You are on page 1of 6

‫تعرض جهاز المخابرات العامة المصري ألكبر حملة تشهير وتشويه في‬

‫تاريخ مصر وأصبح اسم جهاز المخابرات مرتبطا في أذهان الناس‬


‫بقصص التعذيب وتشغيل العاهرات واجبارهن على العمل في‬
‫المخابرات‪ ..‬أيضا أصبح اسم المخابرات يعني الشمولية وانعدام‬
‫الديمقراطية ومراقبة المواطنين وكأن جهاز المخابرات أنشئ لذلك!!‬
‫ونسى الناس تماما ان هذا الجهاز هو الذي قام بأروع عمليات‬
‫الجاسوسية ضد اسرائيل بل انه استطاع أن يهزم الـ ‪ C.I.A‬في‬
‫الستينيات وكشف عمليات تجسس له بالقاهرة‪ ..‬هذا الجهاز امتأل تاريخه‬
‫بالصفحات المضيئة اهمها هو القاء القبض على اثنين من أمهر عمالء‬
‫الـ ‪ C.I.A‬هما «جون زايفر» عام ‪ 1993‬وكان يعمل مع «يواكيم‬
‫فيكتور» رئيس شبكة التجسس لحساب المخابرات المركزية األميركية‪،‬‬
‫القضية االخرى كانت قضية «بورس تايلور»‬
‫ـ هذه العمليات الناجحة ضد مخابرات‬ ‫وكان أهم عمالئها مصطفى أمين‪..‬‬
‫أميركا هي التي جعلت صالح نصر بعد خروجه من السجن يؤكد أن هذه‬
‫الحملة من تدبير المخابرات األميركية وانها تنتقم منه لعمالئها الذين‬
‫ألقى القبض عليهم‪.‬‬
‫جهاز المخابرات المصرية في الستينيات نجح أيضا في حماية مصر من‬
‫اعداء اخرين بخالف أميركا فقد تم القبض على مصطفى اغا رئيس‬
‫الحزب الشيوعي العربي والذي كان يعد النقالب على الحكم لصالح‬
‫جمهورية الصين الشعبية وكانت هذه القضية هي الوحيدة التي اصطدمت‬
‫فيها المخابرات المصرية مع الشيوعيين‬
‫وهي ايضا كانت مثار خالف شديد بين صالح نصر وعبدالحكيم عامر‬
‫القائد األعلى للقوات المسلحة حينما ألقى القبض على مصطفى داود أحد‬
‫ضباط الجيش الضالعين في التنظيم دون استئذان المشير األمر الذي‬
‫أغضبه لكنهما تصالحا فيما بعد ليظل االرتباط بينهما قائما حتى اخر‬
‫لحظة من حياة عامر والعملية التي بدأت في ‪ 13‬مايو ‪ 1957‬حين تم‬
‫تعيينه رئيسا لجهاز المخابرات في مصر فبدأ منذ ذلك التاريخ بناء‬
‫الجهاز وفق خطة علمية منظمة‪،‬‬
‫كان بناؤه يحتاج تكاليف باهظة من المال والخبرة واألخطر توفير كفاءات‬
‫بشرية مدربة تدريبا عاليا وكانت التدريبات هي أولى المشكالت التي‬
‫واجهها الجهاز الوليد واستطاع صالح نصر باتصاالته المباشرة مع‬
‫رؤساء أجهزة المخابرات في بعض دول العالم أن يقدموا عونا كبيرا‪..‬‬
‫تحفظ صالح نصر الوحيد كان الخوف من ارسال البعثات الى الخارج‬
‫باعداد ضخمة حتى ال تستطيع أي من أجهزة المخابرات في العالم‬
‫اختراق الجهاز مع نشأته أو زرع بعض عمالئها به‪ .‬فاكتفى صالح نصر‬
‫بارسال عناصر من كبار الشخصيات داخل الجهاز باعداد قليلة لتلقى‬
‫الخبرات والعودة لنقلها بدورهم الى العاملين في الجهاز‬
‫واستطاع الجهاز بمجهوده الخاص أن يبحث عن المعدات الفنية التي‬
‫مكنته من تحقيق أهدافه وقام صالح نصر بالتغلب على مشكلة التمويل‬
‫حين قام بانشاء شركة للنقل برأسمال ‪ 300‬ألف جنيه مصري تحول‬
‫أرباحها لجهاز المخابرات‪ ،‬وحين اخبر صالح نصر جمال عبدالناصر‬
‫بأمر هذه الشركة طلب منه زيادة رأسمالها واتفق معه على أن يدفع من‬
‫حساب الرئاسة ‪ 100‬ألف جنيه مساهمة في رأس المال أن يدفع‬
‫عبدالحكيم عامر مبلغا اخر من الجيش وتقسم أرباح الشركة على الجهات‬
‫الثالث‪.‬‬
‫اهتم صالح نصر بعد ذلك بتحديد أنشطته ومهامه الرئيسية خاصة وان‬
‫المخابرات الحربية تتبع القائد األعلى للقوات المسلحة والمباحث العامة‬
‫لها دورها اآلخر في األمن الداخلي‪ .‬اذن كانت مهمة المخابرات الوحيدة‬
‫جمع المعلومات وتحليلها وتقديمها لصانع القرار‪.‬‬
‫اسرائيل كانت هما شاغال لهذا الجهاز منذ تأسيسه فصالح نصر منذ‬
‫اللحظة األولى له في المخابرات جمع كل ماكتب عن اسرائيل والموساد‬
‫وقرأه حيث قامت المخابرات في هذه الفترة بأهم عملياتها ضد اسرائيل‬
‫تلك العمليات التي أصبحت فيما بعد تدرس في معهد المخابرات الدولية‬
‫من أشهر تلك العمليات وأهمها عملية «لوتز» الذي قبض عليه عام‬
‫‪1965‬‬
‫وكان من أهم عمالء اسرائيل لدرجة انها فاوضت بعد ‪ 1967‬على‬
‫استبداله ببعض االسرى‪« ..‬لوتز» كان مكلفا بإرسال طرود ناسفة‬
‫للعلماء األلمان في القاهرة الرهابهم‪ ..‬فأرسل بالفعل طردا مفخخا للعالم‬
‫بيلز عام ‪ 1962‬وانفجر في وجه سكرتيرته‪ ..‬كان «لوتز» ايضا مكلفا‬
‫بجمع معلومات سياسية واقتصادية وعسكرية عن مصر تحت ستار عمله‬
‫كمدرب للخيول استطاع الدخول لسالح الفرسان في الجيش‪ ..‬ومن‬
‫ناحيته استطاع جهاز المخابرات الوصول لبيت «لوتز»‬
‫واكتشف جهاز االرسال الذي كان مخفيا في ميزان الحمام الذي وجد في‬
‫دوالب المالبس الخاص بـ «لوتز» ليتم اكتشاف أكبر عمالء اسرائيل في‬
‫القاهرة ومن العمليات التي كشفها جهاز المخابرات المصرية في عهد‬
‫عبدالناصر عملية موريس جود الجاسوس الهولندي المحترف والذي‬
‫كلف بعمل اختراق داخل القوات المسلحة المصرية‪ ،‬كذلك عملية جروبي‬
‫حيث قامت المخابرات االسرائيلية باستقطاب أحد موظفي جروبي الذي‬
‫كان مسئوال عن حفالت عبدالناصر وكلف بأن يدس السم لعبدالناصر‬
‫وضيوفه األمر الذي كشفه جهاز مخابرات عبدالناصر‪ ..‬وتم احباط‬
‫الخطة‪.‬‬
‫محاوالت اغتيال‬
‫جهاز المخابرات المصري اكتشف ايضا في اواخر الخمسينيات خطة‬
‫اسرائيلية الغتيال كمال الدين حسين وعبداللطيف بغدادي في اثناء‬
‫خالفاتهما مع عبدالناصر‪ .‬ممايعطي ايحاء بإدانة عبدالناصر في هذه‬
‫العمليات‪ .‬ويبدو أن اسرائيل علمت بوصول معلومات عن خطة‬
‫االغتياالت هذه لجهاز المخابرات المصري فعدلت عن تنفيذها‪.‬‬
‫التهمة األخطر التي ألقيت على مخابرات عبدالناصر كانت ان الجهاز كان‬
‫مخترقا بواسطة المخابرات المركزية األميركية ورغم انه لم تثبت واقعة‬
‫واحدة لزرع عميل للمخابرات األميركية في المخابرات المصرية اال ان‬
‫البعض لم يتوان في ترديد هذه التهمة معتمدين على ماردده كوبالند أحد‬
‫أنشط عمالء الـ ‪ C.I.A‬من أن المخابرات المركزية األميركية تغلغت في‬
‫مصر تحت ستار محاربة الشيوعية‪..‬‬
‫المعلومة الصحيحة في هذا السياق هي انشاء قسم محاربة الشيوعية‬
‫الدولية بجهاز المخابرات المصري اثناء قيام زكريا محيى الدين‬
‫باالشراف عليه وألن هذا القسم كانت مهمته االساسية هي محاربة‬
‫الشيوعية الدولية فقد ارتبط بعالقات مع المخابرات األميركية التي‬
‫رصدت أمواال من ميزانيتها تم بناء برج الجزيرة بها وبعد تولي صالح‬
‫نصر رئاسة الجهاز طلب منه عبدالناصر الغاء القسم ألنه ليس اال عبئا‬
‫للمخابرات األميركية على مصر وعلى عبدالناصر شخصيا‪.‬‬
‫شئ اخر ارتبط بالمخابرات األميركية وان كان ارتباطا شكليا وهو ان‬
‫صالح نصر بنى تنظيم جهاز المخابرات وفقا للنظام األميركي والذي‬
‫يسمى مجتمع المخابرات وهو مستخدم في أميركا ويضم المخابرات‬
‫المركزية األميركية والمباحث الفيدرالية ومخابرات الدفاع ومخابرات‬
‫الجيش والطيران والبحرية ولجنة الطاقة الذرية‪.‬‬
‫من ناحية أخرى كان جهاز المخابرات المصرية في عهد عبدالناصر من‬
‫أفضل أجهزة المخابرات كفاءة في العالم فقد تنبأت تقاريره منذ وقت‬
‫مبكر جدا بانسحاب بريطانيا من اليمن حتى قبل ان تعلن بريطانيا عن‬
‫نواياها هذه وكسب الجهاز أيضا نقاط هامة في صراع مصر مع اعدائها‬
‫االساسيين اسرائيل والواليات المتحدة األميركية واالسهام في معركة‬
‫التحرير الكبرى فجهاز المخابرات المصري هو الذي أخذ على عاتقه‬
‫ارسال شحنات األسلحة للمجاهدين في الجزائر وكذلك تدريبهم على‬
‫استعمال هذه األسلحة رغم خطورة هذه المهمة التي كانت تضع هذا‬
‫الجهاز في مواجهة دولة بحجم فرنسا‪.‬‬
‫جهاز المخابرات المصري أيضا هو الذي قام بكشف لغز الطرود المتفجرة‬
‫والتي كانت ترد من ألمانيا ألحد مصانعنا الحربية واستطاعت اسرائيل‬
‫من خالل عمالئها بألمانيا ارسال الطرود الناسفة‪ ..‬نفس األمر في عملية‬
‫ارسال خطابات متفجرة لمكتب بريد المعادي‪.‬‬
‫المعركة لم تكن بهذه السهولة التي يفكر بها مروجو تهم التجسس على‬
‫التليفونات والعالقات مع الفنانات فصالح نصر نفسه يعترف أن التقدم‬
‫التكنولوجي الذي تتخذه أجهزة المخابرات حاليا يقلل كثيرا من قيمة‬
‫وأهمية موضوع مراقبة التليفونات هذا‪ ،‬خاصة وان كل معارك المخابرات‬
‫اآلن هي معارك على استخدام األحدث تكنولوجيا‪.‬‬
‫الشئ الطريف ان جهاز المخابرات المصرية كان له دور اقتصادي ال‬
‫يذكره أحد من اعدائه أو حتى من انصاره‪ ،‬ففي احدى المرات كانت مصر‬
‫تستورد القمح من سوريا وكان القمح السوري لينا ال يصلح لصناعة‬
‫الخبز في مصر وكان محل شكوى العديد من المصريين وعلم جهاز‬
‫المخابرات بهذه األزمة وعلم ان شحنة قمح استرالي في طريقها اليطاليا‬
‫واستطاع باتصاالته مع دول العالم ان يبادل الصفقتين ليصل القمح‬
‫السوري اللين األصلح لصناعة المكرونة اليطاليا ويصل لنا القمح‬
‫االسترالي!‬
‫اذن لماذا انتشرت الصورة السلبية عن جهاز المخابرات؟!‬
‫صالح نصر يرى انه من الصعب حينما نتحدث عن اعمال المخابرات اال‬
‫نمس أمن الدولة لذا فالمخابرات يسودها دائما غموض وابهام ضروري‬
‫الداء مهامها‪ ..‬صالح نصر أيضا ال ينفي استخدام النساء والجنس‬
‫كأساليب معتمدة لجمع المعلومات‪ ،‬فمنذ نجح لويس الرابع عشر ملك‬
‫فرنسا في اقناع شارل الثاني ملك انجلترا في االنسحاب من الحلف‬
‫الثالثي واالنضمام لحملة االراضي الواطئة عن طريق عشيقته‪ ..‬وهذا‬
‫أسلوب تأخذ به كل أجهزة المخابرات في العالم حتى ان اسرائيل بها ما‬
‫يسمى بيت الملذات‬
‫وهو جهاز يعتمد على تصوير المستهدفين في أوضاع مخلة وتجنيدهم‬
‫عن طريق ابتزازاهم بهذه الصور وغالبا مايكون المستهدفون في بيت‬
‫الملذات من العرب والمصريين‪ ،‬اذن فاستخدام الجنس قاعدة معروفة في‬
‫المخابرات عزفت عن استخدامه أجهزة المخابرات المصرية في بدايتها‬
‫لكن مع تطور المعركة مع اسرائيل وسخونتها تم االستعانة بهؤالء‬
‫النساء بشكل ضيق وحصلت العميالت الالتي تم االستعانة بهن على‬
‫تدريبات وتوعية ونجحت بعض النساء في كشف قضايا هامة لم يكن في‬
‫امكان الرجال ان يصلوا اليها‪.‬‬
‫صالح نصر يعترف أيضا‪« :‬معظم أعمال المخابرات غير مشروعة لكنها‬
‫مباحة‪ ..‬ألن المصلحة العليا للدولة هي االسمى ونحن ال نرغم النساء‬
‫على أي شئ مهما كان فمعيار االخالق في المخابرات هو الغرض من‬
‫وراء العمل هل هو غرض شريف أم ال؟! وفي رأيى اما ان تعطي كل‬
‫االمكانيات كاملة كأي جهاز مخابرات في دولة متقدمة ليحمي وطنه أو‬
‫نغلقه ونوفر الماليين التي تنفق عليه والدولة كانت تعلم بكل كبيرة‬
‫وصغيرة حول استخدام هذا األسلوب‪..‬‬
‫والمخابرات المصرية لديها ملفات تحوي توقيعات بالموافقة من السيدات‬
‫الالتي عملن في معاونة جهاز المخابرات المصري هذا نص كالم صالح‬
‫نصر عن استخدام النساء‪ ،‬النقطة االخرى هي هزيمة يونيو والتي يقول‬
‫عنها‪:‬‬
‫«إن مصر واجهت عام ‪ 1967‬مخططا تآمريا دوليا جاوز قدرتها وال‬
‫أعني هنا انه لم تحدث اخطاء في معالجة هذا المخطط الذي هدف لضرب‬
‫مصر وضرب عبدالناصر الذي سبب لالمبريالية بمعناها الواسع صداعا‬
‫واسعا»‪.‬‬

You might also like