You are on page 1of 78

‫جواهر األسرار‬

‫المنزل‬
‫ُ‬
‫من قلم‬
‫حضرة بهآء اهلل‬
‫شهر العلم ‪ 160‬بديع‬
‫تشرين الثّاني ‪2003‬م‬
‫البهائية في البرازيل‬
‫ّ‬ ‫النشر‬
‫من منشورات‪ %‬دار ّ‬
‫(*)‬
‫مقدمة‬
‫ّ‬

‫منفياً في العراق‪ِ ،‬لع ٍقد من ّ‬


‫الزمن‪ ،‬بظروف صعبة للغاية‬ ‫استُهلّت فترةُ مكوث حضرة بهاء اهلل ّ‬
‫بلور‬
‫أن تلك الفترة قد شهدت أيضاً التّ َ‬
‫بيد ّ‬
‫البابية إلى أدنى مستوياتها‪َ .‬‬
‫الدعوة ّ‬ ‫مقدرات ّ‬‫انحدرت فيها ّ‬
‫المعنوية الكامنة فيها‪ ،‬والّتي بلغت ذروتَها مع إعالن حضرة بهاء اهلل لرسالته‬
‫ّ‬ ‫دريجي للقوى‬
‫ّ‬ ‫التّ‬
‫حد تعبير‬
‫العالمية سنة ‪1863‬م‪ .‬فأثناء تلك األعوام العشرة‪ ،‬ومن مدينة بغداد بالتّحديد‪ ،‬تألأل – على ّ‬
‫ّ‬
‫والسناء‪ ،‬موجةً بعد موجة‪ ،‬فأخصبت‪ %‬من جديد ذلك‬
‫"القوة والمجد ّ‬
‫ولي أمر اهلل شوقي‪ %‬أفندي – ّ‬
‫حضرة ّ‬
‫والنسيان‪ .‬ومنها فاضت‪،‬‬
‫حتسب‪ ،‬وانتشله من وهدة الغموض ّ‬
‫[البابي] من حيث ال ُي َ‬
‫ّ‬ ‫الدين المتهالك‬
‫ّ‬
‫ليل‬
‫َ‬

‫أ‬
‫وبقوة متزايدة‪ ،‬أولى فيوضات الظّهور الّذي قُ ّدر له أن يفوق ظهور حضرة الباب في مداه‬
‫نهار‪ّ ،‬‬
‫(‪)1‬‬
‫وتنوعها"‪.‬‬
‫الدافعة‪ ،‬وفي ضخامة كتبه ّ‬
‫وقوته ّ‬
‫ّ‬

‫بالعربية ُيعرف‬
‫ّ‬ ‫مسهب‬
‫ٌ‬ ‫لوح‬
‫العزة ٌ‬
‫النازلة من قلم ّ‬
‫كان من جملة بواكير تلك الفيوضات ّ‬
‫النزول‬
‫بالفارسية – من خالل شئون ّ‬
‫ّ‬ ‫تم تفصيلها كذلك‬
‫تضمن موضوعات‪ّ %‬‬
‫ﺑ"جواهر األسرار"‪ّ %،‬‬
‫السبعة وكتاب اإليقان؛ وهما األثران الخالدان اللّذان وصف‪ %‬حضرة‬ ‫المتنوعة – في ٍّ‬
‫كل من الوديان ّ‬ ‫ّ‬
‫بأنه كتابه األبرز في‬
‫عرفاني لحضرة بهاء اهلل‪ ،‬كما وصف الثّاني ّ‬
‫ّ‬ ‫بأنه أعظم أثر‬
‫األول ّ‬
‫ولي أمر اهلل ّ‬
‫ّ‬
‫(‬
‫العربية" الّتي أشار إليها كتاب اإليقان‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ويمثّل لوح جواهر األسرار‪ %‬واحداً من تلك "األلواح‬
‫العقائد‪ُ .‬‬
‫‪)2‬‬

‫المحورية الّتي يشير إليها حضرة بهاء اهلل‬


‫ّ‬ ‫حول" من الموضوعات‬ ‫تُعتبر فكرة "التّبديل أو التّ ّ‬
‫عما كان متوقّعاً‪ %.‬وقد‪ %‬ذكر‬
‫بشري يختلف ّ‬
‫ّ‬ ‫في هذا اللّوح المبارك‪ ،‬وهي تعني رجعة الموعود في ثوب‬
‫األصلية بقوله‬
‫ّ‬ ‫االفتتاحية للمخطوطة‬
‫ّ‬ ‫تمهيدية كتبها فوق األسطر‪%‬‬
‫ّ‬ ‫حضرة بهاء اهلل ذلك في مالحظة‬
‫العزيز‪:‬‬

‫علي‬
‫المهدي الموعود إلى ّ‬
‫ّ‬ ‫تحول‬
‫كيفية ّ‬
‫الرسالة إجابةً لسائل كان قد استفسر عن ّ‬ ‫" ُكتبت هذه ّ‬
‫السؤال ِ‬
‫لبيان‬ ‫محمد [اسم حضرة الباب]‪ .‬فاستُغلّت‪ %‬هذه المناسبة الّتي وفّرها هذا ّ‬
‫ّ‬

‫ب‬
‫للسالكين والواصلين‪ %‬لو أنتم بفطرة اهلل تنظرون"‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫ومفيد ّ‬
‫ٌ‬ ‫طائفة من الموضوعات‪ ،‬جميعها نافعٌ‬

‫السدهي اإلصفهاني الّذي‬


‫السّيد يوسف‪ّ %‬‬
‫تلمح إليه الفقرة اآلنفة ال ّذكر‪ ،‬فهو ّ‬
‫السالك‪ ،‬الّذي ّ‬
‫أما ّ‬
‫ّ‬
‫أدى‬
‫مما ّ‬
‫كان يقيم آنذاك في كربالء‪ ،‬وكان قد عرض أسئلته على حضرة بهاء اهلل من خالل وسيط‪ّ ،‬‬
‫إلى نزول لوح جواهر األسرار جواباً عنها في نفس اليوم الّذي ُعرضت فيه‪.‬‬

‫هامة أخرى يتناولها لوح جواهر األسرار مثل‪ :‬سبب اإلعراض عن‬
‫ثمة موضوعات‪ّ %‬‬
‫هناك ّ‬
‫يفسر معاني بعض‬
‫الحرفي لعبارات الكتب المنزلة‪ ،‬كما ّ‬
‫ّ‬ ‫األنبياء في العصور‪ %‬الماضية‪ ،‬وخطر الفهم‬
‫اإللهي الجديد‪،‬‬
‫ّ‬ ‫المقدس (‪ )The Bible‬عن ظهور‪ %‬المظهر‬
‫والنبوءات الواردة في الكتاب ّ‬
‫العالمات ّ‬
‫ضمنية إلى إعالن حضرة بهاء اهلل‬
‫ّ‬ ‫ماوي‪ ،‬ويذكر‪ %‬أيضاً تلويحات‬
‫الس ّ‬‫قضية استمرار الوحي ّ‬
‫ويتناول ّ‬
‫رمزية مثل يوم الحساب والبعث ولقاء اهلل والحياة‬
‫ّ‬ ‫ويتطرق إلى دالالت مصطلحات‪%‬‬
‫ّ‬ ‫الوشيك لرسالته‪،‬‬
‫الروحاني‪ %‬في "حديقة الطّلب" و"مدينة العشق‬
‫والسلوك‪ّ %‬‬
‫السير ّ‬
‫والموت؛ ويعرض أخيراً لمراحل ّ‬
‫السلوك‬
‫والجذب" و"مدينة التّوحيد"‪ %‬و"حديقة الحيرة" و"مدينة الفناء" و"مدينة البقاء" حتّى ينتهي ذلك ّ‬
‫إلى "مدينة الّتي لم يكن لها من ٍ‬
‫اسم وال رسم"‪.‬‬

‫[باإلنجليزية] إنجازاً‬
‫ّ‬ ‫ُيعتبر نشر لوح جواهر األسرار‪%‬‬

‫ج‬
‫تم اإلعالن عنه في نيسان ‪2001‬؛ ويقضي ذلك‬ ‫ٍ‬
‫السنوات الخمس الّذي ّ‬
‫لهدف من أهداف مشروع‪ّ %‬‬
‫نشر هذا األثر المبارك سوف‪ %‬يعين القارَئ‬
‫إن َ‬‫المقدسة"‪ّ .‬‬
‫اإلنجليزية لآلثار ّ‬
‫ّ‬ ‫الهدف ﺑ"إثراء التّرجمات‬
‫ووصفت من قبل حضرة‬ ‫طاقات ُ‬ ‫الغربي في تقييمه األعمق لمرحلة في تاريخ األمر المبارك ُأفعمت بال ّ‬
‫ّ‬
‫المهتمين بدراسة آثار حضرة‬
‫ّ‬ ‫بيعية في العهد األبهى"‪ .‬كما سيساعد‬
‫الر ّ‬‫بأنها "األعوام ّ‬
‫ولي أمر اهلل ّ‬
‫ّ‬
‫بهاء اهلل المنزلة على امتالك بصيرة ثاقبة تتم ّكن من مشاهدة التّحقّق التّدريجي لما ذكرته تلك اآلثار‬
‫المباركة‪.‬‬

‫مالحظة من ال ّناشر‬
‫ط زين‬
‫طبعة يستند على نسخة بخ ّ‬
‫نص لوح "جواهر األسرار"‪ %‬في هذه ال ّ‬
‫أن ّ‬
‫تجدر اإلشارة إلى ّ‬
‫تكرم المعهد األعلى بإرسالها لتُعتمد‬ ‫تموز ‪1896‬م]‪ّ .‬‬ ‫صفَر ‪1314‬ﻫ‪.‬ق‪ّ 13[ .‬‬ ‫مؤرخة في ‪َ 2‬‬ ‫المقربين ّ‬ ‫ّ‬
‫أما‬
‫اإلنجليزية‪ّ .‬‬
‫ّ‬ ‫النسخة الّتي اعتُمدت في ترجمة اللّوح إلى‬
‫في الطّبعة الّتي ننشرها هنا‪ ،‬وهي ّ‬
‫الناشر‪ ،‬وال وجود لها في المخطوطة المشار إليها‪.‬‬ ‫وضعها‪ %‬من ِقَب ِل ّ‬
‫ُ‬ ‫تم‬
‫حركات اإلعراب‪ ،‬فقد ّ‬
‫للنصّ في‬ ‫تم تِْبعاً ّ‬
‫نص اللّوح إلى فقرات مرقّمة قد ّ‬
‫أن تقسيم ّ‬ ‫وأخيراً‪ ،‬ال ُب َّد من لفت نظر القارئين إلى َّ‬
‫بالعربية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الم ْن َزل‬
‫ص ُ‬ ‫الن ّ‬
‫اإلنجليزية‪ ،‬وهذا التّقسيم غير موجود في ّ‬
‫ّ‬ ‫ترجمته‬

‫د‬
‫جواهر األسرار‬

‫في ِ‬
‫معار ِج األسفار لمن أراد‬
‫يتقرب إلى اهلل المقتدر الغفّار‬
‫أن ّ‬
‫فهنيئاً‪ %‬لألبرار الّذين يشربون من هذه األنهار‬

‫‪1‬‬
‫صفحة خالية‬
‫‌العلي‌األعلى‬
‫ّ‬ ‫هو‬

‫‪%‬رفت س‪%% % %‬ؤالك‬


‫والن‪%% % %‬اظر‪ %‬إلى طلعة الفض‪%% % %‬ل‪ ،‬قد بلغ كتابك وع‪ُ % % %‬‬
‫يا ّأيها ال ّس ‪% % %‬الك في ُس ‪% % %‬بل الع‪%% % %‬دل ّ‬ ‫‪1‬‬
‫فعت سحاب اإلرادة لتمط َ‪%‬ر عليك من أمط‪%‬ار الحكم‪%‬ة‪،‬‬ ‫لحنات قلبك ِفي سرادق‪ %‬فؤادك‪ ،‬إذاً قد ُر ْ‬ ‫ِ‬ ‫وسمعت‬
‫ُ‬
‫األحدية‪ ،‬وتص‪%%‬لك إلى ش‪%%‬ريعة‬ ‫ّ‬ ‫ض‪%‬دّية ِإلى مكمن‬ ‫لتأخذ عنك ك‪%َّ %‬ل ما أخ‪%%‬ذت من قب‪ُ %‬ل‪ ،‬وتقلّبك عن جه‪%%‬ات ال ّ‬
‫القدس ‪%ّ %‬ية‪ ،‬لتش ‪%%‬رب عنها وتس ‪%%‬تريح نفسك فيها ويس ‪%%‬كن عطشك وي ‪%%‬برد ف ‪%%‬ؤادك‪ ،‬وتك ‪%%‬ون من الّ ‪%%‬ذينهم ك ‪%%‬انوا‬
‫اليوم بنور اهلل لمهتدين‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫سري‪،‬‬‫خفيت في َو ْك ِر ّ‬‫ُ‬ ‫كالب األرض َو َسُبعُ البالد‬ ‫ُ‬ ‫األيام الّتي أحاطتني‪%‬‬
‫ولو ّأني في تلك ّ‬ ‫‪2‬‬
‫‪%‬دائع علمه وج‪%‬واهر‪ %‬حكمته وش‪%‬ئونات قدرت‪%‬ه‪ ،‬ولكن مع‬ ‫وأكون ممنوع‪%‬اً عن إظه‪%‬ار ما أعط‪%%‬اني اهلل من ب‪ِ %‬‬
‫ُّ‬
‫ويحب أن‬ ‫ف البق ‪%%‬اء‪،‬‬‫أن ي ‪%ْ %‬د ُخ َل في ر ْف ‪%%‬ر ِ‬ ‫ك‪ّ % %‬ل ذلك ما ُّ‬
‫َ َ‬ ‫ويريد ْ َ‬
‫ب من ق ‪%%‬ام ل ‪%%‬دى ح ‪%%‬رم الكبري ‪%%‬اء ُ‬
‫أخي َ‬
‫أن ّ‬ ‫أحب ْ‬
‫النف‪%%%‬وس‬
‫عما تطيقُه ّ‬ ‫بعض ما أكرم ‪%%‬ني اهلل ّ‬ ‫الب‪%%%‬داء في فجر القض‪%%%‬اء‪ .‬ل‪%%%‬ذا أذك‪%ُ %%‬ر لك َ‬
‫يط‪%%%‬ير في س‪%%%‬ماء ه‪%%%‬ذا َ‬
‫يؤي‪%‬دني‪ %‬ب‪%‬ذلك‪ ،‬إذ هو‬‫أعالم المن‪%‬افقين‪ .‬وأس‪َ%‬ئ ُل اهللَ ب‪%‬أن ّ‬
‫‪%‬اء المبغض‪%‬ين و ُ‬ ‫وتحمله العقول‪ ،‬لئالّ ُي ْرفَعَ ضوض ُ‪%‬‬
‫السائلين‪.‬‬
‫ومعطي‪ّ %‬‬
‫الراحمين ُ‬
‫أرحم ّ‬

‫‪%‬أن أمم المختلفة الّ‪%% %‬ذينهم ك‪%% %‬انوا الي‪%% %‬وم في‬
‫‪%‬أن لجنابك ينبغي ب‪%% %‬أن تف ّكر في ّأول األمر ب‪ّ % %‬‬
‫‪%‬اع ْلم ب‪ّ % %‬‬
‫ف‪ْ % %‬‬ ‫‪3‬‬
‫األرض ِل َم ما آمن‪%%‬وا ُبر ُس ‪%‬ل اهلل الّ‪%%‬ذين أرس‪%%‬لهم‪ %‬اهلل بقدرته وأق‪%%‬امهم على أم‪%%‬ره وجعلهم س‪%%‬راج ّ‬
‫أزليته في‬
‫أحديت ‪%%‬ه‪ ،‬وبِ َم أعرض ‪%%‬وا‪ %‬عنهم واختلف ‪%%‬وا فيهم وخ ‪%%‬الفوا بهم ون ‪%%‬ازعوا‪ %‬معهم و‌ح ‪%%‬اربوا بهم‪ ،‬وب ‪ّ %‬‬
‫‪%‬أي‬ ‫مش ‪%%‬كواة ّ‬
‫أقروا‪ %‬برسالتهم‪ %‬وال بواليتهم‪ %،‬بل كفّروهم‬ ‫ٍ‬
‫جهة ما ّ‬

‫‪4‬‬
‫وسبوهم‪ %‬حتّى قتلوهم‪ %‬وأخرجوهم‌‪%.‬‬
‫ّ‬

‫اكن في س‪%‬فينة الحكم‪%‬ة‪ ،‬ل‪%‬و‌ال تع‪%‬رف س ّ‪%‬ر ما ذكرن‪%‬اه‬ ‫وإ ّنك يا ّأيها الماشي في َبي‪%‬داء المعرفة وال ّس‪ُ %‬‬ ‫‪4‬‬
‫‪%‬وقن في أمر اهلل ومظ ‪%%‬اهر أم ‪%%‬ره ومط ‪%%‬الع‪ُ %‬حكْ ِم‪%ِ %‬ه ومخ ‪%%‬ازن‬ ‫لك ما تصل إلى م ‪%%‬راتب اِإل يم ‪%%‬ان‪ ،‬ولس ‪َ %‬‬
‫‪%‬ت بم ‪ٍ %‬‬
‫َوحيه ومع ‪%%‬ادن علم ‪%%‬ه‪ ،‬وتك ‪%%‬ون من الّ ‪%%‬ذين م‪%%‬ا‌ جاه ‪%%‬دوا في أمر اهلل وما وج ‪%%‬دوا‪ %‬رائحة اِإل يم ‪%%‬ان من قُ ُمص‬
‫اإليق‪%% %‬ان‪ ،‬وما بلغ‪%% %‬وا إلى مع‪%% %‬ارج التّوحيد‪ %‬و‌ما وص‪%% %‬لوا‪ %‬إلى م ‪%% %‬دارج التّفريد في هياكل التّحميد وج‪%% %‬واهر‪%‬‬
‫التّجريد‪.‬‬

‫المقام ِلي ْك َش َ ِ‬
‫طاء عن وجه قلبك وتكون من الّذين َج َع َل اهلل‬ ‫ف الغ ُ‬ ‫ِ ُ‬ ‫فاجهدْ يا أخي في معرفة هذا‬ ‫‪5‬‬
‫الهوية في أراضي‪%‬‬ ‫‪%‬ع بأس‪%% %‬رار الملك‪%% %‬وت ورم‪%% %‬وزات‪ّ %‬‬ ‫َِّ‬
‫‪%‬هد ج‪%% %‬راثيم الج‪%% %‬بروت و‌تَطل‪َ % %‬‬
‫بص‪%َ % %‬رهم‪ %‬حدي‪%% %‬داً‪ ،‬لتش‪َ % %‬‬
‫تفاوت‪ ،‬وال في َخْلق ال ّس‪%‬موات واألرض‬ ‫ٍ‬ ‫الرحمن من‬ ‫ِ‬
‫الناسوت‪ ،‬وتَص َل إلى مقام الّذي ما ترى في َخْلق ّ‬ ‫ّ‬
‫(‪)3‬‬
‫من فُطُوْ ٍر‪.‬‬

‫اَألو َع ِر األعلى‬
‫فلما بلغ األمر إلى هذا المقام ْ‬
‫ّ‬ ‫‪6‬‬

‫‪5‬‬
‫لما ما عرفوا لحن‬ ‫والنصارى ّ‬
‫بأن هؤالء األمم من اليهود ّ‬ ‫فاعرف ّ‬
‫ْ‬ ‫الخ ِشن األسنى‪،‬‬
‫الرمز َ‬‫وهذا ّ‬
‫القول‪ ،‬وما بلغوا إلى ما وعدهم اهلل في كتابه‪ ،‬أنكروا أمر اهلل وأعرضوا‪ %‬عن ُر ُس ِل اهلل و‌أنكروا‪ُ %‬ح َج َج‬
‫عاع من علمائهم ورؤسائهم‪،‬‬ ‫الحجة بنفسها وما اتّبعوا ك ّل َه َم ٍج ُر ٍ‬
‫اهلل‪ ،‬وإ ّنهم لو‌كانوا ناظرين إلى ّ‬
‫الرحمن وحديقة‬ ‫الحَيوان في مدينة ّ‬ ‫الحي َ‬ ‫ُّ‬
‫لبلغوا إلى مخزن الهدى ومكمن التقى‪ ،‬وشربوا من ماء ّ‬
‫ق اهلل لهم بهم‪ ،‬وأرادوا‪ %‬بغير‬
‫الح ّجة بعيونهم‪ %‬الّتي َخلَ َ‬
‫لما ما شهدوا ُ‬ ‫الرضوان‪ .‬وإ ّنهم ّ‬ ‫السبحان وحقيقة ّ‬
‫ّ‬
‫‌منِعوا‪ %‬عن كوثر الوصل ومنبع الفضل‪ ،‬وكانوا‪%‬‬ ‫ِ‬
‫ما أراد اهلل لهم من فضله َب ُعدوا عن َر ْف َرف القرب و ُ‬
‫ميتين‪.‬‬
‫في حجبات أنفسهم ّ‬

‫وعالئم ظه ‪%% % %‬ورات‬


‫َ‬ ‫وقوته حينئ ‪%ٍ % % %‬ذ َأذ ُك‪%ُ % % %‬ر بعض ما ذك ‪%% % %‬ره اهلل في كتب القب ‪%% % %‬ل‪،‬‬ ‫ِ ِ‬
‫وإ ّني ب َح‪%ْ % % %‬ول اهلل ّ‬ ‫‪7‬‬
‫الن‪%%‬ار المش‪%%‬تعلة‬
‫األزلي‪%%‬ة‪ ،‬وتش‪%%‬اهد‪ %‬ه‪%%‬ذه ّ‬
‫ّ‬ ‫ص‪%‬بح‬
‫األنزعي‪%%‬ة‪ ،‬لتع‪%%‬رف مق‪%%‬ام الفجر في ه‪%%‬ذا ال ّ‬
‫ّ‬ ‫األحدية في هياكل‬
‫ّ‬
‫وتفتح عيناك في وصولك‪ %‬إلى‬ ‫َ‬
‫(‪)4‬‬
‫غربية‬
‫ّ‬ ‫شرقية وال‬
‫ّ‬ ‫في ِسدر ٍة ال‌‬

‫‪6‬‬
‫اختصك‬
‫ّ‬ ‫ربك فيما‬
‫قلبك من َن ْعماء المكنونة في هذه األوعية المخزونة‪ ،‬وتشكر‪ %‬اهلل ّ‬
‫ق ُ‬ ‫وي ْمذُ َ‬
‫موالك‪َ ،‬‬
‫ربهم موقنون‪.‬‬
‫بذلك‪ ،‬وجعلك من ا‌لّذينهم كانوا بلقاء ّ‬

‫عالئم ظهور‪ %‬ا‌لّذي يأتي‬


‫َ‬ ‫هذا صورة ما ُن ّزل من قب ُل في إنجيل المتّى في ِس ْف ِر ّ‬
‫األول؛ فيه َي ْذ ُك ُر‬ ‫‪8‬‬
‫(‪)5‬‬
‫أن تَ َغ َّن الورق ‪%%‬اء‪ %‬في قطب البق ‪%%‬اء‬ ‫‌ي ‪%%‬ام﴾‪ ،‬إلى ْ‬ ‫للحب ‪%%‬الى والمرض ‪%%‬عات‪ %‬في تلك األّ‬
‫بع ‪%%‬ده و‌يق ‪%%‬ول‪‌﴿ :‬الويل َ‬
‫﴿‌ولل ‪%%‬وقت من بعد ض ‪%%‬يق تلك األيّ ‪%‬ام‬ ‫ك الع ‪%%‬رش في ش ‪%%‬جرة القُص ‪%%‬وى وس‪%%‬درة المنتهى‌‌ويق ‪%%‬ول‪‌ :‬‬ ‫‌ي‪%ْ %‬دلَ َع دي ‪ُ %‬‬
‫َوَ‬
‫‪%‬واكب تتس ‪%%‬اقط‪ %‬من ال ّس‪% %‬ماء‪ ،‬و‌قُ ‪%ّ %‬واةُ األرض تَ ‪%ْ %‬رتَجُّ‪ .‬حينئ ‪%ٍ %‬ذ‬ ‫ِ‬
‫تُظلم ال َّش‪ُ % %‬‬
‫مس والقم ‪%ُ %‬ر ال ُيعطي ض ‪%%‬وَئه‪ ،‬والك ‪ُ %‬‬
‫ابن اإلنس‪%%‬ان آتي ‪%‬اً على‬ ‫‌ي‪%َ %‬ر ْو َن َ‬ ‫يظهر عالم ‪%‬ةُ ابن اإلنس‪%%‬ان في ال ّس ‪%‬ماء‪ ،‬وين‪%%‬وح حينئذٍ ك ‪ّ %‬ل قبائل األرض‪ ،‬وَ‬
‫السافور العظيم﴾ (‪ )6‬انتهى‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫سحاب السماء مع ٍ‬
‫ويرسل مالئكته مع صوت ّ‬ ‫قواة و‌مجد كبير‪ُ ،‬‬‫ّ‬ ‫ّ‬

‫األي‪%% %‬ام‬ ‫الم‪%ْ % %‬رقُس‪ ،‬فيما يتكلَّ ُم حمامة الق‪%% %‬دس‪ ،‬فيق‪%% %‬ول ب‪َّ % %‬‬
‫‪%‬أن ﴿في تلك ّ‬ ‫ِإ‬ ‫ِ‬
‫وفي س ‪ْ % %‬ف ِر الثّ‪%% %‬اني في نجيل ُ‬ ‫‪9‬‬
‫الب ْد ِو الَّذي خلق اهلل إلى اآلن‬
‫ضيق لم َي ُك ْن مثله من َ‬

‫‪7‬‬
‫وبعد تَ ِر ّن بمثل ما َّ‬
‫رنت من قب ُل من دون تغيير وال تبديل‪ ،‬وكان اهلل على ما‬ ‫ُ‬ ‫وال يكون﴾(‪ )7‬انتهى‪.‬‬
‫أقول وكيل‪.‬‬

‫والنج‪%%‬وم‪ %،‬وتح‪%%‬دث على‬ ‫وفي ِس ْف ِر الثّالث في إنجيل اللّوقا يق‪%%‬ول‪‌﴿ :‬عالم‪ٌ %‬‬
‫‪%‬ات في ال َّش‪%‬مس والقمر ّ‬ ‫‪10‬‬
‫األرض ض‪%% %‬يق األمم من ه‪%% %‬ول ص‪%% %‬وت البحر وال‪%ّ % %‬زالزل‪ %‬وق‪%% %‬واةُ ال ّس ‪% %‬ماء‪ ،‬ويض‪%% %‬طرب‪ ،‬وينظ‪%% %‬رون ابن‬
‫اإلنس‪%%%‬ان آتي ‪%%‬اً في ال ّس ‪%%‬حاب مع ق‪%ّ %%‬و ٍاة ومج‪%ٍ %%‬د عظيم‪ .‬وإ ذا رأيتم ه ‪%%‬ذا كلَّهُ كائن‪% %‬اً اعلم ‪%%‬وا َّ‬
‫أن ملك ‪%%‬وت اهلل قد‬
‫اقتربت‌﴾(‪ )8‬انتهى‪.‬‬

‫ِ‬
‫‪%‬ق‬
‫روح الح‪ّ %%‬‬
‫المع ‪%ّ %‬زي الّ ‪%%‬ذي أرس ‪%%‬له إليكم ُ‬ ‫َّ‬
‫اليوحنا يق‪%%%‬ول‪‌﴿ :‬اذا ج‪%%%‬اء ُ‬ ‫الرابع في إنجيل‬ ‫وفي س ‪ْ %%‬ف ِر ّ‬ ‫‪11‬‬
‫‪%‬ق‪ ،‬فهو يش ‪%% %‬هد لي وأنتم تش ‪%% %‬هدون﴾‪ .‬وفي مق ‪%ٍ % %‬ام آخر يق ‪%% %‬ول‪﴿ :‬وإ ذا ج ‪%% %‬اء ُ‬
‫(‪)9‬‬
‫روح الق ‪%% %‬دس‬ ‫اآلتي من الح ‪ّ % %‬‬
‫ق‬ ‫فإني م ِ‬
‫نطل ٌ‬
‫(‪)10‬‬ ‫َّ‬
‫كل شيء ويذ ّكركم كلما قلت لكم‪ .‬واآلن ّ ُ‬ ‫ربي باسمي‪ ،‬فهو ُيعلّمكم ّ‬ ‫عزي الّذي ُيرسله ّ‬ ‫الم ّ‬
‫ُ‬
‫قلت لكم ه‪%%‬ذا﴾‪ .‬وفي‪ %‬مق‪%ٍ %‬ام آخر يق‪%%‬ول‪:‬‬
‫(‪)11‬‬
‫‌ني ُ‬ ‫أحد منكم يسئلني إلى أين أذهب ألّ‬
‫إلى َمن أرسلني‪ ،‬وليس ٌ‬
‫﴿إني‬
‫ّ‬

‫‪8‬‬
‫ِ‬ ‫َّ‬
‫انطلقت أرسلتُه‬
‫ُ‬ ‫المعزّي‪ .‬فإذا‬
‫إن لم أنطلقْ لَ ْم َيأت ُك ُم ُ‬
‫ألني ْ‬ ‫الحق؛ َّإنه ٌ‬
‫خير لكم أن أنطلق ّ‬ ‫أقول لكم‬
‫ألنه ليس ينطق من عنده بل‬‫الحق ّ‬
‫الحق ذاك فهو يرشدكم‪ %‬إلى جميع ّ‬ ‫ّ‬ ‫إليكم﴾‪﴿ )12(،‬فإذا جاء روح‬
‫(‪)13‬‬
‫يتكلّم بما يسمع ويخبركم‪ %‬بما يأتي﴾‪.‬‬

‫‪%‬رت‪ ،‬ولو أريد أن أذكر‬


‫ه‪%%%‬ذا ص‪%%%‬ورة ما ُن‪%ّ %%‬زل من قب ‪ُ %%‬ل‪ ،‬وإ ّني فواهلل الّ‪%% %‬ذي ال إله إالّ هو الختص‪ُ % %‬‬ ‫‪12‬‬
‫كلم ‪%%‬ات األنبي ‪%%‬اء فيما ُن ‪%ّ %‬زل من ج ‪%%‬بروت العظم‪% %‬ة وملك ‪%%‬وت ال ّس‪%%‬لطنة لَتُمأل األوراق واألل ‪%%‬واح من قبل أن‬
‫‪%‬رت لك‬
‫ص ‪% %‬حائف‪ %‬لَموج‪%% %‬ود و‌م‪%% %‬ذكور بمثل ما ذك‪ُ % %‬‬
‫الزب‪%% %‬رات و‌المزام‪%% %‬ير‪ %‬و‌ال ّ‬
‫أصل إلى آخره‪%% %‬ا‪ .‬وفي‪ %‬ك ‪ّ % %‬ل ّ‬
‫كلما ُن‪%ّ %‬زل من قب ‪ُ %‬ل‬‫لت‪ .‬وإ ّني لو أريد أن أذكر ّ‬
‫ص‪ُ %‬‬
‫‪%‬رت وف ّ‬
‫‌ألقيت علي‪%%‬ك‪ ،‬بل أعلى وأعظم عن ك ‪ّ %‬ل ما ذك‪ُ %‬‬ ‫و ُ‬
‫نت لك لئالّ تك ِس ‪% %‬ل في َس ‪% %‬فَرك وال‬
‫اكتفيت بما ّبي ُ‬
‫ُ‬ ‫ألق‪%% %‬در بما أعط‪%% %‬اني اهلل من ب‪%% %‬دائع علمه وقدرت‪%% %‬ه‪ ،‬ولكن‬
‫ص ٍب وال من ٍّ‬
‫ذل وال من لُ ُغ ْو ٍب‪.‬‬ ‫حزن وال كدور ٍة وال من َن َ‬
‫ك‪ ،‬ولئالّ يأخذك من ٍ‬ ‫تنقلب على َعِقَب ْي َ‬

‫ثم ف ّكر في تلك العبارات‬


‫فأنصف ّ‬
‫ْ‪%‬‬ ‫إذاً‬ ‫‪13‬‬

‫‪9‬‬
‫المتعاليات‪ ،‬ثم اسئل عن الَّذين ي َّدعون العلم من دون ّبي ٍ‬
‫نة من عند اهلل وال‌ ُح ّجة من لَ ُد ْنهُ‪ ،‬وغفلوا‌ عن‬ ‫َ ُْ َ‬ ‫ّ‬
‫وكل ذي قَ ْد ٍر‬ ‫كل ذي ٍّ‬
‫حق حقّه َّ‬ ‫األلوهية‪ ،‬وتُعطي‪َّ %‬‬
‫ّ‬ ‫شمس العلم والحكمة عن أفق‬‫األيام الّتي أشرقَت ُ‬
‫تلك ّ‬
‫المقدسة‬‫فوس ّ‬ ‫مقداره و‌مقامه‪ .‬ما يقولون في هذه اإلشارات الّتي ُذ ِهلَ ِت العقو ُل عن إدراكها وحارت ّ‬
‫الن ُ‬
‫عن عرفان ما ُستَِر فيها من حكمة اهلل البالغة وعلم اهلل المودعة؟‬

‫ٍ‬
‫تأويل وتكون على ظاهر القول في ظاهر‬ ‫إن يقولون هذه الكلمات من عند اهلل و‌لم يكن لها من‬
‫ْ‬ ‫‪14‬‬
‫لما شهدوا‪ %‬في كتابهم ما ذكرناه‬ ‫الظّاهر‪ ،‬فكيف‪ %‬يعترضون على هؤالء الكفرة من أهل الكتاب؟ لأَّ‬
‫‌نهم ّ‬
‫أقروا‪ %‬باهلل في مظاهر‌ التَّوحيد‪ %‬ومطالع التَّفريد‬
‫لك‪ ،‬وفسّروا لهم علماُئهم على ظاهر القول‪ ،‬لذا ما ّ‬
‫ط‪ %‬الكواكب من‬ ‫ألنهم ما شهدوا بأن تظلم َّ‬
‫الشمس وتساق َ‬ ‫وهياكل التَّجريد‪ ،‬و‌ما آمنوا بهم و‌ما أطاعوهم‪ّ ،‬‬
‫َ‬
‫‌تنزلن المالئكة على ظاهر الهيكل على األرض‪ ،‬لذا اعترضوا على‬
‫السماء على وجه األرض‪ ،‬و ّ‬
‫ّ‬
‫الن ّبيين‬
‫ّ‬

‫‪10‬‬
‫لما وجدوهم‪ %‬مخالفاً لدينهم وشرائعهم‪ %‬وردوا عليهم ما أستحيي أن أذكر لك من الكذب‬
‫والمرسلين‪ .‬بل ّ‬
‫َ‬
‫كل ذلك وتكون فيه من العارفين‪ .‬ومن‬ ‫‌الضالل‪ .‬فأرجع البصر في القرآن لتجد َّ‬
‫والجنون و‌الكفر و ّ‬
‫َ‬
‫ٍ‬
‫حينئذ ينتظرون هذه الفئةُ ظهورات‪ %‬ما عرفوا من علمائهم وأيقنوا من فقهائهم‪ ،‬و‌يقولون‪:‬‬ ‫ٍ‬
‫يومئذ إلى‬
‫ض ْو َن ُح ّجتهم‬
‫متى تظهر هذه العالمات ّإنا‌ حينئذ آلمنون‪ .‬ولو‌ كان األمر كذلك‪ ،‬كيف أنتم تَ ْد َح ُ‬
‫وتحتجون بهم في أمر دينهم وما عرفوا من كتبهم وسمعوا‪ %‬من صناديدهم؟‪%‬‬
‫ّ‬ ‫برهانهم‪%‬‬
‫َ‬ ‫و‌تُبطلون‬

‫‌يسمونها‪ %‬بالإنجيل و‌ينسبونها بعيسى‬


‫يدي هذه الفئة و ّ‬
‫وإ ن يقولون هذه األسفار الّتي تكون بين ْ‬ ‫‪15‬‬
‫الحجة‬
‫الفياض‪ ،‬و‌لم تكن ّ‬
‫يلزم تعطي ُل الفيض عن مبدء ّ‬
‫ت من عند‌ اهلل و‌مظاهر‪ %‬نفسه‪ُ ،‬‬
‫بن مريم ما َن َزلَ ْ‬
‫لما‬ ‫الرحمة واسعةً‪َّ ،‬‬
‫ألنه ّ‬ ‫النعمة كاملةً وال العناية مشرقةً و‌ال ّ‬ ‫من عند اهلل بالغةً على عباده‪ ،‬ولم تكن ّ‬
‫ر ِفع عيسى إلى السماء ورُفع كتابه‪ ،‬فبأي ٍ‬
‫شيء َي ْحتَ ُّج اهللُ بهم يوم القيمة ويعذّبهم‪ ،‬كما هو المكتوب‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫أئمة‬
‫من ّ‬

‫‪11‬‬
‫الراشدين‪.‬‬
‫الدين و‌المنصوص من علماء ّ‬
‫ّ‬

‫‪%‬ركض وإ لى‬
‫‪%‬هد ك‪%%‬ذلك‪ ،‬من أين تف‪%ُّ %‬ر وإ لى َمن ت‪ُ %‬‬
‫‪%‬هد األمر ك‪%%‬ذلك‪ ،‬ونش‪ُ %‬‬
‫لما تش‪ُ %‬‬
‫إذاً ف ّكر في نفس‪%%‬ك؛ ّ‬ ‫‪16‬‬
‫‪%‬أي أمر‬
‫‪%‬أي س‪%%‬اعة تن‪%%‬وم وب‪ّ %‬‬
‫‪%‬أي ص‪%%‬راط‪ %‬تس‪%%‬تقيم وب‪ّ %‬‬
‫‪%‬أي ف‪%%‬راش تجلس وب‪ّ %‬‬
‫‪%‬أي أرض تس‪%%‬كن وب‪ّ %‬‬
‫تتوجه وب‪ّ %‬‬
‫من ّ‬
‫بالوحدانية َوتَ َش‪%%‬هَّ َد لنفسه‬
‫ّ‬ ‫‪%‬أي ش ‪%%‬يء تش ‪%ّ %‬د ع ‪%%‬روةَ دينك و‌حب‪َ %%‬ل طاعت ‪%%‬ك؟ ال فوالّ ‪%%‬ذي تجلّى‬
‫تنتهي أم ‪%%‬رك وب ‪ّ %‬‬
‫‪%‬وم وما تس‪%‬كن وما تض‪%‬حك وما تس‪%‬تريح‪ ،‬بل‬ ‫محبة اهلل‪ ،‬ما تن ُ‬
‫بالفردانية‪ ،‬لو يحدث في قلبك قََبس‪%‬اً من ن‪%‬ار ّ‬
‫ّ‬
‫تَِف ُّر إلى ُقلَل الجبال في ساحة القرب والقدس والجمال‪ ،‬وتن‪%%‬وح َكَن‪%ْ %‬و ِح الفاق‪%%‬دين و‌تبكي‪َ %‬كُبك‪%%‬اء المش‪%%‬تاقين‪،‬‬
‫و‌ال ترجع إلى بيتك ومحلّك إالّ بأن يكشف اهلل لك أمره‪.‬‬

‫وإ َّنك أنت يا ّأيها المتعارج إلى جبروت الهدى و‌المتصاعد إلى ملكوت التُّقى‪ ،‬لو تُريد أن‬ ‫‪17‬‬
‫العلمية َو‌تَطَِّل َع على كلمة الجامع‪%%‬ة‪ ،‬ال ب ّ‪%‬د لجنابك أن تس‪%%‬أل‬
‫ّ‬ ‫‌تشهد أسرار‬ ‫القدسية و َ‬
‫ّ‬ ‫تعرف هذه اإلشارات‬ ‫َ‬
‫‌مع‪%% % % %‬ادك عن الَّذين جعلهم اهلل منبع علمه و‌س‪%% % % %‬ماء حكمته‬ ‫َّ‬
‫ك‪%% % % %‬ل ذلك وكلّما َي‪%ِ % % % %‬ر ُد عليك في أمر مب‪%% % % %‬دئك و َ‬
‫سره‪،‬‬
‫و‌سفينة ّ‬
‫‪12‬‬
‫يمينهم عن شمائلهم‪ ،‬وكيف‬‫اس َ‬ ‫الن ُ‬
‫الهوية ما يعرفون ّ‬
‫ّ‬ ‫ألن من دون هذه األنوار‪ %‬المشرقة عن أفق‬
‫ّ‬
‫الدقائق! إذاً نسأل اهلل بأن ي ِ‬
‫دخلنا في هذه‬ ‫يصلن إلى مخزن ّ‬ ‫يتعارجن إلى أفق الحقايق أو‬ ‫يقدرن أن‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫لننزع عن‬
‫َ‬ ‫اإللهية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫نزلنا‪ %‬في هذه المعارج‬‫وي ِ‬
‫‌يشرفنا إلى هذه األرواح المر ّشحة ُ‬
‫المتموجة و ّ‬
‫ّ‬ ‫البحور‬
‫كل األثواب العارية الّتي سرقنا عن أمثالنا‪،‬‬
‫‌نخلع عن أجسادنا ّ‬
‫كلما أخذنا من عند أنفسنا‪ ،‬و َ‬
‫هياكلنا ّ‬
‫لبسنا اهلل من قُ ُمص عنايته وأثواب هدايته‪،‬‬
‫ُلي َ‬

‫كل العلوم قبل أن يلتفت إلى أسرارها‪،‬‬


‫ف ّ‬‫و‌يدخلَنا في مدينة العلم الّذي من دخل فيها لََي ْع ِر ُ‬ ‫‪18‬‬
‫تورقت‪ %‬من‬
‫بوبية المودعة في كنائز الخليقه من أوراقها‪ %‬الّتي ّ‬ ‫الر ّ‬
‫كل العلم والحكمة من أسرار ّ‬
‫ويعرف ّ‬
‫عما ُخِلق فيها و‌قُ ّدر لها‪ .‬وإ ّني‪ ،‬فواهلل المهيمن المقتدر ّ‬
‫القيوم‪،‬‬ ‫ومبدعها ّ‬
‫أشجارها‪ .‬فسبحان اهلل موجدها ُ‬
‫أحد من قبلك‪ ،‬وتشهد‬
‫والقوة لَتَرى ما ال رأى ٌ‬
‫ك أبواب هذه المدينة الّتي ُخلقت عن يمين القدرة ّ‬ ‫لو ُِأرَيَّن َ‬
‫نفس دونك‪ ،‬و‌تعرف غوامض‬‫ما ال شهدت ٌ‬

‫‪13‬‬
‫األمور‬
‫ُ‬ ‫الختْ ِمّية‪ ،‬و‌تسهل عليك‬
‫الب ْد ّئية في نقطة َ‬ ‫ِ‬
‫الدالالت َو ُم ْعضالت‪ %‬اإلشارات‪ ،‬وتَُب ْرهَ‪ُ %‬ن لك أسرار َ‬
‫ّ‬
‫وتكون في بساط القدس لَ ِمن المستريحين‪.‬‬ ‫َ‬ ‫النارُ لك نوراً و‌علماً و‌رحمةً‪،‬‬
‫وتُجعل ّ‬

‫و‌من دون ذلك‪ ،‬ك ّل ما ألقيناك من جواهر أسرار الحكمة في غياهب هذه الكلمات المباركة‬ ‫‪19‬‬
‫الهوية‬
‫ّ‬ ‫‌تكون من إصبع‬ ‫أبحر العلم و‌قَمقام َْأنهُ ِر ّ‬
‫العز‪ ،‬و َ‬ ‫طمطام ُ‬
‫تعرف رشحاً من َ‬
‫َ‬ ‫وحية‪ ،‬ما تقدر أن‬
‫الر ّ‬
‫ّ‬
‫(‪)14‬‬
‫في‬ ‫األحدية في ّأم الكتاب بالجهل مكتوباً‪ ،‬و‌لن تحلّ لك حرفاً‪ %‬من الكتاب و‌ال كلمات آل اهلل‬
‫ّ‬ ‫على قلم‬
‫الم ْب َد ِء والمآب‪.‬‬
‫أسرار َ‬

‫اجعل‬
‫ْ‬ ‫ثم‬
‫حبك في الباطن‪ّ ،‬‬ ‫ظاهر ولكن وجدنا ّ‬ ‫فأنصف يا ّأيها العبد الّذي ما رأيناك في ال ّ‬
‫ْ‪%‬‬ ‫إذاً‬ ‫‪20‬‬
‫إن لن تعرفه َّإنه هو يعرفك‪ .‬هل يقدر‬
‫إن لن تراه ّإنه هو يراك‪ ،‬وإ َّنك ْ‬ ‫يدي الّذي َّإنك ْ‬
‫محضرك بين ّ‬
‫قلب‬ ‫ٍ‬
‫يفسر تلك الكلمات بدالئل متقَنة وبراهين واضحة و‌إ شارات‪ %‬الئحة على قَ ْدر الّذي يستريح ُ‬ ‫أحد أن ّ‬ ‫ٌ‬
‫ِ‬
‫المخاطب؟ ال فَ َو‌الّذي‪ %‬نفسي بيده‪ ،‬لن‬ ‫فؤاد‬
‫‌ي ْس ُك ُن ُ‪%‬‬
‫السائل َوَ‬
‫ّ‬

‫‪14‬‬
‫أركانها‪ %‬على جبال‬
‫ُ‬ ‫أحد أن يشرب رشحاً منها إالّ َم ْن يدخل في ظ ّل هذه المدينة الّتي ُب َنيت‬ ‫يقدر ٌ‬
‫وترابها‪ %‬من ِط ْي ِب‬
‫ُ‬ ‫مدية‬
‫الص ّ‬ ‫وأبوابها من ألماس ّ‬‫ُ‬ ‫األحدية‬
‫ّ‬ ‫‌جدارها‪ %‬من زبرجد‬ ‫الم ْح َم َّر ِة و ُ‬
‫الياقوت ُ‬
‫المكرمة‪.‬‬
‫ُ‬

‫كنا فيه في ما‬


‫ب واألس‪%%‬تار‪ ،‬نرجع إلى ما ّ‬
‫ج ِ‬
‫الح ُ‬
‫‌لما ذكرنا و‌ألقينا عليك من بعض األس‪%%‬رار‪ %‬مع ُ‬
‫وّ‬ ‫‪21‬‬
‫تموجات َأْبحُ‪%‬ر‬
‫حنا عليك من ّ‬
‫شْ‬
‫ل قدمُك في شيء وتكون موقناً في ك ّل ما رَ َ‬
‫القْبل لئالّ َيزَ َّ‬
‫عرفنا من كتب َ‬
‫والصفات‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الحياة في الهوت األسماء‬

‫(‪)15‬‬
‫ب ‪%%‬النّور‪ ،‬و‌ق ‪%%‬ال‬ ‫وح‬
‫‪%‬وب في جميع أس ‪%%‬فار اإلنجي ‪%%‬ل‪ ،‬و‌هو ه ‪%%‬ذا حين الّ ‪%%‬ذي تكلّمت ال ‪%ّ %‬ر ُ‬
‫وهو مكت ‪ٌ %‬‬ ‫‪22‬‬
‫ولكن كالمي لن ي‪%%‬زول أب‪%%‬دا﴾‪ )16(.‬وك‪%%‬ان‬‫‪%‬أن ال ّس‪%‬موات واألرض ُيمكن أن ت‪%%‬زوالن ّ‬ ‫لتالمي‪%%‬ذه‪﴿ :‬ف‪%%‬اعلموا ب‪ّ %‬‬
‫‪%‬أن ه ‪%%‬ذه األس ‪%%‬فار من‬
‫‪%‬أن المع ‪%%‬نى في ه ‪%%‬ذا الكالم على ظ ‪%%‬اهر العب ‪%%‬ارة لن َي ‪%ُ %‬د ّل إالّ ب ‪ّ %‬‬
‫معل ‪%%‬وم عند جن ‪%%‬ابكم ب ‪ّ %‬‬
‫برهانها‪ .‬وكلُّما ُشِّرع فيها و ُ‪%‬‬
‫‌ح ّ‪%‬دد‬ ‫ُ‬ ‫أحكامها وال يبيد‬
‫ُ‬ ‫الدهر وال تَْنفَ ُد‬
‫اإلنجيل تكون باقيةً بين العباد إلى أبد ّ‬
‫لها و‌قُ ّدر‪ %‬بها يبقى وال يفنى أبداً‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫الهوية و‌نغم ‪%% %‬ات‬
‫ّ‬ ‫‌ح‪%ِّ % %‬د بص ‪%َ % %‬رك لتع ‪%% %‬رف ألح ‪%% %‬ان طي ‪%% %‬ور‬
‫إذاً يا أخي‪ ،‬طهّ ‪%ْ % %‬ر قلبك و‌ن ‪%ّ % %‬و ْ‪%‬ر ف ‪%% %‬ؤادك‪َ %‬و َ‬ ‫‪23‬‬
‫‪%‬رارها‪ .‬وإ الّ لو تف ّس ‪% %‬ر على ظ‪%% %‬اهر‬
‫البقائية لتع‪%% %‬رف تأويل الكلم‪%% %‬ات وأس‪َ % %‬‬
‫ّ‬ ‫حمام‪%% %‬ات القدس‪%ّ % %‬ية في ملك‪%% %‬وت‬
‫أم َ‪%‬ر من ج‪%%‬اء بعد عيس‪%%‬ى‪ ،‬وال تس‪%%‬تطيع أن تُل‪%‬زم الخصم وتف‪%%‬وق على المعان‪%%‬دين‬ ‫العبارة لن تقدر أن تُثبت ْ‪%‬‬
‫‪%‬أن اإلنجيل ما ُين َس ‪%‬خ أب‪%%‬داً‪ .‬و‌لو تظهر‬
‫‪%‬اء اإلنجيل ب‪ّ %‬‬
‫ألن به‪%%‬ذه اآلية تس‪%%‬تدلّون علم‪ُ %‬‬
‫من ه‪%%‬ؤآلء المش‪%%‬ركين‪ّ ،‬‬
‫‪%‬ود ال ُب‪%ّ %‬د له ب‪%%‬أن يحكم بين العب‪%%‬اد بأحك‪%%‬ام‬ ‫ويظهر هيك‪ُ %‬ل المعه‪ُ %‬‬
‫تلك العالم‪%%‬ات الّ‪%%‬تي ك‪%%‬انت مكتوب‪%‬اً في كتبنا َ‬
‫اإلنجي‪%% %‬ل‪ ،‬ولو تظهر ك‪%ُّ % %‬ل العالم‪%% %‬ات المكتوبة في الكتب و‌يحكم‪ %‬بغ‪%% %‬ير ما حكم به عيسى ما ُن ِق‪%ّ % %‬ر بِ‪%ِ % %‬ه وما‬
‫ألن هذا المطلب من مسلَّمات مطالبهم‪.‬‬ ‫نتّبعه‪ّ ،‬‬

‫‪%‬أن ال ّش‪%‬مس ما‬


‫‌جهالئهم‪ %‬فيما يعترضون ويقولون ب‪ّ %‬‬
‫بمثل ما أنتم تشهدون اليوم من علماء القوم و ُ‬ ‫‪24‬‬
‫بعض البالد‪ ،‬وما ظهر‬
‫ق ُ‬ ‫ص‪% % %‬ائح بين ال ّس‪% % %‬ماء و‌األرض‪ ،‬و‌ما َغ‪%ِ % %‬ر َ‬
‫أش‪%% %‬رقت من المغ‪%% %‬رب‪ ،‬وما ص‪%% %‬اح ال ّ‬
‫(‪)18‬‬ ‫(‪)17‬‬
‫و‌ما ظهر‬ ‫وما قام السُّفياني‪،‬‬ ‫الدجا ُل‪،‬‬
‫ّ‬

‫‪16‬‬
‫‪%‬معت عن واح ‪%ٍ %‬د من علم ‪%%‬ائهم يق ‪%%‬ول‪ :‬لو َي ْ‬
‫ظهَ ‪%ُ %‬ر ك ‪%ُّ %‬ل تلك العالم ‪%%‬ات‬ ‫الهيكل في ال ّش‪%%‬مس‪ .‬و‌إ ّني بس ‪%%‬معي س ‪ُ %‬‬
‫قائم المأمو ُل و‌يحكم‪ %‬بغير ما ُن ّزل في القرآن فيما يكون بين أيدينا من الف‪%%‬روع لنك ّذبه ونقتله وما‬ ‫ظهَ ُر ُ‬ ‫‌ي ْ‬
‫َوَ‬
‫‌حشر ك‪%ُّ %‬ل‬ ‫ُن ِقر به أبداً‪ ،‬وأمثال ذلك عما يقولون ه‪%‬ؤالء المك ِّ‪%‬ذبون بعد‌الّ‪%‬ذي ق‪%‬ام القيمة وُ ِ‬
‫ص‪%‬ور‪ %‬و ُ‬
‫‌نفخ في ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ِ‬
‫ص‪% %‬راط‪ُ %‬وض‪% %‬عت و‌اآلي ‪%%‬ات ُن ‪%ِّ %‬زلت وال َّش‪% %‬مس أش ‪%%‬رقت‬ ‫ِ‬
‫َمن في ال ّس‪% %‬موات و‌األرض‪ ،‬والم ‪%%‬يزان ُنص‪% %‬بت و‌ال ّ‬
‫‌النار‪ُ %‬سعِّرت‪ ،‬وقُضي‬ ‫‌الجنة‌ُأزلفت و ّ‬ ‫صفَّت و ّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والنجوم طُ ِمست ّ‬
‫والروح ُنفخت والمالئكة ُ‬ ‫والنفوس ُبعثت ّ‬ ‫ّ‬
‫ميت‪%%‬ون إالّ الّ‪%%‬ذينهم آمن‪%%‬وا ورجع‪%%‬وا إلى اهلل‬ ‫‪%‬أنهم في َغ َش‪%‬واتهم ّ‬ ‫ك‪ّ %‬ل ذلك و‌إ لى حينئ‪%ٍ %‬ذ ما ع‪%%‬رف أح‪%ٌ %‬د منهم‪ ،‬ك‪ّ %‬‬
‫وكانوا اليوم في رضوان القدس ُي ْحَب ُر ْو َن وفي رضى اهلل َي ْسلُ ُك ْون‪.‬‬

‫بغ َشوات أنفس‪%‬هم ما عرف‪%‬وا ألح‪%‬ان الق‪%‬دس وما ش ّ‪%‬موا روائح الفضل وما‬
‫لما احتجبوا َ‬
‫الناس ّ‬
‫وك ّل ّ‬ ‫‪25‬‬
‫إن كنتم ال‬
‫‪%‬ق‪﴿ :‬فاس ‪%%‬ئلوا‪ %‬أهل ال‪ّ % %‬ذكر ْ‬
‫َأم‪%َ %‬ر ُه ُم اهللُ ب ‪%%‬ذلك؛ ق ‪%%‬ال و‌قوله الح ‪ّ %‬‬
‫َس‪َ% %‬ئ لوا عن أهل ال‪ّ % %‬ذكر بعد الّ ‪%%‬ذي َ‬
‫(‪)19‬‬
‫أعرضوا عن أهل ال ّذكر واتّبعوا‪%‬‬ ‫تعلمون﴾‪ .‬بل َ‬

‫‪17‬‬
‫ب‪%%‬أهوائهم‪ ،‬و‌ب‪%%‬ذلك َب ُع‪%ُ %‬دوا عن رحمة اهلل و‌ما ف‪%%‬ازوا‪ %‬بجماله ي‪%%‬وم لقائه بعد الّ‪%%‬ذي ك‪%ٌّ %‬ل انتظ‪%%‬روا‪%‬‬ ‫(‪)20‬‬
‫امري‬
‫ال ّس‪%ّ %‬‬
‫‌ي ْس‪% %‬تَ ْه ُدوا‪%‬‬
‫ي ‪%%‬وم ظه ‪%%‬وره َو َد ُع‪%%‬وا اهلل في اللّي ‪%%‬الي و‌األنه ‪%%‬ار‪ %‬ب ‪%%‬أن يحش ‪%%‬رهم بين يديه ُلي ْستَ ْش‪% %‬هَ ُدوا‪ %‬في س ‪%%‬بيله َوَ‬
‫وسبوه وفعلوا‪ %‬به ما فعلوا‬ ‫كفروه ّ‬ ‫‌حج ٍة من لدنه ّ‬‫بآية من عند‌اهلل و ّ‬ ‫بهدايته َو‌يستَْن ِوروا بنوره‪ .‬فلما جائهم ٍ‬
‫ّ‬ ‫َْ ُ‬
‫ض ُّج والمداد يبكي ويص‪%%‬رخ‪ .‬و‌إ ّنك‬ ‫حينئذ ي ِ‬
‫ٍ‬ ‫والقلم‬ ‫مقام ال أنا أقدر أن أذكر و‌ال أنت تقدر أن تسمع‪،‬‬ ‫على ٍ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫‪%‬أن‬
‫‪%‬هد ب ّ‬
‫‪%‬اب عن عينيك لتش ْ‬
‫تسمع ضجيج أهل ال ّس‪%‬موات‪ ،‬ولو تكشف الحج َ‬ ‫تتوج ْه بسمع الفطرة فواهلل لَ ْ‬
‫لو ّ‬
‫لس َن على وجه التّراب‪.‬‬
‫وجوههن َو َج ْ‬
‫ّ‬ ‫ض ِر ْب َن على‬
‫منصعقات َوَي ْ‬
‫ٌ‬ ‫‌األرواح‬
‫َ‪%‬‬ ‫الحوريات َم ْغ ِشّي ٌ‬
‫ات و‬ ‫ّ‬

‫وبأحبائ ‪%%‬ه‪ ،‬بحيث ما فعل أحد على أح ‪%ٍ %‬د وال‬‫ّ‬ ‫عما ورد على مظهر نفس اهلل وما فعل ‪%%‬وا به‬ ‫ٍ ٍ‬
‫ف ‪%%‬آه آه ّ‬ ‫‪26‬‬
‫‪%‬آه ٍ‬
‫آه قد جلس هيكل البق‪%% % %‬اء في التّ‪%% % %‬راب‬ ‫‪%‬افر‪ .‬ف‪ٍ % % %‬‬
‫‪%‬ؤمن إلى ك‪ٍ % % %‬‬ ‫‪%‬افر إلى م‪ٍ % % %‬‬
‫‪%‬ؤمن و‌ال م‪ٌ % % %‬‬ ‫نفس إلى ٍ‬
‫نفس وال ك‪%ٌ % % %‬‬ ‫ٌ‬
‫ال ّس ‪% %‬وداء‪ ،‬ون‪%% %‬احت روح الق‪%% %‬دس في رف‪%% %‬ارف األعلى‪ ،‬وته‪%ّ % %‬دمت أرك‪%% %‬ان الع‪%% %‬رش في اله‪%% %‬وت األس‪%% %‬نى‪،‬‬
‫عيش‬
‫‌تبدلت ُ‬
‫و ّ‬

‫‪18‬‬
‫ص ‪% %‬فراء‪ٍّ .‬‬
‫ُأف لهم و‌بما اكتس‪%% %‬بت‬ ‫الوج‪%% %‬ود في أرض الحم‪%% %‬راء‪ ،‬وخرست‪ %‬لس‪%% %‬ان الورق‪%% %‬اء في ج‪%% %‬بروت ال ّ‬
‫أيديهم و‌عن ك ّل ما هم كانوا أن يعملون‪.‬‬

‫‪%‬نيع ليك ‪%%‬ون حس ‪%%‬رةً‬ ‫‪%‬ديع واكمل تغ ‪%%‬ر ٍ‬


‫دات م ‪ٍ %‬‬ ‫غنت الورق ‪%%‬اء‪ %‬في ش ‪%%‬أنهم بأحسن نغم ‪ٍ %‬‬
‫‪%‬ات ب ‪ٍ %‬‬ ‫‪%‬تمع ما ّ‬
‫ّ‬ ‫فاس ‪ْ %‬‬ ‫‪27‬‬
‫لرب العالمين‪ .‬وكانوا‪ %‬من قب ُل يستفتحون علی الّ‪%‬ذين كف‪%‬روا‪،‬‬
‫الناس ّ‬ ‫ٍ‪%‬‬
‫يومئذ إلى يوم الّذي يقوم ّ‬ ‫عليهم من‬
‫(‪)21‬‬
‫ه ‪%%‬ذا ش ‪%%‬أنهم َو َمْبلَ ُغهُ ْ‪%‬م في حي ‪%%‬وة الباطل ‪%%‬ة‪،‬‬ ‫فلما ج ‪%%‬ائهم ما عرف ‪%%‬وا كف ‪%%‬روا ب ‪%%‬ه‪ ،‬فلعن‪%%‬ةُ اهلل علی الك ‪%%‬افرين‪.‬‬
‫ّ‬
‫ولي وال من نصير‪.‬‬ ‫وسي َر ُّدون‪ %‬إلی عذاب ّ‬
‫السعير ولن يجدوا ألنفسهم ال‌من ٍّ‬ ‫ُ‬
‫(‪)22‬‬
‫و‌ال يحجبك ك‪%ُّ %‬ل ما ُن‪%ّ %‬زل في الفرق‪%%‬ان وما س‪%%‬معت عن آث‪%%‬ار ش‪%%‬موس العص‪%%‬مة وب‪%%‬دور العظمة‬ ‫‪28‬‬
‫‪%‬ودهم‪ %‬في تلك الكلم ‪%% %‬ات إالّ في بعض الم ‪%% %‬وارد‬
‫في تحريف الغ ‪%% %‬الين وتب ‪%% %‬ديل المتح ‪%ّ % %‬رفين؛ ما ك ‪%% %‬ان مقص ‪ُ % %‬‬
‫واني مع عج‪%%%‬زي وفق‪%%%‬ري لو أريد أن أذكر لجنابك ما هو الم ‪%%‬ذكور‪ %‬ألق‪%%%‬در‪،‬‬
‫المخصوصة المنصوص‪%%%‬ة‪ّ ،‬‬
‫الصراط الممدود‪%‬‬
‫ونبعد عن هذا ّ‬
‫عنا المقصود ُ‬
‫و‌لكن يغ ُرب ّ‬

‫‪19‬‬
‫عما هو المحبوب في ساحة المحمود‪.‬‬
‫ونغرق في إشارات المحدود‪ %‬ونخرج ّ‬

‫والم ْس‪%‬تَْن ِو ُر في ه‪%%‬ذه الظُّلُم‪%%‬ات ال‪%َّ %‬ديجور‪ %‬فيما‬


‫ق المنش‪%%‬ور‪ُ ،‬‬
‫وإ ّنك أنت يا ّأيها الم‪%%‬ذكور‪ %‬في ه‪%%‬ذا ال‪%ّ %‬ر ّ‬ ‫‪۲۹‬‬
‫تجلى عليك من أن‪%%‬وار الطّ‪%%‬ور‪ %‬في س‪%%‬يناء الظّه‪%%‬ور‪َ ،‬ن‪%ِّ %‬ز ْه نف َس ‪%‬ك عن ك ‪ّ %‬ل ما ع‪%%‬رفت من قب ‪ُ %‬ل من إش‪%%‬ارات‬
‫ّ‬
‫العم‪%%‬اء وتجد‬
‫ركية لتجد رائحة البق‪%%‬اء عن يوسف الوف‪%%‬اء وتك‪%‬ون داخالً في مصر َ‬ ‫وئية وال ّ‪%‬دالالت ال ّش‪ّ %‬‬
‫ال ُّس‪ّ %‬‬
‫ربه‬ ‫روائح ِط ْي ِب الس ‪%‬ناء عن ه‪%%‬ذا اللّ‪%%‬وح ال‪%ّ %‬دري البيض‪%%‬اء فيما رقَّم فيه القلم من أس‪%%‬رار ِ‬
‫الق‪%َ %‬دم في أس‪%%‬ماء ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫العلي األعلى لتكون من الموقنين في ألواح القدس مكتوباً‪.‬‬ ‫ّ‬

‫‪%‬دي العبد حين غفلتك عن ذل‪%%‬ك‪ ،‬ال ب‪%ّ %‬د لمن ُيريد أن يقطع األس‪%%‬فار‬
‫اعلم يا ّأيها الحاضر‪ %‬بين ي‪ّ %‬‬
‫ثم ْ‬ ‫ّ‬ ‫‪۳۰‬‬
‫في مع‪%%‬ارج األس‪%%‬رار ب‪%%‬أن يجاهد في ال‪%ّ %‬دين على قَ‪%ْ %‬د ِر طاقته وقدرته َليظهر له ال ّس ‪%‬بي ُل في من‪%%‬اهج ال‪%ّ %‬دليل‪.‬‬
‫حجةٌ من مواله الّتي تعجز عنها الع‪%%‬المين ال مف‪%ّ %‬ر له إالّ‬ ‫وإ ْن َي ِج ْد نفساً ّ‬
‫يدعي أمراً من اهلل‪ ،‬وكان في يده ّ‬
‫بأن يتّبعه في ك ّل ما يأمر ويقول ويحكم‪ ،‬ولو ُيجري على‬

‫‪20‬‬
‫ال ّس ‪% %‬ماء حكم األرض أو على األرض حكم ال ّس‪%%%‬ماء أو ف‪%% %‬وق‪ %‬ذلك أو تحت ذل‪%% %‬ك‪ ،‬ولو يحكم ب‪%% %‬التّغيير أو‬
‫لهية‪.‬‬ ‫النه َّ‬
‫الغيبية وأحكام اإل ّ‬
‫ّ‬ ‫الهوية ورموزات‪%‬‬
‫ّ‬ ‫اطلَ َع بأسرار‬ ‫بالتّبديل‪ّ ،‬‬

‫أن ك ّل العب‪%‬اد من أمم المختلفة يعمل‪%‬ون بما ذكرن‪%‬ا‪ ،‬حينئ ٍ‪%‬ذ لََي ْس‪%‬هُ ُل عليهم أم ُ‪%‬رهم‪ ،‬و‌ما يمنعهم‬
‫و‌لو ّ‬ ‫‪۳۱‬‬
‫‪%‬أنعم‬
‫ص‪%‬فات‪ .‬ولو‌عرف‪%%‬وا‪ %‬ذلك ما كف‪%%‬روا ب‪ُ %‬‬
‫تلك العبارات واإلشارات‪ %‬عن الورود في غمرات األسماء وال ّ‬
‫الن ّبيين وما جاحدوهم‪ %‬وما أنكروهم‪ ،‬وبمثل تلك العبارات تج‪%%‬دون في الق‪%%‬رآن لو أنتم‬
‫اهلل وما حاربوا‪ %‬مع ّ‬
‫فيه تتف ّكرون‪.‬‬

‫ص‪ُ % % %‬ل بين الم ‪%% %‬ؤمن والك ‪%% %‬افر‬


‫‪%‬ربلنهم‪َ %،‬ي ْف ُ‬
‫‪%‬ادهُ ويغ ‪ّ % %‬‬ ‫‪%‬أن بمثل تلك الكلم ‪%% %‬ات ُي َم ِّح ُ‬
‫ص اهللُ عب ‪َ % %‬‬ ‫ثم أعلم ب ‪ّ % %‬‬ ‫‪۳۲‬‬
‫الهوي‪%%%‬ة‪:‬‬
‫ّ‬ ‫قي وأمث‪%%%‬ال ذلك كما نطق ب ‪%%‬ذلك ورق ‪%%‬اء‪%‬‬
‫قي وال ّش ‪ّ %%‬‬
‫والمنقطع والمتم ّس ‪%%‬ك‪ %‬والمحسن والمج‪%%%‬رم‪ %‬والتّ ّ‬
‫(‪)23‬‬
‫آمنا و‌هم ال ُيفتنون﴾‪.‬‬‫الناس أن ُي َتركوا أن يقولوا ّ‬ ‫ب ّ‬ ‫﴿الم‪ِ ،‬‬
‫َأحس َ‬
‫َ‬ ‫‌‬

‫بد للمسافر‪ %‬إلی اهلل والمهاجر في سبيله بأن‬


‫ال ّ‬ ‫‪۳۳‬‬

‫‪21‬‬
‫السموات واألرض وَي ُك َّ‬
‫ف نفسه عن ك ّل ما سواه ُليفتَح علی وجهه أب‪%%‬واب العناية‬ ‫ينقطع عن ك ّل من في ّ‬
‫َ‬
‫ب عليه نس‪%%‬مات العطوف‪%%‬ة‪ ،‬وإ ذا كتب على نفسه ما ألقين‪%%‬اه من ج‪%%‬واهر المع‪%%‬اني والبي‪%%‬ان لَيع‪%%‬رف ك ‪ّ %‬ل‬ ‫َوتَهُ َّ‬
‫وي‪ِ %‬‬
‫‪%‬نز ُل اهلل على قلبه َس‪%%‬كينةً من عن ‪%%‬ده ويجعلُه من ال ّس ‪%‬اكنين‪ .‬و‌بمثل ه ‪%%‬ذه‬ ‫اإلش ‪%%‬ارات من تلك ال ‪%ّ %‬دالالت‪ُ ،‬‬
‫سئلت عن ه‪%‬ذا العبد الّ‪%‬ذي جلس علی نقطة ال ّذلّ‪%‬ة وما يمشي في‬
‫َ‬ ‫فاعرف ما‬
‫ْ‬ ‫الم َنزلة‬
‫الكلمات المتشابهات ُ‬
‫األرض إالّ كمثل غ‪%% % % % %‬ريب الّ‪%% % % % %‬ذي لن يجد لنفسه ال من معين وال من م‪%% % % % %‬ونس وال من ح‪%% % % % %‬بيب وال من‬
‫(‪)24‬‬
‫حين‪﴿:‬إنا هلل وإ ّنا إليه راجعون﴾‪.‬‬
‫ّ‬ ‫نصيرا‪ ،‬ويكون متو ّكالً علی اهلل‪ ،‬ويقول في ك ّل‬

‫وإ ّن ما ذكرنا الكلم‪%%‬ات بالمتش‪%%‬ابهات‪ ،‬ه‪%%‬ذا لم يكن إالّ عند الّ‪%%‬ذين لن يتع‪%%‬ارجوا‪ %‬إلی أفق الهداي‪%%‬ة‪،‬‬ ‫‪۳٤‬‬
‫وما وص ‪%%‬لوا إلی م ‪%%‬راتب العرف ‪%%‬ان في مك ‪%%‬امن العناي ‪%%‬ة‪ ،‬وإ الّ عند الّ ‪%%‬ذين هم عرف ‪%%‬وا مواقع األمر وش ‪%%‬هدوا‪%‬‬
‫نات لديهم‪،‬‬ ‫مات عندهم ُّ‬
‫وكل اإلشارات ُمتْقَ ٌ‬ ‫كل اآليات ُم ْح َك ٌ‬ ‫أسرار الوالية فيما ألقى اهلل على أنفسهم ُّ‬

‫‪22‬‬
‫وإ ّنهم يعرفون أسرار المودعةَ في قُ ُمص الكلمات بمثل ما أنتم تعرفون من ال ّشمس الحرارة ومن الم‪%%‬اء‬
‫عما هم يذكرون‪.‬‬
‫أحبائه‪ ،‬فتعالى‪ّ %‬‬
‫كنا في ذكر ّ‬
‫عما ّ‬
‫الرطوبة بل أظهر من ذلك‪ ،‬فتعالى اهلل ّ‬
‫ّ‬

‫لما وص‪%%%‬لنا إلی ذلك المق‪%%%‬ام األس‪%%%‬نى‪َ ،‬وَبلَ ْغنا إلى ِذروة األحلى فيما يج ‪%%‬ري من ه ‪%%‬ذا القلم من‬
‫إذاً ّ‬ ‫‪۳٥‬‬
‫العلي األعلى‪ ،‬أردنا بأن نذكر لك بعضاً من مقام‪%%‬ات س‪%%‬لوك العبد في أس‪%%‬فاره‬
‫ّ‬ ‫عناية الكبرى من لدى اهلل‬
‫والنعمةُ سابغةً‪.‬‬
‫الحجةُ بالغةً ّ‬
‫إلی مبدئه‪ ،‬ليكشف على جنابك كلّما أردت وتريد‪ ،‬لتكون ّ‬

‫طلب‪ .‬وفي‬
‫بأن ال ّس‪%‬الك في ّأول س‪%‬لوكه إلی اهلل ال ب ّ‪%‬د له ب‪%%‬أن َي ْ‪%‬د ُخ َل في حديقة ال ّ‬
‫اعرف ّ‬
‫ْ‬ ‫ثم‬
‫فاعلم ّ‬
‫ْ‬ ‫‪۳٦‬‬
‫ويغمض عين ‪%%‬اه عن ك‪ّ % %‬ل من في ال ّس‪% %‬موات‬
‫ه ‪%%‬ذا ال ّس‪% %‬فَر ينبغي لل ّس‪% %‬الك ب ‪%%‬أن ينقطع عن ك‪ّ % %‬ل ما س ‪%%‬وى اهلل‪ُ ،‬‬
‫حب أح ٍ‪%‬د على قَ ْ‪%‬د ِر الّ‪%‬ذي يمنعه عن الوص‪%‬ول‪ %‬إلی‬
‫ض أح ٍ‪%‬د من العب‪%‬اد وال ُّ‬
‫واألرض‪ ،‬ولم يكن في قلبه ُب ْغ ُ‬
‫ق بأن ال يفتخر علی أحد في ك ّل ما أعطاه اهلل‬ ‫نفسه عن ُسُبحات الجالل‪ .‬وله َح ٌّ‬ ‫َم ْك َم ِن الجمال‪ّ ،‬‬
‫ويقد َس َ‬

‫‪23‬‬
‫‪%‬ق بكم‪%%‬ال ِ‪%‬ج ّ‪%‬ده وس‪%%‬عيه ليعلِّمه اهلل ُس‪ُ%‬ب َل‬
‫من زخ‪%%‬ارف ال‪%ّ %‬دنيا أو من عل‪%%‬وم الظّ‪%%‬اهرة أو غيره‪%%‬ا‪ ،‬ويطلب الح‪ّ %‬‬
‫‪%‬ق‪﴿ :‬الّ ‪%%‬ذين‬ ‫معين بعب ‪%%‬اده وأحس ‪%ُ %‬ن ناص ‪%%ٍ %‬ر ألرقّائ ‪%%‬ه؛ ق ‪%%‬ال وقوله الح ‪ّ %‬‬
‫‪%‬ير ٍ‬ ‫ِ‬
‫ألنه خ ‪ُ %‬‬
‫مكرمت ‪%%‬ه‪ّ ،‬‬
‫‪%‬اهج ُ‬
‫عنايت ‪%%‬ه ومن ‪َ %‬‬
‫(‪)26‬‬ ‫(‪)25‬‬
‫وفي مقام آخر‪‌﴿ :‬اتّقوا اهلل يعلّمكم اهلل‌﴾‪.‬‬ ‫لنهدينهم سبلنا﴾‪،‬‬
‫ّ‬ ‫جاهدوا فينا‬

‫السفر يش‪%%‬هد ال ّس‪%‬الك التّب‪%‬ديالت والتّغي‪%‬يرات‪ %‬والمختلف‪%‬ات والمتقارن‪%%‬ات‪ ،‬ويش‪%‬هد‪ %‬عج‪%‬ائب‬ ‫وفي هذا ّ‬ ‫‪۳۷‬‬
‫اإللهي ‪%%‬ة‪ .‬ه ‪%%‬ذا مق ‪%%‬ام الطّ ‪%%‬البين ومع‪%%%‬ارج‪%‬‬
‫ّ‬ ‫بوبية في أس‪%%%‬رار الخليق‪%%%‬ة‪ ،‬ويطّلع علی ُس ‪ُ%%‬ب ِل الهداية َوطُ‪%ُ %%‬ر ِ‪%‬‬
‫ق‬ ‫الر ّ‬‫ّ‬
‫القاصدين‪.‬‬

‫المحبة َوتَ ِه ْي ُج‬


‫ّ‬ ‫‪%‬اح‬ ‫والج ْذب‪ .‬حينئ‪%ٍ %‬ذ تَهُ ُّ‬
‫ب أري‪ُ %‬‬ ‫وإ ذا استرقى‪ %‬عن ذلك المقام َي ْد ُخ ُل في مدينة العشق َ‬ ‫‪۳۸‬‬
‫‪%‬ات ال‪%َّ %‬ذوق بحيث لن يع‪%%‬رف اليمين‬ ‫‪%‬ذبات ال ّش ‪%‬وق ونفح‪ُ %‬‬
‫ك في ه‪%%‬ذا المق‪%%‬ام ج‪ُ %‬‬
‫وحية ويأخذ ال ّس ‪%‬ال َ‬
‫الر ّ‬
‫‪%‬مات ّ‬
‫نس‪ُ %‬‬
‫ص‪%‬حارى عن الجب‪%%‬ال‪ .‬وفي‪ %‬ك‪ّ %‬ل ٍ‬
‫حين يح‪%%‬ترق بن‪%%‬ار الاش‪%‬تياق‪َ %‬وُي ْوقَ‪%ُ %‬د‬ ‫‪%‬بر من البحر وال ال َّ‬
‫عن ال ّشمال وال ال ّ‬
‫من سطوة الفراق في اآلفاق‪ %‬ويركض في فاران‬

‫‪24‬‬
‫العشق َو ُح ْ‪%‬و ِر ْي ِب الج‪%‬ذب؛ م ّ‪%‬رةً يض‪%‬حك وم ّ‪%‬رةً يبكي وم ّ‪%‬رةً َي ْس‪ُ %‬ك ُن وم ّ‪%‬رةً يض‪%‬طرب‪ ،‬وال ُيب‪%‬الي من ش‪%‬يءٍ‬
‫ِئ‬ ‫ٍ‬
‫وينفق روحه في ك‪ّ % % %‬ل‬ ‫وال يمنعه من أم ‪%ٍ % %‬ر وال َي ُس‪ُّ % % %‬دهُ من ُح ْكم‪ ،‬وينتظر‪ %‬أم ‪%َ % %‬ر م ‪%% %‬واله في َمبد ه ُ‬
‫ومنته ‪%% %‬اه‪ُ ،‬‬
‫‪%‬دره في مقابلة رم‪%%‬اح األع‪%%‬داء‪ ،‬ويرفع‪ %‬رأسه لس‪%%‬يف القض‪%%‬اء‪،‬‬ ‫آن‪ .‬ويقابل ص‪َ %‬‬ ‫ويف‪%%‬دي نفسه في ك ‪ّ %‬ل ْ‬ ‫حين‪َ ،‬‬
‫ولكن‬ ‫وينفق ك ‪%َّ %‬ل ما له وعليه ِلَيف ‪%%‬دي روحه َ‬
‫ون ْف َس‪% %‬هُ وجس ‪%%‬ده في س ‪%%‬بيل م ‪%%‬واله‪ْ ،‬‬ ‫بل ُيقَِّب ُل أي ‪%%‬دي من يقتل ‪%%‬ه‪ُ ،‬‬
‫ٍ‬
‫أرض‬ ‫الن‪%%‬ار ويابس‪%‬اً في الم‪%%‬اء‪َ ،‬وَي ْس‪ُ %‬ك ُن على ك‪ّ %‬ل‬ ‫ب‪ٍ %‬‬
‫‪%‬إذن من محبوبه ال به‪%%‬واء من نفس‪%%‬ه‪ .‬وتج‪%%‬ده ب‪%%‬ارداً في ّ‬
‫المحبة من‪%% %‬ه‪ ،‬وإ ّنه يمشي في َر ْف‪%َ %%‬ر ِ‪%‬‬
‫ف‬ ‫ّ‬ ‫ومن َي َم ُّس‪%%%‬هُ في تلك الحالة لَيجد ح ‪%%%‬رارة‬
‫ويمشي في ك‪ّ %%%‬ل طري ‪%%%‬ق‪َ ،‬‬
‫االنقط‪%%‬اع وي‪%%‬ركض في وادي االمتن‪%%‬اع‪ ،‬ولم ي‪%%‬زل ك‪%%‬انت عين‪%%‬اه منتظ‪%%‬راً لب‪%%‬دائع رحمة اهلل ومش‪%%‬اهدة أن‪%%‬وار‬
‫جماله‪ ،‬فهنيئاً‪ %‬للواصلين‪ .‬وهذا مقام العاشقين وشأن اْل ُم ْجتَ َذبِْي َن‪.‬‬

‫وإ ذا قطع ه‪%%‬ذا ال ّس ‪%‬فر واس‪%%‬ترقى‪ %‬عن ه‪%%‬ذا المق‪%%‬ام األك‪%%‬بر ي‪%%‬دخل في مدينة التّوحيد وحديقة التّفريد‬ ‫‪۳۹‬‬
‫ك َّ‬
‫كل‬ ‫السال ُ‬
‫وبساط التّجريد‪ ،‬وفي‪ %‬هذا المقام ُيلقي ّ‬

‫‪25‬‬
‫والح ُجب‪%‬ات والعب‪%%‬ارات‪ ،‬ويش‪%‬هد‪ %‬األش‪%‬ياء بعين الّ‪%‬تي تجلّى اهلل له به بنفس‪%‬ه‪ ،‬ويش‪%‬اهد‪%‬‬ ‫اإلش‪%‬ارات وال‪%ّ %‬دالالت ُ‬
‫‪%‬دة‪ ،‬واإلش ‪%%‬ارات‪ %‬تنتهي إلى نقط ‪%ٍ %‬ة واح ‪ٍ %‬‬
‫‪%‬دة‪ ،‬كما‬ ‫المختلف ‪%%‬ات كلّها ترجع إلى كلم ‪%ٍ %‬ة واح ‪ٍ %‬‬
‫ِ‬ ‫‪%‬أن‬
‫في ه ‪%%‬ذا ال ّس‪%%‬فر ب ‪ّ %‬‬
‫الن‪%%‬ار ومش‪% %‬ى في قطب األس ‪%%‬فار حتّى وصل إلى ِذروة األعلى في‬ ‫ش ‪%%‬هد ب ‪%%‬ذلك ق ‪%%‬ول من ركب علی ُفْل‪%ِ %‬ك ّ‬
‫(‪)27‬‬
‫‪%‬أني ﴿أنا هو‬
‫وه‪%‬ذا مق‪%‬ام الّ‪%‬ذي ُذكر في الح‪%‬ديث ب ّ‬ ‫‪%‬أن ﴿العلم نقطة كثّرها الج‪%‬اهلون﴾‪،‬‬
‫جبروت البقاء ب ّ‬
‫(‪)28‬‬
‫وهو أنا إالّ ّأنه هو هو وأنا أنا﴾‪.‬‬

‫‪%‬أني أنا غيرها‬ ‫ق‪ ،‬ولو يق‪%% %‬ول ب‪ّ % %‬‬


‫ص ‪ُ % %‬د ُ‬
‫‪%‬أني أنا نقطة الب‪%% %‬دء لََي ْ‬‫الختْم ب‪ّ % %‬‬
‫في ذلك المق‪%% %‬ام لو يق‪%% %‬ول هيكل َ‬ ‫‪٤۰‬‬
‫علي‬
‫محمد أو ّ‬ ‫ك المل‪%%‬وك أو س‪%%‬لطان الج‪%%‬بروت أو ّ‬ ‫الملك والملك‪%%‬وت أو َمِل‪ُ %‬‬
‫‪%‬أني ص‪%%‬احب ُ‬ ‫لح‪ٌّ %‬‬
‫‪%‬ق‪ ،‬ولو يق‪%%‬ول ب‪ّ %‬‬
‫أو أبن‪%% %‬اُئهم أو غ‪%% %‬ير ذلك لَيك‪%% %‬ون ص‪%% %‬ادقاً من عند اهلل وحاكم‪% % %‬اً على الممكن‪%% %‬ات وعلى ك‪ّ % % %‬ل ما س‪%ّ % %‬واه‪ .‬أما‬
‫‪%‬أن ﴿كلّهم‬‫محم‪%‬د﴾‪ ،‬وفي مق‪%%‬ام آخر ب‪ّ %‬‬ ‫محمد وأوس‪%%‬طنا ّ‪%‬‬ ‫محمد وآخرنا‪ّ %‬‬ ‫﴿أولنا ّ‬
‫‪%‬أن ّ‬ ‫‪%‬معت ما ورد من قب ‪ُ %‬ل ب‪ّ %‬‬‫س‪َ %‬‬
‫من نور واحد﴾‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫‪%‬أن كلّهم رفع ‪%%‬وا‪ %‬رؤس ‪%%‬هم عن جيب‬
‫‪%‬ات التّجري ‪%%‬د‪ ،‬وتجد ب ‪ّ %‬‬
‫حكم التّوحيد وآي ‪ُ %‬‬
‫ت ُ‬ ‫وفي ذلك المق ‪%%‬ام َيثُْب ُ‬ ‫‪٤۱‬‬
‫ق ‪%% %‬درة اهلل وي ‪%% %‬دخلون في أكم ‪%% %‬ام رحمة اهلل من غ ‪%% %‬ير أن تش ‪%% %‬اهد الف ‪%% %‬رق بين األكم ‪%% %‬ام والجيب‪ ،‬والتّغي ‪%% %‬ير‬
‫الفردانية‬
‫ّ‬ ‫الوحدانية وتَح ّكي‪%‬‬
‫ّ‬ ‫ألن ه‪%% %‬ذا مق‪%% %‬ام تجلّي‬
‫ك ص‪%% %‬رف‪ %‬وكفر محض ّ‬ ‫والتّب‪%% %‬ديل في ه‪%% %‬ذا المق‪%% %‬ام ِش ‪ْ % %‬ر ٌ‬
‫الرفيعة المنطبع‪%‬ة‪ .‬وإ ّني فواهلل لو أذكر ه‪%‬ذا المق‪%‬ام على قَ ْ‪%‬د ِر الّ‪%%‬ذي‬ ‫األزلية في مرايا ّ‬‫ّ‬ ‫وإ شراق أنوار فجر‬
‫الجوهري‪%‬ات من أماكنه‪%‬ا‪ ،‬وتنص‪%‬عق‪ %‬ك‪ّ %‬ل َمن في لُ َج ِج‬ ‫ّ‬ ‫‪%‬نزلت‬ ‫قَ ّ‪%‬در اهلل فيه لتنقطع األرواح عن أجس‪%‬ادها وت ّ‬
‫يتحرك في أراضي‪ %‬اإلشارات‪.‬‬
‫الممكنات‪ ،‬وتنعدم‪ %‬ك ّل ما ّ‬
‫(‪)30‬‬ ‫(‪)29‬‬
‫وأما‬ ‫‪%‬رأت ﴿ولن تجد لس‪%ّ % % %‬نته من تب ‪%% % %‬ديل﴾؟‬
‫أما س ‪%% % %‬معت ﴿ال تب ‪%% % %‬ديل لخلق اهلل﴾؟ وأما ق ‪َ % % %‬‬ ‫‪٤۲‬‬
‫وربي‪ ،‬من كان من أهل هذه اللُّ ّجة وركب في‬ ‫(‪)31‬‬
‫الرحمن من تفاوت﴾؟ بلى ّ‬ ‫شهدت ﴿ما ترى في خلق ّ‬
‫ولما لم يكن التّب‪%%‬ديل والتّغي‪%%‬ير‪%‬‬
‫السفينة لم يشهد التّبديل في خلق اهلل وال يرى التّف‪%%‬اوت في أرض اهلل‪ّ .‬‬ ‫هذه ّ‬
‫في خلق اهلل‪ ،‬فكيف‪ %‬يجري على مظاهر نفس اهلل؟‬

‫‪27‬‬
‫عما هم يذكرون‪.‬‬
‫كنا في وصف مظاهر أمره‪ ،‬وتعالى‪ّ %‬‬
‫عما ّ‬
‫فسبحان اهلل ّ‬

‫‪ ٤۳‬أهلل اكبر هذا البحر قد ذخرا‬


‫الريح موجاً يقذف ُّ‬
‫الدررا‬ ‫هيج ّ‬
‫و ّ‬
‫ع‬
‫ود ْ‬
‫فاخلغ ثيابك واغرق فيه َ‬
‫مفتخرا‬
‫السباحة وليس الس َّْب ُح َ‬
‫عنك ّ‬

‫‪%‬بيين والمر َس‪%%‬لين‬


‫الن‪ّ %‬‬
‫األحدية لَ ‪%%‬ترى ك ‪ّ %‬ل ّ‬
‫ّ‬ ‫وإ ّنك أنت لو تك ‪%%‬ون من أهل ه ‪%%‬ذه المدينة في ه ‪%%‬ذه اللُّ ّجة‬ ‫‪٤٤‬‬
‫وروح واحدة‪ ،‬بحيث يكون ّأولُهم آخ َ‪%‬رهم وآخ ُ‪%‬رهم‪ّ %‬أولَهم‪ ،‬وكلّهم‬
‫ٍ‬ ‫ونور واحد‬ ‫ٍ‬
‫ونفس واحدة ٍ‪%‬‬ ‫ٍ‬
‫كهيكل واحد‬
‫وشرعوا‪ %‬شرائع حكمة اهلل وكانوا‪ %‬مظاهر نفس اهلل ومعادن ق‪%%‬درة اهلل ومخ‪%‬ازن وحي‬
‫قاموا على أمر اهلل ّ‬
‫اهلل ومش‪%%‬ارق ش‪%%‬مس اهلل ومط‪%%‬الع‪ %‬ن‪%%‬ور اهلل‪ ،‬وبهم ظه‪%%‬رت آي‪%%‬ات التّجريد في حق‪%%‬ائق الممكن‪%%‬ات وعالم‪%%‬ات‬
‫‪%‬ديات ومواقع التّحميد في‬
‫ذاتي‪%% % % % % %‬ات األح‪ّ % % % % % %‬‬
‫جوهري‪%% % % % % %‬ات‪ %‬الموج‪%% % % % % %‬ودات‪ %‬وعناصر التّمجيد في ّ‬
‫ّ‬ ‫التّفريد في‬
‫ق وإ ليهم ُيعيد ك ّل المذكورات‪ ،‬كما ّأنهم في حقائقهم كانوا أنوار‬
‫الخْل ُ‬
‫يبدء َ‬
‫مديات‪ ،‬وبهم َ‬
‫الص ّ‬
‫ساذجيات ّ‬
‫ّ‬

‫‪28‬‬
‫هيكل ٍ‬
‫واحد‪ ،‬بل تجدهم علی لفظ‬ ‫فاشهد في ظواهرهم‪ %‬لتعرف كلَّهم على ٍ‬
‫ْ‬ ‫واحدة وأسرار‪ %‬واحدة‪ ،‬وكذلك‬
‫واحد وكالم واحد وبيان واحد‪.‬‬

‫حكم ذلك عن‬ ‫وإ ّنك في ذلك المق‪%% % %‬ام لو تُطلق َّأولَهم باسم آخ‪%% % %‬رهم أو ب‪%% % %‬العكس لح‪ٌّ % % %‬‬
‫‪%‬ق‪ ،‬كما َن‪%َ % % %‬ز َل ُ‬ ‫‪٤٥‬‬
‫(‬
‫الرحمن ّأياً ما تدعوا فلَ‪%‬هُ األس‪%‬ماء الحس‪%‬نى﴾‪،‬‬
‫بوبية ﴿قل ادعوا اهلل أو ادعوا ّ‬
‫الر ّ‬‫األلوهية ومنبع ّ‬
‫ّ‬ ‫مصدر‬
‫‪)32‬‬
‫ألنهم مظ‪%%‬اهر اسم اهلل ومط‪%%‬الع‪ %‬ص‪%%‬فاته ومواقع قدرته ومج‪%%‬امع س‪%%‬لطنته‪ ،‬وإ ّنه ج‪ّ %‬ل وع‪%ّ %‬ز بذاته مق‪%ّ %‬دس‬
‫ّ‬
‫‪%‬انظر آث‪%%‬ار ق‪%%‬درة اهلل في آف‪%%‬اق أرواحهم‪ %‬وأنفس‬
‫ص‪%‬فات‪ .‬وك‪%%‬ذلك ف‪ْ %‬‬
‫عن ك‪ّ %‬ل األس‪%%‬ماء وم‪%%‬نزّه عن مع‪%%‬ارج ال ّ‬
‫ليطمئن قلبك وتكون من الّذينهم كانوا في آفاق القرب لسائرين‪.‬‬‫ّ‬ ‫هياكلهم‬

‫‪%‬أن اهلل تب ‪%%‬ارك‬ ‫ُأج‪%ِّ %‬د ُد لك الكالم في ه ‪%%‬ذا المق ‪%%‬ام ليك ‪%%‬ون لك ُمعين‪% %‬اً في عرفانك بارئ ‪%%‬ك؛ ف ‪ْ %‬‬
‫‪%‬اعلم ب ‪ّ %‬‬ ‫ثم َ‬‫ّ‬ ‫‪٤٦‬‬
‫بذاتيت‪%% % %‬ه‪ ،‬لم ي‪%% % %‬زل ك‪%% % %‬ان مكنون ‪% % %‬اً‪ %‬في ِق‪%َ % % %‬دِم ذاته ومخزونا‪ ً%‬في س‪ّ % % %‬‬
‫‪%‬رمدية‬ ‫بكينونيته وال ّ‬
‫ّ‬ ‫ظهَ‪%َ % % %‬ر‬
‫وتع‪%% % %‬الى‪ %‬لن َي ْ‬
‫فلما أراد إظهار جماله في جبروت األسماء وإ براز‪%‬‬ ‫كينونيته‪ّ ،‬‬
‫ّ‬

‫‪29‬‬
‫اسمه الظّاهر من اسمه الباطن‪،‬‬
‫األنبياء من الغيب إلى ال ّشهود ليمتاز ُ‬
‫ُ‬ ‫الصفات أظهر‬
‫جالله في ملكوت ّ‬
‫ظاهر‪ %‬والباطن وهو بك ّل‬ ‫ِ‬
‫واآلخر وال ّ‬ ‫األول‬ ‫اآلخر ِلَي ْك ُم َل القو ُل ّ‬
‫ويظهر اسمه األول عن اسمه ِ‬
‫بأنه ﴿هو ّ‬ ‫ُ ّ‬
‫شيء محيط﴾‪ .‬وجعل مظاهر تلك األسماء الكبرى وهذه الكلمات العليا في مظاهر نفسه ومرايا‬ ‫(‪)33‬‬ ‫ٍ‬
‫كينونيته‪.‬‬
‫ّ‬

‫المقدسة المتعالية وتجد ك‪ّ %‬ل األس‪%%‬ماء‬


‫والصفات ترجع إلى هذه األن‪%%‬وار ّ‬
‫ّ‬ ‫بأن ك ّل األسماء‬
‫ت ّ‬ ‫إذاً ثَُب َ‬ ‫‪٤۷‬‬
‫الصفات في ص‪%%‬فاتهم‪ .‬وفي‪ %‬ذلك المق‪%%‬ام لو ت‪%%‬دعوهم بك‪ّ %‬ل األس‪%%‬ماء لَ َ‪%‬ح ٌّ‬
‫‪%‬ق بمثل وج‪%%‬ودهم‪.‬‬ ‫في أسمائهم وك ّل ّ‬
‫‪%‬ئلت وتصل‬
‫‪%‬اعرف ما هو المقص ‪%%‬ود في ه‪%%‬ذا البي‪%%‬ان‪ ،‬ثم اكتُ ْمها في ُس ‪%‬رادق‪ %‬قلبك لتع‪%%‬رف حكم ما س ‪َ %‬‬ ‫ْ‬ ‫إذاً ف‪%‬‬
‫إليه على قَ ْد ِر ما قَ َّد َر اهللُ لك‪ ،‬لع ّل تكون من الّذين هم كانوا بمراد اهلل لَ ِم َن الفائزين‪.‬‬

‫روح من في لُ َج ِج األرواح فداه ٌّ‬


‫حق ال ريب في‪%%‬ه‪،‬‬ ‫(‪)34‬‬
‫محمد بن الحسن‬ ‫ُّ‬
‫وكل ما سمعت في ذكر ّ‬ ‫‪٤۸‬‬
‫بأنه كان في‬
‫الدين ّ‬
‫أئمةُ ّ‬ ‫ٌّ‬
‫وإ ّنا كل به موقنون‪ .‬ولكن ذكروا‪ّ %‬‬

‫‪30‬‬
‫تفسر هذه‬ ‫ٍ‬ ‫ووصفوا هذه المدينة ٍ‬ ‫(‪)35‬‬
‫بآثار غريبة وعالمات عجيبة‪ ،‬وإ ّنك لو تريد أن ّ‬ ‫جابلقا‪،‬‬
‫مدينة ُ‬
‫تفحص في أقطار العالم وأطراف‪ %‬البالد‬
‫ألنك لو ّ‬
‫المدينة علی ظاهر الحديث لن تقدر ولن تجدها أبداً ّ‬
‫ألن‬
‫أزلية اهلل وبقاء سلطنته‪ّ ،‬‬
‫لن تجدها بأوصاف التّي وصفوها من قب ُل ولو تسير في األرض بدوام‪ّ %‬‬
‫القدسية‬
‫ّ‬ ‫النفس‬
‫ك إلی هذه ّ‬‫أدلُّ َ‬
‫األرض بتمامها لن تَ َس َعها ولن تحملها‪ .‬وإ ّنك لو تدلّني إلى هذه المدينة أنا ُ‬
‫بد لك التّأويل في هذه‬
‫ولما أنت لن تقدر على ذلك‪ ،‬ال ّ‬
‫الناس بما عندهم ال بما عنده‪ّ .‬‬
‫التّي عرفوه ّ‬
‫ولما تحتاج إلی التّأويل في هذه األحاديث المرويّة في‬
‫المروية عن هؤالء األنوار‪ّ .‬‬
‫ّ‬ ‫األحاديث واألخبار‬
‫ولما عرفت هذا التّأويل‬
‫القدسية‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫النفس‬
‫ذكر هذه المدينة المذكورة وكذلك تحتاج إلی التّفسير في هذه ّ‬
‫لن تحتاج إلی التّبديل وال غيره‪.‬‬

‫لما ك‪%%‬ان األنبي‪%%‬اء كلّهم روح ونفس واسم ورسم‪ %‬واح‪%%‬د‪ ،‬وإ ّنك به‪%%‬ذا العين لَتَ‪%%‬رى ك ‪ّ %‬ل‬
‫بأنه ّ‬
‫اعلم ّ‬
‫ثم ْ‬
‫ّ‬ ‫‪٤۹‬‬
‫محمد وآبائهم‪َ %‬ح َسن وظهروا‪ %‬من‬‫الظّهورات اسمهم ّ‬

‫‪31‬‬
‫ِ‬
‫وجابلقا لم يكن االّ خزائن البقاء في جبروت‬
‫ُ‬ ‫رحمة اهلل‪.‬‬ ‫جابلقاء قدر ِة اهلل ويظهروا‪ %‬من ُ‬
‫جابلصاء‬ ‫ُ‬
‫جابلقاء وظهر‪ %‬منها‪،‬‬
‫محمد بن الحسن كان في ُ‬ ‫بأن ّ‬ ‫العماء ومدائن الغيب في الهوت العالء‪ ،‬وتشهد ّ‬ ‫َ‬
‫ومن ُيظهره اهلل يكون فيها إلی أن ُيظهره اهلل على مقام سلطنته‪ ،‬وإ ّنا بذلك ُم ِق ّرون وبكلّهم‪ %‬مؤمنون‪.‬‬
‫َ‬
‫ولكن تعرف ك ّل المعاني في أسرار هذه األلواح لو‬ ‫جابلقا في هذا المقام‪ْ ،‬‬
‫وإ ّنا اختصرنا في معاني ُ‬
‫تكون من الموقنين‪.‬‬

‫محمد‬
‫ألنه ك‪%% %‬ان اس‪%% %‬مه ّ‬
‫ولكن الّ ‪%%%‬ذي ظهر في ال ّس‪%%%‬تّين ال تحت ‪%%%‬اج في حقّه ال التّب ‪%%%‬ديل وال التّأويل ّ‬
‫ّ‬ ‫‪٥۰‬‬
‫‪%‬هود ل‪%%‬دى‬
‫‪%‬وم عند جنابك ومش‪ٌ %‬‬
‫بأنه ابن الحسن‪ ،‬وه‪%%‬ذا معل‪ٌ %‬‬
‫ق في حقّه ّ‬
‫ص‪ُ %‬د ُ‪%‬‬
‫ائمة ال‪%ّ %‬دين‪ ،‬اذاً َي ْ‬
‫وك‪%%‬ان من أبن‪%%‬اء ّ‬
‫ط ْرف‪ %‬اهلل تنظرون‪.‬‬
‫حضرتك‪ ،‬بل ّإنه خالق االسم ومبدعه لنفسه لو انتم ب َ‬

‫حينئ‪%ٍ %‬ذ أردنا أن ن‪%%‬ترك ما ّ‬


‫(‪)36‬‬
‫ونك‪%%‬ون فيه من‬ ‫كنا في ذك‪%%‬ره‪ ،‬وأذكر‪ %‬ما ج‪%%‬رى علی نقطة الفرق‪%%‬ان‬ ‫‪٥۱‬‬
‫ال ّذاكرين‪ ،‬ولتكون علی بصير ٍة في ك ّل األمور‪ %‬من لدن عزيز جميل‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫امهُ حين الّ‪%‬ذي أقامه اهلل على أم‪%‬ره وأظه‪%‬رهُ على مق‪%‬ام نفسه كيف هجم‪%‬وا عليه‬
‫ثم ف ّك ْر‪ّ ،‬أي َ‬
‫فاعلم ّ‬
‫ْ‬ ‫‪٥۲‬‬
‫وحرك‪%%‬وا‬
‫قدامهم في المع‪%%‬ابر واألس‪%%‬واق اس‪%%‬تهزئوا‪ %‬ب‪%%‬ه‪ّ ،‬‬
‫العباد واعترضوا به وحاججوا معه‪ ،‬وكلّما مشى ّ‬
‫عليه رؤسهم وسخروا ب‪%%‬ه‪ ،‬وفي ك‪ّ %‬ل حين أرادوا قتله بحيث ض‪%%‬اقت عليه األرض بأوس‪%%‬عها وح‪%%‬ارت في‬
‫العم‪%‬اء‪ ،‬وأص‪%%‬ابه من ه‪%‬ؤالء‬
‫وتبدلت أركان البقاء بالفناء وبكت عليه عي‪%%‬ون أهل َ‬
‫أمره س ّكان َمأل األعلى ّ‬
‫أحد أن يسمعه من أولو الوفاء‪.‬‬
‫ال َكفََرة الفَ َجرة ما ال يقدر ٌ‬

‫ان هؤالء الفَ َسقة كانوا أن يف ّكروا في أم‪%%‬رهم ويعرف‪%%‬وا نغم‪%%‬ات تلك الورق‪%%‬اء‪ %‬على أفن‪%%‬ان ه‪%%‬ذه‬‫ولو ّ‬ ‫‪٥۳‬‬
‫ال ّش‪%‬جرة البيض‪%%‬اء ويرض‪%%‬وا بما َن‪%ّ %‬زل اهلل عليهم فيما أنعمهم به ويج‪%%‬دوا أثم‪%%‬ار ال ّش‪%‬جرة علی أغص‪%%‬انها‪ِ ،‬ل َم‬
‫اعترضوا‪ %‬عليه وأنكروه بعد الّذي كلّهم كانوا أن يرفعوا‪ %‬أعناقهم‪ %‬لبلوغهم إليه‪ ،‬ويسئلوا‪ %‬اهلل في ك ّل حين‬
‫يشرفَهم‪ %‬جمالُهُ ويرزقَهم لقاَئهُ‪.‬‬
‫بأن ّ‬

‫عما ظهر عن لسان‬


‫القدسية ّ‬
‫ّ‬ ‫الهوية وإ شارات‬
‫ّ‬ ‫االحدية وأسرار‬
‫ّ‬ ‫لما ما عرفوا لحن‬
‫بلى ّ‬ ‫‪٥٤‬‬

‫‪33‬‬
‫األحمدية وما تف ّك‪%% % %‬روا في أنفس‪%% % %‬هم‪ ،‬واتّبع‪%% % %‬وا‪ %‬علم ‪%% % %‬اء الباطل ال ‪%% % %‬ذين ص‪%ّ % % %‬دوا‪ %‬عب‪%% % %‬اد اهلل عن أدوار القَْبل‬
‫ّ‬
‫الهوية وص ‪%%‬اروا‪%‬‬
‫ّ‬ ‫البع ‪%%‬د‪ ،‬ل ‪%%‬ذا احتجب ‪%%‬وا عن ُم‪%%‬راد اهلل وما ش ‪%%‬ربوا‪ %‬عن ك ‪%%‬وثر‪%‬‬
‫ص‪% %‬دون الن ‪%%‬اس في أك ‪%%‬وار َ‬
‫وي ّ‬
‫ض‪%‬اللة و ُس‪ُ%‬بل الغفلة‬
‫أزليت‪%%‬ه‪ ،‬وب‪%%‬ذلك س‪%%‬لكوا في من‪%%‬اهج ال ّ‬
‫مح‪%%‬رومين عن لق‪%%‬اء اهلل ومظهر كينونته ومطلع ّ‬
‫ورجع‪%% %‬وا‪ %‬إلى مق‪%ّ % %‬رهم في ن‪%% %‬ار التّي ك‪%% %‬انت وقودها‪ %‬أنفس‪%% %‬هم وك‪%% %‬انوا في كت‪%% %‬اب الق‪%% %‬دس من قلم اهلل ب‪%% %‬الكفر‬
‫حينئذ ألنفسهم ال من حبيب وال من معيناً‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫مكتوباً‪ ،‬وما وجدوا ولن يجدوا إلى‬

‫ويقبِل‪%% % %‬ون إلی اهلل بتم‪%% % %‬امهم‪%‬‬


‫دي‪%% % %‬ة‪ُ ،‬‬
‫المحم ّ‬
‫ّ‬ ‫ع ‪%% %‬روة اهلل في قميص‬
‫أن ه‪%% % %‬ؤالء يتم ّس ‪% % %‬كون بنفس ُ‪%‬‬
‫ولو ّ‬ ‫‪٥٥‬‬
‫األزلي‪%%‬ة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ويلق‪%%‬ون ك‪ّ %‬ل ما في أي‪%%‬ديهم من علم‪%%‬ائهم لَيه‪%%‬ديهم‪ %‬اهلل بفض‪%%‬له ويع‪%ّ %‬رفهم‪ %‬مع‪%%‬اني القد ّس‪%‬ية في كلماته‬ ‫ُ‬
‫اآلمل عن ِفنائه أو َي ْ‬
‫ط‪%ُ % %‬ر َد من اس‪%% %‬تجار في‬ ‫خيب ِ‬ ‫ألن اهلل أج‪ّ % % %‬ل وأعظم من أن َي‪%ُ % %‬ر ّد ال ّس‪%%%‬ائل عن بابه أو ُي ّ‬
‫ّ‬
‫فلما ه‪%%‬ؤالء ما أقبل‪%%‬وا‬
‫ظلّه أو يح‪%%‬رم من تش‪%ّ %‬بث ب‪%%‬ذيل رحمته أو ُيبعد فق‪%%‬ير الّ‪%%‬ذي ن‪%%‬زل في ش‪%%‬ريعة َغنائ‪%%‬ه‪ّ .‬‬
‫إلی اهلل بكلّهم وما‬

‫‪34‬‬
‫األحدية خرج‪%% %‬وا‪ %‬عن ظ ‪ّ % %‬ل الهداية ووردوا‪ %‬في مدينة‬
‫ّ‬ ‫تش‪%ّ % %‬بثوا‪ %‬ب‪%% %‬ذيل رحمته المنبس‪%% %‬طة في ظهور ش‪%% %‬مس‬
‫ظ‪%%‬المين في‬
‫ض ‪%‬اللة‪ ،‬وب‪%%‬ذلك فس‪%%‬دوا‪ %‬وأفس‪%%‬دوا العب‪%%‬اد‪ ،‬وض ‪%‬لّوا وأض ‪%‬لّوا ك ‪ّ %‬ل من في البالد‪ ،‬وك‪%%‬انوا‪ %‬من ال ّ‬
‫ال ّ‬
‫السماء مسطوراً‪.‬‬
‫كتب ّ‬

‫لما بلغ ه‪%%‬ذا الخ‪%%‬ادم الف‪%%‬اني إلی ه‪%%‬ذا المق‪%%‬ام الع‪%%‬الي في بي‪%%‬ان رم‪%%‬وز المع‪%%‬اني أذك‪%ُ %‬ر لك علّة‬ ‫ٍ‬
‫وحينئ‪%%‬ذ ّ‬ ‫‪٥٦‬‬
‫الغالظ علی غاية اإليج‪%%%‬از‪ ،‬ليك‪%%%‬ون دليالً ألولي األلب ‪%%‬اب من أولي األبص ‪%%‬ار‪ ،‬وليك‪%%%‬ون‬
‫إع‪%%%‬راض ه‪%%%‬ؤالء ِ‬
‫موهبةً من هذا العبد علی المؤمنين جميعاً‪.‬‬

‫بآيات مح َكم‪%%‬ات وب‪%%‬راهين س‪%%‬اطعات من اآلي‪%%‬ات‬ ‫فاعلم بأن نقطة الفرقان ونور السبحان لما جاء ٍ‬ ‫‪٥۷‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ْ ّ‬
‫ص‪% %‬راط المرتفعة‬ ‫َأم‪%َ %‬ر الك ‪%َّ %‬ل على القي ‪%%‬ام على ه ‪%%‬ذه ال ّ‬
‫كل من في ج ‪%%‬بروت الموج ‪%%‬ودات‪َ %‬‬‫التّي تَ ْع َج‪%ُ %‬ز عنها ّ‬
‫الوحدانية في ف‪% %‬ؤاده وجم ‪%%‬ال‬
‫ّ‬ ‫ومن أق ‪%ّ %‬ر عليه واع ‪%%‬ترف بآي ‪%%‬ات‬ ‫المم ‪%%‬دودة في ك‪ّ % %‬ل ما ج ‪%%‬اء به من عند اهلل‪َ ،‬‬
‫ألنه بعد إيمانه باهلل ومظهر‪ %‬جماله‬ ‫والجن ‪%% % %‬ة‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫االزلية في جماله ُح ِكم عليه ُح ْكم البعث والحشر والحي ‪%% % %‬وة‬
‫ّ‬
‫ُب ِعث من مرقد‬

‫‪35‬‬
‫الجنة أعلى‬ ‫وح ِشر في أرض ف‪%‬ؤاده َو َح َّي بحي‪%‬وة اإليم‪%‬ان واإليق‪%‬ان ودخل في ّ‬
‫جنة اللّقاء‪ .‬هل يكن ّ‬ ‫غفلته ُ‬
‫طلع أح ‪%ٌ %‬د بأس ‪%%‬راره لَيع‪%%‬رف ما ال‬
‫من ذلك أو الحشر أعظم من ه ‪%%‬ذا أو البعث أك‪%%‬بر من ه ‪%%‬ذا البعث؟ لو ي ّ‬
‫أحد من العالمين‪.‬‬
‫عرف ٌ‬

‫الن اهلل‬
‫الرض‪%%‬وان ّ‬
‫‪%‬ف من حق‪%%‬ائق ّ‬
‫الجنة في ي‪%%‬وم اهلل أعظم من ك‪ّ %‬ل الجن‪%%‬ان وألط‪%ُ %‬‬
‫‪%‬أن ه‪%%‬ذه ّ‬
‫اعلم ب‪ّ %‬‬
‫ثم ْ‬ ‫ّ‬ ‫‪٥۸‬‬
‫‪%‬فيه وخيرته من َخلق‪%‬ه‪ ،‬كما ُن ّ‪%‬زل في ملك‪%‬وت‬
‫بوة في شأن حبيبه وص ّ‬
‫الن ّ‬
‫تبارك وتعالى بعد الّذي ختم مقام ّ‬
‫(‪)37‬‬
‫الب ْع‪%%‬د‪ ،‬كما‬
‫‪%‬وم القيمة لعظمة ظه ‪%%‬ور َ‬
‫وعد العب ‪%%‬اد بلقائه ي ‪َ %‬‬ ‫‪%‬يين﴾‪،‬‬
‫النب ‪ّ %‬‬
‫﴿ولكنه رس ‪%%‬ول اهلل وخ ‪%%‬اتَمُ ّ‬
‫ّ‬ ‫الع ‪%ّ %‬زة‬
‫إن أنتم في آي ‪%%‬ات الق‪%%‬رآن تتف ّك‪%%‬رون‪.‬‬
‫جن ‪%‬ةٌ أعظم من ذلك وال رتب ‪%‬ةٌ أك‪%%‬بر من ه ‪%%‬ذا ْ‬
‫‪%‬الحق‪ .‬ولم َي ُك ْن ّ‬
‫ظهر ب‪ّ %‬‬
‫فهنيئاً لمن أيقن بلقائه يوم ظهور‪ %‬جماله‪.‬‬

‫ولكن‬
‫بعد عن الم‪%% %‬رام‪ْ ،‬‬‫ون ُ‬
‫الكالم َ‬
‫ُ‬ ‫الرتبة العالية لَيط‪%% %‬ول‬
‫النازلة في ه‪%% %‬ذه ّ‬
‫وإ ّني لو أذكر لك آي‪%% %‬ات ّ‬ ‫‪٥۹‬‬
‫قر عيناك وتصل إلی ما ُكنَِز فيها ُ‬
‫وخ ِز َن بها‪ ،‬وهي هذه‪﴿ :‬اهلل الّذي رفع‬ ‫أذكر هذه اآلية ونكتفي بها ِلتَ َّ‬

‫‪36‬‬
‫‪%‬خر ال ّش ‪%‬مس والقمر ك ‪%ٌّ %‬ل يج ‪%%‬ري ألج ‪%ٍ %‬ل ُمس ‪%َّ %‬مى‬
‫ثم اس ‪%%‬توى على الع ‪%%‬رش وس ‪ّ %‬‬
‫ال ّس ‪%‬موات بغ ‪%%‬ير ُع ُمد ترونها ّ‬
‫(‪)38‬‬
‫ربكم تو ِقنون﴾‪.‬‬
‫يفصل اآليات لعلّكم بلقاء ّ‬
‫يدبر األمر ّ‬
‫ّ‬

‫‪%‬أن ال َّس‪%‬موات واألرض والع‪%‬رش وال ّش‪%‬مس‬ ‫ت يا حبيبي في ذكر اإليقان في ه‪%‬ذه الآي‪%‬ة‪ ،‬ك ّ‬ ‫إذاً فالتَِف ْ‬ ‫‪٦۰‬‬
‫‪%‬انظر عظمة ه‪%‬ذا المق‪%‬ام وش‪%‬أن ه‪%‬والء‬ ‫هن ُخِل ْق َن إليق‪%‬ان العب‪%‬اد لقاَئهُ في ّأيام‪%‬ه‪ .‬فواهلل يا أخي‪ ،‬ف ْ‪%‬‬‫والقمر كلّ ّ‬
‫الهوي‪%%‬ة‪ .‬لو تف ّكر فيما‬
‫ّ‬ ‫اإللهية وجم‪%%‬ال‬
‫ّ‬ ‫‪%‬أنهم ُح ُم‪%ٌ %‬ر مس‪%%‬تنفرة﴾(‪ )39‬ف‪%ّ %‬رت عن طلعة‬
‫االي‪%%‬ام ﴿ك‪ّ %‬‬
‫العب‪%%‬اد في ه‪%%‬ذه ّ‬
‫الرض‪%%‬وان‪ِ ،‬لتق‪%ّ %‬ر عين‪%%‬اك‬
‫ّنزلن‪%%‬اك لَتجد ما أردنا في ذكر ه‪%%‬ذا البي‪%%‬ان وتع‪%%‬رف‪ %‬ما أحببنا أن ُنعلّمك في ه‪%%‬ذا ّ‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫نفسك عن إدراكها وين‪%ّ %‬ور قلبك عن عرفانها‬ ‫سمعك عن استماع ما قُ ِر َء فيها وتُ َحظ ُ‬ ‫النظر فيها َوتَلَذ ُ‬ ‫عن ّ‬
‫ط‪%ِ %‬ر الّ‪%%‬ذي َنفَ َح منها وتصل إلی غاية فيض اهلل وتك‪%%‬ون في رض‪%%‬وان الق‪%%‬دس لَ ِمن‬ ‫روحك عن ِع ْ‬ ‫ِ‬
‫وتَ ْستَْبش‪%َ %‬ر ُ‬
‫الخالدين‪.‬‬

‫ثم كفر وش ‪%% %‬قى‪ُ ،‬ح ِكم عليه ُح ْك ُم ال ّش‪% % %‬رك والكفر‬
‫ومن أع ‪%% %‬رض عن اهلل في حقّ ‪%% %‬ه‪ ،‬وأدبر وطغى‪ّ %‬‬
‫َ‬ ‫‪٦۱‬‬
‫وأي شرك أعظم من إقباله إلى مظاهر‬
‫والنار‪ّ .‬‬
‫والموت ّ‬

‫‪37‬‬
‫وأي كفر أعلى عن إعراضه عن اهلل في ي‪%%%‬وم‬‫النس‪%%%‬يان وأص‪%%%‬حاب الطّغي‪%%%‬ان؟ ّ‬
‫ال ّش ‪%%‬يطان واتّباعه علم‪%%%‬اء ّ‬
‫ِ‬
‫الحَي‪%%‬وان؟‬
‫الحي َ‬
‫وأي م ‪%%‬وت أ ّذل عن ف‪%%‬راره عن منبع ّ‬
‫المن ‪%%‬ان؟ ّ‬ ‫الّ ‪%%‬ذي ُي َج‪%َّ %‬د ُد فيه اإليم ‪ُ %‬‬
‫‪%‬ان من اهلل المقت ‪%%‬در ّ‬
‫األحدية في يوم التّغابن واإلحسان؟‬
‫ّ‬ ‫الهوية وجالل‬
‫ّ‬ ‫أحر عن ُبعده عن جمال‬ ‫وأي نار ّ‬ ‫ّ‬

‫جاهلية به‪%‬ذه العب‪%%‬ارات والكلم‪%‬ات اعترض‪%‬وا‪ %‬عليه وحكم‪%%‬وا عليه ما حكم‪%%‬وا‪ ،‬وق‪%%‬الوا‬ ‫ّ‬ ‫وإ ّن أعراب‬ ‫‪٦۲‬‬
‫‪%‬أي ي‪%%‬وم رجع‪%%‬وا؟‬ ‫‪ٍ%‬‬
‫بمحم‪%‬د هم ك‪%%‬انوا معنا وراودونا‪ %‬في ك‪ّ %‬ل ليل ونه‪%%‬ار‪ ،‬م‪%%‬تى م‪%%‬اتوا وب‪ّ %‬‬
‫ّ‬ ‫ه‪%%‬ؤالء الّ‪%%‬ذين آمن‪%%‬وا‬
‫كنا تراب ‪%‬اً وعظام ‪%‬اً أِئّنا لمبعوث ‪%%‬ون﴾‪ )40(،‬وفي‪%‬‬
‫فعجب ق ‪%%‬ولهم‪ %‬أِئذا ّ‬
‫ٌ‬ ‫تعجب‬
‫‪%‬مع ما ُن‪%ّ %‬زل فيما ق ‪%%‬الوا‪﴿ :‬إن َ‬
‫فاس ‪ْ %‬‬
‫(‪)41‬‬
‫‪%‬بين﴾‪.‬‬
‫‪%‬حر م‪ٌ %‬‬
‫إن ه‪%‬ذا إالّ س ٌ‬
‫‪%‬ولن الّ‪%%‬ذين كف‪%‬روا ْ‬
‫مقام آخ‪%%‬ر‪﴿ :‬ولئن قلت ّإنكم مبعوث‪%%‬ون من بعد الم‪%‬وت ليق ّ‬
‫النهم ش ‪%%‬هدوا‪ %‬في كتبهم وس ‪%%‬معوا‪ %‬من علم ‪%%‬ائهم لفظ الم ‪%%‬وت والحي ‪%%‬وة‪،‬‬
‫وب ‪%%‬ذلك اس ‪%%‬تهزؤا به وس ‪%%‬خروا عليه ّ‬
‫الم ْجتَثَّة‬
‫فلما ما وجدوا ما عرفوا من ظنونهم‪ُ %‬‬ ‫العنصرية‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫اهرية والحيوة‬
‫وفسروهما بالموت الظّ ّ‬ ‫ّ‬

‫‪38‬‬
‫اإلفكية الخبيثة رفع‪%%‬وا‪ %‬أعالم االختالف وراي‪%%‬ات الفس‪%%‬اد واش‪%%‬تعلوا‪ %‬ن‪%%‬ار الح‪%%‬رب ولو أطفأها اهلل‬
‫ّ‬ ‫وعق‪%%‬ولهم‬
‫بقدرته كما تشهد اليوم من هؤالء المشركين وهؤالء الفاسقين‪.‬‬

‫‪%‬ات ال ّش‪%‬وق‪ %‬من ش‪%%‬طر‬


‫علي رائحةُ الجذب عن مدينة البقاء‪ ،‬وأح‪%%‬اطتني َغلَب‪ُ %‬‬ ‫ٍ‬
‫هبت ّ‬
‫لما ّ‬
‫وإ ّني حينئذ ّ‬ ‫‪٦۳‬‬
‫نغمات الحجاز في أسرار الفراق‪ ،‬أريد‬
‫ُ‬ ‫اإلشراق فيما الحت شمس اآلفاق من ركن العراق‪ ،‬وأسمعتني‪%‬‬
‫أن هذا ممتن‪%%‬ع؛‬
‫العماء في معنى الحيوة والموت‪ ،‬ولو ّ‬
‫غنت الورقاء‪ %‬في قطب َ‬
‫أن أذكر لجنابك بعض ما ّ‬
‫ألني لو أريد أن أف ّس ‪%‬ر لك كما هو المكت ‪%%‬وب في أل‪%%‬واح المحف‪%%‬وظ لن تحمله األل‪%%‬واح ولن تس‪%%‬عه األوراق‪%‬‬
‫ّ‬
‫الزم‪%% % %‬ان وه‪%% % %‬ذه األوان ليك‪%% % %‬ون دليالً لمن أراد أن‬
‫ولن تطيقه األرواح‪ ،‬ولكن أذكر على ما ينبغى له‪%% % %‬ذا ّ‬
‫االلهي ويك‪%‬ون من الّ‪%‬ذينهم‬ ‫الروح‪%‬اني‪ %‬من ه‪%‬ذا الطّ‪%‬ير المعن‪%‬وي‪%‬‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫يدخل في َر ْف َرف المع‪%‬اني ويس‪%‬مع نغم‪%‬ات ّ‬
‫انقطعوا إلی اهلل وكانوا اليوم بلقاء اهلل يستبشرون‪.‬‬

‫بأن للحيوة مقامين؛ مقام يتعلّق بظاهر‬


‫فاعرف ّ‬ ‫‪٦٤‬‬

‫‪39‬‬
‫‪%‬وم عند جنابك وعند ك‪ّ % % %‬ل من علی األرض بمثل ال ّش‪% % %‬مس في‬
‫‪%‬رية‪ ،‬وه‪%% %‬ذا معل ‪ٌ % %‬‬
‫‪%‬رية في جسد العنص‪ّ % %‬‬
‫البش‪ّ % %‬‬
‫وأما الحيوة‬
‫مفر ألحد؛ ّ‬
‫حق من عند اهلل وال ّ‬
‫اهرية‪ ،‬وهذا ّ‬
‫ظ ّ‬ ‫السماء‪ ،‬وهذه الحيوة تَ ْفنى من موت ال ّ‬
‫وسط ّ‬
‫العرفاني‪%%‬ة‪ ،‬أي عرف ‪%%‬ان العبد آية تجلّي‬
‫ّ‬ ‫التّي هي الم ‪%%‬ذكور في كتب األنبي ‪%%‬اء واألولي ‪%%‬اء لم يكن إالّ الحي ‪%%‬وة‬
‫الدائمة‬
‫الطيبة الباقية ّ‬
‫مجلّيه بما تجلّى له به بنفسه وإ يقانه بلق‪%%‬اء اهلل في مظ‪%%‬اهر أم‪%%‬ره‪ ،‬وه‪%%‬ذه هي الحي‪%%‬وة ّ‬
‫ربه ودائماً‪ %‬بدوام‪ %‬بارئه‪.‬‬
‫التّي َمن َي ْح َي به لن يموت أبداً ويكون باقياً ببقاء ّ‬

‫ص‪%%‬رية َي ْنفَ ‪%ُ %‬د بما َن‪%َ %‬ز َل من عند اهلل‪﴿ :‬ك‪ّ %%‬ل نفس‬
‫األو ّلية التّي ك ‪%%‬انت متعلّق‪%%‬ةً بالجسد العن ّ‬
‫والحي ‪%%‬وة ّ‬ ‫‪٦٥‬‬
‫(‪)42‬‬
‫﴿فلنحيينه حي‪%%‬وة‬
‫ّ‬ ‫انوية التّي ك‪%%‬انت من المعرفة ما تَْنفَ‪%ُ %‬د كما َن‪%َ %‬ز َل من قب‪ُ %‬ل‪:‬‬
‫ذائقة الم‪%%‬وت﴾‪ .‬والحي‪%%‬وة الثّ ّ‬
‫رزق ‪%% %‬ون﴾‪ )44(.‬وما ورد في‬‫ربهم ُي َ‬
‫(‪)43‬‬
‫طيب ‪%% %‬ة﴾‪ .‬وفي مق ‪%% %‬ام ُأخ ‪%% %‬رى في ذكر الش ‪%% %‬هداء‪﴿ :‬بل أحي ‪%% %‬اء عند ّ‬
‫ّ‬
‫(‪)45‬‬
‫وبمثل تلك الكلم‪%%‬ات كث‪%%‬ير في كتب اهلل ومظ‪%%‬اهر عدل‪%%‬ه‪ ،‬وإ ّنا‬ ‫حي في ال‪%ّ %‬دارين‌﴾‪.‬‬
‫األخب‪%%‬ار‪﴿ :‬الم ‪%‬ؤمن ّ‬
‫ما أردنا ذكرها لالختصار‪ %‬واكتفينا بذلك فيما أردنا لك‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫فأعرض عن هواك ثم َأ ْقبِ ْل إلی موالك وال تتّبع الّذين كان إلههم هواهم لت‪%%‬دخل في‬
‫ْ‬ ‫إذاً يا أخي‪،‬‬ ‫‪٦٦‬‬
‫ربهم أم‪%%‬وات‬
‫ألن الّذينهم اليوم أعرض‪%%‬وا عن ّ‬
‫والصفات‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫مربي األسماء‬
‫النجاة من ّ‬
‫قطب الحيوة في ظ ّل ّ‬
‫ولو يمش‪%%‬ون على األرض‪ ،‬وص‪%ّ %‬ماء ولو يس‪%%‬معون‪ ،‬وعمي‪%%‬اء ولو يش‪%%‬هدون‪ ،‬كما ص‪%ّ %‬رح ب‪%%‬ذلك مالك ي‪%%‬وم‬
‫(‪)46‬‬
‫إلى آخر الق‪%%‬ول‪ ،‬بل ّإنهم يمش‪%%‬ون‬ ‫ال‪%ّ %‬دين‪﴿ :‬ولهم قل‪%%‬وب ال يفقه‪%%‬ون بها ولهم أعين ال يبص‪%%‬رون به‪%%‬ا﴾‬
‫هار أو في ِشفا حف‪%‬رة من ّ‬ ‫على ِشفا ج ٍ‬
‫(‪)47‬‬
‫الز ّخ‪%‬ار‬
‫الن‪%‬ار‪ ،‬لم يكن لهم نص‪%‬يب من ه‪%‬ذا البحر المتم ّ‪%‬وج ّ‬ ‫رف ٍ‬ ‫ُ‬
‫وكانوا في زخارف‪ %‬أقوالهم يلعبون‪.‬‬

‫النفس‬
‫ليقلبك عن إش ‪%%‬ارات ّ‬
‫وحينئذ ُنلقي عليك في ه ‪%%‬ذا المق ‪%%‬ام في ذكر الحي ‪%%‬وة ما ُن ‪%ّ %‬زل من قب‪ُ % %‬ل ّ‬ ‫‪٦۷‬‬
‫الخنِس وتكون في ظُلمات األرض لَ ِمن المهتدين‪.‬‬ ‫الجوار َ‬ ‫س في هذا َ‬ ‫ق القَ ْف ِ‬ ‫ويخلّصك عن ِ‬
‫ض ْي ِ‬

‫الن‪%%‬اس كمن مثله في‬


‫‌أومن ك‪%%‬ان ميت‪%‬اً فأحيين‪%%‬اه وجعلنا له ن‪%%‬وراً يمشي به في ّ‬
‫‪%‬ق‪َ ﴿ :‬‬
‫ق‪%%‬ال وقوله الح‪ّ %‬‬ ‫‪٦۸‬‬
‫الظّلمات ليس بخارج منها﴾‪ )48(.‬هذه آالية نزلت في‬

‫‪41‬‬
‫‪%‬ثر العلم‪%% % %‬اء‪ ،‬ومن علم‪%% % %‬اء‬
‫األول وكفر الثّ‪%% % %‬اني‪ ،‬وب‪%% % %‬ذلك اس‪%% % %‬تهزؤا أك‪ُ % % %‬‬
‫لما آمن ّ‬
‫ش‪%% % %‬أن الحم‪%% % %‬زة وأبو جهل ّ‬
‫وتهزلوا‪ %‬وتصاحوا‪ %‬وق‪%‬الوا‪ %:‬كيف م‪%‬ات الحم‪%%‬زة وكيف‪ %‬رجع إلى حي‪%‬وة األولى؟ وبمثل‬
‫الجاهلية‪ ،‬وتبلبلوا‪ّ %‬‬
‫ّ‬
‫تتفرسون‪.‬‬
‫كثير في الكتاب لو أنتم في آيات اهلل ّ‬
‫ذلك ٌ‬

‫‪%‬يرن في‬ ‫‪%‬دت قلوب‪%‬اً ص‪%%‬افيةً ُأللقي عليهم رش‪%%‬حاً من أبحر العلم الّ‪%%‬ذي علّم‪%%‬ني ّ ِ‬
‫ربي ليط‪ّ %‬‬ ‫فيا ليت وج‪ُ %‬‬ ‫‪٦۹‬‬
‫اله‪%%‬واء كما يمش‪%%‬ون علی األرض ويركض‪%ّ %‬ن على الم‪%%‬اء كما يركض‪%%‬ون على التّ‪%%‬راب ويأخ‪%%‬ذوا‪ %‬أرواحهم‬
‫العظمى‪ .‬ولم ي‪%‬زل ك‪%‬ان‬
‫الرمز ُ‬
‫ولكن جاء اإلذن على القضاء في ه‪%‬ذا ّ‬
‫بأيديهم ويفدوها‪ %‬في سبيل بارئهم‪ْ ،‬‬
‫‪%‬اد أنف َس‪%‬هم‬
‫الرمز مكنون‪%‬اً‪ %‬في خ‪%%‬زائن الق‪%ّ %‬وة‪ ،‬لئالّ ُيهلك‪%%‬ون العب‪ُ %‬‬
‫ه‪%%‬ذا ال ّس‪ّ %‬ر مخزون ‪%‬اً في كن‪%%‬وز الق‪%%‬درة‪ ،‬وه‪%%‬ذا ّ‬
‫الق َدم‪ ،‬ولن يصله الّذين يمشون في ظلمات الصَّْيلَِم المظلم‪.‬‬ ‫رجاء لهذا المقام االعظم في ممالك ِ‬
‫ً‬

‫عما ُس ‪% % %‬طر في‬


‫كررنا‪ %‬الق‪%% % %‬ول يا أخي في ك ‪ّ % % %‬ل المق‪%% % %‬ام ليوضح لك ب‪%% % %‬إذن اهلل ك ‪ّ % % %‬ل األم‪%% % %‬ور ّ‬
‫ولقد ّ‬ ‫‪۷۰‬‬
‫السطور‪ ،‬وِلُيغنيك‪ %‬عن الّذينهم يخوضون في أنفس‬
‫ّ‬

‫‪42‬‬
‫السائرين‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الحَيوان لَمن ّ‬
‫الحي َ‬
‫الديجور ويمشون‪ %‬في وادي الك ْبر والغرور‪ ،‬ولتكون في فردوس‪ّ %‬‬
‫ّ‬

‫إن ش‪%% %‬جرة الحي‪%% %‬وة قد ُغ ِرست في وسط‪ %‬ف‪%% %‬ردوس اهلل ُ‬
‫ويعطى الحي‪%% %‬وة عن ك ‪ّ % %‬ل‬ ‫قل يا أهل المأل‪ّ ،‬‬ ‫‪۷۱‬‬
‫الهوية من‬ ‫الجهات‪ ،‬كيف أنتم ال تشعرون وال تعرفون؟ ويؤّيدك في ك‪ّ %‬ل ما ألقين‪%%‬اك من ج‪%%‬واهر أس‪%%‬رار ّ‬
‫المطمئنة تَ َغِّني حمامة الق ‪%%‬دس في ف ‪%%‬ردوس‪ %‬البق ‪%%‬اء‪ ،‬وأذك ‪%%ُ %‬ر لك لتلبس قميص الجديد من ُزُبر‬
‫ّ‬ ‫النفس‬
‫ه ‪%%‬ذه ّ‬
‫﴿إن من لم يلد من الم‪%%‬اء وال‪%ّ %‬روح لن‬
‫الحديد ليحفظك عن َر ْم ِي ال ّشبهات في تلك اإلشارات‪ ،‬وهي ه‪%%‬ذه‪ّ :‬‬
‫الن المول‪%%%‬ود‪ %‬من الجسد جسد هو والمول ‪%%‬ود من ال ‪%ّ %‬روح فهو ال ‪%ّ %‬روح فال‬
‫يق‪%%%‬در أن ي‪%%%‬دخل في ملك‪%%%‬وت اهلل ّ‬
‫(‪)49‬‬
‫بن من قولي‪ّ %‬إنه ينبغي لكم بأن تُولدوا مرةً أخرى﴾‪.‬‬
‫تتعج ّ‬
‫ّ‬

‫وكن لها حافظ ‪% %‬اً أمين‪،‬‬


‫عما س‪%% %‬قط عنها ْ‬
‫ط ّ‬ ‫ثم القَ ‪ْ % %‬‬
‫إذاً ط‪%% %‬ير إلی ش‪%% %‬جرة اإللهي َو ُخ‪ْ % %‬ذ من ثمراتها‪ّ %‬‬ ‫‪۷۲‬‬
‫مقنع ٍ‪%‬ة ورم‪%ٍ %‬‬
‫‪%‬وزات‬ ‫وف ّك ‪%%‬ر فيما َذ َك‪%‬ر واح‪%ٌ %‬د من األنبي‪%‬اء حين الّ‪%‬ذي يب ّش‪%‬ر األرواح بمن ي‪%%‬أتي بع‪%‬ده بإش‪ٍ %‬‬
‫‪%‬ارات ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ُم َغطََّئ ٍة من دون‬

‫‪43‬‬
‫‪%‬أن ال يع ‪%%‬رف كلم‪%%‬اتهم إالّ أولو األلب ‪%%‬اب‪ ،‬إلی أن ق‪%%‬ال‪﴿ :‬ك‪%%‬انت عينت‪%%‬اه كلهيب‬
‫الجهر من الق‪%%‬ول‪ ،‬لت ‪%%‬وقن ب‪ْ %‬‬
‫كالنحاس وكان يخرج من فمه س‪%%‬يف ذا فمين﴾‪ )50(.‬حينئ‪%ٍ %‬ذ كيف يف ّس‪%‬ر ه‪%%‬ذه الكلم‪%%‬ات‬ ‫النار وكانت رجاله ّ‬ ‫ّ‬
‫لما يظهر في‬ ‫ظ‪%%‬اهر؟ لو يجيء أح‪%ٌ %‬د بتلك العالم‪%%‬ات لم يكن بإنس‪%%‬ان‪ ،‬وكيف يس‪%%‬تأنس به أح‪%ٌ %‬د؟ بل ّ‬ ‫وفي ال ّ‬
‫تفرون منه أهل مدينة أخ‪%%‬رى‪ ،‬وال يقرب‪%‬وا به أحد أب‪%%‬داً؟ مع ّإنك لو تُف ّكر في ه‪%‬ذه العب‪%%‬ارات لَتج‪%‬دها‬
‫مدينة ّ‬
‫ت إلى غاية البي ‪%%‬ان ووص ‪%%‬لت إلى منتهى مق ‪%%‬ام التّبي ‪%%‬ان‪،‬‬
‫على غاية الفص ‪%%‬احة ونهاية البالغة بحيث َع‪%َ %‬ر َج ْ‬
‫كأن شموس البالغة منها ظهرت وأنجم الفصاحة عنها بزغت والحت‪.‬‬
‫ّ‬

‫األي‪%%‬ام ينتظ‪%%‬رون مجيء‬


‫الح ْ‪%‬م‪%‬راء من أمم الماض‪%%‬ية والّ‪%%‬ذين يكون‪%%‬ون في تلك ّ‬
‫‪%‬اعرف ه‪%%‬ؤالء ُ‬
‫ْ‬ ‫إذاً ف‪%‬‬ ‫‪۷۳‬‬
‫ولما ما يجيء‬
‫ص ‪%‬ورة الم ‪%%‬ذكورة لم يؤمن ‪%%‬وا‪ %‬به أب ‪%%‬داً‪ّ ،‬‬
‫النفس علی ه ‪%%‬ذه ال ّ‬
‫تلك اإلنس ‪%%‬ان‪ ،‬ولو ال تجيء ه ‪%%‬ذه ّ‬
‫هذه أبداً ّإنهم لن يؤمنوا أب‪%‬داً‪ .‬ه‪%‬ذا مبلغ ه‪%‬ؤالء الكف‪%‬رة من أنفس المش‪%‬ركة‪ .‬وإ ّن الّ‪%‬ذين ما يعرف‪%‬ون ما هو‬
‫أبده‬

‫‪44‬‬
‫اإللهية وج‪%% % % %‬واهر‪ %‬أس‪%% % % %‬رار حكمة‬
‫ّ‬ ‫اهري‪%% % % %‬ات فكيف‪ %‬يعرف‪%% % % %‬ون غ‪%% % % %‬وامض أص‪%% % % %‬ول‬
‫‪%‬ديهيات وأظهر الظّ ّ‬
‫الب‪ّ % % % %‬‬
‫مدانية؟‬
‫الص ّ‬ ‫ّ‬

‫وإ ّني حينئ ‪%ٍ % %‬ذ أف ّس‪% % %‬ر لك ه ‪%% %‬ذا الكالم على س ‪%% %‬بيل االختص ‪%% %‬ار لتع ‪%% %‬رف األس ‪%% %‬رار‪ %‬وتك ‪%% %‬ون فيها من‬ ‫‪۷٤‬‬
‫‪%‬دي اهلل‬ ‫الع‪%%%‬ارفين‪ .‬ف‪%%%‬اعلم ثم أن ِ‬
‫المص ‪%%‬اف بين ي‪ّ %%‬‬
‫ف فيما ُنلقي اليك لتك‪%%%‬ون من أهل اإلنص ‪%%‬اف في ه ‪%%‬ذا َ‬ ‫ص‪ْ %%‬‬ ‫ّ‬
‫مذكوراً‪.‬‬

‫‪%‬أن من تكلّم به ‪%%‬ذا المق ‪%%‬ال في مي ‪%%‬ادين الجالل أراد أن ي ‪%%‬ذكر أوص ‪%%‬اف‪َ %‬من ي ‪%‬أتي بإض ‪%ٍ %‬‬
‫‪%‬مار‬ ‫‪%‬اعلم ب ‪ّ %‬‬
‫ف‪ّ %‬‬ ‫‪۷٥‬‬
‫الن‪%%‬ار‪ ،‬ما أراد إالّ ِح‪%ّ %‬دة بصر َمن‬ ‫فأما قول ‪%%‬ه‪ :‬ك ‪%%‬انت عينت ‪%%‬اه كلهيب ّ‬
‫طلع عليه أهل المج ‪%%‬از‪ّ .‬‬ ‫وألغ ‪ٍ %‬‬
‫‪%‬از لئالّ ي ّ‬
‫الق َد ِمّية في‬
‫ي‪%%‬أتي وق ‪%%‬وة بص ‪%%‬يرته‪ ،‬بحيث بعينت ‪%%‬اه يح ‪%%‬رق ك‪ّ % %‬ل الحجب ‪%%‬ات والس ‪%‬بحات‪ ،‬وبها يع ‪%%‬رف أس ‪%%‬رار ِ‬
‫ّ‬ ‫ُُ‬ ‫ّ‬
‫ض‪َ %%‬رةَ‬
‫‪%‬وههُم َن ْ‬
‫ف وج ‪ُ %‬‬‫‪%‬ق في وج ‪%%‬وههم قَتْ ‪%َ %‬رةٌ من الجحيم عن الّ ‪%%‬ذين تَ ْع‪%ِ %‬ر ُ‬ ‫المْل ِكّي‪%%‬ة‪ّ ،‬‬
‫ويميز الّ ‪%%‬ذين تَْر َه‪ُ %‬‬ ‫ع ‪%%‬والم ُ‬
‫يكن عينتاه من نار اهلل الموقَدة‪ ،‬كيف يح‪%‬رق الحجب‪%‬ات وك َّ‪%‬ل ما ك‪%‬ان بين أي‪%‬دي ّ‬
‫(‪)51‬‬
‫الن‪%‬اس‪،‬‬ ‫النعيم‪ .‬ولو لم ْ‬ ‫ّ‬
‫الن‪%%‬اظرة؟ وك ‪%%‬ذلك‬
‫ويالحظ آي ‪%%‬ات اهلل في ج ‪%%‬بروت األس ‪%%‬ماء وملك ‪%%‬وت األش ‪%%‬ياء‪ ،‬ويش ‪%%‬هد األش ‪%%‬ياء بعين اهلل ّ‬
‫جعلنا اليوم‬

‫‪45‬‬
‫الن‪%%‬ار التّي تجلّى في ط‪%‬ور‪ %‬عينتيه وح‪%‬رق‪%‬‬
‫وأي ن‪%%‬ار أح ّ‪%‬ر من ه‪%‬ذه ّ‬
‫إن أنتم بآي‪%‬ات اهلل موقن‪%‬اً‪ّ .‬‬
‫بص‪%‬ره حدي‪%‬داً ْ‬
‫عما ظهر في أل‪%%‬واح ال ّس ‪%‬داد من أس‪%%‬رار‬
‫بها ك ‪ّ %‬ل ما احتجب‪%%‬وا به العب‪%%‬اد في أراضي اإليج‪%%‬اد؟ فس‪%%‬بحان اهلل ّ‬
‫المبدء والمعاد‪ %‬إلى يوم الّذي فيه ِ‬
‫يناد المناد‪ ،‬إذاً ّإنا ٌّ‬
‫كل إلی اهلل لمنقلبون‪.‬‬ ‫ُ‬

‫‪%‬تقم‬
‫كالنح‪%%‬اس‪ ،‬ما أراد ب‪%%‬ذلك إالّ االس‪%%‬تقامة حين الّ‪%%‬ذي يس‪%%‬مع ن‪%%‬داء اهلل ﴿فاس‪ْ %‬‬ ‫وقول‪%%‬ه‪ :‬ك‪%%‬انت رجاله ّ‬ ‫‪۷٦‬‬
‫ويقيم على ص‪%% % %‬راط‪ %‬ق‪%% % %‬درة اهلل‪ ،‬بحيث لو ينك‪%% % %‬روه ك ‪ّ % % %‬ل من في‬ ‫ُأم‪%% %‬رت﴾‪ ،‬ليس‪%% % %‬تقيم على أمر اهلل ُ‬
‫(‪)52‬‬
‫كما ِ‪%‬‬
‫عما أم‪%% % %‬ره اهلل في التّش‪%% % %‬ريع‪ ،‬ويك‪%% % %‬ون ِر ْجاله‬ ‫ُّ‬
‫ال ّس ‪% % %‬موات واألرض ما تَ‪%َ % % %‬زل ق‪%% % %‬دماه عن التّبليغ وما يف‪%ّ % % %‬ر ّ‬
‫وقيوم‪% % %‬اً في إظه‪%% %‬ار أم‪%% %‬ره وإ ب‪%% %‬راز‬
‫‪%‬تحكماً‪ %‬في طاعة اهلل ّ‬ ‫والقلل ال ّش‪% % %‬امخة‪ ،‬ويك‪%% %‬ون مس‪ِ % %‬‬ ‫كالجب‪%% %‬ال الباذخة ُ‬
‫ض‪ ،‬وال ُي ِندمه إنك‪%%‬ار ك‪%%‬افر‪ .‬وكلّما يش‪%%‬هد من اإلنك‪%%‬ار‬ ‫ص ‪ُّ %‬دهُ َن ْهي ُم ْع‪%ِ %‬ر ٍ‬ ‫كلمت‪%%‬ه‪ ،‬وال َي‪%ُ %‬ر ُّد ْه َم ْن‪%%‬عُ م‪ٍ %‬‬
‫‪%‬انع وال َي ُ‬
‫ُ‬
‫الولَ ‪%%‬هُ في ف ‪%‬ؤاده وين ‪%%‬وح‬
‫محبة اهلل ويزيد‪ %‬ال ّش‪%%‬وق في قلبه ويك ‪%%‬ثر‪َ %‬‬
‫والبغض ‪%%‬اء والكفر والفحش ‪%%‬اء ي ‪%%‬زداد في ّ‬
‫شهدت في‬
‫َ‬ ‫العشق في صدره‪ .‬هل‬

‫‪46‬‬
‫أحكم من ذل‪%%‬ك‪ ،‬أو حدي‪%%‬داً أش‪%ُّ %‬د من ذل‪%%‬ك‪ ،‬أو جبل أس ‪%%‬كن من ه‪%%‬ذا؟ ّ‬
‫ألنه يق ‪%%‬وم ب‪%ِ %‬ر ْجاله في‬ ‫األرض ُنحاس ‪%‬اً َ‬
‫‪%‬ل العب ‪%%‬اد‪ .‬فس ‪%%‬بحان اهلل ُم ْس‪ِ % %‬كنه‬
‫ُمقابلة ك‪ّ % %‬ل من علی األرض‪ ،‬وال يخ ‪%%‬اف من أح ‪%ٍ %‬د مع ما أنت تع ‪%%‬رف ِف ْع‪َ %‬‬
‫وم ْب ِعثُه‪ ،‬وإ ّنه هو المقتدر علی ما يشاء‪ ،‬وإ ّنه هو المهيمن ّ‬
‫القيوم‪.‬‬ ‫ُ‬

‫لما ك ‪%%‬ان آلة القطع والفص ‪%%‬ل‪ ،‬و ِم ْن فَِم‬


‫‪%‬أن ال ّس‪%%‬يف ّ‬
‫‪%‬اعلم ب ‪ّ %‬‬
‫فمين‪ ،‬ف ‪ّ %‬‬
‫وك ‪%%‬ان يخ ‪%%‬رج من فمه س ‪%%‬يف ذا ّ‬ ‫‪۷۷‬‬
‫المحب والمحب‪%‬وب‪ ،‬ل‪ّ %‬ذا ُس‪ّ %‬مي به‪%‬ذا‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ص‪ُ %‬ل بين الم‪%‬ؤمن والك‪%‬افر‪ %‬ويقطع بين‬
‫األنبياء واألولياء‪ %‬يخ‪%‬رج ما َي ْف ُ‬
‫األزلية في حين الّذي يريد أن يحشر‬
‫ّ‬ ‫األو ّلية وال ّشمس‬
‫وإ ّنه ما اراد بذلك إالّ القطع والفصل‪ .‬مثالً نقطة ّ‬
‫الخالئق ب‪%%%‬إذن اهلل ويبعثهم‪ %‬من مراقد نفوس‪%%%‬هم‪ %‬ويفصل بينهم لينطق بآية من عند اهلل‪ ،‬وه ‪%%‬ذه اآلية تفصل‬
‫صمص‪%%‬ام‬ ‫ٍ‬
‫وأي َ‬
‫األحدي‪%%‬ة؟ ّ‬
‫ّ‬ ‫وأي س‪%%‬يف أح‪%ّ %‬د من ه‪%%‬ذا ال ّس‪%‬يف‬
‫‪%‬ق والباطل من يومئ‪%% %‬ذ إلى ي‪%%‬وم القيم‪%%‬ة‪ّ .‬‬ ‫بين الح‪ّ %‬‬
‫ص‪ُ %‬ل بين المقبل والمع‪%%‬رض وبين‬ ‫النس‪%%‬بة‪ ،‬وب‪%%‬ذلك َي ْف ُ‬
‫ص‪%‬مدية الّ‪%%‬ذي يقطع ك‪ّ %‬ل ّ‬
‫َأ ْش‪َ %‬ح ُذ من ه‪%%‬ذا الصَّمص‪%%‬ام‪ %‬ال ّ‬
‫األب‬

‫‪47‬‬
‫(‪)53‬‬
‫ألن َمن آمن بما ُن‪%ّ %‬زل عليه فهو م ‪%‬ؤمن‪ ،‬ومن أع ‪%%‬رض‬
‫ّ‬ ‫واالبن واألخ واألخت والعاشق‪ %‬والمعش ‪%%‬وق؟‬
‫المْلك أب ‪%%‬داً‪،‬‬
‫فهو ك ‪%%‬افر‪ .‬ويظهر‪ %‬الفصل بين ه ‪%%‬ذا الم‪% %‬ؤمن وه ‪%%‬ذا الك ‪%%‬افر بحيث ال يعاش ‪%%‬را وال يجتمعا في ُ‬
‫‪%‬أن‬
‫ص‪ُ %‬ل بينهما وال يجانسا أب‪%%‬داً‪ ،‬بل تش‪%%‬هد ب‪ّ %‬‬
‫وك‪%%‬ذلك في األب واالبن‪ .‬وإ ّن االبن لو ي ‪%‬ؤمن واألب ُينكر ُي ْف َ‬
‫وفصلنا‪.‬‬
‫وبينّا ّ‬ ‫االبن يقتل األب وبالعكس‪ ،‬وكذلك فاعرف ك ّل ما ذكرنا ّ‬

‫ص‪ُ % % % %‬ل بين األص ‪%% % %‬الب لو أنتم‬


‫اإللهي لََي ْف ُ‬
‫ّ‬ ‫‪%‬أن ه ‪%% % %‬ذا ال ّس‪% % % %‬يف‬
‫وإ ّنك لو تَش ‪%% % %‬هد بعين اليقين لَتَش ‪%% % %‬هد ب ‪ّ % % %‬‬ ‫‪۷۸‬‬
‫ربهم‬
‫الن‪%% %‬اس في ّأي‪%% %‬ام ّ‬ ‫تعلم ‪%% %‬ون‪ ،‬وه ‪%% %‬ذه من كلمة الفصل التّي تظهر في ي ‪%% %‬وم الفصل والطّالق‪ %‬لو ك ‪%% %‬انوا ّ‬
‫تقتل الكفّ‪%%‬ار وتجاهد‬ ‫اهرية التّي َ‬ ‫ظ ّ‬ ‫‪%‬أن ك ‪ّ %‬ل ال ّس ‪%‬يوف‪ %‬ال ّ‬
‫ق قلبك لَتَش‪%%‬هد ب‪ّ %‬‬ ‫يت‪%%‬ذ ّكرون‪ ،‬بل لو تُ‪%ِ %‬د َّ‬
‫ق بص‪%%‬رك وتُ‪%ِ %‬ر َّ‬
‫َ‬
‫‪%‬افتح عين ‪%%‬اك ِلتَ ِج‪%َ %‬د ك ‪ّ %‬ل ما‬
‫اإللهي‪%%‬ة‪ ،‬إذاً ف ‪ْ %‬‬
‫ّ‬ ‫الباطنية‬
‫ّ‬ ‫مع الفُ ّج‪%%‬ار في ك ‪ّ %‬ل دهر وزم ‪%%‬ان َيظهر من ه ‪%%‬ذا ال ّس ‪%‬يف‬
‫(‪)54‬‬
‫الدين‪.‬‬‫أحد من العالمين‪ ،‬وتقول الحمد له إذ هو مالك يوم ّ‬ ‫أريناك َوتَْبلُ َغ إلی ما ال َيْبلُغُ إليه ٌ‬

‫‪48‬‬
‫الع‪ْ % %‬ذب الف‪%% %‬رات ال ّس ‪% %‬ائغ الّ‪%% %‬ذي‬
‫لما ما أخ‪%% %‬ذوا العلم من معدنه ومحلّه وعن بحر َ‬
‫وه‪%% %‬ؤالء العب‪%% %‬اد ّ‬ ‫‪۷۹‬‬
‫اذجية ل‪%‬ذا احتجب‪%‬وا عن م‪%%‬راد اهلل في كلماته وإ ش‪%%‬اراته وك‪%‬انوا‪ %‬في‬
‫ص‪%‬افية ال ّس‪ّ %‬‬
‫َيجري ب‪%‬إذن اهلل في قل‪%‬وب ال ّ‬
‫سجن أنفسهم لَساكنين‪.‬‬

‫وجعلَنا موقناً ب‪%%‬أمره الّ‪%%‬ذي ال يق‪%%‬وم معه ال ّس ‪%‬موات واألرض‪،‬‬


‫وانا نش‪%%‬كر اهلل بما آتانا من فض‪%%‬له َ‬
‫ّ‬ ‫‪۸۰‬‬
‫وج َعلنا من الموق ‪%%‬نين به قبل ظه ‪%%‬وره لتك‪%%%‬ون‬ ‫وم ِق‪%ّ %%‬راً به ي‪%%%‬وم لقائه وبمن ُي ْ‬
‫ظ ِ‪%‬ه‪%ُ %‬رهُ اهلل في قيامة األخ‪%%%‬رى‪َ ،‬‬ ‫ُ‬
‫النعمة من عنده بالغةً علينا وعلی العالمين‪.‬‬
‫ّ‬

‫ولكن أشكو إليك يا أخي عن الّذين ينسبون أنفسهم إلی اهلل ومظ‪%%‬اهر‪ %‬علمه ويرتكب‪%%‬ون الف‪%%‬واحش‬ ‫‪۸۱‬‬
‫وي‪% %‬أكلون أم ‪%%‬وال الن ‪%%‬اس ويش ‪%%‬ربون الخمر ويقتل ‪%%‬ون األنفس ويس ‪%%‬رقون األم ‪%%‬وال بينهم َوَي ْغتَُب ‪%ْ %‬و َن بعض ‪%%‬هم‪%‬‬
‫الناس ك‪%َّ %‬ل ذلك إلينا وإ ّنهم ما اس‪%%‬تحيون عن‬ ‫ويرجع‪ُ %‬‬ ‫بعضاً َوَي ْفتَُر ْو َن على اهلل ويكذبون في أكثر أقوالهم‪ُ ،‬‬
‫‪%‬ار‬
‫ظهَ ‪%َ % %‬ر آث ‪ُ % %‬‬
‫‪%‬ق ب ‪%% %‬أن َي ْ‬
‫اهلل وي ‪%% %‬تركون ما أم ‪%% %‬رهم اهلل ويرتكب ‪%% %‬ون ما ُنه ‪%% %‬وا عنه بعد الّ ‪%% %‬ذي ينبغي ألهل الح ‪ّ % %‬‬
‫الخضوع عن‬

‫‪49‬‬
‫‪%‬دي اهلل ويك‪%%‬ون ممت‪%%‬ازاً‬
‫‪%‬وار الق‪%%‬دس من طلع‪%%‬اتهم‪ ،‬ويمش‪%%‬وا في األرض بمثل من يمشي بين ي‪ّ %‬‬
‫وجوههم وأن‪%ُ %‬‬
‫والسكنات‪ ،‬بحيث يشاهدوا آثار القدرة بعيونهم وي‪%%‬ذكروا‪ %‬اهلل‬
‫عن ك ّل َمن علی األرض بجميع الحركات ّ‬
‫ض ‪ْ %‬و َن علی‬
‫بألس‪%%‬نهم وقل‪%%‬وبهم ويمش‪%%‬وا‪ %‬إلی أوط‪%%‬ان الق‪%%‬رب ب‪%%‬أرجلهم ويأخ‪%%‬ذوا أحك‪%%‬ام اهلل بأي‪%%‬اديهم‪ ،‬ولو َي ْم ُ‬
‫الفضة ما َي ْعتَُن ْو َن بهما وال يلتفتون إليهما‪.‬‬
‫وادي ال ّذهب ومعادن ّ‬
‫وإ ن ه ‪%% %‬ؤالء أعرض ‪%% %‬وا عن ك‪ّ % % %‬ل ذلك وأقبل ‪%% %‬وا إلی ما تَه ‪%% %‬وى به ه ‪%% %‬واهم‪ ،‬وإ ّنهم في وادي ِ‬
‫الك‪%% %‬بر‬ ‫‪۸۲‬‬
‫ّ‬
‫‪%‬أن اهلل ك ‪%%‬ان بريء عنهم ونحن ُب ‪%َ %‬رءاء‪ ،‬ونس ‪%%‬ئل اهلل ب ‪%%‬أن ال يجمعنا‬ ‫ٍ‬
‫‪%‬هد حينئ ‪%%‬ذ ب ‪ّ %‬‬‫والغ ‪%%‬رور‪ %‬لَيهيم ‪%%‬ون‪ .‬وأش ‪ُ %‬‬
‫الحق ال إله إالّ هو‪ ،‬وإ ّنه كان علی ك ّل شيء قدير‪.‬‬ ‫وإ ّياهم ال في الّدنيا وال في اآلخرة‪ ،‬إ ْذ ّإنه هو ّ‬

‫‪%‬أن بح ‪%%‬ور‪ %‬العظمة‬


‫‪%‬رب يا أخي من ه‪%%%‬ذا الم‪%%%‬اء الّ‪%%%‬ذي أجرين‪%%%‬اه في أبحر تلك الكلم ‪%%‬ات‪ ،‬ك ‪ّ %‬‬
‫إذاً فاش‪%ْ %%‬‬ ‫‪۸۳‬‬
‫ك عن‬
‫عما َي ْح ُجُب َ‬
‫فاخلع ثيابك ّ‬
‫ْ‬ ‫فإنك‬
‫االحدية مشع َشعات لها وبها وعليها‪ّ .‬‬
‫ّ‬ ‫متموجات فيها وجواهر‬
‫ّ‬

‫‪50‬‬
‫‪%‬ف من أح‪%% %‬د‪ ،‬وتو ّكل‬
‫ثم ادخل فيها وال تخ‪ْ % %‬‬ ‫ُّ‬
‫ال‪%ّ % %‬دخول في ه‪%% %‬ذا البحر الل ّج ّي الحم‪%% %‬راء‪ ،‬فَ ُق‪%ْ % %‬ل بسم اهلل وباهلل‪ّ ،‬‬
‫فإنه هو يحفظك وتكون فيه من اآلمنين‪.‬‬
‫ومن يتو ّكل على اهلل فهو َح ْسُبهُ‪ّ ،‬‬
‫ربك‪َ ،‬‬
‫على اهلل ّ‬

‫الك خاض ‪%%‬عاً لك‪ّ % %‬ل الوج ‪%%‬وه وخاش‪%%%‬عاً لك ‪ّ %%‬ل‬


‫‪%‬أن في ه‪%%%‬ذه المدينة األلطف األبهى تجد ال ّس ‪َ %%‬‬
‫اعلم ب‪ّ %%‬‬
‫ثم ْ‬ ‫ّ‬ ‫‪۸٤‬‬
‫ألنه ال يش‪%%‬هد ش‪%%‬يئاً إالّ وقد ي‪%%‬رى اهلل في‪%%‬ه‪ ،‬ويش‪%%‬هد ن‪%%‬وره فيما أح‪%%‬اطت أن‪%%‬وار الظّه‪%%‬ور‪ %‬على ط‪%%‬ور‬
‫األش‪%%‬ياء‪ّ ،‬‬
‫يتقدم علی‬
‫حق عليه بأن ال يجلس علی صدور‪ %‬المجالس الفتخار‪ %‬نفسه‪ ،‬وال ّ‬ ‫الممكنات‪ .‬وفي ذلك المقام ٌّ‬
‫‪%‬دي م ‪%% %‬واله‪ ،‬وال يرضى‪ %‬لوج ‪%ٍ % %‬ه ما ال يرضى‬
‫نفس الس ‪%% %‬تكبار‪ %‬نفس ‪%% %‬ه‪ ،‬ويش ‪%% %‬هد‪ %‬نف َس‪% % %‬ه في ك‪ّ % % %‬ل حين بين ي ‪ّ % %‬‬
‫ح ُرك‪ %‬في‬
‫وي ْ ‪%‬‬ ‫يحب ألح‪%ٍ %‬د ما ال ُي ّ‬
‫حبه لنفسه َ‬ ‫لوجه‪%%‬ه‪ ،‬وال يق‪%%‬ول ألح‪%ٍ %‬د ما ال يق‪%%‬در أن يس‪%%‬معه من غ‪%%‬يره‪ ،‬وال ّ‬
‫البداء‪.‬‬
‫األرض علی خيط الاستوا في ملكوت َ‬

‫السالك في أوائل سلوكه‪ ،‬كما ذكرنا من قب ُل‪ ،‬لَيرى التّبديل والتّغيير‪ ،‬وه‪%%‬ذا ح‪ٌّ %‬‬
‫‪%‬ق‬ ‫بأن ّ‬
‫اعلم ّ‬
‫ولكن ْ‬ ‫‪۸٥‬‬
‫بد ُل‬
‫األيام ﴿يوم تُ ّ‬
‫ال ريب فيه كما ُن ّزل في وصف‪ %‬تلك ّ‬

‫‪51‬‬
‫(‪)55‬‬
‫وهذا من ّأيام الّذي ما شهدت العيون بمثلها‪ ،‬فطوبى‪ %‬لمن أدركها وعرف‬ ‫األرض غير األرض﴾‪.‬‬
‫(‪)56‬‬
‫بأيام اهلل﴾‪،‬‬
‫النور و ّذكرهم‪ّ %‬‬
‫ظلمات إلی ّ‬
‫قَ ْدرها‪﴿ .‬ولقد أرسلنا موسى‪ %‬بآياتنا أن أخرج القوم من ال ّ‬
‫وهذا من ّأيام اهلل لو أنتم تعرفون‪.‬‬

‫أقر بغ‪%%‬ير ذلك فقد ألحدَ في‬


‫ومن ّ‬
‫موجود بين يديك‪َ ،‬‬
‫ٌ‬ ‫والمتََب ّدالت‪ %‬لَ‬
‫المتغايرات ُ‬
‫وفي هذا المقام ك ّل ُ‬ ‫‪۸٦‬‬
‫األرض ويجعلها‪ %‬غ‪%%‬ير األرض لَيق‪%%‬در أن‬
‫َ‬ ‫ومن ُيب‪%ّ %‬دل‬
‫أمر اهلل ونازعه في س‪%%‬لطانه وحاربه في حكومت‪%%‬ه‪َ .‬‬
‫الن‪%% %‬ور‬
‫‪%‬النور‪ %‬و ّ‬
‫‪%‬تعجب عن ذلك كما ب‪%ّ % %‬دل الظّلمة ب‪ّ % %‬‬
‫ْ‬ ‫ظهره‪%% %‬ا‪ ،‬وال تس‪% %‬‬
‫يب‪%ّ % %‬دل ك ‪ّ % %‬ل ما عليها وما ُي َ‪%‬ح‪%ّ %‬رك علی َ‬
‫حكم‬
‫ت ُ‬ ‫والضاللة بالهداية والموت بالحيوة والحيوة ب‪%%‬الموت‪ ،‬وفي‪ %‬ذلك المق‪%%‬ام َيثُْب ُ‬ ‫ّ‬ ‫ظلمة والجهل بالعلم‬
‫بال ّ‬
‫طلبت عن ه ‪%%‬ذا ال‪ّ % %‬ذليل من ُس‪% %‬رادق ه ‪%%‬ذا‬ ‫َ‬ ‫إن تك ‪%%‬ون من أهل ه ‪%%‬ذا ال ّس‪% %‬بيل ف ّك‪%ْ %‬ر فيه ِليظهر لك ما‬
‫التّب ‪%%‬ديل‪ْ .‬‬
‫‪%‬ل عن ُك‪ٍّ %‬‬
‫‪%‬ل‬ ‫ألنه يفعل ما يش‪%%‬اء ويحكم ما يريد وال ُيس‪َ%‬ئ ُل عما يفع‪%%‬ل‪ ،‬و ُك‪ٌّ %‬‬ ‫ال‪%ّ %‬دليل‪ ،‬لتك‪%%‬ون فيه من ال ّس‪%‬اكنين‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫(‪)57‬‬
‫ُيسَئ لُون‪.‬‬

‫الرتبة‪ ،‬أي في‬


‫ولكن يا أخي‪ ،‬لَترى في هذه ّ‬ ‫‪۸۷‬‬

‫‪52‬‬
‫حق في مواقعها‪%‬‬ ‫ٍ‬
‫وعالمات متفاوتةً‪ ،‬وكلّها ٌّ‬ ‫ٍ‬
‫مقامات مختلفةً‬ ‫السلوك كما ذكرنا في مدينة الطّلب‪،‬‬
‫ّأول ّ‬
‫ومقاماتها‪ .‬وينبغي‪ %‬لجنابك في هذا المقام بأن تشهد ك ّل األشياء في أماكنها من دون أن تُنزل شيئاً عن‬
‫اسوت هذا ِش ْرك‬
‫الن ِ‬ ‫ودنوها؛ مثالً ّإنك لو تُ ِح ّل الالّ َ‬
‫هوت في ّ‬ ‫وعلوها‪ ،‬أو ترفع شيئاً من مقامها ّ‬
‫صعودها ّ‬
‫هوت في‬
‫صرف‪ ،‬ولكن لو تَ ْذ ُكر الالّ َ‬ ‫اسوت إلی هواء الالّهوت هذا كفر ِ‬
‫َ‬ ‫الن‬
‫محض‪ ،‬ولو تُصعد ّ‬
‫ٌ‬
‫إن جنابك لو تشهد التّبديل في عوالم التّوحيد‪%‬‬ ‫الن ِ‬
‫اسوت لَ ٌّ‬ ‫الالّ ِ‬
‫حق ال ريب فيه‪ .‬أي ّ‬ ‫اسوت في ّ‬
‫َ‪%‬‬ ‫والن‬
‫هوت ّ‬
‫الملك أكبر من ذلك‪ ،‬وإ ْن تَشهد التّبدي َل في مقامه وتعرفه علی ما ينبغي ال بأس‬
‫ب لم يكن في ُ‬
‫هذا َذ ْن ٌ‬
‫عليك‪.‬‬

‫‪%‬أني ما ذك‪%%‬رت حرف‪%‬اً‪%‬‬


‫ربي‪ %‬كلّما ألقين‪%%‬اك من أس‪%%‬رار البي‪%%‬ان ومقام‪%%‬ات التّبي‪%%‬ان في العي‪%%‬ان ك‪ّ %‬‬
‫وإ ّني فَ‪%َ %‬و ّ‬ ‫‪۸۸‬‬
‫من بحر علم اهلل المكنونة وجوهر حكمة اهلل المخزونة‪ ،‬وس‪%%‬نذكر في حينها إذا ش‪%%‬اء اهلل وأراد‪ ،‬وإ ّنه هو‬
‫كل له ذاكرون‪.‬‬‫ذاكر ك ّل شيء في مقامها‪ ،‬وإ ّنا ٌّ‬

‫بأن طير التّي تطير في هواء الجبروت‬


‫اعلم ّ‬
‫ثم ْ‬
‫ّ‬ ‫‪۸۹‬‬

‫‪53‬‬
‫ق فواكه التي خلق اهلل فيها‪ ،‬ولن تقدر أن‬
‫لن تقدر أن تطير في سماء قدس الالّهوت‪ ،‬ولن تقدر أن تَ ْم ُذ َ‬
‫األيام عن‬
‫تشرب أنهار التّي جرت فيها‪ ،‬ولو تشرب قطرة منها لتموت في الحين‪ ،‬كما تشهد في تلك ّ‬
‫وكأنهم‪ %‬في‬
‫يدعون‪ّ ،‬‬
‫ويدعون ما ّ‬
‫الّذين ينسبون أنفسهم إلينا ويفعلون ما يفعلون ويقولون ما يقولون ّ‬
‫ميتون‪.‬‬
‫حجباتهم ّ‬
‫‪%‬اعرف ك‪ّ %‬ل المقام‪%%‬ات واإلش‪%%‬ارات وال‪%ّ %‬دالالت لتع‪%%‬رف ك‪ّ %‬ل ش‪ٍ %‬‬
‫‪%‬يء في مكانه وتجد ك‪ّ %‬ل أمر‬ ‫ْ‬ ‫ك‪%%‬ذلك ف‪%‬‬ ‫‪۹۰‬‬
‫األحدية‪ ،‬رجا ٌل قد ركبوا على ُفْل ِك الهداية وس‪%%‬افروا في مع‪%%‬ارج‬
‫ّ‬ ‫في مقامه‪ .‬ولهذا المقام‪ ،‬أي مقام مدينة‬
‫‪%‬رار الجالل من هي‪%% %‬اكلهم‪ ،‬وتجد روائح المسك من‬ ‫‪%‬وار الجم‪%% %‬ال عن وج‪%% %‬وههم‪ %‬وأس‪%َ % %‬‬ ‫األحدي‪%% %‬ة‪ ،‬وتش‪%% %‬هد أن‪َ % %‬‬
‫ّ‬
‫لطنة في مش ‪%%%‬يهم وحرك‪%% %‬اتهم وس ‪%%%‬كونهم‪ %،‬وال يحجبك أعم‪%% %‬ال ال‪%% %‬ذين هم ما‬ ‫كلم‪%% %‬اتهم‪ ،‬وتالحظ‪ %‬آي‪%% %‬ات الس‪ِ %%%‬‬
‫ّ‬
‫ويفس‪%% %‬دون في‬‫ص ‪% %‬افية وما وص‪%% %‬لوا‪ %‬إلی م‪%% %‬دائن القدس‪%ّ % %‬ية‪ ،‬ويتّبع‪%% %‬ون‪ %‬أه‪%% %‬واء أنفس‪%% %‬هم ُ‬
‫ش‪%% %‬ربوا‪ %‬من عي‪%% %‬ون ال ّ‬
‫بأنهم ُمهتدون‪ .‬هم الّذين ورد في‬
‫وي ْح َسُب ْو َن ّ‬
‫األرض َ‬

‫‪54‬‬
‫(‪)58‬‬
‫السفر وهذا المقام وهذا‬
‫ومراتب هذا ّ‬ ‫﴿ه َم ٌج ُرعاعٌ أتباع ك ّل ناعق يميلون بك ّل ريح﴾‪.‬‬
‫شأنهم‪َ :‬‬
‫ومشهود عند حضرتك‪ ،‬ال يحتاج إلى تطويل الكالم‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫معلوم عند جنابك‬
‫ٌ‬ ‫الوطن‬

‫ب إلی نفسه من أسماء‬


‫والنقطة األوّ ّلية َن َس َ‬
‫بأن شمس الحقيقة ّ‬
‫وسمعت ّ‬
‫َ‬ ‫شهدت‬
‫َ‬ ‫بأن كلّما‬
‫اعلم ّ‬
‫ثم ْ‬
‫ّ‬ ‫‪۹۱‬‬
‫والصفات يطوفُ َّن‬
‫ّ‬ ‫القَْبل لم يكن ذلك إالّ من ضعف العباد وهندسة عوالم اإليجاد‪ ،‬وإ الّ ك ّل األسماء‬
‫وم ْعِل ُن‬
‫ت ال ّذوات ُ‬
‫وم َذ ِّو ُ‪%‬‬
‫الصفات ُ‬
‫ومظهر‪ّ %‬‬ ‫ربي األسماء ُ‬ ‫وي ُد ْو ُر َّن في ِفناء َح َرمه‪ ،‬بل هو ُم ّ‬
‫حول ذاته َ‬
‫دونه مفقود عنده ومعدوم‪ %‬في‬ ‫تجد ما َ‬ ‫سرك لَ ْ‬ ‫تشهد بعين ّ‬
‫ْ‬ ‫إن جنابك لو‬
‫طِّر ُز العالمات‪ ،‬بل ّ‬ ‫وم َ‬
‫اآليات ُ‬
‫وعز كان‬
‫بأنه ج ّل ّ‬
‫ت ّ‬ ‫ولما ثَُب َ‬
‫ساحته‪﴿ ،‬كان اهلل ولم يكن معه من شيء واآلن كان بمثل ما قد كان﴾‪ّ .‬‬
‫إذا تف ّك ْر فيما ألقيناك ِلتظهر لك‬
‫حكم التّبديل والتّغيير؟ وإ ّنك ً‬ ‫ٍ‬
‫ولم يكن معه من شيء‪ ،‬كيف َيجري ُ‬
‫الزاهدين‪.‬‬
‫األزلية‪ ،‬وتكون فيه من ّ‬
‫ّ‬ ‫الصبح‬
‫شمس الهداية في هذا ّ‬

‫‪55‬‬
‫‪%‬أن ك ‪ّ % %‬ل ما ذكرنا في ذكر األس‪%% %‬فار لم يكن إالّ لألحب‪%% %‬ار من األخي‪%% %‬ار‪ ،‬وإ ّنك لو ت‪%% %‬ركب‬
‫اعلم ب‪ّ % %‬‬
‫ثم ْ‬ ‫ّ‬ ‫‪۹۲‬‬
‫طلع علی األس‪%‬رار من قبل أن ترتدّ‬
‫اإللهي لَتقطع ك‪ّ %‬ل األس‪%‬فار وت ّ‬
‫ّ‬ ‫المعنوي وتسير‪ %‬في ح‪%‬دائق‬
‫ّ‬ ‫على ُبراق‬
‫إليك األبصار‪.‬‬

‫‪%‬اركض في ممالك اإليق‪%% %‬ان ِلتخلّص نفسك عن‬


‫ْ‬ ‫إن تك‪%% %‬ون من ف‪%% %‬ارس ه‪%% %‬ذا المي‪%% %‬دان ف‪% %‬‬
‫إذاً يا أخي‪ْ ،‬‬ ‫‪۹۳‬‬
‫‪%‬كية من نفح‪%%‬ات ه‪%%‬ذه الحديق‪%%‬ة‪ .‬ومن عطر ه‪%%‬ذه المدينة‬
‫الزم‪%%‬ان وتجد رائحة المس‪ّ %‬‬ ‫س‪%%‬جن ال ّش ‪%‬رك في ه‪%%‬ذا ّ‬
‫تحرم نصيبك وال تكن من الغافلين‪ .‬فنِ ْعم‪ %‬ما قال‪:‬‬
‫ْ‬ ‫العطرية في أقطار‪ %‬العالم‪ ،‬وإ ّنك ال‬
‫ّ‬ ‫تفرقت نسمات‬ ‫ّ‬

‫أنفاس طيبِها‬
‫ق ُ‬ ‫ولَو َعبقَت في ال ّشر ِ‬
‫َ‬ ‫‪۹٤‬‬
‫(‪)59‬‬
‫اد لَه َّ‬
‫الش ُّم‬ ‫لع َ‬
‫زكوم َ‬
‫الغرب َم ٌ‬
‫وفي َ‬

‫الح ْي‪%%‬رة‪ ،‬وه ‪%%‬ذا مق ‪%%‬ام‬


‫ك في حديقة َ‬
‫‪%‬وي َي‪%ْ %‬د ُخ ُل ال ّس ‪%‬ال ُ‬
‫وبعد ه ‪%%‬ذا ال ّس‪%%‬فر اإللهي وه ‪%%‬ذا الع ‪%%‬روج المعن ‪ّ %‬‬ ‫‪۹٥‬‬
‫متحي‪%%‬راً‬
‫‪%‬دي ه‪%%‬ؤالء المش‪%%‬ركين‪ ،‬وص‪%%‬ار ّ‬
‫ُألقي عليك لَتبكي وتن‪%%‬وح علی ه‪%%‬ذا العبد الّ‪%%‬ذي بقي بين ي‪ْ %‬‬
‫الّ‪%%‬ذي لو ْ‬
‫المتحيرين‪ ،‬بحيث في ك ّل‬
‫ّ‬ ‫في أمره ويكون في هذه اللُّ ّجة لَمن‬

‫‪56‬‬
‫يوم يشاورون في قتلي وفي‪ %‬ك ّل ساعة يريدون خروجي‪ %‬عن هذه البلد كما أخرجوني‪ %‬عن البالد‪ ،‬وهذا‬
‫العبد أكون حاضراً بين يديهم وأنتظر ما قضى اهلل علينا َو َح َك َم بنا وقَ ّدر‪ %‬ألنفسنا‪ ،‬وما أخاف من أحد‪،‬‬
‫والض ّراء من أهل البغي والبغضاء‪ ،‬وأغشت األحزان‬
‫ّ‬ ‫َأح َذ ُر من نفس مع ما أحاطتنا‪ %‬من البأساء‬
‫وما ْ‬
‫في تلك األزمان‪:‬‬
‫كأد ُمعي‬
‫نوح عند َنوحي ْ‬
‫وفان ٍ‬
‫فَطُ ُ‬
‫لوعتي‬ ‫ِ‬
‫الخليل َك َ‬ ‫ِ‬
‫نيران‬ ‫إيقاد‬
‫و ُ‬
‫بث أقلَّه‬
‫يعقوب ّ‬ ‫ني ما‬
‫ُ‬ ‫وح ْز َ‬
‫ُ‬
‫(‪)60‬‬
‫وك ّل َبالَ ّأي ِ‬
‫وب بعض َب ّليتي‬
‫‪%‬أن ينقطع عنك ك‪ّ % %‬ل األذك ‪%%‬ار‬‫النازلة والقض ‪%%‬ايا‪ %‬ال ‪%%‬واردة لَتح ‪%%‬زن علی ش ‪ٍ %‬‬
‫ولو أذكر لجنابك الباليا ّ‬ ‫‪۹٦‬‬
‫ت إظه‪%% %‬ار‬ ‫َّ‬
‫لما ما أردنا لجنابك ذلك ل‪%% %‬ذا َغط ْي ُ‬
‫المل‪%% %‬ك‪ .‬وإ ّنا ّ‬
‫وتغفل عن وج‪%% %‬ودك وعن ك ‪ّ % %‬ل ما خلق اهلل في ُ‬
‫يتحرك في أرض اإلنشاء ليكون مكنوناً‪ %‬في ُسرادق‪ %‬الغيب إلى أن‬ ‫عما ّ‬ ‫القضاء في كبد البهاء واحتجبتُهُ ّ‬
‫ب عن علمه من شيء ال في‬ ‫ُيظ ِهر اهلل ّ‬
‫سره إذ ﴿ال َي ْع ُز ُ‬

‫‪57‬‬
‫(‪)60‬‬
‫السموات وال في األرض وإ ّنه كان بك ّل شيء رقيب﴾‪.‬‬
‫ّ‬

‫كنا فيه في ذكر ه‪%%‬ذه المدين ‪%‬ة‬


‫لما َب ُع‪%ْ %‬دنا عن ذكر المقص‪%%‬ود تركنا اإلش‪%%‬ارات ورجعنا إلى ما ّ‬
‫وإ ّنا ّ‬ ‫‪۹۷‬‬
‫التّي من دخل فيها َن َجى ومن أعرض عنها َهلك‪.‬‬

‫متحي‪%%‬راً في آث‪%%‬ار‬
‫‪%‬أن من دخل في ه‪%%‬ذا ال ّس ‪%‬فر يك‪%%‬ون ّ‬
‫‪%‬اعرف يا ّأيها الم‪%%‬ذكور في ه‪%%‬ذه األل‪%%‬واح ب‪ّ %‬‬
‫ْ‬ ‫ف‪%‬‬ ‫‪۹۸‬‬
‫الح‪%‬يرة من ك‪ّ %‬ل الجه‪%%‬ات ومن جميع األط‪%%‬راف‪ %‬كما ش‪%%‬هد ب‪%%‬ذلك‬
‫ق‪%%‬درة اهلل وب‪%%‬دائع آي‪%%‬ات ص‪%%‬نع اهلل‪ ،‬ويأخ‪%%‬ذه َ‪%‬‬
‫تحيراً﴾‪ )62(،‬فنِعم ما قال‪:‬‬
‫زدني فيك ّ‬‫﴿رب ْ‬
‫ّ‬ ‫جوهر البقاء في َمأل األعلی في قوله‪:‬‬

‫حبك مذهباً‬
‫اخترت ّ‬
‫ُ‬ ‫احترت حتّى‬
‫ُ‬ ‫وما‬ ‫‪۹۹‬‬
‫(‪)63‬‬
‫فواحيرتي لو لم تكن فيك حيرتي‪%‬‬

‫السالكون وتهلكون‪ ،‬ولن تقدروا أن تصلوا إلى مثواهم‪ .‬اهلل أكبر من‬
‫وفي ذلك الوادي تضلّون ّ‬ ‫‪۱۰۰‬‬
‫كأنك لن تجد له من أو ٍل وال من ِ‬
‫آخر‪،‬‬ ‫عظمة هذا ِ‬
‫الواد ومن وسعة هذه المدينة في جبروت اإليجاد‪ّ ،‬‬
‫ّ‬

‫‪58‬‬
‫اإللهية‬
‫ّ‬ ‫طي هذه األرض الطّّيبة في هذه المدينة‬
‫وأيده اهلل على ّ‬
‫ثم بشرى‪ %‬لمن َك ُم َل فيها َسفَ ُرهُ‪ّ ،‬‬
‫فَُبشرى‪ّ %‬‬
‫رب العالَمين‪.‬‬
‫المقربين والمخلصين‪ ،‬ونقول الحمد هلل ّ‬
‫تتحير فيها ك ّل ّ‬
‫التّي ّ‬

‫ويريد‪ %‬أن يتع‪%%‬ارج إلى وطن اإللهي لَي‪%%‬دخل‬


‫‪%‬رابي‪ُ ،‬‬
‫ولو يتع‪%%‬ارج العبد ويس‪%%‬افر عن ه‪%%‬ذا ال‪%%‬وطن التّ‪ّ %‬‬ ‫‪۱۰۱‬‬
‫من ه ‪%% %‬ذه المدينة إلی مدينة الفن ‪%% %‬اء لفنائه عن نفسه وبقائه باهلل‪ .‬وال ّس‪% % %‬الك‪ %‬في ه ‪%% %‬ذا المق ‪%% %‬ام وه ‪%% %‬ذا ال ‪%% %‬وطن‬
‫الم ْحو الك‪%%%‬برى لَينسى نفسه وروحه وجس ‪%%‬ده وذاته َوَي ْس‪َ% %‬ب ُح في ُقل ‪%%‬زم الفَن‪%%%‬اء‬
‫البحت األعلى وه‪%%%‬ذا ال ّس‪%%‬فر َ‬
‫‪%‬ار الوج‪%%‬ود‪ %‬الض‪%%‬محالله عن ممالك‬
‫ويكون في األرض كمن لم يكن شيئاً مذكوراً‪ ،‬ولن يشهد أح‪%ٌ %‬د منه آث‪َ %‬‬
‫ال ّشهود ولبلوغه إلی مقامات المحو‪.‬‬

‫ولو ّأنا ن‪%%‬ذكر أس‪%%‬رار ه‪%%‬ذه المدينة لَتف‪%%‬نى ممالك الف‪%‬ؤاد ِلك‪%%‬ثرة ش‪%%‬وق أهلها إلی ه‪%%‬ذا المق‪%%‬ام ال ّس‪%‬داد‪،‬‬ ‫‪۱۰۲‬‬
‫الصادق‪ ،‬وظهور إشراق أنوار المحبوب للحبيب الفارغ‪.‬‬
‫ألن هذا المقام مقام تجلّي المعشوق للعاشق ّ‬
‫ّ‬

‫المعشوق‬
‫ُ‪%‬‬ ‫وجود حين تجلّي‬
‫ٌ‪%‬‬ ‫وهل يمكن للعاشق‬ ‫‪۱۰۳‬‬

‫‪59‬‬
‫دوام عند وجود‪ %‬المحبوب؟ ال فوالّذي نفسي بيده‪ .‬بل‬
‫بقاء عند ظهور ال ّشمس‪ ،‬أو للحبيب ٌ‬
‫أو للظّ ّل ٌ‬
‫وب ّرها‪ %‬وبحرها وسهلها‪ %‬وجبلها ما يجد‬
‫تفحص في شرق األرض وغربها َ‬
‫السالك في هذا المقام لو ّ‬
‫ّ‬
‫لشدة فنائه في ُموجده ولطافة محوه في بارئه‪.‬‬
‫نفسه وال نفس غيره ّ‬
‫َ‬

‫فس ‪%% %‬بحان اهلل! ل ‪%% %‬وال خ ‪%% %‬وفي‪ %‬من نم ‪%% %‬رود‪ %‬الظّلم وحفظي لخليل الع ‪%% %‬دل ُأللقي عليك ما ُيغنيك عن‬ ‫‪۱۰٤‬‬
‫يقربك إلى ه‪%%%‬ذه المدينة حين َغ ْفلة عن نفسك وه ‪%%‬واك‪ ،‬ولكن أص ‪%%‬بر حتّى ي ‪%%‬أتي اهلل‬ ‫دونك وَألق‪%%%‬رأ‪ %‬لك ما ّ‬
‫‪%‬اني من قُ ُمص المع ‪%%‬اني‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫(‪)64‬‬
‫الروح ‪ّ %‬‬‫ص‪%%‬ابرين بغ ‪%%‬ير حس ‪%%‬اب‪ .‬إذاً فأنش‪ْ %%‬ق رائحة ّ‬ ‫ب ‪%%‬أمره‪ ،‬وإ ّنه هو يج ‪%%‬زي ال ّ‬
‫إن أنتم إلى مع‪%% %‬ارج البق‪%% %‬اء تتع‪%% %‬ارجون‪،‬‬
‫أن أس‪%% %‬رعوا للّ‪%% %‬دخول في مدينة البق‪%% %‬اء ْ‬
‫وق‪%ْ % %‬ل يا أهل لُجَّة الفن‪%% %‬اء‪ْ ،‬‬
‫(‪)65‬‬
‫﴿إنا للّه وإ ّنا إليه راجعون﴾‪.‬‬ ‫ونقول‪ّ :‬‬

‫والرتبة األعظم األس ‪%% %‬نى ي ‪%% %‬دخل في مدينة البق ‪%% %‬اء على البق ‪%% %‬اء‪.‬‬
‫ومن ذلك المق ‪%% %‬ام األعلى األعلى ّ‬ ‫‪۱۰٥‬‬
‫نفسه علی عرش‬
‫ك َ‬ ‫السال ُ‬
‫وفي ذلك المقام يشهد ّ‬

‫‪60‬‬
‫(‪)66‬‬
‫حكم ما ُذكر من قب ُل‪﴿ :‬يوم ُيغني اهلل كالًّ من سعته﴾‪.‬‬
‫ظهَ ُر له ُ‬
‫وكرسي االستعالء‪ ،‬إذاً َي ْ‬
‫ّ‪%‬‬ ‫االستغناء‬
‫الركن الحمراء‪.‬‬
‫فهنيئاً لمن وصل إلی هذا المقام‪ ،‬وشرب من هذا الكأس البيضاء في هذا ّ‬

‫لما اس ‪%%‬تغرق‪ %‬في ْأب ُحر البق ‪%%‬اء‪ ،‬واس ‪%%‬تفرغ‪ %‬ف‪% %‬ؤ َادهُ عن ك‪ّ % %‬ل ما س ‪%%‬واه‪،‬‬
‫‪%‬إن ال ّس‪% %‬الك في ه ‪%%‬ذا ال ّس‪% %‬فر ّ‬
‫ف‪ّ %‬‬ ‫‪۱۰٦‬‬
‫واس‪%‬تبلغ إلی مع‪%‬ارج الحي‪%‬وة ال ي‪%‬رى الفن‪%‬اء لنفسه وال لغ‪%‬يره أب‪%‬داً‪ .‬ويش‪%‬رب‪ %‬عن ك‪%‬أس البق‪%‬اء‪ ،‬ويمشي في‬
‫الدائمة من‬
‫أرض البق‪%% %‬اء‪ ،‬ويط‪%% %‬ير‪ %‬في ه‪%% %‬واء البق‪%% %‬اء‪ ،‬ويج‪%% %‬الس مع هياكل البق‪%% %‬اء‪ ،‬ويأكل من نعمة الباقية ّ‬
‫األزلية‪ ،‬ويكون من أهل البقاء في ُعلی البقاء بالبقاء مذكوراً‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الدائمة‬
‫ّشجرة ّ‬

‫وك ‪ّ %‬ل ما يك‪%%‬ون في ه‪%%‬ذه المدينة لَباقي ‪%‬ةٌ دائم ‪%‬ةٌ ال َيف‪%%‬نى‪ .‬وأنت لو ت‪%%‬دخل ب‪%%‬إذن اهلل في ه‪%%‬ذه الحديقة‬ ‫‪۱۰۷‬‬
‫ب أب‪%%‬داً‪ ،‬وك‪%%‬ذلك قمرها‪ %‬وأفالكها‬
‫ف وال َت ْغ ُر ُ‬
‫الزوال بحيث ال تُ ْك َس ُ‬
‫العالية المتعالية لَتجد شمسها في قطب ّ‬
‫وأب ُح ُرها وك‪ّ % % % %‬ل ما فيها وبه ‪%% % %‬ا‪ .‬وإ ّني فواهلل الّ ‪%% % %‬ذي ال إله إالّ هو لو أذكر لك ب ‪%% % %‬دايع‬
‫وأنجمها وأ ْش‪ُ % % % %‬ج ُرها‪ْ %‬‬
‫أوصاف‬

‫‪61‬‬
‫الدائمة‪ ،‬ولكن‬
‫ب فؤادي لهذه المدينة الطّّيبة ّ‬ ‫ٍ‪%‬‬
‫يومئذ إلی آخر الّذي ال آخر له ما َي ْف َرغُ ُح ُّ‬ ‫هذه المدينة من‬
‫األسرار في اإلجهار من دون ٍ‬
‫إذن من اهلل‬ ‫ُ‬ ‫ظهَ ُر‬
‫طالب‪ ،‬ولئالّ تَ ْ‬
‫أختم القو َل لضيق الوقت وتعجيل ال ّ‬
‫المقتدر القهّار‪.‬‬

‫‪%‬أن َم ْن ُيظه‪%% %‬ره اهلل مع ه‪%% %‬ذه المدينة َي‪ِ % %‬‬


‫‪%‬نزل من س‪%% %‬ماء‬ ‫الموح‪%%‬دون في قيامة األخ‪%% %‬رى ب‪ّ % %‬‬
‫ّ‪%‬‬ ‫َو َس ‪َ% %‬ي ْنظُ ُ‪%‬ر‬ ‫‪۱۰۸‬‬
‫ض‪%ُ %‬ر بين يديه ويف‪%%‬وز‪ %‬بلقائ‪%%‬ه‪ ،‬وإ ّنا ك‪%ٌّ %‬ل ب‪%%‬ذلك آمل‪%%‬ون‪،‬‬
‫الغيب مع مالئكة المق‪%ّ %‬ربين الع‪%%‬الّين‪ ،‬فط‪%%‬وبى‪ %‬لمن َي ْح ُ‬
‫كل إليه منقلبون‪.‬‬ ‫الحق‪ ،‬وإ ّنا ٌّ‬
‫ونقول الحمد هلل إذ هو ّ‬

‫‪%‬أن الواصل في ه ‪%%‬ذه المقام ‪%%‬ات والمس ‪%%‬افر‪ %‬في ه ‪%%‬ذه األس ‪%%‬فار لو يناله في ال ّس‪% %‬بيل من‬
‫ثم اع ‪%%‬رف ب ‪ّ %‬‬
‫ّ‬ ‫‪۱۰۹‬‬
‫ِ‬
‫ك ْب ٍر أو غرور لَيهلك في الحين‪ ،‬ويرجع‪ %‬إلی قَدم ّ‬
‫األول من دون أن يعرف ذلك‪.‬‬

‫وعالمة الواص‪%%‬لين والمش‪%%‬تاقين في ه‪%%‬ذه األس‪%%‬فار أن ُيخفض‪%%‬وا جن‪%%‬احهم للّ‪%%‬ذين آمن‪%%‬وا باهلل وآيات‪%%‬ه‪،‬‬
‫خضعوا‪ %‬ذواتهم للّذين استقروا على ر ْفر ِ‬ ‫نجعوا أنفسهم للّذين استقربوا‪ %‬إلی اهلل ومظاهر جماله‪ ،‬وي ِ‬
‫ف‬ ‫َ َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫وي ِ ُ‬
‫ُ‬

‫‪62‬‬
‫أمر اهلل وعظمته‪.‬‬

‫ألنهم لو يتع ‪%%‬ارجون إلى غاية القص ‪%%‬وى في س ‪%%‬لوكهم إلى اهلل ووص ‪%%‬ولهم‪ %‬إليه لن يص ‪%%‬لوا إالّ إلى‬ ‫ّ‬ ‫‪۱۱۰‬‬
‫ت‬‫ت لهم وما ُخِلقَ ْ‬
‫‪%‬ارج ّن إلی مقام ‪%%‬ات الّ ‪%%‬تي ما قُ ‪%ِّ %‬د َر ْ‬ ‫ِ‬
‫‪%‬دتهن‪ ،‬فكيف َيق‪%%%‬د ُر ّن أن يتع‪ُ %%‬‬‫مق‪%ّ %%‬ر الّ‪%%%‬ذي ُخلقَت في أفئ‪ّ %%‬‬
‫لش‪%%‬أنهم؟ ولو يس‪%%‬افرون من األزل إلى األبد لن يص‪%%‬لوا إلی قطب الوج‪%%‬ود ومركز‪ %‬الموج‪%%‬ود الّ‪%%‬ذي ج‪%%‬رى‬
‫بحور العظمة وعن يساره شطوطُ القدرة‪ .‬ولن يقدر أح‪%ٌ %‬د أن ي‪%%‬نزل ِبفنائ‪%%‬ه‪ ،‬وكيف إلی مقام‪%%‬ه؟‬ ‫عن يمينه ُ‬
‫الن‪%%‬ار‪ .‬فكيف‬‫الن‪%%‬ار‪ ،‬ويمشي في ه‪%%‬واء ّ‬ ‫الن‪%%‬ار في ك‪%%‬رة ّ‬
‫ي علی بحر ّ‬ ‫وهو ك‪%%‬ان س‪%%‬اكناً في ُفْل‪%ِ %‬ك ّ‬
‫الن‪%%‬ار‪َ ،‬وَي ْس‪ِ %‬ر ْ‬
‫ب بها‪ ،‬وإ ْن َي ْق ُر ْبها لَيحترق في الحين‪.‬‬
‫النار أو َي ْق ُر َ‬
‫يقدر َم ْن ُخلق باألضداد أن يدخل في ّ‬

‫‪%‬أن ه‪%‬ذا القطب األعظم لو يقطع خيط َ‪%‬م‪%‬دده عن ك‪ّ %‬ل َمن في ال ّس‪%‬موات واألرض لتنع‪%‬دم‬
‫اعلم ب‪ّ %‬‬
‫ثم ْ‬ ‫ّ‬ ‫‪۱۱۱‬‬
‫يظنون في أنفسهم‪ ،‬وتعالی‪%‬‬
‫عما ّ‬
‫رب األرباب‪ .‬فسبحان اهلل ّ‬
‫هن‪ ،‬فسبحان اهلل! كيف يصل التّراب إلی ّ‬
‫كلّ ّ‬
‫عما هم يذكرون‪.‬‬
‫ّ‬

‫‪63‬‬
‫الحب بحيث‬
‫ّ‬ ‫إن ال ّس‪%‬الك يتع‪%‬ارج إلی مق‪%‬ام الّ‪%‬ذي ال غاية له فيما قُ ّ‪%‬در ل‪%‬ه‪ ،‬ويجد في قلبه ن‪%‬ار‬
‫َبلَى‪ّ ،‬‬ ‫‪۱۱۲‬‬
‫حبه م‪%%‬والهُ وإ قباله إلی بارئ‪%%‬ه‪ ،‬بحيث‬
‫يأخذ زم‪%%‬ام االختي‪%%‬ار عن ه‪%%‬ؤالء األخي‪%%‬ار‪ .‬وفي ك‪ّ %‬ل حين ي‪%%‬زداد في ّ‬
‫عدي‪%%‬ة‪ ،‬وك‪%%‬ان له مأل ال ّس ‪%‬موات واألرض من اللؤلؤ‬ ‫الب ّ‬
‫ربية وهو في مغ‪%%‬رب ُ‬ ‫لو ك‪%%‬ان م‪%%‬واله في مش‪%%‬رق القُ ّ‬
‫ص‪%‬فراء لَينفق وي‪%%‬ركض بعينيه ِليصل إلی أرض التّي ك‪%%‬ان المقص‪%%‬ود فيه‪%%‬ا‪ .‬ولو تجد‬ ‫الحم‪%%‬راء وال‪ّ %‬ذهب ال ّ‬
‫اب ُمفتَ ٍر‪ّ .‬إنا ِل َم ْن ُيظهره اهلل في قيامة األخرى‪ ،‬وإ ّنا به لَ ُم ْب َعثُْو َن‪.‬‬
‫بأنه ك ّذ ٌ‬
‫فاعلم ّ‬
‫ْ‬ ‫السالك بغير ذلك‬ ‫ّ‬
‫األي‪%%‬ام لما ما كش ‪%%‬فنا ِ‬
‫الغط ‪%%‬اء عن وجه األمر وما ظهرنا‪ %‬للعب ‪%%‬اد ثم ‪%%‬رات ه ‪%%‬ذه المقام ‪%%‬ات‬ ‫وفي تلك ّ ّ‬ ‫‪۱۱۳‬‬
‫التّي ُمنعنا عن إظهارها‪ ،‬لذا تجدهم في ُسكران الغفلة‪ ،‬وإ الّ لو ُكشف لك ّل َمن على األرض أق ّل من َس ّم‬
‫اإلبره من هذا المقام لَتشهد كيف يجتمعون في ِفناء رحمة اهلل ويركضون من ك ّل األط‪%%‬راف‪ %‬للبل‪%%‬وغ إلی‬
‫عزة اهلل‪ ،‬ولكن أخفينا ِلما ذكرنا من قب ُل‪ ،‬وِليمتاز المؤمنون عن ِ‬
‫المنكرين‬ ‫ف ّ‬ ‫ساحة القرب في َر ْف َر ِ‪%‬‬

‫‪64‬‬
‫القيوم‪.‬‬
‫قوة إالّ باهلل المهيمن ّ‬
‫والمقبلون عن المعرضين‪ ،‬وأقول ال َح ْو َل وال ّ‬

‫ك من ه‪%% %‬ذا المق‪%% %‬ام إلی مدينة التّي لم يكن لها من اس‪%ٍ % %‬م وال رس‪%ٍ % %‬م وال ذك‪%ٍ % %‬ر وال‬ ‫ويس‪%% %‬ترقي ال ّس ‪% %‬ال ُ‬ ‫‪۱۱٤‬‬
‫‪%‬مس الغيب عن أفق الغيب‪ .‬ولها‬ ‫ِ‬ ‫‪ِ %‬‬ ‫ٍ‬
‫بحور الق َ‪%‬دم وت‪%‬دور في ح‪%‬ول الق َ‪%‬دم وتُش‪%‬رق فيها ش ُ‬ ‫صوت‪ ،‬تَجري فيها ُ‬
‫يطلعن من بحر الغيب وي‪%%‬دخلن في بحر الغيب‪ .‬وإ ّني ما أق‪%%‬در‬ ‫أفالك من نفسها وأقمار من نورها‪ %‬كلّهن ِ‬
‫ّ‬
‫عما قُ ‪%ّ % % %‬در فيها وال يطّلع على أس ‪%% % %‬رارها أح ‪%ٌ % % %‬د إالّ اهلل ومظ ‪%% % %‬اهر‪ %‬نفس ‪%% % %‬ه‪ ،‬إ ْذ هو خالقها‬
‫أن أذكر رش ‪%% % %‬حاً ّ‬
‫ومبدعها‪.‬‬
‫ُ‬

‫بأنا حين الّ‪%%‬ذي أردنا أن نتع‪%ّ %‬رض بتلك الكلم‪%%‬ات وكتبنا‪ %‬بعض‪%%‬ها أردنا ب‪%%‬أنْ نف ّس ‪%‬ر لجنابك‬
‫اعلم ّ‬
‫ثم ْ‬
‫ّ‬ ‫‪۱۱٥‬‬
‫‪%‬بيين وعب ‪%%‬ارات المر َس‪%%‬لين بنغم ‪%%‬ات المق ‪%ّ %‬ربين و َرَب‪%%‬وات‪َّ %‬‬
‫المقدس ‪%%‬ين‪،‬‬ ‫الن‪ّ %‬‬
‫ك‪ّ %%‬ل ما ذكرنا من قب‪ُ %%‬ل من كلم ‪%%‬ات ّ‬
‫َ َ‬
‫المهلة من هذا المسافر الّذي جاء من عندكم وكان َعجوالً في األمر‬
‫ولكن ما وجدنا الفرصة وما شهدنا ُ‬
‫الح ْكم‪ ،‬ل‪%%‬ذا قد اقتص‪%%‬رنا واكتفينا وما أتممنا ذكر األس‪%%‬فار بتمامها وما ينبغي لها ويليق به‪%%‬ا‪،‬‬
‫وراكض‪%‬اً‪ %‬في ُ‬
‫بل تركنا ذكر‬

‫‪65‬‬
‫اَألعلََي ْي ِن في‬
‫الرافع إلی مق‪%%%‬ام الّ ‪%%‬ذي تركنا ذكر ال َّس‪% %‬فَرين ْ‬
‫العظمى‪ ،‬وبلغ تعجيل ّ‬
‫م‪%%%‬دائن الك‪%%%‬برى وأس‪%%%‬فار ُ‬
‫والرضاء‪.‬‬
‫التّسليم ّ‬

‫أن جنابك لو تُف ّكر في ه‪%% %‬ذه الكلم ‪%%%‬ات المختص ‪%%%‬رات‪ %‬لَتع‪%% %‬رف ك‪%َّ % %‬ل العل‪%% %‬وم وتصل إلی ِذروة‬
‫ولو ّ‬ ‫‪۱۱٦‬‬
‫كل الوجود‪ %‬من المشهود والمفقود‪.‬‬ ‫المعلوم‪ ،‬وتقول‪ :‬يكفي َّ‬

‫رب‬
‫ونق‪%% % % % %‬ول‪ :‬الحمد هلل ّ‬
‫(‪)67‬‬
‫المحبة لتق‪%% % % % %‬ول‪ :‬هل ِم ْن َمزي‪%% % % % %‬د‪،‬‬
‫ّ‬ ‫و‌لكن لو تجد في نفسك ح‪%% % % % %‬رارة‬ ‫‪۱۱۷‬‬
‫العالمين‪.‬‬

‫‪66‬‬
‫الهوامش‬
‫صفحة خالية‬
‫اإلنجليزية المنشورة سنة ‪.2002‬‬
‫ّ‬ ‫مقدمة الطّبعة‬
‫مترجمة عن ّ‬ ‫(*)‬
‫محمد الع‪%ّ %‬زاوي‪ ،‬من‬
‫رب‪%%‬اني‪ ،‬ترجمه ال‪%ّ %‬دكتور ال ّس‪ّ%‬يد ّ‬
‫ولي أمر اهلل ش‪%%‬وقي أفن‪%%‬دي ّ‬
‫الق‪%%‬رن الب‪%%‬ديع‪ %،‬من آث‪%%‬ار حض‪%%‬رة ّ‬ ‫(‪)1‬‬
‫البهائية في البرازيل‪ ،‬نوروز ‪159‬ب‪2002/‬م؛ ص‪.138‬‬
‫ّ‬ ‫النشر‬
‫منشورات دار ّ‬
‫والعربي‪%%‬ة‪ ،‬هوفم‪%%‬ايم‪ ،‬ألماني‪%%‬ا‪155 ،‬ب‪1998/‬م؛‬
‫ّ‬ ‫البهائية بالفارس‪%ّ %‬ية‬
‫ّ‬ ‫المركزية لنشر اآلث‪%%‬ار‬
‫ّ‬ ‫كت‪%%‬اب اإليق‪%%‬ان‪ ،‬اللّجنة‬ ‫(‪)2‬‬
‫ص‪.17‬‬
‫قارن مع القرآن ‪.3:67‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫قارن مع القرآن ‪.35:24‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫إنجيل متّى‪.19:24 :‬‬ ‫(‪)5‬‬
‫قارن مع إنجيل متّى ‪.31-29:24‬‬ ‫(‪)6‬‬
‫إنجيل مرقس ‪.19:13‬‬ ‫(‪)7‬‬
‫قارن مع إنجيل لوقا ‪.28-25:21‬‬ ‫(‪)8‬‬
‫يوحنا ‪.27-26:15‬‬
‫إنجيل ّ‬ ‫(‪)9‬‬
‫يوحنا ‪.26:14‬‬
‫إنجيل ّ‬ ‫(‪)10‬‬

‫‪69‬‬
‫يوحنا ‪.6-5:16‬‬
‫إنجيل ّ‬ ‫(‪)11‬‬
‫يوحنا ‪.7:16‬‬
‫إنجيل ّ‬ ‫(‪)12‬‬
‫يوحنا ‪.13:16‬‬
‫إنجيل ّ‬ ‫(‪)13‬‬
‫األئمة المعصومين عند ال ّشيعة‪.‬‬
‫إشارة إلى ّ‬ ‫(‪)14‬‬
‫أي المسيح‪.‬‬ ‫(‪)15‬‬
‫قارن مع إنجيل متّى ‪35:24‬؛ وإ نجيل مرقس ‪31:13‬؛ وإ نجيل لوقا ‪.33:21‬‬ ‫(‪)16‬‬
‫ولكنه يخسر في نهاية األمر‪.‬‬
‫ضد حضرته‪ّ ،‬‬
‫الد ّجال يظهر عند ظهور القائم الموعود ليقوم ّ‬
‫أن ّ‬‫ُيعتقد ّ‬ ‫(‪)17‬‬
‫شخصية أخرى ُيعتقد ّأنها ترفع راية الطّغيان بين م ّكة ودمشق عند ظهور القائم الموعود‪.‬‬
‫ّ‬ ‫(‪)18‬‬
‫القرآن‪.43:16 :‬‬ ‫(‪)19‬‬
‫ساحر في بالط فرعون زمن موسى‪.‬‬ ‫(‪)20‬‬
‫القرآن‪6:83 :‬؛ ‪.89:2‬‬ ‫(‪)21‬‬
‫األئمة المعصومين عند ال ّشيعة‪.‬‬
‫إشارة إلى ّ‬ ‫(‪)22‬‬
‫القرآن ‪.2-1:29‬‬ ‫(‪)23‬‬
‫القرآن ‪.156:2‬‬ ‫(‪)24‬‬
‫القرآن ‪.69:29‬‬ ‫(‪)25‬‬
‫القرآن ‪.282:2‬‬ ‫(‪)26‬‬
‫علي بن أبي طالب‪.‬‬
‫حديث لإلمام ّ‬ ‫(‪)27‬‬
‫نفسه‪.‬‬
‫ُ‬ ‫(‪)28‬‬
‫القرآن ‪.30:30‬‬ ‫(‪)29‬‬
‫القرآن ‪.23:48‬‬ ‫(‪)30‬‬
‫القرآن ‪.3:67‬‬ ‫(‪)31‬‬
‫‪70‬‬
‫القرآن ‪.110:17‬‬ ‫(‪)32‬‬
‫القرآن ‪.3:57‬‬ ‫(‪)33‬‬
‫محمد المهدي ابن اإلمام الحسن العسكري‪.‬‬
‫اإلمام الثّاني عشر ّ‬ ‫(‪)34‬‬
‫يعية‪ ،‬فالم‪%%‬دينتان‪ %‬التّ‪%%‬وأم – جابلقا وجابلصا – هما مح‪ّ %‬ل إقامة اإلم‪%%‬ام الغ‪%%‬ائب المنتظر الّ‪%%‬ذي‬
‫الرواي‪%%‬ات ال ّش‪ّ %‬‬
‫حسب ّ‬ ‫(‪)35‬‬
‫سيظهر في يوم القيامة‪.‬‬
‫محمد‪.‬‬
‫النبي ّ‬
‫أي ّ‬ ‫(‪)36‬‬
‫القرآن ‪.40:33‬‬ ‫(‪)37‬‬
‫القرآن ‪.2:13‬‬ ‫(‪)38‬‬
‫القرآن ‪.50:74‬‬ ‫(‪)39‬‬
‫قارن مع القرآن ‪.5:13‬‬ ‫(‪)40‬‬
‫القرآن ‪.7:11‬‬ ‫(‪)41‬‬
‫القرآن ‪.185:3‬‬ ‫(‪)42‬‬
‫القرآن ‪.97:16‬‬ ‫(‪)43‬‬
‫القرآن ‪.169:3‬‬ ‫(‪)44‬‬
‫نبوي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫حديث‬ ‫(‪)45‬‬
‫القرآن ‪.179:7‬‬ ‫(‪)46‬‬
‫قارن مع القرآن ‪109:9‬؛ ‪.103:3‬‬ ‫(‪)47‬‬
‫القرآن ‪.122:6‬‬ ‫(‪)48‬‬
‫يوحنا ‪.7-5:3‬‬
‫إنجيل ّ‬ ‫(‪)49‬‬
‫يوحنا ‪16-14:1‬؛ ‪18:2‬؛ ‪.15:19‬‬
‫قارن مع ّ‬ ‫(‪)50‬‬
‫قارن مع القرآن ‪41:80‬؛ ‪.24:83‬‬ ‫(‪)51‬‬
‫القرآن ‪.112:11‬‬ ‫(‪)52‬‬

‫‪71‬‬
‫قارن مع إنجيل لوقا ‪.53:12‬‬ ‫(‪)53‬‬
‫قارن مع القرآن ‪.4:1‬‬ ‫(‪)54‬‬
‫القرآن ‪.48:14‬‬ ‫(‪)55‬‬
‫القرآن ‪.5:14‬‬ ‫(‪)56‬‬
‫قارن مع القرآن ‪.23:21‬‬ ‫(‪)57‬‬
‫من حديث لإلمام علي بن أبي طالب‪.‬‬ ‫(‪)58‬‬
‫بيت البن الفارض في ديوانه‪.‬‬ ‫(‪)59‬‬
‫نفسه‪.‬‬ ‫(‪)60‬‬
‫قارن مع القرآن ‪61:10‬؛ ‪.3:34‬‬ ‫(‪)61‬‬
‫حديث نبوي‪.‬‬ ‫(‪)62‬‬
‫بيت البن الفارض في ديوانه‪.‬‬ ‫(‪)63‬‬
‫قارن مع القرآن ‪.10:39‬‬ ‫(‪)64‬‬
‫القرآن ‪.156:2‬‬ ‫(‪)65‬‬
‫القرآن ‪.130:4‬‬ ‫(‪)66‬‬
‫قارن مع القرآن ‪.30:50‬‬ ‫(‪)67‬‬

‫‪72‬‬

You might also like