Professional Documents
Culture Documents
الخامسةُ) ُ
َ (ال ِّر َسالَةُُ
فيما نَ ْعلَ ُم ه ِذهِ ِرسالَةمل ي ؤلَّ ْ ِ
ف مثْ لُها َ َ َ َُ
(ع ِقْي َدة)
َ
ِ
الرسالة بحث أصل هذهِ
ُ
ِ
اإلسالمية ِ
الدراسات ِ
مرحلة الماجستي ِر في في
ِ
الرؤوف ال ُمنَا ِوي دار ا ِإلم ِام ع ِ
بد َُ َ َ
بن َع ْدنَا َن ال ُمنا ِوي
ف ُوس ُ أَبُو الطيِّ ِ
ب يُ ُ
ات ا ِإلس ِ
الميَّ ِة ِ ِ
ِّراس ِ ْ يج ُكلِّيَة ا ِإل َم ِام األَوزاع ِّي في الد َ
خر ُ
1
الطَّْب َعةُ األُولَى
1436ه 2015 -
الشر ِع اإلس ِ
الم ِّي ْ َح ِ
كام َّ ْ َع َمالا بِأ ْ
ف وال النّ ِ
اش ِر ت مقصوراة على الم َؤلِّ ِ
س ْ َّ
ُ ُح ُقو ُق الط ْب ِع لَْي َ
يمكن تحميل هذا الكتاب وغيره من كتب المؤلف من موقع اإلمام المناوي
www.almunawi.com
2
الديْن الن ِ
َّص ْي َحةُ﴾1 ﴿ ِّ ُ
صلَّى اهللُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم: قال رس ُ ِ
ول اهلل َ َ ُ
2
اعةَ» «إِ َذا ُو ِّس َد األَ ْم ُر إِلَى غَْي ِر أ َْهلِ ِه فَانْ تَ ِظ ِر َّ
الس َ
َّصيحةُ هللِ ِ ِ ِ ي -رِِحه اهلل -يف ِ ِ ِ َ 1ح ِديث َش ِريْف ،قَ َ
ين الن َ باب قول النَِِّب صلَّى اهللُ عليه وسلَّ َم« :الد ُ صحْيحهُ : َ ال البُ َخا ِر ُّ َ َ ُ ُ
لتوبة :اآلية .91انظُر كتاب ا ِإل ِ
ُيان وعامتِ ِهم» ،وقَولِِه تَعاىل﴿ :إِ َذا نَصحوا هللِ ورسولِِه﴾ سورةَ ا ِ ني َّ ِِ ِ ِ ِ ِ
ْ َ ُ ََ ُ َُ َ ولر ُسوله وِلَئ َّمة املسلم َ َ
ِ َّ ِ َّ ِ ٍ ِ ٍ ِ ِ ِ
يحةُ» ين النَّص َ ال« :الد ُ صلى اهللُ َعلَْيه َو َسل َم ،قَ َ َن النِ َّ
َِّب َ عن ََتيم الدَّاري أ َّ يح ُم ْسلم (ْ )74/1 صح ِ باب 42ج .20/1ويف َ
َّسائِ ُّ ُّ ِ قُ ْلنَا :لِمن؟ قَ َ ِ ِ ِ ِ ِ ِِ ِ ِ ِ ِ
مذي والن َداود والِّ ُّ أِحد وأبو َ مام ُ ني َو َع َّامت ِه ْم» .ورواه أيضاً اإل ُ ال« :هلل َولكتَابِه َولَر ُسوله َوِِلَئ َّمة الْ ُم ْسلم َ َْ
ِ
ك. بِنَح ِو ذَل َ
يحةُ»: ِ ِ ِ العالََّمةُ ابْن َح َج ٍر َ ِ
ين النَّص َ الع ْس َقالِنُّ يف َشرِح َحديث «الد ُ ُ ال َ قَ َ
س ِيف الْ َك َالِم كِْل َمة ِ ِ ِ ِ ِ َّصيحةُ كِْلمة ج ِامعة معناها ِحيازةُ ْ ِ اْلطَّ ِ ُّ ِ
وح لَهَُ ،وه َ ُّ م ْن َوجيز الْ َك َالم ،بَ ْل لَْي َ صِ اْلَظ ل ْل َمْن ُ اِب :الن َ َ َ َ َ ْ َ َ َ َ ال َْ قَ َ
َح ُد أ َْربَ ِاع الدي ِنَ ،وِِم َّْن يث الَِِّت قِ ِ ِ
يل ف َيها إن ََّها أ َ َ
يث ِمن ْاِلَح ِاد ِ
اْلَد ُ َ َ
م ْفردة تُست و ََف ِِبا الْعِبارةُ عن معَن ه ِذهِ الْ َكلِم ِة .وه َذا ْ ِ
َ ََ ُ ََ ْ َ ْ َ َ َ َ ْ َ ْ َ َ
ِ ِ ِ
ض الدي ِن ُكلهِ ،لَنَّهُ ُمْن َحصر ِيف ْاِلُُموِر ِ
ي :بَ ْل ُه َو َو ْح َدهُ ُُمَصل لغََر ِ ال الن ََّوِو ُّ ِ
َسلَ َم الطُّوس ُّ َُّ .وقَ َ َعدَّهُ فِ َيها ِْ
اإل َم ُام ُُمَ َّم ُد بْ ُن أ ْ
الرْهبَةُ ِم ْن اعتِ ِهَ ،و َّ ِ ِ اهراً وب ِ ِ ص ُفهُ ِِبَا ُه َو لَهُ أ َْهلَ ،و ْ ِ ِ
الر ْغبَةُ ِيف َُمَابه بِف ْع ِل طَ َ اطناًَ ،و َّ وع لَهُ ظَ َ َ ض ُ اْلُ ُ يحةُ لل َو ْ الَِِّت ذَ َكَرَها ،فَالنَّص َ
ني إِلَْي ِه. ِ
اد ِيف َرد الْ َعاص َ
صيتِ ِه ،و ِْ
اْل َه ُ
ِ ِِ ِ ِ ِ
َم َساخطه بتَ ْرك َم ْع َ َ
الس َالم :يا روح اهللِ ِ ال ْ ِ ِ ِ ب َعلِ ٍّ ُّ قَ َ اح ِ ي عن عب ِد الْع ِزي ِز ب ِن رفَي ٍع عن أَِِب ُُثَامةَ ص ِ
يسى َعلَْيه َّ ُ َ ُ َ اْلََواريُّو َن لع َ ال :قَ َ َ َ َوَرَوى الث َّْوِر ُّ َ ْ َْ َ ْ ُ ْ َ ْ
ال :الَّ ِذي يُ َقد ُم َح َّق اهللِ َعلَى َحق الن ِ
َّاس. َّاص ِح هللِ؟ قَ َ م ِن الن ِ
َ
ودهِ، ظ حد ِ ِ ِ
يمهَُ ،وإِقَ َامةُ ُحُروف ِه ِيف الت َال َوةَ ،وََْت ِريُُرَها ِيف الْ ِكتَابَِةَ ،وتَ َف ُّه ُم َم َعانِ ِيهَ ،و ِح ْف ُ ُ ُ
ِ ِ ِ ِ ِ ِ
يحةُ لكتَاب الل تَ َعلُّ ُمهَُ ،وتَ ْعل ُ َوالنَّص َ
َّصيحةُ لِرسولِ ِه تَع ِظيمه ،ونَصره حياً وميتاً ،وإِحياء سنَّتِ ِه بِتَعلُّ ِمها وتَعلِ ِ ِ ب ََت ِر ِ ِ ِ ِ
َوالْ َع َم ُل ِِبَا ف ِيهَ ،وذَ ُّ ْ
يم َها، ني َعْنهَُ .والن َ َ ُ ْ ُ ُ َ ْ ُُ َ ا َ َ َ ْ َ ُ ُ َ َ َ ْ يف الْ ُمْبطل َ
ين إِ َعانَتُ ُه ْم َعلَى َما ِحلُوا الْ ِقيَ َام بِِهَ ،وتَْنبِ ُيه ُه ْم ِِ َّص ِ ِ ِ ِ ِِ ِِ ِِ ِ ِ ِ
يحةُ ألَئ َّمة الْ ُم ْسلم َ َواالقْت َداءُ بِه ِيف أَقْ َواله َوأَفْ َعالهَ ،وَُمَبَّتُهُ َوَُمَبَّةُ أَتْ بَاعهَ .والن َ
يحتِ ِه ْم َدفْ ُع ُه ْم َع ِن ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِِ ِ ِ ِ
عْن َد الْغَ ْفلَةَ ،و َس ُّد َخلَّته ْم عْن َد ا ْْلَْف َوةَ ،وَجَْ ُع الْ َكل َمة َعلَْيه ْمَ ،وَرُّد الْ ُقلُوب النَّافَرةِ إلَْيه ْمَ ،وم ْن أ َْعظَ ِم نَص َ
وم ِه ْمَ ،ونَ ْش ِر َمنَاقِبِ ِه ْم، َّصيحةُ َْلم بِبث علُ ِ ِ
ني أَئ َّمةُ اال ْجت َهادَ ،وتَ َق ُع الن َ ُ ْ َ ُ
الظُّْل ِم بِالَِِّت ِه ُّ أَحسن .وِمن َجلَ ِة أَئِ َّم ِة الْمسلِ ِم ِ ِ ِ ِ
ُْ َ َ ْ َ ُ َ ْ ُْ
ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ َّص ِ ِ ِِ وََْت ِس ِ
يم ُه ْم َما يَْن َف ُع ُه ْم،ود نَ ْفعُهُ َعلَْيه ْمَ ،وتَ ْعل ُ يما يَعُ ُ الس ْع ُ ُّ ف َ
الش َف َقةُ َعلَْيه ْمَ ،و َّ ين َّ يحةُ ل َع َّامة ال ُْم ْسلم َ ني الظَّن ِب ْمَ .والن َ َ
ِ ِ ِ
ب لنَ ْفسهَ ،ويَكَْرَه َْلُ ْم َما يَكَْرهُ لنَ ْفسه .اه ِ ِ ِ ِ
ب َْلُ ْم َما ُُي ُّ ِ ِ
ف ُو ُجوه ْاِلَ َذى َعْن ُه ْمَ ،وأَ ْن ُُي َّ َوَك ُّ
ث ال َق ْوَمَ ،جاءَهُ س ُُيَد ُ صلَّى اهللُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم ِيف ََْملِ ٍ َِّب َال :بَْي نَ َما النِ ُّ حيح ِه (َ )21/1ع ْن أَِِب ُهَريْ َرةَ قَ َ اري يف ص ِ
َرَوى البُ َخ ُّ َ
2
ال، ال فَ َك ِرهَ َما قَ َُ ال َق ْوِمَ ََِ :ع َما قَ َ ال بَ ْع ُ ث ،فَ َق َ صلَّى اهللُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم ُُيَد ُ الساعةُ؟ فَمضى رس ُ ِ
ول اهلل َ الَ :م ََت َّ َ َ َ َ ُ أ َْعَرِاِبٌّ فَ َق َ
ول اهللِ، اع ِة» قَ َ ال« :أَين -أُراه ِ َّ - ِ
الَ :ها أَنَا يَا َر ُس َ السائ ُل َع ِن ال َّس َ ضى َحديثَهُ قَ َ ْ َ َ ُ ض ُه ْم :بَ ْل َملْ يَ ْس َم ْعَ ،ح ََّت إِ َذا قَ َ ال بَ ْع َُوقَ َ
اعةَ» ال« :إِ َذا ُوس َد اِل َْمُر إِ َىل َغ ِْْ أ َْهلِ ِه فَانْتَ ِظ ِر َّ
الس َ اعتُ َها؟ قَ َ ضَ ف إِ َ الَ :كْي َ اعةَ» ،قَ َ الس َ ت اِل ََمانَةُ فَانْتَ ِظ ِر َّ ال« :فَِإ َذا ضي ع ِ
َُ قَ َ
3
وقال أَيضاً:َ
ُ العُلَ َم ِاءَ ،ح ََّت إِ َذا لَ ْم يُْب ِق
ُ العِْل َم بَِقْب ِ ِ ِ ِ ِ «إِ َّن اهلل الَ ي ْقبِ ِ ِ
ُ الع ْل َم انْتَزاعاً يَْنتَ ِزعُهُ م َن العبَادَ ،ولَك ْن يَ ْقبِ ُ
َ َ ُ
َضلوا»
ضلوا َوأ َ سئِلُوا فَأَفْ تَ ْوا بِغَْي ِر ِعل ٍْم ،فَ َ
َّاس رؤوسا ُج َّهاالً ،فَ ُ
ِ َّ
3
َعالماً اَّتَ َذ الن ُ
وحنن يف زمن كثر فيه من يتكلم يف أنبياء اهلل عليهم الصالة والسالم ِبا هم بريئون منه ،استنادا إىل روايات
باطلة يف بعُ كتب التفسْ وغْها ،أو استنادا إىل ما جيده من اإلسرائليات يف كتب قصص اِلنبياء،
حَت وصل اِلمر ببعضهم إىل نسبة الكفر إىل بعُ أنبياء اهلل ،إىل غْ ذلك من الفظائع ،فكان واجبا
تبيني بطالن هذه اِلقوال ،وأرجو اهلل أن جيعل هذه الرسالة نافعة لكثْ من الناس يف هذا الباب.
ِ ِ ِ
ضا أَْوَرَدهُ بن أَِِب َّعلُّ ِم ُه َو َحديث َم ْرفُوع أَيْ ً الع ْس َقالِن (" :)161 /1قَ ْولُهُ َوإََِّّنَا الْع ْل ُم بالت َ تح البَا ِري البْ ِن َح َج ٍر َ 4فف ُّ فَ ِ
ِ
َّعل ِم َوالْف ْقهُ بِالتَّ َفق ِه َوَم ْن يُ ِرِد اللَّهُ
ْم بِالت َ
َّ ِ ِ
َّاس تَ َعل ُموا إنَّ َما الْعل ُ
يث معا ِويةَ أَي ِ ِ
ضا بلَ ْفظ« :يَا أَي َها الن ُ
ِ ِ ِ
َعاص ٍم َوالطَّبَ َرِاِنُّ م ْن َحد ُ َ َ ْ ً
ِ
ض َد ِِبَ ِجيئِ ِه ِمن وج ٍه آخر ،وروى الْب َّزار َحنوه من ح ِد ِ َن فِ ِيه مب هما ْاعتُ ِ ِ ِ
يث ْ َ ْ َ َََ َ ُ َ ُ َ
ِ
ادهُ َح َسن إَّال أ َّ ُ ْ َ ً بِه َخ ْي ارا يُ َف ِّق ْههُ في الدِّي ِن» إِ ْسنَ ُ
ول َم ْن َج َعلَهُ ِم ْن اب َعن أَِِب الدَّرَد ِاء و َغ ِْْهِ ،فَ َال يغتَر بَِق ِ وعا ،وِيف الْب ِ ٍ
ُ ا ْ َ ْ َصبَ َه ِاِنُّ َم ْرفُ ً َ َ اب ِن َم ْس ُعود َم ْوقُوفًاَ ،وَرَواهُ أَبُو نُ َعْي ٍم ْاِل ْ
يل التَّ َعل ِم" .انتهى َك ُ
الم ابْ ِن ْخوذَ ِم َن ْاألَنْبِيَ ِاء َوَوَرثَتِ ِه ْم َعلَى َسبِ ِ ْم ال ُْم ْعتَبَ ُر إَِّال ال َْمأ ُ ِ
س الْعل ُ ِ ِ
َك َالم الْبُ َخاريَ ،وال َْم ْعنَى ل َْي َ
َح َج ٍر.
5
أهمية هذه الرسالة
ِما جيب على كل مكلف أن يعتقد عصمة اِلنبياء عليهم الصالة والسالم ،وصدقهم وأمانتهم ،وهو من
اإلُيان املأمور به يف نصوص الشرع ،أن تؤمن باهلل ومالئكته وكتبه ورسله ،عليهم الصالة والسالم هذه
الرسالة تشرح بأسلوب واضح الصفات الِت جيب اعتقادها يف حق أنبياء اهلل عليهم الصالة والسالم.
ومل أستقص كل ما نسب إىل أنبياء اهلل ِما ال يليق ِبم ،ولكن اقتصرت على أكثرها انتشارا وأشدها اشتباها
على من مل ينور اهلل بصْته ،فتكون الردود الِت أوردَتا مثاال ُُيتذى يف نف ُّ ما ال يليق بأنبياء اهلل ِما مل
أتعرض له يف هذه الرسالة.
وقد كتبت هذه الرسالة منذ أكثر من عشرين سنة ،كبحث يف مرحلة املاجستْ يف كلية اإلمام اِلوزاع ُّ،
مث رأيت أن أنشرها لعل اهلل ينفعين ِبا وينفع كثْا من الناس ِبطالعتها.
6
اض ِ
أنبياء الل إِلى ُك ِّل من ِع ْن َدهُ غَْي رة َعلى ِديْ ِن ِ
الل وعلى أعر ِ َ َْ
الم
والس ُ علي ِهم َّ
الصالةُ َّ
اءات على ِ الرسالَ ِة التي فيها دفع االفتر ِ ِِ ِ
أنبياء الل ُ لنَ ْس َع في نَ ْش ِر َهذه ِّ َ
ور ِْحَتِ ِه، طَلَباً لِمر ِ ِ
ضاة اهلل َ َْ َ
اْل ِْ ويأْمرو َن بِالْمعر ِ
وف َويَْن َه ْو َن ِ ِ ِ وطَمعاً يف الد ِ
َ ُْ ﴿ولْتَ ُكن من ُك ْم أ َُّمة يَ ْدعُو َن إ َىل َْْ َ َ ُ ُت قَول اهلل تَ َعاىلَ : ُّخول ََْت َ ُ َ
ت لِلن ِ ٍ ِِ ِ ِ
َع ِن الْ ُمن َك ِر َوأُولَئِ َ
َّاس ك ُه ُم الْ ُم ْفل ُحو َن﴾ [املائ َدة :اآلية َ ]104وقَ ْوله تَ َعاىلُ ﴿ :كنتُ ْم َخْي َر أ َُّمة أُ ْخ ِر َج ْ
وف َوتَْن َه ْو َن َع ِن الْ ُمن َك ِر﴾ [املائِ َدة :اآلية ،]110 تَأْمرو َن بِالْمعر ِ
َ ُْ ُُ
ِِ ولِ َك ْ ُّ ال نَ ُكو َن
س َما َكانُواْ يَ ْف َعلُو َن﴾ ِ ٍ ص َف ُه ُم اهللُ بَِقولهَ ﴿ :كانُواْ الَ يَتَ نَ َ
اه ْو َن َعن ُّمن َكر فَ َعلُوهُ لَبْئ َ كالذين َو َ
َ
[املائِ َدة :اآلية ،]79
َّاس إِ َذا َرأ َُوا الْ ُمْن َكَر فَلَ ْم يُغَي ُروهُ، الس ُ ِ ارد يف ح ِد ِ
يث النَِّب َعلَْي ِه َّ عيد الو ِ وح َذراً ِمن الو ِ
الم« :إ َّن الن َ الصالةُ و َّ َ َ َ َ َ
اب».5 ك أَ ْن ي ع َّمهم اهلل بِعِ َق ٍ ِ
يُوش ُ َ ُ ُ ُ ُ
يث أَِِب ب ْك ٍر الصد ِيق ََِع رس َ ِ صهِ : ِ ِ 5
صلَّى ول اهلل َ َ َُ "حد ُ َ صحْيح اب ِن حبَّا َن ( .)540/1ويف فَ ْت ِح البَا ِري البْ ِن َح َج ٍر ما نَ ُّ ُ َ َ
ٍ ِ ِ ِ ِ ِ
اهللُ َعلَْيه َو َسلَّ َم يَ ُق ُ
ص َّح َحهُ ابْ ُن
َخَر َجهُ ْاِل َْربَ َعةُ َو َ
ك أَ ْن يَ ُع َّم ُه ُم اهللُ بع َقاب» أ ْ ول« :إ َّن الن َ
َّاس إ َذا َرأ َُوا الْ ُمْن َكَر فَلَ ْم يُغَي ُروهُ أ َْو َش َ
ِحبَّا َن" .اه
7
قبل البدء بمطالعة هذا البحث
ال َّ
بد من التنبه إىل أنين يف عدة مواضع أوردت ما ذكره بعُ املفسرين من اِلقوال الباطلة
املردودة مث أتبعت ذلك ببيان وجه الصواب ،لذلك ال ينبغ ُّ للقارئ أن يبادر إىل اعتقاد ما
أنقله ِما ينايف عصمة اِلنبياء عليهم الصالة والسالم ،وليكن يف بال القارئ دوما تعظيم اِلنبياء
عليهم الصالة والسالم ،واستحضار عصمتهم من كل ما يزري ِبم.
8
ِّمة
ُم َقد َ
تبصرةُاألتقياء
بتبرئةُاألنبياء
حبث يف عص مة اِلنبياء عليهم الص الة والس الم ونف ُّ التهم الِت نس بت إليهم وهم منها براء من خالل
آيات القرآن الكرمي ،ويشتمل على رد افِّاءات أهل الكتاب عليهم أيضا.
9
بسم الل الرحمن الرحيم
ومن علينا بالعقل الس ليم * وهدانا الص راط
اْلمد هلل العل ُّ العظيم * الذي خلقنا يف أحس ن تقومي * َّ
املستقيم * وأنعم علينا بإرسال الصفوة اِلخيار * اِلمناء اِلبرار * املنزهني عما نَ َسب إليهم أراذل اليهود
وحثالة اِلغمار *
وأش هد أن ال إله إال اهلل الواحد القهار * العزيز اْلبار * وأش هد أن س يدنا ُممداً عبده ورس وله خا
كل وص حب
املص طََف ْني اِلخيار * ص لى اهلل عليه وعلى إخوانه النبيني اِلبرار * وآل ا
اِلنبياء اِلطهار * و ْ
ِمر الدهور واِلعصار *
كل على ا
ا
أما بعد 6فهذا كتاب يف تربئة اِلنبياء عليهم السالم وتن زيههم عما نسب إليهم أراذل اليهود والنصارى
ومقلدة املؤرخني اجملازفني اْلاهلني حبقيقة النبوة وما جيوز على أنبياء اهلل تعاىل وما يستحيل وما جيب على
الكافة من تعزي ِرهم وتوقْهم ،فِّاهم يذكرون أقواال وأفعاالً ص درت عن اِلنبياء ،يؤولو ا تأويل من حل
من عنقه ربقة الش ريعة ،لكو م يتخيلو ا مثالب يف حقهم ،مث ينس بون بعُ هذه اِلقوال إىل كبار
الص ح اب ة والت ابعني ،ليموهوا ِب ا على العوام لئال يردوه ا عليهم ويق دحوا فيه ا ،فيَهلِكون ويُهلكون .مث
تراهم ينقلون تلك اْلرافات بالتكرار على أوجه خمتلفة ،تورعاً يف نقل الرواية تورع الكلب الذي يرفع رجله
عند البول وفمه يف أعماق اْليفة.
وقد قيُ اهلل لتلك اْلكايات ش رذمة من املقلدة اِلغمار ،فِّاهم وض ون يف أحوال اِلنبياء عليهم
الس الم ،ويتمندلون 7بأعراض هم على رؤوس العوام والطَّغام ،8وال مش فق على دين اهلل تعاىل ،وال زاجر ذا
سلطان ،حَت كأ م ملة أخرى ،ال يرقبون فيهم ذمة وال إَّال.
ومن املؤس ف أن ثد كثْاً من كتب التفس ْ املتداولة بني املس لمني ،تنقل تلك الروايات الباطلة من غْ
َتحيص ،بل جعلها بعُ املفس رين موض حة للمراد بكالم اهلل تعاىل ،ففتحوا بذلك الباب على مص راعيه
ِلولئك اِلراذل حيث وجدوا لتلك اْلرافات مستنداً بزعمهم.
وغرض أولئك اِلوغاد من أهل الكتاب الذين اَتموا كثْاً من اِلنبياء بالفواحش واحملرمات كالزنا باحملارم
6بعُ ألفاظ وعبارات هذه املقدمة مأخوذة من مقدمة كتاب تربئة اِلنبياء لعل ُّ بن أِحد اِلموي ص،26-23
بتصرف.
َ 7تندلت باملنديل ،وتن ادلتَ :تسحت به .كذا يف املصباح املنْ ص ،228للفيوم ُّ.
8الطَّغام :أوغاد الناس ،الواحد واْلمع فيه سواء ،كذا يف خمتار الصحاح ص 165حملمد بن أِب بكر الرازي.
10
وغْهن ،إباحة الفواحش والتهوين من شأ ا ال سيما وهم يرتكبون ذلك يف بيوَتم ،فْون يف ذلك تأسياً
باِلنبياء ،وتابعهم يف بعُ ذلك طائفة من القص اص الفس قة ،فس ردوا بعُ اْلكايات املوقعة قائلها يف
سخط اهلل تعاىل وغرضهم ان يهونوا الفسوق واملعاص ُّ على بُْله العوام ،وأن يتسللوا إىل الفجور بالنساء،
وال يزالون يهونون على العوام م ا ك ان يعظم عليهم من قب ل ،ويقولون ه ذا أمر م ا س لم من ه عظم اء
املرس لني فكيف حنن؟! فوقعوا يف الكفر الش نيع بطعنهم يف أنبياء اهلل تعاىل ،وانتقاص هم ونس بة الفواحش
إليهم ،الِت ال تليق نسبتها ملن يف قلبه أدىن خشية هلل تعاىل.
﴿إناا هلل وإناا إليه راجعون﴾ [البقرة ،اآلية﴿ ،]156 :وس يعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون﴾ ف
[الشعراء ،اآلية.]227 :
وقد جعلت هذا الكتاب جزأين ،اْلزء اِلول يف إثبات عص مة اِلنبياء بالنص وص الش رعية والنقول من
كتب التفسْ وأقوال اِلئمة .مث إبطال التهم املروية يف كتب التفسْ ِما يقدح يف عصمتهم.
واْلزء الثاِن يف دفع التهم امللص قة بأنبياء اهلل تعاىل ،املوجودة يف كتب اليهود والنص ارى املس ماة بالعهد
القدمي والعهد اْلديد.
وقد قس مت اْلزء اِلول إىل قس مني :القس م اِلول يف املقدمات ،والقس م الثاِن يف إبطال التهم امللص قة
باِلنبياء ،املروية يف كتب التفسْ.
وقد اشتمل القسم اِلول على أربعة أبواب:
الباب اِلول يف النبوات ،ذكرت فيه معَن النِب والرسول وشرائط االتصاف بالنبوة وكون النبوة -1
غْ مكتس بة ،وجواز بعثة اِلنبياء ،والس بيل إىل معرفة النِب ،ومعَن املعجزة ووجه كو ا دليالً
على صدق من ظهرت على يديه.
الباب الثاِن يف عص مة اِلنبياء ذكرت فيه مقتض يات االتص اف بالنبوة والرس الة ،ومعَن -2
العص مة لغة وش رعا ،والدليل على عص مة اِلنبياء من القرآن مث كالم بعُ اِلئمة يف عص مة
اِلنبياء.
الباب الثالث يف التفسْ ذكرت فيه شروط التفسْ وشروط املفسر ،واالختالف يف التفسْ، -3
والتفسْ باملأثور والتفسْ ِبقتضى اللغة.
11
الباب الرابع تكلمت فيه على القصص القرآِن واإلسرائيليات. -4
ت هذا القسم ما يكف ُّ لدفع أي نقص ينسب إىل أنبياء اهلل تعاىل زوراً وِبتانا،
وضمْن ُ
ا
واش تمل القس م الثاِن على دفع الش به الواردة يف التفاس ْ املتعلقة بتس عة من اِلنبياء وهم :آدم ،إبراهيم،
لوط ،يوس ف ،أيوب ،يونس ،داود ،س ليمانُ ،ممد عليهم الص الة والس الم .فذكرت ما أورده بعُ
املفس رين من اِلقوال والروايات الس اقطة ،وبينت فس ادها بالنص وص الش رعية واالس تدالالت العقلية ،عدا
ما س بق بيانه يف القس م اِلول ،وينبغ ُّ ملن طالع هذا القس م أن يكون مس تحض راً ملا مر بيانه يف القس م
كل من هؤالء اِلنبياء اكتفاء ِبا أوردته يف
اِلول ،وذلك أنين مل أكرر ذكر اِلدلة عند الكالم على تربئة ا
القسم اِلول ،وإَّنا ذكرت اِلدلة الِت فيها تربئة لكل نِب خبصوصه .وأما ما فيه بيان عصمتهم عموما فال
ضرورة إىل تكراره.
وقس مت اللثء ال اني من هذا الكتاب إلى قس مين :القس م اِلول يف املقدمات ،والقس م الثاِن يف
تفنيد افِّاءاَتم على أنبياء اهلل تعاىل.
وقد اشتمل القسم اِلول على املواضيع التالية:
إثبات َتريف التوراة واإلثيل. -1
ذكر كتب العهدين القدمي واْلديد. -2
بيان أن أهل الكتاب ال يوجد عندهم سند متصل لكتاب من كتبهم. -3
ذكر افِّاق اليهود. -4
اعتقاد اليهود أ م شعب اهلل املختار. -5
ظاهرة التقليد والتعصب عند اليهود. -6
عقيدة اليهود يف اهلل. -7
ذكر افِّاق النصارى. -8
التثليث عند النصارى. -9
ظاهرة التقليد اِلعمى عند النصارى. -10
عقيدة اليهود والنصارى يف اِلنبياء. -11
وإَّنا أحوجين إىل الكالم على هذه اِلمور أن إبطال افِّائهم على اِلنبياء ال يتم إال بإثبات َتريف كتبهم
12
أثبت يف هذا القس م ِبا ال يدع َماالً للش ك أن كتب اليهود والنص ارى ُمرفة ،وذكرت
وما يتبع ذلك وقد ُّ
معتقد اليهود يف اهلل تعاىل ومعتقد النص ارى يف التثليث ،حبيث يعلم من يطلع على ذلك أنه ال ثقة يف
كتبهم وال اعتماد على نقلهم ،وأ م أعماهم التقليد عن إبص ار اْلق ،وأض لهم اْلوى عن س بيل الرش اد،
فال ُيتاج العاقل بعد ذلك إىل اِلدلة على بطالن ما افِّوه على أنبياء اهلل ورس له ص لوات اهلل عليهم
أَجعني.
واش تمل القس م الثاِن على ذكر بعُ نص وص العهدين القدمي واْلديد الِت فيها نس بة أمور عظام إىل
اِلنبياء ِما ال يليق ِبم ،ودفعت تلك االفِّاءات الباطلة بنقل نص وص من كتبهم تقض ُّ ببطالن تلك
التهم ،وباالس تدالل العقل ُّ واحملاورة املنطقية ،ومل أورد اِلدلة على ذلك من القرآن وال اْلديث لس ببني:
اِل ول أ م ال يعِّفون بالقرآن وال الس نة ،فلذلك نقيم اْلجة عليهم ِبا يعِّفون به ،وباجملادلة بالرباهني
العقلية .وذلك أن مقص ودنا ِبذا الكتاب إقامة اْلجة على عص مة اِلنبياء ،على من ينتس ب إىل
اإلسالم ،وعلى من ال ينتسب أيضاً ،بدعوى اتباع التوراة واإلثيل.
السبب الثاِن أنه ذكر يف اْلزء اِلول من هذا الكتاب ما يغين عن اإلعادة.
وما نقلته من نص وص كتبهم ورددت عليه ،فذلك على س بيل اإلجياز واالختص ار ،وليكون عنوانا على
ومثَالً يقاس عليه غْه من البهتان املذكور يف كتبهم .ومل أبسط القول يف ذلك ومل استقص َجيع
املقصودَ ،
ما أوردوه من املثالب يف حق اِلنبياء اكتفاء ِبا ذكرته إذ أن حصر ذلك يطول.
9وه ُّ مطبوعة باللسان العرِب طبعها وليم واطس .وذلك باإلضافة إىل تفاسْ وتراجم أخرى.
13
بلس ان مس لم ُّ اْلند ،وقد وقع يف الَِّجة أخطاء لغوية ِلن لغة املؤلف اِلص لية ليس ت العربية كما وقع
فيها أخطاء مطبعية وسقط وغْ ذلك ،فأصلحت ما وقع من اِلخطاء يف املواضيع الِت نقلها ،وتصرفت
يف أكثرها ومل ألتزم عبارات املؤلف بعينها يف كثْ من املواضع ،وقد أشرت إىل ذلك يف موضعه.
ثالثاً :وقع يف الكتاب املذكور بعُ العبارات املخالفة للنص وص الش رعية ،فحيث كان يص ح ِحلها على
أ ا أ ُْوِرَدت على وجه اإللزام لليهود والنص ارى ،وأ ا حكاية ملقتض ى مذهبهم ِحلناها عليه َتس يناً للظن
باملؤلف.
وأما ما ال يص ح ِحله على ذلك وكان ال ُيتمل التأويل ،فذلك يرجع إما إىل خطأ أو َتريف من بعُ
النساخ ،أو س ْق ِط أداة حكاية وحنو ذلك ،وال ثزم بنسبة ذلك إىل املؤلف فليتنبه من أراد مطالعة الكتاب
املذكور.
رابعاً :هناك اختالف يف أَاء بعُ اِلس فار وغْ ذلك بني ما هو مذكور يف كتاب إظهار اْلق وبني
النسخة الِت بيدي من العهدين القدمي واْلديد ،وقد أشرت إىل ذلك يف موضعه.
خامس ا :من أراد مقارنة ما نقلناه يف هذا الكتاب عن كتب وتفاس ْ اليهود والنص ارى ،باِلص ل املنقول
عنه فلْجع إىل الطبعة نفس ها ،وذلك أن علماءهم -وخص وص اً الربوتس تانت -إذا طبعوا كتابا من
كتبهم مرة ثانية يقع فيه التغيْ ،واْلذف والزيادة ليتحاش وا بعُ امل زق الِت أوقعوا أنفس هم فيها ،فليتنبه
لذلك وإال فقد يُظن عدم الصدق يف الناقل.
س ادس اً :كتاب الرد اْلميل املنس وب للغزايف يف رد دعوى النص ارى أن عيس ى إله ،ال ثزم بنس بته له ،ملا
فيه من الكالم الباطل املخالف لنص وص القرآن ،وذلك ِما جيل مقام الغزايف حجة اإلس الم رِحه اهلل عن
الوقوع يف مثله ،فإما أن يكون الكتاب ليس من تأليفه -وهو اِلرجح ملا فيه من العبارات الفاس دة الِت
س عليه ،وذلك غْ بعيد ،ملا نعلمه من وقوع الدس قدُيا
ود َّ
تكررت فيه كثْا -وإما أن يكون قد ُحرف ُ
وحديثا يف كتب العلماء.
س ابعاً :ما ذكرناه من الردود على افِّاءاَتم على أنبياء اهلل تعاىل اش تمل على كالم أوردناه على س بيل
اإللزام ْلم وإظهار تناقض هم ،وليس كل ما أوردناه ِما نعتقده وندين به ،وإَّنا هو ُممول على أنه حكاية
ملقتض ى ما ذهبوا إليه ،ويقدَّر فيه أداة حكاية ،وذلك معروف عند أهل العلم وال فى على املتأمل،
لكن أوردنا هذا البيان للتنبيه والتأكيد على هذا اِلمر ،إذ أنه قد يش تبه ذلك يف بعُ املواض ع .ومع
ذلك فقد كررنا أداة اْلكاية عند نقل أقواْلم وعند تفنيدها واس تعملنا كلمة "على زعمهم" وحنوها،
14
وذلك لك ُّ ال يس بق إىل الذهن ش ُّء ِما أوردوه من الكفر ،ولك ُّ ال يس بق إىل الذهن أيض ا أن ما
أوردناه على وجه اإللزام حق نعتقده ،فليُتنباه.
ثامناً :هناك ضالل وكفر كثْ يف كتب اليهود والنصارى ،مل نتعرض له يف هذا الكتاب إذ إنه ليس داخالً
يف موض وعنا .ولكننا ذكرنا قول النص ارى بالفداء لتعلق ذلك بأكل آدم من الش جرة ،وِلن ذلك من
أصول عقيدة النصارى.
وذكرنا أيضا عقيدة اليهود يف اهلل ليتبني للعاقل سخافة عقوْلم وافِّاؤهم على رِبم ،فال يستبعد افِّاءاَتم
على اِلنبياء ،وليظهر ِبا ال يدع َماال للش ك واالرتياب يف َتريف كتبهم ،فال يص ح الوثوق ِبا أو
االعتماد عليها ملا اش تملت عليه من اْلذيان املض حك لس خافة عقوْلم .وإذا تبني هذا تبني أيض اً بطالن
معتقد النصارى إذ أ م يعتمدون هذه الكتب ويعتقدون صحة ما فيها.
وأس أل الل الكريم أن يلعل عملي هذا خالص ا لوجهه ،دفاعا عن ص فوة اليلق عليهم الص الة
والسالم.
15
اللثء األول
إثبات عصمة األنبياء بالنصوص الشرعية
وبراءتهم من التهم التي نسبت إليهم في كتب التفسير
16
القسم األول
المقدمات
17
الباب األول
النبوة
ّ
18
الفصل األول :معنى النبي والرسول
"النِب يف اللغ ة مهموز وغْ مهموز ف املهموز م أخوذ من النب أ ال ذي هو اْلرب" 10فهو فعي ل ِبعَن ف اع ل
خمرب عن اهلل ِبا يوحى إليه" .وغْ املهموز ُيتمل
"ِلنه أنبأ عن اهلل أي أخرب" أو فعيل ِبعَن مفعول أي َ
11
وجهني أحدمها التخفيف بإس قاط مهزته والثاِن أن يكون من النَّْب َوة وه ُّ الرفعة فالنِب على هذا هو الرفيع
املن زلة عند اهلل تعاىل"" 12فله عند ربه رتبة شريفة ومكانة منيفة".13
والرس ول يف اللغة واملرس ل ِبعَن واحد ،تقول "أرس لت رس والً :بعثته لرس الة يؤديها فهو فعول ِبعَن
مفعول".14
"وكل رسول هلل عز وجل نِب وليس كل نِب رسوال والفرق بينهما أن النِب من أتاه الوح ُّ من اهلل عز وجل
ونزل عليه امللك بالوح ُّ والرسول من يأيت بشرع على االبتداء أو بنسخ بعُ أحكام شريعة قبله".15
وهناك فرق آخر وهو أن النبوة ال تكون إال يف البش ر وأما الرس الة فتكون يف البش ر ويف املالئكة قال اهلل
تعاىل﴿ :اهلل يصطف ُّ من املالئكة رسالً ومن الناس﴾ [اْلج ،اآلية]75 :
22
الفصل السابع :وجه كون المعلثة دليال على صدق النبي
ل اما أياد اهلل صاحب املعجزة ِبا عند دعواه النبوة ،وأعجز 24املعارضني عن اإلتيان ِبثلها علمنا أنه صادق
إذ لو مل يكن ص ادقا ملا أيده اهلل باملعجزةِ ،لنه حكيم ،وتص ديق الكاذب يُنايف اْلكمة .ولو كانت
املعجزة تظهر على يد الكاذب ِلدى ذلك إىل تكليف العباد ِبا ال يطاق إذ ال يتمكنون من التمييز بني
النِب واملتنِب.
وقد ذكر مؤلف الصالحية مثاال يوضح به ذلك فقال:
فاَع مثال ذاك من إيرادي "هذا هو املختار يف اإلرشاد
مشهور
ُ وَمده
ذو سطوة ُ إذا تصدى م لك كبي ُر
واجتمعوا عليه حَت قعدوا للخلق يف َملسه فاحتشدوا
وازدحم ال ُقيا ُام واْلُاالس الناس
وجاء من أقصى البالد ُ
منتصباً شاهده السلطان فقام من أصحاب ه إنسا ُن
ِ
اِلشهاد معاشر أال اَعوا صاح بأعلى صوته يف النادي
َ
فاستمعوا من قبله بُرهاِن قد جاءكم أمر عظيم ِ
الشان ُ
إليكم وف ع لُهُ دليل ُّ اْلليل رسول ِ
امللك ِ أنا ُ
ك
يا أيها السلطان فانقُ عادتك وقُم إذاً واقع ْد وخالف ُسنَّتَ ْ
يرونَه من ال دالل ة
ِبا ْ ليعلموا حقيقة الرسالة
قلت ترتضيه
عنك ومهما ُ وأن حقاً كل ما أحكيه
25
فصح ما قد نقله"
صاحبُهُ ا سأله
فامتثل السلطا ُن ما قد ْ
َ
24
مقدمة في بيان مقتضيات االتصاف بالنبوة والرسالة
ليعلم أن اهلل تعاىل ال تار ْلذا املنص ب إال من كان فيه اِلهلية لذلك ،يقول اهلل عز وجل﴿ :اهلل أعلم
حيث جيعل رس الته﴾ [اِلنعام ،اآلية ]124 :ويقول تعاىل ﴿وكالً فض لنا على العاملني﴾ [اِلنعام ،اآلية:
]86فلم ا فض لهم على الع املني جعلهم أكم ل عب اده وَجالهم بص ف ات الكم ال ومك ارم اِلخالق
وعص مهم من القبائح والفواحش ،ونقتص ر يف هذا الباب على الكالم على عص مة اِلنبياء ِلنه املقص ود
يف هذا الكتاب.
28اإلرشاد ص 299-298للجويين.
29أصول الدين ص 168-167للبغدادي.
26
النبوة عن الكبائر والصغائر بالعمد".30
-4ويف كتاب الشفا بتعريف حقوق نبينا املصطفى للقاض ُّ عياض يقول "والصواب أ م معصومون قبل
النبوة من اْلهل باهلل وص فاته والتش كك يف ش ُّء من ذلك وقد تعاض دت اِلخبار واآلثار عن اِلنبياء
زيههم عن هذه النقيص ة منذ ولدوا ونش أَتم على التوحيد واإلُيان بل على إش راق أنوار املعارف بتن
ونفحات ألطاف الس عادة كما نبهنا عليه يف الباب الثاِن من القس م اِلول من كتابنا هذا ومل ينقل أحد
من أهل اِلخبار أن أحداً نبئ واص طف ُّ ِمن عرف بكفر وإش راك قبل ذلك"،31وقال "واعلم أن اِلمة
َممعة على عص مة النِب ص لى اهلل عليه وس لم من الش يطان وكفايته منه ال يف جس مه بأنواع اِلذى وال
على خاطره بالوساوس".32
وقال" :وأَجعت اِلمة فيما كان طريقه البالغ أنه معص وم فيه من اإلخبار عن ش ُّء منها خبالف ما هو
به ال قصداً وال عمداً وال سهواً وال غلطاً".33
-5ويف سراج السالك لعثمان بن حسنني املالك ُّ يقول عند قول املؤلف:
الصدق والتبليغ والفطانة" " وأثْبِ َ ْ
َت لألنبياء اِلمان ْة و َ
نص ه" :واِلمانة ه ُّ حفظ جوارحهم الظاهرة والباطنة من الوقوع يف ُمرم أو مكروه مطلقاً ،فاْليانة
ما ا
34
الِت ه ُّ فعل منه ُّ عنه مستحيلة يف حقهم لعصمتهم"
6-ويف مَت ابن عاشر املسمى باملرشد املعني لعبد الواحد بن عاشر املالك ُّ يقول:
ُيق
تبليغهم ُّ
"جيب للرسل الكرام الصدق * امانة ُ
35
ُمال الكذب واملنه ُّ * كعدم التبليغ يا ذك ُّ"
-7ويف شرح العقيدة الطحاوية لعبد الغين الغنيم ُّ اْلنف ُّ يقول عن اِلنبياء:
27
"وبأ م معص ومون من الص غائر والكبائر قبل النبوة وبعدها على املختار بل هو الص واب وما وقع يف
قص ص ي ذكره ا املفس رون ِم ا الف ذل ك ال يعتم د علي ه وال يلتف ت إلي ه وإن ج ال ن اقلوه ك البغوي
36
والواحدي"
-8ويف ش رح الفقه اِلكرب ملال عل ُّ القاري عند قول أِب حنيفة رِحه اهلل "واِلنبياء عليهم الص الة
والس الم كلهم منزهون عن الص غائر والكبائر والكفر والقبائح وقد كانت منهم زالت وخطيئات"" .مث
هذه العص مة ثابتة لألنبياء قبل النبوة وبعدها على اِلص ح" 37مث قال" :مث الزلة ال َّتلو عن القران ببيان
أ ا زلة إما من الفاعل نفس ه كقول موس ى حني قتل القبط ُّ بوكزته ﴿ هذا من عمل الش يطان﴾
[القص ص ،اآلية ،]15 :وإما من اهلل س بحانه كما قال اهلل تعاىل يف حق آدم عليه الس الم ﴿وعص ى آدم
ربه فغوى﴾ [طه ،اآلية ]121 :مع أنه قيل زلته كانت قبل نبوته لقوله تعاىل ﴿مث اجتباه ربه فتاب عليه
وهدى﴾"[ 38طه ،اآلية]122 :
-9وقال اإلمام ُممد بن يوس ف الس نوس ُّ يف عقيدته" :وأما الرس ل عليهم الص الة والس الم فيجب يف
حقهم الص دق واِلمانة وتبليغ ما أُمروا بتبليغه للخلق ويس تحيل يف حقهم أض داد هذه الص فات وه ُّ
39
الكذب واْليانة بفعل ش ُّء ِما وا عنه ُّ َترمي أو كراهة أو كتمان ش ُّء ما أمروا بتبليغه للخلق"
-10ويف مَت الباجوري يقول "وجيب يف حقهم عليهم الص الة والس الم اِلمانة ،وض دها اْليانة والدليل
على ذل ك أ م لو خ انوا بفع ل ُمرم أو مكروه لكن ا م أمورين ِبث ل ذل ك وال يص ح أن نؤمر ِبحرم أو
مكروه".40
-11ويف اْلوهرة لإلمام إبراهيم اللقاِن:
"وواجب يف حقهم اِلمانة * وصدقهم ِ
وضف له الفطانة
41
ضدها كما َرَووا"
ومثل ذا تبليغُهم ملا أتَوا * ويستحيل ُ
28
-12ويف كتاب خبة الآليف لشرح بدء اِلمايف حملمد بن سليمان عند قول صاحب املَت:
عن العصيان عمداً وانعز ِال "وإن اِلنبيا لف ُّ ٍ
أمان *
يقول الش ارح :العص يان إتيان الذنب عمداً والزلة إتيان الذنب س هواً والعاص ُّ من أتى الكبائر عمداً
طائعاً واملس ُّء من أتى الص غائر كذلك ما مل يص ار عليها ،واِلنبياء عليهم الس الم معص ومون عن الكبائر
باالتفاق وعن الص غائر عمداً قبل النبوة وبعدها على الص حيح وكذا عن االنعزال أي االخالع عن النبوة
ِلنه يكون نقصا يف حقهم وهم مربؤون عنه".42
30
مقدمة في شروط التفسير
"كتاب اهلل حبره عميق وفهمه دقيق ال يص ل إىل فهمه إاال من تبحر يف العلوم وعامل اهلل بتقواه يف الس ر
والعالنية"[ ...43و] "لطالب التفسْ م خذ كثْة أمهاَتا أربعة:
اِلول :النقل عن رس ول اهلل ص لى اهلل عليه وس لم وهذا هو الطراز اِلول لكن جيب اْلذر من الض عيف
فيه واملوضوع فإنه كثْ".44
"الثاِن :اِلخذ بقول الصحاِب فإن تفسْه عندهم ِبنزلة املرفوع اىل النِب كما قاله اْلاكم يف تفسْه".45
"الثالث :اِلخذ ِبطلق اللغة فإن القرآن نزل بلسان عرِب مبني".46
"الرابع :التفس ْ باملقتض ى من معَن الكالم واملقتض ب من قوة الش رع وهذا هو الذي دعا به البن عباس
يف قوله" 47اللهم فقهه يف الدين وعلمه التأويل".48
وعلى هذا قال بعُ أهل الذوق" :للقرآن نزول وتنزل فالنزول قد مضى والتن زل باق إىل قيام الساعة"…
ف ما ليس لك به
وال جيوز تفس ْ القرآن ِبجرد الرأي واالجتهاد من غْ أص ل لقوله تعاىل﴿ :وال تَ ْق ُ
علم﴾ …49وعليه ِحلوا قوله ص لى اهلل عليه وس لم" :من قال يف القرآن بغْ علم فليتبوأ مقعده من
النار.51"50
وحسن
ْ إىل صحيح وضعيف السنَ ْن *
قسموا ُ
" وأهل هذا الشأن ا
املتصل اإلسناد * بنقل عدل ضابط الفؤاد
ُ فاِلول
عرفه
وأما اْلس ن فهو ملحق بالص حيح يف اْلجية عند أكثر العلماء وإن كان نازال عنه يف الرتبة .وقد ا
ف خمرجه ،واش تهر رجاله ،وعليه مدار أكثر اْلديث، اإلمام أبو س ليمان اْلطاِب بقوله" :اْلس ن ما عُ ِر َ
وهو الذي يقبله أكثر العلماء ،ويستعمله عامة الفقهاء".56
تنبيه :إن كان اْلديث يتعلق بأص ول العقيدة كإثبات ص فة هلل ال يكتف ُّ فيه ِبجرد كونه ص حيحا ،بل
هناك شروط أخرى على خالف فيها ،وذلك مقرر عند علماء العقيدة.
املأخذ الثاِن :اِلخذ بقول الص حاِب ،ويش ِّط فيه ثبوت ذلك عنه ،كما بينا يف املأخذ اِلول،
مث إن مل يكن فيه َمال للرأي واالجتهادُ ،يكم له بالرفع اىل النِب ص لى اهلل عليه وس لم ،وإال
فهو موقوف علي ه ،وال ُيكم ل ه ب الرفع مطلق اً كم ا ق د يُتَوهم ذل ك من كالم اْل اكم ،فق د نق ل
العراق ُّ عنه ،أنه قال يف املس تدرك" :ليعلم طالب العلم أن تفس ْ الص حاِب الذي ش هد الوح ُّ
والتنزيل عند الشيخني حديث مسند" قال ابن الصالح "إَّنا ذلك يف تفسْ يتعلق بسبب نزول
آية رب به الص حاِب ،أو حنو ذلك ...فأما تفاس ْ الص حابة الِت ال تش تمل على إض افة ش ُّء
إىل النِب فمعدودات يف املوقوفات".57
مس ألة مهمة :يض اف ش رط آخر للحكم بالرفع على قول الص حاِب ،وهو أن ال يكون ِمن عُرف عنه
اِلخذ عن أهل الكتاب فيما ُيتمل ذلك.
خالصة ما مضى
يتلخص ِما مر أن لتفسْ القرآن شروطاً منها:
أن ال الف ما ثبت عن رسول اهلل أو عن الصحابة ِما له حكم الرفع. -1
أن يوافق اللغة العربية. -2
أن يناسب السياق. -3
أن ال يكون فيه مصادمة نص صريح ثابت وال برهان عقل ُّ قاطع. -4
أن ال يكون ِبجرد الرأي من غْ أصل. -5
أن ال يكون منقوالً عن أهل الكتاب فقط. -6
35
قصص القرآن
" القصة يف اللغة تتبع اِلثر يقال قصصت الش ُّء إذا تتبعت أثره شيئا بعد ش ُّء ،وترد ِبعَن البيان واْلرب،
59
ولذا يقال :القصص :اِلخبار املتتابعة"
"أما القص ة يف املفهوم القرآِن ،فلها من اْلص ائص و ِ
الس مات العامة ما تتميز به عن القص ص الِت ه ُّ
من وضع البشر" 60قال اهلل تعاىل﴿ :حنن نقص عليك أحسن القصص﴾ [يوسف ،اآلية.]3 :
ومن أهداف القصص القرآِن:
الدعوة إىل اهلل تعاىل لإلُيان به واتباع رسوله. -1
"الداللة على صدق رسوله وأن ما جاء به كالم اهلل وال سيما الغيبية منها".61 -2
" التثبيت وما أحوج الدعاة إليه ،قال اهلل تعاىل ﴿وكالً نقص عليك من أنباء الرس ل ما نثبت به -3
فؤادك﴾ [هود ،اآلي ة ]120 :أي نقوي ونثب ت الفؤاد ،هو ِب ا جرى لألنبي اء عليهم الس الم
وِلتباعهم املؤمنني وما لقوا من مكذبيهم من اِلذى ،فف ُّ هذا كله أس وة ِبم ،إذ املش اركة يف
َتون ما يلقى اإلنسان من اِلذى".62
اِلمور الصعبة ا
"العربة وه ُّ تستلزم: -4
اْلذر من الوقوع فيما وقع فيه املكذبون. أ-
استنباط اْلِكم واِلساليب الواردة يف القصة. ب-
63
إقامة اجملتمع املسلم" ت-
ونقتص ر يف هذا البحث على الكالم على قص ص اِلنبياء ودفع التهم الِت ألص قت ِبم فقد
"قص اهلل تعاىل يف كتابه الكرمي املنزل على خاَتهم وإمامهم ُممد ص لى اهلل عليه وس لم من نبأ
الذب عن دين
أولئك اِلنبياء ما أبان عن جليل قدرهم وس ام ُّ مكانتهم وش ريف مواقفهم يف ا
اهلل اْلق ،والص رب على ما لقوا من قومهم من أذى ال يص رب عليه وال يطيقه إال أولئك املرس لون
38
اإلسرائيليات
َتهيد :نقلت كتب التفس ْ عن بين إس رائيل الكثْ من الروايات ،ال س يما فيما يتعلق باِلنبياء واِلمم
السابقة.
وقد تس اهل بعُ املفس رين بأن أودعوا تلك الروايات يف كتبهم من غْ تبيني ْلقيقتها ،بل جعلها
البعُ مفسرة لكثْ من آيات القرآن الكرمي وموضحة ملراد اهلل ِبا ،وهذا خطأ جسيم.
وال يغِّ جباللة ناقل ُّ تلك الروايات كالبغوي ،وال جباللة املنقول عنهم ،وإن كان من الص حابة أو التابعني
كوهب بن منبه وكعب وغْمها ،فإن اْلق أحق أن يتبع ،ونس بة تلك الفظائع إىل اِلنبياء أعظم من أن
تَُراد تلك الروايات ،فكان اِلجدر باملفس رين تقدمي تن زيه اِلنبياء على قبول تلك الروايات مراعاة لقدر
ناقليها.
وخالص ة اِلمر أنه مل يكن ينبغ ُّ للمفس رين أن يرووا تلك اإلس رائيليات إال إن رووها مع بيان حاْلا
ليحذر منها ،فإن النِب عليه الص الة والس الم أغنانا عنها ِبا بيانه للناس ،قال تعاىل ﴿لتبني للناس ما انزل
إليهم من رِبم﴾ [النحل ،اآلية]44 :
39
القسم ال اني
إبطال التهم الملصقة باألنبياء المروية في
بعض التفاسير
ويشتمل على:
دفع الشبه املتعلقة بقصة آدم عليه السالم. -1
وإبراهيم عليه السالم. -2
ولوط عليه السالم. -3
ويوسف عليه السالم. -4
وأيوب عليه السالم. -5
ويونس عليه السالم. -6
وداود عليه السالم. -7
وسليمان عليه السالم. -8
ونبينا ُممد صلى اهلل عليه وسلم. -9
40
دفع الشبه المتعلقة بآدم عليه السالم وهي قسمان
-1قال اهلل تعاىل﴿ :وقلنا يا آدم اس كن أنت وزوجك اْلنة وكال منها رغداً حيث ش ئتما وال تقربا هذه
الش جرة فتكونا من الظاملني فأزْلما الش يطان عنها فأخرجهما ِما كانا فيه وقلنا اهبطوا بعض كم لبعُ
ع دو ولكم يف اِلرض مس تقر ومت اع إىل حني فتلقى آدم من رب ه كلم ات فت اب علي ه إن ه هو التواب
الرحيم﴾ [البقرة ،اآلية.]37-35 :
وقال تعاىل﴿ :ولقد عهدنا إىل آدم من قبل فنس ُّ ومل ثد له عزما .وإذ قلنا للمالئكة اس جدوا آلدم
فس جدوا إال إبليس أ .فقلنا يا آدم أن هذا عدو لك ولزوجك فال رجنكما من اْلنة فتش قى .إن لك
إن ال ِتوع فيها وال تعرى .وأنك ال تظمأ فيها وال تض حى .فوس وس إليه الش يطان قال يا آدم هل أدلك
على ش جرة اْللد وملك ال يبلى .فأكال منها فبدت ْلما س وآَتما وطفقا ْص فان عليهما من ورق اْلنة
وعصى آدم ربه فغوى .مث اجتباه ربه فتاب عليه وهدى﴾[ .طه ،اآلية.]122-115 :
-2وقال تعاىل أيض ا﴿ :هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليس كن إليها فلما
تغش اها ِحلت ِحال خفيفا فمرت به فلما أثقلت دعوا اهلل رِبما لئن آتيتنا ص اْلاً لنكونن من الش اكرين.
فلما آتامها ص اْلا جعال له ش ركاء فيما آتامها فتعاىل اهلل عما يش ركون﴾ [اِلعراف ،اآلية-189 :
.]190
41
القسم األول فيما يتعلق باألكل من الشلرة
اختلفت أقاويل أهل التفس ْ يف تعيني الش جرة الِت حرمها اهلل على آدم ،وكان اِلوىل ِبم ترك اْلوض يف
ذلك ،إذ مل يرد يف القرآن وال يف اْلديث الصحيح تعيينها ،وال يتوقف على ذلك مصلحة دينية.
وأما حكم أكل آدم من الش جرة فقد ذكره اهلل تعاىل بقوله﴿ :وعص ى آدم ربه﴾ [طه ،اآلية]121 :
فسماه معصية ولكن ال يليق جعلها كبْة ِلن اِلنبياء ال يقعون يف الكبائر كما بينا.
وقد ذكر بعُ املفس رين يف حق آدم ما ال يليق كما روى البغوي "عن س عيد ابن املس ياب أنه كان ُيلف
باهلل ما أكل آدم من الشجرة وهو يعقل ،ولكن حواء سقته اْلمر حَت سكر قادته إليها فأكل".65
ويف زاد املس ْ البن اْلوزي روى "عن ابن عباس أنه قال وأمر اهلل تعاىل جربيل بإخراج آدم فقبُ على
ناص يته وخلص ه من الش جرة الِت قبض ت عليه فقال :أيها امللك ارفق ِب ،قال جربيل :إِن ال أرفق ِبن
عصى اهلل ،فارتعد آدم واضطرب وذهب كالمه ،وجربيل يعاتبه يف معصيته ،ويع اد ُد نعم اهلل عليه".66
ويف هذا الكالم من البطالن ما ال فى ،فإنه -فض ال عن كونه مل يرد يف القرآن ومل يثبت يف حديث
ت ش عري هل يعتذر عن
ص حيح ،-خمالف ملا عليه اِلئمة من أن اِلنبياء ال يش ربون اْلمر املس كر ،ولَْي َ
أكل آدم من الشجرة بأن يقال :كان سكران حينئذ؟
ومن املعلوم أن مخَْر اْلنة غْ مسكر.
وأم ا م ا قي ل من خط اب جربي ل ل ه ب ذل ك الكالم فهو ظ اهر البطالن إذ ان ه ال يليق ب أمني الوح ُّ أن
يوجه عادة إال إىل أش د الناس َماهرة هلل
اطب النِب املكلم آدم عليه الس الم بذلك الكالم ،الذي ال َّ
باملعصية.
وق د اختلف العلم اء يف كون ذل ك من آدم قب ل النبوة أو بع ده ا ،وِمن اخت ار القول بكو ا قب ل النبوة
اإلمام الرازي يف كتابه عص مة اِلنبياء .67وض اعف ذلك الش يخ احملدث عبد اهلل الغماري حيث قال:
والص واب أنه أخطأ بأكله من تلك الش جرة وكان ذلك منه معص ية ص غْة ليس فيها خس ة مث تاب فقبل
اهلل توبته كما قال تعاىل ﴿فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه﴾ [البقرة ،اآلية .]37 :وقال تعاىل ﴿مث
اجتباه ربه فتاب عليه وهدى﴾ [طه ،اآلية.]122 :
"وأما إخراج آدم عليه الس الم من اْلنة فال يدل على أنه كان على س بيل التنكيل واالس تخفاف ،وكيف
واهلل تعاىل إَّنا خلق آدم ليكون خليفة يف اِلرض".71
ومن هنا يعلم حرمة قول إن اهلل طرد آدم من اْلنة ِلن ذلك مشعر بنوع من االستخفاف.
قال بعض هم" :ذكر أهل التفس ْ أن إبليس جاء حواء فقال ما يدريك ما يف بطنك لعله كلب أو خنزير
أو ِحار وما يدريك من أين رج ،أيش ق بطنك أم رج من ِ
فيك أو من منخريك .فأحز ا ذلك ،فدعوا
اهلل حينئذ ،فجاء إبليس فقال كيف ِتدينك قالت ما أس تطيع القيام إذا قعدت قال أفرأيت إن دعوت
اهلل فجعله إنس اناً مثلك ومثل آدم أتس مينه باَ ُّ قالت نعم فلما ولدته س وياً ،جاءها إبليس فقال مل ال
تس مينه ِب كما وعدتين فقالت وما اَك قال اْلارث وكان اس م إبليس يف املالئكة اْلارث ،فس مته عبد
اْلارث وقيل عبد مشس ،برضى آدم فذلك قوله﴿ :فلما آتاها صاْلاً جعال له شركاء﴾ [اِلعراف ،اآلية:
]190واملراد بالش ريك إبليس ِل ما أطاعاه يف االس م فكان الش رك يف الطاعة ال يف العبادة ومل يقص دا
أن اْلارث رِبما لكن قصدا انه سبب ثاة ولدمها وقد يطلق العبد على من ليس ِبملوك"...
وقال َماهد" :كان ال يعيش آلدم ولد فقال الش يطان إذا ولد لكما ولد فس مياه عبد اْلارث فأطاعاه يف
االسم فذلك قوله ﴿جعال له شركاء فيما آتامها﴾" [اِلعراف ،اآلية.72"]190 :
"وقيل كانت حواء تلد آلدم فيس ميه عبد اهلل وعبيد اهلل وعبد الرِحن فيص يبهم املوت فأتامها إبليس وقال
إن سركما أن يعيش لكما ولد فسمياه عبد اْلارث فولدت فسماه عبد اْلارث فعا ،،وجاء يف اْلديث
َخ َد َعهما إبليس مرتني مرة يف اْلنة ومرة يف اِلرض ،وقال ابن زيد ُولد آلدم ولد فس ماه عبد اهلل فأتامها
ابليس فقال ما َيتما ابنكما قال عبد اهلل وكان قد ولد ْلما قبل ذلك ولد فس مياه عبد اهلل فمات فقال
ابليس أتظنان أن اهلل تارك عبده عندكما؟ واهلل ليذهنب به كما ذهب باآلخرين ،ولكن أدلكما على اس م
يبقى لكما ما بقيتما فسمياه عبد مشس".73
ويف تفس ْ اْلازن روى "عن ابن عباس أنه قال ملا ولد له أول ولد أتاه إبليس فقال إِن س أنص ح لك يف
ش أن ولدك هذا تس ميه عبد اْلارث وكان اَه يف الس ماء اْلارث فقال آدم أعوذ باهلل من طاعتك إِن
أطعتك يف أكل الش جرة فأخرجتين من اْلنة فلن أطيعك فمات ولده مث ولد له بعد ذلك ولد آخر فقال
أطعين وإال مات كما مات اِلول فعص اه فمات ولده فقال ال أزال اقتلهم حَت تس ميه عبد اْلارث فلم
72زاد املسْ ج 3ص 303-302-301البن اْلوزي وذكر حنو ذلك اْلازن يف تفسْه ج 2ص.158
73زاد املسْ ج 2ص ،221وذُكر يف تفسْ اْلاللني حنو ذلك باختصار ص.231
44
يزل به حَت َاه عبد اْلارث".74
48
قال اهلل تعاىل﴿ :فلما جن عليه الليل رأى كوكباً قال هذا رِب فلما أفل قال ال أحب اآلفلني .فلما رأى
القمر بازغاً قال هذا رِب فلما أفل قال لئن مل يهدِن رِب ِلكونن من القوم الض الني .فلما رأى الش مس
بازغة قال هذا رِب هذا أكرب فلما أفلت قال يا قوم اِن بريء ِما تشركون﴾[ .اِلنعام ،اآلية-77-76 :
.]78
أورد بعُ املفسرين يف تفسْ هذه اآليات أقواالً غْ مرضية فأجراه بعضهم على الظاهر وقالوا:
كان إبراهيم مس ِّش داً طالباً للتوحيد حَت وفقه اهلل" ،80وقيل عبد الكوكب حَت غاب -1
وعبد القمر حَت غاب وعبد الش مس حَت غابت واحتج أرباب هذا القول بقوله ﴿لئن مل
َتْ .قالوا وإَّنا قال هذا يف طفولته
يهدِن رِب﴾ [اِلنعام ،اآلية ]77 :وهذا يدل على نوع ُّ
على ما سبق اىل ومهه قبل أن يثبت عنده دليل.81
وقيل إنه قال ذلك اس تدراجاً للحجة ليعيب آْلتهم ويريهم بغض ها عند أفوْلا وال بد أن -2
يضمر يف نفسه إما على زعمهم أو فيما تظنون ...وإما أن يضمر يقولون.82
وقي ل إن ه ق ال ه على وج ه االس تفه ام تق ديره "أه ذا رِب" كقول ه تع اىل ﴿أف إن م ت فهم -3
اْل ال دون﴾ [اِلنبي اء ،اآلي ة ]34 :أي "أفَ ُه ُم اْل ال دون" ،وذكره على وج ه التوبيخ منكراً
لفعلهم يعين "أمثل هذا يكون رباً؟".83
وقيل :أي قال ْلم هذا رِب يف زعمكم أو املراد "أهذا؟" اس تهزاء ِبم وانكاراً عليهم والعرب -4
تكتف ُّ عن حرف االستفهام بنغمة الصوت".84
وقيل قوله هذا رِب على س بيل الوض ع فإن املس تدل على فس اد قول ُيكيه على ما يقوله -5
يكر عليه باإلفساد".85
اْلصم مث ُّ
51
القسم ال اني
فيما يتعلق ب الث كذبات المذكورة في الحديث
وقال نبينا عليه الص الة والس الم "مل يكذب إبراهيم النِب عليه الس الم قط إال ثالث كذبات اثنتني يف
ذات اهلل قوله إِن سقيم وقوله بل فعله كبْهم هذا وواحدة يف شأن سارة فإنه قدم أرض جبار ومعه سارة
وكانت أحس ن الناس فقال ْلا إن هذا اْلبار إن يعلم أنك امرأيت يغلبين عليك فإن س ألك فأخربيه أنك
أخِت فانك أخِت يف اإلسالم فإِن ال أعلم يف اِلرض مسلماً غْي وغْك".90
قال النووي" :معناه أن الكذبات املذكورة إَّنا ه ُّ بالنسبة إىل فهم املخاطب والسامع وأما يف نفس اِلمر
فليست كذباً مذموماً" مث ذكر أوجهاً من التأويل.91
وقال القاض ُّ عياض" :وأما قص ة كلمات إبراهيم املذكورة أ ا كذباته الثالث املنص وص ة يف القرآن منها
اثنتان قوله "إِن س قيم"[ ،و] "بل فعله كبْهم هذا" وقوله للملك عن زوجته إ ا اخِت ،فاعلم أكرمك
اهلل أن هذه كلها خارجة عن الكذب ال يف القص د وال يف غْه وه ُّ داخلة يف باب املعاريُ الِت فيها
مندوحة 92عن الكذب".93
األولى
أما قوله تعاىل﴿ :قال بل فعله كبْهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون﴾ [اِلنبياء ،اآلية.]63 :
فقد قال البغوي يف تفس ْه" :أراد بذلك إبراهيم إقامة اْلجة عليهم" مث قال "قال القتِب معناه بل فعله
كبْهم إن كانوا ينطقون على س بيل الش رط ،فجعل النطق ش رطاً للفعل ،أي إن قدروا على النطق قدروا
على الفعل" 94وذكر حنو ذلك اْلازن يف تفس ْه 95والنووي يف ش رح ص حيح مس لم 96وذكر ابن اْلوزي
ال انية
قال اهلل تعاىل﴿ :فنظر نطرة يف النجوم فقال إِن س قيم﴾ [الص افات ،اآلية .]89-88 :ذكر املفس رون
أقواالً يف املراد بقوله س قيم فقيل" :مريُ" 100أو "مش ارف للس قم [لئال رجوه إىل معبدهم] وقيل
س قيم النفس لكفركم كما تقول أنا مريُ القلب من كذا"" .101وقيل معناه س أس قم وقيل بل كانت
اْلمى تأخذه عند طلوع ثم معلوم فلما رآه اعتذر بعادته".102
ال ال ة
مر بيان املراد به يف اْلديث الصحيح الذي رواه مسلم وقد ذكرناه آنفا.
قوله عن زوجته "إ ا اخِت" ا
وبذلك تبني براءةُ نِب اهلل إبراهيم من الوقوع يف الكذب اْلقيق ُّ.
قال اهلل تعاىل﴿ :وملا جاءت رس لنا لوطاً س ُّء ِبم وض اق ِبم ذرعاً وقال هذا يوم عص يب .وجاءه قومه
يُهرعون إليه ومن قبل كانوا يعملون الس يئات قال يا قوم هؤالء بنايت هن أطهر لكم فاتقوا اهلل وال َّتزون
يف ض يف ُّ أليس منكم رجل رش يد .قالوا لقد علمت ما لنا يف بناتك من حق وإنك لتعلم ما نريد .قال
لو أن يف بكم قوة أو آوي إىل ركن شديد﴾ [هود ،اآلية.]80-77 :
اِلمر أن دابر هؤالء مقطوع مص بحني .وجاء أهل املدينة يس تبش رون.
وقال تعاىل﴿ :وقض ينا إليه ذلك َ
قال إن هؤالء ض يف ُّ فال تفض حون .واتقوا اهلل وال َّتزون .قالوا أومل ننهك عن العاملني .قال هؤالء بنايت
إن كنتم فاعلني﴾ [اْلجر ،اآلية.]71-66 :
قال اهلل تعاىل إخباراً عن نبيه لوط ﴿ قال يا قوم هؤالء بنايت هن أطهر لكم﴾ [هود ،اآلية ]78 :وقوله
﴿هؤالء بنايت إن كنتم فاعلني﴾ [اْلجر ،اآلية.]71 :
عرض بالفاحشة مع بناته".111
"قيل ا
يعرض بالفاحش ة فإن الزنا ال يقال عنه أطهر وقد اختُلف يف املراد بقوله بنايت "فقيل بناته
واْلواب أنه مل ا
لص لبه واملراد أزوجكم بش رط أن تس لموا وقيل ِلن زواج الكافر باملس لمة مل يكن حراماً وقيل أراد ببناته
نس اءهم وأض افهن إىل نفس ه ِلن النِب ِبنزلة الوالد ِلمته" 112وقيل "إن لوطاً قال ذلك على س بيل الدفع
لقومه ال على سبيل التحقيق".113
فإن قلت فما هو الراجح من هذه اِلقوال فاْلواب ما قاله اْلازن بعد أن قال "ِلن كل نِب أبو أمته وهو
كالوالد ْلم وهذا القول هو الصحيح وأشبه بالصواب إن شاء اهلل تعاىل والدليل عليه أن بنات لوط كانتا
اثنتني وليس تا بكافيتني للجماعة وليس من املروءة أن يعرض الرجل بناته على أعدائه ليزوجهن إ ياهم
فكيف يليق ذلك ِبنصب اِلنبياء".114
قال اهلل تعاىل﴿ :وراودته الِت هو يف بيتها عن نفس ه وغلقت اِلبواب وقالت هيت لك قال معاذ اهلل إنه
وهم ِبا لوال أن رأى برهان ربه كذلك لنص رف
رِب أحس ن مثواي إنه ال يفلح الظاملون .ولقد مهات به ا
عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا املخلصني .واستبقا الباب وق ادت قميصه من ُدبر وألفيا سيدها لدى
الباب قالت ما جزاء من أراد بأهلك س وءاً إال أن يس جن أو عذاب أليم .قال ه ُّ راودتين عن نفس ُّ
وش هد ش اهد من أهلها إن كان قميص ه قُد من قُبل فص دقت وهو من الكاذبني وإن كان قميص ه قُد من
ُدبر فكذبت وهو من الص ادقني .فلما رأى قميص ه قُد من ُدبر قال إنه من كيدكن إن كيدكن عظيم
يوسف أعرض عن هذا واستغفري لذنبك إنك كنت من اْلاطئني .وقال نسوة يف املدينة امرأة العزيز تراود
فتاها عن نفس ه قد ش غفها حبا إنا لنراها يف ض الل مبني .فلما َعت ِبكرهن أرس لت إليهن وأعتدت
ْلن متكئاً وآتت كل واحدة منهن س كينا وقالت اخرج عليهن فلما رأينه أكربنه وقطعن أيديهن وقلن
حا ،هلل ما هذا بش راً إن هذا إال ملك كرمي .قالت فذلكن الذي ملتنين فيه ولقد راودته عن نفس ه
فاستعصم .ولئن مل يفعل ما آمره ليسجنن وليكوناً من الصاغرين .قال رب السجن أحب إيف ِما يدعونين
إليه وإال تص رف عين كيدهن أص ب اليهن وأكن من اْلاهلني فاس تجاب له ربه فص رف عنه كيدهن إنه
هو السميع العليم﴾ [يوسف ،اآلية.]34-23 :
﴿وقال امللك ائتوِن به فلما جاءه الرس ول قال ارجع إىل ربك فاس أله ما بال النس وة الاليت قطعن أيديهن
إن رِب بكيدهن عليم .قال ما خطبكن إذ راودتُ ان يوس ف عن نفس ه قلن حا ،هلل ما علمنا عليه من
س وء قالت امرأة العزيز اآلن حص حص اْلق أنا راودته عن نفس ه وإنه ملن الص ادقني .ذلك ليعلم أِن مل
أخنه بالغيب وأن اهلل ال يهدي كيد اْلائنني وما أبرئ نفس ُّ إن النفس ِلمارة بالس وء إال ما رحم رِب إن
رِب غفور رحيم﴾ [يوسف ،اآلية.]53-50 :
قال اهلل تعاىل﴿ :ولقد مهت به وهم ِبا لوال أن رأى برهان ربه﴾ [يوسف ،اآلية.]24 :
اختلفت اِلقاويل يف تفس ْ قص ة يوس ف عليه الص الة والس الم وخبط كثْ من الناس خبط عش واء فيها
وقد قال ابن كثْ يف كتابه قص ص اِلنبياء" :وأكثر أقوال املفس رين ههنا متلقى من كتب أهل الكتاب
وبرأه ونزهه عن الفاحش ة وِحاه عنها
فاإلعراض عنه أوىل بنا ،والذي جيب أن يعتقد أن اهلل تعاىل عص مه ا
وصانه منها وْلذا قال تعاىل ﴿كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا املخلَصني﴾ [يوسف،
57
اآلية[ ]24 :قصص اِلنبياء ص 239البن كثْ].
وهم ِبا﴾ بعد اتفاقهم على أن هم زليخا دعوَتا له إىل
ونورد اآلن خالص ة اختالفهم يف تفس ْ ﴿ ا
نفسها.
ص َمهُ لََف َع َل".115
فقيل "كان من جنس مهها فلوال أن اهلل َع َ -1
وقيل "هم ِبا أي َتناها أن تكون له زوجه".116 -2
وقي ل "إن يف الكالم تق دُي ا وت أخْاً تق ديره ولق د مه ت ب ه ولوال أن رأى بره ان رب ه ْل ام -3
ِبا".117
وقيل "هم أن يضرِبا ويدفعها عن نفسه".118 -4
"هم ب الفرار منه ا ،حك اه الثعلِب وهو قول مرذول ،أفِّاه اراد الفرار منه ا فلم ا رأى
وقي ل ا -5
الربهان أقام عندها".119
"حل اْلميان 120وجلس منها َملس اْلائن ،وهو مروي عن ابن عباس".121
وقيل ا -6
ُروي عن َماهد أنه قال "حل سراويله وجعل يعاجل ثيابه".122 -7
وقيل "جرى الش يطان فيما بينهما فض رب بإحدى يديه إىل جيد يوس ف وباليد اِلخرى -8
اىل جيد املرأة حَت َجع بينهما" وهو مروي عن الضحاك.123
وقيل "جعلت تذكر له ُماس ن نفس ه وتش وقه إىل نفس ها حَت الن ْلا ملا يرى من كلفها -9
وهم ِبا مث إن اهلل تعاىل تدارك عبده ونبيه بالربهان".124
-10وقيل "فُ ِس َر هم يوس ف بأنه حل تكة س راويله وقعد بني ش عبها اِلربع وه ُّ مس تلقية على
قال اهلل تعاىل﴿ :واذكر عبدنا أيوب إذ نادى ربه أِن مسين الشيطان بنصب وعذاب .اركُ برجلك هذا
مغتس ل بارد وش راب .ووهبنا له أهله ومثلهم معهم رِحة منا وذكرى ِلويف اِللباب .وخذ بيدك ض غثاً
فاضرب به وال َتنث إنا وجدناه صابراً نعم العبد إنه أواب﴾ [ص ،اآلية.]44-41 :
63
قال اهلل تعاىل﴿ :واذكر عبدنا أيوب إذ نادى ربه أِن مس ين الش يطان بنص ب وعذاب﴾ [ص ،اآلية:
.]41
ذكر املفس رون أقواال يف س بب بالء أيوب عليه الص الة والس الم فقال النس ف ُّ" :ذُكر يف س بب بالئه أنه
ذبح شاة فأكلها وجاره جائع أو رأى منكراً فسكت عنه أو ابتاله اهلل لرفع الدرجات بال زله سبقت منه"
[تفسْ النسف ُّ ج 4ص.]43
وأما قص ة البالء فقد ذكر يف تفس ْ اْلازن قص ة مفِّاة من اإلس رائيليات ال فى ش أ ا على مؤمن
وحاص لها يتض من "القول بأن إبليس قد طلب من اهلل أن يس لطه على مال أيوب فس لطه مث على أهله
فس لطه حَت ش ق بطو م فتناثرت أمعاؤهم ،وأخرب أيوب بذلك فرق قلبه وبكى وقبُ قبض ة من الِّاب
فوضعها على رأسه وقال يا ليت أم ُّ مل تلدِن مث استغفر .مث طلب إبليس من اهلل أن يسلطه على جسده
فأتاه وهو س اجد فنفخ يف منخريه نفخة اش تعل منها جس ده فخرج من قرنه اىل قدميه ث ليل مثل أليات
الغنم ووقعت فيه حكة فحك بأظفاره حَت سقطت كلها مث حكها باملسوح اْلشنة حَت قطعها مث حكها
بالفخار واْلجارة اْلش نة فلم يزل ُيك حَت قرح ْلمة وتقطع وتغْ وأنَت فأخرجه أهل القرية فجعلوه
على كناسة ْلم وجعلوا له عريشة ورفضه خلق اهلل كلهم غْ امرأته اىل أن ذكر أنه قال ليتين إذ كرهتين مل
َّتلقين وأن ه نودي ي ا أيوب ه ا أن ا ق د دنوت من ك ومل أزل من ك قريب اً قم ف ِ
أدل بع ذرك وقم مق ام جب ار
اص م جباراً 145"...اىل غْ ذلك من الس فاهات الِت ينبغ ُّ أن تص ان كتب التفس ْ عن روايتها
والتلطيخ بذكرها.
وقد ذكر هذه الراوية أيض ا البغوي يف تفس ْه [تفس ْ البغوي ج 3ص ،]257-256وذكرت أيض اً يف
حاش ية الش يخ زاده 146باختص ار وذكر ابن كثْ القول بأنه مرض مرض اً حَت عافه اْلليس وألقى على
مزبلة" 147ونقل عن ابن جرير أنه روى حديثاً عن النِب أنه قال إن نِب اهلل أيوب لبث بالؤه ُثاِن عش رة
س نة فرفض ه القريب والبعيد إال رجلني ...مث قال هذا لفظ ابن جرير وهكذا رواه بتمامه ابن حبان يف
صحيحه عن ابن وهب به وهذا غريب رفعه جداً وأشبه أن يكون موقوفاً".148
149تفسْ اْلاللني.
150أورده ابن كثْ يف كتابه قصص اِلنبياء ص.269
65
دفع الشبه المتعلقة بقصة يونس عليه السالم
قال اهلل تعاىل﴿ :فلوال كانت قرية آمنت فنفعها إُيا ا إال قوم يونس ملا آمنوا كش فنا عنهم عذاب اْلزي
يف اْلياة الدنيا ومتعناهم اىل حني﴾ [يونس ،اآلية.]98 :
وقال تعاىل﴿ :وذا النون إذ ذهب مغاض با فظن أن لن نقدر عليه فنادى يف الظلمات أن ال إله إال انت
س بحانك إِن كنت من الظاملني فاس تجبنا له وثيناه من الغم وكذلك ننج ُّ املؤمنني﴾ [اِلنبياء ،اآلية:
.]88-87
وقال تعاىل أيض اً﴿ :وإن يونس ملن املرس لني إذ أبق إىل الفلك املش حون فس اهم فكان من املدحض ني
فالتقمه اْلوت وهو ُمليم فلوال أنه كان من املس بحني للبث يف بطنه إىل يوم يبعثون فنبذناه بالعراء وهو
س قيم وأنبتنا عليه ش جرة من يقطني وأرس لناه اىل مائة ألف أو يزيدون ف منوا فمتعناهم إىل حني﴾
[الصافات ،اآلية.]140-139 :
66
قال اهلل تعاىل﴿ :وذا النون إذ ذهب مغاض باً فظن أن لن نقدر عليه فنادى يف الظلمات أن ال إله إال
أنت سبحانك إِن كنت من الظاملني﴾ [اِلنبياء ،اآلية.]87 :
تتلخص الشبه الِت أوردها املفسرون فيما يل ُّ:
1-تفسْ مغاضباً ب مغاضباً لربه "إذ كشف عن قومه العذاب بعدما أوعدهم وكره أن يكون بني قوم قد
جربوا عليه اْلُلف.
2-قالوا وكان يف خلقه ض يق فلما ِحل عليه أثقال النبوة تفس خ الربع َتت اْلمل الثقيل فقذفها بني
يديه وخرج هارباً منها".151
3-وقيل "كان يونس وقومه يس كنون فلس طني فغزاهم ملك فس أ منهم تس عة أس باط ونص ف وبق ُّ
سبطان ونصف فأوحى اهلل إىل شعياء النِب أن سر إىل حزقيل امللك وقل له حَت يوجه نبياً قوياً فإِن ألق ُّ
معه يف قلوب أولئك حَت يرس لوا معه بين إس رائيل فقال له امللك :فمن ترى؟ وكان يف ِملكته مخس ة من
اِلنبي اء فق ال :يونس ان ه قوي أمني ف َدع ا املل ك بيونس ف أمره أن رج فق ال ل ه يونس ه ل اهلل أمرك
بإخراج ُّ قال ال قال فهل َاِن لك قال ال قال فههنا غْي أنبياء أقوياء فأْلوا عليه فخرج من بينهم
مغاضباً للنِب وللملك ولقومه فأتى حبر الروم فركبه".152
هكذا ذكر اْلازن وغْه من املفس رين وأما ابن كثْ فقد ذكر هذه القص ة من غْ أن يعرج على القول
ِبغاض بته للنِب وللملك ولقومه ،ومن غْ ذكر القول ِبغاض بته ربه بل اقتص ر على القول "بأنه ذهب
مغاضباً بسبب قومه فركب سفينة يف البحر".153
وقد ذكر الش يخ زاده يف حاش يته على تفس ْ البيض اوي تلك القص ة واقتص ر على القول فخرج مغاض باً
للملك ولقومه ومل يقل مغاضباً للنِب أو لربه".154
والص واب يف هذه القص ة أن يونس عليه الص الة والس الم مل يكن مغاض باً لربه بل لقومه لكفرهم وكان
علي ه أن ينتظر اإلذن من اهلل تع اىل يف امله اجرة عنهم ف ابتل ُّ ببطن اْلوت كم ا ذكر ذل ك النس ف ُّ يف
وِما يؤيد ما ذكرناه يف تربئة يونس عليه الص الة والس الم أن اهلل تعاىل ذكره يف اِلنبياء الكرام يف س ورة
النساء [النساء ،اآلية ]163 :وسورة اِلنعام [اِلنعام ،اآلية.]86 :
وقد ورد يف فضله ما رواه ابن كثْ يف قصصه "عن النِب قال" :ما ينبغ ُّ لعبد أن يقول انا خْ من يونس
166
"كما قد ورد يف بعُ اِلحاديث ال تفض لوِن على اِلنبياء وال على مَت" رواه البخاري وأِحد
بن َّ
167
قصص اِلنبياء ص.296
69
دفع الشبه المتعلقة بقصة داود عليه السالم
قال اهلل تعاىل﴿ :اص رب على ما يقولون واذكر عبدنا داود ذا اِليد إنه أواب .إنا س خرنا اْلبال معه
يس بحن بالعش ُّ واإلش راق .والطْ ُمش ورة كل له أواب .وش ددنا ملكه وآتيناه اْلكمة وفص ل اْلطاب
.وهل أتاك نبأ اْلص م إذ تس وروا احملراب .اذ دخلوا على داود ففزع منهم قالوا ال َّتف خص مان بغى
بعض نا على بعُ فاحكم بيننا باْلق وال تش طط واهدنا إىل س واء الص راط .إن هذا أخ ُّ له تس ع
وتس عون نعجة ويف نعجة واحدة فقال أكفلنيها وعزِن يف اْلطاب .قال لقد ظلمك بس ؤال نعجتك إىل
نعاجه وإن كثْاً من اْللطاء ليبغ ُّ بعض هم على بعُ إال الذين آمنوا وعملوا الص اْلات وقليل ما هم
وخر راكعاً وأناب .فغفرنا له ذلك وإن له عندنا لزلفى وحس ن م ب .
وظن داود أَّنا فتناه فاس تغفر ربه ا
يا داود إنا جعلناك خليفة يف اِلرض فاحكم بني الناس باْلق وال تتبع اْلوى فيض لك عن س بيل اهلل إن
الذين يضلون عن سبيل اهلل ْلم عذاب شديد ِبا نسوا يوم اْلساب﴾ [ص ،اآلية.]26-17 :
70
قصة اليصم
قال اهلل تعاىل ﴿وهل أتاك نبأ اْلصم إذ تسوروا احملراب﴾ [ص ،اآلية.]21 :
أورد كثْ من املفسرين ههنا قصصاً وأخباراً أكثرها مأخوذ عن أهل الكتاب .وأما سبب امتحانه
" 1-فقيل إن داود عليه الصالة والسالم َتَن يوماً من اِليام منزلة آبائه إبراهيم وإسحق ويعقوب وذلك
أنه كان قد قسم الدهر ثالثة أيام ،يوم يقض ُّ فيه بني الناس ويوم لو فيه لعبادة ربه عز وجل ويوم لنسائه،
وكان جيد فيما يقرأ من الكتب فضل إبراهيم وإسحق ويعقوب فقال يا رب أرى اْلْ كله قد ذهب به
آبائ ُّ الذين كانوا قبل ُّ فأوحى اهلل إليه إ م ابتلوا بباليا مل تبتل ِبا فصربوا عليها ...فقال رب لو ابتليتين
ِبثل ما ابتليتهم صربت أيضاً فأوحى اهلل إليه انك مبتلى يف شهر كذا يف يوم كذا فاحِّس ،فلما كان اليوم
الذي وعده اهلل به دخل داود ُمرابه واغلق بابه وجعل يصل ُّ ويقرأ الزبور فبينما هو كذلك إذ جاءه الشيطان
وقد َتثل له يف صورة ِحامة من ذهب فيها من كل لون حسن ،وجناحاها من الدر والزبرجد ،فوقعت بني
رجليه فأعجبه حسنها فمد يده ليأخذها ويريها بين إسرائيل لينظروا إىل قدرة اهلل تعاىل فلما قصد أخذها
طارت غْ بعيد من غْ أن تؤيسه من نفسها فامتد إليها ليأخذها فتنحت فتبعها فطارت حَت وقعت يف
كوة فذهب ليأخذها فطارت من الكوة فنظر داود أين تقع فيبعث من يصيدها له فأبصر امرأة يف بستان
على شاطئ بركة تغتسل وقيل رآها تغتسل على سطح ْلا فرآها من أَجل النساء خلقاً فتعجب داود من
حسنها وحانت منها التفاتة فأبصرت ظله ،فنفضت شعرها فغطى بد ا فزاده ذلك إعجاباً فسأل عنها
بنت شايع امرأة ْأوِريا بن حنانا وزوجها يف غزاة بالبلقاء مع أيوب بن صوريا ابن أخت ِ
فقيل ه ُّ تشايع ُ
داود فكتب داود إىل ابن أخته أن ابعث أوريا إىل موضع كذا وقدمه قبل التابوت وكان من قدم على
التابوت ال ُيل له أن يرجع وراءه حَت يفتح اهلل على يديه أو يستشهد فبعثه ففتح له فكتب إىل داود
بذلك فكتب إليه أن ابعثه إىل عدو كذا وكذا أشد منه بأساً فبعثه ففتح له فكتب اىل داود بذلك فكتب
اليه أن ابعثه اىل عدو كذا وكذا أشد منه بأساً فبعثه فقتل يف املرة الثالثة فلما انقضت عدة املرأة تزوجها
داود فه ُّ أم سليمان .وقيل إن داود أحب أن يقتل أوريا فيتزوج امرأته فهذا كان ذنبه.
وروي عن ابن مسعود أنه قال كان ذنب داود أنه التمس من الرجل أن ينزل له عن امرأته وقيل كان ذلك
مباحا ْلم غْ أن اهلل عز وجل مل يرض لداود ذلك ِلنه َرغبة يف الدنيا وازدياد من النس اء وقد أغناه اهلل
تعاىل عنها ِبا أعطاه من غْها.
2-وقيل أن بين اس رائيل تذاكروا يوماً فقالوا هل يأيت على اإلنس ان يوم ال يص يب فيه ذنباً فأض مر داود
71
أنه سيطيق ذلك.
3-وقيل ذكروا فتنة النساء فأضمر داود يف نفسه أنه إن ابتل ُّ عصم مث ذكروا حنو ما سبق".168
" 4-وقيل إن داود مل يزل جيتهد يف العبادة حَت برز له حافظاه من املالئكة فكانوا 169يص لون معه فلما
اس تأنس ِبم قال خربوِن بأي ش ُّء أنتم موكلون قالوا نكتب ص احل أعمالك ونوافقك ونص رف عنك
الس وء فقال يف نفس ه ليت ش عري كيف أكون لو خلوِن ونفس ُّ وَتَن ذلك ...فأوحى اهلل تعاىل إىل
امللكني أن يعتزاله ليعلم أنه ال غَن له عن اهلل تعاىل فل ما فقدهم جد واجتهد يف العبادة إىل أن ظن أنه
قد غلب نفسه فأراد اهلل تعاىل أن يعرفه ضعفه فأرسل طائراً من طيور اْلنة وذكروا حنو ما تقدم.
5-وقيل إنه قال لبين اسرائيل ِلعدلَ ان بينكم ومل يستثن فابتل ُّ.
6-وقيل إنه أعجبه عمله فابتل ُّ.
قالوا فبعث اهلل إليه ملكني يف ص ورة رجلني وذلك يف يوم عبادته فطلبا أن يدخال عليه فمنعهما اْلرس
فتس ورا عليه احملراب فما ش عر إال ومها بني يديه جالس ان وهو يص ل ُّ يقال كانا جربيل وميكائيل فذلك
قوله عز وجل ﴿وهل أتاك نبأ اْلص م اذ تس وروا احملراب﴾ [ص ،اآلية ]21 :وهذا كله َتثيل ِلمر داود
مع أوريا زوج املرأة الِت تزوجها داود حيث كان لداود تس ع وتس عون امرأة وِلوريا امرأة واحدة فض مها
داود إىل نسائه...
..فلما قض ى داود بينهما نظر أحدمها إىل ص احبه وض حك وص عدا إىل الس ماء فعلم داود أن اهلل تعاىل
ابتاله ...فس جد فمكث أربعني ليلة س اجداً حَت نبت الزرع من دموعه على رأس ه وأكلت اِلرض من
جبهت ه ...مث ذكروا أن داود ق ال يف س جوده الوي ل ل داود يوم يكش ف عن ه الغط اء فيق ال ه ذا داود
اْلاطئ ...الويل لداود من الذنب العظيم الذي أص ابه ...اغفر يف ذنوِب وال تباعدِن من رِحتك ْلواِن
مث ق الوا إن داود ذه ب إىل قرب أوري ا وطل ب من ه أن جيعل ه يف ح ال ِلن ه تزوج امرأت ه فلم جيب ه فق ام وجع ل
الِّاب على رأس ه مث نادى الويل الطويل لداود حني يس حب على وجهه مع اْلاطئني إىل النار...
إخل".170
وقد جاء يف تفسْ النسف ُّ ما نصه" :روي أن أهل زمان داود عليه السالم كان يسأل بعضهم بعضا أن
قال عبد الوهاب النجار" :وأما أهل الكتاب فإ م يقولون أن داود نظر وهو ُيش ُّ على س طح داره إىل
امرأة تس تحم فأعجبته وأغرم ِبا وأتى ِبا واض طجع معها فحملت منه وأعلمته وكان زوجها أوريا يف
اْلرب فأتى به ليس أله عن أمر اْلرب يف الظاهر وليحدث الرجل بامرأته عهداً حَت ال يرتاب بأمرها إذا
علم فيما بعد أ ا حامل ولكن الرجل كان تقياً جداً فبات بباب داود ومل يزر امرأته ِلنه رأى من عدم
التقوى أن يتمتع بزوجته وإخوانه يف اْلرب بعيدون عن أزواجهم فلما علم داود بأمره مل ير وس يلة لعدم
افتضاح أمره إال تعريُ أوريا ْلبهة القتال ...وِبذه الوسيلة قتل الرجل.179"...
وقد اشتملت تلك الروايات على وجوه من البطالن والفساد نلخصها فيما يأيت:180
1-قالوا بأن داود َتَن منزلة آبائه ...إىل أن قالوا أنه ابتل ُّ بتلك البلية .فدلت أول حكايتهم على أنه
سيبتلى بالبالء الذي يرفع درجته فكان العشق والقتل وغْ ذلك.
2-تض اربت أقواْلم يف الطائر فقيل هو من طيور اْلنة وقيل هو إبليس فعلى هذا القول اس تطاع
الش يطان أن يوقع داود يف تلك الفتنة القبيحة واهلل يقول﴿ :إن عبادي ليس لك عليهم س لطان﴾
[اْلجر ،اآلية ]42 :اآلية.
3-اش تملت تلك الروايات على نس بة تكرار النظر احملرم إىل داود مث الس ع ُّ للزواج بتلك املرأة بعد قتل
زوجها ،وقالوا إ ا أم سليمان .فلو كان اِلمر كما ذكروا مل يكن املولود نبياً مكرما كسليمان بل كان أوىل
بأن يأتيه شق إنسان من سليمان عليه السالم مع أن سليمان ما حصل معه ذلك إال ِلنه مل يستثن كما
سيأيت بيان ذلك ،فكيف ِبا نسبوه إىل نِب اهلل داود عليه الصالة والسالم.
فمن كان زواجه ِبذه الطريقة وأتاه مولود ال يقول﴿ :ووهبنا لداود س ليمان نعم العبد إنه أواب﴾ [ص،
اآلية ]30 :عوضاً عن معاقبته.
4-اش تملت ايض اً على نس بة اْلرص على الدنيا واالزدياد من النس اء إىل نِب اهلل داود عليه الص الة
واِلنبياء املذكورون يف هذه السورة كلهم ابتلوا وامتحنوا وصربوا حَت ثاهم اهلل ونصرهم فذكروا هنا تسلية
عجل لنا قطانا قبل
للنِب وتسرية عنه وتثبيتاً لفؤاده .وقد جاء يف أول السورة عن املشركني أ م قالوا ﴿ربنا ا
فبني اهلل تعاىل أنه يبتل ُّ
يوم اْلس اب﴾ [ص ،اآلية ]16 :فس ألوا تعجيل العذاب اس تهزاء ومعاندة ،ا
الص اْلني لرفع درجاَتم فذكر له بعُ من َّ
تقدمه من اِلنبياء وما قاس وا من الش دائد فص ربوا ليكون ذلك
عزاءً ومواس اة وحثاً له على التأس ُّ والتؤدة فقال تعاىل﴿ :اص رب على ما يقولون واذكر﴾ على س بيل
التأس ُّ ﴿عبدنا داود ذا اِليد﴾ أي القوة يف الطاعة والص رب والتحمل ﴿إنه أواب﴾ كثْ الرجوع إىل اهلل.
فلم جيز أن يأمر اهلل نبيه بالتأس ُّ ِبن كان يسعى يف قتل مسلم طمعاً يف زوجته إرضاء لشهوته.
192بعُ ما أوردناه هنا مأخوذ من كالم الغماري بتصرف من قصة داود ص 38وما بعدها.
193عصمة اِلنبياء ص.99
78
من احملال يف كالم اهلل أن يتوس ط تلك املمادح ما يش عر ِبا قالوه ،فإنه "لو كان كذلك ْلرى َمرى قول
من يقول فالن عظيم الرتبة يف طاعة اهلل يقتل ويزِن وقد جعله اهلل تعاىل خليفة وص وبه يف أحكامه وأمر
أفضل اِلنبياء باالقتداء به".194
وِما يزيد اِلمر وض وحاً أن اهلل تعاىل قال يف حق داود﴿ :وآتيناه اْلكمة﴾ [ص ،اآلية" ]20 :واْلكمة
اس م جامع لكل ما ينبغ ُّ علما وعمال فكيف جيوز أن يقول اهلل وآتيناه اْلكمة مع إص راره على ما
يستنكفه أخبث الشياطني من مزاِحة أفضل أصحابه وأحبائه يف الزوج واملنكوح".195
وكذلك "قوله تعاىل يف حق بعُ الرسل﴿ :إنا أخلصناهم خبالصة ذكرى الدار وإ م عندنا ملن املصطفني
اِلخيار﴾ [ص ،اآلية ]47-46 :وكل ذلك ينايف وصفهم باإلقدام على الكبْة والفاحشة".196
2-وقيل إن َجاعة من اِلعداء طمعوا يف أن يقتلوا نِب اهلل داود عليه الس الم ،وكان له يوم لو فيه
بنفس ه ويش تغل بطاعة ربه ،فانتهزوا الفرص ة يف ذلك اليوم وتس وروا احملراب ،فلما دخلوا عليه وجدوا عنده
أقواماً ُينعونه منهم ،فخافوا فوض عوا كذباً فقالوا خص مان بغى بعض نا على بعُ إىل آخر القص ة ،فلما
دخلوا عليه بطلب قتله وعلم داود ذلك ،دعاه الغض ب اىل أن يش تغل باالنتقام منهم ،إال أنه مال اىل
الص فح والتج اوز عنهم طلب اً ملرض اة اهلل وك ان ت ه ذه الواقع ة ه ُّ الفتن ةِ ،ل ا ج اري ة َمرى االبتالء
واالمتحان ،مث انه استغفر ربه ِما هم به من االنتقام منهم وتاب عن ذلك اْلم وأناب".203
197الشفا ج 2ص.164
198قصة داود ص.20
199تفسْ البغوي ج 4ص.54
200تفسْ اْلازن ج 4ص.35
201تفسْ البيضاوي ج 4ص.83
202تفسْ النسف ُّ ج 4ص.35
203قصة داود ص.33
80
وهذا التفسْ ِما ال يقدح يف عصمة اِلنبياء ،وان كان ُُيتاج إىل إثباته حبديث صحيح.
3-قال بعض هم" :إن داود عليه الس الم مل يرتكب معص ية أص الً وإن اس تغفاره إَّنا كان من الفزع الذي
حصل منه وهو يف تلك اْللوة يعبد اهللِ ،لن اِلنبياء يطالبون أنفسهم بأرقى الكماالت".204
فإن قيل :فما هو وجه التأسي الذي أمر الل به نبيه في هذه القصة؟
فاْلواب على ما قاله بعُ العلماء" :إن اْلص مني قد أس اءا إىل داود عليه الس الم فص رب وَتمل،
وخطأمها من وجوه أوْلا نزوْلما من الس ور وهذا غْ جائز عرفاً وش رعاً .ثانيها أ ما مل يعتذرا ملا رأيا فزعه
منهما بأن يقوال مثال ال تؤاخذنا فموس ى عليه الس الم ملا س أل اْلض ر أول مرة قال له ﴿ال تؤاخذِن ِبا
نسيت﴾ [الكهف ،اآلية.]73 :
وأما اْلصمان فقاال "ال َّتف" عبارة جافة ِتاوز عنها داود.
ثالثها قوْلما "وال تشطط" وهذه إساءة منها إذ خاطبا نبياً معصوما بذلك مع أ ما من أفراد أمته.
فكان بإمكان داود أن يعاقبهما على إس اءة اِلدب لكنه فض ل الص رب والتحمل ومل ينتقم لنفس ه فكان
ذلك وجه التأس ُّ املأمور به يف تلك القصة".205
فائدة" :ذكر كثْ من املفسرين عن عل ُّ أنه قال من حدثكم حبديث داود على ما يرويه القصاص جلدته
مائة وستني وهو حد الفرية على اِلنبياء".206
"وهذا ِما مل يصح عن عل ُّ فإن حكم من نسب اىل نِب الزنا القتل" 207وكذا لو نسب إليه ما دون الزنا
من مقدماته فإنه يقتل إن مل يرجع إىل اإلسالم.
فائدة طريفة" :روي أن عمر بن عبد العزيز حدث بتلك القصة الباطلة وعنده رجل من أهل اْلق فكذب
أع ِظم بأن يقال
احملدث وقال "إن كانت القص ة على ما يف كتاب اهلل فما ينبغ ُّ أن يلتمس خالفها ،و ْ
83
القسم األول
فيما يتعلق بقصة فتنة سليمان وإلقاء اللسد على كرسيه
قال اهلل تعاىل﴿ :ولقد فتنا س ليمان وألقينا على كرس يه جس داً مث أناب .قال رب اغفر يف وهب يف ملكاً
ال ينبغ ُّ ِلحد من بعدي إنك أنت الوهاب﴾ [ص ،اآلية.]35-34 :
ذكر كثْ من املفس رين عند الكالم على هذه اآليات قص ص اً مأخوذة عن أهل الكتاب اش تملت على ما
جيب تنزيه اِلنبياء عنه ،وكنا قد ق ادمنا أن س ورة ص جاءت يف ُماجة منكري النبوة ،وحُ النِب ُممد
عليه الصالة والسالم على التأس ُّ بأولئك اِلنبياء الذي ذكروا يف السورة ،فكيف يليق أن يأيت يف سياقها
ما هو طعن يف اِلنبياء عليهم الصالة والسالم.
وتتلخص الشبه الِت ذكروها فيما يل ُّ:
تفسْ (فتنا) ابتليناه وامتحناه بسلب ملكه".209 -1
"تفس ْ املراد باْلس د بش يطان اَه ص خر أو آص ف أو حبقيق .وأن املعَن أجلس نا على كرس يه -2
يف ملكه ش يطانا ،وزعموا أن هذا الش يطان تس لط على ملك س ليمان بأن حص ل على خاَته
وتش كل بص ورته فص ار ُيكم بأقض ية فاس دة .وقيل إنه كان يأيت نس اء س ليمان يف اْليُ
فأنكرن ذلك منه .وأما سليمان فقالوا إنه مل يعد يعرفه أحد وإنه كان يستطعم الناس فال يطعمه
أحد حَت حصل على خاَته فطرد الشيطان .وقيل غْ ذلك".210
"قيل يف سبب ابتالئه بذلك -فيما زعموا -أنه كان له زوجة اَها جرادة عبدت صورة أبيها يف -3
منزل س ليمان أربعني ص باحاً ه ُّ ووالئدها فلما علم س ليمان كس ر تلك الص ورة وعاقبها
ووالئدها".211
"وقيل سبب ابتالئه أنه قارب امرأة من نسائه يف اْليُ".212 -4
ذكر بعُ املفس رين أن س بب طلب س ليمان ذلك أنه علم أ ا إن أس لمت ُيرم عليه ماْلا فأراد أخذ
عرشها قبل أن ُيرم عليه أخذه بإسالمها.223
والص واب أنه ال يليق بنِب اهلل س ليمان أن يكون به حرص على أخذ عر ،بلقيس ِلن ذلك ليس من
ش يم الص اْلني فض الً عن اِلنبياء ،وكيف يكون ذلك وقد آتاه اهلل ذلك امللك العظيم .وقد ذكر اهلل
تع اىل عن ه قب ل ذل ك أن ه ق ال ﴿أَت دونن ِب ال فم ا آت اِن اهلل خْ ِم ا آت اكم ب ل أنتم ِب ديتكم تفرحون﴾
[النمل ،اآلية.]36 :
مث لو كان يريد عرشها ملا نكره ْلا وأراها اياه.
فسبب طلبه إحضار عرشها هو إرادة اختبار عقلها كما قال النسف ُّ 224وغْه ،أو لْيها قدرة اهلل وعظم
س لطانه كما قال البغوي 225واْلازن .226والقول الثاِن أقربِ ،لنه على القول اِلول "قيل إن الش ياطني
خافت أن يتزوجها سليمان فتفش ُّ إليه أسرار اْلن ِلن أمها كانت جنية وإذا ولدت ولداً ال ينفكون من
تس خْ س ليمان وذريته من بعده فأس اؤوا الثناء عليها ليزهدوه فيها وقالوا إن يف عقلها ش يئاً وإن رجلها
كحافر اْلمار وإ ا ش عراء الس اقني فأراد س ليمان أن ترب عقلها بتنكْ عرش ها وينظر اىل قدميها ببناء
الصرح".227
وهذا باطل ِلن اهلل قد سخر لسليمان اْلن فال ُيتاج إىل أن تفش ُّ إليه بلقيس أسرار اْلن ،وِلن بلقيس
لو كانت كما قالوا لكانت ه ُّ سخرت اْلن لنفسها.
88
القسم األول
قال اهلل تعاىل﴿ :وإذ تقول للذي أنعم اهلل عليه وأنعمت عليه أمس ك عليك زوجك واتق اهلل وَّتف ُّ ما
يف نفسك ما اهلل مبديه وَّتشى الناس واهلل أحق أن َّتشاه﴾ [اِلحزاب ،اآلية.]37 :
ذكر بعُ املفس رين يف تفس ْ هذه اآلية ما جيب تنزيه النِب عنه ،فاَّتذ ذلك بعُ امللحدين وس يلة
للطعن يف نبينا واالنتقاص منه.
وهذه اآليات وردت يف قص ة زيد بن حارثة وزوجه زينب بنت جحش .وزيد هو موىل رس ول اهلل ،وأما
زين ب فه ُّ ابن ة عم ة النِب ،أمه ا أميم ة بن ت عب د املطل ب .وك ان رس ول اهلل ق د أراد أن يزوجه ا زي داً
فكرهت ذلك مث رض يت ِبا ص نع رس ول اهلل .ونورد اآلن الش به الِت أوردوها مث نتبعها ببيان نزاهة النِب
عما قالوه.
قيل "إن رس ول اهلل ملا زوج زينب من زيد مكثت عنده حيناً مث إن رس ول اهلل ص لى اهلل عليه وس لم أتى
زيداً ذات يوم ْلاجة فأبص ر زينب قائمة يف درع ومخار وكانت بيض اء َجيلة ذات خلق ،من أ نس اء
قريش فوقعت يف نفسه وأعجبه حسنها ،فقال سبحان اهلل مقلب القلوب وانصرف ،فلما جاء زيد ذكرت
ذل ك ل ه ففطن زي د وألق ُّ يف نفس زي د كراهيته ا يف الوق ت .ف أتى رس ول اهلل فق ال إِن أري د أن أف ارق
ك أرابَك منها ش ُّء قال ال يا رس ول اهلل ما رأيت منها إال خْاً ولكنها تتعظم عل ُّ
ص احبِت .قال ما لَ َ
لش رفها وتؤذيين بلس ا ا فقال له النِب ﴿أمس ك عليك زوجك﴾ يعين زينب بنت جحش ﴿واتق اهلل﴾
فيها وال تفارقها ﴿وَّتف ُّ يف نفس ك ما اهلل مبديه﴾ أي تس ر يف نفس ك ما اهلل مظهره أي كان يف قلبه:
لو فارقها لتزوجها .وقال ابن عباسُ :حبها .وقال قتادةَ :وَّد أنه طلَّقها" 232ذكر ذلك البغوي يف تفس ْه،
وذكر البيضاوي 233حنو ذلك ،وكذلك ابن اْلوزي 234واْلازن 235والنسف ُّ.236
"وقيل الذي أخفى يف نفسه تعلق قلبه ِبا ومودة مفارقة زيد إياها".237
وقال اْلافظ ابن حجر" :بلغنا أن هذه اآلية نزلت يف زينب بنت جحش وكانت أمها أميمة بنت عبد
املطلب عمة رسول اهلل ،وكان رسول اهلل أراد أن يزوجها زيد بن حارثة مواله فكرهت ذلك مث إ ا رضيت
بعد أ ا من أزواجه فكان يس تح ُّ أن يأمره
ِبا ص نع رس ول اهلل فزوجها إياه مث أعلم اهلل عز وجل نبيه ُ
بطالقها وكان ال يزال يكون بني زيد وزينب ما يكون من الناس ،فأمره رس ول اهلل أن ُيس ك زوجه وأن
يتق ُّ اهلل وكان ش ى الناس أن يعيبوا عليه ويقولوا تزوج امرأة ابنه وكان قد تبَن زيداً .مث قال والذي كان
قال اهلل تعاىل﴿ :وما أرس لنا من قبلك من رس ول وال نِب إال إذا َتَن ألقى الش يطان يف أمنيته فينس خ اهلل
ما يلق ُّ الشيطان مث ُيكم اهلل آياته واهلل عليم حكيم﴾[ .اْلج ،اآلية.]52 :
ذكر كثْ من املفس رين عند الكالم على هذه اآلية أقاويل غْ س ديدة ِما ُيس منص ب النبوة وينايف
العصمة.
"فقيل َتَن ْلرص ه على إُيان قومه أن ينزل عليه ما يقرِبم إليه ،واس تمر به ذلك حَت كان يف ناديهم،
فنزلت عليه س ورة والنجم ،فأخذ يقرؤها فلما بلغ ومناة الثالثة اِلخرى ،وس وس إليه الش يطان حَت س بق
لس انه س هوا إىل أن قال" :تلك الغرانيق العلى وإن ش فاعتهن لِِّتى" ،ففرح به املش ركون حَت ش ايعوه
بالس جود ملا س جد يف آخرها ،حبيث مل يبق يف املس جد مؤمن وال مش رك إال س جد ،مث نبهه جربائيل
فعزاه اهلل ِبذه اآلية ،وهو مردود عند احملققني".245
فاغتم به ،ا
هكذا ذكر البيضاوي يف تفسْه ،وذكر حنو ذلك اْلازن 246والبغوي 247وابن اْلوزي 248والنسف ُّ.249
وقد رد هذه القص ة العلماء احملققون كالقاض ُّ عياض وغْه ،كما أعقبها كثْ من املفس رين بالنقد والرد
كاْلازن والنسف ُّ وابن اْلوزي .وها حنن نورد بعُ ما قالوه يف إبطاْلا.
إبطال تلك الرواية
قال النس ف ُّ" :وهذا القول غْ مرض ُّ ِلنه ال لو اما أن يتكلم النِب عليه الس الم ِبا عمداً ،وإنه ال
جيوزِ ،لنه كفرِ ،لنه بعث طاعناً لألص نام ال مادحاً ْلا ،أو أجرى الش يطان ذلك على لس ان النِب عليه
الس الم جرباً حبيث ال يقدر على االمتناع منه وهو ِمتنعِ ،لن الش يطان ال يقدر على ذلك يف حق غْه
لقوله تعاىل﴿ :إن عبادي ليس لك عليهم س لطان﴾ [اْلجر ،اآلية ]42 :فف ُّ حقه أوىل ،أو جرى
ذلك على لسانه سهواً وغفلة وهو مردود أيضاًِ ،لنه ال جيوز مثل هذه الغفلة عليه يف حال تبليغ الوح ُّ،
قال القاض ُّ عياض :اعلم أكرمك اهلل أن لنا يف الكالم على مش كل هذا اْلديث مأخذين أحدمها يف
توهني أصله والثاِن على تسليمه.
252الشفا ج 2ص.126-125
94
وال من حبض رته من املس لمني وص ناديد املش ركني ِمن فى عليه ذلك وهذا ال فى على أدىن متأمل
فكيف ِبن رجح حلمه واتسع يف باب البيان ومعرفة فصيح الكالم علمه.
ووجه ثالث :أنه قد عُلم من عادة املنافقني ومعاندي املش ركني وض عفة القلوب واْلهلة من املس لمني
نفورهم ِلول وهلة وَّتليط العدو على النِب ص لى اهلل عليه وس لم ِلقل فتنة وتعيْهم املس لمني والش ماتة
ِبم الفينة بعد الفينة وارتداد من يف قلبه مرض ِمن أظهر اإلس الم ِلدىن ش بهة ،ومل َُْيك أحد يف هذه
القص ة ش يئا س وى هذه الرواية الض عيفة اِلص ل ،ولو كان ذلك لوجدت قريش ِبا على املس لمني الص ولة
وِلقامت ِبا اليهود عليهم اْلجة كما فعلوا مكابرة يف قص ة اإلس راء حَت كانت يف ذلك لبعُ الض عفاء
ردة .وكذلك ما روي يف قص ة القض ية ،وال فتنة أعظم من هذه البلية لو ُوجدت ،وال تش غيب للمعادي
بنت شفة،
حينئذ أشد من هذه اْلادثة لو أمكنت ،فما ُروي عن معاند فيها كلمة وال عن مسلم بسببها ُ
فدل على بُطْلها واجتثاث أص لها ،وال ش ك يف إدخال بعُ ش ياطني اإلنس واْلن هذا اْلديث على
بعُ مغفل ُّ احملدثني ليلبس به على ضعفاء املسلمني.
ووجه رابع :ذكر الرواة ْلذه القض ية أن فيها نزلت ﴿وإن كادوا ليفتنونك﴾ [اإلس راء ،اآلية ]73 :اآليتني
وهاتان اآليتان تردان اْلرب الذي رووه ِلن اهلل تعاىل ذكر أ م كادوا يفتنونه حَت يفِّى وأنه لوال أن ثبته
لكاد يركن إليهم فمض مون هذا ومفهومه أن اهلل تعاىل عص مه من أن يفِّي وثبته حَت مل يركن إليهم
قليالً ،فكيف كثْاً؟ وهم يروون يف أخب ارهم الواهي ة أن ه زاد على الركون واالفِّاء ِب دح آْلتهم وأن ه ق ال
يت على اهلل وقلت ما مل يقل" وهذا ضد مفهوم اآلية وه ُّ تضعف اْلديث لو
صلى اهلل عليه وسلم "افِّ ُ
253
امَت على رس وله بعص مته وتثبيته ِبا كاده به الكفار وراموا من
ص ح فكيف وال ص حة له" فاهلل تعاىل ا
فتنته".254
255الشفا ج 2ص.129
256الشفا ج 2ص.129
257الشفا ج 2ص.130
258الشفا ج 2ص.132-131
96
خاتمة اللثء األول
إىل هنا مقص ودنا من اْلزء اِلول من هذا الكتاب ،وأثبتنا بفض ل اهلل وعونه عص مة اِلنبياء وبراءََتم
عما نس ب إليهم يف بعُ التفاس ْ ِما ال يليق ِبم ،وقد أيادنا ما أوردناه بالنص وص القرآنية القاض ية
بعص متهم ،وبكالم اِلئمة اِلعالم على اختالف مذاهبهم وعص ورهم ،فال يُلتفت بعد ذلك إىل تلك
اِلساطْ الِت وضعها من ال شى اهلل تعاىل ِما فيه تنقيصهم وذمهم ،وال يغِّ بورودها يف بعُ التفاسْ
املنتش رة الذائعة الص يت ،وإن جلا ناقلوها ،فإ م رووا الص حيح والس قيم ،ويف كثْ من املواض ع ردوا تلك
الروايات وفنادوها ،فظهر أن مرادهم من روايتها بيان بطال ا ،وأما ما مل يعقبوه بالنقد والردا فإما أن حنمل
ذلك على أ م اكتفوا ببيان بطالن ذلك وأش باهه يف مواض ع أخرى من التفس ْ ،فلم يروا ض رورة إعادة
البيان والتنبيه وإما أ م رووا ذلك بإس ناده غْ معتقدين له فيعلم من يقف على اإلس ناد -إن كان من
أهل ذاك الفن -أن هذه الروايات باطلة ،وإن كنا نرى ض رورة التنبيه على ذلك يف كل موض ع حذراً من
وقوع القارئ يف اعتقاد نقيص ة يف نِب من أنبياء اهلل فيهلك وهو ال يدري ،ومعلوم أنه ِبجرد ذكر اإلس ناد
يبني ذلك .وعلى من أراد املطالعة يف كتب التفس ْ
ال تربأ عهدة الراوي إن كانت الرواية موض وعة إال أن ا
أن يكون من أهل التمييز ،وأن جيعل ما بيناه يف عص مة اِلنبياء نُص ب عينيه ،وأن ال يغفل عن ذلك
فينساق خلف ما جيده ِما ال جيوز اعتقاده ،فإن اْلهل يف مثل هذه اِلمور قد يودي بصاحبه إىل اْلالك،
ِلن اْلهل ليس عذراً.
ويتلخص ِما مض ى أن اِلنبياء معص ومون من الكفر وَجيع أنواع الكبائر ومن الص غائر الِت فيها خسا ة
كس رقة لقمة ،وهم كذلك معص ومون من الكذب واْليانة والرذائل ،وال ِتوز عليهم اِلمراض املنفرة وال
البالدة وحنو ذلك.
وجيوز عليهم وقوع معص ية ص غْة ليس فيها خس ة وال دناءة ،كما حص ل من س يدنا آدم عليه الس الم ملا
أكل من الشجرة.
وما ورد يف كتب التفس ْ وغْها ِما ينايف عص متهم فلْد وال ينظر إىل علو قدر من نس ب إليه ذلك
التفسْ.
وعلم ِما تقدم أن كثْاً من التفاس ْ تروي يف هذا الباب ما ال جيوز اعتقاده إما مع البيان وإما بدون بيان
فليتنبه لذلك ،وباهلل التوفيق.
97
اللثء ال اني
تنثيه األنبياء عما نُسب إليهم في كتب اليهود والنصارى مما ال يليق بهم.
98
القسم األول
المقدمات
99
-تمهيد -
بعد أن بعون اهلل تعاىل إثبات عص مة اِلنبياء على الوجه الذي يليق ِبم من غْ إفراط وال تفريط،
وتبني بطالن التهم الِت نُس بت إليهم يف كتب التفس ْ ،من غْ إطناب ِمل وال إجياز ُخم ال ،حبيث كان ما
ذكرناه من اِلدلة واِلمثلة كافياً ملن أراد الوقوف على الص واب يف هذا الباب ،ومل نزد يف التوس ع ،إذ أن
فيم ا أوردن اه َم ْقنَع ،ننتق ل إىل اْلزء الث اِن من ه ذا الكت اب ،تكميالً للف ائ دة ،وذل ك أن ه مل ا نفين ا م ا يف
ب أن نبني ما يف كتب اليهود والنصارى من هذا القبيل،
ناس َ
تفاسْ القرآن من الدسائس على أنبياء اهللَ ،
وأن ننبه على ذلك ك ُّ ال يغِّ أحد بورود أخبار يف كتبهم تؤيد اإلس رائيليات الِت أقحمت يف كتب
التفس ْ إقحاماً ،فيتض ح ملن يقف على ما أوردناه يف اْلزء اِلول وما س نورده يف اْلزء الثاِن ،أنه ال
مس تند ملن يروي تلك اِلباطيل الِت تنتقص اِلنبياء ،وِتعل معتقدها يظن يف نفس ه أنه رِبا يكون أفض ل
منهم إذ مل يرتكب الفواحش الِت نس بها إليهم .نعوذ باهلل من هذا الض الل والكفر املبني ،ونس أل اهلل أن
ال جيعلنا من الرِحة ُمرومني وال من العقل مسلوبني.
فنبدأ ببيان َتريف كتب اليهود والنص ارى وننبه باختص ار إىل
وها حنن نش رع يف املقص ود على ما ق ادمناْ ،
بعُ ما اش تملت عليه عقائدهم من الس خافات والتناقض ات الِت ال يس تس يغها من له أدىن معقول ،مث
ننتقل إىل ذكر َجلة من افِّاءاَتم على أنبياء اهلل تعاىل وبيان ما فيها من اْلذيان الذي تض حك منه
الثكلى ويُنس ُّ املهموم أحزانه -لفرط بالدة قائليه وسخافة عقوْلم.
100
إثبات تحريف التوراة واإلنليل
مقدمة
ليعلم أن التوراة واإلثيل اللذين بأيدي اليهود والنص ارى ُمرفان ،ال ريب لعاقل يف ذلك وقد أعلمنا اهلل
تعاىل بذلك يف القرآن الكرمي قال تعاىلُ﴿ :يرفون الكلم عن مواض عه﴾ [املائدة ،اآلية ،]13 :وقال
تعاىل﴿ :وإن منهم لفريقاً يلوون ألس نتهم بالكتاب لتحس بوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون
هو من عند اهلل وما هو من عند اهلل﴾ [آل عمران ،اآلية ،]78 :وقال تعاىل أيض اً﴿ :يا أهل الكتاب مل
تلبسون اْلق بالباطل وتكتمون اْلق وأنتم تعلمون﴾ [آل عمران ،اآلية .]71 :وغْ ذلك من اآليات.
فتبني بذلك أنه ال ريب يف وقوع التحريف يف التوراة واالثيل وأن ألفاظهما بُ ادلت ،ال كما يدع ُّ بعُ
أدعياء العلم أنه حرفت معانيهما فقط ،وِما يزيد اِلمر وض وحاً وبياناً أن اهلل تعاىل قال يف القرآن الكرمي:
﴿ُممد رس ول اهلل والذين معه أش داء على الكفار رِحاء بينهم تراهم ركعاً ُس اجداً يبتغون فض الً من اهلل
ورضواناً سيماهم يف وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم يف التوراة ومثلهم يف اإلثيل كزرع أخرج شطأه
الزاراع ليغيظ ِبم الكفار﴾ [الفتح ،اآلية ]29 :وليس ش ُّء
ف زره فاس تغلظ فاس توى على س وقه يعجب ُ
من هذا فيما بأيدي اليهود والنصارى ِما يدعون أنه التوراة واإلثيل.
اتفق علم اء املس لمني على ثبوت التحريف يف التوراة واالثي ل واعِّف ب ذل ك كثْ من علم اء
املسيحيني ،259ومن شاء فلْجع إىل كتاب الفصل يف امللل واِلهواء والنِ َحل البن حزم" ،فإنه قد ذكر ما
يف التوراة واالثيل من املناقضات الكثْة الِت ال َتتمل التأويل حبيث يظهر لكل من قرأها بفهم وإنصاف
وقوع التحريف والتبديل فيها ويعتقد يقيناً أ ما غْ املنزلَني على موس ى وعيس ى عليهما الس الم ،إذ ذكر
يف إثبات التحريف والتبديل س بعة ومخس ني فص الً يف أكثر من مائة ص حيفة ،فمن أراد الوقوف عليها
فلْاجع كتابه املذكور". 260
ومن العلماء الذين بينوا ذلك أيض اً اإلمام القرطِب يف كتاب "االعالم" ومنهم املقريزي فقد ذكر يف تار ه
ما يدل على ذلك ومنهم اإلمام العيين يف ش رحه على البخاري عند حديث نس خ القبلة من اْلزء اِلول
259منهم هورن وموشم والردز وجْوم وآدم كالرك ،انظر ما سيأيت يف هذا البحث.
صل البن حزم من ص 141ج ،1إىل ص 63ج.2 ِ 260
الف َ
101
ومنهم اإلمام م اال كاتب جلأ 261يف كتابه كش ف الظنون ،ومنهم عبد الس الم الذي كان من أحبار
اليهود وأس لم يف زمن الس لطان بايزيد يف رس الته اْلداية الِت ألافها بعد إس المه ومنهم الش يخ "رِحة اهلل"
يف كتابه إظهار اْلق فقد ذكر فيه يف الباب اِلول والثاِن يف مائة وس بعني ص حيفة 262الدالئل والرباهني
على وقوع التحريف والتبديل يف التوراة واإلثيل بتفص يل مل يُس بق إليه ،وال ُيكن أن يتوقف أحد عنده
أدىن فهم وإنص اف يف ذلك ،فمما قاله رِحةُ اهلل :اعلم أن التوراة اِلص لية واإلثيل [اِلص ل ُّ] فُِقدا قبل
بعثة رس ول اهلل ص لى اهلل عليه وس لم ،واملوجودان اآلن ِبنزلة كتابني من الس ْ َمموعني من الروايات
الصحيحة والكاذبة ...وأما هذه التواريخ والرسائل املوجودة اآلن فه ُّ ليست التوراة واإلثيل املذكورين يف
اجِب التس ليم بل حكمهما وحكم س ائر الكتب من العهد العتيق أن كل رواية من رواياَتا
القرآن فليس ا و َ ْ
إن ص دقها القرآن فه ُّ مقبولة يقيناً وإن كذِبا القرآن فه ُّ مردودة يقيناً وإن كان القرآن س اكتاً عن
التصديق والتكذيب فنسكت عنها فال نص ادق وال نكذب".263
261هو مصطفى بن عبد اهلل املعروف حباج ُّ خليفة املتويف سنة 1067ه .
262إظهار اْلق ج 1ص .508-335للشيخ رِحة اهلل الكْانوي.
263القول الثبت ص ،15-14عبد القادر اإلسكندراِن.
102
ذكر كتب العهدين القديم واللديد
"ليعلم أن النصارى يقسمون هذه الكتب اىل قسمني ،قسم منها يدعون أنه وصل إليهم بواسطة اِلنبياء
الذين كانوا قبل عيس ى عليه الس الم ،وقس م منها يدعون أنه كتب باإلْلام بعد عيس ى عليه الس الم،
فمجموع الكتب من القس م اِلول يس مى بالعهد العتيق ،ومن القس م الثاِن [يس امى] بالعهد اْلديد،
وَمموع العهدين يس مى "بَْيبِل" وهذا لفظ يوناِن ِبعَن الكتاب ،مث ينقس م كل من العهدين إىل قس مني
قسم اتفق على صحته َجهور القدماء من املسيحني وقسم اختلفوا فيه.
أما القسم اِلول من العهد العتيق فثمانية وثالثون كتاباً:
ِ 1-س ْفر التكوين ويس مى ِس فر اْلليقة أيض اً -2 ،س فر اْلروج -3 ،س فر اِلحبار [-29 -5 -3
( ]38 -35يف النس خة املطبوعة من العهد القدمي هذه اِلَاء مذكورة هكذا على الِّتيب :الالوين،
ص َفْنيا ،مالخ ُّ]) -4س فر العدد -5 ،س فر االس تثناء .وَمموع هذه الكتب اْلمس ة
التثنية ،عاموسَ ،
يسمى بالتوراة وهو لفظ عرباِن ِبعَن التعليم والشريعة ،وقد يطلق على َمموع كتب العهد العتيق َمازاً.
6-كتاب يوش ع بن نون -7 ،كتاب القض اة -8 ،كتاب راعوث -9 ،س فر ص موئيل اِلول-10 ،
س فر ص موئيل الثاِن -11 ،س فر امللوك اِلول -12 ،س فر امللوك الثاِن -13 ،الس فر اِلول من أخبار
اِليام -14 ،الس فر الثاِن من أخبار اِليام -15 ،الس فر اِلول لعزرا -16 ،الس فر الثاِن لعزرا ويس مى
س فر حنميا -17 ،كتاب أيوب -18 ،زبور -19 ،أمثال س ليمان -20 ،كتاب اْلامعة -21 ،كتاب
إش َعيَاء -23 ،كتاب ْإرِمياء -24 ،مراث ُّ ْإرمياء -25 ،كتاب حزقيال،
نش يد اإلنش اد -22 ،كتاب ْ
-26كتاب دانيال -27 ،كتاب هوش ع -28 ،كتاب يوئيل -29 ،كتاب عاموص -30 ،كتاب
عوب دي ا -31 ،كت اب يون ان -32 ،كت اب ميخ ا -33 ،كت اب ن احوم -34 ،كت اب َحبَ قُّوق-35 ،
حجى -37 ،كتاب زكريا -38 ،كتاب مالخيا .وهذه الكتب الثمانية
كتاب ص فونيا -36 ،كتاب ا
والثالثون كانت مسلامة عند َجهور القدماء من املسيحيني .والسامريون ال يسلمون منها إال سبعة كتب:
الكتب اْلمس ة املنس وبة اىل موس ى عليه الس الم ،وكتاب يوش ع بن نون ،وكتاب القض اة وَّتالف نس خة
توراَتم نس خ ة توراة اليهود" ،264ويقولون إن التوراة الِت ب أي دي اليهود ُمرف ة مب دل ة ويقطعون ب ذل ك،
وسائر اليهود يقولون إن الِت بأيدي السامرية أيضاً ُمرفة مبدلة.
"وأما القسم الثاِن من العهد العتيق فتسعة كتب:
267املراد هنا أنتيكوس الرابع حكم سوريا من 174إىل 164ق م ،واضطهد اليهود وذحبهم" .من حاشية إظهار
اْلق ص 104ج.1
268هذه الفقرة أغلب عباراَتا منقولة من إظهار اْلق ج 1ص 104-101مع بعُ التصرف والزيادة.
269القول الثبت ص 16بتصرف.
105
ص دقوا الرواي ات الواهي ة وكتبوه ا وقَبِ َل ال ذين ج اؤوا من بع دهم مكتوِبم تعظيم اً ْلم ،وه ذه
الروايات الصادقة والكاذبة وصلت من كاتب إىل كاتب آخر وتعذر انتقادها بعد انقضاء املدة.
حكم على اِلناجيل املقدسة ِلجل جهالة مصنفيها بأ ا ليست حسنة فأمر السلطان "أناصطيوث"
يف اِليام الِت كان فيها حاكماً يف القسطنطينية فصححت مرة أخرى.
جْوم ،قال إنه ملا اراد ترَجة العهد اْلديد قابل نسخه الِت كانت عنده فوجد اختالفاً عظيماً. -4
آدم كالرك ،قال يف املقدمة من اجمللد اِلول من تفسْه :كانت الَِّجات الكثْة باللسان الالتيين -5
من املَِّجني املختلفني موجودة قبل جْوم وكان بعض ها ُمرفاً يف غاية درجة التحريف وبعُ
مواضعها مناقضاً للمواضع اِلخرى".271
وغيرهم ِمن ال نطيل بسرد أقواْلم اكتفاء ِبا أوردناه نقالً عن هؤالء املشهورين عندهم.
فتبني أن دعوى عدم َتريف التوراة واإلثيل اِلص ليني دعوى باطلة ،وان حاول البعُ االس تدالل على
ذلك ببعُ اآليات القرآنية مؤولني ْلا على وفق ما َتل ُّ عليهم شياطينهم وأهواؤهم فإن يف ذلك مغالطة
واضحة ،وبطالن ذلك من وجوه:
" اِلول :قد ثبت بنص القرآن الص ريح كما قدمنا ما يدل على َتريف تلك الكتب الِت بأيدي أهل
107
عقله أ ا ليست اإلثيل املنزل من عند اهلل تعاىل ،وأ ان أكثرها أقو ُال الرواة وقصصهم و َّ
أن نقلَتَها أفسدوها
ِبا أْلقوا فيها من حكايات وأمور غْ مس موعة من املس يح وال من أص حابه ،وذلك مثل حكاية ص ورة
الص لب الِت يزعمو ا واس وداد الش مس وتغْ لون القمر وانش قاق اْليكل ،وهذه اِلمور إَّنا جرت على
زعمهم بعد املسيح بسبب قتله فكيف ُِتعل من كالمه.
فاإلثيل اْلق واحد وهذه أربعة أمليت يف أقطار متباعدة بلغات خمتلفة وأقالم متباينة وإن كل واحد منها
ذكر فيه من القص ص واْلكايات ما مل يذكر يف اآلخر ،مث إن لوقا ومرقس ليس ا من اْلواريني ومل جيتمعا
باملسيح ،وقد اعِّف لوقا يف صدر إثيله أنه مل يلق املسيح ومل دمه.
مث إن هؤالء اِلربعة مل يدعوا أن ما كتبوه هو اإلثيل املنزل من عند اهلل ،ومل يس موا ما كتبوه إثيالً واَّنا
َوها تواريخ كما يظهر من أقواْلم الِت يف أوائل كتبهم ،قال مَت :كتاب ميالد عيس ى املس يح بن داود
بن إبراهيم مث َتها النصارى بعدهم أناجيل.
اْلامس :ال يوجد للعهدين سند متصل ،وال توجد شروط التواتر يف نقلهما.
الس ادس :إن اليهود ض يعوا كتباً من الكتب اإلْلية ِلجل غفلتهم بل ِلجل عدم ديانتهم ،ومزقوا بعض ها
وأحرقوا بعضها ،كما قال ذلك "كربزاستم" من علماء الربوتستانت وكذا كثْ من علماء الكاثوليك .وقد
"مرآة الصدق" الذي طبع بلسان اْلند قال "طامس انكاس" من علماء الكاثوليك يف كتابه املسمى ب
س نة " :1851اتفق العامل على أن الكتب املفقودة من الكتب املقدس ة ليس ت أقل من عش رين
كتاباً".272
مر
وال نطيل الكالم بسرد اِلدلة ونقل العبارات الِت تدل على التناقُ والتحريف يف العهدين ،اكتفاء ِبا ا
وِبا سنورده من بيان فساد معتقد أهل الكتاب يف اهلل تعاىل ويف أنبيائه ،ومن أراد مزيد توسع فليطلع على
ما يف كتاب إظهار اْلق.
109
فريق منهم القدرية ويقولون إن اْليوانات َّتلق أفعاْلا ،وكثْ من اِلمم كان فيما بينهم َجاعة من القدرية
وقد روي عن النِب صلى اهلل عليه وسلم :لُعنت القدرية على لسان سبعني نبياً.273
والفريق اآلخر املش بهة ،وهم اِلص ل يف التش بيه ،وكل من قال قوالً يف دولة اإلس الم بش ُّء من التش بيه
فقد نسج على منواْلم ،وقد أخذ ببعُ مقاالَتم اْلشامية من الروافُ وغْهم".274
وإن من ينظر يف الكتب الِت بأيدي اليهود لعنهم اهلل تعاىل جيد فيها أ م قد جعلوا اهلل عز وجل إنس اناً
كس ائر البش ر حيث وص فوه باملكان واالنتقال والش كل والص ورة والرأس والش عر والوجه والقفا والعني
واِلذن والفم والش فة واللس ان واِلجفان واليد والعض د واِلص ابع والقدم والظهر والبطن والفرج والقلب
واملش ُّ والتعب واالسِّاحة والندم وغْ ذلك ِما يَِق ُّ
ف منه شعر املؤمن.
وما زال اليهود قدُياً وحديثاً يقس مون الناس إىل قس مني :يهود ،وجوييم "أي أمم" واِلمم غْ اليهودية
عندهم ِبائم وأثاس وكفرة ،وهم يعتقدون أن اهلل منحهم الص ورة البش رية على س بيل االس تحقاق الذايت
طينة أخرى حيوانية ،ونفوس هم ثس ة ش يطانية ،وأن اهلل ْلا ،والتكرمي ْلم ،أما اْلوييم فقد خلقوا من ٍ
ومنحهم الص ورة البش رية ال على س بيل االس تحقاق الذايت ،ولكن ليأنس بذلك
خلقهم ليخدموا اليهودُ ،
أسيادهم ،ويسهل عليهم تسخْهم.
فإذا كان هذا معتقدهم فال حرج عندهم أن يس تحلوا الس رقة والكذب واْلداع والظلم والغش والربا،
والقتل وهتك العرض ،وكل وسيلة قبيحة خبيثة يف معاملة اِلمم غْ اليهودية.
كيف ال وهم يعتقدون أ م أبناء اهلل وأحباؤه ،أما اِلمم اِلخرى فهم أعداء اهلل ،وِبا أ م أعداء اهلل فإن
اهلل ال يعاقب أبناءه وأحباءه على اْلرائم الِت يرتكبو ا يف معاملة أعدائه من اِلمم مهما كان ش أ ا ،بل
275
مكائد يهودية ص ،17-11عبد الرِحن حبنكة امليداِن بتصرف.
111
يسجلها ْلم يف صحائف قرباَتم وحسناَتم ويثيبهم عليها.
ويف مقدمة ما ُيتجون به ما فعله موس ى عليه الس الم حينما وكز املص ري الفرعوِن منتص راً لإلس رائيل ُّ
الذي تص م معه فقض ى عليه ،ومعلوم أن موس ى مل يكن يقص د قتل الرجل وإَّنا أراد دفع أذاه ،وفعل
ذلك بغْ وح ُّ ،فليس فيه حجة لليهود حبال من اِلحوال.
وِما يس تندون إليه نص وص مفِّاه على ش ريعة اهلل موجودة يف كتبهم الِت يعتمدون عليها .فف ُّ تلمودهم
أكاذيب ومفِّيات كثْة وض عها أحبارهم ،والتلمود هو عبارة عن ش روح وتفس ْات ومنقوالت وض عها
أحبار اليهود يف عصور شَت ،وكانوا يتبعون يف وضعها اِلهواء.
وِما جاء يف الت لمود قوْلم :تتميز أرواح اليهود عن باق ُّ أرواح البش ر بأ ا جزء من اهلل تعاىل ،كما أن
االبن جزء من أبيه ،وإنه جيب على كل يهودي أن يبذل جهده ملنع تس لط باق ُّ اِلمم يف اِلرض ،وأن
"أم ُّ" إس رائيلياً فكأنه
اليهودي معترب عند اهلل أكثر من املالئكة ،وأن اليهود جزء من اهلل فإذا ض رب ٌّ
ضرب العزة اإلْلية.
ومش كلتهم النفس ية هذه كانت س بباً لظاهرة التقليد ملا عليه آباؤهم وأجدادهم ولو كان باطالً ظاهراً
وضالالً مبيناً.
112
276
ظاهرة التقليد والتعصب عند اليهود
تبدو عند اليهود ظاهرة التقليد اِلعمى أو التقليد املبص ر يف اتباع الش ر -خبثاً أو تعص باً ملا كان عليه
اآلباء واِلجداد -أكثر ِما تبدو عند أية أمة من اِلمم ،حَت الوثنيني منهم ،لكنهم يس تطيعون يف كثْ
من اِلحيان التالعب باْلجة حَت يص وروا هذه الظاهرة عندهم كأ ا بعيدة عن معَن التقليد والتعص ب،
يف حال أ م أش د ما يكونون غارقني يف التعص ب والتقليد اِلعمى ،وقد ال نس ميه تقليداً أعمى بكل ما
يف هذه الكلمة من معان ،بل نس ميه تقليداً مبص راً يف اتباع س بل الش ر ،وهذا ش ر وأخبث من التقليد
اِلعمىِ ،لنه تالعب ش يطاِن بقض ايا اْلق َتت س تار التقليد لتحقيق ش هوات النفوس الش ريرة وغاياَتا
الدنيئة.
وضمن هذا التالعب الشيطاِن يف إطار االحتجاج حبجة اتباع ما كان عليه اآلباء واِلجداد ،احتج بعُ
اليهود على الرس ول ص لى اهلل عليه وس لم حينما دعا يهود املدينة إىل اإلس الم ،ورغبهم فيه وحذرهم من
عذاب اهلل ونقمته ،إذ قال له رافع بن خارجة ،ومالك بن عوف -ومها من أحبار يهود بين قينقاع :-بل
نتبع يا ُممد ما وجدنا عليه آباءنا فهم كانوا أعلم وخْاً منا فأنزل اهلل تعاىل يف سورة البقرة قوله:
﴿وإذ قيل ْلم اتبعوا ما أنزل اهلل قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا َأولَو كان آباؤهم ال يعقلون ش يئاً وال
يهتدون﴾ [البقرة ،اآلية.]170 :
أي أ م يتبعون آباءهم ويقلدو م ويص رون على رأيهم هذا إذا كان آباؤهم ال يهتدون إىل س بيل النجاة
مهما جاءَتم املبش رات واملنذراتِ ،لن نفوس هم مردت على الش ر وِلن قلوِبم مرت عليها عوامل
التحجر فقست ،فه ُّ ال تلني للمواعظ وال تنتفع باملذكرات.
وِبذا تض ع اآلية الكرُية التقليد يف اِلمور الِت يلتزم ِبا املقلدون دون أن يكون ْلم فيها حجة إال التقليد
بني سببني:
الس بب اِلول :العمى الفكري عن البحث والتأمل الذايت ،الذي جيعل س لطان هوى التعص ب لألنانية
القومية أقوى من س لطان العقلِ ،لن العقل لديهم قد تبلاد عن اْلركة ،وأص ابه اْلمود عن البحث يف
املعارف ،وَتييز اْلق من الباطل ،وتعطل عما خلق ِلجله.
فال بد واْلالة هذه أن يكون اْلاكم يف اإلنس ان أهواؤه ،ومن اِلهواء ذات الس لطان على النفس هوى
113
التعص ب ملا كان عليه اآلباء واِلجدادِ ،لن اْلمود الفكري يرافقه دائماً إلف للواقع واس تحس ان له،
وعدم الرغبة بالتغيْ ،وهذا الس بب هو ما أش ارت إليه اآلية بقوله تعاىل﴿ :أََولَو كان آباؤهم ال يعقلون
شيئاً﴾.
الس بب الثاِنَ :تكم س لطان اِلهواء والش هوات عند مدع ُّ التقليد ،مث التس ِّ حبجة اتباع اآلباء
واِلس الف ،والتعام ُّ عن إظهار تفهم منطق اْلق ،لئال تلزمهم اْلجة -بزعمهم -وهؤالء يف اْلقيقة
يعلمون اْلق ،وليس لديهم ذلك العمى الفكري عن معرفته ،ولكن أعمتهم أهواؤهم اْلاص ة ،وأض لتهم
ش هواَتم عن س لوك س بل اْلدى ،مث أخذوا يتعللون حبجة التقليد ،ويكون ذلك إذا كان ما عليه آباؤهم
وأجدادهم موافقاً ِلهوائهم وشهواَتم اْلاصة ،وهذا السبب هو الذي دفع أحبار اليهود إىل إنكار رسالة
عيس ى عليه الس الم ،مث إىل إنكار رس الة ُممد ص لوات اهلل وس المه عليه ،وجحود اْلق الذي جاء به،
وما احتجاجهم حبجة تقليد أس الفهم إال َترب من س لطان اْلجة العقلية امللزمة ،وهذا الس بب هو ما
أشارت إليه اآلية يف قوله تعاىل﴿ :وال يهتدون﴾ أي أولوا كان آباؤهم َتردوا على اْلق بعد معرفته وأصروا
على س لوك س بل الض اللة ،بتأثْ دوافع غرائزهم وأهوائهم وش هواَتم ورفض وا أن يس لكوا مس الك اْلداية،
أفهم يقلدو م يف خطتهم هذه؟ فإذا قلدوهم يف خطتهم هذه مع معرفتهم بدوافعهم لس لوك س بل
الض اللة ،فهم مثلهم يف التزام طرق الش ر والض الل بدوافع الغرائز واِلهواء والش هوات مض افاً إليها هوى
التعصب املذموم.
114
عقيدة اليهود في الل
جاء يف مواضع كثْة جداً من العهد القدمي نسبة اْلسمية والشكل واِلعضاء هلل تعاىل ونذكر هنا أمثلة
ال على سبيل اْلصر:277
إثبات الشكل والصورة هلل :يف العدد 26و 27من الباب اِلول من سفر التكوين -1
115
-14إثبات الظهر :العدد ،3الباب 21كتاب أشعياء
-15إثبات الفرج :العدد ،7الزبور.
هذا باإلضافة إىل وصفهم اهلل عز وجل باملكان واالنتقال واملش ُّ والندم والتعب.
ومن وجدت فيه هذا اِلعضاء الِت أثبتها اليهود هلل عز وجل ،مل يكن إال من قبيل البشر ،ومن كان كذلك
كان ُمتاجاً خملوقاً ومل يكن خالقاً ،ومب جييبون فرعون لعنه اهلل يف ادعائه الربوبية؟!
على أنه يف بعُ املواضع من كتبهم توجد عبارات فيها أن اهلل عز وجل ال شبيه له ،فثبت التناقُ.
هذا وقد قام الربهان العقل ُّ القاطع املؤيد باِلدلة النقلية الثابتة على أن اهلل عز وجل ليس كمثله ش ُّء،
أىن يشبه املخلوق خالقه واملقدور مقدره.
وأنه خالق كل ش ُّء فال مثيل له وال شبيه و ا
116
ذكر افتراق النصارى
"ذكر بعُ العلماء أنه كان يف اليهود رجل اَه بولس قتل من النص ارى مقتلة عظيمة مث قال لليهود إن
كان قوم عيس ى على اْلق وحنن قد كفرنا ِبم يكون علينا غنب عظيم فإ م يدخلون اْلنة وحنن ندخل
النار ،ولكين احتال حيلة حَت أفس د عليهم دينهم ،وكان له فرس اَه عقاب ،وكان يقاتل عليه ،فقام
وعقر ذلك الفرس وأظهر الندم على ما كان منه ونثر الِّاب على رأس ه مث جاء اىل النص ارى متندما
بظاهره فقالوا له من أنت؟ فقال أنا بولس كنت أشد عدو لكم ولكين َعت من السماء نداء أن توبتك
ال تقبل إال أن تتنص ر .اآلن تبت ورجعت إىل دينكم .فأكرموه وأدخلوه كنيس تهم فالزم بيتاً من بيوَتا مل
رج من ه ليالً وال اراً حَت تعلم اإلثي ل مث خرج وق ال َع ت من الس م اء إن توبت ك ق د قُبل ت ،وإن
ص دقك قد عرف ،وإنك قد أحببت وقبلت .مث خرج إىل بيت املقدس واس تخلف رجالً من نس طور
وعلامه أن عيس ى ومرمي واإلله كانوا ثالثة ،مث خرج إىل الروم وعلمهم الالهوت والناس وت وقال ْلم إن
عيس ى مل يكن ناس اً مث ص ار ناس اً ،ومل يكن جس ماً مث ص ار جس ماً ،وكان ابن اهلل وعلم يعقوب هذا
القول ،مث دعا رجالً كان اَه ملكاء وقال له إن اإلله الذي مل يزل وال يزال هو عيسى .مث دعا كل واحد
تِّك
من هؤالء الثالثة منفرداً وقال له أنت ص احِب خالص اً فإِن أريد أن أفض ُّ إليك س راً ،ينبغ ُّ أن ال َ
ِ ْحنلتك هذه وتدعو اْللق إليها ،فقد رأيت عيس ى عليه الس الم البارحة يف املنام وكان راض ياً عين ،فينبغ ُّ
أن ال ترجع عن ِحنلتك حبال ،فإِن أريد أن أتقرب إىل اهلل تعاىل بقربان لرض اه عين أذبح نفس ُّ قرباناً ،مث
قام ودخل املذبح وذبح نفسه.
فلما كان اليوم الثالث من وفاته قام كل واحد من أولئك الثالثة ودعا الناس إىل حنلته .وتبع كل واحد
منهم َجاعة من الناس وكانوا يتقاتلون فيما بينهم ،وبق ُّ بينهم ذلك اْلالف ،ومل يزالوا تلفون حَت بلغ
عدد فرقهم مثل ما نطق به اْلرب املروي عن النِب ص لى اهلل عليه وس لم" :افِّقت النص ارى على اثنتني
وسبعني فرقة".278
118
واحد ،وقالوا إن مرمي ولدت إْلا ،وإن املس يح وهو اس م جيمع الالهوت والناس وت قد مات وقالوا إن اهلل
مل ُيت وإن الذي ولدته مرمي مات جبوهر ناسوته".279
أحدهم املوت فيجد نفس ه ال مع بين آدم الص اْلني يف اتباع اْلق وال مع البهائم يف الراحة من التكليف
فتذوب نفسه أسفاً ويندم حيث ال تنفع الندامة.
وملا علم حذاقهم أن دينهم ليس له قاعدة تبَن عليه ،وال أص ل يرجع إليهَ ،جعوا عقول العامة بتخييالت
مومهة ،وأباطيل مزخرفة ،وض عوها يف الكنائس واملزارات ،فمن ذلك أ م وض عوا ص وراً من اْلجارة إذا
123
افتراء اليهود والنصارى على آدم عليه السالم
"يف الباب الثالث من السفر اِلول من التوراة احملرفة مذكور أن اهلل تعاىل نزل من السماء إىل اْلنة ومشى
فيها فلما رأى آدم عليه الس الم ربه ُيش ُّ يف اْلنة ،وكان آدم حينئذ عرياناً ِلكله من الش جرة ،اختفى
آدم حياء من ربه وتس ِّ بالنبات ،نادى اهلل تعاىل :يف أي مكان أنت يا آدم فقال آدم :أنا هنا ،فذهب
اهلل تعاىل إىل آدم فرآه متس ِّاً باْلش يش فقال من أخربك أنك عريان حَت تس ِّت باْلش يش؟ هل أكلت
من الشجرة الِت يتك عنها؟ إىل آخر القصة حَت عفا اهلل تعاىل عن آدم.
فلينظر العاقل إىل هذا اْلذيان ال ُمزري ِبقام الربوبية ،وكيف يُعقل أن تكون هذه املهزلة كالم اهلل تعاىل،
وكيف نس ب من يدع ُّ العقل هذا اْلذيان واْللط واللعب إىل اهلل تعاىل ورس له ،فإن نس بة املش ُّ إىل اهلل
تعاىل يف اْلنة تس تلزم إحاطة املكان به وعروض اْلوادث عليه وأنه مركب كاإلنس ان فيلزم حدوثه تعاىل
عن ذلك علواًكبْاً .وكيف ينس بون إىل آدم أنه اختفى عن اهلل الذي ال َّتفى عليه خافية ،أم يظنون أن
آدم عليه الس الم الذي علمه اِلَاء كلها وأس جد له مالئكته ،كان يعتقد أن اهلل تعاىل ال يراه إذا اختبأ،
فيلزم أن يكون آدم عليه الس الم جاهالً ِبا يليق باهلل تعاىل ،وقوْلم إن اهلل قال له" :يف أي مكان أنت"
ص ريح يف نس بة اْلهل إىل اهلل تعاىل ،وأنه عز وجل مل يره إذ تس ِّ باْلش يش ،وقوْلم إنه عز وجل قال له
"من أخربك أنك عريان" من باب اْلذيان وكيف جيهل اإلنس ان كونه عرياناً ولو كان أعمى أو عينه فوق
رأسه حَت يُسأل عن علمه بذلك.286
125
وال يقال إن آدم عص ى وكذا العص اة فكان عيس ى فداء عنهم ،وولد إبراهيم مل يعص فكان الكبش فداء
عنه ِلنا نقول بل املناس ب على مقتض ى مذهبهم أن يفدي اهلل بولده عن ولد إبراهيمِ ،لن اهلل تعاىل
قادر على إحياء ولده وإبراهيم غْ قادر على إحياء ولده ،والولد يناس ب الولد ،وليفد عن كل عاص
بكبش أو بعْ مثالً ،على أن الفداء بالولد مل ير له نظْ ،بل املعقول الفداء بش ُّء عن الولد ،ال الفداء
بالولد عن الغْ.
هذا ومل جاز أن يكون فداء عمن عصاه ِمن هو قبله وبعده من أمته على زعمهم وال جيوز أن يكون فداء
عن عص اتنا معاش ر املس لمني ،وعن عص اة اليهود الذين ص لبوه -حبس ب معتقدهم -وعمن بعدهم من
العصاة؟!
على أن اهلل تعاىل هو خالق اْلْ والش ر وال يص در يف ملكه ش ُّء إال بإرادته ،كما هو الالئق بش أن
الربوبية فإذا َتقق ذلك فما معَن خلقه للعصاة وإقدارهم على املعصية مث صلب ابنه بزعمهم وجعله فداء
عنهم؟! وهل هذا إال تالعب وهذيان والقول به يس تلزم اإلخالل ِبقام الربوبية ،وتنقيص الرب الواحد
الذي مل يلد ومل يولد بأفعال ال تص در عن َمانني اْللق فض الً عن اْلالق ،تعاىل اهلل عن ذلك علواًكبْاً.
وهذا مثل رجل له ولد فجَن عبده جناية ه ُّ حق ملواله ،مث فدى الرجل ولده عن عبده بأن س لمه إىل
العبد وأمره بصلبه ليكون فداء عنه ليعفو عن جنايته فانظر أيها العاقل اىل هذا اْلذيان.
فإن قالوا إن عيسى عليه السالم إَّنا يكون فداء بشرط اإلُيان به ،واليهود الذين صلبوه -بزعمهم -ل م
يؤمنوا به فال يكون فداء عنهم.
قلنا مردود بوجهني:
اِلول ما سبق من أن القول بالفداء ِما ال يُتصور على ما بياناه بالشواهد
الثاِن أن عيسى عليه السالم مل يكن متجسداً يف عهد آدم عليه السالم ملا أكل من الشجرة بل
ا
كان حينئذ ُمُ كلمة اهلل على زعمهم ،فلم يتحقق -على مقتض ى ما ذهبوا إليه -إُيان آدم
بعيسى ،فال يصح أن يكون فداء عن آدم وعمن عصى قبل عيسى أيضاً وال يسعفهم أن يقولوا
إن آدم وأمثاله كانوا مؤمنني بكلمة اهلل تعاىلِ ،لن اإلُيان الذي يس تحق ص احبه الفداء عندهم
إَّنا هو بعيس ى الذي هو عبارة عن الالهوت والناس وت وال ناس وت إذ ذاك إذ مل يتجس د ومل
يتكون.
ا
فكما ال يكون فداء عنا معاش ر املس لمني ِلنا ال نؤمن إال بكونه مرس الً من عباد اهلل تعاىل ،أي بناس وته
126
فقط ال يكون فداء عن آدم ِلن إُيانه حينئذ على زعمهم إَّنا هو بالهوته فقط.
على أنه يلزم ِما ذكروه من ِتس د كلمة اهلل تعاىل أن يكون اهلل تعاىل ُمالً للحوادث ،تعاىل اهلل عن ذلك
علواًكبْاً".287
"فدعوى النص ارى هذه خمالفة لبداهة العقل ،وكأ م ال يعلمون التناقُ واملخالفة يف الكالم واس تلزام
احملال ،ومل يتفكروا أن َمثَل عيس ى عند اهلل كمثل آدم ،وخمالفة أيض اً ْلميع الكتب الس ماوية والش رائع
املتقدمةِ ،لن التوراة وغْها ليس فيها ذلك ،ومل ينقل عن أحد من اِلنبياء من عهد آدم إىل ُممد ص لى
اهلل عليهما وسلم ،فإن كان اِلنبياء يعلمون ذلك فلم أخفوه عن الناس مع كو م مأمورين بتبليغ الشرائع،
اِلمور االعتقادية من أعظم اِلمور ،بل ه ُّ أس اس الدين ،وإن كانوا غْ عاملني بذلك فيلزم اْلهل
و ُ
بأحكام الدين على اِلنبياء صلوات اهلل وسالمه عليهم حاشاهم عن ذلك".288
وقوْلم بالفداء ينايف ما هو مذكور يف التوراة من توبة آدم عليه الس الم وقبوْلا عند اهلل فال حاجة اىل
الفداء .على أن من النصارى من صرح بأن آدم عصى عمداً ومل يعِّف بذنبه ،ومل تثبت توبته عندهم إىل
آخر حياته فقد "قال مؤلف كتاب طريق اِلولياء :289يا أس ف ُّ على أنه مل تثبت توبته وعلى أنه ما
اس تغفر اهلل لذنبه مرة واحدة أيض اً .وذلك يف الص حيفة الثالثة والعش رين من الكتاب املذكور" ،290فإن
كان هذا معتقدهم يف أول اِلنبياء فال عجب أن افِّوا على س ائر اِلنبياء من بعده ،بل عندهم هذا هو
ابه أبَهُ فما
اِلمر الطبيع ُّ فاِلنبياء اآلخرون اقتدوا بأبيهم يف املعاص ُّ واآلثام وكما قال القائل :ومن يش ْ
ظَلَم.
294
افتراؤهم على إبراهيم عليه السالم
"يف الصحيفة الرابعة والسبعون من الكتاب املسمى طريق اِلولياء يف حال إبراهيم ما نصه:
ال يعلم حاله إىل س بعني س نة من عمره ،وهو تر يف الوثنيني ،ومض ى أكثر عمره فيهم ...وُيتمل أن
إبراهيم أيضاً كان يعبد اِلصنام ما مل يظهر اهلل عليه ،مث ظهر وانتخبه من أبناء العامل وجعله عبداً خاصاً.
اه
291إظهار اْلق ج 2ص 449بتصرف .هناك اختالف قليل يف بعُ اِللفاظ بني ما نقلناه وبني الَِّجة املطبوعة.
منها نصب سام وحام بالتنوين.
292إظهار اْلق ج 2ص.450-449
293السيف الصقيل ص.7
294إظهار اْلق ج ،2ص 453-452-451-450بتصرف.
128
فظهر أن املظنون عند النص ارى بل اِلقرب اىل اليقني على أص وْلم أن إبراهيم عليه الص الة والس الم كان
عابداً لألص نام إىل أن بلغ س بعني س نةِ ،لن أهل وقته -عندهم -كانوا وثنيني وهو َتر فيهم وأبواه منهم
أيض اً ،ومل يظهر عليه الرب -على زعمهم -إىل ذلك الوقت ،والعص مة عن عبادة اِلوثان ليس ت بش رط
عندهم بعد النبوة فض الً عن أن تكون ش رطاً قبل النبوة ،فإن كان حال أِب اِلنبياء هكذا عندهم إىل
سبعني سنة من عمره قبل النبوة ،فلننتقل إىل حاله عندهم بعد النبوة.
يف الباب الثاِن عش ر من س فر التكوين مذكور ما نص ه هكذا :فلما قرب أن يدخل إىل مص ر قال لس ارة
زوجته إِن علمت أنك امرأة حسنة ويكون إذا رآك املصريون أ م يقولون هذه امرأته فيقتلوِن ويستبقونك
واآلن أرغب منك فقويف إنك أخِت ليكون يف خْ بس ببك وَتيا نفس ُّ من أجلك ،فلما دخل إبرام إىل
مص ر رأى املص ريون املرأة أ ا حس نة جداً ورآها رؤس اء فرعون ومدحوها لدى فرعون ،فأخذت املرأة إىل
فص نع إىل إبرام خْ بس ببها وص ار له غنم وبقر وِحْ وعبيد وإماء وأتن وَجال ،فض رب بيت فرعونُ ،
الرب فرعون وبيته ض ربات عظيمة بس بب س ارة امرأة إبرام ،فدعا إبرام وقال ما هذا الذي ص نعته ِب ملاذا
مل َّتربِن ا ا امرأت ك ،مل اذا قل ت ه ُّ أخِت حَت أخ ذَت ا يف لتكون زوجِت واآلن هو ذا امرأت ك خ ذه ا
واذهب .اه
فظهر من هذه اْلكاية أنه لو مل يقل عن زوجته إ ا أخته ما كان أخذها فرعون وأن الكذب بقوله ه ُّ
أخِت ما كان جملرد اْلوف بل كان لرجاء حص ول املنفعة واْلْ أيض اً ،بل رجاء حص ول اْلْ واملنفعة كان
أقوى ولذلك قدمه يف كالمه ،على أن خوفه من القتل َمرد وهم ال س يما إذا كان راض ياً بِّكها فإنه ال
وجه ْلوفه بعد ذلك أص الً ،وكيف جيوز العقل أيها العاقل ص دور مثل هذا عن إبراهيم عليه الس الم
وكيف يرض ى بِّك زوجته وتس ليمها للغْ ومل يدافع دو ا؟ حاش ا جنابه الش ريف أن يرض ى بذلك بل ال
يرضى ِبثله من له أدىن غْة فكيف إبراهيم خليل اهلل أبو اِلنبياء وصفوة اِلمناء؟!
ويف الباب العش رين من س فر التكوين مذكور ما نص ه :وانتقل ابراهيم من هناك إىل أرض اْلنوب وس كن
بني قاد ،وش ور ،وتغرب يف جرار .وقال إبراهيم عن س ارة امرأته ه ُّ أخِت .فأرس ل أبيمالك ملك جرار
وأخذ س ارة .فجاء اهلل إىل أبيمالك يف حلم الليل وقال له ها أنت ميت من أجل املرأة الِت أخذَتا فإ ا
أأمةً بارةً تقتُ ُل .أل م يقل هو يف إ ا
متزوجة ببعل .ولكن مل يكن أبيمالك قد اقِّب إليها .فقال يا سيد ا
أخِت وه ُّ أيضاً نفسها قالت هو أخ ُّ .اه (عدد )5-1فعلى زعمهم كذب هناك إبراهيم وسارة مرة
أخرى ،ولعل الس بب هنا كان حص ول املنفعة مع اْلوف أيض اً ،وقد حص لت املنفعة كما هو مص رح به
129
يف العدد الرابع عش ر من الباب نفس ه على أنه ال وجه للخوف إن كان راض ياً بتس ليمها بدون مقاتلة وال
ِمانعة.
ويف الكتاب املسمى بطريق اِلولياء يقول مؤلفه يف الصحيفة التاسعة والتسعني :لعل إبراهيم ملا أنكر كون
سارة زوجة له يف املرة اِلوىل عزم يف قلبه أنه ال يصدر عنه مثل هذا الذنب ،لكنه وقع يف شبكة الشيطان
السابقة مرة أخرى بسبب الغفلة .اه
ويقول املؤلف نفسه يف الصحيفة الثانية والتسعني والثالثة والتسعني :ال ُيكن أن يكون إبراهيم غْ مذنب
يف نكاح هاجرِ ،لنه كان يعلم جيداً قول املس يح املكتوب يف اإلثيل إن الذي خلق من البدء خلقهما
ذكراً وأنثى ،وقال من أجل هذا يِّك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته ويكون االثنان جسداً واحداً .اه
ويلزمهم أنه كما أنه ال ُيكن أن يكون غْ مذنب يف نكاح هاجر ،ال ُيكن أيض اً أن يكون غْ مذنب
يف نكاح س ارة ِلنه كان يعلم جيداً قول موس ى املكتوب يف التوراة" :أي رجل تزوج أخته ابنة أبيه أو
أخته ابنة أمه ورأى عورَتا ورأت عورته ،فهذا عار ش ديد فيقتالن أمام ش عبهما وذلك ِلنه كش ف عورة
أخته فيكون إُثهما يف رأسهما" .وكذا قوله" :يكون ملعونا من يضاجع أخته من أبيه أو أمه" .اه .295
وس ارة زوجة إبراهيم عليه الس الم كانت -على حس ب ما هو مذكور يف التوراة احملرفة -أخت إبراهيم،
فف ُّ العدد الثاِن عشر من الباب العشرين من سفر التكوين ما نصه" :إ ا أخِت باْلقيقة ابنة أِب وليست
ابنة أم ُّ وقد تزوجت ِبا".296
ومثل هذا النكاح عندهم على ما بينا حرام ومس ا ٍو للزنا ،فيلزمهم القول بأن ابراهيم عليه الس الم كان
زانياً قبل النبوة وبعدها ،فيكون أوالده كلهم من س ارة أوالد زنا ،فعلى أص لهم الفاس د يلزم أن هذا النِب
أب ا اِلنبي اء كم ا ك ان ك اذب اً ،فك ذا ك ان زاني اً طيل ة عمره ومع ه ذا ك ان خلي ل اهلل !! أيكون خلي ل اهلل
هكذا؟!"
فإن كان حال خليل اهلل عندهم هكذا فلننظر كيف يكون حال ابنه النِب إس حق عندهم الذي جاء من
ذريته كل من بعده من اِلنبياء باستثناء سيدنا ُممد عليه الصالة والسالم.
295القول اِلول موجود يف العدد السابع عشر من الباب العشرين من سفر اِلحبار ،والقول الثاِن يف العدد الثاِن
والعشرين من الباب السابع والعشرين من كتاب االستثناء.
296وذلك يف الَِّجة العربية سنة 1625وسنة .1648
130
297
افتراؤهم على إسحق عليه السالم
"جاء يف الباب السادس والعشرين من سفر التكوين من التوراة احملرفة ما نصه:
6فمكث إس حق يف َجرار 7 .وس أله رجال ذلك املوض ع عن زوجته فقال ه ُّ أخِت ِلنه خاف أن يقول
إ ا زوجته لئال يقتلوه من أجل حسنها .اه
فعلى زعمهم كذب إس حق عمداً أيض اً مثل أبيه وقال عن زوجته إ ا أخته ،ولننظر ماذا يقول مؤلف
الكتاب املسمى بطريق اِلولياء يف حق هذا النِب الكرمي ابن النِب الكرمي عليهما الصالة والسالم.
يف الصحيفة التاسعة والستني بعد املائة من الكتاب املذكور يقول" :يا أسف ُّ يا أسف ُّ إنه ال يوجد كمال
يف أحد من بين آدم غْ الواحد العدمي النظْ ،والعجب أن ش بكة الش يطان الِت وقع فيها إبراهيم ،وقع
فيها إس حق أيض اً وقال عن زوجته إ ا أخته ،فيا أس ف ُّ إن امثال هؤالء املقربني عند اهلل ُمتاجون إىل
وعظ" اه كالم القسيس بلفظه وقال قبل ذلك" :زل إُيان إسحق ِلنه قال عنها إ ا أخته" ،يف صحيفة
.298168
"وملا تأس ف هذا القس يس تأس فاً ش ديداً على عدم وجود كمال يف أحد من الناس غْ املس يح الواحد
العدمي النظْ ،وعلى أن هؤالء املقربني ُمتاجون اىل واعظ يعظهم وعلى مزلة إُيان إسحق فال نطيل الكرم
يف رده ،ولكين أتأس ف تأس فاً ش ديداً على عدم وجود هذا القس يس يف تلك اِليام لك ُّ يكون واعظاً
ْلؤالء املقربني واِلنبياء الصاْلني! ربنا ال ِتعلنا من القوم الضالني ،وال من العقول مسلوبني".299
"أقول لو فرض نا ص دق هذه القص ة احملال وقوعها ،وأ ا ِما أخرب به موس ى عليه الس الم ،فما اْلامل له
على ذكرها؟ وما الغرض والفائدة من بثها مع أنه مل يلحقها بوعيد عذاب وال شديد عقاب ،فما ه ُّ إال
دس يس ة دس ها من ال ش ى اهلل يف الكتب الس ماوية" ،301وهذا اإلثيل املتداول يش هد بأن لوطاً عليه
الس الم بار قديس مل يقع الوهن يف بِاره بعد نس بة هذه اْلركة الش نيعة له فف ُّ العدد الس ابع من الباب
الثاِن من رسالة بطرس الثانية هكذا :وأنقذ لوطاً البار مغلوباً من سْة اِلردياء يف الدعارة .اه
على أنه ما َُع أن الس كر يوص ل إىل هذه اْلركة الش نيعة ،فإن الس كران ال لو إما أن يكون س كره
متوس طاً أو يف أعلى طبقة ،فإن كان متوس طاً يبقى له َتييز ،فيميز بناته عن اِلجنبيات ،وإن كان س كره
يف أعلى طبقة يس قط حينئذ َتييزه لكن ال يبقى يف هذا الوقت قابالً للجماع كما ش هد بذلك اِلطباء
واملولعون بش رب اْلمر ،وإىل هذا اْلني ما َعنا أن يف الدنيا بأس رها رذيالً من اِلرذال الذين يكونون يف
أغلب أوقاَتم خممورين أنه فعل مثل هذا الفعل الشنيع.
وإن كان اْلمر موص الً إىل هذه الرتبة الس افلة فوا أس فا على حال املولعني بش رب اْلمر كيف يرجى ثاة
بناَتم وأمهاَتم من أيدي اآلباء واِلبناء واإلخوة.
والعجب كل العجب من أنه كما ابتل ُّ يف الليلة اِلوىل ابتل ُّ يف الليلة الثانية وما انتبه فيها ملا فعلته معه
ابنته الكربى يف الليلة اِلوىل وهو البار القديس حبكم هذا اإلثيل.
وكيف جيوز وقوع ذلك الفعل الش نيع من ابنِت لوط عليه الس الم بعد أن رأتا وقوع اْلس ف والعذاب يف
قوم أبيها بس بب فعل الفاحش ة الِت كانوا يفعلو ا باِلجانب فض الً عن اِلقارب ،ولو فرض نا وقوع ذلك
لِ َم لَ ْم َّتسف ِبم اِلرض كما خسفت بأقوامهم بل كان جيب أن يعذبوا بعذاب أشد حيث رأوا العقاب
300300300إظهار اْلق ج 2ص-453إىل ص 457بتصرف كثْ وتقدمي وتأخْ وحذف وزيادة بعُ العبارات .ويف
بعُ النسخ مذكور هكذا ودعت اَه بَن َع ام ُّ وهو أبو بين َع ُّمون إىل اليوم.
301السيف الصقيل ص.11
132
على مثل ذلك الفعل الشنيع بأعينهم وقد ثاهم اهلل منه ومل شوه فيما بعد وما اتعظوا.
مث لو كان ذلك ص حيحاً فلم مل يقتل الرب ولدي الزنا هذين كما قتل على ما زعموا الولد الذي تولد
من زنا داود عليه السالم بامرأة أوريا؟! لعلهم يقولون إن الزنا بامرأة الغْ أشد من الزنا بالبنات.
ولعل قس يس يهم يقولون إن فعل هذا اِلمر كان مقض ياً مرض ياً ليتولد داود وس ليمان وعيس ى أبناء اهلل من
نس ل هذين الولدين الس عيدينِ ،لن عوبيد جد لداود واس م أمه راعوث كما هو مص رح به يف العدد
اْل امس من الب اب اِلول من إثي ل مَت ،وراعوث ه ذه ك ان ت موابي ة من أوالد مواب بن لوط كم ا هو
مصرح به يف سفر راعوث.
وِلن رحبعام بن سليمان عليه السالم من أجداد عيسى عليه السالم كما هو مصرح به يف العدد السابع
من الباب اِلول من إثيل مَت ،واس م أمه نعمة ،ونعمة هذه الِت ه ُّ أم رحبعام الذي هو جد للمس يح
كانت عمانية من أوالد عمان بن لوط كما هو مصرح به يف العدد الثاِن والعشرين من الباب الرابع عشر
من سفر امللوك اِلول.
فهذه نعمة من جدات ابن اهلل الوحيد بل اهلل -على زعمهم ،-فأي شرف ل ُمواب وعمان ولدي الزنا
أزيد من أن بعُ بنات اِلول صارت جدة معظمة ِلبناء اهلل على زعمهم ،وبعُ بنات الثاِن الذي هو
عمان ص ارت جدة خاص ة البن اهلل الوحيد بل اهلل على زعمهم ،وحيث ثبت لك أيها اللبيب أن نس ب
املس يح عليه الس الم قد وص ل إىل مواب وعمان باعتبار تولده من هاتني اْلدتني ،فقد ص ار املس يح عليه
الس الم موابياً وعمانياً وما كان للموابيني والعمانيني أن يدخلوا يف َجاعة الرب إىل اِلبد على ما هو
مص رح به يف العدد الثالث من اإلص حاح الثالث والعش رين من س فر التثنية ونص تلك العبارة هو:
"والعمانيون واملوبيون بعد عش رة أحقاب أيض اً ال يدخلون َجاعة الرب اىل اِلبد" ويف بعُ النس خ
مذكور ِبذا النص" :ال يدخل عموِن وال ُمواِب يف َجاعة الرب .حَت اْليل العاش ر ال يدخل أحد منهم
يف َجاعة الرب إىل اِلبد" .وإن حاولوا االنفص ال عن ذلك بأن املس يح عليه الس الم ولد بعد اْليل
العاشر مل ُيكنهم ذلك يف حق داود عليه السالم.
فكيف دخل املسيح عليه السالم يف َجاعة الرب بل صار رئيسهم على زعمهم؟! وال يصح ْلم أن يقولوا
إن اعتبار النسب باآلباء ال باِلمهات فال يكون املسيح عليه السالم عمانياً وال موابياًِ ،لنا نقول لو كان
اِلمر كذلك يلزم أن ال يكون املس يح أيض اً إس رايلياً يهوذاوياً أو داودياً س ليمانياً أيض اً إذ حص ول هذه
اِلوصاف له من جانب اِلم أيضاً فال يكون حينئذ مسيحاً موعوداً به ،واعتبارهم هذه اِلوصاف باعتبار
133
اِلم وعدم اعتبارهم كونه عمانياً أو موابياً من جهة اْلدات ترجيح بال مرجح.
وهذا وارد على نبوة داود وس ليمان عليهما الس الم أيض اً باعتبار راعوث .لكن ال نطيل الكالم يف هذا
فليتأمل العاقل.
302
افتراؤهم على يعقوب عليه السالم
يف الباب اْلامس والعش رين من س فر التكوين موجود ما نص ه" :فطبخ يعقوب طبيخاً ،وملا جاء عيس و
إليه تعباً من اْلقل 30 .فقال له أطعمين من هذا الطبيخ اِلِحر فإِن تعب جداً وْلذا الس بب دعى اَه
أدوم 31 .فق ال ل ه يعقوب بع يف بكوريت ك 32 .ف أج اب وق ال هوذا أن ا أموت فم اذا تنفعين البكوري ة.
33فقال له يعقوب احلف يف فحلف له عيس و وباع البكورية 34 .فقدم يعقوب لعيس و خبزاً ومأكوالً
من العدس فأكل وشرب ومضى وَتاون يف أنه باع البكورية .اه
فلينظر العاقل املنص ف إىل ما يزعمونه ،وإىل ديانة عيس و عندهم الذي هو الولد اِلكرب إلس حق عليه
الس الم ،أنه باع البكورية الِت كان ِبا اس تحقاق منص ب النبوة والربكة ،وما كان ذلك عنده يف رتبة هذا
اْلبز واإلدام من العدس ،وانظروا إىل ُمبة يعقوب عليه الس الم وجوده وأنه ما أعطى لألخ اِلكرب اْلائع
التعب هذا املأكول إال بالبيع وما راعى احملبة اِلخوية واإلحسان بال عوض.
ومن يطالع الباب الس ابع والعش رين من س فر التكوين 303جيد فيه نس بة الكذب إىل نِب اهلل يعقوب عليه
السالم ثالث مرات ،وأنه خادع أباه ،حاشا جنابه الشريف أن يصدر عنه ذلك.
أما اْلداع الذي نسب إليه يف اإلصحاح املذكور فهو أن أباه إسحق عليه السالم ملا شاخ وكرب طلب من
ولده عيس و طعاماً لك ُّ يدعو له بالربكة الِت يكون ِبا مس تحقاً وأهالً ملنص ب النبوة ،فلما َع بذلك
يعقوب عليه الس الم ذهب وجاء إىل والده بالطعام املطلوب وقال له ها أنا ولدك عيس و قد فعلت لك
الطعام كما أمرتين ،قم يا والدي وُكل لك ُّ تباركين نفسك فلما أكل إسحق عليه السالم من ذلك الطعام
دعا لولده يعقوب عليه الس الم بدعاء كثْ وباركه لكن بنيته أنه عيس و ال أنه يعقوب ،ومع ذلك فقد
صار يعقوب عليه السالم بسبب ذلك الدعاء مستحقاً ملنصب النبوة ولذلك حصلت له خبالف عيسو،
فكما أثر ذلك اْلداع عند إس حق عليه الس الم أثر عند اهلل تعاىل أيض اً فإن إس حق عليه الس الم كان
302إظهار اْلق ج 2ص 458إىل ص 471بتصرف كثْ واختصار وزيادة بعُ العبارات.
303سفر التكوين ،العدد " "1إىل " "40ص 44-43-42من العهد القدمي.
134
بص ميم قلبه واعتقاده داعياً لولده عيس و ال لولده يعقوب عليه الس المِ ،لن يعقوب جاء بص ورة أخيه
عيس و ،وكما مل ُييز إس حق عليه الس الم بني اِلخوين يف حال الدعاء فكذلك مل ُييز اهلل عز وجل -
على زعمهم -بينهما عند إجابة الدعاء ،تعاىل اهلل عن ذلك علواًكبْاً.
والعجب أن والية اهلل والنبوة والص الح َتص ل باحملال على أص ول كتبهم الِت يقدس و ا ،فلو كان حال
جيوز أن يكون مبَن معامالت
ُمنكر ُ علم اهلل هكذا ،لقال ال
ديانة أِب اِلنبياء اإلس رائيليني هكذا ،أو ُ
اِلنبياء اإلسرائيليني مع اهلل تعاىل على اْلداع واملكر كأبيهم اِلعلى ،وجيوز أن يكون عيسى عليه السالم
وعد اهلل أنه إن أعطاه املعجزات فإنه س يدعو اْللق إىل توحيده وعبادته وحده عزو جل ،لكن اهلل ما ميز
الص دق من الكذب فأعطاه تلك املعجزات من إحياء املوتى وغْ ذلك ،فدعا إىل ربوبية نفس ه وبغى
وتقشعر من ذكرها جلود أهل اإلُيان.
ا وطغى ،نعوذ باهلل من هذه اِلمور الواهية الِت يكذِبا الربهان،
قال وليم اَث يف كتابه :هذا مقام غاية اْلوف أن مثل هذا الش خص تفوه بكذب بعد كذب ،وأش رك
وجدت الص يد
ُ اس م اهلل يف خداعه ،مث قال ثانياً :قال يعقوب قوالً هو اية الكفر إن إرادة اهلل كانت أِن
ليفر عن ٍ
ليتنفر كل ص احل و ا
س ريعاً ،مث قال ثالثاً :حنن ال نعتذر من جانب يعقوب يف هذا اِلمر بعذر ما و ا
مثل هذا اِلمر ،مث قال رابعاً :خالص ة الكالم أنه أس اء ليحص ل اْلْ ،ويف اإلثيل جيب اْلزاء ِبثله ،مث
قال خامس اً كما أذنب يعقوب أذنبت أمه أزيد منه ِل ا كانت بانيةَ هذا الفس اد وه ُّ أمرت يعقوب
بفعل هذه اِلمور اْلادعة اه .304
ويف الباب التاس ع والعش رين من س فر التكوين 305مذكور ما نص ه 17 :وكان بعيين ليا اس ِّخاء ،وراحيل
َجيلة الوجه وحس نة املنظر 18 .فأحب يعقوب راحيل وقال أنا أتعبد لك براحيل ابنتك الص غرى س بع
س نني 19 .فقال له البان أنت أحق ِبا من غْك فأقم عندي 20 .وتعبد يعقوب براحيل س بع س نني
وكانت عنده مثل أيام قليلة لِ َما دخله من ُمبتها 21 .فقال لالبان أعطين امرأيت ِلِن قد أكملت اِليام
ِلدخل إليها 22 .فجمع البان كثْاً من احملبني وص نع عرس ا 23 .وملا كان املس اء أدخل ابنته ليا على
يعقوب 24 .وأعطى البان َأمةً اَها ِزلفا البنته ودخل عليها يعقوب كالعادة وملا كان الص بح رآها ليا.
25فقال لالبان ما هذا الذي صنعت ِب أل م أتعبد لك براحيل فلم خدعتين 26 .أجاب البان ليس يف
136
تزوجهما يعقوب بإش ارة ليا وراحيل على ما هو مذكور يف الباب الثالثني من س فر التكوين ،فأوالدمها
يكونون كافة أوالد زنا على أصوْلم.
ومن يطالع الباب اْلادي والثالثني من س فر التكوين كما س يأيت نقل ذلك ،يرى فيه أن راحيل س رقت
أص نام أبيها ،وكذبت عليه وظاهر كالمهم أ ا س رقت تلك اِلص نام لعبادَتا كما يدل عليه ظاهر عبارة
الباب اْلامس والثالثني من سفر التكوين ،وِل ا كانت من بيت الوثنيني ،وأبوها كان وثنياً يعبد اِلصنام
كما تدل عبارة العدد الثالثني والثاِن والثالثني ،والظاهر أ ا كانت على دين أبيها ،فهذه الزوجة احملبوبة
ليعقوب عليه السالم كانت -على مقتضى ذلك -سارقة كاذبة وعابدة لألصنام.
بل ذُكر يف الباب اْلامس والثالثني من س فر التكوين ما نص ه 3 :وقال يعقوب ِلهله وَجيع من معه
اعزلوا اآلْل ة الغرب اء من بينكم وتطهروا وأب دلوا ثي ابكم 4 .ف دفعوا ل ه َجيع اآلْل ة الغرب اء الِت ك ان ت يف
أيديهم اخل .والظاهر من هذه العبارة أن أهل بيت يعقوب عليه الس الم ،ومن معه إىل هذا اْلني كانوا
يعبدون اِلصنام ،وهذا اِلمر بالنسبة إىل بيته شنيع جداً ،أما اهم قبل هذا عن عبادة اِلوثان؟!
ويف الباب اْلادي والثالثني من س فر التكوين مذكور ما نص ه 19 :وقد كان البان ذهب ليجز غنمه
ِحيه ومل يعلمه أنه هارب 21 .وهرب هو وَجيع
وراحيل سرقت أصنام أبيها 20 .فكتم يعقوب أمره عن ْ
ما كان له وعرب النهر وتوجه حنو جبل جلعاد 22 .وبلغ البان يف اليوم الثالث أن يعقوب قد هرب23 .
فأخذ إخوته وتبعه مس ْة س بعة أيام وْلقه يف جبل جلعاد 29 .وقال ليعقوب ملاذا فعلت هكذا وس قت
بنايت خفيةً عين مثل من قد س ِب بالس يف 30 .واآلن قد انطلقت وإَّنا ِحلك على ذلك الش هوة أن
َتض ُّ إىل بيت أبيك فلم سرقت آْلِت.
ليجز
انظروا إىل هذا اْلذيان ،وكيف ينسبون إىل نِب اهلل يعقوب اْلرب مع البنتني مغتنما كون ِحيه ذهب ا
غنمه! نعوذ باهلل من هذه اْلماقات.
وإذا كان هذا حال نِب اهلل يعقوب عليه الس الم عندهم وكذلك حال ليا وراحيل ،فلننظر كيف يكون
حال أوالده الذكور واإلناث على مقتضى كتبهم.
ويف الباب الرابع والثالثني من س فر التكوين مذكور ما نص ه 1 :وخرجت دينا ابنة ليا لتنظر إىل بنات
ذلك البلد 2 .فنظرها ش خيم بن َِحور اْلاوي رئيس اِلرض فأحبها فأخذها وض اجعها وأذْلا3 .
وتعلقت نفس ه ِبا وأحبها وكلمها ِبا وافقها ووقع بقلبها 4 .فقال ش خيم ْلمور أبيه خذ هذه اْلارية يف
137
زوجة 8 .فكلمهم ِحور اخل 13 .فأجاب بنو يعقوب اخل 14 .ال نس تطيع أن نص نع ما تطلبان وال أن
نعط ُّ أختنا لرجل أغلف فإن ذلك عار عليناِ 15 .بذا نش بهكم إذا ما ص ر مثلنا لك ُّ َّتتنوا كل
ذكوركم 24 .فارتضى َجيعهم واختَت كل من كان منهم ذكراً 25 .فلما كان اليوم الثالث وقد بلغ منهم
الوجع جداً أخذ ابنا يعقوب مشعون والوي أخوا دينا كل واحد منهما س يفه ودخال املدينة على طمأنينة
وقتال كل ذكر 26 .وِحور وش خيم ابنه وأخذا دينا أختهما من بيت ش خيم 27 .وخرجا ودخل يعقوب
على القتلى و بوا املدينة الِت فض حت فيها دينا أختهم 28 .وأخذوا غنمهم وبقرهم وِحْهم وكل ما يف
البيوت وكل ما يف اْلقل وسبوا صبيا م ونساءهم .اه
فانظروا إىل ديانة دينا بنت يعقوب عندهم كيف أ ا زنت وتعلق قلبها بش خيم -الذي اغتص بها -كما
ي دل علي ه قوْلم ووقع بقلبه ا ،وانظروا إىل ظلم أبن اء يعقوب أ م قتلوا ذكورا أه ل البل دة كلهم وس بوا
نس اءهم وص بيا م ،و بوا َجيع أمواْلم على ما هو مذكور يف الس فر املذكور فخطؤهم وظلمهم ظاهر
وخطأ يعقوب عليه السالم -على مقتضى كالمهم -أنه مل ُينعهم من هذه اِلفعال الشنيعة قبل وقوعها،
وما أجرى القص اص عليهم ،وما رد النس اء والص بيان واِلموال املس لوبة ،وإن كان غْ قادر على منعهم
ورد هذه اِلش ياء وأخذ القص اص فكان عليه أن يِّك هؤالء الظَلَمة .على أنه يبعد كل البعد أن يقتل
رجالن ذكور أهل البلدة كلهم ،ولو فرضنا أ م كانوا يف وجع اْلتان.
ويف الباب اْلامس والثالثني من سفر التكوين 306جاء ما نصه 22 :ومضى روبيل وضاجع بلها سرية أبيه
وَع أبوه بذلك .اه
فانظر أيها اللبيب إىل ما نس بوه إىل روبيل الولد اِلكرب ليعقوب عليه الس الم أنه زىن بزوجة أبيه وأبوه قد
َع بذلك ومل ُجي ِر اْلد وال التعزير عليه وال على هذه الزوجة والظاهر أن حد الزنا يف ذلك الوقت كان
إحراق الزاِن والزانية بالنار على ما هو مذكور يف العدد الرابع والعش رين من الباب الثامن والثالثني من
سفر التكوين وسيأيت نقل ذلك.
ولقد جاء مثل هذا الفعل الش نيع يف حق يهوذا ابن يعقوب اآلخر ،فف ُّ الباب الثامن والثالثني من س فر
التكوين 307مذكور ما نص ه 6 :وان يهوذا زوج ابنه بكره عْ امرأة اَها ثامار 7 .وكان عْ بكر يهوذا
306يف النسخة املطبوعة من العهد القدمي مذكور ما نصه :وحدث إذ كان إسرائيل ساكناً يف تلك اِلرض أن رأوبني
ذهب واضطجع مع بِلهة ُسرياة أبيه وَع إسرائيل .اه ص ،58واسرائيل هو يعقوب.
307ما ذكر هنا تلف قليالً عن النسخة املطبوعة من العهد القدمي ،انظر العهد القدمي ص.64-63
138
رديئاً بني أيدي الرب فقتله الرب .وقال يهوذا البنه أونان ادخل على امرأة أخيك وكن معها وأقم زرعاً
ف لغْه كان إذا دخل إىل امرأة أخيه ،يفس د على اِلرض لئال يكون
ِلخيك .فلما علم أونان أن اْلَلَ َ
زرعاً ِلخيه .فظهر ذلك منه س وء أمام الرب لفعله ذلك وقتله الرب .فقال يهوذا لثامار كناته اجلس ُّ
ليجز ِ
أرملة يف بيت أبيك حَت يكرب ش يال ابين إخل .فاعلموا ثامار قائلني هوذا ِحوك ص اعداً إىل َتنة ا
غنمه .فطرحت عنها ثامار ثياب الِّمل وأخذت رداءً وتزينت وجلس ت يف قارعة الطريق إخل .فلما رآها
يهوذا ظن أ ا زاني ة ِل ا ك ان ت ق د غط ت وجهه ا لئال تعرف .ودخ ل عن ده ا وق ال ْل ا :دعيين أدخ ل
ايف؟ فقال ْلا :أنا أعطيك جدياً ماعزاً من
إليكِ ،لنه مل يعلم أ ا كنته ،فقالت له :تعطيين حَت تدخل ا
القطعان ،وه ُّ قالت له :أعطين رهنا حَت ترس له .فقال يهوذا :أي ش ُّء أعطيك رهنا؟ فقال :خاَتك
وعمامتك وعص اك الِت بيدك ،فأعطاها ْلا ،ودخل عليها فحبلت منه .وقامت فمض ت وطرحت عنها
لبس ها ورداءها ،ولبس ت ثياب ترملها .فلما كان بعد ثالثة أش هر أخربوا يهوذا قائلني :زنت كنتك ،وهو
ذا قد حبلت من الزنا ،فقال يهوذا أخرجوها لتحرق .وإذا هم أخرجوها أرس لت إىل ِحيها قائلةِ :م َن
الرجل الذي هذه له حبلت أنا ،فاعرف ملن هو اْلا والعمامة والعص ا .فعرفها يهوذا وقال :تربرت ه ُّ
أكثر مين ملوض ع أِن مل أعطها لش يال ابين ،ولكنه مل يعد يعرفها بعد ذلك .وكان ملا دنا وقت الوالدة وإذا
توأم يف بطنها فعند طلقها الواحد س بق وأخرج يده فأخذت القابلة قرمزاً وربطته يف يده قائلة هذا رج
أوال .فها ض َم يده إليه للوقت وخرج أخوه فقالت ه ُّ ملاذا من أجلك انقطع الس ياح ،308ولذلك دعت
اَه فا ِرص وبعد ذلك خرج أخوه الذي على يده القرمز فدعت اَهُ َز َارح .اه "من العدد 6إىل العدد
."30
ونقول ال عجب وال اس تغراب من نس بة هذا الفعل الش نيع ليهوذا على حس ب أص وْلم ،ولكن نعجب
من نظم وتركيب هذه القص ة اْلرافية ،ومن قوْلم إن يهوذا أعطى خاَته وعص اه وعمامته لكناته رهنا على
أجرة ذلك الفعل الش نيع ،وكيف يتص ورون أيها العاقل اللبيب أن يهوذا يذهب من ذلك املكان يف رابعة
النهار إىل ُملاه بال عمامة مكشوف الرأس مع أنه كان رئيساً يف قومه؟! وإىل هذا اْلني ما َعنا يف الدنيا
بأس رها أن رذيالً من اِلرذال -الذين يكونون يف أغلب أوقاَتم يف ُمالت الفواحش -أعطى عمامته
رهناً على أجرة مثل هذا الفعل الشنيع!
واِلغرب من ه قوْلم إن يهوذا أمر ب إحراق كنت ه مل ا أخربوه أ ا حبلى من الزن ا ،ومل ا أعلمت ه أن ه هو ال ذي
308
ت .عليك اقتحام .ص.64
هكذا يف اِلصل ،ويف النسخة املطبوعة من العهد القدمي فقال ملاذا اقتَ َح ْم َ
139
البارة الفائقة يف
البار ونعمت َّ
كان قد زىن ِبا وأحبلها أمر بِّكها وش هد ْلا بش دة الرب وأ ا أبر منه فنعم ُّ
ِ
الرب! كيف ال وه ُّ مل تكش ف عورَتا إال ِلِب زوجها ومل تزن إال به وقد حص لت منه بس بب هذا الزنا
الواحد على ابنني كاملني ،تولد من أحدمها الذي هو فارص أنبياء كرام داود وس ليمان وعيس ى عليهم
السالم على ما هو مصرح به يف الباب اِلول من إثيل مَت ،فأي شرف لثامار أعظم من أن ابنها فارص
املولود ْلا من ِحيها ص ار جداً ِلبناء اهلل داود وس ليمان وعيس ى ابن اهلل الوحيد بل اهلل على زعمهم.
ويلزم على قوْلم أن ال يدخل داود يف َجاعة الرب ِلنه البطن التاس ع من فارص ِلنه عندهم ال يدخل
ابن زنا يف َجاعة الرب حَت اْليل العاشر.
واعجب لقوْلم إن الرب قتل عْ زوج ثامار .لكونه رديئاً ،ورداءته مل تتبني من أي جهة كانت ،أكانت
ه ذه الرداءَة أعظم من رادءَة أبي ه حي ث زعموا أن ه زىن بزوجت ه بع د موت ه؟ أو من رادة عم ه الكبْ حي ث
عميه اآلخرين مشعون والوي حيث زعموا أ ما قتال ذكورا أهل
زعموا انه زىن بس ارية أبيه ،أو من رداءَة ا
البلدة كلهم ،أو من رداءَة أبيه وَجيع أعمامه حيث زعموا أ م بوا أموال تلك البلدة وس بوا نس اءها
وأطفاْلا ،أو من رداءة لوط وابنتيه على زعمهم حيث نسبوا إليهم تلك الفاحشة بعد أن ثاهم اهلل تعاىل
من عذاب قومهم .أهؤالء كانوا قابلني للرأفة وعدم القتل وكان عْ الذي مل تُعلم خطيئته مس تحقاً للقتل
فقتله الرب.
ومن العج ب أيض اً زعمهم أن الرب قت ل أون ان على خطيئ ة عزل املين ،وم ا قت ل أعم ام ه وأب اه على
اْلطيئات املذكورة ،أهذا العزل أشد ذنباً من تلك اْلطيئات؟!
وكيف مل ُْجي ِر يعقوب اْلد وال التعزير على هذا الولد العزيز وال على هذه املرأة الفاجرة ،بل مل يثبت من
هذا الباب وال من باب آخر من كتبهم أنه تنغص ِلجل هذا اِلمر من يهوذا ،بل إن الباب التاس ع
واِلربعني 309من س فر التكوين يش هد على عدم تكدره ،حيث ذم روبيل ومشعون وال ِوي على ما ص در
منهم ،ومل يذم يهوذا على ما ص در منه ،بل س كت عما ص در منه ومدحه مدحاً بليغاً ،ودعا له دعاءً
كامالً ورجحه على إخوته ِبا فيهم روبيل الذي زىن -على زعمهم -بسريته بلها!
واعجب من تناقض هم بزعمهم أن اهلل ما قتل فارص وزارح مع كو ما ولدي زنا ،بل أبقامها كما أبقى
ابين لوط ،ومل يقتلهما كما قتل ولد داود الذي ولد بزناه بامرأة أوريا على ما زعموا .فلعل الزنا بامرأة الغْ
309يف العدد الثامن من الباب املذكور جاء أن يعقوب قال :يهوذا إياك ُيمد إخوتك .يدك على قفا أعدائك .يسجد
لك بنو أبيك .اه ص 84من العهد القدمي.
140
أشد عندهم من الزنا بالبنت أو بزوجة االبن.
310
افتراؤهم على هارون عليه السالم
يف الباب الثاِن والثالثني من س فر اْلروج 311جاء ما نص ه 1 :ورأى الش عب أن موس ى قد تأخر أن
يهبط من اْلبل فاجتمع الش عب إىل هارون وقالوا له قم فاجعل لنا آْلة يس ْون أمامنا من أجل أن
موس ى هذا الرجل الذي أص عدنا من أرض مص ر ال ندري ماذا أص ابه 2 .فقال ْلم هارون انزعوا أقراط
الذهب الِت يف آذان نس ائكم وأبنائكم وبناتكم وائتوِن ِبا 3 .فنزع كل الش عب أقراط الذهب الِت يف
آذا م وأتوا ِبا إىل هارون 4 .فأخذ ذلك من أيديهم وص وره باإلزميل وص نعه عجالً مس بوكاً .فقالوا هذه
آْلتك يا إس رائيل الِت اص عدتك من أرض مص ر 5 .فلما نظر هارون ذلك بَن مذحباً أمامه ،ونادى َ
المة ،وجلس الش عب فبكروا يف الغد وأص عدوا ُُْمرقات وقدموا ذبائح س ٍ
هارون وقال غداً عيد للربَّ 6 .
َ
لألكل والشرب مث قاموا للعب .اه
فف ُّ هذه العبارات أن هارون صنع عجالً وبَن مذحباً أمامه ونادى قائالً غداً عيد للرب فعبد العجل وأمر
بين إس رائيل بعبادته فقربوا الذبائح .وال ش ك أن هارون نِب رس ول ،وإنكار ص احب الكتاب املس مى
ميزان اْلق نبوته يف الص حيفة اْلامس ة بعد املائة من كتابه املس مى حبل اإلش كال املطبوع س نة 1847
ليس بش ُّء.
فف ُّ العدد الس ابع والعش رين من الباب الرابع من س فر اْلروج مذكور ما نص ه :فقال الرب ْلارون اذهب
وخذ موسى إىل الربية فمضى وأخذه إىل جبل اهلل وقباله.
ويف الباب الثامن عش ر من س فر العدد جاء ما نص ه 1 :وقال الرب ْلارون اخل 8 .مث كلم الرب هارون
وقال له إخل 20 .مث قال الرب ْلارون .فف ُّ هذا الباب من اِلول اىل اآلخر هو املخاطب حقيقة.
ويف الباب الثاِن عش ر والرابع عش ر والس ادس عش ر والتاس ع عش ر من س فر اْلروج توجد هذه العبارة:
"وكلم الرب موسى وهارون وقال ْلما" يف ستة مواضع.
ويف العدد الثالث عش ر من الباب الس ادس من س فر اْلروج مذكور ما نص ه :فكلم الرب موس ى وهارون
وأوصامها وأرسلهما إىل بين إسرائيل وإىل فرعون ملك مصر ليخرجا بين إسرائيل من مصر.
فظهر من هذه العبارات أن اهلل أوحى إىل هارون عليه السالم منفرداً وبشركة موسى عليه السالم ،وأرسله
315
افتراؤهم في شأن شمشون
"يف الباب السادس عشر من سفر القضاة 316مذكور أن مششون زىن بامرأة زانية كانت يف غزة ،مث عشق
امرأة اَها دليلة من أهل وادي ش وراق وكان يدخل إليها ،فأمرها كفار فلس طني أن تس أله كيف يقدر
الفلس طينيون عليه ويوثقونه وال يقدر هو على كس ر الوثاق ووعدوها عطية جزيلة فس ألته فكذب ثالث
مرات ،فق ال ت ل ه ه ذه الف اجرة كيف تقول ان ك َتبين وقلب ك ليس مع ُّ ،وق د ك ذبتين ثالث مرات
وضيقت عليه بكالمها أياماً كثْة فأطلعها على ذلك وقال إن حلقوا شعر رأس ُّ زالت عين قويت وصرت
كواحد من الناس .فلما رأت أنه قد أظهر ما يف قلبه دعت رؤس اء أهل فلس طني ،وأنامته على ركبتها،
ودعت اْلالق فحلق س بع خص ال من ش عر رأس ه ،فزالت عنه قوته فأس روه وقلعوا عينيه وحبس وه يف
السجن مث مات هناك.
ومشش ون عندهم نِب على ما هو مذكور يف العدد اْلامس والعدد اْلامس والعش رين من الباب الثالث
فيا للعجب كيف يعتقدون هذه الفواحش يف نِب من اِلنبياء وأنه أدمن عليها إىل أن كان س بب هالكه
امرأة فاجرة تعلق قلبه ِبحبتها وصار يِّدد إليها ِلجل الفاحشة حَت أوقعت به وعرفت سر اقوته فمكنت
الكفار منه إىل أن مات يف الس جن فكيف يكون حال من س ْته وخاَتته كذلك؟! أيكون -عندهم -
نبياً مقرباً عند اهلل؟!
319
افتراؤهم على داود عليه السالم
يف الباب اْلادي والعش رين من س فر ص موئيل اِلول 320يف حال داود عليه الس الم ملا افر على زعمهم
ا
خوفاً من شاوول ملك إسرائيل ووصل إىل نوبا عند أخيملك الكاهن مذكور ما نصه :وأتى داود إىل نوبا
أخيملك اْلرب فتعجب أخيملك من إتيان داود وقال له ملاذا جئت وحدك وليس معك أحد .فقال داود
يعلم أحد ِبذا فيما أبعثك وأمرتك ،فأما الفتيان
ِلخيملك الكاهن إن امللك أمرِن بش ُّء وقال يف ال ْ
فقد فرض ت ْلم ذلك املوض ع وذلك .واآلن إن كان ش ُّء َتت يدك أو مخس ة من اْلبز فادفع إيف مهما
وجدت .وأعطاه اْلبز خبز القدس إخل .وقال داود ِلخيملك أهنا َتت يدك س يف أو حربة ِلن س يف ُّ
أمر امللك مسرعاً .اه
وحربِت مل آخذ مع ُّ ِلنه كان ُ
فعلى زعمهم كذب داود عليه السالم كذباً بعد كذب ،وصارت ُثرة هذا الكذب املزعوم أن شاوول ملك
بين إسرائيل قتل أهل نوبا كلهم ذكورهم ونساءهم وأطفاْلم ودواِبم من البقر والغنم واْلُ ُمر وقتل يف هذه
اْلادثة مخس ة وُثانني كاهناً ،وثا ابن ِلخيملك اَه أبينار وفر ووص ل إىل داود عليه الس الم وأقر داود
بأنه سبب لقتل أهل بيته كلهم كما هو مصرح به يف الباب الثاِن والعشرين من السفر املذكور.321
147
اهلل عن ذلك علواًكبْاً ،فهل يعقل أيها اللبيب أن اهلل ُيكم على من زنا ،بأن يزِن ابنه بنس ائه جهاراً
أمام الناس؟ نعوذ باهلل من سلب العقول.
وقبل أن ننتقل إىل نقل افِّاءاَتم على نِب اهلل س ليمان بن داود عليهما الس الم ،ننقل ما نس بوه إىل
ِحنون ،الولد اِلكرب لداود عليه الس الم .فف ُّ الباب الثالث عش ر من س فر ص موئيل الثاِن مذكور أن
ِحنون الولد اِلكرب لداود زىن بثامار قهراً مث قال ْلا اخرج ُّ ،وملا امتنعت عن اْلروج أمر خادمه فأخرجها
وأغلق الباب خلفها فخرجت ص ارخة ،وَع داود عليه الس الم ِبذه اِلمور وش قت عليه لكن مل يقل
ْلمنون ش يئاً حملبته له وال لثامار ،وكانت ثامار هذه أختاً ِلبيش الوم بن داود عليه الس الم يقيناً ،ولذلك
أبغُ أبيشالوم ِحنون وعزم على قتله ،وملا قدر عليه قتله.
148
327
افتراؤهم على سليمان عليه السالم
يف الباب اْلادي عشر من سفر امللوك اِلول 328مذكور ما نصه 1 :وكان سليمان امللك قد أحب نساء
كثْات غريبات ،وابنة غريبات ،وابنة فرعون ،ونس اء من نس اء املوابيني ومن بنات عمون ،ومن بنات
أدوم ،ومن بنات الص يدانيني ومن بنات اْليثانيني 2 .ومن الش عوب الذي قال الرب لبين إس رائيل ال
تدخلوا إليهم ،وال يدخلوا إليكم لئال ُييلوا قلوبكم إىل آْلتهم ،وهؤالء التص ق ِبم س ليمان حبب ش ديد.
3وصار له سبعمائة امرأة حرة وثالُثائة سرية ،وأغوت نساؤه قلبه 4 .فلما كان عند كرب سليمان أغوت
نس اؤه قلبه إىل آْلة أخر ،ومل يكن قلبه س ليماً هلل ربه مثل قلب داود أبيه 5 .وتبع س ليمان عش ِّوت إله
الص يدانيني وملكوم ص نم بين عمون 6 .وارتكب س ليمان القبح أمام الرب ومل يتم أن يتبع الرب مثل
داود أبيه 7 .مث نص ب س ليمان نص بة لكامو ،ص نم مواب يف اْلبل الذي قدام أورش ليم ،ومللكوم وثن
بين عمون 8 .وكذلك ص نع ْلميع نس ائه الغريبات وهن يبخرن ويذحبن آلْلتهن 9 .فغض ب الرب على
س ليمان حيث مال قلبه عن الرب إىل إس رائيل الذي ظهر له مرتني 10 .و اه عن هذا الكالم ،أن ال
يتبع آْل ة الغرب اء ،ومل ُيفظ م ا أمره ب ه الرب!! فق ال الرب لس ليم ان إن ك فعل ت ه ذا الفع ل ومل َتفظ
أصْه إىل عبدك .اه
أشق شقاً ملكك ،و ا
عهدي ووصاياي الِت أمرتك ِبن ،ا
فقد صدر من سليمان على زعمهم أمور فاحشة
اِلول :وهو أعظمها أنه ارتد يف آخر عمره الذي هو حني التوجه إىل اهلل ،وجزاء املرتد عندهم الرجم ولو
كان نبياً ذا معجزات على ما هو مذكور يف الباب الثالث عش ر والس ابع عش ر من س فر االس تثناء،329
وال يُعلم من أي موض ع من مواض ع هذه التوراة أنه تقبل توبة املرتد ،ولو كانت تقبل ملا أمر موس ى عليه
السالم بقتل عبدة العجل حَت قتل ثالثة وعشرين ألف رجل على هذا الفعل.
والثاِن :أنه بَن املعابد العالية لألص نام يف اْلبل قدام أورش ليم ،وهذه املعابد كانت باقية مائِت س نة حَت
وش ياا بن آمون ملك يهوذا يف عهده بعد موت س ليمان عليه الس الم بأزيد من ثس ها ،وكس ر اِلص نام ي ِ
ُ
ثالُثائة وثالثني سنة كما هو مصرح به يف الباب الثالث والعشرين من سفر امللوك الثاِن.330
فالعجب كل العجب أن داود وس ليمان عليهما الس الم -على زعم أهل الكتاب -ما أجريا حدود
التوراة على نفس يهما ،وال على أهل بيتهما ،فأية مداهنة أكرب من هذا ،أم أن هذه اْلدود فرض ها اهلل
لإلجراء على املساكني املغلوبني الذي ال حول ْلم وال قوة!
ومل تثبت توبة س ليمان عليه الس الم يف موض ع من املواض ع يف العهد القدمي ،بل الظاهر -عندهم -عدم
توبته ِلنه لو تاب ْلدم املعاهد الِت بناها وكسر اِلصنام الِت وضعها يف تلك املعابد ،ورجم أولئك النساء
املغويات ،على أنه لو تاب ملا سلم من إجراء اْلد عليه ِلن حكم املرتد يف التوراة ليس إال الرجم.
وأما ما ادعاه ص احب الكتاب املس مى ميزان اْلق يف الص حيفة اْلامس ة واْلمس ني من طريق اْلياة
املطبوع سنة ،1847من توبة آدم وسليمان عليهما السالم ،فادعاء حبت وكذب صرف على ما بأيديهم
من أسفار العهد القدمي.
فانظر أيها اللبيب إىل جراءة بين إس رائيل على اِلنبياء العظام كيف أ م مل يكتفوا بنس بة املعاص ُّ
335
افتراؤهم في شأن شاوول
يف الباب العاش ر من س فر ص موئيل اِلول 336يف حق ش اوول ملك إس رائيل الس فاك املش هور مذكور ما
نص ه 10 :وأتوا إىل الرابية وإذا ص ف من اِلنبياء اس تقبله ،وحل عليه روح الرب فتنبأ بينهم 11 .وحينما
نظره الذين يعرفونه من أمس وقبل اِلمس فإذا هو مع اِلنبياء متبين قال كل امرئ منهم لص احبه ما هذا
الذي أص اب ابن قيس ش اوول يف اِلنبياء 12 .فأجاب بعض هم البعُ وقالوا َم ْن أبوهم .من أجل هذا
صار َمثَالً هل أيضاً شاوول يف اِلنبياء .وفرغ ِما تنبأ فأتى إىل اْلضْة.
337
فحل روح اهلل
ويف العدد الس ادس من الباب اْلادي عش ر من س فر ص موئيل اِلول مذكور ما نص هَّ :
على شاوول عندما َع هذا القول وِح ُّ غضبه جداً.
153
بيان أن الل من ثه عن الولد
[قصص اِلنبياء ص ،586-581باختصار وتصرف]
قال اهلل تعاىل﴿ :وقالوا اَّتذ الرِحن ولدا .لقد جئتم ش يئاً إدا﴾ [مرمي ،آية ]89-88 :ش يئاً عظيماً
ومنكراً من القول وزورا ﴿تكاد الس موات يتفطرن منه وتنش ق اِلرض و َِّتر اْلبال هذا .أن دعوا للرِحن
ول دا .وم ا ينبغ ُّ للرِحن أن يتخ ذ ول دا .إن ك ل من يف الس موات واِلرض إال آيت الرِحن عب داً .لق د
أحصاهم وعدهم عداً .وكلهم آتيه يوم القيامة فرداً﴾ [مرمي.]95-90 ،
فبني أنه تعاىل ال ينبغ ُّ له الولد ِلنه خالق كل ش ُّء ومالكه ،وكل ش ُّء فقْ إليه ،خاض ع ذليل لديه،
ا
وَجيع س كان الس موات واِلرض عبيده ،هو رِبم ال إله إال هو ،وال رب س واه كما قال تعاىل﴿ :وجعلوا
وبنات بغْ علم س بحانه وتعاىل عما يص فون بديع الس موات اْلن وخلَ َقهم وخرقوا له بنني ٍ
هلل ش ركاءَ َّ َ ُ َ َ
واِلرض أىن يكون له ولد ومل تكن له ص احبة وخلق كل ش ُّء وهو بكل ش ُّء عليم .ذلكم اهلل ربكم ال
إله إال هو خالق كل ش ُّء فاعبدوه وهو على كل ش ُّء وكيل﴾ [اِلنعام ،اآلية.]102-100 :
فبني أنه خالق كل ش ُّء فكيف يكون له ولد ،والولد ال يكون إال بني ش يئ ُّ متناس بني ،واهلل تعاىل ال
نظْ له وال ش بيه وال عديل له ،فال ص احبة له ،فال يكون له ولد كما قال تعاىل﴿ :قل هو اهلل أحد اهلل
الصمد مل يلد ومل يولد ومل يكن له كفواً أحد﴾ [سورة اإلخالص].
يقرر أنه اِلحد الذي ال نظْ له يف ذاته وال يف ص فاته وال يف أفعاله "الص مد" وهو الس يد الكامل يف
علمه وحكمته ورِحته.
"مل يلد" أي ال يوجد منه ولد "ومل يولد" أو مل يتولد عن ش ُّء قبله" ،ومل يكن له كفواً أحد" أي وليس
له عدل وال مكافئ وال مس ا ٍو ،فنفى النظْ املداِن واِلعلى واملس اوي ،فانتفى أن يكون له ولد إذ ال
يكون الولد إال متولداً بني شيئني متعادلني أو متقاربني تعاىل اهلل عن ذلك علواًكبْاً.
وقال تبارك وتعاىل﴿ :يا أهل الكتاب ال تغلوا يف دينكم وال تقولوا على اهلل إال اْلق إَّنا املس يح عيس ى
ابن مرمي رسول اهلل وكلمته ألقاها إىل مرمي وروح منه ف منوا باهلل ورسله وال تقولوا ثالثة انتهوا خْاً لكم إَّنا
اهلل إله واحد س بحانه أن يكون له ولد له ما يف الس موات وما يف اِلرض وكفى باهلل وكيال .لن يس تنكف
املسيح أن يكون عبداً هلل وال املالئكة املقربون﴾ [النساء ،اآلية.]172-171 :
ينهى اهلل تعاىل أهل الكتاب ومن شاِبهم عن الغلو واإلطراء يف الدين وهو َماوزة اْلد ،فالنصارى لعنهم
اهلل ،غلوا وأطروا املس يح حَت جاوزوا اْلد .فكان الواجب عليهم أن يعتقدوا أنه عبد اهلل ورس وله وابن
154
أمته العذراء البتول.
وقال تعاىل﴿ :وقالت اليهود عزير ابن اهلل وقالت النصارى املسيح ابن اهلل ذلك قوْلم بأفواههم يضاهئون
أىن يؤفكون﴾ [التوبة ،اآلية.]30 :
قول الذين كفروا من قبل قاتلهم اهلل ا
فأخرب تعاىل أن اليهود والنص ارى عليهم لعائن اهلل كل من الفريقني ادعوا على اهلل ش ططا وزعموا أن له
ولداً ،تعاىل اهلل عما يقولون علواًكبْاً ،وأخرب أ م ليس ْلم مس تند فيما زعموه وال فيما ائتفكوه إال َمرد
القول ومش اِبة من س بقهم وقال تعاىل﴿ :وينذر الذي قالوا اَّتذ اهلل ولداً .ما ْلم به من علم وال آلبائهم
كربت كلمة َّترج من أفواههم إن يقولون إال كذبا﴾ [الكهف ،اآلية.]5-4 :
وقال تعاىل﴿ :لقد كفر الذين قالوا إن اهلل هو املس يح ابن مرمي قل فمن ُيلك من اهلل ش يئاً إن أراد أن
يهلك املس يح ابن مرمي وأمه ومن يف اِلرض َجيعاً وهلل ملك الس موات واِلرض وما بينهما لق ما يش اء
واهلل على كل ش ُّء قدير﴾ [املائدة ،اآلية.]17 :
وقال تعاىل أيض اً﴿ :لقد كفر الذين قالوا إن اهلل هو املس يح ابن مرمي وقال املس يح يا بين إس رائيل اعبدوا
حرم اهلل عليه اْلنة ومأواه النار وما للظاملني من أنص ار لقد كفر
اهلل رِب وربكم إنه من يش رك باهلل فقد ا
ليمس ن الذين كفروا
الذين قالوا إن اهلل ثالث ثالثة وما من إله إال إله واحد وإن مل ينتهوا عما يقولون ا
منهم عذاب أليم .أفال يتوبون إىل اهلل ويس تغفرونه واهلل غفور رحيم .ما املس يح ابن مرمي إال رس ول قد
أىن يؤفكون﴾
خلت من قبله الرسل وأمه ص اديقة كانا يأكالن الطعام انظر كيف نبني ْلم اآليات مث انظر ا
[املائدة ،اآلية.]75-72 :
حكم اهلل تعاىل بكفرهم ،وبني ْلم أن املس يح عبد مربوب خملوق مص ور يف الرحم داع إىل عبادة اهلل
وحده ال ش ريك له ،وتوعدهم على خالف ذلك بالنار واْلزي يف الدار اآلخرة والعار مث قال لقد كفر
الذي قالوا إن اهلل ثالث ثالثة وما من إله إال إله واحد .قال ابن جرير وغْه املراد بذلك قوْلم باِلقانيم
الثالثة :أقنوم اِلب وأقنوم االبن وأقنوم الكلمة املنبثقة من اِلب إىل االبن على اختالفهم يف ذلك ما بني
امللكية واليعقوبية والنسطورية ،عليهم لعائن اهلل.
مث ابني حال املس يح وأمه وأنه عبد رس ول وأمه ص ديقة ،أي ليس ت بفاجرة كما يقول اليهود لعنهم اهلل.
وفيه دليل على أ ا ليس ت نبية كما زعم ذلك طائفة من العلماء .وقوله﴿ :كانا يأكالن الطعام﴾ كناية
عن خروج ه منهم ا كم ا رج من غْمه ا ،أي ومن ك ان ِب ذه املث اب ة كيف يكون إْل ا تع اىل اهلل عن قوْلم
وجهلهم علواًكبْاً.
155
ث ثََالثٍَة ﴾ [املائدة ،اآلية ]73:زعمهم ِ َّ ِ
ين قَالُوا إِ َّن اللَّهَ ثَال ُ َّ
ي وغْه املراد بقوله ﴿ :ل َق ْد َك َفَر الذ َ
وقال الس اد ا
يف عيسى وأمه أ ما اإلْلان مع اهلل ،يعين كما ابني تعاىل كفرهم يف ذلك بقوله يف آخر هذه السورة الكرُية
ون اللَّ ِه قَ َ
ني ِمن د ِ ه ال اللَّه يا ِعيسى ابن مرَمي أَأَنت قُ ْلت لِلن ِ ِ
ك َما
ال ُسْب َحانَ َ َّاس َّاَّت ُذ ِوِن َوأُم َ ُّ إِ َْلَْ ِ ُ ﴿ َوإِ ْذ قَ َ ُ َ َ ْ َ َ ْ َ َ َ
س ِيف ِحبَ ٍّق ﴾ [املائدة ،اآلية.]116 : يَ ُكو ُن ِيف أَ ْن أَقُ َ
ول َما لَْي َ
156
-على زعمهم -يتعذب بالصلب على أيدي اليهود؟!
ئ الغزايف وأمثاله عن الوقوع
فال جيوز اِلخذ ِبا خالف ذلك وإن كان منس وباً اىل الغزايف وغْهِ ،لننا نُبَ ار ُ
يف هذه الض اللة ،مث ماذا يكون اْلواب ملن يقول من النص ارى" :املس يح ابن اهلل باملعَن اجملازي" لو كان
كالم أدعياء العلم أولئك ص حيحاً؟! بل ماذا يقال ملن يقول من النص ارى" :كيف تض للون من يقول
عن املس يح ابن اهلل باملعَن اجملازي وأنتم تعِّفون أنه كان مأذوناً له يف إطالق هذا اللفظ؟!" بل ماذا يقال
ملن يقول منهم "كيف يذم اهلل من قال املس يح ابن اهلل ويتوعد قائله ،وهو قد أذن له بإطالق هذا اللفظ
على نفسه؟!"
وليت ش عري ،إن جاز إطالق اِلب على اهلل ونس بة االبن إليه باملعَن اجملازي فلم ال جيوز إطالق اْلد
والعم واْلال عليه؟! ومل ال جيوز نسبة البنات واِلحفاد وأوالد اِلخ والصهر والكنَّة إليه؟! سبحانك اللهم
هذا ِبتان مبني ومروق من الدين.
فاتض ح لكل ذي عقل س ليم فس اد ذلك ،فال جيوز خمالفة ما قررناه من اْلق ،بدعوى أخرق ينتس ب إىل
العلم ،فإن اْلق أحق أن يتبع ،وليس اْلق يعرف بالرجال ،وإَّنا الرجال يعرفون باْلق ،وعلى العاقل أن
يزين حبكم الشرع هذه القضايا ،وأن يكون يف غاية التنباه فإن اْلطأ يف أصول العقيدة أعظم من اْلطأ يف
فروع الشريعة ،نسأل اهلل اْلداية إىل سبيل اْلق والتوفيق إىل ما فيه اْلْ والرشاد ،وباهلل العصمة والتوفيق.
157
خاتمة اللثء ال اني
إىل هنا مرادنا بعون اهلل تعاىل من اْلزء الثاِن من هذا الكتاب ،فأثبتنا بطالن دين اليهود والنص ارى
وَتريف كتبهم ،وذكرنا طائفة من نص وص هم الِت اش تملت على الطعن يف أنبياء اهلل ِبا ال مزيد عليه،
وبين ا أ م ينس بون لألنبي اء الكب ائر والفواحش والكفر ،ف اعج ب لقوم يعتق دون يف أنبي ائهم ذل ك مث
يعتقدون أ م ش عب اهلل املختار -كما يقول اليهود -أو يعتقدون أ م أبناء اهلل وأحباؤه -كما تقول
الطائفتان منهم ،وليت شعري كيف يرفعون أنفسهم فوق رتبة النبيني واملرسلني؟!
واعجب أيض اً لزعمهم أن الكتب الِت بأيديهم ه ُّ كالم اهلل ووحيه إىل أنبيائه ورس له ،مع اش تماْلا على
ذكر تلك الفواحش الِت يس تحى من ذكرها وَاعها ،حَت إن من يطالع تلك املواض ع يش عر وكأنه يقرأ
قص ص اً من قص ص املاجنني املولعني بالزنا واْلمر ،ال س يما وأن فيها وص فاً دقيقاً لبعُ النس اء وذكر
340
مين بعُ الرجال وكثرتهِ ،ما يأنف العاقل أن يتفوه به ،ولوال ض رورة بيان ض الْلم
ثديهن ،وذكر ا
وافِّاءاَتم على اهلل وعلى رس له ملا تطرقنا إىل ذلك ،ومن رام التأكد من كالمنا فليطالع املواض ع الِت
نقلناها يف هذا الكتاب ِما فيه ذكر الفواحش ،وليطالع أيض اً نش يد اإلنش اد وس فر حزقيال من العهد
القدمي جيد من الغزل واجملون والدعارة ما ال جيده يف أشعار املاجنني الفسقة.
فال عجب إذاً من ارتكاِبم الفواحش باِلجنبيات وباحملارم ،إذا كانوا يعتقدون أن ذلك س ْة اِلنبياء
الكرام ،بل رِبا يكون -على زعمهم -مرض ياً هلل ،فيتولد منه أوالد زنا ذوي ش أن عظيم ،كما زعموا أن
يف نسب بعُ اِلنبياء أوالد زنا.
وإنا نربأ إىل اهلل تعاىل من هذا الض الل ،ونس أل اهلل الس المة ،فأي خزي أكرب من أن يعتقد أن يف فعل
الفواحش أُسوة باِلنبياء؟!
340وجاء أيضاً فيها وصف الفخذين والسرة والبطن وغْ ذلك .انظر سفر حزقيال ص 1211من العهد القدمي،
ونشيد اإلنشاد ص 990-989من العهد القدمي.
158
فائدة مهمة
341
في ذكر آيات تدل على أن دين جميع األنبياء هو اإلسالم
﴿إن الدين عند اهلل اإلسالم﴾ [آل عمران ،اآلية.]19 :
﴿ومن يبتغ غْ اإلسالم ديناً فلن يقبل منه وهو يف اآلخرة من اْلاسرين﴾ [آل عمران ،اآلية.]85 :
﴿ما كان إبراهيم يهودياً وال نصرانياً ولكن كان حنيفاً مسلماً﴾ [آل عمران ،اآلية.]67 :
مسلم ْني
﴿وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإَاعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم .ربنا واجعلنا َ
لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم﴾ [البقرة ،اآلية-127 :
.]128
بين إن اهلل اصطفى لكم الدين فال َتوتن إال وأنت مسلمون .أم كنتم ﴿ووصى ِبا إبراهيم ِ
ويعقوب يا َّ
ُ بنيه ُ
يعقوب املوت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إْلك وإله آبائك إبراهيم
َ شهداء إذ حضر
وإَاعيل وإسحق إْلاً واحداً وحنن له مسلمون﴾ [البقرة ،اآلية.]133-132 :
﴿قولوا آمنا باهلل وما أنزل إلينا وما أنزل إىل إبراهيم وإَاعيل وإسحق ويعقوب واِلسباط وما أويت موسى
وعيسى وما أويت النبيون من رِبم ال نفرق بني أحد منهم وحنن له مسلمون﴾ [البقرة ،اآلية.]136 :
﴿إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور ُيكم ِبا النبيون الذين أسلموا للذين هادوا﴾ [املائدة ،اآلية.]44 :
﴿قال فرعون آمنتم به قبل أن آذن لكم إ ان هذا ملكر مكرَتوه يف املدينة لتخرجوا منها أهلها فسوف تعلمون
ِلقطاعن أيديكم وأرجلكم من ِخالف مث ِلصلبنكم أَجعني .قالوا إنا إىل ربنا منقلبون .وما ِ
تنق ُم منا إال أن َ
آمنا ب يات ربنا ملا جاءتنا ربنا أفرغ علينا صرباً وتوفانا مسلِمني﴾ [اِلعراف ،اآلية 123 :إىل .]126
﴿ رب قد آتيتين من امللك وعلمتين من تأويل اِلحاديث .فاطر السموات واِلرض أنت ولي ُّ يف الدنيا
واآلخرة توفين مسلما وأْلقين بالصاْلني﴾ [يوسف ،اآلية.]101 :
﴿وإذ أوحيت إىل اْلواريني أن آمنوا ِب وبرسويف قالوا آمنا واشهد بأننا مسلمون﴾ [املائدة ،اآلية.]111 :
﴿فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إىل اهلل قال اْلوارياون حنن أنصار اهلل آمنا باهلل واشهد
بأنا مسلمون﴾ [آل عمران ،اآلية.]52 :
كلت ِ
﴿واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه يا قوم إ ْن كان َك ُرب عليكم مقام ُّ وتذكْي ب يات اهلل فعلى اهلل تو ُ
اقضوا إيف وال تُْن ِظ ِ
رون .فإن توليتم فما سألتكم ِ
فأَجعُوا أمركم وشركاءكم مث ال ي ُك ْن أمركم عليكم غُمة مث ُ ا
341
من أراد االستزادة فلينظر رسالة :داللة القرآن املبني على أن اإلسالم دين َجيع النبيني ،للمؤلف.
159
من أجر إن أجري إال على اهلل وأمرت أن أكون من املسلمني﴾ [يونس ،اآلية.]72-71 :
وع ْدواً حَت إذا أدركه الغرق قال آمنت أنه ال إله
﴿وجاوزنا ببين إسرائيل البحر فأتبعهم فرعون وجنوده بغياً َ
إال الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من املسلمني .آآلن وقد عصيت قبل وكنت من املفسدين﴾ [يونس،
اآلية.342]91-90 :
عل ُّ
إيف كتاب كرمي .إنه من سليمان وإنه بسم اهلل الرِحن الرحيم إال تعلوا ا
﴿قالت يا أيها املأل إنه ألق ُّ ا
وأْتوِن مسلمني﴾ [النمل ،اآلية.]31-30-29 :
رب إِن ظلمت نفس ُّ وأسلمت مع سليمان هلل رب العاملني﴾ [النمل ،اآلية.]44 :
﴿قالت ا
﴿فأخرجنا من كان فيها من املؤمنني .فما وجدنا فيها غْ بيت من املسلمني﴾ [الذاريات ،اآلية-35 :
.]36
342تنبيه :مل يقبل إُيان فرعون ِلنه قال ذلك عند حضور املوت واليأس من اْلياة ،حيث ال تقبل التوبة.
160
الياتمة
بعون اهلل تعاىل إثبات عص مة اِلنبياء -عليهم الص الة والس الم -وبراءَتم من كل ما يزري ِبم ،وتبني
أن كل نُ ِس ب إليهم ِ -ما يقدح يف عص متهم -يف كتب اليهود والنص ارى ،ويف بعُ التفاس ْ ،إَّنا هو
افِّاء وِبتان مبني ،وتبني أيض اً أن ُج ال ما اش تملت عليه تلك التفاس ْ من تلك االفِّاءات ما هو إال
إس رائيليات مأخوذة عن أهل الكتاب وخص وص اً اليهود ،حيث إ م عادوا أنبياء اهلل فافِّوا عليهم ،بل
أدى ِبم ذلك إىل أن قتلوا عدداً من اِلنبياء.
وكل تلك الروايات جيب ردها ِل ا خالفت املنقول واملعقول كما س بق بيان ذلك .وإن من ينس ب إىل
اِلنبياء ما ورد يف تلك الروايات من النقائص قد احتمل إُثاً وِبتاناً مبيناً ،كيف ال والش ريعة تنص على
أن االس تطالة يف عرض املس لم من أعظم الذنوب فكيف ِبن يس تطيل يف أعراض اِلنبياء الكرام ،الذين
فض لهم اهلل على العاملني ،وعلم أوْلم وهو آدم عليه الص الة والس الم اِلَاء كلها وأس جد له مالئكته
اِلبرار ،وفض ل أخرهم عليه الص الة والس الم على َجيع اْللق فجعله س يد اِلولني واآلخرين ،وص احب
املقام احملمود يوم القيامة.
وإن من ُيوت على اعتقاد تلك النقائص يف اِلنبياء عليهم الصالة والسالم ،لن تناله شفاعة أحد منهم،
ِلنه مل يؤمن ِبا جاء يف الذكر اْلكيم من بيان فضلهم وشرف مرتبتهم.
وليعلم ك ل من يفِّي تل ك االفِّاءات عليهم ب أن ه ق د ع اداهم فلي أذن حبرب من اهلل ،ذل ك أن ه ورد يف
اْلديث القدس ُّ﴿ :من عادى يف ولياً فقد آذنته باْلرب﴾ [رواه البخاري] فكيف ِبن حارب نبياً؟!
نسأل اهلل اْلداية والتوفيق.
وإلى هنا تم مقص ودنا بهذا الكتابة فلاء تبص رة وتذكرة ألولي األلبابة جامع ا من البراهين
للعلب العلابة بما أوردنا تقريره من أوجه الص وابة فس طع كالش مس ما دونها س حابة فلم
تنهض لمناهض ته بدعة ُم ّد ٍع وال ش بهة مرتابة فلله الحمد أوالا وآخرا وإليه المرجع والمآبة
وصلى الل على سيّدنا محمد المصطفى وسلم واآلل ثم الصحابة
املوافق -7-2 الفراغ من تبييض ه يوم اْلميس اْلامس عش ر من ش هر رمض ان املبارك 1436ه
2015
الل و َع ْف ِوهِ ال َف ِق ْي ر إِلى ِ
الل ِ ِ الصالِ ِح ِ ِ
ُ ين َراجي َر ْح َمة َ َكتَبه ُمحب َّ َ
ف ال ُمنَا ِوي
وس ُ أَبُو الطَّيِّ ِ
ب يُ ُ
161
المراجع والمصادر
القرآن الكرمي -1
األلف
اإلتقان يف علوم القرآن ،جالل الدين السيوط ُّ (ت 911ه ) ط 1399ه ،دار الفكر، -2
بْوت.
اِلجوبة الفاخرة عن اِلسئلة الفاجرة ،شهاب الدين أِحد القرايف (ت ) ط 1406ه ،دار -3
الكتب العلمية بْوت.
) َتقيق اإلرش اد إىل قواطع اِلدلة يف أص ول االعتقاد ،عبد امللك اْلويين (ت 478ه -4
أسعد َتيم ط1405 ،1ه مؤسسة الكتب الثقافية ،بْوت.
أصول الدين ،عبد القاهر البغدادي (ت 429ه ) ،ط1400 ،2ه ،دار الكتب العلمية، -5
بْوت.
) ط املكتبة إظهار اْلق ،رِحةُ اهلل بن خليل الرِحن العثماِن الكْانوي( ،ت 1308ه -6
العصرية ،صيدا-بْوت.
) ط1406 ،1ه ألفية العراق ُّ يف مص طلح اْلديث ،عبد الرحيم العراق ُّ (ت 806ه -7
[مطبوعة ض من َمموعة متون َتت اس م النفائس] ،مركز اْلدمات واِلحباث الثقافية
بْوت.
الباء
) َتقيق الربهان يف علوم القرآن ،بدر الدين ُممد بن عبد اهلل الزركش ُّ (ت 794ه -8
مصطفى عطا ،ط1408 ،1ه دار الكتب العلمية بْوت.
التاء
تربئة اِلنبياء ،عل ُّ بن أِحد اِلموي (ت ) ط1411 ،1ه َتقيق ُممد رضوان الداية ،دار -9
الفكر املعاصر بْوت.
-10التبصْ يف الدين ،أبو املظفر اإلسفراييين( ،ت 471ه ) ط1408 ،2ه ،دار الكتب
العلمية ،بْوت.
-11تفسْ البغوي "معامل التنزيل" ،اْلسني بن مسعود البغوي (ت 516ه ) َتقيق خالد العك
162
ومروان سوار ط1413 ،3ه ،دار املعرفة ،بْوت.
-12تفسْ البيضاوي "أنوار التنزيل" ناصر الدين البيضاوي (ت 691ه ) ط1411ه مكتبة
اْلقيقة ،استانبول ،تركيا.
-13تفسْ اْلاللني ،جالل الدين احملل ُّ (ت 864ه ) وجالل الدين السيوط ُّ (ت 911ه )
ط دار اِلندلس بْوت.
-14تفس ْ اْل ازن "لب اب الت أوي ل" عالء ال دين عل ُّ بن ُمم د (ت )[ ،فرغ من ت أليف ه ع ام
725ه ) ،ط 1317ه ،املطبعة امليمنية مصر ،ودار املعرفة بْوت.
-15تفسْ النسف ُّ "مدارك التنزيل" ،عبد اهلل بن أِحد بن ُممود (ت 701ه ) ط 1317ه ،
[على هامش تفسْ اْلازن] ،املطبعة امليمنية مصر ،ودار املعرفة بْوت.
الليم
-16جوهرة التوحيد ،إبراهيم اللقاِن (ت 1041ه ) ط1354 ،2ه [ ،ضمن اجملموع الكبْ
من املتون] دار الفكر بْوت.
الحاء
) -17حاش ية ش يخ زاده على تفس ْ البيض اويُ ،ممد بن مص لح الدين (ت 951ه
ط1411ه ،مكتبة اْلقيقة ،استانبول تركيا.
-18حدائق الفصول وجواهر اِلصول" ،العقيدة الصالحية"ُ ،ممد بن هبة اهلل (ت 599ه )
[فرغ من تأليفها 570ه ][ ،مطبوعة ضمن النفائس] ،ط1407 ،2ه ،مركز اْلدمات
واِلحباث الثقافية ،بْوت.
الدال
-19الدعوة إىل اهلل ،د .عبد الرب انواب الدين آل انواب ،ط1410 ،1ه ،دار القلم بْوت.
الراء
-20الرد اْلميل[ ،منس وب للغزايف وهو إما مفِّى عليه أو مدس وس فيه] ،أبو حامد ُممد
الغزايف (ت 505ه ) ط1412ه ،مكتبة اْلقيقة ،استانبول ،تركيا.
الثاي
-21زاد املسْ يف علم التفسْ ،عبد الرِحن بن اْلوزي( ،ت 596ه أو 597ه ) ط ،1املكتب
163
اإلسالم ُّ ،بْوت.
السين
-22سراج السالك ،عثمان بن حسنني املالك ُّ (ت ) ط1408ه املكتبة الثقافية ،بْوت.
مطبعة -23الس يف الص قيل ،بكر بن عمر التميم ُّ الداري النابلس ُّ( ،ت ) ط1313ه
احملروسة ،مصر ،ومكتبة اْلقيقة استانبول تركيا عام 1412ه .
الشني
-24شرح الزرقاِن على البيقونيةُ ،ممد الزرقاِن (ت 1122ه ) ط1405 ،1ه ،مؤسسة
الكتب الثقافية بْوت.
) َتقيق ُممد اْلافظ وُممد -25ش رح العقيدة الطحاوية ،عبد الغين الغنيم ُّ( ،ت1298ه
املاحل ،ط1412 ،2ه دار الفكر ،دمشق.
-26شرح الفقه اِلكرب ،م اال عل ُّ القاري (ت ) ط 1399ه دار الكتب العلمية ،بْوت.
-27الشفا بتعريف حقوق املصطفى ،عياض اليَ ْحصِب (ت 544ه ) ط1405ه دار الفكر،
بْوت.
الصاد
-28صحيح مسلم بشرح النووي ،مسلم بن اْلجاج (ت 261ه )ُ ،يىي النووي (ت 676ه )
ط1411 ،1ه دار الكتب العلمية بْوت.
-29الصراط املستقيم يف الدين احملمدي القومي ،ابراهيم فصيح ابن السيد صبغة اهلل اْليدري (ت
1299ه ) ط1412 ،1ه ،مكتبة اْلقيقة استانبول تركيا.
العين
-30عصمة اِلنبياء ،فخر الدين ُممد بن عمر الرازي (ت 606ه ) ط1409 ،2ه ،دار
الكتب العلمية بْوت.
-31العهد اْلديد ،ط 1987م.
-32العهد القدمي ،ط 1987م.
الفاء
-33فتح الباق ُّ على ألفية العراق ُّ ،زكريا اِلنصاري (ت925ه ) ط دار الكتب العلمية بْوت.
164
-34فتح املغيث شرح ألفية اْلديث ،عبد الرحيم العراق ُّ (ت 806ه ) َتقيق صالح عويضة
ط1413 ،1ه ،دار الكتب العلمية بْوت.
-35فتح الباري ش رح ص حيح البخاريُ ،ممد بن إَاعيل البخاري (ت 256ه ) ،أِحد بن
حجر العسقالِن (ت 852ه ) ،ط دار الكتب العلمية بْوت.
-36الفص ل يف امللل واِلهواء والنِ َحل ،ابو ُممد عل ُّ بن أِحد بن س عيد بن حزم( ،ت456
ه ) ،ط مكتبة السالم العاملية.
القاف
-37قصص اِلنبياء ،إَاعيل بن كثْ ،أبو الفداء (ت 774ه ) ط1411 ،8ه ،دار القلم،
بْوت.
-38قصص اِلنبياء ،عبد الوهاب النجار ط ،3دار إحياء الِّاث العرِب ،بْوت.
-39قصص اِلنبياء :قصة آدم ،عبد اهلل الغماري( ،ت1993م) ط1405 ،2ه عامل الكتب
بْوت.
-40قص ة داود عليه الس الم" ،القول احملمود بش رح قص ة داود ،عبد اهلل الغماري (ت1993م)
ط1406 ،2ه ،عامل الكتب ،بْوت.
-41القول الثبت يف الرد على دعاوى الربوتستانت ،عبد القادر بن ُممد سليم الكيالِن( ،ت )
ط1412 ،1ه مكتبة اْلقيقة ،استانبول ،تركيا.
مكتبة -42القول الفص ل ش رح الفقه اِلكربُ ،ممد ِباء الدين (ت 956هت) ط1410ه
اْلقيقة ،استانبول ،تركيا.
الميم
-43مَت الباجوري ،إبراهيم الباجوري (ت ) ط1354 ،2ه [ ،ضمن اجملموع الكبْ من املتون]
دار الفكر ،بْوت.
-44مَت السنوسيةُ ،ممد بن يوسف (ت ) ط1354 ،2ه [ضمن اجملموع الكبْ من املتون]
دار الفكر ،بْوت.
-45املرشد املعني ،عبد الواحد بن عاشر (ت 1040ه ) ط1414 ،1ه دار الفكر بْوت.
-46املصباح املنْ ،اِحد بن ُممد الفيوم ُّ (ت 770ه ) ط املكتبة العلمية بْوت.
165
-47املعجم املفهرس ِللفاظ القرآن الكرمي ،اعداد ُممد فؤاد عبد الباق ُّ.
-48مقدمة ابن الصالح ،عثمان بن عبد الرِحن ،أبو عمرو( ،ت 642ه ) ط 1398ه ،دار
الكتب العلمية ،بْوت.
-49مكائد يهودية ،عبد الرِحن حسن حبنكة امليداِن ،ط1405 ،5ه دار القلم دمشق.
النون
مكتبة -50خبة الآليف لش رح بدء اِلمايفُ ،ممد بن س ليمان (ت 1228ه ) ط1413ه
اْلقيقة استانبول تركيا.
166
فهرس الكتاب
مقدمة
اللثء األول :إثبات عصمة األنبياء بالنصوص
الشرعية وبراءتهم من التهم التي نسبت إليهم في كتب التفسير
167
اللثء ال اني:
تنثيه األنبياء عما نسب إليهم في كتب
اليهود والنصارى مما ال يليق بهم
168
افِّاؤهم على إسحق عليه السالم. -4
افِّاؤهم على لوط عليه السالم. -5
افِّاؤهم على يعقوب عليه السالم. -6
افِّاؤهم على هارون عليه السالم. -7
افِّاؤهم على موسى وهارون عليهما السالم. -8
افِّاؤهم يف شأن مششون. -9
-10افِّاؤهم على داود عليه السالم.
-11افِّاؤهم على سليمان عليه السالم.
شاول.
-12افِّاؤهم يف شأن ُ
تتمة
بيان أن الل منثه عن الولد.
بيان منع قول "المسيح ابن الل" ولو بقصد الملاز.
169
الم َؤلِّ ُ
ف في ُسطُوٍر ُ
َصل اللُّبناِنُّ املولِ ِد.
يين اِل ِ ِ ِ
المنا ِوي ،الفلَ ْسط ُّ
بن عدنا َن ُ
ف ُيوس ُ
ب ُ أبو الطيِّ ِ
شهاداتُه ومؤهالتُه العلمية
حصل على شهادة جامعية يف الدراسات اإلسالمية من كلية اإلمام اِلوزاع ُّ يف بْوت عام 1991
حصل على ماجستْ يف الرياضيات من جامعة مدينة أورهوس يف الداَّنارك ،عام 2004
حصل على شهادة يف الفيزياء من جامعة أورهوس عام 2006
حصل على شهادة تعليمية يف الرياضيات والفيزياء عام 2007وه ُّ مرحلة تستغرق عامني.
عمل مديرا ملدرسة إسالمية خاصة يف الفِّة 2000-1998يف الداَّنارك وكان من املؤسسني لتلك املدرسة
عمل يف تدريس الرياضيات والفيزياء يف الثانويات عشر سنني.
حصل على إجازات يف علوم اْلديث والفقه وعلوم العربية وغْ ذلك من كبار علماء العصر
لم: ِ
طلبُهُ الع َ
بن الصد ِيق ِ الوه ِ
اب البُوتا ِر ُّ تلقى العلم على كثْين منهم الشيخ ُممد بن ِ َّ
حسن ُ
الشيخ ُعلم املواريث ،و ُ ي ،أخ َذ عنهُ َ عبد َّ ُ ُ ُ َ َ
ني الفقهية الب ِن جزي ،وشيئًا من ِ
كتاب التَّلق ِ ِ ِ
العبادات من القوان ِ
ني وقسم ِ عليه ِمفتاح الو ِ ِ
املالك ُّ قرأَ ِ
َُ صول يف علم اِلُصول َ َ ُُ ُّ
رمي ،وتلقَّى عنهُ الكافيةَ يف ِ ِ
اْلنف ُّ أخ َذ عنهُ يف قراءة القرآن الك ِ يدد ُّ ِ ِ
ُّ ُممد صفوةُ اهلل ال ُم َج ا
الشيخ َّ
يف الفقه املالك ُّ ،و ُ
ات عديد ًة يف بيتِ ِه يفاللبنانية ،الت َقى به مر ٍ
ِ ِ
العالية يف الديا ِر ِ
اِلسانيد صاحب
ُ افع ُّ النَّح ِو ،و ُ
الشيخ ُحسني ُع َسْان الش ُّ
رف ِ
وعلوم الص ِ
هاب الدي ِن أبو َع ْمرٍو ،أخ َذ عنهُ يف النح ِو و َّ كذلك التقى ِبه يف تركيا وأخ َذ عنه ،والشيخ َّ ِ
العالمةُ ش ُ ُ ُ بْوت و َ َ
ذلك ،والشيخ أسامة سعيد منس ُّ ،قرأ عليه عدة متون يف الفقه املالك ُّ ووسائل الوصول للنبهاِن وغْ ذلك، اللغَ ِة وغ ِْ َ
والشيخ خالد مرغوب ،قرأ عليه موطأ اإلمام مالك وخمتصر البخاري للزبيدي والشمائل للِّمذي وغْ ذلك.
إجازاته بالمرويات:
من أشهر من أجازه برواية كتب العلوم الشرعية من حديث وفقه وتفسْ وعلوم اللغة:
.1الشيخ عبد العزيز بن الصديق أجازه أكثر من مرة جبميع مروياته
.2الشيخ احملدث الفقه الشريف ُممد الشاذيف النيفر عالمة تونس أجازه جبميع مروياته
.3الشيخ العالمة اِلصويف كمال الدين اْلعيط مفِت تونس أجازه جبميع مروياته
.4الشيخ العالمة حسن بن الصديق املغرِب أجازه جبميع مروياته ،وأخذ عنه يف الفقه املقارن وأصول الفقه املالك ُّ
.5الشيخ العالمة املقرئ حسني عسْان اللبناِن ،أجازه مشافهة وكذلك أجازه إجازة خطية أكثر من مرة ِبا يف
ثبته ِمنَّة الرِحن
.6الشيخ العالمة اْلنف ُّ ُممد سعيد كحيل اْلمص ُّ ،أجازه بكل ما أجيز به أكثر من مرة يف بيته يف ِحص
.7الشيخ احملدث ُممد إبراهيم عبد الباعث الكتاِن ،قرأ عليه مقدمات الكتب الستة ،وَع منه حديث الرِحة
املسلسل باِلوليه ،وأجازه إجازة عامة جبميع مروياته شفهيا مث خطيا.
170
.8الشيخ العالمة الصاحل الشيخ أبو عل ُّ يعقوب البلوش ُّ القادري اجملاور ِبكة املشرفة ،أجازه بكل ما عنده من
مرويات وغْ ذلك.
.9الشيخ حسني غازي آغا اْلمص ُّ إجازة خطية
.10الشيخ عبد الفتاح بن قديش اليافع ُّ أجازه إجازة عامة جبميع مروياته.
.11الشيخ يوسف خطار ُممد أجازه إجازة عامة جبميع مروياته ،وَع منه حديث الرِحة املسلسل باِلولية
واْلديث املسلسل بالتحديث يف العيد ،يوم عيد الفطر 1435ه .
.12الشيخ ُممد صفوة اهلل اجملددي ،أجازه ِبرويات الشيخ ُممد بن علوي املالك ُّ.
.13الشيخ فواز الطباع اْلسيين الرفاع ُّ ،أجازه حبديث الرِحة املسلسل باِلولية وباِلربعني حديثا املسلسلة
باِلشراف ،وجبميع مروياته إجازة عامة وَع منه حديث الرِحة املسلسل باِلولية يوم عيد الفطر عام 1435ه .
.14الشيخ العالمة املعمر معوض عوض ،قرأ عليه وَع منه حديث الرِحة املسلسل باِلولية عن الشيخ عل ُّ
الزنكلوِن بتاريخ ،2014-7-17وأجازه إجازة عامة شفهية مث خطية جبميع مروياته.
.15الشيخ يوسف متاال يف ليلة َ 2014-8-7ع منه حديث الرِحة املسلسل باِلولية بلفظ الراِحون يرِحهم
الرِحن ،ارِحوا من يف اِلرض يرِحكم من يف السماء ،ويف رواية ارِحوا تُ ْر َِحُواَ ،عه من الشيخ ُممد زكريا
املهاجري ،وأجاز الشيخ يوسف متاال جبميع مروياته ،وقد أجاز الشيخ يوسف متاال يوسف املناوي ِبا َعه
من الشيخ ُممد زكريا ومن سائر احملدثني.
.16الشيخ خالد بن مرغوبَ ،ع منه حديث الرِحة املسلسل باِلولية ،واْلديث املسلسل باحملبَّة ،وقرأ عليه
بعني النووية ،وأوائل الكتب اْلديثية يف االوائل السنبلية ،والبيقونية ،والشمائل احملمدية ،ومسلسالت
اِلر َ
الدهلوي ،وموطأ اإلمام مالك برواية ُيىي بن ُيىي ،خمتصر البخاري للزبيدي ،وأجازه إجازة عامة شفهية وخطية
عامة جبميع مروياته
.17الشيخ عبد اْلميد شانوحةَ ،ع منه حديث الرِحة املسلسل باِلولية وأجازه به ،وقرأ عليه اِلربعني النووية
وأجازه ِبا ،وقرأ عليه اِلربعني العجلونية ،وأجازه ِبا وأجازه بكتب اْلديث السبعة ،مث أجازه جبميع مروياته
إجازة عامة.
.18مفِت السند العالمة الشيخ عبد الرحيم سكندري السندي أجازه إجازة عامة جبميع مروياته.
.19الشيخ أبو الربكات حق النِب السندي اْلنف َُّ ،ع منه حديث الرِحة املسلسل باِلولية وأجازه إجازة عامة
جبميع مروياته
.20الشيخ ثاح صيام ،وَع منه اْلديث املسلسل باِلولية ،وأجازه إجازة عامة ِبروياته ومسموعاته.
.21الشيخ عبد القادر ُممد اْلسني إجاز جبميع مروياته.
171
.22الشيخ ُممد تق ُّ العثماِنَ ،ع منه ال مسلسل باِلولية بأولية نسبية يف أول َملس التقى به فيه ،وال مسلسل
بال مصافحة ،وَع أول خمتصر شعب اإلُيان للبيهق ُّ وآخره ،قراءة عليه ،وأجازه إجازة عامة ِبروياته عن مشا ه
يف اْلند وباكستان والبالد العربية.
.23الشيخ سلمان عبد الفتاح أبو غدةَ ،ع منه املسلسل باِلولية ،وأجازه ِبروياته عن َجيع مشا ه.
.24الشيخ سعيد الرِحن اْلندي أجازه إجازة عامة
.25الشيخ ُممد عبد الرب اِلزهري ،أجازه ببعُ الكتب يف العقيدة خصوصا وجبميع مروياته عموما
.26الشيخ نظر الفرياِب اِلفغاِن أجازه إجازة عامة
.27الشيخ عصام أنس الزفتاوي أجازه إجازة عامة ،وَع منه املسلسل باِلولية ،وقسما من سنن أِب داود ،وقرأ
عليه معظم كتاب اإلملاع للقاض ُّ عياض
.28الشيخ ُيىي الغوثاِنَ ،ع منه اْلديث املسلسل باِلولية ،وأجازه إجازة عامة ِبروياته ،يف 2014-8-18مث
إجازة خطية
.29الشيخ حبيب اهلل قربان املظاهري اْلنديَ ،ع منه املسلسل باِلولية من طريق املهاجرين املدفونني يف البقيع،
وأجازه إجازة عامة بشرطه ،يف 2014-9-30
.30الشيخ ُممد أِحد عاموه اْلنف ُّ اليمين ،أجازه إجازة عامة باملنقول واملعقول وكل ما ِتوز له روايته.
.31الشيخ عبد الكرمي ِحزة ،إجازة عامة باملنقول واملعقول وبكتب السنة ،وِبا قرأه على مشا ه من كتب الفقه
وبسائر ما ِتوز له روايته من كتب العلم
.32الشيخ أبو النصر عطار إجازة عامة شاملة لكل ما ِتوز له روايته وكل ما أجازه به مشا ه.
.33الشيخ عبد الوكيل اْلوخدار أجازه ِبا يف كتابه الزاد الوافر إجازة خطية
.34الشيخ عبد املعني إكرام املدِن إجازة عامة شفهية مث خطية
.35العالمة الشيخ عل ُّ َجعة مفِت الديار املصرية سابقا ،أجازه إجازة عامة ،شفهيا وخطيا يف بيته يوم اْلمعة
،2015-1-9بعد أن أَعه املسلسل باِلولية ،وقرأ عليه مَت اْلوهرة كامال.
.36الشيخ فتح ُّ حجازي ،قرأ عليه شيئا من تلخيص املفتاح يف البالغة وألفية ابن مالك ،وأجازه إجازة عامة.
.37الشيخ عل ُّ صاحل (تلميذ الشيخ ُمي ُّ الدين عبد اْلميد) قرأ عليه مَت قطر الندى مع شرٍح خمتص ٍر ،وحضر
عليه َملسا يف التفسْ وعدة َمالس يف شرح قطر الندى ويف شرح شذور الذهب ،وأجازه إجازة عامة بكل
مروياته شفهيا وخطيا.
.38الشيخ صالح الدين التيجاِن أجازه إجازة عامة جبميع مروياته
.39الشيخ أِحد اْلجني َع منه املسلسل باِلولية وحضر عليه يف رياض الصاْلني للنووي ،وأجازه إجازة عامة
جبميع مروياته.
172
.40الشيخ ُممد عبد الرحيم جاد بدر الدين ،حدثه باملسلسل باِلولية واملسلسل باحملبة ،واملسلسل باملشابكة
واملسلسل باملصافحة واملسلسل باإلضافة على اِلسودين التمر واملاء واملسلسل باإلضافة على اْلبز واملاء،
وأجازه إجازة عامة جبميع مروياته شفهيا وخطيا ،وَع منه بعُ القصائد الِت نظمها يف مدح الرسول عليه
الصالة والسالم ،وقرأ عليه قسما من اْلكم العطائية.
.41الشيخ يسري جرب حضر له َملس ختم صحيح مسلم مع الشرح ،وَمالس متعددة يف سنن الِّمذي مع الشرح
وأجازه إجازة عامة.
.42الشيخ أسامة التيديَ ،ع منه املسلسل باِلولية واملسلسل باحملبة واملسلسل باملصريني وأجازه إجازة عامة جبميع
مروياته
.43اْلبيب عل ُّ عيديد أجازه إجازة عامة جبميع مروياته
.44الشيخ أبو اْلدى اليعقوِب أجازه إجازة عامة بعد أن َع منه حديث الرِحة املسلسل باِلولية.
.45الشيخ عبد املالك سلطان من مكة أجازه بكل مروياته
.46الشيخ حسن حسني باسندوه يروي عن والده وعن الشيخ عمر ِحدان احملرس ُّ وعن السيد ُممد نور سيف
وعن السيد علوي مالك ُّ وعن حسن املشاط وعن ُممد العرِب التباِن وعن اْلبيب عبد القادر السقاف وعن
اْلبيب أِحد املشهور اْلداد واْلبيب عمر بن َيط وعن الشيخ راجح العبديف وغْهم الكثْ وهو من املعمرين
أجازه جبميع مروياته وعن َجيع مشا ه إجازة عامة تامة
.47الشيخ إلياس اْلزائري اْلسين َع منه حديث الرِحة املسلسل باِلولية ،وأجازه جبميع مروياته إجازة عامة
.48الش يخ أس امة س عيد عمر منس ُّ قرأ عليه وس ائل الوص ول وقطعة من س نن ابن ماجه ،ومنظومة ابن عاش ر،
وخمتص ر اِلخض ري ،ومَت الرس الة يف فقه مالك ،والعزية ،والعش ماوية ،وقس ما من الش رح الص غْ للدردير،
واِلوائل الس نبلية ،وأجازه باِلوائل الس نبلية وباملوطأ وبكل ما تص ح له روايته من منقول ومعقول عن َجيع
شيوخه
173