Professional Documents
Culture Documents
إصدار خاص عن (اجمللة العربية لإلدارة) دورية إقليمية ربع سنوية مُحكمة
تصدرها املنظمة العربية للتنمية اإلدارية -جامعة الدول العربية
ملحق العدد الثاني ،اجمللد 2018 ،38
2018
املقر الرئيس
Web site: www.arado.org
رئيس التحرير
أ .د .عادل حممد زايد
أستاذ إدارة األعمال
كلية التجارة -جامعة القاهرة
مجهورية مصر العربية
مدير التحرير
عالء مجال سالمة
رئيس وحدة النشر والتوزيع
املنظمة العربية للتنمية اإلدارية
فعندما يتعامل الشخص مع جهة عامة أو خاصة للحصول على خدمة أو حتـى
شراء سلعة معينة ،فإن هذه الجهة تطلب منه بياناته الشخصية ،وذلك حتـى تسمح له
بالحصول على هذه الخدمة أو السلعة ،ويقوم الشخص باإلفصاح عن بياناته الشخصية
لهذه الجهة في سبيل الحصول على الخدمة أو السلعة دون أن يفكر بشأن مصيـر بياناته
التـي تم اإلفصاح عنها ،ولكنه يفاجأ بعد فترة زمنية قصيـرة أو طويلة أن بياناته التـي قام
باإلفصاح عنها يتم استعمالها من قبل الجهات التـي تم اإلفصاح لها عن هذه البيانات ،أو
من قبل جهات أخـرى غيـر التـي قام باإلفصاح لها عن هذه البيانات.
فعندما تقوم هذه الجهات بتجميع البيانات الشخصية ،فإن هناك نظاما آخـر خفيا
في التعامل مع هذه البيانات الشخصية ،هذا النظام قد يتطور فيه التعامل في هذه
البيانات من مجـرد تجميعها وتخـزينها إلى االتجار فيها وبيعها بهدف الحصول على الربح.
كما إن تطور أساليب الدعاية والتسويق أدى إلى أن تصبح البيانات الشخصية هي
األساس الذي يتم بناء أساليب الدعاية عليه ،فقد ظهرت نظرية "التسويق املباشر" التـي
تقوم على أساس إنشاء دعاية خاصة لكل عميل وفقا ملا يتم تجميعه من معلومات عنه،
وهذه املعلومات هي البيانات الشخصية لهذا العميل ،لذا أصبح للبيانات الشخصية
قيمة مادية ،مما أدى إلى ظهور "تجارة البيانات الشخصية" ،حيث أصبحت سببا لربح
واألفراد)1(. كثيـر من الشركات
( )1س ــارة الش ــري .)2014( .خصوص ــية البيان ــات الرقمي ــة ،سلس ــلة أوراق الح ــق ف ــي املعرف ــة .مرك ــز دع ــم
لتقنية املعلومات ،اإلصدار الثالث ،القاهرة ،ص.5
5
حمايـ ـ ــة البيانـ ـ ــات الت صـ ـ ــية عب ـ ـ ــر اإلنت ـ ـ ــرن (التحـ ـ ــديات -
أهمية الدراسة
تنبع أهمية الدراسة من أنه على الرغم من عدم وجود تشريع يحمي البيانات
الشخصية لألفراد في معظم مجتمعاتنا العربية وباألخص في مصر ،على الرغم من وجود
تنظيم قانوني دولي وإقليمي في أوروبا واتفاقيات لحماية البيانات التـي يتم تداولها تحت
ضغط اعتبارات املصالح القومية العليا للدول األوروبية وأمريكا في محاربة اإلرهاب،
ومدي االحتياج إلى وجود تنظيم تشريعي لحمايتها في ظل القيمة الكبيـرة للمعلومات
الشخصية سواء من ناحية القيمة املادية أو االستـراتيجية لها ،ومدي أهمية حمايتها
كجـزء من األمن القومي للدول ،وكذا إلعالء حقوق وحـريات األفراد وحماية حقوقهم في
( )1سارة الشري .)2014( .خصوصية البيانات الرقمية – املرجع السابق – ص1
6
حماية البيانات الت صية عبـر اإلنتـرن (التحديات -
خصوصية بياناتهم الشخصية وعدم تداولها أو معالجتها أو تحليلها دون إذن أصـحابها أو
مسوغ من القانون.
ومن هنا بات من الضروري التعرف على التحديات التـي تواجه تحقيق تلك الحماية
وما هي الحلول املمكنة لتفعيل الحماية للبيانات الشخصية كخطوة أساسية نحو إعالء
قيمة اإلنسان وحماية حقوقه.
تساؤالت الدراسة
وفي إطار تلك األهمية تثور عدة تساؤالت تتمثل في:
-1ما هو املقصود بحماية البيانات الشخصية؟
-2ما هي أهمية حمايـة البيانـات الشخصـية ومراحـل تطـور تلـك الحمايـة؟ ومـا هـي مراحـل
معالجتها؟
-3مــا هــو األســاس القــانوني لحمايــة البيانــات الشخصــية علــى املســتوى الــدولي واإلقليمــي
والوطني؟
-4ما هي صور انتهاكات خصوصية البيانات الشخصية؟
-5م ــا ه ــي التح ــديات املختلف ــة التـ ــي تواج ــه حماي ــة البيان ــات الشخص ــية؟ وكيـ ـ يمك ــن
التغلب عليها؟
-6مــا هــي اتليــات القانونيــة والتقنيــة والتنفيذيــة لحمايــة خصوصــية البيانــات الشخصــية
من االنتهاك أثناء تداولها القانوني؟
منهج الدراسة
مسألة اتبع الباحث في هذه الدراسة املنهج الوصفي التحليلي املقارن الذي يص
حماية خصوصية البيانات الشخصية واملبادئ األساسية التـي تقوم عليها ،والتحديات
7
حمايـ ـ ــة البيانـ ـ ــات الت صـ ـ ــية عب ـ ـ ــر اإلنت ـ ـ ــرن (التحـ ـ ــديات -
القانونية والتقنية والتنفيذية التـي تعوق تفعيل تلك الحماية ،ثم يقوم الباحث بتحليل
ما تم تطبيقه في التجارب الدولية في هذا الشأن لوضع تصور لحل تحديات الحماية.
مشكلة الدراسة
إن البيانات الشخصية هي أحد املحاور املهمة واألساسية في الحق في الخصوصية
والتـي تناولتها املواثيق الدولية ونصت عليها باعتبارها حقا أساسيا من حقوق اإلنسان،
لذا فقد تواتـرت التشريعات املختلفة على حمايتها .ومع التطور الحادث في استخدام
شبكة اإلنتـرنت ومواقع التواصل االجتماعي وما تحوية من بيانات ومعلومات شخصية
خاصة باألفراد ،وظهور تقنيات متقدمة لجمع ومعالجة البيانات الشخصية الستخدامها
في العديد من األغراض التـي تعد انتهاكا لحق اإلنسان في الخصوصية ،فقد أسبغت
العديد من املواثيق الدولية واإلقليمية الحماية للبيانات الشخصية ،وبخاصة في الواليات
الحماية القانونية لتلك الحقوق التـي زاد املتحدة واالتحاد األوروبـي .وفي ظل ضع
االهتمام بحمايتها بشكل كبيـر في اتونة األخيـرة في ظل االستخدام املتنامي ملواقع التواصل
االجتماعي ،ومن ثم صار من األهمية بمكان التعرف على الحماية التـي طبقها املجتمع
الدولي في هذا اإلطار والتحديات التـي تواجه تفعيلها وتعزيـزها ،ثم الحلول املقتـرحة وفقا
ملا تم تطبيقه في تلك الدول.
8
حماية البيانات الت صية عبـر اإلنتـرن (التحديات -
بشكل دقيق ،أما إذا تم ربطها ببعضها البعض ،فقد يمكن التوصل إلى تحديد هوية
صاحبها ،أما إذا اكتفى النص القانوني بحماية البيانات املرتبطة بالشخص بشكل
مباشر ،فقد يسمح ذلك لبعض الجهات بانتهاك خصوصية البيانات وبخاصة في ظل
ومشاركتها)1(. تطور وسائل جمعها
وعرف املشرع الفرنس ي البيانات الشخصية بأنها "أية معلومة تتعلق بشخص طبيعي
محددة هويته أو من املمكن تحديد هويته بطريقة مباشرة أو غيـر مباشرة" ،ويقصد
بالبيانات الشخصية في املادة الثانية من قانون املعلوماتية والحـريات الفرنس ي رقم 78
لسنة 1978واملعدل بأحكام القانون الصادر في 30ينايـر 2002بأنها "كل املعلومات
املتعلقة بشخص طبيعي محدد أو يمكن تحديده مباشرة بواسطة رقم معيـن ،أو بواسطة
رب عنصر أو أكثـر خاص به" .وبناء عليه ذهبت محكمة النقض الفرنسية إلى أن كش
العمل عن موطن العامل بدون موافقة األخيـر يعتبـر اعتداء على حياته الخاصة.
( )1د .عزيـزة الطويـل – ( )2015الحمايـة القانونيــة للبيانـات الشخصـية – مركــز دعـم لتقنيـة املعلومــات –
سلسلة أوراق الحق في املعرفـة – منشـور برخصـة املشـاع اإلبـداعي املنسـوب للمصـدر -اإلصـدار 4غي ـر
املوطئة – منشور على املوقع االلكتروني –http://sitcegypt.org:ص2ص3
(2) Guidelines on the Protection of Privacy & Trans Borders Flows of Personal Data, 1980,
https://www.oecd.org/document/18/0.2340,en 2649_34255_1815186_1_1_1_1,00,html
9
حمايـ ـ ــة البيانـ ـ ــات الت صـ ـ ــية عب ـ ـ ــر اإلنت ـ ـ ــرن (التحـ ـ ــديات -
وبخاصة البيانات الشخصية ( .)1فهي التـي تتعلق بالديـن أو العرق أو املعتقدات أو
تلك البيانات في خطورتها الطائفة التـي ينتمي إليها الشخص أو سجلة اإلجـرامي ،وتختل
في الحماية املطلوبة لها ،فأكد التوجيه األوروبـي على موافقة وأهميتها ،ومن ثم تختل
اإلنجليـزي)2(. صريحة من صاحب البيانات على التعامل على بياناته ،وكذا القانون
وقد عرف البعض خصوصية البيانات الشخصية بأنها "مطالبة األشخاص بأال
تكون البيانات الخاصة بهم متاحة لالطالع عليها ،ومن ثم معالجتها أو إجـراء أية عمليات
عليها ولو كانت مملوكة تخـريـن فيتحقق لهم صالحية ممارسة قدر من السيطرة أو
استخدامها")3(. التحكم في تلك البيانات وطريقة
أما "روجـر" ،فقد عرفها بأنها "رغبة الشخص في التحكم أو التأثيـر بشكل كبيـر في
الشخصية")4(. كيفية التعامل مع بياناته
(1) Conflicts of Interest, )2004( Privacy/Confidentiality, and Tissue Repositories: Protections, Policies,
and Practical Strategies Conference Co-sponsored by PRIM&R and the Columbia University Center
of Bioethics. 2004 May 3-5 ; Boston, MA
(2) http://sitcegypt.org/?p=4048
( )3د .أســامة عبــد ي قايــد – الحمايــة الجنائيــة للحيــاة الخاصــة وبنــوك املعلومــات -دار النهضــة العربيــة -
– 1994ص46
( )4شهد حموري – ريم املصري – ( )2014قانون حماية البيانات الشخصية (ما يمكن تعلمة من تجارب
ال ـ ـ ـ ـ ـ ــدول األخ ـ ـ ـ ـ ـ ــرى) – بح ـ ـ ـ ـ ـ ــث منش ـ ـ ـ ـ ـ ــور عل ـ ـ ـ ـ ـ ــى ش ـ ـ ـ ـ ـ ــبكة االنترن ـ ـ ـ ـ ـ ــت عل ـ ـ ـ ـ ـ ــى املوق ـ ـ ـ ـ ـ ــع االلكترون ـ ـ ـ ـ ـ ــي:
http://41cg8625y6q72hgprjb7uwy1.wpengine.netdna-cdn.com/wpcontent/uploads/2016/01/Reem.pdf
ص1
(5) Magna Carta : http://en.wikipedia.org/wiki/Magna_Carta
10
حماية البيانات الت صية عبـر اإلنتـرن (التحديات -
تلتها عقب ذلك "املواد اإلثني عشر" في أملانيا عام .1525ثم "إعالن حقوق اإلنسان
الفرنس ي" عام .1789ثم صدرت عقب ذلك في الواليات املتحدة األمريكية "وثيقة
الحقوق" في عام ،1791وقد أدت هذه الوثائق واإلعالنات كلها إلى تطويـر فكرة الحقوق
اإلنسانية واعتبـرتها واجبة االحتـرام وتستوجب الحماية القانونية ،فقد نقلت الفكر
اإلنساني من كون اإلنسان يباع ويشتـري ويستعبد دون اعتبار لكرامته ،إلى إنسان له
احترامه وحقوقه املعتبـرة وكرامته بل وحقه في الخصوصية واحتـرام حتـى اسمة وبياناته
من أن يتم التعامل عليها أحد دون إذنه .ولم يقتصر إقرار تلك الحقوق على مجـرد
أقوال ،وإنما صدرت القوانيـن التـي تكفل لها الحماية وتعاقب على انتهاك تلك الحماية.
وقد أصدرت منظمة األمم املتحدة عقب إنشائها "اإلعالن العاملي لحقوق اإلنسان"
عام ،1948ومن أبـرز الحقوق التـي تضمنها ذلك اإلعالن ما ورد في املادة 12منه من
إقرار حقه في عدم التعرض لخصوصيته وكرامته ،وهو ما أحدث تطورا كبيـرا في مفهوم
حق اإلنسان في الخصوصية وكذا الحـرية الشخصية له وبخاصة في أوروبا وأمريكا ثم
امتد إلى دول العالم العربي .ومع تـزايد استخدام نظم املعلومات ،وتـزايد القدرة على
حفظ ومعالجة البيانات ونقلها ،تعاظمت إمكانية نقل البيانات وتحليلها ومعالجتها
وكشفها للغيـر بما يس يء لصاحبها ،وهو ما استتبع ضرورة حمايتها.
وقد تضمن القانون الفرنس ي رقم ( )17لحماية البيانات الشخصية عام 1978
املبادئ األساسية لحمايتها حيث شمل :مبادئ جمع املعلومات ،والتصريح عن الهدف من
معالجتها ،وصفات املعلومات في حق الشخص املعني في االطالع وطلب تصحيحها .كما
قام بإنشاء هيئة مختصة بمراقبة تطبيق هذا القانون وتم اعتماده كنموذج التفاقية
مجلس أوروبا عام 1981ولغالب القوانيـن األوروبية في هذا الخصوص بعد ذلك.
ومع تـزايد حجم التجارة اإللكتـرونية واتساعها ،تدخل البـرملان األوروبـي لتنظيم
حماية البيانات الشخصية وللتنسيق بيـن التشريعات األوروبية لحماية البيانات فأصدر
11
حمايـ ـ ــة البيانـ ـ ــات الت صـ ـ ــية عب ـ ـ ــر اإلنت ـ ـ ــرن (التحـ ـ ــديات -
اإلرشاد املتعلق بحماية األشخاص من املعالجة غيـر املشروعة للبيانات ذات الطابع
الشخص ي في عام ،1995والذي جاء متوافقا مع السياسة األوروبية بشأن حقوق
اإلنسان الواردة في معاهدة حماية حقوق اإلنسان والحـريات األساسية لعام 1950
والتوجيهات الصادرة عن منظمة ( )OECDعام 1980بشأن حماية البيانات الشخصية
عبـر الحدود)1(. ونقلها
وأدخلت فرنسا عقب ذلك نظامها القانوني املعدل بالقانون 801لسنة ،2004ثم
صدرت عقب ذلك قرارات وإرشادات متصلة بمسألة معالجة ونقل البيانات الشخصية
باستخدام اإلنتـرنت وشبكات املعلومات واتفقت مع اإلرشاد 95/46من ناحية املبادئ
العامة ،واختلفت في نواحـي أخـري تقنية وتنفيذية تتعلق بنقل ومعالجة البيانات
الشخصية.
وقد شكل اإلرشاد األوروبـي السابق ذكره الركيـزة األساسية في معاهدة "املالذ اتمن"
والتـي تضمنت مجموعه من القواعد التـي يجب أن تلتـزم الشركات األمريكية بالتقيد بها
عند نقل املعلومات إليها من الدول األوروبية إذا كانت ذات طابع شخص ي .وتتلخص
املعاهدة في ضمان متلقي البيانات ذات الطابع الشخص ي ملستوى حماية مناسب
ومتوافق مع اإلرشاد املنوة عنه إذا كان خارج االتحاد األوروبي .ويعد االرشاد األوروبـي
املذكور هو أقرب النصوص وأكثـرها وضوحا في التطبيق بالنسبة للدول العربية ،ومن
الجدير بالذكر أن التشريعات في املنطقة العربية تكاد تخلو من نصوص لحماية البيانات
ي)2(. ذات الطابع الشخص
وقد ارتبط مفهوم حماية البيانات الشخصية بتقنية املعلومات ،ومدى تأثيـرها على
تهدد حياتهم الخاصة وتمسالنظام القانوني ،وضرورة حماية األفراد من مخاطرها التـي ّ
( )1د .عـ ــايض راشـ ــد املري(بـ ــدون تـ ــاري ) –الخصوصـ ــية وحمايـ ــة البيانـ ــات – بحـ ــث منشـ ــور علـ ــى املوقـ ــع
االلكترونيhttp://www.dralmarri.com/show.asp?field=res_a&id=199 :
( )2محاض ـرات د .وس ــيم ح ــرب – الدراس ــات العلي ــا ف ــي الق ــانون – كلي ــة الحق ــوق – الجامع ــة اللبناني ــة –
– 2005- 1995مكتب املحاماة واالستشارات القانونية والتحكيم.
12
حماية البيانات الت صية عبـر اإلنتـرن (التحديات -
خصوصياتهم وأسرارهم .وقد أثيـر مفهوم خصوصية البيانات الشخصية في الفقه ألول
ّ
مرة كمفهوم مستقل ،وذلك في اواخـر ستينيات وأوائل سبعينيات القرن املاض ي على يد
الباحثين األمريكييـن "آالن ويستون" في مؤلفة (الخصوصية والحـرية( في ،1967و"آالن
ميليـر" في مؤلفه (االعتداء على الخصوصية) في .1971
وقد تم تطويـر هذا املفهوم عن طريق وضع "مبادئ سلوك" في أوروبا وأمريكا ،يؤكد أهمها
على االستخدام العادل للبيانات الشخصية ،وتقييد أغراض استخدامها وحصره في الهدف من
جمعها)1(.
وقد قام املشرع في الدول الغربية بسن التشريعات املتعلقة بحماية البيانات الشخصية بدء
من مطلع تسعينيات القرن املاض ي ،وقد تـرافق ذلك مع مجموعة من الدراسات ،ومنها الدراسة
التـي أعدها البـروفسور "ميشيل" تحت إشراف اليونسكو وعنوانها "الخصوصية وحقوق اإلنسان"
( )2()1994والدراسة التـي أعدها "بوركت" (.)3()1982
وقد أدي إتاحة شبكة اإلنتـرنت للجمهور منذ عام 1991إلى إحداث نقلة سريعة في
مجال تكنولوجيا املعلومات بعد أن كان مقتصرا على األبحاث األكاديمية والعسكرية
َ
فقط .كما ت ِبع ذلك تطور البـرمجيات التـي سهلت استخدام اإلنتـرنت ،فتضاع
مستخدمي اإلنتـرنت من 360مليون مستخدم عام 2000إلى ما يقارب 2.7مليار
وتو َسع استخدام اإلنتـرنت من األغراض البحثية إلى تقديم
مستخدم في عام َ .2013
خدمات للجمهور مثل البـريد اإللكتـروني ،واملراسلة الفورية ،والشراء والبيع عبـر
اليومية)4(. اإلنتـرنت .فصار تفاعل األفراد مع الشبكة أكثـر اقتـرابا وتأثيـرا في حياتهم
(1) Henri Burkert: Institutions of data Protection: An Attempt at a Functional Exploration of European
National Data Protection Laws Computer Law Journal 1982, 3(2), 167 – 170
(2) Jérôme Michael: Privacy and Human Rights: An International ou comparative study with special
)reference to developments in Information Technology, Dart month 1994
(3) Henri Burkert: Institutions of data Protection: An Attempt at a Functional Exploration of European
)National Data Protection Laws Computer Law Journal 1982, 3(2), 167 – 188
(4) Online Privacy Alliance http://www.privacyalliance.org/
13
حمايـ ـ ــة البيانـ ـ ــات الت صـ ـ ــية عب ـ ـ ــر اإلنت ـ ـ ــرن (التحـ ـ ــديات -
( )1سهير منتصر – النظرية العامة للحق – بدون دار نشر – – 2006ص66
(2) Joëlle BEDEREDE. Données personnelles dans L'entreprise quelles précautions Faut-il prendre au-
jourd'hui, art disponible sur www, entreprise-et-droit com.
14
حماية البيانات الت صية عبـر اإلنتـرن (التحديات -
بحماي ــة البيان ــات الشخص ــية الص ــادر ف ــي 24أكتوبـ ــر ،1995وال ــذي اعتبـ ــر أن ص ــوت
اإلنسان وصورته بيانـات شخصـية يمكـن تناولهـا باملعالجـة وتسـتوجب حمايتهـا قانونـا،
حيـ ــث إن التكنولوجيـ ــا الرقميـ ــة قـ ــد أتاحـ ــت معالجـ ــة الصـ ــوت والصـ ــورة باسـ ــتخدام
الكمبيوتـر ،وأن يتم إضافة نص لصورة معينـة ،أو إضـافة صـوت لـنص معيــن ،وذلـك
الكمبيوتـر)1(. باستخدام
-3األرقام الت صية :تعـد األرقـام الشخصـية مـن البيانـات الشخصـية ،ومـن ثـم يعـد أي
رقــم يمــنح للش ـخص الطبيعــي ويكــون خاصــا بــه دون غي ــرة ومحــددا لهويتــه وممي ــزا لــه
عن غيـرة بشرف أال يتكرر مع آخـرين.
-4العن ــوان :يعتبـ ـر عن ــوان اإلنس ــان م ــن البيان ــات الشخص ــية س ــواء أك ــان عن ــوان م ل ــه
الــذي يقــيم فيــه بشــكل دائــم ،أو عنوانـا مؤقتـا ،أو عنــوان عمــل ،أو أي مكــان يقــيم فيــه
اإلنسان ولو بشكل مؤقت.
-5الحالة االجتماعية :الحالة االجتماعية لإلنسان هي حالته من ناحيـة الـزواج أو إذا مـا
كان له أبناء أو أحفاد ،وغيـر ذلك مما يتعلق بعائلته.
-6ال ص ــائل الجس ــدية :تع ــد الخص ــائص الجس ــدية لإلنس ــان م ــن بيانات ــه الشخص ــية،
وذلك وفقا ملا درجت عليه أحكام القضاء الفرنس ي في هذا الشأن.
-7الحالــة الص ــحية :أشــار قــانون حمايــة البيانــات الشخصــية الفرنس ـ ي فــي مادتــه الثامنــة
إلى اعتبار املعلومات املتعلقة بصـحة اإلنسان من البيانات الشخصية.
-8األصــول العرقيــة :تعتبــر أيـة معلومــات تتعلــق بعــرق اإلنســان وأصــوله التــي انحـدر منهــا
من البيانات الشخصية وفقا لقانون حماية البيانات الشخصية الفرنس ي.
( )1د /حس ــام ال ــدين كام ــل االه ــواني –( ب ــدون ت ــاري نش ــر) الح ــق ف ــي احتـ ـرام الحي ــاة الخاص ــة "الح ــق ف ــي
الخصوصية " دراسة مقارنه – دار النهضة العربية – ص76
15
حمايـ ـ ــة البيانـ ـ ــات الت صـ ـ ــية عب ـ ـ ــر اإلنت ـ ـ ــرن (التحـ ـ ــديات -
-9الجنس ـ ــية :تخض ـ ــع املعلوم ـ ــات املتعلق ـ ــة بالجنس ـ ـية الت ـ ــي يحمله ـ ــا اإلنس ـ ــان للحماي ـ ــة
القانونية باعتبارها من البيانات الشخصـية ،وفقـا ملـا أقرتـه اللجنـة القوميـة الفرنسـية
للحـريات.
-10اآلراء السياس ــية واملعتق ــدات الديني ــة :اعتب ــرت امل ــادة 8م ــن ق ــانون حماي ــة البيان ــات
الشخص ــية الفرنس ـ ي أن كاف ــة املعلوم ــات الخاص ــة ب ــاتراء السياس ــية والفلس ــفية الت ــي
يتبناهــا اإلنســان مــن البيانــات الشخصــية ،وكــذا املعتقــد الــديني لــه والطوائـ الدينيــة
التـي ينتمـي إليها ،بـل إن املعلومـات املتعلقـة باالنتمـاء النقـابي لإلنسـان تعـد مـن بياناتـه
الشخصية.
-11نتـ ــائت االختبـ ــارات النفسـ ــية :تعـ ــد نتـ ــائت االختبـ ــارات النفسـ ــية لإلنسـ ــان مـ ــن بياناتـ ــه
الشخصية ألنها جـزء من حالته الصـحية والتـي يحميها القانون.
-12البصـمة :تعـد بصـمة اإلنسـان أحـد بياناتـه الشخصـية أيـا كـان شـكلها ،وهـو مـا تناولتــه
اللجنــة القوميــة للح ــريات بفرنســا عنــد تناولهــا لألنظم ـة األمنيــة لــبعض الجهــات والت ــي
تعتمد على البصمات الخاصة باألشخاص .ومن املعلوم أن بصمة اإلنسـان يمكـن مـن
خاللها تمييـز األشـخاص ،ويمكـن تجميعهـا ومعالجتهـا إلكتــرونيا .ومـن ثـم فه ـي تعـد مـن
البيانات الشخصية.
محمول. -13رقل الهاتف :ويعد من البيانات الشخصية سواء أكان هات م ل أو هات
-14رقل السيارة :ويعد من البيانات الشخصية املرتبطة باإلنسان.
-15رقل الحساب البنكي :ويعد من البيانات الشخصيةن ومن ثم يحميها القانون فـي كافـة
معينة(1). دول العالم ،وال يجيـز االطالع عليها إال بضوابط
(1) Implementing the OECD Privacy Guidelines in the Electronic Environment: Focus on the Internet,
DSTI/ICCP/REG (97)6/FINAL).
16
حماية البيانات الت صية عبـر اإلنتـرن (التحديات -
-16عن ـ ــوان البـ ـ ــريد اإللكت ـ ــروني :م ـ ــن ح ـ ــق ك ـ ــل مس ـ ــتخدم لإلنتـ ـ ــرنت اس ـ ــتخدام البـ ـ ــريد
اإللكتــروني فيجــوز لــه أن يمتلــك صــندوق بــريد إلكتــروني علــى أحــد املواقــع التــي تمــنح
تلــك الخدمــة ويحــق لــه أن يكــون لــه عنــوان إلكتــروني يقــوم بإرســال رســائل منــه ،وهــذا
العنــوان ال يتكــرر بي ــن املستخدمي ــن وهــو متفــرد ،ويمكــن مــن خاللــه تميي ــز األشــخاص
وم ــن ث ــم يح ــوز ش ــروف البيان ــات الشخص ــية ،حي ــث يمك ــن م ــن خالل ــه تحدي ــد هوي ــة
صاحبه ومن ثم فهو يعد بيانا شخصيا يستوجب حمايته قانونا.
-17عن ــوان الكمبيوت ــر (ال ــرقل التعريف ــي) :ك ــل كمبيوت ــر متص ــل باإلنت ــرنت يك ــون ل ــه رق ــم
تعريفي خاص باالتصال بشبكة اإلنتـرنت ،IPويمكن من خاللـه تحديـد هويـة صـاحبة.
وقد اعتبـر بعض الفقه أن عنوان الكمبيوتـر هو أحد البيانـات الشخصـية الـذي يمكـن
خالله)1(. تحديد هوية مستخدم اإلنتـرنت من
املبحث األول -معالجة البيانات الت صية وامل اطر التـي تهددها
املطلب األول -معالجة البيانات الت صية
الفرع األول -التعريف بمعالجة البيانات الت صية ومراحلها
ا
أوال -التعريف بمعالجة البيانات الت صية
عرف املشرع الفرنس ي معالجة البيانات بأنها "إجـراء يتعلق بالبيانات الشخصية أيا
كانت الطريقة املستخدمة في هذا اإلجـراء وخاصة التجميع والتسجيل والتنظيم والحفظ
والتعديل واالستخالص واالطالع واالستخدام واالبالغ عن طريق النقل والنشر والربط
واملنع واملحو والتدميـر".
(1) Michael Sax, Data Collection & Privacy Protection: An International Perspective, Online at,6 Aug,
1999, p5
17
حمايـ ـ ــة البيانـ ـ ــات الت صـ ـ ــية عب ـ ـ ــر اإلنت ـ ـ ــرن (التحـ ـ ــديات -
وعلى ذلك فإن معالجة البيانات الشخصية يتضمن أي إجـراء يتعلق بهذه البيانات
أيا كانت الطريقة املستخدمة في ذلك )1(.وتتمثل في جمع البيانات وتسجيلها وتنظيمها
وحفظها وتعديلها واستخالصها واالطالع عليها واستخدامها واإلبالغ عنها ونشرها على
اإلنتـرنت وربطها ومنع وصولها بالوسائل التقنية ومحوها وتدميـرها.
وتطبيقا لذلك ،فقد اعتبـر القضاء الفرنس ي أن مجـرد جمع عناويـن البـريد
اإللكتـروني للعمالء في إحدى الشركات من قبيل معالجة البيانات الشخصية ولو لم يتم
إعداد قاعدة بيانات لها ،وكذا إنشاء قواعد بيانات للحالة الصـحية ملرض ى نفسييـن
إلجـراء أبحاثا علمية أو إنشاء نظام لضبط الحضور واالنصراف للموظفيـن بشركة
وHخذ بصمة األصبع على قاعدة بيانات ،أو إنشاء قاعدة بيانات لعناويـن البـريد
اإللكتـروني للموظفيـن ،أو إنشاء مواقع على اإلنتـرنت لجمع بيانات شخصية للموظفين.
ا
ثانيا -مراحل معالجة البيانات الت صية:
ب -التخـزيـن في ذاكرة الكومبيوتـر (أو شبكات الحاسـبات) :سـواء أكـان ذلـك قبـل أو
بعــد تحليــل البيانــات الشخصــية واالحتفــاة بهــا بصــورة دائمــة بحيــث تصــبح غي ــر
قابلــة للشــطب ،هــذا ويــزداد خطــر االعتــداء ويتعــاظم عنــدما تكــون صــحة البيانــات
الشخصـية غيــر مؤكـدة ،وتكــون مصـادرها موضـع شــك سـيما عنــد عـدم وجــود أيــة
رقابة توجب تصـحيحها أو شطبها ،أو عندما يكون استعمالها غيــر مراقـب وعرضـة
للتهري ــب ولع ــدم التك ــتم وم ــا يش ــكل أيض ـا خط ــرا عل ــى البيان ــات الشخص ــية ه ــو أن
الــدخول إلــى نظــام املعلومــات والخــروج منــه ال يتــرك أثــرا رغــم وجــود وســائل أمــان
فيه.
ج -التشــليل :ســواء عــن طريــق إج ـراء عمليــات متنوعــة للحصــول علــى نتــائت محــددة
وذل ــك بواس ــطة وح ــدة التش ــغيل املركزي ــة ،أو ع ــن طري ـق ع ــدة عملي ــات تنج ــز آلي ـا
بغية اسـتغالل البيانـات بمـا فـي ذلـك التقريـب والـربط والـدمت مـع معلومـات أخــرى
وتحليلها ،بغية الحصول على بيانات ذات مدلول خاص.
د -ايص ــال البيان ــات إل ــى مس ــتخدم ها :واتخ ــاذ القـ ـرارات املناس ــبة باالس ــتناد إليه ــا،
وذلــك بعــد جمعهــا وتخ ــزينها وتشــغيلها ،إذ ال قيمــة لهــذه البيانــات مــا لــم تصــل إلــى
املس ـ ــتخدم لالس ـ ــتفادة منه ـ ــا ،وال ـ ــذي ي ـ ــتم بوس ـ ــائل متع ـ ــددة منه ـ ــا االتص ـ ــال عب ـ ــر
اإلنت ــرنت والكــابالت واالقمــار الص ـناعية والخطــوف الســلكية والالســلكية ووســائل
اإلعالم.
ه -تداول البيانات الت صية :في الدولة الواحدة ،أو تبادلها بيـن عدة دول.
19
حمايـ ـ ــة البيانـ ـ ــات الت صـ ـ ــية عب ـ ـ ــر اإلنت ـ ـ ــرن (التحـ ـ ــديات -
معالجتها وصاحب البيانات أيضا ،وتنطبق هذه الشروف بشكل عام على كافة أنواع
البيانات الشخصية ،ويمكن تقسيمها إلى عدة مجموعات على النحو التالي:
ا
أوال -الشروط الواجب توافرها في البيانات التـي يتل جمعها:
-1شــروط جمــع البيانــات :نــص املشــرع الفرنسـ ي علــى الشــروف الخاصــة بجمــع البيانــات
فــي الفقرتي ــن األولــى والثانيــة مــن املــادة السادســة مــن قــانون حمايــة البيانــات وتمثلــت
هذه الشروف في:
أ -ان ي ــتل جم ــع البيان ــات بطريق ــة مش ــروع :وذل ــك ب ــإعالن ص ــاحبها قب ــل الب ــدء ف ــي
جمعه ـ ــا ،وك ـ ــذلك ب ـ ــالغرض م ـ ــن ذل ـ ــك الجم ـ ــع ،وأيض ـ ــا بـ ـ ـأنواع تل ـ ــك البيان ـ ــات،
فمش ــروعية جمعه ــا ت ــرتبط بض ــرورة إع ــالن ص ــاحب تل ــك البيان ــات قب ــل الب ــدء ف ــي
جمعهـ ــا .وبنـ ــاء علـ ــى ذلـ ــك اعتب ـ ــر جمـ ــع عناوي ـ ــن الب ـ ــريد اإللكت ـ ــروني علـ ــى شـ ــبكة
اإلنتـرنت دون علم أصـحابها عمال غيـر مشروعا.
ب -أن يـ ــتل جمـ ــع البيانـ ــات بهـ ــدف محـ ــدد وواض ـ ـ ومشـ ــروع :تعـ ــد الغايـ ــة مـ ــن جمـ ــع
البيانـ ــات ومعالجتهـ ــا أحـ ــد املحـ ــاور املهمـ ــة لحمايـ ــة البيانـ ــات الشخصـ ــية ،واذا كـ ــان
القــائم بجمــع البيانــات الشخصــية ال يعلــم الهــدف مــن هــذه العمليــة ،فهنــا ال يجــوز
لــه أن يقــوم بجمعهــا ،فالغايــة املحــددة والواض ــحة لجمــع البيانــات الشخصــية تعــد
معيارا للشفافية املعبـر عنها بـإعالن صـاحب تلـك البيانـات بمـا يـتم مـن عمليـات علـى
بيانات ــه ،فالبيان ــات الشخص ــية ال تع ــد خط ـرا ف ــي ذاته ــا ،ولك ــن الخط ــورة ت ــنجم ع ــن
اســتخدامها أي الغايــة مــن معالجتهــا ،فـإذا تــم جمــع البيانــات الص ــحية إلجــراء بحــث
علم ـي فهنــا يمكــن اعتبــار العمليــة مشــروعة ،أمــا إذا تــم جمعهــا لالتجــار بهــا فالغايــة
هنا غيـر مشـروعه ،فمعيـار املشـروعية هـو تحقيـق مصـلحة مشـروعه ،فـإذا تـم جمـع
العناوي ــن الب ــريدية اإللكت ــرونية لألشــخاص بهــدف بيعهــا لشــركات الدعايــة يعــد هــذا
اله ــدف غيـ ــر مش ــروع ،كم ــا أن ع ــدم وج ــود ه ــدف مح ــدد وواضـ ــح أو غيـ ــر مش ــروع
20
حماية البيانات الت صية عبـر اإلنتـرن (التحديات -
بجمــع البيانــات يعــد جمع ـا غي ــر مشــروع للبيانــات وذات الوص ـ ينطبــق علــى جمــع
البيانات دون غاية محددة)1(.
-2ش ــروط البيان ــات الت ــي ي ــتل جمعه ــا :وردت الش ــروف الواجب ــة ف ــي البيان ــات الت ــي ي ــتم
تجميعهــا فــي الفقــرة الثالثــة والرابعــة مــن املــادة السادســة مــن قــانون حمايــة البيانــات
الفرنس ي وفقا لهذيـن الشرطيـن:
أ -ان تك ــون البيان ــات الت ص ــية مالءم ــة :ويقص ــد ب ــذلك أن ت ــتالءم م ــع اله ــدف م ــن
جمعهـا وأال تتجــاوز الحـد املتطلــب لجمــع تلـك البيانــات ،فـال يــتم جمــع بيانـات أكثــر مــن
اله ــدف املتطلب ــة م ــن أجل ــه ،فـ ـإذا ت ــم جم ــع البيان ــات إلنش ــاء قائم ــة بعناويـ ــن املن ــازل
الخاصــة بالشــركة لتوصــيل الســلعة الــيهم عنــد طلبهــا ،فــإن جمــع تلــك البيانــات يجــب
أن يقتصـر علــى عناويــن املنــازل فقـط ،وال يتعــدى ذلــك إلـى جمــع البيانـات عــن عــاداتهم
االســتهالكية ،فــإن ذلــك يعــد تجــاوزا للهــدف مــن جمعهــا .وقــد أكــدت اللجنــة القوميــة
الفرنس ــية للح ــريات عل ــى ه ــذا الش ــرف فيم ــا يتعل ــق بمعالج ــة البيان ــات ف ــي نظ ــام رقم ــي
لتنظ ــيم ال ــدخول بإح ــدى املط ــاعم بأح ــد امل ــدارس ،وال ــذي يق ــوم عل ــى أس ــاس وض ــع
بصــمة اليــد فــي جهــاز علــى بــاب املطعــم حيــث أكــدت بعــدم جــواز جمــع بيانــات أكثــر مــن
املطلوب.
ب -أن تكـون البيانـات دقيقـة ولاملـة :إن البيانـات الشخصـية يجـب أن تكـون دقيقــة
وكاملـة ،كمــا يجــب علــى معــالج البيانـات أن يــراجع البيانــات املخزنـة لديــة ويص ـ ح
غي ــر الــدقيق أو النــاقص منهــا ،ف ـإذا لــم يمكنــه ذلــك وجــب عليــة محوهــا ،وي ــرتبط
(1) Herbert Burkert, Privacy-Enhancing Technologies: Typology, Critique, Vision, in TECHNOLOGY AND
PRIVACY: THE NEW LANDSCAPE, 125‚142 (Philip E. Agre & Marc Rotenberg, eds. MIT Press 1997).
(باإلنجلي يـة)“PETs have been defined as a coherent system of ICT measures that protects privacy :
by eliminating or reducing personal data or by preventing unnecessary and/or undesired
processing of personal data; all without losing the functionality of the data system“ See: Borking J
and Raab C, 'Laws, PETs and Other Technologies for Privacy Protection' The Journal of Information,
Law and Technology (JILT). 2001 (1) http://elj.warwick.ac.uk/jilt/01-1/borking.html
21
حمايـ ـ ــة البيانـ ـ ــات الت صـ ـ ــية عب ـ ـ ــر اإلنت ـ ـ ــرن (التحـ ـ ــديات -
هــذا الشــرف بحــق الشــخص فــي الوصــول لبياناتــه الشخصــية لــدى املعــالج والقيــام
منها)1(. بتعديل ومحو غيـر الصـحيح
ا
ثانيا -شروط حفظ البيانات ومعالجتها
-1ش ــروط حف ــظ البيان ــات :حف ــظ البيان ــات الشخص ــية يتطل ــب ت ــوافر بع ــض الش ــروف
حتـى يتسم باملشروعية:
أ -أن يـ ــتل حفظهـ ــا يشـ ــكل يحـ ــدد هويـ ــة صـ ــاح ها :فـ ــال يجـ ــوز أن تحفـ ــظ البيانـ ــات
الشخصــية بشــكل عشــوائي ،وإنمــا يلــزم تحديــد صــاحبها حت ــى يتســنى لــه ممارســة
حقوقه على البيانات ومنها الولوج إليها وتعديلها.
ب -أن يتل حفظ البيانات للمدة الالزمة فقط لتحقيق الهدف مـن عمليـة جمعهـا:
يج ــب عل ــى مع ــالج البيان ــات أن يحفظه ــا مل ــدة ال ت ــزيد عل ــى امل ــدة الالزم ــة لتحقي ــق
الهــدف مــن جمــع البيانــات ،وتتوقـ علــى طبيعــة هــذا الهــدف ومــن ثــم يجــب علــى
معـ ــالج البيانـ ــات Hن يقـ ــوم بحـ ــذف أو تدمي ـ ــر البيانـ ــات الت ـ ــي انته ـ ـى الغـ ــرض مـ ــن
تجميعهـ ـ ــا وال ينطبـ ـ ــق هـ ـ ــذا املعيـ ـ ــار علـ ـ ــى تخـزي ـ ـ ــن البيانـ ـ ــات الشخصـ ـ ــية بغـ ـ ــرض
الصـحافة)2(. استخدامها في األعمال األدبية أو الفنية أو ممارسة
-2شـ ــروط إج ـ ــراءات معالجـ ــة البيانـ ــات :يعـ ــد جمـ ــع البيانـ ــات وتخ ـ ــزينها مـ ــن إج ـ ــراءات
معالجــة البيانــات الشخصــية وهنــاك شــروطا خاصــة لهــذه اإلج ـراءات ،حيــث إن جمــع
البيانــات هــو اول إجـ ـراء يقــوم بــه معــالج البيانــات عنــدما يتعامــل مــع البيــان ،كمــا أن
(1) Convention for the Protection of Individuals with Regard to Automatic Processing of Personal Data
- Unlikely to satisfy Europe's data protection watchdogs—or the EU's top court-
http://arstechnica.com/tech-policy/2016/02/privacy-shield-doomed-from-get-go-nsa-bulk-
surveillance-waved-through/
( )2د .ســامح عبــد الواحــد التهــامي – الحمايــة القانونيــة للبيانــات الشخصــية" دراســة فــي القــانون الفرنس ـ ي
(القســم األول) " – بح ــث منش ــور فــي مجل ــة الحق ــوق – جامعــة الكوي ــت – الع ــدد ( – )3الس ــنة – 35
سبتمبر – 2011ص 377ص382
22
حماية البيانات الت صية عبـر اإلنتـرن (التحديات -
إج ـ ـراء الحفـ ــظ هـ ــو الـ ــذي يـ ــؤدى لالحتفـ ــاة بالبيانـ ــات ملـ ــدة مـ ــن الـ ــزمن لـ ــدى القـ ــائم
باملعالجة ،أما أي إجـراء آخـر يتم فهو يخضع للشرطيـن اتتييـن:
أ -معالجة البيانات يشكل مشروع
إن إجـراءات معالجة البيانات يجب أن تتم بشكل مشروع ،حتـى يتوافق ذلك مع
جمع البيانات التـي طلب املشرع أن يتم بشكل مشروع ،وحتـى يكون أي إجـراء من
إجـراءات املعالجة مشروعا فيجب إعالن صاحب تلك البيانات لإلجـراء الذي يتم على
بياناته وشرعية إجـراءات املعالجة تتطلب علم الشخص بوجود معالجة لبياناته
الشخصية وأساليب وإجـراءات املعالجة والهدف منها ،وإخبار الشخص بذلك يجب أن
يتم قبل القيام بأي من إجـراءات املعالجة ،ويجب أن تكون املعلومات التـي يحصل عليها
الشخص بشأن بياناته التـي يتم معالجتها دقيقة إلى أقص ى درجة.
وقد أوردت املادة 32من القانون الفرنس ي بعض املعلومات التـي يجب إخبار من
يتم معالجة بياناته بها ،ومنها هوية القائم باملعالجة والهدف من املعالجة ومن سيتم
إرسال البيانات إليه عقب معالجتها ،والحق في االطالع واالعتـراض على البيانات إذا تم
نقلها خارج االتحاد األوروبي.
ب -إال يتل معالجة البيانات يشكل ملايـر لللاية من جمعها
فالغاية هنا هو تقييد عملية املعالجة بالهدف الذي تم جمعها من أجله بحيث
يتوافق أسلوب املعالجة مع الغاية من جمعها ،فيظل الهدف من جمع البيانات ضابطا
لكل إجـراء من إجـراءات املعالجة عقب ذلك ،كما إن أي إجـراء يتعلق باملعالجة يجب أن
يتوافق مع الهدف من جمعها ،فإذا قام شخص بالتعامل مع جهة وطلبت منه تلك الجهة
بعض بياناته الشخصية لتقديم خدمة له ،فال يجوز لتلك الجهة القيام بمعالجة
البيانات إال لتحقيق ذلك الهدف وهو تقديم الخدمة له ،والحيدة عن ذلك يجعل
23
حمايـ ـ ــة البيانـ ـ ــات الت صـ ـ ــية عب ـ ـ ــر اإلنت ـ ـ ــرن (التحـ ـ ــديات -
املعالجة غيـر مشروعة والعمل وفقا لهذا الشرف يحمى البيانات من استخدامها بشكل
جمعها)1(. غيـر مشروع يتنافى مع الغاية من
ا
ثالثا -رضاء صاحب البيانات
يجب على معالج البيانات أن يحصل على موافقه صاحب البيانات على معالجة
بياناته سواء شفاهه أو كتابة أو صراحة أو ضمنا ،ويقع على عاتقه إثبات موافقة صاحب
البيانات على معالجتها ،ويجب أن يكون الرضا محددا سواء شمل كافة إجـراءات
املعالجة ،أو كل منها على حدة ويجب أيضا إال يشوب رضاؤه أي إكراه أو عيب من عيوب
اإل ادة)2(.
ر
ومن املالحظ أن بعض املواقع على شبكة اإلنتـرنت تقوم بجمع البيانات الشخصية
ملستخدميها ومعالجتها وإرسالها ملواقع دعائية ،وهنا يجب أن يتم إعالم املستخدم
صاحب البيانات بجميع العمليات التـي تتم على بياناته وضرورة الحصول على موافقته،
وذلك بوضع بيان خاص بحماية البيانات الشخصية على املوقع يتضمن اإلجـراءات التـي
يتخذها املوقع في معالجة البيانات الشخصية للمستخدم والغاية منها ،فإذا ما أعطى
املستخدم بياناته الشخصية للموقع عقب العلم باإلجـراءات املتخذة يعد رضا منه بهذه
املعالجة ،وهناك بعض الحاالت يمكن فيها القيام بمعالجة البيانات الشخصية دون
تطلب الحصول على موافقة صاحبها وهي :إذا كان معالج البيانات لدية التـزام قانوني
بالقيام بمعالجة البيانات أو لحماية حياة الشخص صاحب البيانات أو لتنفيذ مهمة
(1) See; Privacy Enhancing Technologies - the Path to Anonymity, TNO/FEL (the Dutch national research
centre) and the Information and Privacy Commission of Ontario, Canadam, August 1995
( )2د /سـامح عبـد الواحـد التهـامي – الحمايـة القانونيـة للبيانـات الشخصـية" دراسـة فـي القـانون الفرنسـ ي"
(القس ــم األول) – بح ــث منش ــور ف ــي مجل ــة الحق ــوق – جامع ــة الكوي ــت – الع ــدد ( – )3الس ــنه – 35
سبتمبر – 2011ص 386ص391
24
حماية البيانات الت صية عبـر اإلنتـرن (التحديات -
واجبة على معالج البيانات أو لتنفيذ بنود عقد تكون بيانات الشخص أحد بنودة ،أو إذا
مشروعه)1(. كان معالج البيانات يسعى لتحقيق مصلحة
ومع تطور استخدام اإلنتـرنت اتجهت العديد من الشركات التجارية إلى إنشاء مواقع
خاصة بها تتيح لها جمع البيانات الشخصية ملستخدمي اإلنتـرنت وتقديم عروض خاصة
( )1د .عزيــزة الطويــل – الحاميــة القانونيــة للبيانــات الشخصــية – مركــز دعــم لتقنيــة املعلومــات – سلســلة
أوراق الحـ ــق فـ ــي املعرفـ ــة – مرجـ ــع سـ ــابق – منشـ ــور علـ ــى املوقـ ــع االلكترونـ ــي–http://sitcegypt.org:
ص 6ص 7
( (2والتي تتلخص في ان تهتم املؤسسـة التجاريـة بكـل فـرد مـن عمالئهـا علـى حـدة ،وتقـوم بتسـويق منتجاتهـا
له على حسب ذوقه الخـاص ومـن ثـم تعمـل املنشـأة علـى جمـع كافـة البيانـات املمكنـة عنـه ،فهـي تقـوم
علــى أســاس إدارة عالقــات املنش ـأة مــع عمالئهــا مــن خــالل التعــرف علــى احتياجــاتهم وســلوكهم لتحقيــق
اقتـ ـراب أكثـ ـر م ــن العمي ــل وتق ــديم الخ ــدمات واملنتج ــات الت ــي تلق ــى القب ــول من ــه وم ــن ث ــم ت ــتمكن م ــن
الت ـرويت للســلع الخاصــة بهــا لــدى العمــالء بالشــكل الــذى يحقــق مبيعــات أكث ـر وأفضــل ،ومــن ثــم يصــبح
هن ــاك قاع ــدة بيان ــات للعمي ــل تض ــم كاف ــة بيانات ــه الشخص ــية تقريب ـا ،ب ــل إن بع ــض املنش ــجت التجاري ــة
تقوم بمنح منتجات وخدمات مجانية للعمالء بهدف جمع بيانات شخصية عنهم فقط.
25
حمايـ ـ ــة البيانـ ـ ــات الت صـ ـ ــية عب ـ ـ ــر اإلنت ـ ـ ــرن (التحـ ـ ــديات -
لهم من خالل ما يسمى "التسويق اإللكتـروني" وذلك باستخدام "الكوكيـز" ،وهي عبارة
يقوم املوقع الخاص بتلك املنشجت بوضعه على القرص الصلب لجهاز الزائر عن مل
ملوقعها على اإلنتـرنت يقوم بجمع كافة املعلومات الخاصة بالشخص باإلضافة ألي بيانات
موقع املنشأة أخـرى يقوم املستخدم بإضافتها أثناء تصفحه للشبكة ثم يغذى هذا املل
بكافة بيانات املستخدم والذي من خالله يمكن للشركة أن تـرسل للمستخدم جميع
العروض التـي تتناسب مع ذوقه أو ميوله سواء البـريد اإللكتـروني أو موقعه على شبكة
اإلنتـرنت)1(.
– (1) Lee A Bygrave – Data Protection Persuant to the Right to Privacy in Human Rights Treaties
International Journal of law & Information Technology,1998, Vol. 6, PP: 247-248.
26
حماية البيانات الت صية عبـر اإلنتـرن (التحديات -
السلعة الرائجة والقيمة وهي املعلومات والبيانات الشخصية ،بل قد وصل األمر ببعض
الشركات إلى أن تقوم بسداد ديونها وتصفية حساباتها بينها وبيـن مؤسسات أخـرى من
الدائنة)1(. خالل بيع البيانات الشخصية لعمالئها للشركات
( )1ي ــونس ع ــرب – املخ ــاطر الت ــي ته ــدد الخصوص ــية وخصوص ــية املعلوم ــات ف ــي العص ــر الرقم ــي – دراس ــة
منشورة على موقع – 2002 - www.arablaw.orgص9ص13
27
حمايـ ـ ــة البيانـ ـ ــات الت صـ ـ ــية عب ـ ـ ــر اإلنت ـ ـ ــرن (التحـ ـ ــديات -
البيانات إلى تجمعها ،بل هي تكملها مع بيانات أخـري تم جمعها من مؤسسات أخـرى ،وهو
ما يؤدي إلى التعامل في البيانات واالتجار بها واعتبارها سلعة سوقية مطلوبة للغاية ،وهو
الشخصية)1(. ما يعد انتهاكا جسميا لحق اإلنسان في خصوصية بياناته
كما إنه يمكن أن يتم االستيالء على الحاسب اتلي نفسة الذي يحوي البيانات
عديدة)3(. الشخصية ،واألمثلة على ذلك
ويضاف إلى ذلك أنه من الجائز أن يتم فقد البيانات من الجهة املالكة لقواعد تلك
البيانات بسبب خطأ من أحد العامليـن ،ومثال على ذلك فقد إدارة الضرائب في إنجلتـرا
– (1) Lee A Bygrave – Data Protection Persuant to the Right to Privacy in Human Rights Treaties
International Journal of Law & Information Technology, 1998, Vol. 6, PP: 247-248.
( )2د .سامح عبد الواحد التهـامي – الحمايـة القانونيـة للبيانـات الشخصـية "دراسـة فـي القـانون الفرنسـ ي"-
بحث منشور في مجلة الحقوق – العدد – 3السنة – 35ديسمبر – 2011ص ص .409-406
(3) Murielle-isabelle Cahen, Instusion Dans un Système De Traitement Automatise de Donnees et
Aspiration D'un Site Web : Quells Enjeux Pour Le Droit, Art Disponible Sur www.juriscom.net, la
date de mise en ligne est : 6/2/2003
28
حماية البيانات الت صية عبـر اإلنتـرن (التحديات -
بيانات خاصة بمالييـن األشخاص ،كما فقد "بنك أوف أمريكا" بيانات مالييـن العمالء،
وفقدت شركة فرنسية أسطوانة عليها بيانات آالف العمال بها ،وعلى ما سبق فإن فقد
الشخصية)1(. البيانات يعد أحد املخاطر التـي يمكن أن تتعرض لها البيانات
فالحق في االعتـراض على معالجة البيانات الشخصية هو تطبيق لحق الشخص في
احتـرام حـرياته األساسية فيما يتعلق بمعالجة بياناته ،ففي مواجهة التطور الهائل في
وسائل وطرق معالجة البيانات الشخصية ،يعتبـر الحق في االعتراض هو الوسيلة التـي من
خاللها يستطيع الشخص أن يعلن رفضه ألي إجـراء يتعلق ببياناته الشخصية ،فضال عن
ذلك ،فإن وجود هذا الحق يعطي الشخص الثقة واألمان عندما يتم تجميع بياناته ،ألنه
يعلم عندما يفصـح عن بياناته الشخصية أنه في املستقبل سيتمكن من أن يعتـرض على
أي إجـراء يمس هذه البيانات ،وقد وضع املشرع الفرنس ي تنظيما لحق االعتـراض في املادة
83من قانون حماية البيانات الشخصية الفرنس ي.
أوال -مضمون الحق في االعتـراض :أعطي املشرع الفرنس ي ملن تتم معالجة بياناته
الحق في االعتـراض علي أي من إجـراءات معالجة البيانات ،ويمكن ممارسة الحق في
االعتـراض على معالجة البيانات في أي وقت ،فيمكن أن يتم االعتـراض في مرحلة جمع
(1) Mark Laime, Alones-nous Devoir Vendre Nos Donnees Personnelles? Art Disponible Sur; la date de
mise en linge est :24 Oct 2004
29
حمايـ ـ ــة البيانـ ـ ــات الت صـ ـ ــية عب ـ ـ ــر اإلنت ـ ـ ــرن (التحـ ـ ــديات -
البيانات الشخصية وذلك بـرفض اإلفصاح عنها ،أو يتم في مرحلة الحقه بعد أن يتم
اإلفصاح عنها ،حيث يحق للشخص االعتـراض على أي إجـراء الحق يتم ممارسته على
هذه البيانات التـي تم اإلفصاح عنها ،كأن يـرفض مثال نقلها لجهة أخـرى غيـر التي قامت
بجمعها ،ويجوز للشخص ممارسة الحق في االعتـراض على أي إجـراء من إجـراءات
املعالجة ،حتـى لو سبق له أن عبـر عن قبوله القيام بهذا اإلجـراء ،فالقبول املسبق ألي
إجـراء من إجـراءات املعالجة ال ينتقص من حق الشخص في االعتراض علية بعد ذلك.
ولم يشتـرف املشرع شكال معينا ملمارسة الحق في االعتراض ،فيجوز أن يتخذ أي
شكل ،ولكن من املهم أن يكون هناك تصرف إيجابـي من قبل َمن تتم معالجة بياناته
يفيد اعتراضه على معالجة البيانات بشكل معيـن حتـى يعتبـر حق االعتـراض قد تم
التعبيـر عنه ،فمجـرد السكوت ال يفيد االعتراض على معالجة البيانات ،فيعتبـر ممارسه
للحق في االعتراض رفض اإلجابة عمن يطلب البيانات الشخصية أو اإلفصاح عنها مع
اشتراف عدم معالجة هذه البيانات بشكل معيـن كعدم إفشائها للغيـر ،وكذلك طلب
التوق عن أي إجـراء متعلق بالبيانات في أية مرحلة الحقه.
( (1د/ع ـ ــايض راش ـ ــد امل ـ ــري–الخصوص ـ ــية وحماي ـ ــة البيان ـ ــات – بح ـ ــث منش ـ ــور عل ـ ــى املوق ـ ــع االلكترون ـ ــي:
http://www.dralmarri.com/show.asp?field=res_a&id=199
30
حماية البيانات الت صية عبـر اإلنتـرن (التحديات -
وقد ّأيدت محكمة النقض الفرنسية هذا االتجاه حيث أكدت أن مجـرد حماية
الحياة الخاصة للفرد هو مبـرر مشروع لالعتراض على معالجة البيانات الشخصية له،
وقد أورد املشرع حالتيـن ال يشتـرف فيهما أن يكون هناك مبـرر مشروع لالعتراض على
املعالجة ،فيجوز فيهما االعتـراض على املعالجة دون إبداء أي أسباب ،وهما:
-1إذا كـ ــان اله ـ ــدف م ـ ــن معالج ـ ــة البيان ـ ــات الشخصـ ــية ه ـ ــو ممارس ـ ــة الدعاي ـ ــة التجاري ـ ــة
للشـخص الذي تتم معالجة بياناتـه ،ففـي هـذه الحالـة يكـون مـن حـق مـن يـتم معالجـة
بياناتـ ــه االعتـ ـ ـراض علـ ــى ذلـ ــك ،ألن الدعاي ـ ــة التجاريـ ــة عـ ــن طريـ ــق معالجـ ــة البيان ـ ــات
الشخصية هو مبـرر مشروع في االعتراض على املعالجة.
-2فـ ــي حالـ ــة معالجـ ــة البيانـ ــات الشخصـ ــية فـ ــي مجـ ــال البحـ ــث العلمـ ــي الطبـ ــي ،فمعالجـ ــة
البيانــات الشخصــية الخاصــة بالحالــة الص ـحية ألي مــريض بهــدف إج ــراء بحــث علمــي
طبــي فيـه خطـر كبيــر علـى الحيـاة الخاصـة لـه ،وذلـك ألنهـا تتنـاول كـل مـا يتعلـق بحالتـه
الص ــحية وهــو مب ــرر مشــروع بحــد ذاتــه لالعت ـراض عليهــا ،كمــا إن هنــاك ارتبــاف وثيــق
بي ـ ــن حـ ــق الش ـ ــخص ف ـ ـي االعتـ ـ ـراض عل ـ ــى معالجـ ــة بياناتـ ــه والتـ ـ ـزام القـ ــائم باملعالج ـ ــة
فعال ــه دون أن يعل ــم بإعالم ــه ،حي ــث ال يمك ــن ممارس ــة الح ــق ف ــي االعت ـ ـراض بص ــوره ّ
الشــخص بكــل إجــراء يــتم ممارســته علــى بياناتــه الشخصــية وماهيــة هــذا اإلجــراء ،كمــا
يج ــب عل ــى الق ــائم باملعالج ــة أن يخبـ ــر الش ـ ـخص بوج ــود ح ــق ل ــه ف ــي االعت ـ ـراض عل ــى
إجـ ــراءات املعالج ــة ،وتطبيقـ ـا ل ــذلك اعتبـ ــرت املحكم ــة االبتدائيـ ـة الكبـ ــرى بب ــاريس أن
إرس ــال رس ــائل إلكت ــرونيه لش ــخص عل ــى ال ــرغم م ــن اعتراض ــه عل ــى ذل ــك يعتب ــر انتهاك ـا
لحقـ ــه فـ ــي االعت ـ ـراض علـ ــى معالجـ ــة بياناتـ ــه الشخصـ ــية ،وأيـ ــدت عقـ ــاب مرسـ ــل ه ـ ـذه
الرسـ ـ ــائل جنائي ـ ـ ـا ،كمـ ـ ــا أكـ ـ ــدت محكمـ ـ ــة الـ ـ ــنقص الفرنسـ ـ ــية أن معالجـ ـ ــة البيانـ ـ ــات
الشخص ـ ــية أم ـ ــر غي ـ ــر مش ـ ــروع ،فق ـ ــد اعتب ـ ــرت املحكم ـ ــة أن تجمي ـ ــع عناوي ـ ــن الب ـ ــريد
اإللكتـروني لألفراد يعتبـر غيـر مشروع.
31
حمايـ ـ ــة البيانـ ـ ــات الت صـ ـ ــية عب ـ ـ ــر اإلنت ـ ـ ــرن (التحـ ـ ــديات -
ا
ثانيا -االستثناءات على الحق في االعتـراض:
ا
الحالة األولي -إذا لان معالجة البيانات الت صية تنفيذا اللتـزام قانوني
فإذا كان من يقوم بمعالجة البيانات يقوم بذلك تنفيذا اللتـزام مصدره القانون،
فإن صاحبها ال يحق له أن يعتـرض على معالجتها.
(1) Steven S.McCarty-Snead, Anne Titus Hilby – Research GUIDE to European Protection Law – Berke-
ley Law Scholarship Repository – Legal Research Series – pp: 5-7
32
حماية البيانات الت صية عبـر اإلنتـرن (التحديات -
ومن ثم فالحق في االطالع هو امتداد اللتـزام معالج البيانات بإعالم من ّ
تم معالجة
بياناته حيث يتحقق من الت امه باملعالجة وفقا للضوابط التـي وضعها القانون.
ا
ثانيا -إجـراءات االطالع على البيانات الت صية
القاعدة العامة أن من تخصه البيانات الشخصية يمارس االطالع عليها بنفسه في
مواجهة معالج البيانات ،إال أنه في بعض الحاالت ال يستطيع أن يطلع عليها بنفسه بل
يكون هناك وسيط بينه وبيـن معالج البيانات ومن ثم ،فهناك اطالع مباشر علي البيانات
الشخصية واطالع غيـر مباشر أما إذا كانت معالجة البيانات الشخصية تقوم بها جهة
تتحـرى عن الجـرائم أو تمنعها ،أو جهة تقوم بتحديد ضريبه وتحصيلها ،فإن االطالع على
البيانات الشخصية يكون عن طريق طلب يقدم إلى اللجنة القومية للحـريات ،التـي تقوم
بندب أحد أعضاءها لالطالع على البيانات ،ويتم للرد على الطالب بأنه تم االطالع على
مقيده بالضوابط القانونية .ويالحظ أن املشرع جعل البيانات ،وأن عملية املعالجة ّ
ممارسة حق االطالع في الحالتيـن السابقتيـن بطريقه غيـر مباشرة وذلك ألن االطالع عليها
عن طريق الشخص بنفسه قد يؤدي إلى اطالعه على معلومات خاصة بأمن الدولة أو
بالتحـري عن الجـرائم أو بالنظام لضريبي ،وهي من املعلومات السرية التـي ال يجوز االطالع
عليها .أما فيما يتصل باالطالع على البيانات الصـحية يجوز ملن تخصه هذه البيانات أن
ّ
يطلع عليها بنفسه أو يفوض في ذلك طبيبا مختصا يقوم باالطالع عليها ،ويجب على
الطبيب أن يحافظ على سرية هذه البيانات التـي اطلع عليها وفقا لنص املادة 7-1111
من قانون الصحة العامة ،حيث تفرض على كل من يعمل في املجال الطبـي االلتـزام
ى)1(. بالحفاة على سرية البيانات الصحية للمرض
والض ــبط – املنش ــورات ( (1من ــي األش ــقر جب ــور ،محم ــود جب ــور – الق ــانون واالنترن ــت – تح ــدي التكيي ـ
الحقوقية – صادر –بيروت – 2008 -ص39ص43
33
حمايـ ـ ــة البيانـ ـ ــات الت صـ ـ ــية عب ـ ـ ــر اإلنت ـ ـ ــرن (التحـ ـ ــديات -
34
حماية البيانات الت صية عبـر اإلنتـرن (التحديات -
إال أنه قد يحدث نزاع مبدئي عند طلب الشخص تعديل بياناته أو إلغائها ،حيث قد
يدعي معالج البيانات أنها صـحيحة ومكتملة ،وأن شرف ممارسة الحق غيـر متوافر فعلى
من يقع عبء اإلثبات؟ يتم التفرقة هنا بيـن حالتيـن:
الحالــة األولــى :إذا كــان معــالج البيانــات قــد حصــل علــى هــذه البيانــات الشخصــية
دون موافقة صريحة ممن تخصه ،فهنا يقع على عاتق معـالج البيانـات إثبـات أنهـا
صـحيحة ودقيقة.
الحالة الثانية :إذا كان معالج البيانات قـد جمعهـا بنـاء علـى موافقـة صـريحة ممـن
تخصه ،فهنا يقع على عاتق من تخصه هذه البيانات أن يثبت عدم دقتها.
ا
ثالثا -ابالغ بيانات غيـر دقيقة للليـر
إذا كان معالج البيانات قد قام بنقل البيانات الشخصية للغيـر .ثم قام بتعديلها أو
تحديثها بناء على طلب صاحبها ،فإنه يجب على معالج البيانات أن يقوم بإبالغ من تم
نقل البيانات إليه بكل التعديالت التـي تمت ،وإذا تم الغاؤها ،فإنه يجب على معالج
البيانات أن يتخذ كل اإلجـراءات الضرورية إللغائها لدى من تم نقلها إليه.
ر ا
ايعا -االستثناء على الحق في التعديل أو اإلللاء
هناك استثناء وحيد على الحق في التعديل أو اإللغاء ،إذا كان من يقوم بمعالجتها
يقوم بذلك في إطار ممارسته ملهنة الصـحافة بشرف احترامه للقواعد املهنية للصـحافة،
أو أدبي)1(. أو بغرض القيام بعمل فني
( (1ســامح عبــد الواحــد التهــامي – الحمايــة القانونيــة للبيانــات الشخصــية "دراســة فــي القــانون الفرنس ـ ي"-
مجلة الحقوق – العدد – 3السنة – 35ديسمبر – 2011ص420ص426
35
حمايـ ـ ــة البيانـ ـ ــات الت صـ ـ ــية عب ـ ـ ــر اإلنت ـ ـ ــرن (التحـ ـ ــديات -
36
حماية البيانات الت صية عبـر اإلنتـرن (التحديات -
ولــيس كمــا هــو الحــال بالنســبة للقــانون الشــامل الت ــي ينش ـ ج جهــة رقابــة عامــة .ويؤخــذ
على هذا النموذج أنه يتطلـب أن تسـن تشـريعات جديـدة كلمـا نشـأت تقنيـات جديـدة،
ولهــذا فــإن الحمايــة تظ ـل متخلفــة عــن تقنيــات االعتــداء ،مثــال ذلــك الــنقص فــي حقــل
حماي ــة البيان ــات املتعلق ــة بالجين ــات مـ ــثال ،حي ــث ال ي ــتم حمايته ــا بموج ــب تشـ ــريعات
الخصوص ــية ،إض ــافة إل ــى مش ــكلة ع ــدم وج ــود جه ــة حكومي ــة مش ــرفة .وف ــي كثيـ ــر م ــن
الدول فإن القوانيـن القطاعيـة تسـتخدم كقوانيــن مكملـة للتشـريع العـام بمـا تتضـمنه
مــن تفاصــيل إضــافية فــي حقــل الحمايــة لطوائ ـ معينــة مــن املعلومــات ،كاالتصــاالت
وس ــجالت الش ــرطة وبيان ــات االقتـ ــراض للعم ــالء وتش ــريعات الخصوص ــية املص ــرفية أو
أو غيـرها)1(. الخصوصية املهنية كما في حقل املحاماة
-3التنظــيل الذات ــي Y :SELF - regulationن موضــوع التنظــيم الذات ــي للتشــريعات هــو
النق ــيض مل ــا يع ــرف بالت ــدخل التش ــريعي لتنظ ــيم موض ــوعات تقني ــة املعلوم ــات ،ولك ــل
اتجــاه مؤيــدوه ومعارضــوه ،إيجابياتــه وســلبياته ،وبــالعموم يمكننــا القــول إن النمــوذج
األمريكي للتعامل مع تقنيـة املعلومـات دعـا إلـى مزيـد مـن تبن ـي فكـرة التنظـيم الذاتــي فـي
حق ـ ــول التج ـ ــارة اإللكتـ ـ ــرونية ومعاييـ ـ ــر الخ ـ ــدمات التقني ـ ــة وحماي ـ ــة البيان ـ ــات وأم ـ ــن
املعلوم ــات وغي ــرها ،أم ــا االتح ــاد األوروب ــي ،فإن ــه يتج ــه نح ــو التنظ ــيم الحك ــومي أكث ــر،
لهذا نجد أن منظماتـه قـد اتجهـت دائمـا إلـى توجيـه دول األعضـاء إلـى إصـدار تشـريعات
ت ــتالءم م ــع القواع ــد املق ــررة ف ــي االدل ــة االرش ــادية والتوجيهي ــة الص ــادرة ع ــن منظمات ــه
كمجلــس أوروبــا واللجنــة األوروبيـة واالتحــاد األوروبــي ،بــل اتجــه إلــى التنظــيم التشــريعي
الش ــامل عبـ ــر قوانيـ ــن البـ ــرملان األوروب ــي ،بينم ــا يتج ــه رأي ثال ــث إل ــى تـ ــرك العدي ــد م ــن
املسـ ـائل للتنظ ــيم الذاتـ ــي للس ــوق وجه ــات الص ــناعة واإلنت ــاج ،لكنه ــا ف ــي الوق ــت ذات ــه
تتــدخل لتنظــيم مســائل أخ ــرى ،وذلــك وفق ـا لظــروف كــل دولــة وتبعــا للموضــوع محــل
والض ــبط – املنش ــورات ( )1من ــي األش ــقر جب ــور ،محم ــود جب ــور – الق ــانون واالنترن ــت – تح ــدي التكيي ـ
الحقوقية – صادر –بيروت – 2008 -ص39ص43
37
حمايـ ـ ــة البيانـ ـ ــات الت صـ ـ ــية عب ـ ـ ــر اإلنت ـ ـ ــرن (التحـ ـ ــديات -
التنظـ ــيم واالست ـ ــراتيجية الوطنيـ ــة بشـ ــأنه ،فالواليـ ــات املتحـ ــدة األمريكيـ ــة مـ ــثال تت ـ ــرك
مسألة املعاييـر واملواصفات التقنية للتنظيم الذاتـي للسوق ،فإن هذا األمـر مبــرر نظـرا
لوجــود قواع ــد واض ــحة فــي مج ــال من ــع التنــافس غي ــر املش ــروع ومنــع االحتك ــار وحماي ــة
وإيهـام الجمهـور ،فـي حيــن أن دوال ناميـة أو حتــى متقدمــة املسـتهلك وقواعـد منـع الغـ
ال يت ــوفر له ــا مث ــل ه ــذا التنظ ــيم ،ال يك ــون قراره ــا بتـ ــرك تنظ ــيم املعاييـ ــر للس ــوق ،ب ــل
يتعي ــن التــدخل مــن أجــل حمايــة املســتهلك وضــمان ســالمة الخــدمات التقنيــة املوجهــة
اليه.
وحماية البيانات يمكن أن تتحقق من خالل أشكال عديدة للتنظيم الذاتـي التـي
يمكن من خاللها للشركات الصناعية والتجارية تأسيس نظام خاص للممارسة وللمعاييـر
يعد سياسة ذاتية لها جميعا ،ففي الواليات املتحدة مثال ،فشلت كثيـر من جهود التنظيم
الذاتي ،ربما بسبب تأثـر أهداف التنظيم الذاتـي باملصالح الخاصة ،إلى جانب مشكلة
التواؤم مع هذه السياسات وتنفيذها في مختل الحقول.
التشريعات الوطنية قواعد تحمي السرية (األطباء، وبشكل عام يوجد في مختل
العامة ،التشريعات العسكرية) أما بالنسبة لقوانيـن حماية البيانات املحاميـن ،الوظائ
التـي نجمت عن استخدام الكمبيوتـر ،فإنها تتضمن نصوصا جنائية تتعلق بتخـزيـن
البيانات بصورة إلكتـرونية ،وقد تطورت في األعوام األخيـرة لتشمل عمليات الجمع
اليدوي للبيانات ،وتتكامل هذه التشريعات وتكمل بالقواعد املقررة في قوانيـن حماية
البيانات في القطاعات الخاصة ،وبالتالي فإن حماية البيانات الشخصية تجد قواعدها في
قوانيـن حماية البيانات وفي تشريعات حماية البيانات في القطاعات الخاصة ،وكذلك في
القواعد العامة املقررة لحماية البيانات في القوانيـن العامة .وكأثـر للتطور التاريخـي
38
حماية البيانات الت صية عبـر اإلنتـرن (التحديات -
للحماية فإن هناك تباينا واسعا بيـن النظم الوطنية بشأن الحماية الجنائية ألنشطة
االنتهاكات)1(. جمع املعلومات وتباينا بشأن تحديد
الفرع الثاني -اللرض من تبني تشريعات شاملة لحماية البيانات الت صية
هناك ثالثة أسباب للتوجه نحو اعتماد نموذج التشريع الشامل للخصوصية
وحماية البيانات ،والدول بشكل عام شرعت هذه القوانيـن لسبب أو أكثـر من بيـن هذه
األسباب الثالث:
-1تج ــاوز ومعالج ــة االنتهاك ــات الس ــابقة ،فالكثيـ ــر م ــن ال ــدول وتحدي ــدا ف ــي وس ــط أوروب ــا
وأمريكــا الجنوبيــة وجنــوب إفريقيــا تبنــت مثــل هــذه القوانيــن ملعالجــة االعتــداءات الت ــي
مارس ــتها الس ــلطات الس ــابقة عل ــى الح ــق ف ــي الخصوص ــية ض ــمن واق ــع غي ــاب احتـ ــرام
حقوق اإلنسان عموما.
-2تشجيع التجـارة اإللكتــرونية وتنظيمهـا ،فالكثيــر مـن الـدول ،وخاصـة فـي أسـيا ،وضـعت
مثل هذه القوانيـن بغرض تشجيع التجارة اإللكتـرونية منطلقة من أن املستهلكيـن لـن
يقــدموا علــى التجــارة اإللكت ــرونية فــي ظــل خشــيتهم علــى بيانــاتهم الخاصــة ،وقــد ســنت
تش ـ ــريعات الخصوص ـ ــية كجـ ـ ــزء م ـ ــن حـ ـ ــزمة تش ـ ــريعات ته ـ ــدف إل ـ ــى تس ـ ــهيل التج ـ ــارة
اإللكتـرونية من خالل مجموعة قواعد موحدة.
-3التأكــد مــن أن القوانيــن تــتالءم مــع املعاييــر األوروبيـة ،فغالبيــة الــدول فــي وســط وشــرق
أوروب ــا تبن ــت قواني ــن الخصوص ــية مس ــتندة إل ــى اتفاقي ــة مجل ــس أوروب ــا ودلي ــل حماي ــة
البيانـ ــات الـ ــذي أقـ ــره االتحـ ــاد األوروبـ ــي ،إذ أن أغلـ ــب هـ ــذه الـ ــدول ت ـ ــرغم باالنضـ ــمام
لالتحاد األوروبـي في املسـتقبل ،وتعلـم أن ذلـك يتطلـب االنسـجام مـع مـا يقـرره االتحـاد
والبـرملان األوروبييـن من قوانيـن ،وكذلك فإن عددا مـن الـدول خـارج أوروبـا تبنـت مثـل
ه ــذه القوانيـ ــن ألن املعايي ــر األوروبيـ ـة تمن ــع تب ــادل البيان ــات خ ــارج الح ــدود م ــع دول ال
(1) Privacy Enhancing Technologies - the Path to Anonymity, TNO/FEL (the Dutch National Research
Centre) and the Information and Privacy Commission of Ontario, Canadam, August 1995
39
حمايـ ـ ــة البيانـ ـ ــات الت صـ ـ ــية عب ـ ـ ــر اإلنت ـ ـ ــرن (التحـ ـ ــديات -
تحمـ ــي الخصوصـ ــية ،أو لرغبـ ــة بع ـ ـض الـ ــدول الت ـ ــي لهـ ــا مصـ ــالح مباشـ ــرة مـ ــع ال ـ ــدول
األوروبي ـة لالنســجام مــع األنظمــة القانونيــة األوروبي ـة ،كمــا هــو الحــال بالنســبة لكن ــدا
واستـراليا)1(.
فقط وقد قرر هذان الدليالن مستوى معيـن لحماية البيانات الشخصية ال يق
عند حد حماية البيانات وفق مفاهيم القوانيـن القائمة حاليا ،ولكن يتجاوزه إلى تأسيس
ذاته)2(. مزيد من الحقوق وتوسيع نطاق الحق
فبالنسبة إلى دليل حماية البيانات لعام ،1995فقد اهتم بمسألة ارشاد القوانيـن
الوطنية لتنظيم معالجة البيانات الشخصية ،أما دليل االتصاالت لعام ،1997فقد
املحمول وغيـرها من نظم والتلفزيون الرقمي وشبكات الهات وضع حماية خاصة للهات
االتصاالت ،وكل دول االتحاد األوروبـي يتعيـن عليها أن تسن تشريعات تـراعي املبادئ
املنصوص عليها في هذا الدليل واملتمثلة فيما يلي:
-1الحق في معرفة مكان معالجة البيانات.
-2الحق في الوصول إلى هذه البيانات وتصحيحها.
(1) Privacy Enhancing Technologies - the Path to Anonymity, TNO/FEL (the Dutch national research
centre) and the Information and Privacy Commission of Ontario, Canadam, August 1995
( )2وسائل الحد األدنى لحماية الخصوصية على الخط http://www.cdt.org/privacy/guide/start/privpolicy.html
40
حماية البيانات الت صية عبـر اإلنتـرن (التحديات -
أما بالنسبة لدليل االتصاالت لعام ،1997فإنه يفرض التـزامات واسعة على جهات
خدمة االتصاالت وتـزويدها لضمان خصوصية املستخدميـن بما في ذلك األنشطة
املتصلة باإلنتـرنت ،ويتضمن قواعد تغطي العديد من املسائل التـي لم يتم تغطيتها في
قوانيـن حماية البيانات القائمة ،ويتضمن القواعد التـي تتعلق بتـزويد الخدمات التقنية
ومسائل االشتـراكات والتعرف على املشتـركيـن وغيـرها من املسائل التـي نشأت بسبب ثورة
االتصاالت .وفي عام 2000أصدرت املفوضية األوروبية نموذجا جديدا لدليل معالجة
البيانات الشخصية وحماية الخصوصية في قطاع االتصاالت اإللكتـرونية ،وقد قدم هذا
41
حمايـ ـ ــة البيانـ ـ ــات الت صـ ـ ــية عب ـ ـ ــر اإلنت ـ ـ ــرن (التحـ ـ ــديات -
الدليل كجـزء من حـزمة واسعة تهدف إلى تقوية املنافسة في سوق االتصاالت
اإللكتـرونية ،ويتعيـن ان يحل محل دليل االتصاالت لعام .1997والدليل الجديد يوسع
من نطاق الحماية لألفراد ،ويتضمن قواعد بشأن التقنيات الحديثة وطوائفها الجديدة،
تعريفات كما يتضمن تعريفات جديدة لخدمات االتصال والشبكات ،وكذلك يضي
جديدة للمراسالت والبيانات املنقولة واملكاملات ومواقع البيانات وغيـرها ،كل ذلك بقصد
توسيع نطاق حماية الخصوصية والسيطرة على كافة أنواع البيانات املعالجة.
وتؤكد النصوص الجديدة حماية البيانات املنقولة عبـر اإلنتـرنت وتمنع السلوكيات
االتصالية الضارة في السوق التجاري اإللكتـروني مثل ( )SPAMوحماية مستخدمي
الخلوية من الرقابة واملتابعة املتصلة باملوقع ،كما يقدم الدليل وصفا لكافة الهوات
خدمات االتصاالت اإللكتـرونية كاالتصاالت الخلوية والبـريد اإللكتـروني ،والحق باالختيار
بشأن الخدمات املعروضة.
وتجدر اإلشارة في هذا املقام إلى أن التوجيهات الصادرة عن االتحاد األوروبـي عموما
تجيـز للدول األعضاء تقييد وتضيق األحكام باالستناد إلى القواعد املقررة بشأن إنفاذ
العدالة وتطبيق القانون كلما كان من املمكن حصول التناقض بيـن ما تقرره األدلة
التوجيهية وبيـن القواعد الرئيسة في النظام العام.
42
حماية البيانات الت صية عبـر اإلنتـرن (التحديات -
بحيث ينص على فرض التـزامات خاصة بحماية البيانات على الشركات املتحكمة فيها،
وأن يتم النفاد إليها بتفويض شخص ي لألغراض املصرح بها قانونا ،وبناء على هذا
التوجيه ،قامت العديد من املنظمات التـي تعمل مع االتحاد األوروبـي بشكل تجارى
بصياغة سياسات تتماش ى معه .كما قامت لجنة التجارة الفيدرالية األمريكية (Federal
)Trade Commissionبنشر "مبادئ املعلومات العادلة" ،وهي وثيقة غيـر إلزامية ،ويجـري
العمل بها باعتبارها دليل أو توجيه للقلق املتنامي حول صياغة سياسات الخصوصية،
وخـريطة لألماكن التـي تسري فيها قوانيـن حماية البيانات ،أو تلك التـي تكون فيها هذه
الحماية في الطور التشريعي.
وتمتلك فرنسا تاريخا طويال في تطبيق سياسات حماية البيانات الرقمية .ففي عام
،1995اعتـرفت املحكمة الدستورية الفرنسية بالحق في الخصوصية ضمنيا بدستورها،
وتلتـزم فرنسا بتطبيق قوانيـن االتحاد األوروبـي الخاصة بحماية البيانات واالحتفاة بها،
حيث قامت بتأسيس "اللجنة الوطنية للمعلومات والحـريات" كهيئة إدارية رقابية مستقلة
تعمل على إعالم ونصـح وتعليم املستخدميـن بحقهم في حماية بياناتهم الرقمية ،كما تتيح
التواصل معها لكل مستخدم وجد صعوبة في ممارسة حقه في حماية بياناته الشخصية،
كما تقوم بفحص وتوقيع العقوبات على األنظمة التكنولوجية التـي ال توفر ضمانات
قانونية كافية ،أو ال تعمل على حماية بيانات املستخدميـن الرقمية.
كما ينص قانون تكنولوجيا املعلومات وملفات البيانات والحـريات املدنية الفرنس ي
في بعض مواده على ضرورة التـزام شركات االتصاالت مقدمة خدمات اإلنتـرنت بحفظ
بيانات حـركة املرور بيـن املواقع للمستخدميـن لعام واحد فقط ،كما أقر مجلس الوزراء
الفرنس ي في 2011قرارا بحق مستخدمي خدمات االتصاالت في معرفة الغرض من أي
االرتباف ،Cookiesوالوسائل املتاحة بحيث يعطى موافقة صريحة على لتعري مل
قبول إضافتها لصفحة املوقع والتعرف على بياناته ،ويحمى قانون "سرية املراسالت
43
حمايـ ـ ــة البيانـ ـ ــات الت صـ ـ ــية عب ـ ـ ــر اإلنت ـ ـ ــرن (التحـ ـ ــديات -
44
حماية البيانات الت صية عبـر اإلنتـرن (التحديات -
للمستخدميـن وكيفية استخدامها ومدة االحتفاة بحـركة الزوار بينها ،باإلضافة إلى خلق
وعي مجتمعي تجاه خطورة تدفق البيانات الشخصية للمستخدميـن دون تأمينها مما
يعرض سالمتهم الشخصية وأمنهم االجتماعي واملالي للخطر ،وضمان حماية املستخدميـن
من التعرض إلساءة استخدام أو تعرض بياناتهم التـي تجمعها الهيئات العاملة داخل
مصر للسرقة ،والتـي تبدأ من سرقة الهوية وكلمات املرور وأرقام البطاقات االئتمانية على
املستخدمين)1(. اإلنتـرنت ،عبـر ضمان توفيـر إلزام قانوني لتلك الهيئات بحماية بيانات
وقد أصدرت حوالي 50دولة تشريعات شاملة في حقل حماية البيانات وال زالت العديد
من الدول تبذل جهودا تشريعية إلصدار تشريعات لحماية البيانات الشخصية من مخاطر
املعالجة اتلية للبيانات ،ويـرجع هذا النشاف التشريعي إلى عوامل عديدة منها الرغبة في
مواكبة متطلبات العوملة ،والخشية من املخاطر املتـزايدة لوسائل معالجة ونقل البيانات
والضـبط ،املنشـورات الحقوقيـة ( )1منـى األشقر جبور ،محمود جبور .القانون واإلنترنـت :تحـدي التكييـ
– بيروت :صادر ،2008 ،ص ص.62-59
( )2انظــر الــدول التــي تضــمنت دســاتيرها نصوصــا تتعلــق بالخصوصــية ضــمن قائمــة التشــريعات فيمــا يــأتي
مــن هــذا الفصــل ،وانظــر النصــوص التــي وردت فــي هــذه الدســاتير فــي العديــد مــن مواقــع القــانون علــى
اإلنترنــت التــي تتضــمن دســاتير العــالم ومنهــا : http://www.uni-wuerzburg.de/law/index.htmlوكــذلك
موقع الخصوصية العاملي املشار إليه فيما تقدم : www.internationalprivacy.org
45
حمايـ ـ ــة البيانـ ـ ــات الت صـ ـ ــية عب ـ ـ ــر اإلنت ـ ـ ــرن (التحـ ـ ــديات -
والرغبة في تشجيع التجارة اإللكتـرونية والتـي يعد من بيـن موضوعاتها خصوصية البيانات
الشخصية باإلضافة لرغبة هذه الدول في التوافق مع توجهات املنظمات والهيئات الدولية أو
متطلباتها.
ففي حقل ما يمكن تسميته جـرائم الخصوصية املعلوماتية ،فإن الخالف بيـن
تشريعات الخصوصية املشار إليها أعاله يكمن بتحديد األفعال غيـر القانونية محل
التجـريم ،ففي بعض الدول كالواليات املتحدة واليابان ال يستخدم القانون الجـزائي
لحماية الخصوصية بشكل عام .وهذا هو حال القانون األمريكي الذي ال يتضمن سوى
أفعاال محدودة ،وكذلك تشريعات الخصوصية في كندا التـي ال تنص سوى على فعل
46
حماية البيانات الت صية عبـر اإلنتـرن (التحديات -
واحد في مجال حماية الخصوصية .وفي القانون الياباني ال يجـرم إال الحصول على
البيانات الشخصية من جهات إدارية .وشبيه بها قانون حماية البيانات الهولندي الذي
يعاقب فقط على اإلخالل بتسجيل ملفات البيانات .وعلى العكس بذلك نجد العديد من
الدول تتضمن قائمة تفصيلية لألفعال اإلجـرامية التـي تـرجع إلى الكثيـر من األنشطة
املحظورة من قبل الجهات االدارية أو األشخاص ،وأوضـح مثال على هذه التشريعات
القانون الفرنس ي التـي حدد كافة االنتهاكات للخصوصية تبعا ملراحل الجمع واملعالجة
والتبادل التـي تتم على البيانات.
وقد حاول الفقه الفرنس ي ،تحديد الحاالت أو األمور التـي تتعلق بالحياة الخاصة
لألفراد وتبنى القضاء الفرنس ي ما ذهب اليه جانب من هذا الفقه )1(.وكأثـر لجدل قضائي
وفقهي ،تم سن تشريع خاص بحماية جمع ومعالجة البيانات الشخصية وتجـريم مختل
صور االعتداء عليها سواء من قبل القائميـن على عمليات الجمع أو من قبل الغيـر.
أما بالنسبة لنطاق الخصوصية في النظام األمريكي ،فقد حدده باألساس الفقيه
األمريكي بـروسر ،Prosserوتبنى هذا التحديد القضاء األمريكي واعتمده أيضا املشرع
األمريكي في املدونة الثانية الصادرة عام 1977بشأن الخصوصية.
( )1منى األشقر جبور ،محمود جبور .القانون واالنترنت -مرجع سابق – ص35ص38
47
حمايـ ـ ــة البيانـ ـ ــات الت صـ ـ ــية عب ـ ـ ــر اإلنت ـ ـ ــرن (التحـ ـ ــديات -
-4اإلس ــاءة إل ــى س ــمعة الش ــخص ف ــي نظ ــر الجمه ــور ،كاس ــتخدام اس ــمه عل ــى نح ــو يسـ ـ يء
إذنه)1(. لسمعته دون
كما أن توفيـر األداة القانونية ملواجهة أخطار املعالجة اتلية للبيانات الشخصية قد
انطلق كما أسلفنا مع مطلع السبعينيات ،وقد قادت دولة السويد الطريق بتشريع
خصوصية البيانات ،وتبعتها الواليات املتحدة األمريكية بقانون الخصوصية عام 1974
والذي أسس للمبادئ العامة.
ويؤكد قانون الخصوصية األمريكي لعام 1984الذي يعتبـر أقوى بكثيـر من سابقه
على إعالم األفراد بأن سجالت شخصية يتم جمعها عنهم وحفظها ،ويعطيهم الحق
ليشاهدوها ويصـ حوها ويمنع من استخدام املعلومات التـي تم تـزويدها في أي غرض
آخـر غيـر التـي زودت من أجله.
وفي اململكة املتحدة ،تم إقرار قانون حماية البيانات عام 1984والذي فرض على
كل التنظيمات التـي لديها معلومات عن األفراد على حواسيبها تسجيل نوع البيانات التـي
لديهم من خالل مسجل حماية البيانات ،ويمكن القانون املواطنيـن من الحصول على
تعويض من خالل املحاكم الدينية ،إذا ما وجد أن البيانات الشخصية التـي لديهم ليست
دقيقة ،أو إذا ما ضاع هذا السجل أو تم اإلفصاح عنه إلى شخص غيـر مصرح له.
وقد وضع املشرع في أملانيا الغربية عام 1986قانون حماية البيانات (القانون
التـي املعدل لقانون )1977متـزامنا مع إقرار قانون يصرح باستخدام بطاقات التعري
يتم قراءتها بواسطة الحاسوب ،ويفرض على كل األملان الغربييـن أن يحملوا بطاقات الـ
( )IDالجديدة ،مما يسمح للسلطات بخـزن البيانات عن حـركة الناس على حواسيب
( )1انظــر الــدول التــي تضــمنت دســاتيرها نصوص ـا تتعلــق بالخصوصــية ضــمن قائمــة التشــريعات فيمــا يــأتي
مــن هــذا الفصــل ،وانظــر النصــوص الت ـي وردت فــي هــذه الدســاتير فــي العديــد مــن مواقــع القــانون علــى
االنترنــت التــي تتضــمن دســاتير العــالم ومنهــا : http://www.uni-wuerzburg.de/law/index.htmlوكــذلك
موقع الخصوصية العاملي املشار اليه فيما تقدم : www.internationalprivacy.org
48
حماية البيانات الت صية عبـر اإلنتـرن (التحديات -
مركزية .وهو ما لقي معارضة صلبة من الكثيـريـن ،بما فيهم موظفو حماية البيانات في
الحكومات اإلقليمية ،ملحاربة استخدام هذه البطاقات ملساسها بالحقوق الشخصية.
وقد تأثـرت على نحو آخـر العديد من الدول ،بتشريعات كل من فرنسا وأمريكا
وأملانيا والسويد في مجال التنظيم القانوني لحماية الحياة الخاصة .وجاء نشاف
املنظمات الدولية واإلقليمية املتقدم عرضه ،وعلى نحو خاص ،املنظمات األوروبية،
ليؤطر من جهة ،جهود حماية البيانات الشخصية والحق في الحياة الخاصة ،وليخلق
الدول التـي سنت قوانيـن لحماية اتساقا عاما بيـن قواعد التشريعات الوطنية ملختل
الخصوصية أو الحياة الخاصة ،فمثلت مبادئ القواعد اإلرشادية ملنظمة التعاون
والتنمية االقتصادية ،OECDواتفاقية مجلس أوروبا ،وقرارات وتوصيات السوق
األوروبية املشتـركة ،واملبادئ التوجيهية املتعلقة باستخدام ملفات األشخاص املعالجة
آليا التـي أعدتها اللجنة الفرعية ملنع التمييـز وحماية االقليات (هيئة تابعة للمجلس
االقتصادي واالجتماعي في هيئة األمم املتحدة) ،مثلت إطارا -في حده األدنى -لكفالة
اتساق وتطابق قواعد الحماية الخاصة واملعالجة اتلية للبيانات الشخصية.
وعلى ذلك فإن قوانيـن ال صوصية تنطوي على ثالث طوائف رئيسة من
القواعد:
األولــى :إق ــرار املب ــاد الرئيســة ل ح ــق ف ــي ال صوصــية ونط ــاق اعت ــراف الدولــة ب ــه وكلفت ــه
وااللت ــزامات املق ــررة عل ــى الجه ــات العام ــة والخاص ــة ف ــي حق ــل حماي ــة البيان ــات الشخص ــية
واحت ـ ــرام الخصوص ـ ــية فيم ـ ــا تمارس ـ ــه م ـ ــن أنش ـ ــطة جم ـ ــع ومعالج ـ ــة البيان ـ ــات الشخص ـ ــية
باستخدام التقنية.
الثاني ــة :القواع ــد التنظيمي ــة واالجـ ــرائية واملعاييـ ــر ،وه ــي تل ــك القواع ــد املتعلق ــة بجلي ــات
جم ـ ــع البيان ـ ــات ومعالجته ـ ــا ونقله ـ ــا وتحديـ ـ ـد املعاييـ ـ ــر التـ ـ ــي يتعيـ ـ ــن عل ـ ــى جه ـ ــات التقني ـ ــة
واالتصـ ــاالت التقي ـ ـد بهـ ــا إلـ ــى جانـ ــب بحثهـ ــا فـ ــي جهـ ــات رقابـ ــة حمايـ ــة الخصوصـ ــية وتنظـ ــيم
تش ــكيلها وعمله ــا وبي ــان دوره ــا وتحدي ــد مهامه ــا وص ــالحياتها ،يض ــاف إليه ــا أيض ــا القواع ــد
49
حمايـ ـ ــة البيانـ ـ ــات الت صـ ـ ــية عب ـ ـ ــر اإلنت ـ ـ ــرن (التحـ ـ ــديات -
االجـ ــرائية الخاصـ ــة الت ـ ــي تطبـ ــق بالنسـ ــبة للحمايـ ــة املدنيـ ــة أو الج ـ ــزائية املقـ ــررة فـ ــي نطـ ــاق
القواعد املوضوعية للحماية.
الثالثــة :القواعــد املوضــوعية ل حمايــة املدنيــة والجنائيــة ،وتشــمل نصــوص التج ــريم مــع
تحديــد لألفعــال املجــرمة وعقوباتهــا ،إضــافة لبيــان نطــاق املســئولية املدنيــة ،وبيــان الجهــات
مح ــل املس ــاءلة ،وغيـ ــر ذلـ ــك م ــن قواع ــد موض ــوعية تتعلـ ــق بالحماي ــة القانوني ــة للبيانـ ــات
الشخصية في كافة مراحل التعامل التقني معها.
املبح ــث الثال ــث -خصوص ــية البيان ــات الت ص ــية بي ــن االنته ــا وغي ــاب الحماي ــة
التشريعية
فالكميات الهائلة من البيانات الشخصية ،التـي تتدفق عبـر اإلنتـرنت ،وفي الفضاء
السيبيـري ،تتـرافق مع تقنيات متطورة ومنهجيات معالجه ،يمكنها أن تشكل تهديدا
هوياتهم ،وإنما أيضا للدول مباشرا ،ليس فقط لألشخاص الذيـن تساعد في كش
ّ
ومصالحها الحيوية وأمنها .ويتمثل هذا التهديد في االعتداءات التـي يمكن أن تقع على
50
حماية البيانات الت صية عبـر اإلنتـرن (التحديات -
في هذا السياق ،تثيـر حماية البيانات الشخصية ،عددا من اإلشكاليات ،نتيجة
التقائها أو تناقضها مع عدد من الحقوق والحـرّيات األخـرى .مثل :الحق في الوصول إلى
املعلومة ،حق الدولة في الرقابة على القيود الخاصة باملواطنيـن وحقها في ضبط القيود
وغيـرها .وتبدو الحاجة ّ
ملحه إلى رسم حدود واضـحه ،ال يمكن للدولة أن تتجاوزها تحت
شعار الحفاة على األمن القومي ،منعا لالعتداء على الحـريات والحقوق .وقد تم إقرار
العديد من التشريعات التـي وضعت في العديد من الدول ملكافحة اإلرهاب .فقد قامت
الواليات املتحدة األمريكية بإقرار صالحيات واسعه للحكومة ،ومنحتها صالحيات كبيـرة في
التحقيق واملالحقة ،واستبعدت املسئولية عن أشخاص القانون الخاص ،في حال
إفشائهم معلومات للحكومة .وكان البـرملان األوروبـي قد أعرب عن قلقه إزاء ما قد يتـرتب
على اإلجراءات األمنية من آثار على الحقوق والحـريات ،وفي مقدمها الحق في الخصوصية.
( (1منى األشقر جبور ،محمود جبور .القانون واالنترنت – املرجع السابق – ص43ص46
51
حمايـ ـ ــة البيانـ ـ ــات الت صـ ـ ــية عب ـ ـ ــر اإلنت ـ ـ ــرن (التحـ ـ ــديات -
وقد أثار قانون (األمن في الفضاء السيبيـري) ،في الواليات املتحدة األمريكية ،عددا
من االحتجاجات ،نظرا للصالحيات الواسعة وغيـر املسبوقة التـي يمنحها للحكومة على
اإلنتـرنت ،ورأى العديد من الخبـراء أن القانون يشكل منعطفا خطيـرا وجديا ،نحو سحب
صالحيات وسلطات من القطاع الخاص ،الذي يشرف على استثمار الخدمات املرتبطة
بالبنية التحتية ،عبـر تحويل أمن هذه البنية إلى السلطات الفيدرالية ،وهو ما يخضع
صالحيات الشركات املعنية باالستثمار فيها إلى الحكومة الفدرالية.
ويتضمن القانون آلية تمنح الرئيس األميـركي صالحية قطع االتصال عبـر اإلنتـرنت
وفصل البنية التحتية ،استنادا العتبارات األمن القومي .كما إن القانون لم يحدد شروف
تلك االعتبارات التـي تمنح الرئيس حق التدخل في أداء خدمات تديـرها شركات خاصه
وتـرتكز إلى رءوس أموال خاصه.
كما وصل منح صالحيات واسعة في الوصول إلى البيانات ،إلى حد تجاوز بعض
النصوص القانونية الخاصة بحماية البيانات الشخصية .ويعطي القانون لوزيـر التجارة
األميـركي الحق في الوصول إلى البيانات الخاصة بالبنية التحتية املعلوماتية الحساسة
دون اعتبار للنصوص القانونية التـي تحظر ذلك.
وبالتالي يتجه القانون إلى منح السلطة حق الوصول إلى جميع البيانات ذات الصلة
والعائدة إلى القطاع الخاص ،خارج إطار حالة الطوارئ ،دون اعتبار لضرورة حماية الحق
في خصوصيه البيانات الشخصية أو للقواعد القانونية واألصول القضائية الواجب
العادية)1(. احترامها في الظروف
الفرع الثاني -التعاون الدولي في مكافحة االرهاب "اتفاق املالذ اآلمن "
أبـرز االختالف في التنظيم ،خطورته على حماية البيانات الشخصية ،ما أدى إلى
تهديد االتحاد األوروبي ،بحظر انتقال البيانات الشخصية ،إلى البالد إلى تؤمن معاييـر
( )1منى األشقر جبور ،محمود جبور .القانون واالنترنت – املرجع السابق – ص69ص70
52
حماية البيانات الت صية عبـر اإلنتـرن (التحديات -
حماية ،موازية لتلك املعمل بها ،في التوصيات الصادرة عنه ،وذلك انسجاما مع املبادئ
التـي تقرها هذه األخيـرة ،فكان تشاور بيـن وزارة التجارة األميـركية ،واللجنة األوروبية
إليجاد آلية تسهل عملية االنتقال هذه ،أدت إلى وضع اتفاق املالذ اتمن"Safe Harbor " :
.Agreement
ويضم هذا االتفاق عددا من املبادئ ،التي ال بد من االلتـزام بها ،من قبل الشركات
األميـركية ،الراغبة في اإلفادة ،من استمرار دفق البيانات الشخصية إليها .وتتناول هذه
املبادئ ضرورة االلتـزام بعدد من األصول التـي لديها إطارا تشريعيا معقوال ،يمكن أن
يمنع االعتداء على خصوصية األفراد ،ومن هذه املبادئ:
موجـ ــب اإلعـ ــالم :اذ يفت ـ ــرض بالشـ ــركات ،توفي ـ ــر املعلومـ ــات ،التـ ــي توض ـ ــح أهـ ــداف جمـ ــع،
ومعالجة بياناتهم الشخصية ،وطريقة التصرف بها ،السيما عندما يتعلـق األمـر ،بنقلهـا إلـى
جهــة ثالثــة .وفــي الحالــة األخيــرة يجــب اطــالع األفـراد علــى طبيعــة الجهــة الثالثــة ،التــي يمكــن
أن تحص ــل عل ــى ه ــذه املعلوم ــات ،م ــع إش ــارتها إل ــى الخي ــارات املتاح ــة ،للح ــد م ــن اس ــتخدام
هــذه البيانــات ،ومــن كشــفها .يضــاف إلــى ذلــك ،اعطــاؤهم املعلومــات حــول كيفيــة االتصــال
بالشركة لنقل أي سؤال أو شكوى.
حــق القبــول أو الــرف :إعطــاء األف ـراد الحــق فــي قبــول أو رفــض كش ـ ،أو نقــل بيانــاتهم
الشخصــية إلــى جهــة ثالثــة ،أو اســتخدامها فــي الهــدف ال يتناســب مــع الهــدف الــذي جمعــت
ألجله ،والذي تم على أساسه القبول.
نقل البيانات إلى جهة ثالثة :في هذه الحال ،تلتـزم الشركات بموجـب اإلعـالم الواضــح كمـا
تأمي ــن الخيــارات .باإلضــافة إلــى ذلــك ،يتوجــب عليهــا أن تتأكــد مــن أن الت ــزام الجهــة الثالثــة
باتف ــاق امل ــالذ اتمـ ــن ،أو التوص ــية األوروبي ــة لحمايـ ــة البيان ــات الشخص ــية ،أو أي سياسـ ــة
53
حمايـ ـ ــة البيانـ ـ ــات الت صـ ـ ــية عب ـ ـ ــر اإلنت ـ ـ ــرن (التحـ ـ ــديات -
حماية أخـرى .كما يمكن أن تتفـق الشـركة مـع الجهـة الثالثـة علـى احتــرام مسـتوى الحمايـة
املطلوب)1(.
حق الوصول إلى البيانات والتعديل :إعطاء األفراد حق الوصول إلـى البيانـات الشخصـية
الت ـ ــي تجمـ ــع ع ـ ــنهم ،لتصـ ــحيحها ،وتع ـ ــديلها ،أو إلغائهـ ــا حي ـ ــن ال تك ـ ــون ص ـ ــحيحة ،ويمك ـ ــن
الســماح للجهــة الت ــي تجمــع البيانــات بعــدم إعطــاء هــذا الحــق للمعنيي ــن بالبيانــات فــي حــال
كــان هــذا الوصــول ذي كلفــة مرتفعــة ال تتناســب وحجــم املخــاطر التـي يتعــرض لهــا الفــرد ،أو
في حال كان وصوله إلى هذه البيانات يتعرض لحق اتخرين في الخصوصية.
أمــن املعلومــات :تلت ــزم الشــركات بموجــب حمايــة البيانــات ،ويفت ــرض بهــا اتخــاذ اإلج ــراءات
الكفيلة ،بمنع تعرضها للضياع ،أو إساءة أو االنكشاف ،أو التشويه ،أو التالعب بها.
ص ــحة البيانــات :Data Integrityيجــب أن تتناســب البيانــات الشخصــية ،مــع األهــداف
الت ــي ستســتخدم ألجلهــا .ويفت ــرض بالشــركة اتخــاذ الخطــوات املعقولــة لضــمان مصــداقية
البيانات وصـحتها.
آليـات االعتــراض والتطبيــق :تلتــزم الشـركات بإيجــاد آليـة تسـمح بــالنظر فـي شـكاوى األفـراد
وح ــل ال اع ــات وتقريـ ــر التعويض ــات بمقتضـ ـ ى القواع ــد القانوني ــة .إل ــى جان ــب ذل ــك يج ــب
توفي ــر أصــول خاصــة ملراقبــة مــدى الت ــزام الشــركات وتنفيــذها للخطــوات املطلوبــة ،كشــرف
لقبــول انضــمامها ،وفــرض عقوبــات شــديدة علــى مخالفــة هــذه االلت ـزامات ،كالشــطب مــن
الئحة الشركات التـي تستفيد من االتفاق.
هذا ويعود قرار االنضمام إلى االتفاق إلى الشركات نفسها ،التـي يفتـرض بها أن تعلن
التـزامها بتطبيق شروطه ،وتحتـرم هذا االلتـزام .ويتم ذلك بتوجيه رسالة بهذا املعنى إلى
وزارة التجارة األميـركية كل عام .وتتضمن الرسالة االعالن والحق في الوصول إلى
البيانات ،والحق في قبول أو رفض السماح باستخدام البيانات ،وآليات االعتـراض
– (1) Martin A. Weiss, Kristin Archick us-eu data privacy: from safe harpor to safe shield- May 19,2016
congressional Research service- pp:9-11
54
حماية البيانات الت صية عبـر اإلنتـرن (التحديات -
والتطبيق .ويفتـرض بالشركة التـي تـرغب في اإلفادة من هذا االتفاق أن تعلن عن
انضمامها إليه ،وذلك في سياسة الحماية التـي تنشرها على موقعها.
ويشتـرف لقبول انضمام هذه الشركات إلى االتفاق ،أن يكون لديها سياسة حماية
خاصة بالبيانات الشخصية ،سواء عبـر انضمامها إلى أحد بـرامت الحماية امللحق باالتفاق
أو عبـر تطويـرها لبـرنامت خاص بها ،يتناسب مع التوصية األوروبية .وقد ألغيت هذه
االتفاقية بموجب حكم محكمة العدل األوروبية في دعوى أقامها شاب ايـرلندي ،وتم
االستعاضة عنها باتفاقية جديدة سميت "الدرع اتمن" وتم فيها تعزيـز اعتبارات حماية
البيانات الشخصية وذلك على النحو التالي:
ومما ال شك فيه أ ن هذا االتفاق سوف يقدم حماية وضمانات قانونية ملسائل نقل
البيانات وهو ما يؤدي لتقوية وتعزيـز الحقوق األساسية ويعزز التعاون بيـن الواليات
املتحدة األمريكية واالتحاد األوروبـي في مجال إنفاذ القانون ،ويساعد على استعادة الثقة
في مدى فعالية الحماية القانونية للبيانات الشخصية .وفي هذا اإلطار سوف تتحقق
استفادة كبيـرة ملواطني االتحاد األوروبـي من املعاملة باملثل ،حيث سيحصلون على حقوق
قانونية أمام املحاكم األمريكية تماثل التـي يحصل عليها األمريكيون عند حدوث انتهاك
لخصوصياتهم في أمريكا ،وهذه املسألة تحديدا كانت محمور حديث الرئيس "جانكار"
عندما قدم خطابة السياس ي مضمنا إياه املبادئ األساسية لتناقل البيانات الشخصية،
55
حمايـ ـ ــة البيانـ ـ ــات الت صـ ـ ــية عب ـ ـ ــر اإلنت ـ ـ ــرن (التحـ ـ ــديات -
حيث قرر بأن الواليات املتحدة األمريكية تضمن لكل مواطني االتحاد األوروبـي الحصول
على حقوقهم القانونية في أمريكا وأمام محاكمها ،وهو ما سوف يعزز ثقافة نبذ
بينهما)1(. العنصرية بيـن األوروبييـن واألمريكان في إطار العالقات املتبادلة
ا
ثانيا -قدرة االتفاق على حماية البيانات الت صية عند نقلها عبـر الحدود
هذا االتفاق سوف يكمل االتفاقات املوجودة بالفعل بيـن سلطات إنفاذ القانون في
االتحاد األوروبـي والواليات املتحدة األمريكية ،حيث ستنش ج قواعد ألعمال منظومة
واضـحة لحماية البيانات ،وتؤسس ملستوي متطور من الحماية التفاقات حماية البيانات
التـي يمكن إبـرامها مستقبال.
ان اتفاق مظلة الحماية سوف يتناول الجوانب اتتية عند تبادل البيانات
الشخصية لألفراد بيـن الشرطة وسلطات العدالة الجنائية:
-1تحدي ـ ـ ــد أط ـ ـ ــر واضـ ـ ـ ــحة الس ـ ـ ــتخدام البيان ـ ـ ــات :إن البيان ـ ـ ــات الشخص ـ ـ ــية ال يج ـ ـ ــوز
اسـ ـ ــتخدامها إال فـ ـ ــي أغـ ـ ـراض منـ ـ ــع الجـ ـ ــرائم والتحقيقـ ـ ــات الجنائيـ ـ ــة وتعقـ ـ ــب الجنـ ـ ــاة
وتقديمهم للعدالة.
-2وجه ــة البيان ــات املنقول ــة :الت ــي ي ــتم نقله ــا ألي بل ــد خ ــارج االتح ــاد األوروب ــي والوالي ــات
املتحدة األمريكية أو ألي منظمة دولية كاإلنتـربول أو الهيئات التابعة لألمم املتحدة.
-3م ــدة االحتف ــاي بالبيان ــات :االحتف ــاة بالبيان ــات الشخص ــية يج ــب أال ي ــزيد ع ــن امل ــدة
الزمنيـة املطلوبـة لتحقيـق الغـرض مـن الحصـول علـى تلـك البيانـات وفقـا للقــانون ،وإال
كــان ذلــك بمثابــة خطــر يهــدد تلــك البيانــات ان تصــبح متاحــة للتــداول مــع اتخـري ــن مــن
غيـ ــر املصـ ــرح لهـ ــم بالحصـ ــول عليهـ ــا واالطـ ــالع عليهـ ــا ،ومـ ــن ثـ ــم تمثـ ــل انتهاكـ ـا للحـ ــق فـ ــي
خصوصية تلك البيانات.
(1) EU Commission and United States agree on new framework for transatlantic data flows: EU-US
Privacy Shield-Strasbourg, 2 February 2016- http://europa.eu/rapid/press-release_IP-16-
216_en.htm
56
حماية البيانات الت صية عبـر اإلنتـرن (التحديات -
-4الحـ ــق ف ـ ــي الول ـ ــوج وتص ـ ــحي البيان ـ ــات الت صـ ــية :يمك ـ ــن لألش ـ ــخاص أن يص ـ ــرح له ـ ــم
ب ــالولوج إل ــى البيان ــات الشخص ــية الخاص ــة به ــم وتص ــحيحها ف ــي بع ــض األح ــوال عن ــد م ــنح
سلطات إنفاذ القـانون إمكانيـة الـدخول إلـى املحتـوي املعلوماتــي ،وكـذا طلـب تصـحيحها إذا
كانت غيـر دقيقة.
-5إخطـارهل فــي حالــة انتهــا أمــن بيانــاتهل الت صـية :يجــب وضــع آليــة تنفيذيــة للتأكــد
مـ ــن االخطـ ــار عنـ ــد حـ ــدوث انتهـ ــاك لألمـ ــن املعلومات ـ ــي الخـ ــاص بالبيانـ ــات الشخصـ ــية
للسلطات املختصة وعند اللزوم فيما يتعلق بموضوع تلك البيانات.
-6التـ ــدار القضـ ــا ي وإمكانيـ ــة إنفـ ــاذ الحقـ ــوق :يمكـ ــن للمواطني ـ ــن األوروبيي ـ ــن أن يقومـ ــوا
بالتقاض ـ ـ ي أم ـ ــام املح ـ ــاكم األمريكي ـ ــة ،إذا حص ـ ــل له ـ ــم ض ـ ــرر م ـ ــن ج ـ ـراء قي ـ ــام الس ـ ــلطات
األمريكيـ ــة باسـ ــتخدام بيانـ ــاتهم الشخصـ ــية أو افشـ ــاء تلـ ــك البيانـ ــات باملخالفـ ــة للقـ ــانون أو
إليها(1). منعهم من الولوج
ا
ثالثا -أحوال جواز نقل البيانات في إطار االتفاق
يمكن تبادل البيانات الشخصية بيـن االتحاد األوروبـي والواليات املتحدة األمريكية
في إطار االتفاق "مظلة الحماية" في األحوال التـي يكون هناك حاجة لتبادل البيانات،
ومنها البحث والتحـري عن الجـرائم وتعقب املشتبه فيهم والتعاون األمني والقضائي في
املسائل الجنائية ،وكذا قضايا اإلرهاب.
– (1) Martin A. Weiss, Kristin Archick us-eu data privacy: from safe harpor to safe shield- May 19,2016
congressional Research service- pp:8-12
57
حمايـ ـ ــة البيانـ ـ ــات الت صـ ـ ــية عب ـ ـ ــر اإلنت ـ ـ ــرن (التحـ ـ ــديات -
املنظمات الدولية من أجل أغراض إنفاذ القانون ،أو مالحقة املجـرميـن ،أو تعقب املشتبه
القانون)1(. فيهم ،أو تنفيذ األحكام ،أو تطبيق
في ذات الوقت الذي سيتم فيه نقل البيانات الشخصية إلى سلطات إنفاذ القانون
األمريكية فإذا كانت هذه البيانات غيـر صـحيحة أو تمت معالجتها بشكل غيـر قانوني ،فإن
مواطني االتحاد األوروبـي غيـر املقيميـن في الواليات املتحدة األمريكية لن يتمكنوا من
تعديل تلك البيانات أمام املحاكم األمريكية ،بعكس املواطنيـن األمريكييـن الذيـن يمكنهم
()2 ذلك أمام املحاكم األوروبية.
ر ا
ايعا -اآلثار السلبية التفاق الدرع اآلمن لتبادل البيانات الت صية
تحتل أخبار انتهاك الحق في الخصوصية ،والحـريات املدنية ،وحـرية التعبيـر على
اإلنتـرنت ،الصفحات األولى في وسائل اإلعالم ،فمن "ويكيليكس" إلى "تامبورا" في
بـريطانيا ،إلى "سنودن" و"بـريسم" في الواليات املتحدة األميركية ،إلى بـرنامت األمن في كندا،
إلى تشديد الرقابة على اإلنتـرنت في ف ويال و"سورم "2و"سورم ،"3والسجل الواحد في
روسيا ،واتخاذ إجـراءات تضمن تحديد هوية األشخاص ،وحجب مواقع التواصل
االجتماعي ،والجدار العظيم في الصيـن ،وتأكيدا على أهمية البيانات الشخصية وضرورة
حمايتها ملنع استغاللها في اإلساءة إلى حقوق األفراد ،وفي الوصول إلى مستخدمي وسائل
عمليات تجسس االتصاالت دون وجه حق ،وقد كانت تصريحات "سنودن" ،وكش
الواليات املتحدة األميركية على الدبلوماسييـن والسياسييـن واملواطنيـن ،كما األجانب ،قد
أثارت موجه من االستياء حول العالم ،أدت فيما أدت ،إلى قيام الرئيسة البرازيلية،
(1) EU Commission and United States agree on new framework for transatlantic data flows: EU-US
Privacy Shield-Strasbourg, 2 February 2016- http://europa.eu/rapid/press-release_IP-16-
216_en.htm
(2) Vera Jourova – Inspiring trust: Stronger Data Protection Rules to Boost The Digital Single Market-
& European Commission- Speech- Check Against Dellvery- Brussels,5th Annual Data Protection
privacy conference, organized by forum Europe – pp:1-39/12/2014
58
حماية البيانات الت صية عبـر اإلنتـرن (التحديات -
قمه دوليه حول مستقبل اإلنتـرنت ،تناق فيها بشكل أساس ي حقوق بالدعوة لعقد ّ
الدول املختلفة في سياسة إدارة اإلنتـرنت وحماية الحقوق ،ال ّ
سيما الحق في الخصوصية
وحماية البيانات الشخصية.
( (1ســامح عبــد الواحــد التهــامي – الحمايــة القانونيــة للبيانــات الشخصــية "دراســة فــي القــانون الفرنس ـ ي"-
بحـ ـ ـ ــث منشـ ـ ـ ــور فـ ـ ـ ــي مجلـ ـ ـ ــة الحقـ ـ ـ ــوق – العـ ـ ـ ــدد – 3السـ ـ ـ ــنة – 35الصـ ـ ـ ــادر فـ ـ ـ ــي سـ ـ ـ ــبتمبر – 2011
ص400ص410
59
حمايـ ـ ــة البيانـ ـ ــات الت صـ ـ ــية عب ـ ـ ــر اإلنت ـ ـ ــرن (التحـ ـ ــديات -
مصادر ال طر
يبقى الحق في خصوصية البيانات الشخصية عرضة لالعتداء بالرغم من االعتراف
به من قبل العديد من القوانيـن ،وهذا ال يرجع فقط نتيجة للنقص التشريعي
والتنظيمي ،واملمارسات الحكومية ،وإنما نتيجة لإلمكانات التقنية الهائلة ،التـي تتيحها
تقنيات املعلومات واالتصاالت والتـي ال يمكن توقع إمكاناتها ،ومنها تقنيات الرصد ،وجمع
البيانات والتتبع واملعالجة والتنقيب ،والوصول بسرعه فائقة إلى عدد أكبـر من الناس ،في
أماكن مختلفة من العالم.
يضاف إلى ذلك ،استحالة معالجة النتائت السلبية لالعتداءات في أحيان كثيـره ،مع
ّ ّ
تعذر استعادة البيانات التـي تم االستيالء عليها ،أو تعذر السحب ،أو اإللغاء الكامل
للبيانات ،أو األخبار التـي تم نشرها أو تشويهها أو تـزويـرها والتالعب بها .هذا من دون أن
ننس ى الخطر الذي يمثله اقتحام بعض قواعد املعلومات الشخصية ،سواء تلك التـي
تحتفظ بها الشركات أو تلك التـي تحتفظ بها الجهات الرسمية.
البيانات الشخصية لها قيمة اقتصاديه يسعى إليها املستثمرون بكل الوسائل ،من
أجل تعزيـز فرص وصولهم إلى شرائح أكبـر وأوسع من الزبائن ،وإلى تنمية فرص
استثماراتهم عبـر تحديد أطياف األشخاص وميولهم .لذا يبدو واضـحا االرتباف الوثيق بيـن
حماية البيانات الشخصية وبيـن الخطوات األساسية التـي تتخذ في إطار حماية النمو
االقتصادي ،سواء التقليدي منه أو الرقمي.
60
حماية البيانات الت صية عبـر اإلنتـرن (التحديات -
الحياتية ،بل أيضا بسبب رغبتها في حماية هؤالء وحماية سيادتها واستقرارها األمني
واالقتصادي)1(. واالجتماعي
وعليه تتشكل مصادر الخطر على الخصوصية ،نتيجة االستخدام غيـر القانوني ،أو
التعسفي للبيانات الشخصية ،دون اعتبار لحقوق أصـحابها ،السيما حقهم في
الخصوصية وذلك في القطاعيـن الخاص والعام على السواء ،ويعلو منسوب األخطار مع
بعض البيانات الشخصية ،التـي يمكن اعتبارها بيانات حساسة ،وذلك نظرا ملا يمكن أن
يتـركه انكشافها من أثـر سلبـي على كيفية التعامل مع املعني بها ،سواء من قبل السلطات
املختصة ،أو من قبل اتخـرين .وتتمثل هذه البيانات في كل ما يسمح بتحديد اتراء
واملعتقدات والوضع االجتماعي والعرق والهوية البيولوجية وامليول السياسية والجنسية
من هنا ،تكون القاعدة فيما يتعلق بهذه البيانات هي حظر معالجتها ،والسماح بمعالجتها
هو االستثناء ،وذلك في حاالت ّ
محدده حصرا (.)2
املطلب الثاني -ضعف الحماية التشريعية للبيانات الت صية في العالل العربي
الفرع األول -عدم كفاية تشريعات حماية البيانات الت صية
هناك نقص واضـح في اإلطار التشريعي والتنظيمي لحماية البيانات الشخصية
والحياة الخاصة في الدول العربية ،ويعتبـر البعض أن الدستور إطارا مالئما لهذه الحماية
استنادا إلى املبادئ والقواعد التـي تقر حماية الحـريات الفردية ،فإن دساتيـر خمس دول
عربية فقط ،تقر هذا الحق صراحة ،وهي مصر وقطر وموريتانيا والجـزائر .حيث أقر
الدستور املصري في املادة 57حماية الحياة الخاصة للمواطنيـن .وأقر الدستور الجـزائري
(1) Conflict of interest, Privacy/ Confidentiality & Tissue Repositories: Protections, Policies & Practical
Stratigies Conference co-sponsored by Prim & R & the Colombia University Center of Bioeth-
ics.2004 may3-5,Boston,MA-pp:3-5
( )2سامح عبد الواحد التهامي .الحماية القانونية للبيانـات الشخصـية :دراسـة فـي القـانون الفرنسـ ي ،مجلـة
الحقوق ،ع ،4السنة ،35ديسمبر ،2011ص230ص240
61
حمايـ ـ ــة البيانـ ـ ــات الت صـ ـ ــية عب ـ ـ ــر اإلنت ـ ـ ــرن (التحـ ـ ــديات -
في املادة 39بعدم جواز انتهاك حـرمة حياة املواطن الخاصة .ونص الدستور الليبـي في
املادة 16منه على أن للحياة الخاصة حـرمة ،ويحظر التدخل فيها ،إال إذا شكلت مساسا
بالنظام واتداب العامة ،أو إضرارا باتخـريـن ،أو إذا اشتكى أحد أطرافها .ونص الدستور
املوريتاني في املادة 13أنه على الدولة أن تضمن شرف املواطن وحياته الخاصة.
وليس الحال بأفضل على مستوى القوانيـن الوضعية العربية ،فبالرغم من الجهود
واملبادرات الرامية إلى تعزيـز االنخراف في مجتمع املعلومات ،وإنشاء الحكومات
اإللكترونية وتنمية التجارة اإللكترونية عبـر إقرار عدد من التشريعات ،إال أنه ليس هناك
نصوص صريحه وشامله لحماية البيانات الشخصية في الوطن العربـي سوى قانون
حماية البيانات الشخصية الصادر في اإلمارات العربية املتحدة في العام ،2007وهو
قانون خاص باملركز املالي صادر باللغة اإلنكلي ية ،ومنسجم إلى حد بعيد مع "اإلرشاد
األوروبـي" للعام ،1995وقانون رقم 63العام في تونس ،والذي تضمن بعض النصوص
الخاصة بحماية البيانات الشخصية في إطار التجارة اإللكترونية.
أما القوانيـن العربية األخـرى والتـي يمكن ذكرها فهي :القانون املغربـي رقم -2008
،09يضاف إلى ذلك بعض املواد التـي وردت عرضا في بعض القوانيـن ،دون أي تفصيل
أو آليه حماية ،والتـي تضمن تنفيذا فاعال لها ،السيما لدى تعارض هذا الحق وهذه
الحماية مع املصلحة العامة وحقوق الغيـر ،كقانون اإلحصاءات العامة املؤقت لسنة
،2008الصادر في األردن وفيه مواد خاصه بسرية البيانات اإلحصائية ومنع إفشاءها،
وقانون االتصاالت رقم 18الصادر في سوريا عام ،2010الذي يؤكد على مبدأ احترام
الخصوصية .وفي إطار هذا التجاهل تليات الحماية والتنفيذ وحدود املمارسة خطر أكيد
مع تصاعد وتيـرة معالجة البيانات الشخصية وازدياد أهميتها وإمكانات معالجتها
واستخدامها والربط بينها والتنقيب عنها بدون معرفة أصـحابها وموافقتهم.
62
حماية البيانات الت صية عبـر اإلنتـرن (التحديات -
كما إن جميع الدول العربية أعضاء في األمم املتحدة ،وملت مة اإلعالن العاملي
لحقوق اإلنسان ،السيما املادة 12منه والتـي تقر عدم جواز التدخل التعسفي في حياة
األفراد الخاصة أو مراسالتهم وحقهم في حماية قانونيه تضمن ذلك .ورغم عدم توافر
آليات التطبيق والتنفيذ وعدم وجود قواعد تفصيليه وتطبيقيه لتنظيم معالجة
البيانات ،وحفظها والوصول إليها ،وحقوق األشخاص في املراقبة واالعتراض والتصويب
واملحو وغيـر ذلك)1(.
( )1سامح عبد الواحد التهامي .الحماية القانونية للبيانـات الشخصـية :دراسـة فـي القـانون الفرنسـ ي ،مجلـة
الحقوق ،ع ،3السنة ،35ديسمبر ،2011ص ص.426-420
63
حمايـ ـ ــة البيانـ ـ ــات الت صـ ـ ــية عب ـ ـ ــر اإلنت ـ ـ ــرن (التحـ ـ ــديات -
ويمكن االستفادة من اإلرشادات التـي وضعتها منظمة " "OECDبشأن حماية الحياة
الخاصة وحـركة انتقال هذه البيانات عبـر الحدود ،وتثيـر هذه املسألة أهمية توافر
اعتباريـن هما الشفافية واملسئولية .ويقوم مبدأ الشفافية بحسب اإلرشادات على تأميـن
الوسائل الكفيلة بتحديد وجود البيانات الشخصية ،وطبيعتها وأهداف معالجتها ووجهة
استخدامها ،وتحديد هوية الحائز على هذه البيانات واملكان الذي يمارس فيه نشاطه .أما
املسئولية فتعني :أن يحتـرم الشخص الذي يحتفظ باملعلومات ،القواعد واإلجـراءات التـي
تضمن تطبيق اإلرشادات.
وتأسيسا على التوافق الذي تحقق على املستوى األوروبـي فيما يتعلق بحماية
البيانات الشخصية وطرق نقلها عبـر الحدود ،وانطالقا من االنسجام بيـن بعض األنظمة
القانونية العربية الالتينية املصدر ،يمكن االستفادة من التوجه األوروبـي في هذا املجال
لتحقيق الحماية واالنسجام على املستوى العربي ،كما يمكن االستفادة من التفسيـرات
والجوانب العملية لكيفية تطبيق اإلرشاد والقوانيـن األوروبية ،التـي أبـرزتها أحكام
املحاكم األوروبية الصادرة في مجال حماية البيانات الشخصية.
ويسجل في هذا املجال اللجوء العملي ملعظم املشرعيـن الذيـن وضعوا قوانيـن،
وأولئك الذيـن أعدوا مشروعات قوانيـن في هذا املجال إلى القوانين الدولية ،فقد نص
مشروع القانون اللبناني حول تنظيم املعامالت اإللكترونية الذي استـرشد بمبادئ
التوجيه األوروبـي بشأن حماية البيانات الشخصية ،وأخذ عن تشريعات غربيه منها
من 175مادة التشريع الفرنس ي الصادر عام ،2004فقد خصص هذا االقتراح املؤل
30منه في الباب الخامس تحت عنوان "حماية املعلومات ذات الطابع الشخص ي" ،وقد
64
حماية البيانات الت صية عبـر اإلنتـرن (التحديات -
توزعت على خمسة فصول ،أبـرزت عناوينها األحكام العامة ،وعمليات جمع ومعالجة
املعلومات ،واإلجـراءات الخاصة بتنفيذ هذه األخيرة ،وحق الوصول والتصـحيح ،واألحكام
املعلومات)1(. الجزائية التـي تطال مخالفة األحكام الخاصة بحماية
ولتالفي تسرب البيانات الشخصية عبـر شبكة اإلنتـرنت على غيـر رغبة املستخدم أو
دون معرفته لتأثيـراتها عن طريق العناصر الثالث السابقة ،تقوم املواقع اإللكتـرونية عادة
عند التسجيل عليها بوضع نوعيـن من السياسات على موقعها "سياسة الخصوصية"،
و"سياسة االستخدام") .(2وتشرح "سياسة ال صوصية" ماهية املعلومات الشخصية التـي
( )1ســامح عبــد الواحــد التهــامي .الحمايــة القانونيــة للبيانــات الشخصية:دراســة فــي القــانون الفرنس ـ ي ،مجلــة
الحقوق ،ع ،4السنة ،35ديسمبر ،2011ص ص.256-250
( (2سامح عبد الواحد التهامي .الحماية القانونية للبيانـات الشخصـية :دراسـة فـي القـانون الفرنسـ ي ،مجلـة
الحقوق ،ع ، 3السنة ،35سبتمبر – 2011ص ص.439-423
65
حمايـ ـ ــة البيانـ ـ ــات الت صـ ـ ــية عب ـ ـ ــر اإلنت ـ ـ ــرن (التحـ ـ ــديات -
يتم جمعها وكيفية استخدام املوقع للبيانات املجمعة ،ويتم توضيح كل أو بعض الطرائق
التـي يتم بها جمع وتخـزيـن بيانات املستخدم ،أو حفظها بسرية ،أو استخدمها ،أو
اإلفصاح عنها والتحكم بها ،أو تداولها مع طرف ثالث .وتسمح بعض املواقع للمستخدميـن
بإمكانية تعزيـز سياسة الخصوصية الخاصة بهم أو إمكانية عدم املوافقة على بعض
بنودها ،بينما تقوم "سياسة االستخدام" بإعالم املستخدم عن قواعد استخدم املوقع
حساب املستخدم أو وما هو مسموح به ،وما تعتبـره إدارة املوقع انتهاكا يلزم معه وق
إلغائ .ومن خالل هاتيـن االتفاقيتبن تتمكن التطبيقات واملواقع من استخدام بيانات
الزوار الشخصية واالستفادة بها بشكل يبدو وكأن املستخدم يقوم بالدفع مقابل الخدمة
التـي يحصل عليها عن طريق اإلنتـرنت من بياناته الشخصية ،فقد يفاجئ مثال بإن الصور
التـي قام بتصويـرها ونشرها على حسابه قد تم استخدامها ،ونشرها ،وبيعها بواسطة
الشركة املقدمة للخدمة ،دون أن يحصل على أي عائد أدبـي أو مادي .األمر ذاته يتم مع
ملفات الكوكيـز ،حيث تخيـر بعض املواقع املستخدميـن بيـن املوافقة أو الرفض على
تخـزيـن ملفات الكوكيـز على أجهزتهم الخاصة ،وألن معظم املستخدميـن ال يقضون فتـرة
كافية في قراءة سياسيات الخصوصية واتفاقية املستخدم ألسباب بعضها يعود إلى
املستخدم نفسه ،وبعضها األخـر إلى الطريقة التـي تتم بها كتابة سياسات الخصوصية
بشكل معقد وقانوني وغيـر سلس ،أو يتم تصميمها بشكل غير ملفت.
وتمثل البيانات الشخصية املتدفقة عبـر اإلنتـرنت للشركات عائدا اقتصاديا كبيـرا ،
ومتـراكما .إذ يمكن استخدامها في تطويـر العديد من خطط الدعاية والتسويق التـي
تتبناها الشركات ،فالتطور الكبيـر في أدوات جمع املعلومات وتحليلها ،مكن الشركات من
جمع املعلومات الخاصة بنمط حياة املستخدميـن عن طريق تتبع نمط سلوكهم
االستهالكي ،أو املواقع اإللكتـرونية املفضلة لديهم ،ليتم بعدها بناء قواعد بيانات عريضة
للمستخدميـن وربطها باهتماماتهم وبتفصيالتهم.
66
حماية البيانات الت صية عبـر اإلنتـرن (التحديات -
ومن ثم تلعب هذه البيانات دورا اقتصاديا كبيـرا في عمليات التسويق واإلعالنات
واختيار جمهور مستهدف بالدعاية ،ومعرفة النمط االستهالكي لكل فرد ،وتصني
املستخدميـن حسب شرائحهم العمرية أو االجتماعية أو االقتصادية .األمر الذي يمكن
استغالله في عمليات بيع قواعد البيانات املصنفة تلك إلى شركات أخـرى لتحقيق عائد
مادي.
وفي تقريـر ملركز معلومات الخصوصية فإن "القائمون على جمع معلومات
أية معلومة يجمعونها إلكتـرونيا" ،فنجد مثال أن شركة املستخدميـن يقومون بتصني
Medical Marketing Serviceتقوم ببيع قوائم األفراد الذيـن يعانون من عدة أمراض
وتكون مرتبطة بإشارات مرجعية مع املعلومات املتعلقة بالعمر واملستوى التعليمي وحجم
األسرة ونوع الجنس والدخل وأسلوب الحياة والوضع االجتماعي ووجود أو عدم وجود
أطفال لدى املرض ى ،وتشمل قائمة األمراض مرض السكري وسرطان الثدي وأمراض
القلب ،بينما تبيع شركات أخـرى قواعد بيانات تحتوى على معلومات تتعلق بعادات حياة
األفراد وكتبهم املفضلة وصوال ملعتقداتهم الدينية Kوفي حالة عدم رغبة املستخدم في
تبادل بياناته الشخصية أو جمعها أو بيعها لشركات تسويق أو إعالنات بمبالغ ضـخمة،
فإن هذه العمليات تمثل انتهاكا لخصوصية بياناته الشخصية.
خطورة أخـرى يمكن أن تتعرض لها البيانات الشخصية للمستخدميـن أثناء عملية
تبادل املعلومات وجمعها وهي عدم تأميـن مسارات نقل تلك البيانات بشكل كافي ،مما
يعرضها للسرقة ،وهو ما يهدد األمان االجتماعي واملالي ألصحاب املعلومات ،ويعرضهم
للخطر عن طريق الوصول ألرقام حساباتهم االئتمانية أو كلمات املرور التـي قد تحتفظ بها
املواقع ملدد غيـر محددة.
67
حمايـ ـ ــة البيانـ ـ ــات الت صـ ـ ــية عب ـ ـ ــر اإلنت ـ ـ ــرن (التحـ ـ ــديات -
املوقع أو تحميله لتطبيقات بعض تلك املواقع .وقد استجابت بعض الشركات املنتجة
للتطبيقات ملطالبات املستخدميـن التـي أثيـرت حول مستويات الخصوصية التـي توفرها،
وعملت على تحسيـن شروف خصوصيتها ،ورهن نشر ومشاركة بيانات املستخدم مع
آخـريـن بموافقته أو رفضه .ومن امثلة ذلك تعرض موقع التواصل االجتماعي "فيسبوك"
للعديد من االنتقادات بسبب سياسات خصوصيته التـي تسمح بانتهاك خصوصية
البيانات الشخصية ملستخدميه واستغاللها في التـرويت لإلعالنات عن طريق بيعها
لشركات إعالن ،تقوم باستهداف املستخدميـن طبقا لبياناتهم الشخصية املختلفة.
وكذلك الحال عند التسجيل لدى موقع وتطبيق ياهو" ) (yahooفإن سياسة
خصوصيته تنص على حقه في تغييـر سياسة الخصوصية دون إعالم مسبق للمشتـركين.
وكذلك تطبيق "الواتس آب" الذي تعرض للعديد من االنتقادات ،خاصة بعد أن قامت
في تقريـر يفيد بقيامه عدد من املنظمات املهتمة بحماية البيانات والخصوصية بالكش
املستخدم دون سؤاله ،ولعل صفقة شراء بالنفاد إلى كل األرقام املسجلة على هات
الفيسبوك لتطبيق الواتس آب يطرح العديد من التساؤالت حول خصوصية بيانات
مستخدمي الواتس آب الرقمية استنادا على تاري الفيسبوك مع سياسات الخصوصية
الرخوة ،واملتالعب بها ،والقلق بعد أن أصبح مستخدمو الواتس آب على وشك أن
يتحولوا إلى أحد منتجات الفيسبوك أرادوا ذلك أو لم يـريدوا.
اإلشكالية ،فبالنسبة للمستخدم الذي يلجأ الستخدام الواتس آب لعدم رغبته في معرفة
اتخـريـن لكل ش يء عنه سيمثل هذا األمر إزعاجا له ،فتطبيق الواتس آب الذي يمكن
تحميله بشكل مجاني من معظم متاجـر اإلنتـرنت لكن الخدمة نفسها غيـر مجانية ،فمن
أجل أن يبقى خاليا من اإلعالنات يقوم بتحصيل 99سنت في العام بعد السنة املجانية
األولى ،أما اتن وبعد أن أصبحت الخدمة تنتمي للفيسبوك ،فإن املستخدميـن لن يقوموا
فقط بدفع مقابلها من أموالهم ،ولكن من معلوماتهم الشخصية أيضا ،فالفيسبوك اتن
يمكنه النفاد إلى كل بيانات مستخدمي الواتس آب (كأرقام الهات ،العناوين ،معلومات
الدفع) وهي البيانات التـي لم يكن لديه القدرة على الوصول إليها ما لم يقم املستخدميـن
أنفسهم بـربطها بحساباتهم على الفيسبوك.
لكن هناك خطر في التوسع في جمع البيانات ،فإذا كان املشتبه به مشتـرك بأنشطة
إرهابية يحتمل أن تؤدي املعلومات املجموعة عنه إلى التوصل إلرهابيين وحماية الوطن
من هجمات إرهابية محتملة ،فال يمكن اعتبار جمع املعلومات األولية غيـر مالئم .لكن إذا
تأكد عدم وجود أي خطر من الشخص ،فال ينبغي االستمرار في جمع املعلومات أو حتـى
االحتفاة بها أو استخدامها .خشية ان يساء استخدام ملفات البيانات الشخصية من
قبل املسئوليـن في الدول االنتقالية مثال البتـزاز الخصوم السياسييـن أو الصـحافييـن
الفضوليين.
والتحليل واالحتفاة باملعلومات كما يجادل أحيانا بأن عملية الحفظ والتصني
من قبل أجهزة االمن غيـر مؤذية .لكن جمع البيانات الشخصية يطرح تهديدات أكثـر
وضوحا ،وقد يكون تخـزينها خطرا ألن البيانات الشخصية مرتبطة بشكل وثيق
باالستقالل الشخص ي .في الواقع يتقلص تحكم األفراد بحياتهم ،السيما بالخيارات التـي
يتخذونها فيما يتعلق بالتفاصيل الشخصية ملن وألي مدى وألي هدف يختارون الكش
عنها ،حيـن يسمح للوكاالت الحكومية بجمع البيانات الشخصية من مصادر متعددة.
بجمع املعلومات الشخصية عن األفراد ،تكتسب أجهزة األمن بعض السيطرة على
األشخاص موضوع هذه املعلومات .في أسوأ الحاالت ،يمكن استخدام البيانات
الشخصية من قبل األجهزة بشكل غيـر مناسب ملمارسة الضغط على الساسة
والصـحفيين .مجـرد معرفة أن األجهزة تحتفظ ببيانات شخصية قد يتسبب باضطراب
مؤذ .حتـى املشاركة في املجتمع
نفس ي لألفراد املعنييـن ،حتـى لو لم يحصل أي إفصاح ٍ
املدني قد تعيقها معرفة معلومات عن أشكال من النشاف السياس ي والصناعي
واالجتماعي يتم االحتفاة بها في ملفات أمنية.
مع األخذ بعيـن االعتبار الحاجة املبالغ فيها باالحتفاة باملعلومات األمنية لفتـرات طويلة
من الوقت ،فقد يطال األذى األفراد لسنوات أو عقود طويلة .فاملعلومات املرتبطة بأنشطة
شخص ما في شبابه مثال قد يتم االحتفاة بها في بعض الحاالت حتى يصبح الشخص
متقدما في السن ،حتى وإن لم يكن للشخص في مراحل حياته الالحقة أي سبب يدعو
ملعاملته على أنه تهديد أمني.
باإلضافة إلى ذلك ،قد تكون البيانات الشخصية التـي تملكها أجهزة األمن غير كاملة
أو غيـر دقيقة أو غيـر صالحة بمرور الزمن .في الحاالت القصوى ،قد يكون تم الحصول
على البيانات بداعي أذية الشخص املعني بسبب العداوة الشخصية أو الغيـرة .كذلك،
70
حماية البيانات الت صية عبـر اإلنتـرن (التحديات -
املصادر ذات التحفيـز باملكافجت املالية قد يكون دافعها املبالغة واملغاالة بالوقائع لدى
تقديم املعلومات عن الناس.
تشمل املخاطر األخـرى املرتبطة بتخـزيـن البيانات القدرة غيـر املسبوقة لبعض أجهزة
األمن على ربط املعلومات عن الفرد من خالل الوصول الخاص إلى قواعد بيانات مرتبطة
والضرائب(1). بتنفيذ القانون والسجالت الطبية
وتحليل البيانات الشخصية .فهناك وبالطبع ،ال تنتهي املخاطر بتخـزيـن وتصني
مخاطر مرتبطة باستخدام هذه البيانات .بعض هذه االستخدامات مشروع كالتدقيق
األمني لألشخاص ،لكن البعض اتخـر ليس كذلك (كالتحديد النمطي ملواصفات
األشخاص على أساس الديـن أو العرق أو ممارسة ضغط خفي على شخص ما)،
عن الهوية عن البيانات الشخصية لإلعالم ،فمثال قد يتسبب واإلفصاح دون الكش
للشخص الذي تـرتبط املعلومات به باألذى وفقدان الفرص .وقد يؤثـر ذلك على مكانته
املهنية كما في الحاالت التـي يحصل فيها فقدان أو خسارة التصريح األمني ،وبشكل عام
قد تتشوه سمعته .كما إن اإلفصاح عن بيانات دون إثبات أو بصورة غيـر دقيقة
لحكومات أجنبية قد يؤدي إلى منع من السفر أو أسوأ من ذلك.
( )1إيــان ليــة .االش ـراف علــى اســتخدام البيانــات الشخصــية – االش ـراف علــى أجهــزة االســتخبارات – رزمــة
أدوات -األداة – 6ص.120
71
حمايـ ـ ــة البيانـ ـ ــات الت صـ ـ ــية عب ـ ـ ــر اإلنت ـ ـ ــرن (التحـ ـ ــديات -
البيانات على جمع وتخـزيـن كميات كبيـرة من املعلومات الشخصية كالبيانات حول حـركة
الرسائل اإللكتـرونية واألبحاث على الشبكة وحجـز الطيـران واملعامالت املالية.
( )1تنص املادة 8من االتفاقية األوروبيـة حـول حقـوق اإلنسـان التـي تنطبـق علـى الـدول األعضـاء ال ـ 47فـي
مجلس أوروبا على أنه :للجميع الحق باحترام حياتهم الخاصة والعائلية وم لهم ومراسلتهم.
( )2مجلس أوروبا – اتفاقية حمايـة االفـراد فيمـا يتعلـق باملعالجـة اتليـة للبيانـات الشخصـية EST No.108
(ستراسبورغ )1981/1/21
( )3ت ــنص امل ــادة 8عل ــى أن ــه :للجمي ـع الح ــق بحماي ــة بيان ــاتهم الشخص ــية الت ــي تعن ــيهم ،يج ــب معالج ــة ه ــذه
البيانــات بشــكل عــادل ألهــداف محــددة وعلــى أســاس موافقــة الشــخص املعنــي أو علــى أســاس مشــروع
آخــر يــنص عليــه القــانون .للجميــع الحــق بالوصــول إلــى البيانــات التــي تــم جمعهــا عــنهم والحــق بــأن يــتم
تصحيحها ،يخضع االلت ام بهذه القواعد إلى رقابة من هيئة مستقلة.
72
حماية البيانات الت صية عبـر اإلنتـرن (التحديات -
قد تفرض هذه الحدود إذا كانت ضرورية وتحقق أهداف املصلحة العامة أو الحاجة
لحماية حقوق وحـريات اتخـرين.
وقد وجدت املحكمة األوروبية لحقوق اإلنسان ،أن امللفات األمنية الحكومية التـي
تحتوي على البيانات الشخصية تقع ضمن النطاق املحمي للحياة الشخصية املنصوص
عليها في املادة الثامنة من االتفاقية األوروبية حول حقوق اإلنسان ،ووجدت املحكمة
أيضا في حاالت عدة أن معالجة البيانات الشخصية من قبل جهاز األمن يشكل تداخال
مع حق احتـرام الحياة الشخصية ،وال يسمح به إال وفق معاييـر صارمة تحددها املواد
)1(.8،2ولكي يكون حفظ جهاز األمن واستخدامه للبيانات الشخصية موافقيـن لالتفاقية
األوروبية لحقوق اإلنسان يجب أن يكون االستخدام وفق القانون ولصالح األمن
القومي)2(.
باإلضافة إلى ذلك وبموجب اختبار نوعية القانون أن يكون على قدر ٍ
كاف من
الوضوح في أحكامه ليـرشد املواطنيـن بشكل مناسب إلى كيفية أعمال نصوصه ،وبما أن
التطبيق العملي إلجـراءات املراقبة السرية لوسائل االتصال غيـر متاحة للتمحيص من
قبل األشخاص املعنييـن أو الجمهور بشكل عام ،يجب إال تسمح القوانيـن التـي تنظم
لقاض
ٍ جمع البيانات الشخصية بتـرجمة االجتهاد القانوني املمنوح للسلطة التنفيذية أو
( )1لــدى معاين ــة قض ــية روت ــارو وروماني ــا ح ــول ملفــات امني ــة تح ــتفظ به ــا أجه ــزة االس ــتخبارات الروماني ــة،
وج ــدت املحكم ــة أن :تخ ــزين هيئ ــة عام ــة ملعلوم ــات مرتبط ــة بالحي ــاة الخاص ــة لف ــرد م ــا واس ــتخدامها
ورفــض اعطــاء الفرصــة بنقضــها يعتب ـران تــداخال مــع الحــق بحمايــة الحيــاة الخاصــة التــي نصــت عليهــا
املادة 8،1من االتفاقية
( )2وق ـ ــد فس ـ ــرت املحكم ـ ــة األوروبي ـ ــة لحق ـ ــوق اإلنس ـ ــان عب ـ ــارة وف ـ ــق الق ـ ــانون عل ـ ــى أن ـ ــه تقيي ـ ــد الح ـ ــق
بالخصوص ــية يج ــب أن يك ــون ل ــه أس ــاس ف ــي الق ــانون املحل ــي و أن يجت ــاز اختب ــار نوعي ــة الق ــانون ال ــذي
اعتبرتــه املحكمــة متاحـا للشــخص املعنــي الــذي عليــه أيضــا أن يــتمكن مــن اســتباق العواقــب وأن يكــون
مطابقا لسـيادة القـانون ،وبتطبيـق هـذه االختبـارات وجـدت املحكمـة أن انتهاكـات املـادة 8تكمـن حيـث
ال يرعى أجهزة االمن قانون ،أو اال يشمل أحكام تنظم جمع البيانات الشخصية وتخزينها.
73
حمايـ ـ ــة البيانـ ـ ــات الت صـ ـ ــية عب ـ ـ ــر اإلنت ـ ـ ــرن (التحـ ـ ــديات -
كسلطة مطلقة ،وبالتالي يجب تحديد نطاق هذا االجتهاد املمنوح وطريقة ممارسته
كاف لتوفيـر الحماية املناسبة للفرد ضد التدخل.
بوضوح ٍ
وبالنظر إلى هذه القوانيـن ،تتأكد املحكمة من أمور عدة أبـرزها أنها تحدد
اإلجـراءات املتبعة لالختبار واستخدام وحفظ البيانات التـي يتم الحصول عليها،
واإلجـراءات االحتـرازية التـي يجب أخذها لدى مشاركة بيانات مع جهات أخـرى ،والظروف
باملراقبة)1(. التـي يمكن أو يجب فيها إتالف السجالت التـي يتم الحصول عليها
ويأخذ اختبار نوعية القانون بعيـن االعتبار املخاوف األمنية ،ففي إطار التدقيق
األمني مثال ال يتطلب جـزء التوقع في االختبار من املدعيـن أن يتمكنوا من توقع العملية
للتطبيق)2(. بالكامل ،بل يجب أن يعطي القانون وصفا عاما فقط
( )1تبين قضية حديثة تشمل الحكومة الروسية هذه املبادئ .ووجدت املحكمة أن تسجيل ناشط حقوقي
فــي قاعــدة بيانــات املراقبــة الســرية تنتهــك املــادة 8مــن االتفاقيــة .وبمــا ان قاعــدة البيانــات أنشــئت بنــاء
ألمــر وزاري غيــر معلــن وغيــر متــاح للجمهــور ،لــن يكــون مــن املمكــن لهــذا األخيـر معرفــة ملــاذا بعــض األفـراد
مسجلين في قاعدة البيانات أو نوع املعلومات التي يـتم حفظهـا أو كيـ يـتم حفظهـا أو لكـم مـن الوقـت
أو كيـ سـيتم اسـتخدامها أو مـن يراقـب عليهـا ويفــرض اختبـار التوافـق مـع القـانون معيـارا صـارما جــدا
بغــض النظــر عــن املصــالح بالتــالي ،يجــب ان يض ــع البرملــان أســس قانونيــة ســليمة الســتخدام البيان ــات
الشخصية من قبل أجهزة االمن.
( )2فـي قضــية روتــارو ورومانيــا ، 12نظـرت املحكمــة األوروبيــة لحقــوق اإلنسـان (ECTHR(،فــي قــانون رومــاني
عن تنظيم امللفات األمنية التي تحـتفظ بهـا الحكومـة .وخلصـت املحكمـة إلـى أن القـانون غيـر وا ـح بمـا
يكفي في وص الظروف التي يمكن استخدامه فيها وبشكل خـاص اسـتخدامات املعلومـات الشخصـية
في امللفـات ،كمـا ان القـانون لـم يحـدد أي آليـة لرصـد اسـتخدام املعلومـات .ووجـدت املحكمـة أيضـا أن
ـاف مــن الوضــوح إلــى نطــاق االجتهــاد املمنــوح للحكومــة الرومانيــة.القــانون غيــر فعــال ألنــه ال يشــير بقــدر كـ ٍ
وبالتــالي يكــون القــانون قــد أخفــق فــي الحــد مــن ممارســة صــالحيات الحكومــة بجمــع وتســجيل وأرشــفة
املعلومــات الشخصــية فــي ملفــات ســرية .وبشــكل خــاص ،لــم يحــدد القــانون نــوع املعلومــات التــي يمكــن
تســجيلها وفئــات األشــخاص التــي تتخــذ بحقهــم إج ـراءات مراقبــة والظــروف التــي يمكــن فيهــا أخــذ هــذه
اإلجراءات واإلجراءات التـي يجـب اتباعهـا .كمـا أن القـانون لـم يشـمل أي حـدود للمـدة الزمنيـة التـي يـتم
فيها االحتفاة باملعلومات.
74
حماية البيانات الت صية عبـر اإلنتـرن (التحديات -
كما تأخذ املحكمة بعيـن االعتبار اإلجـراءات الوقائية التـي تم وضعها لإلشراف على تخـزيـن
واستخدام البيانات الشخصية ،السيما تلك التـي تشمل هيئات مستقلة .وتعتبـر املحكمة
كل حالة ال تتوفر فيها إجـراءات وقائية تتيح لإلنسان حماية حقه في الخصوصية انتهاكا
)1(.8 للمادة
اما إذا تضمن القانون هذه اإلجـراءات ،يعتبـر التأخـر الشديد في االستجابة لطلبات
انتهاكا)2(. األفراد في الوصول إلى معلوماتهم
لذا يلزم وضع ضوابط قانونية ملعالجة البيانات الشخصية من قبل أجهزة األمن
ولتضمن هيئات اإلشراف أن األجهزة ملتـزمة بالقوانيـن التـي تنظم معالجة هذه البيانات.
وتحدد القوانيـن أنواع البيانات الشخصية التـي قد تحتفظ بها أجهزة األمن واملعاييـر التـي
تطبق على معالجتها ،كما يضع مجلس أوروبا اتفاقية لحماية البيانات تتضمن املبادئ
األساسية في هذا الشأن ،وتلتـزم كل دولة موقعة باتخاذ اإلجـراءات القانونية لتفعيل
املبادئ األساسية لحماية البيانات ولفرض العقوبات على مخالفتها.
( (1في قضية تورك ( )2006( )Turek V. Slovakiaمثال ،حيث اشتكى املـدعي مـن كونـه مسـجال كمتعـاون مـع
الوكالــة األمنيــة الشــيوعية التشيكوســلوفاكية الســابقة ،ومــن إصــدار تصــريح أمن ـي لهــذا الغــرض ووقـ
عمله الذي يشكل تحديا لهذا التسجيل ،وجدت املحكمة أن غياب أي إجراء يمكن للمدعي من خالله
الحصول على حماية حقه بالحياة الخاصة ينتهك املادة.8
( (2فــي قضــية هراالمبي ـي ورومانيــا ( )2009( )Haralambie V. Romaniaوجــدت املحكمــة الرومانيــة أن تــأخر
الحكومة سـت سـنوات فـي السـماح لوصـول املـدعي إلـى ملفـه األمنـي الشخصـ ي الـذي تـم تشـكيله فـي ظـل
النظام الشيوعي السابق ينتهك حقه بموجب املادة 8من االتفاقية األوروبية حول حقوق اإلنسان.
75
حمايـ ـ ــة البيانـ ـ ــات الت صـ ـ ــية عب ـ ـ ــر اإلنت ـ ـ ــرن (التحـ ـ ــديات -
كما يحدد التشريع أنواع البيانات الشخصية التـي يمكن معالجتها ،ويعتـرف القانون
األملاني بمبدأ التناسبية ،وبالتالي يـربط بيـن الحاجة لجمع البيانات ذات الصلة وجدية
التهديد ،ويتطلب بشكل خاص من جهاز األمن األملاني دراسة إذا ما كان من املمكن
الحصول على املعلومات املرغوبة من مصادر مفتوحة باستخدام وسائل أقل انتهاكا لحق
الخصوصية .وقد يحد مثل هذا القانون من احتمال انتهاك أجهزة األمن لحقوق اإلنسان
بمنع بعض أشكال السلوك كاستهداف األفراد بناء على اعراقهم أو دينهم أو آراءهم
السياسية.
وقد وضعت بعض الدول قوانيـن لحماية البيانات تقر بحق األشخاص أصـحاب
البيانات في الوصول إلى بياناتهم التـي تحتفظ بها املؤسسات الحكومية ،كما تقر بعض
قوانيـن حماية البيانات أيضا بحق الفرد في تصـحيح املعلومات والحصول على بيان
ضمني مع املعلومات املشكوك بدقتها أو بإتالف املعلومات .وألسباب مرتبطة باألمن
القومي ،تشمل هذه القوانيـن بشكل ثابت أحكاما خاصة للبيانات التـي تحتفظ بها
األجهزة األمنية ،وتأخذ هذه األحكام أشكاال مختلفة ،وتحصل األجهزة في بعض الدول
على إعفاء من قوانيـن حماية البيانات التـي ال تنطبق بكل بساطة على املعلومات التـي
76
حماية البيانات الت صية عبـر اإلنتـرن (التحديات -
تملكها ،وتتميـز هذه املسألة بالبساطة ،لكنها قد تعتبـر مبالغة ألن اإلعفاءات تعفي
األجهزة األمنية من تبـريـر مخاوفها املتعلقة باألمن القومي.
ويمكن لألفراد طلب الوصول إلى بياناتهم الخاصة التـي تحتفظ بها أجهزة األمن،
ويحق لهم ممارسة هذا الحق بتوجيه طلب للهيئة املعنية أو من خالل مؤسسة لحماية
البيانات .كما يحق لألفراد تصـحيح أي أخطاء في بياناتهم الشخصية .وتـرد أي استثناءات
لهذه القواعد العامة في القانون وتنحصر في أداء مهام أجهزة األمن ،والتي يقع على عاتقها
عن معلومات شخصية ملؤسسة عامة ويقدم ذلك ضمانة تبـريـر أي قرار بعدم الكش
عن تلك امللفات .وعادة ما تكون هذه الشهادات مبالغ بها ،فتستبعد بعدم الكش
التدقيق الخارجـي واملكاسب الناتجة عنه وتشمل ثقة العامة بمالءمة الجهاز .ويمكن
محددة)1(. االستجابة للمخاوف بشأن أمن املعلومات باستثناءات
ويمكن تطبيق مبادئ حماية البيانات بقيام أجهزة األمن بمراجعة دقيقة مللفات
البيانات الشخصية وتحديثها ،وفي بعض الدول يـرتبط هذا االلتـزام بتصـحيح أو إتالف
املعلومات غيـر الصـحيحة أو التـي لم تعد ذات صلة ،كما تجـري أجهزة األمن تقييمات
(1) Martin A. Weiss, Kristin Archick- U.S.-E.U. Data Privacy: From Safe Harbor to Privacy Shield-
19/5/2016 – Congressional Research Service – CRS Report- 7-5700- pp:7-11
77
حمايـ ـ ــة البيانـ ـ ــات الت صـ ـ ــية عب ـ ـ ــر اإلنت ـ ـ ــرن (التحـ ـ ــديات -
للتأكد من دقة البيانات الشخصية التـي تحوزها .وتلتـزم بحذف أو تحديث أي معلومات
َّ
تقيم على أنها غيـر دقيقة أو لم تعد ذات صلة بتفويضها ،لتستند تقاريـر أجهزة األمن على
معلومات دقيقة ،وعلى هذه األجهزة أن تضع إجـراءات ملراجعة وتنقيح البيانات
الشخصية وللتأكد من أنها محدثة وكاملة ،فقد تكون املعلومات القديمة مضللة وبالتالي
أخطر من جهلها.
ونتيجة للطبيعة الوقائية واالستباقية لتقييم املخاطر من قبل أجهزة األمن القومي،
قد يلفت بعض األفراد نظر األجهزة قبل أن تجمع املعلومات اإلضافية التـي تحدد إذا
كانوا أهدافا مالءمة ملزيد من جمع البيانات كهدف مشروع ،أو قد يكون للشخص
موضوع املعلومات ببساطة اسم مشابه السم هدف مشروع .ويمكن تجنب انتهاك
الشخص)1(. محتمل لبياناته الشخصية بمطالبة األجهزة بإقفال مل ذلك
(1) Martin A. Weiss, Kristin Archick- U.S.-E.U. Data Privacy: From Safe Harbor to Privacy Shield-
19/5/2016 – Congressional Research Service – CRS Report- 7-5700- pp:9-12
78
حماية البيانات الت صية عبـر اإلنتـرن (التحديات -
اإلرهاب والجـريمة بأنواعها سواء منها املنظمة أو اإللكتـرونية أو الجـرائم التقليدية .وعلية
فقد اتجهت العديد من املنظمات الدولية ومنها "اإلسكوا" إلى وضع إرشادات نموذجية
لالستـرشاد بها عند وضع تشريعات وقواعد لحماية البيانات الشخصية لإلنسان وكيفية
التعامل معها للحفاة على حق اإلنسان في خصوصية البيانات الشخصية الخاصة به،
إال إنه على الرغم من ذلك ال زالت الدول العربية تفتقد لتشريعات وآليات لحماية
البيانات الشخصية ،وذلك غالبا ما يعزى العتبارات األمن القومي ومكافحة اإلرهاب
وعدم الرغبة في تقييد عمل تلك األجهزة ،ومن ثم فإن هناك حاجة ماسة لتطويـر مفهوم
حماية البيانات الشخصية وإقرار قوانيـن لحمايتها ،إعالء لحقوق اإلنسان ودعما للقيم
اإلنسانية العليا التـي نادى بها اإلعالن العاملي لحقوق اإلنسان وكافة املواثيق الدولية
الخاصة بحقوق اإلنسان.
ا
ثانيا -التوصيات:
-1ضــرورة املســارعة بتبن ـي آليــة لــدعم الــدول التــي لــيس لــديها تشــريعات لحمايــة البيانــات
الشخصـية لوضــع إطــار إلصــدار تشــريعات فــي هـذا الشــأن ،وتقــديم الــدعم الــالزم لهــا فــي
هذا الشأن.
-2تحفيــز الــدول التــي تبــدي توجهــا نحــو إعــالء حــق اإلنســان فــي حمايــة بياناتــه الشخصــية
مــن خــالل دعمهــا تقني ـا ومــن خــالل الخب ــراء القانونيي ــن والتنفيذيي ــن فــي هــذا املجــال،
إلق ـ ـرار التشـ ــريعات الخاصـ ــة بـ ــذلك ،ووضـ ــع اتليـ ــات التنفيذيـ ــة لهـ ــا موضـ ــع التنفيـ ــذ
الحقيقي.
79
حمايـ ـ ــة البيانـ ـ ــات الت صـ ـ ــية عب ـ ـ ــر اإلنت ـ ـ ــرن (التحـ ـ ــديات -
املراجــــع
ا
أوال -مراجع بالللة العربية:
األهــواني ،حس ــام الدي ــن كام ــل( .د .ت) .الح ــق ف ــي احتـ ـرام الحي ــاة ال اص ــة "الح ــق ف ــي
ال صوصية " :دراسة مقارن .القاهرة :دار النهضة العربية.
التهــامي ،ســامح عبــد الواحــد" .)2011( .الحمايــة القانونيــة للبيانــات الشخصــية :دراســة
فــي القــانون الفرنسـ ي" (القســم األول)" ،مجلــة الحقــوق ،ع ( – )3الســنة ( ،)35سبتمبــر
الكويت :جامعة الكويت.
التهامي ،سامح عبد الواحد .)2011( .الحماية القانونية للبيانات الشخصية "دراسة فـي
القــانون الفرنس ـ ي" ،مجل ــة الحق ــوق ،ع ( ،)4الس ــنة ( ،)35ديسمب ــر .الكوي ــت :جامع ــة
الكويت.
الشـ ـري ،سـ ــارة .)2014( .خصوصـ ــية البيانـ ــات الرقميـ ــة( ،سلسـ ــلة أوراق الحـ ــق فـ ــي
املعرفة) ،القاهرة :مركز دعم تقنية املعلومات ،اإلصدار الثالث.
الطويل ،عزيـزة .)2015( .الحماية القانونية للبيانات الت صية .القاهرة :مركـز دعـم
تقنيــة املعلومــات( ،سلســلة أوراق الحــق فــي املعرفــة) ،منشــور ب ــرخصة املشــاع اإلبــداعي
املنس ـ ـ ــوب للمصـ ـ ــدر ،اإلصـ ـ ــدار 4غي ـ ـ ــر املوطئ ـ ـ ــة ،منش ـ ـ ــور عل ـ ـ ــى املوق ـ ـ ــع اإللكت ـ ـ ـ ــروني:
http://sitcegypt.org
املــري ،عــايض راشــد( .بــدون تــاري ) ال صوصــية وحمايــة البيانــات ،بحــث منشــور علــى
املوقع اإللكتـرونيhttp://www.dralmarri.com/show.asp2field=res_a&id=199 :
جب ــور ،من ــى األش ــقر :ومحم ــود جب ــور .)2008( .الق ــانون واإلنتـ ــرن :تح ــدي التكيي ــف
والضبط .بيروت :املنشورات الحقوقية ،صادر.
ح ــرب ،وس ــيم .)2005( .محاض ـرات ال ــدكتور وس ــيل ح ــرب :2005- 1995الدراس ــات
العلي ــا ف ــي الق ــانون .بي ــروت :مكتــب املحام ــاة واالستشــارات القانوني ــة والتحكــيم -كلي ــة
الحقوق – الجامعة اللبنانية،
80
حماية البيانات الت صية عبـر اإلنتـرن (التحديات -
حم ــوري ش ــهد؛ و ري ــم املص ــري .)2106 ( .ق ــانون حماي ــة البيان ــات الت ص ــية :م ــا يمك ــن
تعلم ـ ــة م ـ ــن تج ـ ــارب ال ـ ــدول األخـ ـ ــر ،بح ـ ــث منش ـ ــور عل ـ ــى ش ـ ــبكة اإلنتـ ـ ـرنت عل ـ ــى املوق ـ ــع
اإللكتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرونيhttp://41cg8625y6q72hgprjb7uwy1.wpengine.netdna- :
cdn.com/wp-content/uploads/2016/01/Reem.pdf
قايـ ـ ــد ،أس ـ ـ ــامة عب ـ ـ ــد ي .)1994( .الحماي ـ ـ ــة الجنائي ـ ـ ــة ل حي ـ ـ ــاة ال اص ـ ـ ــة وبن ـ ـ ــو
املعلومات ،القاهرة :دار النهضة العربية .
عــرب ،يــونس .)2002( .امل ــاطر الت ــي ته ــدد ال صوص ــية وخصوص ــية املعلوم ــات ف ــي
العصر الرقمي .دراسة منشورة على موقع 2002 –www.arablaw.org
منتصر ،سهيـر .)2006( .النظرية العامة ل حق .القاهرة :بدون دار نشر .
ا
ثانيا -مراجع بالللة األجنبية:
Burkert, Henri. (1982). "Institutions of Data Protection: An Attempt at a Func-
tional Exploration of European National Data Protection Laws", Computer Law
Journal, 3 (2).
OECD. (1980). Guidelines on the Protection of Privacy & Trans Borders Flows
_of Personal Data, https://www.oecd.org/document/18/0.2340,en2649_34255
1815186_1_1_1_1,00,html
PRIM & R. (2004). "Conflicts of Interest, Privacy/ Confidentiality, and Tissue Re-
positories: Protections, Policies, and Practical Strategies", Conference Co-
sponsored by PRIM & R and the Columbia University Center of Bioethics.
May 3-5; Boston, MA.
http://sitcegypt.org/2p=4048
81
- حمايـ ـ ــة البيانـ ـ ــات الت صـ ـ ــية عب ـ ـ ــر اإلنت ـ ـ ــرن (التحـ ـ ــديات
82