You are on page 1of 8

‫‪ :::‬الفصل األول ‪:::‬‬

‫الشبهات المثارة على اإلمام البخاري‬

‫أعجمي األصل‪ ،‬والعجمة‬ ‫البخاري‬


‫‪2‬‬ ‫ّ‬
‫‪1‬‬
‫تعسر جمع اإلمام البخاري ألحاديث الصحيح‬
‫ّ‬
‫‪3‬‬
‫جماعة من كبار الحفاظ في اإلمام البخاري‬
‫ٍ‬ ‫كالم‬
‫ُ‬
‫مثل‪ :‬الذهلي وأبي حاتم وأبي زرعة الرازيين‬ ‫من ستمائة ألف رواية في ست عشرة سنة‬ ‫تمنعه من تمام الفهم والتحقيق‬

‫كان الداعي إلى كالم الذهلي في اإلمام البخاري‪،‬‬ ‫‪ -‬أن مبنى ذلك على قوة الذاكرة‪ ،‬وسعة‬ ‫ٌ‬
‫ولغة‪ ،‬فال‬ ‫لسان‬
‫ٌ‬ ‫ً‬
‫عرقا‪ ،‬وإمنا هي‬ ‫أن العربية ليست‬
‫ُ‬
‫أمثال أبي حامت وأبي زرعة الرازيني‪ ،‬هو‬ ‫ثم تبعه‬ ‫مينع ذلك أن يبرع فيها ويتقنها من لم يكن من‬
‫الزعم بأن اإلمام البخاري ممن يقول‪« :‬إن اللفظ‬
‫احلفظ‪ ،‬وهي من األمور املشهورة عند‬
‫كثير‬
‫ٌ‬ ‫أهلها‪ ،‬وقد برع في لسان العرب (خاصة)‬
‫مخلوق»‪ .‬قال محمد بن يحيى الذهلي‪:‬‬ ‫ٌ‬ ‫بالقرآن‬ ‫األمم‪ُ ،‬عرفت عن العرب وغيرهم‪.‬‬ ‫أصل عربي‪ ،‬مثل‪:‬‬
‫من العلماء الذين لم يكونوا من ٍ‬
‫ُ‬
‫واللفظية‬ ‫اللفظية‪،‬‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫قول‬ ‫البخاري‬
‫ُّ‬ ‫«قد أظهر هذا‬ ‫شيخ العربية سيبويه‪ ،‬ومثل أبي علي الفارسي‪.‬‬
‫شر من اجلهمية»‪ .‬فبان من هذا أن كالم‬ ‫عندي ٌّ‬ ‫‪ -‬أن قول اإلمام البخاري السابق من دالئل ذكائه‪ ،‬وقوة‬
‫متوجها إلى الطعن‬
‫ً‬ ‫الذهلي فيه ومن تبعه‪ ،‬لم يكن‬ ‫ذاكرته‪ ،‬وكثرة محفوظاته‪ ،‬وهذا ما شهد به شيوخه‬
‫في إمامته‪ ،‬بل كان لقضية تتعلق مبسألة ال تعلّق‬ ‫وأقرانه الذين رأوه وعاصروه‪ ،‬وأخذ عنهم وأخذوا عنه‪،‬‬
‫لها سواء ثبت كالم خصومه أو لم يثبت‪.‬‬ ‫قال عن نفسه‪« :‬كتبت عن ألف شيخ وأكثر‪ ،‬عن كل واحد‬ ‫أنه اتفقت أقوال كبار أئمة العلم في عصره‬
‫منهم عشرة آالف وأكثر‪ ،‬ما عندي حديث إال وأذكر‬
‫إسناده»‪.‬‬ ‫على الثناء عليه‪ ،‬وأطبقت على اإلشادة‬
‫جرحا‬ ‫عد‬
‫بفقهه وفهمه وحفظه‪ ،‬وهذا مما يؤيد ضمنً ا‬
‫ً‬ ‫أن قول هؤالء األئمة في اإلمام البخاري ال ُي ُّ‬
‫قدحا في صحيحه‪ ،‬وذلك ملا يلي‪ :‬أن‬ ‫ً‬ ‫في إمامته‪ ،‬وال‬ ‫كثيرا‪،‬‬
‫ً‬ ‫مبكرة‪ ،‬ورحل‬
‫ٍ‬ ‫سن‬
‫أنه بلغ الشهرة في ٍ‬ ‫عربيته‪ ،‬ومتكّ نه منها‪.‬‬
‫ّ‬ ‫سالمة‬
‫األمة أجمعت على إمامته‪ ،‬وثقته‪ ،‬وفضله‪ ،‬ومخالفة‬ ‫وهو مع طول الرحلة‪ ،‬وإطباق الشهرة‪ ،‬وكثرة‬
‫من خالف في ذلك ال تضر‪ ،‬وأن مجرد ترك الرواية عن‬ ‫اآلخذين عنه = لم ُيعرف أن ُتكلم فيه من تلك‬
‫جرح في عدالته‪ ،‬أو‬ ‫اإلمام البخاري لم يكن من أجل‬ ‫ثلم في إمامته وال‬
‫ٍ‬ ‫بقدح أو ٍ‬
‫ٍ‬ ‫الناحية‪ ،‬أو نبزه‬
‫كثيرا‪،‬‬ ‫مبكرة‪ ،‬ورحل‬
‫ٍ‬ ‫سن‬
‫أنه بلغ الشهرة في ٍ‬
‫قدحا في إمامته وأنه‬ ‫ً‬ ‫اتهام لضبطه من جهة الرواية‪ ،‬أو‬ ‫عربيته‪.‬‬ ‫ً‬
‫على فرض أن اإلمام البخاري أخطأ في اجتهاده‪ ،‬فإن‬
‫ّ‬ ‫وهو مع طول الرحلة‪ ،‬وإطباق الشهرة‪ ،‬وكثرة‬
‫احلافظ الكبير‪ ،‬واإلمام اجملتهد‪ ،‬يغتفر له ما ال يغتفر‬ ‫أن اإلمام البخاري ما بلغ تلك املنزلة الرفيعة في‬ ‫اآلخذين عنه= لم ُيعرف أن ُتكلم فيه من‬
‫لغيره‪ ،‬وأن هفوته ال تنزله عن إمامته‪ ،‬وال تنقص من‬ ‫ثلم في إمامته‬
‫مرتبته‪.‬‬
‫العلم والفهم واإلمامة والنقد‪ ،‬إال جلملة أسباب‬ ‫بقدح أو ٍ‬
‫ٍ‬ ‫تلك الناحية‪ ،‬أو نبزه‬
‫جملة األساليب التي ذكرها أهل البيان‪ ،‬فيمن يروم‬ ‫أن من‬ ‫اجتمعت فيه منها‪ :‬نقاء سيرته‪ ،‬وصفاء سريرته‪،‬‬ ‫عربيته‪.‬‬ ‫وال‬
‫همه إلى حفظ القرآن‬
‫الفصاحة‪ ،‬ويتحرى البالغة‪ :‬أن يصرف َّ‬
‫ّ‬
‫دواوين فحول‬ ‫وطيب روحه‪ ،‬وزكاء أنفاسه وما متيز به من النبوغ‬
‫عليه‪،‬‬ ‫صحيحا‪،‬منيوافق‬
‫النبوية‪ ,‬وعدةًٍ‬
‫مقصودا‬
‫ً‬ ‫األخبار‬ ‫وكثير من‬
‫البخاري‬ ‫الكرمي‪،‬‬
‫لإلمام ٍ‬ ‫أن‬
‫واأللفاظ‪ٌ .‬‬ ‫لفظه املعاني‬
‫اإلجادة في‬ ‫على شعره‬ ‫املبكر والذكاء املفرط‪.‬‬
‫مخلوق‪،‬‬ ‫بالقرآن‬ ‫يقول‪ :‬إن‬ ‫غلببأنه‬ ‫ممن‬
‫القول‬ ‫الشعراء‬
‫وإطالق َّ‬
‫أن من جملة األساليب التي ذكرها أهل البيان‪،‬‬
‫ٌ‬
‫مخلوق فهو‬ ‫صحيح‪ ،‬أما قوله‪( :‬لفظي بالقرآن‬ ‫ٍ‬ ‫غير‬
‫عد احلديث ترفع اإلشكال‬ ‫احملدثني في ّ‬
‫ّ‬ ‫أن فهم طريقة‬ ‫فيمن يروم الفصاحة‪ ،‬ويتحرى البالغة‪ :‬أن‬
‫كذاب‪ ،‬فإني لم أقل هذه املقالة‪ ،‬إال أني قلت‪ :‬أفعال‬ ‫ٌ‬
‫مخلوقة) فلم يكن مقصود اإلمام البخاري في‬ ‫ٌ‬ ‫العباد‬ ‫فعد احلديث عندهم إمنا هو‬ ‫ّ‬ ‫في ِذكْ ر هذا العدد الضخم‪،‬‬ ‫وكثير‬
‫ٍ‬ ‫همه إلى حفظ القرآن الكرمي‪،‬‬ ‫يصرف َّ‬
‫اللفظ هو اعتقاد اللفظية الذين يعتقدون أن جبريل‬ ‫وطريق مختلف‪ :‬قال ابن الصالح في شرح‬‫ٍ‬ ‫سند‬
‫ٍ‬ ‫بحساب كل‬ ‫وعدة من دواوين فحول‬ ‫ٍ‬ ‫من األخبار النبوية‪,‬‬
‫عبارة البخاري‪« :‬هذه العبارة قد يندرج حتتها عندهم‬ ‫ممن غلب على شعره اإلجادة في املعاني‬
‫مخلوق‪ ،‬وهو هذا القرآن املؤلف من‬ ‫ٍ‬ ‫بكالم‬
‫ٍ‬ ‫إمنا جاء‬ ‫آثار الصحابة والتابعني‪ ،‬ورمبا ُع ّد احلديث الواحد املروي‬
‫الشعراء َّ‬
‫احلروف العربية‪ ،‬وأن الله تعالى لم يتكلم باحلروف‪.‬‬ ‫بإسنادين حديثني»‪.‬‬ ‫واأللفاظ‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫‪ :::‬الفصل الثاني ‪:::‬‬
‫الشبهات المثارة على تصنيف‬
‫الصحيح ورواياته‬

‫أن اإلمام البخاري مات قبل‬


‫تعــدد روايــات الصحيح ووجود‬
‫اختالفات وزيادات فيما بينها‬ ‫‪3‬‬
‫عدم وجود نسخة الصحيح التي‬
‫كتبهـــا اإلمـــام البخـــاري بخطـه‬
‫‪2‬‬ ‫أن ُيب ّيض صحيحه‬ ‫‪1‬‬

‫صور االختالف الواقعة‪:‬‬ ‫أن الفربري قد وقف على أصل اإلمام البخاري‪ ،‬واطلع عليه‬
‫واحد من أهل العلم‪ ،‬فقد قال‬ ‫وقد نص على ذلك غير‬
‫أن اإلمام البخاري مكث في تصنيفه ست عشرة‬
‫‪ -1‬اختالفات عامة‪ :‬تتمثل في ترتيب الكتب وأسمائها‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد املستملي‪« :‬انتسخت كتاب‬ ‫سنة‪ ،‬واستغراق التصنيف هذا الزمن الطويل‬
‫أو زيادة بعض األحاديث‪ ،‬وتقدميها أو تأخيرها‪.‬‬ ‫أيضا على أنه لم يكتب ً‬
‫شيئا في الصحيح إال‬ ‫ٌ‬
‫دليل ً‬
‫البخاري من أصله‪ ،‬كان عند محمد بن يوسف الفربري»‪.‬‬
‫‪ -2‬اختالفهم في األسانيد‪.‬‬
‫بعد التحري والتثبت‪.‬‬
‫‪ -3‬اختالفهم في املتون‪.‬‬
‫مرات‬
‫ٍ‬ ‫أن الفربري سمع الصحيح من اإلمام البخاري ثالث‬
‫وبناء على اختصاص الفربري باإلمام البخاري‪ ،‬وكثرة سماعه‬
‫ً‬
‫لكتابه الصحيح منه‪ ،‬ووقوفه على نسخة اإلمام البخاري‬ ‫حدث بكتابه الصحيح في‬ ‫َّ‬ ‫أن اإلمام البخاري‬
‫وقد نظر العلماء إلى هذه االختالفات الواقعة‬ ‫األصل؛ تكون روايته نسخة طبق األصل ملا استقر عليها‬ ‫أمم وخالئق‪ ،‬وهو‬
‫مرارا‪ ،‬وسمعه منه ٌ‬ ‫ً‬ ‫البلدان‬
‫في الروايات باعتبارات متعددة‪ ،‬نوجزها في‬ ‫صحيح البخاري‪.‬‬ ‫مرتبا‪ ،‬وال ميكن أن يتركه‬
‫ً‬ ‫مبوبا‬
‫ً‬ ‫قد حدث به‬
‫النقاط التالية‪:‬‬ ‫الجتهاد النساخ‪.‬‬
‫هل لفقدان النسخة اخلطية لإلمام البخاري من‬
‫‪ -‬أن هذه االختالفات الواقعة في روايات صحيح‬
‫كتابه الصحيح أثر على ثبوت الصحيح ونصوصه؟‬
‫أن اإلمام البخاري ملا خرج من نيسابور‪ ،‬وتوجه إلى‬
‫البخاري التي هي من قبيل األوهام واألخطاء‪ ،‬إمنا‬
‫بخارى‪ ،‬بعث األمير خالد بن أحمد الذهلي والي‬
‫هي (في الغالب) من ِق َبل الرواة وليست من اإلمام‬
‫إلي كتاب اجلامع‬
‫بخارى إلى اإلمام البخاري‪« :‬أن احمل َّ‬
‫البخاري‪ ،‬كما نص عليه األئمة النقاد‪.‬‬ ‫خاصا بكتاب اإلمام البخاري‪ ،‬فوجود‬ ‫‪ -‬أن هذا ليس‬
‫ًّ‬ ‫والتاريخ وغيرهما ألسمع منك»‪ ،‬فرد عليه اإلمام‬
‫النسخة التي بخط املؤلف عزيز في الكتب القدمية بصفة‬ ‫البخاري بقوله‪« :‬أنا ال أذل العلم وال أحمله إلى أبواب‬
‫‪ -‬أن االختالفات التي تتعلق بترتيب الكتب وأسمائها‪ ،‬أو تقدمي‬ ‫عامة‪.‬‬ ‫ٌ‬
‫حاجة؛ فاحضرني‬ ‫الناس‪ ،‬فإن كانت لك إلى شيء منه‬
‫أيضا هي من قبيل اجتهاد الرواة‬‫بعض األحاديث‪ ،‬وتأخيرها‪ً ،‬‬
‫في مسجدي أو في داري‪ ،‬وإن لم يعجبك هذا فأنت‬
‫نسخا متعددة‪ ،‬وميكن من خالل‬ ‫ً‬ ‫الذين انتسخوا من الكتاب‬
‫املقارنة بني الروايات معرفة ترتيبها ومواضعها األقرب إلى وضع‬ ‫سلطان فامنعني من اجمللس؛ ليكون لي عذر عند الله‬
‫‪ -‬أن األحاديث املوجودة في كتاب الصحيح‪ ،‬لم ينفرد‬
‫اإلمام البخاري‪.‬‬ ‫بها اإلمام البخاري‪ ،‬بل رواها غيره من أئمة احلديث‪،‬‬
‫يوم القيامة؛ ألني ال أكتم العلم»‪.‬‬
‫وأخرجوها في مصنفاتهم وكتبهم‪.‬‬
‫‪ -‬أن ما يتعلق باالختالفات الواقعة في األسانيد‪ ،‬وهي مع‬
‫نسبيا مقارنة بغيرها‪ ،‬فال يوجد فيها ما يترتب‬ ‫ًّ‬ ‫كثرتها‬ ‫أنه اشتهر عن اإلمام البخاري فقهه الدقيق في تراجم‬
‫العلماء‬
‫ُ‬ ‫قليلة‪ ،‬وقد تكفَّ ل‬
‫ٍ‬ ‫عليه تغيير املعنى‪ ،‬إال في مواضع‬ ‫‪ -‬أن العلماء الذين انتقدوا بعض أحاديث الصحيح‪ ،‬لم‬ ‫أبواب صحيحه‪ ،‬مما يدل على شفوف ذهنه‪ ،‬وثاقب‬
‫ُّ‬
‫والش ّراح بتوجيهها وبيانها‪ ،‬وإزالة اإلشكاالت الواقعة فيها‪.‬‬ ‫يتعرضوا لهذا اجلانب‪ ،‬لعلمهم أنه أمر غير طاعن في ثبوت‬ ‫فهمه‪ ،‬ودقة استنباطه‪ ،‬وبراعته في استخراج احلكم‬
‫أحاديث الصحيح ونصوصه‪.‬‬
‫أو اإلشارة للمسألة التي يتضمنها احلديث‪ ،‬ومع هذه‬
‫الدقة العجيبة‪ ،‬والترتيب املتقن بني أبواب الكتاب‬
‫‪ -‬أن الوقوف على هذه االختالفات ُيعني اخملتص على حل اإلشكاالت‬
‫الواقعة في األسانيد‪ِ ،‬م ْن َو ْصل املنقطع‪ ،‬وإرسال احلديث أو وصله‪،‬‬
‫أحد من العلماء أن رواة الصحيح هم‬
‫الواحد؛ لم يذكر ٌ‬
‫ً‬
‫(خاصة) هو‬ ‫‪ -‬أن الطريق املعتمد عند احملدثني في ثبوت احلديث‬
‫وتبيني سماع املدلس‪ ،‬وإزالة االضطراب الواقع في السند‪ ،‬والوقوف‬ ‫الرواية‪ ،‬فقد كان العصر عصر رواية‪ ،‬وسماع للحديث‪ ،‬ورحلة من‬ ‫من قاموا بترتيبه‪ ،‬وإال ملا اتفقوا على ترتيب واحد‪،‬‬
‫الرواة املهملني في اإلسناد (وخاصة شيوخ البخاري) ومن‬ ‫على أسماء ُّ‬ ‫أجل لقاء الشيوخ‪ ،‬وحضور مجالس اإلمالء‪ ،‬وعناية بالسند‪.‬‬ ‫و َل َوقع بينهم اختالف في ن ْ‬
‫َس ِخهم للكتاب‬
‫أجل ذلك اعتنى ابن حجر بها‪.‬‬
‫‪ :::‬الفصل الثاني ‪:::‬‬
‫الشبهات المثارة على تصنيف‬
‫الصحيح ورواياته‬

‫رواية البخاري للحديث بالمعنى‬


‫واختصاره للحديث‬ ‫‪4‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬تقطي���ع احلديث واختصاره‪،‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬وجود أحاديث مروية باملعنى‪،‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬رواية اإلمام البخاري احلديث‬
‫وتفريقه على مواضع‪:‬‬ ‫وهي من تصرفات الرواة‪:‬‬ ‫باملعنى‪:‬‬

‫‪ -‬أن األصل الرواية باللفظ‪ ،‬وأن الراوي ال يلجأ‬


‫نطاق‬
‫ٍ‬ ‫‪ -‬أن رواية احلديث باملعنى تكون في‬ ‫إلى الرواية باملعنى إال عند تعذر إتيانه باللفظة‬
‫ما يتعلق بتكرار احلديث‪ :‬أنه يخرج‬
‫ضيق‪ ،‬مقتصرةً على األحاديث القولية فقط‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫املروية‪ ،‬وأما بالنسبة لإلمام البخاري فقد كان‬
‫احلديث عن صحابي ثم يورده عن صحابي‬
‫وال تشمل األحاديث الفعلية والتقريرية‪.‬‬ ‫مشهودا له بقوة احلفظ‪ ،‬واستحضاره لألسانيد‪،‬‬
‫ً‬
‫آخر‪ ،‬فاملقصود منه أن يخرج احلديث عن‬ ‫ومعرفته للعلل الدقيقة‪ ،‬ومن كانت هذه صفته‬
‫حد الغرابة وأنه صحح أحاديث على هذه‬‫ِّ‬ ‫ال يصعب عليه إقامة منت احلديث وأداؤه على‬
‫القاعدة يشتمل كل حديث منها على معان‬ ‫وجهه‪.‬‬
‫متغايرة‪ ،‬فيورده في كل باب من طريق غير‬ ‫‪ -‬أن الرواية باملعنى ال تشمل اللفظ النبوي كله‪ ،‬بل قد‬
‫الطريق األولى‪.‬‬ ‫كلمة أو كلمتني‪ ،‬أو أكثر إن كان احلديث طويلاً ‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫تكون في‬
‫حكم‬
‫ٍ‬ ‫وقد تكون اللفظة املروية باملعنى ال تؤثر على‬
‫فقهي‪ ،‬مثل‪ :‬جاء وأتى‪ ،‬وقعد وجلس‪ ،‬فمثل هذه الصور‬ ‫عام‪ ،‬فهو يشمل الصحيح‬‫‪ -‬أن نص هذه احلكاية ٌ‬
‫قدحا في احلديث املروي باملعنى‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ال تعد‬ ‫وغيره‪ ،‬وال يصح حمله على أحاديث الصحيح‬
‫ووقوع الرواية فيه باملعنى بكثرة؛ ملا عرف من‬
‫ما يتعلق باختصار احلديث وتفريقه‬ ‫دقة اإلمام البخاري في كتابه‪ ،‬وشدة التوقي‬
‫سببا لتعليل احلديث إذا‬‫ً‬ ‫‪ -‬أن الرواية باملعنى إمنا تكون‬ ‫في تصنيفه‪ ،‬وحرصه على إجادته وإتقانه‪.‬‬
‫ُ‬
‫بعضه‬ ‫أنه إن كان املنت قصيرا أو مرتبطا‬ ‫كليا‪ ،‬أما إذا لم تغير املعنى األصلي‬
‫غيرت معنى احلديث ًّ‬
‫ببعض‪ ،‬وقد اشتمل على حكمني فصاعدا‪،‬‬ ‫للحديث (وذلك بتغيير األلفاظ مبا يرادفها‪ ،‬أو التعبير‬
‫فإنه يكرره بحسب ذلك مراعيا مع ذلك‬ ‫عن اللفظ مبا يتجوز به عنه‪ ،‬أو بالتقدمي والتأخير)‬
‫سببا لتعليل احلديث ورده‪.‬‬‫فإن ذلك ال يكون ً‬
‫عدم إخالئه من فائدة حديثية‪.‬‬ ‫‪ -‬أن هذه احلكاية ليس فيها ما يدل على أن اإلمام‬
‫ً‬
‫لفظة مكان أخرى‪ ،‬أو يبدل بني‬ ‫البخاري كان يضع‬
‫‪ -‬أن من منهج اإلمام البخاري رد احلديث الذي‬ ‫كلمة وغيرها‪ ،‬وإمنا غاية ما يدل عليه أنه قد‬ ‫ٍ‬
‫روي باملعنى إذا أدى روايته باملعنى إلى تغيير‬ ‫يختصر لفظ احلديث‪ ،‬فال يرويه بتمامه في كل‬
‫املعنى األصلي للحديث‪ ،‬فحكم اإلمام الناقد‬ ‫موضع‪ ،‬بل يقتصر على موضع الشاهد منه‪ ،‬وهذا‬
‫معني بالصحة يقتضي صحة متنه‬ ‫ٍ‬ ‫حديث‬
‫ٍ‬ ‫على‬ ‫ٌ‬
‫دليل على جودة الفهم‪،‬‬ ‫الصنيع ال إشكال فيه‪ ،‬بل هو‬
‫ومعناه‪.‬‬ ‫وقوة الفقه‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫‪ :::‬الفصل الثالث ‪:::‬‬
‫الشبهات المثارة على أحاديث‬
‫الصحيح وحجيتها‬

‫أن أحاديث الصحيح من‬ ‫معصوما‪ ،‬فال يصح‬


‫ً‬ ‫البخاري ليس‬
‫قبيل أخبار اآلحاد‬ ‫‪3‬‬
‫ُعد وقوع اإلجماع على صحة‬
‫جميع أحاديث الصحيح‬
‫ب ُ‬
‫‪2‬‬ ‫وصف جميع أحاديثه بالصحة‬ ‫‪1‬‬

‫الفرع األول‪ :‬القول باستحالة الوقوف على‬ ‫ً‬


‫عصمة لغير األنبياء‬ ‫‪ -‬أن أهل السنة ال يوجبون‬
‫أن أخبار اآلحاد يجب العمل بها‬
‫اإلجماع‪ ،‬كما قاله بعض األصوليني‪:‬‬ ‫والرسل‪ ،‬فالعصمة عندهم من خصائص األنبياء‪،‬‬
‫جدا‪ .‬وأن املعروف‬ ‫ًّ‬ ‫بدالئل كثيرة‬ ‫وأبرز صفات الرسل‪ ،‬وهذا أمر متفق عليه عندهم‪.‬‬
‫واملشهور عن النبي االكتفاء بإرسال‬
‫أن املراد باإلجماع في هذه املسألة‪ :‬إجماع‬
‫واحد إلى القبائل‪ ،‬وإلى امللوك‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫رسول‬
‫ٍ‬ ‫احملدثني وأهل الصنعة والفن من العلماء‬ ‫‪ -‬أن الذي أفاده إخراج اإلمام البخاري للحديث هو العلم‬
‫خاص‪ ،‬وميكن‬ ‫والنقاد واحلفاظ‪ ،‬وهذا اإلجماع‬ ‫النظري الذي يكون بعد الفحص والتأمل‪ ،‬ويحصل هذا العلم‬
‫ّ‬
‫ٌ‬
‫ألهل كل فن وعلمائه‪ ،‬وليس لعامة الناس‪ ،‬وعامة الناس تبع‬
‫وقوعه‪ ،‬والوقوف عليه‪.‬‬ ‫لهم‪.‬‬
‫أن الواجب على املكلف العمل بالظاهر‬
‫الذي ثبت عنده‪ ،‬فهو غير مطالب مبا لم‬ ‫نقد بعض احلفاظ ألحاديث‬‫ُ‬ ‫الفرع الثاني‪:‬‬ ‫الفن حني حكموا بالصحة على أحاديث صحيح‬ ‫ّ‬ ‫‪ -‬أن علماء‬
‫البخاري‪ ،‬لم يحكموا بذلك من منطلق عصمة اإلمام البخاري‪،‬‬
‫يبلغه علمه بعد الفحص والتحري‪ ،‬وال‬ ‫الصحيح وهذا يعني عدم وقوع اإلجماع على‬ ‫عالم‪ ،‬وإمنا حكموا‬
‫ٍ‬ ‫أحد‪ ،‬فضلاً عن نقله عن‬
‫فإن هذا لم يقله ٌ‬
‫البحث فيما ال ميكن الوقوف عليه‪.‬‬ ‫صحتها‪:‬‬ ‫عدد من األسباب مثل‬
‫ٍ‬ ‫بصحة أحاديث صحيح البخاري لوجود‬
‫إجماع العلماء على صحة أحاديث صحيح البخاري‪ ،‬ووجوب‬
‫العمل مبا فيه‪.‬‬

‫أن اإلجماع وقع على األحاديث التي لم‬


‫وجود بالغات وتعاليق وآثار‬ ‫تنتقد وهي غالب أحاديث الصحيح‪.‬‬ ‫وجود اإلسرائيليات في الصحيح‬
‫في الصحيح‬ ‫‪5‬‬ ‫مما يرويه مس َلمة أهل الكتاب‬ ‫‪4‬‬
‫أن األصل في رواية الصحابي أو التابعي لنص معني‬
‫أن احلفاظ الذين انتقدوا بعض األحاديث املوجودة‬ ‫أن غالب انتقادات األئمة لألحاديث الواقعة‬ ‫(من غير متييز)؛ أنه راو حلديث نبوي شريف صادر‬
‫في صحيح البخاري‪ ،‬لم يتعرضوا إلى انتقاد البالغات‬ ‫قادحة؛ ألنها‬ ‫في الصحيحني أو أحدهما غير‬ ‫من النبي‪ ،‬فإذا روى شيئا مما يوافق ما يوجد عند أهل‬
‫ٍ‬
‫واملعلقات واملراسيل واآلثار؛ لعلمهم أنها غير داخلة في‬ ‫الكتاب‪ ،‬فإنه محمول على هذا األصل؛ «ألنه بصدد‬
‫ٌ‬
‫راجعة إلى الطعن في الرواة‪،‬‬ ‫ٌ‬
‫إسنادية‪،‬‬ ‫ٌ‬
‫انتقادات‬
‫شرط الكتاب الصحيح‪.‬‬ ‫بيان شريعتهم فال يظن بهم النقل عن غيرها‪ ،‬من غير‬
‫أو أسانيد املرويات‪ ،‬بينما يكون احلديث ثابتً ا‬ ‫متييز لذلك‪.‬‬
‫من طرق أخرى أو يكون من صحيح حديث‬
‫أن األحاديث املعلقة في الصحيح ليست كلها ضعيفة‪ ،‬وصور‬ ‫الراوي‪.‬‬
‫املعلق فهو على صورتني‪ :‬إما بصيغة اجلزم (فهو صحيح إلى‬ ‫و أن الصحابة وأئمة التابعني كانوا أصدق الناس لسانًا‪،‬‬
‫من علقه عنه)‪ ،‬وإما بصيغة التمريض (فيه ما هو صحيح وإن‬ ‫قلوبا‪ ،‬وأنصح البرية للرسول والزم القول‬
‫ً‬ ‫وأنقى األمة‬
‫تقاعد عن شرطه إما لكونه لم يخرج لرجاله أو لوجود علة‬ ‫بهذه الشبهة الطعن في دين الصحابة والتابعني‪،‬‬
‫فيه عنده‪ ،‬ومنه‪ :‬ما هو حسن‪ ،‬ومنها‪ :‬ما هو ضعيف)‪.‬‬ ‫وتكذيبهم في جميع مروياتهم‬
‫‪ :::‬الفصل الرابع ‪:::‬‬
‫الشبهات المثارة على الرواة‬
‫في صحيح البخاري‬

‫إخراجه عن رواة ُتك ّلم فيهم‬ ‫تأثره بالسلطة في قلة الرواية‬


‫من جهة العدالة والضبط‬ ‫‪3‬‬
‫بكثرة إخراجه عن أبي هريرة ألنه‬
‫كان من عمال بني أمية‬
‫‪2‬‬ ‫عن أهل البيت‬ ‫‪1‬‬

‫أن اإلمام البخاري من أئمة احلديث املشهود لهم‬


‫بسعة العلم في الرجال واألسانيد والتواريخ‬ ‫أن اإلمام البخاري عاش في عهد الدولة‬ ‫أن املعروف من سيرة اإلمام البخاري‬
‫والعلل‪.‬‬ ‫العباسية‪ ،‬فقد ولد سنة (‪194‬هـ)‪ ،‬بعد‬ ‫قلة اختالطه بالناس‪ ،‬وترك غشيان‬
‫وفاة هارون الرشيد بعام واحد‪ ،‬أي‪ :‬بعد‬ ‫أبواب اخللفاء‪ ،‬وعدم الدخول على‬
‫أن اإلمام البخاري ال يخرج عن الراوي الذي ال‬ ‫الوالة‪.‬‬
‫زوال الدولة األموية ‪.‬‬
‫يقدر على متييز صحيح حديثه من ضعيفه‪.‬‬

‫أن اإلمام البخاري قد يخرج عن الراوي املتكلم فيه؛‬ ‫أن الدولة العباسية كانت من أشد الدول معاداة‬ ‫أن اإلمام البخاري أخرج في صحيحه روايات‬
‫باعتبار ضعف النقد املوجه إليه‪ ،‬أو العتبارات أخرى‪.‬‬ ‫للدولة األموية‪ ،‬فكيف يتصور أن يتأثر اإلمام‬ ‫عدة من مرويات أهل البيت خصص في‬
‫البخاري بالدولة األموية‪ ،‬ويكثر من الرواية عن‬ ‫أبوابا في مناقب أهل البيت‪ ،‬وذكر‬
‫ً‬ ‫صحيحه‬
‫أن كثيرا من هؤالء الرواة املتكلم فيهم‪ ،‬والذين أخرج لهم اإلمام‬
‫أبي هريرة انتصارا لها(على زعمهم)‪ ،‬مع وجود‬ ‫فيها األحاديث الواردة في فضائل علي بن‬
‫البخاري‪ ،‬هم من شيوخه الذين لقيهم وجالسهم‪ ،‬وعرف‬ ‫محابيا‬
‫ًّ‬ ‫الدولة العباسية‪ ،‬واإلمام البخاري لم يكن‬ ‫أبي طالب وغيره من أهل البيت‪.‬‬
‫أحوالهم‪ ،‬واطلع على أحاديثهم وميز جيدها من موهومها‪.‬‬ ‫للعباسيني ‪.‬‬

‫إخراجه عن‬ ‫إخراجه عن‬ ‫إخراجه عمن‬


‫رواة وصفوا بالتدليس‬ ‫‪6‬‬ ‫رواة وصفوا باالختالط‬ ‫‪5‬‬ ‫وصف بالبدعة‬ ‫‪4‬‬
‫أن مجرد العنعنة ال تعل حديث املدلس الثقة‪،‬‬ ‫أن العبرة في الراوي على صحة حديثه وإتقان‬
‫إال في حالة وجود التدليس حقيقة‪ ،‬أو في‬
‫األصل فيما أخرجه اإلمام البخاري عمن‬
‫حفظه‪ ،‬ومن رمي ببدعة إذا كان صادقا في روايته‪،‬‬
‫حالة وجود علة في املنت أو اإلسناد‪ ،‬وهذا الذي‬ ‫وصف باالختالط أنه أخرجه من رواية‬ ‫ضابطا حلديثه‪ ،‬فال يوجد ما مينع من قبول‬
‫مشى عليه اإلمام البخاري‪ ،‬وهو منهج األئمة في‬ ‫الرواة الذين رووا عن اخملتلط قبل االختالط‬ ‫ً‬
‫بعضا من أهل‬ ‫روايته‪ ،‬واملتتبع ألحوال الرواة يرى‬
‫التعامل مع مرويات املدلس‪.‬‬ ‫في الغالب‪ ،‬وأنه من صحيح حديثه‪.‬‬ ‫موضعا للثقة واالطمئنان‪ ،‬وإن كان داعية‪.‬‬
‫ً‬ ‫البدع‬

‫أنه على القول الذي ذهب إليه كثير من العلماء في‬


‫أن الرواية عمن خالف أهل السنة في قول أو عمل هو‬
‫عدم قبول ما رواه املدلس إال ما صرح فيه بالسماع‪،‬‬ ‫أن جرح الراوي باالختالط ال يعني اطراح حديثه‬
‫مذهب كثير من احملدثني النقاد‪ ،‬ولو ترك حديث كل‬
‫فإن ما يوجد في صحيح البخاري (خاصة) من ذلك‬ ‫جملة‪ ،‬وال تضعيف مروياته على اإلطالق؛ وذلك‬ ‫تضييع لكثير من‬
‫ٌ‬ ‫مبتدع أو من رمي ببدعة‪ ،‬لكان في ذلك‬
‫ال ينقص شئيا من قيمة الصحيح‪ ،‬وال من صحة‬ ‫ألن األئمة مييزون مرويات الراوي اخملتلط إما‬ ‫تلبس ببدعة‬ ‫أهل الصدق ممن ّ‬
‫أحاديث السنة التي رواها ُ‬
‫أحاديثه‪.‬‬ ‫باملتابعة‪ ،‬أو بقرائن تدل على صحة رواية معينة‪.‬‬ ‫ً‬
‫خطأ باجتهاد‪.‬‬ ‫أو أخطأ‬

‫‪6‬‬
‫‪ :::‬الفصل الخامس ‪:::‬‬
‫الشبهات المثارة على وقوع التعارض‬
‫بين أحاديث الصحيح وبين غيرها‬

‫وجود أحاديث تنافي‬ ‫وجود أحاديث تعارض أحاديث‬ ‫وجود أحاديث تعارض‬
‫العقـــل والعلم الـحديث‬ ‫‪3‬‬ ‫أخرى صحيحة‬
‫‪2‬‬ ‫القرآن الكريم‬ ‫‪1‬‬

‫أنه ال ميكن وقوع التعارض احلقيقي بني‬


‫أن املرجع في نقد األحاديث ومعرفة‬ ‫األحاديث الصحيحة بحال من األحوال‪ ،‬وإذا‬ ‫األصل أنه ال يوجد حديث صحيح‬
‫وقوع التعارض بينها وبني العقل هم‬ ‫وجد حديث يتعارض في ظاهره مع حديث آخر‪،‬‬
‫ثابت عن النبي يعارض محكمات القرآن‬
‫أئمة احلديث‪ ،‬الذين هم أعلم الناس‬ ‫فإن مرد ذلك قصور فهم الناظر وإدراكه‪.‬‬
‫معارضة صريحة‪ ،‬ومن ظن وجود شيء‬
‫بقواعد هذا العلم وأصوله‪ ،‬وأعرف‬ ‫من هذا التعارض‪ ،‬فإما أن يكون احلديث‬
‫وأن العلماء ُم ِق ّرون بوجود نوع تعارض بني‬
‫اخللق بأحوال النبي وأخباره وسيرته‪،‬‬ ‫األحاديث الصحيحة‪ ،‬وهذا التعارض يقع بني‬ ‫غير صحيح‪ ،‬وإما أن يكون الفهم غير‬
‫أجنبيا عن‬
‫ًّ‬ ‫وأنه ال يعتبر رأي من كان‬ ‫الناسخ واملنسوخ‪ ،‬وبني العام واخلاص‪ ،‬وبني املطلق‬ ‫سليم‪.‬‬
‫علم احلديث واالختصاص به‪.‬‬ ‫واملقيد‪.‬‬

‫وأن هذا النوع من االختالف قد يقع في أحاديث‬


‫وينبه اإلمام على ذلك‪.‬‬
‫صحيح البخاري‪ُ ،‬‬ ‫أن اعتبار معارضة احلديث للقرآن مقياسا‬
‫أنه ال يوجد مثال صحيح صريح‬ ‫للقبول والرد‪ ،‬ليس صحيحا؛ ألن ذلك‬
‫وقع فيه التعارض بني حديث في‬ ‫وأن العلماء وضعوا قواعد عامة في التعامل مع نصوص‬ ‫يفضي إلى قبول األحاديث الضعيفة بل‬
‫أحد الصحيحني وبني العقل والعلم‬ ‫األحاديث املتعارضة في الظاهر‪ ،‬وهي كما يلي‪:‬‬ ‫املوضوعة إذا وافقت نص القرآن‪ ،‬كما أن‬
‫احلديث‪ ،‬بل إن كل األمثلة التي‬ ‫مخالفة احلديث النبوي للقرآن ال تدل‬
‫إذا أمكن معرفة الناسخ واملنسوخ‪ ،‬وجب املصير‬
‫يستدل بها بعضهم على وقوع هذا‬ ‫على ضعف احلديث‪ ،‬لكون السنة تستقل‬
‫إلى األخذ بالناسخ‪ ،‬وترك املنسوخ‪.‬‬
‫التعارض مبنية على سوء الفهم‪،‬‬ ‫بالتشريع‪.‬‬
‫وخطأ في التطبيق‪.‬‬ ‫إذا لم ميكن الوقوف على الناسخ‪ ،‬فيعمل‬
‫باجلمع بني الدليلني‪.‬‬
‫إذا لم ميكن اجلمع‪ُ ،‬عدل إلى الترجيح بني الدليلني ويندر في األدلة‬
‫الشرعية وجود دليلني متعارضني‪ ،‬تعذر العلم بالنسخ فيهما‪ ،‬أو تعذر‬
‫اجلمع بينهما‪.‬‬

‫وأن التصحيح من قبل إمام من أئمة احلديث يلزم منه صحة‬


‫احلديث سندا ومتنا‪ ،‬وانتفاء مناقضته ملا هو ثابت في الكتاب‬
‫أو السنة‪ ،‬وقد ضعف اإلمام البخاري مرويات كثيرة بسبب‬
‫معارضتها الصريحة لألحاديث الصحيحة‪.‬‬
8

You might also like