You are on page 1of 65

‫تابع الجديد والحصري على موقع األلوكة‬

‫‪www.alukah.net ‬‬

‫‪3‬‬ ‫سلسلة (تنمية الـمهارات)‬

‫متي‬ ‫لمـاذا‬
‫ما حقيقة‬

‫مهارات االســتشارة‬
‫نستشير؟!‬ ‫نستشير؟!‬
‫االستشارة؟!‬

‫كيــف‬ ‫ــن نستشير؟!‬


‫َم ْ‬ ‫بماذا يطالب‬
‫إعداد‬
‫نستشير؟!‬ ‫المستشير؟!‬
‫الرماني‬ ‫محمد‬ ‫د‪ .‬زيد بن‬
‫المستشار االقتصادي وعضو هيئة التدريس‬
‫بجامعة اإلمام محمد بن سعود اإلسالمية‬
‫دار الحضارة للنشر والتوزيع‬
‫‪1425‬هـ‬
‫دار الحضارة للنشر والتوزيع ‪1425‬هـ‪2004/‬م‬ ‫ح‬
‫فهرسة مكتبة الملك فهد الوطنية أثناء النشر‬
‫الرماني‪ ،‬زيد بن محمد‬
‫مهارات االستشارة ‪ -‬الرياض‪.‬‬
‫‪ ...‬ص ‪24 × 17‬سم‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫تابع الجديد والحصري على موقع األلوكة‬
‫‪www.alukah.net ‬‬

‫ردمك ‪9960 - 878 - 00 - × :‬‬


‫أ‪ -‬العنوان‪.‬‬ ‫‪-2‬‬ ‫‪-1‬‬
‫‪000/00‬‬ ‫ديوى ‪000‬‬

‫رقم اإليداع ‪00/ 0000 :‬‬


‫ردمك ‪9960 – 000 -00 -× :‬‬

‫حقوق الطبع محفوظة‬


‫الطبعة األولى ‪1425‬هـ‪2004/‬م‬

‫دار الحضارة للنشر والتوزيع‬


‫ص‪.‬ب ‪ 102448‬الرياض ‪11675‬‬
‫تليفون ‪2486688-2601744-2491374 :‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫تابع الجديد والحصري على موقع األلوكة‬
‫‪www.alukah.net ‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫مهارات االستشارات‬
‫‪5‬‬

‫مــقــدمــة‬
‫الحمد هلل وكفى وصالة وسالماً على عبده المصطفى‪.‬‬
‫أن اإلنسان مخلوق ضعيف‪ ،‬كما أخبرنا‬‫إن الحقيقة التي ال مراء فيها َّ‬
‫ربنا – تبارك وتعالى – في قولـه سبحانه‪   :‬‬
‫‪  ‬سورة النساء‪ ،‬اآلية‪.28 :‬‬
‫وهذا الضعف الذي هو سمة من سماته‪ ،‬ليس ضعفاً في صحته وجسمه‬
‫فحسب‪ ،‬وإنما يمتد ويتسع ليشمل كل كيان اإلنسان من صحة وجسم وعقل‬
‫وعلم وفهمـ وبصر وبصيرة‪.‬‬
‫فإذا كانت هذه هي حقيقة اإلنسان‪ ،‬إذن‪ ،‬فلماذا يستب ّد برأيه؟!‪َّ .‬‬
‫إن‬
‫اإلجابة على هذا التساؤل تكمن في إحساسه بالضعف!!‬
‫ثم َّ‬
‫إن المشاورة واالستشارة خلق إسالمي رفيع وأدب نبوي عظيم‪،‬‬
‫ولما كان المسلمون األوائل يتشاورونـ فيما بينهم‪ ،‬نالوا شرفاً بمدحهم اهلل به‬
‫في القرآن فقال عز وجل‪     :‬‬
‫سورة الشورى‪ ،‬اآلية‪.38 :‬‬
‫من أجل هذا وغيره‪ ،‬كان هذا الكتاب الذي يحاول تنمية مهارات‬
‫االستشارة عند َم ْن يفتقدها‪ ،‬من حيث تنبيهه وتذكيره وإعالمه بحقيقة‬
‫االستشارة ومجاالتها وكيفيتها‪ .‬إضافة إلى اإلجابة على مجموعة من‬
‫التساؤالت التي قد تطرأ على فكره وعقله‪ ،‬من مثل‪:‬‬
‫‪َ -‬م ْن أستشير وما خصاله األساسية؟‬
‫‪ -‬مىت أستشري ويف أي احلاالت؟‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫االستشارات‬
‫‪6‬‬ ‫مهارات‬

‫‪ -‬لـماذا أستشري وما فائديت من االستشارة؟‬


‫‪ -‬كيف أستشري وما هي مـجاالت االستشارة؟‬
‫‪ -‬بـماذا أطالب لكوين مستشرياً؟‬
‫وفي الخاتمة‪ ،‬ال يفوتنا أن نقدِّم بعض النصائح واإلرشادات والتنبيهات‬
‫للراغب في االستشارة والطامح الكتساب مهاراتها‪.‬‬
‫سائلين اهلل العظيم‪ ،‬رب العرش الكريم‪ ،‬أن ينفع بما نقول ونكتب‬
‫ونسمع‪ ،‬وأن يجعله ذخراً لنا يوم الدين‪ ..‬اللهم آمين‪.‬‬

‫المؤلـــف‬
‫د‪ .‬زيد بن محمد الرماني‬
‫ص ‪ .‬ب ‪33662‬‬
‫الرياض ‪11458‬‬
‫السعودية‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫االستشارات‬
‫‪7‬‬ ‫مهارات‬

‫الفصل األول‬

‫مقدمات أساسية‬

‫‪ -‬دالالت لغوية‪.‬‬
‫‪ -‬آيات قرآنية‪.‬‬
‫‪-‬أحاديث واستشارات نبوية‪.‬‬
‫‪ -‬آثار سلفية‪.‬‬
‫‪ -‬أقوال مشهورة‪.‬‬
‫‪ -‬أشعار مروية‪.‬‬
‫‪ -‬قصص محكية‪.‬‬
‫‪ -‬وصايا ونصائح‪.‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫االستشارات‬
‫‪8‬‬ ‫مهارات‬

‫دالالت لــغــوية‬
‫املكون من ثالثة أحرف وهي‪ :‬الشني والواو والراء‪ ،‬وهذا اجلذر يشتق منه‬
‫تشري معاجم اللغة إىل جذر مادة االستشارة‪َّ ،‬‬
‫معاين كثرية‪ ،‬فعلى سبيل املثال‪ ،‬يقول ابن منظور يف (لسان العرب) عندالكالم على مادة (شور) يشوره شوراً وشياراً‪ ،‬وشيارة‬
‫ومشارة‪ :‬استخرجه من الوقبة‪ ،‬واجتناه من موضعه‪ .‬ويف هذا املعىن‪ ،‬يقول الشاعر‪:‬‬

‫كأنَّ ج ْنيا ً من الزنجبيل‬


‫بات بفيها وأريا ً مشوراً‬

‫فأرياً مشوراً‪ :‬هو العسل اجملتىن الصايف والنقي‪.‬‬


‫والشارة والشُّورة‪ :‬احلُ ْسن واهليئة واللباس‪ ،‬يف احلديث‪( :‬أقبل رجل عليه‬
‫ُشورة حسنة)‪ ،‬بالضم‪ :‬أي اجلمال واحلُ ْسن‪.‬‬
‫والش َّْورة – بالفتح ‪ : -‬اجلمال الرائع واخلجل‪.‬‬
‫واستشار أمره‪ :‬إذا تبنَّي واستنار‪.‬‬
‫وأشار عليه بأمر كذا‪ :‬أمره به‪ ،‬وهي الشورى واملشاورة‪.‬‬
‫وفالن خري شري‪ .‬أي يصلح للمشاورة‪ ،‬وشاور مشاورة وشواراً واستشاره‪:‬‬
‫طلب منه املشورة‪.‬‬
‫إن االستشارة واملشاورة‬‫ومن كل هذه املعاين السابقة‪ ،‬نستطيع أن نقول‪َّ :‬‬
‫هي استخراج الرأي الصواب‪ ،‬واحلكمة اخلالصة من مظاهنا‪ ،‬وهم أهل اخلربة‬
‫واحلنكة‪.‬‬
‫كما تعين معرفة ما عند اآلخرين واختباره للوقوف على أحسن اآلراء‬
‫وأفضلها‪.‬‬
‫ولذا‪ ،‬قال الطرطوشي‪ :‬االستشارة واملشاورة واملشورة‪ ،‬مما تعدُّه احلكماء من‬
‫أساس اململكة‪ ،‬وقواعد السلطنة‪ ،‬ويفتقر إليها الرئيس واملرؤوس‪.‬ـ‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫االستشارات‬
‫‪9‬‬ ‫مهارات‬

‫وسنة اهلل يف العاملني‪ ،‬وهي اجتماع‬


‫قال ابن العريب‪ :‬املشاورة أصل الدين‪ُ ،‬‬
‫على أمر‪ ،‬يشري كل واحد برأيه‪ ،‬مأخوذ من اإلشارة‪.‬‬
‫‪‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫االستشارات‬
‫مهارات ‪10‬‬

‫آيــات قرآنيـة‬
‫قـ ـ ــال اهلل تع ـ ــاىل لنبيه ص ـ ــلى اهلل عليه وسـ ـ ــلم‪   :‬‬
‫‪ ... ‬سورة آل عمران‪ ،‬اآلية‪.159 :‬‬
‫نقل القرطيب رمحه اهلل يف تفسريه هلذه اآلية عن ابن عطية قوله‪ :‬والشورى‬
‫من قواعد الشريعة وعزائم األحكام‪َ ،‬م ْن ال يستشري أهل العلم والدين فعزله‬
‫واجب‪ ،‬هذا ما ال خالف فيه‪.‬‬
‫ونقل القرطيب رمحه اهلل كذلك يف تفسريه عن ابن خويز منداد‪ :‬أنه واجب‬
‫على الوالة مشاورة العلماء فيما ال يعلمون وفيما أشكل عليهم من أمور الدين‬
‫ووجوه اجليش‪.‬‬
‫ويف اآلية دليل على جواز االجتهاد يف األمور واألخذ بالظنون مع إمكان‬
‫فإن اهلل تعاىل أذن لرسوله صلى اهلل عليه وسلم أن يشاور أصحابه‪،‬‬ ‫الوحي‪َّ ،‬‬
‫واختلف أهل التأويل يف املعىن الذي أمر اهلل نبيه عليه الصالة والسالم أن يشاور فيه‬
‫أصحابه!!‬
‫وقال القرطيب رمحه اهلل يف تفسريه – بعد أن ساق األقوال الكثرية‪ :‬وأوىل‬
‫أن اهلل عز وجل أمر نبيه صلى اهلل عليه وسلم‬ ‫األقوال بالصواب يف ذلك أن يقال َّ‬
‫مبشاورة أصحابه فيما حزبه من أمر عدوه ومكايد حربه‪ ،‬تألفاً منه بذلك َم ْن مل‬
‫تكن بصريته باإلسالم البصرية اليت يُؤمن عليه معها فتنة الشيطان‪ ،‬وتعريفاً منه أمته‬
‫مآيت األمور اليت حتزهبم من بعده ومطلبها‪ ،‬فيتشاوروا فيما بينهم كما كانوا يرونه‬
‫صلى اهلل عليه وسلم يفعله‪.‬‬
‫وبنَّي الرازي رمحه اهلل يف تفسريه األمور اليت ال جتوز فيها املشاورة‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫أن كل ما نزل به وحي من عند اهلل تعاىل مل جَيُْز أن يشاور فيه األمة‪،‬‬ ‫اتفقوا على َّ‬
‫‪www.alukah.net‬‬
‫االستشارات‬
‫مهارات ‪11‬‬

‫نص فيه‪ ،‬فهل جتوز املشاورة فيه‬ ‫ألنه إذا جاء النص بَطُل الرأي والقياس‪ ،‬فأما ما ال َّ‬
‫يف مجيع األشياء أم ال؟! قال الكليب وكثري من العلماء هذا األمر خمصوص باملشاورة‬
‫أن األلف والالم يف لفظ األمر ليس لالستغراق ملا بنَّي َّ‬
‫أن‬ ‫وح ّجته َّ‬
‫يف احلروب‪،‬ـ ُ‬
‫وحي ال جتوز املشاورة فيه‪ ،‬فوجب محل األلف والالم هاهنا على‬ ‫الذي نزل فيه ٌ‬
‫املعهود السابق‪ ،‬واملعهودـ السابق يف هذه اآلية إمنا هو ما يتعلق بأمر احلرب ولقاء‬
‫العدو‪ ،‬فكان قوله ‪( :‬وشاورهم يف األمر) خمتصاً بذلك‪ ،‬وظاهر األمر للوجوب‪،‬‬
‫فقوله وشاورهم يقتضي الوجوب‪ ،‬ومحل الشافعي رمحه اهلل ذلك على الندب‪،‬‬
‫فقال‪ :‬هذا كقوله عليه الصالة والسالم‪( :‬البكر تُستأمر يف نفسها) ولو أكرهها‬
‫األوىل بذلك تطييباً لنفسها‪ ،‬فكذا ها هنا‪.‬‬
‫األب على النكاح جاز‪ ،‬لكن ْ‬
‫ويستفاد مما سبق أن اهلل تعاىل أمر نبيه عليه الصالة والسالم مبشاورة أصحابه‬
‫تألفاً هلم وتطييباً ألنفسهم‪ ،‬قاله قتادة‪ ،‬ورفعاً ألقدارهم‪ ،‬فقد كانت سادات العرب‬
‫إذا مل يشاوروا يف األمر شق عليهم‪ ،‬فأمر اهلل تعاىل نبيه صلى اهلل عليه وسلم أن‬
‫يشاورهم يف األمر‪ ،‬فإن ذلك أعطف هلم عليه وأذهب ألضغاهنم وأطيب لنفوسهم‪،‬‬
‫فإذا شاورهم عرفوا إكرامه هلم‪ .‬وقال الضحاك‪ :‬أمر اهلل عز وجل نبيه عليه الصالة‬
‫والسالم مبشاورهتم‪ ،‬ملا علم فيها من الفضل‪ .‬وقال احلسن البصري‪ :‬أمره مبشاورهتم‬
‫ليسنت به املسلمون ويتبعه فيها املؤمنون‪ ،‬وإن كان عن مشورهتم غنياً‪.‬‬
‫َّ‬
‫وقـ ــال اهلل جل ذكـ ــره يف مـ ــدح املؤمـ ــنني‪   :‬‬
‫‪  ...‬سورة الشورى‪ ،‬اآلية‪.38 :‬‬
‫قال القرطيب رمحه اهلل يف تفسريه ‪َّ :‬‬
‫إن اهلل تعاىل مدح املشاورة يف األمور‬
‫مبدح القوم الذين كانوا ميتثلون ذلك‪ ،‬وقد كان النيب صلى اهلل عليه وسلم يشاور‬
‫أصحابه يف اآلراء املتعلقة مبصاحل احلروب‪.‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫االستشارات‬
‫مهارات ‪12‬‬

‫إن ذلك مدح من اهلل تعاىل هلم‪ ،‬بأهنم كانوا إذا وقعت بينهم اجتمعوا‬ ‫وقيل‪َّ :‬‬
‫وتشاوروا‪ ،‬فأثىن اهلل تعاىل عليهم‪ ،‬أي الينفردوا برأي ما مل جيتمعوا عليه‪ ،‬قاله‬
‫الفخر الرازي رمحه اهلل‪.‬‬
‫أن اهلل تعاىل جعل أمرهم‬ ‫ولقد ذكر سيد قطب يف تفسريه هلذه اآلية‪َّ :‬‬
‫شورى ليصبغ احلياة كلها هبذه الصبغة‪ ،‬مث يقول‪ :‬إنه طابع ذايت للحياة اإلسالمية‬
‫ومسة مميزة للجماعة املختارة لقيادة البشرية وهي من ألزم صفات القيادة‪ .‬أما‬
‫الشكل الذي تتم به الشورى فليس مصبوباً يف قالب حديدي‪ ،‬فهو مرتوك للصورة‬
‫املالئمة لكل بيئة وزمان‪ ،‬لتحقيق ذلك الطابع يف حياة اجلماعة اإلسالمية‪.‬‬
‫فلقد كانت األنصار قبل قدوم النيب صلى اهلل عليه وسلم إليهم إذا أرادوا‬
‫أمراً تشاوروا فيه مث عملوا عليه‪ ،‬فمدحهم اهلل تعاىل به‪ ،‬قاله النقاش‪.‬‬
‫وقال احلسن‪ :‬أي إهنم النقيادهم إىل الرأي يف أمورهم متفقون ال خيتلفون‪،‬‬
‫فمدحوا باتفاق كلمتهم‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬تشاورهم فيما يعرض هلم‪ ،‬فال يستأثر بعضهم خبرب دون بعض‪ .‬فمدح‬
‫اهلل تعاىل املشاورة يف األمور مبدح القوم الذي كانوا ميتثلون ذلك‪ ،‬وهذا خالصة‬
‫أقوال العلماء واملفسرين هلذه اآلية‪.‬‬
‫ف ــإذا ك ــان اهلل ســبحانه وتع ــاىل قد أمر رس ــوله ص ــلى اهلل عليه وســلم مبش ــاورة‬
‫أصحابه‪ ،‬ومدح األنصار على املشاورة فيما بينهم‪ ،‬فإننا جند يف كتاب اهلل عز وجل‬
‫أحكام ـاً ال تكــون صــحيحة وال نافــذة إال بعد الرضا والتشــاور‪ ،‬وعلى ســبيل املثــال‪،‬‬
‫يف سـ ـ ـ ـ ـ ـ ــورة البقـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرة‪ ،‬عند احلديث عن أحكـ ـ ـ ـ ـ ـ ــام املولـ ـ ـ ـ ـ ـ ــود نقـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرأ قولـه تعـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاىل‪ :‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪       ‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫االستشارات‬
‫مهارات ‪13‬‬

‫إىل أن يقــول جل ذكــره‪      :‬‬


‫‪      ‬س ــورة‬
‫البقرة‪ ،‬اآلية‪ .233 :‬ففطام الصغري عن الرضــاع قبل احلولني غري جــائز‪ ،‬إال أن يتفق‬
‫األب ــوان على أقل من ذلك الع ــدد من غري مض ــارة بالول ــد‪ .‬ق ــال القرطيب رمحه اهلل يف‬
‫تفســريه هلذه اآليــة‪ :‬ويف هــذا دليل على جــواز االجتهــاد يف األحكــام بإباحة اهلل تعــاىل‬
‫للوال ـ ــدين التشـ ـ ــاور فيما ي ـ ــؤدي إىل صـ ـ ــالح الصـ ـ ــغري‪ ،‬وذلك موقـ ـ ــوف على غ ـ ــالب‬
‫ظنوهنما‪ ،‬ال على احلقيقة واليقني‪.‬‬
‫إن اآليات السابقة (آل عمران‪ ،159/‬الشورى‪ ،38/‬البقرة ‪ )233‬هي اآليات اليت‬
‫تضمنت صراحة األمر بالشورى أو مدحت الذين يتخذون الشورى منهجاً يف حياهتم‪.‬‬
‫ولكننا إذا دققنا النظر والتأمل والتدبر يف آيات القرآن الكرمي لوجدنا آيات‬
‫أخرى فيها معىن الشورى واملشاورة‪ ،‬بل إهنا حتدِّد اجملاالت اليت يتشاور فيها‪ ،‬كما‬
‫يف آيات التناجي (سورة اجملادلة‪ ،9/‬سورة النساء‪ ،)114/‬ففى النجوى معىن‬
‫املشاورة‪ .‬ومن باب الشورى يف القرآن نتذكر قصة بلقيس ملكة سبأ ملا ألقى إليها‬
‫اهلدهد خطاب سليمان عليه السالم يدعوها إىل اإلسالم‪ ،‬فقامت جبمع رؤوس‬
‫قومها وقادهتم مث شاورهتم‪ ،‬فكانت الشورى مفتاح خري على مملكة سبأ‪ ،‬بدخوهلم‬
‫يف دين اهلل‪.‬‬

‫‪‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫االستشارات‬
‫مهارات ‪14‬‬

‫أحاديث واستشارات نبوية‬


‫من أقوال املصطفى صلى اهلل عليه وسلم‪:‬‬
‫‪ -1‬عن أيب هريرة رضي اهلل عنه‪ ،‬عن النيب صلى اهلل عليه وسلم قال‪:‬‬
‫(المستشار مؤتمن) رواه أبو داود والرتمذي والنسائي وابن ماجة‪.‬‬
‫عن جابر رضي اهلل عنه‪ ،‬قال‪ :‬قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬إذا‬ ‫‪-2‬‬
‫شر عليه) رواه ابن ماجة‪.‬‬
‫استشار أحدكم أخاه فليُ ْ‬
‫عن عائشة رضي اهلل عنها أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم خطب‬ ‫‪-3‬‬
‫علي في قوم يسبّون‬
‫الناس‪ ،‬فحمد اهلل وأثىن عليه‪ ،‬وقال‪( :‬ما تشيرون ّ‬
‫علمت عليهم من سوء) رواه البخاري‪.‬‬
‫ُ‬ ‫أهلي‪ ،‬ما‬
‫عن أيب هريرة رضي اهلل عنه قال‪ :‬قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪:‬‬ ‫‪-4‬‬
‫وأموركم شورى‬
‫ُ‬ ‫(إذا كان أمراؤكم خياركم وأغنياؤكم سمحاءكم‬
‫بينكم‪ ،‬فظهر األرض خير لكم من بطنها‪ )..‬رواه الرتمذي‪.‬‬
‫عن أيب هريرة رضي اهلل عنه قال‪ :‬قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪:‬‬ ‫‪-5‬‬
‫وم ْن أشار على أخيه بأمر‬
‫(م ْن أفتى بغير علم كان إثمه على َم ْن أفتاه‪َ ،‬‬
‫َ‬
‫أن الرشد في غيره فقد خانه) رواه أبو داود‪.‬‬‫يعلم َّ‬
‫أورد صاحب جممع الزوائد وكذا املعجم الصغري قول رسول اهلل صلى اهلل‬ ‫‪-6‬‬
‫عليه وسلم ‪( :‬ما خاب َم ْن استخار‪ ،‬وال ندم َم ْن استشار)‪.‬‬
‫استشارات نبوية‪:‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫االستشارات‬
‫مهارات ‪15‬‬

‫قال أبو هريرة رضي اهلل عنه‪( :‬ما رأيت أحداً أكثر مشورة ألصحابه من رسول‬
‫صح عنه عليه الصالة والسالم االستشارة ألصحابه‬ ‫اهلل صلى اهلل عليه وسلم)‪ ،‬وقد َّ‬
‫يف قصص كثرية منها‪:‬‬
‫‪ )1‬ملا أراد عليه الصالة والسالم مصاحلة عيينة بن حصن الفزاري واحلارث بن‬
‫املري حني حصره األحزاب يف اخلندق على أن يعطيهم ثلث مثار املدينة‬ ‫عوف ّ‬
‫ويرجعا مبن معهما من غطفان عنه‪ ،‬قال عليه الصالة والسالم حىت أشاور‬
‫السعود‪ ،‬يعين سعد بن معاذ وسعد بن عبادة وسعد بن زرارة رضي اهلل عنهم‬
‫أمجعني‪ ،‬فاستشارهم ‪ ،‬فأشاروا عليه أن ال يعطيهما‪ ،‬فلم يُعطهما شيئاً‪.‬‬
‫‪ )2‬أنه عليه الصالة والسالم استشار يف أسارى بدر‪ ،‬فأشار أبو بكر رضي اهلل عنه‬
‫بالفداء وعمر رضي اهلل عنه بالقتل‪ ،‬فعمل رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‬
‫برأي أيب بكر الصديق رضي اهلل عنه‪.‬‬
‫‪ )3‬ملا نزل رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ببدر‪ ،‬نزل بأدىن ماء‪ ،‬فقال احلباب بن‬
‫أمنزل أنزلكه اهلل‪ ،‬ليس‬
‫املنذر رضي اهلل عنه‪ :‬يا رسول اهلل أرأيت هذا املنزل‪ٌ ،‬‬
‫لنا أن نتقدمه وال نتأخر عنه أم هو الرأي واحلرب واملكيدة‪ ،‬فقال‪ :‬بل هو‬
‫إن هذا ليس لنا مبنزل‪ ،‬فاهنض بالناس حىت نأيت‬ ‫الرأي واحلرب واملكيدة‪ ،‬قال ‪َّ :‬‬
‫أدىن منزل من القوم فننزله مث نغور ما وراءه من ال ُقلَّب ونبين لك حوضاً‬
‫فنمأله ماءً مث نقاتل الناس فنشرب وال يشربون‪ ،‬فقال صلى اهلل عليه وسلم‬
‫(لقد أشرت بالرأي)‪ ،‬فنهض صلى اهلل عليه وسلم مبن معه حىت أتى أدىن ماء‬
‫من القوم فنزل عليه وفعل ما أشار به احلُباب بن املنذر رضي اهلل عنه‪.‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫االستشارات‬
‫مهارات ‪16‬‬

‫‪ )4‬شاور عليه الصالة والسالم علياً وأسامة بن زيد رضي اهلل عنهما يف (قصة‬
‫اإلفك) ويف أمر (عائشة) رضي اهلل عنها‪ ،‬فقال أسامة رضي اهلل عنه‪ :‬أهلك يا‬
‫رسول اهلل وال نعلم إال خرياً‪.‬‬
‫‪ )5‬استشار عليه الصالة والسالم الناس يوم بدر حني أتاه اخلرب عن قريش‪ ،‬فقام‬
‫أبو بكر رضي اهلل عنه فقال وأحسن‪ ،‬مث قام املقداد بن عمرو رضي اهلل عنه‬
‫فقال‪ :‬يا رسول اهلل‪ ،‬امض ملا أراك اهلل فنحن معك‪،‬ـ فو الذي بعثك باحلق لو‬
‫سرت بنا إىل برك الغماد (موضع يف اليمن) جلالدنا معك من دونه حىت تبلغه‪.‬‬
‫علي أيها الناس‪ ،‬يريد‬
‫فقال رسول اهلل خرياً‪ .‬مث قال رسول اهلل‪ :‬أشريوا ّ‬
‫األنصار‪ ،‬فقال له سعد بن معاذ‪ :‬واهلل لكأنك تريدنا يا رسول اهلل؟ قال‪ :‬أجل‪.‬‬
‫قال‪ :‬فقد آمنا بك وصدقناك فامض بنا يا رسول اهلل ملا أردت فنحن معك‪،‬‬
‫والذي بعثك باحلق‪ ،‬لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته خلضناه ما ختلّف منا‬
‫رجل واحد‪ ،‬إنا لصرب يف احلرب وص ْد ٌق عند اللقاء‪ِ ،‬‬
‫فس ْر بنا على بركة اهلل‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ٌُ‬
‫رجل إىل النيب صلى اهلل عليه وسلم فقال‪ :‬يا رسول اهلل إين أبدع يب (أي‬ ‫‪ )6‬جاء ٌ‬
‫انقطع يب) فامحلين‪ .‬قال‪ :‬ال أجد ما أمحلك عليه‪ ،‬ولكن ائت فالناً فلعله أن‬
‫حيملك‪ ،‬فأتاه فحمله‪ ،‬فأتى رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم وأخربه‪ ،‬فقال‬
‫(م ْن دل على خري فله مثل أجر فاعله)‬ ‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪َ :‬‬
‫والداللة على اخلري من أهم معاين الشورى واملشاورة‪.‬‬

‫‪‬‬

‫آثـار ســلفيـة‬
‫‪www.alukah.net‬‬
‫االستشارات‬
‫مهارات ‪17‬‬

‫ملا توىل الص ّديق أبو بكر رضي اهلل عنه‪ ،‬واجهته مشكلة‬ ‫‪-1‬‬
‫املرتدين‪ ،‬فأخذ يشاور الصحابة ويشاورونه حىت استقر الرأي على‬
‫حماربتهم‪.‬‬
‫كان الفاروق عمر رضي اهلل عنه يتخذ من كبار الصحابة‬ ‫‪-2‬‬
‫مستشارين له‪ ،‬يرجع إليهم ويستشريهم يف أمور اخلالفة وصالح‬
‫الناس‪.‬‬
‫ملا طُعن الفاروق عمر رضي اهلل عنه خترّي ستة من الصحابة‬ ‫‪-3‬‬
‫ّ‬
‫وأمرهم بأن يتشاوروا فيما بينهم يف مسألة اخلالفة‪.‬‬
‫قال البخاري رمحه اهلل‪ :‬كان األئمة بعد النيب صلى اهلل عليه‬ ‫‪-4‬‬
‫وسلم يستشريون األمناء من أهل العلم يف األمور املباحة‪ ،‬ليأخذوا‬
‫بأسهلها‪.‬‬
‫قال عمر بن اخلطاب رضي اهلل عنه ‪ :‬الرجال ثالثة‪ :‬رجل ترد‬ ‫‪-5‬‬
‫عليه األمور فيسدِّدها برأيه‪ ،‬ورجل يشاور فيما أشكل عليه وينزل‬
‫حيث يأمره أهل الرأي‪ ،‬ورجل حائر بائر‪ ،‬ال يأمت رشداً وال يطيع‬
‫مرشداً‪.‬‬
‫وكان الفاروق رضي اهلل عنه يقول‪ :‬شاور يف أمرك َم ْن خياف‬ ‫‪-6‬‬
‫اهلل عز وجل‪.‬‬
‫قال علي بن أيب طالب رضي اهلل عنه ‪ :‬نعم املوازرة املشاورة‪،‬‬ ‫‪-7‬‬
‫وبئس االستعداد االستبداد‪.‬‬
‫وقال علي رضي اهلل عنه‪ :‬االستشارة عني اهلداية وقد خاطر‬ ‫‪-8‬‬
‫َم ْن استغىن برأيه‪.‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫االستشارات‬
‫مهارات ‪18‬‬

‫قال عمرو بن العاص رضي اهلل عنه ‪ :‬ما نزلت يب قط عظيمة‬ ‫‪-9‬‬
‫فأبرمتها حىت أشاور عشرة من قريش مرتني‪ ،‬فإن أصبت كان احلظ‬
‫يل دوهنم‪ ،‬وإن أخطأت مل أرجع على نفسي بالئمة‪.‬‬
‫قال عمر بن عبد العزيز رمحه اهلل‪َّ :‬‬
‫إن املشورة واملناظرة بابا‬ ‫‪-10‬‬
‫رمحة‪ ،‬ومفتاحا بركة‪ ،‬ال يضل معهما رأي‪ ،‬وال يفقد معهما‬
‫حزم‪.‬‬
‫وقال عمر رمحه اهلل‪ :‬األمور ثالثة‪ :‬أمر استبان رشده فاتبعه‪،‬‬ ‫‪-11‬‬
‫وأمر استبان ضده فاجتنبه‪ ،‬وأمر أشكل فرده إىل اهلل عز وجل‪.‬‬
‫قال احلسن البصري رمحه اهلل‪ :‬الناس ثالثة‪ :‬فرجل رجل‪،‬‬ ‫‪-12‬‬
‫ورجل نصف رجل‪ ،‬ورجل ال رجل‪ ،‬فأما الرجل الرجل فذو‬
‫الرأي واملشورة‪ ،‬وأما الرجل الذي هو نصف رجل‪ ،‬فالذي له‬
‫رأي وال يشاور وأما الرجل الذي ليس برجل فالذي ليس له رأي‬
‫وال يشاور‪.‬‬
‫وقال احلسن رمحه اهلل‪ :‬واهلل ما تشاور قوم قط إال هداهم اهلل‬ ‫‪-13‬‬
‫ألفضل ما حيضرهم‪.‬‬
‫قال مالك بن أنس رمحه اهلل‪ :‬ما تشاور قوم قط إال هداهم اهلل‬ ‫‪-14‬‬
‫إىل رشدهم‪.‬‬
‫قال سفيان الثوري رمحه اهلل‪ :‬ليكن أهل مشورتك أهل التقوى‬ ‫‪-15‬‬
‫وم ْن خيشى اهلل تعاىل‪.‬‬
‫واألمانة َ‬

‫‪‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫االستشارات‬
‫مهارات ‪19‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫االستشارات‬
‫مهارات ‪20‬‬

‫أقــوال مشـهورة‬
‫‪ -1‬أول احلزم املشورة‪.‬‬
‫‪ -2‬قال حكيم‪ :‬املشورة موكل هبا التوفيق لصواب الرأي‪.‬‬
‫وم ْن َّ‬
‫استبد برأيه كان‬ ‫‪ -3‬قال سيف بن ذي يزن‪َ :‬م ْن ُأعجب برأيه مل يشاور‪َ ،‬‬
‫من الصواب بعيداً‪.‬‬
‫‪ -4‬قال عبد احلميد‪ :‬املشاور يف رأيه‪ ،‬ناظر من ورائه‪.‬‬
‫‪ -5‬قيل يف منثور احلكم‪ :‬املشاورة راحة لك وتعب على غريك‪.‬‬
‫‪ -6‬قال بعض البلغاء‪ :‬من حق العاقل أن يضيف إىل رأيه آراء العقالء وجيمع‬
‫ضل‪.‬‬
‫زل‪ ،‬والعقل الفرد رمبا ّ‬ ‫إىل عقله عقول احلكماء‪ ،‬فالرأي الف ّذ رمبا ّ‬
‫‪ -7‬قال املأمون‪ :‬ثالث ال يعدم املرء الرشد فيهن‪ :‬مشاورة ناصح‪ ،‬ومداراة‬
‫حاسد‪ ،‬والتحبّب إىل الناس‪.‬‬
‫‪ -8‬قال بزرمجهر‪ :‬أفره الدواب ال غىن به عن السوط‪ ،‬وأعف النساء ال غىن‬
‫هبا عن الزواج‪ ،‬وأعقل الرجال ال غىن به عن املشورة‪.‬‬
‫وم ْن استخار استظهر‪.‬‬
‫‪ -9‬قال بعض البلغاء‪َ :‬م ْن استشار استبصر‪َ ،‬‬
‫ويتقرر‬
‫يتصور يف نفسه ّ‬ ‫‪ -10‬وقال بعض البلغاء‪ :‬من جهل املرء وسفه رأيه‪ ،‬أن ّ‬
‫حسه أن استمداد اآلراء واستشارة النصحاء مما يُزري به ويضع من‬ ‫يف ّ‬
‫قدره فيستب ّد بالتدبري ويعرض عن املشري‪ ،‬فيبقى يف ظلمة احلرية وحيصل‬
‫على اهلم واحلسرة‪.‬‬
‫‪ -11‬قيل‪ :‬نصف عقلك مع أخيك فشاوره ليكمل لك الرأي‪.‬‬
‫‪ -12‬قال رجل من عبس‪ :‬وقد ُسئل ‪ :‬ما أكثر صوابكم؟! فقال‪ :‬حنن ألف‬
‫رجل فينا رجل واحد حازم فنحن نشاوره‪ ،‬فكأنا ألف حازم‪.‬‬
‫‪www.alukah.net‬‬
‫االستشارات‬
‫مهارات ‪21‬‬

‫قيل‪ :‬استشار قوم من العرب شيخاً هلم قد قارب التسعني فيما يُدرك به‬ ‫‪-13‬‬
‫إن وهن قواي قد فسخ مهّيت ونكث عزمييت‬ ‫الثأر ويُنفى به العار فقال‪َّ :‬‬
‫ولكن شاوروا الشجعان من أويل العزم واجلبناء من أويل احلزم‪ ،‬فإن اجلبان‬
‫ال يألوا برأيه ما يقي مهجكم والشجاع لن تعدموا مبشورته ما يشيد‬
‫معرة تقصري اجلبان‬
‫ذكركم‪ ،‬مث خلّصوا بني الرأيني بنتيجة تنأى بكم عن ّ‬
‫وهتور الشجاع‪ ،‬فإذا جنم الرأي هبذا العلم كان أنفذ على عدوكم من‬ ‫ّ‬
‫السهم الزاجل‪.‬‬
‫قال بعض البلغاء‪ :‬املرء إذا استشار الرشيد وعمل مبشورته واستنصح‬ ‫‪-14‬‬
‫حزم ومل يغلبه َع ْزم‪.‬‬
‫الرشيد وبىن على نصيحته مل يفته ْ‬
‫جرب األمور‪ ،‬فإنه يعطيك من رأيه ما كان‬ ‫قال لقمان احلكيم‪ :‬شاور َم ْن ّ‬ ‫‪-15‬‬
‫عليه بالغالء وأنت تأخذه باجملّان‪.‬‬
‫قيل‪ :‬املشورة مع السداد‪ ،‬والسخافة مع االستبداد‪.‬‬ ‫‪-16‬‬
‫قيل‪ :‬املستشري على طرف النجاح‪ ،‬واملستبد تلعب به الرياح‪.‬‬ ‫‪-17‬‬
‫قيل‪َ :‬م ْن كثرت استشارته‪ ،‬محدت إمارته‪.‬‬ ‫‪-18‬‬
‫كانت احلكماء تقول‪ :‬عليكم بآراء األحداث ومشورة الشبان‪ ،‬فإن هلم‬ ‫‪-19‬‬
‫أذهاناً تفل الفواصل‪ ،‬وحتطم الذوابل‪.‬‬
‫قيل‪ :‬لتكن مشورتك بالليل‪ ،‬فإنه أمجع للرأي والفكر‪ ،‬وأعون على الذكر‪.‬‬ ‫‪-20‬‬

‫‪‬‬
‫أشعار مرويــة‬
‫قال بشار بن برد‪:‬‬ ‫‪)1‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫االستشارات‬
‫مهارات ‪22‬‬

‫إذا بلغ الرأي المشورة فاستعن‬


‫حازم‬
‫ِ‬ ‫بحزم نصيح أو نصيحةـ‬
‫وال تجعل الشورى عليك غضاضة‬
‫للقوادم‬
‫ِ‬ ‫فإنَّ الخوافي تاب ٌع‬
‫وخ ِّل الهوينى للضعيف وال تكن‬
‫بنائم‬
‫ِ‬ ‫نؤوما ً فإنَّ الحزم ليس‬

‫‪)2‬‬
‫قال أبو الطيب املتنيب‪:‬‬

‫الرأي قبل شجاعة الشجعان‬


‫هو أو ٌل وهي المح ُّل الثاني‬
‫فإذا هما اجتمعا لنفس ُح ّر ٍة‬
‫مكان‬
‫ِ‬ ‫بلغتْ من العلياء كل‬
‫ولربما طعن الفتى أقرانه‬
‫األقران‬
‫ِ‬ ‫بالرأي قبل تطاعن‬

‫‪ )3‬قال أبو زياد‪:‬‬


‫ونجد ٍة‬
‫ْ‬ ‫س‬
‫أرى الرأي يُغني دون بأ ٍ‬
‫وما بهما عنه غنى حيث خيّما‬
‫س قد ز َّل زلّة عاث ٍر‬
‫وكم فار ٍ‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫االستشارات‬
‫مهارات ‪23‬‬

‫إذا هو أخطا رأيه فتحطّما‬

‫‪ )4‬قال أبو األسود الدؤيل‪:‬‬


‫وما كل ذي لب بمؤتيك نصحه‬
‫ب‬
‫ت نصحه بلبي ِ‬
‫وال كل مؤ ٍ‬
‫ب‬
‫ولكن إذا ما استجمعا عند صاح ٍ‬
‫ب‬
‫ق له من طاع ٍة بنصي ِ‬
‫فح َّ‬
‫ُ‬
‫‪ )5‬قال ابن ظفر‪:‬‬
‫أيا َمنْ يعول في المشكالت‬
‫على ما رآه وما دبّره‬
‫إذا أشكل األمر فابرأ به‬
‫إلى َمنْ يرى منه ما لم تره‬
‫عطف يقيك المخوف‬
‫ٍ‬ ‫تكن بين‬
‫ولطف يهون ما قدره‬
‫ٍ‬
‫إذا كنت تجهل عقبى األمور‬
‫ومالك حول وال مقدره‬
‫فلِ ْم ذا العنا وعالم األسى‬
‫وفيم الحذار وفيم الشره‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫االستشارات‬
‫مهارات ‪24‬‬

‫‪ )6‬قال أحدهم‪:‬‬
‫إذا عنَّ أم ٌر فاستشر فيه صاحبا ً‬

‫ب‬
‫رأي تُشير على الصح ِ‬
‫ٍ‬ ‫وإن كنت ذا‬
‫فإني رأيت العين تجهل نفسها‬
‫ب‬
‫وتدرك ما قد ح َّل في موضع الشّه ِ‬
‫‪ )7‬قال آخر‪:‬‬
‫إذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيم ٍة‬
‫فإنَّ فساد الرأي أن تترددا‬
‫عزم فأنفذه عاجالً‬
‫ٍ‬ ‫وإن كنت ذا‬
‫فإنَّ فساد العزم أن تتقيدا‬
‫‪ )8‬قال آخر‪:‬‬
‫ق‬
‫ال تحقرنَّ الرأي وهو مواف ٌ‬
‫ص‬
‫حكم الصواب ولو أتى من ناق ِ‬
‫فال ُّد ُر وهو أجمل شيء يُقتنى‬

‫ما حطَّ قيمتهـ هوانُ الغائ ِ‬


‫ص‬

‫‪ )9‬قال أحدهم‪:‬‬
‫المشكل‬
‫ِ‬ ‫شاور صديقك في الخف ِّي‬
‫متفض ِـل‬
‫ِّ‬ ‫ناصح‬
‫ٍ‬ ‫واقبل نصيحة‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫االستشارات‬
‫مهارات ‪25‬‬

‫فاهلل قد أوصى بذاك نبيه‬


‫في قوله شاورهم وتو َّك ِل‬

‫‪ )10‬قال آخر‪:‬‬
‫شاور سواك إذا نابتك نائبةٌ‬
‫يوما ً وإن كنت من أهل المشورا ِ‬
‫ت‬
‫فالعين تلقى كفاحا ً من نأى ودنا‬
‫وال ترى نفسها إال بمرآ ِة‬
‫‪ )11‬قال أحدهم‪:‬‬
‫وإن أتاك مستشي ٌر فاذكرنْ‬
‫قول النبي المستشار المؤتمنْ‬
‫شاور لبيبا ً في األمور تنجح‬
‫َمنْ يخف الرحمن فيها يربحـ‬
‫َمنْ استخار ركب الصوابا‬
‫أو استشار أمن العقابا‬
‫َمنْ استخار لم يفته حز ُم‬
‫أو استشار لم ير ِم ِـه خص ُم‬

‫‪ )12‬قال آخر‪:‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫االستشارات‬
‫مهارات ‪26‬‬

‫يا رافعا ً راية الشورى وحارسها‬


‫جزاك ربك خيراً عن محبيها‬
‫رأي الجماعة ال تشقى البالد به‬
‫رغم الخالف ورأي الفرد يشقيها‬

‫‪ )13‬قال أحدهم‪:‬‬
‫ال تشاور َمنْ ليس يُصفيك و َّداً‬
‫إنه غي ُر سال ٍك بك قصدا‬
‫واستشر في المهم ك َّل ودو ِد‬
‫ليس يألوك في النصيحة ُجهداً‬
‫‪ )14‬قال آخر‪:‬‬
‫سو ٌد جوانبهـ‬
‫الرأي كالليل ُم ّ‬
‫بإصباح‬
‫ِ‬ ‫والليل ال ينجلي إال‬
‫الرجال‬
‫فاضمم مصابيحـ آراء ِّ‬
‫إلى مصباح رأيك تزدد ضوء‬
‫مصباح‬
‫ِ‬
‫‪ )15‬قال آخر‪:‬‬
‫خصال من تشاوره ثالث‬
‫فخ ْذ منها لنفسك بالوثيق ْـة‬
‫ُ‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫االستشارات‬
‫مهارات ‪27‬‬

‫عقل‬
‫ٍ‬ ‫خالص ووفو ُر‬
‫ٌ‬ ‫ودا ٌد‬
‫ومعرفةٌ بحالك في الحقيق ْة‬
‫ف َمنْ تخلُص له هذه المعاني‬
‫فتاب ْع رأيه والز ْم طريق ْه‬

‫‪ )16‬قال أحدهم‪:‬‬
‫إذا األمر أشكل إنفاذه‬
‫ولم تر منه سبيالً فسيحا‬
‫فشاور بأمرك في ستره‬
‫أخاك اللبيب المحب النصيحا‬
‫فربما فرج الناصحون‬
‫وأبدوا في الرأي رأيا ً صحيحا‬
‫وال يلبث المستشيرـ الرجال‬
‫إذا هو شاور أن يستريحا‬

‫‪ )17‬قال آخر‪:‬‬
‫إنَّ اللبيب إذا تف َّرق أمره‬
‫فتق األمور مناظراً ومشاورا‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫االستشارات‬
‫مهارات ‪28‬‬

‫وأخو الجهالة يستب ُّد برأيه‬


‫فتراه يعتسفُ األمور مخاطرا‬

‫‪ )18‬قال آخر‪:‬‬
‫إذا كنت في حاج ٍة مرسالً‬

‫فأرسل حكيما ً وال توصهـ‬


‫وإن باب أمر عليك التوى‬
‫فشاور لبيبا ً وال تعصه‬

‫‪ )19‬قال أحدهم‪:‬‬
‫وأجب أخاك إذا استشارك ناصحا ً‬
‫ْ‬
‫وعلى أخيك نصيحةًـ ال تر ُد ِد‬

‫‪ )20‬قال آخر‪:‬‬
‫خليلي ليس الرأي في صدر واح ٍد‬
‫أشيرا عل ّي بالذي تريا ِن‬

‫‪‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫االستشارات‬
‫مهارات ‪29‬‬

‫قصص وحكايات‬
‫هذه بعض حكايات وقصص عن َم ْن كان يستشري وال يقتصر‬
‫برأيه دون مشاورة‪ ،‬ويف املقابل عن َم ْن اقتصر على رأيه دون‬
‫مشاورة‪:‬‬
‫أن رجالً من أهل يثرب يُعرف باألسلمي‪ ،‬قال‪ :‬ركبين َديْن أثقل كاهلي‪ ،‬وطالبين به مستحقوه‪ ،‬واشتدت‬ ‫‪ُ )1‬حكي َّ‬
‫علي‬
‫علي األرض ومل أهتد إىل ما أصنع‪ ،‬فشاورت من أثق به من ذوي املودة والرأي‪ ،‬فأشار ّ‬ ‫حاجيت إىل ما ال بد منه‪ ،‬وضاقت ّ‬
‫بقصد املهلب بن أيب صفرة بالعراق‪ ،‬فقلت له‪ :‬متنعين املشقة وبُ ْع ُد الشقة وتيه املهلب‪ .‬مث إين عدلت عن ذلك املشري إىل استشارة‬
‫فركبت ناقيت وصحبت رفقة يف‬
‫ُ‬ ‫أن قبول املشورة خري من خمالفتها‪،‬‬ ‫غريه‪ ،‬فال واهلل ما زادين على ما ذكره الصديق األول‪ ،‬فرأيت َّ‬
‫الطريق وقصدت العراق‪ ،‬فلما وصلت دخلت على املهلب فسلّمت عليه وقلت له‪ :‬أصلح اهلل األمري‪ ،‬إين قطعت إليك الدهنا‬
‫علي بعض ذوي احلجى والرأي بقصدك لقضاء حاجيت‪ ،‬فقال‪ :‬هل أتيتنا بوسيلة‬ ‫(الفالة)‪ ،‬وضربت أكباد اإلبل من يثرب فإنه أشار ّ‬
‫حائل مل أذم‬
‫ٌ‬ ‫دوهنا‬ ‫ل‬‫حي‬
‫ُْ‬ ‫وإن‬ ‫أنت‪،‬‬ ‫لذلك‬ ‫فأهل‬
‫ٌ‬ ‫هبا‬ ‫قمت‬ ‫فإن‬ ‫حاجيت‪،‬‬ ‫لقضاء‬ ‫أو بقرابة وعشرية؟!‪ .‬فقلت‪ :‬ال‪ .‬ولكن رأيتك أهالً‬
‫يومك‪ ،‬ومل أيأس من غدك فقال املهلب حلاجبه‪ :‬اذهب به وادفع إليه ما يف خزانة مالنا الساعة‪ ،‬فأخذين معه‪ ،‬فوجدت يف خزنته‬
‫إيل‪ ،‬فلما رأيت ذلك مل أملك نفسي فرحاً وسروراً‪ ،‬مث عاد احلاجب إليه مسرعاً‪ ،‬فقال‪ :‬هل ما وصلك‬ ‫مثانني ألف درهم‪ ،‬فدفعها ّ‬
‫يقوم بقضاء حاجتك؟ فقلت‪ :‬نعم وزيادة‪ ،‬فقال له املهلب‪ :‬احلمد هلل على جنح سعيك واجتناؤك جين مشورتك وحتقق ظن َم ْن أشار‬
‫إليك بقصدنا‪ ،‬قال األسلمي‪ :‬فلما مسعت كالمه وقد أحرزت صلته‪ ،‬أنشدته وأنا واقف بني يديه‪:‬‬

‫يا َمنْ على الجود صاغ هللا‬


‫فليسهُ يُحسن غير ْ‬
‫البذل والجو ِد‬
‫راحت‬

‫ع ّمت عطاياك أهل األرض قاطبةً‬

‫فأنت والجود منحوتان من عو ِد‬


‫منفتح‬
‫ٌ‬ ‫فباب النجح‬
‫ُ‬ ‫َمنْ استشار‬
‫لديه فيما ابتغاه غير مردو ِد‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫االستشارات‬
‫مهارات ‪30‬‬

‫مث عدت إىل املدينة فقضيت ديين‪ ،‬ووسعت على أهلي‪،‬‬


‫علي‪ ،‬وعاهدت اهلل تعاىل أن ال أترك االستشارة‬ ‫وجازيت على املشري ّ‬
‫يف مجيع أموري ما عشت‪.‬‬
‫‪ )2‬كان امللك العادل نور الدين زنكي عظيم اهليبة‪ ،‬مرض بعلة‬
‫اخلوانيق‪ ،‬فأشار عليه األطباء بالفصد فامتنع‪ ،‬ومل يراجع‪ ،‬ومرض‪،‬‬
‫فكان ذلك سبب موته‪.‬‬
‫‪ )3‬كان بعض عقالء ملوك الفرس إذا شاور َم ْن قد رتَّبهم‬
‫فقصروا يف الرأي‪ ،‬دعا الذين وكلَّهم بأرزاقهم فعاقبهم‬‫ملشورته‪َّ ،‬‬
‫فيقولون‪ :‬خيطيء أهل مشورتك وتعاقبنا حنن ‪ ،‬فيقول‪ :‬نعم‪ ،‬إهنم مل‬
‫خيطئوا إال لتعلق قلوهبم بأرزاقهم‪ ،‬فإذا اهتموا حباجتهم أخطأوا‪.‬‬
‫‪ )4‬جاء يف سري الفرس أن ملكاً من ملوكهم استشار وزراءه يف‬
‫سر عظيم كانت عليه أعمدة ملكه متوركة فقال أحدهم‪ :‬ال ينبغي‬ ‫ٍّ‬
‫للملك أن يستشري منا أحداً يف مهم من أموره وعظيم من شؤونه‪ ،‬إال‬
‫للسر وأحزم للرأي‪ ،‬وأجدر بالسالمة ‪ ،‬وأعفى‬ ‫خالياً به‪ ،‬فإنه أموت ِّ‬
‫السر إىل واحد أخلص له وأكمل‪.‬‬ ‫لبعضنا من غائلة بعض‪َّ .‬‬
‫فإن إفشاء ِّ‬
‫‪ )5‬ملا حدث من أمر إبراهيم وحممد ابين عبد اهلل بن احلسن ما‬
‫حدث‪ ،‬أمسك املنصور عن املشاورة واستبد برأيه وأقبل على السهر‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫االستشارات‬
‫مهارات ‪31‬‬

‫ألحد من أهله‪ ،‬وكان حتته مصلى قد تفزز‬ ‫واخللوة ومل يذكر أمرمها ٍ‬
‫حلمته وسداه وكان جلوسه ومبيته عليه فلم يغرّي ه‪ ،‬وعليه جبة خز‬
‫دكناء قد درن جيبها فلم يغريها حىت ظفر وكان يقول يف تلك احلال‪:‬‬
‫إياك واملشورة فإن عثرهتا وزلتها ال تستدرك‪ ،‬فكم قد رأيت من‬
‫نصيح عاد نصحه غشاً‪.‬‬
‫إيل بعض مُس ارك‪ .‬فوجه إليه بسمري له‬ ‫‪ُ )6‬حكي َّ‬
‫أن الرشيد بعث ذات ليلة إىل جعفر بن حيىي‪ :‬إين قد سهرت فوجه ّ‬
‫كويف‪ ،‬فسامره ليلته‪ ،‬فلما أن رجع سأله جعفر عن خربه‪ .‬فقال ‪ :‬سامرته ليليت كلها فأنشدته فما رأيته استحلى إال بيتني من شعر‬
‫أنشدهتما إياه فإنه ُأولع هبما وما زال يأمرين بتكريرمها عليه حىت حفظهما‪ .‬فقال جعفر‪ :‬وما مها؟ قال‪:‬‬

‫ليت هنداً أنجزتنا ما تعد‬


‫وشفت أنفسنا مما تج ْد‬
‫واستب ّدتـ م ّرةً واحدةً‬
‫إنما العاج ُز َمنْ ال يستب ْد‬

‫فقال له جعفر‪ :‬أهلكتين واهلل وأهلكت نفسك! قال‪ :‬وكيف‬


‫يكرر البيتني‬
‫ذاك؟ قال‪ :‬إنه كان أن ال غىن به عين وعن مشوريت‪ ،‬ومل ِّ‬
‫إال وقد عزم على ترك مشاوريت واالستبداد بالرأي‪.‬‬
‫وقال الشاعر يف مثله‪:‬‬

‫وفكرته سوا ُء‬ ‫بديهته‬


‫الخطب الكبي ُر‬
‫ُ‬ ‫نابه‬ ‫إذا ما‬
‫ما يكونُ الدهر رأيا ً‬ ‫وأحز ُم‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫االستشارات‬
‫مهارات ‪32‬‬

‫إذا عمي المشاو ُر والمشي ُر‬


‫ص ْد ٌر فيه للهمم اتسا ٌع‬
‫و َ‬
‫إذا ضاقت بما فيه الصدو ُر‬

‫‪ )7‬كان الشعيب صديقاً البن أيب مسلم كاتب احلجاج‪ ،‬قُدم به‬
‫علي‪ .‬فقال‪ :‬ما أدري مبا ُأشري ولكن‬ ‫على احلجاج يوماً‪ ،‬فقال له‪ :‬أشر ّ‬
‫اعتذر مبا قدرت عليه‪ .‬وكان أن أشار عليه بذلك مجيع أصحابه‪ .‬قال‬
‫الشعيب‪ :‬دخلت وخالفت مشورهتم ورأيت واهلل غري الذي قالوا‪،‬‬
‫إن الناس قد أمروين‬ ‫فسلّمت عليه باإلمرة مث قلت‪ :‬أصلح اهلل األمري‪َّ ،‬‬
‫أن أعتذر بغري ما يعلم اهلل أنه احلق‪ ،‬وأمي اهلل ال أقول يف مقامي هذا إال‬
‫احلق‪ .‬قد جهدنا وحرضنا فإن سطوت فبذنوبنا وإن عفوت فبحلمك‬
‫أحب إلينا قوالً ممن‬
‫واحلجة لك علينا‪ .‬فقال احلجاج‪ :‬أنت واهلل ّ‬
‫يدخل علينا وسيفه يقطر من دمائنا ويقول‪ :‬واهلل ما فعلت وما‬
‫شهدت‪ .‬أنت آمن يا شعيب‪.‬‬

‫‪‬‬
‫وصايا ونصائح‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫االستشارات‬
‫مهارات ‪33‬‬

‫‪ )1‬جاء يف وصية بعض ملوك الفرس البنه‪ :‬عليك باملشاورة‬


‫ويوضح‬‫الرجال‪ ،‬وشاور َم ْن يفصح عن املستكن ّ‬‫فإنك واحد من ِّ‬
‫املشكل‪ ،‬وال يدع يف عدوك فرصة إال انتهزها وال لعدوك فيك فرصة‬
‫إال أحصنها‪ .‬وال مينعك حسن رأيك يف ظنك وال علو مكانك يف‬
‫نفسك من أن جتمع إىل رأيك رأي غريك‪ ،‬فإن وافق رأيك رأي غريك‬
‫ازداد رأيك عندك شدة‪ ،‬وإن خالف رأيك‪ ،‬عرضته على نظرك‪،‬‬
‫وفهمك‪ ،‬فإن كان معيناً على ما رأيت قبلت وإن كان متصنعاً‬
‫استغنيت‪.‬‬
‫‪ )2‬جاء يف االفالطونيات‪ :‬إذا شاورت َم ْن يضطلع باملشورة‬
‫عليك‪ ،‬فاصدقه عنك فيها‪ ،‬ويف كثري مما يتحرك إليه طباعك‪ ،‬ليقف‬
‫من صدقك‪ ،‬على ما يوجبه احلق فيها واعلم أن مغادرة املشري عليك‬
‫يف الرأي‪ ،‬مبقدار ما خلفته عنك‪ ،‬من الصدق‪.‬‬
‫‪ )3‬قال ابن املقفع‪ :‬اعرف أهل الدين واملروءة يف كل قرية‬
‫وكورة وقبيلة‪ ،‬فليكونوا إخوانك وأعوانك وثقاتك وبطانتك‪ ،‬وال‬
‫يقذفن يف روعك أنك إن استشرت الرجال‪ ،‬ظهرت منك للناس‬
‫احلاجة‪ ،‬إىل رأي غريك‪ ،‬فإنك لست تريد الرأي للفخر به‪ ،‬ولكن إمنا‬
‫تريده لالنتفاع به‪ ،‬ولو أنك مع ذلك أردت الذكر‪ ،‬لكان أحسن‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫االستشارات‬
‫مهارات ‪34‬‬

‫الذكرين وأفضلهما عند أهل العقل أن يقال‪ :‬ال ينفرد برأيه دون‬
‫استشارة ذوي الرأي‪.‬‬
‫‪ )4‬قيل‪ :‬حيتاج إىل املشاورة أمور أربعة‪:‬‬
‫أحدها‪ :‬تقصري املستشري عن معرفة التدبري‪.‬‬
‫والثاين‪ :‬خوفه من اخلطأ يف التقدير وإن مل يكن من أهل‬
‫التقصري‪.‬‬
‫والثالث‪ :‬أن الفطن النحرير رمبا سرتت عليه احملبة‪ ،‬والبغضاء‬
‫وجوه الرأي والروية‪ ،‬فإهنما يعدالن الفكر عن اإلصابة‪ ،‬فيحتاج إىل‬
‫مشورة َم ْن رأيه صاف من تكدير اهلوى‪ ،‬مبصر بوجوه اآلراء‪.‬‬
‫أن املستشار رمبا كان يف الفعل شريكاً أو عليه معيناً‪،‬‬ ‫والرابع‪َّ :‬‬
‫فتكون مشورته داعية إىل استئالفه وإغراءً ملعونته‪.‬‬
‫‪ )5‬كان يقال‪ :‬استشر عدوك العاقل‪ ،‬وال تستشر صديقك‬
‫األمحق‪ ،‬فإن العاقل يتقي على رأيه الزلل‪ ،‬كما يتقي الورع على دينه‬
‫اجلرح‪.‬‬
‫‪ )6‬كان يقال‪ :‬ال تدخل يف رأيك خبيالً‪ ،‬فيقصر فعلك وال‬
‫جباناً فيخوفك ما ال خياف وال حريصاً فيعدك ما ال يرجى‪.‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫االستشارات‬
‫مهارات ‪35‬‬

‫‪ )7‬قال األحنف‪ :‬اضربوا الرأي بعضه ببعض‪ ،‬يتولد منه‬


‫الصواب‪ ،‬وجتنبوا منه شدة احلزم‪ ،‬واهتموا عقولكم فإن يف تصديقها‬
‫نتاج اخلطأ وذم العاقبة‪.‬‬
‫‪ )8‬قيل‪ :‬من حق العاقل أن يضيف إىل رأيه رأي العلماء وإىل‬
‫عقله عقول احلكماء ويدمي االسرتشاد ويرتك االستبداد‪ ،‬فمن استشار‬
‫وضحت له األمور وصلُح‬ ‫العامل فيما ينويه واسرتشد العاقل فيما يأتيه‪ُ ،‬‬
‫وسهل عليه الصعب‪.‬‬‫له اجلمهور‪ ،‬واستنار فيه القلب‪ُ ،‬‬
‫‪ )9‬قيل‪ :‬ال تأنف من االسرتشاد وال تستنكف من االستمداد‪،‬‬
‫فألن تستشري وتندم‪ ،‬خريٌ من أن تستبد وتسلم‪.‬‬
‫‪ )10‬ومن مأثور النصائح والوصايا قيل‪:‬‬
‫‪ -‬حسن املشورة من املشري قضاء حلق النعمة‪.‬‬
‫‪ -‬إذا استُشرت فانصح وإذا تُركت فاصفح‪.‬‬
‫وم ْن وعظه عالنية شانه‪.‬‬
‫‪َ -‬م ْن وعظ أخاه سراً زانه‪َ ،‬‬
‫‪ -‬االعتصام باملشورة جناة‪.‬‬
‫‪ -‬إذا أراد اهلل بعبد هالكاً أهلكه برأيه‪.‬‬
‫‪ -‬إياك ومشورة النساء فإن رأيهن إىل األفن‪ ،‬وعزمهن إىل الوهن‪.‬‬

‫‪‬‬
‫‪www.alukah.net‬‬
‫االستشارات‬
‫مهارات ‪36‬‬

‫الفصل الثاني‬
‫قواعد االستشارة ومهاراتها‬

‫‪ -‬فضل االستشارة وأهميتها‪.‬‬


‫‪ -‬حكم االستشارة وحكمة مشروعيتها‪.‬‬
‫‪-‬االستشارة بين المدح والذم‪.‬‬
‫‪-‬المستشار فيه ودواعي االستشارة‪.‬‬
‫‪-‬كيفية االستشارة ومجاالتها‪.‬‬
‫‪-‬المستشار وخصاله‪.‬‬
‫‪-‬الـمستشير وما يطالب به‪.‬‬

‫فضل االستشارة وأهميتها‬


‫يقول الطرطوشي‪ :‬االستشارة هي مما تعده احلكماء من أساس‬
‫اململكة‪ ،‬وقواعد السلطنة ويفتقر إليها الرئيس واملرؤوس‪.‬‬
‫وسنة اهلل يف العاملني‪.‬‬
‫ويقول ابن العريب‪ :‬املشاورة أصل الدين ُ‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫االستشارات‬
‫مهارات ‪37‬‬

‫وكان يقال‪َ :‬م ْن أعطي أربعاً مل مينع أربعاً‪َ :‬م ْن أعطي الشكر مل‬
‫وم ْن أعطي االستخارة مل‬ ‫وم ْن أعطي التوبة مل مينع القبول‪َ ،‬‬‫مينع املزيد‪َ ،‬‬
‫وم ْن أعطي املشورة مل مينع الصواب‪.‬‬ ‫مينع اخلربة َ‬
‫ويف ذلك يقول بعض احلكماء‪َ :‬م ْن استشار أهل العقول‪ ،‬أدرك‬
‫املأمول‪.‬‬
‫وقالوا‪ :‬ال عذر ألحد يف ترك املشورة وإن كان من أهل العقل‬
‫فإن املشاور قد يكون له يف بعض‬ ‫والرشاد وذوي الرأي والسداد‪َّ ،‬‬
‫األمر هوى ولبعض الوجوه ميل‪ ،‬فلرمبا جنح إىل هواه ومال إىل‬
‫غرضه‪ ،‬واملشاور إمنا يُعطي لُباب عقله‪ ،‬وصفوة رأيه‪ ،‬وخالص نظره‪.‬‬
‫قال الزهري‪ :‬كان جملس عمر بن اخلطاب رضي اهلل عنه مغتصاً‬
‫من العلماء والقراء كهوالً وشباناً‪ ،‬فكان يقول‪ :‬ال متنع أحدكم حداثة‬
‫سنه أن يشري برأيه‪ ،‬فإن الرأي ليس على حداثة السن وال على قدمه‪،‬‬
‫ولكنه أمر يضعه اهلل حيث يشاء‪.‬‬
‫يقول املاوردي يف كتابه‪( :‬أدب الدنيا والدين)‪ :‬اعلم َّ‬
‫أن من‬
‫احلزم لكل ذي لُب‪ ،‬أال يُربم أمراً وال مُي ضي عزماً إال مبشورة ذي‬
‫الرأي الناصح‪ ،‬ومطالعة ذي العقل الراجح‪ ،‬فإن اهلل تعاىل أمر باملشورة‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫االستشارات‬
‫مهارات ‪38‬‬

‫نبيه صلى اهلل عليه وسلم مع ما تكفل به من إرشاده‪ ،‬ووعد به من‬


‫تأييده‪.‬‬
‫إن أمهية االستشارة يف حياتنا تربز يف اآليت‪:‬‬
‫والسنة‪ ،‬فقدوتنا صلى اهلل عليه وسلم أمــره رب‬ ‫‪ )1‬إتباع القرآن ُ‬
‫العــزة واجلالل باالستشــارة‪ ،‬فقــال لــه‪    :‬‬

‫‪ ‬بل لقد مــدح عز وجل أولئك الــذين كــانوا يستشــريون يف أمــورهم‪،‬‬


‫بقولـ ــه‪      :‬فنحن نتبع آث ــار َم ْن‬
‫مضى‪ ،‬كم نرجو من اهلل القدير أن نؤجر ونثــاب المتثالنا أوامر الكــرمي‬
‫التواب‪.‬‬
‫‪ )2‬العبادة والطاعة هلل‪ ،‬إذ الشورى أمر من عند اهلل عز وجل‪،‬‬
‫جاء هبا القرآن الكرمي يف آيات عديدة‪ ،‬ويف سور عدة‪ ،‬بل لقد مسيت‬
‫مفصلة وموضحة‬ ‫سورة منها بالشورى‪ ،‬كذا جاءت األحاديث النبوية ِّ‬
‫املنهج واألهداف والقواعد‪ ،‬فهي – إذن – ليست نتاج جهد بشري‪،‬‬
‫إهنا من عند اهلل عز وجل‪ ،‬فهي عبادة وطاعة‪.‬‬
‫‪ )3‬استنباط الصواب‪ ،‬إذ كما يقال‪ :‬من أكثر املشورة مل يعدم‬
‫الصواب‪.‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫االستشارات‬
‫مهارات ‪39‬‬

‫‪ )4‬اكتساب الرأي‪ ،‬إذ يف مشورة اآلخرين وحماورهتم وطلب‬


‫رأيهم اكتساب آراء جديدة وإضافة خربات عديدة توسع املدارك‬
‫وتعمق الدربة‪.‬‬
‫وتزيد اخلربة ِّ‬
‫‪ )5‬التحصن من اخلطأ‪ ،‬فعند االطالع على جتارب اآلخرين‬
‫جنرب‪ ،‬وهذا هو معىن قول‬ ‫نعرف وجه الصواب واخلطأ فيما مل ِّ‬
‫جرب األمور‪.‬‬‫احلكيم البنه‪ :‬شاور َم ْن َّ‬
‫‪ )6‬االبتعاد عن املالم‪ ،‬إذ املالم أقرب للشخص الذي يعمل‬
‫العمل باجتهاده وحده دون مشورة اآلخرين‪ ،‬وهذا مصداق قول‬
‫األعرايب‪ :‬ما غُبنت قط حىت يُغنب قومي‪ .‬قيل‪ :‬وكيف ذلك؟ قال‪ :‬ال‬
‫أفعل شيئاً حىت أشاورهم‪.‬‬
‫‪ )7‬النجاة من الندم‪ ،‬إتباعاً للمثل القائل‪ :‬يف التأين السالمة ويف‬
‫العجلة الندامة‪ .‬فالتأين هنا هو املشاورة ومعرفة رأي اآلخرين‪ ،‬أما‬
‫العجلة فهي االستبداد بالرأي وعدم املشاورة والتفكر يف األمر‪ .‬وإذا‬
‫جاءت الرياح مبا ال يشتهي املرء شعر بالندم ووبّخ نفسه لعدم‬
‫استشارة اآلخرين‪.‬‬
‫‪ )8‬تأليف القلوب‪ ،‬وهذا واضح يف مدح األنصار الذين كانوا‬
‫يشاورون بعضهم‪ ،‬ليكونواـ على قلب رجل واحد‪ ،‬بل لقد أمر اهلل نبيه‬
‫مبشورة أصحابه تأليفاً لقلوهبم وتطييباً لنفوسهم‪ ،‬يقول عبد امللك بن‬
‫‪www.alukah.net‬‬
‫االستشارات‬
‫مهارات ‪40‬‬

‫أحب عندي من أن أصيب‬


‫مروان يف ذلك ألن أخطيء وقد استشرت ‪ُّ ،‬‬
‫وقد استبددت برأيي‪.‬‬
‫‪‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫االستشارات‬
‫مهارات ‪41‬‬

‫حكم االستشارة وحكمة مشروعيتها‬


‫يقول أبو عبد اهلل بن األزرق يف كتابه‪( :‬بدائع السلك يف طبائع‬
‫امللك)‪ :‬مما يدل على مشروعية االستشارة أمران‪:‬‬
‫‪‬‬ ‫أحدهما‪ :‬مدح َم ْن عمل هبا يف مجيع أموره‪ .‬قال اهلل تعاىل‪:‬‬
‫‪    ‬قال ابن العريب‪ :‬أي ال يستبدون‬
‫بأمر ويتهمون رأيهم‪ ،‬حىت يستعينوا بغريهم‪ ،‬ممن يظن به‪َّ ،‬‬
‫أن عنده‬
‫وسنة نبوية وخصلة عند مجيع األمم‬
‫مدركاً لغرضه‪ .‬وهذه سرية أولية ُ‬
‫مرضية‪.‬‬
‫‪‬‬ ‫الثانـي‪ :‬صريح األمر باالستشارة يف قولــه تع ــاىل‪:‬‬
‫‪    ‬قال النووي‪ :‬ويغين ذلك عن كل‬
‫شيء‪ ،‬فإنه إذا أمر اهلل عز وجل هبا النيب صلى اهلل عليه وسلم نصاً‬
‫جلياً‪ ،‬مع أنه أكمل اخللق‪ ،‬فما الظن بغريه‪.‬‬
‫قال اخلطايب‪ :‬وال جتب اإلشارة على األعيان‪ ،‬بل على الكفاية‪،‬‬
‫إذا قام هبا بعض الناس‪ ،‬سقط عن الباقني‪ ،‬وقد يرخص يف تركها آلفة‬
‫تعرض فيها‪ ،‬أو عائق مينع منها‪.‬‬
‫ومن حكمة مشروعية االستشارة ‪ ،‬أمور‪ ،‬منها‪:‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫االستشارات‬
‫مهارات ‪42‬‬

‫األول‪ :‬األمن من ندم االستبداد بالرأي الظاهر خطأه‪ ،‬فقد ورد‪:‬‬


‫ما خاب َم ْن استخار‪ ،‬وال ندم َم ْن استشار‪.‬‬
‫الثاين ‪ :‬إحراز الصواب غالباً فقد كان يقال‪َ :‬م ْن ُأعطي املشورة‬
‫مل مُي نع الصواب‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬ازدياد العقل هبا واستحكامه‪ .‬قال الطرطوشي‪:‬‬
‫املستشري‪ ،‬وإن كان أفضل رأياً من املستشار‪ ،‬فإنه يزداد برأيه رأياً‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬الفوز باملدح عند الصواب وقبول العذر عند اخلطأ‪ .‬قال‬
‫بطليموس‪َ :‬م ْن آثر املشورة‪ ،‬مل يعدم عند الصواب مادحاً‪ ،‬وعند اخلطأ‬
‫عاذراً‪.‬‬
‫اخلامس‪ :‬استعانة التدبري هبا عند التقصري عنه وال خفاء بتأكيد‬
‫احلاجة إليها يف هذه احلالة‪ ،‬ألن القدرة عليه ‪ ،‬إذا كانت ال تنفك عن‬
‫غرر اخلطأ‪ ،‬مامل تتأيد هبا‪ ،‬فما أحرى أن تتحقق عند االستبداد ملا ال‬
‫تنتهض ألبته‪ .‬قال بعض احلكماء‪ :‬حق على العاقل احلازم أن يضيف‬
‫إىل رأيه آراء العقالء‪ ،‬فإذا فعل أمن من عثاره ووصل إىل اختياره‪.‬‬
‫السادس‪ :‬التجرد باالستشارة عن اهلوى الساترة حجبه‪ ،‬لوجود‬
‫الصواب‪ ،‬وإن كان هناك عقل ورشاد‪.‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫االستشارات‬
‫مهارات ‪43‬‬

‫قال بعض احلكماء‪ :‬إمنا حيتاج اللبيب ذو التجربة إىل املشاورة‬


‫ليتجرد له رأيه من هواه‪ .‬قيل هلرمز‪ :‬لِ َـم كان رأي املستشار أفضل من‬
‫رأي املستشري‪ ،‬فقال‪ :‬ألن رأي املستشار معرى من اهلوى‪.‬‬
‫السابع‪ :‬بناء التدبري هبا على أرسخ أساس والعكس بالعكس‪،‬‬
‫ومن مثَّ قيل‪ :‬إنفاذ امللك لألمور من غري روية‪ ،‬كالعبادة بغري نيّة‪.‬‬
‫الثامن‪ :‬استمناح الرمحة والربكة قال عمر بن عبد العزيز رمحه‬
‫اهلل‪ :‬املشورة واملناظرة بابا رمحة ومفتاحا بركة‪ ،‬ال يضل معهما رأي‪،‬‬
‫وال يفقد معهما حزم‪.‬‬
‫التاسع‪ :‬داللة العمل هبا على اهلداية والسداد‪ .‬قال علي بن أيب‬
‫طالب رضي اهلل عنه‪ :‬االستشارة عني اهلداية‪ .‬وعن بعض احلكماء‪:‬‬
‫املشورة مع السداد‪.‬‬
‫أن الصواب هبا عند إشكاله‪ ،‬قيل‪ :‬إذا أشكل‬ ‫العاشر‪ُ :‬وجد َّ‬
‫أضل لؤلؤة‪ ،‬فجمع ما حول‬ ‫الرأي على احلازم‪ ،‬كان مبنزلة َم ْن َّ‬
‫مسقطها فالتمسها فوجدها كذلك احلازم جيمع وجوه الرأي يف األمر‬
‫املشكل مث يضرب بعضها ببعض‪ ،‬حىت خيلص له الصواب‪.‬‬

‫‪‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫االستشارات‬
‫مهارات ‪44‬‬

‫االستشارة بين المدح والذمـ‬


‫أورد الثعاليب يف كتابه‪( :‬اللطائف والظرائف) يف مدح املشورة‬
‫قول احلسن البصري رمحه اهلل‪َّ :‬‬
‫إن اهلل تعاىل أمر نبيه عليه الصالة‬
‫عز امسه‬
‫والسالم باملشورة‪ ،‬وال من حاجة منه إىل آرائهم‪ ،‬وإمنا أراد ّ‬
‫أن يعلمنا ما يف املشورة من الفضيلة‪ ،‬حيث قال سبحانه‪ :‬‬

‫‪    ...‬سورة آل عمران‪ ،‬اآلية‪.159 :‬‬


‫إن اإلنسان ال يستغين عن مشورة نصيح له‪ ،‬كما َّ‬
‫أن القوادم من ريش اجلناح تستعني باخلوايف منه‪ ،‬كما قال بشار بن‬ ‫مث‪َّ ،‬‬
‫برد يف ذلك‪:‬‬

‫إذا بلغ الرأي المشورة فاستعن‬


‫حازم‬
‫ِ‬ ‫بحزم نصيح أو نصاحة‬
‫وال تجعل الشورى عليك‬
‫غضاضة‬
‫للقوادم‬
‫ِ‬ ‫فريش الخوافي تاب ٌع‬

‫قال األصمعي‪ :‬قلت لبشار‪ :‬رأيت رجال الرأي يتعجبون من‬


‫أبياتك يف املشورة‪ ،‬فقال‪ :‬أو ما علمت َّ‬
‫أن املشاور بني إحدى‬
‫احلسنيني‪ ،‬صواب يفوز بثمرته أو خطأ يشارك يف مكروهه‪ .‬فقلت له‪:‬‬
‫أنت واهلل يف هذا الكالم أشعر منك يف شعرك‪.‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫االستشارات‬
‫مهارات ‪45‬‬

‫قال اجلاحظ‪ :‬املشورة لقاح العقول ورائد الصواب واملستشري‬


‫على طرف النجاح واستنارة املرء برأي أخيه من عزم األمور وحزم‬
‫التدبري‪.‬‬
‫وقال ابن املعتز‪َ :‬م ْن أكثر املشورة مل يعدم عند الصواب مادحاً‬
‫وعند اخلطأ عاذراً‪.‬‬
‫أحب‬
‫وقال عبد امللك بن مروان‪ :‬ألن أخطيء وقد استشرت ّ‬
‫إيل من أن أصيب وقد استبددت برأي من غري مشورة‪.‬‬ ‫ّ‬
‫وكان يقال ‪ :‬ما استنبط الصواب مبثل املشورة وال خصبت‬
‫النعم مبثل املواساة‪ ،‬وال اكتسبت البغضة مبثل الكرب‪.‬‬
‫وجاء يف ذم املشورة هذه احلكاية‪ :‬قال إلياس ابن اسحاق‪:‬‬
‫شهدت أمحد بن اليماين وقد استشاره رجل يف بعض األمور فامتنع‬
‫من اإلشارة‪ ،‬وقال‪ :‬هذا أمر ال يلزمين‪ .‬قلت‪ :‬وكيف وقد مسعت اهلل‬
‫يقول‪ ،    ... :‬فقال‪ :‬إ ّن لإلشارة آفات‬
‫وأنا أحذرها‪ ،‬وذلك أين إذا أشرت على رجل بشيء مل خيل من قبوله‬
‫له أو رد‪ ،‬فإن قبله مل خيل من أحد أمرين‪ :‬إما أن يقع صواباً‪ ،‬فينتفع‬
‫به أو خطأ فيتضرر به‪ ،‬فإن وقع صواباً وانتفع به‪ ،‬مل آمن أن يداخلين‬
‫يف ذلك عجب وأن تومهين نفسي أين قد سقت إليه خرياً‪ ،‬وإن وقع‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫االستشارات‬
‫مهارات ‪46‬‬

‫خطأ وتضرر به‪ ،‬مل أعدم منه الئمة وذماً‪ ،‬فإن مل يقبله‪ ،‬مل خيل أيضاً‬
‫من أحد أمرين‪:‬‬
‫إما أن ينجح أو خيفق‪ ،‬فإن أجنح أزرى يب واهتمين يف مشوريت‪،‬‬
‫وإن أخفق أو ناله ضرر‪ ،‬مل آمن من نفسي الشماتة‪َّ ،‬‬
‫وإن أمراً تعتوره‬
‫هذه اآلفات‪ ،‬فرتكه أسلم‪.‬‬
‫وكان عبد امللك بن صاحل يقول‪ :‬ما استشرت أحداً قط إال‬
‫علي وتصاغرت له‪ ،‬ودخلته العزة ودخلتين الذلة‪ ،‬فإياك‬ ‫تكرّب ّ‬
‫واملشاورة وإن ضاقت بك املذاهب‪ ،‬واشتبهت عليك املشارب‪،‬‬
‫وأداك فرط االستبداد إىل اخلطأ والفساد‪.‬‬
‫وهذا عبد اهلل بن طاهر يقول‪ :‬ما حك ظهري مثل ظفري وألن‬
‫إيل من أن ُأرى بعني النقص عند‬ ‫أحب ّ‬
‫أخطيء مع استبداد ألف خطأ ُّ‬
‫املستشار‪.‬‬

‫‪‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫االستشارات‬
‫مهارات ‪47‬‬

‫المستشار فيه ودواعي االستشارة‬


‫يقول ابن األزرق‪ :‬المستشار فيه نوعان‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬ما هو من أمور الدنيا‪ ،‬وخفي وجه الصواب فيه‪،‬‬
‫فيطلب العثور عليه باملشورة‪.‬‬
‫الثاني‪:‬ـ ما هو من مقاصد الدين‪ ،‬ومل يتعنّي يف احلال‪ ،‬وأشكل‬
‫فيه‪ ،‬فليلتمس باملشورة‪.‬‬
‫فإن قيل‪ :‬لماذا نستشير؟! نقول‪ :‬ألمور أربعة‪:‬ـ‬
‫تقصري املستشري عن معرفة التدبري‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫اخلوف من اخلطأ يف التقدير‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫صاف من تكدير اهلوى‬‫احلاجة إىل مشورة من رأيه ٍ‬ ‫‪-3‬‬
‫َْ‬
‫ُمْبص ٍر بوجوه اآلراء‪.‬‬
‫استئالف املستشار وإغراؤه ملعونته‪ ،‬فرمبا كان يف الفعل‬ ‫‪-4‬‬
‫شريكاً أو عليه معيناً‪.‬‬
‫فإن قيل‪ :‬لماذا كان رأي المستشار أفضل من رأي‬
‫المستشير؟! نقول‪ :‬ألن رأي املستشار معرى من اهلوى‪ .‬فإن املشاور‬
‫قد يكون له يف بعض األمر هوى ولبعض الوجوه ميل‪ ،‬فلرمبا جنح إىل‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫االستشارات‬
‫مهارات ‪48‬‬

‫هواه‪ ،‬ومال إىل غرضه‪ ،‬واملستشار إمنا يُعطي لباب عقله وصفو رأيه‬
‫وخالص نظره‪.‬‬
‫يقول أبو احلسن املاوردي رمحه اهلل‪ :‬وال ينبغي أن يتصور املرء‬
‫يف نفسه أنه إن شاور يف أمره ظهر للناس ضعف رأيه وفساد رويته‪،‬‬
‫حىت افتقر إىل رأي غريه‪َّ ،‬‬
‫فإن هذه معاذير النوكى؟‪ ،‬وليس يراد الرأي‬
‫والتحرز من اخلطأ عند زلـله ‪،‬‬
‫ّ‬ ‫للمباهاة به‪ ،‬وإمنا يراد لالنتفاع بنتيجته‬
‫وص َّد عن خطأ‪ .‬ولقد ورد‪:‬‬
‫وكيف يكون عاراً ما ّأدى إىل صواب‪َ ،‬‬
‫(لقِّحوا عقولكم باملذاكرة واستعينوا على أموركم باملشاورة)‪.‬‬
‫لذا ينبغي أن يكثر املرء من استشارة ذوي األلباب ال سيما يف‬
‫يضل عن اجلماعة رأي أو يذهب عنهم صواب‪،‬‬ ‫َّ‬
‫األمر اجلليل‪ ،‬فقلما ّ‬
‫ألن إرسال اخلواطر الثاقبة وإجالة األفكار الصادقة‪ ،‬ال ُيعزب عنها‬
‫ممكن‪ ،‬وال خيفى عليها جائز‪.‬‬

‫‪‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫االستشارات‬
‫مهارات ‪49‬‬

‫كيفية االستشارة ومجاالتها‬


‫جاء يف كتاب‪( :‬أدب الدنيا والدين) أليب احلسن املاوردي‪ :‬فإذا‬
‫استشار إنسان اجلماعة‪ ،‬فقد اختلف أهل الرأي يف اجتماعهم عليه‬
‫وانفراد كل واحد منهم به‪.‬‬
‫األوىل اجتماعهم على االرتياء وإجالة‬ ‫فمذهب أهل الفرس أن ْ‬
‫الفكر‪ ،‬ليذكر كل واحد منهم ما قدحه خاطره وأنتجه فكره‪ ،‬حىت‬
‫توجه عليه َردٌّ‪ ،‬نوقض‪.‬‬
‫قدح‪ ،‬عورض أو ّ‬ ‫إذا كان فيه ٌ‬
‫األوىل استسرار كل‬ ‫وذهب غريهم من أصناف األمم إىل أن ْ‬
‫واحد باملشورة‪ ،‬ليجيل كل واحد منهم فكره يف الرأي‪ ،‬طمعاً يف‬
‫فإن القرائح إذا انفردت استكدها الفكر واستفرغها‬ ‫احلظوة بالصواب‪َّ ،‬‬
‫االجتهاد‪.‬‬
‫يفضل‬
‫هذان مذهبان لطريقة الناس يف االستشارة‪ ،‬األول ِّ‬
‫يفضل االستشارة الفردية‬
‫االستشارة اجلماعية ألسباهبا‪ ،‬والثاين ِّ‬
‫لظروفها‪.‬‬
‫َبْي َد أن موضوع االستشارة نفسه هو الذي حيدِّد الكيفية اليت‬
‫ينبغي األخذ هبا‪.‬‬
‫فاألوىل أن‬
‫فإذا كان املوضوع خيص اجلماعة أو يتصل هبا ‪ْ ،‬‬
‫تكون مجاعية‪.‬‬
‫‪www.alukah.net‬‬
‫االستشارات‬
‫مهارات ‪50‬‬

‫أما إذا كان موضوع االستشارة شخصياً أو عائلياً أو أسرياً‬


‫فاألفضل أن تكون االستشارة فردية‪.‬‬
‫وإننا إذا تأملنا أمثلة الشورى يف حياة الرسول صلى اهلل عليه‬
‫وسلم ويف حياة صحابته وسلفنا الصاحل‪ ،‬وجدناها تتسع لتشمل كل‬
‫أمر مهم يف حياة الفرد واألمة‪.‬‬
‫ومن مث فإن أوضح جماالت االستشارة تتمثل فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬االستشارة يف مسألة احلرب والسلم‪.‬‬
‫‪ -2‬االستشارة يف حميط األسرة‪.‬‬
‫‪ -3‬االستشارة يف طلب العلم‪ ،‬وهذا أمر مهم جداً‪ ،‬ألن‬
‫طالب العلم ينبغي عليه أن يستشري ذوي اخلربة والفهم‬
‫حول ماذا يقرأ وكيف يطلب العلم؟ وكيف يبدأ ومن‬
‫هم الثقات من العلماء الذين يلجأ إليهم ويتلقى عنهم؟!‬
‫‪ -4‬الشورى يف كيفية تغيري املنكر‪ ،‬من حيث الطريقة‬
‫السليمة اليت تؤدي إىل تغيري املنكر‪ ،‬واليت ال تؤدي إىل‬
‫حدوث منكر أكرب منه‪ ،‬أو ال تؤدي إىل فوات معروف‬
‫أكرب من هذا املنكر؟‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫االستشارات‬
‫مهارات ‪51‬‬

‫‪ -5‬الشورى يف أسلوب الدعوة إىل اهلل تعاىل‪ ،‬من خالل ‪:‬‬


‫مبن يبدأ من الناس وكيفية البداية معهم‪ ،‬واألسلوب‬
‫املناسب هلم يف الدعوة؟‪ ..‬إخل‪.‬‬
‫إن املطلوب من االستشارة أن تكون منهج حياة‪ ،‬حىت نكون‬
‫أقرب إىل الصواب وأبعد عن اخلطأ‪.‬‬

‫‪‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫االستشارات‬
‫مهارات ‪52‬‬

‫الـمستشار وخصاله‬
‫أن املستشار يف األمور جيب امتحانه باالختبار‪ ،‬حىت خيلص‬‫اعلم َّ‬
‫من األوصاف اليت ختل بالنصيحة‪.‬‬
‫فإذا عزم املرء على املشاورة‪ ،‬ارتاد هلا من أهلها من قد‬
‫استكملت فيه خصال‪ ،‬منها‪:‬‬
‫األولى‪ :‬العقل الكامل بطول التجربة مع الفطنة والذكاء‪ .‬فإنه‬
‫بكثرة التجارب تصح الرويّة‪ .‬قيل‪ :‬ألن األمحق اجلاهل إذا استشرته‪،‬‬
‫زاد يف لُْبسك وأدخل عليك التخليط يف رأيك ومل يقم حبقيق‬
‫جب بنفسه‬ ‫نصحك‪ .‬وكان يقال‪ :‬احذر مشاورة رجلني‪ٍ :‬‬
‫شاب ُم ْع ٍ‬
‫قليل التجارب يف غريه‪ ،‬أو كب ٍري‪ ،‬قد أخذ الدهر من عقله كما أخذ‬
‫من جسمه‪ .‬قال عبد اهلل بن احلسن البنه حممد‪ :‬احذر مشاورة اجلاهل‬
‫عدواً‪ ،‬فإنه يوشك‬
‫وإن كان ناصحاً‪ ،‬كما حتذر عداوة العاقل إذا كان ّ‬
‫يورطك مبشاورته فيسبق إليك مكر العاقل وتوريط اجلاهل‪ .‬وقيل‬‫أن ِّ‬
‫يف منثور احلكم‪ :‬كل شيء حيتاج إىل العقل‪ ،‬والعقل حيتاج إىل‬
‫التجارب‪ .‬وقال بعض احلكماء‪ :‬التجارب ليست هلا غاية‪ ،‬والعاقل‬
‫بدرك‬
‫منها يف زيادة‪ .‬وقال أحدهم‪َ :‬م ْن استعان بذوي العقول‪ ،‬فاز ْ‬
‫املأمول‪.‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫االستشارات‬
‫مهارات ‪53‬‬

‫الثانية‪ :‬الدين والتقوى‪ .‬فإن ذلك عماد كل صالح وباب كل‬


‫وم ْن غلب عليه الدين‪ ،‬فهو موفَّق العزمية مأمون السريرة‪ .‬عن‬
‫جناح‪َ ،‬‬
‫عمر رضي اهلل عنه أنه قال‪ :‬شاور يف أمرك َم ْن خياف اهلل عز وجل‪.‬‬
‫الثالثة‪ :‬احملبة احلاملة على خلوص النصيحة‪َّ .‬‬
‫فإن النصح واملودة‬
‫ص ُدقان الفكرة ومُيْ ِحضان الرأي‪ .‬قيل‪ :‬ألنه إذا كان كذلك أمنت من‬‫يَ ْ‬
‫غشه‪ ،‬واجتهد لك يف نصحه‪ ،‬ونظر يف أمرك جبميع أجزاء قلبه‪ .‬قال‬ ‫ّ‬
‫بعض احلكماء‪ :‬ال تشاور إال احلازم غري احلسود واللبيب غري احلقود‬
‫وإياك ومشاورة النساء‪َّ ،‬‬
‫فإن رأيهن إىل األفن وعزمهن إىل الوهن‪.‬‬
‫وقال بعض األدباء‪ :‬مشورة املشفق احلازم ظفر‪ ،‬ومشورة غري احلازم‬
‫خطر‪.‬‬
‫الرابعة‪ :‬سالمة الفكر من مكدرات صفوه‪ .‬بأن يكون سليم‬
‫وغم شاغل‪ ،‬فإن َم ْن عارضت فكره شوائب‬ ‫هم قاطع ٍّ‬ ‫الفكر من ٍّ‬
‫اهلموم‪ ،‬ال يسلم له رأي وال يستقيم له خاطر‪ .‬وقد ذكروا ممَ ْن عُرض‬
‫له ذلك أصنافاً‪ ،‬فاجلائع حىت يشبع‪ ،‬والعطشان حىت يقنع واألسري حىت‬
‫يطلق‪ ،‬والضال حىت جيد‪ ،‬والراغب حىت مينح‪ ،‬وصاحب اخلف الضيق‬
‫وحاقن البول وصاحب املرأة السليطة ومعلم الصبيان وراعي الغنم‬
‫وم ْن ال دقيق عنده‪.‬‬
‫والكثري القعود مع النساء‪َ ،‬‬
‫ورد عن صاحل بن عبد القدوس قوله‪:‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫االستشارات‬
‫مهارات ‪54‬‬

‫ح ومقدر ٍة‬ ‫وال ُمشير كذي نُ ْ‬


‫ص ٍ‬
‫في مشكل األمر فاختر ذاك منتصحا ً‬

‫الخامسة‪ :‬الرباءة م َّـما له يف األمر املستشار فيه من هوى‬


‫يساعده وغرض يقصده‪َّ .‬‬
‫فإن األغراض جاذبة‪ ،‬واهلوى صاد‪ ،‬والرأي‬
‫إذا عارضه اهلوى‪ ،‬وجاذبته األغراض فسد‪.‬‬
‫السادسة‪ :‬اجلمع بني العلم باملستشار فيه‪ ،‬والعمل به‪ .‬ففي‬
‫األفالطونيات‪ :‬شاور يف أمرك َم ْن مجع بني العلم والعمل وال تشاور‬
‫َم ْن انفرد بالعلم فقط‪ ،‬فيدلك منه‪ ،‬على ما يتصوره الفهم وال خيرج‬
‫إىل الفعل‪.‬‬
‫السر الذي يطلع عليه عند استشارته‪ .‬قيل‪ :‬ألنه‬
‫السابعة‪:‬ـ كتمان ِّ‬
‫إذا اطلع على رأيك‪ ،‬بعض أصدقائه أو غريهم من جلسائه‪ ،‬أخرب كل‬
‫صديق صديقه وفاه كل جليس إىل جليسه‪ ،‬حىت يصل أمرك إىل‬
‫عدوك ويتصل رأيك بأهل بُ ْغضك‪ ،‬فيبتغون الغوائل‪ ،‬ويفسدون الرأي‬
‫قبل إحكامه‪.‬‬
‫الثامنة‪:‬ـ سالمته من غائلة احلسد‪ .‬قيل‪ :‬ألن احلسد يبعث أهل‬
‫ٍ‬
‫وحينئذ يتعمد‬ ‫احملبة على البغضة‪ ،‬وذوي الوالية على البعد وال ُفرقة‪،‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫االستشارات‬
‫مهارات ‪55‬‬

‫ضُرك جبميع الوجوه اليت تتقيها على نفسك‪ ،‬وتكون داعية إىل فساد‬
‫َ‬
‫رأيك‪.‬‬
‫التاسعة‪:‬ـ عدم استلزام نصحك ضره‪ ،‬أو ضَّر ٍ‬
‫أحد من األعزة‬ ‫ُ‬
‫ضّره أو بعض شيء من أمره‪ ،‬مل‬‫عليه‪ .‬قيل‪ :‬ألنه إذا ّأدى نصحك إىل ُ‬
‫أضر ذلك بإخوانه‪.‬‬
‫خيصك بنصحه وكذا إن َّ‬
‫يفضلك على نفسه ومل ُ‬ ‫ّ‬
‫العاشرة‪ :‬إخباره عن موجب تقصريه عن مطلوب املستشري له‪،‬‬
‫كالبخل واجلنب واحلرص‪ .‬فقد كان يقال‪ :‬ال تدخل يف رأيك خبيالً‪،‬‬
‫فيقصر فعلك‪ ،‬وال جباناً فيخوفك ما ال ختاف‪ ،‬وال حريصاً‪ ،‬فيعدك‬
‫ما ال يُرجى‪.‬‬
‫فإذا استُكملت هذه اخلصال يف رجل‪ ،‬كان أهالً للمشورة‬
‫ومعدناً للرأي‪ ،‬فال يُ ْعدل عن استشارته‪ ،‬اعتماداً على ما يتومهه‬
‫فإن رأي غري ذي احلاجة أسلم‪ ،‬وهو من‬ ‫املستشري من فضل رأيه‪َّ .‬‬
‫الصواب أقرب خللوص الفكر وخلو اخلاطر مع عدم اهلوى وارتفاع‬
‫الشهوة‪.‬‬
‫وهنا ننبِّه على أنه ينبغي أال مينع من املشورة وصفان‪:‬‬
‫فإن احلكمة ضالة املؤمن‪،‬‬‫أحدهما‪ :‬مخول املستشار وحقارته‪َّ .‬‬
‫حيثما وجدها عقلها‪ .‬قال الطرطوشي‪ :‬ومل يزل العقالء على اختالف‬
‫مذاهبهم يطلبون صواب الرأي من كل أحد حىت األمة الوكعاء‪.‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫االستشارات‬
‫مهارات ‪56‬‬

‫الثاني‪ :‬صغر سنه‪ ،‬ألنه رمبا فاق يف إدراك الصواب الكهول‬


‫واملشايخ‪ .‬فقد كان يقال‪ :‬عليكم بآراء األحداث ومشاورة الشباب‪.‬‬
‫َّ‬
‫فإن هلم أذهاناً تفل الفواصل وحتطم الذوابل‪.‬‬
‫‪‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫االستشارات‬
‫مهارات ‪57‬‬

‫الـمستشير وما يطالب به‬


‫يقول النووي ‪ :‬يستحب لـمن َه ّم بأمر أن يشاور فيه‪ .‬مث عليه‬
‫عند االستشارة وظائف‪ ،‬منها‪:‬‬
‫األولى‪ :‬أن يصدق يف التعريف بقصده‪ ،‬من األمر املستشار فيه‪،‬‬
‫حبيث ال يرتك شيئاً مما يعلم فيه من مصلحة أو مفسدة‪ .‬يف‬
‫األفالطونيات‪ :‬إذا شاورت َم ْن يضطلع باملشورة عليك‪ ،‬فاصدقه عنك‬
‫فيها‪ ،‬ويف كثري مما يتحرك إليه طباعك‪ ،‬ليقف من صدقك‪ ،‬على ما‬
‫يوجبه احلق فيها‪ .‬واعلم أن مغادرة املشري عليك يف الرأي‪ ،‬مبقدار ما‬
‫خلفته عنك من الصدق‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬أن ال يلتمس الرخصة من املستشار‪ ،‬خمافة الزلل مبخالطة‬
‫اهلوى يف ذلك‪ .‬جاء يف احلكم اهلندية‪َّ :‬إن َم ْن التمس من اإلخوان‬
‫الرخصة عند املشورة ومن األطباء عند املرض ومن الفقهاء عند الشبهة‪،‬‬
‫أخطأ الرأي وازداد مرضاً ومحل وزراً‪.‬‬
‫الثالثة‪ :‬أن يستكثر من املشاورين‪ ،‬ما أمكنه استظهاراً على‬
‫الوثوق بالرأي املشار به عليه‪ .‬قال النووي‪ :‬ويستحب أن يشاور‬
‫مجاعة ويستكثر منهم‪.‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫االستشارات‬
‫مهارات ‪58‬‬

‫الرابعة‪ :‬أن يتواضع للمستشار معه‪ ،‬وال يرتفع عن التنزل له يف‬


‫استهداء ما يشري مما يظهر له صوابه‪.‬‬
‫وأما ما يطالب به المستشير بعد المشورة فلذلك جملة‬
‫وظائف ‪ ،‬منها‪:‬‬
‫األولى‪ :‬القبول ‪ .‬قال النووي‪ :‬وهو فائدة املشاورة إذا مل تظهر‬
‫املفسدة فيما أشار به املستشار‪ .‬قال ابن األزرق‪ :‬وال عليه من‬
‫ظهورها بعد ذلك‪ ،‬إذ بعد جهدك ال تالم‪ .‬وقدمياً كان يقال‪َ :‬م ْن‬
‫اجتهد رأيه وشاور صديقه‪ ،‬فقد قضى ما عليه‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬اإلعراض عن مالم املستشار عند ظهور خطأه‪ .‬قالوا‪ :‬إذا‬
‫وزل به عن الصواب‪،‬‬‫أشار عليك أحد برأي‪ ،‬أفضى فيه إىل الغلط‪ّ ،‬‬
‫فإن اآلراء رمبا خفيت وجوهها‪،‬‬‫تأخذن يف تأنيبه وتوبيخه‪َّ ،‬‬
‫َّ‬ ‫فال‬
‫وغابت أسباهبا وليس كل الرأي مقطوعاً به‪ ،‬وإذا ملته على غلطه‪ ،‬مع‬
‫صحة قصده‪ ،‬آذيته وقطعت غريه من النصحاء عن نصحك‪.‬‬
‫وتصمم العزمية‬
‫ِّ‬ ‫الثالثة‪ :‬التأين بالفعل‪ ،‬ريثما حتصل الثقة بالرأي‪،‬‬
‫صح الرأي مع املستشار‪ ،‬فال تعجل انفاذه وال‬‫عليه‪ .‬قال أرسطو‪ :‬إذا َّ‬
‫تركه‪ ،‬واتركه خيتمر يوماً وليلة‪ ،‬إال فيما خياف فواته‪ ،‬فاستخر اهلل‬
‫وعجله‪ .‬لذا قيل‪ :‬الرأي اخلمري خريٌ من الرأي الفطري‪ .‬وكان‬
‫تعاىل ِّ‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫االستشارات‬
‫مهارات ‪59‬‬

‫يقال‪ :‬كل رأي مل تتمخض فيه الفكرة ليلة كاملة‪ ،‬فهو مولود لغري‬
‫متام‪ .‬ويف حماسن البالغة‪ :‬يف الروية تبيان الرأي‪ ،‬ويف تبيان الرأي نصح‬
‫االعتزام‪ .‬وقيل‪ :‬وملا كان أمضى السيوف ما بولغ يف إرهاف حده‪،‬‬
‫وإجادة صقله‪ ،‬كان أرجح اآلراء ما كثر امتحانه وأطيل تأمله‪.‬‬
‫الرابعة‪ :‬تقدمي االستخارة قبل العزم على إمضاء ما متخضت عنه‬
‫املشورة‪ .‬قال ابن احلاج‪ :‬اجلمع بني االستخارة واالستشارة من كمال‬
‫للسنة‪ ،‬إذ بركتهما ظاهرة‪ ،‬فينبغي أال يقتصر على أحدمها‪،‬‬
‫االمتثال ُّ‬
‫فإن كان البد من االقتصار فعلى االستخارة‪ .‬ومن كالم احلكماء‪:‬‬
‫أربعة ال تستغين عن أربعة‪ :‬الرعية عن السياسة‪ ،‬واجليش عن القادة‪،‬‬
‫والرأي عن االستشارة‪ ،‬والعزم عن االستخارة‪.‬‬
‫الخامسة‪ :‬ترك االلتفات بعد املشورة واالستخارة إىل ما‬
‫يتخرص به على علم الغيب‪ .‬وله أمثلة منها‪:‬‬
‫(م ْن اقتبس‬
‫التنجيم ‪ ،‬لقولـه صلى اهلل عليه وسلم‪َ :‬‬ ‫‪)1‬‬
‫علماً من النجوم‪ ،‬اقتبس شعبة من السحر) رواه‬
‫أبوداود‪.‬‬
‫التطري‪ ،‬لقولـه صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬ليس منّا من‬ ‫‪)2‬‬
‫كهن لـه أو سحر أو‬
‫تكهن أو تُ ِّ‬
‫تطيّر أو تُطيِّر لـه‪ ،‬أو ّ‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫االستشارات‬
‫مهارات ‪60‬‬

‫وم ْن أتى كاهناً فص ّدقه فيما يقول‪ ،‬فقد كفر‬


‫ُسحر لـه َ‬
‫بـما ُأنزل على محمد صلى اهلل عليه وسلم) رواه البزاز‪.‬‬
‫قال بعض العلماء‪ُ :‬منع من ذلك‪ ،‬ألنه سبب لكسر النية‬
‫ونقض العزمية وتشويش اخلاطر‪ ،‬مع ما فيه من تعطيل‬
‫الظن باهلل تعاىل‬
‫اإلحالة على األقدار السابقة‪ ،‬وإساءة ّ‬
‫وشغل القلب بـما لعلّه ال حيدث أبداً‪.‬‬

‫‪‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫االستشارات‬
‫مهارات ‪61‬‬

‫خاتـمــــــة‬
‫وب ْع ُد‪:‬‬
‫َ‬
‫تقرر لإلنسان الرأي أمضاه وال يؤاخذ املستشار بعواقب اإلكداء فيه‪ ،‬فإمنا على الناصح االجتهاد وليس عليه ضمان‬ ‫فإذا َّ‬
‫ِ‬
‫النُ ْجح‪ ،‬ال سيما واملقادير غالبة‪ ،‬ومىت عُرف من املستشري تع ّقب املستشار‪ُ ،‬وكل إىل رأيه‪ ،‬وُأسلم إىل نفسه‪ ،‬فصار فرداً ال يُعان برأي‬
‫وال مُي د مبشورة‪ .‬فقد أنشد األصمعي‪:‬‬

‫أرخص ما باع الرجا ُل‬


‫ُ‬ ‫النصح‬
‫فال‬
‫ناصح نُصحا ً وال تَلُ ِم‬
‫ٍ‬ ‫على‬ ‫د‬
‫ْ‬ ‫د‬
‫ُ‬ ‫تر‬
‫إنَّ النصائح ال تخفى مناهجها‬
‫على الرجال ذوي األلباب والفَ َه ِم‬

‫تقرر له رأي أن يين يف إمضائه‪ ،‬فإن الزمان‬


‫مث‪ ،‬ال وجه ل َـم ْن َّ‬
‫غادر‪ ،‬وال ُفرص منتهزة‪ ،‬والثقة عجز‪ .‬قيل مللك زال عنه ملكه‪ :‬ما‬
‫الذي سلبك ُملكك؟! قال‪ :‬تأخريي عمل اليوم لغد‪.‬‬
‫وُأحل حمل الناصح املواد‪ ،‬حىت‬
‫وينبغي ل َـم ْن ُأنزل منزلة املستشار ِّ‬
‫صار مأمول النُ ْجح مرجو الصواب أن يؤدي حق هذه النعمة‬
‫بإخالص السريرة ويكايفء على االستسالم ببذل النصح‪ ،‬فقد ورد َّ‬
‫أن‬
‫(إن من حق المسلم على‬ ‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم قال‪َّ :‬‬
‫المسلم إذا استنصحه أن ينصحه)‪.‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫االستشارات‬
‫مهارات ‪62‬‬

‫ورمبا أبطرت املستشار املشاورة‪ ،‬فُأعجب برأيه‪ ،‬فليحذر يف‬


‫شح‬
‫املشاورة‪ ,‬فليس للمعجب رأي صحيح‪ ،‬وال َر ّوية سليمة‪ ،‬ورمبا َّ‬
‫يف الرأي لعداوة أو حسد‪.‬‬
‫مس‪ ،‬وال أن‬‫وال ينبغي أن يشري املرء قبل أن يستشار‪ ،‬إال فيما ّ‬
‫يتربع بالرأي إال فيما لزم‪ ،‬فإنه ال ينفك من أن يكون رأياً متهماً أو‬
‫َّ‬
‫أي هذين كان وصمة‪ .‬وإمنا يكون الرأي مقبوالً إذا‬ ‫مطرحاً‪ ،‬ويف ّ‬
‫َّ‬
‫كان عن رغبة وطلب أو كان لباعث وسبب‪.‬‬
‫ويف ذلك يقول بَْيهس الكاليب‪:‬‬

‫من الناس َمنْ إن يستشرك‬


‫فتجته ْد‬
‫له الرأي يستغششكـ ما ال تُتاب ُع ْه‬
‫فال تمنحنَّ الرأي َمنْ ليس أهله‬
‫ي ناف ُع ْه‬
‫فال أنت محمو ٌد وال الرأ ُ‬

‫هذا وآخر دعوانا أن الحمد هلل رب العالمين‪.‬‬


‫‪‬‬
‫ثبت بأهم الـمصادر والـمراجع‬
‫‪ -‬القرآن الكرمي وتفاسريه‪.‬‬
‫‪ -‬احلديث النبوي وشروحه‪.‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫االستشارات‬
‫مهارات ‪63‬‬

‫‪ )1‬أدب الدنيا والدين – أبو احلسن املاوردي‪.‬‬


‫‪ )2‬احملاسن واملساويء – إبراهيم البيهقي‪.‬‬
‫‪ )3‬هتذيب الرياسة وترتيب السياسة – أبو عبد اهلل القلعي‪.‬‬
‫‪ )4‬الشهب الالمعة يف السياسة النافعة – ابن رضوان املالقي‪.‬‬
‫‪ )5‬نزهة األبصار يف حماسن األشعار – شهاب الدين العنايب‪.‬‬
‫‪ )6‬بدائع السلك يف طبائع امللك – أبو عبد اهلل بن األزرق‪.‬‬
‫‪ )7‬اللطائف والظرائف – أبو نصر املقدسي‪.‬‬
‫‪ )8‬اللطائف والظرائف – عبد امللك الثعاليب‪.‬‬
‫‪ )9‬هبجة اجملالس وأنس اجملالس – ابن عبد الرب القرطيب‪.‬‬
‫‪ )10‬عيون األخبار – ابن قتيبة‪.‬‬
‫‪ )11‬سراج امللوك – الطرطوشي‪.‬‬
‫‪ )12‬سلوان املطاع – ابن ظفر املكي‪.‬‬
‫‪ )13‬االستشارة واالستخارة – عبد اهلل علوان‪.‬‬
‫‪ )14‬دليل السائرين – أنس إمساعيل أبو داود‪.‬‬
‫‪ )15‬فقه الشورى واالستشارة – د‪ .‬توفيق الشاوي‪.‬‬
‫‪‬‬
‫الفهرس العـام‬

‫الصفحة‬ ‫الموضوع‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫االستشارات‬
‫مهارات ‪64‬‬

‫مقدمة ‪5........................................................‬‬
‫الفصل األول‪7................................................. :‬‬
‫مقدمات أساسية‪:‬ـ ‪7.............................................‬‬
‫‪ -‬دالالت لغوية ‪8.........................................‬‬
‫‪ -‬آيات قرآنية ‪10.........................................‬‬
‫‪ -‬أحاديث واستشارات نبوية ‪15...........................‬‬
‫‪ -‬آثار سلفية ‪18..........................................‬‬
‫‪ -‬أقوال مشهورة ‪20......................................‬‬
‫‪ -‬أشعار مروية ‪22........................................‬‬
‫‪ -‬قصص وحكايات ‪29...................................‬‬
‫‪ -‬وصايا ونصائح ‪34......................................‬‬
‫الفصل الثاين‪37................................................ :‬‬
‫قواعد االستشارة ومهاراتها ‪37..................................‬‬
‫فضل االستشارة وأمهيتها ‪38.............................‬‬ ‫‪-‬‬
‫حكم االستشارة وحكمة مشروعيتها‪42.................‬‬ ‫‪-‬‬
‫االستشارة بني املدح والذم ‪45...........................‬‬ ‫‪-‬‬
‫املستشار فيه ودواعي االستشارة ‪48......................‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫االستشارات‬
‫مهارات ‪65‬‬

‫‪ -‬كيفية االستشارة وجماالهتا ‪50............................‬‬


‫‪ -‬املستشار وخصاله ‪53...................................‬‬
‫‪ -‬املستشري وما يطالب به ‪58..............................‬‬
‫خاتمة ‪62.......................................................‬‬
‫ثبت بأهم المصادر والمراجع ‪64................................‬‬
‫الفهرس العام ‪65................................................‬‬
‫وللقاريء رأيه ‪67...............................................‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬
‫االستشارات‬
‫مهارات ‪66‬‬

‫وللقارئ رأيـــه‬
‫‪ ‬يقول أبو سليمان اخلطايب – رمحه اهلل – يف ختام مقدمته لتفسري غريب‬
‫احلديث‪( :‬فأما سائر ما تكلّمنا عليه فإنا أحقاء بأن ال نزكيه‪ ،‬وأن نؤكد‬
‫الثقة به وكل َم ْن عثر منه على حرف أو معىن جيب تغيريه‪ ،‬فنحن نناشد‬
‫اهلل يف إصالحه وأداء حق النصيحة فيه‪ ،‬فإن اإلنسان ضعيف‪ ،‬ال يسلم‬
‫من اخلطأ‪ ،‬إال أن يعصمه اهلل بتوفيقه‪ ،‬وحنن نسأل اهلل ذلك‪ ،‬ونرغب إليه‬
‫يف دركه إنه جواد وهوب)‪.‬ـ‬
‫‪ ‬ويقول الراغب األصفهاين – رمحه اهلل ‪( : -‬عرض بنات الصلب على‬
‫اخلُطاب أسهل من عرض بنات الصدور على األلباب‪.)...‬‬
‫‪ ‬هلذا كله ‪ ،‬يأمل الباحث تزويده بامللحوظات واآلراء ليستفيد منها يف‬
‫حبوثه املستقبلية‪.‬‬

‫د‪ .‬زيد بن حممد الرماين‬


‫ص ‪.‬ب ‪ 33662‬الرياض ‪11458‬‬
‫المملكة العربية السعودية‬

‫‪www.alukah.net‬‬

You might also like