Professional Documents
Culture Documents
االسالمية
السبيل الوحيد لنهضة المسلمين
1
بسم اهلل الرحمن الرحيم
أساس هذا البحث وموضوعه هو االسالم واللغة العربية ،لم اختار الحق سبحانه اللغة العربية
وعاء للدين ،ما الذي يميزها عن غيرها من اللغات ،وكيف أنه ال يمكن فهم االسالم إال بها،
وكيف السبيل إلى إحياء مفهوم مزج الطاقة العربية بالطاقة االسالمية واقعا لتنهض األمة.
2
كما أن موضوعه الفكر والوعاء الذي يحتويه ،فاهلل سبحانه إنما أراد باالسالم إخراج العباد من
ِ
األحكام الشرعية ،هذه ِ
العقائد أو ِ
األفكار التي نزل بها الوحي ،سواء الظلمات إلى النور ،بهذه
األفكار الراقية هي وحدها الكفيلة بإنهاض األمة اإلسالمية والبشرية جمعاء ،وقد اختار الحق
سبحانه اللغة العربية وعاء لهذا الفكر ،لمزايا وخصائص تمتاز بها اللغة العربية على سائر
اللغات ،وبطريقة معينة مزج بها االسالم بين الطاقة العربية والطاقة االسالمية لو وضعنا يدنا
عليها ألمكن أن نوجه بوصلة النهضة التي نطمح إليها الوجهة الصحيحة.
والعقائد واألحكام الشرعية كلها أفكار ،فال إله إال اهلل فكر ،و "حرمت عليكم الميتة" فكر والفرق
بينهما هو أن الحكم الشرعي متعلق بفعل العبد ،أما العقيدة فهي ما طلب اإليمان به ،وأما ما طلب
فيه العمل فهو من األحكام الشرعية.
فالعقيدة يقيم األصولي أفكارها .ويصل ألركانها وحقائقها وينصب الدليل عليها من النظر في
الكون واإلنسان والحياة ،وبالتالي .ينتج بحثه أفكارا ،قابلة لالعتقاد ،والفقيه يبحث في مصادر
التشريع ليستنبط منها حكما شرعيا ،فينظر في األمارات ليثبت أن الحكم موجود فيها ،وما ينتجه
بحثه هو أفكار .قابلة للتطبيق..
اهم ِّمن الطَّيِّب ِ
ات آدم وحمْلَن ُ ِ ِ
َ اه ْ.م في اْلَبِّر َواْلَب ْح ِر َو َر َز ْقَن ُ َ يقول الحق سبحانه وتعالىَ :ولَقَ ْد َك َّر ْمَنا َبني َ َ َ َ َ
ضيالً ()70االسراء ير ِّم َّم ْن َخلَ ْقَنا تَ ْف ِ
اه ْ.م َعلَى َكثِ ٍ َوفَ َّ
ضْلَن ُ
ال شك أن تفضيل االنسان على سائر المخلوقات إنما ألنه يعقل ،وأن التفاضل بين الناس إنما
باستعمال االنسان لهذا العقل بما يرقى بسلوكه ويقيم عالقاته بغيره ،عامرا ومفسرا للكون.
وال شك أن االنسان الناهض الراقي كما األمة الناهضة ،ليس إال االنسان المفكر واألمة المفكرة،
وأن ما يقابله هو االنسان المنحط.
وقد قيل أن الحق سبحانه قد أودع في االنسان العقل دون سائر المخلوقات ،وأودع .الغرائز في
االنسان والحيوان ،فإن غلب االنسان عقله على غرائزه ارتقى ألرقى من درجة المالئكة ،وإ ن
غلب غرائزه على عقله انحط ألسفل من البهائم ،قال تعالى " َولَقَ ْد َذ َر َْأنا ِل َجهََّن َم َكثِيراً ِّم َن اْل ِج ِّن
ون بِهَا ُْأولَـِئ َ صرون بِها ولَهم آ َذ َّ َّ َّ
ك ان ال َي ْس َم ُع َ َأعُي ٌن ال ُي ْب ِ ُ َ َ َ ُ ْ ٌ ون بِهَا َولَهُ ْم ْوب ال َي ْفقَهُ َ واِإل ِ
نس لَهُ ْم ُقلُ ٌ َ
ون ( ")179األعراف ِ ِئ
َأض ُّل ُْأولَـ َ ِ
ك ُه ُم اْل َغافلُ َ اَألن َعام َب ْل ُه ْم َ
َك ْ
وهذه حقيقة ،إذ أننا نعلم أن النهضة هي االرتفاع الفكري فحسب.
وبالمثل فإن األمة الناهضة هي التي تفكر وتعي ،وهي التي وصلت إلى مبدأ يتمثل في عقيدة
عقلية ينبثق عنها نظام يصوغ حياتها.
قلنا أن االنسان كائن مفكر ،والفكر حكم على الواقع ،ووعاء هذا الفكر اللغة ،فاللغة ليست فكرا
وإ نما هي أداة للتعبير عن هذا الفكر.
وال بد للفكر الراقي .من إناء راق يعيه
3
وثمة معياران مهمان تتمثل بهما النهضة في االنسان كما في األمة متالزمان:
أولهما :وجود المبدأ (حمل المبدأ ،وفهم المبدأ ،وتطبيقه).
وثانيهما :المكانة التي تحتلها الدولة في العالم نتيجة حملها المبدأ.
أما حمل المبدأ وتطبيقه وفهمه فإن النظرة البسيطة إلى االنسان تبين أنه يتميز بعقله وأن سلوكه
يدل على ارتفاعه أو انخفاضه ،وأن سلوكه مرتبط بمفاهيمه ارتباطا .حتميا ال ينفصل عنها ،وأنه
يرقى برقي .هذه المفاهيم وينحط .بانحطاطها.
فمعيار النهوض أو االنحطاط .في االنسان كما في األمة هو السلوك وتنظيم العالقات ،وهذه كلها
ليست إال نتاج الفكر ،فبارتقاء هذا الفكر يرقى االنسان وترقى .األمة وبهبوطهما ينحط.
آمُنوا َو َع ِملُوا اَّل َِّ
ين (ِ )5إ الذ َ
ين َ
ِِ ٍ ان ِفي ْ
َأح َس ِن تَ ْق ِويم ( )4ثَُّم َر َد ْدَناهُ ْ
َأس َف َل َسافل َ لَقَ ْد َخلَ ْقَنا اِإْل َ
نس َ
َأجٌر َغ ْي ُر َم ْمُن ٍ
ون ()6 َّالح ِ
ات َفلَهُ ْم ْ ِ
الص َ
األمة االسالمية اليوم تعاني من أمرين:
أولهما :اإلنحطاط :وهو نقيض النهضه ،وناتج عن عدم وجودها.
وثانيهما :الهبوط عن المستوى .الالئق بها – مقدار تأثير العالم االسالمي في السياسة والموقف
الدولي ".نتيجة لحمل المبدأ االسالمي المكان الالئق هو القمة لو صاحبه فهم وتطبيق .له "
سبب االنحطاط :انعدام الفهم الصحيح للمبدأ االسالمي ،او عدم حمل المبدأ او إساءة حمله.
قد تكون الدول ناهضة ولكن ال مستوى لها دولياً "المانيا".
العالم االسالمي في انحطاط .ونتيجة لذلك هبط عن المستوى .الالئق به.
وهنا ال بد من لفت األنظار إلى مسألة مهمه :وهي أن كثيرا من المسلمين يظن أن النهضة
تحصل إذا ما أقيمت الدولة االسالمية ،والصواب أن ذلك هو المرحلة الضرورية لمشروع
النهضة ولكن الذي يم ّكن المسلمين من النهضه وسبيلها .القويم هو مزج الطاقتين.
قلنا أن النهضة في األمة تكون نتاج أمور ثالثة مجتمعة:
حمل المبدأ أي العقيدة العقلية التي ينبثق عنها نظام أي عقيدة االسالم والنظام .االسالمي معها ،،
وفهم المبدأ ،،وتطبيق المبدأ ،،عندها يحصل النهوض.
األمة االسالمية يوجد لديها االسالم عقيدة ونظام حياة (مغيب عن واقعها .موجود في صدورها(
ما زالت عليه الغشاوة واألدران واألشواك .الناتجة عن خلطه بغيره وعن عدم صفاء فهمه.
فهم االسالم هو المحور .األساس في هذه النقاط الثالث ،ألن فهم االسالم يعني إخالص األمر هلل
والدعوة إليه على بصيرة ،والوعي على أوامره ونواهيه ،وتسيير الحياة بها ،والمبدأ إن فهم
وسكن الصدر فال بد أن يتحول إلى طاقة فاعلة تنتج أعماال وواقعا .ناهضا.
وطريقة فهم االسالم الوحيدة هي مزج الطاقة العربية بالطاقة االسالمية لفهم االسالم بلغته
4
ومن ثم عندما يفهم االسالم يكون محموال لدى األمة تحمله في نفسها ولغيرها .من األمم
وبقيام الدولة االسالمية التي تطبقه يحصل التطبيق..
فتجتمع العناصر كلها فتنهض األمة ،عقيدة االسالم ونظامه في قلوبها وفي .واقع حياتها وتحمله
لألمم األخرى قوة هذه النهضة مرتبطة بقوة هذه العناصر..
بقدر ما يكون الفهم دقيقا صافيا خاليا من األدران يكون أثره في األمة أكبر وأكثر فاعلية
وبقدر ما تجاهد في حمله بقدر ما ينتشر .وترقى .بانتشاره وبقدر ما تطبقه في واقعها .وال ترتضي.
معه غيره بقدر ما تسمو.
ألمانيا تحمل المبدأ الرأسمالي ولكن ال أثر لها في الساحة الدولية يؤهلها للعب دور طليعي في
السياسة الدولية ،،والمشاهد .المحسوس أن قراراتها بشكل أو بآخر تابعة ذليلة
فهي ناهضة ولكن نهضتها ال تليق بها،،
كذلك األمة االسالمية بحملها وتطبيقها لمبدأ اإلسالم بعد أن تفهمه المكان الالئق بها هو القمة
توشك أن تداعى عليكم األمم ....إلى أن قال :ولكنكم .غثاء كغثاء السيل ،أمم تتصارع .على مركز
الدولة األولى في العالم وتنهش بعضها بعضا القوي يأكل الضعيف ،الذي له وزن في السياسة
الدولية هو القوي الناهض ،والضعيف .المنحط الذي ال حيلة له هو غثاء السيل.
فالنهضة يصاحبها اقتعاد .المقعد الالئق باألمة بحسب المبدأ الذي تحمله
وبالتالي :فمزج الطاقة العربية باالسالمية هو الخطوة األولى الضرورية التي ال تتخلف للنهضة
مصحوبة بقيام الدولة االسالمية التي ستطبق المبدأ وتحمله للناس كافة.
سبب االنحطاط :الضعف في فهم االسالم ،فلم تعد األمة االسالمية تفهم االسالم فهما دقيقا بل
حولته إلى دين كهنوتي ،في حين أن العقيدة االسالمية عقيدة سياسية منبثقة عن عقيدة روحية.
سبب عدم فهم االسالم هو إهمال اللغة العربية ،جاء في كتاب مفاهيم حزب التحرير:
....أما سبب انحطاطه ( العالم االسالمي) فيرجع إلى شيء واحد هو الضعف الشديد الذي طرأ
على األذهان في فهم االسالم ،وسبب هذا الضعف هو فصل الطاقة العربية عن الطاقة االسالمية
حين أهمل أمر اللغة العربية في فهم االسالم وأدائه منذ أوائل القرن السابع الهجري ،فما لم
تمزج الطاقة العربية بالطاقة االسالمية بأن تجعل اللغة العربية – التي هي لغة االسالم -جزءا
جوهريا ال ينفصل عنه فسيبقى .االنحطاط يهوي بالمسلمين ،ألنها الطاقة اللغوية التي حملت طاقة
االسالم فامتزجت بها ،بحيث ال يمكن أداء االسالم أداء كامال إال بها ،وألن بإهمالها سيبقى
االجتهاد في الشرع مفقودا ،وال يمكن االجتهاد في الشرع إال باللغة العربية ،ألنها شرط أساسي
فيه ،واالجتهاد ضروري لألمة ألنه ال تقدم لألمة إال بوجود االجتهاد .انتهى
مفهومان:
5
فصل الطاقة العربية عن الطاقة االسالمية ،أدى إلى االنحطاط .والهبوط .عن المستوى الالئق
ومزج الطاقة العربية بالطاقة االسالمية ،كطريق للنهضه واالرتقاء للمستوى الالئق.
قبل الخوض في مسألة مزج الطاقة العربية بالطاقة االسالمية ال بد من التطرق .لمسألة ،وهي أن
حزب التحرير .يحيي أفكارا قديمة كفكرة الخالفة.
وقد يصحح مفهوما قديما ،كمفهوم فرض الكفاية ،أو الروح والناحية الروحية.
وقد يأتي بأفكار .جديدة كفكرة مزج الطاقة العربية بالطاقة االسالمية وهو مفهوم جديد ،وإ ن كان
وحيا منذ القدم دونما .بلورة ،وكمفاهيم .الشخصية ،العقلية ،النفسية ،التفكير.
واقعه معروفا ّ
مزج الطاقتين :جعل اللغة العربية بما فيها من قدرة على التأثير والتوسع واالنتشار هي المعبرة
عن االسالم بما فيه من قدرة على التأثير والتوسع واالنتشار.
مفهوم مزج الطاقة العربية بالطاقة االسالمية:
ِ
الشراب َ :خْلطُه بغيره مزج في اللغة :جاء في لسان العربَ :م ْز ُج
ومزج في كتب الحزب بمعاني -1 :التسيير :مزج المادة (االعمال) بالروح :تسيير االعمال
حسب أوامر اهلل ونواهيه ضد فصل المادة عن الروح :عند العلمانيين
-2الخلط :خلط الشيئين ،مزج الدوافع .بالمفاهيم لتكوين الشخصية.
-3التعبير :مزج الطاقة العربية باالسالمية :جعل اللغة العربية معبرة عن الطاقة االسالمية.
**************************** 2
إعجاز القرآن /لم اختار الحق سبحانه العربية؟
وال شك أن معجزة الرسول الكريم هي القرآن ،وال شك أنها معجزة ليست مقصورة بحال على
العرب دون غيرهم ،فهي الدليل الساطع والبرهان القاطع على صدق رسالة محمد عليه الصالة
والسالم وبالتالي .الدليل على صدق االسالم ،ونحن نعلم يقينا أن وجه االعجاز الذي تحدى به رب
العزة سبحانه الخلق كافة هو أن يأتوا بمثل القرآن أو بعشر سور أو بسورة واحدة من مثله،
واإلعجاز خرق للعادة وللقوانين الكونية يجريه اهلل على يد مدعي النبوة تصديقا له على ادعائه،
مع توفر العجز في أن يأتي المتحدون بمثل هذا الخرق ،ولم يتحد اهلل سبحانه الخلق بما في القرآن
من شواهد علمية ،فهي بال شك تصدق الرسول وتثبت أن القرآن من لدن عليم خبير ،فهي أدلة
وليست معجزات ،ألنه لم يتحد بهن ،وليس األمر موضع تحد ،كما أن الحديث الشريف احتوى
أمثالها ،فلم تقتصر على القرآن الكريم ،فليست هي موضع االعجاز ،وليس التشريع أيضا هو
محل اإلعجاز ،فلقد احتوت السنة مثل ما في القرآن منه ،ولم يجر التحد به ،ولقد فهم المسلمون
كما الكفار الذين خوطبوا .بهذه المعجزة أن التحدي أن يصوغوا .سورة مثله ،أي أن موضوع
6
التحدي هو هذا الفكر الراقي .المعبر عنه بهذه اللغة الراقية بنحو راق ال يرقى .إليه وال إلى شيء
منه بشر وال كل البشر.
من هنا لو سألتكم وقلت لكم ما هو الوجه الوحيد إلعجاز القرآن الكريم؟؟
لن يتردد .البعض باإلجابة بقوله البالغة ،،وقد .يقول بعضهم .النظم ،،على مستوى .السورة
وقد يجيب آخرون ليس وجها وحيدا بل وجوها منها العلم،،
لكن لو سألتموني هذا السؤال لقلت لكم:
وجه االعجاز الوحيد للقرآن الكريم هو :مزج الطاقة العربية بالطاقة االسالمية فقط ال غير .
تالحظ أن القرآن الكريم تحدى العرب والخلق كافة على أن يأتوا بمثله أو بسورة من مثله
هل المثل هنا فقط الشكل؟ أم النظم؟ أم األسلوب الفريد في البالغة؟ أم أنه نمط جديد من األدب؟
الجواب هذا جزء من "مثله" والصواب .أن اللغة وعاء الفكر
أي أنها قالب ،،فالنظم قالب ،،واألسلوب .من القالب
والتحدي ليس بحال مقتصرا على الوعاء دون الفكر المسبوك سبكا في هذا الوعاء
كما ان الذي ينهض باالنسان ويرقى .به هو الفكر
فما بالكم بهذا الفكر الكلي العقلي المناسب للفطرة؟
ال شك أن أفكار العقيدة االسالمية وما انبثق عنها من نظام هي األقدر .على أن ترقى .بهذا االنسان
ليصبح أكرم المخلوقات.
فالتحدي أن يأتوا بمثل هذا القرآن بما حواه من عقيدة قادرة على أن تنتج االنسان األرقى.
مسبوكة بألفاظ وبيان فني فريد جديد ال يقدر أحد أن يأتي بمثله ال شكال وال مضمونا
والمتأمل في كتاب اهلل تعالى يرى المزج بين الطاقتين في كل موضع من القرآن:
"والعاديات .ضبحا فالموريات .قدحا" ،،اآليات ،،ترسم .صورة سنأتي عليها الحقا ان شاء اهلل
لكن الهدف ليس فقط صرف .األنظار إلى هذه الطاقة اللغوية الهائلة المتمثلة بصور وأخيلة
وموسيقى .وتناسق .فريد:
ال بل المقصود هو ما أتى وراءها" :إن االنسان لربه لكنود ،وإ نه على ذلك لشهيد وإ نه لحب
الخير لشديد أفال يعلم إذا بعثر ما في القبور؟؟؟ وحصل ما في الصدور؟؟؟ إن ربهم بهم يومئذ.
لخبير" ،هذا هو الغرض من السورة ،،تتمحور السورة حول" :إن ربهم بهم يومئذ .لخبير"
هنا مزج الطاقة العربية بالطاقة االسالمية وهنا االعجاز
يأتي بك ليستدرجك .بأسلوب فني بليغ راق مسبوك .سبكا ال مثيل له ليعطيك معنى ومفهوما راقيا.
هو مفهوم أفال يعلم إذا بعثر ما في القبور ،،وحصل ما في الصدور ،، .إن ربهم بهم ،،يومئذ
لخبير" .يعني يوظف .اللغة والطاقة اللغوية توظيفا معينا ليهيء األسماع الستقبال مفهوم يبلور
طاقة اسالمية هي المغزى والمقصود .من القرآن.
7
وابحث في أي موضع من كتاب اهلل تعالى لترى عين ذلك.
كما أنه يجب التنبه هنا إلى أن الوظيفة األساسية للقرآن ليس تهييج العواطف .واالنفعاالت عبر
الصور واألداء الفني وتوظيف البالغة ،كما هو الحال في الشعر ،وإنما الهدف هو الرقي
باالنسان بهذه األفكار ،فالبالغة ما هي إال وسيلة للوصول إلى الغاية ،وإال لما كانت الفجوة بين
الشعر والقرآن مثال بهذا العمق واالتساع.
ألم تر إلى أن سورا قصيرة جدا كالكوثر عبارة عن ثالث جمل ،ليس األمر مجرد طاقة لغوية
وبالغة حصل اإلعجاز بها وحدها ،ولكن الطاقة االسالمية والمفاهيم التي حوتها بها كان
االعجاز أيضا.
السنة النبوية حوت الطاقة االسالمية ،،لكن المزج بينها وبين الطاقة العربية لم يكن كالذي في
القرآن وبالتالي .فال إعجاز.
والسؤال :لم اختار الحق سبحانه مادة المعجزة وموضوعها مما اتصل باللغة العربية ،بل لعل
أهم ما في المعجزة أنها تحدت العرب العرباء أن يأتوا بمثل سورة من القرآن؟
ثم ما موقع غير العرب من اإلعراب في خضم هذا التحدي ،بل ما موقع العرب اليوم ممن غلبت
العجمة على ألسنتهم ،وما عادوا يتقنون من لغتهم إال النزر اليسير ،عالوة على أن يأتوا بمثل
سورة قصيرة منه!!
لم اختار الحق سبحانه العربية موضعا وموضوعا للتحدي الذي تحدى به الخلق كافة؟؟
لقد تحدى الرب سبحانه قوم موسى .عليه السالم بالسحر .وقد أحاطوا .به خبرا ،وليس السحر
باألمر الذي يمكن أن يوصف بحال من األحوال أنه من أهم ما أنتج العقل البشري.
وتحدى قوم .عيسى بالطب ،ولم يكونوا بحال قد بلغوا فيه ذروة عالية وال قمة شاهقة ،إال أنه
تحداهم به ،وتحدى .أقواما بعجيب خلقه ،لما نحتوا الجبال الشوامخ بيوتا ،أخرج لهم من بين
الصخر ناقة تثبت لهم أن قدراتهم .ليست بشيء أمام قدرة الخالق على الخلق ،أوقد .قوم إبراهيم
عليه النار التي بلغت عنان السماء فأبطل اهلل خواصها ،وليست قدرتهم بشيء.
فما شأن اللغة العربية الذي جعلها أهال ألن تكون موضوع أهم معجزة تحدى اهلل بها الخلق
كلهم؟؟ وال بد من التركيز .على أن التحدي لم يقتصر على قوم ،بل هو للخلق كلهم جنهم وإ نسهم.
ومنذ بعثة محمد عليه السالم إلى قيام الساعة ،على أن يأتوا بسورة من مثله ،فما السر الذي ميز
العربية على السحر وعلى العلم وعلى الطب وعلى العمارة وعلى سائر ما أنتج البشر في رحلة
حياتهم في الدنيا؟
ال شك أن العربية هي أرقى ما أنتج العقل البشري على اإلطالق كوعاء قادر .على حمل الفكر
الذي به يرقى البشر!!
وأن االسالم أرقى ما يليق بهذا االنسان من فكر قادر على أن ينهضه وأن يجعله يعمر الكون
بأفضل ما يكون االستخالف!!
8
فكان موضوع مزج هذا الفكر الراقي بهذا الوعاء الراقي هو موضوع .إعجاز القرآن ووجهه
الوحيد وبه تحدى الخلق كلهم ،وهو أصدق ما ينطبق .عليه وصف .المثل في قوله "من مثله".
أما الذي يجهل شأن االسالم كفكر عظيم أو الذي يجهل شأن العربية كوعاء عظيم فدواء العي
السؤال والعلم ،وفي .هذا يستوي .األعمى والبصير والعربي .واألعجمي ،وشواهد .التاريخ حافلة
قعـدوا لهذه اللغة قواعدها وأبدعوا فيها ما نعلم ،وما يقيم هذا وال يبينه
بعرب أصلهم من العجم ّ
ويبرزه شيء كدولة تجعل االسالم دينها وال تشرك معه غيره ،وتجعل العربية لغتها وال تشرك
معها لغة غيرها ،فتمزج الطاقة العربية بالطاقة االسالمية فينغمس العرب فيها مع العجم في سباق
على مزج الطاقتين – األمر الوحيد الكفيل بالنهوض باالنسان – عربيا كان أم أعجميا ،وإ نما
العربية اللسان فمن تكلم العربية فهو عربي.
وسنحاول .في هذا البحث المتواضع .أن نبرز ما نقدر عليه من ميزات وخصائص .جعلت العربية
أرقى وعاء أنتجه البشر وأقدر .حامل على حمل هذا الدين العظيم.
فالحق سبحانه أنزل كتاباً ساطعاً تبيانه ،قاطعاً برهانه ،وحياًَ ناطقًاَ ببينات وحجج ،،قرآناً عربياً
غير ذي عوج ،اختص رسول اهلل بالتدليل على صدق رسالته باصطفائه سالم اهلل عليه من بين
قوم أولي بالغة فلم يدع شعباً من شعوبهم وال بطناً من بطونهم وال فخذاً من أفخاذهم .من شعراء
مفلقين وخطباء مصاقع )1( .وأدباء مطبوعين ،وكتابا .بارعين ،يرمون في حدق البيان عند هدر
الشقاشق ( )2ويصيبون األعراض بالكلم الرواشق .إال أعجزه وأذله وحيره في أمره وأعله.
أفحم به من طولب بمعارضته من العرب العرباء وأبكم به من تحدى به من مصاقع الخطباء فلم
يتصد لإلتيان بما يوازيه أو يدانيه واحد من فصحائهم ولم ينهض لمقدار أقصر .سورة منه ناهض
من بلغائهم،،
على أنهم كانوا أكثر من حصى البطحاء ،،وأوفر عدداً من رمال الدهناء ،،ولم ينبض منهم عرق
العصبية مع اشتهارهم .باإلفراط .في المضادة ( )3والمضارة )4(،،والقائهم الشراشر ( )5على
المعازة ( )6والمعارة ( ،، )7ولقائهم دون المناضلة عن أحسابهم الخطط ،وركوبهم في كل ما
يرومونه الشطط )8(،،إن أتاهم أحد بمفخرة أتوه بمفاخر وان رماهم بمأثرة رموه بمآثر ،،وقد
جرد لهم الحجة أوالً ،،والسيف .آخراً فلم يعارضوا .إال السيف وحده .
مض الحجة حده ُ )9( ،،فما أعرضوا عن
على أن السيف القاضب مخراق العب إن لم ُت ِ
معارضة الحجة إال لعلمهم أن البحر قد زخر فطم .على الكواكب وأن الشمس قد أشرقت فطمست
نور الكواكب)10( .
جاء القرآن بنظم فني فريد ،حمل أرقى المعاني على راحلة أرقى .األلفاظ ،فكانت العربية خير
وعاء ألدق مفاهيم ،كلما تأملت آية من كتاب اهلل ومض بريق معنى جديد ،واستطعت أن تنزلها
9
على واقع جديد بنحو فريد ،وكلما قرأت سوره ازددت شوقا لقراءة المزيد ،على العكس مما يكتبه
الخلق تمله األنفس بعد حين ،لم يهبط بيانا وال سف أسلوبا وال انخفض عن شاهق قمته وال
بحرف واحد من حروفه ،وإ نك لن تستطيع .أن تبدل كلمة واحدة من كلماته بنظائرها .من العربية
دون أن تنحدر بالمعنى وتنخفض ،قال تعالى" :تلك إذن قسمة ضيزى".
تأمل لو قلنا :تلك إذن قسمة مجحفة أو غير عادلة أتعدل كلمة ضيزى؟.
العربية فيها أسرار وأسرار .جعلتها وعاء أمينا يحفظ االسالم ،وجعل االسالم لباسا لها وهي لباس
له.
10
ثم إن المتأمل لكتاب اهلل يرى أن األساس فيه عقيدة عقلية ونظام منبثق عنها ،،أما العقيدة فميزتها
األساسية أنها أفكار مبلورة بشكل دقيق ،وهي مفاهيم ترقى .باالنسان ،،وال شك أن الغاية العظمى
التي أنزل اهلل سبحانه القرآن من أجلها هو إخراج الناس من الظلمات إلى النور ،،أي الرقي.
باالنسان ليكون كما أراده اهلل تعالى أرقى .المخلوقات ،،فهذا الفكر الدقيق المستنير .العظيم الصالح
للنهضة ال بد له من وعاء يصلح ألن يكون قادرا .على إبراز هذه األفكار وبلورتها بشكل دقيق
فكان ال بد من لغة فيها ميزة أن لسانها مبين أي قادر على اإلحاطة بدقة المفاهيم ،،واإلبانة لما
فيها من أفكار راقية ،،لذا كان اختيار القرآن الكريم كما وصفه الرب سبحانه "بلسان عربي مبين"
تأمل كيف يقرب اهلل سبحانه مفاهيم ما وراء الطبيعة للناس باللسان العربي الذي يحوي قدرات
جسيمة من اشتقاق ومجاز .وطاقات هائلة ،،فتراه يصف مثال إحياء الموتى يوم القيامة بالتصوير.
الفني الراقي:
ت سحاباً ثِقَاالً س ْقَناه ِلبلٍَد َّمي ٍ َّ ِِ َو ُه َو الَِّذي ُي ْر ِس ُل ِّ
َأنزْلَنا
ِّت فَ َ ُ ُ َ ي َر ْح َمته َحتَّى ِإ َذا َأ َقل ْ َ َ اح ُب ْشراً َب ْي َن َي َد ْ الرَي َ
َّ ات َك َذِل َ َأخر ْجَنا بِ ِه ِمن ُك ِّل الثَّمر ِ ِ
موتَى لَ َعل ُك ْم تَ َذ َّك ُر َ
ون ك ُن ْخ ِر ُج اْل ْ ََ بِه اْل َماء فَ ْ َ
اها لَ ُم ْحيِي ت ِإ َّن الَِّذي ْ
َأحَي َ ت َو َرَب ْ اهتََّز ْ َأنزْلَنا َعلَْيهَا اْل َماء ْ اش َعةً فَِإ َذا َ ك تَرى اَأْلرض َخ ِ
ْ َ
ِِ
َو ِم ْن َآياته ََّأن َ َ
اْل َم ْوتَى ِإَّنهُ َعلَى ُك ِّل َش ْي ٍء قَِد ٌير
ون
ك تُ ْخ َر ُج َ اء بِقَ َد ٍر فََأن َش ْرَنا بِ ِه َبْل َدةً َّم ْيتاً َك َذِل َ والَِّذي َن َّز َل ِمن الس ِ
َّماء َم ًَ َ َ
وعندما يصف اآلخرة يقربها إليك مستغال الطاقة العظيمة الموجودة في اللغة العربية:
آس ٍن َو َْأنهَ ٌ.ار ِمن لََّب ٍن لَّ ْم َيتَ َغي َّْر َ
ط ْع ُمهُ َو َْأنهَ ٌ.ار مثَ ُل اْلجَّن ِة الَّتِي و ِع َد اْلمتَّقُون ِفيها َْأنهار ِّمن َّماء َغ ْي ِر ِ
ُ َ َ ٌَ ُ َ َ
ات َو َم ْغ ِف َرةٌ ِّمن َّرِّب ِه ْم َك َم ْن لش ِاربِين و َْأنهار ِّم ْن عس ٍل ُّمصفًّى ولَهم ِفيها ِمن ُك ِّل الثَّمر ِ
ََ َ َ ُْ َ ََ َ َ ٌَ
ِّم ْن َخم ٍر لَّ َّذ ٍة لِّ َّ
ْ
َّ ِ ِ ِ
اءه ْم ()15 َأم َع ُ الن ِار َو ُسقُوا َماء َحميماً فَقَط َع ْ ُه َو َخال ٌد في َّ
ب ِمن فَ ْو ِ
ق ص ُّ اب ِّمن َّن ٍار ُي َ ت لَهُ ْم ثَِي ٌ ين َكفَ ُروا قُطِّ َع ْ َِّ ِ
ص ُموا .في َرِّب ِه ْم فَالذ َ
اختَ َ
ان ْ ص َم ِ ان َخ ْ َه َذ ِ
امعُ ِم ْن َح ِد ٍيد (ُ )21كلَّ َما ود ( )20ولَهم َّمقَ ِ
َ ُ صهَ ُر بِ ِه َما ِفي ُبطُونِ ِه ْم َواْل ُجلُ ُ. يم (ُ )19ي ْ
ِ ِِ
ُرُؤ وسه ُم اْل َحم ُ
ق ()22 اب اْل َح ِري ِ ُأع ُ ِ ادوا َأن ي ْخرجواِ .م ْنها ِم ْن َغ ٍّم ِ
يدوا فيهَا َو ُذوقُوا َع َذ َ َ َ ُ ُ ََأر ُ
أمر آخر مهم في قضية العقيدة :الدقة المتناهية في بلورة المفاهيم مستغال البلورة الدقيقة لأللفاظ
في العربية ،فمفهوم االيمان مثال هو التصديق الجازم المطابق .للواقع عن دليل ،يفترق االيمان
عن التصديق بأمور .كثيرة جعلت له مفهوما دقيقا ال يؤديه غير لفظ االيمان ،فااليمان والتصديق
ليسا مترادفين ،فالتصديق يستعمل في كل خبر فيقال لمن أخبر باألمور المشهورة؛ مثل الواحد
نصف االثنين والسماء فوق .األرض مجيباً صدقت ،وصدقنا .بذلك ،وال يقال آمنا لك وال آمنا بهذا
حتى يكون المخبر به من األمور الغائبة ،ونحوها .مما يدخلها الريب فإذا أقر بها المستمع قيل
آمن بخالف لفظ التصديق .فإنه عام متناول لجميع األخبار ،وكذلك لفظ اإليمان فيه إخبار وإ نشاء
والتزام بخالف لفظ التصديق .المجرد فمن أخبر الرجل بخبر ال يتضمن طمأنينة إلى المخبر ال
11
يقال فيه آمن له بخالف الخبر الذي يتضمن طمأنينة إلى المخبر ،والمخبر قد يتضمن خبره طاعة
المستمع له وقد .ال يتضمن إال مجرد الطمأنينة إلى صدقه فإذا تضمن طاعة المستمع لم يكن مؤمناً
للمخبر إال بااللتزام طاعته مع تصديقه ،كما بين ابن تيمية رحمه اهلل.
ش َو َم ْن ين َي ْح ِملُ َ
ون ا ْل َع ْر َ تأمل كيف استغل الزمخشري .هذه االلتفاتة اللغوية في تفسير آية "الَِّذ َ
آم ُنوا" قال: ون ِللَِّذ َ
ين َ ستَ ْغ ِف ُر َ ون ِبحم ِد ر ِّب ِهم ويْؤ ِم ُن َ ِ
ون ِبه َو َي ْ س ِّب ُح َ َ ْ َ ْ َ ُ َح ْولَ ُه ُي َ
فان قلت :ما فائدة قوله " :ويؤمنون به " ...وفائدة اخرى :وهي التنبيه على ان االمر لو كان
كما تقول المجسمة لكان حملة العرش من حوله مشاهدين معاينين ولما وصفوا بااليمان النه انما
يوصف بااليمان الغائب ....الخ .ولسنا هنا بصدد مناقشة صواب أو خطأ رأي الزمخشري ،إال
أننا نمثل لمفهوم مزج الطاقتين الستخراج مكنونات اللفظ في العربية وإ سقاطها على المفهوم
االسالمي ليدق ويتجلى.
مثال آخر يجلي األمر لنا :مفهوم الظن في القرآن الكريم :فقد ذهب المفسرون مذاهب شتى
وتفرقوا .طرائق قددا في اآليات التي نزل فيها الظن بموضع اشتبه عليهم فيه أنه بمعنى اليقين
كقوله تعالى" :الذين يظنون أنهم مالقوا .ربهم وأنهم إليه راجعون" وقوله "إني ظننت أني مالق
حسابية" وقوله "ورآى المجرمون النار فظنوا .أنهم مواقعوها ولم يجدوا عنها مصرفا" ولو تنبهوا
إلى أمر خطير مهم وهو أن القرآن الكريم مزج الطاقتين مزجا محكما مستغال الدقة في لفظة
الظن التي ال تؤديها .لفظة اليقين في تلكم المواضع لما اشتبه عليهم األمر ولما ذهبوا إلى التأويل
البعيد عن الصواب الذي ذهبوا إليه من أن الظن من األلفاظ المتضادة وأنه يأتي بمعنى اليقين أو
الشك ،،وأبسط مثال ندحض به نظريتهم .هو آية الكهف السابقة "ورآى المجرمون النار فظنوا".
فالحق سبحانه أتبعها بقوله "ولم يجدوا عنها مصرفا" ومن يبحث عن المصرف أو المخرج ال
يتصور .أنه موقن ،وإ ال فما فائدة البحث عن المخرج لوال أن في نفسه أمل ولو تضاءل في أن له
منها مخرج ،وهو ما تفترق به لفظة الظن عن اليقين .
وقد أثبت األمر في كتاب آخر أسميته مفهوم الظن في القرآن الكريم وعالقته باليقين تتبعت فيه
القضية في كل آي القرآن وفي .جل كتب التفسير وأثبت فيه أن الظن ال يمكن أن يكون في هذه
اآليات بمعنى اليقين أبدا.
أما على صعيد النظام :فلو أن االسالم جاء بلغة غير العربية الحتاج إلى مجلدات ضخمة حتى
تتسع للتشريع الذي نزل بأقصر الجمل وأقدرها .على التعبير وأقدرها .على أن تكون وعاء ألحكام
متعددة ال تحصر .في نطاق السبب الذي نزلت به األلفاظ ،فالعبرة بعموم اللفظ مثال ،فترى .أن آية
ور ُه َّن" وهي جزء من آية يمكن منه استنباط .فقه وه َّن ُ
ُأج َ واحدة كقوله تعالى "فَِإ ْن َْأر َ
ض ْع َن لَ ُك ْم فَآتُ ُ
كامل يتناول جانبا هاما من النظام االقتصادي .في االسالم ،وينسحب على الرضاعة وعلى
12
آمُنوا اَل تَ ْد ُخلُوا ُبُيوتاً َغ ْي َر ُبُيوتِ ُك ْ.م َحتَّى َِّ
ين َ
األجير وعلى غير ذلك من األحكام ،،ومثال "َيا َأيُّهَا الذ َ
تَ ْستَْأنِ ُسوا ".أخذنا منها أحكام الحياة العامة والخاصة بتفصيالتها.
ون اللّ ِه فََي ُسبُّوْ.ا اللّهَ َع ْدواً بِ َغ ْي ِر ِعْلٍم" من هذه اآلية استنبط.
ون ِمن ُد ِ
ين َي ْد ُع َ
َِّ
َ"والَ تَ ُسبُّوْا الذ َ
األصوليون قاعدة الوسيلة إلى الحرام محرمة ،فتأمل كم من باب في الفقه دخلت ،وكم واقع نزلت
عليه فبينت.
شكا رجل إلى اإلمام مالك بائعا باعه بلبال يصدح على أنه يصيح أبدا ،فما وجده كذلك فأمره
االمام مالك برده فبينا الرجل خارج دعاه الشافعي .وكان تلميذا فسأله :أيصيح أغلب اليوم أم
يسكت أغلبه؟ قال بل يصيح أغلبه ،فقال ليس لك أن ترده ،فرجع إلى االمام مالك وأخبره أن
بعضا من تالميذه يقول ليس لك أن ترده ،فاستدعاه اإلمام مالك فسأله :فاستدل بحديث فاطمة بنت
قيس لما جاءت الرسول عليه سالم اهلل تخبره أن أبا جهم ومعاوية رضي اهلل عنهما قد خطباها
فقال النبي صلى اهلل عليه وسلم لها(( :أما أبو جهم فإنه رجل ال يضع عصاه عن عاتقه ،أما
معاوية فرجل صعلوك .ال مال له)) فقال االمام مالك وايش في هذا لك حجة؟ فأجاب الشافعي
رحمه اهلل :أن معنى ال يضع عصاه عن عاتقه أنه يكثر الضرب في األرض كناية أنه يقضي
أغلب وقته مسافرا ،والرجل يسافر .وينزل ولكنه عبر باألغلب على واقعه ،والبلبل يصيح أكثر
مما يسكت.
وهذا يقودنا للمحور الثالث :وهو التوسع :فالفقه يقوم على التوسع وعلى القدرة على احتواء ما
يستحدث من قضايا إلى قيام الساعة ،وهذا ما تضمنه األلفاظ العربية بقدرتها على أن تفهم أفهاما
متعددة صالحة لإلسقاط على وقائع وقضايا مختلفة ،مما يبقي االسالم صالحا للتطبيق إلى قيام
الساعة ،فالتوسع .في االسالم يمتزج مع التوسع في اللغة ،سواء على صعيد أن العربية بها المجاز
واالشتقاق والتعريب .والترجمة ،وبالتالي .القدرة على االتساع ،فال تعجز عن مواكبة التطور .في
عجلة الحياة ،كذلك القدرة على التوصيف للوقائع .بأقل األلفاظ وأنسبها .بما يضمن اتساعا ال يخرج
عن مقصود الشارع من الحكم ،أي فيها من الضوابط .ما يجعل اجتهاد المجتهد ال يخرج عن
االنضباط بمعاني تؤديها .األلفاظ بشكل معين ،ولشرح ذلك نرى أن بعض المسلمين اليوم يذهب
إلى مسألة "روح النص" هكذا يسمونها .،فيشتط في استخراج ما يحلو له من فتاوى .مدعيا أن هذا
من روح النص ،مع أن األلفاظ قد ال تؤدي .هذه المعاني التي وصل إليها ،وبالتالي .فلو أنه فهم أن
االجتهاد مقيد بهذه األلفاظ ومدلوالتها .لخرج برأي فقهي صواب قابل للخطأ.
وهذا يفضي بنا إلى المحور الرابع لمزج الطاقة العربية عن الطاقة االسالمية وهو االجتهاد!!
وبالتحديد .مفهوم أن العقيدة االسالمية عقيدة سياسية ألهمية هذا المفهوم.
لقد أدى فهم االسالم والعربية لغته الفهم الدقيق إلى نهضة فكرية فقهية ما لها مثيل في تاريخ
البشرية ،فرب فقيه يسمع حديثا يستنبط منه عشرات االحكام الشرعية بينما ال نكاد نفقهه اليوم!!
13
من هنا فكانت العقيدة االسالمية بحق عقيدة سياسية تسير الناس في الدنيا بناء على وجهة نظر
االسالم في الحياة ،فلما فصلت الطاقتان أصبح الواقع في وادي واالسالم في وادي ،فانتشرت
بسهولة فكرة أن العقيدة االسالمية روحية فقط.
إذن فقد كان جراء فصل الطاقة العربية عن االسالمية قفل باب االجتهاد وبالتالي .وقائع ال حصر
لها تحتاج حكما شرعيا يسير المسلمون على أساسه مما خلق هوة واسعه بين الواقع وبين االحكام
الشرعية وبالتالي خلق ضعفا عاما في االلتزام باالسالم .وبتسيير .االعمال وفقا لألحكام ،وهو ما
نسميه العقيدة السياسية أي التي تسوس الناس باالسالم.
تقوم بكفاية العامة فيما يحتاجون إليه لدينهم االجتهاد في تعلّم
َأن على الخاصَّة الّتي ُ
الشافعي ّ
ِّ ذكر
لسان العرب ولغاتها ، .التي بها تمام التوصُّل إلى معرفة ما في الكتاب والسُّنن واآلثار ، .وأقاويل
فإن من َج ِه َل سعة ِ
العربية ّ ،
ّ والمخاطبات المفسرين من الصحابة والتابعين ،من األلفاظ الغريبة ،ّ
مل علم الكتاب ،ومن علمها ،ووقف لسان العرب وكثرة ألفاظها ،وافتنانها في مذاهبها َج ِه َل ُج َ
الداخلةُ على من َج ِه َل لسانها من
تأوله أهل التفسير فيها ،زالت عنه الشبه َّ ِ
على مذاهبها ،وفَهم .ما ّ
ذوي األهواء والبدع .األزهري، .التهذيب( 5 /1المقدمة).
وخامسا :يكون المزج على صعيد التأثير ويهمنا .منه هنا حمل الدعوة االسالمية ،وشتان بين
حامل دعوة يسحر األلباب بيانه ،ويملك نواصي القلوب بمزجه ما بين الفكر الراقي ولمسه
المشاعر ليحرك العقل والقلب معا فال يملك سامعه إال أن يسلمه قياد أمره ويسير معه في ركبه.
ال بل وأزعم أنه قد يختلف معه في الرأي ولكن حسن حمل الدعوة إليه ال يجعل منه إال مسلما له
القياد بشكل أو بآخر.
وبين من تلجلج إذا تكلم واضطرب ،وقوض بنيان النحو على رأس سيبويه إذا خطب ،فينقل
األفكار الراقية ببيان منحدر خرب ،،خاو من الفكر خواءه من األدب.
أخرج االمام مسلم في صحيحه :إن ضمادا قدم مكة وكان من أزد شنوءة ،وكان يرقي من هذه
الريح ،فسمع سفهاء من أهل مكة يقولون :إن محمدا مجنون ،فقال :لو أني رأيت هذا الرجل،
لعل اهلل يشفيه على يدي ،قال :فلقيه ،فقال :يا محمد! إني أرقي من هذه الريح ،وإ ن اهلل يشفي
على يدي من شاء ،فهل لك؟ فقال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم :إن الحمد هلل نحمده،
ونستعينه ،من يهده اهلل فال مضل له ،ومن يضلل فال هادي له ،وأشهد أن ال إله إال اهلل ،وحده
ال شريك له ،وأن محمدا عبده ورسوله ،أما بعد .قال :فقال :أعد علي كلماتك هؤالء ،فأعادهن
عليه رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ثالث مرات ،قال :قال :لقد سمعت قول الكهنة ،وقول
السحرة ،وقول الشعراء ،فما سمعت مثل كلماتك هؤالء ،ولقد بلغن قاموس .البحر (،يعني لجته)
قال :فقال :هات يدك أبايعك على اإلسالم ،قال :فبايعه رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ،فقال
رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم :وعلى قومك؟ قال :وعلى قومي..
14
موقف آخر :تروي كتب السيرة قال ابن إسحاق :عن محمد بن كعب القرظي قال :حدثت أن
يوما ـ وهو في نادى قريش ،ورسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم
سيدا ،قال ً
عتبة بن ربيعة ،وكان ً
أمورا لعله
جالس في المسجد وحده :يا معشر قريش ،أال أقوم .إلى محمد فأكلمه وأعرض عليه ً
يقبل بعضها ،فنعطيه أيها شاء ويكف عنا؟ وذلك حين أسلم حمزة رضي .اهلل عنه ورأوا أصحاب
رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يكثرون ويزيدون ،فقالوا :بلى ،يا أبا الوليد ،قم إليه ،فكلمه ،فقام
إليه عتبة،حتى جلس إلى رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ،فقال :يابن أخي ،إنك منا حيث قد
ط ِة في العشيرة ،والمكان في النسب ،وإ نك قد أتيت قومك بأمر عظيم ،فرقت .به
الس َ
علمت من ِّ
جماعتهم ،وسفهت به أحالمهم ،وعبت به آلهتهم ودينهم ،وكفرت به من مضى من آبائهم ،فاسمع
أمورا تنظر فيها لعلك تقبل منها بعضها .قال :فقال رسول صلى اهلل عليه
منى أعرض عليك ً
وسلم( :قل يا أبا الوليد أسمع).
قال :يابن أخي ،إن كنت إنما تريد بما جئت به من هذا األمر مااًل جمعنا لك من أموالنا حتى تكون
أمرا دونك ،وإ ن كنت تريد به
أكثرنا مااًل ،وإ ن كنت تريد به شرفًا .سودناك علينا حتى ال نقطع ً
رئيا تراه ال تستطيع .رده عن نفسك طلبنا لك الطب،
مل ًكا ملكناك علينا ،وإ ن كان هذا الذي يأتيك ً
وبذلنا فيه أموالنا حتى نبرئك منه ،فإنه ربما غلب التابع على الرجل حتى يداوى منه ـ أو كما قال
له ـ حتى إذا فرغ عتبة ورسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يستمع منه قال( :أقد فرغت يا أبا الوليد؟)
الر ْح َم ِن نزي ٌل ِّم َن َّ حم ( )1تَ ِ قال :نعم ،قال( :فاسمع منى) ،قال:أفعل ،فقال:
ض َأ ْكثَُر ُه ْم فَهُ ْم َأع َر َ ون (َ )3ب ِشيراً َوَن ِذيراً فَ ْ ِّ
ت َآياتُهُ قُْرآناً َعَربِّياً لقَ ْوٍم َي ْعلَ ُم َ صلَ ْ اب فُ ِّ الر ِح ِيم (ِ )2كتَ ٌ َّ
ابك ِح َج ٌ ونا ِإلَْي ِه َو ِفي آ َذانَِنا َو ْقٌر َو ِمن َب ْينَِنا َوَب ْينِ َ َأكَّن ٍة ِّم َّما تَ ْد ُع َ
اَل يسمعون ( )4وقَالُوا ُقلُوبَناِ .في ِ
ُ َ َ َُْ َ
يموا ِإلَْي ِه اح ٌد فَ ِ
استَق ُ ْ
املُون (ُ )5ق ْل ِإَّنما ََأنا ب َشر ِّمثْلُ ُكم يوحى ِإلَ َّي ََّأنما ِإلَه ُكم ِإلَهٌ و ِ
َ َ ُ ْ ْ ُ َ َ ٌ َ
ِ
اع َم ْل ِإَّنَنا َع َ فَ ْ
َِّ ِ ِ َِّ ِ ِّ و ِ
ون (ِ )7إ َّن الذ َ
ين الز َكاةَ َو ُهم بِاآْل خ َر ِة ُه ْم َكاف ُر َ ون َّ ين اَل يُْؤ تُ َ ين ( )6الذ َ استَ ْغف ُروهُ َو َوْي ٌل لْل ُم ْش ِرك َ َ ْ
ض ِفي اَأْلر َ
ق ْ ون بِالَِّذي َخلَ َ ِئ
ون (ُ )8ق ْل َأ َّن ُك ْم لَتَ ْكفُُر َ َأجٌر َغ ْي ُر َم ْمُن ٍ ات لَهُ ْم ْ َّالح ِ
ِ ِ
آمُنوا َو َعملُوا الص َ َ
ك فيهَا َوقَ َّد َر ِ ِ ِ ِ
ين (َ )9و َج َع َل فيهَا َر َواس َي من فَ ْو ِقهَا َوَب َار َ. ِ ِ
ب اْل َعالَم َ ك َر َُّأنداداً َذل َون لَهُ َ َي ْو َم ْي ِن َوتَ ْج َعلُ َ
ال لَهَاان فَقَ َ َّماء َو ِه َي ُد َخ ٌ ِإ ِّ ِئِ ِ ٍ ِ ِ
استََوى .لَى الس َ ين ( )10ثَُّم ْ فيهَا َأ ْق َواتَهَا في َْأرَب َعة َأيَّام َس َواء للسَّا ل َ
ات ِفي َي ْو َم ْي ِن َو َْأو َحى اه َّن س ْبع سماو ٍ طوعاً َأو َكرهاً قَالَتَا َأتَْيَنا َ ِئ ِ وِلَأْلر ِ ِ ِ
ض ُ َ َ ََ َ ين ( )11فَقَ َ طا ع َ ْ ْ ض اْئ تَيا َ ْ َ ْ
يز اْل َعِل ِيم ( )12فَِإ ْن ك تَ ْق ِد ُير اْل َع ِز ِ
يح َو ِح ْفظاً َذِل َ صابِ َ الد ْنَيا بِ َم َ
َّماء ُّ َأم َر َها َو َزيََّّنا .الس َ
ِ ِّ
في ُكل َس َماء ْ
ود ([ )13فصلت] .استمع عتبة حتى إذا بلغ اعقَ ِة َع ٍاد َوثَ ُم َ. اعقَةً ِّم ْث َل ص ِ
َ
َأعرضوا .فَ ُق ْل َأن َذرتُ ُكم ص ِ
ْ ْ َ َْ ُ
اعقَ ِة َع ٍاد اعقَةً ِّمثْ َل ص ِ
َ
َأعرضوا فَ ُق ْل َأن َذرتُ ُك .م ص ِ
ْ ْ َ الرسول صلى اهلل عليه وسلم قوله تعالى :فَِإ ْن ْ َ ُ
ود [فصلت ]13:قال :حسبك ،حسبك ،ووضع يده على فم رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم،
َوثَ ُم َ
15
وقال :ناشدتك اهلل والرحم ،،ناشدتك اهلل والرحم ،وذلك مخافة أن يقع النذير ،ثم قال صلى اهلل
عليه وسلم( :قد سمعت يا أبا الوليد ما سمعت ،فأنت وذاك).
فقام عتبة إلى أصحابه ،فقال بعضهم .لبعض :نحلف باهلل لقد جاءكم أبو الوليد بغير الوجه الذي
ذهب به .فلما جلس إليهم قالوا :ما وراءك يا أبا الوليد؟ قال :ورائي أني سمعت قواًل واهلل ما
سمعت مثله قط ،واهلل ما هو بالشعر وال بالسحر ،وال بالكهانة ،يا معشر قريش ،أطيعونى.
واجعلوها بي ،وخلوا بين هذا الرجل وبين ما هو فيه فاعتزلوه ،فواهلل ليكونن لقوله الذي سمعت
منه نبأ عظيم ،فإن تصبه العرب فقد كفيتموه بغيركم ،وإ ن يظهر على العرب فملكه ملككم ،وعزه
عزكم ،وكنتم أسعد الناس به ،قالوا :سحرك واهلل يا أبا الوليد بلسانه ،قال :هذا رأيي فيه ،فاصنعوا.
ما بدا لكم.
فهكذا بلغ به ما سمع من كالم اهلل حتى أنه ارتعد لمجرد أن ينذره الرسول عليه الصالة السالم،
وكما تلحظ فإن اآليات قد مزجت الطاقة العربية باالسالمية ،فتراها تصور .المفاهيم االسالمية
الراقية بأعذب األلفاظ ،وتأتي .على قضايا الخلق والبعث والزكاة والشرك ...فبهذا يحصل
التأثير ،ففي العربية ميزة التأثير إن وظفتها التوظيف .الصحيح ،وكذا هذه األفكار الراقية
االسالمية تأثر ،فهذا التأثير على حامل الدعوة أن يستغله أحسن استغالل.
األمر السادس الذي يهمنا في مسألة مزج الطاقتين :عندما لم يعد المسلمون يفهمون لغتهم هبط
ذوقهم ،.فنتج عنه أن شخصياتهم .االسالمية أصبحت ضعيفة مهلهلة ،فأصبحت .ترى كل من نظم
بيتين من الكالم الموزون المقفى سموه شاعرا ،وكل من ارتقى منبرا سموه خطيبا فسهل أن يندس
في هذه األجواء من نرى من علماء السالطين ومن المنافقين المرجفين في المدينة ،وبالمقابل
أصبح من يأتي بالمفاهيم االسالمية الدقيقة في غربة بين المسلمين ،تأمل وأنت تدعو لفكرة
الخالفة بين المسلمين كم تكون بعض العقول بذوقها المنحط بعيدة عنك ألنها ال تفقه ما معنى أن
يصف رب العزة سبحانه مجرد أن يهم المرء باالحتكام .إلى الطاغوت على أن إيمانه مجرد زعم:
ون َأن َيتَ َحا َك ُموْا ِإلَى ُأنز َل ِمن قَْبِل َ
ك ُي ِر ُ
يد َ ُأنز َل ِإلَْي َ
ك َو َما ِ آمُنوْا بِ َما ِ
ون ََّأنهُ ْم َ
َِّ
"َألَ ْم تََر ِإلَى الذ َ
ين َي ْز ُع ُم َ
ضالَالً َب ِعيداً (َ )60وِإ َذا ِق َ
يل لَهُ ْم ِ َّ يد َُّأم ُروْا َأن َي ْكفُُروْا بِ ِه َوُي ِر ُ الطَّ ُ ِ
وت وقَ ْ.د ِ
ان َأن ُيضلهُ ْم َ ط ُ الش ْي َ اغ َ
ِِ الرس ِ تَ َعالَ ْوْا ِإلَى َما َ
ص ُدوداً (")61 نك ُ ص ُّد َ
ون َع َ ين َي ُ
ت اْل ُمَنافق َ ول َر َْأي َ َأنز َل اللّهُ َوِإلَى َّ ُ
ولو قلت :نفاق وضالل وما شاكل ما أثر فيهم ،وذلك نتيجة انحطاط .ذوقهم .الفكري واللغوي.
كما نتج عن انحطاط .الذوق أمر آخر مهم وهو أن غالبية المسلمين اليوم ال تعي معنى أن القرآن
معجز ،فال يتذوق قارئه معانيه وال يحس بها االحساس الفطري السليم الذي أحس به العرب
لمجرد سماعهم آية أو بعض آية ،وهذا ال شك له نتائج مدمرة على العقيدة.
16
قلنا أن النهضه االرتفاع الفكري وبالتالي .لما كان ذوق المسلمين وفهمهم .للعربية عاليا راقيا .نشأت
المذاهب الفكرية والفقهية وبالمقابل أيامنا هذه لما سف الناس وسفلوا في أذواقهم نشأت األحزاب
العلمانية واالشتراكية وأصبحت آخر عباءة يمكن أن تجمع المسلمين هي االسالم ،كبرت كلمة
تخرج من أفواههم.
قوياًّ .بيناً ، ِ
والدين تأثيراً ّ ق أن اعتياد اللغة يؤثر .في ِ
العقل والخل ِ تيمية رحمه اهلل ":اعلم ّ
قال ابن ّ
والدين ِ
الصحابة والتابعين ،ومشابهتهم .تزيد العق َل األم ِة من ِ
مشابهة ِ
َ صدر هذه ّ ويؤثر .أيضاً في
فإن فهم الكتاب واجب ّ ،
ٌ فرض
ٌ فإن نفس اللغة العربية من الدين ،ومعرفتها. والخلق ،وأيضاًّ .
َ
يتم الواجب إالّ به فهو واجب " اقتضاء
فرض ،وال ُيفهم إالّ بفهم اللغة العربية ،وما ال ّ
ٌ والسنة
ّ
الصراط المستقيم ص 207
أما المحور .السابع :االنتشار :.معلوم لدينا أن وزن الدولة من وزن لغتها ،ووزن األمة من وزن
لغتها ،وبالتالي .فاللغة تابعة للدولة التي تحملها ،كانت العربية قبل االسالم محصورة في نطاق
محدد وانتشرت بانتشاره ،واالنجليزية قبل االستعمار .البريطاني .كانت محصورة في الجزر
البريطانية ولما استعمر اإلنجليز العالم نشروها واستمرت .اللغة االولى في العالم ألن المستعمر
الجديد أمريكا حل محلها وهي لغته.
وقوة اللغة دولياً غير ما فيها من خصائص تجعلها صالحة للتأثير والتوسع .واالنتشار ،.فهذه
عناصر قوة ذاتية في اللغة ،واللغة العربية ال تضاهيها .لغة في هذا المضمار .إال أن هذه
الخصائص تظل غير فاعلة في قوة اللغة دولياً حتى تحمل اللغةَ دولةٌ قوية فتفجر هذه الخصائص
والطاقات الموجودة في اللغة ،فتقوى اللغة بنسبة توازي .قوة الدولة التي تحملها .واالسالم .أساسه
دولة تحمله ،أي الطاقة االسالمية إنما تحملها الدولة وتطبقها .الدولة وبالتالي .فالمزج يحصل هنا
وبه يصير االنتشار.
أال ترى أن اللغة العربية لها من هذه الخصائص ما يميزها عن كل لغة ومع ذلك فهي لغة ضعيفة
دولياً بمعنى أنها ليست لغة العلوم والثقافة وال لغة التخاطب وال لغة المعاهدات ،وإ ن وجدت في
بعض هذه المجاالت فعلى نطاق هزيل ضيق مواز لهزال الدول العربية ،حتى أن هذه الدول
العربية إذا عقدت معاهدات مع غيرها من الدول فإن النص المعتمد الذي يرجع إليه هو النص
اإلنجليزي ال العربي.
فها هو ذا رسول اهلل صلى اهلل عليه واله وسلم يكتب كتبه الى حكام االرض في
زمنه :كسرى .وقيصر .والمقوقس وغيرهم باللغة العربية وبالعربية وحدها،مع امكانية
وما فكر ابدا :كيف ومن كتب لهم ال يعرفون العربية، الكتابة بغير العربية،
التي تفرض على انها العزة، اكتب لهم بالعربي.ة وهم ال يعرفونها .؟! انها القوة،
وان يطأطىء .لها صاغرا . الخصم ان يقبل بلغتك وان يقبل برأيك،
17
وها هم أوالء خلفاء بني امية وخلفاء بني العباس يترجمون الى العربية كل ما
وصلهم ولزمهم .مما كتب بغير العربية بل ان المأمون كان يعطي المترجمين ما
بل كان ايمانا منه بأن لغة الدولة هي اللغة يترجم ذهبا ،وما كان ذلك عبثا،
وال يجوز .ان تبقى فيها لغة غير العربية . العربية،
وحدب عليها وتكلم بها الناس، وبهذا كله عمت العربية االرض ،وسادت الدنيا،
ولقيت من العناية ما لم تحظ بمثلها وفصلوا فيها القول، جهابذة العلم والفكر،
لغة اخرى .
طت إالّ كان أمره قال مصطفى صادق .الرافعي رحمه اهلل ":ما ذلّت لغة ٍ
شعب إالّ ذ ّل ،وال انح ّ
المستعمرة ، األمة ٍ
ذهاب وإ ٍ.
َ األجنبي المستعمر .لغته فرضاً على ّ
ّ دبار ،ومن هذا يفرض في
ِ
ويستلحقهم .من ناحيتها ،فيحكم .عليهم أحكاماً ثالثةً في ويشعرهم .عظمته فيها ،
ويركبهم .بها ُ ،
وأما الثاني فالحكم .على ماضيهم بالقتل ٍ ٍ
مؤبداً ّ ،
فح ْبس لغتهم في لغته سجناً ّ
أما األول َ
عمل واحد ّ :
فأمرهم من بعدها ألمره
وأما الثالث فتقييد مستقبلهم في األغالل التي يصنعها ُ ،
محواً ونسياناًّ ، .
تََبعٌ " وحي القلم 34-3/33
والمحور .الثامن :أن انتشار .االسالم في الدنيا مرتهن بامتزاج الطاقتين ،ونرى حرص دول العالم
المبدئية على انتشار .لغاتها في العالم ،كاالنجليزية والفرنسية والروسية قديما .وغيرها ،كوسيلة
لنشر المبدأ أو السيادة السياسية على الدنيا ،لذا كان من الضرورة بمكان التنبه إلى أهمية نشر
اللغة العربية كوسيلة لنشر االسالم ألن فهم االسالم ال يتم إال بها.
إن وزن الحضارة في خضم صراع الحضارات هو المسير لصراع األمم وما انحطاط المسلمين
إال نتاج ذلك الفصل وإ ن عودتهم القتعاد الذرى مرتهن بالمزج ما بين الطاقتين.
فإن اللسان العربي شعار اإلسالم وأهله ،واللغات من أعظم شعائر.
تيمية رحمه اهلل ّ ":
قال ابن ّ
يتميزون " اقتضاء الصراط .المستقيم ص 203
األمم التي بها ّ
قال الفرنسي جاك بيرك ":إن أقوى القوى التي قاومت االستعمار .الفرنسي في المغرب هي اللغة
العربية ،بل اللغة العربية الكالسيكية الفصحى بالذات ،فهي التي حالت دون ذوبان المغرب في
فرنسا ،إن الكالسيكية العربية هي التي بلورت األصالة الجزائرية ،وقد .كانت هذه الكالسيكية
العربية عامالً قوياً في بقاء الشعوب العربية " ( .الفصحى لغة القرآن -أنور الجندي ص 304
)
قلنا أن التأثير والتوسع .واالنتشار .خصائص ذاتية في اللغة ،وقد .نفهم هذا األمر بالنسبة للتأثير
والتوسع ،فالمجاز والكنايات والتشبيهات .والتصوير الفني والموسيقى .والسجع والمحسنات اللفظية
18
وغيرها كلها تعطي اللغة حالوة وتضفي .عليها طالوة ورونقا .يجعلها أداة طيعة في يد من يحسن
استعمالها ليؤثر..
ونعلم أن اللغة بحر واسع فيها إمكانات ضخمة للتعبير واشتقاق وتصريف ،وتعريب .وترجمة،
ومشترك .لفظي ،وترادف .وما إلى ذلك من فنون تجعلها بحرا واسعا.
فهذان عنصران من الممكن بسهولة أن نلمس أنهما عنصران ذاتيان
فكيف نفهم أن االنتشار .عنصر ذاتي وخاصية ذاتية في اللغة؟
والجواب على ذلك أن التأثير طاقة كامنة في اللغة ،سواء استعملها المتحدث أو لم يستعملها،،
فإن أحسنها وأجاد أثر ،ويرتقي الناس في هذا النضمار .تبعا لقوة استعمالهم .للتأثير
فرب خطيب مثال يسلب األلباب بيانه ،وإ ن من البيان لسحرا
ورب خطيب يخطب في نفس الموضوع .تمل سماعه من أول جملة
فهذا أتقن التأثير واستعمل .خصائص اللغة وأثر في سامعيه
من هنا فالتأثير كطاقة كامنه في اللغة موجود ،والذي يحسن فنه ،يرقى به لمدارج العلى
وكذلك التوسع ،فرب متبحر في اللغة يأتيك بالدرر الحسان التي توضع في موضعها .لتزينه،
بحيث لو استبدلت هذه المفردة بمرادفاتها .ما أدت تأثيرها .وال مألت فراغها
فالتوسع كذلك مرتبط بشخص المتكلم بالعربية فقيها كان أم خطيبا ،حامل دعوة كان أم أستاذا
ونفس األمر ينسحب على االنتشار
فاللغة العربية بغناها ورقيها .وسموها وقدرتها على التعبير ،،وما فيها من خصائص تميزها عن
غيرها ،،أهل ألن تنتشر بسهولة لو حملتها دولة استطاعت تفجير طاقاتها .الذاتية هذه ومزج
الطاقة العربية بالطاقة االسالمية .
ولقد رأينا عصور االسالم الزاهرة كيف صاحبها انتشار .للغة العربية حتى خرجت من الجزيرة
العربية لتصبح لغة دولة ملكت نصف الكرة األرضية
واللغة االنكليزية اليوم فقيرة جدا إذا ما قورنت بالعربية على كافة الصعد والمجاالت ،لكنها
انتشرت في الدنيا وأصبحت األولى كما من حيث استعمالها ،،.هذه اللغة انتشرت وال خصائص
مميزة لها ،وال قدرات على التعبير فيها ،،وال مجاز وال كناية وال اشتقاق وال تصريف .وال قدرة
على التعبير وال ما يحزنون ،،حتى قواعدها ليست بشيء أما قواعد اللغة العربية
هذا يعني أنه لو حملت الدولة االسالمية الناهضة القوية اللغة العربية ألصبحت لغة الكرة
األرضية في غضون سنوات.
فاالنتشار .إذن خاصية ذاتية في اللغة تتفجر بحسن المزج بين الطاقة العربية والطاقة االسالمية
من خالل الدولة.
19
***************** ******************* 3
اللغة وعاء الفكر:
لنأت اآلن على مفهوم الطاقة العربية لنر ما معنى التأثير والتوسع واالنتشار.
اللغة ألفاظ موضوعة لمعاني ،ووضع .هذه األلفاظ للداللة على هذه المعاني العرب ،والوضع.
تخصيص لفظ بمعنى إذا أطلق اللفظ فهم المعنى.
من هنا نقول أن وضع اللغات كان من االنسان للتعبير عما في النفس وكان موضوعها .هو األلفاظ
المركبة من الحروف ،أما األشياء الموضوعة لها هذه األلفاظ فهي المعاني الذهنية دون
الخارجية ،ألن الوضع للشيء فرع عن تصوره فال بد من استحضار صورة االنسان مثال أو
األسد في الذهن عند إرادة الوضع له ،وهذه الصورة الذهنية هي التي وضع لها اللفظ ( لفظ
االنسان أو األسد) ال الماهية الخارجية ،وذلك ألن اللفظ وضع للتعبير عما في الذهن وليس
للماهية فهو غير الفكر (اللغة وعاء الفكر وليست الفكر نفسه) والفكر هو الحكم على الواقع
بخالف اللفظ فإنه لم يوضع للداللة على حقيقة الواقع وال على الحكم بل وضع للتعبير عما في
الذهن سواء طابق الواقع أم خالفه (رجل واقف .على جسر يرى جسما يقترب منه كلما اقترب
اتضحت هيئته فيطلق .عليه حجرا لما يتراءى له أنه يشبه الحجر (الصورة الذهنية ومطابقتها) .ثم
بقرة لو اقترب أكثر ثم يتبين له عند رؤيته أنه يطابق .الصورة المتخيلة لقارب مثال ،فالمعنى
الخارجي لم يتغير مع تغير اللفظ فدل على أن الوضع ليس له بل لما في الذهن (فاللفظ إذن يدور.
مع المعاني الذهنيه دون الخارجية).
ومثال التعبير زيد قائم أو زيد قاعد يطلق التعبير وهذه المعاني إلفادة النسبة ليحصل التعبير
فمدلول القيام غير مدلول القعود والوصف زيد قائم يدل على تعبير ما في الذهن لهيئة القيام أو
القعود وليس الغرض من األلفاظ معانيها المفردة أي مفردة قيام دون نسبتها لزيد قائم ليست
مقصودة بذاتها ،ولفظة قعود دون نسبتها لفعل القعود منسوبا .لشخص يقوم به ال تعبر عن شيء،
فالمعنى الموجود .في الذهن الذي أريد باللفظ التعبير عنه ليس الواقع ولكن لتفيد الوضع بالنسب
االسنادية أو التقييدية أو االضافية بين المفردات بضم بعضها إلى بعض كالفاعلية والمفعولية
وغيرهما وإلفادة معنى المركبات من قيام وقعود.
فلنأت على مزيد من االيضاح فيما يتعلق باللغة كوعاء للفكر:
الفكر حتى يحصل ال بد من عناصر أربعة تجتمع:
واقع محسوس وحواس تنقل هذا الواقع إلى الدماغ ودماغ صالح ومعلومات سابقة تفسر هذا
الواقع المحسوس وربط الواقع المحسوس بالمعلومات .السابقة يعطي الفكر أو االدراك.
الواقع المحسوس قد يكون ماديا كالشجرة أو النجم ،مثال أو قد يكون أثرا للواقع المادي كصوت
الطائرة أو رائحة الوردة ،،وقد .يكون معنويا .يعرف من أثره كالشجاعة والحنان.
20
األشياء المدرك وجودها .في الكون قد تكون محسوسة ملموسة كالتفاح والقط ،وقد .تكون محسوسة
غير ملموسة كالنشوة واأللم ،وقد تكون غير محسوسة وغير ملموسة كوجود الحياة في االنسان
وكغريزة حب البقاء فيه ،والمحسوس .هو أثرها.
وكل هذه األصناف .هي محل التفكير
واالدراك قد يكون بحضور .الواقع المحسوس أو بحضور تصوره في الذهن وإ ن لم يكن موجودا،
فقد يأتيك نعي رجل لم تره منذ سنين فتستحضر في الدماغ صورته والمعلومات .عنه وتحكم .بأنه
كان كريما مثال ،فتصدر .الحكم عليه في غياب االحساس به أو بكرمه.
وقد تسمع صوت طائرة فتحكم .عليها عسكرية أم مدنية من مجرد سماع الصوت.
فاالحساس بالواقع .قد يكون بوقوع الحس عليه أو على متعلقاته كالصوت أو الصورة ،أو
باسترجاع .االحساس بالواقع في الدماغ وهو بعيد عن مجال الحواس.
النتيجة من هذا البحث هو التفكير أي عقل الشيء والحكم عليه.
فتحكم على التفاحة أنها حامضة وأن لونها أحمر وأنها مستوية أو فجة حسب واقعها .والفكر الذي
تجريه عليها
فإن اهتممت بلونها ورأيت اللون األحمر لها وقسته على المعلومات السابقة في دماغك التي
تخص اللون األحمر ،،حكمت عليها بأن لونها أحمر
أو أجريت الحكم على طعمها فحكمت أن مذاقها حلو أو أردت الحكم على أسد أحي هو أم ميت
تحكم بوجود أثر الحياة فيه.
أو مثال عمر الخروف يقدره البعض من الخبراء من أسنانه وهكذا يحصل الحكم على الشيء أي
إدراكه وعقله بناء على العناصر .األربعة المذكورة أعاله.
هذا بالنسبة للتفكير أو الحكم على الواقع.
لكن نحن نقول أن اللغة وعاء الفكر ال الفكر نفسه.
فالحمرة التي في التفاح وعاء أطلقه االنسان على هذا اللون ليميزه عن اللون األصفر مثال ،فميز.
اللون األحمر عن األصفر بأسماء أطلقها على اللون ،أو مثال األسد ليميزه عن الحصان.
هذه اللغات تعبر عن المعاني الذهنية للواقع المحسوس ال عن الواقع المحسوس نفسه.
وضعها االنسان للتعبير عما في النفس.
تأتي على الطفل الصغير وتريه صورة األسد فتنطبع .في ذاكرته معلومات سابقة عن هذه
الصورة الذهنية أنها تمثل صورة األسد ،،وهذه تمثل صورة اللون األحمر.
فلو رأى بعد ذلك األسد أي الكائن الحي استرجع الصورة الذهنية التي في رأسه عن األسد وما
صاحبها من إطالق أطلقه عليه باللغة التي يحكي فسماه األسد أو الليث.
21
الحظ أن العرب قد أطلقت على األسد أكثر من خمسمائة اسم والفرق بين كل اسم واسم هو ما
يمثله األسد في تلك الحالة ،أي الصورة الذهنية التي ارتسمت في أذهانهم لواقع يمثله هذا المخلوق.
في هذه الحالة:
دام من اُألسود، ُ ِ
الشديد الم ْق ُ ِّرغام ; هو الضاري.
فالض ْ
والهزبر :الضخم الصلب.
والليث :ويقال له :ليث ،باعتبار تلوثه بالفريسة،
الن ْه ِ
ش ،أو هو أن ال َي ْمَأل فَ َمهُ ضاً دون َّ
ض َغ َمهَُ : ،عضَّهُ ،أو َع ّ
واألس ُدَ ،
َ َّي َغ ُم :الذي َي َع ُّ
ض، والض ْ
ظتَهُ ،وهو أيضا واسع الشدق. ض َغ ْمتَه ولَفَ ْ ٍ
أه َوى إليه .وكثُمامة :ما َ مما ْ
ُّماضم من َأسماء اَألسد .وَأس ٌد ض ِ
ماض ٌم ضبان ،الج ِريء ،الض ِ
َ ُ ُ الغ ْ ُ َ ُ واألس ُ.د َ
َ بان،
ض ُ الغ ْ
ض ُمَ :
َّم َ والض ْ
الم ْستْأثِ ُر ،وقيل :الكثير اَألكل الذي ال يشبع. كل شيء ،الض ِ
ُّماضم اَأل ُكو ُل َّ ِ
النه ُم ُ ُ
يض ُّم َّ
ُ
وهكذا :فاالسم أطلق على األسد مرافقا للحالة التي يأتي بها :فإن كان أكوال ال يشبع أطلق عليه
اسم الضماضم .،وكذلك صورة ضمه لفريسته تستحضر في الذهن عند االطالق
ولو قلت عندها أسد واصفا إياه لما استحضر .األعرابي صورة األسد النهم الذي ال يشبع.
فالوضع للشيء فرع عن تصوره :وضع االسم وعاء للواقع فرع من تصوره
أي أن تأتي مثال لصورة األسد الصلب الضخم فيضع األعرابي ما يتصوره من هذا الواقع في
نفسه :فيختار لفظة تحاكي هذا الواقع المتصور في الذهن :فيسميه الهزبر،
والليث كما مر الشجاع القوي الذي يلتاث بفريسته،
شديد العارضة ؛ وقيل ث ُ والقوة .ورج ٌل ِمْلَي ٌ يث الشدة َّ ولو رجعت ألصل كلمة ليث في العربية اللَّ ُ
ِّن اللِّياثة واللَّيث :الشجاع بيَّن اللُُّيوثة وث وإ نه لََبي ُاَألسد والجمع لُُي ٌ ُ قوي و اللَّ ُ
يث شديد ٌُّ
ٌ :
ق ب من العناكب ؛ قال :وليس شيء من الدواب مثله في ِ
الح ْذ ِ ض ْر ٌ الليث َُ وقال عمرو بن بحر :
الفهد
اَألرض وال ُ ناق
الكلب وال َع ُ والم َداراةُ ال الخ ْ ِ ِ الوثَْب ِة والتَّ ْس ِد ُِيد ِ َ ُِ
ُ ُ طف ُ وسرعة َ والخ ْتل وصواب َ
وس َّك َن َج َو ِار َحهُ ثم جمع نفسه باَألرض َ ُ طا لَطَأ الذباب ساق ً
َ عاين
وال شيء من ذ وات اَألربعُ وإ ذا َ
وَأخر الوثْب إلى وقت ِ
الغ َّرةُ وترى منه شيًئا لم َتره في فهد وِإ ن كان موصوفًا بالختل للصيد .و َّ َ َ َ
اليثَه َزايلَه م َزايلَةَ اللَّ ِ
يث َ ُ َ ُُ َ
س ِإذا ال َيثْتَهُ لَْيثِ ُّي فالنا :زاولته مزاولة ؛ قال الشاعر َ :ش ِك ٌُ ت ً وال َيثْ ُ
بالشبه بالليث .وقولهمِ : .إنه َأل ْش َجعُ من لَْي ِث الليث َأو فاخره َّ اليثَه َأي عامله معاملة ُ ويقال َ :
اَألسد
ُ ين قال َأبو عمرو :هو ِعِفِّر َُ
يعني ما تراه من المعاني التي في ذهن العرب عن وصف .أفعال تتعلق بالخفة والوثب والتسديد
والمداراة والحذق هذه المعاني وغيرها عبروا عنها بفعل حروفه فيها الالم والياء والثاء واشتقوا.
منها اشتقاقات تناسب األحوال المختلفة
22
فمنها إطالق بعض القبائل على العنكبوت الذي صفاته ما مر اسم الليث ،وبعضهم كما مر قال :و
والقوة وِإنه الليث :اَألسد ; زعم كراع َأنه مشتق من اللوث الذي هو القوة ; ليث :اللَّ ُ
يث :الشدة َّ
ِّن اللِّياثة
لََبي ُ
ث
يصبح وهو َأْلَي ُ
ِ و اللَّيث :الشجاع بيِّن اللُُّيوثة وفي حديث ابن الزبير َ :أنه كان يواصل ثالثاً ثم
دهِم وبه سمي اَألسد لَْيثاً .ويقال له :ليث ،باعتبار تلوثه بالفريسة ،وهذا ِ
َأصحابه َأي ُّ
وَأجلَ ُ
َأشدهم ْ
منظر مخيف جداً للفريسة ولإلنسان الذي يشاهدهما.
فكما ترى الصورة الذهنية عند األعراب هي التي أنزلوها على الواقع وصفا له لما في أذهانهم
من تصور أن الوصف المناسب أو االسم المناسب لهذا الواقع هو الفعل المشتق من هذه الحروف
أو غيرها
فسموا الليث ليثا ووصفوا الرجل بأنه أليث أصحابه التصافه بالصفة التي صورتها الذهنية الجلد
والشدة.
هذا شيء والواقع المحسوس شيء آخر
أي األسد أسد سواء سميته ليثا أم هزبرا هو هذا المخلوق الملك
لكن إطالق اللغات يأتي إلى الصورة الذهنية المتعلقة بهذا األسد ليرى أقرب األلفاظ التي تأتي
بالمعنى المناسب لهذه الصورة الذهنية فيضع لها االسم ويسميه بناء عليها.
فاللغات وعاء الفكر ال الفكر نفسه.
فرق بين أن تحكم أن الطعم حامض أو حلو أو أن اللون أحمر.
وبين الحمرة التي هي صفة أطلقها العرب على اللون ألنه في أذهانهم حمر لها معان ذهنية
ناسبت هذا الواقع فأطلقوه عليه
اَألحمر دون اَألبيض ؟
َ ص
ومثال :العرب تقول :امرَأة حمراء َأي بيضاء .وسئل ثعلب :لم َخ َّ
فقال َ :ألن العرب ال تقول رجل َأبيض من بياض اللون ِ ،إنما اَألبيض عندهم الطاهر ُّ
النقي من
العيوب ،فِإذا َأرادوا اَألبيض من اللون قالوا َأحمر.
فكما ترى إطالق اللغات لمعان متصورة في الذهن ال للواقع نفسه.
فأنت لو قلت امرأة حمراء ولم تكن تعلم أن العرب تعني بها البيضاء لخالفت الواقع ولكان هنالك
فرق بين حكمك على المرأة هذه ألنك تتصور اللون األحمر عند قولك بينما الواقع أنها بيضاء .أو
أن تظن الرجل أبيض في حين أن المعنى أنه طاهر.
فالفرق بين الحكم على الواقع وبين اللغة واضح جلي
من هنا قلنا أن الفكر هو الحكم على الواقع بخالف اللفظ فإنه لم يوضع للداللة على حقيقة الواقع
وال على الحكم بل وضع للتعبير عما في الذهن سواء طابق الواقع أم خالفه .
23
****************** ***************** 4
كيف تعبر العرب عن المسميات:
اللفظ في العربية إما أن يكون على الحقيقة أو على المجاز .وأغلب االستعماالت في العربية على
المجاز.
استعمل العرب للتعبير عن المسميات المصادر .التالية:
-1الحقيقة بأقسامها .الثالثة اللغوية والعرفية والشرعية
-2المجاز للتعبير عن المتخيالت والتشبيهات
-3التعريب للتعبير عن أسماء األشياء وأسماء األعالم
-4االشتقاق للتعبير عن المعاني.
الحقيقة :هي األلفاظ التي وضعت للداللة على ما في الذهن من معنى ،فإن كان اللفظ الموضوع
استعمل للمعنى الموضوع .له من أهل اللغة وهم العرب األقحاح سميت هذه الحقيقة بالحقيقة
اللغوية مثل :النزر :القليل ،،الدهمة :السواد.
وإ ن كانت األلفاظ الموضوعة استعملت لمعنى غير ما وضعت له أي نقلت من معناها اللغوي
الموضوع .إلى معنى آخر ينظر فإن كان النقل بسبب العرف أو االصطالح سميت حقيقة عرفية
مثل دابة :فقد وضعت في أصل اللغة لكل ما دب على األرض ،فتشمل االنسان والحيوان ولكن
المعنى العرفي ألهل اللغة خصصها بذوات األربع وهجر المعنى األول.
وكذلك الغائط فهو باألصل اللغوي للموضع المنخفض من األرض ثم اشتهر بالعرف للخارج
المستقذر .فاألول أي الدابة وضع لمعنى عام ثم خصص بعرف استعمال أهل اللغة ببعض
مسمياته والثاني ( .الغائط) اسم وضع لمعنى واشتهر لمعنى آخر.
والحقيقة العرفية نوعان:
-1الحقيقة العرفية اللغوية وهي ما تعارف .العرب األقحاح عليها
-2الحقيقة العرفية الخاصة التي يتعارف .عليها أهل كل علم كاصطالحات خاصة بهم مثل
اصطالح النحاة على الرفع والجر والنصب ،أو كقولنا االيمان التصديق .الجازم المطابق
للواقع عن دليل ،وهذه ليست بخاصة بالعرب األقحاح.
أما إن كان سبب النقل الشرع سميت الحقيقة بالشرعية مثل الصالة وهي في أصل اللغة الدعاء.
المجاز :أقسام المجاز:
والذي انكشف لي بالنظر .الصحيح أن المجاز ينقسم قسمين :توسع في الكالم وتشبيه
والتشبيه ضربان :تشبيه تام وتشبيه محذوف :
24
فالتشبيه التام :أن يذكر المشبه والمشبه به والتشبيه المحذوف :أن يذكر المشبه به ويسمى
استعارة وهذا االسم وضع للفرق بينه وبين التشبيه التام وإ ال فكالهما يجوز .أن يطلق عليه اسم
التشبيه ويجوز أن يطلق عليه اسم االستعارة الشتراكهما .في المعنى وأما التوسع فإنه يذكر
للتصرف في اللغة ال لفائدة أخرى وإ ن شئت قلت :إن المجاز ينقسم إلى :توسع في الكالم وتشبيه
فإن قيل: واستعارة وال يخرج عن أحد هذه األقسام الثالثة فأيها وجد كان مجازاً.
إن التوسع شامل لهذه األقسام الثالثة ألن الخروج من الحقيقة إلى المجاز اتساع في االستعمال.
قلت في الجواب :إن التوسع في التشبيه واالستعارة جاء ضمناً وتبعاً وإ ن لم يكن هو السبب
الموجب الستعالهما .وأما القسم اآلخر الذي هو ال تشبيه وال استعارة فإن النسب في استعماله هو
طلب التوسع ال غير.
جوزوا
قال الجاحظ :للعرب إقدام على الكالم ،ثقة بفهم المخاطب من أصحابهم عنهم ،كما َّ
والعض ،وأكل المال ،وإ َّنما يذهبون إلى ِّ الن ْه ِ
ش واللذع قوله :أكله األسود ،وإ َّنما يذهبون إلى َّ
لون في ُبطونِ ِه ْ.م
اليتامى ظُْلماً َّإنما يأ ُك َ
أموال َ عز َّ
وجلَّ " : اإلفناء ،كما قال اهلل َّ
أكلون ْ
الذين َي َ
إن َ
ون َسعيراً".
صلَ َ
وسَي ْ
ناراً َ
ولعلَّهم شربوا بتلك األموال األنبذة ،ولبسوا الحلل ،وركبوا الهماليج ،ولم ينفقوا منها درهما في
النار ،وإ َّنما ُأبطلت عينه.وج َّوزوا .:أ َكلَتْهُ َّ ِ
سبيل اهلل ،إنما ُأك َلَ .
وجوزوا .أيضاً أن يقولواُ :ذقت ،لما ليس ُيطعم ،وهو قول الرجل إذا بالغ في عقوبة عبدهُ :ذق، َّ
عز من ريم" وقالَّ . عز وج ّلُ " :ذ ْق َّإن َ
زيز ال َك ُ
الع ُ
أنت َ
ك َ وكيف ذقته؟ أي وجدت طعمه .قال اهلل ّ
أم ِر ِهمْ". ِ
بال ْ
صَنعون" وقال تعالى" :فَ َذاقوا َو َ وف بِما كانوا َي ْ والخ ِ
وع َ الج ِباس ُ قائل" :فأذاقها .اهللُ ل َ
رجي:
الم ُّ مت ،لغير الطعام ،كما قال َ ط ِع َ ثم قالواَ :
ط َعم ُنقاخاً وال َب ْردا
ئت لم أ ْ ت النساء ِسوا ُك ُم * وإ ن ِش ُ شئت َح َّر ْم ُ
فإن ُ
مني" يريد :ومن لم يذق طعمه. ط َعمهُ َّ
فإنهُ ِّ مني ومن ْلم َي ْ ليس ِّ قال اهلل تعالى" :فمن َش ِر ِ
ب منه َف َ َ َ
طعموني ماء ،قال الشاعر: ِ ولما قال خالد بن عبد اهلل في هزيمة له :أ ْ
ط َع َ.م الماء لما َج َّد في الهََر ِب
ش * واستَ ْ وف و ِم ْن َد َه ٍب َّل السَّراوي َ.ل ِم ْن َخ ٍ
َ
فبلغ ذلك الحجاج ،فقال :ما أيسر ما تَ َعلَّق فيه يا ابن أخي ،أليس اهلل تعالى يقول" :فَ َمن َش ِرب
مني". طعمهُ َّ
فإنهُ ِّ منه فليس ِّ
مني ومن لم َي َ
عوضةً فما فوقَها" يريد ض ِر َ
ب َمثَال ما َب َ أن َي ْ قال الجاحظ :في قوله تعالىَّ " :
إن اهلل ال َي ْستَ ْحيي ْ
فما دونها ،وهو كقول القائل :فالن أسفل الناس ،فتقول :وفوق .ذلك ،تضع قولك (فوق) مكان
ِّغر ،واهلل أعلم.
شر من ذلك .وقال الفََّراء :فما فوقها في الص َ
قولهم :هو ٌ
25
المبرد :من اآليات التي ربما َي ْغلَط في مجازها النحويون قول اهلل تعالى" :فَ َم ْن َش ِه َد ِم ْن ُك ُمقال ُ
ص ْمهُ" والشهر ال يغيب عن أحد .ومجاز .اآلية :فمن كان منكم شاهد بلدة في (الشهرَ) َّ ِ
الش ْه َر َفلَي ُ
(الشهر) للظرف ،ال
َ فليصمه ،والتقدير :فمن كان شاهدا في شهر رمضان فليصمه ،ونصب
نصب المفعول.
والمجاز قسمان :لغوي وعقلي .فاللغوي ما استفيد فهمه عن طريق اللغة وأهل اللسان بما
يتبادر إليه الذهن العربي عند اإلطالق في نقل اللفظ من معناه األولي إلى معنى ثانوي .جديد.
والعقلي ما استفيد فهمه عن طريق .العقل ،وسبيل الفطرة من خالل أحكام طارئة ،وقضايا .يحكم
بها العقل لدى إسناد الجملة.
تعريف التشبيه :لغة :هو التمثيل ،يقال :هذا مثل هذا وشبهه.
واصطالحا :ً.هو عقد مماثلة بين شيئين أو أكثر وإ رادة اشتراكهما .في صفة أو أكثر بإحدى أدوات
التشبيه ،نحو :خالد كاألسد في اإلقدام.
أركان التشبيه أربعة :عند تأمل المثال السابق نرى ّأنها:
والمشبه به :األسد؛ ووجه الشبه :اإلقدام؛ وأداة التشبيه الكاف.
ّ المشبه :خالد؛
ّ
يسميان طرفي التشبيه.والمشبه به ـ ّ
ّ المشبه
ّ األوالن ـ وهما
والركنان ّ
أقسام التشبيه باعتبار حال طرفيه :ينقسم من حيث طرفيه إلى أربعة أقسام:
الحواس الخمس :نحو:
ّ - 1تشبيه المحسوس بالمحسوس :.وهو أن يكونا مدركين بإحدى
(كأنهن الياقوت والمرجان) ،صوت المدافع كالرعد؛ عصيرها كالعسل المصفى ،وقد .يكون
المشبه واحدا من هذه األمور والمشبه به واحدا آخر ،نحو :كالمه كالماء الزالل .ويدخل في
هذا الضرب:
التشبيه الخيالي ،وهو المعدوم المؤلف من من أمور عدة يمكن إدراك كل واحد منها بالحس،
نحو:
الم َز ّر ْ.د
في خضرة النقش ُ كأن بنانــها
ـود ّ
خ ٌ
زبرجد
ْ شبك تكون من
َ سمـك من البـِلّ ْور في
فالسمك الذي من هذا الضرب والشبك الذي من هذا الصنف ال يوجدان في الواقع حتى ُيدركا
بالحواس ،ولكن هذه األجزاء منفردة موجودة ويمكن إدراكها بالحواس.
26
- 2تشبيه أمر عقلي بآخر عقلي :نحو :العلم حياة ،والعصبية جهل.
- 3تشبيه المحسوس بعقلي ،نحو قول الشاعر:
فكأنماِ .
أهدي إليه أخالقَه َأهديت عطرا مثل طيب ثنائه
ُ
وقد أدخل علماء البيان في هذا النوع:
التشبيه الوهمي ،وهو ماليس مدركا بإحدى الحواس الخمس ،لكنه لو أدرك لكان مدركا بها ،نحو
َأص ِل اْل َج ِح ِيم * َ
طْل ُعهَا َك ََّأنهُ ُرُؤ ُ
وس ِ
ما ورد في شأن شجرة الزقومِ( :إَّنهَا َش َج َرةٌ تَ ْخ ُر ُج في ْ
الشي ِ
اط ِ
ين) .وقول امريء القيس: َّ َ
ومسنونةٌ زرق .كأنياب أغوال أيقتلني والمشرفي مضاجعي.
ٍ ِ ِ ِ
- 4تشبيه العقلي بمحسوس ،نحوَ ( :وقَد ْمَنا ِإلَى َما َعملُوا م ْن َع َمل فَ َج َعْلَناهُ َهَباء َّمنثُ ً
ورا) ،ونحو:
العلم نور والجهل ظالم.
تقسيم طرفي التشبيه باعتبار اإلفراد والتركيب :ينقسم باعتبار طرفيه من حيث اإلفراد .والتركيب
إلى:
- 1تشبيه مفرد :وهو ما كان فيه الطرفان مفردين ،وهو ثالثة أقسام ،ما كان فيه الطرفان:
أ -مطلقين ،نحو :شعر كالليل؛ وجه كالبدر.
مقيدين ،نحو :العلم في الصغر كالنقش في الحجر ،ونحو قول الشاعر:
بّ -
ِ
رعشاء سيفاً صقيالً في ٍيد والشمس بين األرائك قد حكت
ج -مختلفين ،بأن يكون المقيد هو المشبه نحو:
وبال
وإ ذا األرض أمحلت كان ْ إذا األرض أظلمت كان شمسا
أو يكون المقيد هو المشبه به ،نحو:
كأنه علم في رأسه نار تأتم الهداة به
أبلج ُّ
أغر ُ
ُّ
- 2تشبيه مر ّكب بمر ّكب ،كقوله:
كأن مثار النقع فوق رؤوسنا وأسيافنا .لي ٌل تهاوى كواكبه
فالمشبه هو مجموع الغبار والسيوف المتألقة في خالله ،والمشبه به الليل الذي تتهاوى .كواكبه.
الشبه :ينقسم التشبيه باعتبار وجه الشبه الى ستة أقسام: التشبيه باعتبار وجه ّ
-1وجه شبه واحد حسي ،نحوَ ( :و ِم ْن َآياتِ ِه اْل َج َو ِار ِفي اْلَب ْح ِر َك ْ
اَألع ِ
الم) ،فوجه الشبه هنا الكبر
والضخامة.
-2وجه شبه واحد عقلي ،نحو :قوله (ص) "أصحابي .كالنجوم بأيهم اقتديتم .اهتديتم " أي في
الهداية ،ونحو :زيد كاألسد ،أي في الشجاعة.
-3وجه شبه متعدد ،حسي أو عقلي ،نحو :المصباح كالشمس (وجه الشبه الشكل واإلنارة؛ هو
شمس (وجه الشبه :اإلشراق .والعلو النباهة والرفعة).
27
-4وجه شبه مركب ،وهو ما كان وجه الشبه فيه منتزعا من متعدد ،وهو إما:
أ -مركب وحسي ،كقول الشاعر يصف الثريا:
نور
كعنقود مالحية حين ّ وقد الح في الصبح الثريا كما ترى
وجه الشبه هيئة حاصلة من اقتران أشياء مدورة بيضاء صغيرة في نظر العين على كيفية
مخصوصة ،وكقول جبار بن جزء:
الجبل
ْ لما رأيتها بدت فوق. األشل
ْ والشمس كالمرآة في كف
فوجه الشبه هنا هيئة حاصلة من شيء مشرق ذو حركة تبسط الشعاع تارة وتقيضه تارة أخرى.
وها َك َمثَ ِل اْل ِح َم ِار
ين ُح ِّملُوا التَّْو َراةَ ثَُّم لَ ْم َي ْح ِملُ َ َِّ
ب -أو مركب وعقلي ،نحو قوله تعالىَ ( :مثَ ُل الذ َ
ات اللَّ ِه) فوجه الشبه هو حرمان االنتفاع من شيء ي ْح ِم ُل َأسفَارا بِْئ س مثَ ُل اْلقَوِم الَِّذين َك َّذبوا بِآي ِ
َ ُ َ ْ ْ ً َ َ َ
عظيم النفع مع تحمل تعب استصحابه.
أدوات التشبيه :أدوات التشبيه ألفاظ تدل على المماثلة ،وهي على أقسام:
ات الطَّر ِ ِ ِ ِ
ف لَ ْم ون اْل ِجَبا ُل َكاْلع ْه ِن) (في ِه َّن قَاص َر ُْ . و(كأن)َ ( ،وتَ ُك ُ َّ - 1حروف ،مثل (الكاف)
َأي آالء َرِّب ُك َما تُ َك ِّذَب ِ ان * فَبِ ِّ ي ِْ
ان). ان * َك ََّأنهُ َّن اْلَياقُ ُ
وت َواْل َم ْر َج ُ طمثْهُ َّن ِإ ٌ
نس قَْبلَهُ ْم َوال َج ٌّ َ
ين ُح ِّملُوا َِّ ال اللُّْؤ لُِؤ اْل َم ْكُن ِ
ين * َكَأمثَ ِ ور ِع ٌ
ون) َ ( ،مثَ ُل الذ َ ْ - 2أسماء ،مثل( :مثل) و(شبه)َ ( ،و ُح ٌ.
ِ ِ
َأسفَ ًارا). التَّْو َراةَ ثَُّم لَ ْم َي ْح ِملُ َ
وها َك َمثَ ِل اْلح َم ِار َي ْحم ُل ْ
ظن وحسب وجعل ،وخال. – 3أفعال ،نحو :يحكي ويضاهى ،وأفعال .اليقين أو الرجحان مثلّ :
(وجعلنا الليل لباساً) ،وقال الرفاء يصف شمعة:
تحكي لنا قد األس ْـل مفتولـة مجدولة
كاألجل
ْ والنار فيها كأنـها عمر الفتى
وقال الشاعر:
ِ
بكوكب قمرا يكر على الرجال وتراه في ظُلم الوغى فتخاله
التشبيه باعتبار أداته :التشبيه باعتبار أداته ينقسم إلى ثالثة أقسام:
ب اللّهُ َمثَالً َكِل َمةً َ
طيَِّبةً ض َر َ
ف َ
- 1التشبيه المرسل :وهو ما ذكرت فيه األداة ،نحوَ( :ألَ ْم تََر َك ْي َ
َّماء). ِ َأصلُهَا ثَابِ ٌ َك َشجر ٍة َ ٍ
ت َوفَ ْر ُعهَا .في الس َ طيَِّبة ْ َ
- 2التشبيه المؤ ّكد :هو ما حذفت منه أداة التشبيه ،نحو قوله:
تجتليك العيون شرقا وغربا نجم في رفعة وضياء
أنت ٌ
وفي .اللقاء إذا تلقاهم ُب ْه ُم عطاء حين تسألهم
ً هم البحور
المشبه به.
ّ ويسمى (مؤ ّكداً) إليهامه أن الم ّشبه عين
-3التشبيه المجمل :ماحذف .منه وجه الشبه ،نحو:
ـار جلته حدائد الضر ِ
اب وكأن الشمس المنيرة دينـ
ّ
ّ
28
-4التشبيه البليغ :وهو ما حذفت منه أداة التشبيه ووجه الشبه ،وسمي .بليغا لما فيه من مبالغة في
َأصِل ُحوا َب ْي َن َ
َأخ َو ْي ُك ْ.م)َ ( ،و َج َعْلَنا اْللَْي َل ون ِإ ْخ َوةٌ فَ ْ
اعتبار المشبه عين المشبه به ،نحوِ( :إَّن َما اْل ُمْؤ ِمُن َ
اسا) ،وقول .الشاعر المتنبي: ِ
لَب ً
مام
الغ ُ وأنت َ الربا َ نبت ُّ
نحن ُ مام
أزمعت ّأيهذا الهُ ُ
َ أين
ومنه ما أضيف فيه المشبه به إلى المشبه ،نحو:
جين ِ
الماء ِ
األصيل على لُ ْ ذهب والريح تَ ْعبث بالغصون وقد .جرى
ُ
أي جرى األصيل الذي كالذهب في الصفرة على الماء الذي كاللجين (الفضة) في البياض
والصفاء ،ومثله :استعن بمصابيح آراء الرجال.
تقسيمات أخرى للتشبيه
ينقسم (التشبيه) باعتبار تعارفه وعدم تعارفه إلى ثالثة أقسام:
تقدم من التشبيه المتعارف عليه ،مما ليس ضمنيا وال مقلوبا.
- 1التشبيه الصريح ،وهو ما ّ
- 2التشبيه الضمني ،وهو ما لم يصرح فيه بأركان التشبيه على الطريقة المعلومة ،بل ُيفهم من
معنى الكالم ،نحو :قول الشاعر:
ـالم
بميت أي ُ
رح ّما ِل ُج ٍ الهوان عليه
ُ من يهُ ْن يسهل
وقول أبي العتاهية:
اليَبس
إن السفينةَ ال تجري على َ
ّ تسلك مسالكها
ترجو .النجاةَ ولم ْ
وقول ابن الرومي:
أليم
ونزعهن ُ
ّ و ْقعُ السهام أعرضت
ْ نظرت وإ ْن هي
ْ إن
وياله ْ
أتم وأظهر من
الدعاء أن المشبه ّ
مشبهاً بهّ ،
المشبه ّ
ّ - 3التشبيه المقلوب :وهو ما يجعل فيه
المشبه به ،كقول البحتري في وصف .بركة:
ّ
يد الخليفة لماّ سال واديها.
لجت في تدفّقهاُ
كأنها حين ّ
ّ
محاوالً إيهامنا بأن يد الخليفة أقوى تدفّقاً بالعطاء من تدفق البركة بالماء.
متدح
وجه الخليفة حين ُي ُ كأن غرته
وبدا الصباح ّ
ومنه قول اآلخر:
الحليم ِ
أح ُّن لهم ودونهم .فالةٌ
صد ُر َ
سيحهاْ .
كأن فَ َ
29
ِ ب َّ ِ
الن ِارِ ،ر ُ
يق سان َّ
أنف الباب ،ل ُ
أنف الجبلُ ،الشمسُ ، النار ،عين الماء ،حا ِج ُ رأس المال ،وجهُ َّ ُ
ساق َّ
الش َج َر ِة. َّماءُ ، ناح الطَّري ِ
قَ ،كبِ ُد الس ِ
هرَ ،ج ُ الم ْز ِنَ ،ي ُد َّ
الد ِ ُ
صرها ،فَسا وب ِ مروا بين سنع األرض َ عامتهمُّ ، صاه ْم ،شالَت َن َ ت َع ُ فرقْ :ان َشقَّ ْ وكقولهم في التَّ ُّ
بينهم الظِّربان. َ
طيس، ِ ِ َّ ِ ِ
الو ُ ب عن ساقها ،أبدى الش ُّر عن ناج َذيهَ ،حم َي َ الح ْر ُ
وكقولهم في اشتداد األمرَ :ك َشفَت َ
رب.
الح ُ ت رحى َ دار َْ
ُّب ِح
يف الص ْ ب بِ َعمودهُ ،س َّل َس ُ ض َر َالص ْب ُح عن نوا ِج َذهَُ ، العلويَّة :افتََّر ُ وكقولهم في ذكر اآلثار ُ
انحطَّ ِق ْندي ُلسر ِه ،وهي نطاق الجوزاءَ ، ُّبح بِ ِّ
باح الص ُ ُّبح في قفا الليلَ ، من غمد الظالمَ ،ن َع َر الص ُ
َّ ِ
هير ِةَ ،ب َق َل َّ ِ َّ َّ الثُريَّاّ ،ذ َّر قرن َّ
النهار ،ترحَّلت الشمسَ ،ر َمت الشمس بِ َج َمرات الظ َ الشمس /ارتَفع َّ ْ َ
الشمس رأس الليل ،لَبِ َست َّ شاب ُ الجوَ ، ق ِّ رايات الظَّالمَ ،ن َّورت حداِئ ُ ُ ت النهارَ ،خفَقَ ْ وجهُ َّ
انح َّل ِع ْق ُد السَّماءَ ،و َهى ِعقد األندادْ ،انقَ َ
ط َع البرقَ ، ق َقلب َ الرعدَ ،خفَ َ ِجلبابها ،قام َخطيب َّ
جيش
آن أن َي َ الحرَ ، ي سلطان ِّ األرض ،قَ ِو َ
ُ سيم ،تََب َّر َجت
الن ُ الربيع ،تَ َعطَّ َر َّ الغمام ،تَنفَّ َس َّ ِشريان َ
الشمس الميزان، ريفَ ،حلَّت َّ الخ ِ يوش َ ويثور قَ ْسطُلُهْ ،ان َح َس َر ِقناع الصَّيف ،جا َشت ُج ُ َ. ِم ْر َجلُهُ،
ق ال ِج ِ ِ قارب البر ِد ،أقدم ِّ
عبوس
ٌ بال ،يوم شابت َم ِ
فار ُ الشتاء بِ َكْل َكلهَ ، َ الزمان ،دبَّت َع ُ وع َدل َّ َ
الز ْمهَرير.. ناب َّ كشر عن ِ َّ
طريرَ .، قَ ْم َ
الشيب عنوان الموت، ياةَّ ،الشباب باكورةُ الح ِ الروحَّ ، ذاء ُّ األد ِ
َ َ بغ ُ وكقولهم في محاسن الكالمُ َ :
تاح سوس المالَّ ، الشتاءِ ، النار فاكهة ِّ َّ
الحي ،الصَّبر م ْف ُ ِّ كيمياء الفََرح ،الوحدة قَبر النبي ُذ ْ ُ العيال
الربيع النعيمَّ ، نسيم َّ اإلرجاف َز ُ ِ ِ ُّ الدين داء الكرمَّ ، الفََرجَّ ،
كر ُ ند الفتنة ،الش ُ ُ. الشر،
جسر ِّ الن َّمام ُ
المروءة. ِّ الروحَّ ، شباب َّ
لسان ُ
الشمس قَطيفَةُ المساكين ،الطيب ُ ِ ريحانةُ
َ الزمان ،الولَ ُد ُ
ال شك أن قوما بلغوا بحسن لغتهم هذا المبلغ ،ال شك أن تحديهم بأعظم ما في هذه اللغة لهو
االعجاز ،وال شك أن هذا البيان الساحر هو أعظم نتاج للعقل البشري ،وإ ال فما الطائرة أمامه،
وما ركوب القمر ،وما اللقاح وما األمصال ،وما األهرامات وما الناطحات ،وإ ال فكيف تفسر أن
"الرحمن علم القرآن خلق االنسان علمه البيان"؟؟؟ أو لم يقدم البيان لعلو شأنه على النجم
والشجر والشمس والقمر؟؟ فما بالكم بمن فهم بعقله بعضا من الحقائق المتعلقة بالشمس
والقمر؟؟ أيرقى علمه الهزيل هذا إلى وزن اللغة العربية بعلومها وفنونها؟ ببالغتها ونحوها
وصرفها؟ باتساعها وعلو شأنها؟ بقدرتها على التصوير وعلى نقل األخيلة بأرقى صورة وأقل
عبارة من الواقع إلى الدماغ ( القالب) ومن الدماغ إلى الواقع (الفكر)!!
من هنا نفهم سر كون الحق سبحانه اختار العربية موطنا لتحديه الخلق كلهم!!
فهذا أعظم ما أنتجه العقل البشري!!
30
المجاز :لغة من أجاز الموضع أي خلفه وقطعه وفي .االصطالح :استعمال كلمة في غير ما
وضعت له لقرينة مانعة من استعمال المعنى الموضوع مع وجودعالقة بين المعنى المستعمل
والمعنى الموضوع بشرط .أن ال تكون هذه العالقة المشابهة.
فإن كانت العالقة المشابهة فإنه يسمى االستعارة :لغة بمعنى طلب الشيء عارية ،يقال (استعار
الكتاب) أي طلبه عارية.
والبد في (االستعارة) من عدم ذكر وجه الشبه ،وال أداة التشبيه ،بل الالزم ادعاء أن المشبه عين
ّ
يسمى( :استعارة)
المشبه به ،،والحاصل :أن كل مجاز يبنى على التشبيه بدون االداة ووجه الشبه ّ
ّ
.وهي أنواع:
-1االستعارة التصريحية وهي التي يصرح فيها بالمشبه به :مثل أنت أسد
أو ما استعير فيها لفظ المشبه به للمشبه ،ومثالها من القرآن الكريم قوله تعالى:
الن ِ
ور.)... ك ِلتُخرج الناس ِمن الظُ ِ
لمات إلى ُّ ( ِك ٌ
تاب أنزلناهُ إلي َ
َ َ َ
ففي هذه اآلية استعارتان في لفظي :الظلمات والنور .،ألن المراد الحقيقي دون مجازهما.
اللغوي هو :الضالل والهدى ،ألن المراد إخراج الناس من الضالل إلى الهدى ،فاستعير
للضالل لفظ الظلمات ،وللهدى لفظ النور ،لعالقة المشابهة ما بين الضالل والظلمات.
وهذا االستعمال _كما ترى _ من المجاز اللغوي ألنه اشتمل على تشبيه حذف منه لفظ
المشبه ،وأستعير .بدله لفظ المشبه به ،وعلى هذا فكل مجاز من هذا النوع يسمى "استعارة".
ولما كان المشبه به مصرحاً .بذكره سمي هذا المجاز اللغوي ،أو هذه االستعارة "استعارة
تصريحية" ألننا قد صرحنا .بالمشبه به ،وكأنه عين المشبه مبالغة واتساعاً في الكالم.
-2االستعارة المكنية وهي ما حذف المشبه به منها ورمز .إليه بشيء من لوازمه:
ألفيت كل تميمة ال تنفع وإ ذا المنية أنشبت أظفارها
شبه المنية بالحيوان المفترس وأبقى شيئا من لوازمه وهو نشب األظفار.
ضحك المشيب برأسه فبكى سلم من رجل
ال تعجبي يا ُ
وأظهر من ذلك في الداللة قوله تعالى( :والصُّبح إذا تََنفَ َس).
فالمستعار .منه هو اإلنسان ،والمستعار له هو الصبح ،ووجه الشبه هو حركة اإلنسان وخروج.
النور ،فكلتاهما حركة دائبة مستمرة ،وقد .ذكر المشبه وهو الصبح ،وحذف المشبه به وهو
اإلنسان ،فعادت االستعارة مكنية.
ج -االستعارة التخييلية :وهي أن يستعار لفظ دال على حقيقة خيالية تقدر في الوهم ،ثم تردف.
بذكر المستعار له إيضاحاً لها أو تعريفاً لحالها.
ومثال ذلك من القرآن الكريم كل اآليات التي يتوهم منها التشبيه ،أو يتخيل فيها التجسيم تعالى
كيف يشاء.)...
نفق َ ِ
وطتان ُي ُبس
اهلل عن ذلك علواً كبيراً .فقوله تعالىَ( :بل َيداهُ َم ُ
31
بيدي.)...
قت َّ ك .)...وقوله تعالىَ ( :خلَ ُ
ويبقى َوجهُ َرّب َ
وقوله تعالىَ ( :
كلها استعارات تخييلية ،إذ تخيل اليد والوجه بالنسبة إليه تعالى إنما يصح على جهة االستعارة
ال االستعمال الحقيقي ،كما أن القرينة المانعة من الحقيقة هي آيات التنزيه.
وقوله <إن الحسنات يذهبن السيئات> ثم في الدرجة الثانية تمحو الخطيئة لخبر :اتبع السيئة
الحسنة تمحها ،ثم في الثالثة تطفئ الخطيئة لمقام الحكاية عن المباعدة عن النار فلما وضع
الخطيئة موضع النار على االستعارة المكنية اثبت لها على االستعارة التخييلية ما يالزم النار من
اإلطفاء لتكون قرينة مانعة لها عن ارادة الحقيقة.
د -االستعارة التمثيلية :وهي المجاز المركب أو اللفظ المركب المستعمل في شبه معناه األصلي
ويكون وجه الشبه فيه منتزعا من أمور متعدده مركبة بحيث تدخل المشبه في جنس المشبه به
فتذكر بلفظها بغير تغيير حتى إذا اشتهرت أصبحت مثال كقولهم للمتردد :أراك تقدم رجال
وتؤخر .أخرى.
فكرهتموه) ،فقد شبهت حال من تناول عرض رجل من ميتاً يأكل لحم ِ
أخيه ْ ( ُأي ِح ُّ
ُ أن َ َ أحد ُكم ْ
ب ُ
أصحابه بالغيبة كحال من شرع في أكل لحم أخيه الميت ،بجامع الشناعة والفظاعة المتعلقة في
هذين الفعلين.
هـ -االستعارة التهكمية :هي ما ُن ّزل فيها التضاد منزلة التناسب ألجل التهكم واالستهزاء ،نحو:
اب َِأل ٍيم) استعير .التبشير يل اللّ ِه فََب ِّش ْر ُهم بِ َع َذ ٍونها ِفي سبِ ِ
َ
ِ
ضةَ َوالَ ُينفقُ َ َب َواْل ِف َّ َّ
ون الذ َه َ
ِ
ين َي ْكن ُز َ
َِّ
( َوالذ َ
(وهو اإلخبار بما يسر) لإلنذار وهو اإلخبار بما يسوء لغرض السخرية .وقال .قوم شعيب له
َأم َو ِالَنا َما ِ
ك َما َي ْعُب ُد َآباُؤ َنا َْأو َأن َّن ْف َع َل في ْك َأن َّنتْ ُر َ
ْأم ُر َ
ك تَ ُ
َأصالَتُ َ
ب َ على سبيل السخريةَ( :يا ُش َع ْي ُ
والغي (الذي ظنوه به جهال) حلما ورشدا. ّ يد) .شبهوا السفه الر ِش ُ يم َّ ك َ ِ
َأَلنت اْل َحل ُ َن َشاء ِإَّن َ
أركان اإلستعارة
لإلستعارة أركان ثالثة:
المشبه به.
ّ 1ـ المستعار .منه ،وهو
-2المستعار .له ،وهو المشبه ،ويقال لهذين( :طرفا اإلستعارة) .
-3المستعار ،.وهو اللفظ المنقول.
ففي (رأيت أسداً يرمي) المستعار منه :الحيوان المفترس ،والمستعار .له :زيد ،والمستعار :لفظ
أسد.
أقسام اإلستعارة
إن اإلستعارة تنقسم باعتبار ما يذكر من طرفي .اإلستعارة إلى ما يلي:
ثم ّ
ويسمى( :استعارة تصريحية) ،نحو( :فأمطرت لؤلؤاً
ّ 1ـ أن يذكر في الكالم لفظ المشبه به فقط،
من نرجس ) ...فاللؤلؤ :الدمع ،والنرجس :العين.
32
ويسمى( :استعارة
ّ 2ـ أن يذكر في الكالم لفظ المشبه فقط ،ويؤتى ببعض لوازم المشبه به.
شبه المنية
بالكناية) وسمي .الالزم (استعارة تخييلية) كقوله( :وإ ذا المنية انشبت أظفارها) فإنه ّ
بالسبع ،وأثبت لها بعض لوازم .السبع وهو الظفر ،فالمنية :استعارة بالكناية ،واألظفار :استعارة
تخييلية.
ومنه يظهر :تالزم اإلستعارة بالكناية مع اإلستعارة التخييلية.
االستعارة باعتبار المستعار له
تنقسم (االستعارة) باعتبار (المستعار له) الى قسمين:
حساً :كاألسد المستعار .للشجاع ،أو
التحقيقية :وهو ما كان المستعار له محققاً ّ
ّ 1ـ االستعارة
عقالً :كالصراط .المستقيم المستعار للدين.
حساً،
2ـ اإلستعارة التخييلية :وهو ما كان المستعار له موهوباً ،غير محقق ،ال عقالً وال ّ
كاالظفار المستعارة للمنية.
اإلستعارة باعتبار اللفّظ المستعار
تنقسم (اإلستعارة) باعتبار اللفظ المستعار .إلى ثالثة أقسام:
1ـ ما كان لفظ المستعار .إسماً لذات :كالبدر .للجميل ،أو اسماً لمعنى :كالقتل للضرب الشديد،
وتسمى اإلستعارة (أصلية).
2ـ ما كان لفظ المستعار .فعالً ،أو اسم فعل ،أو اسماً مشتقّاً ،أو اسماً مبهماً ،أو حرفاً ،.وتسمى
االستعارة( :تصريحية تبعية).
3ـ ما كان لفظ المستعار .اسماً مشتقّاً ،أو اسماً مبهماً ،وتسمى هذه االستعارة( :تبعية مكنية)
وهذا داخل في القسم الثاني.
اإلستعارة العنادية والوفاقية
ثم أن االستعارة المصرحة تنقسم باعتبار الطرفين إلى قسمين:
1ـ العنادية ،وهي التي ال يمكن اجتماع طرفيها في شيء واحد ،لتعاندهما ،كاجتماع الهدى
والضالل ،والنور .والظالم.
2ـ الوفاقية ،وهي التي يمكن اجتماع طرفيها في شيء واحد ،لتوافقهما ،كاجتماع النور والتقى،
والحياة والهداية.
فإن
ومثال االثنين :العنادية والوفاقية ،قوله تعالى( :أو من كان ّم ْيتاً فأحييناه) أي :ضاالً فهديناهّ ،
في هذه اآلية استعارتين هما:
أ -استعارة الموت للضالل الشتراكهما .في عدم االنتفاع ،وهي عنادية لعدم امكان اجتماع
حي.
ألن الضا ّل ّ
الموت مع الضالل الذي ال يكون إال في الحي ّ
33
وفاقية إلمكان اجتماع اإلحياءب -استعارة اإلحياء للهداية الشتراكهما في ثبوت االنتفاع ،وهي ّ
ول ِإ َذا َد َعا ُكم ِل َما ُي ْحيِي ُك ْم".
استَ ِج ُيبوْ.ا ِللّ ِه وِل َّلرس ِ
َ ُ آمُنوْا ْ
ين َ
َِّ
والهداية"َ ،،.يا َأيُّهَا الذ َ
أقسام االستعارة العنادية
ان االستعارة العنادية على قسمين:
ثم ّ
ّ
ضده أو نقيضه ،كقوله( :رأيت
1ـ التمليحية :بأن يستعمل اللّفظ الموضوع لمعنى شريف .في ّ
أسداً) وهو يريد :جباناً.
ينزل التضاد منزلة التناسب ،نحو قوله تعالىِّ ( :
فبشرهم .بعذاب أليم) أي: 2ـ التهكمية :بأن ّ
ضده على سبيل التهكم واإلستهزاء.
أنذرهم ،فاستعيرت .البشارة لإلنذار الّذي هو ّ
اإلستعارة باعتبار الجامع
وتنقسم اإلستعارة المصرحة باعتبار الجامع إلى قسمين:
1ـ عامية ،وهي المعلومة لدى كل أحد ،نحو( :رأيت أسداً يرمي) والجامع بين الطرفين واضح
وهي الشجاعة.
وتأمل ،نحو:
2ـ خاصية ،وهي التي تحتاج الى فكر ّ
ـاب المال
تبسم ضاحكاَ غلقـت لضحكته رقـ ُ
مر الرداء إذا ّ
ّغ ُ
ساترية الكرم كالرداء عرض
ّ بالتأمل فيه وهي
ّ والجامع بين الطرفين غير واضح يعرف
صاحبه ،أي أن كرمه يستر معايبه.
اإلستعارة باعتبار المالئمات
وتنقسم اإلستعارة باعتبار ذكر مالئم المستعار .منه أو مالئم المستعار .له ،وعدم ذكرها ،إلى
ثالثة أقسام:
1ـ المطلقة ،وهي مالم تقترن بما يالئم أحدهما ،أو اقترنت بما يالئمهما معاً.
فاألول ،نحو قوله تعالى( :ينقضون عهد اهلل) .
والثاني ،نحو:
ـبد أظفــاره لـم تقلـَّم
لدى أسد شاكي السالح مق ّذف لـه ل ٌ
فشاكي السالح للرجل ،وله لبد ـ الخ ـ لألسد.
َّ
المرشحة ،وهي ما قرنت بمالئم المستعار .منه ،نحو( :أسد له لبد أتاك.).. 2ـ
المجردة ،وهي ما قرنت بمالئم المستعار .له ،نحو( :أسد شاكي السالح.)..
ّ 3ـ
المجاز المركب باإلستعارة
تقدم أن المجاز إما مرسل وإ ما استعارة ،وكل واحد منهما إما مفرد أو مر ّكب ،وسبق .الكالم
حول المفرد من االستعارة ،وسنتكلم .عن المركب من االستعارة هنا.
34
والمجاز المر ّكب باإلستعارة التمثيلية :هو الكالم المستعمل في غير معناه الموضوع .له ،لعالقة
بالمتردد .في السير ،وقولهم
ّ وتؤخر أخرى) تشبيهاً
ّ تقدم رجالً
للمتردد( :أراك ّ
ّ المشابهة ،كقولهم
لمن يريد أن يعمل ما ال يقدر عليه وحد( :اليد ال تصفّق وحدها) تشبيهاً .له باليد الواحدة.
هذا في النثر ،وفي الشعر أيضاً ورد ذلك نحو قوله:
إذا جاء موسى .وألقى العصى فــقد بطل السحـر والساحــر
ونحو قوله:
متـى يبلغ البنيان يوماً تمامـه إذا كـنت تبنيه وغيـرك هادم
التمثيلية وشاع كان مثالً ،فال يغيَّر مطلقاً ،وإ نما يخاطب به المفرد
ّ وإ ذا كثر استعمال اإلستعارة
أي تغيير.
والمذ ّكر وفروعهما بلفظ واحد ،دون ّ
35
ز -تسمية الحال باسم المحل :فليدع ناديه /واسأل القرية التي كنا فيها
ح -تسمية المحل باسم الحال " :وأما الذين ابيضت وجوههم .ففي رحمة اهلل" أي في الجنه وهي
المحل والرحمة حالة فيها( .أرى سواداً من بعيد) ،فإن المراد الذات ،والسواد .حا ّل.
ط -الحذف" :إن الذين يؤذون اهلل ورسوله" :أي يؤذون أولياء اهلل
ي -وضع لفظ مكان غيره للمجاورة :تسمية الشيء باسم غيره للمجاورة قولهم .للسقا الراوية
والراوية اسم الجمل الذي يحمل عليه السقا الماء( ،كلمت الجدار) أي الجالس بجنبه.
ِ
مجاوره ،نحو قول عنترة: المجاورة ،استخدام .لفظ دال على شيء معين ليدل على
الكريم على القنا بِ ُم َّ
حرِم ُ ليس ثيابهُ
ت بالرمح األصم َ ف َش َك ْك ُ
عبر بالثياب عما يليها من الجسد أو القلب.
ك -اآللية ،بأن يستعمل اآللة في المسبب منها ،قال تعالى( :واجعل لي لسان صدق في
اآلخرين) بمعنى الذكر الحسن ،فإن اللسان آلة للذكر ،والقرينة :ان اللسان ال يبقى ،وال ينفع
بمجرده.
الميت ّ
ل -الالزمية ،بأن يستعمل الالزم في الملزوم ،نحو( :طلع الضوء) حيث يراد به الشمس.
م -الملزومية ،بأن يستعمل الملزوم في الالزم ،نحو( :جلست في القمر) أي في ضوئه.
المقيد في المطلق ،نحو( :مشفر زيد مجروح) فإن (المشفر) في
ن -المقيدية ،بأن يستعمل ّ
اللغة :شفة البعير ،فاستعمل في مطلق الشفة ،ثم نقل إلى شفة اإلنسان وهو زيد.
المقيد ،نحو( :تحرير رقبة) أي رقبة مؤمنة.
ص -المطلقية ،بأن يستعمل المطلق في ّ
ع -العمومية ،بأن يستعمل العام في الخاص ،قال تعالى( :الذين قال لهم الناس) والمراد عبد اهلل
بن مسعود.
ف -الخصوصية ،بأن يستعمل الخاص في العام ،نحو( :جاءت قريش) فإن المراد القبيلة ،مع
لجدهم.
أن قريش َعلَم ّ
(اَألول) أعم من القريب
س -المجاز بالمشارفة ،وهو كالمجاز باَألول إال أن الفرق بينهما كون ْ
والبعيد ،و(المشارفة) لخصوص القريب ،قال صلى اهلل عليه وآله وسلم( :من قتل قتيالً فله
الميت).
سلبه) فإن القتيل ال ُيقتل ،وإ نما المراد المشرف على القتل ومثله( :إذا مات ّ
ق -البدلية ،بأن يستعمل البدل في المبدل منه ،كقوله
تيممنا بماء المزن حتى فـ ــقدنـاه فقمنا للتراب
َّ
التيمم بدل عن الوضوء ،والوضوء .مبدل منه ،فاستعمل البدل في المبدل
فإن ّ توضيناّ .،
ّ والمراد:
منه.
ر -المبدلية ،بأن يستعمل المبدل منه في البدل ،كقولهم( :أكل فالن الدم) يريدون .الدية ،فإن الدم
مبدل منه.
36
ش -اطالق المصدر على اسم الفاعل ،كقوله:
سير ذهب ــت لنحوه الستبرء االخبار من أهل كوفان
ولما بدا ٌ
فالمراد بالسير :السائر.
ت ـ اطالق المصدر على اسم المفعول ،كقوله تعالى( :هذا خلق اهلل) أي مخلوقه.
ض ـ اطالق اسم الفاعل على المصدر ،قال تعالى( :ليس لوقعتها كاذبة) أي :تكذيب.
غ ـ اطالق اسم الفاعل على اسم المفعول ،قال تعالى( :ال عاصم اليوم من أمره اهلل) أي ال
معصوم.
ث ـ اطالق اسم المفعول على اسم الفاعل ،قال تعالى( :حجاباً مستوراً) أي ساتراً.
ذ ـ اطالق اسم المفعول على المصدر ،.كقوله( :بمنصور .النبي على االعادي )...أي بمثل نصرة
النبي (صلى اهلل عليه وآله وسلم) على أعاديه.
وال يخفى ان في بعض االمثلة مناقشة ،كما أن العالقة التنحصر .فيما ذكروا ،بل كلما استحسنه
الطبع جاز استعماله.
وهنالك المجاز العقلي :وهو إسناد الفعل لغير فاعله الحقيقي لغرض بالغي كقولنا :جمع أبو بكر
القرآن .والمجاز العقلي على قسمين:
األول :المجاز في اإلسناد ،وهو إسناد الفعل أو ما في معنى الفعل إلى غير من هو له ،وهو
على أقسام ،أشهرها:
المسرة واالساءة إلى
ّ سره زمن ساءته أزمان) فإن إسناد
1ـ اإلسناد إلى الزمان ،كقوله( :من ّ
الزمان مجاز ،إذ المسيء هو بعض الطواريء .العارضة فيه ،ال الزمان نفسه.
فإن إسناد الجري
2ـ اإلسناد إلى المكان ،نحو قوله تعالى( :وجعلنا األنهار تجري من تحتهم) ّ
إلى األنهار مجاز ،باعتبار مائها.
فإن األمير سبب بناء المدينة ال أّنه بناها بنفسه.
3ـ اإلسناد إلى السبب( :بنى األمير المدينة) ّ
(ج َّد) ُأسند إلى 4ـ اإلسناد إلى المصدر ،.كقوله( :سيذكرني .قومي إذا َج َّد ِج ّدهم) ّ
فإن الفعل َ
الجاد.
ّ ألن الفاعل األصلي هو المصدرِ :
(ج ّدهم) مجازاًّ ،
اإلضافية نحو:
ّ الثاني :المجاز في النسبة غير اإلسنادية ،وأشهرها .النسبة
فإن نسبة الجري إلى النهر مجاز باعتبار اإلضافة إلى المكان.
ي األنهار) ّ
(ج ْر ُ
1ـ َ
فإن نسبة الصوم .إلى النهار مجاز باعتبار اإلضافة إلى الزمان.
(صوم النهار) ّ
ُ 2ـ
فإنه مجاز باعتبار اإلضافة إلى السبب.
البين) ّراب َ
(غ ُ
3ـ ُ
4ـ (اجتهاد ِ
الج ّد) مجاز باعتبار اإلضافة إلى المصدر..
ونالحظ في جميع أنواع المجاز ال بد من أن تصحبه قرينة تمنع إرادة المعنى األصلي.
37
المجاز المر ّكب المرسل
تقدم أن المجاز إما مرسل وإ ما استعارة ،وكل واحد منهما إما مفرد أو مر ّكب ،وسبق .الكالم
حول المفرد منهما ،والمركب من االستعارة وبقي المر ّكب من المرسل.
فالمجاز المرسل المركب :هو الكالم المستعمل في غير المعنى الموضوع .له ،لعالقة غير
المشابهة ،ويقع في المركبات الخبرية واإلنشائية ،ألغراض أهمها:
التحسر على ما فات
ّ ام )..فإنه خبر أريد منه انشاء
األي ُ
التحسر ،كقوله( :ذهب الصِّبا وتولّت ّ
ّ 1ـ
من شبابه.
مني ) ...اظهاراً للضعف.
العظم ّ
ُ رب ّإني وهن
2ـ اظهار الضعف ،قال تعالىّ ( :
3ـ اظهار السرور ،قال تعالى( :يا ُبشرى .هذا غالم).
السوي) .
ّ 4ـ الدعاء ،كقوله( :هداك اهلل للسبيل
5ـ اظهار عدم اإلعتماد ،قال تعالى( :هل آمنكم عليه إالّ كما أمنتكم على أخيه)
38
كناية عن أنه يضرب النساء أو أنه يضرب في األرض وال يستقر بمكان.
ثم إن الكناية عن الصفة تكون على قسمين:
1ـ قريبة ،وهي التي ال يحتاج اإلنتقال فيها إلى اعمال روية وفكر ،لعدم الواسطة بينها وبين
المطلوب .
2ـ بعيدة ،وهي التي يحتاج اإلنتقال فيها إلى اعمال روية وفكر .،لوجود الواسطة بينها وبين
المطلوب.
فمثال األول( :طويل النجاد) فإن النجاد حمائل السيف ،وطوله يستلزم .طول القامة بال واسطة.
ألن كثرة الرماد مالزمة
ومثال الثاني( :كثير الرماد) فكثرة الرماد تستلزم .الكرم لكن بواسطةّ ،
لكثرة اإلحراق ،وهي مالزمة لكثرة النار والطبخ ،وهي مالزمة لكثرة الضيوف ،وهي مالزمة
للكرم ،المقصود
تنقسم الكناية باعتبار اللوازم والسياق .إلى أربعة أقسام:
1ـ التعريض ،وهو أن يطلق الكالم ويراد معنى آخر يفهم من السياق تعريضاً .بالمخاطب،
تم العقل نقص الكالم).
كقولك للمهذار( :إذا ّ
2ـ التلويح ،وهو أن تكثر الوسائط .بدون تعريض ،نحو( :كثير الرماد) و( وجبان الكلب)
و(مهزول الفصيل).
3ـ الرمز ،وهو أن تقل الوسائط مع خفاء في اللزوم .بدون تعريض ،كقولهم( :فالن متناسب
األعضاء) كناية عن ذكائه ،إذ الذكاء الكثير في الجسم المتناسب ،وقولهم( :هو مكتنز اللّحم)
قوته وشجاعته.
كناية عن ّ
4ـ اإليماء وهو أن تقل الوسائط ،مع وضوح .اللزوم بال تعريض ،كقوله:
ُاليمـن يتبــع ظلـه والمجد يمشي في ركابه
39
إنك تستطيع .من خالل التشبيه تكييف النص األدبي نحو المعنى المراد ،دون توقف .لغوي ،أو
معارضة بيانية ،مسيطراً على الموقف من خالل تصورك لما تريد إمضاءه من حديث ،أو إثباته
من معنى.
يض رف ِع ٌ
ين َّ
كأنهُ َّن َب ٌ قاصرات الطّ ِ
ُ ﴿و ِع َ
ند ُهم أ_ أما في الترغيب فانظر إلى قوله تعالىَ :
مكنون﴾.
ٌ
أال ترى ما في الوصف .والتشبيه في هاتين اآليتين من التراصف ،وإ ثارة النفس ،نحو التعليق بمن
تتحقق فيه هذه األوصاف التي تطمئن إليها الروح ،وتهش لها النفس ،ويتطلع .إليها الفكر مع نقاء
الصورة ،ولطف .االستدراج ،ورقة الترغيب المتناهي ،فقد وصف نساء أهل الجنة بحسن العيون
الناظرة إلى أزواجها فحسب عفة وخفراً وطهارة ،وشبههن بالبيض المكنون على عادة العرب
في وصف وتشبيه من اشتد حجابه ،وتزايد .ستره ،بأنه في كن عن التبرج ،ومنعة من االستهتار.
ب_ وأما في التنفير ،فتزداد .النفس عزوفاً ،وتتوارى .عن الصورة المتخيلة أو المتجسدة نفوراً،
وقد شبهت بما هو أقبح منها ،حتى تبدو االستهانة واضحة واالشمئزاز منها متوقعاً ،مضافاً .إلى
الهلع والرعب والتطير .الذي توجده هذه الصورة الشديدة ،وإ ن شئت فانظر .إلى قوله تعالى:
كالرميم﴾. عاد إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم ،ما تَ َذر ِمن ٍ
شيء أتت عليه إال جعلتهُ َّ ﴿وفي ٍ
ُ َ ُ
سترى كيف ازدادت عندك الحالة المتصورة سوءاً .وكيف .نفر منها طبعك نفوراً ،فما هو شأن
_عز
هذه الريح المشؤمة التي جاءت بعذاب االستئصال؟ .وما هي خصائصها التي أوجدها اهلل ّ
وج ّل _ وسخرها للهالك التام المدمر حتى عاد كل شيء أتت عليه كالورق الجاف المتحطم .نظراً
لشدة عصفها ،وسرعة تطايرها ،وخفة مرورها..
وإ ضافة إلى ما تقدم نلمس في تشبيهات القرآن ،وهي الذروة في تشبيهات اللغة العربية الكريمة،
المحاكاة في األمور .المحسوسة ،والمماثلة في اإلدراكات المشاهدة ،ألن في التصوير .الحسي،
والتشبيه في المشاهدات ،انتقاالً من األمور .الذهنية الصرفة إلى العيان والنظر ،وانصرافاً .من
القضايا العقلية المحضة إلى انعام الحواس بما تدركه دون جهد عقلي في تصور .أمر مفروض،
أو معنى ذهني مجرد ،ال يتحقق مصداقه في الخارج إال بما هو حسي ،فيزول_ .عندئذ _
الغموض واإلبهام ،وتدرك .في ضوء ذلك حقائق األشياء.
إذ الصورة التي يكدح العقل ويكد الذهن في استخراج أجزائها وربط .عالقاتها ،تكاد تكون بعيدة
عن الدائرة الفنية للتشبيه ،ألن إدراك المعقوالت بعملية عقلية خالصة ،ال يكون من اليسر
طي
السماء َك َ
َ وم َنطوي
﴿ي َ
كإدراكها بالحسيات المشاهدة ،وإ ن شئت فانظر إلى قوله تعالىَ :
الس ِ
جل لل ُكتُ ِب﴾. ّ
فاآلية ناظرة إلى تجديد الخلق للجزاء ،وبعثهم يوم القيامة ،وإ عادتهم بعد إفنائهم ،فهذه السماء
40
المشاهدة النيرة بالنجوم والكواكب والشمس والقمر سوف .تطوي في ذلك اليوم كما يطوي .الكتاب
على ما فيه ،ثم ينشر للعمل به ،واالستفادة من محتوياته ،فالمشبه والمشبه به مما يدرك بالحواس
الناظرة والمتصورة تصوراً .بدائياً ال عناء فيه وال تكلف ،تمثّلت الصورة فيه واضحة ،وتحققت
الفكرة بسيطة سليمة ،تدرك في األثر والشكل والحركة والنظام..
لهذا نجد تشبيهات القرآن باستخدامها جميع هذه األصناف أكثر تأثيراً ،وأقوى داللة من المشبه،
لتحقيق الجوانب التمثيلية من جميع جهاتها متجاوبة مع ما يحدثه هذا التنوع من تأثير على النفس،
كما ستلمس هذا جلياً من خالل النماذج القرآنية اآلتية:
أ_ حينما يريد اهلل أن يشبه قلوب بني إسرائيل قساوةً استعمل المدلول الحسي إلصابة المعنى
المراد فقال تعالى:
ك فَهي كالحجار ِة أو ُّ
أشد قَسوة﴾. ِ
﴿ثَُّم قَ َست ُقلُوبكم .من بعد ذل َ َ
فهذا الحجر القاسي المتصلد قد ينفجر منه الماء ،وقد تجري منه العيون ،وقد .تشقق األنهار ،ولكن
قلوبهم أشد قسوة ،وأكثر .غلظة ،إذ ذهب لينها ،وتالشت رقتها ،وذلك غاية ما يتصور ،ونهاية ما
يحتسب وذلك أن يكون القلب أقسى من الحجر.
إن التطلع الواعي لتشبيه هذه اآلية يعني اضطراب النفس حول هذا المصير المؤلم لهذا الجزء
الشفاف من البدن وهو القلب ،وليس المراد هو هذا العضو الصنوبري بمركباته العضوية ،وإ نما
المراد هو هذا العضو بما ضم بين جانبيه من مخايل الرحمة والرقة والهدى واإليمان ،وما
يستلزم ذلك من الهداية والرشاد واالطمئنان ،وبهذا التشبيه تحقق نفي هذه المستلزمات جميعاً عن
القلب ،فعاد حجارة ال تضر وال تنفع ،صماء ال تستهدي وال تستشير.
فإنه يسلك عدة سبل لذلك ،ولكنه حينما
ب_ وحينما يريد القرآن الكريم التزهيد في الحياة الدنياّ ،
يعتمد التشبيه الفني صورة حية لذلك ،فإنه يعمد إلى هبات الطبيعة ،ومقومات الحياة ،فيصورها.
بما يبلغ به المراد ،فتجده من خالل ذلك ينظر إلى الماء بوصفه عنصراً أساسياً في حياة اإلنسان،
فهو يدور معه حيث دار ،ويتعلق به أنى وجد ،فارتباطه به ارتباطاً أساسياً في حياة اإلنسان ،فهو
يدور معه حيث دار ،ولكنه مع ذلك ينتفع به انتفاعاً محدوداً .قدر الحاجة ،وما زاد على ذلك فهو
سارب في سبيله ،ال دوام له وال بقاء ،فعمد إلى تشبيه الحياة الدنيا به من خالل هذا الملحظ الدقيق.
في محاولة تفرض التأثير على النفس ،وتوجه االنتباه المتزايد ،فقال تعالى:
فأصبح هشيماً نبات األرض
به ُ ط ِ ِ
السماء فاختل َ كماء أنزلناهُ ِم َن
الدنيا ٍ ِ
الحياة ُّ ﴿واضرب لَهُم َمث َل
َ
شيء مقتدرا﴾. تذروه الرياح وكان اهلل على ُك ِل ٍ
َ ُ ُ
ج_ وحينما يرصد .القرآن الكريم البيئة المختلفة لطبقة من الناس همها علفها ،وشغلها تقممها ،ال
تفكير لها إال في الملذات ،وال أمر عندها إال في ظالل الشهوات ،فالمتعة ال تتحقق لديهم إال
بانتقاء األطعمة ،والحياة ال تصفو إال بأطايب المأكوالت ،عمد إلى تصوير .حالهم مع كفرهم،
41
َّ
وكونهم .بذلك ال يرجون إال الحياة الدنيا ،وال يعملون إال لها ،فقال تعالى﴿ :والذين كفروا َيتَمتَّ ُع َ
ون
األنعام﴾....
ُ ون كما تأ ُك ُل
ويأ ُكلُ َ
في كل هذه النماذج القرآنية نرى العالقة قائمة بأصالة متناهية بين المشبه والمشبه به .لهذا نجد
البالغيين بحق قد اشترطوا .وجود العالقة بين المشبه والمشبه به بما يتناسب مع اإلدراك ،ألنه
تقويم للتشبيه من الولوج بباب اإليغال واإليهام ،وهذا يقتضي أن ينسجم التشبيه في طرفيه بما
تسيغه الحواس المختلفة ،ألن الجوانب الحسية قلما تتداخل مع بعضها ،وتختلف .باختالف الحواس
عند اإلنسان ،فهي تدرك حيناً بالعين المجردة ،وتدرك حيناً بالعقل الفطري ،وتدرك .حيناً بالواقع.
الملموس المشاهد ،لئال تتهافت الصور في التشبيه فتعود شاحبة غير متجانسة ،أما إذا كانت
متجانسة _كما هي الحال _ في النماذج السابقة فقد اقتربت من الفهم ،واستقرت في المخيلة ،بما
تمليه طبيعة إدراك الحواس لها ،وذلك عند ضم بعضها إلى البعض اآلخر بإطار .من الوضوح
والقرب والتكافؤ.
-2االستعارة فن قولي ،قد يجمع بين المتخالفين ،ويوفق .بين األضداد ،ويكشف عن إيحائية
جديدة في التعبير ،ال يحس بها السامع في االستعمال الحقيقي ،وهي من أبرز صور البيان
العربي ،جلى فيها القرآن بكثير من مواطنه ،وتناولها الحديث في جملة من شذراته ،وتداولها
الشعر العربي في أوابده وشوارده.
إننا نستطيع .أن نلمس في االستعارة عدة خصائص فنية يمكن إجمالها بالشكل اآلتي:
أ_ إن االستعارة تنتقل بالنص من الجمود اللفظي المحدد له إلى السيرورة في التعبير ،والمرونة
أس َشيباً﴾.
الر ُ
في االستعمال ،أال ترى إلى قوله تعالى﴿ :واشتَ َع َل ّ
إنك تقف مبهوراً أمام بالغة التعبير ،ودقة المعنى ،وسيرورة األلفاظ ،فالمستعار منه هو النار،
والمستعار .له هو الشيب ،وقد جمعهما معنى حسي بوجه حسي ،وهو التوهج ،وإ نك ال تجد ذلك
في :وازداد الرأس شيباً ،وال في :شاب رأسي ،وال في غيرهما عند التقدير ،فكأن اللفظ بصيغته
االستعارية وضعت لهذا المعنى السيار.
ب_ يتجلى في االستعارة إعطاء صفة الفعل لمن ال يفعل ،وإ ضاءة الكائنات بالتصرف وإ ن لم
ِ
الغيظ اد تَمي َُّز من
فور ،تَ َك ُ ِ
تتمكن ،أال ترى إلى قوله تعالى﴿ :إذا ُألقوا فيها َسمعوا لها شهيقاً وهي تَ ُ
نذير﴾ وما فيه من إضفاء صفة من يعقل إلى ما ال ِ
خزنتُها .ألم يأت ُكم ٌ
فوج سألَهُم َ
ُكلما ُألقي فيها ٌ
يعقل ،ومزية من يعمل إلى من ال يعمل ،وفضيلة الفعل إلى من لم يفعل.
حيث نجد االستعارة قد حققت في األلفاظ الثالثة :الشهيق ،تميز ،الغيظ ،داللة ال يمكن استيعابها.
في األلفاظ االعتيادية لو استبدلت فيها ،وفي .هذا االستعمال صوت نار جهنم بصورة هائلة
تخيلتها ازددت منها رعباً ،وملئت منها فزعاً ،وكأنها مخلوق .ذو قوة وبطش ،ومجهول .ذو منظر
42
عبوس.
ج _ يتمثل في االستعارة ،تهويل األمر ،ودقة المبالغة ،وشدة الوقع ،ويمثل هذا الملحظ قوله
قت َوحيداً﴾.
تعالىَ ﴿ :ذرني َو َمن َخلَ ُ
فالمراد ذر بأسي ،وأترك .عذابي وعقوبتي ،إال أن المبالغة في التهديد ،والشدة في الوعيد،
اقتضت نسبة ذلك إليه _تعالى _ ولو استعمل غير هذا اللفظ لما قام مقامه ،وال أدى داللته،
ولبقيت الصورة المرادة غير ماثلة للعيان كما هو الحال اآلن.
د_ تريك االستعارة في تعبيرها .إشاعة الحياة في الجماد ،وإ فاضة الحركة عند الكائنات ،وكأنها
ناطقة تتكلم ،ومكلفة تمتثل ،وقادرة تتصرف .،كما في قوله تعالى:
طائعين﴾. ِ
ولألرض ائتيا طوعاً أو َكرهاً قالتا أتينا خان فقا َل لها ﴿ثَُّم استوى إلى الس ِ
ماء وهي ُد ٌ
َ ّ
وفي هذا داللة على التوسع في اللغة ،والمبالغة في اإليجاز ،والتفنن في التصوير ،فإشاعة
الحركة في السماء واألرض تغني عن شرح إطاعتهما وكيفيته بالتقدير أو التسخير ،وإ ضافة هذه
المقدرة في االستماع واالستجابة تكفي عن البيان المستفيض في اإلبداع ،وتصورها .بهيئة من
يعي ويسمع وينطق .تغني عن التمثيل والتشبيه.
ه _ يالحظ في االستعارة التقريب الوصفي ،ومراعاة المناسبة ،ولمح الصلة بين األصل والنقل
هار﴾.... االستعاري ،وذلك كقوله تعالى﴿ :وءايةٌ لَّهُ ُم الَّي ُل نسلَ ُخ منهُ ّ
الن َ
"وهذا الوصف .إنما هو على ما يتلوح للعين ال على حقيقة المعنى ،ألن الليل والنهار اسمان يقعان
على هذا الجو عند إظالمه لغروب الشمس وإ ضاءته لطلوعها ،وليسا على الحقيقة شيئين يسلخ
أحدهما من اآلخر ،إال أنهما في رأي العين كأنهما ذلك ،والسلخ يكون في الشيء الملتحم بعضه
ببعض ،فلما كانت هوادي الصبح عند طلوعه كالملتحمة بإعجاز الليل اجرى عليها اسم السلخ،
فكان أفصح من قوله لو قال :نخرج ،ألن السلخ أدل على االلتحام المتوهم فيهما من اإلخراج".
وكل ما تقدم من خصائص يوحي بأن االستعارة هي التي لونت هذه الصور ،وكشفت أصالة ما
يريد القرآن في التعبير عنه بآياته المشتملة على االستعارة لغرض خاص يمنحها قوة األمثال من
جهة في السيرورة واالنتشار ،والدرجة البالغية في المتانة والجودة من جهة أخرى ،بحيث يعود
مسده لفظ آخر ،وال يشاكله تعبير مقارب ،وتلك لمحات فنية مؤثرة،
لفظ االستعارة متميزاً ال يسد ّ
وأسرار جمالية متناهية آثرت التصوير االستعاري بإضافات .تحدت المفهوم الحقيقي للكلمات في
أصل اللغة ،وبذلك بلغت االستعارة في القرآن الكريم مرتبة اإلعجاز ،وفاقت المستوى .الحضاري
للكلمات في ذروة تطورها وعطائها عند العرب.
**********************************5
43
معرفة خصائص اللغة
ابن فارس في فقه اللغة :لغةُ العرب أفض ُل اللغات وأوسعها .قال ُ ُ من ذلك :أنها أفض ُل اللغات
ين ()192 ِ وأوسعها قال تعالىَ " :وِإ َّنهُ لَتَ ِ
نزي ُل َر ِّ
ب اْل َعالَم َ ُ (أقدرها .على التعبير والتوسع واالنتشار)
ين ()195 ين ( )194بِِل َس ٍ
ان َعَربِ ٍّي ُّمبِ ٍ ِ ك ِلتَ ُك ِ
ون م َن اْل ُمنذ ِر َ
َ ين (َ )193علَى َقْلبِ َ ِ
وح اَأْلم ُ َن َز َل بِ ِه ُّ
الر ُ
الكالم وهو البيان وقال تعالى ":خلق االنسان علمه ُ وصف .به فوصفه -سبحانه -بأبلغ ما ُي َ
ٍ
شمس وقمر. وتفرد بإنشائه من بخْلقه َّ قدم -سبحانه ِ -ذ ْك َر البيان على جميع ما توحَّد َ البيان" ف َّ
اللسان
َ خص -سبحانه - الم ْح َك َمة والنشايا .المتقنة فلما َّ ونجم وشجر وغير ذلك من الخالئق ُ ْ
فإن قيل: سائر اللغات قاصرةٌ عنه وواقعة دونه. العربي بالبيان ُعلم أن َ
أفهم بكالمه على شرط لُغته فقد بيَّن .قيل له :إن َّ
البيان بغير اللسان العربي ألن كل من َ ُ فقد يقع
أن المتكلم بغير اللغة العربية قد ُي ْع ِرب عن نفسه حتى يفهَم السامعُ ُمراده فهذا ُّ
أخس كنت تريد ّ َ
يدل بإشارات وحركات له على أكثر مراده ثم ال ُيسمى متكلماً فضالً األبكم قد ُّ
مراتب البيان ألن ْ
سائر اللغات تُبِين َ
إبانةَ اللغة العربية فهذا غلط ألنا لو أن َعن أن ُيسمى َبيِّناً أو بليغاً وإ ن أردت َّ
احتجنا إلى أن ُن َعبِّر عن السيف وأوصافه باللغة الفارسية لما أمكننا ذلك إال باسم واحد ونحن نذكر
يات باألسماء صفات كثيرة وكذلك األسد والفرس وغيرهما من األشياء والمس َّم ِ
ٍ للسيف بالعربية
َُ
يمكن نقلهُ البتَّة
ومما ال ُ المترادفة.
تعرف
ُ العجم ال
َ المترادفة ومعلوم أن
والرمح وغير ذلك من األسماء ُ
أوصاف السيف واألسدُّ .
ُ
غير واحد فأما نحن فنخرج له خمسين ومائة اسم.
لألسد أسماء َ
واهي ِمن ْ
إح َدى الد ِ ائة ،و َذ َكر أن تَكاثر أس ِ
ماء َّ َ ْ َ َ
يد علَى أربعم ٍ
َْ َ أس َماِئهَا ما َي ِز ُ ِ
قَ ْد َج َم َع َح ْم َزةُ م ْن ْ
وليست ِسَياقَتُها كلُّها
ْ ت معنى واحداً بمئين ِمن األْلفَ ِ
اظ . َ َ َأمةً َو َس َم ْ
أن َّ الع َجاِئ ِب َّ
الدواهي ،و ِم َن َ
َّ ِ
ً
إليه َم ْع ِرفَتِي..
هت ِ ت ِم ْنهَا ما ْانتَ ْاب ،وقَ ْد َرتَْب ُ روط هذا ِ
الكتَ ِ ِم ْن ُش ِ
وحادثَةٌ ،،،،ثَُّم آبِ َدة ،و ِ
داهَيةٌ ،و نازلَةٌ ،و نائبة ِ ، ت بِ ِه ْم ِاعلَ ٍة] ُيقالَ :ن َزلَ ْ[فَ ِمنها ما جاء علَى فَ ِ
َ َ َ َ َ َ
امة وقار َعة ،،،،ثَُّم َحاقَّة ،و َ
ط َّ وواق َعة ِ ، غاشية ِ ، اطمةٌ ،و فَ ِاقرة ،،،ثَُّم ِ ِ ِئ ِ
َ وح َباق َعةٌ ،،،،ثَُّم با قَة َ ،
اخة.
وص َ
َ ،
والج َو ْي ِحَّيةُ. ق ،،،ثَُّم ُّ
الدويهيَّة ُ ، واألر ْي ُ
َ ق
الر َب ْي ُ
جاءُّ : ص ِغ ِ
ير] َ [و ِمنها َما َج َ
اء َعلَى التّ ْ
44
ون] جاء :باألمِّرين واأل ْقو ِرين ثَُّم ُّ ِ
والح ْبو َك ِر َ
ين ين َ الد َر ْخم َ َ َ َ َ َ بالن ِ
ردفاًُّ . [و ِم ْنهَا َما َج َ
اء ُم َ
ير ،ط ِر ِ
يس ،والقَ ْم َ بالد ْر َدبِ ِ
ق ،ثَُّم َّ والخ ْنفَِقي ِ
بالع ْنقَِفيرَ ،
اء َ و ِم ْنهَاَ :ج َ
ط ٍة ،،و ِمنهاَ :وقَ ُعوا .في سلَى َجمل ط ٍة ،،،ثَُّم َرقَم ،،.ثَُّم َد ْو َك ٍة َ
ون ْو َ و ِم ْنهَاَ :وقَ ُعوا .في َو ْر َ
الغَب ِر
اء َ ق ،،ثَُّم في قَرَني ِحم ٍار ،،،ثَُّم في إس ِت كْل ٍب ،،ثَُّم في ص َّم ِ وفي أ ُذَني َعَنا ٍ
َ ْ ْ ْ َ
وو ِادي .تُهلِّك. ِّ ِ ِِ
طَبق ،،،ثَُّم في ثَالثَة األثَافي ،،،.ثَُّم في َوادي تُضل َل َ ،
ات َ ٍ إح َدى بَن ِ
ثَُّم في ْ َ
الحظ الدقة في التعبير عن المعنى وتناسب المعنى مع موسيقى .اللفظ وجرسه.
45
أما الطاقة التعبيرية الكامنة في يديه.
األلفاظ ،والتي تؤدي المعنى خير أداء فيالحظ .في اللفظة أمور يظهر منها أن كل لفظة في
العربية لها سحرها وبيانها .وعالمها الذي به تمتاز عن غيرها ،فإلى جانب معناها الظاهري.
المعجمي للكلمة أبعـاد داخليـة ،للكلمة ِج ْرس وظالل وموسيقى وتأثير ،وتناسق وأداء ولـون،
لها قوة في التعبير عن المعنى تمتاز بهذا أو ببعضه عن غيرها بحيث تمنح النص أبعـاداً وقوة
وبيانا وروعة.
ومزايا وإ يحاءات ً
تأمل مثال كلمة انفجار كيف تؤدي .المعنى بموسيقى عجيبة توحي بالحدث الذي تصفه ،وكلمة
ون" ِ ِ ِ
يسهَا ".أي النار ،فكبكبوا" ،.فَ ُك ْبكُبوا فيهَا ُه ْم َواْل َغ ُاو َ ون َحس َحسيس في قوله تعالى " :اَل َي ْس َم ُع َ
الد ْفعةُ في ِ
الق ِ
والح ْملَةُ
والج ْر ِيَ ، تال َ ض ُّمَ َّ : الكب :كبه يعني قلبه وصرعه ،وكبُ :ثقل ،وال َكَّبةُُ ،
وي َ
تاءِ :ش َّدتُه َ
ود ْف َعتُهُ ،و الش ِالجَبْل ْي ِن ،ومن ِّ
بين َ
والص ْد َمةُ َ
َ الخْي ِل،
الت َ حام ،وإ ْف ُ الح ْر ِبِّ ،
والز ُ في َ
الغ ْز َلَ :ج َعلَه ُكبباً ،هذه المعاني المجتمعه في أصل الكب يحدث لفظ الكبكبة وما فيه من القلقلة، َ
في نفس السامع رنينا مرعبا ،يخيل إليه فيه منظر باب في أعلى جهنم يفتح على حين غرة فيتدافع.
منه خلق كثيرون بعضهم .فوق بعض يتدحرجون مقلبين مصروعين تتخيل أرجل هذا ضربت
في وجه ذلك ،وهذا يهوي فيأتيه اآلخر من خلفه كما انفالت الخيل من معاقلها فيصدمه كما
الجبلين بدفع شديد ،وتسمع لالصطدام .جلبته ،وتتكور الخالئق بعضها فوق .بعض كما تكور .الكبة
من الغزل ،هذه المعاني توحيها لفظة واحدة :كبكبه ،والقلقلة المصاحبة لجرس اللفظة توحي
بموجات من البشر تحدث هذا الصخب وهذه االرتطامات كما لو قلت كب كب كب كب وهو
ومثل ذلك إذا زلزلت مشهد مريع – عافانا اهلل.-
األرض زلزالها ،فالزلزله توحي لك بصوت ارتجاف األرض المتتابع تهوي طبقة منها فوق .طبقة
"والصبح إذا تنفس" لفظة تنفس تخرج ثم طبقة أخرى من طبقات األرض فوق .أختها وهكذا.
مع النفس كأنها تفرغ الصدر من الهواء الذي فيه فيما يشبه التنهيد وهو ما يناسب هدأة الليل،
وكأن الخلق ينتظرون الصبح فيتنفسون الصعداء .قال الشاعر ابن زريق .البغدادي
ودعتها وبودي .لو
الحظ كلمة ودع كيف توحي لك بحروفها. صفو الحياة وأني ال أودعها يودعني
ومخارج تلك الحروف بحال من يترك محبوبته وكيف تفترق عن كلمة تركتها ،ففي ودعتها ما
يوحي للنفس بأن األمر رغم أنف المودع ،يشق عليه وكأنه ال يريد ان يتركها .ويرحل ،، .قال
َّماء ان َشقَّ ْ
ت": ِإ
تعالى "كال لينبذن في الحطمة" "إنها عليهم مؤصدة" ومثال قال تعالىَ " :ذا الس َ
النبت
ُ ش َّ
ق قو َ ش َّ
شقَ ْقت الشيء فا ْن ََّدع البائن َ ،،
ق :الص ْ االنشقاق :كلمة شق /توحي بمعناها َّ
والش ُّ
ق شقوقاً :في َّأول ما ناب الصبي َي ُش ُّ َّ
وشق ُ شقوقاً وذلك في َأول ما تَْنفَ ِطر عنه األرض . ش ُّ
ق ُ َي ُ
46
،االنفطار،، ت ط َر ْ
َّماء انفَ َ ِإ
يظهر ،وتالحظ .أن منها المشقة وما فيها من جهد ،،ومثلهَ :ذا الس َ
طره :شقه و تَفَطَّ َر الشيء ُ :تشقق وفي الحديث : طر .و فَ َ فانفَ َ
طراًْ .
ط َ.ر الشيء َ َي ْفطُ ُرهُ فَ ْ فطر :فَ َ
طرت قدماه َأي انشقتا وفي التنزيل العزيز ( :السماء ُم ْنفَطر به ) و فَ َ قام رسول اهللِ حتى تَفَطَّ َر ْ
ت قدماه دماً طر مْأخوذ من تَفَطَّ َر ْ وطلع فهو بعير ِ
فاطر وقيل :الفَ ْ ِ ق
طراً َ :ش ّ ناب البعير َي ْفطُر فَ ْ
ُ
ط َر الثوب طلع و ْانفَ َ نابه ِ ط َ.ر ُ ِ
البعير َألنه يقال :فَ َ ط ِر ناب
شبه بفَ ْ
طراًَ .ألنه ّ َأي سالتَِا وقيل :سمي فَ ْ
ق وكذلك تَفَطَّر ،،و تَفَطَّ َرت اَألرض بالنبات ِإذا تصدعت وفي التنزيل العزيز ( :الحمد هلل ِإذا انش ِ
فاط ُر السموات عباس رضي .اهلل عنهما :ما كنت َأدري ما ِ ِ ِ
واَألرض ) ; قال ابن ِ
السموات ِ
فاط ِر
ط ْرتُها َأي َأنا ابتدْأت َأعرابيان يختصمان في بئر فقال َأحدهما َ :أنا فَ َ ّ واَألرض حتى َأتاني
طرة ط .ر هذا َأي ابتدَأه و ِ
الف ْ َح ْفرها ،،وذكر َأبو العباس َأنه سمع ابن اَألعرابي يقول َ :أنا َأول من فَ َ َ
الخْلقة ; َأنشد ثعلب : ُِ بالكسر ِ :
والح َس ِب
ين َ بالد ِ في ِف ْ
طرة ِ ال َكْل ِب ال ِّ نال ِ
الغَنى رج ٌِل عليك فقد َ
َ َه ِّو ْن
الفاقرة ُ :الداهية الكاسرة للفَقَ ِار ويقال :فَقََرتْه الفاقرة ُ َأي كسرتفاقرةٌ ) و ِ ِ
(تَظُ ّن َأن ُي ْف َع َل بها َ
يض :كسرتُه وفَِّر ْقتُ ِه وض و فَ ِ ت الشيء َ َأفُضُّه فَ َّ ِ
ض ٌ ض ٌ ضاً فهو َم ْف ُ ض ُ.ض ْ
فَقَ َار ظهره .فضض :فَ َ
ضاضتُه :ما تكسَّر منه ; قال النابغة : َ ضاضه و فُ
ُ ضاضه و ِف ُ و فُ
47
واج ِب
الح ِ ويتَْب ُعهاِ .م ْنهُم فَ ُ
راش َ َ تَ ِطير فُضاضاًْ .بيَنها ُّ
كل قَ ْوَن ٍِ
س ُ
ضتَه
فض ْ ِ ِ
كسرتَه فقد َ كسرتُه وكل شيء ْ ضت .الخاتم عن الكتاب َأي ْ ض ْ وفَ َ
ط ِء
ض الخاتَم ; هو كناية عن الو ْ وفي حديث ذي ِ
الك ْف ِل ِ :إنه ال َي ُّ
حل لك َأن تَفُ َّ
ات َماءصر ِِ تأمل في سورة النبأ العجب العجاب" :وجعْلَناِ .سراجاً و َّهاجاً ( )13و َ ِ
َأنزْلَنا م َن اْل ُم ْع َ َ َ َ َ ََ
ات َأْلفَافاً "()16السراج الوهاج لفظة الوهاج ثَجَّاجاً (ِ )14لُن ْخ ِرج بِ ِه حّباً وَنباتاً ( )15وجَّن ٍ
َ َ َ َ َ َ
توحي لك بالنور ينبعث وال يستطيع .حجاب أن يمنعه من النفاد ،والغيوم معصرات ،وماؤها.
الن َدِم والمثَجَُّ ،ك ِمس ٍّلِ َ :
ثجاج :ثج الماء إذا سالِ ،
يج :السَّْي ُل والثَّجَُّ :سَي ُالمفَ َّوهُ ،والثَّ ِج ُ
يب ُالخط ُ َ
الهَ ْدي ،فالمعصرات وفي .لفظة العصر يستفاد استخراج ما في الشيء وليس فقط أن تفرغ
الغيمة كل مخزونها .بل العصارة من الشيء خالصة ما فيه من الفوائد ،فهذه صفة الماء الثجاج
الذي يسيل من قلب هذه المعصرات ،وتأمل لقوله تعالى :ألفافا!! لَفَّهِ :
ض ُّد َن َش َره ،كلَفَّفَه ،و ُ
المْلتَفَّةُ ِ بالح ْر ِب ،و تيبتَْي ِنَ :خلَ َ
ضةُ ُ
الر ْو َ صلَه به .و َّ وو َض َّمه إليهَ ، الشيء بالشيءَ :
َ بينهما َ ط َ ال َك َ
ف ،فهذه الجنات تلتف واحدهاِ :ل ٌّ
ُ المْلتَفَّةُ،
األشجار ُ
ُ فاف: ِ
الشجر واَألْل ُ ِ
الم ْجتَمعُ
ان ُوالب ْستَ ُ
النباتُ ،
َّ ِ
نباتاتها وأشجارها بعضها فوق .بعض كأنما تضم أغصانها .ما تحويه إلى قلبها ضما ،وأصال
الولَ ُد في
نينَ : والج ُ
كَ . ك فقد ُج َّن َعْن َالجنة أصلها من جنَ :جَّنهُ اللَّْي ُلَ ،ستََرهُ ،و ُك ُّل ما ُستَِر َع ْن َ
وج َّن ،بالضمَ ،جًّنا ُ
وجنوناً.. ط ِن وال ِجَّنةُ ،بالكسر :طائفةٌ من ال ِج ِّنُ . الب ْ
َ
صاداً)21( . ِإ َّن جهَّنم َك َان ْ ِ
ت م ْر َ َََ
ون ِفيهَا َب ْرداً َواَل َش َراباً (ِ )24إاَّل َح ِميماً اَّل ين ِفيهَا ْ ِ ِ َّ ِ
َأحقَاباً (َ )23ي ُذوقُ َ ين َمآباً ( )22اَل بِث َ
لْلطاغ َ
َو َغسَّاقاً (َ )25ج َزاء ِوفَاقاً)26(" .يا لهول األلفاظ ودقة ما تؤديه من المعاني في الموضع الذي
ام القَ ْع ُر البعيد ،مرصادا :ترصد هؤالء الكافرين إرصادا، ِ
تعبر عنه فيه :جهنم! الجه ّن ُ
الع ُد ُّو ،فالصورة المرسومة هنا أن الطاغين غافلون صاد) َّ ِ
ص ُ.د فيه َ والمكان ُي ْر َ
ُ ريق
الط ُ (والم ْر ُ
عن هذه البعيدة القعر التي ترصدهم .رصدا لتباغتهم على حين غرة ،لتكون لهم مآبا ،وجاء
كالواض ُح (وقد نطق بهما القرآن) و َك َذِل َ
ِ والن ْج ُد الطَّ ِر ُ
يق اد َّ ص ُ. ِ
في فقه اللغة للثعالبي :ألم ْر َ
والم ْنهَ ُج ،واللَّقَ ُم ،فعلى هذا طريق .وسبيل الولوج لجهنم بين واضح ادةُ َ ،والج َّ
الصِّراطُ َ ،
كيف يغفل عنه وال يتقى؟؟
يؤوبون إليها ويلبثون فيها أحقابا ،واألحقاب الدهور ،تأمل وقع كلمة أحقاب على النفس :أح قا
با وما فيها من المد ،فكأن كل حقبة من هذه األحقاب حتى تفرغ أهوال من الفزع وأصناف من
العذاب ،فما أن يفرغ من أحد هذه األحقاب حتى يدخل في حقبة جديدة وحتى كلمة حقبة وأحقاب
تفزع!! فكيف وهم البثون فيها ،واللبث المكث واالقامة ،وتأمل حتى حرف الجر فيها يؤدي.
48
معنى أنهم في داخلها هي وتلتصق .بهم التصاف .الهاء ب "في" ،ال يذوقون إال :حميما!! الحاء
مخرجها من الحلق بل من آخر الحلق ،وهي الصوت الذي يصدره المرء عند تجرع الماء
َّاخن والجمر الذي يتبخر به ،والغساق .أيضا كلمة مهولة تعني
الماء الس ُ ُ الساخن ،والحميم
ق ويسيل من جلود َأهل النار وصديدهم من قيح ونحوه ،كيف يكون والغسَّاق : .ما َي ْغ ِس ُ
الزمهريرَ ، .
علما على نوع طعام أو شراب!!
وهكذا لو تتبعت العربية لوجدت الكلمات تؤدي بجرسها .معاني غاية في الدقة
أما النقطة الثانية فالترادف ،فعندما تسمع أن لألسد خمسمائة اسم في العربية فكل واحد منها
ِّرغام ; هو ِّرغامة ُ :اَألسد واَألسد الض ْ غام و الض ْ ِّر ُ َّر َغ ُم و الض ْ
يؤدي معنى ال يؤديه اآلخر ،الض ْ
اَألبطال في الحرب ، ِ انتخاب غم َّر َغ َم ُة و التَّ َ ُ ِ
ُ ض ْر ُ و الض ْ دام من اُألسود، الشديد الم ْق ُ الضاري
ض ْر َغ َم ِتها بحيث مت اَألبطا ُل في َ ضر َغ ِ
بعضها بعضاً في الحرب .الليث :تَ َ ْ ض ْر َغم اَألبطا ُل ُ و َ
. تْأتخ ُذ في المع ِ
ركة ْ
الرجال جراءته وَأخالقه وقيل المرَأة من العربَ :أي ِّ َأس َد الرج ُل :استْأسد صار كاألسد في ِ
َ
َأس َِد وِإ ن دخل ف ِه َِد وال يسَأ ُل عما ع ِه َد؛ (فَ ِه َد الرج ُل فَ َهداً نام وَأشبه زوجك ؟ قالت :الذي ِإن خرج ِ
وتغافل عما يجب عليه تَعهُّ ُده ) يقالِ : وتم ُّد ِده
استْأسد ِإذا اجترَأ َ
اَألسد: َ َأس َد و َ َ الفهد في كثرة نومه َ
القوة اَألسدية ِ
يْأس ُد َأي ذا ّ مصدر َأسد َ
و َأسد عليه :غضب؛ وقيلَ :أسد عليه سفه.
ي الش ِد ُِ
يد القَ ِو ُّ بل ; وقيل َّ : الج ِريء ُ من اِإل ِ ال ِه َز ْبر :من َأسماء اَألسد هزب :الهو َزب ِ :
المس ُِّن َُ َْ ُ ُ
ب.الصْل ُ
َّخم ُّ الكاسر .و -الض ُ ُ اَألسد
ُ الحديد،
ُ ب: الج ْري و الهَْي َز ُ َ
ور ِد وهو بين ال ُك َم ْيت ِ الور ِد
شم الواحدة وردة ِ وبلونه قيل لَألسد َو ْر ٌد وللفرس ْ بالفتح الذي ُي ِّ ِ َ
صفرة َح َسنة في كل شيء ،وهو الجريء و ب ِإلى ُ ض ِر ُ
الو ْرد .لون َأحمر َي ْ واَأل ْشقَر ابن سيده َ :
الليث :اَألسد ; زعم كراع َأنه مشتق من اللوث الذي هو القوة ; قال ابن سيده :فِإن كان ِ
ذلك
يث : تصاريفه ليث :اللَّ ُ
ِ َألن الياء ثابتة في جميع بقوي َّ
ّ واو قال :وليس هذا فالياء منقلبة عن ِ ُ
ِّن اللِّياثة والقوة وِإنه لََبي ُ
الشدة َّ
ثيصبح وهو َأْلَي ُ ِ و اللَّيث :الشجاع بيِّن اللُُّيوثة وفي حديث ابن الزبير َ :أنه كان يواصل ثالثاً ثم
دهِم وبه سمي اَألسد لَْيثاً .ويقال له :ليث ،باعتبار تلوثه بالفريسة ،وهذا َأصحابه َأي ُِّ
وَأجلَ ُ َأشدهم ْ
ُأسامة ُ :من
َ منظر مخيف جداً للفريسة ولإلنسان الذي يشاهدهما.
توَألن َ
ْ نص ِرف .قال زهير َي ْمدح َه ِرم بن ِسنان: ِ
َأسماء اَألسد ال َي َ
ض،َّي َغ ُ.م :الذي َي َع ُّ
والض ْ ال ولُ َّج في ُّ
الذ ْع ِر ُد ِعَي ْ
ت َنز ِ َأ ْش َجعُ من ُأسامة ِ ِإذ
أهوى إليه .وكثُ ٍ ضاً دون َّ ِ
مامة: الن ْهش ،أو هو أن ال َي ْمَأل فَ َمهُ مما ْ َ ض َغ َمهَُ : ،عضَّهُ ،أو َع ّ
واألس ُدَ ،
َ
49
واألس ُ.د
َ بان،
ض ُ الغ ْ
ض ُمَ :َّم َ
والض ْ ظتَهُ ،وهو أيضا واسع الشدق. ض َغ ْمتَه ولَفَ ْ
ما َ
كل شيء ،الض ِ
ُّماض ُم يض ُّم َّ ُّماضم من َأسماء اَألسد .وَأس ٌد ُ ِ
ضبان ،الج ِريء ،الض ِ
ضماض ٌم ُ َ ُ الغ ْ ُ َ ُ َ
الم ْستْأثِ ُ.ر ،وقيل :الكثير اَألكل الذي ال يشبع .واألسد يسمى (حيدراً وحيدرة): اَأل ُكو ُل َّ ِ
النه ُم ُ
حينما ينزل من مكان مرتفع كالجبل ونحوه ،حيث يستلزم المهابة الشديدة ،وكل شيء َأرسلته ِإلى
المِل ِك في الناس; ِ
اُألسد مثل َ
الح ْي َد َرة في ْ
وح ُدوراً ..وقال ابن اَألعرابي َ :
َأسفل ،فقد َح َد ْرتَه َح ْدراً ُ
وقوة ساعديه; ومنه غالم حادر ِإذا كان ممتلئ البدن شديد قال َأبو العباس :يعني لغلظ عنقه ّ
البطش ،قال َأبو العباس َأحمد بن يحيى لم تختلف الرواة في َأن اَألبيات لعلي ابن َأبي طالب ،
الح ْي َد َره َكلَْي ِث
ُأمي َ
َأنا الذي َس َّمتْني ِّ رضوان اهلل عليه :
ِ
بالسيف َكْي َل الس َّْن َد َر ْه َأضرب بالسيف .رقاب ِ
َأكليلُ ُكم ص َر ْه ِ ٍ
غابات َغليظ القَ َ
الكفره
ِ ِ
قال :السندرة الجرَأة .ورجل سَن ْدٌر ،على ف َعْن ٍل ِإذا كان جريئاً .و َ
الح ْي َد َرةُ اَألسد; وقال ابن
وقوة اَألعرابي :الح ْي َدرة في اُألس ِد مثل ِ ِ
الملك في الناس; قال َأبو العباس :يعني لغلظ عنقه ّ َ ْ َ َ
ساعديه; ومنه غالم حادر ِإذا كان ممتلئ البدن شديد البطش; قال والياء والهاء زائدتان ،زاد ابن
بري في الرجز قب َل :
وقال َ :أراد بقوله َ :أنا الذي سمتني ُأمي الحيدره " َأنا الذي سمتني ُأمي َأسداً ،فلم يمكنه ذكر
اَألسد َألجل القافية ،فعبر بحيدرة َألن ُأمه لم تسمه حيدرة ،وِإنما سمته َأسداً باسم َأبيها َألنها
علياً ،
فاطمة بنت َأسد ،وكان َأبو طالب غائباً حين ولدته وسمته َأسداً ،فلما قدم كره َأسداً وسماه ّ
علي هذا الرجز يوم خيبر سمى نفسه بما سمته به ُأمه.
فلما رجز ّ
ويسمى (ضرغام آجام) ألن الضرغام في اآلجام يزأر فيملأل األجمة بصوته المرعب.
سراً و ِ
س َره َي ْقس ُره قَ ْ
ويسمى :قسورة ،فيما إذا كان يطارد حيواناً أو قطيعاً من الحيوانات ،قَ َ
س َره َغلَبه وقَهَره ,وقَ َس َره على اَألمر قَ ْسراً َ :أكرهه عليه ،والقسورة الصياد. اقْتَ َ
ثوب ،األسد المترقب فريسته. ( َّ ِ
الو َ
ص ُ.د ُ
صيد) السَُّبعُ َي ْر ُ
(والر ُ
اَألس ُد َّ
والراص ُ.د) َ
الخْل ِ
ق ُمتَ َغضِّنه. ض ْنفَر :غليظ َ ضن وَأسد َغ َ المتَ َغ ِّ
فر الغليظ ُض ْن ُ
ال َغ َ
50
ويفعل ِف ْعل اَألسد; ِ رْأبلَتِه ُ ِ
وخ ْبثه .و تََر َْأب َل تََر ُْأبالً و َر َْأب َل َر َْأبل ًة وفالن َيتَر َْأب ُل َأي ُيغير على الناس َ َ َ
الر َْأبلة َأن يمشي الرجل ُمتكفِّئاً في جانبيه كَأنه َيتََوجَّى . َّ
كذلك يجدر لفت النظر إلى أن فعل جلس له داللة تختلف كلية عن قعد ،فجلس كان نائما فجلس،
وقعد كان واقفا فقعد،
51
ِ
ب ف وهو ش َّدة ُ
الح ِّ ثَُّم الكلَ ُ
ِ ِ
الح ُّ
ب ض َل َع ِن الم ْق َد ِار الذي ْ
اس ُمهُ ُ اسم ل َما فَ َق وهو ْ ثَُّم الع ْش ُ
ب َم َع لَ َذ ٍة َي ِج ُدهاب القْل َالح ِّ
اق ُإح َر ُ ف وهو ْثَُّم ال َش َع ُ
الم ْح ِر ُ
ق فإن تِْل َ َّ ِ و َك َذِل َ َّ
هو الهَ َوى ُ
ك ُح ْرقَةُ الهَ َوى ،وهذا َ ك الل ْو َعة والالع ُج ّ ، َ
القْل ِب ،وهي ِجْل َدة ُد ْوَنهُ وقد .قُ ِرَئتَا َج ِميعاً { َش َغفَهَا ُحّباً}
غاف َ الح ُّ
ب َش َ أن َيْبلُ َغ ُ
وه َو ْ
ف ُ ثم َّ
الش َغ ُ َّ
َو َش َغفَهَا
ثُم الجوى و َهو الهوى الب ِ
اط ًن َ ََ ّ ََ َ
ب ،و ِم ْنهُ ُس ِّمي تَْي ُم اللّه أي َع ْب ُد اهللّ ،و ِم ْنهُ َر ُج ٌل ُمتَيم أن َي ْستَ ْعبِ َدهُ ُ
الح ُّ ثَُّم التَّْي ُم ُ ،
وه َو ْ
أن ُي ْس ِق َمهُ الهَ َوى ثَُّم التَّْب ُل ُ
وه َو ْ
َو ِم ْنهُ َر ُجل َمتُْبول
الع ْق ِل ِم َن الهَ َوى ،و ِم ْنهُ َر ُج ٌل ُم َدلَّهٌ
اب َ ثَُم التّ ْدِليهُ ُ
وه َو َذ َه ُ
يه ،و ِم ْنهُ َر ُجل َهاِئم. أن ي ْذ َهب علَى و ْج ِه ِه ِل َغلَب ِة الهوى علَ ِ
َ ََ َ وه َو ْ َ َ َ َ وم ُ ، ثَُّم الهُُي ُ
ص ِيلها).
الغض ِب وتَ ْف ِ
ال َ َ أحو ِ ِ ِ
(في تَْرتيب ْ َ
ضا
الر َف ِّ وه َو ِخالَ ُُّخطُ ُ ََّأو ُل َم َراتِبِهَا .الس ْ
ب مع تَ َكب ٍُّر َو َر ْف ِع َرْأس ضُ الغ َوهو َ ام َ طُ االخ ِر ْن َ
ثَُّم ْ
وانتِفَاخ َ ،ع ِن اللَّْي ِث ضب َم َع ُعُبوس ْ ط َمةُ و ِه َي َغ َ الب ْر َ
ثُّم َ
األن ِ
ام َل للعا ِج ِز َع ِن التَّ َشفِّي .و ِم ْنهُ قَ ْولُهُ تَ َعالَى{ :وإ ذا َخلَ ْوا َعضُّوا َ ِ
ضب َكامن َ وه َو َغ َ
الغ ْيظُ ُ ثَُّم َ
الغ ْي ِظ ُق ْل ُموتُوا .بِ َغ ْي ِظ ُك ْم}
ِم َن َ
ظهُ َويهُ َّم بِ ِه
ش بالّذي َغا َسان فََيتَ َح َّر َ.
اإلن ُ ظ ْ ان َي ْغتَا َوه َو ْ اء َوتَ ْس ِكينِهاُ ، ثَُّم الحر ُد بِفَتْ ِح الر ِ
َ ََ
الح ْق ِد
اظ مع ِ ق و ُهو ِش َّدةُ ْ ِ ِ
االغتَي َ َ الحَن ُ َ َ ثَُّم َ
ض ِب
الغ َ وه َو أ َش ُّد َ االختِالَطُ ُ ثَُّم ْ
امتَأل َغْيظاً. َأك ْ َّ الرج ُل وارم َّ اهم َّ ِّ ِ
واص َمَأك إذا ْ َْ َأك َّ قَا َل ْاب ُن السِّكيتَ ْ :
ض الب ْغ ُ
ُ
آن ثُم ِ
القلَى ثَُّم َّ
الشَن ُ ّ
ف ثَُّم َّ
الشَن ُ
تالم ْق ُ
ثَُم َ
الب ْغض
أشد ُ ثَُّم البِ ْغ َ
ضةُ ،وهو ُّ
52
ام َرَأتَهُ ال َغْي ُر. ض َّ ِ ِ
الر ُجل ْ الم ْرَأة َز ْو َجهَاَ .وُب ْغ ُ
ض َ ك فهو ُب ْغ ُ
َأما الفَ ْر ُ
فَ َّ
ِ
ُّر ْو ِر) (في تَْرتِيب الس ُ
ِْ ِِ
اج
واالبتهَ ُ َّأو ُل َم َراتبِه َ
الج َذ ُل
مع ٍاذ)
بن َ رش ِل َم ْو ِت َس ْع ِد ِ (اهتََّز َ
الع ُ االستِْب َشار وهو االهتَِز ُاز .وفي الحديثْ : ثَُم ْ
يد بِح ِد ِ ت َّ ِ األص َم ِع ّيَ :ح َّدثْ ُ اق .و ِم ْنهُ قَ ْو ُل
ق لَهُ
فاب َر ْن َش َ.
يث َك َذا ْ الرش َ َ ْ واالب ِر ْن َش ُ.
ْ االرتَِي ُ
اح ثَُّم ْ
ط ِر
كالب َ
وهو َثَُّم الفََر ُح َ
ِ و ِم ْنهُ قَ ْولُهُ تَ َعالَىِ" :إ َّن اللّه ال ُي ِح ُّ
ين"ب الفَ ِرح َ
األر ِ
ض َم َرحاً} . الم َر ُح ،وهو ِش َّدةُ الفََر ِح ،و ِم ْنهُ قَ ْولَهُ َع َز ِذ ْك ُرهُ{ :وال تَ ْم ِ
ش في ْ ثَُم َ
الح ْز ِن) يل أو ِ ِ ِ
صاف ُ (في تَ ْفص ْ َ
ضاُؤ هُ
إم َطاعُْ .ال َك َم ُد ُح ْز ٌن ال ُي ْستَ َ
ث أ َش ُّد ُ
الح ْز ِن الب ُّ
َ
بالن ْف ِ
س ْأخ ُذ َّ
الغ ُّم الّذي َي ُ
ب َ ال َك ْر ُ
َّد ُم َه ّم في َن َدم
الس َ
وت الش ِ
يء َيفُ ُ حزن على َّ ف ْ األسى واللَّهَ ُ
َ
ِ حزن ُي ْس ِك ُ
صاحَبهُ
ت َ الوجوم ْ
ضبان ِ ِ ض ِب .و ِم ْنهُ قَ ْولُهُ تَ َعالَىَّ { :
أسفاً} وسى إلى قَ ْو ِمه َغ ْ َ َ
ولما َر َج َع ُم َ ف ُح ْزن َم َع َغ َ األس ُ
َ
الح ْز ِن الكآبةُ سوء الحاَ ِل ْ ِ
واالنك َس ُ.ار َم َع ُ َ ُ ُ َ
التَرح ِ
ض ُّد الفََر َح. َ
لنستأنف ما بقي من خصائص العربية :وقال ابن فارس في فقه اللغة في موضع آخر :باب
المتَخاطبين من وجهين:
والفهم من السامع :يقع ذلك من ُ
ُ اإلفهام من القائل
ُ الخطاب الذي يقعُ به
اإلعراب واآلخر التَّ ْ
صريف.. ُ أحدهما
53
طاهر من الحيض ألن الرجل ال َي ْش َركها .في الحيض وطاهرةٌ من العيوب
ٌ اللبن ويقولون :امرأةٌ
قاعد من الحبل ِ
وقاعدةٌ من القعود .ويقولون :هذا ألن الرج َل ي ْش َر ُكها .في هذه الطهارة وكذلك ٌ
ََ
أحسن منه رج ٌل
ُ غالم
الحال في شخص واحد .ويقولون :هذا ٌ َ أحسن منه رجالً يريدونُ غالماً
االستخبار .وكم ٍ
رجل رأيت في الخبر يراد به فهما إذن شخصان ويقولون :كم رجالً رأيت في ْ
الحج .ويقولون: أردن ّ بيت اللّه إذا َّ اج ِ وه َّن َح َو ُّ
بيت اللّه إذا َ اج َوح َو ّ
كن قد َح َج ْج َنَ . التكثيرُ .
أريد الحاجةُ إليه .فإن أريد مجيُئهما قال: طب جاء إنما َ أن الح َ والحطب إذا لم يرد َّ
َ جاء الشتاء
الح َرج .وكذلك أثِ َم وتََأثََّ.م.
الح َرج ،وتَ َح َّرج :إذا تباعد عن َ حر َج فالن :إذا وقع في َ والحطبِ .
ُ
ع .عنه إذا ُنحِّي عنه الفََزع، َّد :إذا َس ِه َر .وفَ ِز َ
ع .فالن :إذا أتاه الفََزع ،وفُِّز َ َو َه َج َد :إذا نام ،وتّهَج َ
ُأخر َج الفََزعُ عنها .ويقال :امرأةٌ َن ُذور ،أيع َع ْن ُقلوبِ ِه ْ.م" أي ِ
وفي كتاب اهلل" :حتى إذا فُِّز َ
تصونة عن األقذار ،واللفظ ُيشبه َّ
ضد ذلك. ُم ِّ
فلما قَضينا.
وقوع فعل واحد على عدة معان من ذلك قولهم :قَضى .بمعنى َحتَ َم ،كقوله تعالىَّ " :
مر ،كقوله تعالى" :وقّضى َربُّك أاَّل تَ ْعُبدوا .إال ّإياهُ " أي أمر ِ
ت" .وقَضى .بمعنى أ َالم ْو َ
َعليه َ
فاصَنع ما أنت صانع. قاض" أي ْ ٍ أنت ِ
فاقض ما َ صَن َع ،كقوله تعالى" :
ويكون قضى بمعنى َ
ويكون قضى بمعنى َح َك َم ،كما يقال للحاكم قاض .وقضى .بمعنى أعلم ،كقوله تعالى" :وقَضينا
تاب" أي أعلمناهم .ويقال للميت :قضى ،إذا فَ ِر َ
غ من الحياة. إلى بني إسرائي َل في ِ
الك ِ ْ َ
قوب قضاها". وقضاء الحاجة ،معروف ومنه قوله تعالى" :إاّل حاجة في ِ
نفس َي ْع َ
عز وج ّل:
وان َح ْ.ر" أي الصالة المعروفة .وقوله ّ ك ْ ص ِّل ِل َرِّب َ
ومن هذا الباب قوله تعالى" :فَ َ
ون على َّ إن اهلل ومالِئ َكتَه ي ُّ وص ِّل علي ِه ْم َّ
النبي يا صل َ ُُ َ ك َس َك ٌن لَهُ ْم" أي ادعُ لهم .وقولهَ َ َّ " : صالتَ َ
إن َ " َ
وسلِّموا .تَ ْسليماً" فالصالة من الرحمة ،ومن المالئكة االستغفار، ِ أيُّها الّذين آمنوا ُّ
صلوا علَيه َ َ َ َ
كأصالتُ َ
الدين ،من قوله تعالى في قصة شعيبَ " : والدعاء ،والصالةِّ : ومن المؤمنين الثَّناء ُّ
ِ
وات
وصلَ ٌ.صوامعُ وبَِيعٌ َ ت َك" أي دينك .والصالة :كنائس اليهود ،وفي القرآن" :لَهُ ِّد َم ْ أم ُر َ
تَ ُ
ومسا ِج ُد".
َ
وقوع اسم واحد على أشياء مختلفة
من ذلك :عين الشمس وعين الماء ويقال لكل واحد منهما :العين.
الدنانير ،،.والعين :السَّحابة من ِقَبل القبلة.
الدراهم ،،والعبنَّ :
النقد من َّ
والعينَّ :
والرقيب ،وكلهم قريب من قريب.
يدبان ،والجاسوسَّ .، والعين :مطر أيَّام ال ُيقلع ،،والعينَّ :
الد َ
الركيَّة.
ويقال في الميزان :عين ،إذا رجحت إحدى كفتيه على األخرى ،،والعين :عين َّ
وعين الشيء :نفسه ،،وعين الشيء :خياره.
ِ
الباصرة ،،والعين :مصدر .عانه َعينا. والعين:
ومن ذلك الخال :أخو األم ،ونوع من البرود ،واالختيال ،والغيم ،وواحد .الخيالن.
54
الحار ،والقرآن ناطق به.
ومن ذلك الحميم ،يقع على الماء ِّ
قال أبو عمرو :والحميم :الماء البارد ،وأنشد:
ص بالماء الحميمأغ ُّ أكاد َ
نت قَْبالً * ُ راب و ُك ُ
الش ُغ لي َّ
فسا َ َ
العرق. الحامة ال في َّ ِ
العامة ،،والحميمَ : َّ الخاص ،يقالُ :دعينا في
ُّ الحميم:
فأخذ َحميمها ،أي خيارها. ق َ ص ِّد ُ
الم َ
الخيار من اإلبل ،ويقال :جاء ُُ والحميم:
والصهر ،والجار ،والحليف.. والم ْعتَ ْق ،وابن العم، ِ
ِّ والم ْعتقُ ،ومن ذلك المولى،هو السيدُ ،
صياما".ذلك ِ ومن ذلك العدل ،هو الفدية من قوله تعالى" :أو َع ْد ُل َ
ِ
والحق :وض ُّد َ
الجور. ُّ والرجل الصَّالح،
والعدل :القيمةِّ ،
ِ
األعضاء ،وفي ِّ
الحق ،وفي البدن :فتور. ومن ذلك المرض ،المرض في القلب :هو الفتور عن
ظ ِر. العين :فتور َّ
الن َ
وهذه األبحاث كلها تنبيك عن اتساع اللغة العربية ،األصل األصيل في مبحثنا هذا.
االشتراك اللفظي :فإذا كان الترادف يعني اتحاد المعنى وتعدد .اللفظ ،أو (إطالق كلمتين أو عدة
كلمات على مدلول أو معنى واحد ) ،فإن االشتراك .اللفظي يعنى اتحاد اللفظ في الصيغة
والنطق والكتابة واألصل في أغلب األحيان أيضاً مع تعدد المدلول ،أو بتعبير .آخر (إطالق
كلمة واحدة في اللغة على معنيين فأكثر .على السواء) دون شرط ارتباطها .بالسياق
الكالمي .كما تطلق في العربية مثالً كلمة (الخال) على أخ األم وعلى الشامة ،وكلمة (النوى)
على البعد وعلى جمع النواة ،وكلمة (العين) على العين الباصرة ،وعلى نبع الماء ،وعلى
رئيس أو وجيه القوم ،وعلى الجاسوس ،وعلى النقد والذهب ،وعلى الشيء نفسه ،وعلى
معان أخرى غيرها.
أطلق أهل اللغة اسم القرء على الحيض والطهر وهما ضدان ،وكقوله تعالى :والليل إذا عسعس
أي أقبل وأدبر ،فهو مشترك بين إقبال الليل وإ دباره ،إال أن المشترك .خالف األصل ،واألصل أن
يكون المعنى موضوع له لفظ واحد خاص به أي أن األصل عدم االشتراك ،فاللفظ إذا دار بين
احتمال االشتراك .واالنفراد كان الغالب على الظن هو االنفراد ،واحتمال االشتراك .مرجوح ،وإ ن
لم يكن مرجوحا .فهو خالف األصل لتساوي احتمال االشتراك واحتمال االنفراد وهما قائمان في
كل لفظ /ولم يفهم من اللفظ بدون قرينة تبين معناه المراد ،ولهذا كان تعيين معنى اللفظ
المشترك وتخصيصه بأحد معانيه مفتقرا إلى قرينة فال بد له من قرينة تبين المعنى المراد ،ولو لم
يكن المشترك خالف األصل المتنع االستدالل بالنصوص الحتمال االشتراك .وكون مراد الشارع
غير ما ظهر لنا من المعاني وحينئذ ال تكون مفيدة للظن ،ولهذا فإن المشترك خالف األصل،
55
وكذلك بالمثل نقول هنا أن سبب وجوده قد يرجع إلى اختالف واضعي اللغة باختالف القبائل ،أو
التوسع في اللغة.
ويجوز .استعمال المشترك بجميع معانيه معا على سبيل الحقيقة بدليل وقوعه في القرآن قال تعالى
"إن اهلل ومالئكته يصلون على النبي" والصالة من اهلل مغفرة ومن غيره استغفار ،فالصالة لفظ
مشترك بين المغفرة واالستغفار .،وقد استعملت فيهما دفعة واحدة ،وقال تعالى "َألَم تَر َّ َّ
َأن اللهَ ْ َ
وم واْل ِجَبا ُل و َّ
الش َج ُر و َّ
الد َو ُّ
اب ات و َمن ِفي ْ ِ
ض و َّ
الش ْم ُس َواْلقَ َم ُر َو ُّ ِ ِ
َ َ الن ُج َُ . اَأْلر َ َّم َاو َ
َي ْس ُج ُد لَهُ َمن في الس َ
اس " والسجود ههنا الخشوع ألنه هو المتصور من الدواب ،وهو وضع الجبهة َو َكثِ ٌير ِّم َن َّ
الن ِ
على األرض من الناس ،من هنا نقول أن حمل المشترك .على جميع معانيه عند عدم القرينة
المخصصة احتياطا في تحصيل العلم بمراد المتكلم ،إذ لو لم يحمل على جميع معانيه للزم
إهمال اللفظ أو لزم الترجيح بال مرجح.
ظم ألنا نقولَ :و َجد وهي كلمة ُم ْبهمة فإذا صرفت.
الم ْع َ ِ
وأما التصريف فإن َم ْن فاته عْل ُمه فاتَه ُ
ص ْحت فقلت في المالُ :و ْجداً وفي الضَّالةِ :و ْجداناً وفي .الغضبَ :م ْو ِج َدةً وفي ُ
الح ْزنَ :و ْجداً. َأ ْف َ
الع ْدل .ويقولون ِ
الج ْور إلى َ
فتحو َ.ل المعنى بالتصريف .من َ والم ْقسطُ للعادل َّ ويقال :القاسط للجائر ُ
والمجدبة ُخبَّة ونقول في األرض السهلة
ْ صبة الر ْملِ :خبَّة ولألرض بين ْ
المخ َ للطريقة في َّ
خار
ضعفَ :خار َخ َوراً وفي .الثورَ : وخؤوراً .وفي اإلنسان إذا ُ الخوارة :خارت تخورَ .خوراً ُ ّ
ذهبت ألبانهاَ :ش ْول ضَناك .ويقولون لإلبل التي ضَناك ُّ ُخواراً وللمرأة الضخمةِ :
ْ وللز ْك َمةُ : َ
َّة الماء في الحوض: ت َأ ْذَنابها ِللَّ ْقحُ :ش َّول وهي جمع شائل ولبقي ِ
َ وهي جمع شائلة وللتي شالَ ْ ُ
عمد إلى غير ذلك من الكالم الذي ال َشول .ويقولون للعاشق :ع ِميد وللبعير المتأ ّكل السََّنامِ :
َ ْ
صى. ُي ْح َ
اإلبدال من سنن العرب إبدال الحروف .وإ قامة بعضها مكان بعض ،في قولهمَ :م َد َحَ ،و َم َدهَ،
ُّبح،
ق اهلل الص َ ظ .،و َفلَ َ
مات ،وفا َ
وفاض أي َ
َ وسقَ َع،
كَ ، وصقَ َع ِّ
الدي ُ وخ َز َمَ ، َو َج َّدَ ،و َج َّذَ ،
وخ َر َمَ ،
وفََرقَهُ.
ومكة َّ
وبكة. سيطر .ومص ِ
يطرَّ .، وسراط .،وم ِ
صراط ِ
وفي قولهمِ :
ُ َ ُ
في القلب من سنن العرب القلب في الكلمة وفي .القصَّة.
ط َس َم.
ط َم َس و َ
ولبك ،و َ
وب َك َل َ وب َّ
ضَ ، ب َوض َّ
وجَب َذَ ،
ب َأما في الكلمة فكقولهمَ :ج َذ َ
وأما القصَّة فكقول الفرزدق:
الر ْجم
فريضةَ َّ
َ ناء كان َّ
الز ُ كما َ
فريضة ِّ
الزنا .وكما قال: َ جم
الر ُ
أي كما كان َّ
56
الرماح بالض ِ
َّياط َر ِة الحمر وتَ ْشقى ِّ ُ
الح ْم ُر بالرماح. ِ
أي وتشقى الضَّياط َرةُ ُ
إصَبعي ،وإ َّنما هو إدخال األصبع في الخاتم. ت الخاتَ َم في ْ وكما يقالْ :أد َخْل ُ
صَب ِة ُأولي القُّوة" وإ َّنما العصبة أولُوا َّ
القوة تَنوء بالمفاتيح. نوء بِ ُ
الع ْ
وفي القرآن" :ما َّ ِ
إن مفات َحهُ لَتَ ُ
ت من كلمتين وثالث كلمة واحدة ،وهو جنس من االختصار .كقولهم :رج ٌل النحت العرب تَْن ِح ُ َّ
مي منسوب إلى عبد شمس ،وأنشد الخليل:
عب َش ٌ
ْ
المنادي ِ ين ٍ
الع ِ
جار * ألَ ْم تَ ْح ُز ْنك َح ْي َعلَةُ ُ ود ْمعُ َ
أقو ُل لَها َ
والصْل َدم ،من ق،
وصلَ َ من قولهم :ح َّي على الصَّالة .،وأما قولهم .صه ِ
َّ صهَ َل َصلق ،فهو من َ َْ َ َ
الصْل ِد والصَّدم ،،ولعل مما يلحق بهذا الباب من أبواب التوسع نقل المصطلحات الغربية َّ
منحوته ،كقولهم عن االجتماع واالقتصاد :االجتصاد .
في التصغير من سنن العرب :تصغير الشيء على وجوه:
ود َو َيرة.فمنها :تصغيره تحقيره ،كقولهمُ :ر َجيل ُ
وحد ِه ،وكقول األنصاري :أنا ُج َذْيلُها ش ِ وج َح ْي ُ
وحدهُ ،
ومنها :تصغير تكبير ،كقولهم :عي ْير ْ ِ ِ
َُ ُ
َّب .وكقول لبيد: الم َرج ُ
وع َذ ْيقُها ُ الم َح َّك ُ
كُ ، ُ
ِ صفَُّر ِم ْنها ُّ
األنام ُل ف تَ ْد ُخ ُل َب ْيَنهُ ْم * ُد َو ْي ِهَيهٌ تَ ْ وكل ٍ
أناس َس ْو َ
نيرات ،ومن بني فالن إال ُبَي ْيت.
ومنها :تصغير تنقيص ،كما يقال :لم يبق من بيت المال إال ُدَن ْي َ
ومنها :تصغير تقريب ،كقول امرؤ القيس:
أع َز ِل
األرض لَْي َس بِ ْ
ِ ق بِ ٍ
ضاف فَُو ْي َ.
يد العيد ،وجاءني فالن قَُبي َل الظُّهر. وكقولك :أنا راح ٌل ُب َع َ
ُأخيَّة ويا ُبَنيَّة ،وكقول النبي صلى ور ْح َم ٍة ،كقولهم :يا ُبَن َّي ويا َ
ُأخ َّي ويا َ ٍ
ومنها :تصغير إكرام َ
اهلل عليه وسلم لعائشة :يا ُح َميراء.
وُأغْيِل َمةَ ،وكقول عيسى بن عمرو :واهلل
ودَن ْينِراتَ . ومنها :تصغير الجمع ،كقولكُ :د َر ْي ِهمات ُ
ُأس ْيفاط.
إن كانت إال ُأثَيَّاباً في َ
57
وأتيقَّن.
أي َ
ِّد .وفي القرآن" :وتَجعلون ِ
هلل ْأنداداً" على المعنيين. والن ُّدِ :
المث ُل والض ُّ َّ
َْ َ
والزوجَّ :
الذكر واألنثى. َّ
والقانِعُ :السَّائل والذي ال يسأل.
والريان.
طشان َّ الع ْ
والناهلَ : َّ
ابن فارس :فمن سنن باب آخر -في جملة من سنن العرب التي ال توجد في غير لغتهم :قال ُ
العرب مخالفةُ ظاهر اللفظ معناه كقولهم عند المدح :قاتله اللّه ما أشعره فهم يقولون هذا وال
الرجل فيالتعجب من إصابة َّ وهبِلَتْه ِ
وثكلَتْه .وهذا يكون عند
ّ ُأمه َ
وقوعه .وكذا َه َوت ُّ
َ ُيريدون
َر ْميه أو في فعل يفعله .إخراج الشيء المحمود .بلفظ يوهم ضد ذلك
النابغة ُّ
الذبياني: كما يقال :فالن كريم غير َّأنه شريف ،ولئيم غير ّأنه َخسيس ،وكما قال َّ
تائب أن ُسيوفَهُ ْم * بِ ِه َّن ُفلو ٌل من ِق ِ
راع ال َك ِ ب في ِه ْم َغ َير َّ
وال َع ْي َ
عدي:
الج ّ النابِ َغة َ
وكما قال َّ
أخالقُهُ َغ َير َّأنهُ * َج ٌ
واد فما ُيبقي من المال باقيا فتى َك َملَت ْ
ً
وقال بعض البلغاء :فالن ال َعيب فيه غير أن ال عيب فيه َي ُر ُّد عين الكمال عن معاليه.
ضعوا الكلمة للشيء ُم ْستعارةً من موضع آخرقال :ومن سنن العرب :االستعارة وهي أن َي َ
الحرب .ويقولون للبليد :هو ِح َمار.
ُ ت عن ساقها تفرقُوا وك َشفَ ْ
صاهم إذا َّ فيقولون :انشقَّ ْ
ت َع َ
تريد ال أفعل.
الحذف واالختصار يقولون :واللّه أفع ُل ذاك ُ
ُ قال :ومن سنن العرب
58
ض عن هذا" أي يا يوسف .ومن ذلك حذف أواخر األسماء المفردة أع ِر ْ
القرآن" :يوسف ْ
صاح ،أي يا حارث ويا مالك ويا ُِ حار يا ما ُِل وياالمعرفة في النداء دون غيره ،كقولهم :يا ُِ
َّ
الشاذة" :ونادوا .يا ما ُل" .وقال امرؤ صاحبي ،ويقال لهذا الحذف :الترخيم وفي .بعض القراآت
القيس:
ض هذا التَّ ِ
دلل ِ
أفاط ُم َمهالً َب ْع َ
وقال عمرو بن العاص:
صنعُ
كيف تَ َ
نك ُدنيا فانظَُر ْ.ن َ به ِم َأنل * ِ ولم ْك ديني ْ عاوي ال أعطي َُم َ.
باهلل فح َذفوا (أحلف) للعلم به ،واالستغناء عن ِذكره ،وقولهم: ف ِ باهلل ،أي ِ
أحل ُ ومن ذلك قولهمِ :
باسم اهلل ،أي أبتَِدُئ باسم اهلل.
ومن ذلك حذف األلف منه لكثرة االستعمال ،ومن ذلك ما سيأتي ذكره في حفظ التوازن ،كقوله
ق"."يوم التَّال ِ
تعال" و َ. سر" و"الكبير الم ِ عز ِذكرهِ " :
والليل إذا َي ِ ّ
ُ ُ
بن عمرو. بن َجعفر ،وزيدُ . محمد ُ
ُ ومن ذلك حذف التنوين من قولك:
يدى لزيد (،ال يدين)
غالم ْى لك( ،ال غالمين) وال ْ
َ وحذف نون التثنية عند النفي كقولك :ال
كم ْى له .ومن ذلك حذف نون الجمع عند اإلضافة ،في قولك :هؤالء ساكنوا مسكة، وقميص ال َّ
األرض وِلُن َعلِّ َمهُ من
ِ ف في
يوس َ. عز ذكره" :وكذلكِ َّ .ومسلمو القوم .ومن الحذف قوله َّ
مكنا ل ُ
ِّ ِ ِ
هر ،أي صالة تأويل األحاديث" وتقديره :وِلُن َعلمه فَ َعْلنا ذلك .ومن الحذف قولهم :صلّيت الظُ َ
الظهر ،وكذلك سائر الصلوات األربع.
ورأيت
ُ رأيت بِ َعيني
ُ الفراء :تقول العرب:
مرة قال َّ
مرة وبأحدهما َّ
في االثنين ُيعبَّر عنهما َّ
بيدي") ِ بِ َع َين َّيّ ،
والد ُار في َيدي وفيَ .ي َديَّ( .كثيرا ما تساءلت كيف يقول الحق سبحانه "خلقت ّ
وكل اثنين ال يكاد أحدهما ينفرد فهو على هذا المثال كاليدين والرجلين .قال الفرزدق:.ُّ
ِ ِ ولو ب ِخلَ ْ ِ
ت * لَكان َعلَ َّي للقَ َد ِر الخ ُ
يار ضَّن ْ ت به َو َ َ
يداي .وقال اآلخر: (ضنت) بعد قوله َ فقال َّ
ت به فانهلَّ ِت ب قََر ْن ُفل * أو ُس ْنُبالً ُك ِحلَ ْ الع َين ِ
ين َح َّ َّ
وكأن في َ
العينين) وقال به .وقد ذكر القََر ُنف َل والس ُّْنُب َل .وقال آخر: ِ فقال ُك ِحلَت به بعد قوله (في
ظلَّتا تَ ِك ِ
فان راء َفْل ٍج َ
ص ْح َ مان الذي َمضى * بِ َ الز َت َعْيني َّإذا َذ َك َر ْ
ِّ
المحدثين: وقال بعض
ض ِل َّ
الشهير َكحي ُل فإنها * بِ َم ْج ِد َ
ك والفَ ْ ك بِ َع ْيَنيها المعالي َّ
فَ َدتْ َ
ويقال :وقعت عينه عليه أي عيناه ،وفالن حسن الحاجب ،أي الحاجبين ،وأخذ بيده أي بيديه،
وقام على رجله أي رجليه.
59
في حفظ التوازن العرب تزيد وتحذف .حفظا للتوازن وإ يثاراً له ،أما الزيادة فكما قال تعالى:
فَأضلُّونا السَّبيال"( .السبيل) ِ ُّ
ون باهلل الظنونا( ،".الظنون) وكما قالَ " : "وتَظُُّن َ
يوم ِ جل إسمه" :والليل إذا َي ِ وأما الحذف فكما قال َّ
المتعال" ،وقالَ " :
الكبير ُ
سر" (يسري) وقالُ " : َّ
ق" .وكما قال لبيد: يوم التَّال ِ َّ ِ
التناد" (التنادي) و " َ
بي َو َع َج ْل ِ ِ َّ
خير َن َف ْل * وبإذن اهلل َر ْ
إن تَقوى َربِّنا ُ
أي وعجلي ،وكما قال األعشى:
بت لهُ ْأن َك َر ْن
انتس ُ ِ ٍ
ومن شانئ كاسف َوجهُهُ * إذا ما َ
أي أنكرني.
قال :ومن سنن العرب الزيادةُ إما لألسماء أو األفعال أو الحروف .نحو " ويبقى وجه ربك" أي
ربك " ليس كمثله شيء" "وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله" أي عليه. ّ
الكناية عما لم يجر ذكره من قبل العرب تقدم عليها توسعا .واقتدارا .واختصارا ،ثقة بفهم
فان" أي من على األرض وكما قال" :حتى عزض ذكرهُ " :ك ُّل من عليها ٍ
طب ،كما قال ّ
الم َخا َ
ُ
عز وجل" :كاّل إذا َبلَ َغ ِت التَّ َ.
راقي" يعني الروح، توارت بالحجاب" يعني الشمس ،وكما قال َّ
فكنى عن األرض والشمس والروح ،من غير أن أجري ذكرها.
وقال حاتم الطائي:
َّدر َّ
وضاق بها الص ُ
َ ت يوماً
حشر َج ْ
راء عن الفَتى * إذا َ أماوي ما ُي ْغني الث ُ
َّ
يعني :إذا حشرجت النفس ،وقال ِدعبِل:
ق صلُ َح ْن من َبعده ِل ُم ِ
خار ِ مض َِ
طلعاً بها * َفلَتَ ْ إن كان إبراهيم ْ
يعني :الخالفة ،ولم يسمها فيما قبل .وقال .عبد اهلل بن المعتز:
قيق
الع ُ
ط َ
انخ َر َ
وسلسلها كما َ
َ دعوت فَهَ َّ
ب َنحوي * ُ َوَندمان
يعني :وسلسل الخمر ،ولم يجر ذكرها.
تخص منه األفضل
ّ االختصاص بعد العموم العرب تفعل ذلك ،فتذكر الشيء على العموم ،ثم
فاألفضل ،فتقول :جاء القوم والرئيس والقاضي .وفي القرآنِ " :
حافظوا .على الصلوات
ور َّمان" .وإ نما أفرد اهلل الصالة الوسطى والصالة الوسطى .".وقال تعالى" :فيهما ِ
ونخ ٌل ُ
فاكهَةٌ َ
من الصالة وهي داخلة في جملتها ،وأفرد .التمر والرمان من جملة الفاكهة ،وهما منها
لالختصاص والتَّفضيل ،كما أفرد جبريل وميكائيل من المالئكة فقال" :من كان عدواً ِ
هلل
ور ُسله وجبري َل وميكا َل". ِئ ِ
ومال كته ُ
فخص السبع ،ثم أتى
ّ ظيم"،
الع َ
والقرآن َ
َ المثاني
من َناك َس ْبعاً َ
ضد ذلك قال اهلل تعالى" :ولَقَ ْد آتَْي َ
و ّ
بالقرآن العام بعد ذكره إياه.
60
ما ظاهره أمر وباطنه زجر هو من سنن العرب ،تقول العرب :إذا لم تَستَ ِح فافعل .ما ِش َ
ئت.
افعلوا ما ِشئتُم" ،وقال ج ّل وعال" :ومن شاء َفِلَيكفُر".
وفي القرآنَ " :
قال :ومن سنن العرب الزيادةُ في حروف االسم إما للمبالغة وإ ما للتسوئة والتقبيح نحو َر ْع َشن
صْلد. ِ ِ وز ْرقُم للشديد َّ
الز َرق .و َش ْدقَم .للواسع الشدق وصْلدم للناقة الصُّلبة واألصل َ للذي يرتعش ُ
التس ُّمع والتََّنظُّر. وس ْم َعَّنةٌ نِ ْ
ظ َرّنة للكثيرة َ
وط ِر َّماح للمفرط الطول ِ
ومنه ُكّبار وطُ َّوالِ .
التكرير واإلعادة إرادةَ اإلبالغ بحسب العناية باألمر قال الحارث بن ُ. قال :ومن سنن العرب:
قربا مربط ِ ُ ٍ الن ِ
عامة ِّ عباد :قَِّربا َمربط َّ
فكرر قولهّ :
حرب وائل عن حيال ّ تمني لَقَ َح ْ ّ
أبيات كثيرة عنايةً باألمر وإ رادةَ اإلبالغ في التنبيه والتحذير. النعامة مني في رؤوسٍ .
يقع:
قال :ومن سنن العرب إضافةُ الفعل إلى ما ليس فاعالً في الحقيقة يقولون :أراد الحائطُ أن َ
إذا مال وفالن يريد أن يموت :إذا كان ُم ْحتضراً .من سنن العرب أن تعرب عن الجماد بفعل
طني
وض وقال قَ ْ
الح ُ
اإلنسان ،كما قال الراجز :امتَأَل َ
وليس هناك قول ،وكما قال َّ
الشماخ:
ديق
ين َح ُرامتَ ِ ِ
ب َس ْه َوقا * .أطاع لهُ م ْن َ أحقَ َ
حل ْالر َ
كسوت َّ
ُ كأني
فجعل الحديق مطيعا لهذا العير لما تمكن من رعيه ،والحديق .ال طاعة له وال معصية ،وفي.
ض" ،وال إرادة للجدار ،ولكنه من توسع أن َي ْنقَ َّ
ريد ْ عز َّ
وجل" :فَ َو َجدا فيها ِجداراً ُي ُ كتاب اهلل َّ
ُّولي :ما رأيت أحداً أ َش َّد َب َذخا بالكفر من أبي فراس، العرب في المجاز واالستعارة ،قال الص ّ
وال أكثر إظهارا له منه وال أدوم تعبثا بالقرآن قال يوما ونحن في دار الوزير أبي العباس أحمد
بن الحسين ننتظر .مجيئه :هل تعرف للعرب إرادة لغير مميز؟ فقلت :إن العرب تعبر عن
الجمادات بقول وال قول لها ،كما قال الشاعر:
طني
الحوض وقال قَ ْ
ُ امتأل
عز
عرض بقوله ّ ثم قول ،قال :لم أرد هذا ،وإ نما أريد في اللغة إرادة لغير مميز ،وإ نما ّ وليس َّ
عز َّ
وجل بأن تذكرت قول الراعي: فأقامهُ" فأيَّدني اهلل َّ وج ّل" :فوجدا فيها ِجدارا يريد أن ْينقَ َّ
ض َ
ق الفُ ِ
ؤوس إذا َأر ْد َن نصوال به هاماتُها * َفْل َت ِ في َم ْه َم ٍه ُفِلقَ ْ
وس َّر بذلك من كان صحيح النيَّة ،وسود .اهلل وجه أبي فراس. فكأني ألقمته الحجرُ ،
61
والعرب تسمي التهيؤ للفعل واالحتياج إليه إرادة .قال أبو محمد اليزيدي :كنت والكسائي .عند
العلَوي فجاء غالم له وقال يا موالي ،كنت عند فالن فإذا هو يريد أن
العباس بن الحسن َ
مم ضحكتما؟ قلنا من قوله :يريد أن يموت ،وهل يريد اإلنسان أن
يموت ،فضحكنا .،فقال َّ
فأقامهُ" ،وإ نما هذا
ض َ فوجدا .فيها ِجداراً يريد أن َي ْنقَ َّ
يموت؟ فقال العباس :قد قال اهلل تعالىَ " :
مكان يكاد .فَتََنبَّهنا .واهلل أعلم.
وأكرمته،
وأكرمته زيد وتقديره :أكرمني زيد َ أكرمني َإضافة االسم إلى الفعل .العرب تقولَ :
أفرغ عليه ِقطرا ".تقديره :آتوني ِقطراً أفرغ عليه،كما قال تعالى حكاية عن ذي القرنين" :آتوني ِ
وكما قال َّ
حل جالله" :الحمد هلل الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجاً قيِّماً" وتقديره
أنزل على عبده الكتاب قيِّما ،ولم يجعل له عوجا.
جمع الفعل عند تقدمه على اإلسم ُربما تفعل العرب ذلك ،ألنه األصل فتقول :جاؤوني بنو
فالن ،وأكلوني البراغيث ،وقال الشاعر:
الن ِ
واض ِر ضن َعِّني بالخدودَّ . الح بِ ِ الغواني َّ
أعر َ
عارضي * فَ َ يب َالش َ رَأين َ
َ
وقال آخر:
حاسناً * ألقَ ْحَنها ُغ ُّر السَّحاِئ ْ
ب الربيع م ِ
َ ُنتِ َج َّ
ثير منهم". وص ُّموا َك ٌ ثم َعموا َ ظلَموا" ،وقال ج ّل ذكرهّ " : النجوى الّذين َ وأس ُّروا َّ
وفي القرآنَ " :
وع ُد ّو قال تعالى: ِ
ض ْيف َ قال :ومن سنن العرب ذ ْك ُر الواحد والمراد .الجمع كقولهم للجماعةَ :
ضيفي" ،ولم يقل :أعدائي وال أضيافي .إقامة الواحد ُمقام الجمع :قََر ْرنا به عيناً ،أي "هؤالء َ
ثم ُي ْخ ِر ُج ُكمِ .ط ْفال"
شيء منهُ َن ْفساً" ،وقال ج ّل ِذكرهَّ " : ٍ أعيننا .وفي القرآن" :فإن ِط ْب َن ل ُكم عن
فاعتُهم شيئاً" ،وتقديره :وكم من ِ ٍ
أي أطفاال ،وقال تعالى" :وكم من َملَك في السَّموات ال تُغني َش َ
ب العالَمين" .وقال :وقال ج ّل عدو لي إال َر َّعز من قائل" :فَ َّإنهُمٌ . مالئكة في السموات ،وقال ّ
أح ٍد منهم" ،والتفريق .ال يكون إال بين اثنين ،والتقدير :ال ُنفَِّرق بينهم، بين َ
ق َ جالله" :ال ُنفَِّر ُ
والمالئ َكةُ َب ْع َد َّ طلَّ ْقتُُم ِّ وقال" :يا ُأيها َّ
النساء" .وقال" :وإ ْن ُك ْنتُم ُجُنباً فاطهَروا .".وقالَ " : بي إذا َ
الن ُّ
ظ ِهير".
ذلك َ
وألن
ومن هذا الباب سنة العرب أن يقولوا للرجل العظيم والملك الكبير :انظروا .من أمريّ ،
ِ
يخاطبون في الجواب، قضي هذا اإلبتداء أمرنا ،فعلى
َّ السادة والملوك .يقولون :نحن فعلنا وإ ّنا َ
ب ْار ِجعون".
حض َره الموتَ " :ر ِّ
عمن َ
كما قال تعالى ّ
62
وذكر الجمع والمراد واحد أو اثنان قال تعالى" :إن نعف عن طائفة" .والمراد واحد " .إن الذين
ُ
ينادونك من وراء الحجرات" والمنادي واحد "بم يرجع المرسلون" وهو واحد بدليل ارجع إليهم
"فقد صغت قلوبكما .".وهما قلبان .في جمع شيئين من اثنين.
الع َم َرين ِ
من سنن العرب إذا ذ َك َرت اثنين أن تُجريهما مجرى الجمع ،كما تقول عند ذكر ُ
لوب ُكما ،".ولم
ت ُق َص َغ ْ
عز ذكره" :إن تتوبا إلى اهلل فقد َ والح َسنينَ :ك َّر َم اهلل وجوههما .،وكما قال ّ
َ
طعواْ .أي ِدَيهُما" ،ولم يقل يديهما. َّارق والس ِ
َّارقَةُ فا ْق َ عز وج ّل" :والس ُ
يقل :قلباكما ،وكما قال ّ
وصفة الجمع بصفة الواحد نحو "وإ ن كنتم جنبا" " والمالئكة بعد ذلك ظهير".
أح َذاق قال :جاء
وحْب ٌل ْ
أهدام َ وثوب ٌْ أعشار
ٌ وصفة الواحد أو االثنين بصفة الجمع نحو ُب ْر َمةٌ
يسمون َّ
كل ُبقعة منها َس ْب َسباً التِّساعها .قال :ومن ب ُّ أخالق وأرض سب ِ
اس ٌ ْ يصيال ّشتاء وقَ ِم ِ
ََ
راك ِ
ومآكم. الجمع الذي يراد به االثنان قولهم :امرأة ذات أو ٍ
ْ ُ
إجراء اإلثنين ُمجرى الجمع قال ال ّشعبي ،في كالم له في مجلس عبد الملك بن مروان:
شعبي ،قال :يا أمير المؤمنين ،لم أْل َحن ،مع قول
ّ رجالن جاؤوني ،فقال عبد الملك :لَ َحنت يا
ك يا فقيهَ العراقين،
در َ
ص ُموا في ربهم" .فقال عبد الملك :هلل ُ
اختَ َ
عز وج ّل" :هذان َخصمان ْ اهلل ّ
قال :ومن قد شفيت وكفيت.
بعض ِ
أمري وكان ُ سنن العرب مخاطبةُ الواحد بلَ ْفظ الجمع فيقال للرجل العظيم :انظُ ُروْا في ْ
نحن فَ َعْلنا فعلى هذا االبتداء ُخوطبوا .في
أصحابنا يقول :إنما ُيقال هذا ألن الرج َل العظيم يقولُ :
الجواب .ومنه في القرآن" :قال رب ارجعون".
قال :ومن سنن العرب أن تذكر جماعة وجماعة أو جماعة وواحداً .ثم تخبر عنهما ِ
بلفظ االثنين
واألرض كانتا َرتْقاً فَفَتَ ْقناهما" كما قال األسود
َ الذين َكفَروا َّ
أن السَّموات في التنزيل " ََأولَم َير َ
بن َيعفُر:
بان َسوادي توف ِكلي ِهما * في ِّ
كل يوم ترقُ ِ والح َ. َّ
إن المنايا ُ
وقال آخر:
غلب قَد تَبايَنتا ِ
انقطاعا ِ ِ ألم ي ِ ِ
َ حزنك أن حبا َل قَيس * وتَ َ ُ
الغائب ثم
َ تحول الخطاب إلى الغائب أو تخاطب الشاهد ثم ِّ
َ قال :ومن سنن العرب أن تخاطب
تخاطب المخاطب ثم يرجع الخطاب لغيره نحو" :فإن لم َ تحوله إلى الشاهد وهو االْلتِ ُ
فات وأن ِّ
يستجيبوا لكم" .الخطاب للنبي صلى اهلل عليه وسلم ثم قال للكفار":فاعلموا أنما أنزل بعلم اهلل".
يدل على ذلك قوله" :فهل أنتم مسلمون".
خبر عن غيره نحو" :والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا .يتربصن"َّ .
فخبر. ٍ
وأن ُيبتدأ بشيء ثم ُي َ
عن األزواج وترك الذين.
63
قال :ومن سنن العرب أن تَْن ُِسب الفعل إلى اثنين وهو ألحدهما نحو" :مرج البحرين" إلى وإ لى
الجماعة وهو ألحدهم نحو ":إذ قتلتم نفسا فادارأتم .فيها" والقاتل واحد .قال تعالى" :ما كان
للم ْش ِركين أن يعمروا .مسا ِج َد ِ
اهلل" ،وإ نما أراد المسجد الحرام، َ َ ْ َ ُ ُ
قال :ومن وإ لى أحد اثنين وهو لهما نحو" :واهلل ورسوله أحق أن يرضوه".
المخاطب واحداً .أنشد
ُ أمر االثنين نحو :افعال ذلك ويكون تأمر الواحد بلفظ ِ سنن العرب أن َ
واج َد َّز ِشيحا وقال :فإن تزجراني يا بن َعفّان
فقلت لصاحبي ال تَ ْحبِ َسَّنا َبن ْزع ُأصوله ْ الفراءُ : َّ
ممنعا وقال اللّه تعالى" :ألقيا في جهنم" وهو خطاب لخزنة النار أحِم ِع ْرضاً َّ ْأن َز ِجر وإ ن تَ َدعاني ْ
كالم الواحد على
الرفقَة أدنى ما تكون ثالثة نفَر فجرى ُ والزبانِية .قال :ونرى أن أص َل ذلك أن ُّ َّ
قال :ومن سنن يلي. ِ
صاحبي ويا َخل ّ
ّ. أكثر الناس قوالً :يا
صاحبيه أال ترى أن الشعراء ُ
ْ
الرقاب "
ب ِّ
ض ْر َ
مقام األمر نحو " فَ َ
مقام الكلمة كإقامة المصدرَ .
التعويض وهو إقامةُ الكلمة َ
ُ العرب
مقام المصدر نحو " بِ ِّأي ُك ُم
مقام المصدر .نحو " ليس َلو ْقعتها كاذبة " أي تكذيب .والمفعول َوالفاعل َ
الم ْفتُون " أي الفتنة .والمفعول مقام الفاعل نحو " :حجاباً َم ْستوراً ".
َ
ورضاً.: في إقامة اإلسم والمصدر مقام الفاعل والمفعول تقول العرب :رجل َع ْدل :أي عادلِ ،
وح ْرب :أي محاربون .وفي القرآنَّ " :
ولكن ِ
أي َم ْرضي ،وبنو .فالن لنا َسْلم :أي مسالمونَ ،
ِ
آمن باهلل ،فأضمر ذكر البر وحذفه.ومن سنن آم َن باهلل" ،وتقديره :ولكن البَِّر بُِّر من َ ِ
الب َّر َم ْن َ
ماض نحوٍ العرب أن تأتي بالفعل بل ْف ِظ الماضي وهو حاضر .أو مستقبل أو بلفظ المستقبل وهو
الشياطين " أي
ُ ُأمة " أي أنتم " واتَّبعوا ما تَ ْتلوا
خير َّقوله تعالى" :أتى أمر اهلل" .أي يأتي " .كنتُم َ
سر كاتم أي مكتوم .وماء دافق أي َمدفوق. ما تَلَت .وأن تأتي بالمفعول ِ
بلفظ الفاعل نحوٌّ :
آمناً أي مأموناً .فيه .وبالفاعل بلفظ المفعول نحو عيش وعيشة راضية أي مرضي بها .وحرماً ِ
َ ْ ّ
قال :ومن سنن العرب مغبون أي غابِن ذكره ابن السِّكيت.
نائم ولي ٌل ساهر .قال :ومن سنن العرب ِ
وصف الشيء بما يقعُ فيه نحو :يوم عاصف وليل ٌ
ُ
بالربع أسأله.
وقفت َّ
ُ ِّ
كالحق منه قولهم: يتوهم أحدهم شيئاً ثم يجعل ذلك
التوهم واإليهام وهو أن ّ
ّ
يعلم أنه ال يسمعُ وال َي ْع ِق ُل لكنه تفجَّع لما رأى َّ
الس ْكن َرحلوا وهو أكم ُل عقالً من أن يسأل َر ْسماً ُ
الفرق
ُ قال :ومن سنن العرب كثير في أشعارهم. الربع أين ْانتَ ْأوا وذلك ٌ َّ
وتوهم أنه يسأل َّ
وي ْخ ِفر إذا َنقض من
وي َداوي .من الدواء ُ ضدين بحرف أو حركة كقولهمَ :ي ْد َوى .من الداء ُ بين ّ
ويخفر إذا أجار ِم ْن َخفَر ولُ َعَنة إذا أكثر اللَّعن ولُ ْعَنة إذا كان َيُْل َعن ُ
وس َخرة أخفر ِ
وه ْزأة ُ
وه َزَأة ُ
قال :ومن سنن العرب البسطُ وس ْخرة.
ُ
وزن الشعر وتَ ْسوية قوافيه كقوله: االسم والفعل ولعل أكثر ذلك إلقامة ْ ِ بالزيادة في عدد حروف
هم أن الج ْدي والفُْرقودا .إذا عميرهم أن يرقودا لو َّ دة ُخمودا ْ ِ ِ خام ٍ
وليلة ِ
ٍ
أن عمراً ّ طخياء تُ ْعشي َ ُ
64
ضقال :ومن سنن العرب القَْب ُ َي ْرقُودا .أي َي ْرقد.
الخْل َخل أي
موت َ
ص ُ شاح ْين َ صان من عدد الحروف كقولهَ :غ ْرثَى ِ
الو َ للبس ِط وهو ُّ
الن ْق ُ محاذاةً ْ
الترخيم .في النداء
باب ْ
الحباحب .ومنه ُ
المنا يريدون المنازل ونار ُ
الخْلخال .ويقولونَ :د َرس َ
َ
قال :ومن سنن العرب ابن عمك.
عمك أي للّه ُ
وغيره ومنه قولهم :اله ابن ِّ
وتفر :أي أترى ثعلباً
اسلَمى أي يا هذه أو لألفعال نحو :أثعلباً ّ
اإلضمار إما لألسماء نحو أال يا ْ
ُ
الوغى أي أن أ ْشهد. ومنه إضمار .القول كثيراً أو للحروف نحو :أال ّأيهذا َّ
أشهد َ
الزاجري َ
مقدم
مؤخر .وتأخيرهُ وهو في المعنى ّ
تقديم الكالم وهو في المعنى ّ قال :ومن سنن العرب ُ
ينسكب منها الماء وقوله تعالى" :
ُ الماء َي ْن َس ِكب أراد ما با ُل عينك
كقوله :ما با ُل عينيك منها ُ
مسمى " فأجل معطوفة على كلمة والتأويل :ولوال ِ
وأج ٌل ّ
ت من َرّبك لكان لزاماً َ ولوال كلمةٌ َسبقَ ْ
العذاب ِ
الزماً لهم. ُ مسمى لكان
كلمةٌ سبقت من ربِّك وأجل ّ
عز َّ
وجل" :يا مريم اقنتي لربك واسجدي. والمقدم غيره ،كما قال َّ
َّ العرب تبتدئ بذكر الشيء
عز َّ
وجل" :يهب واركعي مع الراكعين" وكما قال تعالى" :فمنكم كافر .ومنكم مؤمن" وكما قال ّ
لمن يشاء إناثا ،ويهب لمن يشاء الذكور" وكما قال تعالى" :وهو الذي خلق الليل والنهار ".وكما
قال حسان بن ثابت في ذكر بني هاشم:
المتَ َخي َُّر ِ
علي ومنهم أحمد ُ
أمه * ٌَبهاليل منهم جعفر وابن ّ
العبدي:
ّ وكما قال الصَّلتان
بي فَ ِملَّتنا أننا مسلمون * على دين ِّ
والن ْ
صديقنا ّ
اعمل -واللّه ِ
ناصري - .ما ْ ِ
وتمامه كالم نحو: ترض بين الكالم ِ
العرب أن َي ْع ِ قال :ومن سنن
إيماء دون التصريح نحو طوي ُل ً شير إلى المعنى إشارةً وتومُئشئت .قال :ومن سنن العرب أن تُ َ
العنانُ :يو ِمئون إلى الخفَّ ِة
ط ِرب ِالجود و َالرداءُ :يو ِمئون إلى ُ
وغ ْمر ِّ
الرجل َ ِّ
النجاد يريدون طو َل َّ
قال :ومن والرشاقة.
َّ
قلت سيروا. الكالم كقوله :إذا ُ تكف عن ذكر الخبر اكتفاء بما ُّ
يدل عليه الكف وهو أن َّ سنن العرب ُّ
ُ ً
قال :ومن سنن ب ترك َخَبر لعلها. َّ
ضُأع َ
دون ليلى مائ ُل القَ ْرن ْ
نحو ليلى لعلها جرى َ
جمع أرض
الموات وما ال َي ْعقل في بعض الكالم َم ْجرى بني آدم كقوله في ِ
َ العرب أن تُ ْجري
يسبحون " .ذلك من سنن العرب ،كما تقول :أكلوني ٍ أرضون وقال تعالىٌّ " :
كل في َفلَك َ
ِ ِ
نودهُ"،
وج ُادخلوا َمساكَن ُك ْم ال ُي َحط َمَّن ُك ْ.م ُسلَيمان ُ
النم ُل ُعز وج ّل" :يا ُأيها َّ
البراغيث ،وكما قال ّ
َّة من ماء ،فَ ِمنهُم من َي ْمشي على َبطنِ ِه ،ومنهم .من كل داب ٍ
ق َّ
وكما قال سبحانه وتعالى" :واهلل َخلَ َ
َيمشي على ِرجلين ومنهم .من َيمشي على ْأرَبع" ،ويقال :إنه قال ذلك تغليبا لمن يمشي على
65
ومن سنن العرب رجلين وهم بنو آدم( .من يمشي على بطنه األصل يزحف)
ومن سنن العرب َّ
المؤنث إذا اجتمعا. تغليب ما يعقل كما ُي َغلَّب المذ ّكر على
المذكر في الجمع ،قال تعالى" :وقال نِ ْس َوةٌ في المدينة" ،وقال" :قالت
َّ تذكير المؤنث وتأنيث
حمل اللفظ على آمَّنا".
األعراب َ
ُ
المعنى في تذكير المؤنث وتأنيث المذكر من سنن العرب ترك حكم ظاهر اللفظ ،وحمله على
معناه ،كما يقولون :ثالثةُ أنفس ،والنفس مؤنثة ،وإ نما حملوه على معنى اإلنسان أو معنى
ال ّشخص .قال الشاعر:
الح ِند ِ
س تألألت في ِ
ُ جوم أنفس * ِمث ُل ُّ
الن ِ ما عندنا إال ثالثة ِ
وقال عمر بن عبد اهلل بن أبي ربيعة:
بان ومع ِ ٍ ِ كنت أتَّقي * فكان ِم َجِّني دون ما ُ
ص ُ.ر خوص كاع ِ َ ُ ْ ثالث ُش
ُ
فحمل ذلك على أنهن نساء .وقال األعشى:
قوم وكانواُ .هم الم ْن ِف ِدين * َشربه .م قَْب َل تَْن ِ
فادها ِل ٍ
َ َ ُُ ُ ُ َ
الكف وهي مؤنثة في قوله: ّ فأنث الشراب لما كان الخمر المعني ،وهي مؤنثة ،كما ذكر َّ
ض ُّم إلى َك ْشحيه كفَّاً ُم َخضَّبا أرى رجال منهم أسيفاً َّ
كأنما * َي ُ
66
ونسوا .اللّه َفنسيهم " ." .وجزاء سي ٍ
ِّئة سيئةٌ مثلُها " .ومث ُل هذا في شعر ِ
ُ منهم َسخر اللّهُ منهم "ُ َ " .
الغ َدايا فوق ِ
جهل الجاهلينا ،،ومن نظائرَ . فنجهل َ.
َ أحد علينا
العرب قول القائل :أال ال َي ْجهلن ٌ
ت إلى عيش ط ْوبة أي ُْأب َ
العرب للرجل إذا قدم من سفَرْ :أوَبةً و َ
ُ والعشايا ما في الجمهرة تقول
ط ْوبة
طيبة فقالوه بالواو .لمحاذاة أوبة وقال ابن خالويه إنما قالواَ :طيب واألصل َ ٍ
ومآب ّ طيِّب
ِ
فإنه
وشر ما ُي َرى ّ
وح ّمى َخ ْيَب َرىُّ . ألنهم ْأز َوجوا به ْأوبة .وفي .ديوان األدب :يقال :بِفيه َ
الب َرى ُ
وفيه :يقال أخذني من َخ ْي َسرى يعني الخسران وهو على االزدواج.
حدث في شيء من الكالم إال في هذا الموضع وذلك لمكان قدم على ض ّم َ
ذلك ما قَ ُدم وما َح ُدث ال ُي َ
ِ
مْأمورة أي
مأبورة أو ُم ْهرة ُ خير المال س َّكةٌ ُاالزدواج .وفي .أمالي القالي :قال أبو عبيدة :يقال ُ
كثيرةُ الولد وكان ينبغي أن يقالُ :مْؤ َمرة ولكنه اتبع َمْأبورة .والسكة :السطر .من َّ
الن ْخل .وفي.
ومرأني .إذا أتبعوها َهنأني قالوها .بغير ألف فإذا أفردوها الصحاح :قال الفراء يقالَ :هنأني الطعام َ
قالوا :أمرأني .وفيه :يقال له عندي ما ساءه وناءه قال بعضهم :أراد ساءه وأناءه وإ نما قال ناءه
والغداةُ ال
بالغ َدايا والعشايا َ ليز َد ِوج الكالم كما يقال :إني آلتيه َ
يتعدى -ألجل ساءه ْ -وهو ال ّ
أخبَِي ٍة والّج ْأبوبِة ولو اك ْتجمع على غدايا .وفيه :جمعوا الباب على أبوبة لالزدواج قالَ :هتَّ ِ
ون ْكساً .وإ نما هو ُنكس بالضم وإ نما فُتح هنا لالزدواج .وقال أفرده لم يجز .وفيه يقال :تَ ْعساً له َ
الفراء :إذا قالوا :النجس مع الرجس أتَْبعوه إياه فقالواِ :ر ْجس نِ ْجس بالكسر وإ ذا أفردوه قالوا:
ت ْتزويجاً. ت وال تَلَْي َ
َنجس بالفتح :قال تعالى "إنما الم ْشركون َن َجس " .وفي الصحاح يقال :ال َد َر ْي َ
للكالم واألص ُل وال ائتليت وهو افتعلت من اإلتباع وهو من سنن العرب وذلك أن تتبع الكلمة
ِ ِ
ور ِويِّها إشباعاً وتوكيداً اتِّساعاً كقولهم :جائع نائع ،وساغب الغبَ ،
وعطشان الكلمة على وزنها َ
وخراب َيباب .وقد شاركت العرب العجم في هذا الباب. بَ ، ض َّ وص َّ
ب َ طشانَ ،َن ْ
ومن ذلك إشتقاق نعت الشيء من اسمه عند المبالغة فيه ذلك من سنن العرب كقولهمَ :يوم ْأي َوم،
وحرز ظلي ٌلِ ، ِ
دوق،وظ ٌّل َص ِ
وصديقَ .
صليبَ ، وصلب َ
وأسد أسيدُ ،وروض َْأرَيضَ ، ولَيل أْلَيلَ ،
ِ
قال ابن وداء َد ِو ّ
ي. َحريز ،وك ٌن َكنينٌ ،
االقتصار على ذكر بعض الشيء وهم ُيريدونه كلَّه فيقولون :قَعد على
ُ. فارس :ومن سنن العرب
ِ ِئ ِ
وجهُ
وي ْبقَى ْص ُدور .نعالهم ومن هذا البابَ " :
ص ْدر َراحلته ومضى .ويقول قائلهم :الواط ين على ُ َ
في الحمل سور المدينة.
نفسه " أي إياه وتواضعت ُ. ربِّك "ِّ ُ " .
وي َحذ ُركم .اللّهُ َ َ
ب َخ ِر ٍب .والخرب نعت
ض ٍّعلى اللفظ والمعنى للمجاورة العرب تفعل ذلك ،فتقول :هذا ُح ْج ُر َ
ِّ
الضب ولكن الجوار عمل عليه ،كما قال امرؤ القيس: الحجر ال نعتُ
67
ورمحا. ِّ ِ
يا ليت َش ْي َخك قد َغدا * ُمتَقلدا َسيفا ُ
كاء ُكم" ال والرمح ال يتََقلَّد ،وإ نما قال ذلك لمجاورته السيف .وفي .القرآنِ ْ " :
أم َر ُكم و ُش َر َ
فَأجمعوا ْ ُ ُ
عت أمري وإ نما قال ذلك للمجاورة، وأجم ُ
َ أج َمعت ال ُشركاء وإ نما يقالَ :ج َمعت شركائي،
يقالْ :
غير َمأجورات) وأصلها َموزورات .من ِ
وقال النبي صلى اهلل عايه وسلم( :ارج ْع َن مأزورات َ
المأجورات للمجاورة بينهما ،وكقوله :بالغدايا والعشايا ،وال يقال:
الوزر ولكن أجراها مجرى َ
الغدايا إذا أفردت عن العشايا ألنها الغدوات ،والعامة تقول :جاء البرد واألكسية ،واألكسية ال
حق في الكالم.
تجيء ولكن للجوار ٌ
الجمع بين شيئين اثنين ثم ذكر أحدهما في الكناية دون اآلخر والمراد به كالمهما معا من سنن
عز وج ّل" :والذين
العرب أن تقول :رأيت عمراً وزيداً وسلّمت عليه ،أي عليهما .قال اهلل ّ
قونها في سبيل اهلل" ،وتقدير .الكالم :وال ينفقونهما في سبيل اهلل، ضةَ وال ُي ْن ِف َ ِ
ب والف َ
َّ
زون الذ َه َ
ِ
ُي ْكن َ
ضوا إليها" ،وتقديره :انفضوا إليهما .وقال ج ّل جالله: ِ
جارةً أو لهواً ْانفَ ُ وقال تعالى" :وإ ذا َرَأوا ت َ
ق أن ُيرضوهُ" ،والمراد :أن يرضوهما. أح ُّ
"واهلل ورسوله َ
في مخاطبة اثنين ثم النص على أحدهما دون اآلخر العرب تقول :ما فعلتما يا فالن ،وفي.
الجَّن ِة فَتَ ْشقى" ،خاطب آدم وحواء، ِ
وسى" .وفيه" :فال ُي ْخ ِر َجَّن ُكما .م َن َ
القرآن" :فمن َرُّب ُك َما يا ُم َ
نص في إتمام الخطاب على آدم وأغفل حواء. ثم َّ
الذم ،فيجري .مجرى التَّهَكم والهَ ْزل العرب تفعل ذلك ،فتقول للرجل تستجهله :يا المدح يراد به َّ
عز ذكره:ريم" .وقال َّ عاقل ،وللمرأة تستقبحها :يا قمر .وفي القرآنُ " :ذ ْق َّإن َ
العزيز ال َك ُ
ُ أنت
ك َ
شيد".
الر ُ ليم َّ الح ُ
ألنت َ
ك َ " َّإن َ
شحون" فلما جمعه ِ الم الفلك ،قال اهلل تعالى" :في ُ ِ
الفلك َ فيما يقع على الواحد والجمع من ذلك ُ
ب ،وفي القرآن: ورجال ُجُن ٌ ب ِ حر" .ومن ذلك قولهمَ :ر ُجل ُجُن ٌ الب ِ قالِ ُ " :
والفلك التي تَجري في َ
ب العالمين" وقال: "وإ ن كنتم ُجُنبا فاطَّهَروا .".ومن ذلك العدو .قال تعالى" :فإنهُ ْ.م َع ُدٌو لي إال َر َّ
ض ْي ِفي
عز وج ّل" :هؤالء َ وهو ُمؤ ِم ٌن" .ومن ذلك الضيف :قال اهلل ّ كان ِمن ٍٍ .
قوم َعدو لَ ُكم َ " وإ ن َ
ض ِ
حون". فَال تَ ْف َ
وَأعطيات ،وَأسقية وأسقيات ،وطُ ُرق. ِ ِ
وَأعطية جمع الجمع العرب تقول :أعراب وأعاريب،
ص ِرعز وج ّل" "إنها ترمي بِ َش َر ٍر َكالقَ ْ وَأسورة وأساور ،قال اهلل ّوطُ ُرقات ،وجمال وجماالتِ ،
أساو َر ِمن َذ ّه ٍب".ون فيها ِم ْن ِ َّ
وج ّلُ" :ي َحل َ
عز َللم َك ِّذبين" وقال ّ ٍ.
يومئذ ُ ص ْفٌر وي ٌل
ماالت ُ
ٌ َك َّأنهُ ِج
وليس كل جمع يجمع كما ال يجمع كل مصدر.
في الخطاب الشامل للذكران واإلناث وما َي ْف ِرق بينهم قال اهلل ّ
عزوج ّل" :يا أيها الذين آمنوا
فعم بهذا الخطاب الرجال والنساء وغلَّب الزكاة" َّ اتَّقوا اهلل" .وقال" :وأقيموا .الصالة وآتُوا َّ
الرجال ،وتغليبهم .من سنن العرب.
68
وامرأان وقوم ،وامرأةٌ وامرأتان ونِسوة ،ال يقال للنساء ِ امرٌؤ
وكان ثعلب يقول العرب تقولُ :
عز ذكره: سمي الرجال دون النساء قوماً .ألنهم يقومون في األمور ،كما قال َّ قوم ،وإ نما ِّ
النساء" يقال :قائم وقوم ،كما يقال زائر َو َزور ،وصائم .وصوم ،ومما ِ امون على
قو َ الرجال َّ
" ِّ
وم ِمن قَ ٍ.
وم سخر قَ ٌأن القوم رجال دون النساء قول اهلل تعالى" :يا أيها الذين آمنوا ال َي َ يدل على َّ
ساء َع َسى أن َي ُك َّن َخيراً ِم ْنهُ َّن" .وقول .زهير:
عسى أن يكونوا َخيراً ِم ْنهم وال نِساء من نِ ٍ
ٌ َ ُ َ ََ
ِ ِ
ص ٍن أم ن ُ
ساء أقوم آ ُل ح ْ وسوف .إخا ُل أدري * ٌ. وما أدري َ
وجل في صفة عز َّ نفي الشيء جملة من أجل عدم كمال صفته العرب تفعل ذلك ،كما قال اهلل َّ
ثم ال يموت فيها وال َي ْحيا" .فنفى عنه الموت ألنه ليس بموت صريح ،ونفى عنه
أهل النارَّ " :
الحياة ألنها ليست بحياة طيبة وال نافعة ،وهذا كثير في كالم العرب .قال أبو َّ
النجم:
ِ
األكار ِع هيض لي ِ
ِّن واألجار ِع * َّ
كل َج ٍ ِ بالخبار
لقين َ
ُي َ
وظ وال بِضاِئ ِع
ليس بِم ْحفُ ٍ
َ َ
صحراء وال بضائع ألنه موجود في ذلك المكان .ومن ِ
يعني أنه ليس بمحفوظ ألنه ألق َي في َ
الناس ُسكارى وما ُهم بِ ُسكارى" أي ماهم بسكارى من ُشرب عز وج ّل" :وتَرى َّ
ذلك قول اهلل ّ
ولكن سكارى .من فزع ووله .وال مال إال اإلبل ،ال كمال للمال إال إن كان إبال ،وال صالة
لمن لم يفعل كذا ،أي ال كمال لصالته ،وال يؤمن وما شابه في مواضعه حسب سياقه.
نفي في ضمنه إثبات .قول العرب :ليس بحلو وال حامض ،يريدون أنه جمع ذا وذا ،كما قال
الشاعر:
ط ٌير وال َج َم ُل الن ِ
عامة ال َ طل ُل * ِم ْث ُل َّ
رسم وال َ
ضالة ال ٌ
أبو فَ َ
وقال آخر:
وار * فال أنت ُح ٌلو وال أنت ُم ُّر ليخ كلَ ْحِم ُ
الح ِ سيخ َم ٌ
َم ٌ
أن الزيتونة شرقيَّة وغربيَّة .على دوام النور فيهاَّة" يعني َّية وال َغربي ٍ
وفي القرآن" :ال َشرقِّ ٍ
ْ
ألنها ال شرقية وال غربية ،ليست مما تطلع عليه الشمس وفي وقت شروقها أو غروبها فقط،
بل تصيبها بالغداة والعشي جميعاً ،فهي شرقية وغربية ،واختلف الناس ههنا في أن المشبه أي
شي هو؟ وذكروا .وجوهاً :أحدها :أن المراد من الهدى التي هي اآليات البينات ،والمعنى أن
هداية اهلل تعالى قد بلغت في الظهور .والجالء إلى أقصى الغايات وصارت في ذلك بمنزلة
المشكاة التي تكون فيها زجاجة صافية .وفي الزجاجة مصباح يتقد بزيت بلغ النهاية في
الصفاء ،فإن قيل لم شبهه بذلك وقد علمنا أن ضوء الشمس أبلغ من ذلك بكثير ،قلنا إنه سبحانه
أراد أن يصف الضوء الكامل الذي يلوح وسط .الظلمة ألن الغالب على أوهام الخلق وخياالتهم
إنما هو الشبهات التي هي كالظلمات وهداية اهلل تعالى فيما بينها كالضوء الكامل الذي يظهر
فيما بين الظلمات ،وهذا المقصود ال يحصل من ضوء الشمس ألن ضوءها إذا ظهر امتأل
69
العالم من النور الخالص ،وإ ذا غاب امتأل العالم من الظلمة الخالصة فال جرم كان ذلك المثل
ههنا أليق وأوفق ،واعلم أن األمور .التي اعتبرها اهلل تعالى في هذا المثال مما توجب كمال
الضوء فأولها :المصباح ألن المصباح إذا لم يكن في المشكاة تفرقت أشعته ،أما إذا وضع في
المشكاة اجتمعت أشعته فكانت أكثر إنارة ،والذي يحقق ذلك أن المصباح إذا كان في بيت
صغير فإنه يظهر من ضوئه أكثر مما يظهر في البيت الكبير وثانيها :أن المصباح إذا كان في
زجاجة صافية فإن األشعة المنفصلة عن المصباح تنعكس من بعض جوانب الزجاجة إلى
البعض لما في الزجاجة من الصفاء والشفافية وبسبب ذلك يزداد الضوء والنور .،والذي يحقق
ذلك أن شعاع الشمس إذا وقع على الزجاجة الصافية تضاعف الضوء الظاهر حتى أنه يظهر
فيما يقابله مثل ذلك الضوء ،فإن انعكست تلك األشعة من كل واحد من جوانب الزجاجة إلى
الجانب اآلخر كثرت األنوار واألضواء .وبلغت النهاية الممكنة وثالثها :أن ضوء المصباح
يختلف بحسب اختالف ما يتقد به ،فإذا كان ذلك الدهن صافياً .خالصاً كانت حالته بخالف حالته
إذا كان كدراً وليس في األدهان التي توقد ما يظهر فيه من الصفاء مثل الذي يظهر في الزيت
فربما يبلغ في الصفاء والرقة مبلغ الماء مع زيادة بياض فيه وشعاع .يتردد في أجزائه
ورابعها :أن هذا الزيت يختلف بحسب اختالف شجرته ،فإذا كانت ال شرقية وال غربية بمعنى
أنها كانت بارزة للشمس في كل حاالتها يكون زيتونها أشد نضجاً ،فكان زيته أكثر صفاء
وأقرب إلى أن يتميز صفوه من كدره ألن زيادة الشمس تؤثر .في ذلك ،فإذا اجتمعت هذه
األمور األربعة وتعاونت صار ذلك الضوء خالصاً كامالً فيصلح أن يجعل مثالً لهداية اهلل
تعالى.
وفي أمثال العامة( :فالن كالخنثى ،ال ذكر وال أنثى) :أي يجمع صفات َّ
الذكران واإلناث معا. ّ
في إقامة اإلنسان مقام من يشبهه وينوب منابه من سنن العرب أن تفعل ذلك ،فتقول :زيد
عمرو ،أي كأنه هو ،أو يقوم مقامه ويسد .مسده .وتقول أبو يوسف .أبو حنيفة ،أي في الفقه،
هن مثلهن في التحريم، أمهاتُهُ ْم" أي َّ
والبحتري .أبو تمام ،أي في الشعر ،وفي القرآن" :وأزواجه َّ
أمهاتُهُ ْم إال اللالئي َولَ ْدَنهُم ،".فنفى أن
إن َّ أنهن والدات ،إذ جاء في ٍ
وليس المراد َّ
آية أخرىْ " :
تكون األم غير الوالدة.
وجل" :وحمْلناه على ِ
ذات عز َّ
إقامة وصف .الشيء مقام اسمه من سنن العرب كما قال اهلل َّ
َ ََ ُ
ألواح َو ُد ُس ٍ.ر" يعني السفينة ،فوضع صفتها موضع تسميتها.. ٍ
ياد" يعني الخيل. َّف ِ
نات ِ
الج ُ وقال تعالى" :إذ ع ِرض عليه بالع ِش ِّي الص ِ
َ ُ َ
ِّ
المتقدمين: وقال بعض
اَألغ َّر اَأل ْشقَرا؟
ب َ ِ
الر ْوع :هل َرك َ
ص ْحَبهُ * في َّ
ت قُتَْيلةُ عن أبيها َ
سألَ ْ
األشقر :وصف َّ
الدم فأقامه مقام اسمه. ُ واألغر
ُّ يعني هل قُتِل،
70
ِّ
المحدثين: وقال بعض
اإلع ِ
دام َّ
فانهل حتّى * لم أ ِج ْد َم ْه َرباً إلى ْ ق الوزير. ِش ْم ُ
ت َب ْر َ
أخض َر طامي
َ بابتقاصر باعي * خابِطٌ في ُع ِ فكأني وقد.ِّ
ََ
يعني :البحر.
القيد ،فتجاهل عليه ،وقالِ :مثْ ُل
ألح ِملََّنك على األدهم ،يعني َ
وقال الحجاج إلبن القََب ْعثََرىْ :
األمير يحمل على األدهم واألشهب.
إضافة الشيء إلى اهلل جل وعال العرب تُضيف .بعض األشياء إلى اهلل َّ
عز ذكره وإ ن كانت كلها
له .فتقول :بيت اهلل ِ
وظ ُّل اهلل وناقَةُ اهلل.
وفخم .أمره ،وقد فعل ذلك بالنار، قال الجاحظ :كل شيء أضافه اهلل إلى نفسه فقد عظَّم شأنهَّ ،
فقال" :نار ِ
اهلل الموقَدةُ". ُ
ب اهلل ،ففي هذا الخبر
ك َكْل ُ
أن النبي صلى اهلل عليه وسلم قال لعتيبة بن أبي لهب :أ َكلَ َ ويروىَّ .
ُ
يضاف إليه إال العظيم
ُ ت بذلك أن األسد كلب ،والثانية أن اهلل تعالى ال
فائدتان ،إحداهما أنه ثََب َ
الشر
وزوار اهلل ،وأما ّ
أرض اهلل ،وخليل اهللَّ ، ُ من األشياء في الخير والشر ،أما الخير فكقولهم:
وحر َسقَ ِره. ِ
عذابه وإ لى ِ
نار اهلل ِّ وس َخ ِط ِه وأليم ِ
فكقولهمَ :د ْعهُ في لَعنة اهلل َ
قال :وقد .جاء القرآن بجميع هذه السنن لتكون حجة اللّه عليهم آكد ولئال يقولوا :إنما عجزنا عن
ِ
بالحروف التي يعرفونها اإلتيان بمثله ألنه بغير لُ َغتِنا وبغير السنن التي ّ
نستنها فأنزله َّ
جل ثناؤه
ظهر وأشعر.
عجزهم عن اإلتيان بمثله أ ْ
وبالسنن التي يسلكونها .في أشعارهم ومخاطباتهم .ليكون ُ
انتهى كالم ابن فارس والثعالبي .متصرفا .فيه.
71
ٍ
سواء " .لم تستطع أن تأتي لهذه بألفاظ ِّ
مؤدية قوم خيانةً فانبِ ْ.ذ إليهم على
تعالى " :وإ ما تَ َخافَ َّن من ٍ
ظهر َم ْستُورها فتقول :إن كان وتصل مقطوعها وتُ َ
َ عن المعنى الذي أو ِد َعتْه حتى تبسط مجموعها
وآذنهم.
نقضت ما شرطته لهم ْ َ فأعلمهم أنك قد بينك وبين قوم ُه ْدنة وعهد ِ
فخ ْفت منهم خيانةً ونقضاً ْ َْ
أنت وهم في العلم َّ
بالن ْقض على االستواء. لتكون َ
َ بالحرب
قال جوستاف جرونيباوم ": .عندما أوحى اهلل رسالته إلى رسوله محمد أنزلها " قرآناً .عربياً " واهلل
لداً " وما من لغة تستطيع أنلنبيه " فإنما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين وتنذر به قوماً ّ
يقول ّ
تطاول اللغة العربية في شرفها ،فهي الوسيلة التي اختيرت لتحمل رسالة اهلل النهائية ،وليست
منزلتها الروحية هي وحدها التي تسمو بها على ما أودع اهلل في سائر اللغات من قوة وبيان ،أما
السعة فاألمر فيها واضح ،ومن يتّبع جميع اللغات ال يجد فيها على ما سمعته لغة تضاهي اللغة
وتزين الدقة ووجازة
ويضاف .جمال الصوت إلى ثروتها المدهشة في المترادفات ّ
العربية ُ ،
التعبير لغة العرب ،وتمتاز .العربية بما ليس له ضريب من اليسر في استعمال المجاز ،وإ ن ما
بها من كنايات ومجازات واستعارات ليرفعها كثيراً فوق كل لغة بشرية أخرى ،وللغة خصائص
جمة في األسلوب والنحو ليس من المستطاع .أن يكتشف .له نظائر .في أي لغة أخرى ،وهي مع
ّ
يبين ذلك أن الصورة
هذه السعة والكثرة أخصر اللغات في إيصال المعاني ،وفي .النقل إليها ّ ،
أجنبي أقصر .في جميع الحاالت ،وقد .قال الخفاجي عن أبي داود المطران -
ّ ألي مثل
العربية ّ
وخست
قبحت ّ
وهو عارف باللغتين العربية والسريانية -أنه إذا نقل األلفاظ الحسنة إلى السرياني ُ
حق
،وإ ذا ُنقل الكالم المختار من السرياني إلى العربي ازداد طالوةً وحسناً ، .وإ ن الفارابي على ّ
المنزه بين األلسنة من كل نقيصة ،
الجنة ،وهو ّ
يبرر مدحه العربية بأنها من كالم أهل ّ حين ّ
والمعلّى من كل خسيسة ،ولسان العرب أوسط األلسنة مذهباً وأكثرها ألفاظاً" (الفصحى لغة
الم ْد ِهشات أن َ
تنبت القرآن -أنورالجندي ) 306قال المستشرق الفرنسي رينان ":من أغرب ُ
الر ّحل ،تلك اللغة التي القوميةُ وتصل إلى درجة الكمال وسط .الصحاري عند ٍ
أمة من ُ
ّ ّ تلك اللغةُ
وحسن ِ
نظام مبانيها ،ولم ُيعرف لها في ك ّل أطوار ِ فاقت أخواتها بكثر ِة مفرداتها ودقّ ِة معانيها
حياتها طفولةٌ وال شيخوخةٌ ،وال نكاد نعلم من شأنها إالّ فتوحاتها وانتصاراتها .التي ال تُبارى، .
تدرج وبقيت حافظةً لكيانها من
وال نعرف شبيهاً بهذه اللغة التي ظهرت للباحثين كاملةً من غير ّ
ك ّل شائبة " مجلة اللسان العربي .85/ 24
*********************************6
على أن وضع البحث في سياقه يقتضي أن نعلم أن البالغة تقسم إلى ثالثة مباحث رئيسه :علم
-1علم البيان وعلم البديع وعلم المعاني ويلحق .بها علم العروض ومادته أوزان الشعر.
72
المعاني :ويختص بعنصر المعاني واألفكار ،فهو يرشدنا إلي اختيار التركيب اللغوي المناسب
للموقف ،كما يرشدنا .إلى جعل الصورة اللفظية أقرب ما تكون داللة على الفكرة التي تخطر في
أذهاننا ،وهو ال يقتصر على البحث في كل جملة مفردة على حدة ،ولكنه يمد نطاق بحثه إلي
عالقة كل جملة باألخرى ، .وإ لي النص كله بوصفه تعبيرا متصال عن موقف .واحد ،إذ أرشدنا
إلي ما يسمي :اإليجاز واإلطناب ،والفصل والوصل .حسبما يقتضيه الموقف . .إذن فعلم
المعاني هو تتبع خواص تراكيب الكالم ومعرفة تفاوت المقامات حتى ال يقع المرء في الخطأ في
وذلك ـ كما في أبجد العلوم ـ ألن للتراكيب خواص مناسبةً لها تطبيق األولى على الثانية.
يعرفها األدباء ،إما بسليقتهم ،أو بممارسة علم البالغة ،وتلك الخواص بعضها ذوقية وبعضها
استحسانية ،وبعضها .توابع ولوازم .للمعاني األصلية ،ولكن لزوماً .معتبراً في عرف البلغاء ،وإ ال
لما اختص فهمها بصاحب الفطرة السليمة ...وكذا مقامات الكالم متفاوتة ،كمقام الشكر والشكاية،
والتهنئة والتعزية ،والجد والهزل ،وغير ذلك من المقامات ...فكيفية تطبيق .الخواص على
ومداره على االستحسانات العرفية . المقامات تستفاد من علم المعاني.
مثال علم المعاني :ولعل من هذا القبيل ماوري .أن أعرابياً سمع قارئاً يقرأ قوله سبحانه:
{والسارق .والسارقة فاقطعوا .أيديهما جزاء بما كسبا نكاالً من اهلل واهلل غفور رحيم}(المائدة)38/
فاستنكر .منه ختام اآلية بصفة الرحمة والمغفرة ،حتى تنبه القارئ إلى خطئه فأعاد القراءة على
الصحيح {:والسارق والسارقة ...واهلل عزيز حكيم} كما نزلت في كتابه اهلل ،عند ذلك قال
األعرابي اآلن :استقام المعنى.
فال يستحسن في مقام العقوبة ،وتهديد السارق .بقطع يده ،واألمر بذلك إن سرق إال أن يقال (
واهلل عزيز حكيم) حيث يوصف الرب سبحانه بالعزة ،التي منها أن يأمر بما يشاء بمن يخالفه ،ثم
بالحكمة التي منها أن ال تزيد العقوبة عن مقدارها أو تنقص عنه ،بل تكون مساوية للذنب
ومقاربة.
قال أبو العالء المعري:
يد بخمس مئين عسجد وديت * ما بالها قطعت في ربع دينار؟
يعني أن دية تناقض مالنا إال السكوت له * وأن نعوذ بموالنا من النار
اليد عند األرش خمسمائة دينار ذهب فكيف تقطع في سرقة ربع دينار
فأرسل له القاضي الفقيه عبد الوهاب المالكي جوابا:
ذل الخيانة فافهم حكمة الباري عز األمانة أغالها وأرخصها.
لما كانت أمينة ،و نظمه الشاعر فقال:
أي انها كانت ثمينة ّ
يد بخمس مىء من عسجد وديت * * * لكنها قطعت في ربع دينار
73
حماية الدم أغالها ،و أرخصها * * * خيانة المال فانظر حكمة البارى
ومن هذا القبيل أن ال يتفاخر إنسان في مقام االستجداء والسؤال ،وأن ال يمدح من يشكو إلى من
هو أكبر منه ،وال يضحك في مقام التعزية ،وأن ال يعبس أو يقطب في خطبته أو كالمه أو شعره
في مقام التهنئة.
مثال أبو تمام حبيب بن أوس الطائي الشاعر المفلق فاق بفصاحة اللفظ وجزالة المعنى قيل إنه
أنشد قصيدته في مدح المعتصم:
الد ّراس
تقضي ذمام األربع ّ ما في وقوفك .ساعةً من باس
فلما انتهى إلى المديح قال:
في حلم أحنف في ذكاء إياس عمرو في سماحة ٍ
حاتم ٍ إقدام
قال بعض الحاضرين :مه! من هؤالء حتى تشبه الخليفة بهم فأطرق .أبو تمام هنيةً ثم رفع رأسه
وقال:
الندى والباس
مثالً شروداً .في ّ ال تنكروا .ضربي له من دونه
والنبراس.
مثالً من المشكاة ّ فاهلل قد ضرب األق ّل لنوره
أج ُدني أ ِج ُد ماال أشتهي وأشتهي ما ال أجد وأنا في ك قالِ : ألعرابي في َش َكاتِه :كيف تُ ُ
جد َ ّ وقيل
زمان من جاد لم َي ِجد ومن َو َج َد لم َي ُج ْد
ٍ
كك وأخاف اللَّه إن ك َذ ْبتُ َصد ْقتُ َ.
وقال األحنف لمعاوية :أخافك إن َ
عنقه قال :واللَّه ْ
لئن ُكَّنا أسأنا في رب ُ ض َ قدموا .إليه رجالً لتُ َ َأسرى فلما َّ أعناق ْ
َ وضرب الحجاج
مثل هذا الكالم
أحد يحسن َ ُأف لهذه ال ِجَيف أما كان فيها ٌ ت في العفو فقال الحجَّاجٍّ : أحسن َ
ْ ال ّذنب فما
ك عن القتل
وأمس َ
َ
ابن له
وقدموا .رجالً من الخوارج إلى عبد الملك بن َم ْر َوان لتُضرب عنقه ودخل على عبد الملك ٌ َّ
الخارجيَ :د ُعوه يبكي فإنه أفتح
ّ عبد الملك بالمعلِّم فقال له
فهم ُ ضربه المعلِّم وهو يبكي َّ َ صغير قد
ٌ
أنت فيه عن هذا قال يشغلُك ما َ
َأما َ عبد الملكَ :لصوته قال له ُ صره وأ ْذ َهب َ ُّ
وأصح َلب َ ل ِجرمه
الحق شيء فأمر بتخلية سبيله ِّ يشغلَه عن قول لمسِلم أن َ الخارجي :ما ينبغي ْ ّ
ض عنه فتعلّق .بثوبه ثم قال ِ َّ
فأعر َ
ذر بعبد الله بن َعيَّاش المنتوف .وقد كان َسفه عليه َ مر عمر بن ّ َّ
كالم أخذه ُع َمر بن َأن عص َ َّ
يت الله فينا خيراً من أن نطيع اللّه فيك وهذا ٌ َ جد لك ْ له :يا َهناهُ إنا لم َن ْ
َّ ِ ٍ َّ َّ
ب َذ ّر عن عمر بن الخطاب رحمه الله قال ُعمرِّ :إني والله ما ََأدع َحقّاً لله لشكاية تظهر وال َ
لض ٍّ
طيع اللَّه فيه عاقبت َمن عصى اللَّه َ
فيك بمثل أن تُ َ َ لمحاباة َب َش ٍر وإ ّنك واللَّه ما
ِ ُيحتَمل وال
صى إالّ فيها وال ُينال ما عنده إالّ بتركها َّ الدرداءِ :من هوان ُّ وقال أبو َّ
يع َ
الدنيا على الله ّأنه ال ُ
74
أكثرت من الصَّواب وإ ذا
َ بني إذا َقلَّ َ
لت من الكالم وقال الهيثم بن صالح البنه وكان خطيباً :يا ّ
أكثرت وأكثرت -يعني كالماً وصواباً -
ُ فإن
الصواب قال :يا أبه ْ
أكثرت من الكالم أقللت من ّ
أحق بأن يكون واعظاً منك رأيت موعوظاًَّ . ُ ني ما
قال :يا ُب َّ
إن ِ َّ َّ
ب رسول الله صلى اهلل عليه وسلم بع ْشر كلماتَ :حمد الله وَأثنى عليه ثم قال :أيُّها الناس ّ طَ خَ
المؤمن بين مخافتين :بين إن ِ
َ المكم وإ ّن لكم نهايةً فانتهوا إلى نهايتكم ّ لكم معال َم فانتهُوا .إلى َم َع ْ
العبد
فليأخذ ُقاض فيه ُ أجل قد َب ِقي ال يدري ما اللُّهُ ٍ
ضى ال يدري ما اللَّه صانع به وبين ٍ
ٌ
ٍ
عاجل قد َم َ
َ
فسمن نفسه لنفسه ومن ُدنياه آلخرته ومن ال ّشبيبة قبل ال َك ْب َرة ومن الحياة قبل الموت فوالذي َن ُ
دار إالَّ َّ
الجنة أو النار الدنيا من ٍمحم ٍد بيده ما َب ْع َد الموت من ُم ْستَ ْعتَ ِب وال َبعد ُّ
َّ
وقوة األسلوب تكون باختبار .األلفاظ التي تؤدي المعنى بما يتالءم مع المعنى .فالمعنى .الرقيق
يؤدي باللفظ الرقيق ،والمعنى الجزل يؤدي باللفظ الجزل ،والمعنى المستنكر .يؤدي باللفظ
نجبِيالًَ ،ع ْيناً ِفيهَا تُ َس َّمى َسْل َسبِيالً ِ إ َّن اجهَا َز َ
المستنكر وهكذا ...ويسقَون ِفيها َكْأساً َك ِ
ان م َز ُ َ َُ ْ ْ َ َ
ض َيزىِ .إ َّن َأن َك َر ك ِإذاً ِقسمةٌ ِ تِْل َ ين ِفيهَا ْ ِ ِ َّ ِ جهَّنم َك َان ْ ِ
َْ َأحقَاباً ين َمآباً ،الَبِث َ صاداً ،لْلطاغ َ ت م ْر َ َََ
ير . أما جمال األسلوب فيكون باختيار أصفى العبارات وأليقها بالمعنى ت اْل َح ِم ِ
ص ْو ُ ِ
اَألص َوات لَ َ ْ
َِّ
ين َكفَ ُروا لَ ْو َك ُانواالذي أدته ،وباأللفاظ والمعاني .التي معها في الجملة والجمل ُ رَب َما َي َو ُّد الذ َ
ص ُمواِ .في اختَ َان ْ ص َم ِان َخ ْ ون َ . ه َذ ِ ف َي ْعلَ ُم َ ِِ َّ
ينَ ،ذ ْر ُه ْم َيْأ ُكلُوا َوَيتَ َمت ُعواَ .وُيْلهه ْم َ
اَألم ُل فَ َس ْو َ. ِِ
ُم ْسلم َ
صهَ ُ.ر بِ ِه َما ِفي ِ ِِ ب ِم ْن فَ ْو ِ ت لَهم ثِي ٌ ِ ِّ َِّ
يمُ ،ي ْ ق ُر ُءوسه ْ.م اْل َحم ُ ص ُّاب م ْن َن ٍار ُي َ ين َكفَ ُروا قُط َع ْ ُ ْ َ َرِّب ِه ْم فَالذ َ
يدوا ِفيهَا َو ُذوقُوا. ُأع َُأن ي ْخرجوا ِم ْنها ِم ْن َغ ٍّم ِ
َ ادوا ْ َ ُ ُ امعُ ِم ْن َح ِد ٍيدُ ،كلَّ َما ََأر ُ
ود ،ولَهم مقَ ِ ِِ
ُبطُونه ْ.م َواْل ُجلُ ُ َ ُ ْ َ
ق اب اْل َح ِري ِ َع َذ َ
فالذين كفروا :قطعت لهم ثياب من نار ،،،عندما تذهب للخياط ليحيك لك ثوبا َيـ ْقـطـَ ُعه لك (دون
تشديد الطاء) ولكن هنا تقطع هذه الثياب تقطيعا لتلتصق بكل صغيرة وكبيرة من أجسادهم وهذه
الثياب من نار!!
ثم يصب من فوق رءوسهم .الحميم ،منظر مهول تقشعر منه األبدان ،حميم يغلي كحمم البراكين
يصب صبا متدفقا من فوق .الرءوس ،،يصهر به ما في البطون قبل الجلود!!
يخترق البدن كله ليصهر صهرا ما في البطون والجلود ،، .ولهم مقامع من حديد،
كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم،
تأمل كلمة أرادوا ،وكلما أرادوا ،وهم في كل لحظة يريدون أن يخرجوا منها فيعاد المشهد ثانية
الغ ُّم و
وم و َ الغ ُم ِ
الغم واحد ُ
ليتكرر ولكن على نحو آخر ،من غم إلى غم ،وانظر في كلمة غمُّ :
س ولم َي ْهتَِد لهالغ َّمى الشديدة من شدائد الدهر ،،وإ نه لَِفي ُغ َّم ٍة من أمره أي لَْب ٍ
ب ،،و ُ الغ َّمةُ ال َك ْر ُ
ُ
َأغ ُّم ال فُْرجة فيه .
،،،وسحاب َ
75
فهم في هذا الكرب العظيم :كلما صب الحميم من فوق رءوسهم .صهرهم صهرا فأنهكهم .وأغمهم
وأتعبهم ،حاولوا أن يخرجوا منه فما استطاعوا حتى إذا استشعروا أنهم قادرون على االنفالت من
هذا الكرب أعيدوا فيها ،،تأمل أعيدوا فيها
تعطيك شيئا من معنى أنهم كادوا يخرجوا .من هذه الكرب ،فتتأمل أنفسهم شيئا من األمل أنهم
سيخرجون ،ولكن :أعيدوا فيها ،،فيزيد .عذابهم بخيبة أملهم ،،وذوقوا .تذوقوا!!! عذاب الحريق!!
76
في خضم هذا الهول وهذه الجحيم تقترب من الناس في أرض المحشر:
ون ِ يل لَهم َْأين ما ُكنتُم تَعب ُدون (ِ )92من ُد ِ َّ ِ ِ
ون ُك ْ.م َْأو َينتَص ُر َ
نص ُر َ
ون الله َه ْل َي ُ ْ ُْ َ َوق َ ُ ْ َ َ
العزة هلل والهيبة هلل والملك هلل الواحد القهار
فكبكبوا ،،كب كب كب كب
الد ْفعةُ في ِ
الق ِ
والح ْملَةُ
والج ْر ِيَ ، تال َ ض ُّمَ َّ :
وي َ الكب :كبه يعني قلبه وصرعه ،وكبُ :ثقل ،وال َكَّبةُُ ،
تاءِ :ش َّدتُه َ
ود ْف َعتُهُ ،و الش ِ
الجَبْل ْي ِن ،ومن ِّ
بين َ
والص ْد َمةُ َ
َ الخْي ِل،
الت َ
حام ،وإ ْف ُ الح ْر ِبِّ ،
والز ُ في َ
الغ ْز َلَ :ج َعلَه ُكبباً ،هذه المعاني المجتمعه في أصل الكب يحدث لفظ الكبكبة وما فيه من القلقلة، َ
في نفس السامع رنينا مرعبا ،يخيل إليه فيه منظر باب في أعلى جهنم يفتح على حين غرة فيتدافع.
منه خلق كثيرون بعضهم .فوق بعض يتدحرجون مقلبين مصروعين تتخيل أرجل هذا ضربت
في وجه ذلك ،وهذا يهوي فيأتيه اآلخر من خلفه كما انفالت الخيل من معاقلها فيصدمه كما
الجبلين بدفع شديد ،وتسمع لالصطدام .جلبته ،وتتكور الخالئق بعضها فوق .بعض كما تكور .الكبة
من الغزل ،هذه المعاني توحيها لفظة واحدة :كبكبه ،والقلقلة المصاحبة لجرس اللفظة توحي
بموجات من البشر تحدث هذا الصخب وهذه االرتطامات كما لو قلت كب كب كب كب وهو
مشهد مريع – عافانا اهلل.-
خاتمة اآليات:
ك لَهو اْلع ِز ُيز َّ ِ
يم
الرح ُ َوِإ َّن َرَّب َ َُ َ
عزيز ألنه يأخذ من يكفر به بأشد العذاب
ورحيم ألنه رحم عباده بالدعوات البينات والحجج القوية الدامغة ،رحمهم .ألنه أعطاهم الفرصة
الكافية والعقل والنعم واآلالء ليعرفوه بها ،،فإن نكصوا .على أدبارهم فهو العزيز يأخذهم ،،ورحيم
ألنه يرحم من يشاء منهم يوم القيامة سبحانه
تأمل قصة سيدنا موسى عليه السالم مع الخضر:
فأردت أن أعيبها
فأردنا أن يبدلهما ربهما
فأراد ربك
األفعال الثالثة التي قام بها:
خرق السفينة :كان فعال ظاهره أنه ال خير فيه فنسبه إلى نفسه (فأردت أن أعيبها)
قتل الغالم صاحبه استبدال بغيره من الصالحين (فأردنا أن يبدلهما ربهما)
فقمت بالقتل واهلل تعالى أبدلهما وعوضهما،،.
والجدار وإ قامته فعل كله خير فنسب إلى اهلل :فأراد .ربك أن يبلغا أشدهما
هذا علم المعاني
77
ري العاطفة والصور الخيالية معاً -ألن الخيال وليد العاطفة ،
بعنص ْ
َ - 2علم البيان :ويختص
وقد سمي علم البيان ألنه يساعدنا على زيادة تبيين المعني وتوضيحه وزيادة التعبير عن العاطفة
والوجدان ،باستخدام .التشبيهات واالستعارات .والكناية والمجاز .المرسل.
(البيان) لغة :الكشف والظهور.
متعددة وتراكيب متفاوتة :من
واصطالحاً :اُصول وقواعد ُيعرف بها ايراد المعنى الواحد بطرق ّ
الحقيقة والمجاز ،والتشبيه والكناية ،..مختلفة من حيث وضوح الداللة على ذلك المعنى الواحد
وعدم وضوح .داللتها عليه ،فالتعبير .عن (جود حاتم) ـ مثالً ـ يمكن أن يكون بهذه األلفاظ :جواد،
كثير الرماد ،مهزول الفصيل ،جبان الكلب ،بحر ال ينضب ،سحاب ممطر ،وغيرها من
التراكيب المختلفة في وضوح أو خفاء داللتها على معنى الجود..
أركان علم البيان
والتضمنية
ّ المطابقية
ّ ثم انه لّما اشتمل التعريف على ذكر الداللة ولم تكن الدالالت الثالث:
فإن المقصود منها
واإللتزامية كلها قابلة للوضوح والخفاء ،لزم التنبيه على ما هو المقصودّ ،
ّ
واإللتزامية ،لجواز اختالف مراتب الوضوح
ّ التضمنية
ّ العقلية لأللفاظ ،يعني:
ّ هاهنا :هي الداللة
المطابقية ،لعدم جواز اختالف مراتب
ّ الوضعية لأللفاظ يعني:
ّ والخفاء فيهما ،دون الداللة
الوضوح في بعضها دون بعض مع علم السامع بوضوح .تلك اللفاظ ،وإ الّ لم يكن عالماً
بوضعها ،فتأمل.
وانما اُريد به داللته العقلية من
المطابقيةّ ،
ّ ان اللّفظ إذا لم يرد منه ما وضع له من داللته
ثم ّ
تضمن أو التزام ،فإن قامت قرينة على عدم إرادة ما وضع له فمجاز ،وإ ن لم تقم قرينة على
ّ
التعرض للتشبيه قبل
عدم إرادة ما وضع له فكناية ،ومن المجاز ما يبتني على التشبيه ،فيلزمّ .
التعرض للمجاز والكناية ،إذن :فعلم البيان يعتمد على أركان ثالثة :التشبيه والمجاز والكناية.
ّ
دالالت األلفاظ:
تقسم األلفاظ باعتبار دالالتها إلى ثالثة أقسام:
داللة المطابقة وهي داللة اللفظ على تمام مسماه كداللة االنسان على الحيوان الناطق ،وسمي.
بذلك ألن اللفظ طابق معناه.
والثاني داللة التضمن وهي داللة اللفظ على جزء المسمى كداللة االنسان على الحيوان أو على
الناطق فقط ،وسمي .تضمنا لكون المعنى المدلول في ضمن الموضوع .له.
والثالث داللة االلتزام وهي داللة اللفظ على الزمه كداللة األسد على الشجاعه ،وسمي .بذلك لكون
المعنى المدلول الزما للموضوع .له.
والمعتبر باللزوم .هو اللزوم .الذهني وهو الذي ينتقل الذهن إليه عند سماع اللفظ ،كقولك أنت أسد.
78
المفهوم :هو ما فهم من اللفظ في غير محل النطق ،أي هو ما دل عليه مدلول اللفظ ،أي معنى
اللفظ.
كقوله تعالى ﴿وال تقل لهما أف﴾ فإن داللة اللفظ هي ال تتأفف لهما وهذا هو المنطوق.
ولكن مدلول اللفظ وهو النهي عن التأفيف يفهم منه ال تضربهما ،فيكون مفهوم قوله تعالى ﴿وال
تقل لهما أف ﴾هو ال تضربهما! قد دل عليه مفهوم اآلية.
فالخطاب فيه قد دل على الحكم بالمفهوم وهو المسمى بالداللة المعنوية والداللة االلتزامية.
إذن نعيد لتركيز الفائدة:
أركان علم البيان
والتضمنية
ّ المطابقية
ّ ثم انه لّما اشتمل التعريف على ذكر الداللة ،ولم تكن الدالالت الثالث:
فإن المقصود منها
واإللتزامية ،،كلها قابلة للوضوح والخفاء ،لزم التنبيه على ما هو المقصودّ ،
ّ ،
هاهنا:
واإللتزامية ،لجواز اختالف مراتب الوضوح
ّ التضمنية
ّ العقلية لأللفاظ ،يعني:
ّ هي الداللة
المطابقية ،لعدم جواز اختالف مراتب
ّ الوضعية لأللفاظ ،يعني:
ّ ،والخفاء فيهما ،دون الداللة
الوضوح في بعضها دون بعض مع علم السامع بوضوح .تلك اللفاظ ،وإ الّ لم يكن عالماً بوضعها.،
فتأمل.
علم يعرف به إيراد المعنى
وقد عرفه صاحب كشاف اصطالحات الفنون بقولهُُ : علم البيان:
الواحد بطرق مختلفة في وضوح .الداللة عليه..
يقول ابن خلدون في مقدمته :أال ترى أن قولهم (زيد جاءني) مغاير .لقولهم ( جاءني زيد) من
قبل أن المتقدم منهما هو األهم عند المتكلم ،فمن قال :جاءني زيد ،أفاد أن اهتمامه بالمجيء قبل
الشخص المسند إليه ،ومن قال :زيد جاءني أفاد أن اهتمامه بالشخص قبل المجيء المسند ،وكذا
موصول أو ٍ
مبهم أو معرفة. ٍ التعبير عن أجزاء الجملة بما يناسب المقام من
اب مثال :لنأخذ مفهوم الريب :وهوالشك مع تهمة وقلق .واضطراب يقول الحق سبحانه " َذِل َ ِ
ك اْلكتَ ُ
ِّ ِ الَ ر ْي ِ ِ
ب فيه ُه ًدى لْل ُمتَّق َ
ين" 2البقرة ،فقوله سبحانه :ال ريب فيه تظهر فيه الجهات الثالث لفصاحة َ َ
فصيحا بجزالة لفظه وحسن
ً الكالم وجزالته ،فالقاضي عبد الجبار الهمذاني يرى أن الكالم يكون
معناه والفصاحة ال تظهر في الكلمات المفردة وإ نما بضم هذه الكلمات بعضها إلى بعض
والجهات الثالث هي :اختيار الكلمة نفسها (وهي هنا الريب).
ثانيها :حركة هذه الكلمة من حيث اإلعراب (وهي هنا مبنية على الفتح وهي اسم ال النافية
ريب فيه).
للجنس ولم تجئ مرفوعة فلم يقل (ال ٌ
79
تنكيرا …الخ ،فتقديم كلمة ريب على الجار
تأخيرا وتعريفًا أو ً
ً تقديما أو
ً وثالثها :موقع الكلمة
والمجرور .فيه ما فيه ،فاختيار كلمة ريب ألنها تعطي ما ال تعطيه كلمة "شك" فإن الشك:
تردد النفس بين شيئين ولكن الريب شك مع تهمة وقلق .واضطراب ،وبناؤها .على الفتح يدل
تاما وتقديمها .على الجار والمجرور يعطي معنى غير المعنى الذي تُأخر
نفيا ً
على نفي الريب ً
فيه فمعنى .ال ريب فيه :نفي الريب عن القران دون التعرض لغيره من الكتب ولكن لو قال ال
فيه ريب لكان المعنى إثبات الريب في غيره من الكتب أال ترى إلى قوله سبحانه في وصف.
ون" 47الصافات في أن المراد ليس نفي الغول عن ِ
خمر الجنة "اَل فيهَا َغ ْو ٌل َواَل ُه ْم َع ْنهَا ُينـزفُ َ
خمر الجنة فحسب وإ نما المراد مع ذلك إثباته في خمر الدنيا.
من أمثلة البيان القرآني:
ولقد قال اهلل سبحانه في كتابه { :وال تقتلوا أوالدكم خشية إمالق نحن نرزقهم .وإ ياكم } (اإلسراء/
)31وقال أيضاً في مقام آخر { :وال تقتلوا أوالدكم من إمالق نحن نرزقكم .وإ ياهم } (األنعام/
)151فلما ذكر الخوف من الفقر مستقبالً ( خشية إمالق) ولم يذكر وقوعه فعال ً،قدم رزق
األوالد على آبائهم ،من حيث إن اهلل سبحانه قد رزق اآلباء حالياً ،لكنهم يخشون الفقر إذا كثر
أوالدهم ،ولما ذكر في اآلية األخرى وقوع الفقر( من إمالق) دعاهم إلى عدم قتل أوالدهم ،وقدم.
سبحانه رزقه لهم على رزق أوالدهم ،حيث ُيخشى قتلهم أوالدهم .لقلة رزقهم الحالي.ومثل هذا
ومن يعد من أرفع أنواع البيان الذي تميز به القرآن فيما خاطب به العرب من بني اإلنسان...
هذا القبيل استخدام .االستعارة والكناية والتشبيه والتمثيل وغير ذلك.
ال شك أن األبحاث التي تتناول العقيدة خرجت من كونها أبحاثا عقلية فطرية تسوس المسلمين
وفق اعتقاد ال تعقيد فيه ،يفهمه المسلمون فهما مجمال يحملونه دعوة للناس ،إلى أبحاث متكلمين
أساسها المنطق والمعقوالت المبنية على المعقوالت ،وما وراء الطبيعة.
فخرجت أبحاث العقيدة االسالمية عن طبيعتها الربانية القرآنية إلى طبيعة جديدة تمج العقول ،
الكثير من أبحاثها وتدخلها في التعقيدات المنفره والمزالج المكفرة.
بالمقابل فإن أبحاث البالغة أيضا انزلقت المزلق ذاته ،فترى .أن التصوير الفني في القرآن ،الذي
بهر عقول العرب العرباء وألهب مشاعر مصاقع الخطباء واستفز مخيالت المفلقين من الشعراء
وأجرى قرائح المطبوعين من األدباء انقلب من تلك العلياء
إلى أبحاث تركض وراء العالقات الظاهرية بين األلفاظ ومعانيها،
ٍ
باعتبارات تغيض معها كل المعاني السامقة السابقة فركز علماء اللغة على البالغة
إلى معاني ممجموجة أبعد ما تكون عن طبيعة النصوص وعن طبيعة األدب ووظيفته والشعر
وحالوته ،والنثر وطالوته.
80
فمن ذلك مثال أن يأتي أحدهم إلى آية عظيمة تحوي تصويرا .فنيا مبهرا
كقوله تعالى﴿ طلعها كأنه رءوس الشياطين ﴾ليقول لك المشبه شجرة الزقوم والمشبه به رءوس
الشياطين وأداة التشبيه كأنه ،واقفا عند هذا الحد دونما .بعث وال بحث في التأثير الذي تحدثه هذه
الجملة الخطيرة في أنفس السامعين وال ما تحدثه الصورة المرسومه بدقة في ثنايا كل حرف من
حروفها .في مخيالت المخاطبين ،وال باحثا عن القشعريرة التي تسري جراءها في عظام
المؤمنين الخائفين الوجلين
ولو وقفنا قليال أمام جالل وعظمة هذه اآلية لوسعنا .أن نقول مثال:
ين (ِ )63إَّنهَا َش َج َرةٌ تَ ْخ ُر ُج ِفي وم (ِ )62إَّنا جعْلَن َ ِ ِّ َّ ِ ِ الزقُّ ِ
ك َخ ْيٌر ُّن ُزالً َْأم َش َج َرةُ َّ ﴿َأ َذِل َ
اها فتَْنةً للظالم َ ََ
ِ ِ ين ( )65فَِإ َّنهم آَل ِكلُ ِ الشي ِ َأص ِل اْل َج ِح ِيم (َ )64
ون
ون م ْنهَا اْلُبطُ َ ون م ْنهَا فَ َمالُؤ َ
َ ُْ اط ِ وس َّ َ
طْل ُعهَا َك ََّأنهُ ُرُؤ ُ ْ
( )66ثَُّم ِإ َّن لَهُ ْم َعلَْيهَا لَ َش ْوباً ِّم ْن َح ِم ٍيم ( )67ثَُّم ِإ َّن َم ْر ِج َعهُ ْ.م ِإَل لَى اْل َج ِح ِيم (ِ )68إَّنهُ ْم َأْلفَ ْوا َآب ُ
اءه ْم
َ ِّ
ون (﴾ )70 ين ( )69فَهُ ْم َعلَى آثَ ِار ِه ْم ُي ْه َر ُع َ ضال َ
نقول هنا أن الحق سبحانه يبين للخلق مقيما الحجة عليهم ولما يزالوا في الدنيا أن نزلكم الذي
تبنونه لتسكنوه الحياة األبدية إما أن يكون الجنه أو أن تختاروا.
﴿أذلك خير نزال أم شجرة الزقوم ﴾ ،يصدمهم بداية باالسم﴿ :شجرة الزقوم ﴾ ،وكل حرف من
حروف الكلمة يخيف :زقوم ،هذه الشجرة﴿ تخرج ﴾ولم يقل تنبت،
وفي مشهد الخروج ما فيه من الهول إذا ما ارتبط بأن المخرج الذي يخرج منه هو أصل
الجحيم!!
ويا له من اسم﴿ :الجحيم﴾ ،واجمع ما بين الجحيم واسم الزقوم .لترى كيف يكون المسكن،
فإن كان هذا المسمى الذي يعطيك الوصف .المقارب لطبيعة المسكن!!!
وبين لك أن أصله متصل بأصل الجحيم ،فاجأك بهذه الصورة الغريبة:
طلع هذه الشجرة ،وثمرها﴿ .كأنه رءوس الشياطين ﴾ ،وأنت لم تر الشياطين لتقترب الصورة من
عقلك فتخاف،
ولكن الخيال هنا هو الذي ينطلق من عقاله ليتصور رأس الشيطان ،وكلما تصور .أبشع صورة
قيل له بل أبشع من هذا،
فكيف به يتصور .رءوسا لشياطين كثر كل منهم شكله أبشع من الثاني،
فتخيل شجرة أصلها يخرج من أصل الجحيم
وهذا شكل ثمرها الذي سيأكله أولئك العصاة الكفرة الذين كان فعلهم القبيح الذي أوصلهم لهذا
الدرك هو التقليد في االعتقاد .
وتأمل الربط المهم بين الطاقة العربية والطاقة االسالمية في هذا المشهد ،فمفهوم التقليد في
االعتقاد خطير لدرجة أن صورة بهذه البشاعة تصور لمآل من يتخذ عقيدته عن تقليد بال تفكر
81
وال تدبر.
ثم :لنقف قليال لنر وقع هذه اللفظة في نفس السامع لنتأمل كيف مزج القرآن بين الطاقتين ،مستغال
التأثير الكامن في الطاقة العربية بمزجه بمفهوم إسالمي مقصود،
س (َ )16واللَّْي ِل ِإ َذا َع ْس َع َس (َ )17والص ْ
ُّب ِح ِإ َذا تََنفَّ َس فاآليات ﴿فَاَل ُأ ْق ِس ُم بِاْل ُخَّن ِ
س ( )15اْل َجو ِار اْل ُكَّن ِ
َ
ول َك ِر ٍيم (﴾ )19(ِ )18إَّنهُ لَقَو ُل رس ٍ
ْ َ ُ
كر راجعاً إلى ّأولهقال الزمخشري﴿ :الخنس﴾ الرواجع ،بينا ترى النجم في آخر البرج إذ ّ
و﴿اْل َجو ِار﴾ السيارة .و ٱ﴿اْل ُكَّن ِ
س﴾ الغيب من كنس الوحشى :إذا دخل كناسه. َ
قيل :هي الدراري ،تجري مع الشمس والقمر ،وترجع حتى تخفى تحت ضوء الشمس :فخنوسها.
رجوعها :وكنوسها .:اختفاؤها تحت ضوء الشمس.
وقيل :هي جميع الكواكب ،تخنس بالنهار فتغيب عن العيون ،وتكنس بالليل :أي تطلع في
أماكنها ،كالوحش في كنسها ،عسعس الليل وسعسع :إذا أدبر .قال العجاج:
ُّب ُح لَهَا تََنفَّ َسا *************** َو ْان َج َ
اب َع ْنهَا لَْيلُهَا َو َع ْس َع َسا َحتّى إ َذا الص ْ
وقيل عسعس :إذا أقبل ظالمه .فإن قلت :ما معنى تنفس الصبح؟ قلت :إذا أقبل الصبح :أقبل
بإقباله روح ونسيم ،فجعل ذلك نفساً له على المجاز وقيل :تنفس الصبح.
يقول سيد قطب رحمه اهلل:
قليل من صور .القرآن هو الذي يعرض صامتاً ساكناً ـ لغرض فني يقتضي الصمت والسكون ـ
أما أغلب الصور ففيه حركة مضمرة أو ظاهرة ،حركة يرتفع بها نبض الحياة ،وتعلو .بها
حرارتها.
ويجب أن ننبه إلى نوع هذه الحركة ،فهي حركة حية مما تنبض به الحياة الظاهرة للعيان،
أو الحياة المضمرة في الوجدان.
هذه الحركة هي التي نسميها (التخييل الحسي) ،وهي التي يسير عليها التصوير .في القرآن لبث
الحياة في شتى الصور ،مع اختالف الشيات واأللوان.
وظاهرة أخرى تضج في تصوير القرآن وهي (التجسيم) :تجسيم المعنويات المجردة ،وإ برازها.
أجساماً أو محسوسات على العموم.
إنه ليصل في هذا إلى مدى بعيد ،حتى ليعبر به في مواضع حساسة جد الحساسية ،يحرص الدين
االسالمي على تجريدها كل التجريد ،كالذات اإللهية وصفاتها.
ولهذا داللته الحاسمة أكثر من كل داللة أخرى ،على أن طريقة (التجسيم) هي األسلوب المفضل
في تصوير .القرآن ،مع االحتراس والتنبيه إلى خطورة التجسيم في األوهام.
(لون من ألوان (التخييل) يمكن أن نسميه (التشخيص) يتمثل في خلع الحياة على المواد الجامدة،
والظواهر .الطبيعية ،واالنفعاالت الوجدانية.
82
هذه الحياة التي قد ترتقي فتصبح حياة إنسانية ،تشمل المواد والظواهر .واالنفعاالت ،وتهب لهذه
األشياء كلها عواطف آدمية ،وخلجات إنسانية ،تشارك .بها اآلدميين،
وتأخذ منهم وتعطي .،وتتبدى لهم في شتى المالبسات ،وتجعلهم .يحسون الحياة في كل شيء تقع
عليه العين ،أو يتلبس به الحس ،فيأنسون بهذا الوجود .أو يرهبونه ،في توفز وحساسية وإ رهاف..
هذا هو الصبح يتنفس ﴿:والصبح إذا تنفس﴾.
فيخيل إليك هذه الحياة الوديعة الهادئة التي تنفرج عنها ثناياه ،وهو يتنفس فتتنفس معه الحياة،
ويدب النشاط في األحياء ،على وجه األرض والسماء.
وهذا هو الليل يسرع في طلب النهار ،فال يستطيع له دركاً﴿ :يغشي الليل النهار يطلبه حثيثاً﴾.
ويدور .الخيال مع هذه الدورة الدائبة ،التي ال نهاية لها وال ابتداء.
أو هذا هو الليل يسري﴿ :.والليل إذا يسر﴾ .فتحس سريانه في هذا الكون العريض ،وتأنس بهذا
الساري على هينة واتئاد! انتهى
وقال في الظالل﴿ :والليل إذا عسعس﴾ . .أي إذا أظلم .ولكن اللفظ فيه تلك اإليحاءات كذلك .
فلفظ عسعس مؤلف من مقطعين:عس .عس .وهو يوحي بجرسه بحياة في هذا الليل ,وهو
يعس في الظالم بيده أو برجله ال يرى ! وهو إيحاء عجيب واختيار للتعبير رائع .
ومثله﴿:والصبح إذا تنفس ﴾ .بل هو أظهر حيوية ,وأشد إيحاء .والصبح حي يتنفس .أنفاسه
النور والحياة والحركة التي تدب في كل حي .وأكاد أجزم أن اللغة العربية بكل مأثوراتها.
التعبيرية ال تحتوي نظيرا لهذا التعبير عن الصبح .ورؤية الفجر تكاد تشعر القلب المتفتح أنه
بالفعل يتنفس !
ثم يجيء هذا التعبير فيصور هذه الحقيقة التي يشعر بها القلب المتفتح .انتهى
أقول :عسعس كأن الليل أعمى يجس طريقه متحسسا يدب دبيبا بطيئا يتحسس طريقه يعسه عسا،
وفي تكرار العس إيحاء بالتؤدة والبطء ،عس عس
كأنه يعبر عن سكونه وبطء حركته في الكون بأعمى يتحسس طريقه يمشي على مهل ساكنا
وقورا .حتى ال يتعثر في الخطو!!
﴿والصبح إذا تنفس ﴾ يخرج لك كل ما فيه من شذى األزاهر وعطر الحياة وتأمل كلمة تنفس
الفظها مخرجا إياها مع النفس كأنها ال تبقي في الصدر مخزونا .إال وتخرجه كمن يتنفس الصعداء
فهذا الصبح ينعم على الحياة بكل ما في صدره من مكنونات بعد أن شمل الكون ظالم كان يمشي
عسا!!
وال بد من مالحظة الجرس الموسيقي المصاحب لآليات بانسجام عجيب﴿ ،فال أقسم بالخنس
الجوار الكنس والليل إذا عسعس والصبح إذا تنفس﴾
تكرار حرف السين بهذا الشكل اللطيف ،وعندما تلفظها تقف قليال على الهمس الذي في آخر
83
نطقك بحرف السين هذا وهي مما يناسب الهدوء الذي يشمله الليل وهو يعس في الظالم
هذا المزج الرهيب بين الطاقة العربية كان لمهمة عظيمة وهي القسم ﴿والصبح إذا تنفس ﴾
على أن هذا القرآن قول رسول كريم ...اآليات
اآلن لنقارن :تأمل الفرق الرهيب بين صورة جامدة ال ترى فيها إال العالقات اللونية وال تستثير
في نفسك إال صورة ألوان اختلطت ببعض كقول يزيد
فأمطرت لؤلؤا من نرجس وسقت وردا ************* وعضت على العناب بالبرد
ال تلمح إال ألوانا وتشبيهات تميت الحياة في المعاني التي يراد من الشعر أن تستفز مخيلة القارئ
والشاعر ،فالدمع بما يحمله من معاني ومن نتاج آالم الفراق والظنون والهواجس لم ينقل لنا هذا
البيت إال أن لونه كاللؤلؤ،
فأمات كل معنى جميل في هذه الناحية االنسانية في عالقة الحب التي كان يتحدث عنها
والشفاه التي تعض عليها األسنان حسرة وأسى لم نر منها إال اللون العنابي!!
وعلى ذلك قس.
هذا ال يستفز مخيالت وال يعطي لشعره غير بعد واحد هو البعد اللوني فال ترتسم في المخيلة إال
صورة ألوان متداخلة جافة خالية من كل روح.
الفرق بين ذلك وبين خلع الحياة على األلفاظ وقرع األسماع بالجرس الموسيقي ،واستفزاز.
المخيالت والقرائح بالمشاهد الصاخبة ،وإ لقاء الفزع في القلوب متى ما كان المقام مقام خوف،
وتسمير .األعين أمام مشاهد القيامة ،أو بث الطمأنينة في القلوب لذكر اهلل.
رين لَْي َس لَهُ َد ِافعٌ (ِّ )2م َن اللَّ ِه ِذي اْل َم َع ِار ِج ( )3تَ ْع ُر ُج اْل َماَل ِئ َكةُ ِّ ِ
اب َواق ٍع ( )1لْل َكاف َ
َأل ساِئ ٌل بِع َذ ٍ ِ
َ ﴿س َ َ َ
ص ْبراً َج ِميالً (ِ )5إَّنهُ ْم َي َر ْوَنهُ َب ِعيداً اصبِ ْ.ر َ
الروح ِإلَْي ِه ِفي يوٍم َكان ِم ْق َداره َخم ِسين َأْل َ ٍ
ف َسَنة ( )4فَ ْ ُُ ْ َ َ َْ َو ُّ ُ
ِ ِ ون السَّماء َكاْلم ْه ِل ( )8وتَ ُك ُ ِ
ون اْلجَبا ُل َكاْلع ْه ِن (َ )9واَل َي ْسَأ ُل َحم ٌ
يم َ ُ (َ )6وَن َراهُ قَ ِريباًَ )7( .ي ْو َم تَ ُك ُ َ
َأخ ِ
احبتِ ِه و ِ يه ( )11و ِ اب يو ِمِئٍذ بِبنِ ِ ِ ِ ِ ِ
يه ( ص َ َ َ َ َ ونهُ ْم َي َو ُّد اْل ُم ْج ِر ُم لَ ْو َي ْفتَدي م ْن َع َذ َ ْ
َّر َ
َحميماً (ُ )10يَبص ُ
ظى ()15 يه (َ )14كاَّل ِإَّنهَا لَ َ نج ِض َج ِميعاً ثَُّم ُي ِ
اَأْلر ِ ِ ِ ِ ِ ِ َّ ِ
َ )12وفَصيلَته التي تُْؤ ويه (َ )13و َمن في ْ
ق َهلُوعاً ( ان ُخِل َ َّ
لش َوى ( )16تَ ْد ُعو َم ْن َْأدَب َر َوتََولىَ )17( .و َج َم َع فَ َْأو َعى (ِ )18إ َّن اِإْل َ
نس َ اعةً لِّ َّ
َن َّز َ
ين (﴾)22 الش ُّر َج ُزوعاً ( )20وِإ َذا مسَّهُ اْل َخ ْير مُنوعاً (ِ )21إاَّل اْلم ِّ ِ )19إ َذا مسَّهُ َّ
صل َ ُ َ ُ َ َ َ َ
تأمل كيف بدأ السورة :سأل سائل :أحد الناس تفكر وتفكر وتدبر .فأدرك أن عذابا سيقع على
الكافرين ما له من دافع ،،فسأل عنه ،سأل سائل،والباء هنا بمعنى عن أي أنه سأل عن عذاب اهلل
،متخوفا .وقوعه متحسبا منه ،،ال ينفك يفكر ليل نهار بهـ يخشاه فلم يملك نفسه إال أن يسأل عنه!!
أو معنى آخر :كانت حقيقة اآلخرة من الحقائق العسيرة اإلدراك عند مشركي .العرب ; ولقد لقيت
منهم معارضة نفسية عميقة ,وكانوا .يتلقونها بغاية العجب والدهش واالستغراب ; وينكرونها أشد
اإلنكار ,ويتحدون .الرسول عليه سالم اهلل في صور شتى أن يأتيهم بهذا اليوم الموعود ,أو أن
84
يقول لهم:متى يكون .
فسأل هذا السائل عذاب اهلل ،مستهينا .به فبين له رب العزة ما يكون هذا العذاب وما فيه من
أهوال!!
يمهد رب العزة سبحانه ببيان عجيب لوصف .العذاب هذا!! في يوم كان مقداره خمسين ألف
سنة!! كان باالمكان القول في خمسين ألف سنة ،لكنه جعلها يوما واحدا لبيان أن الخطب جلل ،ال
نوم وال راحة ،بل يوم يبدأ وحتى ينتهي هنالك وقت مقداره خمسين ألف سنة!! لكنه يوم واحد
ستقفونه من أول لحظة في هذه السنين العجاف إلى آخر لحظة!!
يوم تكون السماء كالمهل وتكون الجبال كالعهن
واهلل إن نفسي ال تطاوعني على الوقوف بين يدي هذه المعاني لهولها ولصعويتها .على النفس!!
ط بِ ِه ْم ُس َر ِادقُهَاَ .وِإ ن َي ْستَ ِغيثُوا
َأحا َ السماء كالمهل :نتذكر قوله تعالىِ﴿ :إَّنا ْ ِ َّ ِ ِ
ين َناراً َ َأعتَ ْدَنا للظالم َ
اءت ُم ْرتَفَقاً ﴾
اب َو َس ْ ُي َغاثُوا بِماء َكاْلمه ِل َي ْش ِوي اْلو ُجوهَ بِْئ َس َّ
الش َر ُ ُ ُْ َ
ون (َ )45ك َغْل ِي اْل َح ِم ِيم (﴾ )46 ام اَأْلثِ ِيم (َ )44كاْل ُم ْه ِل َي ْغِلي ِفي اْلُبطُ ِ
ط َع ُ
وم (َ )43 الزقُّ ِ
﴿ِإ َّن َش َج َرةَ َّ
النحاس المذاب ،فلون السماء قاتم كلون النحاس المذاب من شدة ي الزيت و يقال :هو ُّ الم ْهل ُد ْر ِد ُّ
ُ
الكرب وهول المطلع لذلك اليوم العظيم
صُبوغَُ .ألواناً
الم ْ
ُّوف َ
وتكون الجبال كالعهن!! الص ُ
فالجبال بعظمتها كما الصوف الملون يلقي عليه حميم الشمس ألوانا يصبغه بها ،وتلقي عليه
السماء التي كالمهل من لونها فيعكسه ،وجهنم وهي تقترب من الخلق تمد لون لهبها ليلقي الظالل
على هذه الكتل الصوف .الخاوية الهامدة الخاشعه ،في خضم هذا الموقف .ال يسأل حميم حميما
،اختار أقرب الخلق بعضهم من بعض :الحميم من الحميم ،وتأمل هذه الصفة حميم
ظ ُمهُ ،،ومن الظَّ ِهير ِة ِش َّدةُ َحرها والشخص يصاب بالحمى من شدة المرض
َح ُّم الشيء ُم ْع َ
وهؤالء من شدة الحب حميمون لكنهم في ذلك الموقف .ال يسأل واحدهم .عن اآلخر!!
يبصرونهم ،طبعا هول الموقف .ال يستطيع منه الشخص أن يرى غيره وال هم له إال نفسه
لكنهم يبصرونهم أي رغما عنهم يجعل بصر كل واحد منهم منصرفا للجهة التي فيها الثاني ليراه
ويرى الكرب الذي هو فيه ،فال يسأل فيه!!
ال بل يتعدى ذلك ليود لو أنه يفر من عذاب يومئذ .مفتديا بأقرب الناس إليه :بنيه وصاحبته وأخيه
وفصيلته التي تؤويه ،بل ومن في األرض جميعا ثم ينجيه
ثم تأتيك المفاجأة المذهلة:
﴿كال﴾
إنها لظى
85
هابها ،،ويقال :فالن َيتَلَظَّى على فالن تَلَظِّياً ِإذا ِ
ظاء النار :الت ُ
ِ
وسميت بذلك َألنها َأشد النيران الت ُ
شدة الغضب ; تَوقَّد عليه من َّ
َ
ْأس فهي هوايتها :نزع فروة نزاعة للشوى :تخيل ليست تنزع بل هي نزاعة!! و َّ
الشواةُ ِجْل َدةُ الر ِ
الرأس نزعا أعاذنا اهلل منها
مزج الحق سبحانه بين هذه الطاقة العربية الهائلة التي ال يستطيع أي مفسر مهما أوتي من دقة
في التعبير أن يقف على عشر معشار .من عشر معشار .ما فيها من البيان
وبين الطاقة االسالمية ليظهر مفهوم اليوم اآلخر ،ومفهوم العذاب على الكفر واإلدبار .والتولي
عن رسول اهلل عليه سالم اهلل هل لمست فرقا بين
فأمطرت لؤلؤا من نرجس
وبين هذا التصوير .المخيف؟؟؟
فإذا علمت ذلك قلنا أن الخروج من دائرة جعل الطاقة العربية علما جافا جامدا
إلى دائرة بث الحياة فيه
هو الفرق بين بيت الشعر السابق وهذه اآليات،
فحسب بيت الشعر السابق :التشبيه كذا وكذا واالستعارة كذا وكذا وشبه الدمع باللؤلؤ وأداة
التشبيه محذوفه وما إلى ذلك،
وال ترى إال األلوان ،وتجريد .االنسان من العاطفة والروح .لنحيله جمادات ال تحس :لؤلؤا
ونرجسا .ليس بينه وبين العين من عالقة إال اللون!!
فالخطأ إذن من ناحية استعمال وتوظيف اللغة وطاقاتها ،فرق بين توظيف .وتوظيف.
والخطأ األكاديمي .أن نحول البالغة إلى علم كما علم الكالم
فال نرى من النصوص إال السجع والتشبيه واالستعارات .دونما إطالق للعاطفة والخيال
لنرى :التأثير
الذي تحدثه النصوص في المتلقي
نتذكر أن أهم ما في الطاقة العربية :التأثير والتوسع .واالنتشار .بل إن أهمها :التأثير
إذن فحسب ما ينبغي للتأثير الناتج عن الطاقة العربية أن يلعب دوره ليحصل التأثر فعال لدى
المتلقي
فإن البحث في بالغة النص ينبغي أن تخرج من دائرة االستعارة كعلم إلى
البحث في السبب الذي من أجله استعار .القائل أو الخطيب أو الشاعر هذه االستعارة ،
أي لم كسر حواجز الحقيقة واجتازها وأتى بالمجاز،
لم شبه هذه التشبيهات
وما الذي أراده من استفزاز المخيالت،
86
ولم اختار هذه اللفظة دون غيرها
وما هو الجرس الموسيقي الذي اختاره مصاحبا .لتراكيب الجمل وما إلى ذلك ،
عند ذلك يخرج البحث من كونه علما جامدا ال حياة فيه إلى بحث في التأثير والتأثير هو مناط
البحث والمطلب المطلوب من بحث مزج الطاقتين العربية باالسالم.
- 3البديع :ويختص بعنصر .الصياغة ،فهو يعمل على حسن تنسيق الكالم حتي يجيء بديعا ،
من خالل حسن تنظيم الجمل والكلمات ،مستخدماً .ما يسمي بالمحسنات البديعة -سواء اللفظي
منها أو المعنوي .
تعريف البديع :وهو علم تُعرف به وجوهُُ تفيد الحسن في الكالم بعد رعاية المطابقة لمقتضى
ومن الحال ،أوهو التحسين والتزيين العرضي .بعد تكميل دائرة الفصاحة والبالغة.
هذا العلم استخدام السجع ،وهو نهاية كل جملة على حرف أو حرفين متطابقين ،خطب قس بن
ساعدة األيادي بسوق عكاظ فقال :أيها الناس اسمعوا وعوا من عاش مات ومن مات فات وكل ما
هو آت آت ليل داج ونهار .ساج وسماء ذات أبراج ونجوم تزهر وبحار .تزخر وجبال مرساة
إن في السماء وأرض مدحاة وأنهار مجراة.
لخبراً وإ ن في األرض لعبرا! ما بال الناس يذهبون وال يرجعون ارضوا فأقاموا أم تركوا فناموا.
يقسم قس باهلل قسماً ال إثم فيه إن هلل ديناً هو أرضى له وأفضل من دينكم الذي أنتم عليه إنكم
لتأتون من األمر منكراً! ويروى أن قساً أنشأ بعد ذلك يقول :في الذاهبين األولين من القرون لنا
بصائر لما رأيت موارداً .للموت ليس لها مصادر .ورأيت قومي نحوها تمضي :األكابر
واألصاغر ال يرجع الماضي إل ي وال من الباقين غابر أيقنت أني ال محا لة حيث صار القوم
صائر .
ومن هذا العلم أيضاً استخدام الطباق والجناس كقولك :تآلف المؤتلف ،وتخالف المختلف ،وتشابه
المتشابه ،وتعارض المتعارض...
قال التهانوي .في( كشاف اصطالحات الفنون) :وأما منفعته فإظهار رونق .الكالم ،حتى يلج
الحسن
َ اآلذان بغير إذن ،ويتعلق .بالقلب من غير كد ،وإ نما دونوا هذا العلم ،ألن األصل وإ ن كان
الح ْسن العرضي.
الذاتي ،وكان المعاني والبيان مما ال يكفي في تحصيله ،لكنهم اعتنوا بشأن ُ
أيضاً ،ألن الحسناء إذا َعريت عن المزينات ،ربما يذهل بعض القاصرين عن تتبع محاسنها،
فيفوت التمتع بها.
المحسنات المعنوية:
التورية :وهي أن يكون للّفظ معنيان :قريب وبعيد ،فيذكره المتكلّم ويريد .به المعنى البعيد ،الذي
فيتوهمّ .انه أراد المعنى القريب،
ّ هو خالف الظاهر ،ويأتي .بقرينة ال يفهمها السامع غير الفطن،
87
نحو قوله تعالى( :وهو الّذي يتوفّاكم باللّيل ويعلم ما جرحتم .بالنهار) أراد من (جرحتم):
ارتكاب الذنوب ،وكقوله:
حر ومعناها رقيق.
أبيات شعرك كالقصور .وال قصور بها يعوق ومن العجائب لفظها ّ
فللرقيق .معنيان :قريب وهو العبد .وبعيد :وهو من الرقة ،والشاعر أراد الثاني ،لكن الظاهر من
للحر إرادة العبد.
مقابلته ّ
اإلستخدام :وهو أن يكون للّفظ معنيان فيطلقه المتكلّم ويريد .به أحد المعنيين ،ثم يذكر ضميره
ويريد به المعنى اآلخر ،نحو قوله تعالى( :فمن شهد منكم الشهر فليصمه) أراد بالشهر ّأوالً:
ثم أعاد الضمير .عليه وهو يريد ّأيام الشهر المبارك ،وكقوله:
الهاللّ ،
إذا نزل السماء بأرض قوم .ق رعين ــاه وإ ن ك ــانوا غضابا
أراد بالسماء :المطر ،وبضميره في (رعيناه) النبات.
اإلستطراد :.وهو أن يشرع المتكلّم في موضوع ،ثم يخرج منه قبل تمامه إلى موضوع .آخر ،ثم
يرجع إلى موضوعه األول ،كقوله:
سبة إذا ما رأته عامر وسلول.
وانا لقوم ال نرى القتل ّ
ّ
حب الموت آجالنا لنـا وت ــكرهه آجالهم فتـطول.
يقرب ّ
ّ
أراد مدح قومه ،ثم خرج قبل تمام كالمه إلى ذم عامر وسلول ،ثم رجع في الشطر الثالث إلى ما
بدأ به في الشطر األول
والغ َزل والحماسة،
اإلفتنان :وهو الجمع بين ّفنين من الكالم ،كالمدح والذم ،والتهنئة والتعزيةَ ،
سنه كاالقحوان.) ...
وأمثالها ،كقوله( :عينه كالذئب لكن ّ
وقوله( :فقلبي ضاحك والعين تبكي.)...
وقوله:
فوددت .تقبيل السيوف ألنها لمعت كبارق .ثغرك المتبسم
ويسمى بالمطابقة وبالتطبيق .وبالتطابق .وبالتكافؤ وبالتضاد أيضاً ،وهو :الجمع بين
ّ الطباق:
لفظين متقابلين في المعنى ،ويكون على قسمين:
1ـ طباق االيجاب :وهو ما لم يختلف فيه اللّفظان المتقابالن ايجاباً وسلباً ،نحو قوله تعالى:
وتعز
ممن تشاء ّ.
وانه هو أضحك وأبكي) وقوله سبحانه( :تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ّ ( ّ
من تشاء وتذ ّل من تشاء).
مرة ومنفي اُخرى،
2ـ طباق السلب :وهو ما اختلف فيه اللفظان المتقابالن ايجاباً وسلباً فمثبت ّ
نحو قوله تعالى( :فال تخشون الناس واخشون) وقوله سبحانه( :هل يستوي الّذي يعلمون
والّذين ال يعلمون)
88
المقابلة :وهي أن يؤتى بمعنيين أو معان متوافقة ،ثم يؤتى بمقابلها على الترتيب ،قال تعالى:
لليسرى وأما من بخل واستغنى وك ّذب
فسنيسِّرهُ ُ
وصدق بالحسنىُ .
ّ فأما من أعطى واتّقى
( ّ
فسنيسره للعسرى) ونحو .قوله:
ّ بالحسنى
ما أحسن الدين والدنيا إذا اجتمعا واقبــح الكفـ َـر واإلفالس بالرجل
وتسمى بالتوافق واإلئتالف .والتناسب أيضاً وهو :الجمع بين أمرين أو أمور
ّ مراعاة النظير:
متناسبة ،كقوله تعالى( :اولئك الذين اشتروا الضاللة بالهدى فما ربحت تجارتهم وما كانو
مهتدين).
ومنها :ما بني على المناسبة في (المعنى) وذلك بأن يختم الكالم بما بدأ به من حيث المعنى،
كقوله تعالى( :التدركه األبصار وهو يدرك األبصار .وهو اللّطيف الخبير) فاللطيف .يناسب
عدم ادراك االبصار ،والخبير يناسب ادراكه لألبصار.
ومنها :ما بني على المناسبة في (اللفظ) وذلك بأن يؤتى بلفظ يناسب معناه أحد الطرفين ولفظه
الطرف اآلخر ،كقوله تعالى( :الشمس والقمر بحسبان والنجم والشجر .يسجدان) فالنجم لفظه
يناسب الشمس والقمر ،ومعناه -وهو النبات الذي ال ساق له ـ يناسب الشجر
ويسمى التسهيم أيضاً وهو :أن يذكر قبل تمام الكالم -شعراً كان أو نثرا ـ ما يدل
ّ اإلرصاد،
فإن
الروي ،كقوله تعالى( :وما كان اهلل ليظلمهم .ولكن كانوا أنفسهم يظلمون) ّ
ّ عليه إذا ُعرف
(يظلمون) معلوم .من السياق ،وكقول الشاعر:
وحرمت بــال سبب ع ــند اللقاء كالمياحلّت دمي من غير جرم ّ
فـليس الــذي حـلّلته بمــحلّل ولــيس الــذي حـ َّـرمته بحرام
فإن (بحرام) معلوم من السياق.
أمة أجل فإذا جاء أجلهم ال
الروي ،نحو قوله تعالى( :ولك ّل ّ
ّ أو يدل عليه بال حاجة إلى معرفة
يستأخرون ساعة وال يستقدمون)
مصرح به ،كقوله:
ّ اإلدماج :وهو أن يدمج في كالم سيق لمعنى ،معنى آخر غير
وليل طويل لم أنم فيه لحظة أعد ذنوب الدهر وهو مديد
فإنه أدمج تعداد ذنوب الدهر بين ما قصده من طول الليل.
المذهب الكالمي :وهو أن يؤتى لصحة الكالم بدليل مسلّم عند المخاطب ،وذلك بترتيب
المقدمات المستلزمات .للمطلوب كقوله تعالى( :أوليس الذي خلق السماوات واألرض بقادر على
أن يخلق مثلهم) فإن المسلّم عند منكر البعث ان اعادة الموتى أهون من خلق السماوات
واالرض ،ولذا جعله تعالى دليالً على البعث
حسن التعليل :وهو أن يأتي البليغ بعلة طريفة لمعلول علّته شيء آخر ،كقوله:
الذئاب
ُ مـا بـه قت ُل أعاديه ولـكن يتقي إخالف ما ترجو
89
فإنه أنكر كون قتل أعاديه للغلبة وقطع جذور .الفساد ،وادعى له سبباً آخر ،وهو :أن ال يخلف
رجاء الذئاب التي تطمع في شبع بطونها
التجريد :وهو أن ينتزع المتكلّم من أمر ذي صفة أمراً آخر مثله في تلك الصفة ،وذلك ألجل
المبالغة في كمالها في ذي الصفة المنتزع منه ،حتى كأنه قد صار منها ،بحيث يمكن أن ينتزع
منه موصوف .آخر ،وهو على أقسام:
1ـ أن يكون بواسطة (الباء التجريدية) نحو( :شربت بمائها عسالً مصفّى .)...فكأن حالوة ماء
حد يمكن انتزاع العسل منها حين الشرب.
تلك العين الموصوفة وصلت إلى ّ
2ـ أن يكون بواسطة (من التجريدية) كقوله:
ـي حبيب
لي منك أعداء ومنه أحبة ت ــاهلل ّأيكمـ ــا إل ـ ّ
المحبة
ّ حد من العداوة يمكن أن ينتزع منه أعداء ،وكذلك بلغ غيره من
فكأنه بلغ المخاطب إلى ّ
بحيث ينتزع منه أحبة.
جرد منه بحراً من العلم ،حتى أنه سأل
3ـ أن ال يكون بواسطة ،كقوله( :وسألت بحراً إذ سألته) ّ
البحر المنتزع منه إذ سأله.
بكف
4ـ أن يكون بطريق الكناية ،كقوله ...( :وال يشرب كأساً بكف من بخال) أي :أنه يشربهاّ .
جرد منه جواداً يشرب هو بكفّه ،وحيث ّأنه ال يشرب إالّ بكف نفسه ،فهو إذن ذلك
الجوادّ ،
الكريم.
5ـ أن يكون المخاطب هو نفسه ،كقوله:
ال خيل عـندك تـهديها وال مـال فليسعد .النطق إن لم تسعد الحال
وجرد .من نفسه شخصاً آخر وخاطبه فسمي .لذلك تجريداً ،وهو كثير في كالم
فإنه انتزع ّ
ّ
الشعراء
المشاكلة :وهي أن يستعير المتكلّم لشيء لفظاً اليصح اطالقه على المستعار له إالّ مجازاً ،وانما
يستعير له هذا اللفظ لوقوعه في سياق ما يصح له ،كما في الدعاء( :غيِّر سوء حالنا بحسن
حالك فإن اهلل تعالى ال حال له ،وانما استعير له الحال بمناسبة سياق (حالنا) وكقوله تعالى:
عبر بها للمشاكلة،
(تعلم ما في نفسي وال أعلم ما في نفسك ) فإن اهلل تعالى ال نفس له ،وإ نما ّ
وكقوله:
قالوا اقترح شيئاً نجد لك طبخه قلت اطبخوا .لي جبة وقميصاً
جبة وقميصاً ،فأبدل الخياطة بلفظ الطبخ لوقوعها .في سياق طبخ الطعام
خيطوا لي ّ
أيّ :
المزاوجة :وهي المشابهة وذلك بأن يزاوج المتكلّم ويشابه بين أمرين في الشرط والجزاء،
فيرتب على كل منهما مثل ما رتب على اآلخر ،كقوله:
إذا قــال قوالً فأ ّكد فيه تجانبت عنه وأ ّكدت فيه
90
رتب التأكيد على كل من قول المتكلّم وتجانب السامع
ويسمى اللّف والنشر أيضاً ،وهو :أن يذكر أموراً متعددة ،ثم يذكر ما لكل واحد
ّ الطي والنشر،
منها من الصفات المسوق لها الكالم ،من غير تعيين ،اعتماداً على ذهن السامع في إرجاع كل
صفة إلى موصوفها ،وهو على قسمين:
ويسمى .باللّف والنشر المرتّب كقوله:
ّ 1ـ أن يكون النشر فيه على ترتيب الطي،
آرائهم ووجــوهم .وسيوفهم في الحادثات إذا دجون نــجوم
منها معالـم للهدى ومصابح تجلو الدجى واألخريات .رجـوم
فاآلراء معالم للهدى ،والوجوه مصابح للدجى ،والسيوف رجوم.
المشوش ،نحو قوله
ّ ويسمى باللّف والنشر.
ّ 2ـ أن يكون النشر فيه على خالف ترتيب الطي،
ربكم ولتعلموا عدد السنين
تعالى( :فمحونا .آية اللّيل وجعلنا آية النهار مبصرة لتبتغوا فضالً من ّ
والحساب) فابتغاء الفضل في النهار وهو الثاني ،والعلم بالحساب لوجود القمر في اللّيل وهو
األول ،فكان على خالف الترتيب
الجمع :وهو أن يجمع المتكلّم بين أمرين أو أكثر في حكم واحد ،كقوله تعالى( :المال والبنون
رجس من عمل
ٌ والميسر وألنصاب واألزالم.
ُ. الخمر
ُ زينة الحياة الدنيا) وقوله سبحانهَّ ( :إنما
الشيطان فاجتنبوه) ،وكقوله:
أي مــفسدة
ان الشباب والفراغ والجده مفسدة للـمرء َّ
ّ
التفريق :وهو أن يفرق بين أمرين من نوع واحد في الحكم ،كقوله تعالى( :وما يستوي البحران
هذا عذب فرات سائغ شرابه وهذا ملح اُجاج)
بت ثمود بمتعدد ثم يحكم على كل واحد منها بحكم ،كقوله تعالىَّ ( :
كذ ْ ّ التقسيم :وهو أن يأتي
فأما ثمود فاُهلكوا .بالطاغية وأما عاد فاُهلكوا بريح صرصر .عاتية).
وعاد بالقارعة ّ
وقد يطلق التقسيم على أمرين آخرين:
1ـ على استيفاء أقسام .الشيء ،كقوله تعالى( :يهب لمن يشاء اُناثاً ويهب لمن يشاء الذكور .أو
فإن االمر ال يخلو من هذه االقسام .األربعة.
يزوجهم .ذكراناً واناثاً ويجعل من يشاء عقيماً) ّ
ّ
ويحبونه
ّ يحبهم
2ـ على استيفاء خصوصيات حال الشيء ،كقوله تعالى( :فسوف يأتي اهلل بقوم ّ
أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل اهلل وال يخافون لومة الئم)
أذلّة على المؤمنين ّ
الجمع والتفريق .وهو أن يجمع بين أمرين في شيء واحد ،ثم يفرق بينهما في ما يختص بكل
واحد منهما ،كقوله:
قلب الحبيب وصخر الصم من حجر لك ــن ذا نــابع والقل ــب مغلوف
يقسم ما جمع ،أو يقسم أوالً ثم يجمع ،فاألول.
متعدد ثم ّ
الجمع والتقسيم :.وهو أن يجمع بين ّ
كقوله:
91
حتــى أقـام على أرباض خرشنة تشقى به الــروم .والصلبان والـبيع
للرق مـا نسلوا والقتل ما ولدوا والنهب ما جمعوا والنار ما زرعوا
والثاني كقوله:
قــوم .إذا حـاربوا .ضروا عدوهم أو حاولوا النفع في أشياعهم نفـعوا
شرهـا ال ــبدعُ
ان الخالئق فـاعلـم ّ
سجية تلك فـيهم غير محدثة ّ
يخص
ّ يفرق بينهما بما ثم ّ
الجمع مع التفريق والتقسيم :.وهو أن يجمع بين أمرين في شيء واحد ّ
شقي وسعيد،
يقسم ما جمع ،نحو قوله تعالى( :يوم يأتي التكلّم نفس إالّ بإذنه فمنهم ّ
ثم ّك ّل منهما ّ
فأما الّذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير .وشهيق ،خالدين فيها ما دامت السماوات واالرض إالّ
ّ
الجنة خالدين فيها ما دامت السماوات
وأما الّذين ُسعدوا .ففي ّ
فعال لما يريدّ ،
ان ربك ّ
ربك ّ
ما شاء ّ
فرق بينها بأن
ثم ّ
ربك عطاءاً غير مجذوذ ).جمع االنفس في عدم التكلّم ّ
واألرض إالّ ما شاء ّ
قسم الشقي والسعيد .إلى ما لهم هناك في اآلخرة من الثواب
شقي وبعضها .سعيد ،ثم ّ
بعضها ّ
والعقاب
المبالغة :وهي اإلفراط في الشيء ،وتنقسم .إلى ثالثة أقسام:
1ـ التبليغ ،وهو أن يكون اإلدعاء ممكناً عقالً وعادة ،كقوله:
ج ــاء رجــال البلد مـليكمــهم كــالفرق ــد
مجي جميع رجال البلد ممكن عقالً وعادة.
ْ فإن
أباد عسكرنا ما دب أو درج ــا في أرض نجد وما فرد لهم برجا
فإن اإلبادة ممكنة عقالً ،مستحيلة عادة.
2ـ الغلو ،وهو أن يكون اإلدعاء مستحيالً عقالً وعادة ،كقول الغالي:
ان الوصي .هـو اإلله وأنما آياتـ ــه احياء عظــم رمــيم
فإن الوهية علي (كرم اهلل وجهه) مستحيلة عقالً وعادة.
يذمه ،أو بالعكس ،كقوله:
المغايرة :وهي ـ أن ،يمدح المتكلّم شيئاً ثم ّ
جـزى اهلل الـحوادث منجيات وأخـزاها حــوادث مــاحــقات
فإن الحادثة قد ترفع الشخص وقد .تضعه
الذم ،وهو على ثالثة أقسام:
تأكيد المدح بما يشبه ّ
الذم ،نحو قوله تعالى( :وما تنقم
1ـ أن يأتي بمست ـثـ ـنـ ـى .فيه معنى المـ ــدح معموالً لفعل في ــه معنى ّ
آمنا بأيات ربنا).
منا إالّ أن ّ
ّ
ذم منفية عن الشيء ،نحو قوله:
2ـ أن يستثني .صفة مدح من صفة ّ
ـهن فلول من قـراع الك ــتائب
أن سيوفهم .بـ ّ
وال عيب فيهم غير ّ
92
ثم يأتي بعدها بأداة استثناء أو استدراك يعقبها بصفة مدح اُخرى،
3ـ أن يثبت صفة مدح لشيء ّ
نحو قوله:
فتى كملت أوص ــافه غي ــر ّأنه جواد فما يبقى مــن المال باقياً
ونحو قوله في مثال اإلستدراك:
وجوه كاظهار الـرياض نضارة ولكــنها يــوم الهي ــاج صخــور
تأكيد الذم بما يشبه المدح ،وهو على قسمين:
ذم اُخرى
ثم يأتي بعدها بأداة استثناء أو استدراك يعقبها بصفة ّ
ذم لشيء ّ
1ـ أن يثبت صفة ّ
أن محياه قبيح).
كقوله( :كله ذم سوى ّ
ذم من صفة مدح منفية عن الشيء ،كقوله:
2ـ أن يستثني .صفة ّ
الحمـق ال يج ــارى
خال مــن الفضل غـير ّأني أراه فــي ُ
كالذم والمدح ،والدعاء له وعليه ،كقوله -
ّ التوجيه :وهو أن يؤتى بكالم يحتمل أمرين متضادين
خياط اسمه عمرو ،وكان أعور :-
في ّ
خــاط لــي عم ــرو قبـاءًأ لـيـت عيني ــه س ـ ــواء
أمــديـ ــح أم هج ــاء قلت شعـراً لــيس يــدري
والفرق بين التوجيه والتورية :أن التورية ال تكون إال فيما له معنيان بأصل الوضع ،بخالف
التوجيه
نفي الشيء بإيجابه :وهو أن ينفعي شيئاً عن شخص فيوهم .اثباته له في الجملة ،نحو قوله تعالى:
(رجال ال تلهيهم تجارة وال بيع عن ذكر اهلل).
وكقوله للخليفة:
شغلَْنك عن الجهاد مكاسب تـ ــرجو .وال لـ ــهو وال أوالد
لم ُي َ
فإنه يوهم اشغال المكسب له في الجملة -كما في األوالد -مع أنه ال كسب للخليفة
القول بالموجب :وهو أن يحمل كالم الغير على خالف مراده ،كقوله:
وقـ ــالوا .قد صفت م ـ ّـنا قلوب لـقد صدقوا .ولكن عن ودادي.
الخلو من وداده
فإنهم أرادوا الخلوص له ،فحمله الشاعر على ّ
ائتالف اللفظ والمعنى :وهو أن ُيختار للمعنى المقصود ألفاظ تؤديه بكمال الوضوح ،كقوله ـ في
الذم ـ:
ّ
صفي تميم لــولّت
ّ ـكر علـى
ولو أن برغوثاً على ظهر قملـة ت ـ ّ
وكقوله في المدح:
اذا مــا غضبنا غضبة م ــضرية هتكنا حجاب الشمس أو قطرت دما
93
التفريع :وهو جعل الشيء فرعاً لغيره وذلك بأن ُيثبت لمتعلّق أمر حكماً بعد أن ُيشتبه لمتعلّق
آخر على نحو ُيشعر بالتفريع ،كقوله:
طبــه ي ــنفي الــمرض فقه ــه ينف ــي الب ــدع
ّ
فله اهلل طبيباً وفقيهاً .متّبع
اإلستتباع :وهو الوصف .بأمر على وجه يستتبع الوصف بأمر آخر ،مدحاً أو ذماً ،مدحاً كقوله:
سمح البديهة لــيس يــمسك لفظه فـ ــكأنما ألفاظه مـ ــن ماله
رد شهادته برؤية هالل شوال ـ: ٍ
قاض ّ وذماً ،كقوله ـ في
ّ
أتـ ــرى القاضــي أعمـى أم ت ــراه يـ ــتعا مــى
ع ــيد أمــوال اليتـام ــى ـأن الـ ـ
سرق العيـد ك ّ
السلب واإليجاب :وهو أن يسلب صفة مدح أو ذم عن الجميع ليثبتها لمن قصد ،فالمدح كقوله:
ك ــل شخص لقـيت فيــه هنـات غـير سلمى فخلقها من فضائل
والذم ،كقوله( :ال أرى في واحد ما فيه من جمع الرذائل).
ويسمى السلب واإليجاب :الرجوع .أيضاً بمعنى العود على الكالم السابق بالنقض لنكتة ،كقوله:
ّ
وما ضاع شعري عندكم حين قلته بلــى وأبيكم ضـاع ف ــهو يضوع.
اإلبداع :وهو أن يكون الكالم مشتمالً على جملة من المحسنات البديعية ،كقوله تعالى( :وقيل يا
الجودي وقيل ُبعداً
ّ أرض ابلعي مائك ويا سماء اقلعي وغيض الماء وقُضي االمر واستوت .على
للقوم الظالمين).
قيلّ :أنه يوجد في هذه اآلية الكريمة اثنان وعشرون نوعاً من أنواع البديع اشيرها إليها في
المفصالت .وكقوله:
ّ
فضحت الحيا والبحر .جوداً فقد بكى الـ حـيا مـن حياء منك والتطم .البحر
َ
عما
األسلوب الحكيم :وهو اجابة المخاطب بغير ما سأل ،تنبيهاً على كون االليق هو السؤال ّ
والحج) فإنهم .لّما لم
ّ وقع عنه الجواب ،كقوله تعالى( :يسألونك عن األهلّة قل هي مواقيت للناس
يكونوا يدركون سبب اختالف أشكال الهالل ،اجيبوا بما ينبغي السؤال عنه ،وهو فائدة اختالف
األهلّة.
وكقوله:
لت كـاهلي باأليادي
أتيت مـراراً قــال :ث ّق َ
ثقلت إذ ُ
قـلتُ :
أبرمت ،قال :حبل ودادي.
ُ طوالً قلت:
أوليت َ
َ لت ،قال
طو ُ
قلتّ :
تشابه األطراف :.وهو أن يكون بدء الكالم وختامه متشابهين لفظاً أو معنى:
األول :وهو التشابه في اللـّفـ ــظ كقوله تعالى( :مثل نـ ــوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في
ي)
در ّ
كوكب ّ
ٌ كأنها
زجاجة الزجاجة ّ
94
الثاني :وهو التشابه في المعنى كقوله:
سم زعـ ــاف قـولـه وفعاله عند البصير كمثل طعم العلقم
السم في المذاق.
فإن العلقم يناسب ّ
الجد ،كقوله:
الهزل :وهو أن يأتي بهزل يراد به ّ
إذا ما جاهلي أتاك م ــفاخراً فقلَ :ع ّد عن ذا كيف أكلك العنب
االطراد :وهو أن يأتي باسم من يقصده واسم آبائه على ترتيب تسلسلهم في الوالدة بال تكلّف في
السبك ،كقوله:
إن يقتلوك فقد ثللت عروشهم .بعتيبة بن الحــارث بـن شهاب
ومنه قوله (ص ــلى اهلل عليه وآله وسلم) :الكريم ابن ال ــكري ــم ابن الكريم ابن الكريم :يوسف .بن
يعقوب بن اسحاق بن ابراهيم
تجاهل العارف :وهو أن يرى المتكلّم نفسه جاهالً ،مع أنه عالم ،وذلك لنكتة كقوله( :أمنزل
األحباب ما لك موحشاً)...؟
أما إذا وقع مثل ذلك في كالم اهلل سبحانه ،كقوله تعالى( :وما تلك بيمينك ياموسى) أو في كالم
يسمى حينئذ :ايراد الكالم في صورة اإلستفهام لغاية. يسمى بتجاهل العارف ،بل ّ أوليائه ،فال ّ
المحسنات اللفظية:
ت َم َعوأسلَ ْم ُ عز َّ
وجلْ " : التجنيس هو أن يجانس اللفظ في الكالم والمعنى .مختلف ،كقول اهلل َّ
فأدلى َد َلوهُ" وكقوله تعالى: ف" وكقولهْ " : يوس َ له َر ِّسلَيمان ِل ِ
أسفا على ُ مين" وكقوله" :يا َ
ب العالَ َ ُ َ
يحان َو َجَّنةُ َنعيم" وكقوله تعالىَ " :و َجنى
عز وج ّل" :فََر ْو ٌ.ح َو َر ٌ ك ِل ِّلد ِ
ين القَيِّم" وكقوله ّ " ِ
فَأق ْ.م َو ْجهَ َ
ين ٍ
دان". الجَّنتَ ِ
َ
كون إن ذا الوجهَ ِ آمن من آمن بِ ِ
اهللَّ . ِ ِ ُّ
ين ال َي ُ الخَبر :الظلم ظُلُمات يوم القيامةَ َ ْ َ ٌ . جاء في َ وكما َ
عند اهلل.
وجيهاً َ
الشنفرى: ولم أجد التجنيس في شعر الجاهليَّة إال َقليالً ،كقول َّ
شاء وطُلَّ ِت
تع ً
ت حجِّر فَوقَنا * .بِريحاب ٍة ريح ْ ِ
َ َ الن ْب َ ُ َ وبِتْنا َّ
كَأن َّ
وقول امرئ القيس:
ض ِه * ِلُيْلبِ َسني من داِئ ِه ما تَلَبَّساطمح الطَّ َّماح من بع ِد أر ِ
ُْ ْ ُ لقد َ َ َ
وقوله:
َّ ولكنما أسعى ِلم ٍ
جد ُمَؤ ثَّ ٍل * وقدُ .ي ْد ِر ُ
أمثالي جد المَؤ ث َل ْ
الم َ
ك َ َ َّ ْ
الر َّمة:
وفي شعر اإلسالميين المتقدمين كقول ذي ُّ
تونهُ
ت ُم ُ
عيج ْ
والعاج َ
َ البرى َّ
كأن ُ
وكقول رجل من بني عبس:
95
األنفا
ف َ وأن ْأنفَ ُك ُم ال َي ْع ِر ُ ِ
الجار حالَفَكم * َّ أن ُذ َّل
وذلكم َّ
ْ
المحدثين فأكثر .من أن ُيحصى.
فأما في شعر ُ
الجناس :وهو تشابه لفظين ،مع اختالفهما .في المعنى ،وهو قسمان :لفظي ومعنوي.
الجناس اللفظي على أقسام:
1ـ الجناس التام :وهو ما اتفق فيه اللفظان المتجانسان في أمور أربعة:
نوع الحروف ،وعددها ،وهيئتها ،وترتيبها مع اختالف المعنى ،كقوله تعالى( :ويوم .تقوم الساعة
يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة) فالمراد .بالساعة االولى :يوم القيامة ،وبالساعة الثانية:
جزء من الزمان.
2ـ الجناس غير التام :وهو ما اختلف اللفظان في أحد األمور .األربعة المذكورة (النوع والعدد
والهيئة والترتيب).
فاإلختالف في عدد الحرف ،نحو( :دوام الحال محال).
الحق وبما كنتم تمرحون).
ّ وفي نوعه :كقوله تعالى( :ذلك بما كنتم تفرحون في األرض بغير
(الج ّد في ال ِج ّد والحرمان في الكسل).
وفي هيئته :نحوَ :
وكف ف ّكه).
ّ ك كفّه
وفي ترتيبه :نحو( :رحم اهلل من ف ّ
3ـ الجناس المطلق :وهو توافق .اللفظين في الحروف وترتيبها ،بدون أن يجمعهما اشتقاق،
نحوِ :
(غفار ،غفر اهلل لها).
وإ ن جمعهما اشتقاق سمي جناس اإلشتقاق ،نحو قوله تعالى( :ال أعبد ما تعبدون وال أنتم
عابدون ما أعبد).
المذيل :وهو ما يكون اإلختالف بأكثر من حرفين في آخره ،كقوله:
4ـ الجناس ّ
يمدون من أيد عواص عواصم ت ــصول بأسياف .قواض قواضب
المطرف :وهو ما يكون اإلختالف بزيادة حرفين في أوله ،كقوله:
ّ 5ـ الجناس
وكـ ــم غرر م ــن ّبره ولطائف لشكري على تلك اللطائف طائف
6ـ الجناس المضارع :وهو ما يكون باختالف اللفظين في حرفين ،مع قرب مخرجهما ،كقوله
تعالى( :وهم ينهون عنه وينئون عنه).
7ـ الجناس الالحق :وهو ما يكون باختالف اللفظين في حرفين ،مع بعد مخرجهما ،كقوله
تعالى( :ويل لك ّل ُه َمز ٍة لُ َمز ٍة).
8ـ الجناس التلفّظي :وهو ما اختلف ركناه خطاً مع اتحادهما في التلفّظ ،كقوله:
بالحسن فمن
اعـ ــذب خ ــلق اهلل نطقاً وفمـاً إن لم ي ـ ــكن أحق ُ
فاالول تنوين ،والثاني نون.
96
المحرف :وهو ما اختلف اللفظان في هيئات الحروف من حيث الحركات ،نحو:
ّ 9ـ الجناس
البرد).
البرد ُجّنة َ
(جبة ُُ
النقَط لم
المصحف :وهو ما اختلف اللّفظان من حيث التنقيط ،بحيث لو زالت ُ
ّ 10ـ الجناس
(غ ّرك ُّ
عزك يتميز أحدهما عن اآلخر ،ككتاب كتبه أمير المؤمنين عليه السالم إلى معاويةَ :
ّ
فَصار قصار .ذلك ُذلّك ،فاخش فاحش فعلك ،فعلّك تهدى بهذي).
11ـ الجناس المر ّكب :وهو ما اختلف اللفظان من حيث التركيب واإلفراد ،كقوله:
إذا ملك لم يكن ذا هبة فــدعه فــدولته ذاهبة
فاالول مركب بمعنى :صاحب هبة ،والثاني :مفرد وهو اسم الفاعل:
12ـ الجناس الملفّق :وهو ما كان اللّفظان كالهما مر ّكباً ،كقوله:
فلم تضع األعادي قدر شأني وال قـ ـ ـ ــالوا فالن قد رشاني
االول :مر ّكب من (قدر) ومن (شأني) والثاني :مر ّكب من (قد) ومن (رشاني).
13ـ جناس القلب :وهو ما اختلف فيه اللفظان في ترتيب الحروف ،نحو( :رحم اهلل امرءاً مسك
كفيه).
ما بين ف ّكيه وأطلق ما بين ّ
ويسمى .أيضاً( :ماال يستحيل باإلنعكاس) وهو ما
ّ 14ـ الجناس المستوى :وهو من جناس القلب،
وانما يحصل بـ ـعـ ـي ـن ـ ــه ،نحو
األول معكوساً ومقلوباًّ ،
اليختلف لو قريء من حرفه االخير إلى ّ
فإنه ينعكس بعينه ،ونحو .قوله:فكبر) ّ
ربك ّ قوله تعالى( :ك ّل فـ ــي فلك) وقوله سبحانهّ ( :
مودته تدوم. مودته تدوم لك ّل ٍ
هول وهل كـ ـ ٌل ّ ّ
وكذا قوله( :أرانا اإلله هالالً أناراً).
الجناس المعنوي .قسمان:
1ـ جناس اإلضمار :وهو أن يأتي بلفظ يحضر في ذهنك لفظاً آخر ،واللفظ اآلخر ُيراد به غير
معناه بداللة السياق ،كقوله:
فهو إذا رأته عين الرائي أبــو معاذ أو أخو الخنساء
فإن المراد بأبي معاذ( :جبل) وبأخ الخنساء( :صخر) وليس بمراد ،وانما المراد :ذم المقصود
بأنه كالصخر.
2ـ جناس االشارة :وهو ما ذكر فيه أحد اللفظين وأشير لآلخر بما يد ّل عليه ،كقوله:
ياحمزة اسمح بــوصل وام ــنن علينا بق ـ ــرب
ـصحفاً وبقل ـ ــبي
في ثغرك اسمك أضحــى مـ ـ ّ
أراد (الخمرة) و(الجمرة) إذ هما مصحفا حمزة.
التصحيف :وهو التشابه بين كلمتين أو أكثر خطًّأ ،والفارق .النقط ،كـ(التحلّي) و(التخلّي)
و(التجلي).
97
جد وجد).
لج ولج) و(من ّاالزدواج :وهو تجانس اللفظين المجاورين ،نحو( :من ّ
السجع :هو توافق الفاصلتين أو الفواصل في الحرف االخير -والفاصلة في النثر كالقافية في
الشعر -وموطن السجع النثر ،وأحسنه ما تساوت فقراته ،كقوله تعالى( :في سدر مخضود.
وطلح منضود .وظ ّل ممدود) وإ ن لم تتساو .فقراته فاالحسن ما طالت فقرته الثانية نحو قوله
تعالى( :والنجم إذا هوى ،ما ض ّل صاحبكم .وما غوى) أو طالت فقرته الثالثة ،نحو قوله تعالى:
ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعاً فاسلكوه) وال يحسن العكس
ثم الجحيم صلّوهّ ،
(خذوه فغلّوهّ ،
بأن تطول الفقرة االولى دون الثانية ،أو الثانية دون الثالثة ،ألن السامع ينتظر بقيتها ،فإذا انقطع
كان كالمبتور
التشطير :وهو جعل كل من شطري البيت مسجوعاً سجعة مخالفة للسجعة الّتي في الشطر
اآلخر ،وهذا يكون على القول بعد اختصاص السجع بالنثر ،كقوله:
تدبير معتصم باهلل منتقم هلل مــرتغب في اهلل مرتقب
مبنية على الميم والثاني .على الباء.
االول سجعته ّ
فالشطرّ .
الموازنة :وهي تساوي الفاصلتين في الوزن فقط ال في التقفية ،نحو قوله تعالى( :ونمارق.
وزرابي مبثوثة) فإن كلمة (مصفوفة) متفقة مع كلمة (مبثوثة) في الوزن ،ال في
ّ مصفوقة،
التقفية.
إن
الترصيع :وهو توازن األلفاظ مع توافق .االعجاز ،أو تقاربها ،ومثال التوافق قوله تعالىّ ( :
الفجار لفي جحيم).
األبرار لفي نعيم وإ ن ّ
ومثال التقارب قوله تعالى( :وآتيناهما .الكتاب المستبين ،وهديناهما الصراط .المستقيم)
ويسمى (التوشيح) و(ذا القافيتين) أيضاً ،وهو بناء البيت على قافيتين أو أكثر ،يصح
ّ التشريع:
الوقوف .على ك ّل واحد منها ،كقوله:
يا خـاطب الدنيا الدنية انها شرك ال ــردى وقرارة األكدار
دار إذا ما أضحكت في يومها أبــكت غداً ّتباً لها مــن دار
فيصح الوقوف .على (الردى) و(غدا) فتنقلب األبيات من (بحر الكامل) وتكون من (مجزوء
الكامل) وتقرأ هكذا:
ياخاطب الدنيــا الدنـ ـ ـ ّـية انها َش َرك ال ـ ــردى
دار إذا مــا أضحكت فـ ـ ــي يومها أبكت غداً
ويسمى االلزام والتضمين والتشديد .واإلعنات أيضاً ،وهو أن يجيء قبل حرف
ّ لزوم ما اليلزم:
الروي -في فاصلتين وأكثر .أو بيتين وأكثر -بحرف ال يتوقّف السجع عليه ،كقوله تعالى:
ّ
(فأما اليتيم فال تقهر ،وأما السائل فال تنهر).
وكقوله:
98
طل
الع َ
أصالة الرأي صانتني عن الخطل وحليــة الفضل زانتني لدى َ
فالراء في اآلية والالم في الشعر ،حروف .الروي ،وقد جيء قبل الراء بالهاء وقبل الالم بالطاء،
وهو غير الزم لتحقّق السجع بدون ذلك
رد العجز على الصدر :وهو ان يعاد ما بدأ به االخير ،كقوله تعالى( :وتخشى .الناس واهلل أحق
ّ
أن تخشاه).
وقوله:
سريع الى ابن العم يلطم وجهه ولـ ــيس إلى داعي الندى بسريع
مر في جناس القلب ،وهو :أن يقرأ عكساً ويسمى :القلب المستوي كما ّ
ّ ماال يستحيل باإلنعكاس،
كما يقرأ طرداً( :دام عالء العماد) .ونحو( :كن كما أمكنك) فإنه إذا قرئ .عكساً من االخير الى
االول كان أيضاً( :دام عالء العماد) و(كن كما أمكنك).
ّ
المواربة :وهي أن يجعل المتكلّم كالمه بحيث يمكن تغييره بتصحيف ونحوه ،كما يحكى عن أبي
نؤاس ّأنه كتب على باب قصر هارون العباسي البيت التالي:
لقد ضاع شعري على بابكم م ـ ــا ضاع عقد على خالصة
فلما أنكر عليه هارون ذلك ،محى هالل العين ،فصار البيت كالتالي:
لقد ضاء شعري .على بابكم كم ــا ضاء ِعقد على خالصه
ائتالف اللّفظ مع اللّفظ :وهو أن يؤتى في العبارة بألفاظ من واد واحد في األنس والغرابة
علي ...افرنقعوا) جمع بين غريبين (تكاكأتم) و(افرنقعوا).
ونحوهما ،نحو( :ما لكم تكاكأتم ّ
التسميط :وهو أن يجعل الشاعر بيته على أربعة أقسام ،كقوله:
فنحن في جزل ،والروم في وجل والبـ ـ ـ ّـر في شغل ،والبحر .في خجل
ويسمى( .السهولة) أيضاً ،وهو سالمة األلفاظ والمعاني .مع جزالتهما وتناسبهما ،كقوله
ّ اإلنسجام:
كل في فلك يسبحون) وكقوله: تعالىٌّ ( :
أفضل مـن عقله ومن أدبه
َ ما وهب اهلل المرىء هبة
هما كمال الفتى فـإن فقدا ففق ــده للحياة أليق بــه
اإلكتفاء :وهو أن يحذف بعض الكالم لدالله العقل عليه ،كقوله:
قالت بنات العم يا سلمى وإ ن كــان فقيراً معدماً قالت وإ ن
أي :وإ ن كان فقيراً معدماً.
التطريز :وهو أن يكون صدر الكالم مشتمالً على ثالثة أسماء مختلفة المعاني ،ويكون العجز
صفة مكررة بلفظ واحد ،كقوله:
وتسقيني وتشرب .من رحيق خليق أن ُيلقّب ب ــالخلوق
كــأن الكأس فـي يدها وفيها .عقيق في عقيق في عقيق
99
المعرب
َّ التعريب:
قال ٍ
لمعان في غير لغتها. ِ
الموضوعة ِ
األلفاظ هو ما استعملته العرب من
تتفوه به العرب على ِم ْنهاجها تقولَّ :
عرَبتْه تعريب االسم األعجمي أن َّ
ُ الجوهري في الصحاح:
وَأع َربته أيضاً .والتعريب .هو ان تصاغ اللفظة االعجمية بالوزن العربي ،فتصبح
العرب َ
عربية بعد وضعها .على وزن االلفاظ العربية او -على حدة قولهم - .على تفعيلة من تفعيالت
اللغة العربية .فالعرب كانوا يعمدون الى اللفظة االعجمية فيزنونها على تفعيلة من التفعيالت
العربية مثل"افعل وفعل وفاعل وافتعل وانفعل"وغيرها .،فان وافقتها .ووافقت حروفها .حروف
اللغة العربية اخذوها وان لم تكن على وزن التفعيالت العربية ولم توافق .اي وزن من اوزان
العرب حوروها بزيادة حرف او بنقصان حرف او حروف .وصاغوها على الوزن العربي
فتصبح على اوزان تفعيالتهم وحينئذ .يأخذونها . .وكذلك يفعلون في حروفها ،فيحذفون الحرف
الذي ال ينسجم مع لغة العرب ويضعون بدله حرفا من حروف .العربية حتى يصبح من حروف.
العربية وحينئذ .يأخذون اللفظة وهكذا .فالتعريب .هو موضوع الكلمة االعجمية صياغة جديدة
بالوزن والحروف .حتى تصبح لفظة عربية في وزنها .وحروفها وحينئذ .تؤخذ وتكون لفظة معربة،
وبذلك تكون عربية كاللفظة التي وضعها العرب سواء بسواء .
وعلى هذا فليس التعريب اذا اخذ للكلمة من اللغات االخرى كما هي ،ووضعها .في اللغة العربية
على حالها االصلية بل التعريب هو صياغة جديدة للكلمة االعجمية بحروف عربية ووزن عربي
فان العرب قد .
حددت اوزان اللغة العربية وتفعيالتها ،وحددت حروف اللغة العربية بحروف .معينة وعدد
محدد ،والتعريب .هو صوغ لفظة من هذه الحروف على وزن من االوزان العربية ،وهذا وال
شك اجتهاد وليس وضع ،ومن هنا كان جائزا لكل مجتهد في اللغة العربية فهو كاالشتقاق .سوا
بسواء .فاالشتقاق .ان تصوغ .من المصدر فعال او اسم فاعل او اسم مفعول او غير ذلك من
المشتقات من حروف .العربية وعلى استعمال العرب ،سواء اكان ما صنعته قد قالته العرب ام لم
تقله ،فكذلك التعريب ان تأخذ لفظا اعجميا وتصوغه على وزن من اوزان العرب ومن حروف.
العربية وعلى استعمال العرب فتخرج منه لفظة عربية كما اخرج االشتقاق اسم الفاعل واسم
المفعول من المصدر ،والمشتق .ال خالف في جوازه لكل عالم بالعربية فكذلك التعريب يجوز لكل
مجتهد في العربية النه صياغة وليس بوضع ،ولهذا فان التعريب ليس خاصا بالعرب االقحاح بل
هو عام لكل عربي ،اال انه يشترط فيمن يصح منه التعريب ان يكون مجتهدا بالعربية حتى يتأتى
له جعل اللفظة االعجمية لفظة عربية كسائر الفاظ العرب ،غير انه ينبغي له ان يعلم ان التعريب
100
خاص باسماء االشياء وليس عاما لكل لفظ اعجمي ،فالتعريب ال يدخل االلفاظ الدالة على
المعاني ،والالجمل الدالة على الخيال ،وانما هو خاص باسماء االشياء وال تصح في غيرها
مطلقا .فانهم .بالنسبة للمعاني قد وضعوا .االشتقاق بالنسبة للتخيالت والتشبيهات قد وضعوا.
المجاز ،ولم يستعملوا .التعريب اال في اسماء االشياء ويدخل فيها اسماء االعالم مثل ابراهيم
ولهذا ال يجوز التعريب اال في اسماء االشياء واسماء االعالم وال يجوز في غيرهما وال بوجه من
الوجوه ،اما غير اسماء االشياء واسماء االعالم فان مجال اخذها واسع في االشتقاق والمجاز،
فاالشتقاق مجاله واسع الخذ المعاني والتعبير عنها مهما بلغت من الكثرة والتنوع .وكذلك للمجاز
مجال خصب الخذ الخيال والتشبيهات والتعبير .عنها .واللغة العربية ليست في حاجة الن يؤخذ
معنى اللفظة االعجمية ويعبر .عنها بلفظ يدل على معنى مثله بالعربية كما حاول المسلمون ان
يفعلوا ذلك ،بل تؤخذ اللفظة االعجمية نفسها وتصاغ .على وزن عربي وبحروف .عربية على
استعمال العرب وتوضع .لفظة معربة ،فما فعلوه من وضع كلمات قطار .وعربة وسيارة وهاتف
ومقود وما شاكل ذلك عمل كله خطأ ويدل على الجمود الفكري وعلى الجهل المطبق ،فهذه اشياء
وليست معاني وال تخيالت وال تشبيهات فال توضع لها اسماء المعاني تشبهها وال تشتق لها
اسماء ،وانما تؤخذ اسماؤها االعجمية نفسها وتصاغ على تفعيلة من تفعيالت العرب ومن
حروف عربية وعلى استعمال العرب وتوضع .لفظة جديدة على اللغة العربية وتكون لفظة معربة
هي واللفظة التي وضعها العرب سواء بسواء فكلمة تلفون كان يجب ان تؤخذ كما هي الن وزنها.
عربي"فعلول"ومنها عربون وحروفها كلها حروف عربية وكلمة"جدون"وزنها وزن
عربي"فعول"ومنه جهول ولكن حرف""Gغير موجود في اللغة العربية يوضع بدله حرف"ج"او
حرف"غ"فيقال"غدون"او"جدون"فتصبح لفظة معربة ،وهكذا باقي الكلمات ال يصح ان توضع لها
الفاظ عربية تدل على اشياء مثلها ،فان هذا يخالف اللغة العربية ويخالف قواعدها ،الن العربية
قد جعلت التعريب لوضع اسماء االشياء واسماء االعالم ،ولم تجعل التشبيهات اداة لوضع اسماء
االشياء واالعالم .على ان هذه االلفاظ التي وضعت السماء االشياء الجديدة كالقطار والعربة
والسيارة ال تعتبر من الفاظ العربية مطلقا ،اي ليست هي حقيقة لغوية وال حقيقة شرعية وال
حقيقة اصطالحية ،فال تكون عربية على االطالق .الن اللفظ العربي هو اللفظ الذي وضعه
العرب للداللة على معنى معين ،فاذا حصل اصطالح اللفظ وضعه العرب على معنى لم يضعوه
فان الحقيقة اللغوية ال بد ان له كان ذلك حقيقة شرعية او حقيقة عرفية وليس حقيقة لغوية .
يضع العرب اللفظ لذلك المدلول والفاظ اللغة العربية ال تخرج عن هذه الثالث :اما حقيقة لغوية
واما حقيقة شرعية ،واما حقيقة عرفية .ووضع لفظ القطار والعربة والهاتف . . . .الخ قد
وضعها هؤالء للداللة على شيء حسب وضع اللغة وارادوا .به ان يكون ذلك هو معناها لغة ،اي
ارادوا به ان يكون حقيقة لغوية .والحقيقة اللغوية هي اللفظ المستعمل فيما وضع له اوال في
101
اللغة ،اي هي اللفظ الذي وضعه اهل اللغة بازاء معنى معين للداللة عليه ،ولفظ القطار وما
شابهه لم يضعه العرب بازاء هذا المعنى للداللة عليه فال يكون حقيقة لغوية ،وبما انه ليس حقيقة
شرعية وال حقيقة عرفية فيكون لفظا غير عربي .فكلمات القطار والعربة والهاتف التي وضعت
وقال أبو حيَّان في مؤخرا اسماء الشياء ليست الفاظا عربية .
فح ْك ُم ْأب َنيته
وألح ْقته بكالمها ُ
العرب َ
ُ قسم غي ََّرتْه
االرتشاف :األسماء األعجمية على ثالثة أقسامٌ :
وب ْه َرج. ِ
ضع نحو درهم َ الو ْ
والو ْزن ُح ْك ُم أبنية األسماء العربية َفي اعتبار األصلي والزائدَ .
بأبنية ِ
كالمها فال ُي ْعتََبر فيه ما ُي ْعتََبر في القسم الذي قبلَه نحو آجر ِ وقسم َغيَّرته ولم تُْل ِح ْقه
ٌ
لحقوه بأبنية كالمهم لم ُي َع ّد منها وما ألحقوه بها ُع ّد منها وس ْف ِسير .وقسم تركوه غير مغيَّر فما لم ي ِ ِ
ُ َ ٌ
بسلّم و ُكر ُكم ألحق بقُمقُم.
مثال األولُ :خ َراسان ال يثبت به فُعاالن ومثال الثانيُ :خ َّرم ألحق ُ
ينقل ذلك أحد أئمة العربية. قال أئمة العربية :تُ ْعرف ُع ْج َمة االسم بوجوه :أحدها َّ -
الن ْقل بأن ُ
خروجه عن أوزان األسماء العربية نحو ْإب َر ْي َسم .فإن مثل هذا الوزن مفقود في أبنية
ُ الثاني -
األسماء في اللسان العربي.
الرابع فإن ذلك ال يكون في كلمة عربية.
الثالث -أن يكون َّأوله نون ثم راء نحو ْنرجس ّ
الخامس - يكون في كلمة عربية.
آخره زاي بعد دال نحو مهندز فإن ذلك ال ُ
يكون ُ
-أن َ
السادس -أن والجص.
ّ َّولجان
أن يجتمع فيها الصاد والجيم نحو الص ْ
السابع -أن يكون يجتمع فيه الجيم والقاف نحو المنجنيق.
ورباعياً عارياً عن حروف ال ّذالقة وهي الباء والراء والفاء والالم والميم والنون فإنه متى ُخماسياً ُ
وج ْح َمرش .فهذا ما يكون فيه شيء منها نحو َسفَ ْر َجل وقُ َذ ْع ِمل و ِق ْر َ
ط ْعب َ َ عربياً فال َّ
بد أن ّ كان
حيان في شرح التسهيل.
جمعه أبو ّ
102
سموا الناظر ناطوراً أي ينظر ويقولون
العرب تجعل الظاء طاء أال تراهم ّ
ُ حاتم قال األصمعي:
البرطُلَة وإ نما هو ابن ُّ
الظلَّة .وفي مختصر .العين :الناظر والناطور :حافظُ َّ
الزرع وليست ُْ
العين في إسماعيل ألنها
وقال سيبويه أبدلوا َ بعربية.
معرب ُّ
أشبهُ الحروف بالهمزة قالوا :فهذا يدل على أن وفي شرح أدب الكاتب :التوت أعجمي ّ
ثنوية ألن
فأبدلت العرب من الثاء المثلثة والذال المعجمة تاء ّ
وأصلُه باللسان العجمي توث وتوذَ .
المعرب :إن العرب كثيراً ما
وقال الجواليقي في َّ المثلّثة والذال مهمالن في كالمهم.
يجترئون على األسماء األعجمية فيغيِّرونها .باإلبدال قالوا :إسماعيل وأصلُه إ ْشمائيل فأبدلوا لقُْرب
الب ْعد من المخرج وقد .ينقلونها إلى ِ
قال :وقدُ .ي ْبدلون مع ُ الم ْخرج.
َ
الم َع َّرب
البدل في ُ وقال بعضهم :الحروف التي يكون فيها َ أبنيتهم ويزيدون وينقصون.
عشرة :خمسةٌ ُيطَّ ِرد إبدالها وهي :الكاف والجيم والقاف والباء والفاء وخمسةٌ ال يطَّرد إبدالُها
كل حرف ليس من حروفهم فالبد ُل المطَّ ِرد :هو في ِّ
وهي :السين والشين والعين والالم والزاي َ
كقولهمُ :ك ْرَبج الكاف فيه بد ٌل من حرف َبين الكاف والجيم فأبدلوا فيه الكاف أو القاف نحو قُْرَبق.
ِ
أو الجيم نحو َج ْورب وكذلك ف ِرند هو بين الباء والفاء ّ
فمرة تُْب َدل منها الباء ومرة تُْبدل منها الفاء.
فكل حرف وافَق الحروف .العربية كقولهم إسماعيل أبدلوا السين من وأما ما ال يطّرد .فيه اإلبدال ُّ
وقال والعين من الهمزة وأصله إشمائيل.
َ الشين
يعربون الشين سيناً يقولون :نيسابور .وهي نيشابور.
أبو عبيد في الغريب المصنف :العرب ِّ
وفي .تذكرة فيبدلونها سيناً. وكذلك َّ
الد ْشت يقولون َد ْست ُ
طه :قال نصر بن محمد بن أبي الفنون النحوي في كتاب أوزان الشيخ تاج الدين بن مكتوم بخ ّ
ابن ِس َ
يده الثالثي :سين العربية شين في العبرية فالسالم شالم واللسان لشان واالسم اشم .وقال ُ
ضة الشينات ذكر أمثلة من ٍ شين بعد ٍ
الم في كلمة عربية َم ْح َ الم ْحكم :ليس في كالم العرب ٌ
في ُ
عرب قال الثعالبي في فقه اللغة :فصل -في سياقة أسماء تَفَّرد بها الفُْرس دون العرب الم َُّ
ت ِ َّ َّ
الخوان تع ِريبها أو تركها كما هي من ذلك :ال ُكوز َ
الج َّرة اإلبريق .الط ْش ُ فاضطرت .العرب إلى ْ
اختْ ُج
الر ُ الديباج التَّ ُ
اختْج َّ الخ ُّز ِّ َّمور .الس ِّْن َجاب القَاقُم الفََنك َّ
الدلَق َ ُّكرجة .الس ُّ
ص َعة الس ُّ َّ
الطبق القَ ْ
الس ُّْن ُدس.
اهج الس ْكباج الزيرباج االس ِفيداج الطَّب ِ ِ البلُّور .ال َك ْعك َّ
َ ْ الج ْردق السَّميذَ ِّ . الد ْر َمك َ الياقوت الفَْي ُروزج َ
الفْل ُفل اْل َك َر ِوَّيا. الدار ِ
صينيُ . الجلَْن ُجبِينَ َّ . الجالَّب َّ
الس َك ْن ُجبِين َ الن ْف ِر َينجُ .
زين ُج َّ َّ
الفَالُو َذج الل ْو ِز َينج َ
الج ْو َ
ِ ِ الخوِل ْن َجان اْل ِق ْرفةَّ .
الن ْر ِجس اْلَبَن ْف َسج ِّ الز ْن َجبِيل ُ
َّ
مين
الم ْر َز ْن ُجوش الياس ُ َّوسن َ
ي الس َالن ْس َرين الخ ْي ِر ّ
َّندل القََر ْن ُفل.
الع ْنَبر الكافور .الص َ ِ َّ
الجلنار .الم ْسك َ ُ
103
الفر َدوس .وهو البستان .القُسطاس وهو الميزان .السَّج ْنجلِ :
المرآة .البِطاقة: ِ
َ َ ْ ومن اللغة الروميةْ ْ :
االصطرالب معروف .القُسطناس :صالبةُ ِّ
الطيب. َ ْ ُْ َ . اع .القََر ْسطُون :القَفَار. ُر ْق َعةٌ فيها َر ْق ُ.م المتَ ِ
النحاسِ . ي والقُ ْسطارِ :
الج ْهبِذ .القَ ْس َ
الق ْنطار :اثنا عشر ألف َأج َو ُد ُّ َ
رسْ : الغبار .القُْب ُ
طلُ : ط ِر ّ
القَ ْس َ
ط َرةُ معروفة .القيطون: اميد :اآلجر .التِّْرياق :دواء السُّموم .القَْن َ يق :القائد .القَر ِط ِر ُ أوقيَّة .البِ ْ
َ
علي رضي اللَّه عنه ُش َر ْيحاً .مسألة فأجابه الن ْق ِرس والقُولَْنجَ :م َرضان .سأل ٌّ الشتويِّ . البيت َّ
ُ
ِ
والعراق. بالرومية .انتهى ما أورده الثعالبي. أصبت ُّ - َ بالصواب فقال له :قَالون :أي
فعربوها فقالوا :العراق. قال األصمعي .وأصلُها بالفارسية ِإ ْ
ران َش ْهر أي البلد الخراب ّ
االشتقاق والتصريف:.
االشتقاق أن تجد بين اللفظين تناسباً في المعنى والتركيب فنرد أحدهما إلى اآلخر .وأركانه
أربعة :أحدها اسم موضوع لمعنى وثانيها شيء آخر له نسبة إلى ذلك المعنى وثالثها مشاركة
بين هذين االسمين في الحروف األصلية ورابعها .تغيير يلحق ذلك االسم في حرف فقط أو
104
حركة فقط أو فيهما .معاً وكل واحد من هذه األقسام .الثالثة إما أن يكون بالزيادة أو النقصان أو
بهما معاً
االجتِنان ٌّ
مشتق من ْ ُّ
تشتق بعض الكالم من بعض واسم ِّ
الجن إن ِ
للغة العربية قياساً .وإ ّن العرب
وأجَّنه اللي ُل وهذا َجنين أي هو في الستر تقول العرب ِّ
للد ْرعُ :جَّنة َ والجيم والنون تَ ُدالّن أبداً على ّ
سائر كالم العرب ص ْرتُه .وعلى هذا ُ ت الشيءْ :أب َ َآنس ُ
أمه .وأن اإلنس من الظهور .يقولونْ : طن ِّ
َب ْ
مبني
قال :وهذا ٌّ وج ِهله من جهل. ِ ِ
َعلم ذلك َمن َعلم َ
فإن الذي َوقَّفَنا على أن االجتِنان :الستر هو الذي وقّفنا
أيضاً على ما تقدَّم من أن اللغة توقيف ّ
غير ما قالوه وال أن نقيس قياساً.
مشتق منه وليس لنا اليوم أن نخترع وال أن نقول َ ٌّ على أن َّ
الجن
قال :ونكتةُ الباب أن اللغة ال طالن حقائقها.
وب َ لم يقيسوه ألن في ذلك فساد .اللغة ُ
االشتقاق
ُ قال في شرح التسهيل: تُْؤ خذ قياساً نقيسه اآلن نحن انتهى كالم ابن فارس.
معنى ومادةً أصلية وهيئةً تركيب لها لَيد ّل بالثانية على معنى
صيغة من أخرى مع اتفاقهما ًٍ أخ ُذ
ْ
وح ِذٌر من َح ِذر.
األصل بزيادة مفيدة ألجلها اختلفا حروفاً .أو هيئة كضارب من ضرب َ
تصاريف الكلمة حتى يرجع منها إلى صيغة هي أصل الصِّيغ داللة اطراد
ِ تقليب
ُ وطريق معرفته
ُ.
ضرب.وي ْ
أو حروفاً غالباً كضرب فإنه دال على ُمطلق الضرب فقط أما ضارب ومضروب َ
وضرب .الماضي ٍ ُّ
وأكثر داللة وكلها
ُ. مساو حروفاً. َ وأكثر حروفاً.
ُ. واض ِرب فكلها ُ
أكثر داللة ْ
وكل ُّ
المحتج به. األصغر
ْ مشتركة في ض ر ب وفي .هيئة تركيبها وهذا هو االشتقاق
وقال في زيادة في المبنى ال بد أن تتضمن زيادة في المعنى.
وأصدق ما يكون في األفعال المزيدة
ُ يكون من المصادر.
االرتشاف :األصل في االشتقاق أن َ
العلَم ويق ّل في أسماء األجناس
ويغلب في َ
ُ والزمان والمكان
والصفات منها وأسماء المصادرّ .
الج ْرد.
كغراب يمكن أن ُيشتق من االغتراب وجراد من َ
ُ
بالرمح
رت فالناً ّ
شج ُ
الزجاج في كتابه قال :قولهُمَ :في مثال من االشتقاق األكبر :مما ذكره ّ
صن في الشجرة وقولهم :للحلقوم وما يتصل به َش ْجر ألنه مع ما يتصل بهكالغ ْ
تأويله جعلته فيه ُ
تفرع من
كأغصان الشجرة وتشاجر القوم إنما تأويلُه اختلفوا كاختالف أغصان الشجرة وكل ما ّ
أتيت النبي صلى اهلل عليه وسلم يوم
هذا الباب فأصله الشجرة .ويروى عن شيبة بن عثمان قالُ :
105
شج َرها .قال أبو نصر صاحب األصمعي :معنى قوله :قد ُحنين فإذا العباس آخذ بلجام َب ْغلَته قد َ
ت أغصان الشجرة إذا تدلّت فرفعتُها.
شجر ُ
شجرها أي رفع رأسها إلى فوق .يقالَ :
الدكان من َّ
الد ْك َدك وهي اشتقاق ُّ
ُ سمعت األخفش يقول:
ُ فائدة -قال ابن دريد :قال أبو عثمان:
وبته. أرض فيها غلظ وانبساط .ومنه اشتقاق ناقة َد َّكاء إذا كانت مفترشة السَّنام في ظهرها أو ْ
مجُب َ ٌ
حدثني هارون بن زكريا لطيفة -قال أبو عبد اللّه محمد بن المعلى األزدي في كتاب الترقيصّ :
البلعي عن أبي حاتم قال :سألت األصمعي ِل َم ُس ِّميت ِمًنى منى قال :ال ْأدري .فلقيت أبا
ّ عن
عبيدة فسألته فقال :لم أكن مع آدم حين علَّمه اللّه األسماء فأسأله عن اشتقاق األسماء فأتيت أبا
الدماء.
سميت منى لما ُي ْمنى فيها من ّ
زيد فسألته .فقالِّ :
فائدة -قال أبو بكر الزبيدي .في طبقات النحويينُ :سِئل أبو عمرو بن العالء عن اشتقاق الخيل
ألطف
ُ دعني فإني فمر أعرابي ُم ِ
حرم فأراد .السائ ُل سؤا َل األعرابي فقال له أبو عمروْ : فلم يعرف َّ
بسَُؤ اله وأعرف فسأله.
الترادف :وقد مر تفصيله ونذكره هنا التصاله بموضوع .االشتقاق والتصريف .هو توالي األلفاظ
المفردة الدالة على مسمى واحد ،باعتبار واحد ،كاالنسان والبشر الدالين على الحيوان الناطق،
وكالبر والقمح وكجلس وقعد ،ومثل ما نقل عن العرب قولهم :الصلهب والشوذب .من أسماء
الطويل ،والبهتر .والبحتر من أسماء القصير ،إلى غير ذلك.
106
وسبب وقوع الترادف .في اللغة أن يكون من واضعين ،وذلك بأن تضع قبيلة لفظ القمح مثال للحب
المعروف وتضع قبيلة أخرى لفظ البر له أيضا ويشتهر .الوضعان ،أو أن يكون من واضع واحد
إما لتكثير الوسائل إلى اإلخبار عما في النفس وإ ما للتوسع في مجال البديع ،كقولك :ما أبعد ما
فات وما أقرب ما هو آت ،فلو عبرت بلفظ مضى بدل لفظ فات لما حصل هذا المعنى ،ولما
وصلت إلى الصورة البالغيه المطلوبه ،وفي .المجانسة كقولك :اشتريت البر وأنفقته في البر ،فلو
عبر بلفظ القمح بدل لفظ البر لفات المطلوب .وفي القلب كقوله تعالة "وربك فكبر" .فلو عبر بلفظ
واهلل فكبر لفات المطلوب ،وهو ربك تقرأ طردا ربك وعكسا كبر ،فيكون الترادف قد أغنى اللغة
العربية.
إال أن الترادف .خالف األصل واألصل عدم الترادف ،فإذا تردد لفظ بين كونه مترادفا .وكونه غير
مترادف فحمله على غير الترادف أولى ،إذ األصل أن يكون اللفظ قد وضع لمعنى لم يوضع له
لفظ آخر ،وألن اللفظ الثاني معرف لما عرف باألول ،ولذلك ذهب بعضهم إلى امتناع وقوع
الترادف ،ولكن الثابت أن الترادف .موجود في اللغة العربية ومروي عن العرب وكون اللغة قد
وضعها العرب وكانوا قبائل يقتضي وقوع .الترادف إال أنه خالف لألصل.
وقد مر بحث وبيان الكثير من المترادفات .وال بأس من أن نأتي على المزيد من األمثله:
107
اس والسِّالح) الخلُِّو ِم َن اللَِّب ِ(في ُ
َأع َز ُل ِم َن الس ِ
ِّالح ام ِةْ ،،، ِ ِ ِ ِ ِّ ِ
فُ ،،،ع ْرَيان م َن الثَيابَ ،،حاسر م َن الع َم َ والخ ِّ
الن ْع ِل ُ اف ِم َن َّ رج ٌل ح ِ
َ ُ َ
ب ِم َن ا لقَ ْو َس. الر ْم ِحَْ ،،أن َك ُ َأج ُّم ِم َن ُّ ِ ِ
َأمَي ُل م َن الس َّْيفَ ،، سْ ،،، ف ِم َن التُّْر ِ َأ ْك َش ُ
اف الطَّ ْعَن ِة(ص ِ (في ْأو َ
ِ ت ُم ْستَِقيمةً فَ ِه َي ُسْل َكى ،،،،فإذا َك َان ْ
ت في َجان ِب فَ ِه َي َم ْخلُ َ
وجة إ َذا َك َان ْ
الش ْزر ،،،فإذا َك َان ْ ِ ك فَ ِهي َّ ت عن ي ِمينِ َ ِ ِ
ك فَ ِه َي َ
الي ْس ُر اء َوج ِه َ ت ح َذ َ ُ ك َوش َمال ََ . فإذا َك َان ْ َ َ
بالدم فَ ِهي الفَ ِ
اهقَةُ ت َّ الء ،،،فإذا فَهَقَ ْ اس َعةً فَ ِهي َّ تو ِ
َ الن ْج ُ َ فإذا َك َان ْ َ
ف َولَم تَْنفُ ْذ فَ ِه َيالج ْو َطت َ الج ِالفَةُ ،،،فإذا َخالَ َ ف فَ ِه َي َ الج ْو َ ِ
فإذا قَ َش َرت ال ِجْلد َولَ ْم تَ ْد ُخ ِل َ
الجاِئفَة.
ت فَ ِه َي َ ف َوَنفَ َذ ْالج ْو َ ِ
ضةُ ،،،فإذا َد َخلَت َ
ِ
الواخ َ َ
ِ
ان وترتيبها). الجَب ِ ِ ِ
صاف َ (في تَ ْفصيل ْأو َ
يف الفَُؤ ِادض ِع َ كان َ َّابة ،،،ثَُّم َم ْفُؤ ود إذا َ وهي َ
ان َ جب ٌَر ُجل َ
والب َد ِن
القْلب َ يف َ ض ِع َكان َ ض ِرع إذا َ ثم َورع َ
المؤر ِج واللَّْي ِث
ِّ وضعفُهُ َ ،ع ِن ْ ثَُّم فَ ْعفَاع َو َو ْع َواعَ .و َهاع الع إذا َز َاد ُج ْبُنهُ
ِ
الج ْب ِن
كان نهَايةً في ُ وم ْستَ ْو ِهل .إذا َ ثَُّم َم ْن ُخوب ُ
كان َنفُوراً فَ ُروراً َ ،ع ْن أبي َع ْم ٍ
رو وهجهَاج ِإذا َ ثم َه ْو َهاة َ
ش ُج ْبناً كان َي ْرتَ ِع ُد ويرتَ ِع ُ
ور ْعشي َشة ِإذا َ
يدة ِ ِ ثَُّم ِر ْع ِد َ
اد لَهُ َ ،ع ْن أبي َز ْي ٍد َ
وغ ْي ِر ِه. ف ال فَُؤ َ.ثَُّم ِهر َدبَّة إذا كان م ْنتَِف َخ الجو ِ
َْ َ ُ ْ
ص ِيل ِه َما)
ف بِ ِهما مع تَ ْف ِ
وص ُ َ َ َ ور ِة َعلَى ما ُي َ
(في تَ ْق ِس ِيم َ ِ
الخالَء والصُّفُ َ
يس ِفيهَا َز ْرع وجرز .لَ َ
ِ
وم ْرت لَْي َس فيهَا َن ْبتُ ،،، َأحدَ ،،، َْأرض قَ ْفر لَْي َس بِهَا َ
طٌر ،،،بِْئ ر َن ِزح لَْي َس ِفيهَا َماء، يه َم َ َأهلَ ،،،غمام جهام لَْيس ِف ِ
َ َ ََ َد ٌار َخ ِاوَيه لَْي َس ِفيهَا ْ
طعام ،،،،لَب ٌن ج ِهير لَْيس ِف ِ ِِ َإناء ص ْفر لَْيس ِف ِ
يه ُز ْبد، َ َ َ ط ٍاو لَْي َس فيه َ َ طن َ يه َش ْيءْ َ ،،، َ ٌ ُ
يه ُش ْغلف لَْيس ِفيها عسل َ ،،،قْلب فَ ِارغ .لَْيس ِف ِ ِ ِِ ِ ِ
َ ََ بستَان خ ٌّم لَْي َس فيه فَاكهَة ُ ،،،،ش ْه َدة ه ّ َ ْ
ط ٌل لَْي َس َعلَْيهَا ُحِل ٌّي ام َرَأة ُع ْ ِ
أم َر ُد لَْي َس َعلَْيه َش ْعرْ ،،، َخ ٌد ْ
يه قَْيدَ ،،،خطُّ ُغ ْفل لَْيس علَ ِ
يه َش ْكل طْلق لَْيس علَ ِ يه َو ْسمَ ،،،م ْحُبوس َ ب ِعير علُطٌ لَْيس علَ ِ
َ َ َ َ َ َ ُ َ
ت لَهَا َع ِج َيزة. قَ ،،،ج ِارَية َز ُ
الء لَْي َس ْ يس َعلَيها َو َر ٌ. َش َج َرة ُسلُب لَ َ
البَي ِ
اض) يب َ (في تَْرتِ ِ
وخ ِالص.اصع ،،،ثم ِه َجان َ واضح ،،،ثَُّم َن ِ ق،،،ثَُّم ِ ثم لَ ِه ٌ
قَّ ،،، ض ،،،ثَُم َي ِق ٌ َْأبَي ُ
وأسهَِلهَا) ِ
اختَي ِار َأ ْشهَ ِر األْلفَاظ ْ
ف بِ ِه مع ْ ِ
وص ٌَ َ .
ِ ِ ِ (في تَ ْق ِس ِيم البي ِ ُّ ِ
اض والل َغات َو ِفيه َكث ٌير م َّما ُي َ ََ
َأعَيس ،،،ثَْور لَ ِهق ب َ ،،بعير ْ وبةٌَ ،،ش ْعر أ ْش َمطُ ،،فََر ٌس َأ ْشهَ ُ َر ُجل َْأز َه ُر ،،امرأة ُر ْعُب َ
108
ق ُ ،،خ ْبز ضِ ،،،فضَّة َيقَ ٌ آد ُم ،،،ثَْوب ْأبَي ُ ي َ ظ ْب ٌ
َأملَ ُحَ ،،، ش ْ ياحِ ،،،ح َماد َأ ْق َم ُرَ ،،،ك ْب ٌ َبقََرةٌ ِل ٌ
يب اللُّ َغ ِةَ :ماء َخ ِالص ، اف ،و في كتاب تَ ْه ِذ ِ الحي ،،عس ٌل م ِاذي ،،ماء ص ٍ
َ َ ََ َ
ح َّوارىِ ،،،عَنب م ِ
ُ ُ َ
ك. ب َخ ِالص َك َذِل َ ضَ ،،،وثَْو ٌ أي ْأبَي ً
ِ ِ
ق
ص فَهَُو اَ ْمهَ ُ ولكنهُ َكلَ ْو ِن ال ِج ّ الح ْم َر ِة َولَْي َس َبني ٍِّر َّ الر ُجل ْأبَيض ال ُي َخالطُهُ َشيء م َن ُ ان َّ إذا َك َ
والدِّر فَهَُو ْأز َه ُر ،وفي حديث ص ْف َر ٍة َكلَ ْو ِن القَ َم ِر ُ ِ
ض َبَياضاً َم ْح ُموداًُ .ي َخالطُهُ َْأدَنى ُ ان ْأبَي َفإن َك َ
ْ
ق) أمهَ َ النبي صلى اهلل عليه وسلم( :كان ْأز َه َر َولَ ْم َي ُك ْن ْ صفَ ِة ِّ َأنس في ِ
ب وأ ْقهَ ُ.د ِ فإن علَتْه أو َغْيره ِمن َذو ِ
فهو أ ْقهَ ُاألرب ِع ُح ْم َرة َيس َيرة َ َ ات َ َُ ْ َ ُ
واغثَُر.
أعفَر ْ فإن َعلَتْهُ ُغ ْبرة فهو ْ ْ
الغ َّر ِة
ض ُح َبَياض ُ الو َ َ
الب َر ِ
ص ِ ِ ِ
ق َبَياض َي ْعتَ ِري .الجْل َد ُيخال ُ ِ َّ
ف لَ ْوَنهُ ولَْي َس م َن َ والبهَ ُ.
ص َ والب َر ُ
الت ْحجي ُل َ
ب َ ،ع ْن أبي َز ْي ٍد ص ُر لَهُ ْأو لَ ْم َي ْذ َه ْ الب َب َ الع ْي ِن َذ َه َ
ِ
المكو َكب َبَياض في َسواد َ
النهار ،،،المْلحةُ بياض ِ
المْل ِح القُْر َحة َبياض في َج ْبهَ ِة الفََر ِ
ُ َ ََ ً اض َ َ س ،،،السَّفَ ُر َبَي ُ
اء واِإل ِ
بل. والن َس ِ الر َجا َل ِّ اض في ِّ َأح َس ُن اْلَبَي ِ اث ،،ال ِه َج َانةُ ْ األح َد ِ
ظفَ ِار ْ اض الَِّذي في أ ْ البَي ُ
وف َ الفُ ُ
س َو َو ْج ِه ِه) اض في َج ْبهَ ِة الفََر ِ البَي ِ يب َ (في تَْرتِ ِ
آلد ْر َهِم فَهَُو القُْر َحةُالبَياض في َج ْبهَتِ ِه قَ ْد َر ِّ ان َ إذا َك َ
ور
صفُ ُالع ْ فهي ُ الع ْيَن ْين َ ،
جاو ِز َ ِ ت ولم تُ ِ ودقَّ ْ
الت َ فإن َس ْ الغ َّرةُْ ،، ت ،فَ ِه َي ُ زاد ْ
فَإذا َ
ِ
الع ْيَن ْي ِن فَ ِه َي
الج ْبهَةَ ولم تَْبلُ ِغ َ فإن َمألت َ الج ْح َفلَةَ فَ ِه َي ِش ْم َراخْ ،، وم ولَم تَْبلُغ َ فإن َجلَّلَ ِت َ
الخ ْي ُش َ. ْ
يل لَهُُ :مَبرقَعٌ. يع َوج ِه ِه َغْي َر ََّأنهُ َي ْنظُ ُر في َس َو ٍاد ِق َ أخ َذ ْ ِ
ت َجم َ فإن َ الش ِاد َخةُْ ،،، َّ
فهو لَطيم ين َ ، الخد َِأح ِد َ ِ
َأحد شقَّ ْي َو ْج ِهه إلى َ
ت ِغَّرتُه في ِ ِ
َ ُ فإن َر َج َع ْ
ْ
فهو ُم ْغ َرب
ض أ ْشفَ ُار ُه َما َ الع ْيَن ِ
ين فَتَْبَي َّ تأخ َذ َ
ت حتّى ُ فإن فَ َش ْ
بالس ْفلى فَهَُو َأْل َمظُ.
ان ُّ ِِ
فإن َك َ
اض فَهَُو َْأرثَُمْ ،،، العْلَيا َبَي ٌ
بج ْح َفلَته ُ
ان َفإن َك َ
ْ
أعضاِئ ِه) اض ساِئ ِر ْ(في َبَي ِ
َأصقَعُ
ْأس ،فَهَُو ْ الر ِ َأعلى َّ ان َْأبَيض ْ فإن َك َ والعُن ِ
ق ،فَهً َو ْأد َرعُ ْ ،، ْأس ُ الر ِ ض َّان َْأبَي َ
إذا َك َ
ْأس ُكلِّ ِه ،فَهَُو ْ
َأغ َشى َو َْأر َخ ُ.م الر ِض َّ ان َْأبَي َ
فإن َك َ
فْ ،،، ان َْأبَيض القَفَا فهو َأ ْقَن ُفإن َك َ
ْ
ان ْأبَيض الظَّ ْه ِر فَهُو َْأر َح ًلفإن َك َ
فْ ،،، َأس َع ُ ض َّ ِ ِ ِّ
الناصَية كلها فهو ْ ان َْأبَي َ
فإن َك َ
ْ
ف
ص ُ
َأخ َ
ين فَهَُو ْ الج ْن ِب أو َ
الج ْنَب ِ ض َ ان َْأبَي َ
فإن َك َ الع ُج ِز فَهَُو َآز ُرْ ،،، ض َ ان ْأبَي َ
إن َك َ
فَ ْ
اض ِمنها ثًلُ َ
ث األرَبعُ بِيضاً َيْبلُغُ َ
البَي ُ
فإن َك َان ْ ِئ
ت قَ َوا ُمهُ ْ ط ِن ،فَهَُو ْأنَبطُ ْ ،،، الب ْ
ض َ ان َْأبَي َ
فإن َك َ
ْ
صفَهُ ْأو ثُلُثَْي ِه وال َيْبلُغُ ُّ
الر ْكَبتَْي ِن فَهَُو ُم َحجَّل،، ِ ِ
الوظيف أو ن ْ
109
وقد ِقي َل َّإنهُ إذا ق .ْ ، يل َح ْق َو ْي ِه َو َم َغابَِنهُ َو َم ْر ِج َعِ .م ْرفَقَْي ِه فهو ْأبلَ ُ البَياض ِم َن التَّ ْح ِج ِ اب َ َأص َ فإن َ ْ
والش َع ِل ،فَهَُووالغر ِة َّ ِ ِ ِ ٍ ِ
اضهُ َعلَى التَّ ْحجيل ُ َ ان َذا لَ ْوَن ْي ِن ك ّل م ْنهُ َما ُمتَ َميِّز َعلَى ح َدةَ ،و َز َاد َبَي ُ َك َ
َّ ت بْلقَتُه في استِ َ ٍ
طالَه فَهَُو ُم َولعٌ كان ْ ُ ُ ق ،،،فإذا َ َْأبلَ ُ
الر ْج ِل فهو ُم َجب ٌ يل ر ْكبةَ ِ ِ ِ ِ
َّب وب ِّ وع ْرقُ َ اليد ً َ اض م َن التَّ ْحج ُ البَي ُ
فإن َبلَ َغ َ ْ
ق ُم َس ْر َول. ض َد ْي ِن أو الفَ ِخ َذ ْي ِن فَهَُو لََبلَ ُ الع ُالبَياض ِإلى َ فإن تَ َج َاو َ.ز َ ْ
ص ُم ون ِر ْجلَْي ِه ،فَهَُو ْ
َأع َ
ِ
اض بَِي َد ْيه ُد َ اليَي ٌ
ان َ فإن َك َ ْ
الي ْس َرىالي ْمَنى أو ُ ص ُم ُ أع َ ُاَألخ َرى ِقي َل ْ ون ْ ِ
بإح َدى َي َد ْيه ُد َ البَياض ْ ان َ فإن َك َ ْ
ِ ِ ِ
ق الر ْجلَْي ِن ،فهو أ ْقفَ ُز ْ
وَأرفَ ُ. ون ِّ اض في َي َد ْيه إلى م ْرفَقَْيه ُد َ البَي ُ
ان َ فإن َك َ ْ
منى اَ ِو ُ
الي ْس َرى الر ْج ِل ُ
الي َ الي ِد فَهَُو ُم َح َّج ُل ِّ ِِ
البَياض بِ ِر ْجله ُد ْو َن َ ان َ فإن َك َ ْ
الث قَواِئ .م ُدون ِر ْجل أو ُدون ي ٍد ،فهو مح َّج ُل ثَ ٍ اغ في ثَ ِ
الث َ َُ ْ َ َ َ َ َ لألر َس ِ اض ُمتَ َج ِاوزاً ْ البَي ُ
ان َ فإن َك َ ْ
ٍ
واحدة فَهَُو َْأر َج ُل بر ْجلالبَياض ِ ان َ فإن َك َ ق َي ٍد َْأو ِر ْجلْ ،،، طلَ ُُم ْ
اغ ِر ْجلَْي ِه أو َي َد ْي ِه فَهَُو ُم ْن َع ُل ِر ْج ِل َك َذا ْ ،أو َي ِد َك َذا، ير ْأر َس ِ آخ ِفإن لَم يستَ َد ِر البياض و َكان في م ِ
َ ََ ُ َ َ ْ َْْ
الر ْجلَْي ِن
الي َد ْي ِن أو ِِّأو َ
الش َكا ُل ،وهو َم ْك ُروهٌ ك َّ ف فَ َذِل َ يل في ي ٍد و ِر ْجل ِمن ِخالَ ٍ
َ َ
ياض التَّ ْح ِج ِ ان َب ُ فَِإ ْن َك َ
ير الو ِظ ِ ِ ض الثَُّن ِن وهي ُّ
الر ْس ِغ ،فَهَُو َأ ْك َسعُ يف على ُّ الم ْسَبلةُ في َمآخ ِ َ ور ُ الش ُع ُ. ان ْأبَي َ فإن َك َ ْ
اض التَّ ْح ِج ِ ص ْل بَِبَي ِ َّت الثَُّنن ُكلُّها ولَم تَتَّ ِ فإن ْا ْبيض ِ
َأصَب ًغ
يل ،فَهَُو ْ ُ َ َ ْ ِ َ
الذَن ِب ،فَهَُو َأ ْش َع ُل. فإن َكان َْأبيض َّ
ْ َ َ َ
ض) الع ْر ِان َ وشَياتِ ِه َعلَى ما ُي ْستَ ْع َم ُل في ِد َيو ِ يل َأْلوانِ ِه ِ ِ ِ
(يتّص ُل به في تَ ْفص َ
ِ ِِ
َ
ادهُ فَهَُو َغ ْيهَبِي أس َو َد فَهَُو َْأد َه ُم ،،،فإذا أ ْشتَ َّد َس َو ُ ان ْ إذا َك َ
ض ُي ِخ ِالطُهُ َْأدَنى َس َو ٍاد فَهَُو أ ْشهَب ان َْأبَي َفإذا َك َ
ب ط ِ ب ِق ْر َ فِإذا َنصع بياضه و َخلَص ِمن الس ِ
صفَُّر فَهَُو َأ ْشهَ ُ ان َي ْ فإن َك َ
يْ ،، اس ّ. َّواد فَهَُو َأ ْشهَ ُ َ َ ََ ُ َ َ َ َ
ِ
َأح ُّم
البَياض فَهَُو َ َّواد َو َق َّل َ
ب الس ُ َس ْو َسن ّي ،،،فإذا َغلَ َ
ت ُح ْم َرتُهُ في َس َو ٍاد ،فَهَُو ُك َم ْيت صَنابِ ّي ،،،فإذا َك َان ْ ط ُشهبتَه حمرة فَهو ِ
فإ َذا َخالَ َ ْ َ ُ ْ َ َُ
ان بين األ ْشقَ ِر وال ُك َم ْي ِت ،فَهَُو َو ْرد ٍ
َأح َم َر م ْن َغْي ِر َس َواد ،فَهَُو َأ ْشقَ ُر ،،،فإذا َك َ
فإذا َكان ْ ِ
َ
ادهُ في ان َس َو ُ ض َر ،،،فإذا َك َ ان َد ْي َزجاً فَهَُو اَ ْخ َ ت ُح ْم َرتُهُ فَهَُو َأ ْشقَ ُر ُم َد َّمى ،،،فإذا َك َ فإذا ا ْشتَ َّد ْ
َّم ْن ُد اض والس ِ البَي ِ ُش ْق َر ٍة فَهَُو َْأدَب ُس ،،فإذا َك َان ْ
أغَب ُس َ ،و ُه َو الس َ َّواد فَهَُو َو ْرد ْ َ ت ُك ْمتَتُهُ بين َ
بالفار ِسي ِ
َّة ِ
ض َر ِة ،فَهَُو ْ
َأح َوى الد ْه َم ِة ُ
والخ ْ ان َب ْي َن ُّ
فَإذا َك َ
الح ِد ِيد
ص َدٍإ َ
ت حمرتُه السَّو َاد ،فَهو َأص َدا م ْ ِ
َأخ ُو ٌذ من َ َُ ْ َ فإذا قَ َارَب ْ ُ ْ َ ُ َ
ان فَهَُو َب ِهيع ِ ِ
أي لَ ْو ٍن َك َ ص َمتاً ال شَيةَ بِه َوال َو َ
ض َح َّ ان ُم ْ
فإذا َك َ
110
شان فَهَُو ْأب َر ُ أي ٍ
لون َك َ وأخ َرى َّ انت بِ ِه ُن َكت بِيض ْ فإذا َك ْ
ش فَهَُو ُم َدَّنٌر الب َر ِ
ق َ ت بِ ِه ُن َكت فَ ْو َ ش ،فإذا َك َان ْ ت بِ ِه نقَط ُسود َوبِيض فَهَُو َْأن َم ُ فإذا َك َان ْ
ف َساِئَر لَ ْونِ ِه فَهَُو ْأبقَعُ. ت بِ ِه بقَع تُ َخ ِال ُ فإذا َك َان ْ
يب(اس والتَّ ْق ِر ِ يب ِ
والقَي ِ يب السَّو ِاد َعلَى التَّْرتِ ِ (في تَْرتِ ِ
َ
يك َو ُس ْح ُكوك ،،،ثَُم ُخ َد ِار ٌّ وحانِك ،،،ثَُّم َحلَ ُكو ٌ ِ ِ
ُثم َج ْون َوفَاحم ،،، .ثَُّم َحالك َ وَأس َح ُمَّ ،،، َأس َو ُد ْ ْ
وغ َد ِاف ّي.
يب ُ وجي ،،،.ثَُّم ِغ ْربِ ٌ و َد ُج ِ
َ
يب َس َو ِاد ْ
اإلن َس ِ
ان) (في تَْرتِ ِ
ٍ
ص ْف َر ٍة تَ ْعلُوهُ فَهَُو ْ
َأص َح ُم ادهُ َم َع ُ فإن َز َاد َس َو ُ أس َم ُرْ ،، إذا َعالَهُ َْأدَنى َس َواد فَهَُو ْ
َأس َح ُم
ك فَهَُو ْ فإن َز َاد َعلَى َذِل َ آد ُمْ ،، ُّم َر ِة فَهَُو َ
ادهُ َعلَى الس ْ فإن َز َاد َس َو ُ ْ
ادهُ فَهَُو ْأدلَ ُم،،،. فإن ا ْشتَ َّد َس َو ُِ
اختِي ِار أ ْفص ِح اللُّ َغ ِ (في تَ ْق ِس ِيم السَّو ِاد علَى أ ْشياء تُوص ُ ِ
ات) َ ف بِه َم َع ْ َ َ َ َ َ َ
ِ لَْيل َد ُجو ِج ّيَ ،،،س َح ٌ
اء
اء َ ،،شفَة لَ ْع َس ُ اب ُم ْدلَ ِه ٌّم َ ،،،ش ْعر فَاحم ،،فََرس َْأد َه ُم َ ،،ع ْين َد ْع َج ُ
فُ ،،د َخان َي ْح ُموم،،،. َأح َوىَ ،،و ْجهٌ َأ ْكلَ ُ َن ْبت ْ
َّواد) ِ ِ
(في لَ َواحق الس َ
ظ َمى ،،، َأغثَُرْ ،،أد َغ ُم،،أ ْ بَْ ،،أر َب ُدْ ،، ِ
َأح َوىَ ،،أ ْكهَ ُ َأص َداْ ،،َأغَب ُر ،،قَاتمْ ،، ش ْ ،،، أغَب ُبْ ،،، طُ أخ َْ
صف. أخ َ قْ ،،، ْأو َر ُ
ان ُمتَقَ ِارَب ٍة)(في َأْل َو ٍ
حم َر ٍة
ب ِإلى ْ ض ِر ُ ص ْف َرة تَ ْاض ،،،ال ُك ْهَبةُ ُ ب ِإلى َبَي ٍ ض ِر ُ ُّهَبةُ ُح ْم َرة تَ ْ الص ْ
َّو ِاد الغ ْب َر ِة بين ً ِ
الح ْم َرة والس َ لد ْكَنةُ لَ ْون ِإلَى ُ ض َر ٍة ،،،ا ُّ ب ِإلَى ُخ ْ ض ِر ُ القُ ْهَبةُ َس َواد َي ْ
اضهُ
ق َبَي َ ب ِإ َذا لم ُي ْن َِّار الثَّْو َ
صفَاُؤ هُ ُ ،يقَا ُل :أ ْك َم َد القَص ُ ال ُك ْم َدةُ لَ ْو ٌن َي ْبقَى َأثَُرهُ َويزو ُ.ل َ
أدَنى س ٍ ُّ
واد ب بِ ْ َ اض ُم ْش َر ٌب بِ ُح ْم َر ٍة ،،،ا ل ُش ْهَبةُ َبَي ٌالش ْرَبةُ َبَياض ُم ْش َر ٌ
ُّح َرةُ ُغْب َرةٌ ِفيها ُح ْم َرة
لع ْف َرةُ َبَياض تَ ْعلُوهُ ُح ْم َرةٌ ،،الص ْ ا ُ
والح ْم َر ِة لد ْبسةُ بين الس ِ
َّواد ُ َ ص ْف َر ٍة ،،،ا ُّ َ اد إلى ُ ُّح َمةُ َس َو ٌ
الص ْ
َّو ِاد ُ
والغ ْب َر ِة. ُّ اض و ُ ِ البَي ِ
الغ ْب َرة ،،،الطْل َسةُ َب ْي َن الس َ َ القُ ْم َرةُ َب ْي َن َ
أص َحابِهَا(. ض ِل ِ
والح ْذ ِ اح ِة والفَ ْ (في تَ ْق ِس ِيم األو ِ ِ ِ
ق َعلَى ْ والر َج َصاف بالعْلم َ ْ َ
ي َ ،،،سيِّد َأيِّد َ ،،،كاتِب َب ِارع ط ِ
اس ّ. طبِيب نِ َ طبِن َ ،،، يس ،،،فَِقيه َ ِ
َعالم ن ْحرير ،،،فَْيلَ ُسوف ن ْق ِر ٌ
ِ ِ
صيع ِم ْد َرهٌ ،،، اهر ،،،قَ ِار ح ِاذق َ ،،،دِليل ِخريت ،،،فَ ِ
ٌئ َ
ِ
صانع َم ٌ
َخ ِطيب ِمصقَعِ ،،،
َ ْ
ظ ِريف َ ،،،عبِق لَبِق ط ٍر َ اهَيةٌ َب ِاق َعة َ ،،،ر ُجل ِمفَ ٌّن ِم َع ّن ُ ،،،م ْ قَ ،،،د ِ اعر ُم ْفِل ٌَش ِ
َأهَي ُس أْلَي ُس ،،،فَ ِارس ثَِقف لَِقف. ُش َجاعٌ ْ
111
ض ِعهَا .وتَْرتِيبها(. ال َو ْ الي ِد وأ ْش َك ِ ِ
يل َح َر َكات َ صِ (في تَ ْف ِ
األصبهافي َ ،وَب ْي َن ْ ص ِل َب ْي َن َما َج َم َع َح ْم َزةُت في َه َذا الفَ ْ )قَ ْد َج َم ْع ُ
األعرابي َو َغ ْي ِر ِه َما( َما َو َج ْدتُهُ َع ِن اللِّ ْحَيافي َ ،و َع ْن ثَ ْعلَ ٍب َع ِن ْاب ِن ْ
اف ف َكفِّ ِه بِج ْبهتِ ِه فَهو ِ
االست ْكفَ ُ ق َح ْر َ فألص َ. س سان الى قَوم .في َّ
الش ْم ِ ظ َر ِإ ْن ٌ ِإ َذا َن َ
َ َ َُ َ ْ
االستِش ْف ُ.
اف ِ ِ ِ
فَِإ ْن َز َاد في َر ْف ِع َكفِّه َع ِن اْل َج ْبهَة فَهَُو ْ
االستِ ْش َر ُ.
اف ك َقليال فَهَُو ْ
فِإ ْن َكان َأرفَع ِمن َذِل َ ِ
َ ْ َ
صام المعصم ْي ِن فَهو ْ ِ ِ َّ ِ ِإ
االعت ُ َُ ف ذا َج َع َل َكف ْيه على ْ َ َ
اد
ضُ فِإذا وضعهما على العض َد ْي ِن فَهو ْ ِ
االعت َ َُ َ ُ َ َ َ َُ
ي ابَ :ولَ َع َّل اللَّ َّي ْ
أح َس ُن فِإ َّن ُ
البحتُِر ّ
ف ِ
الكتَ ِ اء .قا َل ُمؤلِّ ُ ِ
َّابةَ َو ْح َدها فَهَُو اِإل ل َو ُ
ك السَّب َفإذا َح َّر َ
َيقُول (من المتقارب(:
َّ َّالم بناناً َخ ِ
وبا
وق الفَُؤ َاد الط ُر َ
ض َيبا َولَ ْحظاً َي ُش ُ لَ َوى بالس ِ َ
اء
يم ُ ِإل ِ ِإ ِّ ِ ِ ِإ
فإذا َد َعا ْنساناً َب َكفه قَابضاً أصاب َعها ليه ،فَهَُو ا َ
اإليباء
ُ أن ُك َّ
ف فهو ك َي َدهُ َعلَى َعاتِِق ِه َوَأ َش َ.ار بِهَا ِإلَى َما َخْلفَهُ ْفإذا َح َر َ
ِ وض َّم بينها في َغْي ِر اْلتَِزا ٍ
اص
ق فهو العقَ ُ أصابِ َعهُ َفإذا أقام َ
قاء ِم َن َّ فإذا جع َل َكفَّه تُجاه ْ ِ ِ
شار س فَهَُو ِّ
الن ُ الش ْم ِ عينه اتًّ ً ُ َ ََ
اجَبةُ الم َش َ ضهَا في َب ْعض فَهَُو ُ ابعهً َب ْع َ
أص َ فإذا َج َع َل َ
األخ َرى فَهَُو التًَّبلُّ ُد احتَْي ِه َعلَى ْ إح َدى َر َ ب ْ ض َر َ فإذا َ
َأح َس ُن وَأ ْشهَ ُر ِم َن التَّبلُِّد يق ْ ص ِف ُ اب :التّ ْ
ف ِ
الكتَ ِ ال ُمَؤ لِّ ُ
قَ َ
ف َكما ي ِ ِ َّاب ِة ْ ض َّم َ ِ
عق ُد ابع في َج ْوف ال َك ِّ َ َ األص ِ
َ وسوَأد َخ َل ُرُؤ َ امه َعلَى السَّب َ َأصاب َعهُ َو َج َع َل ْإبهَ َ فإذا َ
ِ ٍ ِ
ضةُين فَ ِه َي القَْب َ وأرَبع َ ح َس َابهُ على ثَالثَة ْ
صة األصابِ ِع فَ ِه َي القَْب َ
َ اف
ط َر َ ض َّم أ ْ
فإذا َ
ِ
ين فَ ِهي َ
الب ْز َمةُ َأخ َذ ثَالث َ فإذا َ
ِ ِ
الح ْفَنةً ض َّم َكفَّهُ َعلَى ال ّش ْيء فَهَُو َ ين َو َ فإذا أخذ ْأرَبع َ
ِ ِِ ِ ِ
أصابِعه م ْن َباط ٍن فَهَُو ّ
الس ْفَنةُ أصول َ امهُ في ُ فإذا َج َع َل ْإبهَ َ
ٍ ِ ٍ
فإذا َحثَا بَِيد َواح َدة فَ ِه َي َ
الحثَْيةُ
فإذا َحثَا بِ ِه َما َج ِميعاً فَ ِه َي ال َكثْ َحةُ
الر ِ ِ هر السَّب ِ
مح
الج ُ
احة فَهَُو ُ وَأصابِ َعه في َّ َ َّابة َ َ ظ ِ امهُ َعلَى َ فإذا َج َع َل ْإبهَ َ
َّ ِِ َّ ِ
فإذا ََأد َار َكف ْيه َمعاً َو َرفَ َع ثَْوَبه فأْل َوى به فَهُو الل ْمعُ
يأخ ُذ تِ ْس َعةً
اإلبهَ ِام َك َما ُ طى .ورفَع َأصابِعهُ َعلَى ِ
َأصل ْ والو ْس َ َ َ َ َ َ َّابة ُ
َأخرج اِإل ْبهام ِم ْن بين السَّب ِ
َ ََ فإذا ْ َ َ
صعُ اإلبهَام فهو القَ ْ َّابتَهُ َعلَى ْ وأض َج َع َسب َ
وعشرين ْ َ
112
ابع َك َأنه يأ ُك ُل فَهَُو القَْبعُ األص ِ
َ ص َ.ر وأقَ َام َساِئَر الخ ْنص .ر والبِْن ِ
ََ َ
فإذا قَبض ِ
َ َ
َّ
أصولَهَا .فَهَُو اْلقَ ْفعَُأصابِ َعهُ َوأقَ َام ُ فإذا َنك َس َ
أصابِ َعهُ فَهَُو الفَ ْقع ض َ َّابتهُ َو ْح َدها َوقَ ْد قََب َ فإذا ََأد َار َسب َ
الع ْج ُس
اإلبهَام فَهَُو َ ق ْ َأصابِ َعهُ ُكلَّها فَ ْو َ.
فإذا َج َع َل َ
ِ ِ ٍ ِ
َّف
ين فَهَُو الض ُ أص ِل اِإل ْبهَام َعاقداً َعلَى ت ْس َعة َوتِ ْسع َ ض َعهَا َعلَى ْ أصابِ َعهُ َو َو َ فإذا َرفَ َع َ
ث
َّب ُ
ين فَهَُو الض ْ ِِ َّاب ِة َك ََّأنهُ ُ
يأخ ُذ ثَالثَةً َوست َ ت السَّب َ اإلبهَ َام تَ ْح َ
فإذا َج َع َل ْ
ُّو ْيطُ.اصةً فَهَُو الض َ اإلبهَ َام َخ ّأصابِ َعهُ َو َرفَ َع ْ ض َ فإذا قََب َ
فإذا َرفَع َي َد ْي ِه ُم ْستَ ْقبِالً بُِبطُونِ ِه َما َوجهَهُ ِلَي ْد ُعو فَهَُو اإل ْقَناعُ
امتِ ِه فَهَُو التَّْن ِق ُيز اع ِوجاجه ِمن ِ
استقَ َ
ْ بين لَهُ ْ َ ُ ُ
ِ
األخ َرى لَي ْستَ َ ض َع َس ْهماً َعلَى ظ ْف ِر ِه َو َاد َارهُ بَِي ِد ِه ْ فإذا َو َ
الح ْف َر ِة فَهَُو ِ ِ فإن م َّد ي َده َن ْحو ال ّش ِ
رم ْوا بِهَا في ُ بالج ْو ِز فَ َ
ان َْأيدَيهُم إذا لَع ُوا َ ُّبَي ُيء َك َما َي ُم ُّد الص ْ ْ َ َ ُ َ
ص ْبَيانَِّيةٌ في الس ْ
َّد ِو( (والز ْدو لُ َغةٌ ِ
ُ
َّدو َّ
الس ْ ُ
ع َب ْيَنهُ َما ِفي قَ ْوِل ِهَ :وال ِم ْث َل َه َذا فَهَ َو ِّ
الز ْن ِج ُير، َّابتِ ِه ثَُّم قََر َ ِِ
فإذا قَ َام بِظُ ْف ِر ْإبهَامه َعلَى ظُ ْف ِر َسب َ
ُو ْين َش ُد (من الهزج):
بأن َّ
الن ْف َس َم ْش ُغوفَ ْه ت إلى َسْل َمى َّ وأر َسْل ُ
ْ
ير وال فُوفَ ْه ت لََنا َسْل َمى بِ ِز ْن ِج ٍ
اد ْ
فَ َما َج َ
ان وينشد الخ َو ِ يء يكون ب ْين ي َد ْي ِه علَى ِ
الش ِ
ضع َي َدهُ َعلَى َّ
الج ْر َدَب ُ
ان َك ْيال َيتََن َاولَهُ َغ ْي ُرهُ فَهَُو َ ُ َ َ َ َ إذا َو َ َ
(من الوافر:(.
ك َج ْر َدبانا ت في قَ ْوم َشهَ َاوى .فال تَ ْج َع ْل شمال َ إذا َما ُك ْن َ
اء َخ ْير ِم ْن ْ ك ِْ لس ِ
ال فَهَُو التَّ َكفُّ ُ ِ
أن تَتْ ُر َكهم. أغنَي َ ك ِوْل َد َ(ألن تَتْ ُر َ
ف ،وفي .الحديثْ : ط َكفَّه ل ُّ َؤ فإذا َب َس َ
ون).َعالَةً َيتَ َكفَّفُ َ
صفَاتِ ِه)اب و ِ ِ
أس َماء التَّر َ
ِ
يل ْ صِ )في تَ ْف ِ
ضاألر ِ ِ الص ِ
اب َو ْجه ْ يد تًَر ُ َّع ُ
يق ِ
الذي َك ََأنهُ َذ ِر َيرة الر ِق ُ
الر ْخ ُو َّ اب ِّ اء َّ
اء التَُر ُ والد ْق َع ُ الب ْو َغ َُ
ير ِطيناً الَ ِزباً إذا ُب َل اب ال ي ِ
ص ُ. كل تَُر ِ َ دي ،وهو ُّ الن ُّ اب َّ الثََرى التَُّر ُ
يح
الر ُور بِ ِه ِّ اب الذي تَ ُم ُ
ِ
ور التَُّر ُ الم ُ
ُ
ق لُُزوقاًَ ،ع ِن ود ِه ْم وثَِيابِ ِه ْ.م َيْلتَ ِز ُ
وجلُ ِ
اس ُ الن ِيح فَتََراهُ َعلَى ُو ُجو ِه َّ الر ُ طي َِّرهُ ِّاب ال َذي تُ َ اء التًَّر ُ الهََب ُ
ْاب ِن ُش َمْيل
الك َساِئ ّي
َدق وارتَفَع ،ع ِن ِ
الهَابِي الذي َّ ْ َ َ
ِ ِ
يح
الر ِ
ض َم َع ِّ اَألر ِب في ْ اء التَُّر ُ
اب الذي َي ْذ َه ُ السَّافَي ُ
خر ُج ِم َن البِْئ ِر َ
عند َح ْف ِر َها ِ
اب الذي َي ُالنبيثَةُ التَُّر ُ
َّ
113
الي ْرُبوعُ ِم ْن ُج ْح ِر ِه َو ْ
يج َم ُعهُ اب الذي ُي ْخ ِر ُجهُ َ
ِ
اء التَُّر ُ اء ُّ
والد َّم ُ ط ُاه َ الر ِ َّ
الن ْم ُل ِعْن َد قَ ْرَيتِها
الذي تَ ْج َمعهُ َّ الجرثُومةُ التُّراب ِ
ُْ َ َ ُ
الذي ُي َعفِّي اآلثَ َار العفَاء التُّراب ِ
َ ُ َ
العفَ ُر
ك َ َو َك َذِل َ
الم ْختَِلطُ َّ
بالر ْم ِل اب ُ ام التَُّر ُ الر َغ ُ َّ
ات
النَب ُ الذي ُي َس َّم ُد بِ ِه َّ
اد التُّراب ِ
َّم ُ َ ُ الس َ
ين فَهُو َّ ِ
الد َما ُل (بالفَتْ ِح). ان َم َع الس ِّْرق ِ َ فإذا َك َ
ص ِاف ِه( وأو َ الغَب ِار ْ اء ُ يل أسم ِ
َْ
صِ (في تَ ْف ِ
اف اإلبِ ِلوأخفَ ِ الخْي ِل ْ ور ِم ْن َح َو ِاف ِر َ ِ َّ
الغَب ُار الذي َيثُ ُ وب ُ والع ُك ُالن ْقعُ َ
الح ْر ِب بار َ ط ُل ُغ ُ الر َه ُج والقَ ْس َ يح َّ ،،، الر ُِ الذي تُثِ ُيرهُ ِّ الغبار ِ
اجةُ ُ َ ُ الع َج َ َ
ين َما تَقَطَّ َع ِم ْنهُ. العثْير غبار اَأل ْق َد ِام ِ ،،
المن ُ
َ
ِ ِ
الم ْع َر َكةُ َ ُ َ ،، بار َ ض َعةُ ُغ ُ الخ ْي ََ
ص ِاف ِه( وأو َ ين ْ اء الطِّ ِ يل أسم ِ
َْ
صِ )في تَ ْف ِ
الصقاً، طبوخاً .،فَهو الفَ َّخار ،،فإذا َكان عِلكاً ِ ان ُح ًّرا يابِساً ،فَهَُو َّ
َ َ ُ َُ ان َم ْ ُ صا ُل ،،،فَإذا َك َ الصْل َ إذا َك َ
األرَب َع ِة ِ ط َ ِِ َّ
األس َماء ْ ق بِهَذه ْ الح َمُأ (وقَ ْد َن َ اء َوَأ ْف َس َدهُ ،فَهَُو َ الم ُ
ب ،،،فإذا َغي ََّرهُ َ فَهَُو الال ِز ُ
ت بِم ٍ المثَ ِل( :ثَْأ َ َّ طةُ والثُّْر ُم َ طباً ،فَهَُو الثَّْأ َ
اء) ، طة ُم َّد ْ َ طةُ والطثَْرةُ ،وفيَ . ان َر ْ ان) ،،،فإذا َك َ القُْر ُ
ان ْترتَ ِط ُم فيه الر َداغُ ،،،فإذا َك َ ان َرقيقاً ،فَهَُو ِّ اد فساداً ،،،فإذا َك َ الفاس ِد َي ْز َد ُ
ضرب لألم ِر ِ
ُي ْ َ ُ ْ
الغَن ُم
طةُ (تقعُ فيها َ الو ْر َ ُّ ِ الو َح ُل َ ،،،وَأ َش ُّد منه َّ الد ُّ َّ
والر َز َغةُ َ ،،،وَأ َشد م ْنهُ َما َ الر ْد َغةُ َّ واب ،فَهَُو َ
سان)
اإلن ُت َمثَالً ِل ُك ِّل ِش َد ٍة َيقَعُ ِفيهَا ْ ص َار ْ فَالَ تَ ْق ِدر علَى التَّ َخلُّ ِ ِ
ص م ْنهَا ثَُّم َ ُ َ
ان ُم ْختَِلطاً بالتِّْب ِن ،فَهَُو السََّياعُ راء ،،،فإذا َك َ ض ُ الغ ْض َرة ،فهي َ يه ُخ ْ طيِّباً عِلكاً و ِف ِ
ان ُح ًّرا َ َ َ فإذا َك َ
المالَطُ. ،،،فإذا ج ِع َل بين اللَّبِ ِن ،فَهو ِ
َُ ُ
ال(
الر َم َيل ِّ ص َ (في تَ ْف ِ
ق ِم ْنه ،،،اللَّبب ما ْانح َدر ِم ْنه ِ ،، ق ِم َن َّ
ف َما الح ْق ُ َ َ ُ َُ استَ َد َّ ُ الحْب ُل ما ْ الر ْم ِل َ ،،، استََر َّاب ما ْ الع َد َُ
الد ْعص ما استَ َدار ِم ْنه ،،،الع ِق ُد ما تَعقَّ َد ِم ْنه ،،،العقَْن َق ُل ما تَراكم وتَرا َك ِ ْ ِ
ب م ْنهُ َ َ َ َ َ َ ُ َ َ َ اع َو َّج م ْنهُُ َ ْ َ ُ ِّ ،،،
وغلُ َ ِ الش ِقيقَةُ َما ْانقَ َ
َأن ِم ْنهُ َّ ،،، ِ ِ ِ
ظ م ْنهُ ط َع َ ط َم َّ ور َما ا ْ الس ْقطُ َما َج َع َل َي ْنقَطعُ َوَيتَّص ُل م ْنهُ ،،،التَّْيهُ ُ ِّ
ِ الع ِاق ُ.ر َما ال ُي ْنبِ ُ ِ ِ
ت َش ْيئاً م ْنهُ ،،،ال ِه َد ْملَةُ َما َكثَُر َش َج ُرهُ وانهَا َل م ْنهَُُ ،،، ب ْ اح َد ْو َد َ
والنقا َما ْ يب َّ ال َكث ُ
الي ِد ِ ِ ِ
الن م ْنهُ ولَْي َس بالذي َيسي ُل م َن َ
ِ
ام َما َ والن ِم ْنهُ َّ ،،،
الر َغ ُ األو َع ُس َما َسهُ َل َ م ْنهُ ْ ،،،
ِ
ك َما العانِ ُ
ض م ْنهُ َ ،،،
ك ما اْلتَب َد باألر ِ ِ
ْ الد ْك َدا ُ َ َ الي ِد ِللينِ ِه ِم ْنهُ َ ،،، ِ ِ
ك أي َيسي ُل م َن َ ام َما ال َيتَ َمالَ ُ الهََي ُ
تَعقَّ َد ِم ْنه حتَّى ال ي ْق ِدر الب ِعير علَى الس َّْير ِف ِ
يه. َ َ َ ُ َ ُ َ َ
ال) الرم ِ ِ ِ
(في تَْرتيب َك ِّميَّة ِّ َ
ص َعْنهُ ،فَهَُو َع ْو َكل ِ ِ
ص ،فَهَُو َكثيب ،،فإذا َنقَ َ العقَْن َق ُل ،،،فإذا َنقَ َ الر ْم ُل ال َكث ُير ُيقَا ُل لَهُ َ َّ
114
ص َع ْنهُ ،فَهَُو لََبب ِ
ص َعْنهُ ،فَهَُو َع َداب ،،،فإذا َنقَ َ ص َع ْنهُ ،فَهَُو س ْقط ،،،فإذا َنقَ َ فإذا َنقَ َ
ِ ِ فإذا َك َان ِت َّ
ت ،فَ ِه َي ال َكث ُ
يب طالَ ْ
ت َو َ
طْ الر ْملَةُ ُم ْجتَمعةً ،فَ ِه َى َ
الع ْو َكلَةُ ،،،فإذا ْانَب َس َ
َّ بالر ِ ِ ِ ض ٍع إلى مو ِ فإذا ْانتََق َل ال َكثِيب من مو ِ
ب ياح َوَبق َي م ْنهُ شيء َر ِقيق ،فَهَُو اللَب ُ ض ٍع ِّ َْ ْ ُ
اب. فإذا َنقَ ِ
الع َد ُ
ص م ْنهُ ،فَهَُو َ َ
أوصاف النساء عند العرب......
إذا كانت المرأة ضخمة في تعمد وعلى اعتدال فهي :رمجلة .
فإذا زاد ضخمها ولم تُقبح فيه :مسجلة .
فإذا كانت طويلة قيل :سبطة وعيطبول .
ِ ِ
وجميلَةٌ ت بِهَا َم ْس َحة من َج َمال فَ ِه َي َوضيَئة َ كان ْ
ذا َ
الح ْس ِن ف ِهي ُحس َ
َّانة ضهَا َب ْعضاً في ُ فإذا أ ْشَبهَ َب ْع ُ
ينة فَ ِه َي َغانَِية
الز ِ
استَ ْغنت بِ َج َم ِالهَا َع ِن ِّ فإذا ْ
اخ َرةً فَ ِه َي ِم ْع َ
طال أن ال تَْلبس ثَوباً حسناً وال تَتََقلَّ َد ِقالَ َدةً فَ ِ
ََ ْ ََ بالي ْ ت ال تُ ِ فإذا َك َان ْ
يمةٌ ِ ِ ِ كان ُح ْسُنهَا ثَابِتاً َ
كَأنهُ قَ ْد ُوس َم فَه َي َوس َ فإذا َ
ِ ِ ِ ِ ِ
يمةالح ْس ِن فَه َي قَس َفإذا قُس َم لَهَا َحظ َوافر م َن ُ
وع فَ ِهي َراِئ َعةٌ ظ ًر ِإلَْيهَا َي ُس ُّر ُّ
الر َ كان َّ
الن َ فإذا َ
النساء بِحسنِها فَ ِهي ب ِ ِ
اه َرةٌ. ََ فإذا َغلََبت ِّ َ َ ُ ْ
الو ْج ِه
احةُ في َ َّب َالصَ
الب َش َر ِة
اءةُ في َ ض َ الو َ
َ
اَألنفِ
الج َما ُل في ْ َ
الع ْيَن ْي ِن
الوةُ في َالح َ َ
الحةُ في الفَِم
الم َ َ
ف في اللِّ َس ِ
ان الظَّ ْر ُ
الر َشاقَةُ في القَ ِّد
َّ
الش َماِئ ِل
اللََّباقَةُ في َّ
الح ْسن في َّ
الش ْع ِر. َك َما ُل ُ
اف َّ
الش ْع ِر) يل أوص ِ ِ ِ
(في تَ ْفص ْ َ
ان َكثِيراً َش َعٌر ُجفال إذا َك َ
صالً وو ْحف إذا َكان متَ ِ
َ ُ ََ
ِ ِ
ان َكثيفاً ُم ْجتَمعاً ث إذا َك ََو َك ّ
ت َكثَافَتُه ،عن الفَر ِ
اء وم ْعلَْن ِكك إذا َز َاد ْ ِ
َ ُ َ وم ْعلَْنك ٌس ُ
ُ
115
ان ُم ْنَب ِسطاً. ِ
وم ْن َسدٌ.ر إذا َك َ
ُ
ان ُم ْستَْر ِسالَوس ْبط إذا َك ََ
ان َغ ْي َر َج ْع ٍد وال َس ْب ٍط َو َر ْجل إذا َك َ
ود ِة
الج ُع َ
يد ُ طط .إذا َكان َش ِد َ َوقَ َ
ط ِط
وم ْقلَ ِعطّ إذا َز َاد َعلَى القَ َ ُ
ود ِة ك ُش ُع ِ
ور ِّ
الز ْن ِج الج ُع َ
كان نهَايةً في ُ
ِ
وم َفْلف ٌل إذا َ ُ
ان َح َسناً لَيِّناً
وسخام إذا َك َ ُ
ط ِويالًَ ،ع ْن أبي ُعَب ْي َدة.
اعما َ وم ْغ َدو ِد ٌن إذا َكان َن ِ
َ َُ ْ
والمرأة الرعبوبة :البيضاء .
الزهراء :التي يضرب بياضها إلى صفرة كلون القمر والبدر .
والهجان :الحسنة البياض .
ص ِغ َيرةً
ت َ ام ْ ِ ِ
ه َي ط ْفلَة َما َد َ
ت ليدةٌ ِإ َذا تَ َح َّر َك ْ
ثَُّم َو َ
ب ثَ ْدُيهَا ِ
ثَُّم َكاعب إذا َك َع َ
ثَُّم َناهد إذا َز َاد
ت
صر .إذا َْأد َر َك ْ ثَُّم مع ِ
ُْ
ص ِار ت َع ْن َح ِّد ْ
اإلع َ ثَُّم َعانِس إذا ْارتَفَ َع ْ
اب ط ِت َّ
الشَب َ ثَُّم َخ ْود إذا تََو َّس َ
ين ِ ِ
األرَبع َ
ثَُّم ُم ْسلف إذا َج َاو َزت ْ
الشَباب والتَّ ْع ِج ِ
يز ت َب ْين َّ صف إذا َك َان ْ ثَُّم َن َ
الكَب ِر َو ِفيهَا َب ِقيَّة َو َجلَ ٌد
ت م َّس ِ
ثَُّم َش ْهلَة َك ْهلَة إذا َو َج َد ْ َ
اسكت َو ِفيها .تَ َم ُ ثَُّم َش ْهَب َرة ِإ َذا َعج َ
ًّز ْ
القو ِة
صةَ َّ ت ع ِاليةَ الس ِّ ِ
ِّن َناق َ ص َار ْ َ َ ثَُّم َح ْي َزُبون إ َذا َ
َأسَن ُانهَا.
ت ْ طْ طِلطٌ .إذا ْان َحَنى قَ ُّد َها َو َسقَ َ ثَُّم َقْل َعم َول ْ
الحا ِج ِب)
(في َ
الز َج ُج والبلَ ُج اسنِ ِه َِّم ْن مح ِ
ََ
والم َعطُ
ب َ والزَب ُو ِم ْن َم َعاِئبِ ِه القََر ُن َّ
وامتدادهما َحتَّى َك َأنهُ َما ُخطَّاَ بِ َقلَم ُ ِ
الحاج ْبي ِن الز َج ُج فَِدقَّةُ
َأما َّ
فَ َّ
ب َذِل َ
ك َوتَ ْك َرهُ القََر َن وهو اتِّ َ
صالُهُ َما. ب تَ ْستَ ِح ُّ والع َر ُ
ون َب ْيَنهُ َما فُْر َجة َ ، أن تَ ُك َ البلَ ُج فهو ْ َأما ََو َّ
ب َكثَْرة َش ْعر ِه َما. والزَب ُ
َ
116
َأج َزاِئ ِه َما.
ض ْ ط تَ َساقُطَُّ .
الش ْع ِر َع ْن َب ْع ِ والم َع َ
َ
والزجَّاء :الدقيقة الحاجبين الممتدتهما حتى كأنهما خطا بقلم .
والبلج :أن يكون بينهما فرجه ،وهو يستحب ،ويكره القرن وهو اتصالهما. .
الع ْي ِن) ِ
(في َم َحاس ِن َ
الم ْقلَ ِة ِ يدةَ الس ِ
َّواد َم َع َس َعة ُ
َ الع ْي ُن َش ِد َ
ون َ أن تَ ُك َ َّ
الد َع ُج ْ
البرج ِش َدةُ سو ِاد َها .و ِش َّدةُ بي ِ
اضهَا. ََ َ ََ ََ ُ
َّ
الن َج ُل َس َعتُها
ال َك َح ُل َس َواد ُجفُونِهَا ِم ْن َغ ْي ِر ُك ْحل
أعي ِن الظِّب ِ
اء َ َه َو في ْ ُالح َو ُر اتِّ َساعُ َس َو ِاد َها كما ُ َ
ان في أ ْشفَ ِار ِه َو َ
طف ف طُو ُل أ ْشفَ ِار َها وتمامها . .وفي ِ ِ
الحديثَ :أنهُ ( َك ََ َُ ط ُ الو ََ
ال ُش ْهلَةُ ُح ْم َرة في َس َو ِاد َها.
(في َم َعايِيها)
الع ْيَن ِ
ين الحوص ِ
يق َ ض ُ ََ ُ
ور ُه َماَ .م َع الضِّي ِ
ق ص ُغُؤ ُ الخ َو ُ
َ
ب اْل َج ْف ِن ِ
ال َشتَُر ْانقالَ ُ
ص ِ
رم ُ
الع ْي ًن تَسي ُل وتَ َ أن ال تََزا َل َ ش ْ الع َم ُ
َ
ص ُراد تُْب ِ ان ال تَ َك َش ْ ال َك َم ُ
ش الع َم ِ طُ ِ
ش ش ْبهُ َ الغ ََ
ص َ.ر َنهَاراً أن ال ي ْب ِ
الجهَ ُر ْ ُ َ
بص َر لَْيالً أن ال ي ِ
الع َشا ْ ُ َ
ؤخ ِر َعْينِ ِه أن َي ْنظَُر بِ ُم َ الخ َز ُر َْ
الغضن ْ ِ
ونهُ
ض َن ُجفُ ُأن َي ْكس َر َعْيَنهُ َحتَّى تَتَ َغ َ َ َُ
أهون ِمن الحو ِل ،قا َل ال ّش ِ ِِ
اع ُر( :من المديد): ون َك ََّأنهُ َي ْنظُ ُر إلى َْأنفه َ ،و ُه َو ْ َ ُ َ َ َ أن َي ُك َالقََب ُل ْ
أ ْشتَ ِهي في ال َ ِ
ط ْفلة القََبالَ ال كثيراً ُي ْشبِهُ َ
الح َوال
اَألحول ِ ِ ِ ِ ُّ
الذي يقو ُل وه َو قَ ِريب م ْن صفَة ْ َ كُ . وه َو َي ْنظُ ُر إلى َغْي ِر َ
ك ُ إلي َ
أن تََراهُ َي ْنظُ ُر ْ ور ْ الشطُ ُ
ُمتََبجِّحاً بِ َح َوِل ِه( :من الطويل):
الشز ِر
ظ ِر ْالن َ
أغَنى عن َ ِّه على َح َول ْ يت بحب ِ ِ ِ
َحم ْدت إلهي إ ْذ ُبل ُ ُ
الع ْذ ِر إليه ،فاستَر ْح ُ ِ ت ِ قيب َيخالُنِي َن َ ت ِ
ت م َن ُ َْ ظ ْر ُ والر ُ إليه َّ ، ظ ْر َُن َ
ان َي ْنظَُر بِهَا
الع ْي ِن الّتي ُي ِريد ْ
ق َيمي َل َو ْجهَهُ في ِش َ بإح َدى ع ْيَن ْي ِه و ِ
َ ُ أن َي ْنظَُر ْ الش َو ُس ْ َّ
الج ْف ُن ِم ْن َغْي ِر َو َجع
يق لَهُ َض ُ. ف البص ِر ،ويقَا ُل ِإَنه فَساد في الع ْي ِن ي ِ
َ َ ُ َ ُ ض ْع َُ َ . الع ْيَن ْي ِن َو َش ص َغ ًر َ
الخفَ ُ ِ َ
117
َوال قَ ْر ٍح
ص ِر الع ِ ش ِ َّ
الب َ
ين َوفَ َسادَ . يق َ
ض ُ الد َو ُ
الجفُ ِ
ون اء ُ اس ْتر َخ ُ
اق ْ ط َر ُ
اإل ْ
جاج
الح ِ ِ ِ
ورها .م َن َ الم ْقلَة وظُهُ ُ
وج ُ الجحوظُ ُخ ُر ُ ُ
الع ْي ُن ُم ْنفَتِ َحة
ص ُر َو َ
الب َ
ب َ أن َي ْذ َه َ
ق ْالب َخ ُ
َ
أع َمى
ان ْاإلن َس ُ
أن ُيولَ َد ْ ال َك َمهُ ْ
هما لَ ْحم َناتٌئ. الع ْيَن ْين أو تَ ْحتَ َ
ق َ ون فَ ْو َأن َي ُك َ ص ْ الب َخ ُ َ
الع ْي ِن)
ض َ (في َعو ِار ِ
َ
الشيءِظ ِر إلى َّ ِ
اها َكالل من طُول َّ
الن َ
ْ ت َعْيُنهُ إذا اعتََر َ َح َس َر ْ
وف أو َغْي ِر ِهدت ِم ْن َخ ٍ ت َع ْيُنهُ إذا توقَ ْ زر ْ َّ
ت عْيُنه ِإ َذا لَم تَ َك ْد تُْب ِ
ص ُ.ر ِ
ْ َسد َر ْ َ ُ
ير ِه ِع ْن َد َخلَل
وغ ِ
اب َ ت لها سم ِادير (وهي ما يتَراءى لَها ِم ْن أ ْشب ِاه ُّ
الذَب ِ َ ََ َ َ ََ ُ الح ْ
ت َعْيُنهُ إذا َ اس َم َد َّر ْ
ْ
َيتَ َخلَّلُها)
ظ ِرَ ،ع ْن َأبي َز ْي ٍد اب َعلَى َّ
الن َ ت َعْيُنهُ إذا ضعفت ِم َن اإل ْكَب ِ قَِد َع ْ
الر َّم ِة (من البسيط): ت قَا َل ذو ُّ ت َع ْيُنهُ إذا َح َار ْ َح ِر َج ْ
ب ِ ِ داد ِلْل َع ْي ِن ِإ ْبهَاجاً إذا َسفََر ْ
ين تَْنتَق ُ
الع ْي ُن فيها ح َ
ت وتَ ْح َر ُج َ تَْز ُ
تغار ْ عيُنهُ إذا َ َّت ْ َهج ْ
ور َها. ت إ َذا َز َاد ُغُؤ ُ َوَن ْقَنقَ ْ
األص َم ِعي
ْ ت َ ،ع ِن َّج ْت َو َهج َ ك َح َّجلَ ْ َو َك َذِل َ
ت ِف ِ
يه رأت َذ َهباً َكثِيراً فَ َح َار ْ ت َع ْيُنه إذا ْ َذ ِهَب ْ
الح ْي َر ِة. ط ُِ .
رف م َن َ ت َعْيُنهُ إذا لَ ْم تَ َك ْد تَ ْ صْ َش َخ َ
أح َو ِال ِه)
ف ْ اختِالَ ِ وه ْيئاتِ ِه في ْ ظ ِر َ الن َ يل َك ْي ِفي ِ
َّة َّ صِ (في تَ ْف ِ
ام ِع َعْينِ ِه ِقي َل َر َمقَه
ظر اِإل ْنسان إلى ال ّشي ِء بِمج ِ
ْ ََ َ ُ إذا َن َ َ
ظهُ
يل لَ َح َإليه ِم ْن َجانِ ِب أ ُذنِ ِه ِق َ ظر ِ
فإن َن َ َ ْ
ٍِ ِ
ظ َر إليه بِ َع َجلَة قي َل :لَ َم َحهُ فإن َن َ ْ
ِ
حديث ْاب ِن َم ْس ُع ٍ. ط ْر ِف ِه ،وفي. ص ِر ِه َم َع ِح َّد ِة َن ٍ
ود رضي اهلل عنهُ: ظر قي َلَ :ح َد َجهُ ب َ فإن َر َماهُ بَِب َ ْ
ص ِار ِه ْم) ِ
بأب َ
وك ْ القو َم َما َح َد ُج َ (ح ِّدث ْ َ
أن ُي ِس َ
ف عبي َأنهُ ( َك ِرهَ ْ ِ ِ َّ
ظ َر اليه .وفي .حديث الش ّ
ِ الن َ
ف َ ِ ِ ٍ ِ ٍ
ظ َر إليه بِش َّدة وح َدة قي َلَْ :أر َشقَهُ َ
وَأس َّ فإن ن َ ْ
وابَنتِ ِه)
أختِ ِه ْ َأم ِه َو ْ ظ َرهُ إلى ِّ الر ُج ُل َن َ َ
يلَ :شفََنه و َشفَن ِ ض إيَّاهُ ِق َوالم ْب ِغ ِ ِ ِ ِ ِ ظر ِ
إليه ُشفُوناً و َش ْفناً َُ َ المتَ َع ِّجب م ْنه وال َك ِاره لَهُ ُ ظ َر ُ إليه َن َ فإن َن َ َ ْ
118
إليه َش ْزراً ظر ِ الع َد َاو ِة َ
قيل َن َ َ ظ َ فإن أعارهُ لَ ْح َ ْ
ظ َرةَ ِذي َعلَ ٍ
ق ظر ِ
إليه َن ْ قيلَ :ن َ َ َّة َ إليه بِع ْي ِن المحب ِ
َ َ
ظر ِ
فإن َن َ َ
ِ ظر ِ
الم ْستَثْبِت قي َل :تََوض َ
َّحهُ ظ َر ُ إليه َن َ إن َن َ َف ْ
ِِ الشم ِ َِّ ِ ِ ِ ِ ِ ِ
استَ َكفَّهُ
ور إليه قي َلْ : الم ْنظُ َ
ين َس لَي ْستَبِ َ ظ َر إليه َواضعاً َي َدهُ َعلَى َحاجبِه ُم ْستَظالً بِهَا م َن ْ فإن َن َ
ْ
واستَ ْش َرفَهُ
ض َحهُ ْ واستَ ْو َ
ْ
استَ َشفَّهُ
يل ْان بِ ِه ِ ،ق َإن َك َ صفَاقَتِ ِه أو َس َخافَتِ ِه أو َي َرى َعواراً ْ ، ِ
ب َو َرفَ َعهُ لَي ْنظَُر إلى َ فإن َن َش َر الثَْو َ ْ
اعر( :من الطويل): ال ال ّش ِ
وحةً ،كما قَ َ ِ ِ ِ َّ ِ
الحهُ لَ َظ َر إلى ال ّش ْيء كالل ْم َحة ثَُّم َخف َي َع ْنهُ قي َلَ : فإن َن َ
ْ
وحهَا وهل تَْنفَ َعِّني لَ ْو َحة لَ ْو َألُ ُ
ِ ظ َر إلى َج ِم ِ
ضهُ َن ْفضاً ان َحتّى َي ْع ِرفَهُ قي َلَ :نفَ َ الم َك ِيع َما في َ فإن َن َ
ْ
ِ يهذبه أو ِليستَ ْك ِش َِ . اب أو ِحس ِ ِ ِ
صفَّ َحهُ
ف ص َحتَهُ َو َسقَ َمهُ قي َل :تَ َ اب ل ِّ َ ُ َ ظ َر في كتَ ٍ ْ َ فإن َن َ
ْ
ظ ِر ِقي َلَ :ح َد َ
ق يع َع ْيَن ْي ِه ِل ِش َّد ِة ّ
الن ً ِ
فإن فَتَ َح َجم َ ْ
ق َع ْيَن ْي ِه ْألَأله َما قي َلَ :ب َّر َ
ُ فإن
ْ
انقلب ِح ْمالق َع ْيَن ْي ِه ِقي َلَ :ح ْملَ َ
ق َ ِ
فإن
ص ُرهُ
ق َب َ اد َع َين ْي ِه ِم َن الفََز ِع ِقي َلَ :ب َّر َ اب َس َو ُ فإن َغ َ ْ
فإن فَتَ َح َعْي َن ُمفََّزع أو ُمهَ َّد ٍد قي َلَ :ح َّم َج ْ
ف ِقي َلَ :ح َّد ِج َوفَ َ
زع الخو ِ
عند َ ْ ظ َر َ الن َأح َّد ّ ِ
فإن َبالَ َغ في فَتْحها َو َ ْ
روط ْرفَ َش َ ،ع ْن أبي َع ْم ٍ ظ ِر ِقي َلَ :د ْنقَ َس و َ فإن َك َس َر َع ْيَنهُ في َّ
الن َ ْ
ين ِ ِ ص ،وفي القُْر ِ ط ِر ُِ . فإن فَتَ َح َعْي ْني ِه َو َج َع َل ال َي ْ
ص ُار الَذ َ
صة َْأب َ آن الكريمَ { :شاخ َ ف ،قي َل َش َخ َ ْ
رو أيضاً أس َج َدَ ،ع ْن أبي َع ْم ٍ ون قي َلْ : ظ َر مع ُس ُك ٍ الن َ
فإن ََأد َام ّ َكفَ ُروا} ْ
ِ ِ ِ ِِ ِ
ق ال ِهالل للَْيلَته لَي َراهُ قي َل :تََبص َ
َّرهُ ظ َر إلى أفُ ِ فإن َن َ
ْ
ِ فإن َأتَْبع َّ
ص َرهُ.َأتَأرهُ َب َ
ص َرهُ قي َلَ : يء َب َ الش َ َّ َ
ِ ِ
وما َيتّصل بِهَا ُ
ويذ َك ُر في األصول والرؤوس .واألعضاء واألطراف وأوصافها .وما ُيتََولّ ُد م ْنهَا َ
َم َعهَا
وم ِة [األنوف)].والم ْذ ُم َ
ودة َ
يل أوص ِافها .الم ْحم َ ِ ِ ِ
(في تَ ْفص ْ َ َ َ ُ
الها ف مع استِو ِ الشمم ارتفاعُ قَصب ِة ْ ِ َّ
أع َ اء ْ األن َ َ ْ َ ََ َُ
ب في َو َس ِط ِه ِِ القََنا طُو ُل ْ ِ
األنف و ِدقّةُ ْأرَنَبته َ
وح ْد ٌ
ض َخِم ْأرَنَبتِ ِه طامن قَصبتِ ِه مع ِ
ط ُس تَ َ ُ ُ َ َ َ َ الفَ َ
الو ْج ِه َأخر ْ ِ
األنف َع ِن َ الخَن ُس تَ ُّ ُ
َ
119
ص َغ ِر ْأرَنَبتِ ِه طر ِف ِه مع ِ
وص َ َ َ َ ف ُش ُخ ُ
َّ
الذلَ ُ
َّة َّ
الش ِّم الخ َشم فُ ْق َدان حاس ِ
ُ َ ُ
الم ْن َخ َر ِ
ين ق في ِ الخ َرم َش ٌَّ
أخثَُمف ،يقا ُل :ثَْوٌر ْ األن ِض ْ َ ِ
الخثَُم ع َر ُ
ف. األن ِ
اع ِو َجاج ْ القَ َع ُم ْ
األسَن ِ ِ
ان) (في َم َحاس ِن ْ
نان ِ
وح ْسُنها واستواُؤ هاُ . األس ِ ْ ب ِرقَّةُ ْ َّ
الشَن ُ
ض ِيدها .واتِّ ِ
ساقها. الرتَ ُل حسن تَْن ِ َّ
ُْ
ِ
تفر ُج ما َب ْيَنها يج ُّ التَّْفل ُ
ان ُم َفلَّجاً وح ْس ِن ُ .ويقا ُل ِم ْنهُ :ثَ ْغٌر َشتِ ٌ
يت ِإ َذا َك َ
بل في ِ ٍ
است َواء ُ ْ تباع ٍدْ ، تفرقُها في َغ ْي ِر ُ ت ُّ َّ
الشتَ ُ
ض َح َسناً َْأبَي َ
الم ْوِل ِد دل على َح َداثَ ِة الس ِّ
ِّن وقُْر ِب َ
اف الثًَّن َايا َي ُّ
ط َر ِ اَأل ْش ُر تحزيز في أ ْ
الري ِ ان ِمن الب ِري ِ ِ ِ
ق. ق ال م َن َ األسَن ِ َ َ الماء الّذي َي ْج ِري َعلَى ْ ظْل ُم ً ال َ
(في َم َعايِ ِب الفَِم)
الش َدق َس َعةُ ِّ
الش ْدقَْي ِن َّ
الضَّجم مْي ٌل في الفَِم وفيما .يِل ِ
يه َ َُ َ
اَألس َف ِل ِ الحَن ِك ْ
بالحَنك ْ اَألعلى َ وق َ ص ُ. َّز ُز لُ ُ
الض َ
وغلَظُهُما الشفَتَْي ِن ِ خاء َّ اس ْتر ُ الهَ َد ُل ْ
اض َي ْعتَ ِري ِهما. طعُ َبَي ٌ اللَّ َ
البهُ َما القلَ ِ
ب ْانق ُ َ ُ
خادماً ال َي َزا ُل هدي ِ ِ َّ ِ ِ ضم ِام ،و َكان موسىِ . الجلَع قُصور ُهما .ع ِن ْ ِ
الم ُ َأجلَ َع فَ َوك َل به َُأبوهُ ُ
الهادي ْ َ ُ َ االن َ َ َ ُ ُ ُ
طبِ ْق َ .فلُقِّ َ
ب به وسى َأ َْيقُو ُل لَهُُ :م َ
طمةُ ِ
ض َخ ُمهَا. الب ْر َ َ
َ
ق)العُن ِ
اف ُ ص ِ(في ْأو َ
الجَي ُد طولُها.
َ
التَّلَعُ إ ْش َرافُها.
امُنها.
طُ الهََنعُ تَ َ
ب ِغلَظهَا الغلَ ُ
َ
البتَعُ ِش َدتُهَا
َ
َّع ُر َمْيلُها
الص َ
120
ص ُرها الوقَ ِ
صق َ
َ ُ
وعها
ض ُ ضعُ ُخ ُ الخ َ
َ
الح َد ُل ِع َو ُجها.
َ
ط ِن)
الب ْ
اف َ ص ِ (في ْأو َ
ِ َّ
ظمهُ
الد َح ُل ع ً
الحَبن ُخ ُروجهً َ
الثَّجل ِ
است ْر َخاًؤ هَُ ْ
ِ
القَ َم ُل ض َخ ُمهُ
ور لَطافَتُهُ
ُّم ُ
الض ُ
وصهُ
الب َج ُر ُش ُخ ُ
َ
األص َم ِع ّي.
ْ ظِم َ ،ع ِن التَ َخر ُخر اضطرابه من ِ
الع َ َ ُُ ْ ُ
الم ْر َِأة)
ق َ اس ِن َخْل ِ ود ِة في مح ِ
ََ الم ْح ُم َ
اف َ ص ِ األو َ
ِ ِ
(في تَ ْفصيل ْ
ق فَ ِه َي َخ ْود الخْل ِ
ت َش َّابةً َح َسَنةَ َ ِإ َذا َك َان ْ
الم ْع َرى فَ ِهي َب ْه َكَنة ِ فَإذا َك َان ْ ِ
الوجه َح َسَنة َ ت َجميلَةَ َ
ِ فإذا َك َان ْ ِ
ورةالم َحاس ِن فَ ِه َي َم ْم ُك َ ت َدقيقَةَ َ
رعَبةص ِب فَ ِهي َخ َ ت َح َسنةَ القَ ِّد لَيَِّنةَ القَ َ فإذا َك َان ْ
ض لَ ْح ِمهَا َب ْعضاً فَ ِهي ُمَبتَّلَة ب َب ْع ُ فَإذا لَ ْم َي ْر َك ْ
فإذا َك َان ْ ِ
ص َانة َّاء َو ُخ ْم َ ط ِن فَ ِه َي َه ْيفَاء َوقَب ُ الب ْ ت لَطيفَةَ َ
ِ ت لَ ِطيفَةَ ال َك ْش َح ِ
ين فَ ِه َي َهض ٌ
يم فإذا َك َان ْ
ام ِة فَ ِه َي َم ْم ُشوقَة الخص ِر مع ِ ِ
امت َداد القَ َ ت لَطيفَةَ َ ْ َ َ ْ
فَإذا َك َان ْ ِ
وح ْس ٍن فَ ِه َي ُع ْ ق في ْ ِ العُن ِ
طُبو ٌل اعت َدال ُ ط ِويلة ُ ت َ فإذا َك َان ْ
اء و ِه ْر َك ْولَةٌ فإذا َك َان ْ ِ
الو ِر َك ْي ِن فَ ِه َي َو ْر َك ٌ
يمةَ َ ت َعظ َ
الع ِج َيز ِة فَ ِه َي َر َداح فَإذا َك َان ْ ِ
يمةَ َ ت َعظ َ
اع ْين والسَّاقَْي ِن فَ ِه َي َخ َدلَّ َجة ت س ِم َينةً ممتَلَئةَ ِّ
الذ َر َ ُْ فإذا َك َان ْ َ
ت تَْرتَ ُّج من ِس َمنها فَ ِه َي َم ْر َم َارةٌ فإذا َك َان ْ
اض ِة فَ ِه َي َب َر ْه َر َهة ض َ والغ َوب ِة َ الرطُ َ رع ُد ِم َن ُّت َك ََّأنهَا تَ ُ فإذا َك َان ْ
الن ْع َم ِة فَ ِه َي َر ْق َراقَة
ض َر ِة ِّ الماء َي ْج ِري في َو ْج ِههَا من َن ْ َأن َ ت َك َّ فإذا َك َان ْ
الب َش َر ِة فَ ِه َي َبضَّة ت رقَيقَةَ ِ ِ ِ
الجْلد َناع َمةَ َ فإذا َك َان ْ َ
الن ِع ِيم فَ ِه َي فُُنق ض َرةُ َّ وج ِههَا َن ْ ت في ْ فإذا ُع ِرفَ ْ
القَيام ِل ِس َمنِهَا فَ ِه َي ََأناة َو َو ْهَن َانةٌ فإذا كان بها فُتُورِ .عند ِ
121
الريح فَ ِه َي َب ْهَن َانة طيَِّبةَ ِّت َ فَإذا َك َان ْ
مال فَ ِه َي َعْبهََرةالج ِ لخْل ِ فَإذا َك َان ْ ِ
ق َم َع َ يمةَ اَ َ ت َعظ َ
اع َمة َجميلةً فهي َع ْبقََرة ت َن ِ فإذا َك َان ْ
ين َّ ِ ت ُمتَثنيةً من اللِّ ِ
ادةٌ
وغ َ
اء َ والن ْع َمة فَ ِه َي َغْي َد ُ فإذا َك َان ْ
طيَِّبةَ الفَِم فَ ِه َي َر ُشوف. ت َ كان ْ
فإذا َ
َأنوف ف فَ ِه َي ُ األن ِ
طيَِّبةَ ريِح ْ ت َ فَإذا َك َان ْ
وف
ص ٌ الخْل َو ِة فَ ِه َي َر ُ طيَِّبةَ َ ت َ فإذا َك َان ْ
ضحوكاً فَ ِه َي َش ُموعٌ ت لَ ُعوباً ُ فَإذا َك َان ْ
امةَ َّ
الش ْع ِر فَ ِه َي فَ ْر َع ُ
اء ت تَ َّ فإذا َك َان ْ
ِ ِ ِ ِ ِ
فإذا لم ي ُك ْن ل َم ْرفَقها َح ْجم من س َمنهَا فَ ِه َي َش ْر َم ُ
اء
ِ ِ ِ
اق ُمْلتَقَى فَخ َذ ْيهَا .ل َكثَْر ِة لحمها ،فَ ِه َي لَفّ ُ
اء. ض َ فإذا َ
فإذا كانت دقيقة المحاسن فهي مملودة .
يدةت َحيَِّيةً فَ ِه َي َخ ِف َرة َو َخ ِر َ إذا َك َان ْ
يمة ِ ضةَ الص ِ ِ ت ْ ِ
َّوت فَه َي َرخ َ ْ من َخف َ فإذا َك َان ْ
إليه فَ ِه َي َع ُروب ت م ِحَّبةً ِل َزو ِجها متَحبِّبةً ِ
ْ َ ُ ََ فإذا َك َان ْ ُ
الر َيب ِة فَ ِه َي َن َو ٌار ت َنفُوراً ِم َن ِّ فإذا َك َان ْ
ت تَ ْجتَنِب األ ْق َذ َار فَ ِه َي قَ ُذ ٌ.
ور فإذا َك َان ْ
فإذا َك َان ْ ِ
صان ت َعفيفَةً فَ ِه َي َح َ
صَنةٌصنها َز ْو ُجهَا فَ ِه َي ُم ْح َ َأح َفإذا ْ
فإذا َك َان ْ ِ
صَناع ت َعاملَةَ ال َكفَّْي ِن فَ ِه َي َ
بالغ ْز ِل فَ ِه َي َذ َراع الي َد ْي ِن َ فَإذا َك َان ْ ِ
ت َخفيفَةَ َ
الوْل ِد فَ ِه َي َن ٌ.
ثور ت َكث َيرةَ ُ
فإذا َك َان ْ ِ
الد فَ ِه َي َن ُز ٌ.
ور ت َقِليلَةَ األو ِ فإذا َك َان ْ
ْ
وابُنهَا َر ُجل فَ ِه َي َب ُروك ت تَتََز َّو ُج ْ فإذا َك َان ْ
ور فَ ِه َي ِم ْذ َك ٌار فإذا َك َان ْ ِ ُّ
ت تَلد الذ ُك َ
اإلناث ،فَ ِه َي َمْئ َن ٌ
اث َ ت تَِلد كان ْ
فإذا َ
وم َّرةً أنثَى فَ ِه َي ِم ْعقَاب ت تَل ُد َم َّرة َذ َكراً َ
فإذا َك َان ْ ِ
122
الح ْمقَى فَ ِه َي ِم ْحماق فإذا َك َان ْ ِ
ت تَل ُد َ
اع فَ ِه َي َرُب ُ ِ
وخ ض ِ ت ُي ْغ َشى عليها ع ْن َد البِ َ فإذا َك َان ْ
وت
فهي لَفُ ٌ ِِ
فإذا َكان لها َز ْو ٌج ولَها َولَ ٌد من غيره َ
ت بأثَ ِافي ِ
الق ْد ِر وهي ثَ ِالثتُهما فَ ِه َى ُمثْفَاة ،شبِّهَ ْ ان ِل َز ْو ِجهَا ْ ِ
ام َرَأتَان َ فإذا َك َ
الك َساِئي
اس ٌل ،ع ِن ِ
َ
طلَقَها فَ ِهي مر ِ
َ َُ ات َعْنهَا َز ْو ُجهَا ْأو َ فإذا َم َ
ودة
فهي َم ْر ُد َطلَقَةً َ ت ُم َ فإذا َك َان ْ
ات َز ْو ُجهَا فهي فَ ِاقد. فإذا َم َ
ات َولَ ُد َها فَ ِه َي ثَ ُكول
فإذا َم َ
اد َو ًم ِح ٌّدالز َينةَ ِل َم ْو ِت َز ْو ِجهَا فَ ِه َي َح ّ
فإذا تََر َك ِت ِّ
صِلفَةٌظى عند ْأزوا ِجهَا .فَ ِه َي َ
ت ال تَ ْح َ ِ فإذا َك َان ْ
ِ
وع َزَبة َو َْأر َملَة وفَ ِارغة ِّم َ ت َغ َير َذات َز ْوج فَ ِهي َأي ٌ فإذا َك َان ْ
ت ثَيِّباً فَ ِه َي َع َوان
فإذا َك َان ْ
ِ
ت بخاتَم ربِّهَا فَ ِه َي بِ ْكر َو َع ْذ َر ُ
اء فإذا َك َان ْ
جة فَ ِه َي َعانِ ٌس ت في ب ْي ِت َأبو ْيها َغْير م َز َّو ٍ
َ ُ َ ََ فإذا َب ِقَي ْ
ت َع ُروساً فَ ِه َي َه ِد ٌّ
ي فإذا َك َان ْ
يجِل ُس إليها القَ ْو ُم فَ ِه َي َب ْر َزة اس َو ْ للن ِ ظهَ ُر َّ ت َجِليلةً تَ ْ فإذا َك َان ْ
صفاً َع ِاقلَةً فَ ِه َي َش ْهلَةٌ َك ْهلَةت َن َ فإذا َك َان ْ
ص ٌل ضغة فَ ِهي مم ِ هو ُم ْ
َ ُْ ت تُْلقي َولَ َدها َو َ فإذا َك َان ْ
ت َعلَى َولَِد َها َب ْع َد َم ْو ِت َز ْو ِجهَا .ولم تَتََز َّو ْج فَ ْه َي ُم ْشبِلَة ام ْ ِإ
فَ َذا قَ َ
ان َي ْن ِز ُل لََبُنها من غير َحَب ٍل فَ ِه َي ُم ْح ِم ٌل فإذا َك َ
ط ِام فَ ِه َي ُم َعفَِّرة. الف َ ت ولَ َد َها ثَُّم تَر َكتْه ِلتُ َدِّرجه إلى ِ
َُ َ ُ ض َع ْ َ فإذا ْأر َ
فقه اللغة وسر .العربية للثعالبي
123
ك َذ ِ لغة تَ ِميم ،وهي إبدالُهم الع ِ عرض في ِ
اهب ؛ أي: ظَن ْنت َعَّن َ همَ :الهم َز ِة َكقَ ْوِل ْ
ين م َن ْ َ َ اْل َع ْن َعَنةُ تَ ِ ُ
الر َّم ِة( :من البسيط): ب .و كما قال ُذو ُّ اه ٌ ك َذ ِ َّأن َ
وم َّب َاب ِة ِم ْن َع ْيَن َ
يك َم ْس ُج ُ اء الصَ رقاء َم ْن ِزلَةً َم ُ
ت من َخ َ َّم َ
أع ْن توس ْ
َ
راب َّ
أع ِ اللَ ْخلَ َخانِيَّة تَع ِرض في لُ َغ ِ
اء اهللّ
ون َما َش َ
ريد َ
ان ُ ،ي ُ وع َمان َكقَ ْوِل ِه ْمَ :م َشا اهلل َك َ
الش ْح ِر ُ ات ْ ْ ُ
ان
َك َ
غة ِح ْمَير َكقَوِل ِه ْمَ :مانيةُ تع ِرض في لُ ِ ُّ
اء.
اب الهَ َو ُط َ ونَ : ريد َ
اء ُ ،ي ُ امهَ َو ُ
اب ْط َ الط ْمطُ َّ ْ ُ
التصريف:
ولما كانت الكلمات الثالثية غالبة في اللغة العربية ،جعل علماء الصرف ميزان الكلمة
على ثالثة أحرف ،هي ( الفاء والعين والالم) مجموعة في كلمة (فَ َع َل) ،ويأخذ الميزان
ع)وزنها ( فَ َع َل) ،وهنا نطلق علىالصرفي( .فعل) نفس حركات الكلمة الموزونة .فمثال َ ( :ز َر َ
الحرف (زاي) فاء الكلمة ،والحرف( .راء) عين الكلمة والحرف( .عين) الم الكلمة ،وكلمة :
ص َام) وزنها (فَ َع َل) ،ألن أصلها ِ ِ ِ ( ُز ِر َ
ع) وزنها( .فُع َل) .وكلمة( َعل َم ) وزنها ( فَع َل) ،وكلمة ( َ
ص َو َ.م) ،وكلمة ( َع َّد ) وزنها( فَ َع َل) وكلمة( ُع َّد) على وزن ( فُ ِع َل) ،ولعلك الحظت أننا نقوم
( َ
بفك الحرفين المدغمين عند وزن الكلمة فالفعل ( َع ّد)أصله ( َع َد َد) والفعل ( ُع َّد) أصله ( ُعِد َد).
قد يكون الحرف الزائد أصليا ،ال يمكن االستغناء عنه ،فهو من أصول الكلمة ،مثل
الفعل ( َزْل َز َل) الرباعي وكلمة ( َزَب ْر َجد ).الخماسية،ففي هذه الحالة نقوم بإضافة حرف الالم ليقابل
وزْل َز َل)
كل حرف زائد ،فالكلمة الزائدة عن ثالثة أحرف وحروف زيادتها .أصلية مثل ( َو ْس َو َ.س َ
يصير وزنها( .فَ ْعلَ َل) بإضافة ( الم ) إلى الميزان األصلي ( فَ َع َل ) ،وكلمة (َزَب ْر َجد)وزنها
(فَ َعلَّل) ،بإضافة ( المين) إلى الميزان األصلي ( فَ َع َل) .
قد يكون الحرف الزائد غير أصلي ،يمكن االستغناء عنه ،فهو ليس من أصول الكلمة ،
مثل الفعل ( قَاتَ َل) فهذا الفعل زيد على أصله ( قتل) حرف األلف ،في هذه الحالة ينزل الحرف
ص َر) (ا ْفتَ َع َل ) ؛ ألن أصله
الزائد كما هو في الميزان ،فيكون وزن (قَاتَ َل) هو (فَا َع َل) ،و(ا ْنتَ َ
(نصر) فزيدت .األلف والتاء ،و(انهزم ) (انفعل) ؛ ألن أصله (هزم) ،فزيدت األلف والنون ،و
124
استَ َر َّد )
استَ ْف َع َل ) ،ألن أصله ( خرج ) فزيدت .األلف والسين والتاء ،والفعل ( ْ
استَ ْخ َر َج ) ( ْ
( ْ
(م ْفتَ َعل) ؛ ألن أصلها (صفو) طفَى) وزنهاُ .
صَاستَ ْف َع َل ) ؛ ألن أصله ( َر َّد ) ،وكلمة ( ُم ْ
وزنه ( ْ
وأصل كتابتها (مصتفو) فقلبت التاء طاء مناسبة للصاد وهو حرف مفخم ،وقلبت الواو ألفا
مقصورة ؛ ألنها جاءت متطرفة بعد فتح ،والفعل( قَتَّ َل) وزنه( فَعَّ َل) بتشديد العين ،وهنا نالحظ
أن الفعل ( قتّل) مزيد بالتضعيف ،فنكرر في الميزان الحرف المقابل للحرف المكرر.
وحروف .الزيادة كما حددها علماء الصرف : .مجموعة في قولنا :اليوم تنساه /أو :
سألتمونيها ،.أو هناء وتسليم ،باإلضافة إلى ( التضعيف. ).
هذا إذا كانت الكلمة مزيدة بحرف أو أكثر ،فماذا لو حذف من الكلمة حرف ،أو أكثر ؟
إذا حذف من الكلمة حرف أو أكثر حذف ما يقابله في الميزان :فمثال فعل األمر ( ُع ْد) وزنه( ُف ْل) ؛
ألنه من الفعل (عاد) الثالثي فلما حذف الحرف األصلي الثاني حذف ما يقابله في الميزان وهو
حرف العين ،والفعل( ُك ْل) على وزن ( ُع ْل) ؛ألن أصله( َأ َك َل) ،فلما حذف الحرف األول األصلي
حذف ما يقابله في الميزان وهو حرف الفاء ،والفعل (اسع) وزنه (ا ْف َع) ؛ ألن أصله (سعى) واأللف
ف) وزنه (َي ِع ُل)ألن أصله (وصف)والفعالن األولى زائدة فتنزل في الميزان كما هي ،والفعل (ي ِ
ص ُ َ
ظة و ِهَبة) وزنها ( ِعلَة) ؛
ق) و ( ِع) وزنهما ( ِع) ؛ ألن أصلهما( َوقَى َ ،و َعى) والكلمات ( ِس َمة و ِع َ
(ِ
َأب) وزنها (فعٌ)؛ ألنها من(أبو).
ألنها من (وسم ،وعظ ،وهب) ،وكلمة ( ٌ
تعليق :الفرق بين االشتقاق والتصريف كما يظهر أن االشتقاق يكون باالتيان على معنى عام
لجذر وتشتق منه أسماء ال حصر لها تتعلق بشكل أو بآخر بهذا المعنى كالشجر ،بينما التصريف
أن تأتي على الجذر نفسه وتزيد .عليه مقاطع معينة لتعطي معاني جديدة متعلقة بالجذر نفسه.
نموذج لمزج الطاقة العربية بالطاقة االسالمية ومقارنة بين الشعر والقرآن:
الشعر العربي كنز عظيم للخياالت والصور .والحركة واإليقاع والموسيقى .والصخب وما شاكل
تأمل عندما أراد أحد أعظم شعراء العربية على االطالق امرئ القيس أن يصف حصانه
ولقد أغتدي والطير في وكناتها ************* .بمنجرد قيد األوابد هيكل
مكر مفر مقبل مدبر معا **************** كجلمود صخر حطه السيل من عل
الرجل يصف حصانه وحركته في ساح الوغى
يقول أنه يغتدي ولما تزال الطيور .في أعشاشها .على حصانه الذي يسميه قيد األوابد أي الموت
125
الزؤام ،،حركة هذا الحصان أنه يكر ويفر ويقبل ويدبر.
وينحدر سريعا .كما صخرة عظيمة تنحدر من شاهق يدفها السيل فال يستطيع .أحد إيقاف
اندفاعه ،،وحتى يكون البيت جميال كان ال بد من الموسيقى المصاحبة للمشهد
فجاء امرء القيس بكلمات تحاكي ركض الخيل وأصال اختار البحر العروضي الذي نظم البيت
على أساسه موافقا لركض الخيل فقال:
مكر ،،مفر ،،مقبل ،،مدبر
ولو قرأتها محاوال أن تحاكي ركض الخيل لرأيتها كصوت حركة الحصان في جريه
فالبيت يعطيك الصورة الحية لحصان يركض في المعركة يكر ويفر ويقبل ويدبر في حركة
واحدة مناورا..
تالحظ خلو البيت من األلوان وخلوه من غير صورة واحده هي صورة حركة الحصان يقبل
ويدبر ،وقوة اندفاعه التي صورها .بصورة الصخرة المنحدرة من عل.
هذا البيت على جماله تعال نقارنه بعشر كلمات من القرآن الكريم في الموضوع .نفسه لترى
الفرق الهائل في األسلوب والبالغة:
يقول الحق سبحانه:
﴿والعاديات ضبحا ** فالموريات قدحا ** فالمغيرات صبحا ** فأثرن به نقعا ** فوسطن
به جمعا﴾
أحص عدد كلمات البيت السابق تجدها عشرا وعدد كلمات هذه اآليات تجدها عشرا
هذه العشر كلمات ماذا حوت من طاقة بالغية؟؟
أوال يقسم الحق سبحانه بالعاديات وهي الخيل التي تعدو منطلقة لساحة المعركة ،،والقسم جاء
بصيغة اسم الفاعل :والعاديات ضبحا
والضبح النفس الحار الذي ينطلق من أنف الحصان وهو يركض مسرعا ،ولما كان الوقت
صبحا قبل أن تشرق الشمس وما في ذلك الوقت من برد الصباح
كان يصاحب ركض الحصان البخار المتصاعد من فمه وتحس هنا صورة حصان يركض وهو
ضبح
والضبح :صوت أنفاسها إذا عدون .وعن ابن عباس أنه حكاه فقال :أح أح .قال عنترة:
ض ْب َحا ِ ضـ ـ ********* ـ َـب ُح ِفي ِحَي ِ ِ
اض اْل َم ْوت َ ين تَ ْ
َواْل َخْي ُل تَ ْك َد ُح ح َ
والضبح يكون مع العدو
الضبح أصوات أنفاس الخيل إذا عدت ،وهو صوت ليس بصهيل وال حمحمة ،ولكنه صوت
نفس،
126
ضَب َح ِت
ض ْب ُح الخيل صوت َأجوافها ِإذا َع َدت ؛ وقال َأبو عبيدة َ :
وفي اللسان :قال َأبو ِإسحق َ :
ض ْب َع ْيه ِإذا
الفرس َ
ُ ت ِإذا عدت ،وهو السير ؛ وقال في كتاب الخيل :هو َأن َي ُم َّد
وضَب َع ْ
الخي ُل َ
ت. وضَب َع ْ
ت َ ضَب َح ْعدا حتى كَأنه على اَألرض طوالً ؛ يقال َ :
ضَب َح لَ َّوحته وغيَّرته ؛ ِ
فان َ
ض ْبحاً ْ
ضَب ُحه َ
الشمس والنار .تَ ْ
ُ وضَب َحتْه
وضَب َح الق ْد َح بالنار :لَ َّو َحه َ ،،
َ
لونه .
ت َ وغي ََّر ْ
وفي التهذيب َ :
فعند خروج هذا الصوت من أجوافها .وهي تركض في الصباح ال بد سيخرج البخار مع هذه
األصوات واألنفاس.
إذن فهذا الركض فوراً .يصبح جريا ومشيا وصوتا ..وفيه نار أيضاً وشرار.
ومن جماليات استعمال األلفاظ:
﴿والعاديات ضبحا ﴾
يبدو أن العدو في االصل تجاوز الحد ،و يسمى العدو عدوا ألنه يتجاوز .الحد في معاملته ،و
منه العدوان ألنه تجاوز .للحق ،و السرعة القصوى في المشي تسمى عدوا ألنها ايضا تجاوز.
للحد .
و هكذا قالوا في الخيل سميت العاديات الشتقاقها من العدو ،و هو تباعد األرجل في سرعة
المشي
اما الضبح ،فقالوا :انه التنفس بقوة ،و قيل :انه حمحمة الخيل ،و األقرب عندي :تغير
الحال أو تغير اللون ،و يقال :انضبح لونه إذا تغير ،و لعله لذلك يسمى الرماد ضبحا ألنه
يتغير لونه من أصله ،وإ نما تسمى الخيل ضابحة إذا تغير من العدو حالها مما ظهر على لونها
و تنفسها و حمحمة صوتها
كانت الخيل تعدو بسرعة ،و لكن من دون صهيل ،و كانت الحركة في الليل -فيما يبدو -
حيث تتطاير الشرر من حوافرها التي تحتك بالحصى ، .مما يظهر أن االرض كانت وعرة ،
فجاء السياق يقسم بها و هي تنساب بين الصخور في رحم الظالم .
﴿فالموريات قدحا﴾
عندما يركض هذا الحصان أو هذه الخيل المنطلقة للمعركة تنقدح األرض تحت حوافرها .من
شدة الركض وقوة االنطالق.
فيتطاير .الشرر من تحت األقدام والفاعل في قدح هذا الشرر هو الخيل نفسها من قوة حوافرها
وسرعة انطالقها ،،كما ينبيك هذا عن وعورة األرض التي تستجيب لهذا الركض القوي بأن
تنقدح شررا من تحت هذه الحوافر ،وعندما نقول وعورة األرض في وصف هجوم مباغت في
معركة تتخيل أن المهاجمين سلكوا طريقا ال عيون عليها وعرة تحقق عنصر المباغتة ،وهو ما
127
يخدم النص ،إذ عادة ما تكون الطرق .التي تؤدي .إلى مرابع القوم ممهدة وغيرها غير ذلك.
يات﴾ توري نار الحباحب وهي ما ينقدح من حوافرها ﴿قَ ْدحاً﴾ قادحات صاكات ور ِ
الم ِ
﴿فَ ُ
بحوافرها .الحجارة .والقدح :الصك .واإليراء :إخراج النار .تقول :قدح فأورى ،وقدح فأصلد،
﴿فالمغيرات صبحا﴾:
وقت إغارتها على العدو هو الصباح الباكر وما فيه من عنصر المباغتة
ومعنى اإلغارة في اللغة اإلسراع ،يقال :أغار إذا أسرع وكانت العرب في الجاهلية تقول:
أشرق ثبير كيما نغير .أي نسرع في اإلفاضة.
﴿فأثرن به نقعا﴾
عندما توسطت .جموع ومرابع العدو في أرضه وعقر داره صبحا أثرن النقع أي الغبار
والغبار يسمى نقعاً الرتفاعه ،وقيل :هو من النقع في الماء ،فكأن صاحب الغبار غاص فيه ،كما
يغوص الرجل في الماء.
فتتخيل هنا قوما .نائمين باغتهم عدوهم وهم في غفلة من أمرهم وتوسط بخيله مرابعهم .وأثار
الغبار في وسط المرابع والشرر .يتطاير واألنفاس تلهث ويتصاعد .البخار من الخيل التي تعدو
وهي تحمحم
ويجوز .أن يراد بالنقع :الصياح ،من قوله عليه الصالة والسالم "ما لم يكن نقع وال لقلقة" وقول
لبيد:
ص ِادق
راخ َ
ص ٌ فَ َمتَى َي ْنقَ ْع ُ
أي :فهيجن في المغاز عليهم صياحاً وجلبة.
وهذا يعطي بعدا صوتيا .آخر تسمع صراخ النساء الثكالى والخائفات وعويل األطفال المباغتين.
﴿فوسطن به جمعا﴾
أي توسطت .جموع العدو وقت الصبح وباغتتهم.
صورة معركة كاملة من ألفها إلى يائها في عشر كلمات
تثير الخيال لترى:
األلوان:
الشرار المنقدح ،والبخار المتصاعد من الخيل ،والغبار ، .والصبح الذي محت بشائره األغبرة
المتصاعدة من أرض المعركة ،،والخيل التي تغير لونها من جراء العدو الشديد
الموسيقى:
ترى وقع الخيل وحركتها في فاصلة كل آية:
﴿ضبحا﴾
﴿قدحا﴾
128
﴿صبحا﴾
﴿نقعا﴾
﴿جمعا﴾
لو قرأتها .كما ركض الخيل لرأيتها تحاكي ركض الخيل
129
﴿والعاديات﴾
الواو للقسم ،،العاديات قسم بصورة اسم الفاعل ،أو لنقل الفعل الذي وضع اسم الفاعل موضعه،،
العاديات أي التي تعدو :فالقسم :والخيل الالتي عدون ...الخ
واعلم أنه تعالى لما ذكر المقسم به ،ذكر المقسم عليه وهو أمور ثالثة:
﴿إن اإلنسان لربه لكنود﴾
﴿وإ نه على ذلك لشهيد﴾
﴿وإ نه لحب الخير لشديد﴾
فأثرن :الفاء فاء العطف ،العطف على ماذا؟ أثرن :نحن ليس عندنا فعل مسبق ،عندنا:
صبحا.. ِ ِ
فالموريات .قَدحا ،فالمغيرات ُ ضبحا،
والعاديات َ
فأثرن عطف على ماذا؟ باعتبار أنه اسم الفاعل يقوم مقام الفعل ،يعني :فأورين .قدحاً
(العاديات) ،أورين قدحا وأغرن صبحا فأثرن نقعا ..أليس كذلك؟ على اعتبار أنه فعل واسم
فاعل ،وكل واحد يقوم مقام اآلخر بالنسبة للعكس ،فأثرن به نقعا بأي شيء؟ ضمير ،ومرجع.
والعدو والغارة (بهذه األعمال التي
ْ الضمير معناه مثلما يقولون ،يعني :فأثرن باإليراء
حصلت) ..أثرن بهذا الشيء نقعا
هذا من جماليات القسم الذي قام اسم الفاعل فيه مقام الفعل
فلك أن تتخيل هذا الغبار والنقع الذي تثيره خيل تعدو تصهل وتغير
كم سيكون في مقدور العدو أن يستعد للحرب؟
مباغتة وهذا المشهد الصاخب المثير!!
البالغة أن يترك لخيالك العنان أن تتفكر وتقدر وتتصور .ما سيحصل بعد ذلك
ال أن يأتي لك بالكالم مقولبا جاهزا
البالغة أن يستثير انفعاالتك وإ حساسك .ومخيلتك بأسلوب رهيب
فاأللوان والموسيقى .والمشهد كل ذلك يعتبر قطعه فنية بالغة الروعة والدقة
كذلك من كنوز .اآليات التي يجدر بنا الوقوف عليها:
أنه تعالى إنما أقسم بالخيل ألن لها في العدو من الخصال الحميدة ما ليس لسائر الدواب ،فإنها
تصلح للطلب والهرب والكر والفر ،فإذا ظننت أن النفع في الطلب عدوت إلى الخصم لتفوز
بالغنيمة ،وإ ذا ظننت أن المصلحة في الهرب قدرت على أشد العدو ،وال شك أن السالمة إحدى
الغنيمتين ،فأقسم تعالى بفرس الغازي لما فيه من منافع الدنيا والدين ،وفيه تنبيه على أن اإلنسان
يجب عليه أن يمسكه ال للزينة والتفاخر ،بل لهذه المنفعة ،وقد .نبه تعالى على هذا المعنى في
قوله:
ال َواْل َح ِم َ.ير ِلتَْر َكُب َ
وها َو ِز َينةً﴾ فأدخل الم التعليل على الركوب وما أدخله على ﴿واْل َخْي َل َواْلبِ َغ َ
َ
130
الزينة .
﴿فالموريات قدحا﴾ وقال مقاتل :يعني الخيل تقدحن بحوافرهن في الحجارة ناراً كنار الحباحب
والحباحب اسم رجل كان بخيالً ال يوقد .النار إال إذا نام الناس ،فإذا انتبه أحد أطفأ ناره لئال ينتفع
بها أحد .فشبهت هذه النار التي تنقدح من حوافر .الخيل بتلك النار التي لم يكن فيها نفع
وقيل :هي أفكار .الرجال توري .نار المكر والخديعة ،روي .ذلك عن ابن عباس ،ويقال :ألقدحن
لك ثم ألورين لك ،أي ألهيجن عليك شراً وحرباً ،وقيل :هو المكر إال أنه مكر بإيقاد النار
ليراهم العدو كثيراً ،ومن عادة العرب عند الغزو إذا قربوا .من العدو أن يوقدوا نيراناً كثيرة،
لكي إذا نظر العدو إليهم ظنهم كثيراً وسادسها :قال عكرمة :الموريات قدحاً األسنة.
وهذا يعطينا بعدا آخر لوصف .هذه المعركة يتضمن التخطيط والمكر .والخديعة.
طبعا سياق اآليات يكتمل بمعرفة ما يأتي بعدها إن االنسان لربه لكنود السورة
ويكفي هذا مقارنة بين عشر كلمات صورت .معركة كاملة وبين بيت أحد أشعر شعراء العرب
المفلقين
وعموما ما ذكرته هو غيض من فيض مما تناوله االستاذ محمد المبارك رحمه اهلل في كتاب عن
التصوير .الفني في القرآن ومن تفسير الزمخشري والرازي .وغيرهما
فمزج الطاقة العربية بالطاقة اإلسالمية أن يأتي بك وقد .استثار خياالتك ووضعك في أجواء
بالغية راقية
ليقول لك بعد ذلك
﴿إن اإلنسان لربه لكنود ﴾ ...اآليات وما فيها من تفكر وتدبر.
ثم بعد ذلك ﴿ :أفال بعلم إذا بعثر ما في القبور﴾
تأمل الفعل بعثر
هؤالء األموات الذين في قبورهم .تبعثر محتويات هذه القبور إلخراجها إلى البعث وما في ذلك
التصوير .من هول وتخويف
﴿وحصل ما في الصدور﴾
كأنه ال يبقي وال يذر فيأـي على كل صغيرة وكبيرة في هذه الصدور ليحصلها تحصيال
﴿إن ربهم بهم يومئذ .لخبير﴾
خبير كيف يحاسبهم وأين يضعهم
فهنا مزج الطاقة العربية بالطاقة االسالمية جلي واضح
الغاية من هذه الصورة تخويف الناس من عاقبة أعمالهم وأنها ستحصى .عليهم
تحصل تحصيال
وأن مآلهم إلى القبور حتى إذا كانوا فيها بعثرت من حولهم ليقوموا للحساب
131
بقي أن نضع أيدينا على أهم معالم البحث:
132
عندها وال شك أن قوة هذه األفكار ستظهر .وتتجلى
وتأثيرها .في النفوس سيزداد.
الحظنا مثاال على ذلك كيف أن رب العزة سبحانه مهد لهذا األعرابي البدوي ولمن خلفه من
البشر إلى يوم الدين بمشهد الحرب المثير واإلغارة على القوم في الصبح بالخيل العاديات إلى أن
تنبهت كل حاسة في هذا السامع المتلقي جاءه باألفكار العقدية الكبيرة بأداء لغوي فظيع بديع
﴿أفال يعلم إذا بعثر ما في القبور وحصل ما في الصدور﴾
وهكذا يكون مزج الطاقة العربية بالطاقة االسالمية
الجانب الثاني من االسالم هو االتساع
فأما منظومة الفقه والتشريع فقد جاءت ابتداء لتخاطب االنسان بوصفه انسانا ووضعت .المعالجات
على هذا األساس
واالنسان هو هو إلى يوم الدين وبالتالي .فكل ما سيطرأ عليه من تغييرات ال بد سيكون عالجها
بناء على هذه المنظومة التشريعية الدقيقة
ولسنا بحاجة لوضع تشريع خاص إزاء كل فعل أو كل حاجة أو كل حادثة تطرأ في حياة كل
شخص في األرض
بل نعالج االنسان كإنسان غرائزه هي هي وحاجاته العضوية هي هي وما يتغير عليه من وسائل
مادية ال تؤثر .كثيرا في هذا التشريع بل إنك ستجد لها األصل الذي تقيس عليه
ثم بعد ذلك أتى الفقه االسالمي بألفاظ تحتمل أحيانا أكثر من معنى ويمكن أن تنزلها على أكثر من
واقعة
تأمل مثال كيف أن آية ﴿ولكم في الحياة قصاص ﴾يمكن أن تستنبط .منها األحكام الكثيرة وأن تبني
عليها منظومة العقوبات
ومثال ﴿فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن ﴾هذه اآلية استنبط منها الفقهاء مجلدات في النظام
االقتصادي .ومباحث األجرة وما شابه
ومثال ﴿وال تسبوا الذين يدعون من دون اهلل فيسبوا .اهلل عدوا ﴾هذه أخذنا منها قاعدة الوسيلة إلى
الحرام محرمة
وعلى هذه القاعدة تستطيع قياس ما ال حصر له من األحكام الشرعية
وهكذا
فالفقه االسالمي من هذه الناحية جاء بأصول .عمومية تستطيع أن تنزلها على وقائع ال حصر لها
تفي بالتغيرات التي تطرأ في حياة الناس إلى يوم الدين
أمر آخر أن بعض األحكام جاءت معللة وبالتالي .فيقاس عليها كل ما اجتمع معها في العلة ذاتها
وهكذا فمن هنا كان التوسع في الفقه االسالمي
133
والذي أعطاه هذه الميزة بالدرجة األولى هو قدرات هذه اللغة العربية على أن تقوم ألفاظها
ومعاني هذه األلفاظ ومجازاتها .واستعاراتها وما إلى ذلك بهذا الدور خير قيام
ولو أنك أردت أن تصوغ .االسالم كامال بلغة أخرى غير العربية الحتجت إلى كتب مدادها
البحور السبعة وال تنقضي
كل هذا اختزلته اللغة العربية بصفحات معدودة وعبارات المعاني فيها تتوالد من معاني والوقائع.
فيها تتنزل عليها النصوص بردا وسالما
ومن التوسع في االسالم أيضا أن األفكار المبنية على العقيدة أو المتعلقة باالعتقاد كذلك جاءت
بألفاظ تحتمل معاني فينشأ عن ذلك المذاهب الفكرية المتعددة
وهي ظاهرة صحية لوال أن البعض اشتط فيها وخرج عن األصول وأخضع الظني للقطعي
والقطعي خلطه بالظني
ولو أن الفرق والمذاهب انطلقت في حياض العقل وما يمكنه التفكير فيه والظن ومجاله والقطع
ومجاله لكانت الفرق االسالمية التي أنتجت هذا التراث الفكري الضخم أعظم أثرا في نشر هذا
الدين وتجلية حقائقه
ومن التوسع في هذا الدين
أن هذا الدين متين
فأوغلوا فيه برفق.
فإن المنبت ال أرضا قطع
وال ظهرا أبقى
كما قال عليه السالم
من التوسع في الدين أن ترى أكثر من خمسمائة مجلد في الفقه الحنفي في مكتبة واحدة
من أين جاءت كل هذه األحكام واآلراء التي كلها ترد إلى الكتاب والسنة!!!
من التوسع في الدين أنك قد تأتي على مفهوم من مفاهيم االسالم وتطرقه فتخرج بفهم لم يخرج به
أحد من قبلك على كثرة المشتغلين بهذا الفن وهذا العلم
وما زال المجتهدون ينزلون أحكام الدين على الوقائع.
وما زال المفكرون ينتجون النتاج الفكري الجميل الذي ال نظير له
وكل هذا وغيره الكثير ترى أن اللغة العربية لعبت الدور الحاسم الهام بامتزاج االسالم بها وبأنها.
المعبرة عن االسالم
وأما االنتشار فاالسالم .بهذه الخصائص وهذا العمق وهذا الطرح وهذه الربانية
تراه ينتشر بسهولة يدخل القلوب بال استئذان
ويفتح للنور أعينا عميا
134
ويسمع بهمس الحق آذانا صما
ويجلو التراب عن قلوب غلف فتتعلق به أكثر من المولود مسلما ولم يتذوق .طعم االسالم بعد
الجاهلية!!
وتمتزج خاصية االنتشار في اللغة بخاصية االنتشار .في االسالم خصوصا .بوجود الدولة
االسالمية التي تحسن مزج الطاقة العربية بالطاقة االسالمية فتنشر .االسالم وتنشر اللغة العربية
وأما الصعيد الثاني فأن تكون العربية المعبرة عن االسالم وبذا يحصل المزج وقد .أشبعنا هذه
المسألة بحثا
فهذه هي قضية مزج الطاقة العربية بالطاقة االسالمية
وهذا هو سبيل فهم االسالم الفهم الدقيق.
وهذا سبيل النهوض بالمسلمين القتعاد ذروة المجد التي يستحقون
اللهم ما كان في هذا البحث من حق فمنك وحدك أحمدك عليه
وما كان من خطأ فمن نفسي األمارة بالسوء ومن الشيطان أستغفرك عليه
رب اغفر لي ولوالدي وللمسلمين والمسلمات يوم يقوم الحساب
هوامش:
( )1مصاقع :الخطباء الذين أورثوا سالطة األلسنة وبسطة المقال بالسليقة من غير تصنع وال
ارتجال
أحس َن َم ْخ َر ٍج
أخ َر َجهُ َ
المْ :
ق ،ال َك َبَ :شقَّهُ فَتَ َشقَّ َ
طَ الح َ
ق َ ( )2و َشقَّ َ
صوم ِةَ :غلََبه الخ َ وض َّده في ُ (َ )3
ضارةً :إذا
وم َّ وضراراً َّ ِ ضارةً ِ ض ُّد َّ ويضمِ :
.ضارهُ ضراراًُ . وضارهُ ُم َّ
َّ وأض َّرهُ
الن ْف ِعَ ، ُّ َّر،
( )4الض ُّ
خالَفَه.
عابهُ،
( )5و َش َّرهُ ُش ّراً ،بالضمَ :
ط ِ
اب :غالََبهَ ،ك َّ
عازهُ. كع ْزع َزه ،وـ في ِ
الخ َ َ َ ُ
صاح.
َ وعار ِ
وع َراراً: َّ ()7
135
ط ِط وقُ ِرئ و َشطَّ َ
ط تَ ْش ِطيطاًَ :بالَ َغ في َّ
الش َ
الح ِّ
ق. ِ
ط أي :ال تُْبع ْد عن َ
ط ،وتُ ِ
شاط ْ. ط وتَ ْشطُ ْ {وال تُ َشطِّ ْ
ط} وتُ ْش ِط ْ
المراجع:
القرآن الكريم
أصول البيان العربي في ضوء القرآن الكريم د .محمد حسين الصغير
تيسير الوصول .إلى االصول :المهندس عطا أبو الرشتة
الشخصية االسالمية الجزء الثالث :تقي الدين النبهاني
مجاز القرآن د .محمد حسين الصغير
التصوير .الفني في القرآن سيد قطب
المثل الثائر في أدب الكاتب والشاعر البن األثير
موقع الدكتور سالم الخماش المسمى لسان العرب
الكشاف للزمخشري.
التفسير الكبير للرازي
تفسير الطبري
تفسير ابن عاشور
نحو تأصيل مفهوم شرعي لاليمان
مفهوم الظن في القرآن الكريم وعالقته باليقين
مفاهيم حزب التحرير
القاموس المحيط للفيروزأبادي
لسان العرب البن منظور.
إعجاز القران الكريم.د.فضل .حسن عباس .سناء فضل عباس
الشخصية االسالمية الجزء األول لتقي الدين النبهاني
المزهر في علوم اللغة وأنواعها للسيوطي.
136
موقع االمام محمد بن المهدي الحسيني الشيرازي
إرشاد الفحول للشوكاني.
فقه اللغة وسر .العربية للثعالبي
مجموع الفتاوى .ابن تيمية
البيان والتبيين للجاحظ
وأنوه إلى أنني كثيرا ما تصرفت في النصوص المقتبسة منها تصرفا .كبيرا لحاجة تماسك البحث
137