You are on page 1of 2

‫ورد ِذكر مجموعة من الحيوانات في القرآن الكريم؛ منها ما كانت حقيقة َخلقِه حيواناً‪ ،‬كحمار الع َُزير‪ ،‬وحوت

يونس‪،‬‬
‫وغيرهم‪ ،‬ومنها ما كانت صورته الظاهرة نباتاً‪ ،‬كعصا موسى ‪-‬عليه السالم‪ -‬التي تحوّ لت بقدرة هللا إلى ثعبان مُبين‪ ،‬ومنها‬
‫ما كانت حقيقة َخلقه َطيراً‪ ،‬كهُد ُهد‪ :‬سليمان‪ ،‬أو طير عيسى ‪-‬عليه السالم‪ -‬الذي كان يُصوّ ره من الطين‪ ،‬ث ّم ينفخ فيه فيكون‬
‫ذكر القرآن الكريم بعض الحيوانات ذِكراً مُجرَّ داً‪ ،‬أمّا البعض اآلخر فقد تحدّث عن حياته في‬
‫طيراً بإذن هللا ‪-‬تعالى‪ ،-‬وقد َ‬
‫‪.‬موقف أو أكثر على شكل َو َمضات سريعة‪ ]١[،‬وفيما يأتي بيانٌ لقصص الحيوان في القرآن الكريم‬

‫غراب ابني آدم‬

‫بعث هللا ‪-‬تعالى‪ -‬الغراب البن آدم ليُعلّمه كيفية دفن الموتى‪ ،‬وهو ما يُع ّد فرض كفاية على الناس؛ إذ قال هللا ‪-‬تعالى‪َ( :-‬ألَ ْم‬
‫(ث َّم َأ َما َت ُه َفَأ ْق َب َرهُ)؛[‪ ]٣‬فيجب دفن اإلنسان‪ ،‬سوا ٌء كان مسلما ً أم غير مسلم‪،‬‬ ‫َنجْ َع ِل اَأْلرْ َ‬
‫ض ِك َفا ًتا *َأحْ َيا ًء َوَأمْ َوا ًتا)‪ ]٢[،‬وقال‪ُ :‬‬
‫وقد يكون اختيار هللا ‪-‬تعالى‪ -‬لهذا الطير دون غيره ألداء هذه المهمة أنّ الغربان تعلم طريقة الدفن من قبل‪ ،‬أو ألنّ لونه‬
‫األسود وما يسبّبه من انقباض النفس لناظره هو ما كان سببا ً في اختياره ألنّ النفس تنقبض بموت الناس‪ ،‬ولهذا كان العرب‬
‫يتشائمون به‪ ،‬ويرون أ ّنه عالمة االفتراق واالغتراب‪ ،‬أو ألنّ هللا ‪-‬تعالى‪ -‬أراد أن يُعلّم المسلم عدم االستهانة ب َمن كان دونه‬
‫‪.‬في المنزلة؛ فيتعلّم من كل ما حوله‬

‫ناقة صالح‬

‫صالِحً ا َأ ِن اعْ ُب ُدوا‬


‫(و َل َق ْد َأرْ َس ْل َنا ِإلَى َثمُو َد َأ َخا ُه ْم َ‬
‫بعث هللا ‪-‬تعالى‪ -‬صالح ‪-‬عليه السالم‪ -‬نب ّيا ً إلى قبيلة ثمود‪ ،‬قال ‪-‬تعالى‪َ :-‬‬
‫ُخرج منها ناقة ُع َشراء؛[‪]٦‬‬ ‫اللَّـ َه)‪ ]٥[،‬وطلبوا منه معجزة دالّة على صدق نبوّ ته‪ ،‬واختاروا صخرة صمّاء وطلبوا منه أن ي ِ‬
‫أي مضى عشرة أشهر على حملها‪ ]٧[،‬وعاهدوه على اإليمان بما جاء به إن فعل ما طلبوه منه؛ فدعا صالح ‪-‬عليه السالم‪-‬‬
‫ربه بذلك؛ فتح ّركت الصخرة وخرجت منها ناقة ُع َشراء كما طلبوا‪ ،‬وأقامت بينهم ُمدّة من الزمن مع ابنها الصغير بعدما‬
‫وضعته‪ ،‬تشرب من ماء البئر يوما ً ويشربون منه يوما ً آخر كما أمرهم هللا ‪-‬تعالى‪ -‬بقوله‪َ ( :‬قا َل َهـ ِذ ِه َنا َق ٌة لَّ َها شِ رْ بٌ َولَ ُك ْم‬
‫شِ رْ بُ َي ْو ٍم مَّعْ لُ ٍ‬
‫وم)‪]٦[]٨[.‬‬

‫ذئب يوسف‬

‫بعدما أذن يعقوب ‪-‬عليه السالم‪ -‬ألبناءه بإصطحاب أخيهم يوسف ‪-‬عليه السالم‪ -‬معهم خرجوا به وحسب اإلتفاق الذي كان بينهم قاموا‬
‫بإلقاءه في البئر‪ ،‬لكنّ هللا ‪-‬تعالى‪ -‬قذف في قلب يوسف ‪-‬عليه السالم‪ -‬بأ ّنه ناج ممّا هو فيه‪ ،‬وأ ّنه سيعلو شأنه ويحتاج إخوته إليه في‬
‫عال‪ ،‬مُتظاهرين بالحزن لِيُخبروا أباهم بأنّ الذئب قد أكل يوسف‪ ،‬وأ ّنهم كانوا‬ ‫ت ٍ‬ ‫يوم ما‪ ،‬وعند المساء عاد إخوة يوسف يبكون بصو ٍ‬
‫منشغلين عنه بالرمي والجري بعيداً‪ ،‬ولِعلمهم بأ ّنه لن يُص ّدق ما يقولون جاءوا له بقميص يوسف مُلوّ ثا بالدم‪ ،‬لكنّ يعقوب ‪-‬عليه‬
‫ً‬
‫السالم‪ -‬تح ّقق من كذبهم فالدم ليس دم ولده كما أنّ القميص غير مم ّزق‪ ،‬وقد تكون فراسته هي ما كشفت‪ :‬له كذبهم‪ ،‬فما كان منه إاّل أن‬
‫(وجاءوا َأباهُم عِ شا ًء‬
‫طلب العون من هللا ‪-‬تعالى‪ -‬في كشف الحقيقة وإعانته على الصبر بفراق يوسف ‪-‬عليه السالم‪ ،-‬قال ‪-‬تعالى‪َ :-‬‬
‫الذئبُ َوما َأنتَ ِبمُؤم ٍ‬
‫ِن لَنا َولَو ُك ّنا صاد َ‬
‫ِقين * َوجاءوا َعلى‬ ‫ُف عِ ندَ مَتاعِ نا َفَأ َكلَ ُه ِّ‬‫بكون * قالوا يا َأبانا ِإ ّنا َذ َهبنا َنس َت ِب ُق َو َت َركنا يوس َ‬ ‫َي َ‬
‫فون)‪]١٤[]١٣[.‬‬ ‫صب ٌر َجمي ٌل َواللَّـ ُه المُس َتعانُ َعلى ما َتصِ َ‬ ‫ب قا َل َبل َسوَّ لَت َل ُكم َأنفُ ُس ُكم َأمرً ا َف َ‬ ‫دَم َك ِذ ٍ‬
‫َقميصِ ِ ٍ‬
‫ب‬ ‫ه‬
‫ِ‬
‫حوت يونس‬

‫خرج يونس ‪-‬عليه السالم‪ -‬إلى البحر لِير َكب سفينة ُتقِلّه بعيداً عن قومه بعد أن أصابه الغضب والضجر منهم‪ ،‬فركب‬
‫إحدى السفن التي امتلئت بالر ّك اب‪ ،‬وبدأت السفينة باإلبحار إلى أن جاءها الموج وثقلت بمن فيها؛ فتو ّقفت في َعرض‬
‫البحر‪ ،‬وتشاور الر ّكاب في أزمة الثقل وا ّتفقوا على إجراء قرعة بينهم‪ ،‬و َمن أصابته القرعة ألقوه في البحر‪ ،‬فوقعت‬
‫القرعة على يونس ‪-‬عليه السالم‪ -‬فلم يُن ّفذوها أل ّنه كان صالحا ً وصاحب ُخلق‪ ،‬إاّل أنّ القرعة كانت ُتصيبه في كل مرّة‪ ،‬فلم‬
‫يجدوا مفراً من ذلك فألقوه في البحر‪ ،‬وأمر هللا ‪-‬تعالى‪ -‬حوتا ً عظيما ً بابتالعه دون أن يأكل لحمه أو يكسر عظمه‪ ،‬ولبث ‪-‬‬
‫عليه السالم‪ -‬في بطنه ح ّيا ً مُسبّحا ً وذاكراً هلل ‪-‬تعالى‪ -‬داعيا ً أن يُن ّجيه هللا من الظلمات‪ ،‬وقد كان يعيش ‪-‬عليه السالم‪ -‬في‬
‫ظلمات ثالث؛ ظلمة الليل‪ ،‬وظلمة البحر‪ ،‬وظلمة بطن الحوت‪ ،‬تائبا ً عمّا كان منه من ترك دعوة قومه وضجره من كفرهم‬
‫ت َأن اَّل ِإلَـ َه ِإاَّل َأ َ‬
‫نت‬ ‫ب ُم َغاضِ بًا َف َظنَّ َأن لَّن َّن ْقد َِر َعلَ ْي ِه َف َنا َدى فِي ُّ‬
‫الظلُ َما ِ‬ ‫ون ِإذ َّذ َه َ‬
‫(و َذا ال ُّن ِ‬
‫وعدم صبره عليهم‪ ،‬قال ‪-‬تعالى‪َ :-‬‬
‫ِين)‪]١٦[]١٥:[.‬‬ ‫نت م َِن َّ‬
‫الظالِم َ‬ ‫ك ِإ ِّني ُك ُ‬
‫ُسب َْحا َن َ‬

‫بقرة بني إسرائيل‬

‫ورد عن أكثر من واحد من السلف كابن عبّاس وعبيدة السلماني أ ّنه كان في بني إسرائيل رجل كبير في السنّ له مال‬
‫كثير‪ ،‬وكان له بنو أخ يتم ّنون موته لِيرثوه؛ فقتله أحدهم في الليل وتركه في الطريق وقيل‪ :‬على باب أحدهم‪ ،‬واختصم‬
‫الناس في أمره عندما علموه‪ ،‬وجاء ابن أخيه يصرخ فيهم‪ ،‬وا ّتفق الناس على عرض القضيّة على نبيّ هللا موسى ‪-‬عليه‬
‫السالم‪ -‬وأن يسأل هللا ‪-‬تعالى‪ -‬فيها‪ ،‬ولمّا عرضوها عليه كان أمر هللا ‪-‬تعالى‪ -‬أن يذبحوا بقرة؛ فلم يُعجبهم ذلك‪ ،‬وقد‬
‫(وِإ ْذ َقا َل مُو َسى لِ َق ْو ِم ِه ِإنَّ اللَّـ َه َيْأ ُم ُر ُك ْم ن‬
‫َأ‬ ‫ُوحى إليه‪ ،‬قال ‪-‬تعالى‪َ :-‬‬ ‫أخبرهم موسى ‪-‬عليه السالم‪ -‬أ ّنه ال يقول لهم إاّل ما ي َ‬
‫ِين)‪ ]٢٠[،‬ث ّم سألوا عن س ّنها ولونها وصفاتها‪ ،‬ولو أ ّنهم‬ ‫ون م َِن ْال َجا ِهل َ‬ ‫َت ْذ َبحُوا َب َق َر ًة َقالُوا َأ َت َّتخ ُِذ َنا ُه ُز ًوا َقا َل َأع ُ‬
‫ُوذ ِباللَّـ ِه َأنْ َأ ُك َ‬
‫‪.‬ذبحوا أيّ بقرة لحصل المقصود منها‬

You might also like