Professional Documents
Culture Documents
0558 000 045 002x
0558 000 045 002x
األستاذ الدكتور
مقدمة:
درج كتاب ادلالية العامة عند دراسة اآلثار االقتصادية للضريبة أف يتبعوا منهجان من
اثنُت (:)1
األكؿ :يوسع من نطاؽ دراسة ىذه االثار لتضم إُف جوار آثار الضريبة ىذه آثار اإلنفاؽ
أما ادلنهج الثاين :فيدرس آثار الضريبة مع افًتاض ثبات النفقات العامة ،خاصةن كأف
حصيلة الضريبة قد ال زبصص يف السنة اليت حصلت فيها لتغطية النفقات العامة ذلذه السنة،
كما قد تستخدـ حصيلة الضريبة يف تكوين احتياطي للميزانية ،كفضالن عن ذلك قد يتم
سبويل النفقات العامة من مصدر إضايف غَت الضريبة مثل القركض العامة أك التضخم.
كسنأخذ بادلنهج الثاين على أساس أف تقتصر دراستنا يف ذلك على آثار الضريبة
فقط .كمن ناحية أخرل فإف شبة آثاران تنتج عن الضريبة على بعض الكميات االقتصادية
الكلية يف االقتصاد القومي ،كاإلنتاج كالدخل كاالدخار ،كال زبتلف الضريبة يف ذلك عن أم
( )1انظػػر يف ذلػػك :د .عبػػد اذلػػادم النجػػار ،مبػػادئ االقتصػػاد ادلػػاِف ،دار النهضػػة العربيػػة ،القػػاىرة ،1988 ،ص 216كمػػا
بعدىا.
44 الفكر االقتصادي والعبء الضريبي
عامل من العوامل اليت تؤثر على النشاط االقتصادم ،كمن مث ال تستقل الضريبة ىنا بطريقة
كمع ذلك فهناؾ آثار اقتصادية تنفرد الضريبة بطريقة خاصة إلحداثها حيث تنحصر
يف التوزيع االقتصادم للعبء الضرييب ،كتنصرؼ ىذه اآلثار إُف التعرؼ على من يتحمل
عبء الضريبة ،أم أثر الضريبة على الدخوؿ احلقيقة الصافية لألفراد أك جملموعة منهم كىو ما
ادلطلب الثالث :عبء الضريبة العامة على ادلبيعات كالضريبة على دخوؿ
الشركات.
المبحث األول
ؽلثل العمل الزراعي عند الطبيعيُت Les physiocratesيف فرنسا منذ منتصف
القرف الثامن عشر ادلصدر الوحيد للثركة ،كذلك على أساس أف الزراعة ىي النشاط الوحيد
الذم يغل ناذبان صافيان ،Produit netبعكس نشاط الصناعة كالتجارة فهما برغم منفعتهما
كيف ىذا اخلصوص يقرر الطبيعيوف كعلى رأسهم (كينيو) Quesnayأف الطبقة
ادلنتجة تضم الفالحُت كاألفراد ادلشتغلُت بالزراعة ،كمع ذلك فإف طبقة ادلالؾ ىي اليت زبتص
بريع األرض كجزء من الفائض ،كمن ىنا ربط الطبيعيوف بُت الفائض ادلتولد من نشاط
الزراعة كمصدر كحيد للثركة كالضريبة ،كأكصوا بأف تفرض ضريبة كحيدة Impot Unique
على الزراعة كتدفع من الناتج الصايف لألرض ،كحجتهم يف ذلك أف أم نوع من الضرائب ال
ؽلكن أف تتحملو يف النهاية سول الزراعة ألهنا النشاط الوحيد الذم يغل ناذبان صافيان .فإذا
تناكلت الضريبة نشاطي الصناعة كالتجارة ،فإهنا تؤدم إُف رفع أجور العماؿ كارتفاع أشباف
السلع كاخلدمات دبقدار الضريبة ،ككذلك احلاؿ إذا فرضت الضريبة على ملكية األرض
ابتداء ،فإف ادلالؾ سَتفعوف قيمة الريع الذم ػلصلوف عليو من الفالحُت مقابل االنتفاع
55 الفكر االقتصادي والعبء الضريبي
باألرض .كذلذا رأم الطبيعيوف أف توفر الدكلة جهدىا منذ البداية كتقصر فرض الضريبة على
الفائض الذم ػلققو ادلالؾ كادلزارعوف من نشاط الزراعة أم على ناتج األرض الصايف (.)2
كلسنا ىنا يف رلاؿ نقد فكر الطبيعيُت ،كإظلا يكفينا أف نقرر أف التصور اخلاطئ
لديهم عن العمل ادلنتج ىو الذم أدل إُف تورطهم يف القوؿ بأف الضريبة الوحيدة على الناتج
الصايف لألرض ىي اليت ربوؿ دكف انتقاؿ عبء الضرائب األخرل اليت ؽلكن فرضها –يف
كَف يذىب آدـ مسيث بعيدان عن فكر الطبيعيُت ،فهو ال يرل فرض الضريبة على
األجور ألف ذلك يعٍت أف عبء ىذه الضريبة سيقع على عاتق أصحاب األعماؿ الذين
يقوموف بنقلها إُف ادلستهلكُت من خالؿ رفع أشباف السلع كاخلدمات ،كإال فإهنم سيقللوف
كما ال يرل آدـ مسيث فرض الضريبة على أرباح أصحاب األعماؿ ألف ذلك يعٍت
انتقاؿ رأس ادلاؿ من فرع إنتاجي على آخر ىركبان من ربملو بعبء الضريبة على الربح ادلتولد
من فرع إنتاجي معُت ،كػلذر آدـ مسيث يف ذلك بأف أصحاب األعماؿ لن يستمركا يف
كذلذا فإف مسيث يرل أف أنسب مصدر إليرادات الدكلة من خالؿ الضريبة يتمثل يف
الريع العقارم ادلتولد من األراضي الزراعية كالعقارات ادلبنية ،فهو نوع من الدخل يتحقق دكف
( )2انظػر يف تفصػيل ذلػكShumpeter Joseph, History of Economic Analysis George :
Allen& Unwin London 1961 pp. 228- 232
51
جهد أك عناء كبَتين ،فضالن عن أف فرض الضريبة عليو ال يرتب أم رد فعل ضار ،كلن يؤثر
أما بالنسبة لريكاردك فقد أشار إُف قانوف الغلة ادلتناقصة يف الزراعة ،كالريع ادلطلق
كالريع الفرقي ،مث إُف نظريتو يف التطور االقتصادم حيث أكضح معها أف مصاٌف مالؾ
األراضي الزراعية تتعارض مع مصاٌف العماؿ كأرباب األعماؿ كاجملتمع كلو من بعدىم ،فينما
يفضل ادلالك الزراعي ارتفاع نفقات إنتاج القمح ،فإف ىذا ليس يف صاٌف ادلستهلك كال
أرباب الصناعة ،..كذلذا يستنتج ريكاردك أف ريع األرض ،كىو فائض يتولد عن ظركؼ
اقتصادية خارجة عن إرادة أصحاب األراضي ،يعترب أنسب مصدر للضريبة ،خاصةن كأنو
يزداد بزيادة السكاف كبزيادة الطلب على ادلواد الغذائية ،كليس لو أثر على ربديد أشباف السلع
كاخلدمات ادلختلفة.
كبالنظر إُف العماؿ كالرأمساليُت ،فإف ريكاردك يرل أف العماؿ ال ػلصلوف على
فائض ،كمن مث فإهنم ال يستطيعوف ربمل أم ضريبة ،أما الرأمساليوف فإنو أية ضريبة على
أرباحهم سوؼ تنقص من معدؿ تكوين رؤكس األمواؿ ادلعدة لالستثمار ،كذلذا فإف ريكاردك
يؤيد فرض الضريبة على ريع األرض خاص نة كأهنا تستقر على ىذا الوعاء ،كلن يكوف ذلا من
أثر إال على اإلنفاؽ على السلع الكمالية ،كىو أمر ػلقق االنسجاـ بُت مصاٌف طبقات
اجملتمع (.)4
كشلا يلفت النظر يف أفكار ريكاردك أنو قصر انطباؽ قانوف الغلة ادلتناقصة على
الزراعة ،يف حُت ثبت أنو قانوف عاـ يسرم على سائر فركع اإلنتاج.
كمن ناحية أخرل يفًتض ريكاردك قياـ سوؽ ادلنافسة الكاملة ،كإذا كاف ىذا الغرض
صحيحان يف فًتة سابقة ،فإف ىذه السوؽ أصبحت اآلف غَت كاقعية ،كال تكتسب أعلية إال يف
على أنو إذا كاف الفكر التقليدم قد اتفق عمومان على قصر فرض الضريبة على الريع
العقارم سواء ذلك ادلتولد من األراضي الزراعية أك العقارات ادلبنية ،فإف "ىنرم جورج" قد
توسع يف دراسة ىذه الظاىرة حيث بُت أف اتساع العمراف كالتقدـ احلضارم ،كتدخل الدكلة
للتأثَت يف احلياة االقتصادية كاالجتماعية ...كل ذلك أدل إُف زيادة الريع العقارم ،كمن مث
ذبد الدكلة ادلربر لتعيد جانب من الزيادة يف ىذا الريع من خالؿ الضريبة حىت ترد للمجتمع
كلو ما يعود عليو من تقدـ ،كدكف أف ؼلتص هبذه الزيادة صبيعها بعض أفراد ىذا اجملتمع (.)5
( )4أنظر:
Ricardo David, On the Principles of Political Economy and Taxation John
Murry. London, 1821 pp. 173- 174.
( )5أنظر:
Georg Henry, The Writings of Henery George. The Condition of Labor,
Doubleday, Doran& Co. Inc. New York 1930 pp. 11- 17.
53
كالواقع أف سبب قصر فرض الضريبة على الريع العقارم عند التقليديُت كمن بعدىم
من الكتاب إظلا يرجع إُف اعتقادىم يف أف عبء ىذه الضريبة ال ينتقل ،كمن مث فهو يف
نظرىم عبء هنائي ؽلثل استقراران مباشران للضريبة ،كيتحملو مالؾ العقارات كحدىم دكف أف
كجدير بالذكر أف نشَت إُف أف ىذا الذم ذىب إليو ىؤالء الكتاب غلانب الصواب،
ألف فرض الضريبة على الريع العقارم ػلدث أثره كذلك سواء بالنسبة لعنصر العمل أك رأس
ادلاؿ .فمثالن إذا فرضت ضريبة على الريع الزراعي ،فإف ذلك يعٍت أف الفالحُت الذين ؽللكوف
األرض اليت خضع ريعها للضريبة سيزيدكف من جهدىم لتعويض قيمة ىذه الضريبة ،كىذا
بافًتاض أف مالك األرض الذم ال يعمل كال يشارؾ برأس ادلاؿ ليس لو كجود على األقل يف
كحىت مع غياب ىذا االفًتاض فإف الضريبة ستحدث آثارىا ،إذا سينتقل على األقل
جزء منها إُف العماؿ الذين قد ينقصوف من عرض عنصر العمل حيث ينتج عن ذلك نقص
كمن ناحية أخرل فإف افًتاض أف مالك األرض يتحمل كامل الضريبة دكف أف
يتمكن من نقل عبئها ،بتجاىل أسلوب استخداـ النفقات العامة اليت تعطيها الضريبة
أساسان ،حيث يؤثر ىذا األسلوب يف ظلط توزيع الدخل القومي يف النهاية.
54 الفكر االقتصادي والعبء الضريبي
كما أف ىذا االفًتاض يتجاىل حقيقة مؤداىا أف األرض تعترب أصالن من األصوؿ
الرأمسالية ،كبفرض الضريبة على ريع ىذه األرض فإف ذلك ػلدث تغيَتات يف عرض العناصر
نظران لألعلية ادلتزايدة آلثار الضريبة على احلياة االقتصادية كاالجتماعية ،فقد ازدادت
األفكار اليت تعاًف ظاىرة العبء الضرييب بعد أف أعللت طويالن .كمع زيادة ىذه األفكار
تباينت ادلفاىيم حوؿ ربديد ادلقصود من العبء الضرييب ،Tax Incidenceفقد رأل
بعض الكتاب أنو يعٍت استقرار ىذا العبء على ادلموؿ النهائي .كيف ىذه احلالة يقتصر تعبَت
آثار الضريبة على التغَتات اليت ربدث للكميات االقتصادية الكلية كاالستهالؾ كاإلدخار
كيعٍت ذلك من ناحية أخرل أف استقرار الضريبة يعترب آثران من آثار فرض الضريبة،
كال يتحقق إال بفرضها ،كإف كانت ىناؾ آثار أخرل للضريبة تشًتؾ فيها مع أدكات ادلالية
كألنو قد يبدك أف التفرقة بُت اآلثار اليت تنفرد الضريبة بإحداثها شلثلة أساسان يف
العبء الضرييب كاستقرار الضريبة ،كاآلثار اليت ربدثها بالنسبة للكميات االقتصادية الكلية
ذات مظهر ربكمي ،فإف "مسجريف "Musgraveيشَت إُف أف للضريبة آثارىا األكلية
كآثارىا النهائية ،دكف أف تقتصر ىذه اآلثار على اآلثار النهائية فقط ،كمن ىنا فإنو يرل أف
استقرار الضريبة ال ينظر إليو إال من خالؿ ما يعرؼ بالتوازف الشامل أك أسلوب التحليل
الكلي (.)8
كيهمنا أف نشَت يف ىذا اخلصوص إُف أف الكتاب َف يتفقوا على ربديد مفهوـ زلدد
"انعكاس الضريبة" ليشمل استقرار العبء الضرييب من ناحية كآثار توزيعية مباشرة للضريبة
باإلضافة إُف اآلثار التوزيعية غَت ادلباشرة اليت تًتتب على فرض الضريبة كتعرؼ بانتشار
كمع ذلك فلسنا حباجة إُف تعبَت جديد طادلا أننا نركز فقط على اآلثار اليت تنفرد
الضريبة بإحداثها ،كاليت تتمثل أساسان باآلثار اليت تتعلق بالتوزيع االقتصادم للعبء الضرييب
حيث يتحدد من خالؿ ىذا التوزيع من يتحمل بالعبء الضرييب احلقيقي ،كيف ىذا تثور
( )4أنظر:
Musgrave Rechard A., Musgrove Peggy B., Public finance in Theory and
Practice, Second Edition,. McGraw- Hill Book Co. N.Y 1976 p. 385.
( )4أنظر :د .رفعت احملجوب ،ادلرجع السابق ،ص.334
56 الفكر االقتصادي والعبء الضريبي
كَف يقتصر اخلالؼ بُت الكتاب على ربديد مفهوـ العبء الضرييب على النحو
السالفة اإلشارة إليو ،بل تعداه إُف منهج دراسة آثار الضريبة ذاهتا على أساس أف دراسة
ظاىرة العبء الضرييب ال تتم إال يف إطار كوهنا أثران من آثار الضريبة ،فقد رأل بعض الكتاب
أف دراسة آثار الضريبة تعٍت دراسة آثار النفقات العامة ،على أساس أف الضريبة سبوؿ
النفقات العامة أساسان ،كذلذا فإف آثار الضريبة تتوقف على :االقتطاع من دخوؿ األفراد
كثركاهتم من ناحية ،كإنفاؽ الضريبة كحصيلة ذلذا االرتفاع من ناحية أخرل ،كمن ىؤالء
الضريبة دكف النفقات العامة ،خاصةن كأف حصيلة الضريبة قد ال زبصص لتغطية نفقات السنة
اليت حصلت فيها ،كما قد تستخدـ حصيلة الضريبة يف تكوين احتياطي للميزانية.
كالواقع أف نوع الدراسة ادلطلوبة ىو الذم ػلدد أم الطريقتُت طلتار ،فإذا كاف اذلدؼ
ىو الًتكيز على اآلثار اليت تنفرد الضريبة بإحداثها ،فإف ذلك يعٍت األخذ باألسلوب الثاين،
أما إذا أريد الربط بُت آثار الضريبة كالنفقات العامة فإف مكاهنا الطبيعي يكوف يف إطار نظرية
ادلالية ككل.
( )15انظر:
- Recktenwald Horst Claus, Tax Incidence and Income Redistribution,
An Introduction, Wayne State university Press Detroit 1971, p. 37.
( )11أنظر:
- Pigou, a study in public finance, London 1949, p. 72; Rolph earl R.
)The distribution of Government Burdens and benefits (Discussion
The American Economic Review May 1953, No. 2, pp. 508- 532.
54
كألننا نركز على العبء الضرييب كأثر من اآلثار اليت ػلدثها فرض الضريبة ،فإننا،
سنأخذ إذان بادلنهج الثاين دكف األكؿ ،أم دكف أف نتتبع اآلثار االقتصادية للنفقات العامة
كترتيبان على ذلك ،فإنو ؽلكن أف ننتهي إُف أف دراسة ظاىرة العبء الضرييب كآثاره
ادلختلفة تتم يف إطار دراسة اآلثار االقتصادية اليت تنفرد هبا الضريبة ،كيعٍت ذلك ضركرة
التعرؼ على من يتحمل بالعبء الضرييب ،أم ظاىرة نقل العبء الضرييب ،كما يرتبط هبا من
كألف الضريبة تقتطع جزءان من دخوؿ ىؤالء األفراد ،فإهنم قد يقوموف بالتهرب منها
كليان أك جزئيان ،أك قد يقوموف بإجراء تصرفات معينة تتحدد على أساسها كيفية توزيع اجلزء
الذم ؼلصص لالستهالؾ بُت السلع ادلختلفة ،ككيفية توظيف أمواذلم .كيشَت ذلك من
جديد إُف أف للضريبة آثارىا على األشباف ،كإف كانت ىذه اآلثار زبتلف باختالؼ السوؽ
السائدة.
كإذا كانت ظاىرة العبء الضرييب تعترب أثران من آثار فرض الضريبة ،فإف التنظيم الفٍت
للضريبة يؤثر بدكره على ىذا العبء ،كمن ىنا يتوقف مدل ثقل الضريبة إُف حد كبَت على
مدل كفاءة التنظيم الفٍت ذلا ،كذلك سواء بالنسبة للنظاـ الضرييب ككل أك بالنسبة لبعض
كنشَت بعد ذلك إُف اآلثار االقتصادية للعبء الضرييب يف ادلبحث الثاين.
54 الفكر االقتصادي والعبء الضريبي
المبحث الثاني
رأينا أف الضريبة تؤثر على نشاط الفرد عن طريق ما تقتطعو من دخلو ،كما يعكسو
ذلك من تعديالت يف نشاطو كإنتاجو ككيفية توزيع أموالو ،كتندرج ىذه اآلثار ربت ما
كألف ردكد الفعل اليت تًتتب على اقتطاع جزء من دخل الفرد تؤثر يف كافة أكجو
النشاط االقتصادم ،فإف ىذه اآلثار تشكل يف النهاية ما يعرؼ بالعبء الضرييب للجماعة،
أم العبء الضرييب على مستول النشاط االقتصادم القومي ،كىو ما يعٍت مدل ثقل
الضريبة على احلياة االقتصادية .كإذا كاف ما يعنينا اآلف ىو النوع األكؿ من العبء الضرييب
( ،)12كسنشَت الحقان إُف عبء الضريبة العامة على ادلبيعات كالضريبة على دخوؿ الشركات
مع ما تتضمنو ىذه اإلشارة إُف التغيَتات اليت ربدث يف االقتصاد القومي ككل.
على أنو ليس من الالزـ أف يتحمل بالعبء الضرييب احلقيقي الشخص الذم كلف
قانونان بتحملو ،أم الشخص الذم يدفع الضريبة من مالو اخلاص بصفة هنائية ،كإظلا قد
يتمكن ىذا الشخص من أف ينقل عبء الضريبة إُف غَته ..كمن ىنا فإف ظاىرة نقل
( )12فالتحليػ ػػل االقتصػ ػػادم للنشػ ػػاط ادلػ ػػاِف الػ ػػذم تقػ ػػوـ بػ ػػو الدكلػ ػػة يتضػ ػػمن مؤشػ ػػر التحليػ ػل االقتصػ ػػادم اجلزئػ ػػي كالكلػ ػػي
،Microeconomics& Macroeconomicsفتخصػػيص ادل ػوارد ،كتوزيػػع الػػدخوؿ كمػػا ي ػرتبط هبػػا مػػن
مشػػاكل بالنسػػبة للنشػػاط ادلػػاِف للدكلػػة يتطلبػػاف اسػػتخداـ التحليػػل اجلزئػػي ،أمػػا دراسػػة مشػػاكل االسػػتقرار االقتصػػادم
كالعمالة الكاملة ،كاستقرار مستول األشباف مثالن فإهنا تقتضي استخداـ أسلوب التحليل الكلي.
54
العبء الضرييب ،كاستقرار ىذا العبء يف النهاية على شخص معُت تفرض نفسها يف ىذا
اخلصوص.
كمن ناحية أخرل فإف ظاىرة نقل العبء الضرييب قد ترتبط هبا بعض الظواىر اليت
قد زبتلط هبا ،كىو ما يتعُت اإلشارة إليها يف ىذا اإلطار كذلك.
كألف الفكر ادلاِف قد انقسم كىو بصدد تفسَت ظاىرة استقرار العبء الضرييب إُف
نظرية تقليدية ترتكز على التحليل اجلزئي ،كنظرية حديثة تقوـ على التحليل الكلي ،فإف
اإلشارة إليهما سبثل ضركرة يف ىذا اخلصوص يف إطار تفسَت استقرار العبء الضرييب.
كعلى ذلك فإننا نستطيع أف نعاًف اآلثار االقتصادية للعبء الضرييب من خالؿ
ادلطلب الثالث :عبء الضريبة العامة على ادلبيعات كالضريبة على دخوؿ الشركات.
المطلب األول
ؽلثل نقل العبء الضرييب Tax Shiftingعملية يتوصل هبا دافع الضريبة أك
ادلكلف القانوين هبا إُف نقل ما دفعو كلو أك بعضو إُف الغَت ،كمعٌت ذلك أنو ليس من
الضركرم أف يكوف ادلكلف القانوين بدفع الضريبة ىو الذم يتحملها بصفة هنائية كذلك إذا
سبكن ىذا ادلكلف من نقل كل أك بعض الضريبة إُف آخر .فالتاجر ادلستورد لسلعة معينة
مثالن إذا دفع ضريبة صبركية على ىذه السلعة ،فإنو ؽلكن أف يقوـ بنقل عبء ىذه الضريبة
من خالؿ تضمُت شبن ىذه السلعة بقيمة الضريبة أم عن طريق تعلية عبء الضريبة على شبن
السلعة.
على أنو إذا ربمل ادلكلف القانوين هنائيان بقيمة الضريبة ،فإننا نكوف أماـ ظاىرة
االستقرار ادلباشر للضريبة ىنا أية صعوبة حيث تنتقص الضريبة من الدخل احلقيقي الصايف
دلن يدفعها ،أما الذم يثَت صعوبات يف ىذا الشأف فهو االستقرار غَت ادلباشر للضريبة أك
كيت حقق االستقرار غَت ادلباشر للضريبة إذا سبكن ادلكلف القانوين بالضريبة من نقل
عبء الضريبة إُف ثاف تربطو بو عالقة اقتصادية ،كمع أنو قد يتمكن ىذا الشخص األخَت
من نقل عبء الضريبة إُف ثالث ،كالثالث إُف رابع كىكذا ،فإف عملية نقل العبء الضرييب
تنتهي باالستقرار الفعلي زلققة بعد ذلك ما يسمى بظاىرة انتشار الضريبة.
كقد يتخلص ادلموؿ من عبء الضريبة إذا َف يتمكن من نقلو ،كذلك عن طريق
التهرب منها سواء بطريقة مشركعة اك غَت مشركعة ،كذلذا فإنو يتعُت بعد أف نشَت إُف صور
نقل العبء الضرييب كانتشار الضريبة أف نعرض إُف الظواىر اليت قد زبتلط بعملية نقل العبء
الضرييب كإُف أساليب التخلص من عبء الضريبة إذ ال تعدك صبيعها أف تكوف ظواىر مالية
ؽلكن أف نفرؽ يف ىذا الشأف بُت ثالثة أنواع من نقل العبء الضرييب نشَت إليها
قد يأخذ نقل العبء الضرييب صورة النقل إُف األماـ ،Forward Shiftingكما
إذا سبكن ادلنتج من نقل العبء الضرييب إُف ادلستهلك ،كقد يكوف ىذا النقل إُف اخللف
،Backward Shiftingكما إذا سبكن ىذا ادلنتج من زبفيض نفقات إنتاجو سواء من
خالؿ زبفيض أجور عمالو مثالن أك من زبفيض أشباف ادلواد األكلية ،أك من زبفيض أشباف ادلواد
62 الفكر االقتصادي والعبء الضريبي
األكلية أك من زبفيض نفقات اإلدارة كالدعاية ،كىنا يقاؿ إف عبء الضريبة قد انتقل إُف
اخللف.
كقد يكوف النقل إُف اخللف داخليان إذا مت يف نطاؽ ادلشركع أك خارجيان إذا مت بُت
،Sideward or Cross Shiftingكػلدث ىذا النقل إذا انتقلت الضريبة من سلعة إُف
قد يكلف ادلشرع الضرييب بعض األشخاص بدفع ضرائب معينة العتقاده بأهنم
سيتمكنوف من نقل عبئها ،إذا صلح ىؤالء األشخاص يف ذلك ،فإف النقل يكوف مقصودان.
كعلى العكس إذا كلف ادلشرع أشخاصان بالضريبة معتقدان عدـ إمكاف نقلها ،فإف نقل عبء
يكوف النقل كليان إذا سبكن ادلكلف القانوين بالضريبة من نقلها بالكامل إُف شخص
آخر ،أما إذا َف يتمكن ىذا إال من نقل جزء من الضريبة ،فإننا نكوف أماـ نقل جزئي لعبء
الضريبة.
كمع ىذه األنواع الثالثة من صور نقل العبء الضرييب ،فإنو ؽلكن أف ظليز بُت:
.1ضرائب ال ؽلكن نقل عبئها :كىي الضرائب على الًتكات ،كالضرائب على
يرتبطوف بأم نشاط زراعي أك صناعي أك ذبارم ،كمن ذلك الضرائب على
.2ضرائب ؽلكن نقل عبئها جزئيان :كىي الضرائب اليت تفرض على األشخاص
.3ضرائب ؽلكن نقل عبئها بالكامل :كىي الضرائب اليت تفرض على التداكؿ
كاإلنفاؽ كالتصرفات.
كمع ذلك فإف نقل العبء الضرييب -كما سنرل بعد ذلك -أمر ربكمو عوامل
اقتصادية كتنظيمية ،كيتوقف حجم ما ينقل من ىذا العبء على مدل ربقق ىذه العوامل
رلتمعة.
64 الفكر االقتصادي والعبء الضريبي
:)15( ىذا كؽلكن تصوير عملية نقل العبء الضرييب كما يتضح من الشكل التاِف
:) انظر15(
Recktenwald Horst Claus, Tax Incidence and Income Redistribution Wayne
State University Press, Detroit 1971, p. 34.
65
كيتضح من الشكل رقم ( ) 1أف عملية نقل العبء الضرييب تبدأ بعد صدكر قانوف
فرض الضريبة األمر الذم ػلدث ردكد فعل سلتلفة لدل دافعي ىذه الضريبة ،كىو ما ػلدث
عنو إحداث مسالك سلتلفة للعبء الضرييب الفعلي أك ما يسمى باالستقرار غَت ادلباشر
للضريبة.
كيشَت ذلك من ناحية أخرل إُف أف االستقرار ادلباشر للضريبة أقل تعقيدان من
االستقرار غَت ادلباشر ذلا نتيجة دلا ربدثو الضريبة من تغيَتات يف األشباف كالدخوؿ زبتلف
إذا ما ربمل الشخص العبء النهائي للضريبة ،فإف دخلو ينقص دبقدار ىذه الضريبة
األمر الذم يؤدم بو -على فرض بقاء العوامل األخرل على حاذلا -إُف احلد من إنفاقو على
االستهالؾ ،كىذا يع ٍت نقص دخوؿ من يزكدكنو بالسلع االستهالكية ،كىم بدكرىم ينقصوف
م ن إنفاقهم على االستهالؾ ...كىكذا حىت تنتشر الضريبة زلدثة اضطرابات اقتصادية
متعاقبة ،كإف كانت تنتهي حبالة توازف تنشأ من فرض الضريبة زبتلف عن حالة التوازف
ويمكن تصوير الفرق بين عملية نقل عبء الضريبة إذاً وظاىرة انتشار الضريبة
.1بينما يفرض انتشار الضريبة على الفرد الذم تستقر عنده حدان على االستهالؾ
سبتد إُف أصحاب ادلشركعات اليت تنتج السلع االستهالكية ،فإف نقل العبء
.2بينما يكوف نقل العبء الضرييب شلكنان بالنسبة لبعض الضرائب فقط كيف ظل
شركط معينة ،فإف ظاىرة انتشار الضريبة تتعلق بكل أنواع الضرائب ،إذ يًتتب
كمع ذلك فإف ظاىرة انتشار الضريبة -شأف ظاىرة نقل العبء الضرييب -ال تستمر
إُف ما ال هناية ،إذ تتدخل عوامل اقتصادية كتنظيمية زبفف من أثرىا ،كتقضي على فعاليتها:
ؼلتلف مفهوـ نقل العبء الضرييب عن غَته من الظواىر ادلالية األخرل مثل :حجز
( )16أنظر :د .زلمد دكيدار ،دراسات يف االقتصاد ادلاِف ،ادلكتب ادلصرم احلديث ،اإلسكندرية ،ص.229 -228
64
إذا قاـ صاحب العمل خبصم الضريبة اليت تستحق على مرتب العامل لديو ليقوـ
بتوريدىا إُف اخلزانة العامة ،فإف ذلك ال يعٍت أنو قاـ بنقل عبء الضريبة ،ألنو ليس ىو
ادلتحمل هبا أصالن ليقوـ بنقلها ،كإظلا العامل ىو الذم يتحمل هبا قانونان كمن مث يقع عبء
الضريبة عليو ،كيكوف دكر صاحب العمل إذان ىو خصم الضريبة من ادلنبع ،كليس خصمها
من ادلنبع إذان إال كسيلة جلبايتها ،كيف ىذا ؼلتلف خصم الضريبة من ادلنبع عن نقل عبئها.
:l'impot:
كيقصد باستهالؾ الضريبة أف يقوـ ادلشًتم دباؿ معُت ،لو صفة الدكاـ ،كمفركضة
عل يو ضريبة سنوية ،باقتطاع قيمة الضريبة من شبن ىذا ادلاؿ ،أك باقتطاع جزء منها للمدة اليت
كقد درست ىذه الظاىرة أكؿ األمر كأثر من آثار الضريبة بالنسبة للضريبة العقارية،
مث امتد نطاقها بعد ذلك إُف الضرائب األخرل إذا فرضت على دخل أمواؿ ال تنتقل بسرعة
( )14ؼلل ػ ػ ػػط بع ػ ػ ػػض الكت ػ ػ ػػاب ب ػ ػ ػػُت ظ ػ ػ ػػاىرة اس ػ ػ ػػتهالؾ الضػ ػ ػ ػريبة عل ػ ػ ػػى النحػ ػ ػػو ادلوضػ ػ ػػح عاليػ ػ ػػو كظػ ػ ػػاىرة ذبميػ ػ ػػد الضػ ػ ػريبة
Capitalization of Taxesعلى ضلو ما سنشَت إليو .أنظر:
Seligman E.R.A., Introduction to the Shifting and Incidence of Taxation,
Readings in the Economics of Taxation, The American Economic
Association, Irwin Illinois 1959, p. 204.
64 الفكر االقتصادي والعبء الضريبي
فلو افًتضنا أف عقاران قيمتو عشرة آالؼ جنية كيغل إيرادان قبل فرض الضريبة قدره
500جنيهان سنويان ،فإذا فرضت ضريبة سعرىا %20على اإليراد السنوم ذلذا العقار ،فإف
اإليراد الصايف للعقار ينخفض من 500جنيو إُف 400جنيو ألف ادلالك يدفع 100جنية
ضريبة.
كإذا كاف سعر الفائدة السارم ىو %5فإف قيمة العقار اليت تغل إيرادان قدره 400
جنيو سنويان يف ظل سعر الفائدة ىذا تنخفض إُف شباظلائة جنيو بدالن من عشرة آالؼ جنيو.
كتكوف النتيجة أف مالك ىذا العقار يتحمل كقت فرض الضريبة عبئها يف صورة نقصاف إيراد
العقار دبقدار الضريبة ،كنقصاف قيمة العقار دبقدار الضريبة رلمدة طيلة حياة العقار.
أما بالنسبة دلن يشًتم العقار ،فإنو ال يتحمل الضريبة ألنو يدفع شبنان للعقار قدره
8.000جنيو ،كػلصل منو على إيراد قدره 500جنيو ،كيدفع منو ضريبة قدرىا 100
جنيو ،كيبقى لو إيرادان صافيان قدره 400جنيو ،كىو ما يساكم الػ %5من ادلبلغ الذم دفعو
شبنان للعقار ،فهو إذان يدفع الضريبة دكف أف يتحمل عبئها ،كذلذا يقاؿ أف ظاىرة استهالؾ
الضريبة ؽلثل أحد صور نقل عبء الضريبة كعلى كجو التحديد النقل إُف اخللف (.)18
كلعل ىذا القوؿ ىو ما يدعونا إُف إبراز أكجو الفرؽ بُت ظاىريت استهالؾ الضريبة
كنقل عبء الضريبة ،ذلك أف نقل عبء الضريبة يتم بعد دفعها ،أما استهالؾ الضريبة
( )14أنظر:
DUVERGER, M. Finance Publique, Themis 1971, pp. 409- 413.
64
كمن ناحية أخرل فإف ظاىرة استهالؾ الضريبة تتطلب شركطان ال تنطبق بالنسبة
.1أف يكوف للمادة اخلاضعة للضريبة قيمة رأمسالية ،كقيمة إيرادية سنوية كاألسهم
.2أف يكوف ادلاؿ ادلشًتل قابالن للبقاء النسيب مثل العقارات ،كالقيم ادلنقولة ،ككسائل
اإلنتاج ،ألف استهالؾ الضريبة يتم بالنسبة للفًتات ادلستقبلة حيث غلرم خصمها
خالؿ كل ادلدة اليت يستثمرىا رأس ادلاؿ مقدمان كقبل دفع الضريبة.
.3أال تكوف الضريبة ادلفركضة عامةن تنطبق على سلتلف أنواع الدخوؿ ،كإال أدل ذلك
إُف زبفيض الدخوؿ صبيعها ،كىو ما يرفض معو البائع زبفيض شبن البيع دبقدار
كعلى ىذا األساس ،فإنو ال يشًتط مثالن بالنسبة لظاىرة نقل عبء الضريبة أف تكوف
الضريبة سنوية كمتجددة ،ألف نقل عبء الضريبة يتم أيان كانت مدة فرض الضريبة .كما ال
يشًتط يف ظاىرة نقل العبء الضرييب أال تكوف الضريبة عامة كذلك على التفصيل السالفة
:l'impot
يعترب ذبميد الضريبة أثران من آثار إبقاء ضريبة معينة أك زبفيض سعرىا عن ماؿ معُت
كالسندات احلكومية مثالن ،كيأخذ ىذا األثر صورة رفع قيمة العقار بنسبة تساكم نسبة
الضريبة ادللغاة أك ادلنخفضة ،فمثالن إذا رأل ادلشرع زبفيض سعر الضريبة السالف اإلشارة
إليها يف حالة استهالؾ الضريبة إُف %10بدالن من ،%20فإف قيمة العقار ترتفع من
8000إُف 9000جنيو ،دبعٌت أف قيمة العقار تزيد دبقدار القيمة اجملمدة للتخفيض يف
كإذا كانت ىذه الصورة تشَت إُف أف ىذا العقار قد استفاد من معاملتو ضريبيان
بتخفيض سعر الضريبة عليو ،فإهنا ال تشتمل على نقل ضرييب بادلعٌت السالفة اإلشارة إليو.
على أنو غلدر أف نشَت يف ىذا اجملاؿ إُف ظاىرة أخرل مؤداىا أف ادلنتج -كىو ؼلشى
أف ينقص الطلب على السلعة اليت ينتجها -ال يقوـ برفع شبن السلعة دبقدار الضريبة ،بل
يسعى لتحسُت إنتاجو فتنخفض نفقة اإلنتاج دبا يغطي قيمة الضريبة أك دبا يزيد من رحبو
نتيجة لتحسُت أداء العملية اإلنتاجية ،كىو ما ؽلكن تسميتو بتعويض الضريبة.
كإذا كاف بعض الكتاب يركف أف ىذه الظاىرة تسمى بظاىرة "طرح" الضريبة ،فإف
"سيلجماف" يرل أف ظاىريت نقل كاستهالؾ الضريبة علا ايضان دبثابة "طرح" للضريبة ،كذلذا
فإنو يقًتح تسمية ىذه الظاىرة بظاىرة "انتقاؿ" حالة الضريبة Transformation of
41
Taxesكذلك من حالة خسارة يتحمل هبا ادلموؿ من خالؿ دفعها إُف حالة ربح يتمثل
يف ربسُت أداء اإلنتاج كتغطية الضريبة كدبا قد يزيد عن قيمتها .كىنا بينما يتحمل ادلكلف
األصلي بالضريبة ،فإف ادلكلف األصلي ال يتحمل بالضريبة يف حالة نقل عبئها إُف آخر
الضريبة (.)20
تشكل الضريبة عبئان على ادلموؿ ،كذلذا فإنو ػلاكؿ أف يتخلص منها إذا َف ينجح يف
نقل عبئها ،كمعٌت ذلك أف ادلموؿ ،كادلكلف قانونان بأداء الضريبة ػلاكؿ عدـ دفع الضريبة
بأم كسيلة.
كيكوف التخص من أداء الضريبة على نوعُت :التجنب الضرييب ،التهرب الضرييب.
كيف ىذا النوع من التخلص من الضريبة يعمد ادلكلفوف إُف استغالؿ ثغرات القانوف
حيث ينفذكف منها للتخلص من أداء الضريبة ،كمن ذلك أف يقوـ ادلكلف بتوزيع أموالو على
كرثتو حياؿ حياتو عن طريق اذلبة ذبنبان لضريبة الًتكات إذا كاف ذلك جائزان كفقان ألحكاـ ىذه
الضريبة قبل إلغائها .فهنا َف ؼلالف ادلكلف القانوف كإظلا استغل ثغرة بو ،ككما إذا قاـ
ادلكلف اخلاضع للضريبة العامة على اإليراد يف حينها بشراء عقارات أك أكراؽ مالية باسم
أبنائو ابتداء ،فإنو يف ىذه احلالة يتخلص من تطبيق الضريبة على كل أموالو.
كقد يتحقق التجنب الضرييب من خالؿ امتناع ادلكلف عن ربقيق الواقعة ادلنشئة
للضريبة ،كما إذا امتنع عن استهالؾ السلعة اخلاضعة للضريبة ،أك امتنع عن استَتاد السلعة
.2التهرب الضريبي:
أما التهرب الضرييب فهو يتضمن إقناع ادلموؿ الذم توافرت معو شركط انطباؽ
الضريبة عن الوفاء هبا مستعينان يف ذلك بوسائل الغش أك التحايل .كذلذا فإف التهرب
الضرييب -يف ىذا اخلصوص -يرتبط بالغش الضرييب كيطلق عليو لفظ Illegitimate
.Evasion
كمع ذلك فإننا نرل أف الواقع العملي يقرر أف التهرب الضرييب يتم غالبان من خالؿ
إتباع كسائل غش كاحتياؿ سلتلفة ( ،)22كذلذا يصبح التهرب الضرييب غشان ،كيتم على أساس
كقد يقع التهرب دبناسبة ربديد كعاء الضريبة أك ربطها حينما ؼلفي ادلكلف بعض
ىذا الوعاء ،كقد يقع عند ربصيل الضريبة حينما ؼلفي ادلموؿ أموالو ليفوت على اإلدارة
كألف التهرب الضرييب ؼلل دببدأ العدالة يف توزيع األعباء العامة ،فضالن عن ضياع
حصيلة الضريبة على اخلزانة العامة ،فإف الدكلة تعمل على مكافحتو داخليان أك خارجيان.
كيف ىذا اخلصوص تلجأ الدكلة داخليان إُف تقرير جزاءات قانونية على من ؽلتنعوف
عن تقدمي إقراراهتم الضريبية أك يقدموهنا غَت صحيحة ،كما تلجأ إُف التوسع يف حجز
الضريبة من ادلنبع ،كيف مزاكلة حقها يف اإلطالع على نشاطات ادلمولُت أك ادلكلفُت سواء من
كتقرر بعض القوانُت الضريبية مكافآت معينة إذا صحت بالغاهتم عن نشاطات
أما على ادلستول اخلارجي ،فيتم عقد بعض ادلعاىدات اليت تكفل مكافحة التهرب
( )22أنظر يف بعض ىذه الوسائل :زلمد السعيد كىبة ،صور التهرب الضرييب ،الكتاب األكؿ يف نطاؽ الضريبة على األرباح
كالتجارية كالصناعية .1963
44 الفكر االقتصادي والعبء الضريبي
ؽلكن قياس العبء الضرييب عن طريق التعرؼ على التغيَتات ادلختلفة اليت يولدىا
فرض ضريبة معينة بالنسبة لدخل فرد أك رلموعة أفراد معينُت .ففرض ضريبة معينة على
شخص أك مشركع معُت يؤثر على دخلو من ناحية ككيفية استخداـ ىذا الدخل من ناحية
أخرل ،كالتغَتات اليت ربدث يف دخل كل منهما تسمح بقياس العبء الضرييب على ادلستول
أما بالنسبة لقياس العبء الضرييب على ادلستول الكلي أك اجلمعي Macro-
،incidenceفإف التغيَتات يف توزيع الدخل قبل كبعد فرض الضريبة تلعب دكران رئيسيان يف
ذلك سواء كانت ىذه التغيَتات شخصية أك قطاعية أك إقليمية أك نفسية ..إٍف.
على أنو لقياس العبء الضرييب على ادلستول الفردم أك اجلزئي ،فإف األداة الرئيسية
اليت ؽلكن االستعانة هبا يف ىذا اخلصوص ىي "منحٌت لورنز "Lorenz Curveالذم
كيف الشكل رقم ( ) 2ؽلثل احملور األفقي ـ أ النسبة ادلئوية لكاسيب الدخوؿ ضمن
( )23أنظر :د .حامد عبد اجمليد دراز ،دراسات يف السياسات ادلالية الدار اجلامعية للطباعػة كالنشػر ،1988 ،ص 396كمػا
بعدىا؛ كأنظر أيضان:
- Recktenwald Horst Claus, Tax Incidence and Income Distribution,
Op. cit., pp. 40-41.
45
فعند النقطة ف مثالن صلد أف %40من كاسيب الدخوؿ يتلقوف أيضان %40من
كبافًتاض أف ادلنحٌت ـ ؿ ب ؽلثل ظلط توزيع دخل ىذه اجملموعة عن طريق قول
العرض كالطلب ككما يولده السوؽ ،فإنو بعد فرض الضريبة ينتقل ىذا ادلنحٌت إُف الوضع ـ
ك ب معربان بذلك عن التوزيع اجلديد لدخل ىذه اجملموعة بعد تغيَت السياسة الضريبية.
كؽلكن قياس العبء الضرييب على ىذا األساس عن طريق مقارنة ادلساحات ادلختلفة
فإذا كاف معدؿ التغَت بُت ادلساحة ـ ك ب أ -كىي اليت سبثل التوزيع اجلديد للدخل
بعد فرض الضريبة -كادلساحة ـ ؿ ب أ ،أكرب من الواحد الصحيح ،فإف العبء الضرييب
يكوف عمومان متصاعدان ،Progressiveكبالتاِف يصبح توزيع الدخل نتيجة لفرض الضريبة
أما إذا كاف معدؿ التغَت بُت ذات ادلساحتُت أقل من الواحد الصحيح ،فإف العبء
الضرييب يكوف تنازليان ،Reressiveكيكوف التوزيع اجلديد لدخل اجملموعة نتيجة لفرض
كباالستعانة دبنحٌت لورنز السالفة اإلشارة إليو ،فإنو ؽلكن كذلك اختبار مدل صلاح
أك فشل القياس الضرييب أك االقتصادم من خالؿ التوصل إُف ذلك رقميان .فإذا كانت
ادلساحة ـ ؿ ب أ تشَت إُف اذباه السياسة الضريبية يف إعادة توزيع دخل ىذه اجملموعة من
خالؿ فرض ضريبة معينة ،كادلساحة ـ ك ب أ تشَت إُف العبء الضرييب الفعلي (االستقرار
غَت ادلباشر للضريبة) ،فإف االختالؼ بُت ادلساحتُت يوضح إُف أم حد صلحت أك فشلت
كبالرغم شلا يؤخذ على منحٌت لورنز ( ،)24فإنو ؽلكم أف يتخذ كأداة لقياس عبء
ضرييب أك سياسة اقتصادية معينة ،كإف كاف ذلك يعتمد يف النهاية على إمكانية التعرؼ على
( )24أنظر:
A. Mitchell Polinsky, Anote on the Measurement of Incidence, Public
Finance Quarterly Vol. 1, No. 2, April 1973, pp. 219- 227.
44
أبعاد التغَتات اليت تتحدد على أساسها ادلساحات اليت ؽلكن مقارنتها توصالن إُف اختبار
كيعٍت ذلك أف زلاكلة قياس العبء الضرييب يف الدكلة ادلتخلفة تكتنفها صعوبات
كمع ذلك ،فإنو ؽلكن إجراء بعض القياسات القريبة من الصحة جملموعة من
الضرائب ادلفركضة على السلع ،كمناقشة عبء بعض الضرائب إزاء مستول معُت من الدخل
كنشَت بعد ذلك إُف تفسَت استقرار العبء الضرييب يف ادلطلب الثاين.
( )25سػػبق أف قمنػػا دبحاكلػػة قيػػاس العػػبء الض ػرييب الفعلػػي يف ارتباطػػو بفكػػرة الفػػائض االقتصػػادم ،كعلػػى أسػػاس أف ترتكػػز
الطاقػػة الض ػريبية علػػى مفهػػوـ زلػػدد ذلػػذا الفػػائض كطريقػػة لتقػػديره يف قطػػاعي الزراعػػة كالصػػناعة .أنظػػر يف تفصػػيل ذلػػك
للكاتب :الفائض االقتصادم الفعلي كدكر الضريبة يف تعبئتو باالقتصاد ادلصرم ،ادلكتب ادلصرم احلديث ،اإلسكندرية،
.1974
44 الفكر االقتصادي والعبء الضريبي
المطلب الثاني
رأينا أف آدـ مسيث كمن بعده دافيد ريكاردك قد استخدما أسلوب التحليل الكلي
Macro- economiesيف تطوير كتفسَت ظاىرة العبء الضرييب ،كمع تطور النظرية
االقتصادية تطورت بالتاِف النظرة إُف ىذه الظاىرة كأصبح أسلوب التحليل اجلزئي Micro-
كمع ذلك فقد عاد بعض الكتاب كعلى رأسهم فيكسل Wicksellإُف استخداـ
كالواقع أف أسلوب التحليل اجلزئي ػلد نفسو يف إطار كحدة كاحدة من االقتصاد
القومي ،كادلستهلك الفرد أك األسرة أك ادلشركع أك سوؽ سلعة كاحدة مفركضة عليها ضريبة
معينة .كمع ىذا األسلوب فإنو ؽلكن حبث نقل عبء الضريبة من مكلف إُف آخر ،كبياف
ادلتحمل الفعلي هبا ،كآثار عملية نقل العبء الضرييب على طلب كعرض السلع كاخلدمات.
أما أسلوب التحليل الكلي فإنو يأخذ يف االعتبار االقتصاد القومي يف رلموعو،
حيث ينشغل بالتغيَتات اليت ربدث يف توزيع الدخل القومي نتيجة لفرض ضريبة معينة األمر
الذم ؼلتلف عن ردكد الفعل اليت ربدث نتيجة لفرض ىذه الضريبة على مكلف معُت أك
مكلف آخر.
44
ال يعدك أف يكوف فرض الضريبة كفقان ذلذا األسلوب رفعان لثمن السلعة ،كمن مث تعترب
نظرية العبء الضرييب امتدادان لنظرية القيمة كالوريث الفًتاضاهتا كبالتاِف لنقائصها ،كمن ىنا
فإف ربليل العبء الضرييب يرتكز على نظرية اإلنتاجية احلدية يف التوزيع The Marginal
نسب عناصر اإلنتاج اليت تكوف معها نفقة اإلنتاج أقل ما ؽلكن ،كربدد األشباف اليت يتحقق
ولتحليل العبء الضريبي على ىذا األساس ،فإن ثمة افتراضات تطرح في ىذا
الخصوص (:)26
.1قياـ سوؽ ادلنافسة الكاملة بُت عناصر اإلنتاج كبُت السلع كاخلدمات ادلختلفة.
( )26أنظر:
- Peter Mieszkowski, Tax Incidence Theory: The Effects of Taxes on
the Distribution of Income, Journal of Economic Literature,
December 1969 Vo. VII No. 4, p. 1103.
45 الفكر االقتصادي والعبء الضريبي
كنظران ألف سوؽ ادلنافسة الكاملة تأخذ أشكاالن أخرل زبتلف يف خصائصها عنها،
فإف ىذه السوؽ إذان تكوف سوقان غَت كاقعية ،كيكوف افًتاض قيامها إغلابيان فقط من ناحية
األول :كيتمثل يف التغيَتات اليت ربدثها الضريبة يف توزيع الدخوؿ يف القطاع الذم فرضت
فيو سواء باقتطاع جزء من دخل ادلكلف أك بنقل عبء الضريبة من مكلف إُف آخر أك
بالتخلص منها كليان أك جزئيان ،كتعرؼ ىذه اآلثار باآلثار التوزيعية ادلباشرة ،كىي اليت ينشغل
والثاني :كىو التغيَتات اليت ربدثها الضريبة يف توزيع الدخوؿ على مستول االقتصاد القومي
أم سواء يف القطاع الذم فرضت عليو أك القطاعات األخرل اليت َف تفرض هبا الضريبة،
كىي ما تعرؼ باآلثار النهائية للضريبة ،كتشمل اآلثار ادلباشرة كاآلثار غَت ادلباشرة.
كربدث ىذه اآلثار النهائية من خالؿ تغيَتات الطلب الكلي يف االقتصاد القومي،
ربدث الضريبة بعد فرضها تأثَتات معينة على عملية نقل العبء الضرييب زبتلف
باختالؼ شكل السوؽ ،كللتعرؼ على ىذه التأثَتات فإنو يتعُت دراسة عملية نقل العبء
.1ادلنافسة الكاملة.
.2االحتكار.
.3ادلنافسة االحتكارية.
ال يستطيع أم بائع أك مشًت يف سوؽ ادلنافسة الكاملة أف يؤثر منفردان على شبن
السلعة أك اخلدمة ،كذلذا فإف كثرة عدد البائعُت كادلشًتين شرط من شركط تكوف الثمن يف
ىذه السوؽ ،كفضالن عن ذلك فإف ادلعرفة الكاملة بأحواؿ السوؽ سبنع من االستئثار بفن
( )24أنظر:
Recktenwald Horst Claus, Tax Incidence and Income Redistribution, Op.
cit., pp. 122- 124, 59- 122; Musgrave R., Musgrave P. Public Finance in
Theory and Practic, Op. Cit., Chapter 16, 17; Marian Krzyzaniak,
Richard A. Musgrave, The Shifting of The Corporation Income Tax, The
Johns Hop kings press Baltimore 1963, pp 1-4.
42 الفكر االقتصادي والعبء الضريبي
إنتاجي متقدـ يكتسب بو منتج معُت ميزه على غَته من خالؿ إنتاجو بنفقة إنتاج أقل ،كمن
ىنا يتكوف الثمن يف سوؽ ادلنافسة الكاملة عند شبن التوازف ،كىو شبن كاحد كيتكوف يف فًتة
زمنية معينة.
كأخَتان فإف الثمن يف سوؽ ادلنافسة الكاملة يتناىف كتدخل احلكومات بإجراءات
كيتم تكوف الثمن يف سوؽ ادلنافسة الكاملة يف فًتة زمنية قد تكوف قصَتة جدان كقد
كيف الفًتة القصَتة يستطيع ادلنتج أف يغَت من حجم الكميات ،كيكوف السوؽ متوازنان
يف ىذه الفًتة إذا كانت نفقة اإلنتاج احلدية متساكية مع شبن السوؽ.
أما يف الفًتة الطويلة -كىي تلك الفًتة اليت تسمح بتغيَت اإلنتاج عن طريق تغيَت
حجم ادلشركعات كعددىا -فإف البحوث تبدأ من فرضية أف السوؽ تكوف موازنة يف ىذه
الفًتة إذا تساكل شبن السوؽ مع أقل مستول لنفقة اإلنتاج ادلتوسطة -متضمنان األرباح
يف ظل سوؽ ادلنافسة يثور سؤاؿ مؤداه كيف ؽلكن للطلب كالعرض أف يتالشيا يف
الفًتات ادلختلفة من خالؿ التغَتات اليت ربدثها الضريبة يف شبن التوازف إذا كاف على البائعُت
أف يدفعوا الضريبة على الكميات ادلباعة؟ كمن الذم يتحمل يف النهاية بالضريبة؟
43
غلدر بنا أف نشَت ابتداء إُف أف فرض الضريبة يؤدم إُف زيادة النفقة احلدية
كادلتوسطة للمنتجُت دبا يعادؿ قيمة ىذه الضريبة ،كمع ذلك فإف البائع ال يستطيع دبفرده أف
يرفع من شبن السلعة فور فرض الضريبة نظران ألنو ال يستطيع التأثَت دبفرده على السوؽ ،فضالن
على أنو إذا قاـ ادلنتج أك البائع برفع الثمن نتيجة لفرض الضريبة ،فإنو سيخسر
أما إذا ظلت أشباف السلع كاخلدمات كما ىي دكف تغيَت بالرغم من فرض الضريبة ،فإف ما
يتم عرضو يف السوؽ من جانب البائعُت سينقص ،األمر الذم يرتفع معو الثمن السائد يف
السوؽ -كذلك على فرض بقاء األشياء األخرل على حاذلا -كمن مث ينتقل عبء الضريبة
إُف ادلستهلك .كيتوقف مدل ارتفاع الثمن أساسان يف ىذه احلالة على مدل كثافة
Intensityالطلب الكلي كظركؼ ادلركنة بالنسبة لكل من الطلب كالعرض.
ب .عبء الضريبة في الفترة القصيرة جداً:
نعلم أف الفًتة القصَتة جدان ىي تلك الفًتة اليت ال يستطيع ادلنتج معها أف يغَت من
إنتاجو استجابة لتغَتات األشباف ،كيعٍت ذلك أف ادلنتج يتحمل بكل أك معظم عبء الضريبة
خاصةن إذا كاجهت مشاكل خاصة بالسيولة أك بادلركنة أك غَت ذلك من األسباب اليت تدعوه
كمع ذلك فإنو إذا كانت السلعة قابلة للتخزين كاحلبوب مثالن ،فإنو ؽلكن للمنتج أف
يزيد من عرض الكمية ادلعركضة عن طريق إخراج جانب من ادلخزكف كطرحو يف السوؽ يف
حالة ارتفاع الثمن عن الثمن السائد يف السوؽ ،كيف ىذه احلالة فإنو يستطيع أف ينقل عبء
الضريبة إُف األماـ يف حدكد ادلركنة النسبية اليت يتمتع هبا منحٌت عرض السلعة.
أما إذا اطلفض الثمن عن الثمن السائد يف السوؽ ،فإف ادلنتج ينقص الكمية اليت
يعرضها انتظاران للحصوؿ على شبن أفضل ،كىنا يتحمل بعبء الضريبة يف ىذه احلالة .كلكل
ال يستطيع ادلنتج يف ىذه الفًتة أف يغَت من حجم اإلنتاج إال من خالؿ تغيَت
عناصر اإلنتاج ادلتغَتة ،كرلرد زيادة النفقة احلدية كادلتوسطة بقيمة الضريبة ،فإف ذلك يعٍت
تناقص أرباح ىذا ادلنتج على فرض بقاء شبن السوؽ كما ىو نسبيان قبل فرض الضريبة.
على أنو إذا َف يتوقع ادلنتج تغيَتان يف الطلب ،فإف الكمية ادلنتجة تتناقص من ـ ؾ إُف
ـ َؾ كما يتضح من الشكل رقم ( ،)3كطادلا أف ادلنتجُت يقوموف باإلنتاج يف ظركؼ كاحدة
تقريبان ،فإف أحدان منهم سوؼ ال يضطر إُف اخلركج من دائرة اإلنتاج بسبب فرض الضريبة.
كنتيجة لنقص الكمية ادلعركضة ،فإف شبن السوؽ يرتفع إُف الدرجة اليت تتساكل معو
فيها النفقة احلدية ،كيكوف التوازف اجلديد يف ظل الفًتة القصَتة إذان أعلى منو يف ظل شبن
كيتضح من ذلك أف جانبان من الضريبة ؽلكن أف ينتقل إُف ادلستهلكُت حيث أف
سبق أف رأينا أف الفًتة الطويلة ىي تلك الفًتة اليت تسمح بتغيَت اإلنتاج عن طريق
تغيَت الطاقة اإلنتاجية ككل دكف تفرقة يف ذلك بُت العناصر ادلتغَتة كالثابتة .كما رأينا أف
الثمن قد ازداد يف الفًتة القصَتة نتيجة لنقص عرض السلعة أك اخلدمة ،كمع ذلك فإف الثمن
اجلديد أقل من أف يغطي كل نفقات اإلنتاج يف الفًتة الطويلة حيث ال يستطيع أم مشركع
فيها أف يبيع منتجاتو بثمن يقل عن تغطية جانب من نفقاتو كعلى األخص النفقات الثابتة،
كذلذا فإنو على ادلنتجُت أف ينقصوا من طاقاهتم اإلنتاجية إُف ادلرحلة اليت تتساكل فيها النفقة
كمع ذلك فإف إنقاص الطاقة اإلنتاجية ليس باألمر اليسَت يف الصناعات احلديثة اليت
ال تقبل التجزئة أك االنتقاؿ بسهولة من فرع إنتاجي إُف آخر .كمع توافر شركط ادلنافسة
الكاملة ،فإف ادلشركعات اليت فرضت الضريبة على منتجاهتا تستطيع فقط أف تعيد النظر يف
الكميات ادلطلوبة من السلع أك اخلدمات اليت تنتجها حيث ال تستطيع تغيَت الثمن دبفردىا.
كيتوقف ذلك بالطبع على شرط التوازف هبذه السوؽ ،كىو كما رأينا تساكم النفقة احلدية مع
شبن السوؽ .فإذا تعلق األمر بضريبة تفرض على أساس شبن البيع أك على أساس حجم
اإلنتاج ،فإهنا تؤثر على نفقة اإلنتاج حيث ينتقل منحٌت النفقة احلدية ضلو اليسار دبا يساكم
كؽلكن تصوير ذلك بيانيان يف الشكل رقم ( ،)4ذلك أف منحٌت النفقة احلدية
للمشركع يتقاطع مع منحٌت الطلب عند النقطة ث كذلك قبل فرض الضريبة ،كتلك ىي
فإذا فرضت ضريبة معينة ،فإف ذلك يؤدم إُف كضع توازف جديد ؽلر دبراحل معينة،
ففي مرحلة أكُف ينتقل منحٌت النفقة احلدية ليصبح ـ ف ح 2بدالن من ـ ف ح ،1كيبقى
كيف مرحلة تالية يتحقق نقص عاـ يف الكمية ادلنتجة على مستول الصناعة األمر
الذم يًتتب عليو نقص الكمية ادلعركضة يف السوؽ ،كنتيجة لذلك يرتفع الثمن السائد يف
كنستطيع أف نستخلص من ذلك أف الكمية ادلنتجة تنقص ،كأف الثمن يرتفع شلا
ىذا كتتحدد القاعدة العامة اليت ربكم نقل العبء الضرييب يف سوؽ ادلنافسة الكاملة
.1يأخذ ادلنتجوف يف اعتبارىم أف عبء الضريبة ؽلثل جزءان من النفقة ،كذلذا فإهنم
يضيفونو إُف شبن السلعة أك اخلدمة اليت يعرضوهنا ،األمر الذم ينتقل معو منحٌت
كعلى ىذا األساس يرتفع شبن التوازف اجلديد ( )29من ف إُف َف كبالتاِف تنقص الكمية
كيف ىذه احلالة يكوف ادلنتجوف قد صلحوا يف نقل نصف الضريبة إُف األماـ.
× ـ َؾ= فادلستطيل ؿ ك َف َؿ يشَت إُف قيمة الضريبة اليت مت نقلها إُف األماـ( .
أما ادلستطيل ىػ م ك ؿ فيوضح قيمة الضريبة اليت إما أف يتحملها ادلنتجوف بأكملها
( )24أنظر:
Recktenwald Horst Claus, Tax Incidence and Income Redistribution, Op.
cit., pp. 129- 131.
( )24يقصد بثمن ا لتوازف ذلك الثمن الذم تتساكل عنده الكمية ادلطلوبة من السلعة أك اخلدمة مػن جانػب ادلسػتهلكُت مػع
الكمية ادلعركضة من ذات السلعة أك اخلدمة من جانب البائعُت ،كتسمى ىذه الكمية يف ىذه احلالة بكمية التوازف.
45 الفكر االقتصادي والعبء الضريبي
.2بسبب نقص الكمية ادلباعة من ـ ؾ إُف ـ َؾ ،فإف الدكلة تفقد الضريبة اليت
الضريبة م ن ناحية ،كاخلسارة الناذبة عن عدـ بيع الكمية اليت من ؽلكنو إنتاجها
كبافًتاض أف الكمية ادلباعة استمرت دكف تغيَت ،فإف الدكلة كانت ستتحصل على
فبسبب تناقص العرض يتعرض ادلنتجوف لنقص يف أرباحهم سواء كاف مرجعو
تناقص ىذا التعامل أك تناقص الريع الفرقي ،كسبثل كل منهما على التواِف
ع منحٌت العرض.
-ع َ
ع 1منحٌت العرض بعد فرض الضريبة.
-عَ 1
-ؾ ف شبن التوازف قبل فرض الضريبة.
الواقع أف عملية نقل العبء الضرييب تتوقف أساسان على مدل مركنة طلب كعرض
ؼلتلف القدر من الضريبة الذم ؽلكن أف يتحمل بو ادلستهلك باختالؼ درجة مركنة
طلب كعرض السلعة ،ككمقولة عامة فإنو إذا كاف الطلب على السلعة أك اخلدمة ادلفركضة
عليها الضريبة مرنان تعذر نقل العبء الضرييب على ادلستهلك ،ككلما قلت مركنة الطلب على
ىذه السلعة أمكن نقل جانب كبَت من الضريبة إُف ىذا ادلستهلك.
أما إذا كاف عرض السلعة أك اخلدمة ادلفركض عليها الضريبة مرنان ،فإف ذلك يعٍت أف
اإلنتاج ؽلكن أف يتكيف بسهولة تبعان للظركؼ اليت فرضت معها الضريبة ،كذلذا فإنو ؽلكن
نقل جزء أكرب من الضريبة إُف ادلستهلك من خالؿ رفع الثمن يف مرحلة الحقة يتحقق معها
نقص عاـ يف الكمية ادلنتجة على مستول السوؽ كعلى التفصيل الذم سلفت اإلشارة إليو.
كعلى العكس من ذلك إذا كاف العرض غَت مرف ،فإف البائع يتحمل بالنصيب
ككقاعدة عامة فإنو يتم توزيع عبء الضريبة بُت ادلنتج كادلستهلك طبقان للعالقة
اآلتية:
ىذا كؽلكن اشتقاؽ تصوير نقل العبء الضرييب يف عالقتو دبركنة الطلب كالعرض
-مرونة الطلب:
يقصد دبركنة الطلب مدل حساسية ىذا الطلب بالنسبة لتغَتات األشباف ،فإذا كاف
التغَت احملدكد يف الثمن يؤدم إُف تغَت كبَت يف الكمية ادلطلوبة من السلعة أك اخلدمة قيل بأف
الطلب مرف .أما إذا كاف التغَت يف الثمن ال يؤدم إُف تغَت يسَت يف ىذه الكمية قيل بأف
كتطبيقان ذلذا ككما يشَت الشكل رقم ( )6صلد أف مركنة الطلب على البعد Range
ف َف على منحٌت الطلب ط َط قليلة ،يف حُت أف مركنة العرض كبَتة ،كذلذا فإف ادلستطيل
ادلظلل يشَت إُف مقدار الضريبة اليت مت نقل عبئها إُف األماـ ليتحملو ادلستهلك ،يف حُت أف
ادلستطيل غَت ادلظلل يشَت إُف القدر من الضريبة الذم ربملو ادلنتج أك البائع.
45
أما حالة الطلب ادلرف كالعرض قليل ادلركنة اليت يوضحو الشكل رقم ( )7فهي سبثل
احلالة العكسية للحالة األكُف سبامان حيث تزداد مع الطلب ادلرف درجة استجابة تغَتات
الكمية ادلطلوبة من السلعة أك اخلدمة نتيجة لتغَتات أشباهنا ،كمن ىنا فإف ادلنتج أك البائع
يتحمل بأكرب قدر من الضريبة يف حُت يتحمل ادلستهلك بأقل قدر منها.
46 الفكر االقتصادي والعبء الضريبي
أما إذا كاف الطلب عدمي ادلركنة ،فإف الثمن يرتفع بنفس مقدار الضريبة ،دكف أف
يكوف لذلك أم تأثَت على الكمية ادلنتجة أك ادلباعة .لكن إذا كاف الطلب ال هنائي ادلركنة،
فإف الثمن ال يرتفع بادلرة كنتيجة للضريبة ،كاألصل أف ىاتُت احلالتُت استثنائيتُت إذ الغالب
أف يكوف الطلب مرنان أك غَت مرف على التفصيل السالفة اإلشارة إليو.
44
-مرونة العرض:
يقصد دبركنة الع رض مدل االستجابة يف الكمية ادلعركضة من سلعة معينة على أثر
تغَت معُت يف شبنها ،كتتوقف مركنة العرض إُف حد كبَت على بعض العوامل كمنها:
أ .عنصر الزمن :ذلك أف ادلركنة تزيد باستمرار مع زيادة ادلدة ،كيعٍت ذلك أف
مركنة العرض تتوقف على مدل السهولة اليت يستطيع هبا كل مشركع أف
يزيد من عرضو للسلع كاخلدمات .كمن ناحية أخرل تتوقف مركنة العرض
على مدل السهولة اليت تتمكن هبا عناصر اإلنتاج من االنتقاؿ بُت فركع
اإلنتاج ادلختلفة ،كؼلتلف ذلك بالطبع حبسب ما إذا كانت الفًتة قصَتة
ب .درجة تزايد نف قة إنتاج كحدات العرض اإلضافية عن نفقة إنتاج الوحدات
ىذا كيتوقف ربديد من يتحمل عبء الضريبة على درجة مركنة عرض السلعة أك
اخلدمة ،فإذا فرضت الضريبة على سلعة عرضها مرف مركنة ال هنائية ،فإف البائعُت يستطيعوف
أف ي لقوا بعبء الضريبة كلها على ادلشًتم إذ يلجأكف إُف زبفيض العرض كبالتاِف رفع الثمن
ع دبا
كيوضح الشكل رقم ( )8ىذه احلالة ،حيث انتقل منحٌت العرض من ع إُف َ
يساكم قيمة الضريبة ،ككنتيجة ذلذا اطلفضت الكمية ادلعركضة من ـ ؾ إُف ـ َؾ كارتفع الثمن
أما إذا فرضت الضريبة على سلعة عرضها عدمي ادلركنة فإف ادلنتجُت كقد امتنع عليهم
أف يتحكموا يف ادلركنة ال يستطيعوف أف يقلوا بأم قدر من الضريبة على ادلشًتم ،كيوضح
كيتضح من الشكل رقم ( )9أف منحٌت العرض ؽلثل كمية ثابتة من السلعة ؽلكن أف
يباع بالثمن الذم ػلدده ادلشًتم احلدم يف ىذه احلالة حيث أف ادلنتجُت ىم الذين
كمع ذلك فإننا صلد -كما رأينا بالنسبة دلركنة الطلب -أف ىاتُت احلالتُت استثنائيتاف،
فإذا كاف العرض مرنان أمكن نقل اجلزء األكرب من عبء الضريبة إُف ادلستهلك كذلك
على النحو السالفة اإلشارة إليو بالنسبة للطلب ككما يوضحو الشكل رقم ( )10يف اجلانب
ادلظلل منو ،ألف اإلنتاج ؽلكن أف يتكيف بسهولة تبعان للظركؼ اجلديدة ،كذلك على عكس
ما إذا كاف العرض غَت مرف إذ ال يتسٌت لإلنتاج أف يتكيف سريعان كفق ىذه الظركؼ.
151
كذلذا فإف ادلنتج يتحمل باجلزء األكرب من الضريبة يف ىذه احلالة ،ككما يوضحها
رأينا أف زيادة شبن السلعة أك اخلدمة نتيجة لفرض الضريبة يًتتب عليو نقل العبء
الضرييب دبا يؤدم إُف انكماش الطلب يف الفًتة القصَتة ،أما يف الفًتة الطويلة فإف ذلك
كإذا كاف ادلنتج يتوازف يف سوؽ ادلنافسة الكاملة عندما تتساكل النفقة احلدية مع شبن
السوؽ ،فإنو بعد فرض الضريبة يتجو الثمن إُف التساكم مع نفقة اإلنتاج احلدية اجلديدة أم
تتحقق نفقة اإلنتاج ادلتناقصة إذا ترتب على زيادة إنتاج سلعة ما نقص يف نفقة
إنتاج الوحدة األخَتة منها ،كتزداد ىذه النفقة عند إنقاص الكمية ادلنتجة من ىذه السلعة،
كيقاؿ إذا أف ىذه السلعة زبضع يف إنتاجها لقانوف النفقة ادلتناقصة أك قانوف الغلة ادلتزايدة.
فإذا فرضت ضريبة على سلعة من ىذا النوع ،فإف شبن ىذه السلعة يتجو إُف االرتفاع
كؽليل إُف االستقرار عند نفقة اإلنتاج احلدية مضافان إليها الضريبة ،كذلذا فإف إنتاج كاستهالؾ
كألف نقص اإلنتاج يؤدم إُف زيادة نفقة إنتاج الوحدة من ىذه السلعة أك اخلدمة،
فإف نفقة اإلنتاج احلدية تكوف أكرب من نفقة اإلنتاج قبل فرض الضريبة ،كلذلك يرتفع الثمن
ث كثمن جديد حيث تكوف الضريبة مضافة إليها كقدرىا ىػ ف كما يتضح
من ـ ث إُف ـ َ
كاخلالصة يف ذلك أف فرض الضريبة ؼلضع إنتاجها لقانوف تناقص النفقة غلعل الثمن
تعٍت ىذه احلالة أف نفقة إنتاج الوحدة من السلعة تزداد عند زيادة الكمية ادلنتجة من
ىذه السلعة ،كتنقص بنقص إنتاجها ،كيقاؿ أف ىذه السلعة زبضع لقانوف تناقص الغلة ،كيف
ذلك يتجو الثمن إُف االرتفاع كؽليل الطلب إُف النقصاف فينقص إنتاج السلعة ،كيستقر الثمن
بعد ذلك عند نفقة اإلنتاج احلدية اجلديدة مضافان إليها الضريبة.
كلكن ألف نقص اإلنتاج يؤدم إُف نقص نفقة إنتاج الوحدة من السلعة أك اخلدمة،
فإف نفقة اإلنتاج اجلديدة تكوف أقل من النفقة السابقة عليها قبل نقص اإلنتاج ،كمن مث
كيعٍت ذلك أف فرض الضريبة على سلعة ؼلضع إنتاجها للنفقة ادلتزايدة غلعل الثمن
يتجو إُف الزيادة كلكن بأقل من مقدار الضريبة ،كذلك كما يتضح من الشكل رقم ()13
أما بالنسبة لنفقة اإلنتاج الثابتة ،فإنو إذا فرضت ضريبة على سلعة ؼلضع إنتاجها
للنفقة الثابتة حيث ال تؤثر زيادة اإلنتاج يف نفقة الوحدة األخَتة ادلنتجة من ىذه السلعة،
فإف الثمن يتجو يف ىذه احلالة إُف أعلى دبقدار الضريبة سبامان .كىنا تنتقل الضريبة ىػ ف
يكوف االحتكار كامالن إذا انفرد مشركع كاحد بإنتاج أك بيع سلعة معينة ليس ذلا
كيتوازف احملتكر يف حالة تساكم نفقة اإلنتاج احلدية مع اإليراد احلدم كذلذا فإف
احملتكر ػلدد شبن البيع ككمية اإلنتاج عند نقطة تتساكل معها نفقة اإلنتاج احلدية مع اإليراد
احلدم.
ففي حالة فرض ضريبة مباشرة على السلعة ،فإف ذلك يؤدم إُف زيادة نفقة اإلنتاج،
كيرتفع معها منحٌت النفقة احلدية ليقطع منحٌت اإليراد احلدم عند نقطة أعلى من النقطة
السابقة ،كيعٍت ذلك اطلفاض كمية اإلنتاج اليت ربقق التوازف كارتفاع شبن البيع الذم ػلقق
ىذا التوازف ،كيعٍت ذلك أنو سيحدث انتقاؿ جلزء من الضريبة يف ىذه احلالة.
كمع ذلك ،فإف احملتكر قد يًتدد يف رفع الثمن دبقدار الضريبة كلها خشية اطلفاض
الطلب خاص نة إذا كانت درجة مركنتو مرتفعة شلا يؤثر على صايف رحبو .فاحملتكر كىو
يستهدؼ ربقيق أقصى ربح شلكن يقدر مدل ما يصيب ىذا الربح يف حالة استبقاء الضريبة
( )31انظر:
Recktenwald Horst Claus, Tax Incidence and Income Redistribution, Op.
cit., pp. 134- 141; Musgrave R., Musgrave p., Public Finance in Teory
and Practice, Op. cit., pp. 448- 449.; Arthur A. Bayer, Shifting of the
Corporation Income Tax and Various Theories of Firm Behavior Public
Finance Volume xxv/ xxveme Annee No. 4- 1970 pp. 449- 453.
154
على عاتقو أك يف حالة نقل عبء الضريبة ،مث ؼلتار بعد ذلك احلل الذم ػلقق لو أكرب قدر
من الربح.
كنظران ألف الطلب على منتجات احملتكر ؽليل عمومان ألف يكوف قليل ادلركنة ،فإف
جزءانكبَتان من الضريبة ينتقل إُف ادلستهلك ،كمن مث ال يتأثر كثَتان بفرض الضريبة.
كؽلكن تصوير أبرز اذباىات عملية نقل العبء الضرييب يف سوؽ االحتكار كما
يتضح من الشكل رقم ( )15حيث يتوازف احملتكر عند النقطة اليت يتالقى منها منحٌت النفقة
احلدية ـ ف ح مع منحٌت اإليراد احلدم ـ أ ح ،كيف ىذه احلالة يتحدد حجم اإلنتاج بالبعد
االحتكارية احملققة.
115 الفكر االقتصادي والعبء الضريبي
على أنو إذا فرضت ضريبة معينة على السلعة اليت ينتجها ىذا احملتكر كعلى فرض أنو
ؼلضع يف إنتاجو لقانوف النفقة ادلتزايدة ،فإننا سنجد أف منحٌت النفقة احلدية كمنحٌت النفقة
111
ادلتوسطة ينتقالف إُف أعلى حيث يصبحاف ـ ف َح ،ـ ف َـ ،كنكوف أماـ نقطة توازف جديدة
كيتحدد مستول اإلنتاج عند ىذه النقطة بالبعد ـ َؾ ،كما يتحدد مستول الثمن
ث ع م ىػ.
ث ،كيقابل ذلك ربح احتكارم يعرب عنو بادلستطيل َ
بالبعد ـ َ
األكؿ ،كيعٍت ذلك أف ربح احملتكر بعد فرض الضريبة أقل منو قبل فرضها ،كمن ىنا فإف
احملتكر ال يستطيع أف ينقل إُف ادلستهلك كل العبء الضرييب إذ األمر يرتبط -كما رأينا-
أساسان هبيكل النفقة اليت يتحملها ىذا احملتكر ،كيتحدد على أساسها الربح الذم ػلققو.
كيف حالة فرض ضريبة كنسبة من أرباح احملتكر ،فإف فرضها ال يغَت من الكمية أك
الثمن كما ربدد عند كضع التوازف السابق ،كلذلك فإف احملتكر يتحمل الضريبة ألنو يكوف قد
حدد قبل فرض الضريبة حجم اإلنتاج كالثمن دبا يضمن لو أكرب قدر من األرباح .كليس من
صاحلو مع ثبات النفقة احلدية كاإليراد احلدم أف يغَت من حجم إنتاجو كمن شبن البيع ،كذلذا
فهو يتحمل يف ىذه احلالة عبء الضريبة كينقص بالتاِف دخلو بسببها.
112 الفكر االقتصادي والعبء الضريبي
ال ذبد سوؽ ادلنافسة الكاملة أك االحتكار الكامل شكلها التقليدم السالفة اإلشارة
إليو يف ا القتصادات الرأمسالية احلالية كاليت يغلب على ىيكلها االقتصادم الطابع الصناعي.
فمثالن إذا فقدت سوؽ ادلنافسة الكاملة شرط التجانس بُت السلع اليت تباع يف ىذه السوؽ-
كشرط أساسي من شركط تكوف سوؽ ادلنافسة الكاملة حيث يًتتب على توافره أف تعترب
كل سلعة بديالن كامالن تقريبان عن األخرل -فإف ىذه السوؽ تتحوؿ إُف سوؽ منافسة
كؽلكن أف يتخلف شرط التجانس من خالؿ ربقق ميزة معينة يف إنتاج سلعة ما يف
مكاف معُت عنو يف مكاف آخر ،كاالختالؼ يف النوع ،كالظركؼ الشخصية اليت تربط ادلنتج
بادلستهلك أك العكس سواء عن طريق ربديد شبن السلعة فًتة أطوؿ يف نطاؽ زلدد أك
تسليمها على كجو معُت ...إٍف ،كلذلك فإف ادلنتج يف ظل سوؽ ادلنافسة االحتكارية يفًتض
أنو يستطيع أف ػلتفظ دبجموعة معينة من ادلستهلكُت حىت يف ظل رفع شبن السلعة إُف حد
( )32أنظر:
Rectenwald H.C, Tax Incidence and Income Redistribution, Op. cit.,
pp.143- 147.
-د .عب ػػد ادل ػػنعم ف ػػوزم ،د .عب ػػد الك ػػرمي ص ػػادؽ برك ػػات ،د .ي ػػونس البطري ػػق ،د .حام ػػد دراز ،اقتص ػػاديات ادلالي ػػة
العامة ،منشأة دار ادلعارؼ ،اإلسكندرية ،1970 ،ص.282 :281
113
ما ،فضالن عن أنو يستطيع أف يزيد من عددىم إذا خفض شبن ىذه السلعة ،كلذلك فهو
على أنو إذا َف ينجح ادلنتج يف ظل سوؽ ادلنافسة االحتكارية كلية يف إلغاء أثر شرط
التجانس بُت كحدات السلعة كأحد شركط سوؽ ادلنافسة الكاملة ،فإف ذلك يعٍت أف لكل
من ىذه الوحدات بديل ،كمن مث تزداد مركنة الطلب على ىذه السلعة اليت ينتجها ىذا
ادلنتج ،األمر الذم يكوف معو الثمن يف ىذه احلالة قريبان منو يف ظل سوؽ االحتكار أك سوؽ
ادلنافسة الكاملة حسب درجة توافر البديل بُت كحدات ىذه السلعة.
فإذا فرضت ضريبة على سلعة معينة يف سوؽ ادلنافسة االحتكارية فإف الثمن يتجو
عمومان إُف االرتفاع ،كألف عدد ادلشركعات يف السوؽ زلدكد ،فإف االختالؼ يف النفقات
نتيجة لفرض الضريبة يؤدم إُف أف تصبح األرباح عادية يف الفًتة الطويلة ،كتتوقف زيادة
ادلبيعات على حجم نفقات الدعاية كاإلعالف شلا تزداد معو النفقات ادلتوسطة من جديد
كبسبب نقص عدد ادلشركعات يزداد الطلب على منتجاهتا عن ذم قبل ،فتتولد
الفرصة لنقل عبء الضريبة كلية إُف األماـ خاصة كأف رفع الثمن يتم دبعدؿ يزيد عن مقدار
الضريبة.
114 الفكر االقتصادي والعبء الضريبي
كؽلكن القوؿ بصفة عامة أف قدرة ادلنتج على نقل عبء الضريبة إُف ادلستهلكُت يف
ظل سوؽ ادلنافسة االحتكارية يتوقف إُف حد كبَت -فضالن عن مدل مركنة طلب كعرض
السلعة -على ما يتوقعو من مسلك ادلنتجُت اآلخرين إزاء فرض الضريبة عليهم.
كمع ذلك ،فإف مسلك ادلنتجُت عمومان يتصف بالتضامن كادلوافقة على رد فعل أم
منهم ضلو زيادة شبن السلعة أك اخلدمة على أثر فرض ىذه الضريبة كذلك يف حدكد ظركؼ
تلك ىي أىم العوامل اليت ربدد عملية نقل العبء الضرييب يف ظل النظرية التقليدية
كعلى أساس التحليل اجلزئي ،كقد رأينا معها ابتداء تركيز ىذا األسلوب على نقل العبء
كقد أغفلت ىذه النظرية من ناحية أخرل ربليل نقل العبء الضرييب يف مراحل
الدكرة االقتصادية ،فمن ادلعركؼ أف االقتصاد الرأمساِف يتطور تطوران غَت متوازف من الناحية
الزمنية كادلكانية ،كؽلر -من الناحية الزمنية -دبراحل أربعة للدكرة االقتصادية ىي األزمة،
كاالنكماش ،كاالنتعاش ،كالتوسع .كَف تعرض النظرية التقليدية يف ربليل العبء الضرييب
لدراسة نقل ىذا العبء يف فًتة األزمة مثالن إذ أنو يصعب نقل ىذا العبء يف ىذه الفًتة
كنستطيع أف نضيف إُف ذلك أف تفسَت استقرار العبء الضرييب على أساس أسلوب
التحليل اجلزئي غلرده من باقي العوامل االقتصادية كاالجتماعية كالسياسية كالنفسية ،كتأثَتىا
يف ربديد إمكانية نقل العبء الضرييب .فمثالن َف تعرض ىذه النظرية إُف صعوبة إمكانية نقل
العبء الضرييب إُف اخللف يف حالة كجود اربادات عماؿ قوية بعكس ما إذا كاف ىؤالء
كذلك هتمل النظرية التقليدية يف تفسَت استقرار العبء الضرييب حالة األشباف اليت
اعتاد ادلستهلكوف دفعها منذ زمن طويل حيث يؤثر ادلنتج تغيَت الكمية أك النوع على رفع
الثمن.
كأخَتان كليس آخران فإف دراسة موضوع نقل العبء الضرييب ىي دراسة سلوكية
كلعل ىذه االنتقادات اليت توجو إُف أسلوب التحليل اجلزئي للعبء الضرييب نابعة
أصالن عن قصور ىذا األسلوب يف فهم الواقع االقتصادم الرأمساِف ذاتو سواء يف شقو ادلتقدـ
أك ادلختلف ،ككفاه أنو عجز عن تفسَت ظاىرة التخلف كبالتاِف توصيف السياسة االقتصادية
أم ا على مستول االقتصاد الرأمساِف ادلتقدـ فقد عجز ىذا األسلوب كذلك عن حل
مشاكلو مثل ظاىرة التضخم يف ثنايا الركود اليت يعٍت منها اآلف ،كذلذا نادل بعض
االقتصاديُت األمريكيُت مثل ستيفاف مارجلُت بضركرة العودة إُف أسلوب التخطيط الشامل
116 الفكر االقتصادي والعبء الضريبي
كادلركزم للسيطرة على القرارات اخلاصة باالستهالؾ كاالستثمار ،كإف كاف يأخذ هبذا
التخطيط يف ظل ادللكية اخلاصة .كنتابع بعد ذلك عرض أسلوب التحليل الكلي يف تفسَت
رأينا أف التحليل اجلزئي للعبء الضرييب يفًتض أف فرض ضريبة على سلعة معينة
ػلدث تأثَتات سلتلفة على عميلة نقل العبء الضرييب يف قطاع معُت ؼلتلف باختالؼ
كنظران ألف أسواؽ السلع كاخلدمات يف اقتصاد معُت يرتبط كل منها باألخرل،
كربدث فيما بينها تأثَتات متبادلة ،فإف ذلك يعٍت أف أثر الضريبة على توازف سوؽ سلعة
معينة ال يقتصر على شكل ىذا التوازف بالنسبة ذلذه السوؽ ،كإظلا يتعداه زلدثان اضطرابات
معينة يف توازف أسواؽ باقي قطاعات االقتصاد القومي .فمثالن إذا فرضت ضريبة معينة على
استهالؾ الكهرباء ،فإف ذلك لن ػلدث أثره فقط بالنسبة لثمن استهالؾ ىذه السلعة ،كإظلا
سيتع داه إُف الطلب على كل استخدامات الكهرباء ،ككذلك الطلب على الغاز الذم يعترب
بديالن عن الكهرباء سواء يف عمليات إعداد الطعاـ أك التدفئة يف البالد اليت تستخدمو يف
ىذا الشأف.
114
كليس من شك يف أف انتقاؿ منحٌت الطلب بالنسبة للسلع كاخلدمات اليت ؽلكن أف
تعترب تكميلية لالستخداـ األساسي للكهرباء ،لو تأثَته على نشاطات إنتاج كاستخداـ ىذه
السلع كاخلدمات.
فإذا أضفنا إُف ذلك أف جانبان كبَتان من الصناعات ادلختلفة تستخدـ الكهرباء
كمدخل يف إنتاجها ،فإنو ؽلكن أف يستبُت لنا إُف حد يؤثر فرض الضريبة على استهالؾ
التحليل اجلزئي ال يصلح لتفسَت نقل عبء الضريبة اليت تفرض على صبيع القطاعات كضريبة
عامة.
كعلى ىذا األساس حققت نظرية العبء الضرييب تطوران يف اذباىُت (:)34
األكؿ :كىو ما يسمى بعبء ادليزانية أك عبء النفقات العامة"Balanced- Budget :
( )33انظر:
- Brochier et Tabationi, "Economie Finaciere", Themis P.V.F, Paris
1959, p. 276.
( )34أنظر:
- ;Mieszkowski Peter; Taz Incidence Theory. Op Cit., p. 1105
Musgrave R.
- Musgrave R, P.: Public Finance in Theory and Practice, Op. cit., pp.
379- 380.
114 الفكر االقتصادي والعبء الضريبي
كربقق فكرة عبء ادلوازنة العامة أك عبء النفقات العامة كفقان ذلذا االذباه ميزة
إمكانية حساب الزيادة ادلطلقة يف الدخل احلقيقي الناذبة عن فرض ضريبة معينة كذلك
بصورة أكفأ من احملاكلة احملدكدة للتوصل إُف ذات النتيجة عن طريق تتبع تغَتات الدخل
كما أنو ؽلكن افًتاض أف عبء النفقات العامة يتحقق معو احلياد يف توزيع الدخل
القومي.
أما بالنسبة دلفهوـ العبء الفرقي فيقصد بو التغَتات التوزيعية الناذبة عن إحالؿ
ضريبة زلل أخرل تدر نفس احلصيلة .ذلك أنو بالرغم من ثبات احلصيلة بالنسبة للضريبة
األخرل ،فإف ىذه الضريبة تؤثر يف أشباف السلع كاخلدمات ،كبالتاِف يف العمالة من خالؿ
كالواقع أف فكرة العبء الفرقي ؽلكن أف تفيد عمليان يف الدراسة ادلقارنة لألنظمة
الضريبة ادلختلفة ،كيف ربديد الطبقات ادلختلفة اليت ؽلكن أف تعامل كل منها ضريبيان معاملة
زبتلف باختالؼ مستويات دخوذلا .كتعترب الضريبة على القيمة ادلضافة Value Added
Taxظلوذجان للعبء الضرييب ،كقد أشار الكاتب شوب C.S Shoupيف ذلك إُف أف
ىذه الضريبة بعد فرضها على الدخل تتساكل مع الضريبة النسبية ،مع اآلخذ يف االعتبار
أقساط اإلىالؾ على رأس ادلاؿ للمحافظة عليو حيث يتم استبعادىا من كعاء الضريبة.
114
كما أشار شوب أيضان أف الضريبة على القيمة ادلضافة اليت تفرض على االستهالؾ
كقيمة إصبالية منقوصان منها مستلزمات اإلنتاج ،كاالستثمارات اإلصبالية تتساكل مع الضريبة
كيف دراسة أحدث لذات الكاتب أكضح أف الضريبة على األجور تتساكل عمومان مع
الضريبة على االستهالؾ ،كذلك صحيح على افًتاض أف اجملتمع يتكوف فقط من طبقتُت علا
إال أف اآلثار اليت تنجم عنها زبتلف عن األخرل على مستول االقتصاد القومي.
كمع أف الفضل يف تطوير نظرية العبء الضرييب يرجع أساسان إُف جهود "مسجريف
"Musgraveإال أف التطوير يبدك نظريان أكثر منو عمليان ،ذلك أنو ؽلكن إرجاع كل من:
عبء النفقات العامة ،كالعبء الفرقي للضريبة ،كعبء ادلوازنة العامة إُف فكرة كاحدة ترتبط
فالعبء الفرقي مثالن يشَت إُف البديل من الضرائب يف جانب اإليرادات العامة من
ادلوازنة العامة ،كالعبء الفرقي للنفقات العامة يشَت إُف البديل من النفقات يف جانب
( )35أنظر:
- Shoup, C.S. "Theory and Background of the Value Added Tax
;Proceedings of the National Tax Association. DC. 1955, pp. 6-19
Public Finance. Chicago: Al-dine 1969.
125 الفكر االقتصادي والعبء الضريبي
أما بالنسبة لعبء ادلوازنة العامة كىو ما يطلق عليو Balanced- Budget
، Incidenceفإنو يشَت إُف التغَت الذم ؽلكن أف يطرأ على جانيب ادلوازنة العامة من
كعلى ىذا األساس فإف ىذا التطوير ال يغَت كثَتان -يف نظرنا -من مفهوـ نظرية
على أنو من األعلية دبكاف أف نؤكد من جديد أف ىذه االذباىات احلديثة يف دراسة
نظرية العبء الضرييب قد انطلقت من نقطة عجز النظرية التقليدية عن دراسة آثار الضريبة يف
قطاعات أخرل غَت القطاع الذم تفرض فيو ،حيث انصرفت ىذه االذباىات إُف أف الضريبة
تؤثر بالضركرة يف منحنيات النفقة كالطلب ،كيف مستويات األشباف كىياكلها ،كيف العمالة
كنشَت يف ىذا اخلصوص إُف كل من عبء الضريبة العامة على ادلبيعات من ناحية،
كالضريبة على دخوؿ الشركات من ناحية أخرل ،مع ما تتضمنو ىذه اإلشارة من تغيَتات
ربدث يف االقتصاد القومي ككل نتيجة لفرض كل من ىاتُت الضريبتُت ،كذلك يف ادلطلب
المطلب الثالث
الضريبة تلك اليت تفرض على الناتج اجلارم سواء كاف سلعان استهالكية أك سلعان رأمسالية،
كما ق د تفرض ىذه الضريبة يف ادلرحلة اليت تسبق تسليمها للمستهلك ،أك يف صورة
فإذا كاف ادلقصود مثالن ىو السلع االستهالكية ،فإنو ؽلكن أف نلمس العالقة بُت
الصور ادلختلفة للضريبة على ادلبيعات بالنسبة ذلذه السلع كذلك يف رلتمع استهالكي ،ذلك
أف ىذه الضريبة تتشابو مع الضريبة على الدخل الكلي أك الضريبة على النفقات
االستهالكية ..كىكذا
كيف كل ىذه الصور فإف عبء الضريبة ػلقق آثار على االقتصاد القومي دكف
اختالؼ بينها.
كطادلا أننا نقصر اإلشارة على الضريبة العامة على ادلبيعات بالنسبة للسلع
االستهالكية ،فإف ذلك يعٍت استبعاد السلع الرأمسالية ،كبافًتاض أف معدالت األجور
كالنفقات األخرل تظل يف صورهتا النقدية كما ىي دكف تغيَت ،فإف أشباف ىذه السلع تزداد
بقيمة الضريبة ادلفركضة ،األمر الذم تصبح من القوة الشرائية احلقيقية للدخوؿ أقل شلا كانت
كب افًتاض أف أشباف السلع الرأمسالية َف تتغَت كذلك ،فإف أسلوب توزيع الدخوؿ بُت
السلع االستهالكية كالسلع الرأمسالية ىو الذم ػلدد يف النهاية إُف أم مدل ػلدث عبء
الضريبة أثره ،فمثالن إذا ارتفعت أشباف السلع االستهالكية بواقع %10فإف ادلستهلكُت الذين
يستهلكوف كل دخوذلم يقاسوف من نقص قوهتا الشرائية بواقع ،%10يف حُت أف
ادلستهلكُت الذين يستهلكوف %80من دخوذلم يعانوف من نقص القوة الشرائية ذلذه
كعلى فرض أف بعض األفراد ال ينفقوف أم نسبة من دخوذلم على سلع استهالكية،
كإما ينفقوف كل دخ وذلم على سلع رأمسالية ،فإهنم ال يتأثركف بعبء الضريبة على اإلطالؽ،
ألف أشباف ىذه السلع َف تتغَت ،كذلذا فإهنم ػلصلوف على كمية السلع الرأمسالية بنفس القدر
إف زبصيص الدخل كلية أك يف جزء منو لإلنفاؽ على السلع االستهالكية ىو الذم
ػلدد ادلستهلك ،كذلذا فإف الضريبة على ادلبيعات بالنسبة للسلع االستهالكية تتولد عن طريق
ادلستهلكُت.
كطادلا أف الدافع لالستهالؾ يقل بزيادة حجم الدخل كيتزايد بنقصو ،فإف معدؿ
تقتضي النظرة الكلية لالقتصاد القومي فيما يتعلق بعبء الضريبة على ادلبيعات أف
نأخذ بعُت االعتبار آثار ىذه الضريبة على أسواؽ السلع األخرل اليت َف تفرض عليها.
فإذا فرضت الضريبة على قطاع معُت ،فإف أشباف منتجات ىذا القطاع من السلع
كاخلدمات االستهالكية ترتفع بقيمة الضريبة ،كيًتتب على ذلك أف ينتقل منحٌت الطلب
على السلع كاخلدمات األخرل اليت َف تفرض عليها الضريبة إُف اليمُت ،األمر الذم ينقص
معو حجم إنتاج القطاع الذم فرضت عليو الضريبة خاصة بسبب انتقاؿ عناصر اإلنتاج منو
لكن إذا كاف كل من ىذين القطاعُت ينتج يف ظل قانوف النفقة الثابتة ،فإف شبن
منتجات القطاع األكؿ يزداد بقيمة الضريبة ،يف حُت تظل أشباف منتجات القطاع اآلخر دكف
تغيَت ،كذلذا السبب فإف التغَتات النسبية لألشباف تساكم قيمة الضريبة ،يف حُت أف ىذه
124 الفكر االقتصادي والعبء الضريبي
التغَتات تقل قليالن عن ذلك يف حالة ما إذا كاف اإلنتاج يتم يف ىذين القطاعُت يف ظل
قانوف النفقة ادلتزايدة .كيف ىذه احلالة فإف نقص إنتاج القطاع األكؿ نتيجة لفرض الضريبة
ينقص بالتاِف من نفقة اإلنتاج .كلذلك فإف أشباف منتجات ىذا القطاع ترتفع كلكن دبا يقل
عن مقدار الضريبة .كباإلضافة إُف ذلك فإف تزايد إنتاج القطاع األخَت يزيد من نفقة إنتاجو
األمر الذم تصبح معو أشباف منتجات ىذا القطاع أعلى من مستواىا قبل فرض الضريبة.
كذلذه األسباب فإف أشباف منتجات القطاع األكؿ بالنسبة ألشباف منتجات القطاع
كلكن طادلا أف أشباف منتجات القطاع األخَت تزداد -كما رأينا -فإف مستهلكي
منتجات ىذا القطاع سيدفعوف أشبانان أعلى من ذم قبل ذلذه ادلنتجات ،كبالتاِف فإهنم
على أنو إذا كاف اإلنتاج يتم يف القطاعُت السالفة اإلشارة إليهما ربت ظركؼ قانوف
النفقات الثابتة ،فإف التغَتات النسبية ألشباف منتجات ىذين القطاعُت سوؼ تتجو إُف أعلى
دبقدار الضريبة ،كلن يتحمل مستهلكو منتجات القطاعات األخرل أم جزء من العبء
الضرييب.
كجدير بالذكر أف نشَت إُف أف ما ػلدث لألشباف النسبية دلنتجات السلع كاخلدمات
اليت تنتج يف ىذين القطاعُت يتوقف على ظركؼ مركنة الطلب كالعرض يف أسواؽ منتجات
ىذين القطاعُت ،كدبعٌت أدؽ فإف ما ػلدث ذلذه األشباف يتوقف على مدل مركنة طلب
125
كعرض السلعة أك اخلدمة من القطاع األخَت كبديل لذات السلعة من القطاع األكؿ ،كدرجة
كماؿ ىذا البديل ،سواء يف إشباع حاجة ادلستهلك أك يف إنتاج ىذه السلعة أك تلك من
كإذا كاف من ادلتوقع أف تتعقد مشكلة التغَتات النسبية لألشباف بتعدد القطاعات
ادلختلفة ،فإف القوؿ بأف توزيع العبء الضرييب يقتصر على السلع اليت خضعت للضريبة
ؼلتلف ىو اآلخر -من ناحية أخرل -باختالؼ ما إذا كانت السلعة اخلاضعة للضريبة
كمالية أك ضركرية ،فإذا كانت ىذه السلعة كمالية فإف عبء الضريبة ؽليل إُف أف يكوف
تصاعديان حيث يتزايد بتزايد الدخل .أما إذا كانت السلعة ضركرية ،فإف العبء ؽليل إُف أف
كنظران ألف فكرة السلع الضركرية كالكمالية مسألة نسبية كزبتلف باختالؼ الزماف
كادلكاف ،كحيث أنو ؽلكن رد ىذه الفكرة إُف كجود البديل ،كدرجة توافره ،كمدل إحاللو زلل
السلعة األصلية يف إشباع احلاجات ،فإنو ؽلكن االستغناء عن ىذه الفكرة كعامل يؤثر على
األشباف الن سبية للسلع كاخلدمات ،كاالكتفاء بفكرة كجود البديل كدرجة كمالو يف إشباع
احلاجات ادلختلفة.
أما فيما يتعلق بالتغَتات ادلطلقة بالتغَتات ادلطلقة ألشباف السلع كاخلدمات ،فإنو
ذبدر اإلشارة إُف أف الضريبة العامة على ادلبيعات من السلع االستهالكية ال يتم نقلها يف
صورة زيادة مطلقة يف أشباف السلع كاخلدمات اليت خضعت ذلذه الضريبة ،ذلك أنو إذا ظلت
126 الفكر االقتصادي والعبء الضريبي
أشباف عناصر اإلنتاج دكف تغيَت ،فإف فرض الضريبة يؤدم إُف زيادة شبن السلع كاخلدمات اليت
خضعت ذلذه الضريبة يف الوقت الذم تظل فيو نفقة إنتاج كأشباف السلع اليت َف تفرض عليها
الضريبة دكف تغيَت ،كىذا بافًتاض خضوع اإلنتاج لقانوف النفقة الثابتة.
كيف ىذا اخلصوص يثور سؤاؿ مؤداه ىل ىناؾ احتماؿ ألف يظل شبن السلع
كاخلدمات اخلاضعة للضريبة دكف أم تغيَت؟ كيرل "مسجريف" Masgraveردان على ىذا
التساؤؿ أنو يًتتب على فرض الضريبة على منتجات القطاع األكؿ أف يزداد الطلب على
منتجات القطاع اآلخر ،فيقل إنتاج القطاع األكؿ ،كتنخفض أشباف عناصر اإلنتاج بو قبل أف
تنتقل ىي األخرل إُف رلاالت إنتاج القطاع اآلخر الذم َف تفرض عليو الضريبة .كيًتتب
على انتقاؿ عناصر اإلنتاج إُف القطاع اآلخر اطلفاض أشباف السلع كاخلدمات هبذا القطاع،
كقد سبق أف رأينا أف الدخل احلقيقي دلستهلكي السلع اليت تنتج يف ىذا القطاع لن يتأثر يف
الوقت الذم يتغَت معو الدخل احلقيقي دلستهلكي السلع اليت تنتج يف القطاع الذم فرضت
عليو الضريبة.
كيعٍت ذلك أف ما ػلدث يف ىذه احلالة ىو تغيَت نسيب يف أشباف السلع كاخلدمات
رأينا أف الضريبة العامة على ادلبيعات بالنسبة للسلع االستهالكية يتم نقلها إُف األماـ
من خالؿ زيادة أشباف ىذه السلع حيث يتحملها ادلستهلك ،لكن ىل يتصور نقل عبء
الواقع أنو ؽلكن نقل ىذه الضريبة إُف اخللف ،إُف أصحاب عناصر اإلنتاج ،كيتم
ذلك بتوافر شرطُت ،األكؿ :إذا كاف عرض ىذه العناصر ثابتان أم غَت مرف ،كالثاين :إذا
كانت معظم ادلشركعات زبتار ىذا الطريق كرباكؿ بعالن نقل عبء الضريبة إُف عناصر
اإلنتاج أم اخللف.
لكن إذا كاف عرض عناصر اإلنتاج مرنان ،فإف أشباف ىذه العناصر لن تنقص كما يريد
كيف الوقت الذم يعتمد فيو نقل عبء الضريبة على ادلبيعات إُف اخللف على ىيكل
األسواؽ بالنسبة لعناصر اإلنتاج ،كالسلوؾ ادلتبادؿ دلنحٌت العرض كالطلب ،فإف نقل عبء
ىذه الضريبة إُف األماـ يعتمد باإلضافة إُف ظركؼ مركنة العرض كالطلب على موقف
احلكومة إزاء عملية نقل العبء الضرييب ،ذلك أف نقص مكافآت عناصر اإلنتاج ؽلثل عبئان
أكرب من نقل العبء الضرييب إُف األماـ عن طريق زيادة شبن السلعة أك اخلدمة بقيمة
الضريبة ،خاصة كأف الطبقات االجتماعية ليست متساكية إزاء العبء الضرييب.
124 الفكر االقتصادي والعبء الضريبي
كإذا كاف فرض الضريبة ػلدث أثره كما رأينا يف رفع أشباف السلع كاخلدمات
االستهالكية ،فهل يعزم االرتفاع العاـ يف األشباف فعالن إُف فرض الضريبة؟
حبق على ىذا التساؤؿ بأف ذلك ال ػلدث استجابة لفرض ()38
أجاب ديو Due
الضريبة كإظلا يرجع أساسان إُف ازباذ إجراءات حيث يصعب ربديد آثار الضريبة ربديدان دقيقان،
خاصة إذا تعلق األمر بدراسات تطبيقية عن موضوع نظرية العبء الضرييب.
تتم معظم ربليالت نقل عبء الضريبة العامة على ادلبيعات على أساس السلوؾ
احلدم لكل من ادلنتجُت كادلستهلكُت خالؿ الفًتات الزمنية ادلختلفة السالفة اإلشارة إليها،
يف حُت أف الواقع قد ؼلالف ىذا األسا ،فتعظيم الربح من جانب ادلنتجُت أك ادلنفعة من
جانب ادلستهلكُت من خالؿ ىذه الفًتات ليس ىو القاعدة دائمان ،ذلك أف ادلنظمُت أك
رجاؿ األعماؿ كثَتان ما يفضلوف توسيع نطاؽ السوؽ أماـ السلع أك اخلدمات اليت ينتجوهنا
ىدؼ البائعُت ىو ربقيق أعلى رقم أعماؿ من نشاطهم طادلا أنو مقتنعوف دبا حققوه فعالن
( )34أنظر:
Due. J.F., Sales Taxation and The Consumer, The American Economic
Review "Communications', Vol. LIII No. 5 December 1963 pp. 1078-
1084.
( )34أنظر:
124
من أرباح ،كذلذا فإهنم يفًتضوف أف منحٌت الطلب يظل كما ىو خالؿ الفًتات ادلختلفة قبل
كبعد فرض الضريبة .فطادلا أف ادلنظم يستهدؼ أساسان تعظيم ادلبيعات اإلصبالية سواء
تضمنتها الضريبة أـ ال ،فإنو يف النهاية سوؼ ؽلتص الضريبة كلية يف حالة فرضها دكف تأثَت
كمع أف ىذا الفرض قد ػلدث يف الواقع ،إال أننا نرل أف طبيعة ادلشركع الرأمساِف ىي
ربقيق ىدؼ أساسي كىو تعظيم الربح ،كمن ىنا فإف ادلنتج أك البائع يقوـ بنقل جزء على
االقل من عبء الضريبة على ادلبيعات إُف ادلستهلكُت ،كيتحدد ىذا اجلزء على ضوء ظركؼ
مركنة العرض كالطلب السالفة اإلشارة غليها ،كيف ىذا فإف الزمن يلعب دكران مؤثران على األقل
بالنسبة لعنصر ادلركنة ،ذلك أف ادلركنة تزداد بزيادة عنصرا لزمن كتقل بنقصو ،األمر الذم
يتعُت معو رغ مذلك عدـ إغفاؿ أثر الزمن على عبء الضريبة.
كنتابع بعد ذلك اإلشارة إُف عبء الضريبة على دخوؿ الشركات.
زبضع أرباح الشركات للضريبة كما زبضع ذلا دخوؿ األفراد ،كذبمع بعض القوانُت
الضريبية بُت ىذه األرباح كالدخوؿ ربت نظاـ ضرييب كاحد كما ىو احلاؿ يف رلموعة
القوانُت الضريبية بالواليات ادلتحدة األمريكية ،كلذلك تسميها ىذه القوانُت بالضريبة على
كلقد حظى موضوع عبء الضريبة على دخوؿ الشركات دبناقشات مستفيضة ينب
االقتصاديُت كرجاؿ األعماؿ كالسياسيُت ،كخاصة يف الستينيات ،كمع ذلك َف تصل ىذه
ادلناقشات حىت اليوـ إُف كشف أبعاد ىذا ادلوضوع سبامان (.)40
( )45أنظر:
James M. Buchanan, Marilyn R. Flowers, The Public Finance, R.D. Irwin
U.S.A. 1975, pp. 290- 299; Musgrave R., Musgrave P. Public Finance in
Theory and Practice, Op. cit., pp. 415- 429; Arnold C. Harberges., "The
131
كإذا كانت ربليالت العبء الضرييب ليست كثَتة التعقيد بالنسبة لضريبة عامة أخرل
تفرض على الدخوؿ ادلتولدة من رأس ادلاؿ أك العمل بسبب إمكانية ذبنب ىذه الضريبة عن
طريق مزاكلة نشاطات أخرل ال زبضع ذلا ،فإف األمر ليس كذلك بالنسبة للضريبة على
دخوؿ الشركات خاصة كإنو ال تتم مزاكلة بعض األنشطة إال من خالؿ شركات زبضع
كؽلكن أف نشَت باختصار إُف عبء ىذه الضريبة سواء يف أسواؽ ادلنافسة الكاملة أك
سبق أف رأينا أف الفًتة القصَتة ىي اليت ال ؽلكن معها تغيَت عناصر اإلنتاج الثابتة
كادلباين كاآلالت ،كإف كاف ؽلكن تغيَت عناصر اإلنتاج ادلتغَتة كاألجور كادلواد األكلية.
كإذا افًتضنا أف االقتصاد القومي مكوف فقط من قطاعُت أك صناعتُت ،فإنو إذا
فرضنا ىذه الضريبة على دخوؿ الشركات يف القطاع األكؿ ،فإف ذلك يعٍت أف أصحاب رأس
ادلاؿ ادلستثمر يف ىذا القطاع -كعنصر ثابت -يتحملوف عبء ىذه الضريبة ،كال يستطيعوف
تفاديها يف ىذه الفًتة القصَتة حىت كلو أرادكا التخلص من أصوذلم الرأمسالية عن طريق بيعها
كربويل استثماراهتم إُف القطاع اآلخر الذم َف تفرض عليو ىذه الضريبة.
133
كتنشأ هبذه ادلناسبة إذان ما يسمى بظاىرة استهالؾ الضريبة اليت سلفت اإلشارة إليها
(.)41
إذا افًتضنا ابتداءن أف عرض رأس ادلاؿ يف الصناعة ككل ثابت ،كأف عرض رأس ادلاؿ
بالنسبة لكل قطاع يف نفس الوقت كبَت ادلركنة كذلك بسبب الفًتة الطويلة اليت تسمح
بتحركو من قطاع إُف آخر حسب حجم العائد الذم ؽلكن أف ػلققو ،كإذا افًتضنا كذلك
أف االقتصاد القومي مكوف من قطاعُت أك صناعتُت فقط ،فإنو إذا فرضت الضريبة على
دخل رأس ادلاؿ ادلتولد من القطاع األكؿ ،فإف العائد الصايف يف ىذا القطاع سوؼ ينقص
األمر الذم يتدفق معو رأس ادلاؿ من ىذا القطاع إُف القطاع اآلخر.
كنتيجة لذلك فإف الناتج يف القطاع األكؿ سوؼ ينقص ،كسًتتفع أشباف ادلنتجات يف
ىذا القطاع ،كيزداد معدؿ العائد اإلصباِف بالنسبة لرأس ادلاؿ الباقي بو.
كعلى عكس ما ػلدث بالقطاع األكؿ ،فإف الناتج سيزداد بالقطاع الثاين ،فضالن عن
أنو سيتناقص بو يف نفس الوقت معدؿ العائد اإلصباِف لرأس ادلاؿ .كيظل يتدفق رأس ادلاؿ
من القطاع األكؿ مع صايف عائد رأس ادلاؿ يف القطاع اآلخر حيث َف تفرض عليو الضريبة،
كذلك بافًتاض قياـ سوؽ ادلنافسة الكاملة من ناحية كعدـ كجود عوائق أماـ انتقاؿ رأس
كيف ىذه احلالة فإف عبء الضريبة ينتشر يف ىذين القطاعُت ،كيعٍت ذلك أف عبء
الضريبة قد انتقل جزئيان إُف القطاع اآلخر ليتحمل بو كذلك رأس ادلاؿ الذم َف تفرض عليو
الضريبة ،أم أف ادلستثمرين عمومان يف الفًتة الطويلة يشاركوف يف ربمل عبء الضريبة يف
القطاع األكؿ الذم فرضت بو ىذه الضريبة كيف القطاع الثاين الذم انتقل إليو جزء من ىذا
العبء.
ككنتيجة عامة ،فإف فرض الضريبة يؤدم إُف نقص عائد رأس ادلاؿ عمومان على
كجدير بالذكر أف نشَت إُف أف نقص اإلنتاج بالقطاع األكؿ نتيجة لفرض الضريبة،
كانتقاؿ رأس ادلاؿ إُف القطاع اآلخر ،يًتتب عليو زيادة الطلب على رأس ادلاؿ بالنسبة
للطلب على عنصر العمل أك العكس بالعكس ،إذ يتوقف على الدكر الذم يلعبو كل منهما
يف العميلة اإلنتاجية .فإذا كاف القطاع اآلخر يستخدـ عنصر رأس ادلاؿ بكثافة أكرب من
عنصر العمل ،فإف الطلب على رأس ادلاؿ سيزداد عن الطلب على العمل األمر الذم يزداد
معو عائد رأس ادلاؿ قبل فرض الضريبة ،كيف نفس الوقت يتناقص عائد عنصر العمل .كىنا
يتناقص العائد الصايف لرأس ادلاؿ دبا يقل عن قيمة الضريبة ،كما تتحمل األجور جزءان من
أما إذا كاف القطاع اآلخر يستخدـ عنصر العمل بكثافة أكرب من عنصر رأس ادلاؿ،
فإف كاسيب األجور سيجدكف أف عائد عنصر العمل يزداد بالنسبة لعائد رأس ادلاؿ الذم
وبالنظر إلى ظروف العملية اإلنتاجية ،فإن ما يحدث من تغييرات بالنسبة لعوائد
.1نسب اجلمع بُت عنصرم رأس ادلاؿ كالعمل يف القطاعُت اللذين يتكوف منها-
كقد أضاؼ ىاربرجر ( Harberger )42إُف ذلك شرطان ثالثان ىو مدل مركنة البديل
من منتجات القطاع األكؿ ليحل زلل منتجات القطاع اآلخر يف إشباع حاجة ادلستهلك.
رأينا أنو نتيجة لفرض الضريبة بالقطاع األكؿ تناقص اإلنتاج هبذا القطاع ،كترتب
على ذلك انتقاؿ رأس ادلاؿ إُف القطاع اآلخر ،كمعٌت ذلك أف أشباف منتجات القطاع األكؿ
سوؼ تزداد يف حُت تنخفض أشباف منتجات القطاع اآلخر األمر الذم ينخفض معو الدخل
احلقيقي لألسر اليت زبصص جانبان كبَتان من دخلها لإلنفاؽ على منتجات القطاع األكؿ يف
حُت يزداد الدخل احلقيقي لتلك األسر اليت زبصص جانبان كبَتان من دخلها لإلنفاؽ على
كعليو إذا كاف الوزف النسيب للدخوؿ ادلرتفعة كبَتان كؼلصص أيضان لإلنفاؽ على
منتجات القطاع األكؿ ،فإف ذلك يعٍت أف الضريبة على دخوؿ الشركات ضريبة تصاعدية
كنشَت بعد ذلك إُف عبء الضريبة يف أسواؽ ادلنافسة غَت الكاملة.
أسواؽ االحتكار ربقيق أقصى ربح شلكن .كذلذا فإنو إذا فرضت الضريبة على دخوؿ
134 الفكر االقتصادي والعبء الضريبي
الشركات كنسبة من أرباحها ،فإنو من الطبيعي أف تعمل ىذه الشركات على أف ربقق أكرب
قدر شلكن من أرباحها اإلصبالية ،ذلك أنو إذا كاف معدؿ الضريبة مثالن ىو %48من الربح،
فإف النسبة الباقية كىي %52من ربح إصباِف قدره 5مليوف جنيو أفضل من ذات النسبة
كذلذا فإف ربقيق أقصى ربح شلكن من خالؿ ناتج معُت كشبن معُت ذلذا الناتج قبل
فرض الضريبة سيظل أفضل للمنتج أك البائع حىت بعد فرض الضريبة .كدبعٌت آخر فإف احملتكر
كىو يرل أف أرباح الشركة اليت ػلتكرىا تتناقص بقيمة الضريبة ،فإنو قد ال يعمل على نقل
ىذه الضريبة -من خالؿ رفع الثمن -إُف ادلستهلكُت ،كيظل يف نفس الوقت زلققان رحبان
كبَتان ،كىو يتبع ىذا األسلوب أحيانان إذا حرص أف يضع شبنان للسلعة اليت ينتجها أك يبيعها
عند مستول ػلقق لو إشباعان معينان يف احلصوؿ على الربح ،كليس تعظيمان ذلذا الربح.
كمع ذلك فإف ادلنتج احملتكر إزاء فرض الضريبة يضع أمامو ىدفان أساسيان ىو ربقيق
أقصى ربح شلكن ،كلذلك فإنو يبدأ باستغالؿ موقعو االحتكارم من خالؿ إنقاص الكمية
134
اليت ينتجها أك يبيعها لتتحقق لو إمكانية رفع الثمن حىت ال يتأثر مستول رحبو بقيمة ىذه
الضريبة.
فإذا كاف احملتكر أكثر من شخص كاحد ،كىو ما يسمى باحتكار القلة
،Oligopolyفإف األمر ؼلتلف عن سوؽ االحتكار الكامل ،ذلك أف الثمن يف ىذه احلالة
يتحدد كفقان إلرادة احملتكر القائد ذلذه اجملموعة يف قطاع معُت أك صناعة معينة .فإذا حاكؿ
أحد احملتكرين العاديُت من ىذه اجملموعة أف ينفرد بتحديد شبن أعلى لسلعة معينة ينتج جانبان
منها ،فإنو سيتعرض للخسارة إذ سيدخل يف منافسة مع غَته الذين يبيعوف بثمن أقل ضمن
كبالرغم من ذلك ،فإنو إذا قاـ أحد احملتكرين برفع شبن السلعة اليت ينتجها على أثر
فرض ضريبة معينة عليو ،فإنو سيجد من باقي أفراد اجملموعة االحتكارية تضامنان معو درءان دلا
يتهددىم صبيعان من نقص يف أرباحهم ،كذلك دكف أف يتعرض دلنافسة من جانبهم .كىنا
ينتقل عبء الضريبة إُف األماـ ليتحملو ادلستهلكوف ذلذه السلعة أك اخلدمة.
145 الفكر االقتصادي والعبء الضريبي
كمع ىذا فإنو قد يًتتب على رفع شبن السلعة أك اخلدمة نقص يف حجم ادلبيعات
منها األمر الذم يؤثر من جديد على ىدؼ تعظيم الربح ،كىنا يضطر احملتكر ألف يتحمل
جانبان من عبء الضريبة ليتدارؾ ىذا النقص من ناحية كسيظل زلققا ألكرب نسبة شلكنة من
سبق أف رأينا أف أسواؽ السلع كاخلدمات يف اقتصاد معُت يرتبط كل منها باألخرل
حيث ربدث بينهما تأثَتات متبادلة ال يقتصر على شكل ىذه السوؽ كإظلا يؤثر كذلك يف
أسواؽ السلع كاخلدمات األخرل بباقي قطاعات االقتصاد القومي .كنتيجة لذلك فإف
أسلوب التحليل اجلزئي الذم ينصرؼ إُف تفسَت التأثَتات ادلختلفة بالنسبة لنقل العبء
الضرييب يف قطاع أك صناعة معينة َف يعد يصلح لتفسَت العبء الضرييب على مستول
كبالرغم من أف أسلوب التحليل الكلي الذم سلفت اإلشارة إليو يأخذ يف اعتباره
االقتصاد القومي يف رلموعو متداركان يف ذلك ما قصر عنو أسلوب التحليل اجلزئي ،فإنو يغفل
من ناحية أخرل دراسة اآلثار ادلباشرة لعملية نقل العبء الضرييب بُت ادلكلف القانوين
كادلكلف الفعلي هبا ،كىي موضوع األسلوب األخَت .ذلك أنو إذا كاف التحليل الكلي يهتم
بدراسة التغيَتات اليت ربدث يف توزيع الدخل نتيجة لفرض ضريبة معينة ،فإف ىذا ادلوضوع
ؼلتلف يف أبعاده عن ردكد الفعل اليت ربدث نتيجة لفرض ىذه الضريبة على مكلف أك
كذلذا فإف أسلوب التحليل الكلي يركز أساسان على دراسة آثار النفقات العامة دبا
فيها الضريبة ،أم أنو يربط بُت آثار الضريبة كآثار النفقات العامة ،كقد سبق أف رأينا أف ىذا
الربط يكوف مكانو الطبيعي يف إطار نظرية ادلالية العامة ككل كليس دراسة اآلثار اليت تنفرد
كمن ناحية أخرل فإنو يصعب يف الواقع ربديد آثار فرض الضريبة على القطاعات
ادلختلفة باالقتصاد القومي ربديدان دقيقان كذلك بسبب تشابك احلياة االقتصادية كتأثرىا
بعوامل متعددة تتداخل مع بعضها ،األمر الذم يكوف معو ربديد ىذه اآلثار من خالؿ
كأخَتان فإف ما سبق أف نسب ألسلوب التحليل اجلزئي من قصور يف فهم كتفسَت
الواقع االقتصادم الرأمساِف قائم أيضان بالنسبة ألسلوب التحليل الكلي ،حيث عجز ىذا
األسلوب بدكره عن حل مشاكل ىذا االقتصاد كأبرزىا مشكلة التضخم يف ثنايا الركود اليت