Maghreb Street n314

‫االفتتاحية‬
‫‪1‬‬ ‫نعم للصندوق‬

‫وال للنقد !‬
‫بقلم ‪ :‬عز الدين سعيدان‬ ‫أسبوعية مستق ّلة تحترم القارئ‬
‫العدد ‪ - 314‬من الثالثاء ‪ 14‬إلى االثنين ‪ 20‬جوان ‪ - 2022‬الموقع االلكتروني ‪ -www.acharaa.com‬البريد االلكتروني ‪maghrebstreet@gmail.com :‬‬
‫الدستور‬
‫في وديعة "هللا‬
‫وسيدي بلحسن" !‬
‫احلوار‬
‫املهزلة‪...‬‬
‫انسحاب أحمد شفطر‪..‬‬

‫فصل جديد من حرب الشقوق داخل القصر‬
‫حوار‬
‫رجاء الجبري رئيسة شبكة مراقبون لـ "الشارع المغاربي"‪:‬‬
‫• مسار الرئيس نسف كل معايري االنتخابات النزهية‬

‫سعيد مراجعة كل املسار أو تأخري موعد االستفتاء‬
‫• نرجو من ّ‬
‫‪www.acharaa.com‬‬ ‫‪maghrebstreet@gmail.com‬‬ ‫العدد ‪ - 314‬الثالثاء ‪ 14‬جوان ‪2022‬‬
‫‪2‬‬ ‫الشارع السياسي‬

‫االفتتاحية‬
‫نعم للصندوق وال للنقد !‬

‫عز الدين سعيدان‬
‫بإعادة الجدولة بتأجيل كامل هذه املستحقات إىل‬ ‫فعال يف أفريل ‪( 2021‬نعم أفريل ‪ )2021‬وهي ال تزال‬ ‫يبدو أن صندوق النقد الدويل أصبح فعال الطرف‬
‫سنوات ‪ 2025‬و‪ 2028‬و‪ 2033‬ويف نفس الوقت ترصح‬ ‫«متواصلة» (هي يف حقيقة األمر متوقفة تماما)‪.‬‬ ‫املحدد للحياة االقتصادية واملالية واالجتماعية وأيضا‬
‫رئيسة الحكومة ووزيرة املالية بأن الحكومة حققت‬ ‫بينما املعروف أن مدة املحادثات التقنية‪ ،‬التي تسبق‬ ‫السياسية يف تونس‪.‬‬
‫نجاحات بتسديد كامل مستحقات الدين الداخيل ودفع‬ ‫املفاوضات‪ ،‬بني أية دولة والصندوق ال تتجاول عادة‬ ‫منذ ‪ 2013‬إىل اآلن أصبح يشوب العالقة بني صندوق‬
‫أجور الوظيفة العمومية‪.‬‬ ‫أربعة اىل خمسة أسابيع‪ .‬املحادثات معطلة ألن تونس‬ ‫النقد الدويل وتونس نوع من فقدان املصداقية إذ أن‬
‫والصندوق ال يتكلمان نفس ال ّلغة وألن الصندوق ال يرى‬ ‫السلط التونسية تقدمت يف أكثر من مناسبة منذ ‪2013‬‬
‫سياسات اإلنكار والهروب إىل األمام تستنزف الجهد‬
‫أن تونس‪ ،‬نظرا للوضع السيايس االستثنائي أوال ثم نظرا‬ ‫بربامج إصالحات مقابل الحصول عىل قروض‪ .‬ولكن‬
‫وتجعل املسؤول السيايس يركز عىل الترصيحات‬
‫لألوضاع االقتصادية واملالية وتشتت الرؤى والخطابات‪،‬‬ ‫يف كل املناسبات تحصلت تونس فعال عىل موافقات‬
‫الفضفاضة وإيجاد التربيرات التي عادة ما تكون تافهة‬
‫قادرة فعال عىل إنجاز اإلصالحات الرضورية‪ .‬الحكومة‬ ‫لتسهيالت مالية كبرية ولكنها لم تحرتم التزاماتها‬
‫إن لم تكن مض ّللة عوض الرتكيز عىل إيجاد الحلول‬
‫قدمت مؤخرا‪ ،‬وبعد إلحاح كبري من الصندوق‪ ،‬برنامج‬ ‫بالقيام باإلصالحات‪ .‬النتيجة الحتمية لهذا الوضع هي‬
‫الحقيقية للبالد حتى ولو كان ذلك عىل حساب التموقع‬
‫اإلصالحات الذي يحتوي باألساس عىل توجهات عامة‬ ‫أن الصندوق أصبح يشرتط مصارحة الشعب التونيس‬
‫السيايس للمسؤول‪.‬‬ ‫ونوايا إصالحات ولكنه كان يفتقر للتشخيص الحقيقي‬ ‫بحقيقة األوضاع االقتصادية واملالية وباالصالحات‬
‫اإلصالحات السياسية رضورية ولكن التحدّيات‬ ‫لألوضاع االقتصادية واملالية‪ .‬كما يفتقر اىل مكوّنني‬ ‫الرضورية إلخراج تونس من الوضع االقتصادي واملايل‬
‫الحقيقية والخطر الدّاهم أو باألحرى الجاثم عىل تونس‬ ‫أساسيني آخرين وهما الجدول الزمني املصحوب‬ ‫واالجتماعي الخطري الذي تردّت فيه‪.‬‬
‫اآلن هو الخطر االقتصادي واملايل واالجتماعي‪ .‬السلط‬ ‫بأهداف مرحلية وكلفة اإلصالحات وطريقة تمويلها‪.‬‬
‫ولكن بات واضحا أن السلط التونسية تقول نعم‬
‫التونسية غري قادرة اآلن وهنا عىل اإلجابة عىل سؤال يف‬ ‫كما تجاهل الربنامج أية إشارة إىل الوضع السيايس‬ ‫للصندوق ولتمويالت الصندوق ولكنها ترفض النقد‪،‬‬
‫غاية األهمية ‪ :‬كيف ستموّل الدولة التونسية نفقاتها‬ ‫االستثنائي وعدم التوصل اىل اتفاق مع الطرف‬ ‫ال نقد صندوق النقد ولكن جميع أشكال النقد الداخيل‬
‫العادية ملا تبقى من السنة الحالية وذلك يف صورة‬ ‫االجتماعي الذي برمج إرضابا عاما يف القطاع العمومي‬ ‫والخارجي‪ .‬نرفض النقد إىل ح ّد أن الخطاب التونيس‬
‫التوصل اىل اتفاق مع صندوق النقد الدويل أو يف صورة‬ ‫ويستعد لتحديد تاريخ لإلرضاب يف الوظيفة العمومية‪.‬‬ ‫أصبح مشتتا بشكل غري مسبوق‪ .‬الحكومة لها خطاب‬
‫عدم التوصل اىل ذلك االتفاق؟ يف ظل ما يحصل يف تونس‬ ‫والرئاسة لها خطاب مختلف‪ .‬اتحاد الشغل يرفض‬
‫تونس تقول نعم للصندوق ولتمويالته ولكنها‬
‫اآلن عدم التوصل اىل اتفاق فرضية ال مناص من أخذها‬ ‫رصاحة برنامج إصالحات الحكومة ويعتربه برنامجا‬
‫تقول ال للنقد بجميع أشكاله ومثل هذا املوقف هو‬
‫بعني االعتبار‪.‬‬ ‫لـ»بيع البالد»‪ ،‬البنك املركزي يحرش نفسه يف زاوية حادة‬
‫نتيجة سياسات تم اتباعها منذ سنوات عديدة وهي‬
‫يف األثناء كل املؤرشات تقريبا تزداد صعوبة ‪ :‬مستوى‬ ‫سياسة االنكار وسياسة الهروب اىل األمام‪ .‬عىل سبيل‬ ‫تقترص عىل مقاومة التضخم املايل‪ ،‬يف الظاهر عىل األقل‪،‬‬
‫الدين العمومي‪ ،‬نسق التضخم املايل‪ ،‬املستوى القيايس‬ ‫املثال البنك املركزي يموّل عجز ميزانية الدولة بطريقة‬ ‫ويقدم خطابا مختلفا عن الخطابات األخرى‪ .‬املعارضة‬
‫لعجز امليزان التجاري مع ما يسبّب ذلك من استنزاف‬ ‫طابع السيايس‬ ‫أو املعارضات لها خطابات يغلب عليها ال ّ‬
‫مبارشة (قانون املالية التكمييل لسنة ‪ )2020‬أو بطرق‬
‫ملخزون البالد من العمالت األجنبية وارتفاع مخيف يف‬ ‫غري مبارشة يف ‪ 2021‬و‪ 2022‬مثل إعادة رشاء رقاع‬ ‫ولكنها يف مضمونها االقتصادي واملايل تختلف تماما عن‬
‫مستوى الدّين الخارجي‪.‬‬ ‫الخزينة من البنوك ويخفي هذا التمويل تحت تسميات‬ ‫الخطابات األخرى‪.‬‬
‫تونس يف حاجة إىل مصالحة مع نفسها‪ ،‬إىل مصارحة‬ ‫تقنية مثل ‪ Open market‬أو ‪ Swaps‬وينكر ذلك تماما‪.‬‬ ‫بمثل هذه الخطابات املتباينة واملشتتة لن يحرتمنا‬
‫مع شعبها‪ ،‬إىل تشخيص حقيقي ألوضاعها وإىل دخول‬ ‫وعىل سبيل املثال أيضا ال تسدد الدولة كامل‬ ‫أحد ولن يتعامل معنا أي طرف بالصدق املطلوب‪.‬‬
‫جدّي يف عملية إنقاذ شاملة لإلقتصاد وللبالد‪.‬‬ ‫مستحقات الدّين الداخيل بالدينار وبالعمالت وتقوم‬ ‫املحادثات التقنية مع صندوق النقد الدويل انطلقت‬
‫مراسل قار بأوروبا ‪:‬‬ ‫مستشارو التحرير ‪:‬‬

‫جمال بن جميع‬ ‫المنصف السليطي ‪ -‬مسعود رمضاني ‪-‬‬
‫أنس الشابي ‪ -‬أسعد جمعة ‪ -‬كريم الميساوي ‪-‬‬
‫االستشارات التاريخية ‪:‬‬ ‫تصدر عن شركة «كوثر العالمية لالتصال»‬
‫السيدة السالمية ‪ -‬عامر الجريدي‬ ‫شركة محدودة المسؤولية‬
‫د‪.‬محمد لطفي الشايبي‬
‫الملحق الثقافي ‪:‬‬
‫ّ‬
‫الفني ‪:‬‬ ‫المدير‬
‫ّ‬
‫الفالح ‪ -‬عواطف البلدي‬ ‫منير‬
‫فيصل بن البشير‬ ‫المؤسسة والمديرة المسؤولة‬
‫مدقق لغوي‪:‬‬ ‫رئيس قسم الرياضة ‪:‬‬ ‫كوثر زنطور‬

‫نور الدين حميدي‬ ‫العربي الوسالتي‬
‫مستشاران لدى إدارة التحرير برتبة رئيس تحرير ‪:‬‬
‫مكلفة بمهمة لدى إدارة التحرير‪:‬‬ ‫الشارع القضائي ‪:‬‬
‫لطفي واجه‬
‫معز زيّود ‪ -‬الحبيب القيزاني‬
‫هيفاء بن محمد‬
‫العنوان ‪:‬‬ ‫الريبورتاجات ‪:‬‬ ‫ّ‬
‫كتاب افتتاحيات ‪:‬‬
‫‪ 45‬شارع آالن سافاري ‪ 1002 -‬تونس‬ ‫محمد الجاللي‬
‫الصادق بلعيد ‪ -‬حمادي بن جاءبالله ‪-‬‬
‫التحرير ‪:‬‬ ‫عز الدين سعيدان ‪ -‬نائلة السليني ‪ -‬ألفة يوسف ‪-‬‬
‫الفاكس ‪71 890 065 :‬‬ ‫الهاتف ‪36 063 034 :‬‬
‫‪www.acharaa.com‬‬ ‫أنور الشعافي‪ -‬منى المساكني ‪ -‬صالح بوزيان ‪-‬‬ ‫خالد عبيد ‪ -‬جمال الدين العويديدي ‪ -‬رافع الطبيب‬
‫‪contact@acharaa.com‬‬ ‫أماني الخديمي ‪ -‬خالد النوري ‪ -‬تميم أوالد سعد ‪-‬‬ ‫‪ -‬رفيق بوجدارية ‪ -‬أحمد بن مصطفى ‪ -‬فوزي البدوي‬
‫كريمة السعداوي ‪ -‬نائلة الشقراوي ‪-‬‬ ‫‪ -‬نادر الحمامي ‪ -‬نهلة عنان ‪ -‬أنس الشابي‬
‫المطبعة ‪BETA:‬‬
‫‪i@beta.com.tn‬‬ ‫حازم الشيخاوي ‪ -‬يوسف مارس‬

‫تحذير‬ ‫لجنتان‬
‫وزارة الخارجية الربيطانية ح ّذرت مجددا مواطنيها‬ ‫من املنتظر ان يدخل القضاة الـ‪ 57‬الذين تم عزلهم منذ‬
‫من السفر إىل ليبيا‪ ،‬مذكرة برضورة االلتزام بالتوصيات‬ ‫ايام بقرار صادر عن رئيس الجمهورية يف معركة قانونية‬
‫الصادرة منذ عام ‪ 2014‬التي تحث املواطنني الربيطانيني‬ ‫رفضا لقرار عزلهم ستقودها لجنتان‪ .‬وعلم "الشارع‬
‫املوجودين يف ليبيا عىل مغادرتها يف أقرب فرصة‪.‬‬ ‫املغاربي" ان اللجنة االوىل ستتوىل التنسيق بني القضاة وأنه‬
‫الوزارة لفتت يف نرشة صادرة عنها يوم أمس بموقعها‬ ‫سيرتأسها الرئيس السابق للمجلس االعىل للقضاء يوسف‬
‫الرسمي انتباه كل مواطن بريطاني يزور ليبيا إىل تحمل‬ ‫بوزاخر الذي شمله قرار العزل‪ .‬أما اللجنة الثانية فتضم‬
‫تبعات التحول اىل ليبيا محذرة من أن األوضاع األمنية داخل‬ ‫مجموعة من املحامني كشف مصدر منها لـ"الشارع‬
‫ليبيا هشة وانها يمكن أن تتدهور برسعة وتتحول إىل قتال‬ ‫املغاربي" ان رئيسها هو االستاذ كمال بن مسعود وانها‬
‫يف القطاع هم أنس الحمادي رئيس جمعية القضاة‬
‫واشتباكات عنيفة دون سابق إنذار مضيفة أن الدعم‬ ‫تضم ‪ 5‬محامني‪.‬‬
‫التونسيني وأيمن شطيبة رئيس نقابة القضاة ورفقة‬
‫القنصيل يف ليبيا محدود للغاية‪ ،‬وان السفارة الربيطانية‬
‫املباركي رئيسة القضاة اإلداريني وسيدة القاريش رئيسة‬ ‫تكوين‬
‫بطرابلس ال تسدي خدمات قنصلية‪.‬‬ ‫اثارت الحركة الجزئية يف سلك الوالة املعلن عنها‬
‫جمعية القاضيات التونسيات ووائل الحنفي رئيس اتحاد‬
‫ورجّ حت النرشة حدوث هجمات إرهابية يف ليبيا‪،‬‬ ‫منذ اسبوع موجة انتقادات واسعة بالنظر اىل ما شابها‬
‫قضاة محكمة املحاسبات ومراد مسعودي رئيس جمعية‬
‫معتربة انه ال تزال هناك تهديدات ارهابية وصفتها بالكبرية‬ ‫من "مواالة ومحسوبية" يف اختيار الـ‪ 13‬واليا جديدا‬
‫القضاة الشبان ‪ .‬وجاء يف هذا البيان انه يستثنى من تعليق‬
‫بما يف ذلك اختطاف األجانب‪.‬‬ ‫وأغلبهم ناشطني يف ما يسمى بالحملة التفسريية لقيس‬
‫العمل العديد من االعمال هي تباعا ‪:‬‬
‫كما دعت الوزارة اإلعالميني الراغبني يف التحول اىل ليبيا‬ ‫سعيد خالل انتخابات ‪ .2019‬ويبدو أن الوالة الجدد ممن‬
‫‪ -‬البت يف مطالب االفراج‬
‫للحصول عىل اعتماد صحفي من السلطات الليبية ذات‬ ‫يفتقرون للخربة والتجربة خضعوا قبيل تقلد مناصبهم‬
‫‪ -‬القضايا اإلرهابية شديدة التأكد (عىل مستوى النيابة‬
‫الصلة‪.‬‬ ‫لدورة تكوينية‪.‬‬
‫والتحقيق)‬
‫‪ -‬البت يف مطالب تأجيل وايقاف التنفيذ امام املحكمة‬ ‫إضراب القضاة ‪ :‬االستثناءات‬
‫ومضة‬ ‫اإلدارية ومطالب ايقاف التنفيذ امام املحاكم العدلية‬ ‫يتواصل مثلما تم اإلعالن عنه ارضاب القضاة لألسبوع‬
‫نباح "البولدغ"‬
‫‪ -‬االذون املتأكدة‬ ‫الثاني واىل حدود يوم الجمعة املقبل‪ .‬كل املحاكم ترتيبا عىل‬
‫‪ -‬املحارض اتي انتهت فيها اجال االحتفاظ‬ ‫ذلك ستشهد انخفاضا يف نسق انشطتها وستتوقف مبدئيا‬
‫ّ‬
‫البط!‬ ‫ّ‬
‫وبط‬ ‫‪ -‬مناقشة رسائل التخرج باملعهد األعىل للقضاء‪.‬‬ ‫جل الدوائر الحكمية عن االنعقاد مما يؤدي اىل تأخري كل‬
‫امللفات "عىل حالتها" مثلما يقال لتواريخ الحقة‪ .‬فرتة‬
‫● حمادي بن سعيد‬ ‫خفايا‬ ‫التمديد يف تعليق الجلسات ستتواصل مع ما يصاحب‬
‫(رئيس تحرير جريدة الرأي سابقا)‬ ‫موقع ‪ algeriepatriotique‬نقل عن مصدر لم يسمه‬ ‫ذلك من ارجاء للفصل القضائي يف امللفات وتعطيل يف‬
‫خفايا قرار الجزائر تعليق معاهدة الصداقة وحسن الجوار‬ ‫اتخاذ القرارات الحكمية‪ .‬انتهى األسبوع األول من ارضاب‬
‫يف صفوف العديد من رجال القانون من يُمعنون يف االفراط‬
‫والتعاون مع اسبانيا‪.‬‬ ‫القضاة ولم تشهد الساحة أي اشكال ملحوظ وهو ما‬
‫واملبالغة شعارهم دائما التحدّي مندفعني يف ذلك بال أي ضابط‬
‫أو ّ‬ ‫وحسب املصدر فإن مر ّد القرار الجزائري "ترصيح‬ ‫جعل املقربني من جمعية القضاة يعتربون ان حركتهم‬
‫توقف‪.‬‬
‫ّ‬ ‫لرئيس الحكومة االسبانية بيدرو سانشيز أمام أعضاء‬ ‫كللت بالنجاح بنسبة ‪ 99‬يف املائة‪ .‬فهل سيتواصل األسبوع‬
‫وهناك منهم من يتفننون شيئا فشيئا يف تجاوز الحدود بال‬
‫برملان بالده مثل يف عيون السلطات الجزائرية القطرة التي‬ ‫الثاني عىل هذا النسق ؟ ذلك ما سوف تكشف عنه لنا األيام‬
‫زخرفة وال وصم‪ ...‬بال شطب وال تذهيب لزرع أفضل ظروف‬
‫أفاضت الكأس"‪.‬‬ ‫القليلة القادمة‪.‬‬
‫القطيعة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫املصدر أوضح أن سانشيز "تباهى ببيع الصحراء‬ ‫يف انتظار ذلك صدر بيان عن تنسيقية الهياكل‬
‫الكف عن تخمينات‬ ‫لقد حان الوقت لنطلب منهم جميعا‬
‫الغربية للمملكة املغربية"‪.‬‬ ‫القضائية وممىض من ست رؤساء ألهم التمثيليات‬
‫مبالغ فيها ال مكان لها سوى يف عقولهم املشوّشة نتيجة‬
‫ّ‬
‫تشق صفوفهم‪.‬‬ ‫االنقسامات التي‬
‫و‬ ‫ز‬
‫احتاد الشغل‪ :‬املفاوضات مع احلكومة فشلت واإلرضاب قائم‬ ‫م‬
‫و‬
‫قبل ثالثة أيام فقط من حلول موعد اإلرضاب العام‬

‫املزمع تنفيذه يوم ‪ 16‬جوان الجاري يف القطاع العام‬
‫فشلت يوم أمس االثنني جلسة تفاوض دامت حوايل‬
‫خمس ساعات بني وفدي االتحاد العام التونيس للشغل‬
‫والحكومة يف التوصل اىل اتفاق حول مطالب املنظمة‬
‫الشغيلة‪.‬‬
‫موقع "الشعب نيوز" التابع لالتحاد أكد أن الوفد‬
‫النقابي تمسك باإلرضاب العام بعد ان خال محرض‬
‫جلسة االجتماع من أي اتفاق عدا تسقيف التفاوض‬
‫حول القانون العام للوظيفة العمومية والقانون العام‬
‫للمنشآت والدواوين اىل موىف شهر جويلية املقبل‪.‬‬
‫وأشار املوقع إىل أن املكتب التنفيذي لالتحاد دعا إىل‬
‫جلسة التفاوض بني الوفد الحكومي ووفد االتحاد العام التونيس للشغل‬ ‫مواصلة التعبئة إلنجاح اإلرضاب العام يف كنف الوعي‬
‫واملسؤولية وسط حديث عن خيبة أمل الوفد النقابي‬
‫يأتي يف إطار تحركات إحتجاجية من أجل تلبية‬ ‫ملدها بقائمة املرضبني واصفا ذلك بالغباء السيايس‪.‬‬
‫من اجواء الجلسة ومن "الغرض" املقدم من قبل الطرف‬
‫مطالب العاملني يف املؤسسات واملنشآت العمومية‬ ‫من جهته أكد صالح الدين الساملي األمني العام‬
‫الحكومي املتهم من قبل املركزية النقابية بـ"االستخفاف‬
‫متمثّلة أساسا يف سحب املنشور عدد ‪ 20‬وتطبيق كل‬ ‫املساعد لإلتحاد ان االرضاب العام ليس سياسيا وانما‬
‫باإلرضاب" وبالتلكؤ يف الدعوة للتفاوض ‪.‬‬
‫اإلتفاقيات املمضاة بني اإلتحاد والحكومة يف عالقة‬ ‫اجتماعيا وان هدفه الدفاع عن قدرة املواطن الرشائية‬
‫وكان نور الدين الطبوبي األمني العام لالتحاد قد‬
‫بهذه املؤسسات‪.‬‬ ‫ورفض تفقري الطبقة املتوسطة‪.‬‬
‫كشف صبيحة يوم أمس ان وزير الشؤون االجتماعية‬
‫وبي ان اإلتحاد يطالب بالدخول الفوري يف مفاوضات‬‫ّ‬ ‫يذكر ان عددا من قيادات االتحاد تحول خالل‬
‫مالك الزاهي اتصل به قبل يوم إلعالمه بموعد الجلسة‬
‫اجتماعية بعنوان سنوات ‪ 2021‬و‪ 2022‬و‪.2023‬‬ ‫االسبوع املنقيض اىل أكثر من والية لالرشاف عىل‬
‫التفاوضية مربزا ان ايدي االتحاد ممدودة للحوار‪.‬‬
‫ويأتي اإلرضاب العام وسط توتر الفت بني قيادة‬ ‫اجتماعات عامة حشدا لالرضاب العام‪.‬‬
‫وأضاف ان االتحاد يطالب بإيجاد حلول للطبقة‬
‫االتحاد ورئيس الجمهورية قيس سعيد ادى اىل مقاطعة‬ ‫وكانت الهيئة االدارية لالتحاد قد اقرت يف ‪ 22‬ماي‬
‫الشغيلة لتعديل املقدرة الرشائية مؤكدا انه ال يبحث عن‬
‫منظمة الشغالني املشاركة يف اشغال اللجنة االستشارية‬ ‫املايض تنفيذ إرضاب عام يوم ‪ 16‬جوان الجاري يف‬
‫التعجيز باعتبار انه يعلم وضعية املالية العمومية‪.‬‬
‫لجمهورية جديدة مربرة موقفها بانها ترفض املشاركة‬ ‫الوظيفة العمومية والقطاع العام يشمل ‪ 159‬مؤسسة‬
‫وسبق للطبوبي ان اتهم يوم السبت املنقيض الحكومة‬
‫يف ما اسمته "حوارا شكليا تُحدد فيه االدوار من جانب‬ ‫عمومية تشغل ‪ 250‬ألف عامل‪.‬‬
‫بتعمد مراسلة املؤسسات والرؤساء املديرين العامني‬
‫واحد وتُقىص فيه القوى املدنية والسياسية"‪.‬‬ ‫وسبق ملوقع الشعب نيوز أن كشف ّ‬
‫أن قرار اإلرضاب‬
‫الدستور في وديعة "هللا وسيدي بلحسن" !‬
‫احلوار املهزلة‪...‬‬
‫ّ‬
‫معز ز يّود‬
‫ّ‬
‫و"الفشاش"‬ ‫الفشوش في المعاجم العربيّة هو "ما ال طائل منه"‪،‬‬
‫هو المحتال الذي يفتح األغالق بغير مفاتيحها‪ .‬هذه حال حوار قصر‬
‫الضيافة الذي بدا أشبه بمسرحيّة ال تُعرف مداخلها وال مخارجها‪،‬‬
‫في غياب الممثّلين والجمهور‪ ،‬باستثناء مخرجها‪...‬‬
‫أن هذه‬‫بدراسات" يف هذا الظرف الوجيز جدّا‪ .‬كما ّ‬ ‫انطلقت اللجنة االقتصاديّة واالجتماعيّة‬
‫الهيئة مك ّلفة ‪-‬وفق الفصل الثاني من املرسوم‬ ‫التابعة لـ"الهيئة الوطنيّة االستشاريّة من أجل‬
‫عدد ‪ 30-‬بـ"تقديم اقرتاح يتعلق بإعداد مرشوع‬ ‫جمهوريّة جديدة" يف لقاءاتها‪ ،‬يوم السبت ‪4‬‬
‫دستور لجمهورية جديدة"‪ .‬فاألمر يتع ّلق إذن‬ ‫جوان الجاري‪ .‬وقد انتهى االجتماع األوّل باالتّفاق‬
‫بمج ّرد تقديم اقرتاح إىل رئيس الجمهوريّة‪،‬‬ ‫عىل العمل عىل تحقيق ما يرقى إىل "معجزة" هي‬
‫السيما أنّها "هيئة استشاريّة"‪ .‬فهذه الهيئة‬ ‫األوىل من نوعها عىل الصعيد العاملي‪ .‬وتتمثّل يف أن‬
‫ليس لها أيّ صالحيّات إلزاميّة‪ ،‬واملقصود بذلك‬ ‫يُقدّم ك ّل مشارك يف اجتماعات اللجنة تصوّراته‬
‫أن الرئيس قيس سعيّد له ك ّل الحريّة يف قبول ما‬ ‫ّ‬ ‫لتونس يف أفق أربعني عاما يف غضون ‪ 72‬ساعة‪،‬‬
‫ويُؤثّر سلبا يف قدرتها عىل استعادة أنفاسها‬ ‫يريد من اقرتاحات ورفض ما يريد‪ .‬ومن ثمّ ة‪،‬‬ ‫عىل أن يختزل هذا التصوّر املصريي يف صفحتني‪،‬‬
‫قرص رئاسة الجمهوريّة منذ فرتة‪ ...‬واألدهى‬
‫ال يتع ّلق األمر بإعداد مسودّة دستور جديد ّ‬
‫ألن‬ ‫يرسلهما إىل إدارة الهيئة عرب الربيد اإللكرتوني‬
‫من ذلك يكمن يف الخطورة التي قد تكون عليها‬ ‫الديمقراطيّة واستئناف املسار االنتقايل املجهض‪.‬‬
‫أمّ ا عىل الصعيد الدويل‪ ،‬فمن املنتظر أن‬ ‫الدساتري ال تُكتب يف غضون أيّام معدودة‪.‬‬ ‫ربحً ا للوقت الثمني جدّا يف مثل هذه الظروف‬
‫تمسك الرئيس‬ ‫ّ‬ ‫تلك الخيارات‪ ،‬فما بالك باألمر لو‬
‫تتهاوى سمعة الدولة التونسيّة بشكل أكرب عىل‬ ‫ومن هنا يرتاءى لنا ك ّم املغالطة املروّجة‬ ‫العصيبة‪.‬‬
‫قيس سعيّد بفرض مرشوعه السيايس املروّ ج له‪،‬‬
‫يتوقف تراجع صورة تونس‬ ‫ّ‬ ‫مستويات عدّة‪ .‬فلن‬ ‫بشأن هذا الحوار املزعوم‪ .‬فهو ال يعدو أن يكون‬
‫وأسقطه إسقاطا عىل التونسيّني لتغيري شكل‬
‫عند بعض الترصيحات ملسؤويل الدول الكربى‬ ‫سوى لقاءات عابرة من طينة جلسات "االتحاد‬ ‫حوار بال حوار‬
‫النظام ً‬
‫رأسا عىل عقب؟!‪.‬‬ ‫النسائي" زمن بن عيل‪ ،‬حني كان يُذ ّر خاللها‬
‫ّ‬
‫بأن‬ ‫مرسحيّة "الحوار الوطني" توحي‬ ‫الرشيكة ويف مقدّمتها الواليات املتحدة األمريكيّة‬
‫ودول االتّحاد األوروبي‪ ،‬وإنّما سيمت ّد إىل عموم‬ ‫بعض البخور إلبعاد مساوئ النفس والسحر‪،‬‬ ‫مثال اجتماعات اللجنة االقتصاديّة‬
‫التونسيّني م ُْقدمني عىل أخطر انحراف ممكن‬ ‫عيني ذات يوم طفويل ّ‪ ...‬إنّه‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫عاينت بأ ّم‬ ‫مثلما‬ ‫واالجتماعيّة ينطبق أيضا عىل أعمال "اللجنة‬
‫للسلطة‪ .‬ويتمثّل ال فقط يف جعل الرئيس قيس‬ ‫املنظمات الدوليّة التي يُع ّد وضوح الرؤية‬
‫السياسيّة بُعدا محدّدا يف تقاريرها الدوريّة‪ .‬كما‬ ‫لألسف الشديد مشهد مهزلة تُيسء للدولة‬ ‫القانونيّة"‪ .‬ووفق الفصل ‪ 20‬من "املرسوم‬
‫سعيّد الغموض نهجا سياسيّا‪ ،‬وإنّما خصوصا‬ ‫التونسيّة‪ .‬فمنتهى األمر أنّه حوار صوريّ‬ ‫عدد ‪ 30‬لسنة املتع ّلق بإحداث الهيئة الوطنية‬
‫أن هذا االنحدار سينسحب كذلك عىل وكاالت‬ ‫ّ‬
‫يف احتمال إقدامه عىل إقرار عمليّة تحيّل كربى‬ ‫ّ‬ ‫مفرغ من أيّ مضمون‪ ،‬ال يُنتظر أن يأخذ رئيس‬ ‫ّ‬
‫فإن‬ ‫االستشارية من أجل جمهوريّة جديدة"‪،‬‬
‫التصنيف املختلفة وسيربز جليّا أيضا يف شتى‬
‫وواسعة النطاق‪ ،‬يف حال طرح عىل التونسيّني‬ ‫ّ‬ ‫الجمهوريّة بأدنى سطوره املعدودة‪ ،‬باعتبار‬ ‫تتول أعمالها "عىل ضوء نتائج‬ ‫ّ‬ ‫"لجنة الحوار"‬
‫املؤشات يف مجاالت متعدّدة‪ .‬وهذا ما لوحظ‬
‫مرشوع دستور يتبنّى ما يُسمّ ى بنظام "البناء‬ ‫أصال خالل األشهر األخرية يف تقارير القياس‬ ‫أن ك ّل النصوص والقرارات واإلجراءات جاهزة‬ ‫ّ‬ ‫أعمال اللجنتني االستشاريّتني املذكورتني أعاله‪،‬‬
‫القاعدي" واستخدم آليّات الدولة لفرضه وتمريره‬ ‫ّ‬
‫املؤسست الدوليّة‪.‬‬ ‫للعديد من‬ ‫سلفا‪ .‬ولذلك يمكن أليّ متابع نزيه أن يتفهّ م‬ ‫وتقوم بـ"التأليف بني املقرتحات التي تتقدم بها‬
‫عرب استفتاء ‪ 25‬جويلية املقبل‪ .‬فأن تُج ّرب‬ ‫ومن الطبيعي أن يكون لهذا االنحراف‬ ‫موقف االتّحاد العام التونيس للشغل الذي ق ّرر‬ ‫كل لجنة"‪ .‬وإذا توقفنا عند تحديد مهام "لجنة‬
‫تونس نوعا من أنظمة "الديمقراطيّة املبارشة"‬ ‫بالسلطة السياسيّة كلفته املاليّة واالقتصاديّة‪،‬‬ ‫مقاطعة مهزلة حوار فشوش‪.‬‬ ‫نتبي أنّها عبارة عن مق ّرر يكتفي بنقل‬ ‫الحوار" ّ‬
‫التي لم تنجح منذ زمن اإلغريق يعني ّ‬
‫أن البالد قد‬ ‫والسيّما يف ظ ّل الغموض املنهجي واملخاتلة‬ ‫هذا التوصيف سبق إليه يف الحقيقة‬ ‫ما وصل إليه‪ .‬وهو ما يعني منذ البدء انتفاء‬
‫تسقط يف دهاليز سنوات من الظلمات‪ .‬وعندها‬ ‫السائدة‪ ،‬وعدم مصارحة الشعب سواء بحقيقة‬ ‫الفيلسوف واملف ّكر التونيس املعروف يوسف‬ ‫أن الحوار يُفرتض أن يعني‬ ‫فعل الحوار أصال‪ ،‬إذ ّ‬
‫سنقول عىل تونس السالم‪ ،‬إىل حني انقضاء األمر‬ ‫األوضاع املقبلة عليها البالد أو باملرشوع السيايس‬ ‫الصديق‪ ،‬حني وصف حرفيا أوىل جلسات الحوار‬ ‫ّ‬
‫اصطالحا النقاش العام واألخذ والرد والتداول‬
‫بمغادرة قيس سعيّد قرص الرئاسة‪ ،‬بما من‬ ‫الذي يُراد فرضه عىل التونسيّني بمقتىض هذا‬ ‫بـ"الفاشوش"‪ ،‬قائال أيضا "حضوري لن يفيد يف‬ ‫والتفاوض من أجل الوصول إىل مخرجات بعينها‪.‬‬
‫شأنه أن يُعجّ ل بإسقاط دستوره مجدّدا‪ .‬وهو‬ ‫الحوار الفشوش واألقرب إىل املهزلة السياسيّة‪.‬‬ ‫أن ما سيحدث سيحدُث بوجودي‬ ‫يشء باعتبار ّ‬ ‫أن ما يُسمّ ى بـ"الحوار" الذي‬ ‫ومن املفارقات ّ‬
‫ما يعني االضطرار ربّما إلضاعة سنوات أخرى‬ ‫ولذلك مثال طالب صندوق النقد الدويل‬ ‫أو من غريه"‪ .‬واعترب‪ ،‬يف حوار مع إذاعة "شمس‬ ‫يُفرتض أن يُثمر إرهاصات "جمهوريّة جديدة"‬
‫السلطات التونسيّة بمصارحة الشعب التونيس‬ ‫أن "الفقر السيايس املوجود اآلن يف‬ ‫آف‪.‬آم"‪ّ ،‬‬ ‫لم يُتَحْ له من الزمن سوى أسبوع واحد‪ .‬وهو‬
‫من الوقت الثمني عىل الدولة التونسيّة‪ .‬وهذا‬
‫ألن محاسبة رئيس‬ ‫تحديدا ما ال ينبغي القبول به ّ‬ ‫ال فقط بالصعوبات االقتصاديّة واملاليّة التي‬ ‫خاصة يف ظ ّل غياب‬ ‫ّ‬ ‫قرطاج هو الكارثة األوىل‪،‬‬ ‫"األسبوع" الذي يسبق املوعد األقىص لتقديم‬
‫تم ّر بها البالد‪ ،‬وإنّما بالخصوص بربنامج‬ ‫استشارة أهـل االختصاص والكفاءات التونسيّة‬ ‫التقرير النهائي لهيئة العميد الصادق بلعيد إىل‬
‫الجمهوريّة بعد مغادرته الحكم لن تُعوّض الدمار‬
‫"اإلصالحات املوجعة" التي يشرتطها الصندوق‬ ‫سواء يف املجال السيايس أو االقتصادي"‪.‬‬ ‫رئيس الجمهوريّة واملحدّد بيوم ‪ 20‬جوان ‪،2022‬‬
‫الذي قد يُخ ّلفه‪ .‬وبرصف النظر عن الوثيقة التي‬
‫الدويل حتى يقبل بتقديم التمويالت املطلوبة‪ ،‬ويف‬ ‫املنسق للهيئة‬‫ّ‬ ‫املحصلة نفهم ر ّد الرئيس‬ ‫ّ‬ ‫ويف‬ ‫وفق الفصل ‪ 22‬من املرسوم عدد ‪ .30‬فأيّ "حوار‬
‫أعادت هيئة االنتخابات ترويجها خالل األيّام‬
‫مقدّمتها رفع الدعم وتجميد الجور والتقليص‬ ‫االستشاريّة الصادق بالعيد عىل سؤال بشأن مدى‬ ‫وطني" يمكن أن يجري يف ظرف أسبوع يتيم؟!‪.‬‬
‫تخص‬‫ّ‬ ‫األخرية للتحذير من مغبّة اإلشهار ملواقف‬ ‫قدرة لجنة الحوار عىل إعداد الدستور قبل يوم‬
‫تضخم عدد املشتغلني بالقطاع العام من‬ ‫ّ‬ ‫من‬ ‫وهذا برصف النظر عن هويّة املشاركني يف هذا‬
‫مضمون االستفاء يف فرتة انطالقه التي بدأت منذ‬ ‫‪ 20‬جوان‪ ،‬بقوله‪" :‬كان ربّي ينجم يق ّلك وسيدي‬
‫ومؤسسات عموميّة باتت‬ ‫ّ‬ ‫وظيفة عموميّة‬ ‫"الحوار" الذين ال يمكنهم بأيّ حال من األحوال‬
‫فإن وثيقة الدستور ستدفع إىل‬ ‫أكثر من شهر‪ّ ،‬‬ ‫بلحسن‪ ..‬ربّي يسهّ ل"‪.‬‬
‫مخت ّلة التوازن وأسرية العجز املايل منذ سنوات‬ ‫أن يمثلوا كامل الطيف السيايس واالقتصادي‬
‫تحديد املوقف من هذه العمليّة برمّ تها‪ ،‬وتح ّرك‬ ‫والحقوقي والفكري يف البالد‪.‬‬
‫طويلة‪.‬‬
‫النخب التونسيّة عىل أساس ذلك‪ .‬فالقانون‬ ‫ّ‬ ‫تداعيات المهزلة‬ ‫كافة أعمال "الهيئة‬ ‫ّ‬ ‫واألكثر من ذلك ّ‬
‫أن‬
‫بيت القصيد إذن أن الحوار "املغشوش"‬
‫ُسن أحيانا من أجل اخرتاقه‪ ،‬وفق تلك املقولة‬ ‫ي ّ‬ ‫الوطنيّة االستشاريّة" ملزمة بغطاء محدّد سلفا‪،‬‬
‫السائد يف قرص الضيافة يبدو خارج السياق‬
‫أن مصلحة الدولة التونسيّة‬ ‫الشهرية‪ ،‬والسيما ّ‬ ‫تمامً ا‪ ،‬ال فقط ج ّراء غياب شخصيّات سياسيّة‬ ‫فرض سياسة األمر الواقع هذه واالستخفاف‬ ‫وهو أن تحرتم مضامني "األمر الرئايس عدد‬
‫أكرب بكثري من مصالح األشخاص أيًّا كانوا‪.‬‬ ‫واقتصاديّة وفكريّة وعلميّة لها وزنها‪ ،‬وإنّما‬ ‫بالوعي الجمعي ستكون له انعكاسات سياسيّة‬ ‫‪ 117‬لسنة ‪ 2021‬املتع ّلق بالتدابري االستثنائية"‬
‫أن التونسيّني ال يتط ّلعون‪ ،‬مهما‬ ‫وال ريب يف ّ‬ ‫ألن وجودها بدا أكثر من صوري‪ .‬فمن‬ ‫خصوصا ّ‬ ‫سلبيّة داخليّا وخارجيّا‪ ،‬من املؤ ّكد أن تكون‬ ‫أن‬ ‫و"االستشارة الوطنيّة" اإللكرتونيّة‪ .‬والحال ّ‬
‫ّ‬
‫كان الثمن‪ ،‬إىل دستور جديد ملج ّرد أنه سيحمل‬ ‫ناحية ال يمكن لهذه "اللقاءات" املعدودة أن تُنتج‬ ‫لها كلفة اقتصاديّة واجتماعيّة باهظة‪ .‬فعىل‬ ‫عب يف أفضل التقديرات ّإل عن‬ ‫تلك االستشارة لم تُ ّ‬
‫توقيع الرئيس قيس سعيّد‪ ،‬حتّى وإن كان‬ ‫مخرجات ذات قيمة تُرتجى يف ظرف أيّام قليلة‪،‬‬ ‫الصعيد الداخيل‪ ،‬سيزداد فقدان ثقة التونسيّني‬ ‫أقل من نصف عُ رش التونسيّني‪ .‬كما ال ننىس أنّ‬
‫حصيلة عمليّة مغالطة واستباله عام تحت شعار‬ ‫ومن ناحية أخرى فإنّه ال معنى لحوار يُرجّ ح ّأل‬ ‫يف النخب السياسيّة وستصبح السياسة مرادفة‬ ‫ومن باب الضحك عىل ذقون من اختارهم‬
‫"حوار من لم يُحاور ّإل نفسه" باسم "الشعب‬ ‫أن غياب الوقت الكايف‬ ‫يُؤخذ بمضامينه‪ ،‬باعتبار ّ‬ ‫للكذب واالستغباء‪ .‬وهو ما من شأنه أن يُطيل‬ ‫رئيس الدولة لعضويّة الهيئة الوطنيّة االستشاريّة‬
‫يريد"‪...‬‬ ‫أن الخيارات التي ستُعتمد تبدو جاهزة يف‬ ‫يؤ ّكد ّ‬ ‫عمر األزمة السياسيّة العميقة أصال يف البالد‪،‬‬ ‫وعىل التونسيّني عموما‪ ،‬أنّه يمكنهم "القيام‬
‫انسحاب أمحد شفطر‪..‬‬

‫فصل جديد من حرب الشقوق داخل القرص‬
‫كوثر زنطور‬
‫ّ‬
‫المفسر" احمد شفطر مما يسمى بـ" دوائر التفكير" المحيطة برئيس الجمهورية قيس سعيد‬ ‫تتضارب الروايات حول حقيقة انسحاب "‬
‫ّ‬
‫تعفن االجواء داخل " الشقوق" وتحول المنافسة على التموقع في اعلى هرم للسطة الى صراعات‬ ‫وتتقاطع المعطيات في المقابل حول‬
‫محمومة تدار بأقذر الوسائل ‪.‬‬
‫وهو "الشعب يريد"‪ .‬فبالنسبة للشباب الداعم لسعيد والذي نشط‬ ‫اعلن احمد شفطر الذي يقدّم نفسه كأحد " املتطوعني"‬
‫كمتطوعني يف حملته التفسريية ش ّكلت التعيينات نهاية مرحلة‬ ‫يف حملة قيس سعيد التفسريية عن انسحابه من " الدور الذي‬
‫وبداية اخرى‪.‬‬ ‫كان يلعبه"‪ .‬االعالن جاء يف تدوينة نرشها عىل صفحته الرسمية‬
‫االسباب تتمثل وفق قراءة " ابناء املرشوع" يف " عدم انجرار‬ ‫بموقع "فايسبوك" قبل ان يحذف حسابه وينسحب ايضا من هذا‬
‫سعيد وراء مسار رجاالته الذين فقدوا البوصلة واملتهمني‬ ‫الفضاء االزرق ‪ .‬تدوينة اثارت االنتباه بالنظر اىل ان شفطر كان‬
‫بـ"تفكيك املرشوع وافراغه من محتواه القيمي"‪ .‬والتعيينات‬ ‫ّ‬
‫ويلقبه خصوم سعيد‬ ‫من اهم متصدري املشهد بعد ‪ 25‬جويلية‬
‫التي وصفها املصدر بـ"الرضبة املوجعة" هي بمثابة" املصالحة‬ ‫ّ‬
‫املفسين"' وبالنظر ايضا ملا تضمنت التدوينة‬ ‫باستهزاء بـ" كبري‬
‫بني الرئيس ومرشوعه االصيل"‪ .‬وستكون لها تبعات يقول املصدر‬ ‫ّ‬
‫مشفرة ال يعرف مقاصدها اال " جماعة" الرئيس ‪.‬‬ ‫من رسائل‬
‫انها ستتوضح بعد االنتهاء من استفتاء ‪ 25‬جويلية ومع البدء‬ ‫هذه الرسائل تُحيل اىل الرصاعات الدائرة داخل محيط ساكن‬
‫يف االعداد النتخابات ‪ 17‬ديسمرب ‪ 2022‬ومن خالل اعادة تش ّكل‬ ‫قرص قرطاج الذي طالته بدوره االنتقادات من اقرب املقربني‬
‫املشهد حول الرئيس بـ" الشباب الذي دعّ مه وسانده " قبل‬ ‫منه بسبب " تغاضيه وصمته" املوصوف من البعض باملسرتاب‬
‫الوصول اىل الرئاسة وبعدها ‪.‬‬ ‫عىل التجاوزات املتعددة وعىل رأسها تدخل العائلة والصفحات‬
‫ما يُتناقل يف االوساط " املتفائلة" بتعيينات يرون انها اعادة‬ ‫الفايسبوكية املشبوهة التي اتجهت سهامها اىل "االصدقاء‬
‫اعتبار لـ" املرشوع" وتحرك ضد " من خانوا اهدافه" يبدو‬ ‫واملخلصني" باالضافة اىل اعادة سيناريو "نادية عكاشة" وهنا‬
‫مفهوما ممن جمعتهم بقيس سعيد ما يسمونه بـ"حلم التغيري"‬ ‫االمر يتعلق بالعميد الصادق بلعيد املتهم بسحب البساط من تحت‬
‫وباتوا اليوم يف مواقع " القرار" وخلقت هذه التعيينات ديناميكية‬ ‫أقدام "ابناء املرشوع" وحتى اهانتهم واقصائهم‪.‬‬
‫داخل هذه املجموعات التى ترى انها " صاحبة الفضل" يف وصول‬
‫سعيد للسلطة وأنه يف " حاجة" اليها اليوم باعتبارها تمثل خزانه‬ ‫ماذا يحدث ؟‬
‫االنتخابي و" جزءا من ماكينته" وقد يفتح تواصل تجاهلهم مع‬
‫حالة الغليان التي كانوا عليها الباب امام انقالبهم عليه‪.‬‬ ‫جاء انسحاب شفطر بعد ايام قليلة من ترصيح مثري للعميد‬
‫التفاتة سعيد اىل الناشطني امليدانيني يف "املرشوع" ويف مختلف‬ ‫الصادق بلعيد نقل فيه ما قال انها توضيحات تلقاها من رئيس‬
‫االحتجاجات التي عرفتها جهاتهم للمطالبة خاصة بالتنمية‬ ‫الجمهورية عند سؤاله عن بعض من يتحدثون باسمه عىل غرار‬
‫سعيد" انهارت بسبب تتايل االخطاء والتهافت عىل السلطة وسوء‬ ‫احمد شفطر‪ .‬من بني التوضيحات التي نسبها بلعيد لسعيد نفي‬
‫والتشغيل تندرج يف سياق حملته االنتخابية وان مثلت نكثا‬
‫االداء‪ .‬ويذهب بعضهم اىل ابعد من ذلك بالتاكيد عىل ان "اغلبهم‬ ‫اي قرب وال معرفة بشفطر اضافة للتأكيد عىل ان سعيد لم يلتقه‬
‫بوعوده التي قطعها بعدم" املكافاة باملناصب" وبالقطع مع‬ ‫خرس ثقة الرئيس" الذي ينتظر الفرصة البعادهم الواحد تلو‬
‫التعيينات باملحسوبية وباملواالة وهي ايضا تنصال ليس بجديد‬ ‫اال مرة واحدة يف والية توزر اقترصت عىل " معاينة األحصنة" التي‬
‫االخر" ‪ .‬اما عن االخطاء فتضم " بناء تحالفات مع لوبيات نافذة‬ ‫يمتلكها شفطر‪ .‬رد االخري عىل بلعيد رسيعا بالتكذيب وبنربة ال‬
‫عن قيس سعيد من أخطائه عرب تعليق الفشل عىل االخرين‪.‬‬ ‫مثلما كان الحال يف منظومة االحزاب" و"خلق تكتالت داخل‬ ‫تخفي انتظاره رد اعتبار من " صديقه" " االستاذ الرئيس" مثلما‬
‫فالرواية املتداولة صلب "التنسيقيات والقواعد الداعمة لسعيد‬ ‫اجهزة الدولة بالتعيينات باملواالت" و" االعداد لالنتصاب الخاص"‬ ‫يسميه من خالل استقباله يف القرص الرئايس مثال‪.‬‬
‫حول خفايا " انسحاب" احمد شفطر ال تبدو مقبولة وهي فقط‬ ‫السيما مع الحديث عن امكانية عدم تجديد قيس سعيد ترشحه‬ ‫اثارت اهانة العميد شفطر حفيظة من يعرفون الرجل يف‬
‫تبييض للرئيس ومحاولة الكسائه "طهورية" فقدها عىل االقل‬ ‫لوالية جديدة وهو امر أملح إليه استاذ القانون الدستوري امني‬ ‫االوساط الناشطة مع سعيّد منذ سنوات‪ .‬لم يستغرب جلهم "‬
‫بسبب صمته عىل االنحرافات العديدة التي شابت مسار ما بعد‬ ‫محفوظ‪.‬‬ ‫صمت" سعيّد واستنكروا " توظيف" ما اعتربوه " شهادة كاذبة"‬
‫‪ 25‬جويلية وحتى قبله‪.‬‬ ‫مسألة اخرى محل انتقادات حادة موجهة للرئيس من‬ ‫من بلعيد يف حملة فايسبوكية تطال شفطر منذ مدة‪ .‬الغريب ان‬
‫فالرتويج اىل ان قيس سعيد "غري راض" عما يقوم به كبار‬ ‫خصومه ويبدو ايضا انها محل تساؤالت يف "تنسيقياته" وتتعلق‬ ‫قلة دافعت عن شفطر وعن انتمائه لـ "املرشوع" فيما تنكر له‬
‫املؤثرين يف محيطه رغم علمه بأخطائهم وفشلهم يف ادارة‬ ‫بالصفحات الفايسبوكية التي تقاد صلبها املعارك بني الشقوق‪.‬‬ ‫البقية ممن يراقبون ربما يف غياب فهم واضح للتوازنات الجديدة‬
‫ملفاتهم بما جعلهم يف املحصلة انموذجات جديدة للمنظومة‬ ‫تحولت هذه الصفحات من قاطرة ساهمت يف وصول سعيد اىل‬ ‫داخل الدوائر املؤثّرة والقريبة من الرئيس‪.‬‬
‫السابقة‪ ،‬قد ال يكون يف االخري سوى محاولة الحتواء الغضب‬ ‫رئاسة الجمهورية اىل "نقمة" يقول انس الحمادي رئيس جمعية‬ ‫تقول الروايات ان انسحاب شفطر " لن يطول" وانه سبق‬
‫داخل التنسيقيات مع اقرتاب املواعيد االنتخابية ‪ .‬اما " انسحاب"‬ ‫القضاة انها كانت سببا يف عزل رئيس محكمة االستئناف بتونس‬ ‫له االنسحاب واالبتعاد لفرتات متقطعة سابقا ال سيما قبل ‪25‬‬
‫شفطر فهو من جهة الشجرة التي تخفي الغابة مما يحدث داخل‬ ‫بعد ان توصل اىل "الجهات النافذة التي تقف وراءها"‪ .‬ويقول‬ ‫جويلية عندما كان "الجميع" يف نفس الخندق اي "مساندين‬
‫محيط الرئيس من مكائد ودسائس ومؤامرات وهتك اعراض‬ ‫ناشطون يف تنسيقيات سعيد انها "ارضت ولم تنفع" وانها"‬ ‫مُجمّ دين" بال أي تأثري ‪ .‬وشفطر يعد من النواة الصلبة للمرشوع‬
‫ورصاعات ومحاوالت تصفيات بني "االخوة االعداء" وهو عىل‬ ‫خرجت تماما عن جوهر نشاطها االول يف الحملة االنتخابية‬ ‫منذ انطالق تشكل "مجموعات التفكري" بقيادة رضا شهاب‬
‫االرجح‪ ،‬من جهة اخرى‪ ،‬مناورة لاليهام بعدم تمسك سعيد‬ ‫بتحولها اىل "وسيلة قذرة يصفى بها االصدقاء والخصوم عىل حد‬ ‫املكي وسنية الرشبطي‪ .‬واكد مصدر قريب من سعيد لـ"الشارع‬
‫بمرشوع البناء القاعدي عرب ابتعاد واجهة اساسية سوقت لهذا‬ ‫سواء"‪.‬‬ ‫املغاربي" ان عالقة شفطر بقيس سعيد توطدت خاصة بعد وفاة‬
‫املرشوع طيلة اشهر‪.‬‬ ‫صفعة التعيينات‬ ‫ابن اخته الذي كان ناشطا يف "الحملة التفسريية" منذ بداياتها‪.‬‬
‫واملعلوم ان لدى "كاتبي دستور الجمهورية الجديدة " واساسا‬ ‫ولم يُعرف شفطر اعالميا اال بعد ‪ 25‬جويلية كان خاللها احد‬
‫الصادق بلعيد وامني محفوظ ومحمد صالح بن عيىس او الواجهة‬ ‫توصف التعيينات االخرية يف سلك الوالة بـ" بداية استفاقة‬ ‫اكثر الشخصيات اثارة للجدل يف دوره كـ "مفرس" ملا يسمى‬
‫االكاديمية والعلمية التي اختارها سعيد لتمرير برنامجه السيايس‬ ‫قيس سعيد" ‪.‬فحسب مصدر مطلع شكلت التعيينات "صفعة"‬ ‫بمرشوع البناء القاعدي وبسبب تدويناته التي كانت تنتقد‬
‫موقفا رافضا لـ"البناء القاعدي" وابعاد شفطر واختفاء " رضا‬ ‫ملختلف الشقوق التي تضم العائلة بجناحيها (شبيل وسعيد)‬ ‫برشاسة خصوم الرئيس اىل ان انسحب مكتويا بنريان صديقة‬
‫لينني" قد يكون ضمانة سعيد لـ"عدم تمرير البناء القاعدي"‬ ‫والوزراء (توفيق رشف الدين ومالك الزاهي) والناشطون يف الحملة‬ ‫استهدفته طيلة اشهر دون ان يجد اي دعم وانضافت اليها‬
‫و" صونا ملصداقيتهم" امام طيف واسع من املتابعني يشكك يف‬ ‫(رضا شهاب املكي وسنية الرشبطي واحمد شفطر)‪ .‬يفرس‬ ‫الشهادة التي قدمها الصادق بلعيد املهينة لشخصه والتي تعني يف‬
‫سقوط هذا املرشوع من حسابات سعيد وحذروا الثالثي املذكور‬ ‫املصدر الصفعة باعتبارها" مكنت الشباب املتطوع من موضع‬ ‫غياب تكذيب من قيس سعيد التربأ منه ‪.‬‬
‫من توظيفهم من قبل الرئيس ‪.‬‬ ‫قدم يف الدولة " قال انها " ستسمح لهم بتنفيذ اهم شعار للحملة‬ ‫يقول ناشطون يف " تنسيقيات" سعيد ان واجهة " رجاالت‬

‫حوار األسبوع‬
‫رجاء الجبري رئيسة شبكة "مراقبون"‬
‫لـ "الشارع المغاربي"‪:‬‬
‫مسار الرئيس نسف كل معايري‬

‫االنتخابات النزهية‬
‫سعيد مراجعة كل املسار‬
‫نرجو من ّ‬
‫أو تأخري موعد االستفتاء‬
‫• من المفارقات العجيبة ان دستور ‪ 2014‬صيغ‬
‫في ‪ 3‬سنوات ودستور الجمهورية الجديدة‬
‫سيستغرق ‪ 3‬أسابيع‬
‫• إذا دخلنا في منطق تخوين من يتلقى تمويال‬

‫اجنبيا نكون مجبرين على تخوين الدولة‬
‫• الهيئة وعدتنا باالنفتاح على المجتمع المدني‬

‫فلمسنا عكس ذلك‬
‫حاورها ‪ :‬محمد الجاللي‬

‫اعتبرت رجاء الجبري رئيسة شبكة "مراقبون" ان رئيس الجمهورية قيس سعيد انتهج مسارا مشوبا بأخطاء عديدة بداية من تحديد تاريخ االقتراع قبل انجاز‬
‫الدستور مرورا بتأخير تعيين أعضاء الهيئة العليا المستقلة لالنتخابات وصوال الى مطالبة اللجنة االستشارية بصياغة دستور في ‪ 3‬أسابيع مشيرة الى ان هذا‬
‫المسار نسف كل معايير االنتخابات النزيهة‪.‬‬
‫الجبري لفتت أيضا في حوار أسبوعية "الشارع المغاربي" معها الى ان الهيئة تماطل في تمكين مالحظي االنتخابات من بطاقات اعتماد مبرزة ان ذلك أثر على‬
‫مراقبة عمليات تسجيل الناخبين‪.‬‬
‫ان االستفتاء سيكون استفتاء عىل صاحب املرشوع أي‬ ‫يف البداية اىل أي مدى قد يؤثر تأخر انطالق عمل الهيئة‬
‫رئيس الجمهورية ال عىل مرشوع الدستور‪.‬‬ ‫العليا املستقلة لالنتخابات عىل مسار االستفتاء وعىل‬
‫كيف ستمنع هيئة االنتخابات إشهارا سياسيا يعود اىل‬ ‫االستفتاء سيكون‬ ‫نزاهة نتائجه؟‬
‫شهر ماي املايض بقانون صادر يف شهر جوان الجاري؟‬ ‫لو تفحصنا آخر اعمال الهيئة لالحظنا تأخرها يف نرش‬
‫لألسف هذا ما اقرت هيئة االنتخابات‪ .‬فهل ستعود‬ ‫على صاحب المشروع‬ ‫روزنامة االستفتاء وارصارها عىل ان يكون لها مفعول‬
‫الهيئة اىل شهر ماي للتثبت من وجود عمليات اشهار‬
‫سيايس بالربامج اإلعالمية او باملقاالت الصحفية يف ظل‬
‫ال على مشروع الدستور‬ ‫رجعي بما انها أصدرت الروزنامة يف ‪ 3‬جوان الجاري‬
‫وأقرت انطالق حملة ما قبل االستفتاء بداية من ‪ 3‬ماي‬
‫روزنامة صادرة بعد شهر ويف غياب أي قرار مشرتك مع‬ ‫املايض‪ .‬الهيئة ب ّررت هذا االشكال بتأخر رئيس الجمهورية‬
‫"الهايكا"؟ نحن اذن إزاء اشكال قانوني كان باإلمكان‬ ‫يف اصدار دعوة الناخبني وهو خيار غري صائب ألنه تسبب‬
‫تفاديه لو لم يتأخر كل مسار االستفتاء‪ .‬اعتقد انه من‬ ‫يف إضفاء حالة من الضبابية لدى الفاعلني السياسيني‬
‫العبث إلزام كل األطراف املتدخلة يف مسار االستفتاء بهذا‬ ‫يف انتظار فتح طلب عروض وابرام صفقة عمومية مع‬ ‫واملراقبني واإلعالميني‪ .‬نحن اىل اليوم ننتظر اصدار قرار‬
‫األثر الرجعي لقرار ‪ 3‬جوان‪ .‬اجماال تخللت املسار برمته‬ ‫احدى الرشكات للتزود ببطاقات اعتماد رسمية؟‬ ‫مشرتك بني هيئة االنتخابات والهيئة العليا املستقلة‬
‫أخطاء وهنات ما فتئت تتكاثر كلما اقرتب موعده‪.‬‬ ‫ما هي انعكاسات هذا التأخري عىل الفاعلني‬ ‫لالتصال السمعي البرصي وما زلنا كمجتمع مدني ننتظر‬
‫ونحن عىل أبواب التسجيل اآليل الذي ستقوم به الهيئة‬ ‫السياسيني؟‬ ‫من الهيئة قبول مطالب االعتماد لتمكني مالحظينا من‬
‫بداية من يوم ‪ 15‬جوان الجاري هل لك ان توضحي لنا‬ ‫حتى األحزاب انتظرت اىل حدود يوم أمس االثنني‬ ‫مراقبة املسار‪ .‬وبسبب مماطلتها بتنا نواجه صعوبات‬
‫مزاياه وحدوده؟‬ ‫لالطالع عىل النص الرتتيبي الصادر عن الهيئة ملعرفة‬ ‫ببعض مكاتبها الجهوية‪.‬‬
‫صحيح ان التسجيل اآليل سيمكن هيئة االنتخابات‬ ‫رشوط إيداع تصاريحها ونرش استمارة الترصيح ورشوط‬ ‫هل يعني هذا انكم اصبحتم ممنوعني من مراقبة‬
‫من تسجيل كل الناخبني الذين بلغت أعمارهم ‪ 18‬سنة‬ ‫املشاركة واألطراف املعنية باملشاركة وبقية اإلجراءات‪.‬‬ ‫عمليات تسجيل الناخبني يف بعض الهيئات الفرعية؟‬
‫ويف وقت وجيز وعددهم مليونان ونصف مليون ناخب‬ ‫لو عدنا اىل مضمون روزنامة االستفتاء الكتشفنا ان املدة‬ ‫ما ملسناه ان الهيئات الفرعية ما فتئت تطالب‬
‫أي أكثر من ‪ % 30‬من العدد الجميل ولكنها ستواجه‬ ‫التي منحتها لألحزاب قبل ان تحدد موقفها من الدستور‬ ‫مالحظينا باالستظهار ببطاقات اعتماد بينما رفضت‬
‫تحديات كربى يف التثبت من هذا العدد ويف توزيع الناخبني‬ ‫املنتظر اعداده ال تتجاوز ‪ 24‬ساعة‪ .‬فهل يعقل ان يتمكن‬ ‫الهيئة قبول مطالبها‪ .‬ومن غري املعقول ان يكون عملنا‬
‫عىل مكاتب االنتخاب حسب عناوينهم ويف توفري املوارد‬ ‫حزب من االطالع عىل كل فصول الدستور ودراستها‬ ‫رهني السلطة التقديرية لكل مكتب جهوي‪ .‬لم ال تبادر‬
‫البرشية واللوجستية اإلضافية‪ .‬املعلوم ان الهيئة لم ّ‬
‫ترفع‬ ‫ومناقشتها واستشارة هياكله املركزية والجهوية‬ ‫الهيئة بقبول مطالبنا ثم تمنحنا بطاقات اعتماد وقتية‬
‫واتخاذ موقف جدي يف ظرف ‪ 24‬ساعة فقط؟ نعتقد‬

‫حوار األسبوع‬
‫وما حقيقة خشيتكم كجمعيات من منع حصولكم‬ ‫‪ 2022‬أي ما بعد اإلعالن عن نتائج االستفتاء والذي لم‬ ‫يف عدد اعوانها ولم تفتح مكاتب اقرتاع جديدة بما يعني‬
‫عىل تمويل أجنبي ألنشطتكم؟‬ ‫يتم التطرق اليه يف أي مرسوم رئايس‪ .‬فهل ستشهد بالدنا‬ ‫عىل األقل زيادة عدد الناخبني بكل مكتب باإلضافة اىل‬
‫إذا تمعّ نا يف بعض خطابات رئيس الجمهورية نكون‬ ‫استفتاء اخر ام سنعود اىل دستور ‪ 2014‬؟ هل سنقطع‬ ‫طول مدة االنتخاب التي ستمتد من السادسة صباحا اىل‬
‫مجربين عىل التساؤل حول جدية الدولة يف التضييق عىل‬ ‫مع حالة االستثناء؟ اعتقد ان ما بعد استفتاء ‪ 25‬جويلية‬ ‫العارشة ليال مما سيؤثر عىل جودة نتائج االقرتاع‪.‬‬
‫املجتمع املدني يف مراقبة االنتخابات بحجة تلقي تمويالت‬ ‫هي املرحلة األصعب عىل املستوى السيايس ألنه مفتوحة‬ ‫اىل أي مدى سيؤثر موعد االستفتاء املوافق ليوم االثنني‬
‫اجنبية‪ .‬مع العلم ان ممويل املجتمع املدني هم أنفسهم‬ ‫عىل كل السيناريوهات‪.‬‬ ‫ويف فصل الصيف عىل االقبال؟‬
‫من يمولون الدولة عرب منح ومساعدات او قروض‪ .‬وإذا‬ ‫ملاذا لم نر شبكة "مراقبون" ضمن املشاركني يف اللجنة‬ ‫فضال عن ان نسبة العزوف عن التصويت يف املواعيد‬
‫دخلنا يف منطق تخوين من يتلقى تمويال اجنبيا نكون‬ ‫االستشارية املعنية باإلصالحات السياسية؟‬ ‫االنتخابية السابقة شهدت ارتفاعا ملحوظا لم يتعود‬
‫مجربين عىل تخوين الدولة‪ .‬كما ال يمكن التغافل عن‬ ‫أوال نحن لسنا معنيني باملشاركة يف هذا الحوار‪.‬‬ ‫التونسيون عىل االستفتاء وال يعرفون ما معنى استفتاء‬
‫الجدل الذي ارتفع مؤخرا حول تنقيح مرسوم الجمعيات‪.‬‬ ‫ثانيا لم نتلق اية دعوة‪ .‬ثم ان معايري اختيار املشاركني‬ ‫أصال‪ .‬ثم ان تزامن استفتاء ‪ 25‬جويلية مع فصل الصيف‬
‫كل ما نرجو اال يكون تعاطي هيئة االنتخابات مع‬ ‫الذي يشهد ارتفاعا غري مسبوق يف درجات الحرارة ومغادرة‬
‫بطاقات االعتماد نابعا من سياسة اقصاء ممنهجة حتى‬ ‫أغلب العائالت منازلها نحو البحر لقضاء العطلة وعودة‬
‫ال نكون مضطرين للتحرك بعد التنسيق مع بقية مكونات‬
‫املجتمع املدني‪.‬‬
‫أخطاء تخللت مسار‬ ‫جاليتنا من املهجر أو تزامن يوم ذهابها لالقرتاع مع يوم‬
‫االثنني وهو ليس بيوم عطلة كلها عوامل ستزيد من عزوف‬
‫كيف سيكون تح ّرككم يف هذه الحالة؟‬ ‫االستفتاء ما فتئت تتكاثر‬ ‫الناخبني‪ .‬كما ان تحديد تاريخ االنتخابات الترشيعية ليوم‬
‫كلما اقترب موعده‬

‫سنعقد اجتماعا للنظر يف الخطوات التي يمكن‬ ‫‪ 17‬ديسمرب القادم املوافق ليوم السبت ويف فصل الشتاء‬
‫اتخاذها يف صورة عدم تحرك هيئة االنتخابات إلصدار‬ ‫قد يساهم يف تخلف عديد الناخبني عن مراكز االقرتاع‪ .‬ثم‬
‫***‬
‫بالغ قبول مطالب مراقبة مسار االستفتاء‪ .‬وقد نتجه‬ ‫ان املناخ السيايس املتوتر سيزيد بدوره يف زعزعة الثقة‬
‫يف نتائج التصويت‪ .‬كان عىل رئيس الجمهورية ان يمر‬
‫ثقة السياسيين‬
‫نحو طلب لقاء مع إدارة الهيئة لالستفسار عن أسباب‬
‫التأخري او عن وجود معطيات قد نجهلها‪ .‬سنطالب‬ ‫مبارشة بعد ‪ 25‬جويلية ‪ 2021‬من حالة االستثناء اىل‬
‫الهيئة بتحمّ ل مسؤوليتها وتطبيق الفصل ‪ 4‬من قانون‬ ‫والمجتمع المدني والرأي‬ ‫حوار وطني حول ثالثة او أربعة مواضيع كربى ثم يتم‬
‫اجراء انتخابات ترشيعية سابقة ألوانها قبل تنصيب‬
‫االنتخاب واالستفتاء الذي ينص رصاحة عىل أن "يتوىل‬
‫املالحظون متابعة املسار االنتخابي وشفافيته" وعىل ان‬ ‫العام في المسار مهتزة‬ ‫برملان ينظر يف كل اإلصالحات الكربى ولكنه اختار تمشيا‬
‫مختلفا‪ .‬ولكم ان تتمعنوا يف تركيبة اللجنة االستشارية‬
‫***‬
‫"تنظم الهيئة رشوط اعتمادهم وإجراءاته"‪.‬‬
‫قبل أيام قليلة من موعد االستفتاء هل لديكم اية‬ ‫للجمهورية الجديدة التي تم تنصيبها بشكل متأخر جدا‬
‫اقرتاحات ترونها رضورية لضمان حد أدني من الشفافية‬ ‫الهيئة اتخذت خيارات قد‬ ‫ويف غياب أي تناغم مع روزنامة االنتخابات بما ان نص‬
‫االستفتاء الذي تنكب عليه اللجنة لم يصدر بالتزامن مع‬
‫قد يكون من املتأخر جدا الحديث عن اقرتاحات ولكن‬
‫والنزاهة؟‬
‫تضعها يوم االقتراع أمام‬ ‫أمر دعوة الناخبني‪ .‬ومن املفارقات العجيبة ان دستور‬
‫سبق لنا ان طرحنا بعضها عىل غرار تعديل القانون‬ ‫عديد المشاكل‬ ‫‪ 2014‬تطلب ‪ 3‬سنوات من عمل املجلس التأسييس بينما‬
‫ستستغرق اللجنة االستشارية ‪ 3‬أسابيع فقط لصياغة‬
‫االنتخابي حتى يتم اعتماد عتبة لنسبة املشاركة ولم‬
‫الدستور الجديد‪ .‬نحن اآلن ذاهبون اىل استفتاء دون ان‬
‫يتم اخذه بعني االعتبار رغم ان مسألة العتبة تعترب من‬
‫نطلع اىل اليوم عىل النص الذي سنصوت عليه‪.‬‬
‫املعايري الرضورية إلضفاء مرشوعية عىل نتائج االقرتاع‬
‫ال تزال تركيبة الهيئات الفرعية لالنتخابات منقوصة‬
‫فمشاركة ‪ % 40‬من الناخبني أفضل من نسبة مشاركة‬
‫خاصة من عضوية القضاة املرضبني حاليا‪ .‬أال يهدّد ذلك‬
‫بـ ‪ .% 10‬أما االن فما عىل هيئة االنتخابات سوى االخذ‬
‫مسار االستفتاء؟‬
‫بزمام األمور لضبط تمش عميل للفرتة املتبقية واالستعداد‬
‫أبرز نقطة يف تحرك القضاة ضد عمليات العزل التي‬
‫لوجستيا وبرشيا واجراء تدقيق يف سجل الناخبني‪ .‬ما‬
‫طالت زمالءهم هي عدم ترشحهم لعضوية الهيئات‬
‫يؤسفنا ان الهيئة اتخذت خيارات قد تضعها يوم االقرتاع‬ ‫الفرعية وهذا سيؤدي اىل عدم اكتمال نصاب عديد املكاتب‬
‫أمام عديد املشاكل‪.‬‬ ‫الفرعية وهو يف حد ذاته اشكال‪ .‬بل ارتفعت مؤخرا أصوات‬
‫اية رسالة توجهونها لرئيس الجمهورية؟‬ ‫تنادي بتسخري القضاة او تسخري موظفني عموميني‬
‫نرجو من الرئيس مراجعة كل املسار او تأخري موعد‬ ‫وال ندري ان كانت هيئة االنتخابات واعية بهذا املأزق‬
‫االستفتاء الن التمسك بتاريخ ‪ 25‬جويلية وضع كل الناس‬ ‫وان كانت تفكر يف سيناريو بديل‪ .‬هل ستعيد نرش بالغ‬
‫امام تحديات وضغوطات جمة خاصة انه حدد موعد‬ ‫جديد برشوط جديدة ؟ هل ستتخىل عن عضوية القضاة‬
‫االستفتاء بال اية استعدادات تذكر فأصبح هذا املوعد‬ ‫جانبت املوضوعية‪ .‬كنا نحبذ لو فتح الباب امام الخرباء‬ ‫؟ وهل تسمح لها اآلجال بنرش بالغ جديد للرتشح ؟ يف‬
‫سيفا مسلطا عىل الجميع يف ظل عدم جاهزية الدستور‬ ‫واألكاديميني واألحزاب فتم اقصاء اغلب الجهات التي‬ ‫االثناء تفتقد اغلب الهيئات الفرعية ملنسقني جهويني بما‬
‫والهيئة ووسط مناخ سيايس متوتر وبالتزامن مع لجنة‬ ‫يمكن لها ان تقدم اإلضافة‪.‬‬ ‫اجرب بعضهم عىل االرشاف عىل أكثر من هيئة فرعية‪ .‬وقد‬
‫استشارية تسابق الزمن إلنجاز املهمة التي كلفت بها‪.‬‬ ‫كيف هي عالقتكم برئاسة الجمهورية وبالهيئة؟‬ ‫الحظنا خالل مراقبتنا عمل املكاتب الجهوية بطأ كبريا‬
‫وما هي رسالتكم للصادق بلعيد وتوفيق بودربالة؟‬ ‫ال عالقة لنا برئاسة الجمهورية خاصة أنها اختارت‬ ‫يف تسجيل الناخبني بسبب نقص املوارد البرشية وغياب‬
‫برصاحة ال رسالة يل اوجهها لهما‪ .‬اختارا االنخراط يف‬ ‫نهجا فردانيا غيّب أية قنوات للتواصل‪ .‬أما الهيئة فقد‬ ‫التأطري‪.‬‬
‫مسار الرئيس‪ ..‬ربي يعينهم‪.‬‬ ‫سبق لها ان وجهت لنا الدعوة لحضور لقاء جمعها‬ ‫بالنظر اىل كل اإلشكاالت التي يشهدها املسار هل‬
‫وملعاريض مسار رئيس الجمهورية؟‬ ‫بأغلب الجمعيات الناشطة يف مجال مراقبة االنتخابات‬ ‫يمكن الحديث عن استفتاء نزيه؟‬
‫احرتم مختلف املواقف الداعمة او املعارضة للمسار‬ ‫ووعدتنا بأن تكون منفتحة عىل املجتمع املدني وبان تذلل‬ ‫يف هذا اإلطار سيكون لـ "مراقبون" موعد مع الرأي‬
‫الذي اتخذه الرئيس ولكني لست ضد مقاطعة االستفتاء‬ ‫اية صعوبات تواجهنا خالل أداء مهمتنا‪ .‬هذا نظريا اما‬ ‫العام لتقديم قراءة شاملة للمسار برمته قبل االنطالق‬
‫ألنه قد يكون لها وزن سيايس ولكنها عمليا ال وزن لها‬ ‫عمليا فقد ملسنا عكس ذلك‪.‬‬ ‫يف عملية املالحظة‪ .‬اجماال كل العنارص التي تطرقت‬
‫وال تأثري يف نتيجة االقرتاع ألنها ستتيح ملن سيصوتون‬ ‫ماذا لو تم حرمانكم من مراقبة عملية االستفتاء؟‬ ‫اليها ستؤثر يف نزاهة نتائج االستفتاء‪ .‬فاالنتخابات‬
‫بنعم الفوز رغم ضآلة نسبة املشاركني‪.‬‬ ‫بكل رصاحة الحظنا تضاربا بني خطاب رئيس‬ ‫او االستفتاءات مرتبطة أساسا بعامل الثقة قبل كل‬
‫وللناخبني؟‬ ‫عب يف أكثر من مناسبة عن عدم الحاجة‬ ‫الجمهورية الذي ّ‬ ‫يشء وثقة السياسيني واملجتمع املدني والرأي العام يف‬
‫رغم ضيق الوقت ورغم ان الدستور من أكثر الوثائق‬ ‫اىل املراقبني واملالحظني األجانب خالل العملية االنتخابية‬ ‫املسار مهتزة‪ .‬يكفي التمعن يف طريقة إدارة هذا املسار‬
‫تعقيدا ادعو الناخبني اىل محاولة الحصول عىل دراية دنيا‬ ‫وبني خطاب الهيئة التي تؤكد انها ستوفر بطاقات اعتماد‬ ‫او التأخري الكبري او الروزنامة ذات املفعول الرجعي او‬
‫بمضمون الدستور ثم التصويت حسب اقتناعهم او عدم‬ ‫ملراقبة االستفتاء‪ .‬هذا الخطاب املزدوج يبعث عىل الحرية‪.‬‬ ‫طريقة تنصيب أعضاء هيئة االنتخابات او الضعف الذي‬
‫اقتناعهم بالدستور ال التصويت لصاحب الدستور‪.‬‬ ‫هل سيقترص االقصاء عىل املالحظني األجانب فقط ام‬ ‫تعاني منه‪ .‬بل نشهد نسفا لكل املعايري التي تم تأسيسها‬
‫وللهيئة؟‬ ‫سيطال أيضا املالحظني املحليني؟ وما يزيد يف منسوب‬ ‫طيلة املواعيد االنتخابية السابقة والتي تضمن حدا أدنى‬
‫حبذا لو تضع مخططا عمليا مفصال باليوم وبالساعة‬ ‫حريتنا ويغذي شكنا يف تعاطي الهيئة معنا هو مماطلتها‬ ‫من وضوح املسار االنتخابي وتوفر ثقة يف نتائجه رغم‬
‫وتكثف استعداداتها لتوفري املوارد البرشية واللوجستية‬ ‫يف تمكيننا من وثائق االعتماد لتيسري عملنا باملكاتب‬ ‫بعض اإلشكاالت التي ال يمكن التغافل عنها‪ .‬واألخطر من‬
‫الالزمة إلنجاح موعد االستفتاء‪.‬‬ ‫الجهوية‪.‬‬ ‫كل ذلك هو الغموض الذي يسم مرحلة ما بعد ‪ 25‬جويلية‬

‫رأي‬
‫السيد رئيس الجمهورية قيس سعيد‬

‫الدولة املدنية ليست جمرد فصل بني الدين والدولة‬
‫د‪.‬نوفل حنفى (أستاذ فلسفة بجامعة القيروان)‬
‫الئكية التجانس والتشابه بني األفراد داخل الفضاء العمومي‬ ‫بالدولة املدنية ينحازون دون وعى منهم يف معظم األحيان إىل‬ ‫بدأ العميد الصادق بلعيد منذ مدة يف الظهور بوسائل‬
‫وذلك بفعل تركيزها املطلق عىل فهم جذري للفردانية نحن‬ ‫نموذج من نماذج الالئكية عىل حساب نموذج آخر يف الوقت‬ ‫اإلعالم الوطنية والعاملية لتوضيح بعض اإلصالحات‬
‫مطالبون بتعديله دون التخيل عن الفردانية الديمقراطية‪.‬‬ ‫الذي يؤكدون أن الدولة الالئكية هي دولة الفراغ الديني‬ ‫الدستورية التي تعتزم هيئته االستشارية القيام بها يف‬
‫فيجب أن تحذر هيئة بلعيد من انبهار خربائها بالنموذج‬ ‫والروحي‪ ،‬لكنهم من جانب آخر ينزلقون يف قراءة تاريخية‬ ‫قراءة نقدية للفصل األول من الدستور‪ ،‬والذي ينص عىل أن‬
‫الجمهوري لالئكية رغم انه ال يمكن نكران ثراءه النظري‬ ‫جزئية للالئكية تغرق يف اإلجراءات الشكلية وأدوات الفصل‬ ‫مستقلة‪ ،‬ذات سيادة‪ ،‬اإلسالم دينها‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪ " :‬تونس دولة حرة‪،‬‬
‫والسيايس ألنه يف عالقة بسياق تاريخي وثقايف محدد‪ ،‬كما‬ ‫الصارم بني الدين والسياسة وتتناىس املبادئ األخرى وخاصة‬ ‫والعربية لغتها‪ ،‬والجمهورية نظامها" ولغريه من الفصول‬
‫يعتمد يف جذوره العميقة عىل فردانية جذرية حديثة تحرر‬ ‫املبادئ االيتيقية وهو ما يعني أن اغلب النخب الحداثية ىف‬ ‫األخرى‪ ،‬وإن كنت ال اشكك يف خربته الواسعة ومعارفه‬
‫الفرد من سلطة الهوية املشرتكة والتأكيد عىل االنفصال عن‬ ‫تونس تركز عىل املبادئ القانونية واإلجرائية لالئكية بحيث‬ ‫األكاديمية املرتبطة بالقانون الدستوري لم أكن مرتاحا‬
‫االنتماءات الدينية وجعلها حبيسة الدائرة الخاصة وهو ما‬ ‫يتم تنايس املبادئ االيتيقة مثل حرية الضمري واملساواة بني‬ ‫البتة لبعض ترصيحاته ومشاكساته بعض الصحفيني يف‬
‫قد يؤدي إىل فصل صارم وغري متسامح بني الدين واملؤسسات‬ ‫الجميع يف إطار مبدأ االحرتام الكونى‪ ،‬وينصب جهد الجميع‬ ‫عالقة ببعض املفاهيم واملصطلحات التي قد تنزلق بتونس‬
‫العمومية‪ .‬صحيح أن هذا الفصل يخلصنا من دولة االنحياز‬ ‫عىل الفصل بني الدين والدولة وهو مبدأ مؤسساتي يمكن أن‬ ‫يف بعض الرصاعات اإليديولوجية والدينية التي تعيق بناء‬
‫لالعتبارات العرضية لكن املبالغة يف التأكيد عليه نتيجة‬ ‫يصبح متعارضا مع الحرية الدينية إن نحن نظرنا له نظرة‬ ‫دستور ديمقراطي وعادل يعتمد عىل بعض املبادئ املعقولة‬
‫الخوف املبالغ فيه من حركات اإلسالم السيايس قد يؤدي إىل‬ ‫غائية وتناسينا املبادئ االيتيقية التي تسنده مثل حرية‬ ‫والكونية التي ال تفرتض االنحياز إىل أي مذهب فكرى أو ديني‬
‫إقصاء االنتماءات الهووية والثقافية وعدم االكتفاء بحياد‬ ‫الضمري واالحرتام الكونى‪.‬‬ ‫أو نموذج الئكي خصويص "فرنكوفونى او انغلوسكسونى"‪،‬‬
‫الدولة بل اشرتاط حياد األفراد ذاتهم‪.‬‬ ‫إن الفصل بني الدين والدولة أصبح هاجس كل املدافعني‬ ‫إذ نجد أن السيد الصادق بلعيد يظهر يف القناة الوطنية األوىل‬
‫يبدو أن التفكري يف فردانية مغايرة هو مسألة ملحّ ة‬ ‫عن الدولة املدنية الذين يربرون خطابهم برضورة تجاوز‬ ‫يوم األربعاء ‪ 8‬جوان ‪ 2022‬ويدخل يف بعض املشاكسات‬
‫من اجل إسناد مرشوع بناء جمهورية جديدة تحرص‬ ‫مخاطر حركة النهضة والحركات املجاورة لها متناسني‬ ‫مع بعض الصحفيني يف عالقة بقضية خطرية مثل عالقة‬
‫عىل الفصل بني الدين والدولة دون أن يؤدي ذلك رضورة‬ ‫أن كتابة دستور عادل مهمة شاقة ومن املفروض أال‬ ‫الدين بالدولة والتي تحتاج حسب تصوري الخاص إىل قراءة‬
‫إىل إقصاء التدين من الفضاء العمومي ‪.‬صحيح أن نمط‬ ‫تكون مرشوطة بكل عالقات العداوة أو االنحياز‪ .‬والغريب‬ ‫فلسفية عميقة تحررها من االنغماس يف البعد االجرائى‬
‫الحوكمة الديمقراطية يشرتط الفصل بني الفضاءات لكن‬ ‫يف األمر أن هذه الالئيكية التي تعترب أن القانون هو الغاية‬ ‫والقانوني الخالص الذي جعلها تبدو يف شكل مقدس الئكى‬
‫ذلك ال يعنى الفصل الصارم الذي ال يرتك الفرصة ملشاركة‬ ‫وان االيتيقا هي الوسيلة تعتمد أكثر من الالزم عىل الفصل‬ ‫قد ينزلق بتونس من مخاطر الدولة الدينية إىل مخاطر دولة‬
‫املتدينني وغري املتدينني يف الفضاء العمومي‪ .‬وهكذا فمن‬ ‫الصارم بني الدين واملؤسسات العمومية وتتناىس مبدأ أخر‬ ‫الدينية ‪.‬‬
‫املستحسن عىل اللجنة االستشارية أو غريها من اللجان التي‬ ‫هو مبدأ الحياد االكسيولوجى للدولة وللمؤسسات العمومية‬ ‫يحتاج السيد الصادق بلعيد إىل الحذر الكبري يف ما يتعلق‬
‫تفكر يف مرشوع دستور جديد لتونس أن تفهم الفصل بني‬ ‫ومن ورائه حرية الضمري "الحرية الدينية" واالحرتام‬ ‫باختيار كلماته وصوره املجازية حتى ال يبدو يف صورة‬
‫الدين والسياسة ال فهما قانونيا خالصا بل كحرية عمومية‬ ‫الكوني "‪ .‬وكما ترضر االنتقال الديمقراطي يف تونس من‬ ‫املدافع عن الئكية منغلقة منحازة إىل نموذج تاريخي من‬
‫أي حرية متساوية وغري قابلة للتجزئة وأعنى بذلك حرية‬ ‫طغيان اإلجراءات الشكلية وغياب مرشوع أخلقة السياسة‬ ‫نماذج الالئكية ومتعارضة مع مظاهر التدين التي اكتسحت‬
‫الضمري والحرية الفردية والحرية الجماعية والحرية الدينية‬ ‫فإن الالئيكية التونسية للجمهورية الجديدة قد تنزلق هي‬ ‫املجتمعات الراهنة ال فقط يف تونس بل يف كل الدول الغربية‬
‫وحرية العبادة ‪....‬وتوفر دولة التمييز بني الدين والدولة‬ ‫بدورها يف تصور اجرائي شكيل يغرقنا يف اكراهات الفصل‬ ‫بحيث أن الشعب التونيس الذي يستمع إليه قد يفهم الدولة‬
‫وسائل هامة لتفعيل كل هذه الحريات دون االنحياز إىل أي‬ ‫الصارم بني الدين والدولة مع تناىس املبادئ االيتيقة السابقة‬ ‫املدنية التي تميز بني الدين والسياسة كما لو أنها يف عداوة‬
‫مذهب ديني أو فلسفي أو أخالقي‪ ...‬وىف إطار املساواة بني‬ ‫عن هذا الفصل بني الدين والدولة‪.‬‬ ‫مع اإلسالم واملسلمني‪ ،‬وهو ما يسهّ ل عودة الحاضنة‬
‫املتدينني وغري املتدينني ما دام الجميع يحرتم روح الحوكمة‬ ‫من الواضح أن التمييز بني املؤسسات العمومية واملذاهب‬ ‫الشعبية لبعض املجموعات املتعصبة التي ترتبص بمرشوع‬
‫املدنية والديمقراطية‪.‬‬ ‫األخالقية والدينية‪ ...‬هو رشط رضوري من رشوط الدولة‬ ‫الدولة املدنية الحديثة‪ .‬فمن املفروض أن تعمل هذه الهيئة‬
‫وإذا كان املتدينون وغري املتدينني يحرتمون روح‬ ‫املدنية وان هذه الدولة ال يجب أن تنحاز اكسيولوجيا إىل أي‬ ‫االستشارية عىل تنقيح الفصل األول من الدستور دون أن‬
‫الديمقراطية فيمكن لهم املشاركة يف الفضاء العمومي يف إطار‬ ‫مذهب ديني أو فلسفي أو اخالقى ‪ ،‬لكن عىل هذه اللجنة‬ ‫تجعل رشائح واسعة من أفراد الشعب التونيس تعترب أن‬
‫االحرتام بني الجميع بحيث يمكن تكريس التمييز املزدوج بني‬ ‫التي يقودها العميد الصادق بلعيد أن تعي بمخاطر الالئكية‬ ‫الدستور الجديد هو دستور الالتديّن املحكوم بعالقة الرصاع‬
‫الدولة واملؤسسات الدينية‪ ،‬فال تتدخل املؤسسات الدينية يف‬ ‫ظر لالئكية منفتحة بشكل تام‬ ‫املنغلقة " وهذا ال يعنى انني ان ّ‬ ‫مع حركة النهضة وغريها من حركات اإلسالم السيايس‪.‬‬
‫شؤون الدولة وال تتدخل الدولة يف شؤون املؤسسات الدينية‬ ‫قد يرتك املجال لتيوقراطية جديدة ومسترتة‪ .‬ونظرا لرضورة‬ ‫وعندما يقول الصادق بلعيد أن " الدولة ليس لها روح وليس‬
‫مع رضورة الحذر من الفصل بني الفضاءات الذي يقوم عىل‬ ‫اإليجاز أفضل أن اكتفى بطرح عيوب الالئكية املنغلقة عىل‬ ‫لها دين" ويركز جهوده عىل تغيري هذا الفصل يف عالقة‬
‫االنتقام أو االنحياز إىل نظرية شاملة‪ .‬فال يجب أن يستند‬ ‫أمل رشح عيوب الالئكية املنفتحة يف سياق أخر" التي تعود‬ ‫بإكراه الرصاع مع حركة النهضة أو غريها من املجموعات‬
‫الفصل بني الدين والدولة عىل تصوّر للخري العمومي أو عىل‬ ‫يف جذورها العميقة إىل العقل املونولوغي الذي يتميز بعالقة‬ ‫الدينية واالنبهار ببعض النماذج الالئكية املرتبطة بسياق‬
‫غايات مصلحية أو انتخابية بل عىل ايتيقا ديونطولوجية‬ ‫متوترة مع التعددية وذلك ألنه يعتمد عىل كونية مجردة تبالغ‬ ‫تاريخي محدد فهو يزج بتونس يف رصاعات إيديولوجية‬
‫كونية تحرتم التعددية الفكرية والدينية والسياسية‪ .‬وهو‬ ‫يف عبادة العلم والحقيقة مقابل الوهم والخرافة والدين‪.‬‬ ‫ودينية لسنا يف حاجة لها إذا أردنا بناء دستور جديد غري‬
‫ما يعنى الحذر من تغيري البند األول من الدستور بشكل‬ ‫وعندما يعترب هذا النموذج املغلق للالئكية أن األديان هي‬ ‫منحاز إىل أفكار مسبقة دينية أو الئكية‪ .‬إن الالئكية هي‬
‫ينزلق بتونس يف علمانية شاملة تتظاهر بعدم االنحياز لدين‬ ‫طرق غري معقولة يف فهم الطبيعة واملجتمع فهو ال يكتفي‬ ‫مفهوم معقد وهى جماع جملة من األهداف والرتتيبات‬
‫ما يف حني أنها تنبهر بشكل خفي بتصور شامل للحقيقة‬ ‫بتحييدها عن املؤسسات العمومية بل ينتهي به األمر إىل حد‬ ‫املؤسساتية ورغم أن بحوثا كثرية يف اختصاصات العلوم‬
‫وللخري وهو ما قد يمهد لعلمنة املجتمع بدل الرتكيز عىل‬ ‫باللتدين وهذا ما جعل بعض أعداء الدولة‬ ‫ّ‬ ‫مطالبة األفراد‬ ‫االجتماعية والحقوق والفلسفة حققت جهدا كبريا عىل‬
‫مرشوع الدولة املدنية التي تهتم بإدارة عادلة للتنوع الفكري‬ ‫املدنية يعتربونها دولة الكفر واإللحاد متناسني أن حياد‬ ‫صعيد فهم الالئكية باعتبارها نمطا من الحوكمة فإنني‬
‫والديني واالخالقى الذي يميز كل مجتمع ديمقراطي وذلك‬ ‫الدولة ال يعنى حياد األفراد وان مرشوع الدولة املدنية ال‬ ‫اعتقد أن تحليال مفهوميا مناسبا للمبادئ املكونة لها لم‬
‫وفق مبدأ حياد الدولة تجاه املعتقدات الدينية والروحانية‬ ‫يتعارض مع التدين الفردي مثلما تزعم ذلك بعض األقالم‬ ‫ينجز بعد خاصة يف الدراسات املكتوبة باللغة العربية‪.‬‬
‫والعلمانية‪ .‬فمن املفروض أن تكون املقاربة التأسيسية‬ ‫املعادية للدولة املدنية‪ .‬ارجو أال يؤدى تركيز العميد الصادق‬ ‫فإذا تواصلت مبالغة األستاذ الصادق بلعيد يف التأكيد‬
‫للدستور الجديد غري مشحونة بعداء أو انحياز إىل أي مذهب‬ ‫بلعيد عىل الفصل الصارم بني الدين والدولة إىل تغول الدولة‬ ‫عىل فكرة الفصل الصارم بني الدين والدولة دون ربط هذه‬
‫ديني أو فلسفي أو مقاربة علمية تكون هي بدورها محل‬ ‫الالئكية وعبادة كل اإلجراءات القانونية الراعية لهذا التغول‬ ‫الفكرة باألسس بالفلسفية االيتيقة للدولة املدنية والحرص‬
‫اختالف يف وجهات النظر‪ ،‬وهو ما يؤكد رضورة االنطالق‬ ‫عىل حساب حرية الفرد وحقه يف االنتماء أي أن املشكل ال‬ ‫الكبري عىل إدراك مكتسبات وعيوب أهم النماذج الالئكية‬
‫من تصور ديونطولوجى للعالقة بني الدين والدولة بحيث‬ ‫يتعلق برفض حياد الدولة بل بطريقة فهمنا له‪ .‬وإذا كان‬ ‫السائدة يف العالم فال يمكن أن نطمح إىل بناء مرشوع دستور‬
‫يمكن لكل املذاهب الفلسفية والدينية واملقاربات العلمية أن‬ ‫من املعقول أن نقبل بحياد الدولة فال يمكن أن نقبل بتعميم‬ ‫عادل يتجنب مخاطر الدولة الدينية وعيوب النماذج الالئكية‬
‫تدعم مبادئ الدستور التونيس انطالقا من رموزها ومبادئها‬ ‫هذا الحياد عىل كل األفراد بحيث انه عىل الصادق بلعيد‬ ‫السائدة مثل الالئكية الجمهورية املنغلقة والالئكية الليربالية‬
‫الخاصة‪.‬‬ ‫وغريه من خرباء اللجنة االستشارية الحذر كل الحذر من‬ ‫املنفتحة‪ .‬يبدو أن العميد الصادق بلعيد وأغلب املنبهرين‬
‫تحضيرا لله ّبة الجماهيرية لـ"تحرير تونس‬

‫من قبضة الحاكم بأمره" ‪:‬‬
‫عبري مويس تعلن يوم ‪ 18‬جوان‬

‫موعدا للنفري العام‬
‫العربي الوسالتي‬
‫وتأمل عبري مويس أن تكون مسرية ‪ 18‬جوان لحظة فارقة‬ ‫اي نوع من أنواع الهرسلة ضد هياكل الحزب أو األطراف‬ ‫يعيش الحزب الدستوري الح ّر حالة استنفار قصوى‬
‫يف تاريخ الجمهورية ويف تاريخ املعارك التي خاضها والزال‬ ‫املتداخلة لتوفري الجانب اللوجستي للتظاهرة‪.‬‬ ‫عكسها تتايل االجتماعات وتسارع الخطوات باتجاه أكثر‬
‫"الدساترة" يف وجه املنظومات الجديدة‪ .‬ويف حرصها عىل‬ ‫رفعت من وترية‬ ‫ّ‬ ‫رئيسة الحزب الدستوري الح ّر‬ ‫من نقطة داخل ربوع الجمهورية‪ .‬العنوان هو معركة‬
‫تعبئة الشارع وتحريكه من تحت قدمي قيس سعيد رسائل‬ ‫اجتماعاتها وتح ّركاتها يف الفرتة األخرية يف إطار حملة‬ ‫التحرير الوطني واملكان وسط العاصمة وتحديدا ساحة‬
‫ّ‬
‫يتخفى وراءها‬ ‫أن الحاضنة الشعبية التي‬ ‫مبطنة مفادها ّ‬ ‫"وقيت باش تفيق" التي أطلقها الحزب لتعبيد الطريق نحو‬ ‫الحكومة بالقصبة والزمان هو تاريخ ‪ 18‬جوان وهو املوعد‬
‫رئيس الجمهورية لتمرير كل قراراته العشوائية واالرتجالية‬ ‫االنتفاضة الشعبية والهبّة الجماهريية املرتقبة لتخليص‬ ‫الذي وصفته رئيسة الحزب عبري مويس باليوم املفصيل يف‬
‫باتت حاضنة وهمية ال وجود لها ألنه يف نجاح مسرية ‪18‬‬ ‫تونس وتحريرها من قبضة الحاكم بأمره مثلما تصفه‬ ‫تاريخ الجمهورية التونسية‪.‬‬
‫طط لذلك الحزب إعالن رصيح بانطالق خ ّ‬
‫ط‬ ‫جوان مثلما خ ّ‬ ‫مويس والتي دعت قيادات الحزب وهياكله ومنخرطيه‬ ‫خالل ندوة صحفية سابقة أعلنت رئيسة الحزب‬
‫املقاومة الفعيل واعرتاف ضمني بافتكاك الشارع ورشعيته‬ ‫وأنصاره للوقوف بكل بسالة يف وجه "املرشوع الظالمي"‬ ‫الدستوري الح ّر عبري مويس عن قرارات جديدة تتع ّلق‬
‫ممّ ن مازالوا يتحدّثون باسمه ونيابة عنه‪.‬‬ ‫الذي يهدّد تونس‪.‬‬ ‫أساسا بالتطورات الكبرية التي تعيشها تونس يف اآلونة‬
‫مويس ترى أن األيّام القليلة القادمة قد تكون حاسمة‬ ‫األخرية استعدادا لطرح مرشوع االستفتاء‪ .‬وخالل الندوة‬
‫تاريخ ‪ 18‬جوان ال يعترب تاريخا عاديا يف ذاكرة البرشية‬
‫ومفصليّة بشكل كبري يف تاريخ تونس ألجل التصدّي‬ ‫كدت مويس ان الحزب ق ّرر الدخول يف حشد عام ويف حالة‬ ‫أ ّ‬
‫التي ولدت من رحم الحرب العاملية الثانية‪ .‬هذا التاريخ يعود‬
‫ملحاوالت تركيع الدولة واختطافها معتربة أنها وحزبها قد‬ ‫تعبئة جماهريية ملا أسمته حملة "وقيت باش تفيق" وذلك‬
‫بنا تحديدا اىل سنة ‪ 1940‬عندما ألقى الجنرال شارل ديغول‬
‫يكونان تحت خطر رئيس الجمهورية لذلك دعت أنصارها إىل‬ ‫بهدف تحرير تونس من مرشوع دولة الخالفة الذي يقوده‬
‫أول خطاب له عرب إذاعة بي بي يس يف لندن‪ ،‬دعا فيه إىل عدم‬
‫الصمود وعدم االستسالم مهما كان حجم التضحيات ومهما‬ ‫رئيس الجمهورية قيس سعيد‪.‬‬
‫وقف القتال ضد أملانيا قائال يف كلماته الشهرية التي طبعت‬
‫كان املآل الذي ستنتهي اليه هي وحزبها‪ .‬وتدرك مويس التي‬ ‫الحزب رشع منذ فرتة يف التحضري لهذا املوعد التاريخي‬
‫ذاكرة العالم "إنها الحرب العاملية الثانية ‪ ..‬إنها املقاومة‬ ‫تُعترب حجر األساس األه ّم يف واجهة املعارضة التي تتسع‬ ‫يف دفاتر نضاالته حيث أودع اإلعالمات الرسمية للسلط‬
‫التي ال ينبغي أن تقف ولن نقف"‪ ...‬وقد اعترب ذلك الخطاب‬ ‫يوما بعد يوم ض ّد املرشوع السيايس لرئيس الجمهورية ّ‬
‫أن‬ ‫األمنية والجهوية بمسلك وتوقيت املسرية التي ق ّرر تنظيمها‬
‫حجر أساس املقاومة الفرنسية ووقود املعركة الطاحنة‬ ‫نجاح قيس سعيد يف تمرير مرشوع االستفتاء بالصيغة‬ ‫يوم السبت ‪ 18‬جوان ‪ 2022‬والتي من املفروض أن تنطلق‬
‫التي انتهت بسقوط أملانيا‪ .‬وإذا كانت عبري مويس قد اعتربت‬ ‫القانونية التي وضعها قد يعني السقوط املبارش يف قاع دولة‬ ‫بداية من الساعة التاسعة والنصف صباحا من أمام مقر‬
‫أن اختيار هذا التاريخ جاء بمحض الصدفة وليس اقتداء‬ ‫الخالفة القائمة عىل فكر الرجل الواحد والحاكم بأمره‪.‬‬ ‫معتمدية باب سويقة يف اتجاه ساحة الحكومة أين سيتجمع‬
‫فإن كلمات املقاومة التي قلبت‬ ‫ّ‬ ‫بمسرية ديقول النضالية‬ ‫لذلك اختلف خطاب عبري مويس يف األيام والساعات القليلة‬ ‫املحتجون وذلك عرب شارع باب بنات تونس‪.‬‬
‫موازين القوى يف الحرب العاملية الثانية وأحيت فرنسا من‬ ‫وتغي من االعتماد عىل أسلوب املحاججة واملقارعة‬ ‫ّ‬ ‫املاضية‬ ‫وح ّذر الحزب يف بالغ نرشه عىل صفحته الرسمية بموقع‬
‫جديد من رماد الجيوش األملانية قد تكون هي األخرى وقود‬ ‫ّ‬
‫القانونية اىل تبني أسلوب املناشدة والحشد الجماهريي‬ ‫فايسبوك السلطة القائمة من أي منع لتحركه السلمي‬
‫معركتها الوطنية والرشارة األوىل لثورة جماهريية تفتّك‬ ‫ونداءات التعبئة العامة القائمة عىل تحميل الجماهري‬ ‫القانوني بأية طريقة كانت مبارشة أو غري مبارشة‪ .‬كما‬
‫الشارع من محت ّليه ومن خاطفيه‪...‬‬ ‫مبارشة مسؤولية الدفاع عن القضية‪.‬‬ ‫ح ّذر السلطة من عرقلة التحضريات للمسرية أو ممارسة‬

‫رأي‬
‫يا لهول ما يحدث ‪:‬‬
‫مص ّمم دستور اجلمهورية اجلديدة (الصادق بلعيد) يف نفس اهليئة‬

‫مع أحد أكرب مد ّمري الدولة التونسية (عامد احلاممي)‬
‫أنس الشابي‬
‫الدينية يف الحكومة املشيشية‪ .‬وقد مثلت هذه املناقشة‬ ‫البرش هو األخطر ألنه يفسد الحاكم ويحيي فيه نرجسية‬ ‫مقاومة الفساد هو املصطلح الذي دأب رئيس‬
‫املؤسسات العلمية بتونس إذ نرشت‬ ‫ّ‬ ‫سابقة يف تاريخ‬ ‫ال تعالج‪.‬‬ ‫الجمهورية عىل استعماله منذ حملته يف االنتخابات‬
‫الجامعة العامة للتعليم العايل والبحث العلمي بيانا يوم‬ ‫‪ )2‬لم نقرأ لعماد أي نص مكتوب أو مساهمة‬ ‫الرئاسية إىل ح ّد الساعة‪ ،‬غري أنني ّملا اطلعت عىل قائمة‬
‫‪ 27‬ديسمرب ‪ 2017‬تحت عنوان "وزير حايل وخروقات‬ ‫فكرية من شأنها أن تكشف حقيقة الرجل‪ .‬فباستثناء‬ ‫املدعوّين إىل اللجنة االستشارية املك ّلفة بإعداد "دستور‬
‫خطرية يف إسناد شهادة جامعية بجامعة الزيتونة" ندّدت‬ ‫الترصيحات الصحفية التي ال تكون مبنية عىل رؤية‬ ‫الجمهورية الجديدة" وجدت أنه ليس ضمن املقاييس‬
‫فيه بما حصل مبيّنة الخروقات القانونية والعلمية وهو‬ ‫وتحليل ال نجد له أي جهد فكري يربّر الثقة يف ما يقول‪.‬‬ ‫التي اعتمدت الختيار األسماء مقاومة الفساد‪ ،‬وال يخلو‬
‫ما يدعو إىل النظر يف كل الشهائد التي أسندتها ما يسمى‬ ‫من ذلك أنه رصّ ح يف برنامج "وحش الشاشة" بأن‬ ‫ّ‬
‫يتوفر‬ ‫الحال من أمرين‪ :‬إما أن الرئيس اختار بعض من ال‬
‫الجامعة الزيتونية خصوصا للمنتسبني لحركة النهضة‪.‬‬ ‫التحالف بني عبري والغنويش ممكن مستقبال(‪ )1‬وهو‬ ‫فيهم رشطه إرضاء لهذه الجهة أو تلك أو أن له فهما‬
‫‪ّ )5‬ملا عزل الشيخ عثمان بطيخ وزير الشؤون‬ ‫خاصا للفساد وهو األقرب إىل التصديق‪ ،‬فالفساد لدى‬
‫الدينية املدعو الجوادي من إمامة جامع‬ ‫رئيس الدولة ليس هو الفساد يف معناه اللغوي‬
‫سيدي اللخمي قام هذا األخري بحشد‬ ‫الذي يشمل الرذائل األخالقية والسلوكية‬
‫املج ّرمة قانونا وعرفا وتأباها النفوس‬
‫املنتسبني للفرع املحيل للتنظيم الدويل‬
‫السليمة بل ينرصف معناه إىل معارضة‬
‫لإلخوان ومنع املصلني من أداء صالة‬
‫خيارات الرئيس‪ .‬فالفاسد هو املعارض‬
‫الجمعة ملدّة تفوق الشهر ولم تهدأ‬
‫واملخالف لِما يرى رئيس الدولة‪ .‬أمّ ا‬
‫األوضاع إال بعد تعيني إمام نهضوي‪ .‬يف‬
‫الصالح فهو املساند لشخص الرئيس‬
‫تلك الفرتة خرج علينا عماد الحمامي‬ ‫وليس لخياراته‪ .‬ولع ّل أبرز مثال‬
‫يف التلفزة متّهما الشيخ بطيخ بأنه‬ ‫عىل ذلك املفرسون الذين يتبارون‬
‫يع ّرض األمن الروحي للمواطنني‬ ‫يف رشح متن رئايس ال وجود له وما‬
‫إىل الخطر(‪ )2‬وهو مصطلح جديد‬ ‫زال يف حكم املعدوم إىل اليوم ونحن‬
‫لم نسمع به سابقا ويفيد أن أي‬ ‫عىل أبواب استفتاء‪ .‬واملتأمل يف‬
‫مساس بأئمة التطرف يهدّد األمن‬ ‫أعضاء اللجنة املذكورة يلحظ أنهم‬
‫الروحي وبأن الواجب أن يبقى امللف‬ ‫جميعهم ساندوا الرئيس وانرصفوا‬
‫الديني كما صاغته حركته فضال عن‬ ‫عن الخيارات التي دافعوا عنها سابقا‬
‫وصفه كل من الجوادي والخادمي إمام‬ ‫دون أن يت ّم ذلك وفق آلية النقد الذاتي ويف‬
‫التسفري باملعتدلني واألكثر علما من‬ ‫انسجام معريف واتساق فكري‪ ،‬إذ ال حرج يف‬
‫الشيخ بطيخ‪.‬‬ ‫يغي اإلنسان موقفه بهدف‬‫أن ّ‬
‫قد يكون وجود هذه‬ ‫تجويده أو تكوين تحالف‪.‬‬
‫النوعية من متعاطي العمل‬ ‫أما أن ينقلب من املوقف إىل‬
‫السيايس مريحا للحاكم ألنه‬ ‫نقيضه دون مقدّمات أو‬
‫يسمعه ما يرغب فيه ويُريض‬ ‫تفسري أو تحليل فذلك ما يؤرش‬
‫نرجسيّته وغروره ولكنه مؤرش عىل نهاية أي حكم مهما‬ ‫عىل فساد سيايس هو األشد‬
‫طال به الزمن‪ .‬وملن أراد التثبت العودة إىل ماضينا القريب‬ ‫كالم ال يندرج إال ضمن اإلثارة وإغراب الناس باملواقف‬ ‫خطورة من بني كل أنواع الفساد‪ .‬ولعيل ال أجانب الصواب‬
‫املتناقضة أو هو ناتج عن سوء تقدير سيايس‪.‬‬ ‫إن قلت إن وجود عماد الحمامي يف اللجنة لكتابة ما سمي‬
‫ونهاية حكم الرئيس االسبق بن عيل الذي انقلب عليه بعد‬
‫‪ )3‬قىض عماد الحمامي يف ثنايا السلطة التي حكمت‬ ‫"دستور الجمهورية الجديدة" هو املثال األسطع عىل ما‬
‫سقوطه أقرب املقربني منه وارتموا يف أحضان خصومه‪،‬‬
‫ّ‬
‫وإن يف التاريخ لعربة‪.‬‬
‫خالل العرشية السوداء مدّة تفوق ‪ 6‬سنوات بني النيابة يف‬ ‫ذُكر‪ .‬فالحمامي‪:‬‬
‫املجلس التأسييس ووزارات التشغيل والصناعة والصحة‬ ‫‪ )1‬عضو املكتب التنفيذي للفرع املحيل للتنظيم الدويل‬
‫السؤال الذي يطرح نفسه يف الختام ‪ :‬من هو أكثر‬
‫األمر الذي يجعله من عُ مد الفشل فيها ومن ذوي القدم‬ ‫لإلخوان املسلمني‪،‬أحيل عىل لجنة النظام يف شهر سبتمرب‬
‫إجراما يف حق هذه الدولة املسكينة ؟ من ساهم يف تدمريها‬
‫الراسخة يف تدمريها ونرش البطالة فيها واالستهانة‬ ‫‪ 2021‬أي بعد قرارات ‪ 25‬جويلية املجهضة التي كانت‬
‫عنوة وعمدا (عماد الحمامي) أو من يجالسه وكأن شيئا‬ ‫بأرواح مواطنيها‪ .‬وقد وصل به األمر عند مواجهته بفقدان‬ ‫ّ‬
‫شن‬ ‫بمثابة إعالن وفاة لفرع لم يدفن إىل ح ّد اآلن‪ .‬أيامها‬
‫لم يكن يف نفس الهيئة وألي غرض؟ كتابة دستور جديد‬ ‫األدوية خصوصا منها الحياتية أن قال يف لهجة تهكميّة‬ ‫عماد الحمامي حملة استهدفت شيخه الغنويش محمال‬
‫دك الحمامي وجماعته تونس‬ ‫لجمهورية جديدة بعد أن ّ‬ ‫"قالو يل ثمة دواء مفقود بعثت الشيفور جابهويل‪."...‬‬ ‫إياه مسؤولية ما آلت إليه أوضاع الحركة‪ .‬لِمَ ا ذُكر ال يُحمل‬
‫كا‪ ..‬يا لهول ما يحدث يف بالدنا‪ ،‬والله يشء ال يصدق‪.‬‬ ‫د ّ‬ ‫‪ )4‬عماد الحمامي مختص يف الكهرباء ولكنه بقدرة‬ ‫موقف الحمامي الجديد عىل محمل الج ّد ألنه من النوع‬
‫‪------------------- -‬‬ ‫قادر أصبح مختصا يف اإلسالميات‪ .‬أيام كان وزير‬ ‫الذي يقفز من السفينة قبل غرقها وألنه يعلم جيدا أنه لن‬
‫صحة وكان الكوفيد يحصد أرواح مواطنينا ناقش بحثا‬ ‫يجد من سريحّ ب به سوى الذي قدّم له الخدمات مجانا‪.‬‬
‫الهوامش‬ ‫يف الجامعة الزيتونية سنة ‪ 2017‬يف جلسة مغلقة مُ نع‬ ‫لم يكن أمامه سوى سفينة قيس فقفز فيها وأكثر من‬
‫‪ )1‬الجريدة االكرتونية كابيتاليس مقال "تحالف عبري‬ ‫الطلبة والعموم من حضورها ليحصل عىل مالحظة‬ ‫مدحيّاته له بسبب وبال سبب ممّ ا هو منشور ورائج بني‬
‫مويس والغنويش أو لزوم ما ال يلزم" لتوفيق الزعفوري‬ ‫حسن جدا‪ ،‬وقد أرشف عىل رسالته عيل العيش عضو‬ ‫الناس‪ .‬وقد ذكرتني ترصيحاته بكتابات بعض ثورجيي‬
‫بتاريخ ‪ 1‬مارس ‪.2021‬‬ ‫الصويل منخرط‬ ‫ّ‬ ‫شورى حركة النهضة وناقشها عيل‬ ‫هذا الزمن البائس كصالح عطية الذي أفرط واختص يف‬
‫‪ )2‬رابط الرشيط‪https://www.facebook.com/:‬‬ ‫بحركة النهضة ومنري رويس مدير املعهد العايل ألصول‬ ‫مدح زوجة الرئيس السابق وهي التي كتب عنها أحدهم‬
‫‪anas.chebbi.9/posts/2854551034600864‬‬ ‫الدين انذاك الذي رشحته النهضة ملنصب وزير الشؤون‬ ‫كتابا سمّ اه "من عليسة إىل ليىل بن عيل"‪ ،‬هذا النوع من‬

‫رأي‬
‫ّ‬
‫لكننا نتعافى‬ ‫لسنا بخير‪،‬‬
‫احليوي‬
‫ّ‬ ‫السيايس إىل‬
‫ّ‬ ‫رضورة االنتقال من‬
‫نصر سامي (كاتب وشاعر)‬
‫تلك الح ّرية السياحيّة التّي كنّا ننعم بها‪ ،‬دون أن تنعكس‬ ‫والخلق‪ ،‬بل هم مج ّرد حجر عثرة أمام القوى الحقيقية‬ ‫يعترب قيس سعيد أحد أكثر املتحدّثني يف حملته‬
‫عىل حياتنا بما يواكبها من حقوق‪ .‬وهذا الوضع كثري‬ ‫العاملة واملبدعة‪ .‬اآلن البنية األساسية مهدمة والقاذورات‬ ‫االنتخابية‪ ،‬وقبل ذلك حني كانت تطلب استشاراته‬
‫املطبات داخليا يف ظل العداء املستحكم من جميع األطياف‬ ‫مرتاكمة‪ .‬واآلن يوجد عناد لدى الجميع إلثبات أن املسار‬ ‫الدستورية من اإلعالم‪ ،‬أو ضمن الدوائر التي كان يتح ّرك‬
‫السياسيّة للرئيس‪ ،‬ويف ظ ّل إقصائه لهم من إدارة املرحلة‬ ‫الجديد ليس هو الحل! الحقيقة أننا لم نكن يف جنّة لنشكو‬ ‫فيها باعتبار أستاذا للقانون الدستوري‪ ،‬ويف ك ّل ذلك كان‬
‫القادمة إقصاء تاما‪ ،‬ومن املطبات الخارجية أمريكيا‬ ‫من الجحيم‪ .‬لقد ت ّم قلع مسمار الخونجة ال ّرجيم‪ ،‬وجميع‬ ‫قويّ الحجّ ة واضحا يف التعبري عنها‪ ،‬وغري مهت ّم بوقع قوله‬
‫وأوربيّا‪ ،‬التي لوال قدرته عىل عرض االستثناء التونيس‬ ‫الطبقة السياسيّة اسرتاحت من ضغط الشارع وابتعدت‬ ‫ترسخت عنه صورة‬ ‫ّ‬ ‫يف مخاطبيه أو بردود فعلهم‪ .‬وقد‬
‫وتسويقه لت ّم اعتباره انقالبا مثلما حدث يف السودان‪ ،‬ولت ّم‬ ‫عن إدارة الشأن العام‪ ،‬ولكنها كعادتها لم تعلن إفالسها‬ ‫املحاجج املستع ّد لك ّل مخاطبة‪ .‬وإن صحّ تقييمنا هذا‬
‫أن الخطاب الرئايس بحاجة‬ ‫التعامل معه كذلك‪ .‬والحقيقة ّ‬ ‫املج ّرب طيلة أكثر من عرشية‪ ،‬ولم تقيّم أداءها‪ ،‬بل بدأت‬ ‫الكل‬‫ّ‬ ‫عن الرجل قبل ‪ 25‬جويلية فإنّنا ال نستغرب ابتعاده‬
‫إىل رشح‪ ،‬ألننا لم نسمع الرئيس يتكلم‪ ،‬فمن استمع إليه هم‬ ‫بتنظيم صفوفها‪ ،‬وتغيري جلودها‪ ،‬ومحاولة صياغة خطاب‬ ‫عن الحوار مع الحساسيات السياسية بك ّل أنواعها إال ما‬
‫طلبته يف مدارج الكلية يف حدود درسهم الجامعي‪ ،‬وأنصاره‬ ‫أزمة حقوقية أو اقتصادية أو غريها‪ ،‬بل وصل بها األمر إىل‬ ‫كان منها اضطرارا‪ ،‬لكنّه ال يرتدد مقابل ذلك مطلقا يف ّ‬
‫بث‬
‫يف االنتخابات‪ .‬ولقد روى يل الشاعر األمجد إيالهي أن قيس‬ ‫ّ‬
‫للتدخل يف الشأن الداخيل! نعم هناك أمور بحاجة‬ ‫دعوة دول‬ ‫خطاباته شبه اليوميّة التّي تتضمّ ن تشكيالت خطابية‬
‫سعيد حني طلب منه الشباب أمام املرسح البلدي الرتشح‬ ‫إىل حلحلة‪ ،‬وخصوصا ما يحدث من اعتداءات يوميّة عىل‬ ‫أغلبها ت ّم تقديمه سابقا يف دروسه أو يف حواراته أو يف‬
‫ض ّد الباجي امتنع‪ ،‬وقال لهم إذا ترشح اإلنسان ملرتبة يجب‬ ‫الطلبة يف قطارات الضواحي‪ ،‬ومن هرسلة متنوعة‪ ،‬ومن‬ ‫حملته االنتخابية‪ ،‬وهو يك ّرر‪ ،‬وال يم ّل التكرار‪ ،‬بل إنّه قد‬
‫أن له بصرية نافذة‪ .‬فالباجي يف تلك‬ ‫أن يفوز‪ ،‬ممّ ا يعني ّ‬ ‫افتكاك للهواتف والحقائب بواسطة أشخاص يركبون‬ ‫يعيد الفكرة ذاتها مرارا يف الخطاب الواحد‪ ،‬ويعيد تدويرها‪.‬‬
‫اللحظة التاريخيّة كان جرافة سياسية‪ ،‬ولم يكن بمقدور‬ ‫دراجات نارية غري مرقمة ويلبسون أقنعة‪ .‬وهناك قوانني‬ ‫تعيد صورة قيس سعيد وهو يخطب تلك الصور النمطية‬
‫أحد مضارعته واالنتصار عليه‪.‬‬ ‫تخص جميع مرافق الحياة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ما أنزل الله بها من سلطان‬ ‫للحاكم ال ّذي يويل األهمية ليس لقوة الصياغة وقوة النربة‬
‫اهت ّم قيس سعيد بما هو حيويّ ‪ ،‬عكس جميع‬ ‫وأغلب املعامالت مع مؤسسات الدولة يجب تبسيطها أو‬ ‫والجرس فقط‪ ،‬بل لقدرته عىل اإلصغاء لتلك األسئلة التي‬
‫السياسيني‪ .‬وضع يده عىل "اللحمة الحيّة"‪ .‬لقد انتهي‬ ‫إلغاؤها أصال‪ ،‬وهناك أمور يف التأجري يجب أن توجد لها‬ ‫يطرحها الحارض‪ .‬ألوّل م ّرة يأتينا سيايس ليقول لنا‪" :‬ال‬
‫يشء‪ ،‬وسوف يبدأ يشء‪ .‬ويف حني يبدو ما انتهى واضحا‬ ‫حلول‪ .‬لكننا بدأنا مع ذلك نلمح أثرا لذلك الخطاب الواضح‬ ‫يعجبني يشء"! منذ سنوات وهو يقول ذلك‪ ،‬ولكن ما‬
‫يف مواجهة الفساد‪ ،‬قوال ال فعال لحد اآلن‪ ،‬ولكن ربما كان‬ ‫فإن الطبقة السياسية الصمّ اء التي ال‬ ‫ّ‬ ‫دام يقوله كأستاذ‬
‫ألننا كنّا نعيشه وهو الفساد املسترشي يف مفاصل جميع‬
‫لكل ذلك البطء أسبابه املوجبة له‪ .‬فليس الرضب عىل‬ ‫تسمع دروس األساتذة لم تسمعه‪ .‬وك ّرر ذلك طيلة سنوات‪.‬‬
‫القطاعات‪ ،‬وال ّذي غ ّذته طغمة دينيّة طمّ اعة متكالبة عىل‬
‫يد األفراد هو الح ّل‪ ،‬بل إيجاد آليات ملنع تلك االخرتاقات‬ ‫وها هو ّ‬
‫ينفذه !‬
‫األخرض واليابس متحالفة مع حزب جديد سطا عىل إرث‬
‫الفردية لجسم املجتمع هي ما يتوجّ ب فعال عىل املرشّ ع‬ ‫إن قيمة ما قال قيس سعيد تتأتّى من قدرته عىل تمثلّ‬
‫كن من ك ّل مقدّرات‬ ‫الدساترة ونسبه إليه ووظفه للتم ّ‬
‫القيام به‪ .‬ولقد سمعت الساحة السياسية التي تعودت أن‬ ‫واقعه‪ ،‬إذ أعاد طرح أسئلة املجتمع التونيس الحقيقيّة‪،‬‬
‫التوانسة‪ ،‬وت ّم تقسيم التونسيني إىل فقراء ومفقرين وأش ّد‬
‫تص ّم أذنيها أمام مشاريع أخلقة السياسة برتسانة قوانني‬ ‫طرحها بمعرفة عميقة بظروف طارحيها أنفسهم‪ ،‬مركزا‬
‫فقرا يف ناحية ويف الناحية األخرى طبقة ال عالقة لها بما‬
‫وآليات تحمي املجتمع وتقيه ممّ ا يرضّ ه‪ ،‬سمعت بها‪ ،‬وبدأ‬ ‫عىل أحداث معينة وأخالقيات كانت تؤذن بخراب العمران‪.‬‬
‫هو تونيس‪ ،‬ال يبدو الجديد واضحا للتوانسة بالقدر الوايف‪،‬‬
‫بعض العقالء فيها بالتفاعل سلبا أو إيجابا‪ .‬وبدأنا نسمع‬ ‫كان يجب لشخص ما أن يتح ّرك ويقول ال‪ ،‬وأن يشهد عىل‬
‫ظر باملعنى الكالسيكي‬ ‫وليس للتوجّ ه السيايس الجديد من ّ‬
‫خطابات ال تهت ّم بالخطاب السيايس والحقوقي فقط بل‬ ‫هذا الخراب العظيم ال ّذي يهدّد األخرض واليابس‪ .‬ولنئ كانت‬
‫املعروف‪ ،‬وحتّى قيس سعيد فإنّه يكتفي برتديد مقولته‬ ‫ّ‬
‫تراعي جوهر ما هو سيايس وحقوقي وهو املجتمع اآلمن‬ ‫فإن محاولته‬ ‫دروسه وخطاباته النظرية غري جماهريية‬
‫غي الشعب مرارا أشكال‬ ‫األثرية "الشعب يريد"‪ .‬ولقد ّ‬
‫ال ّذي يوفر لإلنسان حقوقه األساسية يف حزمة متكاملة‪.‬‬ ‫تجسيمها فعليا ال قوليا فقط نقلها من النظام الخطابي‬
‫ّ‬
‫كك مرارا السلط بأنواعها‪ ،‬ولعله الشعب‬ ‫الحكم وفنونه‪ ،‬وف ّ‬ ‫ّ‬
‫يقدّم لنا خطاب قيس سعيد وصفة ال تبدو يف ظاهرها‬ ‫للتحقق‬ ‫النظري النخبوي إىل برامج سياسيّة شعبيّة قابلة‬
‫األكثر عصفا وتغيريا لحكامه عىل مدى التاريخ‪ .‬ونحن‬ ‫مقنعة ملن تعوّد سياسات التمثيلية التقليدية‪ ،‬لكنّها‬ ‫الفعيل‪ .‬ولقد قامت تلك األفعال أساسا عىل اإلقصاء التام‬
‫التوانسة نحبّ العيش يف مجتمع ح ّر متوازن سويّ بالقدر‬ ‫تغي عادات‬ ‫تستهدف الوعي املواطني باألساس‪ ،‬وتريد أن ّ‬ ‫لك ّل األجسام السياسيّة التقليديّة من الفضاء العام‪،‬‬
‫كن ما هو حيويّ من االستمرار‪ ،‬وال نحبّ الدين‬ ‫ال ّذي يم ّ‬
‫التونسيني يف توكيل اآلخرين بأمورهم‪ ،‬ونسيان النتائج التي‬ ‫وفتح الفضاء للحوار حول البدائل‪ ،‬ال السياسيّة فقط‪ ،‬بل‬
‫ال ّذي يسوسه البرش‪ ،‬ونحن يف جوهرنا شعب غري فاسد وال‬ ‫ترتتب عن ذلك التوكيل‪ .‬نيس نفسه مع بورقيبة أكثر من‬ ‫الحياتية واالجتماعية والثقافية وغريها من وجوه الفعل‬
‫يحب املراقبة ويفضل املعصية يف السرت وتلك إحدى فضائله‬ ‫‪ 30‬سنة‪ ،‬ومع الزين أكثر من ‪ 20‬سنة‪ ،‬ومع النهضة أكثر‬ ‫السيايس بك ّل معانيه‪ .‬إذ ال معنى آللية االنتخاب إن تمّ ت‪،‬‬
‫عىل مر الزمان‪ ،‬وأغلب التوانسة أسوياء لو وجدوا الحياة‬ ‫الشعب التونيس وق ّليل وعيّاش‬ ‫من ‪ 10‬سنوات‪ .‬طيّب هو ّ‬ ‫بموجب قوانني أعدّت عىل املقاس‪ ،‬ستنتخب الفاسد‪ .‬وال‬
‫وخيون لو وجدوا الخري يف بالدهم‪ .‬وألنهم كذلك‬ ‫ّ‬ ‫يف الحالل‪،‬‬ ‫ومحبّ للحياة يف أبسط وجوهها‪ ،‬ويرى يف أسوأ الظروف‬ ‫معنى لقانون‪ ،‬أع ّد عىل املقاس‪ ،‬ملعاقبة الضعيف!‬
‫فهم ال يحفلون كثريا بساعات الهذر الطويلة حول الحقوق‬ ‫إمكانية للح ّل‪ ،‬ومؤمن‪ ،‬لكنّه حني انحرف السياسيون‬ ‫يجب أن ندافع عن املجتمع حسب رأي ميشال فوكو‪ .‬ال‬
‫بل يستمتعون بها حني يركبون املرتو ويصلون آمنني‪ .‬أو‬ ‫تماما عن شؤونه‪ ،‬وحني انتهت ك ّل ثقة يف إمكانية إيجاد‬ ‫ب ّد من مراقب واع باملخاطر التّي تهدّد التونسيني يف حياتهم‬
‫تجيؤهم "الكار" يف وقتها‪.‬‬ ‫حلول‪ ،‬انتبه لحاله‪ ،‬وقال ال‪ .‬وترجم قيس سعيد تلك الال إىل‬ ‫ويف قوتهم ويف نمطهم املجتمعي‪ ،‬وال ب ّد من معاقب يعيد‬
‫يف األسبوع املايض ت ّم االعتداء عىل بنت يف املرتو ‪،4‬‬ ‫وضع مذهل وجديد تماما‪ ،‬وخطري‪ ،‬ومختلف‪ ،‬وهو الوضع‬ ‫لألفراد الثقة بأنّهم سواسية أمام قانون ال يميّز بني قويّ‬
‫كت منها حقيبتها أمام مرأى ومسمع من الجميع‪،‬‬ ‫وافت ّ‬ ‫االستثنائي ال ّذي أعلنه بموجب الفصل ‪.80‬هل ذلك الوضع‬ ‫وغني وفقري‪ ،‬وال ب ّد من معرفة ما‬ ‫ّ‬ ‫وضعيف ونافذ وغري نافذ‬
‫ّ‬
‫ولم يتدخل أحد‪ .‬ومنذ يومني يف باردو اعتدى ملثم يركب‬ ‫يمثّل بذاته حالّ ملشاكل التونسيني؟ بالقطع ال‪ .‬هل يمكن‬ ‫السوء‪.‬‬ ‫يتوقف ك ّل ذلك ّ‬ ‫ّ‬ ‫حصل‪ ،‬ول َم حصل ما حصل‪ ،‬وكيف‬
‫دراجة نارية غري مرقمة عىل طالبة وافتك هاتفها‪ ،‬ولم‬ ‫أن يستم ّر إىل ما ال نهاية له ؟ بالقطع ال أيضا‪ .‬ولكن الثابت‬ ‫أن ما من عصا سحرية قادرة عىل‬ ‫وحني أقول ذلك أعرف ّ‬
‫يتمكن أحد لحد اآلن من إرجاع املرسوق‪ ،‬وت ّم أيضا قبل أيام‬ ‫أن ما حدث كان يجب أن يحدث‪ .‬كان يتوجّ ب عىل أحد ما أن‬ ‫ّ‬ ‫فعل ذلك يف التوّ والساعة‪ ،‬ولكن الحلم بغد أفضل هو جزء‬
‫تهديد تلميذ يف معهد بموىس وافتكاك هاتفه‪ .‬وغري ذلك من‬ ‫يبدأ حالة االنضباط العامة‪ ،‬وأن يضع لها آليات إلدارتها‪،‬‬ ‫من رؤية قيس سعيد للمجتمع ال ّذي يجب أن ندافع عنه‪.‬‬
‫ّ‬
‫وألن‬ ‫ألن هناك من يسمح بحدوث ذلك‪،‬‬ ‫الحاالت‪ .‬يحدث ذلك ّ‬ ‫لتعود إىل ما جعلت له يف أصل وضعها‪.‬‬ ‫واآلن الشارع التونيس غري آمن‪ ،‬ونحن نحتاج إىل األمن‪ .‬اآلن‬
‫هناك من يقايض أمننا بأمور ال تهمّ نا كشعب‪ .‬أه ّم مطلب‬ ‫أن الوضع صعب‪ ،‬بل لع ّله لم يكن يف يوم من‬ ‫يعلم الجميع ّ‬ ‫وتسي أحوال‬ ‫ّ‬ ‫القوانني وخصوصا التّي تجعل الحياة سهلة‬
‫حي‬ ‫للتونيس اآلن هو أن يميش آمنا‪ ،‬ويعيش ح ّرا يف محيط ّ‬ ‫ّ‬
‫متحس‬ ‫األيام بمثل هذه الصعوبة‪ ،‬لكن ال أحد قلق! وال أحد‬ ‫املواطنني بحاجة إىل ثورة فعلية‪ .‬اآلن اإلدارة يقوم عىل‬
‫متنام وحيويّ ونظيف‪ .‬أتسمعني أيها الرئيس؟‬ ‫عىل زوال النعيم ال ّذي كنّا نعيش فيه‪ .‬وال أحد خائف من زوال‬ ‫أغلبها أشخاص ال يتمتعون بأيّ هامش من املبادرة واإلبداع‬
‫ّ‬
‫الهز ان والصبطان‪:‬‬ ‫في فنون‬
‫تساؤالت‬
‫و‪ ..‬تخوفات‬
‫الصايف سعيد مثاال‪...‬‬
‫لطفي واجه‬
‫تتسارع الخطى يف البالد لوضع دستور جديد‬
‫تتسارع وفق "معايري" ال تزال يف مجملها رهينة‬
‫النوايا وما سيبوح به قادم االيام‪ .‬مضامني‬
‫"املولود" الجديد ‪ ،‬املنتظر ال يعرفها احد وان كان‬
‫البعض ممن هم بصدد العمل عليه يسعون ايل‬
‫الدفع يف اتجاهاته التي تبقي رغم كل يشء يف باب‬
‫التخمينات والتكهنات ال اكثر وال اقل‪ .‬االستفتاء‬
‫املزمع تنظيمه يوم ‪ 25‬جويلية املقبل والذي‬
‫اصبح هذه األيام حديث الساعة باإلعالن عن‬
‫مواعيده ومراحله يمثل مرحلة تحضريية هامة‬
‫لوضعه ووالدته‪ .‬ال نعلم شيئا عن هذا القانون‬
‫الذي سيغري جذريا حياتنا ويرسم مالمح العيش‬
‫املشرتك يف املستقبل‪ .‬ما نعلمه هي بعض القرائن‬
‫التي ال تسمن وال تغني من جوع يف الوقت الراهن‪.‬‬
‫والتي يتوىل أصحابها من حني ايل اخر التلميح‬
‫اليها‪ .‬خطورة املوضوع وجديته تفرض علينا‬
‫عيل العكس من ذلك الحيطة والحذر بالنظر ايل‬
‫ما نحن متجهني نحوه من جراء دخول الدستور‬ ‫منير الفالح‬
‫حيز التنفيذ‪ .‬املوضوع جلل واملوعد مهيب‪ .‬كيف‬ ‫تنص‬ ‫ّ‬ ‫للشغل‪ّ ،‬‬
‫إل‬ ‫برقيّة إرضاب ينظمه اإلتّحاد العام التّونيس ّ‬ ‫الصايف سعيد ؟ال ّراجل كان‬ ‫يقول القايل‪ :‬آش مجبّدنا توّة يف ّ‬
‫لنا ان نتعامل معه ونحن عيل مرمي حجر من‬ ‫عىل إرضاب بيوم واحد للتّذكري فقط‪ ،‬وإنطلق خياله يف الهزان‬ ‫ّ‬
‫عضو يف الربملان والربملان مىش عىل روحو وفمّ ة حتى شكون‬
‫حسم األمور‪ .‬املراحل القادمة معلومة وتتلخص‬ ‫والصبطان واِفرتض دخول اإلتّحاد يف إرضاب عام بأربعة‬ ‫إل‬ ‫باش يزيد عقيدة ويقول‪ :‬الربملان مىش وحتى الدستور ّ‬
‫يف موعدين‪ :‬استفتاء ثم وضع دستور‪.‬‬ ‫ّ‬
‫وإل‬ ‫ّ‬
‫وإل زوز‬ ‫أيّام‪،‬وما تفهمش عالش أربعة موش ثالثة‬ ‫طلع عىل أساسه يف خرب كان والبالد توّة داخلة مرحلة جديدة‬
‫ان كان املوعد األول قد انطلق يف مجرياته مع‬ ‫جب"‬ ‫خمسة‪ ،‬وقال يف هالحالة الجيش باش يلقى روحو "مُ َ‬ ‫بقيادة األستاذ‪-‬الرئيس قيس سعيد وهو الواحد الوحيد العالم‬
‫ما تصاحبه من صعوبات وإشكاليات تؤطرها‬ ‫للشارع! شكون باش يجربه؟ ما نعرفوش‬ ‫التدخل والنزول ّ‬‫ّ‬ ‫عىل‬ ‫والضامن ومهندس مستقبل البالد موش لعهدة رئاسيّة بركة‪،‬‬ ‫ّ‬
‫ازمة سياسية واجتماعية خانقة ال يمكن مطلقا‬ ‫الصايف يعرف‪.‬‬ ‫وربّما يس ّ‬ ‫ال! ألربعني سنة لقدّام ‪...‬‬
‫التكهن االن بمخرجاتها وبوادر حلحلتها فاملواقف‬ ‫إل بني‬ ‫حكاية تدخل الجيش وربطها بالتح ّركات النّقابيّة ّ‬ ‫الجواب متاعي هو نابع أوّال من كينونتي التّنبرييّة ونحبّ‬
‫متضادة واملواجهة بني أطرافها يف اشدها مما‬ ‫قوسني مازالت ما حصلتش هي من نوع الفرضيّة املبنيّة عىل‬ ‫للساحة اإلعالميّة‬ ‫الصايف سعيد ّ‬ ‫هنا نعرب عىل إبتهاجي بعودة ّ‬
‫جعل البعض يصفها رصاحة " بالحرب املفتوحة"‬ ‫تحقق فرضيّة أخرى للوصول لوضعيّة ينجّ م "الحكواتي"‬ ‫وتوفري فرصة‪ ،‬والت نادرة هاأليّامات للتنبري عىل شخصيّة‬
‫ذات الوقع القضائي والنقابي فان املوعد الثاني‬ ‫يطرز عليها يف راحة عقلو ملعرفتو الجيّدة بأجواء اإلنقالبات‬ ‫معروفة!‬
‫بقي يف اطار املسكوت عنه االن باستثناء التلميح‬ ‫الصايف سعيد سيد العارفني وهو‬ ‫وحكم العسكر ويف هذي يس ّ‬ ‫يس الصايف سعيد عندو مديدة ما خرجش يف اإلعالم ويف‬
‫واإلشارة والترصيحات املتفرقة‪ .‬والسؤال املطروح‬ ‫خاصة منها‬ ‫ّ‬ ‫من هو يف معرفتو ال ّلصيقة باألنظمة العسكريّة‬ ‫الحقيقة خروج السياسيّني بصورة عامّ ة يف اإلعالم وىل حدث‬
‫يف هذا االطار يتعلق بكيفية التفاعل والتعامل مع‬ ‫العربيّة من بلدان الجوار أو تلك املوجودة بالرشق األوسط‪...‬‬ ‫إل ماهمش منسجمني مع أجواء‬ ‫السياسيّني ّ‬
‫خاصة ّ‬ ‫ّ‬ ‫بح ّد ذاتو‬
‫ما هو مطروح بخصوص موضوع من أهمية‬ ‫الصايف سعيد وهي‬ ‫ّ‬ ‫أمّ ا ثمّ ة حاجة نحبّ نحيّي عليها يس‬ ‫ّ‬
‫بالسالم‪...‬‬ ‫ّ‬
‫يوصل‬ ‫بناء الجمهورية الجديدة املوعودة‪،‬ربّي‬
‫الدستور‪ .‬هل نكتفي بتسجيل املواقف ونسلم بما‬ ‫حرفيّته يف تطويع حاجات غريو حصل فيها وتسبّبتلو يف‬ ‫وزيد يس الصايف خرج عىل حد علمي مرتني يف ظرف أسبوع‬
‫سوف يطرح علينا ام يحق التساؤل وااللحاح يف‬ ‫مشاكل‪ ،‬الحاجة هذي هي محاولة "إستدعاء" الجيش‬ ‫يف زوز إذاعات ويف زوز برامج حواريّة‪ ،‬زوز لقاءات تحدث فيهم‬
‫ذلك حتي تتضح الرؤية ان كان ذلك مفيد يف خضم‬ ‫الصايف سعيد جعل منها‬ ‫السياسيّة بينما يس ّ‬ ‫للخوض يف الحياة ّ‬ ‫يس الصايف سعيد كيف العادة واملقصود مش بركة أسلوبه بل‬
‫تسارع النسق واقرتاب املواعيد‪ .‬ما هي الخيارات‬ ‫"سيناريو ممكن" وزاد يف منسوب واقعيّة تكهّ ناته بوضعها يف‬ ‫يف مضامينه زادة وطبعا تحدّث عىل "املستجدّات" وما أدراك ما‬
‫املمكنة لذلك ام علينا االكتفاء بالترصيحات وما‬ ‫أن قيس سعيّد أو غريه موش ممكن باش‬ ‫إطار إقليمي ونبّه ّ‬ ‫مستجدّات!‬
‫يعلن عنه البعض من " نوايا" التقنني الجديدة‬ ‫يحكم وهو يف عالقة ضديّة مع اإلتحاد ومع الجزائر ومع ليبيا !‬ ‫الصايف سعيد تعرف بطريقتو يف الحديث واملفردات الرشقية‬
‫كيف شعوب الدنيا الكل ماذابيهم‬ ‫ّ‬ ‫التوانسة والتونسيات‬ ‫إيل يستعملها وتركيزه عىل الكتب إيل يقول انو أثرى بيهم مكتبة‬
‫ذات املضامني الدستورية عيل غرار ما جاء عيل‬
‫لسان العميد الصادق بالعيد بخصوص العدول‬ ‫يعيشوا رايضني وما عندهمش مشاكل مع البلدان املجاورة‬ ‫العلوم السياسية العربية واإلفريقية ‪.‬‬
‫عن ذكر ان اإلسالم هو دين الدولة او ما رصح‬ ‫ليهم ويعرفو زادة يف غالبيتهم عىل األقل قدّاش اإلتّحاد العام‬ ‫وكيف خرج ها األيامات لإلعالم باش يتحدث يف مسألة‬
‫التونيس للشغل يعرف يوزن األمور وعمرو ما يميش بالهواء‬ ‫إل تنجم تستدعي تدخل‬ ‫تدخل الجيش ويذكر شنيّة الوضعيات ّ‬
‫به األستاذ امني محفوظ فيما يتعلق بالتنصيص‬
‫ظمة إجتماعيّة إنتشارا يف البالد‬ ‫عىل خاطر ببساطة هو أكثر من ّ‬ ‫القوات املسلحة ولو أنو أكد أنها مجرد فرضية وسطر عىل ذلك‬
‫عيل حذف حق االرضاب لبعض القطاعات كاألمن‬
‫وهو أكثر طرف حريص عىل إستقرار البالد ومن جهة أخرى‬ ‫بإستعمال كلمة لو يف سياق حديثه‪.‬‬
‫والقضاة‪..‬‬
‫يعرفو زادة أن الجيش التّونيس عمرو ما كان معني بإعتالء‬ ‫الصايف سعيد‬ ‫ّ‬ ‫ومن ها ا ُملنطلق‪ ،‬رحّ بت بعودة يس‬
‫ميالد الدستور الجديد يتزامن مع ظرف‬
‫كمؤسسة ورغم كانت عندو مائة فرصة وفرصة‬ ‫ّ‬ ‫سدّة الحكم‬ ‫للميكروفونات! وللحقيقة كان رجوعه بعد غيبة نسبيّة عىل‬
‫سيايس شديد الخصوصية لعل أهمها الحالة‬ ‫ّ‬
‫والصديقة بما فيها‬ ‫ّ‬ ‫زايدة باش يحكم‪ ...‬أمّ ا الدّول الشقيقة‬ ‫مرشح سابق‬ ‫الصايف باش يذكرنا أنّو‬
‫رادارات اإلعالم فرصة ليس ّ‬
‫االستثنائية التي تعيشها البالد منذ ‪ 25‬جويلية‬
‫املجاورة فعندها ما يكفيها يف داخلها من مشاغل لح ّد أنّها‬ ‫لإلنتخابات ال ّرئاسيّة وأنّو كان يف بعض األحيان ضحيّة لتشابه‬
‫الفارط مما يجيز القول انها ستكون والدة صعبة‬ ‫وإل ّ‬‫تتلفت لتونس ّ‬ ‫ّ‬ ‫األسماء بينه وبني املرشح قيس سعيّد ّ‬
‫تعب عىل شبه تقييمات‬ ‫تنجم كان ساعات‬ ‫وأن هذا األخري بدوره‬
‫وذات مخاض مضن‪ .‬املدة التي تفصلنا عيل ما بعد‬ ‫للوضع التّونيس و‪...‬فقط! ال غري وصعيب يارس أنهم يتعداوا‬ ‫شويّة ال طاح ترشحه يف املاء بسبب "رسقة" عدد من إمضاءات‬
‫االستفتاء ستكون مفصلية وهي فرتة لم تبح‬ ‫ألكثر من بعض الترصيحات اليتيمة ‪.‬‬ ‫التشيح و‪ ...‬وهذا يتسمّ ى وضع ديكور لبقيّة الـ"حكاية"‪ ،‬ث ّم‬ ‫ّ‬
‫بكل ارسارها وأيضا بكل مفاجأتها ‪ .‬عيل الجميع‬ ‫يعني ومن اإلخر أزمنة املرحوم معمّ ر القذايف وما شابه ّ‬
‫وإل‬ ‫إل يقوده الرئيس ووصفه بـ"غري مبني‬ ‫إنتقل لتوصيف املسار ّ‬
‫االستعداد ايل ذلك الن الرهان كبري والخطر محدق‬ ‫مازالت معششة يف مخ يس الصايف و ّلت وإنتهت وسيناريوهات‬ ‫السياسة" وبالتايل "مآله الفشل‬ ‫عىل قواعد صحيحة يف علم ّ‬
‫بشكل مستمر‪ .‬كيف ال ونحن نعيش بشهادة‬ ‫تكون فيها الدّول املجاورة ذات دور فعّ ال ومبارش شبه‬ ‫وسيسقط يوما ما بأيّ طريقة"‪.‬‬
‫الجميع اصعب مراحل حياتنا ‪ .‬كل ما سيقع‬ ‫الصايف سعيد‬ ‫ّ‬ ‫مستحيلة! وماهي موجودة إال يف مخيلة يس‬ ‫بعد وضع الدّيكور‪ ،‬اِنتقل يس الصايف لوضع الفرضيّات‬
‫االتجاه اليه مصريي ومحفوف باملخاطر رضورة‬ ‫وتخاريفه‪.‬‬ ‫‪-‬السيناريوهات املمكنة وهنا زادة إستعان بمعطى صدور‬
‫وسيحدد ال محالة مصري البالد والعباد‪.‬‬
‫برنامج اإلصالحات الحكومية ‪:‬‬
‫أهداف هالمية‪ ،‬غري قابلة للتحقيق‬

‫كريمة السعداوي‬
‫موضحا ان املنظمة ليست يف صف النظام‬ ‫أعادت ترصيحات أعضاء الحكومة‬
‫او املعارضة وأنها تبحث عن مصالح الطبقة‬ ‫التونسية الثالثاء ‪ 7‬جوان الجاري حول‬
‫"الشغيلة"‪.‬‬ ‫املالمح الكربى لـ "برنامج االصالحات‬
‫لكن سبق لرئيس الجمهورية قيس سعيّد‬ ‫الحكومية" اىل االذهان ملفات عديدة أبرزها‬
‫أن أكد يف وقت سابق أن هذه "اإلصالحات‬ ‫ملف رفع الدعم وتجميد االجور وايقاف‬
‫املؤملة" رضورية لتجاوز األزمة املالية‬ ‫االنتدابات يف القطاع العمومي وذلك يف سياق‬
‫واالقتصادية التي تمر بها البالد محمال‬ ‫يتسم بغموض "رؤية" الحكومة وهالميتها‬
‫الفساد والفاسدين مسؤولية الرتاجع‬ ‫وخاصة عجزها املؤكد عن ايجاد حل ألسوإ‬
‫االقتصادي الكبري خالل العرش سنوات‬ ‫ازمة مالية واجتماعية تعيشها تونس منذ‬
‫املاضية‪.‬‬ ‫عقود‪.‬‬
‫وكان االتحاد قد أبرز يف مرات عديدة‬ ‫وبغض النظر عن غموض أهداف برنامج‬
‫رفضه كل قرار بتجميد الزيادة يف االجور أو‬ ‫"االصالحات" لغياب مؤرشات كمية تعكسها‬
‫التقليص يف عدد املوظفني بالقطاع العمومي‪.‬‬ ‫ووجود موارد تمولها‪ ،‬فان العجز املؤكد‬
‫ويتخوف مراقبون سيما بعد اقرار االتحاد‬ ‫لتنفيذها يرجع اىل انها اهداف مسقطة‬
‫ارضابا ليوم ‪ 16‬جوان الجاري يشمل ‪159‬‬ ‫وغري قابلة للتحقيق يسعى واضعوها اىل‬
‫منشأة عمومية من أن تدخل البالد يف حرب‬ ‫تجسيمها يف ظرف زمني وجيز يتسم اصال‬
‫كرس عظام بني الحكومة واالتحاد الذي يملك‬ ‫بالركود وبتفيش البطالة وعدم االستقرار‬
‫ورقة اإلرضابات العمومية وهو ما ستكون‬ ‫املؤسساتي‪.‬‬
‫وثيقة برنامج اإلصالحات التي عرضتها‬ ‫املستثمرين املرجعيني يف القطاعات‬
‫تبعاته مدمرة عىل االقتصاد التونيس يف‬
‫نجالء بودن مؤخرا وذلك عىل أساس توجيه‬ ‫االسرتاتيجية‪ ،‬وذلك اضافة اىل دفع مشاريع‬
‫ظل أزمة اقتصادية شديدة تشهدها البالد‬
‫الوثيقة "الرسية" اىل الهيئات املالية الدولية‬ ‫الرقمنة ملا لها من اهمية عىل مستوى‬
‫برنامج "اإلصالحات" ‪:‬‬
‫غداة ارتفاع نسبة الدين إىل أكثر من ‪100‬‬
‫للحصول عىل تمويالت خارجية رضورية‬ ‫استعادة ثقة الفاعلني االقتصاديني‪ ،‬وتوطيد‬ ‫اهداف هالمية‬
‫باملائة من الناتج الداخيل الخام وبلوغ نسبة‬
‫لسد الثغرة املتعاظمة يف ميزانية الدولة‪.‬‬ ‫االستثمار الخاص ودعم النشاط االقتصادي‪.‬‬
‫التضخم ‪ 7.8‬باملائة والبطالة ألكثر من ‪17‬‬ ‫قبل تقديم عدد مهم من الوزراء الثالثاء‬
‫وأشارت النسخة األوىل لربنامج‬ ‫كما قدمت وثيقة الحكومة تصورات‬
‫باملائة‪.‬‬ ‫الفارط تفاصيل "برنامج االصالحات‬
‫"االصالحات" إىل أن كتلة األجور ومنظومة‬ ‫عامة لخطط ترمي اىل تطوير وسائل الدفع‬
‫كالن السبب الرئييس ألزمة املالية‬ ‫الدعم تش ّ‬ ‫ومعالجة مشكل الديون البنكية املتعثرة‬ ‫الحكومية"‪ ،‬عرضت رئيسة الحكومة‬
‫السياسة المالية الراهنة في‬ ‫السيطرة عىل هذا‬ ‫ّ‬ ‫العمومية‪ .‬ومن أجل‬ ‫ورقمنة انظمة املدفوعات املالية‪ ،‬استعدادا‬ ‫نجالء بودن‪ ،‬يف وقت سابق‪ ،‬تقدم برنامج‬
‫تونس نموذجا لمراكمة الفشل‬ ‫املشكل‪ ،‬اقرتحت الحكومة تجميد األجور‬ ‫إلطالق خدمات املشغل الوطني للدفع عرب‬ ‫اإلصالحات الهيكلية للحكومة وتم للغرض‬
‫واالنتدابات واعتماد برنامج التقاعد ا ُملبكر‬ ‫الهاتف املحمول قبل نهاية الشهر الجاري‬ ‫نرش وثيقة تفصيلية له عىل مواقع التواصل‬
‫تمثل السياسة املالية الراهنة يف تونس‬ ‫وتوجيه أعوان الوظيفة العمومية نحو‬ ‫بما يمكن من خالص املواطنني فواتري مرافق‬ ‫االجتماعي لرئاسة الحكومة اشارت اىل‬
‫نموذجا ملراكمة الفشل‪ ،‬من ناحية وحالة‬ ‫القطاع الخاص خالل السنوات الثالث املقبلة‪،‬‬ ‫عامة مختلفة عرب منصة معلوماتية للدفع‬ ‫طابعه الـ "تشاركي"‪ ،‬بحجة مساهمة‬
‫خاصة لـ "التخطيط" دون رؤية للمستقبل‪،‬‬ ‫متوقعة أن تُسجّ ل كتلة األجور تراجعا‬ ‫ّ‬ ‫عن بعد‪.‬‬ ‫‪ 400‬موظف اداري سا ٍم يف صياغته يف ظل‬
‫من ناحية أخرى‪ .‬وتعكس ميزانية ‪2022‬‬ ‫إىل حدود ‪ 14.5‬باملائة من الناتج الداخيل‬ ‫وتطرق برنامج اإلصالحات الحكومية‬ ‫غياب اهم منظمات املجتمع املدني واالطراف‬
‫بشكل خاص بوضوح هذه الوضعية سيما‬ ‫الخام يف سنة ‪ .2025‬باإلضافة إىل هذا‪،‬‬ ‫بشكل عام دون تفاصيل واضحة إلصالح‬ ‫االقتصادية واالجتماعية املؤثرة‪ ،‬عىل هذا‬
‫ان اقرارها تم يف سياق اتسم بالشعبوية‪،‬‬ ‫اقرتحت الحكومة تنفيذ رفع الدعم املوجه‬ ‫القطاع الفالحي سيما عرب تمكني االجانب‬ ‫الصعيد‪ ،‬وابرزها االتحاد العام التونيس‬
‫ولكن اساسا بتناقض الخطاب وازدواجيته‪.‬‬ ‫للمحروقات تدريجيا إىل حني بلوغ األسعار‬ ‫من ملكية ارايض الدولة مراكنة أي دون‬ ‫للشغل واالتحاد التونيس للصناعة والتجارة‬
‫ويف هذا االطار‪ ،‬نرش املنتدى التونيس‬ ‫الحقيقية يف أفق سنة ‪ ،2026‬والزيادة يف‬ ‫املرور بطلبات العروض واجراءات الصفقات‬ ‫والصناعات التقليدية‪.‬‬
‫للحقوق االقتصادية واالجتماعية يف مارس‬ ‫معاليم استغالل الكهرباء والغاز تحت عنوان‬ ‫العمومية عالوة عىل طرح افكار تهم إعادة‬ ‫كما تم التأكيد عىل ان الحكومة ال تزال‬
‫الفارط دراسة بعنوان "ميزانية ‪2022‬‬ ‫"التعديل اآليل لألسعار" ومراجعة دعم املواد‬ ‫إطالق وتفعيل الخطة التونسية للطاقة‬ ‫منفتحة عىل جميع األطراف الراغبة يف إبداء‬
‫رهينة صندوق النقد الدويل‪ :‬حول اسباب‬ ‫األساسية بداية من سنة ‪ 2023‬إثر تركيز‬ ‫الشمسية واالسرتاتيجيات القطاعية يف‬ ‫مالحظاتها بخصوص املحاور الرئيسية‬
‫تخوف الرأي العام التونيس من اللجوء‬ ‫منصة الكرتونية لرصف تعويضات مالية‬ ‫مجال مجابهة التغريات املناخية ودعم‬ ‫لربنامج اإلصالح‪ ،‬مع التشديد عىل سمته‬
‫مجددا للصندوق"‪ .‬وابرزت الدراسة انه إىل‬ ‫للفئات االجتماعية املعنية بالدّعم‪ .‬كما‬ ‫مشاريع وبرامج االنتقال البيئي‪.‬‬ ‫"الوطنية الخالصة" وذلك ردا عىل االتهامات‬
‫جانب غياب املرجعية االقتصادية اإلطارية‬ ‫تهدف اإلصالحات إىل انتهاج سياسة جديدة‬ ‫غري ان التدقيق يف تقديم وزراء حكومة‬ ‫التي وجهت للحكومة عند ترسيب النسخة‬
‫والتشبث بنفس اإلطار واملنوال التنموي‬ ‫إزاء املؤسسات العمومية سواء عرب التفويت‬ ‫بودن برامج "االصالحات" الخاصة‬ ‫األوىل من الوثيقة‪ ،‬يف جانفي املنقيض حيث‬
‫واعتماد فرضيات غري واقعية ونفس‬ ‫يف صنفها "غري االسرتاتيجي" أو "تحسني‬ ‫بوزاراتهم ‪ -‬علما أن جلهم ال يملك شهائد‬ ‫تم اعتبار برنامج "االصالحات" مجرد‬
‫اإلجراءات والسياسات التقليدية الحريصة‬ ‫كمَ تها "‪.‬‬ ‫حو َ‬ ‫عليا يف االقتصاد واملالية ‪ -‬يحيل بشكل قاطع‬ ‫استجابة لطلبات صندوق النقد الدويل‬
‫فقط عىل الحد من العجز وتحقيق التوازن‬ ‫وكان األمني العام لالتحاد نور الدين‬ ‫اىل ان هذه الربامج ال تتعدى مرحلة الوعود‬ ‫بغرض الحصول عىل تمويل للتخفيف من‬
‫بني املوارد والنفقات‪ ،‬كرست ميزانية ‪2022‬‬ ‫الطبوبي قد أكد يف ‪ 17‬ماي املايض ان املنظمة‬ ‫واملقاصد التي يغلب عليها الطابع االنشائي‬ ‫عجز ميزانية الدولة بحوايل ‪ 4‬مليارات دوالر‪.‬‬
‫من الناحية االجتماعية والسياسية هيمنة‬ ‫الشغيلة ستتصدى لإلصالحات الالشعبية‬ ‫يف انتظار بدء اإلصالحات الهيكلية التي‬ ‫وعموما‪ ،‬وعد برنامج اإلصالح‪ ،‬مثل‬
‫املافيات واللوبيات و"الكناطرية" التي‬ ‫للحكومة والتي ال تأخذ بعني االعتبار‬ ‫تطلبها املؤسسات املالية الدولية الدائنة‪.‬‬ ‫برامج حكومات ما بعد ‪ ،2011‬بتوجيه الدعم‬
‫تمكنت من دفع السلط القائمة اىل االستمرار‬ ‫األوضاع االجتماعية للتونسيني وال تراع‬ ‫ملستحقيه‪ ،‬والتحكم يف أجور موظفي الدولة‬
‫يف اللجوء اىل التداين الداخيل والخارجي بما‬ ‫والقطاع العمومي وإعادة هيكلة املؤسسات‬
‫تداعيات جائحة أزمة كوفيد‪ -19‬وتأثريات‬ ‫اجراءات ووعود مستهلكة‬
‫سيقود حتما اىل الرضوخ اىل إمالءات ورشوط‬ ‫الحرب الروسية ‪ -‬األوكرانية عىل الوضع‬ ‫العمومية وإصالح النظام الجبائي بهدف‬
‫صندوق النقد الدويل املهددة لسيادة القرار‬ ‫االقتصادي يف تونس‪.‬‬ ‫تحرير املبادرة االقتصادية وضمان املنافسة‬
‫رسية أعدتها‬‫ّ‬ ‫تضمنت تقريبا وثيقة‬
‫الوطني ولكل تمش إرادي يف املجال التنموي‪.‬‬ ‫عب الطبوبي عن "رفض االتحاد‬ ‫كما ّ‬ ‫العادلة‪.‬‬
‫الحكومة الحالية بعنوان "اإلصالحات من‬
‫وأوضحت دراسة املنتدى التونيس لحقوق‬ ‫أيضا بإلغاء‬‫ً‬ ‫ويعد برنامج اإلصالح‬
‫القاطع التفويت يف املؤسسات العمومية"‬ ‫أجل الخروج من األزمة" تم ترسيبها بداية‬
‫االقتصادية واالجتماعية أنه غالبا ما يتم‬ ‫مؤكدا أن االتحاد يدعو دوما إىل الحوار‬ ‫تراخيص االستثمار‪ ،‬مع موىف العام الحايل‪،‬‬
‫جانفي الفارط نفس اإلجراءات الواردة يف‬
‫من الناحية املنهجية وخاصة لدى الدول‬ ‫وتقديم عروض كربى تستقطب اهتمام‬

‫سعرها الحقيقي نهاية سنة ‪ 2026‬اىل جانب‬ ‫الحريصة عل صفتها االجتماعية والطامحة‬
‫الرتفيع يف معاليم استغال الكهرباء والغاز‬ ‫لرتسيخ الديمقراطية والعدالة االجتماعية‪،‬‬
‫ووضع منظومة الكرتونية تسمح بالتسجيل‬ ‫استعمال امليزانية العامة لتصحيح موازين‬
‫والترصف يف التحويالت املالية للفئات املعنية‬ ‫القوى السائدة يف اتجاه املزيد من التوازن‬
‫بتلقي التعويض يف اطار التخيل التدريجي‬ ‫واالعتدال‪ ،‬قصد منع تغول وهيمنة بعض‬
‫عن دعم املواد الغذائية األساسية بداية من‬ ‫الرشائح االجتماعية عىل حساب رشائح‬
‫سنة ‪.2023‬‬ ‫أخرى‪ ،‬والذي من شأنه ان يخل بتماسك‬
‫كما تقوم السياسة التقشفية عىل‬ ‫النسيج االجتماعي ويقود اىل توتر األوضاع‬
‫التخيل عن الديون العمومية املتخلدة‬ ‫االجتماعية والسياسية وتدهور مناخ‬
‫بذمة املؤسسات العمومية ومراجعة‬ ‫األعمال واآلفاق التنموية‪ .‬اال أن ما حصل‬
‫سياسة الدولة يف ما يخص مساهماتها‬ ‫مع ميزانية ‪ 2022‬هو تكريس وتثبيت‬
‫برؤوس أموال املؤسسات العمومية "غري‬ ‫موازين القوى السائدة عرب االمتناع عن‬
‫االسرتاتيجية" وصوال اىل العمل عل التفويت‬ ‫اعتماد إجراءات استثنائية تمكن من توزيع‬
‫فيها بداية من ‪ .2022‬كل هذه االختيارات‬ ‫عادل لألعباء قصد الخروج من أزمة املالية‬
‫الفاقدة ألي محتوى اقتصادي مستدام‬ ‫العمومية بنسيج اجتماعي أكثر توازنا‬
‫واملحدودة يف امكانية تطبيقها وذات البعد‬ ‫ّ‬
‫تحفز‬ ‫وتماسكا لتوفري ظروف ومناخ أعمال‬
‫التنموي الغائب تشكل اليوم مصدرا واقعيا‬ ‫بني سنتي ‪ 2022/2024‬اىل جانب تجميد‬ ‫تعبئة أقىص ما يمكن من موارد عمومية‬ ‫أكثر عىل تحقيق االنتعاش االقتصادي‪.‬‬
‫لتخوف الرأي العام من السياسات املالية‬ ‫االنتدابات يف الوظيفة العمومية والقطاع‬ ‫اضافية وتوزيع عادل لألعباء والحد من‬ ‫وتم الرتكيز يف هذا السياق عىل انه ويف‬
‫للسلط القائمة ومن مساعيها للتوصل‬ ‫العمومي‪.‬‬ ‫اللجوء اىل التداين تم اعتماد سياسة تقشفية‬ ‫ظل التشبث باالختيارات الليربالية الجديدة‬
‫مجددا بأي ثمن اىل اتفاق جديد مع صندوق‬ ‫كما تتضمن هذه السياسة الرتاجع‬ ‫قائمة عل الضغط عل النفقات العمومية عرب‬ ‫وتغوّل األطراف املهيمنة خارجيا وداخليا‬
‫النقد الدويل‪.‬‬ ‫التدريجي عن دعم املحروقات اىل أن تبلغ‬ ‫تجميد الزيادة يف األجور يف القطاع العمومي‬ ‫والرافضة لكل إجراءات استثنائية تمكن من‬
‫التونسية لألوراق المالية ‪:‬‬

‫‪ SOTEMAIL‬يف الصدارة و‪ SERVICOM‬تتدارك‬
‫منحى السوق‬
‫أنهى املؤرش املرجعي األسبوع املمتد من ‪ 6‬إىل ‪ 10‬جوان‬

‫‪ 2022‬عىل ارتفاع طفيف محققا تقدما بـ ‪ ٪ 0,1‬بالغا‬
‫‪ 7349,28‬نقطة‪ .‬ونحا أداء "توننداكس" بذلك منحى‬
‫تصاعديا بـ ‪ ٪ 4,3‬منذ بداية العام‪.‬‬
‫• شهد حجم املبادالت خالل األسبوع زخما وبلغ ‪71,4‬‬
‫مليون دينار بفضل ‪ 3‬مبادالت بالكتل بقيمة جملية بلغت‬
‫‪ 59,9‬مليون دينار‪ .‬وتوزعت املبادالت بالكتل بني مبادلتني‬
‫بقيمة ‪ 51,2‬مليون دينار تعلقتا بسهم رشكة "أدوية"‬
‫ومبادلة بـ ‪ 8,7‬ماليني دينار تعلقت بسهم االتحاد الدويل‬
‫للبنوك‪.‬‬
‫تحليل تطور األسهم‬

‫• احتل سهم الرشكة التونسية للتّال ‪SOTEMAIL‬‬
‫صدارة الرتتيب محققا قفزة بـ ‪ ٪ 21,2‬بقيمة ‪3,150‬‬
‫دينارا يف اطار حجم مايل بلغ ألفي دينار‪.‬‬
‫• كان سهم رشكة رسفيكوم ‪ SERVICOM‬من أكرب‬
‫املستفيدين خالل األسبوع املذكور وحقق ارتفاعا بـ ‪20٪‬‬
‫بقيمة ‪ 1080‬دينارا جاذبا حجم مبادالت بـ ‪ 17‬ألف دينار‪.‬‬
‫مبادلتني بالكتل شملتا سهم رشكة "أدوية" وتع ّلقتا بـ‬ ‫• عىل مستوى الرتاجعات تدحرج سهم الرشكة العاملية‬
‫• آرليكيد تونس ‪ : Air Liquide‬جلسة عامة عادية ‪:‬‬ ‫‪ 8609794‬سهما بسعر ‪ 5,950‬دينارا عن السهم بما مثل‬ ‫لتوزيع السيارات القابضة ‪ UADH‬اىل املنطقة الحمراء‪ .‬ولم‬
‫بلغت مداخيل مجمع آرليكيد تونس ‪ 129‬مليون دينار‬ ‫مبلغا اجماليا بـ ‪ 52,2‬مليون دينار‪ .‬وتعلق األمر برشاء‬ ‫ينجح السهم يف تجميع سوى ‪ 22‬ألف دينار مرتاجعا بذلك‬
‫سنة ‪ 2021‬محققة بذلك ارتفاعا بـ ‪ ٪ 29,25‬مقارنة بـ‬ ‫مجمع الكيالني ‪ ٪ 39,9‬من رأسمال رشكة "أدوية"‬ ‫بـ ‪ ٪ 15,6 -‬بقيمة ‪ 0,540‬دينارا رغم تحقيق الرشكة منذ‬
‫‪ .2020‬وجاء ارتفاع عائدات املجمع أساسا من مبيعات‬ ‫مملوكة من طرف عائلة املاطري عرب رشكتها "‪Royal‬‬ ‫بداية العام صعودا بـ ‪.٪ 42,1‬‬
‫الغاز التي م ّر رقم مداخيلها من ‪ 75,2‬مليون دينار اىل‬ ‫‪.Investissements et Participations Holding‬‬ ‫• فقد سهم الرشكة الصناعية العامة للمصايف ‪GIF‬‬
‫‪ 100,3‬مليون دينار‪.‬‬ ‫• بالغ من رشكة "إسمنت قرطاج" ‪:Carthage Cement‬‬ ‫‪ ٪ 12,3‬من قيمته وسط حجم مبادالت لم يتجاوز ‪ 13‬ألف‬
‫وسجل املجمع زيادة صافية يف مرابيحه العام املايض‬ ‫بطلب من مجلس السوق املالية تم تعليق اسهم رشكة‬ ‫دينار‪ .‬يُذكر أن السهم يشهد ارتفاعا سنويا بنسبة ‪.٪ 9,6‬‬
‫بـ ‪ 53,3‬مليون دينار مقابل ‪ 43,4‬مليون دينار يف سنة‬ ‫"اسمنت قرطاج" بداية من يوم الخميس ‪ 9‬جوان ‪2022‬‬ ‫• كان سهم رشكة أدوية ‪ Adwya‬األكثر ديناميكية‬
‫‪ .2020‬ومع نهاية نشاط املجمع العام املايض ارتفع صايف‬ ‫وإلغاء املبادالت التي تمت يومها‪ .‬وسيتم استئناف تسعري‬ ‫جامعا حجم أموال بـ ‪ 51,2‬مليون دينار بفضل مبادلتني‬
‫نتيجته بـ ‪ 21,3‬مليون دينار مقابل ‪ 15,5‬مليون دينار يف‬ ‫سهم الرشكة مبارشة اثر نرش بالغ صحفي‪ .‬وستعقد‬ ‫بالكتل تعلقتا برشاء مجمع الكيالني ‪ ٪ 39,9‬من رأسمال‬
‫سنة ‪ 2020‬بما مثل تطوّرا بـ ‪ .٪ 37,3‬وستقرتح الجلسة‬ ‫الرشكة ندوة إخبارية يوم األربعاء ‪ 15‬جوان الجاري‬ ‫رشكة أدوية مملوكة من طرف عائلة املاطري‪.‬‬
‫العامة العادية التي سينظمها املجمع توزيع مرابيح بـ‬ ‫بحدائق البحرية ‪ 2‬بتونس العاصمة‪ .‬وسيتم خالل الندوة‬
‫مستجدات السوق‬
‫‪ 5,500‬دينار عن كل سهم بعنوان نشاط ‪ 2021‬وسيتم‬ ‫املذكرة عرض إنجازات الرشكة خالل عام ‪ 2021‬عىل‬
‫• مجمع الكيالني يشرتي ‪ ٪ 39,9‬من رأسمال رشكة‬
‫دفعها بداية من يوم ‪ 18‬جويلية ‪.2022‬‬ ‫ضوء مخططها الخمايس ‪ 2023 – 2019‬وآفاق مستقبل‬
‫"أدوية"‪:‬‬
‫نشاطها‪.‬‬
‫شهدت بورصة تونس يوم ‪ 9‬جوان ‪ 2022‬انجاز‬
‫اشهار‬
‫‪15‬‬ ‫قالوا‬
‫الشارع السياسي‬
‫نور الدين الطبوبي‬

‫عىل من يعمل القامة حكومة‬
‫موازية ان يسعى لذلك بعيدا‬
‫ّ‬
‫السوق السياسي‬
‫عن االتحاد وانتبهوا وال توظفوا‬ ‫السوق السياسي إضافة تسعى «الشارع المغاربي» من خاللها إلى الخوض في الصور التي تُخامر أذهان‬
‫نضاالت املناضلني واملناضالت‬ ‫التونسيين بشأن سياسييهم وشخصيّاتهم العامّ ة‪ ،‬بهدف متابعة مدى تطوّر أدائهم الملتصق أساسا باللحظة‬
‫والطبقة الكادحة وايضا ال توظفوا نضاالت‬ ‫الراهنة‪ .‬فليس المغزى من السوق السياسي القيام بتقييم صارم‪ ،‬فالذاتية ركن ركين في ّ‬
‫أي توصيف ألداء الغير‪.‬‬
‫القضاة‪ ..‬سمعت هذا الصباح ان االتحاد اتصل به‬ ‫المتوسط أو حتّى الحسن‪ ...‬دمتم أهال وسهال في‬
‫ّ‬ ‫وقد يرقى من رأيناه هنا واآلن حبيسا في مرتبة الرديء إلى عتبة‬
‫الجيش الوطني وان هناك مخططا لغلق مقراته‬
‫سوقنا‪...‬‬
‫ولفرض اقامة جربية عىل بعض اعضاء املكتب‬ ‫✔ الفاهم بن يفهم‬
‫التنفيذي وامينه العام واقول …‪..‬حذاري ثم‬
‫حذاري…‪ .‬اللعب باي يشء اال االمن القومي لتونس‬
‫خط احمر… ونحن ليس لنا اتصال بقيادات‬
‫رديء‬ ‫حسن جدا‬
‫الجيش ولسنا انقالبيني وال الجيش اتصل بنا‬ ‫عبير موسي‬ ‫الدكتور معز ليمايم‬
‫…‪.‬الجيش الجمهوري هو حامي الوطن‪...‬مسالة‬
‫ثانية …‪.‬نحرتم استقاللية القضاء…ودفاعا عن‬ ‫عُ رفت رئيسة الحزب الدّستوري الح ّر عبري مويس‬ ‫يف تألق ينضاف لنجاحات الكفاءات‬
‫القضاء املستقل …يُحاسب عن طريق مؤسساته‬ ‫بخطابها الحا ّد وصوتها املرتفع يف ك ّل خرجاتها‬ ‫التونسية باملهجر تم اختيار الدكتور معز‬
‫وهياكله املوجودة داخل وزارة العدل… ال استبداد‬ ‫اإلعالميّة ‪ .‬قد يكون ذلك إختيارا واعيا منها يف إطار‬ ‫ليمايم رئيسا لجامعة فلوريدا الشمالية‪.‬‬
‫وال احد يضع يديه عىل القضاء مهما كان‪.‬‬ ‫ّ‬
‫خاص بها‪.‬‬ ‫تكوين طابع‬ ‫حاز ليمايم عىل شهادة الدكتورا من جامعة‬
‫يوسف الصديق‬ ‫ّ‬
‫خاصة‬ ‫قد يتفهّ م البعض ذلك ويلتمس لها اعذارا‬ ‫مينيسوتا األمريكية قبل أن يتم تعيينه‬
‫احاطة‬ ‫الرئيس‬ ‫عىل‬ ‫إذا تع ّلق األمر بحوار متعدّد املواضيع‪ .‬لكن ما حصل‬ ‫مدي ًرا لقسم إدارة نظم املعلومات بجامعة‬
‫ّ‬
‫نفسه بأناس أكفاء ومن كل‬ ‫األسبوع الفارط خالل إستضافتها بربنامج "ميدي‬ ‫الفال الكندية ويد ّرس يف عديد الجامعات‬
‫التوقف عنده بالنظر ملا صدر‬ ‫ّ‬ ‫شو" مع اإلعالمي إلياس الغربي يستدعي‬ ‫حول العالم مثل جامعة أركنساس االمريكية وكلية هونغ كونغ‬
‫االختصاصات …بالنسبة يل‬
‫الفقـر السيايس املوجود اآلن يف‬ ‫عن األستاذة مويس من ترصّ فات غري مفهومة وغري مربّرة بامل ّرة !‬ ‫وجامعة الدراسات التجارية بلوزان السويرسية‪.‬‬
‫قرطاج هو الكارثة األوىل ‪..‬فقر‬ ‫مويس لم تستسغ تفاعل الصحفي إلياس الغربي املشهود له باملهنيّة‬ ‫ليمايم شغل ايضا بني ‪ 2012‬و‪ 2022‬منصب عميد جامعة‬
‫سيايس مُدقع خاصة يف ظل عدم استشارة أهـل‬ ‫وبحسن االعداد لحواراته وبتعامله ال ّلبق واملتخ ّلق مع جميع ضيوف‬ ‫فلوريدا الجنوبية‪ .‬عرش سنوات رفع فيها الدكتور املختص يف‬
‫اإلختصاص والكفاءات التونسية يف املجالني‬ ‫الربنامج أيّا كانت هويّاتهم وتوجّ هاتهم‪.‬‬ ‫نظم املعلومات مستوى التعليم والبحث العلمي بالجامعة وكان‬
‫السيايس او االقتصادي او العالقات العامة ‪..‬ما‬ ‫األستاذة عبري مويس جاءت لربنامج حواري مع صحفي مهني‬ ‫له الفضل يف انشاء برامج جديدة يف مجال التكنولوجيا املالية‬
‫معنى ان يستقبل سعيّد جيل كيبال مبعوث‬ ‫وحاولت يف نفس الوقت تقزيمه وتحجيم حضوره وإسرتسلت يف خطابها‬ ‫واالمن السيرباني وتمكن من اضافة اختصاصات جامعية‬
‫الرئيس الفرنيس ماكرون والعقل املدبر للمخابرات‬ ‫وكأنّها عىل منرب إجتماع عام أمام أنصارها و ّملا حاول إلياس الغربي إعادة‬ ‫جديدة عىل غرار االدارة املهنية وسلسلة التوريد والتخطيط املايل‪.‬‬
‫الفرنسية واملتخصص يف الحركات االسالمية‬ ‫الضيفة ردّا غاية يف العنف ووضعت الجميع يف‬ ‫الربنامج اىل سكته ردّت ّ‬ ‫بعد مغادرة جامعة فلوريدا الجنوبية يف ‪ 16‬ماي املايض‬
‫والعالم االسالمي وال يستقبل شخيص املتواضع‬ ‫نفس الس ّلة‪ :‬س ّلة أعدائها واملناوئني لها و‪...‬و‪...‬‬ ‫كتبت رئيستها الجديدة اهداء مطوال للدكتور معز ليمايم ثمنت‬
‫رغم ان كيبال يعترب تلميذا يل؟‪.‬‬ ‫ّ‬
‫توجّ هت له بكثري من العنجهيّة قائلة‪" :‬طرحت سؤالك وال حق لك‬ ‫فيه دوره الرائد يف تعزيز إشعاع الجامعة بينما وشحت جامعة‬
‫الصحفي أو‬ ‫يف مقاطعتي"! هكذا‪ ...‬يعني وحسب األستاذة مويس دور ّ‬ ‫فلوريدا الشمالية موقعها االلكرتوني بمقال ترحيبي برئيسها‬
‫ابراهيم بودربالة‬ ‫الجديد مذكرة بمساهماته الفعالة يف تطوير البحث العلمي‬
‫ّ‬
‫الصمت حتى تنهي خطابها وحتى‬ ‫الصحفيّة طرح سؤاله‪/‬ها ث ّم مالزمة ّ‬ ‫ّ‬
‫اعتقد جازما أن اكرب خطأ‬ ‫واالبتكار‪.‬‬
‫يمكن ارتكابه هو ان يشن‬ ‫إذا كان ردّها مجانبا ملحتوى السؤال‪.‬‬
‫أن نتائج سرب اآلراء املتتالية والتي تضع حزبها يف مواقع صدارة‬ ‫يبدو ّ‬ ‫املسؤوليات القيادية املختلفة التي تقلدها لم تمنع الباحث‬
‫القضاة ارضابا وستكون لهذا‬ ‫واألكاديمي معز ليمايم من انجاز عرشات الدراسات وورقات‬
‫القرار تبعات سلبية بالنسبة‬ ‫الصحافيّني التي يجب أن‬ ‫نوايا التّصويت قد أنستها قواعد التعامل مع ّ‬
‫ّ‬
‫يسودها اإلحرتام‪.‬‬ ‫بحث حول تقاطع التكنولوجيا مع مجال االستهالك والعالقة‬
‫للمستقبل يف البالد ‪ ...‬اعتقد انه‬ ‫بني التدريس واالعمال مكنته من نيل عديد الجوائز‪.‬‬
‫يمكن حل كل املشاكل يف اطار االرسة القضائية‬ ‫أمّ ا إلياس الغربي فقد كان عىل درجة كبرية من برودة الد ّم واملهنيّة‬
‫للصدام وصنع الـ‪ buzz‬عىل حساب العمل‬ ‫ولم ينسق يف محاوالت ج ّره ّ‬ ‫السجل الحافل للدكتور ليمايم ورؤيته الثاقبة للنهوض‬
‫دون اللجوء اىل ايقاف رشيان هام لحياة املواطنني‬ ‫بالجامعة يف احد اكثر البلدان تطورا صاحبهما دور قيادي يف‬
‫وبالتايل اؤكد ان القرار خاطىء واتمنى ان يديل‬ ‫الصحفي‪.‬‬
‫ّ‬
‫األستاذة مويس تجاوزت حدود اللياقة يف تعاملها مع إعالمي عىل الهواء‬ ‫تسيري احدى أشهر الجامعات‪.‬‬
‫القضاة غري الراضني عىل هذا الترصف بارائهم‬ ‫مسرية ال يمكن اال ان نثمنها علها تكون مثاال يحتذى به‬
‫الن يف هذا املوقف تدمريا للمؤسسة القضائية…‬ ‫أن دور اإلعالمي أو‬ ‫مبارشة دون أيّ دافع أو موجب إال ّ إذا كانت تعترب ّ‬
‫للكفاءات التونسية حتى تكون افضل سفري لتونس بالخارج‪.‬‬
‫محمد عبو‬ ‫اإلعالميّة هو مج ّرد "كومبارس"‪.‬‬
‫لم تعد هناك ثقة يف رئيس‬
‫الجمهورية باعتباره خارجا‬ ‫من تاريخ تونس الحديث‬
‫عن الرشعية وباعتبار ان ال‬
‫احد اصبح يصدقه خاصة يف‬
‫ما يتعلق بإصالح القضاء‪ ...‬كان يمكن تجميد‬
‫القضاة بدل اعفائهم ‪...‬سبق يل ان رفعت‬
‫شكايات بقضاة من أجل االرتشاء وامللفات‬
‫من اليمين الى‬
‫موجودة لدى رئيس الجمهورية و لم يتم اخذها‬
‫بعني االعتبار والقضاة املعنيني عىل عالقة برجل‬ ‫اليسار‪:‬‬
‫أعمال مشهور موّل حمالت انتخابية وحركات‬ ‫محمد الصياح مدير‬
‫حزبية ورغم ذلك لم يتم استجوابه فلماذا‬ ‫الحزب االشتراكي‬
‫يخشاه رئيس الجمهورية؟‪.‬‬ ‫الدستوري وعبد‬
‫سهام البوغديري‬ ‫القادر المهيري مدير‬
‫نمصية‬ ‫الحزب المساعد‬
‫اذا نجحنا اليوم يف تسديد‬ ‫والصادق بلعيد‬
‫‪ 2600‬مليون دينار بالنسبة‬
‫الصل الدين يف ‪ 5‬اشهر ال يجب ان ننىس ان لدينا‬
‫ومحمد الشرفي‪...‬‬
‫بقية اصل الدين والفوائد والتي سيتم سدادها‬ ‫عندما كان لتونس‬
‫خالل هذه السنة وهي متأتية من قروض‬ ‫رجال دولة ومثقفون‬
‫ابرمتها حكومات سابقة وليس هذه الحكومة‬ ‫في مستوى تونس‪...‬‬
‫ونحن نتوىل تسديدها يف اطار تواصل الدولة …‬
‫وهذه املستحقات يجب تسديدها حتى ال نتوجه‬
‫اىل امور سلبية تعرفونها وحينها سوف نتحدث‬
‫عن اعادة هيكلة الديون ونادي باريس وغريها…‬
‫‪16‬‬
‫الشارع العالمي والعربي‬
‫‪16‬‬
‫شعاره ‪1 pour tous et tous pour 1‬‬
‫كيف و ّظفت أمريكا "الناتو" ملصاحلها ؟‬

‫الحبيب القيزاني‬
‫"الناتو بات يمثّل تهديدا واضحا لبلدنا‬
‫الناتو ذراع أمريكا للهيمنة عىل العالم‬ ‫يحض لغزو بلدنا‬ ‫ّ‬ ‫ولحدودنا‪ ..‬الغرب كان‬
‫ويف كييف كانوا يقولون إنهم قد يحصلون‬
‫عىل أسلحة نووية وبدأ الناتو يف استكشاف‬
‫األرايض القريبة منّا وأصبح تهديدا واضحا‬
‫لبلدنا ولحدودنا‪ ...‬كان كل يشء يشري اىل أن‬
‫حث بلدنا أوروبا‬‫ّ‬ ‫هناك حاجة للقتال‪ ...‬لقد‬
‫عىل التوصل إىل تسوية عادلة لكنهم ال يريدون‬
‫االستماع اىل مطالبنا ولذلك أمرت ببدء هجوم‬
‫داخل أوكرانيا يف فيفري املايض‪"..‬‬
‫بهذه الكلمات توجه الرئيس الرويس بوتني‬
‫اىل شعبه يف خطاب عيد النرص عىل النازيني‬
‫متهما الحلف األطليس بإضمار نوايا عدوانية‬
‫ضد بالده راسما خطا أحمر أمام محاولة‬
‫التفكري يف مغامرة مماثلة‪.‬‬
‫ولكن ما هو الحلف األطليس أو "الناتو"‬
‫بتعبري أمريكا صاحبة فكرة تأسيسه؟ وملاذا‬
‫تأسس؟ واأله ّم هل احرتم بنود معاهدة انشائه‬
‫أم حاد عنها؟ هل التزم بضوابط شعاره‬
‫‪1 pour tous et tous pour 1‬‬
‫أم أصبح يف خدمة أهداف جغراسرتاتيجية‬
‫لعضو واحد منه تتهمه روسيا ومن ورائها‬
‫الصني بالزحف نحو حدودها ومحارصتها‬
‫الستدراجها يف حروب جانبية تخوضها دوله‬
‫نيابة عن العضو الواحد األحد؟‬
‫قراءة يف تاريخ الناتو ومسريته املطبوعة‬
‫احرتام بنود ميثاق األمم املتحدة‪.‬‬ ‫كيانا واحدا‪ .‬األول مدني والثاني عسكري‬ ‫رويدا اتضح أن "الناتو" ال يحرتم سيادة‬ ‫بتدخالت عسكرية دمرت دوال مثل يوغسالفيا‬
‫ونص اقرتاح رويس عرضته موسكو يوم‬ ‫ّ‬ ‫ومق ّراهما يف العاصمة البلجيكية بروكسال‪.‬‬ ‫الدول بما فيها تلك التابعة له من أجل إزاحة‬ ‫والعراق وليبيا وسوريا كان ذنبها الوحيد‬
‫‪ 17‬ديسمرب ‪ 2021‬عىل امضاء معاهدة ثنائية‬ ‫وحسب التعديل الذي أدخل عىل معاهدة‬ ‫أية حكومة تبني عالقات طبيعية مع موسكو‬ ‫معارضة سياسة أمركة العالم مثلما قالت‬
‫بني البلدين للمحافظة عىل السلم يف العالم‬ ‫االتحاد األوروبي فإن الحلف األطليس هو‬ ‫خاصة أيام ما يسمى بالحرب الباردة بني‬ ‫الفيلسوفة الفرنسية الراحلة ‪.Simon Gui‬‬
‫وطلب الروس أن "يحرص الجانبان عىل أن‬ ‫يتول حماية دول االتحاد سواء كانت‬ ‫ّ‬ ‫الذي‬ ‫القوتني العظميني اليشء الذي حدا بمجموعة‬
‫يسهر الطرفان عىل تكريس كل املنظمات‬ ‫أعضاء بالناتو أم ال ومعنى ذلك أن النمسا‬ ‫دول عدم االنحياز للتنديد بذلك يف مؤتمر‬ ‫توسع "الناتو" واقترابه‬
‫العاملية واألحالف العسكرية التي تضم‬ ‫وفنلندا والسويد ال تعد دوال محايدة‪.‬‬ ‫باندونغ عام ‪ 1955‬خاصة يف ظ ّل انتهاج‬
‫من حدود روسيا‬
‫عىل األق ّل أحد الطرفني مبادئ ميثاق األمم‬ ‫ويف عام ‪ 1993‬أعلن مجلس أوروبا‬ ‫االتحاد السوفياتي نفس السياسة عرب تبنّي‬
‫املتحدة"‪ .‬وهذا يعني واقعيا أمام التجاوزات‬ ‫بكوبنهاغن أنه بإمكان دول أوروبا‬ ‫"عقيدة بريجنيف" وفرضها عىل حكومات‬
‫يكشف مسار الحرب العاملية الثانية أن‬
‫التي ارتكبتها دوله بالخصوص يف العراق‬ ‫الوسطى االنخراط يف االتحاد األوروبي وتبع‬ ‫دول حلف فرصوفيا‪.‬‬
‫الواليات املتحدة االمريكية التي هبّت – يف‬
‫وليبيا وسوريا تغيري سياسة الحلف األطليس‬ ‫ذلك انضمام عدة دول كانت تابعة لحلف‬ ‫بسقوط جدار برلني عام ‪ّ ،1989‬‬
‫عب األملان‬
‫الربع ساعة األخري من الحرب – لنجدة أوروبا‬
‫أو ح ّله مثلما تم ح ّل حلف فوصوفيا‪.‬‬ ‫فرصوفيا اىل الناتو اليشء الذي لم يم ّر دون‬ ‫عن رغبتهم يف استعادة وحدتهم‪ .‬كان معنى‬
‫وتحريرها من قوات أملانيا‪ ،‬أغفلت م ّد روسيا‬
‫األكثر من ذلك نص االقرتاح الرويس عىل‬ ‫اثارة امتعاض موسكو التي لم تجد اذانا‬ ‫ذلك توسع الحلف إىل أرايض املانيا الرشقية‬
‫ّ‬ ‫بقوات أمريكية رغم علمها بتفوّق قوات هتلر‬
‫منع انتماء الدول التي كانت تابعة لالتحاد‬ ‫لتحفظاتها‪.‬‬ ‫صاغية‬ ‫التي كانت سياسيا وعسكريا تابعة لحلف‬
‫الساحق‪ .‬وقد انتهج آنذاك ستالني تكتيك‬
‫السوفياتي اىل الناتو ممّ ا يفرض مغادرة‬ ‫يف عام ‪ 1999‬أخ ّل األمريكان مجددا‬ ‫فرصوفيا‪ .‬وقد عارضت موسكو يف البداية ذلك‬
‫االنسحاب واحراق املزارع وتدمري املعامل‬
‫استونيا وليتونيا وليتوانيا إياه وعدم انخراط‬ ‫بتعهداتهم وشهد العالم انضمام جمهورية‬ ‫لكن غورباتشوف قبل يف النهاية مقابل وعد‬
‫والجسور والبنى التحتية ملنع استغاللها من‬
‫أوكرانيا وجورجيا فيه‪.‬‬ ‫التشيك ودولتي املجر وبولونيا للحلف األطليس‬ ‫أمريكي بعدم سعي الناتو اىل مزيد التوسع‬
‫طرف القوات األملانية وكانت خطته توريط‬
‫كما ينص االقرتاح الرويس عىل عدم‬ ‫تبعتها يف ‪ 2004‬كل من بلغاريا واستونيا‬ ‫رشقا‪.‬‬
‫قوات هتلر يف مستنقع شاسع لعبت الثلوج‬
‫نرش أية من الدولتني أسلحة نووية خارج‬ ‫وليتوانيا والتونيا ورومانيا وسلوفاكيا‬ ‫ساند الرئيس الفرنيس آنذاك فرانسوا‬
‫يف أشهر الشتاء دورا هاما يف تعطيل زحفها‬
‫حدودهما ومعنى ذلك سحب القنابل النووية‬ ‫وسلوفينيا ثم ألبانيا وكرواتيا يف عام ‪2009‬‬ ‫ميرتان واملستشار األملاني هيلمت كول‬
‫وقطع امداداتها قبل الهجوم الرويس املعاكس‬
‫األمريكية املخ ّزنة خارج الرتاب األمريكي‬ ‫فجمهورية الجبل األسود عام ‪ 2017‬انتهاء‬ ‫ووزير خارجيته هانس ديرتتش غنرش‬
‫الذي لم يتوقف إال يف برلني‪.‬‬
‫مثلما هو الشأن بالنسبة ألملانيا وإيطاليا يف‬ ‫بمقدونيا الشمالية عام ‪ 2020‬فيما راجت‬ ‫املوقف الرويس فيما ك ّرر الرئيس األمريكي‬
‫خرست روسيا يف الحرب العاملية الثانية‬
‫خرق واضح ملعاهدة حظر انتشار األسلحة‬ ‫أنباء من باب بالونات االختبار حول وجود‬ ‫جورج بوش االب ووزير خارجيته جيمس‬
‫ما بني ‪ 22‬و‪ 27‬مليون قتيل بني عسكريني‬
‫النووية املوقعة عام ‪.1968‬‬ ‫نوايا النضمام جورجيا وأوكرانيا للحلف‬ ‫بيكر التزام بالدهما بذلك‪ .‬لكن ما إن تم ح ّل‬
‫ومدنيني مقابل ‪ 418‬ألف أمريكي سقطوا يف‬
‫املشكلة اليوم أن الواليات املتحدة باتت‬ ‫تالها تقديم السويد وفنلندا مؤخرا مطلبني‬ ‫منظومة االتحاد السوفياتي حتى انضمت ‪3‬‬
‫ساحات أوروبا الغربية‪ .‬بعد انتهاء الحرب‬
‫تترصّ ف خارج ميثاق األمم املتحدة وتلوّ ح‬ ‫لالنضمام إليه‪.‬‬ ‫دول محايدة لالتحاد األوروبي هي النمسا‬
‫مبارشة شكلت أمريكا الحلف األطليس وردّت‬
‫بفرض عقوبات ال عىل الدول املناهضة لها‬ ‫حاول الكرملني منذ مجيء بوتني اىل دفة‬ ‫وفنلندا والسويد‪ .‬وما يجب معرفته هو أن‬
‫عليها موسكو بإنشاء حلف فرصوفيا‪ .‬ورويدا‬
‫فحسب وإنّما حتى عىل دول الحلف األطليس‪.‬‬ ‫السلطة لفت انتباه واشنطن اىل رضورة‬ ‫االتحاد األوروبي والحلف األطليس يمثالن‬
‫‪17‬‬ ‫الشارع العالمي والعربي‬
‫الطريان الرويس يف أول يوم من حرب أوستيا الجنوبية"‪.‬‬

‫مسار الحلف األطلسي‬
‫? ‪1 pour tous ou tous pour 1‬‬
‫انتهى‬ ‫اثبتت االعتداءات التي تعرضت لها عدة دول نامية وخصوصا منها‬
‫العربية أن الحلف األطليس بات ذراعا طيّعة يف خدمة أجندات وأهداف‬
‫الحكومة البولونية املتضامنة يف اطار الحلف األطليس‬ ‫واشنطن الجغراسرتاتيجية‪.‬‬
‫مع النظام األوكراني قررت وضع ح ّد لالعانات املالية التي‬ ‫وليس أد ّل عىل ذلك من انكشاف الدور األمريكي يف الدفع باألزمة‬
‫كانت تسندها ملليوني الجئ أوكراني وذلك بداية من غرة‬ ‫الروسية‪-‬األوكرانية اىل مرحلة مواجهة عسكرية لم يرتدّد بوتني يف‬
‫جويلية القادم‪ .‬الحكومة استثنت من قرارها الحوامل‬
‫وأصحاب االحتياجات الخصوصية‪.‬‬
‫"كتائب الموت" في أوكرانيا‪...‬‬ ‫خوضها والتلويح بلجوء بالده اىل السالح النووي يف صورة حدوث أي‬
‫صحيفة ‪ El Tiempo‬الكوملبية كشفت أن سلطات‬ ‫تدخل أجنبي ميداني ملؤازرة أوكرانيا‪.‬‬
‫البالد تعتزم ارسال وحدات من قواتها املسلحة يف شهر‬ ‫بوتني قال يوم ‪ 9‬ماي املايض بمناسبة احتفال بالده بعيد النرص عىل‬
‫بلغ السيل الزبى‪...‬‬ ‫جويلية أو شهر أوت القادمني لـ "دعم أوكرانيا يف‬ ‫قوات املانيا النازية ان الناتو "بات يمثل تهديدا واضحا لبلدنا ولحدودنا"‬
‫عمليات إزالة األلغام"‪.‬‬ ‫يحض لغزو بالده‪.‬‬‫ّ‬ ‫وانه لذلك اطلق عملية الغزو متهما الغرب بأنه كان‬
‫موقع ‪ Aube Digitale‬نقل عن الوزير األول البلغاري‬ ‫الصحيفة أضافت أنه "تق ّرر أن تدوم إقامة الوحدات‬ ‫وأضاف بوتني "يف كييف كانوا يقولون انهم قد يحصلون عىل أسلحة‬
‫كرييل باتكوف تأكيده أن بالده "فعلت ك ّل ما يلزم‬ ‫العسكرية الكوملبية خارج البالد بني ‪ 5‬و‪ 9‬أشهر" وأنها‬ ‫نووية وبدأ الناتو يف استكشاف األرايض القريبة منّا وأصبح ذلك تهديدا‬
‫وزيادة" من أجل دعم أوكرانيا وأنّها ال تفكر يف امدادها‬ ‫ستتوجه قبل دخول أوكرانيا اىل بلد مجاور لها‪.‬‬ ‫واضحا لنا‪ ...‬كان كل يشء يسري نحو الحاجة للقتال"‪.‬‬
‫بأسلحة ثقيلة‪.‬‬ ‫‪ El Tiempo‬اشارت اىل أن قرار السلطات الكوملبية‬ ‫لقد كان شعار الحلف لدى تأسيسه ‪Tous pour 1 et 1 pour tous :‬‬
‫باتكوف أضاف ‪" :‬سنفي بكل الوعود التي قطعناها‬ ‫جاء اثر اتفاق تم مع وزير الدفاع األمريكي خالل زيارته‬ ‫وكان معنى الشعار أن تواجه كل الدول األوروبية كرجل واحد أي معتد‬
‫عىل أنفسنا إزاء أوكرانيا وال فائدة من تشنيف آذاننا‬ ‫األخرية اىل العاصمة الكوملبية بوغوتا‪.‬‬ ‫عىل أية دولة من دول الحلف وأال ّ تدخر أية دولة جهدا يف الدفاع عن كل‬
‫بتكرار تذكرينا بذلك‪ ...‬لقد ساعدنا الالجئني وأرسلنا‬ ‫موقع ‪ SV Pressa‬أشار من ناحيته اىل أن الوحدات‬ ‫دول الحلف إذا لزم األمر‪.‬‬
‫اىل أوكرانيا كل أنواع املساعدات اإلنسانية كما شاركنا‬ ‫الكوملبية ستتكون أساسا من افراد "كتائب املوت" واىل‬ ‫لكن يف ظل تفوق أمريكا العسكري الهائل باتت أساطيلها البحرية‬
‫يف اصالح األسلحة األوكرانية الثقيلة وملتزمون بكل‬ ‫أن واشنطن طلبت التعويل عىل خدماتها بعد تراجعها‬ ‫حارضة يف كل محيطات العالم عرب ترسانة من حامالت الطائرات‬
‫العقوبات املفروضة عىل روسيا"‪.‬‬ ‫عن قرار بإرسال وحدات بولونية‪.‬‬ ‫والغواصات اىل جانب قواعد عسكرية تحتضن مئات الطائرات من‬
‫موقع ‪ Glasove.com‬أملح من جانبه اىل أن مر ّد غضب‬ ‫املوقع أكد أن مهمة "كتائب املوت" الحقيقية ستكون‬ ‫مختلف األنواع دون ذكر الدبابات والصواريخ والقنابل النووية‪ .‬وباسم‬
‫باتكوف ترويج وسائل اعالم غربية ومن دول منطقة‬ ‫القتال اىل جانب القوات األوكرانية مستندا يف ذلك إىل أنه‬ ‫توفري "مظلة نووية" لحمايتها من "الجيش األحمر" حوّلت أمريكا‬
‫البلطيق أخبار تتحدث عن "ظهور أسلحة بلغارية لدى‬ ‫ال معنى لتربير توجهها اىل أوكرانيا باملساعدة عىل إزالة‬ ‫أوروبا رويدا رويدا اىل شبه محمية تخضع حكوماتها لطلباتها ورشوطها‬
‫وحدات القوات األوكرانية" الفتا اىل أن وزارة الدفاع‬ ‫األلغام والحال أن الحرب ما زالت متواصلة‪.‬‬ ‫وأحيانا لـ "دكتاتوريتها" ال يف املجالني االقتصادي والسيايس فحسب‬
‫البلغارية فنّدت ذلك‪.‬‬ ‫وإنما أيضا يف املجال العسكري عرب ج ّر دول الناتو اىل حروب تقررها هي‬
‫اتهام‪...‬‬ ‫وتكون غنيمتها لها وحدها – وهكذا لم يبق من شعار الحلف األطليس‬
‫ذخائر انشطارية‬ ‫إال ّ نصفه األول ‪ Tous pour 1‬ولكن بمفهوم آخر ‪ :‬فعوض تجند الجميع‬
‫رئيس مولدافيا السابق‪ ،‬ايغور دودون اتهم "الدول‬ ‫للدفاع عن احدى دوله‪ ،‬أصبحت كل دوله مجندة للدفاع عن مصالح‬
‫قناة ‪ Telegram Joker DNR‬نرشت ما قالت إنها‬ ‫الغربية األطلسية" بـ "العمل عىل ابتالع بالده من طرف‬ ‫الواليات املتحدة حتى لو وضع ذلك العالم عىل شفا حرب نووية شاملة‪.‬‬
‫وثائق أوكرانية رسمية حصلت عليها من قراصنة يف‬ ‫رومانيا" مذ ّكرا بغزو األخرية بالده سنة ‪ 1918‬مؤكدا‬ ‫سبق ألوروبا مبارشة اثر نهاية الحرب العاملية الثانية أن نهلت‬
‫اإلعالمية تؤكد أن فرنسا أمدّت نظام زيلنسكي منذ‬ ‫أن الدول األطلسية وراء "محاوالت رضب االستقرار‬ ‫الكثري من القروض االمريكية عرب "مخطط مارشال" إلعادة بنائها قبل‬
‫بداية الغزو الرويس بقذائف مدفعية من نوع ‪OGR F1‬‬ ‫االجتماعي واالقتصادي ببالده عرب توظيف ورقة‬ ‫أن تستفيق بعد عقود عىل أن املخطط كان لتكبيل نظامها االقتصادي‬
‫تحتوي عىل ذخائر انشطارية املحظورة بموجب اتفاقية‬ ‫ترانسنسرتيا" مشريا إىل أن الهدف هو "افقاد مولدافيا‬ ‫واخضاعه لسطوة دوالر كان الرئيس الفرنيس شارل ديغول أوّل من نبّه‬
‫أوسلو املوقعة عام ‪ 2008‬من طرف أغلب دول العالم ومن‬ ‫حيادها واستباحة أراضيها من قبل الحلف األطليس"‪.‬‬ ‫اىل أن أوراقه تطبع باآلالف بال أية تغطية ذهبية مثلما ينص عىل ذلك‬
‫ضمنها فرنسا‪.‬‬ ‫دودون اعترب اسرتاتيجية "الناتو" الجديدة يف أوروبا‬ ‫نظام النقد العاملي‪ ...‬وطلب ديغول من واشنطن الكشف عن مخزونها‬
‫موقع ‪ Donbass Insider‬الذي نرش الخرب ذ ّكر بأنه‬ ‫مبني عىل مطامح تاريخية يف‬
‫ّ‬ ‫تعتمد طريقة "ادماج مرن‬ ‫من الذهب لكنها رفضت فكان أن سحب بالده من الحلف األطليس قبل‬
‫سبق لفرنسا أن أعلنت مع نهاية سنة ‪ 2015‬أنها دمّ رت‬ ‫الدول الصغرى"‪.‬‬ ‫أن تدبّر له أمريكا ما يسمى بـ "أحداث ماي ‪ "1968‬ليغادر الرجل‬
‫‪ 12963‬قذيفة من نوع ‪ OGR‬سعة ‪ 155‬مليمرتا تحتوي‬ ‫دودون قال يف ترصيح لوسائل االعالم املحلية أن‬ ‫السلطة‪.‬‬
‫كل واحدة منها عىل ‪ 63‬ذخرية انشطارية وأنّها لم تعد‬ ‫"الغرب يدفع بشكل واضح نحو رضب استقرار مولدافيا‬ ‫اليوم وأوكرانيا تحارب نيابة عن أمريكا بدأت األصوات ترتفع يف‬
‫تملك أي مخزون منها‪.‬‬ ‫حتى يحصل عىل مربّر الدخال قوات من "الناتو" اليها‬ ‫الدول األوروبية مح ّذرة حكوماتها من تداعيات االنقياد وراء إرادة‬
‫املوقع أشار اىل أن فرنسا كانت قد زوّدت النظام‬ ‫رغم معارضة معظم الشعب االوكراني االندماج وكتب‬ ‫كرة بسوابق عديدة خذلت فيها اإلدارات‬ ‫واشنطن عىل بلدانها مذ ّ‬
‫االوكراني سنة ‪ 2014‬بمدافع من نوع ‪ Ceaser‬قال أن‬ ‫بقناته عىل موقع "تلغرام" ‪" :‬من الواضح أن رئيس‬ ‫االمريكية بلدان أوروبا خصوصا عىل مستوى املنافسة التجارية الحادة‬
‫الجيش األوكراني استعملها طيلة ‪ 8‬سنوات لقصف قرى‬ ‫وزراء مولدافيا الحايل‪ ،‬مايا ساندو وأسياده الخارجيني‬ ‫بني الطرفني ومناورات واشنطن الخفية الستحواذ رشكاتها عىل معظم‬
‫رشق البالد ذات األغلبية السكانية الروسية‪.‬‬ ‫يستنسخون السيناريو األوكراني وبعض الفاعلني‬ ‫صفقاتها لعل آخرها كانت صفقة "ايكوس" التي حرمت فرنسا من‬
‫السياسيني الغربيني يريدون استعمال املولداف وقودا‬ ‫بيع ‪ 12‬غواصة متطورة ألسرتاليا‪.‬‬
‫نصيحة‪...‬‬ ‫لحرب جغراسياسية تدور حاليا باملنطقة‪ .‬ويف الواقع‬ ‫ولم تستبعد أصوات أخرى أن يكون هدف الواليات املتحدة رضب‬
‫"ال تدخلوا حربا ال تعرفون أسبابها وال دوافعها"‪.‬‬ ‫يتم توظيف حمّ ى التس ّلح والهيسترييا املناهضة لروسيا‬ ‫اقتصاد املجموعة األوروبية للتخلص من منافس كبري عرب فرض قطع‬
‫بهذه النصيحة توجه املواطن الربيطاني ‪Shaun Pinner‬‬ ‫لتربير دخول قوات الناتو اىل البلد‪ ..‬انهم يعدّون لض ّم‬ ‫تصدير الغاز والنفط الروسيني لتعطيل عملية نموّ بلدان القارة لفائدة‬
‫خالل حوار أجرته معه قناة ‪ R.T‬الروسية اىل كل األجانب‬ ‫مولدافيا لرومانيا عسكريا وسياسيا مع ارصارهم عىل‬ ‫انتعاش االقتصاد األمريكي الذي يعاني من ركود نتيجة منافسة صينية‬
‫الذين قد يفكرون يف تعزيز صفوف املرتزقة املتوجهني اىل‬ ‫أنه ال مكان للحياد"‪.‬‬ ‫رشسة‪.‬‬
‫أوكرانيا للمشاركة يف مواجهة الجيش الرويس‪.‬‬ ‫ولع ّل ترصيح جيل كيبال املبعوث الخاص للرئيس الفرنيس ايمانويل‬
‫‪ R.T‬أوضحت أن ‪ Pinner‬وقع يف أرس القوات الروسية‬ ‫‪ 400‬كلم إضافية‪...‬‬ ‫ماكرون بتونس يوم ‪ 12‬أفريل املايض بأن االتحاد األوروبي لم يعد يثق‬
‫هو ومواطن قالت انه يدعي سعدون إبراهيم وأنه مغربي‬ ‫يف الواليات املتحدة للدفاع عنه واشارته اىل أن استقاللية االتحاد أضحت‬
‫الجنسية مشرية اىل أن احدى محاكم مقاطعة دونيسك‬ ‫موقع "والّ" ‪ Walla‬اإلرسائييل نقل عن صحيفة‬ ‫مطروحة اليوم بشدة" خري دليل عىل اإلحساس السائد لدى رشيحة‬
‫حكمت عليهما باالعدام بتهمة "الترصف كمرتزقة‬ ‫جريوزاليم بوست (بريد أورشليم) بتاريخ ‪ 8‬جوان‬ ‫واسعة من السياسيني واملفكرين األوروبيني اليوم إزاء أمريكا‪.‬‬
‫ومحاول االستيالء عىل السلطة بالقوة والخضوع لتكوين‬ ‫الجاري اشارته اىل أن إرسائيل "قد تكون أتمّ ت ادخال‬ ‫الثابت اليوم ان الدول األطلسية األوروبية وجدت نفسها يف ضوء‬
‫من أجل ممارسة أنشطة إرهابية بدولة دونيسك بعد‬ ‫تعديالت عىل طائراتها من نوع "أف ‪ "35‬التي ال يتجاوز‬ ‫املواجهة غري املبارشة مع روسيا بني املطرقة والسندان ‪ :‬مطرقة نفوذ‬
‫االعرتاف بها من طرف روسيا يف فيفري املايض"‪.‬‬ ‫مدى مجال طريانها ‪ 1400‬كلم حتى يمكن لها شن غارات‬ ‫وتغوّل أمريكي ال يعرتف إال ّ بسيادة بالده املطلقة عىل العالم وسندان‬
‫‪ Pinner‬قال لـ ‪ RT‬ان عدة عوامل كانت وراء قراره‬ ‫عىل ايران التي تبعد عن مدى تحليق الطائرات املذكورة بـ‬ ‫شبح حرب نووية ال تبقي وال تذر لوّ ح بها بوتني الذي سبق له أن قال‬
‫االنضمام للجيش االوكراني منها ان زوجته األوكرانية‬ ‫‪ 400‬كلم أخرى"‪.‬‬ ‫منذ ‪ 3‬سنوات ‪" :‬ان لم يكن لروسيا مكان يف هذا العالم فال حاجة لنا‬
‫ترفض التحوّل اىل انقلرتا وأنه عجز عن العثور عىل‬ ‫ووفق املوقع‪ ،‬أفادت صحيفة "جريوزاليم بوست"‬ ‫به"‪.‬‬
‫شغل لس ّد حاجات عائلته مضيفا ان خدمته بالجيش‬ ‫بأنه "تم التخيل أكثر من مرة عن شن غارات جوية عىل‬ ‫ألم تقل الفيلسوفة الفرنسية ‪ Simon Gui‬صاحبة كتاب "الجاذبية‬
‫االنقليزي طيلة ‪ 9‬سنوات سمحت له بإمضاء عقد بـ‪3‬‬ ‫ايران بسبب تطلب ذلك تزويد الطائرات بالوقود خالل‬ ‫والدالل" ‪" :‬اننا نعلم أن أمركة العالم أو أوروبا بعد الحرب (العاملية‬
‫سنوات للعمل مع القوات األوكرانية التي قال انها م ّكنته‬ ‫تنفيذ مهامها" وبأنه "تم االهتداء اىل ح ّل سنة ‪2008‬‬ ‫الثانية) ستصبح خطرا عظيما‪ ،‬ونعلم أيضا مدى ما سنخرس لو ت ّم‬
‫من منزل‪.‬‬ ‫بكراء مطارات يف جورجيا لكنه تم تدمريها من طرف‬ ‫ذلك‪ ،‬ألن أمركة أوروبا سوف تمهّ د دون شك ألمركة العالم بأرسه‪،‬‬
‫وحينئذ ستفقد اإلنسانية جمعاء ماضيها"‪.‬‬
‫وزير الدفاع الصيني‪:‬‬ ‫مسؤول اسرائيلي سابق‪:‬‬

‫“تقدما كب ٍ‬
‫ريا”‬ ‫ّ‬ ‫أحرزنا‬ ‫الرشق االوسط يف حالة "تنظيم جديد"‬
‫يف تطوير األسلحة النووية‬ ‫أكد رئيس مجلس األمن القومي اإلرسائييل السابق مائري بن شبات أن‬
‫منطقة الرشق األوسط "تمر بحالة تنظيم جديد‪ ،‬ربما فريدة من نوعها‪،‬‬
‫أكد وزير الدفاع الصيني وي فنغ خه اول امس األحد أن بالده‬ ‫تطمس فيها الحدود بني دول املنطقة نفسها"‪.‬‬
‫أحرزت “تقدما كبريا” يف تطوير أسلحة نووية جديدة مربزا انه‬ ‫وعن مدى إمكانية انضمام السعودية التفاقيات التطبيع مع إرسائيل‪،‬‬
‫لن يتم استخدامها إال للدفاع عن النفس وان الصني لن تكون‬ ‫قال بن شبات يف ترصيح لصحيفة "غلوبس" العربية‪" :‬ال بركة إال يف‬
‫البادئة باستخدامها‪.‬‬ ‫الخفاء"‪.‬‬
‫وردا عىل سؤال حول تقارير تحدثت يف العام املايض عن بناء‬ ‫وأشار اىل وجود ما اسماه مالمح جديدة ملنطقة الرشق األوسط مربزا‬
‫أكثر من ‪ 100‬صومعة صواريخ نووية جديدة يف رشق الصني‪ ،‬قال وي إن الصني “تتبع دائما‬ ‫انه تجرى إعادة تنظيم للمنطقة نتيجة للتوقيع عىل اتفاقات "إبراهام"‪،‬‬
‫مسارا مناسبا لتطوير القدرات النووية لحماية بالدنا”‪.‬‬ ‫مضيفا أن "الدول العربية السنية املعتدلة تنظر إىل إرسائيل باعتبارها رشيك‬
‫وقال وي ألعضاء الوفود املشاركة يف حوار شانجريال بسنغافورة والذي يعد التجمع األمني‬ ‫رشعي يف كثري من القضايا"‪.‬‬
‫الرئييس يف آسيا إنه تم تشغيل ونرش األسلحة النووية التي ظهرت يف عرض عسكري عام‬ ‫وكشف أن هناك حربا مندلعة بني إرسائيل تدار "خلف الكواليس"‪،‬‬
‫‪ 2019‬ببكني والتي تضمنت راجمات مطورة لصواريخ باليستية عابرة للقارات من طراز دي‬ ‫مشريا إىل أن الرشق األوسط يمر بحالة "تنظيم جديد"‪.‬‬
‫إف‪.-41‬‬ ‫واضاف بن شبات إن "هناك حربا تدار بني بالده وإيران‪ ،‬خاصة عىل الصعيد السيرباني‪ ،‬وإن هذه‬
‫وأضاف “الصني طورت قدراتها عىل مدى أكثر من خمسة عقود‪ .‬ومن االنصاف أن نقول‬ ‫الحرب مستمرة‪ ،‬ولم يعرف موعد نهايتها بعد"‪ ،‬مضيفا أن "تلك الحرب تدار يف الحقيقة خلف الكواليس"‪.‬‬
‫إنه تم تحقيق تقدم كبري‪ ...‬سياسة الصني … ثابتة‪ .‬نستخدمها للدفاع عن النفس‪ .‬لن نكون‬ ‫وطالب اإلدارة األمريكية بإظهار مبدأ القوة أمام إيران‪ ،‬ووضع الخيار العسكري عىل الطاولة‪ ،‬مؤكدا‬
‫الطرف الباديء يف استخدام (األسلحة) النووية‪”.‬‬ ‫أنه دون ذلك فإن إيران ستستمر يف برنامجها النووي ولن يقف أمامها أي رادع أو قوة‪.‬‬
‫وقال إن الهدف النهائي لرتسانة الصني النووية هو منع وقوع حرب نووية‪.‬‬ ‫وناشد واشنطن "عدم االكتفاء بذلك بل فرض عقوبات اقتصادية رادعة عىل إيران تعمل عىل قلب‬
‫املواطنني اإليرانيني عىل النظام الحاكم"‪.‬‬
‫جديد “كيا”…‬
‫الشاحنة اخلفيفة ‪K2500‬‬

‫المح ّرك‬ ‫تبلغ‪ 1,5 ‬طن مع وزن شامل بـ‪ 3,2 ‬أطنان‪.‬‬
‫وتساعد قوة دفع العجلتني الخلفيتني (أربع عجالت خلفية)‬
‫أطلقت رشكة “سيتي كارز” الوكيل الرسمي ملاركة “كيا”‬
‫الجنوب كورية بتونس‪ ،‬شاحنتها الخفيفة الجديدة ‪k2500‬‬
‫شاحنة ‪ K2500‬مجهزة بمحرك سعة ‪ 2,5‬لرت (‪)2497cc‬‬
‫مازوط تبلغ قوته ‪.CVDIN 130‬‬ ‫املزدوجتني عىل الوثوق يف الشاحنة وعىل ضمان استقرارها حتى‬ ‫يف إطار وفاء ماركة “كيا” لقيمها ووعودها‪ ،‬تتمتّع‪ ‬الشاحنة‬
‫أمّ ا كتلة املحرك فهي مقرتنة بمحوّل رسعة يدوي االستعمال‬ ‫يف حالة الحمولة الزائدة‪.‬‬ ‫الغني عن التعريف والذي‬
‫ّ‬ ‫‪ K2500‬بشهرة الدار املمتازة ونجاحها‬
‫وذي ‪ 6‬نواقل للحركة فيما تبلغ رسعة الشاحنة القصوى ‪150‬‬ ‫ويبلغ طول‪ ‬الشاحنة ‪K2500‬ـ‪ 5,125 ‬أمتار وعرضها ‪1,740‬‬ ‫أثبت جدواه وصالبة شاحناتها‪.‬‬
‫كلم يف الساعة مع معدل استهالك للمازوط بـ ‪ 9,5‬لرتات يف املائة‬ ‫مرت يف حني يبلغ علوّها ‪ 1,995‬مرت وقاعدتها‪ 2,615‬مرت‪ .‬أمّ ا‬ ‫ويأتي إطالق‪ ‬شاحنة ‪ K2500‬التي طاملا انتظرها مستعملو‬
‫كلم‪.‬‬ ‫قياسات فضاء الحمولة فتبلغ ‪ 3,110‬أمتار طوال و‪ 1,630‬مرت‬ ‫الشاحنات الخفيفة استجابة النتظارات وحاجات الحريف‬
‫عرضا‪.‬‬ ‫التونيس‪.‬‬
‫السعر والعرض‬ ‫ويرتكز الجانب الخلفي من الشاحنة عىل خمسة نوابض‬ ‫وتمثل الشاحنة الجديدة وسيلة عمل موثوق بها ومتعدّدة‬
‫ّ‬
‫وتمتص جانبا من‬ ‫من الصفائح املعدنية التي ّ‬
‫توفر مرونة أفضل‬ ‫االستعماالت وتتكيّف مع هامش واسع من االستخدامات سواء‬
‫شاحنات ‪ K2500‬متوفرة يف قاعة العرض التابعة لـ “سيتي‬ ‫رجّ ات الطريق خالل االستعماالت األكثر كثافة‪.‬‬ ‫بالنسبة للقطاع الصناعي أو األنشطة التجارية أو ما يتعلق‬
‫كارز” الكائنة باملنطقة الصناعية بالكرم وبقاعات عرض‬ ‫وعىل صعيد التجهيزات‪ ،‬تحتوي الشاحنة ‪ K2500‬عىل‬ ‫بميدان اللوجستيك ومهن النقل وإيصال السلع بصفة عامة‪.‬‬
‫الوكاالت املعتمدة من طرف رشكة “كيا“‪.‬‬ ‫معدّات ذات مستوى عميل وتوفر رفاهة مثالية‪ ،‬منها‪:‬‬ ‫وتتميّز‪ ‬الشاحنة ‪ K2500‬بخصائص تقنية وبامتيازات ال‬
‫وتُعرض الشاحنة ‪ K2500‬املجهّ زة بصفيحة معدنية جانبية‬ ‫خاصة بالسائق ومكيف هواء وبلور نوافذ‬ ‫ّ‬ ‫وسادة هوائية‬ ‫مثيل لها وهي مطروحة يف نموذج بغرفة قيادة ذات ‪ 3‬مقاعد‬
‫متدلية بسعر ‪ 61.990‬دينارا (‪ )TTC‬وهي متوفرة يف لونني‪:‬‬ ‫كهربائي العمل وراديو ومفتاح تخزين ‪…USB‬‬ ‫وصفيحة معدنية جانبية متدلية‪.‬‬
‫األبيض (‪ )Clear White‬واألزرق (‪.)Marine Blue‬‬ ‫أمّ ا طاقة حمولة الشاحنة فهي كبرية بما فيه الكفاية اذ‬
‫ملزيد املعلومات اتصلوا بنا عىل موقع الواب‪ www.kia.tn – contact@kia.tn :‬أو عىل أرقام الهواتف التالية‪ 36406200 :‬و‪ 36010701‬و‪36010710‬‬

‫ر أي‬
‫كيسنجر إذا تكلّم‪...‬‬

‫بقلم ‪ :‬مايك ويتناي‬
‫ول ذلك الزمن وعوضا عن ذلك سيوجه بوتني امدادات الطاقة الحيوية اىل الصني‬ ‫االقتصادي‪ .‬لقد ّ‬ ‫هل تعرفون ملاذا أثار خطاب هنري كيسنجر يف املنتدى االقتصادي العاملي بدافوس غضب‬
‫والهند واىل دول أخرى‪ ...‬لم تعد أوروبا بالنسبة اليه حريفا ذا أولوية بعدما تحوّلت اىل تهديد ملستقبل‬ ‫الحارضين؟‬
‫روسيا وهذا يعني أن روسيا ستواصل ترصيف انتاجها رشقا‪.‬‬ ‫لم ينتقد كيسنجر طريقة األوكرانيني يف ادارة املعارك ضد الجيش الرويس وال عدم احرازهم أي‬
‫‪ – 2‬ما تداعيات ذلك على أوروبا ؟‬ ‫تقدم عىل جبهات القتال وإنما انتقد سياسة الغرب التي قادت اىل العاصفة التي تهبّ عىل أوكرانيا‬
‫األمر بسيط‪ .‬ستكون فاتورة الطاقة التي ستشرتيها أوروبا أغىل من فاتورة أي بلد آخر‪ .‬انه‬ ‫ومن يقف وراءها‪ .‬لم يرتدّد كيسنجر يف توبيخ الشخصيات التي طبخت سياسة شاذة وغريبة‬
‫الخيار الذي استقرت عليه بتجاهل مطالب روسيا األمنية املرشوعة وهي الوضعية التي سيتحتم‬ ‫لف وال دوران أنهم أخطأوا‪.‬‬‫مؤكدا لهم بال ّ‬
‫عليها التعايش معها‪.‬‬ ‫وقد أخطأوا ألن السياسة التي يتّبعونها حاليا ترضّ بالحلفاء وبمصالح الواليات املتحدة‪ .‬وهذا‬
‫ويف ما ييل ما عىل الجميع معرفته ‪:‬‬ ‫هو املعيار الذي سنرتكز عليه لتحديد ان كانت سياسة ما عبثية أم ال‪ .‬ولألسف نجحت السياسة‬
‫• عام ‪ 2021‬وفرت روسيا ‪ ٪ 40‬من حجم الغاز الطبيعي الذي استهلكته دول االتحاد األوروبي‪.‬‬ ‫املتبعة بال عناء يف "اختيار العبثية"‪.‬‬
‫• عام ‪ 2021‬وفرت روسيا أكثر من ‪ ٪ 25‬من النفط الذي احتاجته أوروبا‪.‬‬ ‫دعوني أوضح مقصدي ‪ :‬يتمثل جوهر اسرتاتيجيتنا يف "اضعاف" و"عزل" روسيا عرب قطع‬
‫• اذا اعتقدتم أنه بإمكان دول مثل نيجرييا وايران والعربية السعودية وبلدان أخرى بأمريكا‬ ‫عالقاتها االقتصادية بأوروبا وج ّرها اىل مستنقع بأوكرانيا طويل األمد ومُكلف‪ .‬هذا هو املخطط‬
‫الجنوبية تعويض االمدادات الروسية فأنتم ترتكبون خطأ كبريا‪ ...‬ان أوروبا تغرق يف أزمة طاقة لم‬ ‫املتفق عليه‪.‬‬
‫تعرف لها مثيال يف تاريخها وال يمكنها إال ّ لوم نفسها‪ .‬وهنا مقتطف من مقال صدر يوم الثالثاء ‪1‬‬ ‫أضيف أن بامكانكم اعتبار مخططكم معقوال اىل ح ّد ما ولكن كيسنجر يرى أنه املخطط اليسء‪.‬‬
‫جوان الجاري بموقع "روسيا اليوم" ‪" :‬قال مدير الوكالة الدولية للطاقة فتيح بريول يف حوار أدىل به‬ ‫ملاذا؟‬
‫ملجلة "دير شبيغل" األملانية ‪" :‬من الوارد ان تكون أزمة الطاقة الحالية احدى أسوأ وأطول األزمات‬ ‫ألن اسرتاتيجية األمن القومي األمريكي تع ّرف الصني كالخصم رقم واحد ألمريكا (وذلك‬
‫ومن الوارد أن تترضّ ر منها بشكل خاص البلدان‬ ‫صحيح) وأنه تبعا لذلك كل سياسة من شأنها تقوية الصني تتعارض مع املصالح االسرتاتيجية‬
‫األوروبية" قبل أن يضيف ‪" :‬ان تداعيات االحداث‬ ‫للواليات املتحدة‪.‬‬
‫هل فهمتهم؟ إن السؤال هو اذن ‪ :‬هل من شأن‬
‫الدائرة بأوكرانيا قد تجعل أزمة الطاقة الحالية أسوأ‬
‫الحرب التي تخوضها أوكرانيا نيابة عنّآ تقوية الصني؟‬
‫من أزمة سنوات ‪ ...1970‬فخالل السبعينات تمحورت‬
‫والجواب هو ‪ :‬طبعا نعم‪ ..‬انها تجعل الصني أقوى‬
‫األزمة حول النفط فقط اما اليوم فنحن أمام ازمة‬
‫بكثري ألنها تجرب روسيا عىل دعم عالقاتها بها‪.‬‬
‫نفط وأزمة غاز وأزمة كهرباء‪ ...‬وقد كانت روسيا قبل‬
‫ولكن ماذا يعني ذلك عىل أرض الواقع؟‬
‫االحداث الجارية بأوكرانيا حجر الزاوية يف خريطة‬
‫داللة ذلك أن العالقات بني القوة العاملية األوىل يف‬
‫الطاقة العاملية‪ ...‬فهي أكرب مصدّر للنفط يف العالم‬
‫امتالك املصانع (الصني) وثاني أكرب منتج للمحروقات‬
‫وأكرب مصدّر للغاز وأحد أكرب مصدر للفحم"‪.‬‬
‫يف العالم (روسيا) تحسنت بشكل كبري نتيجة الحرب‬
‫وبخصوص توجه أوروبا نحو االستغناء عن الغاز‬
‫التي تسببت فيها واشنطن بأوكرانيا‪ .‬هذا هو بالضبط‬
‫الرويس ح ّذر بريول من تع ّرض الدول األوروبية األكثر‬
‫معنى الحرب الدائرة بأوكرانيا عىل أرض الواقع‪ .‬لكن‬
‫اعتمادا عىل الغاز الرويس اىل "شتاء صعب" مح ّذرا من‬ ‫ذلك يعني أيضا أنه بقدر ما تتحسن العالقات الصينية‬
‫أن تجد بعض الدول نفسها مجربة عىل توزيع الغاز‬ ‫‪ -‬الروسية تزداد رسعة انهيار االمرباطورية االمريكية‬
‫بالتقسيط وخصوصا منها أملانيا‪ .‬وقد تزامن كالم‬ ‫باعتبار مزيد توسع املنطقة التي يغيب فيها التعامل‬
‫بريول مع قطع رشكة "غازبروم" الروسية تزويد‬ ‫بالدوالر وحلول التجارة الثنائية بني البلدين مح ّل نظام‬
‫بعض رشكات الطاقة العاملة يف املانيا والدانمارك‬ ‫التجارة العاملي الحايل الذي يكرس الهيمنة االمريكية‪.‬‬
‫وهولندا وبولونيا وغريها بعد عدم دفع هذه البلدان‬ ‫هناك يشء بإمكانكم مالحظته بأنفسكم هو أن‬
‫وارداتها بالروبل مثلما اشرتط ذلك بوتني‪.‬‬ ‫الحرب الدائرة بأوكرانيا أدت إىل انهيار صادم للتجارة‬
‫هل يعني ذلك أن القبول باملوت بردا ويف ظالم دامس‬ ‫العاملية واىل اضطرابات كبرية يف عمل مسالك التوزيع‬
‫هنري كيسنجر‬
‫أفضل من التأكيد عىل وجوب التزام أوكرانيا بالحياد‬ ‫األساسية اىل جانب نقص غري مسبوق يف املواد الغذائية‬
‫واقالعها عن قتل أفراد الجالية الروسية املقيمة يف‬ ‫والطاقية ويف أكرب انقسام يشهده العالم منذ سقوط‬
‫مناطقها الرشقية؟ ان كان الجواب بـ "نعم" فإن األمر يتعلق بخيار يسء‪.‬‬ ‫االتحاد السوفياتي‪ .‬لقد قررت واشنطن تقرير مصريها ومصري الشعب األمريكي عرب رهان‬
‫دعوني اآلن أدعوكم للتأمل يف هذه الحقائق ‪ :‬هل تعرفون أن خلطات النفط ال تتشابه؟ واألهم‬ ‫جغراسيايس أخرق إن لم يتحوّل اىل أكرب كارثة اسرتاتيجية يف تاريخها‪.‬‬
‫ما أهمية ذكر ذلك؟‬ ‫لقد أدرك كيسنجر خطورة املوقف ولذلك لم يكتف بانتقاد السياسة املتبعة يف التعاطي مع‬
‫األهمية تأتي من منطلق أن أملانيا تستورد حاليا ‪ ٪ 34‬من نفطها من روسيا‪ .‬ونفط روسيا‬ ‫روسيا وإنما أطلق تحذيرا مقلقا تجاهلته تقريبا كل وسائل االعالم الغربية‪.‬‬
‫خليط من نفط جبال األورال وهو من النوعية الجيّدة وأثبت قيمته وتستورد منه املانيا كميات‬ ‫قال كيسنجر ‪" :‬ال ب ّد أن تبدأ املفاوضات يف الشهرين القادمني قبل حدوث اضطرابات وتوترات‬
‫هائلة عرب أنبوب "دروزهبا" وتستغله مصاف املانية صنعت خصيصا لالستجابة ملتطلبات معالجة‬ ‫يصعب تجاوزها‪ ...‬والح ّل األمثل هو العودة اىل الوضع الذي كان قائما قبل اندالع املعارك ألن‬
‫بمواصفات خاصة‪ .‬ومن هنا فإن من شأن امداد املصايف األملانية بأنواع أخرى من النفط متأتية من‬ ‫مواصلة الحرب بعد هذه املدّة قد ال يعني تحريرا أوكرانيا وإنّما حربا جديدة ضد روسيا"‪.‬‬
‫مزودين آخرين احداث اضطراب يف عملية التكرير من ألفها اىل يائها‪ .‬ذلك أن األمر يتطلب يف هذه‬ ‫كالم كيسنجر واضح وضوح الشمس يف النهار ومع ذلك سنف ّككه اىل جزءين حتى نفهم معناه‬
‫الحالة تغيري خطوط االمداد الجديدة وتجهيزات التزوّد وانشاء وحدة تقطري جديدة تعمل بمضخات‬ ‫بشكل أفضل‪.‬‬
‫هواء فارغة وغريها من األكسسوارات الالزمة لنوعية النفط الجديد دون ذكر تجهيزات الخزن‬ ‫‪ – 1‬السياسة المتّبعة سيّئة‬
‫الجديدة وأجهزة امداد منشأة روستوك التي ستعوض أنبوب "دروزهبا" والتي تعمل ‪ 24‬ساعة عىل‬ ‫‪ – 1‬ال ب ّد من تغيري السياسة املنتهجة وإال ّ فإن االرضار التي ستلحق بالواليات املتحدة وحلفائها‬
‫‪ 24‬و‪ 7‬أيام عىل ‪ 7‬أي ‪ 365‬يوما يف السنة‪.‬‬ ‫ستكون خطرية ودائمة وهذا ما قصده كيسنجر عندما شدّد عىل وجوب انطالق املفاوضات يف‬
‫ان كل ذلك يؤكد غياب أي تشابه بني خلطات النفط نتيجة اختالف أنواعها‪.‬‬ ‫موعد ال يتجاوز الشهرين‪.‬‬
‫وزيادة عىل ذلك يقدّر خرباء عالم النفط أن يتطلب تغيري نظام عمل أية مصفاة ‪ 6‬سنوات وأن‬ ‫قد يبدو كالم الرجل للبعض تنبئا مبالغا فيه بأبعاد كارثية لكني أرى أنه عىل حق وما عليكم‬
‫يشهد نمو أملانيا االقتصادي خالل فرتة الست سنوات انهيارا حادا نتيجة ارتباطه ارتباطا وثيقا‬ ‫التغيات الهائلة التي شهدها العالم منذ بداية الحرب يف أوكرانيا بما يف ذلك‬ ‫ّ‬ ‫إال ّ أن تتمعّ نوا يف‬
‫باستهالك املحروقات مع ما يعني ذلك من لجوء الرشكات اىل غلق مصانعها وتفيش البطالة لتجد‬ ‫االضطرابات الحاصلة يف مسالك التوزيع والنقص الحاصل يف مواد الغذاء والطاقة وتراجع مرشوع‬
‫القوة االقتصادية رقم ‪ 1‬يف اوروبا نفسها راكعة عىل ركبتيها‪.‬‬ ‫تغيات كبرية ولكنها قد ال تش ّكل إال ّ الجانب الظاهر من جبل الجليد اذ أن معاناة أكرب‬
‫العوملة‪ .‬إنها ّ‬
‫كيسنجر عىل صواب وامله ّرجون التابعون لجوقة املحافظني الجدد الذين طبخوا اسرتاتيجية‬ ‫يف انتظارنا‪.‬‬
‫لعب الورقة األوكرانية الفاشلة مخطئون عىل طول الخط‪ .‬واذا لم ننظم "مفاوضات خالل الشهرين‬ ‫فكيف سيكون حال الشتاء القادم عندما يبلغ غالء فواتري التدفئة عنان السماء و ّملا ترزح‬
‫القادمني" مثلما نصح بذلك كيسنجر ستكون القطيعة مع روسيا نهائية وال رجعة فيها وسيكون‬ ‫الصناعات األوروبية تحت وطأة ارتفاع تكاليف الطاقة وتبلغ البطالة مستويات أيام أزمة الركود‬
‫الرشق هو الوجهة األبدية لصادرات روسيا من املحروقات واملعادن واملواد الفالحية أي نحو أمم‬ ‫العظيم ويصبح قطع الكهرباء احدى الخصائص املنتظمة يف حياة الشعوب الغربية؟ ان ذلك ما‬
‫صديقة وسيتسبّب ذلك يف معاناة فظيعة للواليات املتحدة ولحلفائها يف أوروبا عىل السواء‪.‬‬ ‫توخي سياسة متناقضة تماما للسياسة الحالية واذا لم‬ ‫يخبئ املستقبل ألمريكا وأوروبا اذا لم يتم ّ‬
‫ان طريق الصواب املعقولة الوحيدة هي الدعوة لوقف اطالق النار فوري حتى يمكن البدء يف‬ ‫يتم التوصل يف أرسع وقت التفاق‪.‬‬
‫مفاوضات سالم‪.‬‬ ‫وقد سبق لبوتني أن رصّ ح بأن بالده لن تسمح لنفسها مستقبال باالرتهان ألوروبا عىل املستوى‬
‫‪26‬‬
‫صفحة‬
‫العدد ‪ - 314‬من الثالثاء ‪ 14‬إلى االثنين ‪ 20‬جوان ‪ - 2022‬الموقع االلكتروني ‪ -www.acharaa.com‬البريد االلكتروني ‪maghrebstreet@gmail.com :‬‬
‫المسعدي "مادة" تالزم‬

‫الباكالوريا منذ ‪ 50‬سنة‬
‫ألـم تُنجب‬
‫تونس غريه؟‬
‫فن تشكيلي‬ ‫آثار‬ ‫مسرح‬ ‫وقفة‬
‫الس ّيدة‬ ‫"فالغرانتي"‬ ‫السلف‬
‫معرض باريسي للفنان‬ ‫ّ‬ ‫آلسيا الجعايبي ‪:‬‬
‫المنوب ّية‬
‫التشكيلي التونسي‬ ‫قراءة جمالية‬ ‫الصالح‪،‬‬
‫محمد الطريقي المقيم‬ ‫أو ال ّر وح ّية‬
‫الشعب ّية‬ ‫فنية‬ ‫أصال تجار يًّا‬
‫في بلجيكا‬
‫ّ‬
‫المؤنث‬ ‫بصيغة‬
‫بقلم ‪:‬‬ ‫بقلم ‪:‬‬ ‫بقلم ‪:‬‬ ‫بقلم ‪:‬‬
‫أ‪ .‬عالء الدين سعيدي‬ ‫د‪ .‬زهير بن يوسف‬ ‫أنور الشعافي‬ ‫محمد الخالدي‬
‫‪21‬‬
‫‪21‬‬ ‫الشارع الثقافي‬
‫وقفة‬
‫جتاريا‬
‫ًّ‬ ‫السلف الصالح‪ ،‬أصال‬
‫بقلم ‪ :‬محمد الخالدي‪ /‬شاعر وروائي‬
‫استثنينا‬ ‫فأمة تعت ّز برتاثها وتحافظ عليه هي أمة حيّة‪ ،‬وهذا‬ ‫تزامن ظهور ما يُسمى بالصحوة اإلسالمية يف‬
‫األحاديث امللفقة يلوون أعناقها ويطوّعونها خدمة‬ ‫ما ال تريده الدوائر االستعمارية وأدواتها يف املنطقة‬ ‫ً‬
‫أنظمة‬ ‫سبعينات القرن املايض مع هزائم األمّ ة املتالحقة‪،‬‬
‫لرتّهاتهم وتخاريفهم‪ ...‬وإال كيف يمكن لنا أن نتخيّل‬ ‫من عمالء وأنظمة رجعية ترى استمرارها يف السلطة‬ ‫وشعوبًا وما رافق ذلك من عجز وإحباط ال سيما يف‬
‫عاملا بدون موسيقى‪ ،‬هي التي رافقت اإلنسان منذ‬ ‫رهينا بإبقاء شعوبها حبيسة الجهل والخرافة‪ .‬فح ّرموا‬ ‫أوساط النخبة التي كانت األكثر تأث ًرا بآثار هذه الهزائم‪.‬‬
‫درج عىل هذه األرض‪ ،‬حتى أصبحت جزءًا ال يتجزأ من‬ ‫رجسا من عمل الشيطان‪،‬‬ ‫ً‬ ‫املوسيقى والغناء باعتبارهما‬ ‫ويف هذا الجوّ من اليأس واإلحباط‪ ،‬كرش دعاة الظالمية‬
‫يعب بها عن أحاسيسه من حزن وفرح‪ ،‬وألم‬ ‫ّ‬ ‫طبيعته‪،‬‬ ‫والفلسفة باعتبارها زندقة وهرطقة‪ ،‬وذلك اقتداء بنهج‬ ‫عن أنيابهم‪ ،‬مستغ ّلني الفراغ بعد تراجع القوى الحية‬
‫وسعادة‪...‬‬ ‫السلف الصالح كما يزعمون‪ ،‬وكأن هؤالء كانوا مالئكة‬ ‫وتقهقرها ليطرحوا اإلسالم بديال ً لحل مشاكل "األمّ ة"‪.‬‬
‫زهادًا ال تغريهم مباهج الدنيا وملذاتها‪ .‬ويف هذا اعتداء‬ ‫أو ّ‬ ‫وقد انطىل هذا الوهم عىل رشائح واسعة من الناس‪،‬‬
‫إن جهل هؤالء بالرتاث ال يضاهيه سوى جهلهم بالدين‬
‫صارخ عىل التاريخ وتزييف أخرق له‪ .‬فالسلف الصالح‬ ‫من املحيط إىل الخليج‪ ،‬فصدّقوا هذه الفرية وانخرطوا‬
‫نفسه‪ ،‬فما ح ّرمته األديان أو نهت عنه من ممارسات‬
‫ً‬ ‫الذين يتحدّثون عنهم لم يح ّرموا أيًّا من هذه الفنون‪،‬‬ ‫يف تيّارها الجارف دون وعي منهم بأنهم يُستخدمون‬
‫مطلقا‪ ،‬ألن ذلك غري ممكن‬ ‫لم يكن القصد منه املنع‬
‫بل عىل العكس افتتنوا بها ومارسوها دون رقابة‪،‬‬ ‫كوقود رسيع االلتهاب يف حرب رضوس تستهدف تراثهم‬
‫ويتناقض تمامً ا مع طبيعة اإلنسان وإنما الح ّد ممّ ا قد‬
‫منذ فجر االسالم‪ ،‬فقد حفلت مكة واملدينة باملغنني‬ ‫وحضارتهم‪ ،‬وبالتايل وجودهم‪.‬‬
‫يشوب تلك املمارسات من مغاالة أو شطط‪ ،‬فتحريم‬
‫واملغنيات‪ ،‬يزينون املجالس ويرافقون الشعراء‪ .‬وكان‬ ‫بدأ غسيل األدمغة‪ ،‬كما نعرف عرب الخطب النارية‬
‫الخمرة –وإن كان يف ذلك اختالف يف االجتهادات لم يمنع‬
‫يدفع يف الجارية الواحدة املجيدة‪ ،‬كما جاء يف كتب الرتاث‬ ‫التي كانت تُو ّزع بواسطة األرشطة واألقراص املضغوطة‬
‫املسلمني‪ ،‬بما يف ذلك الصحابة أنفسهم من تعاطيها منذ‬ ‫أموال طائلة‪ .‬وكان من بني مرتادي هذه املجالس أبناء‬ ‫بماليني النسخ‪ .‬وقد نجح هؤالء الدعاة يف خلق حالة‬
‫فجر اإلسالم إىل يوم الناس هذا ومن شدة ولع العرب‬ ‫الصحابة وبعض التابعني‪ .‬ولم تصدر فتاوى بتكفريهم‬ ‫من ال ّرعب والهسترييا يف أوساط واسعة من رشائح‬
‫بها أفردوا لها غرضا شعريّا إىل جانب األغراض األخرى‬ ‫وإخراجهم من امللة‪ ،‬كما يحدث اآلن ونحن يف األلفية‬ ‫املجتمع‪ ،‬فانغلق هؤالء عىل أنفسهم وتحجّ رت عقولهم‬
‫املعروفة‪ .‬وهي املدح والرثاء والفخر والوصف والهجاء‬ ‫الثالثة‪ ،‬وكان لسكينة بنت الحسني‪ ،‬حفيدة ال ّرسول‬ ‫حتى فقدوا القدرة عىل التمييز بعد أن أدخل يف روعهم‬
‫والزهد‪ .‬ومازلنا ند ّرس هذا الشعر بكل ما فيه من مجون‬ ‫"صالون أدبي" تستقبل فيه الشعراء‪ ،‬مرفوقني باملغنني‬ ‫بأن ال خالص إال ّ‬ ‫ْ‬ ‫وبيقني ال يقبل الشك أو حتى املناقشة‪،‬‬
‫وزندقة أحيانا ألبنائنا وبناتنا يف املعاهد والجامعات‪.‬‬ ‫واملغنيات وتحكم بينهم‪ ،‬ولم تُرم بالكفر أو الفجور‪.‬‬ ‫يف الدين‪ .‬وأن كل ما عداه من معارف أخرى هو رجس من‬
‫هذا هو تراثنا وهو هويتنا‪ ،‬فلماذا يسعى هؤالء‬ ‫وغري بعيد عن سكينة ها هو األخطل النرصاني يدخل‬ ‫عمل الشيطان وجبت محاربته بكل الوسائل‪ ،‬فظهرت‬
‫املأفونون واملرىض إىل إلغائه ومحوه لو لم يكن هناك نية‬ ‫مخضبة بالنبيذ‪ .‬يف أروع صورة‬ ‫ّ‬ ‫عىل أمري املؤمنني ولحيته‬ ‫موضة التكفري التي وصلت ح ّد التصفية الجسدية‬
‫مبيتة إلخراج العرب من التاريخ من خالل توظيف الدين‪.‬‬ ‫عن التسامح الذي لم يسمع به دعاة الويل والثبور ضد‬ ‫لبعض املثقفني التنويريّني‪ .‬وهذا يعني‪ ،‬ضمنيًّا وفعليًّا‬
‫إن أخطر ما يف الخطاب التحرييض املتطرف لشيوخ‬ ‫الكفار‪ ،‬أي ضد سبعة مليارات نسمة‪ ،‬وقد عشنا فصوال‬ ‫شطب اإلرث الحضاري للعرب –املعنيني وحدهم بهذه‬
‫الفتنة هو توجههم إىل مريديهم وأتباعهم‪ ،‬وهم كثر‪،‬‬ ‫من هذا الجهاد وما ج ّره عىل العرب واملسلمني من ويالت‬ ‫الهجمة‪ -‬برمته من أدب وفنون وفلسفة‪ ،‬أي القدرة عىل‬
‫مع األسف وكأننا يف زمن الخالفة ال يف القرن الواحد‬ ‫وتشويه لصورتهم املشوهة أصال يف عيون الغربيني‪.‬‬ ‫التخييل واإلبداع‪ ،‬واالكتفاء بالدين وحده لتسيري شؤون‬
‫والعرشين وتحويل الدين إىل فقه يكيّفونه حسب أهوائهم‬ ‫ويف عهد السلف الصالح أيضا ظهرت أكرب وأهم‬ ‫البالد والعباد‪.‬‬
‫وأهواء من يوجّ ههم ويغدق عليهم‪.‬‬ ‫موسوعة فنيّة احتفت بالشعر واملوسيقى والغناء وبكل‬ ‫ومع انتشار الفضائيات بداية التسعينيات ووسائل‬
‫أمّ ا ما يسمى بالحركة التنويرية التي تحاول الوقوف‬ ‫رضوب اللهو والطرب خالل القرنني األوّل والثاني للهجرة‪،‬‬ ‫االتصال االجتماعي‪ ،‬بعد ذلك‪ ،‬أحكمت الهجمة الظالمية‬
‫يف وجه الزحف الظالمي‪ ،‬فإن نقطة ضعف كهنتها هو‬ ‫وأعني كتاب األغاني ملؤلفه أبي الفرج االصفهاني‪ ،‬وهي‬ ‫سيطرتها عىل العقول حتى تحوّل بعض رموزها من دعاة‬
‫جهلهم بدورهم بالرتاث‪ ،‬إذ يقترصون عىل الجانب‬ ‫موسوعة ال نظري لها يف حضارة األمم األخرى‪.‬‬ ‫الفتنة والضالل إىل أصنام تؤخذ تخاريفهم وفتاواهم التي‬
‫العقالني منه‪ ،‬يف حني أن البعد الوجداني هو الغالب عليه‬ ‫كر هنا بما وصلت إليه اآلداب والفنون‬ ‫ولن نذ ّ‬ ‫ما أنزل الله بها من سلطان كما لو كانت كالم الله املن ّزل‪،‬‬
‫إذ يقوم‪ ،‬يف معظمه عىل التخييل الخالق‪ ،‬ولذلك فإنهم‬ ‫والفلسفة والعلوم من ازدهار يف العهد العبّايس أو يف‬ ‫حتى لو كانت ضد املنطق والعقل والدين نفسه‪ ،‬مع أن‬
‫عادة ما يخرجون منهزمني يف مواجهتهم مع املتزمتني‪،‬‬ ‫األندلس بعد ذلك‪ ،‬مازالت اإلنسانية تجني ثماره حتى‬ ‫الدين اإلسالمي‪ ،‬كما نعلم‪ ،‬قد جاء ملحاربة األصنام وما‬
‫املعممني منهم وغري املعممني من الجيل الجديد منهم‪.‬‬ ‫يوم الناس هذا‪.‬‬ ‫إليها من أوثان‪...‬‬
‫قد يتساءل املرء وهو يقرأ أو يستمع لفتاوى هذا‬ ‫وظل هذا الزخم متوات ًرا حتى عصور االنحطاط‪،‬‬ ‫من يقف وراء كل هذا الدمار؟ من يُشعل الحروب‬
‫عندما ساد الجهل والتخلف وساءت أخالق العامّ ة ج ّراء‬ ‫ويؤجج الفتن الطائفية والعرقية؟ من يقف وراء هذه‬
‫الرهط من البرش التي ما أنزل الله بها من سلطان ما إذا‬
‫الكبت والحرمان وازداد الحكام جو ًرا وغطرسة‪...‬‬ ‫الهجمة ومن يدفع لشيوخ الفتنة هؤالء ويوفر لهم تلك‬
‫كان لهم عقول يفكرون بها مثل سائر خلق الله‪ ،‬أم أنهم‬
‫كر لهذا اإلرث اإلنساني الضخم ونتربّأ‬ ‫هل علينا أن نتن ّ‬ ‫اإلمكانيات املادية واللوجستية الضخمة ويُغدق عليهم‬
‫مج ّرد كتل متح ّركة من الغرائز البهيمية تتحكم فيهم‬
‫منه ليصحّ إسالمنا؟‬ ‫بال حساب بدليل ثرائهم الفاحش؟‪...‬‬
‫بطونهم وما تحت بطونهم؟ ومع ذلك‪ ،‬فإن عدد أتباعهم‬
‫هل علينا أن نطمس ذاكرتنا وأن ننبذ الخيال ونلغيه‬ ‫أسئلة كثرية حارقة تتبادر إىل أذهاننا ونحن نرى‬
‫ما انفك يزداد يومً ا بعد آخر وهم صورة معطوبة منهم‪،‬‬ ‫ونكفر رموزنا من شعراء وفنانني وكتاب وفالسفة‬ ‫ّ‬ ‫إىل ما حدث ويحدث يف أقطارنا العربية‪ ،‬ولإلجابة علنا‬
‫مع فارق يف الرتف والثراء ألن معظم هؤالء األتباع هم من‬ ‫لريىض عنا كهنة الظالم؟ ولنفرض جدال ً أننا منعنا كتب‬ ‫ال ب ّد من بعض الرتكيز‪ ،‬فهؤالء "الدعاة" هم مج ّرد‬
‫املعدمني‪ .‬وهنا تكمن املأساة‪.‬‬ ‫وغينا مناهج التعليم بما يتالءم‬ ‫ّ‬ ‫الفن واألدب والفلسفة‪،‬‬ ‫حلقة أو جزء من مخطط قديم‪ .‬فما نعرفه أن الدوائر‬
‫لقد جعل دعاة التكفري من السلف الصالح أصال تجاريًّا‬ ‫والرشيعة اإلسالمية‪ ،‬فكيف سنهرب من املوسيقى وهي‬ ‫االستعمارية قد رسمت‪ ،‬إبّان مدّها االمربيايل يف القرن‬
‫يتمعشون منه‪ ،‬وهو براء منهم وال يمت لهم بصلة‪،‬‬ ‫تتخ ّلل مسامنا وتحكم إيقاع حياتنا وتطوّقنا حيثما كنّا‬ ‫التاسع عرش‪ ،‬خططا تطبّقها بمقتىض الحاجة وحسب‬
‫وطاملا ظل هناك من يموّلهم ويوجههم فسيستم ّرون يف‬ ‫وكيف سنقيم أفراحنا دون موسيقى وغناء؟ وإذا ما‬ ‫املرحلة‪ ،‬وبالتايل فإن من السذاجة االعتقاد بأن ما‬
‫االتجار بالدين بدعوى الدفاع عنه يف حني أن غايتهم هي‬ ‫ألغينا منها هذيْن العنرصين فماذا سنسمّ يها؟‪..‬‬ ‫يتع ّرض له العالم العربي تحديدًا هو وليد الصدفة أو‬
‫إثارة الفتنة بني املسلمني وإبقائهم خارج دائرة التاريخ‪.‬‬ ‫إنهم يريدون تحويل حياتنا إىل جنازة دائمة‪ ،‬ال فرح‬ ‫نتيجة لعوامل طارئة‪ .‬فقد آن األوان الستخدام ورقة‬
‫* * * *‬ ‫مرسة‪ ،‬كل ذلك من أجل إرضاء السلف الصالح‪...‬‬ ‫ّ‬ ‫فيها وال‬ ‫الدين لبث الفرقة بني أبناء الوطن الواحد ودفعهم إىل‬
‫كر هؤالء املتزمّ تني واملرىض بأن املوسيقى‬ ‫أخريا‪ ،‬نذ ّ‬ ‫إن خروج املرء من جلده لهو أهون عليه من تجنّبه‬ ‫ك ّلف كهنة الظالم يف هذه املعمعة‬ ‫التناحر يف ما بينهم وقد ُ‬
‫ُ‬
‫التي يدعون إىل تحريمها هي‪ ،‬يف األصل صالة كانت تقام‬ ‫املوسيقى أو الهروب منها‪ ،‬فكيف يفتون‪ ،‬والحال هذه‪،‬‬ ‫بمهمة محدّدة‪ :‬إخراج العرب من دائرة التاريخ بسلخهم‬
‫يف املعابد أثناء تقديم القرابني إرضاء لآللهة‪.‬‬ ‫بتحريمها؟ علما أن ال وجود ألي نص رصيح يف ذلك إذا ما‬ ‫عن تراثهم من أدب وفنون وفلسفة ومحو ذاكرتهم‪.‬‬
‫الوعد‬
‫معالوعد‬
‫النشرمع‬
‫فيالنشر‬
‫التأخيرفي‬
‫منالتأخير‬
‫شيءمن‬
‫فيشيء‬
‫الجميعفي‬
‫نستسمحالجميع‬
‫فإننانستسمح‬ ‫والقراء‪ ،‬فإننا‬
‫والشعراءوالقراء‪،‬‬
‫الكتابوالشعراء‬
‫منالكتاب‬
‫العديدمن‬
‫منالعديد‬
‫إلينامن‬
‫المرسلةإلينا‬
‫المادةالمرسلة‬
‫لوفرةالمادة‬
‫نظرالوفرة‬
‫تنويه‪: :‬نظرا‬
‫تنويه‬
‫ّان‪.‬‬
‫اإلبّان‪.‬‬
‫فياإلب‬
‫وستنشرفي‬
‫محفوظةوستنشر‬
‫المراسالتمحفوظة‬
‫جميعالمراسالت‬
‫بأنجميع‬
‫بأن‬

‫ملف االسبوع‬
‫المسعدي "مادة" تالزم‬

‫الباكالوريا منذ ‪ 50‬سنة‬
‫ألـم تُ نجب‬
‫تونس غريه؟‬
‫عواطف البلدي‬
‫في أحد مقاالته قال األديب محمود المسعدي "إن أدهى آفات الفكر الجزئيات‪ .‬فإنه ال‬
‫يضل مفكر في تفكيره وال يعمى بصرا وبصيرة اال إذا طغى عليه الواقع بما يولده من جزئيات‬‫ّ‬
‫ّ‬
‫الحوادث اليومية"‪ .‬في هذا الصدد ال يزال الرأي العام في بالدنا لألسف جامدا متكلسا يذكرنا‬
‫بعهد نشأته األولى‪ ،‬معنيا بالجزئيات في غالب أحواله‪ ،‬يكاد ال يتحرّك اال لمهزلة او لحادثة‬
‫ّ‬
‫متحزب‬ ‫عنف في فضاء عام أو لتصريح عن ابن آوى ومالك الحزين أو لسلوك موظف أو لهرج‬
‫متحز بة أو لخصام بين شبّان وشابات انستغرام والقائمة طويلة بال شك‪ ..‬كل‬ ‫ّ‬ ‫أو لولولة‬
‫ّ‬
‫ذلك والجوهر مسه ّو عنه ولعله ليس في هذا المعنى أدهى مما أصابتنا به سياسة التعليم‬
‫التي ال تزال تص ّر عليها وزارة التربية منذ عقود‪ ..‬ونتساءل هنا – تزامنا مع إجراء تالميذنا‬
‫تمسك البيداغوجيين ومن ورائهم‬ ‫ّ‬ ‫امتحانات الباكالوريا ونرجو لهم النجاح جميعا‪ -‬عن سبب‬
‫وزارة التربية ببرمجة أدب المسعدي في مادة العربية بالباكالوريا (شعبة اآلداب) منذ سبعينات القرن الماضي إلى يوم الناس هذا‪ ،‬وعدم برمجة محاور أخرى‬
‫تضم عددا من الكتاب التونسيين وهم بالمئات‪ ..‬وكأن البالد عاقر ولم تنجب غير المسعدي‪.‬‬
‫والنقاد واألكاديميين جملة من األسئلة من قبيل " لماذا لم ينج برنامج الباكالوريا من أدب المسعدي؟ وهل‬‫ّ‬ ‫"الشارع المغاربي" طرح على عدد من الكتاب‬
‫تخشى وزارة التربية المغامرة؟ أم انه ليس لدينا من يستطيع عبور "سدّ" المسعدي أو يأتي بحديث أفضل من "حديث أبو هريرة وأقواله"‪ ..‬فكانت التفاعالت‬
‫بين متقبّل للتغيير ورافض له وبين داع للمحافظة على أدب المسعدي مع ضمّ أسماء أخرى‪.‬‬
‫واعتبارها فوق التاريخ‪ ،‬أي صالحة لكل زمان ومكان فهذا ييسء‬ ‫املشاركة قال لنا "املدرسة ليست لعبة حتى نربمج بها روايات ال‬ ‫ال يستغرب القارئ ان يرانا يف هذا امللحق مردّدين للقول يف كل‬
‫للمسعدي فيما يُراد االحتفاء به‪.‬‬ ‫تصلح للتعليم‪( "..‬علما أنني ذكرت له بعض العناوين وكانت من‬ ‫ما يحوم حول التعليم ملحّ ني يف ذلك‪ .‬فقد بُعث ملحق "الشارع‬
‫طبعا هناك أعمال كثرية جديدة يمكن أن ندرجها ضمن‬ ‫بينها احدى رواياته) مضيفا " الربامج املدرسية ليست اشهارا‬ ‫املغاربي الثقايف" لخدمة الثقافة والفكر والتعليم أيضا‪ ،‬كما‬
‫الربنامج وتكون أجدر بشبابنا وأعلق باهتماماتهم‪ .‬أعمال نبرص‬ ‫للكتب‪ ..‬توجد معايري ملا يمكن أن يدرس يحددها البيداغوجيون‬ ‫لم يضمر هذا امللحق يوما عداء ألحد ذلك إيمانا منا بأن رسالة‬
‫من خاللها تونس التي تشبهنا‪ ،‬تونس التي نعيش فيها ‪ ،‬تونس‬ ‫ّ‬
‫تحفظوا عن اإلجابة عن أسئلتنا‬ ‫وليس غريهم‪ ."..‬كتّاب آخرون‬ ‫الثقافة والفكر رسالة اإلخاء والسمو ال العدوان والدناءة‪ .‬كما‬
‫التي نكابد ‪.‬وأنا أكتب اآلن أبرص عىل طاولتي عملني روائيني من‬ ‫فيما أجاب البقية عىل النحو التايل‪:‬‬ ‫تعصبا لثقافة عىل أخرى‪ ..‬فقد اشتغلنا سابقا عىل‬ ‫ّ‬ ‫لم يُبْ ِد يوما‬
‫أرقى األعمال العربية وال أقول التونسية ‪ ،‬األول "نازلة دار األكابر"‬ ‫مواضيع عديدة ته ّم التعليم والرتبية وتناولنا مواضيع "التعريب‬
‫للروائية أمرية غنيم‪...‬يا للعمل املدهش بناء ولغة وأسئلة ‪ ،‬أما‬ ‫الشاعر محمد الغزي ‪:‬‬ ‫واإلصالح الرتبوي واملشاكل الدراسية‪ "...‬وها نحن اليوم نفتح‬
‫العمل الثاني فهو "شط األرواح" للروائية الكبرية امنة الرمييل‬
‫وهو من األعمال امللحمية االستثنائية ‪.‬‬
‫لدينا جيل من الروائيين مختلف‬ ‫ملف الربامج املدرسية واملحاور التي تهم األدب واللغة العربية‬
‫يف الباكالوريا‪ ..‬نحن نستغرب اليوم وبعد مرور قرابة ‪ 50‬سنة‬
‫ال شك يف أن هناك أعماال أخرى مهمة جدا من تأليف صالح‬ ‫وإدراجه ضمن البرامج الرسمية‬ ‫تدريس أدب الكاتب محمود املسعدي بالباكالوريا دون برمجة‬
‫الدين بوجاه‪ ،‬مسعودة بوبكر‪ ،‬ابراهيم الدرغوثي‪ ،‬هيام الفرشييش‪،‬‬
‫وحيدة املي‪ ...‬والقائمة طويلة‪ .‬هذا جيل من الروائيني مختلف‬
‫يدفع شبابنا إلى إرهاف السمع إليه‬ ‫غريه من الكتّاب التونسيني ‪ ..‬فهل منّا من تتبّع سياسة التعليم‬
‫يف هذه النقطة ونقاط كثرية غريها منذ األحقاب بالدرس والنظر‬
‫وإدراجه ضمن الربامج الرسمية يدفع شبابنا إىل إرهاف السمع‬ ‫والتفاعل معه‬ ‫واالعتبار؟ أو من منّا ح ّلل خططها وتعرف ما ترمي اليه باطنا‬
‫إليه والتفاعل معه ألن الهموم واألحالم واالنكسارات واحدة ‪.‬‬ ‫وظاهرا؟ أم أن الرجل جعل بينه وبني بقية الكتّاب "سدّا فأغشاهم‬
‫كان من املفروض أن تعمد وزارة الرتبية إىل‬ ‫فهم ال يبرصون"؟ مثلما جاء عىل لسان عميد األدب العربي طه‬
‫الشاعر عبد الفتاح بن حمودة‬ ‫تغيري أدب املسعدي ‪ ،‬منذ زمن بعيد ‪ ،‬بأدب أكثر‬ ‫حسني الذي قرأ "السد" ‪ 3‬مرات ليفهم ما وراء السطور‪..‬‬
‫(إيكاروس) ‪:‬‬ ‫حداثة ‪ ،‬وأقوى اتصاال بالواقع الذي نحيا ‪،‬‬ ‫نحن هنا لسنا ضد برمجة أدب محمود املسعدي بل بالعكس‬
‫وأشد ارتباطا باهتمامات القراء الشباب‬ ‫نحتفظ للرجل بخصال كثرية أهمها ما كتب عنه الناقد الراحل‬
‫ال ب ّد من تدريس منجزات الكاتبين‬ ‫وأحالمهم‪ .‬وهذ ‪ ،‬بالطبع ‪ ،‬ال يمنحه‬ ‫توفيق بكار يف تقديمه "السد" (‪ 32‬صفحة من جميل القول‬
‫الحبيب السالمي وبوبكر العيادي‬ ‫أدب املسعدي وال لغته وال األسئلة التي‬ ‫وحسن اللفظ)‪ .‬يقول ب ّكار ‪" :‬كل ما كتب الكاتب‪ ،‬بمفهوم‬
‫يطرحها‪ .‬بل ربما ذهبت إىل أن املسعدي ‪،‬‬ ‫لألدب ليس له سابق وال كان له الحق‪ ..‬فكان يف االبداع تجربة‬
‫من ألعاب السلطة يف ك ّل زمان ومكان‬ ‫عىل جاللة قدره ‪ ،‬بات يريب هؤالء الشباب‬ ‫خارقة ومن تناهيه فيها شبيهة بأشهر ما يعرف يف الغرب‬
‫أن يت ّم وضع نصوص يف الربامج ملن كانوا‬ ‫يف لغتهم التي تبدو ‪ ،‬من خالله ‪،‬غامضة ‪،‬‬ ‫من تجارب الحدود"‪ .‬ويضيف ب ّكار "ناهيك بها من تجربة ال‬
‫يملكون السلطة‪ .‬واملسعدي قطب من‬ ‫غريبة ‪ ،‬بعيدة عن إيقاع الحياة ‪ ،‬قريبة من‬ ‫يقوى عليها من األدباء اال ذوو البأس روّاد اآلفاق النائية‪ .‬وقد‬
‫أقطابها وربّ من أربابها‪.‬‬ ‫لغة الرتاث التي ال يفهمونها أصال ‪ ،‬أضف إىل‬ ‫خاضها املسعدي بجمعه روحا وجسما وقلبا وقالبا‪ ..‬أفنستغرب‬
‫ولم يستطع األوغاد وال ّلصوص تغيري‬ ‫ذلك تبدو أسئلة الرجل ‪ ،‬وهي ذات طابع وجودي‬ ‫كل‬ ‫بعد هذا أن يظل منها يف نوعه فريدا؟" هذا اإلقرار الب ّكاري يحيلنا‬
‫الربامج حفاظا عىل هيبة الدولة التي‬ ‫يف أكثر األحيان ‪ ،‬ال تؤرق شبابنا ‪ ،‬وال تشد انتباههم‪ ،.‬بل ربما‬ ‫تمسك البيداغوجيني بربمجة‬ ‫ّ‬ ‫اىل التساؤل من جديد حول سبب‬
‫يمثّلها املسعدي وكل بطانة السلطة منذ‬ ‫تثري حفيظتهم وأحيانا سخريتهم‪.‬‬ ‫ّ‬
‫املسعدي دون سواه أم أنه ليس لدينا كتاب ذوو بأس مثل املسعدي‬
‫‪ 1956‬إىل اليوم‪ .‬واألمر تجاريّ أيضا فلو‬ ‫ينبغي أن تكون لنا الجرأة عىل إعالن نهاية أدب املسعدي‪،‬‬ ‫حتى ُ‬
‫يعبوا "السدّ" آمنني إىل كتب تالميذ الباكالوريا؟‬
‫ت ّم تغيري نصوص املسعدي ألفلست دور‬ ‫واعتبار مؤلفاته جزءا من تاريخنا الثقايف واألدبي‪ ،‬والنظر إىل‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫قبل طرح أسئلتي عىل الكتاب والنقاد املشاركني يف ملف‬
‫نرش كثرية كانت تقتات من إرثه من ورق‬ ‫إبداعه كوثيقة روحية لجيل االستقالل وما قبله‪ .‬أما تأبيد أعماله‬ ‫كاتب معروف‪ ..‬ورغم رفضه‬ ‫ٍ‬ ‫الحال طرحت السؤال الدردشة عىل‬

‫يرشحون أنفسهم للعامليّة‪ ،‬وهم يف أغلب األحيان‬ ‫الجائزة أو تلك ّ‬ ‫فن الكتابة‬ ‫وخرب نصوص األدب قديمه وحديثه‪ ،‬وتم ّكن من ّ‬ ‫الدعم ومبيعات الوزارات ولهلك التجّ ار وأصحاب الكتب املوازية‬
‫نكرات ال يعرف لهم تاريخ إن طويل أو قصري يف الكتابة األدبيّة‪،‬‬ ‫كبري تم ّكن وله دراية باألسلوب القصيص وخصائص الكتابة‬ ‫وأصابهم اإلفالس‪.‬‬
‫وال هم تميّزوا قبال بتوجّ ه فكريّ ثاقب يذكر‪ .‬لقد أصبحت املدرسة‬ ‫املرسحية‪ ،‬والتأمّ الت الشذرية‪ .‬وكانت أعماله (حدث أبو هريرة‬ ‫يبدو األمر سيّئا إىل ح ّد اليوم‪ .‬فاملال يشرتي ك ّل يشء‪ .‬ولكنّهم‬
‫مصلحي ورصاع‬
‫ّ‬ ‫يف تونس مثل غريها من املجاالت مح ّل تجاذب‬ ‫قال‪ ،‬والسدّ‪ ،‬ومولد النسيان‪ ،‬وتأصيال لكيان‪ ،‬ومن أيام عمران‪)...‬‬ ‫لن يستطيعوا طمس حقيقة أنه ال ب ّد من تدريس منجزات‬
‫منفعي والتباس يراد منه االرتفاع ببعض كتّاب لم يتجاوزوا طور‬
‫ّ‬ ‫مواضيع أطاريح جامعية‪ ،‬وعناوين مقاالت منشورة يف املجالت‬ ‫الكاتبني التونسيني حبيب الساملي وبوبكر العيادي عىل سبيل‬
‫اإلنشاء إىل مرتبة قامات راسخة بدعوى تحيني املدرسة‪ .‬الجوائز‬ ‫املختصة وغري املختصة داخل تونس وخارجها‪ .‬وقد عرف الروائي‬ ‫املثال ال الحرص‪...‬‬
‫عندي موضوعها متشعب‪ ،‬ولكنّها ال تصنع الرمز الثقايف الالمع‪.‬‬ ‫والناقد التونيس محمود طرشونة باهتماماته املب ّكرة والدائمة‬ ‫السلطة املعرفيّة ألصحاب الدّاالت وبطانة‬ ‫إن األمر يعود إىل ّ‬
‫التميّز يصنعه النص ذاته عندما يفرض نفسه يف سوق الثقافة‪.‬‬ ‫بأدب املسعدي وفكره‪ ،‬فكتب األدب املريد يف أعمال املسعدي‪،‬‬ ‫ّ‬
‫سيتغي كل‬ ‫وزارات الرتبية والتعليم العايل والثقافة‪ .‬أؤمن بأنه‬
‫والكتّاب التونسيون اليوم فيهم الغث والسمني ولكن فلنطمئنهم‬ ‫وجمع األعمال الكاملة وقدّمها‪ ،‬ونظم ندوات علمية دولية يف‬ ‫يشء يف املستقبل بعد االستفتاء واالنتخابات ووصول حكومة‬
‫بقولنا ال تخشوا شيئا فستفتح الذاكرة الثقافية أبوابها ألدبكم‬ ‫أسئلة الكتابة عند املسعدي وأسئلة الوجود‪ .‬لكن‪ ،‬وفضال عن هذا‬ ‫جديدة بناء عىل الكفاءة والربامج واملشاريع‪.‬‬
‫إن كان فعال كذلك‪ ،‬أمّ ا من عوّل منكم عىل الشهرة الزائفة املتاحة‬ ‫االهتمام الكبري بآثار كاتبنا املبجل‪ ،‬فإننا نشهد تأبيد االشتغال‬
‫أن غربال الزمن ال‬ ‫أكثر من أي وقت بوسائل معروفة‪ ،‬فليعرف ّ‬ ‫بأدب املسعدي بحثا وتدريسا لألقسام النهائية خاصة يف شعبة‬ ‫الشاعر والروائي حافظ محفوظ‬
‫يرحم!‬ ‫اآلداب‪ ،‬فمنذ أربعة عقود وأعمال املسعدي قا ّرة يف الربنامج ويف‬
‫اختبارات باكالوريا آدابا‪ .‬وهذا ما أثار أسئلتنا وحريتنا ‪ ،‬منذ‬
‫برامجنا التربويّة متخ ّلفة ألنّها لم‬
‫الكاتب محمد صالح مجيّد ‪:‬‬ ‫جفت األقالم اإلبداعية التونسية‬ ‫سنوات التدريس الثانوي‪ .‬فهل ّ‬ ‫تساير التط ّور الحاصل في العالم‬
‫ان يدرس الج ّد والحفيد منذ‬ ‫بعد املسعدي؟ وهل تنفي سلطة اإلرشاف والربمجة من خرباء‬
‫الرتبية والبيداغوجيا‪ ،‬قيمة الروايات واملرسحيات وكتابات الذات‬
‫أ ّوال وفي تونس ثان ّيا‪ .‬والحفاظ‬
‫خمسينات القرن العشرين‬ ‫التونسية األدبية ومضامينها املعرفية؟‬ ‫على تدريس المسعدي يدخل‬
‫المسعدي دون سواه فهذا‬ ‫إن تكرار تدريس أدب املسعدي سنويا‪ ،‬وتنزيل مواضيع‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫في هذا الباب‬
‫االختبار ذاتها يشلن عقول املتعلمني‪ ،‬ثم الباحثني مستقبال‪،‬‬ ‫السؤال ولكنّه ظ ّل بال‬ ‫كثريًا ما ُ‬
‫إجحاف وظلم ألصوات سردية‬ ‫ّ‬
‫فكأن بلدنا‬ ‫ويحدّان من معرفة األجيال املتعاقبة بأدباء تونس‪.‬‬
‫طرح هذا ّ‬
‫جواب وهو جزء من سؤال كبري ‪ .‬ملاذا حافظت‬
‫وشعر يٌة تونسية‬ ‫ّ‬
‫ال يعرف سوى الشابي شاعرا‪ ،‬واملسعدي أديبا ومفكرا‪ .‬يدعو‬ ‫وزارة الرتبيّة التّونسيّة عىل برامجها منذ‬
‫األمر إىل االستغراب فعال‪ ،‬لقد حان الوقت للتفكري بجدية‬ ‫ثمان و خمسني‬ ‫اإلصالح ّ‬
‫التبويّ األوّل سنة‬
‫ٍ‬
‫لسنا ننكر عىل "املسعدي" أحقية‬ ‫يف تجديد برامج األدب وتنويع النصوص‪ ،‬حتى ال يسهم‬ ‫رغم أنّها ادّعت أنّها قامت بإصالحني‬
‫حضوره يف الربامج الرسمية‪ .‬وانا مع تدعيم‬ ‫من اعتاد الجاهز املكرر يف موت اآلداب‪ ،‬ويؤ ّكد سياسة‬ ‫كبريين؟‬
‫حضور األدب التونيس يف الكتب املدرسيٌة‬ ‫تهميش الشعبة وادّعاء ضعف املوجّ هني إليها‪ّ .‬‬
‫إن املتأمل يف‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫برامجنا الرتبويّة متخلفة ألنها لم تساير‬
‫كي تتع ٌرف الناشئة عىل هذه املدونة‬ ‫ببلوغرافيا الرواية التونسية يلحظ تراكما كبريا يف النصوص‬ ‫التطوّر الحاصل يف العالم أوّال ويف تونس‬
‫الثريٌة شعرا ونثرا‪ .‬لكن ان يدرس الج ٌد‬ ‫منذ نشأة اوّل رواية تونسية إىل اليوم (البشري خريف وحسن‬ ‫ثانيّا‪ .‬والحفاظ عىل تدريس املسعدي يدخل يف‬
‫والحفيد منذ خمسينات القرن العرشين‬ ‫نرص وإبراهيم الدرغوثي وصالح الدين بوجاه ومحمد الباردي‬ ‫هذا الباب‪.‬‬
‫املسعدي دون سواه فهذا إجحاف وظلم‬ ‫وعروسية نالوتي وفرج لحوار وعبد القادر بلحاج نرص وآمنة‬ ‫أمّ ا سؤالك‪ ،‬هل املسعدي أحسن ما لدينا من‬
‫ألصوات رسدية وشعريٌة تونسية !!!‪.‬‬ ‫الرمييل ومسعودة بوبكر وآمال مختار وكمال الزغباني وشكري‬ ‫الكتاب يف تونس فأجيبك بأنّه واح ٌد من كتّاب تونس له ما له‬
‫التدخل لدى سلطة‬ ‫ّ‬ ‫املبخوت ‪ .)...‬ولذلك عىل املشتغلني باألدب‬
‫من غري املعقول ان يظل منجز املسعدي‬ ‫وعليه ما عليه‪ .‬وقد اكتسب ما اكتسب من أهمّ ية وقيمة بحكم‬
‫الرسدي هو األثر الوحيد املدرج يف الباكالوريا‬ ‫اإلرشاف بوزارة الرتبية لتقديم املقرتحات وتطوير الدرس األدبي‬ ‫هذه العناية املدرسيّة بكتابيه "الس ّد " و"حدّث أبو هريرة قال"‪.‬‬
‫فهذا غبن لنصوص رسدية تونسية جميلة لم‬ ‫يخصص برامج ثقافية تعنى‬ ‫ّ‬ ‫ومناهجه‪ ،‬وعىل اإلعالم البرصي أن‬ ‫وما كتب حولهما من دراسات مدرسيّة كان الهدف من ورائها‬
‫طلع عليها التلميذ التونيس املنتمي لشعبة اآلداب‪.‬‬ ‫ي ٌ‬ ‫بتقديم اإلصدارات الجديدة وتدعو النقاد إىل تحليلها للجمهور‬ ‫ربحيّا ال غري‪.‬‬
‫إن الحقيقة التي ال يجب أن نخفيها هي أن اساتذة يف التعليم‬ ‫املتفرج‪.‬‬ ‫التونيس من‬
‫ّ‬ ‫لقد حرمت الربامج املدرسية التونسية الشباب‬
‫الثانوي والجامعي استثمروا يف أدب املسعدي واعتربوه وسيلة‬ ‫أنماط فكريّة وأدبيّة أخرى مختلفة عن النمط املسعدي وهذا ما‬
‫نصب نفسه وصيٌا عىل ادبه بعد وفاته‪ .‬املسعدي‬ ‫للكسب‪ .‬ومنهم من ٌ‬ ‫جليلة الطريطر ‪:‬‬ ‫خلق ضحايا كثريين لع ّل أبرزهم الكتّاب التونسيون‪.‬‬
‫طلع عىل تجارب رسدية‬ ‫كاتب كبري لكن من حق الناشئة أن ت ّ‬ ‫التذمّ ر من تهميش المؤلفين‬ ‫الزعيم األوحد بورقيبة‬
‫تونسية جديدة فنصوص املرحوم محمد الباردي(‪)1947-2017‬‬ ‫الشاعر األوحد أبو القاسم الشابي‬
‫وعمر بن سالم وشكري املبخوت وآمال مختار وغريهم جديرة‬ ‫المعاصرين‪ ،‬س ّيما من لمع‬ ‫الكاتب األوحد املسعدي‬
‫بان تكون مدرجة يف الباكالوريا‪ .‬سأفاجئك بالقول إن املسعدي‬ ‫نجمهم فجأة وهم في أغلب‬ ‫ّ‬
‫النقابي األوحد فرحات حشاد‬
‫لم يكتب رواية !!‪ ..‬لقد كتب مجموعة من األحاديث ظهرت تحت‬
‫عنوان "حدٌث أبو هريرة قال" ومرسحية بعنوان "السد"‪ ،‬النقاد‬
‫األحيان نكرات‪ ،‬حقيقة أريد بها‬ ‫الحزب األوحد الحزب االشرتاكي الدستوري‬
‫والفكر االوحد و ………األوحد‬
‫هم الذين ارادوا لنص "حدث أبوهريرة قال" ان يكون رواية ولعلٌهم‬ ‫باطل‬ ‫وقييس عىل هذا يف كل املجاالت‪ ،‬املسألة مسألة تشبّث بالقديم‬
‫بذلك كان يعربون عن احتفائهم بنص تونيس‪ ...‬فهل كان الرجل‬ ‫برمجة املسعدي يف الباكالوريا وغريه من‬ ‫التونيس متخ ّلفا عن األدب العربي‬‫ّ‬ ‫و تقديسه ‪ .‬لقد ظ ّل األدب‬
‫عاجزا عن ان يس ّم نصه بأنه رواية!!!؟؟ لم يضع املسعدي نصه‬ ‫املؤلفني التونسيني والعرب من أمثال التوحيدي‬ ‫انتشارا و قيمة نتيجة لهذه االختيارات السياسية املتخ ّلفة‪ .‬ولم‬
‫يف جنس الرواية رغم اطالعه عىل الرواية الغربية ألنه لم يدر‬ ‫واملعري هي برمجة لرموز الذاكرة الثقافيّة‬ ‫يتجاوز األمر إال ّ من سنوات قليلة بمجهودات فرديّة من الكتّاب‪.‬‬
‫عن له ذلك ألعلن رصاحة عىل ان‬ ‫بخلده ان يكتب رواية‪ .‬ولو ّ‬ ‫الوطنيّة والعربيّة‪ ،‬وعندما أقول ذاكرة‬ ‫ُ‬
‫خربت‬ ‫لقد عملت أكثر من ثالثني سنة يف وزارة الرتبية و‬
‫نصه من جنس الرواية‪ .‬خالصة القول إن ادب املسعدي ممتع‬ ‫ّ‬ ‫أقول قيمة ثابتة لها ما يربّر ديمومتها يف‬ ‫شؤونها ‪ .‬إنّها تحتاج ثورة عىل جميع املستويات ولن يعود لتونس‬
‫لكن ال يجب ان نغفل عن تجارب قصصية وروائية تونسية‬ ‫الزمن فكريا وأدبيّا‪ .‬ال يمكن وضع موضع‬ ‫بريقها الفكري إال ّ بثورة حقيقيّة يف برامجها الرتبويّة‪.‬‬
‫تجاوزت املحلية إىل الكونية عرب الرتجمة فمن حق الناشئة‬ ‫التساؤل مطلقا القيمة الرمزيّة الثابتة‬
‫طلع عىل األدب التونيس شعرا و نثرا ‪ .‬وعىل وزارة الرتبية‬ ‫ان ت ّ‬ ‫وخاصة يف تكوين يراد له أن يكون قاعديا‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫سلوى السعداوي أستاذة األدب‬
‫ان تدرج نصوصا رسدية تونسية حديثة يف برنامج الباكالوريا‬ ‫فالباكالوريا هي مرحلة تكوين رصيد ثقايف‬ ‫الحديث‪ ،‬بجامعة منوبة‬
‫اصحابها يجلسون معنا يف املقاهي ويسريون معنا يف الشوارع‬ ‫عا ّم ومعرفة بالرموز الثقافية الكربى ا ّلتي‬
‫مثقلني بهمومنا‪.‬وما هذا بعزيز لو توفرت اإلرادة الصادقة يف‬ ‫أسهمت سماتها وتوجّ هاتها العامّ ة يف تشكيل‬ ‫حان الوقت للتفكير بجدية في‬
‫توقيع مصالحة بني التونيس واألدب التونيس‪.‬‬ ‫اريخي‪ .‬فالتلميذ املجتاز‬
‫ّ‬ ‫العربي التّ‬
‫ّ‬ ‫خصوصيّات املخزون الثقايف‬ ‫تجديد برامج األدب وتنويع‬
‫الروائي شفيق الطارقي‪:‬‬
‫لباكالوريا آداب غري مطالب بأن يكون متضلعا وال عىل معرفة‬
‫كاملة بك ّل املؤلفني واألدباء‪ .‬املجال مفتوح أمامه للمطالعة الح ّرة‬
‫النصوص‪ ،‬حتى ال يسهم من‬
‫يحتاج األمر إلى ثورة في الوعي‬ ‫والتفاعل أدبيا مع أدباء عرصه وتيّارات عرصه‪ .‬أما املدرسة‬ ‫اعتاد الجاهز المكرر في‬
‫وإلى وزارة تربية بروح جديدة‬
‫فهي مطالبة بتكوين قاعديّ يم ّكنه من ذاكرة ثقافيّة رسميّة‬
‫ّ‬
‫نكف عن‬ ‫سيبني عليها يف ما بعد ثقافته الشخصيّة‪ .‬ينبغي أن‬
‫موت اآلداب‬
‫مغامرة‬ ‫مطالبة املدرسة وبرامجها بما ال تحتمل وإدخالها يف متاهات‬
‫كاذبة‪ .‬تلميذ اآلداب ينبغي أن يكون طالب علم منفتح‬
‫ال أحد من الدّارسني غربا ورشقا‪،‬‬
‫ويف تونس عىل وجه الخصوص‪ ،‬يش ّك يف‬
‫الضوريّ التّنويع فيما يتع ّلق بربنامج العربيّة سواء يف‬
‫من ّ‬ ‫عىل أنواع من القراءات والثقافات واللغات وليس حبيس‬ ‫أدبيّة نصوص الكاتب محمود املسعدي‬
‫السنوات‪ ،‬ألن الرتابط واجب بني‬‫سنة الباكالوريا أو يف غريها من ّ‬ ‫مدريس نتخاصم يف مناقشته ك ّل يجذب الخيط إليه‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫مق ّرر‬ ‫(‪ )1911-2004‬القصصية واملرسحية‪،‬‬
‫املستويات واملحاور املدروسة متصل بعضها ببعض‪ ،‬ودراسة‬ ‫وأقصد هنا حقيقة أريد بها باطل وهي التذمّ ر من تهميش‬ ‫وسعة معارفه الفلسفية الوجودية خاصة‪،‬‬
‫الرواية يف املرحلة الثانوية ليست محصورة بالرابعة آداب ألن‬ ‫املؤلفني التونسيني املعارصين سيّما من ملع نجمهم يف كثري‬ ‫والرتاثية واألسطورية واللغوية‪ ،‬اشتغل‬
‫التلميذ يكاشف هذا الجنس الكتابي يف السنة الثانية آداب‪ ،‬بعد‬ ‫من األحيان فجأة وبدون سابق إعالم‪ ،‬فإذا بهؤالء لنيلهم لهذه‬ ‫طويال بالشؤون الثقافية والرتبوية والنقابية‪،‬‬

‫رأي‬
‫أدب المسعدي‬
‫خالد هرابي ‪ -‬دكتور في األدب الحديث ‪:‬‬ ‫أن يكون قد اطلع يف السنة األوىل عىل نماذج من‬
‫يحظى أدب المسعدي‬ ‫القص الحديث‪ ،‬ومن هذا املنطلق ال أرى ما‬
‫ذلك المجهول الكبير في‬

‫يربر حرص املسألة بالباكالوريا إال من جهة‬
‫بخصوصية متميزة لكن من‬ ‫ما تمثله من حضور وتمركز لدى عامة‬
‫الصعب إغفال غيره من الكتاب‬ ‫الناس‪ ،‬فاملفروض إحضار نماذج روائية‬
‫الثقافة التونسية والعربية‬

‫تونسية يف كل املستويات‪ .‬وإذا عطفنا‬
‫عملية تجديد وتطوير منهاج أدب‬
‫عىل املسألة يف ارتباط باملسعدي‪ ،‬فإن‬
‫الباكالوريا من املفروض أن تكون عملية‬
‫املسعدي يدرس ضمن األدب الوجودي‬
‫تطور مفتوحة ابدا‪ ،‬وأن تكون محددة‬
‫يف الباكالوريا بالتداول بينه وبني نجيب‬
‫بالرشوط الثقافية ‪ -‬االجتماعية القائمة‬
‫نصر سامي‬ ‫يف سريورتها التاريخية نعود إىل مواكبة‬
‫محفوظ يف روايته الشحاذ‪ ،‬وعليه وجب‬
‫منهجيا تغيري املحور وتوجيه الغاية إىل نوع‬
‫مستجدات الحضارة والعرص‪ ،‬وضمن‬
‫محمود املسعدي أديب تونيس مه ّم جدّا‪ .‬لذلك من‬ ‫روائي مغاير‪ ،‬وذلك ألن الوجودية ليست متوفرة‬
‫التطلعات األكثر جذرية عمقا سعي إىل‬
‫يف الروايات التونسية الصادرة حديثا بصفتها مشغال مركزيا هي‬
‫املفروض‪ ،‬ليس فقط تدريسه يف السنة النهائية‪ ،‬بل‬ ‫تخطي النقائص ومبادرة إىل اجرتاح ما‬
‫تحرض يف اجزاء من العمل او يف بناء شخصية ال بصفتها غاية‬
‫تدريسه يف جميع املستويات الرتبوية‪ ،‬ضمن مادة‬ ‫يتقدم عليها كأنها حالة تح ّد مستمر‬
‫ومذهبا راسخا‪ .‬اذن البد من توجيه السؤال إىل تغيري الربنامج‬
‫العربية والتاريخ والدين والفلسفة والرتبية املدنية‬ ‫وجديل يف املهام التي يطرحها عليها املجتمع‬
‫برمته‪ ،‬قديمه وحديثه‪ ،‬شعره ونثره‪ ،‬ألن اإلشكال ليس محصورا‬
‫وغريها من املواد‪ .‬وال يجب أن نكتفي بذلك‪ ،‬بل علينا‬ ‫والعالم يف مساهمتها الخاصة يف هذا التطور‬
‫بأدب املسعدي بل بالتوجهات الغامة‪ .‬ال يجب أن نقع يف رشَك‬
‫أن ننشئ لهذا األدب يف مجاالت الحياة املختلفة مداخل‬ ‫بالذات‪.‬‬
‫املقارنة بني أدب املسعدي والناتج الروائي املعارص خارج السياق‬
‫مما ال شك فيه مالحظة الخصوصية املتميزة التي يحظى بها‬
‫تناسب شموليته وقدرته عىل اختصار الحياة يف عبارة‪،‬‬ ‫البيداغوجي والرهانات املستهدفة‪ .‬للمسعدي مقامه وألدبه‬
‫أدب محمود املسعدي نظرا إلبداعيته وحداثيته تحديدا‪ ،‬لكن من‬
‫ومهارته يف التمثيل واإلشارة‪ .‬ومن امله ّم تطبيق رؤياته‬ ‫الصعب إن لم يكن من املستحيل‪ ،‬بالنسبة إىل نظرة موضوعية‬
‫خصوصيات يتمتع بها جليلة وجديرة بالدرس وللرواية املعارصة‬
‫جميعها عىل الفالحة والسياحة والتجارة والسياسة‪.‬‬ ‫خصائصها وموضوعاتها الجديدة‪ ،‬والجديد يكمل القديم‪ .‬وجب‬
‫متشددة يف مقاييسها اإلبداعية إغفال غريه من الكتاب‪ ،‬فهناك‬
‫ملاذا يبقى حكرا عىل السنوات النهائية فقط؟ ما ذنب‬ ‫اذن تحديد محور بعينه كالرواية التجريبية مثال‪ ،‬باعتبارها الشكل‬
‫نصوص إبداعية مؤسسة يف حداثتها عىل املفارقة التي تتجاوز‬
‫بقيّة الشهائد لتحرم منه؟ يؤسفني أنّه غري موجود‬ ‫األكثر حداثة وبعدها يكون انتقاء النصوص األجدر من طرف لجنة‬
‫أدب املسعدي وتستجيب ملتطلبات العرص الراهن‪ .‬فهذه النصوص‬
‫يف الخارجية ويف الرياضة ويف التعاون الدويل والصيد‬ ‫محايدة ملا يمكن أن يخرتق االختيار من نزعات ذاتية ومحاباة يف‬
‫اإلبداعية تطرح عىل اآلخذين بها مجابهة مزدوجة للمعايري‬
‫البحري والربي‪ ،‬ويف العدو ال ّريفي‪ّ .‬‬ ‫فضاء ثقايف يتقوم عىل املجاملة وعىل املكر واالخوانيات‪ ،‬والرأي‬
‫إن أدبا كهذا‪ ،‬وبعد‬ ‫واألحكام النقدية والجمالية كما أرستها سريورة املوروث‬
‫عندي أن ال يتوجه التجديد لألعمال التونسية فحسب فهناك‬
‫اتّفاق التونسيني أنه عابر للقارات والذائقات جميعها‬ ‫يف املرحلة الراهنة من ناحية‪ ،‬ولالعتبارات والقيم الوجودية‬
‫روايات عربية جديرة بالحضور‪ ،‬ولكن مهمة التغيري تستوجب‬
‫ّ‬
‫ليستحق أن‬ ‫ولكل الحكومات ولجميع السياسات‪،‬‬ ‫واإلنسانية كما تفرتضها التطورات الجارية واملتفاوتة يف هذه‬
‫عمال مضنيا ال يبدو يل أن الوزارة برؤاها املحدودة وببريوقراطيتها‬
‫يطبع ويطبع ويرمى به يف البحر إلنشاء جرس يربطنا‬ ‫املرحلة عىل املستوى االقتصادي والسيايس والثقايف‪.‬‬
‫قادرة عىل تحقيقه‪ ،‬األمر يحتاج اىل تصور جديد وإىل نفس جديد‬
‫بقريش وببقيّة قبائل العرب العاربة واملستعربة‪.‬‬ ‫هو يف تقديري غائب عن الجالسني يف مكاتبهم املكيفة‪ .‬يمكن‬
‫أن النقاد التوانسة أجمعوا عىل صلة‬ ‫ويمكننا بما ّ‬ ‫علي الزاير عضو لجان التجديد‬ ‫البدء بإحضار النص الروائي التونيس يف النصوص املنتخبة يف كل‬
‫هذا األدب بالفلسفة أن نكتفي به عن الفالسفة‬ ‫البيداغوجي ومتفقد عام للتربية ‪:‬‬ ‫املستويات وبعدها يكون العمل عىل برنامج الباكالوريا الذي حُ نّط‬
‫وتعبهم‪ ،‬ويمكننا بعد اإلجماع النقدي عىل صلته‬ ‫باستثناء محمود المسعدي ال‬ ‫واصبح مدعاة لتكاسل التلميذ واألستاذ بإعادة نفس املعلومات‬
‫باآلداب‪ ،‬أن نستغني به عن اآلداب جميعها‪ .‬وبما أنّه‬ ‫يوجد لدينا كتّاب مختصون في‬ ‫منذ سنني وبتكرار نفس االختبارات ‪ ..‬يحتاج األمر إىل ثورة يف‬
‫الوعي وإىل وزارة تربية بروح جديدة مغامرة‪ ..‬ولكن ذلك يظل‬
‫نحوي يمكننا االكتفاء بنحوه وترك أنحاء غريه‪ ،‬وبما‬
‫أنّه بالغي فإننا ببالغته مكتفون‪ .‬وال فائدة يف الكثرة!‬ ‫األدب الرمزي‬ ‫مطلبا بعيد املنال يف واقعنا الجامد‬
‫باستثناء محمود املسعدي ال يوجد لدينا‬
‫ويمكن للدولة التونسية بذره عوض القمح‪ ،‬وإنباته‬
‫عوض الزيتون والنخل‪ ،‬ويمكنها استعماله عصا أو‬
‫كتّاب مختصون يف األدب الرمزي وهو‬ ‫الروائي عبّاس سليمان‬
‫ّ‬
‫أفعى‪ ،‬وطلبه من الله يف صالة االستسقاء‪ .‬بل إنّه من‬
‫أشهرهم يف العالم العربي كما انه يعترب‬
‫ع َلم من األعالم املعرتف بهم يف جميع‬
‫التّخ ّلي عن المسعدي وإزاحته من‬
‫كر مجتمعة‬ ‫واجب وزارة الثقافة والتعليم والدين أن تف ّ‬ ‫أنحاء العالم فكيف ال نربمج أعالمنا؟‬ ‫السابعة ال يق ّلل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫السنة‬ ‫برنامج‬
‫يف إنشاء مسار سفيل يف شارع الحبيب بورقيبة‪ ،‬أسفل‬ ‫لذلك تمت برمجته ضمن محاور األدب‬ ‫حظه‬ ‫من شأنه‪ ،‬فقد نال ال ّرجل ّ‬
‫"املنقالة" والزعيم بورقيبة وبن خلدون‪ ،‬وتسمّ يه‬
‫مسار محمود املسعدي لإلبداع‪ ،‬وتغلقه حماية له من‬
‫يف الباكالوريا منذ سبعينات القرن‬
‫املايض‪ .‬ثم إن برمجة كتّاب آخرين‬
‫ً‬
‫وقراءة ونق ًدا‬ ‫ً‬
‫وتدريسا‬ ‫ً‬
‫درسا‬ ‫كامال‬
‫الثقافة التونسية اآلكلة واملأكولة‪.‬‬ ‫يف محاور أخرى غري األدب الرمزي‬
‫فإن أدب املسعدي يظ ّل ذلك‬ ‫ّ‬ ‫وبعيدا عن قويل هذا‪،‬‬ ‫ومراجعة مثل هذه الربامج ال تكون إال يف‬ ‫كثريا ما دار الجد ُل حول استقرار‬
‫إطار إصالح شامل نظرا ألنه لتلك الربامج‬ ‫األديب محمود املسعدي محو ًرا ثابتا‬
‫املجهول الكبري يف الثقافة التونسية والعربية‪ ،‬إذ أنّه‬
‫واملواد املد ّرسة مرجعيات وترتيبات قانونية وال تتم بصفة‬ ‫يف أدب الباكالوريا ال يربحه مراوحا‬
‫أحد أق ّل الكتّاب تناوال نقديّا‪ ،‬وأكثرهم بعدا عن تيّارات‬ ‫بني اعتباره كاتبا ف ّذا ال يمكن التّ ّ‬
‫خل‬
‫عشوائية‪ .‬تمت إصالحات مع الراحل محمد الرشيف ولكن األدب‬
‫الحداثة ك ّلها يف اآلداب والفنون‪ ،‬كما أنّه حظي بك ّم من‬ ‫ظه‬ ‫عنه وبني اعتباره كاتبا نال ح ّ‬
‫الرمزي محور قار يف الربنامج لذلك لم نسع لتغيري الرجل وهو‬
‫التبسيطي ك ّرسته‬
‫ّ‬ ‫املتابعات املدرسيّة الرثّة ذات املنزع‬ ‫علم من أعالم األدب الرمزي يف العالم‪ .‬وليس لدينا من وصل إىل‬ ‫من الدّرس وآن األوان ليرتك مكانه‬
‫مؤسسا‪ ،‬وهو إحيائي‪ ،‬وتعمّ دت الخلط يف‬ ‫ّ‬ ‫باعتباره‬ ‫قمة األدب الرمزي مثل املسعدي ولو كان لدينا لقمنا بربمجته‪..‬‬ ‫خل‬‫أن التّ ّ‬
‫كتّاب‪ .‬أعتقد ّ‬ ‫لغريه من ال ُ‬
‫أن للمسعدي وخطاباته أهمّ ية‪،‬‬ ‫ّ‬
‫والحق ّ‬ ‫تقدير منزلته‪،‬‬ ‫ل َم ال؟‬ ‫عن املسعدي وإزاحته من برنامج‬
‫وله يف سياقات الثقافة التونسية والعربية موقع‪ ،‬آن‬ ‫السابعة ال يق ّلل من شأنه‪ ،‬فقد‬ ‫السنة ّ‬
‫ّ‬
‫األوان أن ينظر فيها بعمق‪ ،‬وأن يت ّم التداول فيها هي‬ ‫تقييمات وتفاعالت بعض الكتاب لقيمة أدب‬ ‫ً‬
‫وتدريسا‬ ‫ً‬
‫درسا‬ ‫ّ‬
‫نال ال ّرجل حظه كامال‬
‫وغريها من املدوّنات األدبية املرتاكمة يف العرشيات‬ ‫المسعدي وانعكاساته على تكوين تلميذ الباكالوريا‬ ‫أن قليال‬ ‫وقراء ًة ونقدًا‪ .‬كما أعتقد ّ‬
‫إن مقتضيات الدرس ال تحددها دائما أهمّ ية‬ ‫األخرية‪ّ .‬‬ ‫يضعنا حتما أمام تصنيفين إما أنه ال يوجد لدينا‬ ‫آ خر‬ ‫تونيس‬
‫ّ‬ ‫من الجرأة يكفي الستبداله بكاتب‬
‫نص تافه كان دليال عىل مسألة‬ ‫النص األدبي‪ ،‬فكم من ّ‬‫ّ‬ ‫كتّاب قادرون على عبور "سد" المسعدي ذلك‬ ‫تُجمع عىل اختياره لجنة تتكوّن من مبدعني وأكاديميّني‬
‫الحاضر بيننا وكأنه "الزمان وفي كل مكان‪ ،‬عبقري‬ ‫وأساتذة لغة عربيّة يعتمدون مقياس جودة ال ّلغة وطرافة‬
‫نص ممجوج كان مدخال‬ ‫ّ‬ ‫لغوية مهمة‪ ،‬وكم من‬
‫‪ ،‬سرمدي ونبي مجهول" مثلما يقول الح ّلاج‪ ،‬وهنا‬ ‫األفكار وحسن األسلوب وقيمة القضايا التي يتناولها‬
‫للتطرق ملسألة بالغية معينة‪ .‬وأعتقد يف نهاية كلمتي‬
‫ّ‬ ‫نس ّلم باألمر الواقع أي اإلبقاء على المسعدي مادة‬ ‫إن املسؤولني عن الربمجة يف وزارة‬ ‫الكتاب وإشعاع الكاتب‪ّ .‬‬
‫لضخ مدوّنات جديدة مختلفة‬ ‫هذه أنه قد آن األوان‬ ‫ّ‬
‫تدرّس مدى الحياة ونكتفي بتصنيف أزلي يقسم‬ ‫التبية يسيؤون إىل املسعدي من حيث ال يقصدون وذلك‬
‫تتو ّزع بالتداول يف املرحلة النهائية ويف جميع مراحل‬ ‫األدب نصفين "أدب كبير وأدب صغير" على حد قول‬ ‫كتّاب تونس من‬ ‫بأن جعلوه يُقت ُل تدريسا‪ ،‬ويسيؤون إىل ُ‬
‫التعليم التونيس‪ ،‬هي ونظريتها العربية والعاملية‪.‬‬ ‫ابن المقفع وأن هذا األخير "ال يصلح للتعليم"‪.‬‬ ‫حيث يقصدون وذلك بأن مارسوا ضدّهم اإلقصاء وق ّللوا‬
‫فال معنى ألن يتخ ّرج التلميذ التونيس ولم يقرأ رواية‬ ‫أم أن نتمسك بدعوة الروائيين الى التغيير ودمج‬ ‫الساحة اإلبداعيّة أصيبت بالعقم بعد‬ ‫ّ‬
‫فكأن ّ‬ ‫من شأنهم‪،‬‬
‫عاملية واحدة‪ ،‬ومن املخزي أال يتعرض التلميذ التونيس‬ ‫أسمائهم وأعمالهم ضمن برنامج الباكالوريا رغم‬ ‫أن تجديد املحاور فيه تحري ٌك‬ ‫محمود املسعدي‪ .‬ونيس هؤالء ّ‬
‫لقصص عاملية يف جميع سنوات دراسته‪ ،‬ومن هذه‬ ‫أن هذه الدعوة تتطلب في حد ذاتها إرادة قوية‬ ‫لألقالم النّقديّة وللمخابر البحثيّة وللكتب املوازية وللمطابع‬
‫النصوص التي يجب أن تظ ّل ممثّلة مع غريها يف‬ ‫نفتقدها اليوم في ظل ما تشهد الدولة من ضعف‬ ‫ودور النّرش‪ ،‬وفيه تحيني ملكتسبات األساتذة وتوسيع ألفق‬
‫وهوان على جميع المستويات‪.‬‬ ‫طالعهم‪.‬‬ ‫ا ّ‬
‫تعليمنا نصوص محمود املسعدي‪.‬‬
‫‪25‬‬ ‫الشارع الثقافي‬ ‫آثار وتراث‬
‫وبية‬
‫السيدة امل ّن ّ‬
‫ّ‬
‫الشعبية بصيغة املؤنّث‬
‫ّ‬ ‫وحية‬
‫ّ‬ ‫الر‬
‫أو ّ‬
‫د‪ .‬زهير بن يوسف‪ ،‬كلية العلوم اإلنسانية واالجتماعية بتونس‬
‫وبني أكثر املرجعيات النظرية والسلوكية‬ ‫نحن مع عائشة املنوبية( ت ‪1267 /665‬‬
‫ّ‬
‫املحل يف عرصها خاصة‬ ‫استقطابا للمجال‬ ‫او ‪1296 /695‬؟) إزاء أنموذج والئي نسائي‬
‫مع تزايد حاجتها إليها أمام تنامي موجة‬ ‫متفرد يشكل حالة استثنائية يف تاريخ‬
‫االنتقاد لسلوكاتها واالعرتاض عىل واليتها‪.‬‬ ‫الحركة الصوفية املغاربية إذ أنها‪ ،‬وفيما عدا‬
‫السماللية( ت ‪)1752 /1165‬‬ ‫الوليّة مريم ّ‬
‫ّ‬
‫المنوبيّة وكسر سلطة‬ ‫ّ‬
‫وهي أنموذج والئي نسائي مغربي متأخر‪،‬‬
‫الضبط االجتماعية‬ ‫االنموذج النسائي األوحد الذي اختصه كتّاب‬
‫إذا كان انتساب السيدة املنوبية إىل‬ ‫املناقب بسرية مفردة ممّ ا ييش برصيد الهيبة‬
‫ّ‬
‫فإن‬ ‫التصوّف السنّي أمرا مشكوكا فيه‬ ‫الذي كانت تحظى به واقعا ومخياال‪.‬‬
‫يف أخبار مناقبها من القرائن ما يمكن أن‬
‫يُعتمد يف تصنيف تصوّفها حيث جاء أنّها‬ ‫معجزة المهد أم صدمات‬
‫من «أهل التّرصيف»‪ ،‬والترصّ ف مصطلح‬ ‫ما قبل الوالدة؟‬
‫صويف يعني القدرة عىل تغيري مجرى األشياء‬ ‫الالفت يف هذه السرية احتفالها بظاهرة‬
‫واألحداث وفقا لرغبة اإلنسان‪ ،‬ومن آيات‬ ‫الكرامة احتفاال الفتا إذ تتوزعها مناقب‬
‫ذلك أنها كانت تقول‪« :‬الكون كله يف يدي»‪،‬‬ ‫«السيّدة» يف حياتها ومناقبها يف مماتها‪،‬‬
‫وجاء يف سريتها املثاليّة أيضا أنها كانت من‬ ‫" النساء الصالحات" او الوَالية بصيغة املؤنث‬ ‫ومناقبها قبل أن تأتي إىل هذا العالم‪ ،‬فقد‬
‫« أهل تخريب الظواهر»‪ ،‬والتخريب يف املعجم‬ ‫(كان حيا عام ‪ )1358 /751‬ال يذكرها يف‬ ‫بحسب املرجعية العرفانية «تفضل من‬ ‫روى مح ّرر مناقبها‪ ،‬وهو أبو العبّاس أحمد‬
‫الصويف يعني خرق املألوف من األخالق‬ ‫«روض العارفني»‪ ،‬وال أشار يف «د ّرة األرسار»‬ ‫الله عىل عبده بالوالية دون أن يتحمّ ل الويل ّ‬ ‫التاديل‪« ،‬أنها تكلمت يف بطن أمها»‪ ،‬وهذه‬
‫السائد‪ ،‬ممّ ا‬
‫االجتماعية والتجاهر بما ينايف ّ‬ ‫إىل تتلمذها املحتمل عليه ممّ ا يجعل هذا‬ ‫مجاهدة السلوك»‪ ،‬وانتهاء بالقطابة‪،‬‬ ‫عينة أنموذجية من ثمانني كرامة «ج ّربت‬
‫يفس توتّر عالقتها املستديمة مع سلطة‬ ‫ّ‬ ‫التتلمذ مدعاة للشك ويجعل انتماء السيّدة‬ ‫ّ‬
‫الرتقي املعريف والروحي عند‬ ‫أعىل درجات‬ ‫لها وهي يف بطن أمها»‪ ،‬شاهد عددا منها‪،‬‬
‫الضبط االجتماعية والسياسية والدينية‪.‬‬ ‫إىل املدرسة الشاذلية وبالتايل إىل املدرسة‬ ‫الصوفية‪.‬‬ ‫بحسب أخبار املناقب يف املعجزة والكرامة‪،‬‬
‫ومن أبرز ما كانت تؤاخذ عليه‪:‬‬ ‫السنيّة يف التصوّف اإلسالمي مسألة‬ ‫فمن تكون هذه املتصوّفة التي شكلت يف‬ ‫«أربعون سيّدا من أهل العلم»‪.‬‬
‫* اختالطها بالذكور يف األماكن العامة‪:‬‬ ‫أن مناقبها تعلن‬ ‫بحاجة إىل اإلثبات السيما ّ‬ ‫كرة‬ ‫فهل نحن إزاء أمارات للوالية مب ّ‬
‫تاريخ الظاهرة الوالئية بتونس وبالد املغرب‬
‫«إمرأة تخاطب الرجال ويخاطبونها‪ ،‬وليس‬ ‫تتلمذها لكل من رابعة العدوية(ت ‪/185‬‬ ‫كر بمعجزة املهد يف األنموذج اليسوعي‬ ‫تذ ّ‬
‫استثنا ًء الفتا؟‬
‫لها زوج يحكمها»‪ ،‬وهذا ما ال تستسيغه‬ ‫‪ )801‬والجُ نيد (ت‪ )297/909‬وعبد القادر‬ ‫ولكن بسلطان للوالية عىل الزمان أوسع من‬
‫القيم ال ّذكوريّة حيث تفصل بني مجتمع‬ ‫الجيالني(ت‪ )1165 /561‬وابن الفارض(ت‬ ‫سلطان النبوّة‪ ،‬ومن ثمّ ة فهل نحن إزاء آلية‬
‫النّساء ومجتمع ال ّرجال وتحجّ ر عليهما ك ّل‬ ‫‪ .2‬إرادة انتساب أم ارتباط‬ ‫من آليات الخطاب املنقبي يف إكساب ظاهرة‬
‫‪ )1234 /632‬فضال عن الشاذيل الذي‬
‫اختالط‪،‬‬ ‫النص املنقبي‪ ،‬خاتمه‪،‬‬‫ّ‬ ‫«أعطاها‪ ،‬فيما يزعم‬ ‫تاريخي؟‬ ‫أن‬‫الوالية نوعا من املرشوعية األسطورية أم ّ‬
‫* مبيتها مع ال ّرجال خاصة أنه « كان لها‬ ‫وقال لها‪ :‬أنا أوليتك طريقتي‪ ،‬وأعطاها‬ ‫تنفرد مناقب املنّوبية بإعالن انتساب‬ ‫األمر ال يعدو أن يكون‪ ،‬فيما يرى األستاذ‬
‫سن فائق‪ ،‬وإذا نظر إليها الناظرون‪،‬‬‫جما ٌل وحُ ٌ‬ ‫علمه وصربه»‪ ،‬ممّ ا يمكن أن يُحمل عىل أنه‬ ‫وليتنا إىل التيار الشاذيل لقولها «أنا شاذلية‬ ‫توفيق البرشوش‪ ،‬مج ّرد صدمات نفسيّة‬
‫محب سريتها‪ ،‬يفتتنون»‪ « ،‬سلبت‬ ‫ّ‬ ‫كما يقول‬ ‫انتماء روحي وإرادة انتساب أكثر ممّ ا يمكن‬ ‫وقطبة أقراني»‪ ،‬وهي وإن كانت معارصة‬ ‫ّ‬
‫تفس إىل ح ّد‬ ‫لفرتة ما قبل ميالد الوليّة‪ ،‬قد‬
‫الخواص» وهذا الحضور‬ ‫ّ‬ ‫سبعني وليّا من‬ ‫أن يُحمل عىل أنه ارتباط تاريخي‪ ،‬أو هو‬ ‫ّ‬
‫فإن‬ ‫ألبي الحسن الشاذيل(ت ‪)1258 /656‬‬ ‫ما فقدانها الالحق لتوازنها العقيل حيث قيل‬
‫الفتّان للجسد األنثوي واالحتفال بالجمال‬ ‫حب سريتها‬‫بحث من الوليّة نفسها أو من مُ ّ‬ ‫ّ‬
‫تنص‬ ‫املصادر املنقبية املتصلة بالفرتة ال‬ ‫إنها « مهبولة»‪.‬‬
‫مما يدخل يف دائرة الحرام من وجهة نظر‬ ‫األنموذجية عن إضفاء نوع من مرشوعية «‬ ‫عليها يف عداد أصحابه من حملة العلم‬ ‫وسيشهد املنحى الوالئي يف شخصية‬
‫«علماء الظاهر»‪،‬‬ ‫زمن البدء» عىل األنموذج الوالئي الذي تروّ ج‬ ‫أن محمد بن أبي القاسم‬ ‫األربعني‪ ،‬كما ّ‬ ‫«السيّدة» تراكما كمّ يا ونوعيّا عىل امتداد‬
‫* زيادة عىل اإلقناع يف القول كردها‬ ‫له عرب تأكيد امتداد جسور التواصل بينه‬ ‫الحِ مريي التونيس املعروف بابن الصبّاغ‬ ‫كامل مراحل حياتها بدءا بالجذب‪ ،‬وهو‬
‫مناقب السيدة عائشة املنوبية‬ ‫مناقب مريم السماللية ألحمد‬

‫للتاديل‪ ،‬تح‪ .‬أحمد الكحالوي‪.‬‬ ‫األدوزي‪ ،‬تح‪ .‬محمد أبيدار‬ ‫مناقب السيدة عائشة املنوبية‪ ،‬نهاية املخطوط‬ ‫مناقب السيدة عائشة املنوبية‪ ،‬بداية املخطوط‬

‫بانعدام األمن واطراد املظالم وتفاقم‬ ‫«االمتيازات» التي حَ ظي بها األنبياء والرسل‬ ‫تجسده من قبل الوسط الفقهي هو الذي‬ ‫العنيف عىل الفقيه محمد الهوّاري‪ ،‬أحد‬
‫األزمات االجتماعية وتنامي تجاوزات‬ ‫والقيم املثىل التي تجسد املثل األعىل السنّي‬ ‫يفس حشد خطاب املناقب لكل املرجعيات‬ ‫ّ‬ ‫رواة الحديث بجامع الزيتونة‪ّ ،‬ملا استفرسها‬
‫أجهزة السلطة‪ ،‬ولذلك فال غرابة يف أن نراها‪:‬‬ ‫والوالئي معا‪ ،‬وهي الخصال التي لن تكتفي‬ ‫التي من شأنها أن تك ّرس مرشوعية واليتها‬ ‫مستغربا عمّ ن حفظت القرآن فقالت له‪« :‬يا‬
‫*وقد هبّت ملساعدة رجل فقري من‬ ‫فقط بإضفاء املرشوعية عىل واليتها وإنما‬ ‫ويربّر عالقتها املتوترة مع الفقهاء فيحشد‬ ‫ديّوث‪ ،‬قرأت عىل ربّي»‪.‬‬
‫أصحاب العيال‪« ،‬يسكن يف باب الجديد‬ ‫سرتتقي بهذه الوالية إىل مرتبة الكمال‬ ‫يف تأكيد هذه املرشوعية‪:‬‬ ‫* جنونها ومن ثمة فقدانها لتوازنها‬
‫السور» عجز عن اشرتاء ذبيحة عيد‬ ‫بقرب ّ‬ ‫اإلنساني و«اإلنسان الكامل‪ ،‬عىل حد تعبري‬ ‫‪ -‬ليس فقط قداسة السماء والعالم‬ ‫العقيل وإتيانها لغري املسؤول من األعمال‬
‫اإلضحى‪ ،‬فمنحته عرشا‪« :‬إمرأته طلبت‬ ‫الجييل( ت‪ ،)1428 /832‬نسخة الحق»‪.‬‬ ‫املفارق‪،‬‬ ‫واألقوال‪.‬‬
‫كبشا‪ ،‬أعطيناه عرشة»‪،‬‬ ‫هكذا فرضت «السيّدة» نفسها عىل‬ ‫‪ -‬وإنما أيضا املثل األعىل املحمّ دي تكليما‬
‫تخف «إلطالق رساح أرسى‬ ‫ّ‬ ‫*أو أن‬ ‫وقطبة األرشاف»‪،‬‬ ‫الجميع « ُقطبة الرجال‪ُ ،‬‬ ‫وسقيا ومصافحة لقولها‪ « :‬رأيت رسول الله‬ ‫ُ‬ ‫إمرأة ظاهرها جنون‬
‫ُ‬
‫املسلمني ببالد الروم»‪،‬‬ ‫«قطبة األقطاب وفارسة اإلخوان» بل‬ ‫(ص) خمسا وعرشين (‪ )25‬م ّرة يف البداية‪،‬‬ ‫وباطنها فنون‬
‫* أو أن تقيض دَين بعض املحتاجني‪،‬‬ ‫«قطبة الزمان»‪ .‬وال يستعيل أنموذجنا‬ ‫ُ‬ ‫وخمسا وعرشين (‪ )25‬م ّرة يف النهاية‪،‬‬
‫« دخل عليها رجل من تونس عليه د ٌ‬
‫َين‬ ‫الوالئي النسائي هذا فقط عىل ال ّرجال يف‬ ‫وخمسا وعرشين (‪ )25‬م ّرة يف الكمال‬ ‫ممّ ا جاء يف سريتها املثالية أنها من‬
‫كبري‪ ،‬فقالت له‪ :‬كم دَينُك؟ قال‪ :‬أربعمائة‬ ‫مجتمع ذكوري يك ّرس دونية املرأة مما‬ ‫وخمسا وعرشين (‪ )25‬م ّرة يف تمام الرسور‪،‬‬ ‫عقب أحد الوزراء‬ ‫«أصحاب األحوال»‪ ،‬فقد ّ‬
‫(‪ )400‬دينار‪ ،‬فقالت له‪ :‬خذها‪ ،‬خ ّلص‬ ‫يمكن أن يُحمل عىل أساس أنه انتصار‬ ‫وقال يل وك ّلمني وسقاني بيده وصافحني»‪،‬‬ ‫من أرسة بني النعمان الهنتاتية املتنفذة عىل‬
‫روحك(كذا؟)»‪،‬‬ ‫«بالقوّة» للمرأة عىل مجتمع يستدنيها‬ ‫‪ -‬واملثل األعىل النبوي مطلقا‪ ،‬حيث‬ ‫عب عن رغبته يف إنزال‬ ‫القايض البهاوي ّملا ّ‬
‫ّ‬
‫* أو أن توفر الحماية للمستجريين بها‪،‬‬ ‫ويهمّ شها ويقصيها بالفعل‪ ،‬وإنّما يستعيل‬ ‫رصحت يف بعض مُ فاخراتها بأنها «ممّ ن‬ ‫عقوبة بدنية بها بقوله‪« :‬ما بقي لك إال‬
‫فعليا أو رمزيا‪ ،‬وهو ما نستشفه من حادثة‬ ‫أيضا عىل أبرز أعالم التصوّف النسائي داخل‬ ‫درس يف الكتب والعلوم‪ ،‬وممّ ن قرأ يف سالف‬ ‫شمعة بالدنا؟ فس ّلم لها حالها»‪.‬‬
‫إبراهيم اللواتي‪ ،‬أحد سكان ربض السعود‪،‬‬ ‫املجال اإلسالمي العام حيث أعلنت السيدة‬ ‫الدهور»‪،‬‬ ‫وقيل عنها إنها «مهبولة»‪ ،‬ظهر عليها‬
‫لقوله» وقع يل يشء من الحاكم‪ ،‬وهربت‬ ‫املنوبية عن ارتفاعها عن املنزلة اإلنسانية‬ ‫كبا وفاء‬ ‫‪ -‬واملثل األعىل الراشدي مر ّ‬ ‫أن «جنونها»‬ ‫ذلك و ّملا تتع ّد الطفولة‪ ،‬إال ّ ّ‬
‫إىل سيدتي عائشة‪ ،‬وقلت‪ :‬يا وليّة الله‪ ،‬أنا‬ ‫«بثماني (‪ )800‬مائة درجة» إىل الحد الذي‬ ‫وعدال وحياء وعلما وزهدا ووقارا وشجاعة‬ ‫هذا الذي سيالزمها طيلة حياتها ال يعبّ‬
‫دخيلك؟ قال‪ :‬فلحقني أصحاب الحاكم‪،،،‬‬ ‫بحسب املخيال عن اختالل يف املدارك العقلية‬
‫فأعماهم الله عنّي»‪.‬‬ ‫ّ‬
‫يعب‬ ‫وبالنتيجة عن حالة مرضية بقدر ما‬
‫* أو أن تنصف بعدل الوَالية فا ّرا من قهر‬ ‫عن ظاهر سلوك يستبطن حالة روحية‬
‫السلطة‪،‬‬ ‫ومعرفية مغايرة‪ ،‬ألم يشهد لها الفقيه‬
‫بل إن دائرة صالحياتها قد تصل إىل ما‬ ‫محمد األوري‪ ،‬إمام جامع الصفصافة‪ ،‬بأنها‬
‫وراء الصحاري والبحار تأمينا للقوافل‬ ‫«امرأة‪ ...‬ظاهرها جنون وباطنها فنون»؟‬
‫التجارية من إغارات قطاع الطرق أو فكا‬ ‫ألم تقل هي ذاتها عن نفسها يف إطار‬
‫لقيد املساجني‪.‬‬ ‫مُ فاخراتها‪ « :‬أنا سكرانة طول حياتي ويف‬
‫مماتي‪ ،‬ويف قربي إذا سألني امللكان يجداني‬
‫الولية المُ رهبة أو ردّ فعل‬ ‫هائمة‪ ،‬وإذا لقيت ربّي نلقاه سكرانة»؟‬
‫المجتمع على «العنف‬ ‫إنّنا ها هنا إزاء رصيد معجمي شطحي‬
‫المدنّس»‬ ‫تعب به وليتنا عمّ ا «تجده» يف نفسها من‬ ‫ّ‬
‫«أحوال» يف صورة كالم غري عادي‪ ،‬كالم‬
‫إن حِ ل َم الولية وإبها َرها لم يكن‬ ‫ّ‬ ‫تلقائي منفلت غري خاضع ألية رقابة أو‬
‫ليضاهيه إال عنفها وانتقامها‪ .‬ألم يُجْ ِر‬ ‫تنظيم‪ ،‬ومن ثمّ ة فإنّنا مع جنون «السيّدة»‬
‫خطاب املناقب عىل لسان السيّدة املنوبية‬ ‫و«سكرها» و«هيامها» إزاء «حال» أي إزاء‬ ‫ُ‬
‫قولها‪« :‬أنا‪ ،‬والله‪ ،‬ج ّزارة‪ ،‬شفرتي يف يميني‪،‬‬ ‫غيبة عن الذات وعن وجودها الخارجي‪،‬‬
‫وسيفي يف يساري»‪ ،‬إنّه نوع من الخطاب‬ ‫التصوف النسائي يف خطاب املناقب‪ :‬عائشة‬ ‫وبالتايل إزاء سلوك عرفاني يفصح عن‬
‫العنيف إال ّ ّ‬ ‫املنوبية انموذجا‪ ،‬إعداد عبري الطرابليس‪،‬‬ ‫كر سابق للويل ّ أحمد‬ ‫انتماء والئي مالمتي مب ّ‬
‫أن العنف فيه «مرشوع»‪ ،‬بما‬ ‫إرشاف أ‪ .‬زهري بن يوسف‬ ‫النساء الصالحات‪ ،‬لعالء األسود‬
‫هو مس ّلط باألساس عىل السلطة السياسية‬ ‫بن عروس( ت‪ .)1463 /868‬علما أن مقام‬
‫بمختلف رموزها وممثليها‪ ،‬وهو موجّ ه‬ ‫املالمي كما يحدده محيي الدين بن عربي‬
‫بدرجة أق ّل ض ّد منتقدي مؤسسة الوَالية‬ ‫لم تكن رابعة العدوية‪ ،‬وفقا ملا يدعيه‬ ‫ممثال يف تتلمذها ال ّرمزي ألبي بكر الصديق‪:‬‬ ‫(ت‪ )1240 /638‬هو «مقام العبودية»‬
‫واملعرتضني عليها من رموز ثقافة السلطة‪،‬‬ ‫الخطاب املنقبي دائما‪ ،‬تمنّي نفسها به لو‬ ‫«أعطاها وفاءه»‪ ،‬ولعمر بن الخطاب‪:‬‬ ‫و«مقام القربى» الذي ال مقام يليه غري‬
‫نعني القضاة والفقهاء واأليمة واملفتني‪،‬‬ ‫أدركت موضعها‪.‬‬ ‫«أعطاها عدله» ولعثمان بن عثمان‪:‬‬ ‫مقام النبوّة‪.‬‬
‫أن خطاب «العنف‬ ‫ممّ ا نفرتض يف ضوئه ّ‬ ‫«أعطاها حياءه»‪ ،‬ولعيل بن أبي طالب‪:‬‬ ‫و ّملا كان الشطح الصويف «دعوى»‬
‫املقدّس» الذي تروّ ج له أخبار املناقب إن هو‬ ‫والية النساء والحماية‬ ‫«أعطاها علمه وزهده ووقاره وشجاعته»‪،‬‬ ‫يفصح عنها املتصوّف بعبارة مستغربة غري‬
‫إال ّ شكل من أشكال ر ّد فعل املجتمع‪ ،‬من‬ ‫االجتماعية‬ ‫‪ -‬واملثل األعىل الوالئي‪ ،‬التقى بها يف‬ ‫منضبطة عامة وليست هذه الدعوى سوى‬
‫خالل شخصية الويل ّ الخارقة‪ ،‬عىل «العنف‬ ‫ليلة واحدة‪ ،‬فيما تزعم أخبار مناقبها‪،‬‬ ‫دعوى االتّصال بالله وحصول نوع من‬
‫املدنّس»‪ ،‬العنف الذي تمارسه السلطة‬ ‫أن ما كان لوليتنا من قدرات خارقة‪،‬‬ ‫يبدو ّ‬ ‫سبعمائة وسبعون (‪ )770‬وليّا «أخذوا عنها‬ ‫االتحاد بينه وبني الله فال بدعة أن‪:‬‬
‫السياسية عىل املجتمع‪ ،‬والعنف الذي‬ ‫حقيقة أو انتحاال‪ ،‬قد جعل تدخالتها‬ ‫العهد‪ ،‬وتأدبوا بني يديها‪ ،‬وأولتهم الطريق»‪،‬‬ ‫«رسه‬‫ّ‬ ‫أن الله استودعها‬ ‫‪ -‬تدّعي السيّدة ّ‬
‫تمارسه‪ ،‬يف إطار الرتاتبية االجتماعية‪ ،‬فئات‬ ‫تتضاعف إمّ ا انتصارا للضعفاء واملقهورين‬ ‫وقدّمها عبد القادر الجيالني عىل «طريق‬ ‫وحكمته»‪.‬‬
‫أعىل الهرم االجتماعي عىل فئات قاعدة هذا‬ ‫وإما انتقاما من الظلمة والجبّارين‪.‬‬ ‫القوم» وتأدب بني يديها وشهد لها بتفوقها‬ ‫ّ‬
‫‪ -‬بل أن تزعم أن الله «زارها وأعطاها‬
‫الهرم االجتماعي ذاته‪.‬‬ ‫وانحياز السيّدة املنوبية للفقراء وفئات‬ ‫االمتيازي يف مجال الوالية وجعلها «حِ لية‬ ‫وك ّلمها وأيّدها وطهّ رها واصطفاها»‪،‬‬
‫ومن هنا ندرك تعبري الكتابة املنقبية‬ ‫أدنى الهرم االجتماعي‪ ،‬مما ييش بدورها‬ ‫األولياء»‪ ،‬وانتهج الجُ نيد قبله معها نفس‬ ‫‪ -‬بل إنها ال تتو ّرع عن إعالن مطلق‬
‫‪ Hagiographie‬عن «ا ُملنكبت» يف الوعي‬ ‫الفاعل داخل املجتمع‪ ،‬يربز بشكل صارخ‬ ‫املسلك وكذا فعل أبوالحسن الشاذيل‪.‬‬ ‫سلطانها عىل األرض ومن ثمة عىل «عالم‬
‫املجموعة و«ا ُملنقمع» يف قرارات بنائها‬ ‫يف كراماتها‪،‬‬ ‫وحتّى تدرك «السيدة» كمال الوالية‬ ‫األشباح»‪ ،‬زيادة عىل «عالم األرواح» اعتبارا‬
‫النفيس‪ ،‬تعبريها عن تلك الجدلية التي تبدو‬ ‫ّ‬
‫فيتجل بالقوّة يف ابتهاالتها كما يف‬ ‫‪-‬‬ ‫لينعقد لها بذلك مطلق السلطة عىل‬ ‫النحصار االستخالف اإللهي لإلنسان‬
‫أزلية أبدية يف املخيال الصويف جدلية الحاكم‬ ‫ّ‬
‫قولها‪« :‬اللهم صل عىل محمد حبيب اليتامى‬ ‫العاملني املحايث واملفارق يجعل خطاب‬ ‫يف شخصها وبالتايل حظوتها بنوع من‬
‫واملحكوم‪ ،‬جدلية السلطان السيايس‬ ‫ومؤنس الفقراء واملساكني وأنيس الغرباء»‪،‬‬ ‫املناقب بلوغها مرتبة القطابة‪ ،‬وهي أقىص‬ ‫«التفويض اإللهي» يف العالم املحايث كانت‬
‫ومُ خ ّلص املجموعة‪ ،‬جدلية قهر السلطة‬ ‫‪ -‬كما يتجىل بالفعل يف سلوكها‬ ‫درجات الوالية‪ ،‬منعقدا بإجماع «عرشة‬ ‫بمقتضاه «خليفة الله يف األرض» و«نائبته»‪.‬‬
‫وعدالة الوَالية‪ * :‬فقد انتقمت السيّدة من‬ ‫االجتماعي‪ :‬كانت الولية‪ ،‬مع ورعها‪ ،‬تعيش‬ ‫آالف (‪ )10.000‬ويل ّ قدّموها وقالوا لها أنت‬
‫السلطان الذي استهان بها بحرق ذقنه‪ ،‬ولم‬ ‫كل‪ ،‬وهو عكس التو ّرع‪ ،‬إال ّ أنها‬ ‫عىل التو ّ‬ ‫قطبتنا‪ ...‬قدّمناك ورفعنا لك البيعة»‪ ،‬ولم‬ ‫‪ .4‬القيادة الروحية العليا‬
‫تحظ بهذا اإلجماع من «األولياء» إال ّ بعد أن‬
‫تصفح عنه إال بعد أن اشرتطت عليه هبوطه‬ ‫كانت ترصد ك ّل دخلها للمحتاجني‪« ،‬كان‬
‫تلقت العلم اللدني تماما مثلما هو الشأن‬
‫بصيغة المؤنّث‬
‫إليها من القصبة حافيا‪،‬‬ ‫كل يوم يدخل لها خمسمائة (‪ )500‬دينار‬
‫* وهي التي تنبأت بمقتل أحد الخلفاء‬ ‫ترصفها يف سبيل الله‪ ،‬وإذا بات نارصي‬ ‫بالنسبة إىل النبوّة‪ ،‬بواسطة أحد املالئكة لم‬
‫أن سلوك املنوبية « التخريبي»‬‫الظاهر ّ‬
‫الجائرين ّملا أمر بفرض رضيبة غري رشعية‬ ‫تقول‪ :‬الليلة باتت عبادتي ناقصة»‪ ،‬مما‬ ‫يكن جربيل حامل الوحي هذه امل ّرة وإنما‬
‫قد جعل واليتها موضع جدل واسع‪ ،‬ذلك ما‬
‫استدعت استنكار بعض العلماء ممّ ا كلفه‬ ‫يمكن أن يُحمل عىل أنّه نوع من االنعكاس‬ ‫كان ميكائيل‪.‬‬
‫نلمسه من خالل جدلية االعتقاد واالنتقاد‬
‫اإلقامة الجربية بمنزله‪،‬‬ ‫داخل املخيال الجمعي لحاجة املجموعة إىل‬ ‫لقد استجمعت يف شخصيتها الوالئية‬
‫التي خضعت لها سريتها األنموذجية‪ ،‬ولعل‬
‫* أما شيخ منوبة و«كان‪ ،‬فيما تقول‬ ‫الحماية االجتماعية يف مالبسات تميزت‬ ‫كل خصال القدوة القيمية والسلوكية وكل‬
‫شدة االعرتاض عىل األنموذج الوالئي الذي‬

‫وأدرك كمالها‪.‬‬ ‫أخبار املناقب‪ ،‬رجال باغيا ظاملا فاسقا‬
‫أن « السيّدة» وإن كانت شديدة‬ ‫عىل ّ‬ ‫مجاهرا باملعايص والفجور»‪ ،‬فقد حكمت‬
‫ّ‬
‫الوفاء لتصوف األفراد فإن ذلك لم ينخرط‬ ‫عليه بأن « يُمحى إسمه من الزمام»‪،‬‬
‫بها يف «االنقباض» عن الناس‪ ،‬بحيث تبدو‬ ‫* كما قضت باملوت عىل سبعة وعرشين‬
‫سريتها استئنافا لتقليد «االنبساط» وذلك‬ ‫(‪ )27‬تاجرا بسوق ال ّربع بالحارضة‪ ،‬اعتدوا‬
‫عرب اإلحساس بمشاكل اإلنسان اليومية‬ ‫عىل بعض فقرائها‪« :‬أسقطت عليهم ‪ ،‬فيما‬
‫والتعاطف الفعيل مع املحرومني واملقهورين‪.‬‬ ‫تزعم أخبار املناقب‪ ،‬سقوف حوانيتهم»‪،‬‬
‫بحيث يبدو املثل األعىل الوالئي الذي تروج‬ ‫وهو نفس العقاب الذي سلطته عىل عرشة‬
‫له سريتها مثال والئيا‪ ،‬بقدر ما «يقطع»‬ ‫(‪ )10‬تجّ ار آخرين قدحوا يف عرضها‪،‬‬
‫مع كثري من تقاليد التصوّف السنّي‪ ،‬يبقى‬ ‫* وانتهى البهاوي قايض الحارضة‪،‬‬
‫تفاعله معه قائما يف نهاية األمر عىل قاعدة‬ ‫وكان ممن يلحّ ون يف إنكار واليتها والتشكيك‬
‫االحتفاظ والتجاوز‪.‬‬ ‫يف سريتها‪ ،‬إىل املآل نفسه‪،‬‬
‫وألن القتل هو أرقى أشكال العنف‬ ‫ّ‬
‫خاتمة‬ ‫املقدّس لدى الويل ّ وأعىل أشكال ر ّد فعل‬
‫ّ‬
‫فإن‬ ‫اإلنسان املقهور عىل العنف املدنّس‬
‫نحن مع السيدة املنوبية إذن إزاء أنموذج‬ ‫الخطاب املنقبي ينسب إىل هذه «الولية ‪-‬‬
‫والئي ال يمكننا فقط من النفاذ إىل كيفية تمثل‬ ‫الج ّزارة» قتل خمسمائة (‪ )500‬جبّار يف‬
‫املرأة «لل ّروحية» وتجربتها يف الزهد والورع‬ ‫حال الحياة و‪ 500‬خمسمائة (‪ )500‬جبّار‬
‫والصالح خالل الفرتة الوسيطة والولوج إىل‬ ‫يف حال املمات»‪.‬‬
‫عالم التدين النسائي وإنمّ ا يمكننا أيضا من‬ ‫القرن ‪ XIII/VII‬لينافس تصوّف األفراد‬ ‫يجعل تصوّفها أدعى إىل تصوّف األفراد‪،‬‬ ‫فأي صنف من أصناف التصوّف كان‬
‫وربما تجاوزه وقطع معه‪ .‬كما يجوز أن‬ ‫إن مناقبها تتخذ موقفا رصيحا من‬ ‫بل ّ‬ ‫يتجسد يف هذا األنموذج الوالئي النسائي‪،‬‬‫ّ‬
‫الوقوف عىل مثل أعىل والئي متف ّرد استطاع‬
‫خرق سلطة الضبط االجتماعية والتم ّرد‬ ‫يعب‪ ،‬عىل غرار أزمة ال ّرباطات‪ ،‬عن أزمة‬ ‫ّ‬ ‫التصوّف شبه املنظم‪:‬‬ ‫وأي مثل والئي أعىل تسعى املناقب املتصلة‬
‫عليها ونجح من خالل «خطاب الذاكرة» عىل‬ ‫ال ّزوايا من حيث إمكانيّة انزياح بعضها عن‬ ‫وص مريدها عثمان الحداد بقولها‪:‬‬ ‫_ ألم تُ ِ‬ ‫به إىل ترويجه؟‬
‫األقل يف افتكاك مساحة من التوقري واإلجالل‬ ‫مهامه األصليّة وانزالقه باتّجاه مسارات‬ ‫«باريك اجتماع الفقراء يف هذا الزمان ّ‬
‫ألن‬
‫أخرى‪.‬‬ ‫ش‪ ،‬وقلوبهم بال أنس‪ ،‬وذكرهم‬ ‫اجتماعهم ِغ ّ‬
‫داخل « الثقافة الشعبية» ال تضاهي فقط‬ ‫أزمة المؤسسات وأزمة‬
‫ولع ّل يف توجهات «السيّدة» املالمتيّة ما‬ ‫حس»‪،‬‬‫ّ‬ ‫بال‬
‫املساحة التي تحتلها الوالية الذكورية فيها‬ ‫المجتمع‬
‫من حيث الجوهر اإلنساني‪ ،‬ومن حيث‬ ‫يربّر دفاعها عن تصوّف األفراد إذ الظاهر‬ ‫‪ -‬وإذا ما ربطنا هذا املوقف بقولها عىل‬
‫األهلية الروحية واألدوار االجتماعية عىل‬ ‫أن التيار املالمي كان يواجه أزمة انتشار‬ ‫ّ‬ ‫لسان محمد ا ُملرجاني (ت ‪:)1300 /699‬‬ ‫رغم ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أن سريتها تنسب إليها فقراء‬
‫ح ّد سواء‪ ،‬وإنّما قد تتفوّق عليها فالجنس‬ ‫يف الوسط املحل املتجذر يف السنة املالكية‬ ‫«إياك وخلطة أفراخ الزنا‪ ..‬الوساوس‪:‬‬
‫ومريدين وأحبابا ورفاقا وأصحابا يف‬
‫ال يحجب الحقيقة اإلنسانية الواحدة‬ ‫واملناهض لكل مسلك روحي يقوم عىل‬ ‫سكان الزوايا وسكان املدارس‪ ،‬فهم إخوة‬
‫مقدمتهم عيل السنفاج (ت‪)1326 /726‬‬
‫وباالستتباع املساواة بني الرجال والنساء‪،‬‬ ‫أن املنّوبية قد ظلت تردّد‬
‫«التخريب» حتّى ّ‬ ‫األبالس»‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫أدركنا ّ‬ ‫فإن‬ ‫القرجاني (ت‪،)681/1282‬‬ ‫وعيل‬
‫أوليس « للنساء‪ ،‬عىل حد تعبري الحريفيش‬ ‫بحرسة إىل آخر رمق يف حياتها‪« :‬وال آنية‬ ‫يعب عن مؤرشات ردود‬ ‫أن األمر ّ‬
‫اعتكافها املتواتر بزغوان وخروجها «هائمة‬
‫رسي»‪ ،‬رغم ّ‬
‫أن‬ ‫نظيفة نضع (كذا) فيها ّ‬ ‫أفعال معادية النتشار صنف التصوّف الذي‬
‫يف « الروض الفائق»‪ ،‬أحوال وزهد وخري‬ ‫يف الجبال والقفار» دون أن يُعلم لها موضع‪،‬‬
‫وصالح كما يف الرجال»‪.‬‬ ‫قرارها كان قد استقر عىل استيداع عثمان‬ ‫سينتظم حول مؤسسات قا ّرة هي الزوايا‪،‬‬
‫ّ‬ ‫تنص عليه وصاياها من‬ ‫ّ‬ ‫عالوة عىل ما‬
‫الرس فاستكمل رشائط الوالية‬ ‫ّ‬ ‫الحداد هذا‬ ‫املحل انطالقا من‬ ‫وسيتنامى داخل املجال‬
‫تفضيل «للخالء» و«الخلوة» و«الفرادة»‬
‫صورة تتح ّدث‬

‫أروى القيروانية‪،‬امرأة ألزمت أبا جعفر المنصور‬
‫بأول عقد يمنع تعدد الزوجات في اإلسالم‬
‫في ‪ 26‬ديسمبر ‪،2019‬أهدى المؤرخ التونسي أصيل القيروان الدكتور‬
‫ابراهيم شبوح المكتبة الوطنية بتونس وثيقة نادرة تعود إلى القرن‬
‫التاسع عشر‪ ،‬وهي عبارة عن عقد زواج قيرواني مكتوب على جلد‬
‫الحيوانات‪ ،‬مؤرخ باوائل شهر أفريل من عام ‪ ،1832‬وطرفا الزواج هما‬
‫التاجر محمد بن قاسم العالني وفتاة تدعى حليمة عطاء هللا‪ ،‬وأهم ما‬
‫جاء في هذه الوثيقة هي أنها تمنع تعدد الزوجات‪،‬وهو ما كان يسميه‬
‫المؤرخون بالصداق القيرواني‪ ،‬الذي وضعت شروطه للمرة األولى فتاة‬
‫تدعى أروى القيروانية‪.‬‬
‫من هي أروى القيروانية أم الخليفة العباسي المهدي وجدة الخليفة‬
‫العباسي هارون الرشيد؟‬
‫وبدأت حكاية «الصداق القيرواني» مع الخليفة أبو جعفر المنصور‬
‫المؤسس الحقيقي للدولة العباسية (ثالث خالفة اسالمية)‬ ‫ّ‬ ‫الذي يعتبر‬
‫ّ‬
‫ومؤسس بغداد‪.‬‬
‫وكان المنصور لجأ إلى مدينة القيروان هربا من األمويين‪،‬في القرن‬
‫الثاني هجري (الثامن ميالدي)‪ ،‬حيث نزل عند رجل يدعى منصور الحميري‬
‫(جاء من اليمن واستقر في القيروان)‪ ،‬فأعجب بابنته «أروى» وطلب‬
‫الزواج منها‪،‬فاشترطت عليه في عقد الزواج أن يلتزم بعدم الزواج بغيرها‪،‬‬
‫كما اشترطت أن يكون الطالق بيدها‪ ،‬وهو ما وافق عليه المنصور والتزم‬
‫به خالل فترة خالفته حتى وفاة زوجته اروى عام ‪ 764‬م‪.‬‬
‫(تونس زمان)‬
‫‪28‬‬ ‫الشارع الثقافي‬ ‫حوار الملحق‬
‫لقاء مع سيناريست مسلسل "الحرقة"‬

‫عماد الدين الحكيم ‪:‬‬
‫ليس مهام أن تقدم عمال ناجحا‬

‫بقدر ما هو مهم أن ترصد الواقع‬
‫حاورته‪ :‬هيام الفرشيشي‬
‫نلتقي اليوم السيناريست عماد الدين الحكيم الذي صعد نجمه في السنوات األخيرة من خالل كتابته‬
‫ألعمال درامية ناجحة‪ ،‬شدت المشاهدين وعالجت مشكالت الشرائح المهمشة في المجتمع‪ ،‬وذلك‬
‫من خالل التركيز على قصص هؤالء‪ ،‬إحباطاتهم‪ ،‬توقهم لواقع بديل‪.‬‬
‫أهم األعمال التي قام بإنجازها هي سلسلة “سيارة إسعاف” في ‪ 2015،‬والتي عرضت على‬
‫قناة التاسعة‪ ،‬فيلم "سامحني" من إخراج المخرجة الراحلة نجوى سالمة في ‪ ،2018‬مسلسل‬
‫"المايسترو" في ‪ ،2019‬مسلسل "حرقة ‪ "1‬في ‪ 2021‬و"حرقة ‪( "2‬الضفة األخرى)" في ‪.2022‬‬
‫من أهم التتويجات حول أعماله هي جائزة أفضل سيناريو عن مسلسل "المايسترو"‪،‬‬
‫أفضل سيناريو "حرقة ‪ ،"1‬أفضل سيناريو "حرقة ‪."2‬‬
‫يعيشها املجتمع خاصة يف ظل الرؤية املشوشة التي تعيشها‬ ‫بالنسبة للفضاءات التي دارت يف أحداث املسلسالت التي‬
‫البالد‪ ،‬ليس مهم أن تقدم عمال ناجحا بقدر ماهو مهم أن‬ ‫كتبتها‪ ،‬هل أخذت حيزا من اهتمامك وزرتها قبل كتابة‬
‫ترصد الواقع‪ .‬ذلك أن الدراما تصور الواقع عىل حقيقته‬
‫ونحاول أن يكون السيناريو موظفا بشكل دقيق وفني‬
‫في «حرقة ‪ » 2‬لم أستطع‬ ‫السيناريو؟‬
‫طبعا من املهم زيارة أماكن التصوير قبل التصوير‪ ،‬وهذا‬
‫لتعرب الشخصيات عن آالمها وأحالمها‪ .‬وكي نرى الواقع من‬ ‫تمييز وجيهة الجندوبي‬ ‫يعطيني مساحة الكتشاف اإلطار العام للمسلسل‪ ،‬وأتذكر‬
‫وجهة إنسانية نتعاطف معها ونتبنى قضيتها‪.‬‬ ‫يف هذا السياق زيارتي إصالحية األحداث باملروج قبل تصوير‬
‫ما هي املشاكل التي تعرتض كتاب السيناريو؟ وهل‬ ‫وسط عمال مصب‬ ‫مسلسل املايسرتو‪.‬‬
‫يخضع كاتب السيناريو المالءات تجارية؟ أم أن غايته‬
‫القصوى فنية ونقدية وجمالية؟‬ ‫النفايات األصليين‬ ‫ذلك أن مسلسل املايسرتو وإن جمع بني الدراما وعالم‬
‫املوسيقى‪ ،‬دارت أحداثه حول مشاكل األطفال األحداث حيث‬
‫يسعى أغلب كتاب السيناريو لتحقيق املعادلة الصعبة‬ ‫صورت مآيس وأحالم هؤالء األطفال الذين تلقي بهم الحياة‬
‫وهي الجمع بني النجاح الفني والجماهريي‪ ،‬واالمالءات‬ ‫كضحايا أو مذنبني يف مراكز إصالح الجانحني ليكربوا بني‬
‫التجارية رضورة يف اعتقادي ولكن يمكن توظيفها بطريقة‬ ‫قضبان السجون‪ .‬لذلك فاألماكن الفعلية التي تدور فيها‬
‫ذكية ال تنقص من املستوى الفني للعمل‪ .‬فال يمكن إهمال‬ ‫يعني نمطية الشخصيات بل االقرتاب من روحها وعاملها‬ ‫أحداث العمل الدرامي ال بد أن تكون واقعية‪ ،‬كي تمنح‬
‫الصناعة يف الدراما والسينما‪.‬‬ ‫الدرامي ومشاكلها الخاصة‪.‬‬ ‫مساحة الصدق الالزمة ويستسيغها املشاهد‪ .‬قد تأخذ‬
‫هل باالمكان ان تحدثنا عن أجواء تصوير مسلسل حرقة‬ ‫سيناريو الحرقة جريء ومبتكر وحارق‪ ،‬كيف انطلقت‬ ‫هذه األماكن بعدا جماليا ورمزيا من خالل اإلخراج وزوايا‬
‫وبعض املواقف العالقة ؟‬ ‫الفكرة ليتحول املوضوع إىل واقع درامي؟‬ ‫اللقطات فذلك يضاف للمكان الفعيل‪ .‬ألن املكان ال يرصد‬
‫التصوير توزع يف أماكن مختلفة مثل مصب النفايات‪،‬‬ ‫فكرة مسلسل حرقة كانت مبارشة إثر مسلسل املايسرتو‬ ‫يف كليته بل من خالل زوايا خاصة تخدم وجهات النظر‬
‫السجن‪ ،‬الحي الشعبي‪ ،‬كانت األجواء طيبة والسمة الغالبة‬ ‫بالتنسيق مع صديقي املخرج األسعد الوسالتي‪.‬‬ ‫والرسائل التي نمررها‪.‬‬
‫عىل جميع أفراد الفريق هي بذل قصارى الجهد النجاح‬ ‫املايسرتو‪ ،‬حرقة ‪ 1‬وحرقة ‪ ،2‬ثالثية حاولنا من خاللها‬ ‫أوصاف الشخصيات مهمة يف أعمالك الدرامية عىل الرغم‬
‫العمل‪ .‬من املواقف التي ستظل راسخة يف أذهان كل من‬ ‫تقديم دراما تلفزية تونسية مختلفة تعتمد أساسا عىل اللغة‬ ‫من كثرة عددها فهي تحتفظ بتفاصيلها الخاصة وقصصها‬
‫عايشوا مسلسل حرقة ‪ 2‬هي انصهار املمثلني يف الشخصيات‪،‬‬ ‫السينمائية سواء من خالل الطرح أو من خالل الصورة‬ ‫الخاصة وإن اشرتكت يف مالمح عامة‪ ،‬هل يعود ذلك لبحثك‬
‫فكثريا ما شاهدنا ممثلني يبالغون يف تأدية أدوارهم لدرجة‬ ‫وسعينا جاهدا لتسليط الضوء عىل بعض من القضايا‬ ‫يف تفاصيل الواقع او استندت اىل علم النفس االجتماعي؟‬
‫االندماج وأذكر كيف لم أستطع تمييز وجيهة الجندوبي‬ ‫التي تهم مجتمعنا‪ ،‬املهمشون يف أعمالنا هم األبطال‬ ‫من املهم أن تكون الشخصيات مستوحاة من الواقع‬
‫وسط عمال مصب النفايات األصليني‪.‬‬ ‫والبسطاء هم محور اهتمامنا‪ .‬والحرقة من أهم املشاكل‬ ‫حتى تكون قريبة من الجمهور العريض‪ ،‬لذلك أسعى‬
‫هل تساهم يف اختيار املمثلني؟ وهل تكون لك بعض‬ ‫التي تمس العاطلني عن العمل وتلقي بهم يف قوارب املوت‬ ‫دائما الختيار شخوص واقعية بالدرجة األوىل‪ .‬ولكن يف‬
‫املالحظات للممثلني أثناء التصوير؟‬ ‫والبحث عن واقع بديل ليصطدموا بواقع آخر أشد وطأة‪.‬‬ ‫نفس الوقت ال بد أن تكون للشخصيات مميزات جمالية‬
‫ثمة دائما تشاور مع املخرج يف اختيار املمثلني خاصة يف‬ ‫هو من املواضيع التي لها تداعياتها عىل رشيحة مهمشة يف‬ ‫يف إطار العمل من خالل تكامل وتماسك جوانبها لتكون‬
‫األدوار الرئيسية وهذا مهم يف تقديري لكي يتماىش اختيار‬ ‫مجتمعنا‪ ،‬وهي تكرب يوما بعد يوم‪ ،‬وال تهم التونسيني فقط‬ ‫مقنعة‪ .‬بحيث أن تعدد الشخصيات يؤدي إىل تشابك األحداث‬
‫املمثل مع رؤية املؤلف والصورة املرسومة يف ذهنه عن‬ ‫بل شملت األفارقة الذين يمثلون اليد العاملة الرخيصة التي‬ ‫والعالقات‪ ،‬وكل شخصية تملك صندوقها الخاص من‬
‫الشخصية‪ ،‬كما أن املالحظات للممثلني مرتبطة بحضوري‬ ‫تستفيد منها شبكات الهجرة الرسية‪.‬‬ ‫الذكريات وتعيش وجعها وتوترها بطريقتها‪ .‬فالواقع ال‬
‫يف أماكن التصوير فتكون املالحظات يف العموم لتشجيع‬ ‫هل يقاسمك فريق العمل من إخراج وفريق تصوير‬
‫املمثل ومساعدته عىل تجسيد الشخصية عىل أحسن وجه‪.‬‬ ‫وممثلني كتابة السيناريو بمعنى التعديل او االضافة او‬
‫هل تعتقد أن املشاهد التونيس يميل إىل األعمال الواقعية‬ ‫الحذف؟‬
‫الصادقة وال يقبل تزييف الواقع؟‬ ‫يشاركني املخرج األسعد الوسالتي ببعض األفكار يف‬ ‫المايسترو‪ ،‬حرقة ‪1‬‬
‫صياغة السيناريو وهذا يشء مهم يتيح للمخرج اإلملام‬
‫املشاهد التونيس يفضل عموما األعمال التي تتحدث عن‬
‫واقعه ومشاكله وهذا دور الفن حسب رأيي لذلك املسلسالت‬ ‫بتفاصيل العمل وإيصال رؤيته الخاصة‪ .‬فالعمل الدرامي‬ ‫وحرقة ‪ ،2‬ثالثية حاولنا‬
‫التي ستظل يف الذاكرة هي تلك التي نقلت الواقع للشاشة‬
‫قدمت مشاكل الناس من خالل طرح فني‪.‬‬
‫متكامل والبد لكل طرف من إبداء وجهة نظره بطريقة‬
‫تخدم العمل الدرامي وتقدمه يف أفضل صورة ممكنة‪.‬‬ ‫من خاللها تقديم دراما‬
‫ما هو طموحك ؟‬ ‫ونحرص جميعا عىل جمالية العرض بقدر حرصنا عىل‬
‫أهمية املوضوع املطروح وجديته‪.‬‬
‫تلفزية تونسية مختلفة‬
‫تعتمد أساسا على اللغة‬
‫طموحي هو أن تنترش املسلسالت التونسية عربيا وأن‬
‫ننجح يف التعريف بثقافتنا وهويتنا لذلك فأنا أبحث عن‬ ‫تصوير الواقع الحقيقي ورؤية املشكالت بطريقة‬
‫السينمائية‬
‫االنتشار العربي من خالل األعمال التونسية وأسعى دائما‬ ‫جديدة هل غاية ذلك تصوير تدهور البيئة وانعدام الرؤية‬
‫إلبراز هويتنا وخصوصياتنا‪.‬‬ ‫للمستقبل أم إشارة ضمنية للواقع املنشود؟‬
‫دور األعمال الفنية هو تسليط الضوء عىل املشاكل التي‬

‫إصدارات‬
‫عمل جديد وندوة صحف ّية (‪ 29‬جوان ‪)2022‬‬
‫التعدد‪:‬‬
‫ّ‬ ‫التعلمية يف تونس والرتبية عىل‬
‫ّ‬ ‫" الربامج‬
‫متغي"‬
‫تعليم أرتودكيس يف واقع ّ‬
‫ملا تعلنه املدرسة نظريّا من التزام‬ ‫بست مواد إضافة إىل ورقة‬ ‫ّ‬ ‫تتع ّلق‬ ‫ظمات‬ ‫يف سياق اهتماماتها البحثيّة وتعاونها مع من ّ‬
‫بتكريس هذه القيم‪.‬‬ ‫خاصة بالسنوات الثالث األوىل‬ ‫ّ‬ ‫أوىل‬ ‫أخرى من املجتمع املدني أصدرت جمعيّة فواصل للدراسات‬
‫وقدّم رامي الربهومي أستاذ‬ ‫من التعليم االبتدائي‪.‬‬ ‫الفكريّة واالجتماعيّة بالتعاون مع املعهد الدويل اإلنساني‬
‫العربيّة والباحث يف الحضارة‬ ‫جاء الكتاب يف قسمني كبريين‬ ‫كتابا جماعيّا عن دار نريفانا تحت عنوان " الربامج‬
‫العربيّة واإلسالميّة قراءة يف برامج‬ ‫تجاوزا ‪ 350‬صفحة‪ ،‬وتع ّلق‬ ‫التعلميّة يف تونس والرتبية عىل التعدّد‪ :‬تعليم أرتودكيس يف‬
‫الرتبية اإلسالميّة ليكشف عن‬ ‫القسم األوّل بما رآه املرشفون عىل‬ ‫متغي"‪ ،‬وقدّم له ك ّل من عبد املجيد الرشيف ومختار‬ ‫ّ‬ ‫واقع‬
‫"انغالق النموذج الديني" مقابل‪،‬‬ ‫كال لـ "نماذج هوويّة"‬ ‫الكتاب مش ّ‬ ‫الخلفاوي ونادر الحمّ امي‪ ،‬وقد كان الكتاب بمتابعة لجنة‬
‫أن تلك‬‫ليوضح ّ‬‫ّ‬ ‫"التعدّد الثقايف"‬ ‫تضمّ نتها الربامج التعليميّة‪ ،‬أمّ ا‬ ‫تحرير علميّة تكوّنت من أساتذة من اختصاصات معرفيّة‬
‫الربامج يف مجملها تؤدّي إىل خلق‬ ‫القسم الثاني فمداره املفارقة‬ ‫ّ‬
‫وهن‪:‬‬ ‫مختلفة مهتمّ ني باملسألة الرتبوية والتعليميّة وهم‬
‫نماذج هوويّة مغلقة‪.‬‬ ‫الواضحة بني الواقع املتعدّد وما‬ ‫وبسام الجمل وروضة القدري‬ ‫ّ‬ ‫محمّ د الرشيف فرجاني‬
‫وكشف فهمي الرمضاني أستاذ‬ ‫سمّ اه أصحاب الكتاب "تعليمً ا‬ ‫وآمنة الجبالوي وإيمان حجّ ي ونادر الحمّ امي وسماح‬
‫منمّ ً‬
‫طا"‪.‬‬ ‫حمدي‪.‬‬
‫التاريخ والباحث فيه من خالل‬
‫تحليل مضامني مادّة التاريخ‬ ‫يف هذا السياق العا ّم اندرجت‬ ‫وستنتظم ندوة صحفيّة توجّ ه فيها دعوة إضافة إىل‬
‫ورقات الباحثات والباحثني يف‬ ‫ظمات املجتمع املدني‬ ‫الصحفيّني إىل أصحاب القرار ومن ّ‬
‫عن البوْن بني ما يت ّم اإلعالن عنه‬
‫العمل فكان اهتمام الباحثة أمرية‬ ‫ظمات‬ ‫ومؤسسات ومن ّ‬
‫ّ‬ ‫واملهتمّ ني باملسألة الرتبويّة من أفراد‬
‫نظريّا من تنشئة عىل التعدّد وقيَم‬
‫همييل‪ ،‬بما تع ّلق من برامج خالل‬ ‫يوم ‪ 29‬جوان ‪ 2022‬بمعهد تونس للرتجمة بمدينة الثقافة‬
‫االختالف من ناحية أوىل‪ ،‬وما نقف‬
‫السنوات الثالث األوىل من التعليم‬ ‫بتونس العاصمة بداية من الساعة العارشة صباحا لتقديم‬
‫عليه يف الربامج الرسميّة من ناحية‬
‫االبتدائي‪ ،‬مع الرتكيز باألساس‬ ‫العمل وبيان خلفيّاته ورهاناته‪.‬‬
‫ثانية‪ ،‬إذ وقف عىل ما اعتربه تغييبا‬
‫عىل قضيّة التمييز ا ّلذي الحظته‬ ‫اختار القائمون عىل هذا العمل تناول الربامج التعليميّة‬
‫لروافد كثرية يف تلك الربامج ممّ ا خلق‬
‫الباحثة يف مستويات عديدة من الربامج التعليميّة ممّ ا‬ ‫يف تونس من زاوية نظر مخصوصة هي مدى مواءمة‬
‫تمثّل منقوص لالنتماء الحضاري ومكوّناته‪.‬‬
‫يؤسس ألشكال كثرية من االنغالق الهووي يأخذ أبعادا‬ ‫ّ‬ ‫محتوى الربامج الرسميّة أساسا خالل سنوات التعليم‬
‫واشرتكت أمرية همييل وسندة العرفاوي الباحثتان يف‬ ‫متعدّدة‪.‬‬ ‫االبتدائي والسنوات الثالث األوىل من التعليم اإلعدادي مع‬
‫اآلداب األنقليزيّة وآدابها وحضارتها يف صياغة ورقة بحثيّة‬ ‫وعالج ناظم بن إبراهيم أستاذ العربيّة والباحث يف‬ ‫الثقافة الديمقراطيّة عموما وما يمكن معاينته يف الواقع‬
‫تستند إىل تحليل نماذج من برامج تعليم اللغة األنقليزيّة‬ ‫الحضارة اإلسالميّة قضيّة "التأصيل الهووي" ا ّلتي‬ ‫التونيس من تعدّد يف عدّة مستويات مثل التعدّد اللغوي‬
‫لرصد مدى حضور الثقافة الديمقراطيّة مثل التعدّد اإلثني‬ ‫حاول رصدها يف برامج العربيّة ويرصد "توزيع األدوار‬ ‫والجهوي واالجتماعي والسيايس واإليديولوجي والديني‬
‫والتعدّد الجندري والتعدّد الديني والتعدّد الجهوي‪.‬‬ ‫االجتماعيّة" وما يحمله ذلك من منطق تمييزي يؤثّر يف‬ ‫واملذهبي والجندري ليكون السؤال الجامع هل ّ‬
‫إن ما يقدّم‬
‫ّ‬
‫التوصل إليه من نتائج‬ ‫وختاما يمثّل هذا العمل بما ت ّم‬ ‫ذهنيّة املتع ّلمني‪.‬‬ ‫يف الربامج التعليميّة والرتبويّة يأخذ بعني االعتبار صنوف‬
‫محاولة ملقاربة الشأن الرتبوي والتعليمي يف تونس من‬ ‫دقق حازم الشيخاوي‬ ‫ومن زاوية قريبة من هذا التوجّ ه ّ‬ ‫ذلك التعدّد أو أنّها برامج واقعة تحت وطأة التنميط‬
‫زاوية اإللحاح عىل التعدّد والثقافة الديمقراطيّة من خالل‬ ‫أستاذ الفلسفة والباحث يف الدراسات الجندريّة النظر‬ ‫الهووي واإليديولوجي والسيايس فيما يتع ّلق بمستويات‬
‫تحليل مضامني الربامج واملق ّررات ممّ ا يجعل تلك النتائج‬ ‫استنادًا إىل قراءة تقاطعيّة برامج مادّة الرتبية املدنيّة‬ ‫التعدّد املذكورة؟‬
‫بدورها فاتحة ألعمال أخرى ستسعى جمعيّة "فواصل" إىل‬ ‫فوضح أشكال التقاطع بني بنى الهيمنة املتعدّدة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ولإلجابة عن هذا السؤال قدّم باحثون وباحثات من‬
‫تركيزها خالل املدّة القريبة القادمة‪ ،‬ولع ّل الندوة الصحفيّة‬ ‫ونظرت سلمى بنعمر أستاذة الفرنسيّة يف مادّة‬ ‫الشباب املمارس للتعليم يف املعاهد الثانويّة واإلعداديّات‬
‫لتقديم العمل يوم ‪ 29‬جوان ‪ 2022‬بمعهد تونس للرتجمة‬ ‫الفرنسيّة وبرامجها فح ّللت جملة من القضايا ذات العالقة‬ ‫ورقات بحثيّة مهمّ ة وفق مشاغلهم يف إطار العمل‬
‫بداية من العارشة صباحا يفيد يف فتح مجاالت أخرى‬ ‫بمبدأ التسامح‪ /‬الالتسامح‪ ،‬وما يرتبط به من مسائل‬ ‫الجماعي ولكن مع ضمان حريّة الرأي الفرديّة أيضا‪ ،‬وكان‬
‫للبحث‪.‬‬ ‫الغرييّة واآلخريّة واالختالف واملواطنة‪ ،‬ومدى مواءمتها‬ ‫ذلك انطالقا من عمل تحلييل لنماذج من الربامج التعليميّة‬
‫الق ّلة‬ ‫صورة تتح ّدث‬

‫الق ّله أو الشرب ّيه أو الدرج ّيه أو الج ّرة‪...‬‬
‫ّ‬
‫الفخاري‪.‬‬ ‫كلها تسميات لهذا الوعاء‬
‫الذي كان يستعمل في فصل الصيف لتبريد‬
‫الماء قبل تواجد الثالجات‪.‬‬
‫و كان ال يخلو منزل منه‪.‬‬
‫كان كل أفراد العائلة يشربون منه أيام زمان‬
‫صغارهم ‪.‬كبارهم وحتى الضيوف والجيران‪.‬‬
‫والبعض كانوا يضيفون له بضع القطرات من‬
‫القطران الطبيعي للنكهة‪.‬‬ ‫ُ‬
‫كل هذا كان زمان قبل هجوم القوارير البالستيكية‬
‫ّ‬
‫صحتنا‪.‬‬ ‫علينا وعلى‬
‫عن فاطمة ماطري‬

‫قراءة في كتاب‬
‫رواية «الكونبطا» لعبد اجلليل الداخيي‬

‫استلهام فن الحكي الشعبي لكتابة التاريخ المنسي روائيا‬
‫شفيع بالزين‬
‫يف طرف العالم املنيس يف املنطقة السوداء من تاريخ البرشية‪...‬‬ ‫«أنا هنا ال يهمني التاريخ بقدر ما تهمني الحكاية‪ ...‬يمكنك‬
‫يف سلة مهمالت الحكايات البالية‪ ...‬هنا ننتظر ظل األحداث‬ ‫أن تصدق ما تشاء من التفاصيل أو تكذبها فذلك أمر يخصك‪.‬‬
‫وصداها ورائحتها الكريهة» ويقول‪« :‬تلك القرية التي تتربّز عىل‬ ‫الحكاية حكايتي وأنا أترصف فيها كما أشاء» (الكونبطا‪ ،‬ص ‪)57‬‬
‫نفسها وتنام يف الظالم وحيدة بال نور وبال طرقات»‪ .‬كما تهتم‬ ‫‪ - 1‬المتخيل التاريخي والحقيقة الروائية‪:‬‬
‫الرواية بنماذج من األبطال لعبوا دورا مهما يف املقاومة الوطنية‬ ‫لنئ ساد تعريف الرواية بكونها عمال رسديا تخييليا وشاع‬
‫زمن االستعمار الفرنيس لكن كتب التاريخ لم تحفظ أسماءهم‬ ‫تصورها نقيضا للكتابة الرسدية املرجعية فإن أعالم النظريات‬
‫وال سريهم ألنهم لم ينخرطوا رسميا يف حركة التحرير الوطني‬ ‫الرسدية الجديدة (سريل‪ ،‬جينات‪ )...‬يق ّرون بصعوبة التمييز بني‬
‫ولم ينضموا إىل الحزب الدستوري ولم يتقلدوا مناصب يف البالد‬ ‫امللفوظات الحقيقية وامللفوظات التخييلية وبالتايل بني الرسد‬
‫أثناء االستعمار أو بعده‪ .‬ف»الكونبطا» أو «كونبا» أو إبراهيم بن‬ ‫التخيييل والرسد املرجعي‪ ،‬ويتفقون عىل أن أجناس الرسد ال تخلو‬
‫الحاج محمد نموذج وطني للمقاومة بعثته الرواية من الذاكرة‬ ‫من تداخل بني عنارص تخييلية وأخرى مرجعية‪ ،‬وأن ظهور األجناس‬
‫الشعبية واملتخيل الجمعي وأعادت من خالله بناء رسدية جديدة‬ ‫الرسدية الهجينة قد عمّ ق التداخل بني املرجعي والتخيييل‪ .‬ومقابل‬
‫للتاريخ الوطني وحركة املقاومة نشأ ًة ومسا ًرا ومآال بالحفر‬ ‫ُ‬
‫الحديث‬ ‫الحديث عن «الكذب السري ذاتي» «واملتخيل التاريخي» صار‬
‫عميقا يف الوجدان الشعبي واسرتجاع املعنى الحقيقي واألصيل‬ ‫عن «الحقيقة الروائية» عىل أساس أن الرواية تعكس حقائق‬
‫للنقاء النضايل واملقاومة الوطنية وإحياء جملة من القيم واملعاني‬ ‫إنسانية أكثر واقعية ومصداقية من الحقائق التاريخية فالروائي‬
‫السامية املرتبطة بهما مثل االستقالل والحرية والرشف والعزة‬ ‫هو مؤرخ الحارض والرواية تاريخ ما كان يمكن أن يكون‪ .‬ويبقى‬
‫الوطنية والتعلق باألرض واالعتزاز باالنتماء إىل الوطن‪ .‬يقول‪:‬‬ ‫االلتباس قائما بني الرواية والتاريخ سواء تعلق األمر بالرواية‬
‫«إن مهمتنا األوىل التي بعثنا من أجلها رجاال ونساء هي خدمة‬ ‫التاريخية التي تغ ّلب املرجعي عىل التخيييل أو بالتخييل التاريخي‬
‫هذه األرض الطيبة املباركة» ويقول‪« :‬أتظنون أنني فعلت ذلك‬ ‫الذي يغ ّلب التخيييل عىل املرجعي‪ .‬ويبقى الروائي محكوما قبل كل‬
‫من أجلكم أنتم أيها السفهاء واللصوص؟ فعلت ذلك من أجل هذه‬ ‫يشء بمقتضيات الفن الروائي ومطالبا بتحقيق رشط االنسجام‬
‫األرض»‪.‬‬ ‫الداخيل وإخضاع «املادة» التاريخية لطبيعة الفن الروائي‬
‫ونظرا إىل كون الرواية بحكم طابعها التخيييل والذاتي ال‬ ‫ومقوماته كالتخييل والحبكة والتشويق‪ .‬وإذا كانت‬
‫تتقيد بالحقائق التاريخية فإنها تنزع نحو إضفاء بعد ملحمي‬ ‫رواية «الكونبطا» لعبد الجليل الدايخي (صادرة عن دار‬
‫عىل األحداث وأسطرة التاريخ‪ ،‬وألن «الكونبطا ابن الجبل رجل‬ ‫مسكيلياني ودار الكتاب‪ ،2022 ،‬وحاز مؤخرا عىل جائزة‬
‫تعود عىل الحرية كالريح» رسم له الراوي وسكان القرية صورة‬ ‫الكومار الذهبي) تُعترب شكال مخصوصا من أشكال كتابة‬
‫يف أذهانهم وأعينهم وقلوبهم تجاوزت صورته الواقعية وسريته‬ ‫التاريخ فإنها تُع ّد كذلك شكال خاصا من أشكال الحكي‬
‫ع ّلمني ذلك الحكواتي متى أنىس ومتى‬
‫التاريخية لتنفتح عىل امللحمي واألسطوري‪ .‬ومع أن الكونبطا‬ ‫الشعبي بتوظيف الرتاث الحكائي وشخصية الحكواتي‬
‫ّ‬
‫أقص‬ ‫أتذكر وع ّلمني أين أطيل وأين‬
‫انتهى يف التاريخ فإن «حكايته نهضت يف خيال الناس‪ ،‬عادت‬ ‫توظيفا روائيا تخييليا واستخدام تقنياته يف رسد الحكاية‪.‬‬
‫حتى يكون عىل مقاس الحكاية تماما‬ ‫ويف هذا الجمع بني املضمون التاريخي املسكوت عنه‬
‫كاألساطري القديمة‪ ،‬كل واحد رواها بشكل مختلف» ألن «العظماء‬ ‫فتبدو أنيقة وجميلة»‪ .‬ويقول‪« :‬أنا‬
‫أقوى من الزمن»‪.‬‬ ‫والشكل الحكائي الشعبي تستمد رواية «الكومبطا»‪ -‬يف‬
‫عبد الجليل الدايخي أجد يف الحقيقة متعة حني أغوص يف‬ ‫نظرنا‪ -‬خصوصيتها التي بها استحقت الفوز بجائزة‬
‫وفضال عن البعد القيمي والرمزي وامللحمي‪ ،‬تقدم الرواية‬ ‫التفاصيل التي تبدو تافهة‪ ...‬فأنا يف كل‬
‫قراءة جديدة ومختلفة للتاريخ الوطني يف مرحلتي االستعمار‬ ‫الكومار الذهبي‪ .‬ولنا أن نتساءل‪ :‬ما أهمية أن تَكتُب‬
‫األحوال حكواتي للمتعة»‪ .‬فما أهمية‬ ‫َ‬
‫التاريخ املنيس؟ وكيف تكتبه روائيا؟ ول َم اختار الكاتب أن‬ ‫ُ‬
‫الرواية‬
‫واالستقالل تروم كرس الرسدية الرسمية وما رسخته من مسلمات‬ ‫هذه الطريقة املخصوصة يف ّ‬
‫السد؟ وما الوظائف التي ينهض بها‬ ‫يكتب التاريخ املنيس بواسطة الشكل الحكائي الشعبي؟‬
‫ومصادرات فيها كثري من التحريف التاريخي‪ .‬ولعل أبرز ما يلفت‬
‫هذا الراوي‪ -‬الحكواتي صلب الرواية؟‬ ‫‪ - 2‬ذاكرة الخطاب‪ :‬الرواية وفن الحكي‬
‫يف هذه الرسدية الروائية‪-‬التاريخية أن االستعمار ليس كله رشا وأن‬
‫ال شك يف أن لهذا الشكل الرسدي أو الحكائي صلة متينة‬ ‫الشعبي‪:‬‬
‫االستقالل ليس كله خريا بل إن االستقالل كان أكثر تخلفا وبؤسا‬
‫بمضمون الحكاية ومرشوع الكتابة الروائية باعتبارها كتابة‬ ‫أوْكل املؤلف الفعيل مهمة رواية الحكاية إىل راو‪ -‬شخصية أو‬
‫وبشاعة من االستعمار‪ .‬يقول‪ُ :‬‬
‫«ضبنا بسهمني يف القلب‪ ...‬فتأملنا‬
‫َ‬ ‫للتاريخ الشعبي املنيس‪ ،‬تاريخ املقاومة الوطنية وإعادة االعتبار‬ ‫شاهد هو صديق الكونبطا بطل الرواية وجَ ّد املروي له (مؤلف‬
‫أنفسنا بسهم‬‫َ‬ ‫مرتني‪ .‬رضَ بَنا الفرنسيون بسهم االستقالل وضبْنا‬
‫إىل الذاكرة املنسية‪ .‬ومن هذا املنظور يمكن عَ ُّد الرسد الشعبي‬ ‫الرواية) الذي سيتلقى منه الحكاية شفويا قبل أن يحولها إىل‬
‫الحرية»‪ .‬من ذلك أن «العون بو الشنب صار نسخة مشوهة من‬
‫وكس مركزيّتها‬‫ْ‬ ‫رضبا من مقاومة هيمنة الرسديات «الرسمية»‬ ‫رواية‪ .‬وعىل هذا النحو يزعم كاتب الرواية (الحفيد‪ ،‬املروي له)‬
‫الضابط السوفاج‪ ،‬مجرد بضاعة فرنسية مقلدة» وأن الحكومة‬
‫وتنسيبها‪ .‬إن التصدي لتفكيك الخطاب االستعماري أو الخطاب‬ ‫أنه «ينقل» إلينا األحداث كما تلقاها من جده الحكواتي املحرتف‪.‬‬
‫استولت عىل املكتبة لفتح دار الحزب‪ ،‬فـ«كانت أول مكتبة وآخر‬
‫«الوطني» الرسمي يتم هنا بإنشاء خطاب رسدي جديد ومناقض‬ ‫ويتخذ الرسد الروائي شكل الحكاية الشفوية فينشأ عن ذلك‬
‫مكتبة يف مدينتنا دفنها الجراد الجدد إىل األبد» ألن شعار الحكومة‬
‫والعودة إىل الرتاث الشعبي الحكائي املهمش واملتخيل الجمعي‬ ‫اندماج بني زمني الخطاب والحكاية أو بني التلفظ وامللفوظ‬
‫كان «األمن والحزب أوال ثم القمح ثم الكتب»‪ ،‬وألن «الحكومة‬
‫املقموع واستثماره يف بناء نموذج روائي جديد قادر عىل كتابة‬ ‫ويحرض املتلفظ يف خطابه الحاكي‪ .‬ومن مظاهره البارزة يف الرواية‬
‫منشغلة بمالحقة كونبا وأمثاله عوضا عن االنشغال ببناء جرس‬
‫التاريخ الشعبي املنيس وإعادة بناء الذاكرة املهمشة‪.‬‬ ‫استحضا ُر الراوي املرويَّ له وتوجي ُه الخطاب إليه لبناء عالقة بني‪-‬‬
‫جديد أو مد طريق»‪ .‬وبمثل هذه املقارنات ينتهي الراوي إىل‬
‫نظرة متشائمة إىل االستقالل ومستقبل البالد مثل قوله‪« :‬لقد‬ ‫‪ - 3‬خطاب الذاكرة‪:‬‬ ‫ذاتية والتأثري فيه وحمله عىل االستماع والتصديق والتعاطف معه‬
‫وقع تعريب الرش والرش عندما يصري عربيا يكون أشد وأمر»‬ ‫الرواية وكتابة التاريخ المنسي‬ ‫باعتباره راويا صادقا موثوقا فيه‪ .‬يقول‪« :‬أنت أيضا سأشتاق إليك‬
‫و«االستعمار وحدنا والحكومة فرقتنا» و«اليوم تفرقنا وطار‬ ‫تذهب لطيفة الدليمي إىل أن الرواية «تمثل نوعا من الذاكرة‬ ‫كنت تعرف دائما كيف تنصت إيل‪ .‬أنا وأنت متشابهان» ويقول‪:‬‬ ‫َ‬
‫ريشنا ورصنا عراة» و«الحلم باالستقالل كان أقوى وأجمل من‬ ‫الجمعية املميزة لكل جغرافية برشية‪ ،‬إنها بمثابة خزانة الحكايات‬ ‫«عندما تنتهي هذه الحكاية ستعرف أن خويف كان صادقا ويف‬
‫االستقالل نفسه»‪ .‬ولكن هذه النظرة املتشائمة لم تمنع الراوي‬ ‫التي تحفظ املزايا االجتماعية واألنرتبولوجية لكل جغرافية‬ ‫محله»‪ .‬كما ال يبخل عليه بالتوجيه واالعتبار‪« :‬كن أنت دوما عىل‬
‫من تمرير رسائل إيجابية والتأكيد عىل جملة من القيم الوطنية‬ ‫برشية»‪ .‬ومثلما تتوسل رواية «الكونبطا» كتابة الذاكرة الشعبية‬ ‫يقني وليكن العالم يف حرية»‪ .‬ومن مظاهره كذلك «احرتامُ» الراوي‬
‫واإلنسانية التي نحتاج إليها اليوم لتفتح لنا أفقا مستقبليا‬ ‫املنسية شكال عن طريق املوروث الحكائي الشفوي تتوسل كذلك‬ ‫تقالي َد الحكي وتقدي ُم مقتضيات الفن الحكائي عىل الحقائق‬
‫ممكنا فـ«ال يوجد يشء اسمه فقر‪ .‬األصل يف اإلنسان هو الثروة»‬ ‫كتابة الذاكرة الجمعية عن طريق الحفر يف التاريخ التونيس املنيس‪.‬‬ ‫التاريخية‪ .‬من ذلك تأكيدُه عىل أهمية الحكاية كقوله‪« :‬وما‬
‫والتاريخ املنيس هو التاريخ الشعبي الذي يخص املناطق الداخلية‬ ‫ِ‬
‫نفسه‬ ‫التاريخ بغري حكاية؟ ال يشء مجرد جثة هامدة»‪ ،‬ومَ نْحُ‬
‫و«البناء يبدأ من الداخل بناء النفس أوال ثم بناء السفينة بعد ذلك»‬
‫حرية الترصّ ف يف األحداث واقعا وتخيّال‪ ،‬إجماال وتفصيال‪ ،‬إثباتا‬‫َ‬
‫و«كل ما علينا فعله اآلن هو أن ننظر يف أنفسنا من الداخل» و«ما‬ ‫من البالد التونسية وهي املناطق املنسية واملهمشة إذ تدور أحداث‬
‫الرواية يف قرية سيدي بورويس من والية سليانة وتصوّر الحياة‬ ‫وحذفا‪ ،‬تقديما وتأخريا‪ ،‬استباقا وارتدادا‪ ،‬تذ ّكرا ونسيانا‪ ...‬يقول‪:‬‬
‫الهدف من حياة ال أمل فيها» و«مازلنا قادرين عىل الحب وحني‬
‫«فلتذهب الحقيقة إىل الجحيم فال يشء أكثر حقيقة من سلطة‬
‫يأتي الحب يصري كل يشء جميال ويصبح كل مستحيل ممكنا»‬ ‫الشعبية البسيطة واملهملة يف مرحلتي االستعمار واالستقالل‪.‬‬
‫الخيال» ويقول‪« :‬يف ذلك التنايس يكمن رس من أرسار حكايتنا‪.‬‬
‫و»ما ال نستطيع تغيريه بالسالح يمكن تغيريه بالحب»‪.‬‬ ‫يقول الراوي‪« :‬نحن يف كل األحوال نقف عىل هامش األحداث‬

‫حول رواية فتحي ليسري‪" :‬املالنخويل"‬

‫نظامُ الخبر ِ السياقيُّ (عنصر في فصل من مقال)‬
‫صالح مصباح‬
‫صا‪.‬‬‫الصمت ويمت ّد حب ُل الكالم َق ّ‬
‫ُ‬ ‫ف‬‫ك ّ‬
‫املستج ّد الذي به يَن َ‬ ‫بعيار الرسد‪ ،‬ال تكون كل األحداث "خربا" يرويه راو‬
‫كان"التوازن األصيل" يف املجتمع التونيس قبل ‪20011‬‬ ‫فيُعي َد خلقه وترتيبه‪ .‬إنما رشط "خربية" األحداث وأهليتها‬
‫سطحا يخفي اعتماال نذيرا‪ .‬كان سطحُ ه ذاك هو وجهه‬ ‫إلعادة الخلق" بلسان" الراوي أو بٱلة السينمائي هو‬
‫الذي ألِفه الراوي الكاتبُ ناجي بن حمزة التابعي وفريد‬ ‫"اخرتاقها للتوازن األصيل" عىل نحو ما رسم "تودوروف"‬
‫عبد الخالق وكمال باكري وغريهم من "الناس"‪.‬لقد ألفوه‬ ‫يف"شعرية النثر"‪" .‬فالتّوازن األصيل" هو املألوف‬
‫متوازنا بمزاياه التي كان يظهر أغلبُها وعيوبه التي كان‬ ‫من األحداث واملشاهد واملواقف واالنفعاالت واألحوال‬
‫ُ‬
‫معايشة‬ ‫ال يظهر أغلبها‪ .‬كان ثمّ ة‪ ،‬عىل نحو من األنحاء‪،‬‬ ‫واألشخاص‪ .‬هو ال ّرتيب من كل ذلك‪ ،‬املتعاود‪ ،‬املألوف‪،‬‬
‫توازن فرديٍّ ملجتمع قد استتبّ فيه رضب من التوازن‬ ‫ٍ‬ ‫اليومي‪ ،‬املعلوم‪ ،‬الخايل من الفجاءة واالستثناء واالهتزاز‪.‬‬
‫بمزايا فيه تبدو أغ َلبَ عىل العيوب‪ .‬وهذا حُ كم املجتمعات‬ ‫مت"‪ .‬ويأتي وجوبُ‬ ‫"الص ُ‬ ‫ّ‬ ‫وحُ كم هذا الرتيب املتعاوَد هو‬
‫عىل الجملة وذاك حكم التوازن بينها وبني نخبتها التي‬ ‫ص‪ .‬فال حوافز عىل قول‬ ‫الق ّ‬ ‫الصمت من انتفاء البواعث عىل َ‬ ‫ّ‬
‫ال تنخرط يف أسباب تغيريها انخراطا سياسيا ‪ .‬ال بل‬ ‫ما هو يف عداد املعلوم‪.‬‬
‫املجتمعي فيُخلصون‬
‫ّ‬ ‫يالئم أفرا ُد تلك النخبة ذلك السطحَ‬ ‫لكن لحظة اخرتاق التوازن األصيل (‪Transgression de‬‬ ‫ّ‬
‫و"يوسعون باب الرزق" (ص‪)134‬‬ ‫ّ‬ ‫ملهنهم ويجدّون فيها‬ ‫لحظة انبالج‬ ‫ُ‬ ‫السدي‪،‬‬ ‫‪ )l' équilibre initial‬هي‪ ،‬بالعيار ّ‬
‫ويقبلون عىل متع الحياة إقباال مغاليا كما كان شأن فريد‬ ‫القص من‬ ‫ُّ‬ ‫القص‪ .‬ويستمر‬ ‫ُّ‬ ‫تلك البواعث انبالجا ينقدح به‬
‫عبد الخالق‪ .‬كان ذلك يف مجتمع يوحي كل يوم فيه" بأنه‬ ‫استمرار اخرتاق التوازن واختالله واهتزازه‪ .‬وال ينقطع‬
‫سيكون يوما عاديا مثل سائر األيام املاضية"( ص‪.)58‬‬ ‫مت إال "باستعادة التوازن‬ ‫الص ُ‬ ‫ّ‬ ‫حب ُل للكالم وال يُستعاد‬
‫لكن" األيام العادية"يف تونس ما بعد‪ 2011‬صارت من‬ ‫ّ‬ ‫األصيل"‪ )Rétablissement de l' équilibre initial( :‬أو‬
‫الخوايل‪ .‬فقد استهل دهما ُء العهد الثوري الورع" كابوس"(‬ ‫بنشوء توازن جديد تُجريه األيام توازنا أصليا‪.‬‬
‫اخرتاقهم لتوازن تونس عىل أيامها املألوفة‬ ‫َ‬ ‫ص‪)57‬‬ ‫يف رواية املسعدي "حدث أبو هريرة قال‪ "...‬ارتسمت‬
‫"بسيكولوجية الجماهري"( ص‪" )113‬الجهادية"‪ .‬فقد‬ ‫والقص بما ييل ‪" :‬جاءني‬ ‫ّ‬ ‫الصمت‬ ‫لحظة الحَ ّد الفاصل بني ّ‬ ‫ُ‬
‫افتتحوا ذلك بمهاجمة الجامعة التونسية التي يعاديهم‬ ‫َ‬
‫صديق يل يوما فقال‪ :‬أحِ بّ أن أرصفك عن الدنيا عامّ ة يوم‬
‫منها اضطالعُ ها باملعرفة‪ .‬ومن أقوالهم أثناء هجومهم‬ ‫انبثاق‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫لحظة‬ ‫من أيامك"‪ .‬فهذا االستهالل قد أبرم‬
‫بي املصطفى والصحابة‬ ‫‪":‬اللعنة عىل من يتجارسون عىل الن ّ ّ‬ ‫الصمت‪ .‬إنها لحظة افتتاح القص‪ .‬وإن‬ ‫الكالم من ّ‬
‫الربرة"‪ .‬و"سحقا للماسونيني واملالحدة وحثالة الشيوعية‬ ‫جدي ٌد باالفصاح عن لغز االخرتاق‬ ‫الباعث عليه هو النقلة من طور التّوازن األصيل إىل‬
‫والعلمانية"‪ .‬و" ليسقط تالمذة املسترشقني أعداء االسالم‬ ‫وتشابك اسبابُه‪.‬‬ ‫مت‪ ،‬مُ ستَ ِتبّا بالتوازن األصيل‪،‬‬ ‫فالص ُ‬ ‫ّ‬ ‫طور اخرتاقه‪.‬‬
‫أن" أبدا والله لن‬ ‫واألمة" (ص ‪ .)59‬ويف خطبهم توعّ دوا ْ‬ ‫يف رواية فتحي ليسري"‬ ‫والقص‪ ،‬حصيلةً‬ ‫ُّ‬ ‫تك ّرسه "دنيا األيام" الرتيبة‪.‬‬
‫نقبل من اليوم فصاعدا الرتخص يف أمور ديننا"( ص ‪.)59‬‬ ‫املالنخويل"‪ ،‬موضوع هذه السياقة‪،‬‬ ‫املختق‪ ،‬يصنعه الخروجُ عن املألوف من"‬ ‫َ‬ ‫للتوازن‬
‫إن مَ ن" تكوّنوا يف عهدي (‪ )....‬بورقيبة املاسوني‬ ‫وأن ّ‬
‫ْ‬ ‫اهتز التّوازن األصيل اخرتاقا‬ ‫ليس كاأليام‪ ،‬يرضب فيه‬ ‫َ‬ ‫األيام" إىل "عامة يوم"‬
‫الصهيوني"و "خليفته املخلوع بن عيل"هم أدوات "حرب‬ ‫القص ثالثيا‪ .‬جاءت‬ ‫ّ‬ ‫باعثا عىل‬ ‫الراوي ورفيقه يف الصحراء ترحاال أوقفهما عىل‬
‫صليبية جديدة" وحصائل" مقررات التعليم (‪ )...‬يف‬ ‫االخرتاقات الثالثة‪ ،‬سياقيا‪ ،‬عىل‬ ‫ما لم يريا قط يف مألوف األيام‪ ،‬فكان أن لهج بذلك‬
‫املدارس والجامعات"( ص‪ .)62‬وزاد الورعون الثوريون‬ ‫النحو التايل‪ :‬اخرتاق توازن الراوي‬ ‫"أحاديث" وإخبارا قصصيا‪.‬‬ ‫َ‬ ‫الراوي‬
‫عىل ذلك بتعنيف أهل الفكر واألدب والفن واملتظاهرين‬ ‫الصمت باقتضاء‬ ‫ّ‬ ‫فتحي ليسري الكاتب عىل‬ ‫وافتتح الروائي عبد الرحمان منيف"مدن امللح"‬
‫الذين يخالفونهم مخالفة سياسية وثقافية "بهراوات‬ ‫الكتابة‪ ،‬واخرتاق التوازن عىل‬ ‫بما ييل‪" :‬فجأة إنه وادي العيون"‪ .‬فما قبل " الوادي"‬
‫شعبية" وأخرى أمنية يمسكها رجال أمن زرعهم الثوار‬ ‫التعايش مع املجتمع بمؤامرة "الثورة"‪ ،‬واخرتاق توازن‬ ‫صحراء رتيبة الرمال واللظى‪ .‬ويف رتابتها توازنُها األصيل‬
‫عىل عجل يف الدولة‪ ،‬فأدّوا املهام أداء مضحكا‪ ،‬ال سيما‬ ‫َ‬
‫اخرتاق املجتمع‬ ‫املرويّ عنه فريد عبد الخالق وقد استبطن‬ ‫وتوازن املسري فيها فال فجاءة تنهض عليها أقاويل‪ .‬إنه‬
‫أثناء" أحداث ‪ 9‬أفريل"( ص ‪ ،131‬ص ‪ .)140‬وتصاعد‬ ‫ِف وعليه اعتاد‪.‬‬ ‫الذي كان قد أَل َ‬ ‫مت بفعل املعلوم عن الصحراء يمت ّد إطباقا عىل األفواه‬ ‫الص ُ‬ ‫ّ‬
‫محرار العنف والتحريض الثوريني إىل أن بلغ االغتياالت‬ ‫أما الصمت‪ ،‬توازنا أصليا لدى الكاتب الراوي‪ ،‬فقد اهت ّز‬ ‫وتلثما‪ .‬لكن ظهور "الوادي فجأة" يف البيداء ليس من‬ ‫ُّ‬
‫السياسية التي اهت ّز لها كيان البالد وارتجّ والتي مستهلها‬ ‫ُ‬
‫الكتابة‬ ‫بما أل ّم بصديقه فريد وباملجتمع اهتزازا أضحت به‬ ‫ص‪ .‬فهو اخرتاق"لألصيل" من توازنها‬ ‫أصيل ما به تختَ ّ‬
‫األظهر اغتيال شكري بلعيد( ص ‪.)158‬‬ ‫اقتضا ًء ال يُر َّد ‪ ":‬كان ال ب ّد أن أكتب‪ .‬طبَّت عيل الحاجة إىل‬ ‫الكامن يف اعتياد الضاربني فيها عىل ترمّ لها وجفافها‬
‫همّ جُ الثورة الوَرعة أعداءَهم ضبطا دقيقا‬ ‫لقد ضبط ُ‬ ‫الكتابة ‪،‬كالقضاء املحتوم‪ .‬لم يكن لدي فكاك من ذلك وال‬ ‫كالَحا‪ .‬وليس هذا االخرتاق دعوة إىل‬ ‫وصمت أفواههم ُ‬
‫ألهمهم إياه" الشيخ"( ص ‪ .) 250‬إنهم أولئك الذين كانوا‬ ‫مهرب‪ .‬كانت تلك الحاجة التي قرصتني ذات مساء شتوي‬ ‫"حديث أبي هريرة "و إنّما إىل‬ ‫ّ‬ ‫الرحيل السَّ ُ ود كالذي يف‬
‫زوايا ذاك السطح من التوازن أو كانوا أسسا لقاد ِم األحوال‬ ‫كئيب عام ‪ ،2015‬قبل أن يستفحل أمرها عندي برسعة‬ ‫والقص‬ ‫ّ‬ ‫الرواية فتحا للرسد‬ ‫ُ‬ ‫النزول واالرتواء تنبعث منهما‬
‫صمت ِب َتاكم العقل وكسبه‪ .‬فرؤوس أعدائهم‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫تعتمل يف‬ ‫رسطانية بعد ذلك‪ ،‬كناية عن رغبة مكينة‪ .‬شهوة متأججة‬ ‫عىل أنقاض الصمت‪.‬‬
‫النظام التعليمي البورقيبي الذي باخرتاقه يعيدون صياغة‬ ‫كالنار‪ ،‬كلما زدتها حطبا زادت للحطب طلبا"(ص‪.)7‬‬ ‫يف رواية شكري املبخوت" الطلياني"‪ ،‬كان "لصمت‬
‫األجيال‪ .‬والجامعة التونسية التي باخرتاقها ينسخون‬ ‫ُ‬
‫الصمت وقضت" محنة"‬ ‫ُ‬ ‫فبهذا البَوح الحارق انطوى‬ ‫َ‬
‫شؤون‬ ‫القبور" أن يسود تلك املقرب َة وشأنها مثلما يسود‬
‫املعرفة التي ال مح ّل لهم من الوجود يف رحابها‪ .‬وأساتذة‬ ‫القص استهالال عنوانُه"محنةُ‬ ‫َّ‬ ‫الكاتب الراوي أن تستهل‬ ‫وينفض‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫الجثامني الثرى‬ ‫يضم‬ ‫َ‬ ‫سائر املقابر بعد أن‬
‫ينقضون أساطري أوّليهم التي بها يبتنون‬ ‫التاريخ ألنهم ُ‬ ‫ّ‬
‫الراوي"( ص‪ .)7‬هي محنة هزت صربَه عىل الصمت فانثال‬ ‫إن هذا االحتمال هو توازن أصيل أو "قانون"‬ ‫املشيعون‪ّ .‬‬
‫القادم إىل الخلف‪ .‬وأهل الفكر ألنهم يشحذون مبارد التسآل‬ ‫عليه الكالم قصا حَ ّبَه القلمُ‪.‬‬ ‫اجتماعي جار‪ ،‬فال غرابة فيه أو اخرتاق يشحذ األلسنَ‬
‫التي تذيبهم‪ .‬وأهل اإلعالم ألنهم يكشفون عوراتهم‪.‬‬ ‫أما اخرتاق التوازن املجتمعي التونيس بمؤامرة الثورة‬ ‫ويفك عقا َل الصمت‪ .‬لكن لحظة اخرتاق الصمت بالكالم‬ ‫ّ‬
‫ومبدعو األدب والفن ألنهم يُش ّذبون الذائقة ويصقلون‬ ‫فبؤرة كل سائر االخرتاقات‪ .‬فما قبل "محنة الراوي"‬ ‫املرسود هي اللحظة التي فاجأت باالخرتاق مراس َم‬ ‫ّ‬
‫العقل والوجدان تشذيبا وصقال يُفوّتان غىل أوهامهم‬ ‫جاف ملنابع الرواية‪ .‬ذلك أن املجتمع التونيس كان‬ ‫ّ‬ ‫صمت‬ ‫ذلك التوازن‪ .‬إنها لحظة انهيال"الطلياني" لكما وركال‬
‫النفاذَ‪ .‬وقادة السياسة ألنهم‪ ،‬مبرشين بالبناء عىل البناء‬ ‫"متوازنا"عىل"استقرار" مّ ا‪ .‬ويف استقراره‬
‫ٍ‬ ‫قبل‪2011‬‬ ‫مربّحني‪ ،‬أثناء دفن والده‪ ،‬عىل من تسلم الجثمان ليواريه‬
‫عىل غري أسس" الثورية اإلخوانية"‪ ،‬يغلقون السبل إىل‬ ‫رتابة زمانه ا ُملتّصل‪ ،‬وتشاب ُه أيامه املتعاقبة‪ ،‬وألفةُ‬ ‫ُ‬ ‫ذاك‬ ‫الكامن يف املألوف من تلك املواقف‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫التوازن‬ ‫الثرى‪ .‬فقد اهت ّز‬
‫دولة الورع املأجور‪.‬‬ ‫بنص "املالنخويل" أن ذلك‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مشاهده املتعاودة‪ .‬فما يحف‬ ‫لسان الرواية‪،‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫االخرتاق‪ ،‬فح ّرك األسئلة التي ح ّركت‬ ‫ُ‬ ‫واعرتاه‬
‫وهكذا انزاح ما كان يف املجتمع من سابق توازن عىل‬ ‫الزمان وتلك األيام واملشاهد لم يكن قد اعرتاها االهتزا ُز‬ ‫قص دائرية استتب بها توازنٌ‬ ‫ّ‬ ‫فلم يستكن إال بعد بنية‬
‫‪32‬‬ ‫قراءة في كتاب‬

‫الشارع الثقافي‬
‫"لـم ينته الدرس" مذكرات معلمة حلسيبة صنديد‬

‫املحمود من أحواله الظاه ُر أغلبُها وعىل املذموم‬
‫ُ‬
‫التوازن فزلزل‬ ‫منها الخايف أغلبُها‪ .‬لقد اهتز ذلك‬
‫ً‬
‫كيانُه زلزا َله‪ ،‬فأخرج أثقاله بشاعة تضج بها‬
‫أسماؤه السفىل‪ ،‬فإذا هو" فجأة" املجتمع الذي‬
‫التعليم الذي كان‬

‫نص الرواية وش ّد نسيجَ ها ألنه‬ ‫َّ‬ ‫ح ّرك اختالُله‬
‫املجتمع‪ :‬املختل‪ ،‬املنحل‪ ،‬املضطرب‪ ،‬الهمجي‪ ،‬املغايل‪،‬‬
‫العنيف‪،‬الحقود‪ ،‬الثأريّ ‪ ،‬الوسخ ‪،‬القميء‪ ،‬العفن‪،‬‬
‫املشعوذ‪ ،‬املغري‪ ،‬املتلوّن‪ ،‬القبيح‪ ،‬األعرج‪ ،‬الجاهل‪،‬‬
‫د‪ .‬الطيب الطويلي‬ ‫املعقد‪ ،‬املنغلق‪ ،‬الخاوي‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫اليائس‪ ،‬الخائر‪ ،‬الكئيب‪،‬‬
‫الظلوم‪ ،‬القاتل‪ ،‬املتواكل‪ ،‬املتسول‪ ،‬املتنطع‪ ،‬املنفلت‪،‬‬
‫إرادة" يف إشارة بيّنة إىل أن‬ ‫غالبا ما تكون النصوص‬ ‫الرث‪ ،‬املتحيل‪ ،‬املزاجي‪،‬‬‫ّ‬ ‫الصدئ‪ ،‬البليد‪ ،‬األحمق‪،‬‬
‫التعليم هو جرس موصول بني‬ ‫السريذاتية غوصا من طرف كاتبها يف‬ ‫الغافل‪ ،‬املنفصم‪ ،‬املتناقض‪ ،‬القبيل‪ ،‬الجهوي‪،‬‬
‫عصور عدّة‪ ،‬وأن كتابها هو‬ ‫أعماق نفسه‪ ،‬ومحاولة إلخراج ذاته‬ ‫القطاعي‪ ،‬املزيف‪ ،‬الكذوب‪ ،‬الغاش‪ ،‬الجبان‪،‬‬ ‫ّ‬
‫نص تاريخي يرتبط فيه "الزمان‬ ‫ّ‬ ‫يف الصورة التي يرغب فيها والتي يريد‬ ‫القوّاد‪ ،‬املهرب‪ ،‬املاضوي‪ ،‬الرجعي‪ ،‬الساذج‪ ،‬املاكر‪،‬‬
‫والرسد" ارتباطا وثيقا حيث ال‬ ‫أن يقدمها للقارئ‪ ،‬فقد يحجب ما‬
‫املستكني‪ ،‬املتهور‪ ،‬الصارخ‪ ،‬السليط‪ ،‬السمج‪،‬‬
‫النص خارجا‬‫ّ‬ ‫يمكن أن يكون‬ ‫يود إخفاءه‪ ،‬ويقدّم ما يو ّد تقديمه‪،‬‬
‫السالب‪ ،‬املتقلب‪ ،‬الذليل‪ ،‬الرخيص‪،‬‬ ‫البذيء‪ ،‬النّهاب‪ّ ،‬‬
‫عن السياق التاريخي للكاتب أو‬ ‫من أجل تأسيس ذاته املشتهاة التي‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫الوغد‪ ،‬النذل‪ ،‬الخشن‪ ،‬التابع‪ ،‬املقود‪ ،‬السمسار‪،‬‬
‫مجتمعه‪.‬‬ ‫سيخلدها الكتاب ويبقيها محفورة‬
‫النساء‪ ،‬الحشاش‪ ،‬الخسيس‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫املتعهّ ر‪ ،‬املدمر‪،‬‬
‫"املعلم الجيد ليس ذلك الذي‬ ‫يف الذاكرة الجماعية‪.‬‬
‫الدموي‪ ،‬الذبّاح‪ ،‬الطعّ ان‪ ،‬املفجّ ر‪ ،‬القاتل‪ ،‬الرذيل‪،‬‬
‫ينقل املعرفة من خالل عرضها أو‬ ‫وإن كتاب "لم ينته الدرس"‬
‫تلقينها‪ ،‬ولكنه ذلك الذي يساعد‬ ‫لحسيبة صنديد قنوني بدا وكأنه‬ ‫املنبوذ‪ ،‬املتيبس‪ ،‬املائع‪ ،‬املشوَّه‪ ،‬املنقسم‪ ،‬املتصادم‪،‬‬
‫التالميذ عىل بناء تلك املعرفة من‬ ‫حفظ لذاكرة وهوية تعليم تونيس‬ ‫العِ ب َلع‪ ،‬النّمّ ام‪ ،‬الحسود‪ ،‬الدعي‪ ،‬النّزق‪ ،‬الخائن‪،‬‬
‫خالل التفاعالت التعليمية‪ ".‬هذا‬ ‫أيام التأسيس يف فرتة بناء الدولة‬ ‫السخيف‪ ،‬املتصنع‪ ،‬الفوضوي‪ ،‬البدوي‪ ،‬السطحي‪،‬‬
‫هو تعريف املعلم الناجح حسب‬ ‫الوطنية‪ ،‬ورسد لبعض التفاصيل‬ ‫الدساس‪ ،‬اللئيم‪" ،‬املالنخويل"‪ .‬فهل بقي للتوازن‬ ‫ّ‬
‫حسيبة صنديد‪ ،‬وهي بذلك تشري‬ ‫التي قد يتجاهلها البعض‪ ،‬ولكنها‬ ‫سبب وللصمت داع أو صرب عليه !؟‪.‬‬
‫بشكل خفي إىل تنامي األساليب‬ ‫تصنع الفارق بني التعليم الذي كان‬ ‫أما املروي عنه رئيسا فريد عبد الخالق‪ ،‬فقد‬
‫التلقينية التي تعاظمت يف‬ ‫يف العقود الخوايل باملعارف التي كانت‬ ‫اخرتاق التوازن املجتعي ‪ .‬لقد استبطنته‬ ‫َ‬ ‫استبطن‬
‫السنوات األخرية‪ ،‬فنجد التلميذ‬ ‫تٌقدّم للتلميذ‪ ،‬وطرائق التعامل معه‬ ‫بمهجة املثقف الذي لم يتب ّلد أو لم يتعوّد عىل‬
‫يف مختلف املستويات التعليمية‬ ‫البيداغوجية حسب مستويات اإلدراك‬ ‫تزييف إحساسه أو استثمار ما يدور حوله بال‬
‫يحفظ النصوص دون أن يفقه‬ ‫الذهنية للتالميذ‪ ،‬وبني التعليم يف‬ ‫ُ‬
‫وانكشاف‬ ‫ُ‬
‫اخرتاق املجتمع‬ ‫اخرتاق‪ .‬فقد تعدى إليه‬
‫معانيها‪.‬‬ ‫عقدنا الحايل الذي نشهد فيه ما يشبه‬ ‫سوءاته ‪ .‬تعدّى إليه "فجأة" ألن الهواجس كانت‬
‫يف عالقاتها الخاصة ببعض‬ ‫االستقالة للتعليم العمومي لفائدة‬ ‫فيه كامنة‪ ،‬متدثرة بالتألق املهني واإلقبال عىل‬
‫التالميذ التي دامت لسنوات‬ ‫تعليم خاص يمت ّد ويكتسح‪.‬‬ ‫متع الحياة‪ .‬يقول الراوي ‪":‬فجأة مسك فريد رأسه‬
‫طويلة‪ ،‬وفيما روته عن بعض‬ ‫حسيبة صنديد هي معلمة أوىل‬ ‫بني يديه كأنما يحاول أن يمنعه من االنفصال عن‬
‫تالميذها الذين اعرتضتهم بعد‬ ‫متقاعدة‪ ،‬وقد بدأت قصتها مع‬ ‫جسده ‪،‬و قال بصوت واهن‪ :‬أشعر بدماغي تحرتق‪،‬‬
‫عقود وقد نجحوا أو فشلوا‪ ،‬ويف‬ ‫معهد ترشيح املعلمني بسوسة يف‬ ‫تتالىش"(ص ‪.)67‬‬
‫بعض الدموع التي سالت حزنا عىل فقد تلميذ أو‬ ‫بداية السبعينيات‪ ،‬وروت كيف كان والدها يحلم أن‬ ‫فبعد أن كان رمزا لألناقة والزهو و"الوسامة‬
‫خوفا عىل مستقبله‪ .‬يف كل هذا إبراز ملقام التلميذ‬ ‫يكون البنته رشف مهنة "مع ّلمة"‪ ،‬فهي يف نظره‬ ‫الهوليودية"‪ " ،‬ذوى وذبل ولحقه ضمور" و"‬
‫يحس املعلم أنه جزء من‬ ‫ّ‬ ‫يف نفس املعلم‪ ،‬وكيف‬ ‫من أرشف املهن وأنبلها‪.‬‬ ‫استبانت(‪ )...‬مالمحه املرهقة ‪ -‬يقول الراوي‪: -‬‬
‫صناعة قصة نجاح تلميذه‪ ،‬وأنه كذلك يتحمل‬ ‫وتصف الراوية أجواء دخولها إىل هذا العالم‬ ‫وجنتان شاحبتان‪ ،‬عينان مربدّتان‪ ،‬وجفون ذابلة‪.‬‬
‫املسؤولية يف فشله‪.‬‬ ‫الجا ّد واملمتع‪ ،‬وتروي كيف كانت العالقة بني‬ ‫وزكمتني هبّة من رائحة خمر انبعثت من فمه‪.‬‬
‫التلميذ قد يكون يف أحيان كثرية جزءا من ذات‬ ‫الزمالء واملدير واملرشدين البيداغوجيني‪ ،‬وكيف‬ ‫تساءلت يف عجب‪ :‬يا إالهي‪ ،‬منذ متى أصبح فريد‬ ‫ُ‬
‫املعلم وشخصيته‪ ،‬ومرآة لكفاءته وإنسانيته‪،‬‬ ‫كان التكوين دقيقا ومتينا ومبنيا عىل أسس علمية‬ ‫يرشب يف الصباح" (ص ‪ .)89‬وتدرج فريد انحدارا‪،‬‬
‫فتتماهى إنّية املع ّلم مع ذلك اآلخر ليصبحا كيانا‬ ‫ومنهجية ومنقسما إىل دروس نظرية وتطبيقية‪.‬‬ ‫الدرك األسفل من الحرية واليأس والقنوط‬ ‫َ‬ ‫فبلغ‬
‫حسيبة صنديد واحدا‪ ،‬فيكون التلميذ امتدادا لهوية معلمته أو‬ ‫"الحصة األوىل" كيف كان‬ ‫ّ‬ ‫ووصفت يف فصل‬ ‫والتدمري الذاتي خمرا متصال ومخدرات وترشدا‬
‫"سيّدته"‪.‬‬ ‫شعور املعلم باملسؤولية تجاه التلميذ‪ ،‬وكيف كان‬
‫ومخالطة للقاع وفقدا ملعنى الوجود واعتالال نفسيا‬
‫الكتاب كأنه مسرية زمنيّة حيث تتغري أفكار الكاتبة ونظرتها‬ ‫املعلم يشعر بالرهبة من هذا الحمل الجسيم الذي يستوجب الصرب‬
‫بلغ مرحلة " املالنخولية"و االختالف إىل عيادات‬
‫النص أو ك ّلما قاربنا من نهاية‬
‫ّ‬ ‫إىل املحيط واملجتمع كلما تقدّمنا يف‬ ‫والشجاعة واالجتهاد‪.‬‬
‫العالج النفيس (ص‪246‬ص‪ .) 252،‬وبهذا االعتالل‬
‫الكتاب‪ ،‬ففي النص حديث كثري عن تفاني املعلم يف أداء رسالته‬ ‫ويمكننا أن نجد يف كل ما ترويه الكاتبة يف مذكراتها رسدا لوقائع‬
‫وذاك االختالل‪ ،‬انشغل أصدقاؤه وقرروا "الوقوف"‬
‫بصدق ودون أطماع‪ ،‬وكأنها تريد أن تحيل إىل انهيار القيم‬ ‫حدثت يف املايض ترمي بالقارئ إىل مقارنات مع ما يقع يف املؤسسات‬
‫إىل جانبه (ص‪ .)201‬لكن عدواه رست بني أولئك‬
‫املجتمعيّة يف زمننا‪ ،‬وهي بذلك ال تستثني املنظومة التعليمية من‬ ‫التعليمية اليوم‪ ،‬ويلحظ البون الشاسع بني الفرتتني‪.‬‬
‫املسؤولية‪ ،‬ولقد رصّ حت بهذا يف نصوص عدّة الحقة لكتابها نرشتها‬ ‫وكما يقول جون سرتوك إن "النص السريذاتي شهادة فريدة‬ ‫السب َل إىل عيادات الطب‬ ‫األصدقاء فاتخذوا جميعا ّ‬
‫عىل بعض املنصات‪ ،‬ناقدة ما أسمته بالتهافت عىل دروس التدارك‬ ‫لإلنسان خالل الزمن‪ ،‬وهي تربط الحيوات القديمة ألصحابها‬ ‫النفيس (ص‪ ،)246‬إال ناجي بن حمزة التابعي‪.‬‬
‫اليوم‪ ،‬واالضطرابات السلوكية للتلميذ‪ ،‬وما يعانيه من ثقل املحفظة‬ ‫بحيواتهم اآلنية‪ ،‬إنها تقديم ماكر للحياة"‪.‬‬ ‫فقد عالج نفسه باالطالع املعريف عىل تلك العدوى‬
‫واألدوات والكراسات وكثرة االوراق والتمارين والكتب املوازية‪ ،‬وأزمة‬ ‫ونجد هذا املكر يف مختلف حكايات الكتاب‪ ،‬ويف انتقائها‬ ‫التي أصابته‪ .‬ومع ذلك لم يتعالج تماما من اختالل‬
‫املطالعة واالبتعاد عن الكتاب‪ ،‬كما قد تشري إىل أثر العوملة يف ضعف‬ ‫للتعليمات التي كانت تتلقاها من املتفقد عن مبادئ الترصيف‬ ‫التوازن لدى صديقه فريد ومن أصداء اعتالله فيه‪.‬‬
‫اللغة ويف تمرير املعلومات املغلوطة للتالميذ‪.‬‬ ‫والنحو والحساب وغريها‪ ،‬وكيف كان القائمون عىل الشأن الرتبوي‬ ‫فكانت الكتابة دواءه الدّاهم الذي استكمل به دواء‬
‫يمكننا اعتبار كتاب " لم ينته الدرس" بمثابة الحفر يف تاريخ‬ ‫بأدق التفاصيل‪ ،‬فال مجال لخطأ يمكن تجاهله‪ ،‬كما أن‬ ‫ّ‬ ‫يعتنون‬ ‫القراءة‪ ،‬فكف عن الصمت املباح فاتصل قوله رواية‬
‫التعليم التونيس‪ ،‬ويف كيفية تطور العالقة بني التلميذ ومعلمه‪ ،‬وهو‬ ‫نفسية التلميذ وأفكاره العفوية لها حيز كبري من االهتمام لدى‬ ‫اسمها "املالنخويل"‪.‬‬
‫رسد لذاكرة مدارس تونسية وأطر تعليمية وبيداغوجية م ّرت عىل‬ ‫املكوّنني‪ ،‬فلقد كانت هناك دروس تطبيقية عديدة عن التعبريات‬ ‫لقد أتقن فتحي ليسري إنشاء مدارج ذلك‬
‫هذه األرض وقامت بأعمال جليلة وكوّنت أجياال ممّ ن عمّ روا هذه‬ ‫الشفوية التلقائية لدى األطفال‪ ،‬وكيف يمكن فهمها والتعامل معها‪.‬‬ ‫االخرتاق الثالثي إتقانا أخاذا من جهة وواصال‬
‫األرض أو سافروا لتعمري غريها‪ .‬هو رسد يسرتجع ذكريات أجيال‬ ‫وال يمكن للقارئ أن يتغافل عمّ ا آلت إليه املنظومة التعليمية‪،‬‬ ‫من جهة أخرى بني مهجة الفرد ومهجة الفئة‬
‫صنعت واقعا قد كان جميال بفضل العمل الدؤوب لألجيال السابقة‪.‬‬ ‫ويفكر يف أسباب نقص الجودة التي كانت كبرية يف فرتة جميلة‬ ‫املشرتكة ومهجة املجتمع الجمعية‪ .‬ولعل هذا‬
‫وبعد أن فقدنا ثقافة العمل وقيمته‪ ،‬تدعو الكاتبة األجيال الحالية إىل‬ ‫من زمن التعليم بتونس سنوات السبعينيات‪ ،‬ث ّم أخذت يف التناقص‬ ‫الوصل هو أحد أهم مداخل التأويل يف هذه الرواية‬
‫الج ّد والك ّد يف العمل‪ ،‬حيث تنهي كتابها قائلة‪ " :‬من نام ال يرتجى‬ ‫تدريجيا مع كل عرشيّة‪ ،‬حتى وصلت إىل ما هي عليه اليوم‪ .‬وقد‬ ‫وسبل استنطاقها الداليل‪ .‬ومدار ذلك عىل حظ الفرد‬
‫منه الفالح‪".‬‬ ‫تخيت الكاتبة عنوانا ألحد الفصول‪" :‬بني املايض والحارض‪ ،‬قصة‬ ‫ّ‬ ‫من الوعي األليم وحظ الفئة منه واملجتمع‪.‬‬
‫‪33‬‬ ‫الشارع الثقافي‬ ‫مسرح‬
‫من هم أعداء‬ ‫" فالغرانتي " آلسيا الجعايبي ‪:‬‬
‫قراءة مجالية فنية‬

‫المسرح!؟‬
‫أ‪.‬حاتم تليلي المحمودي‬
‫(ناقد مسرحي)‬
‫أ‪.‬أنور الشعافي (مسرحي)‬
‫‪ en voix off‬متوجِّ هة للمشاهدين يف ما يمكن‬ ‫على مدى السنوات العشر‬
‫يجب أن نعرتف اآلن‪ .‬ثمّ ة قلق آخر يرسي عىل الساحة املرسحية‪،‬‬
‫هذا الذي يحدث يف مطابخ املرسحيني أنفسهم ال يف معاركهم ض ّد‬ ‫لهم فعله وهو يف حقيقته ما ال يجب عليهم‬ ‫الماضية‪ ،‬ظهر اتجاهان رئيسيان‬
‫فإن مسألة طرح سؤال من‬ ‫ّ‬ ‫السلطة السياسية الراهنة‪ .‬ولذلك‪،‬‬ ‫فعله مثل الحديث يف هواتفهم ويف نفس‬ ‫على المسارح األوروبية يمكن‬
‫هم أعداء املرسح تبدو وجيهة إىل ح ّد مّ ا‪ ،‬فليس كل من ينتسب إىل‬ ‫الوقت هي دعوة ضمنية للحرية الشخصية‬ ‫اعتبارهما إرثًا لمسرح ما بعد‬
‫إن ما يح ّركه هو‬‫الفن يع ّد غيورا عليه بالرضورة‪ .‬عىل األغلب‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫هذا‬ ‫وهي رسالة العرض ‪ Le message‬حسب مثال‬ ‫الدراما ‪ Le postdramatique‬هما‬
‫ّ‬
‫النزعة الذاتية‪ ،‬إقامته هو يف تخوم االنتساب إىل هذا الفن وموقعه‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫جاكوبسون ‪.Le schéma de Jakobson‬‬ ‫الكتابة المسرحية ‪l’écriture de‬‬
‫هذه املرسحية ساهمت يف إنتاجها جمعية (‬ ‫‪ plateau‬كما حددها ‪Bruno Tackels‬‬
‫وسيسعى إىل ذلك بأشكال ثورية أو حتى انتهازية عىل حساب‬
‫موجودين) والتي تُعنى بهذه األقلية وال يخفى‬
‫الفن‪ .‬ولذلك سيتصدّر املشهد رهط من اإلداريني والنقابيني‬ ‫ّ‬ ‫هذا‬ ‫والتي تستبدل فكرة الكتابة النصية‬
‫عىل أحد داللة اإلسم الوارد يف شكل إسم مفعول‬
‫والثورجيني والتافهني واألمنيني وقلة من املبدعني ولن تكون‬ ‫بنوع آخر من الكتابة تتأسس على‬
‫مكسور واألصل هو( موجودون) والعرض جاء‬
‫املحصلة غري السقوط مجدّدا يف مربّع املوت املرسوم لهم سلفا‪.‬‬ ‫كل مجموعة المسرح ‪Le plateau‬‬
‫يف هذا اإلطار إثباتا لوجود ال يمكن إنكاره وقد‬
‫‪ -‬النضال القائم عىل ردّة الفعل نتيجته الهزيمة‪ ،‬ال يصنع الحدث‬ ‫لتصبح ‪ pluridisciplinaire‬من ناحية‬
‫راوحت املخرجة بني املواقف املرسحية الدرامية‬
‫بل يعيد استحضار عذابات سيزيف‪.‬‬ ‫أخرى ‪ ،‬فإن مفهوم الدراما الجديدة‬
‫وبني املنحى التعليمي ‪ didactique‬عرب الخطاب‬
‫‪ -‬الوحدة بني املرسحيني التي ال تحدث إال أثناء األزمات ال تعكس‬ ‫‪ le néo-dramatique‬يُبقي النص‬
‫املبارش عن تفاصيل قوانني مثل الفصل ‪230‬‬
‫مشرتكا مرسحيّا‪ ،‬بل تؤسس لتقاطعات نضالية فاشلة ألنها‬
‫من القانون الجنائي الذي يجرم املِثليّة الجنسية‬ ‫والشخصيات والخيال كأساس حتى‬
‫ستحتكم بالرضورة إىل حسابات ذاتية ضيّقة ترشّ ع للتخوين أكثر‬
‫وهو يعود إىل سنة ‪ 1913‬وتناقضه مع بعض‬ ‫وإن كان النص مُ فكَّكا ‪ ،‬والشخصيات‬
‫من أيّ يشء آخر‪.‬‬
‫ّ‬
‫فصول الدستور الضامنة للحقوق والحريات‬ ‫غير مكتملة والخيال مشوَّها ويصبح‬
‫تتوسل املرسحيني كي ينخرطوا يف‬ ‫‪ -‬النقابات املرسحية التي‬ ‫وكذلك اإليقاف التحفظي الذي ين ّ‬
‫صلبها‪ ،‬والعاجزة عن إصدار بالغ أو بيان سليم حتّى‪ ،‬ليست نقابات‬
‫ظمه الفصالن‬ ‫السرد أحد عناصر العرض‪ ،‬كل هذا دفع‬
‫‪ 13‬و‪ 13‬مكرر من مجلة اإلجراءات الجزائية‪ ،‬كما تابعنا تعريفا‬
‫فعال‪ ،‬بل هي مجموعات برشية تسعى إىل الحفاظ عىل مصالحها‬
‫علميا ملفهوم الهوية الجندرية ‪.L'identité de genre‬‬ ‫باملرسح إىل إعادة دمج العنارص املستعارة من الواقع ومن‬
‫ولو كان ذلك عىل حساب الربّ األزرق‪.‬‬
‫ستة مؤدين ‪ des performers‬وهي التسمية األصح‬ ‫الوثائقي حدث هذا مع أحد رواد الدراما الجديدة ‪Falk Richter‬‬
‫‪ -‬الصمت عىل جرائم املرسحيني من قبل البعض من املرسحيني‬
‫للمرجعية الجمالية لألداء يف هذا العرض بمساحات متباينة‬ ‫يف مرسحيته ‪ Hôtel Palestine‬التي إنطلق فيها من‪ ،‬مؤتمر‬
‫ومن ث ّم طعنهم من الخلف غدرا ال يك ّرس إال ملزيد من الضغينة‬
‫جامعة بني مبتدئني وراسخني ( فاطمه بن سعيدان) التي‬ ‫صحفي وقد قدّم فيها االحداث والوقائع واملعلومات كواقع‬
‫والرياء املرسحي والقرف الفني ويجعل من الوجود املرسحي‬
‫تأ ّلقت كعادتها إىل جانب مبدعني واعدين (أسامة الشيخاوي)‬ ‫أسطوري‪ .‬يف هذين الشكلني ‪ ،‬الكتابة املرسحية والدراما الجديدة‬
‫مستنقعا عفنا‪.‬‬
‫الذي أقنع يف نوعني أدائيني مختلفني ( رقص مرسحي وأداء‬ ‫‪ L'écriture de plateau et Le théâtre néo-dramatique‬يقع‬
‫‪ -‬التعاطف مع السياسيني كالوزير الذي تمّ ت إقالته ال يعكس‬
‫تشخييص ) وقد تكوّن ميدانيّا وبمدرسة املمثّل للمرسح‬ ‫إستعمال املحاكاة والرسد ‪ la mimésis et la diégesis‬فيتحدث‬
‫رشفا مرسحيا‪ ،‬بل يك ّرس للغباء السيايس‪ ،‬فمن أقاله كان ينتظر‬
‫منه الوقوع يف أوّل ّ‬ ‫الوطني مع اإلشارة إىل موهبة الفتة لبقية الفريق‪ .‬اإلضاءة‬ ‫املمثلون مبارشة للجمهور كرسا للجدار الرابع فتتعايش‬
‫فخ يضع فوقه أقدامه‪ ،‬ومن أقاله استعمله‬
‫ومقتصدة وتراوحت بني شاملة وإضاءة ‪-‬‬ ‫ِ‬ ‫كانت وظيفيّة‬ ‫درجتان من الواقع جنبا إىل جنب وهما واقع املوقف املرسحي‬
‫سابقا كحصان طروادة أثار من خالله جدال ثقافيا وسياسيا‬ ‫ِّ‬ ‫ّ‬
‫ِمنطقة ‪ lumière de zone‬وكذلك املرشحات اللونية املتمثلة يف‬ ‫وكذلك الخيال الدرامي‪.‬‬
‫كي يحجب عنّا مصيبة وزراء آخرين‪ ،‬ومن أقاله استغ ّل شعبويته‬ ‫ّ‬
‫الشفاف رقم ‪ 201‬حسب مقياس ‪ Lee filtres‬وكذلك الوردي‬ ‫كان الب ّد من هذه املقدمة النظرية للولوج إىل العالم الجمايل‬
‫وإفراطه يف الغباء‪ ،‬ومن نصحه يف الوزارة بالنزول إىل احتجاج‬
‫‪ ROSE 002‬واألزرق ‪ 722‬وكان إستعمالها واعيا بمناخات‬ ‫ملرسحية " فالغرانتي" آلسيا الجعايبي والتي قدّمتها مؤخرا‬
‫الفنانني كان يعرف مصريه‪.‬‬
‫العرض وليس تلوينا يف حصة رسم يف روضة أطفال كما يفعل‬ ‫بقاعة الريو بالعاصمة وإذا كان البد من عنوان لهذا العرض‬
‫‪ -‬مغازلة السياسيني لن تنتج عنه سوى عملية احتطاب‬ ‫ْ‬
‫راوحت بني األسود املحايد والداليل مع‬ ‫عديد املرسحيني‪ .‬املالبس‬ ‫فيمكن إستعارة عنوان إحدى روايات الكبري ‪Gabriel García‬‬
‫مرسحي عىل حساب املرسحيني‪ ،‬ومن ث ّم نواح جديد ونباح مبحوح‪.‬‬
‫وعي بظالل األلوان ‪ nuances des couleurs‬واإلنتباه إىل درجته‬ ‫‪ Márquez‬وتعديله إىل "رسد أحداث إختفاء معلن" ‪Chronique‬‬
‫‪ -‬هسترييا التموقع‪ ،‬تنتج مسوخا إداريني ونقابيني ومنتجني ال‬
‫وتد ّرجه ممّ ا خلق سيمفونية مشهدية‪.‬‬ ‫‪ d'une disparition annoncée‬ألنه يختزل الحكاية ‪ :‬حادثة‬
‫أكاديميني وباحثني ونقاد ومبدعني‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫مبشة بجيل قادم متم ِّكن من‬ ‫"فالغرانتي" هي مرسحية‬ ‫إختفاء الشاب فارس الباجي ويف العنوان معنى الرسد كأحد‬
‫‪ -‬التعددية النقابية لم تنتج حراكا مرسحيا‪ ،‬بل أنتجت رضبا‬
‫أدواته ومرسح معارص يسحب البساط من ساحة تسودها‬ ‫عنارص جمالية العرض وفيه مفهوم الزمن وقد جاء يف شكل‬
‫من نشاط البولسة بني النقابات نفسها‪ ،‬وأنتجت تسابقا عشوائيا‬
‫صنّاعها وج ّل جمهورها وطائفة من‬ ‫سلفية جمالية لدى بعض ُ‬ ‫يوميات بإشارات كرونولوجية رقمية يف خلفية الفضاء الركحي‬
‫عنوانه بعبارة بريشت "الحركة هي كل يشء والهدف النهائي ال‬
‫ن ُ ّقادها من الذين يكتبون بأدوات عفا عليها الزمن ‪obsolète‬‬ ‫ذريعة ‪ Un pretexte‬للموضوع‬ ‫ً‬ ‫وقد كانت حادثة االختفاء هذه‬
‫يشء"‪.‬‬
‫بكتباتهم ا ُملتم ِّكنة لغويًّا ‪ ،‬السطحية مرسحيا حيث ال يعرفون‬ ‫‪ -‬املحور وهو قضية املثلية الجنسية يف مجتمع تونيس غري‬
‫‪ -‬من يخاف املواجهة‪ ،‬مصريه ضفدع كئيب يف مستنقع وزارة‬
‫من املرسح سوى أرسطو ودبيونيزوس وكذلك بسبب نظرة‬ ‫متسامح ‪ non-tolérant‬مع كل ما هو مختلف‪.‬‬
‫الثقافة‪.‬‬
‫أخالقية ملوضوعها‪ ،‬لذلك لن تُحظى هذه املرسحية بمرافقة‬ ‫إستعملت املخرجة كل تقنيات الكتابة املرسحية ‪l'écriture‬‬
‫من منّا تج ّرأ عىل أناه وحاول تغيريها؟ من منّا تجرأ عىل ذلك‬
‫نقديّة مُستحَ ّقة‪.‬‬ ‫‪ de plateau‬حتى قبل بداية املشهد االستهاليل عن طريق صوتها‬
‫االعرتاف العنيف بقتل املرسح؟ من منا امتلك قوة السري وراء جنازة‬
‫معرتفا بجريمته الغادرة؟ ومن منا سيعرتف اآلن بفشله‬ ‫ً‬ ‫الفن وبكى‬
‫املرسحي‪ ،‬بعد أن أنهكته املدينة وحولته إىل قاتل حاقد؟‬
‫ك ّلنا يدّعي ارتباطه بيسوع النارصي املنقذ‪ ،‬وك ّلنا يرتدي‬
‫ثوب الطهارة املسيحية‪ ،‬تلك التي قال عنها جيل دولوز‪" :‬إنها‬
‫تحب الحياة‪ ،‬مثلما يحبّ الطري الجارح الحمل‪ :‬ناعما‪ ،‬وممزقا‪،‬‬
‫ومحترضا"‪.‬‬
‫أنظروا إىل املرايا‪ ،‬شاهدوا وجوهكم جيّدا‪ ،‬تأمّ لوا خرائط الجريمة‬
‫يف مسامات الجبني والخدّين‪ :‬حتما سيعرتف معظمكم بالعجز أو‬
‫الجريمة‪ .‬ولكن ال أحد منكم لديه القدرة عىل الخروج من بيته دون‬
‫أن يرتدي قناعا يخفي وحشيته‪ :‬إن شكل إقامتنا يف هذه املدينة‬
‫يفرض علينا ثوب املالك املسخ !‬
‫ما العمل؟‬
‫سؤال عقيم عقم من سيطرحه‪ ،‬ولكن ثمّ ة تحت هذا الرماد‬
‫الذي يخيّم سديم مرسحي كالجمر‪ ،‬جمر سنراه يوما‪ ،‬وسنرى ناره‬
‫خارج أفق هذا الوجود املقرف ونتن الرائحة كجثّة الضبع‪.‬‬
‫فاطمة بن سعيدان أثناء التمارين‬
‫‪34‬‬ ‫الشارع الثقافي‬ ‫مسرح‬
‫«صفقة»‪ ..‬مرسحية فرنكو‪-‬تونسية‬

‫جتادل الثنائيات الوجودية بديبلوماسية البيع والرشاء‬
‫د‪.‬فوزية ضيف هللا ‪ -‬جامعة تونس المنار‬
‫الصعب تسمية الرغبة‪ ،‬هل هي الرغبة يف اآلخر؟ هل هي رغبة‬ ‫فقد تم عرض هذه املرسحية يف فيفري ‪ 1987‬يف مرسح‬ ‫تم عرض مسرحية «صفقة» بمسرح‬
‫الرغبة يف اآلخر؟ فربما تكون الرغبة يف املوت هي الرغبة الحقيقية‬ ‫(‪ ،)Nanterre-Amandiers‬من إخراج (‪ ،)Patrice Chéreau‬مع‬ ‫المبدعين الشبان في إطار برمجة لقاءات‬
‫الوحيدة التي يصعب إشباعها لآلخرين‪ .‬ولكن قد يتحوّل هذا‬ ‫(‪ )Laurent Mallet‬و(‪ ،)Isaach de Bankolé‬ثم أعيد إحياؤها‬ ‫مسرحية لقطب المسرح والفنون الركحية‬
‫الحوار القاتل إىل رقصة‪ ،‬وربّما احتضان‪.‬‬ ‫يف نهاية عام ‪ - 1987‬بداية عام ‪ ،1988‬مع ‪ Laurent Mallet‬و‬ ‫بمسرح أوبرا‪-‬تونس يوم الجمعة ‪ 10‬جوان الجاري‪.‬‬
‫هل تنجح اللهجة العامية التونسية في‬ ‫‪ Patrice Chéreau‬يف دور التاجر‪ .‬وتم إصدار نسخة ثالثة يف ‪1995‬‬ ‫«صفقة» عمل فني مقتبس عن نص مسرحي‬
‫مجادلة كولتاز؟‬ ‫‪ ،1996 -‬يف مصنع (‪ ،)des illets‬مع باسكال جريجوري وباتريس‬ ‫لبرنار ماري كولتاز (‪)Bernard-Marie Koltès‬‬
‫إن ما اختص به االخراج الفرنكو‪-‬تونيس ملرسحية «صفقة»‬ ‫شريو‪.‬‬ ‫(‪ .)1989 - 1948‬في عزلة حقول القطن (‪Dans la ‬‬
‫هو تحويل ملفوظات التاجر اىل العامية التونسية يف حني حافظ‬ ‫ثم عُ رضت يف أكتوبر ‪ 2001‬يف مرسح جريار فيليب يف سان‬
‫‪ ،) solitude des Champs de cotton, 1985‬ومن‬
‫العميل عىل امللفوظ الفرنيس‪ .‬ان تحويل النص الفرنيس اىل‬ ‫دوني‪ ،‬ويف جانفي ‪ 2004‬يف مرسح (‪Théâtre de la Commune‬‬
‫تمثيل واخراج غازي الزغباني وسبستيان امبالر‬
‫الدارجة‪ ،‬له دالالت عديدة‪ ،‬أهمها تجديد النص الذي تم استهالكه‪،‬‬ ‫‪ ،)in Aubervilliers‬يف مارس ‪ ،2004‬يف املنتدى الثقايف (‪Forum‬‬
‫‪ ،)culturel du Blanc-Mesnil‬نوفمرب ‪ 2004‬من اخراج جون‬ ‫(‪.)Sébastien Amblard‬‬
‫تبسيط املعاني الواردة فيه‪ ،‬فهو نص مكثف جدا وفلسفي‪ ،‬اعطاء‬
‫الثقة يف لهجتنا العامية التونسية لتعاند أسلوب كولتاز‪ .‬ولكن‬ ‫كريستوف سايس ‪ ،‬جانفي ‪ 2005‬بباريس (‪Théatre des‬‬
‫‪ ،) Abbesses‬يف فيفري ‪ 2016‬باخراج ‪ Roland Auzet‬بمرسح‬ ‫هذه املرسحية كتبها برنارد ماري كولتيس عام ‪ .1985‬وهي‬
‫نجح النص الجسدي واللحمي كما أداه غازي العيادي‪ ،‬ولكن ظل‬ ‫مؤهلة منذ فرتة طويلة لتمثل ما يسمى «املرسح األدبي»‪ ،‬وتؤكد‬
‫النص املنطوق بالدارجة مبتورا‪ ،‬ينقصه اشتغال كبري عىل األلفاظ‬ ‫(‪ .)Théâtre des bouffes du nord‬ثم أخرجها تشارلز بريلينج‬
‫الذي قام يف الوقت ذاته بدور العميل وعرضت يف أكتوبر ‪2016‬‬ ‫أسلوب كولتاز الذي ينطلق من مونولوغات‪.‬‬
‫املنتقاة‪ .‬لذلك فان املرور من االنصات اىل املنولوغ الفرنيس اىل‬ ‫تعترب املرسحية مونولوغا مطوال بني شخصيتني هما العميل‬
‫املونولوغ التونيس‪ ،‬فيه كثري من االحساس بالنزول من درجة‬ ‫(املرسح الوطني بسرتازبورغ) وعرض مرتني يف أكتوبر ‪2017‬‬
‫بمرسيليا‪.‬‬ ‫والتاجر‪ :‬فعندما يعرتض العميل طريق التاجر يف مكان خال‪،‬‬
‫اىل درجة‪ ،‬الن طبيعة لغة كولتاز املشفرة واملكثفة والتجريدية‪،‬‬ ‫أواخر الليل‪ ،‬يحاول التاجر عرض بضاعته‪ ،‬دون ذكرها‪ ،‬مشريا‬
‫ممتلئة باملجاز والقسوة والحدة‪ .‬ولكن تكون عملية محاولة‬ ‫نص كولتاز‪ ،‬ديبلوماسية اإليروس‬ ‫اىل كونه يرغب يف تحقيق الرغبة لدى العميل‪ ،‬وسط محاورة‬
‫تكييف نص كولتيز مع لهجتنا الدارجة مبتورة‪.‬‬ ‫أم دياليكتيكا القيم؟‬ ‫مكثفة‪ ،‬مبهمة‪ ،‬تستبطن أحيانا‪ ،‬وتعلن أحيانا أخرى عن نمط من‬
‫كذلك لم نالحظ تجديدا كبريا فيما يخص االخراج‪ ،‬ويكاد يكون‬ ‫يُتقن النص «تجارة الوقت‪ ،‬تجارة الكالم‪ ،‬بلغة الديبلوماسية‪،‬‬ ‫التحذير والقسوة والتهديد‪ .‬يتقن التاجر املجادلة يف كل مراحلها‪،‬‬
‫التصور السينغرايف رتيبا متكررا‪ .‬ان العودة اىل العروض التي تمت‬ ‫عىل طريف نقيض‪ ،‬يستحرض البائع ما ينقص الشاري‪ ،‬ويستهدفه‬ ‫يشحنها بأساليب االغراء‪ ،‬يشحنها بمفاهيم مجردة‪ ،‬تتجاوز‬
‫للنص‪ ،‬وهي عروض مسجلة ومبثوثة عىل االنرتنات بشكل متاح‪،‬‬ ‫اىل موضوع الرغبة انطالقا من حدسه لغياب الرغبة‪ ،‬واىل موضوع‬ ‫قيم البيع والرشاء فتمتد لتصبح جدال حول القيم التي تعرض‬
‫تبني رتابة االخراج وتكراريته‪.‬‬ ‫الحب يف غياب الحب‪ ،‬يجعله منصتا بارعا‪ ،‬يفتعل له مشاهد‬ ‫وتُشرتى‪ ،‬بالعودة اىل ملفوظ صادي وقايس‪ ،‬ووسط منبهات‬
‫صحيح أن النص املرسحي‪ ،‬متجدد من عرض آلخر‪ ،‬حتى لو‬ ‫العنف الغابي‪ ،‬بشكل عدائي مقنع‪ ،‬يبدو أنه يبيع الرغبة فقط‪،‬‬ ‫السيارات‪ ،‬وصوت الحيوانات‪ ،‬وتصدع الفضاء بمظاهر الظلمة‬
‫كان املخرج واحدا‪ ،‬لكن انتظرنا أن يكون التناول التونيس مختلفا‬ ‫لكل من استشعر لديه غيابا للحب‪ ،‬ثم يستدرجه للمتناقضات‪،‬‬ ‫والخالء‪ ،‬ماعدا الركن الذي يشهد عىل الحوار‪ ،‬تحت عمود الكهرباء‬
‫أكثر‪ ،‬صحيح أن النص يعرقل العملية‪ ،‬لكن ال بد من كسب‬ ‫األنثى والذكر‪ ،‬اإلنسان والحيوان‪ .‬ورغم تعداد الثنائيات‪ ،‬فإن‬ ‫العمومي يف الطريق العام‪.‬‬
‫املغامرة اىل آخرها اذا تمت املراهنة عىل نصوص بهذه النوعية‪،‬‬ ‫الغاية هي الرغبة‪ ،‬كيف يمكنه عرض الرغبة عىل الشاري‪ ،‬دون‬ ‫يضاعف كولتاز الثنائيات بني العميل والتاجر‪ ،‬االنسان‬
‫فهي نصوص منهكة‪ ،‬وتستهدف جمهورا معيّنا‪.‬‬ ‫االفصاح عن ديبلوماسية الرغبة يف البيع‪ .‬يبدو بيع الرغبة‪،‬‬ ‫والحيوان‪ ،‬الذكر واألنثى‪ ،‬األبيض واألسود‪ ،‬فضمن هذه األزواج‬
‫ربما تحيل ظاهرة اقتباس النصوص املرسحية‪ ،‬أزمة النص يف‬ ‫مفروضا‪ ،‬ليس معروضا فقط‪ ،‬وبشكل عدائي‪ ،‬تشتعل النريان بني‬ ‫املتضادة من املفاهيم‪ ،‬ثمة عالقة واحدة ممكنة هي عالقة‬
‫املرسح‪ ،‬لكن ال ينبغي أن تتحول هذه األزمة اىل اتكاء متواصل عىل‬ ‫العميل والتاجر‪ ،‬بني املاء والنار‪ ،‬ماء يلعق نارا‪ ،‬بكل عدائية وبكل‬ ‫السوق‪« .‬والحد الوحيد املوجود هوذاك الذي بني البائع واملشرتي‪،‬‬
‫نصوص موجودة ومستهلكة‪ .‬ال بد من التفكري يف فتح ورشات‬ ‫ديبلوماسية‪ .‬ويكون محكوما عىل املاء‪ ،‬استجابة لقانون الرغبة‪،‬‬ ‫ولكنه غري مؤكد‪ ،‬وكالهما يمتلك الرغبة وموضوع الرغبة‪ ،‬سواء‬
‫الكتابة املرسحية بتأطري من املختصني والخرباء‪ ،‬ألنه حتى يف‬ ‫اي قانون البيع والرشاء‪ ،‬أن يغرق النار ويطفئها‪ .‬ويف املقابل تكون‬ ‫كان جوفاء أو بارزة‪ ،‬مع قدر أقل من الظلم‪ .‬أن تكون ذكرا ً أو أنثى‬
‫ّ‬
‫النص‪.‬‬ ‫النص (افرتاضا) ال ب ّد من التفكري يف خلق الرغبة يف‬
‫ّ‬ ‫غياب‬ ‫النار مرغمة‪ ،‬استنادا لغياب الرغبة املرادة‪ ،‬أن تجعل املاء متطايرا‪.‬‬ ‫بني الرجال أو الحيوانات» (كولتاز)‪.‬‬
‫أبدى املمثالن طاقة ابداعية رهيبة ومداومة عنيدة يف تمثيل‬ ‫يصبح الجدال الحاد بني العميل والتاجر‪ ،‬ديبلوماسية أخرى‬
‫‪ - 1‬العروض المتكررة لهذه المسرحية‬
‫األدوار‪ ،‬رغم طول الخطاب‪ ،‬وصعوبة ألفاظه‪ ،‬وهو ما تطلب‬ ‫يف كسب الوقت‪ ،‬وتلك لعبة الرغبة حتى يف انعدامها األخري‪ ،‬وقد‬
‫مجهودات جسدية كبرية وحضور ذهني متميز‪ .‬لكن اتصور أنه‬ ‫يدفعهما كسب الوقت الة تبادل الرضبات‪ ،‬وسط رصاع عنيف‪،‬‬ ‫منذ ‪ 1987‬إلى اليوم‬
‫لو تم استعمال هذه الطاقات الرائعة عىل نص تونيس يتم اخراجه‬ ‫تتمزق فيه الثياب‪ ،‬تشتد فيه اللكمات‪ ،‬تتضاعف العداوة‪ ،‬حتى ال‬ ‫منذ ‪ 1987‬اىل ‪ ،2017‬تداول عىل اخراج هذه املرسحية أكثر من‬
‫بلغتني‪ ،‬لكان ذلك أجمل وأعمق‪ .‬وتظل نصوص كولتاز من أعرس‬ ‫يكون ثمة مجال للعقل ليحكم‪.‬‬ ‫سبعة مخرجني‪ ،‬وصوال اىل االخراج الفرنكو‪-‬تونيس املشرتك بني‬
‫التمارين التي ينبغي عىل طلبة املرسح املرور بها وحذقها‪ ،‬وفهمها‪.‬‬ ‫يقول باتريس شريو ‪ ،‬تتحدث املرسحية عن الرغبة‪ ،‬لكن من‬ ‫غازي الزغباني وسيبستيان مبالر‪.‬‬
‫‪35‬‬ ‫الشارع ا لثقافي‬
‫تدور أحداث الرشيط التي تم تصويره يف مدينة الحمامات‬ ‫سينمائيات‬ ‫مجدي السميري يتوج في المهرجان‬
‫السينمائي الدولي في أمستردام‬
‫بوالية نابل شمال رشق تونس يف غياب والد قدحة‪ ،‬الذي اختار‬
‫الهجرة غري النظامية نحو إيطاليا بسبب الفقر والبطالة‪ ،‬وترك‬ ‫إعداد ‪ :‬منير الفالح‬
‫زوجته وابنه ملصري غامض‪ ،‬حيث ستصبح الحياة فاقدة ألي‬
‫معنى‪ ،‬كما أن الطفل الصغري ترميه األقدار وسط عائلة تمنحه‬ ‫أعلن مجدي السمريي عرب حسابه‬
‫تكاليف العالج بعد الحادث الذي تعرض له لكن بمقابل لم يكن يعلمه‪.‬‬ ‫الرسمي عىل فايسبوك انه تحصل‬
‫وينتهي املخرج أنيس األسود‪ ،‬ببطل الفيلم ”قدحة“ إىل أن يكتشف عن طريق الصدفة‬ ‫عىل جائزة أفضل سيناريو يف مهرجان‬
‫أن تغري نمط حياته وحياة عائلته كان ثمنه بيع كليته لصديقه ”أسامة“ لتشهد حياته‬ ‫أمسرتدام السينمائي الدويل بفيلم‬
‫مسارا جديدا متشعبا ومليئا باملشاعر املتناقضة خصوصا يف عالقته بوالدته ”بركانة“‪.‬‬ ‫"الثالثاء ‪ "12‬وهو من بطولة نيليل كريم‬
‫وقبل تتويجه يف كندا وتشيكيا‪ ،‬أحرز الفيلم جائزة أفضل فيلم روائي طويل يف مهرجان‬ ‫وباسم ياخور وسامر إسماعيل وبديع‬
‫القدس للسينما العربية‪ ،‬فضال عن حصوله عىل جائزة أفضل سيناريو يف مهرجان ماملو‬ ‫أبو شقرا وكارول عبود وستيفاني‬
‫للسينما العربية ‪ ،2022‬كما نال تنويها خاصا من لجنة التحكيم يف مسابقة آفاق السينما‬ ‫عطا الله ‪...‬‬
‫العربية‪ ،‬ضمن فعاليات الدورة ‪ 43‬من مهرجان القاهرة السينمائي الدويل‪.‬‬ ‫عائالت‬ ‫ثالث‬ ‫‪”12‬‬ ‫“الثالثاء‬ ‫يف فيلم‬
‫ومن املنتظر أن يشارك ”قدحة‪ ..‬حياة ثانية“ يف مسابقة مهرجان تطوان لسينما‬ ‫تشكل محور الحكاية وموضوعها‪،‬‬
‫البحر األبيض املتوسط يف دورته السابعة والعرشين املقامة حاليا بمدينة تطوان املغربية‪.‬‬ ‫األوىل تتكون من طبيب جراح منفصل‬
‫يشار إىل أن املخرج أنيس األسود‪ ،‬أخرج أفالما كان أغلبها يختزل جوانب من الطفولة‬ ‫عن زوجته الطبيبة النفسية‪ ،‬ويعيش مع ابنته سلمى‪ ،‬التي تحرتف أو تسعى الحرتاف‬
‫عزف البيانو‪ ،‬مقابل إرصار األب عىل دخولها فرعً ا جامعيًا تتخرج بعده طبيبة أو مهندسة مثل فيلم ”صباط العيد“ (حذاء العيد) و“صبة فلوس“ أو الحصاد السحري وهما‬
‫رشيطان سينمائيان قصريان‪.‬‬ ‫أو محامية‪ ،‬كونه ينتمي لعائلة تكثر فيها هذه االختصاصات وتفتخر بها‪.‬‬
‫أما زوجته السابقة‪ ،‬فهي طبيبة نفسية متزوجة وعىل أبواب إنجاب طفلها‪.‬‬
‫والعائلة الثانية تتكون من رجل دخل السجن بسبب حادثة قتل غري عمد خالل قيادته‬
‫حامل ألفكار التشدد الديني التي صبها عىل ابنته أمل‪ ،‬الراغبة "توم هوالند"أحسن ممثل‬ ‫ً‬ ‫السيارة‪ ،‬وخرج من السجن‬
‫في الحفل السنوي‬ ‫باحرتاف رياضة الجري واملشاركة يف مسابقات دولية‪ ،‬دون تأثري من والدتها املغلوب عىل‬
‫أمرها يف منزل متواضع‪ ،‬وأوضاع مادية غري مستقرة‪.‬‬
‫لـ ‪MTV‬‬ ‫والعائلة الثالثة هي زوج يبكي زوجته التي قضت يف حادث‪ ،‬لترتكه مع ابنته نور‪ ،‬التي‬
‫تتبع حلمها نحو احرتاف رقص الباليه‪ ،‬يعارضها يف ذلك والدها الحزين‪ ،‬ويعينها جدها‬
‫يف الحفل السنوي ل ‪ MTV‬تم اإلعالن عن‬ ‫املحب للحياة رغم شيخوخة ينكرها‪.‬‬
‫لكن استمرارية الحياة وسعي العمل لتصوير هذه االستمرارية جمع بمشهدين جوائز أفضل املمثلني واألعمال التلفزيونية‬
‫والسينمائية واألغاني لعام ‪ 2022‬بأمريكا‪،‬‬ ‫متتاليني وفاة الجد‪ ،‬ووالدة طفل جديد‪.‬‬
‫الركض خلف األحالم‪ ،‬والتشبث بالطموح‪ ،‬والعناد من أجلها‪ ،‬وصايا يقدّمها العمل بحضور نخبة من نجوم هوليوود واملشاهري‬
‫عرب بطالته لتعزيز األمل وقوة اإلرادة وإبعاد أفراد الجيل الناشئ الذي يستكشف هويته‪ ،‬حول العالم منهم جينيفر لوبيز‪ ،‬توم هوالند‪،‬‬
‫سنوب دوج‪ ،‬باريس هيلتون‪ ،‬وأوليفيا‬ ‫عن مفهوم الهزيمة‪.‬‬
‫وباستثناء رشاقة الربط يف املشاهد وسالسة االنتقال بني التحديات الشخصية لبطالت رودريڨو‪.‬‬
‫وشهد الحفل حصول فيلم ‪Spider-Man:‬‬ ‫الفيلم‪ ،‬فاألفكار التي يتناولها تقليدية من الناحية الدرامية‪ ،‬كما يغلب عليها التنميط يف‬
‫بعض األحيان‪ ،‬فإذا كان السجن مصد ًرا لتخريج املتشددين فكريًا فهذا يعني أن املشكلة ‪ No Way Home‬عىل جائزة أفضل فيلم‪ ،‬حيث حقق العمل نجاحا كبريا يف شباك اإليرادات‬
‫يف السجون نفسها‪ ،‬والحل ال يكون بتشويه صورة السجني‪ ،‬خاصة يف الحالة التي يقدمها بحصده أكثر من مليار و‪ 800‬ألف حول العالم‪.‬‬
‫ونال توم هوالند بطل ‪ Spider-Man‬جائزة أفضل ممثل عن دوره يف الفيلم‪ ،‬كما‬ ‫الفيلم‪ ،‬والتي تتحدث عن سجني دون ذنب مقصود‪.‬‬
‫وال تتصاعد أحداث الفيلم رغم توافر الوقت الكايف‪ ،‬نحو ذروة وعقدة درامية تشكل حصدت زيندايا جائزة أفضل أداء عن دورها يف نفس العمل‪.‬‬
‫وفازت جنيفر لوبيز بجائزة أفضل مغنية عن أغنيتها ‪ On My Way‬من فيلم ‪Marry‬‬ ‫جوهر األحداث‪ ،‬فمع بداية توتر األحداث يعاود الفليم االنزالق نحو املألوف واملتوقع‪ ،‬مع‬
‫طرح حكم مسبق بأن العائلة عىل خطأ واألبناء دائمً ا محقني‪ ،‬وهو ما يتعارض مع نهاية ‪ ،Me‬والعمل من بطولتها ويشاركها كل من أوين ويلسون‪ ،‬سارا سيلفرمان‪ ،‬مالوما‪،‬‬
‫وجون براديل‪ ،‬ومن إخراج كات كويرو‪.‬‬ ‫الفيلم نفسه‪.‬‬
‫وحصد جائزة أفضل دور رشير دانيال رادكليف عن دروه يف فيلم ‪ The Lost City‬من‬ ‫ويكشف الحوار‪ ،‬ليس بالكلمات‪ ،‬بل بأدائها‪ ،‬خلخلة يف هوية العمل‪ ،‬من خالل ضياع‬
‫اللهجة أمام جنسيات متعددة ال مربر درامي أو رضورة لجمعها يف القصة‪ ،‬ما يجعل بطولة براد بيت وساندرا بولوك‪ ،‬وتوج ريان رينولدز بجائزة أفضل أداء كوميدي عن‬
‫دوره يف فيلم ‪ Free Guy‬الذي شاركه يف بطولته دوين جونسون وجودي كومر‪ ،‬وفازت‬ ‫الحوار بعيدًا عن املشاهد‪.‬‬
‫سكارليت جوهانسون بجائزة أفضل بطلة عن فيلم ‪.Black Widow‬‬
‫"قدحة"‪ ..‬فيلم‬
‫وفاة الموسيقار فانجيليس مؤلف أشهر‬
‫تونسي عن الطفولة‬
‫موسيقى فيلم في العالم‪..‬‬
‫المعذبة يحصد‬
‫تويف املوسيقار وامللحن اليوناني الشهري‬ ‫مزيدا من الجوائز‬
‫فانجليس‪ ،‬عن عمر ‪ 79‬عاماً‪ ،‬وهو مؤلف‬
‫موسيقى الفيلم الربيطاني "عربات النار"‬ ‫هكذا عنونت وكالة "فرانس‬
‫عام ‪ ،1981‬والتي نال عنها جائزة األوسكار‪.‬‬ ‫براس" بطاقتها عن فيلم أنيس األسود‬
‫وبحسب صحيفة (نيويورك تايمز) فقد تُويف‬ ‫"ڨدحة" ونجاحاته األخرية يف املحافل‬
‫املوسيقار الشهري نتيجة اإلصابة بقصور‬ ‫السينمائية الدولية‪.‬‬
‫القلب‪.‬‬ ‫وينطلق املقال من قولة جاءت يف نهاية الفيلم‪ ":‬أوالدكم ليسوا لكم‪ ،‬أوالدكم أبناء‬
‫وللموسيقار اليوناني ألبومات فردية‪،‬‬ ‫الحياة املشتاقة إىل نفسها“‪ ،‬وهي عبارات قالها األديب اللبناني جربان خليل جربان يف‬
‫كما قام بتأليف موسيقى لألعمال التلفزيونية‬ ‫كتابه ”النبي“‪ ،‬أنهي بها املخرج التونيس أنيس األسود أول أفالمه السينمائية الطويلة‬
‫واألفالم‪ ،‬من بينها "بليد رنر" عام ‪،1982‬‬ ‫”قدحة‪ ..‬حياة ثانية“ الذي يختزل جوانب كثرية من معاناة األطفال وتحدياتهم لتجاوز‬
‫"مفقود" عام ‪" ،1982‬فردوس األرض‬ ‫العقبات التي تعرتض طريقهم‪.‬‬
‫‪ "1942‬عام ‪ ،1992‬لكن تبقى موسيقى‬ ‫وفاز الفيلم األسبوع الجاري بجائزتني جديدتني يف تظاهرتني دوليتني للسينما‪ ،‬إذ‬
‫عربات النار عام ‪ 1981‬أشهرها عىل اإلطالق‪.‬‬ ‫توج بجائزة أفضل فيلم روائي طويل يف الدورة ‪ 62‬ملهرجان ”زلني“ السينمائي (مهرجان‬
‫والجزء األشهر من تلك املقطوعة‬ ‫سينما االطفال والناشئة) يف جمهورية التشيك‪ ،‬قبل أن يحرز جائزة لجنة التحكيم ألفضل‬
‫املوسيقية‪ ،‬البيانو الصوتي الذي يرافق عرشين شابا ً يركضون عىل البحر بحركة بطيئة‪،‬‬ ‫فيلم روائي طويل يف مهرجان الفيلم العربي بتورنتو يف كندا‪.‬‬
‫فيما يتناثر الطني عىل قمصانهم البيضاء‪ ،‬ورساويلهم القصرية‪.‬‬ ‫ويطرح املخرج يف فيلمه عديد القضايا االجتماعية واالنسانية كالهجرة غري النظامية‬
‫ومن أبرز ما قاله فانجيليس‪" :‬لم يكن اهتمامي بإنشاء أوركسرتا سيمفونية‪ ،‬وهو‬ ‫والتربع باألعضاء والبطالة والفقر والترشد وغريها‪ ،‬لكن كل تلك القضايا تدور يف فلك‬
‫األمر الذي يمكنني القيام به بسهولة شديدة‪ ،‬ولكن رغبت بالذهاب إىل أبعد من ذلك‪،‬‬ ‫الطفولة‪ ،‬حيث تبدأ الدراما من قصة ”قدحة“ (شعلة)‪ ،‬بطل الفيلم‪ ،‬وهو طفل صغري ال‬
‫والقيام بأشياء ال تستطيع األوركسرتا السيمفونية القيام بها‪ .‬وأعتقد أني نجحت يف إن‬ ‫يتجاوز عمره ‪ 12‬عاما‪ ،‬يتعرض إىل حادث سري فتنقلب حياته رأسا عىل عقب لكن تلك‬
‫نقال عن مواقع أجنبية‬ ‫شاء يشء كهذا"‪.‬‬ ‫الحادثة تكون منطلقا لبداية معاناة وتحديات كثرية عىل حياته وحياة أرسته‪.‬‬
‫مهذب الرميلي وتقال شمعون‬

‫عروض “‪ ”The Lady of Heaven‬ألسباب أمنية‪.‬‬
‫وقال متحدث‪“ :‬نظ ًرا للحوادث األخرية املتعلقة بعرض فيلم‬ ‫سينمائيات‬ ‫بطال فيلم "قدر" إليمان بن حسين‬
‫‪ ،The Lady of Heaven‬فقد قررنا إلغاء العروض القادمة للفيلم يف‬
‫جميع أنحاء البالد لضمان سالمة موظفينا وعمالئنا”‪.‬‬ ‫إعداد ‪ :‬منير الفالح‬
‫وتظهر مقاطع فيديو عىل اإلنرتنات مدير ‪Sheffield‬‬ ‫املمثل‬ ‫جاء عىل لسان‬
‫‪ Cineworld‬يف شمال إنقلرتا يخرب مجموعة من املحتجني أن العرض قد تم إلغاؤه‪.‬‬ ‫انه‬ ‫الرمييل‬ ‫واملرسحي مهذب‬
‫واستهدفت مظاهرة مماثلة مسارح سينيوورلد يف وسط مدينة برمنغهام ومدينة‬ ‫ينتظر طرح فيلم "قدر" من‬
‫بولتون الشمالية‪.‬‬ ‫إخراج إيمان بن حسني يف اول‬
‫يطلق الفيلم الدرامي التاريخي عىل نفسه اسم الفيلم األول عن حياة فاطمة ابنة‬ ‫تجربة لها يف االفالم الروائية‬
‫النبي محمد‪ ،‬ويتناول الشخصيات التاريخية لإلسالم السني بني تنظيم الدولة اإلسالمية‬ ‫الطويلة‪ ،‬يف القاعات التونسية‪...‬‬
‫يف القرن الحادي والعرشين‪.‬‬ ‫وذكر أن الفيلم يجمع يف أدوار‬
‫وقال املنتج التنفيذي للفيلم مالك شليبك مدافع سالسل السينما “يجب أن تدعم حق‬ ‫البطولة كل من تقال شمعون‬
‫الناس يف مشاهدة األفالم التي يريدون مشاهدتها”‪.‬‬ ‫اململثة اللبنانية املعروفة عندنا‬
‫قال “أعتقد أن دور السينما تنهار تحت الضغط وتتخذ هذه القرارات لتجنب‬ ‫بوقوفها إىل جانب النجم ظافر‬
‫الضوضاء”‪.‬‬ ‫العابدين يف مسلسل "عروس‬
‫بريوت" ووجيهة الجندوبي ومعز القديري ورابعة السايف ويونس الفارحي ورياض‬
‫حمدي ومحمد الداهش ‪...‬‬
‫قبل ما يفوت الفوت في عرض خاص بدار‬ ‫وأضاف أنه فيلم طويل ويتقمص فيه البطولة املطلقة‪ ،‬مضيفا أنه سيعرض يف بعض‬
‫تونس بباريس‬ ‫املهرجانات األجنبية ثم يف تونس‪.‬‬
‫وتابع يف هذا اإلطار ''أنتظره بكثري من االحرتاز‪ ..‬وأعتقد أنه سيكون محطة استثنائية‬
‫تعتزم جمعية توانسة متحدون وجمعية دار‬ ‫يف السينما التونسية‪'' ..‬‬
‫تونس تنظيم عرض ونقاش لفيلم "قبل ما يفوت‬ ‫حدثت‬ ‫واقعية‬ ‫أحداث‬ ‫من‬ ‫مستوحى‬ ‫‪":‬هو‬ ‫الفيلم‬ ‫عن‬ ‫حسني‬ ‫بن‬ ‫إيمان‬ ‫وتقول املخرجة‬
‫يف العالم‪ "...‬قدر" يتحدث عن أقدار العالم ومصري الشعوب‪...‬ويطرح مسألة ماهية الفوت" من إخراج مجدي لخرض يوم السبت ‪18‬‬
‫جوان الجاري بدار تونس‪.‬‬ ‫الكائن البرشي هل اإلنسان يخلق رشيرا أم يصبح كذلك فيما بعد"‬
‫وسيشفع العرض بنقاش مفتوح حول السينما‬ ‫كما تحدثت تقال شمعون عن مشاركتها يف فيلم قدر قاىلة‪":‬سأكون الجالد الذي‬
‫يصنع الرشّ ‪ ،‬ويف الوقت نفسه الضحية التي تع ّرضت للرشّ ‪ ،‬كون الفيلم املستوحى من التونسية بحضور السينمائي واملنتج محمد عيل‬
‫بن حمرة ‪.‬‬ ‫أحداث واقعية‪ ،‬ويتحدث عن جهات خفية تصنع قدر الشعوب الفقرية"‪.‬‬
‫يف فيلم "قبل ما يفوت الفوت " يؤدي رؤوف بن‬
‫عمر دور أب يعمل بتفصيل املالبس ويعيش مع‬ ‫النجم العالمي توم هانكس‬
‫في فيلم "بينوكيو"‬
‫زوجته يف قبو بيت آيل للسقوط مع ابنهما وابنتهما‬
‫ومع تطور األحداث يبدأ املنزل يف االنهيار تدريجيا‬
‫حتى تصبح العائلة محارصة بداخله تبحث عن‬
‫سبيل للخروج‪.‬‬ ‫كشفت ديزني عن الصورة األوىل‬
‫وأثناء رحلة البحث عن مخرج يكشف األب‬ ‫لتوم هانكس من فيلمه املقبل بينوكيو‬
‫رسا أخفاه عن باقي األرسة وهو أنه ينقب عن‬ ‫‪ Pinocchio‬بنسخته الجديدة‪.‬‬
‫كنز أسفل املنزل سمع عنه من والده وكان يحفر خلسة حتى صنع نفقا تحت األرض‬ ‫الصورة‬ ‫يف‬ ‫ويظهر توم هانكس‬
‫ستحاول األرسة من خالله العودة إىل سطح األرض‪.‬‬ ‫بشخصية "غيبيتو" صاحب الشعر‬
‫ويتباين رد فعل أفراد األرسة تجاه املفاجأة التي فجرها األب عن الكنز املزعوم وتكون‬ ‫األبيض والشاربني العريضني‪ ،‬الذي يحلم‬
‫الزوجة املصابة بمرض الربو هي األكثر غضبا بعدما عرفت أن زوجها أبقى األرسة‬ ‫بأن يحوّل لعبته الخشبية بينوكيو إىل‬
‫لسنوات يف هذا القبو بسبب جشعه لكن يظل الحدث املسيطر عىل أحداث الفيلم هو‬ ‫حقيقة‪.‬‬
‫محاولة العودة للحياة من جديد‪.‬‬ ‫ويبدو "غيبيتو" يف الصورة يف منزله‬
‫ويف ندوة عقدت عقب العرض الدويل األول للفيلم باملرسح الصغري لدار األوبرا املرصية‪،‬‬ ‫وهو ينحني عىل طاولة العمل الخاصة به‬
‫قال مخرج العمل مجدي لخرض إن األوضاع االقتصادية يف تونس خالل السنوات القليلة‬ ‫ليكون باملستوى نفسه مع "بينوكيو"‪،‬‬
‫املاضية آخذة يف السوء‪ ،‬ما دفع الكثريين إىل البحث عن املكسب السهل والتعلق باألوهام‪،‬‬ ‫وتم اعتماد التصميم نفسه لشخصية‬
‫وهو ما ظهر يف انتشار ظاهرة انهيار املنازل والبحث عن الكنوز‪.‬‬ ‫بينوكيو املعروفة يف أفالم الرسوم املتحركة‪.‬‬
‫علما وأن من يضع صوته عىل الدمية‬
‫الخشبية هو الطفل بينجامني ايفان‬
‫براد بيت يقاضي طليقته‬ ‫أينسورث البالغ من العمر ‪ 13‬عاماً‪ ،‬والذي‬
‫أنجلينا جولي‬ ‫شارك سابقا ً يف ‪.Emmerdale‬‬
‫ويقوم بإخراج فيلم ديزني الجديد روبرت زيميكيس‪ ،‬والفيلم مقتبس من رواية ‪The‬‬
‫عىل خطى جوني ديب وآمرب هريد‪ ،‬قاىض النجم‬ ‫‪.Adventures of Pinocchio‬‬
‫براد بيت طليقته النجمة العاملية أنجلينا جويل‬ ‫العام‬ ‫يف‬ ‫"بينوكيو"‬ ‫املتحركة‬ ‫رسوم‬ ‫فيلم‬ ‫من‬ ‫األوىل‬ ‫النسخة‬ ‫إىل‬ ‫وكان العالم قد تعرف‬
‫‪ Angelina Jolie‬بتهمة تشويه السمعة‪ ،‬وذلك عىل‬ ‫‪ ...1940‬وسيتم طرح النسخة الجديدة يف سبتمرب املقبل عىل منصة ديزني ‪...+‬‬
‫خلفية موقفها من رشكة نبيذ خاصة بعائلته‪.‬‬
‫واتهم النجم البالغ من العمر ‪ 58‬عاما ً طليقته‬ ‫إلغاء عرض فيلم‬
‫“سيدة الجنة” بعد‬
‫أنجلينا جويل بأنها قامت ببيع نصف مصنع نبيذ‬
‫مرافال الفرنيس‪ ،‬الذي كانا يشرتكان يف ملكيته‪ ،‬إىل‬
‫مؤسسات روسيّة من خالل جمعيات سامّ ة‪ ،‬وذلك‬ ‫احتجاجات من قبل‬
‫إللحاق األذى برباد بيت انتقاما ً منه بعد معركة‬
‫الحضانة‪.‬‬
‫مجموعات إسالمية‬
‫ويف التفاصيل فإن أنجلينا جويل باعت نصف مصنع نبيذ شاتو مريافال خالل العام‬ ‫خارج دور العرض‬
‫املايض وذلك لرشكة روسية تمتلك أيضا ً فودكا ستوليتشنايا الروسية‪ .‬وقدّم الفريق‬
‫القانوني تهم ألنجلينا جويل بانها تحاول إلحاق الرضر بزوجها السابق براد بيت‪ ،‬حيث‬ ‫أوقفت سلسلة السينما الربيطانية‬
‫أن الرشكة الروسية لها نوايا كاملة للسيطرة عىل مصنع النبيذ الكامل الخاص برباد بيت‬ ‫‪ Cineworld‬جميع عروض الفيلم "سيدة‬
‫والذي تبلغ تكلفته عدة ماليني‪.‬‬ ‫الجنة" بعد أن نظمت مجموعات إسالمية‬
‫وال يعلم بعد اذا كان براد بيت يتجه لخوض محاكمة علنية عىل طريقة جوني ديب‬ ‫احتجاجا خارج دور العرض ووصفت‬
‫ضد زوجته السابقة‪ ،‬ويتوقع البعض أنه ويف حال قرر براد بيت البدء باملحاكمة فقد‬ ‫الفيلم عن ابنة النبي محمد بأنه “كفر”‪.‬‬
‫تكون أشهر وأقوى وتحصد اصداء أوسع من محاكمة جوني ديب وآمرب هريد التي شغلت‬ ‫وأعلنت ‪ ،Cineworld‬ثاني أكرب سلسلة‬
‫العالم يف الشهر املايض‪.‬‬ ‫سينمائية يف العالم‪ ،‬أنها ستلغي جميع‬
‫فيلم "ثور ‪ "Thor‬في القاعات‬

‫فيلم "رجال"‬
‫هو أحدث جرعة‬ ‫في قاعاتنا السينمائية‬ ‫في نفس فترة عرضه عالميا‬
‫رعب لرشكة ‪A24‬‬
‫من إخراج آليكس‬ ‫منير الفالح‬ ‫إعداد ‪:‬‬
‫ومن‬ ‫غارالند‬ ‫يواصل املوزعون سعيهم يف تمتيع املتفرج بٱخر‬
‫بطولة جييس باكيل التي تلعب دور امرأة شابة تذهب‬ ‫اإلنتاجات العاملية وعرضها يف نفس فرتة طرحها يف‬
‫بمفردها يف إجازة إىل الريف اإلنڨليزي بعد وفاة زوجها‬ ‫األسواق العاملية ‪.‬‬
‫السابق‪ ،‬لتجد نفسها خاضعة للتعذيب من قبل الرجال‬ ‫يف هذا الفيلم يعد كريس هيمزوورث هو الوحيد‬
‫من حولها يلعب دورهم جميعا ً روري كينري ‪...‬‬ ‫الذي يحصل عىل ‪ 4‬أفالم فردية خاصة به‪ ،‬حيث يعود يف‬
‫يروي الفيلم قصة إمرأة يف أعقاب مأساة شخصية‪،‬‬ ‫فيلم ‪ Love and Thunder‬للمخرج تايكا وايتيتي إىل جانب‬
‫ترتاجع بمفردها إىل الريف اإلنڨليزي‪ ،‬ولكن يبدو أن‬ ‫نجوم كون مارفل السينمائي اآلخرين تيسا تومبسون‬
‫ً‬
‫شخصا ما أو يشء ما يف الغابة املحيطة يتبعها‪.‬‬ ‫وناتايل بورتمان وكريس برات وجيمي ألكساندر وبوم‬
‫كاتب ومنتج ومخرج الفيلم أليكس ڨارالند من‬ ‫كليمينتيف وديف باتيستا وكارين غيالن وشون غان‬
‫مواليد عام ‪ 1970‬بلندن اململكة املتحدة‪ .‬حصل عىل‬ ‫وجيف غولدبلوم وفني ديزل‪ .‬ينضم كريستيان بايل إىل‬
‫بكالوريوس اآلداب من جامعة مانشسرت عام ‪،1992‬‬ ‫الطاقم بشخصية الرشير ‪ Gorr the God Butcher‬بينما‬
‫وأصدر روايته األوىل بعنوان (‪ )The Beach‬عام ‪،1996‬‬ ‫تصبح شخصية جاين فوسرت للممثلة بورتمان نسخة‬
‫والتي تم تحويلها إىل فيلم عام ‪ ،2000‬ليتبعها بالرواية‬ ‫جديدة من ثور‪.‬‬
‫الثانية عام ‪ 1998‬بعنوان (‪ ،)The Tesseract‬وتم تحويلها أيضا ً لفيلم عام ‪ ،2003‬لتتواىل بعدها‬ ‫يجتمع ثور من جديد مع جني فوسرت وفالكري‪،‬‬
‫أعماله والتي من أبرزها (‪ .)Ex Machina، Dredd‬رشح عن فيلم (‪ )Ex Machina‬عام ‪ 2015‬بحفل‬ ‫وتصبح حياة الثالثي يف خطر تزامنًا مع ظهور جور‪،‬‬
‫أوسكار لجائزة أفضل سيناريو أصيل‪.‬‬ ‫والذي يحمل عىل عاتقه مسؤولية قتل كافة اآللهة يف‬
‫الكون‪.‬‬
‫يف الفيلم الذي يلعب بطولته كريس همسوورث‪ ،‬ويجسد شخصية "ثور" وهي شخصية غري‬
‫‪ 16‬فيلما وثائقيا من بلدان المتوسط على‬ ‫عادية وفق ما يقول كورغ يف الفيلم‪ ،‬ويصفه "باالنسان غري العادي بل أنقذ العالم ‪ 500‬مرة‪ ،‬وها‬
‫شاشاتنا‬ ‫هو يستعد يف ‪ Thor: Love and Thunder‬لرحلته الجديدة‪ .‬وبدأ بالتحضري لهذه الرحلة من خالل‬
‫التمارين والتدريبات الرياضية القاسية‪ ،‬فيبدو بأحد املشاهد وهو يقوم بسحب طيارة‪ ،‬وانتقل من‬
‫سيقام مهرجان السينما الوثائقية املتوسطية يف املكتبة السينمائية التونسية من الخميس ‪15‬‬ ‫جسم رجل ميت إىل جسم ريايض قوي‪.‬‬
‫إىل ‪18‬جوان الحايل‪.‬‬ ‫وعندما كان يستعد الستعادة لقبه‪ ،‬ظهرت أمامه "جاين فوسرت" التي تلعب دورها ناتايل‬
‫ويف دورة هذا العام‪،‬سيتم عرض ستة عرش فيلمً ا وثائقيًا قادمة من بلدان البحر االبيض‬ ‫بورتمان حبيبة ‪ Thor‬السابقة‪ ،‬ولكنها تعود بمظهر جديد‪.‬‬
‫املتوسط وهي‪:‬‬ ‫يف أحد املشاهد تسأل جاين عىل ما يبدو عن تاريخ عالقتهما أو ربما عن ٱخر مرة التقيا فيها‪،‬‬
‫ان كان منذ ثالث أو أربع سنوات‪ ،‬إال أن "ثور" لديه الجواب الدقيق فيقول "ثماني سنوات‪ ،‬سبعة‬
‫• باريز‪ ،‬زمن املخيمات‬ ‫أشهر وستة أيام"‪.‬‬
‫من إخراج نيكوالس جول من فرنسا‬ ‫ثم تندلع حرب بني الخري والرش‪ ،‬وتحديدا ً بني ‪ Gorr‬الذي يجسد دوره كريستيان بال و"ثور"‬
‫الفيلم يدون ‪ 69‬دق وانجز سنة ‪.2020‬‬ ‫وجاين ورفاقهما‪...‬‬
‫• يف الوادي‬
‫من إخراج ماري لو هري‬
‫يدوم ‪ 30‬دق وهو من إنتاج ‪2021‬‬
‫"في بالد العم سالم" على شاشة فضاء سينما‬
‫بلد االنتاج‪ :‬فرنسا‬ ‫مدار بقرطاج‬
‫بلد االخراج‪ :‬ايطاليا‬
‫• إسمعني‬ ‫يعرض الفيلم الروائي القصري "يف بالد العم سالم"‬
‫من إخراج باوال أرميجو من إسبانيا‬ ‫عىل الشاشة الفضية لفضاء "سينما مدار بقرطاج ‪.‬‬
‫يدوم ‪ 16‬دق‪ /‬وانجز سنة ‪2021‬‬ ‫ويعد الفيلم التجربة االوىل يف االخراج السينمائي‬
‫• حارس العالم‬ ‫لسليم بلهيبة بعد تجربة اإلنتاج يف العام ‪ 2014‬الفيلم‬
‫من إخراج ليىل الشيبي‬ ‫الروائي القصري “ميلودي” ملخرجته مروى الرقيق‪...‬‬
‫يدوم ‪91‬دق ‪ /‬أنجز سنة‪2021‬‬ ‫وحاليا يستع ّد لالنطالق يف تصوير فيلمه الروائي الطويل‬
‫بلد االنتاج‪ :‬فرنسا ‪ -‬قطر‬ ‫الذي لم يعلن عن عنوانه بعد‪.‬‬
‫يدوم ‪ 23‬دق‪ /‬أنجز سنة ‪2021‬‬ ‫بلد االخراج‪ :‬تونس‬ ‫قصة فيلم "يف بالد العم سالم" تضعنا يف أقايص‬
‫• من هنا ؟‬ ‫• تراث‬ ‫الريف البعيد حيث توجد مدرسة ابتدائية عىل التخوم‬
‫من إخراج سعاد كتاني من فرنسا‬ ‫من إخراج إيمانويل جايتانو فورت من فرنسا‬ ‫يرشع حارسها "العم سالم" يف دهن جدرانها وسبوراتها‬
‫يدوم ‪54‬دق ‪ /‬أنجز سنة ‪2020‬‬ ‫يدوم ‪ 59‬دق‪ /‬أنجز سنة ‪2020‬‬ ‫وطاوالتها‪ ،‬وتشذيب أشجار حديقتها‪ ،‬وسقي أزهارها‬
‫• سالفو‬ ‫•رسالة إىل نيكوال‬ ‫املنسية‪ ،‬ويف لحظة ما‪ ،‬يقف "العم سالم" أمام سارية‬
‫من إخراج فيديريكو كاماراتا من إيطاليا‬ ‫من إخراج هارا كامينارا‬ ‫العلم وينظر إىل أعىل فيبدو العلم خرقة باهتة مرفرفة‬
‫يدوم ‪ 29‬دق‪ /‬أنجز سنة ‪2021‬‬ ‫يدوم ‪ 50‬دق‪ /‬أنجز سنة‪2021‬‬ ‫وممزقة‪ ..‬فيق ّرر الذهاب إىل العاصمة من أجل اقتناء علم‬
‫• رسورة‬ ‫بلد االنتاج‪ :‬بلجيكا‬ ‫جديد‪.‬‬
‫من إخراج نيكوال زامبييل‬ ‫بلد االخراج‪ :‬اليونان‬ ‫يرشق وجه العم سالم وهو يف د ّكان بائع األعالم‪ ،‬يقتني علم الوطن ويخرج فرحً ا‪ ،‬لكنه‬
‫يدوم ‪ 80‬دق‪ /‬أنجز سنة ‪2022‬‬ ‫•نصيب الحلم‬ ‫ما إن غادر حتى وجد نفسه منحرشًا بإحدى املظاهرات خالل السنوات األوىل للثورة وتحديدًا‬
‫بلد االنتاج‪ :‬ايطاليا‬ ‫من إخراج جني فرومنت من فرنسا‬ ‫سنة ‪ ،2013‬وهي سنوات الغموض السيايس بتونس‪ .‬يضطر العم سالم إىل الجري والهروب مع‬
‫بلد االخراج‪ :‬فلسطني‬ ‫يدوم ‪ 52‬دق‪ /‬أنجز سنة ‪2020‬‬ ‫الهاربني‪ ،‬لكن يُلقى القبض عليه من قبل الرشطة ويقدّم إىل العدالة ويسجن ملدة ‪ 15‬يومً ا بتهمة‬
‫•صلب‬ ‫• طريق الراعي‬ ‫التشويش واإلخالل بالنظام العام‪ .‬يقيض املدة ويخرج يوم العودة املدرسية فيتوجّ ه مبارشة إىل‬
‫من إخراج ماريوس فانمايل من فرنسا‬ ‫من إخراج فرياري فرياري‬ ‫املدرسة فيفتح أبوابها لتستقبل تالمذتها ومعلميها الذين أتوا من كل فج عميق‪ .‬يتح ّلق التالميذ‬
‫يدوم ‪ 60‬دق ‪ /‬أنجز‪2021‬‬ ‫يدوم ‪ 27‬دق‪ /‬أنجز سنة‪2021‬‬ ‫يف ساحة العلم‪ ،‬تصدح الحناجر بالنشيد الوطني‪ ،‬لكن السارية كانت تحافظ عىل العلم القديم‬
‫•تيلو كوتو تحت الشمس‬ ‫بلد االنتاج‪ :‬فرنسا‬ ‫املهرتئ واملم ّزق‪.‬‬
‫من إخراج صويف باكيلري ‪ /‬فالريي مالك‬ ‫بلد االخراج‪ :‬الربتغال‬
‫يدوم ‪ 67‬دق‪ /‬أنجز‪2021‬‬
‫بلد االنتاج‪ :‬فرنسا‬
‫• ناسكوندينو‬
‫من إخراج فيكتوريا فيور‬
‫فيلم الرعب " رجال" من مهرجان "كان"‬
‫بلد االخراج‪ :‬تونس ‪ -‬السنغال‬ ‫يدوم ‪ 85‬دق‪ /‬أنجز سنة‪2021‬‬ ‫إلى القاعات التونسية‬
‫• جيورنو ال نوت‬ ‫بلد االنتاج‪ :‬اململكة املتحدة‬
‫من إخراج ميشيل أيلو ‪ /‬ميشيل كاتاني من‬ ‫بلد االخراج‪ :‬ايطاليا‬ ‫يعرض هذه األيام يف القاعات التونسية فيلم "رجال" من إخراج أليكس ڨارالند وهو ٱخر فيلم‬
‫إيطاليا‬ ‫• مؤجل‬ ‫لهذا املخرج املختص يف أفالم الرعب ‪...‬علما أن الفيلم كان مربمجا يف دورة مهرجان كان األخرية‬
‫يدوم ‪ 68‬دق‪ /‬أنجز سنة‪2021‬‬ ‫من إخراج عيل شقرون من لبنان‬ ‫ضمن أفالم قسم " نصف شهر املخرجني" ‪.‬‬
‫‪38‬‬ ‫الشارع الثقافي‬ ‫موسيقى‬
‫حممد اجلمويس والسينام‬

‫أ‪.‬محمد الغريبي‬
‫•"بنت الهوى" ‪ 1953 :‬قصة وإخراج يوسف وهبي‪.‬‬ ‫البداية كانت بإلتقاء محمد الجمويس بالطبيب اإليطايل‬
‫تمثيل‪ :‬يوسف وهبي – فاتن حمامة – تحية كريوكا‬ ‫"كيكانو" الذي كان موزعا لألفالم رشقا وغربا وكان من‬
‫– زينات صدقي‪ ...‬يحكي عن تع ّرف أحدهم عىل راقصة‪،‬‬ ‫عائلة ثرية‪ ،‬وجمعت بينهما صداقة امتدت ألربعة عقود‬
‫توطدت العالقة بينهما وأثمرت طفلة‪ ،‬يتخىل الحبيب عن‬ ‫(من الثالثينات إىل السبعينات)‪ ،‬انتهت بموت كيكانو‪.‬‬
‫حبيبته وتنقم هذه األخرية عن الرجال وتصمم عىل االنتقام‪.‬‬ ‫الجمويس هو أول مطرب تونيس يسجل حضوره يف عمل‬
‫ترحل إىل القاهرة أين تصبح راقصة مشهورة وتكرب البنت‬ ‫سينمائي ناطق ‪" :‬مجنون القريوان " لـ "كروزي" ‪M.J.‬‬
‫وتتعلق بشاب يشرتط أهله أن تخرج األم الراقصة من حياة‬ ‫‪ Creusi‬سنة ‪ 1937‬ويعد من الرواد إعتبارا أن السبق كان‬
‫ابنتها حتى يتم الزواج وتضحّ ي األم وتنسحب من حياة‬ ‫ملحمد عبد الوهاب يف فيلم "الوردة البيضاء" ملحمد كريم‬
‫ابنتها بهدوء‪.‬‬ ‫‪.1933‬‬
‫•فيلم جحا‪ 1958 :‬لجاك باراتي (‪: )Jacques Baratier‬‬ ‫مجنون القريوان من بطولة محي الدين بن مراد – فليفلة‬
‫سيناريو جورج شحادة عن قصة حوّلها للعربية مصطفي‬ ‫الشامية – سلمى رضا ‪...‬‬
‫يوسف وهبي الذي كانت تربطه بفناننا صداقة ومودة وقد‬
‫الفاريس بطولة‪ :‬عمر الرشيف – حسيبة رشدي – كلوديا‬ ‫املوسيقي كانت من وضع األستاذ محمد الرتيكي مدير‬
‫زار وهبي عائلة الجمويس يف أربعينات القرن املايض عند‬
‫كاردينال يف بداياتها‪ ،‬زهرة فايزة‪...‬‬ ‫الراشدية وقتها وامللحن ‪.Benais‬‬
‫زيارته لتونس وصفاقس لتقديم مرسحياته‪.‬‬
‫وغنّى الجمويس يف الرشيط أغنيتني خطوة خطوة – أمية‬ ‫وبعد نجاح فيلم مجنون القريوان وعرضه يف فرنسا‬
‫وكانت لفقيدنا عديد املساهمات يف أفالم مرصية أيام‬
‫زغوان من كلماته وتلحينه ‪.‬‬ ‫وتفاعل الجاليات العربية واملغاربية خصوصا ذاع صيت‬
‫عز السينما املرصية‪ ،‬أيام العمالقة وقد اشتهر باسم محمد‬
‫ة يف دبلجة االفالم‬ ‫وهامّ‬ ‫كما كانت له مساهمات عديدة‬ ‫فناننا وزادت شهرته‪ ،‬مما دفع بصديقه الجزائري محي‬
‫التونيس ‪:‬‬
‫االجنبية فرنسية وإيطالية وضع املوسيقى التصويرية‬ ‫الدين باش تارزي الذي كان يرشف عىل إدارة أوبرا الجزائر أن‬
‫• ناهد ‪ 1951 :‬اخراج محمد كريم ‪ -‬قصة يوسف وهبي‬
‫وغني يف فيلم‪:‬‬ ‫يقرتح عليه دورا رئيسيا يف فيلم "أنشودة مريم" سنة ‪1946‬‬
‫‪ /‬محمد كريم ‪ -‬إنتاج أفالم راقية ‪ -‬تمثيل‪ :‬راقية إبراهيم‬
‫وصور الفيلم‬‫طبيب بالعافية‪ :‬لهنري جاك سنة ‪ّ – 1956‬‬ ‫وتم ذلك‪...‬سيناربو الرشيط كان ملحمود املنصايل والحوار‬
‫‪ -‬يوسف وهبي ‪ -‬محمود املليجي ‪ -‬عمر الحريري ‪ ...‬يحكي‬
‫يف مخابر "سوييس" باملغرب األقىص وهو اقتباس ملرسحية‬ ‫وكلمات األغاني لألستاذ أحمد التوفيق املدني وتلحني األغاني‬
‫عن قصة حب وعواطف كادت تعصف بها تدخالت األقارب‬
‫موليري‪.‬‬ ‫للفنان األنيق ‪:‬عىل الرياحي ‪ -‬واألغنية الرئيسية للرشيط ‪:‬‬
‫وكيدهم‪.‬‬
‫كما كانت له مشاركة يف‪:‬‬ ‫أنشودة الطيور كانت من تلحني الجمويس نفسه ‪ -‬إنتاج‬
‫•ظلمت روحي ‪ :‬سيناريو وإخراج إبراهيم عمارة ‪1952‬‬
‫فيلم "فارس البيت األحمر" – فرنيس‬ ‫رشكة " مغرب فيلم يف املغرب األقىص أين صور الرشيط‪...‬‬
‫تمثيل شادية – يحي رسحان فريد شوقي –وداد حمدي‪...‬‬
‫وكنز الغاب ‪ :‬فيلم هندي صوّر يف فرنسا‪.‬‬ ‫ونجح الفيلم واستمر عرضه طيلة عرش سنوات‪ ،‬وسجل‬
‫يحكي عن عالقات متشابكة ‪ -‬حب وعاطفة وابتزاز)‪.‬‬
‫لقد اقتحم الفنان الجمويس السينما املرصية وأثرى‬ ‫الجمويس أربع اسطوانات ضمت أغاني الفيلم وبيعت منها‬
‫هذا الفيلم الذي غنى فيه الجمويس "ياحورية وجاية‬
‫السينما املغاربية‪ ،‬أقحم األغنية التونسية يف عديد األفالم‬ ‫أكثر من ‪ 100‬ألف نسخة يف تلك الفرتة‪.‬‬
‫من الجنة" وهي املرة الوحيدة التي يغني فيها بلهجة "غري‬
‫فحرضت وتميزت‪.‬‬ ‫أقام الجمويس يف بداية الخمسينات يف القاهرة عند الفنان‬
‫تونسية "‪.‬‬
‫باجة‬ ‫صورة تتح ّدث‬

‫وصف ابن حوقل لمدينة باجة في كتابه «صورة‬
‫األرض» ‪:‬‬
‫باجة مدينة قديمة أزلية‪ ،‬كثيرة القمح‬
‫والشعير‪ ،‬ولها من الغالت والزوارع ما ليس‬
‫بجميع المغرب كثرة وجودة ونقاء‪ ،‬ومرجع ذلك‬
‫إلى جوهر في نفس حبوبها‪ .‬وهي صحيحة الهواء‪،‬‬
‫كثيرة الرخاء‪ ،‬واسعة الفضاء‪ ،‬غزيرة الدخل على‬
‫السلطان‪ ،‬وافرة األرباح على تجارها والمزارعين‬
‫بها‪....‬‬
‫عن قاموس المدن التونسية‬
‫‪39‬‬ ‫الشارع الثقافي‬ ‫فنون تشكيلية‬
‫يف جتربة الفنان النحات‬

‫زهري البخري (الصدام)‬
‫«‪...‬أمنيتي أن تخرج أعمالي الفنية‬
‫التي هي مورد رزقي الوحيد‬
‫إلى جمهور الفن خارج تونس‪»...‬‬
‫أعمال فنية مبتكرة منها «الغوريال»‬

‫و«الحصان» ومنحوتة الحياة وصراع االنسان‬
‫لبلوغ مراده من حياة متقلبة‪..‬‬
‫نماذج من أعمال زهري البخري‬
‫شمس الدين العوني‬
‫قطعة من كياني وحياتي وباملناسبة أشكر‬ ‫هكذا نميض يف الرحلة مع الطفل القادم من‬
‫ادريس سايس وهو صاحب رشكة بنابل تعرفت‬ ‫براءة الحياة ديدنه الفعل حيث تمرس بالصعاب‬
‫اليه عن طريق الفيس بوك وزرته وقد أعجبته‬ ‫وظروف الحياة الشاقة واملضنية ليجد يف ذاته‬
‫أعمايل والتقينا يف تونس وتحدثنا ليشجعني‬ ‫الفنان املنقذ واملخلص الذي حمله اىل عوالم‬
‫ويدعوني الظهار أعمايل عىل الصفحة يف الفيس‬ ‫البهاء الجمايل يف تعاطيه مع الحديد واملهمل‬
‫بوك ‪..‬و كانت أعمايل املنحوتة ومنها “ الغوريال‬ ‫واملرتوك من اآلالت واألدوات‪.‬‬
‫“ و“ الحصان “ وقد أعجب الناس ما أنجزت‬ ‫من الخردة وبقايا املصانع واملهمل من‬
‫وكانت شهرتي بينهم وعرفت عندهم بزهري‬ ‫الصناعة ومشتقات الحديد تفنن يف ابتكار‬
‫شهر الصدام وانطلقت يف العمل واالبداع ‪..‬أنا‬ ‫أشكال فنية عىل هيئات متعددة ‪..‬هي لعبة فن‬
‫فنان ولست تاجرا وقد عملنا معا يف ظروف‬ ‫االستعادة والرسكلة عىل نحو فني متخري‪..‬‬
‫متغرية وصارت هذه املهنة مورد رزقي ولم‬ ‫زهري البخري شهر الصدام فنان يف ورشته‬
‫أعرض الكثري من أعمايل الفنية‪..‬زارني فنانون‬ ‫بضاحية سكرة يعمل باستمرار يف معالجات‬
‫ولم أكن أتصور أن ألتقي تجارب مثل عيل‬ ‫فنية عىل ما جادت به مواد مختلفة من بقايا‬
‫الزنايدي وعبد الرزاق حمودة وغريهما وشعرت‬ ‫الحديد والخردة ليتحف الناس بأعمال جميلة‬
‫بالسعادة ‪..‬هؤالء كأني أعرفهم من سنوات‬ ‫ومميزة فيها الكثري من ملساته االبداعية وهو‬
‫وجدت محبتهم وتشجيعهم يل ‪..‬كما أني أشكر‬ ‫الفنان املوهوب الذي هام بالفن فمنحه ما أراد‬
‫الفنان محمد املالكي الذي شجعني كثريا وتابع‬ ‫بعد سنوات شاقة وصعبة‪..‬‬
‫تجربتي وأعمايل وكذلك الفنان املميز حمادي بن‬ ‫يقول عن تجربته “‪ ...‬منذ ‪ 8‬سنوات حيث‬
‫نية الذي وقف معي داعما ‪...‬أقول اذن الفن ليس‬ ‫كانت عالقتي بالعمل يف ميدان الحديد وما‬
‫عملك فقط بل هو أن يكون لك قلب "مزيان"‪..‬‬ ‫تتطلبه ممارسته من مشاق وصعوبة كانت‬
‫الفن هو أن تفتح اآلفاق لغريك وتحب الناس‪..‬‬ ‫تجربة مهمة واىل اآلن مع البشري الساحيل الذي‬
‫األفكار كثرية يف عميل وأنا اآلن بدأت ‪..‬أنظر‬ ‫علمني الكثري وأفدت من خرباته حيث كان‬
‫لغرفتي وأشياء ورشتي ومخزني وحزني وحزن‬ ‫ذلك بعد انقطاع عن التعليم ولظروف عائلية‬
‫الناس وأفراحهم والسؤال هو مدى تحويل كل‬ ‫صعبة فكان خروجي للعمل ويف ظرف شهرين‬
‫ذلك اىل أعمال فنية ‪..‬أعمايل تباع ولكن ليس‬ ‫تعلمت عدة تقنيات وخصوصيات التعاطي مع‬
‫بالثمن املطلوب وظروف العيش اقتضت ذلك‪...‬‬ ‫الحديد كاللحام والقص وكان أول ما أنجزت‬
‫عرضت مع الرابطة التونسية للفنون التشكيلية‬ ‫غرفة جلوس لعائلتي التي كانت بحاجة اليها‬
‫وبفضاء دار الثقافة املغاربية ابن خلدون‬ ‫‪..‬و بعد ذلك مضيت أكثر يف اتقان هذه الصنعة‬
‫وبفضاء املعارض بكنيسة سانت كروا بمذينة‬ ‫فسعدت بعد أن هدني االحباط والسؤال عن‬
‫تونس العتيقة ويل دعوة النجاز أعمال فنية‬ ‫ملاذا كلما قصدت شيئا ال أنجح فيه وبالتايل ماذا‬
‫وعرضها باملغرب األقىص ‪...‬أمنيتي أن تخرج‬ ‫سأضيف لبالدي هذه وأنا يف هذه الظروف‪...‬‬
‫أعمايل الفنية التي هي مورد رزقي الوحيد إىل‬ ‫الحمد لله تجاوزت كل ذلك ورصت متقنا ليشء‬
‫جمهور الفن خارج تونس ‪..‬أنا أشتغل يوميا‬ ‫أحبه وصار عاملي الروحي واكتشفت موهبة‬
‫وباستمرار‪..‬أنا أحب عميل وفني ‪.»...‬‬ ‫سكنت بداخيل وهي النحت كفن رصت أعشق‬
‫هكذا هو الفنان زهري البخري النحات‬ ‫عامله الساحر وأحب الناس أعمايل الفنية فيه‬
‫املاكث خلف ركام الخردة والفواضل الحديدية‬ ‫وشجعني الكثريون ومنذ بلغ عمري ‪ 14‬سنة‬
‫وبقايا املستعمل الصناعي يقد منها ما رغب‬ ‫أنذزت أعماال كانت ضمن الهواية وكنت أبيعها‬
‫فيه فنه ويلينها لغايات جمالية فائقة‪.‬تعرفه‬ ‫بثمن بخس وتطوت اثر ذلك عالقتي بعميل‬
‫بفنه وابتكاره ومنه «الغوريال» و«الحصان»‬ ‫هذا حيث كنت مغرما بالكتابة ألكتب بالحديد‬
‫ومنحوتة الحياة ورصاع االنسان لبلوغ مراذه‬ ‫حكايات‪..‬كل عمل صار كتابة محكية وقصة‬
‫من حياة متقلبة ‪..‬فنان يعمل يف صمت وال يعنيه‬ ‫خاصة ‪..‬رصت أرسم بالحديد وبعت أعمايل هذه‬
‫من الضجيج غري منجزه الفني املتعدد‪.‬‬ ‫ولكن مع كل عمل أبيعه كنت أبكي ألن العمل‬
‫معرض بارييس للفنان التشكييل‬

‫التونيس حممد الطريقي‬
‫أ‪ .‬عالء الدين سعيدي (مراسل من باريس)‬
‫إنطلق يوم الجمعة ‪ 03‬جوان الجاري املعرض التشكييل للفنان‬
‫التونيس ‪ :‬محمد الطريقي املغرتب يف بلجيكا منذ أكثر من خمسني‬
‫سنة ليتواصل إىل يوم ‪ 20‬من الشهر الجاري يف رواقني مختلفني‬
‫لكن تحت عنوان واحد « ‪Horizon de Souvenirs et Abstraction‬‬
‫أفق الذكريات والتجريد» لوحات تشكيلية يمزج فيها الفنان محمد‬
‫الطريقي األشكال واأللوان يف عالقة وثيقة مع أو بخلفيته الثقافية‬
‫العربية وبهويته التونسية خاصة‪.‬‬
‫الرواق األول هو رواق ‪Pavillon Bourguiba de la Fondation‬‬
‫‪ Maison de la Tunisie‬بالحي الجامعي البارييس بدائرة باريس ‪.14‬‬
‫هذا الحي الراقي الذي يؤمه الطلبة االجانب من كل اصقاع العالم‪.‬‬
‫أما الرواق الثاتي فيوجد يف دار التونيس بمدينة ‪Aubervilliers‬‬
‫غرب باريس‪.‬‬
‫بدأ محمد الطريقي الرسم يف سن مبكرة يف سن التاسعة تلميذا‬
‫‪.Louis Schmidt‬‬ ‫عندما رسم وجه الكاتب الفرنيس الكبري ‪ Victor Hugo‬وعرف‬
‫مسرية فنية أثرت وأثثت الكثري من الربامج التلفزية املخصصة‬ ‫بني أقرانه ومعلميه وبعد ذلك بأساتذته بعلو موهبته‪ .‬فأصبح‬
‫للفن التشكييل خاصة يف ‪TV5 Monde, Télé Bruxelles, Média 1‬‬ ‫الرسم مع الوقت هدفا من أهداف حياته التي سعى إىل تحقيقه‬
‫‪ ،Maroc‬التلفزة التونسية مع برنامج «شارع الثقافة» تلفزيون‬ ‫وذلك باالشتغال عىل ذاته وبتطوير تجربته التشكيلية ليأتي هذا‬
‫اليوم السورية وغريها‪.‬‬ ‫املعرض تتويجا ملعارض سابقة يف العديد من البلدان سنأتي عىل‬
‫شارك يف العديد من املعارض واللقاءات وأجرى الكثري من‬ ‫ذكر البعض منها يف هذا املقال‪.‬‬
‫الحوارات للحديث عن تجربته مثل اللقاء الثقايف بالجزائر واملهرجان‬ ‫أتت الهجرة اىل بلجيكا تتويجا لتفوق درايس يف مجال السياحة‬
‫العاملي للفنون التشكيلية يف املحرس سنة ‪.2004‬‬ ‫والنزل كان ينوي بعد إكمال سنوات الدراسة الرجوع إىل تونس‬
‫حرض ايضا أول لقاء مبدعي الخارج يف الحمامات سنة ‪1990‬‬ ‫ودخول مدرسة الفنون الجميلة لكن قرار وقدر البقاء للعمل‬
‫وتوجت هذه املشاركة بإقتناء لوحته « ‪.Contrast à Sidi Bousaid‬‬ ‫ولدراسة الفنون يف بروكسل كان أقوى‪.‬‬
‫الرسام محمد الطريقي‬ ‫عرض حصيلة اعماله التشكيلية التي تتجاوز االلف لوحة وجدارية‬ ‫ليأتي اول معرض له يف بروكسال سنة ‪ 1981‬بعنوان « تونس‬
‫معارض اخرى عىل امتداد السنة لفنانني تشكيليني وفنانات‬ ‫يف تونس العاصمة ألكثر من مرة وخاصة يف نادي الطاهر الحداد‬ ‫العميقة ‪ « La Tunisie Profonde‬ليضم لوحات ملناظر ومشاهد‪.‬‬
‫وتشكيليات يستحقون التعريف واإلشادة بتجربتهم‪.‬‬ ‫باملدينة العتيقة ويف دار التونيس بربوكسال ويف املغرب‪ .‬من أشهر‬ ‫تونسية خاصة من عادات وتقاليد جهة صفاقس والجنوب‬
‫يجدر االشارة اخريا ان هذا املعرض تم بفضل مساع وجهود‬ ‫لوحاته التي بيعت «‪ »Horizon de Lumière‬و« ‪Le Poitier de‬‬ ‫التونيس‪ .‬لتتتاىل بعدها املعارض الشخصية والجماعية بعناوين‬
‫ممن بجب ذكرهم وشكرهم ومنهم السيد عبد الرزاق كتار رئيس‬ ‫‪.»Nabeul‬‬ ‫اخرى وبنجاح وتألق يعكس تثبيت وتفرد تجربته التشكيلية‪.‬‬
‫جمعية زمربا وامني مال فيدرالية التونسيني من أجل مواطنة‬ ‫يشتغل ايضا ومنذ زمن عىل التزويق الفني الداخيل ملطاعم‬ ‫تجربة فنية مكنت من إدراج إسمه وسريته يف منجد الفنانيني‬
‫بني الضفتني و القائمني عىل إدارة ‪La Fondation Maison de la‬‬ ‫سياحية وتجارية نظرا لحبه لاللوان واألشكال املرتبطة بتجذره يف‬ ‫التشكليني البلجيكيني‪ ،Dictionnaire Piron،‬فناني القرنني‬
‫‪ Tunisie‬وعىل رأسهم السيد طاهر بطيخ والسيدة كوثر الرشيدي‬ ‫بيئته الثقافية بالرغم من سنوات الغربة واالغرتاب‪.‬‬ ‫التاسع عرش والعرشين تقديرا بال شك له وللوحاته التي أختري‬
‫والسيد خالد بن حسن مدير دار التونيس‪.‬‬ ‫كل الرجاء ان يالقي هذا املعرض اإلقبال والنجاح وأن نرى‬ ‫البعض منها للمشاركة يف جائزة الفنون التشكيلية البلجيكية‬
‫خبز الطرابلسي‬ ‫صورة تتح ّدث‬

‫يا جماعة اهو خبز الطرابلسي المعروف بيها باب سويقة‬
‫الشبيه بخبز الحشايشي ‪.‬‬
‫وأوالد الربط يعرفوا اللي خبز الحشايشي في األصل هو الخبز‬
‫الطرابلسي اما اصغر‪.‬‬
‫توجد منطقة في ليبيا أهلها مختصين «خبازة» أب عن جد‬
‫وعندما هاجروا إلى تونس احترفوا هذه المهنة وأعجب اهل تونس‬
‫بمهارتهم ‪.‬‬
‫وخبز الحشايشي من أسرار بنته انه يطيب على الحطب‬
‫فيكتسب رايحة األشجار ويطيب على مهل‪.‬‬
‫فتوجد كوشة في المر وكوشه في نهج طاحونة الريح برأس‬
‫الدرب ‪.‬‬
‫كوشة الحشايشي في المر وكوشة المقطوف في رأس الدرب‬
‫كوشة نهج البخاري‪.‬‬ ‫ريس العمال كان حامي مثل صاحب الكوشه المقطوف وزوز‬
‫كوشة حومة السواحل‪.‬‬ ‫طرابلسيه محمد النعاس الخبير في المجال ويعقوب عامل‬
‫كوشة نهج الخضرة في سيدي الحلفاوي اخر نهج سوقي بلخير‬ ‫ومكلف بتوصيل الخبز للحوانت ‪.‬هللا يرحمهم جميعا‪.‬‬
‫وكان يبيع في الخبز الطرابلسي في باب سويقة عم زغبيب‬ ‫في باب الخضراء كانت كوشة مشهورة بالخبز الحشايشي‬
‫حانوتو ورا محطة التاكسيات‪.‬‬ ‫بجنب سيدي الحالوي‪.‬‬
‫أخبار تونس زمان‬ ‫كوشة نهج مارس حومة المطاوى‪.‬‬
‫إيقاعية الوحدات الفسيفسائية في سياق اإلثارة البصرية‪:‬‬
‫تأمالت شاعرية متناوبة يف معرض الفنانة هناء كريشان‬

‫ا‪.‬م سمية الحمداني‬
‫وحدات حجرية تتجاور‪ ،‬تتموج‪ ،‬وكأنها تتحرك‬
‫فترتاقص‪ ..‬رقصات تعبريية وفق ثنائيات جدلية بني‬
‫صلب ولني‪ ..‬رقصات تجعلنا يف حرية وتساؤل متواتر‪..‬‬
‫فتوهمنا الفنانة يف ثنايا تكويناتها بالديناميكية الالمتحولة‬
‫وبالحركية الالمتحركة‪ ..‬حركية الحجر‪ ،‬الصلب يف هويته‪،‬‬
‫واملتحرك يف فضائه الفسيفسائي‪ ..‬حركية تفنن ينعكس‬
‫وفقها غرام بالقن‪ ،‬فهيام بفن الفسيفساء‪ ..‬هيام يقتيض‬
‫التساؤل‪:‬‬
‫كيف تتمظهر الوحدات الفسيفسائية يف تموجاتها‬
‫املتوالفة من عمل فني آلخر؟ فيم تتجىل االبعاد اإلبداعية‬
‫والتجديدية يف اعمال الفنانة الفسيفسائية؟‬
‫فيم تتجذر ابعاد املفارقة الجدلية الثنائية املتضمنة يف‬
‫عنوان هذا املعرض الفني؟‬
‫أعمال فسيفسائية من معرض الفنانة «هناء كريشان»‬ ‫ما الذي يثري املتأمل إلثارة العني فتذوق وتأمّ ل فتتفحّ ص‬
‫زمنيتها املتعاقبة‪« .‬فاذا كانت اللحظات تتكرر ايقاعيا‪ ،‬او‬ ‫الالمالوفة‪ .‬فتتجاوز‪ ،‬بذلك‪ ،‬املألوف لتعانق املتجدد املغاير‬ ‫هذه االعمال الفنية املغايرة يف توليفتها الرتكيبية ويف‬
‫نبضيا‪ ،‬فان الزمن االوسع يتكرر بطريقة اعمق واوسع‬ ‫وتخلق عاملا فنيا فسيفسائيا خاصا بها‪ .‬بحيث تعرب‬ ‫نسيجها الحجري املتحرك؟‬
‫واشمل يف تصنيف التوتر والحركية والتغري عىل هذا النص‬ ‫الفنانة بقولها‪« :‬تحمل الفسيفساء معها تاريخ الفن واالدب‬ ‫تساؤالت تنفتح عىل إمكانات ال متناهية يف معرض فني‪..‬‬
‫البرصي ليغدو لغة جديدة يف حيز سلطة املكان»‪ .1‬لغة‬ ‫والشاعرية‪ ،‬ولكن أيضا تاريخا دالليا للكلمة‪ ،‬انها حقيقة‬ ‫انفتاحات عىل تصورات فسيفسائية ومفارقات جدلية‬
‫جديدة تبث وفقها لذة البحث عن منسوجة حجرية متجددة‪.‬‬ ‫رمزية وثراء ضمني لتميش منهجي للعمل الفني»‪ .‬تمش‬ ‫تتشكل وتتوالف فتستدعي املشاهد لتفحص جزئياتها‬
‫فتبث روح العطاء الفني الالمحدود عرب االنتشاء يف زمنية‬ ‫منهجي ألعمال تحتفي باإلبداع فيسطع بريقها يف حلة من‬ ‫وقراءة فعاليات نسج وحداتها الحجرية‪ ..‬فعاليات تكشف‬
‫املمارسة‪ ،‬زمنية تموقع الوحدات الحجرية يف فضائها‬ ‫األلوان املضيئة‪ .‬حلة من األلوان املضيئة لوحدات حجرية‬ ‫عن تجربة فسيفسائية مشبعة بشحنة فنية مرتاسلة‬
‫الفسيفسائي‪ .‬حيث تعرب الفنانة قتقول‪« :‬كل قطعة هي‬ ‫ملونة تجلبنا اليها‪ ،‬فتشد ابصارنا‪ ،‬ونشتد اليها ملالمستها‬ ‫يف حيثياتها‪ .‬شحنة تتلون‪ ،‬وفقها األحجار‪ ،‬فتتلوى عرب‬
‫جزء من ذاتي‪ ،‬من روحي‪ ،‬ومن رحلتي االبداعية»‪ .2‬رحلة‬ ‫فاشتكشاف ثراء ملمس نسيجها الحجري الفسيفسائي‪.‬‬ ‫تموجاتها امللونة يف مكوناتها الرتكيبية الفسيفسائية‪.‬‬
‫إبداعية تكون فيها الفنانة الباحثة املبدعة الحاملة بعالم‬ ‫فلقد داعبت فينا حواسنا وخيالنا‪ ،‬فأثارت فينا روح التأمل‬ ‫حسب هذه التموجات املتلونة‪ ،‬تتجاور الوحدات الحجرية‬
‫فني متغري‪ .‬ويكون العمل الفني الفسيفسائي مندرجا يف‬ ‫املتناوب يف تجلياته‪.‬‬ ‫لتتجاوز صالبتها فتعرب عرب تشكالتها ضمن ارجاء الفضاء‬
‫االثارة البرصية الثارة الخيال والحواس فاسترشاف كل ما‬ ‫يف هذا اإلطار الفني‪ ،‬وكأن بالفنانة‪ ،‬من موقع مغامرتها‬ ‫الفسيفسائي‪ .‬وحدات تعبريية تتموج‪ ،‬وتتلوى‪ ،‬لتتغنى‪،‬‬
‫هو مغاير‪ .‬بحيث ال تستكمل االعمال تصورها املتواشج‬ ‫الفنية‪ ،‬تحاول الخروج عما الفت العني مشاهدته وتبرصه‬ ‫فتتحدث‪ ،‬ترصخ‪ ،‬وتتلون‪ ،‬فتتفاعل يف أصداء الرواق الفني‪.‬‬
‫اال بتاملها وادراك خصوصياتها املتشعبة‪ .‬فترتاءى االعمال‬ ‫يف فن الفسيفساء‪ .‬فتدمجنا يف تعبريية فسيفسائية حاملة‬ ‫أصوات تتناقل فتتواصل لتصل اىل صدى مسامعنا‪ .‬عرب هذه‬
‫الفنية الفسيفسائية كخلية مفعمة بالثنائيات الحتواء كل‬ ‫تستند عىل توافقات تركيبية وخيارات لونية موحدة يف‬ ‫األصوات املتناقلة واالحداث الفنية املتواترة‪ ،‬تنسج الفنانة‬
‫ما هو فني‪.‬‬ ‫هناء كريشان عرب قطعها الحجرية تكويناتها الفسيفسائية‬
‫اذا حسب هذه اآلفاق والتطلعات الفنية‪ ،‬تتتابع مراحل‬
‫البحث يف التجليات الفنية الفسيفسائية وفق مسار تعبريي‬
‫مسرتسل‪ .‬مسار فمسلك زمني ال متناه‪ .‬مسلك زمني‬
‫متعاقب بتعاقب االحداث الفنية ومواكبة املستجدات والرغبة‬
‫الفنية يف التجديد املستمر باستمرارية الطاقة التعبريية‪.‬‬
‫‪ - 1‬معال (طالل)‪ :‬أحوال الصور‪ ،‬حكومة الشارقة‪ ،‬دار‬

‫الثقافة واإلعالم‪ ،‬ص ‪.211‬‬
‫‪2 - « Chaque tesselle est un morceau de moi, de mon ame, de‬‬
‫‪mon voyage créatif » extrait d’un texte écrit par l’artiste hana‬‬
‫‪krichen , à son exposition personnelle, contexture contextile,à‬‬
‫‪la galerie de l’institut supérieur des arts et métiers de Sfax, 27‬‬
‫‪mai, 2022.‬‬
‫زيتونة العكاريت‬ ‫صورة تتح ّدث‬

‫زيتونة العكاريت فى الدويرات أكبر‬
‫شجرة زيتون فى تونس عمرها ‪900‬‬
‫سنة وتنتج ما بين ‪ 1200‬و‪1500‬ل زيت‬
‫وهي على ملك ‪ 40‬شخص مساحتها‬
‫المغطات ‪1100‬م وارتفاعها ‪ 5‬أمتار‪.‬‬
‫تونس أيام زمان‬
‫‪42‬‬ ‫الشارع الثقافي‬ ‫جهات‬

‫األيام الوطنية للمطالعة والمعلومات بالحمامات‬ ‫للمهرجان الوطني للشعر الغنائي بدوز‬
‫تحت شعار "رائدات بالدي"‬ ‫في دورته الثالثة‬
‫من عليسة ملكة ديدون إىل الكاهنة إىل أروى‬ ‫تستعد الهيئة املديرة للمهرجان الوطني‬
‫القريوانية إىل توحيدة بالشيخ وجوه عديدة‬ ‫للشعر الغنائي بدوز يف دورته الثالثة وعىل‬
‫لكيان واحد هي املرأة التونسية املرشقة بإبداعها‬ ‫رأسها مدير املهرجان السيد محمد بنسعيد‬
‫واملستنرية بفكرها‪ .‬املرأة التونسية التي ساهمت‬ ‫إىل إنجاز هذا العرس الثقايف يف أحسن‬
‫يف بناء هوية وطنية أدبية وفكرية تربعت عىل‬ ‫الظروف ويف أجمل حلة‪،‬‬
‫رصوح الكتابة والشعر واملرسح والسنيما هن‬
‫وذلك من خالل الحرص عىل ترشيك أكرب‬
‫رائدات هذا الوطن‪.‬‬
‫عدد ممكن من الشعراء وإختيار مجموعة‬
‫من أجل ذلك احتفلت األيام الوطنية للمطالعة‬
‫واملعلومات يف دورتها ‪ 30‬تحت شعار "رائدات‬ ‫من أفضل الوجوه يف عالم الفن واملوسيقى‬
‫بالدي" بإسهام املرأة التونسية يف مجال األدب‬ ‫لتويل مهام لجنتي الفرز والتحكيم‪.‬‬
‫والفكر والبحث حيث وقع دعوة أكثر من ‪1200‬‬ ‫ولعل ما يميز املهرجان هو الخروج‬
‫مبدعة تونسية لفضاءات املكتبات العمومية‬ ‫عن املألوف من حيث إختيار فضاء إقامة‬
‫(‪436‬مكتبة عمومية) ضمن لقاءات حوارية‬ ‫الفعاليات فقد إختارت الهيئة‪،‬كعادتها‪،‬‬
‫نقلت قضايا األدب والفكر والبحث والفلسفة‬ ‫اإلبتعاد عن الفضاءات املغلقة وإجراء‬
‫لتكون موضوع حلقات نقاش بحضور كل الفئات‬ ‫املسابقة يف مكان مفتوح وسط الواحة‬
‫العمرية‪.‬‬ ‫ومطل عىل الصحراء الشاسعة و هو ما‬
‫كما صاحب هذا الحراك الفكري لقاءات‬ ‫أضفى سحرا عىل املهرجان يف الدورة‬
‫تناولت التعريف بالقانون ‪ 58‬ملناهضة العنف ضد‬ ‫السابقة‪.‬‬
‫املرأة والتعريف بالعنف الرقمي املسلط عىل املرأة‬
‫داخل البيت وخارجه كما تناولت هذه اللقاءات‬
‫العمومية بالقلعة الصغرى‪.‬‬
‫تقديم أمينة املكتبة السيدة مديحة األزرق‪.‬‬
‫أيضا التعريف بمجلة األحوال الشخصية وذلك‬ ‫القصرين تحتضن الدورة الثانية أليام‬
‫الشعانبي للشعر‬
‫بحضور عديد املنظمات واملؤسسات والجمعيات‬
‫* ‪ 10:00‬عرض التجربة الثانية للمكتبة‬ ‫النسوية عىل غرار الكريديف وغريها‪.‬‬
‫العمومية بالدندان‪.‬‬ ‫وجاء برنامج االختتام امللتئم بمدينة‬
‫تقديم أمينة املكتبة السيدة عزيزة قدري‪.‬‬ ‫الحمامات عىل النحو التايل ‪:‬‬ ‫تنظم إدارة املطالعة العمومية بالرشاكة مع‬
‫*‪ 10:30‬عرض التجربة الثالثة للمكتبة‬ ‫اليوم األول‪:‬‬ ‫املندوبية الجهوية للشؤون الثقافية واملكتبة‬
‫العمومية بسيدي حسني‪.‬‬ ‫الجلسة العلمية األوىل‪:‬‬ ‫الجهوية بالقرصين واملؤسسة التونسية لحقوق‬
‫تقديم أمينة املكتبة السيدة نزيهة الحمراوي‪.‬‬ ‫‪ 16:00‬املداخلة العلمية األوىل‪ :‬بعنوان "الحركة‬ ‫املؤلف والحقوق املجاورة وبالتعاون مع اتحاد‬
‫*‪ 11:00‬عرض التجربة الرابعة للمكتبة‬ ‫النسوية التونسية بني اإلكراهات املجتمعية ونحت‬ ‫الكتاب التونسيني وبيت الشعر التونيس وجمعية‬
‫العمومية بدقاش‪.‬‬ ‫الذات"‪.‬‬ ‫أحباء املكتبة والكتاب واتحاد ونقابة الشعراء‬
‫تقديم أمينة املكتبة السيدة نائلة الصغري‪.‬‬ ‫تقديم السيدة زهية جويرو املديرة العامة‬ ‫الشعبيني والجمعية التونسية للثقافة الشعبية‬
‫‪ 11:30‬إسرتاحة‪.‬‬ ‫ملعهد تونس للرتجمة‬ ‫وتحت إرشاف وزارة الشؤون الثقافية تظاهرة" أيام‬
‫* ‪ 11:45‬عرض التجربة الخامسة للمكتبة‬ ‫‪ 16:30‬املداخلة العلمية الثانية بعنوان‪" :‬قراءة‬ ‫الشعانبي للشعر" يف دورتها الثانية بوالية القرصين‬
‫العمومية بالدهماني أطفال‪.‬‬ ‫جديدة يف تحرير املرأة العربية "‪.‬‬ ‫خالل شهر جويلية ‪.2022‬‬
‫تقديم أمينة املكتبة السيدة سلمى السهييل‪.‬‬ ‫تقديم الدكتورة جليلة طريطر ‪.‬‬ ‫وتتضمن هذه التظاهرة محطتني إثنتني‪:‬‬
‫‪ 12:30‬الغذاء‬ ‫‪ 17:00‬تكريم الرائدات‪.‬‬ ‫مسابقة وطنية يف الشعر الشعبي‬
‫*‪ 14:30‬عرض التجربة السادسة للمكتبة‬ ‫الجلسة العلمية الثانية ‪:‬‬ ‫مسابقة وطنية يف الشعر الفصيح‬
‫العمومية بقرقنة‪.‬‬ ‫‪ 18:00‬املداخلة العلمية الثالثة بعنوان‬ ‫مراحل املسابقة‪:‬‬
‫تقديم أمينة املكتبة السيدة حياة بوستة‪.‬‬ ‫"حضور النخبة النسائية يف الفضاء العام يف‬ ‫من ‪ 07‬إىل ‪ 27‬جوان ‪:‬‬
‫*‪ 15:00‬عرض التجربة السادسة للمكتبة‬ ‫الواليات الرومانية األفريقية "‪.‬‬ ‫‪ -‬فتح باب الرتشح للمشاركة بنصوص شعرية‬
‫الجهوية بقبيل‪.‬‬ ‫تقديم السيدة ثريا بالكاهية املديرة العامة‬ ‫(الشعر الشعبي والشعر الفصيح)‬
‫تقديم مديرة املكتبة الجهوية السيدة سماح‬ ‫للكريدف‪.‬‬ ‫ويشرتط يف النصوص الشعرية املشاركة‪:‬‬
‫مرسيط‪.‬‬ ‫‪ 21:00‬عرض موسيقي نسائي‬ ‫‪ -‬أنها لم تنرش سابقا (النص الشعري لم يطبع‬
‫‪ 15:30‬نقاش‬ ‫اليوم الثاني‪:‬‬ ‫يف ديوان ورقي أو رقمي)‪.‬‬
‫‪ 16:15‬االختتام وتالوة التقرير النهائي‪.‬‬ ‫عرض تجارب املكتبات العمومية‪:‬‬ ‫‪ -‬أنها لم تتحصل عىل جوائز يف إطار مسابقات‬
‫ودون أي أثر مايل لصاحب العمل‪ ،‬ويع ّد تقديم عمل‬
‫*‪ 09:30‬عرض التجربة األوىل للمكتبة‬ ‫للمشاركة يف املسابقة موافقة ضمنية رصيحة ودون‬ ‫أخرى‪.‬‬
‫اعرتاض عىل ذلك‪.‬‬ ‫‪ -‬أن تكون القصائد املشاركة أصيلة (تجنب‬
‫النسخ واالقتباس)‪.‬‬
‫مدينة المكنين تستعد الختتام مهرجانها الوطني للخرافة الشعبية‬ ‫‪ -‬أن ترد قبل غلق باب الرتشحات (‪ 27‬جوان )‪.‬‬
‫‪ -‬أن يكون موضوعها‪ - :‬الوطن‪ :‬بالنسبة للشعر‬
‫الشعبي‬
‫ط الرحال " يستعد املهرجان الوطني للخرافة‬ ‫فن الحكي ‪ ...‬تشارف عىل ح ّ‬ ‫تحت شعار "رحلة يف أرجاء ّ‬ ‫‪ -‬من اختيار الشاعر‪ :‬بالنسبة للشعر الفصيح‪.‬‬
‫الشعبية باملكنني إىل تنظيم حفل إختتامه بعد رحلة دامت لستة أشهر عاش عىل وقعها جمهور الحكاية‬ ‫من ‪ 28‬جوان إىل ‪ 07‬جويلية ‪:‬‬
‫واملولعني بها أجواء إتسمت بثرائها و تنوعها ‪.‬‬ ‫‪ -‬فرز األعمال‬
‫حيث إنطلقت فكرة هذا املهرجان من صاحبها الحكواتي منترص العمريي ليقع تنظيمها منذ شهر جانفي‬ ‫من ‪ 13‬إىل ‪ 20‬جويلية ‪:‬‬
‫من قبل جمعية روافد للفن املرسحي باملكنني بالرشاكة مع دار الثقافة باملكنني تحت إرشاف املندوبية الجهوية‬ ‫‪ -‬إشعار أصحاب األعمال املقبولة ودعوتهم‬
‫للشؤون الثقافية باملنستري وبدعم من بلدية املكنني ‪.‬‬ ‫للحضور واملشاركة يف فعاليات االختتام‪.‬‬
‫مرورا بالدورة التكوينية يف فن الحكي والخرافة الشعبية وبليايل الخرافة خالل شهر رمضان املعظم يصل‬ ‫من ‪ 21‬إىل ‪ 24‬جويلية ‪:‬‬
‫املهرجان إىل مرحلة إختتامه بربنامج ثري ومتنوع حسب ما أفاد به مديره السيد منترص العمريي ‪ .‬حيث‬ ‫‪ -‬االفتتاح الرسمي للتظاهرة‬
‫ستحتضن دار الثقافة باملكنني يومي ‪ 18‬و‪ 19‬جوان أجواء الدور النهائي للمسابقة الوطنية" تونس تحكي"‬ ‫‪ -‬مسابقة يف الشعر الشعبي‬
‫التي كانت قد إنطلقت منذ شهر جانفي الفارط عىل املحامل الرقمية وشهدت مشاركات عديدة ومختلفة‬ ‫‪ -‬مسابقة يف الشعر الفصيح‬
‫من شتى أنحاء الجمهورية التونسية ‪ ،‬مروا جميعهم بتصفيات أفضت إىل ترشيح ‪ 20‬مشاركا ليتنافسوا عىل‬ ‫‪ -‬اختتام التظاهرة وتتويج الفائزين‬
‫الثالث املراتب األوىل يومي ‪ 18‬و‪ 19‬جوان ‪ ،‬هذا وسيقع تقسيم عروض املسابقة إىل فئتني حسب العمر من ‪7‬‬ ‫كل األعمال املشاركة سواءا الفائزة أو تلك التي‬
‫إىل ‪ 15‬سنة ومن ‪ 16‬سنة فما فوق ويقع تباعا تسمية ‪ 3‬فائزين عن كل فئة عمرية ‪.‬‬ ‫لم يحالفها الحظ ال تعاد ألصحابها‪ ،‬ويحق لوزارة‬
‫وإذ تتكون لجنة تحكيم مسابقة تونس تحكي من الفنانني إكرام عزوز ومحمد فوزي اللبان ‪.‬‬ ‫الشؤون الثقافية ممثلة يف إدارة املطالعة العمومية‬
‫كما أفاد مدير املهرجان أن عرض " الحاج وعمرياتو " سيكون حارضا يوم ‪ 19‬جوان ضمن فعاليات‬ ‫حفظها وتوثيقها أو إتاحتها لرواد املكتبات العمومية‬
‫اإلختتام وهو عرض نص املرسحي منترص العمريي وإخراج املرسحي نزار الكشو ‪.‬‬ ‫والباحثني أو نرشها بعد املسابقة تباعا سواء يف مجلة‬
‫وإيمانا منهم بقيمة الوفاء والعرفان فكرت إدارة املهرجان يف تكريم لبعض األسماء الفنية التي قدّمت‬ ‫أو ديوان أو مجموعة دواوين أو يف كتيب خاص‪ ،‬سواء‬
‫اإلضافة يف مجال فن الحكي والخرافة الشعبية وهم الفنان محمد كوكة ‪ ،‬الفنانة وحيدة الدريدي ‪ ،‬والفنان‬ ‫ورقيا أو إلكرتونيا وبالصيغة التي تراها صالحة مع‬
‫البغدادي عون ‪ ،‬والفنان فوزي بن ابراهيم والفنان بوراوي الوحييش‪.‬‬ ‫ضمان الحقوق املعنوية ألصحاب األعمال املذكورة‬
‫‪43‬‬ ‫الشارع الثقافي‬ ‫من أدب ال ّرسائل‬
‫إىل نورس ‪ :‬هذا ما َف َع َل َمي ُئ ِ‬

‫ك يب‬
‫بقلم ‪ :‬رحيّم جماعي‬
‫ك ّل أحالمي القديمة‪ ،‬ولم تُب ِْق منها سوى أطياف نحيلة‬ ‫ف وٱشمئزاز‪...‬‬‫ُوَل ظهره لآلخر ِب َق َر ٍ‬ ‫كِ الهما ي ّ‬ ‫(‪)1‬‬
‫ومجروحة‪...‬‬ ‫َ‬
‫يقسم ‪-‬أثناء املواجهة‪ ،-‬أ َّل يكون رحيما بنقيضه‬ ‫وكالهما ِ‬ ‫الحقيقة يا حبّي الكبري‪ ،‬أنّكِ لم تكوني حتّى مج ّرد حُ ْل ٍم‬
‫رت ‪:‬‬ ‫ومع ذلك ق ّر ُ‬ ‫إىل أبد اآلبدين‪...‬‬ ‫تتحقق أبدًا‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫حاولُها فال‬ ‫بديع‪ِ ،‬من تلك األحالم العَ ِصيّة‪ ،‬ا ّلتي ن ُ ِ‬
‫عىل ال ّريح الحقودة العابثة‪ ،‬أن تغادر حياتي فورا‪...‬‬ ‫ً‬
‫ويقسم أن يكون عدوّا مُخلِصا مادام عىل قيد الحياة‪.‬‬ ‫ف بُراق األحالم عن زيارتي‪ ،‬قبل مجيئكِ بسنوات‪...‬‬ ‫ك َّ‬ ‫َف َق ْد َ‬
‫وسمومه‪ ،‬من‬ ‫وعىل الوقت ال ّرجيم أن يسحب ك ّل سواده ُ‬ ‫(‪)4‬‬ ‫ت‬ ‫ْ‬
‫وٱنكمش ُ‬ ‫السحيقة‪،‬‬ ‫خبَ ٍإ يف ذاتي ّ‬ ‫عدت إىل أقىص مَ ْ‬ ‫ُ‬ ‫لذلك‬
‫نافذتي ودمائي‪( ،‬لم أزل أتمنّى ملكيّة باب ونافذة)‪...‬‬ ‫جئت غازية مُربكة‪...‬‬‫ِ‬ ‫هكذا‬ ‫ويائسا‪ ،‬كأنني لن أرى أحدًا سواي‪...‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫هناك مخذول‬
‫وعىل البالد أن تكون ‪-‬من اآلن‪ -‬بالدا‪...‬‬ ‫َّ‬
‫السابع‪( ،‬عىل غري عادة ال ُّرض ِع‬ ‫ّ‬ ‫ابتسمت يف يومكِ‬
‫ِ‬ ‫فقد‬ ‫شمسكِ الفاتنة عىل حياتي‬ ‫ُ‬ ‫لكنّني ‪-‬بعدما أرشقت‬
‫ْ‬
‫وعيل ّ أن أبدأ من جديد‪...‬‬ ‫مثلك)‪...‬‬ ‫نت إىل تلك املسافة الهائلة بني األحالم واألقدار‪...‬‬ ‫ط ُ‬ ‫الجافة‪ ،-‬تف ّ‬ ‫ّ‬
‫كم م ّرة سأبدأ من جديد‪..‬؟!‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫مسافة خرافيّة‪ ،‬ال نستطيع نحن البرش البطيئون قطعَ ها‬
‫كم م ّرة سأنهض من رميمي‪ ،‬وأنطلق يف رحلة ال أعرف‬ ‫أبدًا‪...‬‬
‫نهايتها‪..‬؟!‬ ‫وُّرها بأذهاننا البليدة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ص‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫عىل‬ ‫ى‬ ‫ّ‬ ‫ت‬ ‫ح‬ ‫َ‬
‫ة‬ ‫در‬ ‫ُ‬
‫الق‬ ‫نملك‬ ‫ال‬ ‫بل‬
‫ْ‬ ‫ُ‬
‫كم م ّرة سأطيح بغول الغربة يف البالد‪ ،‬وأغ ِم ُد شموخي يف‬ ‫ُ‬ ‫خييل‪.‬‬ ‫ا ّلتي نحاول تدريبها عىل التّ ْ‬
‫وأفتك حياتي من بني أسنان ال ّزمن املتوحّ ش‪..‬؟!‬ ‫ّ‬ ‫صميم املذ ّلة‪،‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫السؤال الدّامي ‪:‬‬ ‫كم م ّرة سيجرحني هذا ّ‬ ‫كانت مسافة‪...‬‬
‫متى ياتي اليوم ا ّلذي سأكون فيه جديرا بكِ ؟‬ ‫ك ُّلها مسافات‪...‬‬
‫(‪)6‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫حتّى بَ َل َغني النّبأ الجسيم‪ ،‬النبأ األكثر إرشاقا‪ ،‬النبأ الذي‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫أمل‪ ،‬سوى أن أنتهي برسعة‬ ‫ٍ‬ ‫َقبْ َلكِ لم أكن أ َ ْلوي عىل‬ ‫السحيق‪،‬‬ ‫فخرجت ِمن كهف ذاتي ا ُملظلم ّ‬ ‫ُ‬ ‫غي حياتي إىل األبد‪،‬‬ ‫َّ َ‬
‫وبأخف الألرضار والخسائر‪ ،‬ا ّلتي تكبّدتُها مخذوال‬ ‫ّ‬ ‫وهدوء‪،‬‬ ‫ُ‬
‫خرجت‬ ‫الضوء ألوّل م ّرة‪،‬‬ ‫خرجت مثل كائن أسطوريّ ‪ ،‬يرى ّ‬ ‫ُ‬
‫بأهيل وأحبّتي وبالدي‪...‬‬ ‫السعادة‪...‬‬ ‫كأش ِس ما تكون ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫الستقبالك‬
‫حصتي من هذا العالم عَ ذابان‪ ،‬لم تعد يل قدرة‬ ‫ّ‬ ‫قبلكِ كانت‬ ‫صتْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫أنا املمنوع بحز ٍم وحيشٍّ من أيّ سعادة‪ ،‬مَ هْ مَ ا ق َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫عىل ٱحتمالهما ‪:‬‬ ‫قامتُها‪...‬‬
‫عذاب العيش ككلب مرشّ د‪...‬‬ ‫كان فجْ ًرا‪...‬‬ ‫َ‬
‫وعذاب اليأس من َفتْكِ اآلفاق‪ ،‬التي ٱنغلقت كل أبوابها‬
‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ك ُّل ُه أ َ ْفجار‪...‬‬ ‫ُ‬
‫ونوافذها وسقوفها أيضا‪...‬‬ ‫أرشق دفعة واحدة‪ ،‬يف ليل مدينة تنام وتصحو عىل حزنها‬ ‫َ‬
‫السحاب املعنويّ ‪،‬‬ ‫ّ‬
‫ت عن من ْ ِح الثقة لذلك ّ‬ ‫ك َف ْف ُ‬ ‫كنت قد َ‬ ‫ُ‬ ‫األزيل ّ يف الجنوب‪ ،‬تحزن وتُعاند شتاءَها القايس‪...‬‬
‫الصغرية‪ ،‬وهي أمنيات‬ ‫سجَ ت بشائره األوىل‪ ،‬أمنياتي ّ‬ ‫ْ‬ ‫ا ّلذي ن َ َ‬ ‫السكن)‪ ،‬ال‬ ‫السكون وليس ِم َن ّ‬ ‫(م َن ّ‬ ‫كنت كائنا ساكنا ِ‬ ‫ُ‬
‫صغرية جدّا ‪:‬‬ ‫يكرتث ِليّ يشء يحدث يف العالم‪ ،‬وال يعرب اهتماما حتّى لو‬
‫عمل قا ّر‪ ،‬بيت صغري‪ ،‬زوجة صالحة ومُحبّة‪ ،‬وطفالن‬ ‫نورس نجلة الشاعر رحيّم جماعي‬ ‫غرقت قا ّرة بأرسها يف أعماق البحر‪...‬‬ ‫ْ‬
‫ِق عليهما روحي أنهارا من ا َملحبّة‪،‬‬ ‫جميالن (ذكر وأنثى)‪ ،‬أ ُ ْغد ُ‬ ‫غي وجه العالم‪ ،‬وبَثَّ‬ ‫ّ‬
‫وكنت الحدث الخارق الوحيد‪ ،‬الذي ّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫بالسعادة)‪...‬‬ ‫ّ‬ ‫(هذا ما أسمّ يه‬ ‫ت أُمُّ كِ يل ‪:‬‬ ‫س ْ‬ ‫إبتسمت بنعومة ال مثيل لها‪َ ،‬فهَ مَ َ‬ ‫ِ‬ ‫الحركة فيه‪...‬‬ ‫َ‬
‫السحاب املعنويّ ماك ًرا‪ ،‬وكاذبًا‪ ،‬وخادعً ا‬ ‫ّ‬ ‫كان ذلك‬ ‫‪ -‬ال تُخرب أحدًا‪...‬إنّها ال ِبشارة‪.‬‬ ‫يستحق شيئا‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫عاملي ا ّلذي ال يشء فيه‬
‫كمحبوبة خائنة‪...‬‬ ‫إن أمّ كِ ‪-‬يا ٱبنتي‪ -‬تصدّق ك ّل‬ ‫أمّ كِ ا ّلتي تصدّق ك ّل يشء‪ّ ،‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫ك ّلما دعوْتُه يأتي مثقل باملطر الناعم‪ ،‬لكنه يتجاوزني‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫يشء‪...‬‬ ‫بَ َل َغني النّبأ ُ الجسيم‪ ،‬فخرجت إىل املدينة الغافية يف ليل‬ ‫ُ‬
‫دائما‪ ،‬ويَهْ مي بعيدًا‪...‬‬ ‫ت األرض ومَ ْن عليها‪ ،‬تُهَ ِّل ُل ‪:‬‬ ‫فإذا تَب ََّخ َر ِ‬ ‫الضارية‪ -‬شارعها‬ ‫‪-‬م ْن سعادتي ّ‬ ‫الجنوب القايس‪ ،‬ألجوبَ ِ‬
‫هائل من الشماتة‪ ،‬بحيث‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬
‫وأحيانا كثرية‪ ،‬يكون عىل قد ٍْر‬ ‫شك أنّها الجَ نّة‪!..‬‬ ‫‪ -‬يا َل ْلبُرشى‪...‬ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫طويل‪ ،‬وأنتبه ‪-‬ألوّل م ّرة‪ -‬إىل نخيله يَشمَ خ عىل ضفتيه‪،‬‬ ‫ال ّ‬
‫يتجاوزني ليُمطر يف الجوار‪...‬‬ ‫(‪)5‬‬ ‫طاو ُل األحالم البعيدة‪...‬‬ ‫وأشجاره العالية تُ ِ‬
‫السحاب املعنويّ الحقود‪ ،‬ع ّلمَ ني ‪-‬بعد خذالن طويل‪-‬‬ ‫ذلك ّ‬ ‫َل ْم أ َ َر يف حياتي كائنا يبتسم مثلكِ أبدا‪...‬‬ ‫وأتسا َء ُل ‪-‬للم ّرة األوىل‪ -‬بدهشة طفل أمام مدينة ِم ْن‬
‫لصديقي القحط‪ ،‬وحبيبي‬ ‫َ‬ ‫‪ ،‬كيف أُدير له ظهري‪ ،‬وأ ُم ُّد روحي‬
‫َ‬ ‫ط عىل شفتني‬ ‫كانت بسمتُكِ طائ ًرا بألوان عجيبة‪ ،‬بخ ّ‬ ‫حلوى‪...‬‬
‫الجفاف‪...‬‬ ‫ان ْ َف َرجَ تَا عىل وَعْ ٍد ال تُعادِ لُه ك ّل كنوز الدّنيا‪...‬‬ ‫أتساءل إن كان ‪-‬قبل مجيئك‪ -‬يف املدينة شارع طويل‪،‬‬
‫أحالمي الحُ سنى‪ ،‬من فِ تْنَت ِِه ووعوده‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ل‬ ‫ك‬ ‫غ‬ ‫ُ‬ ‫ر‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬
‫ف‬ ‫ُ‬ ‫أ‬ ‫كيف‬ ‫ع ّلمَ ني‬ ‫وٱنفرجتا عىل شمس طريّة‪ ،‬تقول شيئا واحدًا‪ ،‬وهو أن ال‬ ‫وشجر‪ ،‬ونخيل‪...‬؟!‬
‫الكاذبة‪ ،‬وأ َهبُها ‪-‬بك ّل ما يف العالم من يأس‪ -‬للفراغ‪ ،‬ا ّلذي‬ ‫َ‬ ‫غروب بعد اليوم‪...‬‬ ‫بل أتساءل عَ مَّ ا إذا كان يف املدينة مدينة أصال‪...‬؟!‬
‫تعاهدنا (أنا وهو)‪ ،‬عىل أن نكون صديقني ال يفرتقان‪ ،‬حتّى‬ ‫قلت‪ :‬نعم‪ ،‬لألطفال مالئكة للحراسة‪...‬‬ ‫ُ‬ ‫طني يف نوم‬ ‫كنت تَ ُغ ّ‬ ‫ِ‬ ‫س َّلمْ تُكِ هديّة غالية وعزيزة‪،‬‬ ‫وحني تَ َ‬
‫أكياسنا باآلمال‪...‬‬ ‫ِ‬ ‫امتألت ك ّل‬ ‫ْ‬ ‫لو‬ ‫وبدأت أحلم ‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫سعيد‪ ،‬وعىل شفتيك ابتسامة ناعسة‪...‬‬
‫أنت‪...‬‬ ‫‪...‬جئت ِ‬ ‫ِ‬ ‫وَ‬ ‫َش قبيل‪...‬‬ ‫َ‬
‫ت لكِ بما لم يحلمه ب ٌ‬ ‫حَ لُمْ ُ‬ ‫رت ما تُ َر ِّددُه أمّ ي دائما‪:‬‬ ‫ك ُ‬ ‫حينها تذ ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫كنت هناك دائما ولم أنتبه‪ ،‬حتى أنني‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬
‫جئت هكذا‪...‬كانكِ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬
‫األهلة‪...‬‬ ‫ّ‬
‫حلمت لكِ بمنازل الغيم‪ِ ،‬بدارات الضوء‪ ،‬وعَ َربات ِ‬ ‫ُ‬ ‫‪ -‬إذا ٱبتس َم األطفال يف نومهم‪ ،‬فإنهم يستقبلون املالئكة‪.‬‬ ‫ّ‬
‫الشارع القايس‪ ،‬ألسأل الجريان‪:‬‬ ‫رت يف الخروج إىل ّ‬ ‫ف ّك ُ‬ ‫سها يَ ُد إنسان‪ ،‬ولم تُلوّثها‬ ‫س ْ‬ ‫بحدائق لم تَمْ َ‬
‫َ‬ ‫حلمت لكِ‬ ‫ُ‬ ‫س َك بخناق روحي كائنان ال يلتقيان أبدًا‪:‬‬ ‫وأَمْ َ‬
‫طفلة ا ّلتي تُشبهُ ني ؟!‬ ‫من هذه ال ّ‬ ‫الحداثة‪...‬‬ ‫طاغية‪ ،‬وال ّرعب ا ُمل ِميت‪...‬‬ ‫السعادة ال ّ‬ ‫ّ‬
‫ُ‬
‫أو ‪ :‬من هذه الطفلة التي أشبهُ ها ؟!‬‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫حلمت لكِ بطاىر الحظ العجيب‪ ،‬ال يغادر كفيك‪ ،‬بوردة‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫أن‬ ‫ّ‬
‫السعادة باكتشايف لِشعور جديد ناعم حَ َّد الذبح‪ ،‬وهو ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫ُصدَّق‪!..‬‬ ‫ظ كان مجيئُكِ ال ي َ‬ ‫نعم‪ ...‬إىل هذا الح ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫السعيدة‪ ،‬تندَى عىل شفتيك الباسمتني يف كل الليايل‪...‬‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫النّوم ّ‬ ‫أنت فقط‪ ،‬إنما أنا ذاتي‪...‬‬ ‫ّ‬ ‫ا ّلتي تنام هادئة بني يديّ ‪ ،‬ليست ِ‬
‫الصغرية‪ ،-‬كم كان حبيبُكِ هذا ميّتًا‪.‬؟!‬ ‫أرأيت ‪-‬يا حبيبتي ّ‬ ‫ِ‬ ‫يومي مع‬ ‫ّ‬ ‫بشعوب ال تتعب ِمن حبّك أبدا‪ ،‬بموعد‬ ‫حلمت لكِ ُ‬ ‫ُ‬ ‫الشعور النّادر ‪:‬‬ ‫تصوَّري يا غاليتي هذا ّ‬
‫كنت ال وجود يل‪ ،‬لوالكِ يا قدَري الفاتن‪.‬؟!‬ ‫ُ‬ ‫أرأيت كم‬ ‫ِ‬ ‫شمس بَلِيلة‪ ،‬يُكوّرها اإلنتصار الدّائم البديع‪...‬‬ ‫أنا‪...‬أنام‪...‬هادئا‪...‬بني‪...‬يديّ ‪!..‬‬
‫نعم هكذا‪...‬‬ ‫حلمت لكِ بأعراس النّجوم‪ ،‬وصباحات األغاني‪ ،‬وسالمات‬ ‫ُ‬ ‫وستكربين يومً ا‪ ،‬وتكتشفني ذلك‪ ،‬وتفهمني ما معنى أن‬
‫فأنا إىل يوم النّاس هذا‪ ،‬ال أعرف كيف أحبُّ كائنًا آخر أكثر‬ ‫املحبّة‪...‬‬ ‫ف وال ٌد مثيل‪ ،‬يف حبّ فلذة كبده‪ ،‬وبالتّايل يرسف يف حبّ‬ ‫ُس َ‬ ‫ي ْ ِ‬
‫منكِ ‪ ،‬إذ يكفي أن تغادري املكان‪ ،‬حتّى يشتعل شوقي إليك‪،‬‬ ‫ُ‬
‫الس َّلم العايل‪ ،‬ا ّلذي ال يَبْلُغ آخر درجاته ّإل‬ ‫حلمت لكِ بذلك ُّ‬ ‫ُ‬ ‫روحِ ه‪.‬‬
‫وأنت ال ّزمان‪...‬‬ ‫ِ‬ ‫أنت‪،‬‬ ‫كأن املكان ِ‬ ‫ّ‬ ‫العظماء والعظيمات‪...‬‬ ‫أَمّ ا ال ّرعب املميت‪ ،‬فيَك ُمن يف يو ٍم مُتخي ٍّل‪ ،‬تدركني فيه‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫لهذا أحَ بَّني ا ّلله بما يكفي‪ ،‬ألكون إىل جانبكِ ‪ ،‬أو لتكوني إىل‬ ‫َ‬ ‫بالسعادات الدّائمة‪...‬‬ ‫ّ‬ ‫حلمت لكِ بالهدوء ي ُ‬
‫َضجُّ‬ ‫ُ‬ ‫لست جدي ًرا بكِ ‪ ،‬كوال ٍد سا َءتْه األيّام‪َ ،‬فأَعْ جَ َزتْ ُه عن‬ ‫ُ‬ ‫بأنّني‬
‫جانبي‪ ،‬أو لنكون معا دائما‪ ،‬و‪...‬دائما‪.‬‬ ‫حلمت لكِ ‪...‬‬‫ُ‬ ‫تلبية رغبات صغرية البنته الوحيدة‪...‬‬
‫(‪)7‬‬ ‫ت َرحَ ى األيّام‪،‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫حلمت والخوف يُم ّزق روحي‪ ،‬فق ْد طحَ ن ْ‬ ‫ُ‬ ‫شعوران‪ ،‬ال يُصالح أحدهما اآلخر أبدا‪...‬‬ ‫كنَني ُ‬ ‫س َ‬ ‫وهكذا َ‬
‫‪44‬‬ ‫الشارع الثقافي‬ ‫من أدب ال ّرسائل‬

‫الصغرية وخويف‬ ‫ّ‬ ‫ُرتجفا بني سعادتكِ‬ ‫ً‬ ‫واآلن‪ ،‬وأنا أقف م‬ ‫ا ّلله‪...‬‬ ‫‪...‬ومازال يف روحي بَوْ حٌ كثري ‪:‬‬
‫السعادة من ال ّزمن ا ّللقيط‪ ،‬الكامن عىل‬ ‫عليكِ ‪ ،‬أحاول حراسة ّ‬ ‫يا للبهاء النّادر يف لفظة ‪ :‬ا ّلله‪...‬‬ ‫كنت أملك القدرة عىل فِ عْ ٍل وحيد‪ ،‬وهو أن ال أكون‬ ‫ُ‬ ‫قبلكِ ‪،‬‬
‫السانحة الغدر‪...‬‬ ‫مقربة‪ ،‬يتصيَّد الفرصة ّ‬ ‫الحدث ا ّلذي ال يُنىس‪ ،‬هو جُ ملة لن تزول من قلبي وذهني‬ ‫ُ‬ ‫شيئا‪...‬‬
‫ال ّزمن هو (اآلخرون)‪...‬‬ ‫ك ُرها دائما‪ ،‬ألسمع رنني جَ َر ِسها يُنبِّهُ ني‪ ،‬إىل‬ ‫بَالغتُها‪ ،‬وسأذ ُ‬ ‫ّ‬
‫ك ْي يكون األمر أكثر وضوحا ودِقة‪ ،‬أقول ‪:‬‬ ‫وَ َ‬
‫لست وحيدًا‪...‬‬ ‫ُ‬ ‫أنّني ‪-‬رغم وحدتي‪-‬‬ ‫ث خطاي نحو املوت‪،‬‬ ‫َ‬
‫كنت ‪-‬قبل هبوبكِ الباذخ‪ ،-‬أحُ ُّ‬ ‫ُ‬
‫ور َّقتِه‪ ،-‬أكا ُد أسيل يف هذا التّ ّ‬
‫وسل ‪:‬‬ ‫لكنّني ‪-‬بحنان الوالد ِ‬
‫س أَحبّة (اآلخرين)‪،‬‬ ‫سنَدي وضو َء قلبي‪ ،‬أُحْ ُر ْ‬ ‫‪ -‬إ ِ َلهي‪ ،‬يا َ‬ ‫وأنت‪ ،-‬نقاوم الرب َد يف‬ ‫ِ‬ ‫كنّا ‪-‬أنا‬ ‫كان شتا ًء قاسيًا وعسريًا‪ ،‬و ُ‬ ‫بطريقة تُثري إعجاب األعداء‪...‬‬
‫أساسا لرتبية الدّواجن‪...‬‬ ‫ً‬ ‫شيِّد ْ‬
‫َت‬ ‫غرفة يتيمة‪ُ ،‬‬ ‫بأن موتي‬ ‫أولئك األعداء الف‪ ،‬ا ّلذين يحاولون إقناعي دائما‪ّ ،‬‬
‫ِلئَ َّل يواجهوا مثيل أشباح الخوف والفزع وال ّرعب‪...‬‬
‫بحق‪ ،‬لكنّنا كنّا نقاومه ك ّل ِمنّا بطريقتِه‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫كان الرب ُد كاف ًرا‬ ‫طريقة ا ّلتي‬ ‫سيكون ُمدَوّ يًا وجميال‪ ،‬رشيطة أن أحافظ عىل ال ّ‬
‫أُحرس ‪-‬من أيّ سوء‪ -‬أحِ بَّتَهم‪ِ ،‬لئَ َّل يحرتقوا يف جحيم‬
‫طريّة‪ ،‬وأنا ِبنَهْ ِر املحبّة داخيل‪...‬‬ ‫أنت بطفولتِك ال ّ‬ ‫ِ‬ ‫أميض بها نحوَه‪ ،‬وا ّلتي يصفونها با ُملث ْ َل وال ّرائعة واملدهشة‪...‬‬
‫الشكوك والحريات‪ ،‬ا ّلتي يبُثّها الغامض واملجهول يف أرايض‬ ‫ّ‬
‫كيف أقول محبّتي لكِ وال أسيل‪..‬؟‬ ‫س ِب صداقة املوت‪ ،‬ا ّلذي كان يبدو‬ ‫ك ْ‬ ‫كنت مُجتهدًا يف َ‬ ‫ُ‬ ‫قبلكِ ‪،‬‬
‫مستقبلهم‪...‬‬ ‫ذراعي اليمنى وتحلمني‪ ،‬وأنا أصغي إىل‬ ‫َ‬ ‫تتوسدين‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬
‫كنت‬ ‫لست جدي ًرا بجمالِه‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫حاوله فيَنأى‪ ،‬كأنني‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫كنَجْ ٍم عزيز املنال‪ ،‬أ ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫راض يرعى من عطاءاتِها‬ ‫َ‬
‫سعَ َد الذين يملك مستقبلهم أ ٍ‬ ‫ّ‬ ‫ما أ َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫غضب ال ّرياح يف الخارج‪ ،‬وعوائها يف روحي‪ ،‬وألمَ حُ أنياب‬ ‫الفاتن‪...‬‬
‫ويرعاها‪...‬‬ ‫النّهارات القادمة‪ ،‬وهزائمي فيها‪...‬‬ ‫مَ ث َ ًل ‪ :‬كان يكفي أن أُف ّكر باملوت‪ ،‬حتّى تَ ْغدُو ‪-‬هذه‬
‫وهم يشاهدون فلذات أكبادهم‪ ،‬يكربون‬ ‫ما أسعد اآلباء‪ُ ،‬‬ ‫كانت ليلة باردة وطويلة كاألبد‪...‬‬ ‫ا ُملسمّ اة الحياة‪ ،-‬قِ طا ًرا مجنونًا‪ ،‬يسري برسعة جنونيّة‪ ،‬وال‬
‫يف أعطافهم وأعيُن ِِهم‪...‬‬ ‫ت بوادر الفجر األوىل‪ ،‬تدعوني إىل استقبال‬ ‫أخريًا َلحَ ْ‬ ‫طة‪ّ ،‬إل يف أحضان املوت‪...‬‬ ‫يتوقف يف أيّ مح ّ‬ ‫ّ‬
‫واآلن‪ ...‬ماذا سيحدث بعد اآلن ؟‬ ‫طعنات النّهار‪...‬‬ ‫كني‬ ‫السيّد املوت كثعلب ماكر‪ ،‬ويرتُ ُ‬ ‫ّ‬ ‫حينها‪ ،‬ينسحب‬
‫ذني ‪:‬‬ ‫ُ‬
‫فجأة‪ ،‬إنساب صوتكِ النّاعس يف أ ّ‬ ‫حاضنًا حفنة من رياح‪...‬‬ ‫ِ‬
‫(‪)13‬‬
‫واآلن يا وطني‪ ،‬ونايس‪ ،‬وأهيل‪ ،‬وأصدقائي جميعا‪،‬‬ ‫إن ا ّلله يغنّي‪.‬‬ ‫‪ -‬بَابَا‪ّ ،‬‬ ‫ُث يل‪ ،‬ألنّكِ لم تكوني يف حياتي‪...‬‬ ‫ك ّل هذا كان يَحْ د ُ‬
‫وسعاداتي‪ ،‬وأَعماري‪ ،‬وٱحتفاالتي‪...‬‬
‫وٱنتبهت إىل آذان الفجر يرسي باملخلوقات عىل أجنحة من‬ ‫ُ‬ ‫ص عىل الوصف والتشبيه‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫جئْ ِت يف ذلك املوكب العَ ِ ّ‬ ‫أَمَّ ا وقد ِ‬
‫ضوء شفيف‪...‬‬ ‫ت‬ ‫س ْ‬ ‫ك َ َ‬ ‫عوقا بعودة الحياة إىل حياتي‪ ،‬وٱن ْ َ‬ ‫ص ً‬ ‫َف َق ْد َف َّر املوت مَ ْ‬
‫اآلن كيف أ َ ُر ُّد الجميل لفاتنتي وحبّي الكبري‪..‬؟‬
‫هاتي‪...‬‬ ‫ْ‬ ‫سه بيديّ‬ ‫دت أ َمل ُ‬ ‫الضوء يف روحي‪ ،‬حتّى كِ ُ‬ ‫كان ّ‬ ‫طوَّحَ تْ ُه‬ ‫طفل َ‬ ‫ٍ‬ ‫ك َر ِة‬ ‫جاج َه ٍّش مَ نْذور ِل ُ‬ ‫ك ُز ٍ‬ ‫أحالم األعداء‪َ ،‬‬
‫كيف أتخ ّلص من شعوريَ ال ّذابح‪ ،‬بأنّني أَبٌ ال يليق‬ ‫ُ‬
‫الضوء خيوطا من عسل وحليب‪ ،‬وخيِّ َل إيل ّ أنّنا ‪-‬أنا‬ ‫كان ّ‬ ‫ّ‬
‫الشقاوة‪.‬‬
‫بنورسة ا ّلله يف أرضه‪..‬؟‬ ‫ِ‬ ‫ً‬
‫وأنت‪ ،-‬نرشب الضوء بلهفة مَ ْن فق َد البرص زمنا‪ ،‬وٱستعادَه‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫(‪)8‬‬
‫الصغرية‪ ،‬من منعطفات األيّام‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫كيف أنجو برغباتكِ‬ ‫ْ‬ ‫فجأة‪...‬‬ ‫ض ُه‬ ‫كان هذا مَ وْكِ بُكِ ‪ ،‬ا ّلذي لم تَ ْشهَ ْد ُه روحي‪ ،‬ولم يَحْ ْ‬
‫َ‬
‫وطعناتها الغادرة‪..‬؟‬ ‫ك ّل‪...‬‬ ‫َرت إليكِ ب ُ‬ ‫إستَد ُ‬ ‫ْ‬ ‫سها‬ ‫السالِبة‪ ،‬ا ّلتي كادت تَ ْلمَ ُ‬ ‫كتحِ ل عينايَ بألوان ِِه ّ‬ ‫قلبي‪ ،‬ولم ت ْ‬
‫كيف أُرشّ د هذا ال ّرعب بعيدا عن األعياد‪ ،‬التي جاءنى بها‬
‫ّ‬ ‫عدت إىل نومكِ وأحالمكِ مطمىنّة وسعيدة‪...‬‬ ‫ِ‬ ‫كنت قد‬ ‫ِ‬ ‫حفل منذ أكثر من ثالثني عاما‪...‬‬ ‫ً‬ ‫ضنا‬ ‫يداي‪ ،‬ويدايَ لم تَحْ ُ‬
‫مجيئُكِ ‪..‬؟‬ ‫سي ‪:‬‬ ‫ت يف ِ ّ‬ ‫ْ‬
‫فهتف ُ‬ ‫دركني ما معنى أن يَح َزن كائن مثيل‪،‬‬ ‫ُ‬
‫وستكربين طبعا‪ ،‬وت ِ‬
‫الصغرية‪ ،‬شجر ونخيل‪ ،‬ولكن‬ ‫ّ‬ ‫أن يف البالد‬ ‫ّقت ّ‬ ‫لقد صد ُ‬ ‫‪ -‬ما أ َ َرق الله‪ ،‬وما ألطفهُ‪ ،‬يُذكر بار مثيل بوجوده‬ ‫الكِ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫أكثر من ثالثني عاما‪...‬‬
‫كيف أدعو التّفاؤل النّائي‪ ،‬ليطرد خويف عليكِ ‪ ،‬ويُبقي ا ّللون‬ ‫وعظمته‪ ،‬و«يغنّي» لألطفال‪...‬‬ ‫الخرايف ّ ‪:‬‬ ‫ت بموكبكِ ُ‬ ‫وهذه هي األعراس ا ّلتي حَ َّف ْ‬
‫أن خذالني لن يطول‪ ،‬فنحن ‪-‬أنا‬ ‫أدركت ّ‬ ‫ُ‬ ‫ص ْل ٍب‪،‬‬ ‫يقني َ‬ ‫و ِب ٍ‬ ‫ت أجسادُها‪ ،‬كأنّها من ِب َّلوْر‪...‬‬ ‫ش َّف ْ‬ ‫أَيَائِل وغزالن َ‬
‫عيني‪..‬؟‬
‫ّ‬ ‫األخرض يف‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وأنت‪ ،-‬يف رعاية ربٍّ يُحوِّل ضوءَه إىل رغيف‪ ،‬و«يغني»‬ ‫ِ‬ ‫طيور مُلوّنة بشكل ال تُصدّقه حتّى عقول الفالسفة‬
‫بحق‪ ،‬ولكن كيف أفتحُ ها‬ ‫أن يف البالد بالد‬ ‫ّقت ّ‬ ‫لقد صد ُ‬
‫لألطفال‪...‬‬ ‫القدامى‪...‬‬ ‫ُ‬
‫السيّد املوت‪ ،‬فتبقني وحيدة‪ ،‬بال حبيبكِ‬ ‫لكِ ‪ ،‬دون أن يُدركني ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫كنت صغريًا‬ ‫ُ‬ ‫وكما ال تعلمني ‪-‬يا حبيبة أبيها‪ ،-‬أنّني عندما‬ ‫َّت‬ ‫ت بهدوء‪ ،‬وأد ِ‬ ‫شموس‪ ،‬وأقمار‪ ،‬وا َ ِه َّلة صغرية‪ ،‬تَن َ َّز َل ْ‬
‫هذا‪..‬؟‬ ‫كب ُ‬ ‫‪(،‬ال أذكر أنّني كنت صغريًا)‪ ،‬لم ي ِّ‬
‫ُ‬ ‫ت‪،‬‬ ‫ُغن يل أحد‪ ،‬وعندما ُ‬ ‫الوَال َء لحرضة (نورس)‪...‬‬
‫الصغرية‪ ،‬بأنّني يجب أن أعيش من أجلكِ‬ ‫كيف أقنع البالد ّ‬ ‫أفلحت فقط‪ ،‬يف أن يكون غنائي جارحً ا‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫يت لِذاتي‪ ،‬لكنّني‬ ‫غن ّ ُ‬ ‫ّ‬
‫وجنِّيات طيّبات‪ ،‬يَ ْرشش َن العطور النادرة‪ ،‬عىل‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫مالئكة ِ‬
‫أنت‪ ،‬وليس من أجيل‪..‬؟‬ ‫ِ‬ ‫وذابحً ا‪ ،‬وحزينا‪...‬‬ ‫املوكب املهيب‪...‬‬
‫فهمُها أن ال معنى أليّ يشء جميل‪ ،‬إذا لم تكوني‬ ‫ُ‬
‫وكيف أ ِ‬ ‫ف ُ‬ ‫ال ِبحار والوديان والجداول‪ ،‬تسعى َ‬
‫فما أصعب الكتابة عن ا ّلله‪ ،‬ا ّلذي (غنّى) لكِ بعذوبة‬ ‫خطى املوكب‪،‬‬ ‫خ ْل َ‬
‫سه عيناكِ ‪ ،‬ولم تَ َر ُه يداكِ ال ّرقيقتان‪..‬؟‬ ‫س ْ‬ ‫فيه‪ ،‬ولم تَمْ َ‬ ‫تائي القايس‪.‬‬ ‫الش ّ‬ ‫فائقة‪ ،‬يف ذلك الفجر ّ‬ ‫وتُرسل برذاذها من قريب‪ ،‬حتّى تظ ّل األجساد نديّة‬
‫هذه هي ِمحرقة األسئلة‪...‬‬ ‫(‪)11‬‬ ‫ومضيئة‪...‬‬
‫هذا ما َفعَ َل بي مجيئُكِ ‪.‬‬ ‫واآلن ‪-‬يا أحىل أسبابي‪ ،-‬كيف أنظر إىل األمام وأصدّقه‪..‬؟‬ ‫األشجار بكامل خرضتِها‪ ،‬الحدائق بورودها‪ ،‬وأزهارها‬ ‫ُ‬
‫(‪)14‬‬ ‫ت ‪-‬قبلكِ ‪ -‬عن اإللتفات خلفي‪ ،‬إذ ال يشء يُغري‬ ‫ك َف ْف ُ‬ ‫لقد َ‬ ‫ربيّة‪ ،‬تُحيط باملوكب من جهاته الخمس‪...‬‬ ‫ال ّ‬
‫بائسا‬ ‫ً‬ ‫باإللتفات إليه‪ ،‬فق ْد كان الحارض آنذاك داميًا‪ ،‬واملايض‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫والصباحات يف بداياتها‪ ،‬وما بعد‬ ‫ّ‬ ‫أنْسام الفجر األوىل‪،‬‬ ‫َ‬
‫جئت إذن‪...‬‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫كنت أرى بوادره يف ذلك الحارض‪ ،-‬حفلة‬ ‫ُ‬ ‫وحزينا‪ ،‬واآلتي ‪-‬كما‬ ‫أنصاف ا ّلليايل‪ ،‬تُجَ ِّل ُل ذلك القدوم الخاطف لألبصار‪...‬‬ ‫ُ‬
‫جئت كأنكِ بداية الخلق ونهايتها‪...‬‬ ‫ِ‬
‫ّ‬
‫ك ُم اللحظة‬ ‫ْ‬
‫السنني‪ِ ،‬تل ُ‬ ‫وكأن األرض تنتظر منذ ماليني ّ‬ ‫ّ‬ ‫هائلة من عويل‪...‬‬ ‫الجبال تَحْ نٍي قاماتها‪ ،‬والهضاب تُنيخ ركائبها ملليكتها‬
‫كنت ال أذك ُر املايض ّإل لِماما‪ ،‬وأعيش حارضي‬ ‫ُ‬ ‫لذلك‬ ‫السالبة‪...‬‬ ‫ّ‬
‫النّادرة‪...‬‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫كأن‬ ‫بجس ٍد من المباالة‪ ،‬وأميض إىل اآلتي بذاكرة من نسيان‪،‬‬ ‫وكانت قبائل وشعوب ال تَحْ ف ُل بسواكِ ‪...‬‬
‫ا ّللحظة ا ّلتي ال يستطيع أعْ تَى املخلوقات‪ ،‬إحتمال ضوئها‬
‫اآلتي لن يأتي أبدا‪...‬‬ ‫كان موكبُكِ هو الدّنيا بأرسها‪...‬‬
‫الباهر‪...‬‬ ‫الحاتمي الوحيد‪ ،‬ا ّلذي‬ ‫ُ‬
‫م‬ ‫ر‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫ال‬ ‫هو‬ ‫‪،-‬‬ ‫‪-‬قبلكِ‬ ‫الشعْ ُر‬ ‫كان ِّ‬ ‫آ ٍه يا موكبكِ ‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫جئت‪ ،‬وال ّريح ليست مواتية‪ ،‬لكنّني سأطي ُل من قامتي‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ث‬ ‫ك َرمً ا جنائِزيًّا‪ ،‬يَحُ ُّ‬ ‫ِق ُه قلبي عىل جسدي‪ ،‬لكنّه كان َ‬ ‫ي ُْغد ُ‬ ‫(‪)9‬‬
‫وأظافري‪ ،‬وأنيابي‪ ،‬وحدائقي‪ ،‬وسمومي‪ ،‬كي أستطيع‬ ‫غياه ِبها‪...‬‬ ‫ِ‬ ‫السيع‪ِ ،‬لتطويني يف‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫النّهايات املريعة عىل القدوم ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫عل‪ ،‬وقد احتَش َد‬ ‫َث هذا ‪-‬يا وحيدتي الوحيدة‪ ،-‬حدث فِ ً‬ ‫حَ د َ‬
‫الوقوف يف مواجهة هذا الهبوب الحاقد لل ّريح‪...‬‬ ‫وأنت‬ ‫ِ‬ ‫كانت ك ّل أسبابي للبقاء عىل قيد الحياة نَثْريّة جدّا‪،‬‬ ‫َت عيون‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ك ّله يف روحي‪ ،‬حتى ضجَّ به صدري وأخ ِيلتي‪ ،‬وفقد ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫جئت‪ ،‬والبحر لم تهدأ ثورتُه بعدُ‪ ،‬ولكن يداكِ كافيتان‬ ‫ِ‬ ‫يستحق‬ ‫ّ‬ ‫الشعريّ الوحيد‪ ،‬ا ّلذي‬ ‫السبب ّ‬ ‫‪-‬بعد هبوبكِ العارم‪ّ ،-‬‬ ‫السيطر َة عىل مسرية املوكب الحافل‪ ،‬حتّى كادت تُ ُ‬
‫فلت‬ ‫قلبي ّ‬
‫ليهدأ‪ ،‬يداكِ تمسحان عىل موجاتِه فينام‪...‬‬ ‫اإلقامة عىل هذه األرض‪ ،‬ا ّلتي كانت قبلكِ مجازيّة جدّا‪،‬‬ ‫منّي أ َ ِعنَّته‪...‬‬
‫والضجيج يمأل الدّنيا وضواحيها‪ ،‬لكن صوتكِ‬ ‫ّ‬ ‫جئت‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫السخافة‪...‬‬ ‫ونثريّة جدّا حَ َّد ّ‬ ‫السعادات ا ّلتي سبّبتِها يل‪..‬؟‬ ‫فعلت بي ّ‬ ‫ْ‬ ‫أرايت ما‬‫ِ‬
‫نئ لها‬ ‫سكينة‪ ،‬تطم ّ‬ ‫الدّاىفء يكفي‪ ،‬حتّى تذهب الدّنيا يف َ‬ ‫ّ‬
‫فكيف أنظر إىل املستقبل وال أكذبه ؟‬ ‫ماسكها بالجنون أحيانا‪ ،‬وأحيانا‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫السعادة تصيب‬ ‫ُ‬ ‫إن ّ‬ ‫ّ‬
‫الشقيّة‪...‬‬ ‫القلوب واألرواح ّ‬ ‫(‪)12‬‬ ‫تقتُلُهُ‪...‬‬
‫وتعبين‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫وأنت تكربين عىل مهل‪ ،‬غافلة عمّ ا أكا ِبدُه‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫واآلن‪،‬‬ ‫يس َء الوطن‪ ،‬والنّاس‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫كنت ‪-‬قبل مجيئكِ ‪-‬‬ ‫ُ‬ ‫نعم‪ ،‬لقد‬
‫والسالم‪...‬‬ ‫ّ‬ ‫السكينة‬ ‫جئت‪َ ،‬فعَ َل الدّنيا ّ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫سون‪ ،‬ورشاقة غزالة‪ ،‬فألمْ ِل ُم‬ ‫األيّام ضاحكة‪ ،‬بخفة حَ ُّ‬ ‫ّ‬ ‫السعادة حتى املوت‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫واألهل‪ ،‬واألصدقاء‪ ،‬وعديم ّ‬
‫ذهبت بي ‪-‬بمجيئكِ ‪ -‬األحالم ؟‬ ‫ْ‬ ‫أ َ َرأَي ِْت إىل أيّ مَ دى‪،‬‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫خ ّل َفتْها ُ‬ ‫الصباحات ا ّلتي َ‬
‫خطاكِ ال ّرهيفة‪ ،‬وأ ُرشها يف عينيكِ ‪...‬‬ ‫ّ‬ ‫(‪)10‬‬
‫(‪)15‬‬ ‫الصباحات يف عينيكِ ‪...‬‬ ‫ما أجمل ّ‬ ‫حَ د ٌ‬
‫والسكينة إىل‬ ‫ّ‬ ‫َث آخر يا ٱبنتي‪ ،‬أصابني باإلطمئنان‬
‫نورس ‪:‬‬ ‫أحبّ عينيكِ ‪...‬‬ ‫حني‪...‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫يا حبّي الكبري‪ ،‬هذا ما فعَ َل مجيئكِ بي‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ان ‪-‬من َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ك َر ٍم‪ -‬دفئا غزي ًرا يف يديّ إىل‬ ‫واآلن‪ ،‬ويداكِ تبُث ِ‬ ‫حدث آخر نبَّهَ ني إىل أنني مؤمِ ن بال هوادة‪...‬‬
‫‪-------------------------------------‬‬ ‫روحي‪...‬‬ ‫مؤمن حتّى وأنا أقف يف أَوْ ِج خساراتي‪ ،‬وشقائي الذي‬
‫ّ‬
‫*نورس‪ ،‬إبنة الكاتب الوحيدة‪ ،‬ثالثة وعرشون سنة‪.‬‬ ‫أحبّ يديكِ ‪...‬‬ ‫أ َ ْر َس دعائمَ ه اآلخرون‪...‬‬
‫ص منذ عرشين سنة تقريبا‪.‬‬ ‫كتب الن ّ ّ‬ ‫* ُ‬ ‫كم أحبّ يديكِ ‪...‬‬ ‫طاغي‪ ،‬لقوّة ال تُضاهى‪ ،‬إسمُها ‪:‬‬ ‫مؤمن بذلك الوجود ال ّ‬
‫‪45‬‬
‫‪31‬‬
‫فضاء اإلبداع‬
‫ق‬
‫‪45‬‬
‫صة‬
‫‪awatefbeldi@gmail.com‬‬
‫لقمة واحدة ‪.‬ثم قال لها‪:‬‬

‫الحب ما قتل»‬
‫ّ‬ ‫«ومن‬ ‫هذا األمر ال اتحمله سوف ابيع البقرة واشرتي‬
‫بها حمارا‪.‬‬ ‫خيرا بإذن هللا‬
‫قالت له‪ :‬هل ستتحمل العيش من غري اللبن‬
‫كمال المبروك‬
‫قال ‪:‬سنتعود بهذا األمر وان تيرس األمر سوف‬ ‫سهير بن عثمان‬
‫املكان ‪ :‬حلبة مصارعة الثريان بإسبانيا‪ .‬بيخار(‪)plaza de Toros Bejar‬‬ ‫نشرتي واحدة اخرى ال تقلقي‬
‫الشخصيات‪ :‬سعيد‪ ،‬زوجته‪.‬‬ ‫قالت‪ :‬كما تشاء عساه خري بإذن الله‬ ‫جلس يأكل الخبز والبعض من الجبن ويرشب‬
‫يف اليوم التايل أخذ البقرة وحملها معه إىل‬ ‫الحليب وكان وجهه يعتليه الغضب والبؤس‬
‫املناسبة ‪:‬شهر العسل‪.‬‬
‫السوق ويف ذلك اليوم تساقطت االمطار بكثافة‬ ‫وزوجته تنظر اليه ومالمح الطمأنينة يف وجهها‬
‫ّ‬ ‫حتى انها عرقلت طريق السري وعندما حاول‬ ‫املجعد وقالت‪:‬‬
‫«نقض شهر العسل يف األندلس‪ .‬أستشعر الزمن الجميل‪».‬‬ ‫سعيد‪:‬‬
‫الرجل الرجوع إىل البيت قبل أن يفيض النهر كان‬ ‫"ما الذي يشغل تفكريك؟‬
‫الزوجة‪« :‬كم جميل أن نستعيد ذكرى غرناطة والزمن الجميل‪ّ .‬‬
‫كأن ال ّزمن‬
‫ّ‬ ‫األمر قد حدث واصبح املاء يتسلل اىل الطريق ولم‬ ‫فأجابها "العمل أصبح صعبا هذه األيام‬
‫توقف‪ .‬ها قد عدنا إليك أندلس األنس واألدب والفنون‪ ،‬إشبيلية‪ ،‬غرناطة‪ .‬نُعيد‬
‫يستطع السيطرة عىل البقرة حتى غرقت يف النهر‬ ‫والناس ال تشرتي مني الحطب ويقولون انه غايل‬
‫مجد األندلس حبيبي»‪.‬‬
‫الثمن"‬
‫«ولكنّنا اليوم سيّاح نتف ّرج‪ ،‬مع خلق الله الكثري‪ ،‬يف هذا املشهد الذي يتك ّرر‬ ‫والذ بالفرار حتى ال يدركه الفيضان يف ذلك اليوم‪..‬‬
‫"وانت يا عزيزي ملاذا ال تخفض ثمن الحطب‬
‫يوميّا‪».‬‬ ‫قدمت له زوجته البعض من الحليب الساخن‬
‫‪.‬أن أهل القرية فقراء"‪.‬‬
‫«ولكنه مشهد رائع ‪ .‬كم هو شجاع هذا املصارع‪ .‬وما أجمل حركاته الرشيقة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫بعد أن آوى إىل فراشه فقد كانت حرارته مرتفعة‬
‫فوقف من مكانه وصاح "من هم الفقراء‬
‫لقد أثخن هذا الثور جراحا وأدماه بطعنات سيفه‪ ...‬هو بزيّه يُنازل ثورا‪ .‬ما رأيك‬ ‫جدا وجلست بجانبه تضع له الكمادات عىل‬
‫نحن الفقراء" ويشري إىل الطعام انظري إىل‬
‫بَطيل لو ترصع هذا الثور‪ .‬حبيبي أنت األقوى‪ .‬تقدر عىل هزم الثور‪ .‬لقد حلمت‬ ‫رأسه وتقول له‪ :‬ال عليك أنت حاولت انقاضها ولم‬
‫طعامك ال يأكله غرينا‪ .‬منذ متى لم نأكل اللحم أو‬
‫كثريا بك حتي قبل ال ّزواج ‪ :‬تمتطي فرسا َ أبيض وأنا خلفك بفستاني األبيض‪ .‬تشري‬ ‫تستطع‪ .‬ال تلوم نفسك عساه خريا بإذن الله‪..‬‬
‫نشم ريحه‪.‬‬
‫يل أن أنزل‪ .‬وانطلقت بمفردك تحمل سيفك دون تردّد‪ .‬تلقي هذا الثور يف حلبة»‬ ‫ولم تمر أيام قليلة حتى هجم بعض الكالب‬
‫قالت " الحمد الله نعمة طيبة وبال مرتاح‪".‬‬
‫بيخار» اإلسبانية‪ .‬تطعنه دون أن يرجف لك طرف‪ .‬والثور يخور‪ ،‬يتخبّط يف دمائه‪،‬‬ ‫الضالة عىل دجاجته الوحيدة‪.‬‬
‫فرد قائال‪:‬‬
‫والجمهور يهتف سعيد‪ ،‬سعيد‪...‬‬ ‫جلست تأكل مع زوجها رغيف الخبز مع‬
‫" لن تفهمي ما اقصده ابدا"‬
‫وأنت أمريتي‪ ،‬ونحن األقوى‪ .‬وراء كل رجل‬ ‫ِ‬ ‫«يا له من حلم رائع‪ ،‬طبعا أنا بطل‪،‬‬ ‫القليل من الزيت وتحمد الله‪.‬‬ ‫واخذ حماره بعد أن وضع الحطب عىل ظهره‬
‫عظيم مثيل إمرأة‪ ،‬عظيمة فاتنة مثلك‪ ،‬ونحن لها‪»..‬‬ ‫أما زوجها فقد أصبح يبحث كل مرة عن قوت‬ ‫وذهب به إىل السوق‪.‬‬
‫ُ‬
‫لم يُنه بعد كالمه‪ .‬علمت صدق عزيمته‪ .‬قدرته التي ال تضاهى عىل مجابهة‬ ‫يومه ومرة ينجح ومرة يفشل ومرت االيام عىل‬ ‫نظرت اليه وقالت "خريا بإذن الله‪".‬‬
‫تحققت‪ .‬بقي حلم‬ ‫الصعاب‪ .‬قدرته عىل نزال الثور‪ .‬ال تكذب أحالمها فك ّل أحالمها ّ‬ ‫ِّ‬ ‫ذلك النحو إىل ليلة من الليايل الباردة هبت ريح‬ ‫ثم ذهبت إىل إطعام الدجاجة والبقرة التي ال‬
‫واحد تعيشه اآلن‪ ...‬تدفعه فجأة‪ ،‬دون تردّد‪ ،‬بكل فخر‪ ،‬بكل زهو‪ ،‬دون أن يرجف‬ ‫قوية اطفأت جميع االنوار وقد كانت عائلة ذلك‬ ‫تملك يف دنيا غريهما‬
‫ّ‬
‫يتحقق‪ ،‬يتأ ْكد‪...‬‬ ‫لها طرف‪ ،‬فسعيد ينجز حلما طاملا راودها‪،‬الحلم‬ ‫الرجل قد نامت ويف الصباح عندما أستيقظ وجد‬ ‫وعند رجوعه من العمل كان متعبا جدا‬
‫سعيد يف الحلبة دون زيّ ‪ ،‬ال يحمل منديال أحمر‪ .‬رصده الثور الغارق يف دمائه‪.‬‬ ‫أن القرية قد دمرت بالكامل ولم يبق منها الكثري‬ ‫والحطب لم ينقص منه سوى القليل وكان الحمار‬
‫الثور ترك خصومه الذين أثخنوه جراحا وأرهقوه‪..‬‬
‫ففزع وهرول يسأل بعض من الناس قد حالفهم‬ ‫يظهر عليه أثر التعب فقامت بإعطائه القليل من‬
‫الحظ النجاة وقالوا له‬ ‫العشب وبعض من املاء‪.‬‬
‫الزوجة تهتف‪ ،‬تشجع بطلها‪« .‬سعيد‪ ،‬سعيد»‬
‫لقد هاجمنا قطاع الطرق ليلة البارحة‬ ‫ويف اليوم التايل نهض الرجل للذهاب اىل العمل‬
‫الجمهور أصابه الذهول‪ .‬األنفاس حُ بست‪ .‬املوسيقى وأنغام املشهد األخري التي‬
‫ترفق مشاهد التوتّر‪ .‬مشاهد تتكرر يوميا ثالث مائة ألف ثور يُقتل سنويا‪ .‬يق ّ‬ ‫فقال لهم‬ ‫يجد أن حماره قد مات من شدة التعب وعدم‬
‫طع‬
‫وكيف ذلك؟‬ ‫التحمل ‪.‬فغضب الرجل كثريا‪.‬‬
‫ويباع لحماً‪ .‬الكل يف انتظار هزيمة الثور‪ ...‬تدخل البغال وعددها أربعة لج ّر الثور‬
‫فأجابوا "البارحة قد هبت ريح اطفأت‬ ‫وقال " لقد مات هذا الحمار ولم يعد باإلمكان‬
‫الغارق يف دمائه‪ .‬لج ّره خارجا‪ ...‬ليتم ّ تقطيعه‪ .‬بالخارج حيث تنتظر السكاكني‬
‫القناديل وقد تسلل قطاع الطرق عىل القرية‬ ‫ان اذهب ألبيع هذا الحطب"‪.‬‬
‫تحوّله لحما‪ .‬يباع ‪،‬يأكل‪ ،‬بشهية‪...‬‬
‫عندما سمعوا صوت الحيوانات التي نربيها "‬ ‫قالت له ال عليك خذ ما تقدر عليه يف تلك العربة‬
‫الزوجة تهتف «سعيد‪ ،‬سعيد»‪ .‬سعيد يسابق الريح‪ .‬الثور الهائج يرقص رقصة‬
‫الديك الذبيح‪ .‬لكن ُ‬ ‫فذهب ايل بيته يقص ما حدث لزوجته فقالت‬ ‫الصغرية وما تربحه نحمد الله عليه ونشكره‪.‬‬
‫خواره أضحى زئريا‪ .‬مرعبا‪ .‬يزبد‪ ،‬يخور يف هيجان يصارع‬
‫له‬ ‫قال لها ‪ :‬ها قد مات الحمار كيف ان اتحمل‬
‫يقتص لدمائه الخائرة‪ .‬ألجيال من‬ ‫ّ‬ ‫املوت‪ .‬رغبة يف اإلنتقام تتطاير من عينيه‪ .‬ع ّله‬
‫"انظر نعمة الله عليك كنت ترى ما حدث لنا‬ ‫هذا الحطب وأنا رجل كبري‪.‬‬
‫الثريان ُقتلت أمام جموع تهتف ببطولة املصارع‪ .‬تستعجل أجل الثّور‪ .‬أمام مرأى‬
‫رش وما هو سوى خري لنا ‪...‬فقد حمانا الله من‬ ‫قالت له ‪ :‬خريا بإذن الله‪.‬‬
‫العالم الذي أدمن مشاهدة الدماء‪ .‬الفواجع التي تسبّبها اإلنسانية من سفك لدماء‬
‫رش لم نكن نعلمه فالحمد الله فقد كان خريا‬ ‫وبعد أيام وعند عودته من العمل كان التعب‬
‫باملنتص‪ .‬ويلقى املنهزم يف مزبلة التاريخ‪...‬‬ ‫ِ‬ ‫وجرائم‪ ...‬تهتف باالنتصارات‪ .‬تُشيد‬
‫بإذنه‪".‬‬ ‫قد أخذ منه الكثري حتى انه لم يستطع أن يأكل‬
‫رت جراح املنهزم‪ .‬وحده يجابه مصريه‪ ..‬حتفه‪......‬‬ ‫ال أحد‪ ،‬أحد يج ّ‬
‫وسعيد وأمام هذا الوضع‪ .‬مكر ُهُ ال بطل‪ .‬والبطولة مثل القيم تحرض وتغيب يف‬ ‫يتغي‪ ..‬وك َلما أط َل‬
‫ّ‬ ‫كانت سعيدة جذالنة فالحبيب لم‬
‫هذا الزمن‪ .‬اقتنص رمحا‪ .‬حمل سيفا إست ّله من أحد املصارعني بالحلبة‪..‬‬ ‫ساعي الربيد من بعيد أو طرق الباب بتلك الطرقات‬
‫توقف فجأة نظر للجمهور لزوجته نظرة وداع‪...‬‬‫ّ‬ ‫املميَزة إال َ وطار قلبها طربا إىل أن صار مع قدوم ساعي‬ ‫هي وساعي البريد‬
‫ّ‬
‫رفع يديه عاليا يف حركة إستسالَم‪ .‬أشار لزوجته بسيفه‪.‬‬ ‫ترسب اىل كيانها‬ ‫َ‬ ‫الربيد إيقاعا يف حياتها ‪ ،،‬إيقاعا قد‬
‫وصبغ دنياها حتى انه إذا غاب يوما تتكدّر حالها‬ ‫عبد الرزاق المسعودي‬
‫تهتف زوجته «سعيد‪،‬سعيد» يهتف الجمهور‪...‬‬ ‫وتُصاب بآكتئاب‪ ..‬إطاللة ساعي الربيد تساوي العمر‬
‫ك ّله‪ ..‬صارت ك ّل يوم تقف صباحا عند الباب وك ّلما‬ ‫بدموع حا ّرة ودّعته وهو يستع ّد إلجتياز ذلك الباب‬
‫يستجمع الثور ما بقي من جهد‪ ،‬من حياة‪ ،‬من رغبة يف اإلنتقام‪ ،‬بك ّل ذ ّرة‬
‫أط ّل ساعي الربيد خفق قلبها بعنف‪ .‬وبعد أن يس ّلمها‬ ‫الفاصل بني بهو املطار ومربض الطائرات ‪.‬‬
‫غضب يواجه هذا املصارع الغريب‪ ...‬الذي لقيه‪ ،‬دونما سبب‪ ،‬دونما موعد‪....‬‬
‫وصل رسالة من حبيبها أو وصل هديّة يميض فتُشيّعه‬ ‫كانت تبكي بحرقة‪،‬خائفة من أن ينساها شيئا‬
‫طخا بدمائه‪ ،‬ال يُفلت سعيد الفرصة‪ .‬يغرس سيفه‬ ‫تنزلق قائمتي الثور‪ ...‬مل ّ‬
‫بعينيها وتظ ّل تُشيّعه إىل أن يغيب تماما عىل د ّراجته‬ ‫فشيئا ‪،‬فالغربة تفعل فعلها ونساء أوروبا جميالت‬
‫تمسك بحياته‪ .‬خوفه‪ ،‬نقمته‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫يف نحر الثور‪ .‬والرمح أغمده بكل ما أوتي من‬ ‫الهوائيّة وكان هوّ أيضا يلتفت فتلتقي عينه بعينها‬
‫ارتباكه‪،‬عدم تصديق‪ ..‬يف جسد الحراك به‪ ،‬وقد زاره املوت‪...‬‬ ‫وسهالت املنال‪ ..‬الحياة متق ّلبة والنفس البرشيّة أش ّد‬
‫فيسحبها برسعة‪.‬‬
‫الثور الخائر‪ .‬الفاقد للحياة‪ .‬الغارق يف الدماء‪ .‬الجمهور الهادر بصوت واحد‬ ‫تق ّلبا‪..‬‬
‫خاصة ‪.‬عوّضه زميله‬ ‫ّ‬ ‫وم ّرة غاب أسبوعا ألسباب‬
‫أن أحالمها ليست‬ ‫‪ .SAIID.. SAIID‬الزوجة ألقت بنفسها يف الحلبة‪ .‬تأ ّكدت ّ‬ ‫فأحست بفراغ‪ ،‬فراغ مُبهم أنكرته يف البداية لكنّه تم ّكن‬‫ّ‬ ‫أمّ ا هوّ فكان يربّت عىل رأسها ويحضنها مؤ ّكدا لها‬
‫تتحقق‪ .‬تعيشها اآلن‪ .‬بيخار‪ ..‬إسبانيا‪ ..‬الصور تنهال عىل البطل‬ ‫ّ‬ ‫أضغاث‪ .‬أحالم‬ ‫منها وأطاح بها‪.‬وبعودته مجدّدا إىل العمل استعادت‬ ‫أن رسائله ستكون يوميّة وهداياه مسرتسلة ‪.‬‬ ‫ّ‬
‫ورشيكته‪ .‬من ‪Plaza De Toros. BEJAR‬‬ ‫عافيّتها‪.‬‬ ‫وكان عند وعده‪ ..‬كان ساعي الربيد يطرق بابها‬
‫صعد سعيد عىل الثور الساكن‪ .‬رافعا يديه‪ ...‬الزوجة تلمس الثور بفرح طفويل ّ‪.‬‬ ‫بعد أن عاد خطيبها من الغربة وجدها قد تزوّجت‬ ‫ك ّل يوم صباحا بني التاسعة والعارشة ليمدّها بوصل‬
‫حقيقي‪..‬‬
‫ّ‬ ‫تظهر شاشات التلفاز زوجة بطل‬ ‫من ساعي الربيد‪...‬‬ ‫لرسالة مضمونة الوصول أو بوصل هديّة‪.‬‬
‫‪46‬‬
‫‪23‬‬
‫‪32 46‬‬
‫‪22‬‬ ‫صفحة من إعداد ‪ :‬منير الفالح‬
‫الثقافي‬
‫والتلفزي‬ ‫الشارع‬
‫اإلذاعي‬ ‫الشارع‬
‫طرائف ّ‬
‫الزعيم (ج ‪)209‬‬ ‫أنتريتي نبّ ار‬
‫السياسة الخارجية في عهد بورڤيبة‬ ‫عزوز بوعزة أحد قادة‬

‫تفاعل البعض من متابعي ركن طرائف الزعيم مع طرفة‬ ‫حركة نوادي السينما‬
‫في عهدها الزاهر‬
‫العدد الفارط وكيف أجرب الزعيم البنك الدويل عىل اإليفاء‬
‫بتعهداته تجاه تونس بااليحاء بأن بإمكانها تغيري تحالفاتها‬
‫والتوجه نحو القطب الرشقي السوفياتي‪...‬‬
‫لتوضيح فلسفة بورڨيبة ونظرته لتحالفات تونس مع‬ ‫إختياري اليوم العودة للحديث عن حركة نوادي السينما يف‬
‫القوى العظمى والدول الصديقة والشقيقة اخرتنا نصا‬ ‫عهدها الزاهر أي يف سنوات السبعني والثمانني من القرن املايض‬
‫يعطي صورة للسياسة الخارجية يف عهد الزعيم‪..‬وكيف‬ ‫هو رد فعل عىل البطاقة التي قدمتها إحدى كرونيكورات إذاعة‬
‫إختار التحالف مع الغرب حيث كان من أوائل السياسيني‬ ‫تمسك ادعت‬ ‫ّ‬ ‫"مسك اف ام" يف إحدى حصص املنشط فوّاز بن‬
‫العرب الذين رحبوا بالسياسة األمريكية يف املنطقة‪ .‬ففي‬ ‫فيها التعريف بتاريخ حركة نوادي السينما بتونس ‪...‬وليتها‬
‫خطاب ألقاه يف شهر ماي ‪ 1968‬قال "إننا نعترب أن نفوذ‬ ‫ما فعلت ألنها قدمت معلومات ليس لها أي أساس من الصحة‬
‫الواليات املتحدة األمريكية يشكل عنرص استقرار يحمي‬ ‫كذكرها ان مؤسس الحركة هو االستاذ الطاهر رشيعة والحال ان‬
‫العالم من نوع من األنظمة االستبدادية" دون أن يدخل يف نزاع مع االتحاد السوفياتي‪ ،‬رفضا قاطعا إقامة عالقات اقتصادية وعسكرية‬
‫الحركة تكونت سنة ‪ 1949‬يف عهد اإلحتالل من طرف مجموعة‬
‫معه‪ ،‬معتربا أن دخول خرطوشة واحدة من هذا املعسكر قادر عىل أن تفتح الباب واسعا أمام الخرباء واألفكار "الهدامة" حسب تعبريه‪،‬‬
‫بل انه رصح أكثر من مرة يف خطبه الرسمية بان املعسكر االشرتاكي لن يستمر طويال يف الحياة‪ ،‬وان سقوطه أمر محتم ‪ .‬وبنى عالقات‬ ‫من االساتذة الفرنسيني ذوي امليوالت اليسارية يتقدمهم االستاذ‬
‫جيدة مع األنظمة امللكية والخليجية‪...‬كما شهدت عالقاته مع عبد النارص توترات مستمرة‪ ،‬حيث اختلف معه يف الخطاب واأليديولوجيا‬ ‫" أندري ريمون" رئيس نادي سينما تونس الذي كان ينشط بدار‬
‫واملواقف من قضايا جوهرية‪ ،‬مثل‪ :‬الوحدة والقومية وفلسطني‪ ،‬ذات مرة قال " لو خريت بني الجامعة العربية والحلف األطليس الخرتت‬ ‫الجمعيات اي دار الثقافة إبن رشيق اٱلن ‪ ...‬وقدمت أيضا أرقاما‬
‫هذا األخري"‪ .‬كما كان حذ ًرا من حزب البعث‪ ،‬وحال دون تمدّده داخل تونس‪ ،‬ثم تجدد رصاعه مع القذايف‪ ،‬ورأى فيه شابًّا " ُمتَه ِّو ًرا" يف‬ ‫خاطئة عن عدد النوادي وعدد املنخرطني حيث قالت ان الحركة‬
‫طوَّق تونس بتحالف ليبي‪-‬جزائري؛ لهذا وثق عالقاته مع فرنسا والواليات املتحدة‪ ،‬وعندما ترسبت مجموعة‬ ‫السياسة‪ ،‬وكان يخىش أن تُ َ‬ ‫كانت تضم ‪ 30‬نادي سينما وعرشين الف منخرط والحال ان‬
‫معارضة مسلحة ذات توجه عروبي ومدعومة من الجزائر‪ ،‬وسيطرت عىل مدينة "قفصة" يف جانفي ‪ ،1980‬استنجد بباريس وواشنطن‬ ‫عدد نوادي الحركة تجاوز ‪ 75‬ناديا وأن عدد املنخرطني بها فاق‬
‫اللتني قدمتا له مساعدات عسكرية ولوجستيكية‪ ،‬م َّكنَت النظام التونيس من إنهاء التمرد بأقل التكاليف‪.‬‬
‫ّ‬
‫األربعني الفا‪.‬‬
‫وفنانون‬ ‫ّ‬
‫فن‬ ‫ويف بطاقة اليوم سأتحدث عن أحد هؤالء القادة الذين ساهموا‬
‫يف انتشار الحركة بكامل أنحاء البالد وسهت صاحبتنا عن ذكره‬
‫وقائع تحدث باملجتمع التونيس‪ ،‬يعاني منها الجميع ‪ ...‬سلط‬ ‫"هند صبري " في سباق البرمجة الصيفية‬ ‫يف بطاقتها وأعني االستاذ والباحث يف التاريخ عزوز بوعزة ‪...‬‬
‫عليها املخرج الضوء بطريقته للحديث عن القضايا املسكوت‬ ‫بفيلم "كيرة والجن"‬ ‫إنتمى للحركة منذ كان يافعا بنادي سينما زغوان ‪..‬ثم واصل‬
‫عنها يف املجتمع التونيس‪ ،‬وجعل قصة العمل غامضة لتشويق‬ ‫نشاطه بنادي سينما قرطاج ملا إنتقل للدراسة بكلية اٱلداب ‪...‬‬
‫املشاهدين‪.‬‬ ‫أعلنت الرشكة املنتجة‬ ‫نشاطه وحماسه خوال له االرتقاء يف سلم املسؤولية حتى أصبح‬
‫لفيلم كرية والجن عن املوعد‬ ‫عضوا باملكتب الجامعي مكلفا بالربمجة والعالقة مع النوادي‪.‬‬
‫بعد "حرقة " لسعد الوسالتي في مغامرة‬ ‫النهائي لعرضه‪ ،‬بعد فرتة‬ ‫من الطرائف التي حصلت معه يف تلك الفرتة الزاهرة للحركة‬
‫عربية انطالقا من مصر‬ ‫كبرية من التأجيالت بسبب‬ ‫أنه كان يحرص عىل مرافقتي يف كل زياراتي لرتؤس الجلسات‬
‫الظروف التي كانت تمر بها‬ ‫العامة لبعض النوادي لرياقب كيفية تعاميل مع السلطة املحلية‬
‫املخرج‬ ‫انطلق‬ ‫السينما منها انتشار فريوس‬
‫وهل ساذعن لطلباتها يف النفاذ إىل هيئات النوادي ألنه كان‬
‫الوسالتي‬ ‫لسعد‬ ‫كورونا وتحديد نسبة إشغال‬
‫دور العرض بـ ‪ % 50‬من‬ ‫يشك يف توجهاتي اليسارية ويعتربني من جماعة اإلصالحيني‪...‬‬
‫منذ أسبوع يف أول‬
‫يوم تصوير عمله‬ ‫طاقتها‪ ،‬خاصة أن الكلفة‬ ‫وحدث ان حرض معي الجلسة العامة لنادي سينما ماطر وعاين‬
‫الجديد بمدينة اإلنتاج‬ ‫اإلنتاجية للفيلم تخطت الـ‬ ‫تعنت معتمد الجهة ومطالبته بمائة بطاقة إنخراط لتوزيعها‬
‫اإلعالمي يف مرص‬ ‫‪ 100‬مليون جنيه‪...‬‬ ‫عىل مواطنني يدعي انهم يرغبون يف اإلنتماء للحركة واملشاركة‬
‫لصالح قنوات ‪...MBC‬‬ ‫وتظهر النجمة هند‬ ‫يف الجلسة العامة اإلنتخابية‪ .‬فرفضت طلبه ألنه ال يتماىش مع‬
‫وقال حول هذا‬ ‫صربي ضمن أحداث فيلم‬ ‫القانون الداخيل لنوادي السينما‪ ...‬فطالب برفع الجلسة وبعقد‬
‫‪'':‬العمل‬ ‫املرشوع‬ ‫"كرية والجن"‪ ،‬بشخصية فتاة صعيدية تحاول العمل مع‬ ‫اجتماع فوري بني املكتب الجامعي والسلط املحلية وملزيد إحراجنا‬
‫ويجمع‬ ‫تاريخي‬ ‫كريم عبد العزيز وأحمد عز يف املقاومة ضد اإلنڨليز‪ ،‬ويقتلها‬ ‫قرر عقد اإلجتماع بمقر لجنة التنسيق الحزبي‪...‬فنظر يل عزوز‬
‫جنسيات مختلفة‪،‬‬ ‫شقيقها بسبب العادات والتقاليد الصعيدية‪.‬‬
‫بوعزة متربما من اإلقرتاح ‪...‬فبادرت بالرد قائال‪":‬سيد املعتمد‬
‫والتصوير يف مرص‬
‫راهو بورڨيبة والحكومة ديما يناديو بفصل العمل الجمعياتي‬
‫وبعض الدول األخرى‪،‬‬ ‫عزة سليمان سفيرة البيئة في تونس‬
‫وسيتم عرضه عىل‬ ‫عن العمل السيايس ‪...‬كيفاش تحبني نقبل نجتمع حول مسألة‬
‫منصة عاملية مهمة‪''..‬‬ ‫ثقافية يف مبنى سيايس وما تشوفش إيل قرارك هذا ما يتماشاش‬
‫يذكر أن لسعد‬ ‫مع موقف الحكومة " فابتسم املعتمد بمرارة قائال‪ ":‬سامحني يف‬
‫يحمل‬ ‫الوسالتي‬ ‫العبارة أما إنت طلعت ولد كذا" فاجبته ‪ ":‬والدتي خاطيها أما أنا‬
‫تجربة الفتة من حيث‬ ‫عاهدت رفاقي عىل إحرتام إستقاللية منظمتنا" ‪...‬‬
‫الكم والكيف رغم صغر سنه اذ رافقته كثافة االنتاج منذ‬ ‫وملا عدنا إىل مقر الجامعة وأثناء اللقاء األسبوعي للمكتب‬
‫السنوات األوىل لدراسته السينمائية اختصاص "إخراج"‪ ،‬حيث‬ ‫الجامعي تدخل عزوز بوعزة قائال‪ ":‬أعلنها رسميا ان الرئيس‬
‫نالت أفالمه القصرية جوائز عدة يف مهرجانات هواة السينما‬ ‫كان حازما يف الدفاع عن الحركة وأنا من اليوم من أنصاره داخل‬
‫وطلبته ليكون فيلم "الخزان" إنتاج سلمى بكار‪ ،‬انطالقته‬ ‫املكتب"‪..‬‬
‫املحرتفة يف عالم الفن السابع وتمكن هذا الفيلم برمزيته‬
‫أذكر أنه كان يد ّرس التاريخ بمعهد حفوز وكان يتنقل عىل‬
‫العميقة من االستحواذ عىل تتويجات عدد كبري من املهرجانات‬
‫الدولية بكل من فرنسا وإيطاليا وجينف وروتردام وسان‬ ‫كرمت وزارة البيئة الفنانة عزة سليمان وعينتها سفرية‬ ‫حسابه الخاص أسبوعيا لحضور إجتماع املكتب الجامعي‬
‫فرنسيسكو وطهران ودبي وطنجة‪ .‬عمل األسعد الوسالتي‬ ‫البيئة يف تونس‪...‬‬ ‫وإستغل وجوده بمنطقة القريوان لدفع نشاط الجامعة بالجهة‬
‫مساعد مخرج يف عدد من املشاريع السينمائية والدرامية‬ ‫عزة سليمان هي عارضة أزياء وممثلة تونسية تبلغ من‬ ‫ويف الجهات املجاورة وكان وراء فتح العديد من النوادي الجديدة‬
‫املهمة منها فيلم "الخشخاش" ومسلسل "شعبان يف رمضان"‬ ‫العمر ‪ 25‬سنة عرفها الجمهور التونيس من خالل دور زينة يف‬ ‫وانتشار الحركة يف املدن والقرى ‪.‬‬
‫لسلمى بكار و"شطر محبة" لكثوم برناز وفيلم "سفرة يا‬ ‫مسلسل "أوالد مفيدة"‪.‬‬ ‫قدم عزوز بوعزة للحركة الكثري وساهم فكريا يف العديد‬
‫محالها" لخالد غربال‪ .‬ويف رصيده كذلك مجموعة من التجارب‬ ‫سطع نجمها يف وقت وجيز بعالم املوضة وعرض األزياء‬ ‫من امللتقيات والتظاهرات السينمائية واثرى املكتبة بالعديد من‬
‫كمساعد مخرج يف أفالم أجنبية منها فيلم "النمر والثلج"‬ ‫واستطاعت توقيع عقود مع رشكات عاملية كربى‪...‬‬ ‫النصوص النقدية لالفالم واملدارس السينمائية العاملية‪...‬لكن‬
‫لروبرتو بينيني و"باريا" لغيوزبي تورنتوري وفيلم "الذهب‬ ‫ٱخر أعمالها الدرامية يف تونس مسلسل" براءة" نص‬ ‫تجربته دامت لسنوات قليلة ألنه إضطر للسفر إىل فرنسا ملواصلة‬
‫األسود" لجون جاك أنو‪.‬‬ ‫وإخراج سامي الفهري ‪ ...‬وهو مسلسل اجتماعي‪ ،‬يتناول‬ ‫دراسته وبحوثه يف التاريخ هناك ‪.‬‬

‫‪47‬‬ ‫الشارع الرياضي‬
‫تونس – اليابان‬
‫أولية عىل درب املونديال‬

‫بروفة ّ‬
‫ترضرت من قرارات هياكله ولجانه وخاصة يف ما يتع ّلق األمر‬ ‫يمكنه ويمكن الالعبني من الظهور بمستوى محرتم ألن عامل‬ ‫يعود املنتخب التونيس اىل واجهة األحداث الرياضية املهمة‬
‫بالباراج‪.‬‬ ‫االنسجام عامل مؤثر ومهم بشكل كبري لتوفري ضمانات النجاح‬ ‫عندما يالقي صبيحة اليوم يف تمام الساعة العارشة و‪ 55‬دقيقة‬
‫وبالعودة اىل مباراة اليوم من املنتظر أن يواصل الناخب‬ ‫من عدمها‪ .‬االعتبار الثاني الذي يجعل من مباراة اليابان اختبارا‬ ‫نظريه الياباني لحساب دورة كريين الودية‪.‬‬
‫الوطني االعتماد عىل نفس األسماء التي ظهرت يف مباراة الشييل‬ ‫مهما لعنارصنا الوطنية قبل املونديال هو أنها قد تعيد جماهري‬ ‫االنتظارات بلغت سقفها هذه امل ّرة ليس لقيمة الحدث باعتباره‬
‫باستثناء نادر الغندري املصاب‪ .‬ويف ما ييل التشكيلة املحتملة التي‬ ‫املنتخب اىل مربّع االنتماء والوالء‪ .‬فالجميع يدرك أن املنتخب خرس‬ ‫يحمل يف ثناياه رهانا رياضيا كبريا ولكن ّ‬
‫ألن املباراة تأتي أياما‬
‫ستواجه منتخب اليابان‪.‬‬ ‫جمهوره يف السنوات األخرية لسبب أو آلخر ولكن البقاء عىل نفس‬ ‫قليلة بعد مباراة الشييل التي قدّم فيها منتخبنا الوطني واحدة‬
‫أيمن دحمان ـ بالل العيفة ـ منترص الطالبي ـ عيل العابدي‬ ‫املستوى الذي ظهر عليه زمالء العابدي يف مباراة الشييل قد يذيب‬ ‫من أفضل مبارياته يف السنوات األخرية والجميع اآلن يرتقب كيف‬
‫ـ محمد دراغر ـ عيىس العيدوني ـ محمد عيل بن رمضان ـ أنيس‬ ‫جليد القطيعة بني الجمهور ومنتخبه وهذا ما قد يشكل حافزا‬ ‫سيكون وجه املنتخب يف امتحان اليابان الذي يرتقي بالنسبة‬
‫بن سليمان ـ فرجاني سايس ـ عصام الجبايل ـ نعيم السليتي‪.‬‬ ‫معنويا مهما جدا لالعبني قبل انطالق املونديال‪.‬‬ ‫لكثريين ملستوى املنتخبات املونديالية‪.‬‬
‫ّ‬
‫االعتبار الثالث الذي قد يكون مهما بشكل كبري يتعلق باملكتب‬ ‫املباراة تكتيس أهمية بالغة للمنتخب الوطني لعدّة اعتبارات‬
‫الجامعي الذي يعيش أصعب فرتاته عىل االطالق يف ظل املشاكل‬ ‫أوّلها وأهمها عىل االطالق هو أن تكون صمام األمان للناخب‬
‫الداخلية الكبرية التي تعيشها كرة القدم التونسية يف الفرتة‬ ‫الوطني جالل القادري الذي تتقاذفه األسئلة بعد كل مباراة حول‬
‫األخرية‪ .‬التتويج بالدورة الودية أو الظهور بمستوى محرتم عىل‬ ‫مصريه املجهول وسط تزايد األحاديث حول احتمالية تغيريه‬
‫االقل قد يبعث مسكنات يف محيط الجامعة قادرة عىل امتصاص‬ ‫قبل انطالق املونديال‪ .‬وتثبيت جالل عىل رأس املنتخب من عدمه‬
‫الغضب الجماهريي املتصاعد وهذا ما يبحث عنه رئيس الجامعة‬ ‫يعترب عامال مهما لنجاح املنتخب يف الوقت نفسه ففسح املجال‬
‫وديع الجريء الذي بات مالحقا شعبيا يف عديد األندية التي‬ ‫للمد ّرب ليقوم بعمله بالشكل الذي يريده ويف متسع من الوقت‬
‫نصف الطريق‬
‫يف هذا السياق ذكرت وسائل اعالم انقليزية أن املد ّرب‬ ‫كشف نادي مانشسرت يونايتد االنقليزي هذا اليوم عن‬
‫الهولندي معجب كثريا بمستوى حنبعل رغم عم مشاركته‬ ‫القائمة الرسمية لالعبني الذين سيغادرون الفريق يف املريكاتو‬
‫كثريا مع الفريق األوّل ومر ّد هذا االعجاب هي الخصال التي‬ ‫الحايل‪ .‬وحسب ما نرش املوقع الرسمي لنادي الشياطني الحمر‬
‫يمتلكها املجربي والتي تعترب مفاتيح اللعب األساسية يف فكر‬ ‫ضمّ ت قائمة املغادرين ‪ 11‬اسما هم عىل التوايل‪:‬‬
‫الهولندي ومنها االندفاع والقوّة والرسعة واالنضباط التكتيتي‬ ‫دماني ميلور ‪ -‬ايدنسون كافاني ‪ -‬رييس ديفني ‪ -‬يل غرانت‬
‫ّ‬
‫تتوفر يف العبنا الدويل الذي بات محل إشادة من‬ ‫وهذه صفات‬ ‫‪ -‬جييس لينغارد ‪ -‬خوان ماتا ‪ -‬نيمنيا ماتيتش ‪ -‬بول ماكشاين‬
‫عديد األسماء املعروفة يف محيط مانشسرت‪ .‬مع ذلك لم يخف‬ ‫‪ -‬بول بوغبا ‪ -‬كونور ستانيل ‪ -‬بول ولستون‪.‬‬
‫الهولندي بعض النقد املوجه للمجربي واملتع ّلق أساسا بعصبيته‬ ‫ما يميّز هذه القائمة وهو ما يهمنا بطبيعة الحال هو أنها‬
‫املفرطة وانشغاله كثريا بالنقاش مع الخصوم ومع الحكام‬ ‫لم تتضمن اسم العبنا الدويل حنبعل املجربي املتواجد حاليا مع‬
‫وهي نقاط وجب مراجعتها لتقويم أسلوب لعبه‪.‬‬ ‫املنتخب التونيس للمشاركة يف دورة كريين الودية‪ .‬وما يزيد من‬
‫يف السياق ذاته لم يق ّرر الهولندي مصري حنبعل بصفة‬ ‫أهمية هذا املعطى هو أن القائمة حددها املد ّرب الجديد للفريق‬
‫رسمية يف املوسم القادم سواء باالبقاء عليه مع املجموعة أو‬ ‫الهولندي ايريك تني هاغ الذي تنتظر منه جماهري مانشسرت أن‬
‫إعارته لفريق آخر حتى يطوّر من مستواه واألمر مرتوك اىل حني‬ ‫يعيد الفريق اىل مساره الطبيعي وينهي السنوات العجاف التي‬
‫عودة الالعب للتد ّرب تحت إرشافه للحكم أكثر عىل إمكاناته‪.‬‬ ‫طالت أكثر من اللزوم‪.‬‬

‫‪48‬‬ ‫الشارع الرياضي‬
‫وجهة جديدة‬
‫املدب غاضب‬
‫كشف مدرب الهالل الريايض الشابي الفرنيس برتران مارشان عن مستقبله التدريبي‬
‫يف تونس بعد نهاية مغامرة فريقه يف سباق الكأس إثر الهزيمة يف ثمن نهائي املسابقة‬
‫أمام النادي االفريقي بهدف لصفر‪ .‬مارشان الذي تجمعه عالقة تدريبية بتونس تفوق‬
‫‪ 16‬سنة أ ّكد خالل الندوة الصحفية التي تلت مباراة االفريقي إنه سينهي تجربته مع‬
‫ّ‬
‫الفريق التي استمرت ثالث سنوات‪ .‬الفنّي الفرنيس لم يكشف عن وجهته القادمة ولم يؤ ّكد‬
‫بقاءه بالبطولة التونسية من عدمه لكنه أ ّكد نهاية الرحلة مع فريق هالل الشابة مستغال‬
‫الفرصة يف السياق نفسه للحديث عن الجو العام الذي يميّز كرة القدم التونسية معتربا أن‬
‫ما يحصل وما عاشه يف الفرتة األخرية بعيد كل البعد عن الكرة وعن الروح الرياضية معتربا‬
‫أن كرة القدم التونسية المست القاع‪.‬‬
‫ترصيح مارشان قد يك ّلفه الكثري ألنه سيجعل الفرق التونسية املهتمة بالفوز بخدماته‬
‫قد تعدل عن رغبتها خوفا من مالحقة «املنظومة» التي ال ترتك منتقديها يف سالم وتضيّق‬
‫عليهم الخناق سواء كانوا العبني أو مد ّربني أو حتى صحفيني‪.‬‬
‫عىل ذكر مستقبل مارشان فإن مصادر موثوق فيها‬
‫كشفت لـ»الشارع املغاربي» أن الرجل قد يكون‬
‫االسم األقرب لإلرشاف عىل مقاليد األمور‬
‫الفنية لفريق امللعب التونيس‪ .‬االجماع عىل‬
‫اسم الفرنيس حاصل وتعيينه مسألة وقت‬ ‫األوضاع التي عاشها الرتجي الريايض التونيس يف الفرتة األخرية وانسحاب الفريق من أكثر‬
‫ال غري بما انه هناك من فاتحه يف املوضوع‬ ‫من مسابقة ساهم يف اتساع رقعة املنتقدين لسياسات رئيس النادي حمدي املد ّرب الذي يترصّ ف‬
‫وعرض عليه األمر وقد القى االقرتاح تجاوبا‬ ‫يف الرتجي كأنه رشكة خاصة تتبعه سجالته التجارية الناجحة‪ .‬االنتقادات بدأت تأخذ منحى‬
‫كبريا من املد ّرب الفرنيس غري أن األمر سيبقى‬ ‫تصاعديا يف اآلونة األخرية وتعيني املد ّرب الجديد نبيل معلول قد يكون هدذا قليال من روع‬
‫مؤجال اىل حني نظرا لألوضاع‬ ‫الجماهري ولكنه لم يخف حالة االستياء التي تع ّم كواليس النادي التي تعجّ بأسماء لها وزن‬
‫التي تعيشها هيئة امللعب‬ ‫وثقل يف مايض وحارض ومستقبل الرتجي‪.‬‬
‫التونيس يف ظل االنقسامات‬ ‫من بني األسماء التي يبدو أنها تنشط كثريا يف كواليس الرتجي نجد الهداف األسبق‬
‫الداخلية وتهديد رئيس‬ ‫للرتجي الريايض واملسؤول السابق بالفريق زياد التلمساني الذي استغل حضوره يوم‬
‫النادي نور الدين بن‬ ‫الجمعة املايض بمناسبة انطالق أشغال صيانة وتهيئة امللعب األوملبي باملنزه‪.‬‬
‫بريك باالستقالة بعد‬ ‫التلمساني اعترب أن الرتجي يدفع حاليا فاتورة تراكم األخطاء اإلدارية‬
‫خالفه مع نائبه كمال‬ ‫يف السنوات األخرية والتي تسببت يف تراجعه عىل املستوى القاري‪ .‬وكالم‬
‫السنويس‪.‬‬ ‫التلمساني يف إشارة مبارشة اىل رئيس الرتجي حمدي املدب باعتباره االداري‬
‫الوحيد املوجود يف الرتجي فالفريق ليس له هيئة مديرة واضحة املعالم‬
‫وهذا الكالم لم يعد التلمساني يتح ّرج من االصداح بل سواء يف جلساته‬
‫املعلنة أو يف اجتماعاته املغلقة‪.‬‬
‫هذا الكالم بلغ مسامع رئيس الرتجي حمدي املدّب الذي ال يروق له‬
‫أيّ كالم أو نصائح تصدر من التلمساني فالعالقة بني الرجلني متوترة‬
‫وهناك حالة عداء معلنة بينهما خاصة أن املدّب يعترب زياد التلمساني‬
‫يلهث وراء خالفته ويتعمّ د توريطه مع الجماهري وتأليبها ضدّه حتى‬
‫يخلق مناخا متوترا حول النادي ويدفع املدّب لالنسحاب‪.‬‬
‫أن رئيس الرتجي‬ ‫املدّب غضب كثريا من تلميحات التلمساني خاصة ّ‬
‫تناهى اىل مسامعه مثل هذا الكالم وأكثر وهو يعاين تسارع خطوات‬
‫التلمساني يف الفرتة األخرية بشكل يوحي بأنه يقود ثورة ناعمة يف‬
‫محيط النادي وهذا األمر يغضب كثريا املدّب الذي رغم أخطائه الكثرية‬
‫واملتعددة يعترب نفسه الرجل الوحيد القادر عىل قيادة سفينة شيخ‬
‫األندية التونسية‪.‬‬
‫ويتوعد‪...‬‬
‫ّ‬ ‫ ‬
‫الكردي ُي ّدد‬ ‫ ‬
‫الفريق كما ان اللقطة التي استندت عليها الجامعة التخاذ القرار ال تدين‬ ‫مازال القرار الذي اتخذته لجنة التأديب والروح الرياضية‬
‫حارس املرمى الذي حاول ص ّد الكرة بشكل طبيعي وعفوي‪ .‬األغرب‬ ‫بالجامعة التونسية لكرة القدم يوم الجمعة املايض بإقامة‬
‫ّ‬
‫املوقرة أدانت حارس الرتجي ولم ترتدد يف معاقبته‬ ‫من ذلك ان اللجنة‬ ‫مباراة فاصلة بني األمل الريايض بحمام سوسة ونجم املتلوي‬
‫والحال أنها تغافلت عن اتخاذ قرار يف لقطة أخرى كانت أكثر‬ ‫بملعب محايد ودون حضور الجمهور وبتقنية الفار‪ ،‬من‬
‫شبهة وفظاعة وهي لقطة حارس املنتخب بشري بن سعيد الذي‬ ‫أجل تحديد الفريق الرابع واألخري النازل إىل الرابطة الثانية‬
‫تعمّ د عدم االمساك بالكرة يف مباراة الرتجي الجرجييس حتى‬ ‫يثري الكثري من الجدل والحرب خاصة أن األندية الثالثة املعنية‬
‫يمنحهم األسبقية ونقاط املباراة والصورة شاهدها الجميع‬ ‫بالقرار ونعني الرتجي الجرجييس واألمل الريايض بحمام‬
‫ّ‬
‫تجن‪.‬‬ ‫وتدين بن سعيد بال اجتهاد وال‬ ‫سوسة ونجم املتلوي رفضت التسليم به وهددت بالتصعيد‪.‬‬
‫أرس حارس الرتجي الجرجييس وائل الكردي‬ ‫من جانبه ّ‬ ‫للتذكري قرار اللجنة رافقه قرار مماثل يقيض بإيقاف‬
‫ملق ّربيه بأنه سيستأنف القرار وسينتظر انصافه ألنه متأكدّ‬ ‫نشاط كل من حارس مرمى الرتجي الجرجييس وائل‬
‫من سالمة موقفه وترصّ فه متوعدا بفضح الجميع يف صورة‬ ‫الكردي وزميله يف الفريق حسن رمضان ملدة خمس سنوات‬
‫تحميله املسؤولية لوحده‪ .‬الكردي قال لبعض أًصدقائه بأنه‬ ‫مع تسليط غرامة مالية بخمسني ألف دينار عىل خلفية ما‬
‫يملك تسجيالت ومكاملات تدين عديد األسماء املعروفة يف كرة‬ ‫اعتربته اللجنة تالعبا بامليثاق الريايض‪ .‬الغريب يف األمر أن‬
‫القدم التونسية ومج ّرد ترسيبها سيطيح بأكثر من اسم مشدّدا عىل‬ ‫اللجنة حملت الثنائي املذكور وحده مسؤولية التالعب بالنتيجة‬
‫أنه لن يخرس أكثر ممّ ا خرس يف صورة تثبيت عقوبته‪.‬‬ ‫والحال أن حالة الصدمة والدهشة كانت بادية عىل كل العبي‬

Maghreb Street n314

Uploaded by

Document Information

Original Title

Copyright

Available Formats

Share this document

Share or Embed Document

Sharing Options

Did you find this document useful?

Is this content inappropriate?

Copyright:

Available Formats

Maghreb Street n314

Uploaded by

Copyright:

Available Formats

‫االفتتاحية‬

‫‪1‬‬ ‫نعم للصندوق‬

‫انسحاب أحمد شفطر‪..‬‬

‫• مسار الرئيس نسف كل معايري االنتخابات النزهية‬

‫‪2‬‬ ‫الشارع السياسي‬

‫نعم للصندوق وال للنقد !‬

‫مراسل قار بأوروبا ‪:‬‬ ‫مستشارو التحرير ‪:‬‬

‫مدقق لغوي‪:‬‬ ‫رئيس قسم الرياضة ‪:‬‬ ‫كوثر زنطور‬

‫‪3‬‬ ‫الشارع السياسي‬

‫قبل ثالثة أيام فقط من حلول موعد اإلرضاب العام‬

‫‪4‬‬ ‫الشارع السياسي‬

‫الدستور في وديعة "هللا وسيدي بلحسن" !‬

‫‪5‬‬ ‫الشارع السياسي‬

‫انسحاب أمحد شفطر‪..‬‬

‫‪6‬‬ ‫الشارع السياسي‬

‫مسار الرئيس نسف كل معايري‬

‫• إذا دخلنا في منطق تخوين من يتلقى تمويال‬

‫• الهيئة وعدتنا باالنفتاح على المجتمع المدني‬

‫حاورها ‪ :‬محمد الجاللي‬

‫‪7‬‬ ‫الشارع السياسي‬

‫كلما اقترب موعده‬

‫‪8‬‬ ‫الشارع السياسي‬

‫السيد رئيس الجمهورية قيس سعيد‬

‫‪9‬‬ ‫الشارع السياسي‬

‫تحضيرا لله ّبة الجماهيرية لـ"تحرير تونس‬

‫عبري مويس تعلن يوم ‪ 18‬جوان‬

‫‪10‬‬ ‫الشارع السياسي‬

‫يا لهول ما يحدث ‪:‬‬

‫مص ّمم دستور اجلمهورية اجلديدة (الصادق بلعيد) يف نفس اهليئة‬

‫‪11‬‬ ‫الشارع السياسي‬

‫‪12‬‬ ‫الشارع السياسي‬

‫‪13‬‬ ‫الشارع السياسي‬

‫برنامج اإلصالحات الحكومية ‪:‬‬

‫أهداف هالمية‪ ،‬غري قابلة للتحقيق‬

‫‪14‬‬ ‫الشارع السياسي‬

‫التونسية لألوراق المالية ‪:‬‬

‫أنهى املؤرش املرجعي األسبوع املمتد من ‪ 6‬إىل ‪ 10‬جوان‬

‫تحليل تطور األسهم‬

‫نور الدين الطبوبي‬

‫كيف و ّظفت أمريكا "الناتو" ملصاحلها ؟‬

‫‪17‬‬ ‫الشارع العالمي والعربي‬

‫الطريان الرويس يف أول يوم من حرب أوستيا الجنوبية"‪.‬‬

‫‪18‬‬ ‫الشارع العالمي والعربي‬

‫وزير الدفاع الصيني‪:‬‬ ‫مسؤول اسرائيلي سابق‪:‬‬

‫الشاحنة اخلفيفة ‪K2500‬‬

‫‪19‬‬ ‫الشارع العالمي والعربي‬

‫كيسنجر إذا تكلّم‪...‬‬

‫المسعدي "مادة" تالزم‬

‫‪22‬‬ ‫الشارع الثقافي‬

‫المسعدي "مادة" تالزم‬

‫‪23‬‬ ‫الشارع الثقافي‬

‫‪24‬‬ ‫الشارع الثقافي‬

‫ذلك المجهول الكبير في‬

‫الثقافة التونسية والعربية‬

‫‪25‬‬ ‫الشارع الثقافي‬ ‫آثار وتراث‬

‫مناقب السيدة عائشة املنوبية‬ ‫مناقب مريم السماللية ألحمد‬

‫‪26‬‬ ‫الشارع الثقافي‬ ‫آثار وتراث‬

‫‪27‬‬ ‫الشارع الثقافي‬ ‫آثار وتراث‬

‫صورة تتح ّدث‬

‫‪28‬‬ ‫الشارع الثقافي‬ ‫حوار الملحق‬

‫لقاء مع سيناريست مسلسل "الحرقة"‬

‫ليس مهام أن تقدم عمال ناجحا‬

‫‪29‬‬ ‫الشارع الثقافي‬