You are on page 1of 98

‫الفكر االقتصادي والعبء الضريبي‬

‫ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻭ ﺍﻟﻌﺒء ﺍﻟﻀﺮﻳﺒﻲ‬ ‫ﺍﻟﻌﻨﻮﺍﻥ‪:‬‬


‫الدكتور‬ ‫األستاذ‬
‫ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ‬ ‫ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﺒﺤﻮﺙ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ‬ ‫ﺍﻟﻤﺼﺪﺭ‪:‬‬
‫ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﻟﻤﻨﺼﻮﺭﺓ ‪ -‬ﻛﻠﻴﺔ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ‬ ‫ﺍﻟﻨﺎﺷﺮ‪:‬‬
‫ﻋﻠﻲ علي النجار‬
‫الهادي‬
‫عبد ﺑﻦ‬
‫ﺍﻟﻨﺠﺎﺭ‪ ،‬ﻋﺒﺪﺍﻟﻬﺎﺩﻱ‬ ‫ﺍﻟﻤؤﻟﻒ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻲ‪:‬‬
‫ﻉ ‪45‬‬ ‫ﺍﻟﻤﺠﻠﺪ‪/‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪:‬‬
‫أستاذ االقتصاد كادلالية العامة‬ ‫ﻧﻌﻢ‬ ‫ﻣﺤﻜﻤﺔ‪:‬‬
‫‪2009‬‬ ‫ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻤﻴﻼﺩﻱ‪:‬‬
‫ﺃﺑﺮﻳﻞالعميد األسبق لكلية احلقوؽ‪ -‬جامعة ادلنصورة‬ ‫ﺍﻟﺸﻬﺮ‪:‬‬
‫‪46 - 142‬‬ ‫ﺍﻟﺼﻔﺤﺎﺕ‪:‬‬
‫‪117075‬‬ ‫ﺭﻗﻢ ‪:MD‬‬
‫ﺑﺤﻮﺙ ﻭﻣﻘﺎﻻﺕ‬ ‫ﻧﻮﻉ ﺍﻟﻤﺤﺘﻮﻯ‪:‬‬
‫‪IslamicInfo, EcoLink‬‬ ‫ﻗﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ‪:‬‬
‫ﺍﻟﻘﺮﻭﺽ‪ ،‬ﺍﻟﻀﺮﺍﺋﺐ‪ ،‬ﺿﺮﻳﺒﺔ ﺍﻟﺪﺧﻞ‪ ،‬ﺍﻟﻤﻮﺍﺭﺩ ﺍﻟﻤﺎﻟﻴﺔ‪ ،‬ﺍﻟﺘﻀﺨﻢ ﺍﻟﻤﺎﻟﻲ‪ ،‬ﺍﻟﻨﻔﻘﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ‪،‬‬ ‫ﻣﻮﺍﺿﻴﻊ‪:‬‬
‫ﺍﻹﻧﺘﺎﺝ‪ ،‬ﺍﻹﺩﺧﺎﺭ‪ ،‬ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺒء ﺍﻟﻀﺮﻳﺒﻲ‪ ،‬ﺍﺳﺘﻘﺮﺍﺭ ﺍﻟﻌﺒء ﺍﻟﻀﺮﻳﺒﻲ‪،‬‬
‫ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺎﺕ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ‪ ،‬ﺍﻻﺣﺘﻜﺎﺭ‪ ،‬ﺍﻟﺘﻨﺎﻓﺲ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ‪ ،‬ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﻟﺮﺃﺳﻤﺎﻟﻲ‪ ،‬ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ‬
‫ﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻛﻲ‪ ،‬ﺍﻟﺘﺤﻠﻴﻞ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ‬
‫‪http://search.mandumah.com/Record/117075‬‬ ‫ﺭﺍﺑﻂ‪:‬‬

‫© ‪ 2021‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪ .‬ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪.‬‬


‫ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻣﺘﺎﺣﺔ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﻤﻮﻗﻊ ﻣﻊ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ‪ ،‬ﻋﻠﻤﺎ ﺃﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪ .‬ﻳﻤﻜﻨﻚ ﺗﺤﻤﻴﻞ ﺃﻭ ﻃﺒﺎﻋﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻟﻼﺳﺘﺨﺪﺍﻡ‬
‫ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ﻓﻘﻂ‪ ،‬ﻭﻳﻤﻨﻊ ﺍﻟﻨﺴﺦ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻞ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻋﺒﺮ ﺃﻱ ﻭﺳﻴﻠﺔ )ﻣﺜﻞ ﻣﻮﺍﻗﻊ ﺍﻻﻧﺘﺮﻧﺖ ﺃﻭ ﺍﻟﺒﺮﻳﺪ ﺍﻻﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻲ( ﺩﻭﻥ ﺗﺼﺮﻳﺢ ﺧﻄﻲ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﺃﻭ ﺩﺍﺭ‬
‫ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪.‬‬
‫الفكر االقتصادي والعبء الضريبي‬

‫األستاذ الدكتور‬

‫عبد الهادي علي النجار‬

‫أستاذ االقتصاد كادلالية العامة‬

‫العميد األسبق لكلية احلقوؽ‪ -‬جامعة ادلنصورة‬


‫‪44‬‬

‫الفكر االقتصادي والعبء الضريبي‬

‫أ‪.‬د‪ .‬عبد الهادي علي النجار‬

‫مقدمة‪:‬‬

‫درج كتاب ادلالية العامة عند دراسة اآلثار االقتصادية للضريبة أف يتبعوا منهجان من‬

‫اثنُت (‪:)1‬‬

‫األكؿ‪ :‬يوسع من نطاؽ دراسة ىذه االثار لتضم إُف جوار آثار الضريبة ىذه آثار اإلنفاؽ‬

‫العاـ على أساس أف الضريبة سبوؿ أساسان النفقات العامة‪.‬‬

‫أما ادلنهج الثاين‪ :‬فيدرس آثار الضريبة مع افًتاض ثبات النفقات العامة‪ ،‬خاصةن كأف‬

‫حصيلة الضريبة قد ال زبصص يف السنة اليت حصلت فيها لتغطية النفقات العامة ذلذه السنة‪،‬‬

‫كما قد تستخدـ حصيلة الضريبة يف تكوين احتياطي للميزانية‪ ،‬كفضالن عن ذلك قد يتم‬

‫سبويل النفقات العامة من مصدر إضايف غَت الضريبة مثل القركض العامة أك التضخم‪.‬‬

‫كسنأخذ بادلنهج الثاين على أساس أف تقتصر دراستنا يف ذلك على آثار الضريبة‬

‫فقط‪ .‬كمن ناحية أخرل فإف شبة آثاران تنتج عن الضريبة على بعض الكميات االقتصادية‬

‫الكلية يف االقتصاد القومي‪ ،‬كاإلنتاج كالدخل كاالدخار‪ ،‬كال زبتلف الضريبة يف ذلك عن أم‬

‫(‪ )1‬انظػػر يف ذلػػك‪ :‬د‪ .‬عبػػد اذلػػادم النجػػار‪ ،‬مبػػادئ االقتصػػاد ادلػػاِف‪ ،‬دار النهضػػة العربيػػة‪ ،‬القػػاىرة‪ ،1988 ،‬ص‪ 216‬كمػػا‬
‫بعدىا‪.‬‬
‫‪44‬‬ ‫الفكر االقتصادي والعبء الضريبي‬

‫عامل من العوامل اليت تؤثر على النشاط االقتصادم‪ ،‬كمن مث ال تستقل الضريبة ىنا بطريقة‬

‫خاصة إلحداث ىذه اآلثار‪.‬‬

‫كمع ذلك فهناؾ آثار اقتصادية تنفرد الضريبة بطريقة خاصة إلحداثها حيث تنحصر‬

‫يف التوزيع االقتصادم للعبء الضرييب‪ ،‬كتنصرؼ ىذه اآلثار إُف التعرؼ على من يتحمل‬

‫عبء الضريبة‪ ،‬أم أثر الضريبة على الدخوؿ احلقيقة الصافية لألفراد أك جملموعة منهم كىو ما‬

‫ؽلكن أف نطلق عليو مشكالت العبء الضرييب‪.‬‬

‫كلإلحاطة بادلوضوع يف ىذا احليز احملدكد فإنو ؽلكن أف نتناكلو يف مبحثُت‪:‬‬

‫ادلبحث األكؿ‪ :‬الفكر االقتصادم التقليدم كالعبء الضرييب‪.‬‬

‫ادلبحث الثاين‪ :‬اآلثار االقتصادية للعبء الضرييب‪ ،‬كنقسمو إُف مطلبُت‪:‬‬

‫ادلطلب األكؿ‪ :‬مشكالت نقل العبء الضرييب‪.‬‬

‫ادلطلب الثاين‪ :‬تفسَت استقرار العبء الضرييب‪.‬‬

‫ادلطلب الثالث‪ :‬عبء الضريبة العامة على ادلبيعات كالضريبة على دخوؿ‬

‫الشركات‪.‬‬

‫كنشَت إُف كل منها باختصار فيما يلي‪:‬‬


‫‪44‬‬

‫المبحث األول‬

‫الفكر االقتصادي التقليدي والعبء الضريبي‬

‫ؽلثل العمل الزراعي عند الطبيعيُت ‪ Les physiocrates‬يف فرنسا منذ منتصف‬

‫القرف الثامن عشر ادلصدر الوحيد للثركة‪ ،‬كذلك على أساس أف الزراعة ىي النشاط الوحيد‬

‫الذم يغل ناذبان صافيان ‪ ،Produit net‬بعكس نشاط الصناعة كالتجارة فهما برغم منفعتهما‬

‫يعتربعلا الطبيعيوف غَت منتجُت‪.‬‬

‫كيف ىذا اخلصوص يقرر الطبيعيوف كعلى رأسهم (كينيو) ‪ Quesnay‬أف الطبقة‬

‫ادلنتجة تضم الفالحُت كاألفراد ادلشتغلُت بالزراعة‪ ،‬كمع ذلك فإف طبقة ادلالؾ ىي اليت زبتص‬

‫بريع األرض كجزء من الفائض‪ ،‬كمن ىنا ربط الطبيعيوف بُت الفائض ادلتولد من نشاط‬

‫الزراعة كمصدر كحيد للثركة كالضريبة‪ ،‬كأكصوا بأف تفرض ضريبة كحيدة ‪Impot Unique‬‬

‫على الزراعة كتدفع من الناتج الصايف لألرض‪ ،‬كحجتهم يف ذلك أف أم نوع من الضرائب ال‬

‫ؽلكن أف تتحملو يف النهاية سول الزراعة ألهنا النشاط الوحيد الذم يغل ناذبان صافيان‪ .‬فإذا‬

‫تناكلت الضريبة نشاطي الصناعة كالتجارة‪ ،‬فإهنا تؤدم إُف رفع أجور العماؿ كارتفاع أشباف‬

‫السلع كاخلدمات دبقدار الضريبة‪ ،‬ككذلك احلاؿ إذا فرضت الضريبة على ملكية األرض‬

‫ابتداء‪ ،‬فإف ادلالؾ سَتفعوف قيمة الريع الذم ػلصلوف عليو من الفالحُت مقابل االنتفاع‬
‫‪55‬‬ ‫الفكر االقتصادي والعبء الضريبي‬

‫باألرض‪ .‬كذلذا رأم الطبيعيوف أف توفر الدكلة جهدىا منذ البداية كتقصر فرض الضريبة على‬

‫الفائض الذم ػلققو ادلالؾ كادلزارعوف من نشاط الزراعة أم على ناتج األرض الصايف (‪.)2‬‬

‫كلسنا ىنا يف رلاؿ نقد فكر الطبيعيُت‪ ،‬كإظلا يكفينا أف نقرر أف التصور اخلاطئ‬

‫لديهم عن العمل ادلنتج ىو الذم أدل إُف تورطهم يف القوؿ بأف الضريبة الوحيدة على الناتج‬

‫الصايف لألرض ىي اليت ربوؿ دكف انتقاؿ عبء الضرائب األخرل اليت ؽلكن فرضها –يف‬

‫هناية ادلطاؼ‪ -‬إُف كاىل الزراع كادلالؾ‪.‬‬

‫كَف يذىب آدـ مسيث بعيدان عن فكر الطبيعيُت‪ ،‬فهو ال يرل فرض الضريبة على‬

‫األجور ألف ذلك يعٍت أف عبء ىذه الضريبة سيقع على عاتق أصحاب األعماؿ الذين‬

‫يقوموف بنقلها إُف ادلستهلكُت من خالؿ رفع أشباف السلع كاخلدمات‪ ،‬كإال فإهنم سيقللوف‬

‫من طلبهم على العماؿ نتيجة نقص أرباحهم دبقدار الضريبة‪.‬‬

‫كما ال يرل آدـ مسيث فرض الضريبة على أرباح أصحاب األعماؿ ألف ذلك يعٍت‬

‫انتقاؿ رأس ادلاؿ من فرع إنتاجي على آخر ىركبان من ربملو بعبء الضريبة على الربح ادلتولد‬

‫من فرع إنتاجي معُت‪ ،‬كػلذر آدـ مسيث يف ذلك بأف أصحاب األعماؿ لن يستمركا يف‬

‫استثمار أمواذلم عند فرض مثل ىذه الضريبة‪.‬‬

‫كذلذا فإف مسيث يرل أف أنسب مصدر إليرادات الدكلة من خالؿ الضريبة يتمثل يف‬

‫الريع العقارم ادلتولد من األراضي الزراعية كالعقارات ادلبنية‪ ،‬فهو نوع من الدخل يتحقق دكف‬

‫(‪ )2‬انظػر يف تفصػيل ذلػك‪Shumpeter Joseph, History of Economic Analysis George :‬‬
‫‪Allen& Unwin London 1961 pp. 228- 232‬‬
‫‪51‬‬

‫جهد أك عناء كبَتين‪ ،‬فضالن عن أف فرض الضريبة عليو ال يرتب أم رد فعل ضار‪ ،‬كلن يؤثر‬

‫على النشاط الصناعي كنشاط رائد (‪.)3‬‬

‫أما بالنسبة لريكاردك فقد أشار إُف قانوف الغلة ادلتناقصة يف الزراعة‪ ،‬كالريع ادلطلق‬

‫كالريع الفرقي‪ ،‬مث إُف نظريتو يف التطور االقتصادم حيث أكضح معها أف مصاٌف مالؾ‬

‫األراضي الزراعية تتعارض مع مصاٌف العماؿ كأرباب األعماؿ كاجملتمع كلو من بعدىم‪ ،‬فينما‬

‫يفضل ادلالك الزراعي ارتفاع نفقات إنتاج القمح‪ ،‬فإف ىذا ليس يف صاٌف ادلستهلك كال‬

‫أرباب الصناعة ‪ ،..‬كذلذا يستنتج ريكاردك أف ريع األرض‪ ،‬كىو فائض يتولد عن ظركؼ‬

‫اقتصادية خارجة عن إرادة أصحاب األراضي‪ ،‬يعترب أنسب مصدر للضريبة‪ ،‬خاصةن كأنو‬

‫يزداد بزيادة السكاف كبزيادة الطلب على ادلواد الغذائية‪ ،‬كليس لو أثر على ربديد أشباف السلع‬

‫كاخلدمات ادلختلفة‪.‬‬

‫كبالنظر إُف العماؿ كالرأمساليُت‪ ،‬فإف ريكاردك يرل أف العماؿ ال ػلصلوف على‬

‫فائض‪ ،‬كمن مث فإهنم ال يستطيعوف ربمل أم ضريبة‪ ،‬أما الرأمساليوف فإنو أية ضريبة على‬

‫أرباحهم سوؼ تنقص من معدؿ تكوين رؤكس األمواؿ ادلعدة لالستثمار‪ ،‬كذلذا فإف ريكاردك‬

‫يؤيد فرض الضريبة على ريع األرض خاص نة كأهنا تستقر على ىذا الوعاء‪ ،‬كلن يكوف ذلا من‬

‫(‪ )3‬انظر يف تفصيل ذلك‪:‬‬


‫‪ADAM SMITH An Inquiry Into The Nature and Causes of the Weath of‬‬
‫‪nations, Introduction Copyright, 1937, The Modern Library, New York,‬‬
‫‪pp. 779- 858.‬‬
‫‪52‬‬ ‫الفكر االقتصادي والعبء الضريبي‬

‫أثر إال على اإلنفاؽ على السلع الكمالية‪ ،‬كىو أمر ػلقق االنسجاـ بُت مصاٌف طبقات‬

‫اجملتمع (‪.)4‬‬

‫كشلا يلفت النظر يف أفكار ريكاردك أنو قصر انطباؽ قانوف الغلة ادلتناقصة على‬

‫الزراعة‪ ،‬يف حُت ثبت أنو قانوف عاـ يسرم على سائر فركع اإلنتاج‪.‬‬

‫كمن ناحية أخرل يفًتض ريكاردك قياـ سوؽ ادلنافسة الكاملة‪ ،‬كإذا كاف ىذا الغرض‬

‫صحيحان يف فًتة سابقة‪ ،‬فإف ىذه السوؽ أصبحت اآلف غَت كاقعية‪ ،‬كال تكتسب أعلية إال يف‬

‫إطار التحليل االقتصادم لتفسَت بعض الوقائع االقتصادية‪.‬‬

‫على أنو إذا كاف الفكر التقليدم قد اتفق عمومان على قصر فرض الضريبة على الريع‬

‫العقارم سواء ذلك ادلتولد من األراضي الزراعية أك العقارات ادلبنية‪ ،‬فإف "ىنرم جورج" قد‬

‫توسع يف دراسة ىذه الظاىرة حيث بُت أف اتساع العمراف كالتقدـ احلضارم‪ ،‬كتدخل الدكلة‬

‫للتأثَت يف احلياة االقتصادية كاالجتماعية‪ ...‬كل ذلك أدل إُف زيادة الريع العقارم‪ ،‬كمن مث‬

‫ذبد الدكلة ادلربر لتعيد جانب من الزيادة يف ىذا الريع من خالؿ الضريبة حىت ترد للمجتمع‬

‫كلو ما يعود عليو من تقدـ‪ ،‬كدكف أف ؼلتص هبذه الزيادة صبيعها بعض أفراد ىذا اجملتمع (‪.)5‬‬

‫(‪ )4‬أنظر‪:‬‬
‫‪Ricardo David, On the Principles of Political Economy and Taxation John‬‬
‫‪Murry. London, 1821 pp. 173- 174.‬‬
‫(‪ )5‬أنظر‪:‬‬
‫‪Georg Henry, The Writings of Henery George. The Condition of Labor,‬‬
‫‪Doubleday, Doran& Co. Inc. New York 1930 pp. 11- 17.‬‬
‫‪53‬‬

‫كالواقع أف سبب قصر فرض الضريبة على الريع العقارم عند التقليديُت كمن بعدىم‬

‫من الكتاب إظلا يرجع إُف اعتقادىم يف أف عبء ىذه الضريبة ال ينتقل‪ ،‬كمن مث فهو يف‬

‫نظرىم عبء هنائي ؽلثل استقراران مباشران للضريبة‪ ،‬كيتحملو مالؾ العقارات كحدىم دكف أف‬

‫يؤثر على أشباف السلع كاخلدمات ادلختلفة‪.‬‬

‫كجدير بالذكر أف نشَت إُف أف ىذا الذم ذىب إليو ىؤالء الكتاب غلانب الصواب‪،‬‬

‫ألف فرض الضريبة على الريع العقارم ػلدث أثره كذلك سواء بالنسبة لعنصر العمل أك رأس‬

‫ادلاؿ‪ .‬فمثالن إذا فرضت ضريبة على الريع الزراعي‪ ،‬فإف ذلك يعٍت أف الفالحُت الذين ؽللكوف‬

‫األرض اليت خضع ريعها للضريبة سيزيدكف من جهدىم لتعويض قيمة ىذه الضريبة‪ ،‬كىذا‬

‫بافًتاض أف مالك األرض الذم ال يعمل كال يشارؾ برأس ادلاؿ ليس لو كجود على األقل يف‬

‫ادلراحل األكلية لتطور النشاط الزراعي‪.‬‬

‫كحىت مع غياب ىذا االفًتاض فإف الضريبة ستحدث آثارىا‪ ،‬إذا سينتقل على األقل‬

‫جزء منها إُف العماؿ الذين قد ينقصوف من عرض عنصر العمل حيث ينتج عن ذلك نقص‬

‫يف الريع الصايف كوعاء للضريبة‪.‬‬

‫كمن ناحية أخرل فإف افًتاض أف مالك األرض يتحمل كامل الضريبة دكف أف‬

‫يتمكن من نقل عبئها‪ ،‬بتجاىل أسلوب استخداـ النفقات العامة اليت تعطيها الضريبة‬

‫أساسان‪ ،‬حيث يؤثر ىذا األسلوب يف ظلط توزيع الدخل القومي يف النهاية‪.‬‬
‫‪54‬‬ ‫الفكر االقتصادي والعبء الضريبي‬

‫كما أف ىذا االفًتاض يتجاىل حقيقة مؤداىا أف األرض تعترب أصالن من األصوؿ‬

‫الرأمسالية‪ ،‬كبفرض الضريبة على ريع ىذه األرض فإف ذلك ػلدث تغيَتات يف عرض العناصر‬

‫اإلنتاجية األخرل كبالتاِف يف إمكانية تركيم رؤكس األمواؿ (‪.)6‬‬

‫‪ -‬مفهوم العبء الضريبي‪:‬‬

‫نظران لألعلية ادلتزايدة آلثار الضريبة على احلياة االقتصادية كاالجتماعية‪ ،‬فقد ازدادت‬

‫األفكار اليت تعاًف ظاىرة العبء الضرييب بعد أف أعللت طويالن‪ .‬كمع زيادة ىذه األفكار‬

‫تباينت ادلفاىيم حوؿ ربديد ادلقصود من العبء الضرييب ‪ ،Tax Incidence‬فقد رأل‬

‫بعض الكتاب أنو يعٍت استقرار ىذا العبء على ادلموؿ النهائي‪ .‬كيف ىذه احلالة يقتصر تعبَت‬

‫آثار الضريبة على التغَتات اليت ربدث للكميات االقتصادية الكلية كاالستهالؾ كاإلدخار‬

‫كالتوزيع كاألشباف على مستول االقتصاد القومي (‪.)7‬‬

‫كيعٍت ذلك من ناحية أخرل أف استقرار الضريبة يعترب آثران من آثار فرض الضريبة‪،‬‬

‫كال يتحقق إال بفرضها‪ ،‬كإف كانت ىناؾ آثار أخرل للضريبة تشًتؾ فيها مع أدكات ادلالية‬

‫العامة‪ ،‬فإهنا ال تدخل ضمن نطاؽ الدراسة اآلف‪.‬‬

‫(‪ )6‬أنظر يف تفصيالت نفس االذباه‪:‬‬


‫‪Martin Feldstein. The Surprising Incidence of a Tax on Pure Rent: A New‬‬
‫‪Answer to an Old Question. The Journal of Political Economy Vol. 85‬‬
‫‪No. 2 April 1977, pp. 347- 360.‬‬
‫(‪ )4‬أنظػػر يف تفصػػيل ذلػػك علػػى سػػبيل ادلثػػاؿ‪ :‬د‪ .‬رفعػػت احملجػػوب‪ ،‬ادلاليػػة العامػػة‪ ،‬النفقػػات العامػػة اإلي ػرادات العامػػة‪ ،‬دار‬
‫النهضة العربية‪ ،‬القاىرة ‪ ،1975‬ىامش صفحة ‪.335 -334‬‬
‫‪55‬‬

‫كألنو قد يبدك أف التفرقة بُت اآلثار اليت تنفرد الضريبة بإحداثها شلثلة أساسان يف‬

‫العبء الضرييب كاستقرار الضريبة‪ ،‬كاآلثار اليت ربدثها بالنسبة للكميات االقتصادية الكلية‬

‫ذات مظهر ربكمي‪ ،‬فإف "مسجريف ‪ "Musgrave‬يشَت إُف أف للضريبة آثارىا األكلية‬

‫كآثارىا النهائية‪ ،‬دكف أف تقتصر ىذه اآلثار على اآلثار النهائية فقط‪ ،‬كمن ىنا فإنو يرل أف‬

‫استقرار الضريبة ال ينظر إليو إال من خالؿ ما يعرؼ بالتوازف الشامل أك أسلوب التحليل‬

‫الكلي (‪.)8‬‬

‫كيهمنا أف نشَت يف ىذا اخلصوص إُف أف الكتاب َف يتفقوا على ربديد مفهوـ زلدد‬

‫إُف إطالؽ لفظ‬ ‫(‪)9‬‬


‫للعبء الضرييب ‪ ،Tax Incidence‬األمر الذم ذىب معو بعضهم‬

‫"انعكاس الضريبة" ليشمل استقرار العبء الضرييب من ناحية كآثار توزيعية مباشرة للضريبة‬

‫باإلضافة إُف اآلثار التوزيعية غَت ادلباشرة اليت تًتتب على فرض الضريبة كتعرؼ بانتشار‬

‫عبء الضريبة يف االقتصاد القومي من ناحية أخرل‪.‬‬

‫كمع ذلك فلسنا حباجة إُف تعبَت جديد طادلا أننا نركز فقط على اآلثار اليت تنفرد‬

‫الضريبة بإحداثها‪ ،‬كاليت تتمثل أساسان باآلثار اليت تتعلق بالتوزيع االقتصادم للعبء الضرييب‬

‫حيث يتحدد من خالؿ ىذا التوزيع من يتحمل بالعبء الضرييب احلقيقي‪ ،‬كيف ىذا تثور‬

‫مشكالت خاصة بنقل العبء الضرييب‪ ،‬كانتشار الضريبة‪ ،‬كالتهرب منها‪.‬‬

‫(‪ )4‬أنظر‪:‬‬
‫‪Musgrave Rechard A., Musgrove Peggy B., Public finance in Theory and‬‬
‫‪Practice, Second Edition,. McGraw- Hill Book Co. N.Y 1976 p. 385.‬‬
‫(‪ )4‬أنظر‪ :‬د‪ .‬رفعت احملجوب‪ ،‬ادلرجع السابق‪ ،‬ص‪.334‬‬
‫‪56‬‬ ‫الفكر االقتصادي والعبء الضريبي‬

‫كَف يقتصر اخلالؼ بُت الكتاب على ربديد مفهوـ العبء الضرييب على النحو‬

‫السالفة اإلشارة إليو‪ ،‬بل تعداه إُف منهج دراسة آثار الضريبة ذاهتا على أساس أف دراسة‬

‫ظاىرة العبء الضرييب ال تتم إال يف إطار كوهنا أثران من آثار الضريبة‪ ،‬فقد رأل بعض الكتاب‬

‫أف دراسة آثار الضريبة تعٍت دراسة آثار النفقات العامة‪ ،‬على أساس أف الضريبة سبوؿ‬

‫النفقات العامة أساسان‪ ،‬كذلذا فإف آثار الضريبة تتوقف على‪ :‬االقتطاع من دخوؿ األفراد‬

‫كثركاهتم من ناحية‪ ،‬كإنفاؽ الضريبة كحصيلة ذلذا االرتفاع من ناحية أخرل‪ ،‬كمن ىؤالء‬

‫الكتاب دم فييت دم ماركو‪ ،‬ركتنوالد‪ ،‬مسجريف (‪.)10‬‬

‫أف دراسة آثار الضريبة تتم بالنظر إُف جانب‬ ‫(‪)11‬‬


‫كيرل فريق آخر من الكتاب‬

‫الضريبة دكف النفقات العامة‪ ،‬خاصةن كأف حصيلة الضريبة قد ال زبصص لتغطية نفقات السنة‬

‫اليت حصلت فيها‪ ،‬كما قد تستخدـ حصيلة الضريبة يف تكوين احتياطي للميزانية‪.‬‬

‫كالواقع أف نوع الدراسة ادلطلوبة ىو الذم ػلدد أم الطريقتُت طلتار‪ ،‬فإذا كاف اذلدؼ‬

‫ىو الًتكيز على اآلثار اليت تنفرد الضريبة بإحداثها‪ ،‬فإف ذلك يعٍت األخذ باألسلوب الثاين‪،‬‬

‫أما إذا أريد الربط بُت آثار الضريبة كالنفقات العامة فإف مكاهنا الطبيعي يكوف يف إطار نظرية‬

‫ادلالية ككل‪.‬‬

‫(‪ )15‬انظر‪:‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪Recktenwald Horst Claus, Tax Incidence and Income Redistribution,‬‬
‫‪An Introduction, Wayne State university Press Detroit 1971, p. 37.‬‬
‫(‪ )11‬أنظر‪:‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪Pigou, a study in public finance, London 1949, p. 72; Rolph earl R.‬‬
‫)‪The distribution of Government Burdens and benefits (Discussion‬‬
‫‪The American Economic Review May 1953, No. 2, pp. 508- 532.‬‬
‫‪54‬‬

‫كألننا نركز على العبء الضرييب كأثر من اآلثار اليت ػلدثها فرض الضريبة‪ ،‬فإننا‪،‬‬

‫سنأخذ إذان بادلنهج الثاين دكف األكؿ‪ ،‬أم دكف أف نتتبع اآلثار االقتصادية للنفقات العامة‬

‫ككل بالرغم من تأثَته األخَتة على العبء الضرييب‪.‬‬

‫كترتيبان على ذلك‪ ،‬فإنو ؽلكن أف ننتهي إُف أف دراسة ظاىرة العبء الضرييب كآثاره‬

‫ادلختلفة تتم يف إطار دراسة اآلثار االقتصادية اليت تنفرد هبا الضريبة‪ ،‬كيعٍت ذلك ضركرة‬

‫التعرؼ على من يتحمل بالعبء الضرييب‪ ،‬أم ظاىرة نقل العبء الضرييب‪ ،‬كما يرتبط هبا من‬

‫ظواىر قد زبتلط هبا‪.‬‬

‫كألف الضريبة تقتطع جزءان من دخوؿ ىؤالء األفراد‪ ،‬فإهنم قد يقوموف بالتهرب منها‬

‫كليان أك جزئيان‪ ،‬أك قد يقوموف بإجراء تصرفات معينة تتحدد على أساسها كيفية توزيع اجلزء‬

‫الذم ؼلصص لالستهالؾ بُت السلع ادلختلفة‪ ،‬ككيفية توظيف أمواذلم‪ .‬كيشَت ذلك من‬

‫جديد إُف أف للضريبة آثارىا على األشباف‪ ،‬كإف كانت ىذه اآلثار زبتلف باختالؼ السوؽ‬

‫السائدة‪.‬‬

‫كإذا كانت ظاىرة العبء الضرييب تعترب أثران من آثار فرض الضريبة‪ ،‬فإف التنظيم الفٍت‬

‫للضريبة يؤثر بدكره على ىذا العبء‪ ،‬كمن ىنا يتوقف مدل ثقل الضريبة إُف حد كبَت على‬

‫مدل كفاءة التنظيم الفٍت ذلا‪ ،‬كذلك سواء بالنسبة للنظاـ الضرييب ككل أك بالنسبة لبعض‬

‫الضرائب على كجو اخلصوص‪.‬‬

‫كنشَت بعد ذلك إُف اآلثار االقتصادية للعبء الضرييب يف ادلبحث الثاين‪.‬‬
‫‪54‬‬ ‫الفكر االقتصادي والعبء الضريبي‬

‫المبحث الثاني‬

‫اآلثار االقتصادية للعبء الضريبي‬

‫رأينا أف الضريبة تؤثر على نشاط الفرد عن طريق ما تقتطعو من دخلو‪ ،‬كما يعكسو‬

‫ذلك من تعديالت يف نشاطو كإنتاجو ككيفية توزيع أموالو‪ ،‬كتندرج ىذه اآلثار ربت ما‬

‫يسمى بالعبء الضرييب الفردم‪.‬‬

‫كألف ردكد الفعل اليت تًتتب على اقتطاع جزء من دخل الفرد تؤثر يف كافة أكجو‬

‫النشاط االقتصادم‪ ،‬فإف ىذه اآلثار تشكل يف النهاية ما يعرؼ بالعبء الضرييب للجماعة‪،‬‬

‫أم العبء الضرييب على مستول النشاط االقتصادم القومي‪ ،‬كىو ما يعٍت مدل ثقل‬

‫الضريبة على احلياة االقتصادية‪ .‬كإذا كاف ما يعنينا اآلف ىو النوع األكؿ من العبء الضرييب‬

‫(‪ ،)12‬كسنشَت الحقان إُف عبء الضريبة العامة على ادلبيعات كالضريبة على دخوؿ الشركات‬

‫مع ما تتضمنو ىذه اإلشارة إُف التغيَتات اليت ربدث يف االقتصاد القومي ككل‪.‬‬

‫على أنو ليس من الالزـ أف يتحمل بالعبء الضرييب احلقيقي الشخص الذم كلف‬

‫قانونان بتحملو‪ ،‬أم الشخص الذم يدفع الضريبة من مالو اخلاص بصفة هنائية‪ ،‬كإظلا قد‬

‫يتمكن ىذا الشخص من أف ينقل عبء الضريبة إُف غَته ‪ ..‬كمن ىنا فإف ظاىرة نقل‬

‫(‪ )12‬فالتحليػ ػػل االقتصػ ػػادم للنشػ ػػاط ادلػ ػػاِف الػ ػػذم تقػ ػػوـ بػ ػػو الدكلػ ػػة يتضػ ػػمن مؤشػ ػػر التحليػ ػل االقتصػ ػػادم اجلزئػ ػػي كالكلػ ػػي‬
‫‪ ،Microeconomics& Macroeconomics‬فتخصػػيص ادل ػوارد‪ ،‬كتوزيػػع الػػدخوؿ كمػػا ي ػرتبط هبػػا مػػن‬
‫مشػػاكل بالنسػػبة للنشػػاط ادلػػاِف للدكلػػة يتطلبػػاف اسػػتخداـ التحليػػل اجلزئػػي‪ ،‬أمػػا دراسػػة مشػػاكل االسػػتقرار االقتصػػادم‬
‫كالعمالة الكاملة‪ ،‬كاستقرار مستول األشباف مثالن فإهنا تقتضي استخداـ أسلوب التحليل الكلي‪.‬‬
‫‪54‬‬

‫العبء الضرييب‪ ،‬كاستقرار ىذا العبء يف النهاية على شخص معُت تفرض نفسها يف ىذا‬

‫اخلصوص‪.‬‬

‫كمن ناحية أخرل فإف ظاىرة نقل العبء الضرييب قد ترتبط هبا بعض الظواىر اليت‬

‫قد زبتلط هبا‪ ،‬كىو ما يتعُت اإلشارة إليها يف ىذا اإلطار كذلك‪.‬‬

‫كألف الفكر ادلاِف قد انقسم كىو بصدد تفسَت ظاىرة استقرار العبء الضرييب إُف‬

‫نظرية تقليدية ترتكز على التحليل اجلزئي‪ ،‬كنظرية حديثة تقوـ على التحليل الكلي‪ ،‬فإف‬

‫اإلشارة إليهما سبثل ضركرة يف ىذا اخلصوص يف إطار تفسَت استقرار العبء الضرييب‪.‬‬

‫كعلى ذلك فإننا نستطيع أف نعاًف اآلثار االقتصادية للعبء الضرييب من خالؿ‬

‫اإلشارة إُف ادلطالب اآلتية على التواِف‪:‬‬

‫ادلطلب األكؿ‪ :‬مشكالت نقل العبء الضرييب‪.‬‬

‫ادلطلب الثاين‪ :‬تفسَت استقرار العبء الضرييب‪.‬‬

‫ادلطلب الثالث‪ :‬عبء الضريبة العامة على ادلبيعات كالضريبة على دخوؿ الشركات‪.‬‬

‫نشَت إُف كل منها على التواِف كما يلي‪:‬‬


‫‪65‬‬ ‫الفكر االقتصادي والعبء الضريبي‬

‫المطلب األول‬

‫مشكالت نقل العبء الضريبي‬

‫ؽلثل نقل العبء الضرييب ‪ Tax Shifting‬عملية يتوصل هبا دافع الضريبة أك‬

‫ادلكلف القانوين هبا إُف نقل ما دفعو كلو أك بعضو إُف الغَت‪ ،‬كمعٌت ذلك أنو ليس من‬

‫الضركرم أف يكوف ادلكلف القانوين بدفع الضريبة ىو الذم يتحملها بصفة هنائية كذلك إذا‬

‫سبكن ىذا ادلكلف من نقل كل أك بعض الضريبة إُف آخر‪ .‬فالتاجر ادلستورد لسلعة معينة‬

‫مثالن إذا دفع ضريبة صبركية على ىذه السلعة‪ ،‬فإنو ؽلكن أف يقوـ بنقل عبء ىذه الضريبة‬

‫من خالؿ تضمُت شبن ىذه السلعة بقيمة الضريبة أم عن طريق تعلية عبء الضريبة على شبن‬

‫السلعة‪.‬‬

‫على أنو إذا ربمل ادلكلف القانوين هنائيان بقيمة الضريبة‪ ،‬فإننا نكوف أماـ ظاىرة‬

‫تسمى باالستقرار ادلباشر للضريبة ‪ ،Direct or Effective Incidence‬كال يثَت‬

‫االستقرار ادلباشر للضريبة ىنا أية صعوبة حيث تنتقص الضريبة من الدخل احلقيقي الصايف‬

‫دلن يدفعها‪ ،‬أما الذم يثَت صعوبات يف ىذا الشأف فهو االستقرار غَت ادلباشر للضريبة أك‬

‫العبء الفعلي ذلا ‪.Actual or Effective Incidence‬‬


‫‪61‬‬

‫كيت حقق االستقرار غَت ادلباشر للضريبة إذا سبكن ادلكلف القانوين بالضريبة من نقل‬

‫عبء الضريبة إُف ثاف تربطو بو عالقة اقتصادية‪ ،‬كمع أنو قد يتمكن ىذا الشخص األخَت‬

‫من نقل عبء الضريبة إُف ثالث‪ ،‬كالثالث إُف رابع كىكذا‪ ،‬فإف عملية نقل العبء الضرييب‬

‫تنتهي باالستقرار الفعلي زلققة بعد ذلك ما يسمى بظاىرة انتشار الضريبة‪.‬‬

‫كقد يتخلص ادلموؿ من عبء الضريبة إذا َف يتمكن من نقلو‪ ،‬كذلك عن طريق‬

‫التهرب منها سواء بطريقة مشركعة اك غَت مشركعة‪ ،‬كذلذا فإنو يتعُت بعد أف نشَت إُف صور‬

‫نقل العبء الضرييب كانتشار الضريبة أف نعرض إُف الظواىر اليت قد زبتلط بعملية نقل العبء‬

‫الضرييب كإُف أساليب التخلص من عبء الضريبة إذ ال تعدك صبيعها أف تكوف ظواىر مالية‬

‫تندرج ربت مشكالت نقل العبء الضرييب‪.‬‬

‫‪ -‬صور نقل العبء الضريبي‪:‬‬

‫ؽلكن أف نفرؽ يف ىذا الشأف بُت ثالثة أنواع من نقل العبء الضرييب نشَت إليها‬

‫تباعان فيما يلي‪:‬‬

‫أوالً‪ -‬النقل إلى األمام والنقل إلى الخلف‪:‬‬

‫قد يأخذ نقل العبء الضرييب صورة النقل إُف األماـ ‪ ،Forward Shifting‬كما‬

‫إذا سبكن ادلنتج من نقل العبء الضرييب إُف ادلستهلك‪ ،‬كقد يكوف ىذا النقل إُف اخللف‬

‫‪ ،Backward Shifting‬كما إذا سبكن ىذا ادلنتج من زبفيض نفقات إنتاجو سواء من‬

‫خالؿ زبفيض أجور عمالو مثالن أك من زبفيض أشباف ادلواد األكلية‪ ،‬أك من زبفيض أشباف ادلواد‬
‫‪62‬‬ ‫الفكر االقتصادي والعبء الضريبي‬

‫األكلية أك من زبفيض نفقات اإلدارة كالدعاية‪ ،‬كىنا يقاؿ إف عبء الضريبة قد انتقل إُف‬

‫اخللف‪.‬‬

‫كقد يكوف النقل إُف اخللف داخليان إذا مت يف نطاؽ ادلشركع أك خارجيان إذا مت بُت‬

‫ادلشركع كادلتعاملُت معو يف ىذه احلدكد‪.‬‬


‫(‪)13‬‬
‫كىناؾ صورة أخرل من صور نقل العبء الضرييب‪ ،‬كىي النقل ادلنحرؼ‬

‫‪ ،Sideward or Cross Shifting‬كػلدث ىذا النقل إذا انتقلت الضريبة من سلعة إُف‬

‫أخرل غَت اليت فرضت عليها الضريبة‪.‬‬

‫ثانياً‪ -‬النقل المقصود والنقل غير المقصود‪:‬‬

‫قد يكلف ادلشرع الضرييب بعض األشخاص بدفع ضرائب معينة العتقاده بأهنم‬

‫سيتمكنوف من نقل عبئها‪ ،‬إذا صلح ىؤالء األشخاص يف ذلك‪ ،‬فإف النقل يكوف مقصودان‪.‬‬

‫كعلى العكس إذا كلف ادلشرع أشخاصان بالضريبة معتقدان عدـ إمكاف نقلها‪ ،‬فإف نقل عبء‬

‫الضريبة ىنا يكوف غَت مقصود (‪.)14‬‬

‫(‪ )13‬كبالفرنسية‪Translation Oblique :‬‬


‫(‪ )14‬الواقع أف ادلسألة ال تتوقف فقط على قصد ادلشرع‪ ،‬كإظلا تتدخل عوامل اقتصػادية كتنظيميػة يتعػُت أف تؤخػذ صبيعهػا يف‬
‫االعتبار‪.‬‬
‫‪63‬‬

‫ثالثاً‪ -‬النقل الكلي والنقل الجزئي‪:‬‬

‫يكوف النقل كليان إذا سبكن ادلكلف القانوين بالضريبة من نقلها بالكامل إُف شخص‬

‫آخر‪ ،‬أما إذا َف يتمكن ىذا إال من نقل جزء من الضريبة‪ ،‬فإننا نكوف أماـ نقل جزئي لعبء‬

‫الضريبة‪.‬‬

‫كمع ىذه األنواع الثالثة من صور نقل العبء الضرييب‪ ،‬فإنو ؽلكن أف ظليز بُت‪:‬‬

‫‪ .1‬ضرائب ال ؽلكن نقل عبئها‪ :‬كىي الضرائب على الًتكات‪ ،‬كالضرائب على‬

‫األشخاص (الرؤكس)‪ ،‬كضرائب على الدخل بالنسبة للمكلفُت الذين ال‬

‫يرتبطوف بأم نشاط زراعي أك صناعي أك ذبارم‪ ،‬كمن ذلك الضرائب على‬

‫ادلهايا كادلرتبات كاألجور كما يف حكمها‪.‬‬

‫‪ .2‬ضرائب ؽلكن نقل عبئها جزئيان‪ :‬كىي الضرائب اليت تفرض على األشخاص‬

‫الطبيعيُت كادلعنويُت الذين يدخلوف يف معامالت ذبارية مع آخرين دبناسبة‬

‫قيامهم بإنتاج السلع كاخلدمات‪.‬‬

‫‪ .3‬ضرائب ؽلكن نقل عبئها بالكامل‪ :‬كىي الضرائب اليت تفرض على التداكؿ‬

‫كاإلنفاؽ كالتصرفات‪.‬‬

‫كمع ذلك فإف نقل العبء الضرييب‪ -‬كما سنرل بعد ذلك‪ -‬أمر ربكمو عوامل‬

‫اقتصادية كتنظيمية‪ ،‬كيتوقف حجم ما ينقل من ىذا العبء على مدل ربقق ىذه العوامل‬

‫رلتمعة‪.‬‬
64 ‫الفكر االقتصادي والعبء الضريبي‬

:)15( ‫ىذا كؽلكن تصوير عملية نقل العبء الضرييب كما يتضح من الشكل التاِف‬

:‫) انظر‬15(
Recktenwald Horst Claus, Tax Incidence and Income Redistribution Wayne
State University Press, Detroit 1971, p. 34.
‫‪65‬‬

‫كيتضح من الشكل رقم (‪ ) 1‬أف عملية نقل العبء الضرييب تبدأ بعد صدكر قانوف‬

‫فرض الضريبة األمر الذم ػلدث ردكد فعل سلتلفة لدل دافعي ىذه الضريبة‪ ،‬كىو ما ػلدث‬

‫عنو إحداث مسالك سلتلفة للعبء الضرييب الفعلي أك ما يسمى باالستقرار غَت ادلباشر‬

‫للضريبة‪.‬‬

‫كيشَت ذلك من ناحية أخرل إُف أف االستقرار ادلباشر للضريبة أقل تعقيدان من‬

‫االستقرار غَت ادلباشر ذلا نتيجة دلا ربدثو الضريبة من تغيَتات يف األشباف كالدخوؿ زبتلف‬

‫باختالؼ ردكد الفعل ادلتباينة للمكلفُت‪.‬‬

‫‪ -‬انتشار الضريبة ‪:Tax Diffusion‬‬

‫إذا ما ربمل الشخص العبء النهائي للضريبة‪ ،‬فإف دخلو ينقص دبقدار ىذه الضريبة‬

‫األمر الذم يؤدم بو‪ -‬على فرض بقاء العوامل األخرل على حاذلا‪ -‬إُف احلد من إنفاقو على‬

‫االستهالؾ‪ ،‬كىذا يع ٍت نقص دخوؿ من يزكدكنو بالسلع االستهالكية‪ ،‬كىم بدكرىم ينقصوف‬

‫م ن إنفاقهم على االستهالؾ‪ ...‬كىكذا حىت تنتشر الضريبة زلدثة اضطرابات اقتصادية‬

‫متعاقبة‪ ،‬كإف كانت تنتهي حبالة توازف تنشأ من فرض الضريبة زبتلف عن حالة التوازف‬

‫السابقة على فرضها‪.‬‬


‫‪66‬‬ ‫الفكر االقتصادي والعبء الضريبي‬

‫ويمكن تصوير الفرق بين عملية نقل عبء الضريبة إذاً وظاىرة انتشار الضريبة‬

‫كما يلي (‪:)16‬‬

‫‪ .1‬بينما يفرض انتشار الضريبة على الفرد الذم تستقر عنده حدان على االستهالؾ‬

‫سبتد إُف أصحاب ادلشركعات اليت تنتج السلع االستهالكية‪ ،‬فإف نقل العبء‬

‫الضرييب غلعل من غَت الضركرم أف ينقص ادلكلف القانوين من استهالكو اخلاص‬

‫إذا صلح يف نقل العبء الضرييب كليان أك جزئيان إُف آخر‪.‬‬

‫‪ .2‬بينما يكوف نقل العبء الضرييب شلكنان بالنسبة لبعض الضرائب فقط كيف ظل‬

‫شركط معينة‪ ،‬فإف ظاىرة انتشار الضريبة تتعلق بكل أنواع الضرائب‪ ،‬إذ يًتتب‬

‫على كل ضريبة بعض االنكماش يف االستهالؾ اخلاص‪ ،‬كلكن ليس من‬

‫الضركرم أف يكوف ىذا االنكماش عامان حبيث يشمل كيصيب كل السلع‬

‫االستهالكية بنفس الدرجة‪ ،‬كسنرل أثر مركنة الطلب كالعرض يف ذلك‪.‬‬

‫كمع ذلك فإف ظاىرة انتشار الضريبة‪ -‬شأف ظاىرة نقل العبء الضرييب‪ -‬ال تستمر‬

‫إُف ما ال هناية‪ ،‬إذ تتدخل عوامل اقتصادية كتنظيمية زبفف من أثرىا‪ ،‬كتقضي على فعاليتها‪:‬‬

‫‪ -‬الظواىر المالية األخرى التي قد تختلط بظاىرة نقل العبء الضريبي‪:‬‬

‫ؼلتلف مفهوـ نقل العبء الضرييب عن غَته من الظواىر ادلالية األخرل مثل‪ :‬حجز‬

‫الضريبة من ادلنبع‪ ،‬استهالؾ الضريبة‪ ،‬كأخَتان ذبميد الضريبة‪.‬‬

‫(‪ )16‬أنظر‪ :‬د‪ .‬زلمد دكيدار‪ ،‬دراسات يف االقتصاد ادلاِف‪ ،‬ادلكتب ادلصرم احلديث‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬ص‪.229 -228‬‬
‫‪64‬‬

‫أوالً‪ :‬حجز الضريبة من المنبع ‪:Stoppage a la Source‬‬

‫إذا قاـ صاحب العمل خبصم الضريبة اليت تستحق على مرتب العامل لديو ليقوـ‬

‫بتوريدىا إُف اخلزانة العامة‪ ،‬فإف ذلك ال يعٍت أنو قاـ بنقل عبء الضريبة‪ ،‬ألنو ليس ىو‬

‫ادلتحمل هبا أصالن ليقوـ بنقلها‪ ،‬كإظلا العامل ىو الذم يتحمل هبا قانونان كمن مث يقع عبء‬

‫الضريبة عليو‪ ،‬كيكوف دكر صاحب العمل إذان ىو خصم الضريبة من ادلنبع‪ ،‬كليس خصمها‬

‫من ادلنبع إذان إال كسيلة جلبايتها‪ ،‬كيف ىذا ؼلتلف خصم الضريبة من ادلنبع عن نقل عبئها‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬استهالك الضريبة ‪Amortization of Taxes, Amortissement de‬‬

‫‪:l'impot:‬‬

‫كيقصد باستهالؾ الضريبة أف يقوـ ادلشًتم دباؿ معُت‪ ،‬لو صفة الدكاـ‪ ،‬كمفركضة‬

‫عل يو ضريبة سنوية‪ ،‬باقتطاع قيمة الضريبة من شبن ىذا ادلاؿ‪ ،‬أك باقتطاع جزء منها للمدة اليت‬

‫يقدر أف يستمر ىذا ادلاؿ يولد دخالن معينان (‪.)17‬‬

‫كقد درست ىذه الظاىرة أكؿ األمر كأثر من آثار الضريبة بالنسبة للضريبة العقارية‪،‬‬

‫مث امتد نطاقها بعد ذلك إُف الضرائب األخرل إذا فرضت على دخل أمواؿ ال تنتقل بسرعة‬

‫من فرع إنتاجي إُف آخر‪.‬‬

‫(‪ )14‬ؼلل ػ ػ ػػط بع ػ ػ ػػض الكت ػ ػ ػػاب ب ػ ػ ػػُت ظ ػ ػ ػػاىرة اس ػ ػ ػػتهالؾ الضػ ػ ػ ػريبة عل ػ ػ ػػى النحػ ػ ػػو ادلوضػ ػ ػػح عاليػ ػ ػػو كظػ ػ ػػاىرة ذبميػ ػ ػػد الضػ ػ ػريبة‬
‫‪ Capitalization of Taxes‬على ضلو ما سنشَت إليو‪ .‬أنظر‪:‬‬
‫‪Seligman E.R.A., Introduction to the Shifting and Incidence of Taxation,‬‬
‫‪Readings in the Economics of Taxation, The American Economic‬‬
‫‪Association, Irwin Illinois 1959, p. 204.‬‬
‫‪64‬‬ ‫الفكر االقتصادي والعبء الضريبي‬

‫فلو افًتضنا أف عقاران قيمتو عشرة آالؼ جنية كيغل إيرادان قبل فرض الضريبة قدره‬

‫‪ 500‬جنيهان سنويان‪ ،‬فإذا فرضت ضريبة سعرىا ‪ %20‬على اإليراد السنوم ذلذا العقار‪ ،‬فإف‬

‫اإليراد الصايف للعقار ينخفض من ‪ 500‬جنيو إُف ‪ 400‬جنيو ألف ادلالك يدفع ‪ 100‬جنية‬

‫ضريبة‪.‬‬

‫كإذا كاف سعر الفائدة السارم ىو ‪ %5‬فإف قيمة العقار اليت تغل إيرادان قدره ‪400‬‬

‫جنيو سنويان يف ظل سعر الفائدة ىذا تنخفض إُف شباظلائة جنيو بدالن من عشرة آالؼ جنيو‪.‬‬

‫كتكوف النتيجة أف مالك ىذا العقار يتحمل كقت فرض الضريبة عبئها يف صورة نقصاف إيراد‬

‫العقار دبقدار الضريبة‪ ،‬كنقصاف قيمة العقار دبقدار الضريبة رلمدة طيلة حياة العقار‪.‬‬

‫أما بالنسبة دلن يشًتم العقار‪ ،‬فإنو ال يتحمل الضريبة ألنو يدفع شبنان للعقار قدره‬

‫‪ 8.000‬جنيو‪ ،‬كػلصل منو على إيراد قدره ‪ 500‬جنيو‪ ،‬كيدفع منو ضريبة قدرىا ‪100‬‬

‫جنيو‪ ،‬كيبقى لو إيرادان صافيان قدره ‪ 400‬جنيو‪ ،‬كىو ما يساكم الػ ‪ %5‬من ادلبلغ الذم دفعو‬

‫شبنان للعقار‪ ،‬فهو إذان يدفع الضريبة دكف أف يتحمل عبئها‪ ،‬كذلذا يقاؿ أف ظاىرة استهالؾ‬

‫الضريبة ؽلثل أحد صور نقل عبء الضريبة كعلى كجو التحديد النقل إُف اخللف (‪.)18‬‬

‫كلعل ىذا القوؿ ىو ما يدعونا إُف إبراز أكجو الفرؽ بُت ظاىريت استهالؾ الضريبة‬

‫كنقل عبء الضريبة‪ ،‬ذلك أف نقل عبء الضريبة يتم بعد دفعها‪ ،‬أما استهالؾ الضريبة‬

‫فيمثل كما رأينا ظاىرة تًتتب على رلرد فرض الضريبة‪.‬‬

‫(‪ )14‬أنظر‪:‬‬
‫‪DUVERGER, M. Finance Publique, Themis 1971, pp. 409- 413.‬‬
‫‪64‬‬

‫كمن ناحية أخرل فإف ظاىرة استهالؾ الضريبة تتطلب شركطان ال تنطبق بالنسبة‬

‫لظاىرة نقل عبء الضريبة‪ ،‬كمن ىذه الشركط ما يلي‪:‬‬

‫‪ .1‬أف يكوف للمادة اخلاضعة للضريبة قيمة رأمسالية‪ ،‬كقيمة إيرادية سنوية كاألسهم‬

‫كالسندات كغَتىا‪ ،‬كمن مث ال تتحقق ظاىرة استهالؾ الضريبة بالنسبة لألجور‬

‫كادلعاشات ألنو ليست ذلا قيمة رأمسالية‪.‬‬

‫‪ .2‬أف يكوف ادلاؿ ادلشًتل قابالن للبقاء النسيب مثل العقارات‪ ،‬كالقيم ادلنقولة‪ ،‬ككسائل‬

‫اإلنتاج‪ ،‬ألف استهالؾ الضريبة يتم بالنسبة للفًتات ادلستقبلة حيث غلرم خصمها‬

‫خالؿ كل ادلدة اليت يستثمرىا رأس ادلاؿ مقدمان كقبل دفع الضريبة‪.‬‬

‫‪ .3‬أال تكوف الضريبة ادلفركضة عامةن تنطبق على سلتلف أنواع الدخوؿ‪ ،‬كإال أدل ذلك‬

‫إُف زبفيض الدخوؿ صبيعها‪ ،‬كىو ما يرفض معو البائع زبفيض شبن البيع دبقدار‬

‫الضريبة أم استهالؾ الضريبة‪.‬‬

‫كعلى ىذا األساس‪ ،‬فإنو ال يشًتط مثالن بالنسبة لظاىرة نقل عبء الضريبة أف تكوف‬

‫الضريبة سنوية كمتجددة‪ ،‬ألف نقل عبء الضريبة يتم أيان كانت مدة فرض الضريبة‪ .‬كما ال‬

‫يشًتط يف ظاىرة نقل العبء الضرييب أال تكوف الضريبة عامة كذلك على التفصيل السالفة‬

‫اإلشارة إليو (‪.)19‬‬

‫(‪ )14‬قارف يف ذلك‪Selgiman, Op. Cit., p. 205. :‬‬


‫‪45‬‬ ‫الفكر االقتصادي والعبء الضريبي‬

‫‪Tax Capitalization, Capitalization de‬‬ ‫ثالثاً‪ -‬تجميد الضريبة‪:‬‬

‫‪:l'impot‬‬

‫يعترب ذبميد الضريبة أثران من آثار إبقاء ضريبة معينة أك زبفيض سعرىا عن ماؿ معُت‬

‫كالسندات احلكومية مثالن‪ ،‬كيأخذ ىذا األثر صورة رفع قيمة العقار بنسبة تساكم نسبة‬

‫الضريبة ادللغاة أك ادلنخفضة‪ ،‬فمثالن إذا رأل ادلشرع زبفيض سعر الضريبة السالف اإلشارة‬

‫إليها يف حالة استهالؾ الضريبة إُف ‪ %10‬بدالن من ‪ ،%20‬فإف قيمة العقار ترتفع من‬

‫‪ 8000‬إُف ‪ 9000‬جنيو‪ ،‬دبعٌت أف قيمة العقار تزيد دبقدار القيمة اجملمدة للتخفيض يف‬

‫الضريبة‪ ،‬كىي حالة عكسية لظاىرة استهالؾ الضريبة‪.‬‬

‫كإذا كانت ىذه الصورة تشَت إُف أف ىذا العقار قد استفاد من معاملتو ضريبيان‬

‫بتخفيض سعر الضريبة عليو‪ ،‬فإهنا ال تشتمل على نقل ضرييب بادلعٌت السالفة اإلشارة إليو‪.‬‬

‫على أنو غلدر أف نشَت يف ىذا اجملاؿ إُف ظاىرة أخرل مؤداىا أف ادلنتج‪ -‬كىو ؼلشى‬

‫أف ينقص الطلب على السلعة اليت ينتجها‪ -‬ال يقوـ برفع شبن السلعة دبقدار الضريبة‪ ،‬بل‬

‫يسعى لتحسُت إنتاجو فتنخفض نفقة اإلنتاج دبا يغطي قيمة الضريبة أك دبا يزيد من رحبو‬

‫نتيجة لتحسُت أداء العملية اإلنتاجية‪ ،‬كىو ما ؽلكن تسميتو بتعويض الضريبة‪.‬‬

‫كإذا كاف بعض الكتاب يركف أف ىذه الظاىرة تسمى بظاىرة "طرح" الضريبة‪ ،‬فإف‬

‫"سيلجماف" يرل أف ظاىريت نقل كاستهالؾ الضريبة علا ايضان دبثابة "طرح" للضريبة‪ ،‬كذلذا‬

‫فإنو يقًتح تسمية ىذه الظاىرة بظاىرة "انتقاؿ" حالة الضريبة ‪Transformation of‬‬
‫‪41‬‬

‫‪ Taxes‬كذلك من حالة خسارة يتحمل هبا ادلموؿ من خالؿ دفعها إُف حالة ربح يتمثل‬

‫يف ربسُت أداء اإلنتاج كتغطية الضريبة كدبا قد يزيد عن قيمتها‪ .‬كىنا بينما يتحمل ادلكلف‬

‫األصلي بالضريبة‪ ،‬فإف ادلكلف األصلي ال يتحمل بالضريبة يف حالة نقل عبئها إُف آخر‬

‫‪ ،Tax Shifting‬كعليو تكوف ظاىرة االنتقاؿ ‪ Transformation‬إذان أثران من آثار عبء‬

‫الضريبة (‪.)20‬‬

‫‪ -‬التهرب من الضريبة ‪:Tax Evasion, L'Evasion de L'impot‬‬

‫تشكل الضريبة عبئان على ادلموؿ‪ ،‬كذلذا فإنو ػلاكؿ أف يتخلص منها إذا َف ينجح يف‬

‫نقل عبئها‪ ،‬كمعٌت ذلك أف ادلموؿ‪ ،‬كادلكلف قانونان بأداء الضريبة ػلاكؿ عدـ دفع الضريبة‬

‫بأم كسيلة‪.‬‬

‫كيكوف التخص من أداء الضريبة على نوعُت‪ :‬التجنب الضرييب‪ ،‬التهرب الضرييب‪.‬‬

‫‪ .1‬التجنب الضريبي ‪:Tax Avoidance‬‬

‫كيف ىذا النوع من التخلص من الضريبة يعمد ادلكلفوف إُف استغالؿ ثغرات القانوف‬

‫حيث ينفذكف منها للتخلص من أداء الضريبة‪ ،‬كمن ذلك أف يقوـ ادلكلف بتوزيع أموالو على‬

‫كرثتو حياؿ حياتو عن طريق اذلبة ذبنبان لضريبة الًتكات إذا كاف ذلك جائزان كفقان ألحكاـ ىذه‬

‫الضريبة قبل إلغائها‪ .‬فهنا َف ؼلالف ادلكلف القانوف كإظلا استغل ثغرة بو‪ ،‬ككما إذا قاـ‬

‫(‪ )25‬انظر يف تفصيل ذلك‪Selgiman, Op. Cit., p. 206. :‬‬


‫‪42‬‬ ‫الفكر االقتصادي والعبء الضريبي‬

‫ادلكلف اخلاضع للضريبة العامة على اإليراد يف حينها بشراء عقارات أك أكراؽ مالية باسم‬

‫أبنائو ابتداء‪ ،‬فإنو يف ىذه احلالة يتخلص من تطبيق الضريبة على كل أموالو‪.‬‬

‫كقد يتحقق التجنب الضرييب من خالؿ امتناع ادلكلف عن ربقيق الواقعة ادلنشئة‬

‫للضريبة‪ ،‬كما إذا امتنع عن استهالؾ السلعة اخلاضعة للضريبة‪ ،‬أك امتنع عن استَتاد السلعة‬

‫أك تصديرىا إذا كانت مفركضة عليها ضريبة صبركية‪.‬‬

‫‪ .2‬التهرب الضريبي‪:‬‬

‫أما التهرب الضرييب فهو يتضمن إقناع ادلموؿ الذم توافرت معو شركط انطباؽ‬

‫الضريبة عن الوفاء هبا مستعينان يف ذلك بوسائل الغش أك التحايل‪ .‬كذلذا فإف التهرب‬

‫الضرييب‪ -‬يف ىذا اخلصوص‪ -‬يرتبط بالغش الضرييب كيطلق عليو لفظ ‪Illegitimate‬‬

‫‪.Evasion‬‬

‫عدـ اخللط بُت كل من التهرب الضرييب كالغش‬ ‫(‪)21‬‬


‫كذلذا يرل بعض الكتاب‬

‫الضرييب ‪ La Fraude Fiscale‬على أساس أف األخَت ؽلثل حالة خاصة من حاالت‬

‫التهرب ىي التهرب عن طريق انتهاؾ القانوف‪.‬‬

‫كمع ذلك فإننا نرل أف الواقع العملي يقرر أف التهرب الضرييب يتم غالبان من خالؿ‬

‫إتباع كسائل غش كاحتياؿ سلتلفة (‪ ،)22‬كذلذا يصبح التهرب الضرييب غشان‪ ،‬كيتم على أساس‬

‫من سلالفة القانوف‪.‬‬

‫(‪ )21‬أنظر‪ :‬د‪ .‬زلمد دكيدار‪ ،‬ادلرجع السابق‪ ،‬ص‪.229‬‬


‫‪43‬‬

‫كقد يقع التهرب دبناسبة ربديد كعاء الضريبة أك ربطها حينما ؼلفي ادلكلف بعض‬

‫ىذا الوعاء‪ ،‬كقد يقع عند ربصيل الضريبة حينما ؼلفي ادلموؿ أموالو ليفوت على اإلدارة‬

‫الضريبية استيفاء حقها من ىذه األمواؿ‪.‬‬

‫كألف التهرب الضرييب ؼلل دببدأ العدالة يف توزيع األعباء العامة‪ ،‬فضالن عن ضياع‬

‫حصيلة الضريبة على اخلزانة العامة‪ ،‬فإف الدكلة تعمل على مكافحتو داخليان أك خارجيان‪.‬‬

‫كيف ىذا اخلصوص تلجأ الدكلة داخليان إُف تقرير جزاءات قانونية على من ؽلتنعوف‬

‫عن تقدمي إقراراهتم الضريبية أك يقدموهنا غَت صحيحة‪ ،‬كما تلجأ إُف التوسع يف حجز‬

‫الضريبة من ادلنبع‪ ،‬كيف مزاكلة حقها يف اإلطالع على نشاطات ادلمولُت أك ادلكلفُت سواء من‬

‫خالؿ مستنداهتم أـ اجلهات اليت يتعاملوف معها‪.‬‬

‫كتقرر بعض القوانُت الضريبية مكافآت معينة إذا صحت بالغاهتم عن نشاطات‬

‫سلفاه لبعض ادلكلفُت‪.‬‬

‫أما على ادلستول اخلارجي‪ ،‬فيتم عقد بعض ادلعاىدات اليت تكفل مكافحة التهرب‬

‫عن طريق تبادؿ ادلعلومات ادلختلفة يف ىذا اجملاؿ‪.‬‬

‫(‪ )22‬أنظر يف بعض ىذه الوسائل‪ :‬زلمد السعيد كىبة‪ ،‬صور التهرب الضرييب‪ ،‬الكتاب األكؿ يف نطاؽ الضريبة على األرباح‬
‫كالتجارية كالصناعية ‪.1963‬‬
‫‪44‬‬ ‫الفكر االقتصادي والعبء الضريبي‬

‫‪ -‬كيفية قياس العبء الضريبي (‪:)23‬‬

‫ؽلكن قياس العبء الضرييب عن طريق التعرؼ على التغيَتات ادلختلفة اليت يولدىا‬

‫فرض ضريبة معينة بالنسبة لدخل فرد أك رلموعة أفراد معينُت‪ .‬ففرض ضريبة معينة على‬

‫شخص أك مشركع معُت يؤثر على دخلو من ناحية ككيفية استخداـ ىذا الدخل من ناحية‬

‫أخرل‪ ،‬كالتغَتات اليت ربدث يف دخل كل منهما تسمح بقياس العبء الضرييب على ادلستول‬

‫الفورم أك اجلزئي ‪.Micro- incidence‬‬

‫أما بالنسبة لقياس العبء الضرييب على ادلستول الكلي أك اجلمعي ‪Macro-‬‬

‫‪ ،incidence‬فإف التغيَتات يف توزيع الدخل قبل كبعد فرض الضريبة تلعب دكران رئيسيان يف‬

‫ذلك سواء كانت ىذه التغيَتات شخصية أك قطاعية أك إقليمية أك نفسية ‪ ..‬إٍف‪.‬‬

‫على أنو لقياس العبء الضرييب على ادلستول الفردم أك اجلزئي‪ ،‬فإف األداة الرئيسية‬

‫اليت ؽلكن االستعانة هبا يف ىذا اخلصوص ىي "منحٌت لورنز ‪ "Lorenz Curve‬الذم‬

‫استخدـ من قبل يف نظرية توزيع الدخل‪.‬‬

‫كيف الشكل رقم (‪ ) 2‬ؽلثل احملور األفقي ـ أ النسبة ادلئوية لكاسيب الدخوؿ ضمن‬

‫رلموعة معينة‪ ،‬كما ؽلثل ادلستقيم ـ ب التوزيع األمثل للدخل‪.‬‬

‫(‪ )23‬أنظر‪ :‬د‪ .‬حامد عبد اجمليد دراز‪ ،‬دراسات يف السياسات ادلالية الدار اجلامعية للطباعػة كالنشػر‪ ،1988 ،‬ص‪ 396‬كمػا‬
‫بعدىا؛ كأنظر أيضان‪:‬‬
‫‪- Recktenwald Horst Claus, Tax Incidence and Income Distribution,‬‬
‫‪Op. cit., pp. 40-41.‬‬
‫‪45‬‬

‫فعند النقطة ف مثالن صلد أف ‪ %40‬من كاسيب الدخوؿ يتلقوف أيضان ‪ %40‬من‬

‫إصباِف دخل اجملموعة‪.‬‬

‫‪ %111‬عدد كاسبي الدخول‬

‫(شكل رقم ‪)2‬‬

‫كبافًتاض أف ادلنحٌت ـ ؿ ب ؽلثل ظلط توزيع دخل ىذه اجملموعة عن طريق قول‬

‫العرض كالطلب ككما يولده السوؽ‪ ،‬فإنو بعد فرض الضريبة ينتقل ىذا ادلنحٌت إُف الوضع ـ‬

‫ك ب معربان بذلك عن التوزيع اجلديد لدخل ىذه اجملموعة بعد تغيَت السياسة الضريبية‪.‬‬

‫كؽلكن قياس العبء الضرييب على ىذا األساس عن طريق مقارنة ادلساحات ادلختلفة‬

‫بُت اخلطوط اليت سبثل التغيَتات يف توزيع دخل ىذه اجملموعة‪.‬‬


‫‪46‬‬ ‫الفكر االقتصادي والعبء الضريبي‬

‫فإذا كاف معدؿ التغَت بُت ادلساحة ـ ك ب أ‪ -‬كىي اليت سبثل التوزيع اجلديد للدخل‬

‫بعد فرض الضريبة‪ -‬كادلساحة ـ ؿ ب أ‪ ،‬أكرب من الواحد الصحيح‪ ،‬فإف العبء الضرييب‬

‫يكوف عمومان متصاعدان ‪ ،Progressive‬كبالتاِف يصبح توزيع الدخل نتيجة لفرض الضريبة‬

‫أكثر عدالة شلا سبثلو قول السوؽ‪.‬‬

‫أما إذا كاف معدؿ التغَت بُت ذات ادلساحتُت أقل من الواحد الصحيح‪ ،‬فإف العبء‬

‫الضرييب يكوف تنازليان ‪ ،Reressive‬كيكوف التوزيع اجلديد لدخل اجملموعة نتيجة لفرض‬

‫الضريبة أقل عدالة من التوزيع السابق على تغيَت السياسة الضريبية‪.‬‬

‫كباالستعانة دبنحٌت لورنز السالفة اإلشارة إليو‪ ،‬فإنو ؽلكن كذلك اختبار مدل صلاح‬

‫أك فشل القياس الضرييب أك االقتصادم من خالؿ التوصل إُف ذلك رقميان‪ .‬فإذا كانت‬

‫ادلساحة ـ ؿ ب أ تشَت إُف اذباه السياسة الضريبية يف إعادة توزيع دخل ىذه اجملموعة من‬

‫خالؿ فرض ضريبة معينة‪ ،‬كادلساحة ـ ك ب أ تشَت إُف العبء الضرييب الفعلي (االستقرار‬

‫غَت ادلباشر للضريبة)‪ ،‬فإف االختالؼ بُت ادلساحتُت يوضح إُف أم حد صلحت أك فشلت‬

‫ىذه السياسة الضريبية‪.‬‬

‫كبالرغم شلا يؤخذ على منحٌت لورنز (‪ ،)24‬فإنو ؽلكم أف يتخذ كأداة لقياس عبء‬

‫ضرييب أك سياسة اقتصادية معينة‪ ،‬كإف كاف ذلك يعتمد يف النهاية على إمكانية التعرؼ على‬

‫(‪ )24‬أنظر‪:‬‬
‫‪A. Mitchell Polinsky, Anote on the Measurement of Incidence, Public‬‬
‫‪Finance Quarterly Vol. 1, No. 2, April 1973, pp. 219- 227.‬‬
‫‪44‬‬

‫أبعاد التغَتات اليت تتحدد على أساسها ادلساحات اليت ؽلكن مقارنتها توصالن إُف اختبار‬

‫سياسة ضريبية أك اقتصادية معينة‪.‬‬

‫كيعٍت ذلك أف زلاكلة قياس العبء الضرييب يف الدكلة ادلتخلفة تكتنفها صعوبات‬

‫كبَتة أبرزىا افتقاد اإلحصاءات الدقيقة‪ ،‬كزبلف أسلوب التحليل االقتصادم‪.‬‬

‫كمع ذلك‪ ،‬فإنو ؽلكن إجراء بعض القياسات القريبة من الصحة جملموعة من‬

‫الضرائب ادلفركضة على السلع‪ ،‬كمناقشة عبء بعض الضرائب إزاء مستول معُت من الدخل‬

‫أك فئة معينة من أفراد اجملتمع أك طبقاتو (‪.)25‬‬

‫كنشَت بعد ذلك إُف تفسَت استقرار العبء الضرييب يف ادلطلب الثاين‪.‬‬

‫(‪ )25‬سػػبق أف قمنػػا دبحاكلػػة قيػػاس العػػبء الض ػرييب الفعلػػي يف ارتباطػػو بفكػػرة الفػػائض االقتصػػادم‪ ،‬كعلػػى أسػػاس أف ترتكػػز‬
‫الطاقػػة الض ػريبية علػػى مفهػػوـ زلػػدد ذلػػذا الفػػائض كطريقػػة لتقػػديره يف قطػػاعي الزراعػػة كالصػػناعة‪ .‬أنظػػر يف تفصػػيل ذلػػك‬
‫للكاتب‪ :‬الفائض االقتصادم الفعلي كدكر الضريبة يف تعبئتو باالقتصاد ادلصرم‪ ،‬ادلكتب ادلصرم احلديث‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬
‫‪.1974‬‬
‫‪44‬‬ ‫الفكر االقتصادي والعبء الضريبي‬

‫المطلب الثاني‬

‫تفسير استقرار العبء الضريبي‬

‫رأينا أف آدـ مسيث كمن بعده دافيد ريكاردك قد استخدما أسلوب التحليل الكلي‬

‫‪ Macro- economies‬يف تطوير كتفسَت ظاىرة العبء الضرييب‪ ،‬كمع تطور النظرية‬

‫االقتصادية تطورت بالتاِف النظرة إُف ىذه الظاىرة كأصبح أسلوب التحليل اجلزئي ‪Micro-‬‬

‫‪ economics‬ىو األسلوب السائد يف تفسَت نظرية العبء الضرييب‪.‬‬

‫كمع ذلك فقد عاد بعض الكتاب كعلى رأسهم فيكسل ‪ Wicksell‬إُف استخداـ‬

‫أسلوب التحليل الكلي يف ىذا الشأف‪.‬‬

‫كالواقع أف أسلوب التحليل اجلزئي ػلد نفسو يف إطار كحدة كاحدة من االقتصاد‬

‫القومي‪ ،‬كادلستهلك الفرد أك األسرة أك ادلشركع أك سوؽ سلعة كاحدة مفركضة عليها ضريبة‬

‫معينة‪ .‬كمع ىذا األسلوب فإنو ؽلكن حبث نقل عبء الضريبة من مكلف إُف آخر‪ ،‬كبياف‬

‫ادلتحمل الفعلي هبا‪ ،‬كآثار عملية نقل العبء الضرييب على طلب كعرض السلع كاخلدمات‪.‬‬

‫أما أسلوب التحليل الكلي فإنو يأخذ يف االعتبار االقتصاد القومي يف رلموعو‪،‬‬

‫حيث ينشغل بالتغيَتات اليت ربدث يف توزيع الدخل القومي نتيجة لفرض ضريبة معينة األمر‬

‫الذم ؼلتلف عن ردكد الفعل اليت ربدث نتيجة لفرض ىذه الضريبة على مكلف معُت أك‬

‫مكلف آخر‪.‬‬
‫‪44‬‬

‫‪ -‬طبيعة أسلوب التحليل الجزئي‪:‬‬

‫ال يعدك أف يكوف فرض الضريبة كفقان ذلذا األسلوب رفعان لثمن السلعة‪ ،‬كمن مث تعترب‬

‫نظرية العبء الضرييب امتدادان لنظرية القيمة كالوريث الفًتاضاهتا كبالتاِف لنقائصها‪ ،‬كمن ىنا‬

‫فإف ربليل العبء الضرييب يرتكز على نظرية اإلنتاجية احلدية يف التوزيع ‪The Marginal‬‬

‫‪ ،Productivity Theory of Distribution‬كىي اليت تفًتض أف ادلشركعات زبتار‬

‫نسب عناصر اإلنتاج اليت تكوف معها نفقة اإلنتاج أقل ما ؽلكن‪ ،‬كربدد األشباف اليت يتحقق‬

‫معها أقصى ربح شلكن‪.‬‬

‫ولتحليل العبء الضريبي على ىذا األساس‪ ،‬فإن ثمة افتراضات تطرح في ىذا‬

‫الخصوص (‪:)26‬‬

‫‪ .1‬قياـ سوؽ ادلنافسة الكاملة بُت عناصر اإلنتاج كبُت السلع كاخلدمات ادلختلفة‪.‬‬

‫‪ .2‬عدـ كجود ذبارة خارجية‪.‬‬

‫‪ .3‬حرية انتقاؿ عناصر اإلنتاج بُت الصناعات ادلختلفة‪.‬‬

‫‪ .4‬عدـ مركنة عرض عناصر اإلنتاج بالنسبة لالقتصاد القومي يف رلموعو‪.‬‬

‫(‪ )26‬أنظر‪:‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪Peter Mieszkowski, Tax Incidence Theory: The Effects of Taxes on‬‬
‫‪the Distribution of Income, Journal of Economic Literature,‬‬
‫‪December 1969 Vo. VII No. 4, p. 1103.‬‬
‫‪45‬‬ ‫الفكر االقتصادي والعبء الضريبي‬

‫كنظران ألف سوؽ ادلنافسة الكاملة تأخذ أشكاالن أخرل زبتلف يف خصائصها عنها‪،‬‬

‫فإف ىذه السوؽ إذان تكوف سوقان غَت كاقعية‪ ،‬كيكوف افًتاض قيامها إغلابيان فقط من ناحية‬

‫التحليل االقتصادم كوقائع اقتصادية‪.‬‬

‫‪ -‬اآلثار التوزيعية للضريبة‪:‬‬

‫ؽلكن أف ينصرؼ مفهوـ اآلثار التوزيعية للضريبة إُف معنيُت‪:‬‬

‫األول‪ :‬كيتمثل يف التغيَتات اليت ربدثها الضريبة يف توزيع الدخوؿ يف القطاع الذم فرضت‬

‫فيو سواء باقتطاع جزء من دخل ادلكلف أك بنقل عبء الضريبة من مكلف إُف آخر أك‬

‫بالتخلص منها كليان أك جزئيان‪ ،‬كتعرؼ ىذه اآلثار باآلثار التوزيعية ادلباشرة‪ ،‬كىي اليت ينشغل‬

‫هبا التحليل اجلزئي‪.‬‬

‫والثاني‪ :‬كىو التغيَتات اليت ربدثها الضريبة يف توزيع الدخوؿ على مستول االقتصاد القومي‬

‫أم سواء يف القطاع الذم فرضت عليو أك القطاعات األخرل اليت َف تفرض هبا الضريبة‪،‬‬

‫كىي ما تعرؼ باآلثار النهائية للضريبة‪ ،‬كتشمل اآلثار ادلباشرة كاآلثار غَت ادلباشرة‪.‬‬

‫كربدث ىذه اآلثار النهائية من خالؿ تغيَتات الطلب الكلي يف االقتصاد القومي‪،‬‬

‫كمن مث ينشغل بدراسة ىذه اآلثار التحليل االقتصادم الكلي‪.‬‬


‫‪41‬‬

‫ويمكن أن نشير إلى كل من ىذين النوعين من التحليل في تفسير استقرار‬

‫العبء الضريبي على التوالي كما يلي (‪:)27‬‬

‫أوالً‪ -‬التحليل الجزئي للعبء الضريبي‪:‬‬

‫ربدث الضريبة بعد فرضها تأثَتات معينة على عملية نقل العبء الضرييب زبتلف‬

‫باختالؼ شكل السوؽ‪ ،‬كللتعرؼ على ىذه التأثَتات فإنو يتعُت دراسة عملية نقل العبء‬

‫الضرييب يف ظل كل من األسواؽ التالية‪:‬‬

‫‪ .1‬ادلنافسة الكاملة‪.‬‬

‫‪ .2‬االحتكار‪.‬‬

‫‪ .3‬ادلنافسة االحتكارية‪.‬‬

‫‪ .1‬عملية نقل العبء الضريبي في ظل المنافسة الكاملة‬

‫‪:The Shifting Process under Perfect Competition .2‬‬

‫ال يستطيع أم بائع أك مشًت يف سوؽ ادلنافسة الكاملة أف يؤثر منفردان على شبن‬

‫السلعة أك اخلدمة‪ ،‬كذلذا فإف كثرة عدد البائعُت كادلشًتين شرط من شركط تكوف الثمن يف‬

‫ىذه السوؽ‪ ،‬كفضالن عن ذلك فإف ادلعرفة الكاملة بأحواؿ السوؽ سبنع من االستئثار بفن‬

‫(‪ )24‬أنظر‪:‬‬
‫‪Recktenwald Horst Claus, Tax Incidence and Income Redistribution, Op.‬‬
‫‪cit., pp. 122- 124, 59- 122; Musgrave R., Musgrave P. Public Finance in‬‬
‫‪Theory and Practic, Op. Cit., Chapter 16, 17; Marian Krzyzaniak,‬‬
‫‪Richard A. Musgrave, The Shifting of The Corporation Income Tax, The‬‬
‫‪Johns Hop kings press Baltimore 1963, pp 1-4.‬‬
‫‪42‬‬ ‫الفكر االقتصادي والعبء الضريبي‬

‫إنتاجي متقدـ يكتسب بو منتج معُت ميزه على غَته من خالؿ إنتاجو بنفقة إنتاج أقل‪ ،‬كمن‬

‫ىنا يتكوف الثمن يف سوؽ ادلنافسة الكاملة عند شبن التوازف‪ ،‬كىو شبن كاحد كيتكوف يف فًتة‬

‫زمنية معينة‪.‬‬

‫كأخَتان فإف الثمن يف سوؽ ادلنافسة الكاملة يتناىف كتدخل احلكومات بإجراءات‬

‫تنظيمية أك تدخل بعض األفراد كعناصر احتكارية‪.‬‬

‫كيتم تكوف الثمن يف سوؽ ادلنافسة الكاملة يف فًتة زمنية قد تكوف قصَتة جدان كقد‬

‫تكوف قصَتة‪ ،‬كقد لتكوف طويلة‪.‬‬

‫كيف الفًتة القصَتة يستطيع ادلنتج أف يغَت من حجم الكميات‪ ،‬كيكوف السوؽ متوازنان‬

‫يف ىذه الفًتة إذا كانت نفقة اإلنتاج احلدية متساكية مع شبن السوؽ‪.‬‬

‫أما يف الفًتة الطويلة‪ -‬كىي تلك الفًتة اليت تسمح بتغيَت اإلنتاج عن طريق تغيَت‬

‫حجم ادلشركعات كعددىا‪ -‬فإف البحوث تبدأ من فرضية أف السوؽ تكوف موازنة يف ىذه‬

‫الفًتة إذا تساكل شبن السوؽ مع أقل مستول لنفقة اإلنتاج ادلتوسطة‪ -‬متضمنان األرباح‬

‫اإلدارية‪ -‬بالنسبة لكل بائع يف ىذه السوؽ‪.‬‬

‫أ‪ .‬نقض الضريبة لألمام في الفترات المختلفة‪:‬‬

‫يف ظل سوؽ ادلنافسة يثور سؤاؿ مؤداه كيف ؽلكن للطلب كالعرض أف يتالشيا يف‬

‫الفًتات ادلختلفة من خالؿ التغَتات اليت ربدثها الضريبة يف شبن التوازف إذا كاف على البائعُت‬

‫أف يدفعوا الضريبة على الكميات ادلباعة؟ كمن الذم يتحمل يف النهاية بالضريبة؟‬
‫‪43‬‬

‫غلدر بنا أف نشَت ابتداء إُف أف فرض الضريبة يؤدم إُف زيادة النفقة احلدية‬

‫كادلتوسطة للمنتجُت دبا يعادؿ قيمة ىذه الضريبة‪ ،‬كمع ذلك فإف البائع ال يستطيع دبفرده أف‬

‫يرفع من شبن السلعة فور فرض الضريبة نظران ألنو ال يستطيع التأثَت دبفرده على السوؽ‪ ،‬فضالن‬

‫عن أف الطلب على السلع كاخلدمات كبَت ادلركنة‪.‬‬

‫على أنو إذا قاـ ادلنتج أك البائع برفع الثمن نتيجة لفرض الضريبة‪ ،‬فإنو سيخسر‬

‫عمالءه لصاٌف البائعُت ادلنافسُت الذين َف يقوموا بازباذ ذات اإلجراء‪.‬‬

‫أما إذا ظلت أشباف السلع كاخلدمات كما ىي دكف تغيَت بالرغم من فرض الضريبة‪ ،‬فإف ما‬
‫يتم عرضو يف السوؽ من جانب البائعُت سينقص‪ ،‬األمر الذم يرتفع معو الثمن السائد يف‬
‫السوؽ‪ -‬كذلك على فرض بقاء األشياء األخرل على حاذلا‪ -‬كمن مث ينتقل عبء الضريبة‬
‫إُف ادلستهلك‪ .‬كيتوقف مدل ارتفاع الثمن أساسان يف ىذه احلالة على مدل كثافة‬
‫‪ Intensity‬الطلب الكلي كظركؼ ادلركنة بالنسبة لكل من الطلب كالعرض‪.‬‬
‫ب‪ .‬عبء الضريبة في الفترة القصيرة جداً‪:‬‬

‫نعلم أف الفًتة القصَتة جدان ىي تلك الفًتة اليت ال يستطيع ادلنتج معها أف يغَت من‬

‫إنتاجو استجابة لتغَتات األشباف‪ ،‬كيعٍت ذلك أف ادلنتج يتحمل بكل أك معظم عبء الضريبة‬

‫خاصةن إذا كاجهت مشاكل خاصة بالسيولة أك بادلركنة أك غَت ذلك من األسباب اليت تدعوه‬

‫إُف سرعة التصرؼ فيما يقوـ بإنتاجو من سلع كخدمات‪.‬‬


‫‪44‬‬ ‫الفكر االقتصادي والعبء الضريبي‬

‫كمع ذلك فإنو إذا كانت السلعة قابلة للتخزين كاحلبوب مثالن‪ ،‬فإنو ؽلكن للمنتج أف‬

‫يزيد من عرض الكمية ادلعركضة عن طريق إخراج جانب من ادلخزكف كطرحو يف السوؽ يف‬

‫حالة ارتفاع الثمن عن الثمن السائد يف السوؽ‪ ،‬كيف ىذه احلالة فإنو يستطيع أف ينقل عبء‬

‫الضريبة إُف األماـ يف حدكد ادلركنة النسبية اليت يتمتع هبا منحٌت عرض السلعة‪.‬‬

‫أما إذا اطلفض الثمن عن الثمن السائد يف السوؽ‪ ،‬فإف ادلنتج ينقص الكمية اليت‬

‫يعرضها انتظاران للحصوؿ على شبن أفضل‪ ،‬كىنا يتحمل بعبء الضريبة يف ىذه احلالة‪ .‬كلكل‬

‫ذلك فإف أرباح ادلنتجُت تتناقص عمومان يف الفًتة القصَتة جدان‪.‬‬

‫ج‪ .‬عبء الضريبة في الفترة القصيرة‪:‬‬

‫ال يستطيع ادلنتج يف ىذه الفًتة أف يغَت من حجم اإلنتاج إال من خالؿ تغيَت‬

‫عناصر اإلنتاج ادلتغَتة‪ ،‬كرلرد زيادة النفقة احلدية كادلتوسطة بقيمة الضريبة‪ ،‬فإف ذلك يعٍت‬

‫تناقص أرباح ىذا ادلنتج على فرض بقاء شبن السوؽ كما ىو نسبيان قبل فرض الضريبة‪.‬‬

‫على أنو إذا َف يتوقع ادلنتج تغيَتان يف الطلب‪ ،‬فإف الكمية ادلنتجة تتناقص من ـ ؾ إُف‬

‫ـ َؾ كما يتضح من الشكل رقم (‪ ،)3‬كطادلا أف ادلنتجُت يقوموف باإلنتاج يف ظركؼ كاحدة‬

‫تقريبان‪ ،‬فإف أحدان منهم سوؼ ال يضطر إُف اخلركج من دائرة اإلنتاج بسبب فرض الضريبة‪.‬‬

‫كنتيجة لنقص الكمية ادلعركضة‪ ،‬فإف شبن السوؽ يرتفع إُف الدرجة اليت تتساكل معو‬

‫فيها النفقة احلدية‪ ،‬كيكوف التوازف اجلديد يف ظل الفًتة القصَتة إذان أعلى منو يف ظل شبن‬

‫السوؽ التنافسي السابق عليو‪.‬‬


‫‪45‬‬

‫كيتضح من ذلك أف جانبان من الضريبة ؽلكن أف ينتقل إُف ادلستهلكُت حيث أف‬

‫الثمن ينتقل من ؿ إُف َؿ كما ىو موضح بذات الشكل‪.‬‬

‫شكل رقم (‪)3‬‬


‫‪46‬‬ ‫الفكر االقتصادي والعبء الضريبي‬

‫د‪ .‬عبء الضريبة في الفترة الطويلة‬

‫سبق أف رأينا أف الفًتة الطويلة ىي تلك الفًتة اليت تسمح بتغيَت اإلنتاج عن طريق‬

‫تغيَت الطاقة اإلنتاجية ككل دكف تفرقة يف ذلك بُت العناصر ادلتغَتة كالثابتة‪ .‬كما رأينا أف‬

‫الثمن قد ازداد يف الفًتة القصَتة نتيجة لنقص عرض السلعة أك اخلدمة‪ ،‬كمع ذلك فإف الثمن‬

‫اجلديد أقل من أف يغطي كل نفقات اإلنتاج يف الفًتة الطويلة حيث ال يستطيع أم مشركع‬

‫فيها أف يبيع منتجاتو بثمن يقل عن تغطية جانب من نفقاتو كعلى األخص النفقات الثابتة‪،‬‬

‫كذلذا فإنو على ادلنتجُت أف ينقصوا من طاقاهتم اإلنتاجية إُف ادلرحلة اليت تتساكل فيها النفقة‬

‫احلدية مع شبن السوؽ‪.‬‬

‫كمع ذلك فإف إنقاص الطاقة اإلنتاجية ليس باألمر اليسَت يف الصناعات احلديثة اليت‬

‫ال تقبل التجزئة أك االنتقاؿ بسهولة من فرع إنتاجي إُف آخر‪ .‬كمع توافر شركط ادلنافسة‬

‫الكاملة‪ ،‬فإف ادلشركعات اليت فرضت الضريبة على منتجاهتا تستطيع فقط أف تعيد النظر يف‬

‫الكميات ادلطلوبة من السلع أك اخلدمات اليت تنتجها حيث ال تستطيع تغيَت الثمن دبفردىا‪.‬‬

‫كيتوقف ذلك بالطبع على شرط التوازف هبذه السوؽ‪ ،‬كىو كما رأينا تساكم النفقة احلدية مع‬

‫شبن السوؽ‪ .‬فإذا تعلق األمر بضريبة تفرض على أساس شبن البيع أك على أساس حجم‬

‫اإلنتاج‪ ،‬فإهنا تؤثر على نفقة اإلنتاج حيث ينتقل منحٌت النفقة احلدية ضلو اليسار دبا يساكم‬

‫مقدار تلك الضريبة‪.‬‬


‫‪44‬‬

‫كؽلكن تصوير ذلك بيانيان يف الشكل رقم (‪ ،)4‬ذلك أف منحٌت النفقة احلدية‬

‫للمشركع يتقاطع مع منحٌت الطلب عند النقطة ث كذلك قبل فرض الضريبة‪ ،‬كتلك ىي‬

‫نقطة التوازف حيث تكوف الكمية ادلنتجة ىي ـ ف يف ظل الثمن ؾ ث‪.‬‬

‫فإذا فرضت ضريبة معينة‪ ،‬فإف ذلك يؤدم إُف كضع توازف جديد ؽلر دبراحل معينة‪،‬‬

‫ففي مرحلة أكُف ينتقل منحٌت النفقة احلدية ليصبح ـ ف ح‪ 2‬بدالن من ـ ف ح‪ ،1‬كيبقى‬

‫كدكف أف يرتفع‬ ‫بدالن من‬ ‫ث يف حُت تصبح الكمية ادلنتجة‬


‫الثمن كما ىو َ‬

‫الثمن يف ىذه ادلرحلة‪.‬‬

‫كيف مرحلة تالية يتحقق نقص عاـ يف الكمية ادلنتجة على مستول الصناعة األمر‬

‫الذم يًتتب عليو نقص الكمية ادلعركضة يف السوؽ‪ ،‬كنتيجة لذلك يرتفع الثمن السائد يف‬

‫ث كذلك على فرض بقاء األشياء األخرل على حاذلا‪.‬‬


‫ث إُف ن‬
‫السوؽ من ث َ‬
‫‪44‬‬ ‫الفكر االقتصادي والعبء الضريبي‬

‫(شكل رقم ‪)4‬‬

‫كنستطيع أف نستخلص من ذلك أف الكمية ادلنتجة تنقص‪ ،‬كأف الثمن يرتفع شلا‬

‫يؤدم إُف نقل العبء الضرييب إُف ادلستهلك‪.‬‬


‫‪44‬‬

‫ىذا كتتحدد القاعدة العامة اليت ربكم نقل العبء الضرييب يف سوؽ ادلنافسة الكاملة‬

‫بالعناصر اآلتية ككما يوضحها الشكل رقم (‪:)28( )5‬‬

‫‪ .1‬يأخذ ادلنتجوف يف اعتبارىم أف عبء الضريبة ؽلثل جزءان من النفقة‪ ،‬كذلذا فإهنم‬

‫يضيفونو إُف شبن السلعة أك اخلدمة اليت يعرضوهنا‪ ،‬األمر الذم ينتقل معو منحٌت‬

‫ع‪ ،1‬كذلك يف ظل‬


‫ع إُف أعلى كإُف اليسار متخذان الوضع ع‪َ 1‬‬
‫العرض ع َ‬
‫افًتاض عدـ تغَت الطلب‪.‬‬

‫كعلى ىذا األساس يرتفع شبن التوازف اجلديد (‪ )29‬من ف إُف َف كبالتاِف تنقص الكمية‬

‫اليت ؽلكن بيعها يف ظل الثمن اجلديد من ـ ف إُف ـ َف‪.‬‬

‫كيف ىذه احلالة يكوف ادلنتجوف قد صلحوا يف نقل نصف الضريبة إُف األماـ‪.‬‬

‫× ـ َؾ=‬ ‫فادلستطيل ؿ ك َف َؿ يشَت إُف قيمة الضريبة اليت مت نقلها إُف األماـ‪( .‬‬

‫نصف الضريبة الناذبة عن الكمية ادلباعة)‪.‬‬

‫أما ادلستطيل ىػ م ك ؿ فيوضح قيمة الضريبة اليت إما أف يتحملها ادلنتجوف بأكملها‬

‫أك ينقلوىا جزئيان إُف اخللف‪.‬‬

‫(‪ )24‬أنظر‪:‬‬
‫‪Recktenwald Horst Claus, Tax Incidence and Income Redistribution, Op.‬‬
‫‪cit., pp. 129- 131.‬‬
‫(‪ )24‬يقصد بثمن ا لتوازف ذلك الثمن الذم تتساكل عنده الكمية ادلطلوبة من السلعة أك اخلدمة مػن جانػب ادلسػتهلكُت مػع‬
‫الكمية ادلعركضة من ذات السلعة أك اخلدمة من جانب البائعُت‪ ،‬كتسمى ىذه الكمية يف ىذه احلالة بكمية التوازف‪.‬‬
‫‪45‬‬ ‫الفكر االقتصادي والعبء الضريبي‬

‫‪ .2‬بسبب نقص الكمية ادلباعة من ـ ؾ إُف ـ َؾ‪ ،‬فإف الدكلة تفقد الضريبة اليت‬

‫تتمثل يف ادلساحة ك ف أ ب كىي تشمل ما فقدتو الدكلة من عدـ ربصيل باقي‬

‫الضريبة م ن ناحية‪ ،‬كاخلسارة الناذبة عن عدـ بيع الكمية اليت من ؽلكنو إنتاجها‬

‫يف غيبة الضريبة من ناحية أخرل‪.‬‬

‫كبافًتاض أف الكمية ادلباعة استمرت دكف تغيَت‪ ،‬فإف الدكلة كانت ستتحصل على‬

‫حصيلة ضريبة شلثلة بالقدر ق م َف َؿ كالقدر ك ف أ ب‪.‬‬

‫‪ .3‬تشَت ادلساحة م ف َف إُف اخلسارة الناذبة عن تناقص التعامل يف السوؽ‪،‬‬

‫فبسبب تناقص العرض يتعرض ادلنتجوف لنقص يف أرباحهم سواء كاف مرجعو‬

‫تناقص ىذا التعامل أك تناقص الريع الفرقي‪ ،‬كسبثل كل منهما على التواِف‬

‫ادلساحة ك ف َف‪ ،‬ك م ف‪.‬‬


‫‪41‬‬

‫وفيما يلي الشكل رقم (‪ )5‬السالفة اإلشارة إليو‪:‬‬

‫(شكل رقم ‪)5‬‬


‫‪42‬‬ ‫الفكر االقتصادي والعبء الضريبي‬

‫‪ -‬ط َط منحٌت الطلب (ثابت ال يتغَت)‬

‫ع منحٌت العرض‪.‬‬
‫‪ -‬ع َ‬
‫ع‪ 1‬منحٌت العرض بعد فرض الضريبة‪.‬‬
‫‪ -‬ع‪َ 1‬‬
‫‪ -‬ؾ ف شبن التوازف قبل فرض الضريبة‪.‬‬

‫‪َ -‬ؾ َف شبن التوازف بعد فرض الضريبة‪.‬‬

‫‪ -‬ـ ؾ الكمية ادلباعة قبل فرض الضريبة‪.‬‬

‫‪ -‬ـ َؾ الكمية ادلباعة بعد فرض الضريبة‪.‬‬

‫‪ -‬ؾ َؾ النقص يف الكمية ادلباعة‪.‬‬

‫‪ -‬ؿ ك َف َؿ الضريبة اليت نقلت إُف ادلستهلكُت‪.‬‬

‫‪ -‬ىػ م ك ؿ قيمة الضريبة اليت ربملها ادلنتجوف‪.‬‬

‫‪ -‬ك ف أ ب احلصيلة الضريبية ادلفتقدة بسبب نقص ادلعركض من السلعة ادلنتجة‪.‬‬


‫‪43‬‬

‫‪ -‬أىم العوامل التي تحدد عملية نقل العبء الضريبي‪:‬‬

‫الواقع أف عملية نقل العبء الضرييب تتوقف أساسان على مدل مركنة طلب كعرض‬

‫السلعة من ناحية‪ ،‬كنوع نفقة اإلنتاج السائدة من ناحية أخرل‪.‬‬

‫كنشَت إُف كل منهما بإغلاز فيما يلي‪:‬‬

‫‪ .1‬درجة مرونة طلب وعرض السلعة‪:‬‬

‫ؼلتلف القدر من الضريبة الذم ؽلكن أف يتحمل بو ادلستهلك باختالؼ درجة مركنة‬

‫طلب كعرض السلعة‪ ،‬ككمقولة عامة فإنو إذا كاف الطلب على السلعة أك اخلدمة ادلفركضة‬

‫عليها الضريبة مرنان تعذر نقل العبء الضرييب على ادلستهلك‪ ،‬ككلما قلت مركنة الطلب على‬

‫ىذه السلعة أمكن نقل جانب كبَت من الضريبة إُف ىذا ادلستهلك‪.‬‬

‫أما إذا كاف عرض السلعة أك اخلدمة ادلفركض عليها الضريبة مرنان‪ ،‬فإف ذلك يعٍت أف‬

‫اإلنتاج ؽلكن أف يتكيف بسهولة تبعان للظركؼ اليت فرضت معها الضريبة‪ ،‬كذلذا فإنو ؽلكن‬

‫نقل جزء أكرب من الضريبة إُف ادلستهلك من خالؿ رفع الثمن يف مرحلة الحقة يتحقق معها‬

‫نقص عاـ يف الكمية ادلنتجة على مستول السوؽ كعلى التفصيل الذم سلفت اإلشارة إليو‪.‬‬

‫كعلى العكس من ذلك إذا كاف العرض غَت مرف‪ ،‬فإف البائع يتحمل بالنصيب‬

‫األكرب من عبء الضريبة‪.‬‬


‫‪44‬‬ ‫الفكر االقتصادي والعبء الضريبي‬

‫ككقاعدة عامة فإنو يتم توزيع عبء الضريبة بُت ادلنتج كادلستهلك طبقان للعالقة‬

‫اآلتية‪:‬‬

‫مركنة العرض‬ ‫عبء الضريبة على ادلستهلك‬

‫ػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػ ػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػ = ػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػ‬

‫مركنة الطلب‬ ‫عبء الضريبة على ادلنػتػج‬

‫ىذا كؽلكن اشتقاؽ تصوير نقل العبء الضرييب يف عالقتو دبركنة الطلب كالعرض‬

‫بقليل من التفصيل من الشكل رقم (‪ )5‬السالفة اإلشارة إليو كما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬مرونة الطلب‪:‬‬

‫يقصد دبركنة الطلب مدل حساسية ىذا الطلب بالنسبة لتغَتات األشباف‪ ،‬فإذا كاف‬

‫التغَت احملدكد يف الثمن يؤدم إُف تغَت كبَت يف الكمية ادلطلوبة من السلعة أك اخلدمة قيل بأف‬

‫الطلب مرف‪ .‬أما إذا كاف التغَت يف الثمن ال يؤدم إُف تغَت يسَت يف ىذه الكمية قيل بأف‬

‫الطلب غَت مرف‪.‬‬

‫كتطبيقان ذلذا ككما يشَت الشكل رقم (‪ )6‬صلد أف مركنة الطلب على البعد ‪Range‬‬

‫ف َف على منحٌت الطلب ط َط قليلة‪ ،‬يف حُت أف مركنة العرض كبَتة‪ ،‬كذلذا فإف ادلستطيل‬

‫ادلظلل يشَت إُف مقدار الضريبة اليت مت نقل عبئها إُف األماـ ليتحملو ادلستهلك‪ ،‬يف حُت أف‬

‫ادلستطيل غَت ادلظلل يشَت إُف القدر من الضريبة الذم ربملو ادلنتج أك البائع‪.‬‬
‫‪45‬‬

‫(شكل رقم ‪)6‬‬

‫أما حالة الطلب ادلرف كالعرض قليل ادلركنة اليت يوضحو الشكل رقم (‪ )7‬فهي سبثل‬

‫احلالة العكسية للحالة األكُف سبامان حيث تزداد مع الطلب ادلرف درجة استجابة تغَتات‬

‫الكمية ادلطلوبة من السلعة أك اخلدمة نتيجة لتغَتات أشباهنا‪ ،‬كمن ىنا فإف ادلنتج أك البائع‬

‫يتحمل بأكرب قدر من الضريبة يف حُت يتحمل ادلستهلك بأقل قدر منها‪.‬‬
‫‪46‬‬ ‫الفكر االقتصادي والعبء الضريبي‬

‫(شكل رقم ‪)7‬‬

‫أما إذا كاف الطلب عدمي ادلركنة‪ ،‬فإف الثمن يرتفع بنفس مقدار الضريبة‪ ،‬دكف أف‬

‫يكوف لذلك أم تأثَت على الكمية ادلنتجة أك ادلباعة‪ .‬لكن إذا كاف الطلب ال هنائي ادلركنة‪،‬‬

‫فإف الثمن ال يرتفع بادلرة كنتيجة للضريبة‪ ،‬كاألصل أف ىاتُت احلالتُت استثنائيتُت إذ الغالب‬

‫أف يكوف الطلب مرنان أك غَت مرف على التفصيل السالفة اإلشارة إليو‪.‬‬
‫‪44‬‬

‫‪ -‬مرونة العرض‪:‬‬

‫يقصد دبركنة الع رض مدل االستجابة يف الكمية ادلعركضة من سلعة معينة على أثر‬

‫تغَت معُت يف شبنها‪ ،‬كتتوقف مركنة العرض إُف حد كبَت على بعض العوامل كمنها‪:‬‬

‫أ‪ .‬عنصر الزمن‪ :‬ذلك أف ادلركنة تزيد باستمرار مع زيادة ادلدة‪ ،‬كيعٍت ذلك أف‬

‫مركنة العرض تتوقف على مدل السهولة اليت يستطيع هبا كل مشركع أف‬

‫يزيد من عرضو للسلع كاخلدمات‪ .‬كمن ناحية أخرل تتوقف مركنة العرض‬

‫على مدل السهولة اليت تتمكن هبا عناصر اإلنتاج من االنتقاؿ بُت فركع‬

‫اإلنتاج ادلختلفة‪ ،‬كؼلتلف ذلك بالطبع حبسب ما إذا كانت الفًتة قصَتة‬

‫جدان كقصَتة كطويلة‪.‬‬

‫ب‪ .‬درجة تزايد نف قة إنتاج كحدات العرض اإلضافية عن نفقة إنتاج الوحدات‬

‫السابقة‪ ،‬أم على درجة زيادة نفقة اإلنتاج احلدية‪.‬‬

‫ىذا كيتوقف ربديد من يتحمل عبء الضريبة على درجة مركنة عرض السلعة أك‬

‫اخلدمة‪ ،‬فإذا فرضت الضريبة على سلعة عرضها مرف مركنة ال هنائية‪ ،‬فإف البائعُت يستطيعوف‬

‫أف ي لقوا بعبء الضريبة كلها على ادلشًتم إذ يلجأكف إُف زبفيض العرض كبالتاِف رفع الثمن‬

‫دبا يتضمن عبء الضريبة كلها‪.‬‬


‫‪44‬‬ ‫الفكر االقتصادي والعبء الضريبي‬

‫ع دبا‬
‫كيوضح الشكل رقم (‪ )8‬ىذه احلالة‪ ،‬حيث انتقل منحٌت العرض من ع إُف َ‬
‫يساكم قيمة الضريبة‪ ،‬ككنتيجة ذلذا اطلفضت الكمية ادلعركضة من ـ ؾ إُف ـ َؾ كارتفع الثمن‬

‫من ـ ف إُف ـ َف‪.‬‬

‫(شكل رقم ‪)8‬‬


‫‪44‬‬

‫أما إذا فرضت الضريبة على سلعة عرضها عدمي ادلركنة فإف ادلنتجُت كقد امتنع عليهم‬

‫أف يتحكموا يف ادلركنة ال يستطيعوف أف يقلوا بأم قدر من الضريبة على ادلشًتم‪ ،‬كيوضح‬

‫ىذه احلالة الشكل رقم (‪.)9‬‬

‫(شكل رقم ‪)9‬‬


‫‪155‬‬ ‫الفكر االقتصادي والعبء الضريبي‬

‫كيتضح من الشكل رقم (‪ )9‬أف منحٌت العرض ؽلثل كمية ثابتة من السلعة ؽلكن أف‬

‫يباع بالثمن الذم ػلدده ادلشًتم احلدم يف ىذه احلالة حيث أف ادلنتجُت ىم الذين‬

‫يتحملوف الضريبة يف حالة العرض عدمي ادلركنة‪.‬‬

‫كمع ذلك فإننا صلد‪ -‬كما رأينا بالنسبة دلركنة الطلب‪ -‬أف ىاتُت احلالتُت استثنائيتاف‪،‬‬

‫إذ الغالب أف يكوف العرض مرنان أك غَت مرف‪.‬‬

‫فإذا كاف العرض مرنان أمكن نقل اجلزء األكرب من عبء الضريبة إُف ادلستهلك كذلك‬

‫على النحو السالفة اإلشارة إليو بالنسبة للطلب ككما يوضحو الشكل رقم (‪ )10‬يف اجلانب‬

‫ادلظلل منو‪ ،‬ألف اإلنتاج ؽلكن أف يتكيف بسهولة تبعان للظركؼ اجلديدة‪ ،‬كذلك على عكس‬

‫ما إذا كاف العرض غَت مرف إذ ال يتسٌت لإلنتاج أف يتكيف سريعان كفق ىذه الظركؼ‪.‬‬
‫‪151‬‬

‫(شكل رقم ‪)11‬‬

‫كذلذا فإف ادلنتج يتحمل باجلزء األكرب من الضريبة يف ىذه احلالة‪ ،‬ككما يوضحها‬

‫الشكل رقم (‪ )11‬يف الشطر ادلظلل منو‪.‬‬


‫‪152‬‬ ‫الفكر االقتصادي والعبء الضريبي‬

‫(شكل رقم ‪)11‬‬

‫‪ .2‬نوع نفقة اإلنتاج السائدة‪:‬‬

‫رأينا أف زيادة شبن السلعة أك اخلدمة نتيجة لفرض الضريبة يًتتب عليو نقل العبء‬

‫الضرييب دبا يؤدم إُف انكماش الطلب يف الفًتة القصَتة‪ ،‬أما يف الفًتة الطويلة فإف ذلك‬

‫يؤدم إُف نقص إنتاج السلعة ادلفركضة عليها الضريبة‪،‬‬


‫‪153‬‬

‫كإذا كاف ادلنتج يتوازف يف سوؽ ادلنافسة الكاملة عندما تتساكل النفقة احلدية مع شبن‬

‫السوؽ‪ ،‬فإنو بعد فرض الضريبة يتجو الثمن إُف التساكم مع نفقة اإلنتاج احلدية اجلديدة أم‬

‫نفقة اإلنتاج مضافان إليها الضريبة‪.‬‬

‫كزبتلف نفقة اإلنتاج باختالؼ الظركؼ الفنية كاالقتصادية كاالجتماعية للعملية‬

‫اإلنتاجية بُت نفقة متناقصة‪ ،‬كنفقة متزايدة‪ ،‬كنفقة ثابتة (‪:)30‬‬

‫أ‪ .‬نفقة اإلنتاج المتناقصة‪:‬‬

‫تتحقق نفقة اإلنتاج ادلتناقصة إذا ترتب على زيادة إنتاج سلعة ما نقص يف نفقة‬

‫إنتاج الوحدة األخَتة منها‪ ،‬كتزداد ىذه النفقة عند إنقاص الكمية ادلنتجة من ىذه السلعة‪،‬‬

‫كيقاؿ إذا أف ىذه السلعة زبضع يف إنتاجها لقانوف النفقة ادلتناقصة أك قانوف الغلة ادلتزايدة‪.‬‬

‫فإذا فرضت ضريبة على سلعة من ىذا النوع‪ ،‬فإف شبن ىذه السلعة يتجو إُف االرتفاع‬

‫كؽليل إُف االستقرار عند نفقة اإلنتاج احلدية مضافان إليها الضريبة‪ ،‬كذلذا فإف إنتاج كاستهالؾ‬

‫السلعة يتجو إُف النقصاف‪.‬‬

‫(‪ )35‬انظر على سبيل ادلثاؿ‪:‬‬


‫‪David N. Hyman, The Economics of Governmental Activity, Holt Rinhart‬‬
‫‪and Winston, INC. N.Y. 1973, pp. 187- 188.‬‬
‫‪154‬‬ ‫الفكر االقتصادي والعبء الضريبي‬

‫كألف نقص اإلنتاج يؤدم إُف زيادة نفقة إنتاج الوحدة من ىذه السلعة أك اخلدمة‪،‬‬

‫فإف نفقة اإلنتاج احلدية تكوف أكرب من نفقة اإلنتاج قبل فرض الضريبة‪ ،‬كلذلك يرتفع الثمن‬

‫ث كثمن جديد حيث تكوف الضريبة مضافة إليها كقدرىا ىػ ف كما يتضح‬
‫من ـ ث إُف ـ َ‬

‫من الشكل رقم (‪.)12‬‬

‫(شكل رقم ‪)12‬‬


‫‪155‬‬

‫كاخلالصة يف ذلك أف فرض الضريبة ؼلضع إنتاجها لقانوف تناقص النفقة غلعل الثمن‬

‫يتجو إُف الزيادة بأكثر من مقدار الضريبة‪.‬‬

‫ب‪ .‬نفقة اإلنتاج المتزايدة‪:‬‬

‫تعٍت ىذه احلالة أف نفقة إنتاج الوحدة من السلعة تزداد عند زيادة الكمية ادلنتجة من‬

‫ىذه السلعة‪ ،‬كتنقص بنقص إنتاجها‪ ،‬كيقاؿ أف ىذه السلعة زبضع لقانوف تناقص الغلة‪ ،‬كيف‬

‫ذلك يتجو الثمن إُف االرتفاع كؽليل الطلب إُف النقصاف فينقص إنتاج السلعة‪ ،‬كيستقر الثمن‬

‫بعد ذلك عند نفقة اإلنتاج احلدية اجلديدة مضافان إليها الضريبة‪.‬‬

‫كلكن ألف نقص اإلنتاج يؤدم إُف نقص نفقة إنتاج الوحدة من السلعة أك اخلدمة‪،‬‬

‫فإف نفقة اإلنتاج اجلديدة تكوف أقل من النفقة السابقة عليها قبل نقص اإلنتاج‪ ،‬كمن مث‬

‫يصبح الثمن اجلديد أقل من الثمن السابق مضافان إليو الضريبة‪.‬‬

‫كيعٍت ذلك أف فرض الضريبة على سلعة ؼلضع إنتاجها للنفقة ادلتزايدة غلعل الثمن‬

‫يتجو إُف الزيادة كلكن بأقل من مقدار الضريبة‪ ،‬كذلك كما يتضح من الشكل رقم (‪)13‬‬

‫ث كلكن بأقل من مقدار الضريبة ىػ ف‪ ،‬كمن ىنا فإف‬


‫حيث يرتفع الثمن من ـ ث إُف ـ َ‬

‫جزءان من الضريبة ىو الذم ينتقل إُف ادلستهلك‪.‬‬


‫‪156‬‬ ‫الفكر االقتصادي والعبء الضريبي‬

‫(شكل رقم ‪)13‬‬

‫ج‪ .‬نفقة اإلنتاج الثابتة‪:‬‬

‫أما بالنسبة لنفقة اإلنتاج الثابتة‪ ،‬فإنو إذا فرضت ضريبة على سلعة ؼلضع إنتاجها‬

‫للنفقة الثابتة حيث ال تؤثر زيادة اإلنتاج يف نفقة الوحدة األخَتة ادلنتجة من ىذه السلعة‪،‬‬

‫فإف الثمن يتجو يف ىذه احلالة إُف أعلى دبقدار الضريبة سبامان‪ .‬كىنا تنتقل الضريبة ىػ ف‬

‫بأكملها إُف ادلستهلك‪.‬‬


‫‪154‬‬

‫(شكل رقم ‪)14‬‬


‫‪154‬‬ ‫الفكر االقتصادي والعبء الضريبي‬

‫‪ .2‬عملية نقل العبء الضريبي في ظل االحتكار (‪: )31‬‬

‫‪:The Shifting Process under Monopoly‬‬

‫يكوف االحتكار كامالن إذا انفرد مشركع كاحد بإنتاج أك بيع سلعة معينة ليس ذلا‬

‫بديل‪ ،‬كمن ىنا فإف ادلنافسة تكوف منعدمة يف ىذه السوؽ‪.‬‬

‫كيتوازف احملتكر يف حالة تساكم نفقة اإلنتاج احلدية مع اإليراد احلدم كذلذا فإف‬

‫احملتكر ػلدد شبن البيع ككمية اإلنتاج عند نقطة تتساكل معها نفقة اإلنتاج احلدية مع اإليراد‬

‫احلدم‪.‬‬

‫ففي حالة فرض ضريبة مباشرة على السلعة‪ ،‬فإف ذلك يؤدم إُف زيادة نفقة اإلنتاج‪،‬‬

‫كيرتفع معها منحٌت النفقة احلدية ليقطع منحٌت اإليراد احلدم عند نقطة أعلى من النقطة‬

‫السابقة‪ ،‬كيعٍت ذلك اطلفاض كمية اإلنتاج اليت ربقق التوازف كارتفاع شبن البيع الذم ػلقق‬

‫ىذا التوازف‪ ،‬كيعٍت ذلك أنو سيحدث انتقاؿ جلزء من الضريبة يف ىذه احلالة‪.‬‬

‫كمع ذلك‪ ،‬فإف احملتكر قد يًتدد يف رفع الثمن دبقدار الضريبة كلها خشية اطلفاض‬

‫الطلب خاص نة إذا كانت درجة مركنتو مرتفعة شلا يؤثر على صايف رحبو‪ .‬فاحملتكر كىو‬

‫يستهدؼ ربقيق أقصى ربح شلكن يقدر مدل ما يصيب ىذا الربح يف حالة استبقاء الضريبة‬

‫(‪ )31‬انظر‪:‬‬
‫‪Recktenwald Horst Claus, Tax Incidence and Income Redistribution, Op.‬‬
‫‪cit., pp. 134- 141; Musgrave R., Musgrave p., Public Finance in Teory‬‬
‫‪and Practice, Op. cit., pp. 448- 449.; Arthur A. Bayer, Shifting of the‬‬
‫‪Corporation Income Tax and Various Theories of Firm Behavior Public‬‬
‫‪Finance Volume xxv/ xxveme Annee No. 4- 1970 pp. 449- 453.‬‬
‫‪154‬‬

‫على عاتقو أك يف حالة نقل عبء الضريبة‪ ،‬مث ؼلتار بعد ذلك احلل الذم ػلقق لو أكرب قدر‬

‫من الربح‪.‬‬

‫كنظران ألف الطلب على منتجات احملتكر ؽليل عمومان ألف يكوف قليل ادلركنة‪ ،‬فإف‬

‫جزءانكبَتان من الضريبة ينتقل إُف ادلستهلك‪ ،‬كمن مث ال يتأثر كثَتان بفرض الضريبة‪.‬‬

‫كؽلكن تصوير أبرز اذباىات عملية نقل العبء الضرييب يف سوؽ االحتكار كما‬

‫يتضح من الشكل رقم (‪ )15‬حيث يتوازف احملتكر عند النقطة اليت يتالقى منها منحٌت النفقة‬

‫احلدية ـ ف ح مع منحٌت اإليراد احلدم ـ أ ح‪ ،‬كيف ىذه احلالة يتحدد حجم اإلنتاج بالبعد‬

‫ـ ؾ كما يتحدد الثمن بالبعد ـ ث‪ ،‬كيعرب ادلستطيل ث ف ؿ ك عن حجم األرباح‬

‫االحتكارية احملققة‪.‬‬
‫‪115‬‬ ‫الفكر االقتصادي والعبء الضريبي‬

‫(شكل رقم ‪)15‬‬

‫على أنو إذا فرضت ضريبة معينة على السلعة اليت ينتجها ىذا احملتكر كعلى فرض أنو‬

‫ؼلضع يف إنتاجو لقانوف النفقة ادلتزايدة‪ ،‬فإننا سنجد أف منحٌت النفقة احلدية كمنحٌت النفقة‬
‫‪111‬‬

‫ادلتوسطة ينتقالف إُف أعلى حيث يصبحاف ـ ف َح‪ ،‬ـ ف َـ‪ ،‬كنكوف أماـ نقطة توازف جديدة‬

‫على أثر فرض الضريبة‪.‬‬

‫كيتحدد مستول اإلنتاج عند ىذه النقطة بالبعد ـ َؾ‪ ،‬كما يتحدد مستول الثمن‬

‫ث ع م ىػ‪.‬‬
‫ث‪ ،‬كيقابل ذلك ربح احتكارم يعرب عنو بادلستطيل َ‬
‫بالبعد ـ َ‬

‫ث ع م ىػ أف اخلَت أقل مساحة من‬


‫كيتضح من مقارنة ادلستطيلُت ف ؿ ك ث‪َ ،‬‬

‫األكؿ‪ ،‬كيعٍت ذلك أف ربح احملتكر بعد فرض الضريبة أقل منو قبل فرضها‪ ،‬كمن ىنا فإف‬

‫احملتكر ال يستطيع أف ينقل إُف ادلستهلك كل العبء الضرييب إذ األمر يرتبط‪ -‬كما رأينا‪-‬‬

‫أساسان هبيكل النفقة اليت يتحملها ىذا احملتكر‪ ،‬كيتحدد على أساسها الربح الذم ػلققو‪.‬‬

‫كيف حالة فرض ضريبة كنسبة من أرباح احملتكر‪ ،‬فإف فرضها ال يغَت من الكمية أك‬

‫الثمن كما ربدد عند كضع التوازف السابق‪ ،‬كلذلك فإف احملتكر يتحمل الضريبة ألنو يكوف قد‬

‫حدد قبل فرض الضريبة حجم اإلنتاج كالثمن دبا يضمن لو أكرب قدر من األرباح‪ .‬كليس من‬

‫صاحلو مع ثبات النفقة احلدية كاإليراد احلدم أف يغَت من حجم إنتاجو كمن شبن البيع‪ ،‬كذلذا‬

‫فهو يتحمل يف ىذه احلالة عبء الضريبة كينقص بالتاِف دخلو بسببها‪.‬‬
‫‪112‬‬ ‫الفكر االقتصادي والعبء الضريبي‬

‫‪Incidence in‬‬ ‫(‪)32‬‬


‫‪ .3‬عبء الضريبة في سوق المنافسة االحتكارية‬

‫‪Markets‬‬ ‫‪of‬‬ ‫‪Monopolistic‬‬ ‫‪and‬‬ ‫‪Oligopolistic‬‬


‫‪:Competition‬‬

‫ال ذبد سوؽ ادلنافسة الكاملة أك االحتكار الكامل شكلها التقليدم السالفة اإلشارة‬

‫إليو يف ا القتصادات الرأمسالية احلالية كاليت يغلب على ىيكلها االقتصادم الطابع الصناعي‪.‬‬

‫فمثالن إذا فقدت سوؽ ادلنافسة الكاملة شرط التجانس بُت السلع اليت تباع يف ىذه السوؽ‪-‬‬

‫كشرط أساسي من شركط تكوف سوؽ ادلنافسة الكاملة حيث يًتتب على توافره أف تعترب‬

‫كل سلعة بديالن كامالن تقريبان عن األخرل‪ -‬فإف ىذه السوؽ تتحوؿ إُف سوؽ منافسة‬

‫احتكارية بُت قلة من ادلنتجُت‪.‬‬

‫كؽلكن أف يتخلف شرط التجانس من خالؿ ربقق ميزة معينة يف إنتاج سلعة ما يف‬

‫مكاف معُت عنو يف مكاف آخر‪ ،‬كاالختالؼ يف النوع‪ ،‬كالظركؼ الشخصية اليت تربط ادلنتج‬

‫بادلستهلك أك العكس سواء عن طريق ربديد شبن السلعة فًتة أطوؿ يف نطاؽ زلدد أك‬

‫تسليمها على كجو معُت‪ ...‬إٍف‪ ،‬كلذلك فإف ادلنتج يف ظل سوؽ ادلنافسة االحتكارية يفًتض‬

‫أنو يستطيع أف ػلتفظ دبجموعة معينة من ادلستهلكُت حىت يف ظل رفع شبن السلعة إُف حد‬

‫(‪ )32‬أنظر‪:‬‬
‫‪Rectenwald H.C, Tax Incidence and Income Redistribution, Op. cit.,‬‬
‫‪pp.143- 147.‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬عب ػػد ادل ػػنعم ف ػػوزم‪ ،‬د‪ .‬عب ػػد الك ػػرمي ص ػػادؽ برك ػػات‪ ،‬د‪ .‬ي ػػونس البطري ػػق‪ ،‬د‪ .‬حام ػػد دراز‪ ،‬اقتص ػػاديات ادلالي ػػة‬
‫العامة‪ ،‬منشأة دار ادلعارؼ‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،1970 ،‬ص‪.282 :281‬‬
‫‪113‬‬

‫ما‪ ،‬فضالن عن أنو يستطيع أف يزيد من عددىم إذا خفض شبن ىذه السلعة‪ ،‬كلذلك فهو‬

‫ؼلتار الثمن الذم ػلقق لو أقصى إيراد شلكن‪.‬‬

‫على أنو إذا َف ينجح ادلنتج يف ظل سوؽ ادلنافسة االحتكارية كلية يف إلغاء أثر شرط‬

‫التجانس بُت كحدات السلعة كأحد شركط سوؽ ادلنافسة الكاملة‪ ،‬فإف ذلك يعٍت أف لكل‬

‫من ىذه الوحدات بديل‪ ،‬كمن مث تزداد مركنة الطلب على ىذه السلعة اليت ينتجها ىذا‬

‫ادلنتج‪ ،‬األمر الذم يكوف معو الثمن يف ىذه احلالة قريبان منو يف ظل سوؽ االحتكار أك سوؽ‬

‫ادلنافسة الكاملة حسب درجة توافر البديل بُت كحدات ىذه السلعة‪.‬‬

‫فإذا فرضت ضريبة على سلعة معينة يف سوؽ ادلنافسة االحتكارية فإف الثمن يتجو‬

‫عمومان إُف االرتفاع‪ ،‬كألف عدد ادلشركعات يف السوؽ زلدكد‪ ،‬فإف االختالؼ يف النفقات‬

‫نتيجة لفرض الضريبة يؤدم إُف أف تصبح األرباح عادية يف الفًتة الطويلة‪ ،‬كتتوقف زيادة‬

‫ادلبيعات على حجم نفقات الدعاية كاإلعالف شلا تزداد معو النفقات ادلتوسطة من جديد‬

‫فتخرج بعض ادلشركعات من ميداف اإلنتاج كتبقى ادلشركعات احلدية‪.‬‬

‫كبسبب نقص عدد ادلشركعات يزداد الطلب على منتجاهتا عن ذم قبل‪ ،‬فتتولد‬

‫الفرصة لنقل عبء الضريبة كلية إُف األماـ خاصة كأف رفع الثمن يتم دبعدؿ يزيد عن مقدار‬

‫الضريبة‪.‬‬
‫‪114‬‬ ‫الفكر االقتصادي والعبء الضريبي‬

‫كؽلكن القوؿ بصفة عامة أف قدرة ادلنتج على نقل عبء الضريبة إُف ادلستهلكُت يف‬

‫ظل سوؽ ادلنافسة االحتكارية يتوقف إُف حد كبَت‪ -‬فضالن عن مدل مركنة طلب كعرض‬

‫السلعة‪ -‬على ما يتوقعو من مسلك ادلنتجُت اآلخرين إزاء فرض الضريبة عليهم‪.‬‬

‫كمع ذلك‪ ،‬فإف مسلك ادلنتجُت عمومان يتصف بالتضامن كادلوافقة على رد فعل أم‬

‫منهم ضلو زيادة شبن السلعة أك اخلدمة على أثر فرض ىذه الضريبة كذلك يف حدكد ظركؼ‬

‫مركنة الطلب كالعرض السالفة اإلشارة إليها‪.‬‬

‫‪ -‬الجوانب السلبية ألسلوب التحليل الجزئي للعبء الضريبي‪:‬‬

‫تلك ىي أىم العوامل اليت ربدد عملية نقل العبء الضرييب يف ظل النظرية التقليدية‬

‫كعلى أساس التحليل اجلزئي‪ ،‬كقد رأينا معها ابتداء تركيز ىذا األسلوب على نقل العبء‬

‫الضرييب يف الفًتة الطويلة دكف الفًتة القصَتة‪.‬‬

‫كقد أغفلت ىذه النظرية من ناحية أخرل ربليل نقل العبء الضرييب يف مراحل‬

‫الدكرة االقتصادية‪ ،‬فمن ادلعركؼ أف االقتصاد الرأمساِف يتطور تطوران غَت متوازف من الناحية‬

‫الزمنية كادلكانية‪ ،‬كؽلر‪ -‬من الناحية الزمنية‪ -‬دبراحل أربعة للدكرة االقتصادية ىي األزمة‪،‬‬

‫كاالنكماش‪ ،‬كاالنتعاش‪ ،‬كالتوسع‪ .‬كَف تعرض النظرية التقليدية يف ربليل العبء الضرييب‬

‫لدراسة نقل ىذا العبء يف فًتة األزمة مثالن إذ أنو يصعب نقل ىذا العبء يف ىذه الفًتة‬

‫عنها يف فًتة أخرل مثل االنتعاش أك التوسع‪.‬‬


‫‪115‬‬

‫كنستطيع أف نضيف إُف ذلك أف تفسَت استقرار العبء الضرييب على أساس أسلوب‬

‫التحليل اجلزئي غلرده من باقي العوامل االقتصادية كاالجتماعية كالسياسية كالنفسية‪ ،‬كتأثَتىا‬

‫يف ربديد إمكانية نقل العبء الضرييب‪ .‬فمثالن َف تعرض ىذه النظرية إُف صعوبة إمكانية نقل‬

‫العبء الضرييب إُف اخللف يف حالة كجود اربادات عماؿ قوية بعكس ما إذا كاف ىؤالء‬

‫العماؿ غَت منتظمُت يف اربادات توحد كلمتهم‪.‬‬

‫كذلك هتمل النظرية التقليدية يف تفسَت استقرار العبء الضرييب حالة األشباف اليت‬

‫اعتاد ادلستهلكوف دفعها منذ زمن طويل حيث يؤثر ادلنتج تغيَت الكمية أك النوع على رفع‬

‫الثمن‪.‬‬

‫كأخَتان كليس آخران فإف دراسة موضوع نقل العبء الضرييب ىي دراسة سلوكية‬

‫كتطبيقية‪ ،‬كذبريدىا من ىذا اجلانب يفقدىا الكثَت من اذلدؼ منها‪.‬‬

‫كلعل ىذه االنتقادات اليت توجو إُف أسلوب التحليل اجلزئي للعبء الضرييب نابعة‬

‫أصالن عن قصور ىذا األسلوب يف فهم الواقع االقتصادم الرأمساِف ذاتو سواء يف شقو ادلتقدـ‬

‫أك ادلختلف‪ ،‬ككفاه أنو عجز عن تفسَت ظاىرة التخلف كبالتاِف توصيف السياسة االقتصادية‬

‫اليت زبرج باجملتمعات ادلتخلفة من حالة التخلف اليت تعيشها‪.‬‬

‫أم ا على مستول االقتصاد الرأمساِف ادلتقدـ فقد عجز ىذا األسلوب كذلك عن حل‬

‫مشاكلو مثل ظاىرة التضخم يف ثنايا الركود اليت يعٍت منها اآلف‪ ،‬كذلذا نادل بعض‬

‫االقتصاديُت األمريكيُت مثل ستيفاف مارجلُت بضركرة العودة إُف أسلوب التخطيط الشامل‬
‫‪116‬‬ ‫الفكر االقتصادي والعبء الضريبي‬

‫كادلركزم للسيطرة على القرارات اخلاصة باالستهالؾ كاالستثمار‪ ،‬كإف كاف يأخذ هبذا‬

‫التخطيط يف ظل ادللكية اخلاصة‪ .‬كنتابع بعد ذلك عرض أسلوب التحليل الكلي يف تفسَت‬

‫استقرار العبء الضرييب‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬التحليل الكلي للعبء الضريبي‪:‬‬

‫رأينا أف التحليل اجلزئي للعبء الضرييب يفًتض أف فرض ضريبة على سلعة معينة‬

‫ػلدث تأثَتات سلتلفة على عميلة نقل العبء الضرييب يف قطاع معُت ؼلتلف باختالؼ‬

‫شكل سوؽ ىذه السلعة أك اخلدمة‪.‬‬

‫كنظران ألف أسواؽ السلع كاخلدمات يف اقتصاد معُت يرتبط كل منها باألخرل‪،‬‬

‫كربدث فيما بينها تأثَتات متبادلة‪ ،‬فإف ذلك يعٍت أف أثر الضريبة على توازف سوؽ سلعة‬

‫معينة ال يقتصر على شكل ىذا التوازف بالنسبة ذلذه السوؽ‪ ،‬كإظلا يتعداه زلدثان اضطرابات‬

‫معينة يف توازف أسواؽ باقي قطاعات االقتصاد القومي‪ .‬فمثالن إذا فرضت ضريبة معينة على‬

‫استهالؾ الكهرباء‪ ،‬فإف ذلك لن ػلدث أثره فقط بالنسبة لثمن استهالؾ ىذه السلعة‪ ،‬كإظلا‬

‫سيتع داه إُف الطلب على كل استخدامات الكهرباء‪ ،‬ككذلك الطلب على الغاز الذم يعترب‬

‫بديالن عن الكهرباء سواء يف عمليات إعداد الطعاـ أك التدفئة يف البالد اليت تستخدمو يف‬

‫ىذا الشأف‪.‬‬
‫‪114‬‬

‫كليس من شك يف أف انتقاؿ منحٌت الطلب بالنسبة للسلع كاخلدمات اليت ؽلكن أف‬

‫تعترب تكميلية لالستخداـ األساسي للكهرباء‪ ،‬لو تأثَته على نشاطات إنتاج كاستخداـ ىذه‬

‫السلع كاخلدمات‪.‬‬

‫فإذا أضفنا إُف ذلك أف جانبان كبَتان من الصناعات ادلختلفة تستخدـ الكهرباء‬

‫كمدخل يف إنتاجها‪ ،‬فإنو ؽلكن أف يستبُت لنا إُف حد يؤثر فرض الضريبة على استهالؾ‬

‫الكهرباء يف أشباف السلع كاخلدمات األخرل على مستول االقتصاد القومي‪.‬‬

‫أف أسلوب‬ ‫(‪)33‬‬


‫كذلذا السبب رأل بعض الكتاب كمنهم "دم فييت دم ماركو"‬

‫التحليل اجلزئي ال يصلح لتفسَت نقل عبء الضريبة اليت تفرض على صبيع القطاعات كضريبة‬

‫عامة‪.‬‬

‫كعلى ىذا األساس حققت نظرية العبء الضرييب تطوران يف اذباىُت (‪:)34‬‬

‫األكؿ‪ :‬كىو ما يسمى بعبء ادليزانية أك عبء النفقات العامة‪"Balanced- Budget :‬‬

‫"‪Incidence", "Expenditure Incidence‬‬


‫كالثاين‪ :‬كىو ما يطلق عليو العبء الفرقي "‪"Differential Incidence‬‬

‫(‪ )33‬انظر‪:‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪Brochier et Tabationi, "Economie Finaciere", Themis P.V.F, Paris‬‬
‫‪1959, p. 276.‬‬
‫(‪ )34‬أنظر‪:‬‬
‫‪-‬‬ ‫;‪Mieszkowski Peter; Taz Incidence Theory. Op Cit., p. 1105‬‬
‫‪Musgrave R.‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪Musgrave R, P.: Public Finance in Theory and Practice, Op. cit., pp.‬‬
‫‪379- 380.‬‬
‫‪114‬‬ ‫الفكر االقتصادي والعبء الضريبي‬

‫كربقق فكرة عبء ادلوازنة العامة أك عبء النفقات العامة كفقان ذلذا االذباه ميزة‬

‫إمكانية حساب الزيادة ادلطلقة يف الدخل احلقيقي الناذبة عن فرض ضريبة معينة كذلك‬

‫بصورة أكفأ من احملاكلة احملدكدة للتوصل إُف ذات النتيجة عن طريق تتبع تغَتات الدخل‬

‫الناذبة عن تغَت أسلوب الضريبة‪.‬‬

‫كما أنو ؽلكن افًتاض أف عبء النفقات العامة يتحقق معو احلياد يف توزيع الدخل‬

‫القومي‪.‬‬

‫أما بالنسبة دلفهوـ العبء الفرقي فيقصد بو التغَتات التوزيعية الناذبة عن إحالؿ‬

‫ضريبة زلل أخرل تدر نفس احلصيلة‪ .‬ذلك أنو بالرغم من ثبات احلصيلة بالنسبة للضريبة‬

‫األخرل‪ ،‬فإف ىذه الضريبة تؤثر يف أشباف السلع كاخلدمات‪ ،‬كبالتاِف يف العمالة من خالؿ‬

‫التأثَت على الطلب الكلي على ىذه السلع كاخلدمات‪.‬‬

‫كالواقع أف فكرة العبء الفرقي ؽلكن أف تفيد عمليان يف الدراسة ادلقارنة لألنظمة‬

‫الضريبة ادلختلفة‪ ،‬كيف ربديد الطبقات ادلختلفة اليت ؽلكن أف تعامل كل منها ضريبيان معاملة‬

‫زبتلف باختالؼ مستويات دخوذلا‪ .‬كتعترب الضريبة على القيمة ادلضافة ‪Value Added‬‬

‫‪ Tax‬ظلوذجان للعبء الضرييب‪ ،‬كقد أشار الكاتب شوب ‪ C.S Shoup‬يف ذلك إُف أف‬

‫ىذه الضريبة بعد فرضها على الدخل تتساكل مع الضريبة النسبية‪ ،‬مع اآلخذ يف االعتبار‬

‫أقساط اإلىالؾ على رأس ادلاؿ للمحافظة عليو حيث يتم استبعادىا من كعاء الضريبة‪.‬‬
‫‪114‬‬

‫كما أشار شوب أيضان أف الضريبة على القيمة ادلضافة اليت تفرض على االستهالؾ‬

‫كقيمة إصبالية منقوصان منها مستلزمات اإلنتاج‪ ،‬كاالستثمارات اإلصبالية تتساكل مع الضريبة‬

‫النسبية على االستهالؾ أك الضريبة على ادلبيعات من السلع االستهالكية‪.‬‬

‫كيف دراسة أحدث لذات الكاتب أكضح أف الضريبة على األجور تتساكل عمومان مع‬

‫الضريبة على االستهالؾ‪ ،‬كذلك صحيح على افًتاض أف اجملتمع يتكوف فقط من طبقتُت علا‬

‫العماؿ كالرأمساليُت (‪.)35‬‬

‫كما يعنينا يف ىذا الشأف ىو أنو مع تساكم احلصيلة من كل من ضريبتُت سلتلفتُت‬

‫إال أف اآلثار اليت تنجم عنها زبتلف عن األخرل على مستول االقتصاد القومي‪.‬‬

‫كمع أف الفضل يف تطوير نظرية العبء الضرييب يرجع أساسان إُف جهود "مسجريف‬

‫‪ "Musgrave‬إال أف التطوير يبدك نظريان أكثر منو عمليان‪ ،‬ذلك أنو ؽلكن إرجاع كل من‪:‬‬

‫عبء النفقات العامة‪ ،‬كالعبء الفرقي للضريبة‪ ،‬كعبء ادلوازنة العامة إُف فكرة كاحدة ترتبط‬

‫بعبء ادلوازنة العامة للدكلة يف جانيب اإليرادات العامة كالنفقات العامة‪.‬‬

‫فالعبء الفرقي مثالن يشَت إُف البديل من الضرائب يف جانب اإليرادات العامة من‬

‫ادلوازنة العامة‪ ،‬كالعبء الفرقي للنفقات العامة يشَت إُف البديل من النفقات يف جانب‬

‫النفقات العامة‪ ...‬كىكذا‪.‬‬

‫(‪ )35‬أنظر‪:‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪Shoup, C.S. "Theory and Background of the Value Added Tax‬‬
‫;‪Proceedings of the National Tax Association. DC. 1955, pp. 6-19‬‬
‫‪Public Finance. Chicago: Al-dine 1969.‬‬
‫‪125‬‬ ‫الفكر االقتصادي والعبء الضريبي‬

‫أما بالنسبة لعبء ادلوازنة العامة كىو ما يطلق عليو ‪Balanced- Budget‬‬

‫‪ ، Incidence‬فإنو يشَت إُف التغَت الذم ؽلكن أف يطرأ على جانيب ادلوازنة العامة من‬

‫إيرادات عامة كنفقات عامة يف ارتباطهما بكيفية استخداـ احلكومة دلواردىا‪.‬‬

‫كعلى ىذا األساس فإف ىذا التطوير ال يغَت كثَتان‪ -‬يف نظرنا‪ -‬من مفهوـ نظرية‬

‫العبء الضرييب يف ىذه احلدكد (‪.)36‬‬

‫على أنو من األعلية دبكاف أف نؤكد من جديد أف ىذه االذباىات احلديثة يف دراسة‬

‫نظرية العبء الضرييب قد انطلقت من نقطة عجز النظرية التقليدية عن دراسة آثار الضريبة يف‬

‫قطاعات أخرل غَت القطاع الذم تفرض فيو‪ ،‬حيث انصرفت ىذه االذباىات إُف أف الضريبة‬

‫تؤثر بالضركرة يف منحنيات النفقة كالطلب‪ ،‬كيف مستويات األشباف كىياكلها‪ ،‬كيف العمالة‬

‫كتكوين رأس ادلاؿ‪.‬‬

‫كنشَت يف ىذا اخلصوص إُف كل من عبء الضريبة العامة على ادلبيعات من ناحية‪،‬‬

‫كالضريبة على دخوؿ الشركات من ناحية أخرل‪ ،‬مع ما تتضمنو ىذه اإلشارة من تغيَتات‬

‫ربدث يف االقتصاد القومي ككل نتيجة لفرض كل من ىاتُت الضريبتُت‪ ،‬كذلك يف ادلطلب‬

‫الثالث على التواِف‪.‬‬

‫(‪ )36‬أنظر يف ذات ادلعٌت‪:‬‬


‫‪Melvyn B. Krauss and Harry G. Johnson, The Theory of Tax Expenditure‬‬
‫‪Incidence, A Diagrammatic Analysis Public Finance Vol xxxl/ xxxleme‬‬
‫‪Anree No. 3/1976. Pp. 340- 341.‬‬
‫‪121‬‬

‫المطلب الثالث‬

‫عبء الضريبة العامة على المبيعات والضريبة على دخول الشركات‬

‫أوالً‪ :‬عبء الضريبة العامة على المبيعات (‪:)37‬‬

‫‪The Incidence of General Sales Tax‬‬


‫ؼلتلف مفهوـ الضريبة العامة على ادلبيعات حسب درجة عمومياهتا‪ ،‬فقد تعٍت ىذه‬

‫الضريبة تلك اليت تفرض على الناتج اجلارم سواء كاف سلعان استهالكية أك سلعان رأمسالية‪،‬‬

‫كقد تعٍت ادلبيعات من السلع االستهالكية فقط‪.‬‬

‫كما ق د تفرض ىذه الضريبة يف ادلرحلة اليت تسبق تسليمها للمستهلك‪ ،‬أك يف صورة‬

‫ضريبة على القيمة ادلضافة‪.‬‬

‫فإذا كاف ادلقصود مثالن ىو السلع االستهالكية‪ ،‬فإنو ؽلكن أف نلمس العالقة بُت‬

‫الصور ادلختلفة للضريبة على ادلبيعات بالنسبة ذلذه السلع كذلك يف رلتمع استهالكي‪ ،‬ذلك‬

‫أف ىذه الضريبة تتشابو مع الضريبة على الدخل الكلي أك الضريبة على النفقات‬

‫االستهالكية‪ ..‬كىكذا‬

‫كيف كل ىذه الصور فإف عبء الضريبة ػلقق آثار على االقتصاد القومي دكف‬

‫اختالؼ بينها‪.‬‬

‫(‪ )34‬أنظر على كجو اخلصوص‪:‬‬


‫‪Musgrave R. Musgrave P. Public Finance in Theory and Practice Op. Cit.,‬‬
‫‪pp. 450- 452.‬‬
‫‪122‬‬ ‫الفكر االقتصادي والعبء الضريبي‬

‫كطادلا أننا نقصر اإلشارة على الضريبة العامة على ادلبيعات بالنسبة للسلع‬

‫االستهالكية‪ ،‬فإف ذلك يعٍت استبعاد السلع الرأمسالية‪ ،‬كبافًتاض أف معدالت األجور‬

‫كالنفقات األخرل تظل يف صورهتا النقدية كما ىي دكف تغيَت‪ ،‬فإف أشباف ىذه السلع تزداد‬

‫بقيمة الضريبة ادلفركضة‪ ،‬األمر الذم تصبح من القوة الشرائية احلقيقية للدخوؿ أقل شلا كانت‬

‫عليو قبل فرض الضريبة‪.‬‬

‫كب افًتاض أف أشباف السلع الرأمسالية َف تتغَت كذلك‪ ،‬فإف أسلوب توزيع الدخوؿ بُت‬

‫السلع االستهالكية كالسلع الرأمسالية ىو الذم ػلدد يف النهاية إُف أم مدل ػلدث عبء‬

‫الضريبة أثره‪ ،‬فمثالن إذا ارتفعت أشباف السلع االستهالكية بواقع ‪ %10‬فإف ادلستهلكُت الذين‬

‫يستهلكوف كل دخوذلم يقاسوف من نقص قوهتا الشرائية بواقع ‪ ،%10‬يف حُت أف‬

‫ادلستهلكُت الذين يستهلكوف ‪ %80‬من دخوذلم يعانوف من نقص القوة الشرائية ذلذه‬

‫الدخوؿ دبقدار ‪ %8‬بدالن من ‪ ..%10‬كىكذا‪.‬‬

‫كعلى فرض أف بعض األفراد ال ينفقوف أم نسبة من دخوذلم على سلع استهالكية‪،‬‬

‫كإما ينفقوف كل دخ وذلم على سلع رأمسالية‪ ،‬فإهنم ال يتأثركف بعبء الضريبة على اإلطالؽ‪،‬‬

‫ألف أشباف ىذه السلع َف تتغَت‪ ،‬كذلذا فإهنم ػلصلوف على كمية السلع الرأمسالية بنفس القدر‬

‫قبل فرض الضريبة‪.‬‬


‫‪123‬‬

‫لكن من ىو المستهلك الذي يخضع للضريبة؟‬

‫إف زبصيص الدخل كلية أك يف جزء منو لإلنفاؽ على السلع االستهالكية ىو الذم‬

‫ػلدد ادلستهلك‪ ،‬كذلذا فإف الضريبة على ادلبيعات بالنسبة للسلع االستهالكية تتولد عن طريق‬

‫ادلستهلكُت‪.‬‬

‫كطادلا أف الدافع لالستهالؾ يقل بزيادة حجم الدخل كيتزايد بنقصو‪ ،‬فإف معدؿ‬

‫العبء الضرييب يسلك نفس ادلنهج بالنسبة حلجم الدخل‪.‬‬

‫‪ -‬التغيرات النسبية والتغيرات المطلقة لألثمان‪:‬‬

‫تقتضي النظرة الكلية لالقتصاد القومي فيما يتعلق بعبء الضريبة على ادلبيعات أف‬

‫نأخذ بعُت االعتبار آثار ىذه الضريبة على أسواؽ السلع األخرل اليت َف تفرض عليها‪.‬‬

‫فإذا فرضت الضريبة على قطاع معُت‪ ،‬فإف أشباف منتجات ىذا القطاع من السلع‬

‫كاخلدمات االستهالكية ترتفع بقيمة الضريبة‪ ،‬كيًتتب على ذلك أف ينتقل منحٌت الطلب‬

‫على السلع كاخلدمات األخرل اليت َف تفرض عليها الضريبة إُف اليمُت‪ ،‬األمر الذم ينقص‬

‫معو حجم إنتاج القطاع الذم فرضت عليو الضريبة خاصة بسبب انتقاؿ عناصر اإلنتاج منو‬

‫إُف القطاع اآلخر الذم َف تفرض عليو ىذه الضريبة‪.‬‬

‫لكن إذا كاف كل من ىذين القطاعُت ينتج يف ظل قانوف النفقة الثابتة‪ ،‬فإف شبن‬

‫منتجات القطاع األكؿ يزداد بقيمة الضريبة‪ ،‬يف حُت تظل أشباف منتجات القطاع اآلخر دكف‬

‫تغيَت‪ ،‬كذلذا السبب فإف التغَتات النسبية لألشباف تساكم قيمة الضريبة‪ ،‬يف حُت أف ىذه‬
‫‪124‬‬ ‫الفكر االقتصادي والعبء الضريبي‬

‫التغَتات تقل قليالن عن ذلك يف حالة ما إذا كاف اإلنتاج يتم يف ىذين القطاعُت يف ظل‬

‫قانوف النفقة ادلتزايدة‪ .‬كيف ىذه احلالة فإف نقص إنتاج القطاع األكؿ نتيجة لفرض الضريبة‬

‫ينقص بالتاِف من نفقة اإلنتاج‪ .‬كلذلك فإف أشباف منتجات ىذا القطاع ترتفع كلكن دبا يقل‬

‫عن مقدار الضريبة‪ .‬كباإلضافة إُف ذلك فإف تزايد إنتاج القطاع األخَت يزيد من نفقة إنتاجو‬

‫األمر الذم تصبح معو أشباف منتجات ىذا القطاع أعلى من مستواىا قبل فرض الضريبة‪.‬‬

‫كذلذه األسباب فإف أشباف منتجات القطاع األكؿ بالنسبة ألشباف منتجات القطاع‬

‫األخَت تنقص بأقل من مقدار الضريبة‪.‬‬

‫كلكن طادلا أف أشباف منتجات القطاع األخَت تزداد‪ -‬كما رأينا‪ -‬فإف مستهلكي‬

‫منتجات ىذا القطاع سيدفعوف أشبانان أعلى من ذم قبل ذلذه ادلنتجات‪ ،‬كبالتاِف فإهنم‬

‫يتحملوف جبزء من عبء الضريبة‪.‬‬

‫على أنو إذا كاف اإلنتاج يتم يف القطاعُت السالفة اإلشارة إليهما ربت ظركؼ قانوف‬

‫النفقات الثابتة‪ ،‬فإف التغَتات النسبية ألشباف منتجات ىذين القطاعُت سوؼ تتجو إُف أعلى‬

‫دبقدار الضريبة‪ ،‬كلن يتحمل مستهلكو منتجات القطاعات األخرل أم جزء من العبء‬

‫الضرييب‪.‬‬

‫كجدير بالذكر أف نشَت إُف أف ما ػلدث لألشباف النسبية دلنتجات السلع كاخلدمات‬

‫اليت تنتج يف ىذين القطاعُت يتوقف على ظركؼ مركنة الطلب كالعرض يف أسواؽ منتجات‬

‫ىذين القطاعُت‪ ،‬كدبعٌت أدؽ فإف ما ػلدث ذلذه األشباف يتوقف على مدل مركنة طلب‬
‫‪125‬‬

‫كعرض السلعة أك اخلدمة من القطاع األخَت كبديل لذات السلعة من القطاع األكؿ‪ ،‬كدرجة‬

‫كماؿ ىذا البديل‪ ،‬سواء يف إشباع حاجة ادلستهلك أك يف إنتاج ىذه السلعة أك تلك من‬

‫خالؿ تغَتات نفقة إنتاجها‪:‬‬

‫كإذا كاف من ادلتوقع أف تتعقد مشكلة التغَتات النسبية لألشباف بتعدد القطاعات‬

‫ادلختلفة‪ ،‬فإف القوؿ بأف توزيع العبء الضرييب يقتصر على السلع اليت خضعت للضريبة‬

‫ؼلتلف ىو اآلخر‪ -‬من ناحية أخرل‪ -‬باختالؼ ما إذا كانت السلعة اخلاضعة للضريبة‬

‫كمالية أك ضركرية‪ ،‬فإذا كانت ىذه السلعة كمالية فإف عبء الضريبة ؽليل إُف أف يكوف‬

‫تصاعديان حيث يتزايد بتزايد الدخل‪ .‬أما إذا كانت السلعة ضركرية‪ ،‬فإف العبء ؽليل إُف أف‬

‫يكوف تنازليان حيث يتناقص بتناقص الدخل‪.‬‬

‫كنظران ألف فكرة السلع الضركرية كالكمالية مسألة نسبية كزبتلف باختالؼ الزماف‬

‫كادلكاف‪ ،‬كحيث أنو ؽلكن رد ىذه الفكرة إُف كجود البديل‪ ،‬كدرجة توافره‪ ،‬كمدل إحاللو زلل‬

‫السلعة األصلية يف إشباع احلاجات‪ ،‬فإنو ؽلكن االستغناء عن ىذه الفكرة كعامل يؤثر على‬

‫األشباف الن سبية للسلع كاخلدمات‪ ،‬كاالكتفاء بفكرة كجود البديل كدرجة كمالو يف إشباع‬

‫احلاجات ادلختلفة‪.‬‬

‫أما فيما يتعلق بالتغَتات ادلطلقة بالتغَتات ادلطلقة ألشباف السلع كاخلدمات ‪ ،‬فإنو‬

‫ذبدر اإلشارة إُف أف الضريبة العامة على ادلبيعات من السلع االستهالكية ال يتم نقلها يف‬

‫صورة زيادة مطلقة يف أشباف السلع كاخلدمات اليت خضعت ذلذه الضريبة‪ ،‬ذلك أنو إذا ظلت‬
‫‪126‬‬ ‫الفكر االقتصادي والعبء الضريبي‬

‫أشباف عناصر اإلنتاج دكف تغيَت‪ ،‬فإف فرض الضريبة يؤدم إُف زيادة شبن السلع كاخلدمات اليت‬

‫خضعت ذلذه الضريبة يف الوقت الذم تظل فيو نفقة إنتاج كأشباف السلع اليت َف تفرض عليها‬

‫الضريبة دكف تغيَت‪ ،‬كىذا بافًتاض خضوع اإلنتاج لقانوف النفقة الثابتة‪.‬‬

‫كيف ىذا اخلصوص يثور سؤاؿ مؤداه ىل ىناؾ احتماؿ ألف يظل شبن السلع‬

‫كاخلدمات اخلاضعة للضريبة دكف أم تغيَت؟ كيرل "مسجريف" ‪ Masgrave‬ردان على ىذا‬

‫التساؤؿ أنو يًتتب على فرض الضريبة على منتجات القطاع األكؿ أف يزداد الطلب على‬

‫منتجات القطاع اآلخر‪ ،‬فيقل إنتاج القطاع األكؿ‪ ،‬كتنخفض أشباف عناصر اإلنتاج بو قبل أف‬

‫تنتقل ىي األخرل إُف رلاالت إنتاج القطاع اآلخر الذم َف تفرض عليو الضريبة‪ .‬كيًتتب‬

‫على انتقاؿ عناصر اإلنتاج إُف القطاع اآلخر اطلفاض أشباف السلع كاخلدمات هبذا القطاع‪،‬‬

‫كقد سبق أف رأينا أف الدخل احلقيقي دلستهلكي السلع اليت تنتج يف ىذا القطاع لن يتأثر يف‬

‫الوقت الذم يتغَت معو الدخل احلقيقي دلستهلكي السلع اليت تنتج يف القطاع الذم فرضت‬

‫عليو الضريبة‪.‬‬

‫كيعٍت ذلك أف ما ػلدث يف ىذه احلالة ىو تغيَت نسيب يف أشباف السلع كاخلدمات‬

‫كليس تغَتان مطلقان يف أشباهنا‪.‬‬


‫‪124‬‬

‫‪ -‬نقل الضريبة العامة على المبيعات إلى الخلف‪:‬‬

‫رأينا أف الضريبة العامة على ادلبيعات بالنسبة للسلع االستهالكية يتم نقلها إُف األماـ‬

‫من خالؿ زيادة أشباف ىذه السلع حيث يتحملها ادلستهلك‪ ،‬لكن ىل يتصور نقل عبء‬

‫ىذه الضريبة إُف اخللف؟‬

‫الواقع أنو ؽلكن نقل ىذه الضريبة إُف اخللف‪ ،‬إُف أصحاب عناصر اإلنتاج‪ ،‬كيتم‬

‫ذلك بتوافر شرطُت‪ ،‬األكؿ‪ :‬إذا كاف عرض ىذه العناصر ثابتان أم غَت مرف‪ ،‬كالثاين‪ :‬إذا‬

‫كانت معظم ادلشركعات زبتار ىذا الطريق كرباكؿ بعالن نقل عبء الضريبة إُف عناصر‬

‫اإلنتاج أم اخللف‪.‬‬

‫لكن إذا كاف عرض عناصر اإلنتاج مرنان‪ ،‬فإف أشباف ىذه العناصر لن تنقص كما يريد‬

‫ذلك أصحاب ىذه ادلشركعات‪.‬‬

‫كيف الوقت الذم يعتمد فيو نقل عبء الضريبة على ادلبيعات إُف اخللف على ىيكل‬

‫األسواؽ بالنسبة لعناصر اإلنتاج‪ ،‬كالسلوؾ ادلتبادؿ دلنحٌت العرض كالطلب‪ ،‬فإف نقل عبء‬

‫ىذه الضريبة إُف األماـ يعتمد باإلضافة إُف ظركؼ مركنة العرض كالطلب على موقف‬

‫احلكومة إزاء عملية نقل العبء الضرييب‪ ،‬ذلك أف نقص مكافآت عناصر اإلنتاج ؽلثل عبئان‬

‫أكرب من نقل العبء الضرييب إُف األماـ عن طريق زيادة شبن السلعة أك اخلدمة بقيمة‬

‫الضريبة‪ ،‬خاصة كأف الطبقات االجتماعية ليست متساكية إزاء العبء الضرييب‪.‬‬
‫‪124‬‬ ‫الفكر االقتصادي والعبء الضريبي‬

‫كإذا كاف فرض الضريبة ػلدث أثره كما رأينا يف رفع أشباف السلع كاخلدمات‬

‫االستهالكية‪ ،‬فهل يعزم االرتفاع العاـ يف األشباف فعالن إُف فرض الضريبة؟‬

‫حبق على ىذا التساؤؿ بأف ذلك ال ػلدث استجابة لفرض‬ ‫(‪)38‬‬
‫أجاب ديو ‪Due‬‬

‫الضريبة كإظلا يرجع أساسان إُف ازباذ إجراءات حيث يصعب ربديد آثار الضريبة ربديدان دقيقان‪،‬‬

‫خاصة إذا تعلق األمر بدراسات تطبيقية عن موضوع نظرية العبء الضرييب‪.‬‬

‫‪ -‬أثر الزمن على عبء الضريبة العامة على المبيعات‪:‬‬

‫تتم معظم ربليالت نقل عبء الضريبة العامة على ادلبيعات على أساس السلوؾ‬

‫احلدم لكل من ادلنتجُت كادلستهلكُت خالؿ الفًتات الزمنية ادلختلفة السالفة اإلشارة إليها‪،‬‬

‫يف حُت أف الواقع قد ؼلالف ىذا األسا‪ ،‬فتعظيم الربح من جانب ادلنتجُت أك ادلنفعة من‬

‫جانب ادلستهلكُت من خالؿ ىذه الفًتات ليس ىو القاعدة دائمان‪ ،‬ذلك أف ادلنظمُت أك‬

‫رجاؿ األعماؿ كثَتان ما يفضلوف توسيع نطاؽ السوؽ أماـ السلع أك اخلدمات اليت ينتجوهنا‬

‫أك يبيعوهنا هبدؼ أكرب ىو زيادة رقم أعماذلم‪.‬‬

‫ربليلهم لنقل عبء الضريبة على ادلبيعات بافًتاض أف‬ ‫(‪)39‬‬


‫كقد بٌت بعض الكتاب‬

‫ىدؼ البائعُت ىو ربقيق أعلى رقم أعماؿ من نشاطهم طادلا أنو مقتنعوف دبا حققوه فعالن‬

‫(‪ )34‬أنظر‪:‬‬
‫‪Due. J.F., Sales Taxation and The Consumer, The American Economic‬‬
‫‪Review "Communications', Vol. LIII No. 5 December 1963 pp. 1078-‬‬
‫‪1084.‬‬
‫(‪ )34‬أنظر‪:‬‬
‫‪124‬‬

‫من أرباح‪ ،‬كذلذا فإهنم يفًتضوف أف منحٌت الطلب يظل كما ىو خالؿ الفًتات ادلختلفة قبل‬

‫كبعد فرض الضريبة‪ .‬فطادلا أف ادلنظم يستهدؼ أساسان تعظيم ادلبيعات اإلصبالية سواء‬

‫تضمنتها الضريبة أـ ال‪ ،‬فإنو يف النهاية سوؼ ؽلتص الضريبة كلية يف حالة فرضها دكف تأثَت‬

‫على منحٌت الطلب على السلع اليت ينتجها أك يبيعها‪.‬‬

‫كمع أف ىذا الفرض قد ػلدث يف الواقع‪ ،‬إال أننا نرل أف طبيعة ادلشركع الرأمساِف ىي‬

‫ربقيق ىدؼ أساسي كىو تعظيم الربح‪ ،‬كمن ىنا فإف ادلنتج أك البائع يقوـ بنقل جزء على‬

‫االقل من عبء الضريبة على ادلبيعات إُف ادلستهلكُت‪ ،‬كيتحدد ىذا اجلزء على ضوء ظركؼ‬

‫مركنة العرض كالطلب السالفة اإلشارة غليها‪ ،‬كيف ىذا فإف الزمن يلعب دكران مؤثران على األقل‬

‫بالنسبة لعنصر ادلركنة‪ ،‬ذلك أف ادلركنة تزداد بزيادة عنصرا لزمن كتقل بنقصو‪ ،‬األمر الذم‬

‫يتعُت معو رغ مذلك عدـ إغفاؿ أثر الزمن على عبء الضريبة‪.‬‬

‫‪Somers H.M. "Theoretical Framework of Sales and use Taxation‬‬


‫‪Proceedings NTA 1961, p. 609.‬‬
‫‪135‬‬ ‫الفكر االقتصادي والعبء الضريبي‬

‫كنتابع بعد ذلك اإلشارة إُف عبء الضريبة على دخوؿ الشركات‪.‬‬

‫ثانياً‪ -‬عبء الضريبة على دخول الشركات أو األرباح‪:‬‬

‫‪The Incidence of Corporation Income Tax‬‬

‫زبضع أرباح الشركات للضريبة كما زبضع ذلا دخوؿ األفراد‪ ،‬كذبمع بعض القوانُت‬

‫الضريبية بُت ىذه األرباح كالدخوؿ ربت نظاـ ضرييب كاحد كما ىو احلاؿ يف رلموعة‬

‫القوانُت الضريبية بالواليات ادلتحدة األمريكية‪ ،‬كلذلك تسميها ىذه القوانُت بالضريبة على‬

‫دخوؿ الشركات ‪.The Corporation Income Tax‬‬

‫كلقد حظى موضوع عبء الضريبة على دخوؿ الشركات دبناقشات مستفيضة ينب‬

‫االقتصاديُت كرجاؿ األعماؿ كالسياسيُت‪ ،‬كخاصة يف الستينيات‪ ،‬كمع ذلك َف تصل ىذه‬

‫ادلناقشات حىت اليوـ إُف كشف أبعاد ىذا ادلوضوع سبامان (‪.)40‬‬

‫(‪ )45‬أنظر‪:‬‬
‫‪James M. Buchanan, Marilyn R. Flowers, The Public Finance, R.D. Irwin‬‬
‫‪U.S.A. 1975, pp. 290- 299; Musgrave R., Musgrave P. Public Finance in‬‬
‫‪Theory and Practice, Op. cit., pp. 415- 429; Arnold C. Harberges., "The‬‬
‫‪131‬‬

‫كإذا كانت ربليالت العبء الضرييب ليست كثَتة التعقيد بالنسبة لضريبة عامة أخرل‬

‫تفرض على الدخوؿ ادلتولدة من رأس ادلاؿ أك العمل بسبب إمكانية ذبنب ىذه الضريبة عن‬

‫طريق مزاكلة نشاطات أخرل ال زبضع ذلا‪ ،‬فإف األمر ليس كذلك بالنسبة للضريبة على‬

‫دخوؿ الشركات خاصة كإنو ال تتم مزاكلة بعض األنشطة إال من خالؿ شركات زبضع‬

‫دخوذلا ذلذه الضريبة‪.‬‬

‫كؽلكن أف نشَت باختصار إُف عبء ىذه الضريبة سواء يف أسواؽ ادلنافسة الكاملة أك‬

‫ادلنافسة غَت الكاملة يف ظل النظرية النيوكالسيكية (احلديثة) كما يلي‪:‬‬

‫‪Incidence of the Corporation Income Tax" Journal of Political Economy‬‬


‫‪Lxx, June 1962, pp. 215- 240.; Marian Krzyzaniak Richard Musgrave,‬‬
‫‪The shifting of the Corporation Income Tax. Op. Cit; R.J Gordon,‬‬
‫‪"Incidence of Corporation Income Tax 'American Economic Review,‬‬
‫‪VOL. LVII September 1961, pp. 731- 758.‬‬
‫‪132‬‬ ‫الفكر االقتصادي والعبء الضريبي‬

‫أ‪ .‬في أسواق المنافسة الكاملة‪:‬‬

‫‪ .1‬عبء الضريبة في الفترة القصيرة‪:‬‬

‫سبق أف رأينا أف الفًتة القصَتة ىي اليت ال ؽلكن معها تغيَت عناصر اإلنتاج الثابتة‬

‫كادلباين كاآلالت‪ ،‬كإف كاف ؽلكن تغيَت عناصر اإلنتاج ادلتغَتة كاألجور كادلواد األكلية‪.‬‬

‫كإذا افًتضنا أف االقتصاد القومي مكوف فقط من قطاعُت أك صناعتُت‪ ،‬فإنو إذا‬

‫فرضنا ىذه الضريبة على دخوؿ الشركات يف القطاع األكؿ‪ ،‬فإف ذلك يعٍت أف أصحاب رأس‬

‫ادلاؿ ادلستثمر يف ىذا القطاع‪ -‬كعنصر ثابت‪ -‬يتحملوف عبء ىذه الضريبة‪ ،‬كال يستطيعوف‬

‫تفاديها يف ىذه الفًتة القصَتة حىت كلو أرادكا التخلص من أصوذلم الرأمسالية عن طريق بيعها‬

‫كربويل استثماراهتم إُف القطاع اآلخر الذم َف تفرض عليو ىذه الضريبة‪.‬‬
‫‪133‬‬

‫كتنشأ هبذه ادلناسبة إذان ما يسمى بظاىرة استهالؾ الضريبة اليت سلفت اإلشارة إليها‬

‫(‪.)41‬‬

‫‪ .2‬عبء الضريبة في الفترة الطويلة‪:‬‬

‫إذا افًتضنا ابتداءن أف عرض رأس ادلاؿ يف الصناعة ككل ثابت‪ ،‬كأف عرض رأس ادلاؿ‬

‫بالنسبة لكل قطاع يف نفس الوقت كبَت ادلركنة كذلك بسبب الفًتة الطويلة اليت تسمح‬

‫بتحركو من قطاع إُف آخر حسب حجم العائد الذم ؽلكن أف ػلققو‪ ،‬كإذا افًتضنا كذلك‬

‫أف االقتصاد القومي مكوف من قطاعُت أك صناعتُت فقط‪ ،‬فإنو إذا فرضت الضريبة على‬

‫دخل رأس ادلاؿ ادلتولد من القطاع األكؿ‪ ،‬فإف العائد الصايف يف ىذا القطاع سوؼ ينقص‬

‫األمر الذم يتدفق معو رأس ادلاؿ من ىذا القطاع إُف القطاع اآلخر‪.‬‬

‫كنتيجة لذلك فإف الناتج يف القطاع األكؿ سوؼ ينقص‪ ،‬كسًتتفع أشباف ادلنتجات يف‬

‫ىذا القطاع‪ ،‬كيزداد معدؿ العائد اإلصباِف بالنسبة لرأس ادلاؿ الباقي بو‪.‬‬

‫(‪ )41‬أنظر فيما سبق‪ ،‬ص‪.18‬‬


‫‪134‬‬ ‫الفكر االقتصادي والعبء الضريبي‬

‫كعلى عكس ما ػلدث بالقطاع األكؿ‪ ،‬فإف الناتج سيزداد بالقطاع الثاين‪ ،‬فضالن عن‬

‫أنو سيتناقص بو يف نفس الوقت معدؿ العائد اإلصباِف لرأس ادلاؿ‪ .‬كيظل يتدفق رأس ادلاؿ‬

‫من القطاع األكؿ مع صايف عائد رأس ادلاؿ يف القطاع اآلخر حيث َف تفرض عليو الضريبة‪،‬‬

‫كذلك بافًتاض قياـ سوؽ ادلنافسة الكاملة من ناحية كعدـ كجود عوائق أماـ انتقاؿ رأس‬

‫ادلاؿ من ناحية أخرل‪.‬‬

‫كيف ىذه احلالة فإف عبء الضريبة ينتشر يف ىذين القطاعُت‪ ،‬كيعٍت ذلك أف عبء‬

‫الضريبة قد انتقل جزئيان إُف القطاع اآلخر ليتحمل بو كذلك رأس ادلاؿ الذم َف تفرض عليو‬

‫الضريبة‪ ،‬أم أف ادلستثمرين عمومان يف الفًتة الطويلة يشاركوف يف ربمل عبء الضريبة يف‬

‫القطاع األكؿ الذم فرضت بو ىذه الضريبة كيف القطاع الثاين الذم انتقل إليو جزء من ىذا‬

‫العبء‪.‬‬

‫ككنتيجة عامة‪ ،‬فإف فرض الضريبة يؤدم إُف نقص عائد رأس ادلاؿ عمومان على‬

‫مستول االقتصاد القومي‪.‬‬


‫‪135‬‬

‫كجدير بالذكر أف نشَت إُف أف نقص اإلنتاج بالقطاع األكؿ نتيجة لفرض الضريبة‪،‬‬

‫كانتقاؿ رأس ادلاؿ إُف القطاع اآلخر‪ ،‬يًتتب عليو زيادة الطلب على رأس ادلاؿ بالنسبة‬

‫للطلب على عنصر العمل أك العكس بالعكس‪ ،‬إذ يتوقف على الدكر الذم يلعبو كل منهما‬

‫يف العميلة اإلنتاجية‪ .‬فإذا كاف القطاع اآلخر يستخدـ عنصر رأس ادلاؿ بكثافة أكرب من‬

‫عنصر العمل‪ ،‬فإف الطلب على رأس ادلاؿ سيزداد عن الطلب على العمل األمر الذم يزداد‬

‫معو عائد رأس ادلاؿ قبل فرض الضريبة‪ ،‬كيف نفس الوقت يتناقص عائد عنصر العمل‪ .‬كىنا‬

‫يتناقص العائد الصايف لرأس ادلاؿ دبا يقل عن قيمة الضريبة‪ ،‬كما تتحمل األجور جزءان من‬

‫عبء ىذه الضريبة‪.‬‬

‫أما إذا كاف القطاع اآلخر يستخدـ عنصر العمل بكثافة أكرب من عنصر رأس ادلاؿ‪،‬‬

‫فإف كاسيب األجور سيجدكف أف عائد عنصر العمل يزداد بالنسبة لعائد رأس ادلاؿ الذم‬

‫يتناقص يف ىذه احلالة دبا يزيد عن مقدار الضريبة‪.‬‬


‫‪136‬‬ ‫الفكر االقتصادي والعبء الضريبي‬

‫وبالنظر إلى ظروف العملية اإلنتاجية‪ ،‬فإن ما يحدث من تغييرات بالنسبة لعوائد‬

‫عوامل اإلنتاج يتوقف على‪:‬‬

‫‪ .1‬نسب اجلمع بُت عنصرم رأس ادلاؿ كالعمل يف القطاعُت اللذين يتكوف منها‪-‬‬

‫فرضان‪ -‬االقتصاد القومي‪.‬‬

‫‪ .2‬مدل مركنة البديل سواء من رأس ادلاؿ أك العمل يف ىذين القطاعُت‪.‬‬

‫كقد أضاؼ ىاربرجر (‪ Harberger )42‬إُف ذلك شرطان ثالثان ىو مدل مركنة البديل‬

‫من منتجات القطاع األكؿ ليحل زلل منتجات القطاع اآلخر يف إشباع حاجة ادلستهلك‪.‬‬

‫‪ -‬عبء الضريبة وأثره على األثمان‪:‬‬

‫رأينا أنو نتيجة لفرض الضريبة بالقطاع األكؿ تناقص اإلنتاج هبذا القطاع‪ ،‬كترتب‬

‫على ذلك انتقاؿ رأس ادلاؿ إُف القطاع اآلخر‪ ،‬كمعٌت ذلك أف أشباف منتجات القطاع األكؿ‬

‫(‪ )42‬أنظػر‪Arnold C. Harberger. "The Incidence of The Corporation Income :‬‬


‫‪Tax" The Journal of Political Economy June 1962, reprinted in Arnold C.‬‬
‫‪Harberger. Taxation and Welfare, Little. Le Brown, 1974, pp. 135- 162.‬‬
‫‪134‬‬

‫سوؼ تزداد يف حُت تنخفض أشباف منتجات القطاع اآلخر األمر الذم ينخفض معو الدخل‬

‫احلقيقي لألسر اليت زبصص جانبان كبَتان من دخلها لإلنفاؽ على منتجات القطاع األكؿ يف‬

‫حُت يزداد الدخل احلقيقي لتلك األسر اليت زبصص جانبان كبَتان من دخلها لإلنفاؽ على‬

‫منتجات القطاع اآلخر‪.‬‬

‫كعليو إذا كاف الوزف النسيب للدخوؿ ادلرتفعة كبَتان كؼلصص أيضان لإلنفاؽ على‬

‫منتجات القطاع األكؿ‪ ،‬فإف ذلك يعٍت أف الضريبة على دخوؿ الشركات ضريبة تصاعدية‬

‫كذلك بالنظر إُف مصدر الدخل‪.‬‬

‫كنشَت بعد ذلك إُف عبء الضريبة يف أسواؽ ادلنافسة غَت الكاملة‪.‬‬

‫ب‪ .‬في أسواق المنافسة غير الكاملة‪:‬‬

‫‪ -‬عبء الضريبة في ظل االحتكار‪:‬‬

‫تستهدؼ ادلشركعات عمومان سواء يف ظل أسواؽ ادلنافسة الكاملة‪ ،‬أك يف ظل‬

‫أسواؽ االحتكار ربقيق أقصى ربح شلكن‪ .‬كذلذا فإنو إذا فرضت الضريبة على دخوؿ‬
‫‪134‬‬ ‫الفكر االقتصادي والعبء الضريبي‬

‫الشركات كنسبة من أرباحها‪ ،‬فإنو من الطبيعي أف تعمل ىذه الشركات على أف ربقق أكرب‬

‫قدر شلكن من أرباحها اإلصبالية‪ ،‬ذلك أنو إذا كاف معدؿ الضريبة مثالن ىو ‪ %48‬من الربح‪،‬‬

‫فإف النسبة الباقية كىي ‪ %52‬من ربح إصباِف قدره ‪ 5‬مليوف جنيو أفضل من ذات النسبة‬

‫من ربح إصباِف قدره ‪ 4‬مليوف جنيو‪.‬‬

‫كذلذا فإف ربقيق أقصى ربح شلكن من خالؿ ناتج معُت كشبن معُت ذلذا الناتج قبل‬

‫فرض الضريبة سيظل أفضل للمنتج أك البائع حىت بعد فرض الضريبة‪ .‬كدبعٌت آخر فإف احملتكر‬

‫كىو يرل أف أرباح الشركة اليت ػلتكرىا تتناقص بقيمة الضريبة‪ ،‬فإنو قد ال يعمل على نقل‬

‫ىذه الضريبة‪ -‬من خالؿ رفع الثمن‪ -‬إُف ادلستهلكُت‪ ،‬كيظل يف نفس الوقت زلققان رحبان‬

‫كبَتان‪ ،‬كىو يتبع ىذا األسلوب أحيانان إذا حرص أف يضع شبنان للسلعة اليت ينتجها أك يبيعها‬

‫عند مستول ػلقق لو إشباعان معينان يف احلصوؿ على الربح‪ ،‬كليس تعظيمان ذلذا الربح‪.‬‬

‫كمع ذلك فإف ادلنتج احملتكر إزاء فرض الضريبة يضع أمامو ىدفان أساسيان ىو ربقيق‬

‫أقصى ربح شلكن‪ ،‬كلذلك فإنو يبدأ باستغالؿ موقعو االحتكارم من خالؿ إنقاص الكمية‬
‫‪134‬‬

‫اليت ينتجها أك يبيعها لتتحقق لو إمكانية رفع الثمن حىت ال يتأثر مستول رحبو بقيمة ىذه‬

‫الضريبة‪.‬‬

‫فإذا كاف احملتكر أكثر من شخص كاحد‪ ،‬كىو ما يسمى باحتكار القلة‬

‫‪ ،Oligopoly‬فإف األمر ؼلتلف عن سوؽ االحتكار الكامل‪ ،‬ذلك أف الثمن يف ىذه احلالة‬

‫يتحدد كفقان إلرادة احملتكر القائد ذلذه اجملموعة يف قطاع معُت أك صناعة معينة‪ .‬فإذا حاكؿ‬

‫أحد احملتكرين العاديُت من ىذه اجملموعة أف ينفرد بتحديد شبن أعلى لسلعة معينة ينتج جانبان‬

‫منها‪ ،‬فإنو سيتعرض للخسارة إذ سيدخل يف منافسة مع غَته الذين يبيعوف بثمن أقل ضمن‬

‫ىذه اجملموعة االحتكارية‪.‬‬

‫كبالرغم من ذلك‪ ،‬فإنو إذا قاـ أحد احملتكرين برفع شبن السلعة اليت ينتجها على أثر‬

‫فرض ضريبة معينة عليو‪ ،‬فإنو سيجد من باقي أفراد اجملموعة االحتكارية تضامنان معو درءان دلا‬

‫يتهددىم صبيعان من نقص يف أرباحهم‪ ،‬كذلك دكف أف يتعرض دلنافسة من جانبهم‪ .‬كىنا‬

‫ينتقل عبء الضريبة إُف األماـ ليتحملو ادلستهلكوف ذلذه السلعة أك اخلدمة‪.‬‬
‫‪145‬‬ ‫الفكر االقتصادي والعبء الضريبي‬

‫كمع ىذا فإنو قد يًتتب على رفع شبن السلعة أك اخلدمة نقص يف حجم ادلبيعات‬

‫منها األمر الذم يؤثر من جديد على ىدؼ تعظيم الربح‪ ،‬كىنا يضطر احملتكر ألف يتحمل‬

‫جانبان من عبء الضريبة ليتدارؾ ىذا النقص من ناحية كسيظل زلققا ألكرب نسبة شلكنة من‬

‫الربح كهدؼ هنائي من ناحية أخرل‪.‬‬

‫‪ -‬الجوانب السلبية ألسلوب التحليل الكلي‪:‬‬

‫سبق أف رأينا أف أسواؽ السلع كاخلدمات يف اقتصاد معُت يرتبط كل منها باألخرل‬

‫حيث ربدث بينهما تأثَتات متبادلة ال يقتصر على شكل ىذه السوؽ كإظلا يؤثر كذلك يف‬

‫أسواؽ السلع كاخلدمات األخرل بباقي قطاعات االقتصاد القومي‪ .‬كنتيجة لذلك فإف‬

‫أسلوب التحليل اجلزئي الذم ينصرؼ إُف تفسَت التأثَتات ادلختلفة بالنسبة لنقل العبء‬

‫الضرييب يف قطاع أك صناعة معينة َف يعد يصلح لتفسَت العبء الضرييب على مستول‬

‫االقتصاد القومي‪ ،‬كمن ىنا مت اللجوء إُف أسلوب التحليل الكلي‪.‬‬


‫‪141‬‬

‫كبالرغم من أف أسلوب التحليل الكلي الذم سلفت اإلشارة إليو يأخذ يف اعتباره‬

‫االقتصاد القومي يف رلموعو متداركان يف ذلك ما قصر عنو أسلوب التحليل اجلزئي‪ ،‬فإنو يغفل‬

‫من ناحية أخرل دراسة اآلثار ادلباشرة لعملية نقل العبء الضرييب بُت ادلكلف القانوين‬

‫كادلكلف الفعلي هبا‪ ،‬كىي موضوع األسلوب األخَت‪ .‬ذلك أنو إذا كاف التحليل الكلي يهتم‬

‫بدراسة التغيَتات اليت ربدث يف توزيع الدخل نتيجة لفرض ضريبة معينة‪ ،‬فإف ىذا ادلوضوع‬

‫ؼلتلف يف أبعاده عن ردكد الفعل اليت ربدث نتيجة لفرض ىذه الضريبة على مكلف أك‬

‫أكثر‪ ،‬كىو ما يفتقده أسلوب التحليل الكلي‪.‬‬

‫كذلذا فإف أسلوب التحليل الكلي يركز أساسان على دراسة آثار النفقات العامة دبا‬

‫فيها الضريبة‪ ،‬أم أنو يربط بُت آثار الضريبة كآثار النفقات العامة‪ ،‬كقد سبق أف رأينا أف ىذا‬

‫الربط يكوف مكانو الطبيعي يف إطار نظرية ادلالية العامة ككل كليس دراسة اآلثار اليت تنفرد‬

‫الضريبة بإحداثها كمحور لدراستنا‪.‬‬


‫‪142‬‬ ‫الفكر االقتصادي والعبء الضريبي‬

‫كمن ناحية أخرل فإنو يصعب يف الواقع ربديد آثار فرض الضريبة على القطاعات‬

‫ادلختلفة باالقتصاد القومي ربديدان دقيقان كذلك بسبب تشابك احلياة االقتصادية كتأثرىا‬

‫بعوامل متعددة تتداخل مع بعضها‪ ،‬األمر الذم يكوف معو ربديد ىذه اآلثار من خالؿ‬

‫أسلوب التحليل الكلي رلرد مؤشر عاـ ذلذه اآلثار‪.‬‬

‫كأخَتان فإف ما سبق أف نسب ألسلوب التحليل اجلزئي من قصور يف فهم كتفسَت‬

‫الواقع االقتصادم الرأمساِف قائم أيضان بالنسبة ألسلوب التحليل الكلي‪ ،‬حيث عجز ىذا‬

‫األسلوب بدكره عن حل مشاكل ىذا االقتصاد كأبرزىا مشكلة التضخم يف ثنايا الركود اليت‬

‫يعاين منها اآلف‪.‬‬

‫)‪Powered by TCPDF (www.tcpdf.org‬‬

You might also like