Professional Documents
Culture Documents
الفصدمن كتاب القانون فى الطب لابن سينا
الفصدمن كتاب القانون فى الطب لابن سينا
للشيخ الرئيس أبو علي الحسين بن عبد اهلل بن الحسن بن علي بن سينا
والمته ــيئ له ــذه األم ــراض هو مثل المس ــتعد لع ــرق النسا
والنقـ ـ ــرس الـ ـ ــدموي وأوجـ ـ ــاع المفاصل الدموية والـ ـ ــذي
يعتريه نفث ال ــدم من ص ــدع ع ــرق في رثته رقيق الملتحم وكلما أك ــثر
دمه انص ـ ــدع والمس ـ ــتعدون للص ـ ــرع والس ـ ــكتة والمالنخوليا مع ف ـ ــور
للخوانيق وألورام األحشـــاء والرمد الحـــار والمنقطع عنهم دم بواس ــير
كـ ـ ــانت تسـ ـ ــيل في العـ ـ ــادة والمحتبس عنهن من النسـ ـ ــاء دم حيضـ ـ ــهن
وهـ ـ ـ ــذان ال تـ ـ ـ ــدل ألوانهما على وجـ ـ ـ ــوب الفصد لكمودتها وبياضـ ـ ـ ــها
وخضــرتها والــذين بهم ضــعف في األعضــاء الباطنة مع مــزاج حــار فــإن
هــؤالء األصــوب لهم أن يفتصــدوا في الربيع وإن لم يكونــوا قد وقعــوا
في هذه األمراض.
والذين تصيبهم ضربة أو سقطة فقد يفصدون احتياطاً لثآل يحدث بهم
ورم ومن يك ــون به ورم ويخ ــاف انفج ــاره قبل النضج فإنه يفتصد وإن
لم يحتج إليه ولم تكن كثرة.
ويجب أن تعلم أن هــذه األمــراض ما دامت مخوفة ولم يوقع فيها فــإن
إباحة الفصد فيها أوسع فإن وقع فيها فليــترك في أوائلها الفصد أصـالً
فإنه يرقّق الفضــول ويجريها في البــدن ويخلطها بالــدم الصــحيح وربما
لم يستفرغ من المحتــاج إليه شــيئاً وأحــوج إلى معــاودات مجحفة فــإذا
ظهر النضج وجاوز المرض االبتداء واالنتهاء فحينئذ إن وجب الفصد
ولم يمنع مانع فصد.
وال يفصــدن وال يســتفرغن في يــوم حركة المــرض فإنه يــوم راحة ويــوم
النــوم والثــوران للعلة وإذا كــان المــرض ذا بحرانــات في م ّدته طــول ما
فليس يجـوز أن يســتفرغ دمـاً كثـيراً أصـالً بل إن أمكن أن يسـكن فعل
وإن لم يمكن فصد وأخ ـ ـ ــرج دمـ ـ ـ ـاً قليالً وخلف في الب ـ ـ ــدن ع ـ ـ ــدة دم
لفصدات إن سنحت ولحفظ القوة في مقاومة البحرانـات وإذا اشـتكى
في الشتاء بعيد العهد بالفصد تكسيراً فليفصد وليخلف دماً للعدة.
والفصد يجذبه إلى الخالف تحبس الطبيعة كثـــيراً وإذا ضـــعفت الق ــوة
من الفصد الكث ـ ـ ــير تول ـ ـ ــدت أخالط كث ـ ـ ــيرة والغشي يع ـ ـ ــرض في أول
الفصد لمفاجـ ــأة غـ ــير المعتـ ــاد وتقـ ــدم القيء مما يمنعه وكـ ــذلك القيء
وقت وقوعه.
واعلم أن الفصد مثـ ـ ـ ـ ـ ــير إلى أن يسـ ـ ـ ـ ـ ــكن ،والفصد والقـ ـ ـ ـ ـ ــولنج قلما
يجتمع ـ ـ ــان والحبلى والط ـ ـ ــامث ال تفص ـ ـ ــدان إال لض ـ ـ ــرورة عظيمة مثل
الحاجة إلى حبس نفث الـ ــدم القـ ــوي إن كـ ــانت القـ ــوة متواتية واألولى
واألوجب أن ال تفصد بتة إذ يموت الجنين.
ويجب أن تعلم أنه ليس كلما ظه ـ ـ ــرت عالم ـ ـ ــات االمتالء الم ـ ـ ــذكورة
وجب الفصد بل ربما كـ ـ ـ ـ ـ ــان االمتالء من أخالط نيئة وكـ ـ ـ ـ ـ ــان الفصد
ض ـ ــاراً ج ـ ــداً فإنك إن فص ـ ــدت لم ينضج وخيف أن يهلك العليل وأما
من يغلب عليه الســوداء فال بــأس بــأن يفصد إذا لم يســتفرغ باإلســهال
بعد مراعاة حال اللون على الشرط الذي سنذكره واعتبار التمــدد فــإن
فشو التم ّدد في البدن يفيد الحدس وحده بوجوب الفصد.
وأما من يكــون ِ
دمه المحمــود قليالً وفي بدنه أخالط رديئة كثــيرة فــإن
الفصد يسلبه الطيب ويختلف فيه الــرديء ومن كــان دمه رديئـاً وقليالً
أو كـ ـ ــان مـ ـ ــائالً إلى عضو يعظم ضـ ـ ــرر ميله إليه ولم يكن بد من فصد
فيجب أن يؤخذ دمه قليالً ثم يغـ ـ ــذى بغـ ـ ــذاء محمـ ـ ــود ثم يفصد كـ ـ ــرة
أخــرى ثم يفصد في أيــام ليخــرج عنه الــدم الــرديء ويخلف الجيّد فــإن
كـانت األخالط الرديئة فيه مرارية احتيل في اســتفراغها أوالً باالســهال
اللطيف أو القيء أو تسكينها واجتهد في تسكين المريض وتوديعه.
وإن كانت غليظة فقد كان القــدماء يكلفــونهم االســتحمام والمشي في
ح ـ ــوائجهم وربما س ـ ــقوهم قبل الفصد وبع ـ ــده قبل التثنية الس ـ ــكنجبين
الملطف المطبوخ بالزوفا والحاشا.
وإذا اضـ ــطر إلى فصد مع ضـ ــعف قـ ــوة لحمى أو ألخالط أخـ ــرى ردية
فليفرق الفصد كما قلنا.
وإن كـ ـ ــانت الحاجة إلى الفصد واقعة ألن التشـ ـ ــنج إذا عـ ـ ــرض أسـ ـ ــهر
وأعـ ــرق عرق ـ ـاً كثـ ــيراً وأسـ ــقط القـ ــوة فيجب أن يبقى لـ ــذلك عـ ــدة دم
وك ــذلك من فصد محموم ـاً ليس ح ــده عن عفن فيجب أن يقل فص ــده
ليبقى لتحليل الحمى عــدة فــإن لم تكن شــديدة االلتهــاب وكــانت عفنة
فانظر إلى القوانين العشرةـ ثم تأمل القارورة فإن كــان المــاء غليظـاً إلى
الحمـــرة ة وكـــان أيض ــاً النبض عظيم ــاً والســـحنة منتفخة وليس
الحمى في حركتها فافصد على وقت خالء من المعـ ـ ــدة
يبـ ـ ــادر ّ
عن الطعام.
وأما إن كان الماء رقيقاً أو نارياً أو كانت السحنة منخرطة منذ ابتــداء
المرض فإياك والفصد.
وإذا وجب أن يفصد في الحمى فال يلتفت إلى ما يقـ ـ ــال أنه ال سـ ـ ــبيل
إليه بعد الرابع فسبيل إليه إن وجب ولو بعد األربعين.
ه ـ ــذا رأي " ج ـ ــالينوس " على أن التق ـ ــديم والتعجيل أولى إذا ص ـ ــحت
ال ـ ـ ــدالئل ف ـ ـ ــإن قصر في ذلك ف ـ ـ ــأي وقت أدركته ووجب فافصد بعد
مراع ــاة األم ــور العش ــرةـ وكث ــيراً ما يك ــون الفصد في الحمي ــات وأن لم
يكن يحت ـ ــاج إليه مقويـ ـ ـاً للطبيعة على الم ـ ــادة بتقليلها ه ـ ــذا إذا ك ـ ــانت
والقوة وغير ذلك تر ّخص فيه.
السحنة والسن ّ
وأما الحمى الدموية فال بد فيها من اسـ ــتفراغ بالفصد غـ ــير مفـ ــرط في
االبتــداء ومفــرط عند النضج وكثــيراً ما أقلعت في حــال الفصد ويجب
أن يحذر الفصد في المزاج الشديد البرد والبالد الشديدة الــبرد وعند
الوجع الشـ ــديد وبعد االسـ ــتحمام المحلل وبعقب الجمـ ــاع وفي السن
القاصر عن الرابع عشر ما أمكن وفي سن الشـ ـ ـ ــيخوخة ما أمكن اللهم
إال أن تثق بالس ــحنة واكتن ــاز العضل وس ــعة الع ــروق وامتالئها وحم ــرة
األلوان فهؤالء من المشايخ واألحداث نتجرأ على فصدهم.
واألح ــداث ي ــدرجون قليالً قليالً بفصد يس ــير ويجب أن يح ــذر الفصد
في األبــدان الشــديدة القضــافة والشــديدة الســمن والمتخلخلة والــبيض
المترهلة والصفر العديمة الدم ما أمكن وتتوقاه في أبــدان طــالت عليها
األمـ ــراض إال أن يكـ ــون فسـ ــاد دمها يسـ ــتدير ذلك فافصد وتأمل الـ ــدم
فــإن كــان أســود ثخين ـاً فــاخرج وإن رأيته أبيض رقيق ـاً فسد في الحــال
فــإن في ذلك خطــراً عظيم ـاً ويجب أن تحــذر الفصد على االمتالء من
الطعــام كي ال تنجــذب مــا ّدة غــير نضــيجة إلى العــروق بــدل ما تســتفرغ
وأن تتوقّى ذلك أيضاً على امتالء المعــدة والمعي من الثقل المـدرك أو
المقارب بل تجتهد في استفراغه أما من المعدة وما يليها فبالقيء وأما
من األمعـ ـ ــاء السـ ـ ــفلى فيما يمكن ولو بالحقنة وتتـ ـ ــوقى فصد صـ ـ ــاحب
التخمة بل تمهله إلى أن تنهضم تخمته.
وصـ ـ ــاحب ذكـ ـ ــاء حس فم المعـ ـ ــدة أو ضـ ـ ــعف فمها أو الممن و يتولد
المرار فيها فإن مثله يجب أن يتوقى التهور في فصده وخصوصـاً على
الريق.
أما صـ ـ ــاحب ذكـ ـ ــاء حس فم المعـ ـ ــدة فتعرفه بتأذّيه من بلع اللـ ـ ــذاعات
وصاحب ضعف فم المعدة تعرفه من ضعف شهوته وأوجــاع فم معدته
وصــاحب قبــول فم معدته للمــرار والكثــير تولــدها فيها تعرفه من دوام
غثيانه ومن قيئه الم ــرار كل وقت ومن م ــرارة فمه فه ــؤالء إذا فص ــدوا
من غـ ـ ــير سـ ـ ــبق تعهد لفم معـ ـ ــدتهم عـ ـ ــرض من ذلك خطر عظيم وربما
هلك منهم بعض ـ ــهم فيجب أن يلقم ص ـ ــاحب ذك ـ ــاء الحس وص ـ ــاحب
ب حــامض طيب الرائحة وإن
الضعف لقماً من خــبز نقي مغموسة في ُر ّ
كان الضعف من مزاج بارد فمغموسة في مثل مــاء الســكر باإلفاويه أو
شراب النعناع الممسك أو الميعة الممسكة ثم يفصد.
وأما صـ ــاحب تولد المـ ــرار فيجب أن يتقيأ بسـ ــقي مـ ــاء حـ ــار كثـ ــير مع
الســكنجبين ثم يطعم لقمـاً ويــراح يســيراً ثم يفصد ويحتــاج أن يتــدارك
بــدل ما يتحآل من الــدم الجيد إن كــان قويـاً بالكبــاب على نقله فإنه إن
انهضم غ ــذى غ ــذاء كث ــيراً جي ــداً ولكن يجب أن يك ــون أقل ما يك ــون
فــإن المعــدة ضــعيفة بســبب الفصد وقد يفصد العــرق لمنع نــزف الــدم
من الرعــاف أو الــرحم أو المقعــدة أو الصــدر أو بعض الخراجــات بــأن
يجذب الدم إلى خالف تلك الجهة.
وهذا عالج قــوي نــافع ويجب أن يكــون البضع ضــيقاً جــداً وأن تكــون
المرات كثيرة ال في يوم واحد إال أن تضطر الضــرورة بل في يــوم بعد
يوم وكل مرة يقلّل ما أمكن.
وبالجملة فـ ــإن تكثـ ــير أعـ ــداد الفصد أوفق من تكثـ ــير مقـ ــداره والفصد
ال ــذي لم تكن إليه حاجة يهيج الم ــرار ويعقب جف ــاف اللس ــان ونح ــوه
فليت ـ ــدارك بم ـ ــاء الش ـ ــعير والس ـ ــكر ومن أراد التثنية ولم يع ـ ــرض له من
الفصـ ــدة األولى مضـــرة فـــالج ونحـ ــوه فيجب أن يفصد العـــرق من إليه
ط ـ ـ ــوالً ليمنع حركة العضل عن التحامه وأن يوسع وإن خيف مع ذلك
االلتح ـ ــام بس ـ ــرعة وضع عليه خرقة مبلولة ب ـ ــزيت وقليل ملح وعصب
فوقها وأن دهن مبضـ ــعه عند الفصد منع سـ ــرعة االلتحـ ــام وقلل الوجع
وذلك هو أن يمسح عليه ال ــزيت ونح ــوه مس ــحاً خفيفـ ـاً أو يغمس في
الزيت ثم يمسح بخرقة.
والنـ ــوم بين الفصد والتئنية يسـ ــرع التحـ ــام البضع وتـ ــذكر ما قلنـ ــاه من
االسـ ـ ــتفراغ في الشـ ـ ــتاء بالـ ـ ــدواء أنه يجب أن يرصد له يـ ـ ــوم جنـ ـ ــوبي
فكذلك الفصد.
والفصد المــورب أوفق لمن يريد التثنية في اليــوم والمعــرض لمن يريد
التثنية في الـ ــوقت والمطـ ــول لمن ال يريد االقتصـ ــار على تثنية واحـ ــدة
ومن عزمه أن يتر ّشح عدة أيام كل يوم وكلما كـان الفصد أكــثر وجعـاً
كان أبطأ التحاماً.
واالس ـ ــتفراغ الكث ـ ــير في التثنية يجلب الغشي إال أن يك ـ ــون قد تن ـ ــاول
المثني شيئاً.
والنـ ـ ــوم بين الفصد والتثنية يمنع أن ينـ ـ ــدفع في الـ ـ ــدم من الفضـ ـ ــول ما
ينجذب النجذاب األخالط بالنوم إلى غور البدن.
ومن كان عرقه أغلظ فهذه الشعبة فيه أبين والخطأ فيه أشد نكاية فإن
وقع الغلط فأصــيبت تلك العصــبة فال تلحم الفصد وضع عليه ما يمنع
التحامه وعالجه بعالج جراحـ ـ ـ ــات العصب وقد قلنا فيها في الكتـ ـ ـ ــاب
الرابع.
مبرداً من أمثال عصارة عنب الثعلب والصندل بل
وإياك أن تقرب منه ً
مرخ نواحيه والبدن كله بالدهن المسخن.
وحبل الذراع أيضاً األصوب فيه أن يفصد مورباً إال أن يكــون مراوغـاً
من الجانبين فيفصد طوالً.
والباس ــليق عظيم الخطر لوق ــوع الش ــريان تحته فاحتط في فص ــده ف ــإن
الشريان إذا انفتح لم يرقأ الدم أو عسر رقوه.
ومن الناس من يكتنف باسليقه شريانان فإذا أعلم على أحدهما ظن أنه
قد أمن فربما أصـ ــاب الثـ ــاني فعليك أن تتعـ ــرف هـ ــذا وإذا عصب ففي
أكــثر األمر يعــرض هنــاك انتفــاخ تــارة من الشــريان وتــارة من الباســليق
فكيف كان فيجب أن تحل الرباط ويمسح النفخ مسحاً برفق ثم يعــاد
العصب فإن عاد أعيد إليك فــإن لم يغن فما عليك لو تــركت الباســليق
وفص ــدت الش ــعبة المس ــماة باإلبطية وهي ال ــتي على أنسي الس ــاعد إلى
أســفل وكثــيراً ما يغلط النفخ وكثــيراً ما يســكن الربط والنفخ من نبض
الشريان ويعليه ويشهقه فيظن وريداً فيفصد.
وإذا ربطت أي عـ ـ ــرق كـ ـ ــان فحـ ـ ــدث من الربط عليه أشـ ـ ــباه العـ ـ ــدس
والحمص فافعل به ما قلنا في الباس ـ ـ ـ ـ ــليق والباس ـ ـ ـ ـ ــليق كلما انحططت
فيفصده إلى الذراع فهو أسلم.
وليكن مسـ ـ ـ ــلك المبضع في خالف جهة الشـ ـ ـ ــريان من العـ ـ ـ ــرق وليس
الخطأ في الباسليق من جهة الشــريان فقط بل تحته عضــلة وعصــبة يقع
الخطأ بسببهما.
واعلم أن ن ـ ـ ــزف ال ـ ـ ــدم قد يقع من األوردة أيضـ ـ ـ ـاً واعلم أن القيق ـ ـ ــال
يس ــتفرغ ال ــدم أك ــثر من الرقبة وما فوقها وش ــيئاً قليالً مما دون الرقبة
وال يجــاوز حد ناحية الكبد والشراســيف وال تنقي األســافل تنقية يعت ـ ّد
بها واألكحل متو ّسـ ـ ـ ـ ـط الحكم بين القيف ـ ـ ـ ــال والباس ـ ـ ـ ــليق والباس ـ ـ ـ ــليق
يستفرغ من نواحي تنور البدن إلى أسفل التنور وجعل الذراع مشاكل
للقيفـال واألسـيلم يـذكر أنه ينفع األيمن منه من أوجـاع الكبد واأليسر
ّ
وجف وانقط ع بع د س َكن من أوجــاع الطحــال وأنه يفصد حــتى يرقأ الــدم بنفســه(
جريانه) ويحتـ ــاج أن توضع اليد من مفصـ ــوده في م ـ ــاء حـ ــار لئال يحتبس
الـ ــدم وليخـ ــرج بسـ ــهولة إن كـ ــان الـ ــدم ضـ ــعيف االنحـ ــدار كما هو في
األكثر من مفصودي األسيلم.
وأما الشــريان الــذي يفصد من اليد اليمــنى فهو الــذي على ظهر الكف
ما ين السـبابة واإلبهـام وهو عجيب النفع من أوجــاع الكبد والحجــاب
المزمنة وقد رأى جــالينوس هــذا في الرؤيا إذ الرؤيا الصــادقة جــزء من
النبوة كـأن امــراً أمــره به لوجع كـان في كبـده ففعل فعـوفي وقد
أجزاء ّ
الكف مقارب المنفعه لمنقعته.
ّ يفصد شريان اخر أميل منه إلى باطن
ومن أحب فصد العـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرق من اليد فلم يتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــأت فال يلحف في الكي
والعصب الش ــديد وتكرير البضع بل يتركه يومـ ـاً أو ي ــومين ف ــإن دعت
ضرورة إلى تكرير البضع ارتفع عن البضعة األولى وال ينخفض عنها.
والربط الش ــديد يجلب ال ــورم وتبريد الرف ــادة وترطيبها بم ــاء ال ــورد أو
بماء مبرد صالح موافق.
وإذا لم تظهر الع ــروق الم ــذكورة في اليد وظه ــرت ش ــعبها فلتغمز اليد
على الشـ ــعبة مسـ ــحاً فـ ــإن كـ ــان الـ ــدم عند مفارقة المسح ينصب إليها
بســرعة فينفخها فصــدت وإال لم تفصد وإذا أريد الغسل جــذب الجلد
ليسـ ـ ــتر البضع وغسل ثم رد إلى موضـ ـ ــعه وهنـ ـ ــدمت الرفـ ـ ــادة وخيرها
الكرية وعصـ ـ ــبت وإذا مـ ـ ــال على وجه البضع شـ ـ ــحم فيجب أن ينحى
ب ــالرفق وال يج ــوز أن يقطع وه ــؤالء ال يجب أن يطمع في تث ــنيتهم من
غــير بضع واعلم أن لحبس الــدم وشد البضع وقت ـاً محــدوداً وإن كــان
مختلفـ ـ ـ ـاً فمن الن ـ ـ ــاس من يحتمل ولو في حم ـ ـ ــاه أخذ خمسة أو س ـ ـ ــتة
أرطــال من الــدم ومنهم من ال يحتمل في الصــحة أخذ رطل لكن يجب
أن تراعي في ذلك أحواأل ثالثاً :إحداها حقن الدم واســترخاؤه والثانية
لــون الــدم وربما غلط كثــيراً بــأن يخــرج أوالً ما خــرج منه رقيقـاً أبيض
وإذا كـ ــان هنـ ــاك عالمـ ــات اإلمتالء وأوجب الحـ ــال الفصد فال يغـ ــترن
بذلك وقد يغلظ لون الدم في صـاحب األورام ألن الــورم يجـذب الـدم
إلى نفسه والثالثة النبض يجب أن ال تفارقه فــإذا خــاف الحقن أن يغــير
لــون الــدم أو صــغر النبض وخصوص ـاً إلى ضــعف فــاحبس وكــذلك إن
عــرض عــارض تثــاؤب وتمط وفــواق وغثيــان فــإن أســرع تغيّر اللــون بل
الحقن فاعتمد فيه النبض وأسرع الناس صادرة إليه الغشي هم الحــارو
الم ـ ــزاج النح ـ ــاف المتخلخلو األب ـ ــدان وأبط ـ ــؤهم وقوعـ ـ ـاً في األب ـ ــدان
المعتدلة المكتنزة اللحم.
قالوا :يجب أن يكون مع الفصاد مباضع كثيرة ذات شعرة وغير ذات
ش ــعرة وذات الش ــعرة أولى ب ــالعروق الزوالة ك ــالوداج وأن تك ــون معه
كبة من خز وحرير ومقيأ من خشب أو ريش وأن يك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــون معه وبر
األرنب ودواء الصــبر والكنــدر ونافجة مسك ودواء المسك وأقــراض
المسك حتى إذا عرض غشي وهو أحد ما يخــاف في الفصد وربما لم
يفلح صاحبه بادر فألقمه الكبة وقيأه باآللة وشــممه النافجة وجرعه من
دواء المسك أو أقراصه ش ـ ــيئاً فتنتعش قوته وإن ح ـ ــدث بثق دم ب ـ ــادر
ـل ما يع ــرض الغشي وال ــدم
فحس ــبه ب ــوبر األرنب ودواء الكن ــدر وما أق ـ ّ
بعد في طريق الخــروج بل إنما يعــرض أكــثره بعد الحبس إال أن يفــرط
على أنّه ال يب ـ ـ ــالي من مقاربة الغشي في الحمي ـ ـ ــات المطبقة ومب ـ ـ ــادىء
السـ ـ ـ ـ ــكتة والخوانيق واألرام الغليظة العظيمة المهلكة وفي األوجـ ـ ـ ـ ــاع
الش ــديدة وال نعمل ب ــذلك إال إذا ك ــانت الق ــوة قوية فقد اتفق علينا أن
بسطنا القول بعد القــول في عــروق اليد بســطاً في معــان أخــرى ونســينا
عروق الرجل وعروقاً أخرى فيجب علينا أن نصل كالمنا بها فنقول:
أما عروق الرجل فمن ذلك عــرق النسا ويفصد من الجــانب الوحشي
عند الكعب إما تحته وإما فوقه من ال ــورك إلى الكعب ويلف بلفافة أو
بعصــابة قوية فــاألولى أن يســتحم قبله واألصــوب أن يفصد طــوالً وإن
خفي فصد من شــعبة ما بين الخنصر والبنصر ومنفعة فصد عــرق النسا
في وجع عرق النسا عظيمة.
ومن ذلك أيضـ ـ ـاً الص ـ ــافن وهو على الج ـ ــانب اإلنسي من الكعب وهو
أظهر من عــرق النسا ويفصد الســتفراغ الــدم من األعض ــاء الــتي تحت
الكبد وإلمالة الدم من النواحي العالية إلى السافلة ولذلك يدر الطمث
بقوة ويفتح أفواه البواسير.
وأفضل فصد الصـ ــافن أن يكـ ــون مورب ـ ـاً إلى العـ ــرض ومن ذلك عـ ــرق
مـ ــأبض الركبة يـ ــذهب مـ ــذهب الصـ ــافن إال أنه أقـ ــوى من الصـ ــافن في
إدرار الطمث وفي أوجـ ـ ــاع المقعـ ـ ــدة والبواسـ ـ ــير...ومن ذلك العـ ـ ــرق
الذي خلف العرقوب وكأنه شعبة من الصافن ويذهب مذهبه.
وفصد عــروق الرجل بالجملة نــافع من األمــراض الــتي تكــون عن مــواد
مائلة إلى ال ــرأس ومن األم ــراض الس ــوداوية وتض ــعيفها للق ــوة أش ـ ّد من
تضعيف فصد عروق اليد.
وأما العـ ــروق المفصـ ــودة الـ ــتي في الـ ــرأس وهـ ــذه العـ ــروق منها أوردة
ومنها شرايين:
فـــاألوردة مثل عـــرق الجبهة وهو المنتصب ما بين الحـ ــاجبين وفص ــده
ينفع من ثقل الـ ــرأس وخصوص ـ ـاً في مـ ــؤخره وثقل العيـ ــنين والصـ ــداع
الدائم المزمن والعرق الذي على الهامة يفصد للشقيقة وقــروح الــرأس
وعرقا الصدغين الملتويان على الصــدغين وعرقا المــأقين وفي األغلب
ال يظه ـ ــران إال ب ـ ــالخنق .ويجب أن ال تغ ـ ــور البضع فيهما فربما ص ـ ــار
ناص ـ ــوراً وإنما يس ـ ــيل منها دم يس ـ ــير .ومنفعة فص ـ ــدهما في الص ـ ــداع
والشــقيقةـ والرمد المــزمن والدمعة والغشــاوة وجــرب األجفــان وبثورها
والعشا .
وثالثة عــروق صــغار موضــعها وراء ما يــدق طــرف األذن عند اإللصــاق
بشـ ــعره.ـ وأحد الثالثة أظهر ويفصد من ابتـ ــداء الم ـ ــأق وقبـ ــول ال ـ ــرأس
لبخارات المعدة وبنفع كذلك من قــروح األذن والقفا ومــرض الــرأس.
وينكر " ج ـ ـ ــالينوس " ما يق ـ ـ ــال :أن ع ـ ـ ــرقين خلف األذنين يفص ـ ـ ــدهما
المتبتلون ليبطل النسل .
ومن ه ــذه األوردة الوداج ــان وهما إثن ــان يفص ــدان عند ابت ــداء الج ــذام
والخنــاق الشــديد وضــيق النفس والربو الحــاد وبحة الصــوت في ذات
الرئة والبهق الكـ ـ ــائن من كـ ـ ــثرة دم حـ ـ ــار وعلل الطحـ ـ ــال والجنـ ـ ــبين ،
ويجب على ما خبرنا عنه قبل أن يك ــون فص ــدهما بمبضع ذي ش ــعرة.
وأما كيفية تقييـ ــده فيجب أن يميل فيه الـ ــرأس إلى ض ـ ـ ّد جـ ــانب الفصد
ليث ـ ــور الع ـ ــرق ويتأمل الجهة ال ـ ــتي هي أشد زواالً فيؤخذ من ضذ تلك
الجهة ويجب أن يك ـ ــون الفصد عرضـ ـ ـاً ال ط ـ ــوالً كما يفعل بالص ـ ــافن
وعرق النسا ومع ذلك فيجب أن يقع فصده طوالً.
والعــروق الــتي تحت الخششا مما يلي النقــرة نــافع فصــدها من الس ـ َد ِر
الكـ ـ ـ ـ ــائن من ال ـ ـ ـ ــدم اللطيف واألوج ـ ـ ـ ــاع المتقادمة في الـ ـ ـ ـ ــرأس ومنها
الجهـــاررك وهي عـــروق أربعة على كل شـــقة منها زوج فينفع فص ــدها
من ق ـ ـ ـ ـ ــروح الفم والقالع وأوج ـ ـ ـ ـ ــاع اللثة وأورأمها واس ـ ـ ـ ـ ــترخائها أو
قروحها والبواسـ ــير والشـ ــقوق فيها ومنها العـ ــرق الـ ــذي تحت اللسـ ــان
على بـ ــاطن الـ ــذقن ويفصد في الخوانيق وأورام اللـ ــوزتين ومنها عـ ــرق
تحت اللس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــان نفسه يفصد لثقل
اللسان الذي يكون من الــدم ويجب
أن يفصد طـ ـ ــوالً فـ ـ ــإن فصد عرض ـ ـ ـاً
صعب رقاء دمه ومنها عرق عند العنفقة يفصد للبخر ومنها عــرق اللثة
يفصد في معالجات فم المعدة.
وأما الشـ ــرايين الـ ــتي في الـ ــرأس فمنها شـ ــريان الصـ ــداغ قد يفصد وقد
يبــتر وقد يسل وقد يكــوى ويفعل ذلك لحبس النــوازل الحــادة اللطيفة
المنصبة إلى العينين والبتداء االنتشار.
وقد ذكر " جالينوس " أن مجروحاً في حلفه أصيب شريانه وسال منه
دم بمق ــدار ص ــالح فتداركه " ج ــالينوس " ب ــدواء الكن ــدر والص ــبر ودم
األخـ ــوين والمر فـ ــاحتبس الـ ــدم وزال عنه وجع مـ ــزمن كـ ــان في ناحية
وركه.
ومن الع ـ ـ ــروق ال ـ ـ ــتي تفصد في الب ـ ـ ــدن عرق ـ ـ ــان على البطن :أح ـ ـ ــدهما
موضــوع على الكبد واآلخر موضــوع على الطحــال ويفصد األيمن في
االستسقاء واأليسر في علل الطحال.
واعلم أن الفصد له وقتان :وقت اختيار ووقت ضرورة.ـ
ف ـ ــالوقت المخت ـ ــار فيه ض ـ ــحوة النه ـ ــار بعد تم ـ ــام الهضم والنفض وأما
وقت االضـ ــطرار فهو الـ ــوقت المـ ــوجب الـ ــذي ال يسـ ــوغ تـ ــأخيره وال
يلتفت فيه إلى سبب مانع.
واعلم أن المبضع الك ــال كث ــير المض ـ ّـرة فإنه يخطىء فال يلحق وي ــورم
ويوجع فإذا أعملت المبضع فال تدفعه باليد غمزاً بل برفق باالختالس
لتوصل ط ـ ــرف المبضع حشو الع ـ ــروق وإذا أعنفت فكث ـ ــيراً ما ينكسر
رأس المبضع انكســاراً خفيـاً فيصــير زآلق ـاً يجــرح العــرق فــإن ألححت
بفصدك زدت شراً.
ولـ ــذلك يجب أن يجـ ــرب كيفية علـ ــوق المبضع بالجلد قبل الفصد به
وعند معـ ــاودة ضـ ــربه إن أردتها واجتهد أن تمأل العـ ــرق وتنفخه بالـ ــدم
فحينئذ يكون الزلق والزوال أقل.
فـإذا استعصى العــرق ولم يظهر امتالؤه تحت الشد فحله وشـ ّده مــراراً
وامسـحه وانـزل في الضــغط واصــعد حـتى تنبهه وتظهـره وتجــرب ذلك
بين قبض أصــبعين على موضع من المواضع الــتي تعلم امتــداد العــروق
تحس
فبهما تحبس وت ــارة تحبس بأح ــدهما وتس ــيل ال ــدم ب ــاآلخر ح ــتى ّ
ب ـ ــالواقف فشـ ـ ـ ّده عند اإلش ـ ــالة وج ـ ــوزه عند التخلية ويجب أن يك ـ ــون
لـ ــرأس المبضع مس ـ ــافة ينفذ فيها غـ ــير بعيـ ــدة فيتعـ ــداها إلى ش ـ ــريان أو
عصب وأشد ما يجب أن يمأل حيث يكون العرق أد ّق.
وأما أخذ المبضع فينبغي أن يك ــون باإلبه ــام والوس ــطى وت ــترك الس ــبابة
للجس وأن يقع األخذ على نصف الحديـ ـ ـ ــدة وال يأخـ ـ ـ ــذه فـ ـ ـ ــوق ذلك
فيكــون التمكن منه مضــطرباً وإذا كــان العــرق يــزول إلى جــانب واحد
فقابله بالربط والض ــبط من ضـ ـ ّد الج ــانب وإن ك ــان ي ــزول إلى ج ــانبين
سواء فاجتنب فصده طوالً.
والتقييد يجب أن يك ـ ـ ــون قريبـ ـ ـ ـاً وإذا أخفى التقييد الع ـ ـ ــرق فعلم عليه
واحذر أن يزول عن محاذاة العالمة عرقك في التقييد ومع ذلك فعلق
الفصد وإذا استعصى عليك العـ ـ ـ ــرق وإشـ ـ ـ ــهاقه فشق عنه في األبـ ـ ـ ــدان
القض ــيفة خاصة واس ــتعمل الس ــنارة ووق ــوع التقييد والشد عند الفصد
يمنع امتالء العرق.
واعلم أن من يعـ ـ ــرق كثـ ـ ــيراً بسـ ـ ــبب االمتالء فهو محتـ ـ ــاج إلى الفصد
وكثـ ــيراً ما وقع للمحمـ ــوم المصـ ــدوع المـ ــدبر في بابه بالفصد إسـ ــهال
طبيعي فاستغنى عن الفصد قطعاً.