلم عن النفس فقط ويريد بذلك الروح ،وذلك حسب تحليلنا
عائد إىل أن الروح بعد نفخها يف الجسم صارت مكونا من مكونات النفس ،ولم يعد لها وجود مستقل داخل الجسم .هذا
مفهومي ،مما سوف نفصله يف آب لل ر
ر التفاعل المنتج للنفس البرسية مكانه ابتداء هو "القلب" الذي يف "الصدر" ،بالمعن القر ي
بحوث الحقة إن شاء هللا تعاىل.
األلباب ،له داللة عىل الطبيعة الوجودية للنفس
ي رص هللا عنه ،وصححه هناك حديث نبوي صحيح رواه التاء بن عازب ،ي
المنبثقة من هذا التفاعل ربي الروح والجسم نورد ما يلينا منه يف هذا المقام:
ُ ُ
رؤوسنا االط ر َت ،وهو ُي َلحد له ،فقال :أعوذ ِ
َ ُ ا َ
وقعدنا حوله ،كأن عىل
َ
فقعد َ " اكنا ف جنازة ف بقيع الغرقدَ ،فأتانا ُّ
النن،
ُ َ َ ُّ كان ف إقبال َ َ َ َ ي َ :ا ٍ ي َ ِ ي َّ
من الدنيا ،نزلت ْإلي ِه المال ِئكة، وانقطاع
ن اآلخرة
ِ من ٍ ي إذا المؤمن العبد إن قال ثم ، ات
ٍ مرا ثالث ،القت
ِ عذاب
ِ باَّلل من
ِ
َ ُْ ا َ ا ا ُ ا ا َ
يج ُء مل ُك ا
البرص ثم ي ِ نوط الجن ِة ،فجلسوا منه مد َ َ ر
أكفان الجنة ،وحنوط من ح ُ ِ ِ كفن منمسَ ،معهم ر الش ُ وجوههم
ِ كأن عىل
َ َ َّ فس افيقول :يا اأيُتها االن ُ ُ َ الموت ا
قال: ضوان،
ور ٍ اَّلل ِرة من ِ ٍ مغف
ح إىل َ ِ ي
ُ
اخر الط ِّيبة س عند ر ِأس ِه حن يج ِل َ ِ
َ ُ ا َ ُ ِّ ُ ُ ُ َ ُ
عي حن يأخذوها فيجعلوها يف يد ِه طرفة ر ن فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من ِ يف السق ِاء فيأخذها فإذا أخذها لم يدعوها يف ِ
َ ْ ُ َ ُ ْ ْ َ
األرض".
ِ وجه
نفحة ِمس ٍك و ِجدت عىل ِ ِ كأطيب
ِ ويخرج منها الحنوط،
ِ ذ ِل َك الكف ِن وذ ِل َك
ماب فيها إذ أنها تخرج "تسيل كما تسيل ئ الحديث النبوي ر
يشت إىل حقيقة وجودية للنفس تتعلق ببعد مادي ي الرسيف ر
السبن للجسم ي القطرة من ِ يف السقاء" ،وأنها توضع يف كفن وحنوط ،ولها ري ح طيب كرائحة المسك ،فماذا لو كان هذا هو األثر
ّ ف تفاعله مع الروح الذي انبثقت منه النفس ،السيما وأن معظم الجسم ر
البرسي يتكون من الماء مع قليل من أخالط األرض.
﴿و ُه َو َّٱلذي َخ َلقَ يولنتذكر أن هللا تعاىل يختنا ف القرآن الكريم ف آيات كثتة أن النسان ُخلق من الماء ،كما هو حال كل دابةَ :
ِ ر ي َ ۡ َ ٓ َ رَ ا َ َ َ َ ُ َ َ ا َ ي ۡ اُۗ َ َ َ
ان َرُّب َك َق ِد ا
ه "الرحمة"، ي إلهية صفة حقيقته في هو الماء فإن كذلك .(الفرقان) ﴾ ٥٤ ا
ير ِمن ٱلما ِء برسا فجعلهۥ نسبا و ِصهرا وك
وغته من مخلوقات هللا تعاىل ،لذلك فهو يمت بوشيجة قوية ر النسان حاجات يناسب ولكنها متجسدة يف كائن مخلوق
الله .وللماء خواص منبثقة تناسب الطبيعة الوجودية للنفس ي الن جاءت بها الروح من عالم األمر للصفات اللهية المعنوية ي
ويست مع الهواء ،وهو يهبط ر بالعي المجردة ،وهو يصعد يف الجو ر البرسية ،فهو قد يكون سائال ،أو جامدا ،أو بخارا ال يرى ر
يتحت ر الج ،وهو يأخذ شكل الوعاء الذي وينسلك ينابيع يف األرض ،أو يصبح غورا يف باطنها ،وهو يتغلغل يف تركيبة الكائن ي
البرسية فيما نقلناه عنه من كتابه "الروح" .إذن من مسلمات هذا البحث فيه .وكل هذه الخواص قد أثبتها ابن القيم للنفس ر
مكون وجودي ف النفس ر ّ
البرسية. ي أن الماء
َ َ ا ۡ َ َ ا َ ٓ َ ٓ ا ُّ َ َٰ َ ٗ َ ْ
خلق هللا تعاىل﴿ :ونزلنا ِمن ٱلسما ِء ماء مب ركا َ لعل من المفيد يف هذا المقام كذلك أن نثبت للماء أنه خلق مبارك من
ُ َ ۡ َ ا ا ۡ ا ِۚ َ َ َٰ َ ۡ ُ ِّ ۡ ا ِّ ۡ َ ۖۡ َ َ ۡ َ ۡ َ َّ َ ۡ ا َ ا ۡ َ َ َ َ ا َٰ َ َ ا ۡ َ ۢ َۡ
اسق َٰ ٖت ل َها طلع ن ِضيد ١٠رزقا لل ِعب ِاد وأحيينا ِب ِهۦبلد َة ميتا كذ ِلك ٱل َخروج(﴾١١ق)،
ُ ِ يد ٩وٱلنخل ب ِ ب ٱل َح ِص فأن َبتنا ِب ِهۦجن ٖت وح
ُ ُ َ َ ا ۡ ﴿و ُه َو َّٱلذي َخ َل َق ا
ض ِ يف ِست ِة أ اي ٖام َوكان َع ۡرشهۥ ٱلس َم َٰ َ َٰو ت َوٱأل ۡر َ
ِ ِ
وأن هذا الماء المبارك كان عليه عرش الرحمن ،تبارك وتعاىلَ :
ُ ُ َ ُ َ
ا ُۗ َ ۡ ٓ
َعىل ٱل َما ِء ِل َي ۡبل َوك ۡم أ ُّيك ۡم أ ۡح َس ُن َع َمَّل (﴾٧هود) .إذن الروح خلق من أمر هللا يف عالم الغيب ،والماء المبارك خلق بقدر هللا يف
بخواصها السببية جسم النسان ف عالم الشهادة ،فالتف الماء والروح عىل أمر قد ُق ِدر فكان االنبثاق العظيم للنفس ر
البرسية
ُ ا َ َ ۡ َ َٰ ُ َ ۡ ً َ َ َ ِۚ ي
يشت إليه قول هللا تعاىل﴿ :ثم أنشأن ه خلقا ءاخر ر روح خالص ،وربما هذا ما ي ه كائن ي ه كائن مادي خالص ،وال فال َ ۡ ي الممتة،
ر
فه ملهمات التقوى فيها، العلوية ها قات
َ ًّ
عل ت ب أت للنفس الروحية الخواص من . ) (المؤمنون ﴾ ١٤ يح َس ُن ۡٱل َخ َٰ لق َ أ َف َت َب َار َك َّ ُ
ٱَّلل
ي ي ُّ ر ِِ
االثني معا يتأسس ابتالء زينة الحياة ر فه ملهمات الفجور فيها ،وعىل ي الدنيوية قاتها تعل ب ي أت للنفس ومن الخواص المادية
الدنيا (المال والبنون).
واأليدروجي تقرب إىل الذهن طبيعة العالقة
ر األوكسجي
ر وبي مكوناته منلعل مثال العالقة ربي "الماء" ككائن منبثق ر
األيدروجي ،كما ال نرى التفاعل
ر األوكسجي وال
ر وبي مكوناتها من "الماء" و"الروح" ،فنحن ال نرى
ربي "النفس" ككائن منبثق ر
الن يف إطارها يتم هذا التفاعل الذي ينبثق منه "الماء" ،ولكنا نرى فقط جزيء الماء ()molecule بينهما ،وال نرى "البنية" ي
الذي هو كائن مادي ال توجد خواصه السببية المنبثقة ( )emergent propertiesيف مكوناته منفردة ،مثال خاصية أن الماء
تصت بعض خواص هذه المكونات خواص مكتسبة واأليدروجي .يف المقابل ر
ر األوكسجي
ر فه ال توجد يف أي من ئ
يطف النار ي
( )resultant propertiesلجزيء الماء بحكم وجودها يف مكوناته (أجزائه) .كذلك فإن بقاء الماء كماء ،واستدامة هذا البقاء
21
ّ
واأليدروجي متحدين يف إطار التكيبة الكيميائية المعروفة ( ،)H2Oفإذا اختلت هذه المعادلة لم يبق
ر األوكسجي
ر رهي ببقاء
ر
هناك ماء.
ح خلق من الماء ،ومن ثم فإن الروح اللهية المنفوخة فيه إنما تتفاعل ر
اآلن نقدم األدلة الرسعية عىل أن النسان ككائن ي
ونتيجة لذلك فإن النفس النسانية تنبثق من مع هذا الماء الساري يف الجسد وما يحمله من أخالط الجسم المادية المختلفة،
ا ُ َ ۡ ُ َ َ َ ُ َّ َ :ا َ ٓ ا ِّ ا ٓ ۖۡ َ ۡ ُ ا َ ۡ ر َ َ َٰ َ ۡ
س عىل بط ِن ِهۦ و ِمنهم من ٱَّلل ِۚ ُخلاق َّك َل َد َاب ٖة ُ م ِّن َ ما ٖء َف ِمنهم من يم ِ ي هذا التفاعل كما أسلفنا .يقول تعاىل ف محكم التتيل (﴿و
ۡ ر َٰ َ ۡ ر َ َ َٰ ۡ َ ۡ َ ۡ ُ ا َ ۡ ر َ ي َ َٰا َ ۡ َ ِۚ َ ۡ ُ ُ َّ ُ َ َ َ ٓ
ش ٖء ق ِدير( ﴾َ٤٥النور) ،والنسان دابة لقوله ٱَّلل ُم ۡا ي ُشا َء ِإن ٱَّلل عىل كل ي ي و ِمنهم من يمس عىل أرب ع يخلق س عىل رجل ر يم ِ ي
قكم ِّمن ام ٓاء ا َ ۡ َ ۡ ُ ُّ َ ِ َّ ي َّ َ َ َ ن ُ ْ َ ُ ۡ َ ا ِ رَ ا ِ ا
ٱلد َو ٓا ِّ
ي﴾٢٠ ه م
ٖ ِر ل خ ن مل ﴿أ ( :ويقول ، (األنفال) ﴾٥٥ ون ن مؤي َل م ه ف وار ف ك ين ذ ٱل ٱَّلل
ِ َّ ِ ِ ند ع ب ش ن ﴿إ
ِ ( : تعاىل
ان َرُّب َك َقد ايرا( ﴾٥٤الفرقان) ؛ ويقول :ن َ
﴿و َم ۡر َي َم
َ َ َ َ ۡ َ ٓ َ رَ ا َ َ ِ َ َ ُ َ َ ا َ ۡ اُۗ َ َ َ
﴿وه َو ٱل ِذي خلق ِمن ٱلما ِء برسا فجعلهۥ نسبا و ِصهرا وك
ُ َ :
ويقول ( ؛(المرسالت)
ِ
ت م َن ۡٱل َق َٰ نت َ ََ َ ۡ َ ِّ َ َ ُ ُ ت َف ۡر َج َها َف َن َف ۡخ َنا فيه من ُّر َ َ َ ا َ ۡ َ َ ۡ َ َ ۡ َ َٰ َ َّ ا َ ۡ َ َ ۡ
ي( ﴾١٢التحريم)، ِِر وحنا وصدقت ِبك ِلم َٰ ِت رب ها وكت ِب ِهۦ وكان ِ ِ ِ ِ ِ ٱبنت ِعمرن ٱل ِ ين أحصن
رص هللا عنها ،وبذلك صار ي البتول، مريم ماء مع اللهية الروح نفخة اتحاد من خلق وسلم، عليه هللا فالمسيح عيس ،صىل
ر
عيس ،عليه السالم ،برسا يأكل الطعام.
النفس ،إذن ،تنبثق يف قلب النسان الذي يف صدره من التفاعل ربي القوى السببية الروحية والقوى السببية المادية بعد
المعي ،وتأخذ صورته ر لتتحت داخل الجسم ر نفخ الروح فيه ،وتتغلغل يف سائر جسمه عن طريق الدم الذي يجري يف عروقه
بحكم الخواص المائية فيها .وربما لهذا السبب عندما يفقد النسان معظم دمه دفعة واحدة يفقد أيضا نفسه ويموت .هذا
غته ،ألن لكل متمتة عن ر ر الن تجعل ابتداء نفس كل شخص ه ي وصورته ي تحتها يف الجسم الجسماب يف النفس مع ر ي المكون
ُ
تمتها عن ر خواص النفس يةم الجس اثية رالو الخواص هذه كسب وت .ان م جس يتطابق فال به الخاصة اثية ر الو بصمته جسم
غتها يف مجال الخواص الحسية من سمع ،وبرص ،وشم ،ولمس ،وذوق ،وكالم ،وذكاء...إلخ .ويؤثر هذا التمايز ربي األنفس، ر
وه تخوض ابتالء زينة الحياة الدنيا ،مما يؤثر بدوره عىل كسبها من ملهمات المكتسب وراثيا ،عىل تجربة النفس الحياتية ي
الفجور وملهمات التقوى ،ومن ثم عىل جملة كسبها من الفعل والعمل.
ففم ،الضامن لبقاء النفس يف تقلبها ،مدى حياة النسان عىل ُهذه األرض .ي يستمر هذا التفاعل ربي الروح والماء الجس ي
الن زين حبها للناس، البنون) َ ي القلب يفور ويمور حب الشهوات المادية كاللذة والفرح المنبعثة من زينة الحياة الدنيا (المال،
َ َ َ
ب َعل ۡي ِهم ِبخ ۡي ِلك َو َر ِج ِلكت م ۡن ُهم ب َص ۡوت َك َو َأ ۡجل ۡ ۡ ََ ۡ َ َ ۡ َۡ ۡ
ٱستف ِزز َم ِن ٱستطع ويمدها الشيطان ،عدو النسان ،بأسباب من عنده﴿:و
ْ ِ ِ ِ ِ ۡ َ ۡ َ َ ۡ َ ۡ َ َٰ َ ۡ ُ ۡ ِۚ َ َ َ ُ ُ ُ ا ۡ َ َٰ ُ ا ُ َ ۡ
فريسة سهلة لها ،وتؤثر الركون َ َوش ِارك ُه ۡم ِ يف ٱألم َٰو ِل وٱألول ِد و ِعدهم وما ي ِعدهم ٱلشيط ن ِإَل غرورا(﴾٦٤الشاء) ،فتقع النفس
ً ُ
َۡ َ َ َ ا َٰ َ َ ۡ َ َ َ ُ ُ َ َ َ ۡ ََۡ َ ۡ ُ ۡ ُ َ ۡ َ َ َٰ َ ُّ ۡ َ
ورها َوتق َو َٰى َها ٨قد س وما سوىها ٧فألهمها فج تعاىل ا﴿َ :بل تؤ ِثرون ٱلحيوة ٱلدنيا(﴾١٦األعىل)؛﴿ونف ن َإليها ،وهذا معن قول هللا
اب َمن دس َٰىها(﴾١٠الشمس) .وحب الشهوات هو قوى منبثقة يف النفس وليست مكتسبة من الجسم،
َ أ ۡف َل َح َمن َز َّك َٰى َهاَ ٩و َق ۡد َخ َ
فالجسم ال حظ له يف الشهوات بل مطلوبه هو الغذاء الالزم لحفظه من بروتينات ونشويات وسكريات وفيتمينات...إلخ .ولكن
الن تقود النفس إىل التعرف ه جزء من كيفيات عمل(مكتمات) االبتالء يف زينة الحياة الدنيا ي رصورات الجسم المادية هذه ي
الن أنعم هللا بها عىل النسان يف هذه الحياة الدنيا ،وذلك من خالل النظام المعقد ي المختلفة األطعمة عىل اللذات المودعة يف
للفم ،ال سيما اللسان ،عندما تبدأ عمليات المعالجة األوىل للغذاء قبل انتقاله للمعدة .وحظ الجسم من هذه األطعمة ال يبدأ
غالبا إال بعد أن تجتاز هذه األطعمة الفم وتستقر يف معمل المعدة لتبدأ عملية الفرز للمكونات الغذائية المختلفة مما يحتاجه
الجسم لبقائه.
ولكن يف القلب أيضا توجد ملهمات التقوى كالعلم واليمان والعدل والحسان والرحمة ،وبالجملة كل القوى السببية
َ
الن جاءت بها الروح وصارت قوى مكتسبة للنفس ،فإن هدى هللا العبد إىل اليمان أكسبها هذا اليمان من خالل اللهية ي
الرباب فجاشت يف القلب متدافعة مع ملهمات الفجور ،ويرح أن تكون الغلبة لها يف ابتالء زينة الحياة ي الغين
ي بعدها التكية
الدنيا .هكذا تتدافع كل هذه القوى السببية يف قلب النسان الذي آمن فيعيش تجربة االبتالء يف تقلبات النفس ربي أمارة
ينته به منهج التكية الذي يتبعه ،إن وفقه هللا تعاىل ،إىل نفس مطمئنة ليبدأ مشوارا ي بالسوء تارة ،ولوامة تارة أخرى ،إىل أن
ينته إال بالموت ،ولكل درجات مما عملوا ،ولآلخرة أكت درجات وأكت ي ال مشوار وهو ، العالمي
ر السالكي إىل رب
ر آخر يف مدارج
تفضيال.
وبي ر
ح منبثق ،مستقل يجمع ربي الخواص السببية اللهية للروح يف نسبيتها البرسية ،ر
ُ ُ ه كائن ي إذن "النفس" يف النسان ي
تمته وه ما يسميه علم النظم بالخواص المكتسبة ،ويزيد عليها بخواص سببية منبثقة ر ي ، م الخواص السببية المادية للجس
عن كليهما ،ذكر معظمها ابن القيم فيما نقلناه عنه سابقا ،وذكرنا بعضها مما أثبتناه أعاله للماء من خواص .لكن بينما معظم
الخواص السببية الروحية المعنوية توجد ابتداء بالقوة يف النفس المنبثقة ،وال توجد فيها بالفعل إال إذا تم تفعيلها اختيارا من
قبل النسان ،فإن المالئم من الخواص المادية للحكمة من خلق النفس ،مثال حب الشهوات ،أسبق بالفعل من الخواص
22
الروحية فيها ألن الجسم المادي لإلنسان يحتاج إىل الوفاء بمقومات بقائه المادية حن والطفل يف بطن أمه ،السيما بعد نفخ
الروح فيه وانبثاق نفسه ومسؤوليتها عن نموه كإنسان ،ثم بعد خروجه إىل الحياة الدنيا أول عهده بها وهو أحوج إىل غذاء
َ ّ َ ّ
البدن منه إىل غذاء الروح .لذلك تسبق بأمد بعيد تعلقات النفس الدنيوية ،ال سيما حب الشهوات ،تعلقاتها األخروية ،وما لم
البرسية بعد ذلك ،ولعل يتم تدارك النفس بالتبية وبالتكية باكرا فإنه يعرس عىل الخواص الروحية إيجاد سبيل لها إىل النفس ر
تقديم ملهمات الفجور يف النفس َعىل ملهمات التقوى يف القرآن الكريم ،وربط فالح النسان بالتكية لنفسه: هذا هو السبب ف
اب َمن َد اس َٰى َها( ﴾١٠الشمس). ﴿و َن ۡفس َو َما َس او ي َٰى َهاَ ٧ف َأ ۡل َه َم َها ُف ُج َ
ور َها َو َت ۡق َو َٰى َهاَ ٨ق ۡد أ ۡف َل َح َمن َز َّك َٰى َهاَ ٩و َق ۡد َخ َ َ
ُ ن
هكذا يخرج النسان من بطن أمه ،وقد خلق يف أحسن تقويم من حيث استعداداته الفطرية لخوض ابتالء زينة الحياة
الله :يا أيها النسان .ويمكن تلخيص هذه ي واألخت الذي يؤهله للنداء ر الدنيا ،وليبدأ مرحلة جديدة تؤدي إىل االنبثاق الرابع
ه معنية ه معنية بكسب العلم؛ الخواص الوجدانية ،و ي ه :الخواص العقلية ،و ي االستعدادات الفطرية يف ثالث خواص كلية ،ي
وه المعنية بتحويل ما كسبته الخاصيتان قبلها إىل فعل إرادي يف الكون ،أي فقه بتحويل العلم إىل إيمان؛ والخواص الرادية ،ي
ََ َ ُ َ َّ
الوح من هللا الذي خلق النسان مخاطبا هذه الخواص تحديدا فقال﴿ :هو ٱل ِذي بعث ِ يف العمل وإحكامه (إتقانه) .لهذا جاء
وا من َق ۡب ُل َلف َض َل َٰ ل مبُّ ۡ ُ ِّ ِّ َ َ ُ ا ِّ ۡ ُ ۡ َ ۡ ُ ْ َ َ ۡ ۡ َ َ َٰ ي َ ُ َ ِّ ۡ َ ُ َ ِّ ُ ُ ُ ۡ َ َٰ َ َ ۡ ۡ َ َ َ َ ُ ْ
ي( ﴾٢الجمعة). ٖ ِر ن ِي يهم ويعلمهم ٱل ِكت ب وٱل ِحكمة و ِإن كان ِ ٱألمي ن رسوَل منهم يتلوا علي ِهم ءاي ِت ِهۦ ويزك ِ
الن فطر الناس عليها ،وال تبديل لخلق هللا ،وقد جاء يف الحديث الصحيح الذي رواه ه فطرة هللا هذه ،يف رأى الباحث،
هل َت َرى فيهاَيم َة ْ البه َ يمة ُت ْن َت ُج َ رصانهْ ،أو ُي َم ِّج َسانهَ ،ك َم َثل َ
البه َ َ عىل الف ْط َرة ،ي َ
فأب َو ُاه ُي َه ِّو َدانهْ ،أو ُي َن ِّ ُ ُّ َ ْ ُ ُ َ ي ُ َ
ِ ِ ِ ِ ِ ِِ ِِ ِِ ِ ِ ود يولد البخاري" :كل مول ٍ ْ
َجد َع َاء".
23
ّ
ه جوهر النسان ،لكن النسان يف كليته هو نظام له خواص منبثقة ال توجد يف أي من تظل النفس ،بفجورها وتقواها ،ي
يبك ،وهو يضحك ،وهو عجول، ر
يمس برجليه ،وهو يبطش بيديه ،وهو ي ي مكوناته (النفس ،الجسم) ،فهو يتكلم بلسانه ،وهو
وهو هلوع...إلخ .كذلك لإلنسان يف كليته خواص اكتسبها من مكوناته الجسمية والروحية ،فهو يجوع ويشبع ،ويظمأ ويروى،
ر ّ
ويخس ويطع ،ويعدل ويظلم ،ويرحم ويقسو ،ويشكر ويعرى ويضج ،ويعنت ،ويمرض ويصح ،ويتألم ،ويتفكر ويتدبر،
تأثتات بيئته الخارجية قد تتعزز فيه صفاته الروحية الربانية ،أو صفاته الحيوانية، ويكفر ،ويغضب ويرص...إلخ .ومن ر
الشهوانية والغضبية.
ّ
ه :الخواص العقلية؛ الخواص الوجدانية هذا النسان يف كليته هو نظام يتمتع بثالثة نظم من الخواص السببية المعنوية ،ي
والخواص الرادية ،ويقابل كال منها ما يناسبها من الخواص البدنية ،بحيث يؤدي تفاعلها فيما بينها إىل أن يتمتع النسان بقوة
الوع ( ،)Consciousnessوقوة الرادة ( .)Agencyهكذا يصبح النسان فاعال ،ومتفاعال ُمع بيئته الخارجية ،ومستعدا ي
ُۡ ْ َ ا ۡ ۡ َ ُ َّ
الوح من السماء ،ومن ثم القيام بواجب االستخالف إن شاء﴿ :ه َو ٱل ِذي َب َعث ِ يف ٱأل ِّم ِّي َن َر ُسوَل ِّمن ُه ۡم َيتلوا َعل ۡي ِه ۡم ي الستقبال
َ َ َٰ ُّ َۡ ُ َ َ ُ َ ِّ ۡ َ ُ َ ِّ ُ ُ ُ ۡ َ َٰ َ َ ۡ ۡ َ َ َ َ ُ ْ َ َ َٰ
ه ي( ﴾٢الجمعة) .فاآليات المتلوة يف هذه اآلية ي يهم ويعلمهم ٱل ِكت ب وٱل ِحكمة و ِإن كانوا ِمن قبل ل ِ يف ضل ٖل م ِب ر ن ءاي ِت ِهۦ ويزك ِ
القرآن الكريم ،وهو علم هللا تعاىل الوجودي الذي يخاطب الخواص العقلية الدراكية يف النسان ليعلم أنه ال إاله إال هللا،
ه الخواص والتكية المتتبة عىل هذا العلم المتلو المقصود منها التحقق باليمان بشعابه المختلفة ،والمستهدف بها ي
ّ
الوجدانية يف النسان ،وأما تعليم الكتاب والحكمة ،بعد العلم واليمان ،فالمقصود به هو فقه العمل الصالح ومهاراته( :صلوا
عن مناسككم...إلخ) ،والمستهدف به هو الخواص الرادية يف النسان َ َ ّ
أصىل؛ فارجع فصل فإنك لم تصل؛ خذوا ي ي أيتموب
ي كما ر
حيث إيقاع العمل عىل وجهه الصحيح ،من حيث الفقه ومن حيث التقان يف البيئة الخارجية.
-2.4اإلنسان كنظام
يقتض البحث الذي تحتويه هذه الورقة التعرف بإيجاز عىل النظم االجتماعية المستنبطة من رؤية القرآن للعالم من أرب عي
وه :مكونات النظام؛ بيئة النظام؛ بنية النظام؛ كيفيات عمل (مكتمات) النظام .ننطلق من ي ، النظم
ي المنهج يقتضيها زوايا
هذه التقسيمات المنهجية للنظم لنتعرف من خاللها عىل النسان ،الذي شخصناه أعاله ،كنظام يؤدي فعله وتفاعله
ّ
الن ابتدرنا بها هذه الورقة.
االجتماع إىل النظم االجتماعية الكلية المختلفة ي
ي
-2.3.2.4البنية الةارجية
الن تربط النسان بمجال ابتالئه يقابل الثالثة أنواع من الروابط الداخلية المذكورة أعاله ثالثة أنواع من الروابط الخارجية ي
ر
يف عالم الشهادة (المال ،البنون) ،األول؛ روابط مادية حيوية رصورية تتعلق بحاجات الجسد من مأكل ،ومرسب ،وملبس،
َ ِّ ُ :ا
اس ﴿زي ُن ِۡل َلن َٰ ِ وبي متاع زينة الحياة الدنيا الثاب من ۡالروابط؛ ه روابط الحب الشهواب ربي النفس ر ومسكن ،ومنكح .النوع
ۡ ُ ي َ َ َ َ ا َ َ ۡ ا ي َ ۡ َ ۡ ۡ ُ َ ا َ َ ۡ َ ۡ َ َٰ َ ۡ َ ۡ ُۗ َ َٰ َ َ َ َ ِّ َ ٓ َ ۡ َ ي َ َ َ َ ُ ُّ ا
ب ٱلش َه َ َٰو ِت ِمن ٱلنسا ِء وٱلب ِن ري وٱلقن ِط ر ِت ٱلمقنطر ِة ِمن ٱلذه ِب وٱل ِفض ِة وٱلخي ِل ٱلمسوم ِة وٱألنع ِم وٱلحر ِث ذ ِلك مت ع ٱلحيو ِة
َ َٰ َٰ ح
َ ُّ ۡ َ ۖۡ َ َّ ُ َ ُ ُ ۡ ُ ۡ
ه روابط معرفية ،علمية رصورية تربط النفس .
اب( ﴾١٤آل عمران) النوع الثالث من الروابط؛ ي ٱلدنيا وٱَّلل ِعندهۥ حسن ٱلم ِ
بالبيئة الخارجية األرضية من حيث رصورة التعرف عىل مفردات تلك البيئة األرضية وعالقتها النفعية بالنسان ،حن يستطيع
المس يف مناكبها ،وتحصيل حظوظه من متاعها. ر
ي
بالوح من حيث مدها بالرؤية الكلية للوجود ،وإعالمها بحقيقة نفسها ودورها فيه ،وطبيعة ي النفس لها عالقة رابطة
االستخالف القائم عىل االبتالء يف زينة الحياة الدنيا ،ورؤية العالم التوحيدية ورؤية العالم الدنيوية المهيمنتان عىل هذا االبتالء،
ومآالت هذا االبتالء يف الدنيا واآلخرة ،وواجب النفس يف القيام باالختيار الراشد المؤسس عىل الرؤية التوحيدية ،وتفصيل ما
بتذكت ر الوح
ي ه آمنت برب ها ،وصدقت بكتبه ورسله .هكذا يقوم الحياة الدنيا إن ينبع عىل النفس فعله ف هذه ينبع وما ال ي
ي َّ ۡ َ
ت َع َل ۡيهم ب ُم َص ۡ ي َ َ ِّ ۡ ا َ ٓ َ َ ُ َ ِّ ي
الروحي النظام ويخرج ، (الغاشية) ﴾ ٢٢ ر ط
ِ ن ي ِ ِ س ل ٢١ ر ك ذ م نت أ امن إِ ر كذ﴿ف :فيها الن
ي التقوى بملهمات النفس
الن سبقت بأمد بعيد إىل النفس ي الفجور ملهمات مع التدافع دأ ب ي ل والتأثت
ر والفعل شاط الن حالة إىل من حالة الكمون والخمول
البرسية قبل أن يبلغ الطفل الحلم ،إذ تتفاعل النفس مع زينة الحياة الدنيا منذ والدة الطفل بمقتض الرصورات بمقتض الفطرة ر
الحيوية والشهوات النفسية ،ويمدها بأسباب من عنده الشيطان الحارص عىل الدوام منذ عطسة الطفل األوىل .هذا التفاعل
وف ر مباشا من خالل وسائط ر ربي النفس ووح هللا قد يكون ر
غت مباش عن طريق العلماء والدعاة ،ي النرس المختلفة ،وقد يكون ر ي
كثت من الخواص اللهية السببية فاعلة يف كليهما التكليف قائم واالستجابة مطلوبة .ومن أعرض عن ذكر هللا تعاىل تظل ر
نفسه ،وإن كانت نفسا فاجرة ،كالعلم بظاهر من الحياة الدنيا ،والسمع ،والبرص ،والعدل ،والرحمة...إلخ ،فضال من هللا ونعمة،
البرس عىل األرض يف حدها األدب إال بها. إذ ال تستقيم حياة ر
25
االبتالب ،ولكن الروابط البنيوية ئ الروابط البنيوية الخارجية أعاله تربط النسان كنظام بعالم الشهادة حيث االستخالف
ي
الن تربطه بعالم الغيب ،فهناك الغيب المطلق وهو هللا تعاىل ،وهناك الغيب المقيد وهو الشيطان. ه تلك ي الخارجية األهم ي
الن تأسست عليها عالقة النسان األوىل ببيئته الخارجية عند خلق آدم وزوجه ،عليهما السالم، ه ذاتها ي هذه الروابط البنيوية ي
ودخولهما الجنة ،ثم خروجهما منها ،وهبوطهما والشيطان إىل األرض.
ه روابط رصورية خفية ،صدق بها من صدق وكذب بها من كذب؛ َع ِلمها من البنيوية ربي النفس والشيطان ي الروابط
. َ َ َ
وه عالقة عداوة مستحكمة ربي النسان والشيطان منذ الخلق ع ِلم وج ِهلها من ُجّ ِهل ،والتكذيب والجهل بها ال يبطل أثرها ي
األخت عىل األول يف أصل فتنته يف هذه الحياة الدنيا ،وهو حب الشهوات المودعة يف زينة الحياة ر األول لإلنسان ،سلط فيها
﴿قالَ َ ّ
يثت ملهمات الفجور يف نفسه حن يضله إن استطاع ،وقد استطاع إال قليال: هواه فيها ،و ر َالدنيا ،فهو ال ينفك يزين له
ب َف َمن َتب َع َك م ۡن ُه ۡم َفإ ان َج َه انمَ ال ۡٱذ َه ۡ ي َأ اخ ۡرَتن إ َ َٰىل َي ۡوم ۡٱلق َي َٰ َمة َ َأل ۡح َتن َك ان ُذ ِّراي َت ُه اۥ إ اَل َقل ايَّلَ ٦٢ق َ ىل َل ئ ۡ ا َا ۡ َ ََ َ َ َ َ َّ
أ َر َء ۡيتك ه َٰ ذا ٱل ِذي كرمت ع
ِ ۡ َ ۡ َ ِ َ ۡ َ ۡ ََٰ َ َ َ ُِۡ َ َ
ِ َ ِ َ ِ
ت م ۡن ُهم ب َص ۡوت َك َوأ ۡجل ۡ
ِ ِ ِ ِ
ۡ ََ ۡ َ ِ ِ
َ ۡ َ ۡ َ ۡ ي ُ
َ َٓ ُ ُ ۡ َ َٓ ا ا ۡ ا
ب َعل ۡي ِهم ِبخ ۡي ِلك َو َر ِج ِلك وش ِاركه ۡم ِ يف ٱألم َٰو ِل وٱألول ِد ِ ِ ِ جزاؤك ِۚم جزاء موفورا ٦٣وٱست اف ِزز ُ م ِن ٱستطع ِ
ٱلش ۡي َط َٰ ُن إَل غ ُر ً َ ۡ ُ ۡ َ َ َ ُ ُ ُ ا
النهاب للشيطان من هذه العالقة أن ُي نؤ ِثر النسان الحياة الدنيا ئ ورا( ﴾٦٤الشاء) .والهدف و ِعدهم وما يعدهم
َي
ُ ۡ َ ُ ۡ ِ ۡ َ ا َ َ ُ َ ُّ ۡ َ َ ُ ُ َ َ ۡ َ َ َ َ ِ
وه الرؤية الدنيوية المقابلة للرؤية وث ري( ﴾٣٧المؤمنون) ،ي ه ِإَل حياتنا ٱلدنيا نموت ونحيا وما نحن ِبمبع ِ ﴿إن ِ يحن يقولِ :
الوح حقيقتيهما للنفس يف تبيانه للرؤية الوجودية الكلية. ي التوحيدية ،وقد ربي
بنوعي من الروابط الرصورية المعلومة للباحث من القرآن الكريم ،روابط ر ترتبط النفس البرسية باهلل تعاىل الذي خلقها ر
َ ا ُ ْ ۡ َ ا ا ُ َ ا َّ َ َ َ ُ ْ ُ ۡ َ ٓ ا اۖۡ
:
كلية يف إطار فعل وتفاعل النسان مع البيئة الخارجية ،كقوله تعاىل ﴿وٱتقوا ِفتنة َل ت ِصيي ٱل ِذين ظلموا ِمنكم خاصة سننية
مباش يربط َكل عبد بخالقه ،حن وإن جهل ،أو أنكر العبد ٱَّلل َش ِد ُيد ۡٱل ِع َقاب( ﴾٢٥األنفال) .والرابط الثاب هو رابط ر ٱع َل ُم او ْا َأ ان َّ َ
َو ۡ
ۡ َ ُ َ ۡ َ ۡ ا ا ا ي َ ِ
ٱستغ َ َٰان( ﴾٧العلق) .وهذا الرابط هو ع ٦أن ار َءاه ۡ نس َٰ َن ل َيط َٰا هذا الرابط وظن بطغيانه أنه مستغن عن هللا تعاىل﴿ :كَّل إن ٱل َ
ِ ِ
الرابط المصدق والمهيمن عىل جميع الروابط األخرى لإلنسان ،ألنه يقوم عىل عالقة خالق ومخلوق؛ رب ومربوب؛ عابد
ومعبود...إلخ ،فمن يتخذ الشيطان وليا من دون هللا فقد خرس خرسانا مبينا ،ومن نه عن القرآن ونأى عنه أهلك نفسه وهو
ا
ال يشعر ،ومن جعل عالقته بالمال والولد ُمقدمة عىل عالقته باهلل مكر هللا به يف ماله وولده فلم يزده ماله وولده إال خسارا،
ويحرسه يوم القيامة أعم ،وأن من اتخذ ر فقد قض هللا تعاىل أال ُيعبد إال َإياه ،وأن من أعرض عن ذكره َفإن له معيشة ضنكا،
رصهۦ
َ ۡ َ
ىل َس ۡمعهۦ َوقلبهۦ َو َج َع َل َع َٰ َ َ ىل ِع ۡل ٖم َو َخ َت َم َع َٰ
َ ٱَّلل َع َ َٰت َمن اٱت َخ َذ إ َل َٰ َه ُهۥ َه َو َٰى ُه َوأ َض َّل ُه َّ ُ َ َََۡ :
ىل ب ِ ِ ِِ ِ ِ ِ ﴿أ َف َرء َي َ َّ َِ
عىل ۡعلم َّ ِۚ َ إلهه هواه أضله هللا
َۡ َ ا َ
َ ۢ
ٱَّلل أفَّل تذكرون( ﴾٢٣الجاثية). ُ ِغش َٰ َوة ف َمن يه ِد ِيه ِمن بع ِد ِ
26
كيفيات "الفقا " ،وتبدأ من حاجة َالجسم إىل الوفاء برصوراته الحيوية من الغذاء؛ كيفيات العمل الرصورية للنظام ه
َٰ َ َ ا َ َ َ ۡ َ ُْ َ ََ َ ۡ َٰ َ ۡ ي ا َ َ َا َ ُ َ َ َ َ َ
﴿إن لك أَل تجوع ِفيها وَل تعرى ١١٨وأنك َل تظمؤا ِفيها وَل تضج( ﴾١١٩طه) ،ومن الكساء؛ الماء والغطاء حن ال يهلكِ :
البرسي .وهذه الرصورات الحيوية ال يمكن الوفاء بها إال من مكونات زينة الحياة الدنيا (المال، الجماع حن ال ينقرض النوع ر
ُ َ ِ
البنون) ،لذلك عندما يفتقر الجسم إىل رصورياته الحيوية تطلق عمليات رفتيائية وكيميائية وحيوية داخل الجسم تعت عن
مرسب ،ملبس ،مسكن ،أو جماع .يقوم الجسم من جانبه بجعل النفس حاجته إىل الوفاء بالرصورة المعينة ،سواء كانت مأكل ،ر
الن تحتاج يف توظيفها تحس بأهمية الوفاء بهذه الرصورة من خالل عمليات "التشويش" الحيوية عىل قوى النفس األساسية ي
التفكت...إلخ حيث تضعف هذه القوى ،بحسب مستوى حدة الرصورة الحيوية ،إىل أن ر إىل الجسم ،مثل قوى السمع ،البرص،
تتوقف تماما عن العمل .تلجأ النفس ،للوصول إىل الوفاء برصورات الجسم ،إىل إطالق عمليات نفسية تضطر النسان يف كليته
العري" ،عملية "الظمأ" ،عملية "اإلضثا " ،وعملية إىل الشاع ف الوفاء بتلك الرصوريات ،مثل عملية "الجوع" ،عملية " ُ
ُ ي
الجنس .كيفيات العمل النفسية هذه بالغة الفعالية ،إذ تحدث كل منها ألما معينا يناسب نوع الرصورة الحيوية ي "العنم"
وه "الفع ُ
طلق من جانبه كيفيات العمل األعظم ،أال ي الواجب الوفاء بها حن إن النسان ليعجز عن احتمالها ،ومن ثم ي ِ
االجتماع هو الذي يضمن تفاعل النسان مع بيئته ي االجتماع" الجالب لما هو مطلوب من رصوريات الجسم .هذا الفعل ي
الفتيائية والكيميائية والحيوية والنفسية. الخارجية ،وهو المراد من عمل كل هذه الكيفيات ر
يستوف حاجاته الرصورية من خالل عمل الكيفيات الصاعدة منه ومن النفس إىل البيئة الخارجية تبدأ ي الجسم عندما
كيفيات عمل معاكسة ،جسدية ونفسية ،يف العمل حن يتوقف الجسم عن تناول المزيد من مصادر تلك الرصوريات الحيوية،
فتنطلق عمليات رفتيائية وكيميائية وحيوية تناسب هذه الحال ،وبدوره ينقل الجسم هذه المعلومات إىل النفس حن تقوم
ه بدورها يف إطالق العمليات المناسبة المنذرة لإلنسان بالتوقف عن الفعل الذي كان .لكن النفس عند هذه المرحلة تكون ي
الن سع إليها النسان ابتداء للوفاء برصورات الجسم الحيوية ،ويبدأ نوع ي الدنيا الحياة ينة ز ف ي الكامنة الشهوات ة لذ ذاقت قد
ّ
و"البني" مركب فوق طلب الرصورات الحيوية ،ويتأسس عىل إشباع شهوات النفس من متاع ر جديد من الطلب عىل "المال"
زينة الحياة الدنيا .أهم كيفيات العمل لهذا النوع من الطلب تلك المتعلقة بحب الشهوات ،ويجمعها مفهوم "الهوى" الفطري
ف النفس ر
البرسية.
ئ ي
االبتداب الذي يبتدره النسان للوفاء برصورات الجسم الحيوية يصله بجميع مكونات بيئته الخارجية: ي االجتماع
ي الفعل
مباشة ومن خالل السي ر الوح ،الشيطان ،ومن وراء ذلك يصله باهلل الذي خلقه ،صلة السماء، األرض، المال ،البنون،
ي
االجتماعية .هكذا يدخل النسان يف أتون االبتالء قهرا ال اختيارا ،ليحقق من بعد ذلك باختياره مسارات حياته فيه ،ومآالتها يف
السعت .هذه المرحلة تشهد أيضا ،بسبب ر الدنيا :حياة طيبة ،أو معيشة ضنكا؛ ومآالتها يف اآلخرة :فريق يف الجنة وفريق يف
الن
االجتماع برؤية العالم ي
ي تأطت الفعل
تفاعل النسان مع مكونات بيئته الخارجية ومع البنية الرابطة ربي هذه المكونات ،ر
وف
يستبطنها النسان ونظمها المعيارية والقيمية ،وكذلك تكتسب النفس قوى عالقاتية جديدة تناسب حالها يف االبتالء ي
عالقتها بمكونات بيئتها الخارجية ،منها ما هو من ملهمات التقوى ،ومنها ما هو من ملهمات الفجور ،وتنبثق فيها أحوال تعت
عن طبيعة ومستوى تلك العالقات ،فالمؤمن باهلل تعاىل تنبثق يف نفسه أحوال الخوف والرجاء ،والرغبة والرهبة ،والخشية
والنابة ،وعىل الجملة يمكن أن نعت عن هذه األحوال بأنها ثمرات ملهمات التقوى المنسوبة إىل الصفات اللهية الفاعلة
والمتفاعلة يف نفس المؤمن .ولكن بسبب عالقة المؤمن بزينة الحياة الدنيا وبالشيطان تنبثق أيضا يف نفسه أحوال تناسب
هذه العالقة ،مثل الغضب ،الكت ،الطمع ،الحسد...إلخ ،ويمكن إجمال هذه األحوال بأنها تعت عن مدى فاعلية ملهمات
الفجور يف نفس المؤمن .يتدافع هذان النوعان من القوى العالقاتية يف نفس المؤمن ،ويحكم هذا التدافع تجربته االبتالئية،
وف عالقته بربه ،وتعت أحواله غت المؤمن فتهيمن "ملهمات الفجور" عىل نفسه يف عالقته بمكونات بيئته الخارجية ،ي أما ر
النفسية عن ذلك يف مجمل حياته.
االجتماع من خالل الفعل
ي الن يتفاعل فيها النسان مع مكونات بيئته الخارجية تشهد عمليات التدافع هذه المرحلة ي
المتحتة
ر االجتماع مما يؤدي إىل نشأة المجتمعات بنظمها االجتماعية ،والمعرفية ،واالتصالية ،والثقافية المختلفة، ي والتفاعل
الن تعمل من خالل هذه النظم ،إما بالمحافظة عليها ،أو يف الزمان والمكان ،وانطالق كيفيات عمل (مكتمات) االبتالء ي
بتدمتها ،وهلل عاقبة األمور .الشكل رقم ( )6أدناه يجسد انبثاق النسان كنظام معقد من خالل تفاعل مكوناته ر بتغيتها ،أو ر
وح ،األرض ،السماوات) ،ثم مع بيئة عالم الغيب ي ال البنون، (المال، الشهادة عالم بيئة مع موالجس النفس في المتمثلة
(الشياطي ،الجن ،المالئكة) ،ثم من وراء ذلك هللا تعاىل ،عالم الغيب والشهادة. ر
27
شكل رقم ()6
نموذج نظام النسان
النظم
ي -3.4ميخ إىل النظم االجتماعية الكلية م خالل المنهج
البحن بينا فيه أصول النظم االجتماعية يف رؤية القرآن وع البحث األول الذي اشتملت عليه الورقة األوىل من هذا ر
المرس
ي
االجتماع العام يف الشكل رقم (،)2
ي النظام استخلصنا للعالم ،وقد قمنا بإعادة إنتاجه يف الشكل رقم ( )1بهذا البحث ،ومنه
وأختا نظام الواقع
ر االجتماع التوحيدي يف الشكل رقم (،)4 ي االجتماع الدنيوي يف الشكل رقم ( ،)3ثم النظام ي وكذلك النظام
االجتماع ف الشكل رقم ( .)5نود ف نهاية هذا البحث أن نسقط المنهج النظم الذي رشحته الورقة الثانية ف هذا ر
المرسوع ي ي ي ي ي
البحن عىل هذه النظم االجتماعية المثالية ( ،)Ideal Typeبالمعن "الفيتي" للمثالية ،لنتعرف بإيجاز عليها من خالل: ي
االجتماع العام يف الشكل رقم ( .)2الفائدة الحقيقية
ي بالنظام مبتدئي
ر ،مات)مكت ال ( عملها كيفيات نسيجها؛ بيئتها، مكوناتها؛
تنظت يتعلق بنظم جزئية تنشأ من ر ه الضابط ألي ه فائدة منهجية ،إذ تصبح هذه النظم الكلية ي من هذا التمرين النظري ي
الن يؤدياالجتماع ،والنظم االجتماعية الجزئية الوسيطة ي ي النفس لإلنسان ،مرورا بالفعل والتفاعل ي داخلها ،ابتداء من النظام
ر
إليها ،سواء كانت مؤسسات كاألشة ،أو منظمات كالمدرسة والرسكة ،وانتهاء بالنظم الجزئية األعم كالنظام التبوي ،النظام
ينبع أن يناقض أي معىط ي التنظت للنظام االقتصادي التوحيدي ،مثال ،ال ر السياش...إلخ.
ي الثقاف ،النظام
ي االقتصادي ،النظام
الن
وه يالثاب .الفائدة المنهجية الثانية ،ي ي الكىل ،ألن األول جزء من االجتماع التوحيدي ي
ي الن ثبتت للنظام من معطياته تلك ي
ه أن البناء والتحليل النظري لهذه النظم االجتماعية الكلية ،ألنها نظم مستوحاة من رؤية القرآن للعالم، قصدها ماكس فيت ،ي
والمتغتات األساسية
ر المعرف الحق للوجود ،يعطينا فهما حقيقيا لكيفية عمل النظم االجتماعية يف الواقع، ي والقرآن هو المعادل
الفاعلة والمتفاعلة يف هذه النظم.
28
االجتماع الفطري العام
ي -1.3.4النظام
اص كما أسلفنا عند تعريفنا له يف الشكل رقم ( )2أعاله ،والغرض من التحليلاالجتماع الفطري العام هو نظام افت ي
ي النظام
التغيت فيه ،وأهم العمليات الفاعلة يف
ر هو أن نقف عىل كيفية عمل النظام لتحقيق وظائفه المفتضة ،ولمعرفة اتجاهات
الوح بالهدى.
ي ونزول الرسل، إرسال ةوررص يتبي معه
الله من السماء لهداية الناس ،مما ر
ي الوح
ي ضي عدم نزول النظام مفت ر
تمكي الناس الذين يكونونه من إشباع حاجاتهم الحيوية، ر هالوح ،ي
ي الوظيفة األساسية لهذا النظام ،يف غياب هداية
األختة ناجمة عن وجود الصفات اللهية يف نسبيتها النسانية يف النفس ،فطرة تربط النسان ر واالجتماعية ،والروحية .وهذه
وف بيئته الداخلية والخارجية ،أيا كان الغيب الذي يؤمن به ويأوي إىل أمانه.
بعالم الغيب ،وتدعوه إىل الوفاء بحقها يف نفسه ،ي
-1.1.3.4مكونات النظام
أيديهم يف موارد عملته ومما ، أعاله النسان نظام في الفطرية خواصهم عىل تعرفنا الذين ،يتكون النظام من الناس
ُ ا َ َٰ ُ ۡ َ َ ۡ َ ُ َ ُ ُ ۢ ِّ ُ َ َ ۡ َ ُ َّ َ :
ون أمه ِتكم َل تعلمون مؤمني وال كافرين ﴿وٱَّلل أخرجكم من بط ِ ر مولودون عىل الفطرة ،أي ال الطبيعة ،ونفتض أنهم جميعا
َ ۡ ا َ َ َ َ َ ُ ُ ا ۡ َ َ ۡ َ ۡ َ َٰ َ َ ۡ َ ۡ َ َ َ َ َّ ُ ۡ َ ۡ ُ ُ َ
شي ا وجعل لكم ٱلسمع وٱألبص ر وٱألف ِ دة لعلكم تشكرون( ﴾٧٨النحل) ،ولكن لديهم إمكان أي من الخيارين ،كما نفتض
يعن اقتصار علمهم عىل مكونات بيئة عالم الشهادة فقط وح من السماء للتأ رثت عىل خياراتهم الحياتية .هذا ي عدم نزول أي ي
وتأثته عليهم. رغم وجود عالم الغيب ر
-2.1.3.4بيئة النظام
الشياطي
ر بيئتي ،بيئة من عالم الشهادة تتمثل يف األرض والسماء ،وبيئة من عالم الغيب تتمثل يف
تتكون بيئة النظام من ر
.
خاصة ،والجن عموما ،والمالئكة ،ثم هللا تعاىل من ورائهم محيط الشكل رقم ( )6أعاله يجسد هذا البناء الوجودي يف عالم
االجتماع بعد أن كانا جزءا من مكونات بيئة عالم الشهادة
ي النسان ،علما بأن "المال" و"البنون" أصبحا يف صلب تركيبة النظام
مكوني فقط لهذا النظام
ر يف نظام النسان الذي سبق هذا النظام ،وتعرفنا عليه أعاله .لذلك اقترصت بيئة عالم الشهادة عىل
متغتا "المال" و"البنون" إىل نظم اجتماعية جزئية بما عملته يد النسان فيهما – ر االجتماع هما األرض والسماء ،وتحول
ي
والثقاف.
ي ، السياش
ي ،االجتماع
ي االقتصادي، بوي،
االجتماع -كالنظام الت
ي الفعل والتفاعل
-3.1.3.4نسيج النظام
الن تربط مكونات النظام مع بعضها ،وكذلك جملة الروابط ي الداخلية العالقات جملة من (بنيته) يتكون نسيج النظام
المكوني للنظام تحددها طبيعة
ر الن تربط مكونات النظام مع مكونات بيئته الخارجية .الروابط الداخلية ربي األفراد الخارجية ي
االجتماع مع زينة الحياة الدنيا (المال ،البنون)،
ي الن تؤطر وتحدد نوع الروابط يف إطار الفعل والتفاعل العالقة االجتماعية ي
"البني" المعت عن العالقات البيولوجية ربي الرجال والنساء ،وما يتتب عليها من عالقات رحمية هناك ر متغت
ر فف إطار
ي
الروابط العاطفية من مودة ورحمة ربي المرء وزوجه مثال ،وكذلك عالقات حب وكراهية تتسم بها العالقات الرحمية...إلخ.
متغت "المال" المعت عن عالقات النتاج والتوزي ع واالستهالك هناك روابط الفعل ر النسيج الذي يربط مكونات النظام مع
اص والكراه ،الخضوع والثورة...إلخ. ي الت والعالم، التبادل اع،رص وال التنافس والتشاور، االجتماع مثل المشاركة والتعاون ي
الن تربط ربي أصحاب المعتقد الواحد ،وهناك الروابط المعيارية (أخالقية ،قانونية) تضبط العالقات ي العقدية الروابط وهناك
شخصي ،أو أكت ،يف إطار النظم االجتماعية الجزئية ر ه روابط من حيث إنها تجمع ربي االجتماع ي
ي .
ربي الناس روابط الفعل
النساب ،كما بينا ذلك يف رؤية القرآن للعالم،
ي لالجتماع المنتجة الكونية العنارص بير التفاعل عة طبي الن تحتمها الرصورية ي
ه :النفس (النسان)؛ المال؛ البنون؛ العلم؛ الهوى .هذه الروابط بطبيعتها ديناميكية تؤدي إىل إحداث ر
تغيت وهذه العنارص ي
الن تؤطرهم.وف البنية االجتماعية ي يف الذين تربطهم ،ي
وبي مكونات بيئة عالم الشهادة، االجتماع الفطري من جهة ر
ي لنظام ا لهذا المكوني
ر الناس بير روابط هي الخارجية الروابط
وبي موارد األرض ه روابط ربي الناس ر وبيئة عالم الغيب ،ثم هللا تعاىل من جهة أخرى .الروابط الفاعلة يف بيئة عالم الشهادة ي
وه عالقة نفعية يتم فيها توظيف العلم بظاهر من الحياة الدنيا الذي يكتسبه المجتمع من خالل الفعل والتفاعل الطبيعية ،ي
وبي بيئتهم الخارجية ،لشباع حاجاتهم الفطرية .والعلم بظاهر من الحياة الدنيا يظل دوره وظيفيا فقط، ربي أفراده ،وبينهم ر
وع المجتمع ليأخذ بعدا عقالنيا يف عالقاته االجتماعية. وخاضع لله الهوى مهما تطور ي
وه أساسا عالقة خضوع لقوى لوح افتاضا ،تحتمل كل أنواع االعتقاد ،ي الروابط األخرى مع البيئة الخارجية ،يف غياب ا ي
ه الله الواحد ،وقد تكون الجن ،وقد تكون الشمس ي الغيبية القوة تكون غيبية ُيعتقد وجودها ،تتسم بالخوف والرجاء ،فقد
األولي .ذلك أن الضعف الذي يالزم النسان فطرة يلجئه إىل البحث عن ر
ظهت ر أساطت
ر والقمر ،وقد تكون النار ،وقد تكون
29
الن
الن يفتقدها ،وغالبا ما تكون هذه القوة غيبية يمنحها خيال النسان كل ما يريده من صفات الكمال ي
تتجسد فيه القوة ي
يفتقدها.
-4.1.3.4كيفيات عم النظام
الن تنقل النسان إىل قلب االبتالء يف زينة الحياة الدنيا، لقد ذكرنا يف القسم السابق المتعلق بنظام النسان العمليات ي
فه كيفيات عمل االجتماع ي ي وه كيفيات عمل رفتيائية ،كيميائية ،حيوية ونفسية تتم داخل جسم النسان ،أما يف النظام ي
والخارح .لنتذكر أن ي الداخىل
ي االجتماع
ي االجتماع ،يف إطار النسيج ي اجتماعية وروحية من خالل عمليات الفعل والتفاعل
الن تتم داخل النظام وتجعله يعمل بالطريقة كيفيات العمل (المكتمات) مقصود بها العمليات الجوهرية ،أو مسارات الفعل ي
تعىط المدرسة هويتها ،وعمليات ي الن
ه ي تعىط النظام هويته ،فعمليات التدريس ي ي الن
وه ي الن تمكنه من أداء وظيفته ،ي ي
العلم هويتها...إلخ .وهذه ي البحث اكز ر م تعىط
ي الن ه
ي ي ي العلم البحث وعمليات هويته، المستشف تعىط
ُي الن
ه ي التطبيب ي
الكيفيات يف العادة ال ترى بل يقوم الباحث ،كما يفعل يف إنتاج الفرضيات العلمية ،من خالل الخيال المبدع ،محفزا ومقيدا
الوح ،أو الواقع ،بتقديم نظريات تتعلق بكيفيات العمل موضوع ي بالبيانات المتوفرة له عن الموضوع سواء كان مصدرها
البحث ،ويمكن اختبار هذه النظريات تجريبيا فتتأكد ،أو تدحض.
(البني) يف زينة الحياة الدنيا ،النوع األول ر متغت
ر الن تنجم عن تفاعل النسان مع نوعان من كيفيات العمل االبتدائية ي
الن تؤدي إىل إقامة المؤسسات الرحمية ّ
يتمثل يف كيفيات عمل "حب الشهوات" ،ال سيما شهوة "الجنس" وشهوة "البنوة" ،ي
الثاب من كيفيات العمل يمكن تسميتها بالكيفيات العاطفية ،مثل "المودة" و"الرحمة"، كاألشة ،والرهط والقبيلة...إلخ .النوع ي
الن منها المحمود ومنها المذموم .إن افتاض عدم وجود الغتة" ي الزوجي ،و" ر ر الن تعمل عىل استدامة العالقة الزوجية ربي ي
االجتماع أساسه ي التغيت
ر من شن اأنواع تحدث الشهوات، حب سيما ال ، هذه العمل كيفيات يجعل السماء من الهداية وح ي
الناالجتماع يي وه كيفيات الرصاع مثل " اإلثم" و"العيوان" ،ي التكاثر يف األموال واألوالد ،مما ينتج عنه كيفيات عمل أخرى
ُ
ظم دراسة كيف تنشأ كيفيات العمل من هذا النوع داخل العلم الن ي ي تؤدي إىل نقض عرى المجتمع .والمطلوب من البحث
االجتماع الذي تحدثه يف ي التغيت
ر تفست عميق للظواهر االجتماعية المعتة عن ر النظم االجتماعية ،وكيف تعمل بما يؤدي إىل
مكونات ونسيج وبيئة المجتمع محل الدراسة.
كيفيات عمل "حب الشهوات" يف مجال (المال) تؤدي إىل التكاثر يف النتاج ،واالستهالك ،ومن ثم قيام نظم الملكية
والجمع يف القطاع ي السلع كاألسواق ،ونظم االستهالك الفردي ي المختلفة لعنارص النتاج ولوسائله ولعالقاته ،ونظم التبادل
الوح ،يغلب أن تكون كيفيات "الرصاع"" ،التنايس"، ي غياب وه ،يف االستهالك .كل هذه النظم لها كيفيات عملها ،ي ي
وه يف جملتها عمليات ي "، األرم ف ي العلو " و " والعيوان اإلثم عىل التعاون " كيفيات الكريم آن القر بلغة أو "، "الطغيان
تنته بهدم المجتمع طبعا ال يمنع هذا أن . ي الطبف الذي يؤدي بدوره إىل كيفيات عمل جديدة ي اجتماعية تؤدي إىل التمايز
تكون هناك كيفيات عمل حافظة للمجتمع تعمل يف االتجاه المعاكس يف ذات الوقت مثل كيفيات "التعاون"" ،المشاركة"،
االجتماع المدمر لكيفيات العمل ي "الصلح"...إلخ ،مما يقلل من أثر الكيفيات الهادمة له ،لكنها كيفيات ال تصمد أمام األثر
وه كما بينا كيفيات "حب الشهوات" ،و"التكاثر" يف األموال واألوالد. الجوهرية المحددة لهوية هذا النوع من النظم ،ي
االجتماع
ي النظام تفاعل من تنتج خارجية عمل كيفيات وإيجابا، سلبا معها، كيفيات العمل الداخلية أعاله تتداخل
الن عليها النظام المتعاىل سبحانه ،وهو تداخل يحدد الحال ( )Stateي ي الفطري العام مع مكونات بيئته الخارجية ،ومع الخالق
الوح افتاضا ،هو ي تأثتا ف عالقته بالنسان ،ف غياب االجتماع يف لحظة زمانية ومكانية محددة .الكائن الخارح األكت ر
َ ُ ۡ َ َ َٰا َ ُ ا َ َٰ ي َ َ ُ َّ َ َ َ ۡ ي َ َ َ ُ ۡ َ ا ُ َ َ ۡ ي َ ا َ َ ۡ ََٰ
ا
ي
الشيطان ،عدو النسان منذ الخلق األول﴿ :فقلنا ي ادم ِإن ه ذا عدو لك و ِلزو ِجك فَّل يخ ِرجنكما ِمن ٱلجن ِة فتشف( ﴾١١٧طه) ،وهو
َ ۡ َ ََ ۡ َ ۡ َۡ ۡ َ : ّ
ٱستط ۡعت ِمن ُهم ِب َص ۡو ِتك مشاركتهم حن يِۚف األموال واألوالد ﴿وٱستف ِزز م ِن بن آدم إىل قيام الساعة ،ومأذون َله يف ي مسلط عىل
ا
ٱلش ۡي َط َٰ ُن إَل ُغ ُر ً ۡ َ َٰ َ ۡ َٰ َ ۡ ُ ۡ َ َ َ ُ ُ ُ ا َ َ ۡ ۡ ۡ َ َ َ َ ََ ۡ ۡ َ
ورا( ﴾٦٤الشاء) .هذه اآلية ِ ب َعل ۡي ِهم ِبخ ۡي ِلك َو َر ِج ِلك َوش ِارك ُه ۡم ِ يف ٱألمو ِل وٱألول ِد و ِعدهم وما ي ِعدهم وأج ِل
االجتماع
ي النظام إطار في ي وه النسان، ضد الشيطان يستخدمها الن
ي الفعالة العمل كيفيات من أنواع أربعة تذكر وحدها
وه" :االستفء َاز بالصوت"؛ "الجلب بالةي ي أحد، المدمر ها تأثت ر من الفطري العام الذي نستعرض مالمحه هنا ال يكاد ينجو
ٱَّلل َو َع َد ُك ۡم َو ۡع َد ۡٱل َحقِّ ض ۡٱأل ۡم ُر إ ان َّ َ ٱلش ۡي َط َٰ ُن َل اما ُق ِ َ َ َ َ :ا
والرج "؛ "المشاركة ف األموال واألوالد"؛ "الوعي المةلوف" ﴿وقال
ٓ َ ي ُ ُ ا ْ َ ِ ُ َ ُ ۖۡ ا ٓ َ َ ۠ ُ ۡ ُ ىل َف ََّل َت ُل َُ َ َ ِ ُّ ُ ۡ َ َ ۡ َ ۡ ُ ُ ۡ ۖۡ َ َ ي َ َ َ َ َ ۡ ُ ِّ ُ ۡ َ َٰ ا ا َ َ َ ۡ ُ ُ ۡ َ ۡ َ َ ۡ ُ ۡ ۖۡ
رص ِخك ۡم َو َما ِ ِ م ب ان أ ا م م كس نف أ او وم ل و وب
ِي وم ان َ ِ يۡىل ۡع ُليكم من َسل ُُۗط ن ان ِإلا أن د َع َو ُتكم َف َٱس رتجَبت ِ ي
م ووعدتكم فأخلفتكم وما ك
ۡ َٰ ۡ ُ َ ر َ ُ ُ ۡ ا ِّ َ َ ۡ ُ َ ٓ
ه كيفيات عمل تعمل عىل ون ِمن قبل ِإن ٱلظ ِل ِم ري لهم عذاب أ ِليم( ﴾٢٢إبراهيم) .لذلك ي ح ِإ يب كفرت ِبما أشكتم ِ رصِ ي
أنتم ِبم ِ
التجرين ،ولكن العلم ر
دعم الكيفيات الهادمة للمجتمع مما ذكرنا أعاله ،وإن كان ال يمكن رصدها مباشة من خالل البحث
ي ي
بتأثتها عىل مستوى الفرد والمجتمع أكت من ثقتنا يف تلك الوح تسمح لنا باعتماد هذه الكيفيات علميا ،والثقة ر ي مرجعية
الكيفيات المؤسسة عىل تخميناتنا الظنية وإن كانت علمية .وهذه الكيفيات الشيطانية تعمل من خالل هوى النسان وحب
30
ه أعمال فاسدة يرتد أثرها عىل نفس النسان الشهوات حيث يزين الشيطان للناس أعمالهم .وهذه األعمال المزينة شيطانيا ي
االجتماع ،ويمهد الطريق إىل هدم ي فتقوى فيها ملهمات الفجور ،ويقسو القلب ،وتضعف الكيفيات الموجبة مما يعزز التفكك
المجتمع.
االجتماع الفطري العام من وبي النظام ر
كيفيات العمل الجوهرية الفاعلة يف العالقة المباشة ربي الخالق سبحانه وتعاىل ر
ي
وه كيفيات "الرحمة" و"الرأية" ،فما ه مسارات فعل يف اتجاه واحد من الرب إىل العباد ،ي خالل مكوناته ونسيجه وبيئته ي
.
كان هللا ليعذبهم رغم ضاللهم حن يبعث رسوال ،وقد افتضنا عدم إرسال الرسول يف هذا النظام الفطري وقد قال هللا تعاىل
وه رحمة عامة يف هذه الدنيا لكل الناس ُۗال تتتب عليها هداية الطريق .وكيفيات الرحمة اللهية ال إنه بالناس رؤوف رحيم ،ي
ا َ َ ُ ُّ ْ ۡ َ َ َّ َ ُ ۡ ُ َ ٓ ا َّ َ َ َ ُ
ٱَّلل َل تحصوها ِإن ٱَّلل لغفور ر ِحيم( ﴾١٨النحل) .ومن كيفيات عمل يحصيها إال هللا ،وقد قال تعاىل﴿ :و ِإن تعدوا ِنع َّمة ِ
ا َٓ َ ۡ َ َ َ ُٓ ََ ۡ َُ ُ َ ا ُ ۡ ُ ِّ ََٰ َ َ ُ ُ َ َ ا َ َ ۡ ُ ُ ُ الرحمة كيفية "التسةت" ،فقد قال تعاىلُ َّ :
﴿ٱَّلل ٱل ِذي ير ِسل ٱلري ح فت ِث رت سحابا فيبسطهۥ ِ يف ٱلسما ِء كيف ي َشاء ويجعلهۥ ِكسفا ر
َ َ َ ْ
رسونَ ٤٨و ِإن كانوا ِمن ق ۡب ِل أن ُي ات َل َعل ۡي ِهم ِّمن
ُ َ ُ ۡ َ ۡ َۡ ر ُ َ
ب ت س ي م ه ا
َ
ذ إ ا
ۦ ه ادب
ٓ
اب بهۦ َمن َي َشا ُء م ۡن ع َ َف َ َتى ۡٱل َو ۡد َق َي ۡخ ُر ُج م ۡن خ َل َٰ له ۖۡۦ َفإ َذ ٓا َأ َص َ
َ ِ ُ ِۡ َ ِ اَٰ ِ َ َ ِ َٰ َ ۡ َ ِ ِ َّ َ ۡ َ ُ ۡ ِ ۡ َ ِۡ َ ِ ِ َ ۡ ِ َ َ ۡ َ ِٓۚ ا َ ِ َٰ َ َ ُ ۡ ۡ َ ۡ َ َٰ ۖۡ َ ُ َ َ َ َٰ ُ ِّ رَ ۡ َ َق ۡبلهۦ َل ُم ۡبلس َ
٥٠ ير د ِ ق ش ٖء ج ٱلموب وهو عىل ك َل ج ٱألرض بعد مو ِتها ِإن ذ ِلك لم ٱَّلل كيف ي ِ ي ٤٩فَٱنظر ِإىل ءاث ِر رحم ِت ر
ۡ ُِۚ
ِّ ا َ ي ۡ ۡ َ َ َ َٰ َ ا
ي ِ ا َ َ ا َ َُ ي ِ َ ُُۡ َ ۡ َ ۢ َ َ ئِ ِ ۡ َ ۡ َ ۡ ِ َ ِ ا َ َ ۡ ُ ُ ۡ َ ا َّ َ ُّ ْ
ض ج ِميعا منه َٰ
ول ِي أرسلنا ِر ايحا فرأوه مصفرا لظلوا ِمن بع ِد ِهۦ يكفرون( ﴾٥١الروم)؛ ﴿وسخر لكم ما ِ يف ٱلسم و ِت وم َا ِ يف ٱألر
ِ َۡ َ ُ ۡ ۡ َ َ َ ۡ َ َّ ا َٰ ُ ۡ َ َ َّ َ ِّ َ َ َ َ ا
ض َو َج َعلنا لك ۡم ِف َيها التمكي"﴿ :ولقد مكن كم ِ يف ٱألر ِ ر ِإن ِ يف ُۗذ َٰ ِلك أل َي َٰ ٖت لق ۡو ٖم َيتفك ُرون( ﴾١٣الجاثية) .هناك أيضا كيفية "
َ َ َ َٰ َ َ ا ا َ ۡ ُُ
مع ِيش ق ِليَّل ما تشكرون( ﴾١٠األعراف).
ه السي االجتماعية الحاكمة لجميع النظم ر
ا ۡ ۡ وبي رب هم ،وكيفيات العمل فيها ي المباشة ربي الناس ر غتهناك العالقة ر
َ
وه سي ال تتبدل ،وال تتحول﴿ :ٱس ِتكبارا ِ يف اآلن، عليه نتعرف الذي العام الفطري االجتماع النظام االجتماعية بما فيها
َّ َ ۡ ا ۖۡ َ َ َ َ ُ ا َ َ ۡ َ ا ِّ ِۚ َ َ َ ُ ۡ َ ۡ ُ ي ا ِّ ئُ ا َ ۡ ِۚ َ َ ۡ َ ُ ُ َ ا ُ ا َ ۡ َ ا َ ِۚ ي َ َ َ َ ُ ا ۡ َۡ
ٱَّلل تب ِديَّل ولن ت ِجد ِلسن ِت ض ومكر ٱلس ر ين وَل ي ِحيق ٱلمكر ٱلس رن ِإَل ِبأه ِل ِهۦفهل ينظرون ِإَل سنت ٱألو ِل ري فلن ت ِجد ِلسن ِت ِ ٱألر َ ِۡ
يىل: َّ
ٱَّلل تح ِويَّل( ﴾٤٣فاطر) .وقد قمنا بتعريف سنة هللا االجتماعية يف بحوث لنا سابقة كما ي ِ
االجتماع الفطري العام إىل أنه نظام ،إذا ترك دون تدخل من خارجه إال من
ي ينته استعراضنا ألهم سمات النظام ي
ر
تنته تطبيقاته العملية يف الزمان والمكان إىل نظم اجتماعية دنيوية بحكم الفطرة البرسية ،وبحكم البنية االجتماعية الشيطان،
ي
النللنظام ،سواء يف عالقاتها الداخلية ،أو يف عالقة مكونات النظام مع مكونات البيئة الخارجية ،وبمقتض كيفيات العمل ي
النساب
ي ع .وقد أكد القرآن الكريم هذه الحقيقة يف آيات ر
كثتة ،كما يقف تاري خ االجتماع التغيت االجتما ي
ر تتحكم يف عمليات
شاهدا عىل ذلك .إذن قضاء هللا تعاىل أال يعبد الناس إال إياه يقتض إنزال الوح من السماء ،وإرسال الرسل ر
مبرسين ومنذرين. ي ي
االجتماع الينيوي
ي -2.3.4النظام
االجتماع الفطري العام ،ويتأسس عىل فرض ي هذا النظام يمثله الشكل رقم ( )3يف هذا البحث ،وهو أحد نهايات النظام
الوح ،وإرسال الرسل ،واستحباب الناس الذين يكونون هذا النظام الكفر عىل اليمان ،وإرادتهم الحياة الدنيا وزينتها، ي نزول
اجتماع مصنوع ،وليس فطري ،بل تم تصميمه ليحقق مقاصد حياتية محددة .األوفق ي وإيثارهم لها عىل اآلخرة ،فهو إذن نظام
الن أثبتها القرآن الكريم لهذا النظام ،ثم توظيف هذه الخواص يف أن نبدأ برصد الخواص الوجودية والمعرفية والمنهجية ي
: اآلتية الحقائق الدنيوي االجتماع النظام التعرف عىل سماته النظمية .لقد أثبت القرآن الكريم لهذا
َ َٰ َ َ ۡ ۡ َ ا َ َ َّ َ ۡ ا َ ُ َ ي ۡ َ َ ۡ ََٰ
ا َ َ ۡ ُ ۡ ُ َ ۡ َ َ َٰ َ ُّ ۡ
-1إيثار الثياة الينيا عىل اآلخرة ﴿بل تؤ ِثرون ٱلحيوة ٱلدنيا ١٦وٱأل ِخرة خ رت وأبف( ﴾١٧األعىل)؛ َ﴿فأع ِرض عن من توىل عن
َ ُ َ َ َ َ ُ ُ ۡ َ َ َٰ َ ُّ ۡ َ َ َ َ َ ُ َ ِّ َ َ ُّ ۡ ۡ ا ۡ ۡ َ َ
ف ِإل ۡي ِه ۡم أ ۡع َم َٰ ل ُه ۡم ِف َيها َوه ۡم ِف َيها َل ِذك ِرنا َول ۡم ُي ِرد ِإَل ٱل َح َي َٰوة ٱلدن َيا( ﴾٢٩النجم)؛ ﴿من كان ي ِريد ٱلحيوة ٱلدنيا و ِزينتها نو
َ َ
ُي ۡبخ ُسون( ﴾١٥هود)؛
ََۡ َ َ ۡ َ ُ ا ْ َ ا َ ۡ َ َ َٰ ُ ُّ ۡ َ َ -2تعظيم متاع الثياة الينيا كمقصد ئ
نهاب للناس الذين َ يتكون منهم النظام﴿ :ٱعلموا أنما ٱلحيوة ٱلدنيا ل ِعب ولهو و ِزينة
ۡ َ َ ۡ ُ ا َ َ َ ُ ُ ُ ا َ ُ َ َ َ َٰ ُ ُ ۡ َ ا ُ ا َ ُ ُ ُ َ َٰ ا ۖۡ َۡ ۡ َ ۡ َ َ ۡ َ ۡ َ َٰ ي ۖۡ َ َ َ َُ ََ ُ ََ ُ
َو اتفاخ ُ ۢر َب ۡينك ۡم َوتكاثر ِ يف ٱألم َٰو ِل وٱألول ِد كمث ِل غي ٍث أعجب ٱلكفار نباتهۥ ثم ي ِهيج فتىه مصفرا ثم يكون حط ما و ِ يف
َ
َ ا َ ْ َ
َ َ َّ ۡ
ٱلدن َيا إَل َم َت َٰ ُع ٱل ُغ ُرور( ﴾٢٠الحديد)؛ َا ٓ ۡ ُ ۡ ِۚ
َ َ ۡ َ ِّ َ َّ َ ۡ َ َٰ َ َ َ َ َٰ ُّ َ َ ۡٱألخ َرة َ
ين كف ُروا َيت َمت ُعون ﴿وٱل ِذ ٱَّلل و ِرضو ن وما ٱلحيوة ِ يد ومغ ِفرة من دِ ش اب ذ ع
ِ ِ َّ ا ۡ ِۡ ُ ُ ِ َ َ َ ۡ ُ ۡ َ ۡ
َو َيأ كلون ك َما تأ ك ُل ٱألن َع َٰ ُم َوٱلن ُار َمث اوى ل ُه ۡم( ﴾١٢محمد)؛
31
ُ َ ُ َ ۡا ُ ُّ ۡ ۡ َ َ َ َ
﴿ي ۡعل ُمون ظ َٰ ِه ارا ِّم َن ٱل َح َي َٰو ِة ٱلدن َيا َوه ۡم ِۚ َع ِن ٱأل ِخ َر ِة َه ۡم غ َٰ ِفلون﴾٧ المعرف: ي التجريب هو أساس النظام ي ر الثس
َ ي
ّ -3العلم
َ َ ُ َ ا ۡ ۡ ُ َ َ َ ۡ ُّ َ ۡ
ض َعن امن ت َو َٰىل َعن ذكرنا َول ۡم ُيرد إَل ٱل َح َي َٰوة ٱلدن َيا ٢٩ذ َٰ لك َم ۡبلغ ُهم ِّم َن ٱلعلم إن َرابك ه َو أ ۡعل ُم ب َمن ضلا ا ۡ َ َ ۡ َّ َ ۡ ۡ َ
ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ (الروم)؛ ﴿فأعر
ََۡ َ ُ َِ َ ۡ َ
َ َعن َس ِبي ِل ِهۦ وهو أعلم ِبم ِن ٱهتدى( ﴾٣٠النجم)؛
َٰ َ ُ
ٓ َ ٓ ُ ُ َّ َ ُ ْ
ين ك َف ُر اوا أ ۡع َم َٰ ل ُه ۡم ك َ ََ َّ
يع ٖة َي ۡح َس ُبه ٱلظ ۡم ان َماء َح ا َٰان ِإذا َجا َء ُهۥ رساب بق َ
ِ
﴿وٱلذ َ
ِ
-4جميع أعمالهم سيئة ،بالتصنيف القرآب للعملَ :
ِۢ ِ َ َ ۡ َ ٓ َ َٰ َ َ ُ ْ ۡ َ َ َ َ َ ۡ َ َٰ ُ ۡ
ٱَّلل َشي ُع ٱلح َ ند ُهۥ َف َو اف َٰى ُه يح َس َاب ُه ُۗۥ َو َّ ُ
َ ۡ َ ۡ ُ َ ۡ ا َ َ َ َ َّ َ َ
اب( ﴾٣٩النور)؛ ﴿وق ِدمنا ِإىل ما ع ِملوا ِمن عم ٖل فجعلن ه ِ س ِ ِ ِ لم ي ِجده شي ا ووجد ٱَّلل ِع
ورا( ﴾٢٣الفرقان)؛ َه َب ٓا اء ام ُنث ً
ۡ َۡ َ َ َّ ۡ ُ ۡ َ ُ ۡ ُ ْ ُ َ
ض ِ -5اإليساد يف َ األرم ،وتقطيع األرحام هو المحصلة النهائية للنظام﴿ :ف َه ۡل َ َع َس ۡيت ۡم ِإن توليتم أن تف ِسدوا ِ يف ٱألر
َّ َ ْ ُ َ َّ َ ا ۡ َ ِّ َ ۡ َ ۡ َ َ َ َ ۡ َۡ ُ َ ُ ُ َ ِّ ْ
ض ٱل ِذي ع ِملوا ل َعل ُه ۡم ت أ ۡي ِدي ٱلناس ل ُي ِذيق ُهم َب ۡع َ
ِ ِ َوتقط ُع اوا أ ۡر َح َامك ۡم( ﴾٢٢محمد)؛ ﴿ظ َه َر ٱلف َساد ِ يف ٱلت وٱلبح ِر ِبما كسب
َۡ ُ َ
ون( ﴾٤١الروم). ير ِجع
-1.2.3.4مكونات النظام
االجتماع الدنيوي المثال ( )Ideal Typeمن ناس تنطبق عليهم الخواص الخمسة أعاله ،فعالم الشهادة
ي يتكون النظام
هو وحده المحدد لرؤيتهم للعالم ،وتعظيم متاع الحياة الدنيا هو وحده مقصدهم ،والعلم بظاهر من الحياة الدنيا هو
االجتماع.
ي ه هاديهم إىل الفعل والتفاعل
وسيلتهم ،وملهمات الفجور يف النفس ي
-2.2.3.4بيئة النظام
(الشياطي ،الجن ،المالئكة)،
ر الوح) ،ومكونات عالم الغيب ي تشمل بيئة النظام مكونات عالم الشهادة (األرض ،السماء،
ينبع التنبيه إىل أن "المال" و"البنون" يظهران يف الشكل رقم ()6
ي عالم الغيب والشهادة ،القاهر فوق عباده. المتعاىلِ ،
ي ثم هللا
االجتماع ،لذلك ال يشكالن
ي النظام كيبة
تر صلب في ان يصت
ر هنا لكنهما النسان، نظام ل الشهادة عالم بيئة مكونات من كمكوني
ر
مكوني من مكونات بيئته الخارجية ،بل يظهرا يف شكل نظم اجتماعية جزئية بما عملته يد النسان فيهما .ونالحظ هنا دخول
ر ّ
الوح ،وإرسال الرسل مما أدى إىل
ي الوح كمكون من مكونات عالم الشهادة ،ألن من االفتاضات القبلية لهذا النظام هو نزول ي
يصت
والوح بعد نزوله من عالم الغيب عن طريق الرسل ،صلوات هللا وسالمه عليهم ،ر ي .اليمان عىل الكفر الناس يختار أن
ر
من مكونات عالم الشهادة ،إما من حيث هو علم يحمله برس ،رسال كانوا ،أم علماء رباني ري يخلفونهم يف هذا العلم عت الزمان
وح يف كتاب مكنون كالقرآن الكريم ،محفوظ من التحريف إىل قيام الساعة بحفظ هللا تعاىل له، والمكان ،ويبلغونه للناس ،أو ي
ومتاح االطالع عليه من كل الناس.
-3.2.3.4نسيج النظام
ّ
الن تربط مكونات النظام مع بعضها ،وكذلك جملة الروابط ي الداخلية العالقات جملة من (بنيته) النظام يتكون نسيج
خارح .البيئة الخارجية ي داخىل ،وآخر
ي يعن أن لدينا نسيج الن تربط مكونات النظام مع مكونات بيئته الخارجية ،مما ي الخارجية ي
والوح ،وبيئة عالم الغيب المكونة من ي تأب عىل ثالثة مستويات ،بيئة عالم الشهادة المكونة من األرض ،السماوات للنظام ي
الن تربط الناس بخالقهم تبارك وتعاىل. ي الروابط ثم والمالئكة، الجن ، الشياطي
ر
االجتماع،
ي الوح ،وإرسال الرسل بالبالغ ،ودعوة الناس لعبادة هللا وحده ،وإقامة دين التوحيد يف الواقع ي إن افتاض نزول
مقرونا بافتاض تكذيب الناس للرسل ،واستحباب الكفر عىل اليمان ،وإيثار الحياة الدنيا عىل اآلخرة ،ومن ثم إقامة نظام
االجتماع الفطري العام.
ي اجتماع يحكمه هوى الناس الذين يكونونه ُيحدث فرقا جوهريا يف التحليل عما فعلناه يف النظام ي
يرسكوا به شيئا ،وأن يقيموا الدين الذي يجسد هذه العبادة يف واقعهم الوح يقيم الحجة عىل الناس بأن يعبدوا هللا وال ر
ي
االجتماع ،ومن ثم يحدد نظاما عقديا ،وآخر معياريا ،أخالقيا وقانونيا ،بمقتضاه تنشأ أحكام طبيعتها "أفعل" وال "تفعل" ي
اجتماع جوهره ي المفض إىل نظام
ي االجتماع ،وتصاغ مؤسسات وتنظيمات تيرس هذا الفعل والتفاعل ي تحكم الفعل والتفاعل
االجتماع وأقامه فهو مؤمن ،ومن رده فهو كافر ،وخيار الكفر هو ما افتضناه يف هذا ي رص بهذا النظام توحيد هللا تعاىل ،فمن ي
شء ر .
وبي عباده تصبغ كل ي تنبن عليه عالقة ربي هللا تعاىل ر الموقفي ي
ر االجتماع الدنيوي الذي نحن بصدد تحليله وكال ي النظام
الن االجتماعية
ُۡ َ ََۡ َ َ ي العالقات معادلة الكريم آن
ر الق حدد لقد . آالت والم ؛العمل كيفيات النسيج؛ البيئة؛ نات؛ المكو : النظامي
ر يف
َٰ َٰ ۡ ا َّ َ َ ۡ ُ ُ ۡ َ ۡ َ ۡ ۡ َ َٰ َ َ ٓ
ي ِذي ٱلقرب وينه ع ِن ﴿إن ٱَّلل يأمر ِبٱلعد ِل و ِٱلحس ِن و ِإيتا ي االجتماع ،فقالِ :
النظام َّ َ ي ينبع أن يقام عىل أساسها نسيج
ۡ َ ۡ ي َ ٓ َ ۡ ُ َ َ ۡ َ ۡ ِۚ َ ُ ُ ۡ َ َ َّ ُ ۡ َ َ
ُ
االجتماع الدنيوي المعرض ،افتاضا ،عن أمر هللا ال ُ
ٱلفحشا ِء وٱلمنك ِر وٱلب ِيع ي ِعظكم لعلكم تذكرون( ﴾٩٠النحل) ،فالنظام
ي
والبع.
ي شك أن عالقاته االجتماعية تقوم عىل الفحشاء ،والمنكر،
32
يلَّلل َو َم َل َٰا ئ َكتهۦ َو ُر ُسلهۦ َوج ۡت َ ُ َ َ َ َ :ا ِّ َّ
ِِ ِ ِ ان عدوا ُ َ ِ ْ َ ِ ِ ُِ ﴿من ك ۡ َ بمضامي آيات مثل
َ َ َّ ۡ ُ ۡ َ ُ ۡ ُ ْ
ر االجتماع الدنيوي المثال يصبح محكوما
َ َ َٰ َ َ ا َّ َ َ ُ ي ِّ ۡ َ
النظام
ۡ َ َ ۡ ا ُ َ ِّ ۡ ۡ ََ ۡ َ َ ُۡ َ َٰ
ض وتقطعوا أرحامكم( ﴾٢٢محمد)؛ ٱَّلل عدو للك ِف َ ِرين( ﴾ِۚ ٩٨البقرة)؛ ﴿فهل عسيتم ِإن توليتم أن تفسدوا ف ٱألر وميكىل فإن
ُّ ِ ۡ َ َ َ ِ ي ۡ َ َ َ ُِ ُ ُ ۡ َ ُ ۡ َ َٰ ُ َ َٰ َ َ ۡ َ ُ َ ِ َ َ ُ ۡ ِ ۡ َ َ ۡ َ ُ ُ ۡ َ َ ا ۡ َ َٰ ُ ُ ۡ ا َ ُ ُ َّ ُ ُ َ ِّ
َٰ
﴿فَّل تع ِجب َك أمو لهم ول أول دهم ِإنما ي ِريد ٱَّلل ِليعذبهم ِبها ِ يف ِۚٱلحيو ِة ٱلدنيا وتزهق أنفسهم وهم ك ِفرون( ﴾٥٥التوبة)؛
َ َّ َ َ َ ْ َ ا َ َ ا ۡ ۡ
ي ٥٥ن َس ِار ُع ل ُه ۡم ِ يف ٱل َخ ر ۡ َ َٰ
َ ُ ون أ ان َما ُنم ُّد ُهم بهۦمن امال َو َبن َ ََ ۡ َ ُ َ
ين كف ُروا َيت َِۚمت ُعون ت ِت َبل َل َيش ُع ُ َرون( ﴾٥٦المؤمنون)؛ ﴿وٱل ِذ ر ِ ٖ ِ ِ ِ ِ ﴿أيحسب
ٱَّللُ ُ ۡ َ َ َ ُ ۡ َ ۡ َ ۡ َ َ ا ۡ َ َ َّ ۡ ۡ َ َ َ َ َ َ َّ ۡ ُ َ َ ۡ ُ ُ َ َ َ َ ۡ ُ ُ ۡ َ ۡ َ َٰ ُ َ ا ُ َ ۡ ا َّ
ض ِليف ِسد ِفيها وي َه ِلك ٱلحرث وٱلنسل و َٰ َٰ
ويأ كلون كما تأ كل ٱألنع م وٱلنار مثوى له َم( ﴾١٢محمد)؛ ﴿وإذا توىل سع ف ٱألر
َ َّ َ ا ِ َ ُ َ َ ا َ ِ ي ٗ َ َ ۡ ِ رُ ُ ُ َ ۡ َ ۡ ۡ ب ۡٱل َف َس َاد( ﴾٢٠٥البقرة)؛ َ ََل ُيح ُّ
ض َع َن ِذك ِري ف ِإن لهۥم ِعيشة ضنكا ونحرسهۥ َيوم ٱل ِقي م ِة أعم﴾١٢٤
َٰ َ ۡ َ َٰ َ ﴿و َم ۡن أ ۡع َر َ
ٱَّلل
(طه)؛ ﴿ت ِ ِ
َ ۡ َ
اب أ ِليم(َ ﴾٦٣النحل)؛ َ ﴿لقد كان ِل َس َب ٖإ ِ يف
َ َ َ َ ۡ
ٱلش ۡي َط َٰ ُن أ ۡع َم َٰ ل ُه ۡم ف ُه َو َول ُّي ُه ُم ٱل َي ۡو َم َول ُه ۡم َعذ ر َ َ ۡ َ َا َ ُ ُ ا
م ه ل
َ
ن يز ف
َ
ك ل ب ق
َ
ن مَل َق ۡد َأ ۡر َسل َنا إ َٰاىل أ َمم ِّ
ُ َ ٓ ۡ
ِ ٖ
ُ ْ َ َۡ َ َ َُ ۡ ُ ِ ْ َ ُ ِۚ ۡ َ َ ُ ۡ َ َ ۖۡ ُ ُ ْ َم ۡس َكنه ۡم َء ِ َاي ۖۡة َج ان َتان َعن َ
ال ك ُلوا ِمن ِّرز ِق َ َرِّبك ۡم َوٱشك ُروا لهۥ َبلدة ط ِّي َبة َو َر ٌّب غفور ١٥فأ ۡع َرضوا ف ۖۡأ ۡر َسلنا َعل ۡي ِه ۡم َس ۡي َل م ش ِ و ي ر م ِ ي ِ
َ َ َ ُ ْ َ َ ۡ ُ َ َٰ ا ا ُ َٰ َ َٰ َ َ َ ۡ َ ۡ َ ِّ ۡ َ ِ ا َ ۡ ۡ َ ا ن َ ۡ َ َ َٖ ۡ ُ َ ۡ َ ۡ َ ر َ ُ َٰ ۡ َ َِ َ ا ۡ َ
يل ١٦ذ ِلك جزين هم ِب َما كفروا وهل نج ِزي ِإَل ٱلع ِ ِرم وبدلن هم بجنتيهم جنتي ذواب أ كل خمط وأثل وشء من سدر قل
ََ ُ ْ َ َ َ َ ۡ َ ِ َ ۡ َ ُ ِ ۡ َ َ ۡ َ ر ِۡ ُ َ ي َّ َ ٍ َٰ َ ۡ َ ٖ َ ُ ا ٖ َ َٰ ي َ ٖ ا َ َ ا ۡ ِ َ ن َ ِ ٖ ا ۡ َ ۖۡ ُ ْ َ َ ۡٱل َك ُف َ
ي ١٨فقالوا َرابنا اىل َوأ اي ًاما َءامن َ
ر ِ ِ َ
ي ِ ي َ ل ا يه ف ِ وا ت ر س ِ ت ر ٱلس ا يه ف ِ ا ن
ر د قو ة ر ه ِ ظ ى ر ق ايه ف ِ ان َ ك ر ب ن ي ِ ٱل ى ر ق ٱل ي ر ب و م ه ن ي ب ا ن ل ع ج و ١٧ ور
ََ ۡ ا َ َ ُ ِّ ُ َ َ َا ِۚ ا ُ َۡ َ َ َۡ َ َٰ ۡ َ ۡ َ َ َ َ َ َ ْ َ ُ
ورَ ١٩ولقد َصدق ي أ ۡسف ِارنا َوظل ُم اوا أنف َس ُه ۡم ف َج َعلن َٰ ُه ۡم أ َح ِاديث َو َم ازقن َٰ ُه ۡم َك ال ُم َم از ٍق ِإن ِ يف ذ َٰ ِلك أل َي َٰ ٖت لك َ ِّل َص اب نار شك ب عد ب ر
ىل ِع ۡل ٖم َو َخ َت َم َع َىلَٰ
ن
ٱَّلل َع َ َٰ ت َمن اٱت َخ َذ إ َل َٰ َه ُهۥ َه َو َٰى ُه َوأ َض َّل ُه َّ ُ َََۡ َ َ َ َ ِ ۡ ۡ ۡ ُ َ ا ُ َ ا َ ُ ُ ا َ ا ِّ َ ۡ ُ ۡ
َ َ َ َ َ َ َ َٰ َ ﴿أ ِۚف َر َء َي َ َ َّ ِ َ ِ علي ِهم ِإب ِليس ظنهۥ فٱتبعوه ِإَل ف ِريقا من ٱلمؤ ِم ِن ري( ﴾٢٠سبأ)؛
َ ا َ
ىل َب ِّين ٖة ِّمن ارِّب ِهۦ ٱَّلل أفَّل تذك ُرون( ﴾٢٣الجاثية)؛ ﴿أفمن كان ع ِ
ۢ َ ۡ َّ
رصِهۦ ِغش َٰ َوة ف َمن َي ۡه ِد ِيه ِمن بع ِد ِ
ىل َب َ َس ۡم ِع ِهۦ َو َق ۡل ِب ِهۦ َو َج َع َل َع َ َٰ
َ ً َ ا َّ َ َ َ ُ ْ َ َ َ ُ ْ َ ۡ َ ُ َّ ُ ۡ َ ا َْۡ ٓ ُ َ ُ َُ
ٱَّلل ِل َيغ ِف َر ل ُه ۡم َوَل ِل َي ۡه ِد َي ُه ۡم ط ِريقا١٦٨ ﴿إن ٱل ِذين كفروا وظلموا لم ي َك ِن ِ ك َمن ِّزي َن لهۥ ُس او ُء َع َم ِل ِهۦ َوٱت َب ُع َ اوا ِۚأه َوا َءهم( ﴾١٤محمد)؛
َ ََ ُ َ ُ ُّ ۡ َ َۡ ْ ا ۡ َ َ ٓ َ ا َ َ َ َ َ َ َ َّ ا َ َ َ َ اَ َ
﴿ٱعل ُم اوا أن َما ٱل َح َي َٰوة ٱلدن َيا ل ِعب َ اول ۡهو َو ِزينة َوتفاخ ُ ۢر ٱَّلل َي ِس ر اتا( ﴾١٦٩النساء)؛ خ َٰ ِل ِدين ِ ۡف َيه َا أب ۖۡد َا وكان َذ َٰ ِلك َ عىل ِ َ ِإَل ط ِريق جهنم
َ َ ۡ ۖۡ ُ َ ُ ُ ا َ ُ َ َ ُ ُ ُ ُ َ ا ُ ۡ َب ۡي َن ُك ۡم َو َت َك ُاثر ف ۡٱأل ۡم َ َٰو ل َوٱأل ۡول َٰ د ك َمثل غ ۡيث أ ۡع َج َ
َ
ب ٱلكف َار ن َباتهۥث ام َي ِهيج ف َتَٰىه ُم ۡصفرا ث ام َيكون ُحط َٰ اما َو ِ يف ٱأل ِخ َر ِة َعذاب ش ِديد ُ ِ ُّ ٍ ِ ِ
ور( ﴾٢٠الحديد). ٱلد ۡن َي ٓا إ اَل َم َت َٰ ُع ۡٱل ُغ ُ ٱَّلل َور ۡض َ َٰو ِۚن َو َما ۡٱل َح َي َٰ َ َ ۡ َ ِّ َ ِ يَّ
ِ ر ِ ة و ِ ِ ومغ ِفرة من
والخارح النسيج . ي الداخىل
ي النسيجي ر االجتماع الدنيوي ،عىل مستوى ي مضامي اآليات أعاله تحكم تحليلنا لنسيج النظام ر
المبن عىل التنافس ي جتماع ي اال والتفاعل الفعل إطار ف ي أي )، (البني ر و (المال) محوري ف ي الناس عالقات تحكمه للنظام الداخىل
ي
ِّ ِّ
عىل زينة الحياة الدنيا ،وتعظيم الحظوظ الفردية والجمعية من متاعها ،وما ينشأ من نظم اجتماعية وسيطة ميرسة ومؤكدة
ه الفساد يف َاألرض وإهالك
َ ُ ُّ ُ ِّ ُ ْ االجتماع .السمة الجوهرية الغالبة عىل هذه العالقات االجتماعية ي ي لهذا النوع من التفاعل
ْ
الحرث والنسل ،وقد أكد ذلك الحديث النبوي الذي أورده البخاري يف صحيحه( :فأب ِرسوا وأملوا ما يرسكم، ُ ر
َ َََ َ َ َ َُ َ ْ َ َ ُ ْ ُ َ َ ُ ُّ ْ ْ َ َ َ ُ َ ْ ْ َ َ َ َّ
اَّلل ما الفق َر أخ رس عل ْيكم ،ول ِك ْن أخ رس عل ْيكم أن ت ْب َسط َعل ْيك ُم الدن َيا ،كما ُب ِسطت عىل َمن كان ق ْبلك ْم ،فتناف ُسوها كما ِ فو
ْ ُ َْ ْ ْ ََ َ ُ َ ُْ ُ
تنافسوها ،وتلهيكم كما ألهتهم(.
اع الدنيوي جوهرها أكل أموال الناس بالباطل عن طريق الربا، ي االجتم النظام هذا ف ي المال مجال العالقات الرابطة يف
والمتان ،وكل أنواع الغرر ،وعدم الوفاء بالعقود يف مجال النتاج والتوزي ع ،والتمتع واألكل كما ر والكت ،والتطفيف يف المكيال
تأكل األنعام يف مجال االستهالك ،وتوظيف المال يف المسافحة واتخاذ األخدان ،وإكراه النساء عىل البغاء ،وكل أنواع تجارة
الجنس الجالبة للمال الحرام ،المؤدية إىل الفساد يف األرض وتقطيع األرحام مما ذكر القرآن الكريم .هناك أيضا عالقات مالية
تقوم عىل بطش الجبارين وما تؤدي إليه من حروب فيها الغالب والمغلوب ،والناهب والمنهوب ،والقوي والمستضعف ،وقد
للبرسية. رصب لنا القرآن الكريم أمثلة عديدة لهذا النوع من العالقات المالية ف النظم االجتماعية التاريخية ر
ي
وه يف هذا النظام ي بالنساء، الرجال تربط جنسية بيولوجية ه ابتداء عالقات البني ي العالقات الجوهرية الرابطة يف مجال ر
غت طبيعية االجتماع الدنيوي طابعها الغالب هو الفحشاء والمنكر ،سواء كانت عالقات طبيعية ربي الرجال والنساء ،أم ر ي
قه القرآن منها ،وما وث ما ؛ ذلك كل ، ها من أيدينا بي ر ما سيما ال ، ة ي البرس كالمثلية ،وزنا المحارم ،وقد صدق تاري خ المجتمعات ر
ُُ َ ُُ ََ ُُ ۡ َ ُ ُ ُُ
﴿ح ِّر َمت َعل ُ ۡيك ۡم أ ام َه َٰ تك ۡم َو َبناتك ۡم َوأخ َ َٰو تك ۡم َو َع ام َٰ تك ۡم دونته األقالم ،حن إن هللا تعاىل أنزل قرآنا يحرم زنا المحارم ،فقالُ :
ُ ُ ُ َ َ َٰ َ َٰ ُ ُ ۡ َ َ َ ُ ۡ َ َ َ َ ُ ۡ ُ ۡ َ ُ ا َ َٰ ُ ُ ُ ا َٰ ا َ ۡ َ ۡ َ ُ ۡ َ َ َ َ ُ ُ ِّ َ ا َ َٰ َ َ ا َ َٰ ُ َ ٓ ُ ۡ َ َ َ َٰا ُ ُ ُ َٰا
وركم ف حج ْ ِ سا ِئك ۡم َو ۡرب َ ِئب ُكم َٱل َ ِ ين َ ِ ي وخ ل تكم وبنات ٱأل ِخ وبنات ٱألخ ِت وأمه تكم ٱل ِ ين أرضعنكم وأخ َٰو تكم من ٱلرض ع ِةَ وأمه ت ِن
وا َب ۡيَ ۡ َ ا َ َ ُ َ َ َ َ ُ َ َ َ ا ُ ۡ َ ٓ ُ َّ ا َ َّ َ ُ ُ ْ َ َ ۡ ُ َ َ ُۡ ِّ ِّ ٓ ُ ا
ۡم ُن ن َسا ِئ اك ُم ٱل َٰ َ ِ ين د َخل ُۗتم ِب ِهن َف ِإن ل َ ۡم تكونوا دخلتم ِب ِهن فَّل جناح عل ۡيك ۡم وحل َٰ ِئل أبنا ِئك ُم ٱل ِذين ِمن أصل ِبكم وأن تجمع ر
ُ َ ۡ َٰ
يما( ﴾٢٣النساء) .الروابط الرحمية المتتبة عىل الروابط الجنسية طابعها العصبية ورا ارح ا ان غ ُف ا َ ۡ َ َ ا َّ َ َ
ي ِإَل ما قد سلف ِإن ٱَّلل ك ۡ َۡ
ِ ٱألخت ر ِ
والبع ،والثم والعدوان...إلخ .وهناك الروابط ي وف إطارها نجد عالقات الحب ،والوالء والتاء ،والنرصة ،والبغضاء، الجاهلية ،ي
وه معتقدات وثنية ،كفرية وشكيه وهناك الروابط المعيارية (أخالقية، . ر
َ ُ َ ََ : الن تربط ربي أصحاب المعتقد الواحد ،ي العقدية ي
﴿وناد َٰى ِف ۡر َع ۡون ِ يف ق ۡو ِم ِهۦ وتحدد َالعالقات ربي الناس مصالحه، حماية تضمن المجتمع، ف النافذ المأل أسسها يضع قانونية)
ُ ُ ََ َ َ ُ َ َ ُ َ ۡ َ ۠ َ ۡ ِّ ۡ َ َٰ َ َّ َ ۡ ا ِۚ َ َ َ ُ ۡ ُ َ ۡ ُ ۡ ُ ۡ َ َ َ َٰ ي ۡ َ ۡ َ َٰ ُ َ َ ۡ َ َ َ َٰ َ ۡ َ َ
قال ي ُقو ِم أليس ِ َ يىل ملك ِمرص وه ِذ َ ِه ٱألنه ر تج ِري ِمن تح ِ ين أفَّل تب ِرصون ٥١أم أنا خ رت م َن ه ذا ِۚ ٱل ِذي هو م ِه ري وَل يكاد ي ِب ري٥٢
ي﴾٥٤ وا َق ۡو اما َف َٰ سق َ
ِ ِر
َ ۡ َ َ ا َ ۡ َ ُ َ َ ُ ُ اُ ۡ َ ُ ْ
ي ٥٣فٱستخف قومهۥ فأطاعوه ِإنهم كان ف َع َل ۡيه أ ۡسو َرة ِّمن َذ َهب أ ۡو َج ٓا َء َم َع ُه ۡٱل َم َل َٰا ئ َك ُة ُم ۡق َتن َ
ِِر ِ ِ َف َل ۡو َ ال أ ۡل ِ َ
ٍ ِ ي
االجتماع يف النظم الجزئية (اقتصادية ،سياسية ،تربوية ،معرفية ،ثقافية) مثل ي ل الفع روابط هناك ذلك كل وفوق . (الزخرف)
اص والكراه ،الخضوع والثورة...إلخ. ي الت والعالم، المشاركة والتعاون والتشاور ،التنافس والرصاع ،التبادل
33
ينبن عىل عالقات ثالث ،إحداها ربي مكونات النظام ومكونات الخارح للنظام الدنيوي ي ي يبي أن النسيج الشكل رقم ( )6ر
ه عالقة مكوب النظام ،فعالقتهم به ي ي الوح قد تم الدبار عنه من ِقبل ي عالم الشهادة ،السيما األرض والسماوات ،ألن مكون
األختة ر والشياطي والمالئكة ،ثم ر وىل"؛ والثانية مع مكونات عالم الغيب من الجن "إدبار" ،وعالقة "إعرام" ،وعالقة "ت ي
عالقة مع هللا تعاىل ،عالم الغيب والشهادة .روابط النسان الدنيوي باألرض والسموات طبيعتها "اإليساد" فيهما بسبب
ظيم المتاع الدنيوي ،الذي من أهم كيفيات عمله "اتفاع الهوى"، النظر إليهما فقط كمصدر للموارد المادية الن ه أساس تع
َ َُ ۡ َ ُ ۡ ُ ْ َ َ ۡ ُ َ َّ َ َ َ ُ ْ َ َ َ ا ُ َ ي َ َ ۡ ي ُ ُ َ َ َ َ ۡ ُ ُ ۡ َ ۡ َ َٰ ُ َ ا ُ َ ۡ ا َّ
َل تف ِسدوا حب الشهوات"﴿ :وٱل ِذين كفروا يتمت َعون ويأ كلون كما تأ كل ٱألنع م وٱلنار مثوى لهم( ﴾١٢محمد)؛ ﴿وإذا ِقيل لهم و" ۡ َ
﴿و َل ِو اٱت َب َع ۡٱل َح ُّق َأ ۡه َو ٓا َء ُهمۡ ون( ﴾١٢البقرة)؛ َ ا َ ۡ ُُ َ
ر ع ش ي َل ن ك ون َو َل َِٰ َا اُ ۡ ُ ُ ۡ ُ ۡ ُ َ
د س ف م ٱل م ه م ه ن إ ل أ ١١ ون
َ ُاْ ا َ َ ۡ ُ ُ ۡ ُ َ
ح ل ص م ن ح ٱأل ۡ
اد ف ۡٱل َتِّ ِ َ َ َ َۡ َ ُ ُّ ۡ ُ َ ۡ َ ۡ ُ ۡ ِۡ َ ُ ا ِۚ َ ۡ َ ِ َ ۡ َ َ
ِ
َ ُ ۡ َِ ي َف َ َ ِ ا َ َ ِ ُ َ ۡ َ
ن ا م ن إ او ال ق ض ر
يهن بل أتين هم ِب ِذك ِر ِهم فهم عن ِذك ِر ِهم مع ِرضون( ﴾٧١المؤمنون)؛ ﴿ظهر ٱلفس َٰ لفسد ِت ٱلسم َٰ َٰو ت َ وٱألرض ومن ف
َ َ َّ ۡ ُ ۡ َ ُ ۡ ِ ي ُ ْ ۡ ََ ۡ َ َ ُۡ َ ُ ْ َ َ َّ ُ ۡ َ ۡ ُ َ ُ ِ َ ِ ُ َ ۡ َ َّ ا َو ۡٱل َب ۡحر ب َما َك َس َب ۡ ۡ
اس ِلي ِذيقهم بعض ٱل ِذي ع ِملوا لعلهم ير ِجعون( ﴾٤١الروم)؛ ﴿فهل عسيتم ِإن توليتم أن تف ِسدوا ت ْ أ َي ۡ ِدَي َ ُٱلن ِ ۡ َِۡ ِ ُ َ
ض َوتق ِّط ُع اوا أرحامك ۡم( ﴾٢٢محمد). ِ يف ٱألر ِ
وه عالقات النسان ،ي الن تربط مكونات النظام االجتماع الدنيوي بالشيطان ،عدو الروابط مع عالم الغيب أهمها تلك ي
ن َء َاد َم ََل َي ۡفت َن ان ُكمُ ا ﴿ي َٰ بَاستثواذ" من قبل الشيطان ،ويجمعهم يا عالقة "القري " بالقرينَ : "والية" من ِقبل النسان ،وعالقة "
ُ َ ِ ي َ َ ُۗ ا ِ ِ
َۡ
اس ُه َما ِل رُ ِتَي ُه َما َس ۡو َء َٰ ِت ِه َما ِإنهۥ َي َرَٰىك ۡم ه َو َوق ِبيلهۥ ِم ۡن َح ۡيث َل ت َر ۡون ُه ۡم ِإنا َج َعلنا
ُ ُ َ ُُ ِٓۚ ا ُ ٱلش ۡي َط َٰ ُن َك َم ٓا َأ ۡخ َر َج َأ َب َو ۡي ُكم ِّم َن ۡٱل َج انة َيت ُع َع ۡن ُه َما ل َب َ ا
ِ َ َ ۡ َ ٓ َ َّ َ َ ُ ۡ ُ َ ِ ِ
َّ َ َ ُ َّ ُْۘ ُ ا ا ا َ َٰ ا َ َ ۡ ُ َ ا َ ۡ َ َٰ ا ا ا َۡ ُ َ ا
ٱلش َي َٰ
ون ِإَل شي اط نا م ِريدا ١١٧لعنه ٱَّلل َ ون ِهۦ ِإل ِإن ثا و ِإن يدع ِ ﴿إن ي ُدعون ِمن اد ِ اف)؛ ُ ط ري أو ِلياء ِلل ِذين َل يؤ ِمنون( ﴾٢٧األعر َ ِ
َ َ َّ ا ُ ۡ َ َ َ ِّ َ ا ُ ۡ َ َ ُ َ ا ُ ۡ َ َ ُ َ ِّ ُ ا َ َ َ ۡ ۡ َ َٰ َ َ ُ َ ا ُ ۡ َ َ ُ َ ِّ ُ ا َ ۡ َ َّ ِۚ ۡ ا َ َ َ َ َ َ ا َ ا ۡ
ٱَّلل تن خلق ِ وقال ألت ِخذن ِمن ِع َب ِادك ن ِص ايبا امف ُروضا َ ١١٨وأل ِضلنهم اوألمنينهم وألمرنهم فليبتكن ۖۡءاذان ٱألنع ِم وألمرنهم فل ايغ ر
ُ
ٱلش ۡي َط َٰ ُن إَل غ ُر ً َ ُ ُ ۡ َ ُ َ ِّ ۡ َ َ َ ُ ُ ُ ا ا رس ُخ ۡ َ ٱَّلل فق ۡد َخ َ َ َّ ُ ا َ َ َ ا َا َ
ورا﴾١٢٠ رسانا ُّمبينا ١١٩يعدهم ويمنيهم وما يعدهم و َمن يت ِخ ِذ ٱلش ۡيط َٰ ن وليا ِّمن دون ِ
ۡ َ ۡ َ َ َ ِ َ ۡ ُ ا ۡ َِ َٰ ُ َ َ َ َٰ ُ ۡ ِ ۡ َ َّ ِۚ ُ ْ َ َٰا ِ َ ۡ ُ ِ ا ۡ َ َٰ ِۚ َ َ ِ ا ا ۡ ِ َ ا ۡ َ َٰ ُ ُ ِ ۡ َ َٰ ُ َ
ٱَّلل أول ِئك ِحزب ٱلشيط ِن أل ِإن ِحزب ٱلشيط ِن هم ٱلخ ِرسون َ﴾١٩ (النساء)؛ ﴿ٱستحوذ علي ِهم ٱلشيط ن فأنسىهم ذكر
ََ ۡ َ ُ َ ا َ ا ُ ۡ َ َ ُ ُّ َ ۡ ا ۡ َ َٰ ُ َ ِّ ِ ۡ َ ُ َ ِ ۡ َ َٰ ا َ ُ َ َ ُ َ
ش َعن ِذك ِر ٱلرحم ِن نقيض لهۥ شيط نا فهو لهۥ ق ِرين ٣٦و ِإنهم َليصدونهم ع ِن ٱلس ِب
ُ ا َ ۡ ُ ﴿و َمن َي ۡع ُ (المجادلة)؛ َ
يل ويحسبون أنهم ِ
َ َ ُ ۡ َ
َ ُ َ : ا َُ َ
ال وذ ُون َ ِب ِرج ٖ ﴿وأنهۥكان ر َجال ِّم َن ٱلنس َي ُع ُّم ۡهتدون( ﴾٣٧الزخرف) .هناك أيضا روابط مع الجن َعموما ذكرها القرآن الكريم
ۖۡ َ ۡ َ ُ ْ َ ۡ ُ ُ َ ِ ۡ ا ۖۡ َ ۡ َ ُ ُ ِ ِ ُّ ۡ ُ َ َ ُّ َ َ ُ ْ ُ ۡ َ َٰ َ َ ِّ َ ۡ ِّ َ َ ُ ُ ۡ َ َ ا
ون ِهم ب َل كانوا يعبدون ٱل ِجن أ كتهم ِب ِهم مؤ ِمنون﴾٤١ من ٱلجن فزادوهم رهقا( ﴾٦الجن)؛ ﴿قالوا سبح نك أنت ولينا من د
ۡ َ َاَ ۡ َ َۡ َ َ ۡ ُ َ ِ َ َ ۡ َ َ ۡ ر ُ ُ ُ ۡ َ ا َ َٰ َ ۡ رَ َ ۡ ِّ َ ۡ َ ۡ َ ۡ ُ ِِّ َ ِۡ ۖۡ ِ َ َ َ ۡ َ ٓ ُ ُ ِّ َ ۡ
ض نس ربنا ٱستمتع بعضنا ِببع نس وقال أو ِلياؤهم من ٱل (سبأ)؛ ﴿ويوم يحرسهم جميعا ي معرس ٱلجن قد ٱستكتتم من ٱل
ٱلظ َٰ لم ن َ ِ ِ َ َ َ َٰ َ ُ َ ِّ َ ۡ َ ا يم َ ر ٱَّلل إ ان َراب َك َ َ َ َ ۡ َ ٓ َ َ َ َ َّ ا َ ا ۡ َ َ َ ِۚ ِ َ َ ا ُ َ ۡ َ َٰ ُ ۡ ِ َ َٰ ِ َ َ ٓ ا َ َ ٓ َِ َّ ِ ُُۗ
ي ِِر ض ع ب ىل ي و ن ك ل ِ ذ ك و ١٢٨ يم ل ِ ع ك ِ ح ِ وبلغنا أجلنا ٱل ِذي أجلت لنا قال ٱلنار مثوىكم خ ِل ِدين ِفيها ِإَل ما شاء
َ ۡ َۢ َ َ ُ ْ َ ۡ ُ َ
ون( ﴾١٢٩األنعام). بعضا ِبما كانوا يك ِسب
ُ َ َ َ َ :ا ِّ َّ
َّلل ه يف جوهرها عالقة "عيا " ﴿من كان عدوا ِ االجتماع الدنيوي ي وبي الناس المكو رني للنظام العالقة ربي هللا تعاىل
َ ۡ َ ۡ ُ ُ َ َّ َ َ َ ْ ي ٱَّلل َع ُدو ِّل ۡل َك َٰ فر َ يك َٰى َل َفإ ان َّ َ َ ۡ َ َ ر َ َو َم َل َٰا ئ َكتهۦ َو ُر ُ
ين كف ُروا ه عالقة "مكر َ"﴿ :و ِإذ يمكر ِبك ٱل ِذ و (البقرة)؛ ﴾ ٩٨ ين ِ م و يل ت ج و ۦ ه ل س
َ َ ٓ َ ۡ َ ا َ َ ۡ َ ا ِّ ۢ َ ۡ َ ا ٓ ي ٱَّلل َخ ۡ ُت ۡٱل َم َٰ كر َ ِ ٱَّلل َو َّ ُ ُ ۡ ُ ِ َ ِ ِ َ ۡ َ ۡ ُ ُ َ َ ۡ ُ ۡ ُ َ ِۚ َ َ ۡ ُ ُ َ َ َ ۡ ُ ُ َّ ُۖۡ
ِ ِ ِ ِ ِ ِ
رصا َء ين( ﴾٣٠األنفال)؛ ﴿و ِإذا أذقنا ٱلناس رحمة من بع ِد ِ ر ِليث ِبتوك أو يقتلوك أو يخ ِرجوك ويمكرون ويمكر
ٱلس ِّي ات َل ُهمۡ ون ا َ َّ َ َ ۡ ُ ُ َ َّ ُ َ ۡ َ ُ َ ۡ ًِۚ ا ُ ُ َ َ َ ۡ ُ ُ َ َ ِ َ ۡ ُ ُ َ َ ا ۡ ُ ۡ َ َ ُ ا ۡ ا َ َ َ ِۚ ُ
ِ ر ك م ي ين ذ ِ ٱل ﴿و (يونس)؛ ﴾ ٢١ ون ر ك م ت ا م ون ب ت ك ي ان ل س ر ن إِ ا ر ك م ع ش أ ٱَّلل لِ ق مستهم ِإذا لهم مكر ِف ءاي ِاتنا
ن ِإَل ِبأه ِل ِهۦ ف َه ۡل
َ َ ۡ َ ا ِّ ِۚ َ َ َ ُ ۡ َ ۡ ُ ا ِّ ئُ ا َ ۡ ِۚ َ
ٱلس ر ك م ٱل يق ح ي َل و ن ٱلس ر ك م و ض ر
َۡ
ٱأل ۡ ف ا
ار ﴿ٱست ۡك َب ا ور( ﴾١٠فاطر)؛ ۡ يد َو َم ۡك ُر ُأ ْ يو َل َٰا ئ َك ُه َو َي ُب ُ َ ۖۡ
د ش اب ذ
ََ
ع
ر ِ ري َّ َ ِ ي ِ ِ
َّ َ ۡ ا ۖۡ َ َ َ َ ُ ُ َ ا ُ ا َ ۡ َ ا َ ِۚ َ َ َ ِ ِ
ۡ ا ُ َ ا ُ َ
ٱَّلل تح ِويَّل( ﴾٤٣فاطر) .هناك أيضا عالقة "الكيي" ٱَّلل تب ِديَّل ولن ت ِجد ِلسنت ينظرون ِإَل سنت ٱألو ِل ري فلن ت ِج َد ِلسن ِت ِ
ِ َ ِ َّ َ َ ا ُ ْ َ َٰ َ َ َ ۡ َ ۡ ُ ُ ِّ ۡ َ ۡ ُ َ ََ ُ َۡا ا ُ َ ا
﴿إن ُه ِۚ ۡم َي ِكيدون ك ۡيدا ١٥وأ ِكيد كيدا( ﴾َ ١٦الطارق)؛ ۖۡ﴿وٱل ِذين كذبوا ِب اي ِتنا سنستد ِرجهم من حيث َل و"االستيراج":
ۡ ُ ُ َ َ ۡ ا َ َّ َ َ َ ُ ْ ُ ُ ۡ َ ُ َ َ ا ُ َ ُ ۡ َِ َ َ
َي ۡعل ُمون ١٨٢وأم ِ يىل لهم ِإن كي ِدي م ِت ري( ﴾١٨٣األعراف)؛ ﴿أم ي ِريدون كيدا فٱل ِذين كفروا هم ٱلم ِكيدون( ﴾٤٢الطور)؛ ثم هناك ر َ ۡ ۡ
َّ ُ َ َ ُ ا َ َ ُ ْ ا ُ ْ َ ُ ْ ا َ َ َ ْ َ َ وا َّٱلذ َ َ َ َُ ْ
ٱَّللِۚ ۡ ١٤ ين َء َامنوا قال اوا َء َامنا َو ِإذا خل ۡوا ِإ َٰىل ش َي َٰ ِط ِين ِه ۡم قال اوا ِإنا َم َعك ۡم ِإن َما ن ۡح ُن ُم ۡست ۡه ِز ُءون ِ عالقة "االستهءا "﴿ :وإذا لق
َ ۢ ِّ ُ ُ ۡ َ ُ َٰ َ َٰ َ ُ ۡ َ َ ُ َٰ َ ُ ۡ : َ ۡ َ ۡ ُ ۡ َ َ ُ ُّ ُ ۡ ِ ُ ۡ َ َٰ ۡ َ ۡ َ ُ َ
ض ت بعضهم من بع َ َ ن ي ۡسته ِزئ ِب ِهم ويمدهم ِ يف طغي ِن ِهم يعمهون( ﴾١٥البقرة) ،وعالقة "النسيان" ﴿ٱلمن فقون وٱلمن فق
َ َ ۡ ُ َ َ ۡ َ ُ ۡ ِۚ َ ُ ْ َّ َ َ َ َ ُ ۡ ِۚ ا ۡ ُ َ َٰ ِ َ ُ ۡ َ ِ ُ َ ۡ ۡ َ َ ۡ َ
﴿وَل ي ه ُم ٱلف َٰ ِسقون(﴾٦٧التوبة)؛ وف ِۚوي ُق ِب َضون أي ِدي ۡهم نسوا ٱَّلل فن ِسيهم ِإن ٱلمن ِف ِق ر ِ َيأ ُم ُرون ِبٱل ُمنك ِر َو َين َه ۡون ََع ِن ٱل َم ۡع َُر
(الحرس). ر َ ُ َ
نس َٰى ُه ۡم أنف َس ُه ۡم أ ْول َٰ ِئك ه ُم ٱلف َٰ ِسقون﴾١٩
ا َ ُ ُ ٱَّلل َفأ َ وا َّ َ َ ُ ُ ْ َ َّ َ َ ُ ْ
تكونوا كٱل ِذين نس
الن تشمل جميع والكفار لكنهم يدخلون أيضا ف عالقة "الرأية" ،و"الرحمة" اللهية رغم عالقة العداء ربي هللا تعاىل
ا ي ۡ َ َِۚ َ َ ۡ َ َ ا ُ ۡ َ َٰ َ ۡ ۡ َ َٰ َ َ َ ۡ َ ي ِۚ َّ َ َ ُ ْ َ ۡ َ ۡ ۖۡ ُ ِّ َّ ِۚ َ َ َ َ َ َٰ َ ۡ ﴿قل ِّل َمن اما ف ا ُ
رس اوا ِ خ ين ذ ٱل
ِ ِ ِ يه ف ب ي ر َل ة م
ِ ِ َِ ي ق ٱل م و ي ىل إِ م ك ن ع م ج ي ل ة م ح ٱلر ه ِ س ِ ف ن ىل ع ب ت ك َّلل
ِ ل ق ضِ ر ٱأل ٱلس َم َٰ َ َٰو ِت و ي ِ العباد:
ا ُ َ ا َّ َ ا َ َ َّ ُ َ ُ ُ ۢ ۡ َ ُ َ ُ ۡ َُ ۡ َ ُۡ ُ َ
اس لرءوف ر ِحيم( ﴾٦٥الحج)، ﴿إن ٱَّلل ِبٱلن ِ أنفسهم فهم َل يؤ ِمنون( ﴾١٢األنعام)؛ ﴿وٱَّلل رءوف ِبٱل ِعب ِاد( ﴾٣٠آل عمران)؛ ِ
العالقتي ،يف الزمان والمكان. ر وهللا تعاىل يقدر من ينفذ قدره يف عباده بإحدى
مستويي كما أسلفنا ،مستوى العالقة المباشة الفورية ربي ر ر هذا النظام تأخذ وبي الناس ف هذه العالقة َ ربي َ َهللا تعاىل ر
َ َ َ ۖۡ َ ۡ َ ۡ َ ُ ْ َ ۡ ُ ۡ ُ ْ َ َ َّ ُ ۡ َ ۡ ُ ُ َ َ ِّ َ ِّ َ ي ر ۖۡ ُ ُ َ ۡ َ َ ا َ العبد وخالقهَ :
ان فليست ِجيبوا ِ يىل وليؤ ِمنوا ِ يب لعلهم يرش َدون﴾١٨٦ ِ ﴿و ِإذا َسألك ِع َبَ ِادي ع ين ف ِإ ِۚ يب ق ِريب أ ِجيب دعوة ٱلد ِاع ِإذا دع
ين( ﴾٦٠غافر)؛ ﴿أ امن ُيجيبُ ون َج َه ان َم َداخر َ َ َ ۡ َ ۡ ُ َ َ ۡ َ َ َ َۡ ُ ُ َ َّ َ
َ َ َ َ ُّ ُ ُ ۡ ُ ا ۡ َ ۡ ُ ۡ ا
َ ِۡ ِ ِ وب أست ِجب لكم ِإن ٱل ِذين ي َست ُۗك ِ َتون عن ِعباد ِ يب سيدخل (البقرة)؛ َ﴿و َق َال ُرب َكَ ۡم ٱدع ُ ي
﴿و َما تكون ِ يف َشأ ٖن َو َما
َ َ ُ ُ
ٱَّلل ق ِليَّل ِۚ اما تذك ُرون( ﴾٦٢النمل)؛
َ َ َّ َ َ َٰ ا َ َّ ِۚ َ ا
ِ ض أ ِءل ه مع ر ٱلس او َء َو َي ۡج َع ُل ُك ۡم ُخ َل َف ٓا َء ۡٱأل ۡ ف ِ ُّ ٱل ُمضط ار ِإذا دعاه ويك ِش
ۡ ۡ َ
َ ِ
ض َوَل ۡ ۡ ون فيه َو َما َي ۡع ُز ُب َعن ارِّب َك من ِّم ۡث َق َ ا ُ َ ََ َ ۡ َُ َ ۡ َ َ ا ُا ََُۡۡ ُ ُ ً ۡ ُ ُ َ َُۡ ْ ۡ ُ
ال ذر ٖة ِ يف ٱألر ِ ِ ِ تتلوا ِمنه ِمن ق ۡرء ٖان وَل تعملون ِمن عم ٍل ِإَل كنا عليكم شهودا ِإذ ت ِفيض ِ ِ
34
َ َ ا ا ُ َ ۡ ُ َ ُ ُ ُ َ َ ۡ ُ ْ ِۚ
وا م ۡن ُه َأ ََل ح َ َ ۡ ۡ ۡ ُّ َ َ َ ََ ا َ َۡ ا ا ٓ ََا َ ۡ َ
ي ِ ر ي( ﴾٦١يونس)؛ ﴿أل ِإنهم يثنون صدورهم ِليستخف ِ ن ٱلس َما ِء ول أصغ َر َ ِمن ذ َٰ ِلك ول أ ك َت ِإَل ِۚ ِ يف ا ِكت َٰ ٖب م ِب َر ِ يف
ُ ُّ ۢ ُ َ ُ َ ُ ۡ ُ َ َ َ ُّ ُ َ ُ ۡ َ ۡ ُ َ َ َ ُ ۡ َ َ ۡ
ور( ﴾٥هود) .وهناك مستوى العالقة السننية المتاخية يف ات ٱلصد ِ يستغشون ِثيابهم يعلم ما ي ِرسون وما يع ِلنون ِإنهۥع ِليم ِبذ ِ
َ اُ ْ َۡا ا
الن أدخلتهم يف دائرة السنة المعنية﴿ :وٱتقوا ِفت َنة َل تكبوا األفعال ي إطار الجماعة من الناس ،حن وإن لم يكن العبد ممن ار
ت من َق ۡبل ُك ۡم ُس َي َفس ر ُت ْوا ف ۡٱأل ۡ َ ۡ َ َ ۡ ُ َ ا َّ َ َ َ ُ ْ ُ ۡ َ ٓ ا اۖۡ َ ۡ َ ُ ا ْ َ ا َّ َ َ ُ ۡ َ
ض ر ِ ل خ د ﴿ق ؛ (األنفال) ﴾ ٢٥ اب ق ع ٱل ت ِصيي ٱل ِذين ظلموا ِمنكم خاصة وٱعلموا أن ٱَّلل ش ِديد
ِ ِي ِ َ ا ِ
ۡ َ ۡ ُۖۡ َ َ َ َ ُ ا َّ ِ َّ ِ َ َ َ ۡ ْ ُ ا َ َّ ان َع َٰ ق َب ُة ۡٱل ُم َك ِّذب َ َ ُ ُ ْ َۡ َ َ َ
ٱَّلل تب ِديَّل( ﴾٦٢األحزاب)؛ ِ ٱَّلل ِ يف ٱل ِ َذين ِۚخلوا ِمن قبل ولن ت ِجد ِل َسن ِة ِ ي﴾١٣٧؛ ﴿سنة ر ِ ِ وا اكيف ۡك َ فٱنظر
َّ َ ۡ ا ۖۡ َ َ ۡ َ ُ ُ َ ا ُ ا َ ۡ ا َ ِۚ َ َ َ َ ُ ا َ َ ۡ َ ا ِّ ِۚ َ َ َ ُ ۡ َ ۡ ُ ا ِّ ئُ ا ۡ ۡ َ ۡ ۡ
ٱَّلل تب ِديَّل ض ومكر ٱلس ر ين وَل ي ِحيق ٱلمكر ٱلس رن ِإَل ِبأه ِل ِهۦ فهل ينظرون ِإَل سنت ٱألو ِل ري فلن ت ِجد ِلسن ِت ِ ﴿ٱس ِتكبارا ِ يف ٱألر
َّ ِ َ ا ََ َ َ
ٱَّلل ت ۡح ِويَّل( ﴾٤٣فاطر). ولن ت ِجد ِل ُسن ِت ِ
-4.2.3.4كيفية عم النظام
االجتماع
ي النسيج عىل فقط يقترص ال االجتماع
ي النظام ف ي النسيج أو البنية، أن ه
ي السابق التحليل النتيجة الجوهرية من
تدع الفلسفة المادية ،بل يتمدد هذا النسيج يف عالم الغيب ي االجتماع ربي الناس كما ي المبن عىل روابط الفعل والتفاعل ي
اجتماع برسي،ر نظام هناك ليس إذن .يعلمون ال الناس أكت ولكن الناس، بي ر ربط ت الن تلك من بكثتر أقوى ه روابط فيشمل
ي ي ي
غين هو جزء من نسيجه ،وجزء من كيفيات عمله ،ومن ثم يؤثر سببيا يف يف الرؤية القرآنية للعالم ،إال وله مكون وجودي ي
وغت المقصودة .إذن ال وف نتائجه المقصودة ر والتغيت الذي يجري فيه ،ي ر الن تكتنفه، وف األحداث ي طريقة عمل النظام ،ي
يثت تحديات منهجية حقيقية ال االجتماع إال بأخذ هذه األبعاد الغيبية يف االعتبار ،وهو أمر ر ي تستقيم الدراسة العلمية للنظام
طبيع ،كما ي نظام أي مثل مثله ، بحت مادي نظام هو االجتماع
ي النظام أن ض تفت الن
ي المناهج يمكن التعامل معها من خالل
ُ
يعن عدم االستفادة من هذه ظم الذي استعرضناه يف بحثنا السابق لهذا البحث .وهذا ال ي يؤكد ذلك "ماريو بنج" يف منهجه الن ي
الن منها تم استنباط المناهج بل المطلوب تطويرها يف إطار نظريات وجودية ومعرفية ومنهجية تؤسس عىل رؤية القرآن للعالم ي
الن نعكف يف هذا البحث عىل دراستها. النظم االجتماعية ي
تأب عىل أربعة مستويات ،المستوى األول هو كيفيات العمل االجتماعية االجتماع الدنيوي ي ي كيفيات العمل يف هذا النظام
الثاب يف إطار الروابط مع بيئة عالم الشهادة االجتماع ربي مكونات النظام ،والمستوى ي ي الداخلية الناتجة عن الفعل والتفاعل
الشياطي ،الجن والمالئكة ،والمستوى الرابع هو ر في ممثلة الغيبية يئة الب مع الثالث والمستوى ممثلة يف األرض والسماء،
مستوى الروابط ربي الناس والخالق تبارك وتعاىل.
جزب) ويتعلق ئ (جزب- ئ تأب عىل ثالثة مستويات؛ مستوى
ي ي الن تنشأ يف إطار العالقات الداخلية للنظام ئ ي كيفيات العمل ي
الن تؤطر الفرد وفعله، ي االجتماعية كيفيات بال ويتعلق ) جزبي - (كىل
ي مستوى الفردي؛ االجتماع
ي الفعل الن تنتج
بالكيفيات ي
المعي يف ر االجتماع أمام الفعل ي الن يتيحها الواقع الثقاف ،أو الفرص ي ي والقانوب ،أو المستوى ي األخالف
ي سواء عىل المستوى
االجتماع َ يف التغيت االجتماع إىل إحداث كىل) ويتعلق بكيفيات العمل الن تؤدي بالفعل ئ
ي ا َ ُ
ر
َ ْ َ َٰ َ َ ا َّ َ َ ۡ ي َ ُ ُ َ ِّ ا ِّ ۡ َ َ ۡ َ َ َ َ َ ي َٰ َ (جزب -يي الزمان والمكان؛ مستوى
ىل ق ۡو ٍم َح ا َٰن ُيغ رِّ ُتوا َما ِبأنف ِس ِه ۡم َوأن االجتماع ككل﴿ :ذ ِلك ِبأن ٱَّلل لم يك مغ رتا نعمة أنعمها َع النظام بنية النظام ،ومن ثم يف
َ ۡ َ ُ َ ُ ۡ ۡ َّ ُۗ ا َّ َ َ َ ُ ُ ي َ ِّ َ َٰ ِّ ۢ َ ۡ َ َ ۡ َ ۡ َ ۡ
ٱَّلل َل ُي َغ رِّ ُت َما ِب َق ۡو ٍم َح انَٰ ٱَّلل ِإن
ي ي َدي ِه و ِمن خل ِف ِهۦ يحفظونهۥ ِمن أم ِر ِ ِ ن ب ِۚر يع َ َع ِليم ُۗ(َ ﴾٥٣األنفال)؛ ﴿لهۥ معقب ت م ِ
َّ َ
ٱَّلل َسم ر
َ
ۡ َ َ ٓ َ َ َّ ُ َ ۡ ُ ا ا َ َ َ ا َ ُ َ َ ُ ِّ ُ ُ ُ َ ِّ ُ ْ َ
االجتماع
ي التغيتر ون ِهۦ ِمن َو ٍال( ﴾١١الرعد) .كيفيات عمل يغ رتوا ما ِبأنف ِس ِهم و ِإذا أراد ٱَّلل ِبقو ٖم سوءا فَّل مرد لهۥوما لهم من د ِ
التغتات المناخية ،أو تكون نتيجة تطور قد تأخذ طابع العشوائية إن جاءت من عوامل استثنائية مثل الكوارث الطبيعية و ر
االجتماع ،وقد تأخذ طابع "الثورة" ،ولكن يف كل األحوال فإن النظام ي طبيع متاكم يف المجتمع فتأخذ طابع "اإلصالح" ي
الدنيوي ،الذي استحب الناس فيه الكفر عىل اليمان ،سوف يظل يعيد إنتاج نفسه وإن اختلفت َصورته يف الزمان والمكان،
ين د اي ًارا٢٦
َ ۡ َ َٰ َ َ َ َ َ ُ ا ِّ َ َ َ ۡ َ َ ۡ ۡ
ض ِمن ٱلك ِف ِر سيدنا نوح ،عليه السالم﴿ :وقال نوح رب َل تذر عىل ٱألر ِ وربما لهذا السبب كان ذلك الدعاء الخالد من
َ َ ۡ ُ ۡ ُ ُّ ْ َ َ َ َ َ َ ُ ا ْ ا َ ا َ ا ا َ
اجرا كفارا( ﴾٢٧نوح). ا
ِإنك ِإن تذرهم ي ِضلوا ِعبادك وَل ي ِلدوا ِإَل ف ِ
مسم كيفيات ي االجتماع الدنيوي يمكن أن نجملها تحت ي الن تنشأ يف إطار العالقات الداخلية للنظام كيفيات العمل ي
لتيست هذا المقصد الدنيوي الجوهري المحدد لهوية ر "حب الشهوات" ،وأي كيفيات عمل أخرى مكملة لها ينشئها المجتمع
وه كيفيات تنشأ ابتداء عىل النظام ،والمتمدد يف كل النظم االجتماعية الجزئية (تربية ،اقتصاد ،سياسة ،ثقافة...إلخ) .ي
االجتماعي الن تدفع النسان إىل ابتداء الفعل النفس ،وقد ذكرنا سابقا يف هذا البحث تلك الكيفيات الفطرية ي ي المستوى
البرسي ،وأن ذلك يؤدي بالرصورة إىل إقحام الموصل إىل زينة الحياة الدنيا (المال ،البنون) تلبية للحاجات الفطرية للجسم ر
االجتماع ،أوىل الخطوات نحو ي النسان يف ابتالء حب الشهوات الثاوي يف هذه الزينة ،لتبدأ من بعد ذلك ،من خالل التفاعل
البرسية بكل تعقيداتها. ظهور المجتمعات ر
ممثلة يف األرض الشهادة َ ۡ َ الثاب من كيفيات العمل تعمل عىل مستوى الروابط ربي مكونات النظام وبيئة عالم ي المستوى
ا ۡ َ َ َ ۡ َ ۡ َ ِّ َ ۡ ُ َ َۡ َ َ َ :
اس والسماوات ،ويمكن إجمالها تحت مسم كيفيات عمل "الفساد" ﴿ظهر ٱلفساد ِ يف ٱلت وٱلبح ِر ِبما كسبت أي ِدي ٱلن ِ
35
َ ُ ْ َ َّ ُ َ ُ َ ۡ َ َّ
االجتماع يف هذا النظام ي ض ٱل ِذي َع ِملوا ل َعل ُه ۡم َي ۡر ِج ُعون( ﴾٤١الروم) .هذا الفساد سببه هو أن الفعل والتفاعل ِلي ِذيقهم بع
الدنيوي يتأسس عىل اتباع الهوى ،وإشباع النفس من شهوات المتاع الدنيوي ،سواء كان هذا المتاع مصدره موارد األرض ،أو
موارد السماء وما عملته يد النسان يف هذه الموارد من قيمة مضافة .وهذا الفساد الذي ظهر ي َف الت والبحر يمكن أن يتمدد
ُ
ٱلس َم َٰ َ َٰو ت ﴿و َلو اٱت َب َع ۡٱل َح ُّق أ ۡه َو ٓا َء ُه ۡم َل َف َس َدت ا إىل إفساد السماوات واألرض ومن فيهن لوال أن الحق ال يتبع أهواء الناسَ :
ِ ِ ِۚ
ُّ ۡ ُ َ ۡ َ ۡ ََ َ َ ۡ َۡ ُ َ َ
ون( ﴾٧١المؤمنون). يه ان َب ۡل أت ۡين َٰ ُهم ِب ِذك ِر ِه ۡم ف ُه ۡم َعن ِذك ِر ِهم مع ِرض وٱألرض ومن ِف ِ
وه كيفيات تتأب المستوى الثالث من كيفيات العمل هو المستوى الذي ينشأ من تفاعل النسان الدنيوي مع الشيطان ،ي
وبي مكونات النظام الدنيوي كما بيناها أعاله ،ومن خالل هذه الكيفيات يؤثر الشيطان من الروابط البنيوية ربي الشيطان ر
الن يقوم بها الناس ،ومن ثم يف أفعالهم ونتائجها .لقد ذكر القرآن الكريم االجتماع المختلفة ي ي بصورة فعالة يف خيارات الفعل
از" الن يوظفها الشيطان لإليقاع بالنسان؛ منها "األمر" المباش ،ومنها "الت ريي" يف األرض ،ومنها "االستفء ر ر
ََ َ َآ كيفيات العمل ي
والرجل ،ومنها "المشاركة" يف األموال واألوالد ،ومنها "الوعي" ،ومنها "األز"﴿ :أل ۡم ت َر أنا ومنها " َ َ ۡ َ َٰ َ َ ُ ُّ ُ ۡ َِ ا
بالخيل " الجلب َبالصوت،
َ َٰ َ ۡ َ َۡ ا
الن ال يراها النسان ،تعمل أرسلنا ٱلشي ِط ري عىل ٱلك ِف ِرين تؤزهم أزا( ﴾٨٣مريم)...إلخ .هذه الكيفيات الشيطانية الفعالة ،ي
وتنته ي الن ،بحكم هوية هذا النظام ،تعمل عىل عدم استقراره، داعمة لكيفيات العمل االجتماعية المتولدة يف النظام الدنيوي ي
الفغ" .كل كيفيات العمل االجتماعية ي " و " المنكر " و " الفثشا بهدمه مثل كيفيات "التعاون عىل اإلثم والعيوان" ،وكيفيات "
االجتماع الدنيوي ،ويمكن تفصيلها إىل كيفيات محددة تعمل يف مختلف النظم الجزئية ي هذه أثبتها القرآن الكريم لهذا النظام
وتنته بالنظام إىل الفساد يف األرض ،وتقطيع األرحام. ي (تربوية ،اقتصادية ،رحمية ،سياسية ،ثقافية)،
تأب يف إطار الروابط ربي هللا تعاىل ي ي الن تلك ه ي الدنيوي االجتماع
ي النظام ف ي الفاعلة المستوى الرابع من كيفيات العمل
وبي البرس الذين يكونون هذا النظام ،والحركة ر وه كيفيات يسخرها هللا تعاىل يف إطار عالقة العداء بينه ر وبي مكونات النظام ،ي ر
النظام الدنيوي الفاعلي يف َ َ ر االجتماع الصادر عن ي الكونية كلها داخلة يف منظومة هذه الكيفيات ،بما يف ذلك الفعل والتفاعل
﴿وأ اما ُ َم ۢن َ َب ِخ َل الحتمية لهذا النظام ،ولمكوناته من الناس: ذاته ،هللف جنود السموات واألرض ،وكلها تعمل لتتأكد النهايات
ينَ ٤٢ما َت ۡسب ُق م ۡن أ امة أ َج َلهاَ اخر َ ُ ا َ َ َۡ ۢ َ ۡ ۡ ُ ُ ً َ َ رس ُهۥ ِل ۡل ُع ۡ َ ٱس َت ۡغ َ َٰنَ ٨و َك اذ َب ب ۡٱل ُح ۡس َ َٰنَ ٩ف َس ُن َي ِّ ُ َو ۡ
نش ۡأنَا ۡ ِ َمن َ ۡبع َ ِد ُ ِهم َق ۡر اونا َء َ َ ِ ۡ َ ُ ۡ ََ ﴿ث ُم ۖۡأُ َ َ ( ﴾١٠الليل)؛ رس َٰى
ِ َ ِۚ َ ِ ُ ۡ ا ِّ ٍ َ ۡ ا ا َ َ ُ ا ُ ٓ ُ ۖۡ ۡ َ َ َ َ ۡ َ ُ َ ِ ۡ َ َ
َو َما يست ِخ ُرون ٤٣ثم أرسلنا رسلنا ت َتا َكل ما جاء ُأمة رسولها كذبوه فأتبعنا بعضهم ب َعضا وجعلن َٰ هم أح ِاديث فبعدا لقو ٖم َل ُ ا ا َ َ َ ا ُ ُ َ ۡ ا ۡ
اب ٱلش ۡي َط َٰ ُن أ ۡع َم َٰ َل ُه ۡم َف ُه َو َول ُّي ُه ُم ۡٱل َي ۡو َم َو َل ُه ۡم َع َذ ر َ َّ َ َ ۡ ۡ َ ۡ َ ٓ َ َٰا َ ِّ َ ۡ َ َ َ ا َ َ ُ ُ ا
م ه ل ن يز ف ك ل ب ق ن م م م أ ىل إ ا ن ل س ر أ د ق ل ٱَّلل ﴿ت (المؤمنون)؛ ﴾ ٤٤
ُۡ ُ َ
ون َيؤ ِمن
ِ ِ ٖ ِ ِ
ٱس َت ۡع َج ۡل ُتم به ۖۡۦ ري ح ف َيها َع َذابر وا َه َٰ َذا َعارض ُّم ۡمط ُرَن ِۚا َب ۡل ُه َو َما ۡ َ َ ا َ َ ۡ ُ َ ا ُّ ۡ َ ۡ َ َ ۡ َ ۡ َ ُ ْ
ِ ِِ ِ َأ ِليم( ﴾٦٣النحل)؛ ﴿فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قال
﴿و ۡٱت ُل َع َل ۡيهمۡ (األحقاف)؛ َ َ ۡ ُ ۡ َِ ۡ َ ۡ ۡ ُ َ ِّ ُ ُ ا رَ ۡ َ ۡ َ ِّ َ َ َ ِ ۡ َ ُ ْ َ ِ ُ َ َٰا اِ ِ َ ِ َ َٰ ُ ُ ۡ ِۚ َ َ َٰ َ ِ َ
اِ ج َِر ِم رُي َ ﴾َ َ ٢٥ا ُ ا َ ۡ َ َ َ ۡ َ ش ِۢء ِبأم ِر رب ها فأص َبحوا َل يرى ِإَل مس ِكنهم كذ ِلك نج ِزي ٱلقوم ٱلم
َ َ َ َّ ا َ َ ۡ َ َٰ ُ َ َ َٰ ي َ َ َ َ َ ۡ َ َ ۡ َ َ ُ ا ۡ َ َٰ ُ َ َ َ
أ ِليم ٢٤تدمر كل
ض َوٱت َب َع ر ٱأل ۡ ىل إ د ل خ أ ۥه ن ك ينَ ١٧٥و َل ۡو ِش ۡئ َنا َل َر َف ۡعن َٰ ه بها ول َِٰ ان م َن ۡٱل َغاو َ ك ف ن ط ي ٱلش ه ع ب ت أ ف اه ن م خ ل ٱنس ف ا ن ت اي ء نبأ ٱلذي ءاتين ه
ص َل َع َّل ُهمۡ
ِ َۡ َ ِ
وا ب َاي َٰ ت َن ِۚا َف ۡٱق ُصص ٱلقص َ
َ ۡ ِ ۡ َ َ َ ۡ َ ۡ َ ۡ َ ۡ ۡ ُ َ ۡ َ ِ ِۚ ا َٰ ِ َ َ َ ُ ۡ َ ۡ َّ َ َ ا ُ ْ ِ
ُ ۡ َ َ َٰ ُِۚ ِ َ َ َ ُ ُ َ َ َ ِۡ َ ۡ
هوىه فمثلهۥكمث ِل ٱلكل ِب ِإن تح ِمل علي ِه يلهث أو تتكه يلهث ذ لك مثل ٱلقوم ٱل ِذين كذب
ِ َ ۡ ُ ْ َ َ ۡ َ ِ ا َ ُ َ َٰ َ ِ ۡ َ ِۡ َ ۡ َ ِّ ِ َ ۡ ُ ۡ ُ َ ا ۡ ت ۡٱل ِك َت َٰ ا ا ۡ َ َ َ َٰ ُ َ َ َّ َ
ي ٢نتل َوا عليك ِمن نب ِإ موش و ِف ِۚرعون ِبٱلحق ِلقو ٖم يؤ ِمنونِ ٣إن ِ ب ٱل ُم ِب ر ِ َيتفك ُرون(َ ﴾١٧٦األعراف)؛ َ﴿طسمِ ١تلك ءاي
ُ ُ ان م َن ٱل ُمفسد َ ۡ ۡ َ
َ َ ُ ۡ ُ َ ا ٓ ٓ
ف َطائفة ِّم ۡن ُه ۡم ُيذ ِّب ُح أ ۡب َنا َء ُه ۡم َو َي ۡس َت ۡ َ ا َ ٓ ف ۡر َع ۡو َن َعَّل ف ٱأل ۡر َ َ َ َ ۡ َ َ ا َ ۡ َ ۡ ُ َ ۡ َ
ينَ ٤ون ِريد ِ ِ جۦ ِنَساءهم ِإ ۡن َهۥك ِ ي ض وجعل ُأه ْلها ِش ۡي َعا يست َض ِع َ ِ َِ ا ا َ َ ِ ي
َ
ض َون ِر َي ِف ۡرع ۡون َوه َٰ َم َٰ َن
َ َ ُ
ر يَ ٥ون َمك َن له ۡم ف ٱأل ۡ ُ ِ ِّ ُ ۡ َ َ
ٱس ُت ۡضعفوا ف ٱأل ۡرض َون ۡج َعله ۡم أئ امة َون ۡج َعله ُم ٱل َ َٰو رث َ
ُ ا َ ُ ين ِ ۡ ىل َّٱلذ َ أ ُ
َ َ َ ۡ َ ا ۖۡ ا َ َ ۡ َ َ ۡ ِ ي ۡ َ ِّ ِ َ َ َ َ
ر
ۖۡ َ َ ِ ِ ۡ ن ُنم َن ُ َع ۡ ُ ا َ ُ ْ َ ۡ َ ُ ِ َ ي َ َ ۡ َ ِ ۡ َ ٓ َ ا ُ ِّ ُ َ ا َ ۡ َ
ِ ِ ِ
اف وَل تحز ِ يب ِإنا ي يهَ ِ يف َٱليم ُوَل َت ُخ ِ ت اعلي ِه فأ َل ِق ِ يه ُف ِإ اذا ِخف ً ِ ض ِع ِ
ۡ
وش أ ُن أ َر ِ َو ُجنودهما ِمنهم ما كانوا يحذرون ٦وأوحينا ِإ َٰىل أم م َٰ
ْ ُ َ
ال ف ۡر َع ۡو َن ل َيكون ل ُه ۡم َعدوا َو َح َزنا إن ف ۡر َع ۡون َوه َٰ َم َٰ ن َو ُجنوده َما كانوا خ َٰ ط َ
َ ُۗ َ يَ ٧ف ۡٱل َت َق َط ُه اۥ َء ُ وه م َن ۡٱل ُم ۡر َسل َ وه إ َل ۡيك َو َجاع ُل ُ َ ٓرا ُّد ُ
ي٨ ر ِ ِ ُ َ ِ ِ َ ِ َ ِ ۖۡ ر ِ ِ ِ َ ِ ِ
َ َ َ َ ٓ ۡ َ ا َ ُ َ َ ا َ ُ ۡ َ َ ۡ ُ ُ َ َ ۡ َ َ ُ َ ُ ِّ ُ َ َ ً ۖۡ وه َع َ َٰا َو َق َالت ۡٱم َرأ ُت ف ۡر َع ۡو َن ُق ار ُت َع ۡي ِّىل َو َل َك ََل َت ۡق ُت ُل ُ
وش ف َٰ ِرغا س أن ينفعنا أو نت ِخذهۥولدا وهم َل يشعرون ٩وأصبح فؤاد أم م َٰ ر َ ِ ِ
َ ُ ۡ َ َ ُ ُ ََ ُ َ ۡ ۖۡ ِّ ُ ُ
َ َ َ ۡ ۡ َ َ ۡ َ ا َ ا ن َ ۡ ي َ َ َ َٰ َ ۡ َ َ ُ َ َ ۡ ُ ۡ ۡ َ َ ۡ ُ
يه فبرصت ِب ِهۦ عن جن ٖب وهم َل ١٠وقالت ِألختهۦ قص ِإن كادت لتب ِدي ِب ِهۦ لول أن ربطنا عىل قلبها ِلتكون ِمن ٱلمؤم ِن ري
َ َ َۡ ُ َ َ ۡ ُ ُِ َِ ُ َ ُ ِ ُ َ ُ َ َ ۡ ِ ُ َ َ َ ۡ َ ۡ َ ُ ُّ ُ ۡ ِ َ َ َٰا َ ۡ َ َ ۡ َ ۡ ُُ َ
ىل أه ِل َب ۡي ٖت َيكفلونهۥ لك ۡم َوه ۡم لهۥ ن َٰ ِص ُحون ١٢ف َرددن َٰ ه ِإ َٰاىل اض َ َع ِمن قبل فقالت هل أ َدلكم ع ِ ۞و َح ار ۡمنا َعل ۡي ِه ٱل َم َر ونَ ١١ يشعر
َ ُ ُ ِّ َ ۡ َ َ ا َ ۡ ُ َ َ َ َ ۡ َ َ َ َ ۡ َ َ ا َ ۡ َ َّ َ َ َ َٰ ا ۡ َ َ ُ ۡ َ َ ۡ َ
ٱَّلل حق ول ِكن أ كتهم َل يعلمون( ﴾١٣القصص). أم ِهۦ يىك تقر عينها وَل تحزن و ِلتعلم أن وعد ِ
ه من صنف كيفيات عمل البرس االجتماعية ،ولكنه تعاىل ر
َ ُ ۡ ْ َ َ َ َّ َ ُ ُ ۡ َ ۡ َ : الن ي وقد ذكر هللا تعاىل يف القرآن الكريم بعض كيفيات العمل ي
ين كف ُروا ِل ُيث ِبتوك البرسي ومآالته ،منها كيفيات "المكر" ﴿و ِإذ يمكر ِبك ٱل ِذ يستخدم مثلها ليهيمن بها عىل ذات نوع الفعل ر
َ َ َ ُ ْ َ ۡا َ َ َ َۡ َ ۡا َ ُ ۡ َ َ ۡ ُ ُ َ ٱَّلل َخ ۡ ُت ٱل َم َٰ كر َ ۡ ٱَّلل َو َّ ُ َ ۡ َ ۡ ُ ُ َ َ ۡ ُ ۡ ُ َ ِۚ َ َ ۡ ُ ُ َ َ َ ۡ ُ ُ َّ ُۖۡ
﴿ومكروا مكرا ومكرنا مكرا وهم َل يشعرون٥٠ ؛ (األنفال) ﴾ ٣٠ ين َِ ِ ون ا وي َ ام ۡك َر ُ ۡ َ َ ۡ َ ُ ۡ َ
ر وك َوي ۡمكر ۡ َ أو يقتلوك أو يخرج
َ َ ٓ َ َ ۡ َ ا َ َ ۡ َ ا ِّ ۢ َ ۡ َ ا ٓ َ َ ا ۡ ُ ۡ َ َ ۡ َٰ َ ُ ۡ َ ۡ َ َ َ ِ َ َٰ َ ُ
فٱنظر كيف كان ع ِقبة م َك ِر ِهم أنا ِۚدمرن هم وقومهم أجم ِع ري( ﴾٥١النمل)؛ ﴿و ِإذا أذقنا ٱلناس رحمة من بع ِد رصاء مستهم ِإذا
ُ َ َ ا ا َ ُ ا ۡ ا َ َ َ ِۚ ُ َّ ُ ۡ َ ُ ۡ ا َ َ ۡ ُ َ َ ُ َ
﴿إن ُه ۡم َي ِكيدون ك ۡيدا١٥ ِ الكيي": َ (يونس) َ .هناك كيفيات " َ شع ُ َمك ًرا ِإن ِۚ ُر ُسلنا َيكت ُبون َما ت ۡمك ُرون﴾٢١ ل َهم مكر ِ يف ءايا ِتنا ق ِل ٱَّلل أ
َٓ َ َ ُا ۡ َ ۡ َََ ۡ َ ۡ َۡ َ َٓ َ ۡ َُ ۡ ا َ ُ َ ا
يه ثم ٱستخرجها ِمن ِوعا ِء َ ِ (الطارق)؛ ﴿وأم ِ يىلۡ لهم َ ِإن كي ِدي م ِت ري(َ ﴾٤٥القلم)؛ ﴿فبدأ ِبأو ِعي ِت ِهم قبل ِوعا ِ ُۗء أ ِخ ر َ ۡ
ۖۡ َ َوأ ِك ِۚيد ك ۡيدا﴾١٦
ۡ َ ُ َ ا َ ٓ َ َ ِۚ
ا َ َ ٓ َ َّ ُ َ ا ۡ ان ل َيأ ُخذ أ َخ ُ َ َ َ َٰ َ ۡ َ ُ ُ َ َ َ َ
ٱَّلل ن ۡرف ُع د َر َج َٰ ٖت امن نشا ُء َوف ۡوق ك ِّل ِذي ِعل ٍم َع ِليم﴾٧٦ ين ٱل َم ِل ِك ِإل أن يشاء د ِ ف ي ِ اه ِ يه كذ ِلك ِكدنا ِليوسف ما ك أ ِخ ِ
َ ِ َ َّ َ :ا ُ ْ َ َٰ َ َ َ ۡ َ ۡ ُ ُ ِّ ۡ َ ۡ ُ َ َ ۡ َ ُ َ
ون( ﴾١٨٢األعراف). (يوسف) .وهناك كيفيات "االستيراج" ﴿وٱل ِذين كذبوا ِب اي ِتنا سنستد ِرجهم من حيث َل يعلم
36
االجتماع التوحييي
ي -3.3.4النظام
البياب رقم ( )4يف هذا البحث ،وهو الحد اآلخر المقابل للنظام
ي جتماع التوحيدي المثال يلخصه الرسمي النظام اال
الوح ،وإرسال الرسل ،وإيمان
ي االجتماع الفطري العام ،ونفتض فيه نزول
ي ينته إليه النظام
ي االجتماع الدنيوي المثال الذي
ي
جميع مكونات هذا النظام من الناس باهلل وبما أرسل به رسله.
-1.3.3.4مكونات النظام
المؤمنون الذين يشكلون مكونات هذا النظام نتعرف عىل صفاتهم من خالل اآليات اآلتية:
37
-2.3.3.4بيئة النظام
ويبي الشكل رقم ( )6أن مكونات بيئة عالم البيئة الخارجية للنظام تتكون من بيئة عالم الشهادة ،وبيئة عالم الغيب ،ر
االجتماع
ي مكوب "المال" و"البنون" يدخالن يف تركيبة النظام ي الوح ،بينما ي ه :األرض؛ السماوات؛ الشهادة بالنسبة للنظام ي
موضوع الدراسة من خالل ما عملته يد النسان فيهما ،ويظهران يف شكل نظم اجتماعية جزئية .البيئة الغيبية توجد عىل
عالم ي الشياطي؛ الجن؛ المالئكة ،ثم من وراء ذلك الخالق تبارك وتعاىل ،وهو من وراء خلقه يف ر مستوى الخلق ويتكون من
الوح من هللا تعاىل إىل الناس يف األرض وقد آمنوا به ،ليظل بينهم ي ه الغيب والشهادة محيط .سمة بارزة يف عالم الشهادة ي ِّ
ُمذكرا إىل قيام الساعة ،وهو يظل باقيا ربي أهل األرض ،إما يف شكل كتاب متل محفوظ بحفظ هللا له ،وهو القرآن الكريم،
وح به إىل الرسل واألنبياء ،ويأخذه عنهم العلماء ،يتوارثونه ،ويبينونه للناس بما استحفظوا من كتاب وإما ف شكل علم ُي َ
ي
هللا ،وكانوا عليه شهداء.
-3.3.3.4بنية النظام
الن تربط ربي مكونات الن تربط ربي مكونات النظام ،والروابط الخارجية ي تتكون بنية النظام من مجموع الروابط الداخلية َ ي
الوح بعلم هللا تعاىل ،وإرسال الرسل ي .
وبي مكونات بيئته الخارجية ،يف عالم الغيب وعالم الشهادة إن نزول النظام من جهة ر
االجتماع ،وقد افتضناه نظاما اجتماعيا مثاال جميع َمن الواقع ف الدين إقامة عليه تب يت ذلك بكل الناس للبالغ ،وإيمان
ۡ ُ َ ۡ ُ َ ََۡ ُ َ َ :ي ا َ َ َ َ ۡ َ ۡ ُ ي ۡ َ َ ُ ُ ا ْ َ َّ
ول ِهۦ ِليحكم بينهم أن ٱَّلل ورس ِ ﴿إنما كان قول ٱلمؤ ِم ِن ري ِإذا دعوا ِإىل ِ عليهم َقول هللا تعاىل ِ يكونونه مؤمنون راشدون ،ينطبق
ُ َ ُ ُ ْ َ ۡ َ َ َ َ ۡ َ ِۚ َ ُ ْ َ َٰا َ ُ ُ ۡ ُ ۡ
الن عىل المعايت األخالقية والقانونية ،وكل القيم ي ر الوح يحدد ي .
يقولوا س ِمعنا وأطعنا وأول ِئك هم ٱلمف ِلحون( ﴾٥١النور) علم
التغيت فيه. ر أساسها يقام الدين ،وب ها تنضبط ديناميات
المؤمني ر الن بدأنا بها هذا النظام تعريفا بخواص ذات طبيعة عامة أثبتتها اآليات ي المؤمني
ر هناك روابط داخلية ربي
. ر
النه ع المنكر"؛ "الشورى" وهناك روابط من المكوني له ،منها" :الوالية"؛ "األخوة"" ،التاحم"؛ "األمر بالمعروف"؛ " ي ر
جنسها ذكرتها السنة النبوية ،منها" :الثب"؛ "النصيثة"" ،التواد"؛ "شي األزر"...إلخ .وهناك روابط تتأ كد أهميتها يف إطار
القرن"" ،إقامة الوزن بالقسط"" ،النظرة إىل ميشة"" ،التصيق"، الماىل مثال ،منها "إيتا ذي جزب كالنظام نظام اجتماع ئ
ر ي ي ي
م تتحدد فيه العالقات الرابطة ربي الرجال والنساء األجنبيات من خالل ح "اإلحسان"" ،اإلطعام"...إلخ .النظام البيولوح َ
والر
ي ِ ي
الن جوهرها "أيع " و "ال تفع " ،مثل "غض الفرص"" ،حفظ الفرج"" ،عيم المواعية رسا"...إلخ ،بينما الوح ي ي توجيهات
الت"" ،المعروف"" ،اإليثار"" ،الةلة"" ،الشفاعة"" ،اإلخا "، الروابط الرحمية تقوم عىل "المودة"" ،الرحمة"" ،الثب" " ،ر
النه ع السياش نذكر فيه روابط "العيل"" ،الشورى"" ،النرصة"" ،األمر بالمعروف" " ،ي ي "الصياقة"...إلخ .النظام
المنكر"" ،الطاعة"" ،النصيثة"...إلخ.
الن تربط مكونات النظام وبيئته الخارجية عىل ثالثة أرصب ،روابط مع مكونات عالم الشهادة متمثلة الروابط الخارجية ي
المؤمني ر أختا ما يربط الشياطي؛ الجن؛ ثم ر ر الوح؛ األرض؛ السماء؛ وروابط مع مكونات عالم الغيب متمثلة يف المالئكة؛ ي يف:
الوح من السماء ،واستقراره يف األرض كتابا يقرأه الناس ،ويتفاعلون معه ،إيجابا وسلبا ،يمثل ي بالخالق ،تبارك وتعاىل .إن نزول
ينته ي االجتماع الفطري إىل واحد من حديه ،نظام االجتماع الدنيوي ،أو نظام االجتماع التوحيدي ،أو ي تنته بالنظام ي دينامية
المؤمني للعالم ،وحبل هللا ر الوح رؤية ي .
النظامي الحدين يشكل ر إىل نظام اجتماع حدودي ربي الحدين تتداخل فيه سمات
المتي الذي يحدد روابطهم بالبيئة الخارجية للنظام ،فمثال ،يف العالقة مع مكونات عالم الشهادة يرتبط المؤمنون يف النظام ر
بالوح بأوثق الروابط منها رابط "الهياية" ،رابط "الشفا " ،رابط "التيبر" ،رابط "السكينة" ،رابط ي االجتماع التوحيدي
التكية" ،رابط "االعتصام"...إلخ. "التعلم ي" ،رابط " ر
عالقة التسةت" ،ثم هناك َ ر ه عالقة "االستةالف" المقتضية لعالقة " المؤمني باألرض ي ر الن تربط العالقة الجوهرية ي
﴿أ َلمۡ األرض من َآيات هللا الدالة عليه ،ثم هناك عالقة "الثياة" ،وهناك عالقة "الموت" لقول هللا تعاىل: "االعتفار" بما ف
َ ۡ َٓ ا َ ۡ َ ا َ ۡ َ ۡ َ ۡ َ َي ً
تسةت" ،وعالقة الجوهرية بالسماء نوعان؛ عالقة " . َٰ
ُ ْ ر ُ َ َ َّ َ ِّ َ عالقتهم َ َ ا
َ
(المرسالت) المؤمنون
َ ا ۡ ُِۚ ا َۡ نجع ِل ٱألرض ِكفاتا ٢٥أحياء وأمو تا﴾٢٦
﴿و َس اخ َر َل ُكم اما ف ا
يعا ِّمنه ِإن ِ يف ذ َٰ ِلك أل َي َٰ ٖت لق ۡو ٖم َيتفك ُرون( ﴾١٣الجاثية)؛ ﴿ق ِل ٱنظ ُروا ض ج ِم ر ٱأل ۡ ف امٱلس َم َٰ َ َٰو ت َو َ
ِ
"اعتفار"َ :
َ ُ َ ۡ َ ۡ ِۚ ِ ي َ َ ُ ۡ ۡ ا َ َٰ ُ َ ُّ ُ ُ َ َ ۡ ا ُ ۡ
ِ ي ِ
ا َ َٰ َ َ َ
ض وما تغ ِ ين ٱألي ت وٱلنذر عن قو ٖم َل يؤ ِمنون( ﴾١٠١يونس). ماذا ِ يف ٱلسم َٰو ِت وٱألر ِ
المؤمني بالشيطان ،أحد مكونات هذه ر الن تربط مكونات النظام التوحيدي من ه تلك ي أهم الروابط مع البيئة الغيبية ي
المؤمني بأن الشيطان لهم عدو ،وأمرهم أن يتخذوه عدوا .وعداوة ر الوح
ي أخت فقد البيئة ،وهو رباط جوهره "العيا "،
المؤمني .وقد بينا يف تحليلنا ر ه لكل الناس ،مؤمنهم وكافرهم ،ولكن الكافر كفاه بكفره المهمة ،وفرغ جهده لضالل الشيطان ي
غت أن فنكتف يف هذا بذاك ،ر الن تربط الشيطان بمطلق إنسان لهذه العالقة يف إطار نظام االجتماع الدنيوي كل أنواع الروابط ي
ٱلش ۡي َط َٰ ن ل َي ۡح ُز َن َّٱلذ َ :ا َ ا ۡ َ َٰ َ ي ا
ين ِ ِ ِ ن مِ ى وج ٱلن ا م ن ﴿إ
ِ " التثزي " عالقة بالمؤمني مثل ر الوح يفيد بأن هناك عالقات للشيطان خاصة
َ ُ َّ ِۚ َ َ َ َّ َ ۡ َ َ َ َّ ۡ ُ ۡ َ َ ُ ي ْ َ َ ۡ َ َ ٓ ِّ ۡ َ ۡ ا ۡ
المؤمني بكيفيات ر الوح ي د يزو كذلك . (المجادلة) ﴾ ١٠ ون ن م ِ ؤ م ٱل لِ كو تي ل ف ٱَّلل
ِ ىل ع و ٱَّلل
ِ نِ ذ ءامنوا وليس ِبضار ِهم شي ا ِإَل ِب ِإ
38
وه كيفيات فعالة بدليل أن الشيطان لم يجد له سلطانا عىل من يكونون عمل لمدافعة الشيطان نذكرها ف موقعها أدناه،
وا َو َع َىلَٰ ا ُ َ ۡ َ َ ُ ُ ۡ َ َٰ ر َ َ َّ َ َ َ ُ ْ ا َٰ ۡ َ َ َ َ :ي َ ۡ ُ ۡ َ َ َ ۡ َ ۡ ي َّ َ ا ۡ َ
ٱَّلل ِمن ٱلشيط ِن ٱلر ِج ِيمِ ٩٨إنهۥ ليس لهۥ سلط ن عىل ٱل ِذين ءامن النظام التوحيدي ﴿فإذا قرأت ٱلقرءان فٱست ِعذ ب ِ هذا
. ُ رۡ ُ َ ا َ ُ ۡ َ ِ َٰ ُ ُ َ َ َّ َ َ َ َ َّ ۡ َ ُ َ َّ ِ َ ُ َ ِّ ۡ َ َ َ َّ ُ َ
رسكون( ﴾١٠٠النحل) بالنسبة للجن عموما فقد رأيت أن رب ِهم يتوكلونِ ٩٩إنما سلط نهۥ عىل ٱل ِذين يتولونهۥ وٱل ِذين هم ِب ِهۦ م ِ
التوحيدي. االجتماع
ي النظام إطار ف ي جوهرية بالمؤمني ألنها ال تبدو يف رؤية القرآن للعالم ر أتجاهل عالقتهم
َٰ َ َ ۡ ۡ َ ۡ ُ َۡ َٓ ُ ُ
الثاب للبيئة الغيبية ،هو رابط "الوالية"﴿ :نحن أو ِلياؤكم ِ يف ٱلحيو ِة المؤمني والمالئكة ،المكون ر الرابط الجوهري ربي
َ ُّ َ َ ُ ۡ ُّ ۡ َ َ ۡ ا َ ۖۡ َ َ ُ ۡ َ َ َ ۡ َ ا َ ُ ُ ُ ۡ َ َ ُ ۡ َ َ َ ا ي ُ َ
وح ربك ِإىل :
سكم ولك ُ ُم ِفيها ما تدعون( ﴾٣١فصلت) ،وهناك رابط "التثبيم" ﴿إذ ي ِ ٱلدنيا وف ٱألخرة ولكم فيها ما تشته أنف
َّ َ َ َ ُ ْ ُّ ۡ َ َ ۡ ُ ْ َ ۡ َ ۡ َ ۡ َ َ ۡ ُ ْ ۡ ُ ِ ۡ ُ ا ي َ َ ۡ َ َ َٰا َ ِ ي َ ِّ ِ َ َ ِ ُ ۡ َ َ ِّ ُ ِ ْ َّ َ َ َِ يُ ِۚ ْ َ ُ ۡ
ان﴾١٢ ٖ ن ب ل ك م ه ن م ِ ِ وا ب
ٱرص و اق
ِ ن ع ٱأل ق و ف وا ب
ٱرص
ِ ف ب عٱلر وا ر ف ك ين ذ ٱل
ِ ِ وب ل ق فٱلمل ِئك ِة أ يب معكم فثبتوا ٱل ِذين ءامنوا ِ ي ِ ي
فل أس
وع بهما ،بينما الكافرون عنهما غافلون، المؤمني عىل ر غت أن (األنفال) .وهناك رابطان عامان يربطان كل الناس بالمالئكة ر
َ َ ُ َ ۡ َ ۡ َ :ا َ َ ۡ َ ُ ا ُ ۡ َ َ ۡ َ َٰ ُ ِۚ َ َ َٰ َ ُ ُ ُ َ َ َ ۡ ۡ َ ۡ ُ ي ُ َ
ون( ﴾٨٠الزخرف) ،ورابط "الرقابة": وهما رابط "الكتابة" ﴿أم يحسبون أنا َل نسمع ِشهم ونجوىهم بىل ورسلنا لدي ِهم يكتب
يب َع ِتيد( ﴾١٨ق). ﴿ما َي ۡلف ُظ من َق ۡول إ اَل َل َد ۡيه َرق ر ا
ۡ ْ َّ ِ ِ ِ ٍ ِ ِ
ُ ُ َّ
ين َء َامنوا ُي ۖۡخ ِر ُج ُهم ِّم َن ﴿ٱَّلل َو ُّىل ٱلذ َ
ِ روابط متينة ال حرص لها نذكر أعمها ،مثل رابط "الوالية": المؤمني باهلل تعاىل ر تربط
ٱلنار ُه ۡم فيهاَ ُّ ُ َ َٰ ُۗ ُ ْ َ َٰا ِ ي َ َ ۡ َ َٰ ُ ا َ ُّ ۖۡ َ َّ َ َ َ ُ ا ْ َ ۡ َ ٓ ُ ُ ُ ا َٰ ُ ُ ُ ۡ ُ َ ُ ِّ َ ُّ َ ُّ ُ
ِ ِ ور ِإىل ٱلظلم ِت أول ِئك أصح ب ِ ور وٱل ِذين ك َفروا أو ِلياؤهم ٱلط غوت َيخ ِرجونهم من ٱلن ِ ٱلظل َم َٰ ِت ِإىل ٱلن
َ َ ا َ َ َ ُ َ ۡ َ اُ َ ۡ ا ُ ٓ ۡ َ ُ َ
اس الثب"﴿ُ :و ِمَن ٱلن ِ (األنفال) .هناك رابط " َ ﴿إن أ ۡو ِل َياؤ ُه اۥ ِإَل ٱل ُمتقون َول َٰ ِك ان أ ك َته ۡم ََل َي ۡعل ُمون﴾٣٤ ِ (البقرة)؛
َ خ َٰ ِلدون﴾٢٥٧
ا َ ْ ُ َّ ا
﴿ي َٰ أ ُّي َها ٱلذ َ ُۗ َّ ِّ ا ُّ َ ْ ُ َّ ۖۡ َّ َ َ
َمن َي اتخذ من دون ٱَّلل أندادا ُيح ُّبون ُه ۡم ك ُح ِّب ٱَّلل َوٱلذ َ
ا َ َّ ُ ُ
ين َء َامنوا َمن َي ۡرتد ِمنك ۡم عن ِد ِين ِهۦ ِ
ين َء َامن اوا أشد ُحبا َّلل﴾؛ َ
ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِۡ
َّ ُ ِ َ ۡ ُ ُّ ُ ۡ َ ُ ُّ َ ُ َف َس ۡو َ
بالمؤمني ،من دون ر ف َيأ ِ يب ٱَّلل ِبقو ٖم ي ِحبهم وي ِحبونهۥ﴾ (المائدة) ،وهناك رابط "الصالة" ،ورابط "الرحمة" ِۚالخاص ا
ۡ ۡ
ٱلن َ َ ُ َ ُّ َ ُ ُّ ُ ا ُُ ۡ َ َ ُ َ ِّ َّ ُ
يما﴾٤٣ ي َرح ا َ
ور وكان ِبٱلمؤ ِم ِن ر ِ ِ الن تعم جميع العباد﴿ :ه َو ٱل ِذي ُي َص يىل َعل ۡيك ۡم َو َمل َٰ ِئكتهۥ ِل ُيخ ِر َجكم ِّم َن ٱلظل َم َٰ ِت ِإىل الرحمة ي
المؤمني باهلل تبارك ر الن حملتها الروح إىل النسان تمثل روابط تربط (األحزاب) .وعىل الجملة فإن جميع الصفات اللهية ي
وتعاىل.
39
َۡ ٓ ُ ۡ ََ ا َ ََ ُ ۡ ُ ْ ۡ ََ ُ ْ ۡ ۡ َ ۡ انَ ٧أ اَل َت ۡط َغ ۡو ْا ف ۡٱلم َ ََ َ َ ۡ َ َ
﴿ول ِو ٱت َب َع ٱل َح ُّق أه َوا َءه ۡم رسوا ٱل ِم ر َتان( ﴾٩الرحمن)؛ ِ يموا ٱل َوزن ِبٱل ِق ۡس ِط وَل تخ ق ِ أ و ٨ ِۚ ان
ِ ت ر ِ ي ِ َو َو َضَع ٱل ِم ر ات َ َ ُ َ ۡ َ
َ ُ ۡ ُّ ۡ َ ۡ ُ ۡ ۡ َ ُ َٰ َ ۡ ا َ ۡ ََ َ َ ُ ۡ َٰ
يهن بل أتين هم ِب ِذك ِر ِهم فهم عن ِذك ِر ِهم مع ِرضون( ﴾٧١المؤمنون). لفسد ِت ٱلسم َٰو ت ْوٱألرض ومن ِف ِ
االجتماع للمؤمني الذين يكونون النظام ر الوح الكريمِ ،علم هللا تعاىل ،هو أحد مكونات البيئة الخارجية يف عالم الشهادة ُ
ي ي
التوحيدي ،وهو أهم مكونات فضاء االجتماع التوحيدي ألنه منه نال المؤمنون إيمانهم ،ورؤيتهم للعالم .لذلك فإن هناك
االجتماع التوحيدي ،وتطويره ي المؤمني بالكتاب ،لحفظ النظام ر كيفيات عمل تعمل عىل الدوام ،من خالل النسيج الذي يربط
للمؤمني رفتتقوا يف أسباب صالح القلوب ،وصالح األعمال رفتدادوا علما ،وإيمانا، ر النفس ي نحو كماله من خالل تطوير النظام
ّ
ه" :التيبر"؛ "القرا ة"؛ "اإلدكار"؛ "التعلم"؛ "االستماع"؛ ي العالقة هذه ف ي تعمل الن
ي العمل وعمال صالحا .أهم كيفيات
"اإلنصات"؛ "حق التالوة"؛ "القول ب َ "؛ "العم ب "" ،االستشفا "؛ "الهياية"؛ "الرحمة"؛ "قشعريرة الجلود"؛ " رلي
ي ين َي ۡخ َش ۡو َن َراب ُه ۡم ُث ام َتل ُ ود َّٱلذ َ َ َٰ ا ُّ َ َ َٰ ا ا َ َ َ ۡ َ ُّ ۡ ُ ُ ُ ُ
اب تقش ِعر ِمنه جل ش ِبها مث يث ِكت با مت َّ ُ َ ا َ ۡ َ َ ۡ َ الجلود"؛ "لي القلوب":
ِر ِ َ َ ي ِ ِۚ ٓ ﴿ٱَّلل نزل َأحسن ٱلح ِد ِ ُ ُ ُ ُ ۡ َ ُ ُ ر ُ ُ ۡ َ َٰ ۡ َّ ِۚ َ
ٱَّلل يه ِدي ِب ِهۦ من يشاء ومن يض ِل ِل ٱَّلل فما لهۥ ِمن ه ٍاد( ﴾٢٣الزمر)؛ "اإلخفات": َ ۡ ُ َ ُ َّ ۡ ُ َ َ ُ َ َ َ ۡ َ َّ ُ َ َٰ
ٱَّلل ۡ ذ ِلك هدى ِ جلود َهم َّوقلوب ُهم ِإىلۡ ِذ ۡك ِر َ ِ
َ ُ ۡ َ َ ُ ُ ُ ُ ُ ۡ ُۗ َ ا َّ َ َ َ َّ َ َ َ ُ ا ْ َ َٰ َ َٰ ُّ ۡ َ ا ِّ َ َ ُ ۡ ُ ْ ُّ َ اُ َ ُ ْ َ
ين أوتوا ٱل ِعل َم أنه ٱلحق ِمن ربك فيؤ ِمنوا ِبِۚ ِهۦفتخ ِبت لهۥقلوب هم و ِإن ٱَّلل له ِاد ٱل ِذين ءامنوا ِإىل ِرص ٖط مست ِق ٖيم﴾٥٤؛ ﴿و ِل َي ۡعل َم ٱل ِذ
َ ۡ َ ُ ْ َ ۡ َّ َ ا َ َ َ َ ا ُ ْ
ٱَّلل ج ِميعا وَل تفرقوا﴾ (آل عمران)...إلخ. "االعتصام"﴿ :وٱعت ِصموا ِبحب ِل ِ
الوح ،ويعود األثر ي تأب المبادرة باألفعال نحو المؤمني ي ر االتجاهي ،فمن ر هذه المسارات الكيفية (المكتمية) تعمل يف
االجتماع
َ ي فيغت َهللا النظام المؤمني ،ر ر تغيت ما بأنفس الطيب يف ۡ ر الوح عىل المؤمن ،جسدا ونفسا ،فيتحقق األثر ي الراجع من
ۡ ۡ َ َ َ َ ٓ ُ َ َ ۡ ِّ ا ِّ ۡ َ َ ُ ْ َ َ َ ۡ َ ا ُ ۡ َ َ ُ ْ ا ۡ َ َٰ َ
نجيل وما أ ِنزل ِإلي ِهم من رب ِهم أل كلوا ِمن فو ِق ِهم و ِمن الجزئية ﴿ولٓو أنهم أقُام َوا ٱلتورىة و ِٱل ِ : التوحيدي نحو كماله ف كل نظمه
ۡ ِۚ ۡ ُ ي ۡ َ َ ۖۡ َ َ َ
ون( ﴾٦٦المائدة). ت ۡح ِت أ ۡر ُج ِل ِهم ِّمن ُه ۡم أ امة ُّمقت ِصدة َوك ِث رت ِّمن ُه ۡم َسا َء َما َي ۡع َمل
والشياطي ،وقد ذكرت ،يف إطار ر المؤمني ر االجتماع التوحيدي تكون الروابط الفاعلة فيها ربي ي البيئة الغيبية للنظام
وه كيفيات ناجعة جعلت الن من خاللها يعمل الشيطان لالستحواذ عىل النسان ،ي االجتماع الدنيوي ،كيفيات العمل ي ي النظام
للمؤمني يف النظام التوحيدي من كيفيات عمل تعمل ر البد كان لذلك .اليمان عىل الكفر يستحبون النظام ذلك فالناس ي
المؤمني .أهم ر الشيطاب ،ألن الشيطان لن يألو جهدا يف توظيف ذات كيفيات عمله لضالل كالتياق المضاد للرس واالستحواذ ر
ي
الشياطي؛ كيفيات "اإليمان ر ه "االستعاذة" باهلل من همزات كيفيات العمل الفاعلة ضد الوسواس الشيطاب الخناس
ُ ْ س َل ُهۥ ُس ۡل َط َٰ رن َع َىل َّٱلذ َ ٱلرجيم ٩٨إ ان ُهۥ َل ۡ َ َ ۡ ُ ۡ َ ۡ َ َ َ َ :ي َ ۡ َ ۡ َّ ي َ ا ۡ َ
ين َء َامنوا ِ َ ي ا ن َٰ ط ي ٱلش ن م ِ ٱَّلل
ِ والتوك " لقول هللا تعاىل ﴿فإذا قرأت ٱلقرءان فٱستعذ ب
ِ ۡ ُِ َ ِ ِ ا َ ُ ۡ ِ َ َٰ ُ ُ َ َ َّ َ َ َ َ َّ ۡ َ ِ ُ َ ِ َّ َ َّ ُ َ
الذكر" لقوله تعاىل: كيفيات " ِ رسكون( ﴾١٠٠النحل)؛ ِ
ر ُ
ىل َرِّب ِه ۡم َيت َوكلونِ ٩٩إنما س َلط نهۥعىل ٱل ِذين ُيتولونهۥوٱل ِذين هم ِب ِه ِۚۦ َم
ُ َ َو َع َ َٰ
ۡ َ ۡ َ َ َ َ ۡ ُ ا ۡ َ َٰ ُ َ َ َٰ ُ ۡ ۡ َ َّ ِۚ ْ َ َٰا َ ۡ ُ ا ۡ َ َٰ َ ا ا ۡ َ ا ۡ َ َٰ ُ ُ ۡ َ َٰ ُ َ
رسون( ﴾١٩المجادلة)، ٱَّلل أول ِئك ِحزب ٱلشيط ِن أل ِإن ِحزب ٱلشيط ِن هم ٱلخ ِ ﴿ٱستحوذ علي ِهم ٱلشيط ن فأنسىهم ِذكر ِ ْ
فذكر هللا والشيطان ال يجتمعان ،وأهم أنواع الذكر الصالة ،وقرا ة القرآن الكريم. ِ
االتجاه الواحد ،من عليها يغلب كيفيات ه بالمالئكة المؤمني ر تربط الن الروابط إطار ف ي تعمل الن العمل كيفيات
ۡ ا ۖۡ َ ُ ُّ ۡ ۡ َ ٓ ُ يُ َ ي ي
المؤمني ممثلة بصورة جوهرية يف كيفيات "الوالية"﴿ :ن ۡح ُن أ ۡو ِل َياؤك ۡم ِ يف ٱل َح َي َٰو ِة ٱلدن َيا َو ِ يف ٱأل ِخ َرِة َولك ۡم ِف َيها َما ر المالئكة إىل
َ ۡ َ ا َ ُ ُ ُ ۡ ََُۡ َ َ َا ُ َ
منهج لصعوبة رصد كيفية عمل هذه المكتمات ،وهو من ي تحد أيضا هنا .(فصلت) ﴾ ٣١ ون ع د ت ا م ايه ف ِ م ك لو م ك س ه أنف تشت ِ ي
تحد إال إنه فرصة أيضا لتطوير السبن ربي عالم الغيب وعالم الشهادة ،ورغم أنه ٍ ي المنهج المتعلق بالتداخل ي جنس الشكال
النساب. ي المنهجية السالمية التجريبية يف هذا المجال الحيوي من االجتماع
الن تعمل ي العمل كيفيات فإن ثم ومن أعاله، أوضحت كما ومتي المؤمني باهلل تعاىل نسيج كثيف ،ر ر النسيج الذي يربط
اتجاهي متعاضدين ،يقوي بعضهما بعضا ،منه تعاىل ر وه تعمل يف ه بذات الكثافة والفعالية ،ي لحفظ هذا النسيج وتطويره ي
المؤمنير ابتداء بإرسال الرسل وإنزال الكتاب الذي جعلناه مكونا من مكونات عالم الشهادة بعد تكامل نزوله إىل األرض ،ثم من
االجتماع التوحيدي ،بشقيه ي تأثتها يف كل نسيج النظام الن يتمدد ر إىل هللا تعاىل ومنه إليهم .أهم كيفيات العمل العامة ي
وا َو َلمۡ َّ َ َ َ ُ ْ
المؤمني ،تقابلها كيفية "األم " ،وكيفية "الهياية" من هللا تعاىل﴿ :ٱل ِذين ءامن ر الداخىل والخارح ،ه "اإليمان" من
َ ۡ ُ ا ْ ي َ َٰ َ ُ ي ُ ۡ ُ ي ْ َ َٰا َ َ ُ ُ ۡ َ ۡ ُ َ ُ ُّ ۡ َ ُ َ
ه "التقوى" هلل يل ِبسوا ِإيم نهم ِبظل ٍم أول ِئك لهم ٱألمن وهم مهتدون( ﴾٨٢األنعام) هناك أيضا كيفية عمل عامة وجوهرية، .
َ َ ا ا َ ۡ َ ٓ َ َّ ي َ َ ۡ ر َ
ف َعل ۡي ِه ۡم ٱَّلل َل خو ِ البشى"﴿ :أل ِإن أو ِلياء المؤمني تقابلها من هللا تعاىل كيفية عمل ال حدود ألثرها االيجاب ،ه " ر
ۡ َ َ َٰ ُّ ي ۡ َ َ ي ۡ ا َتعاىل من ُ ر
َّ ِۚ َ َٰ َ ُ َ ۡ َ ۡ ُ َ َ َ َ ِۚ َ ُ ُ ۡ ُ رۡ َّ َ َ َ ُ ْ َ َ ُ ْ َ ا ُ َ َ ُ َ ۡ َ َ
ٱَّلل ذ ِلك هو ٱلفوز ۡوَل ه ۡم يحزنون ٦٢ٱل ِذين ءامنوا وكانوا يتقون ٦٣لهم ٱلبرسى ِ يف ٱلحيو ِة ٱلدنيا و ِ يف ٱأل ِخر ِة َل تب ِديل ِلك ِلم ِت ِ
َٰ َ ۡ َ َٰ َ
المؤمني تقابلها كيفية ر كيفية عمل " ِۚالوالية" .هناك أيضا كيفية "اليعا " من تشت أيضا إىل اآلية ر يم( ﴾٦٤يونس) .وهذه ٱل َعظ ُ
ُ ۡ َّ ُ َ َ ُ َ ِ
َ ُ
ين َي ۡس َتك ُتون َع ۡن ع َب َادب َس َيدخلون َج َه ان َم َداخر َ ۡ َ ب لك ۡم إن ٱلذ َ ا وب أ ۡس َتج ۡ ا ال َرُّبك ُم ۡٱد ُ ﴿وق َ "االستجابة" من هللا تعاىلَ :
ين﴾٦٠ ِ ِ ِ ِي ِ ِ ِ ِ ِي ع
المؤمني ،وأن المسارات ،أو كيفيات ر وبي عباده يكف للتدليل عىل هذه الروابط الجليلة ربي هللا تعاىل ر (غافر) .لعل يف هذا ما ي
الن تعمل صعودا ونزوال لتمتينها من التعدد والتنوع بما ال يحصيه إال هللا تعاىل ،ولعل نظرة إىل اآليات العمل (المكتمات) ي
المؤمني تعطينا فكرة عن ر االجتماع التوحيدي من ي النظام بمكونات للتعريف النظام هذا عن حديثنا الن أوردناها يف بداية ي
40
الن يمكن أن
الن يمكن أن تنشأ بمقتض هذه العالقات ،والكفاءة ي
وبي هللا تعاىل ،وكيفيات العمل ي
طبيعة العالقات بينهم ر
االجتماع التوحيدي لتحقيق وظائفه االجتماعية.
ي يعمل بها النظام
االجتماع
ي -4.3.4نظام الواقع
النظامي الدنيوي
ر االجتماع ،وهو يقع يف المنطقة الحدودية ربي
ي الشكل رقم ( )5أدناه يضم نموذج نظام الواقع
ه نظم مفتوحة ،بمعن أن حدودها قابلة لالختاق والتوحيدي ،حيث يتقاطع النظامان ،وذلك بسبب أن النظم االجتماعية ي
االجتماع هو دائما محصلة التفاعل
ي الن تتأثر بها وتؤثر فيها .لذلك فإن نظام الواقع
من قبل النظم المجاورة لها ،وتمثل بيئتها ي
التأثت لعوامل المد والجزر
ر النظامي بحسب قوة
ر النظامي الدنيوي والتوحيدي ،وقد تغلب عليه سمات أحد ر الحدودي ربي
المتبادل بينهما عىل الدوام .وقد يتمايز النظامان التوحيدي والدنيوي وال يتقاطعا ،بل يتماسا عند الحدود ،وذلك عندما تكون
الحدود جغرافية ،يف الزمان والمكان ،مما يسمح بدراسة قضايا العالقات الدولية بحسب السناريوهات المختارة (أنظر الشكل
رقم 7أدناه).
41
-1.4.3.4مكونات النظام
الن النظامي الدنيوي والتوحيدي ،وما بينهما ،فهناك المؤمنون بتصنيفاتهم ي ر االجتماع من مكونات ي يتكون نظام الواقع
الن ذكرها القرآن الكريم: بالختات ،وهناك الدنيويون بتصنيفاتهم ي ر ذكرها القرآن الكريم :الظالم لنفسه؛ المقتصد؛ السابق
المرسك؛ الكافر .لكل صنف من هذه األصناف خواصه النفسية ،ومقاصده الحياتية ،ولكنهم جميعا يتشاركون ذات المنافق؛ ر
الن ذكرناها أعاله ،وهم يفعلون ويتفاعلون فيؤثر بعضهم عىل بعض .هذا النظام بهذه النساب ببيئاته ي ي االجتماع
ي الفضاء
ُ
النساب المنطلق من رؤية القرآن للعالم بسبب التعقيد ي ظم يف مجال االجتماع العلم الن ي ي الخواص هو التحدي األكت للبحث
نساب
العلم يف مختلف قضايا االجتماع ال ي ي يأب من تنوع مكونات النظام ،ولكنه أيضا منجم ال ينضب للبحث البالغ الذي ي
الوح الكريم ،بما يف ذلك ما يسم بالقضايا االجتماعية الحدودية ( )boundary issuesالناجمة عن ي من انطالقا المعارصة
طبف ،عنرصي، ي إثن،
ثقاف؛ ي ي دين؛
ي التعدد ،والتنوع بمختلف أشكاله يف المجتمع الواحد ،أو المجتمعات المجاورة:
االجتماع التوحيدي ،الذي هو أصل االجتماع جندري...إلخ .والسبب ف هذا التاء المنهج المفتض هو أن اختاق النظام
﴿و َل َق ۡد َعه ۡد َن ٓا إ َ َٰاىل َء َادمَالنساب ف رؤية القرآن يللعالم ،وقد تأسس يعليه االجتماع النساب األول ،وكان إبليس يأول من اختقهَ :
َ ُ ۡ َ ا َ ا َ ِ َ ِ ُ َّ َ َ ۡ ُ ۡ َ ۡ َ َ ا َ ۡ ُ ُ ْ اي َ َ َ َ َ ُ ا ْ ا ا ۡ َ َ َ ۡ يُ َ ي َ َ َ َ ۡ َ ُ
يس أ َ َٰب ١١٦فقلنا َي َٰ اد ُم ِإن ه َٰ ذا َعدو لك س َول ۡم ن ِجد لهۥ َع ۡز اما ١١٥و ِإذ قلنا ِللمل َٰ ِئك َ ِة ٱسجدوا ِألدم فسجدوا ِإل ِإب َ ِل من قبل فن
جَ ١١٩ف َو ۡس َوسَ َ َ
وع ِف َيها َوَل َت ۡع َر َٰىَ ١١٨وأ ان َك َل َت ۡظ َم ُؤ ْا ِف َيها َوَل َت ۡض َ َٰ
َ ا َ َ ا َ ُ َ ا َٰ َِ َ ۡ َ َ َ ِ ي ُ ۡ َ ا ُ َ َ ۡ َ ا َ َ ۡ َ
ولزوجك فَّل يخرجنكما من ٱلجنة فتشف ١١٧إن لك أَل تج
ََََ َۡ ََ َ ۡ َُ َ َ ۡ َ ُُ َ َ َ َ َ ۡ َ َٰ َ ِ ۡ ِ ا ۡ َ َٰ ُ َ ِ َ َ اَٰ َ ِ ُ َ ۡ َ ُ ِ ُّ َ َ َ َٰ َ َ َِ ۡ ُ ۡ َ ُ ۡ ا َ ۡ َ
ان فص خ ي ا ق ف ِ ط و ا م ه ت َٰ ء و س امه ل ت د ب ف ا ه ن م َّل ك أ ف ١٢٠ ىل ب ي َل كال ي ِۚادم هل أدلك عىل َ َشجر ِة ٱلخل ِد وم ٖ
ل ِإلي ِه ٱلشيط ن ق
ِ ِ ِ ُّ َ َ ۡ َ ا َ َ َ اَٰ َ َ ُ َ ا ُ َ
بيئة له، َعل ۡي ِه َما ِمن ور ِق ٱلجن ِة وعض ءادم ربهۥ فغوى( ﴾١٢١طه) ،يفتح الباب واسعا لتشكل َنظم اجتماعية أخرى تصبح َٰ َ
ُ ۡ َ ا َ ا ُ ۖۡ ُ َ َ َ
ط مست ِقيما فٱت ِبعوه وَل ﴿وأ ان َه َٰ ذا ِ َ َٰ
رص ِ
تتفاعل معه عىل أسس وهويات مجانبة للتوحيد ،وذلك ما حذر منه القرآن الكريمَ :
يُ َ َّ ُ َ ا ُ َ ُ ِۚ َ ُ َََ َ ُ َا ُ ْ
ٱلس ُب َل فتف ارق ِبك ۡم َعن َس ِبي ِل ِهۦذ َٰ ِلك ۡم َو اص َٰىكم ِب ِهۦل َعلك ۡم تتقون( ﴾١٥٣األنعام) .واالختاق ،ومن بعد االختالف ثم التفرق وا ُّ تت ِبع
وه تتقلب يف ابتالء زينة الحياة ر
يأب من الشيطان كما أخرج أبوي البرسية من الجنة ،وقد يأب من طبيعة النفس البرسية ر
َ َ ُّ َ َ ٓ َ ۡ َ َ :ي َ َ َ ا َ ُ ا ا َ َٰ َ ۖۡ ا َ َ َ َ ُ ي َ قد ي
ي ١١٨إ اَل َمن ارحمَ ون ُم ۡخ َتلف َ
ِِر خلقهم ﴿ولو شاء ربك لجعل َ ٱلناس أمة و ِحدة وَل يزال االثني معا ،ولذلك ر الدنيا ،أو غالبا من
ِ ِ
ي( ﴾١١٩هود). ٱلناس أ ۡج َمع َ َ ُّ َ ِۚ َ َ َٰ َ َ َ َ ُ ۡ ُۗ َ َ ا ۡ َ َ ُ َ ِّ َ َ َ ۡ َ َ ا َ َ ا َ َ ۡ ا َ ا
ِر ِ و ة نج
ِ ِ ٱل نمِ م ن ه ج ن أل م أل ك ب
ر ةم لِ ك ت م تو م ربك و ِلذ ِلك خلقه
42
بالنظامي الدنيوي ،والتوحيدي، ر كبتا يف هذا النظام مقارنة الوح ،وإرسال الرسل يحدث فرقا تحليليا ر ي إن افتاض نزول
مؤمني جميع ر فبينما تكون النظام الدنيوي افتاضا من كافرين جميع أعمالهم سيئة ،وتكون النظام التوحيدي افتاضا من
الفرد، برس منهم مؤمن ،ومنهم كافر .فالمؤمنون ،عىل مستوى أعمالهم صالحة وراشدة ،يتكون نظام الواقع االجتماع من ر
َّ ُ َ َ ُ َ َ َ ۡ ۡ ِۚ ا َ َ ۡ َ َ ُ ْ َ َ ا َ َٰ ا َ َ َ َ َ ِّ ً ئ َ َ َ ُ َ ۡ َ َ ُ ْ ُي ُ
وب ِهم خلطوا عمَّل ص ِلحا وءاخر سيئا عس ٱَّلل أن يتوب علي ِهم ِإن وسن﴿ :وءاخرون ٱعتفوا ِبذن ِ اوح ُأعمالهم ربي صالح ،ر
ر ا
تت
َّ َ َ
ٱَّلل غفور ر ِحيم( ﴾١٠٢التوبة) ،والعمل الصالح ذاته درجات فمنه ما هو واجب ،ومنه ما هو مندوب ،ومنه مباح بالجزء
ر
السء أنواع ودرجات بالنسبة الشاطن ،إىل آخر التصنيفات الرسعية لألعمال .كذلك العمل ي ي بمعايت
ر واجب ،أو مندوب بالكل
بع ،ومن حيث ي هو ما ومنه منكر، هو ما ومنه ومقتا، فاحشة هو ما ومنه فاحشة، هو ما النوع، حيث للمؤمني ،فمنه ،من ر
الشاطن...إلخ .لذلك ي بمعايت
ر بالكل مكروه أو ام،ر ح بالجزء مباح هو ما ومنه مكروه، هو ما ومنه ام،ر ح هو ما فمنه الدرجة
بالختات بإذن ر االجتماع هذا ،فمنهم ظالم لنفسه ،ومنهم مقتصد ،ومنهم سابق المؤمنون درجات عند هللا يف نظام الواقع
ۡ َۡ ۡ ِّ َ ۡ َ َ ۖۡ َ ۡ ُ :ا َ ۡ َ ۡ َ ۡ َ َٰ ي َ َّ َ ۡ َ َ َ
ٱصطف ۡينا ِم ۡن ِع َب ِادنا ف ِمن ُه ۡم ظ ِال َم لنف ِس ِهۦ َو ِمن ُهم ُّمقت ۖۡ ِصد َو ِمن ُه ۡم هللا ،وجميعهم موعودون بالمغفرة ﴿ثم أورثنا ٱل ِكت ب ٱل ِذين
اس ُه ۡمون َها ُي َح َّل ۡو َن في َها م ۡن أ َساو َر من َذ َهب َو ُل ۡؤ ُل اؤا َول َب ُ
َ ا َٰ ُ َ ۡ َ ۡ ُ ُ َ َۡ َّ ِۚ َ َ ُ ۡ َ ۡ
ٱَّلل ذ َٰ ِلك ه َو ٱلفض ُل ٱلك ِب ر ُت ٣٢جن ت عد ٖن يدخل
ۡ َ ُۢ ۡ
ق ِبٱل َخ ر ۡ َ َٰ
ِ ٖ ِ ِ ِ ِ ت ِت ِب ِإذ ِن ِ س ِاب
ِف َيها َح ِرير( ﴾٣٣فاطر).
الكافرون يف هذا النظام أيضا أنواع ،وإن كانت جميع أعمالهم سيئة ،فمنهم منافقون هم أقرب للكفر منهم لإليمان ،ومنهم
مرسكون ،ومنهم كافرون .ولكل من هذه األصناف خواص شخصية مختلفة مما ينعكس منافقون مردوا عىل النفاق ،ومنهم ر
االجتماع،
ي غتهم يف إطار نظام الواقع
االجتماع مع ر
ي االجتماع الذي يصدر عنهم ،ومن ثم طبيعة تفاعلهم
ي عىل نوع الفعل
مما ينعكس عىل مآالت النظام ككل.
فالتغيت يف
ر االجتماع هذا ال حرص لها،
ي الن يمكن تصورها ودراستها من خالل نظام الواقع سناريوهات النظم االجتماعية ي
تغيت يف جميع معطيات النظام ،يف مكوناته، ...
النسب الديمغرافية ،أو يف االنتماءات الدينية ،أو الثنية ،أو الثقافية إلخ يؤدي إىل ر
كثتة
ر نماذج يعطينا الكريم آن القر .التغيت
ر وف مآالت هذاالتغيت فيه ،ي
ر يف بيئته ،يف نسيجه ،يف كيفيات عمله ،يف دينامية
وباف التكيبة المجتمعية من جهة والمؤمني من أتباعهم من جهة ،ي
ر النساب ممثلة يف الرسل
ي لتمظهرات هذا النظام عت التاري خ
المدب خ رت شاهد عىل ذلك ،وليس أدل عىل حقيقة هذا النظام من ي المك ،والعهد النبوي
ي أخرى ،ولعل العهد النبوي
المجتمعات النسانية المعارصة ،وما يمور فيها من أحداث.
-2.4.3.4بيئة النظام
االجتماع ينضاف إىل ما كان فيها من مكونات يف النظم السابقة
ي ُيظهر الشكل رقم ( )5أن البيئة الخارجية لنظام الواقع
مفهوميي،
ر كنظامي
ر االجتماع التوحيدي .هذان النظامان يردان هنا
ي االجتماع الدنيوي ،والنظام
ي مكونان جديدان هما :النظام
النفس لإلنسان الذي ر
متباينتي للعالم ويجعالن من النفس البرسية مستقرا ومستودعا ،فهما جزء من النظام ر رؤيتي
ر يشكالن
ي
.
االجتماع والغرض من هذا
ي استعرضناه سابقا يف هذا البحث ،ويشكالن وعيه ،ومن خاللهما يفعل ويتفاعل ،ويؤثر يف الواقع
عىط مقاربة
ي ي ثم ومن ، االجتماع
ي الن تجري يف نظام الواقع
منهج يفيد يف دراسة التفاعالت االجتماعية ي ي التجريد النظري
نظرية لما يجري فعال يف الواقع.
االجتماع ،ويشكالن عىل الدوام بيئة متفاعلة معه ،وقد يكون
ي هذان النظامان خرج من تفاعلهما الحدودي نظام الواقع
االجتماع كما
ي التغيت
ر وهذا .الغالب النظام معطيات نحو االجتماع
ي التغيت يف نظام الواقع
ر تأثت أحدهما أكت من اآلخر فيتجه
ر
غت منظور ،وقد يكون إصالحيا رفيقا ،وقد يكون ثوريا عنيفا .هناك بيئة عالم الشهادة أسلفنا قد يكون تطوريا ( )Evolutionaryر
"الشياطي"؛ "الجن" و"المالئكة" ،وهناك
ر "الوح"؛ "األرض" و"السماوات" ،وبيئة عالم الغيب المكونة مني المكونة من
شء فاطر السماوات واألرض ،عالم الغيب والشهادة ،المصدق والمهيمن عىل هذا التفاعل الكوب ومآالته ،وهو عىل كل ر
ي ي
شء قدير. ر
شهيد ،وهو عىل كل ي
-3.4.3.4نسيج النظام
االجتماع تعتمد عىل السناريو الذي يعتمده الباحث ،لكن إجماال
ي تبن نسيج ،أو بنية نظام الواقع
الن ُ ي
العالقات الرابطة ي
مؤمني تربطهم روابط
ر المؤمني أنفسهم ،باعتبارين ،األول باعتبارهم
ر بن من روابط فيما ربيالداخىل للنظام ي ي
ي فإن النسيج
المؤمني ،وتؤثر طبيعة المخالطة عىل هذه الروابط ،فمخالطة ر لغت
مخالطي ر
ر مؤمني
ر والثاب باعتبارهم
ي أخوة اليمان،
وغتهم يف هذا النظام
المؤمني ر
ر غت مخالطة الكافرين .نذكر من العالقات العامة الرابطة ربيكي ،ر غت مخالطة ر
المرس ر المنافقي ر
ر
43
ُ َ َ ُ ُ َ ۡ ِّ ا َ ۡ َ َٰ ُ ُ َّ ُ َ َّ َ َ َ ُ ُ
ين َول َ ۡم ُيخ ِر ُجوكم ِّمن ِد َي َٰ ِرك ۡم أن ت َ ُّتوه ۡم ين ل ۡم ُيق َٰ ِتلوك ۡم ِ يف ٱلد الت" ورابط "القسط"َ﴿ :ل ينهىكم ٱَّلل ع ِن ٱل ِذ االجتماع رابط " ر
َٰ َ :ا ُّ َ َّ َ َ َ ُ ْ ُ ُ ْ َ ا َٰ َ َّ ِ َ َ ُ ۡ ُ ا ي ْ َ ۡ ۡ ِۚ ا َّ َ ُ ُّ ۡ ُ ۡ
َّللالعيل" ﴿ي أيها ِۚ ٱل ِذين ءامنوا كونوا قو ِ ُم ري ِ ِ وتقسطوا إليهم إن ٱَّلل يحب ٱلمقسط ري( ﴾٨الممتحنة) .هناك أيضا رابط "
ُ َ َ ِ ٓ َ ۡ ِ ۡ ِ ۖۡ ِ َ َ َ ۡ َ ِ ا ُ ۡ َ َ ِ ُ ِ َ ۡ َ َ َٰا َ ا َ ۡ ُ ِۚ ْ ۡ ُ ْ ُ َ َ ۡ َ ُ ا ۡ َ َٰۖۡ َ ا ُ ْ َّ َ ا َّ َ َ ُ ۢ َ َ ۡ َ َ
شهداء ِبٱل ِقس ِط وَل يج ِرمنكم شن ان قو ٍم عىل أَل تع ِدلوا ٱع ِدلوا هو أقرب ِللتقوى وٱتقوا ٱَّلل ِإن ٱَّلل خ ِب رت ِبما تعملون﴾٨
األحوال العادية .ولكن (المائدة) .وهناك رابط "اإلحسان" ،ألن هللا تعاىل يأمر َبالعدل والحسان مما ينطبق عىل هذا النظام ف
ف َي ۡأب َّ ُ
ٱَّلل ب َق ۡوم ُيح ُّب ُهمۡ نك ۡم َعن دينهۦ َف َس ۡو ي ََ َٰا ُّ َ َّ َ َ َ ُ ْ َ َ ۡ َ ا ُ
هناك أيضا رابط "العزة" إذا اقتضت العالقة ذلك:
﴿ي أي َها ٱل ِذ َين ءامن َّوا َم َن َي َرتدُ ِم َ َ ۡ َ َ َ اِ ِِۚ ِ َ َٰ َ َ ۡ ُ ِ ي َّ ُ ۡ ِ ٖ َ ِ َ َ ٓ َُِۚ ُ ُّ َ ُ ا َ َّ َ َ ۡ ُ ۡ َ َ ا َ َ ۡ َ َٰ َ ُ َ َٰ ُ
يه من يشاء ٱَّلل يؤ ِت ِ
ٱَّلل وَل يخافون لومة ل ِئ ٖم ذ ِلك فضل ِ يل ِ َوي َِّحُب َونهۥ رأ ِذل َ ٍة عىل ٱلمؤ ِم ِن ري أ ِعز ٍة عىل ٱلك ِف ِرين يج ِهدون ِ يف س ِب ِ
يم( ﴾٥٤المائدة). وٱَّلل َٰو سع عل ر
ِ ِ
ومرسك ،وكافر. كذلك هناك الروابط فيما ربي الكافرين أنفسهم ،بذات االعتبارين أعاله ،وباعتبار اختالفهم ربي منافق ،ر
بالمؤمني وتعت عن مكنونات أنفسهم .وال نخوض يف تفصيل هذه الروابط الداخلية ،فقد ذكرنا ر الن تربطهم وهناك الروابط ي
وه تجري عىل منوال تحليلنا ي تطول، القصة و التوحيدي، االجتماع ونظام الدنيوي، االجتماع نظام عن حديثنا بعضها عند
العلم الذي يمثل هذا البحث والذي ي ه من مكونات برنامج البحث للنظم السابقة ،ومكانها بحوث الحقة ،إن شاء هللا تعاىل ،ي
سبقه إطاره النظري العام.
(الوح،
ي وبي مكونات البيئة الخارجية يف عالم الشهادة االجتماع ر
ي هناك العالقات الرابطة ربي مكونات نظام الواقع
األرض ،السماوات) ،وتعتمد طبيعة هذه الروابط عىل نوع مكونات النظام ،إن كانت من المؤمن ري ،أم من الكافرين .سبق أن
المؤمني تربطهم روابط
ر يأب من كون بالوح يف إطار النظام التوحيدي ،لكن ههنا جديد يف هذه العالقة ي ي المؤمني
ر بينا ما يربط
الوح تناسب هذه الروابط ،منها مثال عالقة مع لهم عالقة يستدع مما االجتماع الفضاء ذات ف المؤمني
ر ي غتمعينة مع ر
ا َ ا َ ۡ َ َٰ َ َ ي َ َٰ ۡ ُ ي ََ ُ ي
(الفرقان)؛ المؤمني﴿ :فَّل ت ِط ِع ٱلك ِف ِرين وج ِهدهم ِب ِهۦ ِجهادا ك ِب رتا﴾٥٢
ر "الجهاد بالقرآن" دعوة لآلخرين بالدخول يف زمرة
َََ
:
االجتماع يف الزمان والمكان ﴿أفَّل
ي ومنها "جيلية ِۚاألص والعرص" لجعل رؤية القرآن للعالم تواكب تحديات الفعل والتفاعل
ۡ َ ا َ َ ۡ َّ َ َ َ ُ ْ َََ ا َ ُۡ َ َ ََۡ َ َ ۡ
المؤمني درجات يف
ر تفاوت فإن كذلك ٱخ ِتل َٰ فا ك ِث ر اتا( ﴾٨٢النساء)...إلخ. يه
ٱَّلل لوجدوا ِف ِ يتدب ُرون ٱلق ۡرءان ولو كان ِمن ِع ِ
ند غ ر ِت ِ
الوح ،فالظالم لنفسه قد ي بالختات يؤسس لعالقات متفاوتة مع ر إيمانهم يف هذا النظام ربي ظالم لنفسه ،ومقتصد ،وسابق
بالختات قد تكون عالقتهم به "حق ر تكون عالقته "الهجر" ،والمقتصد قد تكون عالقته "ما تيش م القرآن" ،والسابقون
تالوت ".
بالوح بينا حقيقتها يف مناقشتنا لنظام االجتماع الدنيوي ،لكن ههنا أيضا جديد بسبب ي المؤمني
ر لغت
العالقة العامة ر
الوح يقتضيها جدال ي وبي اجتماع واحد مما قد يؤسس لعالقة "جيلية" بينهم ر ي المؤمني يف فضاء
ر وبيالتفاعل بينهم ر
﴿ٱد ُع إ َ َٰىل َسبيل َرِّب َك ب ۡٱل ِح ۡك َم ِة َو ۡٱل َم ۡو ِع َظ ِة ۡٱل َح َس َن ِۖۡة َو َج َٰ ِد ۡل ُهم ب َّٱل ِن ِ َ
ه
ۡ :
الحسنة والموعظة وبالحكمة ،بالحسن المؤمني لهم
ر
ِ ي ي ِ َ ُ َ ۡ َ ۡ ۡ َِ َ ِ ِ َ َ َ ۡ َ ُ ِۚ ا َ ا َ ُ َ َ ۡ َ ُ َ َ
أحسن ِإن ربك هو أعلم ِبمن ضل عن س ِبي ِل ِهۦ وهو أعلم ِبٱلمهت ِدين( ﴾١٢٥النحل) ،وقد تكون عالقة "لغو" طلبا للغلبة عىل ُ ُ َ ا
َ َّ ُ َ ۡ َ َ َ َ َّ َ َ َ ْ َ َ ۡ َ ُ ْ َ َ ۡ ُ َ َ ۡ َ ۡ ْ
يه ل َعلك ۡم تغ ِل ُبون﴾٢٦ المؤمني اقتضتها عالقات رصاعية معهم﴿ :وقال ٱل ِذين كف ُروا َل تسمعوا ِله َٰ ذا ٱلق ۡرء ِان وٱلغوا ِف ِ ر
(فصلت).
االجتماع التوحيدي ،وأهمها عالقة ي الن أكدناها يف إطار النظام المؤمني باألرض تتفق مع تلك ي ر الن تربط الروابط ي
التمكي" ولكن . ر التسةت" ،وعالقة " ر "االستةالف"؛ عالقة "االستعمار"؛ عالقة "اإلصالح"؛ عالقة "االعتفار"؛ عالقة "
المؤمني يف ر بغتر عالقتهم إليه مضافا بالختات، ر المؤمني درجات يف هذا النظام ،ربي ظالم لنفسه ،ومقتصد ،وسابق ر كون
ه يف المؤمني باألرض ي ر غت الن تربط ر االجتماع ،قد يدخل عالقات جديدة مع األرض مثل "اإليساد" .الروابط ي ي ذات الفضاء
جوهرها عالقة "استغالل" وعالقة "إيساد".
ٱلس َم َٰ َ َٰو ِت َو َ َما ِ يف ﴿و َس اخ َر َل ُكم اما ف ا عالقة المؤمني بالسموات ه عالقتان إيجابيتان ،وأخرى سالبة؛ عالقة "تسةت"َ :
ر ر
ۡ ي َ ۡ ِ ا َ َٰ َ َ ا َ َٰ ي ِّ َ ۡ َ َ َ َّ ُ َ َ ا ِّ ۡ ُِۚ ا َۡ
ض ر ۡ ٱأل و َ ت َٰ
و َ َٰ م َ ا
ٱلس ق ل خ ف ن ﴿إ : بآياتها " اعتفار " وعالقة (الجاثية)، ﴾ ١٣ ونر ك ف تي م وق ل ت يأل ك ل ذ ف نإ ض ج ِميعا منه ٱأل ۡر
َِ ِ َ ۡ ِ َ ي
ٓ َ ِ ِ َ
ۡ َ ۡ َ َ َ ُ ا َ َ َ ٓ َ َ َّ ُ َ ا ٓ ٖ ٖ
ۡ ُ ۡ َّ َ ِ ي ِ ِ َّ ِ ۡ َ
ۡ َ َ ا
ض َب ۡعد َم ۡو ِتها ٱلس َما ِء ِمن اما ٖء فأ ۡح َيا ِب ِه ٱألر َوٱخ ِتل َٰ ِف ٱل ۡي ِل َوٱلن َه ِار َوٱلفل ِك ٱل ِ ين ت ۡج ِري ِ يف ٱلبحر بما ينفع ٱلناس وما أنزل ٱَّلل من
َ ِ ۡ ُ ِ َ ا َ ۡ َ ا َ ٓ َ ۡ َ ۡ َ ا َ َِٰ ِّ َ ۡ َ ۡ ُ ٱلر َي ح َو ا َٰ َ ٓ ُ
ث ِف َيها ِمن ك ِّل َدا اب ٖة َوت ۡرصيف ِّ ََ ا
ض ألي ٖت لقو ٖم يع ِقلون( ﴾١٦٤البقرة) .وأما العالقة ِ اب ٱلمسخ ِر ب ري ٱلسما ِء َ وٱألر ِ ٱلس َح َ ِ ِ ِ وب
َ ُ ۡ ُ َ ۡ َ ۡ ُ َ َ ۡ َ ُ ُّ َ َ َ ۡ َ ۡ َ َٰ َ ا َ َ ۡ ِّ ِّ ََ
ض يمرون عليها وهم عنها مع ِرضون( ﴾١٠٥يوسف). فه عالقة "اإلعرام"﴿ :وكأين من ءاي ٖة ِ يف ٱلسم َٰو ِت وٱألر ِ السالبة ي
ينبع أن ي الن المؤمني يف هذا النظام درجات ،فمنهم الغافل المعرض عن عالقة "التفكر" ي ر األختة متأتية من أن ر والعالقة
بالختات". ر تربطه بخلق هللا يف عالم الشهادة حن يخرج من حال "الظالم لنفسه" ،ومن حال "المقتصد" إىل حال "السابق
ه عالقة "استغالل" ،تؤدي إىل عالقة الن تربطهم بالسموات تماثل عالقتهم باألرض ،ي المؤمني فعالقتهم الجوهرية ي ر غت أما ر
44
"إيساد" ،كما أوضحنا ذلك يف إطار النظام الدنيوي ،ولكن هناك من تربطهم عالقة "تقييس" ببعض مكونات السماء كعبادة
َ ََ َ ۡ َ َ َٰ َّ ۡ ُ َ ا َ ُ َ ا ۡ ُ َ ۡ َ َ ُ ِۚ َ َ ۡ ُ ُ ْ ا ۡ َ َ ۡ َ َ َ ۡ ُ ُ ْ َّ ِۤ َّ
َّلل ٱل ِذي خلق ُه ان الكواكب﴿ :و ِمن ءاي ِت ِه ٱليل وٱلنهار وٱلشمس وٱلقمر َل تسجدوا ِللشم ِ
س وَل ِللقم ِر وٱسجدوا ِ ِ الشمس ،وعبادة
ُ ُۡ ا ُ َُُۡ َ
ون( ﴾٣٧فصلت). ِإن كنتم ِإياه تعبد
"الشياطي"" ،الجن" "والمالئكة" عالقات ر االجتماع بمكونات عالم الغيب من ي الن تربط مكونات نظام الواقع العالقة ي
يوح بعضهم ِۚ إىل بعض والجن َ ي شياطي النس ر شياطي الجن فقط ،بل ر بالغة التعقيد والتشابك ،إذ لم يعد لدينا يف هذا النظام
ورا َو َل ۡو َش ٓاءَ
ف ۡٱل َق ۡول ُغ ُر اوح َب ۡع ُض ُه ۡم إ َ َٰىل َب ۡعض ُز ۡخرُ ي ۡٱلنس َو ۡٱلج ِّن يُ ﴿و َك َ َٰذ ِل َك َج َع ۡل َنا ِل ُك ِّل َن ٍّ
ن َع ُد اوا َش َي َٰ ط َ زخرف القول غروراَ :
ِ ن ئ ِ ِ ي ِ ِ ر ِ ِ ِي َ ُّ َ َ َ َ ُ ۖۡ ُ َ َ ۡ ُ ۡ َ َ َ َ ُ َ
ۡ
الشيطاب تتضافر جهوده ليجعل هذا ي الثناب
ي هذا بل فحسب، هذا ليس .(األنعام) ﴾ ١١٢ ون ربك ما فعلوه فذرهم وما يفت
تأثتا بالغا يف خياراتهم الحياتية، الن تربطه بالناس يف هذا النظام ،فيؤثر بذلك ر الزخرف من القول أساسا لعالقة "الوسوسة" ي
االجتماع لذلك أعرض هنا عن الخوض يف تفاصيل هذه . ي وغت المقصودة من الفعل والتفاعل ومن ثم يف النتائج المقصودة ،ر
الروابط ،ونرجئها إىل بحوث الحقة ،ولكن القارئ الحريص يمكنه أن يأخذ فكرة عامة عن طبيعتها مما سبق ذكره يف إطار
النظامي الدنيوي والتوحيدي أعاله. ر
(الشياطي ،الجن،
ر االجتماع هذا أكت تعقيدا من عالقة مكونات عالم الغيب ي هللا تعاىل عالقته بالناس يف نظام الواقع
الكوب ،بداية ونهاية وما
ي الخلق وعظمة تعاىل،و تبارك الخالق عظمة مع يتناسب الن ذكرتها آنفا ،وهذاالمالئكة) بالناس ي
ئ
السعت .نرح أيضا الخوض يف هذا األمر العظيم إىل بحوث الحقة ر بينهما ،وما يؤول إليه األمر كله :فريق يف الجنة وفريق يف
ه أن كل هذه الشبكة الكثيفة من العالقات نفصل فيها هذا المجمل من القول إن شاء هللا تعاىل ،لكن الخالصة المهمة هنا ي
وبي الخالق، ر ذلك كل وبي
ر والشهادة، الغيب وبي بيئته يف عالم
النساب يف تفاصيله اليومية ،ر
ي االجتماع
ي والروابط ربي الواقع
ه ما يصنع هذه النظم االجتماعية العادية ،ومآالتها من األحداث األرضية ،االجتماعية والطبيعية .إن أي تبارك وتعاىل ،ي
ر
الن تقع فيها ،أو دراسة كيف تعمل النظم االجتماعية البرسية سوف العلم لهذه األحداث يف إطار النظم ي ي للتفست
ر محاولة
يكون معيبا يف منطلقاته الوجودية ،والمعرفية ،والمنهجية ،ومن ثم يف نتائجه العلمية ما لم تتم صياغة هذه النظم يف كامل
أبعاد نسيجها الوجودي الذي بينا ما وسعه جهدنا منه يف هذا البحث .وهذا تحد للفلسفة السالمية للعلوم ال تحسد عليه،
النساب يف حاجة ماسة إليه وهو يتخبط يفي العلم يف مجال االجتماع
ي ولكن ال مهرب من التجرد له ،وإنجازه ألن البحث
متاهات الفلسفات العلمية الدنيوية.
-4.4.3.4كيفيات عم النظام
أسلفنا القول إن كيفيات العمل (المكتمات) يف الطريقة النظمية لدراسة النظم االجتماعية يقصد بها مسارات الفعل
الن تفرسوه ي المعي ،ير االجتماع الذي يربط مكونات النظام
ي الن تربط ربي األسباب ومسبباتها من خالل النسيج االجتماع ي
ي
ّ
تفستا ألحداث حدثت يف النظام مما أثار ر االجتماع المحدد بما يمكنه من تحقيق وظائفه ،أو تعطينا ي النظام يعمل كيف
.
الباحثي ،ويرغبون يف معرفة كيف حدث ما حدث ذلك يف الفلسفة العلمية المادية ،ولكن الرؤية الوجودية القرآنية ر فضول
ع. ي االجتما النظام معطيات كل ف ي بالغ تعقيد إىل يؤدي مما ،االجتماع
ي النظام مع سببيا تتداخل غيبية أبعادا تضيف أيناكما ر
ّ
تنظتية تمكن من تطوير نظرية ر جىل ،تحتاج إىل خيال مبدع من الباحث ،وقدرات خف ،وليس ي كيفيات العمل بطبيعتها أمر ي
االجتماع
ي الوح الكريم ،أو من النظام
ي عن كيفية العمل المقتحة يمكن اختبارها تجريبيا ،سواء تم استلهام الكيفية المعنية من
التجرين موضوع البحث .كيفيات العمل الحقيقية تؤدي عملها ،وتحدث أثرها المرتبط بها ،سواء يف عمل النظام ،أو يف وقوع ي
تأثتا ،وتعمل يف اتجاه مساوق ،أو األحداث ،ولكن يمكن لألثر أال يكون ملحوظا إذا طغت عليه آثار كيفيات عمل أخري أقوى ر
معاكس .كذلك يمكن أن تكون هناك عدة كيفيات عمل تنتج ذات األثر ،وبعضها أفعل من بعض يف إنتاجه .هذه الحقائق
تأثت متنافرة ،سواء يف مكوناته ،أو يف نسيجه ،أو مسارات االجتماع الذي تتجاذبه قوى ر
ي الوجودية أكت ما تكون يف نظام الواقع
الفعل فيه.
االجتماع ،تعمل باعتبارين:
ي المؤمني ،أحد مكونات نظام الواقع
ر الن تعمل يف إطار العالقات الداخلية ربي
كيفيات العمل ي
والثاب باعتبار
ي ؛المنكر عن وينهون روف بالمع يأمرون بعض أولياء بعضهم باعتبار بينهم ذات ف المؤمني
ر ي األول عالقات
االجتماع الذي يختاره الباحث لدراسته.
ي المؤمني ،وطبيعة كيفيات العمل هذه تعتمد عىل سناريو الواقع
ر لغت
مخالطتهم ر
التحليىل يرسي
ي .
للمؤمني هذا المنطق
ر بغتهم من المنطلقات القيميةالمؤمني ر
ر الن تربط
وينطبق ذلك عىل الروابط الداخلية ي
المؤمني.
ر وبي
للمؤمني ،وفيما بينهم ر
ر المؤمني يف ذات بينهم ،ومن منطلق مخالطتهم
ر غت
أيضا عىل عالقات ر
45
الن يبدأ بها الباحث بحثه فال معن للخوض يف تفاصيل كيفيات العمل إذن ،ما دام األمر كله يعتمد عىل السناريوهات ي
وف عالم الغيب ،وكذلك يف العالقة مع هللا تعاىل ،وما مض من
الفاعلة يف عالقات النظام ببيئته الخارجية يف عالم الشهادة ،ي
ينبع أن يجري هنا أيضا.
عىط صورة واضحة لما ي تفصيل لألمر يف النظم السابقة أعاله ي ي
46