Professional Documents
Culture Documents
ا للعلاقات الدولية
ا للعلاقات الدولية
مما الشك فيه ان حقل العالقات الدولية قد وجد منذ القدم .أي منذ ان وجدت المجتمعات
االنس انية على ه ذا الك ون .فق د ك انت تل ك المجتمع ات البش رية عب ارة عن وح دات مدني ة
اجتماعية the unit civil localمتمثلة في كال من االسرة والقبيلة والعشيرة وبالرغم من
ه ذا لم تتمكن من العيش في عزل ة عن بعض ها البعض وبمع نى اوض ح ك انت تل ك
المجتمع ات البش رية يجمعه ا رواب ط الج وار عن طري ق التب ادل التج اري وتب ادل الس لع
والخدمات ،او بانعدام تلك الروابط االجتماعية من خالل سيادة مبدا الحرب.
ويجب الت ذكير ان حق ل العالق ات الدولي ة ب المفهوم المتع ارف علي ه الي وم لم ينش ا اال بع د
نش وء الدول ة المدني ة the civil of stateبمفهومه ا الح ديث .بمع نى اوض ح لم تنش ا
العالقات الدولية اال بعد ظهور معاهدة وستفاليا عام 1648م كما ان حقل العالقات الدولية
لم يبرز كعلم اكاديمي اال بعد الحرب العالمية االولى عندما بدأت تظهر محاوالت دراسة
حق ل العالق ات الدولي ة من خالل دراس ات اجتماعي ة متواض عة فرض تها ظ روف السياس ة
الدولية .ولعل من بين اهم تلك الظروف يتمثل في التالي :
س يطرت االهتمام ات الرس مية بالعالق ات الدولي ة والمب ادالت والوث ائق والمعاه دات .1
الدبلوماسية.
تط ور اتجاه ات العل وم االجتماعي ة خصوص ا نح و التخص ص واالس تقالل عن بقي ة .3
العلوم االخرى .
ظهور االهتمام بمتغيرات ( اقليمية ،دولية ) ذات افاق اوسع . .4
1
المبحث األول :ماهية العالقات الدولية
في الواق ع لق د ظه ر علم العالق ات الدولي ة في البداي ة داخ ل الوالي ات المتح دة االمريكي ة
وتحدي دا بع د انته اء الح رب العالمي ة االولى .ثم انتق ل ه ذا العلم بع دها الى المملك ة
البريطانية التي شهد فيها تطور سريع خاصة بعد الحرب العالمية الثانية .ومن ثم انتشر
تدريس هذا الحقل في بقية دول العالم .وكما هو معلوم فان العالقات الدولية تعرف بانها
تستهدف مشكالت المجتمع الدولي .والسياسات الخارجية للدول الوطنية من خالل تحديد
مناطق الخطر ومواضع الضعف .كما تساعد دراسة العالقات الدولية على ايجاد طرق
تفادى الخطر ،وتعويض مناطق الضعف .
توفر المؤلفات العلمية التي تناقش عدة قضايا ذات عالقة واضحة بحقل العالقات .3
الدولية.
ومن المهم االش ارة الى ان حق ل العالق ات الدولي ة الي زال الى يومن ا ه ذا يع انى ش انه ش ان
بقية العلوم االجتماعية االخرى من مشكلة ” الخالف الفكري ” ما بين الباحثين والمفكرين
يشكل خاص ،والمدارس الفكرية بشكل عام .
وبن اء على ذل ك فأنن ا س وف نتن اول في ه ذا الج انب اش كالية تعري ف مفه وم العالق ات
الدولية .باإلضافة الى التعرف على العالقات الدولية كعلم مستقل في حد ذاته .
2
اوال :مفهوم العالقات الدولية :
ان مفهوم العالقات الدولية يعتبر مفهوم ” واسع ”the largeباعتباره ال يشمل العالقات
بين الدول الوطنية فقط .بل انه يشمل ايضا في ذات السياق معظم العالقات القائمة the
order of relationبين الدول الوطنية والمنظمات من غير الدول الوطنية مثل الكنائس
والمنظم ات الحكومي ة الدولي ة مث ل ” هيئ ة االمم المتح دة ،االتح اد األوروبي ”
والبد من االخذ بعين االعتبار ان اول الكتابات الفكرية التي تناولت تحديد مفهوم العالقات
الدولي ة تتمث ل في كت اب ” غريس ون ك يرك ” 1940وال ذى عرفه ا بانه ا تع نى …” تل ك
القوى االساسية االكثر تأثيرا في السياسة الخارجية ” كما قدم المفكر ” هانز مورغنثو ”
تعريف ا مف اده .ب ان العالق ات الدولي ة تع نى … هي مص در السياس ة الدولي ة ال تي مادته ا
االساس ية الص راع من اج ل كس ب الق وة بين ال دول الوطني ة ذات الس يادة .
كما عرقها المفكر ” فيرالى ” virallyبانها تعنى … .هي الوسيلة التي يعالج من خاللها
1
العالقات بين الدول الوطنية ذات السيادة .
ويعرفه ا المفك ر ” ماكيالن د ” في كتاب ه ” م اهي العالق ات الدولي ة ” 1971م بانه ا ” هي
دراس ة التف اعالت بين ان واع معين ة من الكيان ات االجتماعي ة بم ا في ذل ك دراس ة الظ روف
اعالت . ة بالتف المحيط
بينما يعرفها المفكر ” ريمون ارون ” بانها تعنى :العالقات ما بين االمم او العالقات ما
بين الوحدات السياسية .
كما تعرفها العديد من المدارس السياسية بانها تعنى … ”..كل عالقة ذات طبيعة سياسية
من ش انها اح داث انعكاس ات واث ار سياس ية تمت د الى م ا وراء ح دود الدول ة الوطني ة” .
ويجب التذكير ان هناك من عرف العالقات الدولية بانها:
ناصف يوسف حتى،النظرية في العالقات الدولية ،لبنان ،بيروت ،دار الكتاب العربي ،1985،ص.11 1
3
هي العالق ات ال تي تش مل الجماع ات س واء ك انت رس مية او غ ير رس مية .كم ا تش مل
االتصاالت بين الدول الوطنية وحركات الشعوب والسلع واالفكار عبر الحدود الوطنية ” .
وبالت الي يمكن الق ول ان مس الة ايج اد تع رف إج رائي اك اديمي متف ق علي ه بش كل ( ش امل،
مانع ،قاطع) لمفهوم العالقات الدولية ليست بالمهمة السهلة كما يتصور البعض بل هي في
غاية الصعوبة والتعقيد نظرا لوجود سببين اساسيين :
الس بب االول :ع دم اتف اق الب احثين والمفك رين على تعري ف واح د بس بب تن وع واختالف
آراؤهم وتوجهاتهم الشخصية على المستوى السياسي واالجتماعي .
السبب الثاني :تنوع وتعدد وجهات النظر التي قدمتها المدارس الفكرية باختالف مذاهبها
وايدولوجيتها .
في الواقع يمكن القول انه ظل وجود اختالف في اآلراء بين الباحثين تجاه وجود تعريف
إج رائي متف ق علي ه .اال انهم يتفق وا على ان العالق ات الدولي ة هي ظ اهرة قديم ة وج دت
داخل اقدم الحضارات االنسانية.
م ع مراع اة وج ود دراس ات علمي ة تفي د بانه ا ق د ب رزت كعلم بع د الح رب العالمي ة االولى
داخل الواليات المتحدة االمريكية ومن ثم انتقلت الى بريطانيا التي شهد فيها تطورا سريعا
بعد الحرب العالمية الثانية .
ويجب التذكير بان علم العالقات الدولية مع بروزه في تلك الفترة فقد شهد صعوبات كبيرة
تخص م دى اس تقالليته عن بقي ة العل وم االنس انية االخ رى ب دليل ان هن اك من الفقه اء من
يعتبره علما مستقال .وهناك من يراه فرع من فروع العلوم السياسية.
4
في الواقع بالرغم من وجود دراسات اجتماعية تفيد بان حقل العالقات الدولية يمثل حقل
جدي د .اال ان ه ق د مارس ته الحض ارات القديم ة على م ر الس نين .وس وف نتن اول من خالل
ه ذه الدراس ة مس الة نش أة العالق ات الدولي ة في ك ل العص ور القديم ة والحديث ة من خالل
التالي: 2
كم ا ه و مع روف ف ان الحض ارة المص رية القديم ة اس تمرت نح و ثالث ة االف ع ام تقريب ا .
وقد ضمت في طياتها ثالثة دول مصرية تعرف باسم ( مصر القديمة ؛ مصر الوسطى ؛
مص ر الحديث ة ) حكمته ا ثالث ون اس رة ملكي ة ولق د جاورته ا ع دة ممال ك ابرزه ا ممال ك ”
النوبيين ،االسيويين ” وشعوب جزر البحر االبيض المتوسط .
والب د من االخ ذ بعين االعتب ار ب ان اهم مظ اهر تبل ور العالق ات الدولي ة بين الحض ارة
المصرية وغيرها من جيرانها من الشعوب االخرى يتمثل في التالي :
ظهور اتفاقيات تقسيم الحدود الجغرافيا مع جيرانها المحيطين بها .
ظهور وثائق تضمن حرمة األراضي الدول المصرية الثالثة .
ظهور مبدا التحالف والدفاع المشترك ما بين الدول المصرية الثالثة وجيرانها من
الحضارات االخرى .
ومن المهم القول بان اقدم معاهدة مكتوبة في حقل العالقات الدولية هي تلك التي ابرمتها
دول ة مص ر القديم ة في عه د المل ك ” رمس يس الث اني ” م ع مل ك الحيث يين المع روف باس م
محمد منذر ،مبادئ في العالقات الدولية من النظريات الى العولمة ،ص.14- 11 2
5
”خاتس ار” وال تي ع رفت بمعاه دة ” اللؤل ؤة ” اال ان االس م االك ثر ش يوعا له ا ه و معاه دة ”
قادش ” ولعل اهم بنودها يتمثل في التالي :
احترام سيادة الدولتين ونشر اشاعة االمن والسلم بينهما .
وفى ذات االط ار ينبغي الق ول ب ان ه ذه المعاه دة االولى المكتوب ة بقيت نموذج ا متبع ا في
ص ياغة المعاه دات في تل ك الحقب ة الزمني ة لم ا تتض منه من عناص ر اساس ية في كتاب ة
المعاه دات الى يومن ا ه ذا ” مقدم ة ،متن ،خاتم ة ” ومن المهم االش ارة الى ان ع دد
الرسائل الدبلوماسية المتبادلة داخل الدولة المصرية بكافة مراحلها قد بلغ نحو 360لوحا
ال . من الصلص
ثانيا – العالقات الدولية عند حضارة االغريق ” اليونانيون ”
ان المدن االغريقية وفق طبيعتها الجغرافيا مقسمة الى مدن تتمتع بالحماية الطبيعية ،وهى
ذات مساحة صغيرة وعدد سكاني صغير بقع في حدود عشرات االالف نسمة .ولعل من
اهم المدن االغريقية آنذاك ” اثينا ،اسبارطا ،طروادة ” وان هذه المدن ليست مقسمة وفق
مب دا الع رق .ب ل ان االغريقي ون الق دماء ك انوا يعت برون انفس هم من س اللة ع رق واح د
وباقي االعراق االخرى يسمونهم باسم ” البربرية ”
والبد من االشارة بان هذا الواقع المعيشي ” الجغرافي ” قد اعطى فضاء جغرافي وثقافي
منسجم .كما ان العالقات بين هذه المدن كان يمتاز بمفهوم المنافسة the commutative
وك ذلك بق در كب ير من الت وازن the balanceبس بب تس اوى الق وى .كم ا ان الخالف ات
بينها كانت تحل بالوسائل الدبلوماسية .
ويجب الت ذكير ان ه ب الرغم من ان الع الم اإلغ ريقي ” اليون اني ” ك ان منقس ما .اال ان ه ق د
اوجد قواعد عامة the general of grammarsالقائمة على تنظيم العالقات الدولية .
حيث يمكننا ان نذكر اهمها في التالي :
6
ا .ارس ال الس فراء بين الم دن االغريقي ة ” اليوناني ة ” الثالث ة وجيرانه ا من الحض ارات
والشعوب االخرى .
ب .تطبيق اعراف الحصانة الدبلوماسية وحماية الرعايا االجانب المقيمين في تللك المدن
االغريقية ” اليونانية ” .
ت .اتب اع طريق ة عق د الم ؤتمرات البيني ة او االقليمي ة وال تي يطل ق عليه ا اس م مص طلح ”
االمفكيتونية ”
ومن المهم الق ول ان الغاي ة االساس ية من تأس يس ه ذه الم ؤتمرات يتمث ل في تحقي ق توص ل
الى مبادى عامة جديدة تحفظ المصالح المشتركة ،وتلزم االعضاء بتطبيقها ومعاقبة كل
من يخالفه ا .وبه ذا يعت بر مجلس ” االمفكيتوني ة ” اول اش كال المنظم ات الدولي ة
رة . المعاص
وبالت الي يمكن الق ول ب ان الع الم اإلغ ريقي ” اليون اني ” الق ديم ق د ش هد عالق ات دولي ة بين
المدن الثالثة القديمة فيما بينها .اال ان هذه العالقات تماز بالحرب والقتال في حال كانت
م ع ط رف اخ ر بس بب التص ور اإلغ ريقي ” اليون اني ” الراس خ ب انهم ع رق راقي والب اقي
مجرد ” برابرة ”
من ذ البداي ة ينبغي االش ارة ب ان علم اء المس لمين ق د اختلف وا في تفس ير العالق ات الدولي ة
خصوصا تلك القائمة بين المسلمين وغيرهم من الشعوب االخرى لعدة اسباب اهمها :
ان العالقات بين االمة االسالمية وغيرها من االمم االخرى ال تقوم اال على اساس
الحرب.
ان العالق ات الدولي ة الب د ان تق وم على الس الم . the paceل ذلك اخ ذ االس الم باس تخدام
وسائل االقناع وليس االكراه .
عز الدين فوده ،النظم السياسية ،دار الفكر العربي ،القاهرة الكتاب األول ص ص– 16 .107 – 105 3
7
ووف ق ه ذا الح ال تط ورت العالق ات الثنائي ة الحق ا م ا بين المس لمين وغ يرهم من االمم
المجاورة لهم ( الروم ،الفرس ،اخرون ) من خالل توفر العناصر التالية :
ومن المهم القول – ان تاريخ العالقات الدولية قد تطور في عهد الحضارة االسالمية .بل
يرى عدد كبير من الباحثين بان العالقات الدولية كانت سائدة منذ عهد الرسول صلى اهلل
علي ه وس لم والخلف اء الراش دين .ولق د حظيت ه ذه العالق ات خط وات كب يرة خاص ة في
العص ر العباس ي حيث ك انت الدبلوماس ية تخض ع الى ع دة قواع د دقيق ة اهمه ا :
– الب دء في اس تخدام العم ل الدبلوماس ي في توثي ق العالق ات الثنائي ة خصوص ا الثقافي ة
ة. والتجاري
– العمل على استخدام االسلوب الدبلوماسي كوسيلة ألحداث التوازن السياسي
من خالل اقام ة س فارات مس تمرة بين بغ داد و بيزنط ة ،وبين قرطب ة و القس طنطينية .
ومما سبق ذكره يتضح لنا التالي:
ان العالق ات الدولي ة كظ اهرة سياس ية ليس ت ولي دة م ؤتمر ” وس تفاليا 1648م ” عن دما
ظهرت الدولة الوطنية ” المدنية ” كما يظن الكثير من الباحثين والمفكرين والعلماء .كما
انها ليست حكرا على العالم الغربي دون سواهم .بل ان المفهوم قد تم استخدامه كما راين ا
من قب ل كال من الحض ارات ” المص رية ،االغريقي ة ،االس المية ” وبمختل ف ص ورها ”
السياسية ،االقتصادية ،الثقافية ”
8
4
رابعا – العالقات الدولية في العصر الحديث (( ما بعد القرن ))16
في الحقيق ة يمكن الق ول ب ان ب دايات العص ر الح ديث تب دا م ع انهي ار النظ ام اإلقط اعي
وظه ور الدول ة الوطني ة the state of nationفمن خالل ه ذه الف ترة تم فعلي ا احالل
مفه وم الدول ة the stateاو مفه وم االم ة the nationمح ل الكيان ات االقطاعي ة .
وس وف تتن اول ه ذه الدراس ة توض يح التمي يز بين ثالث ة مراح ل اساس ية من مراح ل النظ ام
السياسي الدولي والتي تتمثل في التالي .
العالقات الدولية من مؤتمر ” وستفاليا ” الى الحرب العالمية االولى ( 1939 -1919م )
وف ق ه ذه الحقب ة الزمني ة تعت بر معاه دة وس تفاليا 1648م فاتح ة جدي دة في عه د العالق ات
الدولية .ال نها جاءت بأفكار جديدة لم تكن معروفة من قبل .
ولق د استمرت هذه االفكار الى بداية الح رب العالمية االولى ،وق د اتفق المفك رين على ان
اهم ما جاءت به معاهدة وستفاليا 1648م .يتمثل في التالي :
انها وضعت ألول مرة االسس والقواعد التي تنظم النظام الدولي الحديث . .1
قدمت المبادي التي حكمت عالقات الدول الوطنية ما يقرب من قرن ونصف . .2
وفى هذا االطار يمكننا ان نوجز اهم االسهامات التي قدمتها هذه المرحلة في تجسيد شكل
العالقات الدولية والتي من اهم مظاهرها يتمثل في التالي :
وجود العائلة ” االسرة ” الدولية بكل معنى الكلمة وألول مرة في التاريخ اإلنساني
والمتكونة من الدول الوطنية المستقلة ذات السيادة التي تستطيع الدخول في عالق ات
دولية.
هارولد نيكلسون ،تطور المنهج الدبلوماسي ،القاهرة ،مكتبة األنجلو مصرية ،بدون ذكر الطبعة سنة 1973ص.1 4
9
انها اقرت مبدا السيادة الوطنية التي تستطيع من خاللها الدولة الوطنية الدخول في
عالقات سواء مصلحة او تنافس ” اقليميا ،دوليا ” .
انه ا اق رت مب دا المس اواة بين ال دول المس يحية جميع ا وعلى اختالف م ذاهبها س واء
اكانت ” ارثوذكسية ؛ كاثوليكية ؛ بروتستانتية “
احالل نظام السفارات الدائمة محل السفارات المؤقتة والذى كان متبعا في السابق .
فتح الباب امام تدوين ” كتابة ” القواعد القانونية التي تسرى عليها الدول الوطنية .
ساهمت في وضع حجر االساس لسياسة ما يعرف بمفهوم توازن القوى
ومن المهم االش ارة ب ان ه ذه الف ترة ق د ش هدت ع دة جه ود دولي ة في س بيل تجس يد مفه وم
العالقات الدولية يتمثل اهمها في ما يلى :
عقد مؤتمر فينا عام 1815ال عالن تنظيم العالقات الدولية
10
من المهم الق ول ان ه بع د انته اء الح رب العالمي ة االولى 1939 – 1919م وبفض ل افك ار
الرئيس األمريكي السابق ” ودروا ويلسون ” تم انشاء اول منظمة دولية ذات اتجاه عالمي
وذات ط ابع سياس ي .اال وهى منظم ة ” عص بة االمم ” the league of nationوال تي
يعتبر انشاؤها نقطة تحول بارزة في تاريخ القانون الدولي the world of lawوالعالقات
الدولية .والتي من اهم اهداف تأسيسها ما بلى :
ضرورة تنازل بعض دول العالم عن بعض حقوق السيادة التقليدية . .1
وضع القيود على حق اللجوء الى الحرب لتسوية المنازعات الدولية . .2
ومن المهم القول بان مسالة تحقيق هذه االهداف the objectivesقد فشلت بسبب عدم
تطابق وتوافق مبادئها مع اهداف الدول الكبرى the grand of statesالتي كانت لها
نزع ة اس تعمارية متنامي ة اس تنادا على مب دا الق وة في العالق ات الدولي ة .
مالحظة:
ان ه ذه الف ترة ق د ش هدت ظه ور منظم ات دولي ة the worlds of organizationوغ ير
دولي ة على مس توى التنظيم ال دولي مث ل محكم ة الع دل الدولي ة ال تي انش ئت ع ام 1920م
ويذلك يمكن القول ان من اهم مظاهر هذه الفترة ظهور منظمات دولية واقليمية اخرى .
ان فش ل منظم ة عص بة االمم the league of nationفي تحقي ق اواص ر االمن والس لم
الدوليين لم يثنى من عزيمة بلدان الع الم على ترسيخ هذين العاملين ( االمن ، security
السالم ) paceعلى اساس مبدا المساواة في السيادة بين االمم والعمل على رفع مستواها
االقتصادي واالجتماعي والثقافي .ولعل هذا ما سعى اليه ميثاق ” سان فرانسيسكو 1945
م” وال ذى بموجب ه تم تأس يس هيئ ة االمم المتح دة ال تي حلت مح ل عص بة االمم .
والبد من االخذ بعين االعتبار التأكيد على ان جملة المبادي التي حكمت العالقات السياسة
11
the international of politicalفي عهد االمم المتحدة ظلت حبرا على ورق ال نها لم
ت ترجم الى الواق ع العملي .وب ذلك اص بحت العالق ات الدولي ة ت دور ح ول مح ورين
رئيسيين :
ولعل من ابرز نتائج هذه الفترة ايضا هو ظهور منظمات دولية اخرى في حقيقتها
ا: theمن ابرزه ه إقليمي regional ذات توج
منظمة العمل التي تأسست قبل الحرب العالمية الثانية والتي تم االبقاء عليها .
5
أوال :العالقات الدولية في العصور الوسطى
نوري رشيد الشافعي ،البيئة وتلوث األنهار الدولية ،الطبعة األولى ،المؤسسة الحديثة للكتاب ،طرابلس لبنان 2011 5
ص – 27 .96
12
أم ا العالق ات الدولية في العص ور الوس طى فإنه ا تب دأ من ذ س قوط اإلمبراطوري ة الروماني ة
الغربي ة س نة 476م ح تى اس تيالء محم د الف اتح على القس طنطينية عاص مة اإلمبراطوري ة
الروماني ة الش رقية ع ام1953م .ولق د تم يز البن اء السياس ي في ذل ك ال وقت بس يادة النظ ام
اإلقط اعي ال ذي اتس م بتجزئ ة الس لطة السياس ية بين أش كال مختلف ة تابع ة بعض ها البعض
برواب ط شخص ية .حيث لم تكن هن اك حكوم ة مركزي ة تس تطيع أن تحف ظ األمن والنظ ام
وتف رض نفوذه ا على س ائر األرج اء ،ولم تكن المملك ة اإلقطاعي ة وح دها تباش ر الس يادة
الداخلية والخارجي ة ،ففي ال داخل مثال لم يكن هن اك وج ود لس لطة علي ا مركزي ة أم ا في
الخ ارج فلم يكن في اس تطاعة المل ك أن يع بر عن إرادة موح دة المملكت ه أم ام الممال ك
األخرى.
ولكي ال تغالط الحقيقة علينا االعتراف بالدور الذي لعبه الدين في تطور العالقات الدولية،
حيث اس تطاع ال دين المس يحي رب ط جمي ع الوح دات السياس ية المختلف ة في وح دة سياس ية
واحدة ،ومن هذه الوحدة تسربت الكنيسة للهيمنة على الممالك الغربية ،وأقامت فيها شبه
نظام دولي اتخذته كأداة للسيطرة عليها ومنذ ذلك الوقت أعلن البابا نفسه رئيسا لهذا العالم
وجم ع في يدي ه (الس لطتين الروحي ة والزمني ة )) إن م ا يم يز العالق ات الدولي ة في ه ذه
العصور هو عملية االزدواج في السلطتين ،إذ استمد البابا هذه الرئاسة من اعتناق مفاده
الوحدة السياسية ووحدة مجتمع العالم المسيحي أو ما يسمى بالجمهورية المسيحية.
كما قامت المسيحية بالدعوة إلى الكف عن القتال وإ راقة الدماء محاولة منها إلقامة سالم
مسيحي بين ربوع العالم الغربي.
ولق د ع رفت العص ور الوس طى بعض القواع د الدولي ة كالمعاه دات واالتفاق ات ومش اكل
الح دود والهدن ة ،وتم يزت العالق ات الدولي ة بتف وق الباب ا واإلم براطور ،بينم ا ظلت العالق ة
بين األمراء المسيحيين قائمة على نظام اإلقطاع.
وهنا البد من القول إن هذا البناء السياسي ال يمكن أن يمثل أي صفة دولية ما دام العالم
فيه بشكل وحدة هي الجمهورية المسيحية .وهكذا فشل السالم المسيحي والزعم القائل بان
المس يحية والس الم توام ان اليفترق ان ,بي د أن قي ام ال دول الجدي دة على اث ر تل ك الح روب
والمج ازر ت رتب عن ه ترك يز س لطة المل وك السياس ية وتقويمه ا ،ولم يتم القض اء على ه ذا
النظام إال بظهور الدول الحديثة ذات السيادة والمؤسسة على فكرة قومية.
13
وخالص ة الق ول أن المس يحية ق د أدت دورا جوهري ا في وض ع مب ادئ األخالق الدولي ة
وقواعد القانون الدولي .وهي قواعد كان الهدف منها تنظيم العالقات بين الدول.
6
ثانيا :العالقات الدولية في عصر اإلسالم
إن العالقات السياسية الدولية يسرها بما يتالءم وتوطيد السالم وتوثيق عرى التعاون بين
مختلف الشعوب .وبما أن اإلسالم دين اسالم وحرية وإ خاء ومساواة ،لهذا نادى اإلسالم
بالفكرة الدولية واألساس الذي يقوم عليه القانون الدولي ،هناك من يرى في اإلسالم نفس
م ا تعني ه الحي اة الديمقراطي ة والمس اواة بين األمم الص غيرة والكب يرة وحري ة ك ل منه ا في
إب داء رأيه ا في ك ل مس الة تع رض على الهيئ ات الدولي ة وس عي ال دول المش تركة لتحقي ق
التعاون واإلخاء توطيدا للسلم ودفعا للحرب .
إن لظه ور اإلس الم وتك وين إمبراطوري ة إس المية ته دد أوروب ا ،ب انتزاع الس يادة من
المسيحية ،حدثا جديدا في تاريخ العالقات الدولية .
ولقد اختلف علماء اإلسالم في تفسير العالقات بين المسلمين وغيرهم من الشعوب التي لم
تعتن ق اإلس الم ،فمنهم من ق ال إن العالق ات بين األم ة اإلس المية وغيره ا من غ ير
اإلسالمية التقوم إال على أساس الحرب والقتال.
ومنهم من ق ال إن العالق ات تق وم على الس الم ،وان اإلس الم اخ ذ باس تخدام وس ائل اإلقن اع
وليس اإلك راه ،ونحن به ذا الص دد إلى ج انب ال رأي الث اني الن اإلس الم ال يج يز قت ل
اإلنسان لمجرد أنه ال يدين بدين اإلسالم ولإلسالم وجهة نظر خاصة في العالقات الدولية،
ذلك أن اإلسالم لم يكتب له أن يسود وينشر في العالم كله ،بل شاءت الظروف أن يستقر
في مج ال جغ رافي معين ،على ال رغم من االتس اع ال ذي بلغ ه ش رقا إلى الهن د والص ين
وغربا إلى األندلس وغرب أوروبا .وقد نشأ عن هذا قيام دولة إسالمية تعتمد في تكوينها
على الوح دة الديني ة بفض النظ ر عن اختالف إفراده ا في اللغ ة والجنس وتل ك الوح دة هي
ما تسمى باألمة اإلسالمية أو دار اإلسالم.
ولق د تط ورت العالق ات الحق ا بين المس لمين وغ يرهم حيث تط ورت وس ائل االتص ال م ع
الممالك والقبائل ،ولم تعد العالقات بين المسلمين وجيرانهم قاصرة على التبادل التجاري،
معتز فيصل العباسي ،التزامات الدولة المحتلة اتجاه البلد المحتل ،منشورات الحلبي الحقوقية ،بناية الزين ،شارع 6
14
((ب ل تع دتها إلى ن واح اقتض تها ظ روف تنفي ذ السياس ة الجدي دة المبني ة على الس الم ال على
القه ر )) ولإلس الم ب اع طوي ل في عق د المعاه دات واالتفاق ات ,حيث عق د المس لمون ع ددا
كث يرا من المعاه دات واالتفاقي ات ومن أهم ه ذه االتفاقي ات :عه ود الذم ة كم ا عرف وا
معاه دات حس ن الج وار والص داقة والتح الف اض افة إلى معاه دات التج ارة ،وق د اش تهر
المسلمون بشدة حرصهم على رعاية العهود وااللتزام باالتفاقيات التي كانوا يبرمونها مع
غيرهم من الدول والشعوب غير اإلسالمية.
أم ا بالنس بة لعالق ة المس لمين بال دول األخ رى فق د م يز الفقه اء بين دار اإلس الم ال تي
اصطلحوا على إطالقها على الدولة أو الدول اإلسالمية ودار الحرب التي يعني بها الدول
التي يدين أهلها بتعاليم مخالفة األحكام اإلسالم ،إن هذا التمييز ال يعني إطالقا بان األمة
اإلسالمية ذات طبيعة عدوانية أو أنها في حالة حرب دائمة مع الدول غير اإلسالمية ،بل
إن أساس العالقة بين دار اإلسالم ودار الحرب هو ((السلم ما لم يطرأ ما يوجب الح رب))
،حيث أقرت الشريعة اإلسالمية إقامة عالقات بين الشعوب اإلسالمية وتبادل جميع أشكال
المع امالت والعالق ات الدبلوماس ية والدولي ة معهم .وهن اك من ي رى ب ان هن اك دارا ثالث ة
وهي ((العه د وال تي لم يظه ر عليه ا المس لمون ,وعق د أهله ا الص لح بينهم وبين المس لمين
يؤدونه من أرضهم يسمى خراجا دون أن يؤخذ منهم جزية رقابهم )).
يؤثر في العالقات الدولية سواء سلبا أو إيجابا ضعف أو قوة عوامل كثيرة ومتنوعة وهذه
العوامل تتطور وتتغير مع مرور الزمن ،فالعوامل التي كانت مؤثرة في الماضي لم تعد
كذلك في الحاضر فتقلص دورها وتراجع في التأثير ومن أبرز العوامل التي كانت مؤثرة
في الماض ي وتراج ع دوره ا الموق ع الجغ رافي ،حيث ك ان يلعب دورا تقلي ديا في الت أثير،
واس تمر ك ذلك لف ترة طويل ة من ال زمن وم ازال ولكن بنس ب أق ل ،بالمقاب ل تق دم العام ل
االقتصادي واحتل موقعا متقدما في التأثير على العالقات بين الدول كما أن العالقات بين
الدول متغير ومؤثرة بظروف كثيرة ،فالعوامل المؤثرة ذاتها تتغير وتبدل وهذا ما سنحاول
أن تفصل فيه من خالل إبراز العوامل اآلتية:7
علي عودة العقابي ،العالقات الدولية (دراسة تحليلية في األصول والنشأة والتاريخ والنظريات).60 ، 7
15
-1العوامل االقتصادية:
يعت بر االقتص اد في زمانن ا الحاض ر العنص ر األك ثر فعالي ة في الت أثير في مج ال العالق ات
الدولية وأبرما لما له من تأثير مباشر على حياة األفراد والدولة ذاتها ،فالقوة االقتصادية
تع ني نس بة عالي ة من االكتف اء ال ذاتي ،باإلض افة إلى ق درة الدول ة على تق ديم المس اعدات
المادية والمعنوية ألصدقائها عندما تدعو الحاجة لذلك ،لذلك فإن القدرة االقتصادية تعني
قابلية الدولة في إدامة االقتصاد القوي في السلم والحرب على د السواء مع ظهور مفهوم
العولمة وتقلص المسافات بين الدول ازاد التبادل التجاري فيما بينها وذلك لعدم قدرة أي
دولة في العالم مهما بلغ حجمها وقوتها واتساع مساحتها وتنوع مواردها أن تعلن االكتفاء
الذاتي أو أن ال تتو :أو تصدر شيئا من وإ لى غيرها من الدولي ،فالدول المنتجة تحتاج إلى
أس واق مفتوح ة التص رف منتوجاته ا ليع ود ذل ك ب النفع عليه ا وعلى س كانها ،ك ذلك الدول ة
ال تي تحت اج الس لع والخ دمات الب د له ا من اس تيرادها ،ك ذلك الم واد الخ ام ال تي ال غ نى
لصناعتها عنها وخصوصا إذا لم تتوز في اراضيها .لذلك تنشئ حركة تجارية بين الدول
وه ذه الحرك ة تض في بظالله ا على العالق ات الدولي ة فتجع ل ال دول توق ع المعاه دات
واالتفاقيات فيما بينها مما يعزز عالقتها السياسية و بالتالي تنشط حركة العالقات الدولية
فيما بينها كجزء من المجتمع الدولي ،والعوامل االقتصادية جوانب متعددة من التأثير في
العالق ات الدولي ة مث ل :المس اعدات والمنح والتم ريض ل تي تق دمها ال دول الغني ة لل دول
الفقيرة ،وفي هذا اإلطار تقوم الدول العظمى والدول الكبرى الصناعية بتقديم المساعدات
والق روض لل دول الفق يرة والنامي ة لمس اعدتها لتنمي ة مجتمعاته ا وص وال إلى تحس ين نوعي ة
حي اة اإلنس ان في تل ك ال دول ،وفي ه ذا المج ال نش أت منظم ات اقتص ادية دولي ة مث ل:
صندوق النقد الدولي ومنظمات األمم المتحدة التي تهدف إلى تقديم المساعدات االقتصادية
لل دول المحتاج ة له ا ،ومن أمثل ة ال دول ال تي تق دم ه ذه المس اعدات هي ال و.م.أ ،الياب ان،
فزعا ،بريطانيا ،وغيزما من الدولة القادرة على تقديم المساعدات .إن هذه المساعدات لها
ت أثير كب ير في إض فاء ن وع من الت أثير السياس ي من قب ل ال دول المانح ة على غيرهم ا من
الدول من أجل أن تحتل مكانة دولية مؤيز س عيا ألن تكون عنصرا رئيسيا فعاال ومؤثرا
في العالقات الدولية (و.م.أ) ،كما تستخدم المساعدات االقتصادية كوسيلة للضغط والتأثير
16
على الدولى المحتاج ة لها من خالل التهدي د بقط ع هذه المس اعدات ومنع االستيزا۔ وزيادة
الرس وم الجمركي ة على البض ائع المس توية من ال دول الم زاد الض غط عليه ا ،حيث تغل ق
أسواقها أمام هذه البضائع مما ينعكس سلبا على الدول المصدر ،ومن آثار االعتماد على
المس اعدات االقتص ادية الخارجي ة ه و أن تبقى ه ذه ال دول واقع ة تحت س يط رة ال دول
المانح ة وزي ادة تبعيته ا له ا مم ا يجعله ا تحكم س يطرتها عليه ا عس كريا من خالل القواع د
العس كرية تحقيق ا أله دافها اإلس تراتيجية ذات الم دى البعي د ،ل ذا نج د أن العام ل االقتص ادي
مهم و موز في العالقات الدولية ،وما شاهدناه من أحداث في العالم ومحبة الدول الكبرى
في السيطرة على منابع الطاقة و مصادر مما دفعها وقد يدفعها مستقبال لشن حزينب ذات
ت أثير طوي ل الم دى على األمم والش عوب المت أثر به ا ،فاالقتص اد في زمن العولم ة ه و
عصب الحياة السياسية وروح العالقات الدولية.
-2الموارد األولية:
يرتبط هذا العامل ارتباطا وثيقا بالعامل االقتصادي حيث أن الصناعات القائمة في أي بلد
الب د له ا من م وارد و م واد أولي ة تزوده ا ح ق ال يتوق ف عمله ا وانتاجه ا وخصوص ا إذا
علمنا أن ال دولة مكتفية ذاتيا مهما بلغت مساحتها ،فالدولة بحاجة لبعضها البعض في هذا
المج ال ومن أج ل الحص ول على الم وارد األولي ة تنش ئ عالق ات تجاري ة قوي ة بين ال دول
ذات المص الح المتبادل ة تنتج عنه ا اتفاقي ات تجاري ة دولي ة يحترمه ا األط راف وه ذه
االتفاقيات ،تعزز العالقات السياسية بين الدواء فالموارد األولية عامل مهم وامتالك الدولة
اهلل يجع ل له ا مكان ة ومرک ز دولي وفاعلي ة أك ثر في العالق ات الدولي ة وكلم ا ك انت الدول ة
فتميز وحاجة للموار :كلما كانت واقعة تحت سيطرة الدول الكبرى المالكة لهذه الموار.:
فوجود الموارد األولية المهمة كالنفط يجعله دائما محل أطماع من قبل الدول الكبرى وقد
تتعرض الدول المالكة له للغزو واالحتالل وخاصة إذا فشلت الدول المحتاجة لهذا العنصر
في تأمين أنظمة موالية لها سياسيا واقتصاديا في تالك الدول ،وهذا ما نالحظه من تاريخ
العالق ات بين ال دول العظمی ک الو.م.أ وال دول الك نزی بريطاني ا من إقام ة عالق ات طيب ة
وردية مع دول الخليج العزي المتالكها مادة النفط المطلوبة وشكل مهم لهذه الدول ،وما
ح زب الخليج المتوالي ة والرغب ة في الس يطرة على ه ذه المنطق ة إال دلي ل على ذل ك ،ض ف
17
إلى ذلك ما حدث مع بعض الدول العزية في إطار ما يسمى بالزيع العزي كليبا مثال التي
أصبحت من أطماع عدة دول.
.1الموقع :الموق ع أهمي ة ك برى بالنس بة للدول ة ،حيث أن ه يحس ن شخص يتها ويح دد
اتجاهاته ا السياسية فبالنسبة للدول التي لها سوال ودود بحرية تكون أكثر اتصاال بالعالم
وتتمتع بعالقات تجارية وسياسية نشطة مع الدول األخرى ،وقد تنبهت الدولي إلى مثل هذا
الموض وع فح اولت باس تمرار المس يطرة على المي اه والبح ار من أج ل اس تمرار تجارته ا
وبالت الي انعك اس ذل ك على اقتص ادها وقوته ا ومكانته ا الدولي ة ،أم ا ال دول المغلق ة وال تي
ليست لها حدود بحزة فهذا يحزنها من االتصال مع دول العالم األخرى وذلك فهي تسعى
للحصول أو الوصول إلى أي منفذ يوصل للبحر وذلك تجدها تركز في قوتها على القوات
البرية والجوية في حين أن الدول البحرية تركز في قوتها العسكرية والتجارية على بناء
األسطول البحري القوي ،وكذلك األسطول التجاري الذي يخدم مصالحها بالشكل األفضل.
كما أن الموقع المتوسط له أهمية من حيث طرق التجارة
حيث يلعب دورا اس تراتيجيا في التحكم في خط وط التنق ل والمواص الت البري ة والبحري ة
والجوي ة و دائم ا تس عى ال دول الك برى للس يطرة على ال دول الواقع ة في موق ع ق د يه دد
حركته ا البري ة أو الجوي ة أو البحري ة وتس عي أيض ا ليك ون له ا قواع د جوي ة أو بحري ة أو
بري ة في ه ذه ال دول ومن أمثل ة المواق ع المهم ة في الت اريخ ه و الموق ع المتوس ط لل وطن
العزي الذي كان ومازل يزط الشرق بالغرب والشمال بالجنوب بزا وبحرا وجوا وهذا ما
يجعله محط أطماع للدول الكبرى واالستعمارية.
.2المساحة:
هي عامل مهم من العوامل التي تحدد مكانة الدولة في العالقات الدولية ،فالمساحة الكبيرة
تعطي الدول ة الم يز المهم ة ولكن ه ذه المس احة إذا تناس بت م ع ع دد الس كان الك افي وم ع
ش عب متط ور ومتحض ر فإنه ا تك ون ع امال إيجابي ا وم ؤئزا في دعم موق ف الدول ة وزي ادة
18
هيبتها أمام العالم ،أما من الناحية العسكرية فالمساحة مهمة جدا ألنها تعطي الدولة عمقا
إقليميا يحمي العاصمة والمدن والمراكز الصناعية الهامة في البالد ،وهذا األمر يشهد له
التاريخ حيث أعطت المساحة الواسعة لالتحاد السوفياتي عمقا دفاعيا لصالحها ضد الغزو
األلماني ألراضيها ،حيث أن العمق الجغرافي للدولة يتيح لها إمكانية المنار في القتال ،كما
يمكنها س حب القوات التي تغزوها إلى أماكن ذات خفايا ومميزات معزوفة لقواتها وهذا
م ا فعل ه الجيش الس وفياتي ب القوات األلماني ة في الح رب العالمي ة ،2أم ا ال دول الص غير
المسباحة فإنها تكون سهلة االحتالل باإلضافة إلى رغبتها دائما بنقل المعركة إلى أراضي
الغيز ،وذلك لعدم توافر العمق الكافي الذي يحمي مدنها و مراكزيما التجارية والصناعية
والسكانية أما من الناحية االقتصادية فإن اتساع المساحة يؤدي إلى تنوع المناخ وبالتالي
ينعكس على إنتاجها االقتصادي و تنوع مواردها الطبيعية وهذا يساعد الدول على االكتفاء
ال ذاتي والتحكم به ذه الم وارد واس تغاللها لص الحها االحتالل مكان ة هام ة وم ؤثرة في
العالقات الدولية.
.3الح دود :وهي الخط وط الفاص لة بين ال دول وال تي تنتهي بح دودها س يادة دول ة م ا لتب دأ
س يادة دول ة أخ رى ،والح دود له ا ت أثير كب ير في العالق ات بين ال دولى س لبا أو إيجاب ا حيث
أن ه إذا ط الت الح دود بين دول تين وك انت عالقاتهم ا قوي ة ف إن ذل ك يس اعد في فتح أب واب
االس تيراد والتص دير وانس ياب البض ائع وني وس األم وال وحري ة الحرك ة التجاري ة مم ا
ينعكس إيجاب ا على الوض ع االقتص ادي لكال ال دولتين ،ك ذلك ينعكس ط ول الح دود س لبا إذا
ك انت العالق ات مت وتر بين ال دولتين ،أم ا من الناحي ة العس كرية ف إن ط ول الح دود يزعم ق
الخص م ،ويتطلب ق وة التحم ل وأع داد هائل ة من الق وات لنش رها على الح دود ،ك ذلك ف إن
الدول صاحبة الحدود الطويلة تحتاج إلى قوات حرس حدود بأعداد كبيرة لحماية حدودها
وهذا يشكل عبئا اقتصاديا ال يستهان به .والحدود تأثير كبير على العالقات بين الدول من
حيث أنها مصدر نزع مستمر بين كثير من الدول ،ونزعات الحدود معزوفة تارخيا حيث
صنعتها الدول المستعمرة لخدمة مصالحها دون النظر إلى ظزف السكان واتصال الشعوب
المجاوة بروابط السب والقرابة والمصاهرة فافعها في ذلك هو مصالحها االستعمارية.
19
.4السكان :هو عامل مهم من عوامل قوة الدولة ومدى احتاللها مكانا متميز في المجتمع
الدولي حيث أن عدد السكان إذا كان كبيرا وترافق بعوامل أخرى أهمها المستوى التعليمي
والتقني الذي وصل له السكان ،والتماسك االجتماعي واالبتعاد عن التعزيمة بين األجناس
واألع راف فإن ه يش كل عام ل ق وة تجع ل الدول ة متفوق ة وتمويني ة وله ا مكان ة م ؤثرة في
العالق ات الدولي ة ،أم ا إذا ك ان العكس فالنتيج ة س تكون س لبية ،ك ذلك إذا ك ان ع دد المك ان
كثيفا مع مساحة صغيرة فإن ذلك يشكل عبئا كبيرا على الدولة.
-4العوام ل العس كرية :العام ل العس كري دور مهم في العالق ات الدولي ة ،فبن اء الق وة
العسكرية ضروری جدا لكل دولة وذلك لكي تحافظ على أمنها العمومي و تحقق أهدافها،
ف امتالك الس الح أم ر ض روري لك ل دول ة ون ه تم اس أهمي ة الدول ة وقوته ا وق درتها على
ف رض نفس ها كعنص ر فاع ل وم ؤثر في العالق ات الدولي ة ،ف القوة العس كرية هي تعب يز عن
الحش د العلمي للعناص ر البش رية والمقوم ات التقني ة واالعتب ارات االقتص ادية لم ا يخ دم
أهداف هذه المؤسسات التي من مظاهرهما القوات المسلحة ،وذلك بما يخدم أعمال الدفاع
والهج وم ،ويرتب ط ه ذا الع ام ارتباط ا وثيق ا بق درة الدول ة االقتص ادية ،فالدول ة الغني ة ذات
االقتصاد القوي التي تتوفر فيها اإلمكانيات المادية والبشرية تستطيع أن تتفوق على غيز
ش ما ب امتالك الس الح وتط وير ،وه ذا م ا لوح ظ خالل ف ترة الح زب الب اردة والتس ابق على
التسلح بين الو.م.أ واالتحاد السوفياتي ،فاالقتصاد هو الدعامة الحقيقية للتوت العسكرية في ه
تس تطيع ال دول أن تص نع أس لحة حديث ة وعالي ة التقني ة مث ل :القناب ل النوني ة والغواص ات
والط ائرات وغ يز م ا ،ك ذلك ف إن الق وة العس كرية يجب أن تحض ى ب دعم سياس ي لتأخ ذ
الش رعية المناس بة لها ألن الق وة العس كرية ق د ت ت نزه كث يرا من الجه ود والنفق ات ال تي ق د
تؤثر سلبا على أبناء الشعب وعلى دخولهم لذلك يجب أن تحضى بالدعم والرضا والتأكيد
على المس توى الرس مي والش عبي في البالد ،والت وت العس كرية بكاف ة عناص زما البش رية
والمادي ة تلعب دورا كب يرا في تغي ير ش كل العالق ات بين دول الع الم وف رض مف اهيم
وأوض اع جدي دة لم تكن معروف ة ومن أمثل ة ذل ك في تارخن ا المعاص رة ق درة ال و.م.أ
العسكرية والتي أصبحت تستخدمها في أدوار كثيرة في مختلف أرجاء العالم مثل :مكافحة
اإلره اب والتخلص من األنظم ة الدكتاتوري ة ،كم ا حص ل في حروبه ا م ع طالب ان في
20
أفغانستان والعراق وتهديدها باستخدام القوة العسكرية ضد الدولى التي قد تمتالك السالح
الن وبي ،أو ال تي ق د ته دد األمن والس لم ال دوليين مث ل :كوري ا واي ران وه ذا التخ ل من قب ل
الو.م.أ في الدول والشعوب أحد األدلة على إظهار قوتها العسكرية وهذا ما دفع الو.م.أ
ألن ت درك بأن ال دفاع عن مص الحها البترولية في المنطق ة ال يتم إال بالس يطرة على البحر
األبيض المتوس ط واذا ط وت ال و.م.أ من اس تراتيجياتها في التح ول من القواع د الثابت ة إلى
القواع د المتحرك ة وذل ك من خالل ح امالت الط ائرات واألس اطين البحري ة ال تي تج وب
البحار والمحيطات دون إذن أو موافقة من أي دولة.
-5التطور العلمي والتكنولوجي
يعيش الع الم الي وم ث ورة حقيقي ة في المج االت العلمي ة المختلف ة وه ذه الث ور له ا وين في
ميزان العالقات الدولية ،فالتسابق في ميدان التكنولوجية يجعل الدول تأتي بشيء جديد في
مختلف المجاالت ،فكل يوم نشهد ثورة المعلومات وعالم الحواسيب واالنترنيت فالمعلومة
أينما كانت ومهما كان مصدر ما أصبحت متاحة أمام الجميع لالطالع عليها ،أضف إلى
ذلك أن الحاسوب دخل في كل مجاالت الحياة فهو يسيطر على تسيير المركبات الفضائية
وتحكم بمس ارما وس المتها ثم عودته ا محمل ة ب الكم الهائ ل من المعلوم ات ،كم ا يتحكم
الحاسوب أيضا بحركة الطيران ،كما له دور كبير في المجال العسكري فهو يوجه القذائف
ويتحكم بمس ارهما ووص ولها إلى ه دفها وهي م ا يطل ق عليه ا بالقناب ل الذكي ة كم ا يتخ ل
الحاس وب ب األحوال المدني ة والشخص ية و حف ظ البيان ات واإلحص اءات ومج االت كث يرة
يص عب حص رها ،ناهي ك عن ث و۔ االتص االت الهائل ة ال تي جعلت الع الم كالقري ة الص غيرة
بحيث ال تج د ص عوبة في الوص ول إلى من ت زد فالتق دم العلمي والتكنول وجي ش مل كاف ة
مراف ق الحي اة من اجتماعي ة واقتص ادية وعس كرية وغ ير مم ا مم ا دف ع ال دولى للتس ابق في
الوص ول إلى قم ة اله ز العلمي والتكنول وجي لكي تتف وق على غيرهم ا وتحت ل مكان ة ذات
ت أثير ب الغ و مهم في العالق ات الدولي ة ،ومن أمثل ة ال دول المتقدم ة في المج االت العلمي ة
21
والتكنولوجية ،الو.م.أ ،اليابان ،برطانيا وخيز ما ،هذا ما جعل لها مكانة خاصة ومميز في
الدولي. الميزان
22
الخاتمة:
كانت التحوالت التي أعقبت اندالع الحربين العالميتين األولى والثانية وإ نشـاء هيئـة األمم
المتحدة كمنظمة عالمية منعرجا في العالقات الدولية حيث فرضـ ت علـى الـدول ضرورة
تسوية نزاعاتها بالوسائل السلمية صونا للسلم واألمن الـدوليين وحفاظـا علـى استقرار هذه
العالقات الدولية ،وقد أوجدت في سبيل تحقيق ذك سبل عدة أهمها القضـاء الدولي الدائم
ممثال في محكمة العدل الدولية – التي قامت على أنقـاض محكمـة العـدل الدولية الدائمة-
والمحكم ة الجنائي ة الدولي ة الدائم ة؛ حيث تت ولى األولـى حـل النزاعـات الدولي ة العالق ة بين
الدول والثانية معاقبة األشخاص مرتكبي الجرائم الدوليـة فـي حـال حدوث نزاعات مسلحة،
إلى جانب القضاء اإلقليمي الذي جاء متأثرا إلى حد بعيد بمحكمة العدل الدولية ،و يواجه
القضاء الدولي -الحديث النشأة -صعوبات كبيرة وعراقيل ال تقل خطورة عن تلك التي
اعترضته خالل تكوينه وأبرزها تأثيرات السيادة.
23
المراجع
ناص ف يوس ف ح تى،النظري ة في العالق ات الدولي ة ،لبن ان ،ب يروت ،دار الكت اب
العربي1985،
محمد منذر ،مبادئ في العالقات الدولية من النظريات الى العولمة ،ص.14- 11
ع ز ال دين ف وده ،النظم السياس ية ،دار الفك ر الع ربي ،الق اهرة الكت اب األ ول ص
ص– 16 .107 – 105
هارول د نيكلس ون ،تط ور المنهج الدبلوماس ي ،الق اهرة ،مكتب ة األنجل و مص رية ،
بدون ذكر الطبعة سنة 1973ص.1
ن وري رش يد الش افعي ،البيئ ة وتل وث األنه ار الدولي ة ،الطبع ة األ ولى ،المؤسس ة
الحديثة للكتاب ،طرابلس لبنان 2011ص – 27 .96
مع تز فيص ل العباس ي ،التزام ات الدول ة المحتل ة اتج اه البل د المحت ل ،منش ورات
الحل بي الحقوقي ة ،بناي ة ال زين ،ش ارع القنط ري 28ب يروت ،الطبع ة األ ولى ص
.78
علي عودة العقابي ،العالقات الدولية (دراسة تحليلية في األصول والنشأة والتاريخ
والنظريات).60 ،
24