You are on page 1of 137

‫مزج الطاقة العربية بالطاقة‬

‫االسالمية‬
‫السبيل الوحيد لنهضة المسلمين‬

‫‪1‬‬
‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‬

‫مزج الطاقة العربية بالطاقة االسالمية‬


‫السبيل الوحيد لنهضة المسلمين‬
‫***************** ‪*************** 1‬‬
‫الحمد هلل وسالما على عباده الذين اصطفى‪.‬‬
‫الطاقة لغة‪ :‬جاء في اللسان‪ :‬و الطَّ ُ‬
‫وق و اِإل طاقة ُ ‪ :‬القدرة على الشيء ‪ ،،‬وهو في َ‬
‫ط ْوقي‪َ .‬أي‬
‫ِ‬
‫غايته وهو اسم لمقدار ما يمكن َأن يفعله بمشقَّة‬ ‫ق الطاقة ُ َأي َأقصى‪.‬‬‫عي‪ ،،‬قال ‪ :‬والطَّ ْو ُ‬
‫في ُو ْس ِ‬
‫منه‪.‬‬
‫الطاقة ‪ :‬تولد تأثيرا ناتجا عن الكمونة فيها او الحركة فيها ‪.‬‬
‫من خواص الطاقة ‪ :‬التأثير ‪ ،‬اللغة العربية ‪ :‬طاقة ألن من خصائصها‪ .‬الذاتية التأثير‬
‫الطاقة العربية هي اللغة العربية ‪ ،‬الطاقة االسالمية هي االسالم بعينه‪.‬‬
‫مزج الطاقتين‪ :‬النه توجد خصائص معينه مشتركة بين اللغة العربية وبين االسالم اذا ربطنا‪.‬‬
‫الطاقتين بخصائصهما‪ .‬المشتركة تتولد قوة عظيمة كفيله بإنهاض المسلمين‪ ،‬كما أن المزج يعني‬
‫جعل التعبير عن االسالم باللغة العربية بإمكاناتها الضخمة‪ ،‬بسعتها وتأثيرها لتنقل أعظم فكر‬
‫يرقى باالنسان لينهض‪.‬‬
‫أما لم أطلقنا اسم الطاقة وصفا لهذا المبحث‪:‬‬
‫فعندما تبحث في الفقه فإنك تسمي الباحث فقيها والبحث فقها‪ ،‬وقد‪ .‬نظر المسلمون في المبحث‬
‫الذي أسموه فقها فوجدوا أساسه الفهم‪ ،‬فهم النصوص وإ نزالها على الواقع‪ ،‬فكان أقرب لفظ يليق‬
‫بهذا المعنى هو الفقه‪ ،‬وكذا األصول‪ :‬أصوال وأصوليا‪ ،‬والبحث ردا للمسائل الفرعية إلى‬
‫أصولها‪ ،‬وأقرب ما يفيد هذا الواقع هو أصول الفقه‪،‬‬
‫موضع البحث هنا هو ما في االسالم من قدرة على الـتأثير والتوسع واالنتشار‪ ،‬وهذه الخصائص‬
‫في االسالم عبارة عن طاقة كامنة فيه قابلة للتحرك أو الركود‪ .‬حسب اشعال الفتيل في هذه‬
‫الخصائص أو إهمالها ‪ ،‬وبالمثل اللغة العربية بها هذه الخصائص الذاتية التي هي أقرب ما‬
‫يصفها أنها طاقة كامنة في اللغة قد تخرج للوجود أو تذوي ‪.‬‬
‫من هنا فأقرب ما يوصف به هذا البحث هو وصف الطاقة العربية والطاقة االسالمية‪.‬‬

‫أساس هذا البحث وموضوعه هو االسالم واللغة العربية‪ ،‬لم اختار الحق سبحانه اللغة العربية‬
‫وعاء للدين‪ ،‬ما الذي يميزها عن غيرها من اللغات‪ ،‬وكيف أنه ال يمكن فهم االسالم إال بها‪،‬‬
‫وكيف السبيل إلى إحياء مفهوم مزج الطاقة العربية بالطاقة االسالمية واقعا لتنهض األمة‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫كما أن موضوعه الفكر والوعاء الذي يحتويه‪ ،‬فاهلل سبحانه إنما أراد باالسالم إخراج العباد من‬
‫ِ‬
‫األحكام الشرعية‪ ،‬هذه‬ ‫ِ‬
‫العقائد أو‬ ‫ِ‬
‫األفكار التي نزل بها الوحي‪ ،‬سواء‬ ‫الظلمات إلى النور‪ ،‬بهذه‬
‫األفكار الراقية هي وحدها الكفيلة بإنهاض األمة اإلسالمية والبشرية جمعاء‪ ،‬وقد اختار الحق‬
‫سبحانه اللغة العربية وعاء لهذا الفكر‪ ،‬لمزايا وخصائص تمتاز بها اللغة العربية على سائر‬
‫اللغات‪ ،‬وبطريقة معينة مزج بها االسالم بين الطاقة العربية والطاقة االسالمية لو وضعنا يدنا‬
‫عليها ألمكن أن نوجه بوصلة النهضة التي نطمح إليها الوجهة الصحيحة‪.‬‬
‫والعقائد واألحكام الشرعية كلها أفكار‪ ،‬فال إله إال اهلل فكر‪ ،‬و "حرمت عليكم الميتة" فكر والفرق‬
‫بينهما هو أن الحكم الشرعي متعلق بفعل العبد‪ ،‬أما العقيدة فهي ما طلب اإليمان به‪ ،‬وأما ما طلب‬
‫فيه العمل فهو من األحكام الشرعية‪.‬‬
‫فالعقيدة يقيم األصولي أفكارها‪ .‬ويصل ألركانها وحقائقها وينصب الدليل عليها من النظر في‬
‫الكون واإلنسان والحياة‪ ،‬وبالتالي‪ .‬ينتج بحثه أفكارا‪ ،‬قابلة لالعتقاد‪ ،‬والفقيه يبحث في مصادر‬
‫التشريع ليستنبط منها حكما شرعيا‪ ،‬فينظر في األمارات ليثبت أن الحكم موجود فيها‪ ،‬وما ينتجه‬
‫بحثه هو أفكار‪ .‬قابلة للتطبيق‪..‬‬
‫اهم ِّمن الطَّيِّب ِ‬
‫ات‬ ‫آدم وحمْلَن ُ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫اه ْ‪.‬م في اْلَبِّر َواْلَب ْح ِر َو َر َز ْقَن ُ َ‬ ‫يقول الحق سبحانه وتعالى‪َ :‬ولَقَ ْد َك َّر ْمَنا َبني َ َ َ َ َ‬
‫ضيالً (‪)70‬االسراء‬ ‫ير ِّم َّم ْن َخلَ ْقَنا تَ ْف ِ‬
‫اه ْ‪.‬م َعلَى َكثِ ٍ‬ ‫َوفَ َّ‬
‫ضْلَن ُ‬
‫ال شك أن تفضيل االنسان على سائر المخلوقات إنما ألنه يعقل‪ ،‬وأن التفاضل بين الناس إنما‬
‫باستعمال االنسان لهذا العقل بما يرقى بسلوكه ويقيم عالقاته بغيره‪ ،‬عامرا ومفسرا للكون‪.‬‬
‫وال شك أن االنسان الناهض الراقي كما األمة الناهضة‪ ،‬ليس إال االنسان المفكر واألمة المفكرة‪،‬‬
‫وأن ما يقابله هو االنسان المنحط‪.‬‬
‫وقد قيل أن الحق سبحانه قد أودع في االنسان العقل دون سائر المخلوقات‪ ،‬وأودع‪ .‬الغرائز في‬
‫االنسان والحيوان‪ ،‬فإن غلب االنسان عقله على غرائزه ارتقى ألرقى من درجة المالئكة‪ ،‬وإ ن‬
‫غلب غرائزه على عقله انحط ألسفل من البهائم ‪ ،‬قال تعالى " َولَقَ ْد َذ َر َْأنا ِل َجهََّن َم َكثِيراً ِّم َن اْل ِج ِّن‬
‫ون بِهَا ُْأولَـِئ َ‬ ‫صرون بِها ولَهم آ َذ َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫ك‬ ‫ان ال َي ْس َم ُع َ‬ ‫َأعُي ٌن ال ُي ْب ِ ُ َ َ َ ُ ْ ٌ‬ ‫ون بِهَا َولَهُ ْم ْ‬‫وب ال َي ْفقَهُ َ‬ ‫واِإل ِ‬
‫نس لَهُ ْم ُقلُ ٌ‬ ‫َ‬
‫ون (‪ ")179‬األعراف‬ ‫ِ‬ ‫ِئ‬
‫َأض ُّل ُْأولَـ َ‬ ‫ِ‬
‫ك ُه ُم اْل َغافلُ َ‬ ‫اَألن َعام َب ْل ُه ْم َ‬
‫َك ْ‬
‫وهذه حقيقة‪ ،‬إذ أننا نعلم أن النهضة هي االرتفاع الفكري فحسب‪.‬‬
‫وبالمثل فإن األمة الناهضة هي التي تفكر وتعي‪ ،‬وهي التي وصلت إلى مبدأ يتمثل في عقيدة‬
‫عقلية ينبثق عنها نظام يصوغ حياتها‪.‬‬
‫قلنا أن االنسان كائن مفكر ‪ ،‬والفكر حكم على الواقع‪ ،‬ووعاء هذا الفكر اللغة‪ ،‬فاللغة ليست فكرا‬
‫وإ نما هي أداة للتعبير عن هذا الفكر‪.‬‬
‫وال بد للفكر الراقي‪ .‬من إناء راق يعيه‬

‫‪3‬‬
‫وثمة معياران مهمان تتمثل بهما النهضة في االنسان كما في األمة متالزمان‪:‬‬
‫أولهما‪ :‬وجود المبدأ (حمل المبدأ‪ ،‬وفهم المبدأ‪ ،‬وتطبيقه)‪.‬‬
‫وثانيهما‪ :‬المكانة التي تحتلها الدولة في العالم نتيجة حملها المبدأ‪.‬‬
‫أما حمل المبدأ وتطبيقه وفهمه فإن النظرة البسيطة إلى االنسان تبين أنه يتميز بعقله وأن سلوكه‬
‫يدل على ارتفاعه أو انخفاضه‪ ،‬وأن سلوكه مرتبط بمفاهيمه ارتباطا‪ .‬حتميا ال ينفصل عنها‪ ،‬وأنه‬
‫يرقى برقي‪ .‬هذه المفاهيم وينحط‪ .‬بانحطاطها‪.‬‬
‫فمعيار النهوض أو االنحطاط‪ .‬في االنسان كما في األمة هو السلوك وتنظيم العالقات‪ ،‬وهذه كلها‬
‫ليست إال نتاج الفكر‪ ،‬فبارتقاء هذا الفكر يرقى االنسان وترقى‪ .‬األمة وبهبوطهما ينحط‪.‬‬
‫آمُنوا َو َع ِملُوا‬ ‫اَّل َِّ‬
‫ين (‪ِ )5‬إ الذ َ‬
‫ين َ‬
‫ِِ‬ ‫ٍ‬ ‫ان ِفي ْ‬
‫َأح َس ِن تَ ْق ِويم (‪ )4‬ثَُّم َر َد ْدَناهُ ْ‬
‫َأس َف َل َسافل َ‬ ‫لَقَ ْد َخلَ ْقَنا اِإْل َ‬
‫نس َ‬
‫َأجٌر َغ ْي ُر َم ْمُن ٍ‬
‫ون (‪)6‬‬ ‫َّالح ِ‬
‫ات َفلَهُ ْم ْ‬ ‫ِ‬
‫الص َ‬
‫األمة االسالمية اليوم تعاني من أمرين‪:‬‬
‫أولهما‪ :‬اإلنحطاط‪ :‬وهو نقيض النهضه‪ ،‬وناتج عن عدم وجودها‪.‬‬
‫وثانيهما‪ :‬الهبوط عن المستوى‪ .‬الالئق بها – مقدار تأثير العالم االسالمي في السياسة والموقف‬
‫الدولي ‪ ".‬نتيجة لحمل المبدأ االسالمي المكان الالئق هو القمة لو صاحبه فهم وتطبيق‪ .‬له "‬
‫سبب االنحطاط‪ :‬انعدام الفهم الصحيح للمبدأ االسالمي‪ ،‬او عدم حمل المبدأ او إساءة حمله‪.‬‬
‫قد تكون الدول ناهضة ولكن ال مستوى لها دولياً "المانيا"‪.‬‬
‫العالم االسالمي في انحطاط‪ .‬ونتيجة لذلك هبط عن المستوى‪ .‬الالئق به‪.‬‬
‫وهنا ال بد من لفت األنظار إلى مسألة مهمه‪ :‬وهي أن كثيرا من المسلمين يظن أن النهضة‬
‫تحصل إذا ما أقيمت الدولة االسالمية‪ ،‬والصواب أن ذلك هو المرحلة الضرورية لمشروع‬
‫النهضة ولكن الذي يم ّكن المسلمين من النهضه وسبيلها‪ .‬القويم هو مزج الطاقتين‪.‬‬
‫قلنا أن النهضة في األمة تكون نتاج أمور ثالثة مجتمعة‪:‬‬
‫حمل المبدأ أي العقيدة العقلية التي ينبثق عنها نظام أي عقيدة االسالم والنظام‪ .‬االسالمي معها ‪،،‬‬
‫وفهم المبدأ ‪ ،،‬وتطبيق المبدأ‪ ،،‬عندها يحصل النهوض‪.‬‬
‫األمة االسالمية يوجد لديها االسالم عقيدة ونظام حياة (مغيب عن واقعها‪ .‬موجود في صدورها(‬
‫ما زالت عليه الغشاوة واألدران واألشواك‪ .‬الناتجة عن خلطه بغيره وعن عدم صفاء فهمه‪.‬‬
‫فهم االسالم هو المحور‪ .‬األساس في هذه النقاط الثالث‪ ،‬ألن فهم االسالم يعني إخالص األمر هلل‬
‫والدعوة إليه على بصيرة‪ ،‬والوعي على أوامره ونواهيه‪ ،‬وتسيير الحياة بها‪ ،‬والمبدأ إن فهم‬
‫وسكن الصدر فال بد أن يتحول إلى طاقة فاعلة تنتج أعماال وواقعا‪ .‬ناهضا‪.‬‬
‫وطريقة فهم االسالم الوحيدة هي مزج الطاقة العربية بالطاقة االسالمية لفهم االسالم بلغته‬

‫‪4‬‬
‫ومن ثم عندما يفهم االسالم يكون محموال لدى األمة تحمله في نفسها ولغيرها‪ .‬من األمم‬
‫وبقيام الدولة االسالمية التي تطبقه يحصل التطبيق‪..‬‬
‫فتجتمع العناصر كلها فتنهض األمة‪ ،‬عقيدة االسالم ونظامه في قلوبها وفي‪ .‬واقع حياتها وتحمله‬
‫لألمم األخرى قوة هذه النهضة مرتبطة بقوة هذه العناصر‪..‬‬
‫بقدر ما يكون الفهم دقيقا صافيا خاليا من األدران يكون أثره في األمة أكبر وأكثر فاعلية‬
‫وبقدر ما تجاهد في حمله بقدر ما ينتشر‪ .‬وترقى‪ .‬بانتشاره وبقدر ما تطبقه في واقعها‪ .‬وال ترتضي‪.‬‬
‫معه غيره بقدر ما تسمو‪.‬‬
‫ألمانيا تحمل المبدأ الرأسمالي ولكن ال أثر لها في الساحة الدولية يؤهلها للعب دور طليعي في‬
‫السياسة الدولية ‪ ،،‬والمشاهد‪ .‬المحسوس أن قراراتها بشكل أو بآخر تابعة ذليلة‬
‫فهي ناهضة ولكن نهضتها ال تليق بها‪،،‬‬
‫كذلك األمة االسالمية بحملها وتطبيقها لمبدأ اإلسالم بعد أن تفهمه المكان الالئق بها هو القمة‬
‫توشك أن تداعى عليكم األمم‪ ....‬إلى أن قال‪ :‬ولكنكم‪ .‬غثاء كغثاء السيل‪ ،‬أمم تتصارع‪ .‬على مركز‬
‫الدولة األولى في العالم وتنهش بعضها بعضا القوي يأكل الضعيف‪ ،‬الذي له وزن في السياسة‬
‫الدولية هو القوي الناهض‪ ،‬والضعيف‪ .‬المنحط الذي ال حيلة له هو غثاء السيل‪.‬‬
‫فالنهضة يصاحبها اقتعاد‪ .‬المقعد الالئق باألمة بحسب المبدأ الذي تحمله‬
‫وبالتالي‪ :‬فمزج الطاقة العربية باالسالمية هو الخطوة األولى الضرورية التي ال تتخلف للنهضة‬
‫مصحوبة بقيام الدولة االسالمية التي ستطبق المبدأ وتحمله للناس كافة‪.‬‬

‫سبب االنحطاط‪ :‬الضعف في فهم االسالم‪ ،‬فلم تعد األمة االسالمية تفهم االسالم فهما دقيقا بل‬
‫حولته إلى دين كهنوتي‪ ،‬في حين أن العقيدة االسالمية عقيدة سياسية منبثقة عن عقيدة روحية‪.‬‬
‫سبب عدم فهم االسالم هو إهمال اللغة العربية‪ ،‬جاء في كتاب مفاهيم حزب التحرير‪:‬‬
‫‪ ....‬أما سبب انحطاطه ( العالم االسالمي) فيرجع إلى شيء واحد هو الضعف الشديد الذي طرأ‬
‫على األذهان في فهم االسالم‪ ،‬وسبب هذا الضعف هو فصل الطاقة العربية عن الطاقة االسالمية‬
‫حين أهمل أمر اللغة العربية في فهم االسالم وأدائه منذ أوائل القرن السابع الهجري ‪ ،‬فما لم‬
‫تمزج الطاقة العربية بالطاقة االسالمية بأن تجعل اللغة العربية – التي هي لغة االسالم‪ -‬جزءا‬
‫جوهريا ال ينفصل عنه فسيبقى‪ .‬االنحطاط يهوي بالمسلمين‪ ،‬ألنها الطاقة اللغوية التي حملت طاقة‬
‫االسالم فامتزجت بها‪ ،‬بحيث ال يمكن أداء االسالم أداء كامال إال بها‪ ،‬وألن بإهمالها سيبقى‬
‫االجتهاد في الشرع مفقودا‪ ،‬وال يمكن االجتهاد في الشرع إال باللغة العربية‪ ،‬ألنها شرط أساسي‬
‫فيه‪ ،‬واالجتهاد ضروري لألمة ألنه ال تقدم لألمة إال بوجود االجتهاد‪ .‬انتهى‬
‫مفهومان‪:‬‬

‫‪5‬‬
‫فصل الطاقة العربية عن الطاقة االسالمية‪ ،‬أدى إلى االنحطاط‪ .‬والهبوط‪ .‬عن المستوى الالئق‬
‫ومزج الطاقة العربية بالطاقة االسالمية‪ ،‬كطريق للنهضه واالرتقاء للمستوى الالئق‪.‬‬
‫قبل الخوض في مسألة مزج الطاقة العربية بالطاقة االسالمية ال بد من التطرق‪ .‬لمسألة‪ ،‬وهي أن‬
‫حزب التحرير‪ .‬يحيي أفكارا قديمة كفكرة الخالفة‪.‬‬
‫وقد يصحح مفهوما قديما‪ ،‬كمفهوم فرض الكفاية‪ ،‬أو الروح والناحية الروحية‪.‬‬
‫وقد يأتي بأفكار‪ .‬جديدة كفكرة مزج الطاقة العربية بالطاقة االسالمية وهو مفهوم جديد‪ ،‬وإ ن كان‬
‫وحيا منذ القدم دونما‪ .‬بلورة‪ ،‬وكمفاهيم‪ .‬الشخصية‪ ،‬العقلية‪ ،‬النفسية‪ ،‬التفكير‪.‬‬
‫واقعه معروفا ّ‬
‫مزج الطاقتين ‪ :‬جعل اللغة العربية بما فيها من قدرة على التأثير والتوسع واالنتشار هي المعبرة‬
‫عن االسالم بما فيه من قدرة على التأثير والتوسع واالنتشار‪.‬‬
‫مفهوم مزج الطاقة العربية بالطاقة االسالمية‪:‬‬
‫ِ‬
‫الشراب ‪َ :‬خْلطُه بغيره‬ ‫مزج في اللغة‪ :‬جاء في لسان العرب‪َ :‬م ْز ُج‬
‫ومزج في كتب الحزب بمعاني ‪ -1 :‬التسيير ‪ :‬مزج المادة (االعمال) بالروح ‪ :‬تسيير االعمال‬
‫حسب أوامر اهلل ونواهيه ضد فصل المادة عن الروح ‪ :‬عند العلمانيين‬
‫‪ -2‬الخلط‪ :‬خلط الشيئين‪ ،‬مزج الدوافع‪ .‬بالمفاهيم لتكوين الشخصية‪.‬‬
‫‪ -3‬التعبير‪ :‬مزج الطاقة العربية باالسالمية ‪ :‬جعل اللغة العربية معبرة عن الطاقة االسالمية‪.‬‬

‫****************‪************ 2‬‬
‫إعجاز القرآن‪ /‬لم اختار الحق سبحانه العربية؟‬
‫وال شك أن معجزة الرسول الكريم هي القرآن‪ ،‬وال شك أنها معجزة ليست مقصورة بحال على‬
‫العرب دون غيرهم‪ ،‬فهي الدليل الساطع والبرهان القاطع على صدق رسالة محمد عليه الصالة‬
‫والسالم وبالتالي‪ .‬الدليل على صدق االسالم‪ ،‬ونحن نعلم يقينا أن وجه االعجاز الذي تحدى به رب‬
‫العزة سبحانه الخلق كافة هو أن يأتوا بمثل القرآن أو بعشر سور أو بسورة واحدة من مثله‪،‬‬
‫واإلعجاز خرق للعادة وللقوانين الكونية يجريه اهلل على يد مدعي النبوة تصديقا له على ادعائه‪،‬‬
‫مع توفر العجز في أن يأتي المتحدون بمثل هذا الخرق‪ ،‬ولم يتحد اهلل سبحانه الخلق بما في القرآن‬
‫من شواهد علمية‪ ،‬فهي بال شك تصدق الرسول وتثبت أن القرآن من لدن عليم خبير‪ ،‬فهي أدلة‬
‫وليست معجزات‪ ،‬ألنه لم يتحد بهن‪ ،‬وليس األمر موضع تحد‪ ،‬كما أن الحديث الشريف احتوى‬
‫أمثالها‪ ،‬فلم تقتصر على القرآن الكريم‪ ،‬فليست هي موضع االعجاز‪ ،‬وليس التشريع أيضا هو‬
‫محل اإلعجاز‪ ،‬فلقد احتوت السنة مثل ما في القرآن منه‪ ،‬ولم يجر التحد به‪ ،‬ولقد فهم المسلمون‬
‫كما الكفار الذين خوطبوا‪ .‬بهذه المعجزة أن التحدي أن يصوغوا‪ .‬سورة مثله‪ ،‬أي أن موضوع‬

‫‪6‬‬
‫التحدي هو هذا الفكر الراقي‪ .‬المعبر عنه بهذه اللغة الراقية بنحو راق ال يرقى‪ .‬إليه وال إلى شيء‬
‫منه بشر وال كل البشر‪.‬‬
‫من هنا لو سألتكم وقلت لكم ما هو الوجه الوحيد إلعجاز القرآن الكريم؟؟‬
‫لن يتردد‪ .‬البعض باإلجابة بقوله البالغة‪ ،،‬وقد‪ .‬يقول بعضهم‪ .‬النظم‪ ،،‬على مستوى‪ .‬السورة‬
‫وقد يجيب آخرون ليس وجها وحيدا بل وجوها منها العلم‪،،‬‬
‫لكن لو سألتموني هذا السؤال لقلت لكم‪:‬‬
‫وجه االعجاز الوحيد للقرآن الكريم هو‪ :‬مزج الطاقة العربية بالطاقة االسالمية فقط ال غير ‪.‬‬
‫تالحظ أن القرآن الكريم تحدى العرب والخلق كافة على أن يأتوا بمثله أو بسورة من مثله‬
‫هل المثل هنا فقط الشكل؟ أم النظم؟ أم األسلوب الفريد في البالغة؟ أم أنه نمط جديد من األدب؟‬
‫الجواب هذا جزء من "مثله" والصواب‪ .‬أن اللغة وعاء الفكر‬
‫أي أنها قالب‪ ،،‬فالنظم قالب‪ ،،‬واألسلوب‪ .‬من القالب‬
‫والتحدي ليس بحال مقتصرا على الوعاء دون الفكر المسبوك سبكا في هذا الوعاء‬
‫كما ان الذي ينهض باالنسان ويرقى‪ .‬به هو الفكر‬
‫فما بالكم بهذا الفكر الكلي العقلي المناسب للفطرة؟‬
‫ال شك أن أفكار العقيدة االسالمية وما انبثق عنها من نظام هي األقدر‪ .‬على أن ترقى‪ .‬بهذا االنسان‬
‫ليصبح أكرم المخلوقات‪.‬‬
‫فالتحدي أن يأتوا بمثل هذا القرآن بما حواه من عقيدة قادرة على أن تنتج االنسان األرقى‪.‬‬
‫مسبوكة بألفاظ وبيان فني فريد جديد ال يقدر أحد أن يأتي بمثله ال شكال وال مضمونا‬
‫والمتأمل في كتاب اهلل تعالى يرى المزج بين الطاقتين في كل موضع من القرآن‪:‬‬
‫"والعاديات‪ .‬ضبحا فالموريات‪ .‬قدحا"‪ ،،‬اآليات‪ ،،‬ترسم‪ .‬صورة سنأتي عليها الحقا ان شاء اهلل‬
‫لكن الهدف ليس فقط صرف‪ .‬األنظار إلى هذه الطاقة اللغوية الهائلة المتمثلة بصور وأخيلة‬
‫وموسيقى‪ .‬وتناسق‪ .‬فريد‪:‬‬
‫ال بل المقصود هو ما أتى وراءها‪" :‬إن االنسان لربه لكنود‪ ،‬وإ نه على ذلك لشهيد وإ نه لحب‬
‫الخير لشديد أفال يعلم إذا بعثر ما في القبور؟؟؟ وحصل ما في الصدور؟؟؟ إن ربهم بهم يومئذ‪.‬‬
‫لخبير" ‪،‬هذا هو الغرض من السورة‪ ،،‬تتمحور السورة حول‪" :‬إن ربهم بهم يومئذ‪ .‬لخبير"‬
‫هنا مزج الطاقة العربية بالطاقة االسالمية وهنا االعجاز‬
‫يأتي بك ليستدرجك‪ .‬بأسلوب فني بليغ راق مسبوك‪ .‬سبكا ال مثيل له ليعطيك معنى ومفهوما راقيا‪.‬‬
‫هو مفهوم أفال يعلم إذا بعثر ما في القبور ‪ ،،‬وحصل ما في الصدور‪ ،، .‬إن ربهم بهم ‪ ،،‬يومئذ‬
‫لخبير"‪ .‬يعني يوظف‪ .‬اللغة والطاقة اللغوية توظيفا معينا ليهيء األسماع الستقبال مفهوم يبلور‬
‫طاقة اسالمية هي المغزى والمقصود‪ .‬من القرآن‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫وابحث في أي موضع من كتاب اهلل تعالى لترى عين ذلك‪.‬‬
‫كما أنه يجب التنبه هنا إلى أن الوظيفة األساسية للقرآن ليس تهييج العواطف‪ .‬واالنفعاالت عبر‬
‫الصور واألداء الفني وتوظيف البالغة‪ ،‬كما هو الحال في الشعر‪ ،‬وإنما الهدف هو الرقي‬
‫باالنسان بهذه األفكار‪ ،‬فالبالغة ما هي إال وسيلة للوصول إلى الغاية‪ ،‬وإال لما كانت الفجوة بين‬
‫الشعر والقرآن مثال بهذا العمق واالتساع‪.‬‬
‫ألم تر إلى أن سورا قصيرة جدا كالكوثر عبارة عن ثالث جمل‪ ،‬ليس األمر مجرد طاقة لغوية‬
‫وبالغة حصل اإلعجاز بها وحدها‪ ،‬ولكن الطاقة االسالمية والمفاهيم التي حوتها بها كان‬
‫االعجاز أيضا‪.‬‬
‫السنة النبوية حوت الطاقة االسالمية ‪ ،،‬لكن المزج بينها وبين الطاقة العربية لم يكن كالذي في‬
‫القرآن وبالتالي‪ .‬فال إعجاز‪.‬‬
‫والسؤال ‪ :‬لم اختار الحق سبحانه مادة المعجزة وموضوعها مما اتصل باللغة العربية‪ ،‬بل لعل‬
‫أهم ما في المعجزة أنها تحدت العرب العرباء أن يأتوا بمثل سورة من القرآن؟‬
‫ثم ما موقع غير العرب من اإلعراب في خضم هذا التحدي‪ ،‬بل ما موقع العرب اليوم ممن غلبت‬
‫العجمة على ألسنتهم‪ ،‬وما عادوا يتقنون من لغتهم إال النزر اليسير‪ ،‬عالوة على أن يأتوا بمثل‬
‫سورة قصيرة منه!!‬
‫لم اختار الحق سبحانه العربية موضعا وموضوعا للتحدي الذي تحدى به الخلق كافة؟؟‬
‫لقد تحدى الرب سبحانه قوم موسى‪ .‬عليه السالم بالسحر‪ .‬وقد أحاطوا‪ .‬به خبرا‪ ،‬وليس السحر‬
‫باألمر الذي يمكن أن يوصف بحال من األحوال أنه من أهم ما أنتج العقل البشري‪.‬‬
‫وتحدى قوم‪ .‬عيسى بالطب‪ ،‬ولم يكونوا بحال قد بلغوا فيه ذروة عالية وال قمة شاهقة‪ ،‬إال أنه‬
‫تحداهم به‪ ،‬وتحدى‪ .‬أقواما بعجيب خلقه‪ ،‬لما نحتوا الجبال الشوامخ بيوتا‪ ،‬أخرج لهم من بين‬
‫الصخر ناقة تثبت لهم أن قدراتهم‪ .‬ليست بشيء أمام قدرة الخالق على الخلق‪ ،‬أوقد‪ .‬قوم إبراهيم‬
‫عليه النار التي بلغت عنان السماء فأبطل اهلل خواصها‪ ،‬وليست قدرتهم بشيء‪.‬‬
‫فما شأن اللغة العربية الذي جعلها أهال ألن تكون موضوع أهم معجزة تحدى اهلل بها الخلق‬
‫كلهم؟؟ وال بد من التركيز‪ .‬على أن التحدي لم يقتصر على قوم‪ ،‬بل هو للخلق كلهم جنهم وإ نسهم‪.‬‬
‫ومنذ بعثة محمد عليه السالم إلى قيام الساعة‪ ،‬على أن يأتوا بسورة من مثله‪ ،‬فما السر الذي ميز‬
‫العربية على السحر وعلى العلم وعلى الطب وعلى العمارة وعلى سائر ما أنتج البشر في رحلة‬
‫حياتهم في الدنيا؟‬
‫ال شك أن العربية هي أرقى ما أنتج العقل البشري على اإلطالق كوعاء قادر‪ .‬على حمل الفكر‬
‫الذي به يرقى البشر!!‬
‫وأن االسالم أرقى ما يليق بهذا االنسان من فكر قادر على أن ينهضه وأن يجعله يعمر الكون‬
‫بأفضل ما يكون االستخالف!!‬

‫‪8‬‬
‫فكان موضوع مزج هذا الفكر الراقي بهذا الوعاء الراقي هو موضوع‪ .‬إعجاز القرآن ووجهه‬
‫الوحيد وبه تحدى الخلق كلهم‪ ،‬وهو أصدق ما ينطبق‪ .‬عليه وصف‪ .‬المثل في قوله "من مثله"‪.‬‬

‫أما الذي يجهل شأن االسالم كفكر عظيم أو الذي يجهل شأن العربية كوعاء عظيم فدواء العي‬
‫السؤال والعلم‪ ،‬وفي‪ .‬هذا يستوي‪ .‬األعمى والبصير والعربي‪ .‬واألعجمي‪ ،‬وشواهد‪ .‬التاريخ حافلة‬
‫قعـدوا لهذه اللغة قواعدها وأبدعوا فيها ما نعلم‪ ،‬وما يقيم هذا وال يبينه‬
‫بعرب أصلهم من العجم ّ‬
‫ويبرزه شيء كدولة تجعل االسالم دينها وال تشرك معه غيره‪ ،‬وتجعل العربية لغتها وال تشرك‬
‫معها لغة غيرها‪ ،‬فتمزج الطاقة العربية بالطاقة االسالمية فينغمس العرب فيها مع العجم في سباق‬
‫على مزج الطاقتين – األمر الوحيد الكفيل بالنهوض باالنسان – عربيا كان أم أعجميا‪ ،‬وإ نما‬
‫العربية اللسان فمن تكلم العربية فهو عربي‪.‬‬
‫وسنحاول‪ .‬في هذا البحث المتواضع‪ .‬أن نبرز ما نقدر عليه من ميزات وخصائص‪ .‬جعلت العربية‬
‫أرقى وعاء أنتجه البشر وأقدر‪ .‬حامل على حمل هذا الدين العظيم‪.‬‬
‫فالحق سبحانه أنزل كتاباً ساطعاً تبيانه ‪ ،‬قاطعاً برهانه‪ ،‬وحياًَ ناطقًاَ ببينات وحجج‪ ،،‬قرآناً عربياً‬
‫غير ذي عوج‪ ،‬اختص رسول اهلل بالتدليل على صدق رسالته باصطفائه سالم اهلل عليه من بين‬
‫قوم أولي بالغة فلم يدع شعباً من شعوبهم وال بطناً من بطونهم وال فخذاً من أفخاذهم‪ .‬من شعراء‬
‫مفلقين وخطباء مصاقع‪ )1( .‬وأدباء مطبوعين‪ ،‬وكتابا‪ .‬بارعين‪ ،‬يرمون في حدق البيان عند هدر‬
‫الشقاشق (‪ )2‬ويصيبون األعراض بالكلم الرواشق‪ .‬إال أعجزه وأذله وحيره في أمره وأعله‪.‬‬
‫أفحم به من طولب بمعارضته من العرب العرباء وأبكم به من تحدى به من مصاقع الخطباء فلم‬
‫يتصد لإلتيان بما يوازيه أو يدانيه واحد من فصحائهم ولم ينهض لمقدار أقصر‪ .‬سورة منه ناهض‬
‫من بلغائهم‪،،‬‬
‫على أنهم كانوا أكثر من حصى البطحاء‪ ،،‬وأوفر عدداً من رمال الدهناء‪ ،،‬ولم ينبض منهم عرق‬
‫العصبية مع اشتهارهم‪ .‬باإلفراط‪ .‬في المضادة (‪ )3‬والمضارة‪ )4(،،‬والقائهم الشراشر (‪ )5‬على‬
‫المعازة (‪ )6‬والمعارة (‪ ،، )7‬ولقائهم دون المناضلة عن أحسابهم الخطط‪ ،‬وركوبهم في كل ما‬
‫يرومونه الشطط‪ )8(،،‬إن أتاهم أحد بمفخرة أتوه بمفاخر وان رماهم بمأثرة رموه بمآثر‪ ،،‬وقد‬
‫جرد لهم الحجة أوالً ‪ ،،‬والسيف‪ .‬آخراً فلم يعارضوا‪ .‬إال السيف وحده ‪.‬‬
‫مض الحجة حده ‪ُ )9( ،،‬فما أعرضوا عن‬
‫على أن السيف القاضب مخراق العب إن لم ُت ِ‬
‫معارضة الحجة إال لعلمهم أن البحر قد زخر فطم‪ .‬على الكواكب وأن الشمس قد أشرقت فطمست‬
‫نور الكواكب‪)10( .‬‬
‫جاء القرآن بنظم فني فريد‪ ،‬حمل أرقى المعاني على راحلة أرقى‪ .‬األلفاظ‪ ،‬فكانت العربية خير‬
‫وعاء ألدق مفاهيم‪ ،‬كلما تأملت آية من كتاب اهلل ومض بريق معنى جديد‪ ،‬واستطعت أن تنزلها‬

‫‪9‬‬
‫على واقع جديد بنحو فريد‪ ،‬وكلما قرأت سوره ازددت شوقا لقراءة المزيد‪ ،‬على العكس مما يكتبه‬
‫الخلق تمله األنفس بعد حين‪ ،‬لم يهبط بيانا وال سف أسلوبا وال انخفض عن شاهق قمته وال‬
‫بحرف واحد من حروفه‪ ،‬وإ نك لن تستطيع‪ .‬أن تبدل كلمة واحدة من كلماته بنظائرها‪ .‬من العربية‬
‫دون أن تنحدر بالمعنى وتنخفض‪ ،‬قال تعالى‪" :‬تلك إذن قسمة ضيزى"‪.‬‬
‫تأمل لو قلنا‪ :‬تلك إذن قسمة مجحفة أو غير عادلة أتعدل كلمة ضيزى؟‪.‬‬
‫العربية فيها أسرار وأسرار‪ .‬جعلتها وعاء أمينا يحفظ االسالم‪ ،‬وجعل االسالم لباسا لها وهي لباس‬
‫له‪.‬‬

‫******************* ‪****************** 2‬‬


‫مكانة مزج الطاقتين من الفكر االسالمي‬
‫قلنا أن اللغة العربية فيها خصائص ثالث جعلتها أهال إذا ما امتزجت بخصائص االسالم المماثلة‬
‫لها بأن يتشكل من المزج للطاقتين طاقة كفيلة بإنهاض المسلمين‪ ،‬كما أهلتها ألن تصلح للتعبير‬
‫عن االسالم‪.‬‬
‫والناظر المدقق‪ .‬في مفهوم مزج الطاقة العربية بالطاقة االسالمية يرى بوضوح أن المزج أوال‬
‫احتل مكانته السامقة من خالل أن وجه االعجاز الوحيد للقرآن الكريم هو ما مثله هذا المزج كما‬
‫مضى بيانه‪.‬‬
‫والصعيد الطيب الثاني الذي يهمنا في مسألة مزج الطاقة العربية باالسالمية هو دقة المفاهيم‬
‫فكما قلنا تحميل األفكار‪ .‬الدقيقة على راحلة األلفاظ الدقيقة التي تعطي المعنى بدقة‪:‬‬
‫مثال‪ :‬الشك‪ ،‬الظن‪ ،‬الوهم‪ ،‬التكذيب‪ ،‬التصديق‪ ،‬االيمان‪ ،‬االعتقاد‪ ،‬الظن الغالب‪ ،‬السبب‪ ،‬العلة‪.‬‬
‫فلو عرفت االيمان بقولك الظن الراجح مثال لما استقام التعريف‪ .‬ألن راحلة لفظة الظن ال يمكن‬
‫لمفهوم االيمان أن يمتطيها دون أن تنوء بحمله فيقع !! فالمفهومان ال يلتقيان‪.‬‬
‫ومن ذلك مثال‪ :‬ما نراه اليوم من حملة يقوم بها الغرب إللباس المفاهيم االسالمية غير لبوسها‪:‬‬
‫فالربا أصبح الفائدة حتى يتغير المفهوم لدى الناس بفصل الطاقة التي تحملها كلمة الربا وكلمة‬
‫الحرام عن مفهومهما االسالمي فتفصل الطاقة التي تؤثر‪ .‬في نفوس المسلمين‪ ،‬فال يعود لوقع كلمة‬
‫الحرام في نفوسهم الوقع المطلوب فيسهل أن يتالعبوا بالدين نتيجة فصل مفهوم بلغ بنفوس‬
‫المسلمين األولين مبلغه‪ ،‬كنت إذا قلت لهم (حرام) ارتعدت فرائصهم‪.‬‬
‫وبالمقابل إضعاف الطاقة االسالمية أيضا المتمثلة في المفاهيم‪ ،‬يمثله إدخال الغرب الديمقراطية‬
‫وغيرها من المصطلحات في ضوء فصل مفهوم الشورى‪ .‬لدى المسلمين عن الواقع أي أن وهج‬
‫الطاقة االسالمية الذي يحمله هذا المفهوم خبا ‪ ،‬وذلك ناتج عن ضعف فهم االسالم فاختلط لدى‬
‫المسلمين الحابل بالنابل وغير ذلك من األمثلة‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫ثم إن المتأمل لكتاب اهلل يرى أن األساس فيه عقيدة عقلية ونظام منبثق عنها‪ ،،‬أما العقيدة فميزتها‬
‫األساسية أنها أفكار مبلورة بشكل دقيق‪ ،‬وهي مفاهيم ترقى‪ .‬باالنسان‪ ،،‬وال شك أن الغاية العظمى‬
‫التي أنزل اهلل سبحانه القرآن من أجلها هو إخراج الناس من الظلمات إلى النور‪ ،،‬أي الرقي‪.‬‬
‫باالنسان ليكون كما أراده اهلل تعالى أرقى‪ .‬المخلوقات‪ ،،‬فهذا الفكر الدقيق المستنير‪ .‬العظيم الصالح‬
‫للنهضة ال بد له من وعاء يصلح ألن يكون قادرا‪ .‬على إبراز هذه األفكار وبلورتها بشكل دقيق‬
‫فكان ال بد من لغة فيها ميزة أن لسانها مبين أي قادر على اإلحاطة بدقة المفاهيم ‪ ،،‬واإلبانة لما‬
‫فيها من أفكار راقية‪ ،،‬لذا كان اختيار القرآن الكريم كما وصفه الرب سبحانه "بلسان عربي مبين"‬
‫تأمل كيف يقرب اهلل سبحانه مفاهيم ما وراء الطبيعة للناس باللسان العربي الذي يحوي قدرات‬
‫جسيمة من اشتقاق ومجاز‪ .‬وطاقات هائلة‪ ،،‬فتراه يصف مثال إحياء الموتى يوم القيامة بالتصوير‪.‬‬
‫الفني الراقي‪:‬‬
‫ت سحاباً ثِقَاالً س ْقَناه ِلبلٍَد َّمي ٍ‬ ‫َّ‬ ‫ِِ‬ ‫َو ُه َو الَِّذي ُي ْر ِس ُل ِّ‬
‫َأنزْلَنا‬
‫ِّت فَ َ‬ ‫ُ ُ َ‬ ‫ي َر ْح َمته َحتَّى ِإ َذا َأ َقل ْ َ َ‬ ‫اح ُب ْشراً َب ْي َن َي َد ْ‬ ‫الرَي َ‬
‫َّ‬ ‫ات َك َذِل َ‬ ‫َأخر ْجَنا بِ ِه ِمن ُك ِّل الثَّمر ِ‬ ‫ِ‬
‫موتَى لَ َعل ُك ْم تَ َذ َّك ُر َ‬
‫ون‬ ‫ك ُن ْخ ِر ُج اْل ْ‬ ‫ََ‬ ‫بِه اْل َماء فَ ْ َ‬
‫اها لَ ُم ْحيِي‬ ‫ت ِإ َّن الَِّذي ْ‬
‫َأحَي َ‬ ‫ت َو َرَب ْ‬ ‫اهتََّز ْ‬ ‫َأنزْلَنا َعلَْيهَا اْل َماء ْ‬ ‫اش َعةً فَِإ َذا َ‬ ‫ك تَرى اَأْلرض َخ ِ‬
‫ْ َ‬
‫ِِ‬
‫َو ِم ْن َآياته ََّأن َ َ‬
‫اْل َم ْوتَى ِإَّنهُ َعلَى ُك ِّل َش ْي ٍء قَِد ٌير‬
‫ون‬
‫ك تُ ْخ َر ُج َ‬ ‫اء بِقَ َد ٍر فََأن َش ْرَنا بِ ِه َبْل َدةً َّم ْيتاً َك َذِل َ‬ ‫والَِّذي َن َّز َل ِمن الس ِ‬
‫َّماء َم ً‬‫َ َ‬ ‫َ‬
‫وعندما يصف اآلخرة يقربها إليك مستغال الطاقة العظيمة الموجودة في اللغة العربية‪:‬‬
‫آس ٍن َو َْأنهَ ٌ‪.‬ار ِمن لََّب ٍن لَّ ْم َيتَ َغي َّْر َ‬
‫ط ْع ُمهُ َو َْأنهَ ٌ‪.‬ار‬ ‫مثَ ُل اْلجَّن ِة الَّتِي و ِع َد اْلمتَّقُون ِفيها َْأنهار ِّمن َّماء َغ ْي ِر ِ‬
‫ُ َ َ ٌَ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ات َو َم ْغ ِف َرةٌ ِّمن َّرِّب ِه ْم َك َم ْن‬ ‫لش ِاربِين و َْأنهار ِّم ْن عس ٍل ُّمصفًّى ولَهم ِفيها ِمن ُك ِّل الثَّمر ِ‬
‫ََ‬ ‫َ َ ُْ َ‬ ‫ََ‬ ‫َ َ ٌَ‬
‫ِّم ْن َخم ٍر لَّ َّذ ٍة لِّ َّ‬
‫ْ‬
‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اءه ْم (‪)15‬‬ ‫َأم َع ُ‬ ‫الن ِار َو ُسقُوا َماء َحميماً فَقَط َع ْ‬ ‫ُه َو َخال ٌد في َّ‬
‫ب ِمن فَ ْو ِ‬
‫ق‬ ‫ص ُّ‬ ‫اب ِّمن َّن ٍار ُي َ‬ ‫ت لَهُ ْم ثَِي ٌ‬ ‫ين َكفَ ُروا قُطِّ َع ْ‬ ‫َِّ‬ ‫ِ‬
‫ص ُموا‪ .‬في َرِّب ِه ْم فَالذ َ‬
‫اختَ َ‬
‫ان ْ‬ ‫ص َم ِ‬ ‫ان َخ ْ‬ ‫َه َذ ِ‬
‫امعُ ِم ْن َح ِد ٍيد (‪ُ )21‬كلَّ َما‬ ‫ود (‪ )20‬ولَهم َّمقَ ِ‬
‫َ ُ‬ ‫صهَ ُر بِ ِه َما ِفي ُبطُونِ ِه ْم َواْل ُجلُ ُ‪.‬‬ ‫يم (‪ُ )19‬ي ْ‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫ُرُؤ وسه ُم اْل َحم ُ‬
‫ق (‪)22‬‬ ‫اب اْل َح ِري ِ‬ ‫ُأع ُ ِ‬ ‫ادوا َأن ي ْخرجوا‪ِ .‬م ْنها ِم ْن َغ ٍّم ِ‬
‫يدوا فيهَا َو ُذوقُوا َع َذ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ُ‬ ‫ََأر ُ‬
‫أمر آخر مهم في قضية العقيدة‪ :‬الدقة المتناهية في بلورة المفاهيم مستغال البلورة الدقيقة لأللفاظ‬
‫في العربية‪ ،‬فمفهوم االيمان مثال هو التصديق الجازم المطابق‪ .‬للواقع عن دليل‪ ،‬يفترق االيمان‬
‫عن التصديق بأمور‪ .‬كثيرة جعلت له مفهوما دقيقا ال يؤديه غير لفظ االيمان‪ ،‬فااليمان والتصديق‬
‫ليسا مترادفين‪ ،‬فالتصديق يستعمل في كل خبر فيقال لمن أخبر باألمور المشهورة؛ مثل الواحد‬
‫نصف االثنين والسماء فوق‪ .‬األرض مجيباً صدقت‪ ،‬وصدقنا‪ .‬بذلك‪ ،‬وال يقال آمنا لك وال آمنا بهذا‬
‫حتى يكون المخبر به من األمور الغائبة‪ ،‬ونحوها‪ .‬مما يدخلها الريب فإذا أقر بها المستمع قيل‬
‫آمن بخالف لفظ التصديق‪ .‬فإنه عام متناول لجميع األخبار‪ ،‬وكذلك لفظ اإليمان فيه إخبار وإ نشاء‬
‫والتزام بخالف لفظ التصديق‪ .‬المجرد فمن أخبر الرجل بخبر ال يتضمن طمأنينة إلى المخبر ال‬

‫‪11‬‬
‫يقال فيه آمن له بخالف الخبر الذي يتضمن طمأنينة إلى المخبر‪ ،‬والمخبر قد يتضمن خبره طاعة‬
‫المستمع له وقد‪ .‬ال يتضمن إال مجرد الطمأنينة إلى صدقه فإذا تضمن طاعة المستمع لم يكن مؤمناً‬
‫للمخبر إال بااللتزام طاعته مع تصديقه‪ ،‬كما بين ابن تيمية رحمه اهلل‪.‬‬
‫ش َو َم ْن‬ ‫ين َي ْح ِملُ َ‬
‫ون ا ْل َع ْر َ‬ ‫تأمل كيف استغل الزمخشري‪ .‬هذه االلتفاتة اللغوية في تفسير آية "الَِّذ َ‬
‫آم ُنوا" قال‪:‬‬ ‫ون ِللَِّذ َ‬
‫ين َ‬ ‫ستَ ْغ ِف ُر َ‬ ‫ون ِبحم ِد ر ِّب ِهم ويْؤ ِم ُن َ ِ‬
‫ون ِبه َو َي ْ‬ ‫س ِّب ُح َ َ ْ َ ْ َ ُ‬ ‫َح ْولَ ُه ُي َ‬
‫فان قلت‪ :‬ما فائدة قوله‪ " :‬ويؤمنون به " ‪ ...‬وفائدة اخرى‪ :‬وهي التنبيه على ان االمر لو كان‬
‫كما تقول المجسمة لكان حملة العرش من حوله مشاهدين معاينين ولما وصفوا بااليمان النه انما‬
‫يوصف بااليمان الغائب‪ ....‬الخ‪ .‬ولسنا هنا بصدد مناقشة صواب أو خطأ رأي الزمخشري‪ ،‬إال‬
‫أننا نمثل لمفهوم مزج الطاقتين الستخراج مكنونات اللفظ في العربية وإ سقاطها على المفهوم‬
‫االسالمي ليدق ويتجلى‪.‬‬
‫مثال آخر يجلي األمر لنا‪ :‬مفهوم الظن في القرآن الكريم‪ :‬فقد ذهب المفسرون مذاهب شتى‬
‫وتفرقوا‪ .‬طرائق قددا في اآليات التي نزل فيها الظن بموضع اشتبه عليهم فيه أنه بمعنى اليقين‬
‫كقوله تعالى‪" :‬الذين يظنون أنهم مالقوا‪ .‬ربهم وأنهم إليه راجعون" وقوله "إني ظننت أني مالق‬
‫حسابية" وقوله "ورآى المجرمون النار فظنوا‪ .‬أنهم مواقعوها ولم يجدوا عنها مصرفا" ولو تنبهوا‬
‫إلى أمر خطير مهم وهو أن القرآن الكريم مزج الطاقتين مزجا محكما مستغال الدقة في لفظة‬
‫الظن التي ال تؤديها‪ .‬لفظة اليقين في تلكم المواضع لما اشتبه عليهم األمر ولما ذهبوا إلى التأويل‬
‫البعيد عن الصواب الذي ذهبوا إليه من أن الظن من األلفاظ المتضادة وأنه يأتي بمعنى اليقين أو‬
‫الشك‪ ،،‬وأبسط مثال ندحض به نظريتهم‪ .‬هو آية الكهف السابقة "ورآى المجرمون النار فظنوا‪".‬‬
‫فالحق سبحانه أتبعها بقوله "ولم يجدوا عنها مصرفا" ومن يبحث عن المصرف أو المخرج ال‬
‫يتصور‪ .‬أنه موقن‪ ،‬وإ ال فما فائدة البحث عن المخرج لوال أن في نفسه أمل ولو تضاءل في أن له‬
‫منها مخرج‪ ،‬وهو ما تفترق به لفظة الظن عن اليقين ‪.‬‬
‫وقد أثبت األمر في كتاب آخر أسميته مفهوم الظن في القرآن الكريم وعالقته باليقين تتبعت فيه‬
‫القضية في كل آي القرآن وفي‪ .‬جل كتب التفسير وأثبت فيه أن الظن ال يمكن أن يكون في هذه‬
‫اآليات بمعنى اليقين أبدا‪.‬‬
‫أما على صعيد النظام‪ :‬فلو أن االسالم جاء بلغة غير العربية الحتاج إلى مجلدات ضخمة حتى‬
‫تتسع للتشريع الذي نزل بأقصر الجمل وأقدرها‪ .‬على التعبير وأقدرها‪ .‬على أن تكون وعاء ألحكام‬
‫متعددة ال تحصر‪ .‬في نطاق السبب الذي نزلت به األلفاظ‪ ،‬فالعبرة بعموم اللفظ مثال‪ ،‬فترى‪ .‬أن آية‬
‫ور ُه َّن" وهي جزء من آية يمكن منه استنباط‪ .‬فقه‬ ‫وه َّن ُ‬
‫ُأج َ‬ ‫واحدة كقوله تعالى "فَِإ ْن َْأر َ‬
‫ض ْع َن لَ ُك ْم فَآتُ ُ‬
‫كامل يتناول جانبا هاما من النظام االقتصادي‪ .‬في االسالم‪ ،‬وينسحب على الرضاعة وعلى‬

‫‪12‬‬
‫آمُنوا اَل تَ ْد ُخلُوا ُبُيوتاً َغ ْي َر ُبُيوتِ ُك ْ‪.‬م َحتَّى‬ ‫َِّ‬
‫ين َ‬
‫األجير وعلى غير ذلك من األحكام‪ ،،‬ومثال "َيا َأيُّهَا الذ َ‬
‫تَ ْستَْأنِ ُسوا‪ ".‬أخذنا منها أحكام الحياة العامة والخاصة بتفصيالتها‪.‬‬
‫ون اللّ ِه فََي ُسبُّوْ‪.‬ا اللّهَ َع ْدواً بِ َغ ْي ِر ِعْلٍم" من هذه اآلية استنبط‪.‬‬
‫ون ِمن ُد ِ‬
‫ين َي ْد ُع َ‬
‫َِّ‬
‫َ"والَ تَ ُسبُّوْا الذ َ‬
‫األصوليون قاعدة الوسيلة إلى الحرام محرمة‪ ،‬فتأمل كم من باب في الفقه دخلت‪ ،‬وكم واقع نزلت‬
‫عليه فبينت‪.‬‬
‫شكا رجل إلى اإلمام مالك بائعا باعه بلبال يصدح على أنه يصيح أبدا‪ ،‬فما وجده كذلك فأمره‬
‫االمام مالك برده فبينا الرجل خارج دعاه الشافعي‪ .‬وكان تلميذا فسأله‪ :‬أيصيح أغلب اليوم أم‬
‫يسكت أغلبه؟ قال بل يصيح أغلبه‪ ،‬فقال ليس لك أن ترده‪ ،‬فرجع إلى االمام مالك وأخبره أن‬
‫بعضا من تالميذه يقول ليس لك أن ترده‪ ،‬فاستدعاه اإلمام مالك فسأله‪ :‬فاستدل بحديث فاطمة بنت‬
‫قيس لما جاءت الرسول عليه سالم اهلل تخبره أن أبا جهم ومعاوية رضي اهلل عنهما قد خطباها‬
‫فقال النبي صلى اهلل عليه وسلم لها‪(( :‬أما أبو جهم فإنه رجل ال يضع عصاه عن عاتقه ‪ ،‬أما‬
‫معاوية فرجل صعلوك‪ .‬ال مال له)) فقال االمام مالك وايش في هذا لك حجة؟ فأجاب الشافعي‬
‫رحمه اهلل‪ :‬أن معنى ال يضع عصاه عن عاتقه أنه يكثر الضرب في األرض كناية أنه يقضي‬
‫أغلب وقته مسافرا‪ ،‬والرجل يسافر‪ .‬وينزل ولكنه عبر باألغلب على واقعه‪ ،‬والبلبل يصيح أكثر‬
‫مما يسكت‪.‬‬
‫وهذا يقودنا للمحور الثالث‪ :‬وهو التوسع‪ :‬فالفقه يقوم على التوسع وعلى القدرة على احتواء ما‬
‫يستحدث من قضايا إلى قيام الساعة‪ ،‬وهذا ما تضمنه األلفاظ العربية بقدرتها على أن تفهم أفهاما‬
‫متعددة صالحة لإلسقاط على وقائع وقضايا مختلفة‪ ،‬مما يبقي االسالم صالحا للتطبيق إلى قيام‬
‫الساعة‪ ،‬فالتوسع‪ .‬في االسالم يمتزج مع التوسع في اللغة‪ ،‬سواء على صعيد أن العربية بها المجاز‬
‫واالشتقاق والتعريب‪ .‬والترجمة‪ ،‬وبالتالي‪ .‬القدرة على االتساع‪ ،‬فال تعجز عن مواكبة التطور‪ .‬في‬
‫عجلة الحياة‪ ،‬كذلك القدرة على التوصيف للوقائع‪ .‬بأقل األلفاظ وأنسبها‪ .‬بما يضمن اتساعا ال يخرج‬
‫عن مقصود الشارع من الحكم‪ ،‬أي فيها من الضوابط‪ .‬ما يجعل اجتهاد المجتهد ال يخرج عن‬
‫االنضباط بمعاني تؤديها‪ .‬األلفاظ بشكل معين‪ ،‬ولشرح ذلك نرى أن بعض المسلمين اليوم يذهب‬
‫إلى مسألة "روح النص" هكذا يسمونها‪ .،‬فيشتط في استخراج ما يحلو له من فتاوى‪ .‬مدعيا أن هذا‬
‫من روح النص‪ ،‬مع أن األلفاظ قد ال تؤدي‪ .‬هذه المعاني التي وصل إليها‪ ،‬وبالتالي‪ .‬فلو أنه فهم أن‬
‫االجتهاد مقيد بهذه األلفاظ ومدلوالتها‪ .‬لخرج برأي فقهي صواب قابل للخطأ‪.‬‬
‫وهذا يفضي بنا إلى المحور الرابع لمزج الطاقة العربية عن الطاقة االسالمية وهو االجتهاد!!‬
‫وبالتحديد‪ .‬مفهوم أن العقيدة االسالمية عقيدة سياسية ألهمية هذا المفهوم‪.‬‬
‫لقد أدى فهم االسالم والعربية لغته الفهم الدقيق إلى نهضة فكرية فقهية ما لها مثيل في تاريخ‬
‫البشرية‪ ،‬فرب فقيه يسمع حديثا يستنبط منه عشرات االحكام الشرعية بينما ال نكاد نفقهه اليوم!!‬

‫‪13‬‬
‫من هنا فكانت العقيدة االسالمية بحق عقيدة سياسية تسير الناس في الدنيا بناء على وجهة نظر‬
‫االسالم في الحياة‪ ،‬فلما فصلت الطاقتان أصبح الواقع في وادي واالسالم في وادي‪ ،‬فانتشرت‬
‫بسهولة فكرة أن العقيدة االسالمية روحية فقط‪.‬‬
‫إذن فقد كان جراء فصل الطاقة العربية عن االسالمية قفل باب االجتهاد وبالتالي‪ .‬وقائع ال حصر‬
‫لها تحتاج حكما شرعيا يسير المسلمون على أساسه مما خلق هوة واسعه بين الواقع وبين االحكام‬
‫الشرعية وبالتالي خلق ضعفا عاما في االلتزام باالسالم‪ .‬وبتسيير‪ .‬االعمال وفقا لألحكام‪ ،‬وهو ما‬
‫نسميه العقيدة السياسية أي التي تسوس الناس باالسالم‪.‬‬
‫تقوم بكفاية العامة فيما يحتاجون إليه لدينهم االجتهاد في تعلّم‬
‫َأن على الخاصَّة الّتي ُ‬
‫الشافعي ّ‬
‫ِّ‬ ‫ذكر‬
‫لسان العرب ولغاتها‪ ، .‬التي بها تمام التوصُّل إلى معرفة ما في الكتاب والسُّنن واآلثار‪ ، .‬وأقاويل‬
‫فإن من َج ِه َل سعة‬ ‫ِ‬
‫العربية ‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫والمخاطبات‬ ‫المفسرين من الصحابة والتابعين‪ ،‬من األلفاظ الغريبة ‪،‬‬‫ّ‬
‫مل علم الكتاب ‪ ،‬ومن علمها ‪ ،‬ووقف‬ ‫لسان العرب وكثرة ألفاظها ‪ ،‬وافتنانها في مذاهبها َج ِه َل ُج َ‬
‫الداخلةُ على من َج ِه َل لسانها من‬
‫تأوله أهل التفسير فيها ‪ ،‬زالت عنه الشبه َّ‬ ‫ِ‬
‫على مذاهبها ‪ ،‬وفَهم‪ .‬ما ّ‬
‫ذوي األهواء والبدع‪ .‬األزهري‪، .‬التهذيب‪( 5 /1‬المقدمة)‪.‬‬
‫وخامسا‪ :‬يكون المزج على صعيد التأثير ويهمنا‪ .‬منه هنا حمل الدعوة االسالمية‪ ،‬وشتان بين‬
‫حامل دعوة يسحر األلباب بيانه‪ ،‬ويملك نواصي القلوب بمزجه ما بين الفكر الراقي ولمسه‬
‫المشاعر ليحرك العقل والقلب معا فال يملك سامعه إال أن يسلمه قياد أمره ويسير معه في ركبه‪.‬‬
‫ال بل وأزعم أنه قد يختلف معه في الرأي ولكن حسن حمل الدعوة إليه ال يجعل منه إال مسلما له‬
‫القياد بشكل أو بآخر‪.‬‬
‫وبين من تلجلج إذا تكلم واضطرب‪ ،‬وقوض بنيان النحو على رأس سيبويه إذا خطب‪ ،‬فينقل‬
‫األفكار الراقية ببيان منحدر خرب‪ ،،‬خاو من الفكر خواءه من األدب‪.‬‬
‫أخرج االمام مسلم في صحيحه‪ :‬إن ضمادا قدم مكة وكان من أزد شنوءة‪ ،‬وكان يرقي من هذه‬
‫الريح‪ ،‬فسمع سفهاء من أهل مكة يقولون‪ :‬إن محمدا مجنون‪ ،‬فقال‪ :‬لو أني رأيت هذا الرجل‪،‬‬
‫لعل اهلل يشفيه على يدي‪ ،‬قال‪ :‬فلقيه‪ ،‬فقال‪ :‬يا محمد! إني أرقي من هذه الريح‪ ،‬وإ ن اهلل يشفي‬
‫على يدي من شاء‪ ،‬فهل لك؟ فقال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ :‬إن الحمد هلل نحمده‪،‬‬
‫ونستعينه‪ ،‬من يهده اهلل فال مضل له‪ ،‬ومن يضلل فال هادي له‪ ،‬وأشهد أن ال إله إال اهلل‪ ،‬وحده‬
‫ال شريك له‪ ،‬وأن محمدا عبده ورسوله‪ ،‬أما بعد‪ .‬قال‪ :‬فقال‪ :‬أعد علي كلماتك هؤالء‪ ،‬فأعادهن‬
‫عليه رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ثالث مرات‪ ،‬قال‪ :‬قال‪ :‬لقد سمعت قول الكهنة‪ ،‬وقول‬
‫السحرة‪ ،‬وقول الشعراء‪ ،‬فما سمعت مثل كلماتك هؤالء‪ ،‬ولقد بلغن قاموس‪ .‬البحر‪ (،‬يعني لجته)‬
‫قال‪ :‬فقال‪ :‬هات يدك أبايعك على اإلسالم‪ ،‬قال‪ :‬فبايعه رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬فقال‬
‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ :‬وعلى قومك؟ قال‪ :‬وعلى قومي‪..‬‬

‫‪14‬‬
‫موقف آخر‪ :‬تروي كتب السيرة قال ابن إسحاق‪ :‬عن محمد بن كعب القرظي قال‪ :‬حدثت أن‬
‫يوما ـ وهو في نادى قريش‪ ،‬ورسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‬
‫سيدا‪ ،‬قال ً‬
‫عتبة بن ربيعة‪ ،‬وكان ً‬
‫أمورا لعله‬
‫جالس في المسجد وحده‪ :‬يا معشر قريش‪ ،‬أال أقوم‪ .‬إلى محمد فأكلمه وأعرض عليه ً‬
‫يقبل بعضها‪ ،‬فنعطيه أيها شاء ويكف عنا؟ وذلك حين أسلم حمزة رضي‪ .‬اهلل عنه ورأوا أصحاب‬
‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يكثرون ويزيدون‪ ،‬فقالوا‪ :‬بلى‪ ،‬يا أبا الوليد‪ ،‬قم إليه‪ ،‬فكلمه‪ ،‬فقام‬
‫إليه عتبة‪،‬حتى جلس إلى رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬فقال‪ :‬يابن أخي‪ ،‬إنك منا حيث قد‬
‫ط ِة في العشيرة‪ ،‬والمكان في النسب‪ ،‬وإ نك قد أتيت قومك بأمر عظيم‪ ،‬فرقت‪ .‬به‬
‫الس َ‬
‫علمت من ِّ‬
‫جماعتهم‪ ،‬وسفهت به أحالمهم‪ ،‬وعبت به آلهتهم ودينهم‪ ،‬وكفرت به من مضى من آبائهم‪ ،‬فاسمع‬
‫أمورا تنظر فيها لعلك تقبل منها بعضها‪ .‬قال‪ :‬فقال رسول صلى اهلل عليه‬
‫منى أعرض عليك ً‬
‫وسلم‪( :‬قل يا أبا الوليد أسمع)‪.‬‬

‫قال‪ :‬يابن أخي‪ ،‬إن كنت إنما تريد بما جئت به من هذا األمر مااًل جمعنا لك من أموالنا حتى تكون‬
‫أمرا دونك‪ ،‬وإ ن كنت تريد به‬
‫أكثرنا مااًل ‪ ،‬وإ ن كنت تريد به شرفًا‪ .‬سودناك علينا حتى ال نقطع ً‬
‫رئيا تراه ال تستطيع‪ .‬رده عن نفسك طلبنا لك الطب‪،‬‬
‫مل ًكا ملكناك علينا‪ ،‬وإ ن كان هذا الذي يأتيك ً‬
‫وبذلنا فيه أموالنا حتى نبرئك منه‪ ،‬فإنه ربما غلب التابع على الرجل حتى يداوى منه ـ أو كما قال‬
‫له ـ حتى إذا فرغ عتبة ورسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يستمع منه قال‪( :‬أقد فرغت يا أبا الوليد؟)‬
‫الر ْح َم ِن‬ ‫نزي ٌل ِّم َن َّ‬ ‫حم (‪ )1‬تَ ِ‬ ‫قال‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪( :‬فاسمع منى)‪ ،‬قال‪:‬أفعل‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫ض َأ ْكثَُر ُه ْم فَهُ ْم‬ ‫َأع َر َ‬ ‫ون (‪َ )3‬ب ِشيراً َوَن ِذيراً فَ ْ‬ ‫ِّ‬
‫ت َآياتُهُ قُْرآناً َعَربِّياً لقَ ْوٍم َي ْعلَ ُم َ‬ ‫صلَ ْ‬ ‫اب فُ ِّ‬ ‫الر ِح ِيم (‪ِ )2‬كتَ ٌ‬ ‫َّ‬
‫اب‬‫ك ِح َج ٌ‬ ‫ونا ِإلَْي ِه َو ِفي آ َذانَِنا َو ْقٌر َو ِمن َب ْينَِنا َوَب ْينِ َ‬ ‫َأكَّن ٍة ِّم َّما تَ ْد ُع َ‬
‫اَل يسمعون (‪ )4‬وقَالُوا ُقلُوبَنا‪ِ .‬في ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َُْ َ‬
‫يموا ِإلَْي ِه‬ ‫اح ٌد فَ ِ‬
‫استَق ُ‬ ‫ْ‬
‫املُون (‪ُ )5‬ق ْل ِإَّنما ََأنا ب َشر ِّمثْلُ ُكم يوحى ِإلَ َّي ََّأنما ِإلَه ُكم ِإلَهٌ و ِ‬
‫َ‬ ‫َ ُ ْ‬ ‫ْ ُ َ‬ ‫َ ٌ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫اع َم ْل ِإَّنَنا َع َ‬ ‫فَ ْ‬
‫َِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِّ‬ ‫و ِ‬
‫ون (‪ِ )7‬إ َّن الذ َ‬
‫ين‬ ‫الز َكاةَ َو ُهم بِاآْل خ َر ِة ُه ْم َكاف ُر َ‬ ‫ون َّ‬ ‫ين اَل يُْؤ تُ َ‬ ‫ين (‪ )6‬الذ َ‬ ‫استَ ْغف ُروهُ َو َوْي ٌل لْل ُم ْش ِرك َ‬ ‫َ ْ‬
‫ض ِفي‬ ‫اَأْلر َ‬
‫ق ْ‬ ‫ون بِالَِّذي َخلَ َ‬ ‫ِئ‬
‫ون (‪ُ )8‬ق ْل َأ َّن ُك ْم لَتَ ْكفُُر َ‬ ‫َأجٌر َغ ْي ُر َم ْمُن ٍ‬ ‫ات لَهُ ْم ْ‬ ‫َّالح ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫آمُنوا َو َعملُوا الص َ‬ ‫َ‬
‫ك فيهَا َوقَ َّد َر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ين (‪َ )9‬و َج َع َل فيهَا َر َواس َي من فَ ْو ِقهَا َوَب َار َ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب اْل َعالَم َ‬ ‫ك َر ُّ‬‫َأنداداً َذل َ‬‫ون لَهُ َ‬ ‫َي ْو َم ْي ِن َوتَ ْج َعلُ َ‬
‫ال لَهَا‬‫ان فَقَ َ‬ ‫َّماء َو ِه َي ُد َخ ٌ‬ ‫ِإ‬ ‫ِّ ِئِ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫استََوى‪ .‬لَى الس َ‬ ‫ين (‪ )10‬ثَُّم ْ‬ ‫فيهَا َأ ْق َواتَهَا في َْأرَب َعة َأيَّام َس َواء للسَّا ل َ‬
‫ات ِفي َي ْو َم ْي ِن َو َْأو َحى‬ ‫اه َّن س ْبع سماو ٍ‬ ‫طوعاً َأو َكرهاً قَالَتَا َأتَْيَنا َ ِئ ِ‬ ‫وِلَأْلر ِ ِ ِ‬
‫ض ُ َ َ ََ َ‬ ‫ين (‪ )11‬فَقَ َ‬ ‫طا ع َ‬ ‫ْ ْ‬ ‫ض اْئ تَيا َ ْ‬ ‫َ ْ‬
‫يز اْل َعِل ِيم (‪ )12‬فَِإ ْن‬ ‫ك تَ ْق ِد ُير اْل َع ِز ِ‬
‫يح َو ِح ْفظاً َذِل َ‬ ‫صابِ َ‬ ‫الد ْنَيا بِ َم َ‬
‫َّماء ُّ‬ ‫َأم َر َها َو َزيََّّنا‪ .‬الس َ‬
‫ِ ِّ‬
‫في ُكل َس َماء ْ‬
‫ود (‪[ )13‬فصلت]‪ .‬استمع عتبة حتى إذا بلغ‬ ‫اعقَ ِة َع ٍاد َوثَ ُم َ‪.‬‬ ‫اعقَةً ِّم ْث َل ص ِ‬
‫َ‬
‫َأعرضوا‪ .‬فَ ُق ْل َأن َذرتُ ُكم ص ِ‬
‫ْ ْ َ‬ ‫َْ ُ‬
‫اعقَ ِة َع ٍاد‬ ‫اعقَةً ِّمثْ َل ص ِ‬
‫َ‬
‫َأعرضوا فَ ُق ْل َأن َذرتُ ُك ‪.‬م ص ِ‬
‫ْ ْ َ‬ ‫الرسول صلى اهلل عليه وسلم قوله تعالى‪ :‬فَِإ ْن ْ َ ُ‬
‫ود [فصلت‪ ]13:‬قال‪ :‬حسبك‪ ،‬حسبك‪ ،‬ووضع يده على فم رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪،‬‬
‫َوثَ ُم َ‬

‫‪15‬‬
‫وقال‪ :‬ناشدتك اهلل والرحم‪ ،،‬ناشدتك اهلل والرحم ‪ ،‬وذلك مخافة أن يقع النذير‪ ،‬ثم قال صلى اهلل‬
‫عليه وسلم‪( :‬قد سمعت يا أبا الوليد ما سمعت‪ ،‬فأنت وذاك)‪.‬‬

‫فقام عتبة إلى أصحابه‪ ،‬فقال بعضهم‪ .‬لبعض‪ :‬نحلف باهلل لقد جاءكم أبو الوليد بغير الوجه الذي‬
‫ذهب به‪ .‬فلما جلس إليهم قالوا‪ :‬ما وراءك يا أبا الوليد؟ قال‪ :‬ورائي أني سمعت قواًل واهلل ما‬
‫سمعت مثله قط‪ ،‬واهلل ما هو بالشعر وال بالسحر‪ ،‬وال بالكهانة‪ ،‬يا معشر قريش‪ ،‬أطيعونى‪.‬‬
‫واجعلوها بي‪ ،‬وخلوا بين هذا الرجل وبين ما هو فيه فاعتزلوه‪ ،‬فواهلل ليكونن لقوله الذي سمعت‬
‫منه نبأ عظيم‪ ،‬فإن تصبه العرب فقد كفيتموه بغيركم‪ ،‬وإ ن يظهر على العرب فملكه ملككم‪ ،‬وعزه‬
‫عزكم‪ ،‬وكنتم أسعد الناس به‪ ،‬قالوا‪ :‬سحرك واهلل يا أبا الوليد بلسانه‪ ،‬قال‪ :‬هذا رأيي فيه‪ ،‬فاصنعوا‪.‬‬
‫ما بدا لكم‪.‬‬

‫فهكذا بلغ به ما سمع من كالم اهلل حتى أنه ارتعد لمجرد أن ينذره الرسول عليه الصالة السالم‪،‬‬
‫وكما تلحظ فإن اآليات قد مزجت الطاقة العربية باالسالمية‪ ،‬فتراها تصور‪ .‬المفاهيم االسالمية‬
‫الراقية بأعذب األلفاظ‪ ،‬وتأتي‪ .‬على قضايا الخلق والبعث والزكاة والشرك‪ ...‬فبهذا يحصل‬
‫التأثير‪ ،‬ففي العربية ميزة التأثير إن وظفتها التوظيف‪ .‬الصحيح‪ ،‬وكذا هذه األفكار الراقية‬
‫االسالمية تأثر‪ ،‬فهذا التأثير على حامل الدعوة أن يستغله أحسن استغالل‪.‬‬

‫األمر السادس الذي يهمنا في مسألة مزج الطاقتين‪ :‬عندما لم يعد المسلمون يفهمون لغتهم هبط‬
‫ذوقهم‪ ،.‬فنتج عنه أن شخصياتهم‪ .‬االسالمية أصبحت ضعيفة مهلهلة‪ ،‬فأصبحت‪ .‬ترى كل من نظم‬
‫بيتين من الكالم الموزون المقفى سموه شاعرا‪ ،‬وكل من ارتقى منبرا سموه خطيبا فسهل أن يندس‬
‫في هذه األجواء من نرى من علماء السالطين ومن المنافقين المرجفين في المدينة‪ ،‬وبالمقابل‬
‫أصبح من يأتي بالمفاهيم االسالمية الدقيقة في غربة بين المسلمين‪ ،‬تأمل وأنت تدعو لفكرة‬
‫الخالفة بين المسلمين كم تكون بعض العقول بذوقها المنحط بعيدة عنك ألنها ال تفقه ما معنى أن‬
‫يصف رب العزة سبحانه مجرد أن يهم المرء باالحتكام‪ .‬إلى الطاغوت على أن إيمانه مجرد زعم‪:‬‬
‫ون َأن َيتَ َحا َك ُموْا ِإلَى‬ ‫ُأنز َل ِمن قَْبِل َ‬
‫ك ُي ِر ُ‬
‫يد َ‬ ‫ُأنز َل ِإلَْي َ‬
‫ك َو َما ِ‬ ‫آمُنوْا بِ َما ِ‬
‫ون ََّأنهُ ْم َ‬
‫َِّ‬
‫"َألَ ْم تََر ِإلَى الذ َ‬
‫ين َي ْز ُع ُم َ‬
‫ضالَالً َب ِعيداً (‪َ )60‬وِإ َذا ِق َ‬
‫يل لَهُ ْم‬ ‫ِ َّ‬ ‫يد َّ‬‫ُأم ُروْا َأن َي ْكفُُروْا بِ ِه َوُي ِر ُ‬ ‫الطَّ ُ ِ‬
‫وت وقَ ْ‪.‬د ِ‬
‫ان َأن ُيضلهُ ْم َ‬ ‫ط ُ‬ ‫الش ْي َ‬ ‫اغ َ‬
‫ِِ‬ ‫الرس ِ‬ ‫تَ َعالَ ْوْا ِإلَى َما َ‬
‫ص ُدوداً (‪")61‬‬ ‫نك ُ‬ ‫ص ُّد َ‬
‫ون َع َ‬ ‫ين َي ُ‬
‫ت اْل ُمَنافق َ‬ ‫ول َر َْأي َ‬ ‫َأنز َل اللّهُ َوِإلَى َّ ُ‬
‫ولو قلت‪ :‬نفاق وضالل وما شاكل ما أثر فيهم‪ ،‬وذلك نتيجة انحطاط‪ .‬ذوقهم‪ .‬الفكري واللغوي‪.‬‬
‫كما نتج عن انحطاط‪ .‬الذوق أمر آخر مهم وهو أن غالبية المسلمين اليوم ال تعي معنى أن القرآن‬
‫معجز‪ ،‬فال يتذوق قارئه معانيه وال يحس بها االحساس الفطري السليم الذي أحس به العرب‬
‫لمجرد سماعهم آية أو بعض آية‪ ،‬وهذا ال شك له نتائج مدمرة على العقيدة‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫قلنا أن النهضه االرتفاع الفكري وبالتالي‪ .‬لما كان ذوق المسلمين وفهمهم‪ .‬للعربية عاليا راقيا‪ .‬نشأت‬
‫المذاهب الفكرية والفقهية وبالمقابل أيامنا هذه لما سف الناس وسفلوا في أذواقهم نشأت األحزاب‬
‫العلمانية واالشتراكية وأصبحت آخر عباءة يمكن أن تجمع المسلمين هي االسالم‪ ،‬كبرت كلمة‬
‫تخرج من أفواههم‪.‬‬
‫قوياً‪ّ .‬بيناً ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫والدين تأثيراً ّ‬ ‫ق‬ ‫أن اعتياد اللغة يؤثر‪ .‬في ِ‬
‫العقل والخل ِ‬ ‫تيمية رحمه اهلل ‪ ":‬اعلم ّ‬
‫قال ابن ّ‬
‫والدين‬ ‫ِ‬
‫الصحابة والتابعين ‪ ،‬ومشابهتهم‪ .‬تزيد العق َل‬ ‫األم ِة من‬ ‫ِ‬
‫مشابهة ِ‬
‫َ‬ ‫صدر هذه ّ‬ ‫ويؤثر‪ .‬أيضاً في‬
‫فإن فهم الكتاب‬ ‫واجب ‪ّ ،‬‬
‫ٌ‬ ‫فرض‬
‫ٌ‬ ‫فإن نفس اللغة العربية من الدين ‪ ،‬ومعرفتها‪.‬‬ ‫والخلق ‪ ،‬وأيضاً‪ّ .‬‬
‫َ‬
‫يتم الواجب إالّ به فهو واجب " اقتضاء‬
‫فرض ‪ ،‬وال ُيفهم إالّ بفهم اللغة العربية ‪ ،‬وما ال ّ‬
‫ٌ‬ ‫والسنة‬
‫ّ‬
‫الصراط المستقيم ص ‪207‬‬
‫أما المحور‪ .‬السابع‪ :‬االنتشار‪ :.‬معلوم لدينا أن وزن الدولة من وزن لغتها‪ ،‬ووزن األمة من وزن‬
‫لغتها‪ ،‬وبالتالي‪ .‬فاللغة تابعة للدولة التي تحملها‪ ،‬كانت العربية قبل االسالم محصورة في نطاق‬
‫محدد وانتشرت بانتشاره‪ ،‬واالنجليزية قبل االستعمار‪ .‬البريطاني‪ .‬كانت محصورة في الجزر‬
‫البريطانية ولما استعمر اإلنجليز العالم نشروها واستمرت‪ .‬اللغة االولى في العالم ألن المستعمر‬
‫الجديد أمريكا حل محلها وهي لغته‪.‬‬
‫وقوة اللغة دولياً غير ما فيها من خصائص تجعلها صالحة للتأثير والتوسع‪ .‬واالنتشار‪ ،.‬فهذه‬
‫عناصر قوة ذاتية في اللغة‪ ،‬واللغة العربية ال تضاهيها‪ .‬لغة في هذا المضمار‪ .‬إال أن هذه‬
‫الخصائص تظل غير فاعلة في قوة اللغة دولياً حتى تحمل اللغةَ دولةٌ قوية فتفجر هذه الخصائص‬
‫والطاقات الموجودة في اللغة‪ ،‬فتقوى اللغة بنسبة توازي‪ .‬قوة الدولة التي تحملها‪ .‬واالسالم‪ .‬أساسه‬
‫دولة تحمله‪ ،‬أي الطاقة االسالمية إنما تحملها الدولة وتطبقها‪ .‬الدولة وبالتالي‪ .‬فالمزج يحصل هنا‬
‫وبه يصير االنتشار‪.‬‬
‫أال ترى أن اللغة العربية لها من هذه الخصائص ما يميزها عن كل لغة ومع ذلك فهي لغة ضعيفة‬
‫دولياً بمعنى أنها ليست لغة العلوم والثقافة وال لغة التخاطب وال لغة المعاهدات‪ ،‬وإ ن وجدت في‬
‫بعض هذه المجاالت فعلى نطاق هزيل ضيق مواز لهزال الدول العربية‪ ،‬حتى أن هذه الدول‬
‫العربية إذا عقدت معاهدات مع غيرها من الدول فإن النص المعتمد الذي يرجع إليه هو النص‬
‫اإلنجليزي ال العربي‪.‬‬
‫فها هو ذا رسول اهلل صلى اهلل عليه واله وسلم يكتب كتبه الى حكام االرض في‬
‫زمنه ‪ :‬كسرى‪ .‬وقيصر‪ .‬والمقوقس وغيرهم باللغة العربية وبالعربية وحدها‪،‬مع امكانية‬
‫وما فكر ابدا ‪ :‬كيف‬ ‫ومن كتب لهم ال يعرفون العربية‪،‬‬ ‫الكتابة بغير العربية‪،‬‬
‫التي تفرض على‬ ‫انها العزة‪،‬‬ ‫اكتب لهم بالعربي‪.‬ة وهم ال يعرفونها‪ .‬؟! انها القوة‪،‬‬
‫وان يطأطىء‪ .‬لها صاغرا ‪.‬‬ ‫الخصم ان يقبل بلغتك وان يقبل برأيك‪،‬‬

‫‪17‬‬
‫وها هم أوالء خلفاء بني امية وخلفاء بني العباس يترجمون الى العربية كل ما‬
‫وصلهم ولزمهم‪ .‬مما كتب بغير العربية بل ان المأمون كان يعطي المترجمين ما‬
‫بل كان ايمانا منه بأن لغة الدولة هي اللغة‬ ‫يترجم ذهبا‪ ،‬وما كان ذلك عبثا‪،‬‬
‫وال يجوز‪ .‬ان تبقى فيها لغة غير العربية ‪.‬‬ ‫العربية‪،‬‬
‫وحدب عليها‬ ‫وتكلم بها الناس‪،‬‬ ‫وبهذا كله عمت العربية االرض‪ ،‬وسادت الدنيا‪،‬‬
‫ولقيت من العناية ما لم تحظ بمثلها‬ ‫وفصلوا فيها القول‪،‬‬ ‫جهابذة العلم والفكر‪،‬‬
‫لغة اخرى ‪.‬‬
‫طت إالّ كان أمره‬ ‫قال مصطفى صادق‪ .‬الرافعي رحمه اهلل ‪ ":‬ما ذلّت لغة ٍ‬
‫شعب إالّ ذ ّل ‪ ،‬وال انح ّ‬
‫المستعمرة ‪،‬‬ ‫األمة‬ ‫ٍ‬
‫ذهاب وإ ٍ‪.‬‬
‫َ‬ ‫األجنبي المستعمر‪ .‬لغته فرضاً على ّ‬
‫ّ‬ ‫دبار ‪ ،‬ومن هذا يفرض‬ ‫في‬
‫ِ‬
‫ويستلحقهم‪ .‬من ناحيتها ‪ ،‬فيحكم‪ .‬عليهم أحكاماً ثالثةً في‬ ‫ويشعرهم‪ .‬عظمته فيها ‪،‬‬
‫ويركبهم‪ .‬بها ‪ُ ،‬‬
‫وأما الثاني فالحكم‪ .‬على ماضيهم بالقتل‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫مؤبداً ‪ّ ،‬‬
‫فح ْبس لغتهم في لغته سجناً ّ‬
‫أما األول َ‬
‫عمل واحد ‪ّ :‬‬
‫فأمرهم من بعدها ألمره‬
‫وأما الثالث فتقييد مستقبلهم في األغالل التي يصنعها ‪ُ ،‬‬
‫محواً ونسياناً‪ّ ، .‬‬
‫تََبعٌ " وحي القلم ‪34-3/33‬‬
‫والمحور‪ .‬الثامن‪ :‬أن انتشار‪ .‬االسالم في الدنيا مرتهن بامتزاج الطاقتين‪ ،‬ونرى حرص دول العالم‬
‫المبدئية على انتشار‪ .‬لغاتها في العالم‪ ،‬كاالنجليزية والفرنسية والروسية قديما‪ .‬وغيرها‪ ،‬كوسيلة‬
‫لنشر المبدأ أو السيادة السياسية على الدنيا‪ ،‬لذا كان من الضرورة بمكان التنبه إلى أهمية نشر‬
‫اللغة العربية كوسيلة لنشر االسالم ألن فهم االسالم ال يتم إال بها‪.‬‬
‫إن وزن الحضارة في خضم صراع الحضارات هو المسير لصراع األمم وما انحطاط المسلمين‬
‫إال نتاج ذلك الفصل وإ ن عودتهم القتعاد الذرى مرتهن بالمزج ما بين الطاقتين‪.‬‬
‫فإن اللسان العربي شعار اإلسالم وأهله ‪ ،‬واللغات من أعظم شعائر‪.‬‬
‫تيمية رحمه اهلل ‪ّ ":‬‬
‫قال ابن ّ‬
‫يتميزون " اقتضاء الصراط‪ .‬المستقيم ص ‪203‬‬
‫األمم التي بها ّ‬

‫قال الفرنسي جاك بيرك ‪ ":‬إن أقوى القوى التي قاومت االستعمار‪ .‬الفرنسي في المغرب هي اللغة‬
‫العربية ‪ ،‬بل اللغة العربية الكالسيكية الفصحى بالذات ‪ ،‬فهي التي حالت دون ذوبان المغرب في‬
‫فرنسا ‪ ،‬إن الكالسيكية العربية هي التي بلورت األصالة الجزائرية ‪ ،‬وقد‪ .‬كانت هذه الكالسيكية‬
‫العربية عامالً قوياً في بقاء الشعوب العربية " ‪ ( .‬الفصحى لغة القرآن ‪ -‬أنور الجندي ص ‪304‬‬
‫)‬

‫قلنا أن التأثير والتوسع‪ .‬واالنتشار‪ .‬خصائص ذاتية في اللغة‪ ،‬وقد‪ .‬نفهم هذا األمر بالنسبة للتأثير‬
‫والتوسع‪ ،‬فالمجاز والكنايات والتشبيهات‪ .‬والتصوير الفني والموسيقى‪ .‬والسجع والمحسنات اللفظية‬

‫‪18‬‬
‫وغيرها كلها تعطي اللغة حالوة وتضفي‪ .‬عليها طالوة ورونقا‪ .‬يجعلها أداة طيعة في يد من يحسن‬
‫استعمالها ليؤثر‪..‬‬
‫ونعلم أن اللغة بحر واسع فيها إمكانات ضخمة للتعبير واشتقاق وتصريف‪ ،‬وتعريب‪ .‬وترجمة‪،‬‬
‫ومشترك‪ .‬لفظي‪ ،‬وترادف‪ .‬وما إلى ذلك من فنون تجعلها بحرا واسعا‪.‬‬
‫فهذان عنصران من الممكن بسهولة أن نلمس أنهما عنصران ذاتيان‬
‫فكيف نفهم أن االنتشار‪ .‬عنصر ذاتي وخاصية ذاتية في اللغة؟‬
‫والجواب على ذلك أن التأثير طاقة كامنة في اللغة‪ ،‬سواء استعملها المتحدث أو لم يستعملها‪،،‬‬
‫فإن أحسنها وأجاد أثر‪ ،‬ويرتقي الناس في هذا النضمار‪ .‬تبعا لقوة استعمالهم‪ .‬للتأثير‬
‫فرب خطيب مثال يسلب األلباب بيانه‪ ،‬وإ ن من البيان لسحرا‬
‫ورب خطيب يخطب في نفس الموضوع‪ .‬تمل سماعه من أول جملة‬
‫فهذا أتقن التأثير واستعمل‪ .‬خصائص اللغة وأثر في سامعيه‬
‫من هنا فالتأثير كطاقة كامنه في اللغة موجود‪ ،‬والذي يحسن فنه‪ ،‬يرقى به لمدارج العلى‬
‫وكذلك التوسع‪ ،‬فرب متبحر في اللغة يأتيك بالدرر الحسان التي توضع في موضعها‪ .‬لتزينه‪،‬‬
‫بحيث لو استبدلت هذه المفردة بمرادفاتها‪ .‬ما أدت تأثيرها‪ .‬وال مألت فراغها‬
‫فالتوسع كذلك مرتبط بشخص المتكلم بالعربية فقيها كان أم خطيبا‪ ،‬حامل دعوة كان أم أستاذا‬
‫ونفس األمر ينسحب على االنتشار‬
‫فاللغة العربية بغناها ورقيها‪ .‬وسموها وقدرتها على التعبير ‪ ،،‬وما فيها من خصائص تميزها عن‬
‫غيرها ‪ ،،‬أهل ألن تنتشر بسهولة لو حملتها دولة استطاعت تفجير طاقاتها‪ .‬الذاتية هذه ومزج‬
‫الطاقة العربية بالطاقة االسالمية ‪.‬‬
‫ولقد رأينا عصور االسالم الزاهرة كيف صاحبها انتشار‪ .‬للغة العربية حتى خرجت من الجزيرة‬
‫العربية لتصبح لغة دولة ملكت نصف الكرة األرضية‬
‫واللغة االنكليزية اليوم فقيرة جدا إذا ما قورنت بالعربية على كافة الصعد والمجاالت ‪،‬لكنها‬
‫انتشرت في الدنيا وأصبحت األولى كما من حيث استعمالها‪ ،،.‬هذه اللغة انتشرت وال خصائص‬
‫مميزة لها ‪ ،‬وال قدرات على التعبير فيها‪ ،،‬وال مجاز وال كناية وال اشتقاق وال تصريف‪ .‬وال قدرة‬
‫على التعبير وال ما يحزنون‪ ،،‬حتى قواعدها ليست بشيء أما قواعد اللغة العربية‬
‫هذا يعني أنه لو حملت الدولة االسالمية الناهضة القوية اللغة العربية ألصبحت لغة الكرة‬
‫األرضية في غضون سنوات‪.‬‬
‫فاالنتشار‪ .‬إذن خاصية ذاتية في اللغة تتفجر بحسن المزج بين الطاقة العربية والطاقة االسالمية‬
‫من خالل الدولة‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫***************** ‪******************* 3‬‬
‫اللغة وعاء الفكر‪:‬‬
‫لنأت اآلن على مفهوم الطاقة العربية لنر ما معنى التأثير والتوسع واالنتشار‪.‬‬
‫اللغة ألفاظ موضوعة لمعاني‪ ،‬ووضع‪ .‬هذه األلفاظ للداللة على هذه المعاني العرب‪ ،‬والوضع‪.‬‬
‫تخصيص لفظ بمعنى إذا أطلق اللفظ فهم المعنى‪.‬‬
‫من هنا نقول أن وضع اللغات كان من االنسان للتعبير عما في النفس وكان موضوعها‪ .‬هو األلفاظ‬
‫المركبة من الحروف‪ ،‬أما األشياء الموضوعة لها هذه األلفاظ فهي المعاني الذهنية دون‬
‫الخارجية‪ ،‬ألن الوضع للشيء فرع عن تصوره فال بد من استحضار صورة االنسان مثال أو‬
‫األسد في الذهن عند إرادة الوضع له‪ ،‬وهذه الصورة الذهنية هي التي وضع لها اللفظ ( لفظ‬
‫االنسان أو األسد) ال الماهية الخارجية‪ ،‬وذلك ألن اللفظ وضع للتعبير عما في الذهن وليس‬
‫للماهية فهو غير الفكر (اللغة وعاء الفكر وليست الفكر نفسه) والفكر هو الحكم على الواقع‬
‫بخالف اللفظ فإنه لم يوضع للداللة على حقيقة الواقع وال على الحكم بل وضع للتعبير عما في‬
‫الذهن سواء طابق الواقع أم خالفه (رجل واقف‪ .‬على جسر يرى جسما يقترب منه كلما اقترب‬
‫اتضحت هيئته فيطلق‪ .‬عليه حجرا لما يتراءى له أنه يشبه الحجر (الصورة الذهنية ومطابقتها)‪ .‬ثم‬
‫بقرة لو اقترب أكثر ثم يتبين له عند رؤيته أنه يطابق‪ .‬الصورة المتخيلة لقارب مثال‪ ،‬فالمعنى‬
‫الخارجي لم يتغير مع تغير اللفظ فدل على أن الوضع ليس له بل لما في الذهن (فاللفظ إذن يدور‪.‬‬
‫مع المعاني الذهنيه دون الخارجية)‪.‬‬
‫ومثال التعبير زيد قائم أو زيد قاعد يطلق التعبير وهذه المعاني إلفادة النسبة ليحصل التعبير‬
‫فمدلول القيام غير مدلول القعود والوصف زيد قائم يدل على تعبير ما في الذهن لهيئة القيام أو‬
‫القعود وليس الغرض من األلفاظ معانيها المفردة أي مفردة قيام دون نسبتها لزيد قائم ليست‬
‫مقصودة بذاتها‪ ،‬ولفظة قعود دون نسبتها لفعل القعود منسوبا‪ .‬لشخص يقوم به ال تعبر عن شيء‪،‬‬
‫فالمعنى الموجود‪ .‬في الذهن الذي أريد باللفظ التعبير عنه ليس الواقع ولكن لتفيد الوضع بالنسب‬
‫االسنادية أو التقييدية أو االضافية بين المفردات بضم بعضها إلى بعض كالفاعلية والمفعولية‬
‫وغيرهما وإلفادة معنى المركبات من قيام وقعود‪.‬‬
‫فلنأت على مزيد من االيضاح فيما يتعلق باللغة كوعاء للفكر‪:‬‬
‫الفكر حتى يحصل ال بد من عناصر أربعة تجتمع‪:‬‬
‫واقع محسوس وحواس تنقل هذا الواقع إلى الدماغ ودماغ صالح ومعلومات سابقة تفسر هذا‬
‫الواقع المحسوس وربط الواقع المحسوس بالمعلومات‪ .‬السابقة يعطي الفكر أو االدراك‪.‬‬
‫الواقع المحسوس قد يكون ماديا كالشجرة أو النجم‪ ،‬مثال أو قد يكون أثرا للواقع المادي كصوت‬
‫الطائرة أو رائحة الوردة‪ ،،‬وقد‪ .‬يكون معنويا‪ .‬يعرف من أثره كالشجاعة والحنان‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫األشياء المدرك وجودها‪ .‬في الكون قد تكون محسوسة ملموسة كالتفاح والقط‪ ،‬وقد‪ .‬تكون محسوسة‬
‫غير ملموسة كالنشوة واأللم‪ ،‬وقد تكون غير محسوسة وغير ملموسة كوجود الحياة في االنسان‬
‫وكغريزة حب البقاء فيه‪ ،‬والمحسوس‪ .‬هو أثرها‪.‬‬
‫وكل هذه األصناف‪ .‬هي محل التفكير‬
‫واالدراك قد يكون بحضور‪ .‬الواقع المحسوس أو بحضور تصوره في الذهن وإ ن لم يكن موجودا‪،‬‬
‫فقد يأتيك نعي رجل لم تره منذ سنين فتستحضر في الدماغ صورته والمعلومات‪ .‬عنه وتحكم‪ .‬بأنه‬
‫كان كريما مثال‪ ،‬فتصدر‪ .‬الحكم عليه في غياب االحساس به أو بكرمه‪.‬‬
‫وقد تسمع صوت طائرة فتحكم‪ .‬عليها عسكرية أم مدنية من مجرد سماع الصوت‪.‬‬
‫فاالحساس بالواقع‪ .‬قد يكون بوقوع الحس عليه أو على متعلقاته كالصوت أو الصورة‪ ،‬أو‬
‫باسترجاع‪ .‬االحساس بالواقع في الدماغ وهو بعيد عن مجال الحواس‪.‬‬
‫النتيجة من هذا البحث هو التفكير أي عقل الشيء والحكم عليه‪.‬‬
‫فتحكم على التفاحة أنها حامضة وأن لونها أحمر وأنها مستوية أو فجة حسب واقعها‪ .‬والفكر الذي‬
‫تجريه عليها‬
‫فإن اهتممت بلونها ورأيت اللون األحمر لها وقسته على المعلومات السابقة في دماغك التي‬
‫تخص اللون األحمر ‪ ،،‬حكمت عليها بأن لونها أحمر‬
‫أو أجريت الحكم على طعمها فحكمت أن مذاقها حلو أو أردت الحكم على أسد أحي هو أم ميت‬
‫تحكم بوجود أثر الحياة فيه‪.‬‬
‫أو مثال عمر الخروف يقدره البعض من الخبراء من أسنانه وهكذا يحصل الحكم على الشيء أي‬
‫إدراكه وعقله بناء على العناصر‪ .‬األربعة المذكورة أعاله‪.‬‬
‫هذا بالنسبة للتفكير أو الحكم على الواقع‪.‬‬
‫لكن نحن نقول أن اللغة وعاء الفكر ال الفكر نفسه‪.‬‬
‫فالحمرة التي في التفاح وعاء أطلقه االنسان على هذا اللون ليميزه عن اللون األصفر مثال‪ ،‬فميز‪.‬‬
‫اللون األحمر عن األصفر بأسماء أطلقها على اللون‪ ،‬أو مثال األسد ليميزه عن الحصان‪.‬‬
‫هذه اللغات تعبر عن المعاني الذهنية للواقع المحسوس ال عن الواقع المحسوس نفسه‪.‬‬
‫وضعها االنسان للتعبير عما في النفس‪.‬‬
‫تأتي على الطفل الصغير وتريه صورة األسد فتنطبع‪ .‬في ذاكرته معلومات سابقة عن هذه‬
‫الصورة الذهنية أنها تمثل صورة األسد ‪ ،،‬وهذه تمثل صورة اللون األحمر‪.‬‬
‫فلو رأى بعد ذلك األسد أي الكائن الحي استرجع الصورة الذهنية التي في رأسه عن األسد وما‬
‫صاحبها من إطالق أطلقه عليه باللغة التي يحكي فسماه األسد أو الليث‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫الحظ أن العرب قد أطلقت على األسد أكثر من خمسمائة اسم والفرق بين كل اسم واسم هو ما‬
‫يمثله األسد في تلك الحالة‪ ،‬أي الصورة الذهنية التي ارتسمت في أذهانهم لواقع يمثله هذا المخلوق‪.‬‬
‫في هذه الحالة‪:‬‬
‫دام من اُألسود‪،‬‬ ‫ُ ِ‬
‫الشديد الم ْق ُ‬ ‫ِّرغام ; هو الضاري‪.‬‬
‫فالض ْ‬
‫والهزبر‪ :‬الضخم الصلب‪.‬‬
‫والليث‪ :‬ويقال له‪ :‬ليث‪ ،‬باعتبار تلوثه بالفريسة‪،‬‬
‫الن ْه ِ‬
‫ش‪ ،‬أو هو أن ال َي ْمَأل فَ َمهُ‬ ‫ضاً دون َّ‬
‫ض َغ َمهُ‪َ : ،‬عضَّهُ‪ ،‬أو َع ّ‬
‫واألس ُد‪َ ،‬‬
‫َ‬ ‫َّي َغ ُم‪ :‬الذي َي َع ُّ‬
‫ض‪،‬‬ ‫والض ْ‬
‫ظتَهُ‪ ،‬وهو أيضا واسع الشدق‪.‬‬ ‫ض َغ ْمتَه ولَفَ ْ‬ ‫ٍ‬
‫أه َوى إليه‪ .‬وكثُمامة‪ :‬ما َ‬ ‫مما ْ‬
‫ُّماضم من َأسماء اَألسد ‪ .‬وَأس ٌد ض ِ‬
‫ماض ٌم‬ ‫ضبان‪ ،‬الج ِريء‪ ،‬الض ِ‬
‫َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫الغ ْ ُ َ ُ‬ ‫واألس ُ‪.‬د َ‬
‫َ‬ ‫بان‪،‬‬
‫ض ُ‬ ‫الغ ْ‬
‫ض ُم‪َ :‬‬
‫َّم َ‬ ‫والض ْ‬
‫الم ْستْأثِ ُر ‪ ،‬وقيل ‪ :‬الكثير اَألكل الذي ال يشبع‪.‬‬ ‫كل شيء ‪ ،‬الض ِ‬
‫ُّماضم اَأل ُكو ُل َّ ِ‬
‫النه ُم ُ‬ ‫ُ‬
‫يض ُّم َّ‬
‫ُ‬
‫وهكذا‪ :‬فاالسم أطلق على األسد مرافقا للحالة التي يأتي بها‪ :‬فإن كان أكوال ال يشبع أطلق عليه‬
‫اسم الضماضم‪ .،‬وكذلك صورة ضمه لفريسته تستحضر في الذهن عند االطالق‬
‫ولو قلت عندها أسد واصفا إياه لما استحضر‪ .‬األعرابي صورة األسد النهم الذي ال يشبع‪.‬‬
‫فالوضع للشيء فرع عن تصوره‪ :‬وضع االسم وعاء للواقع فرع من تصوره‬
‫أي أن تأتي مثال لصورة األسد الصلب الضخم فيضع األعرابي ما يتصوره من هذا الواقع في‬
‫نفسه‪ :‬فيختار لفظة تحاكي هذا الواقع المتصور في الذهن‪ :‬فيسميه الهزبر‪،‬‬
‫والليث كما مر الشجاع القوي الذي يلتاث بفريسته‪،‬‬
‫شديد العارضة ؛ وقيل‬ ‫ث ُ‬ ‫والقوة ‪ .‬ورج ٌل ِمْلَي ٌ‬ ‫يث الشدة َّ‬ ‫ولو رجعت ألصل كلمة ليث في العربية اللَّ ُ‬
‫ِّن اللِّياثة واللَّيث ‪ :‬الشجاع بيَّن اللُُّيوثة‬ ‫وث وإ نه لََبي ُ‬‫اَألسد والجمع لُُي ٌ‬ ‫ُ‬ ‫قوي و اللَّ ُ‬
‫يث‬ ‫شديد ٌُّ‬
‫‪ٌ :‬‬
‫ق‬ ‫ب من العناكب ؛ قال ‪ :‬وليس شيء من الدواب مثله في ِ‬
‫الح ْذ ِ‬ ‫ض ْر ٌ‬ ‫الليث َ‬‫ُ‬ ‫وقال عمرو بن بحر ‪:‬‬
‫الفهد‬
‫اَألرض وال ُ‬ ‫ناق‬
‫الكلب وال َع ُ‬ ‫والم َداراةُ ال‬ ‫الخ ْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الوثَْب ِة والتَّ ْس ِد ُِيد‬ ‫ِ‬ ‫َ ُِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫طف ُ‬ ‫وسرعة َ‬ ‫والخ ْتل وصواب َ‬
‫وس َّك َن َج َو ِار َحهُ ثم جمع نفسه‬ ‫باَألرض َ‬ ‫ُ‬ ‫طا لَطَأ‬ ‫الذباب ساق ً‬
‫َ‬ ‫عاين‬
‫وال شيء من ذ وات اَألربعُ وإ ذا َ‬
‫وَأخر الوثْب إلى وقت ِ‬
‫الغ َّرةُ وترى منه شيًئا لم َتره في فهد وِإ ن كان موصوفًا بالختل للصيد ‪ .‬و‬ ‫َّ َ َ َ‬
‫اليثَه َزايلَه م َزايلَةَ اللَّ ِ‬
‫يث‬ ‫َ ُ َ ُُ َ‬
‫س ِإذا ال َيثْتَهُ لَْيثِ ُّي‬ ‫فالنا ‪ :‬زاولته مزاولة ؛ قال الشاعر ‪َ :‬ش ِك ٌُ‬ ‫ت ً‬ ‫وال َيثْ ُ‬
‫بالشبه بالليث ‪ .‬وقولهم‪ِ : .‬إنه َأل ْش َجعُ من لَْي ِث‬ ‫الليث َأو فاخره َّ‬ ‫اليثَه َأي عامله معاملة ُ‬ ‫ويقال ‪َ :‬‬
‫اَألسد‬
‫ُ‬ ‫ين قال َأبو عمرو ‪ :‬هو‬ ‫ِعِفِّر َُ‬
‫يعني ما تراه من المعاني التي في ذهن العرب عن وصف‪ .‬أفعال تتعلق بالخفة والوثب والتسديد‬
‫والمداراة والحذق هذه المعاني وغيرها عبروا عنها بفعل حروفه فيها الالم والياء والثاء واشتقوا‪.‬‬
‫منها اشتقاقات تناسب األحوال المختلفة‬

‫‪22‬‬
‫فمنها إطالق بعض القبائل على العنكبوت الذي صفاته ما مر اسم الليث‪ ،‬وبعضهم كما مر قال‪ :‬و‬
‫والقوة وِإنه‬ ‫الليث ‪ :‬اَألسد ; زعم كراع َأنه مشتق من اللوث الذي هو القوة ; ليث ‪ :‬اللَّ ُ‬
‫يث ‪ :‬الشدة َّ‬
‫ِّن اللِّياثة‬
‫لََبي ُ‬
‫ث‬
‫يصبح وهو َأْلَي ُ‬
‫ِ‬ ‫و اللَّيث ‪ :‬الشجاع بيِّن اللُُّيوثة وفي حديث ابن الزبير ‪َ :‬أنه كان يواصل ثالثاً ثم‬
‫دهِم وبه سمي اَألسد لَْيثاً‪ .‬ويقال له‪ :‬ليث‪ ،‬باعتبار تلوثه بالفريسة‪ ،‬وهذا‬ ‫ِ‬
‫َأصحابه َأي ُّ‬
‫وَأجلَ ُ‬
‫َأشدهم ْ‬
‫منظر مخيف جداً للفريسة ولإلنسان الذي يشاهدهما‪.‬‬
‫فكما ترى الصورة الذهنية عند األعراب هي التي أنزلوها على الواقع وصفا له لما في أذهانهم‬
‫من تصور أن الوصف المناسب أو االسم المناسب لهذا الواقع هو الفعل المشتق من هذه الحروف‬
‫أو غيرها‬
‫فسموا الليث ليثا ووصفوا الرجل بأنه أليث أصحابه التصافه بالصفة التي صورتها الذهنية الجلد‬
‫والشدة‪.‬‬
‫هذا شيء والواقع المحسوس شيء آخر‬
‫أي األسد أسد سواء سميته ليثا أم هزبرا هو هذا المخلوق الملك‬
‫لكن إطالق اللغات يأتي إلى الصورة الذهنية المتعلقة بهذا األسد ليرى أقرب األلفاظ التي تأتي‬
‫بالمعنى المناسب لهذه الصورة الذهنية فيضع لها االسم ويسميه بناء عليها‪.‬‬
‫فاللغات وعاء الفكر ال الفكر نفسه‪.‬‬
‫فرق بين أن تحكم أن الطعم حامض أو حلو أو أن اللون أحمر‪.‬‬
‫وبين الحمرة التي هي صفة أطلقها العرب على اللون ألنه في أذهانهم حمر لها معان ذهنية‬
‫ناسبت هذا الواقع فأطلقوه عليه‬
‫اَألحمر دون اَألبيض ؟‬
‫َ‬ ‫ص‬
‫ومثال‪ :‬العرب تقول ‪ :‬امرَأة حمراء َأي بيضاء ‪ .‬وسئل ثعلب ‪ :‬لم َخ َّ‬
‫فقال ‪َ :‬ألن العرب ال تقول رجل َأبيض من بياض اللون ‪ِ ،‬إنما اَألبيض عندهم الطاهر ُّ‬
‫النقي من‬
‫العيوب ‪ ،‬فِإذا َأرادوا اَألبيض من اللون قالوا َأحمر‪.‬‬
‫فكما ترى إطالق اللغات لمعان متصورة في الذهن ال للواقع نفسه‪.‬‬
‫فأنت لو قلت امرأة حمراء ولم تكن تعلم أن العرب تعني بها البيضاء لخالفت الواقع ولكان هنالك‬
‫فرق بين حكمك على المرأة هذه ألنك تتصور اللون األحمر عند قولك بينما الواقع أنها بيضاء‪ .‬أو‬
‫أن تظن الرجل أبيض في حين أن المعنى أنه طاهر‪.‬‬
‫فالفرق بين الحكم على الواقع وبين اللغة واضح جلي‬
‫من هنا قلنا أن الفكر هو الحكم على الواقع بخالف اللفظ فإنه لم يوضع للداللة على حقيقة الواقع‬
‫وال على الحكم بل وضع للتعبير عما في الذهن سواء طابق الواقع أم خالفه ‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫****************** ‪***************** 4‬‬
‫كيف تعبر العرب عن المسميات‪:‬‬
‫اللفظ في العربية إما أن يكون على الحقيقة أو على المجاز‪ .‬وأغلب االستعماالت في العربية على‬
‫المجاز‪.‬‬
‫استعمل العرب للتعبير عن المسميات المصادر‪ .‬التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬الحقيقة بأقسامها‪ .‬الثالثة اللغوية والعرفية والشرعية‬
‫‪ -2‬المجاز للتعبير عن المتخيالت والتشبيهات‬
‫‪ -3‬التعريب للتعبير عن أسماء األشياء وأسماء األعالم‬
‫‪ -4‬االشتقاق للتعبير عن المعاني‪.‬‬

‫الحقيقة‪ :‬هي األلفاظ التي وضعت للداللة على ما في الذهن من معنى‪ ،‬فإن كان اللفظ الموضوع‬
‫استعمل للمعنى الموضوع‪ .‬له من أهل اللغة وهم العرب األقحاح سميت هذه الحقيقة بالحقيقة‬
‫اللغوية مثل‪ :‬النزر ‪ :‬القليل‪ ،،‬الدهمة ‪ :‬السواد‪.‬‬
‫وإ ن كانت األلفاظ الموضوعة استعملت لمعنى غير ما وضعت له أي نقلت من معناها اللغوي‬
‫الموضوع‪ .‬إلى معنى آخر ينظر فإن كان النقل بسبب العرف أو االصطالح سميت حقيقة عرفية‬
‫مثل دابة‪ :‬فقد وضعت في أصل اللغة لكل ما دب على األرض‪ ،‬فتشمل االنسان والحيوان ولكن‬
‫المعنى العرفي ألهل اللغة خصصها بذوات األربع وهجر المعنى األول‪.‬‬
‫وكذلك الغائط فهو باألصل اللغوي للموضع المنخفض من األرض ثم اشتهر بالعرف للخارج‬
‫المستقذر‪ .‬فاألول أي الدابة وضع لمعنى عام ثم خصص بعرف استعمال أهل اللغة ببعض‬
‫مسمياته والثاني‪ ( .‬الغائط) اسم وضع لمعنى واشتهر لمعنى آخر‪.‬‬
‫والحقيقة العرفية نوعان‪:‬‬
‫‪ -1‬الحقيقة العرفية اللغوية وهي ما تعارف‪ .‬العرب األقحاح عليها‬
‫‪ -2‬الحقيقة العرفية الخاصة التي يتعارف‪ .‬عليها أهل كل علم كاصطالحات خاصة بهم مثل‬
‫اصطالح النحاة على الرفع والجر والنصب‪ ،‬أو كقولنا االيمان التصديق‪ .‬الجازم المطابق‬
‫للواقع عن دليل‪ ،‬وهذه ليست بخاصة بالعرب األقحاح‪.‬‬
‫أما إن كان سبب النقل الشرع سميت الحقيقة بالشرعية مثل الصالة وهي في أصل اللغة الدعاء‪.‬‬
‫المجاز‪ :‬أقسام المجاز‪:‬‬

‫والذي انكشف لي بالنظر‪ .‬الصحيح أن المجاز ينقسم قسمين‪ :‬توسع في الكالم وتشبيه‬
‫والتشبيه ضربان‪ :‬تشبيه تام وتشبيه محذوف ‪:‬‬

‫‪24‬‬
‫فالتشبيه التام‪ :‬أن يذكر المشبه والمشبه به والتشبيه المحذوف‪ :‬أن يذكر المشبه به ويسمى‬
‫استعارة وهذا االسم وضع للفرق بينه وبين التشبيه التام وإ ال فكالهما يجوز‪ .‬أن يطلق عليه اسم‬
‫التشبيه ويجوز أن يطلق عليه اسم االستعارة الشتراكهما‪ .‬في المعنى وأما التوسع فإنه يذكر‬
‫للتصرف في اللغة ال لفائدة أخرى وإ ن شئت قلت‪ :‬إن المجاز ينقسم إلى‪ :‬توسع في الكالم وتشبيه‬
‫فإن قيل‪:‬‬ ‫واستعارة وال يخرج عن أحد هذه األقسام الثالثة فأيها وجد كان مجازاً‪.‬‬
‫إن التوسع شامل لهذه األقسام الثالثة ألن الخروج من الحقيقة إلى المجاز اتساع في االستعمال‪.‬‬
‫قلت في الجواب‪ :‬إن التوسع في التشبيه واالستعارة جاء ضمناً وتبعاً وإ ن لم يكن هو السبب‬
‫الموجب الستعالهما‪ .‬وأما القسم اآلخر الذي هو ال تشبيه وال استعارة فإن النسب في استعماله هو‬
‫طلب التوسع ال غير‪.‬‬

‫جوزوا‬
‫قال الجاحظ‪ :‬للعرب إقدام على الكالم‪ ،‬ثقة بفهم المخاطب من أصحابهم عنهم‪ ،‬كما َّ‬
‫والعض‪ ،‬وأكل المال‪ ،‬وإ َّنما يذهبون إلى‬ ‫ِّ‬ ‫الن ْه ِ‬
‫ش واللذع‬ ‫قوله‪ :‬أكله األسود‪ ،‬وإ َّنما يذهبون إلى َّ‬
‫لون في ُبطونِ ِه ْ‪.‬م‬
‫اليتامى ظُْلماً َّإنما يأ ُك َ‬
‫أموال َ‬ ‫عز َّ‬
‫وجل‪َّ " :‬‬ ‫اإلفناء‪ ،‬كما قال اهلل َّ‬
‫أكلون ْ‬
‫الذين َي َ‬
‫إن َ‬
‫ون َسعيراً"‪.‬‬
‫صلَ َ‬
‫وسَي ْ‬
‫ناراً َ‬
‫ولعلَّهم شربوا بتلك األموال األنبذة‪ ،‬ولبسوا الحلل‪ ،‬وركبوا الهماليج‪ ،‬ولم ينفقوا منها درهما في‬
‫النار‪ ،‬وإ َّنما ُأبطلت عينه‪.‬‬‫وج َّوزوا‪ .:‬أ َكلَتْهُ َّ‬ ‫ِ‬
‫سبيل اهلل‪ ،‬إنما ُأك َل‪َ .‬‬
‫وجوزوا‪ .‬أيضاً أن يقولوا‪ُ :‬ذقت‪ ،‬لما ليس ُيطعم‪ ،‬وهو قول الرجل إذا بالغ في عقوبة عبده‪ُ :‬ذق‪،‬‬ ‫َّ‬
‫عز من‬ ‫ريم" وقال‪َّ .‬‬ ‫عز وج ّل‪ُ " :‬ذ ْق َّإن َ‬
‫زيز ال َك ُ‬
‫الع ُ‬
‫أنت َ‬
‫ك َ‬ ‫وكيف ذقته؟ أي وجدت طعمه‪ .‬قال اهلل ّ‬
‫أم ِر ِهمْ"‪.‬‬ ‫ِ‬
‫بال ْ‬
‫صَنعون" وقال تعالى‪" :‬فَ َذاقوا َو َ‬ ‫وف بِما كانوا َي ْ‬ ‫والخ ِ‬
‫وع َ‬ ‫الج ِ‬‫باس ُ‬ ‫قائل‪" :‬فأذاقها‪ .‬اهللُ ل َ‬
‫رجي‪:‬‬
‫الم ُّ‬ ‫مت‪ ،‬لغير الطعام‪ ،‬كما قال َ‬ ‫ط ِع َ‬ ‫ثم قالوا‪َ :‬‬
‫ط َعم ُنقاخاً وال َب ْردا‬
‫ئت لم أ ْ‬ ‫ت النساء ِسوا ُك ُم * وإ ن ِش ُ‬ ‫شئت َح َّر ْم ُ‬
‫فإن ُ‬
‫مني" يريد‪ :‬ومن لم يذق طعمه‪.‬‬ ‫ط َعمهُ َّ‬
‫فإنهُ ِّ‬ ‫مني ومن ْلم َي ْ‬ ‫ليس ِّ‬ ‫قال اهلل تعالى‪" :‬فمن َش ِر ِ‬
‫ب منه َف َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫طعموني ماء‪ ،‬قال الشاعر‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ولما قال خالد بن عبد اهلل في هزيمة له‪ :‬أ ْ‬
‫ط َع َ‪.‬م الماء لما َج َّد في الهََر ِب‬
‫ش * واستَ ْ‬ ‫وف و ِم ْن َد َه ٍ‬‫ب َّل السَّراوي َ‪.‬ل ِم ْن َخ ٍ‬
‫َ‬
‫فبلغ ذلك الحجاج‪ ،‬فقال‪ :‬ما أيسر ما تَ َعلَّق فيه يا ابن أخي‪ ،‬أليس اهلل تعالى يقول‪" :‬فَ َمن َش ِرب‬
‫مني"‪.‬‬ ‫طعمهُ َّ‬
‫فإنهُ ِّ‬ ‫منه فليس ِّ‬
‫مني ومن لم َي َ‬
‫عوضةً فما فوقَها" يريد‬ ‫ض ِر َ‬
‫ب َمثَال ما َب َ‬ ‫أن َي ْ‬ ‫قال الجاحظ‪ :‬في قوله تعالى‪َّ " :‬‬
‫إن اهلل ال َي ْستَ ْحيي ْ‬
‫فما دونها‪ ،‬وهو كقول القائل‪ :‬فالن أسفل الناس‪ ،‬فتقول‪ :‬وفوق‪ .‬ذلك‪ ،‬تضع قولك (فوق) مكان‬
‫ِّغر‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫شر من ذلك‪ .‬وقال الفََّراء‪ :‬فما فوقها في الص َ‬
‫قولهم‪ :‬هو ٌ‬

‫‪25‬‬
‫المبرد‪ :‬من اآليات التي ربما َي ْغلَط في مجازها النحويون قول اهلل تعالى‪" :‬فَ َم ْن َش ِه َد ِم ْن ُك ُم‬‫قال ُ‬
‫ص ْمهُ" والشهر ال يغيب عن أحد‪ .‬ومجاز‪ .‬اآلية‪ :‬فمن كان منكم شاهد بلدة في (الشهرَ)‬ ‫َّ ِ‬
‫الش ْه َر َفلَي ُ‬
‫(الشهر) للظرف‪ ،‬ال‬
‫َ‬ ‫فليصمه‪ ،‬والتقدير‪ :‬فمن كان شاهدا في شهر رمضان فليصمه‪ ،‬ونصب‬
‫نصب المفعول‪.‬‬

‫والمجاز قسمان‪ :‬لغوي وعقلي‪ .‬فاللغوي ما استفيد فهمه عن طريق اللغة وأهل اللسان بما‬
‫يتبادر إليه الذهن العربي عند اإلطالق في نقل اللفظ من معناه األولي إلى معنى ثانوي‪ .‬جديد‪.‬‬
‫والعقلي ما استفيد فهمه عن طريق‪ .‬العقل‪ ،‬وسبيل الفطرة من خالل أحكام طارئة‪ ،‬وقضايا‪ .‬يحكم‬
‫بها العقل لدى إسناد الجملة‪.‬‬

‫المجاز‪ :‬أوال‪ :‬التشبيه‬

‫تعريف التشبيه‪ :‬لغة‪ :‬هو التمثيل‪ ،‬يقال‪ :‬هذا مثل هذا وشبهه‪.‬‬
‫واصطالحا‪ :ً.‬هو عقد مماثلة بين شيئين أو أكثر وإ رادة اشتراكهما‪ .‬في صفة أو أكثر بإحدى أدوات‬
‫التشبيه‪ ،‬نحو‪ :‬خالد كاألسد في اإلقدام‪.‬‬
‫أركان التشبيه أربعة‪ :‬عند تأمل المثال السابق نرى ّأنها‪:‬‬
‫والمشبه به‪ :‬األسد؛ ووجه الشبه‪ :‬اإلقدام؛ وأداة التشبيه الكاف‪.‬‬
‫ّ‬ ‫المشبه‪ :‬خالد؛‬
‫ّ‬
‫يسميان طرفي التشبيه‪.‬‬‫والمشبه به ـ ّ‬
‫ّ‬ ‫المشبه‬
‫ّ‬ ‫األوالن ـ وهما‬
‫والركنان ّ‬
‫أقسام التشبيه باعتبار حال طرفيه‪ :‬ينقسم من حيث طرفيه إلى أربعة أقسام‪:‬‬
‫الحواس الخمس‪ :‬نحو‪:‬‬
‫ّ‬ ‫‪ - 1‬تشبيه المحسوس بالمحسوس‪ :.‬وهو أن يكونا مدركين بإحدى‬
‫(كأنهن الياقوت والمرجان)‪ ،‬صوت المدافع كالرعد؛ عصيرها كالعسل المصفى‪ ،‬وقد‪ .‬يكون‬
‫المشبه واحدا من هذه األمور والمشبه به واحدا آخر‪ ،‬نحو‪ :‬كالمه كالماء الزالل‪ .‬ويدخل في‬
‫هذا الضرب‪:‬‬
‫التشبيه الخيالي‪ ،‬وهو المعدوم المؤلف من من أمور عدة يمكن إدراك كل واحد منها بالحس‪،‬‬
‫نحو‪:‬‬
‫الم َز ّر ْ‪.‬د‬
‫في خضرة النقش ُ‬ ‫كأن بنانــها‬
‫ـود ّ‬
‫خ ٌ‬
‫زبرجد‬
‫ْ‬ ‫شبك تكون من‬
‫َ‬ ‫سمـك من البـِلّ ْور في‬
‫فالسمك الذي من هذا الضرب والشبك الذي من هذا الصنف ال يوجدان في الواقع حتى ُيدركا‬
‫بالحواس‪ ،‬ولكن هذه األجزاء منفردة موجودة ويمكن إدراكها بالحواس‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫‪ - 2‬تشبيه أمر عقلي بآخر عقلي‪ :‬نحو‪ :‬العلم حياة‪ ،‬والعصبية جهل‪.‬‬
‫‪ - 3‬تشبيه المحسوس بعقلي‪ ،‬نحو قول الشاعر‪:‬‬
‫فكأنما‪ِ .‬‬
‫أهدي إليه أخالقَه‬ ‫َأهديت عطرا مثل طيب ثنائه‬
‫ُ‬
‫وقد أدخل علماء البيان في هذا النوع‪:‬‬
‫التشبيه الوهمي‪ ،‬وهو ماليس مدركا بإحدى الحواس الخمس‪ ،‬لكنه لو أدرك لكان مدركا بها‪ ،‬نحو‬
‫َأص ِل اْل َج ِح ِيم * َ‬
‫طْل ُعهَا َك ََّأنهُ ُرُؤ ُ‬
‫وس‬ ‫ِ‬
‫ما ورد في شأن شجرة الزقوم‪ِ( :‬إَّنهَا َش َج َرةٌ تَ ْخ ُر ُج في ْ‬
‫الشي ِ‬
‫اط ِ‬
‫ين)‪ .‬وقول امريء القيس‪:‬‬ ‫َّ َ‬
‫ومسنونةٌ زرق‪ .‬كأنياب أغوال‬ ‫أيقتلني والمشرفي مضاجعي‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫‪ - 4‬تشبيه العقلي بمحسوس‪ ،‬نحو‪َ ( :‬وقَد ْمَنا ِإلَى َما َعملُوا م ْن َع َمل فَ َج َعْلَناهُ َهَباء َّمنثُ ً‬
‫ورا)‪ ،‬ونحو‪:‬‬
‫العلم نور والجهل ظالم‪.‬‬
‫تقسيم طرفي التشبيه باعتبار اإلفراد والتركيب‪ :‬ينقسم باعتبار طرفيه من حيث اإلفراد‪ .‬والتركيب‬
‫إلى‪:‬‬
‫‪ - 1‬تشبيه مفرد‪ :‬وهو ما كان فيه الطرفان مفردين‪ ،‬وهو ثالثة أقسام‪ ،‬ما كان فيه الطرفان‪:‬‬
‫أ ‪ -‬مطلقين‪ ،‬نحو‪ :‬شعر كالليل؛ وجه كالبدر‪.‬‬
‫مقيدين‪ ،‬نحو‪ :‬العلم في الصغر كالنقش في الحجر‪ ،‬ونحو قول الشاعر‪:‬‬
‫ب‪ّ -‬‬
‫ِ‬
‫رعشاء‬ ‫سيفاً صقيالً في ٍيد‬ ‫والشمس بين األرائك قد حكت‬
‫ج ‪ -‬مختلفين‪ ،‬بأن يكون المقيد هو المشبه نحو‪:‬‬
‫وبال‬
‫وإ ذا األرض أمحلت كان ْ‬ ‫إذا األرض أظلمت كان شمسا‬
‫أو يكون المقيد هو المشبه به‪ ،‬نحو‪:‬‬
‫كأنه علم في رأسه نار‬ ‫تأتم الهداة به‬
‫أبلج ُّ‬
‫أغر ُ‬
‫ُّ‬
‫‪ - 2‬تشبيه مر ّكب بمر ّكب‪ ،‬كقوله‪:‬‬
‫كأن مثار النقع فوق رؤوسنا‪            ‬وأسيافنا‪ .‬لي ٌل تهاوى كواكبه‬
‫فالمشبه هو مجموع الغبار والسيوف المتألقة في خالله‪ ،‬والمشبه به الليل الذي تتهاوى‪ .‬كواكبه‪.‬‬
‫الشبه‪ :‬ينقسم التشبيه باعتبار وجه الشبه الى ستة أقسام‪:‬‬ ‫التشبيه باعتبار وجه ّ‬
‫‪ -1‬وجه شبه واحد حسي ‪ ،‬نحو‪َ ( :‬و ِم ْن َآياتِ ِه اْل َج َو ِار ِفي اْلَب ْح ِر َك ْ‬
‫اَألع ِ‬
‫الم)‪ ،‬فوجه الشبه هنا الكبر‬
‫والضخامة‪.‬‬
‫‪ -2‬وجه شبه واحد عقلي‪ ،‬نحو‪ :‬قوله (ص) "أصحابي‪ .‬كالنجوم بأيهم اقتديتم‪ .‬اهتديتم " أي في‬
‫الهداية‪ ،‬ونحو‪ :‬زيد كاألسد‪ ،‬أي في الشجاعة‪.‬‬
‫‪ -3‬وجه شبه متعدد‪ ،‬حسي أو عقلي‪ ،‬نحو‪ :‬المصباح كالشمس (وجه الشبه الشكل واإلنارة؛ هو‬
‫شمس (وجه الشبه‪ :‬اإلشراق‪ .‬والعلو النباهة والرفعة)‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫‪ -4‬وجه شبه مركب‪ ،‬وهو ما كان وجه الشبه فيه منتزعا من متعدد‪ ،‬وهو إما‪:‬‬
‫أ‪ -‬مركب وحسي‪ ،‬كقول الشاعر يصف الثريا‪:‬‬
‫نور‬
‫كعنقود مالحية حين ّ‬ ‫وقد الح في الصبح الثريا كما ترى‬
‫وجه الشبه هيئة حاصلة من اقتران أشياء مدورة بيضاء صغيرة في نظر العين على كيفية‬
‫مخصوصة‪ ،‬وكقول جبار بن جزء‪:‬‬
‫الجبل‬
‫ْ‬ ‫لما رأيتها بدت فوق‪.‬‬ ‫األشل‬
‫ْ‬ ‫والشمس كالمرآة في كف‬
‫فوجه الشبه هنا هيئة حاصلة من شيء مشرق ذو حركة تبسط الشعاع تارة وتقيضه تارة أخرى‪.‬‬
‫وها َك َمثَ ِل اْل ِح َم ِار‬
‫ين ُح ِّملُوا التَّْو َراةَ ثَُّم لَ ْم َي ْح ِملُ َ‬ ‫َِّ‬
‫ب‪ -‬أو مركب وعقلي‪ ،‬نحو قوله تعالى‪َ ( :‬مثَ ُل الذ َ‬
‫ات اللَّ ِه) فوجه الشبه هو حرمان االنتفاع من شيء‬ ‫ي ْح ِم ُل َأسفَارا بِْئ س مثَ ُل اْلقَوِم الَِّذين َك َّذبوا بِآي ِ‬
‫َ ُ َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ً َ َ‬ ‫َ‬
‫عظيم النفع مع تحمل تعب استصحابه‪.‬‬
‫أدوات التشبيه‪ :‬أدوات التشبيه ألفاظ تدل على المماثلة‪ ،‬وهي على أقسام‪:‬‬
‫ات الطَّر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ف لَ ْم‬ ‫ون اْل ِجَبا ُل َكاْلع ْه ِن) (في ِه َّن قَاص َر ُ‪ْ .‬‬ ‫و(كأن)‪َ ( ،‬وتَ ُك ُ‬ ‫َّ‬ ‫‪ - 1‬حروف‪ ،‬مثل (الكاف)‬
‫َأي آالء َرِّب ُك َما تُ َك ِّذَب ِ‬ ‫ان * فَبِ ِّ‬ ‫ي ِْ‬
‫ان)‪.‬‬ ‫ان * َك ََّأنهُ َّن اْلَياقُ ُ‬
‫وت َواْل َم ْر َج ُ‬ ‫طمثْهُ َّن ِإ ٌ‬
‫نس قَْبلَهُ ْم َوال َج ٌّ‬ ‫َ‬
‫ين ُح ِّملُوا‬ ‫َِّ‬ ‫ال اللُّْؤ لُِؤ اْل َم ْكُن ِ‬
‫ين * َكَأمثَ ِ‬ ‫ور ِع ٌ‬
‫ون) ‪َ ( ،‬مثَ ُل الذ َ‬ ‫ْ‬ ‫‪ - 2‬أسماء‪ ،‬مثل‪( :‬مثل) و(شبه)‪َ ( ،‬و ُح ٌ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َأسفَ ًارا)‪.‬‬ ‫التَّْو َراةَ ثَُّم لَ ْم َي ْح ِملُ َ‬
‫وها َك َمثَ ِل اْلح َم ِار َي ْحم ُل ْ‬
‫ظن وحسب وجعل‪ ،‬وخال‪.‬‬ ‫‪ – 3‬أفعال‪ ،‬نحو‪ :‬يحكي ويضاهى‪ ،‬وأفعال‪ .‬اليقين أو الرجحان مثل‪ّ :‬‬
‫(وجعلنا الليل لباساً)‪ ،‬وقال الرفاء يصف شمعة‪:‬‬
‫تحكي لنا قد األس ْـل‬ ‫مفتولـة مجدولة‬
‫كاألجل‬
‫ْ‬ ‫والنار فيها‬ ‫كأنـها عمر الفتى‬
‫وقال الشاعر‪:‬‬
‫ِ‬
‫بكوكب‬ ‫قمرا يكر على الرجال‬ ‫وتراه في ظُلم الوغى فتخاله‬
‫التشبيه باعتبار أداته‪ :‬التشبيه باعتبار أداته ينقسم إلى ثالثة أقسام‪:‬‬
‫ب اللّهُ َمثَالً َكِل َمةً َ‬
‫طيَِّبةً‬ ‫ض َر َ‬
‫ف َ‬
‫‪ - 1‬التشبيه المرسل‪ :‬وهو ما ذكرت فيه األداة‪ ،‬نحو‪َ( :‬ألَ ْم تََر َك ْي َ‬
‫َّماء)‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫َأصلُهَا ثَابِ ٌ‬ ‫َك َشجر ٍة َ ٍ‬
‫ت َوفَ ْر ُعهَا‪ .‬في الس َ‬ ‫طيَِّبة ْ‬ ‫َ‬
‫‪ - 2‬التشبيه المؤ ّكد‪ :‬هو ما حذفت منه أداة التشبيه‪ ،‬نحو قوله‪:‬‬
‫تجتليك العيون شرقا وغربا‬ ‫نجم في رفعة وضياء‬
‫أنت ٌ‬
‫وفي‪ .‬اللقاء إذا تلقاهم ُب ْه ُم‬ ‫عطاء حين تسألهم‬
‫ً‬ ‫هم البحور‬
‫المشبه به‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ويسمى (مؤ ّكداً) إليهامه أن الم ّشبه عين‬
‫‪ -3‬التشبيه المجمل‪ :‬ماحذف‪ .‬منه وجه الشبه‪ ،‬نحو‪:‬‬
‫ـار جلته حدائد الضر ِ‬
‫اب‬ ‫وكأن الشمس المنيرة دينـ‬
‫ّ‬
‫ّ‬

‫‪28‬‬
‫‪ -4‬التشبيه البليغ‪ :‬وهو ما حذفت منه أداة التشبيه ووجه الشبه‪ ،‬وسمي‪ .‬بليغا لما فيه من مبالغة في‬
‫َأصِل ُحوا َب ْي َن َ‬
‫َأخ َو ْي ُك ْ‪.‬م)‪َ ( ،‬و َج َعْلَنا اْللَْي َل‬ ‫ون ِإ ْخ َوةٌ فَ ْ‬
‫اعتبار المشبه عين المشبه به‪ ،‬نحو‪ِ( :‬إَّن َما اْل ُمْؤ ِمُن َ‬
‫اسا)‪ ،‬وقول‪ .‬الشاعر المتنبي‪:‬‬ ‫ِ‬
‫لَب ً‬
‫مام‬
‫الغ ُ‬ ‫وأنت َ‬ ‫الربا َ‬ ‫نبت ُّ‬
‫نحن ُ‬ ‫مام‬
‫أزمعت ّأيهذا الهُ ُ‬
‫َ‬ ‫أين‬
‫ومنه ما أضيف فيه المشبه به إلى المشبه‪ ،‬نحو‪:‬‬
‫جين ِ‬
‫الماء‬ ‫ِ‬
‫األصيل على لُ ْ‬ ‫ذهب‬ ‫والريح تَ ْعبث بالغصون وقد‪ .‬جرى‬
‫ُ‬
‫أي جرى األصيل الذي كالذهب في الصفرة على الماء الذي كاللجين (الفضة) في البياض‬
‫والصفاء‪ ،‬ومثله‪ :‬استعن بمصابيح آراء الرجال‪.‬‬
‫تقسيمات أخرى للتشبيه‬
‫ينقسم (التشبيه) باعتبار تعارفه وعدم تعارفه إلى ثالثة أقسام‪:‬‬
‫تقدم من التشبيه المتعارف عليه‪ ،‬مما ليس ضمنيا وال مقلوبا‪.‬‬
‫‪ - 1‬التشبيه الصريح‪ ،‬وهو ما ّ‬
‫‪ - 2‬التشبيه الضمني‪ ،‬وهو ما لم يصرح فيه بأركان التشبيه على الطريقة المعلومة‪ ،‬بل ُيفهم من‬
‫معنى الكالم‪ ،‬نحو‪ :‬قول الشاعر‪:‬‬
‫ـالم‬
‫بميت أي ُ‬
‫رح ّ‬‫ما ِل ُج ٍ‬ ‫الهوان عليه‬
‫ُ‬ ‫من يهُ ْن يسهل‬
‫وقول أبي العتاهية‪:‬‬
‫اليَبس‬
‫إن السفينةَ ال تجري على َ‬
‫ّ‬ ‫تسلك مسالكها‬
‫ترجو‪ .‬النجاةَ ولم ْ‬
‫وقول ابن الرومي‪:‬‬
‫أليم‬
‫ونزعهن ُ‬
‫ّ‬ ‫و ْقعُ السهام‬ ‫أعرضت‬
‫ْ‬ ‫نظرت وإ ْن هي‬
‫ْ‬ ‫إن‬
‫وياله ْ‬
‫أتم وأظهر من‬
‫الدعاء أن المشبه ّ‬
‫مشبهاً به‪ّ ،‬‬
‫المشبه ّ‬
‫ّ‬ ‫‪ - 3‬التشبيه المقلوب‪ :‬وهو ما يجعل فيه‬
‫المشبه به‪ ،‬كقول البحتري في وصف‪ .‬بركة‪:‬‬
‫ّ‬
‫يد الخليفة لماّ سال واديها‪.‬‬
‫لجت في تدفّقها‪ُ            ‬‬
‫كأنها حين ّ‬
‫ّ‬
‫محاوالً إيهامنا بأن يد الخليفة أقوى تدفّقاً بالعطاء من تدفق البركة بالماء‪.‬‬
‫متدح‬
‫وجه الخليفة حين ُي ُ‬ ‫كأن غرته‬
‫وبدا الصباح ّ‬
‫ومنه قول اآلخر‪:‬‬
‫الحليم‬ ‫ِ‬
‫أح ُّن لهم ودونهم‪ .‬فالةٌ‬
‫صد ُر َ‬
‫سيحها‪ْ .‬‬
‫كأن فَ َ‬

‫المجاز‪ :‬ثانيا‪ :‬االستعارة‪:‬‬


‫في االستعارة ذلك من سنن العرب‪ .‬هي أن تستعير للشيء ما يليق به‪ ،‬ويضعوا‪ .‬الكلمة‬
‫رأس ِ‬
‫األمر‪،‬‬ ‫مستعارة له من موضع آخر‪ .‬كقولهم في استعارة األعضاء لما ليس من الحيوان‪ُ :‬‬

‫‪29‬‬
‫ِ‬ ‫ب َّ‬ ‫ِ‬
‫الن ِار‪ِ ،‬ر ُ‬
‫يق‬ ‫سان َّ‬
‫أنف الباب‪ ،‬ل ُ‬
‫أنف الجبل‪ُ ،‬‬‫الشمس‪ُ ،‬‬ ‫النار‪ ،‬عين الماء‪ ،‬حا ِج ُ‬ ‫رأس المال‪ ،‬وجهُ َّ‬ ‫ُ‬
‫ساق َّ‬
‫الش َج َر ِة‪.‬‬ ‫َّماء‪ُ ،‬‬ ‫ناح الطَّري ِ‬
‫ق‪َ ،‬كبِ ُد الس ِ‬
‫هر‪َ ،‬ج ُ‬ ‫الم ْز ِن‪َ ،‬ي ُد َّ‬
‫الد ِ‬ ‫ُ‬
‫صرها‪ ،‬فَسا‬ ‫وب ِ‬ ‫مروا بين سنع األرض َ‬ ‫عامتهم‪ُّ ،‬‬ ‫صاه ْم‪ ،‬شالَت َن َ‬ ‫ت َع ُ‬ ‫فرق‪ْ :‬ان َشقَّ ْ‬ ‫وكقولهم في التَّ ُّ‬
‫بينهم الظِّربان‪.‬‬ ‫َ‬
‫طيس‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الو ُ‬ ‫ب عن ساقها‪ ،‬أبدى الش ُّر عن ناج َذيه‪َ ،‬حم َي َ‬ ‫الح ْر ُ‬
‫وكقولهم في اشتداد األمر‪َ :‬ك َشفَت َ‬
‫رب‪.‬‬
‫الح ُ‬ ‫ت رحى َ‬ ‫دار ْ‬‫َ‬
‫ُّب ِح‬
‫يف الص ْ‬ ‫ب بِ َعموده‪ُ ،‬س َّل َس ُ‬ ‫ض َر َ‬‫الص ْب ُح عن نوا ِج َذهُ‪َ ،‬‬ ‫العلويَّة‪ :‬افتََّر ُ‬ ‫وكقولهم في ذكر اآلثار ُ‬
‫انحطَّ ِق ْندي ُل‬‫سر ِه‪ ،‬وهي نطاق الجوزاء‪َ ،‬‬ ‫ُّبح بِ ِّ‬
‫باح الص ُ‬ ‫ُّبح في قفا الليل‪َ ،‬‬ ‫من غمد الظالم‪َ ،‬ن َع َر الص ُ‬
‫َّ‬ ‫ِ‬
‫هير ِة‪َ ،‬ب َق َل‬ ‫َّ‬ ‫ِ َّ‬ ‫َّ‬ ‫الثُريَّا‪ّ ،‬ذ َّر قرن َّ‬
‫النهار‪ ،‬ترحَّلت الشمس‪َ ،‬ر َمت الشمس بِ َج َمرات الظ َ‬ ‫الشمس‪ /‬ارتَفع َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫الشمس‬ ‫رأس الليل‪ ،‬لَبِ َست َّ‬ ‫شاب ُ‬ ‫الجو‪َ ،‬‬ ‫ق ِّ‬ ‫رايات الظَّالم‪َ ،‬ن َّورت حداِئ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ت‬ ‫النهار‪َ ،‬خفَقَ ْ‬ ‫وجهُ َّ‬
‫انح َّل ِع ْق ُد السَّماء‪َ ،‬و َهى ِعقد األنداد‪ْ ،‬انقَ َ‬
‫ط َع‬ ‫البرق‪َ ،‬‬ ‫ق َقلب َ‬ ‫الرعد‪َ ،‬خفَ َ‬ ‫ِجلبابها‪ ،‬قام َخطيب َّ‬
‫جيش‬
‫آن أن َي َ‬ ‫الحر‪َ ،‬‬ ‫ي سلطان ِّ‬ ‫األرض‪ ،‬قَ ِو َ‬
‫ُ‬ ‫سيم‪ ،‬تََب َّر َجت‬
‫الن ُ‬ ‫الربيع‪ ،‬تَ َعطَّ َر َّ‬ ‫الغمام‪ ،‬تَنفَّ َس َّ‬ ‫ِشريان َ‬
‫الشمس الميزان‪،‬‬ ‫ريف‪َ ،‬حلَّت َّ‬ ‫الخ ِ‬ ‫يوش َ‬ ‫ويثور قَ ْسطُلُه‪ْ ،‬ان َح َس َر ِقناع الصَّيف‪ ،‬جا َشت ُج ُ‬ ‫َ‪.‬‬ ‫ِم ْر َجلُهُ‪،‬‬
‫ق ال ِج ِ‬ ‫ِ‬ ‫قارب البر ِد‪ ،‬أقدم ِّ‬
‫عبوس‬
‫ٌ‬ ‫بال‪ ،‬يوم‬ ‫شابت َم ِ‬
‫فار ُ‬ ‫الشتاء بِ َكْل َكله‪َ ،‬‬ ‫َ‬ ‫الزمان‪ ،‬دبَّت َع ُ‬ ‫وع َدل َّ‬ ‫َ‬
‫الز ْمهَرير‪..‬‬ ‫ناب َّ‬ ‫كشر عن ِ‬ ‫َّ‬
‫طرير‪َ .،‬‬ ‫قَ ْم َ‬
‫الشيب عنوان الموت‪،‬‬ ‫ياة‪َّ ،‬‬‫الشباب باكورةُ الح ِ‬ ‫الروح‪َّ ،‬‬ ‫ذاء ُّ‬ ‫األد ِ‬
‫َ َ‬ ‫بغ ُ‬ ‫وكقولهم في محاسن الكالم‪ُ َ :‬‬
‫تاح‬ ‫سوس المال‪َّ ،‬‬ ‫الشتاء‪ِ ،‬‬ ‫النار فاكهة ِّ‬ ‫َّ‬
‫الحي‪ ،‬الصَّبر م ْف ُ‬ ‫ِّ‬ ‫كيمياء الفََرح‪ ،‬الوحدة قَبر‬ ‫النبي ُذ ْ‬ ‫ُ‬ ‫العيال‬
‫الربيع‬ ‫النعيم‪َّ ،‬‬ ‫نسيم َّ‬ ‫اإلرجاف َز ُ ِ ِ ُّ‬ ‫الدين داء الكرم‪َّ ،‬‬ ‫الفََرج‪َّ ،‬‬
‫كر ُ‬ ‫ند الفتنة‪ ،‬الش ُ‬ ‫ُ‪.‬‬ ‫الشر‪،‬‬
‫جسر ِّ‬ ‫الن َّمام ُ‬
‫المروءة‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫الروح‪َّ ،‬‬ ‫شباب َّ‬
‫لسان ُ‬
‫الشمس قَطيفَةُ المساكين‪ ،‬الطيب ُ‬ ‫ِ‬ ‫ريحانةُ‬
‫َ‬ ‫الزمان‪ ،‬الولَ ُد‬ ‫ُ‬
‫ال شك أن قوما بلغوا بحسن لغتهم هذا المبلغ‪ ،‬ال شك أن تحديهم بأعظم ما في هذه اللغة لهو‬
‫االعجاز‪ ،‬وال شك أن هذا البيان الساحر هو أعظم نتاج للعقل البشري‪ ،‬وإ ال فما الطائرة أمامه‪،‬‬
‫وما ركوب القمر‪ ،‬وما اللقاح وما األمصال‪ ،‬وما األهرامات وما الناطحات‪ ،‬وإ ال فكيف تفسر أن‬
‫"الرحمن علم القرآن خلق االنسان علمه البيان"؟؟؟ أو لم يقدم البيان لعلو شأنه على النجم‬
‫والشجر والشمس والقمر؟؟ فما بالكم بمن فهم بعقله بعضا من الحقائق المتعلقة بالشمس‬
‫والقمر؟؟ أيرقى علمه الهزيل هذا إلى وزن اللغة العربية بعلومها وفنونها؟ ببالغتها ونحوها‬
‫وصرفها؟ باتساعها وعلو شأنها؟ بقدرتها على التصوير وعلى نقل األخيلة بأرقى صورة وأقل‬
‫عبارة من الواقع إلى الدماغ ( القالب) ومن الدماغ إلى الواقع (الفكر)!!‬
‫من هنا نفهم سر كون الحق سبحانه اختار العربية موطنا لتحديه الخلق كلهم!!‬
‫فهذا أعظم ما أنتجه العقل البشري!!‬

‫‪30‬‬
‫المجاز‪ :‬لغة من أجاز الموضع أي خلفه وقطعه وفي‪ .‬االصطالح‪ :‬استعمال كلمة في غير ما‬
‫وضعت له لقرينة مانعة من استعمال المعنى الموضوع مع وجودعالقة بين المعنى المستعمل‬
‫والمعنى الموضوع بشرط‪ .‬أن ال تكون هذه العالقة المشابهة‪.‬‬
‫فإن كانت العالقة المشابهة فإنه يسمى االستعارة‪ :‬لغة بمعنى طلب الشيء عارية‪ ،‬يقال (استعار‬
‫الكتاب) أي طلبه عارية‪.‬‬
‫والبد في (االستعارة) من عدم ذكر وجه الشبه‪ ،‬وال أداة التشبيه‪ ،‬بل الالزم ادعاء أن المشبه عين‬
‫ّ‬
‫يسمى‪( :‬استعارة)‬
‫المشبه به‪ ،،‬والحاصل‪ :‬أن كل مجاز يبنى على التشبيه بدون االداة ووجه الشبه ّ‬
‫ّ‬
‫‪ .‬وهي أنواع‪:‬‬
‫‪ -1‬االستعارة التصريحية وهي التي يصرح فيها بالمشبه به‪ :‬مثل أنت أسد‬
‫أو ما استعير فيها لفظ المشبه به للمشبه‪ ،‬ومثالها من القرآن الكريم قوله تعالى‪:‬‬
‫الن ِ‬
‫ور‪.)...‬‬ ‫ك ِلتُخرج الناس ِمن الظُ ِ‬
‫لمات إلى ُّ‬ ‫( ِك ٌ‬
‫تاب أنزلناهُ إلي َ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ففي هذه اآلية استعارتان في لفظي‪ :‬الظلمات والنور‪ .،‬ألن المراد الحقيقي دون مجازهما‪.‬‬
‫اللغوي هو‪ :‬الضالل والهدى‪ ،‬ألن المراد إخراج الناس من الضالل إلى الهدى‪ ،‬فاستعير‬
‫للضالل لفظ الظلمات‪ ،‬وللهدى لفظ النور‪ ،‬لعالقة المشابهة ما بين الضالل والظلمات‪.‬‬
‫وهذا االستعمال _كما ترى _ من المجاز اللغوي ألنه اشتمل على تشبيه حذف منه لفظ‬
‫المشبه‪ ،‬وأستعير‪ .‬بدله لفظ المشبه به‪ ،‬وعلى هذا فكل مجاز من هذا النوع يسمى "استعارة"‪.‬‬
‫ولما كان المشبه به مصرحاً‪ .‬بذكره سمي هذا المجاز اللغوي‪ ،‬أو هذه االستعارة "استعارة‬
‫تصريحية" ألننا قد صرحنا‪ .‬بالمشبه به‪ ،‬وكأنه عين المشبه مبالغة واتساعاً في الكالم‪.‬‬
‫‪ -2‬االستعارة المكنية وهي ما حذف المشبه به منها ورمز‪ .‬إليه بشيء من لوازمه‪:‬‬
‫ألفيت كل تميمة ال تنفع‬ ‫وإ ذا المنية أنشبت أظفارها‬
‫شبه المنية بالحيوان المفترس وأبقى شيئا من لوازمه وهو نشب األظفار‪.‬‬
‫ضحك المشيب برأسه فبكى‬ ‫سلم من رجل‬
‫ال تعجبي يا ُ‬
‫وأظهر من ذلك في الداللة قوله تعالى‪( :‬والصُّبح إذا تََنفَ َس)‪.‬‬
‫فالمستعار‪ .‬منه هو اإلنسان‪ ،‬والمستعار له هو الصبح‪ ،‬ووجه الشبه هو حركة اإلنسان وخروج‪.‬‬
‫النور‪ ،‬فكلتاهما حركة دائبة مستمرة‪ ،‬وقد‪ .‬ذكر المشبه وهو الصبح‪ ،‬وحذف المشبه به وهو‬
‫اإلنسان‪ ،‬فعادت االستعارة مكنية‪.‬‬
‫ج‪ -‬االستعارة التخييلية‪ :‬وهي أن يستعار لفظ دال على حقيقة خيالية تقدر في الوهم‪ ،‬ثم تردف‪.‬‬
‫بذكر المستعار له إيضاحاً لها أو تعريفاً لحالها‪.‬‬
‫ومثال ذلك من القرآن الكريم كل اآليات التي يتوهم منها التشبيه‪ ،‬أو يتخيل فيها التجسيم تعالى‬
‫كيف يشاء‪.)...‬‬
‫نفق َ‬ ‫ِ‬
‫وطتان ُي ُ‬‫بس‬
‫اهلل عن ذلك علواً كبيراً‪ .‬فقوله تعالى‪َ( :‬بل َيداهُ َم ُ‬

‫‪31‬‬
‫بيدي‪.)...‬‬
‫قت َّ‬ ‫ك‪ .)...‬وقوله تعالى‪َ ( :‬خلَ ُ‬
‫ويبقى َوجهُ َرّب َ‬
‫وقوله تعالى‪َ ( :‬‬
‫كلها استعارات تخييلية‪ ،‬إذ تخيل اليد والوجه بالنسبة إليه تعالى إنما يصح على جهة االستعارة‬
‫ال االستعمال الحقيقي‪ ،‬كما أن القرينة المانعة من الحقيقة هي آيات التنزيه‪.‬‬
‫وقوله <إن الحسنات يذهبن السيئات> ثم في الدرجة الثانية تمحو الخطيئة لخبر‪ :‬اتبع السيئة‬
‫الحسنة تمحها‪ ،‬ثم في الثالثة تطفئ الخطيئة لمقام الحكاية عن المباعدة عن النار فلما وضع‬
‫الخطيئة موضع النار على االستعارة المكنية اثبت لها على االستعارة التخييلية ما يالزم النار من‬
‫اإلطفاء لتكون قرينة مانعة لها عن ارادة الحقيقة‪.‬‬
‫د‪ -‬االستعارة التمثيلية‪ :‬وهي المجاز المركب أو اللفظ المركب المستعمل في شبه معناه األصلي‬
‫ويكون وجه الشبه فيه منتزعا من أمور متعدده مركبة بحيث تدخل المشبه في جنس المشبه به‬
‫فتذكر بلفظها بغير تغيير حتى إذا اشتهرت أصبحت مثال كقولهم للمتردد‪ :‬أراك تقدم رجال‬
‫وتؤخر‪ .‬أخرى‪.‬‬
‫فكرهتموه)‪ ،‬فقد شبهت حال من تناول عرض رجل من‬ ‫ميتاً‬ ‫يأكل لحم ِ‬
‫أخيه ْ‬ ‫( ُأي ِح ُّ‬
‫ُ‬ ‫أن َ َ‬ ‫أحد ُكم ْ‬
‫ب ُ‬
‫أصحابه بالغيبة كحال من شرع في أكل لحم أخيه الميت‪ ،‬بجامع الشناعة والفظاعة المتعلقة في‬
‫هذين الفعلين‪.‬‬
‫هـ ‪ -‬االستعارة التهكمية‪ :‬هي ما ُن ّزل فيها التضاد منزلة التناسب ألجل التهكم واالستهزاء‪ ،‬نحو‪:‬‬
‫اب َِأل ٍيم) استعير‪ .‬التبشير‬ ‫يل اللّ ِه فََب ِّش ْر ُهم بِ َع َذ ٍ‬‫ونها ِفي سبِ ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫ضةَ َوالَ ُينفقُ َ َ‬‫ب َواْل ِف َّ‬ ‫َّ‬
‫ون الذ َه َ‬
‫ِ‬
‫ين َي ْكن ُز َ‬
‫َِّ‬
‫( َوالذ َ‬
‫(وهو اإلخبار بما يسر) لإلنذار وهو اإلخبار بما يسوء لغرض السخرية‪ .‬وقال‪ .‬قوم شعيب له‬
‫َأم َو ِالَنا َما‬ ‫ِ‬
‫ك َما َي ْعُب ُد َآباُؤ َنا َْأو َأن َّن ْف َع َل في ْ‬‫ك َأن َّنتْ ُر َ‬
‫ْأم ُر َ‬
‫ك تَ ُ‬
‫َأصالَتُ َ‬
‫ب َ‬ ‫على سبيل السخرية‪َ( :‬يا ُش َع ْي ُ‬
‫والغي (الذي ظنوه به جهال) حلما ورشدا‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫يد)‪ .‬شبهوا السفه‬ ‫الر ِش ُ‬ ‫يم َّ‬ ‫ك َ ِ‬
‫َأَلنت اْل َحل ُ‬ ‫َن َشاء ِإَّن َ‬
‫أركان اإلستعارة‬
‫لإلستعارة أركان ثالثة‪:‬‬
‫المشبه به‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪1‬ـ المستعار‪ .‬منه‪ ،‬وهو‬
‫‪ -2‬المستعار‪ .‬له‪ ،‬وهو المشبه‪ ،‬ويقال لهذين‪( :‬طرفا اإلستعارة) ‪.‬‬
‫‪ -3‬المستعار‪ ،.‬وهو اللفظ المنقول‪.‬‬
‫ففي (رأيت أسداً يرمي) المستعار منه‪ :‬الحيوان المفترس‪ ،‬والمستعار‪ .‬له‪ :‬زيد‪ ،‬والمستعار‪ :‬لفظ‬
‫أسد‪.‬‬
‫أقسام اإلستعارة‬
‫إن اإلستعارة تنقسم باعتبار ما يذكر من طرفي‪ .‬اإلستعارة إلى ما يلي‪:‬‬
‫ثم ّ‬
‫ويسمى‪( :‬استعارة تصريحية)‪ ،‬نحو‪( :‬فأمطرت لؤلؤاً‬
‫ّ‬ ‫‪ 1‬ـ أن يذكر في الكالم لفظ المشبه به فقط‪،‬‬
‫من نرجس‪ ) ...‬فاللؤلؤ‪ :‬الدمع‪ ،‬والنرجس‪ :‬العين‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫ويسمى‪( :‬استعارة‬
‫ّ‬ ‫‪ 2‬ـ أن يذكر في الكالم لفظ المشبه فقط‪ ،‬ويؤتى ببعض لوازم المشبه به‪.‬‬
‫شبه المنية‬
‫بالكناية) وسمي‪ .‬الالزم (استعارة تخييلية) كقوله‪( :‬وإ ذا المنية انشبت أظفارها) فإنه ّ‬
‫بالسبع‪ ،‬وأثبت لها بعض لوازم‪ .‬السبع وهو الظفر‪ ،‬فالمنية‪ :‬استعارة بالكناية‪ ،‬واألظفار‪ :‬استعارة‬
‫تخييلية‪.‬‬
‫ومنه يظهر‪ :‬تالزم اإلستعارة بالكناية مع اإلستعارة التخييلية‪.‬‬
‫االستعارة باعتبار المستعار له‬
‫تنقسم (االستعارة) باعتبار (المستعار له) الى قسمين‪:‬‬
‫حساً‪ :‬كاألسد المستعار‪ .‬للشجاع‪ ،‬أو‬
‫التحقيقية‪ :‬وهو ما كان المستعار له محققاً ّ‬
‫ّ‬ ‫‪ 1‬ـ االستعارة‬
‫عقالً‪ :‬كالصراط‪ .‬المستقيم المستعار للدين‪.‬‬
‫حساً‪،‬‬
‫‪ 2‬ـ اإلستعارة التخييلية‪ :‬وهو ما كان المستعار له موهوباً‪ ،‬غير محقق‪ ،‬ال عقالً وال ّ‬
‫كاالظفار المستعارة للمنية‪.‬‬
‫اإلستعارة باعتبار اللفّظ المستعار‬
‫تنقسم (اإلستعارة) باعتبار اللفظ المستعار‪ .‬إلى ثالثة أقسام‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ ما كان لفظ المستعار‪ .‬إسماً لذات‪ :‬كالبدر‪ .‬للجميل‪ ،‬أو اسماً لمعنى‪ :‬كالقتل للضرب الشديد‪،‬‬
‫وتسمى اإلستعارة (أصلية)‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ ما كان لفظ المستعار‪ .‬فعالً‪ ،‬أو اسم فعل‪ ،‬أو اسماً مشتقّاً‪ ،‬أو اسماً مبهماً‪ ،‬أو حرفاً‪ ،.‬وتسمى‬
‫االستعارة‪( :‬تصريحية تبعية)‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ ما كان لفظ المستعار‪ .‬اسماً مشتقّاً‪ ،‬أو اسماً مبهماً ‪ ،‬وتسمى هذه االستعارة‪( :‬تبعية مكنية)‬
‫وهذا داخل في القسم الثاني‪.‬‬
‫اإلستعارة العنادية والوفاقية‬
‫ثم أن االستعارة المصرحة تنقسم باعتبار الطرفين إلى قسمين‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ العنادية‪ ،‬وهي التي ال يمكن اجتماع طرفيها في شيء واحد‪ ،‬لتعاندهما‪ ،‬كاجتماع الهدى‬
‫والضالل‪ ،‬والنور‪ .‬والظالم‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ الوفاقية‪ ،‬وهي التي يمكن اجتماع طرفيها في شيء واحد‪ ،‬لتوافقهما‪ ،‬كاجتماع النور والتقى‪،‬‬
‫والحياة والهداية‪.‬‬
‫فإن‬
‫ومثال االثنين‪ :‬العنادية والوفاقية‪ ،‬قوله تعالى‪( :‬أو من كان ّم ْيتاً فأحييناه) أي‪ :‬ضاالً فهديناه‪ّ ،‬‬
‫في هذه اآلية استعارتين هما‪:‬‬
‫أ‌‪ -‬استعارة الموت للضالل الشتراكهما‪ .‬في عدم االنتفاع‪ ،‬وهي عنادية لعدم امكان اجتماع‬
‫حي‪.‬‬
‫ألن الضا ّل ّ‬
‫الموت مع الضالل الذي ال يكون إال في الحي ّ‬

‫‪33‬‬
‫وفاقية إلمكان اجتماع اإلحياء‬‫ب‌‪ -‬استعارة اإلحياء للهداية الشتراكهما في ثبوت االنتفاع‪ ،‬وهي ّ‬
‫ول ِإ َذا َد َعا ُكم ِل َما ُي ْحيِي ُك ْم"‪.‬‬
‫استَ ِج ُيبوْ‪.‬ا ِللّ ِه وِل َّلرس ِ‬
‫َ ُ‬ ‫آمُنوْا ْ‬
‫ين َ‬
‫َِّ‬
‫والهداية‪"َ ،،.‬يا َأيُّهَا الذ َ‬
‫أقسام االستعارة العنادية‬
‫ان االستعارة العنادية على قسمين‪:‬‬
‫ثم ّ‬
‫ّ‬
‫ضده أو نقيضه‪ ،‬كقوله‪( :‬رأيت‬
‫‪ 1‬ـ التمليحية‪ :‬بأن يستعمل اللّفظ الموضوع لمعنى شريف‪ .‬في ّ‬
‫أسداً) وهو يريد‪ :‬جباناً‪.‬‬
‫ينزل التضاد منزلة التناسب‪ ،‬نحو قوله تعالى‪ِّ ( :‬‬
‫فبشرهم‪ .‬بعذاب أليم) أي‪:‬‬ ‫‪ 2‬ـ التهكمية‪ :‬بأن ّ‬
‫ضده على سبيل التهكم واإلستهزاء‪.‬‬
‫أنذرهم‪ ،‬فاستعيرت‪ .‬البشارة لإلنذار الّذي هو ّ‬
‫اإلستعارة باعتبار الجامع‬
‫وتنقسم اإلستعارة المصرحة باعتبار الجامع إلى قسمين‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ عامية‪ ،‬وهي المعلومة لدى كل أحد‪ ،‬نحو‪( :‬رأيت أسداً يرمي) والجامع بين الطرفين واضح‬
‫وهي الشجاعة‪.‬‬
‫وتأمل‪ ،‬نحو‪:‬‬
‫‪ 2‬ـ خاصية‪ ،‬وهي التي تحتاج الى فكر ّ‬
‫ـاب المال‬
‫تبسم ضاحكا‪َ                      ‬غلقـت لضحكته رقـ ُ‬
‫مر الرداء إذا ّ‬
‫ّغ ُ‬
‫ساترية الكرم كالرداء عرض‬
‫ّ‬ ‫بالتأمل فيه وهي‬
‫ّ‬ ‫والجامع بين الطرفين غير واضح يعرف‬
‫صاحبه‪ ،‬أي أن كرمه يستر معايبه‪.‬‬
‫اإلستعارة باعتبار المالئمات‬
‫وتنقسم اإلستعارة باعتبار ذكر مالئم المستعار‪ .‬منه أو مالئم المستعار‪ .‬له‪ ،‬وعدم ذكرها‪ ،‬إلى‬
‫ثالثة أقسام‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ المطلقة‪ ،‬وهي مالم تقترن بما يالئم أحدهما‪ ،‬أو اقترنت بما يالئمهما معاً‪.‬‬
‫فاألول‪ ،‬نحو قوله تعالى‪( :‬ينقضون عهد اهلل) ‪.‬‬
‫والثاني‪ ،‬نحو‪:‬‬
‫ـبد أظفــاره لـم تقلـَّم‬
‫لدى أسد شاكي السالح مق ّذف‪            ‬لـه ل ٌ‬
‫فشاكي السالح للرجل‪ ،‬وله لبد ـ الخ ـ لألسد‪.‬‬
‫َّ‬
‫المرشحة‪ ،‬وهي ما قرنت بمالئم المستعار‪ .‬منه‪ ،‬نحو‪( :‬أسد له لبد أتاك‪.)..‬‬ ‫‪2‬ـ‬
‫المجردة‪ ،‬وهي ما قرنت بمالئم المستعار‪ .‬له‪ ،‬نحو‪( :‬أسد شاكي السالح‪.)..‬‬
‫ّ‬ ‫‪3‬ـ‬
‫المجاز المركب باإلستعارة‬
‫تقدم أن المجاز إما مرسل وإ ما استعارة‪ ،‬وكل واحد منهما إما مفرد أو مر ّكب‪ ،‬وسبق‪ .‬الكالم‬
‫حول المفرد من االستعارة‪ ،‬وسنتكلم‪ .‬عن المركب من االستعارة هنا‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫والمجاز المر ّكب باإلستعارة التمثيلية‪ :‬هو الكالم المستعمل في غير معناه الموضوع‪ .‬له‪ ،‬لعالقة‬
‫بالمتردد‪ .‬في السير‪ ،‬وقولهم‬
‫ّ‬ ‫وتؤخر أخرى) تشبيهاً‬
‫ّ‬ ‫تقدم رجالً‬
‫للمتردد‪( :‬أراك ّ‬
‫ّ‬ ‫المشابهة‪ ،‬كقولهم‬
‫لمن يريد أن يعمل ما ال يقدر عليه وحد‪( :‬اليد ال تصفّق وحدها) تشبيهاً‪ .‬له باليد الواحدة‪.‬‬
‫هذا في النثر‪ ،‬وفي الشعر أيضاً ورد ذلك نحو قوله‪:‬‬
‫إذا جاء موسى‪ .‬وألقى العصى‪            ‬فــقد بطل السحـر والساحــر‬
‫ونحو قوله‪:‬‬
‫متـى يبلغ البنيان يوماً تمامـه‪            ‬إذا كـنت تبنيه وغيـرك هادم‬
‫التمثيلية وشاع كان مثالً‪ ،‬فال يغيَّر مطلقاً‪ ،‬وإ نما يخاطب به المفرد‬
‫ّ‬ ‫وإ ذا كثر استعمال اإلستعارة‬
‫أي تغيير‪.‬‬
‫والمذ ّكر وفروعهما بلفظ واحد‪ ،‬دون ّ‬

‫المجاز‪ :‬ثالثا‪ :‬المجاز المرسل‪:‬‬


‫أما إذا كانت العالقة بين المعنى المستعمل فيه والمعنى األصلي غير المشابهة فإنه يسمى المجاز‬
‫المرسل‪:‬‬
‫المجاز المفرد المرسل‬
‫المجاز المفرد المرسل‪ ،‬هو اللفظ المستعمل ـ بقرينه ـ في خالف معناه اللغوي لعالقة غير‬
‫المشابهة‪ ،‬وعالقات المرسل متعددة‪:‬‬
‫‪ -1‬فإذا سمي الشيء باسم جزئه تكون العالقة الجزئية‪" :‬قم الليل إال قليال"‪ ،‬أي صل ألنه ذكر‬
‫القيام وأراد الصالة ألنه جزء منها (فتحرير‪ .‬رقبة مؤمنة) أي انسان مؤمن‪ ،‬والقرينة‪ :‬التحرير‪..‬‬
‫‪ -2‬وقد تكون العالقة كلية ‪" :‬يجعلون أصابعهم‪ .‬في آذانهم" ‪ ،‬فليس كل االصبع في األذن فذكر‬
‫هنا الكل وأراد الجزء‪،‬‬
‫‪ -5‬السببية‪ :‬أي تسمية الشيء باسم سببه‪ ":‬فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى‬
‫عليكم"‪ ،‬سمى رد أو جزاء االعتداء من قبيل تسمية الشيء باسم سببه‪" :‬إنما نحن مستهزئون اهلل‬
‫يستهزئ بهم" "ومكروا‪ .‬ومكر اهلل" ‪" ،،،‬فيسخرون منهم سخر اهلل منهم"‪ ،،‬و"نسوا اهلل فنسيهم"‪،،‬‬
‫"وجزاء سيئة سيئة مثلها"‪.‬‬
‫تسمى هذه العالقة أحيانا الجزائية ‪ :‬أنببت األرض مطرا‪.‬‬
‫د‪ -‬المسببية‪ :‬تسمية الشيء باسم المسبب عنه‪ :‬أمطرت السماء نباتا‪( ،،‬وينزل لكم من السماء‬
‫رزقاً) أي‪ :‬مطراً‪ ،‬إذ المطر سبب الرزق‪ ،‬والقرينة‪ :‬االنزال من السماء‪.‬‬
‫هـ_ باعتبار ما سيكون عليه‪" :‬إني أراني أعصر خمرا" أي عصيراً يؤول أمره إلى الخمر‪ ،‬إذ‬
‫ويسمى(المجاز‪ .‬باَألول) ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫هو حال العصر ال يكون خمراً‪،‬‬
‫و‪ -‬باعتبار ما كان عليه‪" :‬وآتوا اليتامى أموالهم" ألنه ال يتم بعد البلوغ‬

‫‪35‬‬
‫ز‪ -‬تسمية الحال باسم المحل‪ :‬فليدع ناديه‪ /‬واسأل القرية التي كنا فيها‬
‫ح‪ -‬تسمية المحل باسم الحال ‪" :‬وأما الذين ابيضت وجوههم‪ .‬ففي رحمة اهلل" أي في الجنه وهي‬
‫المحل والرحمة حالة فيها‪( .‬أرى سواداً من بعيد)‪ ،‬فإن المراد الذات‪ ،‬والسواد‪ .‬حا ّل‪.‬‬
‫ط‪ -‬الحذف‪" :‬إن الذين يؤذون اهلل ورسوله"‪ :‬أي يؤذون أولياء اهلل‬
‫ي‪ -‬وضع لفظ مكان غيره للمجاورة‪ :‬تسمية الشيء باسم غيره للمجاورة قولهم‪ .‬للسقا الراوية‬
‫والراوية اسم الجمل الذي يحمل عليه السقا الماء‪( ،‬كلمت الجدار) أي الجالس بجنبه‪.‬‬
‫ِ‬
‫مجاوره‪ ،‬نحو قول عنترة‪:‬‬ ‫المجاورة‪ ،‬استخدام‪ .‬لفظ دال على شيء معين ليدل على‬
‫الكريم على القنا بِ ُم َّ‬
‫حرِم‬ ‫ُ‬ ‫ليس‬ ‫ثيابهُ‬
‫ت بالرمح األصم َ‬ ‫ف َش َك ْك ُ‬
‫عبر بالثياب عما يليها من الجسد أو القلب‪.‬‬
‫ك‪ -‬اآللية‪ ،‬بأن يستعمل اآللة في المسبب منها‪ ،‬قال تعالى‪( :‬واجعل لي لسان صدق في‬
‫اآلخرين) بمعنى الذكر الحسن‪ ،‬فإن اللسان آلة للذكر‪ ،‬والقرينة‪ :‬ان اللسان ال يبقى‪ ،‬وال ينفع‬
‫بمجرده‪.‬‬
‫الميت ّ‬
‫ل‪ -‬الالزمية‪ ،‬بأن يستعمل الالزم في الملزوم‪ ،‬نحو‪( :‬طلع الضوء) حيث يراد به الشمس‪.‬‬
‫م‪ -‬الملزومية‪ ،‬بأن يستعمل الملزوم في الالزم‪ ،‬نحو‪( :‬جلست في القمر) أي في ضوئه‪.‬‬
‫المقيد في المطلق‪ ،‬نحو‪( :‬مشفر زيد مجروح) فإن (المشفر) في‬
‫ن‪ -‬المقيدية‪ ،‬بأن يستعمل ّ‬
‫اللغة‪ :‬شفة البعير‪ ،‬فاستعمل في مطلق الشفة‪ ،‬ثم نقل إلى شفة اإلنسان وهو زيد‪.‬‬
‫المقيد‪ ،‬نحو‪( :‬تحرير رقبة) أي رقبة مؤمنة‪.‬‬
‫ص‪ -‬المطلقية‪ ،‬بأن يستعمل المطلق في ّ‬
‫ع‪ -‬العمومية‪ ،‬بأن يستعمل العام في الخاص‪ ،‬قال تعالى‪( :‬الذين قال لهم الناس) والمراد عبد اهلل‬
‫بن مسعود‪.‬‬
‫ف‪ -‬الخصوصية‪ ،‬بأن يستعمل الخاص في العام‪ ،‬نحو‪( :‬جاءت قريش) فإن المراد القبيلة‪ ،‬مع‬
‫لجدهم‪.‬‬
‫أن قريش َعلَم ّ‬
‫(اَألول) أعم من القريب‬
‫س‪ -‬المجاز بالمشارفة‪ ،‬وهو كالمجاز باَألول إال أن الفرق بينهما كون ْ‬
‫والبعيد‪ ،‬و(المشارفة) لخصوص القريب‪ ،‬قال صلى اهلل عليه وآله وسلم‪( :‬من قتل قتيالً فله‬
‫الميت)‪.‬‬
‫سلبه) فإن القتيل ال ُيقتل‪ ،‬وإ نما المراد المشرف على القتل ومثله‪( :‬إذا مات ّ‬
‫ق‪ -‬البدلية‪ ،‬بأن يستعمل البدل في المبدل منه‪ ،‬كقوله‬
‫تيممنا بماء المزن حتى‪            ‬فـ ــقدنـاه فقمنا للتراب‬
‫َّ‬
‫التيمم بدل عن الوضوء‪ ،‬والوضوء‪ .‬مبدل منه‪ ،‬فاستعمل البدل في المبدل‬
‫فإن ّ‬ ‫توضينا‪ّ .،‬‬
‫ّ‬ ‫والمراد‪:‬‬
‫منه‪.‬‬
‫ر‪ -‬المبدلية‪ ،‬بأن يستعمل المبدل منه في البدل‪ ،‬كقولهم‪( :‬أكل فالن الدم) يريدون‪ .‬الدية‪ ،‬فإن الدم‬
‫مبدل منه‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫ش‪ -‬اطالق المصدر على اسم الفاعل‪ ،‬كقوله‪:‬‬
‫سير ذهب ــت لنحوه‪            ‬الستبرء االخبار من أهل كوفان‬
‫ولما بدا ٌ‬
‫فالمراد بالسير‪ :‬السائر‪.‬‬
‫ت ـ اطالق المصدر على اسم المفعول‪ ،‬كقوله تعالى‪( :‬هذا خلق اهلل) أي مخلوقه‪.‬‬
‫ض ـ اطالق اسم الفاعل على المصدر‪ ،‬قال تعالى‪( :‬ليس لوقعتها كاذبة) أي‪ :‬تكذيب‪.‬‬
‫غ ـ اطالق اسم الفاعل على اسم المفعول‪ ،‬قال تعالى‪( :‬ال عاصم اليوم من أمره اهلل) أي ال‬
‫معصوم‪.‬‬
‫ث ـ اطالق اسم المفعول على اسم الفاعل‪ ،‬قال تعالى‪( :‬حجاباً مستوراً) أي ساتراً‪.‬‬
‫ذ ـ اطالق اسم المفعول على المصدر‪ ،.‬كقوله‪( :‬بمنصور‪ .‬النبي على االعادي‪ )...‬أي بمثل نصرة‬
‫النبي (صلى اهلل عليه وآله وسلم) على أعاديه‪.‬‬
‫وال يخفى ان في بعض االمثلة مناقشة‪ ،‬كما أن العالقة التنحصر‪ .‬فيما ذكروا‪ ،‬بل كلما استحسنه‬
‫الطبع جاز استعماله‪.‬‬

‫وهنالك المجاز العقلي‪ :‬وهو إسناد الفعل لغير فاعله الحقيقي لغرض بالغي كقولنا‪ :‬جمع أبو بكر‬
‫القرآن‪ .‬والمجاز العقلي على قسمين‪:‬‬
‫األول‪ :‬المجاز في اإلسناد‪ ،‬وهو إسناد الفعل أو ما في معنى الفعل إلى غير من هو له‪ ،‬وهو‬
‫على أقسام‪ ،‬أشهرها‪:‬‬
‫المسرة واالساءة إلى‬
‫ّ‬ ‫سره زمن ساءته أزمان) فإن إسناد‬
‫‪ 1‬ـ اإلسناد إلى الزمان‪ ،‬كقوله‪( :‬من ّ‬
‫الزمان مجاز‪ ،‬إذ المسيء هو بعض الطواريء‪ .‬العارضة فيه‪ ،‬ال الزمان نفسه‪.‬‬
‫فإن إسناد الجري‬
‫‪ 2‬ـ اإلسناد إلى المكان‪ ،‬نحو قوله تعالى‪( :‬وجعلنا األنهار تجري من تحتهم) ّ‬
‫إلى األنهار مجاز‪ ،‬باعتبار مائها‪.‬‬
‫فإن األمير سبب بناء المدينة ال أّنه بناها بنفسه‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ اإلسناد إلى السبب‪( :‬بنى األمير المدينة) ّ‬
‫(ج َّد) ُأسند إلى‬ ‫‪ 4‬ـ اإلسناد إلى المصدر‪ ،.‬كقوله‪( :‬سيذكرني‪ .‬قومي إذا َج َّد ِج ّدهم) ّ‬
‫فإن الفعل َ‬
‫الجاد‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ألن الفاعل األصلي هو‬ ‫المصدر‪ِ :‬‬
‫(ج ّدهم) مجازاً‪ّ ،‬‬
‫اإلضافية نحو‪:‬‬
‫ّ‬ ‫الثاني‪ :‬المجاز في النسبة غير اإلسنادية‪ ،‬وأشهرها‪ .‬النسبة‬
‫فإن نسبة الجري إلى النهر مجاز باعتبار اإلضافة إلى المكان‪.‬‬
‫ي األنهار) ّ‬
‫(ج ْر ُ‬
‫‪1‬ـ َ‬
‫فإن نسبة الصوم‪ .‬إلى النهار مجاز باعتبار اإلضافة إلى الزمان‪.‬‬
‫(صوم النهار) ّ‬
‫ُ‬ ‫‪2‬ـ‬
‫فإنه مجاز باعتبار اإلضافة إلى السبب‪.‬‬
‫البين) ّ‬‫راب َ‬
‫(غ ُ‬
‫‪3‬ـ ُ‬
‫‪ 4‬ـ (اجتهاد ِ‬
‫الج ّد) مجاز باعتبار اإلضافة إلى المصدر‪..‬‬
‫ونالحظ في جميع أنواع المجاز ال بد من أن تصحبه قرينة تمنع إرادة المعنى األصلي‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫المجاز المر ّكب المرسل‬
‫تقدم أن المجاز إما مرسل وإ ما استعارة‪ ،‬وكل واحد منهما إما مفرد أو مر ّكب‪ ،‬وسبق‪ .‬الكالم‬
‫حول المفرد منهما‪ ،‬والمركب من االستعارة وبقي المر ّكب من المرسل‪.‬‬
‫فالمجاز المرسل المركب‪ :‬هو الكالم المستعمل في غير المعنى الموضوع‪ .‬له‪ ،‬لعالقة غير‬
‫المشابهة‪ ،‬ويقع في المركبات الخبرية واإلنشائية‪ ،‬ألغراض أهمها‪:‬‬
‫التحسر على ما فات‬
‫ّ‬ ‫ام‪ )..‬فإنه خبر أريد منه انشاء‬
‫األي ُ‬
‫التحسر‪ ،‬كقوله‪( :‬ذهب الصِّبا وتولّت ّ‬
‫ّ‬ ‫‪1‬ـ‬
‫من شبابه‪.‬‬
‫مني‪ ) ...‬اظهاراً للضعف‪.‬‬
‫العظم ّ‬
‫ُ‬ ‫رب ّإني وهن‬
‫‪ 2‬ـ اظهار الضعف‪ ،‬قال تعالى‪ّ ( :‬‬
‫‪ 3‬ـ اظهار السرور‪ ،‬قال تعالى‪( :‬يا ُبشرى‪ .‬هذا غالم)‪.‬‬
‫السوي) ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ 4‬ـ الدعاء‪ ،‬كقوله‪( :‬هداك اهلل للسبيل‬
‫‪ 5‬ـ اظهار عدم اإلعتماد‪ ،‬قال تعالى‪( :‬هل آمنكم عليه إالّ كما أمنتكم على أخيه)‬

‫المجاز‪ :‬رابعا‪ :‬الكناية‪:‬‬


‫أما إذا أريد الزم المعنى للفظ مع جواز إرادة المعنى الحقيقي فتسمى حينئذ كناية‪:‬‬
‫مثل نؤوم‪ .‬الضحى فالزم المعنى المقصود أننا نتكلم عن المرأة المخدومة في بيتها وقد يراد‬
‫المعنى الحقيقي أي أن المرأة تنام وتتأخر في نومها حتى الضحى فهذه الكناية عن الموصوف ‪،‬‬
‫ومثال آخر‪:‬‬
‫ودب دبيبه ــا‪            ‬إلى موطن األسرار قلت لها قفي‪.‬‬
‫فلما شربناها‪ّ .‬‬
‫أراد بموطن األسرار‪ .‬القلب‪.‬‬
‫وأما الكناية عن صفة ‪ :‬عريض القفا‪ :‬عن البله والحمق‪ .‬وهذا الزم المعنى وقد يراد بهذا التعبير‬
‫المعنى الحقيقي‪ ،‬فالنة بعيدة َم ْهوى القُْر ِط ‪ ،‬كناية عن طول العنق‪.‬‬
‫وقد تدل الكناية على النسبة مثل‪ :‬المجد بين ثوبيه والكرم‪ .‬بين يديه‪.‬‬
‫إن السماحة والمروة والندى‪            ‬في قبة ضربت على ابن الحشرج‬
‫فإن تخصيص هذه الثالثة بمكان ابن الحشرج يتالزم نسبتها إليه‪.‬‬
‫وقد تدل الكناية على المعنى تعريضا أي أن يكون فهم المعنى من اللفظ بالسياق والقرينة‪" :‬أو‬
‫المستم النساء"‪ :‬كناية عن الجماع بالدخول‬
‫"واجعل لي لسان صدق في اآلخرين" كناية به عن الثناء الحسن‬
‫وقالت فاطمة بنت قيس للنبي صلى اهلل عليه وسلم قد خطبني أبو الجهم في جملة من خطبني‪.‬‬
‫فقال‪ :‬أما أبو الجهم فإنه رجل ال يضع عصاه عن عاتقه‬

‫‪38‬‬
‫كناية عن أنه يضرب النساء أو أنه يضرب في األرض وال يستقر بمكان‪.‬‬
‫ثم إن الكناية عن الصفة تكون على قسمين‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ قريبة‪ ،‬وهي التي ال يحتاج اإلنتقال فيها إلى اعمال روية وفكر‪ ،‬لعدم الواسطة بينها وبين‬
‫المطلوب ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ بعيدة‪ ،‬وهي التي يحتاج اإلنتقال فيها إلى اعمال روية وفكر‪ .،‬لوجود الواسطة بينها وبين‬
‫المطلوب‪.‬‬
‫فمثال األول‪( :‬طويل النجاد) فإن النجاد حمائل السيف‪ ،‬وطوله يستلزم‪ .‬طول القامة بال واسطة‪.‬‬
‫ألن كثرة الرماد مالزمة‬
‫ومثال الثاني‪( :‬كثير الرماد) فكثرة الرماد تستلزم‪ .‬الكرم لكن بواسطة‪ّ ،‬‬
‫لكثرة اإلحراق‪ ،‬وهي مالزمة لكثرة النار والطبخ‪ ،‬وهي مالزمة لكثرة الضيوف‪ ،‬وهي مالزمة‬
‫للكرم‪ ،‬المقصود‬
‫تنقسم الكناية باعتبار اللوازم والسياق‪ .‬إلى أربعة أقسام‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ التعريض‪ ،‬وهو أن يطلق الكالم ويراد معنى آخر يفهم من السياق تعريضاً‪ .‬بالمخاطب‪،‬‬
‫تم العقل نقص الكالم)‪.‬‬
‫كقولك للمهذار‪( :‬إذا ّ‬
‫‪ 2‬ـ التلويح‪ ،‬وهو أن تكثر الوسائط‪ .‬بدون تعريض‪ ،‬نحو‪( :‬كثير الرماد) و( وجبان الكلب)‬
‫و(مهزول الفصيل)‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ الرمز‪ ،‬وهو أن تقل الوسائط مع خفاء في اللزوم‪ .‬بدون تعريض‪ ،‬كقولهم‪( :‬فالن متناسب‬
‫األعضاء) كناية عن ذكائه‪ ،‬إذ الذكاء الكثير في الجسم المتناسب‪ ،‬وقولهم‪( :‬هو مكتنز اللّحم)‬
‫قوته وشجاعته‪.‬‬
‫كناية عن ّ‬
‫‪ 4‬ـ اإليماء وهو أن تقل الوسائط‪ ،‬مع وضوح‪ .‬اللزوم بال تعريض‪ ،‬كقوله‪:‬‬
‫ُاليمـن يتبــع ظلـه‪            ‬والمجد يمشي في ركابه‬

‫هذا بحث الحقيقة والمجاز ‪.‬‬


‫وهذه األبحاث تخدم في مسألة فهم بالغة القرآن وإ عجازه‪ ،،‬ولك مثال أن ترجع لتفسير الظالل‬
‫ولكتابات سيد قطب رحمه اهلل لترى كيف تفهم بالغة القرآن‪.‬‬
‫على أنني أحببت والوقوف مع بعض األمور‪ .‬المتعلقة بالبحث هنا‪:‬‬
‫‪ -1‬من خصائص التشبيه في البيان العربي كونه عنصراً أساسياً في التركيب الجملي‪ ،‬والمعنى‪.‬‬
‫العام المراد ال يتم إال به‪ ،‬فالنص األدبي الممتاز ال يقصد إلى التشبيه بوصفه تشبيهاً فحسب‪ ،‬بل‬
‫بوصفه حاجة فنية تبنى عليها ضرورة الصياغة والتركيب‪ ،‬فهو وإ ن كان عنصراً أساسياً يكسب‬
‫النص روعة واستقامة وتقريب فهم‪ ،‬إال أنه يبدو عنصراً ضرورياً‪ .‬ألداء المعنى المراد من جميع‬
‫الوجوه‪ ،‬ألن في التشبيه تمثيالً للصورة‪ ،‬وإ ثباتاً للخواطر‪ ،‬وتلبية لحاجات النفس‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫إنك تستطيع‪ .‬من خالل التشبيه تكييف النص األدبي نحو المعنى المراد‪ ،‬دون توقف‪ .‬لغوي‪ ،‬أو‬
‫معارضة بيانية‪ ،‬مسيطراً على الموقف من خالل تصورك لما تريد إمضاءه من حديث‪ ،‬أو إثباته‬
‫من معنى‪.‬‬
‫يض‬ ‫رف ِع ٌ‬
‫ين َّ‬
‫كأنهُ َّن َب ٌ‬ ‫قاصرات الطّ ِ‬
‫ُ‬ ‫﴿و ِع َ‬
‫ند ُهم‬ ‫أ_ أما في الترغيب فانظر إلى قوله تعالى‪َ :‬‬
‫مكنون﴾‪.‬‬
‫ٌ‬

‫أال ترى ما في الوصف‪ .‬والتشبيه في هاتين اآليتين من التراصف‪ ،‬وإ ثارة النفس‪ ،‬نحو التعليق بمن‬
‫تتحقق فيه هذه األوصاف التي تطمئن إليها الروح‪ ،‬وتهش لها النفس‪ ،‬ويتطلع‪ .‬إليها الفكر مع نقاء‬
‫الصورة‪ ،‬ولطف‪ .‬االستدراج‪ ،‬ورقة الترغيب المتناهي‪ ،‬فقد وصف نساء أهل الجنة بحسن العيون‬
‫الناظرة إلى أزواجها فحسب عفة وخفراً وطهارة‪ ،‬وشبههن بالبيض المكنون على عادة العرب‬
‫في وصف وتشبيه من اشتد حجابه‪ ،‬وتزايد‪ .‬ستره‪ ،‬بأنه في كن عن التبرج‪ ،‬ومنعة من االستهتار‪.‬‬
‫ب_ وأما في التنفير‪ ،‬فتزداد‪ .‬النفس عزوفاً‪ ،‬وتتوارى‪ .‬عن الصورة المتخيلة أو المتجسدة نفوراً‪،‬‬
‫وقد شبهت بما هو أقبح منها‪ ،‬حتى تبدو االستهانة واضحة واالشمئزاز منها متوقعاً‪ ،‬مضافاً‪ .‬إلى‬
‫الهلع والرعب والتطير‪ .‬الذي توجده هذه الصورة الشديدة‪ ،‬وإ ن شئت فانظر‪ .‬إلى قوله تعالى‪:‬‬
‫كالرميم﴾‪.‬‬ ‫عاد إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم‪ ،‬ما تَ َذر ِمن ٍ‬
‫شيء أتت عليه إال جعلتهُ َّ‬ ‫﴿وفي ٍ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫سترى كيف ازدادت عندك الحالة المتصورة سوءاً‪ .‬وكيف‪ .‬نفر منها طبعك نفوراً‪ ،‬فما هو شأن‬
‫_عز‬
‫هذه الريح المشؤمة التي جاءت بعذاب االستئصال؟‪ .‬وما هي خصائصها التي أوجدها اهلل ّ‬
‫وج ّل _ وسخرها للهالك التام المدمر حتى عاد كل شيء أتت عليه كالورق الجاف المتحطم‪ .‬نظراً‬
‫لشدة عصفها‪ ،‬وسرعة تطايرها‪ ،‬وخفة مرورها‪..‬‬
‫وإ ضافة إلى ما تقدم نلمس في تشبيهات القرآن‪ ،‬وهي الذروة في تشبيهات اللغة العربية الكريمة‪،‬‬
‫المحاكاة في األمور‪ .‬المحسوسة‪ ،‬والمماثلة في اإلدراكات المشاهدة‪ ،‬ألن في التصوير‪ .‬الحسي‪،‬‬
‫والتشبيه في المشاهدات‪ ،‬انتقاالً من األمور‪ .‬الذهنية الصرفة إلى العيان والنظر‪ ،‬وانصرافاً‪ .‬من‬
‫القضايا العقلية المحضة إلى انعام الحواس بما تدركه دون جهد عقلي في تصور‪ .‬أمر مفروض‪،‬‬
‫أو معنى ذهني مجرد‪ ،‬ال يتحقق مصداقه في الخارج إال بما هو حسي‪ ،‬فيزول‪_ .‬عندئذ _‬
‫الغموض واإلبهام‪ ،‬وتدرك‪ .‬في ضوء ذلك حقائق األشياء‪.‬‬
‫إذ الصورة التي يكدح العقل ويكد الذهن في استخراج أجزائها وربط‪ .‬عالقاتها‪ ،‬تكاد تكون بعيدة‬
‫عن الدائرة الفنية للتشبيه‪ ،‬ألن إدراك المعقوالت بعملية عقلية خالصة‪ ،‬ال يكون من اليسر‬
‫طي‬
‫السماء َك َ‬
‫َ‬ ‫وم َنطوي‬
‫﴿ي َ‬
‫كإدراكها بالحسيات المشاهدة‪ ،‬وإ ن شئت فانظر إلى قوله تعالى‪َ :‬‬
‫الس ِ‬
‫جل لل ُكتُ ِب﴾‪.‬‬ ‫ّ‬
‫فاآلية ناظرة إلى تجديد الخلق للجزاء‪ ،‬وبعثهم يوم القيامة‪ ،‬وإ عادتهم بعد إفنائهم‪ ،‬فهذه السماء‬

‫‪40‬‬
‫المشاهدة النيرة بالنجوم والكواكب والشمس والقمر سوف‪ .‬تطوي في ذلك اليوم كما يطوي‪ .‬الكتاب‬
‫على ما فيه‪ ،‬ثم ينشر للعمل به‪ ،‬واالستفادة من محتوياته‪ ،‬فالمشبه والمشبه به مما يدرك بالحواس‬
‫الناظرة والمتصورة تصوراً‪ .‬بدائياً ال عناء فيه وال تكلف‪ ،‬تمثّلت الصورة فيه واضحة‪ ،‬وتحققت‬
‫الفكرة بسيطة سليمة‪ ،‬تدرك في األثر والشكل والحركة والنظام‪..‬‬
‫لهذا نجد تشبيهات القرآن باستخدامها جميع هذه األصناف أكثر تأثيراً‪ ،‬وأقوى داللة من المشبه‪،‬‬
‫لتحقيق الجوانب التمثيلية من جميع جهاتها متجاوبة مع ما يحدثه هذا التنوع من تأثير على النفس‪،‬‬
‫كما ستلمس هذا جلياً من خالل النماذج القرآنية اآلتية‪:‬‬
‫أ_ حينما يريد اهلل أن يشبه قلوب بني إسرائيل قساوةً استعمل المدلول الحسي إلصابة المعنى‬
‫المراد فقال تعالى‪:‬‬
‫ك فَهي كالحجار ِة أو ُّ‬
‫أشد قَسوة﴾‪.‬‬ ‫ِ‬
‫﴿ثَُّم قَ َست ُقلُوبكم‪ .‬من بعد ذل َ َ‬
‫فهذا الحجر القاسي المتصلد قد ينفجر منه الماء‪ ،‬وقد تجري منه العيون‪ ،‬وقد‪ .‬تشقق األنهار‪ ،‬ولكن‬
‫قلوبهم أشد قسوة‪ ،‬وأكثر‪ .‬غلظة‪ ،‬إذ ذهب لينها‪ ،‬وتالشت رقتها‪ ،‬وذلك غاية ما يتصور‪ ،‬ونهاية ما‬
‫يحتسب وذلك أن يكون القلب أقسى من الحجر‪.‬‬
‫إن التطلع الواعي لتشبيه هذه اآلية يعني اضطراب النفس حول هذا المصير المؤلم لهذا الجزء‬
‫الشفاف من البدن وهو القلب‪ ،‬وليس المراد هو هذا العضو الصنوبري بمركباته العضوية‪ ،‬وإ نما‬
‫المراد هو هذا العضو بما ضم بين جانبيه من مخايل الرحمة والرقة والهدى واإليمان‪ ،‬وما‬
‫يستلزم ذلك من الهداية والرشاد واالطمئنان‪ ،‬وبهذا التشبيه تحقق نفي هذه المستلزمات جميعاً عن‬
‫القلب‪ ،‬فعاد حجارة ال تضر وال تنفع‪ ،‬صماء ال تستهدي وال تستشير‪.‬‬
‫فإنه يسلك عدة سبل لذلك‪ ،‬ولكنه حينما‬
‫ب_ وحينما يريد القرآن الكريم التزهيد في الحياة الدنيا‪ّ ،‬‬
‫يعتمد التشبيه الفني صورة حية لذلك‪ ،‬فإنه يعمد إلى هبات الطبيعة‪ ،‬ومقومات الحياة‪ ،‬فيصورها‪.‬‬
‫بما يبلغ به المراد‪ ،‬فتجده من خالل ذلك ينظر إلى الماء بوصفه عنصراً أساسياً في حياة اإلنسان‪،‬‬
‫فهو يدور معه حيث دار‪ ،‬ويتعلق به أنى وجد‪ ،‬فارتباطه به ارتباطاً أساسياً في حياة اإلنسان‪ ،‬فهو‬
‫يدور معه حيث دار‪ ،‬ولكنه مع ذلك ينتفع به انتفاعاً محدوداً‪ .‬قدر الحاجة‪ ،‬وما زاد على ذلك فهو‬
‫سارب في سبيله‪ ،‬ال دوام له وال بقاء‪ ،‬فعمد إلى تشبيه الحياة الدنيا به من خالل هذا الملحظ الدقيق‪.‬‬
‫في محاولة تفرض التأثير على النفس‪ ،‬وتوجه االنتباه المتزايد‪ ،‬فقال تعالى‪:‬‬
‫فأصبح هشيماً‬ ‫نبات األرض‬
‫به ُ‬ ‫ط ِ‬ ‫ِ‬
‫السماء فاختل َ‬ ‫كماء أنزلناهُ ِم َن‬
‫الدنيا ٍ‬ ‫ِ‬
‫الحياة ُّ‬ ‫﴿واضرب لَهُم َمث َل‬
‫َ‬
‫شيء مقتدرا﴾‪.‬‬ ‫تذروه الرياح وكان اهلل على ُك ِل ٍ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ج_ وحينما يرصد‪ .‬القرآن الكريم البيئة المختلفة لطبقة من الناس همها علفها‪ ،‬وشغلها تقممها‪ ،‬ال‬
‫تفكير لها إال في الملذات‪ ،‬وال أمر عندها إال في ظالل الشهوات‪ ،‬فالمتعة ال تتحقق لديهم إال‬
‫بانتقاء األطعمة‪ ،‬والحياة ال تصفو إال بأطايب المأكوالت‪ ،‬عمد إلى تصوير‪ .‬حالهم مع كفرهم‪،‬‬

‫‪41‬‬
‫َّ‬
‫وكونهم‪ .‬بذلك ال يرجون إال الحياة الدنيا‪ ،‬وال يعملون إال لها‪ ،‬فقال تعالى‪﴿ :‬والذين كفروا َيتَمتَّ ُع َ‬
‫ون‬
‫األنعام‪﴾....‬‬
‫ُ‬ ‫ون كما تأ ُك ُل‬
‫ويأ ُكلُ َ‬

‫في كل هذه النماذج القرآنية نرى العالقة قائمة بأصالة متناهية بين المشبه والمشبه به‪ .‬لهذا نجد‬
‫البالغيين بحق قد اشترطوا‪ .‬وجود العالقة بين المشبه والمشبه به بما يتناسب مع اإلدراك‪ ،‬ألنه‬
‫تقويم للتشبيه من الولوج بباب اإليغال واإليهام‪ ،‬وهذا يقتضي أن ينسجم التشبيه في طرفيه بما‬
‫تسيغه الحواس المختلفة‪ ،‬ألن الجوانب الحسية قلما تتداخل مع بعضها‪ ،‬وتختلف‪ .‬باختالف الحواس‬
‫عند اإلنسان‪ ،‬فهي تدرك حيناً بالعين المجردة‪ ،‬وتدرك حيناً بالعقل الفطري‪ ،‬وتدرك‪ .‬حيناً بالواقع‪.‬‬
‫الملموس المشاهد‪ ،‬لئال تتهافت الصور في التشبيه فتعود شاحبة غير متجانسة‪ ،‬أما إذا كانت‬
‫متجانسة _كما هي الحال _ في النماذج السابقة فقد اقتربت من الفهم‪ ،‬واستقرت في المخيلة‪ ،‬بما‬
‫تمليه طبيعة إدراك الحواس لها‪ ،‬وذلك عند ضم بعضها إلى البعض اآلخر بإطار‪ .‬من الوضوح‬
‫والقرب والتكافؤ‪.‬‬
‫‪ -2‬االستعارة فن قولي‪ ،‬قد يجمع بين المتخالفين‪ ،‬ويوفق‪ .‬بين األضداد‪ ،‬ويكشف عن إيحائية‬
‫جديدة في التعبير‪ ،‬ال يحس بها السامع في االستعمال الحقيقي‪ ،‬وهي من أبرز صور البيان‬
‫العربي‪ ،‬جلى فيها القرآن بكثير من مواطنه‪ ،‬وتناولها الحديث في جملة من شذراته‪ ،‬وتداولها‬
‫الشعر العربي في أوابده وشوارده‪.‬‬
‫إننا نستطيع‪ .‬أن نلمس في االستعارة عدة خصائص فنية يمكن إجمالها بالشكل اآلتي‪:‬‬
‫أ_ إن االستعارة تنتقل بالنص من الجمود اللفظي المحدد له إلى السيرورة في التعبير‪ ،‬والمرونة‬
‫أس َشيباً﴾‪.‬‬
‫الر ُ‬
‫في االستعمال‪ ،‬أال ترى إلى قوله تعالى‪﴿ :‬واشتَ َع َل ّ‬
‫إنك تقف مبهوراً أمام بالغة التعبير‪ ،‬ودقة المعنى‪ ،‬وسيرورة األلفاظ‪ ،‬فالمستعار منه هو النار‪،‬‬
‫والمستعار‪ .‬له هو الشيب‪ ،‬وقد جمعهما معنى حسي بوجه حسي‪ ،‬وهو التوهج‪ ،‬وإ نك ال تجد ذلك‬
‫في‪ :‬وازداد الرأس شيباً‪ ،‬وال في‪ :‬شاب رأسي‪ ،‬وال في غيرهما عند التقدير‪ ،‬فكأن اللفظ بصيغته‬
‫االستعارية وضعت لهذا المعنى السيار‪.‬‬
‫ب_ يتجلى في االستعارة إعطاء صفة الفعل لمن ال يفعل‪ ،‬وإ ضاءة الكائنات بالتصرف وإ ن لم‬
‫ِ‬
‫الغيظ‬ ‫اد تَمي َُّز من‬
‫فور‪ ،‬تَ َك ُ‬ ‫ِ‬
‫تتمكن‪ ،‬أال ترى إلى قوله تعالى‪﴿ :‬إذا ُألقوا فيها َسمعوا لها شهيقاً وهي تَ ُ‬
‫نذير﴾ وما فيه من إضفاء صفة من يعقل إلى ما ال‬ ‫ِ‬
‫خزنتُها‪ .‬ألم يأت ُكم ٌ‬
‫فوج سألَهُم َ‬
‫ُكلما ُألقي فيها ٌ‬
‫يعقل‪ ،‬ومزية من يعمل إلى من ال يعمل‪ ،‬وفضيلة الفعل إلى من لم يفعل‪.‬‬
‫حيث نجد االستعارة قد حققت في األلفاظ الثالثة‪ :‬الشهيق‪ ،‬تميز‪ ،‬الغيظ‪ ،‬داللة ال يمكن استيعابها‪.‬‬
‫في األلفاظ االعتيادية لو استبدلت فيها‪ ،‬وفي‪ .‬هذا االستعمال صوت نار جهنم بصورة هائلة‬
‫تخيلتها ازددت منها رعباً‪ ،‬وملئت منها فزعاً‪ ،‬وكأنها مخلوق‪ .‬ذو قوة وبطش‪ ،‬ومجهول‪ .‬ذو منظر‬

‫‪42‬‬
‫عبوس‪.‬‬
‫ج _ يتمثل في االستعارة‪ ،‬تهويل األمر‪ ،‬ودقة المبالغة‪ ،‬وشدة الوقع‪ ،‬ويمثل هذا الملحظ قوله‬
‫قت َوحيداً﴾‪.‬‬
‫تعالى‪َ ﴿ :‬ذرني َو َمن َخلَ ُ‬
‫فالمراد ذر بأسي‪ ،‬وأترك‪ .‬عذابي وعقوبتي‪ ،‬إال أن المبالغة في التهديد‪ ،‬والشدة في الوعيد‪،‬‬
‫اقتضت نسبة ذلك إليه _تعالى _ ولو استعمل غير هذا اللفظ لما قام مقامه‪ ،‬وال أدى داللته‪،‬‬
‫ولبقيت الصورة المرادة غير ماثلة للعيان كما هو الحال اآلن‪.‬‬
‫د_ تريك االستعارة في تعبيرها‪ .‬إشاعة الحياة في الجماد‪ ،‬وإ فاضة الحركة عند الكائنات‪ ،‬وكأنها‬
‫ناطقة تتكلم‪ ،‬ومكلفة تمتثل‪ ،‬وقادرة تتصرف‪ .،‬كما في قوله تعالى‪:‬‬
‫طائعين﴾‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ولألرض ائتيا طوعاً أو َكرهاً قالتا أتينا‬ ‫خان فقا َل لها‬ ‫﴿ثَُّم استوى إلى الس ِ‬
‫ماء وهي ُد ٌ‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫وفي هذا داللة على التوسع في اللغة‪ ،‬والمبالغة في اإليجاز‪ ،‬والتفنن في التصوير‪ ،‬فإشاعة‬
‫الحركة في السماء واألرض تغني عن شرح إطاعتهما وكيفيته بالتقدير أو التسخير‪ ،‬وإ ضافة هذه‬
‫المقدرة في االستماع واالستجابة تكفي عن البيان المستفيض في اإلبداع‪ ،‬وتصورها‪ .‬بهيئة من‬
‫يعي ويسمع وينطق‪ .‬تغني عن التمثيل والتشبيه‪.‬‬
‫ه‍ _ يالحظ في االستعارة التقريب الوصفي‪ ،‬ومراعاة المناسبة‪ ،‬ولمح الصلة بين األصل والنقل‬
‫هار﴾‪....‬‬ ‫االستعاري‪ ،‬وذلك كقوله تعالى‪﴿ :‬وءايةٌ لَّهُ ُم الَّي ُل نسلَ ُخ منهُ ّ‬
‫الن َ‬
‫"وهذا الوصف‪ .‬إنما هو على ما يتلوح للعين ال على حقيقة المعنى‪ ،‬ألن الليل والنهار اسمان يقعان‬
‫على هذا الجو عند إظالمه لغروب الشمس وإ ضاءته لطلوعها‪ ،‬وليسا على الحقيقة شيئين يسلخ‬
‫أحدهما من اآلخر‪ ،‬إال أنهما في رأي العين كأنهما ذلك‪ ،‬والسلخ يكون في الشيء الملتحم بعضه‬
‫ببعض‪ ،‬فلما كانت هوادي الصبح عند طلوعه كالملتحمة بإعجاز الليل اجرى عليها اسم السلخ‪،‬‬
‫فكان أفصح من قوله لو قال‪ :‬نخرج‪ ،‬ألن السلخ أدل على االلتحام المتوهم فيهما من اإلخراج"‪.‬‬
‫وكل ما تقدم من خصائص يوحي بأن االستعارة هي التي لونت هذه الصور‪ ،‬وكشفت أصالة ما‬
‫يريد القرآن في التعبير عنه بآياته المشتملة على االستعارة لغرض خاص يمنحها قوة األمثال من‬
‫جهة في السيرورة واالنتشار‪ ،‬والدرجة البالغية في المتانة والجودة من جهة أخرى‪ ،‬بحيث يعود‬
‫مسده لفظ آخر‪ ،‬وال يشاكله تعبير مقارب‪ ،‬وتلك لمحات فنية مؤثرة‪،‬‬
‫لفظ االستعارة متميزاً ال يسد ّ‬
‫وأسرار جمالية متناهية آثرت التصوير االستعاري بإضافات‪ .‬تحدت المفهوم الحقيقي للكلمات في‬
‫أصل اللغة‪ ،‬وبذلك بلغت االستعارة في القرآن الكريم مرتبة اإلعجاز‪ ،‬وفاقت المستوى‪ .‬الحضاري‬
‫للكلمات في ذروة تطورها وعطائها عند العرب‪.‬‬

‫******************‪****************5‬‬

‫‪43‬‬
‫معرفة خصائص اللغة‬

‫شيء من فقه اللغة وسر العربية‪:‬‬

‫ابن فارس في فقه اللغة‪ :‬لغةُ العرب أفض ُل اللغات‬ ‫وأوسعها‪ .‬قال ُ‬ ‫ُ‬ ‫من ذلك‪ :‬أنها أفض ُل اللغات‬
‫ين (‪)192‬‬ ‫ِ‬ ‫وأوسعها قال تعالى‪َ " :‬وِإ َّنهُ لَتَ ِ‬
‫نزي ُل َر ِّ‬
‫ب اْل َعالَم َ‬ ‫ُ‬ ‫(أقدرها‪ .‬على التعبير والتوسع واالنتشار)‬
‫ين (‪)195‬‬ ‫ين (‪ )194‬بِِل َس ٍ‬
‫ان َعَربِ ٍّي ُّمبِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ك ِلتَ ُك ِ‬
‫ون م َن اْل ُمنذ ِر َ‬
‫َ‬ ‫ين (‪َ )193‬علَى َقْلبِ َ‬ ‫ِ‬
‫وح اَأْلم ُ‬ ‫َن َز َل بِ ِه ُّ‬
‫الر ُ‬
‫الكالم وهو البيان وقال تعالى‪ ":‬خلق االنسان علمه‬ ‫ُ‬ ‫وصف‪ .‬به‬ ‫فوصفه ‪ -‬سبحانه ‪ -‬بأبلغ ما ُي َ‬
‫ٍ‬
‫شمس وقمر‪.‬‬ ‫وتفرد بإنشائه من‬ ‫بخْلقه َّ‬ ‫قدم ‪ -‬سبحانه ‪ِ -‬ذ ْك َر البيان على جميع ما توحَّد َ‬ ‫البيان" ف َّ‬
‫اللسان‬
‫َ‬ ‫خص ‪ -‬سبحانه ‪-‬‬ ‫الم ْح َك َمة والنشايا‪ .‬المتقنة فلما َّ‬ ‫ونجم وشجر وغير ذلك من الخالئق ُ‬ ‫ْ‬
‫فإن قيل‪:‬‬ ‫سائر اللغات قاصرةٌ عنه وواقعة دونه‪.‬‬ ‫العربي بالبيان ُعلم أن َ‬
‫أفهم بكالمه على شرط لُغته فقد بيَّن‪ .‬قيل له‪ :‬إن‬ ‫َّ‬
‫البيان بغير اللسان العربي ألن كل من َ‬ ‫ُ‬ ‫فقد يقع‬
‫أن المتكلم بغير اللغة العربية قد ُي ْع ِرب عن نفسه حتى يفهَم السامعُ ُمراده فهذا ُّ‬
‫أخس‬ ‫كنت تريد ّ‬ ‫َ‬
‫يدل بإشارات وحركات له على أكثر مراده ثم ال ُيسمى متكلماً فضالً‬ ‫األبكم قد ُّ‬
‫مراتب البيان ألن ْ‬
‫سائر اللغات تُبِين َ‬
‫إبانةَ اللغة العربية فهذا غلط ألنا لو‬ ‫أن َ‬‫عن أن ُيسمى َبيِّناً أو بليغاً وإ ن أردت َّ‬
‫احتجنا إلى أن ُن َعبِّر عن السيف وأوصافه باللغة الفارسية لما أمكننا ذلك إال باسم واحد ونحن نذكر‬
‫يات باألسماء‬ ‫صفات كثيرة وكذلك األسد والفرس وغيرهما من األشياء والمس َّم ِ‬
‫ٍ‬ ‫للسيف بالعربية‬
‫َُ‬
‫يمكن نقلهُ البتَّة‬
‫ومما ال ُ‬ ‫المترادفة‪.‬‬
‫تعرف‬
‫ُ‬ ‫العجم ال‬
‫َ‬ ‫المترادفة ومعلوم أن‬
‫والرمح وغير ذلك من األسماء ُ‬
‫أوصاف السيف واألسد‪ُّ .‬‬
‫ُ‬
‫غير واحد فأما نحن فنخرج له خمسين ومائة اسم‪.‬‬
‫لألسد أسماء َ‬

‫ونظير ذلك ما‬


‫ُ‪.‬‬ ‫ويه الهمذاني‪ :‬جمعت لألسد خمسمائة اسم وللحيَّة مائتين ‪،‬‬
‫قال أبو عبد اللّه بن خالَ ْ‬
‫الدو ِ‬
‫اهي)‬ ‫َّ‬
‫في فقه اللغة للثعالبي‪( :‬في َ‬

‫واهي ِمن ْ‬
‫إح َدى‬ ‫الد ِ‬ ‫ائة‪ ،‬و َذ َكر أن تَكاثر أس ِ‬
‫ماء َّ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ َ‬
‫يد علَى أربعم ٍ‬
‫َْ َ‬ ‫أس َماِئهَا ما َي ِز ُ‬ ‫ِ‬
‫قَ ْد َج َم َع َح ْم َزةُ م ْن ْ‬
‫وليست ِسَياقَتُها كلُّها‬
‫ْ‬ ‫ت معنى واحداً بمئين ِمن األْلفَ ِ‬
‫اظ ‪.‬‬ ‫َ َ‬ ‫َأمةً َو َس َم ْ‬
‫أن َّ‬ ‫الع َجاِئ ِب َّ‬
‫الدواهي ‪ ،‬و ِم َن َ‬
‫َّ ِ‬
‫ً‬
‫إليه َم ْع ِرفَتِي‪..‬‬
‫هت ِ‬ ‫ت ِم ْنهَا ما ْانتَ ْ‬‫اب ‪ ،‬وقَ ْد َرتَْب ُ‬ ‫روط هذا ِ‬
‫الكتَ ِ‬ ‫ِم ْن ُش ِ‬
‫وحادثَةٌ‪ ،،،،‬ثَُّم آبِ َدة ‪ ،‬و ِ‬
‫داهَيةٌ ‪ ،‬و‬ ‫نازلَةٌ ‪ ،‬و نائبة ‪ِ ،‬‬ ‫ت بِ ِه ْم ِ‬‫اعلَ ٍة] ُيقال‪َ :‬ن َزلَ ْ‬‫[فَ ِمنها ما جاء علَى فَ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ‬
‫امة‬ ‫وقار َعة ‪،،،،‬ثَُّم َحاقَّة ‪ ،‬و َ‬
‫ط َّ‬ ‫وواق َعة ‪ِ ،‬‬ ‫غاشية ‪ِ ،‬‬ ‫اطمةٌ ‪ ،‬و فَ ِاقرة‪ ،،،‬ثَُّم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِئ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫وح َ‬‫باق َعةٌ‪ ،،،،‬ثَُّم با قَة ‪َ ،‬‬
‫اخة‪.‬‬
‫وص َ‬
‫‪َ ،‬‬
‫والج َو ْي ِحَّيةُ‪.‬‬ ‫ق ‪ ،،،‬ثَُّم ُّ‬
‫الدويهيَّة ‪ُ ،‬‬ ‫واألر ْي ُ‬
‫َ‬ ‫ق‬
‫الر َب ْي ُ‬
‫جاء‪ُّ :‬‬ ‫ص ِغ ِ‬
‫ير] َ‬ ‫[و ِمنها َما َج َ‬
‫اء َعلَى التّ ْ‬

‫‪44‬‬
‫ون] جاء‪ :‬باألمِّرين واأل ْقو ِرين ثَُّم ُّ ِ‬
‫والح ْبو َك ِر َ‬
‫ين‬ ‫ين َ‬ ‫الد َر ْخم َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫بالن ِ‬
‫ردفاً‪ُّ .‬‬ ‫[و ِم ْنهَا َما َج َ‬
‫اء ُم َ‬
‫ير ‪،‬‬‫ط ِر ِ‬
‫يس ‪ ،‬والقَ ْم َ‬ ‫بالد ْر َدبِ ِ‬
‫ق ‪ ،‬ثَُّم َّ‬ ‫والخ ْنفَِقي ِ‬
‫بالع ْنقَِفير‪َ ،‬‬
‫اء َ‬ ‫و ِم ْنهَا‪َ :‬ج َ‬
‫ط ٍة‪ ،،‬و ِمنها‪َ :‬وقَ ُعوا‪ .‬في سلَى َجمل‬ ‫ط ٍة ‪ ،،،‬ثَُّم َرقَم‪ ،،.‬ثَُّم َد ْو َك ٍة َ‬
‫ون ْو َ‬ ‫و ِم ْنهَا‪َ :‬وقَ ُعوا‪ .‬في َو ْر َ‬
‫الغَب ِر‬
‫اء َ‬ ‫ق‪ ،،‬ثَُّم في قَرَني ِحم ٍار‪ ،،،‬ثَُّم في إس ِت كْل ٍب‪ ،،‬ثَُّم في ص َّم ِ‬ ‫وفي أ ُذَني َعَنا ٍ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ْ َ‬
‫وو ِادي‪ .‬تُهلِّك‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫طَبق ‪ ،،،‬ثَُّم في ثَالثَة األثَافي‪ ،،،.‬ثَُّم في َوادي تُضل َل ‪َ ،‬‬
‫ات َ ٍ‬ ‫إح َدى بَن ِ‬
‫ثَُّم في ْ َ‬
‫الحظ الدقة في التعبير عن المعنى وتناسب المعنى مع موسيقى‪ .‬اللفظ وجرسه‪.‬‬

‫الع ْكلي ففسَّره فقال‪ :‬يا أصمعي إن الغريب‬


‫سأل الرشيد يوما األصمعي‪ .‬عن بيت شعر البن حزام ُ‬
‫قال‪ :‬يا‬ ‫لغير غريب‪.‬‬
‫عندك ُ‬
‫قال ابن‬ ‫للح َجر سبعين اسماً‬ ‫ِ‬
‫أمير المؤمنين أال أكون كذلك وقد حفظت َ‬
‫الز َمين ‪،‬جاء في‬ ‫عبر عن قولهم‪َ :‬ذات ُّ‬ ‫مكنه أن ُي ّ‬
‫فارس‪ :‬فأين لسائر اُألمم ما للعرب ومن ذا ُي ُ‬
‫الو ْق ِت ‪،‬وكثرة ذات اليد‪ ،‬ويد‬ ‫ِ‬
‫ريد بذلك تَراخ َي َ‬ ‫كزَب ْي ٍر‪ :‬تُ ُ‬
‫ين‪ُ ،‬‬ ‫القاموس المحيط‪ :‬ولَِقيتُه ذات ُّ‬
‫الز َم ٍ‬
‫ومفاصل‬ ‫ود َرأ الفيء‪َ ،‬‬ ‫الشمس ريقَها ‪َ ،‬‬
‫ُ‬ ‫صت‪ .‬النجوم (إذا صغت للغروب) ومجَّت‬ ‫وتخ َاو َ‬
‫الدهر‪َ ،‬‬ ‫ّ‬
‫ِ‬
‫الشيء ‪ :‬حقيقتُه و ُك ْنهُه ‪,‬‬ ‫ص‬ ‫اَألمر ‪َ :‬أصلُه وحقيقتُه ‪ .‬وفَ ُّ‬ ‫ص ِ‬ ‫فصه‪( ،‬فَ ُّ‬
‫القول‪ ،‬وأتى باألمر من ّ‬
‫الر ْح ِل‬
‫واسعُ َّ‬‫المال ِ‬
‫ط ِن محركةً كثير ِ‬ ‫الع َ‬
‫ُ‬ ‫ب َ‬ ‫ور ْح ُ‬
‫طن‪َ ( ،‬‬ ‫الع َ‬
‫جوهر الشيء ) وهو َر ْحب َ‬ ‫ُ‬ ‫وال ُك ْنهُ ‪:‬‬
‫ق َأي واسع الخلُق كثير المعروف‪.‬‬ ‫الخلُ ِ‬
‫وغ ْم ُر ُ‬
‫الرداء َ‬ ‫الرداء‪( ،‬ورجل َغ ْم ُر ِّ‬ ‫وغ ْم ُر ِّ‬
‫الذراع) َ‬‫ب ِّ‬ ‫َر ْح ُ‬
‫الم َجم‪( ،‬يقال للبئر التي اجتمع‬ ‫ضيق َ‬ ‫وي ْف ِري‪ ،‬وهو ّ‬ ‫وي ْخلق َ‬ ‫سخي ‪ ،‬وِإ ن كان رداؤه صغيراً ) َ‬ ‫ّ‬
‫يور أو َشع ٍر‪ ،‬أو ال يكون إالَّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫وج من ُس ٍ‪.‬‬ ‫عريض َم ْن ُس ٌ‬‫ٌ‬ ‫ماؤها جموم) َقلق الوضين (الوضين بِ ٌ‬
‫طان‬
‫وع َذيقُها‬ ‫ٍِ‬
‫الم َح ّكك ُ‬ ‫الم ْستَ َم ّ‪.‬ر‪ ،‬وهو َش َّراب بأنقُع‪ ،‬وهو ُج َذيلُها ُ‬ ‫من جْلد) رابط الجأش‪ ،‬وهو أْلوى بعيد ُ‬
‫بالخ ِ ِ َّ‬ ‫ذاقها إلى َس َعفَاتِها‪ ،‬و َش ُّدها ُ‬ ‫أع ِ‬
‫ضعُ‬ ‫يح‪ ،‬أو َو ْ‬ ‫الر ُ‬ ‫ضها ِّ‬ ‫وص لَئال تَْنفُ َ‬ ‫ض ُّم ْ‬ ‫المرجَّب (تَْر ِج ُيبها‪َ :‬‬ ‫َ‬
‫آك ٌل‪ )،‬وما أشبه هذا من بارع كالمهم ومن اإليماء اللطيف وما في‬ ‫ص َل إليها ِ‬ ‫الشو ِك حولَها ِلَئالَّ ي ِ‬ ‫َّ‬
‫َ‬ ‫ْ َْ‬
‫كتاب اللّه تعالى من الخطاب العالي أكثر وأكثر كقوله تعالى‪" :‬ولكم في القصاص حياة"‪ .‬و"‬
‫ط اللَّهُ بِهَا " َو َما لَهُم بِ ِه‬ ‫َأحا َ‬ ‫ِ‬
‫ُأخ َرى‪ .‬لَ ْم تَ ْقد ُروا َعلَْيهَا قَ ْد َ‬ ‫ص ْي َح ٍة َعلَْي ِه ْم " المنافقون‪ .‬و " َو ْ‬ ‫ون ُكل َ‬
‫َي ْحسُب َ َّ‬
‫َ‬
‫يق اْلم ْكر السَِّّي ِإاَّل‬
‫ُئ‬
‫ِ‬
‫ق َش ْيئاً " " َواَل َيح ُ َ ُ‬ ‫ون ِإاَّل الظَّ َّن َوِإ َّن الظَّ َّن اَل ُي ْغنِي ِم َن اْل َح ِّ‬ ‫ِ ٍِ‬
‫م ْن عْلم ِإن َيتَّبِ ُع َ‬
‫اح ِد اْلقَهَّ ِار"‪.‬‬
‫ك اْليوم ِللَّ ِه اْلو ِ‬
‫َ‬
‫ِّ‬ ‫َّ ِ ِ‬
‫ون اَل َي ْخفَى َعلَى الله م ْنهُ ْم َش ْي ٌء ل َم ِن اْل ُمْل ُ َ ْ َ‬
‫بِ ْ ِ‬
‫َأهله"ِ َي ْو َم ُهم َب ِار ُز َ‬
‫وهذا أمر قاتِم‬
‫الخيل تقطيعاً‪ :‬إذا خلّفها‪ .‬على أن ما يهمنا‬
‫َ‬ ‫صدق‪ ،‬وقطَّع‪ .‬الفرس‬
‫النواحي‪ ،‬وله قدم ِ‬
‫ُ‬ ‫أسود َّ‬
‫ُ‬ ‫األعماق‬
‫في البحث أيضا أمران‪ :‬أولهما األلفاظ نفسها والطاقة الكامنة فيها التي تؤدي المعنى على أكمل‬
‫وجه‪ ،‬وهذا يختص بما سميناه التأثير‪ ،‬وثانيهما‪ .:‬الترادف‪ .‬في الكلمات ال يعني أن كل معنى منها‬
‫يؤدي ما يؤديه اآلخر بل إن اتساع اللغة العربية له من العجائب ما سنحاول‪ .‬الوقوف‪ .‬بكل هيبة بين‬

‫‪45‬‬
‫أما الطاقة التعبيرية الكامنة في‬ ‫يديه‪.‬‬
‫األلفاظ‪ ،‬والتي تؤدي المعنى خير أداء فيالحظ‪ .‬في اللفظة أمور يظهر منها أن كل لفظة في‬
‫العربية لها سحرها وبيانها‪ .‬وعالمها الذي به تمتاز عن غيرها‪ ،‬فإلى جانب معناها الظاهري‪.‬‬
‫المعجمي للكلمة أبعـاد داخليـة‪ ،‬للكلمة ِج ْرس وظالل وموسيقى وتأثير‪ ،‬وتناسق وأداء ولـون‪،‬‬
‫لها قوة في التعبير عن المعنى تمتاز بهذا أو ببعضه عن غيرها بحيث تمنح النص أبعـاداً وقوة‬
‫وبيانا وروعة‪.‬‬
‫ومزايا وإ يحاءات ً‬

‫تأمل مثال كلمة انفجار كيف تؤدي‪ .‬المعنى بموسيقى عجيبة توحي بالحدث الذي تصفه‪ ،‬وكلمة‬
‫ون"‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫يسهَا‪ ".‬أي النار‪ ،‬فكبكبوا‪" ،.‬فَ ُك ْبكُبوا فيهَا ُه ْم َواْل َغ ُاو َ‬ ‫ون َحس َ‬‫حسيس في قوله تعالى ‪" :‬اَل َي ْس َم ُع َ‬
‫الد ْفعةُ في ِ‬
‫الق ِ‬
‫والح ْملَةُ‬
‫والج ْر ِي‪َ ،‬‬ ‫تال َ‬ ‫ض ُّم‪َ َّ :‬‬ ‫الكب‪ :‬كبه يعني قلبه وصرعه‪ ،‬وكب‪ُ :‬ثقل‪ ،‬وال َكَّبةُ‪ُ ،‬‬
‫وي َ‬
‫تاء‪ِ :‬ش َّدتُه َ‬
‫ود ْف َعتُهُ‪ ،‬و‬ ‫الش ِ‬‫الجَبْل ْي ِن‪ ،‬ومن ِّ‬
‫بين َ‬
‫والص ْد َمةُ َ‬
‫َ‬ ‫الخْي ِل‪،‬‬
‫الت َ‬ ‫حام‪ ،‬وإ ْف ُ‬ ‫الح ْر ِب‪ِّ ،‬‬
‫والز ُ‬ ‫في َ‬
‫الغ ْز َل‪َ :‬ج َعلَه ُكبباً ‪ ،‬هذه المعاني المجتمعه في أصل الكب يحدث لفظ الكبكبة وما فيه من القلقلة‪،‬‬ ‫َ‬
‫في نفس السامع رنينا مرعبا‪ ،‬يخيل إليه فيه منظر باب في أعلى جهنم يفتح على حين غرة فيتدافع‪.‬‬
‫منه خلق كثيرون بعضهم‪ .‬فوق بعض يتدحرجون مقلبين مصروعين تتخيل أرجل هذا ضربت‬
‫في وجه ذلك‪ ،‬وهذا يهوي فيأتيه اآلخر من خلفه كما انفالت الخيل من معاقلها فيصدمه كما‬
‫الجبلين بدفع شديد‪ ،‬وتسمع لالصطدام‪ .‬جلبته‪ ،‬وتتكور الخالئق بعضها فوق‪ .‬بعض كما تكور‪ .‬الكبة‬
‫من الغزل‪ ،‬هذه المعاني توحيها لفظة واحدة‪ :‬كبكبه‪ ،‬والقلقلة المصاحبة لجرس اللفظة توحي‬
‫بموجات من البشر تحدث هذا الصخب وهذه االرتطامات كما لو قلت كب كب كب كب وهو‬
‫ومثل ذلك إذا زلزلت‬ ‫مشهد مريع – عافانا اهلل‪.-‬‬
‫األرض زلزالها‪ ،‬فالزلزله توحي لك بصوت ارتجاف األرض المتتابع تهوي طبقة منها فوق‪ .‬طبقة‬
‫"والصبح إذا تنفس" لفظة تنفس تخرج‬ ‫ثم طبقة أخرى من طبقات األرض فوق‪ .‬أختها وهكذا‪.‬‬
‫مع النفس كأنها تفرغ الصدر من الهواء الذي فيه فيما يشبه التنهيد وهو ما يناسب هدأة الليل‪،‬‬
‫وكأن الخلق ينتظرون الصبح فيتنفسون الصعداء‪ .‬قال الشاعر ابن زريق‪ .‬البغدادي‬
‫ودعتها وبودي‪ .‬لو‬
‫الحظ كلمة ودع كيف توحي لك بحروفها‪.‬‬ ‫صفو الحياة وأني ال أودعها‬ ‫يودعني‬
‫ومخارج تلك الحروف بحال من يترك محبوبته وكيف تفترق عن كلمة تركتها‪ ،‬ففي ودعتها ما‬
‫يوحي للنفس بأن األمر رغم أنف المودع‪ ،‬يشق عليه وكأنه ال يريد ان يتركها‪ .‬ويرحل‪ ،، .‬قال‬
‫َّماء ان َشقَّ ْ‬
‫ت"‪:‬‬ ‫ِإ‬
‫تعالى "كال لينبذن في الحطمة" "إنها عليهم مؤصدة" ومثال قال تعالى‪َ " :‬ذا الس َ‬
‫النبت‬
‫ُ‬ ‫ش َّ‬
‫ق‬ ‫قو َ‬ ‫ش َّ‬
‫شقَ ْقت الشيء فا ْن َ‬‫َّدع البائن ‪َ ،،‬‬
‫ق ‪ :‬الص ْ‬ ‫االنشقاق‪ :‬كلمة شق‪ /‬توحي بمعناها َّ‬
‫والش ُّ‬
‫ق شقوقاً ‪ :‬في َّأول ما‬ ‫ناب الصبي َي ُش ُّ‬ ‫َّ‬
‫وشق ُ‬ ‫شقوقاً وذلك في َأول ما تَْنفَ ِطر عنه األرض ‪.‬‬ ‫ش ُّ‬
‫ق ُ‬ ‫َي ُ‬

‫‪46‬‬
‫‪ ،‬االنفطار‪،،‬‬ ‫ت‬ ‫ط َر ْ‬
‫َّماء انفَ َ‬ ‫ِإ‬
‫يظهر ‪ ،‬وتالحظ‪ .‬أن منها المشقة وما فيها من جهد‪ ،،‬ومثله‪َ :‬ذا الس َ‬
‫طره ‪ :‬شقه و تَفَطَّ َر الشيء ُ ‪ :‬تشقق وفي الحديث ‪:‬‬ ‫طر‪ .‬و فَ َ‬ ‫فانفَ َ‬
‫طراً‪ْ .‬‬
‫ط َ‪.‬ر الشيء َ َي ْفطُ ُرهُ فَ ْ‬ ‫فطر ‪ :‬فَ َ‬
‫طر‬‫ت قدماه َأي انشقتا وفي التنزيل العزيز ‪( :‬السماء ُم ْنفَطر به ) و فَ َ‬ ‫قام رسول اهللِ حتى تَفَطَّ َر ْ‬
‫ت قدماه دماً‬ ‫طر مْأخوذ من تَفَطَّ َر ْ‬ ‫وطلع فهو بعير ِ‬
‫فاطر وقيل ‪ :‬الفَ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ق‬
‫طراً ‪َ :‬ش ّ‬ ‫ناب البعير َي ْفطُر فَ ْ‬
‫ُ‬
‫ط َر الثوب‬ ‫طلع و ْانفَ َ‬ ‫نابه ِ‬ ‫ط َ‪.‬ر ُ‬ ‫ِ‬
‫البعير َألنه يقال ‪ :‬فَ َ‬ ‫ط ِر ناب‬
‫شبه بفَ ْ‬
‫طراً‪َ .‬ألنه ّ‬ ‫َأي سالتَِا وقيل ‪ :‬سمي فَ ْ‬
‫ق وكذلك تَفَطَّر‪ ،،‬و تَفَطَّ َرت اَألرض بالنبات ِإذا تصدعت وفي التنزيل العزيز ‪( :‬الحمد هلل‬ ‫ِإذا انش ِ‬
‫فاط ُر السموات‬ ‫عباس رضي‪ .‬اهلل عنهما ‪ :‬ما كنت َأدري ما ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واَألرض ) ; قال ابن‬ ‫ِ‬
‫السموات‬ ‫ِ‬
‫فاط ِر‬
‫ط ْرتُها َأي َأنا ابتدْأت‬ ‫َأعرابيان يختصمان في بئر فقال َأحدهما ‪َ :‬أنا فَ َ‬ ‫ّ‬ ‫واَألرض حتى َأتاني‬
‫طرة‬ ‫ط ‪.‬ر هذا َأي ابتدَأه و ِ‬
‫الف ْ‬ ‫َح ْفرها‪ ،،‬وذكر َأبو العباس َأنه سمع ابن اَألعرابي يقول ‪َ :‬أنا َأول من فَ َ َ‬
‫الخْلقة ; َأنشد ثعلب ‪:‬‬ ‫ُِ بالكسر ‪ِ :‬‬

‫والح َس ِب‬
‫ين َ‬ ‫بالد ِ‬ ‫في ِف ْ‬
‫طرة ِ ال َكْل ِب ال ِّ‬ ‫نال ِ‬
‫الغَنى رج ٌِل‬ ‫عليك فقد َ‬
‫َ‬ ‫َه ِّو ْن‬

‫الخلق من المعرفة به‬


‫َ‬ ‫ط َر اللَّهُ عليه‬
‫طرة ُ ‪ :‬ما فَ َ‬ ‫و ِ‬
‫الف ْ‬
‫طراً‪َ .‬أي خلقه‬ ‫ِ‬
‫بالضم فَ ْ‬ ‫طرهُ َي ْفطُ ُر ِه‬
‫وقد فَ َ‬
‫الناس عليها ال تبديل لخلق اهلل ) (إني وجهت وجهي للذي فطر‬ ‫ط َرة َ اللَّ ِه التي فَ َ‬
‫ط َ‪.‬ر َ‬ ‫قال تعالى ‪ِ ( :‬ف ْ‬
‫السموات واألرض حنيفا وما أنا من المشركين) فالفطر متعلق بالشق وبالبدء بحالته كأنه‬
‫المرحلة األولى للشق‪ ،‬إذا السماء انفطرت‪ ،‬كما البئر التي فطرها‪ .‬األعرابي أي ابتدأ حفرها‪ ،‬وما‬
‫يصحب هذا االنفطار من تصدع فالبدء باالنشقاق المصحوب بالفطور‪ .‬ليكبر هذا االنشقاق ليصبح‬
‫ات ِطَباقاً‪َّ .‬ما تََرى‬
‫ق س ْبع سماو ٍ‬ ‫َِّ‬
‫طورا آخر وهو أن السماء كلها منشقة فيها صدع بائن‪( .‬الذي َخلَ َ َ َ َ َ َ‬
‫ور) التفاوت الفطور بدليل قوله بعد‬ ‫ص َر َه ْل تََرى ِمن فُطُ ٍ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫الر ْح َم ِن من تَفَ ُاوت فَ ْار ِج ِع اْلَب َ‬
‫ق َّ‬ ‫ِفي َخْل ِ‬
‫ور } نظيره قوله‪:‬‬ ‫ص َر َه ْل تََر ٰى ِمن فُطُ ٍ‪.‬‬ ‫ذلك‪{ :‬فَ ْٱر ِج ِع ٱْلَب َ‬
‫وج}‪ ‬والفطور‪ .‬جمع فطر‪ ،‬وهو الشق كما يقال‪ :‬شق ومعناه شق اللحم فطلع‪،‬‬ ‫‪َ { ‬و َما لَ َها ِمن فُُر ٍ‬
‫ور } أي من فروج‪ .‬وصدوع‪ .‬وشقوق‪ ،‬وفتوق‪ .،‬وخروق‪ ،‬كل‬ ‫قال المفسرون‪َ { :‬ه ْل تََر ٰى ِمن فُطُ ٍ‬
‫وجذبت‪ ،‬ثم طُويت ‪( .‬فالق اإلصباح)‬ ‫هذا ألفاظهم‪( .‬وإ ذا السماء كشطت) وإ ذا السماء ُنزعت ُ‬
‫( قل أعوذ برب الفلق)‬

‫الفاقرة ُ ‪ :‬الداهية الكاسرة للفَقَ ِار ويقال ‪ :‬فَقََرتْه الفاقرة ُ َأي كسرت‬‫فاقرةٌ ) و ِ‬ ‫ِ‬
‫(تَظُ ّن َأن ُي ْف َع َل بها َ‬
‫يض ‪ :‬كسرتُه وفَِّر ْقتُ ِه‬ ‫وض و فَ ِ‬ ‫ت الشيء َ َأفُضُّه فَ َّ ِ‬
‫ض ٌ‬ ‫ض ٌ‬ ‫ضاً فهو َم ْف ُ‬ ‫ض ُ‪.‬‬‫ض ْ‬
‫فَقَ َار ظهره ‪ .‬فضض ‪ :‬فَ َ‬
‫ضاضتُه ‪ :‬ما تكسَّر منه ; قال النابغة ‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ضاضه و فُ‬
‫ُ‬ ‫ضاضه و ِف‬ ‫ُ‬ ‫و فُ‬

‫‪47‬‬
‫واج ِب‬
‫الح ِ‬ ‫ويتَْب ُعها‪ِ .‬م ْنهُم فَ ُ‬
‫راش َ‬ ‫َ‬ ‫تَ ِطير فُضاضاً‪ْ .‬بيَنها ُّ‬
‫كل قَ ْوَن ٍِ‬
‫س‬ ‫ُ‬

‫ضتَه‬
‫فض ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كسرتَه فقد َ‬ ‫كسرتُه وكل شيء ْ‬ ‫ضت‪ .‬الخاتم عن الكتاب َأي ْ‬ ‫ض ْ‬ ‫وفَ َ‬
‫ط ِء‬
‫ض الخاتَم ; هو كناية عن الو ْ‬ ‫وفي حديث ذي ِ‬
‫الك ْف ِل ‪ِ :‬إنه ال َي ُّ‬
‫حل لك َأن تَفُ َّ‬
‫ات َماء‬‫صر ِ‬‫ِ‬ ‫تأمل في سورة النبأ العجب العجاب‪" :‬وجعْلَنا‪ِ .‬سراجاً و َّهاجاً (‪ )13‬و َ ِ‬
‫َأنزْلَنا م َن اْل ُم ْع َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ََ‬
‫ات َأْلفَافاً "(‪)16‬السراج الوهاج لفظة الوهاج‬ ‫ثَجَّاجاً (‪ِ )14‬لُن ْخ ِرج بِ ِه حّباً وَنباتاً (‪ )15‬وجَّن ٍ‬
‫َ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬
‫توحي لك بالنور ينبعث وال يستطيع‪ .‬حجاب أن يمنعه من النفاد‪ ،‬والغيوم معصرات‪ ،‬وماؤها‪.‬‬
‫الن َدِم‬ ‫والمثَجُّ‪َ ،‬ك ِمس ٍّل‪ِ َ :‬‬
‫ثجاج‪ :‬ثج الماء إذا سال‪ِ ،‬‬
‫يج‪ :‬السَّْي ُل والثَّجُّ‪َ :‬سَي ُ‬‫المفَ َّوهُ‪ ،‬والثَّ ِج ُ‬
‫يب ُ‬‫الخط ُ‬ ‫َ‬
‫الهَ ْدي ‪ ،‬فالمعصرات وفي‪ .‬لفظة العصر يستفاد استخراج ما في الشيء وليس فقط أن تفرغ‬
‫الغيمة كل مخزونها‪ .‬بل العصارة من الشيء خالصة ما فيه من الفوائد‪ ،‬فهذه صفة الماء الثجاج‬
‫الذي يسيل من قلب هذه المعصرات‪ ،‬وتأمل لقوله تعالى‪ :‬ألفافا!! لَفَّه‪ِ :‬‬
‫ض ُّد َن َش َره‪ ،‬كلَفَّفَه‪ ،‬و‬ ‫ُ‬
‫المْلتَفَّةُ‬ ‫ِ‬ ‫بالح ْر ِب‪ ،‬و‬ ‫تيبتَْي ِن‪َ :‬خلَ َ‬
‫ضةُ ُ‬
‫الر ْو َ‬ ‫صلَه به‪ .‬و َّ‬ ‫وو َ‬‫ض َّمه إليه‪َ ،‬‬ ‫الشيء بالشيء‪َ :‬‬
‫َ‬ ‫بينهما َ‬ ‫ط َ‬ ‫ال َك َ‬
‫ف ‪ ،‬فهذه الجنات تلتف‬ ‫واحدها‪ِ :‬ل ٌّ‬
‫ُ‬ ‫المْلتَفَّةُ‪،‬‬
‫األشجار ُ‬
‫ُ‬ ‫فاف‪:‬‬ ‫ِ‬
‫الشجر واَألْل ُ‬ ‫ِ‬
‫الم ْجتَمعُ‬
‫ان ُ‬‫والب ْستَ ُ‬
‫النبات‪ُ ،‬‬
‫َّ ِ‬
‫نباتاتها وأشجارها بعضها فوق‪ .‬بعض كأنما تضم أغصانها‪ .‬ما تحويه إلى قلبها ضما ‪ ،‬وأصال‬
‫الولَ ُد في‬
‫نين‪َ :‬‬ ‫والج ُ‬
‫ك‪َ .‬‬ ‫ك فقد ُج َّن َعْن َ‬‫الجنة أصلها من جن‪َ :‬جَّنهُ اللَّْي ُل‪َ ،‬ستََرهُ‪ ،‬و ُك ُّل ما ُستَِر َع ْن َ‬
‫وج َّن‪ ،‬بالضم‪َ ،‬جًّنا ُ‬
‫وجنوناً‪..‬‬ ‫ط ِن وال ِجَّنةُ‪ ،‬بالكسر‪ :‬طائفةٌ من ال ِج ِّن‪ُ .‬‬ ‫الب ْ‬
‫َ‬
‫صاداً‪)21( .‬‬ ‫ِإ َّن جهَّنم َك َان ْ ِ‬
‫ت م ْر َ‬ ‫َََ‬
‫ون ِفيهَا َب ْرداً َواَل َش َراباً (‪ِ )24‬إاَّل َح ِميماً‬ ‫اَّل‬ ‫ين ِفيهَا ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َّ ِ‬
‫َأحقَاباً (‪َ )23‬ي ُذوقُ َ‬ ‫ين َمآباً (‪ )22‬اَل بِث َ‬
‫لْلطاغ َ‬
‫َو َغسَّاقاً (‪َ )25‬ج َزاء ِوفَاقاً‪)26(" .‬يا لهول األلفاظ ودقة ما تؤديه من المعاني في الموضع الذي‬
‫ام القَ ْع ُر البعيد ‪ ،‬مرصادا‪ :‬ترصد هؤالء الكافرين إرصادا‪،‬‬ ‫ِ‬
‫تعبر عنه فيه‪ :‬جهنم! الجه ّن ُ‬
‫الع ُد ُّو‪ ،‬فالصورة المرسومة هنا أن الطاغين غافلون‬ ‫صاد) َّ‬ ‫ِ‬
‫ص ُ‪.‬د فيه َ‬ ‫والمكان ُي ْر َ‬
‫ُ‬ ‫ريق‬
‫الط ُ‬ ‫(والم ْر ُ‬
‫عن هذه البعيدة القعر التي ترصدهم‪ .‬رصدا لتباغتهم على حين غرة ‪ ،‬لتكون لهم مآبا‪ ،‬وجاء‬
‫ك‬‫الواض ُح (وقد نطق بهما القرآن) و َك َذِل َ‬
‫ِ‬ ‫والن ْج ُد الطَّ ِر ُ‬
‫يق‬ ‫اد َّ‬ ‫ص ُ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫في فقه اللغة للثعالبي‪ :‬ألم ْر َ‬
‫والم ْنهَ ُج ‪ ،‬واللَّقَ ُم ‪ ،‬فعلى هذا طريق‪ .‬وسبيل الولوج لجهنم بين واضح‬ ‫ادةُ ‪َ ،‬‬‫والج َّ‬
‫الصِّراطُ ‪َ ،‬‬
‫كيف يغفل عنه وال يتقى؟؟‬

‫يؤوبون إليها ويلبثون فيها أحقابا‪ ،‬واألحقاب الدهور‪ ،‬تأمل وقع كلمة أحقاب على النفس‪ :‬أح قا‬
‫با وما فيها من المد‪ ،‬فكأن كل حقبة من هذه األحقاب حتى تفرغ أهوال من الفزع وأصناف من‬
‫العذاب‪ ،‬فما أن يفرغ من أحد هذه األحقاب حتى يدخل في حقبة جديدة وحتى كلمة حقبة وأحقاب‬
‫تفزع!! فكيف وهم البثون فيها‪ ،‬واللبث المكث واالقامة‪ ،‬وتأمل حتى حرف الجر فيها يؤدي‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫معنى أنهم في داخلها هي وتلتصق‪ .‬بهم التصاف‪ .‬الهاء ب "في"‪ ،‬ال يذوقون إال‪ :‬حميما!! الحاء‬
‫مخرجها من الحلق بل من آخر الحلق‪ ،‬وهي الصوت الذي يصدره المرء عند تجرع الماء‬
‫َّاخن والجمر الذي يتبخر به‪ ،‬والغساق‪ .‬أيضا كلمة مهولة تعني‬
‫الماء الس ُ‬ ‫ُ‬ ‫الساخن‪ ،‬والحميم‬
‫ق ويسيل من جلود َأهل النار وصديدهم من قيح ونحوه‪ ،‬كيف يكون‬ ‫والغسَّاق‪ : .‬ما َي ْغ ِس ُ‬
‫الزمهرير‪َ ، .‬‬
‫علما على نوع طعام أو شراب!!‬
‫وهكذا لو تتبعت العربية لوجدت الكلمات تؤدي بجرسها‪ .‬معاني غاية في الدقة‬

‫أما النقطة الثانية فالترادف‪ ،‬فعندما تسمع أن لألسد خمسمائة اسم في العربية فكل واحد منها‬
‫ِّرغام ; هو‬ ‫ِّرغامة ُ ‪ :‬اَألسد واَألسد الض ْ‬ ‫غام و الض ْ‬ ‫ِّر ُ‬ ‫َّر َغ ُم و الض ْ‬
‫يؤدي معنى ال يؤديه اآلخر‪ ،‬الض ْ‬
‫اَألبطال في الحرب ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫انتخاب‬ ‫غم‬ ‫َّر َغ َم ُة و التَّ َ‬ ‫ُ ِ‬
‫ُ‬ ‫ض ْر ُ‬ ‫و الض ْ‬ ‫دام من اُألسود‪،‬‬ ‫الشديد الم ْق ُ‬ ‫الضاري‬
‫ض ْر َغ َم ِتها بحيث‬ ‫مت اَألبطا ُل في َ‬ ‫ضر َغ ِ‬
‫بعضها بعضاً في الحرب ‪ .‬الليث ‪ :‬تَ َ ْ‬ ‫ض ْر َغم اَألبطا ُل ُ‬ ‫و َ‬
‫‪.‬‬ ‫تْأتخ ُذ في المع ِ‬
‫ركة‬ ‫ْ‬
‫الرجال‬ ‫جراءته وَأخالقه وقيل المرَأة من العرب‪َ :‬أي ِّ‬ ‫َأس َد الرج ُل‪ :‬استْأسد صار كاألسد في‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫َأس َِد وِإ ن دخل ف ِه َِد وال يسَأ ُل عما ع ِه َد؛ (فَ ِه َد الرج ُل فَ َهداً نام وَأشبه‬ ‫زوجك ؟ قالت‪ :‬الذي ِإن خرج ِ‬
‫وتغافل عما يجب عليه تَعهُّ ُده ) يقال‪ِ :‬‬ ‫وتم ُّد ِده‬
‫استْأسد ِإذا اجترَأ َ‬
‫اَألسد‪:‬‬ ‫َ‬ ‫َأس َد و‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الفهد في كثرة نومه َ‬
‫القوة اَألسدية‬ ‫ِ‬
‫يْأس ُد َأي ذا ّ‬ ‫مصدر َأسد َ‬
‫و َأسد عليه‪ :‬غضب؛ وقيل‪َ :‬أسد عليه سفه‪.‬‬
‫ي‬ ‫الش ِد ُِ‬
‫يد القَ ِو ُّ‬ ‫بل ; وقيل ‪َّ :‬‬ ‫الج ِريء ُ من اِإل ِ‬ ‫ال ِه َز ْبر ‪ :‬من َأسماء اَألسد هزب ‪ :‬الهو َزب ‪ِ :‬‬
‫المس ُِّن َ‬‫ُ‬ ‫َْ ُ‬ ‫ُ‬
‫ب‪.‬‬‫الصْل ُ‬
‫َّخم ُّ‬ ‫الكاسر‪ .‬و‪ -‬الض ُ‬ ‫ُ‬ ‫اَألسد‬
‫ُ‬ ‫الحديد‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ب‪:‬‬ ‫الج ْري و الهَْي َز ُ‬ ‫َ‬
‫ور ِد وهو بين ال ُك َم ْيت‬ ‫ِ‬ ‫الور ِد‬
‫شم الواحدة وردة ِ وبلونه قيل لَألسد َو ْر ٌد وللفرس ْ‬ ‫بالفتح الذي ُي ِّ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫صفرة َح َسنة في كل شيء‪ ،‬وهو الجريء و‬ ‫ب ِإلى ُ‬ ‫ض ِر ُ‬
‫الو ْرد‪ .‬لون َأحمر َي ْ‬ ‫واَأل ْشقَر ابن سيده ‪َ :‬‬
‫الليث ‪ :‬اَألسد ; زعم كراع َأنه مشتق من اللوث الذي هو القوة ; قال ابن سيده ‪ :‬فِإن كان ِ‬
‫ذلك‬
‫يث ‪:‬‬ ‫تصاريفه ليث ‪ :‬اللَّ ُ‬
‫ِ‬ ‫َألن الياء ثابتة في جميع‬ ‫بقوي َّ‬
‫ّ‬ ‫واو قال ‪ :‬وليس هذا‬ ‫فالياء منقلبة عن ِ‬ ‫ُ‬
‫ِّن اللِّياثة‬ ‫والقوة وِإنه لََبي ُ‬
‫الشدة َّ‬
‫ث‬‫يصبح وهو َأْلَي ُ‬ ‫ِ‬ ‫و اللَّيث ‪ :‬الشجاع بيِّن اللُُّيوثة وفي حديث ابن الزبير ‪َ :‬أنه كان يواصل ثالثاً ثم‬
‫دهِم وبه سمي اَألسد لَْيثاً‪ .‬ويقال له‪ :‬ليث‪ ،‬باعتبار تلوثه بالفريسة‪ ،‬وهذا‬ ‫َأصحابه َأي ُّ‬‫ِ‬
‫وَأجلَ ُ‬ ‫َأشدهم ْ‬
‫ُأسامة ُ‪ :‬من‬
‫َ‬ ‫منظر مخيف جداً للفريسة ولإلنسان الذي يشاهدهما‪.‬‬
‫ت‬‫وَألن َ‬
‫ْ‬ ‫نص ِرف‪ .‬قال زهير َي ْمدح َه ِرم بن ِسنان‪:‬‬ ‫ِ‬
‫َأسماء اَألسد ال َي َ‬
‫ض‪،‬‬‫َّي َغ ُ‪.‬م‪ :‬الذي َي َع ُّ‬
‫والض ْ‬ ‫ال ولُ َّج في ُّ‬
‫الذ ْع ِر‬ ‫ُد ِعَي ْ‬
‫ت َنز ِ‬ ‫َأ ْش َجعُ من ُأسامة ِ ِإذ‬
‫أهوى إليه‪ .‬وكثُ ٍ‬ ‫ضاً دون َّ ِ‬
‫مامة‪:‬‬ ‫الن ْهش‪ ،‬أو هو أن ال َي ْمَأل فَ َمهُ مما ْ َ‬ ‫ض َغ َمهُ‪َ : ،‬عضَّهُ‪ ،‬أو َع ّ‬
‫واألس ُد‪َ ،‬‬
‫َ‬

‫‪49‬‬
‫واألس ُ‪.‬د‬
‫َ‬ ‫بان‪،‬‬
‫ض ُ‬ ‫الغ ْ‬
‫ض ُم‪َ :‬‬‫َّم َ‬
‫والض ْ‬ ‫ظتَهُ‪ ،‬وهو أيضا واسع الشدق‪.‬‬ ‫ض َغ ْمتَه ولَفَ ْ‬
‫ما َ‬
‫كل شيء ‪ ،‬الض ِ‬
‫ُّماض ُم‬ ‫يض ُّم َّ‬ ‫ُّماضم من َأسماء اَألسد ‪ .‬وَأس ٌد ُ ِ‬
‫ضبان‪ ،‬الج ِريء‪ ،‬الض ِ‬
‫ضماض ٌم ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫الغ ْ ُ َ ُ‬ ‫َ‬
‫الم ْستْأثِ ُ‪.‬ر ‪ ،‬وقيل ‪ :‬الكثير اَألكل الذي ال يشبع‪ .‬واألسد يسمى (حيدراً وحيدرة)‪:‬‬ ‫اَأل ُكو ُل َّ ِ‬
‫النه ُم ُ‬
‫حينما ينزل من مكان مرتفع كالجبل ونحوه‪ ،‬حيث يستلزم المهابة الشديدة‪ ،‬وكل شيء َأرسلته ِإلى‬
‫المِل ِك في الناس;‬ ‫ِ‬
‫اُألسد مثل َ‬
‫الح ْي َد َرة في ْ‬
‫وح ُدوراً‪ ..‬وقال ابن اَألعرابي ‪َ :‬‬
‫َأسفل ‪ ،‬فقد َح َد ْرتَه َح ْدراً ُ‬
‫وقوة ساعديه; ومنه غالم حادر ِإذا كان ممتلئ البدن شديد‬ ‫قال َأبو العباس ‪ :‬يعني لغلظ عنقه ّ‬
‫البطش‪ ،‬قال َأبو العباس َأحمد بن يحيى لم تختلف الرواة في َأن اَألبيات لعلي ابن َأبي طالب ‪،‬‬
‫الح ْي َد َره َكلَْي ِث‬
‫ُأمي َ‬
‫َأنا الذي َس َّمتْني ِّ‬ ‫رضوان اهلل عليه ‪:‬‬
‫ِ‬
‫بالسيف َكْي َل الس َّْن َد َر ْه َأضرب بالسيف‪ .‬رقاب‬ ‫ِ‬
‫َأكليلُ ُكم‬ ‫ص َر ْه‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫غابات َغليظ القَ َ‬
‫الكفره‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قال ‪ :‬السندرة الجرَأة ‪ .‬ورجل سَن ْدٌر ‪ ،‬على ف َعْن ٍل ِإذا كان جريئاً ‪ .‬و َ‬
‫الح ْي َد َرةُ اَألسد; وقال ابن‬
‫وقوة‬ ‫اَألعرابي ‪ :‬الح ْي َدرة في اُألس ِد مثل ِ ِ‬
‫الملك في الناس; قال َأبو العباس ‪ :‬يعني لغلظ عنقه ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬
‫ساعديه; ومنه غالم حادر ِإذا كان ممتلئ البدن شديد البطش; قال والياء والهاء زائدتان ‪ ،‬زاد ابن‬
‫بري في الرجز قب َل ‪:‬‬

‫وقال ‪َ :‬أراد بقوله ‪َ :‬أنا الذي سمتني ُأمي الحيدره " َأنا الذي سمتني ُأمي َأسداً ‪ ،‬فلم يمكنه ذكر‬
‫اَألسد َألجل القافية ‪ ،‬فعبر بحيدرة َألن ُأمه لم تسمه حيدرة ‪ ،‬وِإنما سمته َأسداً باسم َأبيها َألنها‬
‫علياً ‪،‬‬
‫فاطمة بنت َأسد ‪ ،‬وكان َأبو طالب غائباً حين ولدته وسمته َأسداً ‪ ،‬فلما قدم كره َأسداً وسماه ّ‬
‫علي هذا الرجز يوم خيبر سمى نفسه بما سمته به ُأمه‪.‬‬
‫فلما رجز ّ‬

‫أنا الذي سمتني أمي حيدرة ***ضرغام آجام وليث قسورة‬

‫ويسمى (ضرغام آجام) ألن الضرغام في اآلجام يزأر فيملأل األجمة بصوته المرعب‪.‬‬
‫سراً و‬ ‫ِ‬
‫س َره َي ْقس ُره قَ ْ‬
‫ويسمى‪ :‬قسورة‪ ،‬فيما إذا كان يطارد حيواناً أو قطيعاً من الحيوانات‪ ،‬قَ َ‬
‫س َره َغلَبه وقَهَره ‪ ,‬وقَ َس َره على اَألمر قَ ْسراً ‪َ :‬أكرهه عليه‪ ،‬والقسورة الصياد‪.‬‬ ‫اقْتَ َ‬
‫ثوب‪ ،‬األسد المترقب فريسته‪.‬‬ ‫( َّ ِ‬
‫الو َ‬
‫ص ُ‪.‬د ُ‬
‫صيد) السَُّبعُ َي ْر ُ‬
‫(والر ُ‬
‫اَألس ُد َّ‬
‫والراص ُ‪.‬د) َ‬
‫الخْل ِ‬
‫ق ُمتَ َغضِّنه‪.‬‬ ‫ض ْنفَر ‪ :‬غليظ َ‬ ‫ضن وَأسد َغ َ‬ ‫المتَ َغ ِّ‬
‫فر الغليظ ُ‬‫ض ْن ُ‬
‫ال َغ َ‬

‫صور َأي اَألسد ‪ ،‬والجمع‬


‫الرئبال الهَ ُ‬
‫الرْئ با ُل من َأسماء اَألسد والذئب وفي‪ .‬حديث ابن َُأن ْيس ‪ :‬كَأنه ِّ‬
‫ِّ‬
‫الج ْرَأة ‪ .‬و تََر َْأبلُوا‬ ‫الريا ِبي ُل على الهمز وتركه ‪ .‬وذئب ِرْئ با ٌل وِل ٌّ‬
‫ص ِرئبال ‪ :‬وهو من ُ‬ ‫الرآبل و َّ‬
‫َّ‬
‫وال عليهم; وفَعل ذلك من‬ ‫غزوا على َأرجلهم وحدهم بال ٍ‬ ‫ِإ‬
‫رْأبلُون ذا َ ْ‬
‫َّصوا ‪ .‬وخرجوا َيتَ َ‬‫تَلَص ُ‬

‫‪50‬‬
‫ويفعل ِف ْعل اَألسد;‬ ‫ِ‬ ‫رْأبلَتِه ُ ِ‬
‫وخ ْبثه ‪ .‬و تََر َْأب َل تََر ُْأبالً و َر َْأب َل َر َْأبل ًة وفالن َيتَر َْأب ُل َأي ُيغير على الناس َ‬ ‫َ َ‬
‫الر َْأبلة َأن يمشي الرجل ُمتكفِّئاً في جانبيه كَأنه َيتََوجَّى ‪.‬‬ ‫َّ‬

‫ب اهلل‪ ،‬ففي هذا‬


‫ك َكْل ُ‬ ‫ويروى‪َّ .‬‬
‫أن النبي صلى اهلل عليه وسلم قال لعتيبة بن أبي لهب‪ :‬أ َكلَ َ‬ ‫الكلب ُ‬
‫ت بذلك أن األسد كلب‪.‬‬
‫الخبر فائدتان‪ ،‬إحداهما أنه ثََب َ‬

‫كذلك يجدر لفت النظر إلى أن فعل جلس له داللة تختلف كلية عن قعد‪ ،‬فجلس كان نائما فجلس‪،‬‬
‫وقعد كان واقفا فقعد‪،‬‬

‫وه ْيَئاتِ ِه)‬


‫اع َ‬‫واالض ِط َج ِ‬
‫ْ‬ ‫وس ِ‬
‫والقَي ِام‬ ‫الجلُ ِ‬ ‫ال ُ‬ ‫(في ش َك ِ‬
‫(وهي َجْل َسةُ‬
‫َ‬ ‫احتََبى ‪،‬‬ ‫قيل ْ‬ ‫ب َساقَْي ِه َو َد َع َمهُما بِثَْوبِ ِه أو َي َد ْي ِه َ‬ ‫صَ‬ ‫الر ُج ُل َعلَى َأْلَيتَْي ِه َ‬
‫ون َ‬ ‫إذا َجلَ َس َّ‬
‫الع َرب)‬
‫َ‬
‫اء‬
‫ص َ‬ ‫يل قَ َع َد القُْرفُ َ‬ ‫وج َم َع َي َد ْي ِه َعلَى ُر ْكَبتَْي ِه ِق َ‬
‫طنه َ‬
‫صقاً فَ ِخ َذ ْي ِه بِب ْ ِ ِ‬
‫َ‬
‫فإذا جلَس مْل ِ‬
‫َ َ ُ‬
‫َّع‬
‫يل تََرب َ‬ ‫األخ َرى ِق َ‬‫ت ْ‬ ‫اه َما تَ ْح َ‬
‫إح َد ُ‬
‫ض َع‪ْ .‬‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫فإذا َج َم َع قَ َد َم ْيه في ُجلُوسه َو َو َ‬
‫يل َأ ْق َعى‬‫ق َعِقَب ْي ِه بأْلَيتَْي ِه ِق َ‬‫صَ‬ ‫فإذا َأْل َ‬
‫احتَفََز وا ْق َع ْنفََ‪.‬ز وقَ َع َد القَ ْعفََزى‬
‫يل ْ‬ ‫ور ِل ِلقَيام ِق َ‬
‫أن َيثُ َ‪.‬‬ ‫يد ْ‬ ‫وس ِه َك ََّأنهُ ُي ِر ُ‬
‫فإذا استَقََّر في جلُ ِ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬
‫َّد َساقَْي ِه ِقي َل ْفر َش َ‬
‫ط‪.‬‬ ‫ض َوتََوس َ‬ ‫باألر ِ‬ ‫ِ‬
‫ق َأْلَيتَْيه ْ‬ ‫صَ‬ ‫فإذا أْل َ‬
‫ط َج َع‬‫اض َ‬‫يل ْ‬ ‫ض ِق َ‬ ‫باألر ِ‬ ‫ض َع َج ْنَبهُ ْ‬ ‫فإذا َو َ‬
‫ِِ‬
‫ض َو َم َّد ِر ْجلَْيه قي َل ْ‬
‫استَْلقى‬ ‫باَألر ِ‬ ‫ظ ْه َرهُ ْ‬ ‫ض َع َ‬‫فإذا َو َ‬
‫يل ْان َس َدح‬‫فر َ‪.‬ج ِر ْجلَْي ِه ِق َ‬ ‫استَْلقَى َو َّ‬‫فإذا ْ‬
‫فإذا قَ َام َعلَى َْأرَبع قي َل َب ْر َك َع‬
‫اء‪ ،‬وفي‬
‫والخ َ‬
‫اء َ‬‫بالح َ‬
‫َّح َ‬ ‫طاطاً‪ِ .‬م ْن أْلَيتَْي ِه قَ َ‬
‫يل‪ :‬دب َ‬ ‫ون َأ َش َّد ْان ِح َ‬‫ْأسهُ َحتّى َي ُك َ‬ ‫طَأ َر َ‬ ‫طْأ َ‬‫ظ ْه َرهُ َو َ‬
‫ط َ‬ ‫فإذا َب َس َ‬
‫الصالَ ِة َكما ي َدبِّح ِ‬
‫الح َم ُار)‬ ‫الر ُج ُل في َّ‬ ‫(ن ِه َي أن َ‬ ‫الح ِد ِ‬
‫َ ُ ُ‬ ‫ِّح َ‬ ‫يدب َ‬ ‫يث‪ُ :‬‬ ‫َ‬
‫ط َع‬ ‫ْأس ِقي َل‪ْ :‬‬
‫َأه َ‬ ‫الر َ‬‫ب ّ‬ ‫ص َّو َ‪.‬‬
‫ق َو َ‬ ‫فإذا َم َّد ُ‬
‫العُن َ‬
‫ص َرهُ ِقي َل‪ :‬أ ْق َم َح‬ ‫ض َب َ‬ ‫ْأسهُ َو َغ َّ‬
‫فإذا َرفَ َع َر َ‬
‫الش ْر ِب ِرّيا‪.‬‬ ‫ض وامتََنع ِم َن ُّ‬ ‫ِ‬ ‫وقَمح ِ‬
‫الح ْو ِ ْ َ‬ ‫ْأسهُ ع ْن َد َ‬ ‫البع ُير إذا َرفَ َع َر َ‬ ‫َ ََ َ‬
‫ومثال‪ :‬الشك غير الريبة‪ ،‬الشك‪ :‬تردد النفس بين شيئين ولكن الريب شك مع تهمة وقلق‪.‬‬
‫واضطراب‪،‬‬
‫ص ِيل ِه)‬‫ب وتَ ْف ِ‬‫الح ِّ‬
‫يب ُ‬‫(في تَْرتِ ِ‬
‫ِ‬
‫ب الهَ َوى‬ ‫َّأول َم َرات ِب ُ‬
‫الح ِّ‬
‫ب الالَّ ِز ُم َ‬
‫للقْل ِب‬ ‫الح ُّ‬
‫العالَقَةُ وهي ُ‬ ‫ثَُّم َ‬

‫‪51‬‬
‫ِ‬
‫ب‬ ‫ف وهو ش َّدة ُ‬
‫الح ِّ‬ ‫ثَُّم الكلَ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الح ُّ‬
‫ب‬ ‫ض َل َع ِن الم ْق َد ِار الذي ْ‬
‫اس ُمهُ ُ‬ ‫اسم ل َما فَ َ‬‫ق وهو ْ‬ ‫ثَُّم الع ْش ُ‬
‫ب َم َع لَ َذ ٍة َي ِج ُدها‬‫ب القْل َ‬‫الح ِّ‬
‫اق ُ‬‫إح َر ُ‬ ‫ف وهو ْ‬‫ثَُّم ال َش َع ُ‬
‫الم ْح ِر ُ‬
‫ق‬ ‫فإن تِْل َ‬ ‫َّ ِ‬ ‫و َك َذِل َ َّ‬
‫هو الهَ َوى ُ‬
‫ك ُح ْرقَةُ الهَ َوى ‪ ،‬وهذا َ‬ ‫ك الل ْو َعة والالع ُج ‪ّ ،‬‬ ‫َ‬
‫القْل ِب ‪ ،‬وهي ِجْل َدة ُد ْوَنهُ وقد‪ .‬قُ ِرَئتَا َج ِميعاً { َش َغفَهَا ُحّباً}‬
‫غاف َ‬ ‫الح ُّ‬
‫ب َش َ‬ ‫أن َيْبلُ َغ ُ‬
‫وه َو ْ‬
‫ف ُ‬ ‫ثم َّ‬
‫الش َغ ُ‬ ‫َّ‬
‫َو َش َغفَهَا‬
‫ثُم الجوى و َهو الهوى الب ِ‬
‫اط ًن‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫ّ ََ َ‬
‫ب ‪ ،‬و ِم ْنهُ ُس ِّمي تَْي ُم اللّه أي َع ْب ُد اهللّ ‪ ،‬و ِم ْنهُ َر ُج ٌل ُمتَيم‬ ‫أن َي ْستَ ْعبِ َدهُ ُ‬
‫الح ُّ‬ ‫ثَُّم التَّْي ُم ‪ُ ،‬‬
‫وه َو ْ‬
‫أن ُي ْس ِق َمهُ الهَ َوى‬ ‫ثَُّم التَّْب ُل ُ‬
‫وه َو ْ‬
‫َو ِم ْنهُ َر ُجل َمتُْبول‬
‫الع ْق ِل ِم َن الهَ َوى ‪ ،‬و ِم ْنهُ َر ُج ٌل ُم َدلَّهٌ‬
‫اب َ‬ ‫ثَُم التّ ْدِليهُ ُ‬
‫وه َو َذ َه ُ‬
‫يه ‪ ،‬و ِم ْنهُ َر ُجل َهاِئم‪.‬‬ ‫أن ي ْذ َهب علَى و ْج ِه ِه ِل َغلَب ِة الهوى علَ ِ‬
‫َ ََ َ‬ ‫وه َو ْ َ َ َ َ‬ ‫وم ‪ُ ،‬‬ ‫ثَُّم الهُُي ُ‬
‫ص ِيلها‪).‬‬
‫الغض ِب وتَ ْف ِ‬
‫ال َ َ‬ ‫أحو ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫(في تَْرتيب ْ َ‬
‫ضا‬
‫الر َ‬‫ف ِّ‬ ‫وه َو ِخالَ ُ‬‫ُّخطُ ُ‬ ‫ََّأو ُل َم َراتِبِهَا‪ .‬الس ْ‬
‫ب مع تَ َكب ٍُّر َو َر ْف ِع َرْأس‬ ‫ضُ‬ ‫الغ َ‬‫وهو َ‬ ‫ام َ‬ ‫طُ‬ ‫االخ ِر ْن َ‬
‫ثَُّم ْ‬
‫وانتِفَاخ ‪َ ،‬ع ِن اللَّْي ِث‬ ‫ضب َم َع ُعُبوس ْ‬ ‫ط َمةُ و ِه َي َغ َ‬ ‫الب ْر َ‬
‫ثُّم َ‬
‫األن ِ‬
‫ام َل‬ ‫للعا ِج ِز َع ِن التَّ َشفِّي ‪ .‬و ِم ْنهُ قَ ْولُهُ تَ َعالَى‪{ :‬وإ ذا َخلَ ْوا َعضُّوا َ‬ ‫ِ‬
‫ضب َكامن َ‬ ‫وه َو َغ َ‬
‫الغ ْيظُ ُ‬ ‫ثَُّم َ‬
‫الغ ْي ِظ ُق ْل ُموتُوا‪ .‬بِ َغ ْي ِظ ُك ْم}‬
‫ِم َن َ‬
‫ظهُ َويهُ َّم بِ ِه‬
‫ش بالّذي َغا َ‬‫سان فََيتَ َح َّر َ‪.‬‬
‫اإلن ُ‬ ‫ظ ْ‬ ‫ان َي ْغتَا َ‬‫وه َو ْ‬ ‫اء َوتَ ْس ِكينِها‪ُ ،‬‬ ‫ثَُّم الحر ُد بِفَتْ ِح الر ِ‬
‫َ‬ ‫ََ‬
‫الح ْق ِد‬
‫اظ مع ِ‬ ‫ق و ُهو ِش َّدةُ ْ ِ ِ‬
‫االغتَي َ َ‬ ‫الحَن ُ َ َ‬ ‫ثَُّم َ‬
‫ض ِب‬
‫الغ َ‬ ‫وه َو أ َش ُّد َ‬ ‫االختِالَطُ ُ‬ ‫ثَُّم ْ‬
‫امتَأل َغْيظاً‪.‬‬ ‫َأك ْ َّ‬ ‫الرج ُل وارم َّ‬ ‫اهم َّ‬ ‫ِّ ِ‬
‫واص َمَأك إذا ْ‬ ‫َْ‬ ‫َأك َّ‬ ‫قَا َل ْاب ُن السِّكيت‪َ ْ :‬‬

‫الع َد َاو ِة)‪.‬‬ ‫(في تَْر ِ‬


‫تيب َ‬

‫ض‬ ‫الب ْغ ُ‬
‫ُ‬
‫آن‬ ‫ثُم ِ‬
‫القلَى ثَُّم َّ‬
‫الشَن ُ‬ ‫ّ‬
‫ف‬ ‫ثَُّم َّ‬
‫الشَن ُ‬
‫ت‬‫الم ْق ُ‬
‫ثَُم َ‬
‫الب ْغض‬
‫أشد ُ‬ ‫ثَُّم البِ ْغ َ‬
‫ضةُ‪ ،‬وهو ُّ‬

‫‪52‬‬
‫ام َرَأتَهُ ال َغْي ُر‪.‬‬ ‫ض َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫الر ُجل ْ‬ ‫الم ْرَأة َز ْو َجهَا‪َ .‬وُب ْغ ُ‬
‫ض َ‬ ‫ك فهو ُب ْغ ُ‬
‫َأما الفَ ْر ُ‬
‫فَ َّ‬

‫ِ‬
‫ُّر ْو ِر)‬ ‫(في تَْرتِيب الس ُ‬
‫ِْ‬ ‫ِِ‬
‫اج‬
‫واالبتهَ ُ‬ ‫َّأو ُل َم َراتبِه َ‬
‫الج َذ ُل‬
‫مع ٍاذ)‬
‫بن َ‬ ‫رش ِل َم ْو ِت َس ْع ِد ِ‬ ‫(اهتََّز َ‬
‫الع ُ‬ ‫االستِْب َشار وهو االهتَِز ُاز‪ .‬وفي الحديث‪ْ :‬‬ ‫ثَُم ْ‬
‫يد بِح ِد ِ‬ ‫ت َّ ِ‬ ‫األص َم ِع ّي‪َ :‬ح َّدثْ ُ‬ ‫اق ‪ .‬و ِم ْنهُ قَ ْو ُل‬
‫ق لَهُ‬
‫فاب َر ْن َش َ‪.‬‬
‫يث َك َذا ْ‬ ‫الرش َ َ‬ ‫ْ‬ ‫واالب ِر ْن َش ُ‪.‬‬
‫ْ‬ ‫االرتَِي ُ‬
‫اح‬ ‫ثَُّم ْ‬
‫ط ِر‬
‫كالب َ‬
‫وهو َ‬‫ثَُّم الفََر ُح َ‬
‫ِ‬ ‫و ِم ْنهُ قَ ْولُهُ تَ َعالَى‪ِ" :‬إ َّن اللّه ال ُي ِح ُّ‬
‫ين"‬‫ب الفَ ِرح َ‬
‫األر ِ‬
‫ض َم َرحاً} ‪.‬‬ ‫الم َر ُح ‪ ،‬وهو ِش َّدةُ الفََر ِح ‪ ،‬و ِم ْنهُ قَ ْولَهُ َع َز ِذ ْك ُرهُ‪{ :‬وال تَ ْم ِ‬
‫ش في ْ‬ ‫ثَُم َ‬
‫الح ْز ِن)‬ ‫يل أو ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫صاف ُ‬ ‫(في تَ ْفص ْ َ‬
‫ضاُؤ هُ‬
‫إم َ‬‫طاعُ‪ْ .‬‬‫ال َك َم ُد ُح ْز ٌن ال ُي ْستَ َ‬
‫ث أ َش ُّد ُ‬
‫الح ْز ِن‬ ‫الب ُّ‬
‫َ‬
‫بالن ْف ِ‬
‫س‬ ‫ْأخ ُذ َّ‬
‫الغ ُّم الّذي َي ُ‬
‫ب َ‬ ‫ال َك ْر ُ‬
‫َّد ُم َه ّم في َن َدم‬
‫الس َ‬
‫وت‬ ‫الش ِ‬
‫يء َيفُ ُ‬ ‫حزن على َّ‬ ‫ف ْ‬ ‫األسى واللَّهَ ُ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫حزن ُي ْس ِك ُ‬
‫صاحَبهُ‬
‫ت َ‬ ‫الوجوم ْ‬
‫ضبان ِ‬ ‫ِ‬ ‫ض ِب ‪ .‬و ِم ْنهُ قَ ْولُهُ تَ َعالَى‪َّ { :‬‬
‫أسفاً}‬ ‫وسى إلى قَ ْو ِمه َغ ْ َ َ‬
‫ولما َر َج َع ُم َ‬ ‫ف ُح ْزن َم َع َغ َ‬ ‫األس ُ‬
‫َ‬
‫الح ْز ِن‬ ‫الكآبةُ سوء الحاَ ِل ْ ِ‬
‫واالنك َس ُ‪.‬ار َم َع ُ‬ ‫َ ُ ُ َ‬
‫التَرح ِ‬
‫ض ُّد الفََر َح‪.‬‬ ‫َ‬

‫وعموما سنأتي على بحث الترادف الحقا ان شاء اهلل‪.‬‬

‫لنستأنف ما بقي من خصائص العربية‪ :‬وقال ابن فارس في فقه اللغة في موضع آخر‪ :‬باب‬
‫المتَخاطبين من وجهين‪:‬‬
‫والفهم من السامع‪ :‬يقع ذلك من ُ‬
‫ُ‬ ‫اإلفهام من القائل‬
‫ُ‬ ‫الخطاب الذي يقعُ به‬
‫اإلعراب واآلخر التَّ ْ‬
‫صريف‪..‬‬ ‫ُ‬ ‫أحدهما‬

‫َأحسن‬ ‫ويوقَف‪ .‬على أغراض المتكلمين وذلك َّ‬


‫أن قائالً لو قال‪ :‬ما ْ‬ ‫فأما اإلعراب فَبِه تمي َُّز المعاني ُ‬
‫أح َس َن َز ْي ٌد‬ ‫زيد غير مع ِر ٍب لم يوقف على مراده فإذا قال‪ :‬ما أحسن زيداً أو ما أحسن ٍ‬
‫زيد أو ما ْ‬ ‫ُ‬ ‫ََ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُْ‬
‫لغيرهم فهم َيفرقُون بالحركات‬ ‫أراده وللعرب في ذلك ما ليس ِ‬ ‫باإلعراب عن المعنى الذي َ‬ ‫ِ‬ ‫أبان‬
‫َ‬
‫الفتح و ِمقَص آللة القص‬ ‫وم ْفتح لموضع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وغيرها بين المعاني يقولون‪ :‬م ْفتَح لآللة التي ُي ْفتح بها َ‬
‫وات‬
‫وم ْحلَب للمكان ُي ْحتَلب فيه َذ ُ‬ ‫قص للموضع الذي يكون فيه القص و ِم ْحلب َ‬
‫للقدح ُي ْحلَب فيه َ‬ ‫وم ّ‬
‫َ‬

‫‪53‬‬
‫طاهر من الحيض ألن الرجل ال َي ْش َركها‪ .‬في الحيض وطاهرةٌ من العيوب‬
‫ٌ‬ ‫اللبن ويقولون‪ :‬امرأةٌ‬
‫قاعد من الحبل ِ‬
‫وقاعدةٌ من القعود‪ .‬ويقولون‪ :‬هذا‬ ‫ألن الرج َل ي ْش َر ُكها‪ .‬في هذه الطهارة وكذلك ٌ‬
‫ََ‬
‫أحسن منه رج ٌل‬
‫ُ‬ ‫غالم‬
‫الحال في شخص واحد‪ .‬ويقولون‪ :‬هذا ٌ‬ ‫َ‬ ‫أحسن منه رجالً يريدون‬‫ُ‬ ‫غالماً‬
‫االستخبار‪ .‬وكم ٍ‬
‫رجل رأيت في الخبر يراد به‬ ‫فهما إذن شخصان ويقولون‪ :‬كم رجالً رأيت في ْ‬
‫الحج‪ .‬ويقولون‪:‬‬ ‫أردن ّ‬ ‫بيت اللّه إذا َّ‬ ‫اج ِ‬ ‫وه َّن َح َو ُّ‬
‫بيت اللّه إذا َ‬ ‫اج َ‬‫وح َو ّ‬
‫كن قد َح َج ْج َن‪َ .‬‬ ‫التكثير‪ُ .‬‬
‫أريد الحاجةُ إليه‪ .‬فإن أريد مجيُئهما قال‪:‬‬ ‫طب جاء إنما َ‬ ‫أن الح َ‬ ‫والحطب إذا لم يرد َّ‬
‫َ‬ ‫جاء الشتاء‬
‫الح َرج‪ .‬وكذلك أثِ َم وتََأثََّ‪.‬م‪.‬‬
‫الح َرج‪ ،‬وتَ َح َّرج‪ :‬إذا تباعد عن َ‬ ‫حر َج فالن‪ :‬إذا وقع في َ‬ ‫والحطب‪ِ .‬‬
‫ُ‬
‫ع‪ .‬عنه إذا ُنحِّي عنه الفََزع‪،‬‬ ‫َّد‪ :‬إذا َس ِه َر‪ .‬وفَ ِز َ‬
‫ع‪ .‬فالن‪ :‬إذا أتاه الفََزع‪ ،‬وفُِّز َ‬ ‫َو َه َج َد‪ :‬إذا نام‪ ،‬وتّهَج َ‬
‫ُأخر َج الفََزعُ عنها‪ .‬ويقال‪ :‬امرأةٌ َن ُذور‪ ،‬أي‬‫ع َع ْن ُقلوبِ ِه ْ‪.‬م" أي ِ‬
‫وفي كتاب اهلل‪" :‬حتى إذا فُِّز َ‬
‫تصونة عن األقذار‪ ،‬واللفظ ُيشبه َّ‬
‫ضد ذلك‪.‬‬ ‫ُم ِّ‬
‫فلما قَضينا‪.‬‬
‫وقوع فعل واحد على عدة معان من ذلك قولهم‪ :‬قَضى‪ .‬بمعنى َحتَ َم‪ ،‬كقوله تعالى‪َّ " :‬‬
‫مر‪ ،‬كقوله تعالى‪" :‬وقّضى َربُّك أاَّل تَ ْعُبدوا‪ .‬إال ّإياهُ " أي أمر‬ ‫ِ‬
‫ت"‪ .‬وقَضى‪ .‬بمعنى أ َ‬‫الم ْو َ‬
‫َعليه َ‬
‫فاصَنع ما أنت صانع‪.‬‬ ‫قاض" أي ْ‬ ‫ٍ‬ ‫أنت‬ ‫ِ‬
‫فاقض ما َ‬ ‫صَن َع‪ ،‬كقوله تعالى‪" :‬‬
‫ويكون قضى بمعنى َ‬
‫ويكون قضى بمعنى َح َك َم‪ ،‬كما يقال للحاكم قاض‪ .‬وقضى‪ .‬بمعنى أعلم‪ ،‬كقوله تعالى‪" :‬وقَضينا‬
‫تاب" أي أعلمناهم‪ .‬ويقال للميت‪ :‬قضى‪ ،‬إذا فَ ِر َ‬
‫غ من الحياة‪.‬‬ ‫إلى بني إسرائي َل في ِ‬
‫الك ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫قوب قضاها"‪.‬‬ ‫وقضاء الحاجة‪ ،‬معروف ومنه قوله تعالى‪" :‬إاّل حاجة في ِ‬
‫نفس َي ْع َ‬
‫عز وج ّل‪:‬‬
‫وان َح ْ‪.‬ر" أي الصالة المعروفة‪ .‬وقوله ّ‬ ‫ك ْ‬ ‫ص ِّل ِل َرِّب َ‬
‫ومن هذا الباب قوله تعالى‪" :‬فَ َ‬
‫ون على َّ‬ ‫إن اهلل ومالِئ َكتَه ي ُّ‬ ‫وص ِّل علي ِه ْم َّ‬
‫النبي يا‬ ‫صل َ‬ ‫ُُ َ‬ ‫ك َس َك ٌن لَهُ ْم" أي ادعُ لهم‪ .‬وقوله‪َ َ َّ " :‬‬ ‫صالتَ َ‬
‫إن َ‬ ‫" َ‬
‫وسلِّموا‪ .‬تَ ْسليماً" فالصالة من الرحمة‪ ،‬ومن المالئكة االستغفار‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫أيُّها الّذين آمنوا ُّ‬
‫صلوا علَيه َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ك‬‫أصالتُ َ‬
‫الدين‪ ،‬من قوله تعالى في قصة شعيب‪َ " :‬‬ ‫والدعاء‪ ،‬والصالة‪ِّ :‬‬ ‫ومن المؤمنين الثَّناء ُّ‬
‫ِ‬
‫وات‬
‫وصلَ ٌ‪.‬‬‫صوامعُ وبَِيعٌ َ‬ ‫ت َ‬‫ك" أي دينك‪ .‬والصالة‪ :‬كنائس اليهود‪ ،‬وفي القرآن‪" :‬لَهُ ِّد َم ْ‬ ‫أم ُر َ‬
‫تَ ُ‬
‫ومسا ِج ُد"‪.‬‬
‫َ‬
‫وقوع اسم واحد على أشياء مختلفة‬
‫من ذلك‪ :‬عين الشمس وعين الماء ويقال لكل واحد منهما‪ :‬العين‪.‬‬
‫الدنانير‪ ،،.‬والعين‪ :‬السَّحابة من ِقَبل القبلة‪.‬‬
‫الدراهم‪ ،،‬والعبن‪َّ :‬‬
‫النقد من َّ‬
‫والعين‪َّ :‬‬
‫والرقيب‪ ،‬وكلهم قريب من قريب‪.‬‬
‫يدبان‪ ،‬والجاسوس‪َّ .،‬‬ ‫والعين‪ :‬مطر أيَّام ال ُيقلع‪ ،،‬والعين‪َّ :‬‬
‫الد َ‬
‫الركيَّة‪.‬‬
‫ويقال في الميزان‪ :‬عين‪ ،‬إذا رجحت إحدى كفتيه على األخرى‪ ،،‬والعين‪ :‬عين َّ‬
‫وعين الشيء‪ :‬نفسه‪ ،،‬وعين الشيء‪ :‬خياره‪.‬‬
‫ِ‬
‫الباصرة‪ ،،‬والعين‪ :‬مصدر‪ .‬عانه َعينا‪.‬‬ ‫والعين‪:‬‬
‫ومن ذلك الخال‪ :‬أخو األم‪ ،‬ونوع من البرود‪ ،‬واالختيال‪ ،‬والغيم‪ ،‬وواحد‪ .‬الخيالن‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫الحار‪ ،‬والقرآن ناطق به‪.‬‬
‫ومن ذلك الحميم‪ ،‬يقع على الماء ِّ‬
‫قال أبو عمرو‪ :‬والحميم‪ :‬الماء البارد‪ ،‬وأنشد‪:‬‬
‫ص بالماء الحميم‬‫أغ ُّ‬ ‫أكاد َ‬
‫نت قَْبالً * ُ‬ ‫راب و ُك ُ‬
‫الش ُ‬‫غ لي َّ‬
‫فسا َ َ‬
‫العرق‪.‬‬ ‫الحامة ال في َّ ِ‬
‫العامة‪ ،،‬والحميم‪َ :‬‬ ‫َّ‬ ‫الخاص‪ ،‬يقال‪ُ :‬دعينا في‬
‫ُّ‬ ‫الحميم‪:‬‬
‫فأخذ َحميمها‪ ،‬أي خيارها‪.‬‬ ‫ق َ‬ ‫ص ِّد ُ‬
‫الم َ‬
‫الخيار من اإلبل‪ ،‬ويقال‪ :‬جاء ُ‬‫ُ‬ ‫والحميم‪:‬‬
‫والصهر‪ ،‬والجار‪ ،‬والحليف‪..‬‬ ‫والم ْعتَ ْق‪ ،‬وابن العم‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ِّ‬ ‫والم ْعتق‪ُ ،‬‬‫ومن ذلك المولى‪،‬هو السيد‪ُ ،‬‬
‫صياما"‪.‬‬‫ذلك ِ‬ ‫ومن ذلك العدل‪ ،‬هو الفدية من قوله تعالى‪" :‬أو َع ْد ُل َ‬
‫ِ‬
‫والحق‪ :‬وض ُّد َ‬
‫الجور‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫والرجل الصَّالح‪،‬‬
‫والعدل‪ :‬القيمة‪ِّ ،‬‬
‫ِ‬
‫األعضاء‪ ،‬وفي‬ ‫ِّ‬
‫الحق‪ ،‬وفي البدن‪ :‬فتور‪.‬‬ ‫ومن ذلك المرض‪ ،‬المرض في القلب‪ :‬هو الفتور عن‬
‫ظ ِر‪.‬‬ ‫العين‪ :‬فتور َّ‬
‫الن َ‬
‫وهذه األبحاث كلها تنبيك عن اتساع اللغة العربية‪ ،‬األصل األصيل في مبحثنا هذا‪.‬‬

‫االشتراك اللفظي‪ :‬فإذا كان الترادف يعني اتحاد المعنى وتعدد‪ .‬اللفظ ‪ ،‬أو (إطالق كلمتين أو عدة‬
‫كلمات على مدلول أو معنى واحد ) ‪ ،‬فإن االشتراك‪ .‬اللفظي يعنى اتحاد اللفظ في الصيغة‬
‫والنطق والكتابة واألصل في أغلب األحيان أيضاً مع تعدد المدلول ‪ ،‬أو بتعبير‪ .‬آخر (إطالق‬
‫كلمة واحدة في اللغة على معنيين فأكثر‪ .‬على السواء) دون شرط ارتباطها‪ .‬بالسياق‬
‫الكالمي ‪ .‬كما تطلق في العربية مثالً كلمة (الخال) على أخ األم وعلى الشامة‪ ،‬وكلمة (النوى)‬
‫على البعد وعلى جمع النواة ‪ ،‬وكلمة (العين) على العين الباصرة‪ ،‬وعلى نبع الماء ‪ ،‬وعلى‬
‫رئيس أو وجيه القوم ‪ ،‬وعلى الجاسوس ‪ ،‬وعلى النقد والذهب ‪ ،‬وعلى الشيء نفسه ‪ ،‬وعلى‬
‫معان أخرى غيرها‪.‬‬

‫أطلق أهل اللغة اسم القرء على الحيض والطهر وهما ضدان‪ ،‬وكقوله تعالى‪ :‬والليل إذا عسعس‬
‫أي أقبل وأدبر‪ ،‬فهو مشترك بين إقبال الليل وإ دباره‪ ،‬إال أن المشترك‪ .‬خالف األصل‪ ،‬واألصل أن‬
‫يكون المعنى موضوع له لفظ واحد خاص به أي أن األصل عدم االشتراك‪ ،‬فاللفظ إذا دار بين‬
‫احتمال االشتراك‪ .‬واالنفراد كان الغالب على الظن هو االنفراد‪ ،‬واحتمال االشتراك‪ .‬مرجوح‪ ،‬وإ ن‬
‫لم يكن مرجوحا‪ .‬فهو خالف األصل لتساوي احتمال االشتراك واحتمال االنفراد وهما قائمان في‬
‫كل لفظ ‪ /‬ولم يفهم من اللفظ بدون قرينة تبين معناه المراد ‪ ،‬ولهذا كان تعيين معنى اللفظ‬
‫المشترك وتخصيصه بأحد معانيه مفتقرا إلى قرينة فال بد له من قرينة تبين المعنى المراد‪ ،‬ولو لم‬
‫يكن المشترك خالف األصل المتنع االستدالل بالنصوص الحتمال االشتراك‪ .‬وكون مراد الشارع‬
‫غير ما ظهر لنا من المعاني وحينئذ ال تكون مفيدة للظن‪ ،‬ولهذا فإن المشترك خالف األصل‪،‬‬

‫‪55‬‬
‫وكذلك بالمثل نقول هنا أن سبب وجوده قد يرجع إلى اختالف واضعي اللغة باختالف القبائل‪ ،‬أو‬
‫التوسع في اللغة‪.‬‬

‫ويجوز‪ .‬استعمال المشترك بجميع معانيه معا على سبيل الحقيقة بدليل وقوعه في القرآن قال تعالى‬
‫"إن اهلل ومالئكته يصلون على النبي" والصالة من اهلل مغفرة ومن غيره استغفار‪ ،‬فالصالة لفظ‬
‫مشترك بين المغفرة واالستغفار‪ .،‬وقد استعملت فيهما دفعة واحدة‪ ،‬وقال تعالى "َألَم تَر َّ َّ‬
‫َأن اللهَ‬ ‫ْ َ‬
‫وم واْل ِجَبا ُل و َّ‬
‫الش َج ُر و َّ‬
‫الد َو ُّ‬
‫اب‬ ‫ات و َمن ِفي ْ ِ‬
‫ض و َّ‬
‫الش ْم ُس َواْلقَ َم ُر َو ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫الن ُج ُ‪َ .‬‬ ‫اَأْلر َ‬ ‫َّم َاو َ‬
‫َي ْس ُج ُد لَهُ َمن في الس َ‬
‫اس " والسجود ههنا الخشوع ألنه هو المتصور من الدواب ‪ ،‬وهو وضع الجبهة‬ ‫َو َكثِ ٌير ِّم َن َّ‬
‫الن ِ‬
‫على األرض من الناس‪ ،‬من هنا نقول أن حمل المشترك‪ .‬على جميع معانيه عند عدم القرينة‬
‫المخصصة احتياطا في تحصيل العلم بمراد المتكلم‪ ،‬إذ لو لم يحمل على جميع معانيه للزم‬
‫إهمال اللفظ أو لزم الترجيح بال مرجح‪.‬‬

‫ظم ألنا نقول‪َ :‬و َجد وهي كلمة ُم ْبهمة فإذا صرفت‪.‬‬
‫الم ْع َ‬ ‫ِ‬
‫وأما التصريف فإن َم ْن فاته عْل ُمه فاتَه ُ‬
‫ص ْحت فقلت في المال‪ُ :‬و ْجداً وفي الضَّالة‪ِ :‬و ْجداناً وفي‪ .‬الغضب‪َ :‬م ْو ِج َدةً وفي ُ‬
‫الح ْزن‪َ :‬و ْجداً‪.‬‬ ‫َأ ْف َ‬
‫الع ْدل‪ .‬ويقولون‬ ‫ِ‬
‫الج ْور إلى َ‬
‫فتحو َ‪.‬ل المعنى بالتصريف‪ .‬من َ‬ ‫والم ْقسطُ للعادل َّ‬ ‫ويقال‪ :‬القاسط للجائر ُ‬
‫والمجدبة ُخبَّة ونقول في األرض السهلة‬
‫ْ‬ ‫صبة‬ ‫الر ْمل‪ِ :‬خبَّة ولألرض بين ْ‬
‫المخ َ‬ ‫للطريقة في َّ‬
‫خار‬
‫ضعف‪َ :‬خار َخ َوراً وفي‪ .‬الثور‪َ :‬‬ ‫وخؤوراً‪ .‬وفي اإلنسان إذا ُ‬ ‫الخوارة‪ :‬خارت تخور‪َ .‬خوراً ُ‬ ‫ّ‬
‫ذهبت ألبانها‪َ :‬ش ْول‬ ‫ضَناك‪ .‬ويقولون لإلبل التي‬ ‫ضَناك ُّ‬ ‫ُخواراً وللمرأة الضخمة‪ِ :‬‬
‫ْ‬ ‫وللز ْك َمة‪ُ :‬‬ ‫َ‬
‫َّة الماء في الحوض‪:‬‬ ‫ت َأ ْذَنابها ِللَّ ْقح‪ُ :‬ش َّول وهي جمع شائل ولبقي ِ‬
‫َ‬ ‫وهي جمع شائلة وللتي شالَ ْ ُ‬
‫عمد إلى غير ذلك من الكالم الذي ال‬ ‫َشول‪ .‬ويقولون للعاشق‪ :‬ع ِميد وللبعير المتأ ّكل السََّنام‪ِ :‬‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫صى‪.‬‬ ‫ُي ْح َ‬
‫اإلبدال من سنن العرب إبدال الحروف‪ .‬وإ قامة بعضها مكان بعض‪ ،‬في قولهم‪َ :‬م َد َح‪َ ،‬و َم َدهَ‪،‬‬
‫ُّبح‪،‬‬
‫ق اهلل الص َ‬ ‫ظ‪ .،‬و َفلَ َ‬
‫مات‪ ،‬وفا َ‬
‫وفاض أي َ‬
‫َ‬ ‫وسقَ َع‪،‬‬
‫ك‪َ ،‬‬ ‫وصقَ َع ِّ‬
‫الدي ُ‬ ‫وخ َز َم‪َ ،‬‬ ‫َو َج َّد‪َ ،‬و َج َّذ‪َ ،‬‬
‫وخ َر َم‪َ ،‬‬
‫وفََرقَهُ‪.‬‬
‫ومكة َّ‬
‫وبكة‪.‬‬ ‫سيطر‪ .‬ومص ِ‬
‫يطر‪َّ .،‬‬ ‫وسراط‪ .،‬وم ِ‬
‫صراط ِ‬
‫وفي قولهم‪ِ :‬‬
‫ُ َ‬ ‫ُ‬
‫في القلب من سنن العرب القلب في الكلمة وفي‪ .‬القصَّة‪.‬‬
‫ط َس َم‪.‬‬
‫ط َم َس و َ‬
‫ولبك‪ ،‬و َ‬
‫وب َك َل َ‬ ‫وب َّ‬
‫ض‪َ ،‬‬ ‫ب َ‬‫وض َّ‬
‫وجَب َذ‪َ ،‬‬
‫ب َ‬‫أما في الكلمة فكقولهم‪َ :‬ج َذ َ‬
‫وأما القصَّة فكقول الفرزدق‪:‬‬
‫الر ْجم‬
‫فريضةَ َّ‬
‫َ‬ ‫ناء‬ ‫كان َّ‬
‫الز ُ‬ ‫كما َ‬
‫فريضة ِّ‬
‫الزنا‪ .‬وكما قال‪:‬‬ ‫َ‬ ‫جم‬
‫الر ُ‬
‫أي كما كان َّ‬

‫‪56‬‬
‫الرماح بالض ِ‬
‫َّياط َر ِة الحمر‬ ‫وتَ ْشقى ِّ ُ‬
‫الح ْم ُر بالرماح‪.‬‬ ‫ِ‬
‫أي وتشقى الضَّياط َرةُ ُ‬
‫إصَبعي‪ ،‬وإ َّنما هو إدخال األصبع في الخاتم‪.‬‬ ‫ت الخاتَ َم في ْ‬ ‫وكما يقال‪ْ :‬أد َخْل ُ‬
‫صَب ِة ُأولي القُّوة" وإ َّنما العصبة أولُوا َّ‬
‫القوة تَنوء بالمفاتيح‪.‬‬ ‫نوء بِ ُ‬
‫الع ْ‬
‫وفي القرآن‪" :‬ما َّ ِ‬
‫إن مفات َحهُ لَتَ ُ‬
‫ت من كلمتين وثالث كلمة واحدة‪ ،‬وهو جنس من االختصار‪ .‬كقولهم‪ :‬رج ٌل‬ ‫النحت العرب تَْن ِح ُ‬ ‫َّ‬
‫مي منسوب إلى عبد شمس‪ ،‬وأنشد الخليل‪:‬‬
‫عب َش ٌ‬
‫ْ‬
‫المنادي‬ ‫ِ‬ ‫ين ٍ‬
‫الع ِ‬
‫جار * ألَ ْم تَ ْح ُز ْنك َح ْي َعلَةُ ُ‬ ‫ود ْمعُ َ‬
‫أقو ُل لَها َ‬
‫والصْل َدم‪ ،‬من‬ ‫ق‪،‬‬
‫وصلَ َ‬ ‫من قولهم‪ :‬ح َّي على الصَّالة‪ .،‬وأما قولهم‪ .‬صه ِ‬
‫َّ‬ ‫صهَ َل َ‬‫صلق‪ ،‬فهو من َ‬ ‫َْ َ‬ ‫َ‬
‫الصْل ِد والصَّدم‪ ،،‬ولعل مما يلحق بهذا الباب من أبواب التوسع نقل المصطلحات الغربية‬ ‫َّ‬
‫منحوته‪ ،‬كقولهم عن االجتماع واالقتصاد‪ :‬االجتصاد ‪.‬‬
‫في التصغير من سنن العرب‪ :‬تصغير الشيء على وجوه‪:‬‬
‫ود َو َيرة‪.‬‬‫فمنها‪ :‬تصغيره تحقيره‪ ،‬كقولهم‪ُ :‬ر َجيل ُ‬
‫وحد ِه‪ ،‬وكقول األنصاري‪ :‬أنا ُج َذْيلُها‬ ‫ش ِ‬ ‫وج َح ْي ُ‬
‫وحده‪ُ ،‬‬
‫ومنها‪ :‬تصغير تكبير‪ ،‬كقولهم‪ :‬عي ْير ْ ِ ِ‬
‫َُ ُ‬
‫َّب‪ .‬وكقول لبيد‪:‬‬ ‫الم َرج ُ‬
‫وع َذ ْيقُها ُ‬ ‫الم َح َّك ُ‬
‫ك‪ُ ،‬‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫صفَُّر ِم ْنها‬ ‫ُّ‬
‫األنام ُل‬ ‫ف تَ ْد ُخ ُل َب ْيَنهُ ْم * ُد َو ْي ِهَيهٌ تَ ْ‬ ‫وكل ٍ‬
‫أناس َس ْو َ‬
‫نيرات‪ ،‬ومن بني فالن إال ُبَي ْيت‪.‬‬
‫ومنها‪ :‬تصغير تنقيص‪ ،‬كما يقال‪ :‬لم يبق من بيت المال إال ُدَن ْي َ‬
‫ومنها‪ :‬تصغير تقريب‪ ،‬كقول امرؤ القيس‪:‬‬
‫أع َز ِل‬
‫األرض لَْي َس بِ ْ‬
‫ِ‬ ‫ق‬ ‫بِ ٍ‬
‫ضاف فَُو ْي َ‪.‬‬
‫يد العيد‪ ،‬وجاءني فالن قَُبي َل الظُّهر‪.‬‬ ‫وكقولك‪ :‬أنا راح ٌل ُب َع َ‬
‫ُأخيَّة ويا ُبَنيَّة‪ ،‬وكقول النبي صلى‬ ‫ور ْح َم ٍة‪ ،‬كقولهم‪ :‬يا ُبَن َّي ويا َ‬
‫ُأخ َّي ويا َ‬ ‫ٍ‬
‫ومنها‪ :‬تصغير إكرام َ‬
‫اهلل عليه وسلم لعائشة‪ :‬يا ُح َميراء‪.‬‬
‫وُأغْيِل َمةَ‪ ،‬وكقول عيسى بن عمرو‪ :‬واهلل‬
‫ودَن ْينِرات‪َ .‬‬ ‫ومنها‪ :‬تصغير الجمع‪ ،‬كقولك‪ُ :‬د َر ْي ِهمات ُ‬
‫ُأس ْيفاط‪.‬‬
‫إن كانت إال ُأثَيَّاباً في َ‬

‫في تسمية المتضادين باسم واحد هي من سنن العرب المشهورة‪ ،‬كقولهم‪:‬‬


‫واألس َود‪.‬‬
‫ْ‬ ‫الج ْو ُن‪ :‬لألبيض‬
‫َ‬
‫والحيض‪.‬‬
‫والقُروء‪ :‬لألطهار َ‬
‫والصَّريم‪ :‬للَّيل والصُّبح‪.‬‬
‫واليقين‪ .‬قال أبو ذؤيب‪:‬‬ ‫للش ِّ‬
‫ك َ‬ ‫والخيلولة‪َّ :‬‬
‫َ‬
‫ق ُم ْستَتَْبع‬ ‫ناص ٍب * وِإخا ُل ِّأني ِ‬
‫الح ٌ‬ ‫ش ِ‬ ‫قيت َب ْع َد ُه ُم بِ َع ْي ٍ‬
‫فََب ُ‬
‫َ‬

‫‪57‬‬
‫وأتيقَّن‪.‬‬
‫أي َ‬
‫ِّد‪ .‬وفي القرآن‪" :‬وتَجعلون ِ‬
‫هلل ْأنداداً" على المعنيين‪.‬‬ ‫والن ُّد‪ِ :‬‬
‫المث ُل والض ُّ‬ ‫َّ‬
‫َْ َ‬
‫والزوج‪َّ :‬‬
‫الذكر واألنثى‪.‬‬ ‫َّ‬
‫والقانِعُ‪ :‬السَّائل والذي ال يسأل‪.‬‬
‫والريان‪.‬‬
‫طشان َّ‬ ‫الع ْ‬
‫والناهل‪َ :‬‬ ‫َّ‬
‫ابن فارس‪ :‬فمن سنن‬ ‫باب آخر ‪ -‬في جملة من سنن العرب التي ال توجد في غير لغتهم‪ :‬قال ُ‬
‫العرب مخالفةُ ظاهر اللفظ معناه كقولهم عند المدح‪ :‬قاتله اللّه ما أشعره فهم يقولون هذا وال‬
‫الرجل في‬‫التعجب من إصابة َّ‬ ‫وهبِلَتْه ِ‬
‫وثكلَتْه‪ .‬وهذا يكون عند‬
‫ّ‬ ‫ُأمه َ‬
‫وقوعه‪ .‬وكذا َه َوت ُّ‬
‫َ‬ ‫ُيريدون‬
‫َر ْميه أو في فعل يفعله‪ .‬إخراج الشيء المحمود‪ .‬بلفظ يوهم ضد ذلك‬
‫النابغة ُّ‬
‫الذبياني‪:‬‬ ‫كما يقال‪ :‬فالن كريم غير َّأنه شريف‪ ،‬ولئيم غير ّأنه َخسيس‪ ،‬وكما قال َّ‬
‫تائب‬ ‫أن ُسيوفَهُ ْم * بِ ِه َّن ُفلو ٌل من ِق ِ‬
‫راع ال َك ِ‬ ‫ب في ِه ْم َغ َير َّ‬
‫وال َع ْي َ‬
‫عدي‪:‬‬
‫الج ّ‬ ‫النابِ َغة َ‬
‫وكما قال َّ‬
‫أخالقُهُ َغ َير َّأنهُ * َج ٌ‬
‫واد فما ُيبقي من المال باقيا‬ ‫فتى َك َملَت ْ‬
‫ً‬
‫وقال بعض البلغاء‪ :‬فالن ال َعيب فيه غير أن ال عيب فيه َي ُر ُّد عين الكمال عن معاليه‪.‬‬

‫ضعوا الكلمة للشيء ُم ْستعارةً من موضع آخر‬‫قال‪ :‬ومن سنن العرب‪ :‬االستعارة وهي أن َي َ‬
‫الحرب‪ .‬ويقولون للبليد‪ :‬هو ِح َمار‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ت عن ساقها‬ ‫تفرقُوا وك َشفَ ْ‬
‫صاهم إذا َّ‬ ‫فيقولون‪ :‬انشقَّ ْ‬
‫ت َع َ‬

‫تريد ال أفعل‪.‬‬
‫الحذف واالختصار يقولون‪ :‬واللّه أفع ُل ذاك ُ‬
‫ُ‬ ‫قال‪ :‬ومن سنن العرب‬

‫بسن الليل أو‬ ‫ِ‬


‫الرمة‪ :‬فلما لَ ْ‬
‫وأتانا عند َمغيب الشمس أو حين أرادت أو حين كادت تَ ْغ ُرب قال ذو ّ‬
‫جانح ‪ :‬جمل في الحذف واالختصار‬ ‫َّبت له من َخ َذا آذانها وهو ُ‬
‫حين نص ْ‬
‫وعالم؟‬
‫َ‬ ‫ت بها فتقول‪ :‬بِ َم؟ وِل َم؟ و ِم َّم؟‬‫من سنن العرب‪ :‬أن تحذف األلف من (ما) إذا استَ ْفهَ َم ْ‬
‫العظيم"‪:‬‬ ‫عن َّ‬
‫النبإ َ‬ ‫عم يتساءلون؟ ِ‬ ‫عز وج ّل‪َّ " :‬‬‫فيم أنت ِمن ِذكراها"؟ وكما قال ّ‬ ‫وفيم؟ قال تعالى‪َ " :‬‬
‫َ‬
‫وأخفى"‪،‬‬
‫أي عن ما؟ فأدغم النون في الميم‪ .‬ومن الحذف لالختصار‪ .‬قول اهلل تعالى‪" :‬يعلم الس َِّر ْ‬
‫مرة واحدة‪.‬‬ ‫واح َدةٌ"‪ ،‬أي أمرة واحدة‪ ،‬أو َّ‬ ‫أي السر وأخفى منه‪ ،‬فحذف وقوله‪" :‬وما أمرنا إال ِ‬
‫ُ‬
‫عز وج ّل‪" :‬ولم‬ ‫ك ولم أ ُك ْن‪ .‬وفي كتاب اهلل ّ‬ ‫ومن الحذف قوله‪ :‬لم َُأب ْل‪ .‬ولم ِ‬
‫ُأبال‪ .‬وقولهم‪ :‬لم أ ُ‬
‫ك شيئا"‪.‬‬
‫تَ ُ‬
‫وارت‬ ‫ِ‬ ‫ومن ذلك ما َّ‬
‫تقدم ذكره من قوله جل جالله‪" :‬كال إذا بلَ َغت التَراقي"‪ ،‬وقوله‪" :‬حتى تَ َ‬
‫النفس والشمس واألرض إيجازا واقتصارا‪ .‬ومن‬ ‫فان" فحذف َّ‬‫من َعليها ٍ‬ ‫ِ‬
‫بالحجاب"‪ ،‬وقوله‪ُّ " :‬‬
‫كل ْ‬
‫زيد تعال‪ .‬وعمرو اذهب‪ ،‬أي يا زيد ويا عمرو‪ .‬وفي‬ ‫ذلك حذف حرف النداء‪ ،‬كقولهم‪ُ :‬‬

‫‪58‬‬
‫ض عن هذا" أي يا يوسف‪ .‬ومن ذلك حذف أواخر األسماء المفردة‬ ‫أع ِر ْ‬
‫القرآن‪" :‬يوسف ْ‬
‫صاح‪ ،‬أي يا حارث ويا مالك ويا‬ ‫ُِ‬ ‫حار يا ما ُِل ويا‬‫المعرفة في النداء دون غيره‪ ،‬كقولهم‪ :‬يا ُِ‬
‫َّ‬
‫الشاذة‪" :‬ونادوا‪ .‬يا ما ُل"‪ .‬وقال امرؤ‬ ‫صاحبي‪ ،‬ويقال لهذا الحذف‪ :‬الترخيم وفي‪ .‬بعض القراآت‬
‫القيس‪:‬‬
‫ض هذا التَّ ِ‬
‫دلل‬ ‫ِ‬
‫أفاط ُم َمهالً َب ْع َ‬
‫وقال عمرو بن العاص‪:‬‬

‫صنعُ‬
‫كيف تَ َ‬
‫نك ُدنيا فانظَُر ْ‪.‬ن َ‬ ‫به ِم َ‬‫أنل * ِ‬ ‫ولم ْ‬‫ك ديني ْ‬ ‫عاوي ال أعطي َ‬‫ُم َ‪.‬‬
‫باهلل فح َذفوا (أحلف) للعلم به‪ ،‬واالستغناء عن ِذكره‪ ،‬وقولهم‪:‬‬ ‫ف ِ‬ ‫باهلل‪ ،‬أي ِ‬
‫أحل ُ‬ ‫ومن ذلك قولهم‪ِ :‬‬
‫باسم اهلل‪ ،‬أي أبتَِدُئ باسم اهلل‪.‬‬
‫ومن ذلك حذف األلف منه لكثرة االستعمال‪ ،‬ومن ذلك ما سيأتي ذكره في حفظ التوازن‪ ،‬كقوله‬
‫ق"‪.‬‬‫"يوم التَّال ِ‬
‫تعال" و َ‪.‬‬ ‫سر" و"الكبير الم ِ‬ ‫عز ِذكره‪ِ " :‬‬
‫والليل إذا َي ِ‬ ‫ّ‬
‫ُ ُ‬
‫بن عمرو‪.‬‬ ‫بن َجعفر‪ ،‬وزيد‪ُ .‬‬ ‫محمد ُ‬
‫ُ‬ ‫ومن ذلك حذف التنوين من قولك‪:‬‬
‫يدى لزيد‪ (،‬ال يدين)‬
‫غالم ْى لك‪( ،‬ال غالمين) وال ْ‬
‫َ‬ ‫وحذف نون التثنية عند النفي كقولك‪ :‬ال‬
‫كم ْى له‪ .‬ومن ذلك حذف نون الجمع عند اإلضافة‪ ،‬في قولك‪ :‬هؤالء ساكنوا مسكة‪،‬‬ ‫وقميص ال َّ‬
‫األرض وِلُن َعلِّ َمهُ من‬
‫ِ‬ ‫ف في‬
‫يوس َ‪.‬‬ ‫عز ذكره‪" :‬وكذلك‪ِ َّ .‬‬‫ومسلمو القوم‪ .‬ومن الحذف قوله َّ‬
‫مكنا ل ُ‬
‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫هر‪ ،‬أي صالة‬ ‫تأويل األحاديث" وتقديره‪ :‬وِلُن َعلمه فَ َعْلنا ذلك‪ .‬ومن الحذف قولهم‪ :‬صلّيت الظُ َ‬
‫الظهر‪ ،‬وكذلك سائر الصلوات األربع‪.‬‬
‫ورأيت‬
‫ُ‬ ‫رأيت بِ َعيني‬
‫ُ‬ ‫الفراء‪ :‬تقول العرب‪:‬‬
‫مرة قال َّ‬
‫مرة وبأحدهما َّ‬
‫في االثنين ُيعبَّر عنهما َّ‬
‫بيدي")‬ ‫ِ‬ ‫بِ َع َين َّي‪ّ ،‬‬
‫والد ُار في َيدي وفي‪َ .‬ي َديَّ‪( .‬كثيرا ما تساءلت كيف يقول الحق سبحانه "خلقت ّ‬
‫وكل اثنين ال يكاد أحدهما ينفرد فهو على هذا المثال كاليدين والرجلين‪ .‬قال الفرزدق‪:.‬‬‫ُّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ولو ب ِخلَ ْ ِ‬
‫ت * لَكان َعلَ َّي للقَ َد ِر الخ ُ‬
‫يار‬ ‫ضَّن ْ‬ ‫ت به َو َ‬ ‫َ‬
‫يداي‪ .‬وقال اآلخر‪:‬‬ ‫(ضنت) بعد قوله َ‬ ‫فقال َّ‬
‫ت به فانهلَّ ِت‬ ‫ب قََر ْن ُفل * أو ُس ْنُبالً ُك ِحلَ ْ‬ ‫الع َين ِ‬
‫ين َح َّ‬ ‫َّ‬
‫وكأن في َ‬
‫العينين) وقال به‪ .‬وقد ذكر القََر ُنف َل والس ُّْنُب َل‪ .‬وقال آخر‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫فقال ُك ِحلَت به بعد قوله (في‬
‫ظلَّتا تَ ِك ِ‬
‫فان‬ ‫راء َفْل ٍج َ‬
‫ص ْح َ‬ ‫مان الذي َمضى * بِ َ‬ ‫الز َ‬‫ت َعْيني َّ‬‫إذا َذ َك َر ْ‬
‫ِّ‬
‫المحدثين‪:‬‬ ‫وقال بعض‬
‫ض ِل َّ‬
‫الشهير َكحي ُل‬ ‫فإنها * بِ َم ْج ِد َ‬
‫ك والفَ ْ‬ ‫ك بِ َع ْيَنيها المعالي َّ‬
‫فَ َدتْ َ‬
‫ويقال‪ :‬وقعت عينه عليه أي عيناه‪ ،‬وفالن حسن الحاجب‪ ،‬أي الحاجبين‪ ،‬وأخذ بيده أي بيديه‪،‬‬
‫وقام على رجله أي رجليه‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫في حفظ التوازن العرب تزيد وتحذف‪ .‬حفظا للتوازن وإ يثاراً له‪ ،‬أما الزيادة فكما قال تعالى‪:‬‬
‫فَأضلُّونا السَّبيال"‪( .‬السبيل)‬ ‫ِ ُّ‬
‫ون باهلل الظنونا‪( ،".‬الظنون) وكما قال‪َ " :‬‬ ‫"وتَظُُّن َ‬
‫يوم‬ ‫ِ‬ ‫جل إسمه‪" :‬والليل إذا َي ِ‬ ‫وأما الحذف فكما قال َّ‬
‫المتعال"‪ ،‬وقال‪َ " :‬‬
‫الكبير ُ‬
‫سر" (يسري) وقال‪ُ " :‬‬ ‫َّ‬
‫ق"‪ .‬وكما قال لبيد‪:‬‬ ‫يوم التَّال ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫التناد" (التنادي) و " َ‬
‫بي َو َع َج ْل‬ ‫ِ ِ‬ ‫َّ‬
‫خير َن َف ْل * وبإذن اهلل َر ْ‬
‫إن تَقوى َربِّنا ُ‬
‫أي وعجلي‪ ،‬وكما قال األعشى‪:‬‬
‫بت لهُ ْأن َك َر ْن‬
‫انتس ُ‬ ‫ِ ٍ‬
‫ومن شانئ كاسف َوجهُهُ * إذا ما َ‬
‫أي أنكرني‪.‬‬
‫قال‪ :‬ومن سنن العرب الزيادةُ إما لألسماء أو األفعال أو الحروف‪ .‬نحو " ويبقى وجه ربك" أي‬
‫ربك " ليس كمثله شيء" "وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله" أي عليه‪.‬‬ ‫ّ‬
‫الكناية عما لم يجر ذكره من قبل العرب تقدم عليها توسعا‪ .‬واقتدارا‪ .‬واختصارا‪ ،‬ثقة بفهم‬
‫فان" أي من على األرض وكما قال‪" :‬حتى‬ ‫عزض ذكره‪ُ " :‬ك ُّل من عليها ٍ‬
‫طب‪ ،‬كما قال ّ‬
‫الم َخا َ‬
‫ُ‬
‫عز وجل‪" :‬كاّل إذا َبلَ َغ ِت التَّ َ‪.‬‬
‫راقي" يعني الروح‪،‬‬ ‫توارت بالحجاب" يعني الشمس‪ ،‬وكما قال َّ‬
‫فكنى عن األرض والشمس والروح‪ ،‬من غير أن أجري ذكرها‪.‬‬
‫وقال حاتم الطائي‪:‬‬
‫َّدر‬ ‫َّ‬
‫وضاق بها الص ُ‬
‫َ‬ ‫ت يوماً‬
‫حشر َج ْ‬
‫راء عن الفَتى * إذا َ‬ ‫أماوي ما ُي ْغني الث ُ‬
‫َّ‬
‫يعني‪ :‬إذا حشرجت النفس‪ ،‬وقال ِدعبِل‪:‬‬
‫ق‬ ‫صلُ َح ْن من َبعده ِل ُم ِ‬
‫خار ِ‬ ‫مض َِ‬
‫طلعاً بها * َفلَتَ ْ‬ ‫إن كان إبراهيم ْ‬
‫يعني‪ :‬الخالفة‪ ،‬ولم يسمها فيما قبل‪ .‬وقال‪ .‬عبد اهلل بن المعتز‪:‬‬
‫قيق‬
‫الع ُ‬
‫ط َ‬
‫انخ َر َ‬
‫وسلسلها كما َ‬
‫َ‬ ‫دعوت فَهَ َّ‬
‫ب َنحوي *‬ ‫ُ‬ ‫َوَندمان‬
‫يعني‪ :‬وسلسل الخمر‪ ،‬ولم يجر ذكرها‪.‬‬
‫تخص منه األفضل‬
‫ّ‬ ‫االختصاص بعد العموم العرب تفعل ذلك‪ ،‬فتذكر الشيء على العموم‪ ،‬ثم‬
‫فاألفضل‪ ،‬فتقول‪ :‬جاء القوم والرئيس والقاضي‪ .‬وفي القرآن‪ِ " :‬‬
‫حافظوا‪ .‬على الصلوات‬
‫ور َّمان"‪ .‬وإ نما أفرد اهلل الصالة الوسطى‬ ‫والصالة الوسطى‪ .".‬وقال تعالى‪" :‬فيهما ِ‬
‫ونخ ٌل ُ‬
‫فاكهَةٌ َ‬
‫من الصالة وهي داخلة في جملتها‪ ،‬وأفرد‪ .‬التمر والرمان من جملة الفاكهة‪ ،‬وهما منها‬
‫لالختصاص والتَّفضيل‪ ،‬كما أفرد جبريل وميكائيل من المالئكة فقال‪" :‬من كان عدواً ِ‬
‫هلل‬
‫ور ُسله وجبري َل وميكا َل"‪.‬‬ ‫ِئ ِ‬
‫ومال كته ُ‬
‫فخص السبع‪ ،‬ثم أتى‬
‫ّ‬ ‫ظيم"‪،‬‬
‫الع َ‬
‫والقرآن َ‬
‫َ‬ ‫المثاني‬
‫من َ‬‫ناك َس ْبعاً َ‬
‫ضد ذلك قال اهلل تعالى‪" :‬ولَقَ ْد آتَْي َ‬
‫و ّ‬
‫بالقرآن العام بعد ذكره إياه‪.‬‬

‫‪60‬‬
‫ما ظاهره أمر وباطنه زجر هو من سنن العرب‪ ،‬تقول العرب‪ :‬إذا لم تَستَ ِح فافعل‪ .‬ما ِش َ‬
‫ئت‪.‬‬
‫افعلوا ما ِشئتُم"‪ ،‬وقال ج ّل وعال‪" :‬ومن شاء َفِلَيكفُر"‪.‬‬
‫وفي القرآن‪َ " :‬‬

‫قال‪ :‬ومن سنن العرب الزيادةُ في حروف االسم إما للمبالغة وإ ما للتسوئة والتقبيح نحو َر ْع َشن‬
‫صْلد‪.‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫وز ْرقُم للشديد َّ‬
‫الز َرق‪ .‬و َش ْدقَم‪ .‬للواسع الشدق وصْلدم للناقة الصُّلبة واألصل َ‬ ‫للذي يرتعش ُ‬
‫التس ُّمع والتََّنظُّر‪.‬‬ ‫وس ْم َعَّنةٌ نِ ْ‬
‫ظ َرّنة للكثيرة َ‬
‫وط ِر َّماح للمفرط الطول ِ‬
‫ومنه ُكّبار وطُ َّوال‪ِ .‬‬

‫احلَ ْولَى‬ ‫ِ‬


‫حروف الفعل ُمبالغةً يقولون‪ :‬حال الشيء فإذا انتهى قالوا‪ْ :‬‬ ‫ومن سننهم الزيادةُ في‬
‫ويقولون‪ :‬ا ْفلَ ْولَى واثَْن ْوَنى‪.‬‬

‫التكرير واإلعادة إرادةَ اإلبالغ بحسب العناية باألمر قال الحارث بن‬ ‫ُ‪.‬‬ ‫قال‪ :‬ومن سنن العرب‪:‬‬
‫قربا مربط‬ ‫ِ‬ ‫ُ ٍ‬ ‫الن ِ‬
‫عامة ِّ‬ ‫عباد‪ :‬قَِّربا َمربط َّ‬
‫فكرر قوله‪ّ :‬‬
‫حرب وائل عن حيال ّ‬ ‫ت‬‫مني لَقَ َح ْ‬ ‫ّ‬
‫أبيات كثيرة عنايةً باألمر وإ رادةَ اإلبالغ في التنبيه والتحذير‪.‬‬ ‫النعامة مني في رؤوس‪ٍ .‬‬

‫يقع‪:‬‬
‫قال‪ :‬ومن سنن العرب إضافةُ الفعل إلى ما ليس فاعالً في الحقيقة يقولون‪ :‬أراد الحائطُ أن َ‬
‫إذا مال وفالن يريد أن يموت‪ :‬إذا كان ُم ْحتضراً‪ .‬من سنن العرب أن تعرب عن الجماد بفعل‬
‫طني‬
‫وض وقال قَ ْ‬
‫الح ُ‬
‫اإلنسان‪ ،‬كما قال الراجز‪ :‬امتَأَل َ‬
‫وليس هناك قول‪ ،‬وكما قال َّ‬
‫الشماخ‪:‬‬
‫ديق‬
‫ين َح ُ‬‫رامتَ ِ‬ ‫ِ‬
‫ب َس ْه َوقا‪ * .‬أطاع لهُ م ْن َ‬ ‫أحقَ َ‬
‫حل ْ‬‫الر َ‬
‫كسوت َّ‬
‫ُ‬ ‫كأني‬
‫فجعل الحديق مطيعا لهذا العير لما تمكن من رعيه‪ ،‬والحديق‪ .‬ال طاعة له وال معصية‪ ،‬وفي‪.‬‬
‫ض"‪ ،‬وال إرادة للجدار‪ ،‬ولكنه من توسع‬ ‫أن َي ْنقَ َّ‬
‫ريد ْ‬ ‫عز َّ‬
‫وجل‪" :‬فَ َو َجدا فيها ِجداراً ُي ُ‬ ‫كتاب اهلل َّ‬
‫ُّولي‪ :‬ما رأيت أحداً أ َش َّد َب َذخا بالكفر من أبي فراس‪،‬‬ ‫العرب في المجاز واالستعارة‪ ،‬قال الص ّ‬
‫وال أكثر إظهارا له منه وال أدوم تعبثا بالقرآن قال يوما ونحن في دار الوزير أبي العباس أحمد‬
‫بن الحسين ننتظر‪ .‬مجيئه‪ :‬هل تعرف للعرب إرادة لغير مميز؟ فقلت‪ :‬إن العرب تعبر عن‬
‫الجمادات بقول وال قول لها‪ ،‬كما قال الشاعر‪:‬‬
‫طني‬
‫الحوض وقال قَ ْ‬
‫ُ‬ ‫امتأل‬
‫عز‬
‫عرض بقوله ّ‬ ‫ثم قول‪ ،‬قال‪ :‬لم أرد هذا‪ ،‬وإ نما أريد في اللغة إرادة لغير مميز‪ ،‬وإ نما ّ‬ ‫وليس َّ‬
‫عز َّ‬
‫وجل بأن تذكرت قول الراعي‪:‬‬ ‫فأقامهُ" فأيَّدني اهلل َّ‬ ‫وج ّل‪" :‬فوجدا فيها ِجدارا يريد أن ْينقَ َّ‬
‫ض َ‬
‫ق الفُ ِ‬
‫ؤوس إذا َأر ْد َن نصوال‬ ‫به هاماتُها * َفْل َ‬‫ت ِ‬ ‫في َم ْه َم ٍه ُفِلقَ ْ‬
‫وس َّر بذلك من كان صحيح النيَّة‪ ،‬وسود‪ .‬اهلل وجه أبي فراس‪.‬‬ ‫فكأني ألقمته الحجر‪ُ ،‬‬

‫‪61‬‬
‫والعرب تسمي التهيؤ للفعل واالحتياج إليه إرادة‪ .‬قال أبو محمد اليزيدي‪ :‬كنت والكسائي‪ .‬عند‬
‫العلَوي فجاء غالم له وقال يا موالي‪ ،‬كنت عند فالن فإذا هو يريد أن‬
‫العباس بن الحسن َ‬
‫مم ضحكتما؟ قلنا من قوله‪ :‬يريد أن يموت‪ ،‬وهل يريد اإلنسان أن‬
‫يموت‪ ،‬فضحكنا‪ .،‬فقال َّ‬
‫فأقامهُ"‪ ،‬وإ نما هذا‬
‫ض َ‬ ‫فوجدا‪ .‬فيها ِجداراً يريد أن َي ْنقَ َّ‬
‫يموت؟ فقال العباس‪ :‬قد قال اهلل تعالى‪َ " :‬‬
‫مكان يكاد‪ .‬فَتََنبَّهنا‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫أفعل ال يراد به التَّفضيل جرى له ٌ‬


‫طائر أ ْشأم وقال الفرزدق‪:‬‬
‫أهون علَ ِ‬
‫يه"‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬ ‫أع ُّز وأ ْ‬ ‫ِئ‬
‫ط َو ُل‪ ،،‬وفي القرآن‪" :‬وهو ْ َ ُ َ‬ ‫َب ْيتاً َدعا ُمهُ َ‬

‫وأكرمته‪،‬‬
‫وأكرمته زيد وتقديره‪ :‬أكرمني زيد َ‬ ‫أكرمني َ‬‫إضافة االسم إلى الفعل‪ .‬العرب تقول‪َ :‬‬
‫أفرغ عليه ِقطرا‪ ".‬تقديره‪ :‬آتوني ِقطراً أفرغ عليه‪،‬‬‫كما قال تعالى حكاية عن ذي القرنين‪" :‬آتوني ِ‬
‫وكما قال َّ‬
‫حل جالله‪" :‬الحمد هلل الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجاً قيِّماً" وتقديره‬
‫أنزل على عبده الكتاب قيِّما‪ ،‬ولم يجعل له عوجا‪.‬‬

‫جمع الفعل عند تقدمه على اإلسم ُربما تفعل العرب ذلك‪ ،‬ألنه األصل فتقول‪ :‬جاؤوني بنو‬
‫فالن‪ ،‬وأكلوني البراغيث‪ ،‬وقال الشاعر‪:‬‬
‫الن ِ‬
‫واض ِر‬ ‫ضن َعِّني بالخدود‪َّ .‬‬ ‫الح بِ ِ‬ ‫الغواني َّ‬
‫أعر َ‬
‫عارضي * فَ َ‬ ‫يب َ‬‫الش َ‬ ‫رَأين َ‬
‫َ‬
‫وقال آخر‪:‬‬
‫حاسناً * ألقَ ْحَنها ُغ ُّر السَّحاِئ ْ‬
‫ب‬ ‫الربيع م ِ‬
‫َ‬ ‫ُنتِ َج َّ‬
‫ثير منهم"‪.‬‬ ‫وص ُّموا َك ٌ‬ ‫ثم َعموا َ‬ ‫ظلَموا"‪ ،‬وقال ج ّل ذكره‪ّ " :‬‬ ‫النجوى الّذين َ‬ ‫وأس ُّروا َّ‬
‫وفي القرآن‪َ " :‬‬
‫وع ُد ّو قال تعالى‪:‬‬ ‫ِ‬
‫ض ْيف َ‬ ‫قال‪ :‬ومن سنن العرب ذ ْك ُر الواحد والمراد‪ .‬الجمع كقولهم للجماعة‪َ :‬‬
‫ضيفي"‪ ،‬ولم يقل‪ :‬أعدائي وال أضيافي‪ .‬إقامة الواحد ُمقام الجمع ‪ :‬قََر ْرنا به عيناً‪ ،‬أي‬ ‫"هؤالء َ‬
‫ثم ُي ْخ ِر ُج ُكم‪ِ .‬ط ْفال"‬
‫شيء منهُ َن ْفساً"‪ ،‬وقال ج ّل ِذكره‪َّ " :‬‬ ‫ٍ‬ ‫أعيننا‪ .‬وفي القرآن‪" :‬فإن ِط ْب َن ل ُكم عن‬
‫فاعتُهم شيئاً"‪ ،‬وتقديره‪ :‬وكم من‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫أي أطفاال‪ ،‬وقال تعالى‪" :‬وكم من َملَك في السَّموات ال تُغني َش َ‬
‫ب العالَمين"‪ .‬وقال‪ :‬وقال ج ّل‬ ‫عدو لي إال َر َّ‬‫عز من قائل‪" :‬فَ َّإنهُم‪ٌ .‬‬ ‫مالئكة في السموات‪ ،‬وقال ّ‬
‫أح ٍد منهم"‪ ،‬والتفريق‪ .‬ال يكون إال بين اثنين‪ ،‬والتقدير‪ :‬ال ُنفَِّرق بينهم‪،‬‬ ‫بين َ‬
‫ق َ‬ ‫جالله‪" :‬ال ُنفَِّر ُ‬
‫والمالئ َكةُ َب ْع َد‬ ‫َّ‬ ‫طلَّ ْقتُُم ِّ‬ ‫وقال‪" :‬يا ُأيها َّ‬
‫النساء"‪ .‬وقال‪" :‬وإ ْن ُك ْنتُم ُجُنباً فاطهَروا‪ .".‬وقال‪َ " :‬‬ ‫بي إذا َ‬
‫الن ُّ‬
‫ظ ِهير"‪.‬‬
‫ذلك َ‬
‫وألن‬
‫ومن هذا الباب سنة العرب أن يقولوا للرجل العظيم والملك الكبير‪ :‬انظروا‪ .‬من أمري‪ّ ،‬‬
‫ِ‬
‫يخاطبون في الجواب‪،‬‬ ‫قضي هذا اإلبتداء‬ ‫أمرنا‪ ،‬فعلى‬
‫َّ‬ ‫السادة والملوك‪ .‬يقولون‪ :‬نحن فعلنا وإ ّنا َ‬
‫ب ْار ِجعون"‪.‬‬
‫حض َره الموت‪َ " :‬ر ِّ‬
‫عمن َ‬
‫كما قال تعالى ّ‬

‫‪62‬‬
‫وذكر الجمع والمراد واحد أو اثنان قال تعالى‪" :‬إن نعف عن طائفة"‪ .‬والمراد واحد‪ " .‬إن الذين‬
‫ُ‬
‫ينادونك من وراء الحجرات" والمنادي واحد "بم يرجع المرسلون" وهو واحد بدليل ارجع إليهم‬
‫"فقد صغت قلوبكما‪ .".‬وهما قلبان‪ .‬في جمع شيئين من اثنين‪.‬‬
‫الع َم َرين‬ ‫ِ‬
‫من سنن العرب إذا ذ َك َرت اثنين أن تُجريهما مجرى الجمع‪ ،‬كما تقول عند ذكر ُ‬
‫لوب ُكما‪ ،".‬ولم‬
‫ت ُق َ‬‫ص َغ ْ‬
‫عز ذكره‪" :‬إن تتوبا إلى اهلل فقد َ‬ ‫والح َسنين‪َ :‬ك َّر َم اهلل وجوههما‪ .،‬وكما قال ّ‬
‫َ‬
‫طعوا‪ْ .‬أي ِدَيهُما"‪ ،‬ولم يقل يديهما‪.‬‬ ‫َّارق والس ِ‬
‫َّارقَةُ فا ْق َ‬ ‫عز وج ّل‪" :‬والس ُ‬
‫يقل‪ :‬قلباكما‪ ،‬وكما قال ّ‬
‫وصفة الجمع بصفة الواحد نحو "وإ ن كنتم جنبا" " والمالئكة بعد ذلك ظهير"‪.‬‬
‫أح َذاق قال‪ :‬جاء‬
‫وحْب ٌل ْ‬
‫أهدام َ‬ ‫وثوب ْ‬‫ٌ‬ ‫أعشار‬
‫ٌ‬ ‫وصفة الواحد أو االثنين بصفة الجمع نحو ُب ْر َمةٌ‬
‫يسمون َّ‬
‫كل ُبقعة منها َس ْب َسباً التِّساعها‪ .‬قال‪ :‬ومن‬ ‫ب ُّ‬ ‫أخالق وأرض سب ِ‬
‫اس ٌ‬ ‫ْ‬ ‫يصي‬‫ال ّشتاء وقَ ِم ِ‬
‫ََ‬
‫راك ِ‬
‫ومآكم‪.‬‬ ‫الجمع الذي يراد به االثنان قولهم‪ :‬امرأة ذات أو ٍ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬
‫إجراء اإلثنين ُمجرى الجمع قال ال ّشعبي‪ ،‬في كالم له في مجلس عبد الملك بن مروان‪:‬‬
‫شعبي‪ ،‬قال‪ :‬يا أمير المؤمنين‪ ،‬لم أْل َحن‪ ،‬مع قول‬
‫ّ‬ ‫رجالن جاؤوني‪ ،‬فقال عبد الملك‪ :‬لَ َحنت يا‬
‫ك يا فقيهَ العراقين‪،‬‬
‫در َ‬
‫ص ُموا في ربهم"‪ .‬فقال عبد الملك‪ :‬هلل ُ‬
‫اختَ َ‬
‫عز وج ّل‪" :‬هذان َخصمان ْ‬ ‫اهلل ّ‬
‫قال‪ :‬ومن‬ ‫قد شفيت وكفيت‪.‬‬
‫بعض‬ ‫ِ‬
‫أمري وكان ُ‬ ‫سنن العرب مخاطبةُ الواحد بلَ ْفظ الجمع فيقال للرجل العظيم‪ :‬انظُ ُروْا في ْ‬
‫نحن فَ َعْلنا فعلى هذا االبتداء ُخوطبوا‪ .‬في‬
‫أصحابنا يقول‪ :‬إنما ُيقال هذا ألن الرج َل العظيم يقول‪ُ :‬‬
‫الجواب‪ .‬ومنه في القرآن‪" :‬قال رب ارجعون"‪.‬‬
‫قال‪ :‬ومن سنن العرب أن تذكر جماعة وجماعة أو جماعة وواحداً‪ .‬ثم تخبر عنهما ِ‬
‫بلفظ االثنين‬
‫واألرض كانتا َرتْقاً فَفَتَ ْقناهما" كما قال األسود‬
‫َ‬ ‫الذين َكفَروا َّ‬
‫أن السَّموات‬ ‫في التنزيل " ََأولَم َير َ‬
‫بن َيعفُر‪:‬‬
‫بان َسوادي‬ ‫توف ِكلي ِهما * في ِّ‬
‫كل يوم ترقُ ِ‬ ‫والح َ‪.‬‬ ‫َّ‬
‫إن المنايا ُ‬
‫وقال آخر‪:‬‬
‫غلب قَد تَبايَنتا ِ‬
‫انقطاعا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ألم ي ِ ِ‬
‫َ‬ ‫حزنك أن حبا َل قَيس * وتَ َ‬ ‫ُ‬

‫الغائب ثم‬
‫َ‬ ‫تحول الخطاب إلى الغائب أو تخاطب‬ ‫الشاهد ثم ِّ‬
‫َ‬ ‫قال‪ :‬ومن سنن العرب أن تخاطب‬
‫تخاطب المخاطب ثم يرجع الخطاب لغيره نحو‪" :‬فإن لم‬ ‫َ‬ ‫تحوله إلى الشاهد وهو االْلتِ ُ‬
‫فات وأن‬ ‫ِّ‬
‫يستجيبوا لكم" ‪ .‬الخطاب للنبي صلى اهلل عليه وسلم ثم قال للكفار‪":‬فاعلموا أنما أنزل بعلم اهلل"‪.‬‬
‫يدل على ذلك قوله‪" :‬فهل أنتم مسلمون"‪.‬‬
‫خبر عن غيره نحو‪" :‬والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا‪ .‬يتربصن"‪َّ .‬‬
‫فخبر‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫وأن ُيبتدأ بشيء ثم ُي َ‬
‫عن األزواج وترك الذين‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫قال‪ :‬ومن سنن العرب أن تَْن ُِسب الفعل إلى اثنين وهو ألحدهما نحو‪" :‬مرج البحرين" إلى وإ لى‬
‫الجماعة وهو ألحدهم نحو‪ ":‬إذ قتلتم نفسا فادارأتم‪ .‬فيها" والقاتل واحد‪ .‬قال تعالى‪" :‬ما كان‬
‫للم ْش ِركين أن يعمروا‪ .‬مسا ِج َد ِ‬
‫اهلل"‪ ،‬وإ نما أراد المسجد الحرام‪،‬‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ ُ‬ ‫ُ‬
‫قال‪ :‬ومن‬ ‫وإ لى أحد اثنين وهو لهما نحو‪" :‬واهلل ورسوله أحق أن يرضوه"‪.‬‬
‫المخاطب واحداً‪ .‬أنشد‬
‫ُ‬ ‫أمر االثنين نحو‪ :‬افعال ذلك ويكون‬ ‫تأمر الواحد بلفظ ِ‬ ‫سنن العرب أن َ‬
‫واج َد َّز ِشيحا وقال‪ :‬فإن تزجراني يا بن َعفّان‬
‫فقلت لصاحبي ال تَ ْحبِ َسَّنا َبن ْزع ُأصوله ْ‬ ‫الفراء‪ُ :‬‬ ‫َّ‬
‫ممنعا وقال اللّه تعالى‪" :‬ألقيا في جهنم" وهو خطاب لخزنة النار‬ ‫أحِم ِع ْرضاً َّ‬ ‫ْأن َز ِجر وإ ن تَ َدعاني ْ‬
‫كالم الواحد على‬
‫الرفقَة أدنى ما تكون ثالثة نفَر فجرى ُ‬ ‫والزبانِية‪ .‬قال‪ :‬ونرى أن أص َل ذلك أن ُّ‬ ‫َّ‬
‫قال‪ :‬ومن سنن‬ ‫يلي‪.‬‬ ‫ِ‬
‫صاحبي ويا َخل ّ‬
‫ّ‪.‬‬ ‫أكثر الناس قوالً‪ :‬يا‬
‫صاحبيه أال ترى أن الشعراء ُ‬
‫ْ‬
‫الرقاب "‬
‫ب ِّ‬
‫ض ْر َ‬
‫مقام األمر نحو " فَ َ‬
‫مقام الكلمة كإقامة المصدر‪َ .‬‬
‫التعويض وهو إقامةُ الكلمة َ‬
‫ُ‬ ‫العرب‬
‫مقام المصدر نحو " بِ ِّأي ُك ُم‬
‫مقام المصدر‪ .‬نحو " ليس َلو ْقعتها كاذبة " أي تكذيب‪ .‬والمفعول َ‬‫والفاعل َ‬
‫الم ْفتُون " أي الفتنة‪ .‬والمفعول مقام الفاعل نحو‪ " :‬حجاباً َم ْستوراً "‪.‬‬
‫َ‬

‫ورضاً‪.:‬‬ ‫في إقامة اإلسم والمصدر مقام الفاعل والمفعول تقول العرب‪ :‬رجل َع ْدل‪ :‬أي عادل‪ِ ،‬‬
‫وح ْرب‪ :‬أي محاربون‪ .‬وفي القرآن‪َّ " :‬‬
‫ولكن‬ ‫ِ‬
‫أي َم ْرضي‪ ،‬وبنو‪ .‬فالن لنا َسْلم‪ :‬أي مسالمون‪َ ،‬‬
‫ِ‬
‫آمن باهلل‪ ،‬فأضمر ذكر البر وحذفه‪.‬ومن سنن‬ ‫آم َن باهلل"‪ ،‬وتقديره‪ :‬ولكن البَِّر بُِّر من َ‬ ‫ِ‬
‫الب َّر َم ْن َ‬
‫ماض نحو‬‫ٍ‬ ‫العرب أن تأتي بالفعل بل ْف ِظ الماضي وهو حاضر‪ .‬أو مستقبل أو بلفظ المستقبل وهو‬
‫الشياطين " أي‬
‫ُ‬ ‫ُأمة " أي أنتم " واتَّبعوا ما تَ ْتلوا‬
‫خير َّ‬‫قوله تعالى‪" :‬أتى أمر اهلل"‪ .‬أي يأتي‪ " .‬كنتُم َ‬
‫سر كاتم أي مكتوم‪ .‬وماء دافق أي َمدفوق‪.‬‬ ‫ما تَلَت‪ .‬وأن تأتي بالمفعول ِ‬
‫بلفظ الفاعل نحو‪ٌّ :‬‬
‫آمناً أي مأموناً‪ .‬فيه‪ .‬وبالفاعل بلفظ المفعول نحو عيش‬ ‫وعيشة راضية أي مرضي بها‪ .‬وحرماً ِ‬
‫َ‬ ‫ْ ّ‬
‫قال‪ :‬ومن سنن العرب‬ ‫مغبون أي غابِن ذكره ابن السِّكيت‪.‬‬
‫نائم ولي ٌل ساهر‪ .‬قال‪ :‬ومن سنن العرب‬ ‫ِ‬
‫وصف الشيء بما يقعُ فيه نحو‪ :‬يوم عاصف وليل ٌ‬
‫ُ‬
‫بالربع أسأله‪.‬‬
‫وقفت َّ‬
‫ُ‬ ‫ِّ‬
‫كالحق منه قولهم‪:‬‬ ‫يتوهم أحدهم شيئاً ثم يجعل ذلك‬
‫التوهم واإليهام وهو أن ّ‬
‫ّ‬
‫يعلم أنه ال يسمعُ وال َي ْع ِق ُل لكنه تفجَّع لما رأى َّ‬
‫الس ْكن َرحلوا‬ ‫وهو أكم ُل عقالً من أن يسأل َر ْسماً ُ‬
‫الفرق‬
‫ُ‬ ‫قال‪ :‬ومن سنن العرب‬ ‫كثير في أشعارهم‪.‬‬ ‫الربع أين ْانتَ ْأوا وذلك ٌ‬ ‫َّ‬
‫وتوهم أنه يسأل َّ‬
‫وي ْخ ِفر إذا َنقض من‬
‫وي َداوي‪ .‬من الدواء ُ‬ ‫ضدين بحرف أو حركة كقولهم‪َ :‬ي ْد َوى‪ .‬من الداء ُ‬ ‫بين ّ‬
‫ويخفر إذا أجار ِم ْن َخفَر ولُ َعَنة إذا أكثر اللَّعن ولُ ْعَنة إذا كان َيُْل َعن ُ‬
‫وس َخرة‬ ‫أخفر ِ‬
‫وه ْزأة ُ‬
‫وه َزَأة ُ‬
‫قال‪ :‬ومن سنن العرب البسطُ‬ ‫وس ْخرة‪.‬‬
‫ُ‬
‫وزن الشعر وتَ ْسوية قوافيه كقوله‪:‬‬ ‫االسم والفعل ولعل أكثر ذلك إلقامة ْ‬ ‫ِ‬ ‫بالزيادة في عدد حروف‬
‫هم أن‬ ‫الج ْدي والفُْرقودا‪ .‬إذا عميرهم أن يرقودا لو َّ‬ ‫دة ُخمودا ْ ِ ِ‬ ‫خام ٍ‬
‫وليلة ِ‬
‫ٍ‬
‫أن عمراً ّ‬ ‫طخياء تُ ْعشي َ‬ ‫ُ‬

‫‪64‬‬
‫ض‬‫قال‪ :‬ومن سنن العرب القَْب ُ‬ ‫َي ْرقُودا‪ .‬أي َي ْرقد‪.‬‬
‫الخْل َخل أي‬
‫موت َ‬
‫ص ُ‬ ‫شاح ْين َ‬ ‫صان من عدد الحروف كقوله‪َ :‬غ ْرثَى ِ‬
‫الو َ‬ ‫للبس ِط وهو ُّ‬
‫الن ْق ُ‬ ‫محاذاةً ْ‬
‫الترخيم‪ .‬في النداء‬
‫باب ْ‬
‫الحباحب‪ .‬ومنه ُ‬
‫المنا يريدون المنازل ونار ُ‬
‫الخْلخال‪ .‬ويقولون‪َ :‬د َرس َ‬
‫َ‬
‫قال‪ :‬ومن سنن العرب‬ ‫ابن عمك‪.‬‬
‫عمك أي للّه ُ‬
‫وغيره ومنه قولهم‪ :‬اله ابن ِّ‬
‫وتفر‪ :‬أي أترى ثعلباً‬
‫اسلَمى أي يا هذه أو لألفعال نحو‪ :‬أثعلباً ّ‬
‫اإلضمار إما لألسماء نحو أال يا ْ‬
‫ُ‬
‫الوغى أي أن أ ْشهد‪.‬‬ ‫ومنه إضمار‪ .‬القول كثيراً أو للحروف نحو‪ :‬أال ّأيهذا َّ‬
‫أشهد َ‬
‫الزاجري َ‬

‫مقدم‬
‫مؤخر‪ .‬وتأخيرهُ وهو في المعنى ّ‬
‫تقديم الكالم وهو في المعنى ّ‬ ‫قال‪ :‬ومن سنن العرب ُ‬
‫ينسكب منها الماء وقوله تعالى‪" :‬‬
‫ُ‬ ‫الماء َي ْن َس ِكب أراد ما با ُل عينك‬
‫كقوله‪ :‬ما با ُل عينيك منها ُ‬
‫مسمى " فأجل معطوفة على كلمة والتأويل‪ :‬ولوال‬ ‫ِ‬
‫وأج ٌل ّ‬
‫ت من َرّبك لكان لزاماً َ‬ ‫ولوال كلمةٌ َسبقَ ْ‬
‫العذاب ِ‬
‫الزماً لهم‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫مسمى لكان‬
‫كلمةٌ سبقت من ربِّك وأجل ّ‬
‫عز َّ‬
‫وجل‪" :‬يا مريم اقنتي لربك واسجدي‪.‬‬ ‫والمقدم غيره‪ ،‬كما قال َّ‬
‫َّ‬ ‫العرب تبتدئ بذكر الشيء‬
‫عز َّ‬
‫وجل‪" :‬يهب‬ ‫واركعي مع الراكعين" وكما قال تعالى‪" :‬فمنكم كافر‪ .‬ومنكم مؤمن" وكما قال ّ‬
‫لمن يشاء إناثا‪ ،‬ويهب لمن يشاء الذكور" وكما قال تعالى‪" :‬وهو الذي خلق الليل والنهار‪ ".‬وكما‬
‫قال حسان بن ثابت في ذكر بني هاشم‪:‬‬
‫المتَ َخي َُّر‬ ‫ِ‬
‫علي ومنهم أحمد ُ‬
‫أمه * ٌ‬‫َبهاليل منهم جعفر وابن ّ‬
‫العبدي‪:‬‬
‫ّ‬ ‫وكما قال الصَّلتان‬
‫بي‬ ‫فَ ِملَّتنا أننا مسلمون * على دين ِّ‬
‫والن ْ‬
‫صديقنا ّ‬

‫اعمل ‪ -‬واللّه ِ‬
‫ناصري‪ - .‬ما‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬
‫وتمامه كالم نحو‪:‬‬ ‫ترض بين الكالم‬ ‫ِ‬
‫العرب أن َي ْع ِ‬ ‫قال‪ :‬ومن سنن‬
‫إيماء دون التصريح نحو طوي ُل‬ ‫ً‬ ‫شير إلى المعنى إشارةً وتومُئ‬‫شئت‪ .‬قال‪ :‬ومن سنن العرب أن تُ َ‬
‫العنان‪ُ :‬يو ِمئون إلى الخفَّ ِة‬
‫ط ِرب ِ‬‫الجود و َ‬‫الرداء‪ُ :‬يو ِمئون إلى ُ‬
‫وغ ْمر ِّ‬
‫الرجل َ‬ ‫ِّ‬
‫النجاد يريدون طو َل َّ‬
‫قال‪ :‬ومن‬ ‫والرشاقة‪.‬‬
‫َّ‬
‫قلت سيروا‪.‬‬ ‫الكالم كقوله‪ :‬إذا ُ‬ ‫تكف عن ذكر الخبر اكتفاء بما ُّ‬
‫يدل عليه‬ ‫الكف وهو أن َّ‬ ‫سنن العرب ُّ‬
‫ُ‬ ‫ً‬
‫قال‪ :‬ومن سنن‬ ‫ب ترك َخَبر لعلها‪.‬‬ ‫َّ‬
‫ضُ‬‫أع َ‬
‫دون ليلى مائ ُل القَ ْرن ْ‬
‫نحو ليلى لعلها جرى َ‬
‫جمع أرض‬
‫الموات وما ال َي ْعقل في بعض الكالم َم ْجرى بني آدم كقوله في ِ‬
‫َ‬ ‫العرب أن تُ ْجري‬
‫يسبحون "‪ .‬ذلك من سنن العرب‪ ،‬كما تقول‪ :‬أكلوني‬ ‫ٍ‬ ‫أرضون وقال تعالى‪ٌّ " :‬‬
‫كل في َفلَك َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫نودهُ"‪،‬‬
‫وج ُ‬‫ادخلوا َمساكَن ُك ْم ال ُي َحط َمَّن ُك ْ‪.‬م ُسلَيمان ُ‬
‫النم ُل ُ‬‫عز وج ّل‪" :‬يا ُأيها َّ‬
‫البراغيث‪ ،‬وكما قال ّ‬
‫َّة من ماء‪ ،‬فَ ِمنهُم من َي ْمشي على َبطنِ ِه‪ ،‬ومنهم‪ .‬من‬ ‫كل داب ٍ‬
‫ق َّ‬
‫وكما قال سبحانه وتعالى‪" :‬واهلل َخلَ َ‬
‫َيمشي على ِرجلين ومنهم‪ .‬من َيمشي على ْأرَبع"‪ ،‬ويقال‪ :‬إنه قال ذلك تغليبا لمن يمشي على‬

‫‪65‬‬
‫ومن سنن العرب‬ ‫رجلين وهم بنو آدم‪( .‬من يمشي على بطنه األصل يزحف)‬
‫ومن سنن العرب‬ ‫َّ‬
‫المؤنث إذا اجتمعا‪.‬‬ ‫تغليب ما يعقل كما ُي َغلَّب المذ ّكر على‬
‫المذكر في الجمع ‪ ،‬قال تعالى‪" :‬وقال نِ ْس َوةٌ في المدينة"‪ ،‬وقال‪" :‬قالت‬
‫َّ‬ ‫تذكير المؤنث وتأنيث‬
‫حمل اللفظ على‬ ‫آمَّنا"‪.‬‬
‫األعراب َ‬
‫ُ‬
‫المعنى في تذكير المؤنث وتأنيث المذكر من سنن العرب ترك حكم ظاهر اللفظ‪ ،‬وحمله على‬
‫معناه‪ ،‬كما يقولون‪ :‬ثالثةُ أنفس‪ ،‬والنفس مؤنثة‪ ،‬وإ نما حملوه على معنى اإلنسان أو معنى‬
‫ال ّشخص‪ .‬قال الشاعر‪:‬‬

‫الح ِند ِ‬
‫س‬ ‫تألألت في ِ‬
‫ُ‬ ‫جوم‬ ‫أنفس * ِمث ُل ُّ‬
‫الن ِ‬ ‫ما عندنا إال ثالثة ِ‬
‫وقال عمر بن عبد اهلل بن أبي ربيعة‪:‬‬
‫بان ومع ِ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫كنت أتَّقي *‬ ‫فكان ِم َجِّني دون ما ُ‬
‫ص ُ‪.‬ر‬ ‫خوص كاع ِ َ ُ ْ‬ ‫ثالث ُش‬
‫ُ‬
‫فحمل ذلك على أنهن نساء‪ .‬وقال األعشى‪:‬‬
‫قوم وكانوا‪ُ .‬هم الم ْن ِف ِدين * َشربه ‪.‬م قَْب َل تَْن ِ‬
‫فادها‬ ‫ِل ٍ‬
‫َ َ ُُ‬ ‫ُ ُ َ‬
‫الكف وهي مؤنثة في قوله‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫فأنث الشراب لما كان الخمر المعني‪ ،‬وهي مؤنثة‪ ،‬كما ذكر‬ ‫َّ‬
‫ض ُّم إلى َك ْشحيه كفَّاً ُم َخضَّبا‬ ‫أرى رجال منهم أسيفاً َّ‬
‫كأنما * َي ُ‬

‫فحمل الكالم على العضو وهو مذكر‪.‬‬


‫المحاذاة وذلك أن تجعل كالماً ما بِحذاء كالم فيُْؤ تى به على وزنه لفظاً‬
‫قال‪ :‬ومن سنن العرب ُ‬
‫العشايا‪ .‬ومثلُه قولهم‪:‬‬
‫الغ َديا النضمامها إلى َ‬
‫والعشايا‪ .‬فقالوا‪َ :‬‬ ‫وإ ن كانا مختَِلفَين فيقولون‪َ :‬‬
‫الغ َدايا َ‬
‫ألمت‬
‫َّت والالّ ّمة أصلها من َّ‬
‫سمت النعمة إذا خص ْ‬ ‫فالسامة من قولك‪َّ :‬‬
‫َّ‬ ‫والالمة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫السام ِة‬
‫َّ‬ ‫أعو ُذ بك من‬
‫بعض أهل العلم أن من هذا الباب كتابه‬
‫لت في وزنها‪ .‬قال‪ :‬وذكر ُ‬ ‫بالسامة ُج ِع ْ‬
‫َّ‬ ‫لكن لما قُ ِرنت‬
‫مما ُي ْكتَب بالياء‪.‬‬ ‫لما قُ ِرن بغيره َّ‬
‫المصحف كتبوا‪" :‬والليل إذا َس َجى" بالياء وهو من ذوات الواو َّ‬
‫طهم‪ .‬عليكم " فالالم التي في " لَ َسلَّ َ‬
‫طهُ ْ‪.‬م "‬ ‫قال‪ :‬ومن هذا الباب قوله تعالى‪ " :‬ولو شاء اللّهُ لسلَّ َ‬
‫يت بتلك الالم وإ ال فالمعنى لسلَّطهم‪ .‬عليكم فقاتلوكم‪.‬‬ ‫جواب لو‪ .‬ثم قال‪َ " :‬فلقَاتَلُو ُكم " فهذه ُح ِ‬
‫وذ ْ‬ ‫ُ‬
‫موضع‬
‫َ‬ ‫شديدا أو أل ْذَب َحَّنه "‪ .‬فهما الما قَ َسٍم ثم قال‪ " :‬أو لََيْأتيني " فليس ذا‬
‫ُألع ِّذَبَّنه عذاباً ً‬
‫ومثلُه‪َ " :‬‬
‫لكنه لما جاء به على أثر ما يجوز‪.‬‬ ‫يأتي ُبع ْذر ّ‬ ‫ِ‬
‫قسم ألنه ُع ْذر للهُ ْدهد فلم يكن ُلي ْقس َم على الهدهد أن َ‬
‫وكْلته فا ْكتال أي استوفاه‬ ‫وز ْنتُه فاتََّزن ِ‬
‫أجراه َم ْجراه فكذا باب المحاذاة‪ .‬قال‪ :‬ومن الباب َ‬ ‫فيه القسم ْ‬
‫حق‬
‫تعتدونها " أي تستوفونها ألنها ّ‬ ‫عليهن من ِع َّد ٍة ُّ‬ ‫وو ْزناً‪ .‬ومنه قوله تعالى‪ " :‬فما لكم‬
‫ّ‬ ‫َك ْيالً َ‬
‫الف ْعل بمثل لفظه نحو‪ " :‬إنما َن ْحن‬ ‫لألزواج على النساء‪ .‬قال‪ :‬ومن هذا الباب الجزاء عن ِ‬
‫ُ‬
‫وم َك َر اللّه "‪ " .‬فََي ْس َخ ُرون‬
‫كروا‪َ .‬‬
‫ُمستهزئون اللّهُ يستهزئ بهم "‪ .‬أي يجازيهم جزاء االستهزاء " َم ُ‬

‫‪66‬‬
‫ونسوا‪ .‬اللّه َفنسيهم‪ " ." .‬وجزاء سي ٍ‬
‫ِّئة سيئةٌ مثلُها "‪ .‬ومث ُل هذا في شعر‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫منهم َسخر اللّهُ منهم "‪ُ َ " .‬‬
‫الغ َدايا‬ ‫فوق ِ‬
‫جهل الجاهلينا ‪ ،،‬ومن نظائر‪َ .‬‬ ‫فنجهل َ‪.‬‬
‫َ‬ ‫أحد علينا‬
‫العرب قول القائل‪ :‬أال ال َي ْجهلن ٌ‬
‫ت إلى عيش‬ ‫ط ْوبة أي ُْأب َ‬
‫العرب للرجل إذا قدم من سفَر‪ْ :‬أوَبةً و َ‬
‫ُ‬ ‫والعشايا ما في الجمهرة تقول‬
‫ط ْوبة‬
‫طيبة فقالوه بالواو‪ .‬لمحاذاة أوبة وقال ابن خالويه إنما قالوا‪َ :‬‬‫طيب واألصل َ‬ ‫ٍ‬
‫ومآب ّ‬ ‫طيِّب‬
‫ِ‬
‫فإنه‬
‫وشر ما ُي َرى ّ‬
‫وح ّمى َخ ْيَب َرى‪ُّ .‬‬ ‫ألنهم ْأز َوجوا به ْأوبة‪ .‬وفي‪ .‬ديوان األدب‪ :‬يقال‪ :‬بِفيه َ‬
‫الب َرى ُ‬
‫وفيه‪ :‬يقال أخذني من‬ ‫َخ ْي َسرى يعني الخسران وهو على االزدواج‪.‬‬
‫حدث في شيء من الكالم إال في هذا الموضع وذلك لمكان قدم على‬ ‫ض ّم َ‬
‫ذلك ما قَ ُدم وما َح ُدث ال ُي َ‬
‫ِ‬
‫مْأمورة أي‬
‫مأبورة أو ُم ْهرة ُ‬ ‫خير المال س َّكةٌ ُ‬‫االزدواج‪ .‬وفي‪ .‬أمالي القالي‪ :‬قال أبو عبيدة‪ :‬يقال ُ‬
‫كثيرةُ الولد وكان ينبغي أن يقال‪ُ :‬مْؤ َمرة ولكنه اتبع َمْأبورة‪ .‬والسكة‪ :‬السطر‪ .‬من َّ‬
‫الن ْخل‪ .‬وفي‪.‬‬
‫ومرأني‪ .‬إذا أتبعوها َهنأني قالوها‪ .‬بغير ألف فإذا أفردوها‬ ‫الصحاح‪ :‬قال الفراء يقال‪َ :‬هنأني الطعام َ‬
‫قالوا‪ :‬أمرأني‪ .‬وفيه‪ :‬يقال له عندي ما ساءه وناءه قال بعضهم‪ :‬أراد ساءه وأناءه وإ نما قال ناءه‬
‫والغداةُ ال‬
‫بالغ َدايا والعشايا َ‬ ‫ليز َد ِوج الكالم كما يقال‪ :‬إني آلتيه َ‬
‫يتعدى ‪ -‬ألجل ساءه ْ‬ ‫‪ -‬وهو ال ّ‬
‫أخبَِي ٍة والّج ْأبوبِة ولو‬ ‫اك ْ‬‫تجمع على غدايا‪ .‬وفيه‪ :‬جمعوا الباب على أبوبة لالزدواج قال‪َ :‬هتَّ ِ‬
‫ون ْكساً‪ .‬وإ نما هو ُنكس بالضم وإ نما فُتح هنا لالزدواج‪ .‬وقال‬ ‫أفرده لم يجز‪ .‬وفيه يقال‪ :‬تَ ْعساً له َ‬
‫الفراء‪ :‬إذا قالوا‪ :‬النجس مع الرجس أتَْبعوه إياه فقالوا‪ِ :‬ر ْجس نِ ْجس بالكسر وإ ذا أفردوه قالوا‪:‬‬
‫ت ْتزويجاً‪.‬‬ ‫ت وال تَلَْي َ‬
‫َنجس بالفتح‪ :‬قال تعالى "إنما الم ْشركون َن َجس "‪ .‬وفي الصحاح يقال‪ :‬ال َد َر ْي َ‬
‫للكالم واألص ُل وال ائتليت وهو افتعلت من اإلتباع وهو من سنن العرب وذلك أن تتبع الكلمة‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ور ِويِّها إشباعاً وتوكيداً اتِّساعاً كقولهم‪ :‬جائع نائع‪ ،‬وساغب الغب‪َ ،‬‬
‫وعطشان‬ ‫الكلمة على وزنها َ‬
‫وخراب َيباب‪ .‬وقد شاركت العرب العجم في هذا الباب‪.‬‬ ‫ب‪َ ،‬‬ ‫ض َّ‬ ‫وص َّ‬
‫ب َ‬ ‫طشان‪َ ،‬‬‫َن ْ‬
‫ومن ذلك إشتقاق نعت الشيء من اسمه عند المبالغة فيه ذلك من سنن العرب كقولهم‪َ :‬يوم ْأي َوم‪،‬‬
‫وحرز‬ ‫ظلي ٌل‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬
‫دوق‪،‬وظ ٌّل َ‬‫ص‬ ‫ِ‬
‫وصديق‪َ .‬‬
‫صليب‪َ ،‬‬ ‫وصلب َ‬
‫وأسد أسيد‪ُ ،‬‬‫وروض َْأرَيض‪َ ،‬‬ ‫ولَيل أْلَيل‪َ ،‬‬
‫ِ‬
‫قال ابن‬ ‫وداء َد ِو ّ‬
‫ي‪.‬‬ ‫َحريز‪ ،‬وك ٌن َكنين‪ٌ ،‬‬
‫االقتصار على ذكر بعض الشيء وهم ُيريدونه كلَّه فيقولون‪ :‬قَعد على‬
‫ُ‪.‬‬ ‫فارس‪ :‬ومن سنن العرب‬
‫ِ ِئ‬ ‫ِ‬
‫وجهُ‬
‫وي ْبقَى ْ‬‫ص ُدور‪ .‬نعالهم ومن هذا الباب‪َ " :‬‬
‫ص ْدر َراحلته ومضى‪ .‬ويقول قائلهم‪ :‬الواط ين على ُ‬ ‫َ‬
‫في الحمل‬ ‫سور المدينة‪.‬‬
‫نفسه " أي إياه وتواضعت ُ‪.‬‬ ‫ربِّك "‪ِّ ُ " .‬‬
‫وي َحذ ُركم‪ .‬اللّهُ َ‬ ‫َ‬
‫ب َخ ِر ٍب‪ .‬والخرب نعت‬
‫ض ٍّ‬‫على اللفظ والمعنى للمجاورة العرب تفعل ذلك‪ ،‬فتقول‪ :‬هذا ُح ْج ُر َ‬
‫ِّ‬
‫الضب ولكن الجوار عمل عليه‪ ،‬كما قال امرؤ القيس‪:‬‬ ‫الحجر ال نعت‬‫ُ‬

‫أناس في بِجاد ُم َز َّم ِل‬


‫كبير ٍ‬ ‫ِِ‬
‫كأن ثبيراً في َعرانين َوبله * ُ‬
‫فالم َز َّمل‪ :‬نعت الشيخ ال نعت البِجاد‪ ،‬وحقه الرفع ولكن خفضه للجوار‪ ،‬وكما قال آخر‪:‬‬
‫ُ‬

‫‪67‬‬
‫ورمحا‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬
‫يا ليت َش ْي َخك قد َغدا * ُمتَقلدا َسيفا ُ‬
‫كاء ُكم" ال‬ ‫والرمح ال يتََقلَّد‪ ،‬وإ نما قال ذلك لمجاورته السيف‪ .‬وفي‪ .‬القرآن‪ِ ْ " :‬‬
‫أم َر ُكم و ُش َر َ‬
‫فَأجمعوا ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫عت أمري وإ نما قال ذلك للمجاورة‪،‬‬ ‫وأجم ُ‬
‫َ‬ ‫أج َمعت ال ُشركاء وإ نما يقال‪َ :‬ج َمعت شركائي‪،‬‬
‫يقال‪ْ :‬‬
‫غير َمأجورات) وأصلها َموزورات‪ .‬من‬ ‫ِ‬
‫وقال النبي صلى اهلل عايه وسلم‪( :‬ارج ْع َن مأزورات َ‬
‫المأجورات للمجاورة بينهما‪ ،‬وكقوله‪ :‬بالغدايا والعشايا‪ ،‬وال يقال‪:‬‬
‫الوزر ولكن أجراها مجرى َ‬
‫الغدايا إذا أفردت عن العشايا ألنها الغدوات‪ ،‬والعامة تقول‪ :‬جاء البرد واألكسية‪ ،‬واألكسية ال‬
‫حق في الكالم‪.‬‬
‫تجيء ولكن للجوار ٌ‬
‫الجمع بين شيئين اثنين ثم ذكر أحدهما في الكناية دون اآلخر والمراد به كالمهما معا من سنن‬
‫عز وج ّل‪" :‬والذين‬
‫العرب أن تقول‪ :‬رأيت عمراً وزيداً وسلّمت عليه‪ ،‬أي عليهما‪ .‬قال اهلل ّ‬
‫قونها في سبيل اهلل"‪ ،‬وتقدير‪ .‬الكالم‪ :‬وال ينفقونهما في سبيل اهلل‪،‬‬ ‫ضةَ وال ُي ْن ِف َ‬ ‫ِ‬
‫ب والف َ‬
‫َّ‬
‫زون الذ َه َ‬
‫ِ‬
‫ُي ْكن َ‬
‫ضوا إليها"‪ ،‬وتقديره‪ :‬انفضوا إليهما‪ .‬وقال ج ّل جالله‪:‬‬ ‫ِ‬
‫جارةً أو لهواً ْانفَ ُ‬ ‫وقال تعالى‪" :‬وإ ذا َرَأوا ت َ‬
‫ق أن ُيرضوهُ"‪ ،‬والمراد‪ :‬أن يرضوهما‪.‬‬ ‫أح ُّ‬
‫"واهلل ورسوله َ‬
‫في مخاطبة اثنين ثم النص على أحدهما دون اآلخر العرب تقول‪ :‬ما فعلتما يا فالن‪ ،‬وفي‪.‬‬
‫الجَّن ِة فَتَ ْشقى"‪ ،‬خاطب آدم وحواء‪،‬‬ ‫ِ‬
‫وسى"‪ .‬وفيه‪" :‬فال ُي ْخ ِر َجَّن ُكما‪ .‬م َن َ‬
‫القرآن‪" :‬فمن َرُّب ُك َما يا ُم َ‬
‫نص في إتمام الخطاب على آدم وأغفل حواء‪.‬‬ ‫ثم َّ‬
‫الذم‪ ،‬فيجري‪ .‬مجرى التَّهَكم والهَ ْزل العرب تفعل ذلك‪ ،‬فتقول للرجل تستجهله‪ :‬يا‬ ‫المدح يراد به َّ‬
‫عز ذكره‪:‬‬‫ريم"‪ .‬وقال َّ‬ ‫عاقل‪ ،‬وللمرأة تستقبحها‪ :‬يا قمر‪ .‬وفي القرآن‪ُ " :‬ذ ْق َّإن َ‬
‫العزيز ال َك ُ‬
‫ُ‬ ‫أنت‬
‫ك َ‬
‫شيد"‪.‬‬
‫الر ُ‬ ‫ليم َّ‬ ‫الح ُ‬
‫ألنت َ‬
‫ك َ‬ ‫" َّإن َ‬
‫شحون" فلما جمعه‬ ‫ِ‬ ‫الم‬ ‫الفلك‪ ،‬قال اهلل تعالى‪" :‬في ُ ِ‬
‫الفلك َ‬ ‫فيما يقع على الواحد والجمع من ذلك ُ‬
‫ب‪ ،‬وفي القرآن‪:‬‬ ‫ورجال ُجُن ٌ‬ ‫ب ِ‬ ‫حر"‪ .‬ومن ذلك قولهم‪َ :‬ر ُجل ُجُن ٌ‬ ‫الب ِ‬ ‫قال‪ِ ُ " :‬‬
‫والفلك التي تَجري في َ‬
‫ب العالمين" وقال‪:‬‬ ‫"وإ ن كنتم ُجُنبا فاطَّهَروا‪ .".‬ومن ذلك العدو‪ .‬قال تعالى‪" :‬فإنهُ ْ‪.‬م َع ُدٌو لي إال َر َّ‬
‫ض ْي ِفي‬
‫عز وج ّل‪" :‬هؤالء َ‬ ‫وهو ُمؤ ِم ٌن"‪ .‬ومن ذلك الضيف‪ :‬قال اهلل ّ‬ ‫كان ِمن ٍ‪ٍ .‬‬
‫قوم َعدو لَ ُكم َ‬ ‫" وإ ن َ‬
‫ض ِ‬
‫حون"‪.‬‬ ‫فَال تَ ْف َ‬
‫وَأعطيات‪ ،‬وَأسقية وأسقيات‪ ،‬وطُ ُرق‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وَأعطية‬ ‫جمع الجمع العرب تقول‪ :‬أعراب وأعاريب‪،‬‬
‫ص ِر‬‫عز وج ّل" "إنها ترمي بِ َش َر ٍر َكالقَ ْ‬ ‫وَأسورة وأساور‪ ،‬قال اهلل ّ‬‫وطُ ُرقات‪ ،‬وجمال وجماالت‪ِ ،‬‬
‫أساو َر ِمن َذ ّه ٍب"‪.‬‬‫ون فيها ِم ْن ِ‬ ‫َّ‬
‫وج ّل‪ُ" :‬ي َحل َ‬
‫عز َ‬‫للم َك ِّذبين" وقال ّ‬ ‫ٍ‪.‬‬
‫يومئذ ُ‬ ‫ص ْفٌر وي ٌل‬
‫ماالت ُ‬
‫ٌ‬ ‫َك َّأنهُ ِج‬
‫وليس كل جمع يجمع كما ال يجمع كل مصدر‪.‬‬
‫في الخطاب الشامل للذكران واإلناث وما َي ْف ِرق بينهم قال اهلل ّ‬
‫عزوج ّل‪" :‬يا أيها الذين آمنوا‬
‫فعم بهذا الخطاب الرجال والنساء وغلَّب‬ ‫الزكاة" َّ‬ ‫اتَّقوا اهلل"‪ .‬وقال‪" :‬وأقيموا‪ .‬الصالة وآتُوا َّ‬
‫الرجال‪ ،‬وتغليبهم‪ .‬من سنن العرب‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫وامرأان وقوم‪ ،‬وامرأةٌ وامرأتان ونِسوة‪ ،‬ال يقال للنساء‬ ‫ِ‬ ‫امرٌؤ‬
‫وكان ثعلب يقول العرب تقول‪ُ :‬‬
‫عز ذكره‪:‬‬ ‫سمي الرجال دون النساء قوماً‪ .‬ألنهم يقومون في األمور‪ ،‬كما قال َّ‬ ‫قوم‪ ،‬وإ نما ِّ‬
‫النساء" يقال‪ :‬قائم وقوم‪ ،‬كما يقال زائر َو َزور‪ ،‬وصائم‪ .‬وصوم‪ ،‬ومما‬ ‫ِ‬ ‫امون على‬
‫قو َ‬ ‫الرجال َّ‬
‫" ِّ‬
‫وم ِمن قَ ٍ‪.‬‬
‫وم‬ ‫سخر قَ ٌ‬‫أن القوم رجال دون النساء قول اهلل تعالى‪" :‬يا أيها الذين آمنوا ال َي َ‬ ‫يدل على َّ‬
‫ساء َع َسى أن َي ُك َّن َخيراً ِم ْنهُ َّن"‪ .‬وقول‪ .‬زهير‪:‬‬
‫عسى أن يكونوا َخيراً ِم ْنهم وال نِساء من نِ ٍ‬
‫ٌ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ص ٍن أم ن ُ‬
‫ساء‬ ‫أقوم آ ُل ح ْ‬ ‫وسوف‪ .‬إخا ُل أدري * ٌ‪.‬‬ ‫وما أدري َ‬
‫وجل في صفة‬ ‫عز َّ‬ ‫نفي الشيء جملة من أجل عدم كمال صفته العرب تفعل ذلك‪ ،‬كما قال اهلل َّ‬
‫ثم ال يموت فيها وال َي ْحيا"‪ .‬فنفى عنه الموت ألنه ليس بموت صريح‪ ،‬ونفى عنه‬
‫أهل النار‪َّ " :‬‬
‫الحياة ألنها ليست بحياة طيبة وال نافعة‪ ،‬وهذا كثير في كالم العرب‪ .‬قال أبو َّ‬
‫النجم‪:‬‬
‫ِ‬
‫األكار ِع‬ ‫هيض لي ِ‬
‫ِّن‬ ‫واألجار ِع * َّ‬
‫كل َج ٍ‬ ‫ِ‬ ‫بالخبار‬
‫لقين َ‬
‫ُي َ‬
‫وظ وال بِضاِئ ِع‬
‫ليس بِم ْحفُ ٍ‬
‫َ َ‬
‫صحراء وال بضائع ألنه موجود في ذلك المكان‪ .‬ومن‬ ‫ِ‬
‫يعني أنه ليس بمحفوظ ألنه ألق َي في َ‬
‫الناس ُسكارى وما ُهم بِ ُسكارى" أي ماهم بسكارى من ُشرب‬ ‫عز وج ّل‪" :‬وتَرى َّ‬
‫ذلك قول اهلل ّ‬
‫ولكن سكارى‪ .‬من فزع ووله‪ .‬وال مال إال اإلبل‪ ،‬ال كمال للمال إال إن كان إبال‪ ،‬وال صالة‬
‫لمن لم يفعل كذا‪ ،‬أي ال كمال لصالته‪ ،‬وال يؤمن وما شابه في مواضعه حسب سياقه‪.‬‬
‫نفي في ضمنه إثبات‪ .‬قول العرب‪ :‬ليس بحلو وال حامض‪ ،‬يريدون أنه جمع ذا وذا‪ ،‬كما قال‬
‫الشاعر‪:‬‬
‫ط ٌير وال َج َم ُل‬ ‫الن ِ‬
‫عامة ال َ‬ ‫طل ُل * ِم ْث ُل َّ‬
‫رسم وال َ‬
‫ضالة ال ٌ‬
‫أبو فَ َ‬
‫وقال آخر‪:‬‬
‫وار * فال أنت ُح ٌلو وال أنت ُم ُّر‬ ‫ليخ كلَ ْحِم ُ‬
‫الح ِ‬ ‫سيخ َم ٌ‬
‫َم ٌ‬
‫أن الزيتونة شرقيَّة وغربيَّة‪ .‬على دوام النور فيها‬‫َّة" يعني َّ‬‫ية وال َغربي ٍ‬
‫وفي القرآن‪" :‬ال َشرقِّ ٍ‬
‫ْ‬
‫ألنها ال شرقية وال غربية‪ ،‬ليست مما تطلع عليه الشمس وفي وقت شروقها أو غروبها فقط‪،‬‬
‫بل تصيبها بالغداة والعشي جميعاً‪ ،‬فهي شرقية وغربية‪ ،‬واختلف الناس ههنا في أن المشبه أي‬
‫شي هو؟ وذكروا‪ .‬وجوهاً‪ :‬أحدها‪ :‬أن المراد من الهدى التي هي اآليات البينات‪ ،‬والمعنى أن‬
‫هداية اهلل تعالى قد بلغت في الظهور‪ .‬والجالء إلى أقصى الغايات وصارت في ذلك بمنزلة‬
‫المشكاة التي تكون فيها زجاجة صافية‪ .‬وفي الزجاجة مصباح يتقد بزيت بلغ النهاية في‬
‫الصفاء‪ ،‬فإن قيل لم شبهه بذلك وقد علمنا أن ضوء الشمس أبلغ من ذلك بكثير‪ ،‬قلنا إنه سبحانه‬
‫أراد أن يصف الضوء الكامل الذي يلوح وسط‪ .‬الظلمة ألن الغالب على أوهام الخلق وخياالتهم‬
‫إنما هو الشبهات التي هي كالظلمات وهداية اهلل تعالى فيما بينها كالضوء الكامل الذي يظهر‬
‫فيما بين الظلمات‪ ،‬وهذا المقصود ال يحصل من ضوء الشمس ألن ضوءها إذا ظهر امتأل‬

‫‪69‬‬
‫العالم من النور الخالص‪ ،‬وإ ذا غاب امتأل العالم من الظلمة الخالصة فال جرم كان ذلك المثل‬
‫ههنا أليق وأوفق‪ ،‬واعلم أن األمور‪ .‬التي اعتبرها اهلل تعالى في هذا المثال مما توجب كمال‬
‫الضوء فأولها‪ :‬المصباح ألن المصباح إذا لم يكن في المشكاة تفرقت أشعته‪ ،‬أما إذا وضع في‬
‫المشكاة اجتمعت أشعته فكانت أكثر إنارة‪ ،‬والذي يحقق ذلك أن المصباح إذا كان في بيت‬
‫صغير فإنه يظهر من ضوئه أكثر مما يظهر في البيت الكبير وثانيها‪ :‬أن المصباح إذا كان في‬
‫زجاجة صافية فإن األشعة المنفصلة عن المصباح تنعكس من بعض جوانب الزجاجة إلى‬
‫البعض لما في الزجاجة من الصفاء والشفافية وبسبب ذلك يزداد الضوء والنور‪ .،‬والذي يحقق‬
‫ذلك أن شعاع الشمس إذا وقع على الزجاجة الصافية تضاعف الضوء الظاهر حتى أنه يظهر‬
‫فيما يقابله مثل ذلك الضوء‪ ،‬فإن انعكست تلك األشعة من كل واحد من جوانب الزجاجة إلى‬
‫الجانب اآلخر كثرت األنوار واألضواء‪ .‬وبلغت النهاية الممكنة وثالثها‪ :‬أن ضوء المصباح‬
‫يختلف بحسب اختالف ما يتقد به‪ ،‬فإذا كان ذلك الدهن صافياً‪ .‬خالصاً كانت حالته بخالف حالته‬
‫إذا كان كدراً وليس في األدهان التي توقد ما يظهر فيه من الصفاء مثل الذي يظهر في الزيت‬
‫فربما يبلغ في الصفاء والرقة مبلغ الماء مع زيادة بياض فيه وشعاع‪ .‬يتردد في أجزائه‬
‫ورابعها‪ :‬أن هذا الزيت يختلف بحسب اختالف شجرته‪ ،‬فإذا كانت ال شرقية وال غربية بمعنى‬
‫أنها كانت بارزة للشمس في كل حاالتها يكون زيتونها أشد نضجاً‪ ،‬فكان زيته أكثر صفاء‬
‫وأقرب إلى أن يتميز صفوه من كدره ألن زيادة الشمس تؤثر‪ .‬في ذلك‪ ،‬فإذا اجتمعت هذه‬
‫األمور األربعة وتعاونت صار ذلك الضوء خالصاً كامالً فيصلح أن يجعل مثالً لهداية اهلل‬
‫تعالى‪.‬‬
‫وفي أمثال العامة‪( :‬فالن كالخنثى‪ ،‬ال ذكر وال أنثى)‪ :‬أي يجمع صفات َّ‬
‫الذكران واإلناث معا‪.‬‬ ‫ّ‬
‫في إقامة اإلنسان مقام من يشبهه وينوب منابه من سنن العرب أن تفعل ذلك‪ ،‬فتقول‪ :‬زيد‬
‫عمرو‪ ،‬أي كأنه هو‪ ،‬أو يقوم مقامه ويسد‪ .‬مسده‪ .‬وتقول أبو يوسف‪ .‬أبو حنيفة‪ ،‬أي في الفقه‪،‬‬
‫هن مثلهن في التحريم‪،‬‬ ‫أمهاتُهُ ْم" أي َّ‬
‫والبحتري‪ .‬أبو تمام‪ ،‬أي في الشعر‪ ،‬وفي القرآن‪" :‬وأزواجه َّ‬
‫أمهاتُهُ ْم إال اللالئي َولَ ْدَنهُم‪ ،".‬فنفى أن‬
‫إن َّ‬ ‫أنهن والدات‪ ،‬إذ جاء في ٍ‬
‫وليس المراد َّ‬
‫آية أخرى‪ْ " :‬‬
‫تكون األم غير الوالدة‪.‬‬
‫وجل‪" :‬وحمْلناه على ِ‬
‫ذات‬ ‫عز َّ‬
‫إقامة وصف‪ .‬الشيء مقام اسمه من سنن العرب كما قال اهلل َّ‬
‫َ ََ ُ‬
‫ألواح َو ُد ُس ٍ‪.‬ر" يعني السفينة‪ ،‬فوضع صفتها موضع تسميتها‪..‬‬ ‫ٍ‬
‫ياد" يعني الخيل‪.‬‬ ‫َّف ِ‬
‫نات ِ‬
‫الج ُ‬ ‫وقال تعالى‪" :‬إذ ع ِرض عليه بالع ِش ِّي الص ِ‬
‫َ‬ ‫ُ َ‬
‫ِّ‬
‫المتقدمين‪:‬‬ ‫وقال بعض‬
‫اَألغ َّر اَأل ْشقَرا؟‬
‫ب َ‬ ‫ِ‬
‫الر ْوع‪ :‬هل َرك َ‬
‫ص ْحَبهُ * في َّ‬
‫ت قُتَْيلةُ عن أبيها َ‬
‫سألَ ْ‬
‫األشقر‪ :‬وصف َّ‬
‫الدم فأقامه مقام اسمه‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫واألغر‬
‫ُّ‬ ‫يعني هل قُتِل‪،‬‬

‫‪70‬‬
‫ِّ‬
‫المحدثين‪:‬‬ ‫وقال بعض‬
‫اإلع ِ‬
‫دام‬ ‫َّ‬
‫فانهل حتّى * لم أ ِج ْد َم ْه َرباً إلى ْ‬ ‫ق الوزير‪.‬‬ ‫ِش ْم ُ‬
‫ت َب ْر َ‬
‫أخض َر طامي‬
‫َ‬ ‫باب‬‫تقاصر باعي * خابِطٌ في ُع ِ‬ ‫فكأني وقد‪.‬‬‫ِّ‬
‫ََ‬
‫يعني‪ :‬البحر‪.‬‬
‫القيد‪ ،‬فتجاهل عليه‪ ،‬وقال‪ِ :‬مثْ ُل‬
‫ألح ِملََّنك على األدهم‪ ،‬يعني َ‬
‫وقال الحجاج إلبن القََب ْعثََرى‪ْ :‬‬
‫األمير يحمل على األدهم واألشهب‪.‬‬
‫إضافة الشيء إلى اهلل جل وعال العرب تُضيف‪ .‬بعض األشياء إلى اهلل َّ‬
‫عز ذكره وإ ن كانت كلها‬
‫له‪ .‬فتقول‪ :‬بيت اهلل ِ‬
‫وظ ُّل اهلل وناقَةُ اهلل‪.‬‬
‫وفخم‪ .‬أمره‪ ،‬وقد فعل ذلك بالنار‪،‬‬ ‫قال الجاحظ‪ :‬كل شيء أضافه اهلل إلى نفسه فقد عظَّم شأنه‪َّ ،‬‬
‫فقال‪" :‬نار ِ‬
‫اهلل الموقَدةُ"‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ب اهلل‪ ،‬ففي هذا الخبر‬
‫ك َكْل ُ‬
‫أن النبي صلى اهلل عليه وسلم قال لعتيبة بن أبي لهب‪ :‬أ َكلَ َ‬ ‫ويروى‪َّ .‬‬
‫ُ‬
‫يضاف إليه إال العظيم‬
‫ُ‬ ‫ت بذلك أن األسد كلب‪ ،‬والثانية أن اهلل تعالى ال‬
‫فائدتان‪ ،‬إحداهما أنه ثََب َ‬
‫الشر‬
‫وزوار اهلل‪ ،‬وأما ّ‬
‫أرض اهلل‪ ،‬وخليل اهلل‪َّ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫من األشياء في الخير والشر‪ ،‬أما الخير فكقولهم‪:‬‬
‫وحر َسقَ ِره‪.‬‬ ‫ِ‬
‫عذابه وإ لى ِ‬
‫نار اهلل ِّ‬ ‫وس َخ ِط ِه وأليم‬ ‫ِ‬
‫فكقولهم‪َ :‬د ْعهُ في لَعنة اهلل َ‬

‫قال‪ :‬وقد‪ .‬جاء القرآن بجميع هذه السنن لتكون حجة اللّه عليهم آكد ولئال يقولوا‪ :‬إنما عجزنا عن‬
‫ِ‬
‫بالحروف التي يعرفونها‬ ‫اإلتيان بمثله ألنه بغير لُ َغتِنا وبغير السنن التي ّ‬
‫نستنها فأنزله َّ‬
‫جل ثناؤه‬
‫ظهر وأشعر‪.‬‬
‫عجزهم عن اإلتيان بمثله أ ْ‬
‫وبالسنن التي يسلكونها‪ .‬في أشعارهم ومخاطباتهم‪ .‬ليكون ُ‬
‫انتهى كالم ابن فارس والثعالبي‪ .‬متصرفا‪ .‬فيه‪.‬‬

‫اختص اللّه العرب بأربع‪ :‬العمائم تيجانها ِ‬


‫والحبا‬ ‫المطرزي في شرح المقامات‪ :‬كان يقال‪:‬‬ ‫قال‬
‫ُ‬ ‫َّ ُ‬ ‫ّ‬
‫الشعر ديوان العرب ألنهم كانوا‬ ‫ِحيطانها والسيوف ِسيجانها‪ِّ .‬‬
‫والشعر ديوانها‪ ..‬قال‪ :‬وإ نما قيل‪:‬‬
‫ُ‬
‫ومعدن‬
‫ُ‬ ‫يرجعون إليه عند اختالفهم‪ .‬في األنساب والحروب‪ .‬وألنه مستودعُ‪ .‬علومهم وحافظُ آدابهم‬
‫الشعر يحفظ‬
‫ُ‬ ‫أخبارهم ولهذا قيل‪:‬‬
‫لوال مقال زهير في‬ ‫والشعر أفخر ما ُي ْنبي عن الكرم‬
‫ُ‪.‬‬ ‫الزمان به‬
‫ُ‬ ‫ما أودى‬
‫وقد قال بعض علمائنا ‪-‬‬ ‫ما كنت تعرف جوداً كان في َه ِرم ‪.‬‬ ‫قصائده‬
‫والقْلب والتقديم والتأخير وغيرها من سنن العرب في‬ ‫حين ذكر ما للعرب من االستعارة والتمثيل َ‬
‫أحد من التَّراجم على أن ينقلَه إلى شيء من األْل ِسنة كما ُن ِقل اإلنجيل‬
‫يقدر ٌ‬
‫القرآن فقال‪ :‬وكذلك ال ُ‬
‫عز وج ّل‬ ‫عن السريانية إلى الحبشية والرومية وترجمت‪ .‬التوراة َّ‬
‫والزبور وسائر‪ .‬كتب اللّه ّ‬
‫أردت أن تنق َل قوله‬
‫َ‬ ‫اتساع العرب أال ترى أنك لو‬
‫َ‬ ‫غير العرب لم تتسع في المجاز‬ ‫بالعربية َّ‬
‫ألن َ‬

‫‪71‬‬
‫ٍ‬
‫سواء "‪ .‬لم تستطع أن تأتي لهذه بألفاظ ِّ‬
‫مؤدية‬ ‫قوم خيانةً فانبِ ْ‪.‬ذ إليهم على‬
‫تعالى‪ " :‬وإ ما تَ َخافَ َّن من ٍ‬
‫ظهر َم ْستُورها فتقول‪ :‬إن كان‬ ‫وتصل مقطوعها وتُ َ‬
‫َ‬ ‫عن المعنى الذي أو ِد َعتْه حتى تبسط مجموعها‬
‫وآذنهم‪.‬‬
‫نقضت ما شرطته لهم ْ‬ ‫َ‬ ‫فأعلمهم أنك قد‬ ‫بينك وبين قوم ُه ْدنة وعهد ِ‬
‫فخ ْفت منهم خيانةً ونقضاً ْ‬ ‫َْ‬
‫أنت وهم في العلم َّ‬
‫بالن ْقض على االستواء‪.‬‬ ‫لتكون َ‬
‫َ‬ ‫بالحرب‬
‫قال جوستاف جرونيباوم‪ ": .‬عندما أوحى اهلل رسالته إلى رسوله محمد أنزلها " قرآناً‪ .‬عربياً " واهلل‬
‫لداً " وما من لغة تستطيع أن‬‫لنبيه " فإنما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين وتنذر به قوماً ّ‬
‫يقول ّ‬
‫تطاول اللغة العربية في شرفها ‪ ،‬فهي الوسيلة التي اختيرت لتحمل رسالة اهلل النهائية ‪ ،‬وليست‬
‫منزلتها الروحية هي وحدها التي تسمو بها على ما أودع اهلل في سائر اللغات من قوة وبيان ‪ ،‬أما‬
‫السعة فاألمر فيها واضح ‪ ،‬ومن يتّبع جميع اللغات ال يجد فيها على ما سمعته لغة تضاهي اللغة‬
‫وتزين الدقة ووجازة‬
‫ويضاف‪ .‬جمال الصوت إلى ثروتها المدهشة في المترادفات ّ‬
‫العربية ‪ُ ،‬‬
‫التعبير لغة العرب ‪ ،‬وتمتاز‪ .‬العربية بما ليس له ضريب من اليسر في استعمال المجاز ‪ ،‬وإ ن ما‬
‫بها من كنايات ومجازات واستعارات ليرفعها كثيراً فوق كل لغة بشرية أخرى ‪ ،‬وللغة خصائص‬
‫جمة في األسلوب والنحو ليس من المستطاع‪ .‬أن يكتشف‪ .‬له نظائر‪ .‬في أي لغة أخرى ‪ ،‬وهي مع‬
‫ّ‬
‫يبين ذلك أن الصورة‬
‫هذه السعة والكثرة أخصر اللغات في إيصال المعاني ‪ ،‬وفي‪ .‬النقل إليها ‪ّ ،‬‬
‫أجنبي أقصر‪ .‬في جميع الحاالت ‪ ،‬وقد‪ .‬قال الخفاجي عن أبي داود المطران ‪-‬‬
‫ّ‬ ‫ألي مثل‬
‫العربية ّ‬
‫وخست‬
‫قبحت ّ‬
‫وهو عارف باللغتين العربية والسريانية ‪ -‬أنه إذا نقل األلفاظ الحسنة إلى السرياني ُ‬
‫حق‬
‫‪ ،‬وإ ذا ُنقل الكالم المختار من السرياني إلى العربي ازداد طالوةً وحسناً‪ ، .‬وإ ن الفارابي على ّ‬
‫المنزه بين األلسنة من كل نقيصة ‪،‬‬
‫الجنة ‪ ،‬وهو ّ‬
‫يبرر مدحه العربية بأنها من كالم أهل ّ‬ ‫حين ّ‬
‫والمعلّى من كل خسيسة ‪ ،‬ولسان العرب أوسط األلسنة مذهباً وأكثرها ألفاظاً" (الفصحى لغة‬
‫الم ْد ِهشات أن َ‬
‫تنبت‬ ‫القرآن‪ -‬أنورالجندي ‪ ) 306‬قال المستشرق الفرنسي رينان ‪ ":‬من أغرب ُ‬
‫الر ّحل ‪ ،‬تلك اللغة التي‬ ‫القوميةُ وتصل إلى درجة الكمال وسط‪ .‬الصحاري عند ٍ‬
‫أمة من ُ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫تلك اللغةُ‬
‫وحسن ِ‬
‫نظام مبانيها ‪ ،‬ولم ُيعرف لها في ك ّل أطوار‬ ‫ِ‬ ‫فاقت أخواتها بكثر ِة مفرداتها ودقّ ِة معانيها‬
‫حياتها طفولةٌ وال شيخوخةٌ ‪ ،‬وال نكاد نعلم من شأنها إالّ فتوحاتها وانتصاراتها‪ .‬التي ال تُبارى‪، .‬‬
‫تدرج وبقيت حافظةً لكيانها من‬
‫وال نعرف شبيهاً بهذه اللغة التي ظهرت للباحثين كاملةً من غير ّ‬
‫ك ّل شائبة " مجلة اللسان العربي ‪.85/ 24‬‬

‫****************‪*****************6‬‬

‫على أن وضع البحث في سياقه يقتضي أن نعلم أن البالغة تقسم إلى ثالثة مباحث رئيسه‪ :‬علم‬
‫‪ -1‬علم‬ ‫البيان وعلم البديع وعلم المعاني ويلحق‪ .‬بها علم العروض ومادته أوزان الشعر‪.‬‬

‫‪72‬‬
‫المعاني ‪ :‬ويختص بعنصر المعاني واألفكار ‪ ،‬فهو يرشدنا إلي اختيار التركيب اللغوي المناسب‬
‫للموقف ‪ ،‬كما يرشدنا‪ .‬إلى جعل الصورة اللفظية أقرب ما تكون داللة على الفكرة التي تخطر في‬
‫أذهاننا ‪ ،‬وهو ال يقتصر على البحث في كل جملة مفردة على حدة ‪ ،‬ولكنه يمد نطاق بحثه إلي‬
‫عالقة كل جملة باألخرى‪ ، .‬وإ لي النص كله بوصفه تعبيرا متصال عن موقف‪ .‬واحد ‪ ،‬إذ أرشدنا‬
‫إلي ما يسمي ‪ :‬اإليجاز واإلطناب ‪ ،‬والفصل والوصل‪ .‬حسبما يقتضيه الموقف‪ . .‬إذن فعلم‬
‫المعاني هو تتبع خواص تراكيب الكالم ومعرفة تفاوت المقامات حتى ال يقع المرء في الخطأ في‬
‫وذلك ـ كما في أبجد العلوم ـ ألن للتراكيب خواص مناسبةً لها‬ ‫تطبيق األولى على الثانية‪.‬‬
‫يعرفها األدباء‪ ،‬إما بسليقتهم‪ ،‬أو بممارسة علم البالغة‪ ،‬وتلك الخواص بعضها ذوقية وبعضها‬
‫استحسانية‪ ،‬وبعضها‪ .‬توابع ولوازم‪ .‬للمعاني األصلية‪ ،‬ولكن لزوماً‪ .‬معتبراً في عرف البلغاء‪ ،‬وإ ال‬
‫لما اختص فهمها بصاحب الفطرة السليمة ‪...‬وكذا مقامات الكالم متفاوتة‪ ،‬كمقام الشكر والشكاية‪،‬‬
‫والتهنئة والتعزية‪ ،‬والجد والهزل‪ ،‬وغير ذلك من المقامات‪ ...‬فكيفية تطبيق‪ .‬الخواص على‬
‫ومداره على االستحسانات العرفية ‪.‬‬ ‫المقامات تستفاد من علم المعاني‪.‬‬

‫مثال علم المعاني‪ :‬ولعل من هذا القبيل ماوري‪ .‬أن أعرابياً سمع قارئاً يقرأ قوله سبحانه‪:‬‬
‫{والسارق‪ .‬والسارقة فاقطعوا‪ .‬أيديهما جزاء بما كسبا نكاالً من اهلل واهلل غفور رحيم}(المائدة‪)38/‬‬
‫فاستنكر‪ .‬منه ختام اآلية بصفة الرحمة والمغفرة‪ ،‬حتى تنبه القارئ إلى خطئه فأعاد القراءة على‬
‫الصحيح ‪ {:‬والسارق والسارقة ‪ ...‬واهلل عزيز حكيم} كما نزلت في كتابه اهلل‪ ،‬عند ذلك قال‬
‫األعرابي اآلن‪ :‬استقام المعنى‪.‬‬
‫فال يستحسن في مقام العقوبة‪ ،‬وتهديد السارق‪ .‬بقطع يده‪ ،‬واألمر بذلك إن سرق إال أن يقال (‬
‫واهلل عزيز حكيم) حيث يوصف الرب سبحانه بالعزة‪ ،‬التي منها أن يأمر بما يشاء بمن يخالفه‪ ،‬ثم‬
‫بالحكمة التي منها أن ال تزيد العقوبة عن مقدارها أو تنقص عنه‪ ،‬بل تكون مساوية للذنب‬
‫ومقاربة‪.‬‬
‫قال أبو العالء المعري‪:‬‬
‫يد بخمس مئين عسجد وديت * ما بالها قطعت في ربع دينار؟‬
‫يعني أن دية‬ ‫تناقض مالنا إال السكوت له * وأن نعوذ بموالنا من النار‬
‫اليد عند األرش خمسمائة دينار ذهب فكيف تقطع في سرقة ربع دينار‬
‫فأرسل له القاضي الفقيه عبد الوهاب المالكي جوابا‪:‬‬
‫ذل الخيانة فافهم حكمة الباري‬ ‫عز األمانة أغالها وأرخصها‪.‬‬
‫لما كانت أمينة‪ ،‬و نظمه الشاعر فقال‪:‬‬
‫أي انها كانت ثمينة ّ‬
‫يد بخمس مىء من عسجد وديت * * * لكنها قطعت في ربع دينار‬

‫‪73‬‬
‫حماية الدم أغالها‪ ،‬و أرخصها * * * خيانة المال فانظر حكمة البارى‬
‫ومن هذا القبيل أن ال يتفاخر إنسان في مقام االستجداء والسؤال‪ ،‬وأن ال يمدح من يشكو إلى من‬
‫هو أكبر منه‪ ،‬وال يضحك في مقام التعزية‪ ،‬وأن ال يعبس أو يقطب في خطبته أو كالمه أو شعره‬
‫في مقام التهنئة‪.‬‬
‫مثال أبو تمام حبيب بن أوس الطائي الشاعر المفلق فاق بفصاحة اللفظ وجزالة المعنى قيل إنه‬
‫أنشد قصيدته في مدح المعتصم‪:‬‬
‫الد ّراس‬
‫تقضي ذمام األربع ّ‬ ‫ما في وقوفك‪ .‬ساعةً من باس‬
‫فلما انتهى إلى المديح قال‪:‬‬
‫في حلم أحنف في ذكاء إياس‬ ‫عمرو في سماحة ٍ‬
‫حاتم‬ ‫ٍ‬ ‫إقدام‬
‫قال بعض الحاضرين‪ :‬مه! من هؤالء حتى تشبه الخليفة بهم فأطرق‪ .‬أبو تمام هنيةً ثم رفع رأسه‬
‫وقال‪:‬‬
‫الندى والباس‬
‫مثالً شروداً‪ .‬في ّ‬ ‫ال تنكروا‪ .‬ضربي له من دونه‬
‫والنبراس‪.‬‬
‫مثالً من المشكاة ّ‬ ‫فاهلل قد ضرب األق ّل لنوره‬
‫أج ُدني أ ِج ُد ماال أشتهي وأشتهي ما ال أجد وأنا في‬ ‫ك قال‪ِ :‬‬ ‫ألعرابي في َش َكاتِه‪ :‬كيف تُ ُ‬
‫جد َ‬ ‫ّ‬ ‫وقيل‬
‫زمان من جاد لم َي ِجد ومن َو َج َد لم َي ُج ْد‬
‫ٍ‬
‫ك‬‫ك وأخاف اللَّه إن ك َذ ْبتُ َ‬‫صد ْقتُ َ‪.‬‬
‫وقال األحنف لمعاوية‪ :‬أخافك إن َ‬
‫عنقه قال‪ :‬واللَّه ْ‬
‫لئن ُكَّنا أسأنا في‬ ‫رب ُ‬ ‫ض َ‬ ‫قدموا‪ .‬إليه رجالً لتُ َ‬ ‫َأسرى فلما َّ‬ ‫أعناق ْ‬
‫َ‬ ‫وضرب الحجاج‬
‫مثل هذا الكالم‬
‫أحد يحسن َ‬ ‫ُأف لهذه ال ِجَيف أما كان فيها ٌ‬ ‫ت في العفو فقال الحجَّاج‪ٍّ :‬‬ ‫أحسن َ‬
‫ْ‬ ‫ال ّذنب فما‬
‫ك عن القتل‬
‫وأمس َ‬
‫َ‬
‫ابن له‬
‫وقدموا‪ .‬رجالً من الخوارج إلى عبد الملك بن َم ْر َوان لتُضرب عنقه ودخل على عبد الملك ٌ‬ ‫َّ‬
‫الخارجي‪َ :‬د ُعوه يبكي فإنه أفتح‬
‫ّ‬ ‫عبد الملك بالمعلِّم فقال له‬
‫فهم ُ‬ ‫ضربه المعلِّم وهو يبكي َّ‬ ‫َ‬ ‫صغير قد‬
‫ٌ‬
‫أنت فيه عن هذا قال‬ ‫يشغلُك ما َ‬
‫َأما َ‬ ‫عبد الملك‪َ :‬‬‫لصوته قال له ُ‬ ‫صره وأ ْذ َهب َ‬ ‫ُّ‬
‫وأصح َلب َ‬ ‫ل ِجرمه‬
‫الحق شيء فأمر بتخلية سبيله‬ ‫ِّ‬ ‫يشغلَه عن قول‬ ‫لمسِلم أن َ‬ ‫الخارجي‪ :‬ما ينبغي ْ‬ ‫ّ‬
‫ض عنه فتعلّق‪ .‬بثوبه ثم قال‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫فأعر َ‬
‫ذر بعبد الله بن َعيَّاش المنتوف‪ .‬وقد كان َسفه عليه َ‬ ‫مر عمر بن ّ‬ ‫َّ‬
‫كالم أخذه ُع َمر بن‬ ‫َأن عص َ َّ‬
‫يت الله فينا خيراً من أن نطيع اللّه فيك وهذا ٌ‬ ‫َ‬ ‫جد لك ْ‬ ‫له‪ :‬يا َهناهُ إنا لم َن ْ‬
‫َّ ِ ٍ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫ب‬ ‫َذ ّر عن عمر بن الخطاب رحمه الله قال ُعمر‪ِّ :‬إني والله ما ََأدع َحقّاً لله لشكاية تظهر وال َ‬
‫لض ٍّ‬
‫طيع اللَّه فيه‬ ‫عاقبت َمن عصى اللَّه َ‬
‫فيك بمثل أن تُ َ‬ ‫َ‬ ‫لمحاباة َب َش ٍر وإ ّنك واللَّه ما‬
‫ِ‬ ‫ُيحتَمل وال‬
‫صى إالّ فيها وال ُينال ما عنده إالّ بتركها‬ ‫َّ‬ ‫الدرداء‪ِ :‬من هوان ُّ‬ ‫وقال أبو َّ‬
‫يع َ‬
‫الدنيا على الله ّأنه ال ُ‬

‫‪74‬‬
‫أكثرت من الصَّواب وإ ذا‬
‫َ‬ ‫بني إذا َقلَّ َ‬
‫لت من الكالم‬ ‫وقال الهيثم بن صالح البنه وكان خطيباً‪ :‬يا ّ‬
‫أكثرت وأكثرت ‪ -‬يعني كالماً وصواباً ‪-‬‬
‫ُ‬ ‫فإن‬
‫الصواب قال‪ :‬يا أبه ْ‬
‫أكثرت من الكالم أقللت من ّ‬
‫أحق بأن يكون واعظاً منك‬ ‫رأيت موعوظاً‪َّ .‬‬ ‫ُ‬ ‫ني ما‬
‫قال‪ :‬يا ُب َّ‬
‫إن‬ ‫ِ َّ‬ ‫َّ‬
‫ب رسول الله صلى اهلل عليه وسلم بع ْشر كلمات‪َ :‬حمد الله وَأثنى عليه ثم قال‪ :‬أيُّها الناس ّ‬ ‫طَ‬ ‫خَ‬
‫المؤمن بين مخافتين‪ :‬بين‬ ‫إن‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫المكم وإ ّن لكم نهايةً فانتهوا إلى نهايتكم ّ‬ ‫لكم معال َم فانتهُوا‪ .‬إلى َم َع ْ‬
‫العبد‬
‫فليأخذ ُ‬‫قاض فيه ُ‬ ‫أجل قد َب ِقي ال يدري ما اللُّهُ ٍ‬
‫ضى ال يدري ما اللَّه صانع به وبين ٍ‬
‫ٌ‬
‫ٍ‬
‫عاجل قد َم َ‬
‫َ‬
‫فس‬‫من نفسه لنفسه ومن ُدنياه آلخرته ومن ال ّشبيبة قبل ال َك ْب َرة ومن الحياة قبل الموت فوالذي َن ُ‬
‫دار إالَّ َّ‬
‫الجنة أو النار‬ ‫الدنيا من ٍ‬‫محم ٍد بيده ما َب ْع َد الموت من ُم ْستَ ْعتَ ِب وال َبعد ُّ‬
‫َّ‬

‫وقوة األسلوب تكون باختبار‪ .‬األلفاظ التي تؤدي المعنى بما يتالءم مع المعنى‪ .‬فالمعنى‪ .‬الرقيق‬
‫يؤدي باللفظ الرقيق‪ ،‬والمعنى الجزل يؤدي باللفظ الجزل‪ ،‬والمعنى المستنكر‪ .‬يؤدي باللفظ‬
‫نجبِيالً‪َ ،‬ع ْيناً ِفيهَا تُ َس َّمى َسْل َسبِيالً ‪ِ  ‬إ َّن‬ ‫اجهَا َز َ‬
‫المستنكر وهكذا‪  ...‬ويسقَون ِفيها َكْأساً َك ِ‬
‫ان م َز ُ‬ ‫َ‬ ‫َُ ْ ْ َ َ‬
‫ض َيزى‪ِ   .‬إ َّن َأن َك َر‬ ‫ك ِإذاً ِقسمةٌ ِ‬ ‫‪ ‬تِْل َ‬ ‫ين ِفيهَا ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َّ ِ‬ ‫جهَّنم َك َان ْ ِ‬
‫َْ‬ ‫َأحقَاباً ‪‬‬ ‫ين َمآباً‪ ،‬الَبِث َ‬ ‫صاداً‪ ،‬لْلطاغ َ‬ ‫ت م ْر َ‬ ‫َََ‬
‫ير ‪ . ‬أما جمال األسلوب فيكون باختيار أصفى العبارات وأليقها بالمعنى‬ ‫ت اْل َح ِم ِ‬
‫ص ْو ُ‬ ‫ِ‬
‫اَألص َوات لَ َ‬ ‫ْ‬
‫َِّ‬
‫ين َكفَ ُروا لَ ْو َك ُانوا‬‫الذي أدته‪ ،‬وباأللفاظ والمعاني‪ .‬التي معها في الجملة والجمل ‪ُ ‬رَب َما َي َو ُّد الذ َ‬
‫ص ُموا‪ِ .‬في‬ ‫اختَ َ‬‫ان ْ‬ ‫ص َم ِ‬‫ان َخ ْ‬ ‫ون ‪َ . ‬ه َذ ِ‬ ‫ف َي ْعلَ ُم َ‬ ‫ِِ‬ ‫َّ‬
‫ين‪َ ،‬ذ ْر ُه ْم َيْأ ُكلُوا َوَيتَ َمت ُعوا‪َ .‬وُيْلهه ْم َ‬
‫اَألم ُل فَ َس ْو َ‪.‬‬ ‫ِِ‬
‫ُم ْسلم َ‬
‫صهَ ُ‪.‬ر بِ ِه َما ِفي‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ب ِم ْن فَ ْو ِ‬ ‫ت لَهم ثِي ٌ ِ‬ ‫ِّ‬ ‫َِّ‬
‫يم‪ُ ،‬ي ْ‬ ‫ق ُر ُءوسه ْ‪.‬م اْل َحم ُ‬ ‫ص ُّ‬‫اب م ْن َن ٍار ُي َ‬ ‫ين َكفَ ُروا قُط َع ْ ُ ْ َ‬ ‫َرِّب ِه ْم فَالذ َ‬
‫يدوا ِفيهَا َو ُذوقُوا‪.‬‬ ‫ُأع ُ‬‫َأن ي ْخرجوا ِم ْنها ِم ْن َغ ٍّم ِ‬
‫َ‬ ‫ادوا ْ َ ُ ُ‬ ‫امعُ ِم ْن َح ِد ٍيد‪ُ ،‬كلَّ َما ََأر ُ‬
‫ود‪ ،‬ولَهم مقَ ِ‬ ‫ِِ‬
‫ُبطُونه ْ‪.‬م َواْل ُجلُ ُ َ ُ ْ َ‬
‫ق ‪‬‬‫اب اْل َح ِري ِ‬ ‫َع َذ َ‬
‫فالذين كفروا‪ :‬قطعت لهم ثياب من نار‪ ،،،‬عندما تذهب للخياط ليحيك لك ثوبا َيـ ْقـطـَ ُعه لك (دون‬
‫تشديد الطاء) ولكن هنا تقطع هذه الثياب تقطيعا لتلتصق بكل صغيرة وكبيرة من أجسادهم وهذه‬
‫الثياب من نار!!‬
‫ثم يصب من فوق رءوسهم‪ .‬الحميم‪ ،‬منظر مهول تقشعر منه األبدان‪ ،‬حميم يغلي كحمم البراكين‬
‫يصب صبا متدفقا من فوق‪ .‬الرءوس‪ ،،‬يصهر به ما في البطون قبل الجلود!!‬
‫يخترق البدن كله ليصهر صهرا ما في البطون والجلود‪ ،، .‬ولهم مقامع من حديد‪،‬‬
‫كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم‪،‬‬
‫تأمل كلمة أرادوا‪ ،‬وكلما أرادوا‪ ،‬وهم في كل لحظة يريدون أن يخرجوا منها فيعاد المشهد ثانية‬
‫الغ ُّم و‬
‫وم و َ‬ ‫الغ ُم ِ‬
‫الغم واحد ُ‬
‫ليتكرر ولكن على نحو آخر‪ ،‬من غم إلى غم ‪ ،‬وانظر في كلمة غم‪ُّ :‬‬
‫س ولم َي ْهتَِد له‬‫الغ َّمى الشديدة من شدائد الدهر ‪ ،،‬وإ نه لَِفي ُغ َّم ٍة من أمره أي لَْب ٍ‬
‫ب ‪ ،،‬و ُ‬ ‫الغ َّمةُ ال َك ْر ُ‬
‫ُ‬
‫َأغ ُّم ال فُْرجة فيه ‪.‬‬
‫‪ ،،،‬وسحاب َ‬

‫‪75‬‬
‫فهم في هذا الكرب العظيم ‪ :‬كلما صب الحميم من فوق رءوسهم‪ .‬صهرهم صهرا فأنهكهم‪ .‬وأغمهم‬
‫وأتعبهم‪ ،‬حاولوا أن يخرجوا منه فما استطاعوا حتى إذا استشعروا أنهم قادرون على االنفالت من‬
‫هذا الكرب أعيدوا فيها‪ ،،‬تأمل أعيدوا فيها‬
‫تعطيك شيئا من معنى أنهم كادوا يخرجوا‪ .‬من هذه الكرب‪ ،‬فتتأمل أنفسهم شيئا من األمل أنهم‬
‫سيخرجون‪ ،‬ولكن‪ :‬أعيدوا فيها‪ ،،‬فيزيد‪ .‬عذابهم بخيبة أملهم‪ ،،‬وذوقوا‪ .‬تذوقوا!!! عذاب الحريق!!‬

‫ظ ُّل لَهَا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِإ ِ‬


‫َأصَناماً فََن َ‬
‫ون (‪ )70‬قَالُوا َن ْعُب ُد ْ‬ ‫ال َأِلبِيه َوقَ ْو ِمه َما تَ ْعُب ُد َ‬ ‫يم (‪ِ )69‬إ ْذ قَ َ‬ ‫ِ‬
‫[ َو ْات ُل َعلَْيه ْم َنَبَأ ْب َراه َ‬
‫ِِ‬
‫ون (‪ )73‬قَالُوا َب ْل َو َج ْدَنا‪.‬‬ ‫ض ُّر َ‬ ‫ون ُك ْم َْأو َي ُ‬‫ون (‪َْ )72‬أو َينفَ ُع َ‬ ‫ون ُك ْم ِإ ْذ تَ ْد ُع َ‬
‫ال َه ْل َي ْس َم ُع َ‬
‫ين (‪ )71‬قَ َ‬ ‫َعاكف َ‬
‫ون (‪ )76‬فَِإ َّنهُ ْم‬ ‫ون (‪َ )75‬أنتُ ْم َو َآباُؤ ُك ُم اَأْل ْق َد ُم َ‬ ‫ون (‪ )74‬قَا َل َأفََر َْأيتُم َّما ُكنتُ ْم تَ ْعُب ُد َ‬ ‫اءنا َك َذِل َ‬
‫ك َي ْف َعلُ َ‬ ‫َآب َ‬
‫ين(‪)77‬‬ ‫ِ‬ ‫َع ُد ٌّو لِّي ِإاَّل َر َّ‬
‫ب اْل َعالَم َ‬
‫هل يسمعونكم‪ .‬إذ تدعون؟؟؟؟ أو ينفعونكم أو يضرون؟ كالم سهل بسيط لكنه حجة دامغة!!‬
‫إيجاز ال إطناب فيه‬
‫وسجع ال تكلف فيه‪ ،‬وتزاوج يقرع العقول‪ :‬نفع وضر‪ ،،‬ودعاء ونداء من ال يسمع‬
‫تخيل أن تقضي الحياة تخاطب أصم أبكم أعمى !!!‬
‫ين (‪)80‬‬ ‫ت فَهَُو َي ْش ِف ِ‬ ‫ضُ‬ ‫ين (‪َ )79‬وِإ َذا َم ِر ْ‬ ‫ط ِع ُمنِي‪َ .‬وَي ْس ِق ِ‬
‫ين (‪َ )78‬والَِّذي ُه َو ُي ْ‬ ‫الَِّذي َخلَقَنِي فَهَُو َي ْه ِد ِ‬
‫الدين ِ (‪)82‬‬ ‫ط َمعُ َأن َي ْغ ِف َر ِلي َخ ِطيَئتِي َي ْو َم ِّ‬ ‫ين (‪َ )81‬والَِّذي َأ ْ‬ ‫َوالَِّذي ُي ِميتُنِي ثَُّم ُي ْحيِ ِ‬
‫ينسب الخير إلى اهلل حتى إذا جاء على المرض قال مرضت ولم يقل يمرضني!!‬
‫ِ‬ ‫ص ْد ٍ ِ‬ ‫اجعل لِّي ِلسان ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ب َه ْ ِ‬
‫ين (‪)84‬‬ ‫ق في اآْل خ ِر َ‬ ‫َ َ‬ ‫ين (‪َ )83‬و ْ َ‬ ‫ب لي ُح ْكماً َوَأْلح ْقني بِالصَّالح َ‬ ‫َر ِّ‬
‫ين (‪َ )86‬واَل تُ ْخ ِزنِي‪َ .‬ي ْو َم‬ ‫ِّ‬ ‫اغ ِفر َأِلبِي ِإَّنه َك ِ‬ ‫اجعْلنِي ِمن ورثَ ِة َجَّن ِة َّ ِ ِ‬
‫ان م َن الضَّال َ‬ ‫ُ َ‬ ‫النعيم (‪َ )85‬و ْ ْ‬ ‫ََ‬ ‫َو ْ َ‬
‫ون (‪ِ )88‬إاَّل َم ْن َأتَى اللَّهَ بِ َقْل ٍب َسِل ٍيم (‪َ )89‬و ُْأزِلفَ ِت اْل َجَّنةُ‬ ‫ون (‪َ )87‬ي ْو َم اَل َينفَعُ َما ٌل َواَل َبُن َ‬ ‫ُي ْب َعثُ َ‬
‫ون اللَّ ِه‬ ‫ون (‪ِ )92‬من ُد ِ‬ ‫ين (‪َ )91‬و ِقي َل لَهُ ْم َْأي َن َما ُكنتُ ْم تَ ْعُب ُد َ‬
‫ِلْلمتَِّقين (‪ )90‬وبِّر َز ِت اْلج ِح ِ‬
‫يم لْل َغ ِاو َ‬‫َ ُ‬ ‫َُ‬ ‫ُ َ‬
‫صرون (‪ )93‬فَ ُك ْب ِكبوا ِفيها ُهم واْل َغاوون (‪ )94‬وجُن ُ ِ‬ ‫ِ‬
‫ون (‬ ‫َأج َم ُع َ‬ ‫يس ْ‬ ‫ود ِإْبل َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ ْ َ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ون ُك ْم َْأو َينتَ ُ َ‬ ‫نص ُر َ‬
‫َه ْل َي ُ‬
‫ين (‪ِ )97‬إ ْذ ُن َس ِّوي ُكم‪ .‬بَِر ِّ‬ ‫ضاَل ٍل ُّمبِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب‬ ‫ون (‪ )96‬تَالله ِإن ُكَّنا لَفي َ‬ ‫‪ )95‬قَالُوا َو ُه ْم فيهَا َي ْختَص ُم َ‬
‫ق َح ِم ٍيم (‬ ‫ص ِدي ٍ‬‫ين (‪َ )100‬واَل َ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫ون (‪ )99‬فَ َما لََنا من َشافع َ‬
‫اْلعالَ ِمين (‪ )98‬وما َ َّ اَّل‬
‫َأضلَنا ِإ اْل ُم ْج ِر ُم َ‬ ‫ََ‬ ‫َ َ‬
‫ِ‬ ‫ين (‪ِ )102‬إ َّن ِفي َذِل َ‬ ‫ِ‬ ‫َأن لََنا َك َّرةً فََن ُك ِ‬
‫ين (‬ ‫ان َأ ْكثَُر ُهم ُّمْؤ ِمن َ‬ ‫ك آَل َيةً َو َما َك َ‬ ‫ون م َن اْل ُمْؤ ِمن َ‬ ‫َ‬ ‫‪َ )101‬فلَ ْو َّ‬
‫ك لَهو اْلع ِز ُيز َّ ِ‬
‫يم (‪])104‬‬ ‫الرح ُ‬ ‫‪َ )103‬وِإ َّن َرَّب َ َُ َ‬
‫أنظر قوة األداء وعظمته وكيف يؤدى‪ .‬المعنى العظيم بأقل األلفاظ وال ينتقص ذلك من عمقه شيئا‬
‫ب اْلعالَ ِمين‪ ،،،،‬وبِّر َز ِت اْلج ِح ِ‬ ‫ِّ اَّل‬
‫يم لْل َغ ِاو َ‬
‫ين‬ ‫َ ُ‬ ‫َُ‬ ‫فَِإ َّنهُ ْم َع ُد ٌّو لي ِإ َر َّ َ َ‬
‫بنى فعل إبراز الجحيم إلى المجهول‪ ،‬وألنها الجحيم المهول فال بد أن تُ َـب ََّّـر َز ال أن تَ ْـب ُـر َز‪ ،،‬ولك أن‬
‫تتخيل فعل تبريزها هذا لها سبعون ألف زمام كل زمام يجره سبعون ألف ملك!!‬

‫‪76‬‬
‫في خضم هذا الهول وهذه الجحيم تقترب من الناس في أرض المحشر‪:‬‬
‫ون‬ ‫ِ‬ ‫يل لَهم َْأين ما ُكنتُم تَعب ُدون (‪ِ )92‬من ُد ِ َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫ون ُك ْ‪.‬م َْأو َينتَص ُر َ‬
‫نص ُر َ‬
‫ون الله َه ْل َي ُ‬ ‫ْ ُْ َ‬ ‫َوق َ ُ ْ َ َ‬
‫العزة هلل والهيبة هلل والملك هلل الواحد القهار‬
‫فكبكبوا‪ ،،‬كب كب كب كب‬
‫الد ْفعةُ في ِ‬
‫الق ِ‬
‫والح ْملَةُ‬
‫والج ْر ِي‪َ ،‬‬ ‫تال َ‬ ‫ض ُّم‪َ َّ :‬‬
‫وي َ‬ ‫الكب‪ :‬كبه يعني قلبه وصرعه‪ ،‬وكب‪ُ :‬ثقل‪ ،‬وال َكَّبةُ‪ُ ،‬‬
‫تاء‪ِ :‬ش َّدتُه َ‬
‫ود ْف َعتُهُ‪ ،‬و‬ ‫الش ِ‬
‫الجَبْل ْي ِن‪ ،‬ومن ِّ‬
‫بين َ‬
‫والص ْد َمةُ َ‬
‫َ‬ ‫الخْي ِل‪،‬‬
‫الت َ‬
‫حام‪ ،‬وإ ْف ُ‬ ‫الح ْر ِب‪ِّ ،‬‬
‫والز ُ‬ ‫في َ‬
‫الغ ْز َل‪َ :‬ج َعلَه ُكبباً ‪ ،‬هذه المعاني المجتمعه في أصل الكب يحدث لفظ الكبكبة وما فيه من القلقلة‪،‬‬ ‫َ‬
‫في نفس السامع رنينا مرعبا‪ ،‬يخيل إليه فيه منظر باب في أعلى جهنم يفتح على حين غرة فيتدافع‪.‬‬
‫منه خلق كثيرون بعضهم‪ .‬فوق بعض يتدحرجون مقلبين مصروعين تتخيل أرجل هذا ضربت‬
‫في وجه ذلك‪ ،‬وهذا يهوي فيأتيه اآلخر من خلفه كما انفالت الخيل من معاقلها فيصدمه كما‬
‫الجبلين بدفع شديد‪ ،‬وتسمع لالصطدام‪ .‬جلبته‪ ،‬وتتكور الخالئق بعضها فوق‪ .‬بعض كما تكور‪ .‬الكبة‬
‫من الغزل‪ ،‬هذه المعاني توحيها لفظة واحدة‪ :‬كبكبه‪ ،‬والقلقلة المصاحبة لجرس اللفظة توحي‬
‫بموجات من البشر تحدث هذا الصخب وهذه االرتطامات كما لو قلت كب كب كب كب وهو‬
‫مشهد مريع – عافانا اهلل‪.-‬‬
‫خاتمة اآليات‪:‬‬
‫ك لَهو اْلع ِز ُيز َّ ِ‬
‫يم‬
‫الرح ُ‬ ‫َوِإ َّن َرَّب َ َُ َ‬
‫عزيز ألنه يأخذ من يكفر به بأشد العذاب‬
‫ورحيم ألنه رحم عباده بالدعوات البينات والحجج القوية الدامغة‪ ،‬رحمهم‪ .‬ألنه أعطاهم الفرصة‬
‫الكافية والعقل والنعم واآلالء ليعرفوه بها‪ ،،‬فإن نكصوا‪ .‬على أدبارهم فهو العزيز يأخذهم‪ ،،‬ورحيم‬
‫ألنه يرحم من يشاء منهم يوم القيامة سبحانه‬
‫تأمل قصة سيدنا موسى عليه السالم مع الخضر‪:‬‬
‫فأردت أن أعيبها‬
‫فأردنا أن يبدلهما ربهما‬
‫فأراد ربك‬
‫األفعال الثالثة التي قام بها‪:‬‬
‫خرق السفينة‪ :‬كان فعال ظاهره أنه ال خير فيه فنسبه إلى نفسه (فأردت أن أعيبها)‬
‫قتل الغالم صاحبه استبدال بغيره من الصالحين (فأردنا أن يبدلهما ربهما)‬
‫فقمت بالقتل واهلل تعالى أبدلهما وعوضهما‪،،.‬‬
‫والجدار وإ قامته فعل كله خير فنسب إلى اهلل ‪ :‬فأراد‪ .‬ربك أن يبلغا أشدهما‬
‫هذا علم المعاني‬

‫‪77‬‬
‫ري العاطفة والصور الخيالية معاً ‪ -‬ألن الخيال وليد العاطفة ‪،‬‬
‫بعنص ْ‬
‫َ‬ ‫‪ - 2‬علم البيان ‪ :‬ويختص‬
‫وقد سمي علم البيان ألنه يساعدنا على زيادة تبيين المعني وتوضيحه وزيادة التعبير عن العاطفة‬
‫والوجدان ‪ ،‬باستخدام‪ .‬التشبيهات واالستعارات‪ .‬والكناية والمجاز‪ .‬المرسل‪.‬‬
‫(البيان) لغة‪ :‬الكشف والظهور‪.‬‬
‫متعددة وتراكيب متفاوتة‪ :‬من‬
‫واصطالحاً‪ :‬اُصول وقواعد ُيعرف بها ايراد المعنى الواحد بطرق ّ‬
‫الحقيقة والمجاز‪ ،‬والتشبيه والكناية‪ ،..‬مختلفة من حيث وضوح الداللة على ذلك المعنى الواحد‬
‫وعدم وضوح‪ .‬داللتها عليه‪ ،‬فالتعبير‪ .‬عن (جود حاتم) ـ مثالً ـ يمكن أن يكون بهذه األلفاظ‪ :‬جواد‪،‬‬
‫كثير الرماد‪ ،‬مهزول الفصيل‪ ،‬جبان الكلب‪ ،‬بحر ال ينضب‪ ،‬سحاب ممطر‪ ،‬وغيرها من‬
‫التراكيب المختلفة في وضوح أو خفاء داللتها على معنى الجود‪..‬‬
‫أركان علم البيان‬
‫والتضمنية‬
‫ّ‬ ‫المطابقية‬
‫ّ‬ ‫ثم انه لّما اشتمل التعريف على ذكر الداللة ولم تكن الدالالت الثالث‪:‬‬
‫فإن المقصود منها‬
‫واإللتزامية كلها قابلة للوضوح والخفاء‪ ،‬لزم التنبيه على ما هو المقصود‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫واإللتزامية‪ ،‬لجواز اختالف مراتب الوضوح‬
‫ّ‬ ‫التضمنية‬
‫ّ‬ ‫العقلية لأللفاظ‪ ،‬يعني‪:‬‬
‫ّ‬ ‫هاهنا‪ :‬هي الداللة‬
‫المطابقية‪ ،‬لعدم جواز اختالف مراتب‬
‫ّ‬ ‫الوضعية لأللفاظ يعني‪:‬‬
‫ّ‬ ‫والخفاء فيهما‪ ،‬دون الداللة‬
‫الوضوح في بعضها دون بعض مع علم السامع بوضوح‪ .‬تلك اللفاظ‪ ،‬وإ الّ لم يكن عالماً‬
‫بوضعها‪ ،‬فتأمل‪.‬‬
‫وانما اُريد به داللته العقلية من‬
‫المطابقية‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫ان اللّفظ إذا لم يرد منه ما وضع له من داللته‬
‫ثم ّ‬
‫تضمن أو التزام‪ ،‬فإن قامت قرينة على عدم إرادة ما وضع له فمجاز‪ ،‬وإ ن لم تقم قرينة على‬
‫ّ‬
‫التعرض للتشبيه قبل‬
‫عدم إرادة ما وضع له فكناية‪ ،‬ومن المجاز ما يبتني على التشبيه‪ ،‬فيلزم‪ّ .‬‬
‫التعرض للمجاز والكناية‪ ،‬إذن‪ :‬فعلم البيان يعتمد على أركان ثالثة‪ :‬التشبيه والمجاز والكناية‪.‬‬
‫ّ‬
‫دالالت األلفاظ‪:‬‬
‫تقسم األلفاظ باعتبار دالالتها إلى ثالثة أقسام‪:‬‬
‫داللة المطابقة وهي داللة اللفظ على تمام مسماه كداللة االنسان على الحيوان الناطق‪ ،‬وسمي‪.‬‬
‫بذلك ألن اللفظ طابق معناه‪.‬‬
‫والثاني داللة التضمن وهي داللة اللفظ على جزء المسمى كداللة االنسان على الحيوان أو على‬
‫الناطق فقط‪ ،‬وسمي‪ .‬تضمنا لكون المعنى المدلول في ضمن الموضوع‪ .‬له‪.‬‬
‫والثالث داللة االلتزام وهي داللة اللفظ على الزمه كداللة األسد على الشجاعه‪ ،‬وسمي‪ .‬بذلك لكون‬
‫المعنى المدلول الزما للموضوع‪ .‬له‪.‬‬
‫والمعتبر باللزوم‪ .‬هو اللزوم‪ .‬الذهني وهو الذي ينتقل الذهن إليه عند سماع اللفظ‪ ،‬كقولك أنت أسد‪.‬‬

‫‪78‬‬
‫المفهوم‪ :‬هو ما فهم من اللفظ في غير محل النطق‪ ،‬أي هو ما دل عليه مدلول اللفظ‪ ،‬أي معنى‬
‫اللفظ‪.‬‬
‫كقوله تعالى ﴿وال تقل لهما أف﴾ فإن داللة اللفظ هي ال تتأفف لهما وهذا هو المنطوق‪.‬‬
‫ولكن مدلول اللفظ وهو النهي عن التأفيف يفهم منه ال تضربهما‪ ،‬فيكون مفهوم قوله تعالى ﴿وال‬
‫تقل لهما أف ﴾هو ال تضربهما! قد دل عليه مفهوم اآلية‪.‬‬
‫فالخطاب فيه قد دل على الحكم بالمفهوم وهو المسمى بالداللة المعنوية والداللة االلتزامية‪.‬‬
‫إذن نعيد لتركيز الفائدة‪:‬‬
‫أركان علم البيان‬
‫والتضمنية‬
‫ّ‬ ‫المطابقية‬
‫ّ‬ ‫ثم انه لّما اشتمل التعريف على ذكر الداللة ‪ ،‬ولم تكن الدالالت الثالث‪:‬‬
‫فإن المقصود منها‬
‫واإللتزامية‪ ،،‬كلها قابلة للوضوح والخفاء‪ ،‬لزم التنبيه على ما هو المقصود‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫‪،‬‬
‫هاهنا‪:‬‬
‫واإللتزامية‪ ،‬لجواز اختالف مراتب الوضوح‬
‫ّ‬ ‫التضمنية‬
‫ّ‬ ‫العقلية لأللفاظ‪ ،‬يعني‪:‬‬
‫ّ‬ ‫هي الداللة‬
‫المطابقية‪ ،‬لعدم جواز اختالف مراتب‬
‫ّ‬ ‫الوضعية لأللفاظ ‪،‬يعني‪:‬‬
‫ّ‬ ‫‪،‬والخفاء فيهما‪ ،‬دون الداللة‬
‫الوضوح في بعضها دون بعض مع علم السامع بوضوح‪ .‬تلك اللفاظ‪ ،‬وإ الّ لم يكن عالماً بوضعها‪.،‬‬
‫فتأمل‪.‬‬
‫علم يعرف به إيراد المعنى‬
‫وقد عرفه صاحب كشاف اصطالحات الفنون بقوله‪ُُ :‬‬ ‫علم البيان‪:‬‬
‫الواحد بطرق مختلفة في وضوح‪ .‬الداللة عليه‪..‬‬
‫يقول ابن خلدون في مقدمته‪ :‬أال ترى أن قولهم (زيد جاءني) مغاير‪ .‬لقولهم ( جاءني زيد) من‬
‫قبل أن المتقدم منهما هو األهم عند المتكلم‪ ،‬فمن قال‪ :‬جاءني زيد‪ ،‬أفاد أن اهتمامه بالمجيء قبل‬
‫الشخص المسند إليه‪ ،‬ومن قال‪ :‬زيد جاءني أفاد أن اهتمامه بالشخص قبل المجيء المسند‪ ،‬وكذا‬
‫موصول أو ٍ‬
‫مبهم أو معرفة‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫التعبير عن أجزاء الجملة بما يناسب المقام من‬
‫اب‬ ‫مثال‪ :‬لنأخذ مفهوم الريب ‪ :‬وهوالشك مع تهمة وقلق‪ .‬واضطراب يقول الحق سبحانه " َذِل َ ِ‬
‫ك اْلكتَ ُ‬
‫ِّ ِ‬ ‫الَ ر ْي ِ ِ‬
‫ب فيه ُه ًدى لْل ُمتَّق َ‬
‫ين"‪ 2‬البقرة‪ ،‬فقوله سبحانه‪ :‬ال ريب فيه تظهر فيه الجهات الثالث لفصاحة‬ ‫َ َ‬
‫فصيحا بجزالة لفظه وحسن‬
‫ً‬ ‫الكالم وجزالته‪ ،‬فالقاضي عبد الجبار الهمذاني يرى أن الكالم يكون‬
‫معناه والفصاحة ال تظهر في الكلمات المفردة وإ نما بضم هذه الكلمات بعضها إلى بعض‬
‫والجهات الثالث هي‪ :‬اختيار الكلمة نفسها (وهي هنا الريب)‪.‬‬
‫ثانيها‪ :‬حركة هذه الكلمة من حيث اإلعراب (وهي هنا مبنية على الفتح وهي اسم ال النافية‬
‫ريب فيه)‪.‬‬
‫للجنس ولم تجئ مرفوعة فلم يقل (ال ٌ‬

‫‪79‬‬
‫تنكيرا …الخ‪ ،‬فتقديم كلمة ريب على الجار‬
‫تأخيرا وتعريفًا أو ً‬
‫ً‬ ‫تقديما أو‬
‫ً‬ ‫وثالثها‪ :‬موقع الكلمة‬
‫والمجرور‪ .‬فيه ما فيه‪ ،‬فاختيار كلمة ريب ألنها تعطي ما ال تعطيه كلمة "شك" فإن الشك‪:‬‬
‫تردد النفس بين شيئين ولكن الريب شك مع تهمة وقلق‪ .‬واضطراب‪ ،‬وبناؤها‪ .‬على الفتح يدل‬
‫تاما وتقديمها‪ .‬على الجار والمجرور يعطي معنى غير المعنى الذي تُأخر‬
‫نفيا ً‬
‫على نفي الريب ً‬
‫فيه فمعنى‪ .‬ال ريب فيه‪ :‬نفي الريب عن القران دون التعرض لغيره من الكتب ولكن لو قال ال‬
‫فيه ريب لكان المعنى إثبات الريب في غيره من الكتب أال ترى إلى قوله سبحانه في وصف‪.‬‬
‫ون" ‪ 47‬الصافات في أن المراد ليس نفي الغول عن‬ ‫ِ‬
‫خمر الجنة "اَل فيهَا َغ ْو ٌل َواَل ُه ْم َع ْنهَا ُينـزفُ َ‬
‫خمر الجنة فحسب وإ نما المراد مع ذلك إثباته في خمر الدنيا‪.‬‬
‫‪ ‬من أمثلة البيان القرآني‪:‬‬
‫ولقد قال اهلل سبحانه في كتابه‪ { :‬وال تقتلوا أوالدكم خشية إمالق نحن نرزقهم‪ .‬وإ ياكم } (اإلسراء‪/‬‬
‫‪ )31‬وقال أيضاً في مقام آخر‪ { :‬وال تقتلوا أوالدكم من إمالق نحن نرزقكم‪ .‬وإ ياهم } (األنعام‪/‬‬
‫‪ )151‬فلما ذكر الخوف من الفقر مستقبالً ( خشية إمالق) ولم يذكر وقوعه فعال‪ ً،‬قدم رزق‬
‫األوالد على آبائهم‪ ،‬من حيث إن اهلل سبحانه قد رزق اآلباء حالياً‪ ،‬لكنهم يخشون الفقر إذا كثر‬
‫أوالدهم‪ ،‬ولما ذكر في اآلية األخرى وقوع الفقر( من إمالق) دعاهم إلى عدم قتل أوالدهم‪ ،‬وقدم‪.‬‬
‫سبحانه رزقه لهم على رزق أوالدهم‪ ،‬حيث ُيخشى قتلهم أوالدهم‪ .‬لقلة رزقهم الحالي‪.‬ومثل هذا‬
‫ومن‬ ‫يعد من أرفع أنواع البيان الذي تميز به القرآن فيما خاطب به العرب من بني اإلنسان‪...‬‬
‫هذا القبيل استخدام‪ .‬االستعارة والكناية والتشبيه والتمثيل وغير ذلك‪.‬‬
‫ال شك أن األبحاث التي تتناول العقيدة خرجت من كونها أبحاثا عقلية فطرية تسوس المسلمين‬
‫وفق اعتقاد ال تعقيد فيه‪ ،‬يفهمه المسلمون فهما مجمال يحملونه دعوة للناس‪ ،‬إلى أبحاث متكلمين‬
‫أساسها المنطق والمعقوالت المبنية على المعقوالت ‪ ،‬وما وراء الطبيعة‪.‬‬
‫فخرجت أبحاث العقيدة االسالمية عن طبيعتها الربانية القرآنية إلى طبيعة جديدة تمج العقول ‪،‬‬
‫الكثير من أبحاثها وتدخلها في التعقيدات المنفره والمزالج المكفرة‪.‬‬
‫بالمقابل فإن أبحاث البالغة أيضا انزلقت المزلق ذاته‪ ،‬فترى‪ .‬أن التصوير الفني في القرآن ‪ ،‬الذي‬
‫بهر عقول العرب العرباء وألهب مشاعر مصاقع الخطباء واستفز مخيالت المفلقين من الشعراء‬
‫وأجرى قرائح المطبوعين من األدباء انقلب من تلك العلياء‬
‫إلى أبحاث تركض وراء العالقات الظاهرية بين األلفاظ ومعانيها‪،‬‬
‫ٍ‬
‫باعتبارات تغيض معها كل المعاني السامقة السابقة‬ ‫فركز علماء اللغة على البالغة‬
‫إلى معاني ممجموجة أبعد ما تكون عن طبيعة النصوص وعن طبيعة األدب ووظيفته والشعر‬
‫وحالوته‪ ،‬والنثر وطالوته‪.‬‬

‫‪80‬‬
‫فمن ذلك مثال أن يأتي أحدهم إلى آية عظيمة تحوي تصويرا‪ .‬فنيا مبهرا‬
‫كقوله تعالى﴿ طلعها كأنه رءوس الشياطين ﴾ليقول لك المشبه شجرة الزقوم والمشبه به رءوس‬
‫الشياطين وأداة التشبيه كأنه‪ ،‬واقفا عند هذا الحد دونما‪ .‬بعث وال بحث في التأثير الذي تحدثه هذه‬
‫الجملة الخطيرة في أنفس السامعين وال ما تحدثه الصورة المرسومه بدقة في ثنايا كل حرف من‬
‫حروفها‪ .‬في مخيالت المخاطبين‪ ،‬وال باحثا عن القشعريرة التي تسري جراءها في عظام‬
‫المؤمنين الخائفين الوجلين‬
‫ولو وقفنا قليال أمام جالل وعظمة هذه اآلية لوسعنا‪ .‬أن نقول مثال‪:‬‬
‫ين (‪ِ )63‬إَّنهَا َش َج َرةٌ تَ ْخ ُر ُج ِفي‬ ‫وم (‪ِ )62‬إَّنا جعْلَن َ ِ ِّ َّ ِ ِ‬ ‫الزقُّ ِ‬
‫ك َخ ْيٌر ُّن ُزالً َْأم َش َج َرةُ َّ‬ ‫﴿َأ َذِل َ‬
‫اها فتَْنةً للظالم َ‬ ‫ََ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ين (‪ )65‬فَِإ َّنهم آَل ِكلُ ِ‬ ‫الشي ِ‬ ‫َأص ِل اْل َج ِح ِيم (‪َ )64‬‬
‫ون‬
‫ون م ْنهَا اْلُبطُ َ‬ ‫ون م ْنهَا فَ َمالُؤ َ‬
‫َ‬ ‫ُْ‬ ‫اط ِ‬ ‫وس َّ َ‬
‫طْل ُعهَا َك ََّأنهُ ُرُؤ ُ‬ ‫ْ‬
‫(‪ )66‬ثَُّم ِإ َّن لَهُ ْم َعلَْيهَا لَ َش ْوباً ِّم ْن َح ِم ٍيم (‪ )67‬ثَُّم ِإ َّن َم ْر ِج َعهُ ْ‪.‬م ِإَل لَى اْل َج ِح ِيم (‪ِ )68‬إَّنهُ ْم َأْلفَ ْوا َآب ُ‬
‫اءه ْم‬
‫َ ِّ‬
‫ون (‪﴾ )70‬‬ ‫ين (‪ )69‬فَهُ ْم َعلَى آثَ ِار ِه ْم ُي ْه َر ُع َ‬ ‫ضال َ‬
‫نقول هنا أن الحق سبحانه يبين للخلق مقيما الحجة عليهم ولما يزالوا في الدنيا أن نزلكم الذي‬
‫تبنونه لتسكنوه الحياة األبدية إما أن يكون الجنه أو أن تختاروا‪.‬‬
‫﴿أذلك خير نزال أم شجرة الزقوم‪ ﴾ ،‬يصدمهم بداية باالسم‪﴿ :‬شجرة الزقوم ﴾‪ ،‬وكل حرف من‬
‫حروف الكلمة يخيف‪ :‬زقوم‪ ،‬هذه الشجرة﴿ تخرج ﴾ولم يقل تنبت‪،‬‬
‫وفي مشهد الخروج ما فيه من الهول إذا ما ارتبط بأن المخرج الذي يخرج منه هو أصل‬
‫الجحيم!!‬
‫ويا له من اسم‪﴿ :‬الجحيم﴾‪ ،‬واجمع ما بين الجحيم واسم الزقوم‪ .‬لترى كيف يكون المسكن‪،‬‬
‫فإن كان هذا المسمى الذي يعطيك الوصف‪ .‬المقارب لطبيعة المسكن!!!‬
‫وبين لك أن أصله متصل بأصل الجحيم‪ ،‬فاجأك بهذه الصورة الغريبة‪:‬‬
‫طلع هذه الشجرة‪ ،‬وثمرها‪﴿ .‬كأنه رءوس الشياطين‪ ﴾ ،‬وأنت لم تر الشياطين لتقترب الصورة من‬
‫عقلك فتخاف‪،‬‬
‫ولكن الخيال هنا هو الذي ينطلق من عقاله ليتصور رأس الشيطان‪ ،‬وكلما تصور‪ .‬أبشع صورة‬
‫قيل له بل أبشع من هذا‪،‬‬
‫فكيف به يتصور‪ .‬رءوسا لشياطين كثر كل منهم شكله أبشع من الثاني‪،‬‬
‫فتخيل شجرة أصلها يخرج من أصل الجحيم‬
‫وهذا شكل ثمرها الذي سيأكله أولئك العصاة الكفرة الذين كان فعلهم القبيح الذي أوصلهم لهذا‬
‫الدرك هو التقليد في االعتقاد ‪.‬‬
‫وتأمل الربط المهم بين الطاقة العربية والطاقة االسالمية في هذا المشهد‪ ،‬فمفهوم التقليد في‬
‫االعتقاد خطير لدرجة أن صورة بهذه البشاعة تصور لمآل من يتخذ عقيدته عن تقليد بال تفكر‬

‫‪81‬‬
‫وال تدبر‪.‬‬
‫ثم‪ :‬لنقف قليال لنر وقع هذه اللفظة في نفس السامع لنتأمل كيف مزج القرآن بين الطاقتين‪ ،‬مستغال‬
‫التأثير الكامن في الطاقة العربية بمزجه بمفهوم إسالمي مقصود‪،‬‬
‫س (‪َ )16‬واللَّْي ِل ِإ َذا َع ْس َع َس (‪َ )17‬والص ْ‬
‫ُّب ِح ِإ َذا تََنفَّ َس‬ ‫فاآليات ﴿فَاَل ُأ ْق ِس ُم بِاْل ُخَّن ِ‬
‫س (‪ )15‬اْل َجو ِار اْل ُكَّن ِ‬
‫َ‬
‫ول َك ِر ٍيم (‪﴾ )19‬‬‫(‪ِ )18‬إَّنهُ لَقَو ُل رس ٍ‬
‫ْ َ ُ‬
‫كر راجعاً إلى ّأوله‬‫قال الزمخشري‪﴿ :‬الخنس﴾ الرواجع‪ ،‬بينا ترى النجم في آخر البرج إذ ّ‬
‫و﴿اْل َجو ِار﴾ السيارة‪ .‬و ٱ﴿اْل ُكَّن ِ‬
‫س﴾ الغيب من كنس الوحشى‪ :‬إذا دخل كناسه‪.‬‬ ‫َ‬
‫قيل‪ :‬هي الدراري ‪ ،‬تجري مع الشمس والقمر‪ ،‬وترجع حتى تخفى تحت ضوء الشمس‪ :‬فخنوسها‪.‬‬
‫رجوعها‪ :‬وكنوسها‪ .:‬اختفاؤها تحت ضوء الشمس‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬هي جميع الكواكب‪ ،‬تخنس بالنهار فتغيب عن العيون‪ ،‬وتكنس بالليل‪ :‬أي تطلع في‬
‫أماكنها‪ ،‬كالوحش في كنسها‪ ،‬عسعس الليل وسعسع‪ :‬إذا أدبر‪ .‬قال العجاج‪:‬‬
‫ُّب ُح لَهَا تََنفَّ َسا *************** َو ْان َج َ‬
‫اب َع ْنهَا لَْيلُهَا َو َع ْس َع َسا‬ ‫َحتّى إ َذا الص ْ‬
‫وقيل عسعس‪ :‬إذا أقبل ظالمه‪ .‬فإن قلت‪ :‬ما معنى تنفس الصبح؟ قلت‪ :‬إذا أقبل الصبح‪ :‬أقبل‬
‫بإقباله روح ونسيم‪ ،‬فجعل ذلك نفساً له على المجاز وقيل‪ :‬تنفس الصبح‪.‬‬
‫يقول سيد قطب رحمه اهلل‪:‬‬
‫قليل من صور‪ .‬القرآن هو الذي يعرض صامتاً ساكناً ـ لغرض فني يقتضي الصمت والسكون ـ‬
‫أما أغلب الصور ففيه حركة مضمرة أو ظاهرة‪ ،‬حركة يرتفع بها نبض الحياة‪ ،‬وتعلو‪ .‬بها‬
‫حرارتها‪.‬‬
‫ويجب أن ننبه إلى نوع هذه الحركة‪ ،‬فهي حركة حية مما تنبض به الحياة الظاهرة للعيان‪،‬‬
‫أو الحياة المضمرة في الوجدان‪.‬‬
‫هذه الحركة هي التي نسميها (التخييل الحسي)‪ ،‬وهي التي يسير عليها التصوير‪ .‬في القرآن لبث‬
‫الحياة في شتى الصور‪ ،‬مع اختالف الشيات واأللوان‪.‬‬
‫وظاهرة أخرى تضج في تصوير القرآن وهي (التجسيم)‪ :‬تجسيم المعنويات المجردة‪ ،‬وإ برازها‪.‬‬
‫أجساماً أو محسوسات على العموم‪.‬‬
‫إنه ليصل في هذا إلى مدى بعيد‪ ،‬حتى ليعبر به في مواضع حساسة جد الحساسية‪ ،‬يحرص الدين‬
‫االسالمي على تجريدها كل التجريد‪ ،‬كالذات اإللهية وصفاتها‪.‬‬
‫ولهذا داللته الحاسمة أكثر من كل داللة أخرى‪ ،‬على أن طريقة (التجسيم) هي األسلوب المفضل‬
‫في تصوير‪ .‬القرآن‪ ،‬مع االحتراس والتنبيه إلى خطورة التجسيم في األوهام‪.‬‬
‫(لون من ألوان (التخييل) يمكن أن نسميه (التشخيص) يتمثل في خلع الحياة على المواد الجامدة‪،‬‬
‫والظواهر‪ .‬الطبيعية‪ ،‬واالنفعاالت الوجدانية‪.‬‬

‫‪82‬‬
‫هذه الحياة التي قد ترتقي فتصبح حياة إنسانية‪ ،‬تشمل المواد والظواهر‪ .‬واالنفعاالت‪ ،‬وتهب لهذه‬
‫األشياء كلها عواطف آدمية‪ ،‬وخلجات إنسانية‪ ،‬تشارك‪ .‬بها اآلدميين‪،‬‬
‫وتأخذ منهم وتعطي‪ .،‬وتتبدى لهم في شتى المالبسات‪ ،‬وتجعلهم‪ .‬يحسون الحياة في كل شيء تقع‬
‫عليه العين‪ ،‬أو يتلبس به الحس‪ ،‬فيأنسون بهذا الوجود‪ .‬أو يرهبونه‪ ،‬في توفز وحساسية وإ رهاف‪..‬‬
‫هذا هو الصبح يتنفس‪ ﴿:‬والصبح إذا تنفس﴾‪.‬‬
‫فيخيل إليك هذه الحياة الوديعة الهادئة التي تنفرج عنها ثناياه‪ ،‬وهو يتنفس فتتنفس معه الحياة‪،‬‬
‫ويدب النشاط في األحياء‪ ،‬على وجه األرض والسماء‪.‬‬
‫وهذا هو الليل يسرع في طلب النهار‪ ،‬فال يستطيع له دركاً‪﴿ :‬يغشي الليل النهار يطلبه حثيثاً﴾‪.‬‬
‫ويدور‪ .‬الخيال مع هذه الدورة الدائبة‪ ،‬التي ال نهاية لها وال ابتداء‪.‬‬
‫أو هذا هو الليل يسري‪﴿ :.‬والليل إذا يسر﴾‪ .‬فتحس سريانه في هذا الكون العريض‪ ،‬وتأنس بهذا‬
‫الساري على هينة واتئاد! انتهى‬
‫وقال في الظالل‪﴿ :‬والليل إذا عسعس﴾‪ . .‬أي إذا أظلم ‪ .‬ولكن اللفظ فيه تلك اإليحاءات كذلك ‪.‬‬
‫فلفظ عسعس مؤلف من مقطعين‪:‬عس ‪ .‬عس ‪ .‬وهو يوحي بجرسه بحياة في هذا الليل ‪ ,‬وهو‬
‫يعس في الظالم بيده أو برجله ال يرى ! وهو إيحاء عجيب واختيار للتعبير رائع ‪.‬‬
‫ومثله‪﴿:‬والصبح إذا تنفس ﴾‪ .‬بل هو أظهر حيوية ‪ ,‬وأشد إيحاء ‪ .‬والصبح حي يتنفس ‪ .‬أنفاسه‬
‫النور والحياة والحركة التي تدب في كل حي ‪ .‬وأكاد أجزم أن اللغة العربية بكل مأثوراتها‪.‬‬
‫التعبيرية ال تحتوي نظيرا لهذا التعبير عن الصبح ‪ .‬ورؤية الفجر تكاد تشعر القلب المتفتح أنه‬
‫بالفعل يتنفس !‬
‫ثم يجيء هذا التعبير فيصور هذه الحقيقة التي يشعر بها القلب المتفتح ‪ .‬انتهى‬
‫أقول‪ :‬عسعس كأن الليل أعمى يجس طريقه متحسسا يدب دبيبا بطيئا يتحسس طريقه يعسه عسا‪،‬‬
‫وفي تكرار العس إيحاء بالتؤدة والبطء‪ ،‬عس عس‬
‫كأنه يعبر عن سكونه وبطء حركته في الكون بأعمى يتحسس طريقه يمشي على مهل ساكنا‬
‫وقورا‪ .‬حتى ال يتعثر في الخطو!!‬
‫﴿والصبح إذا تنفس ﴾ يخرج لك كل ما فيه من شذى األزاهر وعطر الحياة وتأمل كلمة تنفس‬
‫الفظها مخرجا إياها مع النفس كأنها ال تبقي في الصدر مخزونا‪ .‬إال وتخرجه كمن يتنفس الصعداء‬
‫فهذا الصبح ينعم على الحياة بكل ما في صدره من مكنونات بعد أن شمل الكون ظالم كان يمشي‬
‫عسا!!‬
‫وال بد من مالحظة الجرس الموسيقي المصاحب لآليات بانسجام عجيب‪﴿ ،‬فال أقسم بالخنس‬
‫الجوار الكنس والليل إذا عسعس والصبح إذا تنفس﴾‬
‫تكرار حرف السين بهذا الشكل اللطيف‪ ،‬وعندما تلفظها تقف قليال على الهمس الذي في آخر‬

‫‪83‬‬
‫نطقك بحرف السين هذا وهي مما يناسب الهدوء الذي يشمله الليل وهو يعس في الظالم‬
‫هذا المزج الرهيب بين الطاقة العربية كان لمهمة عظيمة وهي القسم‬ ‫﴿والصبح إذا تنفس ﴾‬
‫على أن هذا القرآن قول رسول كريم‪ ...‬اآليات‬
‫اآلن لنقارن‪ :‬تأمل الفرق الرهيب بين صورة جامدة ال ترى فيها إال العالقات اللونية وال تستثير‬
‫في نفسك إال صورة ألوان اختلطت ببعض كقول يزيد‬
‫فأمطرت لؤلؤا من نرجس وسقت وردا ************* وعضت على العناب بالبرد‬
‫ال تلمح إال ألوانا وتشبيهات تميت الحياة في المعاني التي يراد من الشعر أن تستفز مخيلة القارئ‬
‫والشاعر‪ ،‬فالدمع بما يحمله من معاني ومن نتاج آالم الفراق والظنون والهواجس لم ينقل لنا هذا‬
‫البيت إال أن لونه كاللؤلؤ‪،‬‬
‫فأمات كل معنى جميل في هذه الناحية االنسانية في عالقة الحب التي كان يتحدث عنها‬
‫والشفاه التي تعض عليها األسنان حسرة وأسى لم نر منها إال اللون العنابي!!‬
‫وعلى ذلك قس‪.‬‬
‫هذا ال يستفز مخيالت وال يعطي لشعره غير بعد واحد هو البعد اللوني فال ترتسم في المخيلة إال‬
‫صورة ألوان متداخلة جافة خالية من كل روح‪.‬‬
‫الفرق بين ذلك وبين خلع الحياة على األلفاظ وقرع األسماع بالجرس الموسيقي‪ ،‬واستفزاز‪.‬‬
‫المخيالت والقرائح بالمشاهد الصاخبة‪ ،‬وإ لقاء الفزع في القلوب متى ما كان المقام مقام خوف‪،‬‬
‫وتسمير‪ .‬األعين أمام مشاهد القيامة‪ ،‬أو بث الطمأنينة في القلوب لذكر اهلل‪.‬‬
‫رين لَْي َس لَهُ َد ِافعٌ (‪ِّ )2‬م َن اللَّ ِه ِذي اْل َم َع ِار ِج (‪ )3‬تَ ْع ُر ُج اْل َماَل ِئ َكةُ‬ ‫ِّ ِ‬
‫اب َواق ٍع (‪ )1‬لْل َكاف َ‬
‫َأل ساِئ ٌل بِع َذ ٍ ِ‬
‫َ‬ ‫﴿س َ َ‬ ‫َ‬
‫ص ْبراً َج ِميالً (‪ِ )5‬إَّنهُ ْم َي َر ْوَنهُ َب ِعيداً‬ ‫اصبِ ْ‪.‬ر َ‬
‫الروح ِإلَْي ِه ِفي يوٍم َكان ِم ْق َداره َخم ِسين َأْل َ ٍ‬
‫ف َسَنة (‪ )4‬فَ ْ‬ ‫ُُ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫َو ُّ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ون السَّماء َكاْلم ْه ِل (‪ )8‬وتَ ُك ُ ِ‬
‫ون اْلجَبا ُل َكاْلع ْه ِن (‪َ )9‬واَل َي ْسَأ ُل َحم ٌ‬
‫يم‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫(‪َ )6‬وَن َراهُ قَ ِريباً‪َ )7( .‬ي ْو َم تَ ُك ُ َ‬
‫َأخ ِ‬
‫احبتِ ِه و ِ‬ ‫يه (‪ )11‬و ِ‬ ‫اب يو ِمِئٍذ بِبنِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫يه (‬ ‫ص َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ونهُ ْم َي َو ُّد اْل ُم ْج ِر ُم لَ ْو َي ْفتَدي م ْن َع َذ َ ْ‬
‫َّر َ‬
‫َحميماً (‪ُ )10‬يَبص ُ‬
‫ظى (‪)15‬‬ ‫يه (‪َ )14‬كاَّل ِإَّنهَا لَ َ‬ ‫نج ِ‬‫ض َج ِميعاً ثَُّم ُي ِ‬
‫اَأْلر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ َّ ِ‬
‫‪َ )12‬وفَصيلَته التي تُْؤ ويه (‪َ )13‬و َمن في ْ‬
‫ق َهلُوعاً (‬ ‫ان ُخِل َ‬ ‫َّ‬
‫لش َوى (‪ )16‬تَ ْد ُعو َم ْن َْأدَب َر َوتََولى‪َ )17( .‬و َج َم َع فَ َْأو َعى (‪ِ )18‬إ َّن اِإْل َ‬
‫نس َ‬ ‫اعةً لِّ َّ‬
‫َن َّز َ‬
‫ين (‪﴾)22‬‬ ‫الش ُّر َج ُزوعاً (‪ )20‬وِإ َذا مسَّهُ اْل َخ ْير مُنوعاً (‪ِ )21‬إاَّل اْلم ِّ‬ ‫‪ِ )19‬إ َذا مسَّهُ َّ‬
‫صل َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫تأمل كيف بدأ السورة‪ :‬سأل سائل ‪ :‬أحد الناس تفكر وتفكر وتدبر‪ .‬فأدرك أن عذابا سيقع على‬
‫الكافرين ما له من دافع ‪ ،،‬فسأل عنه‪ ،‬سأل سائل‪،‬والباء هنا بمعنى عن أي أنه سأل عن عذاب اهلل‬
‫‪ ،‬متخوفا‪ .‬وقوعه متحسبا منه ‪ ،،‬ال ينفك يفكر ليل نهار بهـ يخشاه فلم يملك نفسه إال أن يسأل عنه!!‬
‫أو معنى آخر‪ :‬كانت حقيقة اآلخرة من الحقائق العسيرة اإلدراك عند مشركي‪ .‬العرب ; ولقد لقيت‬
‫منهم معارضة نفسية عميقة ‪ ,‬وكانوا‪ .‬يتلقونها بغاية العجب والدهش واالستغراب ; وينكرونها أشد‬
‫اإلنكار ‪ ,‬ويتحدون‪ .‬الرسول عليه سالم اهلل في صور شتى أن يأتيهم بهذا اليوم الموعود ‪ ,‬أو أن‬

‫‪84‬‬
‫يقول لهم‪:‬متى يكون ‪.‬‬
‫فسأل هذا السائل عذاب اهلل ‪ ،‬مستهينا‪ .‬به فبين له رب العزة ما يكون هذا العذاب وما فيه من‬
‫أهوال!!‬
‫يمهد رب العزة سبحانه ببيان عجيب لوصف‪ .‬العذاب هذا!! في يوم كان مقداره خمسين ألف‬
‫سنة!! كان باالمكان القول في خمسين ألف سنة‪ ،‬لكنه جعلها يوما واحدا لبيان أن الخطب جلل‪ ،‬ال‬
‫نوم وال راحة‪ ،‬بل يوم يبدأ وحتى ينتهي هنالك وقت مقداره خمسين ألف سنة!! لكنه يوم واحد‬
‫ستقفونه من أول لحظة في هذه السنين العجاف إلى آخر لحظة!!‬
‫يوم تكون السماء كالمهل وتكون الجبال كالعهن‬
‫واهلل إن نفسي ال تطاوعني على الوقوف بين يدي هذه المعاني لهولها ولصعويتها‪ .‬على النفس!!‬
‫ط بِ ِه ْم ُس َر ِادقُهَا‪َ .‬وِإ ن َي ْستَ ِغيثُوا‬
‫َأحا َ‬ ‫السماء كالمهل‪ :‬نتذكر قوله تعالى‪ِ﴿ :‬إَّنا ْ ِ َّ ِ ِ‬
‫ين َناراً َ‬ ‫َأعتَ ْدَنا للظالم َ‬
‫اءت ُم ْرتَفَقاً ﴾‬
‫اب َو َس ْ‬ ‫ُي َغاثُوا بِماء َكاْلمه ِل َي ْش ِوي اْلو ُجوهَ بِْئ َس َّ‬
‫الش َر ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُْ‬ ‫َ‬
‫ون (‪َ )45‬ك َغْل ِي اْل َح ِم ِيم (‪﴾ )46‬‬ ‫ام اَأْلثِ ِيم (‪َ )44‬كاْل ُم ْه ِل َي ْغِلي ِفي اْلُبطُ ِ‬
‫ط َع ُ‬
‫وم (‪َ )43‬‬ ‫الزقُّ ِ‬
‫﴿ِإ َّن َش َج َرةَ َّ‬
‫النحاس المذاب ‪ ،‬فلون السماء قاتم كلون النحاس المذاب من شدة‬ ‫ي الزيت و يقال ‪ :‬هو ُّ‬ ‫الم ْهل ُد ْر ِد ُّ‬
‫ُ‬
‫الكرب وهول المطلع لذلك اليوم العظيم‬
‫صُبوغُ‪َ .‬ألواناً‬
‫الم ْ‬
‫ُّوف َ‬
‫وتكون الجبال كالعهن!! الص ُ‬
‫فالجبال بعظمتها كما الصوف الملون يلقي عليه حميم الشمس ألوانا يصبغه بها‪ ،‬وتلقي عليه‬
‫السماء التي كالمهل من لونها فيعكسه‪ ،‬وجهنم وهي تقترب من الخلق تمد لون لهبها ليلقي الظالل‬
‫على هذه الكتل الصوف‪ .‬الخاوية الهامدة الخاشعه ‪،‬في خضم هذا الموقف‪ .‬ال يسأل حميم حميما‬
‫‪،‬اختار أقرب الخلق بعضهم من بعض‪ :‬الحميم من الحميم ‪ ،‬وتأمل هذه الصفة حميم‬
‫ظ ُمهُ ‪ ،،‬ومن الظَّ ِهير ِة ِش َّدةُ َحرها والشخص يصاب بالحمى من شدة المرض‬
‫َح ُّم الشيء ُم ْع َ‬
‫وهؤالء من شدة الحب حميمون لكنهم في ذلك الموقف‪ .‬ال يسأل واحدهم‪ .‬عن اآلخر!!‬

‫يبصرونهم‪ ،‬طبعا هول الموقف‪ .‬ال يستطيع منه الشخص أن يرى غيره وال هم له إال نفسه‬
‫لكنهم يبصرونهم أي رغما عنهم يجعل بصر كل واحد منهم منصرفا للجهة التي فيها الثاني ليراه‬
‫ويرى الكرب الذي هو فيه‪ ،‬فال يسأل فيه!!‬
‫ال بل يتعدى ذلك ليود لو أنه يفر من عذاب يومئذ‪ .‬مفتديا بأقرب الناس إليه‪ :‬بنيه وصاحبته وأخيه‬
‫وفصيلته التي تؤويه‪ ،‬بل ومن في األرض جميعا ثم ينجيه‬
‫ثم تأتيك المفاجأة المذهلة‪:‬‬
‫﴿كال﴾‬
‫إنها لظى‬

‫‪85‬‬
‫هابها ‪ ،،‬ويقال ‪ :‬فالن َيتَلَظَّى على فالن تَلَظِّياً ِإذا‬ ‫ِ‬
‫ظاء النار ‪ :‬الت ُ‬
‫ِ‬
‫وسميت بذلك َألنها َأشد النيران الت ُ‬
‫شدة الغضب ;‬ ‫تَوقَّد عليه من َّ‬
‫َ‬
‫ْأس فهي هوايتها‪ :‬نزع فروة‬ ‫نزاعة للشوى‪ :‬تخيل ليست تنزع بل هي نزاعة!! و َّ‬
‫الشواةُ ِجْل َدةُ الر ِ‬
‫الرأس نزعا أعاذنا اهلل منها‬
‫مزج الحق سبحانه بين هذه الطاقة العربية الهائلة التي ال يستطيع أي مفسر مهما أوتي من دقة‬
‫في التعبير أن يقف على عشر معشار‪ .‬من عشر معشار‪ .‬ما فيها من البيان‬
‫وبين الطاقة االسالمية ليظهر مفهوم اليوم اآلخر‪ ،‬ومفهوم العذاب على الكفر واإلدبار‪ .‬والتولي‬
‫عن رسول اهلل عليه سالم اهلل هل لمست فرقا بين‬
‫فأمطرت لؤلؤا من نرجس‬
‫وبين هذا التصوير‪ .‬المخيف؟؟؟‬
‫فإذا علمت ذلك قلنا أن الخروج من دائرة جعل الطاقة العربية علما جافا جامدا‬
‫إلى دائرة بث الحياة فيه‬
‫هو الفرق بين بيت الشعر السابق وهذه اآليات‪،‬‬
‫فحسب بيت الشعر السابق‪ :‬التشبيه كذا وكذا واالستعارة كذا وكذا وشبه الدمع باللؤلؤ وأداة‬
‫التشبيه محذوفه وما إلى ذلك‪،‬‬
‫وال ترى إال األلوان‪ ،‬وتجريد‪ .‬االنسان من العاطفة والروح‪ .‬لنحيله جمادات ال تحس‪ :‬لؤلؤا‬
‫ونرجسا‪ .‬ليس بينه وبين العين من عالقة إال اللون!!‬
‫فالخطأ إذن من ناحية استعمال وتوظيف اللغة وطاقاتها ‪،‬فرق بين توظيف‪ .‬وتوظيف‪.‬‬
‫والخطأ األكاديمي‪ .‬أن نحول البالغة إلى علم كما علم الكالم‬
‫فال نرى من النصوص إال السجع والتشبيه واالستعارات‪ .‬دونما إطالق للعاطفة والخيال‬
‫لنرى‪ :‬التأثير‬
‫الذي تحدثه النصوص في المتلقي‬
‫نتذكر أن أهم ما في الطاقة العربية ‪ :‬التأثير والتوسع‪ .‬واالنتشار‪ .‬بل إن أهمها‪ :‬التأثير‬
‫إذن فحسب ما ينبغي للتأثير الناتج عن الطاقة العربية أن يلعب دوره ليحصل التأثر فعال لدى‬
‫المتلقي‬
‫فإن البحث في بالغة النص ينبغي أن تخرج من دائرة االستعارة كعلم إلى‬
‫البحث في السبب الذي من أجله استعار‪ .‬القائل أو الخطيب أو الشاعر هذه االستعارة ‪،‬‬
‫أي لم كسر حواجز الحقيقة واجتازها وأتى بالمجاز‪،‬‬
‫لم شبه هذه التشبيهات‬
‫وما الذي أراده من استفزاز المخيالت‪،‬‬

‫‪86‬‬
‫ولم اختار هذه اللفظة دون غيرها‬
‫وما هو الجرس الموسيقي الذي اختاره مصاحبا‪ .‬لتراكيب الجمل وما إلى ذلك ‪،‬‬
‫عند ذلك يخرج البحث من كونه علما جامدا ال حياة فيه إلى بحث في التأثير والتأثير هو مناط‬
‫البحث والمطلب المطلوب من بحث مزج الطاقتين العربية باالسالم‪.‬‬
‫‪ - 3‬البديع ‪ :‬ويختص بعنصر‪ .‬الصياغة ‪ ،‬فهو يعمل على حسن تنسيق الكالم حتي يجيء بديعا ‪،‬‬
‫من خالل حسن تنظيم الجمل والكلمات ‪ ،‬مستخدماً‪ .‬ما يسمي بالمحسنات البديعة ‪ -‬سواء اللفظي‬
‫منها أو المعنوي ‪.‬‬
‫تعريف البديع‪ :‬وهو علم تُعرف به وجوهُُ تفيد الحسن في الكالم بعد رعاية المطابقة لمقتضى‬
‫ومن‬ ‫الحال‪ ،‬أوهو التحسين والتزيين العرضي‪ .‬بعد تكميل دائرة الفصاحة والبالغة‪.‬‬
‫هذا العلم استخدام السجع‪ ،‬وهو نهاية كل جملة على حرف أو حرفين متطابقين‪ ،‬خطب قس بن‬
‫ساعدة األيادي بسوق عكاظ فقال‪ :‬أيها الناس اسمعوا وعوا من عاش مات ومن مات فات وكل ما‬
‫هو آت آت ليل داج ونهار‪ .‬ساج وسماء ذات أبراج ونجوم تزهر وبحار‪ .‬تزخر وجبال مرساة‬
‫إن في السماء‬ ‫وأرض مدحاة وأنهار مجراة‪.‬‬
‫لخبراً وإ ن في األرض لعبرا! ما بال الناس يذهبون وال يرجعون ارضوا فأقاموا أم تركوا فناموا‪.‬‬
‫يقسم قس باهلل قسماً ال إثم فيه إن هلل ديناً هو أرضى له وأفضل من دينكم الذي أنتم عليه إنكم‬
‫لتأتون من األمر منكراً! ويروى أن قساً أنشأ بعد ذلك يقول‪ :‬في الذاهبين األولين من القرون لنا‬
‫بصائر لما رأيت موارداً‪ .‬للموت ليس لها مصادر‪ .‬ورأيت قومي نحوها تمضي‪ :‬األكابر‬
‫واألصاغر ال يرجع الماضي إل ي وال من الباقين غابر أيقنت أني ال محا لة حيث صار القوم‬
‫صائر ‪.‬‬
‫ومن هذا العلم أيضاً استخدام الطباق والجناس كقولك‪ :‬تآلف المؤتلف‪ ،‬وتخالف المختلف‪ ،‬وتشابه‬
‫المتشابه‪ ،‬وتعارض المتعارض‪...‬‬
‫قال التهانوي‪ .‬في( كشاف اصطالحات الفنون)‪ :‬وأما منفعته فإظهار رونق‪ .‬الكالم‪ ،‬حتى يلج‬
‫الحسن‬
‫َ‬ ‫اآلذان بغير إذن‪ ،‬ويتعلق‪ .‬بالقلب من غير كد‪ ،‬وإ نما دونوا هذا العلم ‪ ،‬ألن األصل وإ ن كان‬
‫الح ْسن العرضي‪.‬‬
‫الذاتي‪ ،‬وكان المعاني والبيان مما ال يكفي في تحصيله‪ ،‬لكنهم اعتنوا بشأن ُ‬
‫أيضاً‪ ،‬ألن الحسناء إذا َعريت عن المزينات‪ ،‬ربما يذهل بعض القاصرين عن تتبع محاسنها‪،‬‬
‫فيفوت التمتع بها‪.‬‬
‫المحسنات المعنوية‪:‬‬
‫التورية‪ :‬وهي أن يكون للّفظ معنيان‪ :‬قريب وبعيد‪ ،‬فيذكره المتكلّم ويريد‪ .‬به المعنى البعيد‪ ،‬الذي‬
‫فيتوهم‪ّ .‬انه أراد المعنى القريب‪،‬‬
‫ّ‬ ‫هو خالف الظاهر‪ ،‬ويأتي‪ .‬بقرينة ال يفهمها السامع غير الفطن‪،‬‬

‫‪87‬‬
‫نحو قوله تعالى‪( :‬وهو الّذي يتوفّاكم باللّيل ويعلم ما جرحتم‪ .‬بالنهار) أراد من (جرحتم)‪:‬‬
‫ارتكاب الذنوب‪ ،‬وكقوله‪:‬‬
‫حر ومعناها رقيق‪.‬‬
‫أبيات شعرك كالقصور‪ .‬وال قصور بها يعوق‪          ‬ومن العجائب لفظها ّ‬
‫فللرقيق‪ .‬معنيان‪ :‬قريب وهو العبد‪ .‬وبعيد‪ :‬وهو من الرقة‪ ،‬والشاعر أراد الثاني‪ ،‬لكن الظاهر من‬
‫للحر إرادة العبد‪.‬‬
‫مقابلته ّ‬
‫اإلستخدام‪ :‬وهو أن يكون للّفظ معنيان فيطلقه المتكلّم ويريد‪ .‬به أحد المعنيين‪ ،‬ثم يذكر ضميره‬
‫ويريد به المعنى اآلخر‪ ،‬نحو قوله تعالى‪( :‬فمن شهد منكم الشهر فليصمه) أراد بالشهر ّأوالً‪:‬‬
‫ثم أعاد الضمير‪ .‬عليه وهو يريد ّأيام الشهر المبارك‪ ،‬وكقوله‪:‬‬
‫الهالل‪ّ ،‬‬
‫إذا نزل السماء بأرض قوم‪ .‬ق‪          ‬رعين ــاه وإ ن ك ــانوا غضابا‬
‫أراد بالسماء‪ :‬المطر‪ ،‬وبضميره في (رعيناه) النبات‪.‬‬
‫اإلستطراد‪ :.‬وهو أن يشرع المتكلّم في موضوع‪ ،‬ثم يخرج منه قبل تمامه إلى موضوع‪ .‬آخر‪ ،‬ثم‬
‫يرجع إلى موضوعه األول‪ ،‬كقوله‪:‬‬
‫سبة‪         ‬إذا ما رأته عامر وسلول‪.‬‬
‫وانا لقوم ال نرى القتل ّ‬
‫ّ‬
‫حب الموت آجالنا لنـا‪          ‬وت ــكرهه آجالهم فتـطول‪.‬‬
‫يقرب ّ‬
‫ّ‬
‫أراد مدح قومه‪ ،‬ثم خرج قبل تمام كالمه إلى ذم عامر وسلول‪ ،‬ثم رجع في الشطر الثالث إلى ما‬
‫بدأ به في الشطر األول‬
‫والغ َزل والحماسة‪،‬‬
‫اإلفتنان‪ :‬وهو الجمع بين ّفنين من الكالم‪ ،‬كالمدح والذم‪ ،‬والتهنئة والتعزية‪َ ،‬‬
‫سنه كاالقحوان‪.) ...‬‬
‫وأمثالها‪ ،‬كقوله‪( :‬عينه كالذئب لكن ّ‬
‫وقوله‪( :‬فقلبي ضاحك والعين تبكي‪.)...‬‬
‫وقوله‪:‬‬
‫فوددت‪ .‬تقبيل السيوف ألنها‪          ‬لمعت كبارق‪ .‬ثغرك المتبسم‬
‫ويسمى بالمطابقة وبالتطبيق‪ .‬وبالتطابق‪ .‬وبالتكافؤ وبالتضاد أيضاً‪ ،‬وهو‪ :‬الجمع بين‬
‫ّ‬ ‫الطباق‪:‬‬
‫لفظين متقابلين في المعنى‪ ،‬ويكون على قسمين‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ طباق االيجاب‪ :‬وهو ما لم يختلف فيه اللّفظان المتقابالن ايجاباً وسلباً‪ ،‬نحو قوله تعالى‪:‬‬
‫وتعز‬
‫ممن تشاء ّ‪.‬‬
‫وانه هو أضحك وأبكي) وقوله سبحانه‪( :‬تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ّ‬ ‫( ّ‬
‫من تشاء وتذ ّل من تشاء)‪.‬‬
‫مرة ومنفي اُخرى‪،‬‬
‫‪ 2‬ـ طباق السلب‪ :‬وهو ما اختلف فيه اللفظان المتقابالن ايجاباً وسلباً فمثبت ّ‬
‫نحو قوله تعالى‪( :‬فال تخشون الناس واخشون) وقوله سبحانه‪( :‬هل يستوي الّذي يعلمون‬
‫والّذين ال يعلمون)‬

‫‪88‬‬
‫المقابلة‪ :‬وهي أن يؤتى بمعنيين أو معان متوافقة‪ ،‬ثم يؤتى بمقابلها على الترتيب‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬
‫لليسرى وأما من بخل واستغنى وك ّذب‬
‫فسنيسِّرهُ ُ‬
‫وصدق بالحسنى‪ُ .‬‬
‫ّ‬ ‫فأما من أعطى واتّقى‬
‫( ّ‬
‫فسنيسره للعسرى) ونحو‪ .‬قوله‪:‬‬
‫ّ‬ ‫بالحسنى‬
‫ما أحسن الدين والدنيا إذا اجتمعا ‪          ‬واقبــح الكفـ َـر واإلفالس بالرجل‬
‫وتسمى بالتوافق واإلئتالف‪ .‬والتناسب أيضاً وهو‪ :‬الجمع بين أمرين أو أمور‬
‫ّ‬ ‫مراعاة النظير‪:‬‬
‫متناسبة‪ ،‬كقوله تعالى‪( :‬اولئك الذين اشتروا الضاللة بالهدى فما ربحت تجارتهم وما كانو‬
‫مهتدين)‪.‬‬
‫ومنها‪ :‬ما بني على المناسبة في (المعنى) وذلك بأن يختم الكالم بما بدأ به من حيث المعنى‪،‬‬
‫كقوله تعالى‪( :‬التدركه األبصار وهو يدرك األبصار‪ .‬وهو اللّطيف الخبير) فاللطيف‪ .‬يناسب‬
‫عدم ادراك االبصار‪ ،‬والخبير يناسب ادراكه لألبصار‪.‬‬
‫ومنها‪ :‬ما بني على المناسبة في (اللفظ) وذلك بأن يؤتى بلفظ يناسب معناه أحد الطرفين ولفظه‬
‫الطرف اآلخر‪ ،‬كقوله تعالى‪( :‬الشمس والقمر بحسبان والنجم والشجر‪ .‬يسجدان) فالنجم لفظه‬
‫يناسب الشمس والقمر‪ ،‬ومعناه ‪ -‬وهو النبات الذي ال ساق له ـ يناسب الشجر‬
‫ويسمى التسهيم أيضاً وهو‪ :‬أن يذكر قبل تمام الكالم ‪ -‬شعراً كان أو نثرا ـ ما يدل‬
‫ّ‬ ‫اإلرصاد‪،‬‬
‫فإن‬
‫الروي‪ ،‬كقوله تعالى‪( :‬وما كان اهلل ليظلمهم‪ .‬ولكن كانوا أنفسهم يظلمون) ّ‬
‫ّ‬ ‫عليه إذا ُعرف‬
‫(يظلمون) معلوم‪ .‬من السياق‪ ،‬وكقول الشاعر‪:‬‬
‫وحرمت ‪          ‬بــال سبب ع ــند اللقاء كالمي‬‫احلّت دمي من غير جرم ّ‬
‫فـليس الــذي حـلّلته بمــحلّل ‪          ‬ولــيس الــذي حـ َّـرمته بحرام‬
‫فإن (بحرام) معلوم من السياق‪.‬‬
‫أمة أجل فإذا جاء أجلهم ال‬
‫الروي‪ ،‬نحو قوله تعالى‪( :‬ولك ّل ّ‬
‫ّ‬ ‫أو يدل عليه بال حاجة إلى معرفة‬
‫يستأخرون ساعة وال يستقدمون)‬
‫مصرح به‪ ،‬كقوله‪:‬‬
‫ّ‬ ‫اإلدماج‪ :‬وهو أن يدمج في كالم سيق لمعنى‪ ،‬معنى آخر غير‬
‫وليل طويل لم أنم فيه لحظة ‪          ‬أعد ذنوب الدهر وهو مديد‬
‫فإنه أدمج تعداد ذنوب الدهر بين ما قصده من طول الليل‪.‬‬
‫المذهب الكالمي‪ :‬وهو أن يؤتى لصحة الكالم بدليل مسلّم عند المخاطب‪ ،‬وذلك بترتيب‬
‫المقدمات المستلزمات‪ .‬للمطلوب كقوله تعالى‪( :‬أوليس الذي خلق السماوات واألرض بقادر على‬
‫أن يخلق مثلهم) فإن المسلّم عند منكر البعث ان اعادة الموتى أهون من خلق السماوات‬
‫واالرض‪ ،‬ولذا جعله تعالى دليالً على البعث‬
‫حسن التعليل‪ :‬وهو أن يأتي البليغ بعلة طريفة لمعلول علّته شيء آخر‪ ،‬كقوله‪:‬‬
‫الذئاب‬
‫ُ‬ ‫مـا بـه قت ُل أعاديه ولـكن ‪          ‬يتقي إخالف ما ترجو‬

‫‪89‬‬
‫فإنه أنكر كون قتل أعاديه للغلبة وقطع جذور‪ .‬الفساد‪ ،‬وادعى له سبباً آخر‪ ،‬وهو‪ :‬أن ال يخلف‬
‫رجاء الذئاب التي تطمع في شبع بطونها‬
‫التجريد‪ :‬وهو أن ينتزع المتكلّم من أمر ذي صفة أمراً آخر مثله في تلك الصفة‪ ،‬وذلك ألجل‬
‫المبالغة في كمالها في ذي الصفة المنتزع منه‪ ،‬حتى كأنه قد صار منها‪ ،‬بحيث يمكن أن ينتزع‬
‫منه موصوف‪ .‬آخر‪ ،‬وهو على أقسام‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ أن يكون بواسطة (الباء التجريدية) نحو‪( :‬شربت بمائها عسالً مصفّى‪ .)...‬فكأن حالوة ماء‬
‫حد يمكن انتزاع العسل منها حين الشرب‪.‬‬
‫تلك العين الموصوفة وصلت إلى ّ‬
‫‪ 2‬ـ أن يكون بواسطة (من التجريدية) كقوله‪:‬‬
‫ـي حبيب‬
‫لي منك أعداء ومنه أحبة ‪          ‬ت ــاهلل ّأيكمـ ــا إل ـ ّ‬
‫المحبة‬
‫ّ‬ ‫حد من العداوة يمكن أن ينتزع منه أعداء‪ ،‬وكذلك بلغ غيره من‬
‫فكأنه بلغ المخاطب إلى ّ‬
‫بحيث ينتزع منه أحبة‪.‬‬
‫جرد منه بحراً من العلم‪ ،‬حتى أنه سأل‬
‫‪ 3‬ـ أن ال يكون بواسطة‪ ،‬كقوله‪( :‬وسألت بحراً إذ سألته) ّ‬
‫البحر المنتزع منه إذ سأله‪.‬‬
‫بكف‬
‫‪ 4‬ـ أن يكون بطريق الكناية‪ ،‬كقوله‪ ...( :‬وال يشرب كأساً بكف من بخال) أي‪ :‬أنه يشربها‪ّ .‬‬
‫جرد منه جواداً يشرب هو بكفّه‪ ،‬وحيث ّأنه ال يشرب إالّ بكف نفسه‪ ،‬فهو إذن ذلك‬
‫الجواد‪ّ ،‬‬
‫الكريم‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ أن يكون المخاطب هو نفسه‪ ،‬كقوله‪:‬‬
‫ال خيل عـندك تـهديها وال مـال ‪          ‬فليسعد‪ .‬النطق إن لم تسعد الحال‬
‫وجرد‪ .‬من نفسه شخصاً آخر وخاطبه فسمي‪ .‬لذلك تجريداً‪ ،‬وهو كثير في كالم‬
‫فإنه انتزع ّ‬
‫ّ‬
‫الشعراء‬
‫المشاكلة‪ :‬وهي أن يستعير المتكلّم لشيء لفظاً اليصح اطالقه على المستعار له إالّ مجازاً‪ ،‬وانما‬
‫يستعير له هذا اللفظ لوقوعه في سياق ما يصح له‪ ،‬كما في الدعاء‪( :‬غيِّر سوء حالنا بحسن‬
‫حالك فإن اهلل تعالى ال حال له‪ ،‬وانما استعير له الحال بمناسبة سياق (حالنا) وكقوله تعالى‪:‬‬
‫عبر بها للمشاكلة‪،‬‬
‫(تعلم ما في نفسي وال أعلم ما في نفسك ) فإن اهلل تعالى ال نفس له‪ ،‬وإ نما ّ‬
‫وكقوله‪:‬‬
‫قالوا اقترح شيئاً نجد لك طبخه ‪          ‬قلت اطبخوا‪ .‬لي جبة وقميصاً‬
‫جبة وقميصاً‪ ،‬فأبدل الخياطة بلفظ الطبخ لوقوعها‪ .‬في سياق طبخ الطعام‬
‫خيطوا لي ّ‬
‫أي‪ّ :‬‬
‫المزاوجة‪ :‬وهي المشابهة وذلك بأن يزاوج المتكلّم ويشابه بين أمرين في الشرط والجزاء‪،‬‬
‫فيرتب على كل منهما مثل ما رتب على اآلخر‪ ،‬كقوله‪:‬‬
‫إذا قــال قوالً فأ ّكد فيه ‪          ‬تجانبت عنه وأ ّكدت فيه‬

‫‪90‬‬
‫رتب التأكيد على كل من قول المتكلّم وتجانب السامع‬
‫ويسمى اللّف والنشر أيضاً‪ ،‬وهو‪ :‬أن يذكر أموراً متعددة‪ ،‬ثم يذكر ما لكل واحد‬
‫ّ‬ ‫الطي والنشر‪،‬‬
‫منها من الصفات المسوق لها الكالم‪ ،‬من غير تعيين‪ ،‬اعتماداً على ذهن السامع في إرجاع كل‬
‫صفة إلى موصوفها‪ ،‬وهو على قسمين‪:‬‬
‫ويسمى‪ .‬باللّف والنشر المرتّب كقوله‪:‬‬
‫ّ‬ ‫‪ 1‬ـ أن يكون النشر فيه على ترتيب الطي‪،‬‬
‫آرائهم ووجــوهم‪ .‬وسيوفهم‪          ‬في الحادثات إذا دجون نــجوم‬
‫منها معالـم للهدى ومصابح‪          ‬تجلو الدجى واألخريات‪ .‬رجـوم‬
‫فاآلراء معالم للهدى‪ ،‬والوجوه مصابح للدجى‪ ،‬والسيوف رجوم‪.‬‬
‫المشوش‪ ،‬نحو قوله‬
‫ّ‬ ‫ويسمى باللّف والنشر‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ 2‬ـ أن يكون النشر فيه على خالف ترتيب الطي‪،‬‬
‫ربكم ولتعلموا عدد السنين‬
‫تعالى‪( :‬فمحونا‪ .‬آية اللّيل وجعلنا آية النهار مبصرة لتبتغوا فضالً من ّ‬
‫والحساب) فابتغاء الفضل في النهار وهو الثاني‪ ،‬والعلم بالحساب لوجود القمر في اللّيل وهو‬
‫األول‪ ،‬فكان على خالف الترتيب‬
‫الجمع‪ :‬وهو أن يجمع المتكلّم بين أمرين أو أكثر في حكم واحد‪ ،‬كقوله تعالى‪( :‬المال والبنون‬
‫رجس من عمل‬
‫ٌ‬ ‫والميسر وألنصاب واألزالم‪.‬‬
‫ُ‪.‬‬ ‫الخمر‬
‫ُ‬ ‫زينة الحياة الدنيا) وقوله سبحانه‪َّ ( :‬إنما‬
‫الشيطان فاجتنبوه)‪ ،‬وكقوله‪:‬‬
‫أي مــفسدة‬
‫ان الشباب والفراغ والجده‪          ‬مفسدة للـمرء َّ‬
‫ّ‬
‫التفريق‪ :‬وهو أن يفرق بين أمرين من نوع واحد في الحكم‪ ،‬كقوله تعالى‪( :‬وما يستوي البحران‬
‫هذا عذب فرات سائغ شرابه وهذا ملح اُجاج)‬
‫بت ثمود‬ ‫بمتعدد ثم يحكم على كل واحد منها بحكم‪ ،‬كقوله تعالى‪َّ ( :‬‬
‫كذ ْ‬ ‫ّ‬ ‫التقسيم‪ :‬وهو أن يأتي‬
‫فأما ثمود فاُهلكوا‪ .‬بالطاغية وأما عاد فاُهلكوا بريح صرصر‪ .‬عاتية)‪.‬‬
‫وعاد بالقارعة ّ‬
‫وقد يطلق التقسيم على أمرين آخرين‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ على استيفاء أقسام‪ .‬الشيء‪ ،‬كقوله تعالى‪( :‬يهب لمن يشاء اُناثاً ويهب لمن يشاء الذكور‪ .‬أو‬
‫فإن االمر ال يخلو من هذه االقسام‪ .‬األربعة‪.‬‬
‫يزوجهم‪ .‬ذكراناً واناثاً ويجعل من يشاء عقيماً) ّ‬
‫ّ‬
‫ويحبونه‬
‫ّ‬ ‫يحبهم‬
‫‪ 2‬ـ على استيفاء خصوصيات حال الشيء‪ ،‬كقوله تعالى‪( :‬فسوف يأتي اهلل بقوم ّ‬
‫أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل اهلل وال يخافون لومة الئم)‬
‫أذلّة على المؤمنين ّ‬
‫الجمع والتفريق‪ .‬وهو أن يجمع بين أمرين في شيء واحد‪ ،‬ثم يفرق بينهما في ما يختص بكل‬
‫واحد منهما‪ ،‬كقوله‪:‬‬
‫قلب الحبيب وصخر الصم من حجر ‪          ‬لك ــن ذا نــابع والقل ــب مغلوف‬
‫يقسم ما جمع‪ ،‬أو يقسم أوالً ثم يجمع‪ ،‬فاألول‪.‬‬
‫متعدد ثم ّ‬
‫الجمع والتقسيم‪ :.‬وهو أن يجمع بين ّ‬
‫كقوله‪:‬‬

‫‪91‬‬
‫حتــى أقـام على أرباض خرشنة ‪          ‬تشقى به الــروم‪ .‬والصلبان والـبيع‬
‫للرق مـا نسلوا والقتل ما ولدوا ‪          ‬والنهب ما جمعوا والنار ما زرعوا‬
‫والثاني كقوله‪:‬‬
‫قــوم‪ .‬إذا حـاربوا‪ .‬ضروا عدوهم ‪          ‬أو حاولوا النفع في أشياعهم نفـعوا‬
‫شرهـا ال ــبدعُ‬
‫ان الخالئق فـاعلـم ّ‬
‫سجية تلك فـيهم غير محدثة ‪ّ          ‬‬
‫يخص‬
‫ّ‬ ‫يفرق بينهما بما‬ ‫ثم ّ‬
‫الجمع مع التفريق والتقسيم‪ :.‬وهو أن يجمع بين أمرين في شيء واحد ّ‬
‫شقي وسعيد‪،‬‬
‫يقسم ما جمع‪ ،‬نحو قوله تعالى‪( :‬يوم يأتي التكلّم نفس إالّ بإذنه فمنهم ّ‬
‫ثم ّ‬‫ك ّل منهما ّ‬
‫فأما الّذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير‪ .‬وشهيق‪ ،‬خالدين فيها ما دامت السماوات واالرض إالّ‬
‫ّ‬
‫الجنة خالدين فيها ما دامت السماوات‬
‫وأما الّذين ُسعدوا‪ .‬ففي ّ‬
‫فعال لما يريد‪ّ ،‬‬
‫ان ربك ّ‬
‫ربك ّ‬
‫ما شاء ّ‬
‫فرق بينها بأن‬
‫ثم ّ‬
‫ربك عطاءاً غير مجذوذ‪ ).‬جمع االنفس في عدم التكلّم ّ‬
‫واألرض إالّ ما شاء ّ‬
‫قسم الشقي والسعيد‪ .‬إلى ما لهم هناك في اآلخرة من الثواب‬
‫شقي وبعضها‪ .‬سعيد‪ ،‬ثم ّ‬
‫بعضها ّ‬
‫والعقاب‬
‫المبالغة‪ :‬وهي اإلفراط في الشيء‪ ،‬وتنقسم‪ .‬إلى ثالثة أقسام‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ التبليغ‪ ،‬وهو أن يكون اإلدعاء ممكناً عقالً وعادة‪ ،‬كقوله‪:‬‬
‫ج ــاء رجــال البلد ‪          ‬مـليكمــهم كــالفرق ــد‬
‫مجي جميع رجال البلد ممكن عقالً وعادة‪.‬‬
‫ْ‬ ‫فإن‬
‫أباد عسكرنا ما دب أو درج ــا ‪          ‬في أرض نجد وما فرد لهم برجا‬
‫فإن اإلبادة ممكنة عقالً‪ ،‬مستحيلة عادة‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ الغلو‪ ،‬وهو أن يكون اإلدعاء مستحيالً عقالً وعادة‪ ،‬كقول الغالي‪:‬‬
‫ان الوصي‪ .‬هـو اإلله وأنما ‪          ‬آياتـ ــه احياء عظــم رمــيم‬
‫فإن الوهية علي (كرم اهلل وجهه) مستحيلة عقالً وعادة‪.‬‬
‫يذمه‪ ،‬أو بالعكس‪ ،‬كقوله‪:‬‬
‫المغايرة‪ :‬وهي ـ أن‪ ،‬يمدح المتكلّم شيئاً ثم ّ‬
‫جـزى اهلل الـحوادث منجيات ‪          ‬وأخـزاها حــوادث مــاحــقات‬
‫فإن الحادثة قد ترفع الشخص وقد‪ .‬تضعه‬
‫الذم‪ ،‬وهو على ثالثة أقسام‪:‬‬
‫تأكيد المدح بما يشبه ّ‬
‫الذم‪ ،‬نحو قوله تعالى‪( :‬وما تنقم‬
‫‪ 1‬ـ أن يأتي بمست ـثـ ـنـ ـى‪ .‬فيه معنى المـ ــدح معموالً لفعل في ــه معنى ّ‬
‫آمنا بأيات ربنا)‪.‬‬
‫منا إالّ أن ّ‬
‫ّ‬
‫ذم منفية عن الشيء‪ ،‬نحو قوله‪:‬‬
‫‪ 2‬ـ أن يستثني‪ .‬صفة مدح من صفة ّ‬
‫ـهن فلول من قـراع الك ــتائب‬
‫أن سيوفهم‪          .‬بـ ّ‬
‫وال عيب فيهم غير ّ‬

‫‪92‬‬
‫ثم يأتي بعدها بأداة استثناء أو استدراك يعقبها بصفة مدح اُخرى‪،‬‬
‫‪ 3‬ـ أن يثبت صفة مدح لشيء ّ‬
‫نحو قوله‪:‬‬
‫فتى كملت أوص ــافه غي ــر ّأنه‪          ‬جواد فما يبقى مــن المال باقياً‬
‫ونحو قوله في مثال اإلستدراك‪:‬‬
‫وجوه كاظهار الـرياض نضارة‪          ‬ولكــنها يــوم الهي ــاج صخــور‬
‫تأكيد الذم بما يشبه المدح‪ ،‬وهو على قسمين‪:‬‬
‫ذم اُخرى‬
‫ثم يأتي بعدها بأداة استثناء أو استدراك يعقبها بصفة ّ‬
‫ذم لشيء ّ‬
‫‪ 1‬ـ أن يثبت صفة ّ‬
‫أن محياه قبيح)‪.‬‬
‫كقوله‪( :‬كله ذم سوى ّ‬
‫ذم من صفة مدح منفية عن الشيء‪ ،‬كقوله‪:‬‬
‫‪ 2‬ـ أن يستثني‪ .‬صفة ّ‬
‫الحمـق ال يج ــارى‬
‫خال مــن الفضل غـير ّأني ‪          ‬أراه فــي ُ‬
‫كالذم والمدح‪ ،‬والدعاء له وعليه‪ ،‬كقوله ‪-‬‬
‫ّ‬ ‫التوجيه‪ :‬وهو أن يؤتى بكالم يحتمل أمرين متضادين‬
‫خياط اسمه عمرو‪ ،‬وكان أعور ‪:-‬‬
‫في ّ‬
‫خــاط لــي عم ــرو قبـاءًأ ‪          ‬لـيـت عيني ــه س ـ ــواء‬
‫‪       ‬أمــديـ ــح أم هج ــاء‬ ‫قلت شعـراً لــيس يــدري ‪   ‬‬
‫والفرق بين التوجيه والتورية‪ :‬أن التورية ال تكون إال فيما له معنيان بأصل الوضع‪ ،‬بخالف‬
‫التوجيه‬
‫نفي الشيء بإيجابه‪ :‬وهو أن ينفعي شيئاً عن شخص فيوهم‪ .‬اثباته له في الجملة‪ ،‬نحو قوله تعالى‪:‬‬
‫(رجال ال تلهيهم تجارة وال بيع عن ذكر اهلل)‪.‬‬
‫وكقوله للخليفة‪:‬‬
‫شغلَْنك عن الجهاد مكاسب ‪          ‬تـ ــرجو‪ .‬وال لـ ــهو وال أوالد‬
‫لم ُي َ‬
‫فإنه يوهم اشغال المكسب له في الجملة ‪ -‬كما في األوالد ‪ -‬مع أنه ال كسب للخليفة‬
‫القول بالموجب‪ :‬وهو أن يحمل كالم الغير على خالف مراده‪ ،‬كقوله‪:‬‬
‫وقـ ــالوا‪ .‬قد صفت م ـ ّـنا قلوب ‪          ‬لـقد صدقوا‪ .‬ولكن عن ودادي‪.‬‬
‫الخلو من وداده‬
‫فإنهم أرادوا الخلوص له‪ ،‬فحمله الشاعر على ّ‬
‫ائتالف اللفظ والمعنى‪ :‬وهو أن ُيختار للمعنى المقصود ألفاظ تؤديه بكمال الوضوح‪ ،‬كقوله ـ في‬
‫الذم ـ‪:‬‬
‫ّ‬
‫صفي تميم لــولّت‬
‫ّ‬ ‫ـكر علـى‬
‫ولو أن برغوثاً على ظهر قملـة ‪     ‬ت ـ ّ‬
‫وكقوله في المدح‪:‬‬
‫اذا مــا غضبنا غضبة م ــضرية ‪          ‬هتكنا حجاب الشمس أو قطرت دما‬

‫‪93‬‬
‫التفريع‪ :‬وهو جعل الشيء فرعاً لغيره وذلك بأن ُيثبت لمتعلّق أمر حكماً بعد أن ُيشتبه لمتعلّق‬
‫آخر على نحو ُيشعر بالتفريع‪ ،‬كقوله‪:‬‬
‫طبــه ي ــنفي الــمرض‪          ‬فقه ــه ينف ــي الب ــدع‬
‫ّ‬
‫فله اهلل طبيباً وفقيهاً‪ .‬متّبع‬
‫اإلستتباع‪ :‬وهو الوصف‪ .‬بأمر على وجه يستتبع الوصف بأمر آخر‪ ،‬مدحاً أو ذماً‪ ،‬مدحاً كقوله‪:‬‬
‫سمح البديهة لــيس يــمسك لفظه ‪          ‬فـ ــكأنما ألفاظه مـ ــن ماله‬
‫رد شهادته برؤية هالل شوال ـ‪:‬‬ ‫ٍ‬
‫قاض ّ‬ ‫وذماً‪ ،‬كقوله ـ في‬
‫ّ‬
‫أتـ ــرى القاضــي أعمـى ‪          ‬أم ت ــراه يـ ــتعا مــى‬
‫‪  ‬ع ــيد أمــوال اليتـام ــى‬ ‫ـأن الـ ـ ‪        ‬‬
‫سرق العيـد ك ّ‬
‫السلب واإليجاب‪ :‬وهو أن يسلب صفة مدح أو ذم عن الجميع ليثبتها لمن قصد‪ ،‬فالمدح كقوله‪:‬‬
‫ك ــل شخص لقـيت فيــه هنـات ‪          ‬غـير سلمى فخلقها من فضائل‬
‫والذم‪ ،‬كقوله‪( :‬ال أرى في واحد ما فيه من جمع الرذائل)‪.‬‬
‫ويسمى السلب واإليجاب‪ :‬الرجوع‪ .‬أيضاً بمعنى العود على الكالم السابق بالنقض لنكتة‪ ،‬كقوله‪:‬‬
‫ّ‬
‫وما ضاع شعري عندكم حين قلته ‪          ‬بلــى وأبيكم ضـاع ف ــهو يضوع‪.‬‬
‫اإلبداع‪ :‬وهو أن يكون الكالم مشتمالً على جملة من المحسنات البديعية‪ ،‬كقوله تعالى‪( :‬وقيل يا‬
‫الجودي وقيل ُبعداً‬
‫ّ‬ ‫أرض ابلعي مائك ويا سماء اقلعي وغيض الماء وقُضي االمر واستوت‪ .‬على‬
‫للقوم الظالمين)‪.‬‬
‫قيل‪ّ :‬أنه يوجد في هذه اآلية الكريمة اثنان وعشرون نوعاً من أنواع البديع اشيرها إليها في‬
‫المفصالت‪ .‬وكقوله‪:‬‬
‫ّ‬
‫فضحت الحيا والبحر‪ .‬جوداً فقد بكى الـ ‪          ‬حـيا مـن حياء منك والتطم‪ .‬البحر‬
‫َ‬
‫عما‬
‫األسلوب الحكيم‪ :‬وهو اجابة المخاطب بغير ما سأل‪ ،‬تنبيهاً على كون االليق هو السؤال ّ‬
‫والحج) فإنهم‪ .‬لّما لم‬
‫ّ‬ ‫وقع عنه الجواب‪ ،‬كقوله تعالى‪( :‬يسألونك عن األهلّة قل هي مواقيت للناس‬
‫يكونوا يدركون سبب اختالف أشكال الهالل‪ ،‬اجيبوا بما ينبغي السؤال عنه‪ ،‬وهو فائدة اختالف‬
‫األهلّة‪.‬‬
‫وكقوله‪:‬‬
‫لت كـاهلي باأليادي‬
‫أتيت مـراراً ‪          ‬قــال‪ :‬ث ّق َ‬
‫ثقلت إذ ُ‬
‫قـلت‪ُ :‬‬
‫أبرمت‪ ،‬قال‪ :‬حبل ودادي‪.‬‬
‫ُ‬ ‫طوالً ‪          ‬قلت‪:‬‬
‫أوليت َ‬
‫َ‬ ‫لت‪ ،‬قال‬
‫طو ُ‬
‫قلت‪ّ :‬‬
‫تشابه األطراف‪ :.‬وهو أن يكون بدء الكالم وختامه متشابهين لفظاً أو معنى‪:‬‬
‫األول‪ :‬وهو التشابه في اللـّفـ ــظ كقوله تعالى‪( :‬مثل نـ ــوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في‬
‫ي)‬
‫در ّ‬
‫كوكب ّ‬
‫ٌ‬ ‫كأنها‬
‫زجاجة الزجاجة ّ‬

‫‪94‬‬
‫الثاني‪ :‬وهو التشابه في المعنى كقوله‪:‬‬
‫سم زعـ ــاف قـولـه وفعاله ‪          ‬عند البصير كمثل طعم العلقم‬
‫السم في المذاق‪.‬‬
‫فإن العلقم يناسب ّ‬
‫الجد‪ ،‬كقوله‪:‬‬
‫الهزل‪ :‬وهو أن يأتي بهزل يراد به ّ‬
‫إذا ما جاهلي أتاك م ــفاخراً ‪          ‬فقل‪َ :‬ع ّد عن ذا كيف أكلك العنب‬
‫االطراد‪ :‬وهو أن يأتي باسم من يقصده واسم آبائه على ترتيب تسلسلهم في الوالدة بال تكلّف في‬
‫السبك‪ ،‬كقوله‪:‬‬
‫إن يقتلوك فقد ثللت عروشهم‪           .‬بعتيبة بن الحــارث بـن شهاب‬
‫ومنه قوله (ص ــلى اهلل عليه وآله وسلم)‪ :‬الكريم ابن ال ــكري ــم ابن الكريم ابن الكريم‪ :‬يوسف‪ .‬بن‬
‫يعقوب بن اسحاق بن ابراهيم‬
‫تجاهل العارف‪ :‬وهو أن يرى المتكلّم نفسه جاهالً‪ ،‬مع أنه عالم‪ ،‬وذلك لنكتة كقوله‪( :‬أمنزل‬
‫األحباب ما لك موحشاً)‪...‬؟‬
‫أما إذا وقع مثل ذلك في كالم اهلل سبحانه‪ ،‬كقوله تعالى‪( :‬وما تلك بيمينك ياموسى) أو في كالم‬
‫يسمى حينئذ‪ :‬ايراد الكالم في صورة اإلستفهام لغاية‪.‬‬ ‫يسمى بتجاهل العارف‪ ،‬بل ّ‬ ‫أوليائه‪ ،‬فال ّ‬
‫المحسنات اللفظية‪:‬‬
‫ت َم َع‬‫وأسلَ ْم ُ‬ ‫عز َّ‬
‫وجل‪ْ " :‬‬ ‫التجنيس هو أن يجانس اللفظ في الكالم والمعنى‪ .‬مختلف‪ ،‬كقول اهلل َّ‬
‫فأدلى َد َلوهُ" وكقوله تعالى‪:‬‬ ‫ف" وكقوله‪ْ " :‬‬ ‫يوس َ‬ ‫له َر ِّ‬‫سلَيمان ِل ِ‬
‫أسفا على ُ‬ ‫مين" وكقوله‪" :‬يا َ‬
‫ب العالَ َ‬ ‫ُ َ‬
‫يحان َو َجَّنةُ َنعيم" وكقوله تعالى‪َ " :‬و َجنى‬
‫عز وج ّل‪" :‬فََر ْو ٌ‪.‬ح َو َر ٌ‬ ‫ك ِل ِّلد ِ‬
‫ين القَيِّم" وكقوله ّ‬ ‫" ِ‬
‫فَأق ْ‪.‬م َو ْجهَ َ‬
‫ين ٍ‬
‫دان"‪.‬‬ ‫الجَّنتَ ِ‬
‫َ‬
‫كون‬ ‫إن ذا الوجهَ ِ‬ ‫آمن من آمن بِ ِ‬
‫اهلل‪َّ .‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُّ‬
‫ين ال َي ُ‬ ‫الخَبر‪ :‬الظلم ظُلُمات يوم القيامة‪َ َ ْ َ ٌ .‬‬ ‫جاء في َ‬ ‫وكما َ‬
‫عند اهلل‪.‬‬
‫وجيهاً َ‬
‫الشنفرى‪:‬‬ ‫ولم أجد التجنيس في شعر الجاهليَّة إال َقليالً‪ ،‬كقول َّ‬
‫شاء وطُلَّ ِت‬
‫تع ً‬
‫ت حجِّر فَوقَنا‪ * .‬بِريحاب ٍة ريح ْ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫الن ْب َ ُ َ‬ ‫وبِتْنا َّ‬
‫كَأن َّ‬
‫وقول امرئ القيس‪:‬‬
‫ض ِه * ِلُيْلبِ َسني من داِئ ِه ما تَلَبَّسا‬‫طمح الطَّ َّماح من بع ِد أر ِ‬
‫ُْ ْ‬ ‫ُ‬ ‫لقد َ َ َ‬
‫وقوله‪:‬‬
‫َّ‬ ‫ولكنما أسعى ِلم ٍ‬
‫جد ُمَؤ ثَّ ٍل * وقد‪ُ .‬ي ْد ِر ُ‬
‫أمثالي‬ ‫جد المَؤ ث َل ْ‬
‫الم َ‬
‫ك َ‬ ‫َ‬ ‫َّ ْ‬
‫الر َّمة‪:‬‬
‫وفي شعر اإلسالميين المتقدمين كقول ذي ُّ‬
‫تونهُ‬
‫ت ُم ُ‬
‫عيج ْ‬
‫والعاج َ‬
‫َ‬ ‫البرى‬ ‫َّ‬
‫كأن ُ‬
‫وكقول رجل من بني عبس‪:‬‬

‫‪95‬‬
‫األنفا‬
‫ف َ‬ ‫وأن ْأنفَ ُك ُم ال َي ْع ِر ُ‬ ‫ِ‬
‫الجار حالَفَكم * َّ‬ ‫أن ُذ َّل‬
‫وذلكم َّ‬
‫ْ‬
‫المحدثين فأكثر‪ .‬من أن ُيحصى‪.‬‬
‫فأما في شعر ُ‬
‫الجناس‪ :‬وهو تشابه لفظين‪ ،‬مع اختالفهما‪ .‬في المعنى‪ ،‬وهو قسمان‪ :‬لفظي ومعنوي‪.‬‬
‫الجناس اللفظي على أقسام‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ الجناس التام‪ :‬وهو ما اتفق فيه اللفظان المتجانسان في أمور أربعة‪:‬‬
‫نوع الحروف‪ ،‬وعددها‪ ،‬وهيئتها‪ ،‬وترتيبها مع اختالف المعنى‪ ،‬كقوله تعالى‪( :‬ويوم‪ .‬تقوم الساعة‬
‫يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة) فالمراد‪ .‬بالساعة االولى‪ :‬يوم القيامة‪ ،‬وبالساعة الثانية‪:‬‬
‫جزء من الزمان‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ الجناس غير التام‪ :‬وهو ما اختلف اللفظان في أحد األمور‪ .‬األربعة المذكورة (النوع والعدد‬
‫والهيئة والترتيب)‪.‬‬
‫فاإلختالف في عدد الحرف‪ ،‬نحو‪( :‬دوام الحال محال)‪.‬‬
‫الحق وبما كنتم تمرحون)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫وفي نوعه‪ :‬كقوله تعالى‪( :‬ذلك بما كنتم تفرحون في األرض بغير‬
‫(الج ّد في ال ِج ّد والحرمان في الكسل)‪.‬‬
‫وفي هيئته‪ :‬نحو‪َ :‬‬
‫وكف ف ّكه)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ك كفّه‬
‫وفي ترتيبه‪ :‬نحو‪( :‬رحم اهلل من ف ّ‬
‫‪ 3‬ـ الجناس المطلق‪ :‬وهو توافق‪ .‬اللفظين في الحروف وترتيبها‪ ،‬بدون أن يجمعهما اشتقاق‪،‬‬
‫نحو‪ِ :‬‬
‫(غفار‪ ،‬غفر اهلل لها)‪.‬‬
‫وإ ن جمعهما اشتقاق سمي جناس اإلشتقاق‪ ،‬نحو قوله تعالى‪( :‬ال أعبد ما تعبدون وال أنتم‬
‫عابدون ما أعبد)‪.‬‬
‫المذيل‪ :‬وهو ما يكون اإلختالف بأكثر من حرفين في آخره‪ ،‬كقوله‪:‬‬
‫‪ 4‬ـ الجناس ّ‬
‫يمدون من أيد عواص عواصم‪             ‬ت ــصول بأسياف‪ .‬قواض قواضب‬
‫المطرف‪ :‬وهو ما يكون اإلختالف بزيادة حرفين في أوله‪ ،‬كقوله‪:‬‬
‫ّ‬ ‫‪ 5‬ـ الجناس‬
‫وكـ ــم غرر م ــن ّبره ولطائف‪            ‬لشكري على تلك اللطائف طائف‬
‫‪ 6‬ـ الجناس المضارع‪ :‬وهو ما يكون باختالف اللفظين في حرفين‪ ،‬مع قرب مخرجهما‪ ،‬كقوله‬
‫تعالى‪( :‬وهم ينهون عنه وينئون عنه)‪.‬‬
‫‪ 7‬ـ الجناس الالحق‪ :‬وهو ما يكون باختالف اللفظين في حرفين‪ ،‬مع بعد مخرجهما‪ ،‬كقوله‬
‫تعالى‪( :‬ويل لك ّل ُه َمز ٍة لُ َمز ٍة)‪.‬‬
‫‪ 8‬ـ الجناس التلفّظي‪ :‬وهو ما اختلف ركناه خطاً مع اتحادهما في التلفّظ‪ ،‬كقوله‪:‬‬
‫بالحسن فمن‬
‫اعـ ــذب خ ــلق اهلل نطقاً وفمـاً‪            ‬إن لم ي ـ ــكن أحق ُ‬
‫فاالول تنوين‪ ،‬والثاني نون‪.‬‬

‫‪96‬‬
‫المحرف‪ :‬وهو ما اختلف اللفظان في هيئات الحروف من حيث الحركات‪ ،‬نحو‪:‬‬
‫ّ‬ ‫‪ 9‬ـ الجناس‬
‫البرد)‪.‬‬
‫البرد ُجّنة َ‬
‫(جبة ُ‬‫ُ‬
‫النقَط لم‬
‫المصحف‪ :‬وهو ما اختلف اللّفظان من حيث التنقيط‪ ،‬بحيث لو زالت ُ‬
‫ّ‬ ‫‪ 10‬ـ الجناس‬
‫(غ ّرك ُّ‬
‫عزك‬ ‫يتميز أحدهما عن اآلخر‪ ،‬ككتاب كتبه أمير المؤمنين عليه السالم إلى معاوية‪َ :‬‬
‫ّ‬
‫فَصار قصار‪ .‬ذلك ُذلّك‪ ،‬فاخش فاحش فعلك‪ ،‬فعلّك تهدى بهذي)‪.‬‬
‫‪ 11‬ـ الجناس المر ّكب‪ :‬وهو ما اختلف اللفظان من حيث التركيب واإلفراد‪ ،‬كقوله‪:‬‬
‫إذا ملك لم يكن ذا هبة‪            ‬فــدعه فــدولته ذاهبة‬
‫فاالول مركب بمعنى‪ :‬صاحب هبة‪ ،‬والثاني‪ :‬مفرد وهو اسم الفاعل‪:‬‬
‫‪ 12‬ـ الجناس الملفّق‪ :‬وهو ما كان اللّفظان كالهما مر ّكباً‪ ،‬كقوله‪:‬‬
‫فلم تضع األعادي قدر شأني‪            ‬وال قـ ـ ـ ــالوا فالن قد رشاني‬
‫االول‪ :‬مر ّكب من (قدر) ومن (شأني) والثاني‪ :‬مر ّكب من (قد) ومن (رشاني)‪.‬‬
‫‪ 13‬ـ جناس القلب‪ :‬وهو ما اختلف فيه اللفظان في ترتيب الحروف‪ ،‬نحو‪( :‬رحم اهلل امرءاً مسك‬
‫كفيه)‪.‬‬
‫ما بين ف ّكيه وأطلق ما بين ّ‬
‫ويسمى‪ .‬أيضاً‪( :‬ماال يستحيل باإلنعكاس) وهو ما‬
‫ّ‬ ‫‪ 14‬ـ الجناس المستوى‪ :‬وهو من جناس القلب‪،‬‬
‫وانما يحصل بـ ـعـ ـي ـن ـ ــه‪ ،‬نحو‬
‫األول معكوساً ومقلوباً‪ّ ،‬‬
‫اليختلف لو قريء من حرفه االخير إلى ّ‬
‫فإنه ينعكس بعينه‪ ،‬ونحو‪ .‬قوله‪:‬‬‫فكبر) ّ‬
‫ربك ّ‬ ‫قوله تعالى‪( :‬ك ّل فـ ــي فلك) وقوله سبحانه‪ّ ( :‬‬
‫مودته تدوم‪.‬‬ ‫مودته تدوم لك ّل ٍ‬
‫هول‪            ‬وهل كـ ـ ٌل ّ‬ ‫ّ‬
‫وكذا قوله‪( :‬أرانا اإلله هالالً أناراً)‪.‬‬
‫الجناس المعنوي‪ .‬قسمان‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ جناس اإلضمار‪ :‬وهو أن يأتي بلفظ يحضر في ذهنك لفظاً آخر‪ ،‬واللفظ اآلخر ُيراد به غير‬
‫معناه بداللة السياق‪ ،‬كقوله‪:‬‬
‫فهو إذا رأته عين الرائي‪            ‬أبــو معاذ أو أخو الخنساء‬
‫فإن المراد بأبي معاذ‪( :‬جبل) وبأخ الخنساء‪( :‬صخر) وليس بمراد‪ ،‬وانما المراد‪ :‬ذم المقصود‬
‫بأنه كالصخر‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ جناس االشارة‪ :‬وهو ما ذكر فيه أحد اللفظين وأشير لآلخر بما يد ّل عليه‪ ،‬كقوله‪:‬‬
‫ياحمزة اسمح بــوصل‪            ‬وام ــنن علينا بق ـ ــرب‬
‫ـصحفاً وبقل ـ ــبي‬
‫في ثغرك اسمك أضحــى‪            ‬مـ ـ ّ‬
‫أراد (الخمرة) و(الجمرة) إذ هما مصحفا حمزة‪.‬‬
‫التصحيف‪ :‬وهو التشابه بين كلمتين أو أكثر خطًّأ‪ ،‬والفارق‪ .‬النقط‪ ،‬كـ(التحلّي) و(التخلّي)‬
‫و(التجلي)‪.‬‬

‫‪97‬‬
‫جد وجد)‪.‬‬
‫لج ولج) و(من ّ‬‫االزدواج‪ :‬وهو تجانس اللفظين المجاورين‪ ،‬نحو‪( :‬من ّ‬
‫السجع‪ :‬هو توافق الفاصلتين أو الفواصل في الحرف االخير‪ -‬والفاصلة في النثر كالقافية في‬
‫الشعر‪ -‬وموطن السجع النثر‪ ،‬وأحسنه ما تساوت فقراته‪ ،‬كقوله تعالى‪( :‬في سدر مخضود‪.‬‬
‫وطلح منضود‪ .‬وظ ّل ممدود) وإ ن لم تتساو‪ .‬فقراته فاالحسن ما طالت فقرته الثانية نحو قوله‬
‫تعالى‪( :‬والنجم إذا هوى‪ ،‬ما ض ّل صاحبكم‪ .‬وما غوى) أو طالت فقرته الثالثة‪ ،‬نحو قوله تعالى‪:‬‬
‫ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعاً فاسلكوه) وال يحسن العكس‬
‫ثم الجحيم صلّوه‪ّ ،‬‬
‫(خذوه فغلّوه‪ّ ،‬‬
‫بأن تطول الفقرة االولى دون الثانية‪ ،‬أو الثانية دون الثالثة‪ ،‬ألن السامع ينتظر بقيتها‪ ،‬فإذا انقطع‬
‫كان كالمبتور‬
‫التشطير‪ :‬وهو جعل كل من شطري البيت مسجوعاً سجعة مخالفة للسجعة الّتي في الشطر‬
‫اآلخر‪ ،‬وهذا يكون على القول بعد اختصاص السجع بالنثر‪ ،‬كقوله‪:‬‬
‫تدبير معتصم باهلل منتقم‪            ‬هلل مــرتغب في اهلل مرتقب‬
‫مبنية على الميم والثاني‪ .‬على الباء‪.‬‬
‫االول سجعته ّ‬
‫فالشطر‪ّ .‬‬
‫الموازنة‪ :‬وهي تساوي الفاصلتين في الوزن فقط ال في التقفية‪ ،‬نحو قوله تعالى‪( :‬ونمارق‪.‬‬
‫وزرابي مبثوثة) فإن كلمة (مصفوفة) متفقة مع كلمة (مبثوثة) في الوزن‪ ،‬ال في‬
‫ّ‬ ‫مصفوقة‪،‬‬
‫التقفية‪.‬‬
‫إن‬
‫الترصيع‪ :‬وهو توازن األلفاظ مع توافق‪ .‬االعجاز‪ ،‬أو تقاربها‪ ،‬ومثال التوافق قوله تعالى‪ّ ( :‬‬
‫الفجار لفي جحيم)‪.‬‬
‫األبرار لفي نعيم وإ ن ّ‬
‫ومثال التقارب قوله تعالى‪( :‬وآتيناهما‪ .‬الكتاب المستبين‪ ،‬وهديناهما الصراط‪ .‬المستقيم)‬
‫ويسمى (التوشيح) و(ذا القافيتين) أيضاً‪ ،‬وهو بناء البيت على قافيتين أو أكثر‪ ،‬يصح‬
‫ّ‬ ‫التشريع‪:‬‬
‫الوقوف‪ .‬على ك ّل واحد منها‪ ،‬كقوله‪:‬‬
‫يا خـاطب الدنيا الدنية انها‪            ‬شرك ال ــردى وقرارة األكدار‬
‫دار إذا ما أضحكت في يومها‪            ‬أبــكت غداً ّتباً لها مــن دار‬
‫فيصح الوقوف‪ .‬على (الردى) و(غدا) فتنقلب األبيات من (بحر الكامل) وتكون من (مجزوء‬
‫الكامل) وتقرأ هكذا‪:‬‬
‫ياخاطب الدنيــا الدنـ ـ‪           ‬ـ ّـية انها َش َرك ال ـ ــردى‬
‫دار إذا مــا أضحكت‪            ‬فـ ـ ــي يومها أبكت غداً‬
‫ويسمى االلزام والتضمين والتشديد‪ .‬واإلعنات أيضاً‪ ،‬وهو أن يجيء قبل حرف‬
‫ّ‬ ‫لزوم ما اليلزم‪:‬‬
‫الروي ‪ -‬في فاصلتين وأكثر‪ .‬أو بيتين وأكثر ‪ -‬بحرف ال يتوقّف السجع عليه‪ ،‬كقوله تعالى‪:‬‬
‫ّ‬
‫(فأما اليتيم فال تقهر‪ ،‬وأما السائل فال تنهر)‪.‬‬
‫وكقوله‪:‬‬

‫‪98‬‬
‫طل‬
‫الع َ‬
‫أصالة الرأي صانتني عن الخطل‪            ‬وحليــة الفضل زانتني لدى َ‬
‫فالراء في اآلية والالم في الشعر‪ ،‬حروف‪ .‬الروي‪ ،‬وقد جيء قبل الراء بالهاء وقبل الالم بالطاء‪،‬‬
‫وهو غير الزم لتحقّق السجع بدون ذلك‬
‫رد العجز على الصدر‪ :‬وهو ان يعاد ما بدأ به االخير‪ ،‬كقوله تعالى‪( :‬وتخشى‪ .‬الناس واهلل أحق‬
‫ّ‬
‫أن تخشاه)‪.‬‬
‫وقوله‪:‬‬
‫سريع الى ابن العم يلطم وجهه‪            ‬ولـ ــيس إلى داعي الندى بسريع‬
‫مر في جناس القلب‪ ،‬وهو‪ :‬أن يقرأ عكساً‬ ‫ويسمى‪ :‬القلب المستوي كما ّ‬
‫ّ‬ ‫ماال يستحيل باإلنعكاس‪،‬‬
‫كما يقرأ طرداً‪( :‬دام عالء العماد)‪ .‬ونحو‪( :‬كن كما أمكنك) فإنه إذا قرئ‪ .‬عكساً من االخير الى‬
‫االول كان أيضاً‪( :‬دام عالء العماد) و(كن كما أمكنك)‪.‬‬
‫ّ‬
‫المواربة‪ :‬وهي أن يجعل المتكلّم كالمه بحيث يمكن تغييره بتصحيف ونحوه‪ ،‬كما يحكى عن أبي‬
‫نؤاس ّأنه كتب على باب قصر هارون العباسي البيت التالي‪:‬‬
‫لقد ضاع شعري على بابكم‪            ‬م ـ ــا ضاع عقد على خالصة‬
‫فلما أنكر عليه هارون ذلك‪ ،‬محى هالل العين‪ ،‬فصار البيت كالتالي‪:‬‬
‫لقد ضاء شعري‪ .‬على بابكم‪            ‬كم ــا ضاء ِعقد على خالصه‬
‫ائتالف اللّفظ مع اللّفظ‪ :‬وهو أن يؤتى في العبارة بألفاظ من واد واحد في األنس والغرابة‬
‫علي‪ ...‬افرنقعوا) جمع بين غريبين (تكاكأتم) و(افرنقعوا)‪.‬‬
‫ونحوهما‪ ،‬نحو‪( :‬ما لكم تكاكأتم ّ‬
‫التسميط‪ :‬وهو أن يجعل الشاعر بيته على أربعة أقسام‪ ،‬كقوله‪:‬‬
‫فنحن في جزل‪ ،‬والروم في وجل‪            ‬والبـ ـ ـ ّـر في شغل‪ ،‬والبحر‪ .‬في خجل‬
‫ويسمى‪( .‬السهولة) أيضاً‪ ،‬وهو سالمة األلفاظ والمعاني‪ .‬مع جزالتهما وتناسبهما‪ ،‬كقوله‬
‫ّ‬ ‫اإلنسجام‪:‬‬
‫كل في فلك يسبحون) وكقوله‪:‬‬ ‫تعالى‪ٌّ ( :‬‬
‫أفضل مـن عقله ومن أدبه‬
‫َ‬ ‫ما وهب اهلل المرىء هبة‪           ‬‬
‫هما كمال الفتى فـإن فقدا‪            ‬ففق ــده للحياة أليق بــه‬
‫اإلكتفاء‪ :‬وهو أن يحذف بعض الكالم لدالله العقل عليه‪ ،‬كقوله‪:‬‬
‫قالت بنات العم يا سلمى وإ ن‪            ‬كــان فقيراً معدماً قالت وإ ن‬
‫أي‪ :‬وإ ن كان فقيراً معدماً‪.‬‬
‫التطريز‪ :‬وهو أن يكون صدر الكالم مشتمالً على ثالثة أسماء مختلفة المعاني‪ ،‬ويكون العجز‬
‫صفة مكررة بلفظ واحد‪ ،‬كقوله‪:‬‬
‫وتسقيني وتشرب‪ .‬من رحيق‪            ‬خليق أن ُيلقّب ب ــالخلوق‬
‫كــأن الكأس فـي يدها وفيها‪            .‬عقيق في عقيق في عقيق‬

‫‪99‬‬
‫المعرب‬
‫َّ‬ ‫التعريب‪:‬‬

‫قال‬ ‫ٍ‬
‫لمعان في غير لغتها‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الموضوعة‬ ‫ِ‬
‫األلفاظ‬ ‫هو ما استعملته العرب من‬
‫تتفوه به العرب على ِم ْنهاجها تقول‪َّ :‬‬
‫عرَبتْه‬ ‫تعريب االسم األعجمي أن َّ‬
‫ُ‬ ‫الجوهري في الصحاح‪:‬‬
‫وَأع َربته أيضاً‪ .‬والتعريب‪ .‬هو ان تصاغ اللفظة االعجمية بالوزن العربي‪ ،‬فتصبح‬
‫العرب َ‬
‫عربية بعد وضعها‪ .‬على وزن االلفاظ العربية او ‪ -‬على حدة قولهم‪ - .‬على تفعيلة من تفعيالت‬
‫اللغة العربية ‪ .‬فالعرب كانوا يعمدون الى اللفظة االعجمية فيزنونها على تفعيلة من التفعيالت‬
‫العربية مثل"افعل وفعل وفاعل وافتعل وانفعل"وغيرها‪ .،‬فان وافقتها‪ .‬ووافقت حروفها‪ .‬حروف‬
‫اللغة العربية اخذوها وان لم تكن على وزن التفعيالت العربية ولم توافق‪ .‬اي وزن من اوزان‬
‫العرب حوروها بزيادة حرف او بنقصان حرف او حروف‪ .‬وصاغوها على الوزن العربي‬
‫فتصبح على اوزان تفعيالتهم وحينئذ‪ .‬يأخذونها‪ . .‬وكذلك يفعلون في حروفها‪ ،‬فيحذفون الحرف‬
‫الذي ال ينسجم مع لغة العرب ويضعون بدله حرفا من حروف‪ .‬العربية حتى يصبح من حروف‪.‬‬
‫العربية وحينئذ‪ .‬يأخذون اللفظة وهكذا ‪ .‬فالتعريب‪ .‬هو موضوع الكلمة االعجمية صياغة جديدة‬
‫بالوزن والحروف‪ .‬حتى تصبح لفظة عربية في وزنها‪ .‬وحروفها وحينئذ‪ .‬تؤخذ وتكون لفظة معربة‪،‬‬
‫وبذلك تكون عربية كاللفظة التي وضعها العرب سواء بسواء ‪.‬‬
‫وعلى هذا فليس التعريب اذا اخذ للكلمة من اللغات االخرى كما هي‪ ،‬ووضعها‪ .‬في اللغة العربية‬
‫على حالها االصلية بل التعريب هو صياغة جديدة للكلمة االعجمية بحروف عربية ووزن عربي‬
‫فان العرب قد‬ ‫‪.‬‬
‫حددت اوزان اللغة العربية وتفعيالتها‪ ،‬وحددت حروف اللغة العربية بحروف‪ .‬معينة وعدد‬
‫محدد‪ ،‬والتعريب‪ .‬هو صوغ لفظة من هذه الحروف على وزن من االوزان العربية‪ ،‬وهذا وال‬
‫شك اجتهاد وليس وضع‪ ،‬ومن هنا كان جائزا لكل مجتهد في اللغة العربية فهو كاالشتقاق‪ .‬سوا‬
‫بسواء ‪ .‬فاالشتقاق‪ .‬ان تصوغ‪ .‬من المصدر فعال او اسم فاعل او اسم مفعول او غير ذلك من‬
‫المشتقات من حروف‪ .‬العربية وعلى استعمال العرب‪ ،‬سواء اكان ما صنعته قد قالته العرب ام لم‬
‫تقله‪ ،‬فكذلك التعريب ان تأخذ لفظا اعجميا وتصوغه على وزن من اوزان العرب ومن حروف‪.‬‬
‫العربية وعلى استعمال العرب فتخرج منه لفظة عربية كما اخرج االشتقاق اسم الفاعل واسم‬
‫المفعول من المصدر‪ ،‬والمشتق‪ .‬ال خالف في جوازه لكل عالم بالعربية فكذلك التعريب يجوز لكل‬
‫مجتهد في العربية النه صياغة وليس بوضع‪ ،‬ولهذا فان التعريب ليس خاصا بالعرب االقحاح بل‬
‫هو عام لكل عربي‪ ،‬اال انه يشترط فيمن يصح منه التعريب ان يكون مجتهدا بالعربية حتى يتأتى‬
‫له جعل اللفظة االعجمية لفظة عربية كسائر الفاظ العرب‪ ،‬غير انه ينبغي له ان يعلم ان التعريب‬

‫‪100‬‬
‫خاص باسماء االشياء وليس عاما لكل لفظ اعجمي‪ ،‬فالتعريب ال يدخل االلفاظ الدالة على‬
‫المعاني‪ ،‬والالجمل الدالة على الخيال‪ ،‬وانما هو خاص باسماء االشياء وال تصح في غيرها‬
‫مطلقا ‪ .‬فانهم‪ .‬بالنسبة للمعاني قد وضعوا‪ .‬االشتقاق بالنسبة للتخيالت والتشبيهات قد وضعوا‪.‬‬
‫المجاز‪ ،‬ولم يستعملوا‪ .‬التعريب اال في اسماء االشياء ويدخل فيها اسماء االعالم مثل ابراهيم‬
‫ولهذا ال يجوز التعريب اال في اسماء االشياء واسماء االعالم وال يجوز في غيرهما وال بوجه من‬
‫الوجوه‪ ،‬اما غير اسماء االشياء واسماء االعالم فان مجال اخذها واسع في االشتقاق والمجاز‪،‬‬
‫فاالشتقاق مجاله واسع الخذ المعاني والتعبير عنها مهما بلغت من الكثرة والتنوع‪ .‬وكذلك للمجاز‬
‫مجال خصب الخذ الخيال والتشبيهات والتعبير‪ .‬عنها ‪ .‬واللغة العربية ليست في حاجة الن يؤخذ‬
‫معنى اللفظة االعجمية ويعبر‪ .‬عنها بلفظ يدل على معنى مثله بالعربية كما حاول المسلمون ان‬
‫يفعلوا ذلك‪ ،‬بل تؤخذ اللفظة االعجمية نفسها وتصاغ‪ .‬على وزن عربي وبحروف‪ .‬عربية على‬
‫استعمال العرب وتوضع‪ .‬لفظة معربة‪ ،‬فما فعلوه من وضع كلمات قطار‪ .‬وعربة وسيارة وهاتف‬
‫ومقود وما شاكل ذلك عمل كله خطأ ويدل على الجمود الفكري وعلى الجهل المطبق‪ ،‬فهذه اشياء‬
‫وليست معاني وال تخيالت وال تشبيهات فال توضع لها اسماء المعاني تشبهها وال تشتق لها‬
‫اسماء‪ ،‬وانما تؤخذ اسماؤها االعجمية نفسها وتصاغ على تفعيلة من تفعيالت العرب ومن‬
‫حروف عربية وعلى استعمال العرب وتوضع‪ .‬لفظة جديدة على اللغة العربية وتكون لفظة معربة‬
‫هي واللفظة التي وضعها العرب سواء بسواء فكلمة تلفون كان يجب ان تؤخذ كما هي الن وزنها‪.‬‬
‫عربي"فعلول"ومنها عربون وحروفها كلها حروف عربية وكلمة"جدون"وزنها وزن‬
‫عربي"فعول"ومنه جهول ولكن حرف"‪"G‬غير موجود في اللغة العربية يوضع بدله حرف"ج"او‬
‫حرف"غ"فيقال"غدون"او"جدون"فتصبح لفظة معربة‪ ،‬وهكذا باقي الكلمات ال يصح ان توضع لها‬
‫الفاظ عربية تدل على اشياء مثلها‪ ،‬فان هذا يخالف اللغة العربية ويخالف قواعدها‪ ،‬الن العربية‬
‫قد جعلت التعريب لوضع اسماء االشياء واسماء االعالم‪ ،‬ولم تجعل التشبيهات اداة لوضع اسماء‬
‫االشياء واالعالم ‪.‬على ان هذه االلفاظ التي وضعت السماء االشياء الجديدة كالقطار والعربة‬
‫والسيارة ال تعتبر من الفاظ العربية مطلقا‪ ،‬اي ليست هي حقيقة لغوية وال حقيقة شرعية وال‬
‫حقيقة اصطالحية‪ ،‬فال تكون عربية على االطالق ‪ .‬الن اللفظ العربي هو اللفظ الذي وضعه‬
‫العرب للداللة على معنى معين‪ ،‬فاذا حصل اصطالح اللفظ وضعه العرب على معنى لم يضعوه‬
‫فان الحقيقة اللغوية ال بد ان‬ ‫له كان ذلك حقيقة شرعية او حقيقة عرفية وليس حقيقة لغوية ‪.‬‬
‫يضع العرب اللفظ لذلك المدلول والفاظ اللغة العربية ال تخرج عن هذه الثالث ‪ :‬اما حقيقة لغوية‬
‫واما حقيقة شرعية‪ ،‬واما حقيقة عرفية ‪.‬ووضع لفظ القطار والعربة والهاتف‪ . . . .‬الخ قد‬
‫وضعها هؤالء للداللة على شيء حسب وضع اللغة وارادوا‪ .‬به ان يكون ذلك هو معناها لغة‪ ،‬اي‬
‫ارادوا به ان يكون حقيقة لغوية ‪ .‬والحقيقة اللغوية هي اللفظ المستعمل فيما وضع له اوال في‬

‫‪101‬‬
‫اللغة‪ ،‬اي هي اللفظ الذي وضعه اهل اللغة بازاء معنى معين للداللة عليه‪ ،‬ولفظ القطار وما‬
‫شابهه لم يضعه العرب بازاء هذا المعنى للداللة عليه فال يكون حقيقة لغوية‪ ،‬وبما انه ليس حقيقة‬
‫شرعية وال حقيقة عرفية فيكون لفظا غير عربي ‪ .‬فكلمات القطار والعربة والهاتف التي وضعت‬
‫وقال أبو حيَّان في‬ ‫مؤخرا اسماء الشياء ليست الفاظا عربية ‪.‬‬
‫فح ْك ُم ْأب َنيته‬
‫وألح ْقته بكالمها ُ‬
‫العرب َ‬
‫ُ‬ ‫قسم غي ََّرتْه‬
‫االرتشاف‪ :‬األسماء األعجمية على ثالثة أقسام‪ٌ :‬‬
‫وب ْه َرج‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ضع نحو درهم َ‬ ‫الو ْ‬
‫والو ْزن ُح ْك ُم أبنية األسماء العربية َ‬‫في اعتبار األصلي والزائد‪َ .‬‬
‫بأبنية ِ‬
‫كالمها فال ُي ْعتََبر فيه ما ُي ْعتََبر في القسم الذي قبلَه نحو آجر‬ ‫ِ‬ ‫وقسم َغيَّرته ولم تُْل ِح ْقه‬
‫ٌ‬
‫لحقوه بأبنية كالمهم لم ُي َع ّد منها وما ألحقوه بها ُع ّد منها‬ ‫وس ْف ِسير‪ .‬وقسم تركوه غير مغيَّر فما لم ي ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬
‫بسلّم و ُكر ُكم ألحق بقُمقُم‪.‬‬
‫مثال األول‪ُ :‬خ َراسان ال يثبت به فُعاالن ومثال الثاني‪ُ :‬خ َّرم ألحق ُ‬

‫ينقل ذلك أحد أئمة العربية‪.‬‬ ‫قال أئمة العربية‪ :‬تُ ْعرف ُع ْج َمة االسم بوجوه‪ :‬أحدها ‪َّ -‬‬
‫الن ْقل بأن ُ‬
‫خروجه عن أوزان األسماء العربية نحو ْإب َر ْي َسم‪ .‬فإن مثل هذا الوزن مفقود في أبنية‬
‫ُ‬ ‫الثاني ‪-‬‬
‫األسماء في اللسان العربي‪.‬‬
‫الرابع‬ ‫فإن ذلك ال يكون في كلمة عربية‪.‬‬
‫الثالث ‪ -‬أن يكون َّأوله نون ثم راء نحو ْنرجس ّ‬
‫الخامس ‪-‬‬ ‫يكون في كلمة عربية‪.‬‬
‫آخره زاي بعد دال نحو مهندز فإن ذلك ال ُ‬
‫يكون ُ‬
‫‪ -‬أن َ‬
‫السادس ‪ -‬أن‬ ‫والجص‪.‬‬
‫ّ‬ ‫َّولجان‬
‫أن يجتمع فيها الصاد والجيم نحو الص ْ‬
‫السابع ‪ -‬أن يكون‬ ‫يجتمع فيه الجيم والقاف نحو المنجنيق‪.‬‬
‫ورباعياً عارياً عن حروف ال ّذالقة وهي الباء والراء والفاء والالم والميم والنون فإنه متى‬ ‫ُخماسياً ُ‬
‫وج ْح َمرش‪ .‬فهذا ما‬ ‫يكون فيه شيء منها نحو َسفَ ْر َجل وقُ َذ ْع ِمل و ِق ْر َ‬
‫ط ْعب َ‬ ‫َ‬ ‫عربياً فال َّ‬
‫بد أن‬ ‫ّ‬ ‫كان‬
‫حيان في شرح التسهيل‪.‬‬
‫جمعه أبو ّ‬

‫القاف والجيم ال يجتمعان في ٍ‬


‫كلمة واحدة في كالم العرب والجيم‬ ‫ُ‬ ‫وقال الفارابي في ديوان األدب‪:‬‬
‫والتاء ال تجتمع في كلمة من غير حرف َذولَِقي ولهذا ليس ِ‬
‫الج ْبت من َم ْحض العربية والجيم‬ ‫ْ ّ‬ ‫ُ‬
‫بعربي والجيم‬
‫ّ‬ ‫َّولجان‬
‫اإلجاص وال الص ْ‬
‫الجص وال ّ‬ ‫ّ‬ ‫والصاد ال َيْأتلفان في كالم العرب ولهذا ليس‬
‫كلمة واحدة ولهذا كان الطَّا ِجن والطَّ ْي َجن مولّدين ألن ذلك ال يكون في‬
‫والطاء ال يجتمعان في ٍ‬
‫ابن‬
‫سمعت َ‬
‫ُ‬ ‫حدثني علي بن أحمد الصباحي‪ .‬قال‪:‬‬ ‫ابن فارس في فقه اللغة‪َّ :‬‬ ‫كالمهم األصلي‪ .‬وقال ُ‬
‫حولوها عند التكلّم بها إلى‬
‫اضطروا إليها َّ‬
‫ّ‬ ‫تتكلم العرب بها إال ضرورة فإذا‬
‫حروف ال ُ‬
‫ٌ‪.‬‬ ‫دريد يقول‪:‬‬
‫أقرب الحروف من مخارجها‪ .‬وذلك كالحرف الذي بين الباء والفاء مثل بور إذا اضطروا‪ .‬قالوا‪:‬‬
‫صحيح ألن بور ليس من كالم العرب فلذلك َيحتاج العربي عند‬
‫ٌ‬ ‫فُور‪ .‬قال ابن فارس‪ :‬وهذا‬
‫ابن ُدريد في الجمهرة قال أبو‬
‫قال ُ‬ ‫تعريبه إياه أن يصيِّره فاء‪.‬‬

‫‪102‬‬
‫سموا الناظر ناطوراً أي ينظر ويقولون‬
‫العرب تجعل الظاء طاء أال تراهم ّ‬
‫ُ‬ ‫حاتم قال األصمعي‪:‬‬
‫البرطُلَة وإ نما هو ابن ُّ‬
‫الظلَّة‪ .‬وفي مختصر‪ .‬العين‪ :‬الناظر والناطور‪ :‬حافظُ َّ‬
‫الزرع وليست‬ ‫ُْ‬
‫العين في إسماعيل ألنها‬
‫وقال سيبويه أبدلوا َ‬ ‫بعربية‪.‬‬
‫معرب‬ ‫ُّ‬
‫أشبهُ الحروف بالهمزة قالوا‪ :‬فهذا يدل على أن وفي شرح أدب الكاتب‪ :‬التوت أعجمي ّ‬
‫ثنوية ألن‬
‫فأبدلت العرب من الثاء المثلثة والذال المعجمة تاء ّ‬
‫وأصلُه باللسان العجمي توث وتوذ‪َ .‬‬
‫المعرب‪ :‬إن العرب كثيراً ما‬
‫وقال الجواليقي في َّ‬ ‫المثلّثة والذال مهمالن في كالمهم‪.‬‬
‫يجترئون على األسماء األعجمية فيغيِّرونها‪ .‬باإلبدال قالوا‪ :‬إسماعيل وأصلُه إ ْشمائيل فأبدلوا لقُْرب‬
‫الب ْعد من المخرج وقد‪ .‬ينقلونها إلى‬ ‫ِ‬
‫قال‪ :‬وقد‪ُ .‬ي ْبدلون مع ُ‬ ‫الم ْخرج‪.‬‬
‫َ‬
‫الم َع َّرب‬
‫البدل في ُ‬ ‫وقال بعضهم‪ :‬الحروف التي يكون فيها َ‬ ‫أبنيتهم ويزيدون وينقصون‪.‬‬
‫عشرة‪ :‬خمسةٌ ُيطَّ ِرد إبدالها وهي‪ :‬الكاف والجيم والقاف والباء والفاء وخمسةٌ ال يطَّرد إبدالُها‬
‫كل حرف ليس من حروفهم‬ ‫فالبد ُل المطَّ ِرد‪ :‬هو في ِّ‬
‫وهي‪ :‬السين والشين والعين والالم والزاي َ‬
‫كقولهم‪ُ :‬ك ْرَبج الكاف فيه بد ٌل من حرف َبين الكاف والجيم فأبدلوا فيه الكاف أو القاف نحو قُْرَبق‪.‬‬
‫ِ‬
‫أو الجيم نحو َج ْورب وكذلك ف ِرند هو بين الباء والفاء ّ‬
‫فمرة تُْب َدل منها الباء ومرة تُْبدل منها الفاء‪.‬‬
‫فكل حرف وافَق الحروف‪ .‬العربية كقولهم إسماعيل أبدلوا السين من‬ ‫وأما ما ال يطّرد‪ .‬فيه اإلبدال ُّ‬
‫وقال‬ ‫والعين من الهمزة وأصله إشمائيل‪.‬‬
‫َ‬ ‫الشين‬
‫يعربون الشين سيناً يقولون‪ :‬نيسابور‪ .‬وهي نيشابور‪.‬‬
‫أبو عبيد في الغريب المصنف‪ :‬العرب ِّ‬
‫وفي‪ .‬تذكرة‬ ‫فيبدلونها سيناً‪.‬‬ ‫وكذلك َّ‬
‫الد ْشت يقولون َد ْست ُ‬
‫طه‪ :‬قال نصر بن محمد بن أبي الفنون النحوي في كتاب أوزان‬ ‫الشيخ تاج الدين بن مكتوم بخ ّ‬
‫ابن ِس َ‬
‫يده‬ ‫الثالثي‪ :‬سين العربية شين في العبرية فالسالم شالم واللسان لشان واالسم اشم‪ .‬وقال ُ‬
‫ضة الشينات ذكر أمثلة من‬ ‫ٍ‬ ‫شين بعد ٍ‬
‫الم في كلمة عربية َم ْح َ‬ ‫الم ْحكم‪ :‬ليس في كالم العرب ٌ‬
‫في ُ‬
‫عرب قال الثعالبي في فقه اللغة‪ :‬فصل ‪ -‬في سياقة أسماء تَفَّرد بها الفُْرس دون العرب‬ ‫الم َّ‬‫ُ‬
‫ت ِ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫الخوان‬ ‫تع ِريبها أو تركها كما هي من ذلك‪ :‬ال ُكوز َ‬
‫الج َّرة اإلبريق‪ .‬الط ْش ُ‬ ‫فاضطرت‪ .‬العرب إلى ْ‬
‫اختْ ُج‬
‫الر ُ‬ ‫الديباج التَّ ُ‬
‫اختْج َّ‬ ‫الخ ُّز ِّ‬ ‫َّمور‪ .‬الس ِّْن َجاب القَاقُم الفََنك َّ‬
‫الدلَق َ‬ ‫ُّكرجة‪ .‬الس ُّ‬
‫ص َعة الس ُّ‬ ‫َّ‬
‫الطبق القَ ْ‬
‫الس ُّْن ُدس‪.‬‬

‫اهج‬ ‫الس ْكباج الزيرباج االس ِفيداج الطَّب ِ‬ ‫ِ‬ ‫البلُّور‪ .‬ال َك ْعك َّ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫الج ْردق السَّميذ‪َ ِّ .‬‬ ‫الد ْر َمك َ‬ ‫الياقوت الفَْي ُروزج َ‬
‫الفْل ُفل اْل َك َر ِوَّيا‪.‬‬ ‫الدار ِ‬
‫صيني‪ُ .‬‬ ‫الجلَْن ُجبِين‪َ َّ .‬‬ ‫الجالَّب َّ‬
‫الس َك ْن ُجبِين َ‬ ‫الن ْف ِر َينج‪ُ .‬‬
‫زين ُج َّ‬ ‫َّ‬
‫الفَالُو َذج الل ْو ِز َينج َ‬
‫الج ْو َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الخوِل ْن َجان اْل ِق ْرفة‪َّ .‬‬
‫الن ْر ِجس اْلَبَن ْف َسج ِّ‬ ‫الز ْن َجبِيل ُ‬
‫َّ‬
‫مين‬
‫الم ْر َز ْن ُجوش الياس ُ‬ ‫َّوسن َ‬
‫ي الس َ‬‫الن ْس َرين الخ ْي ِر ّ‬
‫َّندل القََر ْن ُفل‪.‬‬
‫الع ْنَبر الكافور‪ .‬الص َ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫الجلنار‪ .‬الم ْسك َ‬ ‫ُ‬

‫‪103‬‬
‫الفر َدوس‪ .‬وهو البستان‪ .‬القُسطاس وهو الميزان‪ .‬السَّج ْنجل‪ِ :‬‬
‫المرآة‪ .‬البِطاقة‪:‬‬ ‫ِ‬
‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ومن اللغة الرومية‪ْ ْ :‬‬
‫االصطرالب معروف‪ .‬القُسطناس‪ :‬صالبةُ ِّ‬
‫الطيب‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‪ْ َ .‬‬ ‫اع‪ .‬القََر ْسطُون‪ :‬القَفَار‪.‬‬ ‫ُر ْق َعةٌ فيها َر ْق ُ‪.‬م المتَ ِ‬
‫النحاس‪ِ .‬‬ ‫ي والقُ ْسطار‪ِ :‬‬
‫الج ْهبِذ‪ .‬القَ ْس َ‬
‫الق ْنطار‪ :‬اثنا عشر ألف‬ ‫َأج َو ُد ُّ َ‬
‫رس‪ْ :‬‬ ‫الغبار‪ .‬القُْب ُ‬
‫طل‪ُ :‬‬ ‫ط ِر ّ‬
‫القَ ْس َ‬
‫ط َرةُ معروفة‪ .‬القيطون‪:‬‬ ‫اميد‪ :‬اآلجر‪ .‬التِّْرياق‪ :‬دواء السُّموم‪ .‬القَْن َ‬ ‫يق‪ :‬القائد‪ .‬القَر ِ‬‫ط ِر ُ‬ ‫أوقيَّة‪ .‬البِ ْ‬
‫َ‬
‫علي رضي اللَّه عنه ُش َر ْيحاً‪ .‬مسألة فأجابه‬ ‫الن ْق ِرس والقُولَْنج‪َ :‬م َرضان‪ .‬سأل ٌّ‬ ‫الشتوي‪ِّ .‬‬ ‫البيت َّ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫والعراق‪.‬‬ ‫بالرومية‪ .‬انتهى ما أورده الثعالبي‪.‬‬ ‫أصبت ‪ُّ -‬‬ ‫َ‬ ‫بالصواب فقال له‪ :‬قَالون‪ :‬أي‬
‫فعربوها فقالوا‪ :‬العراق‪.‬‬ ‫قال األصمعي‪ .‬وأصلُها بالفارسية ِإ ْ‬
‫ران َش ْهر أي البلد الخراب ّ‬

‫ومما أخذوه من الحبشية‪ :‬الهَ ْرج‪ :‬وهو القتل‪.‬‬


‫أحدثه المولَّدون الذين ال‬
‫ويجدر القول هنا إلى وجود‪ .‬نوع آخر من الكالم يسمى المولّـد‪ :‬وهو ما ْ‬
‫تج بألفاظهم والفرق بينه وبين المصنوع‪ .‬أن المصنوع‪ُ .‬يورده صاحبه على أنه عربي فصيح‬
‫ُي ْح ّ‬
‫وهذا بخالفه‪.‬‬
‫الصغار مولّد وقال‪ :‬كان‬
‫السهام ّ‬
‫ُ‬ ‫الح ْسبان الذي ترمى به‪ :‬هذه‬
‫ومن أمثلته‪ :‬قال في الجمهرة‪ُ :‬‬
‫رير ليس من كالم العرب وهي كلمة مولّدة‪.‬‬ ‫الن ْح ُ‬‫األصمعي يقول‪ّ :‬‬
‫الع ُج ِ‬
‫وز ليس من‬ ‫الدجاجة وهي وقال‪ :‬أيام َ‬ ‫لتبيض فيها َّ‬
‫َ‬ ‫ص َّرة ُي ْج َع ُل فيها التبن‬
‫الخ ُّم‪ :‬القَ ْو َ‬
‫وقال‪ُ :‬‬
‫كالم العرب في الجاهلية إنما ُولِّد في اإلسالم‬
‫وقال التبريزي في تهذيب اإلصالح‪ :‬القاقَُّزة مولّدة وإ نما هي القاقُوزة والقَ ُازوزة وهي ٌ‬
‫إناء من‬
‫آنية الشراب‪.‬‬
‫الكابوس الذي يقعُ على النائم أحسبه مولداً‪.‬‬
‫ُ‬ ‫وقال ابن دريد‪:‬‬
‫أهون الصمم يقال هو مولّد‬
‫ُ‬ ‫وقال الجوهري في الصحاح‪ :‬الطَّ َرش‬
‫أظنه مولداً وجزم‪ .‬به صاحب القاموس‪.‬‬
‫والع ّجة هذا الطعام الذي ُيتّخذ من البيض ّ‬
‫قال ُ‬
‫ت إال في العدد‪.‬‬‫قال‪ :‬وقولهم‪ِ :‬ستّي بمعنى سيدتي‪ .‬مولّد وال يقال ِس ّ‬
‫وهذه المباحث كلها ال شك أنها تنبيك عن اتساع لغة العرب‪.‬‬

‫االشتقاق والتصريف‪:.‬‬

‫االشتقاق أن تجد بين اللفظين تناسباً في المعنى والتركيب فنرد أحدهما إلى اآلخر ‪ .‬وأركانه‬
‫أربعة ‪ :‬أحدها اسم موضوع لمعنى وثانيها شيء آخر له نسبة إلى ذلك المعنى وثالثها مشاركة‬
‫بين هذين االسمين في الحروف األصلية ورابعها‪ .‬تغيير يلحق ذلك االسم في حرف فقط أو‬

‫‪104‬‬
‫حركة فقط أو فيهما‪ .‬معاً وكل واحد من هذه األقسام‪ .‬الثالثة إما أن يكون بالزيادة أو النقصان أو‬
‫بهما معاً‬

‫االجتِنان‬ ‫ٌّ‬
‫مشتق من ْ‬ ‫ُّ‬
‫تشتق بعض الكالم من بعض واسم ِّ‬
‫الجن‬ ‫إن ِ‬
‫للغة العربية قياساً‪ .‬وإ ّن العرب‬
‫وأجَّنه اللي ُل وهذا َجنين أي هو في‬ ‫الستر تقول العرب ِّ‬
‫للد ْرع‪ُ :‬جَّنة َ‬ ‫والجيم والنون تَ ُدالّن أبداً على ّ‬
‫سائر كالم العرب‬ ‫ص ْرتُه‪ .‬وعلى هذا ُ‬ ‫ت الشيء‪ْ :‬أب َ‬ ‫َآنس ُ‬
‫أمه‪ .‬وأن اإلنس من الظهور‪ .‬يقولون‪ْ :‬‬ ‫طن ِّ‬
‫َب ْ‬
‫مبني‬
‫قال‪ :‬وهذا ٌّ‬ ‫وج ِهله من جهل‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َعلم ذلك َمن َعلم َ‬
‫فإن الذي َوقَّفَنا على أن االجتِنان‪ :‬الستر هو الذي وقّفنا‬
‫أيضاً على ما تقدَّم من أن اللغة توقيف ّ‬
‫غير ما قالوه وال أن نقيس قياساً‪.‬‬
‫مشتق منه وليس لنا اليوم أن نخترع وال أن نقول َ‬ ‫ٌّ‬ ‫على أن َّ‬
‫الجن‬
‫قال‪ :‬ونكتةُ الباب أن اللغة ال‬ ‫طالن حقائقها‪.‬‬
‫وب َ‬ ‫لم يقيسوه ألن في ذلك فساد‪ .‬اللغة ُ‬
‫االشتقاق‬
‫ُ‬ ‫قال في شرح التسهيل‪:‬‬ ‫تُْؤ خذ قياساً نقيسه اآلن نحن انتهى كالم ابن فارس‪.‬‬
‫معنى ومادةً أصلية وهيئةً تركيب لها لَيد ّل بالثانية على معنى‬
‫صيغة من أخرى مع اتفاقهما ً‬‫ٍ‬ ‫أخ ُذ‬
‫ْ‬
‫وح ِذٌر من َح ِذر‪.‬‬
‫األصل بزيادة مفيدة ألجلها اختلفا حروفاً‪ .‬أو هيئة كضارب من ضرب َ‬

‫تصاريف الكلمة حتى يرجع منها إلى صيغة هي أصل الصِّيغ داللة اطراد‬
‫ِ‬ ‫تقليب‬
‫ُ‬ ‫وطريق معرفته‬
‫ُ‪.‬‬
‫ضرب‪.‬‬‫وي ْ‬
‫أو حروفاً غالباً كضرب فإنه دال على ُمطلق الضرب فقط أما ضارب ومضروب َ‬
‫وضرب‪ .‬الماضي ٍ‬ ‫ُّ‬
‫وأكثر داللة وكلها‬
‫ُ‪.‬‬ ‫مساو حروفاً‪.‬‬ ‫َ‬ ‫وأكثر حروفاً‪.‬‬
‫ُ‪.‬‬ ‫واض ِرب فكلها ُ‬
‫أكثر داللة‬ ‫ْ‬
‫وكل‬ ‫ُّ‬
‫المحتج به‪.‬‬ ‫األصغر‬
‫ْ‬ ‫مشتركة في ض ر ب وفي‪ .‬هيئة تركيبها وهذا هو االشتقاق‬
‫وقال في‬ ‫زيادة في المبنى ال بد أن تتضمن زيادة في المعنى‪.‬‬
‫وأصدق ما يكون في األفعال المزيدة‬
‫ُ‬ ‫يكون من المصادر‪.‬‬
‫االرتشاف‪ :‬األصل في االشتقاق أن َ‬
‫العلَم ويق ّل في أسماء األجناس‬
‫ويغلب في َ‬
‫ُ‬ ‫والزمان والمكان‬
‫والصفات منها وأسماء المصادر‪ّ .‬‬
‫الج ْرد‪.‬‬
‫كغراب يمكن أن ُيشتق من االغتراب وجراد من َ‬
‫ُ‬

‫أعم من االشتقاق ألن بناء مثل قردد‪ .‬من‬


‫التصريف ُّ‬
‫ُ‬ ‫الثانية ‪ -‬قال في شرح التسهيل أيضاً‪:‬‬
‫العرب‪.‬‬
‫خاص بما َبنتْه َ‬
‫ٌّ‬ ‫الضرب يسمى تصريفاً وال يسمى اشتقاقاً ألنه‬
‫ّ‬

‫بالرمح‬
‫رت فالناً ّ‬
‫شج ُ‬
‫الزجاج في كتابه قال‪ :‬قولهُم‪َ :‬‬‫في مثال من االشتقاق األكبر‪ :‬مما ذكره ّ‬
‫صن في الشجرة وقولهم‪ :‬للحلقوم وما يتصل به َش ْجر ألنه مع ما يتصل به‬‫كالغ ْ‬
‫تأويله جعلته فيه ُ‬
‫تفرع من‬
‫كأغصان الشجرة وتشاجر القوم إنما تأويلُه اختلفوا كاختالف أغصان الشجرة وكل ما ّ‬
‫أتيت النبي صلى اهلل عليه وسلم يوم‬
‫هذا الباب فأصله الشجرة‪ .‬ويروى عن شيبة بن عثمان قال‪ُ :‬‬

‫‪105‬‬
‫شج َرها‪ .‬قال أبو نصر صاحب األصمعي‪ :‬معنى قوله‪ :‬قد‬ ‫ُحنين فإذا العباس آخذ بلجام َب ْغلَته قد َ‬
‫ت أغصان الشجرة إذا تدلّت فرفعتُها‪.‬‬
‫شجر ُ‬
‫شجرها أي رفع رأسها إلى فوق‪ .‬يقال‪َ :‬‬

‫يؤمن عليه السقوط تشبيهاً‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِّ‬


‫وم ْن َمَن َعته العلّة من الحركة ولم َ‬
‫والشجار َم ْركب ُيتخذ للشيخ الكبير َ‬
‫طلعكن ألهله وأنكر ما خيرت‬
‫ّ‬ ‫طْلع‬
‫بالشجرة الملتفّة والنخل يسمى الشجر قال الشاعر‪ :‬وأخبث َ‬
‫وشجرني عن األمر‬
‫من َش َجرات والمرعى يقال له الشجر الختالف َنبته وشجر‪ .‬األمر إذا اختلط َ‬
‫ص َرفني وتأويله أنه اختلَف رأيي كاختالف الشجر والباب واحد وكذلك شجر بينهم‬
‫كذا وكذا معناه َ‬
‫أمر أي وقع بينهم‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫فالن أي اختلف بينهم وقد‪ .‬شجر بينهم ٌ‬

‫الدكان من َّ‬
‫الد ْك َدك وهي‬ ‫اشتقاق ُّ‬
‫ُ‬ ‫سمعت األخفش يقول‪:‬‬
‫ُ‬ ‫فائدة ‪ -‬قال ابن دريد‪ :‬قال أبو عثمان‪:‬‬
‫وبته‪.‬‬ ‫أرض فيها غلظ وانبساط‪ .‬ومنه اشتقاق ناقة َد َّكاء إذا كانت مفترشة السَّنام في ظهرها أو ْ‬
‫مجُب َ‬ ‫ٌ‬

‫حدثني هارون بن زكريا‬ ‫لطيفة ‪ -‬قال أبو عبد اللّه محمد بن المعلى األزدي في كتاب الترقيص‪ّ :‬‬
‫البلعي عن أبي حاتم قال‪ :‬سألت األصمعي ِل َم ُس ِّميت ِمًنى منى قال‪ :‬ال ْأدري‪ .‬فلقيت أبا‬
‫ّ‬ ‫عن‬
‫عبيدة فسألته فقال‪ :‬لم أكن مع آدم حين علَّمه اللّه األسماء فأسأله عن اشتقاق األسماء فأتيت أبا‬
‫الدماء‪.‬‬
‫سميت منى لما ُي ْمنى فيها من ّ‬
‫زيد فسألته‪ .‬فقال‪ِّ :‬‬

‫فائدة ‪ -‬قال أبو بكر الزبيدي‪ .‬في طبقات النحويين‪ُ :‬سِئل أبو عمرو بن العالء عن اشتقاق الخيل‬
‫ألطف‬
‫ُ‬ ‫دعني فإني‬ ‫فمر أعرابي ُم ِ‬
‫حرم فأراد‪ .‬السائ ُل سؤا َل األعرابي فقال له أبو عمرو‪ْ :‬‬ ‫فلم يعرف َّ‬
‫بسَُؤ اله وأعرف فسأله‪.‬‬

‫األعرابي فسألوا أبا‬ ‫ضر ما أراد‬ ‫ِ‬


‫ُّ‬ ‫االسم من ف ْعل السير فلم يعرف َم ْن َح َ‬
‫َ‬ ‫فقال األعرابي‪ :‬استفاد‬
‫رضَنة خيالء‬
‫الع ْ‬
‫والع ْجب أال تراها تمشي َ‬
‫الخَيالء التي في الخيل ُ‬
‫ذهب إلى ُ‬
‫عمرو عن ذلك فقال‪َ :‬‬
‫يزعم أن كل‬ ‫وتكبراً فائدة ‪ -‬قال حمزة بن الحسن األصبهاني‪ .‬في كتاب الموازنة‪ :‬كان َّ‬
‫الزجَّاج ُ‬ ‫ّ‬
‫فإن إحداهما‬
‫حروف إحداهما عن حروف األخرى ّ‬
‫ُ‪.‬‬ ‫لفظتين اتفقتا ببعض الحروف‪ .‬وإ ن َنقَصت‬
‫الرحل مشتق من الرحيل والثور‪ .‬إنما ُس ّمي ثوراً ألنه ُيثير األرض‬
‫مشتقةٌ من األخرى فتقول‪ّ :‬‬
‫والثوب إنما ُس ِّمي ثوباً ألنه ثاب لباساً بعد أن كان غزالً حسيبه اللّه كذا قال‪.‬‬

‫الترادف‪ :‬وقد مر تفصيله ونذكره هنا التصاله بموضوع‪ .‬االشتقاق والتصريف‪ .‬هو توالي األلفاظ‬
‫المفردة الدالة على مسمى واحد‪ ،‬باعتبار واحد‪ ،‬كاالنسان والبشر الدالين على الحيوان الناطق‪،‬‬
‫وكالبر والقمح وكجلس وقعد‪ ،‬ومثل ما نقل عن العرب قولهم‪ :‬الصلهب والشوذب‪ .‬من أسماء‬
‫الطويل‪ ،‬والبهتر‪ .‬والبحتر من أسماء القصير‪ ،‬إلى غير ذلك‪.‬‬

‫‪106‬‬
‫وسبب وقوع الترادف‪ .‬في اللغة أن يكون من واضعين‪ ،‬وذلك بأن تضع قبيلة لفظ القمح مثال للحب‬
‫المعروف وتضع قبيلة أخرى لفظ البر له أيضا ويشتهر‪ .‬الوضعان‪ ،‬أو أن يكون من واضع واحد‬
‫إما لتكثير الوسائل إلى اإلخبار عما في النفس وإ ما للتوسع في مجال البديع‪ ،‬كقولك‪ :‬ما أبعد ما‬
‫فات وما أقرب ما هو آت‪ ،‬فلو عبرت بلفظ مضى بدل لفظ فات لما حصل هذا المعنى‪ ،‬ولما‬
‫وصلت إلى الصورة البالغيه المطلوبه‪ ،‬وفي‪ .‬المجانسة كقولك‪ :‬اشتريت البر وأنفقته في البر‪ ،‬فلو‬
‫عبر بلفظ القمح بدل لفظ البر لفات المطلوب‪ .‬وفي القلب كقوله تعالة "وربك فكبر"‪ .‬فلو عبر بلفظ‬
‫واهلل فكبر لفات المطلوب‪ ،‬وهو ربك تقرأ طردا ربك وعكسا كبر‪ ،‬فيكون الترادف قد أغنى اللغة‬
‫العربية‪.‬‬

‫إال أن الترادف‪ .‬خالف األصل واألصل عدم الترادف‪ ،‬فإذا تردد لفظ بين كونه مترادفا‪ .‬وكونه غير‬
‫مترادف فحمله على غير الترادف أولى‪ ،‬إذ األصل أن يكون اللفظ قد وضع لمعنى لم يوضع له‬
‫لفظ آخر‪ ،‬وألن اللفظ الثاني معرف لما عرف باألول‪ ،‬ولذلك ذهب بعضهم إلى امتناع وقوع‬
‫الترادف‪ ،‬ولكن الثابت أن الترادف‪ .‬موجود في اللغة العربية ومروي عن العرب وكون اللغة قد‬
‫وضعها العرب وكانوا قبائل يقتضي وقوع‪ .‬الترادف إال أنه خالف لألصل‪.‬‬

‫وقد مر بحث وبيان الكثير من المترادفات‪ .‬وال بأس من أن نأتي على المزيد من األمثله‪:‬‬

‫اع(‪.‬‬ ‫ال ُّ‬


‫الش َج ِ‬ ‫أحو ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫الشج ِ‬
‫(في َّ َ َ‬
‫اعة وتَ ْفصيل ْ َ‬
‫ْأش فَهَُو ِز ٌير َو َم ْزبِر‪.‬‬‫الج ِ‬‫ط َ‬ ‫القْل ِب َرابِ َ‬
‫يد َ‬ ‫كان َش ِد َ‬
‫إذا َ‬
‫فإذا كان لَ ُزوماً ِل ِلقر ِن ال يفَ ِارقُه فهو حْلبس ‪ ،‬ع ِن ِ‬
‫الك َساني‬ ‫ٌََ َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫اَألص َم ِعي‬
‫ْ‬ ‫ث ‪َ ،‬عن‬ ‫طالَبهُ فهو َغِل ٌ‬ ‫ال لَ ُزوماً ِل َم ْن َ‬ ‫يد ِ‬
‫القتَ ِ‬ ‫كان َش ِد َ‬
‫فإذا َ‬
‫ف ‪َ ،‬ع ْن أبي َع ْم ٍ‬
‫رو‬ ‫ش و ِم ْخ َش ٌ‪.‬‬ ‫كان َج ِريئاً َعلَى اللَّْي ِل فَهَ َو ِم َخ ٌّ‬
‫فإذا َ‬
‫بأح َو ِالها‪ .‬فَهَُو ِم ْح َرب‬
‫الح ْر ِب َع ِالماً ْ‬ ‫كان م ْق َداماً َعلَى َ‬
‫ِ‬
‫فإذا َ‬
‫فإذا كان منكرا شديدا فَهو َذ ِمر ‪ ،‬ع ِن الفََّر ِ‬
‫اء‬ ‫َُ ٌ َ‬ ‫َ‬
‫والغض ِب ‪ ،‬فَهو ب ِ‬ ‫الشج ِ‬ ‫ِ‬
‫اسل‬ ‫َُ َ‬ ‫اعة َ َ‬ ‫وس َّ َ َ‬ ‫كان به ُعُب ُ‬ ‫فإذا َ‬
‫أس ِه ‪ ،‬فَهَُو ُب ْه َمةٌ‪َ ،‬ع ِن اللَّْي ِث‬‫فإذا كان ال ي ْدرى ِم ْن َْأين ي تَى ِل ِش َّد ِة ب ِ‬
‫َ‬ ‫َ ُْؤ‬ ‫َ َُ‬
‫طل‬ ‫ك ِعندهُ ثَْأر ‪ ،‬فهو َب َ‬ ‫اء فَالَ ُي ْد َر ُ‬ ‫اء ِّ‬
‫والد َم َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كان ُي ْبط ُل اَألش َّد َ‬
‫فإذا َ‬
‫األص َم ِع ّي‬
‫ْ‬ ‫يد‪ ،‬فَهَو َغ َش ْم َشم ‪َ ،‬ع ِن‬ ‫يه َش ْيء َع َّما َي ِر ُ‬ ‫فإذا كان ير َكب رْأسه ال يثنِ ِ‬
‫َ َْ ُ َ َ ُ َ‬
‫ث‪.‬‬‫يء ‪ ،‬فَهَ َو ْأيهَ ُم ‪َ ،‬ع ِن اللَْي َ‬ ‫اش ِل َش ٍ‬ ‫كان الَ َي ْن َح ُ‬
‫فإذا َ‬
‫وحْلَب ٌس‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫طل ‪،،،‬ثَُّم ص َّمةٌ ‪ ،،،‬ثَُّم ُب ْه َمة‪ ،،،‬ثَُّم َذمر ‪،،،‬ثَُّم َحل ٌس َ‬ ‫َر ُجل ُش َجاع‪ ،،،‬ثَُّم َب َ‬
‫وأيهَ ُم‪.‬‬
‫ب ‪ ،،‬ثَُّم َغ َش ْم َشم ْ‬ ‫أهَي ُس أْلَي ُس‪ ،،،‬ثَُّم نِ ْك ٌل ‪ ،،،‬ثَُّم َنهيك و ِم ْخ َر ٌ‬ ‫ثم ْ‬
‫َ‬

‫‪107‬‬
‫اس والسِّالح)‬ ‫الخلُِّو ِم َن اللَِّب ِ‬‫(في ُ‬
‫َأع َز ُل ِم َن الس ِ‬
‫ِّالح‬ ‫ام ِة‪ْ ،،،‬‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ ِّ ِ‬
‫ف‪ُ ،،،‬ع ْرَيان م َن الثَياب‪َ ،،‬حاسر م َن الع َم َ‬ ‫والخ ِّ‬
‫الن ْع ِل ُ‬ ‫اف ِم َن َّ‬ ‫رج ٌل ح ِ‬
‫َ ُ َ‬
‫ب ِم َن ا لقَ ْو َس‪.‬‬ ‫الر ْم ِح‪َْ ،،‬أن َك ُ‬ ‫َأج ُّم ِم َن ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َأمَي ُل م َن الس َّْيف‪َ ،،‬‬ ‫س‪ْ ،،،‬‬ ‫ف ِم َن التُّْر ِ‬ ‫َأ ْك َش ُ‬
‫اف الطَّ ْعَن ِة(‬‫ص ِ‬ ‫(في ْأو َ‬
‫ِ‬ ‫ت ُم ْستَِقيمةً فَ ِه َي ُسْل َكى‪ ،،،،‬فإذا َك َان ْ‬
‫ت في َجان ِب فَ ِه َي َم ْخلُ َ‬
‫وجة‬ ‫إ َذا َك َان ْ‬
‫الش ْزر‪ ،،،‬فإذا َك َان ْ ِ‬ ‫ك فَ ِهي َّ‬ ‫ت عن ي ِمينِ َ ِ ِ‬
‫ك فَ ِه َي َ‬
‫الي ْس ُر‬ ‫اء َوج ِه َ‬ ‫ت ح َذ َ‬ ‫ُ‬ ‫ك َوش َمال َ‪َ .‬‬ ‫فإذا َك َان ْ َ َ‬
‫بالدم فَ ِهي الفَ ِ‬
‫اهقَةُ‬ ‫ت َّ‬ ‫الء‪ ،،،‬فإذا فَهَقَ ْ‬ ‫اس َعةً فَ ِهي َّ‬ ‫تو ِ‬
‫َ‬ ‫الن ْج ُ‬ ‫َ‬ ‫فإذا َك َان ْ َ‬
‫ف َولَم تَْنفُ ْذ فَ ِه َي‬‫الج ْو َ‬‫طت َ‬ ‫الج ِالفَةُ‪ ،،،‬فإذا َخالَ َ‬ ‫ف فَ ِه َي َ‬ ‫الج ْو َ‬ ‫ِ‬
‫فإذا قَ َش َرت ال ِجْلد َولَ ْم تَ ْد ُخ ِل َ‬
‫الجاِئفَة‪.‬‬
‫ت فَ ِه َي َ‬ ‫ف َوَنفَ َذ ْ‬‫الج ْو َ‬ ‫ِ‬
‫ضةُ‪ ،،،‬فإذا َد َخلَت َ‬
‫ِ‬
‫الواخ َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫ان وترتيبها)‪.‬‬ ‫الجَب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صاف َ‬ ‫(في تَ ْفصيل ْأو َ‬
‫يف الفَُؤ ِاد‬‫ض ِع َ‬ ‫كان َ‬ ‫َّابة‪ ،،،‬ثَُّم َم ْفُؤ ود إذا َ‬ ‫وهي َ‬
‫ان َ‬ ‫جب ٌ‬‫َر ُجل َ‬
‫والب َد ِن‬
‫القْلب َ‬ ‫يف َ‬ ‫ض ِع َ‬‫كان َ‬ ‫ض ِرع إذا َ‬ ‫ثم َورع َ‬
‫المؤر ِج واللَّْي ِث‬
‫ِّ‬ ‫وضعفُهُ ‪َ ،‬ع ِن‬ ‫ْ‬ ‫ثَُّم فَ ْعفَاع َو َو ْع َواع‪َ .‬و َهاع الع إذا َز َاد ُج ْبُنهُ‬
‫ِ‬
‫الج ْب ِن‬
‫كان نهَايةً في ُ‬ ‫وم ْستَ ْو ِهل‪ .‬إذا َ‬ ‫ثَُّم َم ْن ُخوب ُ‬
‫كان َنفُوراً فَ ُروراً ‪َ ،‬ع ْن أبي َع ْم ٍ‬
‫رو‬ ‫وهجهَاج ِإذا َ‬ ‫ثم َه ْو َهاة َ‬
‫ش ُج ْبناً‬ ‫كان َي ْرتَ ِع ُد ويرتَ ِع ُ‬
‫ور ْعشي َشة ِإذا َ‬
‫يدة ِ ِ‬ ‫ثَُّم ِر ْع ِد َ‬
‫اد لَهُ ‪َ ،‬ع ْن أبي َز ْي ٍد َ‬
‫وغ ْي ِر ِه‪.‬‬ ‫ف ال فَُؤ َ‪.‬‬‫ثَُّم ِهر َدبَّة إذا كان م ْنتَِف َخ الجو ِ‬
‫َْ‬ ‫َ ُ‬ ‫ْ‬
‫ص ِيل ِه َما)‬
‫ف بِ ِهما مع تَ ْف ِ‬
‫وص ُ َ َ َ‬ ‫ور ِة َعلَى ما ُي َ‬
‫(في تَ ْق ِس ِيم َ ِ‬
‫الخالَء والصُّفُ َ‬
‫يس ِفيهَا َز ْرع‬ ‫وجرز‪ .‬لَ َ‬
‫ِ‬
‫وم ْرت لَْي َس فيهَا َن ْبت‪ُ ،،،‬‬ ‫َأحد‪َ ،،،‬‬ ‫َْأرض قَ ْفر لَْي َس بِهَا َ‬
‫طٌر‪ ،،،‬بِْئ ر َن ِزح لَْي َس ِفيهَا َماء‪،‬‬ ‫يه َم َ‬ ‫َأهل‪َ ،،،‬غمام جهام لَْيس ِف ِ‬
‫َ‬ ‫َ ََ‬ ‫َد ٌار َخ ِاوَيه لَْي َس ِفيهَا ْ‬
‫طعام ‪ ،،،،‬لَب ٌن ج ِهير لَْيس ِف ِ‬ ‫ِِ‬ ‫َإناء ص ْفر لَْيس ِف ِ‬
‫يه ُز ْبد‪،‬‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ط ٍاو لَْي َس فيه َ َ‬ ‫طن َ‬ ‫يه َش ْيء‪ْ َ ،،،‬‬ ‫َ‬ ‫ٌ ُ‬
‫يه ُش ْغل‬‫ف لَْيس ِفيها عسل ‪َ ،،،‬قْلب فَ ِارغ‪ .‬لَْيس ِف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ََ‬ ‫بستَان خ ٌّم لَْي َس فيه فَاكهَة ‪ُ ،،،،‬ش ْه َدة ه ّ َ‬ ‫ْ‬
‫ط ٌل لَْي َس َعلَْيهَا ُحِل ٌّي‬ ‫ام َرَأة ُع ْ‬ ‫ِ‬
‫أم َر ُد لَْي َس َعلَْيه َش ْعر‪ْ ،،،‬‬ ‫َخ ٌد ْ‬
‫يه قَْيد‪َ ،،،‬خطُّ ُغ ْفل لَْيس علَ ِ‬
‫يه َش ْكل‬ ‫طْلق لَْيس علَ ِ‬ ‫يه َو ْسم‪َ ،،،‬م ْحُبوس َ‬ ‫ب ِعير علُطٌ لَْيس علَ ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ت لَهَا َع ِج َيزة‪.‬‬ ‫ق‪َ ،،،‬ج ِارَية َز ُ‬
‫الء لَْي َس ْ‬ ‫يس َعلَيها َو َر ٌ‪.‬‬ ‫َش َج َرة ُسلُب لَ َ‬
‫البَي ِ‬
‫اض)‬ ‫يب َ‬ ‫(في تَْرتِ ِ‬
‫وخ ِالص‪.‬‬‫اصع‪ ،،،‬ثم ِه َجان َ‬ ‫واضح‪ ،،،‬ثَُّم َن ِ‬ ‫ق‪،،،‬ثَُّم ِ‬ ‫ثم لَ ِه ٌ‬
‫ق‪َّ ،،،‬‬ ‫ض‪ ،،،‬ثَُم َي ِق ٌ‬ ‫َْأبَي ُ‬
‫وأسهَِلهَا)‬ ‫ِ‬
‫اختَي ِار َأ ْشهَ ِر األْلفَاظ ْ‬
‫ف بِ ِه مع ْ ِ‬
‫وص ٌ‪َ َ .‬‬
‫ِ ِ ِ‬ ‫(في تَ ْق ِس ِيم البي ِ ُّ ِ‬
‫اض والل َغات َو ِفيه َكث ٌير م َّما ُي َ‬ ‫ََ‬
‫َأعَيس‪ ،،،‬ثَْور لَ ِهق‬ ‫ب ‪َ ،،‬بعير ْ‬ ‫وبةٌ‪َ ،،‬ش ْعر أ ْش َمطُ‪ ،،‬فََر ٌس َأ ْشهَ ُ‬ ‫َر ُجل َْأز َه ُر‪ ،،‬امرأة ُر ْعُب َ‬

‫‪108‬‬
‫ق ‪ُ ،،‬خ ْبز‬ ‫ض‪ِ ،،،‬فضَّة َيقَ ٌ‬ ‫آد ُم ‪ ،،،‬ثَْوب ْأبَي ُ‬ ‫ي َ‬ ‫ظ ْب ٌ‬
‫َأملَ ُح‪َ ،،،‬‬ ‫ش ْ‬ ‫ياح‪ِ ،،،‬ح َماد َأ ْق َم ُر‪َ ،،،‬ك ْب ٌ‬ ‫َبقََرةٌ ِل ٌ‬
‫يب اللُّ َغ ِة‪َ :‬ماء َخ ِالص ‪،‬‬ ‫اف ‪ ،‬و في كتاب تَ ْه ِذ ِ‬ ‫الحي‪ ،،‬عس ٌل م ِاذي‪ ،،‬ماء ص ٍ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ‬
‫ح َّوارى‪ِ ،،،‬عَنب م ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ َ‬
‫ك‪.‬‬ ‫ب َخ ِالص َك َذِل َ‬ ‫ض‪َ ،،،‬وثَْو ٌ‬ ‫أي ْأبَي ً‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ق‬
‫ص فَهَُو اَ ْمهَ ُ‬ ‫ولكنهُ َكلَ ْو ِن ال ِج ّ‬ ‫الح ْم َر ِة َولَْي َس َبني ٍِّر َّ‬ ‫الر ُجل ْأبَيض ال ُي َخالطُهُ َشيء م َن ُ‬ ‫ان َّ‬ ‫إذا َك َ‬
‫والدِّر فَهَُو ْأز َه ُر ‪ ،‬وفي حديث‬ ‫ص ْف َر ٍة َكلَ ْو ِن القَ َم ِر ُ‬ ‫ِ‬
‫ض َبَياضاً َم ْح ُموداً‪ُ .‬ي َخالطُهُ َْأدَنى ُ‬ ‫ان ْأبَي َ‬‫فإن َك َ‬
‫ْ‬
‫ق)‬ ‫أمهَ َ‬ ‫النبي صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬كان ْأز َه َر َولَ ْم َي ُك ْن ْ‬ ‫صفَ ِة ِّ‬ ‫َأنس في ِ‬
‫ب وأ ْقهَ ُ‪.‬د‬ ‫ِ‬ ‫فإن علَتْه أو َغْيره ِمن َذو ِ‬
‫فهو أ ْقهَ ُ‬‫األرب ِع ُح ْم َرة َيس َيرة َ‬ ‫َ‬ ‫ات‬ ‫َ‬ ‫َُ‬ ‫ْ َ ُ‬
‫واغثَُر‪.‬‬
‫أعفَر ْ‬ ‫فإن َعلَتْهُ ُغ ْبرة فهو ْ‬ ‫ْ‬
‫الغ َّر ِة‬
‫ض ُح َبَياض ُ‬ ‫الو َ‬ ‫َ‬
‫الب َر ِ‬
‫ص‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ق َبَياض َي ْعتَ ِري‪ .‬الجْل َد ُيخال ُ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫ف لَ ْوَنهُ ولَْي َس م َن َ‬ ‫والبهَ ُ‪.‬‬
‫ص َ‬ ‫والب َر ُ‬
‫الت ْحجي ُل َ‬
‫ب ‪َ ،‬ع ْن أبي َز ْي ٍد‬ ‫ص ُر لَهُ ْأو لَ ْم َي ْذ َه ْ‬ ‫الب َ‬‫ب َ‬ ‫الع ْي ِن َذ َه َ‬
‫ِ‬
‫المكو َكب َبَياض في َسواد َ‬
‫النهار ‪ ،،،‬المْلحةُ بياض ِ‬
‫المْل ِح‬ ‫القُْر َحة َبياض في َج ْبهَ ِة الفََر ِ‬
‫ُ َ ََ ً‬ ‫اض َ َ‬ ‫س ‪ ،،،‬السَّفَ ُر َبَي ُ‬
‫اء واِإل ِ‬
‫بل‪.‬‬ ‫والن َس ِ‬ ‫الر َجا َل ِّ‬ ‫اض في ِّ‬ ‫َأح َس ُن اْلَبَي ِ‬ ‫اث‪ ،،‬ال ِه َج َانةُ ْ‬ ‫األح َد ِ‬
‫ظفَ ِار ْ‬ ‫اض الَِّذي في أ ْ‬ ‫البَي ُ‬
‫وف َ‬ ‫الفُ ُ‬
‫س َو َو ْج ِه ِه)‬ ‫اض في َج ْبهَ ِة الفََر ِ‬ ‫البَي ِ‬ ‫يب َ‬ ‫(في تَْرتِ ِ‬
‫آلد ْر َهِم فَهَُو القُْر َحةُ‬‫البَياض في َج ْبهَتِ ِه قَ ْد َر ِّ‬ ‫ان َ‬ ‫إذا َك َ‬
‫ور‬
‫صفُ ُ‬‫الع ْ‬ ‫فهي ُ‬ ‫الع ْيَن ْين ‪َ ،‬‬
‫جاو ِز َ ِ‬ ‫ت ولم تُ ِ‬ ‫ودقَّ ْ‬
‫الت َ‬ ‫فإن َس ْ‬ ‫الغ َّرةُ‪ْ ،،‬‬ ‫ت ‪ ،‬فَ ِه َي ُ‬ ‫زاد ْ‬
‫فَإذا َ‬
‫ِ‬
‫الع ْيَن ْي ِن فَ ِه َي‬
‫الج ْبهَةَ ولم تَْبلُ ِغ َ‬ ‫فإن َمألت َ‬ ‫الج ْح َفلَةَ فَ ِه َي ِش ْم َراخ‪ْ ،،‬‬ ‫وم ولَم تَْبلُغ َ‬ ‫فإن َجلَّلَ ِت َ‬
‫الخ ْي ُش َ‪.‬‬ ‫ْ‬
‫يل لَهُ‪ُ :‬مَبرقَعٌ‪.‬‬ ‫يع َوج ِه ِه َغْي َر ََّأنهُ َي ْنظُ ُر في َس َو ٍاد ِق َ‬ ‫أخ َذ ْ ِ‬
‫ت َجم َ‬ ‫فإن َ‬ ‫الش ِاد َخةُ‪ْ ،،،‬‬ ‫َّ‬
‫فهو لَطيم‬ ‫ين ‪َ ،‬‬ ‫الخد ِ‬‫َأح ِد َ‬ ‫ِ‬
‫َأحد شقَّ ْي َو ْج ِهه إلى َ‬
‫ت ِغَّرتُه في ِ ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫فإن َر َج َع ْ‬
‫ْ‬
‫فهو ُم ْغ َرب‬
‫ض أ ْشفَ ُار ُه َما َ‬ ‫الع ْيَن ِ‬
‫ين فَتَْبَي َّ‬ ‫تأخ َذ َ‬
‫ت حتّى ُ‬ ‫فإن فَ َش ْ‬
‫بالس ْفلى فَهَُو َأْل َمظُ‪.‬‬
‫ان ُّ‬ ‫ِِ‬
‫فإن َك َ‬
‫اض فَهَُو َْأرثَُم‪ْ ،،،‬‬ ‫العْلَيا َبَي ٌ‬
‫بج ْح َفلَته ُ‬
‫ان َ‬‫فإن َك َ‬
‫ْ‬
‫أعضاِئ ِه)‬ ‫اض ساِئ ِر ْ‬‫(في َبَي ِ‬

‫َأصقَعُ‬
‫ْأس ‪ ،‬فَهَُو ْ‬ ‫الر ِ‬ ‫َأعلى َّ‬ ‫ان َْأبَيض ْ‬ ‫فإن َك َ‬ ‫والعُن ِ‬
‫ق ‪ ،‬فَهً َو ْأد َرعُ ‪ْ ،،‬‬ ‫ْأس ُ‬ ‫الر ِ‬ ‫ض َّ‬‫ان َْأبَي َ‬
‫إذا َك َ‬
‫ْأس ُكلِّ ِه ‪ ،‬فَهَُو ْ‬
‫َأغ َشى َو َْأر َخ ُ‪.‬م‬ ‫الر ِ‬‫ض َّ‬ ‫ان َْأبَي َ‬
‫فإن َك َ‬
‫ف‪ْ ،،،‬‬ ‫ان َْأبَيض القَفَا فهو َأ ْقَن ُ‬‫فإن َك َ‬
‫ْ‬
‫ان ْأبَيض الظَّ ْه ِر فَهُو َْأر َح ًل‬‫فإن َك َ‬
‫ف‪ْ ،،،‬‬ ‫َأس َع ُ‬ ‫ض َّ ِ ِ ِّ‬
‫الناصَية كلها فهو ْ‬ ‫ان َْأبَي َ‬
‫فإن َك َ‬
‫ْ‬
‫ف‬
‫ص ُ‬
‫َأخ َ‬
‫ين فَهَُو ْ‬ ‫الج ْن ِب أو َ‬
‫الج ْنَب ِ‬ ‫ض َ‬ ‫ان َْأبَي َ‬
‫فإن َك َ‬ ‫الع ُج ِز فَهَُو َآز ُر‪ْ ،،،‬‬ ‫ض َ‬ ‫ان ْأبَي َ‬
‫إن َك َ‬
‫فَ ْ‬
‫اض ِمنها ثًلُ َ‬
‫ث‬ ‫األرَبعُ بِيضاً َيْبلُغُ َ‬
‫البَي ُ‬
‫فإن َك َان ْ ِئ‬
‫ت قَ َوا ُمهُ ْ‬ ‫ط ِن ‪ ،‬فَهَُو ْأنَبطُ ‪ْ ،،،‬‬ ‫الب ْ‬
‫ض َ‬ ‫ان َْأبَي َ‬
‫فإن َك َ‬
‫ْ‬
‫صفَهُ ْأو ثُلُثَْي ِه وال َيْبلُغُ ُّ‬
‫الر ْكَبتَْي ِن فَهَُو ُم َحجَّل‪،،‬‬ ‫ِ ِ‬
‫الوظيف أو ن ْ‬

‫‪109‬‬
‫وقد ِقي َل َّإنهُ إذا‬ ‫ق ‪.ْ ،‬‬ ‫يل َح ْق َو ْي ِه َو َم َغابَِنهُ َو َم ْر ِج َع‪ِ .‬م ْرفَقَْي ِه فهو ْأبلَ ُ‬ ‫البَياض ِم َن التَّ ْح ِج ِ‬ ‫اب َ‬ ‫َأص َ‬ ‫فإن َ‬ ‫ْ‬
‫والش َع ِل ‪ ،‬فَهَُو‬‫والغر ِة َّ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ِ‬
‫اضهُ َعلَى التَّ ْحجيل ُ َ‬ ‫ان َذا لَ ْوَن ْي ِن ك ّل م ْنهُ َما ُمتَ َميِّز َعلَى ح َدة‪َ ،‬و َز َاد َبَي ُ‬ ‫َك َ‬
‫َّ‬ ‫ت بْلقَتُه في استِ َ ٍ‬
‫طالَه فَهَُو ُم َولعٌ‬ ‫كان ْ ُ ُ‬ ‫ق ‪ ،،،‬فإذا َ‬ ‫َْأبلَ ُ‬
‫الر ْج ِل فهو ُم َجب ٌ‬ ‫يل ر ْكبةَ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َّب‬ ‫وب ِّ‬ ‫وع ْرقُ َ‬ ‫اليد ً‬ ‫َ‬ ‫اض م َن التَّ ْحج ُ‬ ‫البَي ُ‬
‫فإن َبلَ َغ َ‬ ‫ْ‬
‫ق ُم َس ْر َول‪.‬‬ ‫ض َد ْي ِن أو الفَ ِخ َذ ْي ِن فَهَُو لََبلَ ُ‬ ‫الع ُ‬‫البَياض ِإلى َ‬ ‫فإن تَ َج َاو َ‪.‬ز َ‬ ‫ْ‬
‫ص ُم‬ ‫ون ِر ْجلَْي ِه ‪ ،‬فَهَُو ْ‬
‫َأع َ‬
‫ِ‬
‫اض بَِي َد ْيه ُد َ‬ ‫اليَي ٌ‬
‫ان َ‬ ‫فإن َك َ‬ ‫ْ‬
‫الي ْس َرى‬‫الي ْمَنى أو ُ‬ ‫ص ُم ُ‬ ‫أع َ‬ ‫ُاَألخ َرى ِقي َل ْ‬ ‫ون ْ‬ ‫ِ‬
‫بإح َدى َي َد ْيه ُد َ‬ ‫البَياض ْ‬ ‫ان َ‬ ‫فإن َك َ‬ ‫ْ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ق‬ ‫الر ْجلَْي ِن ‪ ،‬فهو أ ْقفَ ُز ْ‬
‫وَأرفَ ُ‪.‬‬ ‫ون ِّ‬ ‫اض في َي َد ْيه إلى م ْرفَقَْيه ُد َ‬ ‫البَي ُ‬
‫ان َ‬ ‫فإن َك َ‬ ‫ْ‬
‫منى اَ ِو ُ‬
‫الي ْس َرى‬ ‫الر ْج ِل ُ‬
‫الي َ‬ ‫الي ِد فَهَُو ُم َح َّج ُل ِّ‬ ‫ِِ‬
‫البَياض بِ ِر ْجله ُد ْو َن َ‬ ‫ان َ‬ ‫فإن َك َ‬ ‫ْ‬
‫الث قَواِئ ‪.‬م ُدون ِر ْجل أو ُدون ي ٍد‪ ،‬فهو مح َّج ُل ثَ ٍ‬ ‫اغ في ثَ ِ‬
‫الث‬ ‫َ َُ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫لألر َس ِ‬ ‫اض ُمتَ َج ِاوزاً ْ‬ ‫البَي ُ‬
‫ان َ‬ ‫فإن َك َ‬ ‫ْ‬
‫ٍ‬
‫واحدة فَهَُو َْأر َج ُل‬ ‫بر ْجل‬‫البَياض ِ‬ ‫ان َ‬ ‫فإن َك َ‬ ‫ق َي ٍد َْأو ِر ْجل‪ْ ،،،‬‬ ‫طلَ ُ‬‫ُم ْ‬
‫اغ ِر ْجلَْي ِه أو َي َد ْي ِه فَهَُو ُم ْن َع ُل ِر ْج ِل َك َذا ‪ْ ،‬أو َي ِد َك َذا‪،‬‬ ‫ير ْأر َس ِ‬ ‫آخ ِ‬‫فإن لَم يستَ َد ِر البياض و َكان في م ِ‬
‫َ‬ ‫ََ ُ َ َ‬ ‫ْ َْْ‬
‫الر ْجلَْي ِن‬
‫الي َد ْي ِن أو ِّ‬‫ِأو َ‬
‫الش َكا ُل ‪ ،‬وهو َم ْك ُروهٌ‬ ‫ك َّ‬ ‫ف فَ َذِل َ‬ ‫يل في ي ٍد و ِر ْجل ِمن ِخالَ ٍ‬
‫َ َ‬
‫ياض التَّ ْح ِج ِ‬ ‫ان َب ُ‬ ‫فَِإ ْن َك َ‬
‫ير الو ِظ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ض الثَُّن ِن وهي ُّ‬
‫الر ْس ِغ ‪ ،‬فَهَُو َأ ْك َسعُ‬ ‫يف على ُّ‬ ‫الم ْسَبلةُ في َمآخ ِ َ‬ ‫ور ُ‬ ‫الش ُع ُ‪.‬‬ ‫ان ْأبَي َ‬ ‫فإن َك َ‬ ‫ْ‬
‫اض التَّ ْح ِج ِ‬ ‫ص ْل بَِبَي ِ‬ ‫َّت الثَُّنن ُكلُّها ولَم تَتَّ ِ‬ ‫فإن ْا ْبيض ِ‬
‫َأصَب ًغ‬
‫يل ‪ ،‬فَهَُو ْ‬ ‫ُ َ َ ْ‬ ‫ِ َ‬
‫الذَن ِب ‪ ،‬فَهَُو َأ ْش َع ُل‪.‬‬ ‫فإن َكان َْأبيض َّ‬
‫ْ َ َ َ‬
‫ض)‬ ‫الع ْر ِ‬‫ان َ‬ ‫وشَياتِ ِه َعلَى ما ُي ْستَ ْع َم ُل في ِد َيو ِ‬ ‫يل َأْلوانِ ِه ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫(يتّص ُل به في تَ ْفص َ‬
‫ِ ِِ‬
‫َ‬
‫ادهُ فَهَُو َغ ْيهَبِي‬ ‫أس َو َد فَهَُو َْأد َه ُم‪ ،،،‬فإذا أ ْشتَ َّد َس َو ُ‬ ‫ان ْ‬ ‫إذا َك َ‬
‫ض ُي ِخ ِالطُهُ َْأدَنى َس َو ٍاد فَهَُو أ ْشهَب‬ ‫ان َْأبَي َ‬‫فإذا َك َ‬
‫ب‬ ‫ط ِ‬ ‫ب ِق ْر َ‬ ‫فِإذا َنصع بياضه و َخلَص ِمن الس ِ‬
‫صفَُّر فَهَُو َأ ْشهَ ُ‬ ‫ان َي ْ‬ ‫فإن َك َ‬
‫ي‪ْ ،،‬‬ ‫اس ّ‪.‬‬ ‫َّواد فَهَُو َأ ْشهَ ُ‬ ‫َ َ ََ ُ َ َ َ َ‬
‫ِ‬
‫َأح ُّم‬
‫البَياض فَهَُو َ‬ ‫َّواد َو َق َّل َ‬
‫ب الس ُ‬ ‫َس ْو َسن ّي‪ ،،،‬فإذا َغلَ َ‬
‫ت ُح ْم َرتُهُ في َس َو ٍاد‪ ،‬فَهَُو ُك َم ْيت‬ ‫صَنابِ ّي‪ ،،،‬فإذا َك َان ْ‬ ‫ط ُشهبتَه حمرة فَهو ِ‬
‫فإ َذا َخالَ َ ْ َ ُ ْ َ َُ‬
‫ان بين األ ْشقَ ِر وال ُك َم ْي ِت ‪ ،‬فَهَُو َو ْرد‬ ‫ٍ‬
‫َأح َم َر م ْن َغْي ِر َس َواد ‪ ،‬فَهَُو َأ ْشقَ ُر‪ ،،،‬فإذا َك َ‬
‫فإذا َكان ْ ِ‬
‫َ‬
‫ادهُ في‬ ‫ان َس َو ُ‬ ‫ض َر‪ ،،،‬فإذا َك َ‬ ‫ان َد ْي َزجاً فَهَُو اَ ْخ َ‬ ‫ت ُح ْم َرتُهُ فَهَُو َأ ْشقَ ُر ُم َد َّمى‪ ،،،‬فإذا َك َ‬ ‫فإذا ا ْشتَ َّد ْ‬
‫َّم ْن ُد‬ ‫اض والس ِ‬ ‫البَي ِ‬ ‫ُش ْق َر ٍة فَهَُو َْأدَب ُس‪ ،،‬فإذا َك َان ْ‬
‫أغَب ُس ‪َ ،‬و ُه َو الس َ‬ ‫َّواد فَهَُو َو ْرد ْ‬ ‫َ‬ ‫ت ُك ْمتَتُهُ بين َ‬
‫بالفار ِسي ِ‬
‫َّة‬ ‫ِ‬

‫ض َر ِة ‪ ،‬فَهَُو ْ‬
‫َأح َوى‬ ‫الد ْه َم ِة ُ‬
‫والخ ْ‬ ‫ان َب ْي َن ُّ‬
‫فَإذا َك َ‬
‫الح ِد ِيد‬
‫ص َدٍإ َ‬
‫ت حمرتُه السَّو َاد‪ ،‬فَهو َأص َدا م ْ ِ‬
‫َأخ ُو ٌذ من َ‬ ‫َُ ْ َ‬ ‫فإذا قَ َارَب ْ ُ ْ َ ُ َ‬
‫ان فَهَُو َب ِهيع‬ ‫ِ ِ‬
‫أي لَ ْو ٍن َك َ‬ ‫ص َمتاً ال شَيةَ بِه َوال َو َ‬
‫ض َح َّ‬ ‫ان ُم ْ‬
‫فإذا َك َ‬

‫‪110‬‬
‫ش‬‫ان فَهَُو ْأب َر ُ‬ ‫أي ٍ‬
‫لون َك َ‬ ‫وأخ َرى َّ‬ ‫انت بِ ِه ُن َكت بِيض ْ‬ ‫فإذا َك ْ‬
‫ش فَهَُو ُم َدَّنٌر‬ ‫الب َر ِ‬
‫ق َ‬ ‫ت بِ ِه ُن َكت فَ ْو َ‬ ‫ش ‪ ،‬فإذا َك َان ْ‬ ‫ت بِ ِه نقَط ُسود َوبِيض فَهَُو َْأن َم ُ‬ ‫فإذا َك َان ْ‬
‫ف َساِئَر لَ ْونِ ِه فَهَُو ْأبقَعُ‪.‬‬ ‫ت بِ ِه بقَع تُ َخ ِال ُ‬ ‫فإذا َك َان ْ‬
‫يب(‬‫اس والتَّ ْق ِر ِ‬ ‫يب ِ‬
‫والقَي ِ‬ ‫يب السَّو ِاد َعلَى التَّْرتِ ِ‬ ‫(في تَْرتِ ِ‬
‫َ‬
‫ي‬‫ك َو ُس ْح ُكوك ‪ ،،،‬ثَُم ُخ َد ِار ٌّ‬ ‫وحانِك‪ ،،،‬ثَُّم َحلَ ُكو ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُثم َج ْون َوفَاحم‪ ،،، .‬ثَُّم َحالك َ‬ ‫وَأس َح ُم‪َّ ،،،‬‬ ‫َأس َو ُد ْ‬ ‫ْ‬
‫وغ َد ِاف ّي‪.‬‬
‫يب ُ‬ ‫وجي‪ ،،،.‬ثَُّم ِغ ْربِ ٌ‬ ‫و َد ُج ِ‬
‫َ‬
‫يب َس َو ِاد ْ‬
‫اإلن َس ِ‬
‫ان)‬ ‫(في تَْرتِ ِ‬
‫ٍ‬
‫ص ْف َر ٍة تَ ْعلُوهُ فَهَُو ْ‬
‫َأص َح ُم‬ ‫ادهُ َم َع ُ‬ ‫فإن َز َاد َس َو ُ‬ ‫أس َم ُر‪ْ ،،‬‬ ‫إذا َعالَهُ َْأدَنى َس َواد فَهَُو ْ‬
‫َأس َح ُم‬
‫ك فَهَُو ْ‬ ‫فإن َز َاد َعلَى َذِل َ‬ ‫آد ُم‪ْ ،،‬‬ ‫ُّم َر ِة فَهَُو َ‬
‫ادهُ َعلَى الس ْ‬ ‫فإن َز َاد َس َو ُ‬ ‫ْ‬
‫ادهُ فَهَُو ْأدلَ ُم‪،،،.‬‬ ‫فإن ا ْشتَ َّد َس َو ُ‬‫ِ‬
‫اختِي ِار أ ْفص ِح اللُّ َغ ِ‬ ‫(في تَ ْق ِس ِيم السَّو ِاد علَى أ ْشياء تُوص ُ ِ‬
‫ات)‬ ‫َ‬ ‫ف بِه َم َع ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬
‫ِ‬ ‫لَْيل َد ُجو ِج ّي‪َ ،،،‬س َح ٌ‬
‫اء‬
‫اء ‪َ ،،‬شفَة لَ ْع َس ُ‬ ‫اب ُم ْدلَ ِه ٌّم ‪َ ،،،‬ش ْعر فَاحم‪ ،،‬فََرس َْأد َه ُم ‪َ ،،‬ع ْين َد ْع َج ُ‬
‫ف‪ُ ،،‬د َخان َي ْح ُموم‪،،،.‬‬ ‫َأح َوى‪َ ،،‬و ْجهٌ َأ ْكلَ ُ‬ ‫َن ْبت ْ‬
‫َّواد)‬ ‫ِ ِ‬
‫(في لَ َواحق الس َ‬
‫ظ َمى ‪،،،‬‬ ‫َأغثَُر‪ْ ،،‬أد َغ ُم‪،،‬أ ْ‬ ‫ب‪َْ ،،‬أر َب ُد‪ْ ،،‬‬ ‫ِ‬
‫َأح َوى‪َ ،،‬أ ْكهَ ُ‬ ‫َأص َدا‪ْ ،،‬‬‫َأغَب ُر‪ ،،‬قَاتم‪ْ ،،‬‬ ‫ش ‪ْ ،،،‬‬ ‫أغَب ُ‬‫ب‪ْ ،،،‬‬ ‫طُ‬ ‫أخ َ‬‫ْ‬
‫صف‪.‬‬ ‫أخ َ‬ ‫ق‪ْ ،،،‬‬ ‫ْأو َر ُ‬
‫ان ُمتَقَ ِارَب ٍة)‬‫(في َأْل َو ٍ‬
‫حم َر ٍة‬
‫ب ِإلى ْ‬ ‫ض ِر ُ‬ ‫ص ْف َرة تَ ْ‬‫اض‪ ،،،‬ال ُك ْهَبةُ ُ‬ ‫ب ِإلى َبَي ٍ‬ ‫ض ِر ُ‬ ‫ُّهَبةُ ُح ْم َرة تَ ْ‬ ‫الص ْ‬
‫َّو ِاد‬ ‫الغ ْب َر ِة بين ً ِ‬
‫الح ْم َرة والس َ‬ ‫لد ْكَنةُ لَ ْون ِإلَى ُ‬ ‫ض َر ٍة‪ ،،،‬ا ُّ‬ ‫ب ِإلَى ُخ ْ‬ ‫ض ِر ُ‬ ‫القُ ْهَبةُ َس َواد َي ْ‬
‫اضهُ‬
‫ق َبَي َ‬ ‫ب ِإ َذا لم ُي ْن ِ‬‫َّار الثَّْو َ‬
‫صفَاُؤ هُ ‪ُ ،‬يقَا ُل‪ :‬أ ْك َم َد القَص ُ‬ ‫ال ُك ْم َدةُ لَ ْو ٌن َي ْبقَى َأثَُرهُ َويزو ُ‪.‬ل َ‬
‫أدَنى س ٍ‬ ‫ُّ‬
‫واد‬ ‫ب بِ ْ َ‬ ‫اض ُم ْش َر ٌ‬‫ب بِ ُح ْم َر ٍة‪ ،،،‬ا ل ُش ْهَبةُ َبَي ٌ‬‫الش ْرَبةُ َبَياض ُم ْش َر ٌ‬
‫ُّح َرةُ ُغْب َرةٌ ِفيها ُح ْم َرة‬
‫لع ْف َرةُ َبَياض تَ ْعلُوهُ ُح ْم َرةٌ‪ ،،‬الص ْ‬ ‫ا ُ‬
‫والح ْم َر ِة‬ ‫لد ْبسةُ بين الس ِ‬
‫َّواد ُ‬ ‫َ‬ ‫ص ْف َر ٍة‪ ،،،‬ا ُّ َ‬ ‫اد إلى ُ‬ ‫ُّح َمةُ َس َو ٌ‬
‫الص ْ‬
‫َّو ِاد ُ‬
‫والغ ْب َر ِة‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫اض و ُ ِ‬ ‫البَي ِ‬
‫الغ ْب َرة‪ ،،،‬الطْل َسةُ َب ْي َن الس َ‬ ‫َ‬ ‫القُ ْم َرةُ َب ْي َن َ‬
‫أص َحابِهَا‪(.‬‬ ‫ض ِل ِ‬
‫والح ْذ ِ‬ ‫اح ِة والفَ ْ‬ ‫(في تَ ْق ِس ِيم األو ِ ِ ِ‬
‫ق َعلَى ْ‬ ‫والر َج َ‬‫صاف بالعْلم َ‬ ‫ْ َ‬
‫ي ‪َ ،،،‬سيِّد َأيِّد ‪َ ،،،‬كاتِب َب ِارع‬ ‫ط ِ‬
‫اس ّ‪.‬‬ ‫طبِيب نِ َ‬ ‫طبِن ‪َ ،،،‬‬ ‫يس‪ ،،،‬فَِقيه َ‬ ‫ِ‬
‫َعالم ن ْحرير‪ ،،،‬فَْيلَ ُسوف ن ْق ِر ٌ‬
‫ِ ِ‬
‫صيع ِم ْد َرهٌ ‪،،،‬‬ ‫اهر ‪ ،،،‬قَ ِار ح ِاذق ‪َ ،،،‬دِليل ِخريت ‪ ،،،‬فَ ِ‬
‫ٌئ َ‬
‫ِ‬
‫صانع َم ٌ‬
‫َخ ِطيب ِمصقَع‪ِ ،،،‬‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫ظ ِريف ‪َ ،،،‬عبِق لَبِق‬ ‫ط ٍر َ‬ ‫اهَيةٌ َب ِاق َعة ‪َ ،،،‬ر ُجل ِمفَ ٌّن ِم َع ّن ‪ُ ،،،‬م ْ‬ ‫ق‪َ ،،،‬د ِ‬ ‫اعر ُم ْفِل ٌ‬‫َش ِ‬
‫َأهَي ُس أْلَي ُس‪ ،،،‬فَ ِارس ثَِقف لَِقف‪.‬‬ ‫ُش َجاعٌ ْ‬

‫‪111‬‬
‫ض ِعهَا‪ .‬وتَْرتِيبها‪(.‬‬ ‫ال َو ْ‬ ‫الي ِد وأ ْش َك ِ‬ ‫ِ‬
‫يل َح َر َكات َ‬ ‫صِ‬ ‫(في تَ ْف ِ‬
‫األصبهافي ‪َ ،‬وَب ْي َن‬ ‫ْ‬ ‫ص ِل َب ْي َن َما َج َم َع َح ْم َزةُ‬‫ت في َه َذا الفَ ْ‬ ‫)قَ ْد َج َم ْع ُ‬
‫األعرابي َو َغ ْي ِر ِه َما(‬ ‫َما َو َج ْدتُهُ َع ِن اللِّ ْحَيافي ‪َ ،‬و َع ْن ثَ ْعلَ ٍب َع ِن ْاب ِن ْ‬
‫اف‬ ‫ف َكفِّ ِه بِج ْبهتِ ِه فَهو ِ‬
‫االست ْكفَ ُ‬ ‫ق َح ْر َ‬ ‫فألص َ‪.‬‬ ‫س‬ ‫سان الى قَوم‪ .‬في َّ‬
‫الش ْم ِ‬ ‫ظ َر ِإ ْن ٌ‬ ‫ِإ َذا َن َ‬
‫َ َ َُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫االستِش ْف ُ‪.‬‬
‫اف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فَِإ ْن َز َاد في َر ْف ِع َكفِّه َع ِن اْل َج ْبهَة فَهَُو ْ‬
‫االستِ ْش َر ُ‪.‬‬
‫اف‬ ‫ك َقليال فَهَُو ْ‬
‫فِإ ْن َكان َأرفَع ِمن َذِل َ ِ‬
‫َ ْ َ‬
‫صام‬ ‫المعصم ْي ِن فَهو ْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِإ‬
‫االعت ُ‬ ‫َُ‬ ‫ف ذا َج َع َل َكف ْيه على ْ َ َ‬
‫اد‬
‫ضُ‬ ‫فِإذا وضعهما على العض َد ْي ِن فَهو ْ ِ‬
‫االعت َ‬ ‫َُ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ َ َ َُ‬
‫ي‬ ‫اب‪َ :‬ولَ َع َّل اللَّ َّي ْ‬
‫أح َس ُن فِإ َّن ُ‬
‫البحتُِر ّ‬
‫ف ِ‬
‫الكتَ ِ‬ ‫اء ‪ .‬قا َل ُمؤلِّ ُ‬ ‫ِ‬
‫َّابةَ َو ْح َدها فَهَُو اِإل ل َو ُ‬
‫ك السَّب َ‬‫فإذا َح َّر َ‬
‫َيقُول (من المتقارب(‪:‬‬
‫َّ‬ ‫َّالم بناناً َخ ِ‬
‫وبا‬
‫وق الفَُؤ َاد الط ُر َ‬
‫ض َيبا َولَ ْحظاً َي ُش ُ‬ ‫لَ َوى بالس ِ َ‬
‫اء‬
‫يم ُ‬ ‫ِإل‬ ‫ِ ِإ‬ ‫ِّ ِ ِ‬ ‫ِإ‬
‫فإذا َد َعا ْنساناً َب َكفه قَابضاً أصاب َعها ليه ‪ ،‬فَهَُو ا َ‬
‫اإليباء‬
‫ُ‬ ‫أن ُك َّ‬
‫ف فهو‬ ‫ك َي َدهُ َعلَى َعاتِِق ِه َوَأ َش َ‪.‬ار بِهَا ِإلَى َما َخْلفَهُ ْ‬‫فإذا َح َر َ‬
‫ِ‬ ‫وض َّم بينها في َغْي ِر اْلتَِزا ٍ‬
‫اص‬
‫ق فهو العقَ ُ‬ ‫أصابِ َعهُ َ‬‫فإذا أقام َ‬
‫قاء ِم َن َّ‬ ‫فإذا جع َل َكفَّه تُجاه ْ ِ ِ‬
‫شار‬ ‫س فَهَُو ِّ‬
‫الن ُ‬ ‫الش ْم ِ‬ ‫عينه اتًّ ً‬ ‫ُ َ‬ ‫ََ‬
‫اجَبةُ‬ ‫الم َش َ‬ ‫ضهَا في َب ْعض فَهَُو ُ‬ ‫ابعهً َب ْع َ‬
‫أص َ‬ ‫فإذا َج َع َل َ‬
‫األخ َرى فَهَُو التًَّبلُّ ُد‬ ‫احتَْي ِه َعلَى ْ‬ ‫إح َدى َر َ‬ ‫ب ْ‬ ‫ض َر َ‬ ‫فإذا َ‬
‫َأح َس ُن وَأ ْشهَ ُر ِم َن التَّبلُِّد‬ ‫يق ْ‬ ‫ص ِف ُ‬ ‫اب‪ :‬التّ ْ‬
‫ف ِ‬
‫الكتَ ِ‬ ‫ال ُمَؤ لِّ ُ‬
‫قَ َ‬
‫ف َكما ي ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّاب ِة ْ‬ ‫ض َّم َ ِ‬
‫عق ُد‬ ‫ابع في َج ْوف ال َك ِّ َ َ‬ ‫األص ِ‬
‫َ‬ ‫وس‬‫وَأد َخ َل ُرُؤ َ‬ ‫امه َعلَى السَّب َ‬ ‫َأصاب َعهُ َو َج َع َل ْإبهَ َ‬ ‫فإذا َ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ضةُ‬‫ين فَ ِه َي القَْب َ‬ ‫وأرَبع َ‬ ‫ح َس َابهُ على ثَالثَة ْ‬
‫صة‬ ‫األصابِ ِع فَ ِه َي القَْب َ‬
‫َ‬ ‫اف‬
‫ط َر َ‬ ‫ض َّم أ ْ‬
‫فإذا َ‬
‫ِ‬
‫ين فَ ِهي َ‬
‫الب ْز َمةُ‬ ‫َأخ َذ ثَالث َ‬ ‫فإذا َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الح ْفَنةً‬ ‫ض َّم َكفَّهُ َعلَى ال ّش ْيء فَهَُو َ‬ ‫ين َو َ‬ ‫فإذا أخذ ْأرَبع َ‬
‫ِ‬ ‫ِِ ِ‬ ‫ِ‬
‫أصابِعه م ْن َباط ٍن فَهَُو ّ‬
‫الس ْفَنةُ‬ ‫أصول َ‬ ‫امهُ في ُ‬ ‫فإذا َج َع َل ْإبهَ َ‬
‫ٍ ِ ٍ‬
‫فإذا َحثَا بَِيد َواح َدة فَ ِه َي َ‬
‫الحثَْيةُ‬
‫فإذا َحثَا بِ ِه َما َج ِميعاً فَ ِه َي ال َكثْ َحةُ‬
‫الر ِ‬ ‫ِ‬ ‫هر السَّب ِ‬
‫مح‬
‫الج ُ‬
‫احة فَهَُو ُ‬ ‫وَأصابِ َعه في َّ َ‬ ‫َّابة َ‬ ‫َ‬ ‫ظ ِ‬ ‫امهُ َعلَى َ‬ ‫فإذا َج َع َل ْإبهَ َ‬
‫َّ‬ ‫ِِ‬ ‫َّ ِ‬
‫فإذا ََأد َار َكف ْيه َمعاً َو َرفَ َع ثَْوَبه فأْل َوى به فَهُو الل ْمعُ‬
‫يأخ ُذ تِ ْس َعةً‬
‫اإلبهَ ِام َك َما ُ‬ ‫طى‪ .‬ورفَع َأصابِعهُ َعلَى ِ‬
‫َأصل ْ‬ ‫والو ْس َ َ َ َ َ َ‬ ‫َّابة ُ‬
‫َأخرج اِإل ْبهام ِم ْن بين السَّب ِ‬
‫َ‬ ‫ََ‬ ‫فإذا ْ َ َ‬
‫صعُ‬ ‫اإلبهَام فهو القَ ْ‬ ‫َّابتَهُ َعلَى ْ‬ ‫وأض َج َع َسب َ‬
‫وعشرين ْ‬ ‫َ‬

‫‪112‬‬
‫ابع َك َأنه يأ ُك ُل فَهَُو القَْبعُ‬ ‫األص ِ‬
‫َ‬ ‫ص َ‪.‬ر وأقَ َام َساِئَر‬ ‫الخ ْنص ‪.‬ر والبِْن ِ‬
‫ََ َ‬
‫فإذا قَبض ِ‬
‫َ َ‬
‫َّ‬
‫أصولَهَا‪ .‬فَهَُو اْلقَ ْفعُ‬‫َأصابِ َعهُ َوأقَ َام ُ‬ ‫فإذا َنك َس َ‬
‫أصابِ َعهُ فَهَُو الفَ ْقع‬ ‫ض َ‬ ‫َّابتهُ َو ْح َدها َوقَ ْد قََب َ‬ ‫فإذا ََأد َار َسب َ‬
‫الع ْج ُس‬
‫اإلبهَام فَهَُو َ‬ ‫ق ْ‬ ‫َأصابِ َعهُ ُكلَّها فَ ْو َ‪.‬‬
‫فإذا َج َع َل َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ِ‬
‫َّف‬
‫ين فَهَُو الض ُ‬ ‫أص ِل اِإل ْبهَام َعاقداً َعلَى ت ْس َعة َوتِ ْسع َ‬ ‫ض َعهَا َعلَى ْ‬ ‫أصابِ َعهُ َو َو َ‬ ‫فإذا َرفَ َع َ‬
‫ث‬
‫َّب ُ‬
‫ين فَهَُو الض ْ‬ ‫ِِ‬ ‫َّاب ِة َك ََّأنهُ ُ‬
‫يأخ ُذ ثَالثَةً َوست َ‬ ‫ت السَّب َ‬ ‫اإلبهَ َام تَ ْح َ‬
‫فإذا َج َع َل ْ‬
‫ُّو ْيطُ‪.‬‬‫اصةً فَهَُو الض َ‬ ‫اإلبهَ َام َخ ّ‬‫أصابِ َعهُ َو َرفَ َع ْ‬ ‫ض َ‬ ‫فإذا قََب َ‬
‫فإذا َرفَع َي َد ْي ِه ُم ْستَ ْقبِالً بُِبطُونِ ِه َما َوجهَهُ ِلَي ْد ُعو فَهَُو اإل ْقَناعُ‬
‫امتِ ِه فَهَُو التَّْن ِق ُيز‬ ‫اع ِوجاجه ِمن ِ‬
‫استقَ َ‬
‫ْ‬ ‫بين لَهُ ْ َ ُ ُ‬
‫ِ‬
‫األخ َرى لَي ْستَ َ‬ ‫ض َع َس ْهماً َعلَى ظ ْف ِر ِه َو َاد َارهُ بَِي ِد ِه ْ‬ ‫فإذا َو َ‬
‫الح ْف َر ِة فَهَُو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فإن م َّد ي َده َن ْحو ال ّش ِ‬
‫رم ْوا بِهَا في ُ‬ ‫بالج ْو ِز فَ َ‬
‫ان َْأيدَيهُم إذا لَع ُوا َ‬ ‫ُّبَي ُ‬‫يء َك َما َي ُم ُّد الص ْ‬ ‫ْ َ َ ُ َ‬
‫ص ْبَيانَِّيةٌ في الس ْ‬
‫َّد ِو(‬ ‫(والز ْدو لُ َغةٌ ِ‬
‫ُ‬
‫َّدو َّ‬
‫الس ْ ُ‬
‫ع َب ْيَنهُ َما ِفي قَ ْوِل ِه‪َ :‬وال ِم ْث َل َه َذا فَهَ َو ِّ‬
‫الز ْن ِج ُير‪،‬‬ ‫َّابتِ ِه ثَُّم قََر َ‬ ‫ِِ‬
‫فإذا قَ َام بِظُ ْف ِر ْإبهَامه َعلَى ظُ ْف ِر َسب َ‬
‫ُو ْين َش ُد (من الهزج)‪:‬‬
‫بأن َّ‬
‫الن ْف َس َم ْش ُغوفَ ْه‬ ‫ت إلى َسْل َمى َّ‬ ‫وأر َسْل ُ‬
‫ْ‬
‫ير وال فُوفَ ْه‬ ‫ت لََنا َسْل َمى بِ ِز ْن ِج ٍ‬
‫اد ْ‬
‫فَ َما َج َ‬
‫ان وينشد‬ ‫الخ َو ِ‬ ‫يء يكون ب ْين ي َد ْي ِه علَى ِ‬
‫الش ِ‬
‫ضع َي َدهُ َعلَى َّ‬
‫الج ْر َدَب ُ‬
‫ان َك ْيال َيتََن َاولَهُ َغ ْي ُرهُ فَهَُو َ‬ ‫ُ َ َ َ َ‬ ‫إذا َو َ َ‬
‫(من الوافر‪:(.‬‬
‫ك َج ْر َدبانا‬ ‫ت في قَ ْوم َشهَ َاوى‪ .‬فال تَ ْج َع ْل شمال َ‬ ‫إذا َما ُك ْن َ‬
‫اء َخ ْير ِم ْن ْ‬ ‫ك ِْ‬ ‫لس ِ‬
‫ال فَهَُو التَّ َكفُّ ُ‬ ‫ِ‬
‫أن تَتْ ُر َكهم‪.‬‬ ‫أغنَي َ‬ ‫ك ِوْل َد َ‬‫(ألن تَتْ ُر َ‬
‫ف ‪ ،‬وفي‪ .‬الحديث‪ْ :‬‬ ‫ط َكفَّه ل ُّ َؤ‬ ‫فإذا َب َس َ‬
‫ون)‪.‬‬‫َعالَةً َيتَ َكفَّفُ َ‬
‫صفَاتِ ِه)‬‫اب و ِ‬ ‫ِ‬
‫أس َماء التَّر َ‬
‫ِ‬
‫يل ْ‬ ‫صِ‬ ‫)في تَ ْف ِ‬
‫ض‬‫األر ِ‬ ‫ِ‬ ‫الص ِ‬
‫اب َو ْجه ْ‬ ‫يد تًَر ُ‬ ‫َّع ُ‬
‫يق ِ‬
‫الذي َك ََأنهُ َذ ِر َيرة‬ ‫الر ِق ُ‬
‫الر ْخ ُو َّ‬ ‫اب ِّ‬ ‫اء َّ‬
‫اء التَُر ُ‬ ‫والد ْق َع ُ‬ ‫الب ْو َغ ُ‬‫َ‬
‫ير ِطيناً الَ ِزباً إذا ُب َل‬ ‫اب ال ي ِ‬
‫ص ُ‪.‬‬ ‫كل تَُر ِ َ‬ ‫دي ‪ ،‬وهو ُّ‬ ‫الن ُّ‬ ‫اب َّ‬ ‫الثََرى التَُّر ُ‬
‫يح‬
‫الر ُ‬‫ور بِ ِه ِّ‬ ‫اب الذي تَ ُم ُ‬
‫ِ‬
‫ور التَُّر ُ‬ ‫الم ُ‬
‫ُ‬
‫ق لُُزوقاً‪َ ،‬ع ِن‬ ‫ود ِه ْم وثَِيابِ ِه ْ‪.‬م َيْلتَ ِز ُ‬
‫وجلُ ِ‬
‫اس ُ‬ ‫الن ِ‬‫يح فَتََراهُ َعلَى ُو ُجو ِه َّ‬ ‫الر ُ‬ ‫طي َِّرهُ ِّ‬‫اب ال َذي تُ َ‬ ‫اء التًَّر ُ‬ ‫الهََب ُ‬
‫ْاب ِن ُش َمْيل‬
‫الك َساِئ ّي‬
‫َدق وارتَفَع ‪ ،‬ع ِن ِ‬
‫الهَابِي الذي َّ ْ َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يح‬
‫الر ِ‬
‫ض َم َع ِّ‬ ‫اَألر ِ‬‫ب في ْ‬ ‫اء التَُّر ُ‬
‫اب الذي َي ْذ َه ُ‬ ‫السَّافَي ُ‬
‫خر ُج ِم َن البِْئ ِر َ‬
‫عند َح ْف ِر َها‬ ‫ِ‬
‫اب الذي َي ُ‬‫النبيثَةُ التَُّر ُ‬
‫َّ‬

‫‪113‬‬
‫الي ْرُبوعُ ِم ْن ُج ْح ِر ِه َو ْ‬
‫يج َم ُعهُ‬ ‫اب الذي ُي ْخ ِر ُجهُ َ‬
‫ِ‬
‫اء التَُّر ُ‬ ‫اء ُّ‬
‫والد َّم ُ‬ ‫ط ُ‬‫اه َ‬ ‫الر ِ‬ ‫َّ‬
‫الن ْم ُل ِعْن َد قَ ْرَيتِها‬
‫الذي تَ ْج َمعهُ َّ‬ ‫الجرثُومةُ التُّراب ِ‬
‫ُْ َ َ ُ‬
‫الذي ُي َعفِّي اآلثَ َار‬ ‫العفَاء التُّراب ِ‬
‫َ ُ‬ ‫َ‬
‫العفَ ُر‬
‫ك َ‬ ‫َو َك َذِل َ‬
‫الم ْختَِلطُ َّ‬
‫بالر ْم ِل‬ ‫اب ُ‬ ‫ام التَُّر ُ‬ ‫الر َغ ُ‬ ‫َّ‬
‫ات‬
‫النَب ُ‬ ‫الذي ُي َس َّم ُد بِ ِه َّ‬
‫اد التُّراب ِ‬
‫َّم ُ َ ُ‬ ‫الس َ‬
‫ين فَهُو َّ‬ ‫ِ‬
‫الد َما ُل (بالفَتْ ِح)‪.‬‬ ‫ان َم َع الس ِّْرق ِ َ‬ ‫فإذا َك َ‬
‫ص ِاف ِه(‬ ‫وأو َ‬ ‫الغَب ِار ْ‬ ‫اء ُ‬ ‫يل أسم ِ‬
‫َْ‬
‫صِ‬ ‫(في تَ ْف ِ‬
‫اف اإلبِ ِل‬‫وأخفَ ِ‬ ‫الخْي ِل ْ‬ ‫ور ِم ْن َح َو ِاف ِر َ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫الغَب ُار الذي َيثُ ُ‬ ‫وب ُ‬ ‫والع ُك ُ‬‫الن ْقعُ َ‬
‫الح ْر ِب‬ ‫بار َ‬ ‫ط ُل ُغ ُ‬ ‫الر َه ُج والقَ ْس َ‬ ‫يح ‪َّ ،،،‬‬ ‫الر ُِ‬ ‫الذي تُثِ ُيرهُ ِّ‬ ‫الغبار ِ‬
‫اجةُ ُ َ ُ‬ ‫الع َج َ‬ ‫َ‬
‫ين َما تَقَطَّ َع ِم ْنهُ‪.‬‬ ‫العثْير غبار اَأل ْق َد ِام ‪ِ ،،‬‬
‫المن ُ‬
‫َ‬
‫ِ ِ‬
‫الم ْع َر َكة‪ُ َ ُ َ ،،‬‬ ‫بار َ‬ ‫ض َعةُ ُغ ُ‬ ‫الخ ْي َ‬‫َ‬
‫ص ِاف ِه(‬ ‫وأو َ‬ ‫ين ْ‬ ‫اء الطِّ ِ‬ ‫يل أسم ِ‬
‫َْ‬
‫صِ‬ ‫)في تَ ْف ِ‬
‫الصقاً‪،‬‬ ‫طبوخاً‪ .،‬فَهو الفَ َّخار ‪ ،،‬فإذا َكان عِلكاً ِ‬ ‫ان ُح ًّرا يابِساً‪ ،‬فَهَُو َّ‬
‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َُ‬ ‫ان َم ْ ُ‬ ‫صا ُل‪ ،،،‬فَإذا َك َ‬ ‫الصْل َ‬ ‫إذا َك َ‬
‫األرَب َع ِة‬ ‫ِ‬ ‫ط َ ِِ‬ ‫َّ‬
‫األس َماء ْ‬ ‫ق بِهَذه ْ‬ ‫الح َمُأ (وقَ ْد َن َ‬ ‫اء َوَأ ْف َس َدهُ ‪ ،‬فَهَُو َ‬ ‫الم ُ‬
‫ب ‪ ،،،‬فإذا َغي ََّرهُ َ‬ ‫فَهَُو الال ِز ُ‬
‫ت بِم ٍ‬ ‫المثَ ِل‪( :‬ثَْأ َ‬ ‫َّ‬ ‫طةُ والثُّْر ُم َ‬ ‫طباً‪ ،‬فَهَُو الثَّْأ َ‬
‫اء) ‪،‬‬ ‫طة ُم َّد ْ َ‬ ‫طةُ والطثَْرةُ ‪ ،‬وفي‪َ .‬‬ ‫ان َر ْ‬ ‫ان) ‪ ،،،‬فإذا َك َ‬ ‫القُْر ُ‬
‫ان ْترتَ ِط ُم فيه‬ ‫الر َداغُ ‪ ،،،‬فإذا َك َ‬ ‫ان َرقيقاً ‪ ،‬فَهَُو ِّ‬ ‫اد فساداً‪ ،،،‬فإذا َك َ‬ ‫الفاس ِد َي ْز َد ُ‬
‫ضرب لألم ِر ِ‬
‫ُي ْ َ ُ ْ‬
‫الغَن ُم‬
‫طةُ (تقعُ فيها َ‬ ‫الو ْر َ‬ ‫ُّ ِ‬ ‫الو َح ُل ‪َ ،،،‬وَأ َش ُّد منه َّ‬ ‫الد ُّ‬ ‫َّ‬
‫والر َز َغةُ ‪َ ،،،‬وَأ َشد م ْنهُ َما َ‬ ‫الر ْد َغةُ َّ‬ ‫واب ‪ ،‬فَهَُو َ‬
‫سان)‬
‫اإلن ُ‬‫ت َمثَالً ِل ُك ِّل ِش َد ٍة َيقَعُ ِفيهَا ْ‬ ‫ص َار ْ‬ ‫فَالَ تَ ْق ِدر علَى التَّ َخلُّ ِ ِ‬
‫ص م ْنهَا ثَُّم َ‬ ‫ُ َ‬
‫ان ُم ْختَِلطاً بالتِّْب ِن ‪ ،‬فَهَُو السََّياعُ‬ ‫راء ‪ ،،،‬فإذا َك َ‬ ‫ض ُ‬ ‫الغ ْ‬‫ض َرة‪ ،‬فهي َ‬ ‫يه ُخ ْ‬ ‫طيِّباً عِلكاً و ِف ِ‬
‫ان ُح ًّرا َ َ َ‬ ‫فإذا َك َ‬
‫المالَطُ‪.‬‬ ‫‪ ،،،‬فإذا ج ِع َل بين اللَّبِ ِن ‪ ،‬فَهو ِ‬
‫َُ‬ ‫ُ‬
‫ال(‬
‫الر َم َ‬‫يل ِّ‬ ‫ص َ‬ ‫(في تَ ْف ِ‬
‫ق ِم ْنه ‪ ،،،‬اللَّبب ما ْانح َدر ِم ْنه ‪ِ ،،‬‬ ‫ق ِم َن َّ‬
‫ف َما‬ ‫الح ْق ُ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫َُ‬ ‫استَ َد َّ ُ‬ ‫الحْب ُل ما ْ‬ ‫الر ْم ِل ‪َ ،،،‬‬ ‫استََر َّ‬‫اب ما ْ‬ ‫الع َد ُ‬‫َ‬
‫الد ْعص ما استَ َدار ِم ْنه ‪ ،،،‬الع ِق ُد ما تَعقَّ َد ِم ْنه ‪ ،،،‬العقَْن َق ُل ما تَراكم وتَرا َك ِ‬ ‫ْ ِ‬
‫ب م ْنهُ‬ ‫َ َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َ‬ ‫اع َو َّج م ْنهُ‪ُ َ ْ َ ُ ِّ ،،،‬‬
‫وغلُ َ ِ‬ ‫الش ِقيقَةُ َما ْانقَ َ‬
‫َأن ِم ْنهُ ‪َّ ،،،‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ظ م ْنهُ‬ ‫ط َع َ‬ ‫ط َم َّ‬ ‫ور َما ا ْ‬ ‫الس ْقطُ َما َج َع َل َي ْنقَطعُ َوَيتَّص ُل م ْنهُ‪ ،،،‬التَّْيهُ ُ‬ ‫ِّ‬
‫ِ‬ ‫الع ِاق ُ‪.‬ر َما ال ُي ْنبِ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ت َش ْيئاً م ْنهُ ‪ ،،،‬ال ِه َد ْملَةُ َما َكثَُر َش َج ُرهُ‬ ‫وانهَا َل م ْنهُُ‪َ ،،،‬‬ ‫ب ْ‬ ‫اح َد ْو َد َ‬
‫والنقا َما ْ‬ ‫يب َّ‬ ‫ال َكث ُ‬
‫الي ِد‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫الن م ْنهُ ولَْي َس بالذي َيسي ُل م َن َ‬
‫ِ‬
‫ام َما َ‬ ‫والن ِم ْنهُ ‪َّ ،،،‬‬
‫الر َغ ُ‬ ‫األو َع ُس َما َسهُ َل َ‬ ‫م ْنهُ ‪ْ ،،،‬‬
‫ِ‬
‫ك َما‬ ‫العانِ ُ‬
‫ض م ْنهُ ‪َ ،،،‬‬
‫ك ما اْلتَب َد باألر ِ ِ‬
‫ْ‬ ‫الد ْك َدا ُ َ َ‬ ‫الي ِد ِللينِ ِه ِم ْنهُ ‪َ ،،،‬‬ ‫ِ ِ‬
‫ك أي َيسي ُل م َن َ‬ ‫ام َما ال َيتَ َمالَ ُ‬ ‫الهََي ُ‬
‫تَعقَّ َد ِم ْنه حتَّى ال ي ْق ِدر الب ِعير علَى الس َّْير ِف ِ‬
‫يه‪.‬‬ ‫َ َ َ ُ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬
‫ال)‬ ‫الرم ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫(في تَْرتيب َك ِّميَّة ِّ َ‬
‫ص َعْنهُ ‪ ،‬فَهَُو َع ْو َكل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ص‪ ،‬فَهَُو َكثيب ‪ ،،‬فإذا َنقَ َ‬ ‫العقَْن َق ُل ‪ ،،،‬فإذا َنقَ َ‬ ‫الر ْم ُل ال َكث ُير ُيقَا ُل لَهُ َ‬ ‫َّ‬

‫‪114‬‬
‫ص َع ْنهُ ‪ ،‬فَهَُو لََبب‬ ‫ِ‬
‫ص َعْنهُ ‪ ،‬فَهَُو َع َداب ‪ ،،،‬فإذا َنقَ َ‬ ‫ص َع ْنهُ ‪ ،‬فَهَُو س ْقط ‪ ،،،‬فإذا َنقَ َ‬ ‫فإذا َنقَ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فإذا َك َان ِت َّ‬
‫ت ‪ ،‬فَ ِه َي ال َكث ُ‬
‫يب‬ ‫طالَ ْ‬
‫ت َو َ‬
‫طْ‬ ‫الر ْملَةُ ُم ْجتَمعةً ‪ ،‬فَ ِه َى َ‬
‫الع ْو َكلَةُ ‪ ،،،‬فإذا ْانَب َس َ‬
‫َّ‬ ‫بالر ِ ِ ِ‬ ‫ض ٍع إلى مو ِ‬ ‫فإذا ْانتََق َل ال َكثِيب من مو ِ‬
‫ب‬ ‫ياح َوَبق َي م ْنهُ شيء َر ِقيق ‪ ،‬فَهَُو اللَب ُ‬ ‫ض ٍع ِّ‬ ‫َْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫اب‪.‬‬ ‫فإذا َنقَ ِ‬
‫الع َد ُ‬
‫ص م ْنهُ ‪ ،‬فَهَُو َ‬ ‫َ‬
‫أوصاف النساء عند العرب‪......‬‬
‫إذا كانت المرأة ضخمة في تعمد وعلى اعتدال فهي ‪ :‬رمجلة ‪.‬‬
‫فإذا زاد ضخمها ولم تُقبح فيه ‪ :‬مسجلة ‪.‬‬
‫فإذا كانت طويلة قيل ‪ :‬سبطة وعيطبول ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وجميلَةٌ‬ ‫ت بِهَا َم ْس َحة من َج َمال فَ ِه َي َوضيَئة َ‬ ‫كان ْ‬
‫ذا َ‬
‫الح ْس ِن ف ِهي ُحس َ‬
‫َّانة‬ ‫ضهَا َب ْعضاً في ُ‬ ‫فإذا أ ْشَبهَ َب ْع ُ‬
‫ينة فَ ِه َي َغانَِية‬
‫الز ِ‬
‫استَ ْغنت بِ َج َم ِالهَا َع ِن ِّ‬ ‫فإذا ْ‬
‫اخ َرةً فَ ِه َي ِم ْع َ‬
‫طال‬ ‫أن ال تَْلبس ثَوباً حسناً وال تَتََقلَّ َد ِقالَ َدةً فَ ِ‬
‫ََ ْ ََ‬ ‫بالي ْ‬ ‫ت ال تُ ِ‬ ‫فإذا َك َان ْ‬
‫يمةٌ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫كان ُح ْسُنهَا ثَابِتاً َ‬
‫كَأنهُ قَ ْد ُوس َم فَه َي َوس َ‬ ‫فإذا َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫يمة‬‫الح ْس ِن فَه َي قَس َ‬‫فإذا قُس َم لَهَا َحظ َوافر م َن ُ‬
‫وع فَ ِهي َراِئ َعةٌ‬ ‫ظ ًر ِإلَْيهَا َي ُس ُّر ُّ‬
‫الر َ‬ ‫كان َّ‬
‫الن َ‬ ‫فإذا َ‬
‫النساء بِحسنِها فَ ِهي ب ِ‬ ‫ِ‬
‫اه َرةٌ‪.‬‬ ‫ََ‬ ‫فإذا َغلََبت ِّ َ َ ُ ْ‬
‫الو ْج ِه‬
‫احةُ في َ‬ ‫َّب َ‬‫الصَ‬
‫الب َش َر ِة‬
‫اءةُ في َ‬ ‫ض َ‬ ‫الو َ‬
‫َ‬
‫اَألنفِ‬
‫الج َما ُل في ْ‬ ‫َ‬
‫الع ْيَن ْي ِن‬
‫الوةُ في َ‬‫الح َ‬ ‫َ‬
‫الحةُ في الفَِم‬
‫الم َ‬ ‫َ‬
‫ف في اللِّ َس ِ‬
‫ان‬ ‫الظَّ ْر ُ‬
‫الر َشاقَةُ في القَ ِّد‬
‫َّ‬
‫الش َماِئ ِل‬
‫اللََّباقَةُ في َّ‬
‫الح ْسن في َّ‬
‫الش ْع ِر‪.‬‬ ‫َك َما ُل ُ‬
‫اف َّ‬
‫الش ْع ِر)‬ ‫يل أوص ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫(في تَ ْفص ْ َ‬
‫ان َكثِيراً‬ ‫َش َعٌر ُجفال إذا َك َ‬
‫صالً‬ ‫وو ْحف إذا َكان متَ ِ‬
‫َ ُ‬ ‫ََ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ان َكثيفاً ُم ْجتَمعاً‬ ‫ث إذا َك َ‬‫َو َك ّ‬
‫ت َكثَافَتُه ‪ ،‬عن الفَر ِ‬
‫اء‬ ‫وم ْعلَْن ِكك إذا َز َاد ْ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫وم ْعلَْنك ٌس ُ‬
‫ُ‬

‫‪115‬‬
‫ان ُم ْنَب ِسطاً‪.‬‬ ‫ِ‬
‫وم ْن َسدٌ‪.‬ر إذا َك َ‬
‫ُ‬
‫ان ُم ْستَْر ِسالَ‬‫وس ْبط إذا َك َ‬‫َ‬
‫ان َغ ْي َر َج ْع ٍد وال َس ْب ٍط‬ ‫َو َر ْجل إذا َك َ‬
‫ود ِة‬
‫الج ُع َ‬
‫يد ُ‬ ‫طط‪ .‬إذا َكان َش ِد َ‬ ‫َوقَ َ‬
‫ط ِط‬
‫وم ْقلَ ِعطّ إذا َز َاد َعلَى القَ َ‬ ‫ُ‬
‫ود ِة ك ُش ُع ِ‬
‫ور ِّ‬
‫الز ْن ِج‬ ‫الج ُع َ‬
‫كان نهَايةً في ُ‬
‫ِ‬
‫وم َفْلف ٌل إذا َ‬ ‫ُ‬
‫ان َح َسناً لَيِّناً‬
‫وسخام إذا َك َ‬ ‫ُ‬
‫ط ِويالً‪َ ،‬ع ْن أبي ُعَب ْي َدة‪.‬‬
‫اعما َ‬ ‫وم ْغ َدو ِد ٌن إذا َكان َن ِ‬
‫َ‬ ‫َُ ْ‬
‫والمرأة الرعبوبة ‪ :‬البيضاء ‪.‬‬
‫الزهراء ‪ :‬التي يضرب بياضها إلى صفرة كلون القمر والبدر ‪.‬‬
‫والهجان ‪ :‬الحسنة البياض ‪.‬‬
‫ص ِغ َيرةً‬
‫ت َ‬ ‫ام ْ‬ ‫ِ ِ‬
‫ه َي ط ْفلَة َما َد َ‬
‫ت‬ ‫ليدةٌ ِإ َذا تَ َح َّر َك ْ‬
‫ثَُّم َو َ‬
‫ب ثَ ْدُيهَا‬ ‫ِ‬
‫ثَُّم َكاعب إذا َك َع َ‬
‫ثَُّم َناهد إذا َز َاد‬
‫ت‬
‫صر‪ .‬إذا َْأد َر َك ْ‬ ‫ثَُّم مع ِ‬
‫ُْ‬
‫ص ِار‬ ‫ت َع ْن َح ِّد ْ‬
‫اإلع َ‬ ‫ثَُّم َعانِس إذا ْارتَفَ َع ْ‬
‫اب‬ ‫ط ِت َّ‬
‫الشَب َ‬ ‫ثَُّم َخ ْود إذا تََو َّس َ‬
‫ين‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األرَبع َ‬
‫ثَُّم ُم ْسلف إذا َج َاو َزت ْ‬
‫الشَباب والتَّ ْع ِج ِ‬
‫يز‬ ‫ت َب ْين َّ‬ ‫صف إذا َك َان ْ‬ ‫ثَُّم َن َ‬
‫الكَب ِر َو ِفيهَا َب ِقيَّة َو َجلَ ٌد‬
‫ت م َّس ِ‬
‫ثَُّم َش ْهلَة َك ْهلَة إذا َو َج َد ْ َ‬
‫اسك‬‫ت َو ِفيها‪ .‬تَ َم ُ‬ ‫ثَُّم َش ْهَب َرة ِإ َذا َعج َ‬
‫ًّز ْ‬
‫القو ِة‬
‫صةَ َّ‬ ‫ت ع ِاليةَ الس ِّ ِ‬
‫ِّن َناق َ‬ ‫ص َار ْ َ َ‬ ‫ثَُّم َح ْي َزُبون إ َذا َ‬
‫َأسَن ُانهَا‪.‬‬
‫ت ْ‬ ‫طْ‬ ‫طِلطٌ‪ .‬إذا ْان َحَنى قَ ُّد َها َو َسقَ َ‬ ‫ثَُّم َقْل َعم َول ْ‬
‫الحا ِج ِب)‬
‫(في َ‬
‫الز َج ُج والبلَ ُج‬ ‫اسنِ ِه َّ‬‫ِم ْن مح ِ‬
‫ََ‬
‫والم َعطُ‬
‫ب َ‬ ‫والزَب ُ‬‫و ِم ْن َم َعاِئبِ ِه القََر ُن َّ‬
‫وامتدادهما َحتَّى َك َأنهُ َما ُخطَّاَ بِ َقلَم‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الحاج ْبي ِن‬ ‫الز َج ُج فَِدقَّةُ‬
‫َأما َّ‬
‫فَ َّ‬
‫ب َذِل َ‬
‫ك َوتَ ْك َرهُ القََر َن وهو اتِّ َ‬
‫صالُهُ َما‪.‬‬ ‫ب تَ ْستَ ِح ُّ‬ ‫والع َر ُ‬
‫ون َب ْيَنهُ َما فُْر َجة ‪َ ،‬‬ ‫أن تَ ُك َ‬ ‫البلَ ُج فهو ْ‬ ‫َأما َ‬‫َو َّ‬
‫ب َكثَْرة َش ْعر ِه َما‪.‬‬ ‫والزَب ُ‬
‫َ‬

‫‪116‬‬
‫َأج َزاِئ ِه َما‪.‬‬
‫ض ْ‬ ‫ط تَ َساقُطُ‪َّ .‬‬
‫الش ْع ِر َع ْن َب ْع ِ‬ ‫والم َع َ‬
‫َ‬
‫والزجَّاء ‪ :‬الدقيقة الحاجبين الممتدتهما حتى كأنهما خطا بقلم ‪.‬‬
‫والبلج ‪ :‬أن يكون بينهما فرجه ‪ ،‬وهو يستحب ‪ ،‬ويكره القرن وهو اتصالهما‪. .‬‬
‫الع ْي ِن)‬ ‫ِ‬
‫(في َم َحاس ِن َ‬
‫الم ْقلَ ِة‬ ‫ِ‬ ‫يدةَ الس ِ‬
‫َّواد َم َع َس َعة ُ‬
‫َ‬ ‫الع ْي ُن َش ِد َ‬
‫ون َ‬ ‫أن تَ ُك َ‬ ‫َّ‬
‫الد َع ُج ْ‬
‫البرج ِش َدةُ سو ِاد َها‪ .‬و ِش َّدةُ بي ِ‬
‫اضهَا‪.‬‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫ََ ُ‬
‫َّ‬
‫الن َج ُل َس َعتُها‬
‫ال َك َح ُل َس َواد ُجفُونِهَا ِم ْن َغ ْي ِر ُك ْحل‬
‫أعي ِن الظِّب ِ‬
‫اء‬ ‫َ‬ ‫َه َو في ْ ُ‬‫الح َو ُر اتِّ َساعُ َس َو ِاد َها كما ُ‬ ‫َ‬
‫ان في أ ْشفَ ِار ِه َو َ‬
‫طف‬ ‫ف طُو ُل أ ْشفَ ِار َها وتمامها‪ . .‬وفي ِ ِ‬
‫الحديث‪َ :‬أنهُ ( َك َ‬‫َ‬ ‫َُ‬ ‫ط ُ‬ ‫الو َ‬‫َ‬
‫ال ُش ْهلَةُ ُح ْم َرة في َس َو ِاد َها‪.‬‬
‫(في َم َعايِيها)‬
‫الع ْيَن ِ‬
‫ين‬ ‫الحوص ِ‬
‫يق َ‬ ‫ض ُ‬ ‫ََ ُ‬
‫ور ُه َما‪َ .‬م َع الضِّي ِ‬
‫ق‬ ‫ص ُغُؤ ُ‬ ‫الخ َو ُ‬
‫َ‬
‫ب اْل َج ْف ِن‬ ‫ِ‬
‫ال َشتَُر ْانقالَ ُ‬
‫ص‬ ‫ِ‬
‫رم ُ‬
‫الع ْي ًن تَسي ُل وتَ َ‬ ‫أن ال تََزا َل َ‬ ‫ش ْ‬ ‫الع َم ُ‬
‫َ‬
‫ص ُر‬‫اد تُْب ِ‬ ‫ان ال تَ َك َ‬‫ش ْ‬ ‫ال َك َم ُ‬
‫ش‬ ‫الع َم ِ‬ ‫طُ ِ‬
‫ش ش ْبهُ َ‬ ‫الغ َ‬‫َ‬
‫ص َ‪.‬ر َنهَاراً‬ ‫أن ال ي ْب ِ‬
‫الجهَ ُر ْ ُ‬ ‫َ‬
‫بص َر لَْيالً‬ ‫أن ال ي ِ‬
‫الع َشا ْ ُ‬ ‫َ‬
‫ؤخ ِر َعْينِ ِه‬ ‫أن َي ْنظَُر بِ ُم َ‬ ‫الخ َز ُر ْ‬‫َ‬
‫الغضن ْ ِ‬
‫ونهُ‬
‫ض َن ُجفُ ُ‬‫أن َي ْكس َر َعْيَنهُ َحتَّى تَتَ َغ َ‬ ‫َ َُ‬
‫أهون ِمن الحو ِل ‪ ،‬قا َل ال ّش ِ‬ ‫ِِ‬
‫اع ُر‪( :‬من المديد)‪:‬‬ ‫ون َك ََّأنهُ َي ْنظُ ُر إلى َْأنفه ‪َ ،‬و ُه َو ْ َ ُ َ َ َ‬ ‫أن َي ُك َ‬‫القََب ُل ْ‬
‫أ ْشتَ ِهي في ال َ ِ‬
‫ط ْفلة القََبالَ ال كثيراً ُي ْشبِهُ َ‬
‫الح َوال‬
‫اَألحول ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ُّ‬
‫الذي يقو ُل‬ ‫وه َو قَ ِريب م ْن صفَة ْ َ‬ ‫ك‪ُ .‬‬ ‫وه َو َي ْنظُ ُر إلى َغْي ِر َ‬
‫ك ُ‬ ‫إلي َ‬
‫أن تََراهُ َي ْنظُ ُر ْ‬ ‫ور ْ‬ ‫الشطُ ُ‬
‫ُمتََبجِّحاً بِ َح َوِل ِه‪( :‬من الطويل)‪:‬‬
‫الشز ِر‬
‫ظ ِر ْ‬‫الن َ‬
‫أغَنى عن َ‬ ‫ِّه على َح َول ْ‬ ‫يت بحب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َحم ْدت إلهي إ ْذ ُبل ُ ُ‬
‫الع ْذ ِر‬ ‫إليه ‪ ،‬فاستَر ْح ُ ِ‬ ‫ت ِ‬ ‫قيب َيخالُنِي َن َ‬ ‫ت ِ‬
‫ت م َن ُ‬ ‫َْ‬ ‫ظ ْر ُ‬ ‫والر ُ‬ ‫إليه ‪َّ ،‬‬ ‫ظ ْر ُ‬‫َن َ‬
‫ان َي ْنظَُر بِهَا‬
‫الع ْي ِن الّتي ُي ِريد ْ‬
‫ق َ‬‫يمي َل َو ْجهَهُ في ِش َ‬ ‫بإح َدى ع ْيَن ْي ِه و ِ‬
‫َ ُ‬ ‫أن َي ْنظَُر ْ‬ ‫الش َو ُس ْ‬ ‫َّ‬
‫الج ْف ُن ِم ْن َغْي ِر َو َجع‬
‫يق لَهُ َ‬‫ض ُ‪.‬‬ ‫ف البص ِر‪ ،‬ويقَا ُل ِإَنه فَساد في الع ْي ِن ي ِ‬
‫َ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ض ْع ُ‪َ َ .‬‬ ‫الع ْيَن ْي ِن َو َ‬‫ش ص َغ ًر َ‬
‫الخفَ ُ ِ‬ ‫َ‬

‫‪117‬‬
‫َوال قَ ْر ٍح‬
‫ص ِر‬ ‫الع ِ‬ ‫ش ِ‬ ‫َّ‬
‫الب َ‬
‫ين َوفَ َساد‪َ .‬‬ ‫يق َ‬
‫ض ُ‬ ‫الد َو ُ‬
‫الجفُ ِ‬
‫ون‬ ‫اء ُ‬ ‫اس ْتر َخ ُ‬
‫اق ْ‬ ‫ط َر ُ‬
‫اإل ْ‬
‫جاج‬
‫الح ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ورها‪ .‬م َن َ‬ ‫الم ْقلَة وظُهُ ُ‬
‫وج ُ‬ ‫الجحوظُ ُخ ُر ُ‬ ‫ُ‬
‫الع ْي ُن ُم ْنفَتِ َحة‬
‫ص ُر َو َ‬
‫الب َ‬
‫ب َ‬ ‫أن َي ْذ َه َ‬
‫ق ْ‬‫الب َخ ُ‬
‫َ‬
‫أع َمى‬
‫ان ْ‬‫اإلن َس ُ‬
‫أن ُيولَ َد ْ‬ ‫ال َك َمهُ ْ‬
‫هما لَ ْحم َناتٌئ‪.‬‬ ‫الع ْيَن ْين أو تَ ْحتَ َ‬
‫ق َ‬ ‫ون فَ ْو َ‬‫أن َي ُك َ‬ ‫ص ْ‬ ‫الب َخ ُ‬ ‫َ‬
‫الع ْي ِن)‬
‫ض َ‬ ‫(في َعو ِار ِ‬
‫َ‬
‫الشيءِ‬‫ظ ِر إلى َّ‬ ‫ِ‬
‫اها َكالل من طُول َّ‬
‫الن َ‬
‫ْ‬ ‫ت َعْيُنهُ إذا اعتََر َ‬ ‫َح َس َر ْ‬
‫وف أو َغْي ِر ِه‬‫دت ِم ْن َخ ٍ‬ ‫ت َع ْيُنهُ إذا توقَ ْ‬ ‫زر ْ‬ ‫َّ‬
‫ت عْيُنه ِإ َذا لَم تَ َك ْد تُْب ِ‬
‫ص ُ‪.‬ر‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫َسد َر ْ َ ُ‬
‫ير ِه ِع ْن َد َخلَل‬
‫وغ ِ‬
‫اب َ‬ ‫ت لها سم ِادير (وهي ما يتَراءى لَها ِم ْن أ ْشب ِاه ُّ‬
‫الذَب ِ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ َ‬ ‫ََ ُ‬ ‫الح ْ‬
‫ت َعْيُنهُ إذا َ‬ ‫اس َم َد َّر ْ‬
‫ْ‬
‫َيتَ َخلَّلُها)‬
‫ظ ِر‪َ ،‬ع ْن َأبي َز ْي ٍد‬ ‫اب َعلَى َّ‬
‫الن َ‬ ‫ت َعْيُنهُ إذا ضعفت ِم َن اإل ْكَب ِ‬ ‫قَِد َع ْ‬
‫الر َّم ِة (من البسيط)‪:‬‬ ‫ت قَا َل ذو ُّ‬ ‫ت َع ْيُنهُ إذا َح َار ْ‬ ‫َح ِر َج ْ‬
‫ب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫داد ِلْل َع ْي ِن ِإ ْبهَاجاً إذا َسفََر ْ‬
‫ين تَْنتَق ُ‬
‫الع ْي ُن فيها ح َ‬
‫ت وتَ ْح َر ُج َ‬ ‫تَْز ُ‬
‫ت‬‫غار ْ‬ ‫عيُنهُ إذا َ‬ ‫َّت ْ‬ ‫َهج ْ‬
‫ور َها‪.‬‬ ‫ت إ َذا َز َاد ُغُؤ ُ‬ ‫َوَن ْقَنقَ ْ‬
‫األص َم ِعي‬
‫ْ‬ ‫ت ‪َ ،‬ع ِن‬ ‫َّج ْ‬‫ت َو َهج َ‬ ‫ك َح َّجلَ ْ‬ ‫َو َك َذِل َ‬
‫ت ِف ِ‬
‫يه‬ ‫رأت َذ َهباً َكثِيراً فَ َح َار ْ‬ ‫ت َع ْيُنه إذا ْ‬ ‫َذ ِهَب ْ‬
‫الح ْي َر ِة‪.‬‬ ‫ط ُ‪ِ .‬‬
‫رف م َن َ‬ ‫ت َعْيُنهُ إذا لَ ْم تَ َك ْد تَ ْ‬ ‫صْ‬ ‫َش َخ َ‬
‫أح َو ِال ِه)‬
‫ف ْ‬ ‫اختِالَ ِ‬ ‫وه ْيئاتِ ِه في ْ‬ ‫ظ ِر َ‬ ‫الن َ‬ ‫يل َك ْي ِفي ِ‬
‫َّة َّ‬ ‫صِ‬ ‫(في تَ ْف ِ‬
‫ام ِع َعْينِ ِه ِقي َل َر َمقَه‬
‫ظر اِإل ْنسان إلى ال ّشي ِء بِمج ِ‬
‫ْ ََ‬ ‫َ ُ‬ ‫إذا َن َ َ‬
‫ظهُ‬
‫يل لَ َح َ‬‫إليه ِم ْن َجانِ ِب أ ُذنِ ِه ِق َ‬ ‫ظر ِ‬
‫فإن َن َ َ‬ ‫ْ‬
‫ٍِ‬ ‫ِ‬
‫ظ َر إليه بِ َع َجلَة قي َل‪ :‬لَ َم َحهُ‬ ‫فإن َن َ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫حديث ْاب ِن َم ْس ُع ٍ‪.‬‬ ‫ط ْر ِف ِه ‪ ،‬وفي‪.‬‬ ‫ص ِر ِه َم َع ِح َّد ِة َن ٍ‬
‫ود رضي اهلل عنهُ‪:‬‬ ‫ظر قي َل‪َ :‬ح َد َجهُ ب َ‬ ‫فإن َر َماهُ بَِب َ‬ ‫ْ‬
‫ص ِار ِه ْم)‬ ‫ِ‬
‫بأب َ‬
‫وك ْ‬ ‫القو َم َما َح َد ُج َ‬ ‫(ح ِّدث ْ‬ ‫َ‬
‫أن ُي ِس َ‬
‫ف‬ ‫عبي َأنهُ ( َك ِرهَ ْ‬ ‫ِ ِ َّ‬
‫ظ َر اليه ‪ .‬وفي‪ .‬حديث الش ّ‬
‫ِ‬ ‫الن َ‬
‫ف َ‬ ‫ِ ِ ٍ ِ ٍ‬
‫ظ َر إليه بِش َّدة وح َدة قي َل‪َْ :‬أر َشقَهُ َ‬
‫وَأس َّ‬ ‫فإن ن َ‬ ‫ْ‬
‫وابَنتِ ِه)‬
‫أختِ ِه ْ‬ ‫َأم ِه َو ْ‬ ‫ظ َرهُ إلى ِّ‬ ‫الر ُج ُل َن َ‬ ‫َ‬
‫يل‪َ :‬شفََنه و َشفَن ِ‬ ‫ض إيَّاهُ ِق َ‬‫والم ْب ِغ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ظر ِ‬
‫إليه ُشفُوناً و َش ْفناً‬ ‫َُ َ‬ ‫المتَ َع ِّجب م ْنه وال َك ِاره لَهُ ُ‬ ‫ظ َر ُ‬ ‫إليه َن َ‬ ‫فإن َن َ َ‬ ‫ْ‬

‫‪118‬‬
‫إليه َش ْزراً‬ ‫ظر ِ‬ ‫الع َد َاو ِة َ‬
‫قيل َن َ َ‬ ‫ظ َ‬ ‫فإن أعارهُ لَ ْح َ‬ ‫ْ‬
‫ظ َرةَ ِذي َعلَ ٍ‬
‫ق‬ ‫ظر ِ‬
‫إليه َن ْ‬ ‫قيل‪َ :‬ن َ َ‬ ‫َّة َ‬ ‫إليه بِع ْي ِن المحب ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ظر ِ‬
‫فإن َن َ َ‬
‫ِ‬ ‫ظر ِ‬
‫الم ْستَثْبِت قي َل‪ :‬تََوض َ‬
‫َّحهُ‬ ‫ظ َر ُ‬ ‫إليه َن َ‬ ‫إن َن َ َ‬‫ف ْ‬
‫ِِ‬ ‫الشم ِ ِ‬‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫استَ َكفَّهُ‬
‫ور إليه قي َل‪ْ :‬‬ ‫الم ْنظُ َ‬
‫ين َ‬‫س لَي ْستَبِ َ‬ ‫ظ َر إليه َواضعاً َي َدهُ َعلَى َحاجبِه ُم ْستَظالً بِهَا م َن ْ‬ ‫فإن َن َ‬
‫ْ‬
‫واستَ ْش َرفَهُ‬
‫ض َحهُ ْ‬ ‫واستَ ْو َ‬
‫ْ‬
‫استَ َشفَّهُ‬
‫يل ْ‬‫ان بِ ِه ‪ِ ،‬ق َ‬‫إن َك َ‬ ‫صفَاقَتِ ِه أو َس َخافَتِ ِه أو َي َرى َعواراً ‪ْ ،‬‬ ‫ِ‬
‫ب َو َرفَ َعهُ لَي ْنظَُر إلى َ‬ ‫فإن َن َش َر الثَْو َ‬ ‫ْ‬
‫اعر‪( :‬من الطويل)‪:‬‬ ‫ال ال ّش ِ‬
‫وحةً ‪ ،‬كما قَ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َّ ِ‬
‫الحهُ لَ َ‬‫ظ َر إلى ال ّش ْيء كالل ْم َحة ثَُّم َخف َي َع ْنهُ قي َل‪َ :‬‬ ‫فإن َن َ‬
‫ْ‬
‫وحهَا‬ ‫وهل تَْنفَ َعِّني لَ ْو َحة لَ ْو َألُ ُ‬
‫ِ‬ ‫ظ َر إلى َج ِم ِ‬
‫ضهُ َن ْفضاً‬ ‫ان َحتّى َي ْع ِرفَهُ قي َل‪َ :‬نفَ َ‬ ‫الم َك ِ‬‫يع َما في َ‬ ‫فإن َن َ‬
‫ْ‬
‫ِ‬ ‫يهذبه أو ِليستَ ْك ِش َ‪ِ .‬‬ ‫اب أو ِحس ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫صفَّ َحهُ‬
‫ف ص َحتَهُ َو َسقَ َمهُ قي َل‪ :‬تَ َ‬ ‫اب ل ِّ َ ُ َ‬ ‫ظ َر في كتَ ٍ ْ َ‬ ‫فإن َن َ‬
‫ْ‬
‫ظ ِر ِقي َل‪َ :‬ح َد َ‬
‫ق‬ ‫يع َع ْيَن ْي ِه ِل ِش َّد ِة ّ‬
‫الن ً‬ ‫ِ‬
‫فإن فَتَ َح َجم َ‬ ‫ْ‬
‫ق َع ْيَن ْي ِه‬ ‫ْألَأله َما قي َل‪َ :‬ب َّر َ‬
‫ُ‬ ‫فإن‬
‫ْ‬
‫انقلب ِح ْمالق َع ْيَن ْي ِه ِقي َل‪َ :‬ح ْملَ َ‬
‫ق‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫فإن‬

‫ص ُرهُ‬
‫ق َب َ‬ ‫اد َع َين ْي ِه ِم َن الفََز ِع ِقي َل‪َ :‬ب َّر َ‬ ‫اب َس َو ُ‬ ‫فإن َغ َ‬ ‫ْ‬
‫فإن فَتَ َح َعْي َن ُمفََّزع أو ُمهَ َّد ٍد قي َل‪َ :‬ح َّم َج‬ ‫ْ‬
‫ف ِقي َل‪َ :‬ح َّد ِج َوفَ َ‬
‫زع‬ ‫الخو ِ‬
‫عند َ ْ‬ ‫ظ َر َ‬ ‫الن َ‬‫أح َّد ّ‬ ‫ِ‬
‫فإن َبالَ َغ في فَتْحها َو َ‬ ‫ْ‬
‫رو‬‫ط ْرفَ َش ‪َ ،‬ع ْن أبي َع ْم ٍ‬ ‫ظ ِر ِقي َل‪َ :‬د ْنقَ َس و َ‬ ‫فإن َك َس َر َع ْيَنهُ في َّ‬
‫الن َ‬ ‫ْ‬
‫ين‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ص ‪ ،‬وفي القُْر ِ‬ ‫ط ِر ُ‪ِ .‬‬ ‫فإن فَتَ َح َعْي ْني ِه َو َج َع َل ال َي ْ‬
‫ص ُار الَذ َ‬
‫صة َْأب َ‬ ‫آن الكريم‪َ { :‬شاخ َ‬ ‫ف ‪ ،‬قي َل َش َخ َ‬ ‫ْ‬
‫رو أيضاً‬ ‫أس َج َد‪َ ،‬ع ْن أبي َع ْم ٍ‬ ‫ون قي َل‪ْ :‬‬ ‫ظ َر مع ُس ُك ٍ‬ ‫الن َ‬
‫فإن ََأد َام ّ‬ ‫َكفَ ُروا} ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ِِ ِ‬
‫ق ال ِهالل للَْيلَته لَي َراهُ قي َل‪ :‬تََبص َ‬
‫َّرهُ‬ ‫ظ َر إلى أفُ ِ‬ ‫فإن َن َ‬
‫ْ‬
‫ِ‬ ‫فإن َأتَْبع َّ‬
‫ص َرهُ‪.‬‬‫َأتَأرهُ َب َ‬
‫ص َرهُ قي َل‪َ :‬‬ ‫يء َب َ‬ ‫الش َ‬ ‫َّ َ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وما َيتّصل بِهَا ُ‬
‫ويذ َك ُر‬ ‫في األصول والرؤوس‪ .‬واألعضاء واألطراف وأوصافها‪ .‬وما ُيتََولّ ُد م ْنهَا َ‬
‫َم َعهَا‬
‫وم ِة [األنوف‪)].‬‬‫والم ْذ ُم َ‬
‫ودة َ‬
‫يل أوص ِافها‪ .‬الم ْحم َ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫(في تَ ْفص ْ َ َ َ ُ‬
‫الها‬ ‫ف مع استِو ِ‬ ‫الشمم ارتفاعُ قَصب ِة ْ ِ‬ ‫َّ‬
‫أع َ‬ ‫اء ْ‬ ‫األن َ َ ْ َ‬ ‫ََ‬ ‫َُ‬
‫ب في َو َس ِط ِه‬ ‫ِِ‬ ‫القََنا طُو ُل ْ ِ‬
‫األنف و ِدقّةُ ْأرَنَبته َ‬
‫وح ْد ٌ‬
‫ض َخِم ْأرَنَبتِ ِه‬ ‫طامن قَصبتِ ِه مع ِ‬
‫ط ُس تَ َ ُ ُ َ َ َ َ‬ ‫الفَ َ‬
‫الو ْج ِه‬ ‫َأخر ْ ِ‬
‫األنف َع ِن َ‬ ‫الخَن ُس تَ ُّ ُ‬
‫َ‬

‫‪119‬‬
‫ص َغ ِر ْأرَنَبتِ ِه‬ ‫طر ِف ِه مع ِ‬
‫وص َ َ َ َ‬ ‫ف ُش ُخ ُ‬
‫َّ‬
‫الذلَ ُ‬
‫َّة َّ‬
‫الش ِّم‬ ‫الخ َشم فُ ْق َدان حاس ِ‬
‫ُ‬ ‫َ ُ‬
‫الم ْن َخ َر ِ‬
‫ين‬ ‫ق في ِ‬ ‫الخ َرم َش ٌّ‬‫َ‬
‫أخثَُم‬‫ف ‪ ،‬يقا ُل‪ :‬ثَْوٌر ْ‬ ‫األن ِ‬‫ض ْ‬ ‫َ ِ‬
‫الخثَُم ع َر ُ‬
‫ف‪.‬‬ ‫األن ِ‬
‫اع ِو َجاج ْ‬ ‫القَ َع ُم ْ‬
‫األسَن ِ‬ ‫ِ‬
‫ان)‬ ‫(في َم َحاس ِن ْ‬
‫نان ِ‬
‫وح ْسُنها‬ ‫واستواُؤ ها‪ُ .‬‬ ‫األس ِ ْ‬ ‫ب ِرقَّةُ ْ‬ ‫َّ‬
‫الشَن ُ‬
‫ض ِيدها‪ .‬واتِّ ِ‬
‫ساقها‪.‬‬ ‫الرتَ ُل حسن تَْن ِ‬ ‫َّ‬
‫ُْ‬
‫ِ‬
‫تفر ُج ما َب ْيَنها‬ ‫يج ُّ‬ ‫التَّْفل ُ‬
‫ان ُم َفلَّجاً‬ ‫وح ْس ِن ‪ُ .‬ويقا ُل ِم ْنهُ‪ :‬ثَ ْغٌر َشتِ ٌ‬
‫يت ِإ َذا َك َ‬
‫بل في ِ ٍ‬
‫است َواء ُ‬ ‫ْ‬ ‫تباع ٍد‪ْ ،‬‬ ‫تفرقُها في َغ ْي ِر ُ‬ ‫ت ُّ‬ ‫َّ‬
‫الشتَ ُ‬
‫ض َح َسناً‬ ‫َْأبَي َ‬
‫الم ْوِل ِد‬ ‫دل على َح َداثَ ِة الس ِّ‬
‫ِّن وقُْر ِب َ‬
‫اف الثًَّن َايا َي ُّ‬
‫ط َر ِ‬ ‫اَأل ْش ُر تحزيز في أ ْ‬
‫الري ِ‬ ‫ان ِمن الب ِري ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ق‪.‬‬ ‫ق ال م َن َ‬ ‫األسَن ِ َ َ‬ ‫الماء الّذي َي ْج ِري َعلَى ْ‬ ‫ظْل ُم ً‬ ‫ال َ‬
‫(في َم َعايِ ِب الفَِم)‬
‫الش َدق َس َعةُ ِّ‬
‫الش ْدقَْي ِن‬ ‫َّ‬
‫الضَّجم مْي ٌل في الفَِم وفيما‪ .‬يِل ِ‬
‫يه‬ ‫َ‬ ‫َُ َ‬
‫اَألس َف ِل‬ ‫ِ‬ ‫الحَن ِك ْ‬
‫بالحَنك ْ‬ ‫اَألعلى َ‬ ‫وق َ‬ ‫ص ُ‪.‬‬ ‫َّز ُز لُ ُ‬
‫الض َ‬
‫وغلَظُهُما‬ ‫الشفَتَْي ِن ِ‬ ‫خاء َّ‬ ‫اس ْتر ُ‬ ‫الهَ َد ُل ْ‬
‫اض َي ْعتَ ِري ِهما‪.‬‬ ‫طعُ َبَي ٌ‬ ‫اللَّ َ‬
‫البهُ َما‬ ‫القلَ ِ‬
‫ب ْانق ُ‬ ‫َ ُ‬
‫خادماً ال َي َزا ُل‬ ‫هدي ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ ِ‬ ‫ضم ِام ‪ ،‬و َكان موسى‪ِ .‬‬ ‫الجلَع قُصور ُهما‪ .‬ع ِن ْ ِ‬
‫الم ُ‬ ‫َأجلَ َع فَ َوك َل به َُأبوهُ ُ‬
‫الهادي ْ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫االن َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ُ ُ‬
‫طبِ ْق ‪َ .‬فلُقِّ َ‬
‫ب به‬ ‫وسى َأ ْ‬‫َيقُو ُل لَهُ‪ُ :‬م َ‬
‫طمةُ ِ‬
‫ض َخ ُمهَا‪.‬‬ ‫الب ْر َ َ‬
‫َ‬
‫ق)‬‫العُن ِ‬
‫اف ُ‬ ‫ص ِ‬‫(في ْأو َ‬
‫الجَي ُد طولُها‪.‬‬
‫َ‬
‫التَّلَعُ إ ْش َرافُها‪.‬‬
‫امُنها‪.‬‬
‫طُ‬ ‫الهََنعُ تَ َ‬
‫ب ِغلَظهَا‬ ‫الغلَ ُ‬
‫َ‬
‫البتَعُ ِش َدتُهَا‬
‫َ‬
‫َّع ُر َمْيلُها‬
‫الص َ‬

‫‪120‬‬
‫ص ُرها‬ ‫الوقَ ِ‬
‫صق َ‬
‫َ ُ‬
‫وعها‬
‫ض ُ‬ ‫ضعُ ُخ ُ‬ ‫الخ َ‬
‫َ‬
‫الح َد ُل ِع َو ُجها‪.‬‬
‫َ‬
‫ط ِن)‬
‫الب ْ‬
‫اف َ‬ ‫ص ِ‬ ‫(في ْأو َ‬
‫ِ‬ ‫َّ‬
‫ظمهُ‬
‫الد َح ُل ع ً‬
‫الحَبن ُخ ُروجهً‬ ‫َ‬
‫الثَّجل ِ‬
‫است ْر َخاًؤ هُ‬‫َ ْ‬
‫ِ‬
‫القَ َم ُل ض َخ ُمهُ‬
‫ور لَطافَتُهُ‬
‫ُّم ُ‬
‫الض ُ‬
‫وصهُ‬
‫الب َج ُر ُش ُخ ُ‬
‫َ‬
‫األص َم ِع ّي‪.‬‬
‫ْ‬ ‫ظِم ‪َ ،‬ع ِن‬ ‫التَ َخر ُخر اضطرابه من ِ‬
‫الع َ‬ ‫َ ُُ‬ ‫ْ ُ‬
‫الم ْر َِأة)‬
‫ق َ‬ ‫اس ِن َخْل ِ‬ ‫ود ِة في مح ِ‬
‫ََ‬ ‫الم ْح ُم َ‬
‫اف َ‬ ‫ص ِ‬ ‫األو َ‬
‫ِ ِ‬
‫(في تَ ْفصيل ْ‬
‫ق فَ ِه َي َخ ْود‬ ‫الخْل ِ‬
‫ت َش َّابةً َح َسَنةَ َ‬ ‫ِإ َذا َك َان ْ‬
‫الم ْع َرى فَ ِهي َب ْه َكَنة‬ ‫ِ‬ ‫فَإذا َك َان ْ ِ‬
‫الوجه َح َسَنة َ‬ ‫ت َجميلَةَ َ‬
‫ِ‬ ‫فإذا َك َان ْ ِ‬
‫ورة‬‫الم َحاس ِن فَ ِه َي َم ْم ُك َ‬ ‫ت َدقيقَةَ َ‬
‫رعَبة‬‫ص ِب فَ ِهي َخ َ‬ ‫ت َح َسنةَ القَ ِّد لَيَِّنةَ القَ َ‬ ‫فإذا َك َان ْ‬
‫ض لَ ْح ِمهَا َب ْعضاً فَ ِهي ُمَبتَّلَة‬ ‫ب َب ْع ُ‬ ‫فَإذا لَ ْم َي ْر َك ْ‬
‫فإذا َك َان ْ ِ‬
‫ص َانة‬ ‫َّاء َو ُخ ْم َ‬ ‫ط ِن فَ ِه َي َه ْيفَاء َوقَب ُ‬ ‫الب ْ‬ ‫ت لَطيفَةَ َ‬
‫ِ‬ ‫ت لَ ِطيفَةَ ال َك ْش َح ِ‬
‫ين فَ ِه َي َهض ٌ‬
‫يم‬ ‫فإذا َك َان ْ‬
‫ام ِة فَ ِه َي َم ْم ُشوقَة‬ ‫الخص ِر مع ِ ِ‬
‫امت َداد القَ َ‬ ‫ت لَطيفَةَ َ ْ َ َ ْ‬
‫فَإذا َك َان ْ ِ‬
‫وح ْس ٍن فَ ِه َي ُع ْ‬ ‫ق في ْ ِ‬ ‫العُن ِ‬
‫طُبو ٌل‬ ‫اعت َدال ُ‬ ‫ط ِويلة ُ‬ ‫ت َ‬ ‫فإذا َك َان ْ‬
‫اء و ِه ْر َك ْولَةٌ‬ ‫فإذا َك َان ْ ِ‬
‫الو ِر َك ْي ِن فَ ِه َي َو ْر َك ٌ‬
‫يمةَ َ‬ ‫ت َعظ َ‬
‫الع ِج َيز ِة فَ ِه َي َر َداح‬ ‫فَإذا َك َان ْ ِ‬
‫يمةَ َ‬ ‫ت َعظ َ‬
‫اع ْين والسَّاقَْي ِن فَ ِه َي َخ َدلَّ َجة‬ ‫ت س ِم َينةً ممتَلَئةَ ِّ‬
‫الذ َر َ‬ ‫ُْ‬ ‫فإذا َك َان ْ َ‬
‫ت تَْرتَ ُّج من ِس َمنها فَ ِه َي َم ْر َم َارةٌ‬ ‫فإذا َك َان ْ‬
‫اض ِة فَ ِه َي َب َر ْه َر َهة‬ ‫ض َ‬ ‫والغ َ‬‫وب ِة َ‬ ‫الرطُ َ‬ ‫رع ُد ِم َن ُّ‬‫ت َك ََّأنهَا تَ ُ‬ ‫فإذا َك َان ْ‬
‫الن ْع َم ِة فَ ِه َي َر ْق َراقَة‬
‫ض َر ِة ِّ‬ ‫الماء َي ْج ِري في َو ْج ِههَا من َن ْ‬ ‫َأن َ‬ ‫ت َك َّ‬ ‫فإذا َك َان ْ‬
‫الب َش َر ِة فَ ِه َي َبضَّة‬ ‫ت رقَيقَةَ ِ ِ ِ‬
‫الجْلد َناع َمةَ َ‬ ‫فإذا َك َان ْ َ‬
‫الن ِع ِيم فَ ِه َي فُُنق‬ ‫ض َرةُ َّ‬ ‫وج ِههَا َن ْ‬ ‫ت في ْ‬ ‫فإذا ُع ِرفَ ْ‬
‫القَيام ِل ِس َمنِهَا فَ ِه َي ََأناة َو َو ْهَن َانةٌ‬ ‫فإذا كان بها فُتُور‪ِ .‬عند ِ‬

‫‪121‬‬
‫الريح فَ ِه َي َب ْهَن َانة‬ ‫طيَِّبةَ ِّ‬‫ت َ‬ ‫فَإذا َك َان ْ‬
‫مال فَ ِه َي َعْبهََرة‬‫الج ِ‬ ‫لخْل ِ‬ ‫فَإذا َك َان ْ ِ‬
‫ق َم َع َ‬ ‫يمةَ اَ َ‬ ‫ت َعظ َ‬
‫اع َمة َجميلةً فهي َع ْبقََرة‬ ‫ت َن ِ‬ ‫فإذا َك َان ْ‬
‫ين َّ ِ‬ ‫ت ُمتَثنيةً من اللِّ ِ‬
‫ادةٌ‬
‫وغ َ‬
‫اء َ‬ ‫والن ْع َمة فَ ِه َي َغْي َد ُ‬ ‫فإذا َك َان ْ‬
‫طيَِّبةَ الفَِم فَ ِه َي َر ُشوف‪.‬‬ ‫ت َ‬ ‫كان ْ‬
‫فإذا َ‬
‫َأنوف‬ ‫ف فَ ِه َي ُ‬ ‫األن ِ‬
‫طيَِّبةَ ريِح ْ‬ ‫ت َ‬ ‫فَإذا َك َان ْ‬
‫وف‬
‫ص ٌ‬ ‫الخْل َو ِة فَ ِه َي َر ُ‬ ‫طيَِّبةَ َ‬ ‫ت َ‬ ‫فإذا َك َان ْ‬
‫ضحوكاً فَ ِه َي َش ُموعٌ‬ ‫ت لَ ُعوباً ُ‬ ‫فَإذا َك َان ْ‬
‫امةَ َّ‬
‫الش ْع ِر فَ ِه َي فَ ْر َع ُ‬
‫اء‬ ‫ت تَ َّ‬ ‫فإذا َك َان ْ‬
‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫فإذا لم ي ُك ْن ل َم ْرفَقها َح ْجم من س َمنهَا فَ ِه َي َش ْر َم ُ‬
‫اء‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اق ُمْلتَقَى فَخ َذ ْيهَا‪ .‬ل َكثَْر ِة لحمها‪ ،‬فَ ِه َي لَفّ ُ‬
‫اء‪.‬‬ ‫ض َ‬ ‫فإذا َ‬
‫فإذا كانت دقيقة المحاسن فهي مملودة ‪.‬‬
‫يدة‬‫ت َحيَِّيةً فَ ِه َي َخ ِف َرة َو َخ ِر َ‬ ‫إذا َك َان ْ‬
‫يمة‬ ‫ِ‬ ‫ضةَ الص ِ ِ‬ ‫ت ْ ِ‬
‫َّوت فَه َي َرخ َ‬ ‫ْ‬ ‫من َخف َ‬ ‫فإذا َك َان ْ‬
‫إليه فَ ِه َي َع ُروب‬ ‫ت م ِحَّبةً ِل َزو ِجها متَحبِّبةً ِ‬
‫ْ َ ُ ََ‬ ‫فإذا َك َان ْ ُ‬
‫الر َيب ِة فَ ِه َي َن َو ٌار‬ ‫ت َنفُوراً ِم َن ِّ‬ ‫فإذا َك َان ْ‬
‫ت تَ ْجتَنِب األ ْق َذ َار فَ ِه َي قَ ُذ ٌ‪.‬‬
‫ور‬ ‫فإذا َك َان ْ‬
‫فإذا َك َان ْ ِ‬
‫صان‬ ‫ت َعفيفَةً فَ ِه َي َح َ‬
‫صَنةٌ‬‫صنها َز ْو ُجهَا فَ ِه َي ُم ْح َ‬ ‫َأح َ‬‫فإذا ْ‬
‫فإذا َك َان ْ ِ‬
‫صَناع‬ ‫ت َعاملَةَ ال َكفَّْي ِن فَ ِه َي َ‬
‫بالغ ْز ِل فَ ِه َي َذ َراع‬ ‫الي َد ْي ِن َ‬ ‫فَإذا َك َان ْ ِ‬
‫ت َخفيفَةَ َ‬
‫الوْل ِد فَ ِه َي َن ٌ‪.‬‬
‫ثور‬ ‫ت َكث َيرةَ ُ‬
‫فإذا َك َان ْ ِ‬
‫الد فَ ِه َي َن ُز ٌ‪.‬‬
‫ور‬ ‫ت َقِليلَةَ األو ِ‬ ‫فإذا َك َان ْ‬
‫ْ‬
‫وابُنهَا َر ُجل فَ ِه َي َب ُروك‬ ‫ت تَتََز َّو ُج ْ‬ ‫فإذا َك َان ْ‬
‫ور فَ ِه َي ِم ْذ َك ٌار‬ ‫فإذا َك َان ْ ِ ُّ‬
‫ت تَلد الذ ُك َ‬
‫اإلناث ‪ ،‬فَ ِه َي َمْئ َن ٌ‬
‫اث‬ ‫َ‬ ‫ت تَِلد‬ ‫كان ْ‬
‫فإذا َ‬
‫وم َّرةً أنثَى فَ ِه َي ِم ْعقَاب‬ ‫ت تَل ُد َم َّرة َذ َكراً َ‬
‫فإذا َك َان ْ ِ‬

‫يش لها ُوْل ٌد فَ ِه َي ِم ْق ٌ‬


‫الت‬ ‫يع ُ‬ ‫ت ال ِ‬ ‫فإذا َك َان ْ‬
‫ِ‬
‫َأم ْي ِن فَ ِه َي متْ ٌ‬
‫آم‬ ‫ت بتَ ْو َ‬ ‫فإن أتَ ْ‬
‫اء فَ ِه َي ِم ْن َج ٌ‬
‫اب‬ ‫الن َجَب َ‬‫ت تَِل ُد ُّ‬‫فإذا َك َان ْ‬

‫‪122‬‬
‫الح ْمقَى فَ ِه َي ِم ْحماق‬ ‫فإذا َك َان ْ ِ‬
‫ت تَل ُد َ‬
‫اع فَ ِه َي َرُب ُ‬ ‫ِ‬
‫وخ‬ ‫ض ِ‬ ‫ت ُي ْغ َشى عليها ع ْن َد البِ َ‬ ‫فإذا َك َان ْ‬
‫وت‬
‫فهي لَفُ ٌ‬ ‫ِِ‬
‫فإذا َكان لها َز ْو ٌج ولَها َولَ ٌد من غيره َ‬
‫ت بأثَ ِافي ِ‬
‫الق ْد ِر‬ ‫وهي ثَ ِالثتُهما فَ ِه َى ُمثْفَاة ‪ ،‬شبِّهَ ْ‬ ‫ان ِل َز ْو ِجهَا ْ ِ‬
‫ام َرَأتَان َ‬ ‫فإذا َك َ‬
‫الك َساِئي‬
‫اس ٌل ‪ ،‬ع ِن ِ‬
‫َ‬
‫طلَقَها فَ ِهي مر ِ‬
‫َ َُ‬ ‫ات َعْنهَا َز ْو ُجهَا ْأو َ‬ ‫فإذا َم َ‬
‫ودة‬
‫فهي َم ْر ُد َ‬‫طلَقَةً َ‬ ‫ت ُم َ‬ ‫فإذا َك َان ْ‬
‫ات َز ْو ُجهَا فهي فَ ِاقد‪.‬‬ ‫فإذا َم َ‬
‫ات َولَ ُد َها فَ ِه َي ثَ ُكول‬
‫فإذا َم َ‬
‫اد َو ًم ِح ٌّد‬‫الز َينةَ ِل َم ْو ِت َز ْو ِجهَا فَ ِه َي َح ّ‬
‫فإذا تََر َك ِت ِّ‬
‫صِلفَةٌ‬‫ظى عند ْأزوا ِجهَا‪ .‬فَ ِه َي َ‬
‫ت ال تَ ْح َ ِ‬ ‫فإذا َك َان ْ‬
‫ِ‬
‫وع َزَبة َو َْأر َملَة وفَ ِارغة‬ ‫ِّم َ‬ ‫ت َغ َير َذات َز ْوج فَ ِهي َأي ٌ‬ ‫فإذا َك َان ْ‬
‫ت ثَيِّباً فَ ِه َي َع َوان‬
‫فإذا َك َان ْ‬
‫ِ‬
‫ت بخاتَم ربِّهَا فَ ِه َي بِ ْكر َو َع ْذ َر ُ‬
‫اء‬ ‫فإذا َك َان ْ‬
‫جة فَ ِه َي َعانِ ٌس‬ ‫ت في ب ْي ِت َأبو ْيها َغْير م َز َّو ٍ‬
‫َ ُ‬ ‫َ ََ‬ ‫فإذا َب ِقَي ْ‬
‫ت َع ُروساً فَ ِه َي َه ِد ٌّ‬
‫ي‬ ‫فإذا َك َان ْ‬
‫يجِل ُس إليها القَ ْو ُم فَ ِه َي َب ْر َزة‬ ‫اس َو ْ‬ ‫للن ِ‬ ‫ظهَ ُر َّ‬ ‫ت َجِليلةً تَ ْ‬ ‫فإذا َك َان ْ‬
‫صفاً َع ِاقلَةً فَ ِه َي َش ْهلَةٌ َك ْهلَة‬‫ت َن َ‬ ‫فإذا َك َان ْ‬
‫ص ٌل‬ ‫ضغة فَ ِهي مم ِ‬ ‫هو ُم ْ‬
‫َ ُْ‬ ‫ت تُْلقي َولَ َدها َو َ‬ ‫فإذا َك َان ْ‬
‫ت َعلَى َولَِد َها َب ْع َد َم ْو ِت َز ْو ِجهَا‪ .‬ولم تَتََز َّو ْج فَ ْه َي ُم ْشبِلَة‬ ‫ام ْ‬ ‫ِإ‬
‫فَ َذا قَ َ‬
‫ان َي ْن ِز ُل لََبُنها من غير َحَب ٍل فَ ِه َي ُم ْح ِم ٌل‬ ‫فإذا َك َ‬
‫ط ِام فَ ِه َي ُم َعفَِّرة‪.‬‬ ‫الف َ‬ ‫ت ولَ َد َها ثَُّم تَر َكتْه ِلتُ َدِّرجه إلى ِ‬
‫َُ‬ ‫َ ُ‬ ‫ض َع ْ َ‬ ‫فإذا ْأر َ‬
‫فقه اللغة وسر‪ .‬العربية للثعالبي‬

‫ومن االتساع أيضا‪:‬‬

‫الع َر ِب( وهذا من اتساع اللغة‬ ‫ِ ِ‬ ‫(في ِح َكاي ِة العو ِار ِ ِ‬


‫ض الّتي تَ ْع ِرض ألْلسَنة َ‬ ‫َ ََ‬
‫ون‪ :‬بِ ِك ‪،‬‬ ‫ش ؟ ُي ِر ُ‬
‫يد َ‬ ‫اء بِ ِ‬‫المؤنث‪ :‬ما الذي َج َ‬
‫َّ ِ‬ ‫ط ِ‬
‫اب‬ ‫ض في لُ َغ ِة تَ ِميم ‪ ،‬كقولهم في ِخ َ‬ ‫ال َك ْش َك َشةُ تَ ْع ِر ُ‬
‫ُّك تَ ْحتَ ِك َس ِرّياً}‬
‫ش س ِرّياً‪ ،‬لقوِل ِه تعالى‪{ :‬قَ ْد جع َل رب ِ‬
‫ََ َ‬ ‫ُّش تَ ْحتَ ِ َ‬
‫ضهُم‪ :‬قَ ْد َج َع َل َرب ِ‬ ‫َوقََرَأ َب ْع ُ‬
‫ِ‬ ‫المؤن ِث ‪ِ ،‬سيناً َ‬ ‫غة ب ْك ٍر‪ ،‬و هي ِإ ْلحاقُهِم ِل َك ِ‬
‫ِ‬
‫الوقف ‪ ،‬كقولهم‪:‬‬ ‫عند‬ ‫َّ‬ ‫اف‬ ‫َ ُ‬ ‫ض في لُ َ‬ ‫ال َك ْس َك َسةُ تَ ْع ِر ُ‬
‫وبكس ‪ ،‬يريدون‪ :‬أكرمتُ ِك ِ‬
‫وبك‬ ‫أ ْكرمتُ ِكس ِ‬
‫َ‬ ‫ْ ُ‬ ‫َْ ْ‬

‫‪123‬‬
‫ك َذ ِ‬ ‫لغة تَ ِميم ‪ ،‬وهي إبدالُهم الع ِ‬ ‫عرض في ِ‬
‫اهب ؛ أي‪:‬‬ ‫ظَن ْنت َعَّن َ‬ ‫هم‪َ :‬‬‫الهم َز ِة َكقَ ْوِل ْ‬
‫ين م َن ْ‬ ‫َ َ‬ ‫اْل َع ْن َعَنةُ تَ ِ ُ‬
‫الر َّم ِة‪( :‬من البسيط)‪:‬‬ ‫ب ‪ .‬و كما قال ُذو ُّ‬ ‫اه ٌ‬ ‫ك َذ ِ‬ ‫َّأن َ‬
‫وم‬ ‫َّب َاب ِة ِم ْن َع ْيَن َ‬
‫يك َم ْس ُج ُ‬ ‫اء الصَ‬ ‫رقاء َم ْن ِزلَةً َم ُ‬
‫ت من َخ َ‬ ‫َّم َ‬
‫أع ْن توس ْ‬
‫َ‬
‫راب َّ‬
‫أع ِ‬ ‫اللَ ْخلَ َخانِيَّة تَع ِرض في لُ َغ ِ‬
‫اء اهللّ‬
‫ون َما َش َ‬
‫ريد َ‬
‫ان ‪ُ ،‬ي ُ‬ ‫وع َمان َكقَ ْوِل ِه ْم‪َ :‬م َشا اهلل َك َ‬
‫الش ْح ِر ُ‬ ‫ات ْ‬ ‫ْ ُ‬
‫ان‬
‫َك َ‬
‫غة ِح ْمَير َكقَوِل ِه ْم‪َ :‬‬‫مانيةُ تع ِرض في لُ ِ‬ ‫ُّ‬
‫اء‪.‬‬
‫اب الهَ َو ُ‬‫ط َ‬ ‫ون‪َ :‬‬ ‫ريد َ‬
‫اء ‪ُ ،‬ي ُ‬ ‫امهَ َو ُ‬
‫اب ْ‬‫ط َ‬ ‫الط ْمطُ َّ ْ ُ‬
‫التصريف‪:‬‬

‫ف به أبنيةُ الكالم ِ( االسم – الفعل –الحرف ) واشتقاقاتُه‪.‬‬


‫الصرف الميزان الصرفي‪ : .‬علم تُ ْع َر ُ‬

‫الكلمة في العربية قد تأتي ‪ :‬ثالثية أو رباعية أ وخماسية أو سداسية‪.‬‬

‫ولما كانت الكلمات الثالثية غالبة في اللغة العربية ‪ ،‬جعل علماء الصرف ميزان الكلمة‬
‫على ثالثة أحرف ‪ ،‬هي ( الفاء والعين والالم) مجموعة في كلمة (فَ َع َل) ‪ ،‬ويأخذ الميزان‬
‫ع)وزنها ( فَ َع َل) ‪،‬وهنا نطلق على‬‫الصرفي‪( .‬فعل) نفس حركات الكلمة الموزونة ‪ .‬فمثال ‪َ ( :‬ز َر َ‬
‫الحرف (زاي) فاء الكلمة ‪ ،‬والحرف‪( .‬راء) عين الكلمة والحرف‪( .‬عين) الم الكلمة ‪ ،‬وكلمة ‪:‬‬
‫ص َام) وزنها (فَ َع َل) ‪ ،‬ألن أصلها‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫( ُز ِر َ‬
‫ع) وزنها‪( .‬فُع َل) ‪.‬وكلمة( َعل َم ) وزنها ( فَع َل) ‪ ،‬وكلمة ( َ‬
‫ص َو َ‪.‬م) ‪ ،‬وكلمة ( َع َّد ) وزنها( فَ َع َل) وكلمة( ُع َّد) على وزن ( فُ ِع َل) ‪ ،‬ولعلك الحظت أننا نقوم‬
‫( َ‬
‫بفك الحرفين المدغمين عند وزن الكلمة فالفعل ( َع ّد)أصله ( َع َد َد) والفعل ( ُع َّد) أصله ( ُعِد َد)‪.‬‬

‫هذا في الفعل الثالثي ‪ ،‬فماذا لو زاد الفعل عن ثالثة أحرف ؟‬

‫قد يكون الحرف الزائد أصليا ‪ ،‬ال يمكن االستغناء عنه ‪ ،‬فهو من أصول الكلمة ‪ ،‬مثل‬
‫الفعل ( َزْل َز َل) الرباعي وكلمة ( َزَب ْر َجد‪ ).‬الخماسية‪،‬ففي هذه الحالة نقوم بإضافة حرف الالم ليقابل‬
‫وزْل َز َل)‬
‫كل حرف زائد ‪ ،‬فالكلمة الزائدة عن ثالثة أحرف وحروف زيادتها‪ .‬أصلية مثل ( َو ْس َو َ‪.‬س َ‬
‫يصير وزنها‪( .‬فَ ْعلَ َل) بإضافة ( الم ) إلى الميزان األصلي ( فَ َع َل ) ‪ ،‬وكلمة (َزَب ْر َجد)وزنها‬
‫(فَ َعلَّل) ‪ ،‬بإضافة ( المين) إلى الميزان األصلي ( فَ َع َل) ‪.‬‬

‫قد يكون الحرف الزائد غير أصلي ‪ ،‬يمكن االستغناء عنه ‪ ،‬فهو ليس من أصول الكلمة ‪،‬‬
‫مثل الفعل ( قَاتَ َل) فهذا الفعل زيد على أصله ( قتل) حرف األلف ‪ ،‬في هذه الحالة ينزل الحرف‬
‫ص َر) (ا ْفتَ َع َل ) ؛ ألن أصله‬
‫الزائد كما هو في الميزان‪ ،‬فيكون وزن (قَاتَ َل) هو (فَا َع َل) ‪ ،‬و(ا ْنتَ َ‬
‫(نصر) فزيدت‪ .‬األلف والتاء‪ ،‬و(انهزم ) (انفعل) ؛ ألن أصله (هزم) ‪ ،‬فزيدت األلف والنون ‪ ،‬و‬

‫‪124‬‬
‫استَ َر َّد )‬
‫استَ ْف َع َل ) ‪ ،‬ألن أصله ( خرج ) فزيدت‪ .‬األلف والسين والتاء ‪ ،‬والفعل ( ْ‬
‫استَ ْخ َر َج ) ( ْ‬
‫( ْ‬
‫(م ْفتَ َعل) ؛ ألن أصلها (صفو)‬ ‫طفَى) وزنها‪ُ .‬‬
‫صَ‬‫استَ ْف َع َل ) ؛ ألن أصله ( َر َّد ) ‪ ،‬وكلمة ( ُم ْ‬
‫وزنه ( ْ‬
‫وأصل كتابتها (مصتفو) فقلبت التاء طاء مناسبة للصاد وهو حرف مفخم ‪ ،‬وقلبت الواو ألفا‬
‫مقصورة ؛ ألنها جاءت متطرفة بعد فتح ‪ ،‬والفعل( قَتَّ َل) وزنه( فَعَّ َل) بتشديد العين ‪ ،‬وهنا نالحظ‬
‫أن الفعل ( قتّل) مزيد بالتضعيف ‪ ،‬فنكرر في الميزان الحرف المقابل للحرف المكرر‪.‬‬

‫وحروف‪ .‬الزيادة كما حددها علماء الصرف‪ : .‬مجموعة في قولنا ‪ :‬اليوم تنساه ‪ /‬أو ‪:‬‬
‫سألتمونيها‪ ،.‬أو هناء وتسليم‪ ،‬باإلضافة إلى ( التضعيف‪. ).‬‬

‫هذا إذا كانت الكلمة مزيدة بحرف أو أكثر ‪ ،‬فماذا لو حذف من الكلمة حرف ‪ ،‬أو أكثر ؟‬

‫إذا حذف من الكلمة حرف أو أكثر حذف ما يقابله في الميزان ‪ :‬فمثال فعل األمر ( ُع ْد) وزنه( ُف ْل) ؛‬
‫ألنه من الفعل (عاد) الثالثي فلما حذف الحرف األصلي الثاني حذف ما يقابله في الميزان وهو‬
‫حرف العين ‪ ،‬والفعل( ُك ْل) على وزن ( ُع ْل) ؛ألن أصله( َأ َك َل) ‪ ،‬فلما حذف الحرف األول األصلي‬
‫حذف ما يقابله في الميزان وهو حرف الفاء‪ ،‬والفعل (اسع) وزنه (ا ْف َع) ؛ ألن أصله (سعى) واأللف‬
‫ف) وزنه (َي ِع ُل)ألن أصله (وصف)والفعالن‬ ‫األولى زائدة فتنزل في الميزان كما هي ‪ ،‬والفعل (ي ِ‬
‫ص ُ‬ ‫َ‬
‫ظة و ِهَبة) وزنها ( ِعلَة) ؛‬
‫ق) و ( ِع) وزنهما ( ِع) ؛ ألن أصلهما( َوقَى ‪َ ،‬و َعى) والكلمات ( ِس َمة و ِع َ‬
‫(ِ‬
‫َأب) وزنها (فعٌ)؛ ألنها من(أبو)‪.‬‬
‫ألنها من (وسم ‪ ،‬وعظ ‪ ،‬وهب) ‪ ،‬وكلمة ( ٌ‬

‫تعليق‪ :‬الفرق بين االشتقاق والتصريف كما يظهر أن االشتقاق يكون باالتيان على معنى عام‬
‫لجذر وتشتق منه أسماء ال حصر لها تتعلق بشكل أو بآخر بهذا المعنى كالشجر‪ ،‬بينما التصريف‬
‫أن تأتي على الجذر نفسه وتزيد‪ .‬عليه مقاطع معينة لتعطي معاني جديدة متعلقة بالجذر نفسه‪.‬‬

‫نموذج لمزج الطاقة العربية بالطاقة االسالمية ومقارنة بين الشعر والقرآن‪:‬‬

‫الشعر العربي كنز عظيم للخياالت والصور‪ .‬والحركة واإليقاع والموسيقى‪ .‬والصخب وما شاكل‬
‫تأمل عندما أراد أحد أعظم شعراء العربية على االطالق امرئ القيس أن يصف حصانه‬
‫ولقد أغتدي والطير في وكناتها‪ ************* .‬بمنجرد قيد األوابد هيكل‬
‫مكر مفر مقبل مدبر معا **************** كجلمود صخر حطه السيل من عل‬
‫الرجل يصف حصانه وحركته في ساح الوغى‬
‫يقول أنه يغتدي ولما تزال الطيور‪ .‬في أعشاشها‪ .‬على حصانه الذي يسميه قيد األوابد أي الموت‬

‫‪125‬‬
‫الزؤام‪ ،،‬حركة هذا الحصان أنه يكر ويفر ويقبل ويدبر‪.‬‬
‫وينحدر سريعا‪ .‬كما صخرة عظيمة تنحدر من شاهق يدفها السيل فال يستطيع‪ .‬أحد إيقاف‬
‫اندفاعه‪ ،،‬وحتى يكون البيت جميال كان ال بد من الموسيقى المصاحبة للمشهد‬
‫فجاء امرء القيس بكلمات تحاكي ركض الخيل وأصال اختار البحر العروضي الذي نظم البيت‬
‫على أساسه موافقا لركض الخيل فقال‪:‬‬
‫مكر‪ ،،‬مفر‪ ،،‬مقبل‪ ،،‬مدبر‬
‫ولو قرأتها محاوال أن تحاكي ركض الخيل لرأيتها كصوت حركة الحصان في جريه‬
‫فالبيت يعطيك الصورة الحية لحصان يركض في المعركة يكر ويفر ويقبل ويدبر في حركة‬
‫واحدة مناورا‪..‬‬
‫تالحظ خلو البيت من األلوان وخلوه من غير صورة واحده هي صورة حركة الحصان يقبل‬
‫ويدبر‪ ،‬وقوة اندفاعه التي صورها‪ .‬بصورة الصخرة المنحدرة من عل‪.‬‬
‫هذا البيت على جماله تعال نقارنه بعشر كلمات من القرآن الكريم في الموضوع‪ .‬نفسه لترى‬
‫الفرق الهائل في األسلوب والبالغة‪:‬‬
‫يقول الحق سبحانه‪:‬‬
‫﴿والعاديات ضبحا ** فالموريات قدحا ** فالمغيرات صبحا ** فأثرن به نقعا ** فوسطن‬
‫به جمعا﴾‬
‫أحص عدد كلمات البيت السابق تجدها عشرا وعدد كلمات هذه اآليات تجدها عشرا‬
‫هذه العشر كلمات ماذا حوت من طاقة بالغية؟؟‬
‫أوال يقسم الحق سبحانه بالعاديات وهي الخيل التي تعدو منطلقة لساحة المعركة‪ ،،‬والقسم جاء‬
‫بصيغة اسم الفاعل ‪:‬والعاديات ضبحا‬
‫والضبح النفس الحار الذي ينطلق من أنف الحصان وهو يركض مسرعا‪ ،‬ولما كان الوقت‬
‫صبحا قبل أن تشرق الشمس وما في ذلك الوقت من برد الصباح‬
‫كان يصاحب ركض الحصان البخار المتصاعد من فمه وتحس هنا صورة حصان يركض وهو‬
‫ضبح‬
‫والضبح‪ :‬صوت أنفاسها إذا عدون‪ .‬وعن ابن عباس أنه حكاه فقال‪ :‬أح أح‪ .‬قال عنترة‪:‬‬
‫ض ْب َحا‬ ‫ِ‬ ‫ضـ ـ ********* ـ َـب ُح ِفي ِحَي ِ‬ ‫ِ‬
‫اض اْل َم ْوت َ‬ ‫ين تَ ْ‬
‫َواْل َخْي ُل تَ ْك َد ُح ح َ‬
‫والضبح يكون مع العدو‬
‫الضبح أصوات أنفاس الخيل إذا عدت‪ ،‬وهو صوت ليس بصهيل وال حمحمة‪ ،‬ولكنه صوت‬
‫نفس‪،‬‬

‫‪126‬‬
‫ضَب َح ِت‬
‫ض ْب ُح الخيل صوت َأجوافها ِإذا َع َدت ؛ وقال َأبو عبيدة ‪َ :‬‬
‫وفي اللسان‪ :‬قال َأبو ِإسحق ‪َ :‬‬
‫ض ْب َع ْيه ِإذا‬
‫الفرس َ‬
‫ُ‬ ‫ت ِإذا عدت ‪ ،‬وهو السير ؛ وقال في كتاب الخيل ‪ :‬هو َأن َي ُم َّد‬
‫وضَب َع ْ‬
‫الخي ُل َ‬
‫ت‪.‬‬ ‫وضَب َع ْ‬
‫ت َ‬ ‫ضَب َح ْ‬‫عدا حتى كَأنه على اَألرض طوالً ؛ يقال ‪َ :‬‬
‫ضَب َح لَ َّوحته وغيَّرته ؛‬ ‫ِ‬
‫فان َ‬
‫ض ْبحاً ْ‬
‫ضَب ُحه َ‬
‫الشمس والنار‪ .‬تَ ْ‬
‫ُ‬ ‫وضَب َحتْه‬
‫وضَب َح الق ْد َح بالنار ‪ :‬لَ َّو َحه ‪َ ،،‬‬
‫َ‬
‫لونه ‪.‬‬
‫ت َ‬ ‫وغي ََّر ْ‬
‫وفي التهذيب ‪َ :‬‬

‫فعند خروج هذا الصوت من أجوافها‪ .‬وهي تركض في الصباح ال بد سيخرج البخار مع هذه‬
‫األصوات واألنفاس‪.‬‬
‫إذن فهذا الركض فوراً‪ .‬يصبح جريا ومشيا وصوتا‪ ..‬وفيه نار أيضاً وشرار‪.‬‬
‫ومن جماليات استعمال األلفاظ‪:‬‬
‫﴿والعاديات ضبحا ﴾‬
‫يبدو أن العدو في االصل تجاوز الحد ‪ ،‬و يسمى العدو عدوا ألنه يتجاوز‪ .‬الحد في معاملته ‪ ،‬و‬
‫منه العدوان ألنه تجاوز‪ .‬للحق ‪ ،‬و السرعة القصوى في المشي تسمى عدوا ألنها ايضا تجاوز‪.‬‬
‫للحد ‪.‬‬
‫و هكذا قالوا في الخيل سميت العاديات الشتقاقها من العدو ‪ ،‬و هو تباعد األرجل في سرعة‬
‫المشي‬
‫اما الضبح ‪ ،‬فقالوا ‪ :‬انه التنفس بقوة ‪ ،‬و قيل ‪ :‬انه حمحمة الخيل ‪ ،‬و األقرب عندي ‪ :‬تغير‬
‫الحال أو تغير اللون ‪ ،‬و يقال ‪ :‬انضبح لونه إذا تغير ‪ ،‬و لعله لذلك يسمى الرماد ضبحا ألنه‬
‫يتغير لونه من أصله ‪ ،‬وإ نما تسمى الخيل ضابحة إذا تغير من العدو حالها مما ظهر على لونها‬
‫و تنفسها و حمحمة صوتها‬
‫كانت الخيل تعدو بسرعة ‪ ،‬و لكن من دون صهيل ‪ ،‬و كانت الحركة في الليل ‪ -‬فيما يبدو ‪-‬‬
‫حيث تتطاير الشرر من حوافرها التي تحتك بالحصى‪ ، .‬مما يظهر أن االرض كانت وعرة ‪،‬‬
‫فجاء السياق يقسم بها و هي تنساب بين الصخور في رحم الظالم ‪.‬‬
‫﴿فالموريات قدحا﴾‬
‫عندما يركض هذا الحصان أو هذه الخيل المنطلقة للمعركة تنقدح األرض تحت حوافرها‪ .‬من‬
‫شدة الركض وقوة االنطالق‪.‬‬
‫فيتطاير‪ .‬الشرر من تحت األقدام والفاعل في قدح هذا الشرر هو الخيل نفسها من قوة حوافرها‬
‫وسرعة انطالقها‪ ،،‬كما ينبيك هذا عن وعورة األرض التي تستجيب لهذا الركض القوي بأن‬
‫تنقدح شررا من تحت هذه الحوافر‪ ،‬وعندما نقول وعورة األرض في وصف هجوم مباغت في‬
‫معركة تتخيل أن المهاجمين سلكوا طريقا ال عيون عليها وعرة تحقق عنصر المباغتة‪ ،‬وهو ما‬

‫‪127‬‬
‫يخدم النص‪ ،‬إذ عادة ما تكون الطرق‪ .‬التي تؤدي‪ .‬إلى مرابع القوم ممهدة وغيرها غير ذلك‪.‬‬
‫يات﴾ توري نار الحباحب وهي ما ينقدح من حوافرها ﴿قَ ْدحاً﴾ قادحات صاكات‬ ‫ور ِ‬
‫الم ِ‬
‫﴿فَ ُ‬
‫بحوافرها‪ .‬الحجارة‪ .‬والقدح‪ :‬الصك‪ .‬واإليراء‪ :‬إخراج النار‪ .‬تقول‪ :‬قدح فأورى‪ ،‬وقدح فأصلد‪،‬‬
‫﴿فالمغيرات صبحا﴾‪:‬‬
‫وقت إغارتها على العدو هو الصباح الباكر وما فيه من عنصر المباغتة‬
‫ومعنى اإلغارة في اللغة اإلسراع‪ ،‬يقال‪ :‬أغار إذا أسرع وكانت العرب في الجاهلية تقول‪:‬‬
‫أشرق ثبير كيما نغير‪ .‬أي نسرع في اإلفاضة‪.‬‬
‫﴿فأثرن به نقعا﴾‬
‫عندما توسطت‪ .‬جموع ومرابع العدو في أرضه وعقر داره صبحا أثرن النقع أي الغبار‬
‫والغبار يسمى نقعاً الرتفاعه‪ ،‬وقيل‪ :‬هو من النقع في الماء‪ ،‬فكأن صاحب الغبار غاص فيه‪ ،‬كما‬
‫يغوص الرجل في الماء‪.‬‬
‫فتتخيل هنا قوما‪ .‬نائمين باغتهم عدوهم وهم في غفلة من أمرهم وتوسط بخيله مرابعهم‪ .‬وأثار‬
‫الغبار في وسط المرابع والشرر‪ .‬يتطاير واألنفاس تلهث ويتصاعد‪ .‬البخار من الخيل التي تعدو‬
‫وهي تحمحم‬
‫ويجوز‪ .‬أن يراد بالنقع‪ :‬الصياح‪ ،‬من قوله عليه الصالة والسالم "ما لم يكن نقع وال لقلقة" وقول‬
‫لبيد‪:‬‬
‫ص ِادق‬
‫راخ َ‬
‫ص ٌ‬ ‫فَ َمتَى َي ْنقَ ْع ُ‬
‫أي‪ :‬فهيجن في المغاز عليهم صياحاً وجلبة‪.‬‬
‫وهذا يعطي بعدا صوتيا‪ .‬آخر تسمع صراخ النساء الثكالى والخائفات وعويل األطفال المباغتين‪.‬‬
‫﴿فوسطن به جمعا﴾‬
‫أي توسطت‪ .‬جموع العدو وقت الصبح وباغتتهم‪.‬‬
‫صورة معركة كاملة من ألفها إلى يائها في عشر كلمات‬
‫تثير الخيال لترى‪:‬‬
‫األلوان‪:‬‬
‫الشرار المنقدح‪ ،‬والبخار المتصاعد من الخيل‪ ،‬والغبار‪ ، .‬والصبح الذي محت بشائره األغبرة‬
‫المتصاعدة من أرض المعركة‪ ،،‬والخيل التي تغير لونها من جراء العدو الشديد‬
‫الموسيقى‪:‬‬
‫ترى وقع الخيل وحركتها في فاصلة كل آية‪:‬‬
‫﴿ضبحا﴾‬
‫﴿قدحا﴾‬

‫‪128‬‬
‫﴿صبحا﴾‬
‫﴿نقعا﴾‬
‫﴿جمعا﴾‬
‫لو قرأتها‪ .‬كما ركض الخيل لرأيتها تحاكي ركض الخيل‬

‫بل إن كل آية تحاكي طريقة الحصان في الجري‪:‬‬


‫﴿والعاديات ضبحا﴾‬
‫انبساط فانقباض كخيل تطوي‪ .‬أرجلها مجمعة إياها معا ثم ترسلها‪ .‬مسرعة في حركة الخيل ويا‬
‫ليتك معي ألسمعك كيف تقرأها وتتحسس‪ .‬موسيقيتها المحاكية لركض الخيل‬
‫الحظ كذلك أمرين‪:‬‬
‫أولهما‪ :‬العاديات فيها مد طبيعي‪ .‬حركتين ثم قدحا كأنما تخطف الكلمة خطفا‪ ،‬وهذا يجسد ركض‬
‫الخيل بدقة‬
‫وثانيهما أن هذه اآليات التي تصف العدو والهجوم وتوسط مرابع العدو جاءت خاطفة سريعه‬
‫تستثير الخيال وتسرع في االنتقال من مسهد إلى مشهد أو لنقل من عنصر من عناصر الصورة‬
‫إلى عنصر‪ ،‬بينما ما جاء بعدها من آيات كلها تحوي المد ألنها موضع تأمل‬
‫إن الإلنسان لربه لكنووووووووووووووووووووود‪.‬‬
‫وإ نه على ذلك لشهيييييييييييييييييييييييييييييييييد‪.‬‬
‫وإ نه لحب الخير لشديييييييييييييييييييييييييييييد‬
‫فهذه المعاني تتطلب التأمل فتقرأها على نهل لتحس بها‬
‫ثم من الموسيقى‪ .‬أيضا ائتالف الكلمات وتناسقها‪ .‬الرهيب‬
‫﴿فالموريات قدحا﴾‬
‫﴿فأثرن به نقعا﴾‬
‫الحظ أن إثارة النقع تناسب كلمة أثرن به نقعا كلمة النقع‬
‫وحسن اختيار كلمة أثرن ولم يقل فهيجن به النقع مع أن معنى الكلمتين واحد يقال أثرت الثور‬
‫أو هيجته‬
‫والحظ ما في كلمة أثرن من جمال كأنها تعمل ثورة في قلب هذا الغبار لتستخرج مكنوناته‬
‫وتثيره ليرتفع لألعلى ليزيد من مأساة القوم المباغتين‬
‫ثم إن استعمال القسم على صورة اسم الفاعل له من الجمال ما ال يخفى‬
‫ألن‬
‫فإن قلت‪ :‬عالم عطف﴿ فأثرن؟ ﴾قلت‪ :‬على الفعل الذي وضع اسم الفاعل موضعه؛ ّ‬
‫المعنى‪ :‬والالتي عدون فأورين‪ ،‬فأغرن فأثرن‪.‬‬

‫‪129‬‬
‫﴿والعاديات﴾‬
‫الواو للقسم‪ ،،‬العاديات قسم بصورة اسم الفاعل‪ ،‬أو لنقل الفعل الذي وضع اسم الفاعل موضعه‪،،‬‬
‫العاديات أي التي تعدو‪ :‬فالقسم‪ :‬والخيل الالتي عدون ‪...‬الخ‬
‫واعلم أنه تعالى لما ذكر المقسم به‪ ،‬ذكر المقسم عليه وهو أمور ثالثة‪:‬‬
‫﴿إن اإلنسان لربه لكنود﴾‬
‫﴿وإ نه على ذلك لشهيد﴾‬
‫﴿وإ نه لحب الخير لشديد﴾‬
‫فأثرن‪ :‬الفاء فاء العطف‪ ،‬العطف على ماذا؟ أثرن‪ :‬نحن ليس عندنا فعل مسبق‪ ،‬عندنا‪:‬‬
‫صبحا‪..‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فالموريات‪ .‬قَدحا‪ ،‬فالمغيرات ُ‬ ‫ضبحا‪،‬‬
‫والعاديات َ‬
‫فأثرن عطف على ماذا؟ باعتبار أنه اسم الفاعل يقوم مقام الفعل‪ ،‬يعني‪ :‬فأورين‪ .‬قدحاً‬
‫(العاديات)‪ ،‬أورين قدحا وأغرن صبحا فأثرن نقعا‪ ..‬أليس كذلك؟ على اعتبار أنه فعل واسم‬
‫فاعل‪ ،‬وكل واحد يقوم مقام اآلخر بالنسبة للعكس‪ ،‬فأثرن به نقعا بأي شيء؟ ضمير‪ ،‬ومرجع‪.‬‬
‫والعدو والغارة (بهذه األعمال التي‬
‫ْ‬ ‫الضمير معناه مثلما يقولون‪ ،‬يعني‪ :‬فأثرن باإليراء‬
‫حصلت)‪ ..‬أثرن بهذا الشيء نقعا‬
‫هذا من جماليات القسم الذي قام اسم الفاعل فيه مقام الفعل‬
‫فلك أن تتخيل هذا الغبار والنقع الذي تثيره خيل تعدو تصهل وتغير‬
‫كم سيكون في مقدور العدو أن يستعد للحرب؟‬
‫مباغتة وهذا المشهد الصاخب المثير!!‬
‫البالغة أن يترك لخيالك العنان أن تتفكر وتقدر وتتصور‪ .‬ما سيحصل بعد ذلك‬
‫ال أن يأتي لك بالكالم مقولبا جاهزا‬
‫البالغة أن يستثير انفعاالتك وإ حساسك‪ .‬ومخيلتك بأسلوب رهيب‬
‫فاأللوان والموسيقى‪ .‬والمشهد كل ذلك يعتبر قطعه فنية بالغة الروعة والدقة‬
‫كذلك من كنوز‪ .‬اآليات التي يجدر بنا الوقوف عليها‪:‬‬
‫أنه تعالى إنما أقسم بالخيل ألن لها في العدو من الخصال الحميدة ما ليس لسائر الدواب‪ ،‬فإنها‬
‫تصلح للطلب والهرب والكر والفر‪ ،‬فإذا ظننت أن النفع في الطلب عدوت إلى الخصم لتفوز‬
‫بالغنيمة‪ ،‬وإ ذا ظننت أن المصلحة في الهرب قدرت على أشد العدو‪ ،‬وال شك أن السالمة إحدى‬
‫الغنيمتين‪ ،‬فأقسم تعالى بفرس الغازي لما فيه من منافع الدنيا والدين‪ ،‬وفيه تنبيه على أن اإلنسان‬
‫يجب عليه أن يمسكه ال للزينة والتفاخر‪ ،‬بل لهذه المنفعة‪ ،‬وقد‪ .‬نبه تعالى على هذا المعنى في‬
‫قوله‪:‬‬
‫ال َواْل َح ِم َ‪.‬ير ِلتَْر َكُب َ‬
‫وها َو ِز َينةً﴾ فأدخل الم التعليل على الركوب وما أدخله على‬ ‫﴿واْل َخْي َل َواْلبِ َغ َ‬
‫َ‬

‫‪130‬‬
‫الزينة ‪.‬‬
‫﴿فالموريات قدحا﴾ وقال مقاتل‪ :‬يعني الخيل تقدحن بحوافرهن في الحجارة ناراً كنار الحباحب‬
‫والحباحب اسم رجل كان بخيالً ال يوقد‪ .‬النار إال إذا نام الناس‪ ،‬فإذا انتبه أحد أطفأ ناره لئال ينتفع‬
‫بها أحد‪ .‬فشبهت هذه النار التي تنقدح من حوافر‪ .‬الخيل بتلك النار التي لم يكن فيها نفع‬
‫وقيل‪ :‬هي أفكار‪ .‬الرجال توري‪ .‬نار المكر والخديعة‪ ،‬روي‪ .‬ذلك عن ابن عباس‪ ،‬ويقال‪ :‬ألقدحن‬
‫لك ثم ألورين لك‪ ،‬أي ألهيجن عليك شراً وحرباً‪ ،‬وقيل‪ :‬هو المكر إال أنه مكر بإيقاد النار‬
‫ليراهم العدو كثيراً‪ ،‬ومن عادة العرب عند الغزو إذا قربوا‪ .‬من العدو أن يوقدوا نيراناً كثيرة‪،‬‬
‫لكي إذا نظر العدو إليهم ظنهم كثيراً وسادسها‪ :‬قال عكرمة‪ :‬الموريات قدحاً األسنة‪.‬‬
‫وهذا يعطينا بعدا آخر لوصف‪ .‬هذه المعركة يتضمن التخطيط والمكر‪ .‬والخديعة‪.‬‬
‫طبعا سياق اآليات يكتمل بمعرفة ما يأتي بعدها إن االنسان لربه لكنود السورة‬
‫ويكفي هذا مقارنة بين عشر كلمات صورت‪ .‬معركة كاملة وبين بيت أحد أشعر شعراء العرب‬
‫المفلقين‬
‫وعموما ما ذكرته هو غيض من فيض مما تناوله االستاذ محمد المبارك رحمه اهلل في كتاب عن‬
‫التصوير‪ .‬الفني في القرآن ومن تفسير الزمخشري والرازي‪ .‬وغيرهما‬
‫فمزج الطاقة العربية بالطاقة اإلسالمية أن يأتي بك وقد‪ .‬استثار خياالتك ووضعك في أجواء‬
‫بالغية راقية‬
‫ليقول لك بعد ذلك‬
‫﴿إن اإلنسان لربه لكنود ﴾‪ ...‬اآليات وما فيها من تفكر وتدبر‪.‬‬
‫ثم بعد ذلك ‪﴿ :‬أفال بعلم إذا بعثر ما في القبور﴾‬
‫تأمل الفعل بعثر‬
‫هؤالء األموات الذين في قبورهم‪ .‬تبعثر محتويات هذه القبور إلخراجها إلى البعث وما في ذلك‬
‫التصوير‪ .‬من هول وتخويف‬
‫﴿وحصل ما في الصدور﴾‬
‫كأنه ال يبقي وال يذر فيأـي على كل صغيرة وكبيرة في هذه الصدور ليحصلها تحصيال‬
‫﴿إن ربهم بهم يومئذ‪ .‬لخبير﴾‬
‫خبير كيف يحاسبهم وأين يضعهم‬
‫فهنا مزج الطاقة العربية بالطاقة االسالمية جلي واضح‬
‫الغاية من هذه الصورة تخويف الناس من عاقبة أعمالهم وأنها ستحصى‪ .‬عليهم‬
‫تحصل تحصيال‬
‫وأن مآلهم إلى القبور حتى إذا كانوا فيها بعثرت من حولهم ليقوموا للحساب‬

‫‪131‬‬
‫بقي أن نضع أيدينا على أهم معالم البحث‪:‬‬

‫فاعلم أن مزج الطاقةالعربية بالطاقة االسالمية إنما يكون على محورين‪:‬‬


‫أولهما الخصائص المشتركة بين العربية واالسالم‪.‬‬

‫وثانيهما أن تكون العربية هي المعبرة عن االسالم‬


‫أما االولى فالناظر يرى أن االسالم يمتاز بخصائص ثالث (من ضمن خصائصه) وهي التأثير‬
‫والتوسع واالنتشار‬
‫أما التأثير في االسالم‪ ،‬فاالسالم أوال عقيدة عقلية وبالتالي‪ .‬فلديه لكل سؤال جواب ولكل عقدة من‬
‫العقد الكبرى التي تؤرق‪ .‬االنسان في رحلته في هذه الحياة الدنيا حل ‪ ،‬وهذا الحل يقوم على العقل‬
‫وعلى إقناع العقل وعلى خطاب العقل ليتفكر ويتدبر ويخرج بالنتيجة‬
‫ثم بعد ذك هذه العقيدة مبنية على العقل أي أنها توافق‪ .‬الفطرة وال تعارضها‬
‫فهي تؤثر أيضا من هذه الناحية فال تكبت الغرائز وال تطلقها وتشبع الجوعات بما يترك االنسان‬
‫مطمئنا‬
‫واالسالم مؤثر‪ .‬أيضا كونه يرعى شئون الناس في الحياة بنظام عادل فريد‪ .‬يبث الطمأنينة في‬
‫المجتمع وال يدع االنسان يتخبط تحت رحمة المشرعين وأصحاب األهواء‬
‫يخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد‬
‫ومن جور األديان إلى عدل االسالم‬
‫فإذا ما نظر المرء في شرائع االسالم وجد الخير كل الخير والهدى والرحمة والحكمة‬
‫واالسالم مؤثر‪ .‬أيضا في أنه ال يترك الناس في هذه الحياة الدنيا فوضى‪ .‬ال يضبطهم‪ .‬بقانون‬
‫يردعهم في الدنيا وعقاب في اآلخرة وكذا ال يترك المحسن بال جزاء على فعله في الدنيا واآلخرة‬
‫وهذا يضمن لالنسان أن يكون لديه فيه منه وازع داخلي يسير معه أينما سار‬
‫واالسالم مؤثر‪ .‬حتى في معاملته لرعاياه ممن لم يدخلوا دينه فقد ضمن لهم معاملة كمعاملة‬
‫المسلمين سواء بسواء أمام الدولة‬
‫كان رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يعتمد كثيرا على هذا األمر فتراه لما يقع بين يديه أحدهم‬
‫يتركه بباب المسجد ثالثة أيام يرى من خاللها تعامل المسلمين وصدق المسلمين وأخالق‬
‫المسلمين وسجاياهم‬
‫فال يمضي عليه اليوم الثالث حتى يسأل عن طريقة الدخول في هذا الدين‬
‫فإذا ما ضممنا لهذه الخاصية في االسالم اللغة العربية لتنقل المفاهيم االسالمية من عقائد‬
‫وتشريعات‪ .‬ونظم وأخالق ومواعظ وترغيبات وترهيبات‪ .‬باللغة العربية الجميلة الدقيقة‪،،،‬‬

‫‪132‬‬
‫عندها وال شك أن قوة هذه األفكار ستظهر‪ .‬وتتجلى‬
‫وتأثيرها‪ .‬في النفوس سيزداد‪.‬‬
‫الحظنا مثاال على ذلك كيف أن رب العزة سبحانه مهد لهذا األعرابي البدوي ولمن خلفه من‬
‫البشر إلى يوم الدين بمشهد الحرب المثير واإلغارة على القوم في الصبح بالخيل العاديات إلى أن‬
‫تنبهت كل حاسة في هذا السامع المتلقي جاءه باألفكار العقدية الكبيرة بأداء لغوي فظيع بديع‬
‫﴿أفال يعلم إذا بعثر ما في القبور وحصل ما في الصدور﴾‬
‫وهكذا يكون مزج الطاقة العربية بالطاقة االسالمية‬
‫الجانب الثاني من االسالم هو االتساع‬
‫فأما منظومة الفقه والتشريع فقد جاءت ابتداء لتخاطب االنسان بوصفه انسانا ووضعت‪ .‬المعالجات‬
‫على هذا األساس‬
‫واالنسان هو هو إلى يوم الدين وبالتالي‪ .‬فكل ما سيطرأ عليه من تغييرات ال بد سيكون عالجها‬
‫بناء على هذه المنظومة التشريعية الدقيقة‬
‫ولسنا بحاجة لوضع تشريع خاص إزاء كل فعل أو كل حاجة أو كل حادثة تطرأ في حياة كل‬
‫شخص في األرض‬
‫بل نعالج االنسان كإنسان غرائزه هي هي وحاجاته العضوية هي هي وما يتغير عليه من وسائل‬
‫مادية ال تؤثر‪ .‬كثيرا في هذا التشريع بل إنك ستجد لها األصل الذي تقيس عليه‬
‫ثم بعد ذلك أتى الفقه االسالمي بألفاظ تحتمل أحيانا أكثر من معنى ويمكن أن تنزلها على أكثر من‬
‫واقعة‬
‫تأمل مثال كيف أن آية ﴿ولكم في الحياة قصاص ﴾يمكن أن تستنبط‪ .‬منها األحكام الكثيرة وأن تبني‬
‫عليها منظومة العقوبات‬
‫ومثال ﴿فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن ﴾هذه اآلية استنبط منها الفقهاء مجلدات في النظام‬
‫االقتصادي‪ .‬ومباحث األجرة وما شابه‬
‫ومثال ﴿وال تسبوا الذين يدعون من دون اهلل فيسبوا‪ .‬اهلل عدوا ﴾هذه أخذنا منها قاعدة الوسيلة إلى‬
‫الحرام محرمة‬
‫وعلى هذه القاعدة تستطيع قياس ما ال حصر له من األحكام الشرعية‬
‫وهكذا‬
‫فالفقه االسالمي من هذه الناحية جاء بأصول‪ .‬عمومية تستطيع أن تنزلها على وقائع ال حصر لها‬
‫تفي بالتغيرات التي تطرأ في حياة الناس إلى يوم الدين‬
‫أمر آخر أن بعض األحكام جاءت معللة وبالتالي‪ .‬فيقاس عليها كل ما اجتمع معها في العلة ذاتها‬
‫وهكذا فمن هنا كان التوسع في الفقه االسالمي‬

‫‪133‬‬
‫والذي أعطاه هذه الميزة بالدرجة األولى هو قدرات هذه اللغة العربية على أن تقوم ألفاظها‬
‫ومعاني هذه األلفاظ ومجازاتها‪ .‬واستعاراتها وما إلى ذلك بهذا الدور خير قيام‬
‫ولو أنك أردت أن تصوغ‪ .‬االسالم كامال بلغة أخرى غير العربية الحتجت إلى كتب مدادها‬
‫البحور السبعة وال تنقضي‬
‫كل هذا اختزلته اللغة العربية بصفحات معدودة وعبارات المعاني فيها تتوالد من معاني والوقائع‪.‬‬
‫فيها تتنزل عليها النصوص بردا وسالما‬
‫ومن التوسع في االسالم أيضا أن األفكار المبنية على العقيدة أو المتعلقة باالعتقاد كذلك جاءت‬
‫بألفاظ تحتمل معاني فينشأ عن ذلك المذاهب الفكرية المتعددة‬
‫وهي ظاهرة صحية لوال أن البعض اشتط فيها وخرج عن األصول وأخضع الظني للقطعي‬
‫والقطعي خلطه بالظني‬
‫ولو أن الفرق والمذاهب انطلقت في حياض العقل وما يمكنه التفكير فيه والظن ومجاله والقطع‬
‫ومجاله لكانت الفرق االسالمية التي أنتجت هذا التراث الفكري الضخم أعظم أثرا في نشر هذا‬
‫الدين وتجلية حقائقه‬
‫ومن التوسع في هذا الدين‬
‫أن هذا الدين متين‬
‫فأوغلوا فيه برفق‪.‬‬
‫فإن المنبت ال أرضا قطع‬
‫وال ظهرا أبقى‬
‫كما قال عليه السالم‬
‫من التوسع في الدين أن ترى أكثر من خمسمائة مجلد في الفقه الحنفي في مكتبة واحدة‬
‫من أين جاءت كل هذه األحكام واآلراء التي كلها ترد إلى الكتاب والسنة!!!‬
‫من التوسع في الدين أنك قد تأتي على مفهوم من مفاهيم االسالم وتطرقه فتخرج بفهم لم يخرج به‬
‫أحد من قبلك على كثرة المشتغلين بهذا الفن وهذا العلم‬
‫وما زال المجتهدون ينزلون أحكام الدين على الوقائع‪.‬‬
‫وما زال المفكرون ينتجون النتاج الفكري الجميل الذي ال نظير له‬
‫وكل هذا وغيره الكثير ترى أن اللغة العربية لعبت الدور الحاسم الهام بامتزاج االسالم بها وبأنها‪.‬‬
‫المعبرة عن االسالم‬
‫وأما االنتشار فاالسالم‪ .‬بهذه الخصائص وهذا العمق وهذا الطرح وهذه الربانية‬
‫تراه ينتشر بسهولة يدخل القلوب بال استئذان‬
‫ويفتح للنور أعينا عميا‬

‫‪134‬‬
‫ويسمع بهمس الحق آذانا صما‬

‫ويجلو التراب عن قلوب غلف فتتعلق به أكثر من المولود مسلما ولم يتذوق‪ .‬طعم االسالم بعد‬
‫الجاهلية!!‬
‫وتمتزج خاصية االنتشار في اللغة بخاصية االنتشار‪ .‬في االسالم خصوصا‪ .‬بوجود الدولة‬
‫االسالمية التي تحسن مزج الطاقة العربية بالطاقة االسالمية فتنشر‪ .‬االسالم وتنشر اللغة العربية‬
‫وأما الصعيد الثاني فأن تكون العربية المعبرة عن االسالم وبذا يحصل المزج وقد‪ .‬أشبعنا هذه‬
‫المسألة بحثا‬
‫فهذه هي قضية مزج الطاقة العربية بالطاقة االسالمية‬
‫وهذا هو سبيل فهم االسالم الفهم الدقيق‪.‬‬
‫وهذا سبيل النهوض بالمسلمين القتعاد ذروة المجد التي يستحقون‬
‫اللهم ما كان في هذا البحث من حق فمنك وحدك أحمدك عليه‬
‫وما كان من خطأ فمن نفسي األمارة بالسوء ومن الشيطان أستغفرك عليه‬
‫رب اغفر لي ولوالدي وللمسلمين والمسلمات يوم يقوم الحساب‬

‫هوامش‪:‬‬
‫(‪ )1‬مصاقع‪ :‬الخطباء الذين أورثوا سالطة األلسنة وبسطة المقال بالسليقة من غير تصنع وال‬
‫ارتجال‬
‫أحس َن َم ْخ َر ٍج‬
‫أخ َر َجهُ َ‬
‫الم‪ْ :‬‬
‫ق‪ ،‬ال َك َ‬‫ب‪َ :‬شقَّهُ فَتَ َشقَّ َ‬
‫طَ‬ ‫الح َ‬
‫ق َ‬ ‫(‪ )2‬و َشقَّ َ‬
‫صوم ِة‪َ :‬غلََبه‬ ‫الخ َ‬ ‫وض َّده في ُ‬ ‫(‪َ )3‬‬
‫ضارةً‪ :‬إذا‬
‫وم َّ‬ ‫وضراراً َّ ِ‬ ‫ضارةً ِ‬ ‫ض ُّد َّ‬ ‫ويضم‪ِ :‬‬
‫‪.‬ضارهُ ضراراً‪ُ .‬‬ ‫وضارهُ ُم َّ‬
‫َّ‬ ‫وأض َّرهُ‬
‫الن ْف ِع‪َ ،‬‬ ‫ُّ‬ ‫َّر‪،‬‬
‫(‪ )4‬الض ُّ‬
‫خالَفَه‪.‬‬
‫عابهُ‪،‬‬
‫(‪ )5‬و َش َّرهُ ُش ّراً‪ ،‬بالضم‪َ :‬‬

‫عاز ِة‪ ،‬واالسم‪ِ :‬‬


‫الع َّزةُ‪ ،‬بالكسر‪،‬‬ ‫الم َّ‬
‫ُ‬ ‫كم َّدهُ‪َ :‬غلََبهُ في ُ‬
‫وع َّزهُ‪َ ،‬‬
‫(‪َ )6‬‬

‫ط ِ‬
‫اب‪ :‬غالََبه‪َ ،‬ك َّ‬
‫عازهُ‪.‬‬ ‫كع ْزع َزه‪ ،‬وـ في ِ‬
‫الخ َ‬ ‫َ َ ُ‬

‫صاح‪.‬‬
‫َ‬ ‫وعار ِ‬
‫وع َراراً‪:‬‬ ‫َّ‬ ‫(‪)7‬‬

‫اط‪ ،‬بالكسر‪ :‬وهو البعيد ما بين الطَّ َرفَْي ِن‪.‬‬


‫ط ِ‬ ‫ط ِة ِّ‬
‫والش َ‬ ‫طاط َّ‬
‫والشطا َ‬ ‫ِّن َّ‬
‫الش ِ‬ ‫ٌّ‬
‫(‪ )8‬ويقا ُل‪ :‬رج ٌل شاط‪َ ،‬بي ُ‬

‫‪135‬‬
‫ط ِط وقُ ِرئ‬ ‫و َشطَّ َ‬
‫ط تَ ْش ِطيطاً‪َ :‬بالَ َغ في َّ‬
‫الش َ‬

‫الح ِّ‬
‫ق‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ط أي‪ :‬ال تُْبع ْد عن َ‬
‫ط‪ ،‬وتُ ِ‬
‫شاط ْ‪.‬‬ ‫ط وتَ ْشطُ ْ‬ ‫{وال تُ َشطِّ ْ‬
‫ط} وتُ ْش ِط ْ‬

‫أم َع َن‪،‬‬ ‫وأ َشطَّ في ال َ ِ‬


‫طلَب‪ْ :‬‬

‫(‪ )9‬أي إن لم يصحب السيف البيان فال يعدو عن أن يكون العبا‬


‫(‪ )10‬لعل الكواكب التي تعلقت بالبحر إما الجبال أو المحابس‬

‫المراجع‪:‬‬
‫القرآن الكريم‬
‫أصول البيان العربي في ضوء القرآن الكريم د‪ .‬محمد حسين الصغير‬
‫تيسير الوصول‪ .‬إلى االصول‪ :‬المهندس عطا أبو الرشتة‬
‫الشخصية االسالمية الجزء الثالث‪ :‬تقي الدين النبهاني‬
‫مجاز القرآن د‪ .‬محمد حسين الصغير‬
‫التصوير‪ .‬الفني في القرآن سيد قطب‬
‫المثل الثائر في أدب الكاتب والشاعر البن األثير‬
‫موقع الدكتور سالم الخماش المسمى لسان العرب‬
‫الكشاف للزمخشري‪.‬‬
‫التفسير الكبير للرازي‬
‫تفسير الطبري‬
‫تفسير ابن عاشور‬
‫نحو تأصيل مفهوم شرعي لاليمان‬
‫مفهوم الظن في القرآن الكريم وعالقته باليقين‬
‫مفاهيم حزب التحرير‬
‫القاموس المحيط للفيروزأبادي‬
‫لسان العرب البن منظور‪.‬‬
‫إعجاز القران الكريم‪.‬د‪.‬فضل‪ .‬حسن عباس‪ .‬سناء فضل عباس‬
‫الشخصية االسالمية الجزء األول لتقي الدين النبهاني‬
‫المزهر في علوم اللغة وأنواعها‪  ‬للسيوطي‪.‬‬

‫‪136‬‬
‫موقع االمام محمد بن المهدي الحسيني الشيرازي‬
‫إرشاد الفحول للشوكاني‪.‬‬
‫فقه اللغة وسر‪ .‬العربية للثعالبي‬
‫مجموع الفتاوى‪ .‬ابن تيمية‬
‫البيان والتبيين للجاحظ‬
‫وأنوه إلى أنني كثيرا ما تصرفت في النصوص المقتبسة منها تصرفا‪ .‬كبيرا لحاجة تماسك البحث‬

‫اللهم اجعل أعمالنا خالصة لوجهك‪.‬‬

‫‪137‬‬

You might also like