Professional Documents
Culture Documents
كان الداعي إلى كالم الذهلي في اإلمام البخاري، -أن مبنى ذلك على قوة الذاكرة ،وسعة ٌ
ولغة ،فال لسان
ٌ ً
عرقا ،وإمنا هي أن العربية ليست
ُ
أمثال أبي حامت وأبي زرعة الرازيني ،هو ثم تبعه مينع ذلك أن يبرع فيها ويتقنها من لم يكن من
الزعم بأن اإلمام البخاري ممن يقول« :إن اللفظ
احلفظ ،وهي من األمور املشهورة عند
كثير
ٌ أهلها ،وقد برع في لسان العرب (خاصة)
مخلوق» .قال محمد بن يحيى الذهلي: ٌ بالقرآن األممُ ،عرفت عن العرب وغيرهم. أصل عربي ،مثل:
من العلماء الذين لم يكونوا من ٍ
ُ
واللفظية اللفظية،
ِ َ
قول البخاري
ُّ «قد أظهر هذا شيخ العربية سيبويه ،ومثل أبي علي الفارسي.
شر من اجلهمية» .فبان من هذا أن كالم عندي ٌّ -أن قول اإلمام البخاري السابق من دالئل ذكائه ،وقوة
متوجها إلى الطعن
ً الذهلي فيه ومن تبعه ،لم يكن ذاكرته ،وكثرة محفوظاته ،وهذا ما شهد به شيوخه
في إمامته ،بل كان لقضية تتعلق مبسألة ال تعلّق وأقرانه الذين رأوه وعاصروه ،وأخذ عنهم وأخذوا عنه،
لها سواء ثبت كالم خصومه أو لم يثبت. قال عن نفسه« :كتبت عن ألف شيخ وأكثر ،عن كل واحد أنه اتفقت أقوال كبار أئمة العلم في عصره
منهم عشرة آالف وأكثر ،ما عندي حديث إال وأذكر
إسناده». على الثناء عليه ،وأطبقت على اإلشادة
جرحا عد
بفقهه وفهمه وحفظه ،وهذا مما يؤيد ضمنً ا
ً أن قول هؤالء األئمة في اإلمام البخاري ال ُي ُّ
قدحا في صحيحه ،وذلك ملا يلي :أن ً في إمامته ،وال كثيرا،
ً مبكرة ،ورحل
ٍ سن
أنه بلغ الشهرة في ٍ عربيته ،ومتكّ نه منها.
ّ سالمة
األمة أجمعت على إمامته ،وثقته ،وفضله ،ومخالفة وهو مع طول الرحلة ،وإطباق الشهرة ،وكثرة
من خالف في ذلك ال تضر ،وأن مجرد ترك الرواية عن اآلخذين عنه = لم ُيعرف أن ُتكلم فيه من تلك
جرح في عدالته ،أو اإلمام البخاري لم يكن من أجل ثلم في إمامته وال
ٍ بقدح أو ٍ
ٍ الناحية ،أو نبزه
كثيرا، مبكرة ،ورحل
ٍ سن
أنه بلغ الشهرة في ٍ
قدحا في إمامته وأنه ً اتهام لضبطه من جهة الرواية ،أو عربيته. ً
على فرض أن اإلمام البخاري أخطأ في اجتهاده ،فإن
ّ وهو مع طول الرحلة ،وإطباق الشهرة ،وكثرة
احلافظ الكبير ،واإلمام اجملتهد ،يغتفر له ما ال يغتفر أن اإلمام البخاري ما بلغ تلك املنزلة الرفيعة في اآلخذين عنه= لم ُيعرف أن ُتكلم فيه من
لغيره ،وأن هفوته ال تنزله عن إمامته ،وال تنقص من ثلم في إمامته
مرتبته.
العلم والفهم واإلمامة والنقد ،إال جلملة أسباب بقدح أو ٍ
ٍ تلك الناحية ،أو نبزه
جملة األساليب التي ذكرها أهل البيان ،فيمن يروم أن من اجتمعت فيه منها :نقاء سيرته ،وصفاء سريرته، عربيته. وال
همه إلى حفظ القرآن
الفصاحة ،ويتحرى البالغة :أن يصرف َّ
ّ
دواوين فحول وطيب روحه ،وزكاء أنفاسه وما متيز به من النبوغ
عليه، صحيحا،منيوافق
النبوية ,وعدةًٍ
مقصودا
ً األخبار وكثير من
البخاري الكرمي،
لإلمام ٍ أن
واأللفاظٌ . لفظه املعاني
اإلجادة في على شعره املبكر والذكاء املفرط.
مخلوق، بالقرآن يقول :إن غلببأنه ممن
القول الشعراء
وإطالق َّ
أن من جملة األساليب التي ذكرها أهل البيان،
ٌ
مخلوق فهو صحيح ،أما قوله( :لفظي بالقرآن ٍ غير
عد احلديث ترفع اإلشكال احملدثني في ّ
ّ أن فهم طريقة فيمن يروم الفصاحة ،ويتحرى البالغة :أن
كذاب ،فإني لم أقل هذه املقالة ،إال أني قلت :أفعال ٌ
مخلوقة) فلم يكن مقصود اإلمام البخاري في ٌ العباد فعد احلديث عندهم إمنا هو ّ في ِذكْ ر هذا العدد الضخم، وكثير
ٍ همه إلى حفظ القرآن الكرمي، يصرف َّ
اللفظ هو اعتقاد اللفظية الذين يعتقدون أن جبريل وطريق مختلف :قال ابن الصالح في شرحٍ سند
ٍ بحساب كل وعدة من دواوين فحول ٍ من األخبار النبوية,
عبارة البخاري« :هذه العبارة قد يندرج حتتها عندهم ممن غلب على شعره اإلجادة في املعاني
مخلوق ،وهو هذا القرآن املؤلف من ٍ بكالم
ٍ إمنا جاء آثار الصحابة والتابعني ،ورمبا ُع ّد احلديث الواحد املروي
الشعراء َّ
احلروف العربية ،وأن الله تعالى لم يتكلم باحلروف. بإسنادين حديثني». واأللفاظ.
2
:::الفصل الثاني :::
الشبهات المثارة على تصنيف
الصحيح ورواياته
صور االختالف الواقعة: أن الفربري قد وقف على أصل اإلمام البخاري ،واطلع عليه
واحد من أهل العلم ،فقد قال وقد نص على ذلك غير
أن اإلمام البخاري مكث في تصنيفه ست عشرة
-1اختالفات عامة :تتمثل في ترتيب الكتب وأسمائها، ٍ
أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد املستملي« :انتسخت كتاب سنة ،واستغراق التصنيف هذا الزمن الطويل
أو زيادة بعض األحاديث ،وتقدميها أو تأخيرها. أيضا على أنه لم يكتب ً
شيئا في الصحيح إال ٌ
دليل ً
البخاري من أصله ،كان عند محمد بن يوسف الفربري».
-2اختالفهم في األسانيد.
بعد التحري والتثبت.
-3اختالفهم في املتون.
مرات
ٍ أن الفربري سمع الصحيح من اإلمام البخاري ثالث
وبناء على اختصاص الفربري باإلمام البخاري ،وكثرة سماعه
ً
لكتابه الصحيح منه ،ووقوفه على نسخة اإلمام البخاري حدث بكتابه الصحيح في َّ أن اإلمام البخاري
وقد نظر العلماء إلى هذه االختالفات الواقعة األصل؛ تكون روايته نسخة طبق األصل ملا استقر عليها أمم وخالئق ،وهو
مرارا ،وسمعه منه ٌ ً البلدان
في الروايات باعتبارات متعددة ،نوجزها في صحيح البخاري. مرتبا ،وال ميكن أن يتركه
ً مبوبا
ً قد حدث به
النقاط التالية: الجتهاد النساخ.
هل لفقدان النسخة اخلطية لإلمام البخاري من
-أن هذه االختالفات الواقعة في روايات صحيح
كتابه الصحيح أثر على ثبوت الصحيح ونصوصه؟
أن اإلمام البخاري ملا خرج من نيسابور ،وتوجه إلى
البخاري التي هي من قبيل األوهام واألخطاء ،إمنا
بخارى ،بعث األمير خالد بن أحمد الذهلي والي
هي (في الغالب) من ِق َبل الرواة وليست من اإلمام
إلي كتاب اجلامع
بخارى إلى اإلمام البخاري« :أن احمل َّ
البخاري ،كما نص عليه األئمة النقاد. خاصا بكتاب اإلمام البخاري ،فوجود -أن هذا ليس
ًّ والتاريخ وغيرهما ألسمع منك» ،فرد عليه اإلمام
النسخة التي بخط املؤلف عزيز في الكتب القدمية بصفة البخاري بقوله« :أنا ال أذل العلم وال أحمله إلى أبواب
-أن االختالفات التي تتعلق بترتيب الكتب وأسمائها ،أو تقدمي عامة. ٌ
حاجة؛ فاحضرني الناس ،فإن كانت لك إلى شيء منه
أيضا هي من قبيل اجتهاد الرواةبعض األحاديث ،وتأخيرهاً ،
في مسجدي أو في داري ،وإن لم يعجبك هذا فأنت
نسخا متعددة ،وميكن من خالل ً الذين انتسخوا من الكتاب
املقارنة بني الروايات معرفة ترتيبها ومواضعها األقرب إلى وضع سلطان فامنعني من اجمللس؛ ليكون لي عذر عند الله
-أن األحاديث املوجودة في كتاب الصحيح ،لم ينفرد
اإلمام البخاري. بها اإلمام البخاري ،بل رواها غيره من أئمة احلديث،
يوم القيامة؛ ألني ال أكتم العلم».
وأخرجوها في مصنفاتهم وكتبهم.
-أن ما يتعلق باالختالفات الواقعة في األسانيد ،وهي مع
نسبيا مقارنة بغيرها ،فال يوجد فيها ما يترتب ًّ كثرتها أنه اشتهر عن اإلمام البخاري فقهه الدقيق في تراجم
العلماء
ُ قليلة ،وقد تكفَّ ل
ٍ عليه تغيير املعنى ،إال في مواضع -أن العلماء الذين انتقدوا بعض أحاديث الصحيح ،لم أبواب صحيحه ،مما يدل على شفوف ذهنه ،وثاقب
ُّ
والش ّراح بتوجيهها وبيانها ،وإزالة اإلشكاالت الواقعة فيها. يتعرضوا لهذا اجلانب ،لعلمهم أنه أمر غير طاعن في ثبوت فهمه ،ودقة استنباطه ،وبراعته في استخراج احلكم
أحاديث الصحيح ونصوصه.
أو اإلشارة للمسألة التي يتضمنها احلديث ،ومع هذه
الدقة العجيبة ،والترتيب املتقن بني أبواب الكتاب
-أن الوقوف على هذه االختالفات ُيعني اخملتص على حل اإلشكاالت
الواقعة في األسانيدِ ،م ْن َو ْصل املنقطع ،وإرسال احلديث أو وصله،
أحد من العلماء أن رواة الصحيح هم
الواحد؛ لم يذكر ٌ
ً
(خاصة) هو -أن الطريق املعتمد عند احملدثني في ثبوت احلديث
وتبيني سماع املدلس ،وإزالة االضطراب الواقع في السند ،والوقوف الرواية ،فقد كان العصر عصر رواية ،وسماع للحديث ،ورحلة من من قاموا بترتيبه ،وإال ملا اتفقوا على ترتيب واحد،
الرواة املهملني في اإلسناد (وخاصة شيوخ البخاري) ومن على أسماء ُّ أجل لقاء الشيوخ ،وحضور مجالس اإلمالء ،وعناية بالسند. و َل َوقع بينهم اختالف في ن ْ
َس ِخهم للكتاب
أجل ذلك اعتنى ابن حجر بها.
:::الفصل الثاني :::
الشبهات المثارة على تصنيف
الصحيح ورواياته
الفرع الثالث :تقطي���ع احلديث واختصاره، الفرع الثاني :وجود أحاديث مروية باملعنى، الفرع األول :رواية اإلمام البخاري احلديث
وتفريقه على مواضع: وهي من تصرفات الرواة: باملعنى:
4
:::الفصل الثالث :::
الشبهات المثارة على أحاديث
الصحيح وحجيتها
أن اإلمام البخاري قد يخرج عن الراوي املتكلم فيه؛ أن الدولة العباسية كانت من أشد الدول معاداة أن اإلمام البخاري أخرج في صحيحه روايات
باعتبار ضعف النقد املوجه إليه ،أو العتبارات أخرى. للدولة األموية ،فكيف يتصور أن يتأثر اإلمام عدة من مرويات أهل البيت خصص في
البخاري بالدولة األموية ،ويكثر من الرواية عن أبوابا في مناقب أهل البيت ،وذكر
ً صحيحه
أن كثيرا من هؤالء الرواة املتكلم فيهم ،والذين أخرج لهم اإلمام
أبي هريرة انتصارا لها(على زعمهم) ،مع وجود فيها األحاديث الواردة في فضائل علي بن
البخاري ،هم من شيوخه الذين لقيهم وجالسهم ،وعرف محابيا
ًّ الدولة العباسية ،واإلمام البخاري لم يكن أبي طالب وغيره من أهل البيت.
أحوالهم ،واطلع على أحاديثهم وميز جيدها من موهومها. للعباسيني .
6
:::الفصل الخامس :::
الشبهات المثارة على وقوع التعارض
بين أحاديث الصحيح وبين غيرها
وجود أحاديث تنافي وجود أحاديث تعارض أحاديث وجود أحاديث تعارض
العقـــل والعلم الـحديث 3 أخرى صحيحة
2 القرآن الكريم 1