You are on page 1of 82

‫المنظمة العربية للتنمية اإلدارية‬

‫جامعة الدول العربية‬

‫محاية البيانات الشخصية‬


‫عبـر اإلنتـرنت‬
‫(التحديات واحللول)‬

‫د‪ .‬حسام محمد نبيل عبد الرؤف الشنراقي‬


‫دكتوراه القانون الجنائي‬
‫أستاذ مكافحة الجـرائم املعلوماتية – كلية الشرطة‪ ،‬القاهرة‬
‫محاضر بكلية الحقوق‪ ،‬جامعة حلوان ‪ -‬جامعة املستقبل‪ ،‬القاهرة‬
‫عضو املرصد العربـي لألمن السيبـراني‪ ،‬بيـروت‬

‫إصدار خاص عن (اجمللة العربية لإلدارة) دورية إقليمية ربع سنوية مُحكمة‬
‫تصدرها املنظمة العربية للتنمية اإلدارية ‪ -‬جامعة الدول العربية‬
‫ملحق العدد الثاني‪ ،‬اجمللد ‪2018 ،38‬‬

‫‪2018‬‬
‫املقر الرئيس‬
‫‪Web site: www.arado.org‬‬

‫‪( 2‬أ) شارع الحجاز – روكس ي ‪ -‬مصر الجديدة‬


‫القاهرة ‪ -‬جمهورية مصر العربية‬
‫هاتف‪ )+202( 22580006 :‬فاكس‪)+202( 22580077 :‬‬
‫‪E-mail: arado@arado.org‬‬

‫املقر اإلقليمي‬ ‫منشورات‬


‫قناة القصباء املائية – بحيرة خالد‬ ‫المجلة العربية لإلدارة‬
‫الشارقة ‪ -‬دولة اإلمارات العربية املتحدة‬
‫فاكس‪)+971( 6 5567007 :‬‬ ‫هاتف‪)+971( 6 5563399 :‬‬ ‫المنظمة العربية للتنمية اإلدارية‬
‫‪E-mail: aradosh@arado.org‬‬ ‫جامعة الدول العربية‬
‫‪2018‬‬
‫حقوق الطبع والنشرمحفوظة للمنظمة العربية للتنمية اإلدارية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫عند أي اقتباس من هذا البحث يتعين اإلشارة إلى املصدر‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫اآلراء الواردة بهذا البحث ال تعبـر بالضرورة عن توجهات املنظمة العربية للتنمية اإلدارية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫املشرف العام‬
‫د‪ .‬ناصر اهلتالن القحطاني‬
‫مدير عام‬
‫املنظمة العربية للتنمية اإلدارية‬

‫رئيس التحرير‬
‫أ‪ .‬د‪ .‬عادل حممد زايد‬
‫أستاذ إدارة األعمال‬
‫كلية التجارة ‪ -‬جامعة القاهرة‬
‫مجهورية مصر العربية‬
‫مدير التحرير‬
‫عالء مجال سالمة‬
‫رئيس وحدة النشر والتوزيع‬
‫املنظمة العربية للتنمية اإلدارية‬

‫األستاذ الدكتور‪ /‬أمحد مداوس اليامي‬ ‫األستاذ الدكتور‪ /‬رفعت الفاعوري‬


‫أستاذ اإلدارة العامة‬ ‫أستاذ اإلدارة العامة‬
‫كلية إدارة األعمال ‪ -‬جامعة امللك سعود‬ ‫رئيس جامعة الريموك‬
‫اململكة العربية السعودية‬ ‫اململكة األردنية اهلامشية‬
‫األستاذ الدكتور‪ /‬حسيــن عيســى‬ ‫األستاذ الدكتور‪ /‬بسمان الفيصل‬
‫عضو جملس النواب املصري‬ ‫مستشار‬
‫ورئيس جامعة عني مشس السابق‬ ‫املنظمة العربية للتنمية اإلدارية‬
‫مجهورية مصر العربية‬ ‫مجهورية العراق‬
‫األستاذ الدكتور‪ /‬مسري حممد عبد الوهاب‬ ‫األستاذ الدكتور‪ /‬عبد الـمنعم أمحد التهامي‬
‫أستاذ اإلدارة العامة‬ ‫أستاذ التمويل واالستثمار‬
‫مدير وحدة دعم سياسات الالمركزية‬ ‫كلية التجارة وإدارة األعمال‬
‫كلية االقتصاد والعلوم السياسية – جامعة القاهرة‬ ‫جامعـة حلـوان‬
‫مجهورية مصر العربية‬ ‫العربية‬ ‫مجهورية مصر‬
‫األستاذ الدكتور‪ /‬ماضي بلقاسم‬ ‫األستاذ الدكتور‪ /‬حممود حامد عبد الرازق‬
‫رئيس ندوة عمداء الكليات‬ ‫أستاذ االقتصاد‬
‫ميدان العلوم االقتصادية وعلوم التسيري‬ ‫الوادي‬ ‫جنوب‬ ‫عميد كلية التجارة ‪ -‬جامعة‬
‫اجلمهورية اجلزائرية الدميقراطية الشعبية‬ ‫العربية‬ ‫مجهورية مصر‬
‫مقدمة‬
‫إن التعامل في البيانات الشخصية لألفراد أمر شبه يومي‪ ،‬ففي كثيـر من التعامالت‬
‫تطلب الجهة التـي يتعامل معها الشخص أن يقدم لها بياناته الشخصية‪ ،‬سواء أكانت‬
‫هذه الجهة مؤسسة عامة خاضعة إلدارة الدولة‪ ،‬أم كانت مؤسسة خاصة‪.‬‬

‫فعندما يتعامل الشخص مع جهة عامة أو خاصة للحصول على خدمة أو حتـى‬
‫شراء سلعة معينة‪ ،‬فإن هذه الجهة تطلب منه بياناته الشخصية‪ ،‬وذلك حتـى تسمح له‬
‫بالحصول على هذه الخدمة أو السلعة‪ ،‬ويقوم الشخص باإلفصاح عن بياناته الشخصية‬
‫لهذه الجهة في سبيل الحصول على الخدمة أو السلعة دون أن يفكر بشأن مصيـر بياناته‬
‫التـي تم اإلفصاح عنها‪ ،‬ولكنه يفاجأ بعد فترة زمنية قصيـرة أو طويلة أن بياناته التـي قام‬
‫باإلفصاح عنها يتم استعمالها من قبل الجهات التـي تم اإلفصاح لها عن هذه البيانات‪ ،‬أو‬
‫من قبل جهات أخـرى غيـر التـي قام باإلفصاح لها عن هذه البيانات‪.‬‬

‫فعندما تقوم هذه الجهات بتجميع البيانات الشخصية‪ ،‬فإن هناك نظاما آخـر خفيا‬
‫في التعامل مع هذه البيانات الشخصية‪ ،‬هذا النظام قد يتطور فيه التعامل في هذه‬
‫البيانات من مجـرد تجميعها وتخـزينها إلى االتجار فيها وبيعها بهدف الحصول على الربح‪.‬‬

‫كما إن تطور أساليب الدعاية والتسويق أدى إلى أن تصبح البيانات الشخصية هي‬
‫األساس الذي يتم بناء أساليب الدعاية عليه‪ ،‬فقد ظهرت نظرية "التسويق املباشر" التـي‬
‫تقوم على أساس إنشاء دعاية خاصة لكل عميل وفقا ملا يتم تجميعه من معلومات عنه‪،‬‬
‫وهذه املعلومات هي البيانات الشخصية لهذا العميل‪ ،‬لذا أصبح للبيانات الشخصية‬
‫قيمة مادية‪ ،‬مما أدى إلى ظهور "تجارة البيانات الشخصية"‪ ،‬حيث أصبحت سببا لربح‬
‫واألفراد‪)1(.‬‬ ‫كثيـر من الشركات‬

‫(‪ )1‬س ــارة الش ــري ‪ .)2014( .‬خصوص ــية البيان ــات الرقمي ــة‪ ،‬سلس ــلة أوراق الح ــق ف ــي املعرف ــة‪ .‬مرك ــز دع ــم‬
‫لتقنية املعلومات‪ ،‬اإلصدار الثالث‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ص‪.5‬‬
‫‪5‬‬
‫حمايـ ـ ــة البيانـ ـ ــات الت صـ ـ ــية عب ـ ـ ــر اإلنت ـ ـ ــرن (التحـ ـ ــديات ‪-‬‬

‫والبيانات الشخصية الرقمية متضمنه في املعامالت التـي تتم عن طريق الوسيط‬


‫اإللكتـروني‪ ،‬ومع التطور التكنولوجـي السريع صارت معظم معامالتنا في الحياة اليومية‬
‫تتم بشكل رقمي‪ ،‬فبطاقات الرقم القومي هي بيانات رقمية مسجلة لدى املؤسسات‬
‫الحكومية‪ ،‬يتم من خاللها االستدالل على هوياتنا الشخصية‪ ،‬لكن السؤال الذي يطرح‬
‫نفسه باستمرار هو‪ :‬إلى أيـن تذهب بياناتنا ومعلوماتنا الشخصية بعد إدخالها على املواقع‬
‫اإللكترونية املختلفة وبعد الحصول على الخدمة‪ ،‬فهل يمكن أن يستخدمها أي شخص‬
‫أو جهة فيما بعد بشكل قد يسبب ضررا‪ ،‬وهل تحتفظ املواقع والتطبيقات ببياناتنا‬
‫يتم استخدامها‪ ،‬هل‬ ‫الشخصية‪ ،‬وإذا كان األمر كذلك‪ ،‬فأيـن تذهب تلك البيانات وكي‬
‫الخطوات التـي نتبعها عند إدخال البيانات الشخصية على املواقع اإللكترونية املختلفة‬
‫كاف يضمن عدم تعرضها للسرقة‪ ،‬وبالتالي تعرضنا للنصب‬ ‫تكون مؤمنة بشكل ٍ‬
‫واالحتيال‪ ،‬وما هو اإلطار القانوني الذي يؤمن الخصوصية لبياناتنا الرقمية ويحميها في‬
‫مصر‪)1(.‬‬

‫أهمية الدراسة‬
‫تنبع أهمية الدراسة من أنه على الرغم من عدم وجود تشريع يحمي البيانات‬
‫الشخصية لألفراد في معظم مجتمعاتنا العربية وباألخص في مصر‪ ،‬على الرغم من وجود‬
‫تنظيم قانوني دولي وإقليمي في أوروبا واتفاقيات لحماية البيانات التـي يتم تداولها تحت‬
‫ضغط اعتبارات املصالح القومية العليا للدول األوروبية وأمريكا في محاربة اإلرهاب‪،‬‬
‫ومدي االحتياج إلى وجود تنظيم تشريعي لحمايتها في ظل القيمة الكبيـرة للمعلومات‬
‫الشخصية سواء من ناحية القيمة املادية أو االستـراتيجية لها‪ ،‬ومدي أهمية حمايتها‬
‫كجـزء من األمن القومي للدول‪ ،‬وكذا إلعالء حقوق وحـريات األفراد وحماية حقوقهم في‬

‫(‪ )1‬سارة الشري ‪ .)2014( .‬خصوصية البيانات الرقمية – املرجع السابق – ص‪1‬‬
‫‪6‬‬
‫حماية البيانات الت صية عبـر اإلنتـرن (التحديات ‪-‬‬

‫خصوصية بياناتهم الشخصية وعدم تداولها أو معالجتها أو تحليلها دون إذن أصـحابها أو‬
‫مسوغ من القانون‪.‬‬

‫ومن هنا بات من الضروري التعرف على التحديات التـي تواجه تحقيق تلك الحماية‬
‫وما هي الحلول املمكنة لتفعيل الحماية للبيانات الشخصية كخطوة أساسية نحو إعالء‬
‫قيمة اإلنسان وحماية حقوقه‪.‬‬

‫تساؤالت الدراسة‬
‫وفي إطار تلك األهمية تثور عدة تساؤالت تتمثل في‪:‬‬
‫‪ -1‬ما هو املقصود بحماية البيانات الشخصية؟‬
‫‪ -2‬ما هي أهمية حمايـة البيانـات الشخصـية ومراحـل تطـور تلـك الحمايـة؟ ومـا هـي مراحـل‬
‫معالجتها؟‬
‫‪ -3‬مــا هــو األســاس القــانوني لحمايــة البيانــات الشخصــية علــى املســتوى الــدولي واإلقليمــي‬
‫والوطني؟‬
‫‪ -4‬ما هي صور انتهاكات خصوصية البيانات الشخصية؟‬
‫‪ -5‬م ــا ه ــي التح ــديات املختلف ــة التـ ــي تواج ــه حماي ــة البيان ــات الشخص ــية؟ وكيـ ـ يمك ــن‬
‫التغلب عليها؟‬
‫‪ -6‬مــا هــي اتليــات القانونيــة والتقنيــة والتنفيذيــة لحمايــة خصوصــية البيانــات الشخصــية‬
‫من االنتهاك أثناء تداولها القانوني؟‬

‫منهج الدراسة‬
‫مسألة‬ ‫اتبع الباحث في هذه الدراسة املنهج الوصفي التحليلي املقارن الذي يص‬
‫حماية خصوصية البيانات الشخصية واملبادئ األساسية التـي تقوم عليها‪ ،‬والتحديات‬

‫‪7‬‬
‫حمايـ ـ ــة البيانـ ـ ــات الت صـ ـ ــية عب ـ ـ ــر اإلنت ـ ـ ــرن (التحـ ـ ــديات ‪-‬‬

‫القانونية والتقنية والتنفيذية التـي تعوق تفعيل تلك الحماية‪ ،‬ثم يقوم الباحث بتحليل‬
‫ما تم تطبيقه في التجارب الدولية في هذا الشأن لوضع تصور لحل تحديات الحماية‪.‬‬

‫مشكلة الدراسة‬
‫إن البيانات الشخصية هي أحد املحاور املهمة واألساسية في الحق في الخصوصية‬
‫والتـي تناولتها املواثيق الدولية ونصت عليها باعتبارها حقا أساسيا من حقوق اإلنسان‪،‬‬
‫لذا فقد تواتـرت التشريعات املختلفة على حمايتها‪ .‬ومع التطور الحادث في استخدام‬
‫شبكة اإلنتـرنت ومواقع التواصل االجتماعي وما تحوية من بيانات ومعلومات شخصية‬
‫خاصة باألفراد‪ ،‬وظهور تقنيات متقدمة لجمع ومعالجة البيانات الشخصية الستخدامها‬
‫في العديد من األغراض التـي تعد انتهاكا لحق اإلنسان في الخصوصية‪ ،‬فقد أسبغت‬
‫العديد من املواثيق الدولية واإلقليمية الحماية للبيانات الشخصية‪ ،‬وبخاصة في الواليات‬
‫الحماية القانونية لتلك الحقوق التـي زاد‬ ‫املتحدة واالتحاد األوروبـي‪ .‬وفي ظل ضع‬
‫االهتمام بحمايتها بشكل كبيـر في اتونة األخيـرة في ظل االستخدام املتنامي ملواقع التواصل‬
‫االجتماعي‪ ،‬ومن ثم صار من األهمية بمكان التعرف على الحماية التـي طبقها املجتمع‬
‫الدولي في هذا اإلطار والتحديات التـي تواجه تفعيلها وتعزيـزها‪ ،‬ثم الحلول املقتـرحة وفقا‬
‫ملا تم تطبيقه في تلك الدول‪.‬‬

‫مطلب تمهيدي‪ -‬ماهية حماية البيانات الت صية‬

‫الفرع األول‪ -‬التعريف بالبيانات الت صية‬


‫البيانات الشخصية هي "تلك املعلومات الخاصة بشخص طبيعي قابل للتعرف‬
‫في توسيعه لنطاق تطبيق القانون‪ ،‬حيث إن تضييق‬ ‫علية"‪ ،‬وتكمن أهمية التعري‬
‫مفهوم البيانات الشخصية قد يؤدي إلى قيام بعض الجهات بالتعدي عليها وانتهاك‬
‫خصوصيتها‪ ،‬كما أن البيانات املوزعة على قواعد البيانات قد ال تدل على هوية الشخص‬

‫‪8‬‬
‫حماية البيانات الت صية عبـر اإلنتـرن (التحديات ‪-‬‬

‫بشكل دقيق‪ ،‬أما إذا تم ربطها ببعضها البعض‪ ،‬فقد يمكن التوصل إلى تحديد هوية‬
‫صاحبها‪ ،‬أما إذا اكتفى النص القانوني بحماية البيانات املرتبطة بالشخص بشكل‬
‫مباشر‪ ،‬فقد يسمح ذلك لبعض الجهات بانتهاك خصوصية البيانات وبخاصة في ظل‬
‫ومشاركتها‪)1(.‬‬ ‫تطور وسائل جمعها‬

‫وعرف املشرع الفرنس ي البيانات الشخصية بأنها "أية معلومة تتعلق بشخص طبيعي‬
‫محددة هويته أو من املمكن تحديد هويته بطريقة مباشرة أو غيـر مباشرة"‪ ،‬ويقصد‬
‫بالبيانات الشخصية في املادة الثانية من قانون املعلوماتية والحـريات الفرنس ي رقم ‪78‬‬
‫لسنة ‪ 1978‬واملعدل بأحكام القانون الصادر في ‪ 30‬ينايـر‪ 2002‬بأنها "كل املعلومات‬
‫املتعلقة بشخص طبيعي محدد أو يمكن تحديده مباشرة بواسطة رقم معيـن‪ ،‬أو بواسطة‬
‫رب‬ ‫عنصر أو أكثـر خاص به"‪ .‬وبناء عليه ذهبت محكمة النقض الفرنسية إلى أن كش‬
‫العمل عن موطن العامل بدون موافقة األخيـر يعتبـر اعتداء على حياته الخاصة‪.‬‬

‫البيانات‬ ‫وقد توسع املجلس القومي للمعلوماتية والحـريات الفرنس ي في تعري‬


‫الشخصية بأنها "تلك البيانات التـي تسمح عند معالجتها‪ ،‬بالوصول إلي البيانات‬
‫الشخصية‪ ،‬وبذلك يشمل البيانات غيـر املباشرة وغيـر املرتبطة بالشخص‪ ،‬ولكن يمكن‬
‫تكويـن بيانات شخصية بعد إجـراء عملية معالجة"‪ )2(.‬ت َعرف خصوصية البيانات‬
‫َ ُّ‬
‫الشخصية بأنها "ت َحكم األفراد في مدى وتوقيت وظروف مشاركة حياتهم مع اتخـرين"‪.‬‬
‫وتدخل الخصوصية كحق يمارسه الفرد للحد من اطالع اتخـريـن على مظاهر حياته‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬عزيـزة الطويـل – (‪ )2015‬الحمايـة القانونيــة للبيانـات الشخصـية – مركــز دعـم لتقنيـة املعلومــات –‬
‫سلسلة أوراق الحق في املعرفـة – منشـور برخصـة املشـاع اإلبـداعي املنسـوب للمصـدر‪ -‬اإلصـدار ‪ 4‬غي ـر‬
‫املوطئة – منشور على املوقع االلكتروني‪ –http://sitcegypt.org:‬ص‪2‬ص‪3‬‬
‫‪(2) Guidelines on the Protection of Privacy & Trans Borders Flows of Personal Data, 1980,‬‬
‫‪https://www.oecd.org/document/18/0.2340,en 2649_34255_1815186_1_1_1_1,00,html‬‬
‫‪9‬‬
‫حمايـ ـ ــة البيانـ ـ ــات الت صـ ـ ــية عب ـ ـ ــر اإلنت ـ ـ ــرن (التحـ ـ ــديات ‪-‬‬

‫وبخاصة البيانات الشخصية (‪ .)1‬فهي التـي تتعلق بالديـن أو العرق أو املعتقدات أو‬
‫تلك البيانات في خطورتها‬ ‫الطائفة التـي ينتمي إليها الشخص أو سجلة اإلجـرامي‪ ،‬وتختل‬
‫في الحماية املطلوبة لها‪ ،‬فأكد التوجيه األوروبـي على موافقة‬ ‫وأهميتها‪ ،‬ومن ثم تختل‬
‫اإلنجليـزي‪)2(.‬‬ ‫صريحة من صاحب البيانات على التعامل على بياناته‪ ،‬وكذا القانون‬

‫وقد عرف البعض خصوصية البيانات الشخصية بأنها "مطالبة األشخاص بأال‬
‫تكون البيانات الخاصة بهم متاحة لالطالع عليها‪ ،‬ومن ثم معالجتها أو إجـراء أية عمليات‬
‫عليها ولو كانت مملوكة تخـريـن فيتحقق لهم صالحية ممارسة قدر من السيطرة أو‬
‫استخدامها"‪)3(.‬‬ ‫التحكم في تلك البيانات وطريقة‬

‫أما "روجـر"‪ ،‬فقد عرفها بأنها "رغبة الشخص في التحكم أو التأثيـر بشكل كبيـر في‬
‫الشخصية"‪)4(.‬‬ ‫كيفية التعامل مع بياناته‬

‫الفرع الثاني‪ -‬أهمية وتطور حماية البيانات الت صية‬


‫إن حقوق اإلنسان وحـرياته هي األساس في حماية حـرمة حياته الخاصة‪ ،‬ومن ثم‬
‫فهي القاعدة األساسية التـي ينبني عليها باقي حقوقه املرتبطة بها‪ .‬وقد تطور هذا املفهوم‬
‫منذ صدور وثيقة "املاجناكارتا" عام ‪ )5(1215‬التـي وضعت حدودا للسلطات السياسية‪ .‬ثم‬

‫‪(1) Conflicts of Interest, )2004( Privacy/Confidentiality, and Tissue Repositories: Protections, Policies,‬‬
‫‪and Practical Strategies Conference Co-sponsored by PRIM&R and the Columbia University Center‬‬
‫‪of Bioethics. 2004 May 3-5 ; Boston, MA‬‬
‫‪(2) http://sitcegypt.org/?p=4048‬‬
‫(‪ )3‬د‪ .‬أســامة عبــد ي قايــد – الحمايــة الجنائيــة للحيــاة الخاصــة وبنــوك املعلومــات‪ -‬دار النهضــة العربيــة ‪-‬‬
‫‪ – 1994‬ص‪46‬‬
‫(‪ )4‬شهد حموري – ريم املصري – (‪ )2014‬قانون حماية البيانات الشخصية (ما يمكن تعلمة من تجارب‬
‫ال ـ ـ ـ ـ ـ ــدول األخ ـ ـ ـ ـ ـ ــرى) – بح ـ ـ ـ ـ ـ ــث منش ـ ـ ـ ـ ـ ــور عل ـ ـ ـ ـ ـ ــى ش ـ ـ ـ ـ ـ ــبكة االنترن ـ ـ ـ ـ ـ ــت عل ـ ـ ـ ـ ـ ــى املوق ـ ـ ـ ـ ـ ــع االلكترون ـ ـ ـ ـ ـ ــي‪:‬‬
‫‪http://41cg8625y6q72hgprjb7uwy1.wpengine.netdna-cdn.com/wpcontent/uploads/2016/01/Reem.pdf‬‬
‫ص‪1‬‬
‫‪(5) Magna Carta : http://en.wikipedia.org/wiki/Magna_Carta‬‬
‫‪10‬‬
‫حماية البيانات الت صية عبـر اإلنتـرن (التحديات ‪-‬‬

‫تلتها عقب ذلك "املواد اإلثني عشر" في أملانيا عام ‪ .1525‬ثم "إعالن حقوق اإلنسان‬
‫الفرنس ي" عام ‪ .1789‬ثم صدرت عقب ذلك في الواليات املتحدة األمريكية "وثيقة‬
‫الحقوق" في عام ‪ ،1791‬وقد أدت هذه الوثائق واإلعالنات كلها إلى تطويـر فكرة الحقوق‬
‫اإلنسانية واعتبـرتها واجبة االحتـرام وتستوجب الحماية القانونية‪ ،‬فقد نقلت الفكر‬
‫اإلنساني من كون اإلنسان يباع ويشتـري ويستعبد دون اعتبار لكرامته‪ ،‬إلى إنسان له‬
‫احترامه وحقوقه املعتبـرة وكرامته بل وحقه في الخصوصية واحتـرام حتـى اسمة وبياناته‬
‫من أن يتم التعامل عليها أحد دون إذنه‪ .‬ولم يقتصر إقرار تلك الحقوق على مجـرد‬
‫أقوال‪ ،‬وإنما صدرت القوانيـن التـي تكفل لها الحماية وتعاقب على انتهاك تلك الحماية‪.‬‬

‫وقد أصدرت منظمة األمم املتحدة عقب إنشائها "اإلعالن العاملي لحقوق اإلنسان"‬
‫عام ‪ ،1948‬ومن أبـرز الحقوق التـي تضمنها ذلك اإلعالن ما ورد في املادة ‪ 12‬منه من‬
‫إقرار حقه في عدم التعرض لخصوصيته وكرامته‪ ،‬وهو ما أحدث تطورا كبيـرا في مفهوم‬
‫حق اإلنسان في الخصوصية وكذا الحـرية الشخصية له وبخاصة في أوروبا وأمريكا ثم‬
‫امتد إلى دول العالم العربي‪ .‬ومع تـزايد استخدام نظم املعلومات‪ ،‬وتـزايد القدرة على‬
‫حفظ ومعالجة البيانات ونقلها‪ ،‬تعاظمت إمكانية نقل البيانات وتحليلها ومعالجتها‬
‫وكشفها للغيـر بما يس يء لصاحبها‪ ،‬وهو ما استتبع ضرورة حمايتها‪.‬‬

‫وقد تضمن القانون الفرنس ي رقم (‪ )17‬لحماية البيانات الشخصية عام ‪1978‬‬
‫املبادئ األساسية لحمايتها حيث شمل‪ :‬مبادئ جمع املعلومات‪ ،‬والتصريح عن الهدف من‬
‫معالجتها‪ ،‬وصفات املعلومات في حق الشخص املعني في االطالع وطلب تصحيحها‪ .‬كما‬
‫قام بإنشاء هيئة مختصة بمراقبة تطبيق هذا القانون وتم اعتماده كنموذج التفاقية‬
‫مجلس أوروبا عام ‪ 1981‬ولغالب القوانيـن األوروبية في هذا الخصوص بعد ذلك‪.‬‬

‫ومع تـزايد حجم التجارة اإللكتـرونية واتساعها‪ ،‬تدخل البـرملان األوروبـي لتنظيم‬
‫حماية البيانات الشخصية وللتنسيق بيـن التشريعات األوروبية لحماية البيانات فأصدر‬

‫‪11‬‬
‫حمايـ ـ ــة البيانـ ـ ــات الت صـ ـ ــية عب ـ ـ ــر اإلنت ـ ـ ــرن (التحـ ـ ــديات ‪-‬‬

‫اإلرشاد املتعلق بحماية األشخاص من املعالجة غيـر املشروعة للبيانات ذات الطابع‬
‫الشخص ي في عام ‪ ،1995‬والذي جاء متوافقا مع السياسة األوروبية بشأن حقوق‬
‫اإلنسان الواردة في معاهدة حماية حقوق اإلنسان والحـريات األساسية لعام ‪1950‬‬
‫والتوجيهات الصادرة عن منظمة (‪ )OECD‬عام ‪ 1980‬بشأن حماية البيانات الشخصية‬
‫عبـر الحدود‪)1(.‬‬ ‫ونقلها‬
‫وأدخلت فرنسا عقب ذلك نظامها القانوني املعدل بالقانون ‪ 801‬لسنة ‪ ،2004‬ثم‬
‫صدرت عقب ذلك قرارات وإرشادات متصلة بمسألة معالجة ونقل البيانات الشخصية‬
‫باستخدام اإلنتـرنت وشبكات املعلومات واتفقت مع اإلرشاد ‪ 95/46‬من ناحية املبادئ‬
‫العامة‪ ،‬واختلفت في نواحـي أخـري تقنية وتنفيذية تتعلق بنقل ومعالجة البيانات‬
‫الشخصية‪.‬‬
‫وقد شكل اإلرشاد األوروبـي السابق ذكره الركيـزة األساسية في معاهدة "املالذ اتمن"‬
‫والتـي تضمنت مجموعه من القواعد التـي يجب أن تلتـزم الشركات األمريكية بالتقيد بها‬
‫عند نقل املعلومات إليها من الدول األوروبية إذا كانت ذات طابع شخص ي‪ .‬وتتلخص‬
‫املعاهدة في ضمان متلقي البيانات ذات الطابع الشخص ي ملستوى حماية مناسب‬
‫ومتوافق مع اإلرشاد املنوة عنه إذا كان خارج االتحاد األوروبي‪ .‬ويعد االرشاد األوروبـي‬
‫املذكور هو أقرب النصوص وأكثـرها وضوحا في التطبيق بالنسبة للدول العربية‪ ،‬ومن‬
‫الجدير بالذكر أن التشريعات في املنطقة العربية تكاد تخلو من نصوص لحماية البيانات‬
‫ي‪)2(.‬‬ ‫ذات الطابع الشخص‬
‫وقد ارتبط مفهوم حماية البيانات الشخصية بتقنية املعلومات‪ ،‬ومدى تأثيـرها على‬
‫تهدد حياتهم الخاصة وتمس‬‫النظام القانوني‪ ،‬وضرورة حماية األفراد من مخاطرها التـي ّ‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬عـ ــايض راشـ ــد املري(بـ ــدون تـ ــاري ) –الخصوصـ ــية وحمايـ ــة البيانـ ــات – بحـ ــث منشـ ــور علـ ــى املوقـ ــع‬
‫االلكتروني‪http://www.dralmarri.com/show.asp?field=res_a&id=199 :‬‬
‫(‪ )2‬محاض ـرات د‪ .‬وس ــيم ح ــرب – الدراس ــات العلي ــا ف ــي الق ــانون – كلي ــة الحق ــوق – الجامع ــة اللبناني ــة –‬
‫‪ – 2005- 1995‬مكتب املحاماة واالستشارات القانونية والتحكيم‪.‬‬
‫‪12‬‬
‫حماية البيانات الت صية عبـر اإلنتـرن (التحديات ‪-‬‬
‫خصوصياتهم وأسرارهم‪ .‬وقد أثيـر مفهوم خصوصية البيانات الشخصية في الفقه ألول‬
‫ّ‬
‫مرة كمفهوم مستقل‪ ،‬وذلك في اواخـر ستينيات وأوائل سبعينيات القرن املاض ي على يد‬
‫الباحثين األمريكييـن "آالن ويستون" في مؤلفة (الخصوصية والحـرية( في ‪ ،1967‬و"آالن‬
‫ميليـر" في مؤلفه (االعتداء على الخصوصية) في ‪.1971‬‬
‫وقد تم تطويـر هذا املفهوم عن طريق وضع "مبادئ سلوك" في أوروبا وأمريكا‪ ،‬يؤكد أهمها‬
‫على االستخدام العادل للبيانات الشخصية‪ ،‬وتقييد أغراض استخدامها وحصره في الهدف من‬
‫جمعها‪)1(.‬‬

‫وقد قام املشرع في الدول الغربية بسن التشريعات املتعلقة بحماية البيانات الشخصية بدء‬
‫من مطلع تسعينيات القرن املاض ي‪ ،‬وقد تـرافق ذلك مع مجموعة من الدراسات‪ ،‬ومنها الدراسة‬
‫التـي أعدها البـروفسور "ميشيل" تحت إشراف اليونسكو وعنوانها "الخصوصية وحقوق اإلنسان"‬
‫(‪ )2()1994‬والدراسة التـي أعدها "بوركت" (‪.)3()1982‬‬
‫وقد أدي إتاحة شبكة اإلنتـرنت للجمهور منذ عام ‪ 1991‬إلى إحداث نقلة سريعة في‬
‫مجال تكنولوجيا املعلومات بعد أن كان مقتصرا على األبحاث األكاديمية والعسكرية‬
‫َ‬
‫فقط‪ .‬كما ت ِبع ذلك تطور البـرمجيات التـي سهلت استخدام اإلنتـرنت‪ ،‬فتضاع‬
‫مستخدمي اإلنتـرنت من ‪ 360‬مليون مستخدم عام ‪ 2000‬إلى ما يقارب ‪ 2.7‬مليار‬
‫وتو َسع استخدام اإلنتـرنت من األغراض البحثية إلى تقديم‬
‫مستخدم في عام ‪َ .2013‬‬
‫خدمات للجمهور مثل البـريد اإللكتـروني‪ ،‬واملراسلة الفورية‪ ،‬والشراء والبيع عبـر‬
‫اليومية‪)4(.‬‬ ‫اإلنتـرنت‪ .‬فصار تفاعل األفراد مع الشبكة أكثـر اقتـرابا وتأثيـرا في حياتهم‬

‫‪(1) Henri Burkert: Institutions of data Protection: An Attempt at a Functional Exploration of European‬‬
‫‪National Data Protection Laws Computer Law Journal 1982, 3(2), 167 – 170‬‬
‫‪(2) Jérôme Michael: Privacy and Human Rights: An International ou comparative study with special‬‬
‫)‪reference to developments in Information Technology, Dart month 1994‬‬
‫‪(3) Henri Burkert: Institutions of data Protection: An Attempt at a Functional Exploration of European‬‬
‫)‪National Data Protection Laws Computer Law Journal 1982, 3(2), 167 – 188‬‬
‫‪(4) Online Privacy Alliance http://www.privacyalliance.org/‬‬
‫‪13‬‬
‫حمايـ ـ ــة البيانـ ـ ــات الت صـ ـ ــية عب ـ ـ ــر اإلنت ـ ـ ــرن (التحـ ـ ــديات ‪-‬‬

‫الفرع الثالث‪ -‬صور البيانات الت صية‬


‫من الصعوبة بمكان وضع تحديد لصور البيانات الشخصية بشكل دقيق‪ ،‬وذلك‬
‫نظرا للتطور الكبيـر في استخدامات وصور املعلومات التـي يتم استحداثها يوما بعد يوم‪،‬‬
‫فقد أدى ظهور اإلنتـرنت إلى تغيـر كبيـر في صور البيانات الشخصية التـي تستوجب‬
‫الحماية القانونية فقد اعتبـرت األرقام التعريفية الخاصة بجهاز الكمبيوتـر من البيانات‬
‫الشخصية املحمية في القانون الفرنس ي‪ ،‬وعلى ذلك فإن الصور املعروفة للبيانات‬
‫الشخصية تتمثل في اتتي‪:‬‬
‫‪ -1‬االس ــل واللقـ ــب‪ :‬االسـ ــم هـ ــو وسـ ــيلة لتمييـ ــز األشـ ــخاص وتحديـ ــدهم‪ ،‬ويمكـ ــن تقسـ ــيم‬
‫االس ــم إل ــى اس ــم أص ــلي‪ ،‬وه ــو ذل ــك االس ــم الرس ــمي ال ــذي ي ــتم ذك ــرة ف ــي ش ــهادة امل ــيالد‬
‫والبطاقــة الشخصــية ويتعامــل بــه اإلنســان فــي معامالتــه الرســمية وهــو املمي ــز لــه أمــام‬
‫القــانون‪ )1(.‬واســم الشــهرة‪ ،‬وهــو الــذي يشــتهر بــه اإلنســان بيــن النــاس وال يتعامــل بــه فــي‬
‫معامالت ــه الرس ــمية أو أم ــام الق ــانون وال يع ــرف ب ــه نفس ــة‪ ،‬وإنم ــا ق ــد يميـ ـزه الن ــاس ب ــه‬
‫فيمــا بيــنهم‪ .‬واالســم املســتعار‪ ،‬وهــو ذلــك االســم الــذي يتخــذه اإلنســان لنفســة بخــالف‬
‫اســمة األصــلي بمناســبة مهنــه أو نشــاف فنــي أو أدب ــي معي ــن‪ ،‬وفــي غالــب األحــوال يكــون‬
‫اله ــدف م ــن اتخ ــاذه إخف ــاء الهوي ـة الحقيقي ــة لإلنس ــان‪ .‬أم ــا اللق ــب‪ ،‬فه ــو اس ــم العائل ــة‬
‫الت ــي ينتمــي إليهــا اإلنســان وتنحــدر أصــوله منهــا‪ .‬وعلــى ذلــك فــإن اســم الش ـخص ولقبــة‬
‫لها‪)2(.‬‬ ‫يعدان بيانات شخصية تستدعي الحماية القانونية‬
‫‪ -2‬الص ــوت والص ــورة‪ :‬ظ ــل مفه ــوم البيان ــات الشخص ــية حتـ ــى وق ــت قري ــب قاص ــرا عل ــى‬
‫البيانات االسمية أما الصوت والصورة‪ ،‬فقد اعتبـرا من البيانـات الشخصـية فـي توجـه‬
‫ح ــديث للجن ــة الحـ ــريات الفرنس ــية مس ــتندة ف ــي ذل ــك إل ــى التوجي ــه األوروبـ ــي الخ ــاص‬

‫(‪ )1‬سهير منتصر – النظرية العامة للحق – بدون دار نشر – ‪ – 2006‬ص‪66‬‬
‫‪(2) Joëlle BEDEREDE. Données personnelles dans L'entreprise quelles précautions Faut-il prendre au-‬‬
‫‪jourd'hui, art disponible sur www, entreprise-et-droit com.‬‬
‫‪14‬‬
‫حماية البيانات الت صية عبـر اإلنتـرن (التحديات ‪-‬‬

‫بحماي ــة البيان ــات الشخص ــية الص ــادر ف ــي ‪ 24‬أكتوبـ ــر ‪ ،1995‬وال ــذي اعتبـ ــر أن ص ــوت‬
‫اإلنسان وصورته بيانـات شخصـية يمكـن تناولهـا باملعالجـة وتسـتوجب حمايتهـا قانونـا‪،‬‬
‫حيـ ــث إن التكنولوجيـ ــا الرقميـ ــة قـ ــد أتاحـ ــت معالجـ ــة الصـ ــوت والصـ ــورة باسـ ــتخدام‬
‫الكمبيوتـر‪ ،‬وأن يتم إضافة نص لصورة معينـة‪ ،‬أو إضـافة صـوت لـنص معيــن‪ ،‬وذلـك‬
‫الكمبيوتـر‪)1(.‬‬ ‫باستخدام‬
‫‪ -3‬األرقام الت صية‪ :‬تعـد األرقـام الشخصـية مـن البيانـات الشخصـية‪ ،‬ومـن ثـم يعـد أي‬
‫رقــم يمــنح للش ـخص الطبيعــي ويكــون خاصــا بــه دون غي ــرة ومحــددا لهويتــه وممي ــزا لــه‬
‫عن غيـرة بشرف أال يتكرر مع آخـرين‪.‬‬
‫‪ -4‬العن ــوان‪ :‬يعتبـ ـر عن ــوان اإلنس ــان م ــن البيان ــات الشخص ــية س ــواء أك ــان عن ــوان م ل ــه‬
‫الــذي يقــيم فيــه بشــكل دائــم‪ ،‬أو عنوانـا مؤقتـا‪ ،‬أو عنــوان عمــل‪ ،‬أو أي مكــان يقــيم فيــه‬
‫اإلنسان ولو بشكل مؤقت‪.‬‬
‫‪ -5‬الحالة االجتماعية‪ :‬الحالة االجتماعية لإلنسان هي حالته من ناحيـة الـزواج أو إذا مـا‬
‫كان له أبناء أو أحفاد‪ ،‬وغيـر ذلك مما يتعلق بعائلته‪.‬‬
‫‪ -6‬ال ص ــائل الجس ــدية‪ :‬تع ــد الخص ــائص الجس ــدية لإلنس ــان م ــن بيانات ــه الشخص ــية‪،‬‬
‫وذلك وفقا ملا درجت عليه أحكام القضاء الفرنس ي في هذا الشأن‪.‬‬
‫‪ -7‬الحالــة الص ــحية‪ :‬أشــار قــانون حمايــة البيانــات الشخصــية الفرنس ـ ي فــي مادتــه الثامنــة‬
‫إلى اعتبار املعلومات املتعلقة بصـحة اإلنسان من البيانات الشخصية‪.‬‬
‫‪ -8‬األصــول العرقيــة‪ :‬تعتبــر أيـة معلومــات تتعلــق بعــرق اإلنســان وأصــوله التــي انحـدر منهــا‬
‫من البيانات الشخصية وفقا لقانون حماية البيانات الشخصية الفرنس ي‪.‬‬

‫(‪ )1‬د‪ /‬حس ــام ال ــدين كام ــل االه ــواني –( ب ــدون ت ــاري نش ــر) الح ــق ف ــي احتـ ـرام الحي ــاة الخاص ــة "الح ــق ف ــي‬
‫الخصوصية " دراسة مقارنه – دار النهضة العربية – ص‪76‬‬
‫‪15‬‬
‫حمايـ ـ ــة البيانـ ـ ــات الت صـ ـ ــية عب ـ ـ ــر اإلنت ـ ـ ــرن (التحـ ـ ــديات ‪-‬‬

‫‪ -9‬الجنس ـ ــية‪ :‬تخض ـ ــع املعلوم ـ ــات املتعلق ـ ــة بالجنس ـ ـية الت ـ ــي يحمله ـ ــا اإلنس ـ ــان للحماي ـ ــة‬
‫القانونية باعتبارها من البيانات الشخصـية‪ ،‬وفقـا ملـا أقرتـه اللجنـة القوميـة الفرنسـية‬
‫للحـريات‪.‬‬
‫‪ -10‬اآلراء السياس ــية واملعتق ــدات الديني ــة‪ :‬اعتب ــرت امل ــادة ‪ 8‬م ــن ق ــانون حماي ــة البيان ــات‬
‫الشخص ــية الفرنس ـ ي أن كاف ــة املعلوم ــات الخاص ــة ب ــاتراء السياس ــية والفلس ــفية الت ــي‬
‫يتبناهــا اإلنســان مــن البيانــات الشخصــية‪ ،‬وكــذا املعتقــد الــديني لــه والطوائـ الدينيــة‬
‫التـي ينتمـي إليها‪ ،‬بـل إن املعلومـات املتعلقـة باالنتمـاء النقـابي لإلنسـان تعـد مـن بياناتـه‬
‫الشخصية‪.‬‬
‫‪ -11‬نتـ ــائت االختبـ ــارات النفسـ ــية‪ :‬تعـ ــد نتـ ــائت االختبـ ــارات النفسـ ــية لإلنسـ ــان مـ ــن بياناتـ ــه‬
‫الشخصية ألنها جـزء من حالته الصـحية والتـي يحميها القانون‪.‬‬
‫‪ -12‬البصـمة‪ :‬تعـد بصـمة اإلنسـان أحـد بياناتـه الشخصـية أيـا كـان شـكلها‪ ،‬وهـو مـا تناولتــه‬
‫اللجنــة القوميــة للح ــريات بفرنســا عنــد تناولهــا لألنظم ـة األمنيــة لــبعض الجهــات والت ــي‬
‫تعتمد على البصمات الخاصة باألشخاص‪ .‬ومن املعلوم أن بصمة اإلنسـان يمكـن مـن‬
‫خاللها تمييـز األشـخاص‪ ،‬ويمكـن تجميعهـا ومعالجتهـا إلكتــرونيا‪ .‬ومـن ثـم فه ـي تعـد مـن‬
‫البيانات الشخصية‪.‬‬
‫محمول‪.‬‬ ‫‪ -13‬رقل الهاتف‪ :‬ويعد من البيانات الشخصية سواء أكان هات م ل أو هات‬
‫‪ -14‬رقل السيارة‪ :‬ويعد من البيانات الشخصية املرتبطة باإلنسان‪.‬‬
‫‪ -15‬رقل الحساب البنكي‪ :‬ويعد من البيانات الشخصيةن ومن ثم يحميها القانون فـي كافـة‬
‫معينة‪(1).‬‬ ‫دول العالم‪ ،‬وال يجيـز االطالع عليها إال بضوابط‬

‫‪(1) Implementing the OECD Privacy Guidelines in the Electronic Environment: Focus on the Internet,‬‬
‫‪DSTI/ICCP/REG (97)6/FINAL).‬‬
‫‪16‬‬
‫حماية البيانات الت صية عبـر اإلنتـرن (التحديات ‪-‬‬

‫‪ -16‬عن ـ ــوان البـ ـ ــريد اإللكت ـ ــروني‪ :‬م ـ ــن ح ـ ــق ك ـ ــل مس ـ ــتخدم لإلنتـ ـ ــرنت اس ـ ــتخدام البـ ـ ــريد‬
‫اإللكتــروني فيجــوز لــه أن يمتلــك صــندوق بــريد إلكتــروني علــى أحــد املواقــع التــي تمــنح‬
‫تلــك الخدمــة ويحــق لــه أن يكــون لــه عنــوان إلكتــروني يقــوم بإرســال رســائل منــه‪ ،‬وهــذا‬
‫العنــوان ال يتكــرر بي ــن املستخدمي ــن وهــو متفــرد‪ ،‬ويمكــن مــن خاللــه تميي ــز األشــخاص‬
‫وم ــن ث ــم يح ــوز ش ــروف البيان ــات الشخص ــية‪ ،‬حي ــث يمك ــن م ــن خالل ــه تحدي ــد هوي ــة‬
‫صاحبه ومن ثم فهو يعد بيانا شخصيا يستوجب حمايته قانونا‪.‬‬
‫‪ -17‬عن ــوان الكمبيوت ــر (ال ــرقل التعريف ــي)‪ :‬ك ــل كمبيوت ــر متص ــل باإلنت ــرنت يك ــون ل ــه رق ــم‬
‫تعريفي خاص باالتصال بشبكة اإلنتـرنت ‪ ،IP‬ويمكن من خاللـه تحديـد هويـة صـاحبة‪.‬‬
‫وقد اعتبـر بعض الفقه أن عنوان الكمبيوتـر هو أحد البيانـات الشخصـية الـذي يمكـن‬
‫خالله‪)1(.‬‬ ‫تحديد هوية مستخدم اإلنتـرنت من‬

‫املبحث األول ‪ -‬معالجة البيانات الت صية وامل اطر التـي تهددها‬
‫املطلب األول‪ -‬معالجة البيانات الت صية‬
‫الفرع األول‪ -‬التعريف بمعالجة البيانات الت صية ومراحلها‬
‫ا‬
‫أوال‪ -‬التعريف بمعالجة البيانات الت صية‬
‫عرف املشرع الفرنس ي معالجة البيانات بأنها "إجـراء يتعلق بالبيانات الشخصية أيا‬
‫كانت الطريقة املستخدمة في هذا اإلجـراء وخاصة التجميع والتسجيل والتنظيم والحفظ‬
‫والتعديل واالستخالص واالطالع واالستخدام واالبالغ عن طريق النقل والنشر والربط‬
‫واملنع واملحو والتدميـر"‪.‬‬

‫‪(1) Michael Sax, Data Collection & Privacy Protection: An International Perspective, Online at,6 Aug,‬‬
‫‪1999, p5‬‬
‫‪17‬‬
‫حمايـ ـ ــة البيانـ ـ ــات الت صـ ـ ــية عب ـ ـ ــر اإلنت ـ ـ ــرن (التحـ ـ ــديات ‪-‬‬

‫وعلى ذلك فإن معالجة البيانات الشخصية يتضمن أي إجـراء يتعلق بهذه البيانات‬
‫أيا كانت الطريقة املستخدمة في ذلك‪ )1(.‬وتتمثل في جمع البيانات وتسجيلها وتنظيمها‬
‫وحفظها وتعديلها واستخالصها واالطالع عليها واستخدامها واإلبالغ عنها ونشرها على‬
‫اإلنتـرنت وربطها ومنع وصولها بالوسائل التقنية ومحوها وتدميـرها‪.‬‬

‫وتطبيقا لذلك‪ ،‬فقد اعتبـر القضاء الفرنس ي أن مجـرد جمع عناويـن البـريد‬
‫اإللكتـروني للعمالء في إحدى الشركات من قبيل معالجة البيانات الشخصية ولو لم يتم‬
‫إعداد قاعدة بيانات لها‪ ،‬وكذا إنشاء قواعد بيانات للحالة الصـحية ملرض ى نفسييـن‬
‫إلجـراء أبحاثا علمية أو إنشاء نظام لضبط الحضور واالنصراف للموظفيـن بشركة‬
‫و‪H‬خذ بصمة األصبع على قاعدة بيانات‪ ،‬أو إنشاء قاعدة بيانات لعناويـن البـريد‬
‫اإللكتـروني للموظفيـن‪ ،‬أو إنشاء مواقع على اإلنتـرنت لجمع بيانات شخصية للموظفين‪.‬‬

‫ا‬
‫ثانيا‪ -‬مراحل معالجة البيانات الت صية‪:‬‬

‫تمر معالجة البيانات الشخصية باملراحل التالية‪:‬‬


‫أ‪ -‬الجم ــع ‪ :‬س ــواء أك ــان ذل ــك بص ــورة مش ــروعة أو غيـ ــر مش ــروعة‪ ،‬أي عن ــد تغذي ــة‬
‫الكومبيوت ــر (أو عب ــر وس ــائل االتص ــال) بالبيان ــات الشخص ــية الت ــي تتعل ــق بالحي ــاة‬
‫الخاصـة بــالفرد‪ ،‬والتــي تسـمح بــالتعرف عليــه‪ ،‬كتلــك البيانـات التــي تتصــل بحالتــه‬
‫العائلي ـ ــة والص ـ ــح ية واملهني ـ ــة والوظيفي ـ ــة واملالي ـ ــة واتجاهات ـ ــه وميول ـ ــه السياس ـ ــية‬
‫ومعتقداتــه الدينيــة والفلســفية وجنســيته وهواياتــه‪ ،‬وبشــكل عــام كــل مــا لــه طــابع‬
‫وبيئته‪)2(.‬‬ ‫الخصوصية ويتعلق بشخصه وحياته وعائلته وصداقاته‬

‫‪(1) Sophie Louveaux, Le Commerce Electronique et La Vie Privee, Art Preci.‬‬


‫– ‪(2) Handbook on EU Data Protection Law – EU Agency for Fundamental Rights, 2014, Council of Eu‬‬
‫‪EU Court for Human Rights – p. 48-50‬‬
‫‪18‬‬
‫حماية البيانات الت صية عبـر اإلنتـرن (التحديات ‪-‬‬

‫ب‪ -‬التخـزيـن في ذاكرة الكومبيوتـر (أو شبكات الحاسـبات)‪ :‬سـواء أكـان ذلـك قبـل أو‬
‫بعــد تحليــل البيانــات الشخصــية واالحتفــاة بهــا بصــورة دائمــة بحيــث تصــبح غي ــر‬
‫قابلــة للشــطب‪ ،‬هــذا ويــزداد خطــر االعتــداء ويتعــاظم عنــدما تكــون صــحة البيانــات‬
‫الشخصـية غيــر مؤكـدة‪ ،‬وتكــون مصـادرها موضـع شــك سـيما عنــد عـدم وجــود أيــة‬
‫رقابة توجب تصـحيحها أو شطبها‪ ،‬أو عندما يكون استعمالها غيــر مراقـب وعرضـة‬
‫للتهري ــب ولع ــدم التك ــتم وم ــا يش ــكل أيض ـا خط ــرا عل ــى البيان ــات الشخص ــية ه ــو أن‬
‫الــدخول إلــى نظــام املعلومــات والخــروج منــه ال يتــرك أثــرا رغــم وجــود وســائل أمــان‬
‫فيه‪.‬‬
‫ج‪ -‬التشــليل‪ :‬ســواء عــن طريــق إج ـراء عمليــات متنوعــة للحصــول علــى نتــائت محــددة‬
‫وذل ــك بواس ــطة وح ــدة التش ــغيل املركزي ــة‪ ،‬أو ع ــن طري ـق ع ــدة عملي ــات تنج ــز آلي ـا‬
‫بغية اسـتغالل البيانـات بمـا فـي ذلـك التقريـب والـربط والـدمت مـع معلومـات أخــرى‬
‫وتحليلها‪ ،‬بغية الحصول على بيانات ذات مدلول خاص‪.‬‬
‫د‪ -‬ايص ــال البيان ــات إل ــى مس ــتخدم ها‪ :‬واتخ ــاذ القـ ـرارات املناس ــبة باالس ــتناد إليه ــا‪،‬‬
‫وذلــك بعــد جمعهــا وتخ ــزينها وتشــغيلها‪ ،‬إذ ال قيمــة لهــذه البيانــات مــا لــم تصــل إلــى‬
‫املس ـ ــتخدم لالس ـ ــتفادة منه ـ ــا‪ ،‬وال ـ ــذي ي ـ ــتم بوس ـ ــائل متع ـ ــددة منه ـ ــا االتص ـ ــال عب ـ ــر‬
‫اإلنت ــرنت والكــابالت واالقمــار الص ـناعية والخطــوف الســلكية والالســلكية ووســائل‬
‫اإلعالم‪.‬‬
‫ه‪ -‬تداول البيانات الت صية‪ :‬في الدولة الواحدة‪ ،‬أو تبادلها بيـن عدة دول‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ -‬شروط مشروعية معالجة البيانات الت صية‬


‫نص القانون الفرنس ي على الشروف العامة ملعالجة البيانات الشخصية حتـي تتسم‬
‫باملشروعية‪ .‬وتتضمن هذه الشروف ضوابط جمع وحفظ البيانات الشخصية وإجـراءات‬
‫املعالجة األخـرى‪ ،‬وتطلب القانون شروطا يجب توافرها في البيانات الشخصية التـي يتم‬

‫‪19‬‬
‫حمايـ ـ ــة البيانـ ـ ــات الت صـ ـ ــية عب ـ ـ ــر اإلنت ـ ـ ــرن (التحـ ـ ــديات ‪-‬‬

‫معالجتها وصاحب البيانات أيضا‪ ،‬وتنطبق هذه الشروف بشكل عام على كافة أنواع‬
‫البيانات الشخصية‪ ،‬ويمكن تقسيمها إلى عدة مجموعات على النحو التالي‪:‬‬
‫ا‬
‫أوال‪ -‬الشروط الواجب توافرها في البيانات التـي يتل جمعها‪:‬‬
‫‪ -1‬شــروط جمــع البيانــات‪ :‬نــص املشــرع الفرنسـ ي علــى الشــروف الخاصــة بجمــع البيانــات‬
‫فــي الفقرتي ــن األولــى والثانيــة مــن املــادة السادســة مــن قــانون حمايــة البيانــات وتمثلــت‬
‫هذه الشروف في‪:‬‬
‫أ‪ -‬ان ي ــتل جم ــع البيان ــات بطريق ــة مش ــروع ‪ :‬وذل ــك ب ــإعالن ص ــاحبها قب ــل الب ــدء ف ــي‬
‫جمعه ـ ــا‪ ،‬وك ـ ــذلك ب ـ ــالغرض م ـ ــن ذل ـ ــك الجم ـ ــع‪ ،‬وأيض ـ ــا بـ ـ ـأنواع تل ـ ــك البيان ـ ــات‪،‬‬
‫فمش ــروعية جمعه ــا ت ــرتبط بض ــرورة إع ــالن ص ــاحب تل ــك البيان ــات قب ــل الب ــدء ف ــي‬
‫جمعهـ ــا‪ .‬وبنـ ــاء علـ ــى ذلـ ــك اعتب ـ ــر جمـ ــع عناوي ـ ــن الب ـ ــريد اإللكت ـ ــروني علـ ــى شـ ــبكة‬
‫اإلنتـرنت دون علم أصـحابها عمال غيـر مشروعا‪.‬‬
‫ب‪ -‬أن يـ ــتل جمـ ــع البيانـ ــات بهـ ــدف محـ ــدد وواض ـ ـ ومشـ ــروع‪ :‬تعـ ــد الغايـ ــة مـ ــن جمـ ــع‬
‫البيانـ ــات ومعالجتهـ ــا أحـ ــد املحـ ــاور املهمـ ــة لحمايـ ــة البيانـ ــات الشخصـ ــية‪ ،‬واذا كـ ــان‬
‫القــائم بجمــع البيانــات الشخصــية ال يعلــم الهــدف مــن هــذه العمليــة‪ ،‬فهنــا ال يجــوز‬
‫لــه أن يقــوم بجمعهــا‪ ،‬فالغايــة املحــددة والواض ــحة لجمــع البيانــات الشخصــية تعــد‬
‫معيارا للشفافية املعبـر عنها بـإعالن صـاحب تلـك البيانـات بمـا يـتم مـن عمليـات علـى‬
‫بيانات ــه‪ ،‬فالبيان ــات الشخص ــية ال تع ــد خط ـرا ف ــي ذاته ــا‪ ،‬ولك ــن الخط ــورة ت ــنجم ع ــن‬
‫اســتخدامها أي الغايــة مــن معالجتهــا‪ ،‬فـإذا تــم جمــع البيانــات الص ــحية إلجــراء بحــث‬
‫علم ـي فهنــا يمكــن اعتبــار العمليــة مشــروعة‪ ،‬أمــا إذا تــم جمعهــا لالتجــار بهــا فالغايــة‬
‫هنا غيـر مشـروعه‪ ،‬فمعيـار املشـروعية هـو تحقيـق مصـلحة مشـروعه‪ ،‬فـإذا تـم جمـع‬
‫العناوي ــن الب ــريدية اإللكت ــرونية لألشــخاص بهــدف بيعهــا لشــركات الدعايــة يعــد هــذا‬
‫اله ــدف غيـ ــر مش ــروع‪ ،‬كم ــا أن ع ــدم وج ــود ه ــدف مح ــدد وواضـ ــح أو غيـ ــر مش ــروع‬

‫‪20‬‬
‫حماية البيانات الت صية عبـر اإلنتـرن (التحديات ‪-‬‬

‫بجمــع البيانــات يعــد جمع ـا غي ــر مشــروع للبيانــات وذات الوص ـ ينطبــق علــى جمــع‬
‫البيانات دون غاية محددة‪)1(.‬‬

‫‪ -2‬ش ــروط البيان ــات الت ــي ي ــتل جمعه ــا‪ :‬وردت الش ــروف الواجب ــة ف ــي البيان ــات الت ــي ي ــتم‬
‫تجميعهــا فــي الفقــرة الثالثــة والرابعــة مــن املــادة السادســة مــن قــانون حمايــة البيانــات‬
‫الفرنس ي وفقا لهذيـن الشرطيـن‪:‬‬
‫أ‪ -‬ان تك ــون البيان ــات الت ص ــية مالءم ــة‪ :‬ويقص ــد ب ــذلك أن ت ــتالءم م ــع اله ــدف م ــن‬
‫جمعهـا وأال تتجــاوز الحـد املتطلــب لجمــع تلـك البيانــات‪ ،‬فـال يــتم جمــع بيانـات أكثــر مــن‬
‫اله ــدف املتطلب ــة م ــن أجل ــه‪ ،‬فـ ـإذا ت ــم جم ــع البيان ــات إلنش ــاء قائم ــة بعناويـ ــن املن ــازل‬
‫الخاصــة بالشــركة لتوصــيل الســلعة الــيهم عنــد طلبهــا‪ ،‬فــإن جمــع تلــك البيانــات يجــب‬
‫أن يقتصـر علــى عناويــن املنــازل فقـط‪ ،‬وال يتعــدى ذلــك إلـى جمــع البيانـات عــن عــاداتهم‬
‫االســتهالكية‪ ،‬فــإن ذلــك يعــد تجــاوزا للهــدف مــن جمعهــا‪ .‬وقــد أكــدت اللجنــة القوميــة‬
‫الفرنس ــية للح ــريات عل ــى ه ــذا الش ــرف فيم ــا يتعل ــق بمعالج ــة البيان ــات ف ــي نظ ــام رقم ــي‬
‫لتنظ ــيم ال ــدخول بإح ــدى املط ــاعم بأح ــد امل ــدارس‪ ،‬وال ــذي يق ــوم عل ــى أس ــاس وض ــع‬
‫بصــمة اليــد فــي جهــاز علــى بــاب املطعــم حيــث أكــدت بعــدم جــواز جمــع بيانــات أكثــر مــن‬
‫املطلوب‪.‬‬
‫ب‪ -‬أن تكـون البيانـات دقيقـة ولاملـة‪ :‬إن البيانـات الشخصـية يجـب أن تكـون دقيقــة‬
‫وكاملـة‪ ،‬كمــا يجــب علــى معــالج البيانـات أن يــراجع البيانــات املخزنـة لديــة ويص ـ ح‬
‫غي ــر الــدقيق أو النــاقص منهــا‪ ،‬ف ـإذا لــم يمكنــه ذلــك وجــب عليــة محوهــا‪ ،‬وي ــرتبط‬

‫‪(1) Herbert Burkert, Privacy-Enhancing Technologies: Typology, Critique, Vision, in TECHNOLOGY AND‬‬
‫‪PRIVACY: THE NEW LANDSCAPE, 125‚142 (Philip E. Agre & Marc Rotenberg, eds. MIT Press 1997).‬‬
‫(باإلنجلي يـة)‪“PETs have been defined as a coherent system of ICT measures that protects privacy :‬‬
‫‪by eliminating or reducing personal data or by preventing unnecessary and/or undesired‬‬
‫‪processing of personal data; all without losing the functionality of the data system“ See: Borking J‬‬
‫‪and Raab C, 'Laws, PETs and Other Technologies for Privacy Protection' The Journal of Information,‬‬
‫‪Law and Technology (JILT). 2001 (1) http://elj.warwick.ac.uk/jilt/01-1/borking.html‬‬
‫‪21‬‬
‫حمايـ ـ ــة البيانـ ـ ــات الت صـ ـ ــية عب ـ ـ ــر اإلنت ـ ـ ــرن (التحـ ـ ــديات ‪-‬‬

‫هــذا الشــرف بحــق الشــخص فــي الوصــول لبياناتــه الشخصــية لــدى املعــالج والقيــام‬
‫منها‪)1(.‬‬ ‫بتعديل ومحو غيـر الصـحيح‬

‫ا‬
‫ثانيا‪ -‬شروط حفظ البيانات ومعالجتها‬
‫‪ -1‬ش ــروط حف ــظ البيان ــات‪ :‬حف ــظ البيان ــات الشخص ــية يتطل ــب ت ــوافر بع ــض الش ــروف‬
‫حتـى يتسم باملشروعية‪:‬‬
‫أ‪ -‬أن يـ ــتل حفظهـ ــا يشـ ــكل يحـ ــدد هويـ ــة صـ ــاح ها‪ :‬فـ ــال يجـ ــوز أن تحفـ ــظ البيانـ ــات‬
‫الشخصــية بشــكل عشــوائي‪ ،‬وإنمــا يلــزم تحديــد صــاحبها حت ــى يتســنى لــه ممارســة‬
‫حقوقه على البيانات ومنها الولوج إليها وتعديلها‪.‬‬
‫ب‪ -‬أن يتل حفظ البيانات للمدة الالزمة فقط لتحقيق الهدف مـن عمليـة جمعهـا‪:‬‬
‫يج ــب عل ــى مع ــالج البيان ــات أن يحفظه ــا مل ــدة ال ت ــزيد عل ــى امل ــدة الالزم ــة لتحقي ــق‬
‫الهــدف مــن جمــع البيانــات‪ ،‬وتتوقـ علــى طبيعــة هــذا الهــدف ومــن ثــم يجــب علــى‬
‫معـ ــالج البيانـ ــات ‪H‬ن يقـ ــوم بحـ ــذف أو تدمي ـ ــر البيانـ ــات الت ـ ــي انته ـ ـى الغـ ــرض مـ ــن‬
‫تجميعهـ ـ ــا وال ينطبـ ـ ــق هـ ـ ــذا املعيـ ـ ــار علـ ـ ــى تخـزي ـ ـ ــن البيانـ ـ ــات الشخصـ ـ ــية بغـ ـ ــرض‬
‫الصـحافة‪)2(.‬‬ ‫استخدامها في األعمال األدبية أو الفنية أو ممارسة‬
‫‪ -2‬شـ ــروط إج ـ ــراءات معالجـ ــة البيانـ ــات‪ :‬يعـ ــد جمـ ــع البيانـ ــات وتخ ـ ــزينها مـ ــن إج ـ ــراءات‬
‫معالجــة البيانــات الشخصــية وهنــاك شــروطا خاصــة لهــذه اإلج ـراءات‪ ،‬حيــث إن جمــع‬
‫البيانــات هــو اول إجـ ـراء يقــوم بــه معــالج البيانــات عنــدما يتعامــل مــع البيــان‪ ،‬كمــا أن‬

‫‪(1) Convention for the Protection of Individuals with Regard to Automatic Processing of Personal Data‬‬
‫‪- Unlikely to satisfy Europe's data protection watchdogs—or the EU's top court-‬‬
‫‪http://arstechnica.com/tech-policy/2016/02/privacy-shield-doomed-from-get-go-nsa-bulk-‬‬
‫‪surveillance-waved-through/‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬ســامح عبــد الواحــد التهــامي – الحمايــة القانونيــة للبيانــات الشخصــية" دراســة فــي القــانون الفرنس ـ ي‬
‫(القســم األول) " – بح ــث منش ــور فــي مجل ــة الحق ــوق – جامعــة الكوي ــت – الع ــدد (‪ – )3‬الس ــنة ‪– 35‬‬
‫سبتمبر ‪ – 2011‬ص ‪377‬ص‪382‬‬
‫‪22‬‬
‫حماية البيانات الت صية عبـر اإلنتـرن (التحديات ‪-‬‬

‫إج ـ ـراء الحفـ ــظ هـ ــو الـ ــذي يـ ــؤدى لالحتفـ ــاة بالبيانـ ــات ملـ ــدة مـ ــن الـ ــزمن لـ ــدى القـ ــائم‬
‫باملعالجة‪ ،‬أما أي إجـراء آخـر يتم فهو يخضع للشرطيـن اتتييـن‪:‬‬
‫أ‪ -‬معالجة البيانات يشكل مشروع‬
‫إن إجـراءات معالجة البيانات يجب أن تتم بشكل مشروع‪ ،‬حتـى يتوافق ذلك مع‬
‫جمع البيانات التـي طلب املشرع أن يتم بشكل مشروع‪ ،‬وحتـى يكون أي إجـراء من‬
‫إجـراءات املعالجة مشروعا فيجب إعالن صاحب تلك البيانات لإلجـراء الذي يتم على‬
‫بياناته وشرعية إجـراءات املعالجة تتطلب علم الشخص بوجود معالجة لبياناته‬
‫الشخصية وأساليب وإجـراءات املعالجة والهدف منها‪ ،‬وإخبار الشخص بذلك يجب أن‬
‫يتم قبل القيام بأي من إجـراءات املعالجة‪ ،‬ويجب أن تكون املعلومات التـي يحصل عليها‬
‫الشخص بشأن بياناته التـي يتم معالجتها دقيقة إلى أقص ى درجة‪.‬‬

‫وقد أوردت املادة ‪ 32‬من القانون الفرنس ي بعض املعلومات التـي يجب إخبار من‬
‫يتم معالجة بياناته بها‪ ،‬ومنها هوية القائم باملعالجة والهدف من املعالجة ومن سيتم‬
‫إرسال البيانات إليه عقب معالجتها‪ ،‬والحق في االطالع واالعتـراض على البيانات إذا تم‬
‫نقلها خارج االتحاد األوروبي‪.‬‬
‫ب‪ -‬إال يتل معالجة البيانات يشكل ملايـر لللاية من جمعها‬
‫فالغاية هنا هو تقييد عملية املعالجة بالهدف الذي تم جمعها من أجله بحيث‬
‫يتوافق أسلوب املعالجة مع الغاية من جمعها‪ ،‬فيظل الهدف من جمع البيانات ضابطا‬
‫لكل إجـراء من إجـراءات املعالجة عقب ذلك‪ ،‬كما إن أي إجـراء يتعلق باملعالجة يجب أن‬
‫يتوافق مع الهدف من جمعها‪ ،‬فإذا قام شخص بالتعامل مع جهة وطلبت منه تلك الجهة‬
‫بعض بياناته الشخصية لتقديم خدمة له‪ ،‬فال يجوز لتلك الجهة القيام بمعالجة‬
‫البيانات إال لتحقيق ذلك الهدف وهو تقديم الخدمة له‪ ،‬والحيدة عن ذلك يجعل‬

‫‪23‬‬
‫حمايـ ـ ــة البيانـ ـ ــات الت صـ ـ ــية عب ـ ـ ــر اإلنت ـ ـ ــرن (التحـ ـ ــديات ‪-‬‬

‫املعالجة غيـر مشروعة والعمل وفقا لهذا الشرف يحمى البيانات من استخدامها بشكل‬
‫جمعها‪)1(.‬‬ ‫غيـر مشروع يتنافى مع الغاية من‬
‫ا‬
‫ثالثا‪ -‬رضاء صاحب البيانات‬
‫يجب على معالج البيانات أن يحصل على موافقه صاحب البيانات على معالجة‬
‫بياناته سواء شفاهه أو كتابة أو صراحة أو ضمنا‪ ،‬ويقع على عاتقه إثبات موافقة صاحب‬
‫البيانات على معالجتها‪ ،‬ويجب أن يكون الرضا محددا سواء شمل كافة إجـراءات‬
‫املعالجة‪ ،‬أو كل منها على حدة ويجب أيضا إال يشوب رضاؤه أي إكراه أو عيب من عيوب‬
‫اإل ادة‪)2(.‬‬
‫ر‬
‫ومن املالحظ أن بعض املواقع على شبكة اإلنتـرنت تقوم بجمع البيانات الشخصية‬
‫ملستخدميها ومعالجتها وإرسالها ملواقع دعائية‪ ،‬وهنا يجب أن يتم إعالم املستخدم‬
‫صاحب البيانات بجميع العمليات التـي تتم على بياناته وضرورة الحصول على موافقته‪،‬‬
‫وذلك بوضع بيان خاص بحماية البيانات الشخصية على املوقع يتضمن اإلجـراءات التـي‬
‫يتخذها املوقع في معالجة البيانات الشخصية للمستخدم والغاية منها‪ ،‬فإذا ما أعطى‬
‫املستخدم بياناته الشخصية للموقع عقب العلم باإلجـراءات املتخذة يعد رضا منه بهذه‬
‫املعالجة‪ ،‬وهناك بعض الحاالت يمكن فيها القيام بمعالجة البيانات الشخصية دون‬
‫تطلب الحصول على موافقة صاحبها وهي‪ :‬إذا كان معالج البيانات لدية التـزام قانوني‬
‫بالقيام بمعالجة البيانات أو لحماية حياة الشخص صاحب البيانات أو لتنفيذ مهمة‬

‫‪(1) See; Privacy Enhancing Technologies - the Path to Anonymity, TNO/FEL (the Dutch national research‬‬
‫‪centre) and the Information and Privacy Commission of Ontario, Canadam, August 1995‬‬
‫(‪ )2‬د‪ /‬سـامح عبـد الواحـد التهـامي – الحمايـة القانونيـة للبيانـات الشخصـية" دراسـة فـي القـانون الفرنسـ ي"‬
‫(القس ــم األول) – بح ــث منش ــور ف ــي مجل ــة الحق ــوق – جامع ــة الكوي ــت – الع ــدد (‪ – )3‬الس ــنه ‪– 35‬‬
‫سبتمبر ‪ – 2011‬ص ‪386‬ص‪391‬‬
‫‪24‬‬
‫حماية البيانات الت صية عبـر اإلنتـرن (التحديات ‪-‬‬

‫واجبة على معالج البيانات أو لتنفيذ بنود عقد تكون بيانات الشخص أحد بنودة‪ ،‬أو إذا‬
‫مشروعه‪)1(.‬‬ ‫كان معالج البيانات يسعى لتحقيق مصلحة‬

‫املطلب الثاني‪ -‬امل اطر التـي تهدد البيانات الت صية‬

‫الفرع األول‪ -‬جمع البيانات الت صية‬


‫يقوم اإلنسان خالل حياته اليومية باإلدالء ببياناته الشخصية في العديد من‬
‫املناسبات عند إبـرام معامالته‪ ،‬حيث يتم جمع البيانات عن األفراد حال تعاملهم معهم‬
‫وتـرتبط تلك البيانات بالوضع العائلي أو املادي أو الصحي أو غيـر ذلك من البيانات‬
‫الشخصية الخاصة‪ ،‬وعلى الرغم من أن جمع البيانات الشخصية قد يكون مهما إلبـرام‬
‫وإنجاز األعمال في تلك املؤسسات باإلضافة إلى أهميته لصاحب تلك البيانات إلنجاز‬
‫الخدمة التـي يطلبها من تلك الجهة‪ ،‬إال أنه عندما تقوم تلك الجهات بجمع تلك البيانات‬
‫الشخصية غالبا ما تقوم بجمع بيانات أخـرى بما يعد انتهاكا لحق صاحبها في الحماية‬
‫القانونية لها‪ ،‬ويعزى ذلك لقيامها بتطبيق نظرية "التسويق املباشر" (‪.)2‬‬

‫ومع تطور استخدام اإلنتـرنت اتجهت العديد من الشركات التجارية إلى إنشاء مواقع‬
‫خاصة بها تتيح لها جمع البيانات الشخصية ملستخدمي اإلنتـرنت وتقديم عروض خاصة‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬عزيــزة الطويــل – الحاميــة القانونيــة للبيانــات الشخصــية – مركــز دعــم لتقنيــة املعلومــات – سلســلة‬
‫أوراق الحـ ــق فـ ــي املعرفـ ــة – مرجـ ــع سـ ــابق – منشـ ــور علـ ــى املوقـ ــع االلكترونـ ــي‪–http://sitcegypt.org:‬‬
‫ص ‪6‬ص ‪7‬‬
‫(‪ (2‬والتي تتلخص في ان تهتم املؤسسـة التجاريـة بكـل فـرد مـن عمالئهـا علـى حـدة‪ ،‬وتقـوم بتسـويق منتجاتهـا‬
‫له على حسب ذوقه الخـاص ومـن ثـم تعمـل املنشـأة علـى جمـع كافـة البيانـات املمكنـة عنـه ‪ ،‬فهـي تقـوم‬
‫علــى أســاس إدارة عالقــات املنش ـأة مــع عمالئهــا مــن خــالل التعــرف علــى احتياجــاتهم وســلوكهم لتحقيــق‬
‫اقتـ ـراب أكثـ ـر م ــن العمي ــل وتق ــديم الخ ــدمات واملنتج ــات الت ــي تلق ــى القب ــول من ــه وم ــن ث ــم ت ــتمكن م ــن‬
‫الت ـرويت للســلع الخاصــة بهــا لــدى العمــالء بالشــكل الــذى يحقــق مبيعــات أكث ـر وأفضــل‪ ،‬ومــن ثــم يصــبح‬
‫هن ــاك قاع ــدة بيان ــات للعمي ــل تض ــم كاف ــة بيانات ــه الشخص ــية تقريب ـا‪ ،‬ب ــل إن بع ــض املنش ــجت التجاري ــة‬
‫تقوم بمنح منتجات وخدمات مجانية للعمالء بهدف جمع بيانات شخصية عنهم فقط‪.‬‬
‫‪25‬‬
‫حمايـ ـ ــة البيانـ ـ ــات الت صـ ـ ــية عب ـ ـ ــر اإلنت ـ ـ ــرن (التحـ ـ ــديات ‪-‬‬

‫لهم من خالل ما يسمى "التسويق اإللكتـروني" وذلك باستخدام "الكوكيـز"‪ ،‬وهي عبارة‬
‫يقوم املوقع الخاص بتلك املنشجت بوضعه على القرص الصلب لجهاز الزائر‬ ‫عن مل‬
‫ملوقعها على اإلنتـرنت يقوم بجمع كافة املعلومات الخاصة بالشخص باإلضافة ألي بيانات‬
‫موقع املنشأة‬ ‫أخـرى يقوم املستخدم بإضافتها أثناء تصفحه للشبكة ثم يغذى هذا املل‬
‫بكافة بيانات املستخدم والذي من خالله يمكن للشركة أن تـرسل للمستخدم جميع‬
‫العروض التـي تتناسب مع ذوقه أو ميوله سواء البـريد اإللكتـروني أو موقعه على شبكة‬
‫اإلنتـرنت‪)1(.‬‬

‫الفرع الثاني‪ -‬االتجار في البيانات الت صية‬


‫أصبحت البيانات الشخصية لألفراد مجاال للتعامل بيـن الهيئات واملؤسسات التـي‬
‫تقوم بجمعها‪ ،‬حيث تقوم املؤسسات الحائزة للبيانات بتبادلها مع أخـرى‪ ،‬وذلك للوصول‬
‫إلى بيانات متكاملة عن جميع األفراد وتكمن الخطورة هنا في أن الفرد قد يمنح بياناته‬
‫لجهة معينة ملناسبة قيام تلك الجهة بتقديم خدمة للفرد‪ ،‬وعلى ذلك يقوم بإعطائها تلك‬
‫البيانات في حدود الضرورة ويعتقد أن هذه البيانات ال تسمح بـرسم صورة متكاملة عنه‬
‫وهو ال يدرك أن تلك الجهات تقوم بتبادل تلك البيانات لتحقيق التكامل فيما بينها‬
‫واستكمال كافة البيانات من تلك الجهات‪ ،‬ومن ثم تصبح لدى كال من تلك الجهات‬
‫صورة متكاملة عن الشخص وهو ال يدرى‪ .‬ومع تطور استخداماتها أصبح نقل وتداول‬
‫تلك البيانات أكثـر سهولة واستكمالها لتصبح متكاملة بسيطا للغاية‪ ،‬وال يحتاج لتدخل‬
‫بشرى‪ ،‬بل يتم بشكل تلقائي بيـن شبكات املعلومات في تلك الجهات‪ ،‬بل إن األخطر من‬
‫ذلك أن البيانات الشخصية أصبحت مجاال للتجارة وصارت هناك عمليات تجارية‬
‫واسعة النطاق تقوم على االتجار في تلك البيانات وذلك لسهولة جمعها ومعالجتها‬
‫وانخفاض تكلفتها‪ ،‬مما أدى بالعديد من املنشجت التجارية أن تمتهن االتجار في تلك‬

‫– ‪(1) Lee A Bygrave – Data Protection Persuant to the Right to Privacy in Human Rights Treaties‬‬
‫‪International Journal of law & Information Technology,1998, Vol. 6, PP: 247-248.‬‬
‫‪26‬‬
‫حماية البيانات الت صية عبـر اإلنتـرن (التحديات ‪-‬‬

‫السلعة الرائجة والقيمة وهي املعلومات والبيانات الشخصية‪ ،‬بل قد وصل األمر ببعض‬
‫الشركات إلى أن تقوم بسداد ديونها وتصفية حساباتها بينها وبيـن مؤسسات أخـرى من‬
‫الدائنة‪)1(.‬‬ ‫خالل بيع البيانات الشخصية لعمالئها للشركات‬

‫الفرع الثالث‪ -‬تصنيف البيانات الت صية‬


‫لكل‬ ‫البيانات الشخصية من خالل إنشاء مل‬ ‫تقوم املنشجت التجارية بتصني‬
‫عميل يتضمن جميع بياناته الخاصة‪ ،‬ثم إنشاء قواعد للبيانات تتضمن كافة البيانات‬
‫التـي تم جمعها عن كل عميل‪ ،‬وتلك األخيـرة تساعد تلك املؤسسات على "التسويق‬
‫املباشر" حيث تساعد على إنشاء وتصميم عروض دعائية لكل عميل تتناسب مع ميوله‬
‫وذوقه العام‪ ،‬كما تساعدها على اتخاذ القرارات الخاصة بالدعاية بشكل كبيـر تؤدى‬
‫لنجاح املؤسسة في عرض منتجاتها على العمالء بشكل سليم يتوافق مع ميولهم‬
‫ورغباتهم‪ ،‬ومن ثم يلقى قبولهم ويحقق مبيعات مناسبة ويساعد استخدام الكمبيوتـر‬
‫على تصني كميات ضـخمة من البيانات الشخصية التـي تقوم املنشجت التجارية بجمعها‬
‫وتتيح القدرة على تصنيفها وتحليلها والربط بينها واستـرجاعها ومقارنتها‪ ،‬فتلك البيانات‬
‫التـي يتم جمعها في أوقات متفرقة يمكن باستخدام الحاسب اتلي جمعها وتـرتيبها بشكل‬
‫البيانات على تقنيات وبـرامت كمبيوتـر تسمح‬ ‫يحقق االستفادة منها‪ ،‬حيث يعتمد تصني‬
‫كامل عن الشخص يتضمن جميع‬ ‫بتصنيفها وفرزها والربط بينها‪ ،‬فيمكن إنشاء مل‬
‫بياناته دون الحاجة لتدخل إنساني‪ ،‬بل يكفي فقط إدخال البيانات الشخصية في عدة‬
‫مناسبات مختلفة للعديد من األشخاص فيقوم البـرنامت بعملة في تنظيمها ووضعها في‬
‫ملفات خاصة بكل شخص على حدة‪ ،‬وعلى ذلك فعندما يتصل العميل باملؤسسة لشراء‬
‫أحد منتجاتها فال يطلب منه أي بيانات‪ ،‬وذلك ألنها موجودة لدية حيث يتعرف علية من‬
‫رقم هاتفة الذي يتصل منه‪ ،‬بل وفي أغلب األوقات ال تحتاج املؤسسة التجارية إلى‬

‫(‪ )1‬ي ــونس ع ــرب – املخ ــاطر الت ــي ته ــدد الخصوص ــية وخصوص ــية املعلوم ــات ف ــي العص ــر الرقم ــي – دراس ــة‬
‫منشورة على موقع ‪ – 2002 - www.arablaw.org‬ص‪9‬ص‪13‬‬
‫‪27‬‬
‫حمايـ ـ ــة البيانـ ـ ــات الت صـ ـ ــية عب ـ ـ ــر اإلنت ـ ـ ــرن (التحـ ـ ــديات ‪-‬‬

‫البيانات إلى تجمعها‪ ،‬بل هي تكملها مع بيانات أخـري تم جمعها من مؤسسات أخـرى‪ ،‬وهو‬
‫ما يؤدي إلى التعامل في البيانات واالتجار بها واعتبارها سلعة سوقية مطلوبة للغاية‪ ،‬وهو‬
‫الشخصية‪)1(.‬‬ ‫ما يعد انتهاكا جسميا لحق اإلنسان في خصوصية بياناته‬

‫الفرع الرايع‪ -‬فقد البيانات الت صية أو سرقتها‬


‫ملا كان جمع البيانات الشخصية وتصنيفها ومعالجتها قد يعد انتهاكا لحق اإلنسان‬
‫في خصوصية بياناته الشخصية‪ ،‬فإن هذه العمليات تهدد بفقد هذه البيانات أو إمكانية‬
‫الوصول إليها واالستيالء على البيانات التـي تحويها‪ ،‬فالبيانات الشخصية املحفوظة في‬
‫قواعد البيانات بالحاسب اتلي املتصل بشبكة معلومات تصبح هدفا سهال لقراصنة‬
‫املعلومات‪ ،‬حيث يمكنهم الوصول إليها باختـراق قاعدة البيانات التـي تحويها ثم يمكنهم‬
‫بيعها أو القيام بمعالجتها دون إرادة صاحبها وانتهاك حقوقه عليها وهناك العديد من‬
‫األمثلة في هذا الشأن‪ ،‬فقد اعتـرفت إحدى دور النشر بسرقة بيانات آالف املشتـركيـن من‬
‫قاعدة بياناتها‪ ،‬وأعلنت إحدى املؤسسات املالية األمريكية تعرض قواعد بيانات العمالء‬
‫االئتمان‪)2(.‬‬ ‫لديها للقرصنة مما تسبب في سرقة مالييـن أرقام بطاقات‬

‫كما إنه يمكن أن يتم االستيالء على الحاسب اتلي نفسة الذي يحوي البيانات‬
‫عديدة‪)3(.‬‬ ‫الشخصية‪ ،‬واألمثلة على ذلك‬

‫ويضاف إلى ذلك أنه من الجائز أن يتم فقد البيانات من الجهة املالكة لقواعد تلك‬
‫البيانات بسبب خطأ من أحد العامليـن‪ ،‬ومثال على ذلك فقد إدارة الضرائب في إنجلتـرا‬

‫– ‪(1) Lee A Bygrave – Data Protection Persuant to the Right to Privacy in Human Rights Treaties‬‬
‫‪International Journal of Law & Information Technology, 1998, Vol. 6, PP: 247-248.‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬سامح عبد الواحد التهـامي – الحمايـة القانونيـة للبيانـات الشخصـية "دراسـة فـي القـانون الفرنسـ ي"‪-‬‬
‫بحث منشور في مجلة الحقوق – العدد ‪ – 3‬السنة ‪– 35‬ديسمبر ‪ – 2011‬ص ص ‪.409-406‬‬
‫‪(3) Murielle-isabelle Cahen, Instusion Dans un Système De Traitement Automatise de Donnees et‬‬
‫‪Aspiration D'un Site Web : Quells Enjeux Pour Le Droit, Art Disponible Sur www.juriscom.net, la‬‬
‫‪date de mise en ligne est : 6/2/2003‬‬
‫‪28‬‬
‫حماية البيانات الت صية عبـر اإلنتـرن (التحديات ‪-‬‬

‫بيانات خاصة بمالييـن األشخاص‪ ،‬كما فقد "بنك أوف أمريكا" بيانات مالييـن العمالء‪،‬‬
‫وفقدت شركة فرنسية أسطوانة عليها بيانات آالف العمال بها‪ ،‬وعلى ما سبق فإن فقد‬
‫الشخصية‪)1(.‬‬ ‫البيانات يعد أحد املخاطر التـي يمكن أن تتعرض لها البيانات‬

‫املطلب الثالث‪ -‬حقوق الت ل على بيانات‬

‫الفرع األول‪ -‬الحق في االعتـراض‬


‫إذا كان املشرع الفرنس ي لم يحظر تماما معالجة البيانات الشخصية فإنه في مقابل‬
‫ذلك قام بوضع تنظيم قانوني دقيق لحماية أصـحاب هذه البيانات‪ ،‬حيث أعطى لهم‬
‫بعض الحقوق‪ .‬ومن أهم هذه الحقوق االعتـراض‪ ،‬إذ يعد هو الحق الطبيعي لصاحب‬
‫البيانات في مقابل معالجتها‪.‬‬

‫فالحق في االعتـراض على معالجة البيانات الشخصية هو تطبيق لحق الشخص في‬
‫احتـرام حـرياته األساسية فيما يتعلق بمعالجة بياناته‪ ،‬ففي مواجهة التطور الهائل في‬
‫وسائل وطرق معالجة البيانات الشخصية‪ ،‬يعتبـر الحق في االعتراض هو الوسيلة التـي من‬
‫خاللها يستطيع الشخص أن يعلن رفضه ألي إجـراء يتعلق ببياناته الشخصية‪ ،‬فضال عن‬
‫ذلك‪ ،‬فإن وجود هذا الحق يعطي الشخص الثقة واألمان عندما يتم تجميع بياناته‪ ،‬ألنه‬
‫يعلم عندما يفصـح عن بياناته الشخصية أنه في املستقبل سيتمكن من أن يعتـرض على‬
‫أي إجـراء يمس هذه البيانات‪ ،‬وقد وضع املشرع الفرنس ي تنظيما لحق االعتـراض في املادة‬
‫‪ 83‬من قانون حماية البيانات الشخصية الفرنس ي‪.‬‬

‫أوال‪ -‬مضمون الحق في االعتـراض‪ :‬أعطي املشرع الفرنس ي ملن تتم معالجة بياناته‬
‫الحق في االعتـراض علي أي من إجـراءات معالجة البيانات‪ ،‬ويمكن ممارسة الحق في‬
‫االعتـراض على معالجة البيانات في أي وقت‪ ،‬فيمكن أن يتم االعتـراض في مرحلة جمع‬

‫‪(1) Mark Laime, Alones-nous Devoir Vendre Nos Donnees Personnelles? Art Disponible Sur; la date de‬‬
‫‪mise en linge est :24 Oct 2004‬‬
‫‪29‬‬
‫حمايـ ـ ــة البيانـ ـ ــات الت صـ ـ ــية عب ـ ـ ــر اإلنت ـ ـ ــرن (التحـ ـ ــديات ‪-‬‬

‫البيانات الشخصية وذلك بـرفض اإلفصاح عنها‪ ،‬أو يتم في مرحلة الحقه بعد أن يتم‬
‫اإلفصاح عنها‪ ،‬حيث يحق للشخص االعتـراض على أي إجـراء الحق يتم ممارسته على‬
‫هذه البيانات التـي تم اإلفصاح عنها‪ ،‬كأن يـرفض مثال نقلها لجهة أخـرى غيـر التي قامت‬
‫بجمعها‪ ،‬ويجوز للشخص ممارسة الحق في االعتـراض على أي إجـراء من إجـراءات‬
‫املعالجة‪ ،‬حتـى لو سبق له أن عبـر عن قبوله القيام بهذا اإلجـراء‪ ،‬فالقبول املسبق ألي‬
‫إجـراء من إجـراءات املعالجة ال ينتقص من حق الشخص في االعتراض علية بعد ذلك‪.‬‬

‫ولم يشتـرف املشرع شكال معينا ملمارسة الحق في االعتراض‪ ،‬فيجوز أن يتخذ أي‬
‫شكل‪ ،‬ولكن من املهم أن يكون هناك تصرف إيجابـي من قبل َمن تتم معالجة بياناته‬
‫يفيد اعتراضه على معالجة البيانات بشكل معيـن حتـى يعتبـر حق االعتـراض قد تم‬
‫التعبيـر عنه‪ ،‬فمجـرد السكوت ال يفيد االعتراض على معالجة البيانات‪ ،‬فيعتبـر ممارسه‬
‫للحق في االعتراض رفض اإلجابة عمن يطلب البيانات الشخصية أو اإلفصاح عنها مع‬
‫اشتراف عدم معالجة هذه البيانات بشكل معيـن كعدم إفشائها للغيـر‪ ،‬وكذلك طلب‬
‫التوق عن أي إجـراء متعلق بالبيانات في أية مرحلة الحقه‪.‬‬

‫ويـرى أحد الفقهاء أن هدف املشرع من اشتراف وجودة هو التقييد من استعمال‬


‫الحق في االعتراض حتـى ال يتم التوسع في استعماله ولكن أي مساس بالحياة الخاصة ملن‬
‫تخصه البيانات يعتبـر مبـررا مشروعا لالعتراض على معالجة هذه البيانات‪ ،‬فإذا كانت‬
‫البيانات الشخصية التـي يتم معالجتها تعتبـر من عناصر الحياة الخاصة‪ ،‬فإن معالجتها‬
‫تعتبـر مبـررا مشروعا لالعتراض على املعالجة‪ ،‬أما إذا لم تكن هذه البيانات من عناصر‬
‫الحياة الخاصة فإن معالجتها ال تعتبـر مبـررا مشروعا لالعتراض على املعالجة ألنها هنا ال‬
‫البيانات‪)1(.‬‬ ‫تمس الحياة الخاصة ملن تخصه‬

‫(‪ (1‬د‪/‬ع ـ ــايض راش ـ ــد امل ـ ــري–الخصوص ـ ــية وحماي ـ ــة البيان ـ ــات – بح ـ ــث منش ـ ــور عل ـ ــى املوق ـ ــع االلكترون ـ ــي‪:‬‬
‫‪http://www.dralmarri.com/show.asp?field=res_a&id=199‬‬
‫‪30‬‬
‫حماية البيانات الت صية عبـر اإلنتـرن (التحديات ‪-‬‬

‫وقد ّأيدت محكمة النقض الفرنسية هذا االتجاه حيث أكدت أن مجـرد حماية‬
‫الحياة الخاصة للفرد هو مبـرر مشروع لالعتراض على معالجة البيانات الشخصية له‪،‬‬
‫وقد أورد املشرع حالتيـن ال يشتـرف فيهما أن يكون هناك مبـرر مشروع لالعتراض على‬
‫املعالجة‪ ،‬فيجوز فيهما االعتـراض على املعالجة دون إبداء أي أسباب‪ ،‬وهما‪:‬‬
‫‪ -1‬إذا كـ ــان اله ـ ــدف م ـ ــن معالج ـ ــة البيان ـ ــات الشخصـ ــية ه ـ ــو ممارس ـ ــة الدعاي ـ ــة التجاري ـ ــة‬
‫للشـخص الذي تتم معالجة بياناتـه‪ ،‬ففـي هـذه الحالـة يكـون مـن حـق مـن يـتم معالجـة‬
‫بياناتـ ــه االعتـ ـ ـراض علـ ــى ذلـ ــك‪ ،‬ألن الدعاي ـ ــة التجاريـ ــة عـ ــن طريـ ــق معالجـ ــة البيان ـ ــات‬
‫الشخصية هو مبـرر مشروع في االعتراض على املعالجة‪.‬‬
‫‪ -2‬فـ ــي حالـ ــة معالجـ ــة البيانـ ــات الشخصـ ــية فـ ــي مجـ ــال البحـ ــث العلمـ ــي الطبـ ــي‪ ،‬فمعالجـ ــة‬
‫البيانــات الشخصــية الخاصــة بالحالــة الص ـحية ألي مــريض بهــدف إج ــراء بحــث علمــي‬
‫طبــي فيـه خطـر كبيــر علـى الحيـاة الخاصـة لـه‪ ،‬وذلـك ألنهـا تتنـاول كـل مـا يتعلـق بحالتـه‬
‫الص ــحية وهــو مب ــرر مشــروع بحــد ذاتــه لالعت ـراض عليهــا‪ ،‬كمــا إن هنــاك ارتبــاف وثيــق‬
‫بي ـ ــن حـ ــق الش ـ ــخص ف ـ ـي االعتـ ـ ـراض عل ـ ــى معالجـ ــة بياناتـ ــه والتـ ـ ـزام القـ ــائم باملعالج ـ ــة‬
‫فعال ــه دون أن يعل ــم‬ ‫بإعالم ــه‪ ،‬حي ــث ال يمك ــن ممارس ــة الح ــق ف ــي االعت ـ ـراض بص ــوره ّ‬
‫الشــخص بكــل إجــراء يــتم ممارســته علــى بياناتــه الشخصــية وماهيــة هــذا اإلجــراء‪ ،‬كمــا‬
‫يج ــب عل ــى الق ــائم باملعالج ــة أن يخبـ ــر الش ـ ـخص بوج ــود ح ــق ل ــه ف ــي االعت ـ ـراض عل ــى‬
‫إجـ ــراءات املعالج ــة‪ ،‬وتطبيقـ ـا ل ــذلك اعتبـ ــرت املحكم ــة االبتدائيـ ـة الكبـ ــرى بب ــاريس أن‬
‫إرس ــال رس ــائل إلكت ــرونيه لش ــخص عل ــى ال ــرغم م ــن اعتراض ــه عل ــى ذل ــك يعتب ــر انتهاك ـا‬
‫لحقـ ــه فـ ــي االعت ـ ـراض علـ ــى معالجـ ــة بياناتـ ــه الشخصـ ــية‪ ،‬وأيـ ــدت عقـ ــاب مرسـ ــل ه ـ ـذه‬
‫الرسـ ـ ــائل جنائي ـ ـ ـا‪ ،‬كمـ ـ ــا أكـ ـ ــدت محكمـ ـ ــة الـ ـ ــنقص الفرنسـ ـ ــية أن معالجـ ـ ــة البيانـ ـ ــات‬
‫الشخص ـ ــية أم ـ ــر غي ـ ــر مش ـ ــروع‪ ،‬فق ـ ــد اعتب ـ ــرت املحكم ـ ــة أن تجمي ـ ــع عناوي ـ ــن الب ـ ــريد‬
‫اإللكتـروني لألفراد يعتبـر غيـر مشروع‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫حمايـ ـ ــة البيانـ ـ ــات الت صـ ـ ــية عب ـ ـ ــر اإلنت ـ ـ ــرن (التحـ ـ ــديات ‪-‬‬
‫ا‬
‫ثانيا‪ -‬االستثناءات على الحق في االعتـراض‪:‬‬
‫ا‬
‫الحالة األولي‪ -‬إذا لان معالجة البيانات الت صية تنفيذا اللتـزام قانوني‬
‫فإذا كان من يقوم بمعالجة البيانات يقوم بذلك تنفيذا اللتـزام مصدره القانون‪،‬‬
‫فإن صاحبها ال يحق له أن يعتـرض على معالجتها‪.‬‬

‫الحالة الثانية‪ -‬التنازل املسبق عن حق االعتراض‬


‫ّ َ‬
‫مقدما فإن هذا‬ ‫إذا تنازل الشخص عن حقه في االعتراض على معالجة البيانات‬
‫التنازل يكون صـحيحا بشرف أن يـرد في شرف صريح بعقد ينظم معالجة البيانات بيـن‬
‫الشخص والجهة التـي تقوم بها‪.‬‬
‫(‪)1‬‬

‫الفرع الثاني‪ -‬الحق في االطالع على البيانات‬


‫ا‬
‫أوال‪ -‬مضمون الحق في االطالع على البيانات الت صية‬
‫وفقأ للمادة ‪ 1-1/39‬من قانون حماية البيانات الشخصية الفرنس ي‪ ،‬فإن كل‬
‫شخص طبيعي له الحق في أن يوجه تساؤالت للقائم بمعالجة البيانات بهدف الحصول‬
‫على املعلومات اتتية‪:‬‬
‫‪ -1‬التأكد معا إذا كانت هناك بيانات شخصية خاصة به تخضع للمعالجة أم ال‪.‬‬
‫‪ -2‬الغاية من املعالجة التـي تتم لبياناته الشخصية وأنواع البيانات التـي يتم معالجتها‪.‬‬
‫‪ -3‬إذا مــا كــان يــتم نقــل البيانــات الشخصــية الخاصــة بــه لدولــة ليســت عضــو فــي االتحــاد‬
‫األوروبي‪ ،‬وما هذه الدولة‪.‬‬
‫‪ -4‬إذا ما كان يتم عمل اتصـال بيــن بياناتـه لـدى معـالج البيانـات وبيانـات خاصـه بـه لـدى‬
‫معالج بيانات آخـر وما مصدر تلك البيانات األخـرى‪.‬‬
‫‪ -5‬دوافع املعالجة األوتوماتيكية للبيانات إن وجدت‪.‬‬

‫‪(1) Steven S.McCarty-Snead, Anne Titus Hilby – Research GUIDE to European Protection Law – Berke-‬‬
‫‪ley Law Scholarship Repository – Legal Research Series – pp: 5-7‬‬
‫‪32‬‬
‫حماية البيانات الت صية عبـر اإلنتـرن (التحديات ‪-‬‬
‫ومن ثم فالحق في االطالع هو امتداد اللتـزام معالج البيانات بإعالم من ّ‬
‫تم معالجة‬
‫بياناته حيث يتحقق من الت امه باملعالجة وفقا للضوابط التـي وضعها القانون‪.‬‬

‫ا‬
‫ثانيا‪ -‬إجـراءات االطالع على البيانات الت صية‬
‫القاعدة العامة أن من تخصه البيانات الشخصية يمارس االطالع عليها بنفسه في‬
‫مواجهة معالج البيانات‪ ،‬إال أنه في بعض الحاالت ال يستطيع أن يطلع عليها بنفسه بل‬
‫يكون هناك وسيط بينه وبيـن معالج البيانات ومن ثم‪ ،‬فهناك اطالع مباشر علي البيانات‬
‫الشخصية واطالع غيـر مباشر أما إذا كانت معالجة البيانات الشخصية تقوم بها جهة‬
‫تتحـرى عن الجـرائم أو تمنعها‪ ،‬أو جهة تقوم بتحديد ضريبه وتحصيلها‪ ،‬فإن االطالع على‬
‫البيانات الشخصية يكون عن طريق طلب يقدم إلى اللجنة القومية للحـريات‪ ،‬التـي تقوم‬
‫بندب أحد أعضاءها لالطالع على البيانات‪ ،‬ويتم للرد على الطالب بأنه تم االطالع على‬
‫مقيده بالضوابط القانونية‪ .‬ويالحظ أن املشرع جعل‬ ‫البيانات‪ ،‬وأن عملية املعالجة ّ‬
‫ممارسة حق االطالع في الحالتيـن السابقتيـن بطريقه غيـر مباشرة وذلك ألن االطالع عليها‬
‫عن طريق الشخص بنفسه قد يؤدي إلى اطالعه على معلومات خاصة بأمن الدولة أو‬
‫بالتحـري عن الجـرائم أو بالنظام لضريبي‪ ،‬وهي من املعلومات السرية التـي ال يجوز االطالع‬
‫عليها‪ .‬أما فيما يتصل باالطالع على البيانات الصـحية يجوز ملن تخصه هذه البيانات أن‬
‫ّ‬
‫يطلع عليها بنفسه أو يفوض في ذلك طبيبا مختصا يقوم باالطالع عليها‪ ،‬ويجب على‬
‫الطبيب أن يحافظ على سرية هذه البيانات التـي اطلع عليها وفقا لنص املادة ‪7-1111‬‬
‫من قانون الصحة العامة‪ ،‬حيث تفرض على كل من يعمل في املجال الطبـي االلتـزام‬
‫ى‪)1(.‬‬ ‫بالحفاة على سرية البيانات الصحية للمرض‬

‫والض ــبط – املنش ــورات‬ ‫(‪ (1‬من ــي األش ــقر جب ــور ‪ ،‬محم ــود جب ــور – الق ــانون واالنترن ــت – تح ــدي التكيي ـ‬
‫الحقوقية – صادر –بيروت‪ – 2008 -‬ص‪39‬ص‪43‬‬
‫‪33‬‬
‫حمايـ ـ ــة البيانـ ـ ــات الت صـ ـ ــية عب ـ ـ ــر اإلنت ـ ـ ــرن (التحـ ـ ــديات ‪-‬‬

‫الفرع الثالث‪ -‬الحق في التعديل أو اإلللاء‬


‫ا‬
‫أوال‪ -‬مضمون الحق في التعديل أو اإلللاء‬
‫هذا الحق ال يثبت للشخص إال إذا كانت البيانات التـي تم معالجتها من قبل معالج‬
‫البيانات غيـر دقيقه أو غيـر مكتملة أو غامضه أو تم تجميعها أو استخدامها أو حفظها أو‬
‫تبليغها بطريق غيـر مشروعه‪ ،‬وباإلضافة إلى ذلك‪ ،‬فإنه يجب على من تخصه البيانات أن‬
‫يثبت هويته ملعالج البيانات حتـى يجيبه على طلبه بتعديل البيانات أو إلغائها‪ .‬ويكون من‬
‫حق من تخصه البيانات االطالع عليها بعد تعديلها أو إلغائها للتأكد من أنها قد تم‬
‫تعديلها بصوره صـحيحة أو أنها قد تم إلغاؤها‪ .‬وفي أغلب األحيان يقوم معالج البيانات‬
‫بإعطاء نسخة من البيانات ملن تخصه هذه البيانات بعد تعديلها وذلك لالطالع عليها‬
‫واالطمئنان لصـحة للتعديل‪ ،‬والحق في تعديل البيانات أو الغائها هو حق يمكن ممارسته‬
‫في أي وقت‪ ،‬ما دامت توافرت حالة من الحاالت التـي نص عليها القانون‪ .‬ومن ثم يمكن‬
‫القول إن القائم باملعالجة عليه االلتـزام بتصحيح البيانات وتحديثها دائما‪ ،‬ولم يحدد‬
‫القانون وقتا معينا يجب فيه على معالج البيانات أن يجيب من تخصه البيانات لطلبه‪،‬‬
‫إال أنه يمكن القول إن معالج البيانات يجب أن يقوم بذلك دون تأخيـر في خالل مدة‬
‫معقولة‪.‬‬
‫ا‬
‫ثانيا‪ -‬التنازع بيـن معالج البيانات ومن تخص البيانات‬
‫إذا حدث نزاع بين معالج البيانات ومن تخصه هذه البيانات حول مدى قيام معالج‬
‫البيانات بتعديل البيانات أو إلغائها‪ .‬فإن املشرع قد ألقى على عاتق معالج البيانات‬
‫االلتـزام بإثبات قيامه بتعديلها أو إلغائها‪ ،‬أي أنه ال يقع على عاتق من تخصه البيانات‬
‫إثبات عدم قيام معالجها بذلك‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫حماية البيانات الت صية عبـر اإلنتـرن (التحديات ‪-‬‬

‫إال أنه قد يحدث نزاع مبدئي عند طلب الشخص تعديل بياناته أو إلغائها‪ ،‬حيث قد‬
‫يدعي معالج البيانات أنها صـحيحة ومكتملة‪ ،‬وأن شرف ممارسة الحق غيـر متوافر فعلى‬
‫من يقع عبء اإلثبات؟ يتم التفرقة هنا بيـن حالتيـن‪:‬‬
‫‪ ‬الحالــة األولــى‪ :‬إذا كــان معــالج البيانــات قــد حصــل علــى هــذه البيانــات الشخصــية‬
‫دون موافقة صريحة ممن تخصه‪ ،‬فهنا يقع على عاتق معـالج البيانـات إثبـات أنهـا‬
‫صـحيحة ودقيقة‪.‬‬
‫‪ ‬الحالة الثانية‪ :‬إذا كان معالج البيانات قـد جمعهـا بنـاء علـى موافقـة صـريحة ممـن‬
‫تخصه‪ ،‬فهنا يقع على عاتق من تخصه هذه البيانات أن يثبت عدم دقتها‪.‬‬
‫ا‬
‫ثالثا‪ -‬ابالغ بيانات غيـر دقيقة للليـر‬
‫إذا كان معالج البيانات قد قام بنقل البيانات الشخصية للغيـر‪ .‬ثم قام بتعديلها أو‬
‫تحديثها بناء على طلب صاحبها‪ ،‬فإنه يجب على معالج البيانات أن يقوم بإبالغ من تم‬
‫نقل البيانات إليه بكل التعديالت التـي تمت‪ ،‬وإذا تم الغاؤها‪ ،‬فإنه يجب على معالج‬
‫البيانات أن يتخذ كل اإلجـراءات الضرورية إللغائها لدى من تم نقلها إليه‪.‬‬
‫ر ا‬
‫ايعا‪ -‬االستثناء على الحق في التعديل أو اإلللاء‬
‫هناك استثناء وحيد على الحق في التعديل أو اإللغاء‪ ،‬إذا كان من يقوم بمعالجتها‬
‫يقوم بذلك في إطار ممارسته ملهنة الصـحافة بشرف احترامه للقواعد املهنية للصـحافة‪،‬‬
‫أو أدبي‪)1(.‬‬ ‫أو بغرض القيام بعمل فني‬

‫(‪ (1‬ســامح عبــد الواحــد التهــامي – الحمايــة القانونيــة للبيانــات الشخصــية "دراســة فــي القــانون الفرنس ـ ي"‪-‬‬
‫مجلة الحقوق – العدد ‪ – 3‬السنة ‪– 35‬ديسمبر ‪ – 2011‬ص‪420‬ص‪426‬‬
‫‪35‬‬
‫حمايـ ـ ــة البيانـ ـ ــات الت صـ ـ ــية عب ـ ـ ــر اإلنت ـ ـ ــرن (التحـ ـ ــديات ‪-‬‬

‫المبحث الثاني‪ -‬جهود وجوانب الحماية الدولية للبيانات الت صية‬


‫املطلب األول‪ -‬الحماية الدولية واإلقليمية للبيانات الت صية‬
‫الفرع األول‪ -‬األنماط والنماذج التشريعية في مجال حماية البيانات الت صية‬
‫هناك ثالثة نماذج تشريعية لحماية البيانات الشخصية في بيئة اإلنتـرنت‪ ،‬وهذه‬
‫التدبيـرات تعتمد في تطبيقاتها على ما إذا كان منطلق النظام القانوني متضمنا االعتـراف‬
‫بالحماية القانونية معتمدا على إباحة كل ما يدخل في نطاق الحق‪ ،‬أو باستخدام وسيلة‬
‫مواجهة األنشطة التـي تمثل اعتداء على خصوصية البيانات الشخصية‪ ،‬وفي كثيـر من‬
‫الدول يستخدم االتجاهيـن معا‪ ،‬وبالنسبة للدول التـي توفر حماية فاعلة لخصوصية‬
‫البيانات الشخصية فإنها قد تستخدم نموذجا أو أكثـر لضمان تلك الحماية وتتلخص في‪:‬‬
‫‪ -1‬القوانيــن الشــاملة ‪ :Comprehensive Laws‬فــي العديـد مــن دول العــالم ثمــة قوانيــن‬
‫عامــة تحكــم عمليــات جمــع وإدارة ومعالجــة البيانــات الشخصــية فــي القطاعي ــن العــام‬
‫والخــاص‪ ،‬مــع وجــود جهــة لضــمان التــواؤم مــع القــانون وتطبيقهــا‪ ،‬وهــذا هــو النمــوذج‬
‫الشــائع فــي الــدول الت ــي تتبن ـى قواني ــن حمايــة البيانــات كمــا فــي دول االتحــاد األوروبــي‪،‬‬
‫وهــي الــدول املتعي ــن عليهــا التوافــق مــع "دليــل حمايــة البيانــات االرشــادي" الصــادر عــن‬
‫االتحــاد األوروبــي‪ ،‬وقــد تــم وضــع العديــد مــن القواني ــن علــى هــذا الــنمط فــي دول خــارج‬
‫االتحــاد األوروب ــي مثــل كنــدا واست ــراليا‪ .‬وتســمى أيضــا هــذه القواني ــن أو توص ـ أحيان ـا‬
‫بأنها ‪Co-regulatory Model.‬‬
‫‪ -2‬القوانيــن القطاعيــة امل صصــة ‪ :Sectoral Laws‬وهــي التــي تتعلــق بقطــاع معيــن‪ ،‬إذ‬
‫أن بعــض الــدول‪ ،‬كمــا هــو الحــال فــي الواليــات املتحــدة األمريكيــة‪ ،‬تجنبــت ســن تشــريع‬
‫ع ــام لحماي ــة البيان ــات الشخص ــية‪ ،‬وفض ــلت إص ــدار قوانيـ ــن معين ــة تحك ــم قطاع ــات‬
‫بعينهــا‪ ،‬كمــا ه ــو الحــال بســجالت تأجي ــر الفيــديو‪ ،‬والخصوصــية املالي ــة‪ ،‬وغي ــرها‪ ،‬وف ــي‬
‫مث ــل ه ــذه الحال ــة فـ ـإن إنف ــاذ القواع ــد القانوني ــة يتحق ــق م ــن خ ــالل آلي ــات مختلف ــة‪،‬‬

‫‪36‬‬
‫حماية البيانات الت صية عبـر اإلنتـرن (التحديات ‪-‬‬

‫ولــيس كمــا هــو الحــال بالنســبة للقــانون الشــامل الت ــي ينش ـ ج جهــة رقابــة عامــة‪ .‬ويؤخــذ‬
‫على هذا النموذج أنه يتطلـب أن تسـن تشـريعات جديـدة كلمـا نشـأت تقنيـات جديـدة‪،‬‬
‫ولهــذا فــإن الحمايــة تظ ـل متخلفــة عــن تقنيــات االعتــداء‪ ،‬مثــال ذلــك الــنقص فــي حقــل‬
‫حماي ــة البيان ــات املتعلق ــة بالجين ــات مـ ــثال‪ ،‬حي ــث ال ي ــتم حمايته ــا بموج ــب تشـ ــريعات‬
‫الخصوص ــية‪ ،‬إض ــافة إل ــى مش ــكلة ع ــدم وج ــود جه ــة حكومي ــة مش ــرفة‪ .‬وف ــي كثيـ ــر م ــن‬
‫الدول فإن القوانيـن القطاعيـة تسـتخدم كقوانيــن مكملـة للتشـريع العـام بمـا تتضـمنه‬
‫مــن تفاصــيل إضــافية فــي حقــل الحمايــة لطوائ ـ معينــة مــن املعلومــات‪ ،‬كاالتصــاالت‬
‫وس ــجالت الش ــرطة وبيان ــات االقتـ ــراض للعم ــالء وتش ــريعات الخصوص ــية املص ــرفية أو‬
‫أو غيـرها‪)1(.‬‬ ‫الخصوصية املهنية كما في حقل املحاماة‬
‫‪ -3‬التنظــيل الذات ــي ‪Y :SELF - regulation‬ن موضــوع التنظــيم الذات ــي للتشــريعات هــو‬
‫النق ــيض مل ــا يع ــرف بالت ــدخل التش ــريعي لتنظ ــيم موض ــوعات تقني ــة املعلوم ــات‪ ،‬ولك ــل‬
‫اتجــاه مؤيــدوه ومعارضــوه‪ ،‬إيجابياتــه وســلبياته‪ ،‬وبــالعموم يمكننــا القــول إن النمــوذج‬
‫األمريكي للتعامل مع تقنيـة املعلومـات دعـا إلـى مزيـد مـن تبن ـي فكـرة التنظـيم الذاتــي فـي‬
‫حق ـ ــول التج ـ ــارة اإللكتـ ـ ــرونية ومعاييـ ـ ــر الخ ـ ــدمات التقني ـ ــة وحماي ـ ــة البيان ـ ــات وأم ـ ــن‬
‫املعلوم ــات وغي ــرها‪ ،‬أم ــا االتح ــاد األوروب ــي‪ ،‬فإن ــه يتج ــه نح ــو التنظ ــيم الحك ــومي أكث ــر‪،‬‬
‫لهذا نجد أن منظماتـه قـد اتجهـت دائمـا إلـى توجيـه دول األعضـاء إلـى إصـدار تشـريعات‬
‫ت ــتالءم م ــع القواع ــد املق ــررة ف ــي االدل ــة االرش ــادية والتوجيهي ــة الص ــادرة ع ــن منظمات ــه‬
‫كمجلــس أوروبــا واللجنــة األوروبيـة واالتحــاد األوروبــي‪ ،‬بــل اتجــه إلــى التنظــيم التشــريعي‬
‫الش ــامل عبـ ــر قوانيـ ــن البـ ــرملان األوروب ــي‪ ،‬بينم ــا يتج ــه رأي ثال ــث إل ــى تـ ــرك العدي ــد م ــن‬
‫املسـ ـائل للتنظ ــيم الذاتـ ــي للس ــوق وجه ــات الص ــناعة واإلنت ــاج‪ ،‬لكنه ــا ف ــي الوق ــت ذات ــه‬
‫تتــدخل لتنظــيم مســائل أخ ــرى‪ ،‬وذلــك وفق ـا لظــروف كــل دولــة وتبعــا للموضــوع محــل‬

‫والض ــبط – املنش ــورات‬ ‫(‪ )1‬من ــي األش ــقر جب ــور ‪ ،‬محم ــود جب ــور – الق ــانون واالنترن ــت – تح ــدي التكيي ـ‬
‫الحقوقية – صادر –بيروت‪ – 2008 -‬ص‪39‬ص‪43‬‬
‫‪37‬‬
‫حمايـ ـ ــة البيانـ ـ ــات الت صـ ـ ــية عب ـ ـ ــر اإلنت ـ ـ ــرن (التحـ ـ ــديات ‪-‬‬

‫التنظـ ــيم واالست ـ ــراتيجية الوطنيـ ــة بشـ ــأنه‪ ،‬فالواليـ ــات املتحـ ــدة األمريكيـ ــة مـ ــثال تت ـ ــرك‬
‫مسألة املعاييـر واملواصفات التقنية للتنظيم الذاتـي للسوق‪ ،‬فإن هذا األمـر مبــرر نظـرا‬
‫لوجــود قواع ــد واض ــحة فــي مج ــال من ــع التنــافس غي ــر املش ــروع ومنــع االحتك ــار وحماي ــة‬
‫وإيهـام الجمهـور‪ ،‬فـي حيــن أن دوال ناميـة أو حتــى متقدمــة‬ ‫املسـتهلك وقواعـد منـع الغـ‬
‫ال يت ــوفر له ــا مث ــل ه ــذا التنظ ــيم‪ ،‬ال يك ــون قراره ــا بتـ ــرك تنظ ــيم املعاييـ ــر للس ــوق‪ ،‬ب ــل‬
‫يتعي ــن التــدخل مــن أجــل حمايــة املســتهلك وضــمان ســالمة الخــدمات التقنيــة املوجهــة‬
‫اليه‪.‬‬

‫وحماية البيانات يمكن أن تتحقق من خالل أشكال عديدة للتنظيم الذاتـي التـي‬
‫يمكن من خاللها للشركات الصناعية والتجارية تأسيس نظام خاص للممارسة وللمعاييـر‬
‫يعد سياسة ذاتية لها جميعا‪ ،‬ففي الواليات املتحدة مثال‪ ،‬فشلت كثيـر من جهود التنظيم‬
‫الذاتي‪ ،‬ربما بسبب تأثـر أهداف التنظيم الذاتـي باملصالح الخاصة‪ ،‬إلى جانب مشكلة‬
‫التواؤم مع هذه السياسات وتنفيذها في مختل الحقول‪.‬‬

‫التشريعات الوطنية قواعد تحمي السرية (األطباء‪،‬‬ ‫وبشكل عام يوجد في مختل‬
‫العامة‪ ،‬التشريعات العسكرية) أما بالنسبة لقوانيـن حماية البيانات‬ ‫املحاميـن‪ ،‬الوظائ‬
‫التـي نجمت عن استخدام الكمبيوتـر‪ ،‬فإنها تتضمن نصوصا جنائية تتعلق بتخـزيـن‬
‫البيانات بصورة إلكتـرونية‪ ،‬وقد تطورت في األعوام األخيـرة لتشمل عمليات الجمع‬
‫اليدوي للبيانات‪ ،‬وتتكامل هذه التشريعات وتكمل بالقواعد املقررة في قوانيـن حماية‬
‫البيانات في القطاعات الخاصة‪ ،‬وبالتالي فإن حماية البيانات الشخصية تجد قواعدها في‬
‫قوانيـن حماية البيانات وفي تشريعات حماية البيانات في القطاعات الخاصة‪ ،‬وكذلك في‬
‫القواعد العامة املقررة لحماية البيانات في القوانيـن العامة‪ .‬وكأثـر للتطور التاريخـي‬

‫‪38‬‬
‫حماية البيانات الت صية عبـر اإلنتـرن (التحديات ‪-‬‬

‫للحماية فإن هناك تباينا واسعا بيـن النظم الوطنية بشأن الحماية الجنائية ألنشطة‬
‫االنتهاكات‪)1(.‬‬ ‫جمع املعلومات وتباينا بشأن تحديد‬

‫الفرع الثاني‪ -‬اللرض من تبني تشريعات شاملة لحماية البيانات الت صية‬
‫هناك ثالثة أسباب للتوجه نحو اعتماد نموذج التشريع الشامل للخصوصية‬
‫وحماية البيانات‪ ،‬والدول بشكل عام شرعت هذه القوانيـن لسبب أو أكثـر من بيـن هذه‬
‫األسباب الثالث‪:‬‬
‫‪ -1‬تج ــاوز ومعالج ــة االنتهاك ــات الس ــابقة‪ ،‬فالكثيـ ــر م ــن ال ــدول وتحدي ــدا ف ــي وس ــط أوروب ــا‬
‫وأمريكــا الجنوبيــة وجنــوب إفريقيــا تبنــت مثــل هــذه القوانيــن ملعالجــة االعتــداءات الت ــي‬
‫مارس ــتها الس ــلطات الس ــابقة عل ــى الح ــق ف ــي الخصوص ــية ض ــمن واق ــع غي ــاب احتـ ــرام‬
‫حقوق اإلنسان عموما‪.‬‬
‫‪ -2‬تشجيع التجـارة اإللكتــرونية وتنظيمهـا‪ ،‬فالكثيــر مـن الـدول‪ ،‬وخاصـة فـي أسـيا‪ ،‬وضـعت‬
‫مثل هذه القوانيـن بغرض تشجيع التجارة اإللكتـرونية منطلقة من أن املستهلكيـن لـن‬
‫يقــدموا علــى التجــارة اإللكت ــرونية فــي ظــل خشــيتهم علــى بيانــاتهم الخاصــة‪ ،‬وقــد ســنت‬
‫تش ـ ــريعات الخصوص ـ ــية كجـ ـ ــزء م ـ ــن حـ ـ ــزمة تش ـ ــريعات ته ـ ــدف إل ـ ــى تس ـ ــهيل التج ـ ــارة‬
‫اإللكتـرونية من خالل مجموعة قواعد موحدة‪.‬‬
‫‪ -3‬التأكــد مــن أن القوانيــن تــتالءم مــع املعاييــر األوروبيـة‪ ،‬فغالبيــة الــدول فــي وســط وشــرق‬
‫أوروب ــا تبن ــت قواني ــن الخصوص ــية مس ــتندة إل ــى اتفاقي ــة مجل ــس أوروب ــا ودلي ــل حماي ــة‬
‫البيانـ ــات الـ ــذي أقـ ــره االتحـ ــاد األوروبـ ــي‪ ،‬إذ أن أغلـ ــب هـ ــذه الـ ــدول ت ـ ــرغم باالنضـ ــمام‬
‫لالتحاد األوروبـي في املسـتقبل‪ ،‬وتعلـم أن ذلـك يتطلـب االنسـجام مـع مـا يقـرره االتحـاد‬
‫والبـرملان األوروبييـن من قوانيـن‪ ،‬وكذلك فإن عددا مـن الـدول خـارج أوروبـا تبنـت مثـل‬
‫ه ــذه القوانيـ ــن ألن املعايي ــر األوروبيـ ـة تمن ــع تب ــادل البيان ــات خ ــارج الح ــدود م ــع دول ال‬

‫‪(1) Privacy Enhancing Technologies - the Path to Anonymity, TNO/FEL (the Dutch National Research‬‬
‫‪Centre) and the Information and Privacy Commission of Ontario, Canadam, August 1995‬‬
‫‪39‬‬
‫حمايـ ـ ــة البيانـ ـ ــات الت صـ ـ ــية عب ـ ـ ــر اإلنت ـ ـ ــرن (التحـ ـ ــديات ‪-‬‬
‫تحمـ ــي الخصوصـ ــية‪ ،‬أو لرغبـ ــة بع ـ ـض الـ ــدول الت ـ ــي لهـ ــا مصـ ــالح مباشـ ــرة مـ ــع ال ـ ــدول‬
‫األوروبي ـة لالنســجام مــع األنظمــة القانونيــة األوروبي ـة‪ ،‬كمــا هــو الحــال بالنســبة لكن ــدا‬
‫واستـراليا‪)1(.‬‬

‫املطلب الثاني‪ -‬التجارب الدولية في حماية البيانات الت صية‬


‫الفرع األول‪ -‬أطر حماية البيانات الت صية في دول االتحاد األوروبي‬
‫سن االتحاد األوروبـي في عامي ‪ 1995‬و‪ 1997‬دليليـن إرشادييـن من أجل تحقيق‬
‫االنسجام والتناسق بيـن قواعد حماية الخصوصية في دول االتحاد األوروبي‪ ،‬ولتوفيـر‬
‫مستوى معيـن بالنسبة لحماية املواطنيـن األوروبييـن والسماح بالتدفق الحـر للبيانات‬
‫الشخصية داخل نطاق االتحاد األوروبي‪.‬‬

‫فقط‬ ‫وقد قرر هذان الدليالن مستوى معيـن لحماية البيانات الشخصية ال يق‬
‫عند حد حماية البيانات وفق مفاهيم القوانيـن القائمة حاليا‪ ،‬ولكن يتجاوزه إلى تأسيس‬
‫ذاته‪)2(.‬‬ ‫مزيد من الحقوق وتوسيع نطاق الحق‬

‫فبالنسبة إلى دليل حماية البيانات لعام ‪ ،1995‬فقد اهتم بمسألة ارشاد القوانيـن‬
‫الوطنية لتنظيم معالجة البيانات الشخصية‪ ،‬أما دليل االتصاالت لعام ‪ ،1997‬فقد‬
‫املحمول وغيـرها من نظم‬ ‫والتلفزيون الرقمي وشبكات الهات‬ ‫وضع حماية خاصة للهات‬
‫االتصاالت‪ ،‬وكل دول االتحاد األوروبـي يتعيـن عليها أن تسن تشريعات تـراعي املبادئ‬
‫املنصوص عليها في هذا الدليل واملتمثلة فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬الحق في معرفة مكان معالجة البيانات‪.‬‬
‫‪ -2‬الحق في الوصول إلى هذه البيانات وتصحيحها‪.‬‬

‫‪(1) Privacy Enhancing Technologies - the Path to Anonymity, TNO/FEL (the Dutch national research‬‬
‫‪centre) and the Information and Privacy Commission of Ontario, Canadam, August 1995‬‬
‫(‪ )2‬وسائل الحد األدنى لحماية الخصوصية على الخط ‪http://www.cdt.org/privacy/guide/start/privpolicy.html‬‬
‫‪40‬‬
‫حماية البيانات الت صية عبـر اإلنتـرن (التحديات ‪-‬‬

‫‪ -3‬الحق في الدفاع والحماية من أنشطة املعالجة غيـر القانونية‪.‬‬


‫‪ -4‬الحق في الحصول على إذن الستخدام البيانات في بعض الظروف واألغراض‪.‬‬

‫ويتضمن دليل حماية البيانات األوروبـي لعام ‪ ،1995‬حماية فاعلة ضد استخدام‬


‫البيانات الشخصية الحساسة‪ ،‬كالبيانات املتعلقة بالصـحة واألمور املالية للشخص‪،‬‬
‫وتلتـزم الجهات التجارية والحكومية لدى استخدامها هذه البيانات بالتقيد بقواعد‬
‫استخدامها‪ ،‬وبما قرره الدليل للشخص من حقوق عليها‪ ،‬ذلك أن جوهر مفه ــوم حماية‬
‫البيانات في النموذج األوروبـي هو (فعالية تطبيق قواعد الحماية ‪ -‬التنفيذ) فاالتحاد‬
‫األوروبـي يهتم بكيفية ضمان توفيـر الحماية وإنفاذ مبادئها‪ ،‬ومرد ذلك هو املشكالت التـي‬
‫ظهرت جـراء قدرة الجهات الخاصة والحكومية على الوصول للبيانات‪ ،‬من هنا تطلب‬
‫التوجيه األوروبـي وجود جهة رقابة أو إشراف تكفل تنفيذ القانون‪ ،‬وتعرف في بعض‬
‫الدول باملفوض وفي أخـرى باملراقب وفي ثالثة بمسجل البيانات‪.‬‬

‫ويفرض الدليل على الدول األعضاء التـزامات بشأن التأكد من أن البيانات‬


‫الشخصية التـي تـرتبط باملواطنيـن األوروبييـن تحظى بنفس املستوى من الحماية عند‬
‫نقلها إلى خارج الحدود أو معالجتها بأنظمة معلومات خارجها‪ ،‬ويحظر الدليل نقل البيانات‬
‫إلى الدول التـي ال توفر قوانينها حماية للخصوصية‪.‬‬

‫أما بالنسبة لدليل االتصاالت لعام ‪ ،1997‬فإنه يفرض التـزامات واسعة على جهات‬
‫خدمة االتصاالت وتـزويدها لضمان خصوصية املستخدميـن بما في ذلك األنشطة‬
‫املتصلة باإلنتـرنت‪ ،‬ويتضمن قواعد تغطي العديد من املسائل التـي لم يتم تغطيتها في‬
‫قوانيـن حماية البيانات القائمة‪ ،‬ويتضمن القواعد التـي تتعلق بتـزويد الخدمات التقنية‬
‫ومسائل االشتـراكات والتعرف على املشتـركيـن وغيـرها من املسائل التـي نشأت بسبب ثورة‬
‫االتصاالت‪ .‬وفي عام ‪ 2000‬أصدرت املفوضية األوروبية نموذجا جديدا لدليل معالجة‬
‫البيانات الشخصية وحماية الخصوصية في قطاع االتصاالت اإللكتـرونية‪ ،‬وقد قدم هذا‬

‫‪41‬‬
‫حمايـ ـ ــة البيانـ ـ ــات الت صـ ـ ــية عب ـ ـ ــر اإلنت ـ ـ ــرن (التحـ ـ ــديات ‪-‬‬

‫الدليل كجـزء من حـزمة واسعة تهدف إلى تقوية املنافسة في سوق االتصاالت‬
‫اإللكتـرونية‪ ،‬ويتعيـن ان يحل محل دليل االتصاالت لعام ‪ .1997‬والدليل الجديد يوسع‬
‫من نطاق الحماية لألفراد‪ ،‬ويتضمن قواعد بشأن التقنيات الحديثة وطوائفها الجديدة‪،‬‬
‫تعريفات‬ ‫كما يتضمن تعريفات جديدة لخدمات االتصال والشبكات‪ ،‬وكذلك يضي‬
‫جديدة للمراسالت والبيانات املنقولة واملكاملات ومواقع البيانات وغيـرها‪ ،‬كل ذلك بقصد‬
‫توسيع نطاق حماية الخصوصية والسيطرة على كافة أنواع البيانات املعالجة‪.‬‬

‫وتؤكد النصوص الجديدة حماية البيانات املنقولة عبـر اإلنتـرنت وتمنع السلوكيات‬
‫االتصالية الضارة في السوق التجاري اإللكتـروني مثل (‪ )SPAM‬وحماية مستخدمي‬
‫الخلوية من الرقابة واملتابعة املتصلة باملوقع‪ ،‬كما يقدم الدليل وصفا لكافة‬ ‫الهوات‬
‫خدمات االتصاالت اإللكتـرونية كاالتصاالت الخلوية والبـريد اإللكتـروني‪ ،‬والحق باالختيار‬
‫بشأن الخدمات املعروضة‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة في هذا املقام إلى أن التوجيهات الصادرة عن االتحاد األوروبـي عموما‬
‫تجيـز للدول األعضاء تقييد وتضيق األحكام باالستناد إلى القواعد املقررة بشأن إنفاذ‬
‫العدالة وتطبيق القانون كلما كان من املمكن حصول التناقض بيـن ما تقرره األدلة‬
‫التوجيهية وبيـن القواعد الرئيسة في النظام العام‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ -‬التجارب الدولية في حماية البيانات الت صية‬


‫استدعت الحاجة‪ ،‬والتطور التكنولوجي‪ ،‬ودخول الحوسبة واإلنتـرنت في معظم‬
‫مجاالت الحياة إلى إقرار مجموعة من التوجيهات والقوانيـن والتشريعات التـي تخص‬
‫حماية البيانات الرقمية للمستخدميـن‪ ،‬حتـى بالنسبة للدول التـي ال تنص دساتيـرها‬
‫بشكل مباشر على االلتـزام بحماية الخصوصية بشكل عام ملا له من تبعات وتأثيـرات على‬
‫الجانب االقتصادي للدول‪ ،‬ففي عام ‪ 1995‬قام االتحاد األوروبـي بإصدار "التوجيه‬
‫األوروبـي لحماية البيانات"‪ ،‬ويستهدف التوجيه شركات االتصاالت العمومية والدولية‬

‫‪42‬‬
‫حماية البيانات الت صية عبـر اإلنتـرن (التحديات ‪-‬‬

‫بحيث ينص على فرض التـزامات خاصة بحماية البيانات على الشركات املتحكمة فيها‪،‬‬
‫وأن يتم النفاد إليها بتفويض شخص ي لألغراض املصرح بها قانونا‪ ،‬وبناء على هذا‬
‫التوجيه‪ ،‬قامت العديد من املنظمات التـي تعمل مع االتحاد األوروبـي بشكل تجارى‬
‫بصياغة سياسات تتماش ى معه‪ .‬كما قامت لجنة التجارة الفيدرالية األمريكية ‪(Federal‬‬
‫)‪Trade Commission‬بنشر "مبادئ املعلومات العادلة"‪ ،‬وهي وثيقة غيـر إلزامية‪ ،‬ويجـري‬
‫العمل بها باعتبارها دليل أو توجيه للقلق املتنامي حول صياغة سياسات الخصوصية‪،‬‬
‫وخـريطة لألماكن التـي تسري فيها قوانيـن حماية البيانات‪ ،‬أو تلك التـي تكون فيها هذه‬
‫الحماية في الطور التشريعي‪.‬‬

‫وتمتلك فرنسا تاريخا طويال في تطبيق سياسات حماية البيانات الرقمية‪ .‬ففي عام‬
‫‪ ،1995‬اعتـرفت املحكمة الدستورية الفرنسية بالحق في الخصوصية ضمنيا بدستورها‪،‬‬
‫وتلتـزم فرنسا بتطبيق قوانيـن االتحاد األوروبـي الخاصة بحماية البيانات واالحتفاة بها‪،‬‬
‫حيث قامت بتأسيس "اللجنة الوطنية للمعلومات والحـريات" كهيئة إدارية رقابية مستقلة‬
‫تعمل على إعالم ونصـح وتعليم املستخدميـن بحقهم في حماية بياناتهم الرقمية‪ ،‬كما تتيح‬
‫التواصل معها لكل مستخدم وجد صعوبة في ممارسة حقه في حماية بياناته الشخصية‪،‬‬
‫كما تقوم بفحص وتوقيع العقوبات على األنظمة التكنولوجية التـي ال توفر ضمانات‬
‫قانونية كافية‪ ،‬أو ال تعمل على حماية بيانات املستخدميـن الرقمية‪.‬‬

‫كما ينص قانون تكنولوجيا املعلومات وملفات البيانات والحـريات املدنية الفرنس ي‬
‫في بعض مواده على ضرورة التـزام شركات االتصاالت مقدمة خدمات اإلنتـرنت بحفظ‬
‫بيانات حـركة املرور بيـن املواقع للمستخدميـن لعام واحد فقط‪ ،‬كما أقر مجلس الوزراء‬
‫الفرنس ي في ‪ 2011‬قرارا بحق مستخدمي خدمات االتصاالت في معرفة الغرض من أي‬
‫االرتباف ‪ ،Cookies‬والوسائل املتاحة بحيث يعطى موافقة صريحة على‬ ‫لتعري‬ ‫مل‬
‫قبول إضافتها لصفحة املوقع والتعرف على بياناته‪ ،‬ويحمى قانون "سرية املراسالت‬

‫‪43‬‬
‫حمايـ ـ ــة البيانـ ـ ــات الت صـ ـ ــية عب ـ ـ ــر اإلنت ـ ـ ــرن (التحـ ـ ــديات ‪-‬‬

‫املرسلة من خالل االتصاالت اإللكتـرونية" خصوصية بيانات املستخدميـن وعدم جواز‬


‫اعتـراضها أو حجبها أو فحصها أو حذفها إال بموجب قرار من رئيس الوزراء ‪.‬‬
‫وفي عام ‪ 1998‬قامت إنجلتـرا‪ ،‬بتوحيد واستبدال قوانيـن حماية البيانات كقانون‬
‫"حماية البيانات" الصادر في ‪ 1984‬وقانون "الوصول إلى امللفات الشخصية" ‪ 1987‬سعيا‬
‫إلى تنفيذ "توجيه حماية البيانات األوروبية" خاصة فيما يتعلق بالبيانات اإللكتـرونية‬
‫واالتصاالت والتسويق‪ ،‬حيث جاء قانون "تنظيم الخصوصية واالتصاالت اإللكتـرونية"‬
‫عام ‪ 2003‬ليغيـر من أساس املوافقة على شروف التسويق اإللكتـروني‪ ،‬ليصبح من حق‬
‫املستخدم املوافقة أو االنسحاب من تلقي عروض التسويق وقتما يشاء‪.‬‬
‫َ‬
‫بينما في الهند التـي ال يحتوي دستورها على نص صريح للخصوصية‪ ،‬فقد ش ّر َعت‬
‫العديد من القوانيـن التـي تحمي خصوصية البيانات الرقمية‪ ،‬ففي عام ‪ ،2000‬أصدرت‬
‫قانون "تكنولوجيا املعلومات"‪ ،‬الذي أقر بدفع تعويضات وتوقيع عقوبة جنائية في حالة‬
‫غيـر املشروع عن البيانات أو إساءة استخدامها ‪.‬‬ ‫الكش‬

‫وبالنسبة ملصر فرغم أن الدساتيـر املصرية املتعاقبة تنص على حق الخصوصية‬


‫وحق حمايتها واحتـرام حـرمتها‪ ،‬فإنه ال يوجد في القانون املصري ما ينص على حماية‬
‫الخصوصية الرقمية للمستخدميـن على اإلنتـرنت‪ ،‬األمر الذي يمثل فراغا يسمح بحدوث‬
‫العديد من االنتهاكات لبيانات املستخدميـن الرقمية في غياب رقابة تشريعية أو قوانيـن‬
‫تحمى خصوصية املستخدميـن‪ ،‬ومثال على ذلك فإن عدد قليل جدا من املواقع‬
‫اإللكتـرونية للوزارات املصرية هي التـي تلتـزم بنشر بيان لسياسة الخصوصية بخصوص‬
‫البيانات الرقمية املجمعة للزائر عبـر زيارته للموقع عن طريق بـروتوكول اإلنتـرنت وملفات‬
‫االرتباف مثل‪ :‬وزارة الثقافة والكهرباء‪ ،‬بينما ال تلتـزم معظم الوزارات بكتابة أو نشر بيان‬
‫للخصوصية‪ ،‬ومنها موقع وزارة املالية املصرية‪ .‬لذلك تظهر هنا الحاجة امللحة لوجود‬
‫تشريع قانوني يضبط أداء املواقع اإللكتـرونية وطريقة جمعها للبيانات الرقمية‬

‫‪44‬‬
‫حماية البيانات الت صية عبـر اإلنتـرن (التحديات ‪-‬‬

‫للمستخدميـن وكيفية استخدامها ومدة االحتفاة بحـركة الزوار بينها‪ ،‬باإلضافة إلى خلق‬
‫وعي مجتمعي تجاه خطورة تدفق البيانات الشخصية للمستخدميـن دون تأمينها مما‬
‫يعرض سالمتهم الشخصية وأمنهم االجتماعي واملالي للخطر‪ ،‬وضمان حماية املستخدميـن‬
‫من التعرض إلساءة استخدام أو تعرض بياناتهم التـي تجمعها الهيئات العاملة داخل‬
‫مصر للسرقة‪ ،‬والتـي تبدأ من سرقة الهوية وكلمات املرور وأرقام البطاقات االئتمانية على‬
‫املستخدمين‪)1(.‬‬ ‫اإلنتـرنت‪ ،‬عبـر ضمان توفيـر إلزام قانوني لتلك الهيئات بحماية بيانات‬

‫املطلب الثالث‪ -‬اإلطار العام لتشريعات حماية البيانات الت صية‬


‫تتضمن معظم الدساتيـر الحديثة نصوصا خاصة تعتـرف بالحق في الوصول‬
‫والسيطرة على املعلومات الشخصية (البعد املعنوي للخصوصية)‪ ،‬وحتـى في الدول التـي‬
‫لم تتضمن دساتيـرها أو قوانينها اعتـرافا بالخصوصية فإن املحاكم فيها قد اقرت هذا‬
‫الحق استنادا إلى االتفاقيات الدولية التـي اعتـرفت بهذا الحق حيثما تكون الدولة عضوا‬
‫فيها‪ .‬كما ان غالبية الدساتيـر الحديثة قد تضمنت نصوصا صريحة بشأن حماية‬
‫الخصوصية ببعديها املادي واملعنوي‪ ،‬وان عددا منها تضمن نصوصا بشأن حماية الحق‬
‫وادارتها‪)2(.‬‬ ‫في البيانات الشخصية فيما يتعلق بالوصول إليها‬

‫وقد أصدرت حوالي ‪ 50‬دولة تشريعات شاملة في حقل حماية البيانات وال زالت العديد‬
‫من الدول تبذل جهودا تشريعية إلصدار تشريعات لحماية البيانات الشخصية من مخاطر‬
‫املعالجة اتلية للبيانات‪ ،‬ويـرجع هذا النشاف التشريعي إلى عوامل عديدة منها الرغبة في‬
‫مواكبة متطلبات العوملة‪ ،‬والخشية من املخاطر املتـزايدة لوسائل معالجة ونقل البيانات‬

‫والضـبط‪ ،‬املنشـورات الحقوقيـة‬ ‫(‪ )1‬منـى األشقر جبور‪ ،‬محمود جبور‪ .‬القانون واإلنترنـت‪ :‬تحـدي التكييـ‬
‫– بيروت‪ :‬صادر‪ ،2008 ،‬ص ص‪.62-59‬‬
‫(‪ )2‬انظــر الــدول التــي تضــمنت دســاتيرها نصوصــا تتعلــق بالخصوصــية ضــمن قائمــة التشــريعات فيمــا يــأتي‬
‫مــن هــذا الفصــل ‪ ،‬وانظــر النصــوص التــي وردت فــي هــذه الدســاتير فــي العديــد مــن مواقــع القــانون علــى‬
‫اإلنترنــت التــي تتضــمن دســاتير العــالم ومنهــا ‪ : http://www.uni-wuerzburg.de/law/index.html‬وكــذلك‬
‫موقع الخصوصية العاملي املشار إليه فيما تقدم ‪: www.internationalprivacy.org‬‬
‫‪45‬‬
‫حمايـ ـ ــة البيانـ ـ ــات الت صـ ـ ــية عب ـ ـ ــر اإلنت ـ ـ ــرن (التحـ ـ ــديات ‪-‬‬

‫والرغبة في تشجيع التجارة اإللكتـرونية والتـي يعد من بيـن موضوعاتها خصوصية البيانات‬
‫الشخصية باإلضافة لرغبة هذه الدول في التوافق مع توجهات املنظمات والهيئات الدولية أو‬
‫متطلباتها‪.‬‬

‫وتبعا لذلك تم سن تشريعات خاصة ضد أنشطة االعتداء على الخصوصية في‬


‫بينها‪ ،‬وقد تبنت املحاكم في غالبية هذه الدول‬ ‫دول أوروبا مع تبايـن طفي‬ ‫مختل‬
‫قواعد طورت من نطاق الحماية‪ .‬والتحليل املقارن للقوانيـن األوروبية يظهر أن العديد‬
‫من اإلنجازات العاملية قد تحققت في مجال توحيد التنظيم اإلداري والقانوني لحماية‬
‫الخصوصية في القوانيـن الوطنية‪ ،‬فغالبية القوانيـن الوطنية لحماية البيانات تتضمن‬
‫نصوصا تقيد عملية جمع البيانات وتسمح لألفراد بالوصول إليها‪ ،‬وتقر املبادئ التـي تمثل‬
‫الحد األدنى املشار إليها فيما تقدم‪ ،‬لكن هذا االنسجام ال يمنع من وجود فوارق بيـن هذه‬
‫التشريعات أهمها تلك املتعلقة بنطاق التطبيق (ما إذا كانت الحماية تشمل بيانات‬
‫األشخاص الطبيعييـن فقط أم تمتد لألشخاص املعنوييـن‪ ،‬وما إذا كانت تشمل البيانات‬
‫املؤتمتة فقط أم تمتد للبيانات اليدوية)‪ .‬وكذلك األحكام املتعلقة بالقواعد اإلجـرائية‬
‫املتطلبة لعمليات جمع ومعالجة ونقل البيانات والجهات املنوطة بالسيطرة واالشراف‬
‫والرقابة على أنشطة املعالجة اتلية للبيانات‪ .‬ويمتد االختالف أيضا وبشكل أوسع إلى‬
‫مسألة تحديد األفعال التـي تعد اعتداء على حماية البيانات الشخصية‪ ،‬وكذلك تحديد‬
‫العقوبات املقررة عليها وأوسع أوجه الخالف يظهر في تحديد املحظورات وبيان‬
‫االستثناءات املشروعة عليها‪.‬‬

‫ففي حقل ما يمكن تسميته جـرائم الخصوصية املعلوماتية‪ ،‬فإن الخالف بيـن‬
‫تشريعات الخصوصية املشار إليها أعاله يكمن بتحديد األفعال غيـر القانونية محل‬
‫التجـريم‪ ،‬ففي بعض الدول كالواليات املتحدة واليابان ال يستخدم القانون الجـزائي‬
‫لحماية الخصوصية بشكل عام‪ .‬وهذا هو حال القانون األمريكي الذي ال يتضمن سوى‬
‫أفعاال محدودة‪ ،‬وكذلك تشريعات الخصوصية في كندا التـي ال تنص سوى على فعل‬
‫‪46‬‬
‫حماية البيانات الت صية عبـر اإلنتـرن (التحديات ‪-‬‬

‫واحد في مجال حماية الخصوصية‪ .‬وفي القانون الياباني ال يجـرم إال الحصول على‬
‫البيانات الشخصية من جهات إدارية‪ .‬وشبيه بها قانون حماية البيانات الهولندي الذي‬
‫يعاقب فقط على اإلخالل بتسجيل ملفات البيانات‪ .‬وعلى العكس بذلك نجد العديد من‬
‫الدول تتضمن قائمة تفصيلية لألفعال اإلجـرامية التـي تـرجع إلى الكثيـر من األنشطة‬
‫املحظورة من قبل الجهات االدارية أو األشخاص‪ ،‬وأوضـح مثال على هذه التشريعات‬
‫القانون الفرنس ي التـي حدد كافة االنتهاكات للخصوصية تبعا ملراحل الجمع واملعالجة‬
‫والتبادل التـي تتم على البيانات‪.‬‬

‫وقد حاول الفقه الفرنس ي‪ ،‬تحديد الحاالت أو األمور التـي تتعلق بالحياة الخاصة‬
‫لألفراد وتبنى القضاء الفرنس ي ما ذهب اليه جانب من هذا الفقه‪ )1(.‬وكأثـر لجدل قضائي‬
‫وفقهي‪ ،‬تم سن تشريع خاص بحماية جمع ومعالجة البيانات الشخصية وتجـريم مختل‬
‫صور االعتداء عليها سواء من قبل القائميـن على عمليات الجمع أو من قبل الغيـر‪.‬‬

‫أما بالنسبة لنطاق الخصوصية في النظام األمريكي‪ ،‬فقد حدده باألساس الفقيه‬
‫األمريكي بـروسر ‪ ،Prosser‬وتبنى هذا التحديد القضاء األمريكي واعتمده أيضا املشرع‬
‫األمريكي في املدونة الثانية الصادرة عام ‪ 1977‬بشأن الخصوصية‪.‬‬

‫ويشمل نطاق الحق في الحياة الخاصة أو (الخصوصية) في النظام األمريكي‪ ،‬حماية‬


‫األفراد من أربع صور رئيسة لالعتداء على الخصوصية‪:‬‬
‫‪ -1‬التدخل في الحياة الخاصة للفرد (حق الفرد في العزلة)‪.‬‬
‫‪ -2‬استخدام اسم أو صفة الغيـر دون رضاه‪.‬‬
‫‪ -3‬إفشاء أسرار الحياة الخاصة للغيـر‪.‬‬

‫(‪ )1‬منى األشقر جبور ‪ ،‬محمود جبور‪ .‬القانون واالنترنت ‪ -‬مرجع سابق – ص‪35‬ص‪38‬‬
‫‪47‬‬
‫حمايـ ـ ــة البيانـ ـ ــات الت صـ ـ ــية عب ـ ـ ــر اإلنت ـ ـ ــرن (التحـ ـ ــديات ‪-‬‬

‫‪ -4‬اإلس ــاءة إل ــى س ــمعة الش ــخص ف ــي نظ ــر الجمه ــور‪ ،‬كاس ــتخدام اس ــمه عل ــى نح ــو يسـ ـ يء‬
‫إذنه‪)1(.‬‬ ‫لسمعته دون‬

‫كما أن توفيـر األداة القانونية ملواجهة أخطار املعالجة اتلية للبيانات الشخصية قد‬
‫انطلق كما أسلفنا مع مطلع السبعينيات‪ ،‬وقد قادت دولة السويد الطريق بتشريع‬
‫خصوصية البيانات‪ ،‬وتبعتها الواليات املتحدة األمريكية بقانون الخصوصية عام ‪1974‬‬
‫والذي أسس للمبادئ العامة‪.‬‬

‫ويؤكد قانون الخصوصية األمريكي لعام ‪ 1984‬الذي يعتبـر أقوى بكثيـر من سابقه‬
‫على إعالم األفراد بأن سجالت شخصية يتم جمعها عنهم وحفظها‪ ،‬ويعطيهم الحق‬
‫ليشاهدوها ويصـ حوها ويمنع من استخدام املعلومات التـي تم تـزويدها في أي غرض‬
‫آخـر غيـر التـي زودت من أجله‪.‬‬

‫وفي اململكة املتحدة‪ ،‬تم إقرار قانون حماية البيانات عام ‪ 1984‬والذي فرض على‬
‫كل التنظيمات التـي لديها معلومات عن األفراد على حواسيبها تسجيل نوع البيانات التـي‬
‫لديهم من خالل مسجل حماية البيانات‪ ،‬ويمكن القانون املواطنيـن من الحصول على‬
‫تعويض من خالل املحاكم الدينية‪ ،‬إذا ما وجد أن البيانات الشخصية التـي لديهم ليست‬
‫دقيقة‪ ،‬أو إذا ما ضاع هذا السجل أو تم اإلفصاح عنه إلى شخص غيـر مصرح له‪.‬‬
‫وقد وضع املشرع في أملانيا الغربية عام ‪ 1986‬قانون حماية البيانات (القانون‬
‫التـي‬ ‫املعدل لقانون ‪ )1977‬متـزامنا مع إقرار قانون يصرح باستخدام بطاقات التعري‬
‫يتم قراءتها بواسطة الحاسوب‪ ،‬ويفرض على كل األملان الغربييـن أن يحملوا بطاقات الـ‬
‫(‪ )ID‬الجديدة‪ ،‬مما يسمح للسلطات بخـزن البيانات عن حـركة الناس على حواسيب‬

‫(‪ )1‬انظــر الــدول التــي تضــمنت دســاتيرها نصوص ـا تتعلــق بالخصوصــية ضــمن قائمــة التشــريعات فيمــا يــأتي‬
‫مــن هــذا الفصــل ‪ ،‬وانظــر النصــوص الت ـي وردت فــي هــذه الدســاتير فــي العديــد مــن مواقــع القــانون علــى‬
‫االنترنــت التــي تتضــمن دســاتير العــالم ومنهــا ‪ : http://www.uni-wuerzburg.de/law/index.html‬وكــذلك‬
‫موقع الخصوصية العاملي املشار اليه فيما تقدم ‪: www.internationalprivacy.org‬‬
‫‪48‬‬
‫حماية البيانات الت صية عبـر اإلنتـرن (التحديات ‪-‬‬

‫مركزية‪ .‬وهو ما لقي معارضة صلبة من الكثيـريـن‪ ،‬بما فيهم موظفو حماية البيانات في‬
‫الحكومات اإلقليمية‪ ،‬ملحاربة استخدام هذه البطاقات ملساسها بالحقوق الشخصية‪.‬‬

‫وقد تأثـرت على نحو آخـر العديد من الدول‪ ،‬بتشريعات كل من فرنسا وأمريكا‬
‫وأملانيا والسويد في مجال التنظيم القانوني لحماية الحياة الخاصة‪ .‬وجاء نشاف‬
‫املنظمات الدولية واإلقليمية املتقدم عرضه‪ ،‬وعلى نحو خاص‪ ،‬املنظمات األوروبية‪،‬‬
‫ليؤطر من جهة‪ ،‬جهود حماية البيانات الشخصية والحق في الحياة الخاصة‪ ،‬وليخلق‬
‫الدول التـي سنت قوانيـن لحماية‬ ‫اتساقا عاما بيـن قواعد التشريعات الوطنية ملختل‬
‫الخصوصية أو الحياة الخاصة‪ ،‬فمثلت مبادئ القواعد اإلرشادية ملنظمة التعاون‬
‫والتنمية االقتصادية ‪ ،OECD‬واتفاقية مجلس أوروبا‪ ،‬وقرارات وتوصيات السوق‬
‫األوروبية املشتـركة‪ ،‬واملبادئ التوجيهية املتعلقة باستخدام ملفات األشخاص املعالجة‬
‫آليا التـي أعدتها اللجنة الفرعية ملنع التمييـز وحماية االقليات (هيئة تابعة للمجلس‬
‫االقتصادي واالجتماعي في هيئة األمم املتحدة)‪ ،‬مثلت إطارا ‪ -‬في حده األدنى ‪ -‬لكفالة‬
‫اتساق وتطابق قواعد الحماية الخاصة واملعالجة اتلية للبيانات الشخصية‪.‬‬

‫وعلى ذلك فإن قوانيـن ال صوصية تنطوي على ثالث طوائف رئيسة من‬
‫القواعد‪:‬‬
‫األولــى‪ :‬إق ــرار املب ــاد الرئيســة ل ح ــق ف ــي ال صوصــية ونط ــاق اعت ــراف الدولــة ب ــه وكلفت ــه‬
‫وااللت ــزامات املق ــررة عل ــى الجه ــات العام ــة والخاص ــة ف ــي حق ــل حماي ــة البيان ــات الشخص ــية‬
‫واحت ـ ــرام الخصوص ـ ــية فيم ـ ــا تمارس ـ ــه م ـ ــن أنش ـ ــطة جم ـ ــع ومعالج ـ ــة البيان ـ ــات الشخص ـ ــية‬
‫باستخدام التقنية‪.‬‬
‫الثاني ــة‪ :‬القواع ــد التنظيمي ــة واالجـ ــرائية واملعاييـ ــر‪ ،‬وه ــي تل ــك القواع ــد املتعلق ــة بجلي ــات‬
‫جم ـ ــع البيان ـ ــات ومعالجته ـ ــا ونقله ـ ــا وتحديـ ـ ـد املعاييـ ـ ــر التـ ـ ــي يتعيـ ـ ــن عل ـ ــى جه ـ ــات التقني ـ ــة‬
‫واالتصـ ــاالت التقي ـ ـد بهـ ــا إلـ ــى جانـ ــب بحثهـ ــا فـ ــي جهـ ــات رقابـ ــة حمايـ ــة الخصوصـ ــية وتنظـ ــيم‬
‫تش ــكيلها وعمله ــا وبي ــان دوره ــا وتحدي ــد مهامه ــا وص ــالحياتها‪ ،‬يض ــاف إليه ــا أيض ــا القواع ــد‬
‫‪49‬‬
‫حمايـ ـ ــة البيانـ ـ ــات الت صـ ـ ــية عب ـ ـ ــر اإلنت ـ ـ ــرن (التحـ ـ ــديات ‪-‬‬

‫االجـ ــرائية الخاصـ ــة الت ـ ــي تطبـ ــق بالنسـ ــبة للحمايـ ــة املدنيـ ــة أو الج ـ ــزائية املقـ ــررة فـ ــي نطـ ــاق‬
‫القواعد املوضوعية للحماية‪.‬‬
‫الثالثــة‪ :‬القواعــد املوضــوعية ل حمايــة املدنيــة والجنائيــة‪ ،‬وتشــمل نصــوص التج ــريم مــع‬
‫تحديــد لألفعــال املجــرمة وعقوباتهــا‪ ،‬إضــافة لبيــان نطــاق املســئولية املدنيــة‪ ،‬وبيــان الجهــات‬
‫مح ــل املس ــاءلة‪ ،‬وغيـ ــر ذلـ ــك م ــن قواع ــد موض ــوعية تتعلـ ــق بالحماي ــة القانوني ــة للبيانـ ــات‬
‫الشخصية في كافة مراحل التعامل التقني معها‪.‬‬

‫املبح ــث الثال ــث ‪ -‬خصوص ــية البيان ــات الت ص ــية بي ــن االنته ــا وغي ــاب الحماي ــة‬
‫التشريعية‬

‫املطلب األول ‪ -‬األمن القومي وحماية البيانات الت صية‬


‫الفرع األول ‪ -‬ماهية اعتبارات األمن القومي‬
‫ّ‬
‫حددت التوصية األوروبية الصادرة في عام ‪ 2002‬األمن القومي بأنه (أمن الدولة‪،‬‬
‫والدفاع‪ ،‬والسالمة العامة)‪ .‬وعليه‪ ،‬فاألمن القومي هو جميع اإلجـراءات القانونية‬
‫واإلدارية والعسكرية واألمنية‪ ،‬التـي تهدف إلى حماية بلد معيـن‪ ،‬ضد أي نوع من‬
‫التهديدات واألخطار‪ ،‬التـي يمكن أن ّ‬
‫تعرض سالمة مواطنيه أو أراضيه أو سيادته‪.‬‬
‫ّ‬
‫ستجدة وما األهمية التـي تعطى‬ ‫إن مسألة التعامل مع البيانات الشخصية‪ ،‬ليست م‬
‫لها في الوقت الحاضر‪ ،‬إال نتيجة األبعاد الجديدة غيـر املسبوقة التـي اكتسبتها مع‬
‫طاقات تكنولوجيا املعلومات واالتصاالت سواء على مستوى املعالجة والنشر‪ ،‬أو‬ ‫توظي‬
‫على مستوى التدفق عبـر الحدود‪ ،‬إضافة إلى عدد األشخاص املعنييـن وحجم املعلومات‪.‬‬

‫فالكميات الهائلة من البيانات الشخصية‪ ،‬التـي تتدفق عبـر اإلنتـرنت‪ ،‬وفي الفضاء‬
‫السيبيـري‪ ،‬تتـرافق مع تقنيات متطورة ومنهجيات معالجه‪ ،‬يمكنها أن تشكل تهديدا‬
‫هوياتهم‪ ،‬وإنما أيضا للدول‬ ‫مباشرا‪ ،‬ليس فقط لألشخاص الذيـن تساعد في كش‬
‫ّ‬
‫ومصالحها الحيوية وأمنها‪ .‬ويتمثل هذا التهديد في االعتداءات التـي يمكن أن تقع على‬
‫‪50‬‬
‫حماية البيانات الت صية عبـر اإلنتـرن (التحديات ‪-‬‬

‫األشخاص الطبيعييـن واملعنوييـن في القطاعيـن العام والخاص‪ ،‬وعلى البيانات‬


‫واملعلومات‪ ،‬سواء من خالل سرقتها أو تعديلها دون وجه حق أو تشويهها‪ ،‬وفي االعتداءات‬
‫على أنظمة املعلومات‪ ،‬ومنع عملها‪ ،‬وعلى الحـريات والحقوف التـي ّ‬
‫يتمتع بها األفراد في‬
‫التعبيـر‪)1(.‬‬ ‫املجتمعات الديمقراطية‪ ،‬كالحق في الخصوصية والحق في‬

‫وتصبح هذه التهديدات‪ ،‬أشد خطورة‪ ،‬ويتعاظم الخوف من االعتداءات على‬


‫ّ‬
‫البيانات الشخصية (بما يمثله من تعرض للحـريات والحقوق الفردية) عندما يتعلق األمر‬
‫بالتـزام الدول مكافحة بعض األعمال والجـرائم‪ ،‬لذات االرتدادات الخطيـرة‪ :‬كاإلرهاب‬
‫حيث تستعمل البيانات الشخصية بشكل منهجـي من قبل الحكومات املختلفة‪ ،‬سواء في‬
‫أنشطتها الوطنية الداخلية‪ ،‬أو في عالقاتها مع الدول األخـرى من خالل اتفاقيات‪ ،‬أو من‬
‫ّ‬
‫متخصصه‪.‬‬ ‫خالل أنظمه أمن وبـرامت‬

‫في هذا السياق‪ ،‬تثيـر حماية البيانات الشخصية‪ ،‬عددا من اإلشكاليات‪ ،‬نتيجة‬
‫التقائها أو تناقضها مع عدد من الحقوق والحـرّيات األخـرى‪ .‬مثل‪ :‬الحق في الوصول إلى‬
‫املعلومة‪ ،‬حق الدولة في الرقابة على القيود الخاصة باملواطنيـن وحقها في ضبط القيود‬
‫وغيـرها‪ .‬وتبدو الحاجة ّ‬
‫ملحه إلى رسم حدود واضـحه‪ ،‬ال يمكن للدولة أن تتجاوزها تحت‬
‫شعار الحفاة على األمن القومي‪ ،‬منعا لالعتداء على الحـريات والحقوق‪ .‬وقد تم إقرار‬
‫العديد من التشريعات التـي وضعت في العديد من الدول ملكافحة اإلرهاب‪ .‬فقد قامت‬
‫الواليات املتحدة األمريكية بإقرار صالحيات واسعه للحكومة‪ ،‬ومنحتها صالحيات كبيـرة في‬
‫التحقيق واملالحقة‪ ،‬واستبعدت املسئولية عن أشخاص القانون الخاص‪ ،‬في حال‬
‫إفشائهم معلومات للحكومة‪ .‬وكان البـرملان األوروبـي قد أعرب عن قلقه إزاء ما قد يتـرتب‬
‫على اإلجراءات األمنية من آثار على الحقوق والحـريات‪ ،‬وفي مقدمها الحق في الخصوصية‪.‬‬

‫(‪ (1‬منى األشقر جبور ‪ ،‬محمود جبور‪ .‬القانون واالنترنت – املرجع السابق – ص‪43‬ص‪46‬‬
‫‪51‬‬
‫حمايـ ـ ــة البيانـ ـ ــات الت صـ ـ ــية عب ـ ـ ــر اإلنت ـ ـ ــرن (التحـ ـ ــديات ‪-‬‬

‫وقد أثار قانون (األمن في الفضاء السيبيـري)‪ ،‬في الواليات املتحدة األمريكية‪ ،‬عددا‬
‫من االحتجاجات‪ ،‬نظرا للصالحيات الواسعة وغيـر املسبوقة التـي يمنحها للحكومة على‬
‫اإلنتـرنت‪ ،‬ورأى العديد من الخبـراء أن القانون يشكل منعطفا خطيـرا وجديا‪ ،‬نحو سحب‬
‫صالحيات وسلطات من القطاع الخاص‪ ،‬الذي يشرف على استثمار الخدمات املرتبطة‬
‫بالبنية التحتية‪ ،‬عبـر تحويل أمن هذه البنية إلى السلطات الفيدرالية‪ ،‬وهو ما يخضع‬
‫صالحيات الشركات املعنية باالستثمار فيها إلى الحكومة الفدرالية‪.‬‬

‫ويتضمن القانون آلية تمنح الرئيس األميـركي صالحية قطع االتصال عبـر اإلنتـرنت‬
‫وفصل البنية التحتية‪ ،‬استنادا العتبارات األمن القومي‪ .‬كما إن القانون لم يحدد شروف‬
‫تلك االعتبارات التـي تمنح الرئيس حق التدخل في أداء خدمات تديـرها شركات خاصه‬
‫وتـرتكز إلى رءوس أموال خاصه‪.‬‬

‫كما وصل منح صالحيات واسعة في الوصول إلى البيانات‪ ،‬إلى حد تجاوز بعض‬
‫النصوص القانونية الخاصة بحماية البيانات الشخصية‪ .‬ويعطي القانون لوزيـر التجارة‬
‫األميـركي الحق في الوصول إلى البيانات الخاصة بالبنية التحتية املعلوماتية الحساسة‬
‫دون اعتبار للنصوص القانونية التـي تحظر ذلك‪.‬‬

‫وبالتالي يتجه القانون إلى منح السلطة حق الوصول إلى جميع البيانات ذات الصلة‬
‫والعائدة إلى القطاع الخاص‪ ،‬خارج إطار حالة الطوارئ‪ ،‬دون اعتبار لضرورة حماية الحق‬
‫في خصوصيه البيانات الشخصية أو للقواعد القانونية واألصول القضائية الواجب‬
‫العادية‪)1(.‬‬ ‫احترامها في الظروف‬

‫الفرع الثاني ‪ -‬التعاون الدولي في مكافحة االرهاب "اتفاق املالذ اآلمن "‬
‫أبـرز االختالف في التنظيم‪ ،‬خطورته على حماية البيانات الشخصية‪ ،‬ما أدى إلى‬
‫تهديد االتحاد األوروبي‪ ،‬بحظر انتقال البيانات الشخصية‪ ،‬إلى البالد إلى تؤمن معاييـر‬

‫(‪ )1‬منى األشقر جبور ‪ ،‬محمود جبور‪ .‬القانون واالنترنت – املرجع السابق – ص‪69‬ص‪70‬‬
‫‪52‬‬
‫حماية البيانات الت صية عبـر اإلنتـرن (التحديات ‪-‬‬

‫حماية‪ ،‬موازية لتلك املعمل بها‪ ،‬في التوصيات الصادرة عنه‪ ،‬وذلك انسجاما مع املبادئ‬
‫التـي تقرها هذه األخيـرة‪ ،‬فكان تشاور بيـن وزارة التجارة األميـركية‪ ،‬واللجنة األوروبية‬
‫إليجاد آلية تسهل عملية االنتقال هذه‪ ،‬أدت إلى وضع اتفاق املالذ اتمن‪"Safe Harbor " :‬‬
‫‪.Agreement‬‬

‫ويضم هذا االتفاق عددا من املبادئ‪ ،‬التي ال بد من االلتـزام بها‪ ،‬من قبل الشركات‬
‫األميـركية‪ ،‬الراغبة في اإلفادة‪ ،‬من استمرار دفق البيانات الشخصية إليها‪ .‬وتتناول هذه‬
‫املبادئ ضرورة االلتـزام بعدد من األصول التـي لديها إطارا تشريعيا معقوال‪ ،‬يمكن أن‬
‫يمنع االعتداء على خصوصية األفراد‪ ،‬ومن هذه املبادئ‪:‬‬
‫موجـ ــب اإلعـ ــالم‪ :‬اذ يفت ـ ــرض بالشـ ــركات‪ ،‬توفي ـ ــر املعلومـ ــات‪ ،‬التـ ــي توض ـ ــح أهـ ــداف جمـ ــع‪،‬‬
‫ومعالجة بياناتهم الشخصية‪ ،‬وطريقة التصرف بها‪ ،‬السيما عندما يتعلـق األمـر‪ ،‬بنقلهـا إلـى‬
‫جهــة ثالثــة‪ .‬وفــي الحالــة األخيــرة يجــب اطــالع األفـراد علــى طبيعــة الجهــة الثالثــة‪ ،‬التــي يمكــن‬
‫أن تحص ــل عل ــى ه ــذه املعلوم ــات‪ ،‬م ــع إش ــارتها إل ــى الخي ــارات املتاح ــة‪ ،‬للح ــد م ــن اس ــتخدام‬
‫هــذه البيانــات‪ ،‬ومــن كشــفها‪ .‬يضــاف إلــى ذلــك‪ ،‬اعطــاؤهم املعلومــات حــول كيفيــة االتصــال‬
‫بالشركة لنقل أي سؤال أو شكوى‪.‬‬
‫حــق القبــول أو الــرف ‪ :‬إعطــاء األف ـراد الحــق فــي قبــول أو رفــض كش ـ ‪ ،‬أو نقــل بيانــاتهم‬
‫الشخصــية إلــى جهــة ثالثــة‪ ،‬أو اســتخدامها فــي الهــدف ال يتناســب مــع الهــدف الــذي جمعــت‬
‫ألجله‪ ،‬والذي تم على أساسه القبول‪.‬‬
‫نقل البيانات إلى جهة ثالثة‪ :‬في هذه الحال‪ ،‬تلتـزم الشركات بموجـب اإلعـالم الواضــح كمـا‬
‫تأمي ــن الخيــارات‪ .‬باإلضــافة إلــى ذلــك‪ ،‬يتوجــب عليهــا أن تتأكــد مــن أن الت ــزام الجهــة الثالثــة‬
‫باتف ــاق امل ــالذ اتمـ ــن‪ ،‬أو التوص ــية األوروبي ــة لحمايـ ــة البيان ــات الشخص ــية‪ ،‬أو أي سياسـ ــة‬

‫‪53‬‬
‫حمايـ ـ ــة البيانـ ـ ــات الت صـ ـ ــية عب ـ ـ ــر اإلنت ـ ـ ــرن (التحـ ـ ــديات ‪-‬‬

‫حماية أخـرى‪ .‬كما يمكن أن تتفـق الشـركة مـع الجهـة الثالثـة علـى احتــرام مسـتوى الحمايـة‬
‫املطلوب‪)1(.‬‬

‫حق الوصول إلى البيانات والتعديل‪ :‬إعطاء األفراد حق الوصول إلـى البيانـات الشخصـية‬
‫الت ـ ــي تجمـ ــع ع ـ ــنهم‪ ،‬لتصـ ــحيحها‪ ،‬وتع ـ ــديلها‪ ،‬أو إلغائهـ ــا حي ـ ــن ال تك ـ ــون ص ـ ــحيحة‪ ،‬ويمك ـ ــن‬
‫الســماح للجهــة الت ــي تجمــع البيانــات بعــدم إعطــاء هــذا الحــق للمعنيي ــن بالبيانــات فــي حــال‬
‫كــان هــذا الوصــول ذي كلفــة مرتفعــة ال تتناســب وحجــم املخــاطر التـي يتعــرض لهــا الفــرد‪ ،‬أو‬
‫في حال كان وصوله إلى هذه البيانات يتعرض لحق اتخرين في الخصوصية‪.‬‬
‫أمــن املعلومــات‪ :‬تلت ــزم الشــركات بموجــب حمايــة البيانــات‪ ،‬ويفت ــرض بهــا اتخــاذ اإلج ــراءات‬
‫الكفيلة‪ ،‬بمنع تعرضها للضياع‪ ،‬أو إساءة أو االنكشاف‪ ،‬أو التشويه‪ ،‬أو التالعب بها‪.‬‬
‫ص ــحة البيانــات ‪ :Data Integrity‬يجــب أن تتناســب البيانــات الشخصــية‪ ،‬مــع األهــداف‬
‫الت ــي ستســتخدم ألجلهــا‪ .‬ويفت ــرض بالشــركة اتخــاذ الخطــوات املعقولــة لضــمان مصــداقية‬
‫البيانات وصـحتها‪.‬‬
‫آليـات االعتــراض والتطبيــق‪ :‬تلتــزم الشـركات بإيجــاد آليـة تسـمح بــالنظر فـي شـكاوى األفـراد‬
‫وح ــل ال اع ــات وتقريـ ــر التعويض ــات بمقتضـ ـ ى القواع ــد القانوني ــة‪ .‬إل ــى جان ــب ذل ــك يج ــب‬
‫توفي ــر أصــول خاصــة ملراقبــة مــدى الت ــزام الشــركات وتنفيــذها للخطــوات املطلوبــة‪ ،‬كشــرف‬
‫لقبــول انضــمامها‪ ،‬وفــرض عقوبــات شــديدة علــى مخالفــة هــذه االلت ـزامات‪ ،‬كالشــطب مــن‬
‫الئحة الشركات التـي تستفيد من االتفاق‪.‬‬

‫هذا ويعود قرار االنضمام إلى االتفاق إلى الشركات نفسها‪ ،‬التـي يفتـرض بها أن تعلن‬
‫التـزامها بتطبيق شروطه‪ ،‬وتحتـرم هذا االلتـزام‪ .‬ويتم ذلك بتوجيه رسالة بهذا املعنى إلى‬
‫وزارة التجارة األميـركية كل عام‪ .‬وتتضمن الرسالة االعالن والحق في الوصول إلى‬
‫البيانات‪ ،‬والحق في قبول أو رفض السماح باستخدام البيانات‪ ،‬وآليات االعتـراض‬

‫– ‪(1) Martin A. Weiss, Kristin Archick us-eu data privacy: from safe harpor to safe shield- May 19,2016‬‬
‫‪congressional Research service- pp:9-11‬‬
‫‪54‬‬
‫حماية البيانات الت صية عبـر اإلنتـرن (التحديات ‪-‬‬

‫والتطبيق‪ .‬ويفتـرض بالشركة التـي تـرغب في اإلفادة من هذا االتفاق أن تعلن عن‬
‫انضمامها إليه‪ ،‬وذلك في سياسة الحماية التـي تنشرها على موقعها‪.‬‬

‫ويشتـرف لقبول انضمام هذه الشركات إلى االتفاق‪ ،‬أن يكون لديها سياسة حماية‬
‫خاصة بالبيانات الشخصية‪ ،‬سواء عبـر انضمامها إلى أحد بـرامت الحماية امللحق باالتفاق‬
‫أو عبـر تطويـرها لبـرنامت خاص بها‪ ،‬يتناسب مع التوصية األوروبية‪ .‬وقد ألغيت هذه‬
‫االتفاقية بموجب حكم محكمة العدل األوروبية في دعوى أقامها شاب ايـرلندي‪ ،‬وتم‬
‫االستعاضة عنها باتفاقية جديدة سميت "الدرع اتمن" وتم فيها تعزيـز اعتبارات حماية‬
‫البيانات الشخصية وذلك على النحو التالي‪:‬‬

‫الفرع الثالث ‪ -‬اتفاق الدرع اآلمن لتبادل البيانات‬


‫ا‬
‫أوال ‪ -‬ماهية االتفاق‬
‫هذا االتفاق يضع إطار متكامل وشامل وقوي للغاية لحماية البيانات في إطار‬
‫التعاون بيـن الواليات املتحدة األمريكية واالتحاد األوروبـي في مجال إنفاذ القانون‪ .‬وهو‬
‫يشمل كافة البيانات الشخصية كاألسماء والعناويـن والسجالت اإلجـرامية التـي يتم‬
‫تبادلها بينهما بهدف منع وتحديد ومحاكمة مرتكبـي الجـرائم بما فيها جـرائم اإلرهاب‪.‬‬

‫ومما ال شك فيه أ ن هذا االتفاق سوف يقدم حماية وضمانات قانونية ملسائل نقل‬
‫البيانات وهو ما يؤدي لتقوية وتعزيـز الحقوق األساسية ويعزز التعاون بيـن الواليات‬
‫املتحدة األمريكية واالتحاد األوروبـي في مجال إنفاذ القانون‪ ،‬ويساعد على استعادة الثقة‬
‫في مدى فعالية الحماية القانونية للبيانات الشخصية‪ .‬وفي هذا اإلطار سوف تتحقق‬
‫استفادة كبيـرة ملواطني االتحاد األوروبـي من املعاملة باملثل‪ ،‬حيث سيحصلون على حقوق‬
‫قانونية أمام املحاكم األمريكية تماثل التـي يحصل عليها األمريكيون عند حدوث انتهاك‬
‫لخصوصياتهم في أمريكا‪ ،‬وهذه املسألة تحديدا كانت محمور حديث الرئيس "جانكار"‬
‫عندما قدم خطابة السياس ي مضمنا إياه املبادئ األساسية لتناقل البيانات الشخصية‪،‬‬

‫‪55‬‬
‫حمايـ ـ ــة البيانـ ـ ــات الت صـ ـ ــية عب ـ ـ ــر اإلنت ـ ـ ــرن (التحـ ـ ــديات ‪-‬‬
‫حيث قرر بأن الواليات املتحدة األمريكية تضمن لكل مواطني االتحاد األوروبـي الحصول‬
‫على حقوقهم القانونية في أمريكا وأمام محاكمها‪ ،‬وهو ما سوف يعزز ثقافة نبذ‬
‫بينهما‪)1(.‬‬ ‫العنصرية بيـن األوروبييـن واألمريكان في إطار العالقات املتبادلة‬
‫ا‬
‫ثانيا ‪ -‬قدرة االتفاق على حماية البيانات الت صية عند نقلها عبـر الحدود‬
‫هذا االتفاق سوف يكمل االتفاقات املوجودة بالفعل بيـن سلطات إنفاذ القانون في‬
‫االتحاد األوروبـي والواليات املتحدة األمريكية‪ ،‬حيث ستنش ج قواعد ألعمال منظومة‬
‫واضـحة لحماية البيانات‪ ،‬وتؤسس ملستوي متطور من الحماية التفاقات حماية البيانات‬
‫التـي يمكن إبـرامها مستقبال‪.‬‬

‫ان اتفاق مظلة الحماية سوف يتناول الجوانب اتتية عند تبادل البيانات‬
‫الشخصية لألفراد بيـن الشرطة وسلطات العدالة الجنائية‪:‬‬
‫‪ -1‬تحدي ـ ـ ــد أط ـ ـ ــر واضـ ـ ـ ــحة الس ـ ـ ــتخدام البيان ـ ـ ــات‪ :‬إن البيان ـ ـ ــات الشخص ـ ـ ــية ال يج ـ ـ ــوز‬
‫اسـ ـ ــتخدامها إال فـ ـ ــي أغـ ـ ـراض منـ ـ ــع الجـ ـ ــرائم والتحقيقـ ـ ــات الجنائيـ ـ ــة وتعقـ ـ ــب الجنـ ـ ــاة‬
‫وتقديمهم للعدالة‪.‬‬
‫‪ -2‬وجه ــة البيان ــات املنقول ــة‪ :‬الت ــي ي ــتم نقله ــا ألي بل ــد خ ــارج االتح ــاد األوروب ــي والوالي ــات‬
‫املتحدة األمريكية أو ألي منظمة دولية كاإلنتـربول أو الهيئات التابعة لألمم املتحدة‪.‬‬
‫‪ -3‬م ــدة االحتف ــاي بالبيان ــات‪ :‬االحتف ــاة بالبيان ــات الشخص ــية يج ــب أال ي ــزيد ع ــن امل ــدة‬
‫الزمنيـة املطلوبـة لتحقيـق الغـرض مـن الحصـول علـى تلـك البيانـات وفقـا للقــانون‪ ،‬وإال‬
‫كــان ذلــك بمثابــة خطــر يهــدد تلــك البيانــات ان تصــبح متاحــة للتــداول مــع اتخـري ــن مــن‬
‫غيـ ــر املصـ ــرح لهـ ــم بالحصـ ــول عليهـ ــا واالطـ ــالع عليهـ ــا‪ ،‬ومـ ــن ثـ ــم تمثـ ــل انتهاكـ ـا للحـ ــق فـ ــي‬
‫خصوصية تلك البيانات‪.‬‬

‫‪(1) EU Commission and United States agree on new framework for transatlantic data flows: EU-US‬‬
‫‪Privacy Shield-Strasbourg, 2 February 2016- http://europa.eu/rapid/press-release_IP-16-‬‬
‫‪216_en.htm‬‬
‫‪56‬‬
‫حماية البيانات الت صية عبـر اإلنتـرن (التحديات ‪-‬‬

‫‪ -4‬الحـ ــق ف ـ ــي الول ـ ــوج وتص ـ ــحي البيان ـ ــات الت صـ ــية‪ :‬يمك ـ ــن لألش ـ ــخاص أن يص ـ ــرح له ـ ــم‬
‫ب ــالولوج إل ــى البيان ــات الشخص ــية الخاص ــة به ــم وتص ــحيحها ف ــي بع ــض األح ــوال عن ــد م ــنح‬
‫سلطات إنفاذ القـانون إمكانيـة الـدخول إلـى املحتـوي املعلوماتــي‪ ،‬وكـذا طلـب تصـحيحها إذا‬
‫كانت غيـر دقيقة‪.‬‬
‫‪ -5‬إخطـارهل فــي حالــة انتهــا أمــن بيانــاتهل الت صـية‪ :‬يجــب وضــع آليــة تنفيذيــة للتأكــد‬
‫مـ ــن االخطـ ــار عنـ ــد حـ ــدوث انتهـ ــاك لألمـ ــن املعلومات ـ ــي الخـ ــاص بالبيانـ ــات الشخصـ ــية‬
‫للسلطات املختصة وعند اللزوم فيما يتعلق بموضوع تلك البيانات‪.‬‬
‫‪ -6‬التـ ــدار القضـ ــا ي وإمكانيـ ــة إنفـ ــاذ الحقـ ــوق‪ :‬يمكـ ــن للمواطني ـ ــن األوروبيي ـ ــن أن يقومـ ــوا‬
‫بالتقاض ـ ـ ي أم ـ ــام املح ـ ــاكم األمريكي ـ ــة‪ ،‬إذا حص ـ ــل له ـ ــم ض ـ ــرر م ـ ــن ج ـ ـراء قي ـ ــام الس ـ ــلطات‬
‫األمريكيـ ــة باسـ ــتخدام بيانـ ــاتهم الشخصـ ــية أو افشـ ــاء تلـ ــك البيانـ ــات باملخالفـ ــة للقـ ــانون أو‬
‫إليها‪(1).‬‬ ‫منعهم من الولوج‬
‫ا‬
‫ثالثا ‪ -‬أحوال جواز نقل البيانات في إطار االتفاق‬
‫يمكن تبادل البيانات الشخصية بيـن االتحاد األوروبـي والواليات املتحدة األمريكية‬
‫في إطار االتفاق "مظلة الحماية" في األحوال التـي يكون هناك حاجة لتبادل البيانات‪،‬‬
‫ومنها البحث والتحـري عن الجـرائم وتعقب املشتبه فيهم والتعاون األمني والقضائي في‬
‫املسائل الجنائية‪ ،‬وكذا قضايا اإلرهاب‪.‬‬

‫وقد تطلبت االتفاقية أن تحصل السلطات في الواليات املتحدة األمريكية على‬


‫موافقة الجهة املانحة لها للمعلومات الخاصة بمواطني االتحاد األوروبـي إذا أرادت أن‬
‫تمنح تلك البيانات واملعلومات إلحدي السلطات في دول العالم الثالث‪ ،‬أو إحدى‬

‫– ‪(1) Martin A. Weiss, Kristin Archick us-eu data privacy: from safe harpor to safe shield- May 19,2016‬‬
‫‪congressional Research service- pp:8-12‬‬
‫‪57‬‬
‫حمايـ ـ ــة البيانـ ـ ــات الت صـ ـ ــية عب ـ ـ ــر اإلنت ـ ـ ــرن (التحـ ـ ــديات ‪-‬‬

‫املنظمات الدولية من أجل أغراض إنفاذ القانون‪ ،‬أو مالحقة املجـرميـن‪ ،‬أو تعقب املشتبه‬
‫القانون‪)1(.‬‬ ‫فيهم‪ ،‬أو تنفيذ األحكام‪ ،‬أو تطبيق‬
‫في ذات الوقت الذي سيتم فيه نقل البيانات الشخصية إلى سلطات إنفاذ القانون‬
‫األمريكية فإذا كانت هذه البيانات غيـر صـحيحة أو تمت معالجتها بشكل غيـر قانوني‪ ،‬فإن‬
‫مواطني االتحاد األوروبـي غيـر املقيميـن في الواليات املتحدة األمريكية لن يتمكنوا من‬
‫تعديل تلك البيانات أمام املحاكم األمريكية‪ ،‬بعكس املواطنيـن األمريكييـن الذيـن يمكنهم‬
‫(‪)2‬‬ ‫ذلك أمام املحاكم األوروبية‪.‬‬
‫ر ا‬
‫ايعا ‪ -‬اآلثار السلبية التفاق الدرع اآلمن لتبادل البيانات الت صية‬
‫تحتل أخبار انتهاك الحق في الخصوصية‪ ،‬والحـريات املدنية‪ ،‬وحـرية التعبيـر على‬
‫اإلنتـرنت‪ ،‬الصفحات األولى في وسائل اإلعالم‪ ،‬فمن "ويكيليكس" إلى "تامبورا" في‬
‫بـريطانيا‪ ،‬إلى "سنودن" و"بـريسم" في الواليات املتحدة األميركية‪ ،‬إلى بـرنامت األمن في كندا‪،‬‬
‫إلى تشديد الرقابة على اإلنتـرنت في ف ويال و"سورم ‪ "2‬و"سورم ‪،"3‬والسجل الواحد في‬
‫روسيا‪ ،‬واتخاذ إجـراءات تضمن تحديد هوية األشخاص‪ ،‬وحجب مواقع التواصل‬
‫االجتماعي‪ ،‬والجدار العظيم في الصيـن‪ ،‬وتأكيدا على أهمية البيانات الشخصية وضرورة‬
‫حمايتها ملنع استغاللها في اإلساءة إلى حقوق األفراد‪ ،‬وفي الوصول إلى مستخدمي وسائل‬
‫عمليات تجسس‬ ‫االتصاالت دون وجه حق‪ ،‬وقد كانت تصريحات "سنودن"‪ ،‬وكش‬
‫الواليات املتحدة األميركية على الدبلوماسييـن والسياسييـن واملواطنيـن‪ ،‬كما األجانب‪ ،‬قد‬
‫أثارت موجه من االستياء حول العالم‪ ،‬أدت فيما أدت‪ ،‬إلى قيام الرئيسة البرازيلية‪،‬‬

‫‪(1) EU Commission and United States agree on new framework for transatlantic data flows: EU-US‬‬
‫‪Privacy Shield-Strasbourg, 2 February 2016- http://europa.eu/rapid/press-release_IP-16-‬‬
‫‪216_en.htm‬‬
‫‪(2) Vera Jourova – Inspiring trust: Stronger Data Protection Rules to Boost The Digital Single Market-‬‬
‫& ‪European Commission- Speech- Check Against Dellvery- Brussels,5th Annual Data Protection‬‬
‫‪privacy conference, organized by forum Europe – pp:1-39/12/2014‬‬
‫‪58‬‬
‫حماية البيانات الت صية عبـر اإلنتـرن (التحديات ‪-‬‬
‫قمه دوليه حول مستقبل اإلنتـرنت‪ ،‬تناق فيها بشكل أساس ي حقوق‬ ‫بالدعوة لعقد ّ‬
‫الدول املختلفة في سياسة إدارة اإلنتـرنت وحماية الحقوق‪ ،‬ال ّ‬
‫سيما الحق في الخصوصية‬
‫وحماية البيانات الشخصية‪.‬‬

‫املحمول‪ ،‬وغيـرها من األجهزة‬ ‫فمع تدفق املعلومات وتـزايد استخدام الهوات‬


‫املتصلة باإلنتـرنت‪ ،‬وتضـخم إمكانات االتصال تتطور سبل الرقابة ووسائل جمع‬
‫املعلومات‪ ،‬وأساليب رصدها‪ ،‬والتنقيب عنها ومعالجتها وتحليلها‪.‬‬

‫وتحاول األجهزة الحكومية التعامل مع البيانات الشخصية واملعلومات من منطلق‬


‫ضرورة الرقابة والسيطرة‪ .‬وقد تطورت هذه املحاوالت بشكل كبيـر وازدادت حدة الرقابة‬
‫على البيانات واالتصاالت الشخصية بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبـر‪ ،‬حيث‬
‫ارتبطت هذه الرقابة بمكافحة اإلرهاب والحـرب عليه‪ ،‬وتستخدم العديد من الدول بـرامت‬
‫رقابه متطورة‪ ،‬كما تلجأ معظم شركات االتصال الكبـرى إلى تسليم البيانات واملعلومات‬
‫إلى الجهات األمنية والتـي تقوم بمقارنة البيانات التـي تسلم إليها بالتـي تم جمعها من‬
‫بيانات ولوائح‪ ،‬ومن رصد األفراد عبـر تطبيقات تحديد املواقع والوصول إلى أصدقائهم‬
‫الذكية‪ ،‬والبيانات الجغرافية واملوجودة على‬ ‫وعائالتهم وبيانات اتصاالتهم على الهوات‬
‫الصور التـي يتبادلونها على مواقع التواصل االجتماعي‪ ،‬عبـر هواتفهم وبـريدهم اإللكتـروني‪.‬‬
‫وقد أشارت أجهزة األمن البريطانية في بعض املستندات السرية إلى أن كثير من األلعاب‬
‫اإللكترونية األكثـر انتشارا تستخدم في أعمال األمن‪ ،‬السيما وأنها تسمح بتحديد موقع‬
‫الشخص‪ ،‬وعمره وجنسه‪ ،‬وغيـر ذلك من بياناته الشخصية (‪.)1‬‬

‫(‪ (1‬ســامح عبــد الواحــد التهــامي – الحمايــة القانونيــة للبيانــات الشخصــية "دراســة فــي القــانون الفرنس ـ ي"‪-‬‬
‫بحـ ـ ـ ــث منشـ ـ ـ ــور فـ ـ ـ ــي مجلـ ـ ـ ــة الحقـ ـ ـ ــوق – العـ ـ ـ ــدد ‪ – 3‬السـ ـ ـ ــنة ‪ – 35‬الصـ ـ ـ ــادر فـ ـ ـ ــي سـ ـ ـ ــبتمبر ‪– 2011‬‬
‫ص‪400‬ص‪410‬‬
‫‪59‬‬
‫حمايـ ـ ــة البيانـ ـ ــات الت صـ ـ ــية عب ـ ـ ــر اإلنت ـ ـ ــرن (التحـ ـ ــديات ‪-‬‬

‫مصادر ال طر‬
‫يبقى الحق في خصوصية البيانات الشخصية عرضة لالعتداء بالرغم من االعتراف‬
‫به من قبل العديد من القوانيـن‪ ،‬وهذا ال يرجع فقط نتيجة للنقص التشريعي‬
‫والتنظيمي‪ ،‬واملمارسات الحكومية‪ ،‬وإنما نتيجة لإلمكانات التقنية الهائلة‪ ،‬التـي تتيحها‬
‫تقنيات املعلومات واالتصاالت والتـي ال يمكن توقع إمكاناتها‪ ،‬ومنها تقنيات الرصد‪ ،‬وجمع‬
‫البيانات والتتبع واملعالجة والتنقيب‪ ،‬والوصول بسرعه فائقة إلى عدد أكبـر من الناس‪ ،‬في‬
‫أماكن مختلفة من العالم‪.‬‬

‫يضاف إلى ذلك‪ ،‬استحالة معالجة النتائت السلبية لالعتداءات في أحيان كثيـره‪ ،‬مع‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تعذر استعادة البيانات التـي تم االستيالء عليها‪ ،‬أو تعذر السحب‪ ،‬أو اإللغاء الكامل‬
‫للبيانات‪ ،‬أو األخبار التـي تم نشرها أو تشويهها أو تـزويـرها والتالعب بها‪ .‬هذا من دون أن‬
‫ننس ى الخطر الذي يمثله اقتحام بعض قواعد املعلومات الشخصية‪ ،‬سواء تلك التـي‬
‫تحتفظ بها الشركات أو تلك التـي تحتفظ بها الجهات الرسمية‪.‬‬

‫البيانات الشخصية لها قيمة اقتصاديه يسعى إليها املستثمرون بكل الوسائل‪ ،‬من‬
‫أجل تعزيـز فرص وصولهم إلى شرائح أكبـر وأوسع من الزبائن‪ ،‬وإلى تنمية فرص‬
‫استثماراتهم عبـر تحديد أطياف األشخاص وميولهم‪ .‬لذا يبدو واضـحا االرتباف الوثيق بيـن‬
‫حماية البيانات الشخصية وبيـن الخطوات األساسية التـي تتخذ في إطار حماية النمو‬
‫االقتصادي‪ ،‬سواء التقليدي منه أو الرقمي‪.‬‬

‫بشكل دائم ومستمر كي تتمكن من‬


‫ٍ‬ ‫والبيانات الشخصية هي ما تستخدمه السلطة‬
‫تحديد هوية شخص ما‪ ،‬سواء أكان مواطنا أم أجنبيا‪ ،‬فالحكومة تجمع البيانات‬
‫واملتـزايد على تكنولوجيا‬ ‫الشخصية بشكل متـزايد‪ ،‬ليس فقط بسبب اعتمادها الكثي‬
‫املعلومات واالتصاالت‪ ،‬وفي إطار تأديتها لدورها في إدارة أمور املواطنيـن وشئونهم‬

‫‪60‬‬
‫حماية البيانات الت صية عبـر اإلنتـرن (التحديات ‪-‬‬

‫الحياتية‪ ،‬بل أيضا بسبب رغبتها في حماية هؤالء وحماية سيادتها واستقرارها األمني‬
‫واالقتصادي‪)1(.‬‬ ‫واالجتماعي‬

‫وعليه تتشكل مصادر الخطر على الخصوصية‪ ،‬نتيجة االستخدام غيـر القانوني‪ ،‬أو‬
‫التعسفي للبيانات الشخصية‪ ،‬دون اعتبار لحقوق أصـحابها‪ ،‬السيما حقهم في‬
‫الخصوصية وذلك في القطاعيـن الخاص والعام على السواء‪ ،‬ويعلو منسوب األخطار مع‬
‫بعض البيانات الشخصية‪ ،‬التـي يمكن اعتبارها بيانات حساسة‪ ،‬وذلك نظرا ملا يمكن أن‬
‫يتـركه انكشافها من أثـر سلبـي على كيفية التعامل مع املعني بها‪ ،‬سواء من قبل السلطات‬
‫املختصة‪ ،‬أو من قبل اتخـرين‪ .‬وتتمثل هذه البيانات في كل ما يسمح بتحديد اتراء‬
‫واملعتقدات والوضع االجتماعي والعرق والهوية البيولوجية وامليول السياسية والجنسية‬
‫من هنا‪ ،‬تكون القاعدة فيما يتعلق بهذه البيانات هي حظر معالجتها‪ ،‬والسماح بمعالجتها‬
‫هو االستثناء‪ ،‬وذلك في حاالت ّ‬
‫محدده حصرا (‪.)2‬‬

‫املطلب الثاني ‪ -‬ضعف الحماية التشريعية للبيانات الت صية في العالل العربي‬
‫الفرع األول ‪ -‬عدم كفاية تشريعات حماية البيانات الت صية‬
‫هناك نقص واضـح في اإلطار التشريعي والتنظيمي لحماية البيانات الشخصية‬
‫والحياة الخاصة في الدول العربية‪ ،‬ويعتبـر البعض أن الدستور إطارا مالئما لهذه الحماية‬
‫استنادا إلى املبادئ والقواعد التـي تقر حماية الحـريات الفردية‪ ،‬فإن دساتيـر خمس دول‬
‫عربية فقط‪ ،‬تقر هذا الحق صراحة‪ ،‬وهي مصر وقطر وموريتانيا والجـزائر‪ .‬حيث أقر‬
‫الدستور املصري في املادة ‪ 57‬حماية الحياة الخاصة للمواطنيـن‪ .‬وأقر الدستور الجـزائري‬

‫‪(1) Conflict of interest, Privacy/ Confidentiality & Tissue Repositories: Protections, Policies & Practical‬‬
‫‪Stratigies Conference co-sponsored by Prim & R & the Colombia University Center of Bioeth-‬‬
‫‪ics.2004 may3-5,Boston,MA-pp:3-5‬‬
‫(‪ )2‬سامح عبد الواحد التهامي‪ .‬الحماية القانونية للبيانـات الشخصـية‪ :‬دراسـة فـي القـانون الفرنسـ ي‪ ،‬مجلـة‬
‫الحقوق‪ ،‬ع ‪ ،4‬السنة ‪ ،35‬ديسمبر ‪ ،2011‬ص‪230‬ص‪240‬‬
‫‪61‬‬
‫حمايـ ـ ــة البيانـ ـ ــات الت صـ ـ ــية عب ـ ـ ــر اإلنت ـ ـ ــرن (التحـ ـ ــديات ‪-‬‬

‫في املادة ‪ 39‬بعدم جواز انتهاك حـرمة حياة املواطن الخاصة‪ .‬ونص الدستور الليبـي في‬
‫املادة ‪ 16‬منه على أن للحياة الخاصة حـرمة‪ ،‬ويحظر التدخل فيها‪ ،‬إال إذا شكلت مساسا‬
‫بالنظام واتداب العامة‪ ،‬أو إضرارا باتخـريـن‪ ،‬أو إذا اشتكى أحد أطرافها‪ .‬ونص الدستور‬
‫املوريتاني في املادة ‪ 13‬أنه على الدولة أن تضمن شرف املواطن وحياته الخاصة‪.‬‬

‫وليس الحال بأفضل على مستوى القوانيـن الوضعية العربية‪ ،‬فبالرغم من الجهود‬
‫واملبادرات الرامية إلى تعزيـز االنخراف في مجتمع املعلومات‪ ،‬وإنشاء الحكومات‬
‫اإللكترونية وتنمية التجارة اإللكترونية عبـر إقرار عدد من التشريعات‪ ،‬إال أنه ليس هناك‬
‫نصوص صريحه وشامله لحماية البيانات الشخصية في الوطن العربـي سوى قانون‬
‫حماية البيانات الشخصية الصادر في اإلمارات العربية املتحدة في العام ‪ ،2007‬وهو‬
‫قانون خاص باملركز املالي صادر باللغة اإلنكلي ية‪ ،‬ومنسجم إلى حد بعيد مع "اإلرشاد‬
‫األوروبـي" للعام ‪ ،1995‬وقانون رقم ‪ 63‬العام في تونس‪ ،‬والذي تضمن بعض النصوص‬
‫الخاصة بحماية البيانات الشخصية في إطار التجارة اإللكترونية‪.‬‬

‫أما القوانيـن العربية األخـرى والتـي يمكن ذكرها فهي‪ :‬القانون املغربـي رقم ‪-2008‬‬
‫‪ ،09‬يضاف إلى ذلك بعض املواد التـي وردت عرضا في بعض القوانيـن‪ ،‬دون أي تفصيل‬
‫أو آليه حماية‪ ،‬والتـي تضمن تنفيذا فاعال لها‪ ،‬السيما لدى تعارض هذا الحق وهذه‬
‫الحماية مع املصلحة العامة وحقوق الغيـر‪ ،‬كقانون اإلحصاءات العامة املؤقت لسنة‬
‫‪ ،2008‬الصادر في األردن وفيه مواد خاصه بسرية البيانات اإلحصائية ومنع إفشاءها‪،‬‬
‫وقانون االتصاالت رقم ‪ 18‬الصادر في سوريا عام‪ ،2010‬الذي يؤكد على مبدأ احترام‬
‫الخصوصية‪ .‬وفي إطار هذا التجاهل تليات الحماية والتنفيذ وحدود املمارسة خطر أكيد‬
‫مع تصاعد وتيـرة معالجة البيانات الشخصية وازدياد أهميتها وإمكانات معالجتها‬
‫واستخدامها والربط بينها والتنقيب عنها بدون معرفة أصـحابها وموافقتهم‪.‬‬

‫‪62‬‬
‫حماية البيانات الت صية عبـر اإلنتـرن (التحديات ‪-‬‬

‫كما إن هناك عددا من مشروعات القوانيـن الخاصة باملعامالت اإللكترونية في كل‬


‫من الكويت وسوريا‪ ،‬أما في لبنان فقد أحيل مشروع قانون باملرسوم ‪ 9341‬على املجلس‬
‫النيابـي وتم فيه تخصيص الباب الخامس منه لحماية البيانات الشخصية دون إنشاء‬
‫هيئه خاصه يمكن الرجوع إليها كجهة توفر ضمانات الحياد والكفاءة التقنية انسجاما مع‬
‫املادة ‪ 8‬من املبادئ التوجيهية التـي عنوانها "الرقابة والعقوبات"‪ ،‬حيث أسند اإلعالم‬
‫باملعالجة والتـرخيص بها‪ ،‬االقتصاد والتجارة‪ ،‬وفي مالحظه أوليه كغيـرها من الوزارات‬
‫إدارة معنيه وغيـر مستقله‪ ،‬بمعنى أنها جـزء من الحكومة ومن سياساتها‪.‬‬

‫كما إن جميع الدول العربية أعضاء في األمم املتحدة‪ ،‬وملت مة اإلعالن العاملي‬
‫لحقوق اإلنسان‪ ،‬السيما املادة ‪ 12‬منه والتـي تقر عدم جواز التدخل التعسفي في حياة‬
‫األفراد الخاصة أو مراسالتهم وحقهم في حماية قانونيه تضمن ذلك‪ .‬ورغم عدم توافر‬
‫آليات التطبيق والتنفيذ وعدم وجود قواعد تفصيليه وتطبيقيه لتنظيم معالجة‬
‫البيانات‪ ،‬وحفظها والوصول إليها‪ ،‬وحقوق األشخاص في املراقبة واالعتراض والتصويب‬
‫واملحو وغيـر ذلك‪)1(.‬‬

‫ومما ال شك فيه أن هذا الفراغ التشريعي سيتسبب في تخبط في مواجهة املسائل‬


‫القانونية الناتجة عن انتشار معالجة البيانات الشخصية على جميع املستويات الحكومية‬
‫والتجارية الداخلية والخارجية‪ ،‬إضافة إلى استمرار جمع وتدفق البيانات عبـر الحدود‬
‫دون علم أصـحابها واستثمارها واستخدامها بشكل مناف لحقوق أصـحابها‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ -‬عدم وجود أطر لنقل البيانات عبـر الحدود‬


‫نظرا للطبيعة العابـرة للحدود لحماية البيانات الشخصية‪ ،‬ال بد من االلتفات إلى‬
‫األطر التـي يمكن البناء عليها واالنطالق منها‪ ،‬السيما وإن لهذه الحماية دور حاسم في‬

‫(‪ )1‬سامح عبد الواحد التهامي‪ .‬الحماية القانونية للبيانـات الشخصـية‪ :‬دراسـة فـي القـانون الفرنسـ ي‪ ،‬مجلـة‬
‫الحقوق‪ ،‬ع ‪ ،3‬السنة ‪ ،35‬ديسمبر ‪ ،2011‬ص ص‪.426-420‬‬
‫‪63‬‬
‫حمايـ ـ ــة البيانـ ـ ــات الت صـ ـ ــية عب ـ ـ ــر اإلنت ـ ـ ــرن (التحـ ـ ــديات ‪-‬‬

‫تشجيع التجارة والخدمات اإللكترونية وفي تحقيق االنسجام مع توجهات املنظمات‬


‫والهيئات الدولية‪ ،‬مثل منظمة التعاون والتنمية االقتصادية "‪ ،"OECD‬واالتحاد‬
‫األوروبي‪ ،‬واألمم املتحدة‪.‬‬

‫ويمكن االستفادة من اإلرشادات التـي وضعتها منظمة "‪ "OECD‬بشأن حماية الحياة‬
‫الخاصة وحـركة انتقال هذه البيانات عبـر الحدود‪ ،‬وتثيـر هذه املسألة أهمية توافر‬
‫اعتباريـن هما الشفافية واملسئولية‪ .‬ويقوم مبدأ الشفافية بحسب اإلرشادات على تأميـن‬
‫الوسائل الكفيلة بتحديد وجود البيانات الشخصية‪ ،‬وطبيعتها وأهداف معالجتها ووجهة‬
‫استخدامها‪ ،‬وتحديد هوية الحائز على هذه البيانات واملكان الذي يمارس فيه نشاطه‪ .‬أما‬
‫املسئولية فتعني‪ :‬أن يحتـرم الشخص الذي يحتفظ باملعلومات‪ ،‬القواعد واإلجـراءات التـي‬
‫تضمن تطبيق اإلرشادات‪.‬‬

‫وتأسيسا على التوافق الذي تحقق على املستوى األوروبـي فيما يتعلق بحماية‬
‫البيانات الشخصية وطرق نقلها عبـر الحدود‪ ،‬وانطالقا من االنسجام بيـن بعض األنظمة‬
‫القانونية العربية الالتينية املصدر‪ ،‬يمكن االستفادة من التوجه األوروبـي في هذا املجال‬
‫لتحقيق الحماية واالنسجام على املستوى العربي‪ ،‬كما يمكن االستفادة من التفسيـرات‬
‫والجوانب العملية لكيفية تطبيق اإلرشاد والقوانيـن األوروبية‪ ،‬التـي أبـرزتها أحكام‬
‫املحاكم األوروبية الصادرة في مجال حماية البيانات الشخصية‪.‬‬

‫ويسجل في هذا املجال اللجوء العملي ملعظم املشرعيـن الذيـن وضعوا قوانيـن‪،‬‬
‫وأولئك الذيـن أعدوا مشروعات قوانيـن في هذا املجال إلى القوانين الدولية‪ ،‬فقد نص‬
‫مشروع القانون اللبناني حول تنظيم املعامالت اإللكترونية الذي استـرشد بمبادئ‬
‫التوجيه األوروبـي بشأن حماية البيانات الشخصية‪ ،‬وأخذ عن تشريعات غربيه منها‬
‫من ‪ 175‬مادة‬ ‫التشريع الفرنس ي الصادر عام ‪ ،2004‬فقد خصص هذا االقتراح املؤل‬
‫‪ 30‬منه في الباب الخامس تحت عنوان "حماية املعلومات ذات الطابع الشخص ي"‪ ،‬وقد‬

‫‪64‬‬
‫حماية البيانات الت صية عبـر اإلنتـرن (التحديات ‪-‬‬

‫توزعت على خمسة فصول‪ ،‬أبـرزت عناوينها األحكام العامة‪ ،‬وعمليات جمع ومعالجة‬
‫املعلومات‪ ،‬واإلجـراءات الخاصة بتنفيذ هذه األخيرة‪ ،‬وحق الوصول والتصـحيح‪ ،‬واألحكام‬
‫املعلومات‪)1(.‬‬ ‫الجزائية التـي تطال مخالفة األحكام الخاصة بحماية‬

‫كما نص الدستور املصري الصادر عام ‪ 2014‬على حماية الحق في الخصوصية‬


‫ومنها البيانات الشخصية في املادة (‪ )57‬منه حيث نص على " للحياة الخاصة حـرمة وهي‬
‫مصونه ال تمس‪ ،‬وللمراسالت البـريدية والبـرقية واإللكتـرونية واملحادثات الهاتفية وغيـرها‬
‫من وسائل االتصال حـرمة وسريتها مكفولة وال تجوز مصادرتها أو االطالع عليها أو رقابتها‬
‫إال بأمر قضائي مسبب وملدة محددة وفي األحوال‪.‬‬

‫املبحث الثالث ‪ -‬التحديات التـي تواج حماية البيانات الت صية‬


‫املطلب األول ‪ -‬استلالل عدم إملام املستخدميـن بحقوقهل‬
‫يتم جمع عدد ضـخم من بيانات املستخدميـن وزائري املواقع اإللكتـرونية عن طريق‬
‫األدوات السابقة‪ ،‬والتـي يمكن من خالل تحليلها وتـرتيبها توقع نمط املستخدم وتفاعله‬
‫مع اإلنتـرنت‪ ،‬بحيث تمثل تلك املعلومات مكسبا اقتصاديا كبيـرا لشركات اإلعالن‬
‫والتسويق‪.‬‬

‫ولتالفي تسرب البيانات الشخصية عبـر شبكة اإلنتـرنت على غيـر رغبة املستخدم أو‬
‫دون معرفته لتأثيـراتها عن طريق العناصر الثالث السابقة‪ ،‬تقوم املواقع اإللكتـرونية عادة‬
‫عند التسجيل عليها بوضع نوعيـن من السياسات على موقعها "سياسة الخصوصية"‪،‬‬
‫و"سياسة االستخدام")‪ .(2‬وتشرح "سياسة ال صوصية" ماهية املعلومات الشخصية التـي‬

‫(‪ )1‬ســامح عبــد الواحــد التهــامي‪ .‬الحمايــة القانونيــة للبيانــات الشخصية‪:‬دراســة فــي القــانون الفرنس ـ ي‪ ،‬مجلــة‬
‫الحقوق‪ ،‬ع ‪ ،4‬السنة ‪ ،35‬ديسمبر ‪،2011‬ص ص‪.256-250‬‬
‫(‪ (2‬سامح عبد الواحد التهامي‪ .‬الحماية القانونية للبيانـات الشخصـية‪ :‬دراسـة فـي القـانون الفرنسـ ي‪ ،‬مجلـة‬
‫الحقوق‪ ،‬ع ‪ ، 3‬السنة ‪ ،35‬سبتمبر ‪ – 2011‬ص ص‪.439-423‬‬
‫‪65‬‬
‫حمايـ ـ ــة البيانـ ـ ــات الت صـ ـ ــية عب ـ ـ ــر اإلنت ـ ـ ــرن (التحـ ـ ــديات ‪-‬‬

‫يتم جمعها وكيفية استخدام املوقع للبيانات املجمعة‪ ،‬ويتم توضيح كل أو بعض الطرائق‬
‫التـي يتم بها جمع وتخـزيـن بيانات املستخدم‪ ،‬أو حفظها بسرية‪ ،‬أو استخدمها‪ ،‬أو‬
‫اإلفصاح عنها والتحكم بها‪ ،‬أو تداولها مع طرف ثالث‪ .‬وتسمح بعض املواقع للمستخدميـن‬
‫بإمكانية تعزيـز سياسة الخصوصية الخاصة بهم أو إمكانية عدم املوافقة على بعض‬
‫بنودها‪ ،‬بينما تقوم "سياسة االستخدام" بإعالم املستخدم عن قواعد استخدم املوقع‬
‫حساب املستخدم أو‬ ‫وما هو مسموح به‪ ،‬وما تعتبـره إدارة املوقع انتهاكا يلزم معه وق‬
‫إلغائ‪ .‬ومن خالل هاتيـن االتفاقيتبن تتمكن التطبيقات واملواقع من استخدام بيانات‬
‫الزوار الشخصية واالستفادة بها بشكل يبدو وكأن املستخدم يقوم بالدفع مقابل الخدمة‬
‫التـي يحصل عليها عن طريق اإلنتـرنت من بياناته الشخصية‪ ،‬فقد يفاجئ مثال بإن الصور‬
‫التـي قام بتصويـرها ونشرها على حسابه قد تم استخدامها‪ ،‬ونشرها‪ ،‬وبيعها بواسطة‬
‫الشركة املقدمة للخدمة‪ ،‬دون أن يحصل على أي عائد أدبـي أو مادي‪ .‬األمر ذاته يتم مع‬
‫ملفات الكوكيـز‪ ،‬حيث تخيـر بعض املواقع املستخدميـن بيـن املوافقة أو الرفض على‬
‫تخـزيـن ملفات الكوكيـز على أجهزتهم الخاصة‪ ،‬وألن معظم املستخدميـن ال يقضون فتـرة‬
‫كافية في قراءة سياسيات الخصوصية واتفاقية املستخدم ألسباب بعضها يعود إلى‬
‫املستخدم نفسه‪ ،‬وبعضها األخـر إلى الطريقة التـي تتم بها كتابة سياسات الخصوصية‬
‫بشكل معقد وقانوني وغيـر سلس‪ ،‬أو يتم تصميمها بشكل غير ملفت‪.‬‬

‫وتمثل البيانات الشخصية املتدفقة عبـر اإلنتـرنت للشركات عائدا اقتصاديا كبيـرا ‪،‬‬
‫ومتـراكما‪ .‬إذ يمكن استخدامها في تطويـر العديد من خطط الدعاية والتسويق التـي‬
‫تتبناها الشركات‪ ،‬فالتطور الكبيـر في أدوات جمع املعلومات وتحليلها‪ ،‬مكن الشركات من‬
‫جمع املعلومات الخاصة بنمط حياة املستخدميـن عن طريق تتبع نمط سلوكهم‬
‫االستهالكي‪ ،‬أو املواقع اإللكتـرونية املفضلة لديهم‪ ،‬ليتم بعدها بناء قواعد بيانات عريضة‬
‫للمستخدميـن وربطها باهتماماتهم وبتفصيالتهم‪.‬‬

‫‪66‬‬
‫حماية البيانات الت صية عبـر اإلنتـرن (التحديات ‪-‬‬

‫ومن ثم تلعب هذه البيانات دورا اقتصاديا كبيـرا في عمليات التسويق واإلعالنات‬
‫واختيار جمهور مستهدف بالدعاية‪ ،‬ومعرفة النمط االستهالكي لكل فرد‪ ،‬وتصني‬
‫املستخدميـن حسب شرائحهم العمرية أو االجتماعية أو االقتصادية‪ .‬األمر الذي يمكن‬
‫استغالله في عمليات بيع قواعد البيانات املصنفة تلك إلى شركات أخـرى لتحقيق عائد‬
‫مادي‪.‬‬

‫وفي تقريـر ملركز معلومات الخصوصية فإن "القائمون على جمع معلومات‬
‫أية معلومة يجمعونها إلكتـرونيا"‪ ،‬فنجد مثال أن شركة‬ ‫املستخدميـن يقومون بتصني‬
‫‪ Medical Marketing Service‬تقوم ببيع قوائم األفراد الذيـن يعانون من عدة أمراض‬
‫وتكون مرتبطة بإشارات مرجعية مع املعلومات املتعلقة بالعمر واملستوى التعليمي وحجم‬
‫األسرة ونوع الجنس والدخل وأسلوب الحياة والوضع االجتماعي ووجود أو عدم وجود‬
‫أطفال لدى املرض ى‪ ،‬وتشمل قائمة األمراض مرض السكري وسرطان الثدي وأمراض‬
‫القلب‪ ،‬بينما تبيع شركات أخـرى قواعد بيانات تحتوى على معلومات تتعلق بعادات حياة‬
‫األفراد وكتبهم املفضلة وصوال ملعتقداتهم الدينية‪ K‬وفي حالة عدم رغبة املستخدم في‬
‫تبادل بياناته الشخصية أو جمعها أو بيعها لشركات تسويق أو إعالنات بمبالغ ضـخمة‪،‬‬
‫فإن هذه العمليات تمثل انتهاكا لخصوصية بياناته الشخصية‪.‬‬

‫خطورة أخـرى يمكن أن تتعرض لها البيانات الشخصية للمستخدميـن أثناء عملية‬
‫تبادل املعلومات وجمعها وهي عدم تأميـن مسارات نقل تلك البيانات بشكل كافي‪ ،‬مما‬
‫يعرضها للسرقة‪ ،‬وهو ما يهدد األمان االجتماعي واملالي ألصحاب املعلومات‪ ،‬ويعرضهم‬
‫للخطر عن طريق الوصول ألرقام حساباتهم االئتمانية أو كلمات املرور التـي قد تحتفظ بها‬
‫املواقع ملدد غيـر محددة‪.‬‬

‫وتنص سياسة الخصوصية في العديد من املواقع والتطبيقات على بعض الشروف‬


‫التـي تمثل انتهاكا لخصوصية املستخدم‪ ،‬والتـي قد ال يلتفت إليها عند إنشاؤه حساب على‬

‫‪67‬‬
‫حمايـ ـ ــة البيانـ ـ ــات الت صـ ـ ــية عب ـ ـ ــر اإلنت ـ ـ ــرن (التحـ ـ ــديات ‪-‬‬

‫املوقع أو تحميله لتطبيقات بعض تلك املواقع‪ .‬وقد استجابت بعض الشركات املنتجة‬
‫للتطبيقات ملطالبات املستخدميـن التـي أثيـرت حول مستويات الخصوصية التـي توفرها‪،‬‬
‫وعملت على تحسيـن شروف خصوصيتها‪ ،‬ورهن نشر ومشاركة بيانات املستخدم مع‬
‫آخـريـن بموافقته أو رفضه‪ .‬ومن امثلة ذلك تعرض موقع التواصل االجتماعي "فيسبوك"‬
‫للعديد من االنتقادات بسبب سياسات خصوصيته التـي تسمح بانتهاك خصوصية‬
‫البيانات الشخصية ملستخدميه واستغاللها في التـرويت لإلعالنات عن طريق بيعها‬
‫لشركات إعالن‪ ،‬تقوم باستهداف املستخدميـن طبقا لبياناتهم الشخصية املختلفة‪.‬‬

‫وكذلك الحال عند التسجيل لدى موقع وتطبيق ياهو" )‪ (yahoo‬فإن سياسة‬
‫خصوصيته تنص على حقه في تغييـر سياسة الخصوصية دون إعالم مسبق للمشتـركين‪.‬‬
‫وكذلك تطبيق "الواتس آب" الذي تعرض للعديد من االنتقادات‪ ،‬خاصة بعد أن قامت‬
‫في تقريـر يفيد بقيامه‬ ‫عدد من املنظمات املهتمة بحماية البيانات والخصوصية بالكش‬
‫املستخدم دون سؤاله‪ ،‬ولعل صفقة شراء‬ ‫بالنفاد إلى كل األرقام املسجلة على هات‬
‫الفيسبوك لتطبيق الواتس آب يطرح العديد من التساؤالت حول خصوصية بيانات‬
‫مستخدمي الواتس آب الرقمية استنادا على تاري الفيسبوك مع سياسات الخصوصية‬
‫الرخوة‪ ،‬واملتالعب بها‪ ،‬والقلق بعد أن أصبح مستخدمو الواتس آب على وشك أن‬
‫يتحولوا إلى أحد منتجات الفيسبوك أرادوا ذلك أو لم يـريدوا‪.‬‬

‫ورغم تأكيدات كل من الشركتيـن على أن هذه الصفقة لن تغيـر شيئا من سياسة‬


‫الخصوصية التـي يتبعها الواتس آب‪ ،‬وأنه سيعمل بشكل مستقل عن الفيسبوك وسيبقى‬
‫خاليا من اإلعالنات كما اعتاد مستخدموه‪ ،‬حيث تبني الواتس آب منذ نشأته سياسة‬
‫متشددة تجاه اإلعالنات‪ ،‬إال أن التساؤل حول إلى أي مدى سيصمد تطبيق الواتس آب‬
‫أمام آلة الدعاية التـي أصبح عليها الفيسبوك‪ ،‬فهل يدرك ‪ 450‬مليون مستخدم لتطبيق‬
‫الواتس آب‪ ،‬واملرشحيـن للزيادة بشكل يومي بمقدار مليون مستخدم أنهم على وشك‬
‫مشاركة محادثتهم مع الفيسبوك عبـر اإلنتـرنت‪ ،‬فحتـى وإن لم يهتم البعض بهذه‬
‫‪68‬‬
‫حماية البيانات الت صية عبـر اإلنتـرن (التحديات ‪-‬‬

‫اإلشكالية‪ ،‬فبالنسبة للمستخدم الذي يلجأ الستخدام الواتس آب لعدم رغبته في معرفة‬
‫اتخـريـن لكل ش يء عنه سيمثل هذا األمر إزعاجا له‪ ،‬فتطبيق الواتس آب الذي يمكن‬
‫تحميله بشكل مجاني من معظم متاجـر اإلنتـرنت لكن الخدمة نفسها غيـر مجانية‪ ،‬فمن‬
‫أجل أن يبقى خاليا من اإلعالنات يقوم بتحصيل ‪ 99‬سنت في العام بعد السنة املجانية‬
‫األولى‪ ،‬أما اتن وبعد أن أصبحت الخدمة تنتمي للفيسبوك‪ ،‬فإن املستخدميـن لن يقوموا‬
‫فقط بدفع مقابلها من أموالهم‪ ،‬ولكن من معلوماتهم الشخصية أيضا‪ ،‬فالفيسبوك اتن‬
‫يمكنه النفاد إلى كل بيانات مستخدمي الواتس آب (كأرقام الهات ‪ ،‬العناوين‪ ،‬معلومات‬
‫الدفع) وهي البيانات التـي لم يكن لديه القدرة على الوصول إليها ما لم يقم املستخدميـن‬
‫أنفسهم بـربطها بحساباتهم على الفيسبوك‪.‬‬

‫املطلب الثاني ‪ -‬مكافحة االرهاب‬


‫عن‬ ‫أجهزة األمن لديها مشروعية تـرتبط بتفويضها لجمع وحفظ ومعالجة والكش‬
‫البيانات الشخصية‪ .‬وقد يكون األفراد الذيـن تـرتبط البيانات بهم أهدافا مشروعة ذات‬
‫الحاجة لجمع هذه‬ ‫أهمية بسبب االشتباه بضلوعهم بالتجسس أو اإلرهاب مثال‪ .‬وتختل‬
‫للجهاز‪(1).‬‬ ‫املعلومات من دولة ألخـرى ومن جهاز تخـر بحسب املسئوليات القانونية املحددة‬

‫لكن هناك خطر في التوسع في جمع البيانات‪ ،‬فإذا كان املشتبه به مشتـرك بأنشطة‬
‫إرهابية يحتمل أن تؤدي املعلومات املجموعة عنه إلى التوصل إلرهابيين وحماية الوطن‬
‫من هجمات إرهابية محتملة‪ ،‬فال يمكن اعتبار جمع املعلومات األولية غيـر مالئم‪ .‬لكن إذا‬
‫تأكد عدم وجود أي خطر من الشخص‪ ،‬فال ينبغي االستمرار في جمع املعلومات أو حتـى‬
‫االحتفاة بها أو استخدامها‪ .‬خشية ان يساء استخدام ملفات البيانات الشخصية من‬
‫قبل املسئوليـن في الدول االنتقالية مثال البتـزاز الخصوم السياسييـن أو الصـحافييـن‬
‫الفضوليين‪.‬‬

‫(‪ )1‬روتارو ورومانيا – رقم ‪ – 2006 -ECHR – 81/009348/54934‬الفقرة ‪84‬‬


‫‪69‬‬
‫حمايـ ـ ــة البيانـ ـ ــات الت صـ ـ ــية عب ـ ـ ــر اإلنت ـ ـ ــرن (التحـ ـ ــديات ‪-‬‬

‫والتحليل واالحتفاة باملعلومات‬ ‫كما يجادل أحيانا بأن عملية الحفظ والتصني‬
‫من قبل أجهزة االمن غيـر مؤذية‪ .‬لكن جمع البيانات الشخصية يطرح تهديدات أكثـر‬
‫وضوحا‪ ،‬وقد يكون تخـزينها خطرا ألن البيانات الشخصية مرتبطة بشكل وثيق‬
‫باالستقالل الشخص ي‪ .‬في الواقع يتقلص تحكم األفراد بحياتهم‪ ،‬السيما بالخيارات التـي‬
‫يتخذونها فيما يتعلق بالتفاصيل الشخصية ملن وألي مدى وألي هدف يختارون الكش‬
‫عنها‪ ،‬حيـن يسمح للوكاالت الحكومية بجمع البيانات الشخصية من مصادر متعددة‪.‬‬

‫بجمع املعلومات الشخصية عن األفراد‪ ،‬تكتسب أجهزة األمن بعض السيطرة على‬
‫األشخاص موضوع هذه املعلومات‪ .‬في أسوأ الحاالت‪ ،‬يمكن استخدام البيانات‬
‫الشخصية من قبل األجهزة بشكل غيـر مناسب ملمارسة الضغط على الساسة‬
‫والصـحفيين‪ .‬مجـرد معرفة أن األجهزة تحتفظ ببيانات شخصية قد يتسبب باضطراب‬
‫مؤذ‪ .‬حتـى املشاركة في املجتمع‬
‫نفس ي لألفراد املعنييـن‪ ،‬حتـى لو لم يحصل أي إفصاح ٍ‬
‫املدني قد تعيقها معرفة معلومات عن أشكال من النشاف السياس ي والصناعي‬
‫واالجتماعي يتم االحتفاة بها في ملفات أمنية‪.‬‬

‫مع األخذ بعيـن االعتبار الحاجة املبالغ فيها باالحتفاة باملعلومات األمنية لفتـرات طويلة‬
‫من الوقت‪ ،‬فقد يطال األذى األفراد لسنوات أو عقود طويلة‪ .‬فاملعلومات املرتبطة بأنشطة‬
‫شخص ما في شبابه مثال قد يتم االحتفاة بها في بعض الحاالت حتى يصبح الشخص‬
‫متقدما في السن‪ ،‬حتى وإن لم يكن للشخص في مراحل حياته الالحقة أي سبب يدعو‬
‫ملعاملته على أنه تهديد أمني‪.‬‬

‫باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬قد تكون البيانات الشخصية التـي تملكها أجهزة األمن غير كاملة‬
‫أو غيـر دقيقة أو غيـر صالحة بمرور الزمن‪ .‬في الحاالت القصوى‪ ،‬قد يكون تم الحصول‬
‫على البيانات بداعي أذية الشخص املعني بسبب العداوة الشخصية أو الغيـرة‪ .‬كذلك‪،‬‬

‫‪70‬‬
‫حماية البيانات الت صية عبـر اإلنتـرن (التحديات ‪-‬‬

‫املصادر ذات التحفيـز باملكافجت املالية قد يكون دافعها املبالغة واملغاالة بالوقائع لدى‬
‫تقديم املعلومات عن الناس‪.‬‬

‫تشمل املخاطر األخـرى املرتبطة بتخـزيـن البيانات القدرة غيـر املسبوقة لبعض أجهزة‬
‫األمن على ربط املعلومات عن الفرد من خالل الوصول الخاص إلى قواعد بيانات مرتبطة‬
‫والضرائب‪(1).‬‬ ‫بتنفيذ القانون والسجالت الطبية‬

‫وتحليل البيانات الشخصية‪ .‬فهناك‬ ‫وبالطبع‪ ،‬ال تنتهي املخاطر بتخـزيـن وتصني‬
‫مخاطر مرتبطة باستخدام هذه البيانات‪ .‬بعض هذه االستخدامات مشروع كالتدقيق‬
‫األمني لألشخاص‪ ،‬لكن البعض اتخـر ليس كذلك (كالتحديد النمطي ملواصفات‬
‫األشخاص على أساس الديـن أو العرق أو ممارسة ضغط خفي على شخص ما)‪،‬‬
‫عن الهوية عن البيانات الشخصية لإلعالم‪ ،‬فمثال قد يتسبب‬ ‫واإلفصاح دون الكش‬
‫للشخص الذي تـرتبط املعلومات به باألذى وفقدان الفرص‪ .‬وقد يؤثـر ذلك على مكانته‬
‫املهنية كما في الحاالت التـي يحصل فيها فقدان أو خسارة التصريح األمني‪ ،‬وبشكل عام‬
‫قد تتشوه سمعته‪ .‬كما إن اإلفصاح عن بيانات دون إثبات أو بصورة غيـر دقيقة‬
‫لحكومات أجنبية قد يؤدي إلى منع من السفر أو أسوأ من ذلك‪.‬‬

‫وملصلحة أجهزة األمن أن تضمن أن املعلومات التـي تملكها عن األهداف املشروعة‬


‫عادلة ودقيقة ومحدثة‪ .‬وقد تتأثـر فعالية وسمعة الخدمة بشكل سلبـي إذا أفصـحت أو‬
‫أسدت النصيحة أو تصرفت على أساس معلومات غيـر كاملة أو خاطئة أو غيـر صالحة‬
‫بفعل مرور الوقت‪ .‬غيـر أنه هناك بعض املخاطر ال بد منها في العمل األمني وهي تعزز‬
‫حجة املراقبة واإلشراف الخارجييـن إلجـراءات التعامل مع املعلومات‪ .‬ويشجع الضغط‬
‫الستباق املخاطر األمنية املستقبلية بشكل خاص األجهزة على املغاالة في جمع املعلومات‬
‫عن عدد متـزايد من األفراد‪ .‬وتشجع التغيـرات التكنولوجية أيضا كتحسيـن التنقيب في‬

‫(‪ )1‬إيــان ليــة‪ .‬االش ـراف علــى اســتخدام البيانــات الشخصــية – االش ـراف علــى أجهــزة االســتخبارات – رزمــة‬
‫أدوات ‪ -‬األداة ‪ – 6‬ص‪.120‬‬
‫‪71‬‬
‫حمايـ ـ ــة البيانـ ـ ــات الت صـ ـ ــية عب ـ ـ ــر اإلنت ـ ـ ــرن (التحـ ـ ــديات ‪-‬‬

‫البيانات على جمع وتخـزيـن كميات كبيـرة من املعلومات الشخصية كالبيانات حول حـركة‬
‫الرسائل اإللكتـرونية واألبحاث على الشبكة وحجـز الطيـران واملعامالت املالية‪.‬‬

‫املطلب الثالث ‪ -‬استخدام أجهزة األمن القومي للبيانات الت صية‬


‫الفرع األول ‪ -‬اعتبارات األمن القومي وحقوق اإلنسان‬
‫يتمتع الحق في خصوصية البيانات الشخصية بالحماية في إطار قانون حقوق‬
‫اإلنسان وفق املعاهدات الدولية الكبـرى‪ .‬إال إنه البد من تحديد معاييـر حقوق اإلنسان‬
‫القابلة للتطبيق‪ ،‬السيما تلك الواردة في االتفاقية األوروبية حول حقوق اإلنسان التـي‬
‫تعتبـر األكثـر تطورا‪ .‬وبخاصة في ظل إمكانية تأثير جمع واستخدام البيانات الشخصية‬
‫من قبل وكاالت األمن بشكل غيـر مباشر على حقوق اإلنسان األخـرى‪ ،‬كحق التعبيـر الحـر‬
‫التجمع‪)1(.‬‬ ‫وحق‬
‫وقد فسرت املحكمة األوروبية لحقوق اإلنسان هذا الحكم ليشمل االتصاالت‬
‫الهاتفية وأي وسيلة تواصل إلكتـرونية‪ )2(.‬وتتضمن معاهدة الحقوق األساسية التابعة‬
‫ملجلس أوروبا أحكاما صريحة لحماية البيانات الشخصية وهي ملزمة للدول األعضاء في‬
‫األوروبي‪)3(.‬‬ ‫االتحاد‬
‫كما إن أي حد من ممارسة الحقوق والحـريات الواردة في هذه املعاهدة يجب أن‬
‫يكون بموجب القانون ويحتـرم جوهر هذه الحقوق والحـريات‪ .‬وبحسب مبدأ التناسبية‪،‬‬

‫(‪ )1‬تنص املادة ‪ 8‬من االتفاقية األوروبيـة حـول حقـوق اإلنسـان التـي تنطبـق علـى الـدول األعضـاء ال ـ ‪ 47‬فـي‬
‫مجلس أوروبا على أنه‪ :‬للجميع الحق باحترام حياتهم الخاصة والعائلية وم لهم ومراسلتهم‪.‬‬
‫(‪ )2‬مجلس أوروبا – اتفاقية حمايـة االفـراد فيمـا يتعلـق باملعالجـة اتليـة للبيانـات الشخصـية ‪EST No.108‬‬
‫(ستراسبورغ ‪)1981/1/21‬‬
‫(‪ )3‬ت ــنص امل ــادة ‪ 8‬عل ــى أن ــه‪ :‬للجمي ـع الح ــق بحماي ــة بيان ــاتهم الشخص ــية الت ــي تعن ــيهم‪ ،‬يج ــب معالج ــة ه ــذه‬
‫البيانــات بشــكل عــادل ألهــداف محــددة وعلــى أســاس موافقــة الشــخص املعنــي أو علــى أســاس مشــروع‬
‫آخــر يــنص عليــه القــانون‪ .‬للجميــع الحــق بالوصــول إلــى البيانــات التــي تــم جمعهــا عــنهم والحــق بــأن يــتم‬
‫تصحيحها‪ ،‬يخضع االلت ام بهذه القواعد إلى رقابة من هيئة مستقلة‪.‬‬
‫‪72‬‬
‫حماية البيانات الت صية عبـر اإلنتـرن (التحديات ‪-‬‬

‫قد تفرض هذه الحدود إذا كانت ضرورية وتحقق أهداف املصلحة العامة أو الحاجة‬
‫لحماية حقوق وحـريات اتخـرين‪.‬‬

‫وقد وجدت املحكمة األوروبية لحقوق اإلنسان‪ ،‬أن امللفات األمنية الحكومية التـي‬
‫تحتوي على البيانات الشخصية تقع ضمن النطاق املحمي للحياة الشخصية املنصوص‬
‫عليها في املادة الثامنة من االتفاقية األوروبية حول حقوق اإلنسان‪ ،‬ووجدت املحكمة‬
‫أيضا في حاالت عدة أن معالجة البيانات الشخصية من قبل جهاز األمن يشكل تداخال‬
‫مع حق احتـرام الحياة الشخصية‪ ،‬وال يسمح به إال وفق معاييـر صارمة تحددها املواد‬
‫‪ )1(.8،2‬ولكي يكون حفظ جهاز األمن واستخدامه للبيانات الشخصية موافقيـن لالتفاقية‬
‫األوروبية لحقوق اإلنسان يجب أن يكون االستخدام وفق القانون ولصالح األمن‬
‫القومي‪)2(.‬‬

‫باإلضافة إلى ذلك وبموجب اختبار نوعية القانون أن يكون على قدر ٍ‬
‫كاف من‬
‫الوضوح في أحكامه ليـرشد املواطنيـن بشكل مناسب إلى كيفية أعمال نصوصه‪ ،‬وبما أن‬
‫التطبيق العملي إلجـراءات املراقبة السرية لوسائل االتصال غيـر متاحة للتمحيص من‬
‫قبل األشخاص املعنييـن أو الجمهور بشكل عام‪ ،‬يجب إال تسمح القوانيـن التـي تنظم‬
‫لقاض‬
‫ٍ‬ ‫جمع البيانات الشخصية بتـرجمة االجتهاد القانوني املمنوح للسلطة التنفيذية أو‬

‫(‪ )1‬لــدى معاين ــة قض ــية روت ــارو وروماني ــا ح ــول ملفــات امني ــة تح ــتفظ به ــا أجه ــزة االس ــتخبارات الروماني ــة‪،‬‬
‫وج ــدت املحكم ــة أن‪ :‬تخ ــزين هيئ ــة عام ــة ملعلوم ــات مرتبط ــة بالحي ــاة الخاص ــة لف ــرد م ــا واس ــتخدامها‬
‫ورفــض اعطــاء الفرصــة بنقضــها يعتب ـران تــداخال مــع الحــق بحمايــة الحيــاة الخاصــة التــي نصــت عليهــا‬
‫املادة ‪ 8،1‬من االتفاقية‬
‫(‪ )2‬وق ـ ــد فس ـ ــرت املحكم ـ ــة األوروبي ـ ــة لحق ـ ــوق اإلنس ـ ــان عب ـ ــارة وف ـ ــق الق ـ ــانون عل ـ ــى أن ـ ــه تقيي ـ ــد الح ـ ــق‬
‫بالخصوص ــية يج ــب أن يك ــون ل ــه أس ــاس ف ــي الق ــانون املحل ــي و أن يجت ــاز اختب ــار نوعي ــة الق ــانون ال ــذي‬
‫اعتبرتــه املحكمــة متاحـا للشــخص املعنــي الــذي عليــه أيضــا أن يــتمكن مــن اســتباق العواقــب وأن يكــون‬
‫مطابقا لسـيادة القـانون ‪ ،‬وبتطبيـق هـذه االختبـارات وجـدت املحكمـة أن انتهاكـات املـادة ‪ 8‬تكمـن حيـث‬
‫ال يرعى أجهزة االمن قانون ‪ ،‬أو اال يشمل أحكام تنظم جمع البيانات الشخصية وتخزينها‪.‬‬
‫‪73‬‬
‫حمايـ ـ ــة البيانـ ـ ــات الت صـ ـ ــية عب ـ ـ ــر اإلنت ـ ـ ــرن (التحـ ـ ــديات ‪-‬‬

‫كسلطة مطلقة‪ ،‬وبالتالي يجب تحديد نطاق هذا االجتهاد املمنوح وطريقة ممارسته‬
‫كاف لتوفيـر الحماية املناسبة للفرد ضد التدخل‪.‬‬
‫بوضوح ٍ‬
‫وبالنظر إلى هذه القوانيـن‪ ،‬تتأكد املحكمة من أمور عدة أبـرزها أنها تحدد‬
‫اإلجـراءات املتبعة لالختبار واستخدام وحفظ البيانات التـي يتم الحصول عليها‪،‬‬
‫واإلجـراءات االحتـرازية التـي يجب أخذها لدى مشاركة بيانات مع جهات أخـرى‪ ،‬والظروف‬
‫باملراقبة‪)1(.‬‬ ‫التـي يمكن أو يجب فيها إتالف السجالت التـي يتم الحصول عليها‬

‫ويأخذ اختبار نوعية القانون بعيـن االعتبار املخاوف األمنية‪ ،‬ففي إطار التدقيق‬
‫األمني مثال ال يتطلب جـزء التوقع في االختبار من املدعيـن أن يتمكنوا من توقع العملية‬
‫للتطبيق‪)2(.‬‬ ‫بالكامل‪ ،‬بل يجب أن يعطي القانون وصفا عاما فقط‬

‫(‪ )1‬تبين قضية حديثة تشمل الحكومة الروسية هذه املبادئ‪ .‬ووجدت املحكمة أن تسجيل ناشط حقوقي‬
‫فــي قاعــدة بيانــات املراقبــة الســرية تنتهــك املــادة ‪ 8‬مــن االتفاقيــة‪ .‬وبمــا ان قاعــدة البيانــات أنشــئت بنــاء‬
‫ألمــر وزاري غيــر معلــن وغيــر متــاح للجمهــور‪ ،‬لــن يكــون مــن املمكــن لهــذا األخيـر معرفــة ملــاذا بعــض األفـراد‬
‫مسجلين في قاعدة البيانات أو نوع املعلومات التي يـتم حفظهـا أو كيـ يـتم حفظهـا أو لكـم مـن الوقـت‬
‫أو كيـ سـيتم اسـتخدامها أو مـن يراقـب عليهـا ويفــرض اختبـار التوافـق مـع القـانون معيـارا صـارما جــدا‬
‫بغــض النظــر عــن املصــالح بالتــالي‪ ،‬يجــب ان يض ــع البرملــان أســس قانونيــة ســليمة الســتخدام البيان ــات‬
‫الشخصية من قبل أجهزة االمن‪.‬‬
‫(‪ )2‬فـي قضــية روتــارو ورومانيــا ‪ ، 12‬نظـرت املحكمــة األوروبيــة لحقــوق اإلنسـان‪ (ECTHR(،‬فــي قــانون رومــاني‬
‫عن تنظيم امللفات األمنية التي تحـتفظ بهـا الحكومـة‪ .‬وخلصـت املحكمـة إلـى أن القـانون غيـر وا ـح بمـا‬
‫يكفي في وص الظروف التي يمكن استخدامه فيها وبشكل خـاص اسـتخدامات املعلومـات الشخصـية‬
‫في امللفـات‪ ،‬كمـا ان القـانون لـم يحـدد أي آليـة لرصـد اسـتخدام املعلومـات‪ .‬ووجـدت املحكمـة أيضـا أن‬
‫ـاف مــن الوضــوح إلــى نطــاق االجتهــاد املمنــوح للحكومــة الرومانيــة‪.‬‬‫القــانون غيــر فعــال ألنــه ال يشــير بقــدر كـ ٍ‬
‫وبالتــالي يكــون القــانون قــد أخفــق فــي الحــد مــن ممارســة صــالحيات الحكومــة بجمــع وتســجيل وأرشــفة‬
‫املعلومــات الشخصــية فــي ملفــات ســرية‪ .‬وبشــكل خــاص‪ ،‬لــم يحــدد القــانون نــوع املعلومــات التــي يمكــن‬
‫تســجيلها وفئــات األشــخاص التــي تتخــذ بحقهــم إج ـراءات مراقبــة والظــروف التــي يمكــن فيهــا أخــذ هــذه‬
‫اإلجراءات واإلجراءات التـي يجـب اتباعهـا‪ .‬كمـا أن القـانون لـم يشـمل أي حـدود للمـدة الزمنيـة التـي يـتم‬
‫فيها االحتفاة باملعلومات‪.‬‬
‫‪74‬‬
‫حماية البيانات الت صية عبـر اإلنتـرن (التحديات ‪-‬‬

‫وبعد اجتياز عقبات الوضوح واإلتاحة واالستشراف لنوعية القانون تتطلب‬


‫االتفاقية معاينة لهدف وضرورة التدخل في الحياة الخاصة‪ .‬ويشمل ذلك تقييما‬
‫للتناسب‪ ،‬أي إذا ما كان يعتبـر التدخل مبالغ فيه حتـى إذا أخذ أحدهم بعيـن االعتبار‬
‫الهدف املشروع لحماية األمن القومي‪.‬‬

‫كما تأخذ املحكمة بعيـن االعتبار اإلجـراءات الوقائية التـي تم وضعها لإلشراف على تخـزيـن‬
‫واستخدام البيانات الشخصية‪ ،‬السيما تلك التـي تشمل هيئات مستقلة‪ .‬وتعتبـر املحكمة‬
‫كل حالة ال تتوفر فيها إجـراءات وقائية تتيح لإلنسان حماية حقه في الخصوصية انتهاكا‬
‫‪)1(.8‬‬ ‫للمادة‬

‫اما إذا تضمن القانون هذه اإلجـراءات‪ ،‬يعتبـر التأخـر الشديد في االستجابة لطلبات‬
‫انتهاكا‪)2(.‬‬ ‫األفراد في الوصول إلى معلوماتهم‬

‫لذا يلزم وضع ضوابط قانونية ملعالجة البيانات الشخصية من قبل أجهزة األمن‬
‫ولتضمن هيئات اإلشراف أن األجهزة ملتـزمة بالقوانيـن التـي تنظم معالجة هذه البيانات‪.‬‬
‫وتحدد القوانيـن أنواع البيانات الشخصية التـي قد تحتفظ بها أجهزة األمن واملعاييـر التـي‬
‫تطبق على معالجتها‪ ،‬كما يضع مجلس أوروبا اتفاقية لحماية البيانات تتضمن املبادئ‬
‫األساسية في هذا الشأن‪ ،‬وتلتـزم كل دولة موقعة باتخاذ اإلجـراءات القانونية لتفعيل‬
‫املبادئ األساسية لحماية البيانات ولفرض العقوبات على مخالفتها‪.‬‬

‫(‪ (1‬في قضية تورك (‪ )2006( )Turek V. Slovakia‬مثال‪ ،‬حيث اشتكى املـدعي مـن كونـه مسـجال كمتعـاون مـع‬
‫الوكالــة األمنيــة الشــيوعية التشيكوســلوفاكية الســابقة‪ ،‬ومــن إصــدار تصــريح أمن ـي لهــذا الغــرض ووقـ‬
‫عمله الذي يشكل تحديا لهذا التسجيل‪ ،‬وجدت املحكمة أن غياب أي إجراء يمكن للمدعي من خالله‬
‫الحصول على حماية حقه بالحياة الخاصة ينتهك املادة‪.8‬‬
‫(‪ (2‬فــي قضــية هراالمبي ـي ورومانيــا (‪ )2009( )Haralambie V. Romania‬وجــدت املحكمــة الرومانيــة أن تــأخر‬
‫الحكومة سـت سـنوات فـي السـماح لوصـول املـدعي إلـى ملفـه األمنـي الشخصـ ي الـذي تـم تشـكيله فـي ظـل‬
‫النظام الشيوعي السابق ينتهك حقه بموجب املادة ‪ 8‬من االتفاقية األوروبية حول حقوق اإلنسان‪.‬‬
‫‪75‬‬
‫حمايـ ـ ــة البيانـ ـ ــات الت صـ ـ ــية عب ـ ـ ــر اإلنت ـ ـ ــرن (التحـ ـ ــديات ‪-‬‬
‫كما يحدد التشريع أنواع البيانات الشخصية التـي يمكن معالجتها‪ ،‬ويعتـرف القانون‬
‫األملاني بمبدأ التناسبية‪ ،‬وبالتالي يـربط بيـن الحاجة لجمع البيانات ذات الصلة وجدية‬
‫التهديد‪ ،‬ويتطلب بشكل خاص من جهاز األمن األملاني دراسة إذا ما كان من املمكن‬
‫الحصول على املعلومات املرغوبة من مصادر مفتوحة باستخدام وسائل أقل انتهاكا لحق‬
‫الخصوصية‪ .‬وقد يحد مثل هذا القانون من احتمال انتهاك أجهزة األمن لحقوق اإلنسان‬
‫بمنع بعض أشكال السلوك كاستهداف األفراد بناء على اعراقهم أو دينهم أو آراءهم‬
‫السياسية‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ -‬اإلفصاح العام عن أنواع البيانات التـي يتل تخـزينها‬


‫يتطلب تشريع حماية البيانات في بعض الدول من أجهزة األمن نشر تفاصيل‬
‫عنها ووص‬ ‫البيانات الشخصية التـي يحتفظون بها وغايات جمعها وأسباب الكش‬
‫قواعد البيانات التـي تحفظها والشروف والضوابط القابلة للتطبيق على قواعد البيانات‪.‬‬
‫ويساعد نشر هذه املعلومات على تعزيـز الشفافية واملساءلة‪ .‬ويمكن األفراد من الوصول‬
‫إلى املعلومات وتصـحيحها‪ ،‬وأيضا ملعرفة املؤسسات الحكومية التـي تحتفظ ببياناتهم‬
‫الشخصية ونطاق هذا االحتفاة وأسبابه‪.‬‬

‫وقد وضعت بعض الدول قوانيـن لحماية البيانات تقر بحق األشخاص أصـحاب‬
‫البيانات في الوصول إلى بياناتهم التـي تحتفظ بها املؤسسات الحكومية‪ ،‬كما تقر بعض‬
‫قوانيـن حماية البيانات أيضا بحق الفرد في تصـحيح املعلومات والحصول على بيان‬
‫ضمني مع املعلومات املشكوك بدقتها أو بإتالف املعلومات‪ .‬وألسباب مرتبطة باألمن‬
‫القومي‪ ،‬تشمل هذه القوانيـن بشكل ثابت أحكاما خاصة للبيانات التـي تحتفظ بها‬
‫األجهزة األمنية‪ ،‬وتأخذ هذه األحكام أشكاال مختلفة‪ ،‬وتحصل األجهزة في بعض الدول‬
‫على إعفاء من قوانيـن حماية البيانات التـي ال تنطبق بكل بساطة على املعلومات التـي‬

‫‪76‬‬
‫حماية البيانات الت صية عبـر اإلنتـرن (التحديات ‪-‬‬

‫تملكها‪ ،‬وتتميـز هذه املسألة بالبساطة‪ ،‬لكنها قد تعتبـر مبالغة ألن اإلعفاءات تعفي‬
‫األجهزة األمنية من تبـريـر مخاوفها املتعلقة باألمن القومي‪.‬‬

‫ويمكن لألفراد طلب الوصول إلى بياناتهم الخاصة التـي تحتفظ بها أجهزة األمن‪،‬‬
‫ويحق لهم ممارسة هذا الحق بتوجيه طلب للهيئة املعنية أو من خالل مؤسسة لحماية‬
‫البيانات‪ .‬كما يحق لألفراد تصـحيح أي أخطاء في بياناتهم الشخصية‪ .‬وتـرد أي استثناءات‬
‫لهذه القواعد العامة في القانون وتنحصر في أداء مهام أجهزة األمن‪ ،‬والتي يقع على عاتقها‬
‫عن معلومات شخصية ملؤسسة عامة ويقدم ذلك ضمانة‬ ‫تبـريـر أي قرار بعدم الكش‬
‫عن تلك امللفات‪ .‬وعادة ما تكون هذه الشهادات مبالغ بها‪ ،‬فتستبعد‬ ‫بعدم الكش‬
‫التدقيق الخارجـي واملكاسب الناتجة عنه وتشمل ثقة العامة بمالءمة الجهاز‪ .‬ويمكن‬
‫محددة‪)1(.‬‬ ‫االستجابة للمخاوف بشأن أمن املعلومات باستثناءات‬

‫الفرع الثالث ‪ -‬التبليغ بجمع البيانات الت صية‬


‫تتطلب بعض الدول مثل (هولندا وأملانيا( أن يتم إبالغ األشخاص أصـحاب البيانات‬
‫الشخصية عقب جمعها وضمن حدود املعلومات التـي جمعت عنهم بإمكانية قيامهم‬
‫شخص ما‪.‬‬ ‫بالطعن على ذلك‪ ،‬وتفرض قيودا شديدة على قرار أجهزة األمن بفتح مل‬
‫لكن القيود املوضوعة على الحق في التبليغ من أجل حماية العمليات الجارية وهويات‬
‫املصادر قد تجعل هذا الحق وهميا في حاالت عدة‪ ،‬لذا تخضع هذه املمارسة حاليا‬
‫للمراجعة في هولندا‪.‬‬

‫ويمكن تطبيق مبادئ حماية البيانات بقيام أجهزة األمن بمراجعة دقيقة مللفات‬
‫البيانات الشخصية وتحديثها‪ ،‬وفي بعض الدول يـرتبط هذا االلتـزام بتصـحيح أو إتالف‬
‫املعلومات غيـر الصـحيحة أو التـي لم تعد ذات صلة‪ ،‬كما تجـري أجهزة األمن تقييمات‬

‫‪(1) Martin A. Weiss, Kristin Archick- U.S.-E.U. Data Privacy: From Safe Harbor to Privacy Shield-‬‬
‫‪19/5/2016 – Congressional Research Service – CRS Report- 7-5700- pp:7-11‬‬
‫‪77‬‬
‫حمايـ ـ ــة البيانـ ـ ــات الت صـ ـ ــية عب ـ ـ ــر اإلنت ـ ـ ــرن (التحـ ـ ــديات ‪-‬‬

‫للتأكد من دقة البيانات الشخصية التـي تحوزها‪ .‬وتلتـزم بحذف أو تحديث أي معلومات‬
‫َّ‬
‫تقيم على أنها غيـر دقيقة أو لم تعد ذات صلة بتفويضها‪ ،‬لتستند تقاريـر أجهزة األمن على‬
‫معلومات دقيقة‪ ،‬وعلى هذه األجهزة أن تضع إجـراءات ملراجعة وتنقيح البيانات‬
‫الشخصية وللتأكد من أنها محدثة وكاملة‪ ،‬فقد تكون املعلومات القديمة مضللة وبالتالي‬
‫أخطر من جهلها‪.‬‬

‫ونتيجة للطبيعة الوقائية واالستباقية لتقييم املخاطر من قبل أجهزة األمن القومي‪،‬‬
‫قد يلفت بعض األفراد نظر األجهزة قبل أن تجمع املعلومات اإلضافية التـي تحدد إذا‬
‫كانوا أهدافا مالءمة ملزيد من جمع البيانات كهدف مشروع‪ ،‬أو قد يكون للشخص‬
‫موضوع املعلومات ببساطة اسم مشابه السم هدف مشروع‪ .‬ويمكن تجنب انتهاك‬
‫الشخص‪)1(.‬‬ ‫محتمل لبياناته الشخصية بمطالبة األجهزة بإقفال مل ذلك‬

‫ال اتمة والتوصيات‬


‫ا‬
‫أوال ‪ -‬ال اتمة‬
‫في ظل ما سبق ذكره في متن الدراسة يمكننا أن نخلص إلى أن حماية البيانات‬
‫الشخصية لإلنسان هي من أهم حقوقه التـي نص عليها اإلعالن العاملي لحقوق اإلنسان‪،‬‬
‫والذي اتجهت الدول املتقدمة نحو التعمق في إقراره باعتباره حق لصيق باإلنسان‬
‫ويتوجب حمايته ونصت على ذلك كافة التشريعات الصادرة في هذا الشأن‪ .‬كما إن‬
‫املنطقة العربية في أغلبها لم تتجه نحو حماية حق اإلنسان على بياناته الشخصية‪،‬‬
‫فأصبحت متاحة ومباحة ملن يـريد انتهاكها دون حماية قانونية‪.‬‬

‫ومما ال شك فيه أن إسباغ وتعزيـز الحماية القانونية للبيانات الشخصية يتعارض‬


‫في الكثيـر من األحوال مع اعتبارات عديدة متصلة باألمن القومي للدول‪ ،‬ومنها مكافحة‬

‫‪(1) Martin A. Weiss, Kristin Archick- U.S.-E.U. Data Privacy: From Safe Harbor to Privacy Shield-‬‬
‫‪19/5/2016 – Congressional Research Service – CRS Report- 7-5700- pp:9-12‬‬
‫‪78‬‬
‫حماية البيانات الت صية عبـر اإلنتـرن (التحديات ‪-‬‬

‫اإلرهاب والجـريمة بأنواعها سواء منها املنظمة أو اإللكتـرونية أو الجـرائم التقليدية‪ .‬وعلية‬
‫فقد اتجهت العديد من املنظمات الدولية ومنها "اإلسكوا" إلى وضع إرشادات نموذجية‬
‫لالستـرشاد بها عند وضع تشريعات وقواعد لحماية البيانات الشخصية لإلنسان وكيفية‬
‫التعامل معها للحفاة على حق اإلنسان في خصوصية البيانات الشخصية الخاصة به‪،‬‬
‫إال إنه على الرغم من ذلك ال زالت الدول العربية تفتقد لتشريعات وآليات لحماية‬
‫البيانات الشخصية‪ ،‬وذلك غالبا ما يعزى العتبارات األمن القومي ومكافحة اإلرهاب‬
‫وعدم الرغبة في تقييد عمل تلك األجهزة‪ ،‬ومن ثم فإن هناك حاجة ماسة لتطويـر مفهوم‬
‫حماية البيانات الشخصية وإقرار قوانيـن لحمايتها‪ ،‬إعالء لحقوق اإلنسان ودعما للقيم‬
‫اإلنسانية العليا التـي نادى بها اإلعالن العاملي لحقوق اإلنسان وكافة املواثيق الدولية‬
‫الخاصة بحقوق اإلنسان‪.‬‬

‫ا‬
‫ثانيا ‪ -‬التوصيات‪:‬‬
‫‪ -1‬ضــرورة املســارعة بتبن ـي آليــة لــدعم الــدول التــي لــيس لــديها تشــريعات لحمايــة البيانــات‬
‫الشخصـية لوضــع إطــار إلصــدار تشــريعات فــي هـذا الشــأن‪ ،‬وتقــديم الــدعم الــالزم لهــا فــي‬
‫هذا الشأن‪.‬‬
‫‪ -2‬تحفيــز الــدول التــي تبــدي توجهــا نحــو إعــالء حــق اإلنســان فــي حمايــة بياناتــه الشخصــية‬
‫مــن خــالل دعمهــا تقني ـا ومــن خــالل الخب ــراء القانونيي ــن والتنفيذيي ــن فــي هــذا املجــال‪،‬‬
‫إلق ـ ـرار التشـ ــريعات الخاصـ ــة بـ ــذلك‪ ،‬ووضـ ــع اتليـ ــات التنفيذيـ ــة لهـ ــا موضـ ــع التنفيـ ــذ‬
‫الحقيقي‪.‬‬

‫‪79‬‬
‫حمايـ ـ ــة البيانـ ـ ــات الت صـ ـ ــية عب ـ ـ ــر اإلنت ـ ـ ــرن (التحـ ـ ــديات ‪-‬‬

‫املراجــــع‬
‫ا‬
‫أوال ‪ -‬مراجع بالللة العربية‪:‬‬
‫‪ ‬األهــواني‪ ،‬حس ــام الدي ــن كام ــل‪( .‬د‪ .‬ت)‪ .‬الح ــق ف ــي احتـ ـرام الحي ــاة ال اص ــة "الح ــق ف ــي‬
‫ال صوصية "‪ :‬دراسة مقارن ‪ .‬القاهرة‪ :‬دار النهضة العربية‪.‬‬
‫‪ ‬التهــامي‪ ،‬ســامح عبــد الواحــد‪" .)2011( .‬الحمايــة القانونيــة للبيانــات الشخصــية‪ :‬دراســة‬
‫فــي القــانون الفرنسـ ي" (القســم األول)"‪ ،‬مجلــة الحقــوق‪ ،‬ع (‪ – )3‬الســنة (‪ ،)35‬سبتمبــر‬
‫الكويت‪ :‬جامعة الكويت‪.‬‬
‫‪ ‬التهامي‪ ،‬سامح عبد الواحد‪ .)2011( .‬الحماية القانونية للبيانات الشخصية "دراسة فـي‬
‫القــانون الفرنس ـ ي"‪ ،‬مجل ــة الحق ــوق‪ ،‬ع ( ‪ ،)4‬الس ــنة (‪ ،)35‬ديسمب ــر ‪ .‬الكوي ــت‪ :‬جامع ــة‬
‫الكويت‪.‬‬
‫‪ ‬الشـ ـري ‪ ،‬سـ ــارة‪ .)2014( .‬خصوصـ ــية البيانـ ــات الرقميـ ــة‪( ،‬سلسـ ــلة أوراق الحـ ــق فـ ــي‬
‫املعرفة)‪ ،‬القاهرة‪ :‬مركز دعم تقنية املعلومات‪ ،‬اإلصدار الثالث‪.‬‬
‫‪ ‬الطويل‪ ،‬عزيـزة‪ .)2015( .‬الحماية القانونية للبيانات الت صية‪ .‬القاهرة‪ :‬مركـز دعـم‬
‫تقنيــة املعلومــات‪( ،‬سلســلة أوراق الحــق فــي املعرفــة)‪ ،‬منشــور ب ــرخصة املشــاع اإلبــداعي‬
‫املنس ـ ـ ــوب للمصـ ـ ــدر‪ ،‬اإلصـ ـ ــدار ‪ 4‬غي ـ ـ ــر املوطئ ـ ـ ــة‪ ،‬منش ـ ـ ــور عل ـ ـ ــى املوق ـ ـ ــع اإللكت ـ ـ ـ ــروني‪:‬‬
‫‪http://sitcegypt.org‬‬
‫‪ ‬املــري‪ ،‬عــايض راشــد‪( .‬بــدون تــاري ) ال صوصــية وحمايــة البيانــات‪ ،‬بحــث منشــور علــى‬
‫املوقع اإللكتـروني‪http://www.dralmarri.com/show.asp2field=res_a&id=199 :‬‬
‫‪ ‬جب ــور‪ ،‬من ــى األش ــقر‪ :‬ومحم ــود جب ــور‪ .)2008( .‬الق ــانون واإلنتـ ــرن ‪ :‬تح ــدي التكيي ــف‬
‫والضبط‪ .‬بيروت‪ :‬املنشورات الحقوقية‪ ،‬صادر‪.‬‬
‫‪ ‬ح ــرب‪ ،‬وس ــيم‪ .)2005( .‬محاض ـرات ال ــدكتور وس ــيل ح ــرب ‪ :2005- 1995‬الدراس ــات‬
‫العلي ــا ف ــي الق ــانون ‪ .‬بي ــروت‪ :‬مكتــب املحام ــاة واالستشــارات القانوني ــة والتحكــيم‪ -‬كلي ــة‬
‫الحقوق – الجامعة اللبنانية‪،‬‬

‫‪80‬‬
‫حماية البيانات الت صية عبـر اإلنتـرن (التحديات ‪-‬‬

‫‪ ‬حم ــوري ش ــهد؛ و ري ــم املص ــري‪ .)2106 ( .‬ق ــانون حماي ــة البيان ــات الت ص ــية‪ :‬م ــا يمك ــن‬
‫تعلم ـ ــة م ـ ــن تج ـ ــارب ال ـ ــدول األخـ ـ ــر ‪ ،‬بح ـ ــث منش ـ ــور عل ـ ــى ش ـ ــبكة اإلنتـ ـ ـرنت عل ـ ــى املوق ـ ــع‬
‫اإللكتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــروني‪http://41cg8625y6q72hgprjb7uwy1.wpengine.netdna- :‬‬
‫‪cdn.com/wp-content/uploads/2016/01/Reem.pdf‬‬
‫‪ ‬قايـ ـ ــد‪ ،‬أس ـ ـ ــامة عب ـ ـ ــد ي‪ .)1994( .‬الحماي ـ ـ ــة الجنائي ـ ـ ــة ل حي ـ ـ ــاة ال اص ـ ـ ــة وبن ـ ـ ــو‬
‫املعلومات‪ ،‬القاهرة‪ :‬دار النهضة العربية ‪.‬‬
‫‪ ‬عــرب‪ ،‬يــونس‪ .)2002( .‬امل ــاطر الت ــي ته ــدد ال صوص ــية وخصوص ــية املعلوم ــات ف ــي‬
‫العصر الرقمي‪ .‬دراسة منشورة على موقع ‪2002 –www.arablaw.org‬‬
‫‪ ‬منتصر‪ ،‬سهيـر‪ .)2006( .‬النظرية العامة ل حق ‪ .‬القاهرة‪ :‬بدون دار نشر ‪.‬‬

‫ا‬
‫ثانيا ‪ -‬مراجع بالللة األجنبية‪:‬‬
‫‪ Burkert, Henri. (1982). "Institutions of Data Protection: An Attempt at a Func-‬‬
‫‪tional Exploration of European National Data Protection Laws", Computer Law‬‬
‫‪Journal, 3 (2).‬‬
‫‪ OECD. (1980). Guidelines on the Protection of Privacy & Trans Borders Flows‬‬
‫_‪of Personal Data, https://www.oecd.org/document/18/0.2340,en2649_34255‬‬
‫‪1815186_1_1_1_1,00,html‬‬
‫‪ PRIM & R. (2004). "Conflicts of Interest, Privacy/ Confidentiality, and Tissue Re-‬‬
‫‪positories: Protections, Policies, and Practical Strategies", Conference Co-‬‬
‫‪sponsored by PRIM & R and the Columbia University Center of Bioethics.‬‬
‫‪May 3-5; Boston, MA.‬‬
‫‪ http://sitcegypt.org/2p=4048‬‬

‫‪81‬‬
- ‫حمايـ ـ ــة البيانـ ـ ــات الت صـ ـ ــية عب ـ ـ ــر اإلنت ـ ـ ــرن (التحـ ـ ــديات‬

 Jérôme Michael: Privacy and Human Rights: An International ou comparative


study with special reference to developments in Information Technology, Dart
month 1994)
 Henri Burkert: Institutions of data Protection: An Attempt at a Functional Explora-
tion of European National Data Protection Laws Computer Law Journal 1982,
3(2), 167 – 188)
 Joëlle BEDEREDE. Données personnelles dans L'entreprise quelles précautions
Faut-il prendre aujourd'hui, art disponible sur www, entreprise-et-droit com.
 Steven S. McCarty-Snead, Anne Titus Hilby – research Guide to European Protec-
tion Law – Berkeley Law Scholarship Repository – Legal Research Series
 Conflict ofinterest, Privacy/ Confidentiality & Tissue Repositories: Protections,
Policies &Practical Stratigies Conference co-sponsored by Prim & R & the Colom-
bia University Center of Bioethics.2004 may3-5, Boston, MA
 Martin A. Weiss, Kristin Archick- U.S.-E.U. Data Privacy: From Safe Harbor to Pri-
vacy Shield- 19/5/2016 – Congressional Research Service – CRS Report- 7-5700

82

You might also like