You are on page 1of 3

‫القانون في الطب (طبع بيروت) ؛ ج‪ 1‬؛ ص‪243‬‬

‫الفن الرابع ىف تصنيف وجوه املعاجلات حبسب األمراض الكلية و يشتمل على ثالثني فصال‪.‬‬

‫الفصل األول كالم كلي يف العالج‬

‫نقول‪ :‬إن أمر العالج يتم من أشياء ثالثة‪ :‬أحدها التدبري و التغذية‪ ،‬و اآلخر استعمال األدوية‪ ،‬و الثالث استعمال أعمال‬
‫اليد‪ .‬و نعين بالتدبري‪ :‬التصرف يف األسباب الضرورية املعدودة اليت هي جارية يف العادة‪ ،‬و الغذاء من مجلتها‪ .‬و أحكام‬
‫التدبري من جهة كيفيتها مناسبة ألحكام األدوية‪،‬‬

‫لكن للغذاء من مجلتها أحكام ختصه يف باب الكمية ألن الغذاء‬

‫قد مينع‪،‬‬

‫و قد يقلل‪،‬‬

‫و قد يعدل‪،‬‬

‫و قد يزاد فيه‪.‬‬

‫و إمنا مينع الغذاء عند إرادة الطبيب شغل الطبيعة بنضج األخالط‪،‬‬

‫و أمنا يقلل إذا كان مع ذلك له غرض حفظ القوة فيما يغذو‪ ،‬و يراعي جنبة القوة و مبا ينقص يراعي جنبة املادة لئال‬
‫تشتغل عنها الطبيعة هبضم الغذاء الكثري ‪ ،‬و يراعي دائما أمههما‪ ،‬و هو القوة إن كانت ضعيفة جدا‪ ،‬و املرض إن كان قويا‬
‫جدا‪ ،‬و‬

‫الغذاء يقلل من جهتني‪ :‬إحدامها من جهة الكمية‪ ،‬و األخرى من جهة الكيفية‪ ،‬و لك أن جتعل اجتماع اجلهتني قسما‬
‫ثالثا‪.‬‬

‫و الفرق بني جهيت الكمية و الكيفية أنه‬

‫قد يكون غذاء كثري الكمية قليل التغذية مثل البقول و الفواكه ‪ ،‬فإن املستكثر منهما مستكثر من كمية الغذاء دون كيفيته‪،‬‬
‫و قد يكون غذاء قليل الكمية كثري التغذية مثل البيض‪ ،‬و مثل خصي الديوك‪ ،‬و حنن رمبا احتجنا إىل أن نقلل الكيفية و‬
‫نكثر الكمية‪ ،‬و ذلك إذا كانت الشهوة غالبة و كان يف العروق أخالط نيئة‪ ،‬فأردنا أن نسكن الشهوة مبلء املعدة و أن‬
‫مننع العروق مادة كثرية لينضج أوال ما فيها و ألغراض أخرى غري ذلك‪ .‬و رمبا احتجنا أن نكثر الكيفية و نقلل الكمية‪ ،‬و‬
‫ذلك إذا أردنا أن نقوي القوة‪ ،‬و كانت الطبيعة املوكلة باملعدة تضعف عن أن تزاول هضم شيء كثير‪.‬‬

‫و أكثر ما يتكلف تقليل الغذاء و منعه إذا كنا نعاجل األمراض احلادة‪ .‬و أما يف األمراض املزمنة‪ ،‬فإنا قد نقلل‪ w‬أيضا و لكن‬
‫ثقيال أقل من تقليلنا مما يف األمراض احلادة‪ ،‬ألن عنايتنا بالقوة يف األمراض املزمنة أكثر‪ ،‬ألنا نعلم أن حبراهنا بعيد و منتهاها‬
‫بعيد‪ ،‬فإذا مل حتفظ القوة مل تف بالثبات إىل وقت البحران‪ ،‬و مل تف بنضج ما تطول مدة إنضاجه‪.‬‬

‫القانون يف الطب (طبع بريوت)‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪244 :‬‬

‫و أما األمراض احلادة فإن حبراهنا قريب‪ ،‬و نرجو أن ال خيون القوة قبل انتهائها‪ ،‬فإن خفنا ذلك‪ ،‬نبالغ يف تقليل الغذاء‪ ،‬و‬
‫كلما كان املرض فيها أقرب من املبتدأ و األعراض أمكن غذاؤنا مقوين للقوة و كلما جعل املرض يأخذ يف التزايد و‬
‫تأخذ األعراض يف التزايد قللنا التغذية ثقة مبا أسلفنا‪ ،‬و ختفيفا عن القوة وقت جهاده‪ ،‬و عند املنتهى نلطف التدبري جدا‪ .‬و‬
‫كلما كان املرض أحد و البحران أقرب‪ ،‬لطفنا التدبري أشد‪ ،‬إال أن تعرض أسباب متنعنا من ذلك كما سنذكره يف الكتب‬
‫اجلزئية‪.‬‬

‫و للغذاء من جهة ما يغذى به فصالن آخران مها‪:‬‬

‫سرعة النفوذ كحال اخلمر‪،‬‬

‫و بطء النفوذ كحال الشواء و القاليا‪،‬‬

‫و أيضا حنو قوام ما يتولد منه من الدم و استمساكه كما يكون من حال غذاء حلم اخلنازير و العجاجيل‪ ،‬أو رقته و سرعة‬
‫حتلله كما يكون من حال الغذاء الكائن من الشراب و من التني‪.‬‬

‫و حنن حنتاج إىل الغذاء السريع النفوذ إذا أردنا أن نتدارك سقوط القوة احليوانية و ننعشها و مل تكن املدة أو القوة تفي‬
‫ريث هضم الغذاء البطيء اهلضم‪.‬‬

‫و حنن نتوقى الغذاء السريع اهلضم إذا اتفق أن سبق غذاء بطيء اهلضم‪ ،‬فنخاف أن خيتلط به فيصري على النحو الذ سبق‬
‫منا بيانه‪.‬‬

‫و حنن نتوقى الغليظ عند إيقاننا حدوث السدد‪،‬‬

‫لكننا نؤثر الغذاء القوي التغذية البطيء اهلضم ملن أردنا أن نقويه و هنيئه للرياضات القوية‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫و نؤثر الغذاء السخيف ملن يعرض له تكاثف املسام سريعا‪.‬‬

‫القانون في الطب (طبع بيروت) ؛ ج‪ 1‬؛ ص‪247‬‬

‫و اعلم أن من املعاجلات اجليدة النافعة‬

‫االستعانة مبا يقوي القوى النفسانية و احليوانية كالفرح‬

‫و لقاء ما يستأنس به‪،‬‬

‫و مالزمة من يسر به‪،‬‬

‫و رمبا نفعت مالزمة احملتشمني و من يستحيا منهم‪،‬‬

‫فمنعت املريض عن أشياء تضره‪.‬‬

‫و مما يقارب هذا الصنف من املعاجلات‪ ،‬و االنتقال من بلد إىل بلد‪ ،‬و من هواء إىل هواء‪،‬‬

‫‪ 1‬ابن سينا‪ ،‬حسني بن عبد اهلل‪ ،‬القانون يف الطب (طبع بريوت)‪4 ،‬جلد‪ ،‬دار إحياء الرتاث العريب ‪ -‬بريوت‪ ،‬چاپ‪ :‬اول‪ 1426 ،‬ه‪.‬ق‪.‬‬

You might also like