Professional Documents
Culture Documents
الملخص
يوج د في ك ل مجتم ع بعض األف راد ممن هم أك ثر عرض ة من اآلخ رين للمخ اطر واالعت داءات ،إم ا نتيج ة
لجنسهم أو لسنهم أو إلعاقتهم .سمات وخصائص وضعت كل من المرأة ،والطفل ،والمعاق ،في خانة الفئة
الضعيفة التي تحتاج إلى ضمانات حمائية ،ورعاية وقائية ،تكفل لهم حقوقهم اإلنسانية ،وتمنحهم سبل العيش
الكريم ،وتضمن لهم تعزيز مكانتهم في المجتمع ،وتتيح لهم فرص أكبر لتحقيق ذاتهم دون تمييز أو استغالل
أو ظلم .إش كاالت وض عت ك ل من الحكوم ات والهيئ ات الدولي ة والمحلي ة لالهتم ام وبش كل خ اص ،وعلى
نحو متزايد ،بإقرار وتعزيز كل السبل والمعايير التي تحمي حقوق هذه الفئات في جميع مجاالت الحياة،
ومن ضمنها حماية حقوقهم في مجال العمل .فهل ترجمت هذه المساعي إلى حقيقة واقعة اآلن؟
يدفعنا الحديث عن المناشدة بحقوق المرأة العاملة ،وبحماية الطفولة ،وذوي االحتياجات
الخاصة ،ال محال لإلشارة إلى المراحل التي تتالت في سبيل تكريس مبدأ المساواة في الحرية والحقوق بين
الجميع دون تمييز ،بدأ من الثورة الفرنسية ،وكذا الثورة الصناعية التي دفعت بالمرأة وفئة الصغار للخروج
إلى العمل .ثورة فكرية ،تلتها ثورة صناعية ،غيرت الماثل وأفرزت أوضاعا ،وضعت هذه الفئات ،والمجتمع
اإلنساني ككل ،أمام إشكاالت جديدة أدخلتهما في صراعات قوية وتحديات يومية ،أظهرت في مجملها أن
المشاركة الكاملة لهذه الفئات في مجال العمل تحتاج في األساس إلى تغيير وضعهم القانوني .شرط أولي
دفع بالحكومات والمنظمات ،المحلية والدولية ،للسعي إلى توفير وتطوير ذلك المناخ القانوني الذي يمنح
لهذه الفئات فضاء آمنا ،يمكنها من ممارسة نشاطها وعملها دون تمييز أو مضايقة .ومسايرة لهذا النهج
واعتمد العالم على أليات تمثلت في منظمة االمم المتحدة ’ الجمعية العامة ’ لجنة حقوق االنسان ,أمانة
االمم المتحدة ,المفوض السامي لحقوق االنسان ,الهيئات الرئيسية لالمم المتحدة كلهم عملو علة حماية
حقوق االنسان خاصة الفئة الضعيفة منهم .
على ض وء م ا تق دم ،نص ل إلى الق ول أن ه من المؤك د أن قض ايا حماي ة الم رأة العامل ة ،والطف ل وذوي
االحتياج ات الخاص ة ،ال تق ف على ح د وض ع ق وانين تك ريس لمب دأ المس اواة بين ك ل الفئ ات في الحق وق
والواجب ات ،في العم ل ،بل تحس با لظ روف خاصة مرتبطة به ؤالء األش خاص ،كالطبيع ة الفيزيولوجية للم رأة
التي تجعلها ضعيفة ال تتحمل بعض األعمال مقارنة بالرجل .وكذلك بالنسبة لتشغيل الطفل في سن مبكرة
ال ذي يحرم ه من التمت ع بطفولت ه دون عن اء ومش قة ،وعن ظ روف عم ل فئ ة ذوي االحتياج ات الخاص ة ال تي
تعيش بإعاقة تجعلها أضعف الفئات العمالية ككل.
وسعيا لتحسين حياة هذه الفئة الضعيفة ومساعدتها ،عملت منظمة العمل الدولية بجهد وعمل متواصل من
اجل توفير حماية كاملة لهذه الفئات الثالثة .وأكدت على الدول األعضاء على اتخاذ التدابير واإلجراءات
إلزالة كافة أشكال استغاللهم وحمايتهم من هذه الظروف السيئة في العمل ،من أجل بلوغ الهدف المنشود،
وهو تمكين كل عامل من حقوقه اإلنسانية واالقتصادية واالجتماعية وبالتالي ضمان له العيش الكريم
إن المجتمع ال دولي ،والعالم العربي بصفة خاصة ،يواجه تح ديات كبيرة لبل وغ األهداف المنشودة الحامية
والض امنة لحق وق اإلنس ان ،ومنه ا حق وق الفئ ات الض عيفة في مج ال التش غيل .وعمال ب ذلك ،أطلقت منظم ة
العم ل الدولي ة الي وم الع المي لمناهض ة عم ل األطف ال في 12يوني و ،بغي ة تعزي ز ال زخم ال دولي ال ذي نش أ في
الس نوات المنص رمة ،وبه دف القض اء على عم ل األطف ال ،وتحدي د أس وأ أش كاله .وإلى التفك ير في التق دم
المنجز حتى اآلن ،باإلضافة إلى بذل جهود جديدة التحقيق مستقبل خال من عمل األطفال.
إنشاء نظم قانونية وشبكات مجتمعية من أجل إنفاذ القوانين ترمي إلى حماية حقوق النساء واألطفال.
القضاء على التمييز الذي تدعمه األراء الجامدة واالعتقاد المتخلقة في المجتمع ،التي تعارض عمل المرأة،
وتس تعر بأطفاله ا ذوي االحتياج ات الخاص ة ،وت دفع باألطف ال إلى العم ل كون ه رج ل مس تقل .كم ا يجب
االهتمام بالصحة والسالمة المهنية واتخاذ خطة عمل فعالة ومتطورة ومستمرة بشأنها.
تفعيل دور تفتیش العمل من خالل وضع برامج وحمالت تفتيش دائمة ومستمرة في أماكن العمل .
تطوير آليات الرامية إلى الوفاء بالمسؤوليات المتعلقة بالرصد ويتقديم التقارير .
ومن بين الحلول التي نراها تساعد استقرار المرأة العاملة المرضعة أو األم ألطفال ،هو توفير دور الحضانة في
كل مؤسسة مستخدمة ،إذ يساعد هذا اإلجراء على حل مشاكل عديدة ليس فقط بالنسبة للمرأة ،وإنما أثارها
تمتد إلى األسرة ،العمل ،والمجتمع .ذلك ما أكده تقرير البنك الدولي بان نسبة مشاركة النساء في القوى
العاملة ق د انخفضت إلى %49ع ام 2016على مس توى الع الم؛ ومن المرح أن النس اء يعملن في قطاع ات
غ ير رس مية ،ويخصص ن ض عف وقتهن مقارن ة بالرج ال في ممارس ة أنش طة منزلي ة ،وفي مج ال الرعاي ة ب دون
مقاب ل .وب النظر إلى أن النس اء يتحملن مس ؤولية أك ثر من الرج ال في رعاي ة األطف ال ،تق ابلهن عقب ة كب يرة
للمشاركة في القوى العاملة بسبب عدم توفر الرعاية الصحية الجيدة وغير المكلفة ألطفالهن .
إن الفجوة بين الجنسين في األجر ال تزال موجودة ،على الرغم من الجهود المبذولة لتطبيقها ،فالمشكلة
ليست مشكلة تقتصر على دولة ما ،أو الدول العربية ،أو على الدول النامية ،بل المشكل عالمي ،فهناك تمييز
ظاهر في األجر لصالح الرجل في مواجهة المرأة .
كما أنه رغم عضوية الدول العربية ومنها الجزائر في المنظمات العمل الدولية واإلقليمية ،التزال نوعا ما في
بداية الطريق ،كونها لم تصل بعد إلى ضمان الحماية الشاملة للمرأة العاملة من كل الجوانب.
مبدأ المساواة بينهما وبين الرجل ال تزال آثاره ظاهرة ،رغم العمل على تكريسه في الدساتير والتشريعات
والتنظيمات ولعل السبب في ذلك يعود إلى عدم الشفافية في التعاطي مع قضايا المرأة ،بصفة عامة ،والمرأة
العاملة بصفة خاصة .لم يختلف األمر بالنسبة لمسألة تشغيل األطفال وذوي االحتياجات الخاصة ،رغم
االلتفاف البالغ األهمية الذي تتوله الحكومات وبعض المؤسسات والجمعيات الخاصة في مجال رعاية
الفئات الضعيفة كاألطفال ،والفقراء وذوي االحتياجات الخاصة.
إننا نسعى من خالل طرح مسألة تفعيل حقوق المرأة والطفل وذوي الحاجات الخاصة ،نداء إلى جعل حقوق
اإلنسان هذه الفئات الضعيفة ،حقيقة واقعة .فعلى المجتمع الدولي ،والحكومات ،العمل على عدم االكتفاء
بوضع القوانين فقط ،بل يجب العمل على تفعيلها وضمان احترامها لكي ال تصبح القوانين شکال بدون
محتوى إلزامي.