You are on page 1of 98

‫ََ‬ ‫ََ‬

‫ونَالعََلياء َ‬
‫األربَعَ َ ََََ‬
‫ََ َ َ‬
‫الَرساء َ‬
‫عراََجَََوََ َ‬
‫َالمَ َ‬
‫ثََََ‬
‫أحاديََ َ‬
‫يفَََ ََ‬
‫َ‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ َ َ َ َ‬
‫يسةَ َ‬
‫يقاتَََنَفَََ َ‬
‫علَََ ََ‬
‫َوتَ َ‬
‫يلةََ َ‬
‫وائَدَََجَلَ َ َ‬
‫ومعَهََفَ ََ َ‬
‫َََ‬
‫ََ ََ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ‬
‫كَ َ‬
‫َالمَشَ َ‬ ‫الغَرَيََبَََ َ‬
‫وحَلَََََ‬ ‫َََنَََََ‬
‫َوبيا‬
‫عَنََ َ‬
‫َالمَ َ‬
‫إيضاََحََََ‬
‫يفََََ‬

‫للشيخَمجيلَبنَحممدَيلعَحليمَ َ‬
‫دكتور حماِض يف العقيدة والفرق‬
‫َ‬
‫ََََََة َ‬
‫الطبعةَََاثلاني‬

‫‪ َ1442‬ـهَ َ‪َ َ2022َ-‬ر َ‬


‫َ‬

‫َ َ َ َ‬ ‫َ‬
‫حة َ‬
‫ةَومََنقَ ََ‬
‫بعةَمَزَََيدَََ َ‬
‫َطََ َ ََ‬
‫يقول اإلمام المزن رِحه الل‪:‬‬
‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اَمَنََ‬ ‫افيعََََ َََ ََ َ ََََ‬
‫َثماننيَمرة‪َ،‬فَمَََ َ‬ ‫َىلعَالشََ َ‬
‫َالرسالةَََ ََََ َ‬
‫َكتابََََ َ َََ‬
‫قرأتََ َََ‬‫«َ َ ََ‬
‫َاهللََ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ََ‬ ‫َ‬
‫‪َ:‬هَيه‪َ،‬أََبَََ‬
‫افيعَََ ََ َََ‬ ‫َالشََ َ‬ ‫َواكنَيقفَََىلعََ َ ََََ َ ََ‬
‫َخطأ‪َ،‬فقالََََ‬ ‫َإَّلََ َ َ َََ َ‬
‫مرةََََ‬
‫َََ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫غيَََكَتََابََهََ» َ‬
‫صحيحََ َ َ‬
‫تابََ َ َ َ َ‬
‫أنَيكونَََك ََََ َ‬
‫ََ َََ َ َ‬

‫أِخ القارئ الكريم‪ ،‬ما َكن من خطإ يف كتابنا فأرشدنا‬


‫إيله‪ ،‬فإننا َل نديع العصمة‪ ،‬وحنن لك من الشاكرين‪.‬‬

‫قال شيخنا احلافظ الهرري رِحه الل‪:‬‬


‫َ َ َ َ َ َ َ َ َ ََ َ َ َ َ َ َ َ َ َ َ َ َ َ َ‬
‫بَََيَطََلَعَََضََاَّلََمَ َ‬
‫ضَّلَ»‬ ‫َالكَتَ َ‬
‫َيَيَعَتَمَدَََوَحَدَهَََىلعَََمَطََالَعَةَََََ‬
‫«ََاَّلَ ََ‬

‫فال بد أِخ القارئ من تلِق العلم من أفواه األثبات‬


‫القات من أهل العلم‬
‫‪4‬‬ ‫األربعون العلياء‬

‫ُ ِّ‬
‫المقدمة‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫كثريا‪ ،‬والصالة والسالم ىلع سيّدنا‬ ‫ً‬ ‫احلمد هلل رب العالمني محدا‬
‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬
‫يرا‪ ،‬وأشهد أن ال هلإ إال اهلل امللك احلَ ُّق‬ ‫ً‬
‫بشريا ونذ ً‬ ‫حممد املبعوث‬
‫ني‪.‬‬‫حمم ًدا عبده ورسوُل إىل العالَم َ‬
‫أن ّ‬ ‫َ َّ‬
‫المبني‪ ،‬وأشهد‬
‫َّ‬ ‫وبعد‪ ،‬فقد قال اهلل َّ‬
‫عز وجل‪ :‬ﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅﱆ‬
‫ﱑﱓ ﱔ‬
‫ﱒ‬ ‫ﱇﱈ ﱉﱊﱋﱌﱍ ﱎﱏﱐ‬
‫ّ ً‬ ‫َ‬
‫حممدا ﷺ‬ ‫أكرم به نبيَّه‬
‫فأخبنا سبحانه وتعاىل بما َ‬ ‫َ‬ ‫ﱕﱖ ﱠ‪،‬‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫من اإلرساء به يلال من املسجد احلرام بمكة إىل املسجد األقص‬
‫السماوات‬ ‫المقدس‪ ،‬ث ّم عر َج به ﷺ يف اللَّيلة ذاتها إىل ّ‬ ‫املبارك ببيت َ‬
‫َ‬
‫ّ ّ‬
‫رصح‬ ‫وجل من عجيب املصنواعت وباهر اآليات‪ ،‬وقد َّ‬ ‫لرييَه اهلل عز‬
‫َ‬ ‫سى ّ‬ ‫َ‬
‫فاكن َم َ‬ ‫ّ َّ‬
‫الرسول ﷺ مع جبيل‬ ‫عز وجل بذلك يف سورة انلَّجم‪،‬‬
‫الّشيف وروحه ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الطاهرة ﷺ‬ ‫املكرمة جب َسده‬
‫ّ‬ ‫السالم من مكة‬‫عليه ّ‬
‫ً‬
‫إحدى ومخسون سنة وثمانية أشهر‬ ‫المنام‪ ،‬وعمره إذْ ذاك َ‬ ‫َ ً‬
‫قظة ال يف َ‬ ‫ي‬
‫سبع عّشةَ‬ ‫َ‬
‫يللة َ‬ ‫َ‬ ‫عّش ً‬ ‫َ‬
‫وثالثة َ‬
‫املباركة بعام‪ ،‬وذلك‬ ‫يوما أي قبل الهجرة‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫األزهر األغ ّر‪ ،‬وقيل اكن يف يللة سبع‬ ‫األنور‬ ‫األعطر‬ ‫من ربيع ّ‬
‫األول‬
‫رجب‪.‬‬ ‫وعّشين من شهر َ‬
‫َ‬
‫‪5‬‬ ‫األربعون العلياء‬

‫ٌ‬
‫طائفة كثريةٌ من ّ‬ ‫َ‬
‫الصحابة‬ ‫وقد َر َوى ق ّصة اإلرساء واملعراج‬
‫الكرام‪ ،‬ووصلَتْنا عنهم من طريق مجااعت من اتلّ َ‬
‫ابعني الّقات من‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫وحسنة‪ ،‬فاخَتت مستعينًا باهلل أن أمجَع من الكتب‬ ‫َ‬ ‫طرق صحيحة‬
‫ً‬ ‫ً َ‬
‫إىل انلّ ّ‬ ‫ً‬ ‫احلديثيّة املشهورة نَيّ ًفا وأربع َ‬
‫ِب ﷺ وموقوفا‬ ‫ني حديثا مرفواع‬
‫المعان م ّما‬
‫رشحا وإيضاحات بلَعض َ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫املتضمنة‬ ‫وزيادةً من املوقوفات‬
‫بفضل اهلل َّ‬
‫عز‬
‫َ‬
‫يد اعيلة‬ ‫واعم ًة بأسان َ‬
‫ّ‬ ‫ّ ً‬
‫خاصة‬ ‫سمااع وإجازةً‬‫ً‬ ‫َّ‬
‫تلقيته‬
‫َ َّ َ‬ ‫َّ ْ‬
‫اجلزء اللطيف بتعليقات مه ّمة يف العقيدة وتفسري‬ ‫وجل‪ ،‬وأث َريت هذا‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫وأسميته‬ ‫وحل المشك‪،‬‬ ‫القرءان واألحاكم ورشح غريب األلفاظ‬
‫ياء يف أحاديث المعراج واإلرساء»‪.‬‬ ‫العلْ َ‬
‫َ َ‬
‫«األربعني‬
‫أن َي َعل هذا اجل َ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫يم َّ‬
‫زء ناف ًعا‬ ‫العرش الكريم‬ ‫رب َ‬ ‫اهلل َ‬
‫العظ َ‬ ‫وأسأل َ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫الطاعة ما َحيينا‪ ،‬وأن‬ ‫َ‬
‫اإلخالص يف ّ‬ ‫يل ول َمن يَشتغل به‪ ،‬وأن يرزقنا‬
‫يَتوفَّانا ىلع اكمل اإليمان‪ ،‬وحسبنا اهلل ون َ‬
‫عم الوكيل‪.‬‬
‫‪6‬‬ ‫األربعون العلياء‬

‫َ‬
‫اتلَّوطئة‬
‫َ َ‬ ‫َ‬
‫المزيان يف بيان عقيدة أهل اإليمان‬

‫وكرم ىلع سيّدنا‬ ‫رب العاملني‪ ،‬وصىل اهلل وسلَّم َّ‬


‫ورشف َّ‬ ‫ّ‬
‫احلمد هلل‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫حممد‪ ،‬احلبيب املحبوب‪ ،‬العظيم اجلاه‪ ،‬العايل القدر طه األمني‪ ،‬وإمام‬
‫ني‪ ،‬وىلع ذ ّريَّته وأهل بَيته َ‬
‫الميامني‬ ‫املح َّجل َ‬
‫املرسلني وقائد الغ ّر َ‬
‫َ‬

‫ابلارات اتلَّقيَّات انلَّقيَّات‬


‫ّ‬ ‫املكرمني‪ ،‬وىلع زوجاته َّ‬
‫أمهات املؤمنني‬ ‫َّ‬
‫َ َ‬ ‫الطاهرات َّ‬
‫ومن تب َعهم‬ ‫الطاهرين‪،‬‬‫الصفيَّات‪ ،‬وصحابَته الطيّبني َّ‬
‫بإحسان إىل يَوم ّ‬
‫الين‪.‬‬
‫ً‬ ‫ًَ‬ ‫ك ّ‬ ‫ّ‬
‫األمة اإلسالمية سلفا وخلفا‪ ،‬ويه املرجع‬ ‫أما بعد‪ ،‬فهذه عقيدة‬
‫اذلي ت ْعرض عليه عقائد انلاس‪ ،‬فمن خالفها أو كذبها ال يكون من‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫احلق اذلي يَكشف زيْف ابلاطل وزيغه‪ ،‬فاكن‬
‫املسلمني‪ ،‬ويه مزيان ّ‬
‫َ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ال ب َّد من هذا ابليان ّ‬
‫املهم خلصوص الغرض وعموم انلَّفع؛ وعليه‪:‬‬
‫أن َ‬ ‫َ َّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اهلل‬ ‫وإياك أنه يب ىلع ك ملكف أن يعلم‬ ‫أرشدنا اهلل‬ ‫اعلم‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫العلوي والسف َّ‬ ‫َ‬ ‫واحد يف ملكه‪َ ،‬‬ ‫ٌ‬ ‫َّ َّ‬
‫يل والعرش‬ ‫العالم بأرسه‬ ‫خلق‬ ‫عز وجل‬
‫َ‬
‫فيهما وما بينه َما‪ .‬مجيع اخلالئق‬‫َ‬ ‫والسمـوات واألرض وما‬ ‫ٰ‬ ‫َّ‬
‫والكريس‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫َ‬
‫تتحرك ذرة إال بإذنه‪ ،‬ليس معه م َدبّ ٌر يف اخللق‬ ‫َ‬ ‫مقهورون بقدرته‪ ،‬ال‬
‫نوم‪ ،‬اعلم الغيب‬ ‫قيوم ال تأخذه سنَ ٌة وال ٌ‬‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫وال رشيك يف امللك‪ ،‬يح‬
‫‪7‬‬ ‫األربعون العلياء‬

‫والشهادة ال خيىف عليه ىشء يف األرض وال يف السماء‪ ،‬يعلم ما يف ّ‬


‫الب‬
‫وابلحر‪ ،‬وما تسقط من ورقة إال يعلم َها‪ ،‬وال حبة يف ظلمات األرض‬
‫وال رطب وال يابس إال يف كتاب مبني‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫أحاط بكل ىشء ً‬ ‫َ‬
‫عددا‪ ،‬فعال ملا يريد‪،‬‬ ‫وأحص ك ىشء‬ ‫علما‬
‫ٌ‬
‫قادر ىلع ما يشاء‪ُ ،‬ل امللك وُل الغىن‪ ،‬وُل الع ُّز وابلقاء‪ ،‬وُل احلكم‬
‫مانع ملا َ‬
‫أعطى‪،‬‬ ‫قَض‪ ،‬وال َ‬ ‫دافع ملا َ‬ ‫والقضاء‪ ،‬وُل األسماء احلسىن‪ ،‬ال َ‬
‫َ ْ‬ ‫َْ‬ ‫َْ‬
‫يف َعل يف ملكه ما يريد‪ ،‬وَيكم يف خلقه بما يشاء‪ ،‬ال يَرجو ثوابًا وال‬
‫ْ‬ ‫ُّ‬ ‫ْ‬
‫يلزمه وال عليه حك ٌم‪ ،‬ولك ن ْعمة منه‬ ‫حق َ‬‫خياف عقابًا‪ ،‬ليس عليه ٌ‬
‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ّ َْ‬ ‫ٌْ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ ٌ‬
‫عما يف َعل وهم ي ْسألون‪َ .‬موجود‬ ‫فضل ولك نقمة منه َعدل‪ ،‬ال يسأل‬
‫يمني وال‬ ‫ٌ‬ ‫حتت‪ ،‬وال‬ ‫فوق وال ٌ‬ ‫ٌ‬
‫بعد‪ ،‬وال‬‫قبل وال ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫قبل اخلَلْق‪َ ،‬‬
‫ليس ُل‬
‫َ‬
‫َ‬ ‫بعض‪ ،‬وال يقال َ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌّ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫شمال‪ ،‬وال ٌ‬
‫مَت اكن وال‬ ‫أمام وال خلف‪ ،‬وال ك وال‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َّ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫كون األكوان‪ ،‬ودبَّ َر الزمان‪ ،‬ال‬ ‫أين اكن وال كيف‪ ،‬اكن وال ماكن‪،‬‬
‫ْ‬ ‫ٌْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫يتخصص باملاكن‪ ،‬وال يشغله شأن عن شأن‪ ،‬وال‬ ‫يتقيَّد بالزمان‪ ،‬وال‬
‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫ٌ‬ ‫يلحقه ٌ‬
‫يتخصص باذلهن‪ ،‬وال يتمثل يف‬ ‫وهم وال يكتنفه عقل‪ ،‬وال‬
‫حقه األوهام‬ ‫انلفس‪ ،‬وال يتَ َصور يف الوهم‪ ،‬وال يتكيف يف العقل‪ ،‬ال تَلْ َ‬

‫واألفاكر‪ ،‬ﱡﭐﱐ ﱑ ﱒﱓ ﱔ ﱕ ﱖﱠ‪.‬‬


‫َّ ّ‬
‫رّب عن اجللوس والقعود واالستقرار واملحاذاة‪ّ ،‬‬
‫الر ٰ‬
‫محـن ىلع‬ ‫تزنه‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫خلق العرش‬ ‫مزنها عن املماسة واالعوجاج‪،‬‬ ‫استواء‬ ‫العرش استوى‬
‫‪8‬‬ ‫األربعون العلياء‬

‫َ َّ‬ ‫ً‬
‫ٌ‬
‫جالس ىلع‬ ‫أن َ‬
‫اهلل‬ ‫إظهارا لقدرته ولم يتَّخذه ماكنا ذلاته‪ ،‬ومن اعتقد‬
‫ً‬
‫َ‬
‫أخب ال كما خيطر‬ ‫محـن ىلع العرش استوى كما‬ ‫اكفر‪ّ ،‬‬
‫الر ٰ‬ ‫العرش فهو ٌ‬
‫ّ‬ ‫َّ‬
‫وتقد َس رّب‬ ‫ص ٌف فيه كيف يشاء‪َّ ،‬‬
‫تزن َه‬ ‫قاهر للعرش متَ ّ‬‫ٌ‬ ‫للبّش‪ ،‬فهو‬
‫عن احلركة والسكون‪ ،‬وعن االتصال واالنفصال والقرب وابلعد‬
‫َّ ّ‬ ‫حول ّ‬ ‫باحل ّس واملسافة‪ ،‬وعن اتلَّ ُّ‬
‫والزوال واالنتقال‪ ،‬جل رّب ال حتيط‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬
‫َّ‬
‫به األوهام وال الظنون وال األفهام‪ ،‬ال فكرة يف الرب‪ ،‬خلق اخللق‬
‫ودبَّ َرهم ب َ‬ ‫وخ َّصهم بمشيئته‪َ ،‬‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫كمته‪ ،‬لم‬ ‫وأحكمهم بعلمه‪،‬‬ ‫بقدرته‪،‬‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫يكن ُل يف خلقهم معني‪ ،‬وال يف تدبريهم مشري وال َظهري‪.‬‬
‫َ ُّ‬ ‫ال يلزمه (ل َم)‪ ،‬وال ياوره (أين)‪ ،‬وال يالصقه َ‬
‫(حيث)‪ ،‬وال َيله‬
‫َ‬ ‫(كم)‪ ،‬وال ََيصه َ‬ ‫(ما)‪ ،‬وال َيع ُّده َ‬
‫(مَت)‪ ،‬وال َييط به (كيف)‪ ،‬وال‬
‫ُّ َ‬ ‫ُّ َ‬
‫(ح ّد)‪ ،‬وال‬
‫(حتت)‪ ،‬وال يقابله َ‬ ‫(أي)‪ ،‬وال يظله (فوق) وال يقله‬ ‫يَناُل ٌّ‬
‫(خلْف)‪ ،‬وال ََي ُّده (أمام)‪ ،‬ولم يَ َّ‬
‫تقدمه‬
‫َ‬
‫يزامحه (عند)‪ ،‬وال يأخذه‬
‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫َْ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬
‫(قبْل)‪ ،‬ولم يفته (بَعد)‪ ،‬ولم ي َم ْعه (ك)‪ ،‬ولم يوجده (اكن)‪ ،‬ولم‬
‫َْ ْ َ‬
‫يفقده (ليس)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫إلـه إال هو‪َّ ،‬‬
‫املخلوقني وس َمات‬
‫َ‬ ‫تقد َس عن ك صفات‬ ‫ال ٰ‬
‫ّ‬
‫باحلواس‬ ‫ثني‪ ،‬ال َي َم ُّس وال ي َم ُّس وال َيَ ُّس وال يَ ُّس‪ ،‬ال ي َ‬
‫عرف‬ ‫َ‬
‫املحد َ‬

‫جسما وال يتَّصف‬


‫ً‬ ‫وال يقاس بانلاس‪ ،‬ن َو ّحده وال نبَ ّعضه‪ ،‬ليس‬
‫ٌ‬
‫جسم ال‬ ‫ّ‬
‫فاملجسم اكفر باإلمجاع وإن قال‪« :‬اهلل‬ ‫بصفات األجسام‪،‬‬
‫‪9‬‬ ‫األربعون العلياء‬

‫ً‬
‫شخصا‪،‬‬ ‫ً‬
‫شبحا‪ ،‬وليس‬ ‫اكألجسام» وإن صام وصىل صورةً‪ ،‬فاهلل ليس‬
‫َّ ً‬ ‫َ ُّ‬
‫جوهرا‪ ،‬وليس َع َر ًضا‪ ،‬ال حتل فيه األعراض‪ ،‬ليس مؤلفا وال‬ ‫ً‬ ‫وليس‬
‫ظالما‪ ،‬ليس‬ ‫ً‬ ‫م َر َّكبًا‪ ،‬ليس بذي أبعاض وال أجزاء‪ ،‬ليس ً‬
‫ضوءا وليس‬
‫روح‪ ،‬ال‬ ‫روحا وال ُل ٌ‬ ‫نارا‪ ،‬وليس ً‬
‫هواء وليس ً‬ ‫ً‬ ‫يما وليس‬ ‫ماء وليس َغ ً‬ ‫ً‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫اجتماع ُل وال افَتاق‪.‬‬
‫الطول‬ ‫مزن ٌه عن ُّ‬ ‫السنَات‪ّ ،‬‬
‫ال جتري عليه اآلفات وال تأخذه ّ‬
‫َ ُّ‬
‫والس ْمك والَتكيب واتلأيلف واأللوان‪ ،‬ال َيل فيه‬ ‫والع ْرض والع ْمق َّ‬ ‫َ‬
‫َ ُّ‬ ‫َ ْ َ ُّ‬
‫حل منه ىشء‪ ،‬وال َيل هو يف ىشء‪ ،‬ألنه ليس كمثله‬ ‫ىشء‪ ،‬وال ين‬
‫أرشك‪،‬‬ ‫أن اهلل يف ىشء أو من ىشء أو ىلع ىشء فقد ْ َ‬ ‫َ ّ‬
‫فمن زعم‬ ‫ىشء‪َ ،‬‬
‫ً‬
‫حمصورا‪ ،‬ولو اكن من ىشء لاكن حم َدثا أي‬ ‫ً‬ ‫إذ لو اكن يف ىشء لاكن‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫خملوقا‪ ،‬ولو اكن ىلع ىشء لاكن حمموال‪ ،‬وهو معكم بعلمه أينما كنتم‬
‫ً‬
‫خمالطا‬ ‫ال ختىف عليه خافية‪ ،‬وهو أعلم بكم منكم‪ ،‬وليس اكهلواء‬
‫لكم‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫تكليما‪ ،‬والكمه ٌ‬
‫ً‬ ‫َّ‬
‫واحد ال يتبعض وال يتعدد‬ ‫الكم‬ ‫ولكم اهلل موىس‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ًََ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ليس حرفا وال صوتا وال لغة‪ ،‬ليس مبتدأ وال خمتتما‪ ،‬وال يتخلله‬
‫ٌ‬
‫أبدي ليس كالكم املخلوقني‪ ،‬فهو ليس بفم وال لسان‬ ‫انقطاع‪ٌ ،‬‬
‫أزيل‬
‫وال شفاه وال خمارج حروف وال انسالل هواء وال اصطاكك أجرام‪.‬‬
‫ٌ‬
‫أبدية كذاته‪ ،‬وصفاته ال َّ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫تتغري‬ ‫الكمه صفة من صفاته‪ ،‬وصفاته أزيلة‬
‫‪10‬‬ ‫األربعون العلياء‬

‫َ‬ ‫ُّ َ‬ ‫َّ‬


‫اتلغري أكب عالمات احلدوث‪ ،‬وحدوث الصفة يستلزم حدوث‬ ‫ألن‬
‫مزن ٌه عن ك ذلك‪ ،‬مهما تصورت ببالك فاهلل ال يشبه‬ ‫اذلات‪ ،‬واهلل َّ‬
‫َ‬
‫عقائدكم من اتلَّ َم ُّسك بظاهر ما تشابَه من الكتاب‬ ‫ذلك‪ ،‬فصونوا‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫والسنة فإن ذلك من أصول الكفر‪ ،‬ﱡﭐﱑ ﱒ ﱓ ﱔﱠ‪ ،‬ﱡ ﭐﲆ‬
‫ٌ‬ ‫ﲇ ﲈﱠ‪ ،‬ﱡﱊ ﱋ ﱌﱍﱠ‪ ،‬ومن زعم أن ٰ‬
‫إلـهنا حمدود فقد‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫املعبود‪ ،‬فاهلل تعاىل ليس بقدر العرش وال أوسع منه وال‬ ‫َ‬
‫اخلالق‬ ‫َجهل‬
‫أصغر‪ ،‬وال تص ُّح العبادة إال بعد معرفة املعبود‪ ،‬وتعاىل ّ‬
‫ربنا عن احلدود‬
‫والغايات واألراكن واألعضاء واألدوات‪ ،‬وال حتويه اجلهات الست‬
‫كسائر املبتداعت‪ ،‬ومن وصف اهلل بمعىن من معان البّش فقد خرج‬
‫َ‬
‫من اإلسالم وكفر‪.‬‬

‫ﱡﭐﳇ ﳈ ﳉ ﳊ ﳋﱠ‪ ،‬ﱡﭐﲤ ﲥ ﲦ ﲧﱠ‪ ،‬ﱡﭐﲗ ﲘ‬


‫ﲙ ﲚ ﲛﱠ‪ ،‬ﱡﭐﲻ ﲼ ﲽ ﲾ ﲿﱠ‪ ،‬ما شاء اهلل اكن‬
‫ّ‬ ‫ْ‬
‫وما لم يشأ لم يكن‪ ،‬ولك ما دخل يف الوجود من أجسام وأجرام‬
‫وأعمال وحراكت وسكنات ونوايا وخواطر وحياة وموت وصحة‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫وم َرض وذلة وألم وف َرح وحزن وانزاعج وانبساط وحرارة وبرودة‬
‫ويلونة وخشونة وحالوة ومرارة وإيمان وكفر وطاعة ومعصية وفوز‬
‫وخسان وتوفيق وخذالن وحتراكت وسكنات اإلنس واجلن‬
‫واملالئكة وابلهائم وقطرات املياه وابلحار واألنهار واآلبار وأوراق‬
‫‪11‬‬ ‫األربعون العلياء‬

‫الشجر وحبات الرمال واحلص يف السهول واجلبال والقفار فهو خبلق‬


‫اهلل‪ ،‬بتقديره وعلمه األزيل‪ ،‬فاإلنس واجلن واملالئكة وابلهائم ال‬
‫َ ْ‬ ‫ً‬
‫خيلقون شيئا من أعماهلم‪ ،‬وهم وأعماهلم خلق هلل‪ ،‬ﱡﭐﲤ ﲥ ﲦ‬
‫َّ‬
‫ﲧﱠ‪ ،‬ومن كذ َب بالقدر فقد كفر‪.‬‬
‫وقائدنا وق َّرة أعيننا وغوثنا‬ ‫َ‬ ‫ونشهد أن َسيّ َدنا ونبيَّنا وعظيمنا‬
‫حمم ًدا عبده ورسوُل‪،‬‬ ‫ووسيلتنا ومعلمنا وهادينا ومرشدنا وشفيعنا َّ‬
‫ً‬ ‫َ َ‬
‫أرسله اهلل رمحة للعاملني‪ ،‬جاءنا بدين‬ ‫وصفيُّه وحبيبه وخليله‪َ ،‬من‬
‫كك األنبياء واملرسلني‪ ،‬هاديًا ومبَ ّ ً‬‫ّ‬
‫ونذيرا وداعيًا إىل اهلل‬
‫ً‬ ‫ّشا‬ ‫اإلسالم‬
‫َّ‬ ‫اجا ورس ً‬
‫اجا م ً‬ ‫ً َّ‬
‫وه ً‬
‫نريا‪ ،‬فبلغ الرسالة وأدى األمانة ونصح‬ ‫بإذنه قمرا‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫حق جهاده حَت أتاه ايلقني‪َ ،‬‬ ‫األمة وجاهد يف اهلل ّ‬
‫ونصح‬ ‫فعل َم وأرشد‬
‫َ َ‬ ‫ّ‬
‫أرسله‪ ،‬وريض اهلل‬ ‫احلق واجلنَّة‪ ،‬ﷺ وىلع ك رسول‬ ‫وهدى إىل طريق ّ‬

‫عن ساداتنا وأئمتنا وقدوتنا ومالذنا أيب بكر وعمر وعثمان ويلع‬
‫وسائر العّشة املبّشين باجلنة األتقياء البرة وعن أمهات املؤمنني‬
‫زوجات انلِب الطاهرات انلقيات َّ‬
‫املبآت‪ ،‬وعن أهل ابليت األصفياء‬
‫األجالء وعن سائر األويلاء وعباد اهلل الصاحلني‪.‬‬
‫ّ ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫احلق اذلي عليه األشاعرة‬ ‫وهلل احلمد والفضل والمنَّة أن هدانا هلذا‬
‫األمة اإلسالمية‪ ،‬واحلمد هلل ّ‬
‫ولك ّ‬ ‫ُّ‬
‫رب العاملني‪.‬‬ ‫واملاتريدية‬
‫‪12‬‬ ‫األربعون العلياء‬

‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫ِّ ٌ‬


‫ُمقدمة يف علم احلديث الَّشيف وإسناده‬
‫َ ِّ ِّ ُ‬
‫أهمية اإلسناد‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ ّ‬ ‫ّ‬
‫اإلسناد من األمور المه ّمة يف توثيق األخبار‪،‬‬ ‫إن م ّما ال شك فيه أن‬
‫ََ ْ ْ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬
‫فكيف به إذا اكن ذلك يف اإلخبار عن رسول اهلل ﷺ فَلن يؤخذ ذلك‬
‫َ‬
‫أوَل َ‬
‫وأه ُّم‪.‬‬ ‫بالسنَد‬
‫َّ‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُّ‬
‫واإلسناد يف اللغة هو َرفع احلديث إىل قائله‪ ،‬ويوز أن يَكون منقوال‬
‫َ‬ ‫فإن احل ّف َ‬
‫ّ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬
‫اظ يَعتَمدون يف ص ّحة‬ ‫من قوهلم‪" :‬فالن َسنَ ٌد" أي معتَ َم ٌد‪،‬‬
‫َ‬ ‫السنَد ع َ‬
‫ند أهل احلديث ىلع‬ ‫احلديث ىلع اإلخبار َعن َطريقه‪ ،‬ويطلَق َّ‬
‫السنَد ً‬
‫أيضا‪.‬‬ ‫رجال َّ‬
‫ّ‬ ‫ُّ َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫السن المؤكدة‪،‬‬ ‫اإلسناد من خصائص هذه األ ّمة وسنّة من‬ ‫َ‬ ‫ث ّم إن‬
‫بارك ريض اهلل عنه‪" :‬اإلسناد من ّ‬ ‫وذللك قال َعبد اهلل ابن الم َ‬ ‫َ‬
‫الين‪،‬‬
‫َ َ‬ ‫َ‬
‫شاء" اه‪ .‬وقال أبو َعبد اهلل احلاكم‪:‬‬ ‫شاء ما َ‬ ‫قال َمن َ‬ ‫ولوال اإلسناد ل‬
‫ْ‬ ‫وكرثة م َ‬ ‫َ‬ ‫ّ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫واظبَتهم ىلع حفظه‬ ‫الطائفة ُل‬ ‫وطلب هذه‬ ‫"فلوال اإلسناد‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫َل َر َس َمنار اإلسالم‪ ،‬وتلَ َمك َن أهل اإلحلاد وابل َدع فيه ب َوضع‬
‫َ ْ‬ ‫َّ‬ ‫َْ‬
‫األخبار إذا ت َع َّرت َعن وجود األسانيد‬
‫َ‬ ‫األحاديث وقلب األسانيد‪ ،‬فإن‬
‫ت بَ ْ ً‬
‫َتا" اه‬ ‫فيها اكنَ ْ‬
‫‪13‬‬ ‫األربعون العلياء‬

‫بن أيب َحكيم اكن عند إسحاق بن أيب فَ ْروةَ وع َ‬ ‫تبة َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫نده‬ ‫وحِك أن ع‬
‫َ َ‬
‫فج َعل ابن أيب ف ْر َوةَ يقول‪ :‬قال رسول اهلل ﷺ‪ ،‬قال رسول اهلل‬ ‫الزهر ُّي‪َ ،‬‬
‫ُّ‬
‫َ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ُّ ْ‬
‫ابن أيب ف ْر َوةَ ال تسند َحديثك؟! حتَ ّدثنا‬ ‫الزهر ُّي‪« :‬يا‬ ‫ﷺ‪ ،‬فقال ُل‬
‫ٌّ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫َ‬
‫بأحاديث ليس هلا خطم وال أزمة»‪.‬‬
‫َ َُُ‬ ‫ُُ‬
‫عل ُّو اإلسناد وطلبه‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َّ‬
‫اإلسناد م َن‬ ‫العايل أوَل من انلّازل ألن العل ّو يبْعد‬ ‫َ‬
‫اإلسناد‬ ‫ث ّم إن‬
‫َّ َ َّ‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬
‫وألن ق َ‬ ‫َ‬
‫وجل وذللك استحبّت‬ ‫رب اإلسناد قربة إىل اهلل عز‬ ‫اخل َلل‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫َ‬
‫الرحلة فيه‪ ،‬وقال أمحد بن َحنبل‪" :‬طلب اإلسناد العايل سنّة َع َّم ْن‬ ‫ّ‬
‫َ‬
‫َسلف" اه‪.‬‬
‫َ‬ ‫ََْ‬ ‫اكن يف اإلسناد انلّازل َمزيّ ٌة ال ت َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫وجد يف العايل كأن يكون‬ ‫ن َعم إذا‬
‫ّ‬ ‫أف َق َه أو اكن االتّصال فيه َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫أظه َر فإن‬ ‫رجاُل أوث َق من رجاُل أو أحف َظ أو‬
‫َ َ‬ ‫َ‬
‫انلّازل حينئذ أوَل‪.‬‬
‫ّ َ َ ْ َ‬ ‫َ‬
‫وب إىل عقبَة بْن َاعمر‬ ‫وروي َعن َعطاء بن أيب َرباح قال‪ :‬خ َر َج أبو أي‬
‫َ َ‬
‫يَسأُل َع ْن َحديث َسم َعه م ْن َرسول اهلل ﷺ ول ْم يبْ َق أ َح ٌد َسم َعه م ْن‬
‫ََْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َرسول اهلل ﷺ غ ْريه وغ ْري عقبَة‪ ،‬فل َّما قد َم إىل َمزنل َم ْسل َمة بن خمل‬
‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ َ ْ‬ ‫ْ‬
‫به ف َع َّجل َعليه‪ ،‬فخ َر َج إيله فعانقه ث َّم‬ ‫خََ‬ ‫األن َصار ّي وهو أمري مص فأ‬
‫‪14‬‬ ‫األربعون العلياء‬

‫ٌ‬ ‫ّ َ َ َ‬ ‫َ َ َ َ َ َ َ‬
‫وب؟ فقال‪َ :‬حديث َسم ْعته م ْن َرسول اهلل‬ ‫اء بك يا أبا أي‬ ‫قال ُل‪ :‬ما ج‬
‫ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫َ َ‬
‫ﷺ ل ْم يبْ َق أ َح ٌد َسم َعه م ْن َرسول اهلل ﷺ غريي وغ ْري عقبَة فابْ َعث‬
‫ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫ُّ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫ُّ‬
‫خ َ‬
‫ب‬ ‫َم ْن يَدلن َىلع َمزنُل‪ ،‬قال‪ :‬فبَ َعث َم َعه َم ْن يَدُل َىلع َمزنل عقبة‪ ،‬فأ‬
‫ّ َ َ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ََ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ‬
‫وب؟ فقال‪:‬‬ ‫اء بك يا أبا أي‬ ‫عقبة ف َع َّجل فخ َر َج إيله ف َعانقه‪ ،‬فقال‪ :‬ما ج‬
‫َ َ‬ ‫ٌ‬
‫َحديث َسم ْعته م ْن َرسول اهلل ﷺ ل ْم يبْ َق أ َح ٌد َسم َعه م ْن َرسول اهلل‬
‫َ‬ ‫َ َ ْ َ‬ ‫ْ ْ ْ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬
‫ﷺ غريي وغ ْري َك يف َسَت المؤمن‪ ،‬قال عقبَة‪ :‬ن َع ْم َسم ْعت َرسول اهلل‬
‫الل يَ ْو َم الْقيَ َ‬
‫ت ُه ُ‬ ‫ُّ ْ َ َ َ‬
‫َع َخ ْزيَة َس َ َ‬ ‫َ ْ َ ََ ُْ ً‬
‫امة»‪،‬‬ ‫ت مؤمنا يف ادلنيا‬ ‫ﷺ يَقول‪« :‬من س‬
‫َ َ‬ ‫ّ َ َ‬ ‫ّ َ َ َ ْ َ َّ ْ َ َ َ‬ ‫ََ َ َ‬
‫وب إىل َراحلته ف َركبَ َها‬ ‫صف أبو أي‬ ‫فقال ُل أبو أيوب‪ :‬صدقت‪ ،‬ثم ان‬
‫ص‪.‬‬ ‫َراج ًعا إ َىل ال ْ َمدينَة َف َما أ ْد َر َكتْه جائزة َم ْسلَ َم َة بْن َخمْ َل إ َّال ب َعريش م ْ َ‬

‫لو اإلسناد ما‬ ‫مما استَ َد َّل به أبو عبد اهلل احلاكم ىلع استحباب ع ّ‬ ‫و ّ‬
‫َ‬ ‫ونصه‪َ " :‬ح َّدثَنَا أبو َ‬ ‫َ َ‬
‫العبَّاس حم َّمد بْن‬ ‫«معرفة علوم احلديث» ُّ‬ ‫اُل يف َ‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫الص َغ ُّ‬ ‫َ َّ ْ ْ َ َ‬ ‫َي ْع َ‬
‫ان ثنا أبو انلَّْض ثنا سليْ َمان بْن‬ ‫اق َّ‬ ‫قوب ثنا حممد بن إسح‬
‫َ‬ ‫َ ْ َ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬
‫رية َع ْن ثابت َع ْن أنس قال‪ :‬كنَّا نهينَا أن نسأل َرسول اهلل ﷺ َع ْن‬ ‫المغ َ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ ْ َ َ ََ َ َ َْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ْ َ َ ْ ْ‬ ‫َ‬
‫ىشء فاكن يعجبنا أن يَأتيه الرجل من أهل ابلادية فيسأُل وَنن نسمع‪،‬‬
‫َّ‬
‫ك تَ ْزعم أَ َّن اهللَ‬ ‫َ َ َ َ َ َ َّ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ ٌ ْ ْ َ َ َ َ َ َّ َ َ َ‬
‫فأتاه رجل منهم فقال‪ :‬يا حممد أتانا رسولك فزعم أن‬
‫ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ َ َ َ َ َ َ َ َ َ َ َ ْ َ َ َ َّ َ َ َ َ‬
‫الل»‪ ،‬قال‪ :‬ف َم ْن‬ ‫اء؟ قال‪« :‬‬ ‫أرسلك قال‪« :‬صدق»‪ ،‬قال‪ :‬فمن خلق السم‬
‫ُ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ َ ََ ْ َ‬ ‫َ ََ َْ َ َ َ‬
‫خلق األرض؟ قال‪« :‬الل»‪ ،‬قال‪ :‬فمن نصب هذه اجلبال؟ قال‪« :‬الل»‪،‬‬
‫‪15‬‬ ‫األربعون العلياء‬

‫َ َ‬ ‫ُ َ َ َ َّ‬ ‫َ َ‬ ‫ال‪َ :‬ف َم ْن َج َع َل ف َ‬ ‫َ َ‬


‫الل»‪ ،‬قال‪ :‬فباذلي خل َق‬ ‫المنَاف َع؟ قال‪« :‬‬ ‫يها َهذه َ‬ ‫ق‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ال َو َج َع َل ف َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫اء َواأل ْر َض َونَ َص َ‬
‫المنَاف َع َءا َّّلل أ ْر َسلك؟‬ ‫يها َهذه َ‬ ‫ب اجلب‬ ‫الس َم َ‬
‫َّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َّ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ ََ‬
‫قال‪« :‬نع ْم»‪ ،‬قال‪َ :‬و َز َع َم َرسولك أن َعليْنَا مخْ َس َصل َوات يف يَ ْومنَا‬
‫َ ْ َ َ َ َ َّ َ َ َ َ َ َ َ َ‬ ‫َ َ َ َ َ َ َّ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬
‫َويلْلتنَا‪ ،‬قال‪« :‬صدق»‪ ،‬قال‪ :‬فباذلي أرسلك ءاّلل أمرك بهذا؟ قال‪:‬‬
‫َ َ َ َ َ‬ ‫ًَ َْ‬ ‫َ َ َّ َ‬ ‫ََ َ َ‬
‫«نع ْم»‪ ،‬قال‪َ :‬و َز َع َم َرسولك أن َعليْنَا َص َدقة يف أم َوانلَا‪ ،‬قال‪« :‬صدق»‪،‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َّ َ ْ َ َ َ َ َّ َ َ َ َ َ َ َ َ َ َ ْ َ َ‬
‫قال‪ :‬فباذلي أرسلك ءاّلل أمرك بهذا؟ قال‪« :‬نعم»‪ ،‬قال‪ :‬وزعم رسولك‬
‫ك َء َّ‬ ‫َ َ َ َ َ َ َ َ َ َ َ َّ َ ْ َ َ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ َّ َ‬
‫اّلل‬ ‫أن َعليْنَا َص ْو َم شهر يف سنتنا‪ ،‬قال‪« :‬صدق»‪ ،‬قال‪ :‬فباذلي أرسل‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ َّ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َََ َ َ َ َ َ ََْ َ َ‬
‫أمرك بهذا؟ قال‪« :‬نعم»‪ ،‬قال‪ :‬وزعم رسولك أن علينا حج ابليت من‬
‫َّ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ً َ َ َ َ َ َ َ َ َّ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ‬
‫اّلل أ َم َر َك‬ ‫استَ َطاع إيلْه َسبيال‪ ،‬قال‪« :‬صدق»‪ ،‬قال‪ :‬فباذلي أ ْر َسلك َء‬
‫َ َ ْ َّ َ َ َ ْ‬ ‫ّ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ َ َ َ َ َ َّ‬
‫ب َهذا؟ قال‪« :‬نع ْم»‪ ،‬قال‪َ :‬واذلي َب َعثك باحلَق ال أزيد عليهن وال أنقص‬
‫َّ َ‬ ‫َ َ َ ْ َ َ َ َ ْ ُ َ‬ ‫ََ‬ ‫ْ‬
‫منه َّن‪ ،‬فل َّما َم ََض قال‪« :‬لئ صدق َلَدخل َّن اجلَنة»‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫يث خمَ َّر ٌج يف المسنَد ّ‬‫ٌ‬
‫الصحيح لمسلم َوفيه َديلل ىلع إجازة‬ ‫وهذا حد‬
‫ْ َ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬
‫المرء العل َّو من اإلسناد وترك االقتصار ىلع الزنول فيه وإن اكن‬ ‫َطلَب َ‬
‫َ َ‬ ‫ََ‬
‫فأخبه بما ف َرض‬ ‫جاءه رسول َرسول اهلل ﷺ‬ ‫َسماعه َعن الّقة‪ ،‬إذ ل َ ّما َ‬

‫وسم َع‬ ‫اهلل علَيهم لم ي ْقن ْعه َذلك ّ‬


‫حَت َر َحل بنَ ْفسه إىل َرسول اهلل ﷺ َ‬

‫ب‬ ‫الرسول عنه‪ ،‬ولو اكن طلَب العل ّو يف اإلسناد َ‬


‫غري مستَ َ‬
‫ح ّ‬ ‫منه ما بَلَّ َغه َّ‬
‫‪16‬‬ ‫األربعون العلياء‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ؤاُل إيّاه َع ّما َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ألَ َ‬
‫أخبه َرسوُل َعنه وأل َم َره‬ ‫املصطىف ﷺ س‬ ‫نك َر عليه‬
‫الرسول َعنه" اه‪ .‬الكم احلاكم‪.‬‬ ‫باالقتصار ىلع ما َ َ‬
‫أخبه َّ‬

‫ُط ُرق اتلَّلَ ِِّق ِّ‬


‫والرواية‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ِّ ُ‬
‫واء أ َح َّدث من كتابه أو من‬
‫الشيخ َس ٌ‬ ‫‪ )1‬السماع‪ :‬أي َسماع لفظ‬
‫أرفع األقسام وأعالها ع َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ند‬ ‫حفظه بإمالء أو بغري إمالء‪ ،‬وهو‬
‫اجلمهور‪.‬‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ ّ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬
‫معىن أن القارئ يَعرض ىلع الشيخ‬ ‫‪ )2‬الع ْرض أو القراءة َع الشيخ‪ :‬ب‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫سواء قرأه ىلع الشيخ من كتابه أو َسم َعه بقراءة غريه من‬ ‫ٌ‬ ‫ذلك‬
‫َ‬
‫وسواء اكن الشيخ حاف ًظا ل َما عرض‬ ‫ٌ‬ ‫كتاب أو من حفظه ً‬
‫أيضا‪،‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ٌ َْ َ َ ّ َ َ‬
‫عليه أو ال‪ ،‬وسواء أمسك الشيخ أصله بنفسه أو ال‪.‬‬
‫جاز‬
‫ً‬
‫مثال في َع ّني الم َ‬ ‫العالم طابلًا بكتاب‬ ‫زي َ‬ ‫‪ )3‬اإلجازةُ‪ :‬ومنها أَن َي َ‬
‫َ َ‬ ‫َ ْ َ‬
‫تاب كذا‪ ،‬وروي‬ ‫أج ْزت لك أن ترو َي َع ّن ك‬ ‫جاز به فيقول‪َ :‬‬ ‫ُل والم َ‬
‫َ‬ ‫ّ َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫عياضا َحَك االتفاق ىلع جواز هذا انلّوع‪ ،‬ودون هذا‬ ‫َ‬
‫القايض‬ ‫أن‬
‫َ َ‬ ‫َ ّ‬ ‫ْ‬
‫ب جبَميع َمسمواعته من غري تعيني‪.‬‬ ‫الطال َ‬
‫الشيخ ّ‬ ‫أن يزي‬
‫ب شيئًا من َم ْرويّاته َ‬
‫الطال َ‬ ‫ّ‬
‫الشيخ ّ‬ ‫ُ ََُ‬
‫مع إجازته‬ ‫ناولة‪ :‬ويه إعطاء‬ ‫‪ )4‬الم‬
‫ً‬ ‫َ‬
‫ُل به َرصَيًا أو كناية‪.‬‬
‫‪17‬‬ ‫األربعون العلياء‬

‫َ‬ ‫َ ّ‬ ‫ْ‬ ‫ََُ‬


‫ب الشيخ شيئًا من َحديثه خب ّطه أو يَأم َر‬ ‫‪ )5‬املاكتبة‪ :‬ويه أن يَكت‬
‫َ‬ ‫ب عنه بإذْنه َس ٌ‬ ‫َغ َ‬
‫ً‬
‫حاضا يف بله‪.‬‬ ‫واء اكن اغئبًا عنه أو‬ ‫ريه يلَكت َ‬
‫ب ً‬ ‫ّ‬
‫لفظا بىشء من َم ْرويّه من‬ ‫الطال َ‬
‫الشيخ ّ‬ ‫‪ )6‬اإلعالم‪ :‬وهو إعالم‬
‫َ َ ّ‬ ‫َ ْ َ‬
‫غري إذن ُل يف روايَته َعنه وذلك َنو أن يقول الشيخ‪" :‬هذا َس َماع‬
‫ىلع فالن" وال يَأمره بروايَته عنه وال بانلَّقل عنه وال يناوُل وال‬
‫خيْبه إال بم َ‬
‫ج َّرد اإلعالم‪.‬‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫الشيخ ع َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ِّ‬
‫ند َموته أو َسفره بكتاب يَرويه‪.‬‬ ‫الوصية‪ :‬ويه أن يوص‬ ‫‪)7‬‬
‫َ َ‬ ‫ْ ََ‬
‫‪ )8‬الوجادة‪ :‬ويه أن يوقف ىلع أحاديث خب ّط َراويها ال يَ ْرويها‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ ْ َ َ‬
‫الواجد َعنه فله أن يقول‪َ " :‬و َجدت أو ق َرأت خب ّط فالن أو يف‬
‫َ‬
‫كتابه خب ّطه"‪.‬‬
‫‪18‬‬ ‫األربعون العلياء‬

‫َ َ َ‬ ‫ُ ُ‬
‫ني العلياء‬‫خطبة األربع‬
‫والس َ‬ ‫ًّ‬
‫ومتوالك علَيه وطابلًا اتلّ َ‬ ‫َ‬
‫داد‬ ‫وفيق منه ّ‬ ‫أقول مستعينًا باهلل تعاىل‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫اإلخالص‪:‬‬ ‫وأن يرزقن‬
‫ً‬ ‫َ‬
‫َنوا من أربعني حديثا من الكتب احلديثيّة املشهورة‪،‬‬ ‫انتقيت ً‬ ‫قد‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫وكنت قد َح َّصلت تلك الكتب تلقيًا ما بني قراءة وسماع مع اإلجازة‬
‫لكن َسمعت‬ ‫أمحد فلَم أت َّم َس َ‬
‫ماعه ّ‬ ‫َ‬ ‫والعامة بها ّإال م َ‬
‫سند‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اخلاصة‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫والعامة به‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫أما احلديث اذلي انتقيته‬ ‫اخلاصة‬ ‫الكثري منه مع اإلجازة‬
‫ّ‬
‫والعامة‪ ،‬وهلل َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ َّ‬
‫تلقيته َس ً‬
‫احلمد‪.‬‬ ‫اخلاصة‬ ‫مااع مع اإلجازة‬ ‫منه فهو مما‬
‫الّشوع ب َسد األحاديث َ‬ ‫ُّ‬
‫العلياء المنتقاة يف المعراج‬ ‫وهذا أوان‬
‫َ ّ يًا وإجازةً ‪ -‬وهلل الفضل والمنّة ‪ -‬بأسان َ‬ ‫ّ‬
‫يد‬ ‫واإلرساء واليت أرويها تلق‬
‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ت يف ثَبْ َ َّ‬
‫يت‪ :‬الّبْت الكبري «المجد والمعاِل يف‬ ‫اعيلة ىلع ما هو مثبَ ٌ‬
‫َ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬
‫العواِل»‪ ،‬والّبْت ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫الصغري «َجع اَلَواقيت الغواِل‬ ‫أسانيد َجيل حليم‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫من أسانيد َجيل حليم العواِل»‪.‬‬
‫‪19‬‬ ‫األربعون العلياء‬

‫َ‬
‫‪ ‬فمن صحيح ابلخار ِّي ‪‬‬
‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫‪ )1‬قال أبو َعبد اهلل‪َ :‬ح َّدثنَا هدبَة بْن خال َح َّدثنَا َه َّمام بْن َي ََي‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ ْ َ ََ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َّ َ َ َ َ َ َ ْ َ َ‬
‫حدثنا قتادة عن أنس بن مالك عن مالك بن صعصعة ريض اهلل‬
‫ََْ َ ََ‬ ‫َ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َعنْه َما أ َّن نَ َّ‬
‫ِب اهلل ﷺ َح َّدثه ْم َع ْن يلْلة أرس َي به‪« :‬بينما أنا يف‬
‫َ َ َّ ( ‪)3‬‬ ‫ْ (‪َ َ ْ ً َ ْ ُ )2‬‬ ‫َ َ‬
‫احلَطيم(‪َ - )1‬ور َّب َما قال‪ :‬يف احلجر ‪ -‬مضطجعا إذ أتان آت فقد »‪،‬‬
‫جارود‬ ‫ني َهذه إ َل َهذه» ‪َ -‬فقلْت للْ َ‬ ‫ال(‪َ :)4‬و َسم ْعته َيقول‪« :‬فَ َش َّق َما بَ ْ َ‬ ‫َ َ‬
‫ق‬
‫َ‬ ‫ْ َْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬
‫َوه َو إىل َجنِب‪َ :‬ما ي ْعن به؟ قال‪ :‬م ْن ثغ َرة َنره(‪ )5‬إىل ش ْع َرته( ‪َ ،)6‬و َسم ْعته‬
‫ْ‬
‫يت ب َطست من‬
‫ْ‬ ‫استَ ْخ َر َج قَلِْب‪ُ ،‬ث َّم أُت ُ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫يقول‪ :‬م ْن ق ّصه إىل ش ْع َرته ‪ -‬ف‬
‫َ‬

‫بني ُّ‬ ‫جر‪ ،‬وقال بعضهم‪ :‬هو ما َ‬ ‫العلماء‪ :‬احلَطيم هو احل ْ‬ ‫َ‬
‫الركن‬ ‫(‪ )1‬قال بعض‬
‫َ‬
‫يما ملا حط َم من جداره فلم ي َس َّو‬ ‫حط ً‬ ‫م َ‬ ‫جر‪ .‬وإنّما س ّ َ‬
‫زم واحل ْ‬‫وز ْم َ‬ ‫والمقام َ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫ببناء ابلَيت وتر َك خار ًجا منه َحمط َ‬
‫وم اجلدار‪ ،‬وأصل احلَطم الكس‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الرمحة من الكعبة جلهة الشام‪ ،‬وإنما‬ ‫حتت مزياب ّ‬ ‫ك من قَتادةَ‪ ،‬وهو ما َ‬ ‫َ ُّ‬
‫(‪ )2‬الش‬
‫ْ‬ ‫جرا ألنّه احتج َر أي اقتل َع من األرض بما أد َ‬ ‫مح ً‬ ‫سَّ‬
‫ير عليه من ابلنيان‪.‬‬
‫َ َ‬
‫(‪ )3‬أي فش َّق‪.‬‬
‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫(‪ )4‬القائل ه َو َه ّمام بن َي ََي َعن أنس بن َمالك‪.‬‬
‫َّ‬ ‫َّ َ‬ ‫ْ‬ ‫(‪ )5‬ث ْغرة انلَّ ْ‬
‫العظم ابلارز المتّصل بَني‬ ‫والَتقوة َ‬ ‫حر انلُّقرة بني الَتقوتني‪،‬‬
‫َ‬ ‫تمع َ‬ ‫والمنكب م َ‬ ‫المنكب وث ْغ َرة انلَّحر‪َ ،‬‬ ‫َ‬
‫العضد والكتف‪.‬‬
‫السة‪.‬‬‫( ‪ )6‬قريبًا من ُّ ّ‬
‫‪20‬‬ ‫األربعون العلياء‬

‫يد‪ُ ،‬ث َّم أُتيتُ‬ ‫َ َ َ ْ ُ َ َ ً (‪َ ُ َّ ُ )2( َ ُ َّ ُ ْ َ َ ُ َ )1‬‬


‫ذهب مملوءة إيمانا ‪ ،‬فغسل قلِب ثم حش ثم أع‬
‫ََ َ َ‬ ‫َ ََْ َ‬ ‫َ َّ ُ َ ْ َ َ‬
‫بدابة دون ابلَغل َوف ْوق احلمار أبيض ‪ -‬فقال ُل اجلارود ‪ :‬هو الباق‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫( ‪)3‬‬ ‫َ‬
‫ص َط ْرفه فَ ُحملْ ُ‬ ‫َ َ َ َ ْ َ َ(‪َ ْ َ َ ْ ُ َ ْ َ ُ َ َ ْ َ َ ٌ َ َ َ َ )4‬‬
‫ت‬ ‫يا أبا محزة ؟ قال أنس‪ :‬نعم ‪ -‬يضع خطوه عند أق‬
‫ْ ُ َ َّ َ َ َّ َ َ(‪َ َ )6( َ َ ْ َ ْ َ َ ْ ُّ )5‬‬ ‫َ َْ َ ْ ََ‬
‫عليه‪ ،‬فان َطلق ب جْبيل حّت أت السماء ادلنيا فاستفتح ‪ ،‬فقيل‬
‫َ َْ ُ َ‬ ‫ْ َ َ َ َ ُ َ َّ ٌ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ َ َ َ َ‬
‫َمن هذا؟ قال‪ :‬ج ْْبيل‪ ،‬قيل‪َ :‬و َمن َمعك؟ قال‪ُ :‬ممد‪ ،‬قيل‪َ :‬وقد أ ْرسل‬
‫َ ْ َ َ ُ َ َ َ َ َ َ َ َ َّ‬ ‫َ َ ًَ‬ ‫َ َ ََ‬ ‫َ‬
‫اء( ‪ )8‬ففتح‪ ،‬فلما‬ ‫إَلْه(‪)7‬؟ قال‪ :‬نع ْم‪ ،‬قيل‪ :‬م ْرحبا به فنعم المِجء ج‬

‫الزيادة يف الكماالت واحلكمة للنّ ّ‬


‫ِب ﷺ‪ .‬وقال‬ ‫مملوءا بىشء ََيصل به ّ‬
‫ً‬ ‫(‪ )1‬أي‬
‫الوصف‬ ‫س‪ّ ،‬‬
‫أما َ‬ ‫ىشء ح ّ ٌّ‬
‫ٌ‬ ‫الط ْست فيه‬
‫اهلرري رمحه اهلل‪َّ " :‬‬
‫ُّ‬ ‫شيخنا اإلمام‬
‫ىشء َمعنو ٌّي" اه‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫باحلكمة واإليمان فهو‬
‫الط ْست‪.‬‬
‫ئ بما اكن يف َّ‬ ‫أي مل َ‬ ‫(‪)2‬‬
‫ابِع اجلَارود بن أيب َس ْبةَ‪.‬‬
‫هو اتلّ ُّ‬ ‫(‪)3‬‬
‫ََ‬
‫َ‬
‫ريض اهلل عنه‪.‬‬ ‫يه كنيَة أنس بن مالك‬ ‫(‪)4‬‬
‫َ‬ ‫باب َّ‬ ‫أي َ‬
‫السماء األوَل‪.‬‬ ‫(‪)5‬‬
‫ْ‬
‫( ‪ )6‬أي أن يفتَح ُل بابها‪.‬‬
‫بشارا ال است ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫بعادا‬ ‫ً‬ ‫(‪ )7‬يعن هل طلب للعروج‪ ،‬وسؤال امللك اكن ف َر ًحا واست‬
‫َ‬
‫االستفهام عن أصل ابلعثة‬ ‫َ‬
‫"وليس مراده‬ ‫ُّ‬
‫انلووي‪:‬‬ ‫واست ً‬
‫ناكرا‪ .‬قال احلافظ‬
‫فإن ذلك ال َخي َىف عليه إىل هذه الم ّدة‪ ،‬فهذا هو ّ‬
‫الصحيح" اه‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والرسالة‬
‫( ‪ )8‬أي َميئه ممد ٌ‬
‫وح‪.‬‬
‫‪21‬‬ ‫األربعون العلياء‬

‫آد ُم فَ َسلِّ ْم َعلَ ْيه‪ ،‬فَ َسلَّ ْمتُ‬ ‫َ َ ْ ُ (‪َ َ ُ َ َ َ َ َ َ ُ َ َ َ َ )1‬‬


‫خلصت فإذا فيها آدم‪ ،‬فقال‪ :‬هذا أبوك‬
‫ُ‬ ‫َ َّ ِّ َّ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ ْ َ َّ َّ َ َ ُ َ َ َ َ ً‬
‫ِب الصالح‪ ،‬ث َّم‬ ‫عليه ف َرد السالم(‪ )2‬ث َّم قال‪ :‬م ْرحبا باِلبن الصالح وانل‬
‫ُ‬ ‫َ َّ َ َ َّ َ َ َّ َ َ َ ْ َ ْ َ َ َ ْ َ َ َ َ‬ ‫َ َ‬
‫اء اثلانية فاستفتح‪ ،‬قيل‪َ :‬من هذا؟ قال‪ :‬ج ْْبيل‪،‬‬ ‫صعد ب حّت أت السم‬
‫َ‬ ‫َ َ َ ْ ُ ْ َ َْ َ َ َ َ‬ ‫ْ َ َ َ َ ُ َ َّ ٌ‬ ‫َ‬
‫قيل‪َ :‬و َمن َمعك؟ قال‪ُ :‬ممد‪ ،‬قيل‪ :‬وقد أرسل إَله؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬قيل‪:‬‬
‫ْ‬
‫َُ‬
‫يس َوهما‬ ‫اء َف َفتَ َح‪ ،‬فَلَ َّما َخلَ ْص ُ‬
‫ت إ َذا ََيْ َي َوع َ‬ ‫َْ ًَ َ َْ َ‬
‫المِج ُء َج َ‬ ‫مرحبا به فنعم‬
‫ْ َ َ َ (‪ُ َّ َ ُ ْ َّ َ َ َ ْ َ َ ْ ِّ َ َ َ َ َ ْ َ َ َ َ َ )3‬‬
‫ت ف َردا ث َّم‬ ‫ابنا اخلالة ‪ ،‬قال‪ :‬هذا َيي وعيس فسلم عليهما‪ ،‬فسلم‬
‫َّ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ َ‬ ‫َ َّ ِّ َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ًَ‬
‫ِب الصالح‪ ،‬ث َّم صعد ب إل السماء‬ ‫قاِل‪ :‬م ْرحبا باألخ الصالح وانل‬
‫ْ َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ْ َ َ َ َ‬ ‫َ ْ ََْ َ‬ ‫َّ‬
‫اثلاثلَة فاستفتح‪ ،‬قيل‪َ :‬من هذا؟ قال‪ :‬ج ْْبيل‪ ،‬قيل‪َ :‬و َمن َمعك؟ قال‪:‬‬
‫َ ْ َ‬ ‫َ َ ًَ‬ ‫َ َ ََ‬ ‫َ َْ ُ َ َ‬ ‫ُ َ َّ ٌ‬
‫ُممد‪ ،‬قيل‪َ :‬وقد أ ْرسل إَلْه؟ قال‪ :‬نع ْم‪ ،‬قيل‪ :‬م ْرحبا به فنع َم المِج ُء‬
‫َ َ َ ُ َ َ َ َّ َ َ ْ ُ َ ُ ُ ُ َ َ َ َ ُ ُ ُ َ َ ِّ َ َ ْ‬
‫ت إذا يوسف‪ ،‬قال‪ :‬هذا يوسف فسل ْم عليه‪،‬‬ ‫جاء ففتح‪ ،‬فلما خلص‬
‫ُ‬ ‫َ َّ ِّ َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َّ ْ ُ َ َ ْ َ َّ ُ َ َ َ َ ً‬
‫ِب الصالح‪ ،‬ث َّم‬ ‫ت عليه ف َرد ث َّم قال‪ :‬م ْرحبا باألخ الصالح وانل‬ ‫فسلم‬

‫َ ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫وصلت‪.‬‬ ‫(‪ )1‬بفتح الالم أي‬
‫املار َ‬ ‫ْ‬
‫وإن اكن ُّ‬ ‫سل َم ُّ‬‫ّ‬
‫أفضل من القاعد‪.‬‬ ‫املار ىلع القاعد‬ ‫(‪ )2‬فيه استحباب أن ي‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫حنّة بنت فاقوذ أ ّم َم َ‬‫َ‬ ‫َ‬
‫ألن أ ّم ََي ََي إيشاع بنت فاقوذ أخت َ‬ ‫ّ‬
‫ريم‪ ،‬فعمران‬ ‫(‪)3‬‬
‫َ‬
‫َ ََ َ ْ‬ ‫حنّ َة‪ ،‬و َزكريّا عليه ّ‬ ‫ماثان َزوج َ‬‫َ‬
‫لت إيشاع‬ ‫السالم َزوج إيشاع‪ ،‬وو‬ ‫ا َ‬
‫بن‬
‫وحنّة خالة ََي ََي‪ ،‬فَع َ‬ ‫ريم َ‬
‫ريم‪ ،‬فإيشاع خالة َم َ‬ ‫حنّة َم َ‬ ‫ت َ‬‫ََ ْ‬ ‫َ‬
‫يَس‬ ‫َي ََي‪ ،‬وول‬
‫وليس عمران هذا أبا م َ‬ ‫َ َ َ‬
‫ِب ﷺ‬ ‫وىس انلَّ ّ‬ ‫َ‬ ‫السالم ابْنا خالة‪،‬‬ ‫عليهما ّ‬ ‫وَيَي‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ ٌ َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫الق ْسطال ُّ‬
‫ن‪.‬‬ ‫إذ بَينَهما فيما قيل ألف وثمانمائة َسنة‪ ،‬قاُل‬
‫‪22‬‬ ‫األربعون العلياء‬

‫َ َّ َ َ َّ َ َ َّ َ َ َ ْ َ ْ َ َ َ َ ْ َ َ َ َ ْ ُ‬ ‫َ َ‬
‫صعد ب حّت أت السماء الرابعة فاستفتح‪ ،‬قيل‪ :‬من هذا؟ قال‪ :‬جْبيل‪،‬‬
‫َ‬ ‫َ َ َ َ ْ ُ ْ َ َْ َ َ َ َ‬ ‫ْ َ َ َ َ ُ َ َّ ٌ‬ ‫َ‬
‫قيل‪َ :‬و َمن َمعك؟ قال‪ُ :‬ممد‪ ،‬قيل‪ :‬أوقد أرسل إَله؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬قيل‪:‬‬
‫ْ‬
‫َ ْ َ َ ُ َ َ َ ُ َ َ َ َّ َ َ ْ ُ َ ْ َ َ َ َ َ‬ ‫َ ًَ‬
‫ت إل إدريس قال‪ :‬هذا‬ ‫م ْرحبا به فنعم المِجء جاء ففتح‪ ،‬فلما خلص‬
‫َّ‬ ‫ْ ُ َ َ ِّ ْ َ َ ْ َ َ َّ ْ ُ َ َ ْ َ َ َّ ُ َّ َ َ َ ْ َ ً َ‬
‫إدريس فسلم عليه‪ ،‬فسلمت عليه فرد ثم قال‪ :‬مرحبا باألخ الصالح‬
‫َ‬ ‫َ َّ َ َ َّ َ َ َ َ َ َ ْ َ ْ َ َ‬ ‫ُ َ َ‬ ‫َ َّ ِّ َّ‬
‫اء اخلامسة فاستفتح‪ ،‬قيل‪:‬‬ ‫ِب الصالح‪ ،‬ث َّم صعد ب حّت أت السم‬ ‫وانل‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َْ‬ ‫ْ َ َ َ َ ُ َ َّ ٌ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ َ َ َ َ‬
‫َمن هذا؟ قال‪ :‬ج ْْبيل‪ ،‬قيل‪َ :‬و َمن َمعك؟ قال‪ُ :‬ممد‪ ،‬قيل‪َ :‬وقد أ ْرسل‬
‫َ ْ َ َ ُ َ َ َ َ َّ َ َ ْ ُ َ َ‬ ‫َ َ ًَ‬ ‫َ َ َ ََ‬
‫ت فإذا‬ ‫إَلْه؟ قال‪ :‬نع ْم‪ ،‬قيل‪ :‬م ْرحبا به‪ ،‬فنعم المِجء جاء‪ ،‬فلما خلص‬
‫َ ُ ُ َ َ َ َ َ ُ ُ َ َ ِّ ْ َ َ ْ َ َ َّ ْ ُ َ َ ْ َ َّ ُ َ َ‬
‫ت عليه ف َرد ث َّم قال‪:‬‬ ‫هارون قال‪ :‬هذا هارون فسلم عليه‪ ،‬فسلم‬
‫الس َم َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َّ‬ ‫ُ َ َ‬ ‫َ َّ ِّ َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ ًَ‬
‫اء‬ ‫ِب الصالح‪ ،‬ث َّم صعد ب حّت أت‬ ‫م ْرحبا باألخ الصالح وانل‬
‫َ ْ َ َ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ َ َ َ ْ َ ْ َ َ َ ْ َ َ َ َ‬
‫السادسة فاستفتح‪ ،‬قيل‪َ :‬من هذا؟ قال‪ :‬ج ْْبيل‪ ،‬قيل‪َ :‬من َمعك؟ قال‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ َ ََ َ َ َ ًَ‬ ‫َ َْ ُ َ َ‬ ‫ُ َ َّ ٌ‬
‫ُممد‪ ،‬قيل‪َ :‬وقد أ ْرسل إَلْه؟ قال‪ :‬نع ْم‪ ،‬قال‪ :‬م ْرحبا به فنع َم المِج ُء‬
‫ت‬ ‫وس فَ َسلِّ ْم َعلَ ْيه فَ َسلَّ ْم ُ‬ ‫َ َ َ َ َّ َ َ ْ ُ َ َ ُ َ َ َ َ َ ُ َ‬
‫جاء‪ ،‬فلما خلصت فإذا موس قال‪ :‬هذا م‬
‫َ َ َّ‬ ‫َ َّ ِّ َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ْ َ َّ ُ َ َ َ َ ً‬
‫ِب الصالح‪ ،‬فلما‬ ‫عليه‪ ،‬ف َرد ث َّم قال‪ :‬م ْرحبا باألخ الصالح وانل‬
‫َ َّ ُ َ ً (‪َ ُ )2‬‬ ‫َ َُ َ ُْ َ َ َ َْ‬ ‫ََ َ ْ ُ َ َ‬
‫اوزت(‪ )1‬بكى‪ ،‬قيل ل‪ :‬ما يبكيك؟ قال‪ :‬أبكي ألن غالما بعث‬ ‫َت‬

‫ّ‬
‫وىس أو َمقام اذلي كنت فيه‪.‬‬
‫(‪ )1‬أي م َ‬
‫صفه ُل بالغالم ليس ىلع َسبيل اتلّنقيص بل للتَّنويه بقدرة اهلل َ‬
‫وعظيم‬ ‫(‪َ )2‬و ْ‬
‫ً َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َك َرمه إذْ َ‬
‫أحدا قبْله م ّمن هو‬ ‫أعطى َمن اكن يف ذلك الس ّن ما لم ي ْعطه‬
‫‪23‬‬ ‫األربعون العلياء‬

‫َ ْ ُ ُ َ َّ َ ْ ُ َّ َ ْ َ ُ َّ ْ َ ْ ُ ُ َ ْ ُ َّ (‪َ َ َّ ُ )1‬‬ ‫َْ‬


‫بعدي يدخل اجلنة من أمته أكث ممن يدخلها من أمت ‪ ،‬ثم صعد‬
‫ُ‬ ‫َ ْ َ َ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ َ َ ْ َ ْ َ َ‬ ‫َ َّ َ‬
‫ب إل السماء السابعة فاستفتح ج ْْبيل‪ ،‬قيل‪َ :‬من هذا؟ قال‪ :‬ج ْْبيل‪،‬‬
‫َ َْ ُ َ َ َ َ ََ َ َ‬ ‫ْ َ َ َ َ ُ َ َّ ٌ‬ ‫َ‬
‫قيل‪َ :‬و َمن َمعك؟ قال‪ُ :‬ممد‪ ،‬قيل‪َ :‬وقد بعث إَلْه؟ قال‪ :‬نع ْم‪ ،‬قال‪:‬‬
‫َ ْ َ َ ُ َ َ َ َ َّ َ َ ْ ُ َ َ ْ َ ُ َ َ َ َ‬ ‫َ ًَ‬
‫يم‪ ،‬قال‪ :‬هذا‬ ‫م ْرحبا به فنعم المِجء جاء‪ ،‬فلما خلصت فإذا إبراه‬
‫ْ‬ ‫َ ُ َ (‪ً َ ْ َ َ َ َ َ َّ َّ َ َ ْ َ َ ُ ْ َّ َ َ ْ َ َ ْ ِّ َ َ )2‬‬
‫أبوك فسلم عليه‪ ،‬فسلمت عليه فرد السالم‪ ،‬قال‪ :‬مرحبا باِلبن‬

‫الرج َل المستَجم َع الس ّن غ ً‬


‫الما‬ ‫والعرب ت َس ّم ّ‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫العسقالن‪،‬‬ ‫َ‬
‫أس ُّن منه‪ ،‬قاُل‬
‫َ‬
‫مع استكثار فضائ له‬‫دامت فيه بَقيّ ٌة من الق ّوة‪ ،‬فاملراد استقصار م َّدته َ‬
‫ْ‬ ‫ما‬
‫واستتمام َسواد أ َّمته‪.‬‬
‫ْ‬ ‫ُّ َ‬ ‫ّ‬ ‫َ ً َ‬ ‫ًّ َ‬ ‫(‪ )1‬واكن بكاء َ‬
‫ب لهم أن‬ ‫موىس ﷺ رقة لقومه وشفقة عليهم ألنه اكن َي‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫لو اكنوا ىلع خري أكرث م ّما َعملوا‪ ،‬فكما أن موىس ﷺ أشف َق ىلع أ ّمة‬
‫َ‬
‫ختفيف َ‬ ‫ْ‬
‫أن َ‬ ‫فأشار ىلع سيّدنا ّ‬‫َ‬ ‫ّ‬
‫عدد‬ ‫يطلب من اهلل‬ ‫حممد ﷺ‬ ‫حممد ﷺ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫هو ىلع أ ّمته فبَك‪ .‬وال ينايف ذلك‬
‫أشفق َ‬ ‫الصلوات عن أ ّمته‪ ،‬فكذلك‬
‫ّ‬
‫موىس عليه ّ‬
‫السالم كسائر األنبياء يف نعيم دائم‪.‬‬ ‫كون َ‬
‫َّ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫لقن وابلَدر َ‬
‫الع ّ‬ ‫ّ‬
‫اخلط ُّ‬
‫تأول‬ ‫ين وغريهم‪" :‬ال يوز أن ي‬ ‫ايب وابن الم‬ ‫قال‬
‫ّ‬
‫احلسد ُل ﷺ‪ ،‬ألن ذلك ال يَليق بصفات األنبياء" اه‪.‬‬
‫َ‬ ‫بكاؤه ىلع‬
‫ِب ّ‬ ‫نس َ‬ ‫ّ‬
‫َ‬
‫إبراهيم ﷺ‪.‬‬ ‫حممد ﷺ يَرجع إىل‬ ‫ب انلّ ّ‬ ‫فإن َ‬ ‫(‪ )2‬أي أحد أجدادك‪،‬‬
‫‪24‬‬ ‫األربعون العلياء‬

‫َ َ َ َُ‬ ‫ُ َّ ُ َ ْ َ َّ ْ ُ ُ ْ َ َ‬ ‫َ َّ ِّ َّ‬ ‫َّ‬


‫( ‪)2‬‬
‫ِل سد َرة المنته(‪ ،)1‬فإذا نبقها‬ ‫ِب الصالح‪ ،‬ثم رفعت إ‬ ‫الصالح وانل‬
‫ْ َُ‬ ‫ََ َ َ َ‬ ‫َُ ُْ َ‬ ‫َ‬ ‫ُْ َ َ َ‬
‫مثل قالل هج َر(‪َ ،)3‬وإذا َو َرقها مثل آذان الفيلة‪ ،‬قال‪ :‬هذه سدرة‬
‫َ ( ‪)5‬‬ ‫َ ْ َ َ َ (‪َ َ ْ َ َ )4‬‬ ‫َُْ َ َ َ َْ ََ ُ ََْ‬
‫المنته‪ ،‬وإذا أربعة أنهار‪ :‬نهران باطنان ونهران ظاهران ‪،‬‬
‫َ َّ ( ‪)6‬‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ْ ُ َ َ َ َ ْ ُ َ َ َ َّ َ َ َ َ ْ‬
‫فقلت‪ :‬ما هذان يا جْبيل؟ قال‪ :‬أما ابلاطنان فنهران يف اجلنة ‪،‬‬
‫َْ ُ َ ْ ُ ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ َّ َّ‬
‫ور‪ ،‬ث َّم‬ ‫َوأما الظاه َران فانلِّيل َوالف َرات(‪ ،)7‬ث َّم ُرفع ِل ابليت المعم‬

‫َّ‬ ‫ّ ّ َ َ‬ ‫َّ‬
‫اط لع عليها ك‬ ‫ت ُل سدرة املنتَىه بنعوتها ك االستبانة حَت‬ ‫(‪ )1‬أي استبينَ ْ‬
‫َ ْ‬
‫فع َّب عنه بقوُل‪ُ « :‬رفعت‬ ‫قرب إيله َ‬ ‫بمثابة الىشء الم َّ‬ ‫االطالع فاكن ذلك َ‬ ‫ّ‬
‫َ ْ‬
‫ِل»‪ ،‬وقال بعضهم‪ :‬معناه رف ْعت فصت قريبًا منها‪ ،‬ويف رواية‪ُ « :‬رفعت‬ ‫إ َ َّ‬
‫ُّ ُ ْ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ت إل»‪.‬‬ ‫وضبطها األكرثون كما قال احلافظ العسقالن‪« :‬رفع‬ ‫ِل»‪،‬‬
‫بك س ابلاء وسكونها أي َ‬
‫ثمرها‪.‬‬ ‫َ‬ ‫(‪)2‬‬
‫ّ‬ ‫ٌ‬
‫(‪ )3‬أي ثمارها كبرية‪ ،‬الواحدة منها اكلقلة أي اجلَ َّرة الكبرية املعروفة يف‬
‫َ‬ ‫ليست يه َه َ‬
‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫ٌ‬ ‫وه َ‬ ‫ج َر‪َ ،‬‬ ‫َه َ‬
‫ج َر ناحية‬ ‫املنورة و‬ ‫جر قرية بقرب املدينة‬
‫املخاطب َ‬
‫َ‬ ‫ً‬ ‫واكنت قالل َه َ‬
‫ْ‬ ‫ابلَ َ‬
‫ني‪.‬‬ ‫جر معلومة عند‬ ‫حرين‪،‬‬
‫حَت يَصبّا يف اجلنّة‪ ،‬أو معناه‬ ‫(‪ )4‬أي َخمفيّان عن أعني انلاظرين فال ي َريان ّ‬
‫بوصفهما‪.‬‬ ‫نهران َيريان يف اجلنّة وال َخيرجان منها‪ ،‬وقيل‪ :‬معناه ال َياط َ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫(‪ )5‬أي خيرجان من اجلنّة يلَجريا خار َجها‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬الكوثَر ّ‬‫َ‬ ‫( ‪ )6‬اختل َف فيهما‪ ،‬فقيل‪ :‬الكوثَر َّ‬
‫والس لسبيل‪.‬‬ ‫والرمحة‪،‬‬
‫اهلرري‪" :‬انلّيل ماؤه يَزنل من اجلنّة ب َطريقة ال يَراها‬ ‫ّ‬ ‫(‪ )7‬قال شيخنا اإلمام‬
‫َ‬ ‫ّ َ‬ ‫َ‬
‫انلّاس ويَدخل يف أرض احلبشة ثم خيرج من هناك‪ ،‬وكذلك الفرات =‬
‫‪25‬‬ ‫األربعون العلياء‬

‫ْ َ َ ََ َ ْ ُ‬
‫ت اللَّ َبَ‬ ‫ْ ََ َ َ‬ ‫ْ َ ْ (‪َ َ )1‬‬ ‫ُ ُ َ‬
‫أتيت بإناء من َخر وإناء من لب وإناء من عسل‪ ،‬فأخذ‬
‫ْ َ ُ َّ َ ْ َ َ َ ْ َ َ ُ َّ ُ َ (‪ُ َ َ َّ َّ َ َ ْ َ ُ َّ ُ )2‬‬ ‫ََ َ‬
‫ال‪َ :‬‬
‫ه الفطرة الت أنت عليها وأمتك ‪ ،‬ثم فرضت َع الصلوات‬ ‫فق‬
‫َ ( ‪)4‬‬ ‫َ َ ُ ََ ُ َ ََ َ‬
‫ت(‪ )3‬فم َر ْرت َع موس فقال‪ :‬بما‬ ‫ك يَ ْوم‪ ،‬فَ َر َج ْع ُ‬
‫َ ْ َ َ َ ً ُ َّ‬
‫َخسني صالة‬
‫ُ ْ َ َ َ ُ ْ ُ َ ْ َ َ َ ً ُ َّ َ ْ َ َ َّ ُ َّ َ َ َ َ ْ َ ُ‬
‫أمرت؟ قال‪ :‬أمرت ِبمسني صالة ك يوم‪ ،‬قال‪ :‬إن أمتك ِل تستطيع‬

‫َ َ‬ ‫ماءهما تَ َّ‬
‫= ماؤه يَزنل من اجلنّة‪ ،‬لك ّن َ‬
‫بعدما ن َزل إىل األرض‪ ،‬ولو‬ ‫غري‬
‫َ‬
‫مرض وال َي ُّس بثقل"اه‪.‬‬
‫ّشب منه ال يَ َ‬ ‫بَق ماؤهما ىلع ص َفته اكن ّاذلي ي َ َ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫وليس من‬ ‫الرأس‬ ‫(‪ )1‬أي من مخر اجلنّة الّليذ اذلي ال يسكر وال يصدع‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َمخر ُّ‬
‫النيا اذلي هو ن ٌس ألن انلَّجس ال يكون َمعروض املالئكة‪.‬‬
‫(‪ )2‬أي دين اإلسالم‪.‬‬
‫ِب ﷺ‬ ‫ويح إيله أنّه فر َض ىلع انلّ ّ‬‫(‪ )3‬أي من املاكن ّاذلي اكن فيه ﷺ حيث أ َ‬
‫ّ‬
‫وليس المراد‬‫َ‬ ‫السادسة‪،‬‬ ‫السماء ّ‬ ‫والليلة إىل ّ‬ ‫وأ َّمته مخسون صالةً يف ايلوم‬
‫تعاىل بمقابلة َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ومسافة‪ ،‬حاشا هلل‪،‬‬ ‫ق اهلل‬ ‫وصل إىل َماكن ل َ‬ ‫ِب ﷺ‬ ‫أن انلّ َّ‬
‫وأبدا بال ماكن وال جهة‪ ،‬ويستحيل عليه ّ‬ ‫أزال ً‬ ‫ٌ ً‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫عز‬ ‫فإن اهلل تعاىل موجود‬
‫ّ ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫وبني خلقه مسافة أو مقابلة أو اتصال‪ ،‬ويستحيل‬ ‫وجل أن يكون بَينه‬
‫ً َ‬ ‫ٌ‬ ‫ْ َ ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ ّ‬
‫ىشء‪ ،‬اكن اهلل أزال قبل‬ ‫عليه أن َيل يف ىشء من العالم وأن َيل فيه‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫بعد خلق‬ ‫والزمان بال كيف وال َماكن‪ ،‬ولم يَزل سبحانه وتعاىل‬ ‫الماكن ّ‬ ‫َ‬
‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫املخلوقات بال كيف وال َماكن وال يري عليه َزمان‪.‬‬
‫بم ّد األلف‪.‬‬
‫الرواية َ‬
‫(‪ّ )4‬‬
‫‪26‬‬ ‫األربعون العلياء‬

‫( ‪)1‬‬
‫ت‬ ‫ك َو ََع َ ْ‬
‫جل ُ‬ ‫َ ْ َ َ َ ً ُ َّ َ ْ َ ِّ َ َّ َ ْ َ َّ ْ ُ َّ َ َ ْ َ َ‬
‫َخسني صالة ك يوم‪ ،‬وإن واّلل قد جربت انلاس قبل‬
‫ْ َ َ َ َ َّ ُ َ َ َ َ ْ ْ َ َ ِّ َ (‪َ ْ َّ ُ ْ َ ْ َ )2‬‬ ‫َ‬
‫بن إرسائيل أشد المعاجلة‪ ،‬فارجع إل ربك فاسأل اتلخفيف‬
‫ُ َّ َ َ َ َ ْ ُ َ َ َ َ (‪َ َ َ َ ُ َ ُ ْ َ َ َ ً ْ َ ِّ َ )3‬‬
‫ألمتك‪ ،‬فرجعت فوضع عن عَّشا‪ ،‬فرجعت إل موس فقال‬
‫ْ َ ُ (‪ُ َ ْ َ َ َ َ ُ َ ُ ْ َ َ َ ً ْ َ ِّ َ َ َ َ َ ُ ْ َ َ َ )4‬‬
‫ت إل موس فقال مثله‪،‬‬ ‫مثله ‪ ،‬فرجعت فوضع عن عَّشا‪ ،‬فرجع‬
‫ت‬ ‫ال م ْثلَ ُه‪ ،‬فَ َر َج ْع ُ‬
‫َ َ َ ْ ُ َ َ َ َ َ ِّ َ ْ ً َ َ َ ْ ُ َ ُ َ َ َ َ‬
‫فرجعت فوضع عن عَّشا‪ ،‬فرجعت إل موس فق‬
‫َ ُ ْ ُ َ ْ َ َ َ ُ َّ َ ْ َ َ َ ْ ُ َ َ َ ْ َ ُ َ َ َ ْ ُ َ ُ ْ ُ‬
‫فأمرت بعَّش صلوات ك يوم‪ ،‬فرجعت فقال مثله‪ ،‬فرجعت فأمرت‬
‫ت‪:‬‬ ‫ال‪ :‬ب َم أُم ْر َت؟ قُلْ ُ‬ ‫َ َ َ ُ َّ َ ْ َ َ َ ْ ُ َ ُ َ َ َ َ‬
‫ِبمس صلوات ك يوم‪ ،‬فرجعت إل موس فق‬
‫َْ‬
‫ُ َّ َ ْ َ َ َّ ُ َّ َ َ َ َ ْ َ ُ َ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ ْ ُ َْ‬
‫أمرت ِبمس صلوات ك يوم‪ ،‬قال‪ :‬إن أمتك ِل تستطيع َخس‬
‫ْ َ َ‬ ‫َ َ َ ُ َّ َ ْ َ ِّ َ ْ َ َّ ْ ُ َّ َ َ ْ َ َ َ َ َ ْ ُ َ‬
‫رسائيل‬ ‫ت بن إ‬ ‫صلوات ك يوم‪ ،‬وإن قد جربت انلاس قبلك وَعجل‬
‫َ َ َّ ُ َ َ َ َ ْ ْ َ َ ِّ َ (‪َ َ َ َّ ُ َ ْ َّ ُ ْ َ ْ َ )5‬‬
‫أشد المعاجلة‪ ،‬فارجع إل ربك فاسأل اتلخفيف ألمتك‪ ،‬قال‪:‬‬

‫الطاعة‪.‬‬ ‫وخ َبتهم ولَقيت منهم الش ّدةَ فيما َ‬


‫أردت منهم من ّ‬ ‫َ‬
‫جربْتهم‬‫أي َّ‬ ‫(‪)1‬‬
‫َ‬
‫وَح إيلك بأمر‬‫أي ارج ْع إىل املاكن ّاذلي تناِج فيه َربَّك حيث اكن ي َ‬ ‫(‪)2‬‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫تحزي يف َماكن وال يف ك األماكن‪ ،‬بل هو تعاىل‬‫تعاىل ال يَ َّ‬ ‫الصالة‪ ،‬واهلل‬
‫ً‬ ‫ٌ ً‬
‫موجود أزال وأبدا بال ماكن‪.‬‬
‫َ َّ‬ ‫أي َ‬
‫ح َّط وخفف‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫ثل قوُل ّ‬ ‫َ‬
‫األول‪.‬‬ ‫أي م‬ ‫(‪)4‬‬
‫الصحيفة ّ‬ ‫ّ‬
‫عليق اذلي َسبَق يف ّ‬ ‫انظر اتلّ َ‬
‫السابقة‪.‬‬ ‫(‪)5‬‬
‫‪27‬‬ ‫األربعون العلياء‬

‫َ َ ْ ُ َ ِّ َ َّ ْ َ ْ َ ْ ُ (‪َّ َ َ َ َ )2( ُ ِّ َ ُ َ َ ْ َ ِّ َ َ )1‬‬


‫سألت رب حّت استحييت ‪ ،‬ولكن أرض وأسلم ‪ ،‬قال‪ :‬فلما‬
‫َ َ ْ ُ (‪َ ْ َ ُ ْ َّ َ َ َ َ ُ ْ َ ْ َ )4( َ ُ َ َ )3‬‬
‫جاوزت نادى مناد ‪ :‬أمضيت فريضت وخففت عن عبادي »‪.‬‬
‫( ‪)5‬‬

‫َ‬ ‫َ‬
‫مرةً أخرى‪.‬‬ ‫ذلك ّ‬ ‫(‪ )1‬أي فال أسأل ختفيف‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ ّ ّ‬
‫أمره هلل تعاىل يف ك حال راض بما ق َّد َره‬ ‫سل ٌم َ‬ ‫(‪ )2‬ال شك أن رسول اهلل ﷺ م‬
‫ّ‬ ‫َ ِّ َ َ ُ َ ِّ‬
‫حمل قوُل ﷺ‪َ « :‬ولكن أ ْرض َوأسل ُم» ىلع اتلّأكيد‪ ،‬ومعناه أنه‬ ‫اهلل‪ ،‬في َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ﷺ ال يَرجع ليسأل اتلّخفيف بعد ذلك بل يَمِض فيما أويح إيله فيه‬
‫ّ‬ ‫الواجبة ٌ‬ ‫َ‬ ‫أن ّ‬ ‫ّ‬
‫مخس يف ايلوم والليلة‪.‬‬ ‫الص لوات‬ ‫من‬
‫وىس ﷺ‪.‬‬ ‫جاو َز م َ‬ ‫(‪ )3‬أي َ‬
‫َ‬ ‫َ ٌ ٌّ‬
‫(‪ )4‬أي َملك مبلغ عن اهلل تعاىل‪.‬‬
‫َ‬ ‫أنف ْذت فَر َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ َ‬
‫يضيت ىلع عبادي خبمس‬ ‫(‪ )5‬أي قال امللك‪ :‬إن اهلل تعاىل يقول‪« :‬‬
‫َ‬ ‫وخ َّففت عنهم من َمخس َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ني صالةً إىل مخس‬ ‫أوجبتها عليهم‬ ‫صلوات ف َ‬
‫ّشا فيَحصل لَهم ثَواب َمخس َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ني صالةً"‪.‬‬ ‫نة َع ً‬ ‫وأجزي احلس‬
‫ٌ‬
‫ويف احلديث ديلل ألهل احلَ ّق أهل السنّة واجلماعة األشاعرة واملاتريديّة‬
‫َّ‬
‫عز وجل‪،‬‬ ‫ص ٌف بَعد وفاته وأنّه َينْ َفع بإذْن اهلل َّ‬ ‫يل ُل تَ ُّ‬ ‫ِب َ‬
‫والو ّ‬ ‫أن انلَ َّ‬ ‫َ ّ‬
‫ىلع‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫يما بما َ‬ ‫حممد ﷺ نَ ْف ًعا َعظ ً‬ ‫موىس أ ّم َة ّ‬ ‫نف َع َ‬ ‫َ‬
‫حصل يل لة المعراج حني‬ ‫فقد‬
‫عدد ّ‬ ‫يف يف َ‬ ‫َ‬ ‫حممد أن َي ْط ل َ‬ ‫ىلع سيّدنا ّ‬ ‫َ َ‬
‫الصلوات‪،‬‬ ‫ب من اهلل اتلّخف‬ ‫أشار‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ويف هذا َر ٌّد ىلع م َشبّهة َ‬
‫ني حصول انلَّفع م ّمن‬ ‫جسمة انلّاف َ‬ ‫العص الم ّ‬
‫ً‬ ‫ّ َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫املتوسل باألنبياء واألويلاء مّشاك باهلل‪.‬‬ ‫مات‪ ،‬واذلين يَعتبون‬
‫‪28‬‬ ‫األربعون العلياء‬

‫َ َّ َ َ َ ْ َ َ ْ َ َ َ َ ْ َّ َ ْ َ َ َ‬
‫بنا يونس‬ ‫‪ )2‬وقال أبو َعبد اهلل‪ :‬حدثنا عبدان أخبنا عبد اّلل أخ‬
‫الز ْهري (ح) (‪َ )1‬ح َّدثَنَا أَ ْمحَد بْن َصالح َح َّدثَنَا َعنْبَ َسة َح َّدثَناَ‬ ‫َعن ُّ‬
‫َ‬ ‫َ َ َ َ َ‬
‫يض‬ ‫ال أنَس بْن َمالك‪َ :‬اك َن أبو َذر َر َ‬ ‫يونس َعن ابْن ش َهاب قال‪ :‬ق‬
‫َ َ ُ َ َ ْ ُ َ ْ َََ‬ ‫َ َّ َ َ‬ ‫َّ ْ‬
‫اّلل َعنه َيَدث أن رسول اّلل ﷺ قال‪« :‬فرج سقف بيت وأنا‬ ‫َّ‬
‫يل َف َف َر َج َص ْدري‪ُ ،‬ث َّم َغ َسلَ ُه ب َماء َز ْم َز َم‪ُ ،‬ث َّم َج َ‬
‫اء‬
‫َ َّ َ َ َ َ َ ْ ُ‬
‫بمكة‪ ،‬فَنل جْب‬
‫ُ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬
‫َ ً َ ْ َ َ‬ ‫ْ ًَ‬ ‫ْ َ َ َُْ‬ ‫ْ‬
‫ب َطست من ذهب ممتلئ حكمة َوإيمانا فأف َرغها يف صدري ث َّم‬
‫َ‬ ‫َ َّ َ‬ ‫ََ َ‬ ‫َْ ََ ُ ُ َ َ َ َ‬
‫خاري‬‫ّ‬ ‫أطبقه‪ ،‬ث َّم أخذ بيدي فع َرج ب إل السماء» ث َّم َساق ابل‬
‫ّ‬ ‫َ َ َ‬
‫احلديث قريبًا من اذلي َسبَق‪.‬‬

‫ّ‬ ‫ٌ‬
‫السنَد من طريق‬ ‫خاري َي ّول َّ‬
‫ّ‬ ‫(‪ )1‬يه إشارة إىل لكمة "حتويل" ألن اإلمام ابل‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫بن صالح‪ ،‬وقد ف َعل ذلك‬ ‫أمحد َ‬ ‫شيخه َعبْدان َلريو َي احلديث من طريق شيخه‬
‫أما اإلمام مسل ٌم‬‫الم ّرات‪ّ ،‬‬
‫خاري رمحه اهلل يف «صحيحه» َع َّشات َ‬ ‫ّ‬ ‫اإلمام ابل‬
‫املرات‪ .‬وربّما َ‬ ‫َ َ َ‬
‫فعاله تفاديًا تلَكرار‬ ‫عله رمحه اهلل يف «صحيحه» مئات ّ‬ ‫فقد ف‬
‫السنَ َد‪.‬‬
‫المنت مع اختالف َ‬ ‫َ‬

‫رايق يف ألفيّته «اتلّبصة واتلّذكرة» يف علوم احلديث‪:‬‬ ‫الزين الع ُّ‬ ‫قال احلافظ َّ‬
‫َ ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ْ‬ ‫َ‬
‫لغــ ْريه (ح) َوانطقــ ْن ب َهــا َوقــد‬ ‫َوكتَب ْوا عن َد انتقال م ْن َسنَد‬
‫َو َأ َّن َهـــا مـــ ْن َ‬ ‫َ‬
‫حائـــل‪َ ،‬و َقـــ ْد راَ‬ ‫ر َأى َّ‬
‫الر َهاو ُّي بأ ْن َال ت ْقراَ‬
‫َ‬ ‫َْ ْ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ْ َ َ‬ ‫َْ‬
‫احلحديث) قـ ْط‪َ ،‬وق ـيْال‬ ‫َماكن َهـا (‬ ‫بَ ْعض أ ْويل الغ ْرب بأن يق ْوال‬
‫َم َاكنَ َها ( َص َّح) فَـ(ح) منْ َها انْتخ ْ‬ ‫َ ْ َ َْ ْ َ َ‬
‫قال قَ ْد كت ْ‬
‫ب‬ ‫ب‬ ‫بل حاء حتويل و‬
‫‪29‬‬ ‫األربعون العلياء‬

‫آدم َح َّدثَنَا َشيْبَان َح َّدثَنَا َقتَ َ‬


‫ادة َع ْن‬ ‫‪ )3‬وقال أبو َعبد اهلل‪َ :‬ح َّدثَنَا َ‬
‫َ َّ َ َ َ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َْ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫أنس ريض اهلل عنه قال‪ :‬لما عرج بانلِب ﷺ إىل السماء قال‪:‬‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ ْ ُ َ َ َ َ (‪ُ َ ُ َ َ َ )1‬‬
‫اب اللُّ ْؤلُؤ ُ َ َّوفًا‪َ ،‬ف ُقلْ ُ‬
‫ت‪َ :‬ما هذا يا‬ ‫ُم‬ ‫«أتيت َع نهر حافت اه قب‬
‫ُ َ َ َ َ َ َ‬
‫ج ْْبيل؟ قال‪ :‬هذا الك ْوث ُر»‪.‬‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ َ‬
‫‪ )4‬وقال أبو َعبد اهلل‪َ :‬ح َّدثنَا حم َّمد بْن بَشار َح َّدثنَا غن َد ٌر َح َّدثنَا ش ْعبَة‬
‫يفة‪َ :‬ح َّدثَنَا يَزيد بْن ز َريْع َح َّدثَنَا َسع ٌ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َع ْن َقتَ َ‬
‫يد‬ ‫ادةَ (ح) وقال يل خل‬
‫العايلَة َح َّدثَنَا ابْن َع ّم نَبيّكم ‪َ -‬ي ْعن ابْنَ‬ ‫ادةَ َع ْن أَيب َ‬ ‫َع ْن َقتَ َ‬
‫َ َ ََْ ُ َ َ َ ُ ْ‬ ‫يض اهلل َعنْه َما ‪َ -‬عن انلَّ ّ‬
‫َعبَّاس َر َ‬
‫ت َلْلة أرس َي ب‬ ‫ِب ﷺ قال‪« :‬رأي‬
‫َ ُ َ َ( ‪)5‬‬ ‫ُ َ َ ُ ً َ َ (‪َ ْ ُ َّ َ َ )4( ً ْ َ )3( ً َ ُ )2‬‬
‫موس رجال آدم طواِل جعدا كأن ه من رجال شنوءة ‪،‬‬

‫(‪ )1‬أي َع َرض ُل يف اجلنّة َ‬


‫نه ٌر‪.‬‬
‫َ ً‬ ‫أبيض مّشقًا بل َ‬ ‫بّشته لون األ ْدمة‪ ،‬ف َ‬
‫أسمر سمرةً خفيفة‬ ‫ليس َ‬ ‫(‪ )2‬أي لون َ‬
‫َ‬
‫مع ىشء من احل ْمرة وابلياض اخل َفيفني‪.‬‬
‫َ‬ ‫ً‬ ‫(‪َ )3‬‬
‫بض ّم الطاء أي َطويال ىلع ما اكن يف زمانه‪.‬‬
‫شعر الرأس‪ ،‬وهو ض ُّد َّ‬
‫السبط‪.‬‬ ‫غري مسَتسل َ‬ ‫(‪ )4‬أي َ‬
‫ٌ‬ ‫َ َ‬ ‫ّ‬
‫(‪ )5‬أي يشبهم يف طوُل وس ْم َرته اخلفيفة‪ ،‬ويقال‪ :‬إن رجال شنوءةَ ‪ -‬وهم قبيلة‬
‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬
‫قحطانيّة من األ ْزد ‪ -‬غري سمان‪.‬‬
‫‪30‬‬ ‫األربعون العلياء‬

‫وع اخلَلْق(‪ )2‬إ َل احلُ ْمرةَ‬


‫َ ُ ً َ ْ ُ ً (‪َ ُ ْ َ )1‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ََْ‬
‫ورأيت عيس رجال مربوَع ‪ ،‬مرب‬
‫َ َّ َّ َ ( ‪)5‬‬ ‫َّ‬ ‫َ َ َ (‪َ َ ً َ ُ ْ َ َ َ )4( ْ َّ َ َ )3‬‬
‫وابلياض سبط الرأس ‪ ،‬ورأيت مالاك خازن انلار وادلجال »‬
‫َ‬
‫يف آيَات أ َراه َّن اهلل إيَّاه(‪ :)6‬ﱡﱞ ﱟﱠﱡﱢﱣﱠ(‪[ )7‬السجدة‪،]23 :‬‬
‫َُْ ُ َ َ َ ُ َ َ َ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ََ ٌ ََ َ ْ‬
‫قال أنس وأبو بكرة‪ :‬عن انلِب ﷺ‪َ« :‬ترس المالئكة المدينة‬
‫َ َّ َّ‬
‫ادلجال»‪.‬‬ ‫من‬

‫اكن معتد َل ُّ‬


‫الطول‪.‬‬
‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ َْ ٌ‬
‫عة َ‬
‫ومربوع إذا‬ ‫(‪ )1‬يقال‪ :‬رجل رب‬
‫ٌ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫(‪ )2‬أي معتدل اخل لقة‪ ،‬وهو بَيان ملا سبَق‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ ّ‬ ‫مائل لَون َ‬
‫َ‬
‫األسمر اذلي فوق‬ ‫البّشة إىل ما هو بَني احلمرة وابلَياض‪ ،‬وهو‬ ‫(‪)3‬‬
‫َ‬
‫أسود‪.‬‬ ‫ليس شد َ‬
‫يد ُّ‬
‫السمرة وال‬ ‫اآلدم لكنّه َ‬
‫سمرة َ‬
‫ليس َ‬
‫جبعد‪.‬‬ ‫الرأس َ‬ ‫شعر ّ‬‫سَتس َل َ‬
‫َ‬
‫أي م‬ ‫(‪)4‬‬
‫ِب ﷺ يف َماكنه ّ‬ ‫َ‬ ‫األعور ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫والجال يف‬ ‫الجال وانلّ ُّ‬ ‫أي ورأى رسول اهلل ﷺ‬ ‫(‪)5‬‬
‫ٌ‬ ‫َ‬
‫حمبوس يف األرض‪.‬‬ ‫ماكنه هو حيث‬
‫َ َ‬ ‫َ َ‬
‫مع عالمات أخ َر أراه ّن اهلل تعاىل نبيَّه ﷺ‪.‬‬ ‫أي َ‬ ‫( ‪)6‬‬
‫ك من لقاء ّ‬ ‫َ ّ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬
‫حممد‬ ‫إدراج من بعض الرواة‪ ،‬ومعناه فال تكن يف ش‬ ‫هو‬ ‫(‪)7‬‬
‫َ ّ‬ ‫َ‬ ‫موىس عليهما ّ‬
‫الصالة ّ‬ ‫َ‬
‫والسالم‪ ،‬وقال بعضهم‪ :‬معناه فال تكن يف شك‬
‫رأى ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫من رؤية ّ‬
‫حممد ﷺ‬ ‫حممد ﷺ ما ذك َر أنه رءاه‪ ،‬وقال ءاخرون‪:‬‬
‫جال َموع ً‬
‫ودا فال‬ ‫خر لَم ََيْكها‪ ،‬وإذا اكن خروج ّ‬
‫ال ّ‬ ‫َ‬ ‫ج َال َ‬
‫مع ءايات أ‬ ‫ال ّ‬
‫َ‬
‫ال ّ‬
‫جال‪.‬‬ ‫تَكن يف مرية من رؤية انلّ ّ‬
‫ِب ﷺ لَلعور َ‬
‫‪31‬‬ ‫األربعون العلياء‬

‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ َْ‬ ‫َ‬


‫‪ )5‬وقال أبو َعبد اهلل‪َ :‬ح َّدثنَا َي ََي بْن بكري َح َّدثنَا الليْث َع ْن‬
‫َْ‬
‫َ َ َ َّ َ َ َ َ َ َ ْ َ ْ َّ ْ َ َ َ‬ ‫َ‬
‫عقيْل َعن ابْن ش َهاب قال‪ :‬حدثن أبو سلمة بن عبد الرمحن قال‪:‬‬
‫َ ْ َ َ َّ َ َ َ َ‬ ‫َسم ْعت َجاب َر بْ َن َعبْد اهلل َر َ‬
‫يض اهلل عنهما أنه سمع رسول اهلل‬
‫ج َال(‪ُ )2‬‬
‫الل ِل‬
‫ْ (‪َ َ )1‬‬
‫ت يف احلجر ف‬ ‫ﷺ َيقول‪« :‬ل َ َّما َك َّذ َب ْتن قُ َري ْ ٌش ُق ْم ُ‬
‫ََ َْ ُ َ‬ ‫َ َ ْ ُ (‪َ ْ َ ُ ُ ْ ُ )3‬‬ ‫َْ َ َْ‬
‫ْبه ْم عن آياته(‪َ )4‬وأنا أنظ ُر إَلْه»‪.‬‬ ‫ت المقدس‪ ،‬فطفقت أخ‬ ‫بي‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫‪ )6‬وقال أبو َعبد اهلل‪َ :‬ح َّدثنَا َحفص بْن ع َم َر َح َّدثنَا ش ْعبَة َعن‬
‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َْ َ َ ْ ََْ ََ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬
‫األعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد اهلل ريض اهلل عنه‬
‫َ َ ََ َ ْ َ ً َ ْ‬
‫خ َْضَ‬ ‫ﱡﲖﲗﲘﲙﲚﲛﱠ(‪[ )5‬انلجم‪ ،]18 :‬قال‪« :‬رأى رفرفا أ‬

‫(‪ )1‬سبَق الالكم عليه يف احلديث ّ‬


‫األول‪.‬‬
‫ّ‬ ‫كش َف احلج َ‬
‫ب بَين وبينَه حَت رأيته كأنه عندي‪.‬‬
‫َ‬
‫(‪ )2‬أي‬
‫َ‬
‫(‪ )3‬أي أخذت‪.‬‬
‫(‪ )4‬أي عالماته وتفاصيله وأحواُل‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫بعض عجائب العالم الع لو ّي حني عر َج به ﷺ إىل‬ ‫حمم ٌد ﷺ َ‬‫رأى ّ‬ ‫(‪ )5‬أي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫السماوات‪ .‬وال يصح محل هذا انلَص يف معرض االستدالل ىلع أنه ﷺ‬
‫رأى َربَّه بفؤاده ‪ -‬كما هو قول اجلمهور ‪ -‬وال ىلع أنّه ﷺ رأى َربَّه َ‬
‫بع َ ْ‬
‫ين‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫رأسه ‪ -‬وهو القول املرجوح ‪ -‬ألن "اآليات" مجع ءاية‪ ،‬ويه يف انلَ ّص‬
‫َ ًَْ‬ ‫ٌ‬
‫ان مضافة إىل اهلل تعاىل خلقا وتكوينًا بقوُل‪ :‬ﱡﭐ ﲙ ﲚ ﱠ =‬ ‫القرء ّ‬
‫‪32‬‬ ‫األربعون العلياء‬

‫َس َّد أف َق َّ‬


‫الس َماء(‪.»)1‬‬

‫ّ‬ ‫ْ‬
‫أن ي َ‬ ‫َ‬
‫راد باآليات ذات اهلل وإال‬ ‫= فاهلل تعاىل خالق هذه اآليات‪ ،‬فال يوز‬
‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ ْ‬ ‫ّ‬
‫مربوب نلَفسه خملوق ُل‪ ،‬وذلك ضالل‬ ‫أن َ‬
‫اهلل‬ ‫املعىن فاس ًدا وهو‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫صار‬
‫ني‪.‬‬ ‫مب ٌ‬
‫ذك َر ابن مسعود ريض اهلل عنه يف هذا احلديث من اآليات الك َ‬ ‫َ َ‬
‫بى‬ ‫وقد‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الر َ‬ ‫َّ‬
‫األخْض‪.‬‬ ‫فرف‬
‫ٌ‬
‫ٌ‬
‫مأمور‬ ‫ساط َعريض ج ًّدا يَس ُّد األفق‪ ،‬قيل‪ :‬إنه خاد ٌم‬ ‫َ‬
‫األخْض ب ٌ‬ ‫فرف‬ ‫الر َ‬ ‫(‪َّ )1‬‬
‫َ‬
‫خاصة يف اجلنّة حيث يتّكئ املؤمنون ويَفَتشون‬ ‫ّ‬ ‫من اهلل تعاىل بأمور‬
‫الصالح يف اجلّنة َرفْ َرف أي َ‬
‫طار‬ ‫يل ّ‬ ‫استوى عليه َ‬
‫الو ّ‬ ‫َ‬ ‫عليه إذا أراد وا‪ ،‬وإذا‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫فيذهب به إىل خيام أزواجه‬ ‫به فوق أنهار اجلنّة وشطوطها حيث شاء‬
‫اخلَريات احلسان من احلور العني‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ َ‬
‫األخْض‬ ‫فرف‬‫الر َ‬
‫جاءه َّ‬ ‫نتىه َ‬ ‫ِب ﷺ يف معراجه سدرةَ الم‬ ‫بلغ انلَّ ُّ‬ ‫ولما‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫العرش ث ّم َ‬ ‫َ‬
‫ج َعل خيفض ويَرفع‬ ‫فرف إىل َ‬ ‫الر َ‬ ‫َ‬
‫فطار به َّ‬ ‫فجل َس ﷺ عليه‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اهلل تعاىل ىلع هذه انلّعمة‬ ‫شكر َ‬ ‫وصل إيله‪ ،‬فل ّما رأى ﷺ ذلك‬ ‫حَت َ‬

‫حمم ٌد‬ ‫العرش «ال هلإ إال اهلل ّ‬ ‫العظيمة‪ ،‬ورأى رسول ﷺ مكتوبًا ىلع قوائم َ‬ ‫َ‬
‫أربعة من َ‬ ‫ٌ‬ ‫ً ََ َ‬
‫لة َ‬
‫أكب املالئكة‬ ‫العرش وهم‬ ‫رسول اهلل»‪ ،‬ورأى ﷺ أيضا مح‬
‫َ‬ ‫ٌ َ‬
‫معهم‬ ‫العرش َ‬ ‫يوم القيامة فيَحملون‬ ‫ءاخرون َ‬ ‫جما‪ ،‬وي َض ُّم إيلهم أربعة‬
‫ح ً‬ ‫َ‬
‫الرسول ﷺ تَ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫ناول =‬ ‫حان وقت رجوع ّ‬ ‫وذلك بيانا لع َظم ذلك ايلوم‪ .‬ول ّما‬
‫‪33‬‬ ‫األربعون العلياء‬

‫ُ‬
‫‪ ‬ومن صحيح مسلم ‪‬‬
‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ ْ‬ ‫َ‬
‫احلسني‪َ :‬ح َّدثنَا شيبَان بْن ف ُّروخ َح َّدثنَا محَّاد بْن َسل َمة‬ ‫َ‬ ‫‪ )7‬قال أبو‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َّ‬ ‫ََ‬ ‫ت ْابلنَ ُّ‬ ‫َح َّدثَنَا ثَاب ٌ‬
‫ان َع ْن أنس بْن َمالك أن َرسول اهلل ﷺ قال‪:‬‬
‫ُ ْ ُ ْ ُ َ َ ُ َ َ َّ ٌ َ ْ َ ُ َ ٌ َ ْ َ ْ َ َ ُ َ ْ َ ْ‬
‫«أتيت بالْباق وهو دابة أبيض طويل فوق احلمار ودون ابلغل‬
‫ت َب ْيتَ‬ ‫ض ُع َحاف َر ُه ع ْن َد ُم ْنتَ َه َط ْرفه(‪ ،)1‬فَ َرك ْبتُ ُه َح َّّت أَ َت ْي ُ‬ ‫َ َ‬
‫ي‬
‫اء(‪ُ )2‬ث َّم َد َخلْ ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ال ْ َم ْقدس‪ ،‬فَ َربَ ْطتُ ُه باحلَلْ َقة الَّت يَ ْرب ُط به األنْبيَ ُ‬
‫ت‬
‫ُ‬ ‫َ ْ َ َ ْ (‪َ َ ُ ْ َ َ َّ ُ )4‬‬ ‫ال ْ َم ْسج َد(‪ )3‬فَ َصلَّ ْي ُ‬
‫اءن ج ْْبيل‬ ‫ج َ‬ ‫ت فيه ركعتني ‪ ،‬ثم خرجت ف‬

‫َ‬ ‫حَت َ‬
‫فعا ّ‬‫ور ً‬ ‫خ ً‬‫َ‬ ‫َّ َ َ‬
‫وصل إىل حيث يَنتظره جبيل وقد‬ ‫فضا َ‬ ‫َ‬
‫فطار به‬ ‫فرف‬ ‫= الر‬
‫َ‬
‫للمرة الانية ىلع َهيئته األصليّة اليت خ ل َق عليها‪.‬‬
‫ظهر ُل ّ‬ ‫َ‬
‫ّ‬ ‫ٌ‬ ‫ند ءاخر ما يَراه َ‬ ‫أي يَ َضع حاف َره ع َ‬
‫نظره من األرض‪ ،‬وهو كناية عن أنه‬ ‫(‪)1‬‬
‫يع بعيد اخل َ ْطو‪.‬‬ ‫رس ٌ‬
‫ّ‬ ‫دوابهم‪ .‬واحلَ ْلقة يف ّ‬
‫أي يَربطون بها َّ‬
‫الرواية بسكون الالم كما يه ىلع‬ ‫(‪)2‬‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬
‫اللغة الفصيحة املشهورة‪ ،‬وحِك فتحها لغة‪.‬‬
‫َ‬
‫األقص‪.‬‬ ‫المسج َد‬ ‫أي َ‬ ‫(‪)3‬‬
‫إماما باألنبياء عليهم ّ‬
‫صالها ً‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫أي حتيّ َة َ‬
‫الصالة‬ ‫الصالةَ اليت‬
‫المسجد أو ّ‬ ‫(‪)4‬‬
‫والسالم‪.‬‬‫ّ‬
‫‪34‬‬ ‫األربعون العلياء‬

‫ْ َ َ َ ْ َ ْ ُ َّ َ َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َْ‬ ‫َ َ ْ َّ َ ُ َ‬
‫ب‪ ،‬فقال‬ ‫عليه السالم بإناء من َخر(‪َ )1‬وإناء من لب فاختت الل‬
‫َ َّ َ َ ْ َ ْ َ َ‬ ‫ْ ُ ْ َْ َ ْ ْ َ ُ ُ َ َ‬
‫تت الفط َرة(‪ ،)2‬ث َّم عرج بنا(‪ )3‬إل السماء فاستفتح‬ ‫جْبيل‪ :‬اخ‬
‫ْ َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ْ ُ َ َ َ َ ْ َ َ َ‬
‫ت؟ قال‪ :‬ج ْْبيل‪ ،‬قيل‪َ :‬و َمن َمعك؟ قال‪:‬‬ ‫جْبيل‪ ،‬فقيل‪ :‬من أن‬
‫َ َ َ ْ ُ َ َ َ ُ َ َ َ َ َ ََ‬ ‫ُ َ َّ ٌ َ َ ْ ُ َ َ‬
‫ُممد‪ ،‬قيل‪َ :‬وقد بعث إَلْه(‪)4‬؟ قال‪ :‬قد بعث إَلْه‪ ،‬ففتح نلا فإذا أنا‬
‫َّ َ‬ ‫َ ْ ُ ُ َ َ َ َّ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َّ‬
‫بآدم ف َرح َب ب َود ََع ِل ِبْي‪ ،‬ث َّم عرج بنا إل السماء اثلانية‬
‫ُ‬ ‫َّ َ ُ َ َ َ َ َ ْ َ َ َ‬ ‫ُ َ َْ‬ ‫َ ْ ََْ َ‬
‫ت؟ قال‪ :‬ج ْْبيل‪،‬‬ ‫فاستفتح ج ْْبيل عليه السالم‪ ،‬فقيل‪ :‬من أن‬
‫َ َْ ُ َ َ َ َ َْ ُ َ‬ ‫ْ َ َ َ َ ُ َ َّ ٌ‬ ‫َ‬
‫قيل‪َ :‬و َمن َمعك؟ قال‪ُ :‬ممد‪ ،‬قيل‪َ :‬وقد بعث إَلْه؟ قال‪ :‬قد بعث‬
‫َْ ْ‬ ‫َ ْ َ َ‬ ‫َْ َ ُ َ ََ َ َ ََ ْ َ َْ َ‬
‫يس ابن م ْري َم َو َي َي بن‬ ‫ن اخلالة ع‬ ‫إَله‪ ،‬ففتح نلا فإذا أنا باب ْ‬
‫َ‬ ‫َْ ُ َ َ‬ ‫َ َ ْ َ َ َّ َ َ َ‬ ‫َ َ َّ َ َ َ ُ‬
‫اء صل َوات الل عليهما ف َرحبا َودع َوا ِل ِبْي‪ ،‬ث َّم ع َرج ب إل‬ ‫زكري‬

‫(‪ )1‬أي َمخر اجلنّة‪ ،‬وسبَق الالكم ىلع ذلك يف احلديث ّ‬


‫األول‪.‬‬
‫ين اإلسالم‪.‬‬ ‫(‪ )2‬أي د َ‬
‫ٌ َ‬
‫ىشء يبْ َهر‬ ‫سوس م ٌ‬
‫بارك‪،‬‬ ‫ِب ﷺ ىلع المرقاة ويه س َّل ٌم َحم ٌ‬‫(‪ )3‬واكن صعود انلّ ّ‬
‫َ ٌ‬ ‫َّ‬ ‫َ َ‬
‫خرى من ف ّضة وهكذا‪ ،‬قاُل‬‫ذهب وأ َ‬ ‫جة منه من َ‬ ‫األنظار مجيل اللون‪ ،‬در‬
‫ُّ‬
‫اهلرري رمحه اهلل‪.‬‬ ‫شيخنا اإلمام‬
‫بشارا ال است ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫بعادا‬ ‫ً‬ ‫(‪ )4‬يعن هل ط لب للعروج‪ ،‬وسؤال امللك اكن ف َر ًحا واست‬
‫َ‬
‫االستفهام عن أصل ابلعثة‬ ‫َ‬
‫"وليس مراده‬ ‫ُّ‬
‫انلووي‪:‬‬ ‫واست ً‬
‫ناكرا‪ .‬قال احلافظ‬
‫فإن ذلك ال َخي َىف عليه إىل هذه الم ّدة‪ ،‬فهذا هو ّ‬
‫الصحيح" اه‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والرسالة‬
‫‪35‬‬ ‫األربعون العلياء‬

‫ْ ُ‬ ‫َّ َ َ ْ َ ْ َ َ ْ ُ َ َ َ َ َ ْ َ َ َ‬ ‫َّ َ‬
‫السماء اثلاثلة فاستفتح جْبيل‪ ،‬فقيل‪ :‬من أنت؟ قال‪ :‬جْبيل‪،‬‬
‫َ َْ ُ َ َ َ َ َْ‬ ‫ْ َ َ َ َ ُ َ َّ ٌ‬ ‫َ‬
‫قيل‪َ :‬و َمن َمعك؟ قال‪ُ :‬ممد ﷺ‪ ،‬قيل‪َ :‬وقد بعث إَلْه؟ قال‪ :‬قد‬
‫وس َف ﷺ إ َذا ُه َو قَد أُ ْعط َي َش ْطرَ‬ ‫ُ َ َْ َ ُ َ ََ َ َ ََ ُ ُ‬
‫بعث إَله‪ ،‬ففتح نلا فإذا أنا بي‬
‫َّ َ‬ ‫َ ْ ُ َّ ُ َ َ َ َّ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ ُ ْ (‪َ َ َ َّ َ َ )1‬‬
‫احلسن فرحب ودَع ِل ِبْي‪ ،‬ثم عرج بنا إل السماء الرابعة‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ َ ْ َّ َ ُ َ ْ َ َ َ َ‬ ‫َ ْ ََْ َ‬
‫فاستفتح ج ْْبيل عليه السالم‪ ،‬قيل‪َ :‬من هذا؟ قال‪ :‬ج ْْبيل‪ ،‬قيل‪:‬‬
‫ْ َ َ َ َ ُ َ َّ ٌ َ َ َ ْ ُ َ َ َ َ َ ْ ُ َ َ‬
‫َو َمن َمعك؟ قال‪ُ :‬ممد‪ ،‬قال‪َ :‬وقد بعث إَلْه؟ قال‪ :‬قد بعث إَلْه‪،‬‬
‫َْ َ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َّ‬ ‫َ ُ َ َ َ َ ََ ْ َ‬
‫الل ع َّز‬ ‫ففتح نلَا فإذا أنا بإدريس ﷺ ف َرح َب َود ََع ِل ِبْي‪ ،‬قال‬
‫ُ ُ َ َ َ َّ َ‬ ‫َ َّ‬
‫َوجل‪ :‬ﱡﭐ ﱲﱳﱴﱠ(‪[ )2‬مريم‪ ،]57 :‬ث َّم عرج بنا إل السماء‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ َ َ ََ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َْ َ َ ْ َ ْ َ َ‬
‫اخلامسة فاستفتح ج ْْبيل‪ ،‬قيل‪َ :‬من هذا؟ فقال‪ :‬ج ْْبيل‪ ،‬قيل‪:‬‬
‫َ َْ ُ َ َ َ َ َْ ُ َ َ‬ ‫ْ َ َ َ َ ُ َ َّ ٌ‬
‫َو َمن َمعك؟ قال‪ُ :‬ممد‪ ،‬قيل‪َ :‬وقد بعث إَلْه؟ قال‪ :‬قد بعث إَلْه‪،‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬


‫(‪ )1‬أي أوِت ن ْصف مقدار اجلَمال اذلي و ّزع بَني انلّاس‪ .‬ومجال يوسف ﷺ‬
‫ّ َ‬ ‫أما نَبيُّنا ّ‬ ‫اكن مكشوفًا ولم يَكن َمصونًا ب َ‬
‫حمم ٌد ﷺ فإنه قد‬ ‫المهابة‪ّ ،‬‬
‫اكن َمصونًا باجلَالل أي َ‬‫ّ َ َ َ‬ ‫َ َّ‬
‫المهابة‪.‬‬ ‫سن لكه لكن مجاُل‬ ‫أعط َي احل‬
‫َ‬
‫الق ْدر‪ّ ،‬‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫فالرفعة‬ ‫إدريس ﷺ إىل َدرجة اعيلة يف‬ ‫َ‬ ‫عز وجل‬‫رف َع اهلل َّ‬ ‫(‪َ )2‬معناه‬
‫َ ّ‬ ‫ّ َ ّ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫هنا بعل ّو املرتَبة‪ ،‬و َ‬
‫عة أو ّ‬
‫السادسة وأنه‬ ‫أسكنّاه السماء الراب‬ ‫ليس معناه‬
‫َ َ َ َ‬ ‫َ‬
‫مات فيها كما يقول بعضهم‪ ،‬قال تعاىل‪ :‬ﱡﭐ ﱮ ﱯ ﱰﱱﱲ‬

‫ﱳ ﱴ ﱵﱠ‪.‬‬
‫‪36‬‬ ‫األربعون العلياء‬

‫َ ْ ُ َّ ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َّ َ َ َ‬ ‫َ ُ َ ََ َ َ ََ َ ُ َ‬
‫ففتح نلا فإذا أنا بهارون ﷺ فرحب ودَع ِل ِبْي‪ ،‬ثم عرج بنا‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ َ ُ‬ ‫ُ َ َْ‬ ‫َّ َ َ ْ َ ْ َ َ‬ ‫َ َّ َ‬
‫إل السماء السادسة فاستفتح ج ْْبيل عليه السالم‪ ،‬قيل‪َ :‬من‬
‫َ َْ ُ َ‬ ‫ْ َ َ َ َ ُ َ َّ ٌ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َ َ‬
‫هذا؟ قال‪ :‬ج ْْبيل‪ ،‬قيل‪َ :‬و َمن َمعك؟ قال‪ُ :‬ممد‪ ،‬قيل‪َ :‬وقد بعث‬
‫وس ﷺ فَ َر َّح َب َو َدَعَ‬ ‫َْ َ َ َ ْ ُ َ َْ َ ُ َ ََ َ َ ََ ُ َ‬
‫إَله؟ قال‪ :‬قد بعث إَله‪ ،‬ففتح نلا فإذا أنا بم‬
‫ُ َ َ‬ ‫َّ َ َ ْ َ ْ َ َ‬ ‫َ ْ ُ ُ َ َ َ َّ َ‬
‫ِل ِبْي‪ ،‬ث َّم عرج بنا إل السماء السابعة فاستفتح ج ْْبيل‪ ،‬فقيل‪:‬‬
‫َ‬ ‫ْ َ َ َ َ ُ َ َّ ٌ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ َ َ َ َ‬
‫َمن هذا؟ قال‪ :‬ج ْْبيل‪ ،‬قيل‪َ :‬و َمن َمعك؟ قال‪ُ :‬ممد ﷺ‪ ،‬قيل‪:‬‬
‫يم ﷺ‬ ‫ث إ ََلْه‪َ ،‬ف ُفت َح َنلَا فَإ َذا أَنَا بإبْ َراه َ‬‫َ َ ْ ُ َ َْ َ َ َ ْ ُ َ‬
‫وقد بعث إَله؟ قال‪ :‬قد بع‬
‫َ ُ َ ْ ُ ُ ُ ُ َّ َ َ ْ ُ َ‬ ‫ُ ْ ً َ ْ َ ْ ْ َْ ْ ُ‬
‫مسندا ظه َر ُه إل ابلَيت المعمور(‪َ )1‬وإذا ه َو يدخله ك ي ْوم سبعون‬
‫ُ ْ َ َ ( ‪)2‬‬
‫َ ِّ ْ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ َ َ َ َ ُ ُ َ َ ْ ُ َّ َ َ‬
‫ألف ملك ِل يعودون إَله‪ ،‬ثم ذهب ب إل السدرة المنته‬
‫َ َ َّ َ َ َ ْ‬ ‫َ ََ َ َ ْ َ‬ ‫َ َُ َ َ ْ ََ‬
‫َوإذا َو َرقها كآذان الفيلة َوإذا ثم ُرها َكلقالل(‪ ،)3‬فلما غشيها من‬

‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ َ‬ ‫(‪ )1‬هو بَ ٌ‬


‫يت يف ّ‬
‫السماء ُل ح ْرمة عند اهلل كما أن للكعبة حرمة‪ ،‬وهو بالنسبة‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫قد ٌس‬ ‫بيت م َّ‬ ‫ٌ‬ ‫للمالئكة اكلكعبة بالنسبة للنّاس‪ .‬فابليت املعمور‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫للمالئكة‪ ،‬وقد َ‬
‫ابليت‪ ،‬وهو‬ ‫أمر اهلل تعاىل املالئكة أن يعظموا هذا‬
‫ّ‬
‫مواز للكعبة اليت يف األرض أي َياذيها مع ارتفاعه وبعد َمسافته عنها‪.‬‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫وم َق ُّر ابليت املعمور يف ّ‬
‫السابعة يف َماكن قبل املاكن اذلي َسم َع‬ ‫السماء ّ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫فيه رسول اهلل ﷺ َرصيف األقالم‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ ْ‬ ‫َ‬
‫السدرة» باأللف والالم" اه‪.‬‬ ‫(‪ )2‬قال احلافظ انلّووي‪" :‬هكذا وقع يف األصول «‬
‫(‪ )3‬أي اكجلرار العظيمة احلَجم‪.‬‬
‫‪37‬‬ ‫األربعون العلياء‬

‫َْ َ ُ َ ْ‬ ‫ََ َ َ ٌ ْ َ ْ‬ ‫َ َ َ (‪ْ َ َّ َ َ )1‬‬ ‫َْ‬


‫ْيت(‪ ،)2‬فما أحد من خلق الل يستطيع أن‬ ‫أمر الل ما غش تغ‬
‫َ َ َّ( ‪)5‬‬ ‫ُ َ َّ َ َ ْ َ (‪َ َ َ َ )4‬‬ ‫َ ْ َ َ َ ْ ُ ْ َ (‪َ ْ َ َ )3‬‬
‫ينعتها من حسنها ‪ ،‬فأوح الل إِل ما أوح ‪ ،‬ففرض َع‬
‫ََ َ‬ ‫َ ْ َ َ َ ً ُ ِّ َ ْ َ َ ْ َ َ َ َ ْ ُ َ ُ َ‬
‫ت إل موس ﷺ فقال‪َ :‬ما‬ ‫َخسني صالة يف ك يوم وَللة‪ ،‬فَنل‬
‫َ َ َ َ ُّ َ َ َ ُ َّ َ ُ ْ ُ َ ْ َ َ َ ً َ َ ْ ْ َ‬
‫فرض ربك َع أمتك؟ قلت‪َ :‬خسني صالة‪ ،‬قال‪ :‬ارجع إل‬
‫ْ َ َ َّ ُ َّ َ َ َ ُ ُ َ َ َ َ ِّ َ ْ‬ ‫َ ْ َْ‬ ‫ِّ َ‬
‫َربك(‪ )6‬فاسألُ اتلَّخفيف‪ ،‬فإن أمتك ِل يطيقون ذلك فإن قد‬

‫َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫أظهرت حسنَها‬ ‫السدرة بأنوار وأمور‬ ‫درته ىلع ّ‬ ‫تعاىل بق َ‬ ‫أي أفاض اهلل‬ ‫(‪)1‬‬
‫َّ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫ّ ّ‬
‫غطتها‬ ‫أح ٌد أن يصفها ىلع اتلّمام‪ .‬قال بعض العلماء‪:‬‬ ‫حَت إنه ال يستطيع‬
‫راش من َ‬ ‫َ َ َ ٌ‬
‫ذهب وألوان‬ ‫أنوار أجنحة املالئكة‪ ،‬وقال غريهم‪ :‬غشيها ف‬
‫ً َ َ َّ َ َ َ ْ‬ ‫ّ‬ ‫م ّ‬
‫تعددة‪ ،‬ويف حديث أنس اذلي رواه أمحد مرفواع‪« :‬فلما غشيها من‬
‫َ ََ َ َ ْ َ ُ ً َ ُ ُ ً َ َْ َ َ‬ ‫َْ‬
‫أمر الل َما غشيها َتَ َّول ت ياقوتا أ ْو زم ُّردا أ ْو َن َو ذلك»‪.‬‬
‫ب‪.‬‬ ‫أعج َ‬
‫أي من حال يف احلسن إىل حال َ‬ ‫(‪)2‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫أي ال َ‬
‫أحد من اخل َلق يستطيع اإلحاطة بأوصافها من ف ْرط مجاهلا‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وعدم تصيح بما َ‬ ‫إبهام َ‬
‫الوقت‬ ‫ذلك َ‬ ‫أوَح اهلل تعاىل إىل نبيّه ﷺ يف‬ ‫ٌ‬ ‫فيه‬ ‫(‪)4‬‬
‫َ‬
‫تعظيما ألمر الموَح به إيله ﷺ‪.‬‬ ‫ً‬
‫َ‬
‫أي وىلع أ َّمته ﷺ‪.‬‬ ‫(‪)5‬‬
‫َ‬
‫وَح إيلك بأمر‬ ‫أي ارج ْع إىل املاكن ّاذلي تناِج فيه َربَّك حيث اكن ي َ‬ ‫( ‪)6‬‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫تحزي يف َماكن وال يف ك األماكن‪ ،‬بل هو تعاىل‬ ‫تعاىل ال يَ َّ‬ ‫الصالة‪ ،‬واهلل‬
‫ً‬ ‫ٌ ً‬
‫موجود أزال وأبدا بال ماكن‪.‬‬
‫‪38‬‬ ‫األربعون العلياء‬

‫ْ َ َ َ َ َ ْ ُ ُ ْ َ َ ْ ُ َ ِّ َ ُ ْ ُ َ ِّ‬ ‫ََْ ُ َ‬
‫ْبتهم(‪ ،)2‬ف َرجعت إل َرب فقلت‪ :‬يا َرب‬ ‫بلوت(‪ )1‬بن إرسائيل وخ‬
‫وس َف ُقلْت‪ُ:‬‬ ‫َ َ َّ َ ِّ َ ْ ً َ َ َ ْ ُ َ ُ َ‬ ‫َ ِّ ْ َ َ ُ َّ‬
‫خفف َع أمت‪ ،‬فحط عن َخسا‪ ،‬فرجعت إل م‬
‫َ َّ َ ِّ َ ْ ً َ َ َّ ُ َّ َ َ َ ُ ُ َ َ َ َ ْ ْ َ‬
‫حط عن َخسا‪ ،‬قال‪ :‬إن أمتك ِل يطيقون ذلك فارجع إل‬
‫َ ِّ َ (‪َ َ َ َ َ َ َ َ ِّ َ َ ْ َ ُ ْ َ ْ َ َ ْ َ َ َ ْ َّ ُ ْ َ ْ َ )3‬‬
‫ربك فاسأل اتلخفيف‪ ،‬فلم أزل أرجع بني رب تبارك وتعال‬
‫َْ ُ‬ ‫َ ُ َ َّ ُ َّ ُ‬ ‫َ َ ْ َّ َ ُ َ َّ َ َ‬ ‫ََْ َ ُ َ‬
‫ني موس(‪ )4‬عليه السالم حّت قال(‪ :)5‬يا ُممد‪ ،‬إنه َّن(‪َ )6‬خس‬ ‫وب‬

‫ج َّربت‪.‬‬‫(‪ )1‬أي َ‬
‫َ َْ‬
‫حنتهم‪.‬‬ ‫(‪ )2‬أي امت‬
‫ّ‬
‫عليق اذلي َسبَق‪.‬‬ ‫(‪ )3‬انظر اتلّ َ‬
‫َ‬
‫ويح إيله أنه فرض عليه وأ َّمته‬
‫ّ‬ ‫(‪ )4‬أي من املاكن ّاذلي اكن فيه ﷺ حيث أ َ‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫أن انلّ َّ‬ ‫َ‬ ‫السماء ّ‬ ‫مخسون صالةً إىل ّ‬
‫ِب ﷺ وصل إىل‬ ‫وليس المراد‬ ‫السادسة‪،‬‬
‫ٌ ً‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫تعاىل بمقابلة َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ومسافة‪ ،‬حاشا‪ ،‬فإن اهلل تعاىل موجود أزال‬ ‫ق اهلل‬ ‫َماكن ل َ‬
‫يكون بَينه َ‬ ‫َ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ً‬
‫وبني‬ ‫عز وجل أن‬ ‫وأبدا بال ماكن وال جهة‪ ،‬ويستحيل عليه‬
‫ْ َ ّ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ ّ ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬
‫خلقه مسافة أو مقابلة أو اتصال أو انفصال كما يستحيل عليه أن َيل‬
‫الماكن ّ‬ ‫قبل َ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ْ َ ّ‬ ‫َ‬
‫والزمان بال‬ ‫ىشء‪ ،‬اكن اهلل‬ ‫يف ىشء من العالم وأن َيل فيه‬
‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫بعد خ لق املخلوقات بال كيف وال َماكن‪.‬‬ ‫كيف وال َماكن‪ ،‬ولم يَزل اهلل‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ٌ ٌّ‬
‫أسم َع اهلل تعاىل نبيَّه ﷺ‬ ‫تعاىل‪ ،‬وقال بعضهم‪َ :‬‬ ‫(‪ )5‬أي ملك مبلغ عن اهلل‬
‫ً‬
‫ليس حرفا وال صوتا وال لغة وال يبتدأ وال خيتَتَم وال‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫اِت ّاذلي َ‬ ‫َ ّ‬
‫اذل َّ‬ ‫الكمه‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫الكم املخلوق َ‬ ‫َ‬
‫تقطع وال يَتعاقب وال يشبه َ‬ ‫يَ َّ‬
‫ني ففه َم منه ﷺ ذلك‪.‬‬
‫( ‪ )6‬أي َّ‬
‫الصلوات املفروضات‪.‬‬
‫‪39‬‬ ‫األربعون العلياء‬

‫َ َ َ ُ َّ َ ْ َ َ ْ َ ُ ِّ َ َ َ ْ ٌ َ َ َ َ ْ ُ َ َ َ ً‬
‫َّش(‪ )1‬فذلك َخسون صالة(‪،)2‬‬ ‫صلوات ك يوم وَللة‪ ،‬لك صالة ع‬
‫َ ْ َ ََ‬ ‫ََ َََْْ ُ َ ْ َ َ َ ًَ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ َ‬
‫َو َمن ه َّم ِبَسنة(‪ )3‬فل ْم يعملها كتبت لُ حسنة(‪ ،)4‬فإن عملها‬
‫ْ َ َ ِّ َ َ َ َ ْ َ ْ َ َ ُ ْ َ ْ َ ْ ً‬ ‫ُكتبَ ْت َلُ َع ْ ً‬
‫َّشا(‪َ ،)5‬و َمن ه َّم بسيئة فل ْم يعملها ل ْم تكتب شيئا(‪،)6‬‬

‫َ‬ ‫َ‬
‫(‪ )1‬أي ثواب َعّش صلوات‪.‬‬
‫ني صالةً‪.‬‬ ‫ثواب مخس َ‬ ‫َ‬ ‫الص لوات اخلَمس‬‫(‪ )2‬أي ي َزى ىلع َّ‬
‫َ‬ ‫ٌ‬
‫ون َ‬
‫العزم‪.‬‬ ‫ثواب‪ ،‬وهو د‬ ‫(‪ )3‬أي َه َّم بفعل أمر فيه‬
‫ّ‬ ‫ٌ‬
‫ثواب ىلع َعزمه ىلع فعل‬
‫ٌ‬ ‫رصفه صارف عن الفعل‪ ،‬فإنه يكتَب ُل‬ ‫(‪ )4‬أي َ‬
‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫جزاء ىلع َ‬
‫العمل‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ثواب ثان‬ ‫ب‬‫حسنة كت َ‬ ‫اخلري بنيّة َ‬
‫َ‬ ‫اخلَري‪ ،‬فإن َعمل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ضاعف َع ً‬ ‫يكسبها املرء ت َ‬ ‫حسنة َ‬ ‫ُّ‬
‫ّشا‪ ،‬وهو اذلي يَدل عليه‬ ‫ك َ‬ ‫(‪ )5‬أي‬
‫رصيح قوُل تعاىل‪ :‬ﱡﭐ ﱾﱿ ﲀﲁ ﲂ ﲃﱠ‪.‬‬
‫َّ‬
‫تر َّدد يف فعلها ولَم يَعزمْ ىلع الفعل وال َص َّمم وال تكلم أنّه يَ َ‬ ‫( ‪ )6‬أي َ‬
‫فعل‪،‬‬
‫َ‬ ‫"أفعل‪ ،‬ال َ‬
‫ند َ‬ ‫نده األمر وتوقَّف ع َ‬ ‫استوى ع َ‬
‫أفعل" ولم يَعزم فهذا ال‬ ‫َ‬ ‫بل‬
‫َّ‬ ‫ّ َ ّ ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫يكتب عليه إثم العزم ىلع املعصية‪ .‬ومثال اجلَزم أن يصمم أنه إن تيس‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُل سيَ َ‬
‫فعل تلك املعصية‪ ،‬وهذا بالنسبة للمعاص اليت يه دون الكفر‪،‬‬
‫َ‬ ‫ْ َ َّ‬ ‫ُّ‬ ‫ّ‬
‫تردد يف نفسه "أكفر أو ال أكفر" فهذا يَكفر‬ ‫أما الَتدد يف الكفر كأن‬
‫َْ‬ ‫َ َ‬
‫وليس الالكم ىلع م َّرد اخلاطر‬ ‫َ‬ ‫يف احلال ولو لم يَعزم ىلع الكفر ويزمْ‪،‬‬
‫عمل به‪ ،‬بل‬ ‫كرهه الشخص وال يَ َ‬ ‫ّاذلي يَرد ىلع القلب من غري إرادة ويَ َ‬
‫َ‬ ‫َ َّ‬
‫الالكم ىلع َمن ت َردد هل يَدوم ىلع اإليمان أو خيرج من اإلسالم بالكفر‬
‫ُّ َ َ ْ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫الَتدد ولو لم يأت بعد ذلك بكفر ءاخ َر فإن‬ ‫فهذا ّاذلي يَكفر بذلك َ‬
‫فر ً‬ ‫ب عليه ك ٌ‬ ‫َ‬
‫ءاخر كت َ‬ ‫َ‬
‫أيضا‪ ،‬والعياذ باهلل‪ ،‬ومن باب =‬ ‫أَت بكفر‬
‫‪40‬‬ ‫األربعون العلياء‬

‫َ ْ َ َ َ ُ َ ْ َ ِّ َ ً َ َ ً(‪َ ُ َ ُ ْ َ َ ْ َّ َ ُ ْ َ َ َ )1‬‬
‫ت إل موس‬ ‫فإن عملها كتبت سيئة واحدة ‪ ،‬فَنلت حّت انتهي‬
‫َ َ ْ َ ْ ُ ُ َ َ َ ْ ْ َ َ ِّ َ (‪َ ْ َّ ُ ْ َ ْ َ )2‬‬
‫يف‪َ ،‬ف ُقلْت‪ُ:‬‬ ‫ﷺ فأخْبته‪ ،‬فقال‪ :‬ارجع إل ربك فاسأل اتلخف‬
‫َ ْ َ َ ْ ُ َ َ ِّ َ َّ ْ َ ْ َ ْ ُ ْ ُ‬
‫ت منه(‪.»)3‬‬ ‫قد رجعت إل رب حّت استحيي‬

‫َ‬ ‫َ َ ّ ّ‬
‫فر‬‫ب الك َ‬ ‫ارتك َ‬ ‫ٌ‬
‫سواء‬ ‫= أوَل أن اذلي َع َزم ىلع الكفر يَكفر يف احلال‬
‫ّ َ ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫اذلي َع َزم عليه أو لم يَرتكبْه‪ ،‬ألنه بَتدده أو َعزمه ىلع الكفر ال‬
‫ًّ‬ ‫ّ‬
‫يَكون معظ ًما هلل بل مستخفا به‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫(‪ )1‬أي َمن َعمل سيّئة كتبَت عليه واحدةً كما يَدل عليه رصيح قوُل تعاىل‪:‬‬
‫ضاعف ىش ٌء‬ ‫السيّئات فال ي َ‬ ‫وأما َ‬ ‫ﱡﭐ ﲅ ﲆ ﲇ ﲈ ﲉ ﲊ ﲋﱠ‪ّ ،‬‬
‫َ‬ ‫ً ً َ َ‬
‫ريا مثال كقتل نفس مؤمنة بغري‬ ‫مكة ّإال َمن َعم َل ظ ً‬
‫لما كب‬
‫ّ‬
‫حرم‬ ‫منها يف َ‬

‫لما وما أشبَه ذلك‬ ‫لما وعدوانًا أو فَقء َعينه ظ ً‬ ‫ح ّق أو قَطع َط َرفه ظ ً‬ ‫َ‬
‫ًَ‬ ‫احلرم ت َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫كتَهشيم َوجه المسلم‪ّ ،‬‬
‫ضاعف مطلقا‬ ‫ية يف َ‬ ‫أما القول بأن ال َمعص‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫انلاس عن اإلقامة بمكة‪ ،‬وال ديلل ذللك يف‬ ‫فهو باطل َمردود وينفر‬
‫َ َ ْ َ ْ َّ َ‬ ‫أما ّ‬ ‫ّ‬
‫الّشع‪ّ ،‬‬
‫أول اتلّعليق فديلله عند الع لماء‬ ‫الصواب كما ذكرنا ذكرنا‬
‫ﱛ‬ ‫ﱚ‬ ‫ﱡﱒ ﱓ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ‬ ‫قول اهلل تعاىل‪:‬‬
‫ﱜﱝ ﱞ ﱟ ﱠ ﱡ ﱢ ﱣﱤ ﱠ ‪.‬‬
‫َ‬
‫وَح إيلك بأمر‬‫(‪ )2‬أي ارج ْع إىل املاكن ّاذلي تناِج فيه َربَّك حيث اكن ي َ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫تحزي يف َماكن وال يف ك األماكن‪ ،‬بل هو تعاىل‬
‫تعاىل ال يَ َّ‬ ‫الصالة‪ ،‬واهلل‬
‫أزال ً‬‫ٌ ً‬
‫وأبدا بال ماكن‪.‬‬ ‫موجود‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫مرةً أخرى‪.‬‬
‫ذلك ّ‬ ‫(‪ )3‬أي فال أسأل ختفيف‬
‫‪41‬‬ ‫األربعون العلياء‬

‫َ َّ َ َ َ َ ْ ْ َ َ ْ َ َ َ َّ َ َ َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫امة‬ ‫احلسني‪ :‬حدثنا أبو بكر بن أيب شيبة حدثنا أبو أس‬ ‫‪ )8‬قال أبو‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫َح َّدثنَا َمالك بْن مغ َول (ح)(‪َ )1‬و َح َّدثنَا ابْن ن َمري َوز َه ْري بْن َح ْرب‬
‫ْ‬
‫ْ َ َ َ ٌ َ َ ْ ن َمريْ‬ ‫ْ َ ْ َََْ‬ ‫َمج ً‬
‫‪:‬‬ ‫يعا َع ْن َعبْد اهلل بن نمري‪ ،‬وألفاظهم متقاربة‪ ،‬قال ابن‬
‫ْ ْ َ َ ُّ َ ْ ْ َ ّ َ ْ َ ْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َّ َ َ َ َ َّ َ‬
‫حدثنا أيب حدثنا مالك بن مغول عن الزبري بن عدي عن طلحة‬
‫ه به‬ ‫َع ْن م َّرةَ َع ْن َعبْد اهلل قَ َال‪« :‬ل َ َّما أ ْرس َي ب َرسول اهلل ﷺ انْت َ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫الساد َسة‪ ،‬إيلْ َها يَنتَه َما ي ْع َرج‬
‫الس َماء َّ‬
‫يه يف َّ‬ ‫إ َىل س ْد َرة الْمنْتَ َىه‪َ ،‬و َ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫َْ‬
‫به م َن األ ْرض فيقبَض من َها َوإيلْ َها يَنتَه َما يهبَط به م ْن ف ْوق َها‬
‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ‬
‫فيقبَض من َها(‪ ،»)2‬قال‪ :‬ﱡﭐﲊﲋﲌﲍﲎﱠ [انلجم‪ ]16 :‬قال‪:‬‬

‫ّ‬ ‫ٌ‬
‫السنَد من طريق‬ ‫ألن اإلمام م ً‬
‫سلما َي ّول َّ‬ ‫(‪ )1‬يه إشارة إىل لكمة "حتويل"‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫شيخه أيب بكر بن أيب شيبة َلريو َي احلديث من طريق شيخيه ابن ن َمري‬
‫َ‬ ‫َ َ‬
‫وز َهري‪ ،‬وقد ف َعل ذلك اإلمام مسل ٌم رمحه اهلل يف «صحيحه» مئات‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ َ‬ ‫ّ‬ ‫املرات‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫خاري رمحه اهلل ففعله يف «صحيحه» أقل من ذلك‪.‬‬ ‫أما اإلمام ابل‬
‫َ‬
‫فعل ذلك اإلمام مسل ٌم رمحه اهلل ذلك عند هذا احلديث تفاديًا‬
‫َ‬ ‫وقَد َ‬
‫ْ ّ‬
‫حرب واح ٌد‬ ‫عند ابن ن َمري وز َهري بن َ‬ ‫إن َمنت احلديث َ‬ ‫المنت إذ‬‫تلَكرار َ‬
‫السنَ َد خمتل ٌف َّ‬
‫أوُل‪.‬‬ ‫لكن َ‬
‫ّ‬

‫صعد بها‬‫اهلرري رمحه اهلل‪" :‬معناه األمور الّيت يَ َ‬ ‫ُّ‬ ‫(‪ )2‬قال شيخنا اإلمام‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫السماء األوَل أو من الّانية أو‬ ‫ولكون من األرض أو من ّ‬ ‫املالئكة الم‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫زنل به من =‬ ‫نتىه‪ ،‬ث ّم ما ي َ‬ ‫الّالة أو َنو ذلك ينتىه بها إىل سدرة الم‬
‫‪42‬‬ ‫األربعون العلياء‬

‫ََ ً ْ‬ ‫َ َ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ٌ‬
‫«ف َراش م ْن ذ َهب»‪ ،‬قال‪« :‬فأعط َي َرسول اهلل ﷺ ثالثا‪ :‬أعط َي‬
‫َ‬ ‫َْ ْ َ َ ْ َ َ َ َ َ ْ َ‬ ‫َّ َ‬
‫ورة ابلَق َرة(‪َ ،)1‬وغف َر ل َم ْن ل ْم‬ ‫الصل َوات اخلمس‪ ،‬وأعطي خواتيم س‬
‫َ ْ ْ ْ‬ ‫ْ ْ‬
‫يّشك باهلل م ْن أ َّمته شيئًا المقح َمات(‪.»)2‬‬
‫َ َ َ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫احلسني‪َ :‬ح َّدثنَا َه َّداب بْن خال َوشيبَان بْن ف ُّروخ قاال‪:‬‬ ‫وقال أبو َ‬ ‫‪)9‬‬
‫ََ‬ ‫ْ َ ّ َ ََْ َ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫َّ َ َ َ‬
‫م َع ْن أنس‬ ‫ان اتلَّيْ ّ‬ ‫َحدثنا محَّاد بْن َسل َمة ع ْن ثابت ابلنان وسليم‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫العرش فَما دونَه ه َ‬


‫ناك ينتىه به‪ ،‬فسدرة المنتىه‬ ‫= فَوق ذَلك أي من َ‬
‫َ‬ ‫أسف َل ول َما ي َ‬
‫زنل به من فوقها‪ ،‬ويه أصلها يف‬
‫َ‬ ‫َحم َّط ٌة ل َما ي َ‬
‫صعد به من‬
‫السادسة وأعالها يف ّ‬
‫السابعة" اه‪.‬‬ ‫ّ‬
‫َ‬
‫(‪ )1‬يعن اآليتَني األخريتني‪ :‬ﱡﭐ ﲇﲈﲉﲊ ﲋﲌ ﲍﱠ إىل ءاخرهما‪.‬‬
‫ّ‬
‫مات من هذه األ ّمة مؤمنًا لكنّه اكن من أهل الكبائر فإن‬
‫(‪ )2‬أي بعض َمن َ‬
‫ّ َ‬ ‫اهلل يَغفر ُل الكبائ َر لكَّها أو َ‬
‫بعضها‪ ،‬وهذا كما قلنا هو للبعض‪ ،‬فإنه قد‬ ‫َ‬
‫عذب َ‬ ‫ّ ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫بعض أهل‬ ‫ثبت بنَ ّص القرءان واحلديث الّابت أن اهلل عز وجل ي‬
‫َ‬
‫ُّ‬ ‫كس َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫الكبائر المسلم َ‬
‫ويه هنا اذلنوب المهلاكت‬ ‫ني‪ ،‬و«المقحمات» بال‬
‫ّ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ّ‬ ‫م ّما س َوى الكفر‪ ،‬س ّميَ ْ‬
‫ار إن‬ ‫ت بذلك ألنها تقحم أي تدخل فاعلها انل‬
‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫أما َمن مات ىلع الكفر فإنه ال َمغفرةَ ُل وال خيفف عنه‬ ‫عف عنه‪ّ ،‬‬ ‫لم ي‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫وموقف احلساب ث ّم يف جهنَّم إىل‬
‫القب َ‬ ‫ىشء من العذاب بل يعذب يف‬ ‫ٌ‬
‫َ‬
‫ما ال نهاية‪.‬‬
‫‪43‬‬ ‫األربعون العلياء‬

‫ََْ ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ََْ‬ ‫َ‬ ‫َ َّ‬


‫ابْن َمالك أن َرسول ﷺ قال‪« :‬أتيت ‪ -‬ويف رواية هداب‪ :‬مررت ‪-‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ُ َ ُ َ ِّ‬ ‫َْ َْ‬ ‫َْ ْ َ‬ ‫َ ََ ُْ‬ ‫ََ ُ َ‬
‫َع موس(‪َ )1‬لْلة أرس َي ب عند الكثيب األْحر(‪َ )2‬وه َو قائ ٌم يصل‬
‫َ‬
‫يف ق ْْبه(‪.»)3‬‬

‫َ‬ ‫بقب َ‬ ‫َ‬


‫فلسط َ‬
‫ني‪.‬‬ ‫َياء أو قريبًا منها يف‬
‫موىس ﷺ بأر َ‬ ‫( ‪ )1‬أي َم َّر رسول اهلل ﷺ‬
‫َّ‬ ‫َّ َ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ ْ‬ ‫ٌ‬
‫الرمل مستطيلة حم َدودبة اكتلَ لة محراء اللون‪.‬‬
‫طعة من َّ‬ ‫(‪ )2‬أي بموضع فيه ق‬
‫وىس عليهما ّ‬
‫الصالة‬ ‫حمم ٌد م َ‬
‫اهلرري رمحه اهلل‪" :‬رأى ّ‬
‫ُّ‬ ‫(‪ )3‬قال شيخنا اإلمام‬
‫صيل يف قَبه‪ ،‬وبَني َ‬‫ّ‬ ‫َ‬
‫موىس وحممد َنو ألف‬ ‫والسالم يللة اإلرساء قائ ًما ي‬ ‫ّ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫يع َىل يف «م َ‬ ‫الَبار وأبو َ‬ ‫سنَة‪َ .‬روى َ ّ‬
‫سنديهما» عن أنس أن رسول اهلل ﷺ‬
‫َ‬ ‫ُ َ ُّ َ‬ ‫ُُ‬ ‫ْ َْ َ َ‬
‫أرواحهم‬‫َ‬ ‫َّ‬
‫اء يف قبوره ْم يصلون» أي َرد اهلل إيلهم‬ ‫اء أ ْحيَ ٌ‬ ‫قال‪« :‬األنبي ُ‬
‫ً‬ ‫ُّ‬ ‫ً‬
‫أحياء يف قبورهم يصلون صالةً حقيقيّة‬ ‫ٌ‬ ‫بعدما ماتوا موتا حقيقيًّا فهم‬ ‫َ‬
‫ّ‬ ‫الب َزخ‪ّ .‬‬ ‫ّ‬
‫لك م ّدة َ‬
‫والصالة اليت‬ ‫وء واح ٌد يَكفيهم‬ ‫بركوع وسجود‪ ،‬ووض ٌ‬

‫انقط َع‬
‫يف َ‬ ‫ّ ّ ّ َ‬
‫العمل اتللكيف ألن اتللك‬‫ت من َ‬ ‫يس ْ‬ ‫القب لَ َ‬
‫َ‬
‫تكون منهم يف‬
‫ّ ً‬ ‫ُّ‬
‫بالموت‪ ،‬بل تكون صالتهم للتَّلذ بذكر اهلل‪ ،‬وال يالقون َمشقة يف‬ ‫َ‬
‫لغري األنبياء كما شوه َد من ثابت ابل ّ‬ ‫َ ً َ‬ ‫ذلك‪ .‬وقد َ‬
‫نان‬ ‫حصل ذلك أيضا‬
‫أحد اتلّابع َ‬
‫ني‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َْ َ‬ ‫َْ َ‬ ‫َ‬
‫وقال ﷺ‪« :‬عند الكثيب األْحر» لم َي ّدد املاكن‪ ،‬لك ّن هذه األرض‬
‫َ َ‬
‫بل اجلبَل َم ٌ‬ ‫يت َ‬ ‫َ‬
‫رأيْناها ّ‬
‫لما ز ْرنا بَ َ‬
‫قام ُل أربعة أبواب‬ ‫المقدس‪ ،‬هناك ق‬
‫يب من هذا الكثيب األمحَر‪.‬‬‫موىس ﷺ‪ ،‬وهو قَر ٌ‬
‫ناك قَب َ‬
‫يَقول انلّاس‪ :‬ه َ‬
‫‪44‬‬ ‫األربعون العلياء‬

‫ُ‬ ‫ديلل للمسلم َ‬ ‫ٌ‬


‫ني ىلع استحباب معرفة قبور األنبياء‬ ‫ويف احلديث‬
‫ُّ‬ ‫ّ‬ ‫واألوَلاء والصاحل ني وزيارتها‪ ،‬قال احلافظ ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬
‫العرايق يف حديث‬ ‫ويل الين‬
‫ًَْ َ‬ ‫ُ َ َّ َ‬ ‫َ‬ ‫ِّ َ ْ‬ ‫ّ‬
‫موىس قال‪َ « :‬رب أدنن م َن األ ْرض المقدسة َرمية ِبَجر»‬ ‫أن َ‬ ‫أيب هريرة‬
‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َُ َ ُ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ّ‬
‫وأن انلِب ﷺ قال‪« :‬والل لو أن عنده ألريتكم قْبه إل جنب الطريق‬‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫يارتها‬ ‫ني لز َ‬ ‫الصاحل َ‬ ‫الكثيب األَ ْْحَر» فيه استحباب َمعرفة قبور ّ‬ ‫َْ َ‬
‫عند‬
‫َ‬ ‫ٌ َ ُّ‬ ‫َ َّ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬
‫والقيام بقها اه‪ .‬وقال احلافظ الضياء‪" :‬حدثن سالم اتلل قال‪" :‬ما رأيت‬
‫ّ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫وح ّدثن الشيخ عبد اهلل بن‬ ‫ند هذا القب‪،‬‬ ‫ع منها ع َ‬ ‫الاعء أرس‬ ‫جابة ُّ‬ ‫است‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫ب وأنّه َ‬ ‫َ‬ ‫ن أنّه َ‬ ‫َ‬
‫نام فرأى يف َمنامه قبّة‬ ‫الق َ‬ ‫زار هذا‬ ‫يون َس املعروف باألرم ُّ‬
‫ِب اهلل؟‬ ‫وىس نَ ُّ‬ ‫أنت م َ‬ ‫فس َّلم عليه وقال ُل‪َ :‬‬ ‫أسمر َ‬ ‫خص َ‬ ‫نده وفيها َش ٌ‬ ‫ع َ‬
‫َ َ‬
‫ووصف طوله ّن‪،‬‬
‫َ‬ ‫َ َ َ‬
‫إيل بأربَع أصابع‬ ‫نعم‪ ،‬فقلت‪ :‬قل يل َشيئًا‪ ،‬فأ ْو َمأ َ ّ‬ ‫فقال‪َ :‬‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ّ َ َ ً‬ ‫َْ‬ ‫َ ْ‬
‫فأخبت الشيخ ذيّاال بذلك فقال‪ :‬يول لك‬ ‫َ‬ ‫فانتبَهت ولم أدر ما قال‪،‬‬
‫غري‬‫تز َّوجت امرأةً ل َم أَقْ َربْها‪ ،‬فقال‪ :‬تكون َ‬ ‫أربَعة أوالد‪ ،‬فقلت‪ :‬أنا قد َ‬
‫انتىه الكم ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ ْ‬
‫الضياء‪.‬‬ ‫فولت يل أربَعة أوالد"‬ ‫أخرى‬ ‫فت َّوجت َ‬ ‫هذه‪َ ،‬‬
‫ُ َ َّ َ ْ َ ً‬ ‫َ‬ ‫ِّ َ ْ‬
‫السالم‪َ « :‬رب أدنن م َن األ ْرض المقدسة َرمية‬ ‫وىس عليه ّ‬ ‫وسبب قول م َ‬

‫لما اكنوا‬ ‫المقدس من الك ّفار ّ‬ ‫طهر بَيت َ‬ ‫أن ي ّ‬ ‫ْ‬


‫موىس اكن يريد‬ ‫أن َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ِبَجر»‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ َ‬
‫ب قبل ذلك من اهلل‬ ‫طل َ‬ ‫مات قبل أن يَدخلها‪ ،‬وقد‬ ‫ني عليها لكنّه‬ ‫مستول‬
‫فلما َ‬ ‫بجر‪ّ ،‬‬ ‫قدار َر ْمية َ‬ ‫قدسة ولو م َ‬ ‫أن ي ْدنيَه من األرض الم َّ‬ ‫َ ْ‬
‫جاء‬ ‫تعاىل‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫أجله ق َّربَه اهلل إيلها وجعل وفاته بماكن قريب من األرض املقدسة‪،‬‬
‫المقدس"‬ ‫عد أرَيا َء إىل بَيت َ‬ ‫قدسة تَبدأ من اجلبال الّيت بَ َ‬ ‫واألرض الم َّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ونفعنا به‪.‬‬ ‫اهلرري رمحه اهلل تعاىل‬ ‫انتىه الكم شيخنا‬
‫‪45‬‬ ‫األربعون العلياء‬

‫ْ َ‬ ‫َ ْ ْ َ ْ َ َّ َ َ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫جني بْن المث َّىن‬ ‫احلسني‪َ :‬ح َّدثن زهري بن حرب حدثنا ح‬ ‫وقال أبو َ‬ ‫‪)10‬‬
‫َْ ْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫َح َّدثنَا َعبْد ال َعزيز َوه َو ابْن أيب َسل َمة َع ْن َعبْد اهلل بْن الفضل‬
‫َ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ َ َ َ َ ْ َ ْ َّ ْ‬
‫الرمحن َع ْن أيب ه َريْ َرةَ قال‪ :‬قال َرسول اهلل‬ ‫عن أيب سلمة بن عبد‬
‫َ‬ ‫ْ ْ‬ ‫ََ ْ َُْ‬
‫اي‪،‬‬‫ْس َ‬ ‫جر(‪َ )1‬وقُ َري ْ ٌش ت َ ْسألُن َع ْن َم ْ َ‬ ‫ﷺ‪« :‬لقد َرأيتن يف احل‬
‫َ ْ ُ ْ ْ َ (‪ً َ ُ ُ ْ ُ َ )2‬‬ ‫َ َ ََْ َ ْ َ ْ َ َ ْ َْ ْ َ ْ‬
‫ت ك ْربة‬ ‫اء من بيت المقدس لم أثبتها ‪ ،‬فكرب‬ ‫فسأتلن عن أشي‬
‫َ ْ‬ ‫َْ َُ‬ ‫َْ ُ َ‬ ‫ت م ْثلَ ُه َق ُّط‪ ،‬فَ َر َف َع ُه ُ‬ ‫َما ُكر ْب ُ‬
‫الل ِل(‪ )3‬أنظ ُر إَلْه‪َ ،‬ما يسألون(‪ )4‬عن‬
‫َ َ‬ ‫ْ َْ َ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ ْ َُْ‬ ‫َّ َ ْ َ ْ ُ ُ‬ ‫َ‬
‫َشء إِل أنبأته ْم به‪َ .‬وقد َرأيتن يف َجاعة م َن األنبياء(‪ )5‬فإذا‬

‫سبَق الالكم عليه يف احلديث ّ‬


‫األول‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫أحف ْظها الشتغايل بأمور َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫أه َّم منها‪.‬‬ ‫أي لم أشاهدها‪ ،‬وقيل‪ :‬معناه لم‬ ‫(‪)2‬‬
‫ِب ﷺ بيث يَراه‬ ‫ِب انلّ ُّ‬‫المقدس مكشوفًا للنّ ّ‬ ‫بيت َ‬
‫درته َ‬ ‫جعل اهلل بق َ‬‫أي َ‬ ‫(‪)3‬‬
‫َ ّ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ب اليت تمنَعن من‬ ‫ويعاين تفاصيله‪ ،‬وقال بعضهم‪ :‬معناه رف َع اهلل احلج‬
‫ّ ّ‬ ‫َ‬ ‫رؤية بَيت َ‬
‫عز وجل‬ ‫المقدس فرأيته‪ .‬وفعل اهلل تعاىل ذلك كسائر أفعاُل‬
‫بارشة أو بالم ّ‬ ‫َ‬ ‫ً ْ‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫ماسة‪ ،‬بل يوجد اهلل‬ ‫يستحيل عقال ونقال أن يكون بالم‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫أما الم ّ‬ ‫درته من احلادثات ما يشاء‪ّ ،‬‬ ‫تعاىل بق َ‬‫َ‬
‫باحلركة‬ ‫ماسة والمبارشة‬
‫َ ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫زنهٌ عن ذلك لكه‪.‬‬ ‫تعاىل م َّ‬ ‫والسكون وَنو ذلك فمن صفات اخلَلق‪ ،‬واهلل‬ ‫ّ‬

‫أي مّشكو ق َريش‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬


‫(‪ )5‬أي مع َمجع يف َيللة اإلرساء‪ ،‬ويه غري رؤيته ﷺ بلعضهم يف َّ‬
‫السماوات‪.‬‬
‫‪46‬‬ ‫األربعون العلياء‬

‫ُ َ َ ٌ ُ َ ِّ (‪َ ْ ُ َّ َ َ )3( ٌ ْ َ )2( ٌ ْ َ ٌ ُ َ َ َ )1‬‬


‫موس قائم يصل ‪ ،‬فإذا رجل َضب جعد كأنه من رجال‬
‫َ ْ ُ َ ْ َ َ َ َ ْ َّ َ ُ َ ٌ ُ َ ِّ (‪ُ َ ْ َ )5‬‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ََ‬
‫وءة(‪َ ،)4‬وإذا عيس ابن مريم عليه السالم قائم يصل أقرب‬ ‫شن‬
‫َّ َ ُّ (‪ْ َ َ ُ َ ْ َ َ )6‬‬ ‫َ ًَ ُ ُ ْ َ ْ ُ‬
‫يم عليه‬ ‫انلَّاس به شبها ع ْر َوة ب ُن مسعود اثلقف ‪ ،‬وإذا إبراه‬
‫َ‬ ‫َ ُ ُ ْ َ ْ َْ‬ ‫َّ‬ ‫َّ َ ُ َ ٌ ُ َ ِّ (‪ُ َ ْ َ )7‬‬
‫السالم قائم يصل أشبه انلاس به صاحبكم ‪ -‬يعن نفسه ‪-‬‬
‫َّ َ َ َ َ ٌ‬
‫ت م َن الصالة قال قائل( ‪:)9‬‬ ‫الص َالةُ فَأَ َم ْمتُ ُه ْم( ‪ ،)8‬فَلَ َّما فَ َر ْغ ُ‬
‫َّ‬ ‫َ َ َ‬
‫فحانت‬

‫َ‬
‫األقص‪.‬‬ ‫المسجد‬ ‫(‪ )1‬يف َ‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫(‪ )2‬أي َ‬
‫وس ٌط من ّ‬
‫الرجال يف اجلسم‪ ،‬وقيل‪ :‬خفيف اللحم‪.‬‬
‫(‪ )3‬سبَق الالكم عليه يف احلديث الّالث‪.‬‬
‫(‪ )4‬سبَق رشحه يف احلديث الّالث‪.‬‬
‫َ‬
‫األقص‪.‬‬ ‫(‪ )5‬يف َ‬
‫المسجد‬
‫( ‪ )6‬هو أبو مسعود عروة بن َمسعود بن م َعتّب بن مالك من بَن َعوف بن‬
‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫انصف من ثقيف فتَب َعه‬ ‫ِب ﷺ قد‬ ‫اكن انلَّ ُّ‬ ‫ثقيف من قيس َعيْالن‪.‬‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫عروة بن َمسعود وأسلم‪ ،‬فسأُل ﷺ أن يَرج َع إىل قومه باإلسالم ‪ -‬واكن‬
‫فر َموه‬ ‫إسالمه َ‬
‫وداعهم إيله‪َ ،‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وأظهر‬ ‫طااع ‪َ -‬‬
‫فرجع إيلهم‬ ‫فيهم حمبَّبًا م ً‬
‫ّ‬
‫هم فقتَله‪.‬‬ ‫ك َوجه فأصابه َس ٌ‬ ‫بانلَّبْل من‬
‫األقص‪.‬‬ ‫َ‬ ‫المسجد‬‫(‪ )7‬يف َ‬
‫صىل بهم ً‬ ‫َّ‬
‫إماما‪.‬‬ ‫( ‪ )8‬أي‬
‫(‪ )9‬هو جبيل أو غريه من املالئكة‪.‬‬
‫‪47‬‬ ‫األربعون العلياء‬

‫َ َ ِّ َ َ ْ َ ْ َ ُّ َ‬ ‫ٌ َ‬ ‫َ ُ َ َّ ُ َ َ‬
‫يا ُممد‪ ،‬هذا َمالك صاح ُب انلَّار(‪ )1‬فسل ْم عليه‪ ،‬فاتلَفت إَلْه‬
‫َّ َ‬ ‫ََََ‬
‫فبدأن بالسالم »‪.‬‬
‫( ‪)2‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫احلسني‪َ :‬ح َّدثنَا حم َّمد بْن َعبَّاد َوز َه ْري بْن َح ْرب ‪-‬‬ ‫َ‬ ‫‪ )11‬وقال أبو‬
‫َ َ َ َّ َ َ َ َ ْ َ َ َ ْ َ َ َ‬ ‫َّ ْ‬
‫َواللفظ البْن َعبَّاد ‪ -‬قاال‪ :‬حدثنا أبو صفوان أخبنا يونس عن‬
‫َ‬
‫َ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫ُّ ْ‬
‫ِب ﷺ أ َ‬
‫ِت‬ ‫ال أبو ه َريْ َرةَ‪ :‬إ َّن انلَّ َّ‬ ‫الزهر ّي قال‪ :‬قال ابْن الم َسيّب‪ :‬ق‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ْ‬ ‫َيلْلَ َة أ ْرس َي به بإيليَ َ‬
‫اء(‪ )3‬بقد َحني م ْن مخْر(‪َ )4‬ول ََب‪ ،‬فنَ َظ َر إيلْه َما‬
‫احلَ ْمد َّّلل َّاذلي َه َد َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ ْ َّ َ‬ ‫َ َ َ َ َّ َ َ َ َ َ َ ْ‬
‫اك‬ ‫السالم‪« :‬‬ ‫َب‪ ،‬فقال ُل جبيل عليه‬ ‫فأخذ الل‬
‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬
‫ْ ْ َ (‪ْ َ ْ َ ْ َ )5‬‬
‫ت اخل َ ْم َر غ َوت أ َّمتك(‪.»)6‬‬ ‫للفطرة ‪ ،‬لو أخذ‬
‫َّ‬ ‫َ َّ َ َ ْ َ ْ َ َّ َ َ َ َ َ َ َ َّ َ َ َ َ‬ ‫وقال أبو َ‬ ‫َ‬
‫احلسني‪ :‬حدثنا ابن نمري حدثنا أبو أسامة حدثنا زكرياء‬ ‫‪)12‬‬
‫َ َ َ ْ‬‫َ‬ ‫َ َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬
‫َعن ابْن أش َوع َع ْن َاعمر َع ْن َمسوق قال‪ :‬قلت ل َعائشة‪ :‬فأي َن‬

‫ََ‬
‫الملك الكريم خازن انلّار‪.‬‬ ‫(‪ )1‬أي‬
‫ً‬
‫وإكراما ُل‪.‬‬ ‫ِب ّ‬
‫حممد ﷺ‬ ‫السالم للنّ ّ‬‫يما من مالك عليه ّ‬ ‫(‪ )2‬تَعظ ً‬

‫المقدس‪.‬‬‫(‪ )3‬يه بيت َ‬


‫(‪ )4‬أي َمخر اجلنّة‪ ،‬وسبَق الالكم ىلع ذلك يف احلديث ّ‬
‫األول‪.‬‬
‫(‪ )5‬أي ّ‬
‫ال َ‬
‫ين‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫نده ﷺ اكن من مخر‬ ‫أن ّاذلي َ َ‬
‫حْض ع َ‬ ‫ّ‬ ‫ت أ ّمتك يف َ ّ‬
‫الّش‪ ،‬مع‬ ‫ك ْ‬‫َْ َ َ‬
‫( ‪ )6‬أي النهم‬
‫َ ّ ّ‬ ‫اجلنّة الّليذ ّ‬
‫الطاهر الزِك اذلي ال يسكر‪.‬‬
‫‪48‬‬ ‫األربعون العلياء‬

‫قوُل ﱡﭐ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ‬
‫َْ‬

‫ﱰﱠ(‪[ )1‬انلجم‪]10-8 :‬؟‬

‫ّ‬ ‫صدر َدنا يَ ْدنو أي يَقرب‪ ،‬ح ًّسا اكن أو ً‬


‫أما اتلَ َديل‬
‫معىن‪ّ ،‬‬ ‫(‪ )1‬الن ّو يف األصل َم َ‬
‫َ‬ ‫َ َ َ َّ َ َ َّ‬
‫تدىل من كذا أي َدنا منه إىل غريه‪ ،‬وقد يكون حسيًّا‬ ‫فمصدر تدىل ي‬
‫َ‬
‫ومعنويًّا‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ ََ‬ ‫ّ ّ ْ‬
‫"دنوت من املدينة" أي قربت منها من‬ ‫س أن يقال‪:‬‬ ‫ومثال الن ّو احل‬
‫قوى" أي قَر َ‬ ‫ٌ‬
‫الن من اتلَّ َ‬ ‫ّ ْ َ‬
‫قال‪َ :‬‬ ‫المسافة‪ ،‬ومثال َ‬ ‫حيث َ‬
‫ب‬ ‫"دنا ف‬ ‫المعنوي أن ي‬
‫من ب لوغ هذه املزنلة املعنويّة‪.‬‬
‫َّ‬
‫تعل َق َ‬
‫ونزل منه‬
‫َّ‬
‫الش َ‬
‫جر" أي‬ ‫زيد من‬ ‫"تد َّىل ٌ‬
‫قال‪َ :‬‬ ‫ّ ّ ْ َ‬ ‫ّ‬
‫ومثال اتلَديل احلس أن ي‬
‫ٌ‬ ‫ّ‬
‫"مرتبة اتلّ َديل" ويه مزنلة‬ ‫الصوفيّة‪َ :‬‬ ‫عنوي كقول ّ‬ ‫الم ّ‬ ‫إىل سفل‪ ،‬ومثال َ‬

‫بالطاعة إىل اهلل بَعد‬ ‫يتقرب فيها ّ‬ ‫َّ‬ ‫الزاهد حيث‬ ‫يبلغها العارف باهلل ّ‬
‫َ‬
‫المنازل املعنويّة الغاية ابلعيدةَ‪.‬‬ ‫بلوغه يف ارتقاء َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫وقبل الالكم ىلع اآلية نقول‪ :‬إن األصل األصيل هو اإليمان باهلل أي‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ َّ‬
‫عز وجل وما يوز عليه وتزنيهه تعاىل عن مشابَهة‬ ‫باعتقاد ما يب ُل‬
‫لق وال ب َوجه من الوجوه‪،‬‬ ‫تبارك وتعاىل ال يشبه اخل َ َ‬ ‫ىشء من اخل َلق‪ ،‬فاهلل َ‬
‫ٌ‬ ‫تحزيا يف ماكن‪ ،‬ألنّه لو اكن ج ً‬ ‫جسما وال م ّ ً‬ ‫ً‬ ‫ف َ‬
‫سما لاكن ُل أمثال‬ ‫ليس هو‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫زيا يف ماكن َ‬ ‫َكثريةٌ‪ ،‬ولو اكن م َ‬
‫تح ّ ً‬
‫اكلعرش أو غريه لاكن ُل أمثال كثرية‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫تقد ٌس عن مشابهة اخل َلق‪ .‬فمن هنا يب اعتقاد أن‬ ‫تعاىل م ّ‬ ‫ً‬
‫أيضا‪ ،‬واهلل‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫تبارك وتعال‪ :‬ﱡﭐ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪﱠ =‬ ‫معىن قول اهلل‬
‫‪49‬‬ ‫األربعون العلياء‬

‫ّ‬ ‫تشبيه هلل خبَ لقه‪ ،‬وقد َ‬


‫ٌ‬
‫املعىن يف اآليتَني إىل أن‬
‫رصف الع لماء َ‬ ‫= ليس فيه‬
‫َ َّ َ‬ ‫السالم َدنا دن ًّوا حقيقيًّا من سيّدنا ّ‬ ‫َ َ‬
‫عليه ّ‬
‫حممد ﷺ فتدىل إيله‬ ‫جبيل‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫بَعد أن رج َع ﷺ إىل سدرة المنتىه حيث ينتظره جبيل بَعد أن اكن ﷺ‬
‫وت أقالم جتري يف الكتابة ىلع صحف‪ ،‬واكن‬ ‫َو َصل إىل َماكن َسم َع فيه َص َ‬
‫َ‬ ‫اللوح َ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ذلك َص َ‬
‫المحفوظ ما أذن اهلل‬ ‫وت استنساخ بَعض املالئكة من‬
‫السالم من‬ ‫تد َّىل جبيل عليه ّ‬ ‫لَهم يف ن َ ْسخه يف صحفهم من األقضيَة‪ ،‬ث ّم َ‬
‫َ‬ ‫صار بينَهما من َ‬ ‫َ‬ ‫حممد ﷺ إذْ َدنَا منه جبيل ّ‬ ‫ّ‬
‫المسافة أي طول‬ ‫حَت‬
‫ّ‬
‫املفسين‪.‬‬ ‫حد َده بعض‬
‫عربيَّتَني كما َّ‬
‫وسني َ‬ ‫قَ َ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اهلل تعاىل َدنا بذاته دن ًّوا‬
‫أن َ‬ ‫ليس األمر كما يَفَتيه بعض الكفار من‬ ‫و َ‬

‫حَت صار بَينَهما كما بَني احلاجب واحلاجب من املسافة‪،‬‬ ‫حممد ﷺ ّ‬ ‫من ّ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬
‫إثبات َ‬ ‫ٌ ّ‬ ‫ٌ‬ ‫فهذا ك ٌ‬
‫المسافة بني اهلل تعاىل وخلقه‪،‬‬ ‫ني ألن فيه‬ ‫فر وضالل مب‬
‫َ‬ ‫ٌ ً‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫واهلل تعاىل ال يوز عليه ذلك ألنه موجود أزال بال كيف وال َماكن بل‬
‫ٌ ً َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫هو خالق الكيفيّات واألماكن لكها‪ ،‬وهو تعاىل موجود أزال قبل وجود‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫بعد خلق‬ ‫املخلوقات لكها بال َماكن وال كيف‪ ،‬ولم يَ ْزل سبحانه‬
‫َّ َّ‬
‫عز وجل غري حمتاج إىل‬ ‫املخلوقات بال َماكن وال جهة وال كيف‪ ،‬وهو‬
‫املاكن يف َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ح ّق اهلل أي يَكفر‬ ‫ّ‬ ‫ىشء من خ لقه‪ ،‬فال يوز اعتقاد القرب‬
‫الم ّ‬
‫سايف‪.‬‬ ‫رب َ‬ ‫ح ّق اهلل الق َ‬ ‫َمن يَعتقد يف َ‬
‫السالم َدنا من سيّدنا ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫حممد‬ ‫جبيل عليه ّ‬ ‫الصحيح لآليتَني أن‬ ‫واتلّفسري ّ‬
‫قوسني أو أقَ َّل‪ ،‬و ّ‬ ‫ٌ ْ‬ ‫َ َ‬
‫أما َمن‬ ‫قد َر َ‬ ‫نوا ح ّسيًا فلم يبْ َق بينَهما إال َمسافة‬ ‫ﷺ د ًّ‬
‫فَ َّس هذا الن ّو بدنو اهلل من ّ‬
‫حممد معنويًّا بال َمسافة فال َ‬
‫ض َر عليه =‬
‫‪50‬‬ ‫األربعون العلياء‬

‫َ‬
‫الصادق ريض اهلل عنه لكنّه لم يَثبت َعنه‪،‬‬ ‫جعفر ّ‬ ‫= هو م َرو ٌّي عن َ‬

‫س‬ ‫ذلك القول ول َم يَقصدوا الن ّو احل ّ‬


‫َ‬ ‫َ‬
‫ذهب بعض العلماء إىل‬ ‫وكذلك َ‬

‫قصدوا الن َّو‬ ‫واملسايف ّاذلي يكون ب َ‬


‫احلركة واالنتقال‪ ،‬إنّما َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫الم ّ‬
‫اكن‬
‫والصواب فيهما‬ ‫ّ‬ ‫مرجوح‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫الوجه‬‫ري لآليتَني ىلع َ‬ ‫لكن اتلّفس َ‬ ‫ّ‬ ‫المعنو َّي‪،‬‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫املفس القايض شهاب ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الين أمحد بن إسماعيل‬ ‫املحدث‬ ‫كما قال‬
‫ََّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫الكوران يف «الكوثر اجلاري إىل رياض أحاديث ابلخاري»‪" :‬اتفقت‬
‫ّ‬ ‫بيل عليه ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫السالم منه ﷺ‪ ،‬ألن‬ ‫الروايات ىلع أن ﱡﭐﱧ ﱨﱠ قرب ج‬
‫ّ َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ َ‬ ‫الم ّ‬‫رب َ‬ ‫الق َ‬
‫مما يب اإليمان به" اه‪.‬‬ ‫اكن من اهلل تعاىل حمال‪ ،‬هذا‬
‫جبَّار َر ّب الع َّزة‬ ‫خاري يف «صحيحه» « َو َدنَا ل ْل َ‬ ‫ّ‬ ‫ذكرها ابل‬‫الرواية الّيت َ‬ ‫أما ّ‬ ‫ّ‬
‫َ ْ‬ ‫َ َ َ َّ َ َّ َ َ ْ َ َ َ ْ َ َ ْ َ‬
‫اب ق ْو َسني أ ْو أدن» ويف رواية‪َ « :‬و َدنا اجلَبَّار َر ُّب‬ ‫فتدىل حَت اكن منه ق‬
‫َ ٌ‬ ‫َّ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ َ َ َ َّ َ َّ َ َ ْ َ َ َ ْ‬
‫عدد من‬ ‫اب ق ْو َسني أ ْو أدن» فقد َردها‬ ‫العزة فتدىل حَت اكن منه ق‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ َ ٌ‬ ‫ّ‬
‫زاد رشيك زيادةً مهولة وأَت بألفاظ‬ ‫احلفاظ اكحلافظ َعبد احلَ ّق فقال‪" :‬‬
‫ايب است َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫بعادها وقال‪:‬‬ ‫العسقالن عن اخل َ ّط ّ‬ ‫ّ‬ ‫غري َمعروفة اه‪ .‬ونقل احلافظ‬
‫ٌ‬
‫يح ابلخار ّي حديث أشنَ َع ظاه ًرا وال‬ ‫ليس يف هذا الكتاب يَعن َصح َ‬ ‫" َ‬

‫أحد‬ ‫ني َ‬ ‫المسافة بَ َ‬ ‫يد َ‬ ‫أشنَ َع َمذاقًا من هذا الفصل‪ ،‬فإنّه يَقتِض َحتد َ‬
‫َ ّ‬ ‫َ ّ‬ ‫اآلخر وتَمي َ‬
‫َ‬
‫اتلديل‬ ‫زي َماكن ك واحد منهما‪ ،‬هذا إىل ما يف‬ ‫ني‬‫ورين وبَ َ‬ ‫املذك َ‬
‫ََ‬ ‫َ‬ ‫ّ َ َّ‬ ‫ّ‬
‫من التشبيه واتلّمثيل ُل بالىشء اذلي تعلق من فوق إىل أسفل" ا‪.‬ه‪.‬‬
‫قوُل ُّ‬ ‫َ‬ ‫ايب ً‬ ‫اجلوز ّي حاكيًا عن ّ‬
‫اخلط ّ‬ ‫وقال ابن َ‬
‫ونصه‪" :‬وما ذكر فيه من‬ ‫أيضا‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫وإما من رشيك بن عبد اهلل بن أيب نمر‪ ،‬فإنه =‬
‫َ‬ ‫اتلد ّيل ّإما رأي أن َس ّ‬ ‫َ‬
‫‪51‬‬ ‫األربعون العلياء‬

‫َ‬ ‫َ‬
‫اتلف ُّرد َ‬ ‫َ‬
‫بمناكري األلفاظ‪ .‬وقد روي هذا احلديث عن أنس من‬ ‫= كثري‬
‫الشنيعة‪ ،‬فاكن ذلك ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫مما‬ ‫غري َطريق رشيك فلم يذكر فيه هذه األلفاظ‬
‫َْ ٌ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ ّ‬ ‫َ‬
‫أخرى تف َّرد‬ ‫الظ َّن أنها صادرة من رشيك‪ .‬ويف هذا احلديث لفظة‬ ‫يق ّوي‬
‫يك ول َم يَذك ْرها غريه ويه قوُل‪َ « :‬ف َق َال َوه َو َم َاكنَه» َ‬
‫والماكن ال‬
‫َ ٌ‬
‫بها رش‬
‫أن رش ً‬‫ّ‬ ‫يضاف إىل اهلل تعاىل‪ ،‬وإنّما هو َماكن انلَّ ّ‬
‫يكا‬ ‫ِب ﷺ" اه‪ .‬قلت‪ :‬ىلع‬
‫َ‬ ‫َ ّ ّ َ َّ َ‬ ‫لَم يَنسب َ‬
‫تفر َد به م ّما قد يوهم‬
‫بلفظ هو َّ‬ ‫الماكن هلل تعاىل إال أنه عب‬
‫ّ ْ َ َ ّ‬ ‫َ‬
‫أنسا ريض اهلل عنه قال بالن ّو املعنو ّي فقد‬
‫أن ً‬ ‫ذلك‪ ،‬كما أنه إن ثبت‬
‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬
‫املرجوح يف‬ ‫ني وإن اكن هو‬ ‫سبَ َق أن بَيَّناه وأنه ال يصادم عقيدةَ المسلم‬
‫َ‬
‫تفسري هاتني اآليتَني‪.‬‬
‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ ٌ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫ّ‬
‫حديث اإلرساء مجاعة من احلفاظ المتقنني‬ ‫وقال ابن الم لقن‪" :‬وقد روى‬
‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ َ‬
‫نان وقتادةَ عن أنس‪ ،‬فلم يأت أحد منهم بما أَت‬
‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫اكبن شهاب وثاب ت ابل‬
‫ليس باحلافظ ع َ‬ ‫يك َ‬ ‫َ ٌ َ ٌ‬
‫ند أهل احلَديث" اه‪.‬‬ ‫به رشيك‪ ،‬ورش‬
‫ُّ‬ ‫اقتصنا ىلع هذا ابليان يف هذا املوضع‪ ،‬ف َمن َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اتلوسع يف هذا‬ ‫أراد‬ ‫وقد‬
‫َ َ َ َ‬ ‫بحث فلينظر كتابَنا «اتلِّفس َ‬ ‫الم َ‬
‫َ‬
‫األسَم لقول تعال‪ :‬ﱡﭐﱢﱣ ﱤﱠ»‪.‬‬ ‫ْي‬
‫‪52‬‬ ‫األربعون العلياء‬

‫َ ّ َ (‪َّ َ )1‬‬ ‫َ َ ْ‬ ‫َ َ ْ َّ َ َ َ ْ‬
‫اك جبيل ﷺ اكن يَأتيه يف صورة الرجال ‪ ،‬وإنه‬ ‫قالت‪« :‬إنما ذ‬
‫ورته(‪ )3‬فَ َس َّد أفقَ‬
‫يه ص َ‬ ‫أَتَاه يف َهذه ال ْ َم َّرة(‪ )2‬يف ص َ‬
‫ورته الَّيت َ‬

‫الس َماء(‪.»)4‬‬
‫َّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ٌ‬
‫ان َح َّدثنَا َعبَّاد َوه َو‬‫الز ْه َر ُّ‬
‫الربيع َّ‬‫احلسني‪َ :‬ح َّدثَن أبو َّ‬ ‫َ‬ ‫‪ )13‬وقال أبو‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ْ َ َّ َ َّ َ َ َّ ْ َ ُّ َ َ َ ْ‬
‫ان قال‪َ :‬سألت ز َّر بْ َن حبَيش َع ْن ق ْول‬ ‫ابن العوام حدثنا الشيب‬
‫َ َ َ ْ‬ ‫َّ‬
‫اهلل َع َّز َو َجل‪ :‬ﱡﭐﱦﱧﱨﱩﱪﱠ(‪[ )5‬انلجم‪ ،]9 :‬قال‪ :‬أخبن‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِب ﷺ َرأى جبيل ُل ستُّمائة َجنَاح(‪.»)6‬‬ ‫ابْن َم ْسعود «أ َّن انلَّ َّ‬

‫ُّ‬ ‫ّ‬ ‫يتشك بصورة بعض ّ‬‫َّ‬


‫الرجال من حيث الظاهر من غري ءالة اذلكورة‪،‬‬ ‫(‪ )1‬أي‬
‫َ َ‬
‫اللك ّ‬ ‫الص ّ‬‫وكثريا ما اكن يأِت بصورة ّ‬
‫ً‬
‫ِب‪.‬‬ ‫حايب اجلليل دحية‬
‫ّ َ‬
‫(‪ )2‬أي يف أجياد‪ ،‬موضع معروف بأسفل مكة من شعابها‪.‬‬
‫حته‪.‬‬ ‫(‪ )3‬أي ىلع هيئته األصليّة ون َ َّش َ‬
‫بعض أجن َ‬
‫(‪ )4‬أي نَواحيَها يف رأي َ‬
‫العني‪.‬‬
‫(‪َ )5‬سبَق تفسريها يف احلديث ّ‬
‫السابق‪.‬‬
‫السماء‬ ‫ريس يف الفضاء َ‬
‫بني ّ‬ ‫ً‬
‫جالسا ىلع ك ّ‬ ‫( ‪ )6‬واكن جبيل عليه ّ‬
‫السالم‬
‫واألرض‪ ،‬ويَتساقَط من أجن َ‬
‫حته اتلّهاويل أي األلوان الكثرية المبهرة‬
‫ج َ‬
‫ناحني منش َ‬ ‫ك َ‬‫ّ‬
‫ورين‬ ‫لَلبصار وال ُّر وايلاقوت‪ .‬قال بعض العلماء‪ :‬بَني‬
‫المّشق َ‬ ‫ٌ‬
‫مسافة كما بَني َ‬ ‫من أجن َ‬
‫والمغرب‪.‬‬ ‫حته‬
‫‪53‬‬ ‫األربعون العلياء‬

‫ْ‬ ‫ُ َ‬
‫‪ ‬ومن سن ابن ماجه ‪‬‬
‫َ ْ‬ ‫َ َ ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬
‫‪ )14‬قال أبو َعبد اهلل‪َ :‬ح َّدثنَا أبو بَكر بْن أيب شيبَة َح َّدثنَا احلَ َسن بْن‬
‫الصلْت َعنْ‬ ‫يلع بْن َزيْد َع ْن أَيب َّ‬
‫وىس َع ْن َمحَّاد بْن َسلَ َم َة َع ْن َ ّ‬
‫م َ‬
‫ََ َ‬ ‫ََْ ُ َ ََ ُ ْ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫َ‬
‫ت َلْلة أرس َي ب َع ق ْوم‬ ‫أيب ه َريْ َرةَ قال‪ :‬قال َرسول اهلل ﷺ‪« :‬أتي‬
‫ات تُ َرى(‪ )1‬م ْن َخارج ُب ُطونه ْم‪َ ،‬ف ُقلْت‪ُ:‬‬‫َ ْ َ َّ ُ‬ ‫ُ ُُ َ ْ ُ‬
‫ب ُطونه ْم َكبلُيوت فيها احلي‬
‫َ ْ َ ُ َ َ ْ َ ُ َ َ َ ُ َ َ َ َ ُ ِّ َ‬
‫الربا»‪.‬‬ ‫من هؤِلء يا جْبائيل؟ قال‪ :‬هؤِلء أكلة‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫م َح َّدثنَا زيَاد بْن‬ ‫‪ )15‬وقال أبو َعبد اهلل‪َ :‬ح َّدثَنَا نَ ْص بْن َ ّ‬
‫يلع اجلَ ْه َض ُّ‬
‫َ َّ‬ ‫ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫الربيع َح َّدثنَا َعبَّاد بْن َمنصور َع ْن عكر َمة َعن ابْن َعبَّاس أن‬ ‫َّ‬
‫ََ‬ ‫َ ُ َ ََ ُْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫َرسول اهلل ﷺ قال‪َ « :‬ما م َر ْرت َلْلة أرس َي ب بمل(‪ )2‬م َن‬
‫َ َ ( ‪)3‬‬
‫َ َ ْ َ َ ُ َ َّ ُ ْ‬ ‫ْ َ َ َ َّ ُ ُّ ُ َ ُ ُ‬
‫المالئكة إِل ُكه ْم يقول ِل‪ :‬عليك يا ُممد باحلجامة »‪.‬‬

‫بص احلَيّات‪.‬‬ ‫(‪ )1‬أي ت َ‬


‫َ‬
‫(‪ )2‬أي مجْع‪.‬‬
‫َ‬ ‫ِب ﷺ ىلع أن يأم َر أ ّمته َ‬ ‫ث للنّ ّ‬ ‫َ ٌّ‬
‫أمر إرشاد وندب ال وجوب إىل‬ ‫(‪ )3‬فيه ح‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اتلّداوي باحلجامة‪ ،‬واحلجامة بكس احلاء ال بضمها‪ .‬وروي عن انلّ ّ‬
‫ِب‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫جم املرء يف‬‫األخدعني‪ ،‬وَي َ‬ ‫ﷺ أنه اكن َيتَجم يف رأسه وبَني كتفيه ويف‬
‫ّ‬
‫املتقدمني يف‬
‫َ‬
‫فعه الختالف العلل‪ ،‬وقد ذكر عن‬ ‫املوضع ّاذلي يَرجو نَ َ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫األخدعني ىلع انلُّقرة ألدواء العينَني والرأس =‬
‫َ‬ ‫العلم أن حجامة‬
‫‪54‬‬ ‫األربعون العلياء‬

‫َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫‪ )16‬وقال أبو َعبد اهلل‪َ :‬ح َّدثنَا هشام بْن َع َّمار َح َّدثنَا ال َويلد بْن م ْسلم‬
‫َ‬
‫ادةَ َع ْن ماهد َعن ابْن َعبَّاس َع ْن‬ ‫َح َّدثَنَا َسعيد بْن بَشري َع ْن َقتَ َ‬
‫ً‬ ‫َ َّ َ َ َ ْ‬ ‫َ‬
‫يب بْن ك ْعب َع ْن َرسول اهلل ﷺ أنه يلْلة أرس َي به َو َج َد رَيًا َطيّبَة‬ ‫أَّ‬
‫َ‬ ‫َّ ِّ َ ُ َ َ‬ ‫ِّ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ََ َ َ‬
‫الريح(‪ )1‬الطيبة؟» قال‪َ « :‬هذه ريح ق ْب‬ ‫فقال‪« :‬يا ج ْْبيل َما هذه‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫ال َماش َطة َوابْنيْ َها َو َز ْوج َها»‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ َ‬
‫‪ )17‬وقال أبو َعبد اهلل‪َ :‬ح َّدثنَا حم َّمد بْن بَشار َح َّدثنَا يَزيد بْن َهارون‬
‫ْ‬
‫حيْم َع ْن مؤثر بْن‬ ‫َح َّدثَنَا الْ َع َّوام بْن َح ْو َشب َح َّدثَن َجبَلَة بْن س َ‬

‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬


‫اجلسد لكه‪،‬‬ ‫= والعنق والظهر‪ ،‬وأن احل جامة ىلع الاكهل نفعها من داء‬
‫الماغ ‪ -‬نَفعها من َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫الس َدد‬ ‫فوق ّ‬ ‫العظم‬ ‫حف ‪َ -‬‬ ‫الق ْ‬ ‫وأن احلجامة فوق‬
‫ّ‬ ‫بطال‪ .‬وي َ‬ ‫الفخذ واحتباس َدم احليض‪ ،‬قاُل ابن ّ‬ ‫َ‬
‫رجع يف ذلك لكه‬ ‫وقروح‬
‫فإن َ‬‫ّ‬
‫تْضهم احلجامة‪ ،‬كما‬ ‫بعض انلّاس ُّ‬ ‫إىل الّقات أهل اخلبة يف ذلك‪،‬‬
‫املفسون يف‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫الصفراء‪ ،‬وذللك قال‬ ‫خ ْلط َّ‬ ‫َ‬
‫ب عليه‬ ‫غل َ‬ ‫َ‬
‫ْض َمن‬
‫العسل يَ ُّ‬ ‫أن َ‬ ‫ّ‬
‫وليس ًّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫اعما‬ ‫َ‬ ‫العسل‪ :‬ﱡﭐﲕ ﲖ ﲗﱠ إن ذلك مطل ٌق‬ ‫قوُل تعاىل يف شأن َ‬
‫ّ‬ ‫ٌ ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫فاء لك انلّاس من ك داء ولكنّه يف اجلملة‬ ‫يف ك فرد‪ ،‬ف لم يقل‪ :‬إنه ش‬
‫َ ّ َ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ َ َّ ْ‬
‫دام إال وتمامه‬ ‫يوجد َمعجون من معاجني األطبّاء الق‬ ‫أن َ‬ ‫دواء‪ ،‬وقل‬
‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫َّ َ‬ ‫ب َ‬
‫العسل‪ ،‬واألرشبة املتخذة من العسل نافعة ألصحاب ابللغم والشيوخ‬
‫ّ‬ ‫ين‪ ،‬ومنافعه كثريةٌ ًّ‬ ‫املبود َ‬
‫جدا ال َيصيها إال اهلل تعاىل‪.‬‬
‫(‪ )1‬أي ّ‬
‫الراحئة‪.‬‬
‫‪55‬‬ ‫األربعون العلياء‬

‫َ َ َ َ َ َ ََ ْ‬ ‫َع َف َ‬
‫ازةَ َع ْن َعبْد اهلل بْن َم ْسعود قال‪« :‬ل َّما اكن يلْلة أرسي‬
‫َّ َ َ‬ ‫َ َ َْ َ َ َ َ َ َ َ َ‬
‫اعة(‪،)1‬‬ ‫يَس فتَذاكروا الس‬ ‫ب َرسول اهلل ﷺ لق إبراهيم وموىس وع‬
‫يم فَ َسأَلوه َعنْ َها فَلَ ْم يَك ْن عنْ َده منْ َها علْ ٌم(‪ ،)2‬ثمَّ‬ ‫َفبَ َدؤوا بإبْ َراه َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ْ َ ْ ْ َ ْ َ ْ ٌ َ َّ ْ‬ ‫ََ‬
‫َ‬
‫سألوا موىس فلم يكن عنده منها علم‪ ،‬فرد احلديث إىل عيَس‬
‫ََ‬
‫ََ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ‬
‫يما دون َوجبَت َها(‪ ،)3‬فأ َّما َوجبَت َها فال‬ ‫ال‪ :‬قَ ْد عه َد إ َ َّ‬
‫يل ف َ‬ ‫ْ َََْ ََ َ‬
‫ابن مريم فق‬
‫ريجع‬ ‫ال‪ :‬فَأَنْزل(‪ )4‬فَأَ ْقتله فَ َ ْ‬
‫َ َّ َّ َ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َّ‬
‫ي ْعلم َها إال اهلل‪ ،‬فذك َر خروج الجال ق‬
‫َ َ‬

‫َ‬
‫الالكم ىلع قيامها‪.‬‬ ‫(‪ )1‬أي‬
‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫علم َو َ‬
‫قت قيام ّ‬ ‫َ َ‬
‫ىشء أخفاه اهلل‬ ‫الساعة ىلع اتلّحديد‪ ،‬ألن هذا‬ ‫(‪ )2‬أي ال ي‬
‫ّ ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫عز وجل‪ :‬ﱡﲻﲼ ﲽ ﲾﲿﱠ‪.‬‬ ‫تعاىل َعن خلقه‪ ،‬قال‬
‫الساعة ووقوعها‬ ‫(‪ )3‬أي أويح إيله بأنّه يَزنل من ّ‬
‫السماء إىل األرض قبل قيام ّ‬
‫ّ‬ ‫الساعة تقوم ىلع الاكفرين فجأةً يف ّ‬ ‫ً ّ‬
‫ألن ّ‬
‫الزمان اذلي‬ ‫ىلع الاكفرين بغتة‪،‬‬
‫ٌ‬
‫أحياء‪ ،‬قال اهلل تعاىل‪ :‬ﱡﭐ ﲾ ﲿ‬ ‫ال يكون فيه مؤمنون يف األرض‬
‫ﳎﳐ ﳑ ﳒ‬
‫ﳈﳊ ﳋ ﳌﳍ ﳏ‬
‫ﳂ ﳄﳅﳆﳇ ﳉ‬
‫ﳃ‬ ‫ﳀﳁ‬

‫مَت تكون‬ ‫الساعة َ‬


‫يش عن ّ‬ ‫َ ٌ‬
‫ت يَهود أو قر‬ ‫ﳓ ﳕ ﳖﳗ ﳘﱠ‪ .‬وسأَلَ ْ‬ ‫ﳔ‬
‫خف علم ّ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬
‫الساعة ىلع‬ ‫ومَت يرسيها اهلل أي يظهرها فأن َزل اهلل ذلك‪ ،‬وقد‬
‫َ‬
‫السماوات وهم املالئكة وىلع َمن يف األرض من إنس وج ّن‪.‬‬ ‫َمن يف ّ‬

‫السماء الّانية إىل األرض‪.‬‬


‫(‪ )4‬أي من ّ‬
‫‪56‬‬ ‫األربعون العلياء‬

‫(‪ّ ْ ْ َ )1‬‬ ‫َْ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ َ‬


‫انلَّاس إىل بالده ْم فيَ ْستَقبله ْم يَأجوج ومأجوج وهم من ك‬
‫َ‬
‫َّ‬ ‫َ َ‬ ‫َّ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫َح َدب يَنسلون(‪ ،)2‬فال يم ُّرون ب َماء إال رشبوه(‪َ )3‬وال بىشء إال‬

‫َ‬
‫ءادم‪.‬‬ ‫ار من بَن‬ ‫قوم ك ّف ٌ‬ ‫َ‬
‫ومأجوج ىلع انلّاس‪ ،‬وهم ٌ‬ ‫(‪ )1‬أي َخيرج قَوم يأج َ‬
‫وج‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ْ‬ ‫ُ ََ َ‬ ‫َ َََ‬ ‫ّ‬
‫أن انلّ َّ‬
‫الل تعال حني أرسي ب إل‬ ‫ِب ﷺ قال‪« :‬بعثن‬ ‫وروي يف حديث‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َْ ُ َ َ َْ ُ َ َ َ ْ ُ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫يأجوج ومأجوج فدعوتهم إل دين الل وإل عبادته فأبوا أن ُييبون»‪.‬‬
‫أحدهم ينام ىلع َ‬ ‫وأن َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫إحدى‬ ‫لكن لم يَص َّح يف َوصفهم أنهم قصار القامة‬
‫يل ّ‬ ‫الصعب ذو القرنَني َ‬
‫الو ُّ‬ ‫حبسهم َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫الصالح‬ ‫ويتغطى باألخرى‪ .‬وقد‬ ‫أذنيه‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫لف َس ّد َعظيم َ‬ ‫َ َ‬
‫ف أمره علينا‪ .‬ويف «سن ابن ماجه»‬ ‫خ َ‬ ‫بني جبَ لني‬ ‫خ‬
‫َ َّ َ َ ُ َ َ‬ ‫َ ُ َّ َ‬ ‫ُ َ َْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫َّ َ ُ َ‬
‫مرفواع‪« :‬إ ن يأجوج َو َمأجوج َيف ُرون ك ي ْوم‪ ،‬حّت إذا َكدوا ي َر ْو ن‬ ‫ً‬
‫يدهُ ُ‬ ‫َ َ ْ ْ ْ ُ َ َ َ ْ ُُ َ ً َ ُ ُ‬ ‫َ َ َّ‬ ‫ُ َ َ َّ ْ‬
‫الل‬ ‫شعاع الشمس قال اَّلي عليهم‪" :‬ارجعوا فسنحفره غدا" فيع‬
‫َ َ َّ َ َ َ َ َّ َ َ َ َ ْ ُ َّ ُ ُ ْ َ َ َ َ ُ َ ْ َ ْ َ َ ُ َ َ‬
‫الل أ ن يبعثه ْم َع انلَّاس‬ ‫أشد ما َك ن‪ ،‬حّت إذا بلغت مدتهم وأراد‬
‫َ ْ ْ ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َّ َ َ ُ َ َ ُ َ َ َّ ْ‬ ‫ََ‬
‫ارجعوا‬ ‫حف ُروا‪ ،‬حّت إذا َكدوا ي َر ْو ن شعاع الشمس قال اَّلي عليهم‪" :‬‬
‫ُ‬ ‫ْ ََْ ََُ ُ َ َ‬ ‫َ َ َ ْ ُ َُ َ ً ْ َ َ ُ ََ َ‬
‫الل تعال" َواستثن ْوا‪ ،‬فيعودون إَلْه َوه َو‬ ‫فستحفرونه غدا إن شاء‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ ُ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ ََ ْ‬ ‫َََْ‬
‫ني ت َركوهُ‪ ،‬فيحف ُرونه َو َي ُرجون َع انلَّاس» احلديث‪.‬‬ ‫كهيئته ح‬
‫ّ‬ ‫َ ُّ َ‬
‫(‪ )2‬أي يسعون الزنول من ك اآلاكم واتلّالل‪.‬‬
‫ً َ َ ُ ُّ َ َ ُ ُ ْ َ َ ُ َ ْ َ َ َ َّ َ َ َ ْ َ ُ َ‬
‫(‪ )3‬ويف «صحيح مسلم» مرفواع‪« :‬فيمر أوائلهم َع ِبْية طْبية فيَّش بون‬
‫َ‬
‫ايلوم‬ ‫قدر‬‫اء»‪ .‬وت َّ‬ ‫ون‪ :‬لَ َق ْد ََك َن ب َهذه َم َّرةً َم ٌ‬ ‫َ َ َ ُ ُّ ُ ُ ْ َ َ ُ ُ َ‬
‫َما فيها‪ ،‬ويمر آخرهم فيقول‬
‫َ‬
‫بأكرث من أربعة آالف مليار يلَت‪.‬‬ ‫كميّة املياه املوجودة يف ابل َ‬
‫ح رية‬
‫‪57‬‬ ‫األربعون العلياء‬

‫َ ْ‬ ‫َ َ ْ‬ ‫ََْ‬ ‫ََ َْ َ‬
‫ون إ َىل َّ‬ ‫َْ‬
‫اهلل أن يميتَه ْم(‪ ،)2‬فتَننت‬ ‫اّلل(‪ ،)1‬فأدعو‬ ‫أف َسدوه‪ ،‬فيجأر‬
‫الس َماءَ‬
‫ريسل َّ‬ ‫ون إ َىل اهلل‪ ،‬فَأَ ْدعو َ‬
‫اهلل فَ ْ‬ ‫ْ(‪َ َ ْ َ َ )3‬‬ ‫ْ‬
‫األرض من رَيهم ‪ ،‬فيجأر‬ ‫ْ‬ ‫َْ‬

‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫حمله ْم(‪َ )4‬فيلْقيه ْم يف ْابلَ ْ‬


‫بال ْ َماء َفيَ ْ‬
‫حر‪ ،‬ث َّم(‪ )5‬تن َسف اجلبَال‬
‫( ‪)6‬‬

‫َ َّ ْ َ (‪َ َ َ َ َ َ َ َ )8 ( َّ َ َ َ )7‬‬ ‫ْ‬ ‫َ ُّ ْ َ‬


‫َوتمد األرض مد األديم ‪ ،‬فعهد إيل مَت اكن ذلك اكنت‬
‫جؤه ْم‬ ‫حلَامل الَّيت َال يَ ْدري أَ ْهل َها َم ََت َت ْف َ‬
‫َ ْ‬
‫اعة م َن انلَّاس اك‬ ‫الس َ‬‫َّ‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫أن يَكفيَهم َ َّ‬ ‫َ ْ‬


‫ومأجوج‪.‬‬ ‫يأجوج‬ ‫رش‬ ‫(‪ )1‬أي يَستغيث انلّاس اهلل‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ َ َْ‬ ‫ً َُْ ُ‬
‫الل عليه ُم انلَّغ ف يف رقابه ْم‬ ‫ْيسل‬ ‫(‪ )2‬ويف «صحيح مسلم» مرفواع‪« :‬ف‬
‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫َُ ْ ُ َ َ َ َ َ‬
‫فيصبحون ف ْرس كم ْوت نفس َواحدة»‪ ،‬وانلَّغف دود يكون يف أنوف‬
‫َ‬
‫إتالفها شد ٌ‬ ‫َ ّ ّ‬ ‫ْ‬
‫يد‪.‬‬ ‫اإلبل والغنَم‪ ،‬ويه وإن اكنت حمتقرةً إال أن‬
‫ً َ ُ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫مرفواع‪« :‬سيوقد‬ ‫(‪ )3‬أي تصري َعفنة من راحئة جيَفهم‪ .‬ويف «سن ابن ماجه»‬
‫ِّ َ ْ ُ َ َ َ ْ ُ َ‬
‫وج َون ُ َّشابه ْم َوأَتْر َسته ْم َسبْ َع سن َ‬ ‫ُْ ْ ُ َ ْ‬
‫ني»‪.‬‬ ‫المسلمون من قس يأجوج ومأج‬
‫أي َسيل املاء‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫َ‬
‫إرسافيل يف ُّ‬
‫الصور‪.‬‬ ‫الساعة ىلع الاكفرين بنَفخ‬
‫عد قيام ّ‬ ‫أي بَ َ‬ ‫(‪)5‬‬
‫َ‬
‫أي تفتَّت‪.‬‬ ‫( ‪)6‬‬
‫المدبوغ ّاذلي ال ن َ‬
‫توء فيه‪ ،‬فال يكون‬ ‫لساء اكجلل َ‬
‫َ‬ ‫بسط فتصري َم‬ ‫أي ت َ‬ ‫(‪)7‬‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫يف األرض الم َّ‬
‫بدلة ارتفاع وال اخنفاض‪.‬‬
‫( ‪ )8‬أي أويح إيله‪.‬‬
‫‪58‬‬ ‫األربعون العلياء‬

‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ْ‬ ‫َ‬
‫بوال َدت َها(‪ .»)1‬قال ال َع َّوام(‪َ « :)2‬ووج َد ت ْصديق ذلك يف كتَاب اهلل‬
‫َ َ‬
‫تعاىل‪ :‬ﱡﭐﱳﱴﱵﱶﱷﱸﱹﱺﱻﱼﱠ‪.‬‬

‫‪ ‬ومن ُس َن أب ُ‬
‫داود ‪‬‬
‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫داود‪َ :‬ح َّدثنَا َاعصم بْن انلَّْض َح َّدثنَا الم ْعتَمر َسم ْعت أيب‬
‫قال أبو َ‬ ‫‪)18‬‬
‫ال‪ :‬ل َ َّما عر َج بنَ ّ‬
‫َ َ‬ ‫ََ‬ ‫َح َّدثَنَا َقتَ َ‬
‫ِب اهلل ﷺ يف‬ ‫ادة َع ْن أنس بْن َمالك ق‬
‫جيَّب(‪ )4‬أَوْ‬
‫افتَاه ْايلَاقوت الْم َ‬‫َ َ َ ْ ٌ (‪َ َ )3‬‬ ‫ْ َ َّ َ ْ َ َ َ َ‬
‫اجلنة أو كما قال‪ :‬عرض ُل نهر ح‬
‫ً‬ ‫َ َ َ َ (‪ْ ْ َ )5‬‬ ‫َ َ َ ْ َ َّ‬ ‫ال‪ :‬الْم َ‬ ‫َ َ‬
‫استَخ َر َج م ْساك‪،‬‬ ‫ْض َب ال َملك اذلي معه يده ف‬ ‫ج َّوف‪ ،‬ف‬ ‫ق‬
‫َ َ َ َ ْ َ َ َّ‬ ‫ْ َ َّ‬ ‫ََ َ َ‬
‫فقال حم َّم ٌد ﷺ لل َملك اذلي َم َعه‪َ « :‬ما هذا؟» قال‪ :‬الك ْوثر اذلي‬

‫َ َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫أهلها َ‬ ‫َ َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫بوقت والدتها اذلي خيىف عليها وعليهم‬ ‫(‪ )1‬أي كما أن احلامل تفجأ‬
‫ً‬
‫مجيعا وقت قيام ّ‬ ‫َ َ َ‬
‫الساعة ىلع‬ ‫ىلع اتلّعيني‪ ،‬فكذلك خيىف ىلع انلّاس‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫الساعة إال بَغتة‪.‬‬‫اتلّعيني‪ ،‬فال تقوم ّ‬
‫َ َ‬ ‫(‪ )2‬هو َ‬
‫الراوي‪.‬‬ ‫وشب ّ‬ ‫الع ّوام بن ح‬
‫(‪ْ )3‬‬
‫أي أريَه‪.‬‬
‫جوف اكجلَيب‪.‬‬ ‫(‪ )4‬أي الم َّ‬
‫َ‬
‫(‪ )5‬أي أدخلها يف انلَّ َهر‪.‬‬
‫‪59‬‬ ‫األربعون العلياء‬

‫َّ‬ ‫َ ْ‬
‫اك اهلل َع َّز َو َجل(‪.)1‬‬‫ع َط َ‬ ‫أ‬
‫َ َ َّ َ َ ْ ْ َ َّ َ َّ َ َ َ َّ َ َ ْ َ َ َ‬ ‫َ‬
‫رية قاال‪:‬‬ ‫‪ )19‬وقال أبو داود‪ :‬حدثنا ابن المصىف حدثنا بقية وأبو المغ‬
‫ْ َ ْ َ َ ْ َّ ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫الرمحَن بْن جبَري َع ْن‬
‫ْ‬
‫َح َّدثنَا َصف َوان َح َّدثن َراشد بن سعد وعبد‬
‫ال َرسول اهلل ﷺ‪« :‬ل َ َّما ُعر َج ب َم َر ْر ُت ب َقومْ‬‫َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ََ‬
‫أنس بن مالك قال‪ :‬ق‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫َ ْ ُ ُ َ (‪ْ ُ ُ ْ ُ َ ُ ُ َ ْ ُ َ ُ ُ )2‬‬ ‫َُ ْ َْ َ ٌ ْ ُ‬
‫ت‪َ :‬من‬ ‫ار من َنَاس َيمشون وجوههم وصدورهم فقل‬ ‫لهم أظف‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫َّ َ َ ُ ُ َ‬ ‫ُ َ َ َ َُ‬ ‫َ َُ َ‬
‫( ‪)3‬‬
‫ين يأكلون حلُوم انلَّاس‬ ‫هؤِلء يا ج ْْبيل؟ قال‪ :‬هؤِلء اَّل‬

‫ْ َّ‬ ‫ً ْ َ َ ََ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬


‫مرفواع‪« :‬الك ْوث ُر نه ٌر يف اجلَنة‬ ‫وجاء يف صفته يف حديث عند ابن ماجه‬ ‫َ‬ ‫(‪)1‬‬
‫َ ُّ ِّ ُ ْ َ ُ ُ َ ْ َ ُ َ ْ ْ‬ ‫َ ْ َ ُ ََ َْ ُ‬ ‫َ ََ ُ ْ َ َ‬
‫حافتاه من ذهب‪ُ ،‬مراه َع اَلاقوت وادلر‪ ،‬تربته أطيب من المسك‪،‬‬
‫َّ ْ‬ ‫ْ َ َ َ َ ُّ َ َ ً‬ ‫ُ َ ْ َ‬
‫َو َماؤهُ أحل م َن العسل َوأشد بياضا م َن اثللج»‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫(‪َ )2‬‬
‫بض ّم الميم وكسها أي خيدشون‪.‬‬
‫تمسك بظاهر هذا احلديث َمن‬ ‫ح ّق‪ .‬وقَد َّ‬ ‫بغري َ‬‫َ َ‬
‫(‪ )3‬أي يَغتابون المسلمني‬
‫َ‬ ‫ًَ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫املحرمة إنها من الكبائر مطلقا‪ ،‬وف َّصل‬ ‫َّ‬ ‫قال من العلماء يف الغيبة‬
‫إن اكنَ ْ‬ ‫ٌ ّ ْ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬
‫ت يف‬ ‫اكنت غيبة لَلتقياء فه كبرية‪ ،‬أما‬ ‫بعضهم فقال‪ :‬إنها إن‬
‫رطِب من‬ ‫نقله الق ّ‬ ‫َ‬
‫الصواب‪ .‬فما‬ ‫الصغائر‪ ،‬وهذا هو ّ‬ ‫ذنب من ّ‬ ‫َغريهم فه ٌ‬
‫َ‬ ‫ًَ‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬
‫أنها كبرية مطلقا باإلمجاع غري َسديد‪ ،‬لك ّن المسل َم الفاس َق إذا‬
‫ْ ََ‬ ‫َ َ‬
‫ح ّد اإلفحاش اكن اغتيابه كبريةً‪ ،‬وذلك كأن يبالغ‬ ‫ح ّق إىل َ‬ ‫بغري َ‬ ‫اغتيب‬
‫َ‬ ‫َ ُّ‬ ‫يف ذكر مساوئه ىلع غري َوجه اتلّحذير بل لم َّ‬ ‫َ‬
‫جرد اتلفكه‪ ،‬وعليه َيمل‬
‫َ ْ َ ِّ‬ ‫ُْ ْ‬ ‫ْ ََ‬ ‫َّ ْ َ ْ َ ِّ َ‬
‫َ‬
‫فجاء‬ ‫الربا اِلست َطالة يف ع ْرض المسلم بغْي حق»‬ ‫قوُل ﷺ‪« :‬إ ن من أرب‬
‫َ‬
‫أش ّد ّ‬ ‫ٌ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫وصفها بأنّها من َ‬
‫الربا‪.‬‬ ‫الربا أي أنها يف ش َّدة إثمها شبيهة ب‬ ‫أرىب ّ‬
‫‪60‬‬ ‫األربعون العلياء‬

‫ْ ( ‪)1‬‬
‫َ‬ ‫َََ ُ َ َ ْ‬
‫ويقعون يف أعراضهم »‪.‬‬

‫ُ َ ِّ‬
‫‪ ‬ومن سن التمذ ِّي ‪‬‬
‫َ ْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫يَس‪َ :‬ح َّدثنَا أبو َحصني َعبْد اهلل بْن أمحَ َد بْن يون َس‬ ‫قال أبو ع َ‬ ‫‪)20‬‬
‫َ َّ َ َ َ ْ ٌ َ ْ َ ْ َّ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫الرمحَن‬ ‫ويف َح َّدثنَا َعبْرث بْن القاسم حدثنا حصني هو ابن عبد‬ ‫ك ٌّ‬

‫ِب ﷺ‬ ‫ال‪ :‬ل َ َّما أ ْرس َي بانلَّ ّ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ‬


‫َع ْن َسعيد بْن جبَري َع ْن ابْن َعبَّاس ق‬
‫ْ‬
‫ِب َوانلَّبيَّني َو َم َعهم‬
‫َ‬
‫الق ْوم(‪َ )2‬وانلَّ ّ‬ ‫ْ‬
‫ِب َوانلَّبيَّني َو َم َعهم‬ ‫َج َع َل َيم ُّر بانلَّ ّ‬
‫َ‬ ‫ْ َْ‬
‫ِب َوانلَّبيَّني َولي َس َم َعه ْم أ َح ٌد(‪َ )4‬ح ََّت َم َّر ب َس َواد‬ ‫الر ْهط(‪َ )3‬وانلَّ ّ‬ ‫َّ‬
‫َْ‬ ‫وىس َوقَ ْومه‪َ ،‬ولَ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫َ ْ‬
‫ارف ْع‬ ‫كن‬ ‫يل‪ :‬م َ‬ ‫َعظيم(‪ )5‬فقلت‪َ « :‬من هذا»؟ ق‬
‫َ ْ َ َ َ ْ ْ َ َ َ َ ُ َ َ َ ٌ َ ٌ َ ْ َ َّ ُ ُ َ ْ َ‬
‫يم قد سد األفق من ذا‬ ‫رأسك فانظر‪ ،‬قال‪« :‬فإذا هو سواد عظ‬
‫َ َُ‬ ‫َ َ َ ُ َ ُ َّ ُ َ‬ ‫ْ َ‬
‫اجلَانب َومن ذا اجلَانب‪ ،‬فقيل هؤِلء أمتك َوس َوى هؤِلء‬
‫َ‬ ‫َ َّ َ َ ْ‬ ‫ْ ُ َّ َ َ ْ ُ َ َ ْ ً َ ْ ُ ُ َ‬
‫من أمتك سبعون ألفا يدخلون اجلنة بغْي حساب »‪،‬‬
‫( ‪)6‬‬

‫َ‬
‫بغري َ‬
‫ح ّق‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫(‪ )2‬أي اجلماعة الكثرية‪.‬‬
‫َ‬ ‫ون َ‬ ‫َ‬
‫العّشة‪ ،‬وقيل غري ذلك‪.‬‬ ‫أي اجلماعة القليلة‪ ،‬ويه ما د‬ ‫(‪)3‬‬
‫ألنّه لَم يؤمن به َ‬
‫أح ٌد‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫عدد كبري من انلّاس‪.‬‬‫أي َ‬ ‫(‪)5‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫وأخذ ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫الصحف َيصل لهم‪.‬‬ ‫ولكن َعرض األعمال‬‫ّ‬ ‫أي ال يش َّدد عليهم‬ ‫( ‪)6‬‬
‫‪61‬‬ ‫األربعون العلياء‬

‫َ َ‬ ‫َْ‬ ‫َ َ َ َ (‪َ َ َ ْ ّ َ ْ َ َ )2( َ ْ َ ْ َ َ )1‬‬


‫س له ْم فقالوا‪َ :‬نن ه ْم(‪َ ،)3‬وقال‬ ‫فدخل ولم يسألوه ولم يف‬
‫ْ َ َ ْ َ َ َ‬ ‫ََ‬ ‫َ ْ َ ْ َ َّ‬ ‫َ‬
‫خ َر َج انلَِّبُّ‬ ‫َ‬
‫قائلون‪ :‬هم أبناء اذلين ولوا ىلع الفطرة واإلسالم‪ ،‬ف‬

‫ِب ﷺ‪.‬‬‫(‪ )1‬أي انلّ ُّ‬


‫الصحابة‪.‬‬ ‫(‪ )2‬أي ّ‬
‫َ ًْ‬ ‫(‪ )3‬أي َّ‬
‫السبعون ألفا‪.‬‬
‫‪62‬‬ ‫األربعون العلياء‬
‫َ‬ ‫ُ ُ َّ َ َ َ ْ َ ُ َ (‪َ ُ ْ َ ْ َ َ َ )1‬‬ ‫ََ َ‬
‫تقون(‪َ )2‬وِل‬ ‫ﷺ فقال‪« :‬هم اَّلين ِل يكتوون وِل يس‬
‫ََ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ َ َّ ُ َ (‪َ َّ َ َ َ )4( َ ُ َّ َ َ َ ْ ِّ َ َ َ َ )3‬‬
‫ام عاكشة بْن حم َصن فقال‪:‬‬ ‫يتطْيون وَع ربهم يتوَّكون » فق‬

‫َ َ َ‬
‫الِك لهم‪ُّ َ ،‬‬
‫والِك يكون بنَحو حديدة حم ّماة بانلّار وهو‬ ‫(‪ )1‬أي ال يَطلبون فعل ّ‬
‫َ ْ‬ ‫ٌ‬
‫خ لق َ ّ‬
‫الِك كما‬
‫ّ ّ‬
‫الش َ‬
‫فاء من‬ ‫َمعروف يف العالج‪ ،‬ومعناه ال يَعتقدون أن‬
‫اكن عليه اعتقاد أهل اجلاهليّة‪ ،‬وقال بعضهم‪َ :‬معناه ال يَكتوون إال‬
‫الش َ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ند ّ‬
‫الْضورة َ‬ ‫ع َ‬
‫فاء من اهلل‪.‬‬ ‫مع اعتقاد أن‬
‫ُّ ْ َ‬ ‫ً‬
‫الرقية‬ ‫السبعون ألفا من مجلة َمن ال يَطلبون‬ ‫الراء بأي هؤالء ّ‬ ‫بإساكن ّ‬ ‫ْ‬ ‫(‪)2‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫عملون بها‪ ،‬فقد اكنوا يف‬ ‫املعروفة يف اجلاه ليّة وال يَ َ‬ ‫الفاسدةَ املمنوعة‬
‫ُّ ْ‬ ‫َتقون بأنواع من ّ‬ ‫اجلاهليّة ي َ ْس َ ْ‬
‫والرقية يه اتلّعويذ‪.‬‬ ‫السحر واألباطيل‪،‬‬
‫َ‬ ‫َ ُّ‬ ‫ْ‬ ‫بطال‪ّ " :‬‬ ‫وقال ابن ّ‬
‫واتلعوذ بأسمائه ولكماته‬ ‫االسَتقاء بكتاب اهلل‬ ‫فأما‬
‫اتلولك ىلع اهلل‪ ،‬وال ي َ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫الرسول َ‬ ‫فع َله ّ‬ ‫فقد َ‬
‫رج‬ ‫وأم َر به وال خيرج ذلك من‬
‫َ‬ ‫َ ّ‬
‫يف التشف به إال رض اهلل" اه‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والط َرية يف األصل التشاؤم بالىشء‪ ،‬وذلك أن‬ ‫بالط َرية‪ّ .‬‬‫(‪ )3‬أي ال يَعملون ّ‬
‫الطري من‬ ‫ري وتَزجرها‪ ،‬فإذا َم ّرت ّ‬ ‫الط َ‬ ‫العرب اكنت يف اجلاهليّة تنَ ّفر ّ‬ ‫َ‬
‫تشاءم ولَم َخيرج‪ّ ،‬‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ايلَمني إىل اليسار َ‬
‫حَت‬ ‫حاجته وإال‬ ‫خرج أحدهم يف‬
‫ّ‬
‫أيضا اكلظباء‪.‬‬ ‫الطيور ً‬ ‫تطريون ب َغري ُّ‬ ‫ّإنهم صاروا يَ َّ‬
‫ُّ ْ‬ ‫ُّ َ‬ ‫َّ ُّ َ َ َّ َ َ َ ِّ َ َ َ ْ ٌ‬ ‫(‪ّ )4‬‬
‫الرقية‬ ‫فالرق هنا‬ ‫شك»‬ ‫أما ما جاء يف احلديث‪« :‬إن الرق واتلمائم واتلولة‬
‫ً‬ ‫ّ َ‬ ‫َ‬
‫رشاع‪.‬‬ ‫مما َيرم‬ ‫الكم كفر ٌّي أو غريه‬ ‫ٌ‬ ‫اليت فيها اسم صنَم أو شيطان أو‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫واتلَّمائم مجع تميمة ويه خ َرزات اكنت ت َعلقها النساء يف اجلاهليّة‬
‫وأما =‬ ‫واألذى بنَ ْفسها‪ّ ،‬‬ ‫َ‬ ‫الع َ‬
‫ني‬ ‫دفع َ‬ ‫ّ َ ْ َ ّ َ َ‬
‫بأعناق أوالدهن يزعمن أنها ت‬
‫‪63‬‬ ‫األربعون العلياء‬

‫َ َ ْ ْ َ َ َ َّ َ َ َ َ ْ َّ َ َ َ َ َ َ َ َ ْ‬
‫ام آخر فقال‪ :‬أنا منه ْم؟‬ ‫أنا منهم يا رسول اّلل؟ قال‪« :‬نعم»‪ ،‬ثم ق‬
‫َ َ َ َ َ َ َ َ ُ َّ َ ُ‬
‫فقال‪« :‬سبقك بها عاكشة»‪.‬‬
‫َ َّ َ َ َ َّ ْ َ ْ َ َ َّ َ َ َ ْ َّ َّ َ ْ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫بنا‬ ‫‪ )21‬وقال أبو عيَس‪ :‬حدثنا حممد بن َيَي حدثنا عبد الرزاق أخ‬
‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫َ ْ ََ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ َ ٌ َ ْ ُّ ْ ّ َ ْ َ َ‬
‫معمر عن الزهري عن أنس بن مالك قال‪« :‬فرضت ىلع انلِب ﷺ‬
‫َ ْ َ‬
‫ت مخْ ًسا‪،‬‬ ‫ت َح ََّت جعل‬‫ني ث َّم نق َص ْ‬‫الصلَ َوات َمخْس َ‬‫َيلْلَ َة أ ْرس َي به َّ‬
‫َّ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َّ َ‬ ‫َ‬
‫ث َّم نود َي(‪ :)1‬يَا حم َّمد‪ ،‬إنه ال يبَ َّدل الق ْول َل َّي(‪َ ،)2‬وإن لك ب َهذه‬
‫اخل َ ْمس َمخْس َ‬
‫ني(‪.»)3‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َََْ‬ ‫ْ‬ ‫يَس‪َ :‬ح َّدثَنَا إ ْس َ‬ ‫َ‬
‫قال أبو ع َ‬
‫حاق بْن َمنصور أخبنا عبد الرزاق‬
‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫‪ )22‬و‬
‫َ َََْ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َ َََْ َ ٌَْ َ ْ ََ ََ َ ْ َ‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫أخبنا معمر عن قتادة عن أنس «أن انلِب ﷺ أِت بالباق يللة‬

‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫رطاس يَكتبون‬ ‫ون فيه ّ‬
‫الس َ‬
‫حر أو هو ق‬ ‫يط اكنوا يَقرؤ‬
‫خ ٌ‬ ‫= اتلّ َولة فه‬
‫الرجال أو َحتبيب ّ‬
‫الرجال‬ ‫السحر تلَحبيب النّساء بقلوب ّ‬ ‫فيه شيئًا من ّ‬
‫ّ‬
‫بالنساء‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ ٌ ٌّ‬ ‫َ‬
‫(‪ )1‬أي ناداه َم لك مبلغ عن اهلل تعاىل‪.‬‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫(‪ )2‬أي ما َ‬
‫قضيت عليكم من الفرائض ال تبديل ُل‪ .‬وقال بعضهم‪ :‬معناه ال‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫تبديل ملا َ‬
‫اخلمسني‪.‬‬ ‫ثواب‬ ‫قضيت من أن يف اخلَمس‬
‫ني‪.‬‬ ‫َ‬
‫ثواب اخلمس َ‬ ‫(‪ )3‬أي‬
‫‪64‬‬ ‫األربعون العلياء‬

‫ََ َ َ‬ ‫َْ‬ ‫س ًجا(‪ )2‬فَ ْ‬


‫استَ ْص َع َ‬ ‫ج ًما(‪ )1‬م ْ َ‬ ‫أ ْرس َي به ملْ َ‬
‫ب َعليه(‪ ،)3‬فقال ُل‬
‫َ َ َّ َ ْ َ َ َ َ َ َ َ َ َ َ ٌ َ ْ َ َ َ‬ ‫ْ‬
‫جبيل‪« :‬أبمحمد تفعل هذا؟! فما ركبك أحد أكرم ىلع اهلل‬
‫ً‬ ‫ْ (‪َّ َ ْ َ َ َ )4‬‬
‫ارفض َع َرقا(‪.)5‬‬ ‫منه »‪ ،‬قال‪ :‬ف‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫يَس‪َ :‬ح َّدثنَا ابْن أيب ع َم َر َح َّدثنَا سفيَان َع ْن َع ْمرو‬ ‫قال أبو ع َ‬ ‫‪ )23‬و‬
‫َْ ََ َ‬ ‫َ َ ْ ْ َ َ َ ْ ْ َ َّ‬ ‫ْ‬
‫ابن دينار عن عكرمة عن ابن عباس يف قوُل تعاىل‪ :‬ﱡﱡﱢ‬
‫ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ َ‬
‫«يه رؤيَا َعني‬ ‫ﱣﱤﱥﱦﱧﱨﱠ(‪[ )6‬اإلرساء‪ ،]60 :‬قال‪:‬‬
‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َ ََ ْ‬
‫المقدس»‪.‬‬ ‫ِب ﷺ يلْلة أرس َي به إىل َبيْت‬
‫أريَ َها انلَّ ُّ‬

‫َ‬ ‫اللجام وهو ما ي َ‬ ‫ّ‬ ‫(‪ )1‬أي مشد ً‬


‫وضع يف فم الابّة‪.‬‬ ‫ودا عليه‬
‫السج مهيّئًا ُّ‬ ‫عليه َّ ْ‬ ‫ً َ‬
‫للركوب‪.‬‬ ‫(‪ )2‬أي موضواع‬
‫ً َ‬ ‫ب ُّ‬ ‫صار َص ْع َ‬ ‫يدا ف َ‬ ‫اض َطرب اضطرابًا شد ً‬ ‫ْ‬
‫الركوب مستعصيا‪ .‬وقد فعل‬ ‫(‪ )3‬أي‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫للنِب ﷺ وتيْ ًها َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫وامتنااع‪،‬‬ ‫وفرحا به ﷺ ال إباية‬ ‫ودالال‬ ‫ّ‬ ‫الباق ذلك َمهابة‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫العسقالن يف «الفتح» (‪.)207/7‬‬ ‫قاُل احلافظ‬
‫حممد ﷺ‪.‬‬ ‫(‪ )4‬أي من ّ‬
‫َ َ َّ َ‬ ‫َ‬
‫العرق وترشش‪.‬‬ ‫(‪ )5‬أي سال منه‬
‫َ‬ ‫بذلك ما رأى انلَّ ُّ‬ ‫َ‬ ‫أن الم َ‬‫ّ‬ ‫( ‪ )6‬وأكرث الم ّ‬
‫فس َ‬
‫ِب ﷺ يللة المعراج من‬ ‫راد‬ ‫ين ىلع‬
‫والعرب تقول‪" :‬رأيت ب َعين‬ ‫َ‬ ‫َعجائب املخلوقات واآليات ابلاهرات‪،‬‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫فأنك َر بعضهم‬ ‫ِب ﷺ اكن َ‬
‫أخب به‬ ‫أن انلّ ّ‬ ‫رؤيا"‪ ،‬وكون ذلك فتنة للنّاس‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫ذلك وكذبوه والعياذ باهلل‪.‬‬
‫‪65‬‬ ‫األربعون العلياء‬

‫َ‬
‫ار َح َّدثنَا‬ ‫يَس‪َ :‬ح َّدثَنَا َعبْد اهلل بْن أَيب زيَاد َح َّدثَنَا َسيَّ ٌ‬ ‫قال أبو ع َ‬ ‫َ‬
‫‪ )24‬و‬
‫َ‬ ‫ْ َ َ ْ َ ْ َّ ْ َ ْ ْ َ َ‬
‫حاق َع ْن القاسم بْن‬ ‫الواحد بن زياد عن عبد الرمحن بن إس‬ ‫َعبْد َ‬
‫َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َّ ْ‬
‫الرمحَن َع ْن أبيه َع ْن ابْن َم ْسعود قال‪ :‬قال َرسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫عبد‬
‫ُ‬
‫َ َ َ َ ُ َ َّ ُ ْ ْ َّ َ َ ِّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫َ ُ َْ َ َ ََ ْ‬
‫يم َلْلة أرس َي ب فقال‪ :‬يا ُممد‪ ،‬أقرئ أمتك من‬ ‫«لقيت إبراه‬
‫َّ َ‬ ‫َ‬ ‫َّ َ َ َ َ ْ ْ ُ ْ َّ َ َّ َ َ ِّ َ ُ ُّ ْ َ َ َ ُ َ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫التبة عذبة الماء‪َ ،‬وأنها‬ ‫السالم وأخْبهم أن اجلنة طيبة‬
‫اّللُ‬‫ُ َ َّ‬ ‫َ َ ْ ُ َّ َ َ َ َ َّ‬ ‫ْ َ ٌ (‪َ َ ْ ُ َ َ َ َّ َ َ )1‬‬
‫قيعان ‪ ،‬وأن غراسها سبحان الل واحلمد ّلل وِل إل إِل الل و‬
‫ْب(‪.»)2‬‬‫أَ ْك َ ُ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫يَس‪َ :‬ح َّدثنَا أبو ك َريْب َح َّدثنَا يونس بْن بكري َع ْن‬
‫َْ‬ ‫وقال أبو ع َ‬ ‫‪)25‬‬
‫َْ‬ ‫َ َّ ْ ْ َ َ‬
‫الز َبري َع ْن‬
‫ْ ُّ ْ‬
‫حاق َع ْن َي ََي بْن َعبَّاد بْن َعبْد اهلل بن‬ ‫حممد بن إس‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫كر قَالَ ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ ْ َ َ ْ‬ ‫َ‬
‫ت‪َ :‬سم ْعت َرسول اهلل ﷺ َوذك َر‬ ‫اء بنت أيب ب‬ ‫أبيه عن أسم‬
‫َْ ََ َ َ‬ ‫ِّ َ َ‬ ‫ال‪« :‬يَس ُ‬ ‫ْ ََ ْ َْ َ َ َ‬
‫الراك ُب يف ظل الفن(‪ )3‬منها مائة سنة‬ ‫ْي َّ‬ ‫سدرة المنتىه ق‬
‫َّ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِّ َ َ ُ‬ ‫َ َ ْ َ ُّ‬
‫أ ْو يستظل بظلها مائة َراكب‪ ،‬فيها ف َراش اَّلهب‪ ،‬كأن ثم َرها‬
‫ْ َ ُ‬
‫القالل»‪.‬‬

‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫(‪ )1‬أي أراض مستوية مغروسة‪.‬‬
‫َ ٌ‬ ‫َ‬
‫شجرة يف اجلنّة‪،‬‬ ‫حسنة نبَتَ ْ‬
‫ت ُل‬ ‫لك اللكمات الكريمات بنيّة َ‬ ‫(‪ )2‬أي َمن قال ت‬
‫ّ‬
‫شجر اجلنّة ساقه من ذهب‪.‬‬ ‫ولك َ‬
‫ٌ‬
‫(‪ )3‬أي غصنها‪ ،‬واجلَمع أفنان‪.‬‬
‫‪66‬‬ ‫األربعون العلياء‬

‫َ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َّ َ َ ْ‬ ‫َ َّ َ َ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫‪ )26‬وقال أبو عيَس‪ :‬حدثنا ابن أيب عمر حدثنا سفيان عن مال‬
‫َ َ َ ََ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ق ابْن َعبَّاس ك ْعبًا ب َع َرفة ف َسأُل َع ْن ىشء‬ ‫ال‪ :‬لَ َ‬
‫َ ْ َّ ْ ّ َ َ‬
‫عن الشعِب ق‬
‫َّ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ َ َّ َ َ َّ َ َ ْ‬
‫او َبته اجلبَال(‪ ،)1‬فقال ابْن َعبَّاس‪ :‬إنا َبنو َهاشم‪،‬‬ ‫فكب حَت ج‬
‫َ َ َّ‬ ‫ني َ َّمد َوم َ‬ ‫ْ‬ ‫ََ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ َ َ ْ ٌ َّ َ َ‬
‫وىس(‪ )2‬فلك َم‬ ‫اهلل ق َس َم رؤيَتَه َوالك َمه بَ َ حم‬ ‫فقال كعب‪ :‬إن‬

‫ْ‬ ‫كب تَكبريةً مرت ً‬


‫حَت جاوبَته اجلبال َص ًدى‪.‬‬ ‫فعا بها َصوته ّ‬ ‫(‪ )1‬أي َّ‬
‫اِت م َ‬ ‫َ ّ‬ ‫أرى اهلل ذاتَه ّ‬
‫وىس ﷺ‪ ،‬وذات اهلل‬ ‫اذل َّ‬ ‫وأسم َع الكمه‬ ‫َ‬ ‫حمم ًدا ﷺ‬ ‫(‪ )2‬أي َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وليس‬ ‫ذوات املخلوقات والكمه تعاىل ال يشبه الكمهم‪.‬‬ ‫تعاىل ال يشبه‬
‫َ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫َ َ‬
‫اتلجزؤ‪ ،‬حاشا هلل‪،‬‬ ‫ُّ‬ ‫معىن «قس َم» أن صفة من صفات اهلل يوز عليها‬
‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫َ ُّ‬
‫تعاىل ال يوز عليه َّ‬
‫عز‬ ‫فصفات اهلل تعاىل لكها أزيلّة أبديّة واجبة هلل‬
‫َ‬ ‫ّ ّ ْ‬ ‫ّ‬ ‫ٌ‬ ‫أن تَ َ‬ ‫َّ ْ‬
‫عز وجل أن حتدث‬ ‫فىن صفة من صفاته كما أنه ال يوز عليه‬ ‫وجل‬
‫ٌ‬ ‫ُّ‬ ‫ٌ‬
‫اتلغري من أمارات احلدوث‪ ،‬واحلدوث ىلع اهلل حمال‪.‬‬ ‫ُل صفة‪ ،‬إذ‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ ٌ‬ ‫ُّ ْ‬ ‫َ‬ ‫ول َم ي َ َ‬
‫وموىس صىل اهلل‬ ‫حمم ٌد‬
‫الثة‪ّ :‬‬ ‫النيا إال ث‬ ‫الكم اهلل تعاىل يف‬ ‫َ‬ ‫سم ْع‬
‫أما َ‬ ‫كذلك َسم َع‪ّ .‬‬ ‫َ‬ ‫عليه َسالم اهلل‪ ،‬وقيل‪َ :‬‬ ‫َ َ‬ ‫َّ‬
‫يوم‬ ‫ءادم‬ ‫عليهما وسل َم وجبيل‬
‫الكم َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫فجميع العباد ي َ َ‬ ‫القيامة َ‬
‫أحد من‬ ‫الكم اهلل اذلي ال يشبه‬ ‫سمعون‬
‫فاذلين ي َ َ‬ ‫َ ّ‬ ‫سمع َ‬ ‫ك يَ َ‬ ‫ٌّ‬ ‫العال َم َ‬
‫سمعون‬ ‫الكم اهلل ذلك ايلوم‪،‬‬ ‫ني‪ ،‬فاملؤمن والاكفر‬
‫َ‬ ‫ند اهلل َمقبولون َ‬ ‫ون ع َ‬ ‫َ ُّ َ‬ ‫َ‬
‫ليه وهم األتقياء َيصل لهم‬ ‫الكم اهلل وهم مرضي‬
‫ّ‬ ‫والسور ما ال ي َ‬ ‫الفرح ُّ‬ ‫من َ‬
‫وصف‪ ،‬وأما املغضوب عليهم أي الكفار فال‬
‫ٌّ‬ ‫وقلق َمتني ال ي َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ْ‬
‫وصف‪ ،‬ولك‬ ‫ي َشعرون بأمن بل ي َشعرون خبوف َعظيم‬
‫فع َل بانلّ َعم اليت أعطاه اهلل إيّاها‪ ،‬في َ ُّ‬ ‫عما َ‬ ‫ؤال َّ‬ ‫ُّ َ‬ ‫يَ َ‬
‫س‬ ‫فهم من الكم اهلل الس‬
‫َ َ‬ ‫اتلق‪ ،‬وال ي َ ُّ‬ ‫ُّ‬
‫حسنة ُل يف اآلخرة‪.‬‬ ‫س الاكفر ألنه ال‬ ‫املؤمن‬
‫‪67‬‬ ‫األربعون العلياء‬

‫َ‬ ‫َ َ ْ ٌ َ َ ْ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬


‫وىس َم َّرتني(‪َ )1‬و َرآه حم َّم ٌد َم َّرتني(‪ .)1‬قال َمسوق‪ :‬ف َدخلت َىلع‬
‫م َ‬
‫َ َّ ٌ َ َّ َ َ َ ْ َ َ ْ َ َ َّ ْ َ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ َ َ ْ‬
‫ت بىشء‬ ‫َاعئشة فقلت‪َ :‬هل َرأى حممد ربه؟ فقالت‪« :‬لقد تكلم‬

‫ّ‬ ‫َّ َ‬ ‫َ‬ ‫أسم َع اهلل َ‬ ‫(‪ )1‬أي َ‬


‫األزيل بغري حرف وال صوت كما أن‬ ‫الكمه‬ ‫موىس ﷺ‬
‫َ‬
‫ذات اهلل وهم يف اآلخرة واهلل تعاىل بال َماكن وال كيف‬ ‫يرون َ‬ ‫ني َ‬ ‫املؤمن َ‬
‫َ‬ ‫ٌ ّ َ َ‬ ‫َ‬
‫العقل ال َييل َسماع‬ ‫اذلاِت جائز ألن‬ ‫ّ‬ ‫وسماع الكم اهلل تعاىل‬ ‫وال جهة‪َ ،‬‬
‫سمع َ‬ ‫أن ي َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ليس َ‬
‫السالم‬ ‫موىس عليه ّ‬ ‫برف وال َصوت‪ ،‬فاكن من اجلائز‬ ‫ما َ‬
‫َ‬ ‫فه َم منه ما فَه َم‪ .‬وبعبارة أ َ‬ ‫يم ويَ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫خرى يقال‪ :‬أزال اهلل‬ ‫القد َ‬ ‫الك َم اهلل تعاىل‬
‫َ‬ ‫َ َ َّ‬
‫ومكنَه من َسماع الكم اهلل القديم‪ ،‬ث ّم‬ ‫موىس ﷺ املانع‬ ‫عن سيّدنا َ‬
‫موىس إىل حاُل ّ‬ ‫عاد َ‬ ‫تعاىل ف َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫جب عن م َ‬ ‫ح َ‬‫َ‬
‫األول‪ ،‬وهذا‬ ‫وىس سماع الكمه‬
‫َ‬ ‫اتلغ ُّري هو يف حال َ‬ ‫َ‬
‫طرأ ىلع اهلل تغ ُّري يف ذاته أو صفاته‪.‬‬ ‫موىس وال يَ َ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫الالكم بَعد أن‬ ‫أن َ‬
‫اهلل ابتدأ‬ ‫وليس معىن ﱡﭐ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬﱠ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫اكن ساكتًا وال أنّه َلكَّ َم َ‬
‫انقط َع الكمه تعاىل وسكت‪ ،‬تعاىل اهلل‬ ‫موىس ث ّم َ‬
‫ليس َ‬ ‫َ‬
‫برف وال َصوت وال لغة‪،‬‬ ‫تعاىل َ‬ ‫ريا‪ .‬فالكمه‬ ‫عن ذلك عل ًّوا كب ً‬
‫ٌ‬ ‫َّ‬
‫تبع ًضا وال يتخلله انقطاع‪ ،‬بل‬ ‫جز ًأ وال م ّ‬ ‫بتدأً وال خمتَتَ ًما وال متَ ّ‬ ‫وليس م َ‬

‫الكم واح ٌد بال فم وال لسان وال شفاه وال هلاة‬


‫َ‬ ‫هو ص َف ٌة ُل أزيلّ ٌة أبديّ ٌة و ٌ‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫أن َ‬ ‫َّ‬
‫الكم‬ ‫ذات اهلل ال يشبه اذلوات فالكمه ال يشبه‬ ‫وال لغات‪ ،‬وكما‬
‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫املخلوقني وال ب َوجه من الوجوه‪ ،‬وقد نقل اإلَجاع َع كفر َمن شبه‬ ‫َ‬
‫الكم الل بكالم اخلَلق اإلمام أبو بكر ّ‬
‫الصق ُّ‬
‫يل يف كتابه «مسألة‬
‫َ‬
‫َّ‬
‫الشارع يف القرءان»‪= .‬‬
‫‪68‬‬ ‫األربعون العلياء‬

‫ّ‬
‫= وهنا ينبغ اتلّحذير من رواية يف بعض كتب اتلّفسري فيها أن اهلل‬
‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫سأل يوم القيامة "ل َمن الم لك ايلَ َ‬
‫وم" ث ّم هو ييب نف َسه "هلل الواحد‬ ‫ي‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫الفخر ّ‬
‫الرازي يف‬ ‫الرواية غري َصحيحة وقد ن ّص ىلع َردها‬ ‫القهار"‪ ،‬فهذه ّ‬
‫يف" اه‪ .‬بل َمن يَ َ‬ ‫َ ٌ‬ ‫َ‬
‫فهم‬ ‫تفسريه فقال‪" :‬قال أهل األصول‪ :‬هذا القول ضع‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ ّ‬
‫من ذلك أن اهلل تعاىل يتلكم ث ّم يَسكت ث ّم يتلكم فقد وصف اهلل بصفات‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫السكوت واآلفة وهذا ك ٌ‬ ‫َ‬
‫البّش من ُّ‬
‫فر معارض لين اإلسالم‪ ،‬خمالف‬
‫يوم القيامة بأمر اهلل‬ ‫أن َم َل ًاك ينادي َ‬ ‫ّ‬ ‫للعقل ومصاد ٌم للنّقل‪ ،‬و ّ‬
‫الصواب‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫الق ّهار"‪ ،‬وي َ َ‬ ‫َ‬
‫شهد ذللك‬ ‫"ل َمن الملك ايلوم" ث ّم امللك هو ييب "هلل الواحد‬
‫ما َرواه أبو نعيم يف «احل لية» بسنَده إىل ابن عبّاس ريض اهلل عنهما قال‪:‬‬
‫ّ‬
‫املفس‬
‫َ‬ ‫«فينادي المنادي‪ :‬ل َمن الم ْلك ايلَ َ‬
‫وم؟ هلل الواحد الق ّهار»‪ .‬وقال‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫انلّحوي َّ‬
‫احللِب يف «عمدة احلفاظ»‪" :‬وقد روي أنه ينادي مناد‪:‬‬ ‫السمني‬
‫رص َح ْ‬
‫الق ّهار كما َ َّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ت به اآلية‬ ‫ايلوم؟ فيجاب بأنه هلل الواحد‬ ‫ل َمن الملك‬
‫َ‬ ‫ﳈ ﳊ ﳋ ﳌﱠ" اه‪َ َ .‬‬ ‫َ‬
‫ونص هذا القول من‬ ‫ﳉ‬ ‫الكريمة ﱡﳆ ﳇ‬

‫األندلس يف «ابلحر املحيط»‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫حيّان‬ ‫ناحية ابلالغة وانلَّحو أبو َ‬


‫َ َ َْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اهلل تعاىل بق لبه ‪-‬‬ ‫ِب ﷺ املان َع فرأى‬ ‫تعاىل عن قَ لب انلّ ّ‬ ‫(‪ )1‬معناه أزال اهلل‬
‫َ‬
‫الرؤية بقلبه‬ ‫ِب ﷺ قوةَ ُّ‬ ‫رءاه يف قَ ْلبه ‪ -‬ومعناه َ‬
‫جع َل اهلل للنّ ّ‬ ‫وال يقال َ‬
‫ّ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬
‫اهلل تعاىل ال ي َرى‬ ‫الرسول ﷺ َربَّه بق لبه ولم يَ َره ب َعيْ َن رأسه ألن‬ ‫فرأى ّ‬
‫لاكن رءاه َسيّدنا ّ‬ ‫َ‬ ‫أح ٌد َ‬
‫بالع ني يف ُّ‬ ‫بالع ني‪ ،‬ولو اكن يَراه َ‬ ‫النيا َ‬ ‫يف ُّ‬
‫حممد‬ ‫النيا‬
‫َّ ُ َ َّ َ ُ ُ‬ ‫َّ ُ َ ْ َ‬
‫ﷺ وذللك قال رسول اهلل ﷺ‪« :‬إنك ْم لن ت َروا َربكم حّت تموتوا» رواه‬
‫موىس ﱡﭐﲫ ﲬﱠ‪= .‬‬ ‫أيضا من قوُل تعاىل لسيّدنا َ‬ ‫فهم ذلك ً‬ ‫مسلم‪ ،‬كما ي َ‬
‫‪69‬‬ ‫األربعون العلياء‬
‫َّ َ ْ‬ ‫ًْ‬ ‫ْ‬ ‫َ َّ َ َ ْ‬
‫قف ُل شعري( ‪ ،»)1‬قلت‪ :‬ر َويدا(‪ ،)2‬ثم ق َرأت ﱡﭐﲖﲗ ﲘﲙﲚ‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ ْ َْ‬
‫ت‪« :‬أي َن يذ َهب بك(‪)3‬؟! إن َما ه َو‬ ‫ﲛﱠ [انلجم‪ ،]18 :‬قال‬

‫ْ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫= وقد روي أنّه قيل ُل ﷺ‪ :‬هل َر َ‬


‫حان‬ ‫أيت َربَّك يل لة المعراج فقال‪« :‬سب‬
‫ٌ َ‬ ‫َْ‬ ‫َْ‬ ‫ْ َ َ‬
‫حان اهلل‪َ ،‬رأيته بف َؤادي َو َما َرأيته ب َعيْن» وهذا َضعيف لم يَثبت‪.‬‬ ‫اهلل سب‬
‫ّ‬ ‫وقال اإلمام مالك ريض اهلل عنه‪" :‬ال ي َرى ابلايق َ‬
‫بالعني الفانية‪ ،‬وإنما‬
‫بالعني ابلاقية يف اآلخرة" اه‪ .‬أي بعيون أهل اجلنّة الّيت ال يَ َ‬
‫لحقها‬ ‫ي َرى َ‬
‫الفناء ألنّهم ال َيموتون أبَ َد اآلبدين‪ .‬وقوُل‪َ " :‬‬
‫بالع ني الفانية" أي َ‬
‫بعني‬
‫َ‬

‫احلياة الفانية‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ين رأسه‬ ‫يللة المعراج ب َع َ‬ ‫وأما قول بعض أهل السنّة إنه ﷺ رأى َربَّه‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫قاُل ال ي َّ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫فسق ألنه قال به مج ٌع‬ ‫بدع وال ي َّ‬ ‫فهذا قول َضعيف‪ ،‬لكن َمن‬
‫َ‬ ‫الس َلف الصاحل ني ريض اهلل عنهم وأرضاهم‪َ ،‬‬ ‫من َّ‬
‫فمن قال بذلك يقال‬
‫َ‬ ‫َْ‬ ‫ّ‬ ‫ٌ‬
‫رجوح والقول الراجح أنه رءاه بفؤاده أي بقلبه ال ب َعينيه‬ ‫ُل‪ :‬هذا القول َم‬
‫َ‬ ‫َْ‬ ‫كما ثبت ذلك عن أيب ذَ ّر الغ ّ‬
‫«ر َءاه بق لبه َول ْم‬‫فاري ريض اهلل عنه قال‪َ :‬‬
‫َ‬
‫يَ َره ب َعيْنه»‪ ،‬وَنن ىلع هذا القول‪.‬‬
‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫(‪ )1‬أي َ‬
‫الفزع ذللك الالكم‪ ،‬وهو عبارة عن إنكارها عليه مقاتلَه‪.‬‬ ‫قام من َ‬
‫ّ‬ ‫(‪ )2‬أي ارفق وال تَ َ‬
‫حَت أكل َمك‪.‬‬
‫عجيل ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫أين َ‬
‫واملعىن يف االستدالل بهذا انلَ ّص ىلع‬
‫َ‬ ‫يذهب بك فهمك لآلية‪،‬‬ ‫(‪ )3‬أي َ‬

‫ما تقوُل‪.‬‬
‫‪70‬‬ ‫األربعون العلياء‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ (‪َ َ َ ْ َ ْ َ )1‬‬
‫ب َك أ َّن حمَ َّم ًدا َرأى َر َّبه(‪ )2‬أ ْو َكتَ َم َشيْئًا م َّما أمرَ‬ ‫جبيل ‪ ،‬من أخ‬
‫ََ َ‬ ‫َ ْ َ َّ َ َ‬ ‫َ َ َْ‬
‫به(‪ )3‬أ ْو يعلم اخلمس اليت قال اهلل تعاىل‪ :‬ﱡﲻ ﲼ ﲽ ﲾ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ ْ َ ْ‬
‫ﲿﳀﳁﱠ(‪[ )4‬لقمان‪ ]34 :‬فقد أع َظ َم الف ْريَة(‪َ ،)5‬ولكنَّه‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َْ‬ ‫َّ‬ ‫يل ل َ ْم يَ َره يف ص َ‬‫ْ َ‬ ‫َ‬
‫ورته(‪ )6‬إال َم َّرتني‪َ :‬م َّرةً عن َد سد َرة‬ ‫َرأى جب‬
‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬
‫المنتَىه َو َم َّرةً يف جيَاد(‪ُ )7‬ل ستُّمائة َجنَاح قد َس َّد األف َق»‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ َ ْ‬ ‫َ َ‬
‫يَس‪َ :‬ح َّدثنَا أمحَد بْن َمنيع َح َّدثنَا إ ْس َماعيل بْن‬ ‫قال أبو ع َ‬ ‫‪ )27‬و‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫يم َح َّدثنَا أيُّوب َع ْن أيب َر َجاء الع َطاردي قال‪َ :‬سم ْعت ابْ َن‬ ‫إبْ َراه َ‬
‫ت يف اجلَنَّة( ‪ )8‬فَ َرأَيْتُ‬ ‫اطلَ ْع ُ‬
‫َّ‬ ‫َ َ‬
‫َعبَّاس يقول‪ :‬قال َرسول اهلل ﷺ‪« :‬‬
‫َ‬

‫بى الّيت رءاها هو جبيل عليه ّ‬


‫السالم‬ ‫(‪ )1‬أي المراد بابلَعض من اآلية الك َ‬
‫أبصه رسول اهلل ﷺ ىلع صورته األصليّة ّ‬
‫للمرة الانية‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ح َ‬
‫ني‬
‫بع َ‬
‫ين رأسه يف ُّ‬
‫النيا‪.‬‬ ‫(‪ )2‬أي َ‬

‫(‪ )3‬أي م ّما أمر بإظهاره وتبليغه‪.‬‬


‫ﳅﳇ‬
‫ﳆ‬ ‫(‪ )4‬ونص اآلية‪ :‬ﱡﲻ ﲼ ﲽ ﲾ ﲿ ﳀ ﳁ ﳂ ﳃ ﳄ‬
‫ُّ‬

‫ﳌ ﳎﳏﳐ ﳑﳒ ﳓﳔ ﳕﳖﳗ ﳘﱠ‪.‬‬ ‫ﳈﳉﳊ ﳋ ﳍ‬


‫ْ َ ََ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫الكذ َ‬
‫فَتيه افَت ً‬
‫اء إذا اخت لقه‪.‬‬ ‫ب‪ ،‬يقال‪ :‬ف َرى الىش َء يفريه ف ْريًا وافَتاه ي‬ ‫(‪ )5‬أي‬
‫الستَمائة‪.‬‬
‫ناحني من أجنحته ّ‬ ‫ج َ‬‫نارشا َ‬
‫ً‬ ‫( ‪ )6‬أي ىلع هيئته األصليّة‬
‫ّ َ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫أجياد ً‬
‫أيضا‪ ،‬موض ٌع معروف بأسفل مكة من شعابها‪.‬‬ ‫(‪ )7‬ويقال ُل‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫( ‪ )8‬أي َدخلتها يللة عر َج يب‪.‬‬
‫‪71‬‬ ‫األربعون العلياء‬

‫َّ (‪َ ْ َ َ َ ْ َ ُ ْ َ َ َ )2‬‬ ‫ُ‬ ‫َ ْ َ َ َ ْ َ ُ َ َ َ(‪ْ َ َّ َ )1‬‬


‫أكث أهلها الفقراء ‪ ،‬واطلعت يف انلار فرأيت أكث أ هلها‬
‫النِّ َس َ‬
‫اء(‪.»)3‬‬

‫‪ ‬ومن ُس َن النَّ ِّ‬


‫سائ ‪‬‬
‫بنَا َع ْمرو بْن ه َشام َح َّدثَنَا َخمْ َ ٌ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬
‫ل َع ْن‬ ‫خََ‬ ‫الرمحن‪ :‬أ‬ ‫قال أبو َعبد َّ‬ ‫‪)28‬‬
‫َ ََ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫َسعيد بْن َعبْد ال َعزيز َح َّدثنَا يَزيد بْن أيب َمالك َح َّدثنَا أنس بْن‬
‫َ َ ُ ُ َ َّ َ ْ َ ْ َ َ ُ َ ْ َ ْ‬ ‫َ َّ َ َ‬
‫َمالك أن رسول اهلل ﷺ قال‪« :‬أتيت بدابة فوق احلمار ودون ابلغل‬
‫َّ َ ُ‬ ‫ُ َ َْ‬ ‫َخ ْط ُو َها ع ْن َد ُم ْنتَ َه َط ْرف َها‪ ،‬فَ َرك ْب ُ‬
‫ت َو َمع ج ْْبيل عليه السالم‬
‫َ‬ ‫َ ْ َ َ َّ ْ‬ ‫َ ْ ُ َ َ َ ْ ْ َ َ ِّ َ َ َ ْ ُ َ َ َ َ َ ْ‬
‫فْست فقال‪ :‬انزل فصل‪ ،‬ففعلت فقال‪ :‬أتدري أين صليت؟‬
‫ال‪ :‬انْز ْل فَ َص ِّل فَ َصلَّ ْي ُ‬ ‫َ َّ ْ َ َ ْ َ َ (‪َ َ َّ ُ ُ َ َ ُ ْ َ ْ َ َ )4‬‬
‫ت‪،‬‬ ‫صليت بطيبة وإَلها المهاجر‪ ،‬ثم ق‬
‫ث َُك َم ُ‬
‫الل‬
‫َّ‬ ‫َ ْ َ َ(‪ُ ْ َ )5‬‬
‫ت ب ُطور سيناء حي‬ ‫ت؟ َصلَّ ْي َ‬ ‫ال‪ :‬أَتَ ْدري أَ ْي َن َصلَّ ْي َ‬
‫ََ َ‬
‫فق‬

‫(‪ )1‬أي ص ّو َر يل َمن يَكون فيها‪.‬‬


‫المسافة بَني وبَينَها‪.‬‬ ‫(‪ )2‬أي كش َف يل َعن بعض ما فيها َ‬
‫مع بعد َ‬
‫ّ َ َ َ ْ َ َ ِّ َ َ َ َّ ْ َ ِّ َ ْ ُ ُ‬ ‫َ‬
‫َّش النساء تصدق َن‪ ،‬فإن َرأيتك َّن‬ ‫(‪ )3‬وقد َص َّح عنه ﷺ أنه قال‪« :‬يا مع‬
‫َ ْ َ َ َ َ َ َ َ َ َّ َ َ ُ ْ ْ َ َّ ْ‬ ‫َ ْ ََ َ ْ‬
‫ثن اللع َن‪،‬‬ ‫ث أهل انلَّار»‪ ،‬فقلن‪ :‬وبم ذلك يا رسول اّلل؟ قال‪« :‬تك‬ ‫أك‬
‫َ‬ ‫ََ ْ ُْ َ َ‬
‫العش َ‬
‫ْي» احلديث‪.‬‬ ‫وتكفرن‬
‫(‪ )4‬ويه املدينة الم َّ‬
‫نورة‪.‬‬
‫بفتح ّ‬‫َ‬ ‫َ ْ‬
‫السني وكسها‪.‬‬ ‫وسيناء‬ ‫(‪)5‬‬
‫‪72‬‬ ‫األربعون العلياء‬

‫ت‬ ‫َنلْ ُ‬ ‫ال‪ :‬انْز ْل فَ َص ِّل فَ َ َ‬


‫َّ َ ُ ُ َّ َ َ‬ ‫َ َْ‬
‫ع َّز َوجل موس(‪ )1‬عليه السالم‪ ،‬ثم ق‬
‫َ َّ ُ َ‬ ‫َ‬
‫َ ْ (‪ُ ْ َ )2‬‬ ‫َ ْ َ َ َّ ْ َ َ َّ ْ َ َ ْ‬ ‫َ َ َّ ْ ُ َ َ َ َ َ ْ‬
‫فصليت‪ ،‬فقال‪ :‬أتدري أين صليت؟ صليت ببيت حلم حيث‬
‫جم َع َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َّ َ ُ ُ َّ َ َ ْ ُ َ ْ َ ْ َ ْ‬ ‫َ َ َْ‬ ‫ُو َ‬
‫ِل‬ ‫ت المقدس ف‬ ‫يس عليه السالم‪ ،‬ثم دخلت بي‬ ‫دل ع‬
‫ْ ُ َ َّ َ َ ْ ُ ُ ْ (‪َ ُ َّ ُ )3‬‬ ‫َ‬ ‫ْ َ ْ َ ُ َ َ ْ ُ َّ َ ُ َ َ َّ‬
‫األنبياء عليهم السالم فقدمن جْبيل حّت أممتهم ‪ ،‬ثم صعد‬
‫َ‬ ‫ُّ ْ َ َ َ َ َ ُ َ َ ْ َّ َ ُ ُ ُ َ‬ ‫َ َّ َ‬
‫ادلنيا(‪ )4‬فإذا فيها آدم عليه السالم‪ ،‬ث َّم صعد ب إل‬ ‫ب إل السماء‬
‫َ ْ َ َ ْ َ َّ َ ُ‬ ‫َّ َ َّ َ َ َ َ ْ َ ْ‬
‫اخلَالَة ع َ‬
‫يس َو َي َي عليهما السالم‪،‬‬ ‫السماء اثلانية فإذا فيها ابنا‬
‫َ َ َ ُ ُ ُ َ َ ْ َّ َ ُ ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ َّ َ‬ ‫ُ ُ َ‬
‫ث َّم صعد ب إل السماء اثلاثلَة فإذا فيها يوسف عليه السالم‪ ،‬ث َّم‬

‫ً‬
‫ليس حرفا وال‬ ‫الكم اهلل ّاذل َّ‬
‫اِت ّاذلي َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وىس ﷺ ل ّما َسم َع‬ ‫حيث اكن م َ‬ ‫(‪ )1‬أي َ‬
‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫لغة‪ّ ،‬‬ ‫ً‬
‫سيناء‬ ‫اتلحزي يف ماكن‪ ،‬ال بطور‬ ‫أما اهلل تعاىل فال يوز عليه‬ ‫صوتا وال‬
‫ً ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫موجودا أزال‬ ‫وال بغريها من األماكن‪ ،‬فهو تعاىل اكن قبل خلق املخلوقات‬
‫َ‬ ‫َ ََْ َ َ‬
‫والزمان والعالم بأرسه بال َم اكن‬ ‫خلق املاكن ّ‬ ‫بال َماكن وال َزمان ولم يزل بعد‬
‫ٌ‬
‫وال يري عليه َزمان‪ ،‬ﱡﭐﱐﱑ ﱒﱠ‪.‬‬
‫ٌ‬
‫قرية بالقرب من بَيت َ‬
‫المقدس‪.‬‬ ‫(‪ )2‬ويه‬
‫صىل بهم ً‬ ‫َّ‬
‫إماما‪.‬‬ ‫(‪ )3‬أي‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫(‪ )4‬أي الق ْر َىب بالنّسبة إىل األرض ويه ّ‬
‫كريم‬ ‫السماء األوَل‪ ،‬وخازنها ملك‬
‫ً‬
‫مرفواع‪:‬‬ ‫اسمه إسماعيل‪ .‬وقد جاء يف حديث عند ّ‬
‫الط ّ‬
‫بان يف «الكبري»‬
‫َّ َ َ َ ً ُ َ ُ َ ُ ْ َ ُ َ َ َ ْ َ َ ْ َ َ َ ُ ُّ َ َ‬ ‫َّ‬
‫«إن يف السماء ملاك يقال ل إسماعيل َع سبعني ألف ملك ك ملك‬
‫ََ َ ْ َ َْ َ َ َ‬
‫ني أل ف ملك»‪ 4 = 70,000 x 70,000( .‬مليار وتسعمائة مليون)‪.‬‬ ‫َع سبع‬
‫‪73‬‬ ‫األربعون العلياء‬

‫َّ َ ُ ُ‬ ‫َّ َ َ َ َ َ ُ ُ َ َ ْ‬ ‫َ َّ َ‬ ‫ُ َ‬
‫ارون عليه السالم‪ ،‬ث َّم‬ ‫صعد ب إل السماء الرابعة فإذا فيها ه‬
‫الس َال ُم‪ُ ،‬ثمَّ‬‫ْ َ َ َ َ َ ْ ُ َ َ ْ َّ‬ ‫َ َّ َ‬ ‫ُ َ‬
‫صعد ب إل السماء اخلامسة فإذا فيها إدريس عليه‬
‫َّ َ َ َ َ ُ َ َ َ ْ َّ َ ُ ُ‬ ‫َ َّ َ‬ ‫ُ َ‬
‫صعد ب إل السماء السادسة فإذا فيها موس عليه السالم‪ ،‬ث َّم‬
‫َّ َ ُ ُ‬ ‫َّ َ َ َ َ ْ َ ُ َ َ ْ‬ ‫َ َّ َ‬ ‫ُ َ‬
‫يم عليه السالم‪ ،‬ث َّم‬ ‫صعد ب إل السماء السابعة فإذا فيها إبراه‬
‫َ َ َ ْ َ ْ َ َ ْ ُ ْ َ َ (‪ْ َ َ َ )1‬‬ ‫ُصع َد ب فَ ْو َق َس ْبع َس َم َ‬
‫اوات فأتينا سدرة المنته فغشيتن‬
‫ت‬ ‫يل ِل(‪ :)4‬إ ِّن يَ ْو َم َخلَ ْق ُ‬ ‫َ ُ ٌ (‪َ َ )3( ً َ ُ ْ َ َ َ )2‬‬
‫ضبابة فخررت ساجدا ‪ ،‬فق‬
‫َّ َ َ َ ْ َ ْ َ َ َ ْ ُ َ َ ْ َ َ َ َ ُ َّ َ َ ْ َ َ َ ً َ ُ‬
‫ني صالة فق ْم‬ ‫السماوات واألرض فرضت عليك وَع أمتك َخس‬
‫يم فَلَ ْم ي َ ْسأَلْن َع ْن ََشء‪ُ ،‬ثمَّ‬
‫ت إ َل إبْ َراه َ‬
‫ك‪ ،‬فَ َر َج ْع ُ‬ ‫َ (‪َ ُ َّ ُ َ َ ْ َ )5‬‬
‫بها أنت وأمت‬

‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُّ‬


‫اهلرري رمحه اهلل‪" :‬ي َ‬
‫روى يف حديث ضعيف أن جبيل‬ ‫(‪ )1‬قال شيخنا اإلمام‬
‫حَت َ‬
‫تابع ﷺ ّ‬ ‫نتىه‪ ،‬ث ّم َ‬ ‫َ‬ ‫سول ﷺ ع َ‬ ‫َ ّ َ‬
‫وصل إىل ماكن‬ ‫ند سدرة الم‬ ‫فارق الر‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫سمع فيه رصيف األقالم‪ .‬ذكروا أن جبيل ال ي َ‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫يَ َ‬
‫تجاوز سدرة المنتىه‪،‬‬
‫َّ‬ ‫ك املالئكة ويَ َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫اللوح املحفوظ َ‬
‫ويرى‬ ‫قرأ يف‬ ‫ومع ذلك هو َرئيس‬
‫العرش" اه‪.‬‬ ‫َ‬
‫ٌ‬ ‫َّ ْ‬
‫غطتن َسحابة‪.‬‬ ‫(‪ )2‬أي‬
‫ّ ّ‬ ‫ً‬ ‫(‪ )3‬أي ش ً‬
‫عز وجل‪.‬‬ ‫وتواضعا ُل‬ ‫كرا هلل‬
‫اِت ّاذلي َ‬
‫ليس‬
‫َ ّ‬
‫اذل َّ‬ ‫أوَح اهلل إىل نَبيّه ﷺ بذلك‪ ،‬أو َ‬
‫أسم َعه اهلل الكمه‬ ‫(‪ )4‬أي َ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ني ففه َم منه ﷺ ذلك‪.‬‬ ‫حرفا وال صوتا وال لغة وال يشبه الكم املخلوق‬
‫ّ‬
‫(‪ )5‬أي أدها‪.‬‬
‫‪74‬‬ ‫األربعون العلياء‬

‫ُ َ َ ْ َ َ َ َ ُ َّ َ‬ ‫َ ْ ََ َ‬ ‫ََْ ُ ََ ُ َ ََ َ‬
‫أتيت َع موس فقال‪ :‬كم فرض الل عليك وَع أمتك ؟‬
‫( ‪)1‬‬

‫ُ ْ ُ َ ْ َ َ َ ً َ َ َ َّ َ َ َ ْ َ ُ َ ْ َ ُ َ َ َ ْ َ َ َ‬
‫قلت‪َ :‬خسني صالة‪ ،‬قال‪ :‬فإنك ِل تستطيع أن تقوم بها أنت وِل‬
‫ُ َّ ُ َ َ ْ ْ َ َ ِّ َ (‪ِّ َ ُ ْ َ َ َ َ ْ َّ ُ ْ َ ْ َ )2‬‬
‫ت إل َرب‬ ‫أمتك‪ ،‬فارجع إل ربك فاسأل اتلخفيف‪ ،‬فرجع‬
‫وس فَأَ َم َرن ب ُّ‬
‫الر ُجوع(‪ )3‬فَ َر َج ْعتُ‬ ‫َ َ َّ َ َ ِّ َ ْ ً ُ َّ َ َ ْ ُ ُ َ‬
‫فخفف عن عَّشا‪ ،‬ثم أتيت م‬
‫َ َ (‪ْ ْ َ )5‬‬ ‫َ َ‬ ‫َّ ْ َ َ ْ‬ ‫َ َ َّ َ َ ِّ َ ْ ً ُ‬
‫ارجع‬ ‫َّشا‪ ،‬ث َّم(‪ُ )4‬ردت إل َخس صل َوات‪ ،‬قال ‪ :‬ف‬ ‫فخفف عن ع‬
‫ْ َ َ َ َ َْ‬ ‫ْ َ َ َّ ُ َ َ َ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ِّ َ َ ْ َ‬
‫رسائيل صالتني‬ ‫إل َربك فاسألُ اتلَّخفيف فإنه ف َرض َع بن إ‬
‫ْ َ‬ ‫َ َّ َ َ َ ْ ُ‬ ‫َ (‪َ ِّ َ ُ ْ َ َ َ )6‬‬ ‫ََ َ ُ‬
‫ت إل َرب ع َّز َوجل فسأتلُه اتلَّخفيف‬ ‫فما قاموا بهما ‪ ،‬فرجع‬

‫(‪ )1‬أي من ّ‬
‫الصالة‪.‬‬
‫َ‬
‫وَح إيلك بأمر‬ ‫(‪ )2‬أي ارج ْع إىل املاكن ّاذلي تناِج فيه َربَّك حيث اكن ي َ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫يتحزي يف َماكن وال يف ك األماكن‪ ،‬بل هو تعاىل‬ ‫َّ‬ ‫الصالة‪ ،‬واهلل تعاىل ال‬
‫أزال ً‬ ‫ٌ ً‬
‫وأبدا بال ماكن‪.‬‬ ‫موجود‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫(‪ )3‬أي إىل املاكن اذلي أناِج فيه َرّب ألسأُل اتلّخفيف‪.‬‬
‫يف ع ّدة ّ‬ ‫َ‬ ‫َ َّ ّ ّ‬ ‫َ َ ْ َ‬
‫مرات‪.‬‬ ‫عز وجل اتلّخف‬ ‫عد أن سأل رسول اهلل ﷺ ربه‬ ‫(‪ )4‬أي ب‬
‫موىس ﷺ‪.‬‬ ‫(‪ )5‬أي َ‬
‫ّ َ‬ ‫أكرثهم‪ ،‬لكنّه اكن فيهم صاحلون ً‬ ‫َ‬
‫الصالتني‬ ‫أيضا‪ .‬واتلّقصري يف أداء‬ ‫( ‪ )6‬أي‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫َ‬
‫أوجب‬ ‫توجه اللوم ىلع َمن ق َّص منهم يف أداء ما‬ ‫اكن من بَن إرسائيل فيَ َّ‬
‫َ‬
‫تعاىل يَ َ‬ ‫عما َ‬ ‫عَتض عليه وال يسأل ّ‬ ‫َ‬
‫تعاىل فال ي َ‬ ‫اهلل‪ّ ،‬‬
‫فعل‬ ‫يفعل‪ ،‬فهو‬ ‫أما اهلل‬
‫ْ‬
‫ما يَشاء ويفرض ىلع عباده ما يَشاء من صالة وزاكة وغريهما‪ ،‬فإن =‬
‫‪75‬‬ ‫األربعون العلياء‬

‫َ َ َ (‪َ َ َ َ ْ َ َ ُ ْ َ َ َ ْ َ ْ َ َ َ َّ ُ ْ َ َ َ ْ َ ِّ )1‬‬
‫فقال ‪ :‬إن يوم خلقت السماوات واألرض فرضت عليك وَع‬
‫ُ َّ َ َ ْ َ َ َ ً(‪َ ُ َّ ُ َ َ ْ َ َ ْ ُ َ )3( َ ْ َ ٌ ْ َ َ )2‬‬
‫أمتك َخسني صالة فخمس ِبمسني فقم بها أنت وأمتك‪،‬‬
‫َّ (‪َ ُ َ ُ ْ َ َ َ )4‬‬ ‫ََ َ َ ََ َ‬ ‫َ َ َ ْ ُ َ َّ َ‬
‫ت إل موس‬ ‫ارك َوتعال ِصى ‪ ،‬فرجع‬ ‫ت أنها م َن الل تب‬ ‫فعرف‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ارج ْع‪َ ،‬ف َع َرفْ ُ‬ ‫َ َ ْ َّ َ ُ َ َ َ‬
‫ْ‬
‫ِصى ‪ -‬أ ْي َحت ٌم‬ ‫ت أ َّن َها م َن الل َّ‬ ‫ال‪ْ :‬‬ ‫عليه السالم فق‬
‫ََْ َْ ْ‬
‫‪ -‬فلم أرجع»‪.‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ ْ َ َ َ َّ َ َ َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ َََْ َ‬ ‫قال أبو َعبد َّ‬ ‫َ‬
‫الرمحن‪ :‬أخبنا يعقوب بن إبراهيم حدثنا َيَي بن‬ ‫‪ )29‬و‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ام َّ ْ َ ُّ َح َّدثَنَا َقتَ َ‬ ‫َّ َ َ َ‬
‫ادة َع ْن أنس بْن َمالك‬ ‫َسعيد َحدثنا هش ٌ الستوائ‬
‫َ ْ ( ‪)6‬‬
‫َ َ َ ْ َ (‪ْ َ ْ َ َ )5‬‬ ‫ْ َ ْ َ َ َ َ َّ‬
‫َع ْن َمالك بن صعصعة أن انلِب ﷺ قال‪« :‬بينا أن ا عند ابليت‬
‫َّ‬ ‫َّ‬

‫َ َ‬ ‫وإن َ‬‫ْ‬ ‫َ‬


‫انتفعوا يف ُّ‬
‫عصوا فقد خسوا واكن‬ ‫النيا واآلخرة‪،‬‬ ‫= هم أطاعوا‬
‫َ ْ‬
‫ني وأمرهم إىل اهلل‪.‬‬ ‫َملوم‬
‫اِت ّاذلي َ‬
‫ليس‬
‫َ ّ‬
‫اذل َّ‬ ‫أوَح اهلل إىل نَبيّه ﷺ بذلك‪ ،‬أو َ‬
‫أسم َعه اهلل الكمه‬ ‫(‪ )1‬أي َ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ني ففه َم منه ﷺ ذلك‪.‬‬ ‫حرفا وال صوتا وال لغة وال يشبه الكم املخلوق‬
‫فجع َلها ً‬
‫مخسا‪.‬‬ ‫خف َفها َ‬‫ً ّ َّ‬
‫ني صالة ثم‬‫أو ًال مخس ً‬ ‫عليهم ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫(‪ )2‬أي فرض‬
‫ثواب مخس َ‬
‫ني‪.‬‬ ‫َ‬ ‫(‪ )3‬أي يثابون باخلَمس‬
‫رص ُّي َ‬ ‫ٌ‬
‫"فالن ّ‬ ‫ح ٌ‬ ‫ب َ‬ ‫(‪ )4‬أي واج ٌ‬
‫العزم" أي ثابته‪.‬‬ ‫تم‪ ،‬يقال‪:‬‬
‫بمعىن بينَما‪.‬‬
‫َ‬ ‫(‪ )5‬بدون ميم ويه‬
‫َ ْ َ َ ََ‬ ‫( ‪ )6‬أي ع َ‬
‫ند الكعبة‪ ،‬وقد سبَق يف رواية احلديث ّ‬
‫األول «بينما أنا يف احلَطيم‬
‫‪َ -‬وربَّ َما قَ َال‪ :‬يف احل ْجر» َ‬
‫ورشحناه يف موضعه‪.‬‬
‫‪76‬‬ ‫األربعون العلياء‬

‫َ ْ َ ْ َ (‪ْ َ ُ َّ َ ْ َ َ َ َّ ُ َ َ )2( َ ْ ْ )1‬‬ ‫بَ ْ َ‬


‫ني انلَّائم واَلقظان إذ قيل ‪ :‬أحد اثلالثة بني الرجلني ‪،‬‬
‫( ‪)3‬‬

‫َّ ْ‬ ‫ْ َ َ َ ْ َ ْ َ ً َ َ ً َ َ َّ‬ ‫َُ ُ َ ْ‬


‫فأتيت بطست من ذهب مْلن حكمة وإيمانا‪ ،‬فشق من انلحر‬
‫َ َ َ ِّ ْ َ ْ (‪ً َ ْ َ ُ َّ ُ َ َ ْ َ َ َ ْ َ ْ َ َ َ َ )4‬‬
‫ئ حكمة‬ ‫إل مراق ابلطن ‪ ،‬فغسل القلب بماء زمزم ثم مل‬
‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ً‬
‫احلديث قريبًا من َحديث م ْسلم(‪.)6‬‬ ‫َوإيمانا(‪ »)5‬ث َّم َساق‬

‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ٌ‬ ‫َْ َ ََ َ‬


‫يف رواية‪« :‬بينا أنا نائم»‪ ،‬ويف ك األحوال ال ينام قلبه الّشيف ﷺ‪ .‬قال‬ ‫(‪)1‬‬
‫ْ‬ ‫ّ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٌ َ َ‬
‫جة فيه إذ قد‬ ‫القايض عياض‪" :‬قد َيتَ ُّج به َمن ي َعلها رؤيا نوم‪ ،‬وال ح‬
‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وليس يف احلديث ما يَدل ىلع‬ ‫َ‬ ‫أول وصول امللك إيله‪،‬‬ ‫حالة َّ‬ ‫يَكون ذلك‬
‫ّ‬
‫نائما يف الق ّصة لكها" اه‪.‬‬ ‫كونه ً‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫ِب ﷺ‪.‬‬ ‫أحد املالئكة الكرام اذلين أتَوا انلَّ ّ‬ ‫قال َ‬ ‫أي‬ ‫(‪)2‬‬
‫ُّ‬ ‫َ ّ َ‬
‫الرجلني‪ ،‬كما يَدل عليه رواية‬ ‫ّ‬
‫املتوسط بني‬ ‫حمم ٌد‬
‫أي هذا رسول اهلل ّ‬ ‫(‪)3‬‬
‫َ ُّ‬ ‫ََ َ َ‬
‫ابلخاري يف احلديث اخلامس من هذا الكتاب‪« :‬فقال أ َّوله ْم‪ :‬أيه ْم ه َو؟‬ ‫ّ‬
‫َ‬ ‫ََ َ َ‬
‫فقال‪ :‬أ ْو َسطه ْم ه َو خ ْريه ْم»‪.‬‬
‫َ َّ‬ ‫َ‬
‫ورق من جله‪.‬‬ ‫بتشديد القاف وهو ما َسفل من ابلَطن‬ ‫(‪)4‬‬
‫(‪ )5‬سبَق معناه يف احلديث ّ‬
‫األول‪.‬‬
‫َ َ َ ََ ََ َ َ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ َ‬
‫اءه ثالثة نفر قبْل أن‬ ‫خاري بلفظ َمرو ّي عن أنس هو‪« :‬ج‬ ‫أما رواية ابل‬‫( ‪ّ )6‬‬

‫سى‬ ‫عني أو يف أنّه سي َ‬


‫وَح إيله ﷺ يف أمر م َّ‬ ‫وَح إ َيلْه» فمعناه قَبل أن ي َ‬ ‫ي َ‬
‫ْ‬ ‫َ َّ‬
‫الليلة‪ ،‬ال أنّه لَم يَكن أ َ‬
‫ويح إيله قبل ىلع اإلطالق إذ هذا ال‬ ‫به يف تلك‬
‫عدد من احل ّفاظ والم ّ‬ ‫ٌ‬ ‫َّ‬ ‫َ َ‬ ‫يص ُّح َ‬
‫حدثني فقال‬ ‫بم ّرة‪ .‬وقد تكلم يف ذلك‬
‫َ‬ ‫ياض يف «اإلكمال» واحلافظ انلّو ّ‬ ‫ٌ‬
‫وي يف «رشح مسلم»‪" :‬وهو‬ ‫القايض ع‬
‫‪77‬‬ ‫األربعون العلياء‬

‫ْ َ َ‬ ‫َ َََْ َ‬ ‫َ‬
‫بنا سليْ َمان بْن َداو َد َعن ابْن َوهب قال‪:‬‬ ‫قال أبو َعبد َّ‬
‫الرمحن‪ :‬أخ‬ ‫‪)30‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ََْ َ ْ ْ ْ‬
‫ان‬ ‫احلَارث أ َّن َعبْ َد َربه بْ َن َسعيد َح َّدثَه أ َّن ْابلنَ َّ‬ ‫أخبن عمرو بن‬
‫َّ َ َ َّ‬ ‫َح َّدثَه َع ْن أَنَس بْن َمالك أَ َّن َّ‬
‫الصلَ َوات فر َض ْ‬
‫ت ب َمكة‪َ ،‬وأن‬
‫َ َ َّ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ َ ْ َََ َ َ‬
‫اّلل ﷺ فذ َهبَا به إىل َزم َز َم(‪ ،)1‬فشقا َب ْطنَه‬ ‫ول َّ‬ ‫«ملكني أتيا رس‬
‫ْ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ‬
‫َوأخ َر َجا َحشوه(‪ )2‬يف َط ْست م ْن ذ َهب‪ ،‬فغ َّساله ب َماء َزم َز َم‪ ،‬ث َّم‬
‫ْ ً ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫كبَ َسا(‪َ )3‬ج ْوفه حك َمة َوعل ًما»‪.‬‬

‫عد َم َ‬‫اكن بَ َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ ُّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬


‫بعثه‬ ‫اإلرساء أقل ما قيل فيه إنه‬ ‫غل ٌط لم يواف ْق عليه‪ ،‬فإن‬
‫هرا" اه‪ .‬وقال احلافظ أبو سعيد َ‬ ‫عّش َش ً‬‫مسة َ‬ ‫َ َ‬
‫الئ يف «اتلَّنبيهات‬ ‫الع ُّ‬ ‫خب‬
‫َ َ ْ َ َ ْ ْ َ َْ‬ ‫جملة ىلع املواضع الم ْشلكة»‪َّ " :‬‬ ‫الم ْ‬
‫وأول بَعضهم قوُل‪« :‬قبل أن يوَح إيله»‬
‫ُّ‬ ‫ذلك" اه‪ .‬وقال ابلَدر ّ‬ ‫َ‬ ‫َّ َ‬
‫ركش‪:‬‬ ‫الز‬ ‫الصلوات أو اإلرساء وَنو‬ ‫أي يف شأن‬
‫ّ‬ ‫ْ‬
‫الرواية‪ ،‬وقيل‪ :‬لي َست َ‬ ‫"قد أنك َرت هذه ّ‬
‫بمحفوظة" اه‪ .‬وقال الشمس‬
‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫خاري»‪" :‬يف َ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أنكروها عليه‪،‬‬ ‫أوهام‬ ‫حديث رشيك‬ ‫البماوي يف «رشح ابل‬
‫يك َ‬ ‫َ ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََْ َ ْ َ َ‬
‫ليس‬ ‫وَح إيلْه» وهو غل ٌط لم يوافق عليه‪ ،‬ورش‬ ‫منها‪« :‬قبل أن ي‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬
‫باحلافظ‪ ،‬وهو منفرد به عن أنس‪ ،‬وسائر احلفاظ لم يَ ْرووه أيضا" اه‪.‬‬
‫ّ َ‬ ‫َ‬
‫(‪ )1‬أي ناحية برئها بمكة‪.‬‬
‫َْ‬
‫(‪ )2‬أي قلبَه‪.‬‬
‫َ‬
‫(‪ )3‬أي َمآل‪.‬‬
‫‪78‬‬ ‫األربعون العلياء‬

‫ُ َّ‬
‫‪ ‬ومن موطإ مالك ‪‬‬
‫َ َّ َ َ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫‪ )31‬قال أبو َعبد اهلل‪َ :‬ح َّدثن َع ْن َمالك َع ْن َي ََي بْن َسعيد أنه قال‪:‬‬
‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ‬
‫أرس َي ب َرسول اهلل ﷺ ف َرأى عفريتًا(‪ )1‬م َن اجل ّن ي ْطلبه بش ْعلة م ْن‬
‫َََ‬ ‫ََ َ َ ْ‬ ‫نَار(‪ ،)2‬لكَّ َما ْاتلَ َف َ‬
‫ت َرسول اهلل ﷺ َرآه‪ ،‬فقال ُل جبيل‪« :‬أفال‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ت ش ْعلته َوخ َّر لفيه(‪)3‬؟»‪،‬‬ ‫ك َ َمات َتقوله َّن إ َذا قلْتَه َّن َطفئَ ْ‬ ‫ّ َ‬
‫أ َعلم لك‬
‫َّ ( ‪)4‬‬ ‫َ ْ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫ََ ََ َ ْ‬ ‫ََ َ‬
‫فقال َرسول اهلل ﷺ‪« :‬بل»‪ ،‬فقال جبيل فقل‪« :‬أعوذ بوجه اّلل‬

‫ُّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬


‫اتلمرد‪.‬‬ ‫أي شيطانا خبيثا مبالغا يف‬ ‫(‪)1‬‬
‫ْ‬
‫واتلَ َهبَ ْ‬ ‫ُّ َ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬
‫ت فيه‪.‬‬ ‫أي يتتبَّعه بها‪ ،‬والشعلة ما اختذت فيه انلّار‬ ‫(‪)2‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫أي سق َط ىلع فمه‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫يل َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الو َ‬
‫فإن َ‬ ‫ّ‬
‫"وجه اهلل" ال يراد‬ ‫جه إذا أضيف إىل اهلل فق‬ ‫أي بذات اهلل‪،‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫بذلك العضو املعروف من اإلنسان‪ ،‬حاشا هلل وتزنه اهلل عن مشابهة‬
‫ّ‬
‫األجسام كما أنه ال يشبه شيئًا‬ ‫َ‬ ‫سما وال يشبه‬ ‫ليس ج ً‬ ‫املخلوقات‪ ،‬فاهلل َ‬
‫َ‬ ‫َ َ ْ‬
‫"وجه اهلل" فقد يراد به ذات‬ ‫من املخلوقات‪ ،‬ﱡﭐﱐﱑ ﱒﱠ‪ .‬فإذا قيل‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اهلل اذلي ال يشبه اذلوات ومن ذلك قوُل تعاىل‪ :‬ﱡﭐ ﱪ ﱫ ﱬﱠ أي اهلل‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫وأبدا ال يَ َ‬ ‫أزال ً‬ ‫ٌ ً‬
‫بالوجه ثواب اهلل ورضاه ومن ذلك‬ ‫فىن‪ ،‬وقد يراد‬ ‫موجود‬
‫َ‬
‫قوُل تعاىل‪ :‬ﱡﭐﱺ ﱻﱼ ﱽ ﱾ ﱿﱠ ‪ ،‬وقد يراد به القبلة ومنه‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫قوُل‪ :‬ﱡﭐﲊ ﲋﲌﱠ أي قبلة اهلل أي الّيت َ‬
‫وضعها اهلل لكم‪ ،‬فقد رخص‬
‫اتلوجه إىل اجلهة الّيت يَ َ‬
‫ذهبون إيلها‪،‬‬ ‫ُّ‬ ‫َّ َ‬
‫السفر‬
‫ْ‬
‫للعباد يف َصالة انلَّفل يف‬
‫َ‬ ‫وهذا لراكب الابّة‪ ،‬وال يراد َ‬
‫بالوجه إذا أضيف إىل اهلل يف مثل =‬
‫‪79‬‬ ‫األربعون العلياء‬

‫َ‬ ‫َّ‬ ‫اّلل(‪ )2‬اتلَّ َّ‬


‫كل َمات َّ‬ ‫ْ َ‬
‫كريم(‪َ ،)1‬وب َ‬
‫امات(‪ )3‬الالِت ال يَاوزه َّن بَ ٌّر‬ ‫ال‬

‫َ‬
‫= هذا اجلارحة أي العضو‪ ،‬بل حكم َمن يَعتقد اجلارحة هلل اتلّكفري‪،‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٌ ََ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫تزنهَ اهلل عن ذلك‪.‬‬ ‫الفناء‪َّ ،‬‬ ‫از عليه‬ ‫ألنه لو اكن ُل عضو جل‬
‫ُّ ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫اهلل املتّص َف َ‬
‫والس لطان‪.‬‬ ‫بع َظمة القدر‬ ‫(‪ )1‬يعن َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫أحتصن َ‬ ‫َّ‬
‫بكالم اهلل تعاىل‪ ،‬والكم اهلل تعاىل يطلق ويراد به صفته‬ ‫(‪ )2‬أي‬
‫ٌ‬ ‫ّ‬
‫اذلاتيّة األزيلّة األبديّة‪ ،‬كما يراد به القرءان اذلي هو عبارة عن الكم‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫اِت‪ .‬فإذا أريد به ّ‬ ‫ّ‬
‫الصفة اذلاتيّة فهو ليس حرفا وال صوتا وال لغة‬ ‫اذل ّ‬ ‫اهلل‬
‫َ‬
‫وال يشبه الكم املخلوقات‪ ،‬وقد ييجء بلفظ اجلمع للتّعظيم "لكمات اهلل"‬
‫تعدد‬ ‫األزيل واح ٌد ال يَ َّ‬‫ُّ‬ ‫تعدد الكم اهلل‪ ،‬فالكم اهلل‬ ‫للاللة ىلع ُّ‬ ‫وليس هو ّ‬
‫ّ‬ ‫مجع للتّعظيم‪ ،‬قال ّ‬ ‫تبعض‪ ،‬بل هو ٌ‬ ‫وال يَ َّ‬
‫عز وجل‪ :‬ﱡﭐﳏ ﳐ ﳑﳒﱠ ‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫وأما القرءان أي األلفاظ ّ‬ ‫ّ‬
‫املزنلة اليت يه عبارة عن الكم اهلل فه‬
‫ٌ‬ ‫ٌ َ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫حروف ولكمات حم َدثة خملوقة هلا بداية ونهاية‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬
‫فاتلام معناه الاكمل ألنه صفات اهلل اكملة‬ ‫ّ‬ ‫(‪ )3‬إن أريد بكالم اهلل صفتَه‬
‫وإن أريد بكالم اهلل األلفاظ َّ‬ ‫ْ‬ ‫ال َ‬
‫املزنلة اكلقرءان ووصفها‬ ‫نقص فيها‪،‬‬
‫ت يه من تأيلف خملوق‪،‬‬ ‫فليس ْ‬
‫َ‬ ‫نقص‪،‬‬ ‫امات معناه أنّه ال يدخلها ٌ‬ ‫باتلّ ّ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وقيل‪ :‬اتلّامات هنا انلّافعة‪ .‬أما ما جاء يف قوُل تعاىل‪ :‬ﱡﭐ ﱕ ﱖ ﱗ‬
‫اذل َّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫اِت‬ ‫الكم اهلل‬ ‫فليس معناه أن‬ ‫ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝﱠ‬
‫ََ ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫اذلي هو صفته اكن ناق ًصا ث ّم ت َّم‪ ،‬حاشاه‪ ،‬بل معناه أن اهلل أخبنا بأنه‬
‫َ‬
‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ً َ‬
‫وقَض أزال وق َّدر أن يكون أكرث انلّاس يف اآلخرة يف جهنَّم‪،‬‬ ‫كم َ‬ ‫ح َ‬ ‫َ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫وحكمه ٌّ‬
‫تام أي ال ينقض وال يَتخلف مراده‪.‬‬
‫‪80‬‬ ‫األربعون العلياء‬

‫رش َما َي ْعرج ف َ‬


‫يها(‪،)3‬‬ ‫َو َال فَاج ٌر(‪ ،)1‬م ْن َ ّ‬
‫رش َما يَ ْزنل م َن َّ‬
‫الس َماء(‪َ ،)2‬و َ ّ‬
‫ْ‬ ‫ْ َ (‪َّ َ ْ َ )1‬‬ ‫ْ َ ْ (‪ْ َ َ ّ َ َ )4‬‬ ‫َ َ ّ َ َ ََ‬
‫ورش ما ذرأ يف األرض ‪ ،‬ورش ما خيرج منها ‪ ،‬ومن فنت الليل‬

‫ّ‬
‫أن َ َّ‬
‫الب والفاج َر ال يَ َ‬ ‫ٌ‬
‫تجاوز‬ ‫(‪ )1‬فيه للعلماء تفسريات‪ :‬فقال بعضهم‪ :‬معناه‬
‫الطائع فله الّواب اجلزيل‪ّ ،‬‬
‫وأما‬ ‫قَض اهلل لَهما‪ّ ،‬‬
‫فأما َ ُّ‬
‫الب أي ّ‬ ‫حاهلما ما َ‬
‫ك عذابه ىلع َ‬ ‫ّ‬
‫حسب حاُل‪ .‬وقال بعضهم‪:‬‬ ‫الفاجر أي العاص والاكفر فل‬
‫َ َ ُ َ ُ ُ َّ َ ٌّ َ‬
‫وِل فَاج ٌر» ال يَزيد َ‬
‫أح ٌد يف اتلّمام ىلع لكمات‬ ‫معىن «ِل ُياو زهن بر‬
‫َ َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫املزنل وال يَستدرك عليها‪ ،‬فإن القرءان أبلغ الكم‬ ‫اللفظ َّ‬ ‫القرءان أي‬
‫َ‬ ‫عرّب و ال يَدخله َع ٌ‬
‫ّ‬
‫يب‪ ،‬قال اهلل تعاىل‪ :‬ﱡﭐﱘ ﱙ ﱚ ﱛﱜﱠ‪ ،‬وقال‬
‫أيضا‪ :‬ﱡﭐﲲ ﲳ ﲴ ﲵ ﲶﱠ‪.‬‬ ‫ً‬

‫اهلرري رمحه اهلل‪" :‬هذا يَدخل‬


‫ُّ‬ ‫اكلصواعق‪ .‬وقال شيخنا‬ ‫(‪ )2‬أي من العذاب ّ‬
‫ّ‬ ‫السماوات‪ ،‬أي أستعيذ من َ ّ‬ ‫َ‬
‫ون ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫رش اجل ّن اذلين يف‬ ‫فيه الفضاء اذلي د‬
‫أن يَكون املراد ما ت َ‬‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ؤمر به املالئكة من إيقاع اهلالك‬ ‫الفضاء‪ ،‬ويوز‬
‫ببَعض املخلوقني" اه‪.‬‬
‫صعد به املالئكة من سوء أي‬ ‫اهلرري رمحه اهلل‪" :‬أي ما يَ َ‬
‫ُّ‬ ‫(‪ )3‬قال شيخنا‬
‫جل فيه يف ّ‬‫رفعونَها إىل سج ّل ت َس ُّ‬‫َ ّ ّ َ َ‬
‫السماء" اه‪ .‬وقال‬ ‫من أعمال الّش اليت ي‬
‫ّ‬ ‫َ ّ ّ َ َ ٌّ ْ‬ ‫ّ‬ ‫بعض العلماء‪َ :‬س ّماها َ ًّ‬
‫رش بنَفسها وألنها‬ ‫رشا باعتبار أن األعمال السيئة‬
‫َ َ‬ ‫َ‬
‫الوبال ىلع العاص مرتكبها‪.‬‬ ‫جتلب‬
‫ََ‬
‫(‪ )4‬أي ما خلق ىلع َظهر األرض‪.‬‬
‫‪81‬‬ ‫األربعون العلياء‬

‫َ‬ ‫ً َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬


‫( ‪)4‬‬
‫َوانلَّ َهار(‪َ ،)2‬وم ْن َط َوارق الليْل َوانلَّ َهار(‪ ،)3‬إال َطارقا ي ْطرق خب ْري‬
‫ْ‬
‫يَا َرمحَن»‪.‬‬
‫َ‬ ‫ُ َ‬
‫‪ ‬ومن مسند أْحد ‪‬‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫‪ )32‬قال أبو َعبد اهلل‪َ :‬ح َّدثنَا عث َمان بْن حم َّمد ‪ -‬قال َعبْد اهلل بْن‬
‫َ‬ ‫ير َع ْن قَاب َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وس َع ْن أبيه َعن‬ ‫أ ْمحَ َد‪َ :‬و َسم ْعته أنَا منْه ‪َ -‬ح َّدثَنَا َجر ٌ‬
‫ََ ْ َ َ‬ ‫ال‪َ :‬يلْلَ َة أ ْرس َي بنَ ّ‬ ‫َ َ‬
‫ِب ﷺ َدخل اجلَنَّة‪ ،‬ف َسم َع م ْن‬ ‫ابْن َعبَّاس ق‬
‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ْ‬
‫َجانب َها َوج ًسا(‪ ،)5‬قال‪« :‬يا ج ْْبيل َما هذا؟»‪ ،‬قال‪َ :‬هذا بالل‬
‫َْ َََْ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫ال نَ ُّ‬‫ْ َ ّ (‪َ َ َ )6‬‬
‫اء إىل انلَّاس‪« :‬قد أفلح‬ ‫ِب اهلل ﷺ حني ج‬ ‫المؤذن »‪ ،‬فق‬

‫ْ‬ ‫َ ّ َ‬
‫ام وَنوها من المؤذيات‪.‬‬ ‫أي م ّما يف بَطنها من اهلو‬ ‫(‪)1‬‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫بمعىن الواقعة فيهما‪ ،‬أو‬ ‫َيتمل أن يراد به اليت تصيب يف الليل وانلّهار‬ ‫(‪)2‬‬
‫ّ‬
‫بالليل فيَستَتون به ويَ َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ َ ّ‬
‫توص لون‬ ‫راد الفنت اليت يَستعني أهلها عليها‬ ‫أن ي‬
‫َ‬
‫فيه إيلها وكذلك انلّهار‪.‬‬
‫ً‬
‫يلال ونَ ً‬ ‫ّ‬
‫هارا‪.‬‬ ‫أي حوادثه اليت تأِت‬ ‫(‪)3‬‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫معه تبًعا‪ ،‬ومعناه أستجري باهلل‬ ‫الط ْرق اإلتيان بالليل‪ ،‬وقد يذكر انلّهار‬ ‫َّ‬ ‫(‪)4‬‬
‫َ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫من ك ءات يف الليل إال ءاتيًا فيه خبري‪.‬‬
‫ً َ‬
‫أي صوتا خفيًّا‪.‬‬ ‫(‪)5‬‬
‫أي يكون من أهل اجلنّة‪.‬‬ ‫( ‪)6‬‬
‫‪82‬‬ ‫األربعون العلياء‬

‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ٌ (‪َ َ )3( َ َ )2( َ َ َ َ َ ُ َ ُ ْ َ َ )1‬‬
‫بالل ‪ ،‬رأيت ل كذا وكذا »‪ .‬قال ‪ :‬فلقيه موىس ﷺ فرحب به‬
‫ٌ‬ ‫ال‪َ :‬وه َو َرج ٌل َ‬ ‫َّ ّ ْ ّ ّ َ َ َ‬ ‫َ َ‬
‫آدم َطويل َسبْ ٌط‬ ‫َوقال‪َ :‬م ْر َحبًا بانلِب األم‪ ،‬فق‬
‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ َ َ َ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫َ‬
‫ش َعره(‪َ )4‬م َع أذنيْه أ ْو ف ْوقه َما‪ ،‬فقال‪َ « :‬من هذا يا ج ْْبيل؟»‪ ،‬قال‪:‬‬
‫ب به‬ ‫ال‪َ :‬ف َم ََض فَلَقيَه ع َ‬
‫يَس فَ َر َّح َ‬ ‫َ َ‬ ‫وىس َعلَيْه َّ‬
‫السالم‪ .‬ق‬ ‫َه َذا م َ‬
‫ََ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ َ َ َ‬ ‫َ َ‬
‫يَس‪ .‬قال‪ :‬ف َم ََض فلقيَه‬ ‫َوقال‪َ « :‬من هذا يا ج ْْبيل؟»‪ ،‬قال‪َ :‬هذا ع‬
‫ّ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫يب(‪ )6‬فَ َر َّح َ‬ ‫َ ْ ٌ َ ٌ‬
‫ب به َو َسل َم َعليْه‪َ ،‬ولكه ْم(‪ )7‬ي َسلم‬ ‫يل(‪َ )5‬مه ٌ‬ ‫شيخ جل‬
‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ال‪َ :‬ه َذا أب َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ َ َ َ‬ ‫َ َ َ‬
‫وك( ‪ )8‬إبْ َراهيم‪ ،‬قال‪:‬‬ ‫َعليْه‪ ،‬قال‪َ « :‬من هذا يا ج ْْبيل؟»‪ ،‬ق‬

‫َ‬ ‫ّ َ‬ ‫ً َ‬
‫الرجة العايلة يف اجلنّة‪.‬‬ ‫يما بنيله‬ ‫فاز ً‬
‫فوزا عظ‬ ‫(‪ )1‬أي َ‬

‫(‪ )2‬أي م ّما يكون بلالل يف اجلنّة ريض اهلل عنه‪.‬‬


‫(‪ )3‬أي ابن عبّاس ريض اهلل عنهما‪.‬‬
‫ّ‬
‫أن َ‬ ‫ّ ّ‬ ‫َ‬
‫شع َر موىس‬ ‫أن ّ‬
‫الرواية هناك‬ ‫(‪ )4‬سبَ َق رشح ذلك يف احلديث الّالث إال‬
‫وشع َر عيَس ﷺ اكن َسبْ ًطا‪.‬‬
‫ج ْع ًدا َ‬
‫ﷺ اكن َ‬
‫َ ْ‬
‫أي عظيم القدر‪.‬‬ ‫(‪)5‬‬
‫الصورة ذو َمهابة‪.‬‬ ‫أي َمليح ُّ‬ ‫( ‪)6‬‬
‫َّ‬
‫وسلم أمجع َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ني‪.‬‬ ‫أي األنبياء اذلين لقيَهم صىل اهلل عليهم‬ ‫(‪)7‬‬
‫ِب ّ‬ ‫نس َ‬ ‫ّ‬
‫َ‬
‫إبراهيم ﷺ‪.‬‬ ‫حممد ﷺ يَرجع إىل‬ ‫ب انلّ ّ‬ ‫فإن َ‬ ‫أي أحد أجدادك‪،‬‬ ‫( ‪)8‬‬
‫‪83‬‬ ‫األربعون العلياء‬

‫َ‬ ‫َ ْ َ َ (‪َ ُ َ ْ َ َ َ )2‬‬ ‫َ َ َ ٌ ْ‬ ‫َ‬


‫فنَ َظ َر يف انلَّار(‪ )1‬فإذا ق ْوم يَأكلون اجليف ‪ ،‬قال‪« :‬من هؤِلء يا‬
‫َ َّ (‪ً َ َ َ َ )3‬‬ ‫ْ‬
‫ين يَأكلون حلوم انلاس ‪ .‬ورأى رجال‬
‫َ‬ ‫ال‪َ :‬هؤ َالء َّاذل َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬
‫ج ْْبيل؟»‪ ،‬ق‬
‫ْ َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َْ‬ ‫َ ً‬ ‫َ ْ َ َ‬
‫أمحَ َر أ ْز َرق(‪َ )4‬ج ْع ًدا(‪ )5‬شعثا(‪ )6‬إذا َرأيتَه‪ ،‬قال‪َ « :‬من هذا يا‬
‫ِب ﷺ‬ ‫ال‪ :‬فَلَ َّما َد َخ َل انلَّ ُّ‬ ‫َّ َ (‪َ َ )7‬‬ ‫َ‬
‫ج ْْبيل؟»‪ ،‬قال‪َ :‬هذا َاعقر انلاقة ‪ .‬ق‬
‫َ َ‬ ‫ُ‬
‫َ َ ْ َ‬ ‫َّ ْ َ َ َ َ َ‬ ‫ّ‬ ‫ال ْ َم ْسج َد ْاألَقْ َص قَ َ‬
‫ت فإذا انلَّبيُّون أمجَعون‬ ‫ام ي َصيل‪ ،‬ثم اتلف‬
‫َ‬ ‫َ َ َ َْ َ َ َ َ ْ‬ ‫َ ُّ َ َ َ َ َ َّ ْ َ َ َ‬
‫صف ِجء بقدحني أحدهما عن ايلمني‬ ‫يصلون معه‪ ،‬فلما ان‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫َب َويف اآل َخر َع َس ٌل‪ ،‬فَأ َخ َذ اللَّ َ َ‬ ‫َ‬
‫الش َمال‪ ،‬يف أ َحده َما لَ َ ٌ‬ ‫ّ‬ ‫ْ َ‬
‫َب‬ ‫َواآلخر َعن‬
‫ال( ‪َّ )8‬اذلي َاك َن َم َعه الْ َق َدح‪ :‬أَ َصبْ َ‬
‫ت الْف ْط َرة‪َ.‬‬ ‫َ َ َ ْ ََ َ‬
‫فّشب منه فق‬
‫َ‬ ‫ََ‬
‫جعل اهلل تعاىل نلبيّه ﷺ الق ّوةَ ىلع رؤيتها‬ ‫لع فيها من َماكن اعل حيث‬
‫اط َ‬‫(‪َّ )1‬‬
‫مع بعد َ‬
‫المسافة‪.‬‬ ‫َ‬
‫َ َ‬
‫(‪ )2‬أي جثث َميْتات‪.‬‬
‫َ‬
‫(‪ )3‬سبَ َق رشح ذلك يف احلديث (‪ )19‬مع تفصيل يف حكم الغيبة‪.‬‬
‫(‪ )4‬هو لون َ‬
‫بّشته‪.‬‬
‫الش َعر ىلع ّ‬ ‫َ َّ‬
‫الصفة القبيحة‪.‬‬ ‫(‪ )5‬أي جعد‬
‫َ َ ٌ ْ‬
‫( ‪ )6‬أي منظره قبيح نلتنه‪.‬‬
‫َ‬ ‫أمر َ‬ ‫ّ‬
‫(‪ )7‬هو قدار بن سالف الاكفر اذلي َ‬
‫بعض الكفرة من قوم صالح ﷺ‬
‫مسوها بسوء‪َ َ ،‬‬ ‫َ ْ ْ‬
‫أن يَ ُّ‬ ‫َ ّ‬ ‫ْ‬
‫فبارش قدار‬ ‫أن يَقتلوا انلّاقة اليت نهاهم اهلل تعاىل عن‬
‫بن سالف َقتْ َلها َّ‬
‫بالسيف‪.‬‬
‫ََ‬
‫الملك الكريم‪.‬‬ ‫( ‪ )8‬أي‬
‫‪84‬‬ ‫األربعون العلياء‬

‫‪ ‬ومن ُمستَ َ‬
‫درك احلاكم ‪‬‬
‫َ‬ ‫َ ْ َْ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬
‫بن مك َرم بْن أمحَ َد القايض َح َّدثنَا إبْ َراهيم‬ ‫خََ‬ ‫‪ )33‬قال أبو َعبد اهلل‪ :‬أ‬
‫َ‬ ‫ابْن ال ْ َهيْثَم ْابلَ َل ُّي َح َّدثَنَا حمَ َّمد بْن َكثري َّ‬
‫الصنْ َع ُّ‬
‫ان َح َّدثنَا َم ْع َمر‬
‫ْ‬
‫يض اهلل َعن َها‬ ‫الز ْهر ّي َع ْن ع ْر َوةَ َع ْن َاعئ َش َة َر َ‬ ‫ابْن َراشد َعن ُّ‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ َْ َ َ ْ َ َ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫ت‪« :‬ل َ َّما أ ْرس َي بانلَّ ّ‬ ‫قَالَ ْ‬
‫ِب ﷺ إىل ال َم ْسجد األقص أصبح يتحدث‬
‫َ‬
‫َ َ‬ ‫اس م َّم ْن َاك َن َ‬‫ارتَ َّد نَ ٌ‬ ‫ك‪ ،‬فَ ْ‬‫َ َ‬
‫آمنوا به َو َص َّدقوه َو َس َعوا بذلك‬ ‫انلَّاس بذل‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َْ َ َ َ‬ ‫َْ ََ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ْ‬
‫إىل أيب بكر ريض اهلل عنه فقالوا‪ :‬هل لك إىل صاحبك يزعم‬
‫َ َ َ َ َ َ َ َ‬ ‫ْ ْ‬ ‫َّ َ َ َ‬ ‫َ َّ ْ‬
‫أنه أرس َي به الليْلة إىل َبيْت ال َمقدس؟ قال‪« :‬أ َو قال ذلك؟»‪ ،‬قالوا‪:‬‬
‫ب‬ ‫ك لَ َق ْد َص َد َق‪ ،‬قَالوا‪ :‬أَ َو ت َص ّدقه أَنَّه َذ َه َ‬ ‫ََ ْ َ َ َ ْ َ َ َ َ َ َ‬
‫نعم‪ ،‬قال‪ :‬لئ اكن قال ذل‬
‫ّ‬ ‫َ َ َ‬ ‫اللَّيْلَ َة إ َىل َبيْت ال ْ َم ْقدس َو َج َ َ ْ َ َ ْ ْ‬
‫اء قبل أن يصب َح؟! قال‪« :‬ن َع ْم‪ ،‬إن‬
‫َ ْ َ‬ ‫ك‪ ،‬أ َص ّدقه خبَ َب َّ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َألَص ّدقه ف َ‬
‫الس َماء يف غد َوة أ ْو‬ ‫يما ه َو أبْ َعد من ذل‬
‫الص ّديق‪َ.‬‬
‫كر ّ‬ ‫َ ْ َ (‪ْ َ َ َّ َ َ َ َ )1‬‬
‫روحة » فّللك سم أبو ب‬

‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫(‪ )1‬أي بأنّه عر َج به إىل ّ‬


‫واعد يف الليلة نفسها يف وقت قصري‪.‬‬ ‫السماوات‬
‫السري يف ّ‬
‫أي‬ ‫أو َل انلّهار‪ ،‬و َّ‬
‫الر ْوحة ّ‬ ‫َ‬
‫الغني يف األصل َّ‬
‫السري ّ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬
‫والغدوة بفتح‬
‫َ‬
‫يقع بَني ّ‬
‫الزوال إىل ءاخر انلّهار‪.‬‬ ‫وقت‬
‫‪85‬‬ ‫األربعون العلياء‬

‫َ َ‬ ‫َ ْ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬
‫بن حم َّمد بْن يوسف ال َعدل َح َّدثنَا حم َّمد‬ ‫خََ‬ ‫‪ )34‬وقال أبو َعبد اهلل‪ :‬أ‬
‫َ‬ ‫َ َْ ْ‬ ‫َ َ ْ‬ ‫َ َّ‬
‫ابْن ع ْم َران الن َسو ُّي َح َّدثنَا أمحَد بْن زهري َح َّدثنَا الفضل بْن اغنم‬
‫َْ‬
‫َ َّ ْ ْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َْ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫حاق َع ْن َر ْوح بْن‬ ‫َح َّدثنَا َسل َمة بْن الفضل َح َّدثن حممد بن إس‬
‫ْ ْ ّ َ َ َ ْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ َ َ َ ْ َ‬ ‫َْ‬
‫القاسم عن أيب هارون عن أيب سعيد اخلدري قال‪ :‬سمعت رسول‬
‫الس َماء الَّالَة‬ ‫ني َرآه يف َّ‬‫اهلل ﷺ َيقول َوه َو يَصف يوس َف(‪ )1‬ح َ‬
‫َ َ ََْ ُ َ ُ ً ُ َ ُ ُ َ ُ َ ْ َ َ َْ َ َ َْ ْ َ ُ ْ ُ َ‬
‫قال‪« :‬رأيت رجال صورته كصورة القمر َللة ابلدر‪ ،‬فقلت‪ :‬يا‬
‫ُ ْ َ َ َ َ َ َ َ ُ َ ُ ُ ُ‬
‫ج ْْبيل َمن هذا؟ قال‪ :‬هذا أخوك يوسف(‪.»)2‬‬
‫َ َ َ‬ ‫ْ َْ‬ ‫َ َََْ َ‬ ‫َ‬
‫بنا أبو انلَّْض الفقيه َح َّدثنَا أبو حم َّمد َعبْد‬ ‫‪ )35‬وقال أبو َعبد اهلل‪ :‬أخ‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ ُّ َّ َ ْ‬
‫الس َم ْرقند ُّي َح َّدثنَا َعبْد اهلل بْن َصالح َح َّدثن الليْث‬ ‫اهلل الارم‬
‫بن ابْن َح ْزم أَ َّن ابْنَ‬ ‫خََ‬‫َ َ ْ‬ ‫َ‬
‫َحدثن يونس بْن يَزيد َعن ابْن شهاب أ‬
‫َّ َ‬

‫َ‬ ‫(‪ )1‬يعن نَ َّ‬


‫ِب اهلل يوسف ﷺ‪.‬‬
‫الس َ‬ ‫َ‬
‫عليه ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫الم رسول اهلل ﷺ‪.‬‬ ‫(‪ )2‬وهذا قبل أن يلق‬
‫‪86‬‬ ‫األربعون العلياء‬

‫َ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ َّ َ ْ َ ْ َ َّ َ ْ َ َ َ َّ‬ ‫َ‬


‫باه أن َرسول اهلل ﷺ قال‪« :‬عرج‬ ‫عبَّاس وأبا حبة األنصاري أخ‬
‫َ ْ ََْ‬ ‫َ ْ َُ‬ ‫َ َّ َ ُ ُ ْ َ‬
‫ب حّت م َر ْرت بمست ًوى(‪ )1‬أسمع فيه َِصيف األقالم(‪.»)2‬‬

‫َّ‬
‫للط َْب ِّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ َ‬
‫ان ‪‬‬ ‫‪ ‬ومن المعجم الصغْي‬
‫قال أبو القاسم‪َ :‬ح َّدثَنَا حمَ َّمد بْن م ْسلم بْن َعبْد الْ َعزيز ْاألَ ْش َعريُّ‬ ‫َ‬
‫‪)36‬‬
‫ان َسنَ َة َمخْس َوثَ َالث َ‬ ‫َْ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ْاأل ْ‬
‫ني‬ ‫ان َح َّدثنَا ماشع بْن َع ْمرو بهمد‬ ‫صبَ َه ُّ‬
‫الراز ُّي َح َّدثَنَا ه َالل بْن أَيب محَيدْ‬
‫ادةَ َّ‬
‫يَس بْن َس َو َ‬ ‫ائتَ ْني َح َّدثَنَا ع َ‬
‫َ َ‬
‫وم‬
‫َْ َْ ّ َ َ َ َ‬ ‫َ َ ْ َّ‬ ‫ْ‬
‫ن قال‪ :‬قال َرسول اهلل ﷺ‪:‬‬ ‫ال َو َّزان ع ْن عبد اّلل بْن عكيم اجله‬

‫(‪ )1‬أي َ‬
‫بموضع اعل‪.‬‬
‫جريان األقالم يف الكتابة‪ ،‬وهو هنا َصوت‬ ‫(‪َ )2‬رصيف األَقالم هو َصوت َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫اللوح َ‬‫َّ‬ ‫ْ‬
‫المحفوظ ما أذن اهلل لهم‬ ‫استنساخ بَعض املالئكة باألقالم من‬
‫َ ّ‬ ‫َّ‬
‫اللوح َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫كر ك ما‬ ‫المحفوظ ذ‬ ‫يف ن ْسخه يف صحفهم من األقضيَة‪ ،‬فإن يف‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬
‫يكون يف هذه النيا إىل نهايتها‪ ،‬قال اهلل تعاىل‪ :‬ﱡﭐ ﳉ ﳊﳋ ﳌ ﳍ‬
‫َ‬ ‫ٌ‬
‫خرويّة فممتَ ّدة إىل غري نهاية فال‬ ‫ﳎ ﳏ ﳐ ﳑﳒ ﱠ ‪ّ .‬‬
‫أما احلياة األ َ‬
‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫ىشء متَناه‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫ألن املكت َ‬
‫وب يف اللوح‬ ‫تدخل حوادثها يف اللوح املحفوظ‪،‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫اللوح المتنايه الم َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫ساحة ذكر تفاصيل ما يقع يف احلياة‬ ‫فال يقع يف‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫خرويّة اليت ال نهاية هلا‪.‬‬
‫األ َ‬
‫‪87‬‬ ‫األربعون العلياء‬

‫َ َّ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ِّ َ َ َ َ َ ْ َ َ َ ْ َ َ ُ ْ‬ ‫َّ‬ ‫َّ َ َ َّ َ َ َّ َ ْ َ َ‬


‫«إن الل عز وجل أوح إِل يف علحي ثالثة أشياء َللة أرسي ب‪ :‬أنه‬
‫جل َ‬ ‫َ ِّ ُ ْ ُ ْ َ َ َ ُ ْ ُ َّ َ َ َ ُ ْ ُ ِّ ْ ُ َ َّ‬
‫ني»‪.‬‬ ‫سيد المؤمنني‪ ،‬وإمام المتقني‪ ،‬وقائد الغر المح‬

‫ِّ‬
‫‪ ‬ومن صحيح ابن حبان ‪‬‬
‫َّ ْ َ ْ ْ َ َ ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ َ َ َ َ ْ َ َ َّ َ‬ ‫َ‬
‫‪ )37‬قال أبو حاتم‪ :‬أخبنا أبو يعىل حدثنا عبد الرمحن بن المتولك‬
‫ادةَ َع ْن َعبْد‬ ‫الْم ْقرئ َح َّدثَنَا َ ْ ََي بْن َواضح َح َّدثَنَا ُّ َ ْ بْن جنَ َ‬
‫الزبري‬ ‫َي‬
‫ال َرسول اهلل ﷺ‪« :‬ل َ َّما ََك َن ََلْلَ َة أُ ْرسيَ‬ ‫ْ َََْ َ ْ َ َ َ َ َ‬
‫اهلل بن بريدة عن أبيه قال‪ :‬ق‬
‫ْ َ ( ‪)1‬‬ ‫ُ َّ ْ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َْْ‬ ‫ََْْ ُ َ َْ‬
‫ت إل بيت المقدس‪ ،‬فخ َرق ج ْْبيل الصخ َرة بإصبعه‬ ‫ب انتهي‬
‫َ َ َّ َ ْ ُ َ َ‬
‫ْباق(‪.»)2‬‬ ‫وشد بها ال‬

‫َ‬
‫(‪ )1‬أي َلريب َط بها الباق‪.‬‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫تكون ّ‬ ‫َ‬
‫ِب ﷺ‪ .‬وقد‬ ‫الصخرة يف املوضع اذلي عرج منه بانلّ ّ‬ ‫(‪ )2‬يَتحمل أن‬
‫ِب ﷺ من ناحيتها‬ ‫الصخرة الّيت عرج بانلّ ّ‬ ‫حَك بعض انلّاس عن ّ‬ ‫َ‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫يضاء‪ ،‬وأن مياه‬ ‫تحول َمرجان ًة بَ‬‫صح‪ ،‬منها قوهلم‪ :‬إنّها ت َّ‬ ‫أكاذيب ال تَ ُّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َّ ٌ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ َ‬
‫األرض لكها خترج من حتتها‪ ،‬وأنها معلقة يف اهلواء من ك اجلهات‪ ،‬وأن‬
‫ِب إىل ّ‬
‫السماء‬ ‫حمفورا‪ ،‬وأنّه ل َ ّما عر َج بانلّ ّ‬
‫ً‬ ‫ِب ّ‬
‫حممد‬ ‫قدم انلّ ّ‬ ‫عليها َموض َع َ‬‫َ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ً‬
‫الحقة به ف َ‬ ‫تف َع ْ‬ ‫َ ْ َ‬
‫أشار هلا جبيل أن اثبيت‪ ،‬وغري ذلك من‬ ‫ت‬ ‫من ناحيتها ار‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫األباطيل واحلاكيات اليت ال أصل هلا م ّما يَتداوُل انلّاس‪.‬‬
‫‪88‬‬ ‫األربعون العلياء‬

‫ْ ْ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ َََْ ْ‬ ‫َ‬
‫بنا احلَ َسن بْن سفيَان َح َّدثنَا حم َّمد بْن المن َهال‬ ‫‪ )38‬وقال أبو حاتم‪ :‬أخ‬
‫َ‬ ‫الْضير َح َّدثَنَا يَزيد بْن ز َريْع َح َّدثَنَا ه َش ٌ‬
‫ائ َح َّدثنَا‬‫ال ْست َو ُّ‬‫ام َّ‬ ‫َّ‬
‫َ َ ْ ََ‬ ‫ْ َ َ َ‬
‫رية خنت َمالك بْن دينَار َع ْن َمالك بْن دينار عن أنس بن‬
‫ْ‬ ‫المغ‬
‫َ ً‬ ‫َ ْ‬‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ال َرسول اهلل ﷺ‪َ « :‬رأيْ ُ‬ ‫َ َ َ َ‬
‫ت َلْلة أرس َي ب رجاِل‬ ‫َمالك قال‪ :‬ق‬
‫ْ َ َُ َ‬ ‫ض م ْن نَار(‪َ ،)2‬ف ُقلْ ُ‬ ‫ُ ْ َ ُ (‪َ َ َ ْ ُ ُ َ )1‬‬
‫ت‪َ :‬من هؤِلء يا‬ ‫تقرض شفاههم بمقار‬
‫ْ‬ ‫ُ‬
‫ْ ُ َ َ َ ْ ُ َ َ ُ(‪َ ْ َ ْ َ َ ِّ ْ َ َّ َ ُ ُ َ َ َّ ْ )3‬‬
‫جْبيل؟ فقال‪ :‬اخلطباء من أمتك يأمرون انلاس بالْب وينسون‬
‫ُ َُْ َ ْ َ َ َََ َْ ُ َ‬ ‫َُْ َ ُ‬
‫أنفسه ْم(‪َ )4‬وه ْم يتلون الكتاب أفال يعقلون(‪.»)5‬‬

‫(‪ )1‬أي ت َ‬
‫قطع‪.‬‬
‫ت من نار‪.‬‬ ‫(‪ )2‬أي بآالت قَطع خ ل َق ْ‬
‫َ َ‬
‫فسقة الو ّعظاء‪.‬‬ ‫(‪ )3‬أي‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وينهون عن المنكر ويَفعلونه‪.‬‬ ‫رون بالواجب ويَتكون َ‬
‫أداءه‪،‬‬ ‫(‪ )4‬أي يأم‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫َر َوى الشيخان من حديث أسامة بن زيد ريض اهلل عنه أنه َسم َع رسول‬
‫َََْ ُ ََْ ُُ‬ ‫ُ َ ُ َّ ُ َ ْ َ َ َ َ ُ ْ َ‬
‫امة فيلق يف انلَّار فتندلق أقتابه‬ ‫اهلل ﷺ يقول‪ُ« :‬ياء بالرجل يوم القي‬
‫َ ُ َ َ ُ َ َ ْ َ ُ َ ْ ُ َّ َ َْ‬ ‫ور َك َما يَ ُد ُ‬
‫يف انلَّار‪َ ،‬فيَ ُد ُ‬
‫ور احلمار برحاه‪ ،‬فيجتمع أهل انلار عليه‬
‫َََْ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ُ ُ َ َ ْ ُ َ ُ َ َ ُْ َ ََ ْ َ ُ ْ َ َْ ُ َُ ْ َ ْ‬
‫فيقولون‪ :‬أي فالن ما شأنك؟ أليس كنت تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن‬
‫ُْ َ‬ ‫ََْ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُْ َ َ َ ُْ ُ ُ ُ َْْ‬
‫ت آم ُرك ْم بالمع ُروف َوِل آتيه‪َ ،‬وأنهاك ْم عن المنكر‬ ‫المنكر؟ قال‪ :‬كن‬
‫َوآتيه»‪.‬‬
‫وء ما يَصنَعون‪.‬‬
‫(‪ )5‬أي أفال يَعقلون س َ‬
‫‪89‬‬ ‫األربعون العلياء‬

‫قال أبو حاتم‪ َ َ ْ َ :‬نَا َج ْع َفر بْن أَ ْمحَ َد بْن صلَيْح ب َواس َط َح َّدثَناَ‬ ‫َ‬
‫أخ ب‬ ‫‪ )39‬و‬
‫ْ َ َ َ ْ َ َ َ ََّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫السكر ُّي َح َّدثنَا يَزيد بن هارون أخبنا محاد‬ ‫َعبْد احلَميد بْن َبيَان ُّ‬
‫ْ‬
‫السائب َع ْن َسعيد بْن جبَري َعن ابْن‬ ‫ابْن َسلَ َم َة َع ْن َع َطاء بْن َّ‬
‫ََ َ َ‬ ‫َ ََ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َّ‬
‫َعبَّاس أن َرسول اهلل ﷺ يلْلة أرس َي به َم َّر بريح َطيّبَة فقال‪« :‬يا‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ِّ ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫الريح؟» قال‪َ :‬هذه ريح َماش َطة بنت ف ْر َع ْون‬ ‫ج ْْبيل َما هذه‬
‫َ‬
‫ْ ْ‬ ‫َ ْ َ‬
‫ت ف ْر َع ْون إذ َسق َط المد َرى(‪ )1‬م ْن‬ ‫يه َت ْمشط بنْ َ‬ ‫َوأ ْو َالد َها‪ ،‬بَيْنَ َما َ‬
‫ْ َْ َ َ َ َ ْ َْ َّ‬ ‫ََ َ ْ ْ‬ ‫َ َ ََ َ ْ‬
‫يَدها فقالت‪ :‬مْسِب اهلل‪ ،‬فقالت بنت فرعون‪ :‬أيب‪ ،‬قالت‪ :‬بل رّب‬
‫ت‪َ :‬ن َعم اهلل(‪ ،)2‬قَالَت‪ْ:‬‬ ‫ك َر ًّبا َ ْ َ أَيب؟ قَالَ ْ‬ ‫َ َ ْ َ َّ َ َ‬
‫َو َر ُّبك اهلل‪ ،‬قالت‪ :‬وإن ل‬
‫غري‬
‫ال‪ :‬أَلَك َربٌّ‬ ‫َ َ َ َ َ ْ َ َ ْ ََ ََْْ ََ ْ َ َ ََْ َ َ َ‬
‫فأخب بذلك أيب‪ ،‬قالت‪ :‬نعم‪ ،‬فأخبته فأرسل إيلها فق‬
‫َ ْ‬
‫ْ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ َ ْ َ‬ ‫َْ‬
‫ت‪ :‬ن َع ْم َرّب َو َر ُّبك اهلل‪ ،‬فأ َم َر بنق َرة(‪ )3‬م ْن َنَاس‬ ‫غريي؟ قال‬
‫َْ َ َ َ ً َ َ َ َ ْ َ َ َ َ َ ْ‬ ‫َ ْ َ ْ َ َ َ ْ َ َّ‬
‫ج َعل يلق‬ ‫ت ُل‪ :‬إن يل إيلك حاجة‪ ،‬قال‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬ف‬ ‫فأمحيت‪ ،‬فقال‬
‫ََ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫َو َل َها َواح ًدا َواح ًدا َح ََّت انتَ َه ْوا إىل َول ل َها َرضيع فقال‪ :‬يَا أ َّمتَاه‬
‫َ ْ‬ ‫َ َّ‬ ‫ْ‬
‫اثبيت فإنك َىلع احلَ ّق»‪.‬‬
‫يلع بْن الْمثَ َّىن َح َّدثَنَا الْ َق َواريريُّ‬ ‫َ ََْ َ‬ ‫َ‬
‫بنَا أ ْمحَد بْن َ ّ‬ ‫‪ )40‬وقال أبو حاتم‪ :‬أخ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َْ‬ ‫َ َْ‬
‫َح َّدثنَا َي ََي بْن َسعيد الق َّطان َح َّدثنَا محَّاد بْن َسل َمة َح َّدثنَا‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫عمل من َ‬ ‫(‪ )1‬هو ىش ٌء ي َ‬


‫حديد أو خشب ىلع شك س ّن من أسنان المشط‬
‫الشعر المتلبّد‪ ،‬قاُل ابن األثري‪.‬‬
‫َ‬ ‫سح به‬ ‫وأطول منه ي َ َّ‬
‫َ‬
‫وأما أبوك َ ٌ‬
‫فبّش‪.‬‬ ‫(‪ )2‬أي َر ّّب وخالق هو اهلل‪ّ ،‬‬
‫َّ‬ ‫ْ‬
‫(‪ )3‬قد ٌر يسخن فيها املاء وغريه‪.‬‬
‫‪90‬‬ ‫األربعون العلياء‬

‫ال َرسول اهلل ﷺ‪َ « :‬رأَيْتُ‬‫َ َ َ َ‬


‫َاعص ٌم َع ْن ز ّر َع ْن َعبْد اهلل قال‪ :‬ق‬
‫ْ َ ْ َ ْ َ ْ ُ ْ َ َ َ َ َ ْ ُّ َ َ َ ُ ْ َ ُ ْ‬
‫ث من ريشه‬ ‫جْبيل عند سدرة المنته وعليه ستمائة جناح ين‬
‫َ َ ُ ُّ ْ ُ‬
‫ادل ِّر َواَلَاقوت(‪.»)1‬‬ ‫تهاويل‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َََْ َ‬ ‫َ‬
‫با(‪َ )2‬ح َّدثنَا‬ ‫كََ‬ ‫بنا حم َّمد بْن َصالح بْن ذريح بع‬ ‫‪ )41‬وقال أبو حاتم‪ :‬أخ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫رسائيل َع ْن أيب‬ ‫َم ْسوق بْن ال ْ َم ْرز َبان َح َّدثَنَا ابْن أيب َزائ َدةَ َح َّدثَنَا إ ْ َ‬
‫َ َ َ‬ ‫الر ْمحَن بْن يَز َ‬‫اق َع ْن َعبْد َّ‬ ‫ْ َ َ‬
‫يد َعن ابْن َم ْسعود يف ق ْوُل ت َعاىل‪:‬‬ ‫إسح‬
‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ﱡﭐﱲ ﱳ ﱴ ﱵ ﱶ ﱠ(‪[ )3‬انلجم‪ ،]11 :‬قال‪َ « :‬رأى َرسول اهلل ﷺ‬
‫َ ْ َ َ َ َ َ ْ َ َّ َ َ ْ َ‬ ‫َّ‬ ‫ْ َ‬
‫ْ ( ‪)5‬‬
‫جبيل(‪ )4‬يف حلة م ْن يَاقوت قد مَل ما بني السماء واألرض »‪.‬‬

‫َ‬
‫بهر العيون‪.‬‬‫(‪ )1‬أي األشياء المختلفة األلوان ىلع َشك ال ّر وايلاقوت تَ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫جلة بَني بَ َ‬ ‫ٌ‬
‫وسام ّراء‪.‬‬ ‫غداد‬ ‫(‪ )2‬بلة ىلع ضفاف د‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫(‪ )3‬أي َ‬
‫صدق الفؤاد فيما رأى‪ ،‬ألن قلبَه ﷺ يَِع ما يَرى وال يَتوهم خالف‬
‫َ‬
‫ما يَراه قلبه‪ ،‬وما هو َمرو ٌّي عن ابن مسعود هنا من تفسري اآلية هو‬
‫واملفسين يف تفسريها‪،‬‬‫ّ‬ ‫ومجع من اتلّابعني‬ ‫ٌ‬ ‫خالف ما عليه ابن عبّاس‬
‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ف َقد َّ َ‬
‫ماهد‬ ‫فسها ابن عبّاس ريض اهلل عنهما وغريه فيما نقله عنه‬
‫ّ‬
‫عز وجل بفؤاده" اه‪ .‬وسبَق الالكم ىلع مذاهب‬ ‫وعكرمة قال ‪" :‬رأى ربَّه ّ‬
‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫«و َرآه حم َّم ٌد َم َّرتني» يف احلديث (‪.)26‬‬ ‫ذلك َ‬
‫عند قوُل‪َ :‬‬ ‫العلماء يف‬
‫(‪ )4‬أي ىلع هيئته األصليّة ذات األجنحة‪.‬‬
‫فق من ع َظم خ ْل َقته عليه ّ‬
‫السالم‪.‬‬ ‫(‪ )5‬أي َس َّد األ َ‬
‫‪91‬‬ ‫األربعون العلياء‬

‫َ َ َ ْ َ َََْ ْ ْ َ َ ْ ّ‬ ‫َْ َ‬ ‫َ َ َ‬
‫رساء أن ي َعل َم‬‫‪ )42‬وقال أبو َحاتم‪« :‬قد أ َم َر اهلل تعاىل جبيل يللة اإل‬
‫َ َ َ ْ َ ََْ َ َ َ َ‬ ‫َ َّ ً‬
‫حممدا ﷺ ما يب أن يعلمه كما قال‪ :‬ﱡﭐﱖﱗﱘﱙ ﱚﱛ‬
‫ْ َ‬
‫ﱜﱝ ﱞﱟﱠﱠ( ‪[ )1‬انلجم‪ ]7-5 :‬يريد به جبيل ﱡﭐﱢﱣ‬

‫َّ‬ ‫َ‬
‫حمم ًدا‬
‫ِب ّ‬ ‫علم جبيل عليه ّ‬
‫السالم انلّ َّ‬ ‫(‪ )1‬قوُل تعاىل‪ :‬ﱡﭐ ﱖﱗ ﱘﱠ أي‬
‫بيل ق ّوةً شديدةً ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫عل َمه‪ ،‬وقَد َ‬ ‫ْ ّ‬ ‫ﷺ ما َ‬
‫حَت‬ ‫أعطى اهلل تعاىل ج‬ ‫شاء اهلل أن ي‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫السالم بريشة من‬ ‫كفروا بلوط عليه ّ‬ ‫إنه اقتَلع ق َرى القوم اذلين‬
‫تقط َع ْ‬ ‫ً‬ ‫َ َ َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫صيحة َّ‬ ‫وصاح بقوم ثمود‬ ‫حته وقلبَها ث ّم َدكها يف األرض‪،‬‬ ‫أجن َ‬
‫َّ‬ ‫ٌ‬
‫أهميّة تلق الع لم من‬ ‫ديلل ىلع ّ‬ ‫منها ق لوبهم يف صدورهم‪ .‬ويف اآلية‬
‫العلماء الّقات‪.‬‬
‫َ ٌ‬ ‫وقوُل‪ :‬ﱡﭐ ﱚ ﱛﱜ ﱝ ﱞ ﱟ ﱠﱠ أي جبيل عليه ّ‬
‫السالم ملك‬
‫ظه َر‬‫حسن وخلقة عظيمة‪ ،‬وقَد َ‬ ‫نظر َ‬ ‫ذو ق ّوة وش ّدة شديدة أو معناه ذو َم َ‬

‫فاستو َى جبيل أي‬‫َ‬ ‫ِب ﷺ‬ ‫السالم ىلع هيئته األصليّة للنّ ّ‬ ‫جبيل عليه ّ‬
‫ًّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ند َمطلعها سادا‬ ‫الشمس أي ع َ‬ ‫ظه َر ىلع تلك اهليئة قائ ًما يف أفق‬ ‫َ‬
‫َ ّ‬ ‫َ‬
‫املرةَ األوَل اليت يراه فيها‬
‫لك ّ‬ ‫المّشق إىل َ‬
‫المغرب‪ ،‬واكنت ت‬ ‫حته من َ‬‫بأجن َ‬
‫َ‬
‫ش ىلع رسول اهلل ﷺ من ع َظم ما‬ ‫تلك اهليئة‪ ،‬فغ َ‬ ‫رسول اهلل ﷺ ىلع‬
‫مرةً‬ ‫وِت ق ّوةً يف فؤاده تَفوق َ‬
‫غريه‪ .‬ث ّم رءاه رسول اهلل ﷺ ّ‬ ‫رأى مع أنّه ﷺ أ َ‬
‫َ‬
‫يللة المعراج فثبَ َ‬ ‫َ‬ ‫ثانية ىلع هيئته األصليّة وهو ع َ‬ ‫ً‬
‫ت‬ ‫ند سدرة المنتىه‬
‫َ‬ ‫فدنا جبيل منه ﷺ ّ‬ ‫املرةَ‪َ ،‬‬
‫غش عليه تلك ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫صار ىلع مسافة‬ ‫حَت‬ ‫ولم ي‬
‫َ‬ ‫قريبة منه فاكن قَ ْد َر قَ َ‬
‫وسني أو أدن من ذلك‪.‬‬
‫‪92‬‬ ‫األربعون العلياء‬

‫ْ َ‬
‫ﱤﱠ [انلجم‪ ]8 :‬يريد به جبيل ﱡﭐﱦﱧﱨﱩﱪﱠ [انلجم‪]9 :‬‬
‫ْ َ‬ ‫ْ َ‬
‫يريد به جبيل ﱡﭐ ﱬ ﱭﱮ ﱯ ﱰﱠ [انلجم‪ ]10 :‬جببيل ﱡﭐ ﱲ‬
‫َ َ ْ‬ ‫َْ‬
‫ﱳﱴﱵﱶﱠ [انلجم‪ ]11 :‬يريد به َر َّبه بقلبه(‪ )1‬يف ذلك ال َم ْوضع‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ َ َ َ َْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫ْ َ‬ ‫ََ‬ ‫َّ‬
‫الّشيف(‪َ ،)2‬ورأى جبيل يف حلة من ياقوت قد مَل ما بني السماء‬
‫َ َ َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬
‫َواأل ْرض َىلع َما يف خ َب ابْن َم ْسعود اذلي ذك ْرناه»‪.‬‬
‫َ َ َ ٌّ ْ‬ ‫َ َ َ‬
‫ِب يَل َعب َم َع‬ ‫ِب ﷺ وهو ص‬ ‫ال أبو َحاتم‪« :‬ش َّق َص ْدر انلَّ ّ‬ ‫‪ )43‬وق‬
‫َ َّ َ َ َ ( ‪)5‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ ْ َ (‪َ َّ َ )4( َ َ َ ْ ْ َ ْ )3‬‬
‫الصبيان َوأخرج منه العلقة ‪َ ،‬ولما أراد اهلل جل وعال‬

‫(‪ )1‬أي رؤيتَه َربَّه بفؤاده‪.‬‬


‫ٌ ً‬
‫أزال ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ذلك املوضع‪ّ ،‬‬
‫وأبدا بال‬ ‫أما اهلل تعاىل فموجود‬ ‫حمم ٌد ﷺ يف‬‫(‪ )2‬أي اكن ّ‬
‫تزنه اهلل عن مشابَهة املخلوق َ‬
‫ني‪.‬‬ ‫ماكن‪َّ ،‬‬

‫للبدن‪.‬‬ ‫يدا َ‬
‫هلوا مف ً‬
‫(‪ )3‬أي ً‬
‫ٌ‬
‫(‪ )4‬يه قطعة َد ّم غليظة‪.‬‬
‫ْ‬
‫َ‬
‫ومعىن اسم اهلل‬ ‫وتقد َس عن أن يشاب َه املخلوقات‪،‬‬
‫َّ‬ ‫(‪ )5‬أي َعال شأنه َّ‬
‫وتزنه‬
‫َ‬
‫"ومعىن‬ ‫نصه‪:‬‬ ‫مصطىف َنا (ت ‪1351‬ه) ما ُّ‬ ‫َ‬
‫يل كما قال مفيت بريوت‬ ‫َ‬
‫الع ّ‬
‫َ‬ ‫العيل المتعايل يف َ‬
‫جالُل وكبيائه إىل غري اغية وال نهاية‪ ،‬واملراد به عل ّو‬ ‫ّ‬
‫اتلح ُّزي واجلهة" اه‪.‬‬ ‫الماكن ألنّه تعاىل م َ َّ‬
‫زنه عن َ‬ ‫والمزنلة ال عل ّو َ‬ ‫َ‬
‫الق ْدر َ‬
‫‪93‬‬ ‫األربعون العلياء‬

‫َْ ََ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫َ‬
‫ْاإل ْ َ‬
‫اء به(‪ )1‬أ َم َر جبيل بش ّق َصدره ثانيًا َوأخ َر َج قلبَه فغ َسله‬ ‫رس َ‬
‫ْ‬ ‫َْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ث َّم أ َاع َده َماكنه َم َّرتني يف َم ْوض َعني(‪.»)2‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫(‪ )1‬أي َ‬


‫وليس‬ ‫قَض اهلل تعاىل أن يكون اإلرساء يف هذا الوقت املعلوم‪،‬‬
‫َ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫معناه أن مشيئة اهلل تعاىل متعلقة بهذا الوقت وأنه اآلن يشاء ما لم يشأ‬
‫ّ َ َ‬
‫تعاىل يَستحيل عليه اتلَ ُّ‬ ‫ً‬
‫غري يف صفة من صفاته‬ ‫أزال‪ ،‬حاشاه‪ ،‬ألن اهلل‬
‫َ‬ ‫أن يتقيَّد ذاته أو صفاته ّ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬
‫بالزمان‪ ،‬فهو تعاىل‬ ‫كما أنه يستحيل عليه‬
‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫أزال ً‬ ‫ٌ ً‬
‫وأبدا بال كيف وال ماكن وال يري عليه َزمان‪ ،‬وصفاته‬ ‫موجود‬
‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫تعاىل لكها أزيلّة أبديّة ال يَ َّ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬
‫تجدد ُل وصف لم يَكن ُل وال تزول عنه‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫صفة واجبة ُل‪ ،‬ﱡﭐﱐﱑ ﱒﱠ‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫(‪ )2‬أي اكن الش ُّق والغسل يف َوقتَني خمتلفني وماكنني متفاوتني‪.‬‬
‫‪94‬‬ ‫األربعون العلياء‬

‫ٌ‬
‫‪ ‬خاتمة ‪‬‬
‫َّ‬
‫املؤكد يف اتلحذير من األباطيل واِلفتاءات الت تُ َ‬
‫فتى‬ ‫الوجوب‬
‫ِّ‬
‫َع ديننا احلنيف يف قصة املعراج‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪ - 1‬يب اتلحذير من قول الكفار إن اهلل يسكن السماء أو إن اهلل‬
‫جالس ىلع العرش‪.‬‬
‫‪ - 2‬و يب اتلحذير من قول الكفار إن الرسول يللة املعراج وصل إىل‬
‫ماكن ينته إيله وجود اهلل‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ - 3‬ويب اتلحذير من قول الكفار إن الرسول يللة املعراج اقَتب من‬
‫اهلل باملسافة واملاكن حَت صار منه اكحلاجب من احلاجب‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ - 4‬ويب اتلحذير من قول الكفار إن الرسول يف املعراج وصل إىل‬
‫ماكن فأزيح ُل الستار فدخل فاجتمع بربه خلف الستار‪.‬‬
‫‪ - 5‬ويب اتلحذير من قول الكفار إن الرسول يف املعراج وصل إىل‬
‫ماكن رأى اهلل يصيل فيه ويزيد هنا بعض الكفار فيقول "طوىب لك أيها‬
‫املصيل فاهلل يصيل وانلِب يصيل واملالئكة يصلون فأنت يف صف‬
‫اهلل"‪.‬‬
‫‪95‬‬ ‫األربعون العلياء‬

‫‪ - 6‬و يب اتلحذير من قول الكفار إن الرسول يف املعراج أزيح ُل‬


‫الستار فدخل وصار بينه وبني اهلل واملالئكة حوار اتلحيات‪.‬‬
‫‪ - 7‬ويب اتلحذير من قول الكفار إن الرسول يللة املعراج اخَتق‬
‫آالفا من حجب انلور وانلار واهليبة ثم وصل إىل ماكن خلف تلك‬
‫احلجب فرأى اهلل تعاىل‪.‬‬
‫‪ - 8‬و يب اتلحذير من قول الكفار إن الرسول رأى اهلل يف املعراج‬
‫بصورة شاب أمرد‪.‬‬
‫‪ - 9‬ويب اتلحذير من قول الكفار إن الرسول رأى اهلل يف املعراج‬
‫بهيئة نور عظيم حَت خاض انلِب يف ذلك انلور اذلي هو اهلل بزعمهم‪.‬‬
‫‪ - 10‬و يب اتلحذير من قول الكفار إن الرسول استوحش يف املعراج‬
‫فلكمه اهلل بصوت أيب بكر الصديق‪.‬‬
‫‪ - 11‬ويب اتلحذير من قول ملا وصل جبيل والرسول إىل ما بعد سدرة‬
‫ْ‬
‫تقدمت احَتقت" فإن‬‫املنتىه قال جبيل "هنا يفارق اخلليل خليلَه لو َ‬
‫ً‬
‫انتقاصا بقدره العظيم أو‬ ‫قاُل ىلع وجه االستخفاف بسيدنا جبيل أو‬
‫ً‬
‫حقيقة َ‬
‫كفر‪ ،‬وأصل اخلب لم يَرد يف حديث‬ ‫أنه َيَتق ويموت‬
‫‪96‬‬ ‫األربعون العلياء‬

‫َّ‬ ‫أما َمن َ‬


‫صحيح‪ّ ،‬‬
‫أورده من غري اعتقاد وال فهم هلذه املعان اليت حذرنا‬
‫منها فال يكفر‪.‬‬
‫‪ - 12‬ويب اتلحذير من قول الكفار إن الرسول ﷺ دنا من اهلل حَت‬
‫صار بينهما من املسافة قدر ذراعني أو أقل‪.‬‬
‫ولك ما سبق من هذه األقوال فيه تكذيب للقرءان والسنة ولإلمجاع‬
‫َّ‬ ‫يقول اهلل تعاىل‪ :‬ﱡﭐﱑﱒﱓﱔﱠ ‪ ،‬وقال َّ‬
‫عز وجل‪ :‬ﱡﭐﱐ ﱑ‬
‫تقد َس ْ‬ ‫َ‬
‫وقال اهلل َّ‬
‫ت أسماؤه‪ :‬ﱡﱎﱏﱐﱑﱒﱠ‪ ،‬وقال أبو‬ ‫ﱒﱠ‪،‬‬
‫ً‬ ‫"ومن َ‬ ‫ً‬
‫ناقال يف ذلك اإلمجاع‪َ :‬‬
‫بمعىن من‬ ‫وصف اهلل‬ ‫جعفر الطحاوي‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫املجسم اكفر" رواه‬ ‫معان البّش فقد كفر"‪ ،‬وقال اإلمام الشافِع "‬
‫السيويط يف «األشباه وانلظائر»‪.‬‬
‫‪97‬‬ ‫األربعون العلياء‬

‫َ ُ‬
‫ُكمة اخلتام‬
‫َ‬ ‫َّ ّ‬ ‫َْ‬ ‫إن َ‬ ‫ّ‬
‫عز وجل‪ ،‬ومن خريها‬ ‫خري ما تنفق فيه األوقات االشتغال بطاعة اهلل‬
‫َ ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ ّ ّ‬
‫بوي الّشيف‪ ،‬ومن خري ما يشتغل به فيه هو تلق‬ ‫االشتغال بعلوم احلديث انل‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ين تل َّقوه عن أمثاهلم‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫رواية َعن الّقات اذل َ‬ ‫ً‬
‫أما المطالعة يف الكتب‬ ‫احلديث‬
‫تأهل للمطالعة َ‬ ‫َ َّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫وحده‬ ‫الين من غري معلم ل َمن لم ي‬ ‫احلديثيّة وغريها من علوم ّ‬
‫الضالل بسبَب عدم أهليّة هذا المطالع‪ ،‬إذْ ال ي َم ّزي َ‬
‫بني‬ ‫السقوط يف َم ْهواة ّ‬ ‫فه ُّ‬
‫ُّ‬
‫حن يف اللغة وال‬ ‫فكيف به إذا اكن يَ ْل َ‬ ‫َ‬
‫ح َّرف‪،‬‬ ‫حف والم َ‬ ‫الصواب واخلَطإ والم َص َّ‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫كم من المتشابه‪ ،‬ناهيك َعن أنه قد يكون يف هذه الكتب اليت‬ ‫ح َ‬‫ي َم ّزي الم ْ‬

‫الزنادقة َع ْم ًدا‪ ،‬أو قد‬ ‫أودعه فيها بعض ّ‬ ‫الين قد َ‬ ‫اء ىلع ّ‬ ‫يطالعها َد ٌّس وافَت ٌ‬
‫ّ‬
‫ويؤدي ً‬
‫بناء ىلع‬ ‫أشياء ىلع خالف احلَ ّق فيعتَقده‬
‫َ‬ ‫يَ َ‬
‫فهم هذا المطالع م ّما يَقرأه‬
‫يقع يف الكفر َّ‬ ‫َ‬
‫والضالل‪ ،‬والعياذ باهلل‪.‬‬ ‫السقيم عبادات فاسدةً أو‬ ‫فهمه َّ‬
‫َ‬ ‫املحدثني‪َ :‬‬
‫ّ‬ ‫ُّ ً‬
‫"من طالع‬ ‫ابلغدادي نقال عن بعض‬ ‫ولقد قال احلافظ اخل َطيب‬
‫َ‬ ‫َ َّ َ ّ ً َ َ‬
‫ومن قرأ القرآن‬ ‫سّم صحفيًّا وال يسّم حمدثا‪،‬‬ ‫ب نلَ ْفسه بدون م َع ّلم ي َّ‬ ‫الكت َ‬
‫ً‬
‫حفيًّا وال ي َس َّّم قارئا" اه‪.‬‬ ‫نلَ ْفسه بدون م َع ّلم ي َس َّّم م ْص َ‬

‫وتفك ْر يف قول اهلل َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ َّ‬


‫عز وجل‪ :‬ﱡﭐﲼ ﲽﲾﲿﳀﳁﳂﳃ‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫حمم ًدا ﷺ‬
‫علم َّ‬ ‫ﳄﳅ ﱠ تلقيًا عن غريهم‪ ،‬ويف قول اهلل تعاىل‪ :‬ﱡﭐ ﱖﱠ أي‬
‫َ ْ‬
‫َ‬
‫احلسنة يف االشتغال بطاعة اهلل‪.‬‬ ‫جبيل ﱡﭐﱗﱘﱠ‪ ،‬وك ْن ىلع ذكر للنّيّة‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫واحلمد هلل َر ّب العالم َ‬
‫ني‪ ،‬وصىل اهلل وسلم ىلع رسوُل األمني‪ ،‬واهلل تعاىل أعلم‪.‬‬
‫‪98‬‬ ‫األربعون العلياء‬

‫الفهرست‬
‫ُ ِّ‬
‫المقدمة ‪4 ...........................................................................‬‬
‫َ‬
‫اتلَّوطئة ‪6............................................................................‬‬
‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫ِّ ٌ‬
‫ُمقدمة يف علم احلديث الَّشيف وإسناده ‪12 ....................................‬‬
‫َ َ َ‬ ‫ُ ُ‬
‫ني العلياء ‪18 ........................................................‬‬ ‫خطبة األربع‬
‫ٌ‬
‫خاتمة ‪94 ............................................................................‬‬
‫َ ُ‬
‫ُكمة اخلتام ‪97 ......................................................................‬‬

‫الفهرست ‪98 ........................................................................‬‬

You might also like