Professional Documents
Culture Documents
المنتقى من كـلام أهـل التبليغ والدعوة - الجزء 11- روائع العلامة محمد عمر الباملبوري
المنتقى من كـلام أهـل التبليغ والدعوة - الجزء 11- روائع العلامة محمد عمر الباملبوري
الحمد هلل حمدا يوافي نعمو ويكافئ مزيده ..ونصمي ونسمـ عمي
خير خمقو وصفوة أنبيائو ورسمو سيدنا محمد صمي اهلل عميو وسمـ وبعد:
أخي الحبيب الداعي إلي اهلل :وىا نحف نواصؿ سمسة المنتقى مف
كالـ أىؿ التبميغ والدعوة ..مع الجزء الحادي عشر مف السمسمة :
روائع العالمة الشيخ محمد عمر البالمبوري (رحمو اهلل)
} نبذة عف حياتو وجيوده الدعوية {
} محاضراتو في بياف منج النبوة في الدعوة {
لقد صاحب الشيخ محمد عمر الشيخاف ( محمد إلياس وابنو الشيخ
محمد يوسؼ الكاندىموي رحميما اهلل تعالى ) فاستفاد منيما كثيرا ،عمما
وسموكا رحمو اهلل رحمة واسعة.
أسأؿ اهلل أف ينفعنا وجميع المسمميف عامة وأىؿ التبميغ خاصة بيذه
السمسمة المفيدة.
أخوكـ
محمد عمي محمد إماـ
روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)
4
الحم ػ ُػد هلل ال ػػذي ي ينبم ػػي الحم ػ ُػد إي ل ػػو وأس ػػألو س ػػبحانو وتع ػػالى أف
يصمى ويسمـ عمى سيدنا محمد وآلو وبعد .
إخػواني وأحبػػائي فػػي اهلل يسػػعدني ويشػػرفني أف أقػػدـ لكػػـ سمسػػمة
المحاض ػرات التػػي ألقاىػػا الشػػيخ /محمػػد عمػػر البػػالمبوري – رحمػػو اهلل –
وىػػو أحػػد عممػػاء الينػػد األجػػالء ،الػػذيف حمم ػوا ل ػواء الػػدعوة إلػػى اهلل ،
وتجولػ ػوا ف ػػى أرض اهلل ش ػػرقاً وغربػ ػاً إلحي ػػاء عم ػػؿ ال ػػدعوة والتبمي ػػغ ،وق ػػد
تػػأثرت حياتػػو بصػػحبة الشػػيخ إليػػاس ( رحمػػو اهلل ) ،وابنػػو الشػػيخ /محمػػد
يوسؼ الكاندىموي – مؤلؼ كتاب حياة الصحابة ،وقد رأيت أف أقػدـ لكػـ
نبذة عف حياتو منذ ويدتو قد بينيا في إحدى دروسػو لمنسػاء ،وىػو يوضػ
كيؼ تكوف البيئة اإليمانية في البيت وأثرىػا عمػى الفػرد والمجتمػع ،وكيػؼ
ػدت ف ػػى
تك ػػوف تربي ػػة األويد عم ػػى ال ػػديف من ػػذ التنش ػػئة األول ػػى ،فيق ػػوؿ :ول ػ ُ
بومبػػاي ،وكانػػت أمػػي صػػالحة ،وتػػوفى أبػػى وأنػػا عنػػدي ثمػػاني سػػنوات،
ػت بيػا الد ارسػة حتػى وصػمت إلػى الصػؼ
ودخمت المدرسػة العصػرية وأتمم ُ
الخامس ،ولما جاءت العطمة الصيفية ،ذىبت إلى قريتي (غػالـ شػير)
قري ػػب م ػػف بومب ػػاي ،فتفك ػػرت أم ػػي أف ت ػػدخمني مدرس ػػة ديني ػػة ب ػػديً م ػػف
المدرسػػة العص ػرية كػػي أتعمػػـ الق ػرآف وأصػػير متػػديناً ،وفػػى ذلػػؾ الوقػػت مػػا
روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)
5
كاف في قمبػي عظمػة الػديف ،ألف اإلنجميػز كػانوا يحكمػوف الػبالد ،وكػانوا
يميػػروف أفكػػار النػػاس ،ولكػػف أمػػي رغبتنػػي وذىبػػت بػػى إلػػى األسػػتاذ فػػي
المدرسػػة وقالػػت لػػو :إنػػي أريػػد أف تُعمػػـ ولػػدى القػرآف والعمػػوـ الدينيػػة حتػػى
يكػػوف التػػاج عمػػى أرسػػي يػػوـ القيامػػة(ٔ) ،وقبػػؿ أف تنتيػػي العطمػػة ،جػػاءت
الرسائؿ مف بومباي إلى أمػي ،أف أرسػمي ولػدؾ محمػد عمػر إلػى بومبػاي
ليتحصػؿ عمػػى الصػؼ السػػادس الد ارسػي ولكػػف أمػي لػػـ تأبػو ليػػذه الرسػػائؿ
حتػػى جػػاء ابػػف عمػػى وزوج أختػػي ورأغػػب والػػدتي أف ترسػػمني إلػػى بومبػػاي
ألكمػػؿ الد ارسػػة ،وقػػاؿ ليػػا :ابنػػؾ يتػػيـ ويبػػد مػػف إتمػػاـ الد ارسػػة ليتحصػػؿ
عمػػى الوظيفػػة حتػػى يسػػتطيع أف يعػػيش ،فأخبرتػػو أنيػػا تريػػد أف تعمػػـ ابنيػػا
الق ػرآف والعمػػوـ الدينيػػة ،قػػاؿ :الػػديف طيػػب ،ولكػػف يبػػد مػػف ال ػدنيا ،فممػػا
سمعت دنيا ..دنيا ،غضبت غضباً شػديداً ،وقالػت :إف اإلنسػاف إذا تعمػـ
ديف اهلل ، وعمؿ ليذا الديف بػخخالص فتػأتى الػدنيا تحػت قدميػو يركميػا
كمػػا يركػػؿ الكػرة ،وكنػػت صػػمي اًر عنػػدي اثنػػي عشػػر سػػنة ،فتفكػػرت وقمػػت
في نفسي :كيؼ تكوف ىذه الدنيا الواسػعة مثػؿ الكػرة أركميػا برجمػي ..
ولػػـ تقبػػؿ كالمػػو وأدخمتنػػي المدرسػػة الدينيػػة وتعممػػت عموم ػاً دينيػػة كثي ػرة ،
ٔ) إيمان ػاً وتصػػديقاً بالحػػديث الػػذي رواه اإلمػػاـ أحمػػد وأبػػو داود عػػف معػػاذ الجينػػي ،قػػاؿ:
قاؿ رسوؿ اهلل " : مف ق أر القرآف وعمؿ بما فيو ،أُلبس والػده تاجػاً يػوـ القيامػة ،ضػوؤه
"( أحسف مف ضوء الشمس في بيوت الدنيا لو كانت فيكـ ،فما ظنكـ بالػذي عمػؿ بيػذا
مشكاة المصابي – كتاب فضائؿ القرآف– ٔ. )ٙٙٓ/
روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)
6
وكانت والدتي تريػد أف تميػر فكػرى ،ليػأتي فػي فكػر األنبيػاء ، فتػأتى
إلػػى بكتػػاب قصػػص األنبيػػاء عمػػييـ السػػالـ وتقػػوؿ يػػا بنػ أى اقػ أر عمػ أى قصػػة
سيدنا موسى ، وما كاف في بيتنػا غيػر شػمعة واحػدة فتشػعميا وأجمػس
أماميا كؿ يوـ أق أر عمييا مف كتاب قصص األنبيػاء عمػييـ السػالـ ،ومػرة
كنػػت أق ػ أر عمييػػا ،فقالػػت لػػي :يػػا ولػػدى ..اليػػوـ فػػي بيتػػي المظمػػـ تسػػمع
كالم ػػؾ امػ ػرأة واح ػػدة عج ػػوز ..وأن ػػا أرج ػػو م ػػف اهلل أف يس ػػمع كالم ػػؾ
األلوؼ مف الرجاؿ والنساء ،وقالت :عندما وضعتؾ كانت الساعة الثانيػة
عشر ليالً ،فنظرت إليؾ والى المصحؼ الموجود عمى الػرؼ فػى الحجػرة
،ونويػػت أف اهلل يعطػػى ىػػذا الق ػرآف لولػػدي ،ولمػػا كنػػت صػػمي اًر كانػػت
تقص عم أى تفسير سورة الكيؼ وتفسير سورة البروج ،ومف صػالحيا أنيػا
كانت كمما رفعت يدييا لمدعاء تبكى كثي اًر.
وأراد أس ػػتاذي أف يت ػػرؾ المدرس ػػة وي ػػذىب إل ػػى قريت ػػو " غ ػػالـ ش ػػير "
بالقرب مف دليػي ،وكانػت تبعػد عػف بومبػاي مسػافة خمسػمائة كيمػو متػر ،
فتفكػػرت والػػدتي وقالػػت ابف يػػذىب العمػػـ مػػف ولػػدى وأخبػػرت أسػػتاذي بمػػا
في نفسيا ،فقاؿ ليا األستاذ :ي تحزني ،أنػت دبػري لػو مصػاريؼ السػفر
وأنػػا آخػػذه معػػي فيمكػػث عنػػدي لمػػدة سػػتة أشػػير ثػػـ يمتحػػؽ بمدرسػػة دار
النيضة العربية لمعموـ ديوبند ،وكانت مصاريؼ السػفر حػوالي مائػة روبيػة
ولكػػف لػػـ يكػػف فػػي جيػػب أمػػي منيػػا شػػيء فأخػػذت تػػدور عمػػى أىػػؿ القريػػة
روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)
7
كػػي تقتػػرض المائػػة روبيػػة ولػػـ تجػػد أحػػد يقرضػػيا ،يقولػػوف ىػػي فقي ػرة مػػف
أيف ترد لنا ىذا المبمغ ،فأخذت أمي تبكى حتى يسأر اهلل ليػا ىػذا القػرض
فأعطتو لألستاذ وذىبػت معػو ،وبعػد أف وصػمنا إلػى قريتػو " غػالـ شػير "
،جمست عنده أتعمـ ونسينا أف نبعث بالرسالة إلى أمي فكانػت تجمػس كػؿ
يػػوـ تبكػػى وتقػػوؿ يػػا اهلل كيػػؼ حػػاؿ ولػػدى ابف ..وكػػؿ ىػػذا تتحمػػؿ ،ثػػـ
بع ػػد س ػػتة أش ػػير م ػػف الد ارس ػػة عم ػػى ي ػػد أس ػػتاذي ،التحق ػػت بمدرس ػػة دار
النيضة العربية العموـ ديوبند ،فكاف عنػدي شػوؽ لمد ارسػة ومطالعػة الكتػب
فكنػػت أدرس فػػي اليػػوـ اثنػػيف وعش ػريف سػػاعة وأنػػاـ فقػػط سػػاعتيف ،حتػػى
جػػاءني مػػرض السػػؿ ،فػػذىبت بسػػبب المػػرض إلػػى بمػػدي ،فأخ ػذتني أمػػي
إلى طبيب ألماني ،فقاؿ :ىذا الولد يموت ،فأخذت أمي وأسػرتي يبكػوف ،
فقمت ليـ :أنتـ أركبوني القطار ،واتركوني أذىب إلى دار النيضػة العربيػة
العم ػػوـ ديوبن ػػد ،فم ػػو م ػػت ىن ػػاؾ أم ػػوت ش ػػييداً وأقب ػػر ف ػػي س ػػبيؿ اهلل ،
ولك ػػنيـ رفضػ ػوا ث ػػـ شػ ػفاني اهلل ومكث ػػت س ػػنيف ف ػػي بومب ػػاي ث ػػـ ج ػػاءت
جماعة الدعوة والتبميغ إلى بومباي ورغبوني في الخروج فػي سػبيؿ اهلل
لمػػدة أربعػػة أشػػير ،ومنػػذ ذلػػؾ الوقػػت وأنػػا فيمػػت ىػػذه الػػدعوة ،وقػػاؿ لػػي
الشػػيخ /محمػػد يوسػػؼ (رحمػػو اهلل) بعػػد أف عػػرؼ قصػػتي يػػا محمػػد عمػػر
اذىػػب إلػػى دار النيضػػة العربيػػة لمعمػػوـ وأكمػػؿ د ارسػػتؾ ،وفػى ذلػػؾ الوقػػت
كانػػت أمػػي مريضػػة ،ولكػػف قالػػت اذىػػب لمد ارسػػة فػػي سػػبيؿ اهلل ،واشػػتد
روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)
8
المػرض عمػػى أمػي ،واخػواني وأخػواتي جمسػوا حوليػا ،وقػػالوا ليػا :نرسػػؿ
يبنػػؾ محمػػد ليػػأتي ،فقالػػت :ي ،ألنػػي خاليػػة اليػػد ،فممػػا أمػػوت وأذىػػب
إلى اهلل فيسألني ماذا قدمت ..فأقوؿ :إني تركت ولدى محمد عمر فػى
سػ ػػبيمؾ ،وبعػ ػػد ذلػ ػػؾ إخػ ػػوتي غسػ ػػموىا وغيػ ػػروا مالبسػ ػػيا ووضػ ػػعوىا عمػ ػػى
الفراش ،وكانت قد شمت يػدىا ورجميػا وفقػدت حاسػة ال أشػـ وحاسػة البصػر
،ولكنيػػا عنػػدما وضػػعوىا عمػػى الف ػراش ،رفعػػت نظرىػػا وقالػػت :السػػالـ
عميكـ ورحمة اهلل وبركاتو ثػـ ضػحكت وقالػت :واهلل إنػي أشػـ رائحػة طيبػة
،فقػػالوا ليػػا :أنػػت سػػمأمت عمػػى مػػف ..وضػػحكت ..لمػػاذا ..قالػػت :
أري ػػت ممك ػػيف وبينيم ػػا ول ػػدى محم ػػد ال ػػذى ذى ػػب ف ػػي س ػػبيؿ اهلل فض ػػحكت
وس ػػم أمت عم ػػى المالئك ػػة ،وبع ػػد ذل ػػؾ نطق ػػت كمم ػػة التوحي ػػد ي إل ػػو إي اهلل
محمد رسوؿ اهلل ،ثـ فاضت روحيا إلى بارئيػا ،وىػذه نبػذة مختصػرة مػف
ٌ
قصػػة العػػالـ الجميػػؿ المجاىػػد فػػي سػػبيؿ اهلل ،وقػػد تحققػػت آمػػاؿ أمػػو فكػػاف
يس ػػمع كالم ػػو ف ػػي المجم ػػس الواح ػػد م ػػا يق ػػرب م ػػف خم ػػس ممي ػػوف مس ػػمـ ،
يجتمعػػوف مػػف أقطػػار األرض كميػػا ،وىػػو يبػػث فػػييـ فكػػر الػػدعوة إلػػى اهلل
ويحمميـ مسئولية ديف اهلل وحمؿ األمانة ...نسػأؿ اهلل أف يحشػرنا
واياه مع النبييف والصديقيف والشيداء والصالحيف وحسف أولئؾ رفيقا .
******
روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)
9
الػ ػ ػػدعوة شخصػ ػ ػػاف الشػ ػ ػػيخ سػ ػ ػػعيد أحمػ ػ ػػد خػ ػ ػػاف ،والشػ ػ ػػيخ محمػ ػ ػػد عمػ ػ ػػر
البػ ػػالمبوري ،فيمػ ػػا صػ ػػورة حقيقيػ ػػة لمػ ػػديف ،فيػ ػػذاف الػ ػػرجالف -مػ ػػع شػ ػػدة
مرضيما وتعبيما -إذا قاما لمبيػاف فيػذىب المػرض والتعػب ،ولكنػي مػع
صحتي إذا قمت لمبياف وبينت مرضت.
ىكػػذا إخ ػواني وأحبػػابي :كػػاف النبػػي يثنػػي عمػػى أصػػحابو وي يقػػوؿ إي
حقػػا فيشػػد ويقػػوي مػػف عػزائميـ ،وىكػػذا الصػػحب الكػراـ كػػاف ُيثنػػي بعضػػيـ
عم ػػى بع ػػض ،ن ػػزع اهلل الم ػػؿ م ػػف ص ػػدورىـ ،وجع ػػؿ ف ػػي قم ػػوبيـ المحب ػػة..
وبيػػذا المحبػػة انتشػػروا فػػي العػػالـ يبممػػوف ديػػف اهلل وينشػػروف تمػػؾ الصػػفات
التي بيرت العالـ كمو ،فدخموا في ديف اهلل أفواجا.
******
روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)
00
محاضرات الشيخ
صػمأى المأػوُ َعمَ ْي ِػو َو َسػمأ َـ " :إِ أف ا ْل َمالئِ َكػةَ أِ
جاء في الحديث " قَػا َؿ َر ُسػوؿ المػو َ
َجنِحتَيػػا لِطَالِػ ِ ِ
صػ َػنعُ " رواه أبػػو دواد والترمػػذي ػب ا ْلع ْمػ ِػـ ِر ً
ضػػا بِ َمػػا َي ْ ضػػعُ أ ْ َ َ
لَتَ َ
وابف ماجة والدا رمى (ٔ).
امػةَ ،قَػا َؿ :قَػا َؿ ِ
ُم َ والمالئكة تستمفر لو ،كما في الحديث َع ْف أَبي أ َ
اتَى ػ َؿ ال أسػػمو ِ
صػػمأى المأػػوُ َعمَ ْيػ ِػو َو َسػػمأ َـ " :إِ أف المأػػوَ َو َمالئِ َكتَػػوُ َوأ ْ أِ
ََ َر ُسػػو ُؿ المػػو َ
ض حتأػػى الأنممَػةُ ِفػػي ج ْح ِرىػػا وحتأػػى ا ْلحػ ُ ِ
صػػمو َف َعمَػػى ػوت فػػي ا ْلَب ْحػ ِػر لَُي َ ُ ُ َ ََ ْ َواأل َْر ِ َ
ُم َعمِِّـ الأن ِ
اس ا ْل َخ ْي َر " .رواه الترمذي (ٕ).
واف جمػػس فػػي ُمصػػاله لينتظػػر الصػػالة فالمالئكػػة تػػدعو لػػو كمػػا فػػي
الحديث المتفؽ عميو " لـ تزؿ المالئكػة تصػمى عميػو مػا داـ فػى ُمصػاله ،
ما لـ يحدث ،تقوؿ :الميـ صؿ عميو ،الميـ ارحمو " (ٖ).
كؿ ىذا ألنو اجتيد عمى ذاتو عمػى مػنيج صػحي ،واف اجتيػد عمػى
غي ػػر ذات ػػو ونس ػػى نفس ػػو ،واجتي ػػد عم ػػى األش ػػياء والمخموق ػػات ،فاألش ػػياء
تصػير ليػػا قيمػػة عنػده ُ ،ويصػػب ي يسػػاوى شػيئاً ،قػػاؿ الحػػؽ َ ولََ ني ْْا
نيسا َبنينيٌافُنيلُنينيوبا اتني ْف َ َنينيو َنا ِ
ِ ِ ااَِ نيناََ نيٌَْا َكًِنيناًا ِ
ِ
ناوَبنيُ ْنيٌا ني
َ ُ َ َ ٌ ْ ُ ني
ْ ن ا
اوَ ِّ ني ْ َ ني َذ َرْ نيَ َ َ َ
ٔ) مشػػكاة المصػػابي – كتػػاب العمػػـ – ٔ ، ٚٗ/ريػػاض الصػػالحيف – بػػاب فضػػؿ العمػػـ –
صػ . ٜٗٚ
ٕ) مشكاة المصابي – كتاب العمـ – ٔ . ٚٗ /
ٖ) رياض الصالحيف – باب فضؿ انتظار الصالة – صػ ٖٓٗ .
روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)
03
نيناوَبنيُ ْنيٌام َذا ٌنا اتَ ِْفني َنيُعُو َنا ِ نيَنينا ُولَِْني َ ا َكن َْني َعني ِنينما نيَ ْنيلا ِ ِ
نيوا اتنيَُْني ُو َنا نيَ َ
َِْني ُ ٌ
الٌاالْغَن ِلُو َنا.)ٔ( ِ
َض ُّلا ُولَْ َ ُ ُ
ُل ٌْا َ
واإلنساف يسقط مف عيف غيػره ،وتجػده أدنػى شػيء فػي ذلػؾ الوقػت،
وتج ػػده ُي ْقتَػ ْػؿ م ػػف أج ػػؿ قطع ػػة م ػػف األرض ،م ػػف أج ػػؿ الم ػػاؿ ،م ػػف أج ػػؿ
أشػػياء بسػػيطة ،أصػػب اإلنسػػاف أدنػػى مػػف األرض ،مػػف الوظيفػػة ،مػػف
الماؿ ،متى صار ىػذا .. ..لمػا صػرؼ جيػده عػف نفسػو واجتيػد عمػى
ضؿأ وفقد قيمتو.الخالئؽ األخرى فَ َ
وب ِع ػ َ
ػث النب ػػي بطري ػػؽ الرحم ػػة والبرك ػػة ،فالطائف ػػة الت ػػي تتمس ػػؾ ُ
بأوامر اهلل وسنة النبي ، تكوف ذو قيمػة ،وتجمػب الرحمػة مػف اهلل
،ألنيـ أحيوا طريؽ األنبياء ،والذي جاء بو النبػي وىػو الػديف ،وفيػو
قدرة اهلل وقوة اهلل .
جميػػع الخالئػػؽ ي تسػػاوى شػػيء أمػػاـ الػػديف ألف فيػػو قػػوة اهلل ،
وقوة اهلل ليس ليا نياية .
ف ػػالعزة والذل ػػة ،واألم ػػف والخ ػػوؼ ،والطمأنين ػػة والقم ػػؽ ،والف ػػرح والت ػػرح،
والصػ ػػحة والمػ ػػرض ،والحيػ ػػاة والمػ ػػوت ،والمنػ ػػى والفقػ ػػر ،وصػ ػػالح الحيػ ػػاة
وفسادىا ،ومنافع األشياء ومضارىا ،بيد اهلل ويستعمميا كيؼ يشاء.
فقػػد حفػػظ اهلل نبيػػو فػػي المػػار بػػالعنكبوت ،وحفػػظ إسػػماعيؿ
تحت السكيف ،وأىمؾ النمرود ببعوضة عرجاء .
لمػ ػػا أراد اهلل أف يصػ ػػم الحيػ ػػاة جعػ ػػؿ ترتيػ ػػب فػ ػػي العػ ػػالـ ونشػ ػػر
الس ػػبب ( أخ ػػرج األش ػػجار ،وم ػػف األش ػػجار الثم ػػار ،وم ػػف األرض المي ػػاه،
وخمؽ المني ،ومف المني خمؽ اإلنساف ،ثـ تزوج فزاد اهلل مف نسمو.
نػ ػػرى نتيجػ ػػة األشػ ػػياء واألسػ ػػباب الظاىريػ ػػة ،واهلل أظيػ ػػر قدرتػ ػػو بػ ػػيف
األسباب ،فالفالح ُيمقى البذر في األرض واهلل ُ يثمره ،فالفاعػؿ ىػو اهلل
جؿ جاللو .
ولكف اإلنساف ينسى ،يقوؿ أنا زرعػت البػذر فجػاء الثمػر ،أنػا فتحػت
ال ػػدكاف فج ػػاء الم ػػاؿ ،يق ػػوؿ اهلل َ ني ْلذَنيَْظُني ني ِ اان ِف نينيننا ىلاسَ َعن ِ ني ِنيهاَْنينينا
نينَاو ًََِِنينينا ِ
أا َ ني َنَا َأَ َْجنيََنينينا َذَنينينا َ َني َ نينااص نيَنَاّتُْا َ ني َ ْ ََناا َْر َ
ص نيَْنيََناالْ َُني َ َ
نِني نينينالْ ُ ني ني ْنيٌا ِ ِ
نينَاوَنك ََ ني ني ً َاوََني نينينَا ْجَ ً
نيغَاو َ ني ني َنيْاِ ََاُْ ْلًني ني َ
نيناوَدْني ني َ
نَاوَزتْنيجُوًني ني َ
ض ني نيً َ
َوفَ ْ
خ َُاتَني ْنيوَماتَِف ني ُّ االْ َُ ني ْاُ )ٔ( فالحقيقػػة أف َنينين ْا
تاال ْ وِ َْنيعنينين ِ ُ ٌَا َنيِج َذاا نينينا ِ
َ َ َ َ ْ
الفعاؿ ىو اهلل .
لمػ ػػا قػ ػػاـ سػ ػػيدنا إب ػ ػراىيـ بالػ ػػدعوة ،فػ ػػادعى النمػ ػػرود أنػ ػػو يحيػ ػػى
َ نينيناتُني ْنيوَ ُو َان )ٖ(واذا أمػػر السػػماء واألرض فػػال يعصػػوف قػػاؿ تعػػالى ّ تُْا
ناولِ ْْل َْر ِ
أااِْجِذَناسَْوِنًا َْوا َك ْلنينًا ِ ِ
نلا َبَ َ
اد َخن ٌنا َني َ َ
ا ْ جَني َوىا ىلاال ِْف َُنا َاول َي ُ
ِِ
فَنلَجَنينيناَثَنيْذنيََنينيناسَنينينِع َ
وا
(ٔ)
وىكػػذا كػػؿ المخموقػػات ،إي اإلنسػػاف فمػػنيـ مػػف
(ٕ) خ ػزائف لػػيس ليػػا حػػدود ي تنتيػػي :قػػاؿ تعػػالى َ وِ ْنا ِ ني ْ ا َ ني ْنيي ٍااِ ا
وم. )ٔ( ناخَاَُِِهُ َاوَ نا نيََُنيِّلُهُاِ اَِ َْ ٍرا َ ْعلُ ٍا ِ
َِْ َْ َ َ
فقوة المخموؽ بالنسبة لممخموؽ ليا قيمة ،ألف القوة تختمؼ فيما بيػنيـ
،ىػػذا أقػػوى منػػى ،وأنػػا أقػػوى مػػف فػػالف ..وىكػػذا ..ولكػػف جميػػع القػػوى
أماـ قوة اهلل ي تساوى شيئاً .
نياية اإلنساف وصمت إلى مادة الكيماويػة ،ولػـ تصػؿ إلػى السػماء ،
ولـ تصؿ إلى الشمس .
والم ػػاء والي ػ ػواء أش ػػد مػ ػػف القػ ػػوة الكيماوي ػػة ،فمػ ػػو تزلزلػ ػػت األرض أو
ىاجت الريػاح أو نػزؿ المػاء كيػؼ يكػوف الحػاؿ ..انظػر إلػى قػوـ سػيدنا
. (ٕ)
اء ُم ْنيَ ِم ٍر
اء بِم ٍ
نوح قاؿ تعالى فَفَتَ ْحَنا أبواب الس ِ
أم َ َ َ
نيندا قػاؿ تعػالى َ وَْ َ
نيناِ ٌ وقوـ عاد ما استطاعوا أف يقابموا الػري
ٔ) كما في صحي مسمـ :عف موسي بف طمحة عف أبيو قػاؿ :مػررت مػع رسػوؿ اهلل
بقوـ عمي رءوس النخؿ فقاؿ " :ما يصنع ىؤيء " فقالوا :يمقحونػو ،يجعمػوف الػذكر
فػي األنثػػى فػػتمق ،فقػػاؿ رسػػوؿ اهلل " : مػػا أظػػف يمنػػي ذلػػؾ شػػيئاً ،قػػاؿ :فػػأخبروا
ُخبر رسػوؿ اهلل صػمي اهلل عميػو وسػمـ بػذلؾ ،فقػاؿ إف كػاف يػػنفعيـ
بػذلؾ ،فتركػوه ،فػأ ْ
ذلؾ فميصنعوه فخني إنما ظننت ظناً فال تؤاخػذوني بػالظف ،ولكػف إذا حػدثتكـ عػف اهلل
شيئا فخذوا بو ،فخني لف أكذب عمي اهلل . "
وفػي روايػػة :عػف ارفػػع بػف خػػديج قػاؿ :قَػ ِػد َـ نبػي اهلل المدينػػة وىػـ يػػأبروف النخػػؿ ،
فقاؿ " :ما تصنعوف " قالوا :كنا نصػنعو ،قػاؿ " :لعمكػـ لػو لػـ تفعمػوا كػاف خيػ اًر "
،فتركػػوه ،فنفضػػت أو نقصػػت ،قػػاؿ :فػػذكروا ذلػػؾ لػػو ،فقػػاؿ " :إنمػػا أنػػا بشػػر ،إذا
أمرتكـ بشيء مف دينكـ فخذوا بو ،واذا أمرتكـ بشيء مف رأيي فخنما أنػا بشػر " قػاؿ :
عكرمة أو نحو ىذا .وفي رواية أخري :عف أنػس أف النبػي ، مػر بقػوـ ُيمقأحػوف ،
صػمُ َ " قػاؿ :فخػرج شيصػاً ،فمػر بيػـ ،فقػاؿ " :مػا لػنخمكـ فقاؿ " :لو لـ تفعمػوا لَ َ
" قػػالوا :قمػػت :كػػذا وكػػذا ،قػػاؿ " :أنػػتـ أعمػػـ بػػأمر دنيػػاكـ " ( انظػػر صػػحي مسػػمـ
شرح النووي ٘ٔ.)ٔٔٙ/
روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)
21
الػػذي يمشػػى عمػػى طريػػؽ النبػػي ، ي يتػػأثر بػػأي شػػيء س ػواء فػػي
الػبالء أو النعمػة ،ويمػر مػػرو اًر بػيف ىػذه األحػواؿ ،فػالمؤمف وغيػر المػػؤمف
يمر في الدنيا بيف النعيـ والبالء .
الصػػال إذا جػػاءه الػػبالء فصػػبر ،فرحمػػة اهلل فػػى ىػػذا الػػبالء ،
واف جاءه النعيـ فيذه رحمة اهلل .
والكػ ػػافر يأتيػ ػػو الػ ػػبالء لمعػ ػػذاب ،والنعمػ ػػة لالسػ ػػتدراج قػ ػػاؿ تعػ ػػالى
ِ
ن
اتنيَ ْعلَ ُُو َا َوالْات َ ا َك ْا ُوااِآتنثََِنا َ ََ ِْفجَ ْْ ِر ُ َُ ٌْا ِ ْ ا َ ْذ ُ
ثا
(ٔ)
.فرعوف
اسػػتدرج م ػرةً بعػػد م ػرة ،وأُخ ػ َذ أخ ػ َذ عزيػػز مقتػػدر ،ومػػا نفعػػو إيمانػػو عنػػد
اهلل خمػػؽ أشػػياء ليػػا قػػوى ،ولكنيػػا ي تُػػرى مثػػؿ المالئكػػة ،فالمالئكػػة
أقػػوى مػػف األرض ومػػف السػػماء ،فخس ػرافيؿ عنػػدما يػػنفخ نفخ ػةً واحػػدةً
يػػدمر كػػؿ شػػئ فػػى األرض ،وجبريػػؿ أقػػوى مػػف إسػرافيؿ ؛ مػػف حيػػث
القوة الروحانية ،وأقوى مف جميع المالئكة ألنػو سػيد المالئكػة ،ولمػا أ ِ
ُم َػر
أف يخس ػػؼ بق ػػرى ل ػػوط ،أخ ػػذىا عم ػػى ريش ػ ٍػة م ػػف جناح ػػو ،وحممي ػػا إل ػػى
السػػماء ،حتػػى سػػمع أىػػؿ السػػماء ،صػػياح الديكػػة ،ونبػػاح الكػػالب ،ثػػـ
ارحػػة القمػػب ..وال ارحػػة فػػي القبػػر ..وال ارحػػة يػػوـ القيامػػة ..وكػػاف رحم ػةً
لمعالميف .
والعكػػس إف اسػػتعمؿ أعضػػاءه ،عمػػى خػػالؼ أمػػر اهلل ، ومػػنيج
النبي ، واعتمد عمػى نفسػو ..عمػى مالػو ..فمخفػي فػي اإلنسػاف فسػاد
العالـ كمو " القتؿ ..الفساد ..الحروب ..الزيزؿ ..الخػوؼ ..القمػؽ ..
ونحػف سػػعادتنا أف نبينػا محمػػد ، قػد أخبرنػػا قبػؿ أربعػػة عشػر قرنػاً
ٔ) رواه أحمد والبييقي في شعب اإليمػاف – مشػكاة المصػابي – بػاب ايعتصػاـ بالكتػاب
والسنة – ٔ . ٖٙ /
روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)
24
قاؿ " :لو كانت الدنيا تعدؿ عند اهلل جناح بعوضة ،مػا سػقى كػاف اًر منيػا
(ٔ)
. شربة ماء " رواه أحمد والترمذي وابف ماجة
فمػػو وصػػموا إلػػى الم ػريخ لوجػػدوىا ي تسػػاوى جنػػاح بعوضػػة ..ولمػػا
عرج بو إلى السماء ،رأى الجنة والنار ،وتأثير األعماؿ .
ولم ػػا وص ػػؿ إل ػػى س ػػدرة المنتي ػػى س ػػمع صػ ػريؼ األق ػػالـ عم ػػى الم ػػوح
المحفػػوظ ..ووصػػؿ إلػػى مكػػاف لػػـ يصػػمو جبريػػؿ ، فحيػػث انتيػػت قػػوة
جبريؿ ، بدأت قوة سيدنا محمػد الجسػدية والروحيػة فمألسػؼ نحػف
أىؿ المادة يجربوف ،ويأتي آخر ويقوؿ :ىذا خطػأ ،ىػذا صػحي ،
ولكف ما جاء بو النبي فيو مف عند اهلل ولو كاف في المضػب (ٔ)،
اِ ِ اا ْبَوىاواِ ْن ُ ِ ولو كاف في السرور و ناتنيَْ ِ
ال َنيوا َاو ْ ٌنيياتُنيو َ َ َ َ
ُ ط ََ َ
(ٕ)
وجبريؿ يأتي بالوحي وىو ذو مرة ،أي :ذي قػوة أصػمية ،وي
(ٖ)
نينَثاّتَْاَِ ني ني ٍ
وا ُطَني ٍ يس ػػتطيع أف ُي ػػدخؿ كمم ػػة واح ػػدة عم ػػى ال ػػوحى .
ٔ) كمػا فػي الحػػديث عػف عبػد اهلل بػػف عمػرو بػػف العػاص – رضػى اهلل عنيمػػا – أنػو قػػاؿ :
كنػػت أكتػػب كػػؿ شػػيء أسػػمعو مػػف رسػػوؿ اهلل وأريػػد حفظػػو فنيتنػػي ق ػريش ،وقػػالوا :
تكتب كؿ شيء تسمعو مف رسوؿ اهلل ، ورسوؿ اهلل بشر يتكمـ في المضػب والرضػا
قػػاؿ :فأمسػػكت ،فػػذكرت ذلػػؾ لرسػػوؿ اهلل وقػػاؿ " :أكتػػب فػػو الػػذي نفسػػي بيػػده مػػا
خرج منػو إي حػؽ وأشػار بيػده إلػى فيػو ( أخرجػو الحػاكـ فػى المسػتدرؾ – ٔ ٔٓٗ /وقػاؿ
صحي اإلسناد ولـ يخرجاه ،وأخرجو أبو داود في باب كتابة العمـ والدا رمى ).
ٕ) سورة النجـ – ابيتاف ٖ . ٗ ،
ٖ) سورة التكوير – ابية ٕٔ .
ٗ) سورة النجـ – ابيات ٔٔ . ٔٛ :
روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)
26
ويقولوف :أيػف العػذاب فػي القبػر وجػدنا القبػور فييػا العظػاـ ومػا رأينػا فييػا
ٔ) صحي مسػمـ شػرح النػووي – كتػاب الخسػوؼ – ( ٕٖٓ / ٙوقػد وردت أحاديػث كثيػرة
في الصحيحيف بيذا الشأف ) .
روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)
28
صمّوا َحتّ َى تَْن َجمِ َي" .رواه مسمـ (ٔ). وى َما .فَِخ َذا َخ َسفَا فَ َ
ُي ِري ُك ُم ُ
صػالَتِي َى ِػذ ِه. ِ
ونػوُ إِيّ قَ ْػد َأرَْيتُػوُ فػي َوع ُد َ
ػيء تُ َ
وفي رواية لػو :مػا ِمػف َش ٍ
َ ْ ْ
ػيبنِي ِمػ ْػف ِ
َف ُيصػ َ ت َم َخافَ ػةَ أ ْ ػيف َأرَْيتُ ُمػػونِي تَ ػأ ّ
َخ ْر ُ ِ ِ
ػارَ .وَذل ُكػ ْػـ حػ َ لَقَػ ْػد ِجػ َ
ػيء بِ ّ
النػ ِ
ػاف
ػارَ .كػ َ صػ َػبوُ ِفػػي ّ
النػ ِ ِ
ب ا ْلم ْح َجػ ِػف َي ُجػ ّػر قُ ْ
ِ
صػػاح َ ػت فييَػػا َ
لَ ْف ِحيػػا .وحتّػػى أرَْيػ ُ ِ
َ ََ َ َ
ػؽ بِ ِم ْح َجنِػػيَ ،وِا ْف ُغ ِفػ َؿ ػاج بِ ِم ْح َجنِػ ِػو ،فَػِخ ْف فُ ِطػ َػف لَػػوُ قَػػا َؿ :إِّن َمػػا تَ َعمّػ َ َي ْسػ ِػر ُ
ؽ ا ْل َحػ ّ
ط ِع ْميَػػا،
ػاحَبةَ ا ْل ِيػ ّػرِة الّتِػػي َرَبطَتْيَػػا َفمَػ ْػـ تُ ْ
ػت ِفييػػا صػ ِ
ػى َأرَْيػ ُ َ َ
ع ْنػػو َذىػ ِ ِ
ػب بػػوَ .و َحتّػ َ َ ُ َ َ
ػيء بِا ْل َجّن ِػة،
ت جوعػاً .ثُػـ ِج ِ
ّ ضَ ،حتّ َى َماتَ ْ ُ اش األ َْر ِ ولَ ْـ تَ َد ْعيَا تَْأ ُك ُؿ ِم ْف َخ َش ِ
َ
ت َي ِػدي َوأََنػا ػاميَ ،ولَقَػ ْد َم َػد ْد ُػت ِفػي مقَ ِ
َ ػى قُ ْم ُ ت َحتّ َ يف َأرَْيتُ ُمونِي تَقَ ّد ْم ُ ِ ِ
َوَذل ُك ْـ ح َ
َف يَ أَ ْف َع ػ َؿ .فَ َمػػا ِمػ ْػف ِ ِ ِ ِ
ػاو َؿ مػ ْػف ثَ َم ِرَىػػا لتَْنظُػ ُػروا إِلَ ْيػػو ،ثُػ ّػـ َبػ َػدا لػػي أ ْ أ ُِريػ ُػد أ ْ
َف أَتََنػ َ
ذه" .رواه مسمـ (ٕ). ونو إِيّ قَ ْد أرَْيتُو ِفي صالَتِي ى ِ ٍ
َ َ َ ُ وع ُد َ ُ
َش ْيء تُ َ
ػوؿ المّ ِػو صػمى ػاس .قَػا َؿْ :ان َكسػفَ ِت ال ّشػمس َعمَػى َعي ِػد رس ِ
َ ْ َُ ُْ َ َع ِف ْاب ِف َعّب ٍ
ػاـ
اس َم َعػوُ .فَقَ َ صمّ َى َر ُسو ُؿ المّ ِو صمى اهلل عميو وسمـ َو ّ
الن ُ اهلل عميو وسمـ ،فَ َ
ػاـ طػ ِػويالً .ثُػ ّػـ َرفَػ َ
ػع فَقَػ َ ػع ُرُكوع ػاً َ ِ
ػورة ا ْلَبقَػ َػرة .ثُػ ّػـ َرَكػ َ
َ َ ِقَيام ػاً َ
طػ ِػويالً قَػ ْػدر َن ْحػ ِػو ُسػ ِ
ِ ِ ِ ِ
ػع ُرُكوعػ ػاً طَ ػ ِػويالًَ ،و ُى ػ َػو ُد َ
وف قَيامػ ػاً طَ ػ ِػويالًَ ،و ُى ػ َػو ُدو َف ا ْلقَي ػػاـ األ َّوؿ .ثُػ ّػـ َرَك ػ َ
وف ا ْل ِقَيػ ِػاـ األ َّو ِؿ .ثُػ ّػـ الرُكػػوِع األَو ِؿ .ثُػػـ سػػج َد .ثُػػـ قَػ ِ
ػاـ قَيام ػاً طَػ ِػويالًَ ،و ُىػ َػو ُد َ
ّ َ َ ّ َ ّ ّ
ػاـ ِقَيام ػاً َ
طػ ِػويال، ػع فَقَػ َ
ِ
الرُكػػوِع األ َّوؿ .ثُػ ّػـ َرفَػ َ
وف ّطػ ِػويالًَ ،و ُىػ َػو ُد َ
ػع ُرُكوع ػاً َ
َرَكػ َ
كثي اًر ،وما تمػذذتـ بالنسػاء عمػى الفػرش ،ولخػرجتـ إلػى الصػعدات تجػأروف
(ٔ).
إلى اهلل تعالى " رواه الترمذي
جاءني أطباء وكممتيـ في عذاب القبر ،قالوا :ما فيمنا شػيء قمػت
ليػػـ :لمػػاذا قػػالوا :ألنػػو ي ُيػػرى .فقمػػت ليػػـ :اإلنسػػاف يأكػػؿ الطعػػاـ يػػدخؿ
المعدة ،ثػـ يتحمػؿ إلػى دـ ليمػذي الجسػد ،فػخذا زاد شػيء عػف تناسػبو جػاء
المػػرض ،فيػػذىب إلػػى طبيػػب التحاليػػؿ ،فيقػػوؿ لػػو :عنػػدؾ نسػػبة عاليػػة فػػي
السػػكر ،أو عنػػدؾ نسػػبة عاليػػة مػػف األمػػالح ،وقمػػت ليػػـ :أريػػد أف تخرج ػوا
مف جسد اإلنساف قميؿ مف السكر ،فقاؿ طبيب :ىذا األمػر صػعب يحتػاج
إلػػي م ارحػػؿ كثيػرة .فقمػػت ليػػـُ :عمػػـ مػػف ىػػذا أف السػػكر موجػػود ُيػػرى وىػػو
ف ػػي الخػ ػػارج ،وي ُيػ ػػرى وى ػػو فػ ػػي الػ ػػداخؿ ،والمم ػ ػ موج ػػود ُيػ ػػرى وىػ ػػو فػ ػػي
الخ ػػارج ،وي ُي ػػرى وى ػػو ف ػػي ال ػػداخؿ .ك ػػذلؾ البس ػػاتيف واألف ػػاعي والعق ػػارب
والنػػار عمػػى نػػوعيف :نػػوع :نػراه فػػي األرض .ونػػوع :فػػي البػػرزخ ي ُيػػرى ،
فػػنحف ي نسػػتطيع أف نحقػػؽ ونصػػؿ بالعقػػؿ بػػؿ نحػػف نعمػػـ بػػالوحي ،بػػأي
عمؿ يكوف القبػر روضػة مػف ريػاض الجنػة ،وبػأي عمػؿ يكػوف القبػر حفػرة
مف حفر النار ،فقاؿ األطباء :فيمنا.
بػػؿ نحػػف ي ُنريػػد أف يفيػػـ النػػاس فقػػط ،بػػؿ يميػػؿ النػػاس إلػػى ابخ ػرة
وينشػ ػػمموا بيػ ػػا عػ ػػف األسػ ػػباب الدنيويػ ػػة ،وي يكػ ػػوف عنػ ػػدىـ الحػ ػػرص عمػ ػػى
شيوات الدنيا ،بؿ يكوف الحرص عمى ديف اهلل .
زادت األش ػ ػػياء وزادت المص ػ ػػائب ،ويػ ػ ػػزوؿ األم ػ ػػف يومػ ػ ػاً فيػ ػ ػػوـ ،وي
تسػػتقيـ اإلنسػػانية إي إذا قامػػت حيػػاة النبػػي ولػػيس ىػػذا الجيػػد أربعػػيف
يوم ػاً ..أربعػػة شػػيور ..ابتعػػدنا وابتعػػدنا حتػػى نسػػينا فيػػذا حتػػى تفيػػـ أف
ىذا الجيد وىذا العمؿ كاف عممنا وجيدنا .
فحيػػاة الصػػحابة رضػػى اهلل عػػنيـ أجمعػػيف كانػػت فقػػط ل خ ػرة ،حتػػى
الكف ػرة تػػأثروا بحيػػاتيـ .جيوشػػيـ أقػػؿ مػػف جيػػوش األعػػداء ولكػػف فػػي كػػؿ
م ػػوطف ينتص ػػروف عم ػػييـ .وتحي ػػر األع ػػداء لم ػػاذا ينتص ػػروف عمين ػػا
وبعث ػ ػوا الجواسػ ػػيس فجػ ػػاءت وقالػ ػػت :مػ ػػف أجػ ػػؿ أنيػ ػػـ يقومػ ػػوف الميػ ػػؿ ..
يصوموف النيار ..يتناصفوف بينيـ ..ألخ .
َ كنينين ُواافَلِنينيذغًا ِ ني َ االلْْذني ِنيلا َ نينيناتنيَ َْ َجعُنينيو َان ، ثَنيجَ َجني َ
نينْتا ُ َُنينيونيُ َُ ٌْا (ٔ)
ػاف
ػع َخاقَ َ ػوف َم َِّيف أ َْو أَ ُك َب إِلَى بِ َال ِد الص ِ َف أَ ْذ َى َ
ت أْ
يف قَا َؿ :قَ ْد َع َزْم ُ ِ ِ
قَ ْو ِمو ح َ
صػػانِ َع َىػ ُػؤَي ِء ا ْلقَػ ْػوَـ ،فَ ػِخ أف لَيُػ ْػـ ِذ أم ػةً َوِد ًينػػا َف ُن َ
ِِ
فػػي بِػ َػالده .فَقَػػالُوا :إِأنػػا َنػ َػرى أ ْ
ِ
ػض َىػ ِػذ ِه ا ْل ػبِ َال ِد َو ُىػ ْػـ ُم َج َاوِر َينػػا ،فَيُػ ْػـ َخ ْيػ ٌػر لََنػػا
ػوف ِفػػي َب ْعػ ِ ِ
َي ْر ِج ُعػ َ
ػوف إِلَ ْيػػو ،فََن ُكػ َ
ػيف َي ْسػػتَ ِم ُ
يث الصػ ِػث إِلَػػى َممِػ ِػؾ ِّ ؾ ،ثُػ أـ َب َعػ َِمػ ْػف َغ ْيػ ِػرِى ْـ .فَػأََبى َعمَػ ْػي ِي ْـ ِك ْسػ َػرى َذلِػ َ
أِ ِ ِ ِ بِػ ِػو َوَي ْسػػتَْن ِج ُدهُ ،فَ َج َعػ َؿ َممِػ ُ
ػيف َي ْسػأَ ُؿ َعػ ْػف صػػفَة َىػ ُػؤَيء ا ْلقَػ ْػوِـ الػػذ َ
يف قَػ ْػد الصػ ِ
ؾ ِّ
ػوف
ػؼ َي ْرَك ُب َ صفَتِ ِي ْـَ ،و َك ْي َفَتَحوا ا ْلبِ َال َد وقَيروا ِرقَاب ا ْل ِعب ِاد ،فَجع َؿ ي ْخبِره عف ِ
َ َ ُ ُُ َ ْ َ َ َ َُ ُ
ػب َم َعػػوُ إِلَػػى َي ْزَد ِجػ ْػرَد،وف .فَ َكتَػ َ
صػػم َ ػؼ ُي َ وفَ ،و َك ْيػ َ اإلبِػ َؿَ ،و َمػػا َذا َي ْ
صػ َػن ُع َ ا ْل َخْيػ َؿ و ِْ
َ
ِّػيف ا ْل َجيَالَػةُ بِ َمػا
آخ ُرهُ بِالص ِ ش أ أَولُو بِمرو و ِ ؾ بِ َج ْي ٍ
ث إِلَ ْي َ ِ
ُ َْ َ َ َف أ َْب َع َإِأنوُ لَ ْـ َي ْمَن ْعني أ ْ
ؾ ِ ػؼ لِ ػػي َر ُس ػػولُ َ أِ ِ ِ ِ
ص ػػفَتَيُ ْـ ؛ لَ ػ ْػو صػ َ يف َو َ َيح ػػؽ َعمَػ ػ أيَ ،ولَك ػ أػف َى ػ ُػؤَيء ا ْلقَ ػ ْػوَـ ال ػػذ َ
ؾ ،أ َا ِ ػاولُوف ا ْل ِجبػػا َؿ لَيػػدوىا ،ولَػػو ِج ْئػ ُ ِ
ام ػوا َعمَػػى َمػػا َزلُػػوني َمػػا َد ُ صػ ِػر َ
ػت لَن ْ َ َ َ ْ ُي َحػ ِ َ َ
ػاـ ِك ْس ػ َػرى َوآ ُؿ ِ ِ ؾ ،فَس ػػالِميـ وار ِ
ض م ػ ْػنيُ ْـ با ْل ُم َس ػػالَ َمة .فَأَقَػ َ ػؼ ل ػػي َر ُس ػػولُ َ َ ْ ُ ْ َ ْ َ
وص ػ َ ِ
َ َ
ؾ َدأ ُْبػوُ َحتأػى قُتِػ َؿ َب ْع َػد َس َػنتَْي ِف يفَ ،ولَ ْـ َي َز ْؿ َذلِ َ
ور َ ض ا ْلبِ َال ِد َم ْقيُ ِ ِك ْس َرى ِفي َب ْع ِ
ض ِع ِو(ٔ).
ورُده ِفي مو ِ
َْ
ِ
م ْف إِ َم َارِة ُعثْ َم َ
افَ ،ك َما َس ُن ِ ُ
أعمػػاليـ ..أخالقيػػـ ..كانػػت طيبػػة ..كػػاف فػػي أخالقيػػـ اإليثػػار ..
اإلنابػػة ..التق ػػوى ..الخ ػػوؼ م ػػف اهلل .. قي ػػاـ المي ػػؿ ..فكان ػػت أبػ ػواب
السػػماء مفتوحػػة ليػػـ ،فػػال يسػػتطيع أحػػد أف يقاتػػؿ ىػػؤيء القػػوـ ألنيػػـ عمػػى
صػػفات مرضػػية ،ألنيػػـ يحبػػوف المػػوت كمػػا نحػػب الحيػػاة ،يحبػػوف المػػوت
َ ني ْنيلا نيَ ْ ني ِنيا ُ ا الباط ػػؿ ،ب ػػؿ الك ػػوف كم ػػو أف يق ػػؼ أمامن ػػا .ق ػػاؿ تع ػػالى
. (ٔ)
جذاالوا َز ِال ٌا
َ
َ
ِ
االَْنس ِلا َنيذَ ْْ َ غُهُا َ ُ ِن َْ َِّ َ
اِلَ
فطرؽ الباطؿ تنتيى بشرط أف يحيى طريؽ النبي .. فخف لػـ يكػف
،فنجتيػد الحؽ موجػود فػي حياتنػا فبمػاذا يقػذؼ اهلل عمػى الباطػؿ
فالترتيػػب الػػذى جػػاء بػػو النبػػي والصػػحابة الك ػراـ رضػػى اهلل عػػنيـ
أجمعيف أُمرنا أف نمشى بو إلى يوـ القيامػة ،كػاف النبػي يعػرض نفسػو
عمػػى القبائػػؿ ليحيػػى حيػػاة اإلسػػالـ وكػػؿ وا حػػد ي ػراه ،وكانػػت تػػأتى عميػػو
الشػػدائد والمشػػقات ،واهلل وصػػؼ حيػػاة أصػػحاب النبػػي ورضػػى اهلل
ع ػ ػػنيـ أجمع ػ ػػيف ،واهلل ش ػ ػػيد لي ػ ػػـ بالص ػ ػػدؽ ،ق ػ ػػاؿ تع ػ ػػالى لِْل ُف َ ني نيَ ِااا
ادتَنين ِرِل ٌْ َاوَْ َنيوابِِ ٌْاتنيَْجَنيغُنيو َنا َ ْ
ضنيغًا ِ ني َ االلْ ِنيها الَُْن ِ ِت االْ ِات ا ُخ ِ واا ِ ني ِ
َُ َ َ ْ ُ ْ
َِ ِ َوِر ْ
ندفُو َنا. )ٔ( ال ٌُاال ْ َ ُو َنااللْهَ َاوَر ُ ولَهُا ُولَْ َ ُ
ض َوا نً َاوتنيََْ ُ
ما اجتيد الصحابة لمممػؾ وي لممػاؿ ،بػؿ لرضػواف اهلل ، فجػاءىـ
الممػػؾ والمػػاؿ ،فمػػف يجتيػػد هلل يأتيػػو الممػػؾ والمػػاؿ ويكػػوف جيػػده مقبػػوؿ ،
وم ػػف اجتي ػػد لممم ػػؾ والم ػػاؿ ي يأتي ػػو ى ػػذا وي ذاؾ ويك ػػوف جي ػػده م ػػردود ..
فأساس الجيد النفس والماؿ ،وليس عمى الممؾ والماؿ .
الب ػػذر اس ػػتوى واس ػػتممظ عم ػػى س ػػوقو ف ػػي عي ػػد النب ػػي وأب ػػو بك ػػر
الصديؽ .. وفى عيد عمر جاءت الثمار ..ولمػا ُخأيػر النبػي
..إف شئت نبياً عبداً ،أو نبياً ممكاً ..اختار العبودية ’ قاؿ " :بػؿ نبيػاً
عب ػ ػػداً " ُ ،يع ػ ػػرض عمي ػ ػػو :جب ػ ػػاؿ تيام ػ ػػة ،ذى ػ ػػب ،وزم ػ ػػرد ،وي ػ ػػاقوت ،
فيرفض وىو جوعاف .
لػػذا انتصػػر الصػػحابة رضػػي اهلل عػػنيـ أجمعػػيف ،عنػػدما ج ػاء فػػييـ
بعد أف ذكر قتؿ عيسى لمدجاؿ ،وكسره لمصػميب ،وقتمػو الخنزيػر ،
ووض ػػعو الجزيػ ػػة ،قػ ػػاؿ " :فبينم ػػا ىػ ػػـ كػ ػػذلؾ ،أخ ػػرج اهلل تعػ ػػالى يػ ػػأجوج
ومأجوج ".
وفػػى حػػديث الن ػواس بػػف سػػمعاف " :فيػػوحي اهلل إلػػى عيسػػى بػػف
م ػريـ أنػػى قػػد أخرج ػػت عبػػاداً مػػف عبػػادي ي ي ػػداف أحػػد مػػف عب ػػادي
لقتػػاليـ فحػػرز عبػػادي إلػػى الطػػور فيبعػػث اهلل يػػأجوج ومػػأجوج وىػػـ كمػػا
شػ ػػر قػ ػػد اقتػ ػػرب ،فػ ػػت اليػ ػػوـ مػ ػػف ردـ يػ ػػأجوج ومػ ػػأجوج مثػ ػػؿ ىػ ػػذه وحمأػ ػ أ
ؽ
بأصبعيو اإلبياـ والتػي تمييػا فقمػت يػا رسػوؿ اهلل :أنيمػؾ وفينػا الصػالحوف
قاؿ " :نعـ .إذا ُكثر الخبث " ( متفؽ عميو ) (ٔ).
فيأتوف بيت المقدس ،فيقولوف :قد قتمنػا أىػؿ الػدنيا ،فيرمػوف بنشػابيـ
إلى السماء فترجع مخضػبة بالػدماء لمػبالء والفتنػة ،فيقولػوف :قػد قتمنػا مػف
فػػي السػػماء .ويحضػػر نبػػي اهلل عيسػػى بػػف م ػريـ وأصػػحابو ،حتػػى
يكػػوف رأس الثػػور ألحػػدىـ خيػػر مػػف مائػػة دينػػار ألحػػدكـ اليػػوـ ،فيرسػػؿ اهلل
النمػػؼ فػػي أعنػػاقيـ ،فيصػػبحوف فرسػػى كمػػوت رجػػؿ واحػػد ،ثػػـ ييػػبط
نب ػػي اهلل عيس ػػى ب ػػف مػ ػريـ وأص ػػحابو إل ػػى األرض ،ف ػػال يج ػػدوف ف ػػي
األرض موضع شبر إي مأله زىميـ ونتنيـ ،فيرغب عيسػى بػف مػريـ
إلػػى اهلل ،فيرسػػؿ عمػػييـ طيػ اًر كأعنػػاؽ البخػػت فػػتحمميـ فتطػػرحيـ حيػػث
شػػاء اهلل ،ويسػػتوقد النػػاس مػػف ِقسػأييـ ونشػػابيـ سػػبع ،ويرسػػؿ اهلل المطػػر ي
يكػػف منػػو بيػػت وي مػػدر وي وبػػر أربعػػيف يوم ػاً فيمسػػؿ األرض حتػػى يتركيػػا
زلقػػة ،ويقػػاؿ لػػألرض :انبت ػي ثمػػرؾ وردي بركتػػؾ ،فيومئػ ٍػذ تأكػػؿ العصػػابة
مػػف الرمانػػة ويسػػتظموف بقحفي ػا ،ويبػػارؾ فػػي الرسػػؿ ،حتػػى إف المقحػػة مػػف
اإلبؿ لتكفي الفئاـ مف الناس ،والمقحة مػف البقػر لتكفػي القبيمػة مػف النػاس،
ٔ) مػػف حػػديث رواه مسػػمـ – انظػػر كتػػاب ريػػاض الصػػالحيف – بػػاب المنثػػورات والمم ػ ،
ػ بػػاب العالمػػات ب ػػيف يػػدي الس ػػاعة وذكػػر ال ػػدجاؿ ومشػػكاة المصػػابي كت ػػاب الفػػتف
ٖ. ٔ٘ٓٚ/
روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)
41
-الصػػحابة رضػػى اهلل عػػنيـ أجمعػػيف لػػـ يكون ػوا متكمفػػيف ،كػػؿ واحػػد ك ػاف
يؤثر أخيو عمى نفسو فكانت بيػنيـ المحبػة واأللفػة ،ابف األمػواؿ موجػودة
ولكف المشاكؿ تزداد يوماً بعد يوـ .
-لع ػػؿ قائ ػػؿ يق ػػوؿ :لم ػػاذا ن ػػدعو المس ػػمميف ،ال ػػدعوة لمكف ػػار النب ػػي
عممنػػا بعػػد ابذاف الػػدعاء " الميػػـ رب ىػػذه الػػدعوة التامػػة والصػػالة القائمػػة
… " فنحف أمة الدعوة والدعوة لنا .
صمأى المأوُ َعمَ ْي ِو َو َسمأ َـ ُم َعا َذ ث الأنبِي َ س َ ،يقُو ُؿ " :لَ أما َب َع َ وعف ا ْبهَ َعبَّا ٍ
صػػمأى المأػػوُ _ رقػػـ ٔ) صػػحي البخػػاري» ِكتَػػاب التأو ِحيػ ِػد» بػػاب مػػا جػػاء ِفػػي ُدعػ ِ
ػاء الأنبِػ ِّ
ػي َ َ َ َ َ َ ْ
الحديث (.)ٙٛٗٛ
روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)
42
فينا الصفات ..ولو دعوناىـ لحياة الصحابة رضي اهلل عنيـ أجمعيف
لقالوا :لو كنتـ عمى خير فأنتـ أحؽ بيذا منا .
فمػػو عنػػدنا األعمػػاؿ الصػػالحة لػػدخمت اإلنسػػانية فػػي اإلسػػالـ فوج ػاً،
فوجا ،وجاءت فينا الحياة اإلسالمية ،ألف الدعوة العمميػة أقػوى بكثيػر مػف
الدعوة الكالمية.
الص ػػحابة رض ػػى اهلل ع ػػنيـ أجمع ػػيف ..ث ػػالث عشػ ػرة س ػػنة ف ػػي مك ػػة
يتعممػػوف ( كف ػوا أيػػديكـ) فجػػاء عنػػدىـ الصػػبر ،ولمػػا انتقم ػوا إلػػى المدينػػة
(خذوا حذركـ ) .
فم ػػيس مقص ػػود اإلس ػػالـ قت ػػؿ الكف ػػار ،فم ػػذلؾ ك ػػاف األم ػػر الث ػػاني بع ػػد
ال ػػدعوة لإلس ػػالـ ،ف ػػخف ل ػػـ تقبمػ ػوا من ػػا :أف ت ػػدفعوا الجزي ػػة ع ػػف ي ػػد وأن ػػتـ
صػػاغروف ..فالحيػػاة اإلسػػالمية أولػػى أف تكػػوف عممي ػاً ،مػػف كػػاف عنػػده
اإلسػػالـ يكػػوف عزي ػ اًز ،ومػػف لػػـ يػػدخؿ فػػي اإلسػػالـ يكػػوف ذلػػيالً .يػػدفعوا
الجزية ويكونوا في ذمة المسمميف .
ربعػػي يقػػوؿ ىػػذه المقالػػة مػػع رثاثػػة لباسػػو وأمامػػو جػػيش عػػدده ٓٔٛ
ألؼ مدججيف بالسالح " تعطوا الجزية عف يد وأنتـ صاغروف .
ألن ػػو يعتم ػػد عم ػػى م ػػا وراءه م ػػف نصػ ػرة اهلل وى ػػذه ال ػػدعوة تًس ػػمى
الػ ػػدعوة العمميػ ػػة ،لمػ ػػا يعاشػ ػػروا المسػ ػػمميف فيػ ػػروا صػ ػػفاتيـ فيػ ػػدخموف فػ ػػي
اإلسػ ػػالـ ..فكانػ ػػت الجزيػ ػػة مقصػ ػػدىا الػ ػػدعوة ،ومػ ػػا كػ ػػاف مقصػ ػػد خػ ػػروج
روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)
43
الصحابة في سبيؿ اهلل قتؿ الكفار ،بػؿ إلخػراجيـ مػف الجحػيـ إلػى الجنػة ،فػخذا
رفضوا فميس ليـ أماف ..بؿ األماف في أيد المسمميف .
المرحمة الثالثةة :إذف يكػوف القتػاؿ ..ويكػوف لػو شػروط :ي تقتمػوا ارىػب فػي
صػػومعتو ،وي النسػػاء ،وي األطفػػاؿ ،وي تحرق ػوا األشػػجار ..وىػػذه الشػػروط
شديدة ولكنيـ تعمموا الصبر في الزمف المكي ( كفوا أيديكـ ) .
لمػػا رفض ػوا اإلسػػالـ ..الجزيػػة ..فػػأخرج ربعػػي سػػيفو مػػف غمػػده وقػػاؿ :
ىذا يفصؿ بيننا وبينكـ .
المسػػمموف سػػتة وثالثػػوف ألفػاً واألعػػداء مائػػة وثمػػانوف ألفػاً ،ولكػػف األعػػداء
ينظػػروف إلػػى جنػػود اهلل ي ينػػاموف بػػؿ مسػػتعدوف ( رىبػػاف بالميػػؿ ،فرسػػاف
بالنيار) ،فقاؿ :كـ تميمنا فقاؿ ربعػي :مػا سػف لنػا رسػوؿ اهلل ؛ أف نميػؿ
عدونا فوؽ ثالثة أياـ وىذا يوـ مضى ،وبقى يوماف.
فالص ػػحابة رض ػػي اهلل ع ػػنيـ أجمع ػػيف ك ػػانوا رج ػػاؿ " ق ػػدوة لن ػػا " ل ػػذا نق ػػوـ
بالدعوة إلى اهلل .
ويب ػػد م ػػف م ػػنيج النب ػػوة ف ػػي ال ػػدعوة إل ػػى اهلل ، ف ػػال ن ػػنج إي بطري ػػؽ
األنبياء ،ونتحرؾ حتػى تقػوـ األمػة عمػى مقصػدىا ،وي نخػاؼ مػف ىػذه الفػتف،
وي نيأس مف ىذه البيئة .
نس ِلا َنيذ ْْ غُها َجذاالواز ِ
الَ .)ٕ()ٔ( لا َني ْ ِا ُ اِن ْ َِّاِلَ االْ ِ
َ َ ُ َُ َ َ َ َ َْ
فتوحػات ربانية
ِ قاؿ تعالي{ :اَل وا َذلِ َ االْ ِجَنبا َارت ِ ِ
ال ًْىالِّلْ ُُجْ َ
وا با ذه ُ
(ٔ).
} ُ َْ َ
فالقرآف كتاب ىداية ،ويبيف لنا طريؽ الرشد والصواب في كؿ حاؿ
مف األحواؿ ،سواء كانت ىذه األحواؿ عالمية اجتماعية ،أو عائمية ،أو
بيتية ،أو كسبية ،أو انفرادية .
تَناَتنيُّ ََناالَ ُ
ْنس افَ ْْ ا َ نا ُكٌا وىذا القرآف نور وشفاء ،قاؿ تعالي { :
و اواتنيَ َْ ِْياِِها
نب ا ُِّ ٌ
وقاؿ تعالي { :فَ ْْ ا نا ُكٌا ِّ االلّ ِه ا ُ ِ
ور َاوكجَ ٌ
ٌ َ َ
ضوا َه ا ل اال ِْفغَِم اوُِيْ ِ ٌَا ِّ ِ االظُّلُُ ِ
نت اِ َىل االَُّوِرا ِ
َ َ ُُ اللّهُ ا َ ِ ااثْنيَ َم ار ْ َ ُ ُ ُ َ
.
(ٖ)
} اطا ُّ ِْفجَ ِ ذ ٌٍا
ِِج ْذ ِِهاوتنيَ ِْت ٌَِاِ َىلا ِص ٍ
َ ََ ْ ْ
ِ واثْني نيعواْ االَُّور االْ ِ
ي ا ُ َِل ا َ َعهُ ا ُْولَنيْ َ ُ
ال ٌُا َ ا َ َ َُ وقاؿ تعالي{ :
َآ ِ َُوا اِنللْ ِه َاوَر ُ ولِِه َاوالَُّوِر االْ ِاي اَ َلََْن َاواللْهُ ِابَنا وقاؿ تعالي{ :
ثَني ْعُلُو َن َ ِ
}(ٔ) . اخ انٌ َ
ال ًْى َاو ِ َفنا َاوالْ ِات َ اَ ا ِِ
ال َو اللْات َ ام َ َُوا ُ
وقاؿ تعالي { :فُ ْل ُ
تني ْوِ َُو َن ِآت ام َذاِنٌِِ اوفْني اولو اِلَذ ٌَِ اُِ ا ُولَِْ َ اتنيََندو َن ا ِ ا ْ َ ٍ
ننا ْ َ ٌ َ َُ َ ْ ْ َ ً ْ ُ َْ ُ
ِ ٍ (ٕ)،
ولكف كؿ واحد يستنير ويستفيد ،ويحصؿ لو الشفاء بيذا ذْ }َع ا
القرآف عمي قدر معرفتو باهلل ومحبتو لخالقو ،وخشيتو لو .
فاليداية والشفاء عمي قدر اإليماف ،فخف كاف اإليماف حقيقيا وقويا،
فاليداية واإليماف كذلؾ .
وليس بالزـ أف كؿ مف يق أر القرآف يستنير بو ،فخف كاف في قمبو
حب الدنيا ،ونقصت معرفتو باهلل ،ويتبع الشيوات النفسانية ،فيضؿ
ض ُّل اِِه ا َكًِناًاوتنيَ ِْياِِه ا َكًِناًاو نات ِ
ض ُّلا بو كما قاؿ اهلل عز وجؿ { :ت ِ
ََ ُ ََ ْ ُ
(ٖ).
ِِهاِ ْاالْ َفن ِ ِ َا
و}
القرآف رسالة مف اهلل إلي خمقو ،واف سأؿ سائؿ :ما ىو
قمنا :موضوعو وعنوانو :ذكر اهلل ، قاؿ موضوع القرآف وعنوانو
اط ا ُّ ِْفجَ ِ ذ ٍاٌ }(ٕ) ،وقاؿ تعالي َ {:واللّهُ اتَ ُِْْ َو اِ َىلا اص ٍ
َ
ات َشنااِ َىل ِ
َ َ
ن }(ٖ). وامتَنثِِهالِلَ ِ
ْنسالَ َعلْ َُ ٌْاتنيَجَ َا ْك ُو َا ِ ِِ ِْ
اَََْ َاوالْ َُ ْغفَةِاِِج ْذ ه َاوتنيَُني ِّ ُ
ِْباِْنا َْر َ ْلََ َ
نكا داع إلي اهلل ،كما قاؿ اهلل { :تَناَتنيُّ ََناالَِ ُّ ونبينا ٍ
ِ ِ ِ ِ ِِ ِِ ِ نل ًْااو ِّش ِ ِ
نا }(ٗ). ااواوَداِذًنا َىلااللْها ج ْذ ه َاو َا ً نا َُّ ً ااوَاتً َ َ َ َُ ً َ
فال يفيـ القرآف إي في ميداف الدعوة والتضحيات لمدعوة إلي اهلل .
اهلل تبارؾ وتعالي عممنا الدعاء وطريقة الدعاء في سورة الفاتحة ،
وكاف الشيخ محمد يعقوب نانوتوي ( رحمو اهلل ) يقوؿ :كؿ دعاء مف
األدعية التي ذكرت في القرآف الكريـ ،يرجى أف يستجاب يقينا ،وقد
عممنا األدعية القرآنية ليستجيب لنا وكاف يضرب عمي ذلؾ المثاؿ ،
فيقوؿ :أف رجال أميا ذىب إلي موظؼ في اإلدارة ،وعرض عميو حاجتو
،فقاؿ الموظؼ :ي بد أف تقدـ إلينا الطمب تحري ار فقاؿ الرجؿ أنا أمي
ي أعرؼ الكتابة ،فأخرج الموظؼ القمـ مف جيبو وكتب عمي الورقة طمبو
،وقاؿ اذىب بيذه الورقة ،وانقؿ الطمب مف ىذه الورقة ثـ قدمو إل أي غدا
،فيو فعؿ ىكذا ثـ قدـ الطمب إليو ،فوقع عميو مف الفور ،ألنو ىو الذي
عممو طريقة تقديـ الطمب ،فمعناه أنو كاف ُيريد القبوؿ ،ولكف رعاية
لمنظاـ ،أمره بنقؿ الطمب وتقديمو إليو ،فكذلؾ األدعية المذكورة في
القرآف ،ىي أحؽ أف يستجاب ،إي أف اهلل يريد أف نقدميا إليو تعالي
إف صراطيـ واض فخنيـ لـ يبعثوا إي لمدعوة إلي اهلل كما قاؿ اهلل
}(ٕ). َك ْا ُ ا
وَُ
َََنا ِ ِ
َْ نار ُ ًغ ا ِّ افَنيْل َ ا َْني ٌَُا ْ افَ َ وقاؿ تعالي َ { :ولََ ْْ ا َْر َ ْلََ ُ
ولاَ ْناتَأِِْتَاِآتٍَ اِْ ا اِلَذ َ او نا َكن َنالِ ٍ ِ
َُ ص َ ْ ََ َ ْ َِلَْذ َ َاو َْني ٌَُا ْ ا َْلْا نيَ ْ ُ
ن }(ٖ).الََنلِ َ االْ ُُْ ِاطلُو َا ِ ِ ِ ِ ِ
ِِج ْذنااللْها َِج َذاا َ نااَْ ُ االلْهافُض َياِن َْ َِّ َاو َخِفَ ُ
واف اهلل عز وجؿ ذكر قصص األنبياء عمييـ السالـ في القرآف
وذكر دعوتيـ تعميما ألمة محمد كيؼ تدعوا إلي اهلل ،فمو أردنا أف
نقدـ الدعوة إلي اهلل لمقوـ الذيف يمتروف بكثرة عددىـ ،فنق أر دعوة سيدنا
نوح ، كيؼ دعا قومو إلي اهلل:
قاؿ تعالي ِْ { :نا َْر َ ْلََنا ُو ً ناِ َىلافَني ْوِ ِهاَ ْناَ ِا ْرافَني ْوَ َ ا ِ افَنيْ ِلا
ِ ِ َناتأْثِذنيٌَاِ َا ِ
واوا َِن ْ
ااُِ ُْواا نلاتَنافَني ْوماِ ِِّنالَ ُ ٌْا َاتٌ ا ُِّ ٌ ذٌاوافَ َ اباَل ٌ
َ َُ ْ َ ٌ
ون او اتنيَ ْغ ِف ْ الَ ُ ٌ ا ِّ اذُ ُوِ ُ ٌْ َاوتنيُ َو ِّخ ُْاك ٌْ اِ َىل اَ َ ٍلا َسذع ِ ِ
اللْهَ َاواثْني ُوَُ َاو ُ
بانل َار ِّ ُّ َِف َُ اِ ْن اَ َ َل االلْ ِه اِ َذاا َ نااَ اتنيُ َو ْخ ُ الَ ْو ا ُكَجُ ٌْ اثَني ْعلَ ُُو َن اوافَ َ
ااواوِ ِِّناا ِ ِِّن ادِوت افَنيوِ يالَذ ًغ اونيََنرااوا َنيلٌَ ات ِدلٌ ِ ِ ِ
اد َِنِيا ْ ا َ ًار َ ْ َ ُْْ ُ َ َْ ُ ْ ْ َ َ ً
َصنِ َع َُ ٌْ ِآتام َذاِنِِ ٌْ َاوا ْ جَني ْغ َش ْوااثِذَن نيَ َُ ٌْا ِ ِ
ُكلْ َُ َ
ناد َِ ْوثُني َُ ٌْالجَني ْغفَ ا َبُ ٌْا َ َعالُواا َ
ِ ِ
اد َِ ْوثُني َُ ٌْ ا ََ ًنرااواّتُْاِ ِِّن ا َِْلَ ُ
َتا ااوا ْ جَ ْ َني ُوااا ْ ج ْ َ ًنرااواّتُْاِ ِِّن َ َصُّو َ
َو َ
ارا }(ٔ) ،ثـُ يسمع اهلل دعوتو في دعائو ،اهلل َبٌُاوَ ْ ر ُ ِ
تا َبُ ٌْا ْ َ ً ْ َ َْ
يعممنا بيذه القصة أف ُنسمع اهلل دعوتنا في دعائنا اينفرادي مع أف اهلل
قد سمعيا وعمميا ،ومع ىذا ُنسمعو دعوتنا لتزداد محبتنا مع اهلل ،
وتقوي عالقتنا مع خالقنا.
و لكؿ مف يسمؾ سبيؿ الدعوة إلي اهلل ،كما قاؿ اهلل َ {: وُكنيغَا
ال ِنياَِا ت اِِه ا ُني َو َاد َك َاو َ َ
ناك ِآت َ
ِ
اِلَْذ َ ا ْ اَ َنا االُّ ُ ِل ا َن ا نيًَُِّ ُ ص َ نيْ ُ ُّ
و }(ٕ). ا َْ َُّ َاوَ ْوِِظَ ٌ َاوِذ ْكَىالِلْ ُُ ْوِ َِ َا
ثـ اهلل عممنا كيؼ ندعو إلي اهلل أولى القوة الذيف يفتخروف
ندا َأَْن َ
اِ ٌ بقوتيـ المادية بدعوة ىود الذي بعث إلي قوـ عاد {،
أ اِغَ ِْن اا َْ َِّ َاوفَنلُواا َ ْ اَ َ ُّْ ا ِ َْنافُني ْوًة ا ََوََلْاتنيََ ْوااَ ْنا َن ْ جَ ْ َني و ِ
اآت اا ْاَْر ِ ُ
ِ ِ ِ
اَي َم ُْو َن اوا ال َو اَ َ ُّْ ا َْني َُ ٌْ افُني ْوًة َاوَكن ُوا اِآتَنثََن َْ اللْهَ االْاي َ
اخلَ َ َُ ٌْ ُ
ااْلِْ ِي ِآتا َأَر ْلَناِلَذ ٌَِا ِرُيناص ص ِ ٍ ِْ ٍ ِ
اب ْ اآتاَتْنماَّن َِفنتالَُِّات َ َُ ْاٌا َِ َا َ ْ َ َ َ ْ ْ ً َْ ًَ
االْ ْنيذن اولَع َااب ْ ِ ِ
ََ ُو َن او َاوَْن اَُ ُ
ودا َخَى َاوُل ٌْ اَ اتُ َ ااْلخَِة ا ْ ا َْذَنة ُّ َ َ َ ُ
ابانِ َ ُ االْع َا ِ َنيَ َْتنيََنلٌ ا َن جَمُّوا االْعُ اِلَ اا ْب َْى ا َأَخ َاثْنيٌَ اص ِ
َ َ ُْ َ َ ْ ُ ْ ْ َ ََ َ ُ
ن }(ٔ) . ون ِابَنا َكن ُوااتَ ْ ِِفُو َاا ْب ِ
ُ
اِنثِذَ ٍ اوا َ ْلَ َلناصٍ َ اص ْ َ
تَ َ ند ا َأ ُْللِ ُ وااِ ِ ٍ وقاؿ تعالي َ { :وَْ َ
ناِ ٌ
ِ ٍ ِ ٍ
َِلَْذ َِ ٌْ ا َ ْ َم الَذَنل َاوََن ذَ َ اَتْنم ا ُ ُِفوً نا َنيجَنيَىاالْ َ ْوَم ا َذَ َ
ناص ْ َِ ا َكأَنيْ َُ ٌْا
اخن ِوت ٍاوا َني ََلاثَني ىا َبٌُا ِّ ا نفِذٍَا}(ٕ).
َ ْ َ ادْ ٍل َ َ َِْ َج ُنز َ
فصراط األنبياء عمييـ السالـ ىو الدعوة إلي اهلل و ندعو في
الدعوة وأساليبيا وحكميا والعقبات التي تمر عمي الدعاة في سبيؿ الدعوة
ونتائجيا وفوائدىا وتأثيراتيا عمي المجتمع ،وقد ذكر اهلل دعوة صال
ِ اصن ًِنافَ َ
ااُِ ُْواْااللّهَا نل اتَنافَني ْوم ْ نل ٌْ َ َخ ُود ا َ كما قاؿ اهلل َ { :وِ َىل اَُ َ
أ َاوا ْ جَني ْع ََُُك ٌْ ا ِ َذَنا ال َو اَ َشأَ ُكٌ ا ِّ َ اا َْر ِ ٍ
َ ن االَ ُ ٌ ا ِّ ْ اِلَنيه ا َْْذني َُُ ُ
اُّمذباوافَنلُواْات ِ َن جَني ْغ ِف وَاّتُْاثُو واْاِلَذ ِهاِ ْنارِِّّبافَ ِ ِ
َتا ناصنل َُافَ ْْا ُك َ َ َ تب ُّ ٌ ٌ ْ ُُ ُ ْ َ
ناوِنيََْنالَِفيا َ ٍّ ا َ َنؤ
ُ َ ام ْ
ُ ا
ُ ع
ْ ني
َ تنا َ ا ْ
َ ُ ع
ْ ْ
ني َنا نا َ ن َ
َ نيَْ ني
َ ثَ اا ا َ نيال
َ ل
َ ْ ني
َف اا
وَ ُ ْ َ نا ذَ
َ
ِ
ِ ِّفْناثَ ُِْْوَناِلَْذ ِها ُ ِ ٍ
اِلَ ا نيَذِّنيََ ًا ِّ ا ْرِِّّبا
َت َ نلاتَنافَني ْوما ََرَتْنيجُ ٌْاِنا ُك ُ تباوافَ َ
ِ ِ ِ
تْوَِِن ا َْْذنيَ ا َْذجُهُ ا َ َُناثَ ِ ُ اِ َََ ُِِن ا َ االلّه اِ ْن َ َومثَ ِنِن ا َْهُ َار ْْحَ ً ا َ َُ اتَ ُ
أ االلّ ِها ِ اواوتنافَنيوِم ِ ِ ِ
ولناثَأْ ُك ْل ِآت ا َْر ِ النياَ ا َنفَ ُااللّه الَ ُ ٌْ امتَ ًا َ َا ُر َ ََتِْف ٍن َا َ ْ َ
نل اََتَجنيْعُواْ ِآتا ولنا َني َ َ ِ ْ و َاََتَ ُِّفولناِِف ٍ
تب اوا َني َع َ ُ َ ٌ ف
َ ا اب
ٌ ا
َ اِ
َ ٌ
ْ ك
ُ ا
َ خُ أ ذني
َ
َ ُ َ ا وا َ
وب او ا َنيلَ ُْن ا َ نا اَْ َُن اَنَْْذنيََنا َدا ِرُكٌ اثَغَثَ َ اَتْ ٍنم ا َذلِ َ او ِْ ٌْ ا َْْذني ا ْ ُا ٍ
ُ َ َ ْ
ِِ ٍ ِ ِ ٍ ِ ِ
ال َواصن ًن َاوالْات َ ام َ َُواْ ا َ َعهُ اَِ ْْحَ ا ِّ َْن َاو ْ اخ ْ ِي اتنيَ ْو ْا اِ ْن َارْ َ ُ َ
ادتَن ِرِل ٌْاَذم ُ ا َأَص مواْ ِآت ِ
َُ ْ َ ْ ْ اال ا
ْو ُ ل
َ
َ ُ َ ظا تاي االْع ِت او اوَخ َا االْ ِ
الْ َ ِو ُّ َ ُ َ َ
ِ ِِ
ود ا َكف ُواْ َارنيْ َُ ٌْ اَ َا نيُ ْع ًْاالًَِّ ُُ َا
ود و اوا َكأَنا َْلْاتنيَ ْغََني ْواْاا َذَناَ َاِ ْن اَُ َ َن َ
روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)
53
}(ٔ) وكاف قوـ ثمود مف أىؿ الصناعة والحرفة ،فالذيف آمنوا أنجاىـ اهلل
،والذيف كذبوا دعوتو أىمكيـ اهلل .
وكيؼ ندعو التجار إلي اهلل :فذكر اهلل ،دعوة شعيب الذي
إلي آخر ما ذكر اهلل قصتو ،وكانت نتيجة دعوتو إنجاء المؤمنيف،
ناوالْ ِات َ ا
واىالؾ المكذبيف ،في قولو تعاليَ { :ولَ ُْنا َ نااَْ َُناَنَْْذنيََنا ُ َعْذً َ
َصَ ُمواْ ِآتا أَ ا ُ م ذَْ اال ا
ْو َُلَظا تات االْ ِ م َُواْ عه اِ ْْح ٍ ا َْْن اوَخ َا ِ
ْ َْ َ ُ َ َ َ ََُ َ َ
ِ ِ ِ ِ ِِ
تا دتَن ِرل ٌْ ا َ ن َ
و اوا َكأَنا َْلْاتَني ْغََني ْواْا َذَناَ َا نيُ ْع ًْاالِّ َُ ْْتَ َ ا َك َُنا َع َْ ْ
}(ٔ). ودا
َُ ُ
وذكر اهلل دعوة موسي ، مجممة ومفصمة في كتابو العزيز،
وكاف جيده عمي المسمميف العصاة ،وىـ بنو إسرائيؿ ،وعمي الكفار
وىـ الفراعنة ،فعممنا اهلل كيؼ نجتيد عمي المسمميف العصاة وعمي
الكفار بقصة موسي عميو السالـ.
صاثـ إف قصصيـ لتثبيت الفؤاد ،كما قاؿ اهلل تعاليَ { :وُكنيغَ ا نيْ ُ ُّ
ال ِنياَِ اا َْ َُّا ت اِِه ا ُني َو َاد َك َاو َ َ
ناك ِآت َ
ِ
َِلَْذ َ ا ْ اَ َنا االُّ ُ ِل ا َ ن ا نيًَُِّ ُ
و }(ٕ). َوَ ْو ِِظَ ٌ َاوِذ ْكَىالِلْا ُُ ْوِ َِ َا
فكاف موضوع بعثة األنبياء الجيد عمي األمـ واألقواـ لربطيـ
مع خالقيـ ،ولترسيخ التوحيد وعظمة اهلل وكبريائو في قموبيـ ،نعـ مف
لوازـ جيد األنبياء الجيد عمي النفس ،حتي تزداد وتتقوي عالقة
وانفراديا ،كما قاؿ عز وجؿ { :تَناَتنيُّ ََناالْ ُُِّْ ُلاوافُ ٌِااللْْذ َلاِْا فَلِ ًذغاوا
اِلَْذ ِه َاوَرث ِِّل االْ ُ ْم َن اثَني ْثِ ًذغ او اِْنا َِ َفه اَ ِو اا ُ ِ ِ
ص ا َْهُ افَل ًذغ او ا َْو ا ِزْد َ ْ ْ ُ
ُّاو اسْْانًا َوَفْني َوُمافِ ًذغا
َ ْ َ َ ا ي َني ْل ِ ياِلَذ افَنيوً اثَِ ًذغاواِ ْنا َن ِ اْ َااللْذ ِل ِ
ال
َ ْ َ َُ َ ْ َ ْ
ْل اِلَْذ ِها ِ
َْنر ا َ ْ ًمن اسَ ِو ًتغ او ا َواذْ ُك اا ْ ٌَ َارِّ َ َاوثَنيَج ْ
و اِ ْن الَ َ ِآت ااَلَني َ ِ
ثَنيْجِ ًا
ذغ }(ٔ).
فال بد لمداعي مف التبتؿ إلي اهلل ،وىذا مف لوازـ الدعوة إلي اهلل.
وبطوؿ الجمسات مع الناس ،فيذا غير مرتبط باهلل وي يربط اإلنسانية مع
اهلل ،بؿ يربطيـ مع نفسو ،فدعوتو غير مقبولة عند اهلل .
َصن نيَ َُ ٌْا ِ تعالي { :وَكأَتِّ ا ِّ ا ِِْبافَنثَلا عها ِرنيِّذُّو َنا َكًِ
ناوَلَُواْال َُنا َ
َ َ ُ َ ا ن
ٌ ٍّ َ َ َ ُ َ
اواوَ انا تِ َن ِ
ْ اال بُّ ِٓت ا ِ ِذل االلّ ِه او ناضع ُفواْ او ناا جَ َ ن ُواْ اواللّه ُِ
اُي
َ َ َ ُ ََ َ ُ ََ ْ َ
ُخ ِ َ ْ
تا اخْذنيَ ا ا ْ كما قاؿ اهلل :جيد الرسوؿ قاؿ تعالىُ :كَْجُ ٌْ َ
اوثُني ْوِ َُو َنا ِنللِْاه .)ٕ( ِ لِلَ ِ
ْنساثَأْ ُ ُو َناِنلْ َُ ْعُو َاوثَنيَْني ََ ْو َن َ
اِ ِ االْ َُُْ َا ِ َ
واألنبياء عمييـ السالـ معصوموف وأفراد ىذه األمة غير معصوميف،
حيث األمة معصومة كما ورد في الحديث " :ي تجتمع
نعـ إف األمة مف ُ
(ٖ)
أمتي عمى ضاللة "
وديئميا ،حديث رقـ ٖٕ٘ٗ .وأخرجو ابف ماجو ،كتاب الفتف ،باب السواد األعظـ ،حديث
رقـٓ٘ ، ٖٜوحسنو الشيخ األلباني رحمو اهلل انظر السمسمة الصحيحة -مختصرة – جػ
ٖ ٖٜٔ. /
ٔ) أخرجو الترمذي [ ،]ٕٜٜٗوابف ماجو [ٕٔ٘ٗ] ،وأحمد [،]ٖ/ٜٔٛوعنو المزي في
تيذيبو]ٕٔ، [ٖٔٔ/والحربي في غريب الحديث [ ،]ٕ/ٜٚٔوابف أبي شيبة [،]ٖٕٗٔٙ
وعبد بف حميد في المنتخب [رقـ ،]ٜٔٔٚوابف حباف في المجروحيف [ٔٔٔ ،]ٕ/والحاكـ
[ٕ،]ٗ/ٕٚوابف عساكر في التوبة [رقـ ٔٓ] ،والكالباذي في بحر الفوائد [رقـ ،]ٖٕٙ
وغيرىـ مف طرؽ عف زيد بف الحباب عف عمي بف مسعدة عف قتادة عف أنس بو ...وزاد
أحمد وحده ( :ولو أف يبف آدـ وادييف مف ماؿ يبتمى ليما ثالثًا ،و ي يمأل جوؼ ابف
آدـ إي التراب .وصححو الحاكـ ،وحسنو األلباني .
ٕ) سورة النصر – ابيات مف ٔ . ٖ:
روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)
60
وفقنا اهلل واياكـ أف نجعؿ مقصد حياتنا إعالء كممة اهلل في العالـ
لتكوف كممة اهلل العميا ،وكممة الكفر ىي السفمي ،ورزقنا اهلل واياكـ
الصفات المرضية عند اهلل في سبيؿ الدعوة ،وأعاذنا اهلل واياكـ مف شرور
النفس ،ومف مضالت الفتف ،ما ظير منيا وما بطف ،ومف الرذائؿ
الروحانية كميا آميف .
الصنف الثاني :من المُنعم عمييم ىم ( الصديقون ):
مف يتبع النبي كؿ اإلتباع ،ويصبغ بصبمتو ،مثؿ أبي بكر
الصديؽ ، فقد استجاب لدعوة النبي بال تأمؿ وي تردد ،وكانت
بينو وبيف النبي نسبة خاصة كما ظير في صم الحديبية ،أف عمر
قاؿ " :بمي " . بف الخطاب سأؿ النبي : ألست نبي اهلل حقا
فمـ
قاؿ :ألسنا عمي الحؽ وىـ عمي الباطؿ قاؿ " :بمي " .قاؿَ :
ُنعطي الدنية في ديننا إذا فقاؿ رسوؿ اهلل " : أنا عبد اهلل ورسولو "
أي أنا مأمور مف اهلل ،ىكذا أمرني اهلل .وذىب عمر إلي الصديؽ وألؽ
عميو نفس األسئمة التي سأليا لرسوؿ اهلل وأجاب أبو بكر بنفس جواب
النبي .
وفي قصة خروج أبي بكر مف مكة بسبب أذي المشركيف لو ،
وارادتو رضي اهلل عنو اليجرة إلى الحبشة َ ،ع ْف ُع ْرَوةُ ْب ُف الزَب ْي ِر أ أ
َف
اف ا ِّلد َ
يف ي قَط إِ أي َو ُى َما َي ِد َين ِ
َع ِق ْؿ أََب َو أ ض َي المأوُ َع ْنيَا قَالَ ْ
ت لَ ْـ أ ْ عائِ َشةَ ر ِ
َ َ
روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)
62
َو َسمأ َـ طَ َرفَ ْي صمأى المأوُ َعمَ ْي ِو أِ أ ِ ِِ
َولَ ْـ َي ُم أر َعمَ ْيَنا َي ْوٌـ ِإي َيأْت َينا فيو َر ُسو ُؿ المو َ
ُميَا ِج ًار ِقَب َؿ وف َخ َرَج أ َُبو َب ْك ٍر ِ ِ ِ
الأنيَ ِار ُب ْك َرةً َو َعشأيةً َفمَ أما ْابتُم َي ا ْل ُم ْسم ُم َ
ؾ ا ْل ِم َم ِاد ،لَ ِقَيوُ ْاب ُف ال أد ِغَن ِة َو ُى َو َسي ُ
ِّد ا ْلقَ َارِة فَقَا َؿ: ا ْل َحَب َش ِةَ ،حتأى إِ َذا َبمَ َغ َب ْر َ
َسي َ ِفي يد أَف أ ِ يد يا أَبا ب ْك ٍر فَقَا َؿ أَبو ب ْك ٍر :أ ْ ِ
َخ َر َجني قَ ْو ِمي فَأََنا أ ُِر ُ ْ ُ َ أ َْي َف تُِر ُ َ َ َ
ؾ َي َي ْخ ُرُج َوَي ُي ْخ َرُج فَِخأن َؾ َع ُب َد َربِّي قَا َؿ ْاب ُف ال أد ِغَن ِة إِ أف ِم ْثمَ َض فَأ ْ ْاأل َْر ِ
يف َعمَى ِ الر ِح َـَ ،وتَ ْح ِم ُؿ ا ْل َك أؿَ ،وتَ ْق ِري ال أ تَ ْك ِسب ا ْلمع ُدوـ ،وتَ ِ
ؼَ ،وتُع ُ ض ْي َ ص ُؿ أ ُ َْ َ َ
ؾ ،فَ ْارتَ َح َؿ ْاب ُف ال أد ِغَن ِة
ؾ بِبِ َال ِد َ ؾ َج ٌار ،فَ ْار ِج ْع فَ ْ
اع ُب ْد َرأب َ َنوائِ ِب ا ْل َح ِّ
ؽَ ،وأََنا لَ َ َ
اؿ لَيُ ْـِ :إ أف أََبا َب ْك ٍرش ،فَقَ َ اؼ ِفي أَ ْشر ِ
اؼ ُكفأ ِار قَُرْي ٍ ط َفَ َر َج َع َم َع أَبِي َب ْك ٍر فَ َ
َ
الر ِح َـ
ص ُؿ أ َي ي ْخرج ِمثْمُو وَي ي ْخرج أَتُ ْخ ِرجوف رج ًال ي ْك ِسب ا ْلمع ُدوـ وي ِ
ُ َ َ ُ ُ ُ َ ْ َ ََ ُ َ ُ َُ َ ُُ
ش ت قَُرْي ٌ يف َعمَى َنوائِ ِب ا ْل َح ِّ
ؽ ،فَأ َْنفَ َذ ْ ض ْي َ ِ
ؼ َوُيع ُ َوَي ْح ِم ُؿ ا ْل َك أؿ َوَي ْق ِري ال أ
َ
آم ُنوا أََبا َب ْك ٍرَ ،وقَالُوا ِي ْب ِف ال أد ِغَن ِةُ :م ْر أََبا َب ْك ٍر َف ْمَي ْع ُب ْد ِ ِ
ج َو َار ْاب ِف ال أدغَنةَ ،و َ
ِ
ؾ َوَي َي ْستَ ْعمِ ْف بِ ِو فَِخأنا قَ ْد اء َوَي ُي ْؤِذ َينا بِ َذِل َ
صؿ َوْلَي ْق َ ْأر َما َش َ
رأبوُ ِفي َد ِارِه َف ْم ُي ِّ
َ َ
ؽ أ َُبو ط ِف َ
ؾ ْاب ُف ال أد ِغَن ِة ِألَبِي َب ْك ٍر فَ َ اءَنا ،قَا َؿ َذلِ َ
اءَنا َونِ َس َ
َخ ِش َينا أ ِ
َف َي ْفت َف أ َْبَن َ
ْ
اء ِة ِفي َغ ْي ِر َد ِارِه ثُأـ َب َدا ِ
أالة َوَي ا ْلق َر َ
ب ْك ٍر يعب ُد رأبو ِفي َد ِارِه وَي يستَعمِف بِالص َ ِ
َ َْ ْ ُ َ َ ُْ َ ُ
آف اء َد ِارِه وبرَز فَ َكاف ي ِّ ِ ِ ِألَبِي ب ْك ٍر فَ ْابتََنى مس ِج ًدا بِ ِفَن ِ
صمي فيو َوَي ْق َأُر ا ْلقُ ْر َ َ ُ َ َ ََ َْ َ
ِ ِ ِ ِ
وف إِلَ ْيو َو َك َ
اف أ َُبو وف َوَي ْنظُ ُر َ اؤ ُى ْـ َي ْع َج ُب َ اء ا ْل ُم ْش ِرك َ
َوأ َْبَن ُ
يف أؼ َعمَ ْيو ن َس ُ
فََيتَقَص ُ
اؼ قَُرْي ٍ
ش ؾ أَ ْش َر َ ع َذلِ َ
آف فَأَ ْف َز َ
يف َي ْق َأُر ا ْلقُ ْر َ
ح َ
ِ اء َي َي ْممِ ُ
ؾ َد ْم َعوُ أ
َب ْك ٍر َر ُج ًال َبك ً
ِ ِ ِ ِ ِ
يف فَأ َْر َسمُوا إِلَى ْاب ِف ال أدغَنة فَقَد َـ َعمَ ْي ِي ْـ فَقَالُوا لَوُ إِأنا ُكأنا أ َ
َج ْرَنا م ْف ا ْل ُم ْش ِرك َ
روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)
63
ؾ فَ ْابتََنى مس ِج ًدا بِ ِفَن ِ َف َي ْع ُب َد َرأبوُ ِفي َد ِارِه َوِاأنوُ َج َاوَز َذلِ َ
اء َْ أََبا َب ْك ٍر َعمَى أ ْ
اءَنا فَأْتِ ِو فَِخ ْف
اءَنا َونِ َس َ
أالةَ وا ْل ِقراءةَ وقَ ْد َخ ِش َينا أ ِ
َف َي ْفت َف أ َْبَن َ
ْ َعمَ َف الص َ َ َ َ َ َد ِارِه َوأ ْ
َف ُي ْعمِ َف ِ
َف َي ْع ُب َد َرأبوُ في َد ِارِه فَ َع َؿ َوِا ْف أََبى إِ أي أ ْ
ِ
َف َي ْقتَص َر َعمَى أ ْ ب أْ َح أأَ
يف ِألَبِي َب ْك ٍر ِ َف ُن ْخ ِف َر َ ؾ ِذ أمتَ َ َذلِ َ
ؾ َولَ ْسَنا ُمقِّر َ ؾ فَِخأنا َك ِرْىَنا أ ْ َف َي ُرأد إِلَ ْي َ
ؾ فَ َس ْموُ أ ْ
ت الأِذي ت َعائِ َشةُ فَأَتَى ْاب ُف ال أد ِغَن ِة أََبا َب ْك ٍر فَقَا َؿ قَ ْد َعِم ْم َ ِاي ْستِ ْع َال َف قَالَ ْ
َف تَُرأد ِإلَ أي ِذ أمتِي فَِخِّني َي ؾ َوِا أما أ ْص َر َعمَى َذلِ َ ؾ عمَ ْي ِو فَِخ أما أَف تَ ْقتَ ِ
ْ ت لَ َ َ َعقَ ْد ُ
اؿ أ َُبو َب ْك ٍر ِإِّني
ت لَوُ قَ َ ت ِفي َر ُج ٍؿ َعقَ ْد ُ ُخ ِف ْر ُ
ب أَِّني أ ْ َف تَ ْس َم َع ا ْل َع َر ُأُحب أ ْ
ِ
البخاري _ كتاب الكفالة _ باب ِجو ِار َأبِي ب ْك ٍر ِفي عي ِد الأنبِ ِّي أ أ
صمى الموُ
َ َْ َ َ َ ٔ) صحي
َو َع ْق ِد ِه_ رقـ الحديث (. )ٕٔٚٙ َعمَْي ِو َو َسمأ َـ
روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)
64
{ ا َو َا الدعوة إلي واحياء ديف اهلل في العالـ كمو ،قاؿ اهلل تعالي :
المنكر ،وقد بيف اهلل صفات الصالحيف ،قاؿ تعالي { :لَْذ ُِفواْا َ َوااا
نت االلّ ِه ام َنا االلْْذ ِل َاوُل ٌْا نب ا ُْ ٌ افَآُِِ ٌ اتنيْجنيلُو َن امت ِ
َ َ َ
ِّ ا َْل ِل االْ ِجَ ِ
ْ
تِفج ُْو َن اواتني ْوِ َُو َن اِنللّ ِه ااوالْذنيوِم ِ
ااْلخ ِ َاوتَأْ ُ ُو َن اِنلْ َُ ْع ُو ِ َاوتنيََْني ََ ْو َنا َ َْ ُ َْ ُ
و } (ٖ).َن ِِ َا
ات َاو ُْولَنيِْ َ ا ِ َ اال ْ
ااْلذني ِ ِ ِ ِ
َِ ِ االْ َُُ َ َاوتُ َِفنرُِو َنآت َْْ َ
نتاوقاؿ تعالي { :وثِْل َ ا ْججُنيََنامثَنيذنيََنلناِ ني ِالذٌاِلَ افَنيوِ ِها نيَ َمادر ٍ
ْ َ َْ َ َ ْ ْ ُ َ َ َ ُ َ
ْ ا ْشنا اِ ْن ارْ ا ِذٌ ِ
وب ا ُكغَا ذٌ او َاوَوَلْنيََن الَهُ اِ ْ َم ََ َاوتنيَ ْع ُ َاِل ٌ
َ َ َ ٌ َ َ
المأوُ.)ٖ(" .
ي شؾ أف مجالسة الصالحيف ليا آثار عمي النفس ،ورؤية الرجؿ
الصال القدوة ،إنما تذكر باهلل ،لما يري عميو مف النور ،واإلشراؽ واألنس
والطمأنينة ،والمحبة ،والسكينة ،في سمتو وىيئتو ،وخشوعو ،وفي نطقو،
وصمتو واطراقو ،وحركتو وسكونو ،وكؿ شؤونو ،فال ينظر إليو ناظر إي
ِ ِ
يد ْب ِف ال أس َك ِف اء بِْن ُ
ت َي ِز َ َس َم ُ
اء» أ ْ
َس َم ُ اب األَلؼ» َم ِف ْ
اس ُموُ أ ْ ٔ) المعجـ الكبير لمطبراني » َب ُ
اف ْب ِف ُخثَْيٍـ _ رقـ الحديث (،)ٜٜٖٔٙمسند اإلماـ أِ ِ
ص ِاريأة َ » ...عْب ُد المو ْب ُف ُعثْ َم َ
األَْن َ
أحمد _ رقـ الحديث ( ،)ٕٜٖٜٙاألدب المفرد لمبخاري _ رقـ الحديث (ٕٖٔ) ،مسند
عبد بف حميد _ رقـ الحديث (.)ٜٔ٘ٛ
ض َي المأوُ َعْنوُ _ رقـ الحديث (.،)ٖٙٛ
أاس ر ِ
ٕ) مسند عبد بف حميد» ُم ْسَن ُد ْاب ِف َعب ٍ َ
شعب اإليماف لمبييقي_ رقـ الحديث (ٕ٘)ٛٛ
ٖ) فيض القدير لممناوي ٕ.ٕ٘ٛ/
روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)
68
كاف النظر إليو مذكر باهلل تعالي ،وكانت صورتو محرضة لو ،لإلقباؿ
عمي اهلل تعالي ،أولئؾ الذيف إذا رؤوا ُذكر اهلل .
قاؿ ابف الجوزي في كتابو صيد الخاطر :قد كاف جماعة مف السمؼ
يقصدوف العبد الصال لمنظر إلي سمتو و ىديو ي يقتباس عممو و ذلؾ
أف ثمرة عممو في ىديو وسمتو انتيى.
وقاؿ أبو طالب المكي في قوت القموب( قد كانوا يقصدوف األمصار
لمقاء العمماء والصالحيف لمنظر إلييـ و التبرؾ والتأدب بيـ) انتيى.
وقاؿ أبو العباس البردعي سمعت الحسف بف إسماعيؿ يقوؿ سمعت
أبي يقوؿ :كاف يجتمع في مجمس اإلماـ أحمد بف حنبؿ زىاء خمسة
آيؼ أو يزيدوف ،أقؿ مف خمسمائة يكتبوف ،والباقوف يتعمموف منو حسف
األدب وحسف السمت.
وقاؿ أحمد بف سمماف النجار سمعت أبا بكر المطوع يقوؿ :اختمفت
إلي أبي عبد اهلل أحمد بف حنبؿ ثنتا عشرة سنة وىو يق أر المسند عمي
أويده ،فما كتبت منو حديثا واحدا إنما كنت انظر إلي ىديو وأخالقو
وآدابو (ٔ).
وكاف التابعي الجميؿ عمرو بف ميموف األودي الكوفي أدرؾ
الجاىمية ولـ يمؽ النبي وقدـ مع معاذ بف جبؿ مف اليمف فنزؿ
الكوفة وكاف صالحا قانتا هلل تعالي ،حج واعتمر مائة مرة ،قاؿ تمميذه
أبو إسحاؽ السبيعي :كاف إذا رؤى ُذكر اهلل ..توفي سنة ٘ ٚىػ رحمو
اهلل تعالي(ٔ).
وكاف التابعي الجميؿ محمد بف سيريف البصري إذا ذكر الموت ،
مات كؿ عضو منو ، ،وكاف إذا مر في السوؽ فما يراه أحد إي ذكر
اهلل (ٕ).
وقاؿ جعفر بف محمد بف سميماف كنت إذا وجدت في قمبي قسوة
غدوت فنظرت إلي وجو محمد بف واسع ،البصري كأنو ثكمي (ٖ).
وفي ترجمة عبد العزيز بف أبي رواد المكي ( رحمو اهلل ) المتوفي
سنة ٜٔ٘ىػ قاؿ عبد اهلل بف المبارؾ فيو :كاف يتكمـ ودموعو تسيؿ عمي
خده ،وقاؿ تمميذه شعيب بف حرب :كنت إذا نظرت إليو رأيت كأنو
يطمع القيامة (ٗ).
قاؿ مصعب بف عبد اهلل :كاف مالؾ إذا ذكر النبي عنده تمير
لونو وانحني حتى يصعب ذلؾ عمي جمسائو ،فقيؿ لو يوما في ذلؾ،
فقاؿ :لو رأيتـ لما أنكرتـ عم أي ما تروف ،كنت آتي محمد بف المنكدر
وكاف سيد القراء أي سيد العمماء ،ي نكد نسألو عف حديث إي بكي حتى
( الصادؽ ) توفي رحمو اهلل تعالي ،ولقد كنت آتي اإلماـ جعفر بف محمد
وكاف كثير المزاح والتبسـ ،فخذا ُذكر عنده النبي اصفر واخضر،
وكنت كمما أجد في قمبي قسوة آتي محمد بف المنكدر ،وكاف يجتمع عنده
الصالحوف ليقتبسوا مف ىديو وصالحو ،فأنظر إليو نظرة فأتعظ بيا
(ٔ)
. أياما
وجاء في ترجمة اإلماـ العابد الزاىد المحدث فضيؿ بف عياض ،ثـ
المكي المتوفى سنة ( ٔٛٚرحمو اهلل تعالي ) ،قاؿ إبراىيـ بف األشعث
خادـ الفضيؿ :ما رأيت أحد كاف اهلل في صدره أعظـ مف الفضيؿ ،كاف
إذا ُذكر اهلل عنده أو سمع القرآف ظير بو الخوؼ والحزف وفاضت عيناه
فبكي حتي يرحمو مف بحضرتو .
نظرت إلي
ُ وقاؿ خالد بف رباح قاؿ لي عبد اهلل بف المبارؾ :إذا
(ٕ)
. الفضيؿ ،جدد لي الحزف ،ومقت نفسي ،ثـ بكي
فيذه بعض النماذج مف أولئؾ الذيف كانت رؤيتيـ تذكر باهلل تعالي
،وينتفع الناس بيدييـ وسمتيـ ومشاىدتيـ .
وىا نحف بعد أكثر مف ألؼ وأربع مائة عاـ نسمع أخبارىـ
فننتفع بيا ،فكيؼ بمف شاىدىـ وجالسيـ ،نفعنا اهلل بعباده الصالحيف
،وألحقنا اهلل برحمتو في زمرتيـ .
فكاف صالحيـ ،وورعيـ ،وتقواىـ ،وحياتيـ ،دعوة عممية
فصراط الصالحيف والدعوة إلي اهلل بالعمؿ أكثر مف القوؿ .
فالبد أف نستحضر ىذه التفصيالت المذكورة أثناء قراءة قولو
اِلَذ َِ ٌْا َْ ِنا ِ ِ نيناالَ ا َطاا ِفج ِ تعالي ِ { :
ذٌاواصَا َطاالْات َ اَ َع َ
ُت َ َ ُ ََ ِّ ني ني
َ الْ
و } (ٔ) . اِلَذ َِ ٌْ َاو َاالضْنلِّ َا غض ِ
وب َ ا ُ
َ
والممضوب عمييـ ىـ :الييود والنصارى ،فمف تشبو بيـ حشر معيـ ،
ِ ِ
َْ َنرىا
ود َاوالَ َقاؿ اهلل تعالي { :تَناَتنيُّ ََناالْات َ ام َ َُواْ ا َ اثَنيجْل ُاواْ االْذَني َُ َ
ض َُ ٌْ ا َْولِذَناا َني ْع ٍ
ض َاوَ اتنيَجَني َوْبٌُا ِّ َ ُ ٌْ ا َِج ْهُ ا ِ َْني َُ ٌْ اِ ْن االلّهَ ا َا ِ
َْولذَناا نيَ ْع ُ
و }(ٕ). تنيَ َْ ِْياالْ َ ْوَماالظْنلِ ُِ َا
وقاؿ اهلل تعاليَِّْ { :نَن َاولِذُّ ُ ٌُ االلّهُ َاوَر ُ ولُهُ َاوالْ ِات َ ام َ َُواْ االْ ِات َ ا
َغَةَ َاوتنيُ ْوثُو َن االَْكنةَ َاوُل ٌْ َاراكِعُو َن او َاوَ اتَنيجَني َوْل االلّهَ َاوَر ُ ولَهُا
ذُو َن اال ْ تِ
ُ ُ
ن }(ٔ). ال ٌُاالْغَنلُِو َا ِ
بااللّه ُ
ِ ِ
َوالْات َ ام َ َُواْا َِج ْنا ْ َ
فوائد قرآنية من سورة البقرة:
(ٕ).
ال ًْىالِّْل ُُجْ ِ َا
و} قاؿ تعالي { :ااَلاوا َذلِ َ االْ ِجَنبا َارت ِ ِ
با ذه ُ
ُ َْ َ
عامة المفسريف رحميـ اهلل تعالي ذكروا في تفسير ( الـ ) اهلل أعمـ
بمراده منيا ،وكاف الشيخ محمد يوسؼ رحمو اهلل يقوؿ بيذا التفسير
ويقوؿ مف باب اإلشارة :كما ي نعرؼ مراد اهلل مف( الـ ) وىو مركب
مف ثالثة حروؼ ،كذلؾ ي ندري حقيقة الماؿ فخنو مركب مف ثالثة
حروؼ ىؿ ىو سبب لنفعنا أـ سبب لمضرتنا .
إذا أراد اهلل عز وجؿ النفع بالماؿ فننتفع بالماؿ ،واذا أراد اهلل إفساد
الحياة فتفسد الحياة بالماؿ كما نشاىد كثي ار .
وكذلؾ الذىب مركب مف ثالثة حروؼ ي ندرى أنو سبب لصالح
حياتنا ،أـ سبب لفساد حياتنا ،واذا أراد اهلل صالح الحياة فتصم الحياة
بالذىب وبدونو ،واذا أراد اهلل فساد الحياة فتفسد الحياة مع الذىب .
وكذلؾ مثال الفضة ي ندرى أنيا سبب لصالح حياتنا أـ سبب لفساد
حياتنا ،إذا أراد اهلل صالح الحياة فتصم الحياة مع الفضة وبدونيا ،
واذا أراد اهلل فساد الحياة فتفسد الحياة مع وجود الفضة.
وكذلؾ مثال الجبؿ فيو ثالثة حروؼ ،نار ،بحر ،أرض ،ماء ،
مثؿ ىذا الكممات المركبة مف ثالثة حروؼ أو أكثر ،وي ندرى أف ىذه
األشياء واألسباب سبب لصالح حياتنا أـ سبب لفساد حياتنا ،اهلل أعمـ
بيا.
كـ مف الناس يقتموف بسبب الخصومة عمى األرض ،إذا كانت
األرض سبب لصالح الحياة فقط ،فمـ فسدت حياة كثير مف الناس
بسبب األرض ،كذلؾ البحر كاف سببا لنجاة بنى إسرائيؿ ،ونفس
البحر كاف سببا إلغراؽ آؿ فرعوف .
كذلؾ النار إنيا سبب عاـ إلفساد الحياة واإلحراؽ ،ولكف جعميا اهلل
سببا إلصالح الحياة ،وجعميا بردا وسالما في شأف إبراىيـ ، كما
كالروح لمجسـ ،إف كاف أمر اهلل في األسباب واألشياء لمنفع فينبعث
النفع منيا ،واف كاف أمر اهلل لمضرر فينبعث الضرر والفساد منيا .
ثـ كاف رحمو اهلل يقوؿ إف اهلل أراد مف ( الـ ) أف نعترؼ بجيمنا أوي
،ألف مف ي يعترؼ بجيمو ويري نفسو عالما ي يفت اهلل لو باب العمـ
وعمي قدر ما يظير عمي اإلنساف جيمو يفت اهلل لو أبواب العمـ.
الجيل عمي نوعين :جيؿ بسيط ،وجيؿ مركب.
النوع األول :الجيل المفرد :
مثالو :أف اإلنساف ي يعمـ ما ىو األسد ،فيقاؿ إنو جاىؿ باألسد ،
وىذا جيؿ بسيط ويسمي جيؿ مفرد.
النوع الثاني :الجيؿ المركب :
مثالو :أنو رأي البممة وقاؿ أنيا أسد فيذا أجيؿ مف األوؿ ألنو يعمـ
األسد عمي غير ما ىو عميو ،فعممو عمـ خطأ ،ويري نفسو أنو عالـ
باألسد.
وىكذا قضاء الحوائج وحؿ المشاكؿ بالماؿ واألسباب واألشياء
والذىب والفضة واألرض والتجارة والزراعة والوظيفة ،لو عمـ اإلنساف أف
الحوائج ي تنقضي والمشاكؿ ي تحؿ إي بيا فيذا ليس بعمـ بؿ يعتبر
جيؿ ،وي يعتبر جيؿ بسيط ومفرد ،بؿ يعتبر جيؿ مركب واألمة واقعة
في ىذا الجيؿ وتظف أنيا عالمة بحقائؽ األمور ٓ
روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)
75
ٍ
منتؼ عف ىذا الكتاب العزيز ولو كانت إف جنس الريب والشؾ
المشاىدات والتجربات ضده ،نكذب التجربات اإلنسانية ومشاىداتيا
ونصدؽ ما في ىذا الكتاب ،مثال :
والذىب ،وبيف العصا والحية في ضوء الشمس ،واذا لـ يميز بيف النافع
والضار في ظممة الميؿ حتى يمسؾ بالحية في ظممة الميؿ ظانا أنيا
عصا ،وأحيانا يترؾ الذىب ويظف أنو حجر بسبب ظممة الميؿ ،كذلؾ
لما ُيظمـ القمب مف نور اليداية فيكذب اإلنساف ويري أف الكذب نافع
ويترؾ الصدؽ ،ويري أنو ميمؾ ،ويأكؿ الربا ويظف أف الماؿ يزداد بو ،
ويترؾ الصدقة ويظف أف الماؿ ينتقص بيا ،ىذه نتيجة خالء القمب مف
نور اليداية .
ونور اليداية سبب لمحياة القمبية وعدـ وجود ىذا النور ىو موت
القمب ،قاؿ تعاليََ { :و ا َ ا َاكن َن ا َ ْذجًنا َأَ ْ ذَنيْذنيََنَُ َاو َ َع ْلََنالَهُا ُ ًورااّيَْ ِشيا
س ِاِبَنرٍِج ا ِّ َْني ََن ا َك َالِ َ ُازتِّ َ ا َ ذ
َْلا ْنس ا َكُ ا ًَْنيلُه ِآت االظُّلُُ ِ
نت َ ُ َ ِِه ِآت االَ ِ
ن }(ٔ).لِْل َ ن ِ ِت َ ا َ نا َكن ُواْاتنيَ ْع َُلُو َا
فػ ػػالقرآف الك ػ ػريـ ينػ ػػور القمػ ػػب بنػ ػػور اليدايػ ػػة ،ويخػ ػػرج اإلنسػ ػػاف مػ ػػف
الظممػػات إلػػي النػػور ،ويحػػي القمػػوب الميتػػة ،ورسػػوؿ اهلل ذكػػر ثػػالث
ضػ أ ِ ٍ ِ ِ
ػي المػػوُ عالمػػات لمقمػػوب المنػػورة بنػػور اليدايػػة َ ،عػػف ْابػػف َم ْسػ ُػعود َ ،ر َ
أ ِ ِِ أ ع ْنػو قَػػا َؿ :تَػ َػال رسػػو ُؿ المأػ ِػو أ أ
صػػمى المػوُ َعمَ ْيػو َوآلػػو َو َسػػم َـ :فَ َمػ ْػف ُيػ ِػرِد المػػوُ أ ْ
َف َ َُ َ ُ
صمأى المأػوُ َعمَ ْي ِػو َو ِآل ِػو َو َسػمأ َـ : أِ َيي ِدَيوُ َي ْشرْح ص ْدره ِل ْ ِ ِ
إل ْس َالـ ،فَقَا َؿ َر ُسو ُؿ المو َ َ َ َُ ْ
ؾ ِمػ ْػف
صػ ْػد َر ْانفَ َسػ َ " فَ ِقيػ َؿ َ :يػػا َر ُسػػو َؿ المأػ ِػو َىػ ْػؿ لِػ َذلِ َ
ػور إِ َذا َد َخػ َؿ ال أ " إ أف النػ َ
ِ
اإلنساف في غرورىا وخداعيا ،وقد ذكر اهلل الدنيا ،فقاؿ ْ { :اِلَ ُُواا
نخٌ ا َنيْذنيََ ُ ٌْ َاوثَ َ نثنيٌُ ِآت اا ْ َ ْ َو ِالا ََّْنَناا ْ ذنةُ ُّ ِ
ب َاوَبٌْو َاوِزتََ ٌ َاوثَني َف ُ
االْ ْنيذَنالَع ٌ ََ
ِ ٍ ِ
َ َفَااّتُْا ب االْ ُ ْف َنر ا نيََنثُهُ اّتُْ اتََ ُ
ذج ا َنيجَنيَاَُ ا ُ ْ َوا ْ َْوَ د ا َك ًََُ ِل ا َْْذث ا َِْ َج َ
ِ ِ
ض َوا ٌن َاوَنا اب ا َ ْت ٌْ َاوَ ْغفَةٌ ا ِّ َ االلْ ِه َاوِر ْ اِ َا ٌ
ت ُ و ُن ا طَن ناوِٓت ْ ِ
ااْلخَةِ َ ُ ً َ َ
االْ ْنيذَناِْ ا َ جَنَثُاالْغُ وِار }(ٗ).
ا َْذَنةُ ُّ
ُ
وابية التي تالىا رسوؿ اهلل ْ َُ َ : اتُِِد االلْهُاَ ْن اتنيَ َْ ِْتَهُاتَ ْشَ ْحا
غم )٘(وىذه العالمات التي ذكرىا رسوؿ اهلل ىي ص ْْ َرَُ الِ ِإل ْ ِا
َ
ٔ) حمية األولياء وطبقات األصفياء » الميػاجروف مػف الصػحابة» عمػػي بػف أبػي طالػػب»
وصؼ ضرار الكنػاني لػو فػي مجمػس معاويػة ،وأَخرجػو أيضػاً ابػف عبػد البػر فػي ايسػتيعاب
الص َػدائي بمعنػاه ( حيػاة الصػحابة بػاب ابثػار ِ ِ
ىمداف \عف ضػرار ُ عف الحرماني رجؿ مف ْ
في صفة الصحابة الكراـ ٔ.ٜٔ /
روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)
82
كما قاؿ اهلل َ {: اوَ ِف ُوا ا ِ ا ْن َارَزفْنيََن ُكٌ ا ِّ افَنيْ ِل اَن اتَأِِْتَا
ْقا
صْ َ ب الَوَ اَ ْخ ثَِِن اِ َىل اَ َ ٍل افَ ِ ٍ
تب ا َأَ ْ َ َ َْ ُك ٌُ االْ َُ ْو ُ
ْ ول َار ِّ ْت ا َنيذَني ُ َ
وا}(َ)1ا وَ ُك ا ِّ اال ْ ِِ
َن َ َ َ
فمما يأتي نور اليداية في القمب ،فيستعد لقضاء حوائجو األخروية
،ويستعد لحؿ مشاكمو األخروية ،بداية مف الموت وحتى يمؽ ربو سبحانو
تعالي.
فكاف بالؿ في الفرح عند موتو ،وكانت زوجتو تبكي وتقوؿ
واحزناه ،فيقوؿ ليا :ي تقولي واحزناه بؿ قولي واطرباه غدا نمؽ األحبة
محمدا وصحبو .
وخبيب عمي الخشبة يقوؿ والرم ينفذ في صدره :فزت ورب
الكعبة . .فيكذا كانوا رحميـ اهلل .
فكانت عالمات اليداية الثالثة في أصحاب محمد قد ظيرت في
حياتيـ بأعماليـ ظيو ار تاما .
فعمي كؿ واحد منا أف ينظر ويتأمؿ في نفسو أف عالمات اليداية
المذكورة موجودة فيو أـ ي ،واف كانت موجودة فما مقدار ذلؾ وعميو أف
يجتيد كؿ الجيد في ىذا الميداف حتى يترقي يوما بعد يوـ ويتنور قمبو
بنور اليداية وىذا النور يكوف مختفيا في قمبو في عالـ الدنيا ،ولكف
يظير عند الموت وفي قبره عمي قدر ما كاف مف نور اليداية في قمبو ،
{تَني ْوَام اثَنيَىا ثـ ىذا النور يظير عمي الصراط ،كما قاؿ اهلل :
وقاؿ بعض العمماء :أف النور الذي يسعى بيف أيدييـ ىو نور
اإليماف ،وما يسعى بأيمانيـ ىو نور األعماؿ الصالحة ،فيعبر اإلنساف
الصراط في نور اليداية ،وي يكوف ىذا النور عند المنافقيف عمي
الصراط ،كما قاؿ اهلل
س اِ ا نت الِلْ ِات ام ََُوا اا ظُ وَن ا نيَ ْ جَِ ُ َ ول االَُْن ِ ُو َن اوالَُْن ِ
َ َُ {تنيَ ْوَم اتنيَ ُ ُ ُ َ
ْ ُ َ
ااوراا ُكٌ ا َنلْجَ ِ ُّوِرُكٌ افِذل اارِ
نباب ا نيَْذنيََني ٌَُاِ ُِفوٍر الْهُا َ ٌ َ ِ ض
ُ َ اا
ور
ُ ًُ ااو ِف ُ ا
ْ َ ْ ُ ََ ْو ع
ندونيَ َُ ٌْاَ ََلْا َ ُ ا ْ َع ُ ٌْا نل َا ِ افِ لِ ِ نسَها ِ ِذهاالْ ْْح ُاوظَ ِِ
اباواتنيََُ ُ ا
َ عْلاا
َ َ ُُ َ َ ُ ه َ ُُ
َجُ ٌْ َاو ْارثَنيْجُ ٌْ َاو َاْْثْ ُ ٌُ اا ْ ََ ِنِنُّا ِ
فَنلُواا نيَلَ َاولَ َْ ُ ٌْ ا َنيجََجُ ٌْ اَ ُف َِف ُ ٌْ َاوثَنيَْ ْ
ِ ِ ِ
ورا}()1اَا َ َّْتا َ نااَْ ُ االلْه َاوَُْْكٌا نللْهاالْغَُ ُ
حتى بعد دخوؿ الجنة ما يري مف األنوار ،فقاؿ العمماء :إنيا
نفس نور اليداية التي تحصؿ عمييا بالجيد في عالـ الدنيا .
كيف نتحصل عمي نور اليداية ؟
كما ىو معمو أف اهلل جعؿ الدنيا دار األسباب ،وجعؿ لكؿ
سببا ،مع أف اهلل غير محتاج إلييا ،كذلؾ جعؿ اهلل لميداية أسباب
،وىو ي يحتاج إلي تمؾ األسباب ليداية أحد ،ولكف سنتو في الكوف أف
مف يختار أسباب اليداية ،ييديو ،فاإلنساف يحاج ألسباب اليداية ولكف
اهلل ي يحتاج إلييا .
بؿ قد ييدي اإلنساف بمنو وكرمو ،ولكف ىذا ليس ىو األصؿ ،بؿ
شاذ عف القاعدة ،وي يخفي عمي أحد ،أف اليداية بمشيئة اهلل تعالى وحده
ييدى مف يشاء ويضؿ مف يشاء كما قاؿ َ {ك َالِ َ ات ِ
ض ُّل االلْهُ ا َ ا ُ
تشنا اوتنيَ ِْي ا اتشنا او ن اتنيعلٌَ ا َود ارِّ اِْ الو او ن ِ
ال َي اِْ ا َُ ََ َ َ َ َ ْ َ َ َ َ َ َ ْ ُ ُُ َ َ َ
ِ (ٔ)
شا } ِ ِ
ذ ْكَىال ْلَ َ
وجعؿ اليداية مرتبطة بأسبابيا ،وذكر لميداية سببيف ،فخذا كاف
اختيار تمؾ األسباب مف قبؿ العبد ،فتترب عمية اليداية بمشيئة اهلل :
وا ِِ
الْ ُُ ْمِفَ َ
(ٔ) .
}
وكذلؾ اهلل رزقنا شير رمضاف لنتمرف كيؼ نقضي حياتنا عمي
ترتيب شير رمضاف ،وىذا ىو التقوى فبالصياـ يمتزج اإلنساف بمزاج
وقس عمي ذلؾ سائر أوامر اهلل ،فميس المقصود ايشتماؿ باألسباب
وي ترؾ األسباب ،بؿ المقصود امتثاؿ أمر اهلل .
فيذه ىي المجاىدة ،وىي تتعمؽ بكسب العبد ،فخذا كاف العبد
يعمؿ المجاىدة ،فيشاء اهلل لو اليداية ولكف ي بد أف تكوف المجاىدة
ابتماء مرضاة اهلل ،ي لمرياء والسمعة والجاه والمنصب ،وكذلؾ قيض اهلل
ِ ِ ِ
َْ ٌْ ا ُ ُنيلَََنا { َوالْات َ ا َ َ
نل ُْواا ذََنالَََني َْْتَنيَني ُ المجاىدة بيذا القيد وقاؿ:
ِِ
َوِ ْنااللْهَالَ َُ َماالْ ُُ ْمِفَ َ
وا
(ٔ)
ومف يؤدي الشرط فيعطيو اهلل اليداية }
إتماما وجائزة ،أي يفت اهلل لو سبيؿ التقرب إليو تعالي ،حتى يوصمو
إلي مرتبة اإلحساف ،واإلحساف كما ورد في حديث جبريؿ " :أف تعبد اهلل
كأنؾ تراه؛ فخف لـ تكف تراه فخنو يراؾ " .)ٕ(.
وبعد أف يصؿ العبد إلي مرتبة اإلحساف ،يرزقو اهلل معيتو ،وىي
ِِ
} المعية الخاصة ،كما قاؿ اهلل عز وجؿ َ { :وِ ْانااللْهَالَ َُ َماالْ ُُ ْمِفَ َ
وا
فعمـ أف آخر مرتبة مف مراتب اليداية ،الوصوؿ إلي مرتبة اإلحساف.
(ىدى لممتقيف ) أي ي ينتفع بالقرآف وي يستضيء بو وي ييتدي بو إي
المتقوف .
فاهلل بيف وفسر ىذا في ابيات التي تمييا{ .الْ ِات َا
تنيُ ْوِ َُو َان اِنلْغَْذ ِا
با
نل ٌْ اتُ َِف ُو َنواوالْ ِات َ اتنيُ ْوِ َُو َن ِابَنا ُ َِل اِلَْذ َ ا وت ِذُو َن اال ْ ِ
ْنارَزفْنيََ ُ
َغ َة َاوف َ َُ ُ
روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)
91
فائدة فييا ،فكذلؾ إذا كاف بياف األحكاـ بدوف الجيد عمي القموب لتوليد
ايستعداد فخف بياف األحكاـ ضائع ألف القموب ي تقبؿ األحكاـ.
ومن جمةةةةةةةةةةمة اإليمانيةةةةةةةةةةات :
اإليمان باهلل عز وجل :
والمراد مف اإليماف باهلل ،أف يترسخ اليقيف في القمب أف اهلل ،
ىو الفعاؿ الحقيقي ،يفع ُؿ ما يشاء بقدرتو ،ي يحتاج إلي أحد مف خمقو
ْنساَ جُ ٌُا ،وكؿ المخموقات محتاجة إليو ،كما قاؿ اهلل { : تَناَتنيُّ ََناالَ ُ
ت ِاِبَْل ٍَا ذْاواِنات َشأْات ْا ِل ُ ٌاوتأْ ِ ِناا َْ ُِ ُ ِ
َ ُ ْ ْ ََ الْ ُف َ َاااِ َىلااللْه َاواللْهُ ُ
ال َواالْغَِ ُّ
اِلَ االلْ ِها ِ َع ِت ٍا } (ٔ). ِ ٍِ
اواوَ نا َذل َ َ َ ْتْ َ
َ َُ ُْاوا ََلْاتَلِ ْْ َاوََلْاتُولَ ْْا
ال َوااللْهُاَ َ ٌْاوااللْهُاال ْ وقاؿ تعالي { :فُ ْل ُ
ْ }(ٕ). واوََلْاتَ ُ الْهُا ُك ُف ًوااَ َ ٌا
َ
معني الصمد :الذي يقضي جميع حوائج المخموقات ،وتحتاج إليو
المخموقات كميا ،وىو ي يحتاج إلي أحد مف خمقو .
كؿ مخموؽ في خمقو محتاج إليو .. وفي بقائو محتاج إلي اهلل
..وكؿ مخموؽ في إظيار تأثيره محتاج إلي اهلل .. وكؿ مخموؽ
في فنائو محتاج إلي اهلل ..واهلل ي يحتاج في أي مرحمة إلي
مخموؽ ..وقادر أف يفعؿ أي شيء بدوف أي شيء ..وجميع المخموقات
ي تستطيع أف تفعؿ أي شئ إي بخرادة اهلل .
واذا أراد اهلل حفظ أحد ،فخنو يحفظو ،ولقد حفظ خاتـ األنبياء
وسيد المرسميف محمد في غار ثور وقت اليجرة بنسيج العنكبوت { ،
وتالَ نيذتاالْعَ َا ِ
ِ ِ
وتالَ ْوا َكن ُوااتنيَ ْعلَ ُُو َناَو ْان َْوَل َ االُْنيذُ َ ْ ُ َ ُ
(ٔ)
}
واذا أراد اهلل إىالؾ أحد فخنو ييمكو ،ولقد أىمؾ اهلل نمرود مع
جميع قوتو وحكومتو ،لـ يستطع أف يخمص نفسو مف البعوضة ..أىمكو
اهلل ببعوضة وىي مخموقة ضعيفة.
فيترسخ اليقيف عمي اهلل أنو ىو المستحؽ لمعبادة ي معبود بحؽ
إي اهلل ،وجميع المخموقات مسخرة بأمره ،ىو الذي خمؽ المخموقات
كميا بقدرتو ،وي يحتاج في خمؽ المخموقات ،خمؽ آخر ،كما خمؽ
السماء بقدرتو بدوف مخموؽ مف المخموقات وكذلؾ خمؽ األرض والجباؿ
والبحار والشمس والقمر والنجوـ والكواكب ولـ يستخدـ أحدا مف
المخموقات ،اهلل خالؽ كؿ شيء .
وعند اهلل لخمؽ المخموقات طريقاف :
ااْلَنلِ ُون}(ٕ).
اَّن ُ ْ ََني َتْنيجٌُا ْناَتَُُْو َناواََ جُ ٌْ َ
اَتْلُ ُوَهُا َْم َْ َ
اَت ُثُو َن او اََ جُ ٌْ اثَني ْ َرُِوَهُ ا َْم َْ
اَّن ُ ا ََنيََتْنيجٌُ ا ْن َْ ثـ يسأؿ ويقوؿ {:
فخف المزارع يجتيد عمى األرض ويسقييا بالماء ويمقى البذور (ٖ)
ال ْا ِرُِون}
،ومف يفمؽ الحب بدوف ترتيب معيف ،ثـ مف يشؽ األرض شقا
والنوى ومف يخرج الممة والثمار والفواكو مختمفة األلواف مختمفة الطعـ
،ومختمفة األشكاؿ مع أف األرض ذات لوف واحد وتسقى بماء واحد،
ََنيََتْنيجٌُا ْ نا توجيا تاما ،إلي التفكر في الجواب ،ثـ اهلل يقوؿ { :
ََ{:نيََتْنيجُ ٌُ االْ َُنااالْ ِاياثَ ْشَُو َن اواََ جُ ٌْ اَ َلْجُ ُُوَُ ا ِ َ ا وقاؿ تعالي
اد َِنَُا ضطَْ اِ َذا َ ذب االْ ُُ ْ ْ م االلْ ِه ا ل اَ ْكًَني ُلٌ اَ اتني ْعلَُو َن او اَْ ُِ
اَي ُ َْ ُ ْ َ ُ َ
أاَِلَهٌا ْ َمااللْ ِهافَلِ ًذغا ْناثَ َا ْك ُو َنااخلَ َفنااا ْ َْر ِ
االِفواَ َاوََْي َعلُ ُ ٌْ ُ ف ُّ ِ
َاوتَ ْ ش ُ
ِ ِ ِ
وا واَْ اتنيَ َْْت ُ ٌْ ِآت اظُلُ َُنت االَْنيِّ َاوالَْ ْم ِ َاوَ اتنيُْ ُل االِّتَ َ
نح ا ُ ْشًاا نيَ ْ َ
نىل االلْاهُا َِ ُْناتُ ْش ُِكو َن اواَْ اتنيَْ َْ ْ
ُااْلَْل ََ اّتُْا تَ َْ ْي َار ْْحَجِ ِه اَِلَهٌا ْ َم االلْ ِه اثَني َع َ
ِ تُعِ ُ
النثُواا أ اَِلَهٌ ا ْ َم االلْه افُ ْل َ ذَُْ َاوَ اتنيَ ْ ُزفُ ُ ٌ ا ِّ َ اال ِْف َُنا َاوا ْ َْر ِ
وا ني لن َ ُ ٌاِنا ُكَجٌ ِ ِ
اصندف َ
(ٔ)
} ُْ َ ُْ َ ْ
وكذلؾ اهلل يمقي أسئمة أخري عمي عباده ليتفكروا في آياتو
ويعرفوه حؽ معرفتو ويعتصموا بو ويتخذوه وكيال ،ويصرفوا وجية قموبيـ
ااْلَنلِ َُ االَْن ِر ُ
ئا نفسو الخالؽ البارئ المصور ،كما قاؿ ُ { : ل َو االلْهُ ْ
روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)
011
أيدييـ ،واما ُيعطييـ ذلؾ الشكؿ المعيف ،ولكف ينزع تأثيره ،فيييموف في
كؿ واد ،وبدي أف تنقضي حوائجيـ وتنحؿ مشاكميـ ،تزداد مشاكميـ ،
مثال اهلل يعطي تارة أسبابا لمحصوؿ عمي الصحة مف المستشفى
واألدوية وابيت واألطباء ولكف ينزع الصحة عنيا ،ليفيـ الناس أف
الشافي ىو اهلل ،ويعطي تارة أسباب العز والممؾ ،والماؿ والجاه
والمنصب وغيرىا ،وينزع العزة عنيا ،ويعطي تارة أسباب الحفظ
والحماية وينزع عنيا الحفظ والحماية ،كما قاؿ " : إنما وكؿ ابف لمف
رجا ابف آدـ ،ولو أف ابف آدـ لـ يرجو إي اهلل لـ يكمو إلي غيره ،إنما
سمط عمي ابف آدـ ما خافو ابف آدـ ،ولو أف ابف آدـ لـ يخؼ إي اهلل لـ
يسمط عميو غيره.
وقدرة اهلل ي تحتاج إلي شكؿ معيف ،وي تتقيد بشكؿ دوف شكؿ
،بؿ قدرتو مطمقة ،فيفعؿ اهلل ما يشاء بقدرتو ،أحيانا يفعؿ بالشكؿ
ث ي يحتسب
الظاىري ،وأحيانا يخمؽ الشكؿ بقدرتو فجأة مف حي ُ
و ن اتنيعلٌَ ا َود ارِّ اِْا الو او ن ِ
ال َي اِْ ا اإلنساف ،قاؿ تعالي{ :
َُ ََ َ َ َ ْ ُ ُُ َ َ َ
،وعنده أشكاؿ ي تعد وي تُحصي لمنصر واليزيمة ، (ٔ)
} ِذ ْكَىالِْلَ َش ِا
فكيؼ نصر اهلل األمـ الماضية المؤمنة بأشكاؿ مختمفة ،وكيؼ أخذ األمـ
{ َ ُ َغا الماضية الكافرة بأشكاؿ مختمفة فوؽ التصوير ،قاؿ تعالي :
ََأَِ َ ا وخمقيا اهلل فجأة ،ويخوؼ اهلل األقواـ الموجودة ،فيقوؿ { :
َْل ُل االْ ُ َىاَن تَأْثِذَني َُ ٌْ ا َأْ ُ ََنا نيَذَنثنً َاوُل ٌْ ا َآِِ ُُو َان اوا ََو اَِ َ ا َْل ُل االْ ُ َىا
ناض ًم َاوُل ٌْ اتنيَ ْل َعُو َن اواََأَِ َُواْ ا َ ْ َ االلّ ِه ا َغَ اتَأْ َ ُ ا ِ
َناتَأْثذَني َُ ٌْ ا َأْ ُ ََ ُ
ن }(ٕ). ااْلَن ِ ُو َا
َ ْ َ االلّ ِهاِ ْاالْ َ ْوُم ْ
فقدرتو مطمقة ي تتقيد بالظاىر ،ولما فقد يعقوب ، يوسؼ
نل اتَنا ،فبكي عمي فراقو ،كما قاؿ اهلل تعالي َ { :وثَني َوْىل َ
اَِْني َُ ٌْ َاوفَ َ
ذٌاوافَنلُواْاثَنهللا ظَ َف اِلَ اتو فاوا نيذضْتاِذنيََنَا ِ اا ْ ِنا َنيَوا َك ِ
َ َ ُ ُ َ َ َْ ْ َْ ُ َ ُْ ُ َ ٌ
و}(ٖ). ضنا َْواثَ ُ و َنا ِ َ اا ْبَنلِ ِ َا
فا َ َّْتاثَ ُ و َنا َ َ ً
ثَني ْفجَأُاثَ ْا ُك ُ اتُو ُ َ
. (ٔ)
َاثَني ْعلَ ُُو َنا} ِ َ االلّ ِها َنا
يقول الشيخ محمد يوسف ( رحمو اهلل ) :معناه :اعمـ مف قدرة
اهلل ما ي تعمموف أنتـ ،أنتـ تعمموف الظاىر ،وأنا أعمـ قدرة اهلل الميبية .
ِ
فا ِناا ْذ َلُواْا َنيجَ َم ِْف ُِفواْا اتُو ُ َ ثـ قاؿ يعقوب عميو السالـ { :تَنا َِ ْ
َس ا ِ ااْرْو ِح االلّ ِه اِ ْ االْ َ ْوُما ُ أذْ ني
َ تا َ ا ه
ُ ْ َخ ِذه او َ اثَنيْذأَ واْ ا ِ ا ْرو ِح االلّ ِه اِ
ْ ُ َ
وِ
َ
الْ َ ن ُِو َان }(ٕ) .ثـ اهلل جمع بينة وبيف أخوية كما قاؿ تعالى{ :فَنلُواْا
اِلَْذنيََناِْهُا ِ
ف َاوَلني َاااَخيافَ ْْ ا َ ْ االلّهُ َ نل اََانْ تُو ُ ُ ف افَ َ
ت اتُو ُ ُ َِْ َ اَ َ َ
(ٖ)
ذماَ ْ َ االْ ُُ ْم ِِفَِ َا
و} َ ُ ُضاتنيج َِْاوتَِِِبا َِج ْنااللّها َات ِ
َ َ َ ْْ
اِلَ َاو ْ ِه ا َِِّبا ِ ِ
وقاؿ يوسؼ {ا ْذ َلُواْ اَِ ُذَي َ
الني َاا ا َأَلْ ُوَُ َ
وا}(ٗ) . َنااوْثُ ِوِناِأَللِ ُ ٌا ْ ِ تا ِ تأْ ِ
ََجَع َ ْ ْ َ َ ًَ
رد بصر يعقوب بقميص يوسؼ وىذا خالؼ الظاىر ويعقوب
لـ يأخذ سبب ظاىريا لمعالج ولكف اهلل جعؿ التأثير بقدرتو في
قميص يوسؼ ولـ يكف قميص يوسؼ مؤث ار بذاتو بؿ جعمو اهلل سببا كما
نلا قاؿ { : ا َنيلَ ُْناَنا نااالْ ِشن اَلْ َ نَ اِلَ او َِ ِه ا َنرثَ ْْ ا ِ
َ ًناافَ َ َ َ ُ ُ َ َْ ْ َ
َ ََلْاَفُلالْ ُ ٌْاِ ِِّنا َِْلَ ٌُا ِ َ االلّ ِها َنا َاثَني ْعلَ ُُو َنا}()1اا
فعمـ مف ذلؾ أف كؿ مخموؽ في تأثيره محتاج إلى اهلل واهلل ي يحتج
في إظيار أثر مف ابثار إلى شيء مف خمقة وىو قادر أف يظير أثر
بدوف شيء مف األشياء أو يجعؿ األثر في أي مخموؽ مف مخموقاتو مثال
المساف في النطؽ يحتاج إلى أمر اهلل واهلل ي يحتاج في إظيار
النطؽ إلى المساف بؿ ىو قادر أف يخرج النطؽ مف أي عضوا شاء كما
اِلَ اَْني َو ِال َِ ٌْ َاوثُ َ لِّ ََُُناَتْ ِْت َِ ٌْ َاوثَ ْش ََ ُْا َْر ُ لُ َُ ٌْا قاؿ { : الْذنيوم َ ِ
ادْج ٌُ َ َْ َ
(ٕ)
ن} ِبَنا َكن ُوااتَ ْ ِِفُو َا
ِّثا
اَتَْ ُ وكذلؾ تتحدث األرض يوـ القيامة كما قاؿ { : تنيَ ْوَ ِْ ٍا ُ
ِ
ارْ َ ا َْو َ ا َبَن } َخَ َنرَلناوا أَ ْن َ
(ٖ)
ْ
واهلل ينطؽ أعضاء البدف يوـ القيامة كما قاؿ َّْ َ { : ت اِ َذاا َ نا
ود ُل ٌْ ِابَنا َكن ُوااتنيَ ْع َُلُو َن اوا َ ُنرُل ٌْ َاو ُ لُ ُ اِلَْذ َِ ٌْ َ
اَسْعُ َُ ٌْ َاوَْ َ ولنا َ َِ َْ ََ ُنؤ َ
ىكذا اهلل ي يحتاج إلبصار أحد إلي العيف بؿ العيف تحتاج إلي أمر
اهلل ،واهلل ي يحتاج إلييا واليد في البطش تحتاج إلى أمر اهلل واهلل
ي يحتاج إلييا والرجؿ في المشي تحتاج إلى أمر اهلل ،واهلل ي يحتاج
إلييا ىكذا المخ والقمب في التفكير والتدبر والفيـ و ألدراؾ يحتاج إلي
أمر اهلل و اهلل ي يحتاج إليو والطعاـ في سد الجوع يحتاج إلي
أمر اهلل ،واهلل ي يحتاج في دفع الجوع إلي الطعاـ والماء في دفع
العطش يحتاج إلي أمر اهلل ، ٍواهلل ي يحتاج إلي الماء كما ورد
عند خروج يأجوج و مأجوج يختفي المسمموف في المار ليس طعاميـ إي
التسبي فيندفع جوعيـ و عطشيـ بذكر اهلل وقس عمي ذلؾ سائر
المخموقات واألسباب واألشياء المنتشرة في الكوف فخنيا تحتاج في إعطاء
تأثيراتيا إلي أمر اهلل واهلل ي يحتاج إلييا.
فنرجع إلي قصة يوسؼ ولما اجتمعت العائمة بأكمميا خاطبيـ
يعقوب وقاؿ ألـ أقؿ لكـ إني أعمـ مف اهلل ما ي تعمموف ألنو ىو
الذي قاؿ سابقا وأعمـ مف اهلل ما ي تعمموف أي أعمـ قدرة اهلل الميبية و
أنتـ تعمموف الظاىر محضا وتتأثروف بالمشاىدة وأنا أتأثر بقدرة اهلل
الميبية ،فاهلل جمع بيف عائمتنا كميا خالؼ الظاىر بقدرتو الميبية.
واهلل ىو الفعاؿ الحقيقي يفعؿ ما يشاء بقدرتو وي يحتاج إلي أحد
مف خمقو وىو خالؽ جميع األشكاؿ والصور واألسباب واألشياء ويفعؿ.
ٔ) إما بالشكؿ الظاىريٓ
ٕ) واما ضد الشكؿ الظاىريٓ
ٖ) واما يخمؽ الشيء فجأة مف حيث ي يحتسب اإلنساف.
ناوااوتنيَ ْ ُزفْهُ ا ِ ْ ا
َ {:اوَ اتنيَج َِْ االلْهَ َْ
اَي َعلالْهُ اُمََْ ً ااااااكُنافنلا ا َ ا
اِلَ االلْ ِها َني َُ َو ا َ ِْفُهُاِ ْن االلْهَا َنلِ ُغ اَْ َِِا
ب َاوَ اتنيَجَني َوْك ْل َ
اُيجَ ِ
ث ا َ َْ ُ
ِف َ ْذ ُ
فَ ْْا َ َع َلااللْهُالِ ُ ِّلا َ ْي ٍاافَ ْْ ًرا}()1ا
اااااكُنارزقااهللا اِلذَناالِفغمآت اُّم ابازك تنا افنلااهللا
ا
{ا َنيجَني َ ْنيلََن ارنيَُّن اَِ ٍ
ول ا َ َِف ٍ َاوَ َجَني ََن ا َنيَنثًن ا َ َِفًَن َاوَك ْفلَ ََن ا َزَك ِتْاناَ ََ ُ
ََّنا
نل اتَنا َ ْ َُ ا ْ َْ َلنا ِرْزفنًافَ َ
اِ َُكلُْنادخل اِلَذنيَنا َزَك ِتْناالْ ُِم اب او َْ ِ
َْ َ َ َ َ َ َ َ َ َْ
اَِ ِْ االلّ ِه ا ْن االلّهَ اتَنيْ ُز ُق ا َ اتَ َشنا اِغَ ِْنا لَ ِ الني َاا افَنلَت الو ا ِ ِ
ْ َُ ْ َ
نبا}(َ)2ا ِ ِف ٍ
َ
ٔ) سورة الطالؽ _ابيتاف ٖ.ٕ،
ٕ) سورة آؿ عمراف _ ابية .ٖٚ
روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)
017
وكما رزؽ خبيب في أسره وكاف بيده عنقود مف عنب ولـ تكف
حبة مف عنب في مكة كميا .
وكما رزؽ المقداد بف األسود لما ذىب لقضاء حاجتو فجاءت
الفأرة بدينار وألقتو أمامو ثـ جاءت بدينار أخر ىكذا ألقت سبع عشر
دينارا.
وكما رزؽ الصحابة في غزوة سيؼ البحر ،دابة يقاؿ ليا العنبر
أكؿ منيا ،ثالثمائة مف الصحابة ، ودخؿ ثالثة عشرة مف الصحابة
في حمقة عينيا .
اليقين الثاني:
أف اهلل ىو خالؽ األحواؿ كميا ،وما مف حاؿ يأتي عمى
اإلنساف إلي بأمره ومشيئة ،فينبمي لإلنساف أف يمتجئ إليو في كؿ حاؿ
مف األحواؿ ،وأي حاؿ مف األحواؿ يمر عمى اإلنساف فينسبو إلى اهلل ،
وتط أر األحواؿ المختمفة عمى اإلنساف ليال ونيا ار ،وفي أوؿ وىمة ي بد
اواوَْهُ ُ
ال َوا َض َم َ َاوَْ َ َ ال َو ا ْمف ايلتفات إلي اهلل قاؿ َ { : وَْهُ ُ
و اال ْا َكَ َاوا ْ ُ ًَ اوا ِ ا ُّطَْف ٍ اِذَااَتََُْنا
اخلَ ََ االْ ْو َ ْ ِ
ناواوَْهُ َ
نت َاوَ ْ ذَ َ
ََ َ
روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)
018
واوَ ْن ِ
با اواوَْهُ ُ
ال َو َار ُّ ىاواوَْهُ ُ
ال َو اَ ْْ ََن َاوَفْني ََن َ َ اِلَْذه االَْ ْشأََة اا ْ ْ
ُخَ َ َ
ودا َ َُناَْني َ
اواوَُ َ
ُوىل َ ىاواواَْهُا َْللَ َ َ
اِ ًندااا ْ َ ِّعَ َالش ْ
(ٔ).
}
وذكر اهلل قصص األمـ الماضية الكافرة ،كيؼ اهلل قمب أحواليـ
مف العز إلي الذؿ ،ومف القوة إلي الضعؼ ،ومف المنى إلي الفقر ،ومف
السراء إلي الضراء ،ومف الحفظ إلي اليالؾ .
وكذلؾ ذكر اهلل قصص األمـ المؤمنة كيؼ أصم اهلل أحواليا
مف الذؿ إلي العزة ،ومف الضعؼ إلي القوة ،ومف اليالؾ إلي الحفاظة
،ومف الضراء إلي السراء ،ومف الفقر إلي المنى ،ومف األحزاف إلي
األفراح .
أاض َع ُفو َن ا َ َشن ِر َق اا َْر ِ قاؿ َ { : و َْوَرثْنيََناالْ َ ْوَم االْ ِات َ ا َكن ُواْاتُ ِْفجَ ْ
ذلا و غَن ِر نيَناالِِْتا نرْكََنا ِذَناوََتْتا َكلُِتارِّ َ اا ْ ِفَناِلَ ا ِِناِ مِِ
ُ ْ َ َ َ َْ َ ََ َ َ ْ َ ُ َ ََ ََ
(ٔ)
ن} َََ ُما ِْ َِ ْو ُن َاوفَني ْوُهُ َاوَ نا َكن ُواْاتنيَ ْع ِ ُ و َا
ناصَني ُواْ َاوَد ْ ْ َنا َ نا َكن َناتَ ْ
بَ َ
ِ
ااواوُزُروٍَث َاوَ َ ٍنما َك ِ ٍ اا ٍ ٍ ِ
وقاؿ َ { : ك ٌْاثَنيَُكواا ا َ َْنت َاوُِذُون َ
ِ ِ ِ ٍ
نامخ ِت َا }
نلنافَني ْوً َ وااوا َك َال َ َاو َْوَرثْنيََ َ واونيَ ْع َُ ا َكن ُواا َذَنا َنك َِ َ
(ٕ)
َ
ت اظَنلِ َُ ً َاوَ َشأَْنا نيَ ْع َْ َلنا ٍ ِ
َ ََُْنا افَني ْتَ ا َكن َ ْ وقاؿ َ { : وَك ٌْ افَ َ
ضواا ضو َناواَ اثَني ُْك ُ نامخ ِت َ اوا َنيلَ ُْناَ َ ُِّفواا َأْ َ ََناِ َذ ُ
االٌا ِّ َْني ََناتنيَ ُْك ُ فَني ْوً َ
ِِ ِِ ِ ِ
َو ْار عُواا َىل ا َ نا ُثْ ِْنيجُ ٌْ ا ذه َاوَ َِفنكاَ ُ ٌْ الَ َعلْ ُ ٌْ اثُ ِْفأَلُو َن اوافَنلُوااتَ َ
ناوتْنيلَََنا
ذْاا
ًَ ِْن ا ُكَْن اظَنلِ ُِو او ا َُن َازالَت اثِّني ْل َ اد ِْوالٌ ا َّْت ا ع ْلََنلٌ ا ِ
َ َ ُ ْ َ ََ ُ ْ َ َ َ
خن ِ ِْت َا}(ٖ).
َ
وبعضيـ بالضعؼ ،قاؿ اهلل َ { : ولَ ْاو َ َِف َط االلْهُاالِّ ْز َق الِعَِ ِندَِ الََنيغَ ْواا
أاولَ ِ اتنيََنيِّ ُلاَِ َْ ٍرا ْنات َشنااِْهاِعِ ِندَِاخِنا ِ
نٌ }(ٕ). َا ُ َ َ ٌَ َ ِٓتاا ْ َْر ِ َ ُ
وربط اهلل األحواؿ باألعماؿ ،ي باألسباب واألشياء ،إف كانت
األعماؿ صالحة ،فاألحواؿ صالحة ،واف كانت األعماؿ فاسدة فاألحواؿ
َ ا َب نيُ ُنيٌا ،ق ػػاؿ اهلل : الّني ِنيات ام َُ نيواْاوََلاتني ْلِِف نينيواْاِّيَنينين نيٌََاِظُْل ني ٌٍا ُولَني نيِْ
َْ ُْ َ َ ََْ َُ
ن .)ٔ( ا ْ ُ َاوُل ٌْا ّ َْجَ ُْو َا
أي ي يختمط يقينيـ الصحي باليقيف الفاسد ،بؿ كاف يقيػنيـ خالصػا
،عم ػ ػػي اهلل ُْ ( ولَني نينيَِْ َ ا َب نيُني ُنيٌاا ْ ني ني ُا ) أي ف ػ ػػي ال ػ ػػدنيا وابخػ ػ ػرة ( َوُل ني ني ْنيٌا
ن ).ّ َْجَ ُْو َا
بيف اهلل في ابية الكريمة إف أردتـ األمف فاجتيدوا بتقوية إيمػانكـ
واصػػالح يقػػيف قمػػوبكـ ،فيصػػم اهلل أح ػوالكـ ،وبػػدوف ذلػػؾ لػػو بػػذلتـ كػػؿ
القوة مف األسباب المادية لمحصوؿ عمي األمف ي يأتي األمف أبدا .
اليقين الثالث:
أف اهلل ىػ ػػو رب العػ ػػالميف ،وىػ ػػو الػ ػػذي يقضػ ػػى الح ػ ػوائج ويحػ ػػؿ
المش ػػاكؿ بقدرت ػػو ،ي يحتػ ػػاج إل ػػي سػ ػػبب م ػػف األس ػػباب والػ ػػي ش ػػيء مػ ػػف
األشياء.
واهلل ىو الذي جعػؿ الحػوائج فػي اإلنسػاف ،وىػو الػذي يقضػييا ،
ولك ػػف اإلنس ػػاف ي ػػري قض ػػاء الحػ ػوائج ف ػػي األس ػػباب واألش ػػياء ،وى ػػذا ى ػػو
ايختبػػار مػػف اهلل أنػػو نشػػر األسػػباب فػػي عػػالـ الػػدنيا وجعػػؿ الػػدنيا دار
األسػ ػػباب وربػ ػػط الح ػ ػوائج باألسػ ػػباب ،فينظػ ػػر اهلل مػ ػػف يتػ ػػيقف عمػ ػػى
األسباب الظاىرية ويتوجو إلييا كؿ التوجو ويفر إلييا فػي كػؿ أمػر ،ومػف
يتػػيقف عمػػى اليػػو ويفػػر إليػػو فػػي كػػؿ أمػػر مػػف األمػػور ،مػػع كث ػرة األسػػباب
واألشياء ،ومف يتعمؽ قمبو باهلل ومف يتعمؽ قمبو باألسباب .
ومػػف جممػػة األسػػباب الممػػؾ والمػػاؿ والمناصػػب ،والػػذىب والفضػػة ،
واألرض والزراعة ،والتجارة والصناعة ،والوظيفة ،فنشرىا اهلل في العػالـ
اب ػػتالء لمعب ػػاد ،ول ػػـ ينش ػػر األس ػػباب ف ػػي الع ػػالـ لحاجت ػػو إل ػػى األس ػػباب ،
بمعنى أنو ي يقدر والعياذ باهلل عمي قضاء الحوائج بػدونيا بػؿ ىػو غنػى
عػػف العػػالميف وىػػو الصػػمد ،وقػػد نشػػر األسػػباب امتحانػا واختبػػا ار كمػػا قػػاؿ
أا ِزتََ ني ًا ْب نيَنينالََِْنيلُني َنيوُل ٌْاَتنيُّ َُ ني ْنيٌاَ ْ َِف ني ُ ا ِْ { :نينينا َ َعْلََنينينا َ ني َ
نيناِلَ ني ااْ َْر ِ
غ } (ٔ). َِ َُ ًا
ثالث اختبارات مقصودة من خمق األسباب:
األول :جعؿ اهلل بعض األسباب حػالؿ ،وبعضػيا حػراـ ،فمػف كػاف يقينػو
عمػػي األسػػباب ي يميػػز بػػيف الحػػالؿ والحػراـ ،بػػؿ ينظػػر إلػػي حػػؿ مشػػكمتو
بػػأي سػػبب كػػاف حػػالؿ أو ح ػراـ ،بخػػالؼ مػػف كػػاف يقينػػو عمػػى اهلل ،فيػػو
يع ػػرؼ ح ػػؽ المعرف ػػة أف اهلل ى ػػو قاض ػػي الحػ ػوائج ،وى ػػو ال ػػذي يح ػػؿ
المش ػػاكؿ ،وأن ػػا أخت ػػار الس ػػبب امتث ػػاي ألم ػػر اهلل وح ػػده ،فيت ػػرؾ الحػ ػراـ
ويختػػار مػػف األسػػباب مػػا كػػاف حػػالؿ مػػثال قػػاؿ { الْني ِنيات َ اتَنيأْ ُكلُو َناالِّ نيَنينا
نيسا َذلِني َ ا ِ َاتني ُو نينيو َناِ ْا َكُنينيناتني ُ ني ِ
نيوماالْنينياياتنيَجَ َلْطُنينيهُاال ْشني ْنيذطَن ُنا ني َ االْ َُني ِّ
َ َ ُ َ ُ
ِ ِ ِ
ناوَ َ ْلااللّنيهُاالَْنيْذ َنيم َاو َ نيْ َماالَِّنينا َ َُني ا َ نيناَُا أَنيْ َُ ٌْافَنلُواْا َّْنَناالَْنيْذ ُما اًْ ُلاالَِّ َ
نيندا َأ ُْولَنينيِْ َ ا
اِ َ
ِ
ف َاوَْ َُُاِ َىلااللّنيه َاوَ ني ْ َ
ِ
َ ْوِظَ ٌا ِّ ا ْرِّها َن جَني ََ َ ا َنيلَهُا َ نا َ لَ َ
ِ
(ٔ)
ن}ناخنلِ ُْو َا َصمنباالَْن ِر ِ
ال ٌْا َذَ َ ُ َْ ُ
فيتػػرؾ الربػػا ويختػػار البيػػع ،بخػػالؼ مػػا كػػاف يقينػػو فاسػػدا ،فػػال يميػػز
بيف البيع والربا ،يريد زيادة الماؿ سواء يحصؿ بالماؿ بالحراـ أـ بػالبيع ،
وىذا ىو المقياس لمعرفة اليقيف أنو صحي أـ فاسد ،واي كؿ مسمـ يظػف
بأف يقينو صحي ،وايمانو كامػؿ وي يػرى نفسػو بحاجػو إلػي إصػالح يقينػو
،وي إي تعمػػـ اإليمػػاف ،وكػػاف الصػػحابة يػػروف أنفسػػيـ بحاجػػو شػػديدة
بػػتعمـ اإليمػػاف مػػع أنيػػـ صػػحبوا رسػػوؿ اهلل َ عػ ْػف ُج ْنػ ُػد ِب ْبػ ِػف َع ْبػ ِػد المأػ ِػو
ػاف َح ػ َػزِاوَرةٌ فَتَ َعمأ ْمَن ػػا
ص ػػمأى المأ ػػوُ َعمَ ْي ػ ِػو َو َس ػػمأ َـ َوَن ْح ػ ُػف ِفتَْي ػ ٌ ػي َ ػع الأنبِ ػ ِّ
قَ ػػا َؿ ُكأن ػػا َم ػ َ
يم ًانا(ٕ). ِِ ِ أ أ ِ
آف فَ ْازَد ْدَنا بو إ َ آف ثُأـ تَ َعم ْمَنا ا ْلقُ ْر َ َف َنتَ َعم َـ ا ْلقُ ْر َاف قَْب َؿ أ ْ يم َْاإل َ
ت َع ْب َد المأ ِػو ْب َػف ُع َم َػر َ ،يقُػو ُؿ" : ؼ ،قَا َؿ َ :س ِم ْع ُ اسِـ ْب ِف عو ٍ
َْ
وع ِف ا ْلقَ ِ
َ
آف َ ،وتَْن ػ ِػز ُؿ ػاف قَْبػ ػ َؿ ا ْلقُػ ْػر ِ ِ ِ ِ
يم ػ َ
َح ػ ُػدَنا ُي ػ ْػؤتَى اإل َ لَقَ ػ ْػد ع ْش ػ َػنا ُب ْرَىػ ػةً م ػ ْػف َد ْى ِرَن ػػا َ ،وأ َ
آم َرَىػا السورةُ عمَى مح أم ٍد صمأى المأػو عمَ ْي ِػو وسػمأـ فََنػتَعمأـ حاللَيػا وحراميػا ،و ِ
ُ َ َ َ َ َ ُ َ َ َ ََ َ َ َ َ َ َ َُ
آف ، أ وَاز ِجرىا ،وما ي ْنب ِمي أَف ي ِق َ ِ ِ
وف أ َْنتُ ُـ ا ْلَي ْػوَـ ا ْلقُ ْػر َ
ؼ ع ْن َدهُ م ْنيَا َ ،ك َما تَ َعم ُم َ ْ َ َ ََ ََ ََ
ػر َمػػا َبػ ْػي َفػاف ،فََي ْقػ َأُيمػ ِ ِ ػت ا ْلَيػ ْػوَـ ِر َجػػاي ُيػ ْػؤتَى أ َ
آف قَْبػ َؿ اإل ََحػ ُػد ُى ُـ ا ْلقُػ ْػر َ ثُػ أـ لَقَػ ْػد َأرَْيػ ُ
َف َي ِقػ َ
ػؼ ِ ِ ِ ِِ
فَات َحتػػو إِلَػػى َخات َمتػػو َمػػا َيػ ْػد ِري َمػػا آمػ ُػرهُ َوي َاز ِجػ ُػرهُ َ ،وي َمػػا َي ْنَبمػػي أ ْ
ِ ِِ
والخطػػاب لممػػؤمنيف اهلل عػػنيـ قػػاؿ اهلل ( تَنينيناَتنيُّ ََنينيناالْني ِنيات َ ام َ َُ نيواْام ِ َُ نيواْ)
وأمػػروا باإليمػػاف ،مػػع أف اإليمػػاف كػػاف موجػػود فػػييـ ،فمعنػػى ابيػػة تعممػوا
اإليم ػػاف المطم ػػوب عن ػػد اهلل ،أي أخرجػ ػوا اليق ػػيف الفاس ػػد م ػػف القم ػػب عم ػػى
جمي ػػع م ػػا س ػػوى اهلل م ػػف األس ػػباب واألش ػػياء واألحي ػػاء واألمػ ػوات واألمػ ػواؿ
وأىؿ األمواؿ والمناصب وأىميا.
االختبار الثاني:
أمر اهلل يختمؼ بنسبة اختيار األسباب وتركيا ،مػثال :أمػر اهلل عنػد
نداء الجمعة وترؾ البيع وعند الفراغ مػف الصػالة ،أبػاح اهلل ايشػتماؿ
نيوديالِل ْ
َني َنيغةِا ِ ني ا بػػالبيع والشػراء ،قػػاؿ { :تنينيناَتنيَُّنينيناالْني ِنيات ام َنيوااِذَاا نيُ ِ
َ َُ َ َ
اإل ْقَب ِ
ػاؿ... اب اْل ُخ ُشوِع ِفػي أ ِ
ػالة و ِ ض » ُج أماعُ أَْبو ِ
اب اْل َحْي ِ ِ
الص َ َ ٔ) السنف الكبرى لمبييقي » كتَ ُ
ػاف أَأنػػوُ إِأن َمػا ِقيػ َػؿ َ :يػ ُػؤميُ ْـ _ ...رقػػـ الحػػديث ( ، )ٗٛٙٛالمسػػتدرؾ عمػػى
ػاب اْلَبَيػ ِ
» َب ُ
الصحيحيف» كتاب اإليماف» كيؼ يتعمـ القرآف _ رقـ الحديث (. )ٔٓٛ
روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)
006
نل ُْوااِأَ ْ َوالِ ُ ٌْ َاوَْني ُف ِِف ُ ٌْ ِآتا َ نيِ ِذلااللْ ِنيها َذلِ ُ ْنيٌا
ااخ َفن نًاوثَِ ن ًاو ِ
َ ََ
ا ِْف و ِ
ُ
ي يقوـ بيذا األمر بؿ يكوف شاقا عميػو )ٕ( َخْذنيٌ الَ ُ ْاٌاِ ْنا ُكَْجُ ٌْاثَني ْعلَ ُُون
ألف يقين ػػو عم ػػي األس ػػباب ،ول ػػو يقػ ػػوؿ بمس ػػانو أن ػػا مس ػػمـ كام ػػؿ اإليمػ ػػاف
صحي العقيدة ،وأنػا موحػد بػاهلل ولكػف ىػذا المقيػاس لمعرفػة صػحة اليقػيف
وفساده قاؿ {: تَنيناَتنيُّ ََنيناالْ ِنيات َ ام َ َُنيواْا َ نينالَ ُ ْنيٌاِ َذاافِذ َنيلالَ ُ ُنيٌاا ِفني ُواْ ِآتا
بكافر وي مشػرؾ ،ولكػف اليقػيف فاسػد ،بحيػث أنػو متػيقف عمػي غيػر اهلل ،
واهلل تب ػػارؾ وتع ػػالي ،يري ػػد من ػػا اليق ػػيف الخ ػػالص ،ألف ك ػػؿ م ػػا س ػػوي اهلل
ِ
اُيذِنييا ال َواا َْ ُّنيَ َاوَْنيهُ ُْ باطؿ واهلل ىو الحؽ ،قاؿ تعالي َ { :ذل َ اِأَ ْنااللْهَ ُ
لا َ ي ٍاافَ ِْتٌا }(ٔ) . الْ َُ ْوثَ َاوَْهُ َ
اِلَ ا ُك ِّ ْ
ادو نيِ ِنيها ِ ِ
وقػػاؿ تعػػالي { :ذَلني َ اِنيأَ ْنااللْنينيهَ ُ
الني َانيواا َْني ُّنيَ َاوَ ْنا َ نينيناتَني ُِْْو َنا ني ُ
(ٕ)
نُ } ال َواالْ َعلِ ُّياالْ َ ِ ا ِ
ُل َواالَْنس ُل َاوَ ْنااللْهَ ُ
ِ ِ
اااااوفنينينلاثعنينينِلا{:ا نيَ ْنيلا نيَ ْ نينيا ُ اِنينين َْ َِّ َ
اِلَني االَْنسني ِنيلا َنيذَ ْْ َ غُنينيهُا َنيِجذَ ُ
االني َنيوا
َ ُفو َنا}()3 َز ِالَاولَ ُ ٌاالْوتل ِافْناثَ ِ
ٌ َ ُ َْ ُ
المراد مف الحؽ في ابية الكريمة :الحؽ الخالص .
والباطل عمي نوعين :
ٔ) باطػػؿ خػػارجي :معػػروؼ عنػػد المسػػمميف جميعػػا ،مثػػؿ اإللحػػاد والزندقػػة
والشرؾ باهلل وعبادة األصػناـ والييوديػة والنصػرانية والمجوسػية وي شػؾ أنػو
باطؿ .
ٕ) باطؿ داخمي :ىو فػي قمػب المسػمـ ،وي يػدري مثػؿ اليقػيف الفاسػد عمػي
ما سوي اهلل ،وقد يرسػخ فػي جػذر القمػب ،واذا نظرنػا إلػي سػيرة الرسػوؿ
فوجػدنا أنػػو اجتيػػد أوي لتطييػػر القمػػوب ،مػػف وسػػخ اليقػػيف الفاسػػد ،وإلخػراج
الباطؿ الداخمي مف القموب ،مع أف الباطؿ الخارجي ،في صورة األصناـ
التػػي كانػػت فػػي الكعبػػة المشػػرفة ،ولكنػػو لػػـ يكسػػر األصػػناـ فػػي حياتػػو
المكي ػ ػػة ث ػ ػػالث عش ػ ػػر س ػ ػػنة ،وعن ػ ػػدما تطي ػ ػػرت القم ػ ػػوب ،وترس ػ ػػخ اليق ػ ػػيف
الصػحي ،عمػي اهلل وحػده وخػرج الباطػػؿ مػف القمػوب فقػاـ لتكسػير األصػػناـ
بعد فت مكػة المكرمػة ولكنػو لػـ يكسػر األصػناـ فػي حياتػو المكيػة وىػذا
ػوؿ المأػ ِػو
ػاف لَ ُكػـ ِفػي رس ِ
َُ ىػو الترتيػب النبػوي مػا يسػتفاد مػف سػيرتو { لَقَ ْػد َك َ ْ
ِ (ٔ) .
اف َي ْر ُجو المأوَ َوا ْلَي ْوَـ ْاب ِخ َر َوَذ َك َر المأوَ َكث ًا
ير} ِّ
ُس َوةٌ َح َسَنةٌ ل َمف َك َ
أْ
فكيؼ نجتيد إلحياء اليف في العالـ ،ولدمغ الباطؿ في العالـ
فال بد أف نرجع إلي سيرة الرسوؿ ونقتبس مف نوره ،ونفعؿ ما
فعؿ ، كما قاؿ اإلماـ مالؾ ( رحمو اهلل ) :ي يصم أخر ىذه األمة
إي بما صم أوليا.
ومف جممة اإليماف باهلل ترسيخ عظمة اهلل وكبرياء اهلل في القموب ،
كما قاؿ { : ورأب َؾ فَ َكبِّر} {ولَو ا ْل ِك ْب ِرياء ِفي الس ِ
ات و ْاأل َْر ِ
ض }{ أم َاو َ
َ َ َ ُ ََ
ير } فاهلل أكبر مف كؿ صفة مف صفاتو عممو أكبر كما قاؿ : َو َكب ِّْرهُ تَ ْكبِ ًا
ندهُ َمفَاتِ ُ ا ْل َم ْي ِب يَ َي ْعمَ ُميَا ِإيأ ُى َو }وبصره أكبر ففي صفةَ {و ِع َ
َف المّوَ َعمَ َى ُك ِّؿ
البصر أكبر وفي السمع أكبر وقدرتو عظيمو{ أَلَ ْـ تَ ْعمَ ْـ أ أ
َش ْي ٍء قَ ِدير} وفي صفة الخمؽ أكبر ٓ
يقول الشيخ يوسف ( رحمو اهلل ) :مع كؿ صفة مف صفات اهلل
ثالث صفات مرتبطة بيذه الصفة:
الصفة األولي :أنو أكبر فمثال في صفة الخمؽ فيو أكبر وفي صفة معز
فيو أكبر وفي صفة أنو حفيظ فيو أكبر وغيرىا مف الصفات.
الصفة الثانية :أنو قادر صفة القدرة مع كؿ صفة مف الصفات في صفة
الخمؽ فيو القادر وفي صفة الحفظ فيو القادر وىكذا في كؿ الصفات.
الصفة الثالثة :أنو صمد أي ي يحتاج ألحد مف خمقة ،وكاف الشيخ
محمد يوسؼ رحمو اهلل يقوؿ :أف اهلل ما ذكر شيء مف عظـ
المخموقات في القرآف الكريـ إي أف المقصود بذكره ذكر عظمة اهلل
وكبريائو تعالي ،وذكر الجنة والنار ليس لبياف عظميما بؿ لبياف عظمة
قدرة اهلل .
إف اهلل أعد في الجنة ما أعد لممطيعيف وأعد المصائب العظيمة
لممجرميف.
فذكر الجنة ليس لبياف عظمة الجنة بؿ لبياف عظمة اهلل .
وذكر النار ليس لبياف عظـ النار ولكف لبياف عظمة اهلل .
روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)
022
فعمي قدر ما تترسخ عظمة اهلل في القموب تأتي عظمة أوامر اهلل
في القموب ،وعمى قدر ما تأتي عظمة أوامر اهلل في القموب يسيؿ
امتثاؿ أوامر اهلل ، مثال إف اهلل بيف حرمة الربا في ىذه ابية قاؿ
آم ُنوا ) خاطبيـ بوصؼ اإليماف ،ألف اإليماف أِ
يف َ
اهلل تعاليَ ( :يا أَييَا الذ َ
يقيـ اإلنساف عمى امتثاؿ أوامر اهلل ، ثـ قاؿ اتقوا اهلل ثـ قاؿ ذروا ما
بقي مف الربا ثـ أخي ار ذكر صفة اإليماف وقاؿ إف كنتـ مؤمنيف بدوف
اإليماف الحقيقي ي يمكف ترؾ الربا وكذلؾ إذا بيف اهلل حكما مف
األحكاـ في القرآف الكريـ قبمو أو بعده يذكر اهلل عمى سبيؿ الترغيب
أو الترىيب التذكير باإليماف والتقوى.
فمثال :بيف اهلل أحكاـ الحج فقاؿ في أخرىا واتقوا اهلل واعمموا أف اهلل
شديد العقاب أي لمف خالفو وقاؿ فمي أية أخرى واتقوا اهلل واعمموا أنكـ
إليو تحشروف .وبيف اهلل أحكاـ الطالؽ في سورة الطالؽ فقاؿ في ضمف
وىو القياـ بامتثاؿ أمر اهلل خالؼ النفس وذكر اهلل اإليماف واألعماؿ
الصالحة في القرآف كمو
والصديق من ىو؟
ىو الذي يتيقف يقينا كامال بدوف أدنى ريب وتردد بموعودات اهلل
َ { والْ ِات َ ام َ َُوااِنللْ ِه َاوُر ُ لِ ِه ا ُْولَِْ َ ا وبأخبار األنبياء كما قاؿ اهلل
ن}
االَِّْت ُو َا
ُلٌ ِّ ُ
وقاؿ اهلل َِّْ {نَناالْ ُُ ْوِ َُو َناالْ ِات َ ام َ َُوااِنللْ ِه َاوَر ُ ولِِهاّتُْا ََلْاتنيَ ْثَن ُواا
َ ِندفُو َا ِ ِ ِ ِِ
ن }. ال ٌُاال ْ نل ُْوااِأَ ْ َواب ٌْ َاوَ ُفِف َِ ٌْ ِآتا َ ِ ِذلااللْها ُْولَْ َ ُ
َو َ َ
ومن أميات العقائد اإليمان بالمالئكة:
اإليمان بالمالئكة:
والمراد مف اإليماف بالمالئكة :أف يخرج اليقيف مف القمب عمى
النظاـ الظاىري ،ويأتي اليقيف عمى النظاـ الميبي ،ما يسيره اهلل
بالمالئكة .والنظاـ عمى نوعيف:
ٔ) نظاـ ظاىري.
ٕ) نظاـ غيبي.
روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)
024
وبمفظ آخر نظاـ أرضي ونظاـ سماوي .وبعبارة أخرى نظاـ مادي
ونظاـ روحي ،فيخرج اليقيف عمى النظاـ األرضي والمادي ،ويترسخ
اليقيف عمى النظاـ الروحي والسماوي .
ونظاـ األرض تابع لنظاـ السماء ،النظاـ الظاىري لمنظاـ الميبي ،
والنظاـ المادي تابع لمنظاـ الروحاني ،ي يحدث شيء في األرض إلي ما
يقضى في السماء ،فتتصرؼ وجية القمب عف النظاـ الظاىري ،ويتركز
النظر عمى النظاـ الميبي ،واهلل ي يحتاج في تسيير نظامو الميبي
إلي المالئكة.
أنزؿ اهلل المالئكة لنصر المسمميف في معركة بدر ،قاؿ اهلل {:
َْ ُ اِ ْا ِ ْ ا
َ ناال او و نا علَهااللّهاِ ْا ْش ىالَ ُ ٌاولِجَطُِْْ ْ افُنيلُو ُ ٌاِِ
ه
ََ ْ ُ َْ َ ََ َ َ ُ ُ ُ َ
(ٔ)
ٌ} ِِ ِ
َْااللّ ِهاالْ َع ِت ِ اا َْ ِذ ِا
ألف اإلنساف يتسمى ويطمئف ويستبشر بكثرة العدد ،ولكف اهلل
نبو عمى أي تمتجئ أنظاركـ إلي المالئكة ،بؿ أصرفوا وجية قموبكـ إلي
النظاـ الميبي فيو ينج في الدنيا وابخرة ،واذا خالفو النظاـ الميبي ولو
وافقو النظاـ الظاىري فيو يخسر الدنيا وابخرة وذكر اهلل قصص
األمـ الماضية الذيف ىـ أصمحوا يقينيـ وأصمحوا أعماليـ وافقيـ النظاـ
الميبي فنجحوا في الدنيا وابخرة مع أف النظاـ الظاىري ضدىـ.
اإليماف بالمالئكة ينتظـ في معاف :
أوي :التصديؽ بوجودىـ
ثانيا :إنزاليـ منازليـ ،واثبات أنيـ عباد اهلل وخمقو كاإلنس والجف
مأموروف مكمفوف ي يقدروف إي عمى ما أقدرىـ اهلل عميو والموت عمييـ
جائز ولكف اهلل جعؿ ليـ أمدا بعيدا فال يتوفاىـ حتى يبمموه .وي
يوصفوف بشيء يؤدي وصفيـ بو إلي إشراكيـ باهلل تعالي وي يدعوف آلية
كما دعتيـ األوائؿ .
الثالث :ايعتراؼ بأف منيـ رسال يرسميـ اهلل إلي مف يشاء مف البشر
وقد يجوز أف يرسؿ بعضيـ إلي بعض ويتبع ذلؾ ايعتراؼ أف منيـ
حممة العرش ،كما قاؿ اهلل {: الْ ِات َا َُْي ُِلُو َان اْل َع ْر َش َوَ ْ ا َ ْولَهُا
تا تِفِّمو َن ِاِبُ ِْارٌِِّاوتني ْوِ َُو َناِِهاواتِفجَني ْغ ِف و َنالِلْ ِات ام َُواارنيََْ ِ
ناو ْع ََ َ َ َ ََ ْ ُ ُ َ ُ َ ْ َ ْ َُ
روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)
026
اواوِْنالَََ ْم ُ ا
َن ُّو َن َ ومنيـ الصافوف ،كما قاؿ اهلل َ {: وِْنالَََ ْم ُ اال ْ
ن}(ٖ) ومنيـ خزنة الجنة ،ومنيـ خزنة النا ،ومنيـ كتبة األعماؿ الْ ُُ َِفِّ ُمو َا
،ومنيـ الذيف يسوقوف السحاب ،فقد ورد في القرآف بذلؾ كمو أو أكثره.
والمالئكة ي يعمـ عددىا إي اهلل ،كما قاؿ تعالي( :و ناتعلٌا َودا
الوا) (ٗ). ر ا
أخرج البييقي في الشعب عف ابف مسعود قاؿ ما في السموات
شيء موضع أكرـ مجمس وأحسف حديثا منو قاؿ :ذاؾ جبريؿ واف منكـ
لرجاؿ لو أف أحد يقسـ عمى اهلل ألبره.
يماف وىو باب في اإليماف » ...فصؿ ِ ِ ٔ) شعب اإليماف لمبييقي » الثأ ِال ُ ِ
ث م ْف ُش َعب اإل َ
في معرفة المالئكة_ رقـ الحديث (ٖٗٔ) المعجـ الكبير لمطبراني _ رقـ الحديث
(٘ٗ٘ٓٔ).
روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)
029
إف اإليماف ي يكوف بوجود المالئكة فقط ،بؿ مقصود منو اليقيف
عمي نظاـ الحفظ بالمالئكة ،نظاـ المطر بالمالئكة ،ونظاـ األرزاؽ
بالمالئكة .
ومالئكة يستمفروف لزائري المرضي ،ومالئكة يكتبوف األعماؿ،
ومالئكة يحفوف بحمؽ الذكر والعمـ ،ومالئكة العرش يستمفروف لمذيف
آمنوا ،ومالئكة تنزؿ عند الموت (ٔ).
ومف أميات العقائد اإليماف بالكتب:
والمػراد منػػو أف يترسػػخ اإليمػػاف واليقػػيف عمػػي العمػػوـ اإللييػػة ،ويخػػرج
اليقػػيف مػػف القمػب عمػػي العمػػوـ اإلنسػػانية والعصػرية ،كػػؿ العمػػوـ اإلنسػػانية
ظني ػػة ي تخم ػػو م ػػف الش ػػؾ ،ألف أساس ػػيا عم ػػي التجريب ػػات والمش ػػاىدات ،
والتجربػػات تتميػػر ،والمشػػاىدات تُصػػيب وتخطػػئ ،والعمػػوـ اإللييػػة كميػػا
يقيني ػػة ي ري ػػب فيي ػػا وي ش ػػؾ ألف أساس ػػيا عم ػػي موع ػػودات اهلل ، ق ػػاؿ
تعالي :
ٔ) انظر كتاب الحؽ المبيف في معرفة المالئكة المقربيف بقمـ /محمد عمي محمد إماـ.
ٕ) سورة النساء – ابية .ٛٚ
ٖ) سورة النساء – ابية ٕٕٔ .
روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)
031
وفي العموم اإلليية تأثيرات األعمال ،وقوة األعمال ،فمثال تأثير التقوى:
ِ
،)ٔ( وقػاؿ اهلل السادس :قػاؿ اهلل َ و ْاِلَ ُُنيوااَ ْنااللْنيهَا َ َنيماالْ ُُجْ َ
نيوا
ال ٌْا ُُّْم ِِفَُو َا ْ ِ نااللْها ماالْ ِات ااثْني َ و ِ
ن . )ٕ( ااوالْات َ ُ َ ََ َ ْ َ
ناِلَْذ ٌَِا السابع :قاؿ اهلل تعالي َ {:ولَ ْواَ ْنا َْل َلاالْ ُ َىام َ َُواْ َاواثْني َ واْالََفجَ ْمََ َ
أاولَ ني ني ني ِ ا َكني ني ني ْا واْا َأَخني ني ني ْا َنل ِ ٍ
ٌابَني نينينا َك ني نينين ُواْا ُ َ ُ نااوا َْر ِ َ
نيَََك ني نينينتا ِّ ني ني ني َ اال ِْف ني ني َنيُ َ
ن }(ٖ). تَ ْ ِِفُو َا
وك ػػذلؾ ت ػػأثير التوك ػػؿ عم ػػي اهلل ،وت ػػأثير الص ػػبر ،والش ػػكر ،وت ػػأثير
اإليماف.
وكذلؾ قوة األعمػاؿ ،مثػؿ :قػوة الػدعاء ،وقػوة الصػدقة َ ،ع ْػف أََن ِ
ػس
ػي صػػمأى المأػػو عمَ ْيػ ِػو وسػػمأـ قَػػا َؿ ":لَ أمػػا َخمَػ َ أ ٍِ
ض ػؽ المػػوُ ْاأل َْر َ ُ َ ََ َ ْبػ ِػف َمالػػؾ َعػ ْػف الأنبِػ ِّ َ
ػت ا ْل َم َالئِ َكػةُ ِمػ ْػفت فَ َع ِجَبػ ْ اسػػتَقَأر ْ ػؽ ا ْل ِجَبػػا َؿ فَ َعػ َ
ػاد بِيَػػا َعمَ ْييَػػا فَ ْ ػت تَ ِميػ ُػد فَ َخمَػ َ
َج َعمَػ ْ
ؾ َشػػي ٌء أَ َشػػد ِمػ ْػف ا ْل ِجَبػ ِ
ػاؿ قَػػا َؿ َن َعػ ْػـ ِ ِ ِّ ِ أِ ِ ِ
ش ػدة ا ْلجَبػػاؿ قَػػالُوا َيػػا َرب َىػ ْػؿ مػ ْػف َخ ْمق ػ َ ْ
ِ ِ ِ ب فَيَػ ْػؿ ِمػ ْػف َخ ْم ِقػ َ ا ْل َح ِديػ ُػد قَػػالُوا َيػػا َر ِّ
ػارػي ٌء أَ َشػػد مػ ْػف ا ْل َحديػػد قَػػا َؿ َن َعػ ْػـ الأنػ ُ ؾ َشػ ْ
ػاء قَػػالُوا َيػػا ؾ َشػػي ٌء أَ َشػػد ِمػ ْػف الأنػ ِ
ػار قَػػا َؿ َن َعػ ْػـ ا ْل َمػ ُ
ِ ِ ِّ
فَقَػػالُوا َيػػا َرب فَيَػ ْػؿ مػ ْػف َخ ْمقػ َ ْ
ب فَيَ ْػؿ ؾ َشػيء أَ َشػد ِمػف ا ْلم ِ
ػاء قَػا َؿ َن َعػ ْـ ال ِّػري ُ قَػالُوا َيػا َر ِّ ِ ِ َر ِّ
ْ َ ب فَيَ ْؿ م ْػف َخ ْمقػ َ ْ ٌ
صػ َػدقَ ٍة بَِي ِمينِػ ِػو
ؽ بِ َ
ص ػ أد َ ػي ٌء أَ َشػػد ِمػ ْػف الػ ِّػري ِ قَػػا َؿ َن َعػ ْػـ ْابػ ُػف َ
آد َـ تَ َ ؾ َشػ ْ ِمػ ْػف َخ ْم ِق ػ َ
وعػا إِ أي
ػب َي َن ْع ِرفُػوُ َم ْرفُ ً يسػى َىػ َذا َح ِػد ٌ
يث َغ ِري ٌ ِ ِ ِ ِ ِِ
ُي ْخفييَا م ْػف ش َػمالو قَػا َؿ أ َُبػو ع َ
ِم ْف َى َذا ا ْل َو ْج ِو (ٔ).
مف العموـ اإلنسانية تأثيرات األشياء وقوة األشياء ،وىػي غيػر يقينيػة
،وفييا معرفة ايسػتفادة باألشػياء واألشػياء محػدودة وفانيػة ،فالفائػدة التػي
تحصؿ بيا محدودة وفانية ،بخالؼ العمػوـ اإللييػة ،فػخف معرفػة ايسػتفادة
باألعمػػاؿ مػػف خ ػزائف اهلل مباش ػرة ،وخ ػزائف اهلل غيػػر محػػدودة ،فمػػف تعمػػـ
ايستفادة باألعماؿ يستفيد بيا في الدنيا وابخرة ،وفي العالـ كمو.
فػػالمطموب إخ ػراج مػػف القمػػب التػػأثر بػػالعموـ اإلنسػػانية ،وادخػػاؿ التػػأثر
بػػالعموـ اإلليي ػػة ( القػ ػرآف والس ػػنة ) ،كم ػػا ك ػػاف الص ػػحابة رض ػػي اهلل ع ػػنيـ
يتأثروف بيا.
والنجػػاح ك ػؿ النجػػاح فػػي تعمػػـ العمػػوـ اإللييػػة ،والعمػػؿ بيػػا ،والػػدعوة
إلييا.
كانت ىناك ثالثة أشياء في أىل العموم اإلليية :
األوؿ :اليقيف بيا ،كما قاؿ الصحابة رضي اهلل عنيـَ :ع ْف ُج ْن ُد ِب ْب ِف
ٔ) سنف الترمذي » كت ػػاب تفس ػػير القػ ػرآف» ب ػػاب وم ػػف س ػػورة المع ػػوذتيف _ رق ػػـ الح ػػديث
(.)ٖٖٜٙ
روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)
033
وأف اهلل ذكر مف صفات المؤمنيف {َِّْنَناالْ ُُ ْوِ َُو َناالْ ِات َ اِذَااذُكَِ ا
ناو َِلَ َارِِّ ٌْا ً ن ّياِلَْذ ٌَِ امتنثُهُ َاز َادثْني ٌَُ اِ ت ذاللّه اوِ لَت افُنيلُو نيٌَ اوِ َذااثُلِ
َ َ ْ ْ َ َ ْ ُ َ ْ ُُ ْ َ َ
(ٖ)
وي يمكف زيادة اإليماف إي باليقيف عمييا. ن} تنيَجَني َوْكلُو َا
الثاني :العمؿ بيا .
الثالث :الدعوة إلييا .
ٔ) سنف ابف ماجو» كتاب المقدمة» باب في اإليماف _ رقـ الحديث (ٔ.)ٙ
اإل ْقَب ِ
ػاؿ... اب اْل ُخ ُشوِع ِفػي أ ِ
ػالة و ِ ض » ُج أماعُ أَْبو ِ
اب اْل َحْي ِ ِ
الص َ َ ٕ) السنف الكبرى لمبييقي » كتَ ُ
ػاف أَأنػػوُ إِأن َمػػا ِقيػ َػؿ َ :يػ ُػؤميُ ْـ _ ...رقػػـ الحػػديث ( ، )ٗٛٙٛالمسػػتدرؾ عمػػى
ػاب اْلَبَيػ ِ
» َب ُ
الصحيحيف» كتاب اإليماف» كيؼ يتعمـ القرآف _ رقـ الحديث (. )ٔٓٛ
ٖ) سورة األنفاؿ – ابية ٕ .
روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)
034
ٔ) حياة الصحابة _ باب رغبة الصػحابة رضػي اهلل عػنيـ وشػوقيـ إلػي الجيػاد والنفػر فػي
سبيؿ اهلل ٔ. ٖٗ٘/
روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)
035
إذا كان ػػت ال ػػدعوة موج ػػودة فتحي ػػى ش ػػعب ال ػػديف كمي ػػا ،واذا خرج ػػت
الدعوة مف األمة فتخرج الروح مف جميع شعب الديف.
َ ا ِ ني اا عػػرب ،وكػػاف النبػػي يتم ػوا عمػػييـ ابيػػات { َواثْني ُنيلا َ نينينا ُو ِ ني َنيياِلَْذ ني
م ًْا } (ٔ) اَت َْا ِ ِِ ِّلالِ َ لُِنثِِهاولَ َِ ِ ِ
فكاف ادو ها ُ ْلجَ َ ُ كجَنب َارِّ َ اَ ا َُْ َ َ َ
يف َكفَػ ُػروا َي تَ ْس ػ َػم ُعوا لِيَػ ػ َذا أِ
القػ ػرآف يعم ػػؿ ف ػػي قم ػػوبيـ ،فيخ ػػافوف { َوقَػػا َؿ ال ػػذ َ
(ٕ)
وف } ِ ِِ أ ا ْلقُ ْر ِ
آف َوا ْل َم ْوا فيو لَ َعم ُك ْـ تَ ْمم ُب َ
المقصةةةد الثةةةاني :تعمػػيـ الكتػػاب والحكمػػة :ىػػذا يترتػػب عمػػي األوؿ بعػػد
َف ػاف ْب ِػف أَبِػي ا ْل َع ِ
ػاص ،أ ّ إنشاء الطمب كما حدث مع وفػد ثقيػؼ :ف َع ْػف ُعثْ َم َ
ِّدوا المأػوَ تَ َعػالَى فَػِخ َذا َع َرفُػوا َف ُي َوح ُ وى ْـ إِلَى أ ْ اب َ ،ف ْمَي ُك ْف أ أَو َؿ َما تَ ْد ُع ُ َى ِؿ ا ْل ِكتَ ِأْ
ات ِفػي َي ْػو ِم ِي ْـ َولَْيمَػتِ ِي ْـ
َف المأو قَ ْد فَػرض عمَ ْػي ِيـ َخمػس صػمَو ٍ
َ َ َ ْ ْ َ َ َ َخبِ ْرُى ْـ أ أ َ ؾ ،فَأ ْ َذلِ َ
ض َعمَ ْػي ِي ْـ َزَكػاةً ِفػي أ َْم َػوالِ ِي ْـ تُ ْؤ َخػ ُذ ِم ْػف َخبِرىـ أ أ أ
َف المػوَ ا ْفتَ َػر َ
،فَِخ َذا أ
صم ْوا ،فَػأ ْ ْ ُ ْ َ
اؿؽ َكػرائِـ أَمػو ِ أ ِ َغنِِّي ِي ْـ ،فَتَُرد َعمَػى فَ ِقي ِػرِى ْـ فَػِخ َذا أَقَػروا بِػ َذلِ َ
ؾ ،فَ ُخػ ْذ م ْػنيُ ْـ َوتَ َػو َ َ ْ َ
اس " (ٔ). الأن ِ
المقصةةةد الثالةةةث :تزكي ػػة النف ػػوس :أي بع ػػد تعم ػػيميـ العم ػػوـ الظاىري ػػة ،
تزكيػػة أرواحيػػـ مػػف الرذائػػؿ كميػػا ،كمػػا قػػاؿ اهلل تعػػالي { :لََ ني ْْا َ ني ْ االلّني انيهُا
نيواِلَني ْنيذ َِ ٌْامتَنثنيِ ِنيها ِ ِلَني االُْنينيوِ َِواِ ْذا نيعني ِ
نيثا نينيذ َِ ٌْ َار ُ نينيو ًا ِّ ني ْ اَ ُفِف ني َِ ٌْاتنيَْجنيلُني َ
َ ُ َ ََ َ
نيياضني ٍ ِ ِ ِ ِ
نيغلا نينب َاوا ْ ْ َُ ني َ َاوِنا َكنينين ُواْا ني افَنيْني ُنيلالَفني َ َوتُنيَِّكذ َِ ٌْ َاوتنيُ َعلِّ ُُ َُني ُنيٌاالْ جَني َ
و }(ٕ) ُِّ ٍا
ِ
نيث ِآتاا ْ ُِّذِّ ني َ
نيو َار ُ نينيوً ا ِّ ني نيَْني َُ ٌْاتنيَْجنيلُ نينيوا وقػ ػػاؿ تعػ ػػالي ُ {:ل ني َنيواالْ نينيايا نيَ َع ني َ
نينب َاوا ِْ ْ َُني َ َاوِنا َكنينين ُواا ِ ني افَنيْني ُنيلا ِ ِِ
َِلَني ْنيذ َِ ٌْامتَنثنينيه َاوتُنيَِّكذ َِ ٌْ َاوتنيُ َعلِّ ُُ َُني ُنيٌاالْ جَني َ
و }(ٖ). ياض َغ ٍلا ُِّ ٍا ِ
لَف َ
صػػمأى المأػػوُ _ رقػػـ ٔ) صػػحي البخػػاري» ِكتَػػاب التأو ِحيػ ِػد» بػػاب مػػا جػػاء ِفػػي ُدعػ ِ
ػاء الأنبِػ ِّ
ػي َ َ َ َ َ َ ْ
الحػػديث ( ، )ٙٛٗٛصػػحي البخػػاري _ بػػاب ي تؤخػػذ كػرائـ أم ػواؿ النػػاس فػػي الصػػدقة
رقـ (.) ٖٜٔٛ
ٕ) سورة آؿ عمراف _ ابية ٗ. ٔٙ
ٖ) سورة الجمعة _ ابية ٕ.
روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)
038
امل ا ِْ َِ ْو َنا أبنائيـ ،ويستحيي نسائيـ ،قاؿ تعالي {:وِ ْذ اَنَْذنيََن ُكٌا ِّ ِ
ْ َ ْ
اب اتُ َا ِِّبُو َن اَْنيََنا ُك ٌْ َاوتَ ِْفجَ ْمذُو َن ا ِ َِفنا ُك ٌْ َاوِٓتا
تِفو وَ ُ ٌ ا وا االْع َا ِ
َ ُ ُ ْ ََُ َ
ذٌ ا}(ٔ) فأراد اهلل أف َي ُم أف عمييـ ،قاؿ تعالي ذَلِ ُ ٌا غاا ِّ ا ْرِّ ُ ٌ اِ ِ
ظ
ْ َ ٌ َ
ف اسَنَِِف ًا ضع ُ
أ او عل اَللََنا ِ ذنيعن اتِفجَ ْ ِ
َ ً َ َ ْ َ َ ِ َر
ْ ْ اا ْ ِ{ :ن ا ِْ َِ ْو َن ا َِ َغ ِ
آت
ْ َ َ
نال ٌْ اِْهُ ا َكن َن ا ِ َ االْ ُُ ْف ِِف ِْت َ اوا ِ
نال ٌْ َاوتَ ِْفجَ ْمذِي ا َِف ُ
ِّ َْني َُ ٌْ اتُ َا ِّ َُ اَْنيََ ُ
أ َاوََْن َعلَ َُ ٌْاَِِ ُْ ًا َوََْن َعلَ َُ ٌُا
اآتاا ْ َْر ِ اِلَ االْ ِات َ اا ْ جُ ْ
ضعِ ُفو ِ تْاَناَّْنُ ْ َ َوُِ ُ
ود ُُهَنا ِ َْني ٌَُا ِ واو َوَُّنَ ِّ َ ا َبُ ٌْ ِآتاا ْ َْر ِ ِ
أ َاوُِيا ْ َِ ْو َن َاوَلن َ ن َن َاو ُ َُ َ الْ َوا ِرث َ
}(ٕ). ااُي َا ُرو َنا
ْنا َكن ُو َْ
فأراد اهلل أن يمنحيم خمسة أشياء :
ِ
الثالث :توريثيـ وتمميكيـ خزائف فرعوف كميا( َوََْن َعلَ َُ ٌُاالْ َوا ِرث َ
وا
).
أ). الرابع :التمكيف في أرض مصر ( َوَُّنَ ِّ َ ا َبُ ٌْ ِآتاا ْ َْر ِا
ود ُُهَنا ِ َْني ٌَُا ْنا َكن ُواا ِ
الخامس :خيبة أعدائيـ ( َوُِيا ْ َِ ْو َن َاوَلن َ ن َن َاو ُ َُ َ
ن ).
َُْي َا ُرو َا
وىذه الخمسة أشياء يريدىا المسمموف في زماننا ،بدوف أف نمر
بالمراحؿ التي مرت بيا بنو إسرائيؿ ،فالنظاـ الميبي كاف موافقا ليـ،
والنظاـ الميبي ي يوافؽ اإلنساف إي بصالح اليقيف وصالح األعماؿ،
فأرسؿ موسي داعيا ليـ إلصالح يقينيـ وأعماليـ ،وكاف نظاـ
فرعوف أف ي يولد موسي ، واذا ولد فيقتؿ ،ونظاـ اهلل أف يبعث
موسي عميو السالـ لمدعوة إلي اهلل ،فتضادا النظاماف ،النظاـ الظاىري
والنظاـ الميبي .
َو َْو َ ْذنيََناِ َىل ا ُِّما فولد موسي ، فجاء األمر إلي أـ موسي{ :
} (ٕ) وقس عمي ذلؾ األوامر والموعودات نيَ ْ ُزفُ َ َاوالْ َعنفَِ ُ الِلجْني ْ َوى
عمييا.
ففي قصة موسي : وعد اهلل مع أمو خالؼ الظاىر:
ِ ِ ِ ِ
) (ٖ). نار ُّادوَُاِلَْذ َاو َ نِلُوَُا َ االْ ُُ ْ َ ل َ
وا ِ
الوعد األول َ ْ ( :
رادوه :بضمير جمع المتكمـ ،وفيو مف الجالؿ والربوبية ،ي
يخفي عمي مف لو ذوؽ لممة العربية .
وا ِ ِ ِ
) ( َو َ نِلُوَُا َ االْ ُُ ْ َ ل َ الوعد الثاني :
اِ ُْ َوا اَاو َ ًَن اِ ْنا ِ قاؿ اهلل َ { : نلْجني َ طَه ُ ِ
امل ا ْ َِ ْو َن الذَ ُ و َن ا َبُ ٌْ َ َ ُ
و }(ٔ) خاطئيف ألنيـ لـ يعرفوا نسِْ َاِ ِو َن اولن ن َن او َُود ُُهنا َكن ُوااخ ِ
َ ْ َْ َ َ َ َ ُ َ َ
نظاـ اهلل الميبي ،والفصؿ السماوي ،وارادة اهلل ومشيئتو .
فألؽ اهلل حبو في قمب زوجة فرعوف ،وىذا اإللقاء أي المحبة في
قمبيا مف اهلل ،فما مف حاؿ يمر عمي اإلنساف ،إي وىو بأمر اهلل
ومشيئتو ،قاؿ اهلل ْ ِ{ : ذا َْو َ ْذنيََناِ َىلا ُِّ َ ا َ ناتُو َ اوا َِناافْ ِا ِ ِذه ِآتا
ِ ِِ ِ ِِ ِ
الجْن ُوت ا َنفْا ذه ِآت االْذَ ٌِّ ا َني ْلذُني ْل ه االْذَ ٌُّ اِنل ِْفن ِل اتَأْ ُخ ْاَُ َ
اِ ُْ ٌّو ِّ
اِل َاو َِ ُْ ٌّوا
ِ
}(ٔ) وقالت امرأة فرعوف اِْذ ِِنا
اِلَ َ َََ َم َاُّمَْ ًا ِّ ِِّن َاولجُ ْ
اِلَْذ َ َ
ت َ لْهُ َاوَالْ َ ْذ ُ
اِ َِف اَنا و ِّ اِ ْ ٍ ِ ِ
اِل َاولَ َ اَ اثَني ْ جُنيلُوَُ َ ت َ َت ا ْ َِ ْو َن افُنيْ ُ َ { :وفَنلَت اا ْ َ ُ
ن }(ٕ) بنظاـ اهلل الميبي والفصؿ ااوُل ٌْ اَ اتَ ْشعُُو َا ِ
تََ َف َعََنا َْو ا َنيجْل َاَُ َاولَ ًْ َ
السماوي .
ثـ اهلل رد موسي إلي أمو وجعؿ لردة شػكال عجيبػا فػاهلل يقػوؿ
َني ِنيذها َني َ ني ِ حكايػػة عػػف قػػوؿ أمػػو { وفَنلَنينيتاِ ِ ِ
نيبا تاِنينيه َ
اِ ني ا ُ َُني ٍ ُخجنينيهافُ ِّ َ ُ َ ْ
َ ْ ْ
م } (ٖ) فموسي عميو السػالـ مػا ولٌاَ ات ْشع و َناواو ْ ََناِلَذ ِهاالُْ ِ
اض َا َ َ ْ َ ْ ََ َ ُ ْ َ ُُ
كػػاف يقبػػؿ مػػف أي مرضػػعة ألف اهلل منػػع منعػػا تكوينيػػا واذا كػػاف المنػػع
م ػػف اهلل فم ػػف يس ػػتطيع أف يرض ػػع موس ػػي ،وفرع ػػوف م ػػع حكومت ػػو وقوت ػػو
ومالػػو عجػػز عػػف إرضػػاع موسػػي فنظػػاـ اإلنسػػاف أف يرضػػع موسػػي ونظػػاـ
اضني َنيما ِ ني ا اهلل أي يرضػػع مػػف أمػػو فممػػب نظػػاـ اهلل {و ْ ََنينيناِلَذ ني ِهاالُْ ِ
َ َ ْ َ ْ ََ
فَني نينيلا َني َ نلَ نينيتال نينيلاَدلُّ ُ نينيٌاِلَني ني اَل ني ِنيلا نيذ ني ٍ
نيتاتَ ْ ُفلُوَ نينيهُالَ ُ ني ْنيٌ َاوُل ني ْنيٌالَ نينيهُا ْ َ ْ ُ ْ َ ْ َْ ْ ُ
ن } (ٗ) رد اهلل موسػ ػػي إلػ ػػي أمػ ػػو بيػ ػػذا الشػ ػػكؿ ،وجعػ ػػؿ اهلل ىػ ػػذا نيمو َا ِ
َنصني ني ُ
الشكؿ فجأة بقدرتو فوؽ التصور ،وىو ي يحتػاج إلػي الشػكؿ المعػيف ،بػؿ
عنػػده أشػػكاؿ ي تعػػد وي تحصػػي ،قػػاؿ اهلل َ {: نيَ َد ْد َنينينَُاِ َىلا ُِّ ني ِنيها َكني ْنييا
اَت ني نيَ َن َاولِني نيجَني ْعلَ ٌَاَ ْن َاو ِْ ني َنيْااللْ ني ِنيها َ ني ٌّنيَ َاولَ ِ ني ني ْ اَ ْكًَ ني نيَ ُل ٌْاَ ا
نيناوَ َْ
اِْذنيَُني ََ ني َ
ثَني َ ني نيْ َ
ن } (ٔ) أوفػػي اهلل الوعػػد األوؿ مػػا قالػػو ألمػػو إنػػا رادوه إليػػؾ بيػػذا تنيَ ْعلَ ُُنينيو َا
الشػػكؿ المػػذكور ،ثػػـ اهلل أوفػػي بالوعػػد الثػػاني مػػا قالػػو ألمػػو وجػػاعموه مػػف
المرسميف ،رزقو اهلل النبوة عمى جبؿ الطػور ،قػاؿ اهلل َ { :نيلَ ُْنيناَثَ َ
نلنينا
نينخلَ ْما نيَ ْعالَْذ ني َ اِْني َ اِنينينلْ َو ِاداالْ ُُ َ نيْ ِ
ْسا نينارُّني َ ا َني ْ
َ ني
َ َ ا ِنِّ نيودياتنينينا و ني اواِ
َ ُ َ
نيُ ِ
فننفػػي عػػف جميػػع األنظمػػة ،ونثبػػت نظػػاـ اهلل الواحػػد {ِ ِناا ُْ ْ ني ُنيٌاِ ْالِلّني ِنيها
ن }(ٔ) ألػيس اهلل بػأحكـ الحػاكميف ت َاو َِلَْذ ِها َني ْلذَجَني َوْك ِلاالْ ُُجَني َوِّكلُنيو َا ِ
َِلَْذهاثَني َوْك ْل ُ
،فال يكوف شيء ما يشاءه تجار العالـ وصػناع العػالـ وحكػاـ العػالـ ،بػؿ
ذُ نينينامػػا يشػػاء اهلل { و نينيناثَشنينينؤو َناِْ اَناتشنينيناااللْنينيهاِ ْنااللْنينيها َكنينين َن ِ
اِل ً
َ َ ُ ََ ََ َ ُ
ذُنا} (ٕ). ِ
َ ً
وكيف يوافقنا النظام الغيبي ؟
حتى يوافقنا النظاـ الميبي ي بد لنا مف جيديف عمي أمػريف (:اليقػيف
،والعمؿ ) .
فبص ػػالح اليق ػػيف وص ػػالح األعم ػػاؿ ،يص ػػم اهلل األحػ ػواؿ ،واذا
فسد اليقيف وفسدت األعماؿ ،يفسد اهلل األحواؿ ،وقد بػيف اهلل نظامػو
وقػػد بػػيف اهلل نظامػػو فػػي آيػػات عديػػدة ،قػػاؿ تعػػالي :ظَ ََ نيَ ا
نيضاالْ ِنيايا الْ َفِفند ِآتاالْ نيِّ اوالْ مني ِ ِابنينا َكِفني تاَت ِنيْياالَْ ِ ِ ِ
نينسالذُنيات َ َُ ٌْا نيَ ْع َ َ ُ َ َ َ ْ َ ََ ْ ْ
(ٔ).
َِ ُِلُواالَ َعلْ َُ ٌْاتنيَ ْ ِ عُو َان
واذا أردت أف تعرؼ النظاـ الميبي السماوي ،ما ىو وكيػؼ يوافػؽ
اإلنسػ ػػاف ،فتأمػ ػػؿ وتػ ػػدبر فػ ػػي قصػ ػػص األمػ ػػـ الماضػ ػػية ،كيػ ػػؼ كػ ػػاف
عروجي ػػا ،وكي ػػؼ ك ػػاف زوالي ػػا وم ػػا ى ػػي أس ػػباب ع ػػروجيـ وم ػػا ى ػػي
أس ػػباب زوالي ػػـ وانحط ػػاطيـ وى ػػذا القص ػػص م ػػذكور ف ػػي القػ ػرآف إجم ػػاي
وتفصػػيال ،واذا تأممػػت فييػػا فػػت اهلل عميػػؾ نظامػػو الميبػػي ،وىػػذا النظػػاـ
الميبي يسيره اهلل ، مع أنو ي يحتج إلي المالئكة ،فيػو وكػؿ المالئكػة
لمقياـ بأعماؿ عديدة في األرض والسماء .
ب َاو ْ َِ َ ِآت اال ِْف َُناا وجو : قاؿ تعالي { :فَ ْْ ا نيََى اثَني َ لُّ َ ٔ)
ِِ ِ
ثانلنا َني َوِّل َاو ْ ََ َ ا َ طَْ االْ َُ ِْفجْاا ََْ ِام َاو َ ْذ ُ ضَ َنيلََُني َولِّذَنيَْ َ افْنيلَ ًاثَني ْ َ
ِ ِ
او ُ ِوَل ُ ٌْ ا َ طََُْ َاوِ ْن االْات َ ا ُْوثُواْاالْ جَ َ
نب الَذَني ْعلَ ُُو َنا ُّ
َ نا ُكَجُ ٌْ ا َني َولواْ ُ
ِ ِ ِ
ن }(ٖ). َْهُاا َْ َُّا ا ْرِّ ٌْ َاوَ نااللّهُاِغَن ٍل َ
اِ ُْناتنيَ ْع َُلُو َا
َا ِرت َا } (ٔ) وقاؿ تعالي { : ا ْ َِ و اواِلَ افَني ْلِ الِج ُ و َن ا ِ االُْ ِ
َ ُ َ َ ُ َ
نارَى } (ٕ). باالْ ُف َو ُادا َ َ َ نا َك َا َ
ِ ِ ِ ِ ِ
لسانو : قاؿ تعالي َِ { :جَّْنَناتَ ِْف ْ َنَُ اِل َِفن َ الجَُ ِّشَا اِه االْ ُُجْ َ
وا ٖ)
وثُ ِ
َا َرا ِ ِهافَني ْوً نالَُّْا } (ٖ). َ
صدره : قاؿ تعالي ََ َ { :لْا َ ْشَ ْحالَ َ َ
اص ْْ َرَكا
(ٗ)
. } ٗ)
ِ
ك } (٘). ضاظَ ََْ َاظيره : قاؿ تعالي { :الْاياَ َ َ ٘)
تُو َ ا} (.)ٙ
} (ٔ). قاؿ تعالى { :لَ َع ُْ ُ َكاِنيْ َُ ٌْالَِفيا َ ْ َ ِِتِ ٌْاتنيَ ْع َُ َُو َنا
تا ِ لٌّا َِ َاااالَْنيلَ ِاْاواوَ َ
ِ ِ ِ
وأقسـ ببمده فقاؿ َ{ :ا ُفِْف ٌُا َ َاااالَْنيلَْ َ
و او َاوَل َاا االَْنيلَ ِْا َ
ون او اوسُوِر ا ِ ذَِ
َ
و اوالْتنيجُ ِ
َ ْ ِ ج
ِّال
و َ { : تعالى وقاؿ .(ٕ)
}
ا ْ َِ ِا
و } (ٖ).
واحد منا ،فال مفر منو ،وطولو كما قاؿ اهلل تعالي { :ثَني ْع ُ ُج االْ َُ َغِِ َ ُا
ف ا ََ ٍ او ا َ ْ ِ ِ ِ ٍ ِ
اصْنيًاا
نص ِْب َ و اَلْ َ َ وح اِلَْذه ِآت اتنيَ ْوم ا َكن َن ا ْ َْ ُارَُ اَخَِْف ََوالُّ ُ
ااواونيََاَُافَ ِتًناواتنيَ ْوَم اثَ ُ و ُن اال ِْف َُناا َكنلْ ُُ َْ ِلا
ذْ َ َج ًذغ اواِنيْ َُ ْاٌ اتنيََ ْوَهُا َعِ ً
َِ
بخالؼ سائر األياـ التي نعيش فييا فخنيا ظنية غير قطعية ،ي ندري
نحف فيو ندرؾ كمو أـ ي.
أف اليوـ الحاضر الذي ُ
وي يخفي عمي أحد أف لألياـ الحاضرة حوائج وليا مشاكؿ ،
وحوائجيا ومشاكميا معروفة عند كؿ واحد ،فكما أف لمحياة الدنيا حوائج
كذلؾ لمحياة األخروية حوائج ،وكما أف لمحياة الدنيا مشاكؿ كذلؾ تحدث
المشاكؿ لمحياة األخروية ،فخذا كاف اليوـ الحاضر غير قطعي فحوائجو
ومشاكمو غير قطعية ،واليوـ ابخر ىو اليوـ القطعي واليقيني فحوائجو
ومشاكمو قطعية ويقينية ،بؿ حوائج الدنيا مقابؿ حوائج ابخرة كقطرة
مقابؿ البحار ،ومشاكؿ الحياة الدنيوية مقابؿ مشاكؿ الحياة األخروية
كالقطرة مقابؿ البحار.
واف الناس عواميـ وخواصيـ يتفكروف لقضاء حوائج الدنيا ،كيؼ
تنقضي ،ويتفكروف لحؿ مشاكؿ الدنيا ،واف ىذا الفكر غير ممنوع شرعا
إي أف يممب الفكر لقضاء حوائج الدنيا وحؿ مشاكميا ،عمي الفكر
لقضاء حوائج ابخرة ،وحؿ مشاكميا .
وقد ذكر اهلل مشاكؿ ابخرة في القرآف وابيات كثيرة في أحواؿ
َخ ِذهاَن ْخ ُاواتنيومات ِفُّ االُْ اا ِ ا ِ ناتاال ْابخرة ،قاؿ تعالى َِ { :ج َذاا ِ
َْ َ َ َ ْ ُ ْ َ
صن ِ َجِ ِه َاوََِ ِذه اوالِ ُ ِّل اا ْ ِ ٍئ ا ِّ َْني َُ ٌْ اتنيَ ْوَ ِْ ٍا ا َ أْ ٌن اتنيُ ْغَِ ِذها ِ ِِ
واوُِّ ه َاوَ ذه َ
اواو َ َ
اِلَْذني ََنا ٍِ ِ ِ واو ا ِ ٍ ِ
اواوُو ُ وٌَ اتنيَ ْوَ ْا َ اواضن َ ٌ ا ُّ ِْفجَْشَةٌ َ وٌَ اتنيَ ْوَ ْا ا ُّ ِْففَةٌ َ ُُ
ج اةُ } (ٔ). ِ
ال ٌُاالْ َ َفَةُاالْ َف َ َ
ََْنيَةٌاواثَني ْ َل ُ ََنافَنيجَنيَةٌاو ُْولَْ َ ُ
اان َِفن ُنا ناتاالطْن ْ ُاالْ ُ ْني ىاواتنيَ ْوَماتنيَجَ َا ْك ِْ وقاؿ تعالى َِ {:ج َذاا ِ
ُ َ َ
ت اا َْ ِم ِ ِ
اواومثنيََ اا َْذَن َةاذٌ ال َُ اتنيََىاوا َأَْنا َ اسَغَ َ اواونيُِّ َز َ ُ َ نا َ َع َ
اخن َ ا َ َ َنم َارِِّه َاونيَ ََ ا ااَ ِم ِ ِ
ىاواوَْنا َ ْ َ ذٌ ال َي االْ َُأْ َو َ الْ ْنيذَناوا َج ْن َْ َ ُّ
نِ ِا الَْني ْفس اِ ِ اا ْبوىاوا َِج ْن ْ ِ
اِ ِ اال ِْف َ ااَََْ َ ال َي االْ َُأْ َوىاواتَ ِْفأَلُواَ َ َ َ َ ََ
َتْن َن ا نلناوا ِذٌ اَ ِ ِ
تا نلناواَِّْنَناَ َ ت ا اذ ْكَ َالناواِ َىل َارِّ َ ا َُجَني ََ َ َ َ ُْ َ َ
اِ ِشذْ ً ا َْوا ِ
نلن او ا َكأَنيْ َُ ٌْ اتنيَ ْوَم اتنيََ ْوَني ََن ا ََلْ اتنيَ ْلًَُوا اِْ َ اِيْ َش َ
َا ُر ا َ َ ُ
نلن}(ٕ).
ض َم َ
ُ
اواوِ َذاا
ت َ وماا َ َْ َر ْ ُّج ُ ت ِ
اواو َذااالَ ُ
سا ُك ِّوَر ْ َ ُ ُْ
ْ ش ااال ذ
َ وقاؿ تعالى ِ {:
ِ ِ اََِ ُ
ت اوا وش ا ُ شَ ْ ت او َاوِ َذا االْ ُو ُ ُ ت او َاوِ َذا االْع َش ُنر اُِطِّلَ ْ نل ا ا ُ ذِّنيَ ْ ْ
ِ
تا ودةُ ا ُ ْلَ ْ اواوِ َذااالْ َُ ْوُؤ َ
ت َ وس ُازِّو َ ْ ت ِ
اواو َذااالَُّني ُف ُ
َو َذااالْ َم ُنر ا ُ ِّجَ ْ َ
ِ ِ
ِ ااالَم ِ َي ا َذ ٍ ِ واِأ ِّا
تا اواوِ َذااال ِْف َُناا ُكشطَ ْ ت َ ف ا ُشَ ْ اواوِ َذ ُّ ُ ُ ت َ ب افُجلَ ْ
س ا ْنا ف ني ا ت ُ ااََْ ُ ا ُزلَِفت او اِلِ ا ذ ت اووِ ااَ ِ ِ
ٌ ْ َ ْ َ َ ْ ْ َْ َ َ ْ و َاو َذا َْ ُ َ
ع
ِّ ُ ا ذٌ م
}(ٔ). تا َْ َ
ضَ ْ
وابيات كثيرة ومعمومة ،والقرآف مميء بمشاىد يوـ القيامة .
******
ٔ) سورة التكوير – ابيات مف ٔ . ٔٗ :
روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)
054
اإليةمان الحقيقي
الصػحابة الكػراـ رضػواف اهلل عمػييـ أجمعػيف تحصػػموا عمػى اإليمػػاف ،
وبسبب اإليماف صػار ديػنيـ قويػاً جػداً ،وبسػبب قػوة إيمػانيـ فػاهلل أعطػاىـ
النجاة .
وعػػددا ،كػػاف عػػددىـ
الصػػحابة رضػػي اهلل عػػنيـ كػػانوا أقػػؿ منػػا عػػدداً ُ
ٕٗٔ ألػػؼ ونحػػف أكثػػر مػػف ألػػؼ مميػػوف ،وكانػت بيػػوتيـ صػػميرة طعػػاميـ
فيو تقشؼ والمباس مرقع ،وكانوا يركبوف الجماؿ والنػوؽ ،وكانػت حيػاتيـ
بس ػػيطة ،ومػ ػػع ذلػ ػػؾ كمػ ػػو اهلل أعط ػػاىـ النجػ ػػاة والع ػ ػزة أمػ ػػاـ طواغيػ ػػت
زمػػانيـ ( كسػػرى ..وقيصػػر ..ورسػػتـ ..ويزدجػػرد ..وأبػػو جيػػؿ ..وأبػػو
لي ػػب ..ويي ػػود خيب ػػر ..ونص ػػارى تب ػػوؾ ..وك ػػذلؾ مش ػػركي مك ػػة ال ػػذيف
كػػانوا يض ػربوف الصػػحابة الك ػراـ رضػػي اهلل ،ولكػػف لمػػا تحصػػموا عمػػى قػػوة
اإليماف ،وقوة الديف ،فاهلل أعطاىـ النجاة أماـ طواغيت زمانيـ .
ونحػػف فػػى زماننػػا ىػػذا أكثػػر مػػف ألػػؼ مميػػوف ،ونحػػف كػػذلؾ مؤمنػػوف
ولكف نحف في الذلة والخسارة ،مع أننا نركب الطائرات والسيا ارت ولباسنا
جميمػػة ،وبيوتنػػا عاليػػة ،وطعامنػػا فيػػو رفاىيػػة ،وأموالنػػا كثي ػرة ،كػػؿ شػػئ
عندنا كثير ،ولكف مع ىذا نحف فى الذلة والخسارة .
فما سبب نجاحيـ مع قمة عددىـ وعُددىـ
روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)
055
رأاَتَنينين ُو َنا
َ .قػػاؿ تعػػالى َ واذْ ُك ني ُوااِ ْذا نينيجٌافَلِذني ٌنيلا ُ ِْفجَ ْ
ضني َنيع ُفو َن ِآتاا
َ ْنات نينيجَلطَْف ُ ٌاالَْنينينسا َنينيآوا ُكٌاوَتنيْ ني َْ ُك اٌاَََِني ني َِِاورزفَ ُ نينيٌا ِ ني ني االطْذِّ ني ِ
نينتا َ َ ُ ُ َ ْ َ ْ ْ َََ ْ َ َ
(ٔ)
ن لَ َعلْ ُ ٌْاثَ ْش ُ ُو َا
وفػػى الػػزمف ابتػػي ،أصػػحاب المػػادة ،مثػػؿ الػػدجاؿ ويػػأجوج ومػػأجوج
يصيروا مثؿ الفئراف أماـ أصحاب أىؿ اإليماف .
مع أف أىؿ اإليماف مف ناحية المػادة لػيس معيػـ شػئ ،ولكػف يكونػوا
مثػػؿ األسػػد ،وينػػزؿ عمػػييـ عيسػػى ألنيػػـ معيػػـ ديػػف حقيقػػي ،فتكػػوف
نصرة اهلل معيـ .
ابف صػػالة موجػػودة ..زكػػاة موجػػودة ..حػػج موجػػود ..صػػوـ موجػػود
..تالوة القرآف موجود ..ولكف األعماؿ ليس فييا الروح .
نحػػف فػػى زماننػػا ىػػذا أسػػد مػػف ناحيػػة الصػػورة ،ي مػػف ناحيػػة الحقيقػػة
..األسد المصنوع مف القرطاس كبيػر ،ولكػف صػورة ،فتػأتى فػأرة حقيقيػة
فييا روح فتأكػؿ بطنػو ..تأكػؿ أنفػو ..تأكػؿ عينيػو ..وىػذا األسػد يقػوؿ :
أنا أسد ..نحف نجحنا فػى بػدر ،نحػف نجحنػا فػى القادسػية ،نحػف نجحنػا
فى اليرموؾ ..نحف أُسد ..أنتـ فئراف ..ولكػف الفػأرة تخوفػو لمػاذا ألنػو
صػورة وىػػى حقيقػػة ..فأىػؿ المػػادة عنػػدىـ حقيقػة المػػادة ليسػػت الصػػورة ..
اِلَ االِّْت ِ ا ُكلِّ ِه َاولَ ْواا ِ لواالْ ِاياَر لار ولَهاِن ْب َْ ِ
ىاودت ِ اا َْ َِّالذُظْ َََُِ َ
َْ َ َُ ُ ُ َ َُ
َك ََِاالْ ُُ ْش ُِكو َا
ن . )ٔ(
أييا األحباب ..أنا بينت مرضيف مػف األمػراض التػي أصػابت األمػة
مع أف األمراض كثيرة .
المرض األول :عندنا صػورة الػديف ولػيس حقيقػة الػديف ..المػرض الثػاني
:نحف تركنا حفاظة ديف اهلل فاهلل تركنا ..فما عالج ىذه األمراض
ال ػػديف الحقيق ػػي ي يك ػػوف إي بق ػػوة اإليم ػػاف ،وق ػػوة اإليم ػػاف ى ػػي روح
األعمػػاؿ وروح جميػػع الػػديف ،وجميػػع المواعيػػد المنتشػرة فػػي القػرآف بحقيقػػة
اإليمػػاف ي بكػػالـ اإليمػػاف فب ػػالكالـ يقػػوؿ :أنػػا م ػػؤمف ..أنػػا موحػػد ..أن ػػا
مسػػمـ ..وىػػذا فقػػط لفػػظ اإليمػػاف لػػيس حقيقػػة اإليمػػاف والمفػػظ ي يكفػػى قػػاؿ
ِ
ن
اتنيُ ْفجَنيَُنينيو َا نينساَ ْناتنيُْجنيَُكنيوااَ ْناتنيَ ُولُنيواام َ َْني َ
نيناوُلني ْنيٌا تعػػالى ِ َ َ فني َ
نيباالَْني ُ
(ٔ)
ي ػ ػػوفى اهلل مواعي ػ ػػده ،إذا ق ػ ػػاؿ اإلنس ػ ػػاف :آمن ػ ػػت ب ػ ػػاهلل ، وى ػ ػػذا
الشػػيء رسػػخ فػػي قمبػػو ( يعنػػى رسػػخ فػػي قمبػػو حقيقػػة اإليمػػاف ) فيػػو صػػار
ص ػػادقاً ف ػػي قول ػػو :آمن ػػا ..فبع ػػد ذل ػػؾ اهلل يعطي ػػو النج ػػاة ف ػػي ال ػػدنيا
وابخرة .
فكثير مػف النػاس ،يقولػوف :آمنػا بػاهلل ،ولػيس عنػدىـ اإليمػاف ،وي
نيولام َ َْنيناِنللْني ِنيه َاوِنينينلْذَني ْوِما يعمميػـ إي اهلل ،قػػاؿ تعػالى َ وِ ني َ االَْني ِ
نينسا َ ني ْ اتنيَ ُني ُ
ِ ِِ ِ
وا. )ٔ( ْاْلخ ِ َاوَ ُ
نال ٌْابُْو َ َ
فػ ػػاهلل يختبػ ػػر اإلنسػ ػػاف ،لػ ػ ُػيعمـ النػ ػػاس ،أي رجػ ػػؿ عنػ ػػده حقيقػ ػػة
اإليمػػاف ،وأي رجػػؿ لػػيس عنػػده إيمػػاف ،وأي رجػػؿ عنػػده إيمػػاف ضػػعيؼ ،
َلا وليبػيف لمنػػاس :أي رجػؿ صػػادؽ ،وأى رجػؿ كػػاذب . .قػاؿ تعػػالى
يعامػػؿ بػػو معاممػػة المسػػمميف ،ويػػدفف فػػي مقػػابر موجػػود ..ولكػػف قػػانوني
المسمميف ،ويرث ويورث ،ألنو يعد مسمـ .
القسم الثاني :
التوحيد الحقيقي واإليماف الحقيقي واإلسالـ الحقيقي وي يعممػو إي اهلل
تعػػالى ،ويعط ػػى الزك ػػاة ،ويص ػػوـ رمض ػػاف ،ويح ػػج البي ػػت ،ويفي ػػـ بع ػػد
الموت ..ألف كثير مف الناس ينطقوف كممة التوحيد ،ويقومػوف باألعمػاؿ
الظاىريػة ،وىػـ عنػػد اهلل ليسػوا بمػؤمنيف ،مثػػؿ المنػافقيف فيػؤيء يصػػيروف
إلى نار جينـ خالديف فييا أبداً .
وليذا كاف الصحابة رضى اهلل عنيـ أجمعيف ،يخافوف مف النفاؽ
روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)
060
..كػػاف الرسػػوؿ يعػػامميـ معاممػػة والمنػػافقوف فػػي زمػػف رسػوؿ اهلل
المسػػمميف .وزمػػاف الرسػػوؿ ىػػو الػػزمف الوحيػػد الػػذي كػػاف الرسػػوؿ
يعرفيـ بالوحي :
نيولااِْ ني َا ْن ِاِل َاو اثَني ْفجِني ِّنيِناَ ِآتاالْ ِفْجنيََ ني ِا قػػاؿ تعػػالى َ وِ نيَْني َُ ٌْا َ ني ْ اتنيَ ُني ُ
مذطَ ٌا ِنلْ َ ن ِ ِت َا . )ٔ( َ طُوااوِ ْنا ٌََْالَُ ِ
َ َ ََ َ ُ
نتا نينيجنا ُِْطُنيواا ِ َْني ََنينينا َني َنيْفَ ِ وقػػاؿ تعػػالى َ وِ نيَْني َُ ٌْا َ ني ْ اتنيَ ْل ُِني ُ َك ِآتاال ْ
ِ
ن. )ٕ( اال ٌْاتَ ِْف َلطُو َا ااوِ ْنا ََلْاتنيُ ْعطَْواا َْني ََناِ َذ ُ ضو ََر ُ
ِ ِ
الني َنيوا ُذُ ٌنافُني ْنيلانيِب َاوتنيَ ُولُنينيو َن ُ وقػػاؿ تعػػالى َ و نيَْني َُ ٌُاالْنينيات َ اتُني ْنيوذُو َناالَْنيِ ْ
و َاوَر ْْحَني ٌالِلْني ِنيات َ ام َ َُنيواا ِ نيَْ ُ ٌْا ِ ِ ِ ِِ ِ
اخ ٍْنينالَ ُ ني ْنيٌاتنيُ ْنيو ُ اِنللْنينيه َاوتنيُ ْنيو ُ ال ْل ُُني ْنيو َ َ
ُذُ ُن َ
ذٌ.)ٖ( اباَلِ ٌا اِ َا ٌ
والْ ِات اتني ْوذُو َنار َ ِ
ولااللْها َبُ ٌْ َ َُ َ َُ
ضني نينيلِ ِها
نلني ني َنيْااللْني نينيهَالَني نينيِْ ْ امثَن َني نينينا ِ ني ني ْ ا َ ْ
اِ َ
ِ
وقػ ػػاؿ تعػ ػػالى َ و ني نيَْني َُ ٌْا َ ني ني ْ َ
و . )ٗ( َن ِِ َا َ ْْفَ ْ َاولَاََ ُ وَ ْ ا ِ َ اال ْ لَََ ْ
فيػػذا جػ ػ أد بػػف ق ػػيس لم ػػا جػػاء وق ػػت الجي ػػاد فػػى س ػػبيؿ اهلل ، م ػػا
ألن ػػو س ػػمع ف ػػي القػ ػرآف ..ق ػػاؿ تع ػػالى فُني ْنيلاِ ْنا َك نينين َنام َنينين ُؤُك ٌْ َاوَْنيََ نينين ُؤُك ٌْا
نيناوَِتَني َنينرةٌ َ
اَتْ َش ني ْنيو َناا ول ني َنينثُ ُ ٌْ َاوَْ ني َنيو ٌالاافْنيجَنيَ ْنيجُ ُُ َ
ِ
َو ْخ ني َنيوا ُ ُ ْاٌ َو َْزَوا ُ ُ ني ْنيٌ َاو َِش ني َ
ِ
نيند ِآتا نيباِلَنيذ ُ ٌا ِ ني االلْ ِنيهاور نيولِِهاوِ َ ٍ ِ
ض ْنيونيَ ََناَ َ ْ ْ ْ َ َ َ ُ َ َ ناوَ َِفنينك ُ اثَني ْ َ َك َِف َند َل َ
َني ني نيواا َ ني ني ْنيَّتاتَني ني نيأِِْتَااللْ ني نينيهُاِني ني نيأَ ْ َِِ َاواللْ ني نينيهُا اتَني َْني ني ني ِْياالْ َ ني ني ْنيوَما ِِ
َ ني ني نيِذلها َنيجَنيَْ ُ
و.)ٔ( الْ َفن ِ ِ َا
ىذه األشياء التي ذكرىػا اهلل مػا كػاف يعتػذر بيػا المنػافقوف ألنيػـ
كػػانوا يعرفػػوف أف ىػػذه األشػػياء ي تقبػػؿ أمػػاـ أوامػػر اهلل وطريػػؽ النبػػي
، وأمػػاـ الجيػػد والمشػػقة إلعػػالء كممػػة اهلل ...وليػػذا مػػا اعتػػذر جػ أد بػػف
قيس بيذه األشياء فماذا كاف عذره
قاؿ رسوؿ اهلل وىو في جيػازه لتبػوؾ لجػ أد بػف قػيس " يػا أبػا وىػب
..ىػػؿ لػػؾ فػػي جيػػاد بنػػي األصػػفر تتخػػذ مػػنيـ سػراري ووصػػفاء " .قػػاؿ :
يا رسوؿ اهلل لقد عرؼ قومي أنى رجؿ ممػرـ بالنسػاء ،وأنػي أخشػى
إف رأيت بنات بني األصفر أف ي أصبر عػنيف ،فػال تفتنػي بيػف ،وائػذف
لي فػي القعػود عنػؾ ،وأعينػؾ بمػالي ،فػأعرض عنػو النبػي وقػاؿ " :
قد أذنت لؾ " فأنزؿ اهلل ىػذه ابيػة َ وِ نيَْني َُ ٌْا َ ني ْ اتنيَ ُ ُ
نيولااِْني َا ْن ِاِل َاو
مذطَ ني ٌا ِنلْ َ نينين ِ ِت َا )ٔ( فمم ػػا ثَني ْفجِني ِّنيِناَ ِآتاالْ ِفْجنيََ ني ِا ني َ طُوااوِ ْنا َ نيٌَْالَُ ِ
َ ََ َ ُ َ
نزلت ىذه ابية قػاؿ رسػوؿ اهلل لبنػى سػممة ،وكػاف الجػ أد مػنيـ " :مػف
سيدكـ يا بني سممة " قالوا :الجػ أد بػف قػيس غيػر أنػو بخيػؿ جبػاف ،فقػاؿ
النبي " : وأي داء أدوا مف البخؿ بؿ سيدكـ األبػيض الفتػى الجعػد ،
(ٕ) "
. بشر بف البراء بف معرور
ورسوؿ اهلل عاممو عمى الظػاىر ،فيػو يقػوؿ :أنػا مػؤمف وأخشػى
أف أقػػع فػػي الزنػػا ولكػػف اهلل مػػاذا أخبػػر أنػػو لػػيس مػػؤمف ،ألنػػو سػػقط فػػي
الفتنػػة لتخمفػػو عػػف رسػػوؿ اهلل ، والرغبػػة بنفسػػو عػػف نفسػػو أعظػػـ ،فػػال
محيد لو وي ميرب مف جينـ ألنو ليس مؤمف .
فػػنحف نقػػوؿ بألسػػنتنا :آمنػػا ،ولكػػف نخػػاؼ مػػف اهلل تعػػالى ىػػؿ ىػػذا
الشيء رسخ في القمب أـ ي
وكيف نتحصل عمى قوة اإليمان ؟
(ٖ)
فاإليم ػ ػػاف والنف ػ ػػاؽ أوي :يك ػ ػػوف ف ػ ػػي قموبن ػ ػػا اليق ػ ػػيف عم ػ ػػى ذات اهلل
(ٕ) نفاؽ اعتقادي :يخمد صاحبو في نار جيػنـ وعذابػو أشػد مػف الكفػار ،
والعالم ػػات األرب ػػع ل ػػيس نف ػػاؽ اعتق ػػادي ب ػػؿ نف ػػاؽ عمم ػػي وى ػػذا النف ػػاؽ
العممي يجر إلى النفاؽ ايعتقادي . .كما حدث مع الرجؿ الػذي أتػى
النبػػي فقػػاؿ :يػػا رسػػوؿ اهلل ،ادع اهلل لػػي أف يرزقنػػي مػػايً .فقػػاؿ
خير مػف كثيػر ي تطيقػو "
رسوؿ اهلل " : ويحؾ ،قميؿ تؤدى شكره ٌ
ثػػـ ق ػػاؿ مػ ػرة أخػػرى " :أم ػػا ترض ػػى أف تك ػػوف مثػػؿ نب ػػي اهلل ف ػػو ال ػػذي
نفسػػي بيػػده لػػو شػػئت أف تسػػير الجبػػاؿ معػػي ذىب ػاً وفضػػة لصػػارت " .
فقاؿ والذي بعثؾ بالحؽ ،لئف دعػوت اهلل أف يرزقنػي مػايً ألوتػيف كػؿ
ذى حػػؽ حقػػو .فقػػاؿ رسػػوؿ اهلل " الميػػـ ارزقػػو مػػايً " فاتخػػذ غنم ػاً
فنمػػت كمػػا ينمػػى الػػدود ،فضػػاقت عميػػو المدينػػة ،فتنحػػى عنيػػا فنػػزؿ
وادي ػاً مػػف أوديتيػػا ،حتػػى جعػػؿ يصػػمى الظيػػر والعصػػر فػػي جماعػػة
ويترؾ ما سواىما ،ثػـ نمػت وكثػرت ،فتنحػى حتػى تػرؾ الصػموات إي
الجمعػػة وىػػى تنمػػى كمػػا تنمػػى الػػدود حتػػى تػػرؾ الجمعػػة ...وأنػػزؿ اهلل
يك ػػوف عن ػػده النف ػػاؽ وى ػػو ي ي ػػدرى ولك ػػف يعمم ػػو اهلل ق ػػاؿ تع ػػالى ََ َ لْا
نيغماالْغُذُ ِا ِ
نيوب )ٖ( فعػالـ اِ ُ تنيَ ْعلَ ُُوااَ ْنااللْهَاتنيَ ْعلَ ٌُا ْ ُل ٌْ َاوََْن َو ُال ٌْ َاوَ ْنااللْهَ َ
الميوب بيف أنيـ بيذا النفاؽ وصموا لدرجة الكفػر بػاهلل ورسػولو مػع
وجػ ػػود أعمػ ػػاؿ ظاىريػ ػػة .قػ ػػاؿ تعػ ػػالى َ وَ ني نينينا َ ني نيََني َع َُ ٌْاَ ْناثُني ْ َني ني َنيلا ِ ني نيَْني َُ ٌْا
َ نينيغ َةاِْ َاوُل ني ْنيٌاا نيَ َف َ نينينثُني َُ ٌْاِْ اَنيْ َُ ني ْنيٌا َك َفني ني ُوااِنللْ ني ِنيه َاوَِ ُ ني نيولِِه َاو اتَني نيأْثُو َناال ْ
ن .)ٗ( نىلا َو اتنيَُْ ِف ُو َناِْ َاوُل ٌْا َكن ِرُلو َا ُك َِف َ
فما العةةالج ؟
ِ
نينساَ ْناتنيُْجنيَُكنيوااَ ْناتنيَ ُولُنيواام َ َْني َ
نيناوُلني ْنيٌا قػػاؿ تعػػالى اَلاواَ َ ِفني َ
نيباالَْني ُ
ِ ِ ِ ِ
اواولََ ني ْْا َنيجَنيَْنينيناالْنينيات َ ا ني ْ افَنيْل َِ ٌْا َنيلَنيذَني ْعلَ َُ ْ االلْنينيهُاالْنينيات َ َ
اصني َنيْفُواا اتنيُ ْفجَنيَُنينيو َن َ
واا. )ٔ( َولَذَني ْعلَ َُ ْ االْ َ ِنذِ َ
يػػا اهلل متػػى تقػػوؿ لنػػا أنػػتـ صػػادقيف ولسػػتـ كػػاذبيف ،ألف الصػػدؽ
بالقمب ي يعممو إي أنت فاهلل يجيبنا قاؿ َِّْ نَناالْ ُُ ْوِ َُو َناالْ ِات َ ام َ َُنيواا
نلني ُنيْوااِنيأَ ْ َوابِِ ٌْ َاوَْني ُف ِِف ني َِ ٌْ ِآتا َ نيِ ِذلااللْني ِنيها ااوو نيأني
َث نيتا َل
َ ا اّت
ُْ ِنللْني ِنيهاور نيولِِ
ه
ْ َْ َ َ َ ََ ُ
َِ ِ
ندفُو َنا ال ٌُاال ُْولَاْ َ ُ
(ٕ)
فعالمػػة التصػػديؽ التضػػحية فميػػذا نخػػرج فػػي سػػبيؿ اهلل لنقػػيـ أنفسػػنا
(ٖ)
. ونقيـ الناس عمى جيد الرسوؿ
*****
أسباب المحبة
الػػروح اإلنسػػانية موجػػودة ،قبػػؿ أف تنتقػػؿ فػػي ىػػذا الجسػػد العنصػػري كانػػت
ف ػػي خػ ػزائف اهلل ونقمي ػػا اهلل إل ػػى ى ػػذا الجس ػػد اإلنس ػػاني ،واتص ػػاؿ
مسمى حتى يأتي الموت .
ًّ ٍ
ألجؿ الجسد والروح
الروح بمثابة الراكب والجسد بمثابة المركب .
ىػػذه الػػروح التػػي انتقمػػت إلػػى ىػػذا العػػالـ فػػى ىػػذا الجسػػد يظيػػر منيػػا
أعمػاؿ تظيػػر عمػػى الجسػػد ،فػػخف كانػت الػػروح سػػميمة تظيػػر األعمػػاؿ عمػػى
الجس ػػد ص ػػالحة ،واف كان ػػت ال ػػروح مظمم ػػة فاس ػػدة خبيث ػػة ،تظي ػػر أعم ػػاؿ
فاس ػػدة مظمم ػػة عم ػػى جس ػػد اإلنس ػػاف ،وص ػػالح األعم ػػاؿ وفس ػػادىا بس ػػبب
صالح األحواؿ وفسادىا.
وعنػػدما ينتقػػؿ اإلنسػػاف إلػػى عػػالـ البػػرزخ ي تفنػػى الػػروح ،فػػخف كانػػت
صالحة تنتقؿ إلى عمييف ،واف كانػت خبيثػة تنتقػؿ إلػى سػجيف وىػو سػجف
فػػى جيػػنـ ،ثػػـ تعػػود إلػػى الجسػػد عنػػد نفخػػة البعػػث يػػوـ القيامػػة . .وأثنػػاء
فت ػرة البػػرزخ ليػػا اتصػػاؿ بالجسػػد فػػى القبػػر ..فػػخف كانػػت الػػروح صػػالحة
يكػػوف الجسػػد منػػور ،واف كانػػت الػػروح خبيثػػة يكػػوف الجسػػد مظمػػـ ،ويػػوـ
ِ
نيول َُ ٌْا
او ُ ُ
تُاو ُ وٌَا َأَْناالْات َ اا ْ َنيوْد ْ او ُ وٌَا َوثَ ِْف َوُّد ُ
ضُ القيامة تنيَ ْوَماثَنيْنيذَ ُّ
اب ِابَنا ُكَْجُ ٌْاثَ ْ ُف ُو َا ِ
ن )ٔ(والممؾ الػذي َ َك َف ْ ُُْتا نيَ ْع َْاِّيَن ُ ٌْا َ ُاوفُوااالْ َع َا َ
يسػػمط عميػػو فػػي قبػره أسػػود والحيػػات سػػوداء والنػػار سػػوداء مظممػػة ..سػواد
الميػػت ،قػػاؿ تعػػالى َ واللْنينيهُاَْني نيَ َلا ِ ني َ اال ِْفني َنيُ ِناا َ نينيناًا َأَ ْ ذَنينيناِني ِنيهاا رأا
ن . )ٕ( نيَ ْع َْا َ ْوِِتَناِ ْن ِآتا َذلِ َ اَْلتَ ًالَِ ْوٍماتَ ِْف َُعُو َا
واتَ َنيْ ْي َار ْْحَجِ ِنيها َ ْنيَّتا ِ ِ
وقاؿ تعالى َ وُل َواالْاياتنيُْ ُلاالِّتَ َ
نحا ُ ْش اًا نيَ ْ َ
َخَ ْ ََنيناِ ِنيها ِ ِ ٍ ٍ ِ
تا َ َمن نًاث َ نين اًا ُ ني ْ ََنَُالَنيلَنيْا َذِّنيتا أ َلََْنيناِنيهاالْ َُنيناَا َأ ْ ذااَفَنيلْ ْ
. (ٔ)
الَ َعلْ ُ ٌْاثَ َا ْك و َا
ن ا
ُ ِجاالْ َُ ْوثَ اتاا َك َالِ َ ُ
ادْ ُ
ِ ا ُك ِّلاالًُْ ِ
ََ ْ
فتنبػ ػػت األرض النبػ ػػات والثمػ ػػار ،فيأكمػ ػػو اإلنسػ ػػاف والحي ػ ػواف ،ومػ ػػف
النبػػات والحيػواف الػػذي يأكمػػو اإلنسػػاف ،يتكػػوف الحيػواف المنػػوي الػػذي يخمػػؽ
منو اإلنساف .
واهلل يخمؽ ىذا الجنيف في رحػـ األـ بشػكؿ عجيػب ،فػي ظممػات
ثػالث ،وعنػدما تنقضػي أربعػػة أشػير ،فػاهلل يػػنفخ فػي الجنػيف الػػروح ،
واهلل الذي يرسؿ الروح ي يرى ،والروح ي ترى ،والممؾ الػذي يحمميػا
ي يػػرى ،وفػػى أربعػػة أشػػير اهلل يكمػػؿ أعضػػاء اإلنسػػاف ( ..العػػيف ..
األذف ..األنؼ ..الفـ ..اليد ..الرجؿ ..الخ )
واهلل جع ػػؿ نظامػ ػاً لتربي ػػة ى ػػذا الجس ػػد ،ولك ػػف لتربي ػػة ال ػػروح ش ػػئ
آخػػر ىػػو كتػػاب اهلل ، واألسػػوة التػػي نػػتعمـ بيػػا تربيػػة الػػروح أي وىػػو :
سيدنا محمد ُ .. معمـ اإلنسانية كميا في تربية الروح .
وعن ػػدما يطب ػػؽ اإلنس ػػاف القػ ػرآف ف ػػي جمي ػػع مج ػػايت الحيػ ػاة ،تترب ػػى
الػػروح بػػالنور اإليمػػاني . .فخمػػاـ العػػالـ ىػػو محمػػد ، والدسػػتور الػػذي
يربى بو اإلنساف ىو القرآف الكريـ .
كممػػا يمتثػػؿ أمػػر اهلل عمػػى طريػػؽ الرسػػوؿ ، تػػزداد روحػػو طيػػارة
وذكاء .
ً وذكاء ،وكذلؾ تزداد أعمالو طيارة
ً
إف األعم ػ ػػاؿ اإلنس ػ ػػانية ى ػ ػػي الت ػ ػػي تن ػ ػػتج األحػ ػ ػواؿ ،فعن ػ ػػدما تك ػ ػػوف
األعم ػ ػػاؿ اإلنس ػ ػػانية ص ػ ػػالحة تك ػ ػػوف األحػ ػ ػواؿ ص ػ ػػالحة ،وعن ػ ػػدما تك ػ ػػوف
األعماؿ اإلنسانية خبيثة تكوف األحػواؿ فاسػدة ،وتصػاب البشػرية بػالزيزؿ
..والحػوادث ..والفػتف ..والحػروب ..وينتشػر الفسػاد ..والبمػي ..والكػؿ
يظمػػـ غيػره ..والصػػمير ي يحتػػرـ الكبيػػر ..المنػػى ي يػػؤدى حػػؽ الفقيػػر ..
وىذا الفساد فى المجتمع نتيجة فساد األعماؿ .
وعنػػدما تكػػوف األعمػػاؿ صػػالحة ،تكػػوف األحػواؿ صػػالحة ومحبوبػػة ،
وتنتشر المحبة ،والوئاـ ،واإليثار ،واإلخالص ،واإلكراـ .
ما ىي خواص الروح
وما ىي خواص الجسد
وكيػ ػػؼ تممػ ػػب أرواحنػ ػػا أجسػ ػػادنا ،فكػ ػػؿ واحػ ػػد منيمػ ػػا ينػ ػػازع ابخػ ػػر إلػ ػػى
متطمباتو
الػ ػ ػ ػ ػػروح خمقيػ ػ ػ ػ ػػا اهلل مػ ػ ػ ػ ػػف النػ ػ ػ ػ ػػور بػ ػ ػ ػ ػػأمر اهلل قػ ػ ػ ػ ػػاؿ تعػ ػ ػ ػ ػػالى
. (ٔ)
وحا ِ ْ اَْ ِ َارِِّّبا اِ ِ االُّ ِ
وحافُ ِلاالُّ ُ َ وتَ ِْفأَلوَ َ َ
ف ػػالروح :وج ػػود ن ػػوراني لطي ػػؼ ،معطػ ػرة ،تح ػػب الرائح ػػة الطيب ػػة ،وم ػػف
خواصيا الوصؿ .
والجسد :وجود ظمماني ،مادي كثيؼ ،يميؿ إلى الرائحة الخبيثػة ،ومػف
. (ٔ)
وافُنيلُوِِ ٌْا
تا نيَ ْ َ
َِ
رأاَجذعنًا َ ناَلْ ْف َ تا َ ِ
نآتاا لَ ْواَْني َف ْ َ
(ٕ)
ضواا ِ ْ ا َ ْولِ َا
با ْني َف ُّ تا َظّنًا َْلِذ َ
ظاالْ َ ْل ِ وقاؿ تعالى َ ولَْوا ُكَْ َ
الػػروح متطمباتيػػا ونتائجيػػا :الجمػػع ،والػػروح الطيبػػة ،والصػػعود إلػػى العمػػو
والنور ..وىي الفطرة اإلنسانية.
والبػػدف نتائجػػو :التفريػػؽ ،والخبػػث ،واليبػػوط ،والظممػػة ،والػػنفس اإلنسػػانية،
نيتا ِ ااِب ِلااللْ ِه َِ َُو ِ قاؿ تعالى و ْاِجَ ِ
ااواذْ ُكني ُواا ْع َُ َ َ وف
ُ ْ ف
َ ني
َ ثا او
َ ً ن ذعاَج ْ َ َ ُ
َصني نيَ ْمجُ ٌْاَِِ ْع َُجِ ني ِنيها
نيوافُنيلُ نينيوِ ُ ٌْا َأ ْ اِلَ ني ْنيذ ُ ٌْاِ ْذا ُكَْ نينيجُ ٌْا َِْ ني َنيْااًا َني نيأَلْ َ
فا نيَ ني ْ َ
ِ
اللْ نينيه َ
خوا انً .)ٖ( ِ
َْ
وىذا يشػيع عنػدما تكػوف الػروح اإلنسػانية مطابقػة لمػنيج سػيدنا محمػد
صمى اهلل عميو وسمـ.
تعاؿ معي لننظر إلى مدينػة الرسػوؿ فػي عصػر سػيدنا محمػد
ك ػػـ ك ػػاف فيي ػػا م ػػف تػ ػآلؼ القم ػػوب ،ك ػػاف ت ػػآلؼ نم ػػوذجي لمع ػػالـ إل ػػى ي ػػوـ
القيامة ،فمما كانت تأتى قوافؿ عثماف وىى محممة بالطعاـ كاف بػالؿ
يفػػرح بيػػا أكثػػر مػػف فػػرح عثمػػاف بػػف عفػػاف ، ولمػػا تكػػوف المجاعػػة كػػاف
عثماف بف عفاف يحزف أكثر مف حزف بالؿ .
فعنػػدما يكػػوف القمػػب متوجي ػاً لميػػر اهلل تعػػالى فبطبيعػػة الحػػاؿ يتحػػوؿ
مػ ػزاج اإلنس ػػاف لمس ػػمب والني ػػب ويتح ػػوؿ المجتم ػػع اإلنس ػػاني إل ػػى مجتم ػػع
متضػارب ألف القمػب أصػػب شػاكاً فػي الحيػػاة بعػد المػوت وأف اهلل سػػيعطيو
حقو في ابخرة .
وابف تج ػػد الن ػػاس كثي ػػر وتحس ػػبيـ جميعػ ػاً وقم ػػوبيـ ش ػػتى م ػػع وجػ ػود
البرامج.
وايجتمػػاع الػػذي ظيػػر فػػي عصػػر الرسػػوؿ كػػاف اجتمػػاع نمػػوذجي
لمعػػالـ إلػػى يػػوـ القيامػػة وىػػذا ايجتمػػاع الػػذي اجتمعنػػاه ،اجتمػػاع نمػػوذجي
مصػػمر ليػػذا ايجتمػػاع ،اجتمػػع النػػاس مػػف جميػػع العػػالـ وبيػػنيـ المحبػػة ،
واأللفة ،وذلؾ بسبب محبة اإلسالـ وروح اإلسػالـ ..وروح الحيػاة الطيبػة
الت ػػي ج ػػاء بي ػػا س ػػيدنا محم ػػد ولكنن ػػا نع ػػزـ أف نص ػػح رابطتن ػػا م ػػع اهلل
روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)
078
ونص ػػح رابطتن ػػا ثانيػ ػاً م ػػع أمتن ػػا ،ونخ ػػرج لألم ػػة ك ػػي تك ػػوف متآلف ػػة ب ػػيف
بعضػػيا ومتحابػػة فيمػػا بينيػػا ومتراحمػػة فيمػػا بينيػػا ،وىػػذا قط ػرة مػػف بحػػر
سػػيدنا محمػػد ، والعػػالـ المشػػحوف بايضػػطرابات محتػػاج إلػػى ىػػذا الجػػو
الذى يسوده األمف ويسوده الوئاـ ..ولكف كيؼ نتصؿ باهلل
ااِب ِلااللْ ِه َِ
اَجذعنً َاو اثَني َفْفُوا ِ ِ
قاؿ تعالى َ و ْاِجََ ُُو َْ
(ٔ)
.
أربع لقمات ،فيو آثرىـ عمى نفسو وأطعميـ لقمتػيف وأخيػ اًر دخػؿ فػي بطنػو
أكثر مما دخؿ في بطونيـ ،فصاحب العطاء يبسط لو في رزقو ويتحصػؿ
عمى المحبة مف ابخريف .قاؿ تعالى في الحديث القدسي " :أنفؽ يػا ابػف
(ٔ)
. آدـ ينفؽ عميؾ "( متفؽ عميو )
وعػػف أنػػس قػػاؿ رسػػوؿ اهلل " مػػف أحػػب أف يبسػػط لػػو فػػي رزقػػو
(ٕ)
. وينسأ لو في أثره فميصؿ رحمو " متفؽ عميو
وبػالعكس اجتمػػع الشػ والبخػػؿ وبيػنيـ كيمػػو حػالوة فكػػؿ واحػػد أراد أف
يسػػبؽ ابخػػر فمػػنيـ مػػف أخػػذ ثػػالث لقمػػات ومػػنيـ مػػف أخػػذ لقمتػػيف ،ومػػنيـ
مف أخذ أربعة ،وأخذ كالً منيـ يسب ابخر ( وىذه ىي أسباب التفرقة ) .
ٔ) رياض الصالحيف – باب الكرـ والجود واإلنفاؽ في وجوه الخير صػ ٕٕ٘. .
ٕ) المرجع السابؽ – باب صمة الرحـ صػ ٔ.ٔٚ
روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)
081
مف اهلل ، ويقػوؿ المنػى ألخيػو الفقيػر :أقبػؿ منػى ،فخنػؾ بػذلؾ تُحسػف
إلػ أى ،وتُطيػػر مػػالي وتحفظػػو ،وتحفظنػػي مػػف النػػار ،قػػاؿ تعػػالىَ والْني ِنيات َ ا
ابانينآتا نيِ ِذلااللْني ِنيها َني ِّشني ُلٌاِعني َا ٍ
ا ِ ني َني
َ و ُ ضني َاو اتنيَْ ِ
ف ْ ت ْ َِني و َناالني ْالباوالْ ِ
ف
َ ْ ْ َ َ َ ُ َ َ َ َ َ ُ
ٌ . )ٔ( َلِذ ٍا
اهلل جعػ ػػؿ مػ ػػا يحبػ ػػو األغنيػ ػػاء دين ػ ػاً لمفق ػ ػراء ،ومػ ػػا يحبػ ػػو الفق ػ ػراء دين ػ ػاً
لألغنيػػاء ،فاإلسػػالـ ي ينفػػى ممكيػػة الفػػرد لألشػػياء ولكػػف ممػػؾ مجػػازى ،
ٔ) بي ػ ػػاف بع ػ ػػد المم ػ ػػرب – ي ػ ػػوـ األح ػ ػػد المواف ػ ػػؽ – ٜٔٛٛ/ٔ/ٔٚبمدين ػ ػػة دك ػ ػػا عاص ػ ػػمة
بنجالديش .
روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)
082
يكوف صالحا ،فاألعماؿ اهلل تعالى ربطيا باليقيف فػي القمػب ،واألحػواؿ اهلل
ربطيا باألعماؿ.
وبقػدر مػا يكػوف القمػب متعمقػا بػاهلل تعػالى ،تكػوف الحيػاة عمػى مرضػاة
اهلل تعالى ،والعكس لو كانت الحياة عمى مقتضيات المادة واألشياء.
واهلل تعػػالى خمػػؽ فػػي اإلنسػػاف المالئكيػػة ،وىػػى عبػػادة اهلل تعػػالى فػػي
األرض ،وخمػػؽ فيػػو الحيوانيػػة وىػػى مقتضػػيات الحيػػاة والتناسػػؿ والطعػػاـ
وخمؽ فيو ايستعداد لخالفة اهلل تعالى في األرض ،ولـ يخمؽ ذلػؾ لميػر
اإلنسػػاف ،وكػػذلؾ ايسػػتعداد لنيابػػة النبػػوة ،وىػػذه األربعػػة لػػو أف اإلنسػػاف
اعتدؿ فييػا ومػا تعػدى الحػدود وي قصػر فخنػو ينػاؿ الحيػاة السػعيدة مػف اهلل
تعػالى ،ويكػوف لػو قيمػة فػي ىػذه الػدنيا واإلنسػاف لػو كبػت شػيواتو وتقيػد
فييا بأوامر اهلل تعالى واىتـ بما فػرض عميػو مػف العبػادات تػزداد فيػو نسػبة
المالئكيػة وبقػدر ازديادىػا يتػدرج لالسػتعداد لخالفػة اهلل تعػالى والتخمػؽ بمػا
أراد اهلل لػػو أف يتخمػػؽ بػػو فيسػػتطيع أف يمفػػر ويػػرحـ ويسػػتر ويعفػػو ٓٓ
وبيذا يتدرج لنيابة النبوة ويقدر عمى القياـ بالدعوة إلى اهلل تعالى كما كػاف
النبػػي يػػدعو ،بػػؿ وكمػػا أمػػر اهلل تعػػالى تمػػؾ األمػػة ،فيترقػػى فػػي ىػػذه
النسبة.
واهلل تعالى بعد أف ختـ سمسمة النبوة ،اختار ىذه األمة لنيابة الرسػوؿ
ٓٓ ولػػو أف اإلنسػػاف بػػذؿ طاقتػػو واعتػػدؿ فػػي ىػػذه األمػػور األربعػػة ،
روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)
084
فيصػػب لػػو عنػػد اهلل تعػػالى درجػػات عميػػا ،والعكػػس لػػو لػػـ يبػػذؿ اإلنسػػاف
بايعتػػداؿ ،وضػػيع طاقتػػو فػػي غيػػر مػػا يحػػب اهلل تعػػالى ،يضػػؿ وينػػزؿ
لدرجة الحيوانية ،وىنا يكوف سببا لمفسػاد فػي األرض وي يظمػـ إي نفسػو ،
تاَتْ ِنيْياالَْ ِ
نينسا ِ
ند ِآتاالَْنيِّ َاوالَْ ْم ِ ابَنا َك َِفنيَ ْ فقد قاؿ تعالى :ظَ َََ االْ َف َِف ُ
ن . .)ٔ( ياِ ُِلُواالَ َعلْ َُ ٌْاتنيَ ْ ِ عُو َا
ضاالْا َ
ِ ِِ
لذُات َ ٌَُا نيَ ْع َ
أمػػا س ػػير اإلنس ػػاف عمػػى م ػػنيج اهلل وس ػػنة نبيػػو وى ػػو الصػ ػراط
المس ػ ػ ػػتقيـ فيك ػ ػ ػػوف بالقص ػ ػ ػػد وايعت ػ ػ ػػداؿ ف ػ ػ ػػي قض ػ ػ ػػاء الحاج ػ ػ ػػات البشػ ػ ػ ػرية
وىنػاؾ سػبؿ كثيػرة ليسػت عمػى مػراد اهلل تعػالى وي ىػدى نبيػو ولكػف اهلل
ال ِنياَِا َ نيِذلِيا َْدُِنيوا تعالى اختار لنبيو وأمتو سبيال فقاؿ تعالى :فُ ْل َ
نينةٍاََني نينْ َاوَ ني ني ِ ااثْانيَني َعني ني ِنيِن َاو ُ ني نيْ َمن َنااللّني ني ِنيه َاوَ ني نينيناََني نينْا ِ ني ني َ ا ِ ِ
ِ َىلااللّني نينيه َ
اِلَ ني ني ا ََني ني َ
ذُنا َنينينثِْعُوَُا اسيا ِفنينيج ِ ااصني ِو ،)ٕ( وقولػػو تعػػالى :وَ ْنالني َا ِ الْ ُُ ْشنيِكِ َا
َ ُْ ً َ َ َ
صنينين ُكٌاِني ِنيهالَ َعلْ ُ ني ْنيٌا اِ ني ا َ نيِذلِ ِها َذلِ ُ ني ْنيٌ َاو ْ االِف نيُ َلا َنيجَني َف نيْ َقاِ ُ ني ْنيٌ َ
َو َاثَنيجِْعُ نيواْ ُّ
وىػ ػ ػػذا الص ػ ػ ػراط ي يكػ ػ ػػوف إي بم ارعػ ػ ػػاة حيػ ػ ػػاة النبػ ػ ػػي ، (ٖ)
ثَنيجْني ُ ني ني نينيو َنا
نينلا َِ َُنينينا
الصػراط ،قػػاؿ تعػػالي :فني َ والشػػيطاف لعنػػو اهلل يقػػؼ أمػػاـ ذلػػؾ
إلػػي منزلػة َ و ْاُِني ْْا ويجػب مػف مواصػػمة الجيػد حتػى المػػوت فنصػؿ
نيوا ، )ٕ( وقول ػ ػػوَ :ني ني نيغَاََتُني نينيوثُ ْ ا َ ْ َاوَ ني نينيجٌُا ِ رْني ني ني َ ا ني ني ْا ِ
نيَّتاتَأْثذَني ني ني َ االْذَ ني ني ُ َ َ
ن .)ٖ( ُّ ِْفلِ ُُو َا
واهلل بيف لنا الحالؿ والحراـ ،والديف سيؿ ويسير ،واإلنساف فيػو
يحتاج إلي التربية ،وذلؾ بالتدريب والتدرج.
واإلنساف لو في الدنيا حاجة ،ولو فييا شيوات ،فالبد أف يدرب نفسػو
م ػرة بعػػد م ػرة ،حتػػى يأخػػذ الحاجػػة بقػػدر الضػػرورة ،فػػال تممبػػو شػػيواتو ،
فتصػػب الحيػػاة بسػػيطة وسػػيمة ،فيػػذا أبػػو بكػػر يحضػػر لمنبػػي المػػاء
مخموطا بالعسؿ ،فينا قاؿ النبي " : كاف يكفي الماء ".
مع أف ىذا ليس حراما ولكػف الحاجػة بقػدر الضػرورة ألف المػاء وحػده
يدفع العطش أما العسؿ فينفع كطعاـ.
اهلل تعػ ػػالي فػ ػػت عمػ ػػي الصػ ػػحابة فػ ػػي زمػ ػػف عمػ ػػر ، لكػ ػػف أميػ ػػر
المػػؤمنيف عمػػر أوصػػاىـ أي يميػػروا مسػػتوي حيػػاتيـ فػػي الطعػػاـ والش ػراب
والمركػػب والمسػػكف ،حتػػى الػػذي يرسػػميـ خػػارج المدينػػة ييػػتـ بيػػـ ويسػػأؿ
ع ػػف س ػػيرتيـ وأحػ ػواليـ ،ويتقص ػػى ف ػػي ذل ػػؾ م ػػف الرعي ػػة ،ب ػػؿ ويحاس ػػب
عمالو إذا ظير فييـ اعوجػاج ،بػؿ لمػا أرسػميـ قػاؿ :المدينػة خيػر ليػـ لػو
كانوا يعمموف.
ولكػػف لمػػا جػػاء عثمػػاف وكثػػر مػػف دخػػؿ فػػي ايسػػالـ ،تػػدرج بيػػـ
في مستوي حياتيـ .
فػػأبو بكػػر وعم ػر رضػػي اهلل عنيمػػا ،مػػا كانػػا يعػػامالف النػػاس عم ػػي
قرابتيـ ،بؿ أعطوىـ المناسب ليـ ،وبحسب السػبؽ فػي الػديف ،ومػف لػو
فيو جيد
فسيدنا أبو بكر قسـ العطاء عمي أساس حاجات الناس .
وسيدنا عمر قسـ عمػي أسػاس السػابقيف األولػيف فػأعطي أسػامة أكثػر
مػػع أف مػػف ابنػػو عبػػد اهلل وقػػاؿ :ىػػذا حػػب رسػػوؿ اهلل أيػػف منػػو ابنػػي
ابف عمػر كػاف مػف العممػاء ولكػف ال ارتػب لػـ يكػف لمعمػـ ألف الػدنيا كميػا ي
روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)
087
تسػػاوي تفسػػير آيػػة أو حػػديث بػػؿ ال ارتػػب لحػػبس الوقػػت وسػػد حاجاتػػو وعنػػد
سيدنا عمر لمسبؽ ،قاؿ :ي يتساوى مف قاتؿ مع النبي مع مف قاتمو.
أما سيدنا عثماف فقد عامؿ الناس عمػي أسػاس قػرابتيـ ،ألف ليػـ
حقوقػا عميػو فقػرب أقربػاؤه وقػاؿ :إف ليػـ رحمػا يبػد أف أرعاىػا ،فجعميػـ
عماي لو في األمصار ،واستعمميـ في شئوف المسمميف.
لكف ما الفرؽ بيف الترتيبيف
ترتيػػب أبػػي بكػػر وعمػػر ،وترتيػػب سػػيدنا عثمػػاف رضػػي اهلل عػػنيـ
الشػيخاف أبػو بكػر وعمػر رضػي اهلل عنيمػا سػا ار بالنػاس عمػي مػزاج
الشرع لقرب عيدىـ بالنبوة.
وأمػػا سػػيدنا عثمػػاف فقػػد سػػار بالنػػاس عمػػي حػػدود الشػػرع ،وذلػػؾ
بسبب كثرة الداخميف مف غير العرب في اإلسالـ.
لػذلؾ فالمسػمـ يبػد أف يعػيش عمػى حػدود الشػرع ،حتػى يتوصػؿ إلػى
الحػػدود قػػد يخػػرج إلػػى الح ػراـ م ػزاج الشػػرع ،ألف اإلنسػػاف لػػو زاد عػػف
فمو سار رجؿ عمى مزاج الشرع ،فأويده يعيشوف عمى حػػدود الشرع
لو زادت معيـ الدنيا ٓٓ أما لو سار رجؿ عمى حدود الشػرع فيمكف
ألويده ،أف يتعدوا الحدود.
لذلؾ حدث مع الشيخ إنعاـ الحسف ،أف رجال تاج ار سمع الكػالـ
عف حدود الشرع ومزاجو وىو رجؿ يحج ويصمي فجاء لمشيخ ،وقاؿ:
أويدي لـ يخرجوا عف الحد بعد موتي بؿ في حياتي .
فقاؿ لو الشيخ :ابعثيـ يخرجوا أربعة أشير أو شيريف أو شي ار
فرفض ،حتى دخؿ عميو ابنو مرة في حالة سكر .
فأصػ ػ ػ ػ ػػب فػ ػ ػ ػ ػػي الصػ ػ ػ ػ ػػباح ورتػ ػ ػ ػ ػػب ابنػ ػ ػ ػ ػػو ليخػ ػ ػ ػ ػػرج أربعػ ػ ػ ػ ػػة أشػ ػ ػ ػ ػػير.
سػػميماف بػػف عبػػد الممػػؾ بػػف مػػرواف لمػػا حض ػرتو الوفػػاة جمػػع العممػػاء
وأخػػذ يستشػػيرىـ فػػى أمػػر الخالفػػة ،فقػػالوا لػػو :لػػو أردت أف تمقػػي اهلل
لرجػػؿ ذي ديػػف ،وي ييمنػػؾ تعػػالى ارضػػيا عنػػؾ ،فأوصػػي بعػػد موتػػؾ
األخوة ،فينا أوصي لعمر بف عبد العزيز رحمو اهلل ،فى وصية تق أر بعػد
وفاتو ،ولسميماف بف عبد الممؾ أخ اسمو ىشاـ كاف يتوقػع أف يكػوف ىػو
الخميفػػة ،ولكػػف بعػػد وفاتػػو فػػي المسػػجد فتحػػت الوصػػية ،ىشػػاـ يتوقػػع أف
يكوف ىػو الخميفػة ،وعمػر رحمػو اهلل ي يتوقػع ىػذا ولكػف لمػا بػايعوا لالسػـ
قبػػؿ أف يقػػرؤوه بعػػدا لسػػماع بكػػى عمػػر بػػف عبػػد العزيػػز ووقػػع مػػا تحممػػو
قػدماه ،وحمػؿ حتػى أجمسػوه وكػاف عنػد عمػر بػف عبػد العزيػز إمػاء وعبيػد
روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)
089
أعػتقيـ وأدخػؿ مالػو فػي بيػت المسػمميف ثػـ قػاؿ لفاطمػة بنػت عبػد الممػؾ :
لػػو شػػئت أف تمحقػػي بأىمػػؾ فػػاذىبي ألنػػي قػػد ي أسػػتطيع أف أقػػوـ بحقوقػػؾ
لعػػدـ وجػػود مػػاؿ عنػػدي فأبػػت أف تفارقػػو ووافقػػت أف يػػدخؿ المػػاؿ فػػي
خزانة المسمميف وعمر بف عبد العزيػز رحمػو اهلل تعػالى ،كػاف يقػوـ بالميػؿ
يدعو ربو ليصم اهلل حكاـ المسمميف ،وفى زمنػو توقفػت الجزيػة مػف كثػرة
الػػداخميف فػػي اإلسػػالـ ،فخمػػت الخزينػػة فػػي أوؿ أمػره ،فأشػػاروا عميػػو أف
يضػػع شػػروطا لإلسػػالـ ألف أىػػؿ الكتػػاب كػػانوا يػػدخموف اإلسػػالـ ،فتسػػقط
الجزيػػة عػػنيـ فقػػاؿ ليػػـ :واهلل لػػو لػػـ يكػػف فػػي الخزينػػة إي درىػػـ واحػػد مػػا
فعمػػت شػػيئا ،فػػدماؤىـ كػػدمائنا ،وأم ػواليـ كأموالنػػا فكانػػت حياتػػو بسػػيطة،
وكذلؾ حيػاة أىمػو ،وبقػى عمػى الخالفػة سػنتيف وخمسػة أشػير ،وكػاف يقػيـ
فػي حمػص بسػوريا ،ذات يػوـ جػاءت عجػوز تريػد قصػر الخالفػة ،وكػاف
أىػؿ حمػص فػي ىنػاء ورخػاء ،فقػاؿ ليػا النػاس :الخميفػة فػي ىػذا الكػوخ
فدخمت فوجدت امػرأة تعمػؿ فػي أمػور البيػت ،فقالػت ليػا :أريػد زوجػة أميػر
المؤمنيف فقالت ليا :أنا ،فتحيرت المرأة ،وأخذت تػتكمـ مػع زوجػة عمػر
( رحمو اهلل ) وكاف عمر يصػم سػقؼ البيػت ،ومػف لحظػة وأخػري ينظػر
إلػػى زوجتػػو ،فقالػػت الم ػرأة :ذلػػؾ األجيػػر لػػيس رجػػؿ صػػال ألنػػو ينظػػر
إليؾ ،فقالت :ىو أميػر المػؤمنيف فػازدادت حيػرة ،وقالػت :لمػا يعمػؿ بيػده
مع أف الشعب فى راحة وىنػاء فقالػت :لػو لػـ يختػر ىػذه الحيػاة ،لػـ يكػف
روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)
091
الشػػعب فػػى ارحػػة وىنػػاء ،والصػػحابة اإلجػػالء لمػػا ذىبػوا إليػراف ،وتممبػوا
عمييـ ،فقالوا :كيؼ تممبػوا عمينػا :مػع أنيػـ عػرب فقػراء ضػعفاء فقيػؿ ليػـ
:ي تنظػػروا إلػػى أجسػػاميـ ومالبسػػيـ ،بػػؿ لقػػوتيـ الداخميػػة ،فيػػـ :فرسػػاف
بالنيػار رىبػاف بالميػؿ ،فيػـ خرجػوا بقػوة اإليمػاف والصػفات اإليمانيػة ،ولػـ
يتػأثروا بمػا عنػدىـ لعمميػـ أنيػـ ابتعثػوا نيابػة عػف النبػي ، ولكػف غيػرىـ
تػأثروا بيػـ ،وأعجبػتيـ حيػاتيـ وبسػاطتيـ ،وعمػر بػف عبػد العزيػز( رحمػو
اهلل ) جمػػع قبػػؿ وفاتػػو أويده وبناتػػو ،وقػػاؿ ليػػـ :مػػا تركػػت لكػػـ مػػف المػػاؿ
شيئا مثؿ المموؾ السابقيف ،ولو أردت لفعمت ،وقد عممتكـ الديف فقالوا:
رضينا أما أقرباؤه ،فقالوا :كيػؼ تتػرؾ أويدؾ دوف مػاؿ فقػاؿ ليػـ قولػة
عجيبػة :مػا ضػيعت ليػـ حقػا ،ومػا أعطيػتيـ حقػوؽ ابخػريف ،ولقػد أديػت
ماليـ مف حػؽ عم أى ،فخف يكونوا صالحيف ،فاهلل يتػولى الصػالحيف ،ولػو
كػانوا عمػى غيػر ىػذا فػال أبػالى فػى أى أوديػة الػدنيا ىمكػوا !! وبعػد وفاتػو
قسػموا اإلرث وكػاف قمػيال جػدا ،ولػيس معنػى ىػذا أف نتػرؾ أويدنػا فقػراء ،
ولكف يبد مف تركيـ عمى صفات ويقػيف مػف أف اهلل تعػالى لػف يضػيعيـ ،
اخ ْل ِف َِ ْنيٌا
شاالْ ِات َ الَ ْواثَنيَُكنيواْا ِ ني ْ َا
ألنيـ صالحوف وكما قاؿ تعالىَ :ولْذَ ْل َ
تْا.)ٔ( اِلَْذ َِ ٌْا َني ْلذَجْني ُواااللّهَ َاولْذَني ُولُواْافَني ْو ًا َ ِْ ً
ناخن ُواْ َ
ِ
ذُِّرتًْاض َعن ً َ
ولذلؾ يقوؿ الشاعر لمف يرتب الديف عمى ترتيب الدنيا :
اصنين ِ نًا ومجاىػدة ،ولكػف بعػد ذلػؾ حيػاة طيبػة ،قػاؿ تعػالى ني ِ
اُِ َنيل َ َْ َ
ِ ِ
ْ اذَ َكني ٍ ا َْوا ُْنيًَني َاوُل َنيوا ُ ْنيو ٌ ا َنيلََُ ْمذِذَنيَْنيهُا َ ذَنين ًةاسَذَِّني ً َاولَََ ْجني ِتنيََني ُ
َْ ٌْاَ ْ نيَ ُل ٌْا
كن ُوااتنيَ ْع َُلُونا.)ٔ( ِأَ ْ َِف ِ ا َ نا َ
مػثال لممجاىػػدة :رجػؿ خػػرج فػي سػػبيؿ اهلل مػف أصػػحاب المناصػػب ،
وكػاف يقػدـ لػو الطعػاـ ثالثػة أصػناؼ وحمػوى مثػؿ ذلػؾ ،وىػو فػي األصػؿ
يقػػدـ لػػو سػػبعة أن ػواع ومػػف الفاكيػػة ،ومػػف الحمػػوى الكثيػػر ،فيػػو ىنػػا فػػي
مجاىدة ٓٓ أما الػذي فػى بيتػو يقػدـ لػو ثالثػة أنػواع ،وىػو يريػد خمسػة ،
فيػو فػي انحطػاط ونػزوؿ ،ولػيس فػي تضػحية وتػرؽ ،واهلل فػي قرآنػو
وف )ٕ( حتػػى يبقػػى ِ ود المّػ ِػو فَأ ُْولَػػَئِ َ
ؾ ُىػ ُػـ الظّػػال ُم َ وىا َو َمػػف َيتَ َعػ ّػد ُحػ ُػد َ
فَػالَ تَ ْعتَػ ُػد َ
عمػػى التقػػوى ،وم ػزاج الشػػرع ي يػػأتي إي بالتػػدريج ،يقػػوؿ تعػػالىَ :وَ ني ا
اِ ني ِ االْ َعنينينلَ ُِ َا نلني َنيْا َِجَّْننيَ ُ ِ ِ ِ ِ
و .)ٖ( ووائػػؿ بػػف نيناَيَنلني ُنيْالََني ْفِفنينيهاِ ْنااللْنينيهَالَغَني ِ ٌّ
نيِن َ ََ
حجػػر كػػاف مػػف أبنػػاء الممػػوؾ ،فأكرمػػو الرسػػوؿ وذكػره بخيػػر عمػػى
منبره ،وأمر معاوية أف يكرمو فذىب بو إلى بيتػو ،لقولػو " : أنزلػوا
(ٔ)
. الناس منازليـ "
ػوف ْب ِػف ٔ) فػي سػنف أبػي داود » كتػاب األدب » بػاب فػي تنزيػؿ النػاس منػازليـَ :ع ْػف َمْي ُم ِ
ػاب َو َىْيَئػةٌ فَأَ ْق َع َدتْػوَُعطَتْوُ ِك ْس َرةً َو َم أػر بِيَػا َر ُجػ ٌؿ َعمَْي ِػو ثَِي ٌ َف َعائِ َشةَ َمأر بِيَا َسائِ ٌؿ فَأ ْ يب أ أ أَبِي َشبِ ٍ
ػاس َمَنػ ِ ِ أ ػاؿ رسػػو ُؿ المأ ِػو أ أ فَأَ َك َػؿ فَِقي َػؿ لَيَػا ِفػػي َذلِ َ
ػازلَيُ ْـ صػمى المػوُ َعمَْيػػو َو َسػم َـ أَْن ِزلُػوا الأن َ َ ػت قَ َ َ ُ ػؾ فَقَالَ ْ
وف لَ ْـ ُي ْد ِر ْؾ َعائِ َشةَ . اؿ أَُبو َد ُاوَد َم ْي ُم ٌ صٌر قَ َ يث َي ْحَيى ُم ْختَ َ اؿ أَُبو َد ُاوَد َو َح ِد ُ قَ َ
اص ػبِ ِي ْـػاس ومػػراتِبِ ِيـ ومَن ِ ػاة مقَػ ِ يث اْلحػػض عمَػػى مر ِ اد بِاْلحػ ِػد ِ
ير الأنػ ِ َ َ َ ْ َ َ ػاد ِ اعػ َ َُ َ َ َ ػاؿ اْل َع ِزيػ ِػزي َ :واْل ُمػ َػر ُ َ قَػ َ
ػاؿ أَُبػو ؽ ( .قَ َ ػؾ ِم َػف اْل ُحقُػو ِ س َوِفػي اْل ِقَي ِػاـ َو َغْي ِػر َذلِ َ ض ِفي اْل َم َجػالِ ِ ض ِي ْـ َعمَى َب ْع ٍ يؿ بع ِ ِ
َوتَ ْفض ِ َ ْ
وف لَ ْـ ُي ْد ِر ْؾ َعائِ َشةَ . َد ُاوَد َمْي ُم ٌ
ي مْيمػوف ْبػف أَبِػي ُشػبْي ٍب ع ْػف عائِ َشػةَ متأ ِ ٍِ اؿ اْلمْن ِذ ِري :وِق َ ِ
ػاؿ َي . صػ ٌؿ قَ َ ُ َ َ َ يؿ ألَبِي َحػاتـ ال أػر ِاز ِّ َ ُ ُ ُ َ قَ َ ُ
ي. ْانتَيَى َك َال ُـ اْل ُمْن ِذ ِر ِّ
طَب ِػة ؽ َ :وأَ أمػا قَ ْػو ُؿ ُم ْسػمٍِـ ِفػي ُخ ْ ص ِػؿ التأ ْعمِيػ ِ ٍِ ِ
صػحي ِ ُم ْسػمـ فػي فَ ْ
اؿ الأنوِوي ِفي مقَ ِّدم ِة َشػرِح ِ
ُ َ ْ َ َوقَ َ َ
ػت :أَمرَنػا رسػو ُؿ المأ ِػو أ أ ض أ ِ ِ ِ ِ ِِ
صػمى المػوُ َ ػي المػوُ َعْنيَػا -أَأنيَػا قَالَ ْ َ َ َ ُ كتَابػو َوقَ ْػد ُذك َػر َع ْػف َعائ َشػةَ َ -ر َ
َف لَ ْفظَػػو لَػ ْػيس ج ِازمػػا َي ي ْقتَ ِ
ضػػي َ َ َ َ ً ػازلَيُ ْـ فَيَ ػ َذا بِػػالأنظَ ِر إِلَػػى أ أػاس َمَنػ َِف ُنْنػ ِػز َؿ الأنػ َ َعمَْيػ ِػو َو َسػػمأ َـ -أ ْ
اى ِد ي ْقتَ ِ ِ احػػتَ أج بِػ ِػو وأَورَده إِيػػر َاد ا ْألُصػ ِ صػػحأتِ ِو َوبِػػالأن َ ح ْكمػػو بِ ِ
ضػػي ػوؿ َي إِيػ َػر َاد ال أشػ َػو َ ُ َ َْ ُ َ ظ ِر إِلَػػى أَأنػػوُ ْ ُ َُ
ػاب َم ْع ِرفَػ ِػة ػافظُ ِفػػي ِكتَابِػ ِػو ِكتَػ ِ ػاكـ أَبػػو عْبػ ِػد المأػ ِػو اْلحػ ِ
َ
ِ
ػؾ فَقَػ ْػد َح َكػ َػـ اْل َحػ ُ ُ َ ػع َذلِػ َ ِ ِ ِِ
ُح ْك َمػػوُ بصػػحأتو َ ،و َمػ َ
َخ َر َجػوُ أَُبػو َد ُاوَد ِفػي صُ٘ ٔٛس َػننِ ِو بِِخ ْس َػن ِاد ِه ُمْنفَ ِػرًدا بِ ِػو َ ،وُذ ِك َػر أ أ
َف صحأتِ ِو َوأ ْ يث بِ ِ وـ اْلح ِد ِ
ُعمُ ِ َ
وف ْب ُف أَبِي ُشَبْي ٍب َولَ ْـ ُي ْد ِرْكيَا. ِ
ي لَوُ َع ْف َعائ َشةَ َمْي ُم ُ الرِاو َ
أ
يمػا قَالَػوُ أَُبػو َدا ُوَد َنظَ ٌػر ،فَِخأنػوُ ُكػوِف ُي ُمتَقَ ِّػد ٌـ قَ ْػد أ َْد َر َؾ اْل ُم ِمي َػرةَ ْب َػف ِ
الص َػال ِح َوف َ اؿ ال أش ْػي ُخ ْاب ُػف أ قَ َ
ػاؼ ِفػػي ػاف التأ َال ِقػػي َكػ ٍ ػع إِ ْم َكػ ِ اصػ ُػر َمػ َ
ٍِ ِ ُشػػعبةَ ،ومػ َ ِ
ػات اْل ُمميػ َػرةُ قَْبػ َػؿ َعائ َش ػةَ َ ،و ِعْنػ َػد ُم ْسػػمـ التأ َع ُ َْ َ َ
اسػػتَقَ َاـ ِألَبِػػي َد ُاوَد اْل َجػ ْػزُـ بِ َعػ َػدِـ ػاؿ لَػػـ أَْلػ َ ِ اإل ْدر ِ ِ
ػؽ َعائ َشػةَ ْ ػوف أَأنػوُ قَػ َ ْاؾ َ ،فمَػ ْػو َوَرَد َعػ ْػف َمْي ُمػ ٍ ثُُبػوت ِْ َ
ات َذلِ َؾ ْ .انتَيَى . اك ِو َو َىْييَ َ
إِ ْدر ِ
َ
روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)
094
فػي أوؿ أمػر الػدعوة إلػى اهلل ،ي نشػؽ عمػى النػاس ،حتػى ي يسػأموا
ويممػوا ،ألف النػاس ألفػوا المعاصػي ،فصػعب عمػييـ أمػر الػديف ،ولػذلؾ
أسمـ نصراني في رمضاف ،فقاؿ لو بعض الناس :عميؾ خمس صموات
،وقيػػاـ ليػػؿ وتػراوي ،وصػػياـ رمضػػاف ،وأذكػػار ،وقػراءة قػرآف ،فقػػاؿ :
إف كاف ىذا ىو اإلسػالـ ،فأنػا ي أسػتطيع ،فارتػد ،ولكػف لػو جػاءوا معػو
بالتػدريج ،لثبػت بػخذف اهلل ،وىػذا الشػخص كػاف فػى سػفر ولػو الخيػار فػي
اإلفطار ،بدؿ أف يضمطوا عميو.
كػذلؾ رجػؿ آخػر مػدمف خمػر خػرج مػع الجماعػة ،فقػاؿ :ي أسػتطيع
تػػرؾ الخمػػر ،فقػػالوا لػػو :ي بػػأس فممػػا تػػأثر بػػأحواليـ ،بكػػي هلل ودعػػاه أف
يوفقو لتػرؾ الخمػر ،وبنفسػو كسػر الزجاجػة ٓٓ فيػذه حكمػة بالتػدريج حتػى
يفيـ ،وقد أخبرنػا اهلل تعػالى بيػذا فػي قرآنػو ،فقػاؿ َ : كني َالِ َ ا ُكَنيجٌُا
(ٔ)
ن اِلَ ني ْنيذ ُ ٌْا َنيجََنيذْنيَُني نيواْاِ ْنااللّ نينيهَا َك نينين َن ِابَني نيناثَني ْع َُلُ نينيو َا
ِّ ني ني افَنيْ ني ُنيلا َ َُ ني ني ْ االلّ نينيهُ َ
وبػػاألخص أف بالدنػػا بػػالد العجػػـ ،والفػػتف فييػػا كثيػرة ،والنػػاس ع ػواـ وي
يفيموف ،فال بأس في مثؿ ىذه األمور ،وكػذلؾ جماعػة خرجػوا ،وأخػذوا
معيػـ رجػال رغبتػو زوجتػو فػي الخػروج ،فخػرج وزوجتػو تقيػة ورعػة ،فممػػا
جػػاء العيػػد أويد الجي ػراف فػػي الشػػارع ،قػػالوا ليػػـ :أبػػوكـ غيػػر موجػػود ،
وليس ىناؾ مالبس جديدة ،فشػكوا ذلػؾ ألميػـ ،فػأميـ رغبػتيـ فػي الجنػة
والنعيـ المقيـ ،وفييا ي يبمػي الثيػاب ،وي يفنػي الشػباب ،فخػرج األطفػاؿ
وذىبػوا إلػػى األطفػػاؿ ابخػريف ،وقػػالوا ليػػـ :لنػػا ابخػرة وفييػػا جنػػة لنػػا ،
وذلؾ بسبب الخروج الذي خرجو أبونا ليأتي بالجنة ،فينا األطفػاؿ قػالوا :
ألمياتيـ األخريػات ،أمػي لمػاذا ي يػذىب أبونػا ويػأتي بالجنػة مثممػا ذىػب
فالف وترؾ أويده ولما رجع آباؤىـ ،النساء قمف لمرجاؿ األويد لػـ يفرحػوا
بالعيد وحكوا ليـ األمر ،وقمػف لمػاذا ي تخرجػوف فػي سػبيؿ اهلل مثممػا يفعػؿ
الجيراف فذىب رجاليـ لزيارة الرجاؿ الذيف عػادوا مػف الخػروج ،فسػألوىـ
عف أحواليـ ،وبفضؿ اهلل تشػكموا معيػـ ،فينػا النسػاء اجتيػدف ،وأخػرجف
الرجاؿ.
ونفكر كيؼ نعصـ أنفسنا مف غضب اهلل وسػخطو ،ونخػرج إلػى
مرضات اهلل ورضوانو ،فيثبتنا اهلل عمى الصراط المستقيـ.
إذا قمنا عمى الجيد ،بخذف اهلل نجتيد حتى الموت ،نموت فػي ىػذا
الجيػد ،نكػوف مسػتعديف لكػؿ األعمػاؿ ..وصػمى الميػـ عمػى سػيدنا محمػد
وعمى آلو وصحبو وسمـ.
روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)
096
تصحيح المفاىيةم
اص نينين ِ نًا ِ ني ني ْ اذَ َك ني ني ٍ ا َْوا ُْنيًَني ني َاوُل ني َنيوا ُ ني ْنيوِ ٌ ا قػ ػػاؿ تعػ ػػالى ني ني ِ
اُِ ني َنيل َ
َ ْ َ
ُل ٌْاِأَ ْ ِف ِ ا َ نا َ َنيلََُ ْمذِذَنيَْهُا َ ذَنةًاسَذَِّ ً َاولَََ ْج ِتَنيَني ُ
َْ ٌْاَ ْ َ
(ٔ)
. كن ُوااتَني ْع َُلُونا
َ
صالح اإلنساف في الدنيا وابخرة ،اجتماعياً ،انفراديػاً ،مبنػى عمػى
أف ينف ػػؽ نفس ػػو ومال ػػو لرض ػػاء اهلل ، أي يس ػػتعمؿ نفس ػػو ومال ػػو حس ػػب
أوام ػػر اهلل وطري ػػؽ النب ػػي ، وب ػػذلؾ تن ػػزؿ الرحم ػػة ،وترف ػػع المش ػػاكؿ ،
ويرتػػاح فػػي القبػػر وينػػاـ نومػػة العػػروس ،ويسػػيؿ عميػػو يػػوـ القيامػػة ،ثػػـ
قبؿ بعثة النبي ظير الفساد في البر والبحػر ،فاجتيػد النبػي
وكػػوف البيئػػة ،وبتمػػؾ البيئػػة قػػاـ الجيػػد ،وبالجيػػد ظيػػرت الحيػػاة الطيبػػة ،
وبيػػذه الحيػػاة انتشػػر الصػػحابة فػػي بػػالد العػػالـ ،فالػػذيف كػػاف عنػػدىـ فطػرة
اهلل أخبرنػ ػ ػػا عػ ػ ػػف حيػ ػ ػػاة الرجػ ػ ػػاؿ َ وال ِْفني ني نينينِ ُو َاناا ْ َْولُني ني نينيو َنا ِ ني ني ني َ ا
ٍ ِ ِ ِ
نيول ٌْاِِج ْ َِف نينينن َارض ني َنييااللْ نينيهُ َ
اِ ني نيَْني َُ ٌْا َ نينين ِر َاوالْ نينيات َ ااثْنيَنيعُ ني ُ
الْ ُُ ََ نينين ِت َ َاوا ْ َْ َ
اخنلِني ِنيْت َ ا ِ َذَنينيناَ نيَنيْاًا نينر َ اَتني ِ َْ
ياَتجَني ََنينيناا َْني ََني ُ
ورضنيوااَِْنينيهاوَِنيْْا َبنينيٌا َْني ٍ
نينت َْ ََ ُ َ ُ َ َ ُ ْ َ
ذٌ )ٔ( فكانوا قسميف : َذلِ َ االْ َف ْوُزاالْ َع ِظ ُا
)1الميػ ػ ػ ػػاجريف :الػ ػ ػ ػػذيف ترك ػ ػ ػ ػوا ديػ ػ ػ ػػارىـ لنص ػ ػ ػ ػرة الػ ػ ػ ػػديف قػ ػ ػ ػػاؿ تعػ ػ ػ ػػالى
لِْل ُف َ ني ِاااالَُْنينين ِ ِت االْني ِنيات ا ُخ ِ نيواا ِ ني ِ
ادتنيَنين ِرِل ٌْ َاوَْ ني َنيوابِِ ٌْاتنيَْجَنيغُنينيو َنا َ َُ َ َ ْ ُ ْ
ِ ِ ضني ني نيغًا ِ ني ني ني االلْ ني ني ِ
َني ني ني ُو َنااللْ ني نينيهَ َاوَر ُ ني ني نيولَهُا ُولَْني ني ني َ ُ
ال ني ني ُنيٌا َ
ْ نيتاو
َ َ ََ ُ ًن ا
نيوني ني ض
ْ ر او نيه َ َْ
ن . )ٕ( َ ِندفُو َا ال ْ
اموْوا ت )2األنص ػػار :وىػػـ الػػذيف نصػػروا الميػػاجريف قػػاؿ تعػػالى والْني ِ
نيا
َ َ َ
(ٕ)
ْار َاوانّي نينينن
ْ ني ني لااا
و ُوْ ني ني ني
َ ثا ت ونص ػػروا )ٔ( وق ػػاؿ تعػػػالى والْ ني ِ
نيا
َ َ َ َ ََ َ ُ
والذي يتبعيـ اهلل يرضى عنو … وىكذا إلى يوـ القيامة .
فبذؿ النفس والماؿ يكوف عمى أربع أشياء بالتوازف :
( )1نس ػ ػػبة الحيواني ػ ػػة :أي أف اإلنس ػ ػػاف في ػ ػػو متطمب ػ ػػات األك ػ ػػؿ والش ػ ػػرب
والنك ػػاح مث ػػؿ الحيػ ػواف ،فأب ػػاح اهلل لن ػػا طم ػػب ى ػػذه األش ػػياء ف ػػي
حدود ما أمرنا اهلل بو .
( )2نسػ ػػبة المالئكيػ ػػة :فاإلنسػ ػػاف يخػ ػػرج مػ ػػف صػ ػػفة الحيوانيػ ػػة إلػ ػػى صػ ػػفة
ػوف َم ػ ػػا أ
َم ػ ػ َػرُى ْـ َوَي ْف َعمُ ػ ػ َ
ػوف الم ػ ػػوَ َم ػ ػػا أ َ
صػػ َ
المالئكي ػ ػػة بطاع ػ ػػة اهلل ي َي ْع ُ
(ٖ)
. وف
ُي ْؤ َم ُر َ
نسػػبة الخالفػػة :وىػػى خالفػػة اهلل فػػي األرض ،قػػاؿ تعػػالى َ وِ ْذا () 3
خميفػػة العفػػو ..ويمفػػر لمعبػػاد ألنػػو خميفػػة المفػػور ..واذا وجػػد النػػاس
يعصػػوف اهلل فيمضػػب ويجتيػػد إل ازلػػة البيئػػة الفاسػػدة ألنػػو خميفػػة
الجبار(ٔ).
وكػػؿ ىػػذه الصػػفات يقػػوـ بيػػا بػػدوف عػػوض مػػف المخمػػوؽ ،ويقػػوـ بيػػا
هلل .
أبو طمحة يكرـ ضيؼ رسوؿ اهلل ويػؤثره بالطعػاـ عمػى نفسػو
اِلَني ا ِ
وزوجػػو وأويده ،فػػاهلل أحػػب ىػػذا الفعػػؿ وأنػػزؿ الق ػرآف َ وتُني ْنيوث ُو َن َ
ِِ ِ ِِ ِ
نيوقا ُ ني َْا نيَ ْفِفنينيها َأُولَْ ني َ ُ
الني ُنيٌا نص ني ٌ َاوَ ني ْ اتنيُ َ
َ َ َْني ُفِف ني َِ ٌْ َاولَني ْنيوا َكنينين َنا ني ْنيٌ َ
اخ َ
ن. )ٕ( الْ ُُ ْفلِ ُمو َا
وىػ ػػذه العالقػ ػػة تػ ػػزداد بعػ ػػد األعمػ ػػاؿ ،ورضػ ػػاء اهلل بقػ ػػدر األعمػ ػػاؿ ،
وايرتقاء في األعماؿ بسبب األعماؿ ،ألف الماء إف كاف في الكأس فيػو
مػػاء ،واف كػػاف فػػي البحػػر أو الخ ػزاف فيػػو مػػاء ،ولكػػف يختمػػؼ المقػػدار
والنػ ػػوع ،فكػ ػػذلؾ رضػ ػػاء اهلل درجػ ػػات ،وغضػ ػػبو درجػ ػػات ،وكممػ ػػا زاد
غضبو زادت عقوبتو ،وكمما زاد رضاه زادت الدرجات فى الجنة .
واهلل بػػيف لنػػا الوعػػد عمػػى األعمػػاؿ الصػػالحة ،وبػػيف لنػػا الوعي ػػد
عمػػى األعمػػاؿ غيػػر الصػػالحة ،اهلل مػػا جعػػؿ الج ػزاء فػػى الػػدنيا مثػػؿ
ٔ) انظر كتابنا كممات مضيئة في الدعوة إلى اهلل – باب مقصد األمة – صػ .ٔٚٚ
ٕ) سورة الحشر – ابية . ٜ
روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)
211
ابخرة مثالً :رجػؿ قتػؿ نفسػاً أو اثنػيف أو ثالثػة ولػو قتػؿ مائػة نفػس فيقتػؿ
َ ني ْ افَنيجَ َنيلا نيَ ْفِفنينًا مرة واحدة ،ولكف فى ابخػرة األمػر يختمػؼ قػاؿ تعػالى
نيساَوا َِفني ٍ
نيند ِآتاا رأا َ َ أََّْننيَنينافَنيجَنينيلاالَْنينينس َِ ِ ِ
اَجذعنينً َاوَ ني ْ اَ ْ ذَ َ
نلنينينا َ َ غَني ْنينا نيَ ْفني ٍ ْ َ
اَجذعنيانً ، )ٔ( أبػو طمحػة أطعػـ رجػالً واحػداً ،اهلل َ َ أََّْنَناَ ذناالَْنينس َِ
َ َْ
أنػػزؿ الق ػرآف فػػي صػػفتو فكيػػؼ بالػػذي يخػػرج فػػي سػػبيؿ اهلل وكػػاف
سبباً لنجاة الناس مف النار ،ودخوليـ الجنة ،كـ يتحصؿ عند اهلل .
( )4نسػػبة نيابػػة عػػف سػػيدنا محمػػد : نحػػف ننفػػؽ أموالنػػا وأنفسػػنا فػػى
نيتالِلَْني ِ
نينسا ُخ ِ َ ني ْ
اخْذني نيَ ا ني ا ْ جيػػد الرسػػوؿ قػػاؿ تعػػالى ُ كَْنينيجُ ٌْ َ
(ٕ)
اوثُني ْوِ َُو َنا ِنللِْاه ِ َ َ
ْ ُ ل
ْ اا ِ اِ ن
َ و َنيَْ ني
َ ثاو ثَأْ و َناِنلُْع و ِ
ُ َ َ َ ُْ َ َ ْ ُُ
والنيابة تشمل أمرين :
-األمر األوؿ :نيابة عػف األنبيػاء السػابقيف عمػييـ السػالـ فػى بمدتػو مثػؿ
.. (ٖ)
ُ َنيعْذ انً
نينل ٌْا
َخ ُ سيدنا موسى فى مصر َ ..و ىلا َ ْْتَ َ ا َ
(٘)
اصن ِ انً ٌ نل
َ َ ُْ ََخ ا ودُ َ ىلا و
َ . (ٗ)
الوداً
نل ٌْ ُ
َخ ُ
ٍ
َ و ىلا َِندا َ
-األمػر الثػاني :نيابػة عػف النبػي : ودائػرة جيػده العػالـ كمػو إلػى يػػوـ
(ٔ) ُ ٌ َِ
اَجذع ني نيانً ْ نيولااللْ ني ِنيهاِلَ ني ْنيذ
نينساِ ِِّن َار ُ ني ُ
القيامػ ػػة فُ ني ْنيلاتَ نينيناَتنيُّ ََ نينيناالَْ ني ُ
فنجتيػػد فػػي جيػػد الرسػػوؿ ، ونقضػػى حوائجنػػا حسػػب أمػػر اهلل عمػػى
طريؽ النبي .
اليػػوـ الػػذى يصػػمى يقػػوؿ أنػػا عنػػدي الػػديف ..والػػذي يتبػػرع يقػػوؿ أنػػا
عنػػدي الػػديف ..وصػػاحب المحيػػة يقػػوؿ أنػػا عنػػدي الػػديف ..ولكػػف الػػديف
الكامؿ فيو القوة ،وعميو تنزؿ نصرة اهلل .
الس ػػيارة تس ػػمى س ػػيارة عن ػػدما يكتم ػػؿ فيي ػػا جمي ػػع األجػ ػزاء ...وك ػػؿ
المواعيػػد فػػى الق ػرآف الك ػريـ عمػػى اإليمػػاف الكامػػؿ ..وبقػػدر الصػػفات التػػي
تأتى فينا تنزؿ نصػرة اهلل لػـ يقػؿ ( إف اهلل مػع المصػميف ) وقػاؿَ وَ ْنا
وَ ،)ٕ( و ْاِلَ ُُوااَ ْنااللْهَا َا َماالْ ُُجْ ِ َا
و )ٖ(لماذا اللْهَا َ َماالْ ُُ ْوِ َِ َا
ألن الصالة عمى نوعين :
)1ص ػ ػ ػػالة يرض ػ ػ ػػى بي ػ ػ ػػا اهلل ع ػ ػ ػػف العب ػ ػ ػػد ويعطي ػ ػ ػػو الف ػ ػ ػػالح فَني ني ني ني ْْاَْنيلَ ني ني ني َنيَاا
ن . )ٗ( اخن ِ عُو َا الُْوِ َو َناواالْ ِات الٌ ِآت ِِ
اصغِت ٌْ َ َ ُْ َ ُْ ُ
ِ ِ
واواالْنينيات َ ُ
الني ْنيٌا َِ ني ْ ا َنيلِّ َ
َني َوتْني ٌنيلال ْل ُُ َ )2صػػالة تكػػوف سػػبباً ليػػالؾ اإلنسػػاف
ِ ِِ
نلو َناواالْات َ ُ
ال ٌْاتنيَُ ُاؤو َنا صغِت ٌْا َ ُ
(ٔ)
وىى صالة الرياء . َ
والصدقة عمى نوعين :
(ٔ) صدقة :مقبولة .
(ٕ) صػ ػ ػػدقة :غيػ ػ ػػر مقبولػ ػ ػػة ،مصػ ػ ػػحوبة بػ ػ ػ أ
ػالمف واألذى ،قػ ػ ػػاؿ تعػ ػ ػػالى
. (ٕ)
ااص َْفَنثِ ُ ٌْا ِنلْ َُ ِّ ا َوا ْ َ َذى ِ
اثُنيْطلُو َ تَناَتنيُّ ََناالْ ِات َ ام َ َُواا
والصوم عمى نوعين :
(ٔ) صػػياـ يوصػػؿ إلػػى تقػػوى اهلل ، قػػاؿ تعػػالي تنيَنيناَتنيُّ ََنينيناالْني ِنيات َ ام َ َُنيوااا
اِلَ االْ ِات َ ا ِ ْ افَنيْلِ ُ ٌْالَ َعلْ ُ ْنيٌاثَنيجْني ُنيو َان
ب َ
ِ
االَذَ ُنما َك َُنا ُكج َ
اِلَْذ ُ ٌُ ِّ
ب َ
ِ
ُكج َ
(ٖ)
.
(ٕ) صياـ ي يوصؿ إلى شئ :عف أبي ىريرة رضي اهلل عنو َو َع ْنوُ قَػا َؿ
صائٍِـ لَ ْي َس لَوُ ِم ْػف ِ
" َ " :ك ْـ م ْف َ َو َسمأ َـ صمأى المأوُ َعمَ ْي ِو أِ
:قَا َؿ َر ُسو ُؿ المو َ -
ام ػ ِػو ِإ أي ال أس ػػيَ ُر "
لَ ػػو ِم ػػف ِقي ِ
ُ ْ َ لَ ػ ْػي َس ام ِو إِ أي الظأ َمػ ػأُ َ ،و َك ػ ْػـ ِم ػ ْػف قَ ػػائٍِـ
ص ػػي ِ
َ
ِ
(ٔ)
ضوِء ص ْبرةَ ِفي َب ِ
اب ُسَن ِف ا ْل ُو ُ
.رواه ال أد ِارِمي وَذ َكر ح ِد َ ِ ِ
يث لَقيط ْب ِف َ َ َ َ َ ََ ُ
وقيام الميل عمى نوعين :
اِني ِ ا
نْتا ُ َُنيونيُ َُ ٌْ َ (ٔ) قياـ يوصؿ إلى رضاء اهلل : قاؿ تعالى ثَنيجَ َج َ
نينل ٌْاتنيَُْ ِف ُ نينيو َناوا َنينيغا ْ الُْض نينين ِ ِمات نيِْو َنارنيَْ نينيٌاخو نينًاوسَُع نينًاوِ
نينارَزفْنيََني ُني ف
َ ْ ُ َ ُ ْ َْ َ َ َ َ َ َ
َجمِ ِو " إِ أي َي ِ :م ْف أ ْ ُ ِ ِ ِِ ِ ٔ) َكـ ِم ْف ٍِ
َي َ :حاص ٌؿ أ َْو َحظ " م ْف صَيامو " أ ْ صائـ لَْي َس لَوُ " ) أ ْ َ ْ
ظ ُـ " َع ََف َم َشقأتَوُ أ ْ اختَار الظأمأَ بِ ِّ
الذ ْك ِر ِأل أ ِ الظأ َمأُ " بِ أ
َ ش َوَن ْح ُوهُ م َف اْل ُجوِع َ ،و ْ َ طُ َي :اْل َع َ الرْف ِع أ ِ
أ ِ ِ ِِ ِ أ ٍِ ِ
َي َ :وَن ْح ُوهُ َي :أَثٌَر " إِي السأيَ ُر " أ ْ َي :في المْي ِؿ " لَْي َس لَوُ م ْف قَيامو " أ ْ َو َك ْـ م ْف قَائـ " أ ْ
الصائِ َـ ِإ َذا َل ْـ َي ُك ْف اؿ الطِّيبِي :فَِخ أف أ ؼ اْلَب َد ِف ،قَ َ الر ْج ِؿ وصفَ ِار اْلو ْج ِو وضع ِ
َ َ َْ َ َ ِم ْف تَ َع ِب ِّ
اف واْل ِميب ِة وَن ْح ِوىا ِمف اْلمَن ِ ش ِم َف الز ِ اح ِ م ْحتَ ِسبا أَو لَـ ي ُك ْف م ْجتَنِبا ع ِف اْلفَو ِ
اىي ور َواْلُب ْيتَ ِ َ َ َ َ َ َ َ ُ ً ْ ْ َ ُ ً َ
ِ
الص َالةُ في ال أد ِار ِ
اء َ ،و َك َذل َؾ أ اص َؿ لَوُ إِ أي اْل ُجوعُ َواْل َعطَ ُ فَ َال ح ِ
ض ُ ط اْل َق َش َ ،وِا ْف َسقَ َ َ
ِ اْلم ْمصوب ِة وأ ََداؤىا بِ َمْي ِر جم ٍ
اب اىػ . ب َعَمْييَا الثأَو ُ اء َوَي َيتََرتأ ُ ض َ اعة بِ َال ُع ْذ ٍر فَِخأنيَا تُ ْسقطُ اْلقَ َ ََ َ َ ُ َ َ َُ
الزَك ِاة فَِخأنوُ َي صةً اىػ َ .كاْل َح ِّج و أ
َ
ِ
ادات إِ ْذ لَ ْـ تَ ُك ْف َخال َ
اؿ ْابف اْلممَ ِؾ :و َك َذا ج ِميع اْل ِعب َ ِ
َ ُ َ َ قَ َ ُ َ
يد بِ ِو اْل ُمَبالَ َمةُ اى ُر أَأنوُ أ ُِر َ اؿ ،والظأ ِ ب اْلَب َد ِف ِفي اْلم ِ َي ْحص ُؿ لَوُ بِ ِيما إِ أي َخسارةُ اْلم ِ
َ َ اؿ َ ،وتَ َع ُ ََ َ َ ُ
َص ًال ( اب أ ْ اد بِ ِو اْل َم َرائِي فَِخأنوُ َلْي َس لَوُ ثََو ٌ اؿ ،أ َِو اْل ُم َر ُ َف الأن ْفي م ْحمو ٌؿ َعمَى َن ْف ِي اْل َكم ِ
َ َ َ ُ َوأ أ
ام ِو إِ أي صي ِ ِ ِ
صائٍـ لَْي َس لَوُ م ْف َ
ِ
ب َ اج ْو َ ،ولَ ْفظُوُ " ُر أ ؾ َ :وَرَواهُ ْاب ُف َم َ َرَواهُ ال أد ِارِمي ) قَا َؿ ِم َير ُ
يح ِوام ِو إِ أي السأير " ورواه الأنسائِي و ْابف ُخ َزْيمةَ ِفي ص ِح ِ
َ َ َ ُ َُ َ َ َ ُ َ
ب قَ ِائٍـ َلْيس لَو ِم ْف ِقي ِ
َ َ ُ ع َ ،وُر أ اْل ُجو ُ
ِّي ِاـ ِ ِ ص ِحي ٌ َعمَى َش ْر ِط اْلُب َخ ِار ِّ ،واْلح ِ
صائٍـ َحظوُ م َف الصَ ب َ ي َ ،ولَ ْفظُوُُ :ر أ اؿ َ : اك ُـ َ ،وقَ َ َ َ
الصاد َو َك ْس ِرِ صْب َرةَ ) بِ َفتْ ِ أ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ
ش ( َوُذك َر ) بِص َ
يث لَقيط ْب ِف َ يمة اْل َم ْجيُوؿ ( َحد ُ اْل ُجوعُ َواْل َعطَ ُ
ِ الطيبِي :ىو أَبو رِز ٍ ِ اؿ ِّ اْل ُم َو أح َد ِة ،قَ َ
ور َ ،وتََو أى َـ ص َحابِ ُي َم ْشيُ ٌ صْب َرةُ َ يف لَقيطُ ْب ُف َعام ٍر َ َُ ُ َ
ؽ إِ أي يث قَ ْولُوُ َبالَ َغ ِفي ِاي ْستِْن َشا ِ ضوِء ) َواْل َح ِد ُ اب ُسَن ِف اْل ُو ُ اف ( ِفي َب ِ صِ ضيُ ْـ أَأنيُ َما َش ْخ َ َب ْع ُ
اح ِب اح ِب اْل ِم ْش َك ِاة عمَى ص ِ اض ِم ْف ص ِ اعتِ َر ٌ صائِ ًما َ ،ذ َك َرهُ الطِّيبِي َ ،و ُى َو ْ
َ َ َ وف َ َف َي ُك َ أْ
ضوِع لِْم ُح ْكِـ اب اْل َم ْو ُ يث ِفي اْلَب ِ َف ِإير َاد اْلح ِد ِ
َ
ِ ِّ ِ
صابِي ِ َو ُى َو في َم َحمو َك َما َي َي ْخفَى ؛ أل أ َ
ِ
اْل َم َ
ؽ ِمْنوُ أ َْولَى ( مرقاة المفاتي شرح مشكاة المصابي ). السأابِ ِ
روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)
214
َ َااً ِابَنا َ
كن ُوااتنيَ ْع َُلُو َنا ُخ ِفيا َبٌُا ِ ْ افُنيْةِا َِْ ُ ٍ
وا سا َ نا ْ َ ْثَني ْعلَ ٌُا نيَ ْف ٌ
(ٔ).
اإليمػػاف الػػذى أمرنػػا اهلل أف نتعممػػو قبػػؿ كػػؿ شػػيء ..قبػػؿ التجػػارة
..الز ارعػ ػػة ..الػ ػػزواج ..ألنػ ػػو لػ ػػو ضػ ػػعؼ ي يػ ػػدؿ عمػ ػػى العمػ ػػؿ ..واذا
جاءت قوة اإليماف نزلت نصرة اهلل .
بن ػوا إس ػرائيؿ قػػالوا لسػػيدنا موسػػى فَنينينلُواا ِ
ُوذتََنينينا ِ ني ْ افَنيْني ِنيلاَ ْنا
نيْا َ نينينا ِ ْْجَنيََنينينا )ٔ( ولك ػػف لم ػػا جعمػ ػوا بي ػػوتيـ قبم ػػة وأق ػػاموا
ثَأْثِذنيَ نينيناوِ ني ا نيع ني ِ
ََ َ ْ َ ْ
الصالة فقوى اإليماف فنزلت عمييـ نصرة اهلل .
ج ػػاء ال ػػبالء عم ػػى بن ػػي إسػ ػرائيؿ قب ػػؿ بعث ػػة س ػػيدنا موس ػػى وبع ػػد
بعثتػو ،ولكػف ي يخفػػى عمينػا أف ابػػتالء المػؤمف لرفػع الػػدرجات ،كمػا قػػاؿ
نيناِنيَْ ُ ْاٌ ِ ِ
اِ َفني َ
فػػى بػػدر لذَْجَلنينيذَ ُ ٌْ َاولََ ني ْْ َ
(ٕ)
وكمػػا قػػاؿ عػػف سػػيدنا أيػػوب
اب )ٖ( وكػذلؾ فػي المػؤمنيف اصنِ اًا ِ ْع ٌَاالْ َعْ ُْاِْهُاَْو ٌا ناو َ ْْ َنَُ َ َ ْ
ِ
اتا ىلااللْني ِنيها ني ني ِ ع ُ ٌ َِ
اَجذعني نينًا اااْلذ ني ني ِ ِ ِ ِ
َْ ُ ْ لذَْنيلُني َنيوُك ٌْآتا َ نينينامثَنينين ُك ٌْا َن ْ نينيجَ ُو َْْ َ
َنيذُنيََُِّْ ُ ٌْ ِابَنينا ُكَْنيجُ ٌْا ِذ ِنيها ََتْجَلِ ُفنيو َانَ ، )ٗ( ولَََْنيلُ َنيوْ ُ ٌْاِ َش ْنيي ٍاا ِ ني َ ْ
ااْلَ ْنيو ِ ا
َن ِ ِت َا
ات َاوَ ِّش ِ اال ْساوالًُْ ِ ِ َث ونيَ ْ ٍ ِ
صا َ اا ْ َ ْ َوال َاوا ْ َْني ُف ِ َ َ َ اَُوِا َ َو ْ
(٘)
والفاس ػػؽ يأتي ػػو ال ػػبالء لمع ػػذاب ..ف ػػابتالء الص ػػحابة أظي ػػر ال ػػديف ،
وابتالءنا سبب ارتداد المسمميف ،ونحف فى المشػقة ولكػنيـ تحممػوا المشػقة
فػػى سػػبيؿ الػػدعوة ُ ..يض ػربوف ُ ..ييػػانوف ،قػػاؿ تعػػالى مخب ػ اًر عػػف حػػاؿ
ِ ِ
نب. )ٔ(
شياٌاُِ َج ٌا الكفار معيـَ َ َ علااْلبََاِ َبنً َاوا ْاًاِ ْن َ
ال َااالَ َا
ْ َ
ل ػػذلؾ يق ػػيف الص ػػحابة ي ػػزداد يومػ ػاً بع ػػد ي ػػوـ عم ػػى اهلل ال ػػذي فم ػػؽ
الحب والنوى ،الذى أحيى لعيسى الموتى ،وفمؽ البحر لموسػى ..أخػذوا
أيف عذابو أيف بطشو يضربونيـ ،ويقولوف ليـ :أيف إليكـ
وى ػػـ يص ػػبروف ،والقػ ػرآف ين ػػزؿ يواس ػػييـ ،ويص ػػبرىـ ،وي ػػرغبيـ ف ػػي
ابخ ػ ػرة ويبػ ػػيف ليػ ػػـ أف ىػ ػػذا سػ ػػينقطع ،ويقولػ ػػوف ليػ ػػـ :إف ديننػ ػػا حػ ػػؽ ،
ونصرتنا حؽ ،وسوؼ يأتى بطػش اهلل يومػاً مػا ،فػخف اهلل معنػا ،وي يرتػد
أحػػداً مػػنيـ ،وكممػػا ض ػربوا ازدادوا إيمانػاً ويقين ػاً ،واهلل يقػػوؿ ليػػـ ُ ك ُّف نيوا
ٌ )ٕ( وكممػػا كفػوا أيػػدييـ يػػزداد إيمػػانيـ ..يػػزدادوف يومػاً بعػػد يػػوـ َتْني ِنيْتَ ُ ْا
حباً هلل .
في غزوة بدر :اهلل يعمـ األمة كيؼ تكوف نصرة اهلل مػع األنبيػاء
– عمييـ السػالـ – يختػاروف األسػباب الظاىريػة حسػب اسػتطاعتيـ ،فممػا
نيتاِ ْذا
تنػػزؿ عمػػييـ نصػرة اهلل فاألسػػباب التػػي عنػػدىـ تكفػػى َ وَ نينينا َرَ ْذني َ
ٔ) سورة ص – ابية ٘ .
ٕ) سورة النساء – ابية . ٚٚ
روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)
217
اهلل يفيمن ػػا أن ػػو ل ػػيس بمج ػػرد وج ػػود النب ػػي ت ػػأتى (ٔ)
ن
نيفاثَني ْع َُلُنينيو َا
َكْذ ني َ
نص ػرة اهلل ، فالبػػد مػػف مرحمػػة حصػػوؿ الصػػفات الصػػبر ..ايسػػتعانة
بػاهلل ..إقامػػة الصػالة ..التوكػػؿ عمػى اهلل ..ثػػـ تػأتى نصػرة اهلل وقػػاؿ
نينلا ُو َ ني اتَنينافَني ْنيوِماِ ْناا ُكَْنيجُ ٌْام َ َْنيجُ ٌْاِنللْ ِنيها َني َعلَْذ ِنيهاثَني َوْكلُنيواا سيدنا موسػى َ وفَ َ
اَت َع ْلََنينينا ِْجنيََني ًالِْل َ ني ْنيوِما
نينارنيََْنينينا َْ
َ َ ني
ََ ل
ْ ْ
كو ني
َ ثا ِ ْنا ُكَْنينيجٌُا ِفنينيلِ ُِواوا َني َ نينينلُوااِلَني االلْني ِ
نيه َ ُْْ َ
ْحَجِني َ ا ِ ني َ االْ َ ْنيوِماالْ َ نين ِ ِت َا )ٕ( فعميػو توكمػوا :فيػو اواوََنََِّنيناَِ ْ
َ و
َ
الظْنلِ ِ
ُ
الحص ػػر ،أي ي تتوكمػ ػوا إي عم ػػى اهلل ، بن ػػو إسػ ػرائيؿ ق ػػالوا :توكمنػ ػػا
عمى اهلل ،ولكف فقػط عمػى المسػاف ،فػخف دخػؿ القمػب كػاف حقيقػة اإليمػاف
،واف كاف عمى المساف كاف مجرد كممة .
التاجر يشتمؿ في تجارتو ..إف كاف متيقناً ينظر فى تجارتػو الحػالؿ
ػى لمخػروج فػى سػبيؿ اهلل
والحراـ ،فيجتنب الحراـ واف كاف فقيػ اًر ،واذا ُدع َ
فيو يخرج ..فيذه عالمة اإليماف .
واف دعػ ػػي لمخػ ػػروج وقػ ػػاؿ األح ػ ػواؿ غيػ ػػر صػ ػػالحة ،وعنػ ػػدما تصػ ػػم
األحواؿ أخرج ..فيذا دليؿ عمى فساد اليقيف وضعؼ اإليماف .
لما أراد الصحابة أف يصمحوا بساتينيـ ومزارعيـ فاهلل قاؿ ليػـ
َخني نينين ُ اَ ْنا سػ ػػيدنا موسػ ػػى لمػ ػػا أرسػ ػػؿ إلػ ػػى فرعػ ػػوف خػ ػػاؼ َ أ َ
نيَا ِ ني ِّنيِنالِ َِف نينين نًا َاأَْرِ ني ني ْلهُا َ عِ ني َنييا ِرْدااًا ال ني َنيواَْ َ
َ ني ُ نينرو ُن ُ
نييال ني ُ
ِ
نيوناواوَخ ني َ
َ تنيَ ْ جُنيلُ ني
ولكػػف معيػػة اهلل مػػع األنبيػػاء (ٔ) تَني ِّنيْفُِِناِ ِِّناَخنينين ُ اَ ْنات َ ني ِّنيا ِ
ونا
ُ ُ َ َُ
نينلا َ ََ ُشنيُّْا وأتباع األنبياء الذيف يقوموف بالدعوة إلػى اهلل .قػاؿ تعػالى فَ َ
َلُو َناِلَْذ ُ َُناِآتنثََِنيناَْنيجُ َُنيناَخذ َ اوََْنعلالَ ُ ُنا ْلطَن نًا َغات ِ
َ َ َُ َ ُ
ِض َْ َكاِأ ِ
َُ
س ِآتا نيَ ْف ِِف ني ِنيها َوأني ني َ ن )ٕ( لمػ ػػا جػ ػػاء السػ ػػحرة ا
َ و و ني ني ِ ااثْني نيع ُ ُ نينيناالْغ نينينلِ
َ َ ْ ُ ََ ََ َ َ
َِلَني )ٖ( اإلنسػػاف بطبعػػو نيفاِْني َ ا نينيتاا ْ ِخذ َفني ًا ُو َ ني اوافُني ْلََنينينا َ
اَتَني ْ
يتأثر ولكف ي يعمؿ بما تأثر بو ،فالصحابة رضػى اهلل عػنيـ أجمعػيف مػا
كػػاف التػػأثير يجبػػرىـ عمػػى المعصػػية ،ولكننػػا تأثرنػػا حتػػى عصػػينا اهلل
ورسولو ، الصحابة ابتموا بالجوع والمحنة والمصػائب فصػبروا ..فنزلػت
عمييـ نصرة اهلل ، قاؿ رسوؿ اهلل " إنكـ فػي زمػاف مػف تػرؾ مػنكـ
ما أُمر بو ىمؾ ،ثـ يأتي زماف مف عمػؿ مػنيـ بعشػر مػا أمػر بػو نجػا ".
رواه أبو داود والترمذي والنسائي عف أبي ىريرة (ٗ).
اهلل ي ُيرى ،ولكف بتكرار الدعوة ،واتباع كػالـ اهلل يرسػخ اليقػيف
في القمب .
س ػػيدنا موس ػػى أم ػػرىـ بالتوك ػػؿ وأف يجعمػ ػوا بي ػػوتيـ قبم ػػة ويقيمػ ػوا
ِ ِ ِِ ِ ِ
الصػػالة َ و َْو َ ْذنيََنينينا ىلا ُو َ ني َاوَخذنينيهاَ ْناثَنيَني ني ْوااال َ ْو ُ َُنينيناب ْ
َ نيَ ا نيُذُوث نينًا
و )ٔ( ومعن ػػاه َ نينيغ َة َاوَ ِّشني ني ِ االْ ُُ ني ْنيوِ َِ َا
ذُني نيوااال ِْ ِ
َوا ْ َعلُني نيواا نيُذُنينيوثَ ُ ٌْافْنيلَني ني ً َاوَف ُ
ايسػػتعانة عمػػى مػػا ىػػـ فيػػو مػػف الضػػر والشػػدة والضػػيؽ بكثػرة الصػػالة كمػػا
اهلل يػػأمر أحيان ػاً بتضػػحية المنػػافع وقبػػوؿ المضػػار ،كمػػا فعػػؿ مػػع سػػيدنا
وقػػاؿ :ألػػـ يتحصػػؿ عمػػى ثالثػػوف حسػػنة ،وي تقػػوـ السػػاعة ورج ػػؿ
عمػى األرض يقػػوؿ :اهلل ..اهلل ،بيػذا المفػػظ ي تػزوؿ األرض ،وي تػػزوؿ
الجبػػاؿ وي تػػزوؿ السػػماء ،ولكػػف موعػػود اإليمػػاف فػػى الػػدنيا مربػػوط بحقيقػة
اإليماف ليس بكالـ اإليماف ،قمنػا :آمنػا بألسػنتنا ،آمنػا يػا اهلل ،واهلل بػيف
مػػف الصػػادؽ فػػي ىػػذا القػػوؿ ،قػػاؿ تعػػالى َِّْ ننيَنيناالْ ُُ ْوِ َُنينيو َناالْني ِنيات َ ام َ َُنيواا
نلني ُنيْوااِنيأَ ْ َوابِِ ٌْ َاوَْني ُف ِِف ني َِ ٌْ ِآتا َ نيِ ِذلااللْني ِنيها ِنللْني ِنيهاور نيولِِ
ااو َ َو نين
ْ َْ َ ني
َث نيتا َل
َ ا اّت
ُْ ه ََ ُ
ن . )ٔ( َ ِندفُو َا ال ٌُاال ْ ِ
ُولَْ َ ُ
فنتحمػؿ المشػػقة ،وانفػػاؽ المػػاؿ ،إلحيػػاء الػػديف ،فنتحصػػؿ عمػػي :
وف . ِ أُولَئِ َ
ؾ ُى ُـ الصأادقُ َ
فظػػؿ بن ػػو إسػ ػرائيؿ ف ػػي التربي ػػة لفتػ ػرة أربع ػػيف عامػ ػاً ،ث ػػـ ج ػػاء األم ػػر
(ٔ)
البحػػر أم ػػاميـ وفرع ػػوف وجن ػػوده وراءى ػػـ ..فس ػػيدنا موس ػػى توج ػػو
نيواِ ْذا والتػػأثر باألسػػباب كمػػا فػػي غػػزوة حنػػيف ،فنينينل ثعنينينىل وتَنينيوَما ُ ََ ني ْ ٍ
َ ْ
ِ
رأابنيَنينا اِلَني ْنيذ ُ ٌُاا ت َ ضنينينفَ ْاِنيَْ ُ ٌْا َ ني ْنيذْنً َاو َ َِْ َجَنيْج ُ ٌْا َكًْ نيَثُ ُ ٌْا َنيلَني ْنيٌاث ْغني ِ َ
اولْْذجُ ٌْا ُ ْْ ِ ِت َا .)ٔ( تاّتُْ َ َر ُ َ ْ
نيبالَ ُ ني ني ْنيٌ َاوِ ْنا ني ني يب ػ ػػد أف فَ ني نينيٌ ْ ِ ناتنيََْني ني ني ُكٌااللْني نينيها َني نينيغا َْنلِ
َ َ ُْ ُ ُ
َني ني ني ُُك ٌْا ِ ني ني ني ْ ا نيَ ْع ني ني ِنيَِْ َاو َِلَني ني ني االلْني ني ِنيها َني ْلاذَجَني َوْك ني ني ِنيلا ِ
َِيْ ني ني ُالْ ُ ٌْا َ َُني ني ني ْ اذَااالْني نينياياتنيََْ ُ
ن )ٕ( ونصرة اهلل مربوطة بالتوكؿ واليقيف كما بيأنا . الْ ُُ ْوِ َُو َا
الترتيب الموجود ابف في حياتنػا لػيس صػحي .إذا قػدمنا التجػارة ..
الزواج ..األويد ..يكوف اإلسراؼ وينفؽ في حفمة واحدة كثير مػف المػاؿ
.
رج ػػؿ يق ػػوؿ :أن ػػا مش ػػموؿ بالتج ػػارة ،ويق ػػوؿ :اهلل أمرن ػػا بالعم ػػؿ ..
نقوؿ لو :ىذا جزء مف الديف .
متى يكوف الديف كامؿ
عندما يكوف عمى أمر اهلل حسب طريقة النبي .
رجػػؿ عنػػده د ارجػػة يبيعيػػا ،فيػػؿ يػرب فييػػا مثػػؿ السػػيارة ،ورجػؿ يبيػػع
ويشػ ػػترى حػ ػػالؿ ..فمػ ػػو األجػ ػػر ،ولكػ ػػف ي يسػ ػػتطيع أف يأخػ ػػذ أجػ ػػر الػ ػػديف
الكامؿ.
يبػػد مػػف التقػػديـ والتػػأخير ..إذا جػػاء وقػػت الصػػالة ،يتػػرؾ العم ػػؿ
ويصػػمى ،فالعبػػادات قبػػؿ التجػػارة ،وقبػػؿ األىػػؿ ..ومػػع العبػػادات ُيميػػز
بػػيف الحػػالؿ والح ػراـ ..وقبػػؿ التجػػارة واألىػػؿ يبػػد مػػف اإليمػػاف ،بػػؿ قػػوة
اإليماف ،فبدوف قوة اإليماف ي يستطيع أف يطبؽ ما عممو .
الص ػػحابة رض ػػي اهلل ع ػػنيـ أجمع ػػيف ،ق ػػالوا :تعممن ػػا اإليم ػػاف ،ث ػػـ
تعممنا القرآف فازددنا بو إيماناً .
(ٔ)
ولػ ػػذلؾ اهلل يخاطػ ػػب المسػ ػػمميف تَني نينيناَتنيُّ ََني نينيناالْني ني ِنيات َ ام َ َُ ني نيوا
ػاء ٍ ِ ِ ِ
فبػ ػ ػػدوف اإليمػ ػ ػػاف َ وقَػ ػ ػػد ْمَنا إلػ ػ ػػى َمػ ػ ػػا َعممُػ ػ ػوا مػ ػ ػ ْػف َع َمػ ػ ػػؿ فَ َج َع ْمَنػ ػ ػػاهُ َىَبػ ػ ػ ً
(ٕ)
. َم ْنثُو اًر
إذا قػػدـ اإلنسػػاف حاجػػات الػػدنيا ،يكػػوف اإلسػراؼ ..واذا أخرىػػا يكػػوف
ايعت ػػداؿ ..إذا تػ ػػزوج عم ػػى سػ ػػنة الرس ػػوؿ فتكػ ػػوف البس ػػاطة ،وينفػ ػػؽ
الماؿ الباقي عمػى اليتػامى ،يقتصػد فػي بيتػو وينفػؽ عمػى ابخػريف ..بقػدر
الحاجػػة يبنػػى المسػػكف ،ويؤسػػس البيػػت ،حسػػب الضػػرورة ،والمػػاؿ البػػاقي
يبنى البيوت لمفقراء والمساكيف ،والفقراء والمسػاكيف يػدعوف لػو ،واهلل يجعػؿ
لػػو القبػػوؿ ،ويصػػير محبوب ػاً عنػػد اهلل وعنػػد النػػاس فيتحقػػؽ الموعػػود عمػػى
(ٔ)
اوّداً ابية ْ ِ ناالْ ِات ام َُوااوِ ُِلُوااال ْ ِ ِ
. َن َنتا َ ذَ ْج َعلا َبُ ٌُاالْ ْْحَ ُ ُ
ُ َ َ ََ
نيتالَََنينا ِ ًْ َنيلا
واف قدـ أمر الدنيا فيو يبنى مثؿ فرعوف ،ويقوؿ تَنالَْذ َ
اِ ِظذ ٍا
ٌ . )ٕ( ظ َُوِتافَ ُنرو ُناِْهُالَ ُاوا َ ٍّ
ِ
َ نا َ
ابف المش ػػاكؿ والمص ػػائب ..ألنن ػػا ابتع ػػدنا ع ػػف طري ػػؽ النب ػػي ..
عندنا الحػرص والتكبػر ،فػالفقير حػريص ،والمنػى يتكبػر ،فػالفقير بسػبب
الطمػػع ،يحقػػد عمػػى المنػػى ،ويتفكػػر كيػػؼ يأخػػذ منػػو بالسػػمب والنيػػب ..
فخذا قامت حياة اإليثار فتأتى المحبة .
الناس اليوـ يتمسكوف فقط بأجزاء الديف .
إذا قامت األمة بالجيد المقامي ،والجيػد الخػارجي ،يحيػى الػديف فػى
الع ػ ػػالـ ،وتخ ػ ػػرج األم ػ ػػة ف ػ ػػي س ػ ػػبيؿ اهلل عم ػ ػػى أي ح ػ ػػاؿ إليج ػ ػػاد ترتي ػ ػػب
ا ِْفني ني و ِ
ااخ َفن ني نينً َاوثَِ نينين اً )ٖ( وإلقام ػػة الترتي ػػب َ نيلَ ني ْنيو ا نيَ َفني نيَ ا ِ ني ني ْ ا ُك ني ِّنيلاا ُ
ِْفَني ٍا )ٗ( وبيػػذا الترتيػػب يػػأتي الػػديف الكامػػؿ فػػي جميػػع شػػعب الحيػػاة ،
فتسػ ػػتفيد األمػ ػػة مػ ػػف الػ ػػديف ،ولكػ ػػف لػ ػػو عمػ ػػؿ ببعضػ ػػو وتػ ػػرؾ بعضػ ػػو ي
يستفاد منو .
مثؿ :السيارة يبد ليا مف عدة أشياء :
-أوي :األجزاء .
-ثانيا :الترتيب الصحي لألجزاء .
-ثالثا :قوتيا الداخمية .
فخذا كانت أجزاء السيارة صحيحة وليست مرتبة فيي ي تمشى ،واذا
كانت األجزاء غير صحيحة ،والترتيب صحي فيى ي تمشى ،كذلؾ لػو
أف أعماؿ الديف والعبادات صػحيحة ،وليسػت عمػى مػنيج صػحي ،فيػي
ي تقبؿ ،الناس يقولوف :كسب المعػاش حػالؿ ،ويقرئػوف ابيػة َ و َِلَني
ِفنينيوثُني َُ ْ ا ِنينينلْ َُ ْع و ِا )ٔ( ثػػـ يقدمونػػو عمػػى أعمػػاؿِ ِ ِ
ُ الْ َُ ْولُنيودالَنينيهُارْزفُني َُني ْ َاوك ْ َ
الديف مف صالة وصوـ ..الخ فتري الرجؿ ينشمؿ بػأويده ويتػرؾ الجيػد ،
وذلؾ بسبب عدـ معرفػة التقػديـ والتػأخير ..وأضػرب لكػـ األمثمػة ألوضػ
لكـ ىذا األمر :
المثةةال األول :رجػػؿ يصػػمى فػػي الصػػحراء ،قريػػب مػػف البئػػر ،ورجػػؿ أعمػػى
سػػوؼ يسػػقط فػػي البئػػر ،فأييمػػا مقػػدـ وأييمػػا مػػؤخر ،إذا اسػػتمر الرجػػؿ فػػي
ص ػػالتو ،ف ػػاألعمى سيس ػػقط ف ػػي البئ ػػر ،ويك ػػوف المص ػػمى آثمػ ػاً ،فالترتي ػػب
الصػحي ىػو أف يتػػرؾ الصػالة ،ثػـ يأخػػذ بيػد الرجػؿ ويبعػػده عػف البئػر ثػػـ
يرجػػع إلػػى صػػالتو ..لألسػػؼ ىػػذا الترتيػػب مفيػػوـ ولكػػف كثيػػر مػػف النػػاس
يسػػقطوف فػػي النػػار ومػػا فيمنػػا أف الترتيػػب الصػػحي أف نتػػرؾ األشػػماؿ ،
ونتحرؾ في سبيؿ اهلل لمدعوة إلى اهلل ثـ نرجع لألعماؿ وىكذا.
المثال الثاني :رجػؿ اجتمػع عنػده ثالثػة أمػور ،فػي وقػت واحػد ،الضػيوؼ
فى بيتو يريد أف يطعميػـ ،وكػذلؾ األويد يبكػوف مػف الجػوع ،ورجػؿ واقػؼ
بالب ػػاب يري ػػد أف يقتم ػػو بالمس ػػدس ،فم ػػو ق ػػاؿ إطع ػػاـ الض ػػيوؼ م ػػف ال ػػديف،
واطعاـ األويد مف الديف ،فمو فعؿ ذلؾ فالرجؿ يقتمو ،فػال يفعػؿ الشػيئاف
ابخراف فالترتيب أويً :يمسػؾ بيػد الرجػؿ ،ويأخػذ منػو المسػدس ،فػيحفظ
نفس ػػو ،وبع ػػد ذل ػػؾ يس ػػتطيع أف يطع ػػـ الطع ػػاـ لمض ػػيوؼ ،ويطع ػػـ ك ػػذلؾ
األويد ..فنتجنػػب خسػراف الػػدنيا وخسػراف ابخػرة ،فمػػو اجتمػػع الخسػراف ،
فيخسر الدنيا ،وي يخسر ابخرة أفضؿ .
المثاؿ الثالث :
ل ػػو ج ػػاءت حي ػػة ،ودب ػػور ليم ػػدغوه ،فبمدغ ػػة الحي ػػة يت ػػألـ ،وبمدغ ػػة
الدبور يتألـ ،ولكف بمدغة الحيػة يمػوت ،وبمدغػة الػدبور يتػألـ لوقػت قميػؿ
،ثػػـ يػػزوؿ األلػػـ ،يتحمػػؿ أذى الػػدبور ،ويقتػػؿ الحيػػة ،وكػػذلؾ اإلنسػػاف
يتحمؿ تعب الدنيا وي يخسر ابخرة .
فػػنحف نجتيػػد وي نقػػوؿ :كيػػؼ تأتينػػا نص ػرة اهلل والنبػػي غيػػر
روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)
221
موجود ،فاهلل وعدنا بالنصر إلى يوـ القيامة ،قػاؿ تعػالى ِْ نينالَََنيَْ ُ
َني ُ ا
ِ ِ ر نيلََ ْ ِ
ند ، )ٔ( فػػى نيوماا ْ َ ْ ني َنيَ ُا ناوالنينيات َ ام َ َُنيواآتاا َْذَنينينةاالني ُّنيْ ْنيذَ َ
ناوتَني ْنيوَماتنيَ ُني ُ ُُ َ َ
عيد عمر مػا كػاف رسػوؿ اهلل موجػود ولكػف جيػده كػاف موجػود فنزلػت
عمييـ نصرة اهلل ،فسعد بف أبى وقاص عبر دجمة مشياً عمى الماء ومعػو
ٖٙألؼ.
فالصػ ػػحابة نزلػ ػػت عمػ ػػييـ نص ػ ػرة اهلل ،وكػ ػػذلؾ التػ ػػابعيف ،لمػ ػػا قػ ػػاموا
بالجيد ،وتشبيوا بالصحابة نزلػت عمػييـ نصػرة اهلل ، وكػذلؾ إلػى يػوـ
القيامة .
وعمينػا أف نعمػػـ أف جميػع قػػوى الباطػؿ ضػػعيفة ،مثػؿ بيػػت العنكبػػوت
،فالعنكبوت كؿ يوـ يأكػؿ البعػوض والػذباب ويفػرح ،ويقػوؿ :بيتػى متػيف
جداً ،ولكف لو حػرؾ صػاحب البيػت عصػاه ،تيػدـ بيػت العنكبػوت ،قػاؿ
تا ونااللْ ِنيهاَولِذنيناا َكًَُ ِنيلاالْعَْ َ ِ
نيوت ْ تعالي ًَ لاالْ ِات ْ
ااَتَني ُاواا ِ ني اد ِ
ااَتَني َا ْ ُ َ َْ َ َ ُ ْ َ ُ َ
وتالَ نيذتاالْعَْ َ ِ ِ ِ
َنيْذجنً َاو ْنا َْوَل َ االُْنيذُ َ ْ ُ َ ُ
(ٕ).
نوتالَ ْوا َكن ُوااتَني ْعلَ ُُو َا
لم ػػا ق ػػاـ س ػػيدنا موس ػػى وقوم ػػو بالجي ػػد وأق ػػاموا الص ػػالة وتيقنػ ػوا
قػػاؿ تعػػالى ُ لني َنيواالْني ِنيايا عمػػى اهلل ..فػػاهلل أخػػذ األعػػداء سػػوط عػػذاب ،
اِلَ ني اال نينيِّْت ِ ا ُكلِّني ِنيه َاولَني ْنيوا َك ني ََِا ِ َر نينيلار نيولَهاِن ْب ني َنيْ ِ
ىاودت ني ِ اا َْني ِّنيَالذُظْ َِ نيََُ َ
َْ َ َُ ُ ُ َ
كو َنا )ٔ( ىػػذا وعػػد اهلل إتمػػاـ ديػػف اهلل واظيػػاره ..ولكػػف متػػى الْ ُُ ْش ني ُِ
يػػأتي الموعػػود ،يػػأتي الموعػػود عنػػدما نػػوفى بالشػػروط تنيَنيناَتنيُّ ََنينيناالْني ِنيات َ ا
اباَلِنيذ ٌٍاواثُني ْوِ َُنيو َناِنللْ ِنيها اِني َا ٍ ِ ِ ِ
اال ْلا َُدلُّ ُ ٌْا َِلَ اَتَ َنرةٍاثُنيَْجنيذ ُ ٌْا ني ْ َ م َ َُو َ
ِ ِ ِ ِ ِِ ِ
اخْذ نيٌ الَ ُ ْنيٌا َوَر ُ وله َاوَُتَنل ُْو َن ِآتا َ ِ ِذلااللْهاِأَ ْ َوال ُ ٌْ َاوَْني ُفِف ُ ٌْا َذل ُ ْنيٌ َ
ن )ٕ( اهلل قػ ػػاؿ تجػ ػػارة لمػ ػػاذا ألف التػ ػػاجر يجع ػ ػػؿ ِ ْنا ُكَْني نينيجُ ٌْاثَني ْعلَ ُُني نينيو َا
التجارة مقصد حياتو طوؿ الحياة .
فػػي زمػػف الرسػػوؿ المنػػى والفقيػػر يجتيػػد بمالػػو ونفسػػو ولكػػف فػػى
زمانن ػػا األغني ػػاء يري ػػدوف أف ينفقػ ػوا األمػ ػواؿ فق ػػط ،والفقػ ػراء يقول ػػوف نح ػػف
نعطى أنفسنا فقط ،ويريدوف أف ينتشر الديف
عثماف بف عفخف جيز ثمػث جػيش العسػرة وخػرج بنفسػو فػى سػبيؿ
اهلل .. عبػػد الػػرحمف بػػف عػػوؼ أعطػػى المػػاؿ الكثيػػر وخػػرج بنفسػػو
فى تبػوؾ ..ومػنيـ مػف عمػؿ بالميػؿ بػاألجرة حتػى الصػباح ،وأنفػؽ صػاع
ألىمػػو ،وأتػػى بصػػاع لمنبػػى ، فالمنػػافقوف اسػػتيزءوا بػػو ،فالرسػػوؿ
أكرمػػو ،وقػػاؿ لمخػػازف :أنثػػر ىػػذا التم ػر عمػػى الكػػوـ الكبيػػر ،الكػػؿ ينفػػؽ
فقػػالوا :لػػو نكػػوف مػػثميـ فالنػػاس يعطونػػا اليػػدايا ونعػػيش عيشػػة الرفاىيػػة ،
فأخػ ػػذوا لبػ ػػاس الح ػ ػوارييف واإلنجيػ ػػؿ وذىب ػ ػوا إلػ ػػى الص ػ ػوامع فػ ػػى الجبػ ػػاؿ ،
والنػػاس كمػػا كػػانوا يػػذىبوف لألصػػمييف ذىبػوا لمنقميػػيف قػػاؿ تعػػالى تنيَنيناَتنيُّ ََنينينا
الْ ني ِنيات ام َُني نيوااِ ْنا َكًِني نيناًا ِ ني ني اا ْ َ نينين ِراوالُّ ْل ني ِ
نيننالَذَني نيأْ ُكلُو َناَْ ني َنيو َالاالَْ ني ِ
نينسا َ َْ َ َ َ َ
ضني َ َاو ا ب َاوالْ ِف ْ
َ ل
َ اِ ْ ا َ نيِ ِذلااللْ ِنيه َاوالْ ِنيات َ اتَ ْ َِني ُو َناالني ْ
ا َ ن
َ ُّوْ َ
ُ َ ت او ِ
ل
َ َ
ِنلْ ِ
نس
ٌ )ٔ( وكثيػػر مػػف النػػاس اباَلِنينيذ ٍا
نينآتا نيِ ِذلااللْني ِنيها َني ِّش ني ُلٌاِع ني َا ٍ
َ ْ ْ َ
ِ
تنيَُْف ُونيَ ََني ِ َ
الي ػوـ يجعمػػوف الػػديف لمػػدنيا والرفاىيػػة ،وأولئػػؾ ي يشػػموف رائحػػة الجنػػة ،
قػػاؿ رسػػوؿ اهلل " مػػف تعمػػـ عمم ػاً ممػػا يبتمػػى بػػو وجػػو اهلل ي يتعممػػو ،
إي ليصػػيب عرض ػاً مػػف الػػدنيا لػػـ يجػػد عػػرؼ الجنػػة يػػوـ القيامػػة " ( يعنػػى
ريحيا ) رواه اإلماـ أحمد وأبو داود وابف ماجو (ٕ).
كمػػا أرسػػؿ الرسػػوؿ إلػػى ىرقػػؿ الػػروـ رسػػالة يػػدعوه فييػػا إلػػى اهلل
، وكاف ىرقػؿ عالمػاً باإلنجيػؿ ،وسػأؿ أبػو سػفياف عػف أحػواؿ الرسػوؿ
فمما أخبره ،فيـ أف ىذا نبي آخر الزماف وجمع الرىباف والقسيسيف ،
وق ػ ػ أر عمػ ػػييـ رسػ ػػالة الرسػ ػػوؿ ورغػ ػػبيـ فػ ػػي اإلسػ ػػالـ ولكػ ػػف كػ ػػانوا مػ ػػف
أصػػحاب األغ ػراض الدنيويػػة فمضػػبوا ،ففيػػـ أنيػػـ ي يقبمػػوف ويػػذىب منػػو
الممؾ ،ومنعو غرض الممؾ في الدخوؿ فػي اإلسػالـ ،وبعػث إلػى أسػقؼ
النصػػارى ( أي صػػاحب أمػػرىـ ) فقػػاؿ لػػو األسػػقؼ :ىػػذا نبػػي آخػػر الزمػػاف
الػػذي كنػػا ننتظ ػره ،وبش ػرنا بػػو عيسػػى وأنػػا مصػػدقو ومتبعػػو ،ولمػػدة
ثالثػػة أسػػابيع لػػـ يخػػرج عمػػييـ يػػوـ األحػػد ،فطمبػػوه فخػػرج عمػػييـ ،ونطػػؽ
شيادة ..أف ي إلو إي اهلل محمد رسػوؿ اهلل ..ألنػو لػـ يكػف مػف أصػحاب
(ٔ) (ٕ)
. األغراض واليوى ،ولكف أصحاب األغراض واليوى قتموه
******
المعاشرات اإلسالمية
اُيِنيْ ُ ٌُااللّنيهُ َاوتنيَ ْغ ِفني ْ ا اَتّو َنااللّهَا َنثِّعُ ِوِن ُْ
قاؿ تعالى :فُلاِنا ُكَجٌُ ُِ
ْ ْ
(ٔ) .
ذٌ ور ّارِ ٌا لَ ُ ٌْاذُ ُوَ ُ ٌْ َاواللّهُا َْ ُف ٌ
وقاؿ تعالي فُ ْلاِنا َكنين َنام َنين ُؤُك ٌْ َاوَْنيََنيآ ُؤُك ْاٌا َوِ ْخ َنيوا ُ ُ ٌْ َاو َْزَوا ُ ُ ْنيٌا
ناوَ َِف ني نينينكِ ُ ا نيند َل َ نيناوَِتَني ني َنينرةٌ َ
اَتْ َش ني ني ْنيو َنا َك َِف ني ني َ نينثُ ُ ٌْ َاوَْ ني ني َنيو ٌالاافْنيجَنيَ ْنيجُ ُُ َ
ول ني ني َ
ِ
َو َِش ني ني َ
نيَّتا نيند ِآتا نيِذلِ ِ ثَني ضنينيونيََآاَ نينيباِلَنينيذ ُّ االلّني ِنيهاور نيولِِهاوِ َني ٍ
َ نيواْا َ ني َّ َّ ُ ني
َجني
َ ا ه َ ََ ُ َ َ ْ َْ َ َ ّ ْ َ
و.)ٕ( تَأِِْتَااللّهُاِأَ ْ َِِ َاواللّاهُا َاتنيَ َْ ِْياالْ َ ْوَماالْ َفن ِ ِ َا
إخواني في اهلل :نشكر اهلل أف جعمنا مسمميف ومف أمة محمد
، وي يكوف المسمـ حقيقيا إي إذا جاءت فيو حقيقة الديف .
كيف نتحصل عمي حقيقة الدين ؟
. (ٔ)
ن
لَ َعلّ َُ ٌْاتنيَجَ َا ّك و َا
ُ
شجرة الديف :
فأرض شجػ ػرة اإلسػالـ :الدعػػوة إلي اهلل .
وجػذر شج ػرة اإلسػػالـ :اإليمػانيػ ػ ػػات .
وفروع شج ػرة اإلسػػالـ :أركػػاف اإلس ػػالـ .
وأغصاف شجػرة اإلسػػالـ :المعامػالت اإلسالميػة .
وأوراؽ شجػرة اإلس ػػالـ :المعاشػرات اإلسػالمية .
وثمػار شج ػرة اإلسػػالـ :األخالؽ الحس ػ ػػنة .
وعصير شجػرة اإلس ػػالـ :اإلخالص لرب البريػػة .
وسماد شج ػرة اإلسػػالـ :التضحي ػػة بالنفػس والمػػاؿ .
وماء ش ػػجرة اإلسػػالـ :حمقػ ػػات التعمي ػ ػ ػػـ .
وبيئة شجػ ػرة اإلسػػالـ :ذكػر اهلل وتالوة الق ػرآف .
وحائط شجػ ػرة اإلسػالـ :التجنػب عمػي النفسػانية والشػيوانية لحفاظػة شػجرة
اإلسالـ.
فممػػا قػػاـ النبػػي بالػػدعوة إلػػي اهلل ،فميػػر المسػػمميف دخم ػوا فػػي
اإلس ػ ػػالـ ،وك ػ ػػاف المس ػ ػػمموف يمتزم ػ ػػوف بال ػ ػػديف ٓٓٔ .. %وال ػ ػػذيف ك ػ ػػانوا
يمتزموف بالديف كاف عندىـ حقيقة الديف ،ي صورة الديف .
ولمػػا بعضػػيـ تػػرؾ الػػدعوة إلػػي اهلل ، حػػدث الػػنقص ..الػػذيف كػػانوا
ي يدخموف في الديف ي يدخموف.
المسمموف الذيف كانوا يمتزموف بالديف ،أصػبحوا ي يمتزمػوف بالػديف ،
وأصب أكثرىـ ليس عنده حقيقة الديف .
أعػداؤنا ي يخػػافوف مػف صػػالتنا ،وي مػف حجنػػا ،وي مػف تالوتنػػا لمقػراف
...،الخ بؿ يخافوف مف التزامنا بمعاشرة الرسػوؿ ألف معاشػرة الرسػوؿ
فييػػا بسػػاطة وعنػػدما كثػػرت األم ػواؿ فػػي زمػػف عمػػر بػػف الخطػػاب فبكػػي ،
بعػػض النػػاس يظنػػوف البسػػاطة ..قمػػة المػػاؿ ..ولكػػف لمػػا جػػاءت األمػواؿ فػػي
زم ػػف عم ػػر ب ػػف الخط ػػاب ،فظم ػػت حي ػػاتيـ كم ػػا ى ػػي ،بس ػػيطة ف ػػي المطع ػػـ
والممبس والمسكف .
عنػػدما تكػػوف حيػػاة اإلنسػػاف بسػػيطة ،يكػػوف عنػػده وقػػت ومػػاؿ فيصػػرؼ
وقتو ومالو لمدعوة إلي اهلل وبالدعوة تنتشر ىػذه الحيػاة فػي العػالـ ..وكػؿ
العالـ يتوجو إلي ديننا ،فكانت الوفود تػأتي إلػي الصػحابة فػي المدينػة وكػانوا
يتعاشروف بمعاشرتيـ ويتأثروف بحياتيـ ...في بالد فارس أرسػموا الجواسػيس
لينظػػروا حيػػاة المسػػمميف وكيػػؼ أف العػػالـ يخػػاؼ مػػنيـ ...فوجػػدوا فػػرؽ كبيػػر
روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)
230
بػػيف معاش ػرة الرسػػوؿ ومعاش ػرة كسػػري ...فكسػػري كػػاف يأخػػذ مػػف النػػاس
األم ػواؿ ويجع ػػؿ حيات ػػو رفاىي ػػة ( ت ػػاج مػػف ذى ػػب ..سػ ػرير م ػػف ذى ػػب ) وي
يجمػػس معػػو إي األغنيػػاء ..،فيخربػػوف حيػػاة النػػاس ،فيصػػب النػػاس فق ػراء ،
ووج ػػدوا المس ػػمموف يتعاش ػػروف بالمعاشػ ػرة اإلس ػػالمية ،أي يض ػػحوف ب ػػأمواليـ
ويجعمػػوف حيػػاة النػػاس طيبػػو فػػدخموا فػػي اإلسػػالـ ،وأرسػػؿ ممكيػػـ رسػػالة إلػػي
ممػ ػػؾ الصػ ػػيف يسػ ػػتنجد بػ ػػو ،وقػ ػػد ذكػ ػػر ابػ ػػف جريػ ػػر الطبػ ػػري فػ ػػي تاريخػ ػػو أف
يزدجػػرد ..كتػػب إلػػي ممػػؾ الصػػيف يسػػتمده فقػػاؿ الرسػػوؿ :قػػد عرفنػػا حقػػا أف
عمػػى الممػػوؾ إنجػػاد الممػػوؾ عمػػي مػػف غمػػبيـ ،فصػػؼ لػػي صػػفة ىػػؤيء القػػوـ
الذيف أخرجوكـ مف بالدكـ ،فػخني أراؾ تػذكر قمػة مػنيـ وكثػرة مػنكـ وي يبمػغ
أمث ػػاؿ ى ػػؤيء القمي ػػؿ ال ػػذيف تص ػػؼ م ػػنيـ فيم ػػا أس ػػمع م ػػف كثػ ػرتكـ إي الخي ػػر
عنػػدىـ وشػػر فػػيكـ ،فقمػػت :سػػمني عمػػا أحببػػت فقػػاؿ :أيوفػػوف بالعيػػد
قمػػت :نعػػـ ،قػػاؿ :مػػا يقولػػوف لكػػـ قبػػؿ أف يقػػاتموكـ ،قمػػت :يػػدعوننا إلػػي
واحػػدة مػػف ثػػالث :إمػػا ديػػنيـ فػػخف ،أجبنػػاىـ ،أجرونػػا مج ػراىـ ،أو الجزيػػة
والمنعػػة ،أو المنابػػذة ،قػػاؿ :فكيػػؼ طػػاعتيـ أم ػراءىـ قمػػت :أطػػوع قػػوـ
لمرشػػدىـ ،قػػاؿ :فمػػا يحمػػوف ومػػا يحرمػػوف فأخبرتػػو ،فقػػاؿ :أيحرمػػوف مػػا
حمؿ ليـ ،أو يحمموف ما حرـ عمييـ قمت :ي .قاؿ :فػخف ىػؤيء القػوـ ي
ييمك ػػوف حت ػػى يحمػ ػوا حػ ػراميـ ،ويحرم ػػوف حاللي ػػـ ،ث ػػـ ق ػػاؿ :أخبرن ػػي ع ػػف
لباسيـ ،فأخبرتو ،وعػف مطايػاىـ ،فقمػت :الخيػؿ العػراب ووصػفتيا ،فقػاؿ
روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)
232
الجماعػػات ،ونقػػوؿ ليػػـ :عاشػػروا معاش ػره الرسػػوؿ ، وتخمق ػوا بػػأخالؽ
الرس ػػوؿ ، فكثي ػػر م ػػف الن ػػاس ي ػػدخموف اإلس ػػالـ ..وق ػػد رأين ػػا ذل ػػؾ ف ػػي
زامبي ػػا – وخرجػ ػوا ف ػػي س ػػبيؿ اهلل وأويدى ػػـ م ػػف حف ػػاظ القػ ػراف ..وأحبابن ػػا
عنػػدما ينتشػػروف فػػي العػػالـ ،ي يتكممػػوف كالمػاً سياسػػياً ،وي خالفيػػا ،بػػؿ
المعاشرة الطيبة ..وكما أف إيماننا ضػعيؼ ،فكػذلؾ كفػر الكفػار ضػعيؼ
...وكمػػا أف إيمػػاف الصػػحابة الك ػراـ كػػاف قوي ػاً ،فكفػػر الكفػػار فػػي زمػػانيـ
كػػاف قويػػا ...فمػػثال فػػي بػػالد الينػػدوكيوف ،يػػروف المسػػمموف بسػػبب جيميػػـ
يعبدوف قبػور الصػالحيف ،ونحػف نأخػذىـ بػالميف إلػي البيئػة الطيبػة ،وبعػد
ذلؾ نفيميـ أف النػذر والعبػادة ي يحػؿ إي هلل ... فيفيمػوف ..فكانػت
ال ػػدعوة ل ػػثالث أي ػػاـ ...واف ل ػػـ يقبمػ ػوا تك ػػوف المص ػػالحة بالجزي ػػة ،حت ػػى
يصبروا تحت ذمتنا ،ألف مع المسمـ كممة عميا ،ومع الكفار كممة سػفمي
و )ٔ( وقػاؿ تعػالى َ و َ َع َنيلا ،قاؿ تعالىَ وَْنيجُ ُاٌاا ِْلَ ْو َناِ ْنا ُكَْجُ ٌْا ّ ْوِ َِ َا
نيذٌاِ ِتنيٌ ا َ ِ ٌا ِِ ِ ِ ِ
نيناواللّنيهُ َ
االِفني ْفلَ َ َاوَكل َُني ُااللّنيهال َنيياالْعُ ْلذَ َ
َكل َُ َاالّات َ ا َك َف ُواْ ّ
(ٕ)
وعندما يتصالحوف بالجزية ،فالمسػمموف يعيشػوف فػي بالدىػـ ،فكانػت
الدعوة العممية ينظروف إلي معاشرة المسمموف الطيبة ،وأخالقيـ فيػدخموف
في الديف فالجزية دعوة عمميػو تفصػيمية ..فػخف لػـ يقبمػوا ىاتػاف المرحمتػاف
تكوف المرحمة األخيرة وىي القتاؿ .
فالرسوؿ أعطانا الدواء الداخمي الدعوة والػدواء الخػارجي األخػالؽ
..فمػػو لػػـ يػػدخموا فػػي اإلسػػالـ ،وكػػأف الػػدمامؿ فييػػا ألػػـ ي يشػػفى بالػػدواء
الداخمي وي الخارجي فالبد مػف العمميػة الجراحيػة ( القتػاؿ) ...وذلػؾ فقػط
عنػػد اليػػأس مػػف العقػػاقير مثػػؿ البسػػتاني يقػػوـ بتسػػميت بعػػض النباتػػات ألنػػو
يعمـ أنيا ضعيفة ومريضة ،وتُسبب قمػة المحصػوؿ ،مثػؿ الػذيف يصػدوف
عف سبيؿ اهلل .
فخروج الصحابة رضي اهلل عػنيـ كػاف كالمطػافئ إلخػراج النػاس مػف
النار إلي الجنة .
والسيارة اإلطفائية عندما تخرج فجميع السيارات والمشاة يفسحوف ليػا
الطري ػػؽ ،فم ػػو اعت ػػرض أم ػػاـ الس ػػيارة س ػػتة أش ػػخاص وآيؼ ف ػػي الحري ػػؽ
فعمي السائؽ أف يمر عمييـ لينقذ ابيؼ.
والصػ ػ ػ ػػحابة رضػ ػ ػ ػػي اهلل عػ ػ ػ ػػنيـ ثػ ػ ػ ػػالث عش ػ ػ ػ ػره سػ ػ ػ ػػنو فػ ػ ػ ػػي مكػ ػ ػ ػػة ،
اهلل ما أمرىـ بالقتاؿ ليتحصموا أوي عمي :
بػػدوف الػػدعوة مثػػؿ الصػػالة بػػدوف الوضػػوء ..فالصػػحابة رضػػي اهلل عػػنيـ
كانوا يجتيدوف إلدخاؿ الناس في الجنة ...ولماذا الجدؿ ابف .
ألف الدنيا جنة الكافر وسجف المؤمف ..فالمؤمف يقاتػؿ الكػافر ليأخػذ
جنتػ ػػو فيصػ ػػير غاصػ ػػب فػ ػػال يسػ ػػتحؽ لنص ػ ػرة اهلل .. ولكػ ػػف الصػ ػػحابة
رضػ ػػي اهلل عػ ػػنيـ مػ ػػا كػ ػػانوا يريػ ػػدوف جنػ ػػة الكػ ػػافر ،بػ ػػؿ ليػ ػػدخموه الجنػ ػػة ،
فاستحقوا لنصرة اهلل .
فػػي األردف بعػػض الشػػباب ،غضػػبوا عمػػي رجػػاؿ الػػدعوة ..فقػػالوا :
أوي نقاتػػؿ جماعػػة التبميػػغ ثػػـ الييػػود ...ألنكػػـ تجعمػػوف فػػي النػػاس صػػفة
الجبف .
فق ػػاؿ أمي ػػر الجماع ػػة :اس ػػمعوا من ػػي خم ػػس دق ػػائؽ :الجي ػػاد ب ػػدوف
الػػدعوة مثػػؿ الصػػالة بػػدوف الوضػػوء ،ولػػذلؾ ي تنصػػروا ففيػػـ الشػػباف ..
وقالوا :ىيا بنا لندعو الييود ثـ بعد ذلؾ نقاتميـ .
فقاؿ األمير :اسمعوا كالـ أخر ،أنتـ تقولوف لمييود ادخموا في اإلسالـ
وأنتـ في أي مكاف تورىـ فيقولوف لكـ أرونا اإلسالـ في أي بمد
اإلسالـ ففيموا أف يذىبوا لممسمميف ويجعموا فييـ معاشرة إسالمية .
ثـ قاؿ ليـ األمير :أنتـ تذىبوف لممسمميف بػدوف التمػريف ي تصػمحوا
..فػػبعض النػػاس ذىبػوا يتجولػػوف بعػػد الفجػػر ،يوقظػػوف النػػاس لمصػػالة ..
فم ػػا اس ػػتجاب الن ػػاس لي ػػـ ..وف ػػي الي ػػوـ الثال ػػث :ق ػػاـ الن ػػاس وضػ ػربوىـ
روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)
237
بالعصا ..وذىبوا إلي المحكمة وفي المحكمة تابوا مػف الػدعوة إلػي اهلل ..
لمػػاذا ألنيػػـ لػػـ يختػػاروا الوقػػت المناسػػب ،وي الكػػالـ المناسػػب ..فأتػػت
عمييـ المشاكؿ وكانت النتيجة ترؾ الدعوة إلي اهلل .فالبد مف التمػريف ..
قػػالوا :وأي ػػف نتم ػػرف فش ػػكميـ إلػػي الين ػػد والباكس ػػتاف وب ػػنجالديش ففيمػ ػوا
الدعوة .
انظروا لمصحابة رضي اهلل عنيـ ،غيروا معاشرتيـ بصحبة الرسػوؿ
فممػػا ذىب ػوا إلػػي مصػػر والسػػوداف وليبيػػا والع ػراؽ ،وكػػانوا كميػػـ عجػػـ ،
فأىػػؿ ىػػذه الػػبالد أحبػػوىـ لمعاش ػرتيـ الطيبػػة ،ومػػف شػػدة حػػبيـ ليػػـ أحب ػوا
لم ػػتيـ وتعمموى ػػا ،حت ػػى أص ػػبحوا ي يتكمم ػػوف إي المم ػػة العربي ػػة بمخالط ػػة
الصحابة رضي اهلل عنيـ والتابعيف.
عندما تتجولوف في العالـ فاتركوا معاشرة ابباء وخذوا معاشرة النبي
، والصحابة الكراـ ،فأنتـ تجمبوف الناس لمديف .
ي نقػػوؿ ركػػوب السػػيارة حػراـ ،البرقيػػة حػراـ ،ركػػوب القطػػار حػراـ ،
فنكوف مذنبيف لما نحرـ مػا أحمػو اهلل لنػا ..فنمشػي إلػي البػدو ونتحمػؿ
المشقة ،ونصير مجاىديف ،فالعالـ كمو يحب العرب كما كػاف فػي الػزمف
األوؿ ..ففي الزمف األوؿ كانوا يحبوف العرب مػف أجػؿ معاشػرتيـ الطيبػة
،واليػػوـ يحبػػوف العػػرب مػػف أجػػؿ بتػػروليـ وعممػػتيـ الماليػػة ،فػػاغتنموا ىػػذه
المحبوبية واجعموىا سبباً لجمب محبة اهلل ومحبة رسولو .
روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)
238
وىذه األشياء اهلل أظيرىػا ،لنػا لػيعمـ األمػة األصػوؿ ،فبػدوف أف
يحػػدث ذلػػؾ فػػييـ مػػا كنػػا نػػتعمـ ،فكثيػػر مػػف النػػاس يطعػػف فػػي الصػػحابة ،
نيناِنيَْ ُ ٌْا ِ ِ
اِ َف َ
لذَْجَلنيذَ ُ ٌْ َاولََ ني ْْ َ واهلل طيػرىـ ونظفيػـ ،قػاؿ تعػالي :
ٔ) يقػػوؿ ابػػف القػػيـ رحمػػو اهلل :يبػػيف سػػبحانو لمػػف قػػاؿ " لػػف نممػػب اليػػوـ مػػف قمػػو " إنمػػا
النصر مف عنده ،وأنو مف ينصره فال غالب لو ،ومػف يخذلػو فػال ناصػر لػو غيػره ،وانمػا
سػػبحانو وتعػػالي ىػػو الػػذي تػػولي نصػػر رسػػولو ودينػػو ،يكثػرتكـ التػػي أعجبػػتكـ ،فخنيػػا لػػـ
تمف عنكـ شيئا ،فوليتـ مدبريف ،فمما انكسرت قموبيـ ،أرسمت إلييـ خمع الجبػر مػع بريػد
النصػػر ،فػػانزؿ اهلل سػػكينتو عميػػو ورسػػولو وعمػػي المػػؤمنيف ،وأنػػزؿ جنػػوداً لػػـ تروىػػا ،وقػػد
اقتض ػػت حكم ػػة اهلل تع ػػالي أف خم ػػع النص ػػر وجػ ػوائزه أنم ػػا تف ػػيض عم ػػي أى ػػؿ اينكس ػػار
ِ وُن ِريػ ُػد أَف ّنمػػف عمَػػى الّػ ِػذيف استُ ْ ِ ِ
ض َوَن ْج َعمَيُػ ْػـ أَئ ّمػةً َوَن ْج َعمَيُػ ُػـ اْلػ َػو ِارثِ َ
يف َوُن َم ّكػ َػف األر ِ
ضػػعفُوْا فػػي ْ َ ْ ُّ َ َ
ود ُى َم ػػا ِمػ ػ ْػنيُ ْـ ّمػ ػػا َكػ ػ ُ
ض وُنػ ػ ِػر ِ ِ
روف – سػ ػػورة ػانوْا َي ْح ػ ػ َذ َ ػاف َو ُجُن َ
امػ ػ َ األر ِ َ َ
ي ف ْرَعػ ػ ْػو َف َو َى َ لَيُ ػ ْػـ فػ ػػي ْ
القصص – ابيات ٘ ( ٙ ،زاد المعاد . ) ٖٓٗ/ٕ -
ٕ) سورة التوبة ابية ٕ٘ .
روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)
240
،يسػػوقيا نحػػو العػػدو ،والعبػػاس عمػػو أخػػذ بركابيػػا األيمػػف ،ويقػػوؿ فػػي تمػػؾ
الحػاؿ ":أنػا النبػي ي كػػذب ،أنػا ابػف عبػد المطمػػب " وثبػت معػو مػف أصػػحابو
قريب مف مائػة ،ثػـ أمػر عمػو العبػاس وكػاف جييػر الصػوت أف ينػادي بػأعمى
صوتو ،يا أصحاب الشجرة ،يعني شجرة الرضواف ..يا أصحاب السمرة ...
وتارة يقوؿ :يا أصحاب سورة البقػرة ،فجعمػوا يقولػوف .لبيػؾ لبيػؾ ،وانعطػؼ
الناس ...حتى تـ النصر لممسمميف (ٔ).
وفػػي غػػزوة بػػدر غضػػب اهلل عمػػي المشػػركيف بػػثالث قبػػائ قػػاؿ تعػػالى :
وف َعػػف سػبِ ِ
يؿ َ صػ ّػد َ
ػاس َوَي ُ يف َخ َر ُجػوْا ِمػػف ِد َيػ ِ
ػارِىـ َبطَػ اًر ورئػػاء ّ
النػ ِ ِ
ونػوْا َكالّػػذ َ َ ويَ تَ ُك ُ
وف ُم ِحيطٌ.)ٕ( ِ
المّو َوالمّوُ بِ َما َي ْع َممُ َ
بطػ اًر :أي دفعػػا لمحػػؽ ..فأحيانػػا نجػػد فػػي الشػػورى يعطػػي الػرأي ويصػػمـ
عي رأيو ،ويقوؿ :أنا زعيـ القوـ ،أنا رأيي صحي وي ينظر لمصػمحة الػديف
..ويفاخر برأيو ويتكبر كمػا قػاؿ أبػو جيػؿ :ي واهلل ،ي نرجػع حتػى نػرد مػاء
بػػدر وننحػػر الجػػزر ،ونشػػرب الخمػػر وتعػػزؼ عمينػػا القيػػاف فػػانعكس ذلػػؾ عميػػو
(ٖ)
. أجمع ..نسأؿ اهلل أف يوفقنا لجيد حبيبو عمي منياج حبيبو
التوحةةةةةيةد
( ال إلو إال اهلل )
ويػػري فػػي ىػػذه
الػػدنيا دار األسػػباب ..واهلل ىػػو مسػػبب األسػػباب ُ ،
الػػدنيا الشػػيء مػػف الشػػيء ،مثػػؿ الولػػد مػػف األب ..ونػػري أف الحػػب مػػف
الثمػ ػػر ..والحقيقػ ػػة أف اهلل فػ ػػالؽ الحػ ػػب والنػ ػػوى ..فػ ػػاهلل ىػ ػػو المػ ػػؤثر فػ ػػي
األشػ ػػياء ،وىػ ػػو مسػ ػػبب األسػ ػػباب ..ونحػ ػػف ي نػ ػػري قدرتػ ػػو ..واهلل لػ ػػيس
بحاجػػة إلػػي أي س ػػبب ،ولمػػا أراد اهلل أف ُيعم ػػر حيػػاة يوس ػػؼ عمرىػػا ف ػػي
الس ػػجف ..ولم ػػا أراد أف ٌي ػػدمر حي ػػاة فرع ػػوف ،وق ػػاروف ،وىام ػػاف ،دم ػػر
حياتيـ في العزة ( الممؾ والماؿ ) .
اهلل أكرمنػػا بيػػذه الػػدعوة لنػػدعو إلػػي اهلل والػػي رسػػولو ..
لتوحيػ ػػد اإللوىيػ ػػة والربوبيػ ػػة وأسػ ػػماء اهلل وصػ ػػفاتو ..اهلل عمػ ػػـ نبيػ ػػو أف
يرك ػػز عم ػػي اإليم ػػاف والنب ػػي عم ػػـ الص ػػحابة رض ػػي اهلل ع ػػنيـ اإليم ػػاف
واليقػػيف الصػػحي وبػػو يتميػػز التوحيػػد عػػف الشػػرؾ ..األشػػياء عػػف األعمػػاؿ
..فنتوج ػػو إل ػػي اهلل .. ي نتوج ػػو إل ػػي غي ػػر اهلل سػ ػواء أك ػػاف ى ػػذا
صنما يعبد أو قب اًر يزار ..بؿ كؿ ىذا شػرؾ ..ولكػف شػرؾ دوف شػرؾ ..
وكفر دوف كفر .
روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)
243
اهلل أراد ربػ ػػط اإلنسػ ػػاف بالتوحيػ ػػد عػ ػػف طريػ ػػؽ الصػ ػػالة ،فعنػ ػػد
الػ ػػدخوؿ فػ ػػي الصػ ػػالة التكبيػ ػػر ...وىكػ ػػذا عنػ ػػد الركػ ػػوع ..وذلػ ػػؾ لتوحيػ ػػد
األلوىية ،واذا أتي توحيد األلوىية يأتي توحيد الربوبية .
ولذا ندعو إلي اهلل وحده ي شريؾ لو ..وأف نعبد اهلل وحده .
نوعان من الشرك :
ٔ -الشرك الحقيقي :ىو عبادة األصناـ .
ٕ -الشرك المجازي :ىو ايعتماد عمي غير اهلل ..وىذا الشػرؾ ي ُيخػرج
عف كمية اإليماف ،ولكف يعذب صاحبو بقدر ما أشرؾ مع اهلل .
واذا تقابػ ػػؿ أىػ ػػؿ الشػ ػػرؾ الحقيقػ ػػي ،مػ ػػع أىػ ػػؿ الشػ ػػرؾ المجػ ػػازي ؛
فيممب أىؿ الشرؾ الحقيقي .
حقيقة اإليمان :
أف نتيقف عمي اهلل وي نعتمد إي عميػو ..وي نثػؽ إي فيػو ..وي
نرجو غيره ..وي نخاؼ إي منو ..وي نحب سػواه ..وي نسػتعيف بميػره ..
وي نس ػػجد إي ل ػػو ..وي نعب ػػد غيػ ػره ..وي نن ػػذر وي نعتص ػػـ إي ب ػػو . .وي
نكب ػػر غيػ ػره ،واهلل أم ػػر نبي ػػو ق ػػاؿ تع ػػالى تَأَتنيّ ََ نينيناالْ ُُني ني ّْثنيُّ اوافُني ْانيٌا
ِ
َأَ نينيا ْر َ
اواوَرّني ني َ ا َ َ ّ ني ني ْا )ٔ( فقػ ػػدـ لفػ ػػظ ربػ ػػؾ عػ ػػؿ التكبيػ ػػر ،وىػ ػػذا ُيفيػ ػػد
قوـ ثمود كانوا أساتذة في البناء ،واهلل أخرج ليـ ناقة مف الجبؿ ،
ويروى أنيا كانت حامؿ ووضعت حمميا .
كؿ ذلؾ ليعمـ اهلل خمقو بأني أنا الخالؽ ..أخمؽ الولد بدوف األب
..والناقة مف الجبؿ . .وعيسى مف غير أب ..وآدـ مف غير أب وي
أـ ..كؿ ذلؾ لبياف قدرة اهلل ،ألف اإلنساف إما يربط نفسو باألسباب
وؿ المأ ِو ؼ رس ِ
ت َخ ْم َ َ ُ اس قَا َؿ ُك ْن ُ ويعتقد أف فييا النفع والضر ،ف َع ْف ْاب ِف َعأب ٍ
اح َف ْ أ ؾ َكِمم ٍ صمأى المأوُ َعمَ ْي ِو وسمأـ َيوما فَقَا َؿَ ":يا ُغ َالـ ِإِّني أ َ ِّ
ظ الموَ ات ْ ُعم ُم َ َ ُ َ َ َ ًْ َ
ت فَاسأ ْ أ اح َف ْ أ
تاستَ َع ْن َ
َؿ الموَ َوِا َذا ْ ؾ إِ َذا َسأَْل َ ْ ظ الموَ تَ ِج ْدهُ تُ َج َ
اى َ ظ َؾ ْ َي ْح َف ْ
ؾ بِ َش ْي ٍء لَ ْـ
َف َي ْنفَ ُعو َت َعمَى أ ْ اجتَ َم َع ْ
َف ْاألُ أمةَ لَ ْو ْ استَ ِع ْف بِالمأ ِو َو ْ
اعمَ ْـ أ أ فَ ْ
ؾ بِ َش ْي ٍء ضرو َ َف َي ُ اجتَ َم ُعوا َعمَى أ ْ ؾ َولَ ْو ْ ؾ إِ أي بِ َش ْي ٍء قَ ْد َكتََبوُ المأوُ لَ ََي ْنفَ ُعو َ
ؼ" ت الص ُح ُ وؾ ِإ أي بِ َش ْي ٍء قَ ْد َكتََبوُ المأوُ َعمَ ْي َؾ ُرِف َع ْ
ت ْاألَ ْق َال ُـ َو َجفأ ْ ضر َ لَ ْـ َي ُ
رواه الترمذي وقاؿ :حديث حسف صحي .
األمة بحاكميـ ومحكومييـ بأسبابيـ وأسباب مف يعاونيـ ،ي تأثير
ليـ في شيء .
ألف كؿ ذلؾ مخموؽ ليس إلو ،والمخموؽ عاجز عمى نفع نفسو أو
دفع الضرر عف نفسو فكيؼ يكوف لو نفع و ضرر لميره.
ولذا قيؿ أف اإليماف عظيـ جدا جدا وغالي جدا فكما جاء في
الحديث إف ذرة واحدة مف اإليماف تجعؿ صاحبيا ي يخمد في النار.
روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)
246
وليذا إذا كاف قوي فيجعؿ اإلنساف يستطيع القياـ بالعبادات واذا زاد
عف ذلؾ يستطيع أف يصم معامالتو واذا زاد أكثر استطاع اإلنساف أف
يصم معاشراتو وأخالقو.
أما اإلمارة والفتوى فتحتاج إيماف مثؿ الجباؿ ومثاؿ سيدنا عمر
عندما جاء ضيوؼ مف خارج المدينة فوزعيـ عمى أىؿ المدينة ولكف
واحد منيـ أراد أف يكوف عند أمير المؤمنيف لعمو يجد الطعاـ والشراب
الطيب .
ولكف عندما جمس ليأكؿ معو وجد خبز ناشؼ لـ يستطع الرجؿ أف
يأكمو وعندما طمب مف أمير المؤمنيف أف يصم طعامو فكاف رد عمر
وىؿ كؿ األمة أصمحت طعاميا حتى يصمحو أمير المؤمنيف .
وأيضا قصتو عندما لبس قميص أطيب مف الذي كاف عميو ومرقع
أثناء فت بيت المقدس ،فعندما لبسو (عندما أشار عميو أحد الصحابة)
ابؽ ْب ِف ِشي ٍ ط ِار ِ خمعو وقاؿ لقد تمير قمبي وقاؿ قولتو المشيورة :ف َع ْف َ
َ
اب إِلَى ال أش ِاـ َو َم َعَنا أ َُبو ُعَب ْي َدةَ ْب ُف ا ْل َج أر ِ
اح قَا َؿ َ :خرَج ُعمر ْب ُف ا ْل َخطأ ِ
َُ َ
ِ ٍ فَأَتَوا عمَى م َخ ٍ
اضة َو ُع َم ُر َعمَى َناقَة لَو ،فََن َز َؿ َع ْنيَا َو َخمَ َع ُخفأ ْيو فَ َو َ
ض َعيُ َما ْ َ َ َ
ِِ َعمَى َعاتِ ِق ِو َ ،وأ َ
اض ِبيَا ا ْل َم َخ َ
اضةَ ،فَقَا َؿ أ َُبو ُعَب ْي َدةَ : َخ َذ بِ ِزَم ِاـ َناقَتو فَ َخ َ
ؾ، ض ُعيُ َما َعمَى َعاتِ ِق َ ت تَ ْف َع ُؿ َى َذا ،تَ ْخمَعُ ُخفأْي َ
ؾ َوتَ َ يف أأ َْن َ ِ ِ
َيا أَم َير ا ْل ُم ْؤ ِمن َ
َى َؿ ا ْلَبمَ ِد اضةَ َما َي ُسرنِي أ أ
َف أ ْ وض بِيَا ا ْل َم َخ َؾ َ ،وتَ ُخ ُ ْخ ُذ بِ ِزَم ِاـ َناقَتِ َ
َوتَأ ُ
روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)
247
******
ٔ) المستدرؾ عمى الصػحيحيف» كتػاب اإليمػاف» قصػة خػروج عمػر إلػى الشػاـ وقولػو إنػا
قوـ أعزنا اهلل باإلسالـ فمف نبتمي العزة بميره_ رقـ الحديث (ٕٗٔ).
روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)
248
ُكلُنيواا الظػػاىري فمػػو جػػاء عمينػػا الجػػوع فعمينػػا أف نأكػػؿ ،قػػاؿ تعػػالى :
.
)1( َوا ْ َُواا ِ ْ ا ِرْزِقااللْ ِها
نينبا ِ
لنػاَ نين ْ ُمواا َ نيناسَ َ ونحتاج إلى الزوجة فنتزوج فاهلل يقوؿ
. (ٕ)
ِِّف ِناا
َ اال
ْ َ َ
لَ ُ ٌا ِ
واذا رزقنا بالمولود فاهلل يقوؿ :وِلَ االُْولُ ِ
ودالَهُا ِرْزفُني َُ ْ َاوكِ ِْف َوثُني َُ ْ ا َ َ َْ
نيثا َ ني َ َْجُ ٌْا ِ ني ْ ا
ول ْ ا ِ ني ْ ا َ ْذني ُ ِ ِ
ِنينينلْ َُ ْع ُو ا وقػػاؿ تعػػالى ْ َ ني َُ ُ
(ٖ)
. (ٔ)
اتنيُ ْفجَنيَُو َنا
كيف اهلل يمتحن عبده ؟
اهلل يػػأتى بػػأوامره ،فػػاألوامر تصػػير بمقابمػػة األسػػباب الظاىريػػة ،
فػػخذا امتثػػؿ اإلنسػػاف أوامػػر اهلل وتػػرؾ السػػبب الظػػاىري ،فيػػذا اإلنسػػاف
قوى اإليمػاف ،واذا تػرؾ أمػر اهلل بسػبب ايشػتماؿ باألسػباب الظاىريػة
فيذا اإلنساف ضعيؼ اإليماف .
واإلنسػ ػػاف مكمػ ػػؼ أف يتحصػ ػػؿ سػ ػػبب ظػ ػػاىري الػ ػػذي فيػ ػػو منػ ػػافع وأف
يتجنب األسباب الظاىرية التي فييا مشقة ،عمي سبيؿ المثاؿ:
ٔ) يتجنب الجوع ويأكؿ الطعاـ .
ٕ) يتجنب البرد ويمبس الثياب ليتحصؿ عمى الدؼء.
ٖ) يتجنب الظممة ويضيء المصباح ليتحصؿ عمى النور .
سػػيدنا موسػػى كػػاف عنػػده سػػبب ظػػاىري " العصػػا " ،اهلل تعػػالى
لو يمتثؿ أمر اهلل يترؾ سبب نافع ،ولو يشتمؿ في السبب
النافع يترؾ أمر اهلل .
ابف صار مقابمة أمر اهلل وبػيف سػبب ظػاىري الػذي فيػو منػافع ،
فسػيدنا موسػى كػػاف فػي قمبػو أف النػػافع والضػار ىػو اهلل ، والمعػػز
والمػ ػ ػػذؿ ىػ ػ ػػو اهلل ، وأف النجػ ػ ػػاح والخسػ ػ ػػارة مػ ػ ػػف اهلل ، وأف ىػ ػ ػػذه
األشياء المادية ي تنفعنا وي تضرنا إي بمشيئة اهلل تعالى .
فجميػػع األشػػياء الماديػػة مثاليػػا مثػػاؿ ( العصػػا ) فالعصػػا ي تنفػػع وي
تضػػر إي بمشػػيئة صػػاحب العصػػا ،فعنػػدما تكػػوف العصػػا عمػػى األرض ي
تنفػػع وي تضػػر ،ولكػػف صػػاحب العصػػا أخػػذ العصػػا وضػػرب الشػػجر وأخػػذ
الثمر وأعطانا الثمر فنحف نشكر صاحب العصا وي نشكر العصا .
ولو أف صاحب العصا غضػب عمينػا ،فأخػذ العصػا ثػـ ضػربنا فػنحف
ي نعت ػػب عم ػػى العص ػػا ونق ػػوؿ لم ػػاذا تضػ ػربيني ي ػػا عص ػػا ب ػػؿ نعت ػػب عم ػػى
صاحب العصا .
َ أَلْ َ َ
نلنينينا : الصػػعب عنػػدما ألقاىػػا تحولػػت حيػػة ،فيػػرب موسػػى
نل ني ُنيْواا ااخ َفن ني نينًاوثَِ نينين ًاو ِ فك ػػذلؾ اهلل يعطين ػػا األم ػػر :ا ِْفني ني و ِ
ََ َ ُ
ِ ِ ِ ِ
ِني ني نيأَ ْ َوال ُ ٌْ َاوَْني ُفِف ني ني ني ُا ٌْ ِآتا َ ني ني نيِ ِذلااللْني ني نينيها َذل ُ ني ني ني ْنيٌ َ
اخْذني ني ني نيٌ الَ ُ ني ني ني ْنيٌاِ ْنا ُكَْني ني نينيجُ ٌْا
ثَني ْعلَ ُُون. )ٗ(ٔ
أنػػتـ أنفق ػوا أم ػوالكـ مثػػؿ تػػرؾ العصػػا ،ثػػـ تحمم ػوا مشػػقة أنفسػػكـ مثػػؿ
أخذ الحية ،فػخذا فعمػتـ ذلػؾ فػاهلل يفعػؿ معكػـ مثػؿ مػا فعػؿ مػع موسػى
، فموسى لما كاف يمقى عصاه بخرادتو فما كانػت قػوة العصػا إي
لتربية المنـ وصاحب المنـ ،ولما ألقاىا بأمر اهلل صارت ىػذه العصػا
سبباً لتربية المنـ وصاحب المػنـ وتربيػة اثنػا عشػر أسػباطاً ،قػاؿ تعػالى
اِلِني َنيٌاا
اِْذَنينًافَني ْْ َ
نيناِ ْشنيَةَ َ
نينكاا ْ جني ا َنين ْني َفج ِ
تا َْنينيهُااثْنيََجَ َ
ََ ْ َ َ َ ََ باِ َع َ نينااضني ِ ْ
َني ُ ْلََ ْ
اآتاا َْر ِ نينسا َ ْش ني نيَ َُ ٌْا ُكلُ نيوااوا ْ ني ُواا ِ ني ْ ا ِرْزِقااللْني ِنيهاو اثَني ْعًَ ني ْنيو ِ
أا َ َ َ ُكني ُّنيلا َُني ٍ َ
ُ ْف ِِف ِْت َا.)ٕ(
ِ
واوا ول ٌْا ُ ْش ني ِف َولمػػا أتبعػػو فرعػػوف بجنػػوده ،قػػاؿ تعػػالى َ نيأَثْنيَنيعُ ُ
نبا ُو َ اِْنالَ ُُ ْْ َرُكو َنا ىااَُع ِ
.)ٖ( َص َم ُ
نلا ْ
ننافَ َ َنيلَ ُْناثَنيَااَ َْ ْ َ
)1(
ماذا كانت النتيجة
*******
ٔ) سورة طػو – ابية ٕٔ .
ٕ) سورة الصؼ – ابيات ٓٔ .ٖٔ :
روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)
256
مزاج الشرع
لإلنسػػاف فػػي الػػدنيا ،ضػػرورة وحاجػػة ،ولػػو فييػػا شػػيوات ..فالبػػد
أف ُيدرب نفسو عمي أف يأخذ الحاجة بقدر الضػرورة ،حتػى تُصػب حياتػو
بسيطة ،فال تممبو شيواتو ..فعف عائشة رضي اهلل عنيػا قالػت " :أوتػي
رسوؿ اهلل بقدح فيو لبف وعسؿ ،فقاؿ :شػربتيف فػي شػربة وادامػيف فػي
ي حاجػػة لػػي بػػو ،أمػػا إنػػي ي أزعػػـ أنػػو ح ػراـ ،ولكػػف أك ػره أف قػػدح
يسألني ربي عف فضوؿ الدنيا يوـ القيامة ،أتواضع هلل ،فمف تواضػع
هلل رفعو اهلل ،ومف تكبر وضعو اهلل ،ومف اقتصػد أغنػاه اهلل ،ومػف أكثػر
ذكر الموت أحبو اهلل " أخرجو الطبراني والبييقي ( .كذا في الترغيب )
وعف زيد بف أرقـ قاؿ :كنا مع أبي بكر الصػديؽ ، فػدعا
بشراب ،فأتي بماء وعسؿ ،فمما أدناه مف فيو ،بكي ،وبكي حتػى أبكػي
أصحابو ،فسكتوا وما سكت ،ثـ عػاد فبكػي ،حتػى ظنػوا أنيػـ لػف يقػدروا
عمي مسألتو ،ثـ مس عينيو ،فقالوا :يا خميفػة رسػوؿ اهلل مػا أبكػاؾ
قاؿ :كنت مع رسوؿ اهلل ، فرأيتو يػدفع عػف نفسػو شػيئاً ،ولػـ أر معػو
أحػػداً ،فقمػػت :يػػا رسػػوؿ اهلل مػػا الػػذي تػػدفع عػػف نفسػػؾ قػػاؿ " :ىػػذه
روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)
257
الػػدنيا ،مثمػػت لػػي ،فقمػػت ليػػا :إليػػؾ عنػػي ،ثػػـ رجعػػت فقالػػت :إنػػؾ إف
أفمت مني ،فمف يفمت مني مف بعدؾ " (ٔ).
اهلل جػػؿ جاللػػو فػػت عمػػي الصػػحابة رضػػي اهلل عػػنيـ فػػي زمػػف أميػػر
الم ػػؤمنيف عم ػػر ب ػػف الخط ػػاب ، ولم ػػا ج ػػاء الم ػػاؿ أمام ػػو ف ػػي مسػ ػػجد
الرسػػوؿ فبك ػػي ويػػروي لن ػػا ذلػػؾ المس ػػور بػػف مخرم ػػو قػػاؿ " :أُت ػػي
عمر بف الخطاب بمنائـ مف غنائـ القادسية ،فجعؿ يتصػفحيا وينظػر
إلييا وىو يبكي ،ومعو عبد الرحمف بف عوؼ فقاؿ لو عبػد الػرحمف :
يا أمير المؤمنيف ىذا يوـ فرح ،وىذا يوـ سرور ،قػاؿ :فقػاؿ :أجػؿ ،
ولكػف لػـ يػؤت ىػذا قػوـ قػػط إي أورثيػـ العػداوة والبمضػاء " أخرجػو البييقػػي
(ٕ)
. كذا في الكنز
وقسػػـ عمػػر المػػاؿ وأعػػط كػػؿ واحػػد عطػػاء وكػػاف يعطػػي النػػاس عمػػي
(ٖ).
سابقتيـ في اإلسالـ وعمي قرابتيـ مف رسوؿ اهلل
ػ وك ػػاف عم ػػر يوص ػػيـ أي يمي ػػروا مس ػػتوي حي ػػاتيـ ف ػػي ( الطع ػػاـ
والشراب ػ والممبس ػ والمسكف ػ والمركب ) .
ٔ) رواه ابػ ػػف أبػ ػػي الػ ػػدنيا فػ ػػي كتػ ػػاب ذـ الػ ػػدنيا ص – ٔٙورواه الحػ ػػاكـ فػ ػػي المسػ ػػتدرؾ
ٖٜٗٓٓ/
ٕ) حياة الصحابة – باب الخوؼ عمي بسط الدنيا ٕ. ٕٗٗ/
ٖ) انظر كتاب حياة الصحابة رضي اهلل عنيـ – باب اإلنفػاؽ – تػدويف عمػر الػديواف
لمعطايا ٕ. ٕٖٓ/
روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)
258
وكػػاف عمػػر ييػػتـ بسػػيرة عمالػػو خػػارج المدينػػة ..ويسػػأؿ عػػف أحػواليـ
ويقوـ اعوجاجيـ ..فعندما أمر سعد بف أبػي وقػاص ،عمػي
ويحاسبيـ ُ
ُ ..
حرب العراؽ ،أوصاه ،فقاؿ :يػا سػعد بػف وىيػب ،ي يمرنػؾ مػف اهلل أف
قيؿ خاؿ رسػوؿ اهلل ، وصػاحب رسػوؿ اهلل ، فػخف اهلل ي يمحػو
السػػيئ بالسػػيئ ،ولكنػػو يمحػػو السػػيئ بالحسػػف ،فػػخف اهلل لػػيس بينػػو وبػػيف
أحػػد نسػػب إي طاعتػػو ،فالنػػاس شػػر يفيػػـ ووضػػيعيـ فػػي ذات اهلل سػواء ،
اهلل ربيػػـ وىػػـ عبػػادة ،يتفاضػػموف بالعافيػػة ويػػدركوف مػػا عنػػده بالطاعػػة ..
فانظر األمر الذي أريػت النبػي عميػو منػذ بعػث إلػي أف فارقنػا ،فالزمػو
فخنػػو األمػػر ..وىػػذه عظتػػي إيػػاؾ إف تركتيػػا ورغبػػت عنيػػا ،حػػبط عممػػؾ
(ٔ)
. وكنت مف الخاسريف ...الخ " أخرجو بف جرير
فسيدنا أبو بكر : قسـ العطاء عمي أساس حاجات الناس .
وعمر : قسـ عمي أساس السبؽ في اإلسالـ ،وعمػي قػرابتيـ مػف
رسوؿ اهلل .
فق ػػاؿ عم ػػر : أكتبػ ػوا الن ػػاس عم ػػي من ػػازليـ :فكتبػ ػوا م ػػف أوؿ بن ػػي
ىاشـ ،ثػـ اتبعػوىـ أبػا بكػر وقومػو ،ثػـ عمػر وقومػو عمػي الخالفػة ،فممػا
نظ ػػر في ػػو عم ػػر ق ػػاؿ :وددت واهلل ىك ػػذا ،ولك ػػف اب ػػدءوا بق ارب ػػة النب ػػي
األقرب فاألقرب حتى تضعوا عمر حيث وضعو اهلل (ٔ) .
وأعطػػي أسػػامة بػػف زيػػد رضػػي اهلل عنيمػػا أكثػػر مػػف ابنػػو عبػػد اهلل
وقاؿ :ىذا حب رسوؿ اهلل .
أمػػا سػػيدنا عثمػػاف بػػف عفػػاف : قسػػـ المػػاؿ عمػػي أسػػاس ق ػرابتيـ
منو ،واستعمميـ في شئوف المسمميف .
فالشػػيخاف أبػػو بكػػر وعمػػر رضػػي اهلل عنيمػػا – صػػار بالنػػاس عمػػي
مزاج الشرع ( ،التضحية ) لقرب عيدىـ بالنبوة .
وأم ػػا عثم ػػاف ب ػػف عف ػػاف س ػػار بالن ػػاس عم ػػي ح ػػدود الش ػػرع ،وذل ػػؾ
بسبب كثرة الداخميف مف العرب في اإلسالـ .
فيجػػب عمػػي المسػػمـ أف يعػػيش عمػػي حػػدود الشػػرع ،حتػػى يتوصػػؿ
إل ػػي م ػ ػزاج الش ػػر ،فػ ػػالفتوى ح ػػدود الشػ ػػرع ،والتق ػػوى م ػ ػزاج الشػ ػػرع ،ألف
اإلنساف لو زاد عف الحدود قد يخرج إلي الحراـ ،فيخسر الدنيا وابخرة .
فالرجؿ الذي يمشي عمي مزاج الشرع ..فػأويده يعيشػوف عمػي حػدود
الش ػػرع ل ػػو زادت معي ػػـ ال ػػدنيا ..أم ػػا ل ػػو س ػػار عم ػػي ح ػػدود الش ػػرع ف ػػيمكف
ألويده أف يتع ػػدوا ح ػػدود الش ػػرع ..واهلل ف ػػي قرآن ػػو يح ػػذرنا أف نتع ػػدى
(ٔ) .
الٌاالظّنلِ ُُو َنا
َ ُ
ثَنيعجَ ُْولناو اتنيجَنيع ّْا ُْودااللّ ِها َأُولَنيِْ
َْ ْ َ ََ َ َ ُ َ
ُ
أمػػا مػزاج الشػػرع فيػػأتي بالتػػدرج ( مػػع المجاىػػدة ) :قػػاؿ تعػػالى :
******
ف ػػاهلل أىم ػػؾ النم ػػرود ببع ػػوض أع ػػرج ،وك ػػأف اهلل يس ػػتيزئ بق ػػدرة
ويظيػػر قوتػػو وقدرتػػو ..واختػػار لحفػػظ الرسػػوؿ فػػي المػػار ،
النمػػرود ُ ،
العنكبوت الضعيؼ .
فاهلل الذي اختار ىػذه األسػباب البسػيطة ..ألػيس قػادر أف يبػارؾ
في جيد الداعي القميؿ ،والرزؽ القميؿ ،والوقت القميؿ .
فعمينا أف ُنحسف الظف باهلل .. فالذي يظف أف لػف ينصػره اهلل وأف
اهلل ي يقضي حوائجو ..فيذا سيء الظف بربو الكريـ .
صػمُ َ يقػػيف اإلنسػػاف بػػاهلل
عنػػدما تػػأتي قػػوة اإليمػػاف فػػي القمػػب َ ،ي ْ
صمُ َ عبادتو ..ومعامالتو ..ومعاشراتو ..وأخالقو .
..وتَ ْ
وبقوة اإليمػاف ،تتحصػؿ األمػة عمػي معيػة اهلل ، فتكػوف محفوظػة
مػػف كيػػد األعػػداء ..ومػػف شػػر حسػػد كػػؿ حاسػػد ..ألف اهلل أقػػوى مػػف كػػؿ
قوى ،وأقدر مف كؿ قادر ..وكؿ قوي العالـ ي تساوي قػدر العنكبػوت ..
وكػػؿ األشػػياء ي تسػػاوي جنػػاح البعوضػػة ..وكػػؿ القػػوى فػػي العػػالـ ،إنمػػا
ونااللّني ِنيها
ااَتَ ني ُاواْا ِ ني اد ِ
ُ ى ػػي بي ػػت العنكب ػػوت ق ػػاؿ تع ػػالي ًَ َ :ني ُنيلاالّني ِنيات َ ّ
ِ َولِذ ني نينيآاا َكًَُ ني ني ِنيلاالْعَ َ ني ني ِ
تا نيَْذج ني ني نينً َاوِ ّنا َْوَل ني ني ني َ االُْنيذُ ني نينيوتالََنيْذ ني ني ُ
نيتا ااَتَني ني ني َا ْ
نيوت ّ َ ُ َْ َ َ
كن ُواْاتنيَ ْعلَ ُُونا.)ٔ( وتالَ ْوا َ الْعَ َ ِ
َ ُ
ٔ) سورة العنكبوت – ابية ٔٗ .
روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)
263
فالعنكبوت إذا سقط عمي قشر البيض الرقيؽ فػال ينكسػر ..واذا تػأتي
الحشرات الصميرة فيصطادىا العنكبوت فيفػرح بػذلؾ ..ولكػف عنػدما يػأتي
فيطيػػر مػػا فػػي
صػػاحب البيػػت ليسػػكف فيػػو ،فيمسػػؾ بمكنسػػة ييػػوي بيػػا ُ
البيت مف عناكب .
فرعوف عميو المعنة بني في مصر ..بيت العنكبوت ( بيت الممؾ ) .
وىاماف عميو المعنة بني في مصر ..بيت العنكبوت ( بيت الو ازرة ) .
وقاروف عميو المعنة بني في مصر ..بيت العنكبوت ( بيت الماؿ ) .
ولمػ ػػا قػ ػػاـ موسػ ػػي بالػ ػػدعوة ..وأراد اهلل أف ُيطيػ ػػر مصػ ػػر مػ ػػف بيػ ػػت
العنكبوت ،ضربيـ اهلل بمكنسة واحدة .
فنػػدعو لكػػؿ النػػاس ي لمعنكبػػوت األصػػفر ،وي األحمػػر ،وي الشػػرقي
،وي المربي ..بؿ ننظر إلييـ بعيف الشفقة والرحمة ..ونتحػرؾ عمػييـ ،.
ونقػػوؿ ليػػـ :يػػا أييػػا النػػاس قولػوا ي إلػػو إي اهلل تفمحػوا ..واذا عػػرفتـ قػػدرة
اهلل فأسمموا ..واف لـ تعرفػوا قػدرة اهلل فسػتيمكوف ،وي ينجػيكـ مػف عػذاب
اهلل شيء ،إذا آتاكـ .
وندعو ليػـ باليدايػة ،ونقػوؿ ليػـ نريػد لكػـ الفػالح والنجػاح فػي الػدنيا
وابخػرة ..نريػد لكػـ الفػالح فػي القبػر والحشػر ..وعنػد ذلػؾ يػزوؿ الباطػػؿ
روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)
264
وشػػاور أبػػو بكػػر الصػػديؽ الصػػحابة رضػػي اهلل عػػنيـ ..فقػػالوا ومػػنيـ
عمػر :يػػا خميفػػة رسػوؿ اهلل اتػػرؾ النػػاس يصػموف وي يػػؤدوف الزكػػاة ،
فػػخنيـ لػػو قػػد دخػػؿ اإليمػػاف فػػي قمػػوبيـ ألقػػروا بيػػا ،فقػػاؿ أبػػو بكػػر :
والذي نفسي بيده ألف أقع مف السماء أحب إلي مػف أف أتػرؾ شػيئا قائػؿ
عميو رسوؿ اهلل إي أقاتؿ عميو .
وفػػي روايػػة ،قػػاؿ عمػػر :يػػا خميفػػة رسػػوؿ اهلل تػػألؼ النػػاس ،وأرفػػؽ
بيـ ،فخنيـ بمنزلة الوحش ،فقاؿ :أخرت نصرتؾ وجئتنػي بخػذينؾ ،جبػا اًر
في الجاىمية ،خوا اًر فػي اإلسػالـ ،واهلل ألجاىػدنيـ مػا استمسػؾ السػيؼ
في يدي واف منعوني عقاي .
وفػػي روايػػة :أجبػػار فػػي الجاىميػػة وخ ػوار فػػي اإلسػػالـ ،إنػػو قػػد انقطػػع
الوحي وتـ الديف ،أينقص الديف وأف حي .
وفػػي روايػػة فقػػالوا :يػػا أبػػا بكػػر :توجػػو ىػػؤيء إلػػي الػػروـ ،وقػػد ارتػػدت
الع ػػرب ح ػػوؿ المدين ػػة ،فق ػػاؿ :وال ػػذي ي إل ػػو غيػ ػره ل ػػو ج ػػرت الك ػػالب
بأرج ػػؿ أزواج النب ػػي م ػػا رددت جيش ػػا وج ػػو رس ػػوؿ اهلل ، وي حمم ػػت
لواء عقده رسوؿ اهلل .
وفػػي روايػػة قػػاؿ :أن ػػا أحػػبس جيشػػا بعث ػػو رسػػوؿ اهلل لقػػد اجتػ ػرأت
عمػػي أمػػر عظػػيـ والػػذي نفسػػي بيػػده ألف تميػػؿ عمػػي العػػرب أحػػب إلػػي
روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)
267
مف أف أحبس جيشا بعثة رسػوؿ اهلل ، امػض يػا أسػامة فػي جيشػؾ
لموجو الذي أمرت بو .
وفػػي روايػػة قػػاؿ :والػػذي نفسػػي أبػػي بكػػر بيػػده لػػو ظننػػت أف السػػباع
تخطفني ،ألنفذت بعث أسامة ،كما أمر بػو رسػوؿ اهلل ، ولػو لػـ يبػؽ
في القرى غير ألنفذتو .
كػاف الصػػديؽ صػػاحب عاطفػة صػػحيحة صػػادقة ،ألنػو تربػػي عمػػي يػػد
النب ػػي ، وش ػػرب م ػػف معين ػػة ..فوج ػػو أس ػػامة إل ػػي ال ػػروـ كم ػػا أم ػػر
النبػػي ، مػػع مخالفػػة كػػؿ األحػواؿ الظاىريػػة مػػف أجػػؿ طاعػػة رسػػوؿ اهلل
ف ػػي بعث ػػة ج ػػيش أس ػػامة ،فجع ػػؿ ج ػػيش أس ػػامة ي يم ػػر بقبي ػػؿ يري ػػدوف
ايرتداد قالوا :لو أف ليػؤيء قػوة مػا خػرج مثػؿ ىػؤيء مػف عنػدىـ ،ولكػف
نػػدعيـ حتػػى يمق ػوا الػػروـ ،فمق ػوا الػػروـ فيزمػػوىـ وقتمػػوىـ ورجع ػوا سػػالميف
فثبتوا عمي اإلسالـ .
وىـ في طػريقيـ إلػي الػروـ كانػت األرض تطػوى ليػـ حتػى ظػف الػروـ
أنػػو لػػيس بجػػيش واحػػد ..فقػػذؼ اهلل الرعػػب فػػي قمػػب قيصػػر وأصػػحابو ،
ورجع ػػت القبائ ػػؿ الت ػػي ارت ػػدت إل ػػي اإلس ػػالـ وت ػػابوا ..وذل ػػؾ عن ػػدما كان ػػت
التضػ ػػحية لحفػ ػػظ الػ ػػديف مػ ػػع إتبػ ػػاع النبػ ػػي .. وقػ ػػدمت مصػ ػػمحة الػ ػػديف
والػػدعوة ،عمػػي نسػػاء النبػػي ، فػػاهلل حفػػظ نسػػاء النبػػي ونصػػر
أحبابو وأوليائو .
روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)
268
وفػػي ىػػذا درس كبيػػر لألمػػة إلػػي قيػػاـ السػػاعة ،وىػػو أف النصػػر فػػي
(ٔ)
. إتباع أمر اهلل مع سنة نبيو وأف اليزيمة والخيبة في مخالفتيا
******
ٔ) م ػ ػػف بي ػ ػػاف الش ػ ػػيخ محم ػ ػػد عم ػ ػػر ا لب ػ ػػالبوري بع ػ ػػد المم ػ ػػري ف ػ ػػي إجتم ػ ػػاع ب ػ ػػنجالديش
٘ٔ. ٜٔٛٛ/ٔ/
روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)
269
: نجد العالـ شرقاً وغرباً يتطمع لألمف ولـ يتحقؽ ذلػؾ ألف اهلل تعػالي فنينل
الّني ني ِنيات َ ام َ َُ ني نيواْ َاوََلْاتنيَ ْلِ ُِفني ني َنيواْاِّينيَ نينين نيَ َُ ٌْاِظُْل ني ني ٌٍا ُْولَني نينيَِْ َ ا َبنيُني ُنيٌاا ْ ني ني ُ َاوُلني ني ْنيٌا
ن )ٔ( والظمـ ىو الشرؾ . ّ َْجَ ُْو َا
واألمػػف ي يتحقػػؽ فػػي البيػػت ،وخػػارج البيػػت ،فػػي الفػػرد والمجتمػػع ..
إي باإليماف .
وابف نػ ػ ػػري العػ ػ ػػالـ كػ ػ ػػؿ يػ ػ ػػوـ ،يمػ ػ ػػر بالمصػ ػ ػػائب ..والح ػ ػ ػوادث ..
واإلض ػرابات ..والنكبػػات ..والػػزيزؿ والفيضػػانات ..وىػػذه كميػػا مصػػائب
دنيوية ،والتي تُصيب اإلنساف بعد المػوت أشػد منيػا ..فػخذا مػات اإلنسػاف
وقمبو ليس مقبالً عمي اهلل تعالي ،تمدغو الحيات والعقارب ،ويتحػوؿ قبػره
نار إلي يوـ القيامة ..ويوـ القيامػة فػي ميػداف الحشػر تقتػرب الشػمس مػف
الػػرؤوس ويمجم ػػو العػػرؽ إلجام ػػا ،ويأخػػذ كتاب ػػو بشػػمالو ،ويخ ػػؼ مي ازن ػػو ،
ويطػػرد مػػف عمػػي حػػوض النبػػي ، وعنػػدما يمػػر عمػػي الص ػراط تخطفػػو
الكالليب فيقع في نار جينـ ..وفي جينـ ظممػات بعضػيا فػوؽ بعػض ..
ػب ِل َؿ عمػي اهلل تعػالي
وينادي وي أحد يجيبو ..وكؿ ىذا ألف قمبو غيػر م ْق ِ
ُ
..ففس ػػدت أعمال ػػو وبفس ػػاد األعم ػػاؿ فس ػػدت األحػ ػواؿ ...ولي ػػذا ..ك ػػاف
النبي دائـ الفكرة ،متواصؿ األحزاف ،ليس لو راحة .
المنيج الذي بو تكوف قموبنا متوجية إلي اهلل تعالي يقوـ عمي أمريف:
ٔ) أف تكوف البيئة إيمانية :فيسيؿ عمي القموب أف تتوجو إلي اهلل تعالي.
ٕ) الطمب الصادؽ :فبمير الطمب لـ ينؿ أبو جيؿ اليداية .
******
روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)
270
فمثالً :فاإلنساف عندما يري زوجتو وىي تحمب الجػاموس فيوجيػا إلػي اهلل
فيقػػوؿ :مػػا شػػاء اهلل ،الجػػاموس تأكػػؿ الحشػػيش األخضػػر ،ومنػػو الػػروث
والدـ ،ومف بينيما لبنا خالصا مف صنعة اهلل .
وعندما يري األويد ،يقوؿ :سبحاف اهلل ىذا شكمو كػذا وىػذا شػكمو
إنػػو اهلل ( ) كذا ،لكؿ واحد صورة مختمفة ..مف الذي فعؿ ذلػؾ
ِ
ال ني َنيواالْ َع ِت ني ني ُ ا َني ني ّنيوُرُك ٌْ ِآتاا ْر َ ني ِنينما َكْذ ني َ
نيفاتَ َشني نينيآاُا َاِلَ نينيَهَاِ ّ ُ ُل ني َنيواالّ نينياياتُ َ
ا َْ ِذٌ .)ٔ(
وعنػ ػػدما يػ ػػري الفاكيػ ػػة ،يقػ ػػوؿ :مػ ػػا شػ ػػاء اهلل ،طعمػ ػػو مختمػ ػػؼ ،
ولونو مختمؼ ،ويسقي ٍ
بماء واحد ،ألف الذي صنعو إلو واحد اهلل(.) ُ
فػػخذا كانػػت فيػػو ىػػذه الصػػفة فيػػري األشػػياء ويػػذكر اهلل ، واف لػػـ
تكف ىذه الصفة فيو يدخؿ في الصالة ويذكر األشياء .
)5اإلخالص ( النية الصحيحة ) :
نعمػ ػػؿ العمػ ػػؿ ابتمػ ػػاء مرضػ ػػاه اهلل ... فػ ػػخف العمػ ػػؿ ميمػ ػػا كػ ػػاف
عظيمػػا ولكػػف خاليػػا مػػف اإلخػػالص ،فخنػػو يػػرد عمػػي صػػاحبو ،ويقػػذؼ بػػو
في نار جينـ مثؿ ( العالـ ػ الجواد المنفؽ ػ الشجاع ) .
******
روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)
275
عقبات الداعي
ََ َاوَلنيَ ِاَِاا ْني ََ ُنرا ِ نلاتني وِ وَندىا ِ ِو ُن ِآتافَنيوِ ِ
س ِاِلا ُ ْل ُ ا ْ
َ ذ
َْلَ ا م ْ َ َ َ ف
َ ا ه ْ َ َ َ ْ َْ
ن. )ٕ( في البداية كاف في الراحة ،ولكف فػي َ ُو َااَت ِِتاََغَاثُني ِْ َ َْاَت ِيا ِ
ْ َ
النياية جاءت عميو المشقات والمصائب .ا
األنبي ػػاء عم ػػييـ الس ػػالـ وأتب ػػاعيـ ج ػػاءت عم ػػييـ األحػ ػواؿ والمش ػػقات
والمصػائب وايبػػتالءات فػي الػػدنيا ،أوذوا بالضػرب والجػػوع والقتػؿ والخػػوؼ
والفقػػر وتػػرؾ الػػديار واألىػػؿ فصػػبروا وتحمم ػوا واسػػتمروا فػػي دعػػوتيـ رغػػـ
ػع ا ْل ُع ْس ػ ِػر ِ
األحػ ػواؿ فج ػػاءت نصػ ػرة اهلل لي ػػـ ،كم ػػا ق ػػاؿ تع ػػالى :إ ّف َم ػ َ
(ٔ)
ُي ْس اًر)
ف ػػأجري اهلل عم ػػييـ األحػ ػواؿ الطيب ػػة بداي ػػة م ػػف ال ػػدنيا لي ػػروا ثم ػػار
اصنينين ِ نًا ّ ني اذَ َكني ٍ ا َْوا ُْنيًَني َ َاوُلني َنيوا ُني ْنيوِ ٌ ا جيػػدىـ ،قػػاؿ تعػػالى :ني ِ
اُِني َنيل َ
َْ َ
(ٕ)
ن َنيلََُ ْمذِذَنيَّهُا َ ذَن ًةاسَذَّ ً َاولَََ ْج ِتنيََّني َُ ٌْاَ ْ َ ُلٌاِأَ ْ َِف ِ ا َ نينا َكنين ُواْاتنيَ ْع َُلُنيو َا
،.وكذلؾ الحياة الطيبة في البرزخ وابخرة.
النصرة بعد البالء:
ِ
نيناوُلني ْنيٌا َا
نينساَناتنيُْجنيَُكني َنيواْاَناتنيَ ُولُني َنيواْام َ َّني َ قػػاؿ تعػػالىِ َ َ :فني َ
نيباالَّني ُ
ن.)ٖ(
تنيُ ْفجَنيَُو َا
قػػاؿ تعػػالىَ :ولََ ني ْْا َنيجَنيَّنينيناالّني ِنيات َ ا ِ ني افَني نيْلِ َِ ٌْا َنيلَ نيذَني ْعلَ َُ ّ االلّنينيهُاالّني ِنيات َ ا
(ٗ) .
و ص َْفُواْا َولَذَني ْعلَ َُ ّ االْ َ ِنذِ َا
َ
نيصا ّ ني َ ا اَُنيوَِث َاونيَ ْ ني ٍ ااْلنيَنيو ْ َاو ْ قػػاؿ تعػػالىَ :ولَََْنيلُني َنيوّ ُ ٌْاِ َشني ْنيي ٍاا ّ ني َ ْ
االَن ِ ِت َا ِ ا َ َو ِال َاوا ُف ِ
س َاوالًّ ََُات َاوَ ّش ِ ّ
(ٔ) .
زوجة ..والد ..والػدة ) ،يجػد كػؿ النػاس معػا إخوانػو ،أعمامػو ،أخوالػو
،أحبابو ُ ،يظيروف لو الكره ،وينفروف عنو.
أو يرجع مف الخروج فيجد نفسو قد طرد مف العمؿ أو يقؿ راتبػو ،أي
كؿ األحواؿ مخالفة لو.
فماذا يفعل الداعي؟
قاؿ تعالى :تَأَتنيّ ََناالّ ِات َ ام َ َُني َنيواْاِذَاالَِ ذنيجُ ٌْا َِْني ًا َنينثْنيُجُواْ َاواذْ ُكني ُواْااللّنيهَاا
ن )ٔ( فػ ػػاثبتوا :أي يثبػ ػػت اإلنسػ ػػاف عمػ ػػي األعمػ ػػاؿ َكًِني نيناًالّ َعلّ ُ ني ْنيٌاثُني ْفلَ ُم نينيو َا
الصالحة.
لػػذلؾ يبػػد مػػف الصػػبر أمػػاـ ىػػذه األح ػواؿ فػػال يتػػرؾ الػػداعي الػػدعوة
وعمي ػػو المج ػػوء إل ػػى اهلل ويتض ػػرع إلي ػػو بالص ػػالة وي ػػدعوه بالثب ػػات والعزيم ػػة
والممفرة " الميـ إني أسألؾ موجبػات رحمتػؾ وعػزائـ ممفرتػؾ والسػالمة مػف
كػػؿ إثػػـ والمنيمػػة مػػف كػػؿ بػػر والفػػوز بالجنػػة والنجػػاة مػػف النػػار " .وعمػػى
الداعي أيضا أف يالزـ أىؿ الدعوة ،وي يفعػؿ شػيء إي بالشػورى ،ويبعػد
عف أىؿ الدنيا ويشكر اهلل عمى كؿ حاؿ ،ويتيقف عمى أنو ما قػدره اهلل
لو سػيكوف ،وأف وراء ايبػتالء الترقيػة والرحمػة ورفػع الػدرجات وتكفيػر
الذنوب .
وعمػػى الػػداعي أيضػػا أف يعػػرض حالػػو عمػػى أىػػؿ الػػدعوة ويسػػمـ نفسػػو
لممشورة ويكثر مف الدعاء والبكاء أماـ اهلل سبحانو وتعالى .
فالثبات عمي الدعاء والتضرع والذكر والصالة والجولػة والزيػارات ىػو
ُسمـ الترقية ،مثؿ إبراىيـ حينما ثبت وصبر عمي ايبػتالء ( باإللقػاء
فػ ػػي النػ ػػار ..وتػ ػػرؾ زوجتػ ػػو وابنػ ػػو فػ ػػي و ٍاد غيػ ػػر ذي ذرع ..وذب ػ ػ ابنػ ػػو )
فبفضؿ ىذا الصبر ًّ
مف اهلل عمي البشرية ببعثة الرسػوؿ وأمتػو ،وفػرض
اء لصبر إبراىيـ وىاجر عمييما السالـ .
الحج ،جز ً
ات ا ّ ّارِّ ٌْ َاوَر ْْحَ ٌا اِلَْذ َِ ٌْ َ
اصلَ َو ٌ
ِ
فتكوف النتيجة والثمرةُ :ولَنيَْ َ َ
ِ
ن َوُولَنيَْ َ ُ
ال ٌُاالْ ُُ َْجَ ُْو َا
(ٔ)
ابػ ػػتالء مػ ػػف اهلل .. فػ ػػخذا جػ ػػاء فػ ػػي قمبػ ػػو ذلػ ػػؾ الشػ ػػيء ،كحػ ػػب الجػ ػػاه
ػالء مػف حالػة ايسػتدبار ،
والمنصب فيحرـ مػف العمػؿ ،فايسػتقباؿ أش ُػد ب ً
فننظ ػػر ف ػػي ح ػػاؿ ايس ػػتقباؿ إل ػػي نب ػػي اهلل س ػػميماف ، حينم ػػا أت ػػاه اهلل
*****
روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)
283
-العقارب والحيات وغيرىا بقدر معموـ ..في ابخرة العقرب مثؿ البممة،
وكذلؾ المذة والحالوة والحسف والقب .
-الحالوة أقساـ :العنب والموز وغيرىا حمو ولكف الحالوة تختمؼ كذلؾ
النور الشمس والقمر الشمعة والسراج . .أكبر ضوء ،ضوء الشمس
ولكف ىذا كمو شيء قميؿ مف خزائف اهلل .
-الحسف الجماؿ في الحور العيف .
-صاحب الجنة يكوف لو ٕ ٚمف الحور العيف . .فكيؼ يكوف حسنو
وجمالو .
-كيؼ يكوف نور األنبياء في الجنة
-وكيؼ يكوف نور النبي محمد .
-الحور العيف إذا تفمت في البحر المال أحمتو .
-الحالوة في تفميا فكيؼ الحالوة في أنيار الجنة ،وفي المبف وفي
العسؿ . .ىكذا كؿ النعـ اإلنساف ي يستطيع أف يحيطيا
-مقصد الكالـ أف اهلل عنده خزائف القوة والماؿ .
-كؿ القوى في الدنيا ي تساوي بيت العنكبوت .
-كؿ الماؿ في الدنيا ي يساوي جناح البعوضو.
-كؿ جيد اإلنساف عمى تحصيؿ القوة والماؿ حياتو كميا بيف ذلؾ
وذلؾٓ
روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)
286
-فمف أجؿ القوة يبذؿ الماؿ ومف أجؿ الماؿ يبذؿ القوة ..األجير يبذؿ
القوة لمحصوؿ عمى الماؿ .
-وصاحب المصنع يدفع الماؿ لمحصوؿ عمى قوة األجير.
-وىناؾ نظاميف :نظاـ القوة ونظاـ الماؿ .
-كؿ الدوؿ ابف عمى ىذا األساس .
-الدوؿ التي عندىا زيادة في الماؿ تتفكر في زيادة القوة والدوؿ التي
عندىا القوة تتفكر في زيادة الماؿ .
-الدجاؿ أكبر صاحب ماؿ أكبر مف قاروف و أكبر مف كسرى .
-الدجاؿ عنده أمواؿ طائمة ،وىو ي يحتاج ألحد لحفر األرض ..ولكف
يقوؿ لألرض أخرجي كنوزؾ فتخرج ،ويقوؿ لمسماء أمطري فتمطر،
ويقوؿ لمميت قـ .. .الفاعؿ الحقيقي ىو اهلل ،واهلل يعطيو القوة . .
كؿ ما نراه في الكوف مظاىر لصفات وأسماء اهلل سبحانو وتعالى.
-عباد األصناـ يعتقدوف أف رزقيـ مف األصناـ .
-كذلؾ اليوـ الناس يعتقدوف أف رزقيـ في تجارتيـ ومصانعيـ .
-كذلؾ الدجاؿ كؿ ما يظير عمى يديو ىو مف اهلل أصال وليس مف
عنده .
-ولكف ىذا استدراؾ لمناس وبالء لمناس .
-الذيف يقينيـ فاسد عمى األشياء عندما يروف ىذا ىـ يؤمنوا بالدجاؿ .
روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)
287
-إذا ارتبط العبد بخزائف اهلل الميبية حتى لو كاف فقي ار في الدنيا فيو
يكوف في الفالح والنجاح ،وىذا باألعماؿ الصالحة .
-فسعادة اإلنساف في طمأنينة القمب وليست سعادتو في كثرة الماؿ أو
شقاوتو في قمتيا .
-فالمؤمف يكوف في حياتو الديف ،سواء عنده ماؿ كثير أو قميؿ ،فيو في
الفالح والنجاح .
-واف لـ تكف في حياتو الدنيا فخنو يرتبط بخزائف النعـ وخزائف العذاب .
-طريؽ اليداية لمذيف يسمكوف طريؽ األنبياء والصالحيف عالقتيـ
مرتبطة بخزائف النعـ.
-كؿ ما نرى أمامنا فيذا معموـ ،أما ما عند اهلل في الميب فيذا ي
نعرفو إي عف طريؽ األنبياء والمرسميف بطريؽ الخبر .
-فاإلنساف بيف النظر والخبر ىو مبتمى .
-الشجرة مستورة في النواة ولكف ي تظير إي بعد إلقائيا في األرض ،
وكذلؾ خزائف الميب ي تنكشؼ إي بعد الموت .
-بعض األحياف اهلل يكشفو في الدنيا .
-فرعوف كاف يتكمـ بما عنده مف الماؿ والقوى .وكالـ سيدنا موسى كاف
عف الميب ،وانكشؼ لفرعوف عند غرقو ولذلؾ قاؿ آمنت .
-نصرة اهلل الميبية كاف يخبر بيا سيدنا موسى ،وكشفيا اهلل في الدنيا .
روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)
291
-عندما تحقؽ اإليماف في قمب صييب رضي اهلل عنو ،جاء النور في
قمبو ترؾ كؿ أموالو .
-األنصار بيذا النور آخي رسوؿ اهلل بينيـ وبيف المياجريف .
-المياجريف بيذا اإليماف تركوا أمواليـ وأوطانيـ .
-عبد اهلل بف حذافة السيمي عرض عميو الممؾ المشاركة في ممكو
ولكف بالنور لـ يبالي بيذا . .ىذا ي يمكف إي بعد أف يرسخ اإليماف
في القمب فيري أف كؿ الدنيا بسيطة وقميمة.
-سيدنا سميماف بيذا النور كاف يرى أف في كممة سبحاف اهلل خير مف
ممؾ آؿ سميماف .
-عندما يتحقؽ نور اليداية واإليماف تنكشؼ المنفعة والمضرة الحقيقية
لإلنساف .
-نور اليداية يتحقؽ بجيد اليداية ..وىذا النور في الدنيا وفي القبر
وفي الحشر .
-بنور اليداية اإلنساف يرى أف يبذؿ النفس والنفيس في سبيؿ اهلل لنشر
الديف.
-األعماؿ ي بد أف يكوف فييا اإلخالص . .وبمير اإلخالص تكوف
األعماؿ فييا ظممة وتكوف حاجز .
روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)
292
اخ َفن نً َاوثَِ ن ًا اليداية عمى قدر التضحية بالماؿ النفس :ا ِْف وا ِ -
ُ
ِ ِ ِ ِ ِ
َو َ نل ُْوااِأَ ْ َوال ُ ٌْ َاوَْني ُفِف ُ ٌْ ِآت ا َ ِ ِذل االلْه ا َذل ُ ٌْ َ
اخْذنيٌ الَ ُ ٌْ اِ ْناا
كَْجُ ٌْاثَني ْعلَ ُُون .)ٔ(
ُ
ولاالمنافقوف يشتمموف في األعماؿ ولكف مف أجؿ الدنيا { تنيَ ْوَم اتنيَ ُ ُ -
الَُْن ِ ُو َن اوالَُْن ِ َ نت الِلْ ِات ام َوااا ظُ وَنا نيَ ْ جِ ِ ِ ِ
س ا ا ُّورُك ٌْ اف َ
ذلا َ َُ ُ َ ْ َ َُ ُ َُ
ارِ عوااوراا ُكٌ ا َنلْجَ ُِِفواا ُوراا َض ِب ا نيذنيََنيٌَاِِفوٍر الْه ا نب ا ِ
نسَُهُا ُ ً ُ َ َْ ُ ُ ُ َ ٌ َ ْ ُ ََ ْ
ندوَني َُ ٌْ اَ ََلْ ا َ ُ ا ْ َع ُ ٌْا ِ ِ ِ ِِ ِِ
اب اواتنيََُ ُذه االْ ْْحَ ُ َاوظَنل َُُ ا افَله االْ َع َا ُ
ِ
فَنلُوا ا نيَلَ َاولَ َْ ُ ٌْ ا َنيجََجُ ٌْ اَ ُف َِف ُ ٌْ َاوثَنيَْ ْ
َجُ ٌْ َاو ْارثَنيْجُ ٌْ َاو َْْثْ ُ ٌُا
ِ ِ ِ ِ
ا ْ ََ نِنُّ ا َ َّْت ا َ نااَْ ُ االلْه َاوَُْْكٌا نللْه االْغَُ ُ
ور اوا َنلْذَني ْوَم اَ اتنيُ ْو َخ ُاا
سا ْ
ْ ِاَ ُ ٌ ا ِ ْْت ٌ اوَ ا ِ االْ ِات ا َك َف واا أْوا ُكٌ االَْنر ِ
الي ا َ ْوَ ُك ٌْ َاوِ
َ ْ َ َ َ َ ُ ََ ُ ُ َ
نُ } (ٔ) الذي يجتيد في األعماؿ مف أجؿ الماؿ فخذا تحصؿ َا الُْ ِ
َ
فضعؼ العمؿ و إذا لـ يتحصؿ ىو يمؿ .
******
-بتضحيات أىؿ بيت إبراىيـ عميو السالـ جاءت نصرة اهلل تعالى .
-اهلل ذكر في مواضيع كثيرة مف القرءاف ،أف المدد والنصرة مع األنبياء
ولـ يقتصر ىذا المدد عمى األنبياء فقط ،بؿ كؿ مف تشبو بيـ
وبأعماليـ.
-نصرة اهلل أحيانا تأتي موافقة لمظاىر وخالؼ الظاىر ،فاهلل تعالى
نصر األنبياء بخالؼ الظاىر .
-التضحية التي تكوف بخالؼ الشيوات ىي التضحية عمى طريؽ
األنبياء.
-الصالة بمير التضحية ي يمكف أف نصمييا ألف فييا تفريغ الوقت
وترؾ األشماؿ ،أما التضحية التي تكوف عمى شيوات اإلنساف فيي
نفسانية ،والتضحية عمى مخالفة الشيوات وامتثاؿ أمر اهلل تسمى
روحانية .
-أكبر تضحية ىي إنفاؽ الماؿ والنفس في سبيؿ اهلل ،وعمى طريؽ
النبي ، وىذا ىو الجياد الذي ذكر في القرءاف ،قاؿ تعالى :
نل ُْوا اِأَ ْ َوالِ ُ ٌْ َاوَْني ُف ِِف ُ ٌْ ِآت ا َ ِ ِذل االلْ ِها
اخ َفن نً اوثَِ ن ً او ِ
ََ َ
ا ِْف وا ِ
ُ
روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)
295
-ألف الناس ليس فييـ الطمب ..إنو مف تقرب إلى اهلل شب ار ،اهلل تعالى
يتقرب إليو ذراعا ..أبو طالب أكثر مف ٓٗ سنة كاف في نصرة النبي
ولـ يكف فيو الطمب فاهلل تعالى ما أعطاه اليداية ولكف عمر رضي
اهلل عنو كاف في ذىنو أف يقتؿ النبي ولكف رغـ ذلؾ كاف فيو الطمب
فاهلل تعالى جعمو الخميفة الثاني لرسوؿ اهلل عمى أمتو .
-فأوي :عمينا أف نجتيد عمى تكويف أذىاف الناس حتى يفيموا أف الفوز
والفالح بيد اهلل تعالى ليس باألشياء الفانية بعد ذلؾ كؿ شيء يكوف
سيال .
-اهلل تعالى أىمؾ فرعوف وقاروف والنمرود في أشياءىـ بعد أف صاروا
يروف أف الفالح والفوز في أشياءىـ ،وخدعوا واطمأنوا عمى أشياءىـ
الكفار وفرارىـ تركوا أمواليـ ،والرماة الذيف تركيـ النبي -بعد انيزاـ
،أخطأوا في فيـ أمر الرسوؿ ،فكاف ذالؾ سببا في ذىاب نصرة اهلل.
روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)
299
اهلل تعالى أمر سيدنا موسى أمريف في قصة العصا األمر األوؿ القيا
يا موسى وىذا أمر سيؿ طبيعي ليس فيو صعوبة واألمر الثاني خذىا
وي تخؼ أمر ووعد أمر خالؼ الطبع ووعد بخالؼ الطبع لكف األمر
األوؿ ما وعد اهلل موسى عميو بشيء.
-ي رىبانية في اإلسالـ وي نفسانية ،كذلؾ الرىبانية ىي ترؾ األسباب
كسب وشؤوف البيت مع إف اهلل ما أمر بذلؾ.
-والنفسانية ىي ايشتماؿ باألسباب بترؾ أمر اهلل ومقتضيات الديف.
-فالمجاىدة ىي أف نجعؿ أمر اهلل ومقتضيات الديف في الدرجة األولى .
******
روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)
310
الػػديف أغمػػي شػػيء عنػػد اهلل ، واألشػػياء كميػػا ي تسػػاوي عنػػد اهلل
جناح بعوضة ،وجميع القوي عند اهلل ، أوىف مف بيت العنكبوت .
عط ػػاء اهلل لمعب ػػد يك ػػوف حس ػػب ش ػػأنو تع ػػالي ،وال ػػديف ى ػػو أعظ ػػـ
عطاء والديف ىو طريؽ الحياة التي يصم بيا اإلنساف في الدنيا وابخرة .
وبال ػػديف تك ػػوف نصػ ػرة اهلل م ػػع عب ػػاده ،واذا أت ػػت النصػ ػرة تك ػػوف
خ ػػالؼ الظ ػػاىر ،مث ػػؿ الن ػػار ص ػػارت عم ػػي إبػ ػراىيـ ب ػػردا وس ػػالما ..
وعندما جاءت النصػرة لموسػي لػـ تكػف لػو وحػده ،بػؿ لػو وألتباعػو ..
أي ليسػػت النصػرة لموسػػي لػػـ تكػػف لػػو وحػػده ،بػػؿ لػػو وألتباعػػو ..أي
ناوالّ ِنيات َ ا ليست النصرة لممرسميف فقط بؿ ليـ وألتباعيـ ِّ نالَََ ُ
ََ ُ ُار ُ نيلَََ َ
نيوماا ْ ني َنيَند )ٔ( أمػػا إذا كانػػت قػػدرة اهلل ني ُ نيتا منيو
ني تناو ذني
ْ ْ
ّ ني لاا م َُنيواْ ِآتاا ْ ذنينينةِ
َ ََ ْ َ َ ُ ََ َ
خػػالؼ العبػػد فميمػػا كانػػت عنػػده مػػف أسػػباب النجػػاة والع ػزة ..يكػػوف فػػي
اليالؾ والدمار .
الماؿ والمادة مثػؿ الجسػـ وقػدره اهلل فييػا مثػؿ الػروح ،والمػاؿ والمػادة
بدوف الروح ي ينفع ،وبقدر اإليمػاف وقوتػو تكػوف أعمػاؿ العبػد فييػا الػروح
والق ػػوة وتص ػػعد إل ػػي الس ػػماء وم ػػف الس ػػماء تن ػػزؿ البرك ػػات والنصػ ػرة حس ػػب
األعماؿ الصاعدة إلي السماء .
واذا كانػػت األعمػػاؿ ضػػعيفة فخنيػػا ي تصػػعد إلػػي السػػماء ،وضػػعفيا
بسبب فساد اليقيف .
المنكر ي يزوؿ بالمنكر ،بؿ يػزداد ..ابف ي نسػتطيع أف نفعػؿ مثػؿ
عمر ضرب عامؿ البحريف أماـ الناس .
األنبياء مع عمو مرتبتيـ عند اهلل ، ورغـ ذلػؾ رعػوا المػنـ ..لمػاذا
..ليكتسػػبوا الصػػفات ( التواضػػع – الصػػبر – الحمػػـ ) ..فعمػػي الػػداعي
أف يكػػوف مػػع النػػاس كمػػا يكػػوف أصػػمر واحػػد فػػي البيػػت مػػع مػػف حولػػو مػػف
أخػػوة ،وأقػػارب ..حتػػى يسػػتطيع أف يسػػاير النػػاس ،ويصػػؿ إلػػي قمػػوبيـ .
موسػػي عميػػو السػػالـ ،كػػاف قػػوي البنيػػاف ..وكػػاف معػػو نص ػرة اهلل فػػي
العص ػػا ( ض ػػرب بي ػػا البح ػػر ..وض ػػرب بي ػػا الحج ػػر ف ػػانفجرت من ػػو اثنت ػػا
عشرة عينا ) .
وكػػاف قويػػا فضػػرب ممػػؾ المػػوت ففقػػأ عينػػو ،ووكػػز الرجػػؿ الفرعػػوني
فقتمو ،ورفع الحجر الثقيؿ وسقي يبنتي شعيب ، ورغػـ ذلػؾ اهلل
أمره بالقوؿ الميف لفرعوف .
روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)
313
******
ٔ) سورة الصؼ – ابية – ٗٔ .
روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)
314
قوة األشياء
وتأثيرىا من اهلل
اهلل خمؽ ىذا الكوف ،وأعطػى لممخموقػات ؛ القػوة والتػأثير ،وىػذا
التأثير ليس مف ذاتيا بؿ مف أمر اهلل فييا ..فالقنبمة الذرية مخموقػة ،
والعصا مخموقة ،وىناؾ فرؽ في تأثيرىما.
وحتػػى نػػرى قػػدرة اهلل فػػي األشػػياء يبػػد مػػف اإليمػػاف ،فالكيربػػاء
موجودة في األسالؾ ،ولكف ي ترى فكذلؾ قدرة اهلل .
فػػاألرض تنبػػت الػػزرع ..والنػػار تحػػرؽ ..والجػػاموس تأكػػؿ الحشػػيش
وتخرج الحميب ..والطعاـ يشبع ..والماء يروى ..الخ وىػذه قػدرة اهلل
العامة في األسباب الظاىرية ي ارىػا المػؤمف والكػافر ،واهلل قػادر أي يظيػر
ى ػػذه الت ػػأثيرات ف ػػي ى ػػذه األش ػػياء ،ولك ػػف ى ػػذه س ػػنة اهلل العام ػػة وى ػػى
إظيار قدرتو في األسباب المادية .
والق ػػدرة الخاص ػػة يس ػػتخدميا اهلل ألنبيائ ػػو عم ػػييـ الص ػػالة والس ػػالـ
وىػ ػػى المعج ػ ػزات لألنبيػ ػػاء ،والنص ػ ػرات مػ ػػع الصػ ػػحابة رضػ ػػي اهلل عػ ػػنيـ
أجمعػػيف ،والك ارمػػات مػػع األوليػػاء مثػػؿ :عػػدـ إح ػراؽ النػػار لسػػيدنا إب ػراىيـ
.. وعػػدـ إح ػراؽ النػػار ألبػػى مسػػمـ الخػػويني ..وشػػؽ البحػػر لسػػيدنا
موسى وقومو ..وكمػا مشػى صػحابة النبػي عمػى المػاء ..وكمػا
أنبت شجرة مف يقطيف عمى سيدنا يػونس .. وكمػا نصػر القمػة القميمػة
روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)
315
عمى الكثػرة القويػة فػي بػدر ..وىػذه القػدرة الخاصػة اهلل يسػتخدميا فػي
األحواؿ الخاصة وفى أوقات معينة .
******
روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)
316
(ٔ)
واذا انصػػم حػػاؿ ىػػذا اإلنسػػاف ..انصػػم العػػالـ كمػػو واذا فسػػد ..فسػػد
ِ
نيند ِآتاالَْ نيِّ َاوالَْ ْمني ِ ابنيَنينا َك َِفنيَ ْ
تا نظػػاـ العػػالـ كمػػو قػػاؿ تعػػالى ظَ ََنيَ االْ َف َِفني ُ
ن .)ٕ( ياِ ُِلُواالَ َعلْ َُ ٌْاتنيَ ْ ِ عُو َا
ضاالْا َ
ِ ع ني ا ٌ
ُ ُ ْ َْ َ َ َ تاْنسالِذ ِ
ِ َ ياال َت ِ
ْ ْ
فم ػػف رحم ػػة اهلل س ػػبحانو وتع ػػالى بعب ػػاده أنػ ػزؿ القػ ػرآف ،وجعم ػػو م ػػنيج
الحي ػػاة ،وأرس ػػؿ الرس ػػوؿ ليوضػ ػ لن ػػا الم ػػنيج ،ف ػػخذا نمش ػػى عم ػػى الم ػػنيج
حس ػػب طريق ػػة الرس ػػوؿ نس ػػعد ف ػػي ال ػػدنيا وابخػ ػرة ،واذا نمش ػػى حس ػػب
ىوانػػا تػػأتى المشػػاكؿ فػػي الػػدنيا وفػػى القبػػر وفػػى الحشػػر ،وفػػى المي ػزاف ..
الخ.
******
وختةامةا
نحمد اهلل عمي توفيقو أف أ
مف عمينا وأخرجنا ىذا الكتاب الطيب
الممتع في مادتو ،الممتع في بيانو ،القوي في برىانو .
وأسألو سبحانو وتعالي أف يوفقنا لحمؿ األمانة ،وتبميغ الرسالة ،وأف
اخْذنيَ ا
يجعمنا أىال لما أىمنا اهلل لو ،ولما وصفنا بو فقاؿ عناُ :كَْجُ ٌْ َ
اِ ِ االْ َُُْ َ ِ َاوثُني ْوِ َُو َنا ِ ت الِلَّ ِ
نس اثَأْ ُ ُو َن اِنلْ َُ ْع ُو َاوثَنيَْني ََ ْو َن َ ُخ ِ َ ْ
ٍ
ُّ ا ْ
اخ ْناًا ّبُ ٌْ ا ّ َْني َُ ٌُ االْ ُُ ْوِ َُو َن َاوَ ْكًَني ُ ُل ٌُا ِنللّ ِه اولَو ام ا َْلل االْ ِجَ ِ
نب الَ َ ن َن َ َْ ََ ُ
ن . )ٔ( الْ َفن ِا ُو َا
وأسألو سبحانو وتعالي أف ُيحركنا في العالـ لنشر دينو ،كما حرؾ
أصحاب نبيو وأف يجعؿ الدعوة إلي اهلل أحب إلينا مف أنفسنا وأموالنا
وأىمينا ..الميـ آميف.
*****
المراجةةةةةةةةةع
القرآف الكريـ . ٔ)
مختصر تفسير ابف كثير – دار التراث العربي لمطباعة والنشر. ٕ)
مفاتي الميب لمرازي – طبعة دار المد العربي . ٖ)
صفوة التفاسير لمصابوني – طبعة مكتبة المزالي – دمشؽ. ٗ)
ري ػ ػ ػػاض الص ػ ػ ػػالحيف لمن ػ ػ ػػووي – طبع ػ ػ ػػة المكت ػ ػ ػػب ايس ػ ػ ػػالمي – ٘)
بيروت – لبناف .
المتجػػر ال ػراب فػػي ث ػواب العمػػؿ الصػػال – لإلمػػاـ الػػدمياطي – )ٙ
مكتبة التراث اإلسالمي – القاىرة .
مش ػ ػ ػػكاة المص ػ ػ ػػابي – الخطي ػ ػ ػػب التبري ػ ػ ػػزي – طبع ػ ػ ػػة المكت ػ ػ ػػب )ٚ
اإلسالمي – بيروت – لبناف .
مستدرؾ الحاكـ – طبعة دار الكتاب العربي – بيروت – لبناف. )ٛ
جمػ ػ ػػع الجوامػ ػ ػػع لإلمػ ػ ػػاـ السػ ػ ػػيوطي – طبعػ ػ ػػة مجمػ ػ ػػع البحػ ػ ػػوث )ٜ
اإلسالمية.
ٓٔ) صػ ػػحي مسػ ػػمـ بشػ ػػرح النػ ػػووي – طبعػ ػػة الييئػ ػػة العامػ ػػة لشػ ػػئوف
المطابع األميرية بالقاىرة .
ٔٔ) ايتحافات السنية فػي األحاديػث القدسػية -لمشػيخ محمػد المػدني
– دار الرياف لمتراث بالقاىرة .
ٕٔ) حيػػاة الصػػحابة – لمشػػيخ محمػػد يوسػػؼ الكنػػدىموي – طبعػػة دار
روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)
301
الفيرس
الصفحة الموضػػوع
ٖ (ٔ) المقدمة ............................................
ٗ (ٕ) نبذة عف حياة الشيخ محمد عمر البالمبوري(رحمو اهلل):
ٜ (ٖ) ثناء العمماء عميو....................................
ٔٔ (ٗ) محاضرات الشيخ:
ٔٔ المنيج الرباني في الحياة..........................
ٗٗ (٘) فتوحات ربانية.....................................
ٗ٘ٔ ( )ٙاإليم ػػاف الحقيقػػي.........................
ٜٔٙ ( )ٚأسباب المحبة بيف أفراد األمة المحمدية............
ٕٔٛ ( )ٛارتباط األحواؿ باألعماؿ............................