You are on page 1of 24

‫المقدمة‪:‬‬

‫مما الشك فيه ان حقل العالقات الدولية قد وجد منذ القدم ‪ .‬أي منذ ان وجدت المجتمعات‬
‫االنس انية على ه ذا الك ون ‪ .‬فق د ك انت تل ك المجتمع ات البش رية عب ارة عن وح دات مدني ة‬
‫اجتماعية ‪ the unit civil local‬متمثلة في كال من االسرة والقبيلة والعشيرة وبالرغم من‬
‫ه ذا لم تتمكن من العيش في عزل ة عن بعض ها البعض وبمع نى اوض ح ك انت تل ك‬
‫المجتمع ات البش رية يجمعه ا رواب ط الج وار عن طري ق التب ادل التج اري وتب ادل الس لع‬
‫والخدمات ‪ ،‬او بانعدام تلك الروابط االجتماعية من خالل سيادة مبدا الحرب‪.‬‬

‫ويجب الت ذكير ان حق ل العالق ات الدولي ة ب المفهوم المتع ارف علي ه الي وم لم ينش ا اال بع د‬
‫نش وء الدول ة المدني ة ‪ the civil of state‬بمفهومه ا الح ديث ‪ .‬بمع نى اوض ح لم تنش ا‬
‫العالقات الدولية اال بعد ظهور معاهدة وستفاليا عام ‪1648‬م كما ان حقل العالقات الدولية‬
‫لم يبرز كعلم اكاديمي اال بعد الحرب العالمية االولى عندما بدأت تظهر محاوالت دراسة‬
‫حق ل العالق ات الدولي ة من خالل دراس ات اجتماعي ة متواض عة فرض تها ظ روف السياس ة‬
‫الدولية ‪ .‬ولعل من بين اهم تلك الظروف يتمثل في التالي ‪:‬‬

‫س يطرت االهتمام ات الرس مية بالعالق ات الدولي ة والمب ادالت والوث ائق والمعاه دات‬ ‫‪.1‬‬
‫الدبلوماسية‪.‬‬

‫تطور وتعقد حركة تفاعل الدول الوطنية‪.‬‬ ‫‪.2‬‬

‫تط ور اتجاه ات العل وم االجتماعي ة خصوص ا نح و التخص ص واالس تقالل عن بقي ة‬ ‫‪.3‬‬
‫العلوم االخرى ‪.‬‬

‫ظهور االهتمام بمتغيرات ( اقليمية ‪ ،‬دولية ) ذات افاق اوسع ‪.‬‬ ‫‪.4‬‬

‫‪1‬‬
‫المبحث األول‪ :‬ماهية العالقات الدولية‬

‫المطلب األول‪ :‬مفهوم العالقات الدولية‬

‫في الواق ع لق د ظه ر علم العالق ات الدولي ة في البداي ة داخ ل الوالي ات المتح دة االمريكي ة‬
‫وتحدي دا بع د انته اء الح رب العالمي ة االولى ‪ .‬ثم انتق ل ه ذا العلم بع دها الى المملك ة‬
‫البريطانية التي شهد فيها تطور سريع خاصة بعد الحرب العالمية الثانية ‪ .‬ومن ثم انتشر‬
‫تدريس هذا الحقل في بقية دول العالم ‪ .‬وكما هو معلوم فان العالقات الدولية تعرف بانها‬
‫تستهدف مشكالت المجتمع الدولي ‪ .‬والسياسات الخارجية للدول الوطنية من خالل تحديد‬
‫مناطق الخطر ومواضع الضعف ‪ .‬كما تساعد دراسة العالقات الدولية على ايجاد طرق‬
‫تفادى الخطر ‪ ،‬وتعويض مناطق الضعف ‪.‬‬

‫والب د من االخ ذ بعين االعتب ار ب ان هن اك ع دة عوام ل س اهمت ب دورها في انتش ار حق ل‬


‫العالقات الدولية والتي اهمها ‪:‬‬

‫الوسائل الشخصية التي وضعت في خدمة الباحثين ‪.‬‬ ‫‪.1‬‬

‫تأسيس المعاهد المتخصصة في علم العالقات الدولية‪.‬‬ ‫‪.2‬‬

‫توفر المؤلفات العلمية التي تناقش عدة قضايا ذات عالقة واضحة بحقل العالقات‬ ‫‪.3‬‬
‫الدولية‪.‬‬

‫ومن المهم االش ارة الى ان حق ل العالق ات الدولي ة الي زال الى يومن ا ه ذا يع انى ش انه ش ان‬
‫بقية العلوم االجتماعية االخرى من مشكلة ” الخالف الفكري ” ما بين الباحثين والمفكرين‬
‫يشكل خاص ‪ ،‬والمدارس الفكرية بشكل عام ‪.‬‬

‫وبن اء على ذل ك فأنن ا س وف نتن اول في ه ذا الج انب اش كالية تعري ف مفه وم العالق ات‬
‫الدولية ‪ .‬باإلضافة الى التعرف على العالقات الدولية كعلم مستقل في حد ذاته ‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫اوال ‪ :‬مفهوم العالقات الدولية ‪:‬‬

‫ان مفهوم العالقات الدولية يعتبر مفهوم ” واسع ‪ ”the large‬باعتباره ال يشمل العالقات‬
‫بين الدول الوطنية فقط ‪ .‬بل انه يشمل ايضا في ذات السياق معظم العالقات القائمة ‪the‬‬
‫‪ order of relation‬بين الدول الوطنية والمنظمات من غير الدول الوطنية مثل الكنائس‬
‫والمنظم ات الحكومي ة الدولي ة مث ل ” هيئ ة االمم المتح دة ‪ ،‬االتح اد األوروبي ”‬
‫والبد من االخذ بعين االعتبار ان اول الكتابات الفكرية التي تناولت تحديد مفهوم العالقات‬
‫الدولي ة تتمث ل في كت اب ” غريس ون ك يرك ‪ ” 1940‬وال ذى عرفه ا بانه ا تع نى …” تل ك‬
‫القوى االساسية االكثر تأثيرا في السياسة الخارجية ” كما قدم المفكر ” هانز مورغنثو ”‬
‫تعريف ا مف اده ‪ .‬ب ان العالق ات الدولي ة تع نى … هي مص در السياس ة الدولي ة ال تي مادته ا‬
‫االساس ية الص راع من اج ل كس ب الق وة بين ال دول الوطني ة ذات الس يادة ‪.‬‬
‫كما عرقها المفكر ” فيرالى ‪ ” virally‬بانها تعنى …‪ .‬هي الوسيلة التي يعالج من خاللها‬
‫‪1‬‬
‫العالقات بين الدول الوطنية ذات السيادة ‪.‬‬

‫ويعرفه ا المفك ر ” ماكيالن د ” في كتاب ه ” م اهي العالق ات الدولي ة ” ‪1971‬م بانه ا ” هي‬
‫دراس ة التف اعالت بين ان واع معين ة من الكيان ات االجتماعي ة بم ا في ذل ك دراس ة الظ روف‬
‫اعالت ‪.‬‬ ‫ة بالتف‬ ‫المحيط‬
‫بينما يعرفها المفكر ” ريمون ارون ” بانها تعنى ‪ :‬العالقات ما بين االمم او العالقات ما‬
‫بين الوحدات السياسية ‪.‬‬

‫كما تعرفها العديد من المدارس السياسية بانها تعنى …‪ ”..‬كل عالقة ذات طبيعة سياسية‬
‫من ش انها اح داث انعكاس ات واث ار سياس ية تمت د الى م ا وراء ح دود الدول ة الوطني ة‪” .‬‬
‫ويجب التذكير ان هناك من عرف العالقات الدولية بانها‪:‬‬

‫ناصف يوسف حتى‪،‬النظرية في العالقات الدولية ‪ ،‬لبنان ‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الكتاب العربي‪ ،1985،‬ص‪.11‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪3‬‬
‫هي العالق ات ال تي تش مل الجماع ات س واء ك انت رس مية او غ ير رس مية ‪ .‬كم ا تش مل‬
‫االتصاالت بين الدول الوطنية وحركات الشعوب والسلع واالفكار عبر الحدود الوطنية ” ‪.‬‬

‫وبالت الي يمكن الق ول ان مس الة ايج اد تع رف إج رائي اك اديمي متف ق علي ه بش كل ( ش امل‪،‬‬
‫مانع‪ ،‬قاطع) لمفهوم العالقات الدولية ليست بالمهمة السهلة كما يتصور البعض بل هي في‬
‫غاية الصعوبة والتعقيد نظرا لوجود سببين اساسيين ‪:‬‬

‫الس بب االول ‪ :‬ع دم اتف اق الب احثين والمفك رين على تعري ف واح د بس بب تن وع واختالف‬
‫آراؤهم وتوجهاتهم الشخصية على المستوى السياسي واالجتماعي ‪.‬‬

‫السبب الثاني ‪ :‬تنوع وتعدد وجهات النظر التي قدمتها المدارس الفكرية باختالف مذاهبها‬
‫وايدولوجيتها ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬العالقات الدولية كعلم مستقل‬

‫في الواقع يمكن القول انه ظل وجود اختالف في اآلراء بين الباحثين تجاه وجود تعريف‬
‫إج رائي متف ق علي ه‪ .‬اال انهم يتفق وا على ان العالق ات الدولي ة هي ظ اهرة قديم ة وج دت‬
‫داخل اقدم الحضارات االنسانية‪.‬‬

‫م ع مراع اة وج ود دراس ات علمي ة تفي د بانه ا ق د ب رزت كعلم بع د الح رب العالمي ة االولى‬
‫داخل الواليات المتحدة االمريكية ومن ثم انتقلت الى بريطانيا التي شهد فيها تطورا سريعا‬
‫بعد الحرب العالمية الثانية ‪.‬‬

‫ويجب التذكير بان علم العالقات الدولية مع بروزه في تلك الفترة فقد شهد صعوبات كبيرة‬
‫تخص م دى اس تقالليته عن بقي ة العل وم االنس انية االخ رى ب دليل ان هن اك من الفقه اء من‬
‫يعتبره علما مستقال ‪ .‬وهناك من يراه فرع من فروع العلوم السياسية‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬نشأة العالقات الدولية‬

‫‪4‬‬
‫في الواقع بالرغم من وجود دراسات اجتماعية تفيد بان حقل العالقات الدولية يمثل حقل‬
‫جدي د‪ .‬اال ان ه ق د مارس ته الحض ارات القديم ة على م ر الس نين ‪ .‬وس وف نتن اول من خالل‬
‫ه ذه الدراس ة مس الة نش أة العالق ات الدولي ة في ك ل العص ور القديم ة والحديث ة من خالل‬
‫التالي‪: 2‬‬

‫اوال – العالقات الدولية في حضارة مصر القديمة ‪:‬‬

‫كم ا ه و مع روف ف ان الحض ارة المص رية القديم ة اس تمرت نح و ثالث ة االف ع ام تقريب ا ‪.‬‬
‫وقد ضمت في طياتها ثالثة دول مصرية تعرف باسم ( مصر القديمة ؛ مصر الوسطى ؛‬
‫مص ر الحديث ة ) حكمته ا ثالث ون اس رة ملكي ة ولق د جاورته ا ع دة ممال ك ابرزه ا ممال ك ”‬
‫النوبيين‪ ،‬االسيويين ” وشعوب جزر البحر االبيض المتوسط ‪.‬‬

‫والب د من االخ ذ بعين االعتب ار ب ان اهم مظ اهر تبل ور العالق ات الدولي ة بين الحض ارة‬
‫المصرية وغيرها من جيرانها من الشعوب االخرى يتمثل في التالي ‪:‬‬

‫تبادل البعثات الدبلوماسية من خالل تبادل الرسل والمبعوثين ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫ظهور اتفاقيات تقسيم الحدود الجغرافيا مع جيرانها المحيطين بها ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫ظهور مفهوم اللجوء للوساطة والتحكيم ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫ظهور وثائق تضمن حرمة األراضي الدول المصرية الثالثة ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫ظهور مبدا التحالف والدفاع المشترك ما بين الدول المصرية الثالثة وجيرانها من‬ ‫‪‬‬
‫الحضارات االخرى ‪.‬‬

‫ومن المهم القول بان اقدم معاهدة مكتوبة في حقل العالقات الدولية هي تلك التي ابرمتها‬
‫دول ة مص ر القديم ة في عه د المل ك ” رمس يس الث اني ” م ع مل ك الحيث يين المع روف باس م‬

‫محمد منذر‪ ،‬مبادئ في العالقات الدولية من النظريات الى العولمة ‪ ،‬ص‪.14- 11‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪5‬‬
‫”خاتس ار” وال تي ع رفت بمعاه دة ” اللؤل ؤة ” اال ان االس م االك ثر ش يوعا له ا ه و معاه دة ”‬
‫قادش ” ولعل اهم بنودها يتمثل في التالي ‪:‬‬

‫اهمية تبادل المبعوثين والرسل واالعتراف بمراكزهم ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫احترام سيادة الدولتين ونشر اشاعة االمن والسلم بينهما ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫وفى ذات االط ار ينبغي الق ول ب ان ه ذه المعاه دة االولى المكتوب ة بقيت نموذج ا متبع ا في‬
‫ص ياغة المعاه دات في تل ك الحقب ة الزمني ة لم ا تتض منه من عناص ر اساس ية في كتاب ة‬
‫المعاه دات الى يومن ا ه ذا ” مقدم ة ‪ ،‬متن ‪ ،‬خاتم ة ” ومن المهم االش ارة الى ان ع دد‬
‫الرسائل الدبلوماسية المتبادلة داخل الدولة المصرية بكافة مراحلها قد بلغ نحو ‪ 360‬لوحا‬
‫ال ‪.‬‬ ‫من الصلص‬
‫ثانيا – العالقات الدولية عند حضارة االغريق ” اليونانيون ”‬

‫ان المدن االغريقية وفق طبيعتها الجغرافيا مقسمة الى مدن تتمتع بالحماية الطبيعية ‪ ،‬وهى‬
‫ذات مساحة صغيرة وعدد سكاني صغير بقع في حدود عشرات االالف نسمة ‪ .‬ولعل من‬
‫اهم المدن االغريقية آنذاك ” اثينا ‪ ،‬اسبارطا‪ ،‬طروادة ” وان هذه المدن ليست مقسمة وفق‬
‫مب دا الع رق ‪ .‬ب ل ان االغريقي ون الق دماء ك انوا يعت برون انفس هم من س اللة ع رق واح د‬
‫وباقي االعراق االخرى يسمونهم باسم ” البربرية ”‬

‫والبد من االشارة بان هذا الواقع المعيشي ” الجغرافي ” قد اعطى فضاء جغرافي وثقافي‬
‫منسجم ‪ .‬كما ان العالقات بين هذه المدن كان يمتاز بمفهوم المنافسة ‪the commutative‬‬
‫وك ذلك بق در كب ير من الت وازن ‪ the balance‬بس بب تس اوى الق وى ‪ .‬كم ا ان الخالف ات‬
‫بينها كانت تحل بالوسائل الدبلوماسية ‪.‬‬

‫ويجب الت ذكير ان ه ب الرغم من ان الع الم اإلغ ريقي ” اليون اني ” ك ان منقس ما ‪ .‬اال ان ه ق د‬
‫اوجد قواعد عامة ‪ the general of grammars‬القائمة على تنظيم العالقات الدولية ‪.‬‬
‫حيث يمكننا ان نذكر اهمها في التالي ‪:‬‬

‫‪6‬‬
‫ا‪ .‬ارس ال الس فراء بين الم دن االغريقي ة ” اليوناني ة ” الثالث ة وجيرانه ا من الحض ارات‬
‫والشعوب االخرى ‪.‬‬

‫ب‪ .‬تطبيق اعراف الحصانة الدبلوماسية وحماية الرعايا االجانب المقيمين في تللك المدن‬
‫االغريقية ” اليونانية ” ‪.‬‬

‫ت‪ .‬اتب اع طريق ة عق د الم ؤتمرات البيني ة او االقليمي ة وال تي يطل ق عليه ا اس م مص طلح ”‬
‫االمفكيتونية ”‬

‫ومن المهم الق ول ان الغاي ة االساس ية من تأس يس ه ذه الم ؤتمرات يتمث ل في تحقي ق توص ل‬
‫الى مبادى عامة جديدة تحفظ المصالح المشتركة ‪ ،‬وتلزم االعضاء بتطبيقها ومعاقبة كل‬
‫من يخالفه ا ‪ .‬وبه ذا يعت بر مجلس ” االمفكيتوني ة ” اول اش كال المنظم ات الدولي ة‬
‫رة ‪.‬‬ ‫المعاص‬
‫وبالت الي يمكن الق ول ب ان الع الم اإلغ ريقي ” اليون اني ” الق ديم ق د ش هد عالق ات دولي ة بين‬
‫المدن الثالثة القديمة فيما بينها ‪ .‬اال ان هذه العالقات تماز بالحرب والقتال في حال كانت‬
‫م ع ط رف اخ ر بس بب التص ور اإلغ ريقي ” اليون اني ” الراس خ ب انهم ع رق راقي والب اقي‬
‫مجرد ” برابرة ”‬

‫ثالثا – العالقات الدولية في ظل الدولة االسالمية‪: 3‬‬

‫من ذ البداي ة ينبغي االش ارة ب ان علم اء المس لمين ق د اختلف وا في تفس ير العالق ات الدولي ة‬
‫خصوصا تلك القائمة بين المسلمين وغيرهم من الشعوب االخرى لعدة اسباب اهمها ‪:‬‬

‫ان العالقات بين االمة االسالمية وغيرها من االمم االخرى ال تقوم اال على اساس‬

‫الحرب‪.‬‬

‫ان العالق ات الدولي ة الب د ان تق وم على الس الم ‪ . the pace‬ل ذلك اخ ذ االس الم باس تخدام‬
‫وسائل االقناع وليس االكراه ‪.‬‬

‫عز الدين فوده ‪ ،‬النظم السياسية ‪ ،‬دار الفكر العربي ‪ ،‬القاهرة الكتاب األول ص ص‪– 16 .107 – 105‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪7‬‬
‫ووف ق ه ذا الح ال تط ورت العالق ات الثنائي ة الحق ا م ا بين المس لمين وغ يرهم من االمم‬
‫المجاورة لهم ( الروم ‪ ،‬الفرس ‪ ،‬اخرون ) من خالل توفر العناصر التالية ‪:‬‬

‫ا‪ .‬تطور وسائل االتصال مع الممالك والقبائل المسلمة وغير المسلمة‪.‬‬

‫ب‪ .‬عقد االتفاقيات والمعاهدات والتي من اهمها‪:‬‬

‫اتفاقية عهود الذمة‬ ‫‪‬‬

‫معاهدة حسن الجوار والصداقة والتحالف‬ ‫‪‬‬

‫ظهور معالم معاهدات التجارة‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫ومن المهم القول – ان تاريخ العالقات الدولية قد تطور في عهد الحضارة االسالمية ‪ .‬بل‬
‫يرى عدد كبير من الباحثين بان العالقات الدولية كانت سائدة منذ عهد الرسول صلى اهلل‬
‫علي ه وس لم والخلف اء الراش دين ‪ .‬ولق د حظيت ه ذه العالق ات خط وات كب يرة خاص ة في‬
‫العص ر العباس ي حيث ك انت الدبلوماس ية تخض ع الى ع دة قواع د دقيق ة اهمه ا ‪:‬‬
‫– الب دء في اس تخدام العم ل الدبلوماس ي في توثي ق العالق ات الثنائي ة خصوص ا الثقافي ة‬
‫ة‪.‬‬ ‫والتجاري‬
‫– العمل على استخدام االسلوب الدبلوماسي كوسيلة ألحداث التوازن السياسي‬

‫من خالل اقام ة س فارات مس تمرة بين بغ داد و بيزنط ة‪ ،‬وبين قرطب ة و القس طنطينية ‪.‬‬
‫ومما سبق ذكره يتضح لنا التالي‪:‬‬

‫ان العالق ات الدولي ة كظ اهرة سياس ية ليس ت ولي دة م ؤتمر ” وس تفاليا ‪ 1648‬م ” عن دما‬
‫ظهرت الدولة الوطنية ” المدنية ” كما يظن الكثير من الباحثين والمفكرين والعلماء ‪ .‬كما‬
‫انها ليست حكرا على العالم الغربي دون سواهم ‪ .‬بل ان المفهوم قد تم استخدامه كما راين ا‬
‫من قب ل كال من الحض ارات ” المص رية ‪ ،‬االغريقي ة ‪ ،‬االس المية ” وبمختل ف ص ورها ”‬
‫السياسية ‪ ،‬االقتصادية ‪ ،‬الثقافية ”‬

‫‪8‬‬
‫‪4‬‬
‫رابعا – العالقات الدولية في العصر الحديث (( ما بعد القرن ‪))16‬‬

‫في الحقيق ة يمكن الق ول ب ان ب دايات العص ر الح ديث تب دا م ع انهي ار النظ ام اإلقط اعي‬
‫وظه ور الدول ة الوطني ة ‪ the state of nation‬فمن خالل ه ذه الف ترة تم فعلي ا احالل‬
‫مفه وم الدول ة ‪ the state‬او مفه وم االم ة ‪ the nation‬مح ل الكيان ات االقطاعي ة ‪.‬‬
‫وس وف تتن اول ه ذه الدراس ة توض يح التمي يز بين ثالث ة مراح ل اساس ية من مراح ل النظ ام‬
‫السياسي الدولي والتي تتمثل في التالي ‪.‬‬

‫العالقات الدولية من مؤتمر ” وستفاليا ” الى الحرب العالمية االولى ( ‪1939 -1919‬م )‬
‫وف ق ه ذه الحقب ة الزمني ة تعت بر معاه دة وس تفاليا ‪ 1648‬م فاتح ة جدي دة في عه د العالق ات‬
‫الدولية‪ .‬ال نها جاءت بأفكار جديدة لم تكن معروفة من قبل ‪.‬‬

‫ولق د استمرت هذه االفكار الى بداية الح رب العالمية االولى‪ ،‬وق د اتفق المفك رين على ان‬
‫اهم ما جاءت به معاهدة وستفاليا ‪ 1648‬م ‪.‬يتمثل في التالي ‪:‬‬

‫انها وضعت ألول مرة االسس والقواعد التي تنظم النظام الدولي الحديث ‪.‬‬ ‫‪.1‬‬

‫قدمت المبادي التي حكمت عالقات الدول الوطنية ما يقرب من قرن ونصف ‪.‬‬ ‫‪.2‬‬

‫ساهمت في رسم نظاما سياسيا للقارة االوروبية ‪.‬‬ ‫‪.3‬‬

‫وفى هذا االطار يمكننا ان نوجز اهم االسهامات التي قدمتها هذه المرحلة في تجسيد شكل‬
‫العالقات الدولية والتي من اهم مظاهرها يتمثل في التالي ‪:‬‬

‫وجود العائلة ” االسرة ” الدولية بكل معنى الكلمة وألول مرة في التاريخ اإلنساني‬ ‫‪‬‬
‫والمتكونة من الدول الوطنية المستقلة ذات السيادة التي تستطيع الدخول في عالق ات‬
‫دولية‪.‬‬

‫هارولد نيكلسون ‪ ،‬تطور المنهج الدبلوماسي ‪ ،‬القاهرة ‪ ،‬مكتبة األنجلو مصرية ‪ ،‬بدون ذكر الطبعة سنة ‪ 1973‬ص‪.1‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪9‬‬
‫انها اقرت مبدا السيادة الوطنية التي تستطيع من خاللها الدولة الوطنية الدخول في‬ ‫‪‬‬
‫عالقات سواء مصلحة او تنافس ” اقليميا ‪ ،‬دوليا ” ‪.‬‬

‫انه ا اق رت مب دا المس اواة بين ال دول المس يحية جميع ا وعلى اختالف م ذاهبها س واء‬ ‫‪‬‬
‫اكانت ” ارثوذكسية ؛ كاثوليكية ؛ بروتستانتية “‬

‫احالل نظام السفارات الدائمة محل السفارات المؤقتة والذى كان متبعا في السابق ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫فتح الباب امام تدوين ” كتابة ” القواعد القانونية التي تسرى عليها الدول الوطنية ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫ساهمت في وضع حجر االساس لسياسة ما يعرف بمفهوم توازن القوى‬ ‫‪‬‬

‫ومن المهم االش ارة ب ان ه ذه الف ترة ق د ش هدت ع دة جه ود دولي ة في س بيل تجس يد مفه وم‬
‫العالقات الدولية يتمثل اهمها في ما يلى ‪:‬‬

‫توقيع معاهدة اوتريخت عام ‪1713‬م‬ ‫‪‬‬

‫اعالن استقالل الواليات المتحدة االمريكية ‪1776‬م ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫اعالن الثورة الفرنسية عام ‪1789‬م‬ ‫‪‬‬

‫عقد مؤتمر فينا عام ‪ 1815‬ال عالن تنظيم العالقات الدولية‬ ‫‪‬‬

‫مؤتمر اكس ال شابل عام ‪1818‬م‬ ‫‪‬‬

‫مؤتمر باريس ‪1856‬م‬ ‫‪‬‬

‫عقد مؤتمر بأرلين ‪.1884‬‬ ‫‪‬‬

‫عقد مؤتمر الهاي للسالم ‪ 1907 -1899‬م ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫خامسا – العالقات الدولية في عهد عصبة االمم ‪:‬‬

‫‪10‬‬
‫من المهم الق ول ان ه بع د انته اء الح رب العالمي ة االولى ‪1939 – 1919‬م وبفض ل افك ار‬
‫الرئيس األمريكي السابق ” ودروا ويلسون ” تم انشاء اول منظمة دولية ذات اتجاه عالمي‬
‫وذات ط ابع سياس ي ‪ .‬اال وهى منظم ة ” عص بة االمم ‪ ” the league of nation‬وال تي‬
‫يعتبر انشاؤها نقطة تحول بارزة في تاريخ القانون الدولي ‪ the world of law‬والعالقات‬
‫الدولية ‪ .‬والتي من اهم اهداف تأسيسها ما بلى ‪:‬‬

‫ضرورة تنازل بعض دول العالم عن بعض حقوق السيادة التقليدية ‪.‬‬ ‫‪.1‬‬

‫وضع القيود على حق اللجوء الى الحرب لتسوية المنازعات الدولية ‪.‬‬ ‫‪.2‬‬

‫ظهور مبدا االمن الجماعي ‪. the collective of security‬‬ ‫‪.3‬‬

‫ومن المهم القول بان مسالة تحقيق هذه االهداف ‪ the objectives‬قد فشلت بسبب عدم‬
‫تطابق وتوافق مبادئها مع اهداف الدول الكبرى ‪ the grand of states‬التي كانت لها‬
‫نزع ة اس تعمارية متنامي ة اس تنادا على مب دا الق وة في العالق ات الدولي ة ‪.‬‬
‫مالحظة‪:‬‬

‫ان ه ذه الف ترة ق د ش هدت ظه ور منظم ات دولي ة ‪ the worlds of organization‬وغ ير‬
‫دولي ة على مس توى التنظيم ال دولي مث ل محكم ة الع دل الدولي ة ال تي انش ئت ع ام ‪ 1920‬م‬
‫ويذلك يمكن القول ان من اهم مظاهر هذه الفترة ظهور منظمات دولية واقليمية اخرى ‪.‬‬

‫سادسا ‪ :‬العالقات الدولية في عهد االمم المتحدة ‪:‬‬

‫ان فش ل منظم ة عص بة االمم ‪ the league of nation‬في تحقي ق اواص ر االمن والس لم‬
‫الدوليين لم يثنى من عزيمة بلدان الع الم على ترسيخ هذين العاملين ( االمن ‪، security‬‬
‫السالم ‪ ) pace‬على اساس مبدا المساواة في السيادة بين االمم والعمل على رفع مستواها‬
‫االقتصادي واالجتماعي والثقافي ‪ .‬ولعل هذا ما سعى اليه ميثاق ” سان فرانسيسكو ‪1945‬‬
‫م” وال ذى بموجب ه تم تأس يس هيئ ة االمم المتح دة ال تي حلت مح ل عص بة االمم ‪.‬‬
‫والبد من االخذ بعين االعتبار التأكيد على ان جملة المبادي التي حكمت العالقات السياسة‬

‫‪11‬‬
‫‪ the international of political‬في عهد االمم المتحدة ظلت حبرا على ورق ال نها لم‬
‫ت ترجم الى الواق ع العملي ‪ .‬وب ذلك اص بحت العالق ات الدولي ة ت دور ح ول مح ورين‬
‫رئيسيين ‪:‬‬

‫العالقات االمريكية – السوفيتية ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫العالقات بين الشرق والغرب ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫ولعل من ابرز نتائج هذه الفترة ايضا هو ظهور منظمات دولية اخرى في حقيقتها‬ ‫‪‬‬
‫ا‪:‬‬ ‫‪ the‬من ابرزه‬ ‫ه إقليمي ‪regional‬‬ ‫ذات توج‬
‫منظمة العمل التي تأسست قبل الحرب العالمية الثانية والتي تم االبقاء عليها ‪.‬‬

‫منظمة الصحة العالمية ‪” ” o. m . s‬‬ ‫‪‬‬

‫منظمة االمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫صندوق النقد الدولي ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫البنك الدولي لألنماء والتعمير‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬تطور العالقات الدولية والعوامل المؤثرة عليها‬

‫المطلب األول‪ :‬تطور العالقات الدولية‬

‫‪5‬‬
‫أوال‪ :‬العالقات الدولية في العصور الوسطى‬

‫نوري رشيد الشافعي‪ ،‬البيئة وتلوث األنهار الدولية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬المؤسسة الحديثة للكتاب‪ ،‬طرابلس لبنان ‪2011‬‬ ‫‪5‬‬

‫ص ‪– 27 .96‬‬

‫‪12‬‬
‫أم ا‪ ‬العالق ات الدولية‪ ‬في‪ ‬العص ور الوس طى‪ ‬فإنه ا تب دأ من ذ س قوط اإلمبراطوري ة الروماني ة‬
‫الغربي ة س نة ‪ 476‬م ح تى اس تيالء محم د الف اتح على القس طنطينية عاص مة اإلمبراطوري ة‬
‫الروماني ة الش رقية ع ام‪1953‬م‪ .‬ولق د تم يز البن اء السياس ي في ذل ك ال وقت بس يادة النظ ام‬
‫اإلقط اعي ال ذي اتس م بتجزئ ة الس لطة السياس ية بين أش كال مختلف ة تابع ة بعض ها البعض‬
‫برواب ط شخص ية ‪ .‬حيث لم تكن هن اك حكوم ة مركزي ة تس تطيع أن تحف ظ األمن والنظ ام‬
‫وتف رض نفوذه ا على س ائر األرج اء‪ ،‬ولم تكن المملك ة اإلقطاعي ة وح دها تباش ر الس يادة‬
‫الداخلية والخارجي ة‪ ،‬ففي ال داخل مثال لم يكن هن اك وج ود لس لطة علي ا مركزي ة أم ا في‬
‫الخ ارج فلم يكن في اس تطاعة المل ك أن يع بر عن إرادة موح دة المملكت ه أم ام الممال ك‬
‫األخرى‪.‬‬
‫ولكي ال تغالط الحقيقة علينا االعتراف بالدور الذي لعبه الدين في تطور العالقات الدولية‪،‬‬
‫حيث اس تطاع ال دين المس يحي رب ط جمي ع الوح دات السياس ية المختلف ة في وح دة سياس ية‬
‫واحدة‪ ،‬ومن هذه الوحدة تسربت الكنيسة للهيمنة على الممالك الغربية‪ ،‬وأقامت فيها شبه‬
‫نظام دولي اتخذته كأداة للسيطرة عليها ومنذ ذلك الوقت أعلن البابا نفسه رئيسا لهذا العالم‬
‫وجم ع في يدي ه (الس لطتين الروحي ة والزمني ة )) إن م ا يم يز العالق ات الدولي ة في ه ذه‬
‫العصور هو عملية االزدواج في السلطتين ‪ ،‬إذ استمد البابا هذه الرئاسة من اعتناق مفاده‬
‫الوحدة السياسية ووحدة مجتمع العالم المسيحي أو ما يسمى بالجمهورية المسيحية‪.‬‬
‫كما قامت المسيحية بالدعوة إلى الكف عن القتال وإ راقة الدماء محاولة منها إلقامة سالم‬
‫مسيحي بين ربوع العالم الغربي‪.‬‬
‫ولق د ع رفت العص ور الوس طى بعض القواع د الدولي ة كالمعاه دات واالتفاق ات ومش اكل‬
‫الح دود والهدن ة‪ ،‬وتم يزت العالق ات الدولي ة بتف وق الباب ا واإلم براطور‪ ،‬بينم ا ظلت العالق ة‬
‫بين األمراء المسيحيين قائمة على نظام اإلقطاع‪.‬‬
‫وهنا البد من القول إن هذا البناء السياسي ال يمكن أن يمثل أي صفة دولية ما دام العالم‬
‫فيه بشكل وحدة هي الجمهورية المسيحية‪ .‬وهكذا فشل السالم المسيحي والزعم القائل بان‬
‫المس يحية والس الم توام ان اليفترق ان ‪ ,‬بي د أن قي ام ال دول الجدي دة على اث ر تل ك الح روب‬
‫والمج ازر ت رتب عن ه ترك يز س لطة المل وك السياس ية وتقويمه ا ‪ ،‬ولم يتم القض اء على ه ذا‬
‫النظام إال بظهور الدول الحديثة ذات السيادة والمؤسسة على فكرة قومية‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫وخالص ة الق ول أن المس يحية ق د أدت دورا جوهري ا في وض ع مب ادئ األخالق الدولي ة‬
‫وقواعد القانون الدولي ‪ .‬وهي قواعد كان الهدف منها تنظيم العالقات بين الدول‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫ثانيا‪ :‬العالقات الدولية في عصر اإلسالم‬
‫إن العالقات السياسية الدولية يسرها بما يتالءم وتوطيد السالم وتوثيق عرى التعاون بين‬
‫مختلف الشعوب‪ .‬وبما أن اإلسالم دين اسالم وحرية وإ خاء ومساواة‪ ،‬لهذا نادى اإلسالم‬
‫بالفكرة الدولية واألساس الذي يقوم عليه القانون الدولي ‪ ،‬هناك من يرى في اإلسالم نفس‬
‫م ا تعني ه الحي اة الديمقراطي ة والمس اواة بين األمم الص غيرة والكب يرة وحري ة ك ل منه ا في‬
‫إب داء رأيه ا في ك ل مس الة تع رض على الهيئ ات الدولي ة وس عي ال دول المش تركة لتحقي ق‬
‫التعاون واإلخاء توطيدا للسلم ودفعا للحرب ‪.‬‬
‫إن لظه ور اإلس الم وتك وين إمبراطوري ة إس المية ته دد أوروب ا‪ ،‬ب انتزاع الس يادة من‬
‫المسيحية‪ ،‬حدثا جديدا في تاريخ العالقات الدولية ‪.‬‬
‫ولقد اختلف علماء اإلسالم في تفسير العالقات بين المسلمين وغيرهم من الشعوب التي لم‬
‫تعتن ق اإلس الم ‪ ،‬فمنهم من ق ال إن العالق ات بين األم ة اإلس المية وغيره ا من غ ير‬
‫اإلسالمية التقوم إال على أساس الحرب والقتال‪.‬‬
‫ومنهم من ق ال إن العالق ات تق وم على الس الم‪ ،‬وان اإلس الم اخ ذ باس تخدام وس ائل اإلقن اع‬
‫وليس اإلك راه‪ ،‬ونحن به ذا الص دد إلى ج انب ال رأي الث اني الن اإلس الم ال يج يز قت ل‬
‫اإلنسان لمجرد أنه ال يدين بدين اإلسالم ولإلسالم وجهة نظر خاصة في العالقات الدولية‪،‬‬
‫ذلك أن اإلسالم لم يكتب له أن يسود وينشر في العالم كله‪ ،‬بل شاءت الظروف أن يستقر‬
‫في مج ال جغ رافي معين‪ ،‬على ال رغم من االتس اع ال ذي بلغ ه ش رقا إلى الهن د والص ين‬
‫وغربا إلى األندلس وغرب أوروبا ‪ .‬وقد نشأ عن هذا قيام دولة إسالمية تعتمد في تكوينها‬
‫على الوح دة الديني ة بفض النظ ر عن اختالف إفراده ا في اللغ ة والجنس وتل ك الوح دة هي‬
‫ما تسمى باألمة اإلسالمية أو دار اإلسالم‪.‬‬
‫ولق د تط ورت العالق ات الحق ا بين المس لمين وغ يرهم حيث تط ورت وس ائل االتص ال م ع‬
‫الممالك والقبائل‪ ،‬ولم تعد العالقات بين المسلمين وجيرانهم قاصرة على التبادل التجاري‪،‬‬

‫معتز فيصل العباسي ‪،‬التزامات الدولة المحتلة اتجاه البلد المحتل ‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية ‪ ،‬بناية الزين ‪ ،‬شارع‬ ‫‪6‬‬

‫القنطري ‪ 28‬بيروت ‪ ،‬الطبعة األولى ص ‪.78‬‬

‫‪14‬‬
‫((ب ل تع دتها إلى ن واح اقتض تها ظ روف تنفي ذ السياس ة الجدي دة المبني ة على الس الم ال على‬
‫القه ر )) ولإلس الم ب اع طوي ل في عق د المعاه دات واالتفاق ات ‪ ,‬حيث عق د المس لمون ع ددا‬
‫كث يرا من المعاه دات واالتفاقي ات ومن أهم ه ذه االتفاقي ات ‪ :‬عه ود الذم ة كم ا عرف وا‬
‫معاه دات حس ن الج وار والص داقة والتح الف اض افة إلى معاه دات التج ارة ‪ ،‬وق د اش تهر‬
‫المسلمون بشدة حرصهم على رعاية العهود وااللتزام باالتفاقيات التي كانوا يبرمونها مع‬
‫غيرهم من الدول والشعوب غير اإلسالمية‪.‬‬
‫أم ا بالنس بة لعالق ة المس لمين بال دول األخ رى فق د م يز الفقه اء بين دار اإلس الم ال تي‬
‫اصطلحوا على إطالقها على الدولة أو الدول اإلسالمية ودار الحرب التي يعني بها الدول‬
‫التي يدين أهلها بتعاليم مخالفة األحكام اإلسالم ‪ ،‬إن هذا التمييز ال يعني إطالقا بان األمة‬
‫اإلسالمية ذات طبيعة عدوانية أو أنها في حالة حرب دائمة مع الدول غير اإلسالمية‪ ،‬بل‬
‫إن أساس العالقة بين دار اإلسالم ودار الحرب هو ((السلم ما لم يطرأ ما يوجب الح رب))‬
‫‪ ،‬حيث أقرت الشريعة اإلسالمية إقامة عالقات بين الشعوب اإلسالمية وتبادل جميع أشكال‬
‫المع امالت والعالق ات الدبلوماس ية والدولي ة معهم‪ .‬وهن اك من ي رى ب ان هن اك دارا ثالث ة‬
‫وهي ((العه د وال تي لم يظه ر عليه ا المس لمون ‪ ,‬وعق د أهله ا الص لح بينهم وبين المس لمين‬
‫يؤدونه من أرضهم يسمى خراجا دون أن يؤخذ منهم جزية رقابهم ))‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬العوامل المؤثرة في العالقات الدولية‬

‫يؤثر في العالقات الدولية سواء سلبا أو إيجابا ضعف أو قوة عوامل كثيرة ومتنوعة وهذه‬
‫العوامل تتطور وتتغير مع مرور الزمن‪ ،‬فالعوامل التي كانت مؤثرة في الماضي لم تعد‬
‫كذلك في الحاضر فتقلص دورها وتراجع في التأثير ومن أبرز العوامل التي كانت مؤثرة‬
‫في الماض ي وتراج ع دوره ا الموق ع الجغ رافي‪ ،‬حيث ك ان يلعب دورا تقلي ديا في الت أثير‪،‬‬
‫واس تمر ك ذلك لف ترة طويل ة من ال زمن وم ازال ولكن بنس ب أق ل‪ ،‬بالمقاب ل تق دم العام ل‬
‫االقتصادي واحتل موقعا متقدما في التأثير على العالقات بين الدول كما أن العالقات بين‬
‫الدول متغير ومؤثرة بظروف كثيرة‪ ،‬فالعوامل المؤثرة ذاتها تتغير وتبدل وهذا ما سنحاول‬
‫أن تفصل فيه من خالل إبراز العوامل اآلتية‪:7‬‬
‫علي عودة العقابي‪ ،‬العالقات الدولية (دراسة تحليلية في األصول والنشأة والتاريخ والنظريات)‪.60 ،‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪15‬‬
‫‪ -1‬العوامل االقتصادية‪:‬‬

‫يعت بر االقتص اد في زمانن ا الحاض ر العنص ر األك ثر فعالي ة في الت أثير في مج ال العالق ات‬
‫الدولية وأبرما لما له من تأثير مباشر على حياة األفراد والدولة ذاتها‪ ،‬فالقوة االقتصادية‬
‫تع ني نس بة عالي ة من االكتف اء ال ذاتي‪ ،‬باإلض افة إلى ق درة الدول ة على تق ديم المس اعدات‬
‫المادية والمعنوية ألصدقائها عندما تدعو الحاجة لذلك‪ ،‬لذلك فإن القدرة االقتصادية تعني‬
‫قابلية الدولة في إدامة االقتصاد القوي في السلم والحرب على د السواء مع ظهور مفهوم‬
‫العولمة وتقلص المسافات بين الدول ازاد التبادل التجاري فيما بينها وذلك لعدم قدرة أي‬
‫دولة في العالم مهما بلغ حجمها وقوتها واتساع مساحتها وتنوع مواردها أن تعلن االكتفاء‬
‫الذاتي أو أن ال تتو‪ :‬أو تصدر شيئا من وإ لى غيرها من الدولي‪ ،‬فالدول المنتجة تحتاج إلى‬
‫أس واق مفتوح ة التص رف منتوجاته ا ليع ود ذل ك ب النفع عليه ا وعلى س كانها‪ ،‬ك ذلك الدول ة‬
‫ال تي تحت اج الس لع والخ دمات الب د له ا من اس تيرادها‪ ،‬ك ذلك الم واد الخ ام ال تي ال غ نى‬
‫لصناعتها عنها وخصوصا إذا لم تتوز في اراضيها‪ .‬لذلك تنشئ حركة تجارية بين الدول‬
‫وه ذه الحرك ة تض في بظالله ا على العالق ات الدولي ة فتجع ل ال دول توق ع المعاه دات‬
‫واالتفاقيات فيما بينها مما يعزز عالقتها السياسية و بالتالي تنشط حركة العالقات الدولية‬
‫فيما بينها كجزء من المجتمع الدولي‪ ،‬والعوامل االقتصادية جوانب متعددة من التأثير في‬
‫العالق ات الدولي ة مث ل‪ :‬المس اعدات والمنح والتم ريض ل تي تق دمها ال دول الغني ة لل دول‬
‫الفقيرة‪ ،‬وفي هذا اإلطار تقوم الدول العظمى والدول الكبرى الصناعية بتقديم المساعدات‬
‫والق روض لل دول الفق يرة والنامي ة لمس اعدتها لتنمي ة مجتمعاته ا وص وال إلى تحس ين نوعي ة‬
‫حي اة اإلنس ان في تل ك ال دول‪ ،‬وفي ه ذا المج ال نش أت منظم ات اقتص ادية دولي ة مث ل‪:‬‬
‫صندوق النقد الدولي ومنظمات األمم المتحدة التي تهدف إلى تقديم المساعدات االقتصادية‬
‫لل دول المحتاج ة له ا‪ ،‬ومن أمثل ة ال دول ال تي تق دم ه ذه المس اعدات هي ال و‪.‬م‪.‬أ‪ ،‬الياب ان‪،‬‬
‫فزعا‪ ،‬بريطانيا‪ ،‬وغيزما من الدولة القادرة على تقديم المساعدات‪ .‬إن هذه المساعدات لها‬
‫ت أثير كب ير في إض فاء ن وع من الت أثير السياس ي من قب ل ال دول المانح ة على غيرهم ا من‬
‫الدول من أجل أن تحتل مكانة دولية مؤيز س عيا ألن تكون عنصرا رئيسيا فعاال ومؤثرا‬
‫في العالقات الدولية (و‪.‬م‪.‬أ)‪ ،‬كما تستخدم المساعدات االقتصادية كوسيلة للضغط والتأثير‬

‫‪16‬‬
‫على الدولى المحتاج ة لها من خالل التهدي د بقط ع هذه المس اعدات ومنع االستيزا۔ وزيادة‬
‫الرس وم الجمركي ة على البض ائع المس توية من ال دول الم زاد الض غط عليه ا‪ ،‬حيث تغل ق‬
‫أسواقها أمام هذه البضائع مما ينعكس سلبا على الدول المصدر‪ ،‬ومن آثار االعتماد على‬
‫المس اعدات االقتص ادية الخارجي ة ه و أن تبقى ه ذه ال دول واقع ة تحت س يط رة ال دول‬
‫المانح ة وزي ادة تبعيته ا له ا مم ا يجعله ا تحكم س يطرتها عليه ا عس كريا من خالل القواع د‬
‫العس كرية تحقيق ا أله دافها اإلس تراتيجية ذات الم دى البعي د‪ ،‬ل ذا نج د أن العام ل االقتص ادي‬
‫مهم و موز في العالقات الدولية‪ ،‬وما شاهدناه من أحداث في العالم ومحبة الدول الكبرى‬
‫في السيطرة على منابع الطاقة و مصادر مما دفعها وقد يدفعها مستقبال لشن حزينب ذات‬
‫ت أثير طوي ل الم دى على األمم والش عوب المت أثر به ا‪ ،‬فاالقتص اد في زمن العولم ة ه و‬
‫عصب الحياة السياسية وروح العالقات الدولية‪.‬‬

‫‪ -2‬الموارد األولية‪:‬‬

‫يرتبط هذا العامل ارتباطا وثيقا بالعامل االقتصادي حيث أن الصناعات القائمة في أي بلد‬
‫الب د له ا من م وارد و م واد أولي ة تزوده ا ح ق ال يتوق ف عمله ا وانتاجه ا وخصوص ا إذا‬
‫علمنا أن ال دولة مكتفية ذاتيا مهما بلغت مساحتها‪ ،‬فالدولة بحاجة لبعضها البعض في هذا‬
‫المج ال ومن أج ل الحص ول على الم وارد األولي ة تنش ئ عالق ات تجاري ة قوي ة بين ال دول‬
‫ذات المص الح المتبادل ة تنتج عنه ا اتفاقي ات تجاري ة دولي ة يحترمه ا األط راف وه ذه‬
‫االتفاقيات‪ ،‬تعزز العالقات السياسية بين الدواء فالموارد األولية عامل مهم وامتالك الدولة‬
‫اهلل يجع ل له ا مكان ة ومرک ز دولي وفاعلي ة أك ثر في العالق ات الدولي ة وكلم ا ك انت الدول ة‬
‫فتميز وحاجة للموار‪ :‬كلما كانت واقعة تحت سيطرة الدول الكبرى المالكة لهذه الموار‪.:‬‬
‫فوجود الموارد األولية المهمة كالنفط يجعله دائما محل أطماع من قبل الدول الكبرى وقد‬
‫تتعرض الدول المالكة له للغزو واالحتالل وخاصة إذا فشلت الدول المحتاجة لهذا العنصر‬
‫في تأمين أنظمة موالية لها سياسيا واقتصاديا في تالك الدول‪ ،‬وهذا ما نالحظه من تاريخ‬
‫العالق ات بين ال دول العظمی ک الو‪.‬م‪.‬أ وال دول الك نزی بريطاني ا من إقام ة عالق ات طيب ة‬
‫وردية مع دول الخليج العزي المتالكها مادة النفط المطلوبة وشكل مهم لهذه الدول‪ ،‬وما‬
‫ح زب الخليج المتوالي ة والرغب ة في الس يطرة على ه ذه المنطق ة إال دلي ل على ذل ك‪ ،‬ض ف‬

‫‪17‬‬
‫إلى ذلك ما حدث مع بعض الدول العزية في إطار ما يسمى بالزيع العزي كليبا مثال التي‬
‫أصبحت من أطماع عدة دول‪.‬‬

‫‪ -3‬العوامل الجغرافية‪ :‬الموقع‪ ،‬المساحة‪ ،‬السكان‪ ،‬الحدود‪.‬‬

‫‪ .1‬الموقع‪ :‬الموق ع أهمي ة ك برى بالنس بة للدول ة‪ ،‬حيث أن ه يحس ن شخص يتها ويح دد‬
‫اتجاهاته ا السياسية فبالنسبة للدول التي لها سوال ودود بحرية تكون أكثر اتصاال بالعالم‬
‫وتتمتع بعالقات تجارية وسياسية نشطة مع الدول األخرى‪ ،‬وقد تنبهت الدولي إلى مثل هذا‬
‫الموض وع فح اولت باس تمرار المس يطرة على المي اه والبح ار من أج ل اس تمرار تجارته ا‬
‫وبالت الي انعك اس ذل ك على اقتص ادها وقوته ا ومكانته ا الدولي ة‪ ،‬أم ا ال دول المغلق ة وال تي‬
‫ليست لها حدود بحزة فهذا يحزنها من االتصال مع دول العالم األخرى وذلك فهي تسعى‬
‫للحصول أو الوصول إلى أي منفذ يوصل للبحر وذلك تجدها تركز في قوتها على القوات‬
‫البرية والجوية في حين أن الدول البحرية تركز في قوتها العسكرية والتجارية على بناء‬
‫األسطول البحري القوي‪ ،‬وكذلك األسطول التجاري الذي يخدم مصالحها بالشكل األفضل‪.‬‬
‫كما أن الموقع المتوسط له أهمية من حيث طرق التجارة‬

‫حيث يلعب دورا اس تراتيجيا في التحكم في خط وط التنق ل والمواص الت البري ة والبحري ة‬
‫والجوي ة و دائم ا تس عى ال دول الك برى للس يطرة على ال دول الواقع ة في موق ع ق د يه دد‬
‫حركته ا البري ة أو الجوي ة أو البحري ة وتس عي أيض ا ليك ون له ا قواع د جوي ة أو بحري ة أو‬
‫بري ة في ه ذه ال دول ومن أمثل ة المواق ع المهم ة في الت اريخ ه و الموق ع المتوس ط لل وطن‬
‫العزي الذي كان ومازل يزط الشرق بالغرب والشمال بالجنوب بزا وبحرا وجوا وهذا ما‬
‫يجعله محط أطماع للدول الكبرى واالستعمارية‪.‬‬

‫‪ .2‬المساحة‪:‬‬

‫هي عامل مهم من العوامل التي تحدد مكانة الدولة في العالقات الدولية‪ ،‬فالمساحة الكبيرة‬
‫تعطي الدول ة الم يز المهم ة ولكن ه ذه المس احة إذا تناس بت م ع ع دد الس كان الك افي وم ع‬
‫ش عب متط ور ومتحض ر فإنه ا تك ون ع امال إيجابي ا وم ؤئزا في دعم موق ف الدول ة وزي ادة‬

‫‪18‬‬
‫هيبتها أمام العالم‪ ،‬أما من الناحية العسكرية فالمساحة مهمة جدا ألنها تعطي الدولة عمقا‬
‫إقليميا يحمي العاصمة والمدن والمراكز الصناعية الهامة في البالد‪ ،‬وهذا األمر يشهد له‬
‫التاريخ حيث أعطت المساحة الواسعة لالتحاد السوفياتي عمقا دفاعيا لصالحها ضد الغزو‬
‫األلماني ألراضيها‪ ،‬حيث أن العمق الجغرافي للدولة يتيح لها إمكانية المنار في القتال‪ ،‬كما‬
‫يمكنها س حب القوات التي تغزوها إلى أماكن ذات خفايا ومميزات معزوفة لقواتها وهذا‬
‫م ا فعل ه الجيش الس وفياتي ب القوات األلماني ة في الح رب العالمي ة ‪ ،2‬أم ا ال دول الص غير‬
‫المسباحة فإنها تكون سهلة االحتالل باإلضافة إلى رغبتها دائما بنقل المعركة إلى أراضي‬
‫الغيز‪ ،‬وذلك لعدم توافر العمق الكافي الذي يحمي مدنها و مراكزيما التجارية والصناعية‬
‫والسكانية أما من الناحية االقتصادية فإن اتساع المساحة يؤدي إلى تنوع المناخ وبالتالي‬
‫ينعكس على إنتاجها االقتصادي و تنوع مواردها الطبيعية وهذا يساعد الدول على االكتفاء‬
‫ال ذاتي والتحكم به ذه الم وارد واس تغاللها لص الحها االحتالل مكان ة هام ة وم ؤثرة في‬
‫العالقات الدولية‪.‬‬

‫‪ .3‬الح دود‪ :‬وهي الخط وط الفاص لة بين ال دول وال تي تنتهي بح دودها س يادة دول ة م ا لتب دأ‬
‫س يادة دول ة أخ رى‪ ،‬والح دود له ا ت أثير كب ير في العالق ات بين ال دولى س لبا أو إيجاب ا حيث‬
‫أن ه إذا ط الت الح دود بين دول تين وك انت عالقاتهم ا قوي ة ف إن ذل ك يس اعد في فتح أب واب‬
‫االس تيراد والتص دير وانس ياب البض ائع وني وس األم وال وحري ة الحرك ة التجاري ة مم ا‬
‫ينعكس إيجاب ا على الوض ع االقتص ادي لكال ال دولتين‪ ،‬ك ذلك ينعكس ط ول الح دود س لبا إذا‬
‫ك انت العالق ات مت وتر بين ال دولتين‪ ،‬أم ا من الناحي ة العس كرية ف إن ط ول الح دود يزعم ق‬
‫الخص م‪ ،‬ويتطلب ق وة التحم ل وأع داد هائل ة من الق وات لنش رها على الح دود‪ ،‬ك ذلك ف إن‬
‫الدول صاحبة الحدود الطويلة تحتاج إلى قوات حرس حدود بأعداد كبيرة لحماية حدودها‬
‫وهذا يشكل عبئا اقتصاديا ال يستهان به‪ .‬والحدود تأثير كبير على العالقات بين الدول من‬
‫حيث أنها مصدر نزع مستمر بين كثير من الدول‪ ،‬ونزعات الحدود معزوفة تارخيا حيث‬
‫صنعتها الدول المستعمرة لخدمة مصالحها دون النظر إلى ظزف السكان واتصال الشعوب‬
‫المجاوة بروابط السب والقرابة والمصاهرة فافعها في ذلك هو مصالحها االستعمارية‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫‪ .4‬السكان‪ :‬هو عامل مهم من عوامل قوة الدولة ومدى احتاللها مكانا متميز في المجتمع‬
‫الدولي حيث أن عدد السكان إذا كان كبيرا وترافق بعوامل أخرى أهمها المستوى التعليمي‬
‫والتقني الذي وصل له السكان‪ ،‬والتماسك االجتماعي واالبتعاد عن التعزيمة بين األجناس‬
‫واألع راف فإن ه يش كل عام ل ق وة تجع ل الدول ة متفوق ة وتمويني ة وله ا مكان ة م ؤثرة في‬
‫العالق ات الدولي ة‪ ،‬أم ا إذا ك ان العكس فالنتيج ة س تكون س لبية‪ ،‬ك ذلك إذا ك ان ع دد المك ان‬
‫كثيفا مع مساحة صغيرة فإن ذلك يشكل عبئا كبيرا على الدولة‪.‬‬

‫‪ -4‬العوام ل العس كرية‪ :‬العام ل العس كري دور مهم في العالق ات الدولي ة‪ ،‬فبن اء الق وة‬
‫العسكرية ضروری جدا لكل دولة وذلك لكي تحافظ على أمنها العمومي و تحقق أهدافها‪،‬‬
‫ف امتالك الس الح أم ر ض روري لك ل دول ة ون ه تم اس أهمي ة الدول ة وقوته ا وق درتها على‬
‫ف رض نفس ها كعنص ر فاع ل وم ؤثر في العالق ات الدولي ة‪ ،‬ف القوة العس كرية هي تعب يز عن‬
‫الحش د العلمي للعناص ر البش رية والمقوم ات التقني ة واالعتب ارات االقتص ادية لم ا يخ دم‬
‫أهداف هذه المؤسسات التي من مظاهرهما القوات المسلحة‪ ،‬وذلك بما يخدم أعمال الدفاع‬
‫والهج وم‪ ،‬ويرتب ط ه ذا الع ام ارتباط ا وثيق ا بق درة الدول ة االقتص ادية‪ ،‬فالدول ة الغني ة ذات‬
‫االقتصاد القوي التي تتوفر فيها اإلمكانيات المادية والبشرية تستطيع أن تتفوق على غيز‬
‫ش ما ب امتالك الس الح وتط وير‪ ،‬وه ذا م ا لوح ظ خالل ف ترة الح زب الب اردة والتس ابق على‬
‫التسلح بين الو‪.‬م‪.‬أ واالتحاد السوفياتي‪ ،‬فاالقتصاد هو الدعامة الحقيقية للتوت العسكرية في ه‬
‫تس تطيع ال دول أن تص نع أس لحة حديث ة وعالي ة التقني ة مث ل‪ :‬القناب ل النوني ة والغواص ات‬
‫والط ائرات وغ يز م ا‪ ،‬ك ذلك ف إن الق وة العس كرية يجب أن تحض ى ب دعم سياس ي لتأخ ذ‬
‫الش رعية المناس بة لها ألن الق وة العس كرية ق د ت ت نزه كث يرا من الجه ود والنفق ات ال تي ق د‬
‫تؤثر سلبا على أبناء الشعب وعلى دخولهم لذلك يجب أن تحضى بالدعم والرضا والتأكيد‬
‫على المس توى الرس مي والش عبي في البالد‪ ،‬والت وت العس كرية بكاف ة عناص زما البش رية‬
‫والمادي ة تلعب دورا كب يرا في تغي ير ش كل العالق ات بين دول الع الم وف رض مف اهيم‬
‫وأوض اع جدي دة لم تكن معروف ة ومن أمثل ة ذل ك في تارخن ا المعاص رة ق درة ال و‪.‬م‪.‬أ‬
‫العسكرية والتي أصبحت تستخدمها في أدوار كثيرة في مختلف أرجاء العالم مثل‪ :‬مكافحة‬
‫اإلره اب والتخلص من األنظم ة الدكتاتوري ة‪ ،‬كم ا حص ل في حروبه ا م ع طالب ان في‬

‫‪20‬‬
‫أفغانستان والعراق وتهديدها باستخدام القوة العسكرية ضد الدولى التي قد تمتالك السالح‬
‫الن وبي‪ ،‬أو ال تي ق د ته دد األمن والس لم ال دوليين مث ل‪ :‬كوري ا واي ران وه ذا التخ ل من قب ل‬
‫الو‪.‬م‪.‬أ في الدول والشعوب أحد األدلة على إظهار قوتها العسكرية وهذا ما دفع الو‪.‬م‪.‬أ‬
‫ألن ت درك بأن ال دفاع عن مص الحها البترولية في المنطق ة ال يتم إال بالس يطرة على البحر‬
‫األبيض المتوس ط واذا ط وت ال و‪.‬م‪.‬أ من اس تراتيجياتها في التح ول من القواع د الثابت ة إلى‬
‫القواع د المتحرك ة وذل ك من خالل ح امالت الط ائرات واألس اطين البحري ة ال تي تج وب‬
‫البحار والمحيطات دون إذن أو موافقة من أي دولة‪.‬‬
‫‪ -5‬التطور العلمي والتكنولوجي‬

‫يعيش الع الم الي وم ث ورة حقيقي ة في المج االت العلمي ة المختلف ة وه ذه الث ور له ا وين في‬
‫ميزان العالقات الدولية‪ ،‬فالتسابق في ميدان التكنولوجية يجعل الدول تأتي بشيء جديد في‬
‫مختلف المجاالت‪ ،‬فكل يوم نشهد ثورة المعلومات وعالم الحواسيب واالنترنيت فالمعلومة‬
‫أينما كانت ومهما كان مصدر ما أصبحت متاحة أمام الجميع لالطالع عليها‪ ،‬أضف إلى‬
‫ذلك أن الحاسوب دخل في كل مجاالت الحياة فهو يسيطر على تسيير المركبات الفضائية‬
‫وتحكم بمس ارما وس المتها ثم عودته ا محمل ة ب الكم الهائ ل من المعلوم ات‪ ،‬كم ا يتحكم‬
‫الحاسوب أيضا بحركة الطيران‪ ،‬كما له دور كبير في المجال العسكري فهو يوجه القذائف‬
‫ويتحكم بمس ارهما ووص ولها إلى ه دفها وهي م ا يطل ق عليه ا بالقناب ل الذكي ة كم ا يتخ ل‬
‫الحاس وب ب األحوال المدني ة والشخص ية و حف ظ البيان ات واإلحص اءات ومج االت كث يرة‬
‫يص عب حص رها‪ ،‬ناهي ك عن ث و۔ االتص االت الهائل ة ال تي جعلت الع الم كالقري ة الص غيرة‬
‫بحيث ال تج د ص عوبة في الوص ول إلى من ت زد فالتق دم العلمي والتكنول وجي ش مل كاف ة‬
‫مراف ق الحي اة من اجتماعي ة واقتص ادية وعس كرية وغ ير مم ا مم ا دف ع ال دولى للتس ابق في‬
‫الوص ول إلى قم ة اله ز العلمي والتكنول وجي لكي تتف وق على غيرهم ا وتحت ل مكان ة ذات‬
‫ت أثير ب الغ و مهم في العالق ات الدولي ة‪ ،‬ومن أمثل ة ال دول المتقدم ة في المج االت العلمي ة‬

‫‪21‬‬
‫والتكنولوجية‪ ،‬الو‪.‬م‪.‬أ‪ ،‬اليابان‪ ،‬برطانيا وخيز ما‪ ،‬هذا ما جعل لها مكانة خاصة ومميز في‬
‫الدولي‪.‬‬ ‫الميزان‬

‫‪22‬‬
‫الخاتمة‪:‬‬

‫كانت التحوالت التي أعقبت اندالع الحربين العالميتين األولى والثانية وإ نشـاء هيئـة األمم‬
‫المتحدة كمنظمة عالمية منعرجا في العالقات الدولية حيث فرضـ ت علـى الـدول ضرورة‬
‫تسوية نزاعاتها بالوسائل السلمية صونا للسلم واألمن الـدوليين وحفاظـا علـى استقرار هذه‬
‫العالقات الدولية‪ ،‬وقد أوجدت في سبيل تحقيق ذك سبل عدة أهمها القضـاء الدولي الدائم‬
‫ممثال في محكمة العدل الدولية – التي قامت على أنقـاض محكمـة العـدل الدولية الدائمة‪-‬‬
‫والمحكم ة الجنائي ة الدولي ة الدائم ة؛ حيث تت ولى األولـى حـل النزاعـات الدولي ة العالق ة بين‬
‫الدول والثانية معاقبة األشخاص مرتكبي الجرائم الدوليـة فـي حـال حدوث نزاعات مسلحة‪،‬‬
‫إلى جانب القضاء اإلقليمي الذي جاء متأثرا إلى حد بعيد بمحكمة العدل الدولية‪ ،‬و يواجه‬
‫القضاء الدولي ‪ -‬الحديث النشأة‪ -‬صعوبات كبيرة وعراقيل ال تقل خطورة عن تلك التي‬
‫اعترضته خالل تكوينه وأبرزها تأثيرات السيادة‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫المراجع‬
‫ناص ف يوس ف ح تى‪،‬النظري ة في العالق ات الدولي ة ‪ ،‬لبن ان ‪ ،‬ب يروت‪ ،‬دار الكت اب‬ ‫‪‬‬
‫العربي‪1985،‬‬
‫محمد منذر‪ ،‬مبادئ في العالقات الدولية من النظريات الى العولمة ‪ ،‬ص‪.14- 11‬‬ ‫‪‬‬

‫ع ز ال دين ف وده ‪ ،‬النظم السياس ية ‪ ،‬دار الفك ر الع ربي ‪ ،‬الق اهرة الكت اب األ ول ص‬ ‫‪‬‬
‫ص‪– 16 .107 – 105‬‬

‫هارول د نيكلس ون ‪ ،‬تط ور المنهج الدبلوماس ي ‪ ،‬الق اهرة ‪ ،‬مكتب ة األنجل و مص رية ‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫بدون ذكر الطبعة سنة ‪ 1973‬ص‪.1‬‬

‫ن وري رش يد الش افعي‪ ،‬البيئ ة وتل وث األنه ار الدولي ة‪ ،‬الطبع ة األ ولى‪ ،‬المؤسس ة‬ ‫‪‬‬
‫الحديثة للكتاب‪ ،‬طرابلس لبنان ‪ 2011‬ص ‪– 27 .96‬‬
‫مع تز فيص ل العباس ي ‪،‬التزام ات الدول ة المحتل ة اتج اه البل د المحت ل ‪ ،‬منش ورات‬ ‫‪‬‬
‫الحل بي الحقوقي ة ‪ ،‬بناي ة ال زين ‪ ،‬ش ارع القنط ري ‪ 28‬ب يروت ‪ ،‬الطبع ة األ ولى ص‬
‫‪.78‬‬
‫علي عودة العقابي‪ ،‬العالقات الدولية (دراسة تحليلية في األصول والنشأة والتاريخ‬ ‫‪‬‬
‫والنظريات)‪.60 ،‬‬

‫‪24‬‬

You might also like