Professional Documents
Culture Documents
رزيآو سواي َنيب يقلتلا Reception between Yaws and Izer
رزيآو سواي َنيب يقلتلا Reception between Yaws and Izer
153
ملخص البحث
التلقي ببن ياوس وآيزر
ْ
،كانت نظرية التلقي تتح ّدث عن الطريقة التي يتلقى فيها القارئ النص على اختالف بين ياوس وآيزر إذا
السيما، لذا فإنّ الفارق لن يكون كبيرا،فإنّ نظرية التأويل تتح ّدث عن الطريقة التي يؤوّ ل بها القارئ النص
ربما على حساب، كل ما هناك أنهم يعلون من شأن القارئ،وأنّ رواد التلقي ال يخفون مرجعياتهم التأويلية
لقد جاءت «نظرية التلقي» مؤسسة على مجموعة من المفاهيم التي تحاول أنْ تجيب على أسئلة.النص
مواقع، فراغات النص، تاريخية األدب، أفق التوقع: وبدمج مفاهيم ياوس بمفاهيم آيزر ينتج اآلتي،النظرية
منطق، اجتماعية األدب، ذخيرة النص، وجهة النظر الجوّ الة، المسافة الجمالية، القارئ الضمني،الالتحديد
وصوال، ونحن نعرّ ف بها من وجهة نظر أصحابها، التي سنتناولها، إلى آخر هذه المفاهيم...السؤال والجواب
بقدر ما هو إضافة للجهد التأويلي الذي،إلى قضية البحث التي ت ّدعي أنّ التلقي ليس منهجا جديدا في القراءة
.بدأ منذ أنْ قرأ اإلنسان النصوص وتورّ ط في تأويلها
Abstract
If the theory of reception theory tackles the way through which a reader
بل لالثنين معا. وعملية التمثل ،أو التمثيل الذاتي ،لهذه النصوص،
ونحن سنتعامل مع مفردات نظرية التلقي، لن تكون متشابهة من هذه الذوات ،ألنّ عسر الهضم
بوصفها مفاهي َم ،أمّا أل ّنها كذلك فعالً ،أو أل ّننا نريد أو سهولته ،سيتكرّ ر معها ،على اختالف ،طبعاً ،بين
لها أنْ تكون كذلك ،أو ألنّ هناك اختالفا ً بين ّ
منظريها المقادير التي هضمت ،والمقادير التي لم تهضم .
حول أبسط مصطلحاتها ،بصورة يبدو معها التأويل إنّ مجموع هذه النصوص ،أو النص المتكوِّ ن
الذي تقترحه النظرية للتعامل مع النصوص ،قد منها ،ال يشبه النصوص األخرى ،وإنْ كان يشترك
أصاب مصطلحات النظرية عينها ،فأصبحت ذاتية معها في المرجعيات ،فهو نص له خصوصيته
جداً ،وشخصية جدا ،وال ضير في ذلك ،ما دام المتأتية من خصوصية الذات المبدعة .ومن ث ّم ،فإنّ
القارئ ،أو المتلقي ،هو الذي يح ّدد األشياء ،ويعيد ّ
يتوزع على النصوص التي النص ،هذه المرة ،لن
ترتيبها وفقا ً ألولوياته .ولع ّل أه ّم تلك األولويات ّ
سيتوزع على القرّ اء المفترضين ،الذين انتجته ،بل
155 الحفاظ على الطابع المفهومي لألشياء والكلمات ،ألنّ سيتلقون هذا النص ويعيدون تمثيله .والتناص ،بنا ًء
حصرها في المصطلح ،سيعيدنا إلى لغة االتفاق أو على هذا ،ليس النصوص السابقة التي َت َم َّث َلها مؤلفٌ
المطابقة ،تلك اللغة التي ترفضها مناهج (الما بعد)، «ما» ،ثم أعاد صياغتها بطريقة «ما» ،بقدر ما هو
واحد ،فال يمكن للقارئ «إنطاق» نص ما ،أي تفعيل انحيازاً للغة االختالف واإلرجاء والالمطابقة.
معناه الكامن في داللة راهنة ،إالّ بقدر ما يندرج فهمه وعندما يفعل القارئ ذلك ،فإنه ال يطالب اآلخرين
للعالم وللحياة في إطار السند األدبي الذي يستتبعه هذا بأنْ يتتبعوا خطواته وآثاره ،بقدر ما يريد أنْ تكون
النص (. )1 لآلخرين خطواتهم ،وآثارهم المميزة هم أيضاً.
تاريخ األدب :ال ينهض تاريخ األدب على مفردات نظرية التلقي
عالقة التماسك بين الظواهر األدبية ،بل على تمرّ س ّ
ويمثل قطب الرحى ،أو المركز الذي أفق التوقع:
القرّ اء بهذه األعمال ،فتاريخ األدب ليس التسلسل تدور حوله بقية مفاهيم النظرية .فالنص ال ينبثق من
الموجود بين النتاجات األدبية ،بل التجربة الجمالية فراغ ،وال يؤول إلى فراغ .وكل كاتب ينطلق من أفق
التي تم ّدنا بها القراءة أو النصوص النقدية .هذا فكري وجمالي ،ويكيّف تصرفه في األفكار ،وسياسته
المعطى يفرض على مؤرّ خ األدب أنْ يكون قارئاً، لألساليب ،وتمرسّها الجمالي بالجنس األدبي الذي
ليتم ّكن من فهم العمل ،وتحديده تاريخياً ،لهذا أكد يبدع فيه ،ومن تصوّ ره الخاص للكتابة ،ومن ذخيرة
(آيزر) على ضرورة الربط بين الواقع والتلقي ،ألنّ قراءاته .وبالمقابل فإنّ كل قارئ ،السيما إذا كان
التلقي منتوج ينشئه النص في القارئ ،وال بد لتقديره ناقداً ،يمتلك أفقا ً فكريا ً وجمالياً ،يتح ّكم في تل ّقي ذلك
من اختيار ُب َنى النص التي تستدعي استجابة «ما»، النص ،ويتألّف ذلك األفق من خبرة القارئ بالجنس
عن معاييره ،ش ّكل عمالً فنيا ً ذا قيمة عالية ،ويسمّي هو أول قارئ لنصه ،لذا فإنّ الكتابة تتضمّن القراءة
(ياوس) المسافة بين أفق الكتابة وأفق القراءة بـ الزما ً منطقيا ً لها ،وتعاون المؤلف والقارئ الموجود
«المسافة الجمالية» التي يمكن قياسها بردود أفعال فيه ،هو الذي يخرج األثر إلى الوجود ،بتعبير أوضح:
القراء وبأحكام النقاد ،لتش ّكل وحدة القياس للتوتر بين متلق
ٍ فإنّ النص ينطوي في بنياته األساسية على
أفق النص وأفق انتظار جمهوره األول (.)7 افترضه المؤلف بصورة ال شعورية ،وهو متضمن
وجهة النظر الجوّ الة :إنّ النص األدبي مثل في النص ،في شكله وتوجهاته وأسلوبه .وهذه الفكرة
القطعة الموسيقية ،ال يمكن إدراكه دفعة واحدة، جعلت القارئ الحقيقي معنيا ً بتلمّس المفاتيح الموجّ هة
ّ
الخطية الزمنية المباينة لثبات نظراً إلى طبيعته إلى القارئ الضمني ،وتوظيفها بوصفها آليات
الموضوعات المعطاة في الواقع ،مثل النحت، خاصة به ،من الممكن أنْ يستثمرها في تأويل معنى
ومن ثم ال يمكن إدراك معاني النص إالّ عبر قراءة الوصول إلى مقاصد النص (.)5
157 متتابعة ،ألنّ مرحلة معينة ،ال تمنح ك ّل شيء ،وإ ّنما ذخيرة النص :السلسلة التي تربط النص
تق ّدم مظاهر معينة من الموضوع الذي ينبغي تشكيله بنصوص سابقة ،تؤسّس فضاءه وتمنحه وجوده .وإذا
على ضوء كلية النص ،فقد تمنحنا اللحظات األولى كانت الذخيرة تفسّر من خالل حضور قيم اجتماعية
معنى ليس منزال من أول وهلة ،بل معنى يفعل من من الرواية صورة معينة عن البطل ،لكن سرعان ما
خالل تلقيّاته المتعاقبة (.)10 نفاجأ بصفات غير متوقعة ،ومن ثم ال تستطيع أي
مناقشة النظرية مرحلة أنْ ت ّدعي أ ّنها تطابق معنى النص (.)8
ك أنّ ما ت ّم إنجازه لحد اآلن يبدو كبيراً،
ال ش ّ اجتماعية األدب :إنّ وظيفة األدب تعمل حين
حتى لقد صرّ ح (ياوس) :إنّ انقالبا ً جذريا ً سيحدث يأخذ القارئ على عاتقه افتراضيا ً بعض المعايير
في النقد األدبي ( ،)11بل قد تصل النوبة إلى الدرجة والتوقعات ويتعلّم بـ «التطابق الجمالي» ،ما الذي
التي يُع َلن فيها نهاية «نظرية األدب» ،أو موتها، يمكن أنْ تكونه تجربة اآلخرين وسيرتهم ،بحيث
إضافة إلى سلسلة الميتات السابقة -المؤلف ،اإلنسان، يستطيع تحديد سلوكه باتجاه التحفيز الواعي لتجربته
هللا -وبداية عصر «تاريخ االدب» من وجهة نظر المقبلة وتغييرها .إنّ نمط العالقة الذي تؤسّسه
«جمالية التلقي» ،فنظرية األدب كانت تتح ّدث عن «جمالية التلقي» بين األدب والمجتمع ،تتجاوز عملية
المؤلف ،ث ّم تمرّ على نصوصه ،أمّا «تاريخ األدب» االنعكاس أو التصوير إلى مستوى تدخل التجربة
بصورته الجديدة ،فيتح ّدث عن المتلقي ،ونصّه األدبية للقارئ في أفق تو ّقع حياته اليومية ،فتوجّ ه
النقدي ،وألنّ المتلقي هو خالق النص ،أو هكذا هم تؤثر في سلوكه رؤيته للعالم ،أو تعدلها ،ومن ث ّم ّ
ي ّدعون ،فإنّ االنقالب واقع ال محالة. االجتماعي .من هنا جاء تأكيد (ياوس) أنّ الوظيفة
النص» (.)15 كلها .الفارق الثاني :إنّ نظريات العلم المحض أشبه
المقتبس السابق باختصار يقول« :إنّ النص بالبناء العمودي ،وعلى الساكنين أنْ ينتقلوا دوما ً إلى
هو مجموع ُج َملِ ِه وتفاعلها» .ولكن هل ثمة من يقول الطابق األعلى ،أمّا «علم األدب» فلن يكون كذلك،
غير ذلك؟! هذا هو الذي دعا آيزر إلى القول« :أحب هو أشبه بالبناء األفقي ،وسكان هذا البناء ال يتركون
أنْ أصحّ ح الفكرة القائلة بأنّ القارئ ،عليه أنْ يتابع ما بيوته القديمة ،بل يظلون مقيمين فيها ،وبطبيعة
رسمته ،بوصفه النماذج األساسية لعملية القراءة .إنّ الحال ،فإنّ النموّ األفقي ال يعني أنّ أي اتجاه جديد في
ما قصدت أنْ أفعله ال يعدو أنْ يكون وصفا ً ظاهريا ً الفن واألدب كان يمكن أنْ يظهر في عصر سابقْ ،إذ
لما يحدث أثناء القراءة ،بل إ ّنني لم أتق ّدم بأية تعليمات أنّ ظهور االتجاهات الفنية مرتبط بمجموع األوضاع
لما ينبغي أنْ يكون عليه القارئ» (.)16 اإلنسانية :االجتماعية والثقافية والروحية والمادية،
التلقي والتأويل بحيث ال يمكن أنْ يفهم هذا االتجاه إالّ في سياقه
159 مما سبق يتبيّن لنا أنّ التلقي إنْ هو إالّ تأويل التاريخي الذي ظهر فيه (.)13
للنص وآلفاق تلقيه ،لذا فإ ّنه وإنْ كان مفتوحا ً على من جهة أخرى ،فأنّ نظرية التلقي ،قدر تعلّق
التراث التأويلي ،إال أ ّنه مشغول بإشكاليته الرئيسة: األمر بما كتبه ياوس وآيزر ،أو الكتابات التي حاولت
عن الفراغات سيأتي مع «الدائرة التأويلية» بقضّه الفراغات والقارئ الضمني من جهة ،وأفق التوّ قع من
وقضيضه ،مع زيادات هنا وهناك ،ألنّ فلسفة االثنين جهة أخرى .األول يتح ّدث عن نص يرسم خريطة
تكاد تكون واحدة ،ا ّنها عملية ملء فراغ «ما» ،كان تلقيه ،أو يقترحها ،والثاني يتح ّدث عن قراءات
مالك المطلبي قد عبّر عنه بهذه الطريقة« :الفراغ هنا نقدية متعاقبة ستش ّكل تاريخا ً لألدب وأفقا للقراءة،
هو (عرصة) ،أي فراغ يقوم حوله بناء .لكن لننظر أو بتعبير (آيزر) إنّ مفهوم التلقي «يستلزم تيارين
بعمق إلى فراغ العرصة :أال نحسّ بالبناء فيها ،أكثر أساسيين من التفكير ،يمكن تمييز أحدهما عن اآلخر،
مما نحسّ به حولها ،أعني أنّ (العرصة) ترفع الفتة رغم تداخلهما ،فالتل ّقي ير ّكز على السيرورة التوثيقية
أ ّنها ستكون بيتاً ،أو أي شكل عمراني آخر ،أكثر للنصوص ،ويرتبط أساسا بردود األفعال والمواقف
مما ترفع الفتة أ ّنها خالية .إنّ الفراغ ليس الالشيء، التي تكيّف استجابات القارئ ،ولكن النص نفسه شكل
بل هو الالشيء الذي يقف دائما ً على أهبّة االستعداد مسبق لتلك االستجابات» (.)17
ليكون شيئاً ،أي شيء» (.)18 إذن فنحن إزاء نسختين من التلقي :أمّا التلقي في
للدائرة التأويلية معنيان :األول :إنّ معرفة الكل (نسخة آيزر) فهو شكل من أشكال التأويل ،وهو شكل
متوّ قفة على معرفة األجزاء ،ومعرفة األجزاء متوّ قفة ال يكاد يختلف عن أشكال التأويل التي سبقته ،ال سيما
كذلك على معرفة الكل ( .)19وهذا ليس دوراً فلسفياً، وهو مأخوذ من (انكاردن) و(هوسرل) ،والباحث ال
161
الهوامش
-1ينظر :جمالية التلقي ،ص .135 ،11نحو جمالية للتلقي ،ص68 -63
-2ينظر :نحو جمالية للتلقي ،ص.59 ،28
-3ينظر :فعل القراءة ،ص / 187الخطاب والقارئ ،ص123
-4مفاهيم هيكلية في نظرية التلقي ،د .محمد اقبال عروي ،مجلة عالم الفكر ،ص58 -57
-5ينظر :جمالية التلقي ،ص / 88فعل القراءة ،ص / 40إشكالية التلقي والتأويل ،ص141
-6ينظر :نظرية التلقي في السياق العربي ،د .أبو اليزيد إبراهيم ،مجلة علوم اللغة ،ص24 -23
-7ينظر :جمالية التلقي ،ص11
-8ينظر :فعل القراءة ،ص.116
-9ينظر :جمالية التلقي ،ص.136
-10ينظر :نحو جمالية للتلقي ،ص.125 ،75
-11ينظر :جمالية التلقي ،ص.121 ،106 ،35 ،8
-12جمالية التلقي ،ص122
-13ينظر :التفكير العلمي ،ص.18
-14ينظر :دراسات في الفلسفة المعاصرة ،ص.270
162
المصادر والمراجع
.8دراسات في الفلسفة المعاصرة ،د .زكريا إبراهيم، .1إشكالية التلقي والتأويل ،دراسة في الشعر العربي
دار مصر للطباعة -سعيد جودة السحار وشركاه، الحديث ،د .سامح الرواشدة ،جامعة مؤتة -األردن،
ط1968 -1 ط2001 -1
.9فعل القراءة ،نظرية في االستجابة الجمالية، .2آفاق استجابة القارئ ،فولفجانج آيزر ،تر :أحمد
فولفجانج آيزر ،ت :د .عبد الوهاب علوب ،المجلس بو حسن ،ومحمد مفتاح ،منشورات كلية اآلداب
األعلى للثقافة -القاهرة ،مصر ،ط2000 -1 والعلوم االنسانية -المغرب. 1995 ،
.10القارئ في النص ،نظرية التأثير واالتصال، .3التفكير العلمي ،الدكتور فؤاد زكريا ،سلسلة عالم
نبيلة إبراهيم ،مجلة فصول ،العدد1984 -1م المعرفة ،المجلس الوطني للثقافة والفنون واآلداب-
.11مرآة السرد ،قراءة في أدب محمد خضير ،د. الكويت ،ط1988 -3
مالك المطلبي ،وعبد الرحمن طهمازي ،دار الخريف .4جمالية التلقي ،هانس روبرت ياوس ،ت :رشيد
للطباعة والنشر -العراق ،بغداد ،ط1990 -1 بنحدو ،المجلس األعلى للثقافة -القاهرة ،مصر ،ط-1
.12مفاهيم هيكلية في نظرية التلقي ،د .محمد اقبال 2004
عروي ،مجلة عالم الفكر ،المجلس الوطني للثقافة .5حديث مع ولفجانج آيزر ،حاورته د .نبيلة إبراهيم،
والفنون -الكويت ،العدد ،3المجلد2009 -37 مجلة فصول ،العدد1984 -1م
دواة /مجلة فصلية محكمة تعنى بالبحوث والدراسات اللغوية والتربوية
.13نحو جمالية للتلقي ،هانس روبرت ياوس ،تر: .6الحلقة النقدية ،األدب والتاريخ والهرمنيوطيقا
د .محمد مساعدي ،النايا للدراسات والنشر -سوريا، الفلسفية ،ديفيد كوزنز هوي ،تر :خالدة حامد،
ط2014 -1 منشورات الجمل -كولونيا ،المانيا -بغداد 2007
.14نظرية التلقي في السياق العربي ،د .أبو اليزيد .7الخطاب والقارئ ،نظريات التلقي وتحليل
إبراهيم الشرقاوي ،مجلة علوم اللغة ،دار غريب- الخطاب وما بعد الحداثة :د .حامد أبو أحمد ،كتاب
القاهرة ،مصر ،المجلد العاشر ،العدد 2007 -4 الرياض ،العدد -30يونيو 1996
163