You are on page 1of 17

‫العالقة بين المنهج الكمي والكيفي مع تعريف لكل منهج ومميزاته وعيوبه واستخداماته‬

‫بندر ناهي مخلف المطيري‬


‫قسم الدراسات االجتماعية بكلية اآلداب جامعة الملك سعود‬

‫[‪]742‬‬
‫ملخص البحث‪:‬‬

‫غالبا ما يكون من الصعب اختيار تصميم للبحوث بني ادلنهج الكمي والنوعي ومدى العالقة‬
‫بينهما‪ .‬ومع ذلك‪.‬‬
‫فإن ىذه الدراسة تسعى إىل بني مدى العالقة بني ادلنهج النوعي والكمي يف البحث االجتماعية‬
‫وشليزات كل النوعني وعيوهبما‪.‬‬
‫وكيفية استخدامهما يف اجملال البحث االجتماعي وكيف يتميز هبا البحث الكمي ىو أسلوب‬
‫يضع استنتاجات ذات داللة إحصائية عن رلتمع من خالل دراسة عينة سبثل ذلك اجملتمع‪.‬‬

‫البحث الكيفي ىو وسيلة للبحث والتقصي ادلعتمدة يف رلال العلوم االجتماعية والًتبوية‪ ،‬ويف‬
‫أحباث السوق‪ .‬يهدف الباحثون باستخدامها إىل التعمق يف فهم سلوك اإلنسان‪ ،‬واألسباب اليت‬
‫ربكم ىذا السلوك‪.‬‬

‫مقدمة‪:‬‬

‫لقد كان ىناك نقاش واسع النطاق يف السنوات األخرية يف العديد من العلوم‪ ،‬ال سيما العلوم‬
‫االنسانية واالجتماعية‪ ،‬بشأن مزايا اجلمع بني ادلناىج الكمية والنوعية يف البحوث‪ .‬وقد تباينت‬
‫ادلواقف اليت ازبذىا الباحثون‪ ،‬فمن ىؤالء من رأى أن ادلناىج الكمية منفصلة عن ادلناىج الكيفية‬
‫سباما‪ ،‬أي أنو ال ديكن للباحث أن خيلط بني ادلناىج الكمية والنوعية يف إطار دراسة واحدة‪.‬‬
‫بينما جاء موقف البعض األخر على النقيض من ذلك‪ ،‬فقد ظهرت دعوى من العديد من الباحثني‬
‫الذين يعتقدون أن استخدام ادلناىج الكمية إىل جانب ادلناىج الكيفية يف ادلشاريع البحثية‪ ،‬تعد من‬
‫ادلتطلبات البحثية إلعداد دراسات وحبوث أكثر قيمة ومصداقية‪ .‬ومن ىؤالء الباحث الربيطانني (أالن‬
‫برديان‪ ،‬وجوليا برينان) الذي رأوا أن اجلمع بني ادلناىج النوعية والكمية أفضل من استخدام كل منها‬

‫‪742‬‬
‫حدا‪.‬‬
‫على ً‬
‫ويف إطار استكشاف قضايا البحوث النوعية والكمية‪ ،‬وسلتلف األشكال النوعية والكمية‪ ،‬يبدوا أن‬
‫ىناك حاجة إىل النظر يف سلتلف األسئلة األنطولوجية وادلعرفية‪ .‬اليت تستند عليها البحوث الكمية اليت‬
‫سبيل إىل استخدام على نطاق واسع االستبيانات‪ ،‬للقيام بالتحليل االحصائي لعوامل االرتباط‪،‬‬
‫االضلدار‪ ،‬والتباين‪ ،‬وغريىا‪ ،‬كأسلوب حبثي‪ .‬إال أن األمر يف النهاية منوط بالباحث واختياره للمناىج‬
‫األنسب اليت تساعده على ربقيق أىدافو البحثية؛ ولذا رأى الباحث أن يسلط لضوء يف العالقة بني‬
‫ادلناىج الكمية والكيفية‪.‬‬

‫مشكلة البحث‪:‬‬

‫للبحث االجتماعي أساليب عدة يف رلال الًتبية استخدمت من قبل الباحثني يف أديباهتم وحبوثهم‪،‬‬
‫ويف إطار مشكلة البحث وحصرة يف رلال االجتماعي مث إتباع األساليب التالية (الكمي‪ -‬الكيفي)‬
‫وقد اىتم الباحث بدراسة ىذا ادلوضوع وعده مشكلة حبثية بغية التعرف على واقع ىذه الدراسات‬
‫السابقة يف رلال االجتماعي من اجلانبني الكيفي والكمي ومن مث التعرف على مدى العالقة بني‬
‫ادلنهج الكمي والكيفي يف البحوث االجتماعية ومعرفة أىم ادلعاير ادلعتمدة يف اختيار أسلوبني يف‬
‫البحوث االجتماعية‪.‬‬

‫أهداف البحث‪:‬‬

‫‪ -1‬التعريف باألسلوبني الكمي والكيفي يف البحث وخصائص كل منهما وظروف استخدامهما يف‬
‫البحوث االجتماعية‪.‬‬

‫‪ -٣‬تقدمي بعض ادلقًتحات اليت قد تسهم يف ربسني التوجهات احلالية للبحوث االجتماعية وعلى‬
‫ذلك فإن الدراسة احلالية تطرح عددا من األسئلة وذبيب عليها وىي‪:‬‬
‫‪ -1‬ما ادلقصود بادلنهج النوعي الكمي؟‬
‫‪ -٢‬ما مدى العالقة بني ادلنهج الكمي والكيفي يف البحوث االجتماعية؟‬

‫‪742‬‬
‫مناهج البحث في العلوم االنسانية واالجتماعية‬

‫يعود مفهوم النهج يف البحوث األكادديية إىل رلموعة اخلطط واإلجراءات البحثية‪ ،‬اليت تستند‬
‫اخلطوات فيها على االفًتاضات‪ ،‬ومجع البيانات‪ ،‬اليت يتم ربليلها وتفسريىا‪ ،‬واليت تتضمن العديد من‬
‫القرارات‪ ،‬من أجل تنظيمها‪ ،‬ترتيبها‪ ،‬وعرضها‪ .‬وينطوي القرار على ادلنهج الذي ينبغي استخدامو‬
‫لدراسة موضوع البحث‪ .‬وإجراءات التحقيق وىو ما يطلق عليو مسمى (تصميم البحوث) واليت ىي‬
‫عبارة عن خطة تبني الكيفية اليت سيتم هبا مجع البيانات وادلعلومات‪.‬‬
‫ولقد قدمت تعريفات عديدة دلفهوم ادلناىج يف البحث العلمي ومن أمهها‪ ،‬أن ادلناىج ىي‪ " :‬ىي‬
‫الًتتيب الصائب للعمليات العقلية اليت نقوم هبا بصدد الكشف عن احلقيقة والربىنة عليها‪.‬‬

‫إذ يستند اختيار هنج البحث أو الدراسة على طبيعة مشكلة البحث أو ادلسألة اليت جيري تناوذلا‪،‬‬
‫والتجارب الشخصية للباحث‪ ،‬باإلضافة إىل طبيعة وخصوصيات رلتمع الدراسة‪ .‬لذا فإنو من ادلتفق‬
‫عليو أن ادلناىج أو طرق البحث عن احلقيقة زبتلف باختالف ادلواضيع‪( .‬اجلوىري‪ ،٢111 ،‬ص‬
‫‪.)٦٧‬‬

‫مفهوم المنهج الكمي والكيفي‬

‫المنهج الكمي‪:‬‬

‫ادلنهجيات الكمية ىي تلك اليت يقًتح تطبيقها يف احلقول وادلوضوعات اليت تتمتع خباصيات ثالث‪ :‬قابلية‬
‫ادلالحظة‪ ،‬سببية واضحة‪ ،‬وموضوعية عالية ‪ -‬وال نقول تامة اخلاصيات تلك ىي ما دييز موضوعات اور‬
‫وتبعا لذلك جيري إطالق اسم ادلناىج‬
‫مواد العلوم التجريبية (على أن نضع جانبًا العلوم الرياضية وادلنطقية)‪ً .‬‬
‫التجريبية (أو اإلمبرييقية على تلك اليت يقًتح أو ديكن تطبيقها على مادة أو موضوعات العلوم تلك‪.‬‬
‫أوىل ادلسامهات التارخيية يف تصميم منهج ذبرييب وضعي غري ذايت ىو ما قام فرنسيس بايكون يف‬
‫ثالثينات القرن السابع عشر حني وضع قواعد علمية ملموسة لكيفية مالحظة أو مراقبة ظاىرة ما‬

‫‪752‬‬
‫على ضلو موضوعي وعلمي‪ ،‬وقد وضع جداول حلضور الظاىرة‪ ،‬لغياهبا‪ ،‬أو حلضورىا يف درجات‪ ،‬إىل‬
‫شروط أخرى وضعت األساس للمنهج الكمي التجرييب احلديث‪.‬‬
‫بعد مسامهة بايكون‪ ،‬تأيت مسامهة جون ستيوارت مل‪ .‬وقد اقًتح مخسة مناىج يف أية مقاربة‬
‫علمية كمية سببية لعالقة ظاىرة بظاىرة أخرى منهج االتفاق‪ ،‬منهج االفًتاق‪ ،‬منهج االتفاق‬
‫معا‪ ،‬منهج البواقي‪ ،‬ومنهج التغريات ادلًتافقة (أيت سلسلتان من العلل وادلعلوالت)‪.‬‬
‫واالفًتاق ً‬
‫أما ربويل مناىج البحث يف العلوم االجتماعية إىل مناىج علمية ذات نتائج موضوعية فهو‬
‫متأثرا بنجاحات‬
‫بعض ما ابتكره أوغست كونت يف أربعينيات القرن التاسع عشر‪ ،‬حني زعم – ً‬
‫العلوم الطبيعية ونتائجها شبو الدقيقة ‪ -‬أنو باإلمكان مقاربة الظاىرة االجتماعية على ضلو علمي‬
‫کمي‪ .‬وأىم من تابع اخلط العلمي الكمي ىذا ىر کلود برنارد عند هناية القرن التاسع عشر ومطلع‬
‫العشرين‪.‬‬
‫تستخدم مناىج البحث الكمي يف العلوم الطبيعية واالجتماعية وعلى ضلو أقل يف العلوم االنسانية‬
‫(التاريخ‪ ،‬الفلسفة‪ ،‬األخالق‪ ،‬الدينيات‪ ،‬الفنون‪ ،‬إخل) (شيا‪ ،٢11٩،‬ص‪.)٦‬‬

‫تعريف المنهج الكمي‪:‬‬

‫وتعريف منهج البحث الكمي فيجري باعتباره "البحث التجرييب ادلنهجي لظاىرة ديكن مالحظتها‬
‫على ضلو ما‪ ،‬وتكميمها بواسطة أدوات إحصائية أو رياضية‪ ،‬أو بواسطة تقنيات الكومبيوتر"‪.‬‬

‫يعتمد ادلنهج الكمي على القيام بالبحث بشكل عملي من خالل استخدام اإلحصاءات‪،‬‬
‫واالستبيانات للحصول على النتيجة ادلطلوبة‪ ،‬إذ يهتم جبمع النتائج‪ ،‬والبيانات‪ ،‬ويعرف ادلنهج الكمي‬
‫بأنو حبث يستند من خاللو الباحث على الظاىرة االجتماعية من خالل اتباع عدد من األساليب‬
‫اإلحصائية‪ ،‬وعن طريق ىذا ادلنهج ديكن الربط بني ادلالحظة التجريبية والبحث الكمي‪ ،‬وذلك من‬
‫خالل القياس‪ ،‬ولكي يتأكد الباحث من صحة ادلقاييس اليت يستخدمها فعليو استخدام مقاييس‬
‫الصدق والثبات‪ ،‬كما أن استخدام ادلنهج الكمي يتطلب منو تعريف ادلفاىيم اليت سوف يستخدمها‬

‫‪752‬‬
‫يف حبثو العلمي‪ ،‬هبدف اختيار الفرضيات اليت ربدد من بداية البحث‪ ،‬مث البدء دبرحلة مجع البيانات‬
‫وترتيبها‪ ،‬وربليلها ربليالً إحصائياً للوصول إىل النتائج ادلرجوة‪( .‬العزاوي‪ ،٢11٧ ،‬ص ‪.)111‬‬

‫أخريا إن الكمي ال يستنبط األفكار ىو فقط يؤكد أو يدحض فكرة ما‬


‫ويف ىذا الباب نقول ً‬
‫حصلنا عليها من مصادر سلتلفة‪.‬‬

‫مميزات البحث الكمي‪:‬‬

‫يتميز ادلنهج الكمي بأنو مناسب لعدد كبري من العلوم واجملاالت كعلم النفس‪ ،‬واالقتصاد‪ ،‬والتسويق‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫وغري ذلك من اجملاالت‪.‬‬


‫زبترب البحوث الكمية ادلتغريات التجريبية‪ ،‬كما ربد من ظهور ادلتغريات االعًتاضية‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫يعد ادلنهج الكمي ادلنهج األفضل لدى كثري من الباحثني يف حال توفر معلومات عديدة عن ادلوضوع‬ ‫‪‬‬

‫الذي جيب دراستو‪.‬‬

‫عيوب المنهج الكمي‪:‬‬

‫من أىم عيوب ادلنهج الكمي التحيز والبعد عن احلياد‪ ،‬حيث يعد ادلنهج الكمي من ادلناىج اليت قد‬
‫يتحيز الباحث خالذلا إىل الظاىرة اليت يقوم بدراستها‪ ،‬كما أنو قد يتعرض ألخطاء يف القياس‬
‫وادلعاينة‪( :‬درويش‪٢11٤ ،‬م‪ ،‬ص ‪.)٧٤‬‬

‫المنهج الكيفي‪:‬‬

‫(أو النوعية كما نقول أحيانًا) ما أود الًتكيز عليو يف ىذه ادلقالة ىو ادلناىج وادلنهجيات الكيفية‪ ،‬ال‬
‫الكمية‪.‬‬
‫أما السبب فألن الدراسات اليت تتناول ىذا الباب من ادلنهجيات ليست وفرية‪ ،‬مع أهنا أقرب إىل‬
‫ادلادة اليت تتشكل منها العلوم اإلنسانية وبعض العلوم االجتماعية إذ لكل علم‪ ،‬أو حقل اختصاص‪،‬‬
‫مادتو اخلاصة‪ .‬وطبيعة مادة العلم ىي اليت ربدد على ضلو ما طبيعة ادلنهج واألدوات اليت تالئم ىذه‬

‫‪757‬‬
‫ادلادة ومواصفاهتا‪ .‬إذ كيف تستخدم التجربة يف حقل ال ديكن إخضاعو بسهولة للتجربة واالختبار‪.‬‬
‫أو كيف تستخدم القياس أو الكم يف موضوعات ال ديكن قياسها أو تكميمها‪ .‬األسباب غري الظاىرة‬
‫لفعل اجتماعي أو مثال‪ ،‬قوة التقاليد والقيم كدافعني لسلوك فرد أو مجاعة‪ .‬ىذه الصعوبات ىي اليت‬
‫دفعت العلماء إىل طلب منهجيات سلتلفة عما تعودنا تقليديًا‪ ،‬أو ما أطلق عليها‪ :‬ادلنهجيات الكيفية‬
‫ادلتميزة عن ادلنهجيات الكمية‪ .‬والفارق واضح‪ ،‬يف الثانية الكم (أو الرقم) ىو األساس‪ ،‬أما يف األوىل‬
‫فالنوعية أو الكيفية ىي األساس‪ ،‬ادلنهج الكيفي رلال حبثي جديد تقريبًا‪ ،‬انطلق ببطء يف النصف‬
‫الثاين من القرن العشرين‪ ،‬مث تسارع تطوره يف العقود الثالثة األخرية‪ ،‬فبات لو أدبيات‪ ،‬ورلالتو‬
‫العلمية‪ ،‬ومؤسبراتو‪ ،‬واختصاصيون كذلك‪ .‬وأدواتو مل تستقر بعد‪ ،‬وىناك باستمرار كالم على أدوات‬
‫وتقنيات جديدة تستخدم يف ادلناىج الكيفية‪ .‬أما احلقول اليت تستخدم ادلناىج الكيفية (كليا أو‬
‫جزئيًا) فكثرية ومنها بعض رلاالت علم النفس (التحليل النفسي خصوصا)‪ ،‬األنثربولوجيا‪،‬‬
‫االثنولوجيا‪ ،‬العمل االجتماعي‪ ،‬الدينيات‪ ،‬علم األخالق‪ ،‬الفنون‪ ،‬وكل حقل ال ديكن قياس أو‬
‫تكميم ظاىراتو وموضوعاتو ونتائجو‪( .‬شيا‪ ،٢11٩ ،‬ص‪).٧‬‬

‫أنواع المنهج الكيفي‪:‬‬

‫نظرا للوزن‬
‫أنواع ادلناىج الكيفية كثرية‪ ،‬متشعبة‪ ،‬وأحيانا غري زلددة بدقة‪ ،‬وىي تزداد تشعبا‪ً ،‬‬
‫الشخصي الذي يلعبو الفرد الذي ديارس البحث الكيفي‪ ،‬ولكن على وجو اإلمجال فإن التصميم‬
‫األويل للبحث الكيفي يتقدم عموما وفق الًتتيب التايل‪:‬‬

‫*مراجعة أدبيات ادلشكلة موضوع البحث تعيني اإلطار النظري للبحث‪.‬‬


‫*ربديد فرضيات البحث‪ ،‬بعد جولة استكشافية أوىل‪.‬‬
‫وربديدا تقنيات مجع ادلعطيات حبسب ادلادة وادلوضوع واحلالة ربليل ادلعطيات‬
‫ً‬ ‫* اختيار خطة البحث‪،‬‬
‫اجملمعة‪.‬‬
‫* مقاطعة النتائج على الفرضيات‪ ،‬وبلوغ بعض النتائج (مؤكدة أو مكذبة للفرضية)‪.‬‬

‫‪752‬‬
‫* التحقق منها بادلزيد من التقاطع والًتابط وادلقارنة واالختبارات ادلتنوعة كتابة تقرير متقن (مع التنبو‬
‫قسرا ‪)...‬‬
‫ألية حساسيات أخالقية كان ذبمع معطيات ً‬
‫كذلك من الضروري العمل على توفري أفضل صياغة للمشكلة ولفرضيات البحث‪ .‬فالصياغة‬
‫ادلنطقية الواضحة تساعد يف اختيار خطة البحث ادلناسبة ويف ازباذ القرارات ادلتعلقة بانتقاء العينة‪،‬‬
‫ويف مجع ادلعطيات‪ ،‬وربليلها‪ ،‬وىي اخلطوات العمالنية اليت ال غين عنها يف إصلاز البحث‪.‬‬

‫هناك ثالث تقنيات رئيسية في جمع المعطيات والمعلومات في أي منهج بحث كيفي‪:‬‬

‫‪ -1‬المالحظة‪ ،‬واليت تتحول إىل مراقبة حني تصبح قصدية‪ .‬وادلالحظة تتدرج من رلرد مالحظة‬
‫رلهزا بأدوات ضرورية للمالحظة‬
‫عفوية عارضة إىل مالحظة تصدية‪ ،‬حيث يكون الباحث ً‬
‫وتسجيلها‪ ،‬من دفًت ادلالحظات ‪ note book‬إىل الوسائل التقنية احلديثة حني يكون ذلك شلكنًا‪.‬‬
‫وقد يكون تسجيل ادلالحظة ادلباشرة شلكنًا‪ ،‬بوجود مسافة ما‪ ،‬أو الحقة‪ ،‬أن تكون بادلشاركة‬
‫واالنغماس يف العملية البحثية ‪ -‬كما يف البحوث األنثربولوجية والسيكولوجية‪.‬‬

‫‪ -٢‬المقابلة‪ ،‬وىي على أنواع كما ىو معروف‪ ،‬وديكن تصميمها يف ضوء ادلشكلة موضوع‬
‫البحث‪.‬‬

‫‪ - ٣‬الوثائق‪ ،‬ىي مصدر رئيسي للمعطيات يف ادلنهج الكيفي‪ .‬قد تكون مدية‪ ،‬ديكن‬
‫مالحظتها وتسجيلها‪ ،‬مكتوبة‪ ،‬أو شفاىية أحيانًا‪ ،‬بقايا‪ ،‬أو لقي‪ ،‬أو بيانات وسجالت من كل نوع‬
‫إىل األدوات الثالث أعاله‪ ،‬نضيف؛ ألن ادلطلوب يف كل ادلقاربات مجع معطيات ذات صدقية تفي‬
‫بالغرض من البحث ( اجلهة الوصف ادلوضوعي للظاىرة) بغية الوصول إىل نتائج ذات صدقية‪ ،‬ديكن‬
‫الوثوق هبا‪ ،‬والبناء عليها؛ وألن ادلوضوعات و ادلشكالت ىي غالبًا متشابكة‪ ،‬متداخلة‪ ،‬وعلى غري ما‬
‫تظهر للوىلة األوىل‪ ،‬وخباصة يف البحوث النفسية والًتبوية والسوسيولوجية واإلنسانية‪ ،‬تبدو تقنية‬
‫دراسة احلالة ‪ case study‬األكثر قدرة على تفكيك خيوط الظاىرة موضوع البحث يف العلوم‬

‫‪754‬‬
‫االجتماعية والنفسية والًتبوية ىي األداة األصلية ادلشًتكة يف كل مقاربة دلوضوعات ادليادين تلك‪،‬‬
‫والباقي تنويع أو إضافة لألصل‪( .‬جليب‪٢11٤( ،‬م‪ ،‬ص‪.)1٢‬‬

‫خصائص المنهج الكيفي‪:‬‬

‫يتميز المنهج الكيفي‪ ،‬بمجموعة من الخصائص المختلفة التي يمكن توضيحها على النحو‬
‫التالي‬
‫لعل أىم ما دييز منهج البحث الكيفي ىو جدلية األصالة‪ ،‬أصالة يف االقًتاب من ادلبحوث‪ ،‬وأخرى‬
‫من الواقع‪.‬‬
‫يعتمد ادلنهج الكيفي بشكل أساسي على إدراك ادلوضوع وتفسريه‪ ،‬وعند تطبيقو جيب على الباحث‬
‫أن يتعرض دلوقف بشكل مباشر‪.‬‬
‫يعتمد ادلنهج الكيفي بشكل أساسي على إدراك ادلوضوع وتفسريه‪ ،‬وعند تطبيقو جيب على الباحث‬
‫أن يتعرض للموقف بشكل مباشر ليالحظو وجيمع البيانات عنو؛ وذلك عن طريق ادلالحظة ادلستمرة‬
‫إما عن طرق حضور اجتماعات أو التواجد يف أماكن ذبمع أفراد العينة‪.‬‬
‫حيلل البيانات بطريقة استداللية وأن يهتم دبشاعر األفراد ومداركهم للمجاالت احلياتية وقيمهم اليت‬
‫يدركوهنا وليس كما يدركها الباحث‪.‬‬
‫احًتام الثقافة احمللية مع تقوديها من زاوية وظيفتها ذلم ال من زاوية ثقافة أخرى دخيلة‪.‬‬

‫احًتام القواعد التشريعية يف إجراء البحوث خالل استخراج التصاريح وااللتزام بضوابطها‪.‬‬

‫مميزاته المنهج الكيفي‪:‬‬

‫يتميز ادلنهج الكمي بأنو مناسب لعدد كبري من العلوم واجملاالت كعلم النفس‪ ،‬واالقتصاد‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫والتسويق‪ ،‬وغري ذلك من اجملاالت‪.‬‬


‫نشأ ادلنهج الكمي يف ادلدرسة الوضعية‪ ،‬فمن خالل العالقة بني ادلتغريات يتمكن الباحث‬ ‫‪‬‬

‫من ربديد األسباب‪ ،‬واستخراج النتائج‪ ،‬والتنبؤ بادلستقبل‪.‬‬

‫‪755‬‬
‫زبترب البحوث الكمية ادلتغريات التجريبية‪ ،‬كما ربد من ظهور ادلتغريات االعًتاضية‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫يعد ادلنهج الكمي ادلنهج األفضل لدى كثري من الباحثني يف حال توفر معلومات عديدة‬ ‫‪‬‬

‫عن ادلوضوع الذي جيب دراستو‪.‬‬

‫عيوب المنهج الكيفي‪:‬‬

‫من أىم عيوب ادلنهج الكمي التحيز والبعد عن احلياد‪ ،‬حيث يعد ادلنهج الكمي من‬ ‫‪‬‬
‫ادلناىج اليت قد يتحيز الباحث خالذلا إىل الظاىرة اليت يقوم بدراستها‪ ،‬كما أنو قد يتعرض ألخطاء يف‬
‫القياس وادلعاينة‪.‬‬

‫أدبيات المنهج الكيفي‪:‬‬

‫على الباحث يف أدبيات البحث الكيفي أن يلتزم بأخالقيات البحث وىي‪:‬‬

‫‪ .1‬الصدق العلمي (االضلياز العلمي بإجيابيات وسلبياتو)‪.‬‬

‫‪ .٢‬المبحوثين يف البحث الكيفي غالبًا ما يكونوا عينة مقصودة (عمدية)‪ ،‬تكون زلدودة العدد‪.‬‬

‫‪ .٣‬مجتمع البحث يقصد دبجتمع البحث الكيفي " مجيع األفراد أو األشخاص أو األشياء الذين‬
‫يكونون موضوع مشكلة البحث‪ ،‬وىو أيضا اجملموعة الكلية من العناصر اليت يسعى الباحث إىل أن‬
‫يعمم عليها النتائج ذات العالقة دبوضوع البحث‪( .‬عيشور‪ ،٢11٤ ،‬ص‪.)1‬‬
‫أوجه االختالف بين المنهج الكمي والمنهج النوعي‪:‬‬

‫يلجأ البحث الكيفي للمالحظة ادلتفاعلة‪ ،‬وادلقابلة الشخصية ادلتعمقة‪ ،‬أما بالنسبة للبحث الكمي‬ ‫‪‬‬

‫فإن الباحث يقوم بتجهيز األسئلة سابقاً‪ ،‬حيث يكون منط األسئلة تقليديًا‪.‬‬
‫يهدف ادلنهج الكيفي إىل فهم الظاىرة ضمن إطارىا‪ ،‬وال يهتم بتعميم النتائج‪ ،‬بينما يقوم البحث‬ ‫‪‬‬

‫الكمي بقياس الظاىرة‪ ،‬وربليل بياناهتا الستخراج النتائج وتعميمها‪.‬‬

‫‪756‬‬
‫يفسر البحث الكيفي الظواىر بأسلوب إنشائي‪ ،‬بينما يعتمد البحث الكمي على تفسري الظواىر‬ ‫‪‬‬

‫باستخدام الطرق الرقمية واإلحصائية‪.‬‬


‫تكون العينة يف ادلنهج الكيفي عينة سلتارة من قبل الباحث‪ ،‬بينما تكون العينة يف ادلنهج الكمي‬ ‫‪‬‬

‫عشوائية‪.‬‬
‫قد ينحاز الباحث يف ادلنهج الكيفي إىل جهة من جهات الدراسة‪ ،‬بينما يلتزم ادلنهج الكمي باخلطة‬ ‫‪‬‬

‫ادلوضوعة بشكل مسبق‪.‬‬


‫يستطيع الباحث أن يستخدم البحثني معا فيدرلهما‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ ‬يكون الباحث الكيفي قريباً من رلتمع الدراسة‪ ،‬فيجمع ادلعلومات بشكل مباشر‪ ،‬وحيللها‪ ،‬ويبقى‬
‫معهم طيلة فًتة الدراسة‪ ،‬أما الباحث الكمي فبإمكانو العمل يف ادلخترب‪ ،‬حيث جيري ادلقابالت يف‬
‫مكان زلدد مسبقاً‪.‬‬
‫‪ ‬الباحث يف ادلنهج الكيفي ىو الذي يقوم بإجراء ادلقابالت مع األشخاص بشكل مباشر‪ ،‬ويتفاعل‬
‫معهم‪ ،‬ويعمل يف رلال الدراسة‪ ،‬بينما الباحث يف البحث الكمي قد يرسل االستبيانات إىل أماكن‪،‬‬
‫متباعدة لتصل إليو اإلجابات فقط‪.‬‬
‫‪ ‬حيتاج البحث الكيفي وقتاً أطول يف ربليل البيانات‪ ،‬نظراً لتداخلها‪ ،‬بينما تتم عملية مجع البيانات‪،‬‬
‫وربليلها يف ادلنهج الكمي يف وقت أقل‪( .‬أمحد علي‪1٩٩٧ ،‬م‪ ،‬ص‪.)٩1‬‬

‫اعتبار البحث الكيفي من البحوث المناسبة للمجتمعات التقليدية التي تتصف باالنغالق‬
‫الثقافي‪:‬‬

‫يعترب البحث النوعي من البحوث ادلناسبة للمجتمعات التقليدية اليت تتصف باالنغالق الثقايف‪،‬‬
‫وذلك ألن البحث النوعي يستخدم لدراسة الظواىر واحلاالت اليت ال تتوافر عنها معلومات وافية‪ ،‬أو‬
‫دلعرفة أشياء جديدة عن حاالت يطلب التعمق فيها‪ ،‬بغرض دراستها الحقاً بأسلوب كمي ثاين‪،‬‬

‫‪752‬‬
‫مكمل لألسلوب النوعي األول‪ .‬ويطلق بعض الكتاب على ىذا النوع البحث االستطالعي‪:‬‬
‫(العرداوي‪٢11٥،‬م‪ ،‬ص‪)٥٦‬‬

‫استخدام البحث الكيفي في المجتمعات المعقدة مناسب‪:‬‬


‫يعترب استخدام البحوث الكيفية يف اجملتمعات ادلعقدة مناسب‪ ،‬حيث إن ىذا النوع من البحوث يدرس‬
‫كيفية العالقات بني العناصر اليت تؤدي إىل السلوكيات اجلماعي‪ ،‬وكيف يتفاعل النظام وتشكل العالقات‬
‫مع بيئتو‪ ،‬كما يعترب استخدام ىذا النوع من البحوث يف اجملتمعات ادلعقدة مناسب لألسباب التالية‪:‬‬
‫‪.1‬ينطلق ىذا النوع من البحوث من منوذج تفسريي جيسد البنائية االجتماعية ويرى الظواىر االجتماعية يف‬
‫طور البناء والتشكل فالناس يصنعون واقعهم انطالقا من تفاعلهم مع بعضهم البعض لذا ال يتم ىذا األمر‬
‫إال بوجهات نظر األشخاص الفاعلني‪.‬‬
‫‪ .٢‬بالبحث الكيفي فمنطلق من الفلسفة البنائية االجتماعية‪ ،‬اليت ترى أن ىناك حقائق متعددة وأن احلقيقة‬
‫يف واقع أمرىا ذلا مستويات وأبعاد متعددة‪ ،‬وأن ادلعاين ديكن فهمها من خالل مستويات متعددة عن طريق‬
‫السياق االجتماعي‪.‬‬
‫‪ .٣‬ينطلق البحث الكيفي من حقيقة أن دراسة الظواىر االجتماعية واإلنسانية (السلوكية) زبتلف عن‬
‫دراسة الظواىر يف العلوم الطبيعية والفيزيائية‪ .‬لذا فإهنا ربتاج إىل طرق حبث سلتلفة‪ ،‬يكون الًتكيز فيها على‬
‫فهم السلوك االجتماعي واإلنساين من منظور داخلي‪.‬‬
‫‪ .٤‬يعترب أن السلوك اإلنساين مرتبط بسياقو العام‪ ،‬وأن الوقائع االجتماعية ال ديكن تصنيفها كمتغريات على‬
‫غرار الواقع الطبيعي‪ ،‬شلا يتطلب أىدافاً وطرقاً سلتلفة يف البحث‪( .‬ابراش‪٢11٩ ،‬م‪ ،‬ص‪.)11٨‬‬

‫العالقة بين المنهج الكمي والكيفي‬

‫تمهيد‪:‬‬

‫منذ حول البعض االنتباه إىل وجود نوعني منفصلني من ادلناىج تستخدم يف زبصصات علم النفس‬
‫العلمي‪ .‬ومنذ حاول بعض علماء النفس اختبار مبادئ عامة حول السلوك البشري‪ ،‬بالقيام بعملية‬

‫‪752‬‬
‫توصيف وتفسري وتوثيق الفروق الفردية‪ ،‬وال سيما فيما يتعلق باألبعاد ادلختلفة للقدرة الفكرية‬
‫والشخصية لإلنسان‪ ،‬فقد تولدت أساليب ذبمع بني ادلناىج الكمية والكيفية مسيت بادلناىج ادلختلطة‪،‬‬
‫مع هناية القرن ادلاضي‪ ،‬واليت ىي عبارة عن زلاولة لوضع تقارب منهجي بني األساليب النوعية والكمية‪،‬‬
‫انطالقا من فكرة التكامل بني األنواع ادلختلفة من ادلناىج‪ ،‬حيث نوقشت ىذه األنواع من التصاميم‬
‫على نطاق واسع يف العديد من ادللتقيات‪ ،‬واجملالس العلمية‪.‬‬

‫إذ ديكن اعتبار ادلقابالت وادلالحظات تقنيات نوعية‪ ،‬الرتباطها أكثر بالنماذج التفسريية والنقدية‪ ،‬على‬
‫الرغم من أن تنظيم ادلقابالت وربليلها كثريا ما يتم بطريقة كمية‪ ،‬حيث يتم مجع البيانات وادلعطيات‪ ،‬مث‬
‫تصنيف اإلجابات وترميزىا يف شكل رقمي‪ .‬وبادلثل‪ ،‬فإن الدراسات االستقصائية تسمح بتقدمي إجابات‬
‫مفتوحة‪ ،‬واليت من ادلمكن أن تؤدي إىل دراسة متعمقة للحاالت الفردية‪ ،‬واجلماعية على حد سواء‪.‬‬
‫إال أنو رغم التطور التارخيي لكلي النوعني من ادلناىج‪ ،‬فقد كانت ادلناىج الكمية على الدوام ىي اليت‬
‫هتيمن على أشكال البحث يف مناىج البحث الكيفية (النوعي)‪.‬‬
‫فقد يبدأ الباحث يف ادلرحلة األوىل دبحاولة استكشاف آراء ادلشاركني‪ .‬مث القيام جبمع البيانات‬
‫وادلعلومات الالزمة اليت يتم ربليلها يف مرحلة الحقة‪ ،‬باستخدام األدوات ادلناسبة‪ ،‬بعد ربديد ادلتغريات‬
‫اليت حيتاج الباحث لدراستها‪ .‬من خالل االعتماد على أحد أنواع ىذه ادلناىج أو على كليهما هبدف‬
‫التحقق من دقة (صحة) البيانات‪ ،‬إذ يتعني على الباحث أن يبقى منفتحا لكل االحتماالت وأن يعد‬
‫صياغة نتائجو بطريقة تعكس الواقع بدقة‪ ،‬واليت على ضوئها ذبمع النتائج وتقدم التفسريات‪ .‬حيث‬
‫يؤدى تقارب األساليب ادلختلطة ادلتوازنة إىل شكل من أشكال األساليب ادلختلطة النابعة من حاجة‬
‫الباحث إىل وضع تصاميم منهجية تتناسب ومعطيات دراستو‪ ،‬تتقارب أو تدمج فيها ادلناىج الكمية‬
‫والبيانات النوعية‪ ،‬من أجل تقدمي ربليل شامل دلشكلة البحث‪.‬‬
‫إال أنو ال ينبغي بأي حال من األحوال النظر إىل ادلناىج البحثية على أهنا فئات جامدة‪ ،‬تتكون من‬
‫أعداء أو ثنائيات صماء‪ ،‬وإمنا ىي يف الواقع سبثل أىدافا سلتلفة‪ ،‬فالبحث العلمي ىو ربقيق منهجي‬
‫للعثور على إجابات للمشكلة‪ .‬وقد اتبعت البحوث يف رلاالت العلوم االنسانية واالجتماعية‪ ،‬عموما‬

‫‪752‬‬
‫األسلوب العلمي ادلوضوعي التقليدي‪ .‬ولكن منذ الستينيات من القرن ادلاضي‪ ،‬ظهرة توجهات قوية ضلو‬
‫هنج أكثر نوعية‪ ،‬طبيعية‪ ،‬وموضوعية‪ .‬ما جعل أحباث العلوم االجتماعية مقسمة بني طريقتني متنافستني‬
‫إىل حد ما مها‪ :‬التقاليد‪.‬‬

‫تنقسم مناىج البحث يف علم االجتماع إىل نوعني رئيسني‪ :‬كمية وكيفية‪ .‬وتستخدم ادلناىج‬
‫الكمية يف انتاج بيانات عددية أو إحصائية‪ ،‬أي يرتبط مفهوم ىذا ادلنهج بالكم أو الوصف ومدى‬
‫قابلية الظواىر زلل الدراسة للقياس‪ .‬بينما ادلناىج الكيفية بصفة أساسية يف إنتاج بيانات حول‬
‫اخلربات وادلعاين الشخصية للفاعلني االجتماعيني‪ .‬وتعتمد ىذه ادلناىج يف العادة على لغة الفاعل‬
‫االجتماعي أو على مالحظة سلوك الفاعل‪.‬‬
‫عموما يف إطار ادلنهج التحليلي ادلتسم بالعمومية والشمولية‪ ،‬على اعتبار أنو‬
‫يقع ادلنهج الكيفي ً‬
‫ديكننا القول بوجود ربليل كيفي وآخر كمي‪.‬‬

‫إذن‪ ،‬مصطلح البحوث الكيفية مصطلح شامل حيتوي على أمناط سلتلفة من البحوث يف علم‬
‫االجتماع منها البحوث االثنوجرافية‪ ،‬ودراسة احلالة‪ ،‬والبحوث ادليدانية‪ ،‬والبحوث الطبيعية (اليت ذبري‬
‫يف رلال طبيعي)‪ ،‬وحبوث ادلالحظة بادلشاركة‪ .‬وزبتلف ىذه البحوث عن بعضها البعض يف أسسها‬
‫عددا من ادلظاىر ادلشًتكة تضعها يف تصنيف واحد مقارنة‬
‫مجيعا ً‬
‫الفلسفية والتحليلية‪ ،‬إال أن بينها ً‬
‫بالبحوث الكمية‪( .‬ليفي‪٢111 ،‬م‪ ،‬ص‪.)٤٥‬‬

‫خصوصا ما‬
‫ً‬ ‫علما بأهنما خيتلفان يف نقاط أساسية‪،‬‬
‫بعضا‪ً ،‬‬
‫ومع ذلك فإن ادلنهجني يكمالن بعضهما ً‬
‫يتعلق منهما دبوضوعية الباحث ودوره‪:‬‬

‫‪ .1‬يف البحث الكمي تكتسب استقاللية الباحث عن موضوع البحث قيمة كبرية‪ ،‬خبالف ذلك فإن‬
‫عنصرا أساسيًا من ادلعرفة‪.‬‬
‫البحث الكيفي يعود إىل اإلدراك الذايت للباحث بوصفو ً‬

‫‪762‬‬
‫‪ -٢‬إن البحث الكمي يعتمد إىل درجة كبرية على تقنني البحوث ادليدانية‪ ،‬فتكون أسئلة االستبانة‬
‫وكذلك اإلجابة زلددة مسب ًقا‪ .‬أما ادلقابالت الكيفي فهي أكثر مرونة‪ ،‬وتتكيف مع احلاالت‬
‫ادلختلفة‪.‬‬

‫وىناك عالقة بني ادلناىج الكمية والكيفية من جهة وادلنظورات البنائية والتأويلية من جهة ثانية‪.‬‬
‫وبصفة عامة تبدو ادلناىج الكمية أكثر مالءمة للبحوث البنائية‪ ،‬وادلناىج الكيفية أكثر مالئمة‬
‫للبحوث التأويلية‪.‬‬
‫ومع ذلك يوجد تداخل شديد يف استخدام ادلناىج الكمية والكيفية‪ ،‬ما دام علماء االجتماع‬
‫يسعون إىل احلصول على كال النوعني من البيانات‪ .‬ويستخدم عدد كبري من علماء االجتماع‪ -‬وردبا‬
‫معظمهم‪ -‬ىذين النوعني الستكمال البيانات‪( .‬عبد اجلواد ‪٢11٥،‬م‪ ،‬ص‪.)٨٨‬‬

‫إمكانية الجمع بين المنهج الكمي والنوعي‪:‬‬


‫أيضا أن مثل ىذه‬
‫يالحظ أنو ديكن استخدام ادلدخلني الكيفي والكمي يف دراسة واحدة‪ ،‬ويالحظ ً‬
‫معا عادة ما تصل إىل نتائج قوية‪ ،‬ولكن السؤال يبقى وىو كيف‬
‫الدراسات اليت تعتمد ادلدخلني ً‬
‫معا ويف‬
‫معا بشكل تتابعي أو يستخدما ً‬
‫ديكن ادلزج بني ادلدخلني؟ الواقع أنو ديكن استخدام ادلدخلني ً‬
‫النفس الوقت‪ ،‬والبيان كما يلي‪:‬‬

‫‪ .1‬استخدام المدخلين الكيفي والكمي بشكل تتابعي‬

‫يتم استخدام ادلدخلني الكيفي والكمي بشكل تتابعي عندما يبدأ الباحث بادلدخل الكيفي‬
‫أثناء إعداد مشروع البحث حىت يصل إىل صياغة الفرضيات‪ ،‬وعند ىذه ادلرحلة ديكن اختبار‬
‫الفرضيات بإتباع ادلدخل الكمي باستخدام عينة أكرب‪ ،‬فعلى سبيل ادلثال إذا كان الباحث بصدد‬
‫دراسة إحدى الظواىر اليت ترتبط بسياق ثقايف معني مثل تسويق برامج تنظيم األسرة‪ ،‬فيمكن أن يبدأ‬
‫بعمل مقابالت مع النساء والرجال يف بعض القرى وادلدن حول مفهوم تنظيم األسرة لدى كل فريق‬
‫وأفكارىم حول ىذا ادلوضوع وتداعياتو مث يصل إىل فرضيات معينة حول االختالف بني السياقني‬

‫‪762‬‬
‫مستخدما‬
‫ً‬ ‫الثقافني ( سياق القرية وسياق ادلدينة ) وىنا ديكن اختبار ىذه الفرضيات على عينة أكرب‬
‫ادلدخل الكمي يف البحث‪.‬‬

‫‪ .2‬استخدام المدخلين معا في الوقت نفسه ديكن استخدام ادلدخلني الكيفي والكمي يف‬
‫البحث معا ويف الوقت نفسو يف ربديد ادلشكلة‪ ،‬ويعرف ىذا األسلوب دبا يسمى بالتثليث أو ادلثلثية‬
‫‪ -‬إن صحت التسمية‪.‬‬

‫ويقصد هبا السياق دراسة الظاىرة الواحدة بأكثر من طريقة‪ ،‬وىنا يتم استخدام ادلدخل الكيفي‬
‫لوصف اجلانب الوجداين يف اجملال زلل الدراسة‪ ،‬بينما يستخدم ادلدخل الكمي يف قياس ادلتغريات‬
‫األخرى‪ ،‬فعلى سبيل ادلثال ديكن أن يشمل االستقصاء أسئلة مغلقة جبانب أسئلة مفتوحة‪ ،‬ويتم‬
‫ربليل بيانات األسئلة ادلغلقة كميًا‪ ،‬فيما يتم ربليل بيانات األسئلة مفتوحة‪ ،‬ويتم ربليل بيانات‬
‫األسئلة ادلغلقة كميًا‪ ،‬فيما يتم ربليل بيانات األسئلة ادلفتوحة كيفيا‪ ،‬وسوف يسمح ذلك بوجود حرية‬
‫أكثر للمستقصي منهم يف اإلدالء بإجاباهتم ال يتحيها استخدام ادلقياس (االستقصاء) ذو اإلجابات‬
‫ادلغلقة أو االختيارات احملددة‪ (.‬فضيل دلو‪٢11٤ ،‬م‪ ،‬ص ‪.)٨٤‬‬

‫‪767‬‬
‫المصادر والمراجع‪:‬‬

‫‪ .1‬ليفي‪ ،‬شارلني‪٢111( ،‬م)‪ ،‬البحوث الكيفية يف العلوم االجتماعية‪ ،‬ط‪ ،1‬ادلركز القزمي للًتمجة‪ ،‬القاىرة‪.‬‬
‫‪ .٢‬جليب‪ ،‬على عبد الرازق‪٢11٢( ،‬م)‪ ،‬ادلناىج الكمية والكيفية يف علم االجتماع‪ ،‬ط‪ ،٢‬دار ادلعرفة‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪.‬‬
‫‪ .٣‬دليو‪ ،‬فضيل‪٢11٤( ،‬م)‪ ،‬معايري الصدق والثبات يف البحوث الكمية والكيفية‪ ،‬رللة العلوم‬
‫االجتماعية‪.‬‬
‫‪ .٤‬قنديلجي‪ ،‬عامر‪ ،‬السامرائي‪ ،‬إديان‪٢11٨( ،‬م)‪ ،‬البحث العلمي الكمي والنوعي‪ ،‬عمان‪ ،‬دار اليازوري‪.‬‬

‫‪ .٥‬ابراش‪ ،‬إبراىيم‪٢11٩( ،‬م)‪ ،‬ادلنهج العلمي وتطبيقاتو يف العلوم االجتماعية‪ ،‬ط‪ ،1‬عمان‪ ،‬دار الشروق‪.‬‬

‫‪ .٦‬رجب‪ ،‬إبراىيم عبد الرمحن‪٢11٣( .‬م)‪ ،‬مناىج البحث يف العلوم االجتماعية‪ ،‬الرياض‪ ،‬دار عامل‬
‫الكتب‪.‬‬
‫‪ .٧‬طايع‪ ،‬سامي‪ ،)٢11٧( .‬مناىج البحث وكتابة ادلشروع ادلقًتح للبحث‪ .‬ط‪ ،٢‬جامعة القاىرة‪ ،‬مركز‬
‫تطوير الدراسات العليا والبحوث‪.‬‬
‫‪ .٨‬التل‪ ،‬سعيد وآخرون‪٢11٥( .‬م)‪ ،‬طرق البحث النوعية‪ .‬ط‪ ،1‬عمان‪.‬‬
‫‪ .٩‬أبو عالم‪ ،‬رجاء‪٢111( .‬م)‪ ،‬مناىج البحث يف العلوم الًتبوية والنفسية‪ .‬ط‪ ،1‬القاىرة‪ ،‬دار النشر‬
‫للجامعات‪.‬‬

‫‪ .11‬عرايب‪ ،‬عبد القادر‪٢11٤( ،‬م)‪ ،‬ادلناىج الكيفية يف العلوم االجتماعية‪ ،‬ط‪ ،٢‬دار الفكر‪ ،‬ط‪،٢‬‬
‫‪٢11٤‬م‪.‬‬

‫‪ .11‬بنمليح‪ ،‬عبد إاللو‪٢11٦( ،‬م)‪ ،‬مناىج البحث اإلنسانيات والعلوم االجتماعية البحث التارخيي‬
‫أمنوذجا‪ ،‬القاىرة‪ ،‬دار رؤية‪.‬‬

‫‪762‬‬

You might also like