You are on page 1of 312

‫روائع العالمة‬

‫حممد عمر الباملبوري‬


‫( رمحه اهلل )‬

‫} وبذة عه حياتً َجٍُدي الدعُيت {‬


‫} محاضراتً في بيان مىٍج الىبُة في الدعُة {‬
‫بقلم‬
‫حممد علي حممد إمام‬

‫}‪ { 11‬سلسلت المىتقي مه كالم أٌل التبليغ َالدعُة‬


‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪2‬‬

‫دار الكتب والوثائؽ القومية‬


‫بطاقة فيرسة‬
‫فيرسة أثناء النشر إعداد الييئة العامة لدار الكتب المصرية‬
‫إدارة الشئوف الفنية‬
‫البالمبوري وبياف منيج التبميغ والدعوة‬
‫إعداد ‪ /‬محمد عمى محمد إماـ ػ ػ ميت غمر‬
‫الطبعة األولي ٖٕٔٓ‬
‫عدد الصفحات ( ٕٔ صفحة )‬
‫المقاس ( ‪ ٕٗ × ٔٛ‬سـ )‬
‫رقـ اإليداع ‪)ٕٖٓٔ/ ٜٚٓٙ ( :‬‬
‫تاريخ اإليداع ‪ٕٖٓٔ / ٖ/ٔٗ :‬‬
‫الترقيـ الدولي ‪ٜٚٛ-ٜٚٚ-ٜٓ-ٖٓ٘ٓ-ٗ:‬‬
‫حقوؽ الطبع محفوظة لممؤلؼ‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪3‬‬

‫‪‬‬
‫الحمد هلل حمدا يوافي نعمو ويكافئ مزيده‪ ..‬ونصمي ونسمـ عمي‬
‫خير خمقو وصفوة أنبيائو ورسمو سيدنا محمد صمي اهلل عميو وسمـ وبعد‪:‬‬
‫أخي الحبيب الداعي إلي اهلل‪ :‬وىا نحف نواصؿ سمسة المنتقى مف‬
‫كالـ أىؿ التبميغ والدعوة ‪ ..‬مع الجزء الحادي عشر مف السمسمة ‪:‬‬
‫روائع العالمة الشيخ محمد عمر البالمبوري (رحمو اهلل)‬
‫} نبذة عف حياتو وجيوده الدعوية {‬
‫} محاضراتو في بياف منج النبوة في الدعوة {‬
‫لقد صاحب الشيخ محمد عمر الشيخاف ( محمد إلياس وابنو الشيخ‬
‫محمد يوسؼ الكاندىموي رحميما اهلل تعالى ) فاستفاد منيما كثيرا‪ ،‬عمما‬
‫وسموكا رحمو اهلل رحمة واسعة‪.‬‬
‫أسأؿ اهلل أف ينفعنا وجميع المسمميف عامة وأىؿ التبميغ خاصة بيذه‬
‫السمسمة المفيدة‪.‬‬
‫أخوكـ‬
‫محمد عمي محمد إماـ‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪4‬‬

‫الحم ػ ُػد هلل ال ػػذي ي ينبم ػػي الحم ػ ُػد إي ل ػػو وأس ػػألو س ػػبحانو وتع ػػالى أف‬
‫يصمى ويسمـ عمى سيدنا محمد ‪ ‬وآلو وبعد ‪.‬‬
‫إخػواني وأحبػػائي فػػي اهلل ‪ ‬يسػػعدني ويشػػرفني أف أقػػدـ لكػػـ سمسػػمة‬
‫المحاض ػرات التػػي ألقاىػػا الشػػيخ ‪ /‬محمػػد عمػػر البػػالمبوري – رحمػػو اهلل –‬
‫وىػػو أحػػد عممػػاء الينػػد األجػػالء ‪ ،‬الػػذيف حمم ػوا ل ػواء الػػدعوة إلػػى اهلل ‪، ‬‬
‫وتجولػ ػوا ف ػػى أرض اهلل ش ػػرقاً وغربػ ػاً إلحي ػػاء عم ػػؿ ال ػػدعوة والتبمي ػػغ ‪ ،‬وق ػػد‬
‫تػػأثرت حياتػػو بصػػحبة الشػػيخ إليػػاس ( رحمػػو اهلل )‪ ،‬وابنػػو الشػػيخ ‪ /‬محمػػد‬
‫يوسؼ الكاندىموي – مؤلؼ كتاب حياة الصحابة ‪ ،‬وقد رأيت أف أقػدـ لكػـ‬
‫نبذة عف حياتو منذ ويدتو قد بينيا في إحدى دروسػو لمنسػاء‪ ،‬وىػو يوضػ‬
‫كيؼ تكوف البيئة اإليمانية في البيت وأثرىػا عمػى الفػرد والمجتمػع ‪ ،‬وكيػؼ‬
‫ػدت ف ػػى‬
‫تك ػػوف تربي ػػة األويد عم ػػى ال ػػديف من ػػذ التنش ػػئة األول ػػى‪ ،‬فيق ػػوؿ‪ :‬ول ػ ُ‬
‫بومبػػاي ‪ ،‬وكانػػت أمػػي صػػالحة ‪ ،‬وتػػوفى أبػػى وأنػػا عنػػدي ثمػػاني سػػنوات‪،‬‬
‫ػت بيػا الد ارسػة حتػى وصػمت إلػى الصػؼ‬
‫ودخمت المدرسػة العصػرية وأتمم ُ‬
‫الخامس ‪ ،‬ولما جاءت العطمة الصيفية ‪ ،‬ذىبت إلى قريتي (غػالـ شػير)‬
‫قري ػػب م ػػف بومب ػػاي ‪ ،‬فتفك ػػرت أم ػػي أف ت ػػدخمني مدرس ػػة ديني ػػة ب ػػديً م ػػف‬
‫المدرسػػة العص ػرية كػػي أتعمػػـ الق ػرآف وأصػػير متػػديناً‪ ،‬وفػػى ذلػػؾ الوقػػت مػػا‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪5‬‬

‫كاف في قمبػي عظمػة الػديف ‪ ،‬ألف اإلنجميػز كػانوا يحكمػوف الػبالد ‪ ،‬وكػانوا‬
‫يميػػروف أفكػػار النػػاس ‪ ،‬ولكػػف أمػػي رغبتنػػي وذىبػػت بػػى إلػػى األسػػتاذ فػػي‬
‫المدرسػػة وقالػػت لػػو ‪ :‬إنػػي أريػػد أف تُعمػػـ ولػػدى القػرآف والعمػػوـ الدينيػػة حتػػى‬
‫يكػػوف التػػاج عمػػى أرسػػي يػػوـ القيامػػة(ٔ)‪ ،‬وقبػػؿ أف تنتيػػي العطمػػة ‪ ،‬جػػاءت‬
‫الرسائؿ مف بومباي إلى أمػي ‪ ،‬أف أرسػمي ولػدؾ محمػد عمػر إلػى بومبػاي‬
‫ليتحصػؿ عمػػى الصػؼ السػػادس الد ارسػي ولكػػف أمػي لػػـ تأبػو ليػػذه الرسػػائؿ‬
‫حتػػى جػػاء ابػػف عمػػى وزوج أختػػي ورأغػػب والػػدتي أف ترسػػمني إلػػى بومبػػاي‬
‫ألكمػػؿ الد ارسػػة ‪ ،‬وقػػاؿ ليػػا‪ :‬ابنػػؾ يتػػيـ ويبػػد مػػف إتمػػاـ الد ارسػػة ليتحصػػؿ‬
‫عمػػى الوظيفػػة حتػػى يسػػتطيع أف يعػػيش ‪ ،‬فأخبرتػػو أنيػػا تريػػد أف تعمػػـ ابنيػػا‬
‫الق ػرآف والعمػػوـ الدينيػػة ‪ ،‬قػػاؿ‪ :‬الػػديف طيػػب ‪ ،‬ولكػػف يبػػد مػػف ال ػدنيا ‪ ،‬فممػػا‬
‫سمعت دنيا ‪ ..‬دنيا‪ ،‬غضبت غضباً شػديداً ‪ ،‬وقالػت‪ :‬إف اإلنسػاف إذا تعمػـ‬
‫ديف اهلل ‪ ، ‬وعمؿ ليذا الديف بػخخالص فتػأتى الػدنيا تحػت قدميػو يركميػا‬
‫كمػػا يركػػؿ الكػرة ‪ ،‬وكنػػت صػػمي اًر عنػػدي اثنػػي عشػػر سػػنة ‪ ،‬فتفكػػرت وقمػػت‬
‫في نفسي ‪ :‬كيؼ تكوف ىذه الدنيا الواسػعة مثػؿ الكػرة أركميػا برجمػي ‪..‬‬
‫ولػػـ تقبػػؿ كالمػػو وأدخمتنػػي المدرسػػة الدينيػػة وتعممػػت عموم ػاً دينيػػة كثي ػرة ‪،‬‬

‫ٔ) إيمان ػاً وتصػػديقاً بالحػػديث الػػذي رواه اإلمػػاـ أحمػػد وأبػػو داود عػػف معػػاذ الجينػػي‪ ،‬قػػاؿ‪:‬‬
‫قاؿ رسوؿ اهلل ‪ " : ‬مف ق أر القرآف وعمؿ بما فيو ‪ ،‬أُلبس والػده تاجػاً يػوـ القيامػة ‪ ،‬ضػوؤه‬
‫"(‬ ‫أحسف مف ضوء الشمس في بيوت الدنيا لو كانت فيكـ‪ ،‬فما ظنكـ بالػذي عمػؿ بيػذا‬
‫مشكاة المصابي – كتاب فضائؿ القرآف– ٔ‪. )ٙٙٓ/‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪6‬‬

‫وكانت والدتي تريػد أف تميػر فكػرى ‪ ،‬ليػأتي فػي فكػر األنبيػاء ‪ ، ‬فتػأتى‬
‫إلػػى بكتػػاب قصػػص األنبيػػاء عمػػييـ السػػالـ وتقػػوؿ يػػا بنػ أى اقػ أر عمػ أى قصػػة‬
‫سيدنا موسى ‪ ، ‬وما كاف في بيتنػا غيػر شػمعة واحػدة فتشػعميا وأجمػس‬
‫أماميا كؿ يوـ أق أر عمييا مف كتاب قصص األنبيػاء عمػييـ السػالـ ‪ ،‬ومػرة‬
‫كنػػت أق ػ أر عمييػػا ‪ ،‬فقالػػت لػػي‪ :‬يػػا ولػػدى‪ ..‬اليػػوـ فػػي بيتػػي المظمػػـ تسػػمع‬
‫كالم ػػؾ امػ ػرأة واح ػػدة عج ػػوز‪ ..‬وأن ػػا أرج ػػو م ػػف اهلل ‪ ‬أف يس ػػمع كالم ػػؾ‬
‫األلوؼ مف الرجاؿ والنساء ‪ ،‬وقالت‪ :‬عندما وضعتؾ كانت الساعة الثانيػة‬
‫عشر ليالً ‪ ،‬فنظرت إليؾ والى المصحؼ الموجود عمى الػرؼ فػى الحجػرة‬
‫‪ ،‬ونويػػت أف اهلل ‪ ‬يعطػػى ىػػذا الق ػرآف لولػػدي ‪ ،‬ولمػػا كنػػت صػػمي اًر كانػػت‬
‫تقص عم أى تفسير سورة الكيؼ وتفسير سورة البروج ‪ ،‬ومف صػالحيا أنيػا‬
‫كانت كمما رفعت يدييا لمدعاء تبكى كثي اًر‪.‬‬
‫وأراد أس ػػتاذي أف يت ػػرؾ المدرس ػػة وي ػػذىب إل ػػى قريت ػػو " غ ػػالـ ش ػػير "‬
‫بالقرب مف دليػي‪ ،‬وكانػت تبعػد عػف بومبػاي مسػافة خمسػمائة كيمػو متػر ‪،‬‬
‫فتفكػػرت والػػدتي وقالػػت ابف يػػذىب العمػػـ مػػف ولػػدى وأخبػػرت أسػػتاذي بمػػا‬
‫في نفسيا ‪ ،‬فقاؿ ليا األستاذ‪ :‬ي تحزني ‪ ،‬أنػت دبػري لػو مصػاريؼ السػفر‬
‫وأنػػا آخػػذه معػػي فيمكػػث عنػػدي لمػػدة سػػتة أشػػير ثػػـ يمتحػػؽ بمدرسػػة دار‬
‫النيضة العربية لمعموـ ديوبند‪ ،‬وكانت مصاريؼ السػفر حػوالي مائػة روبيػة‬
‫ولكػػف لػػـ يكػػف فػػي جيػػب أمػػي منيػػا شػػيء فأخػػذت تػػدور عمػػى أىػػؿ القريػػة‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪7‬‬

‫كػػي تقتػػرض المائػػة روبيػػة ولػػـ تجػػد أحػػد يقرضػػيا ‪ ،‬يقولػػوف ىػػي فقي ػرة مػػف‬
‫أيف ترد لنا ىذا المبمغ ‪ ،‬فأخذت أمي تبكى حتى يسأر اهلل ليػا ىػذا القػرض‬
‫فأعطتو لألستاذ وذىبػت معػو ‪ ،‬وبعػد أف وصػمنا إلػى قريتػو " غػالـ شػير "‬
‫‪ ،‬جمست عنده أتعمـ ونسينا أف نبعث بالرسالة إلى أمي فكانػت تجمػس كػؿ‬
‫يػػوـ تبكػػى وتقػػوؿ يػػا اهلل كيػػؼ حػػاؿ ولػػدى ابف ‪ ..‬وكػػؿ ىػػذا تتحمػػؿ ‪ ،‬ثػػـ‬
‫بع ػػد س ػػتة أش ػػير م ػػف الد ارس ػػة عم ػػى ي ػػد أس ػػتاذي ‪ ،‬التحق ػػت بمدرس ػػة دار‬
‫النيضة العربية العموـ ديوبند‪ ،‬فكاف عنػدي شػوؽ لمد ارسػة ومطالعػة الكتػب‬
‫فكنػػت أدرس فػػي اليػػوـ اثنػػيف وعش ػريف سػػاعة وأنػػاـ فقػػط سػػاعتيف ‪ ،‬حتػػى‬
‫جػػاءني مػػرض السػػؿ‪ ،‬فػػذىبت بسػػبب المػػرض إلػػى بمػػدي ‪ ،‬فأخ ػذتني أمػػي‬
‫إلى طبيب ألماني ‪ ،‬فقاؿ‪ :‬ىذا الولد يموت‪ ،‬فأخذت أمي وأسػرتي يبكػوف ‪،‬‬
‫فقمت ليـ‪ :‬أنتـ أركبوني القطار‪ ،‬واتركوني أذىب إلى دار النيضػة العربيػة‬
‫العم ػػوـ ديوبن ػػد‪ ،‬فم ػػو م ػػت ىن ػػاؾ أم ػػوت ش ػػييداً وأقب ػػر ف ػػي س ػػبيؿ اهلل ‪، ‬‬
‫ولك ػػنيـ رفضػ ػوا ث ػػـ شػ ػفاني اهلل ‪ ‬ومكث ػػت س ػػنيف ف ػػي بومب ػػاي ث ػػـ ج ػػاءت‬
‫جماعة الدعوة والتبميغ إلى بومباي ورغبوني في الخروج فػي سػبيؿ اهلل ‪‬‬
‫لمػػدة أربعػػة أشػػير ‪ ،‬ومنػػذ ذلػػؾ الوقػػت وأنػػا فيمػػت ىػػذه الػػدعوة ‪ ،‬وقػػاؿ لػػي‬
‫الشػػيخ ‪ /‬محمػػد يوسػػؼ (رحمػػو اهلل) بعػػد أف عػػرؼ قصػػتي يػػا محمػػد عمػػر‬
‫اذىػػب إلػػى دار النيضػػة العربيػػة لمعمػػوـ وأكمػػؿ د ارسػػتؾ ‪ ،‬وفػى ذلػػؾ الوقػػت‬
‫كانػػت أمػػي مريضػػة ‪ ،‬ولكػػف قالػػت اذىػػب لمد ارسػػة فػػي سػػبيؿ اهلل ‪ ،‬واشػػتد‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪8‬‬

‫المػرض عمػػى أمػي ‪ ،‬واخػواني وأخػواتي جمسػوا حوليػا ‪ ،‬وقػػالوا ليػا ‪ :‬نرسػػؿ‬
‫يبنػػؾ محمػػد ليػػأتي ‪ ،‬فقالػػت ‪ :‬ي ‪ ،‬ألنػػي خاليػػة اليػػد ‪ ،‬فممػػا أمػػوت وأذىػػب‬
‫إلى اهلل فيسألني ماذا قدمت ‪ ..‬فأقوؿ ‪ :‬إني تركت ولدى محمد عمر فػى‬
‫سػ ػػبيمؾ ‪ ،‬وبعػ ػػد ذلػ ػػؾ إخػ ػػوتي غسػ ػػموىا وغيػ ػػروا مالبسػ ػػيا ووضػ ػػعوىا عمػ ػػى‬
‫الفراش ‪ ،‬وكانت قد شمت يػدىا ورجميػا وفقػدت حاسػة ال أشػـ وحاسػة البصػر‬
‫‪ ،‬ولكنيػػا عنػػدما وضػػعوىا عمػػى الف ػراش ‪ ،‬رفعػػت نظرىػػا وقالػػت ‪ :‬السػػالـ‬
‫عميكـ ورحمة اهلل وبركاتو ثػـ ضػحكت وقالػت ‪ :‬واهلل إنػي أشػـ رائحػة طيبػة‬
‫‪ ،‬فقػػالوا ليػػا‪ :‬أنػػت سػػمأمت عمػػى مػػف ‪ ..‬وضػػحكت ‪ ..‬لمػػاذا ‪ ..‬قالػػت ‪:‬‬
‫أري ػػت ممك ػػيف وبينيم ػػا ول ػػدى محم ػػد ال ػػذى ذى ػػب ف ػػي س ػػبيؿ اهلل فض ػػحكت‬
‫وس ػػم أمت عم ػػى المالئك ػػة ‪ ،‬وبع ػػد ذل ػػؾ نطق ػػت كمم ػػة التوحي ػػد ي إل ػػو إي اهلل‬
‫محمد رسوؿ اهلل ‪ ،‬ثـ فاضت روحيا إلى بارئيػا ‪ ،‬وىػذه نبػذة مختصػرة مػف‬
‫ٌ‬
‫قصػػة العػػالـ الجميػػؿ المجاىػػد فػػي سػػبيؿ اهلل ‪ ،‬وقػػد تحققػػت آمػػاؿ أمػػو فكػػاف‬
‫يس ػػمع كالم ػػو ف ػػي المجم ػػس الواح ػػد م ػػا يق ػػرب م ػػف خم ػػس ممي ػػوف مس ػػمـ ‪،‬‬
‫يجتمعػػوف مػػف أقطػػار األرض كميػػا ‪ ،‬وىػػو يبػػث فػػييـ فكػػر الػػدعوة إلػػى اهلل‬
‫ويحمميـ مسئولية ديف اهلل ‪ ‬وحمؿ األمانة ‪ ...‬نسػأؿ اهلل ‪ ‬أف يحشػرنا‬
‫واياه مع النبييف والصديقيف والشيداء والصالحيف وحسف أولئؾ رفيقا ‪.‬‬

‫******‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪9‬‬

‫ثناء العمماء عميو‬


‫ثناء الشيخ محمد يوسف الكاندىموي عميو ‪:‬‬
‫فػػي يػػوـ مػػف األيػػاـ دخػػؿ الشػػيخ محمػػد عمػػر غرفػػة الشػػوري والمشػػايخ‬
‫يتشاوروف فقاؿ الشيخ محمد يوسؼ (رحمو اهلل) وىػو يشػير لمشػيخ عمػر ‪:‬‬
‫ىذا الرجؿ في صحيفتو أرع عشرة مدينة وىي مدف جتامف‪.‬‬
‫ثناء الشيخ محمد إنعام الحسن عميو‪:‬‬
‫كػػاف الشػػيخ إنعػػاـ الحسػػف يحػػج بيػػت اهلل وبرفقتػػو الشػػيخ محمػػد عمػػر‬
‫البػػالمبور (رحميمػػا اهلل) وعنػػد خروجيمػػا مػػف المسػجد النبػػوي اجتمػػع النػػاس‬
‫ليص ػػافحوا الش ػػيخ إنع ػػاـ فص ػػافحيـ وى ػػو ُيش ػػير عم ػػى الش ػػيخ محم ػػد عم ػػر‬
‫(رحمو اهلل) ىذا الشيخ محمد عمر لساف الدعوة في العالـ ومن ُذ ذلؾ اليػوـ‬
‫ُعػػرؼ الشػػي بػػذلؾ ‪ ..‬وىػػي شػػيادة مػػف شػػيخو وأمي ػره بػػؿ أميػػر العػػالـ فػػي‬
‫جيد التبميغ والدعوة‪ ،‬وكاف أحؽ بيا وأىميا رحمو اهلل‪.‬‬
‫ثناء الشيخ سعيد أحمد خان(رحمو اهلل) عميو‪:‬‬
‫ليس ىناؾ واحػد ييػتـ باألعمػاؿ ويمتػزـ بوقتيػا مثػؿ الشػيخ محمػد عكػر‬
‫حتى أنو يستعمؿ الدواء في األوقات التي أشار عميو بيا الطبيب‪.‬‬
‫ثناء الشيخ عبد اهلل البمياوي(رحمو اهلل) عميو‪:‬‬
‫دخػػؿ يومػػا غرفػػة الشػػيخ عمػػر بمركػػز الػػدعوة بنظػػاـ الػػديف ‪ ،‬فقػػاؿ‪ :‬جماعػػة‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪01‬‬

‫الػ ػ ػػدعوة شخصػ ػ ػػاف الشػ ػ ػػيخ سػ ػ ػػعيد أحمػ ػ ػػد خػ ػ ػػاف ‪ ،‬والشػ ػ ػػيخ محمػ ػ ػػد عمػ ػ ػػر‬
‫البػ ػػالمبوري‪ ،‬فيمػ ػػا صػ ػػورة حقيقيػ ػػة لمػ ػػديف ‪ ،‬فيػ ػػذاف الػ ػػرجالف ‪ -‬مػ ػػع شػ ػػدة‬
‫مرضيما وتعبيما ‪ -‬إذا قاما لمبيػاف فيػذىب المػرض والتعػب‪ ،‬ولكنػي مػع‬
‫صحتي إذا قمت لمبياف وبينت مرضت‪.‬‬
‫ىكػػذا إخ ػواني وأحبػػابي‪ :‬كػػاف النبػػي يثنػػي عمػػى أصػػحابو وي يقػػوؿ إي‬
‫حقػػا فيشػػد ويقػػوي مػػف عػزائميـ‪ ،‬وىكػػذا الصػػحب الكػراـ كػػاف ُيثنػػي بعضػػيـ‬
‫عم ػػى بع ػػض‪ ،‬ن ػػزع اهلل الم ػػؿ م ػػف ص ػػدورىـ‪ ،‬وجع ػػؿ ف ػػي قم ػػوبيـ المحب ػػة‪..‬‬
‫وبيػػذا المحبػػة انتشػػروا فػػي العػػالـ يبممػػوف ديػػف اهلل وينشػػروف تمػػؾ الصػػفات‬
‫التي بيرت العالـ كمو‪ ،‬فدخموا في ديف اهلل أفواجا‪.‬‬

‫******‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪00‬‬

‫محاضرات الشيخ‬

‫المنيػج الربانػي في الحيػ ػػاة‬

‫واوالََ ني ْْا‬ ‫واواوَل ني َاااالَْنيلَني ِنيْاا َِ ني ِ‬ ‫َ‬


‫نيوناواوسُنينيوِرا ِ نينيذَِ‬ ‫واوالْتنيجُني ِ‬
‫‪َ ‬والجِّ ني ِ َ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫واواِ ا‬ ‫ِِ‬ ‫َخلَ ْ ََ نينيناان ِف ني ِ‬
‫نيننآتاَ ْ َِفني ني ِ اثَني ْ ني ني ِو ٍ ُا‬
‫اواّتْا َرَد ْد َنينينَُاَ ْ ني ني َف َلا َ نينين ل َ‬
‫نتا َنيلََنينيٌاَ ني ا َْذ ني افََُْني ٍ‬
‫نيوناوا َ َُنينيناتُ َ ني ِّنيا ُ َ ا‬ ‫َنين ِ ِ‬ ‫ْ‬ ‫ااال‬‫و‬ ‫ني‬
‫ُ‬ ‫ل‬ ‫الْ ِنيات ام َُنيوااوِ ِ‬
‫ُ‬
‫ْ ٌ ُ‬‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ََ‬
‫و ‪. )ٔ( ‬‬ ‫سااللْهُاِأَ ْ َ ٌِاا َْنكِ ُِ َا‬ ‫ِ ِ‬
‫نيَ ْع ُْا نلِّْت اواَلَْذ َ‬
‫اهلل ‪ ‬خم ػػؽ الس ػػماوات واألرض والش ػػمس والقم ػػر‪ ،‬وم ػػا ف ػػي األرض‬
‫جميعاً ‪ ،‬والجنة والنار وما فييمػا‪ ،‬وأىػـ الخالئػؽ اإلنسػاف‪ ،‬واإلنسػاف أغمػى‬
‫المخموقػات ‪ ،‬ولػػيس المعنػػى أف اإلنسػػاف ذو قيمػػة عمػى كػػؿ حػػاؿ ‪ ،‬بػػؿ إنػػو‬
‫ذو قيمػػة ألف فيػػو ايسػػتعداد ليكػػوف ذو قيمػػة ‪ ،‬فػػخف كػػاف جيػػده عمػػى ذاتػػو‬
‫عمى منيج صحي فيسبؽ بعض المالئكة ‪ ،‬فخف خرج ليػتعمـ الػديف ويػتعمـ‬
‫مػػا قػػاؿ اهلل ‪ ، ‬وقػػاؿ رسػػولو ‪ ، ‬فبمجػػرد الخػػروج تػػأتى فيػػو القيمػػة كمػػا‬

‫ٔ) سورة التيف ‪.‬‬


‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪02‬‬

‫صػمأى المأػوُ َعمَ ْي ِػو َو َسػمأ َـ ‪ " :‬إِ أف ا ْل َمالئِ َكػةَ‬ ‫أِ‬
‫جاء في الحديث " قَػا َؿ َر ُسػوؿ المػو َ‬
‫َجنِحتَيػػا لِطَالِػ ِ ِ‬
‫صػ َػنعُ " رواه أبػػو دواد والترمػػذي‬ ‫ػب ا ْلع ْمػ ِػـ ِر ً‬
‫ضػػا بِ َمػػا َي ْ‬ ‫ضػػعُ أ ْ َ َ‬
‫لَتَ َ‬
‫وابف ماجة والدا رمى (ٔ)‪.‬‬
‫امػةَ ‪ ،‬قَػا َؿ ‪ :‬قَػا َؿ‬ ‫ِ‬
‫ُم َ‬ ‫والمالئكة تستمفر لو ‪ ،‬كما في الحديث َع ْف أَبي أ َ‬
‫ات‬‫َى ػ َؿ ال أسػػمو ِ‬
‫صػػمأى المأػػوُ َعمَ ْيػ ِػو َو َسػػمأ َـ ‪ " :‬إِ أف المأػػوَ َو َمالئِ َكتَػػوُ َوأ ْ‬ ‫أِ‬
‫ََ‬ ‫َر ُسػػو ُؿ المػػو َ‬
‫ض حتأػػى الأنممَػةُ ِفػػي ج ْح ِرىػػا وحتأػػى ا ْلحػ ُ ِ‬
‫صػػمو َف َعمَػػى‬ ‫ػوت فػػي ا ْلَب ْحػ ِػر لَُي َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ ََ‬ ‫ْ‬ ‫َواأل َْر ِ َ‬
‫ُم َعمِِّـ الأن ِ‬
‫اس ا ْل َخ ْي َر " ‪ .‬رواه الترمذي (ٕ)‪.‬‬
‫واف جمػػس فػػي ُمصػػاله لينتظػػر الصػػالة فالمالئكػػة تػػدعو لػػو كمػػا فػػي‬
‫الحديث المتفؽ عميو " لـ تزؿ المالئكػة تصػمى عميػو مػا داـ فػى ُمصػاله ‪،‬‬
‫ما لـ يحدث‪ ،‬تقوؿ‪ :‬الميـ صؿ عميو ‪ ،‬الميـ ارحمو " (ٖ)‪.‬‬
‫كؿ ىذا ألنو اجتيد عمى ذاتو عمػى مػنيج صػحي ‪ ،‬واف اجتيػد عمػى‬
‫غي ػػر ذات ػػو ونس ػػى نفس ػػو‪ ،‬واجتي ػػد عم ػػى األش ػػياء والمخموق ػػات ‪ ،‬فاألش ػػياء‬

‫تصػير ليػػا قيمػػة عنػده ‪ُ ،‬ويصػػب ي يسػػاوى شػيئاً ‪ ،‬قػػاؿ الحػػؽ ‪َ  ‬ولََ ني ْْا‬
‫نيسا َبنينيٌافُنيلُنينيوبا اتني ْف َ َنينيو َنا ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ااَِ‬ ‫نيناََ نيٌَْا َكًِنيناًا ِ‬
‫ِ‬
‫ناوَبنيُ ْنيٌا‬ ‫ني‬
‫َ ُ َ َ‬ ‫ٌ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ني‬
‫ْ‬ ‫ن‬ ‫ا‬
‫او‬‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ني‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ني‬ ‫َذ َرْ نيَ َ َ َ‬

‫ٔ) مشػػكاة المصػػابي – كتػػاب العمػػـ – ٔ‪ ، ٚٗ/‬ريػػاض الصػػالحيف – بػػاب فضػػؿ العمػػـ –‬
‫صػ ‪. ٜٗٚ‬‬
‫ٕ) مشكاة المصابي – كتاب العمـ – ٔ ‪. ٚٗ /‬‬
‫ٖ) رياض الصالحيف – باب فضؿ انتظار الصالة – صػ ٖٓٗ ‪.‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪03‬‬

‫نيناوَبنيُ ْنيٌام َذا ٌنا اتَ ِْفني َنيُعُو َنا ِ نيَنينا ُولَِْني َ ا َكن َْني َعني ِنينما نيَ ْنيلا‬ ‫ِ ِ‬
‫نيوا اتنيَُْني ُو َنا نيَ َ‬
‫َِْني ُ ٌ‬
‫الٌاالْغَن ِلُو َنا‪.)ٔ( ‬‬ ‫ِ‬
‫َض ُّلا ُولَْ َ ُ ُ‬
‫ُل ٌْا َ‬
‫واإلنساف يسقط مف عيف غيػره ‪ ،‬وتجػده أدنػى شػيء فػي ذلػؾ الوقػت‪،‬‬
‫وتج ػػده ُي ْقتَػ ْػؿ م ػػف أج ػػؿ قطع ػػة م ػػف األرض ‪ ،‬م ػػف أج ػػؿ الم ػػاؿ ‪ ،‬م ػػف أج ػػؿ‬
‫أشػػياء بسػػيطة ‪ ،‬أصػػب اإلنسػػاف أدنػػى مػػف األرض ‪ ،‬مػػف الوظيفػػة ‪ ،‬مػػف‬
‫الماؿ ‪ ،‬متى صار ىػذا ‪ .. ..‬لمػا صػرؼ جيػده عػف نفسػو واجتيػد عمػى‬
‫ضؿأ وفقد قيمتو‪.‬‬‫الخالئؽ األخرى فَ َ‬
‫وب ِع ػ َ‬
‫ػث النب ػػي ‪ ‬بطري ػػؽ الرحم ػػة والبرك ػػة ‪ ،‬فالطائف ػػة الت ػػي تتمس ػػؾ‬ ‫ُ‬
‫بأوامر اهلل ‪ ‬وسنة النبي ‪ ، ‬تكوف ذو قيمػة ‪ ،‬وتجمػب الرحمػة مػف اهلل‬
‫‪ ،‬ألنيـ أحيوا طريؽ األنبياء ‪ ،‬والذي جاء بو النبػي ‪ ‬وىػو الػديف ‪ ،‬وفيػو‬
‫قدرة اهلل وقوة اهلل ‪.‬‬
‫جميػػع الخالئػػؽ ي تسػػاوى شػػيء أمػػاـ الػػديف ألف فيػػو قػػوة اهلل ‪، ‬‬
‫وقوة اهلل ‪ ‬ليس ليا نياية ‪.‬‬
‫ف ػػالعزة والذل ػػة‪ ،‬واألم ػػف والخ ػػوؼ‪ ،‬والطمأنين ػػة والقم ػػؽ‪ ،‬والف ػػرح والت ػػرح‪،‬‬
‫والصػ ػػحة والمػ ػػرض‪ ،‬والحيػ ػػاة والمػ ػػوت‪ ،‬والمنػ ػػى والفقػ ػػر‪ ،‬وصػ ػػالح الحيػ ػػاة‬
‫وفسادىا‪ ،‬ومنافع األشياء ومضارىا‪ ،‬بيد اهلل ‪ ‬ويستعمميا كيؼ يشاء‪.‬‬

‫ٔ) سورة األعراؼ – ابية ‪. ٜٔٚ‬‬


‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪04‬‬

‫فقػػد حفػػظ اهلل نبيػػو ‪ ‬فػػي المػػار بػػالعنكبوت‪ ،‬وحفػػظ إسػػماعيؿ ‪‬‬
‫تحت السكيف ‪ ،‬وأىمؾ النمرود ببعوضة عرجاء ‪.‬‬
‫لمػ ػػا أراد اهلل ‪ ‬أف يصػ ػػم الحيػ ػػاة جعػ ػػؿ ترتيػ ػػب فػ ػػي العػ ػػالـ ونشػ ػػر‬
‫الس ػػبب ( أخ ػػرج األش ػػجار‪ ،‬وم ػػف األش ػػجار الثم ػػار‪ ،‬وم ػػف األرض المي ػػاه‪،‬‬
‫وخمؽ المني‪ ،‬ومف المني خمؽ اإلنساف‪ ،‬ثـ تزوج فزاد اهلل مف نسمو‪.‬‬
‫نػ ػػرى نتيجػ ػػة األشػ ػػياء واألسػ ػػباب الظاىريػ ػػة‪ ،‬واهلل أظيػ ػػر قدرتػ ػػو بػ ػػيف‬
‫األسباب‪ ،‬فالفالح ُيمقى البذر في األرض واهلل ‪ُ ‬يثمره ‪ ،‬فالفاعػؿ ىػو اهلل‬
‫جؿ جاللو ‪.‬‬
‫ولكف اإلنساف ينسى ‪ ،‬يقوؿ أنا زرعػت البػذر فجػاء الثمػر‪ ،‬أنػا فتحػت‬

‫ال ػػدكاف فج ػػاء الم ػػاؿ‪ ،‬يق ػػوؿ اهلل ‪َ  ‬ني ْلذَنيَْظُني ني ِ اان ِف نينيننا ىلاسَ َعن ِ ني ِنيهاَْنينينا‬
‫نينَاو ًََِِنينينا‬ ‫ِ‬
‫أا َ ني َنَا َأَ َْجنيََنينينا َذَنينينا َ َني َ‬ ‫نينااص نيَنَاّتُْا َ ني َ ْ ََناا َْر َ‬
‫ص نيَْنيََناالْ َُني َ‬ ‫َ‬
‫نِني نينينالْ ُ ني ني ْنيٌا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫نينَاوَنك ََ ني ني ً َاوََني نينينَا ْجَ ً‬
‫نيغَاو َ ني ني َنيْاِ ََاُْ ْلًني ني َ‬
‫نيناوَدْني ني َ‬
‫نَاوَزتْنيجُوًني ني َ‬
‫ض ني نيً َ‬
‫َوفَ ْ‬
‫خ َُاتَني ْنيوَماتَِف ني ُّ االْ َُ ني ْاُ ‪ )ٔ( ‬فالحقيقػػة أف‬ ‫َنينين ْا‬
‫تاال ْ‬ ‫وِ َْنيعنينين ِ ُ ٌَا َنيِج َذاا نينينا ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ َ ْ‬
‫الفعاؿ ىو اهلل ‪. ‬‬
‫لمػ ػػا قػ ػػاـ سػ ػػيدنا إب ػ ػراىيـ ‪ ‬بالػ ػػدعوة‪ ،‬فػ ػػادعى النمػ ػػرود أنػ ػػو يحيػ ػػى‬

‫ذٌ ِآت َار نيِّ ِنيهاَ ْنامثَنينَُااللْنينيهُاا ْلني َ اِ ْذا‬


‫َ‬ ‫ويميػت ‪ََ َ ‬لْاثَنيَ اِ َىلاالْ ِنيايا َ نينين ْجاِْنيَ ِال‬
‫ُ‬

‫ٔ) سورة عبس – ابيات مف ٕٗ ‪. ٖٕ :‬‬


‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪05‬‬

‫ذٌا‬ ‫نلاََنا ُ ذِياوُِ ذنيتافَ َ ِ ِ‬ ‫ياُيذِ ِ‬ ‫نلاِ ني ِالذٌارِّ ْ ِ‬


‫نينلا ْنيَال ُ‬ ‫ْ َ ُ‬ ‫ذتافَ َ‬ ‫ياوُّي ُ‬ ‫ِّباالا ُْ َ‬ ‫فَ َ ْ َ ُ َ َ‬
‫نيتاالْ ِنيا ا‬
‫يا‬ ‫با َنيُ َِ َ‬‫تا ِ نينا ِ ني اا ْغني ِ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫سا ِ اا ْش ِ ِقا َنيأْ ِ‬
‫َ‬ ‫ُْ ِ‬
‫ْ‬ ‫جنااللْهَاتَأِِْتاِنلش‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫و ‪ )ٔ( ‬أعطػػى اإلنسػػاف قػػوة بسػػيطة‬ ‫َك َفنيَ اواللْنينيهُا َاتنيَ َْني ِنيْياال َ ني ْنيوَماالظْنينينلِ ُِ َا‬
‫محدودة لوقت محدود فقاؿ أنا الفاعؿ‪.‬‬
‫اهلل ‪ ‬جعؿ لإلنساف الخيار في اسػتعماؿ أعضػائو ‪ ،‬إمػا فػي طاعػة‬
‫اهلل ‪ ، ‬واما فى معصية اهلل ‪. ‬‬
‫فاهلل ‪ ‬جعؿ في اإلنساف قوتاف ‪:‬‬
‫(‪ )2‬قوة المعصية ‪.‬‬ ‫(‪ )1‬قوة الطاعة ‪.‬‬
‫(ٕ)‬
‫الن ‪‬‬ ‫َ ْو َالناوا َأَ ْبََُ ََنا ُ ُج َورَل َ‬
‫ناوثَني ْ و َ‬
‫َ‬ ‫قاؿ تعالى ‪َ ‬ونيَ ْف ٍ‬
‫س َاوَ نا‬
‫وفػ ػػى جميػ ػػع المخموقػ ػػات قػ ػػوة واحػ ػػدة ىػ ػػى قػ ػػوة الطاعػ ػػة ‪ ،‬فػ ػػخذا أمػ ػػر‬

‫َو َنااللْهَا َ ناََ نيَ ُل ٌْ َاوتنيَ ْف َعلُنيو َنا‬


‫اتنيَ ْع ُ‬ ‫المالئكة فال يعصوف ‪ ،‬قاؿ تعالى ‪‬‬

‫َ نينيناتُني ْنيوَ ُو َان‪ )ٖ(‬واذا أمػػر السػػماء واألرض فػػال يعصػػوف قػػاؿ تعػػالى ‪ّ ‬تُْا‬
‫ناولِ ْْل َْر ِ‬
‫أااِْجِذَناسَْوِنًا َْوا َك ْلنينًا‬ ‫ِ ِ‬
‫نلا َبَ َ‬
‫اد َخن ٌنا َني َ َ‬
‫ا ْ جَني َوىا ىلاال ِْف َُنا َاول َي ُ‬

‫ٔ) سورة البقرة – ابية ‪. ٕ٘ٛ‬‬


‫ٕ) سورة الشمس – ابيتاف ‪. ٛ ، ٚ‬‬
‫ٖ) سورة التحريـ – ابية ‪. ٙ‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪06‬‬

‫ِِ‬
‫فَنلَجَنينيناَثَنيْذنيََنينيناسَنينينِع َ‬
‫وا‬
‫(ٔ)‬
‫وىكػػذا كػػؿ المخموقػػات‪ ،‬إي اإلنسػػاف فمػػنيـ مػػف‬ ‫‪‬‬

‫ُيطيع ‪ ،‬ومنيـ مف يعصى ‪ ،‬قػاؿ تعػالى ‪ََ َ ‬لْاثَنيَ اَ ْنااللْنيهَاتَ ِْف ُ‬


‫نيج ُْالَنيهُا َ ني ْ ا‬
‫اََِني ني ُ‬
‫نينلا‬ ‫نيوم َاو ْ‬
‫ُّجني ني ُ‬
‫س َاوالْ َ َُ ني ني ُ َاوالَ ُ‬
‫ُ‬ ‫نيُ‬
‫ْ‬ ‫ني‬ ‫ني‬ ‫ش‬
‫ْ‬ ‫ال‬
‫رأاو‬
‫َ‬ ‫اا‬ ‫آت‬ ‫َ‬
‫ِٓتاال ِْفني نينيُنو ِ‬
‫اتاوَ ني ني ْ ِ‬
‫ََ‬
‫اب َاوَ ني ْ اتَُِني ِ ا‬ ‫ْنساوَكًِنا ني َْ ا ِ‬ ‫والشْج اوالْْو ُّ ِ ِ‬
‫اِلَْذنيهاالْ َعني َا ُ‬ ‫اب َاوَكًنٌا َ االَ ِ َ ٌ َ َ‬ ‫َ َُ َ ُ‬
‫ناُ‪.)ٕ(‬‬ ‫اللْهُا َ َُنالَهُا ِ ْ ا ُ ْ ٍِماِ ْنااللْهَاتنيَ ْف َع ُلا َ ناتَ َش ا‬
‫فم ػػو أظي ػػر اإلنس ػػاف ق ػػوة الطاع ػػة واجتي ػػد عميي ػػا ‪ ،‬ف ػػاهلل يجع ػػؿ حي ػػاة‬
‫العػالـ رحمػة وطمأنينػة ‪ ،‬واف عصػى ربػو فػاهلل يميػر العػالـ ويفسػد الحيػاة ‪،‬‬
‫تاَتْني ِنيْياالَْني ِ‬
‫نينسا‬ ‫ِ‬
‫نيند ِآتاالَْني نيِّ َاوالَْ ْم ني ِ ابنيَنينا َك َِف نيَ ْ‬
‫قػػاؿ تعػػالى ‪ ‬ظَ ََ نيَ االْ َف َِفني ُ‬
‫ن‪. )ٖ( ‬‬ ‫ياِ ُِلُواالَ َعلْ َُ ٌْاتنيَ ْ ِ عُو َا‬‫ضاالْا َ‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫لذُات َ َُ ٌْا نيَ ْع َ‬
‫وترتيػب الحيػػاة عمػػى الطاعػػة وعمػى المعصػػية ‪ ،‬إف أطػػاع لػػو الجنػػة ‪،‬‬
‫واف عصى فمو النار وكؿ األشياء ي تفعؿ شيء إي بخذف اهلل ‪. ‬‬
‫فخف أراد الحياة ‪ُ ..‬يحيى في النار مثؿ سيدنا إبراىيـ ‪. ‬‬
‫أىم ػػؾ ف ػػي الم ػػاؿ والج ػػاه ‪ ،‬مث ػػؿ م ػػا فع ػػؿ م ػػع‬
‫واف أراد أف ُييم ػػؾ ‪ْ ..‬‬
‫فرعوف وىاماف وقاروف ‪ ،‬واف أراد أف يفسده في الماؿ أفسده ‪.‬‬

‫ٔ) سورة فصمت – ابية ٔٔ ‪.‬‬


‫ٕ) سورة الحج – ابية ‪. ٔٛ‬‬
‫ٖ) سورة الروـ – ابية ٔٗ ‪.‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪07‬‬

‫والقوة نوعان ‪:‬‬


‫(ٕ) قوة الخالؽ ‪. ‬‬ ‫(ٔ) قوة المخموؽ ‪.‬‬
‫والخزائن نوعان ‪:‬‬
‫(ٔ) خزائف محدودة وتنفذ ( خزائف المخموؽ ) ‪.‬‬

‫(ٕ) خ ػزائف لػػيس ليػػا حػػدود ي تنتيػػي ‪ :‬قػػاؿ تعػػالى ‪َ ‬وِ ْنا ِ ني ْ ا َ ني ْنيي ٍااِ ا‬
‫وم‪. )ٔ( ‬‬ ‫ناخَاَُِِهُ َاوَ نا نيََُنيِّلُهُاِ اَِ َْ ٍرا َ ْعلُ ٍا‬ ‫ِ‬
‫َِْ َْ َ َ‬
‫فقوة المخموؽ بالنسبة لممخموؽ ليا قيمة‪ ،‬ألف القوة تختمؼ فيما بيػنيـ‬
‫‪ ،‬ىػػذا أقػػوى منػػى ‪ ،‬وأنػػا أقػػوى مػػف فػػالف ‪ ..‬وىكػػذا ‪ ..‬ولكػػف جميػػع القػػوى‬
‫أماـ قوة اهلل ‪ ‬ي تساوى شيئاً ‪.‬‬
‫نياية اإلنساف وصمت إلى مادة الكيماويػة ‪ ،‬ولػـ تصػؿ إلػى السػماء ‪،‬‬
‫ولـ تصؿ إلى الشمس ‪.‬‬
‫والم ػػاء والي ػ ػواء أش ػػد مػ ػػف القػ ػػوة الكيماوي ػػة ‪ ،‬فمػ ػػو تزلزلػ ػػت األرض أو‬
‫ىاجت الريػاح أو نػزؿ المػاء كيػؼ يكػوف الحػاؿ ‪ ..‬انظػر إلػى قػوـ سػيدنا‬

‫‪.‬‬ ‫(ٕ)‬
‫اء ُم ْنيَ ِم ٍر‪‬‬
‫اء بِم ٍ‬
‫نوح ‪ ‬قاؿ تعالى ‪ ‬فَفَتَ ْحَنا أبواب الس ِ‬
‫أم َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫نيندا‬ ‫قػاؿ تعػالى ‪َ ‬وَْ َ‬
‫نيناِ ٌ‬ ‫وقوـ عاد ‪ ‬ما استطاعوا أف يقابموا الػري‬

‫ٔ) سورة الحجر – ابية ٕٔ ‪.‬‬


‫ٕ) سورة القمر – ابية ٔٔ ‪.‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪08‬‬

‫نينل َاوََن ِذَني َا تنينينمااا‬


‫ناِلَنينيذ ٌَِا ني مالَذني ٍ‬ ‫تَاص صني ٍ ِ ٍ‬ ‫ِ‬
‫َنيأ ُْلل ُ وااِني ِ ٍ َ ْ َ َ‬
‫اِنثذَني اوا َ ني ْلَ َل َ ْ ْ َ ْ َ َ‬
‫‪.‬‬ ‫(ٔ)‬
‫ُ ِفو انً ‪‬‬
‫ُ‬
‫وق ػػوـ س ػػيدنا ش ػػعيب ‪ ‬م ػػا اس ػػتطاعوا أف يس ػػتقيموا أم ػػاـ الزلزل ػػة ‪،‬‬
‫فكما أف األقواـ السابقة لـ يستطيعوا أف يقابموا األشياء فكػذلؾ النػاس اليػوـ‬
‫مػػا يسػػتطيعوا أف يقػػاوموا ( المػػاء ‪ ..‬ال ػري ‪ ..‬الزلزلػػة ) بػػؿ فػػي أقػػؿ م ػػف‬
‫خمس دقائؽ اهلل ‪ ‬يزلزؿ البالد ويدمرىا ‪.‬‬
‫فالمػػاء والي ػواء والنػػار‪ ،‬أقػػوى مػػف القػػوة الكيميائيػػة ‪ ،‬وبعػػض القػػوى ي‬
‫تُرى وىى أقوى مف الخالئؽ كميػا وىػى المالئكػة وقوتيػا فػوؽ العقػؿ ولػيس‬

‫ون‪. ‬‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬


‫خالؼ العقؿ اهلل ‪ ‬يقوؿ ‪ ‬لَ َعل ُ ٌْاثَني ْع لُو َان‪  ، ‬لَ َعل ُ ٌْاثَنيجَني َف ُ‬
‫وبعض الناس يتبع عقمو فقط ‪ ..‬وبعض الناس يتبػع عقمػو تحػت أمػر‬
‫اهلل ‪ ، ‬والذى يتبع عقمو فقط يضؿ ضاليً مبيناً ‪.‬‬
‫الناس يقولوف ىذا خطأ وىذا صحي ‪ ،‬واهلل ‪ ‬أرسؿ األنبيػاء عمػييـ‬
‫السالـ ليفصموا ‪.‬‬
‫والذى يقوؿ ي تستعمؿ العقؿ بالمرة ‪ ..‬ىذا غير صحي ‪.‬‬
‫وعقػػوؿ األنبيػػاء فػػوؽ عقػػوؿ العقػػالء‪ ..‬وحيػػث ينتيػػي عقػػوؿ األنبيػػاء‬
‫يبدأ عقؿ النبي ‪. ‬‬

‫ٔ) سورة الحاقة – ابيتاف ‪. ٚ ، ٙ‬‬


‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪09‬‬

‫والعقؿ لو حدود ‪ ،‬وكؿ شيء في حده ؛ ُيعطينا النتيجة الصحيحة ‪.‬‬


‫فيج ػػب عم ػػى اإلنس ػػاف ‪ ،‬أف يس ػػتعمؿ عقم ػػو ؛ وي يعتم ػػد عمي ػػو ‪ ،‬ب ػػؿ‬
‫يعتمد عمى الوحي حتى ي يضؿ ‪.‬‬
‫أعمـ بشئوف دنيػاكـ ‪ ،‬كمػا فػي قصػة تػأبير النخػؿ (ٔ)‪..‬‬
‫في الدنيا أنتـ ُ‬
‫أما في الديف فاهلل ورسولو أعمـ ‪.‬‬
‫المادة ي تنفع إي إذا قامت قوة الروح ‪.‬‬
‫قػاروف وفرعػػوف وىامػػاف ‪ ..‬وصػػموا فػي قػػوة المػػادة فعتػوا ‪ ..‬ولمػػا أراد‬

‫ٔ) كما في صحي مسمـ ‪ :‬عف موسي بف طمحة عف أبيو قػاؿ ‪ :‬مػررت مػع رسػوؿ اهلل ‪‬‬
‫بقوـ عمي رءوس النخؿ فقاؿ ‪ " :‬ما يصنع ىؤيء " فقالوا ‪ :‬يمقحونػو‪ ،‬يجعمػوف الػذكر‬
‫فػي األنثػػى فػػتمق ‪ ،‬فقػػاؿ رسػػوؿ اهلل ‪ " : ‬مػػا أظػػف يمنػػي ذلػػؾ شػػيئاً ‪ ،‬قػػاؿ ‪ :‬فػػأخبروا‬
‫ُخبر رسػوؿ اهلل صػمي اهلل عميػو وسػمـ بػذلؾ ‪ ،‬فقػاؿ إف كػاف يػػنفعيـ‬
‫بػذلؾ ‪ ،‬فتركػوه ‪ ،‬فػأ ْ‬
‫ذلؾ فميصنعوه فخني إنما ظننت ظناً فال تؤاخػذوني بػالظف ‪ ،‬ولكػف إذا حػدثتكـ عػف اهلل‬
‫شيئا فخذوا بو ‪ ،‬فخني لف أكذب عمي اهلل ‪. " ‬‬
‫وفػي روايػػة ‪ :‬عػف ارفػػع بػف خػػديج قػاؿ ‪ :‬قَػ ِػد َـ نبػي اهلل ‪ ‬المدينػػة وىػـ يػػأبروف النخػػؿ ‪،‬‬
‫فقاؿ ‪ " :‬ما تصنعوف " قالوا ‪ :‬كنا نصػنعو ‪ ،‬قػاؿ ‪ " :‬لعمكػـ لػو لػـ تفعمػوا كػاف خيػ اًر "‬
‫‪ ،‬فتركػػوه ‪ ،‬فنفضػػت أو نقصػػت ‪ ،‬قػػاؿ ‪ :‬فػػذكروا ذلػػؾ لػػو ‪ ،‬فقػػاؿ ‪ " :‬إنمػػا أنػػا بشػػر ‪ ،‬إذا‬
‫أمرتكـ بشيء مف دينكـ فخذوا بو ‪ ،‬واذا أمرتكـ بشيء مف رأيي فخنما أنػا بشػر " قػاؿ ‪:‬‬
‫عكرمة أو نحو ىذا ‪ .‬وفي رواية أخري ‪ :‬عف أنػس أف النبػي ‪ ، ‬مػر بقػوـ ُيمقأحػوف ‪،‬‬
‫صػمُ َ " قػاؿ ‪ :‬فخػرج شيصػاً ‪ ،‬فمػر بيػـ ‪ ،‬فقػاؿ ‪ " :‬مػا لػنخمكـ‬ ‫فقاؿ ‪ " :‬لو لـ تفعمػوا لَ َ‬
‫" قػػالوا‪ :‬قمػػت ‪ :‬كػػذا وكػػذا ‪ ،‬قػػاؿ‪ " :‬أنػػتـ أعمػػـ بػػأمر دنيػػاكـ " ( انظػػر صػػحي مسػػمـ‬
‫شرح النووي ٘ٔ‪.)ٔٔٙ/‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪21‬‬

‫اهلل ‪ ‬أف يبطش بيـ فما نفعيـ شيء ‪.‬‬


‫والنجػ ػػاة فػ ػػي ديػ ػػف اهلل ‪ .. ‬فمعظػ ػػـ األنبيػ ػػاء عمػ ػػييـ السػ ػػالـ كػ ػػانوا‬
‫مستضػػعفيف ‪ ،‬ولكػػف كانػػت معيػػـ نص ػرة اهلل ‪ ، ‬فػػخذا كػػاف نظػػاـ الميػػب‬
‫خالفنا فما شئ ينفعنػا ‪ ..‬ففرعػوف مػا نفعتػو قوتػو الظاىريػة أمػاـ قػوة سػيدنا‬

‫الني ُنيو ِاا‬


‫موسػػى ‪ ‬اإليمانيػػة ‪ ..‬فرعػػوف معػػو جنػػوده وأسػػمحتو وقػػػاؿ ‪ْ ِ ‬ن َ‬
‫ن ‪ )ٔ( ‬وبنػػوا إس ػرائيؿ خرج ػوا وىػػـ‬ ‫اواوِنيْ َُني ْنيٌالَََنينينالَغَنينينِِظُو َا‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫و‬
‫ا‬ ‫ني‬ ‫ل‬
‫ُ‬ ‫ذ‬‫لَ ِش ني ِذ ٌافَلِ‬
‫َ‬ ‫َْ‬
‫فاقػػديف األسػػباب‪ ..‬ليظيػػر اهلل ‪ ‬أف الػػذي يفقػػد أسػػباب اهلل ‪ ‬ي ينفعػػو‬
‫شيء‪.‬‬
‫فػػاهلل ‪ ‬ي يؤاخػػذ مػرة واحػػدة ‪ ،‬بػػؿ يأخػػذ أخػػذاً خفيفػاً ثػػـ ُي ْم ِيػ َؿ ‪ ،‬كمػػا‬
‫مػ ػػرت األح ػ ػواؿ ببنػ ػػي إس ػ ػرائيؿ ليتنبي ػ ػوا ( القمػ ػػؿ ‪ ..‬الضػ ػػفادع ‪ ..‬الػ ػػدـ ‪..‬‬
‫الجراد ‪ ..‬ىكذا ‪. ) ..‬‬
‫إذا جاء العذاب يتوجيوف إلى سيدنا موسى ‪ ‬ليدعو ليـ اهلل ‪ ،‬فػخذا‬
‫دفعيا اهلل ‪ ‬عنيـ ‪ ،‬عادوا إلى ما كانوا عميو ‪.‬‬
‫إذا ك ػػاف اإلنس ػػاف ص ػػالحاً ي ػػزداد ُش ػػك اًر ف ػػي ال ػػنعـ‪ ،‬وي ػػزداد ص ػػب اًر ف ػػي‬
‫البالء ‪.‬‬
‫واذا كاف اإلنساف غير صال يزداد تكبػ اًر فػي الػنعـ‪ ،‬ويجػزع ويضػجر‬
‫في البالء ‪.‬‬

‫ٔ) سورة الشعراء – ابيتاف ٗ٘ ‪. ٘٘ ،‬‬


‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪20‬‬

‫الػػذي يمشػػى عمػػى طريػػؽ النبػػي ‪ ، ‬ي يتػػأثر بػػأي شػػيء س ػواء فػػي‬
‫الػبالء أو النعمػة‪ ،‬ويمػر مػػرو اًر بػيف ىػذه األحػواؿ ‪ ،‬فػالمؤمف وغيػر المػػؤمف‬
‫يمر في الدنيا بيف النعيـ والبالء ‪.‬‬
‫الصػػال إذا جػػاءه الػػبالء فصػػبر ‪ ،‬فرحمػػة اهلل ‪ ‬فػػى ىػػذا الػػبالء ‪،‬‬
‫واف جاءه النعيـ فيذه رحمة اهلل ‪. ‬‬
‫والكػ ػػافر يأتيػ ػػو الػ ػػبالء لمعػ ػػذاب ‪ ،‬والنعمػ ػػة لالسػ ػػتدراج قػ ػػاؿ تعػ ػػالى ‪‬‬
‫ِ‬
‫ن‪‬‬
‫اتنيَ ْعلَ ُُو َا‬ ‫َوالْات َ ا َك ْا ُوااِآتنثََِنا َ ََ ِْفجَ ْْ ِر ُ َُ ٌْا ِ ْ ا َ ْذ ُ‬
‫ثا‬
‫(ٔ)‬
‫‪ .‬فرعوف‬

‫اسػػتدرج م ػرةً بعػػد م ػرة ‪ ،‬وأُخ ػ َذ أخ ػ َذ عزيػػز مقتػػدر ‪ ،‬ومػػا نفعػػو إيمانػػو عنػػد‬

‫اِذل َاوَ نيَنينا ِ ني َ ا‬ ‫ني‬ ‫نيتاِني ِنيها نيَُنينيواِ‬


‫ني‬‫َ‬ ‫يام‬ ‫م َْنينيتاَ نيْنيها اِلَنينيهاِ االْني ِ‬
‫نيا‬ ‫المػػرؽ ‪‬‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ُ َ‬
‫الْ ُُ ِْفلِ ُِ َا‬
‫و‪.)ٕ( ‬‬

‫اهلل خمػػؽ أشػػياء ليػػا قػػوى ‪ ،‬ولكنيػػا ي تُػػرى مثػػؿ المالئكػػة ‪ ،‬فالمالئكػػة‬

‫أقػػوى مػػف األرض ومػػف السػػماء ‪ ،‬فخس ػرافيؿ ‪ ‬عنػػدما يػػنفخ نفخ ػةً واحػػدةً‬
‫يػػدمر كػػؿ شػػئ فػػى األرض ‪ ،‬وجبريػػؿ ‪ ‬أقػػوى مػػف إسػرافيؿ ؛ مػػف حيػػث‬
‫القوة الروحانية ‪ ،‬وأقوى مف جميع المالئكة ألنػو سػيد المالئكػة ‪ ،‬ولمػا أ ِ‬
‫ُم َػر‬
‫أف يخس ػػؼ بق ػػرى ل ػػوط ‪ ،‬أخ ػػذىا عم ػػى ريش ػ ٍػة م ػػف جناح ػػو ‪ ،‬وحممي ػػا إل ػػى‬
‫السػػماء ‪ ،‬حتػػى سػػمع أىػػؿ السػػماء ‪ ،‬صػػياح الديكػػة ‪ ،‬ونبػػاح الكػػالب ‪ ،‬ثػػـ‬

‫ٔ) سورة األعراؼ – ابية ٕ‪. ٔٛ‬‬


‫ٕ) سورة يونس – ابية ٓ‪. ٜ‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪22‬‬

‫فكيؼ بقوتو‪..‬‬ ‫جعؿ عالييا سافميا ‪ ،‬فيذه قوة ريشة جناح‬


‫واهلل ‪ ‬جعؿ قوة النبػي ‪ ‬الروحانيػة ‪ ،‬أقػوى مػف قػوة جبريػؿ ‪، ‬‬
‫حيث وصؿ ليمة اإلسراء والمعراج إلى مكاف لـ يصمو جبريؿ‪.‬‬
‫ػار كثيػرٍة إلػػى األبػػد‪ ،‬أخفػػى‬ ‫كمػػا أف اهلل ‪ ‬اخػػتص فػػي حبػ ٍػة واحػ ٍ‬
‫ػدة ثمػ ٍ‬
‫النعيـ لإلنساف إلى األبد ‪ ،‬والعذاب إلى األبد ‪.‬‬
‫إذا اسػػتعمؿ اإلنسػػاف الكبريػػت لمضػػوء يضػػيء ‪ ،‬واذا اسػػتعممو لطيػػي‬
‫الطعػػاـ يطيػػى ‪ ..‬وىك ػذا‪ ، ..‬واذا اسػػتعممو فػػي البتػػروؿ يحػػرؽ اإلنسػػانية‪،‬‬
‫فالكبريت فيو شعمة تحرؽ اإلنسانية‪ ،‬وشعمة تصم حياة اإلنسانية‪.‬‬
‫ف ػػخذا اس ػػتعمؿ اإلنس ػػاف أعض ػػاءه عم ػػى حس ػػب أوام ػػر اهلل ‪ ‬وعم ػػى‬
‫مػػنيج النبػػي ‪ ‬فػػي متج ػره ‪ ..‬فػػي وظيفتػػو ‪ ..‬فػػي بيتػػو فمخفػػي وراء ذلػػؾ‬

‫ارحػػة القمػػب ‪ ..‬وال ارحػػة فػػي القبػػر ‪ ..‬وال ارحػػة يػػوـ القيامػػة ‪ ..‬وكػػاف رحم ػةً‬
‫لمعالميف ‪.‬‬
‫والعكػػس إف اسػػتعمؿ أعضػػاءه ‪ ،‬عمػػى خػػالؼ أمػػر اهلل ‪ ، ‬ومػػنيج‬
‫النبي ‪ ، ‬واعتمد عمػى نفسػو ‪ ..‬عمػى مالػو ‪ ..‬فمخفػي فػي اإلنسػاف فسػاد‬
‫العالـ كمو " القتؿ ‪ ..‬الفساد ‪ ..‬الحروب ‪ ..‬الزيزؿ ‪ ..‬الخػوؼ ‪ ..‬القمػؽ ‪..‬‬

‫تاَتْني ِنيْيا‬ ‫ِ‬


‫نيند ِآتاالَْ نيِّ َاوالَْ ْمني ِ ابنيَنينا َك َِفنيَ ْ‬
‫الحيػرة ‪ ..‬قػػاؿ تعػػالى ‪ ‬ظَ ََنيَ االْ َف َِفني ُ‬
‫لمػػاذا ‪ ..‬ألف اإلنسػػاف اسػػتعمؿ جسػػده فػػي غيػػر محمػػو كمػػا‬ ‫(ٔ)‬
‫الَْنينينس‪‬‬

‫ٔ) سورة الروـ – ابية ٔٗ ‪.‬‬


‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪23‬‬

‫استعمؿ الكبريت في غير محمو‪.‬‬


‫في زمف عمر ‪ ‬رجؿ يمشػى مػف العػراؽ إلػى المدينػة ‪ .‬ويقػوؿ إنػي‬
‫أريػػت النػػاس كميػػـ كػػأنيـ أبنػػاء ٍ‬
‫أب واحػػد وأـ واحػػدة كػػؿ واحػػد يتنػػافس فػػي‬
‫الضػػيافة ومػػا شػػعرت بالتعػػب فػػي السػػفر‪ ،‬والظعينػػة تػػأتى مػػف الحي ػرة إلػػى‬
‫مكة لتطوؼ بالبيت ‪ ،‬ي تخاؼ أحد يمد يده إلي حرمتيا‪.‬‬
‫فخذا أحيينا طريؽ النبي ‪ ‬رجعت ىذه الحياة ‪.‬‬
‫لمػػا وصػػؿ النبػػي ‪ ‬إلػػى القػػدس ‪ ،‬ليمػػة اإلسػراء وجػػد األنبيػػاء عمػػييـ‬
‫السالـ ‪ ،‬فصمى بيػـ ركعتػيف ‪ ،‬فممػا أ أـ أئمػة اإلنسػانية كميػا ‪ ،‬بػيف اهلل ‪‬‬
‫لنا أنو نسخ الطرؽ كميا إي طريؽ النبي ‪ ، ‬وقاؿ ‪ " ‬لو كػاف موسػى‬
‫وسمِ َـ النبي ‪ ‬قيادة العالـ كمو ‪.‬‬ ‫ُ‬
‫(ٔ)‬
‫حيا ما وسعو إي اتباعي "‬
‫النبػ ػػي ‪ ‬صػ ػػعد إلػ ػػى السػ ػػماء ‪ ،‬ولػ ػػـ ينػ ػػزؿ عمػ ػػى القمػ ػػر ‪ ،‬وي عمػ ػػى‬
‫الشمس ‪ ،‬ىذه السيارات مثؿ الطرؽ المتشعبة ‪ ،‬الكفرة صػعدوا عمػى القمػر‬
‫‪ ،‬ولكف النبي ‪ ‬فقط بخشارة إصبعو ‪ ،‬انشؽ القمر نصفيف ‪.‬‬
‫الذيف وصموا إلى القمر قالوا‪ :‬رأينا الػدنيا مثػؿ الكػرة‪ ،‬قمنػا‪ :‬الػدنيا مثػؿ‬
‫الكرة فكيؼ يقتتموف عمييا‬

‫ونحػف سػػعادتنا أف نبينػا محمػػد ‪ ، ‬قػد أخبرنػػا قبػؿ أربعػػة عشػر قرنػاً‬

‫ٔ) رواه أحمد والبييقي في شعب اإليمػاف – مشػكاة المصػابي – بػاب ايعتصػاـ بالكتػاب‬
‫والسنة – ٔ ‪. ٖٙ /‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪24‬‬

‫قاؿ ‪ " :‬لو كانت الدنيا تعدؿ عند اهلل جناح بعوضة ‪ ،‬مػا سػقى كػاف اًر منيػا‬
‫(ٔ)‬
‫‪.‬‬ ‫شربة ماء " رواه أحمد والترمذي وابف ماجة‬
‫فمػػو وصػػموا إلػػى الم ػريخ لوجػػدوىا ي تسػػاوى جنػػاح بعوضػػة ‪ ..‬ولمػػا‬
‫عرج بو إلى السماء‪ ،‬رأى الجنة والنار‪ ،‬وتأثير األعماؿ ‪.‬‬
‫ولم ػػا وص ػػؿ إل ػػى س ػػدرة المنتي ػػى س ػػمع صػ ػريؼ األق ػػالـ عم ػػى الم ػػوح‬
‫المحفػػوظ‪ ..‬ووصػػؿ إلػػى مكػػاف لػػـ يصػػمو جبريػػؿ ‪ ، ‬فحيػػث انتيػػت قػػوة‬
‫جبريؿ ‪ ، ‬بدأت قوة سيدنا محمػد ‪ ‬الجسػدية والروحيػة فمألسػؼ نحػف‬

‫نيناض ني ني ْنيلا‬ ‫ْج ٌِا َ‬


‫ذاال ني ني َنيوىاوا َ ني ني َ‬ ‫م ػ ػػا عرفن ػ ػػا قيمت ػ ػػو ‪ . ‬ق ػ ػػاؿ تع ػ ػػالى ‪َ ‬والني ني نيَ ْ‬
‫اوَ نا َْوى ‪. )ٕ( ‬‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫صن ِ‬
‫َ ُ َْ َ‬
‫أخبػػار الػػدنيا تحتمػػؿ الص ػواب والخطػػأ ‪ ،‬وعمػػى تمػػؾ األخبػػار تتحػػرؾ‬
‫العػ ػوالـ وتطيػ ػػر الط ػػائرات ‪ ،‬وتجػ ػػرى الس ػػفف فػ ػػي البح ػػار ‪ ..‬ولكػ ػػف أخبػ ػػار‬
‫األنبيػاء لػيس فييػا احتمػاؿ الخطػأ ‪ ،‬فػنحف لسػنا بحاجػة إلػى التجربػػة ‪ ،‬ألف‬
‫ما جاء بو النبي ‪ ، ‬فيو حؽ ‪.‬‬
‫ففي رحمة اليجرة وأثناء المشقة والتعػب والجػوع والعطػش يوعػد سػراقة‬
‫ابػػف مالػػؾ بسػواري كسػػرى ‪ ،‬وأف يتػػزوج بنػػت كسػػرى ‪ ،‬ويتحقػػؽ مػػا وعػػد بػػو‬
‫النبي ‪. ‬‬

‫ٔ) مشكاة المصابي – كتاب الرقاؽ – ٖ ‪.ٖٔٗٔ/‬‬


‫ٕ) سورة النجـ – ابيتاف ٔ ‪. ٕ ،‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪25‬‬

‫أىؿ المادة يجربوف ‪ ،‬ويأتي آخر ويقوؿ ‪ :‬ىذا خطػأ ‪ ،‬ىػذا صػحي ‪،‬‬
‫ولكف ما جاء بو النبي ‪ ‬فيو مف عند اهلل ‪ ‬ولو كاف في المضػب (ٔ)‪،‬‬
‫اِ ِ اا ْبَوىاواِ ْن ُ ِ‬ ‫ولو كاف في السرور ‪ ‬و ناتنيَْ ِ‬
‫ال َنيوا َاو ْ ٌنيياتُنيو َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ُ‬ ‫ط‬ ‫ََ َ‬
‫(ٕ)‬
‫وجبريؿ ‪ ‬يأتي بالوحي وىو ذو مرة ‪ ،‬أي ‪ :‬ذي قػوة أصػمية ‪ ،‬وي‬ ‫‪‬‬
‫(ٖ)‬
‫‪‬‬ ‫نينَثاّتَْاَِ ني ني ٍ‬
‫وا‬ ‫ُطَني ٍ‬ ‫يس ػػتطيع أف ُي ػػدخؿ كمم ػػة واح ػػدة عم ػػى ال ػػوحى ‪ .‬‬

‫وكاف المعراج بالروح والجسد في اليقظة ‪.‬‬

‫باالْ ُفني َنيو ُادا َ نينينا‬


‫ورسػػوؿ اهلل ‪ ‬رأى مػػف آيػػات ربػػو الكبػػرى ‪ َ ‬نينينا َك ني َا َ‬
‫رَىاواََنيجُُنروَهاِلَ ا ناتني ى ‪ ..‬إلى قولو تعالى ََالََ ْْارَىا ِ امت ِ‬
‫نينتا‬ ‫َ ْ َ‬ ‫َ ُ ُ َ َ ََ‬ ‫َ‬
‫َرِِّهاالْ ُ ْني ى ‪ )ٗ( ‬رأى المنعميف في الجنة ورأى المعذبيف في النار ‪.‬‬
‫َ‬
‫يقػ ػ ػػوؿ النػ ػ ػػاس‪ :‬ويتمػ ػ ػػاروف‪ ،‬فيمػ ػ ػػا أخبػ ػ ػػر بػ ػ ػػو اهلل ‪ ‬ورسػ ػ ػػولو ‪، ‬‬

‫ٔ) كمػا فػي الحػػديث عػف عبػد اهلل بػػف عمػرو بػػف العػاص – رضػى اهلل عنيمػػا – أنػو قػػاؿ ‪:‬‬
‫كنػػت أكتػػب كػػؿ شػػيء أسػػمعو مػػف رسػػوؿ اهلل ‪ ‬وأريػػد حفظػػو فنيتنػػي ق ػريش ‪ ،‬وقػػالوا ‪:‬‬
‫تكتب كؿ شيء تسمعو مف رسوؿ اهلل ‪ ، ‬ورسوؿ اهلل ‪ ‬بشر يتكمـ في المضػب والرضػا‬
‫قػػاؿ ‪ :‬فأمسػػكت ‪ ،‬فػػذكرت ذلػػؾ لرسػػوؿ اهلل ‪ ‬وقػػاؿ ‪ " :‬أكتػػب فػػو الػػذي نفسػػي بيػػده مػػا‬
‫خرج منػو إي حػؽ وأشػار بيػده إلػى فيػو ( أخرجػو الحػاكـ فػى المسػتدرؾ – ٔ‪ ٔٓٗ /‬وقػاؿ‬
‫صحي اإلسناد ولـ يخرجاه ‪ ،‬وأخرجو أبو داود في باب كتابة العمـ والدا رمى )‪.‬‬
‫ٕ) سورة النجـ – ابيتاف ٖ ‪. ٗ ،‬‬
‫ٖ) سورة التكوير – ابية ٕٔ ‪.‬‬
‫ٗ) سورة النجـ – ابيات ٔٔ ‪. ٔٛ :‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪26‬‬

‫ويقولوف‪ :‬أيػف العػذاب فػي القبػر وجػدنا القبػور فييػا العظػاـ ومػا رأينػا فييػا‬

‫‪.‬‬ ‫شيئاً ‪ .‬يقوؿ اهلل ‪ََ  ‬نيجُ َُ ُنروَهُ َ‬


‫اِلَ ا َ ناتنيََى‬
‫ول ػػيس ف ػػي المعػ ػراج فق ػػط ‪ ،‬ي ػػرى الجن ػػة والن ػػار‪ ،‬ب ػػؿ مػ ػرة ف ػػي ص ػػالة‬
‫ػي صػػمى‬ ‫الكسػػوؼ تقػػدـ وتػػأخر ثػػـ أخبػػرىـ بمػػا رأى‪ ،‬ف َعػ ْػف َعائِ َش ػةَ َزو ِج ّ ِ‬
‫النبػ ّ‬ ‫ْ‬
‫ػوؿ المّػ ِػو ص ػػمى اهلل‬
‫ػاة رسػ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ػت‪َ :‬خ َس ػػفَت ال ّشػ ْػم ُس فػػي َحَي ػ َ ُ‬‫اهلل عميػػو وسػػمـ‪ .‬قَالَػ ْ‬
‫ػاـ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ػى ا ْل َم ْس ػجد‪ .‬فَقَػ َ‬
‫عميػػو وسػػمـ‪ .‬فَ َخػ َػرَج َر ُسػػو ُؿ المّػػو صػػمى اهلل عميػػو وسػػمـ إلَػ َ‬
‫اءهُ‪ .‬فَػػا ْقتََأَر َر ُسػػو ُؿ المّػ ِػو صػػمى اهلل عميػػو وسػػمـ ِقػ َػراءةً‬
‫ػاس َوَر َ‬
‫النػ ُ‬
‫ػؼ ّ‬
‫صػ ّ‬
‫َو َكّبػ َػر َو َ‬
‫"سػ ِػم َع المّػػوُ لِ َمػ ْػف‬
‫ْسػػوُ فَقَػػا َؿ‪َ :‬‬ ‫ػع ُرُكوعػاً طَػ ِػويالً‪ .‬ثُػ ّػـ َرفَػ َ‬
‫ػع َأر َ‬ ‫طَ ِويمَػةً‪ .‬ثُػ ّػـ َكّبػ َػر فَ َرَكػ َ‬
‫اء ِة‬ ‫ط ِويمَػةً‪ِ .‬ىػي أ َْدَن ِ ِ‬
‫ػى م َػف ا ْلق َػر َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫اءةً َ‬ ‫ِ‬
‫ػاـ فَػا ْقتََأَر ق َػر َ‬ ‫َح ِم َدهُ‪َ .‬رّبَنا َولَ َ‬
‫ؾ ا ْل َح ْم ُػد"‪ .‬ثُ ّػـ قَ َ‬
‫الرُكػوِع األ َّو ِؿ‪ .‬ثُ ّػـ قَػا َؿ‪:‬‬ ‫األُولَى‪ .‬ثُـ َكّبر فَرَكع رُكوعاً طَ ِػويالً‪ .‬ىػو أ َْدَن ِ‬
‫ػى م َػف ّ‬ ‫َ‬ ‫َُ‬ ‫َ ّ َ َ َُ‬
‫ػاى ِر‪:‬‬‫ؾ ا ْلحم ُػد" ثُػـ سػج َد (ولَػـ يػ ْذ ُكر أَبػو الطّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫"سم َع المّػوُ ل َم ْػف َحم َػدهُ‪َ .‬رّبَنػا َولَػ َ َ ْ ّ َ َ َ ْ َ ْ ُ‬ ‫َ‬
‫ػع‬
‫اس ػػتَ ْك َم َؿ أ َْرَب ػ َ‬
‫ػى ْ‬
‫ؾ‪َ .‬حتّ ػ َ‬‫ى ِم ْثػ ػ َؿ َذلِػ ػ َ‬ ‫الرْك َع ػ ِػة األ ْ‬
‫ُخ ػ َػر َ‬
‫ِ‬
‫ثُػ ّػـ َس ػ َػج َد) ثُػ ّػـ فَ َعػ ػ َؿ ف ػػي ّ‬
‫ػب‬ ‫ص ِػر َ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ػاـ فَ َخطَ َ‬ ‫ؼ‪ .‬ثُ ّػـ قَ َ‬ ‫َف َي ْن َ‬ ‫َرَك َعات‪َ .‬وأ َْرَب َع َس َج َدات‪َ .‬و ْان َجمَت ال ّش ْم ُس قَْب َؿ أ ْ‬
‫ػى المّػ ِػو بِ َمػػا ُىػ َػو أ ْ‬
‫َىمُػػوُ‪ .‬ثُػ ّػـ قَػػا َؿ‪" :‬إِ ّف ال ّشػ ْػم َس َواْلقَ َمػ َػر‬ ‫ػاس‪ .‬فَ ػأَثَْن َى َعمَػ َ‬
‫النػ َ‬
‫ّ‬
‫اف لِمو ِت أ ٍ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫آيتَ ِ ِ‬
‫َحد َوي ل َح َياتو‪ .‬فَِخ َذا َأرَْيتُ ُم ُ‬
‫وى َمػا‬ ‫َ‬ ‫اف م ْف َآيات المّو‪ .‬ي َي ْخسفَ ِ َ ْ‬ ‫َ‬
‫ػى ُيفَػ ّػرَج المّػػوُ َعػ ْػن ُك ْـ"‪َ .‬وقَػػا َؿ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ص ػمّوا َحتّػ َ‬‫مص ػالَة"‪َ .‬وقَػػا َؿ أ َْيض ػاً‪" :‬فَ َ‬ ‫فَػػا ْف َزُعوا ل ّ‬
‫ػي ٍء‬ ‫ِ‬
‫ػت ف ػي َمقَػػامي َى ػ َذا ُك ػ ّؿ َشػ ْ‬
‫"رَْيػ ُ ِ‬
‫َر ُسػػو ُؿ المّػ ِػو صػػمى اهلل عميػػو وسػػمـ َأ‬
‫ػيف َأرَْيتُ ُمػػونِي‬ ‫ِ ِ‬ ‫آخ ػ َذ ِق ْ ِ‬ ‫ػى لَقَػ ْػد َأرَْيتُنِػػي أ ُِريػ ُػد أ ْ‬‫و ِعػػدتـ حتػ‬
‫طفَ ػاً مػ َػف اْل َجّنػػة حػ َ‬ ‫َف ُ‬ ‫ُ ْ ُْ َ ّ َ‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪27‬‬

‫ضػػيَا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ػت َجيَػ ّػن َـ َي ْحطػ ُػـ َب ْع ُ‬
‫ي‪ :‬أَتَقَػ ّػد ُـ) َولَقَػ ْػد َأرَْيػ ُ‬
‫(وقَػػا َؿ اْل ُمػ َػزاد ّ‬
‫ػت أُقَػ ّػد ُـ‪َ .‬‬
‫َج َعْمػ ُ‬
‫ب‬ ‫ِ‬ ‫ت‪ .‬و أرَْي ُ ِ‬ ‫يف َأرَْيتُ ُمونِي تَأ ّ‬ ‫ِ‬
‫ت فييَا ْب َف لُ َح َي‪َ ،‬و ُى َػو الّػذي َس ّػي َ‬ ‫َخ ْر ُ َ َ‬ ‫َب ْعضاً‪ ،‬ح َ‬
‫مصػالَ ِة" َولَ ْػـ‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ػى َح ِػد ُ‬
‫يث أَبِػي الطّػاى ِر ع ْن َػد قَ ْولِػو "فَػا ْف َزُعوا ل ّ‬ ‫ب" َو ْانتَيَ َ‬
‫ِ‬
‫الس َوائ َ‬
‫ّ‬
‫َي ْذ ُك ْر َما َب ْع َدهُ‪ .‬رواه مسمـ (ٔ)‪.‬‬
‫ػوؿ المّػ ِػو‬
‫َعػ ْػف َجػػابِ ِر ْبػ ِػف َع ْبػ ِػد المّػ ِػو قَػػا َؿ‪َ :‬كسػػفَ ِت ال ّشػػمس َعمَػػى َعيػ ِػد رسػ ِ‬
‫َ ْ َُ‬ ‫ُْ‬ ‫َ‬
‫ص ػمّ َى َر ُسػػو ُؿ المّػ ِػو صػػمى اهلل‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫صػػمى اهلل عميػػو وسػػمـ فػػي َيػ ْػوٍـ َشػػديد ا ْل َحػ ّػر‪ .‬فَ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫ػع فَأَطَػا َؿ‪.‬‬
‫وف‪ .‬ثُ ّػـ َرَك َ‬ ‫ػى َج َعمُػوا َيخ ّػر َ‬ ‫ػاـ‪َ .‬حتّ َ‬
‫َص َحابو‪ .‬فَأَطَػا َؿ ا ْلقَي َ‬ ‫عميو وسمـ بِأ ْ‬
‫طػا َؿ‪ .‬ثُ ّػـ َس َػج َد َس ْػج َدتَْي ِف‪ .‬ثُ ّػـ قَ َ‬
‫ػاـ‬ ‫ػع فَأَ َ‬
‫طػا َؿ‪ .‬ثُ ّػـ َرفَ َ‬‫ػع فَأَ َ‬
‫طا َؿ‪ .‬ثُ ّػـ َرَك َ‬
‫ثُّـ َرفَ َع فَأَ َ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫صػ َػن َع َن ْح ػواً ِمػ ْػف َذا َ‬
‫ػع َسػ َػج َدات‪ .‬ثُػ ّػـ قَػػا َؿ‪" :‬إِّنػػوُ‬ ‫ػع َرَك َعػػات َوأ َْرَبػ َ‬
‫ػت أ َْرَبػ َ‬
‫ؾ‪ .‬فَ َك َانػ ْ‬ ‫فَ َ‬
‫ػت‬
‫ػى لَػ ْػو تََن َاوْلػ ُ‬
‫ػي ا ْل َجّن ػةُ‪َ .‬حتّػ َ‬
‫ػت َعمَػ ّ‬ ‫ونػػوُ‪ .‬فَ ُع ِر َ‬
‫ضػ ْ‬ ‫ػي ٍء تُولَ ُج َ‬‫ػي ُك ػ ّؿ َشػ ْ‬
‫ض َعمَػ ّ‬ ‫ُعػ ِػر َ‬
‫ت َيػ ػ ِػدي َع ْنػ ػػوُ‪.‬‬ ‫صػ ػ َػر ْ‬ ‫ػت ِم ْنيَػ ػػا ِق ْ‬
‫طف ػ ػاً) فَقَ ُ‬ ‫َخ ْذتُػ ػػوُ (أ َْو قَػ ػػا َؿ‪ :‬تََن َاوْلػ ػ ُ‬ ‫ِم ْنيَػ ػػا ِق ْ‬
‫طف ػ ػاً أ َ‬
‫ب ِفػػي ِىػ ّػرٍة‬ ‫ِ‬ ‫ػت ِفييػػا امػ أ ِ ِ‬
‫ػرَةً مػ ْػف َبنػػي إِ ْسػ َػرائي َؿ تُ َع ػ ّذ ُ‬ ‫ػار‪ .‬فَ َأرَْيػ ُ َ ْ َ‬ ‫النػ ُ‬
‫ػي ّ‬ ‫ػت َعمَػ ّ‬ ‫ضػ ْ‬‫َو ُع ِر َ‬
‫ػت أََبػا‬ ‫ض‪َ .‬وَأرَْي ُ‬ ‫ػاش األ َْر ِ‬ ‫ط ِع ْميَا‪ .‬ولَ ْـ تَ َػد ْعيَا تَْأ ُكػ ُؿ ِم ْػف َخ َش ِ‬ ‫طتْيَا َفمَ ْـ تُ ْ‬ ‫لَيَا‪َ .‬رَب َ‬
‫َ‬
‫ػوف‪ :‬إِ ّف‬ ‫ػانوا َيقُولُػ َ‬ ‫ػار‪َ .‬وِاّنيُػ ْػـ َك ػ ُ‬ ‫ص ػ َػبوُ ِف ػػي ّ‬
‫الن ػ ِ‬ ‫ٍِ‬
‫امػ ػةَ َع ْم ػ َػرو ْب ػ َػف َمال ػػؾ َي ُج ػ ّػر قُ ْ‬ ‫ثُ َم َ‬
‫ػات المّػ ِػو‬
‫ػاف ِمػػف آيػ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ال ّشػ ْػم َس َوا ْلقَ َمػ َػر يَ َي ْخ ِسػػفَ ِ‬
‫اف إِيّ ل َمػ ْػوت َعظػ ٍػيـ‪َ .‬وِاّنيُ َمػػا َآيتَػ ِ ْ َ‬

‫ٔ) صحي مسػمـ شػرح النػووي – كتػاب الخسػوؼ – ‪ ( ٕٖٓ / ٙ‬وقػد وردت أحاديػث كثيػرة‬
‫في الصحيحيف بيذا الشأف ) ‪.‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪28‬‬

‫صمّوا َحتّ َى تَْن َجمِ َي"‪ .‬رواه مسمـ (ٔ)‪.‬‬ ‫وى َما‪ .‬فَِخ َذا َخ َسفَا فَ َ‬
‫ُي ِري ُك ُم ُ‬
‫صػالَتِي َى ِػذ ِه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ونػوُ إِيّ قَ ْػد َأرَْيتُػوُ فػي َ‬‫وع ُد َ‬
‫ػيء تُ َ‬
‫وفي رواية لػو‪ :‬مػا ِمػف َش ٍ‬
‫َ ْ ْ‬
‫ػيبنِي ِمػ ْػف‬ ‫ِ‬
‫َف ُيصػ َ‬ ‫ت َم َخافَ ػةَ أ ْ‬ ‫ػيف َأرَْيتُ ُمػػونِي تَ ػأ ّ‬
‫َخ ْر ُ‬ ‫ِ ِ‬
‫ػار‪َ .‬وَذل ُكػ ْػـ حػ َ‬ ‫لَقَػ ْػد ِجػ َ‬
‫ػيء بِ ّ‬
‫النػ ِ‬
‫ػاف‬
‫ػار‪َ .‬كػ َ‬ ‫صػ َػبوُ ِفػػي ّ‬
‫النػ ِ‬ ‫ِ‬
‫ب ا ْلم ْح َجػ ِػف َي ُجػ ّػر قُ ْ‬
‫ِ‬
‫صػػاح َ‬ ‫ػت فييَػػا َ‬
‫لَ ْف ِحيػػا‪ .‬وحتّػػى أرَْيػ ُ ِ‬
‫َ ََ َ َ‬
‫ػؽ بِ ِم ْح َجنِػػي‪َ ،‬وِا ْف ُغ ِفػ َؿ‬ ‫ػاج بِ ِم ْح َجنِػ ِػو‪ ،‬فَػِخ ْف فُ ِطػ َػف لَػػوُ قَػػا َؿ‪ :‬إِّن َمػػا تَ َعمّػ َ‬ ‫َي ْسػ ِػر ُ‬
‫ؽ ا ْل َحػ ّ‬
‫ط ِع ْميَػػا‪،‬‬
‫ػاحَبةَ ا ْل ِيػ ّػرِة الّتِػػي َرَبطَتْيَػػا َفمَػ ْػـ تُ ْ‬
‫ػت ِفييػػا صػ ِ‬
‫ػى َأرَْيػ ُ َ َ‬
‫ع ْنػػو َذىػ ِ ِ‬
‫ػب بػػو‪َ .‬و َحتّػ َ‬ ‫َ ُ َ َ‬
‫ػيء بِا ْل َجّن ِػة‪،‬‬
‫ت جوعػاً‪ .‬ثُػـ ِج ِ‬
‫ّ‬ ‫ض‪َ ،‬حتّ َى َماتَ ْ ُ‬ ‫اش األ َْر ِ‬ ‫ولَ ْـ تَ َد ْعيَا تَْأ ُك ُؿ ِم ْف َخ َش ِ‬
‫َ‬
‫ت َي ِػدي َوأََنػا‬ ‫ػامي‪َ ،‬ولَقَػ ْد َم َػد ْد ُ‬‫ػت ِفػي مقَ ِ‬
‫َ‬ ‫ػى قُ ْم ُ‬ ‫ت َحتّ َ‬ ‫يف َأرَْيتُ ُمونِي تَقَ ّد ْم ُ‬ ‫ِ ِ‬
‫َوَذل ُك ْـ ح َ‬
‫َف يَ أَ ْف َع ػ َؿ‪ .‬فَ َمػػا ِمػ ْػف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ػاو َؿ مػ ْػف ثَ َم ِرَىػػا لتَْنظُػ ُػروا إِلَ ْيػػو‪ ،‬ثُػ ّػـ َبػ َػدا لػػي أ ْ‬ ‫أ ُِريػ ُػد أ ْ‬
‫َف أَتََنػ َ‬
‫ذه"‪ .‬رواه مسمـ (ٕ)‪.‬‬ ‫ونو إِيّ قَ ْد أرَْيتُو ِفي صالَتِي ى ِ‬ ‫ٍ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫وع ُد َ ُ‬
‫َش ْيء تُ َ‬
‫ػوؿ المّ ِػو صػمى‬ ‫ػاس‪ .‬قَػا َؿ‪ْ :‬ان َكسػفَ ِت ال ّشػمس َعمَػى َعي ِػد رس ِ‬
‫َ ْ َُ‬ ‫ُْ‬ ‫َ‬ ‫َع ِف ْاب ِف َعّب ٍ‬

‫ػاـ‬
‫اس َم َعػوُ‪ .‬فَقَ َ‬ ‫صمّ َى َر ُسو ُؿ المّ ِو صمى اهلل عميو وسمـ َو ّ‬
‫الن ُ‬ ‫اهلل عميو وسمـ‪ ،‬فَ َ‬
‫ػاـ‬ ‫طػ ِػويالً‪ .‬ثُػ ّػـ َرفَػ َ‬
‫ػع فَقَػ َ‬ ‫ػع ُرُكوع ػاً َ‬ ‫ِ‬
‫ػورة ا ْلَبقَػ َػرة‪ .‬ثُػ ّػـ َرَكػ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِقَيام ػاً َ‬
‫طػ ِػويالً قَػ ْػدر َن ْحػ ِػو ُسػ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ػع ُرُكوعػ ػاً طَ ػ ِػويالً‪َ ،‬و ُى ػ َػو ُد َ‬
‫وف‬ ‫قَيامػ ػاً طَ ػ ِػويالً‪َ ،‬و ُى ػ َػو ُدو َف ا ْلقَي ػػاـ األ َّوؿ‪ .‬ثُػ ّػـ َرَك ػ َ‬
‫وف ا ْل ِقَيػ ِػاـ األ َّو ِؿ‪ .‬ثُػ ّػـ‬ ‫الرُكػػوِع األَو ِؿ‪ .‬ثُػػـ سػػج َد‪ .‬ثُػػـ قَػ ِ‬
‫ػاـ قَيام ػاً طَػ ِػويالً‪َ ،‬و ُىػ َػو ُد َ‬
‫ّ َ َ ّ َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ػاـ ِقَيام ػاً َ‬
‫طػ ِػويال‪،‬‬ ‫ػع فَقَػ َ‬
‫ِ‬
‫الرُكػػوِع األ َّوؿ‪ .‬ثُػ ّػـ َرفَػ َ‬
‫وف ّ‬‫طػ ِػويالً‪َ ،‬و ُىػ َػو ُد َ‬
‫ػع ُرُكوع ػاً َ‬
‫َرَكػ َ‬

‫ٔ) المرجع السابؽ – ‪. ٕٓٚ / ٙ‬‬


‫ٕ) المرجع السابؽ – ‪. ٕٓٚ / ٙ‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪29‬‬

‫الرُكػوِع األ َّو ِؿ‪ .‬ثُ ّػـ‬ ‫ِ‬


‫وف ّ‬ ‫وف ا ْلقَي َاـ األ َّو ِؿ‪ .‬ثُّـ َرَك َع ُرُكوعػاً طَ ِػويالً‪َ ،‬و ُى َػو ُد َ‬
‫َو ُى َو ُد َ‬
‫ؼ وقَػ ِػد ْانجمَػ ِ‬
‫ػت ال ّشػ ْػم ُس‪ .‬فَقَػػا َؿ‪" :‬إِ ّف ال ّشػ ْػم َس َوا ْلقَ َمػ َػر َآيتَػ ِ‬
‫ػاف‬ ‫َ‬ ‫صػ َػر َ َ‬
‫َسػ َػج َد‪ .‬ثُػ ّػـ ْان َ‬
‫ؾ فَػا ْذ ُك ُروا‬ ‫اف لِ َم ْػو ِت أَ َح ٍػد َوي لِ َحَياتِ ِػو‪ .‬فَػِخ َذا َأرَْيػتُ ْـ َذلِػ َ‬ ‫ػات المّ ِػو‪ .‬ي َي ْن َك ِسػفَ ِ‬ ‫ِمف آي ِ‬
‫ْ َ‬
‫ؾ‬‫ؾ َىػ َذا‪ .‬ثُػ ّػـ َأرَْيَنػػا َ‬ ‫ػت َشػ ْػيئاً ِفػػي مقَ ِ‬
‫امػ َ‬ ‫ؾ تََن َاوْلػ َ‬‫المّػػوَ" قَػػالُوا‪َ :‬يػػا َر ُسػػو َؿ المّػ ِػو َأرَْيَنػػا َ‬
‫َ‬
‫ػت ِم ْنيَػػا ُع ْنقُػػوداً‪َ .‬ولَػ ْػو أَ َخ ْذتُػػوُ ألَ َك ْمػػتُ ْـ‬‫ػت ا ْل َجّن ػةَ‪ .‬فَتََن َاوْلػ ُ‬ ‫ػت فَقَػػا َؿ‪" :‬إِّنػػي َأرَْيػ ُ‬‫َكفَ ْفػ َ‬
‫ػت أَ ْكثَػ َػر‬ ‫ػار‪َ .‬فمَػ ْػـ أ ََر َكػػا ْلَي ْوِـ َم ْنظَػ اًر قَػطّ‪َ .‬وَأرَْيػ ُ‬ ‫ِم ْنػػو مػػا ب ِقيػ ِ‬
‫النػ َ‬
‫ػت ّ‬ ‫ػت الػ ّػد ْنَيا‪َ .‬وَأرَْيػ ُ‬ ‫ُ َ ََ‬
‫ػاء" قَػػالُوا‪ :‬بِػ َػـ َيػا َر ُسػػو َؿ المّػ ِػو قَػػا َؿ‪" :‬بِ ُك ْف ِػرِى ّف" ِقيػ َؿ‪ :‬أََي ْكفُػ ْػرَف بِالمّػ ِػو‬ ‫َىمِيَػا ّ‬
‫الن َسػ َ‬ ‫أْ‬
‫ِ‬
‫اى ّف ال ّػد ْى َر‪ ،‬ثُ ّػـ‬ ‫ت إِلَ َى ِإ ْح َد ُ‬‫َح َس ْن َ‬‫اف‪ .‬لَ ْو أ ْ‬ ‫ير‪ .‬وبِك ْف ِر ِ‬
‫اإل ْح َس ِ‬ ‫قَا َؿ‪"َ :‬ي ْكفُ ْرَف ا ْل َعش ِ َ‬
‫ؾ َخ ْي اًر قَطّ"‪ .‬رواه مسمـ (ٔ)‪.‬‬ ‫ت ِم ْن َ‬‫ت‪َ :‬ما َأرَْي ُ‬ ‫ؾ َشيئاً‪ ،‬قَالَ ْ‬ ‫َت ِم ْن َ‬
‫َأر ْ‬
‫وعػف زيػد بػػف ثابػت قػاؿ‪ :‬بينمػػا رسػوؿ اهلل ‪ ‬فػي حػػائط لبنػى النجػػار‬
‫عمى بممة لو ‪ ،‬ونحف معو‪ ،‬إذا حادت بو وكادت تمقيو ‪ .‬واذا اقبػر سػتة أو‬
‫خمسة ‪ ،‬فقاؿ‪ " :‬مف يعرؼ أصحاب ىذه األقبر " ‪ .‬قاؿ رجؿ‪ :‬أنا‪ .‬قػاؿ‬
‫" فمتػػى مػػاتوا " ‪ .‬قػػاؿ‪ :‬فػػي الشػػرؾ ‪ ،‬فقػػاؿ‪ " :‬إف ىػػذه األمػػة تُْبتَمػػى فػػي‬
‫قبورىػػا‪ ،‬فمػػوي أف ي تػػدافنوا لػػدعوت اهلل أف يسػػمعكـ مػػف عػػذاب القبػػر الػػذى‬
‫أسمع منو "‪ .‬رواه مسمـ (ٕ)‪.‬‬
‫وق ػػاؿ‪ " :‬واهلل ل ػػو تعمم ػػوف م ػػا أعم ػػـ ‪ ،‬لض ػػحكتـ قم ػػيالً ‪ ،‬ولبكي ػػتـ‬

‫ٔ) المرجع السابؽ – ‪. ٕٓٚ / ٙ‬‬


‫ٕ) مشكاة المصابي – كتاب اإليماف – باب إثبات عذاب القبر – ٔ ‪ٗٙ /‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪31‬‬

‫كثي اًر ‪ ،‬وما تمػذذتـ بالنسػاء عمػى الفػرش‪ ،‬ولخػرجتـ إلػى الصػعدات تجػأروف‬
‫(ٔ)‪.‬‬
‫إلى اهلل تعالى " رواه الترمذي‬
‫جاءني أطباء وكممتيـ في عذاب القبر‪ ،‬قالوا‪ :‬ما فيمنا شػيء قمػت‬
‫ليػػـ‪ :‬لمػػاذا قػػالوا‪ :‬ألنػػو ي ُيػػرى‪ .‬فقمػػت ليػػـ‪ :‬اإلنسػػاف يأكػػؿ الطعػػاـ يػػدخؿ‬
‫المعدة ‪ ،‬ثػـ يتحمػؿ إلػى دـ ليمػذي الجسػد‪ ،‬فػخذا زاد شػيء عػف تناسػبو جػاء‬
‫المػػرض‪ ،‬فيػػذىب إلػػى طبيػػب التحاليػػؿ‪ ،‬فيقػػوؿ لػػو‪ :‬عنػػدؾ نسػػبة عاليػػة فػػي‬
‫السػػكر‪ ،‬أو عنػػدؾ نسػػبة عاليػػة مػػف األمػػالح‪ ،‬وقمػػت ليػػـ‪ :‬أريػػد أف تخرج ػوا‬
‫مف جسد اإلنساف قميؿ مف السكر‪ ،‬فقاؿ طبيب‪ :‬ىذا األمػر صػعب يحتػاج‬
‫إلػػي م ارحػػؿ كثيػرة ‪ .‬فقمػػت ليػػـ‪ُ :‬عمػػـ مػػف ىػػذا أف السػػكر موجػػود ُيػػرى وىػػو‬
‫ف ػػي الخػ ػػارج‪ ،‬وي ُيػ ػػرى وى ػػو فػ ػػي الػ ػػداخؿ‪ ،‬والمم ػ ػ موج ػػود ُيػ ػػرى وىػ ػػو فػ ػػي‬
‫الخ ػػارج‪ ،‬وي ُي ػػرى وى ػػو ف ػػي ال ػػداخؿ‪ .‬ك ػػذلؾ البس ػػاتيف واألف ػػاعي والعق ػػارب‬
‫والنػػار عمػػى نػػوعيف‪ :‬نػػوع‪ :‬نػراه فػػي األرض ‪ .‬ونػػوع ‪ :‬فػػي البػػرزخ ي ُيػػرى ‪،‬‬
‫فػػنحف ي نسػػتطيع أف نحقػػؽ ونصػػؿ بالعقػػؿ بػػؿ نحػػف نعمػػـ بػػالوحي ‪ ،‬بػػأي‬
‫عمؿ يكوف القبػر روضػة مػف ريػاض الجنػة‪ ،‬وبػأي عمػؿ يكػوف القبػر حفػرة‬
‫مف حفر النار‪ ،‬فقاؿ األطباء‪ :‬فيمنا‪.‬‬
‫بػػؿ نحػػف ي ُنريػػد أف يفيػػـ النػػاس فقػػط ‪ ،‬بػػؿ يميػػؿ النػػاس إلػػى ابخ ػرة‬

‫ٔ) رياض الصالحيف – باب الخوؼ ‪.‬‬


‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪30‬‬

‫وينشػ ػػمموا بيػ ػػا عػ ػػف األسػ ػػباب الدنيويػ ػػة‪ ،‬وي يكػ ػػوف عنػ ػػدىـ الحػ ػػرص عمػ ػػى‬
‫شيوات الدنيا‪ ،‬بؿ يكوف الحرص عمى ديف اهلل ‪. ‬‬
‫زادت األش ػ ػػياء وزادت المص ػ ػػائب‪ ،‬ويػ ػ ػػزوؿ األم ػ ػػف يومػ ػ ػاً فيػ ػ ػػوـ ‪ ،‬وي‬
‫تسػػتقيـ اإلنسػػانية إي إذا قامػػت حيػػاة النبػػي ‪ ‬ولػػيس ىػػذا الجيػػد أربعػػيف‬
‫يوم ػاً ‪ ..‬أربعػػة شػػيور ‪ ..‬ابتعػػدنا وابتعػػدنا حتػػى نسػػينا فيػػذا حتػػى تفيػػـ أف‬
‫ىذا الجيد وىذا العمؿ كاف عممنا وجيدنا ‪.‬‬
‫فحيػػاة الصػػحابة رضػػى اهلل عػػنيـ أجمعػػيف كانػػت فقػػط ل خ ػرة‪ ،‬حتػػى‬
‫الكف ػرة تػػأثروا بحيػػاتيـ‪ .‬جيوشػػيـ أقػػؿ مػػف جيػػوش األعػػداء ولكػػف فػػي كػػؿ‬
‫م ػػوطف ينتص ػػروف عم ػػييـ ‪ .‬وتحي ػػر األع ػػداء لم ػػاذا ينتص ػػروف عمين ػػا‬
‫وبعث ػ ػوا الجواسػ ػػيس فجػ ػػاءت وقالػ ػػت ‪ :‬مػ ػػف أجػ ػػؿ أنيػ ػػـ يقومػ ػػوف الميػ ػػؿ ‪..‬‬
‫يصوموف النيار ‪ ..‬يتناصفوف بينيـ ‪ ..‬ألخ ‪.‬‬

‫‪َ ‬كنينين ُواافَلِنينيذغًا ِ ني َ االلْْذني ِنيلا َ نينيناتنيَ َْ َجعُنينيو َان‪  ، ‬ثَنيجَ َجني َ‬
‫نينْتا ُ َُنينيونيُ َُ ٌْا‬ ‫(ٔ)‬

‫ن‪. )ٕ( ‬‬ ‫نل ٌْاتنيَُْ ِف ُو َا‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ االُْ ِ‬


‫ْنارَزفْنيََ ُ‬
‫اخ ْو نً َاوسَ َُعنً َاوف َ‬
‫ضن ِماتَ ُِْْو َن َارنيْ َُ ٌْ َ‬ ‫َ َ َ‬
‫الجواسيس وصفوا صفاتيـ ‪ ،‬ولـ يصفوا أسبابيـ ‪.‬‬
‫ولما استنجد يزدجػرد – ممػؾ الفػرس – بممػؾ الصػيف ‪ :‬لمػا تَ َحأي َػر ِفػي‬
‫ػض أُولِػي النيَػى ِم ْػف‬ ‫ِ‬
‫ب َوقَ ْد أَ َش َار َعمَ ْيو َب ْع ُ‬ ‫أ َْم ِرِه َما َذا َي ْ‬
‫صَنعُ َوِالَى أ َْي َف َي ْذ َى ُ‬

‫ٔ) سورة الذاريات – ابية ‪. ٔٚ‬‬


‫ٕ) سورة السجدة – ابية ‪. ٔٙ‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪32‬‬

‫ػاف‬
‫ػع َخاقَ َ‬ ‫ػوف َم َ‬‫ِّيف أ َْو أَ ُك َ‬‫ب إِلَى بِ َال ِد الص ِ‬ ‫َف أَ ْذ َى َ‬
‫ت أْ‬
‫يف قَا َؿ‪ :‬قَ ْد َع َزْم ُ‬ ‫ِ ِ‬
‫قَ ْو ِمو ح َ‬
‫صػػانِ َع َىػ ُػؤَي ِء ا ْلقَػ ْػوَـ‪ ،‬فَ ػِخ أف لَيُػ ْػـ ِذ أم ػةً َوِد ًينػػا‬ ‫َف ُن َ‬
‫ِِ‬
‫فػػي بِػ َػالده‪ .‬فَقَػػالُوا‪ :‬إِأنػػا َنػ َػرى أ ْ‬
‫ِ‬

‫ػض َىػ ِػذ ِه ا ْل ػبِ َال ِد َو ُىػ ْػـ ُم َج َاوِر َينػػا‪ ،‬فَيُػ ْػـ َخ ْيػ ٌػر لََنػػا‬
‫ػوف ِفػػي َب ْعػ ِ‬ ‫ِ‬
‫َي ْر ِج ُعػ َ‬
‫ػوف إِلَ ْيػػو‪ ،‬فََن ُكػ َ‬
‫ػيف َي ْسػػتَ ِم ُ‬
‫يث‬ ‫الصػ ِ‬‫ػث إِلَػػى َممِػ ِػؾ ِّ‬ ‫ؾ‪ ،‬ثُػ أـ َب َعػ َ‬‫ِمػ ْػف َغ ْيػ ِػرِى ْـ‪ .‬فَػأََبى َعمَػ ْػي ِي ْـ ِك ْسػ َػرى َذلِػ َ‬
‫أِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫بِػ ِػو َوَي ْسػػتَْن ِج ُدهُ‪ ،‬فَ َج َعػ َؿ َممِػ ُ‬
‫ػيف َي ْسػأَ ُؿ َعػ ْػف صػػفَة َىػ ُػؤَيء ا ْلقَػ ْػوِـ الػػذ َ‬
‫يف قَػ ْػد‬ ‫الصػ ِ‬
‫ؾ ِّ‬
‫ػوف‬
‫ػؼ َي ْرَك ُب َ‬ ‫صفَتِ ِي ْـ‪َ ،‬و َك ْي َ‬‫فَتَحوا ا ْلبِ َال َد وقَيروا ِرقَاب ا ْل ِعب ِاد‪ ،‬فَجع َؿ ي ْخبِره عف ِ‬
‫َ َ ُ ُُ َ ْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َُ‬ ‫ُ‬
‫ػب َم َعػػوُ إِلَػػى َي ْزَد ِجػ ْػرَد‪،‬‬‫وف‪ .‬فَ َكتَػ َ‬
‫صػػم َ‬ ‫ػؼ ُي َ‬ ‫وف‪َ ،‬و َك ْيػ َ‬ ‫اإلبِػ َؿ‪َ ،‬و َمػػا َذا َي ْ‬
‫صػ َػن ُع َ‬ ‫ا ْل َخْيػ َؿ و ِْ‬
‫َ‬
‫ِّػيف ا ْل َجيَالَػةُ بِ َمػا‬
‫آخ ُرهُ بِالص ِ‬ ‫ش أ أَولُو بِمرو و ِ‬ ‫ؾ بِ َج ْي ٍ‬
‫ث إِلَ ْي َ‬ ‫ِ‬
‫ُ َْ َ َ‬ ‫َف أ َْب َع َ‬‫إِأنوُ لَ ْـ َي ْمَن ْعني أ ْ‬
‫ؾ ِ‬ ‫ػؼ لِ ػػي َر ُس ػػولُ َ‬ ‫أِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ص ػػفَتَيُ ْـ ؛ لَ ػ ْػو‬ ‫صػ َ‬ ‫يف َو َ‬ ‫َيح ػػؽ َعمَػ ػ أي‪َ ،‬ولَك ػ أػف َى ػ ُػؤَيء ا ْلقَ ػ ْػوَـ ال ػػذ َ‬
‫ؾ‪ ،‬أ َا ِ‬ ‫ػاولُوف ا ْل ِجبػػا َؿ لَيػػدوىا‪ ،‬ولَػػو ِج ْئػ ُ ِ‬
‫ام ػوا َعمَػػى َمػػا‬ ‫َزلُػػوني َمػػا َد ُ‬ ‫صػ ِػر َ‬
‫ػت لَن ْ‬ ‫َ َ َ ْ‬ ‫ُي َحػ ِ َ َ‬
‫ػاـ ِك ْس ػ َػرى َوآ ُؿ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ؾ‪ ،‬فَس ػػالِميـ وار ِ‬
‫ض م ػ ْػنيُ ْـ با ْل ُم َس ػػالَ َمة‪ .‬فَأَقَػ َ‬ ‫ػؼ ل ػػي َر ُس ػػولُ َ َ ْ ُ ْ َ ْ َ‬
‫وص ػ َ ِ‬
‫َ َ‬
‫ؾ َدأ ُْبػوُ َحتأػى قُتِػ َؿ َب ْع َػد َس َػنتَْي ِف‬ ‫يف‪َ ،‬ولَ ْـ َي َز ْؿ َذلِ َ‬
‫ور َ‬ ‫ض ا ْلبِ َال ِد َم ْقيُ ِ‬ ‫ِك ْس َرى ِفي َب ْع ِ‬
‫ض ِع ِو(ٔ)‪.‬‬
‫ورُده ِفي مو ِ‬
‫َْ‬
‫ِ‬
‫م ْف إِ َم َارِة ُعثْ َم َ‬
‫اف‪َ ،‬ك َما َس ُن ِ ُ‬
‫أعمػػاليـ ‪ ..‬أخالقيػػـ ‪ ..‬كانػػت طيبػػة ‪ ..‬كػػاف فػػي أخالقيػػـ اإليثػػار ‪..‬‬
‫اإلنابػػة ‪ ..‬التق ػػوى ‪ ..‬الخ ػػوؼ م ػػف اهلل ‪ .. ‬قي ػػاـ المي ػػؿ ‪ ..‬فكان ػػت أبػ ػواب‬
‫السػػماء مفتوحػػة ليػػـ ‪ ،‬فػػال يسػػتطيع أحػػد أف يقاتػػؿ ىػػؤيء القػػوـ ألنيػػـ عمػػى‬
‫صػػفات مرضػػية ‪ ،‬ألنيػػـ يحبػػوف المػػوت كمػػا نحػػب الحيػػاة‪ ،‬يحبػػوف المػػوت‬

‫ٔ) البداية والنياية يبف كثير ‪.‬‬


‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪33‬‬

‫كما نحب العسؿ ‪ ..‬ىكذا قاؿ أعداؤىـ ‪.‬‬


‫ولما سألوا الرىباف‪ :‬بػأي طريقػة نممػب عمػييـ‪ ،‬وكيػؼ ترفػع نصػرة اهلل‬
‫‪ ‬التػي معيػـ ‪ ..‬قػاؿ الرىبػاف‪ :‬الطريػؽ موجػود‪ ،‬واجتيػدوا إل ازلػة صػفات‬
‫النبي ‪ ، ‬فعنػدما يبعػدوا عػف حيػاة القػرآف‪ ،‬وحيػاة النبػي ‪ ،‬ترفػع نصػرة‬
‫ٍ‬
‫فحينئذ تممبوف عمييـ ‪.‬‬ ‫اهلل ‪ ‬عنيـ ‪ ،‬وتنزؿ عمييـ نقمة اهلل ‪، ‬‬
‫وما حدث في القدس‪ ،‬عنػدما أرسػؿ األعػداء جػوارييـ مزينػات بالحمػؿ‬
‫والحمي وأمروا الجواري‪ :‬أف ي يمنعف أنفسيف عػنيـ ‪ ،‬بػؿ كػؿ واحػدة تػراود‬
‫وتح ػػاوؿ ‪ ،‬وأم ػػروا أى ػػؿ ال ػػدكاكيف أف ي يمنعػ ػوا أح ػػداً يأخ ػػذ ش ػػيئاً م ػػنيـ ‪..‬‬
‫فكانت الخطة أف يوقعوىـ فى أمريف ‪ :‬أكؿ الحراـ ‪ ،‬والزنا ‪.‬‬
‫وفػػى زماننػػا ىػػذا أعػػداء اهلل أعقػػؿ مػػنيـ‪ ،‬ىػػـ مػػا أرسػػموا فػػي المسػػمميف‬
‫بنػػاتيـ فقػػط ‪ ،‬بػػؿ قػػاموا بتربيػػة بنػػات المسػػمميف عمػػى حيػػاة الكفػرة فانتشػػرت‬
‫حياة الكفرة في المسمميف ‪.‬‬
‫ولكػػف ىػػذا الجيػػد الػػذى قمنػػا مػػف أجمػػو ‪ ،‬وقػػاـ فينػػا ي يسػػتطيع أىػػؿ‬

‫‪َ ‬ني ْنيلا نيَ ْ ني ِنيا ُ ا‬ ‫الباط ػػؿ ‪ ،‬ب ػػؿ الك ػػوف كم ػػو أف يق ػػؼ أمامن ػػا ‪ .‬ق ػػاؿ تع ػػالى‬

‫‪.‬‬ ‫(ٔ)‬
‫جذاالوا َز ِال ٌا‬
‫َ‪‬‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫االَْنس ِلا َنيذَ ْْ َ غُهُا َ ُ‬ ‫ِن َْ َِّ َ‬
‫اِلَ‬
‫فطرؽ الباطؿ تنتيى بشرط أف يحيى طريؽ النبي ‪ .. ‬فخف لػـ يكػف‬
‫‪ ،‬فنجتيػد‬ ‫الحؽ موجػود فػي حياتنػا فبمػاذا يقػذؼ اهلل ‪ ‬عمػى الباطػؿ‬

‫ٔ) سورة األنبياء – ابية ‪. ٔٛ‬‬


‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪34‬‬

‫( ليؿ ‪ ..‬نيار) ‪ ،‬فاهلل ‪ ،‬ودود ‪ ..‬رحيـ ‪.‬‬


‫إذا قمت لكـ‪ :‬قوموا بيذا الجيػد‪ ،‬فػال تنشػمموا بػالرزؽ ‪ ،‬رفعػت األقػالـ‬
‫وجف ػػت الص ػػحؼ ‪ ،‬وم ػػا ك ػػاف لن ػػا فم ػػف يفوتن ػػا ‪ ..‬ب ػػؿ ال ػػدنيا نجعمي ػػا تح ػػت‬
‫قدـ الديف عمى الدنيا تصب الدنيا ديف ‪ ..‬واذا قُ ِّدمت الػدنيا‬
‫أقدامنا ‪ ..‬فخذا ِّ‬
‫عمػػى الػػديف ‪ ،‬فالشػػييد والعػػالـ والقػػارئ والمنفػػؽ يكػػوف فػػي النػػار ألف دينػػو‬
‫أصب دنيا ‪.‬‬
‫لػػيس مقصػػود الػػدعوة تػػرؾ األشػػياء‪ ..‬بػػؿ تػػدمير الشػػيء الح ػراـ الػػذي‬
‫دخؿ في األشياء ‪.‬‬
‫واذا كانت الدنيا فوؽ رؤوسنا ترفع عنا نصرة اهلل ‪. ‬‬
‫ولق ػ ػػد اجتي ػ ػػد الكف ػ ػػار عم ػ ػػى المس ػ ػػمميف ع ػ ػػف طري ػ ػػؽ العم ػ ػػوـ الدنيوي ػ ػػة‬
‫إلبعػػادىـ عػػف القػرآف والػػديف ‪ ،‬وفػػى الجامعػػات قػػالوا ليػػـ ‪ :‬أنػػتـ رجػػاؿ وىػػـ‬
‫رجػػاؿ ‪ ،‬فػػافيموا الق ػرآف بعقػػولكـ ‪ ،‬يريػػدوا أف يبعػػدونا عػػف حيػػاة الرجػػاؿ (‬
‫الصػػحابة رضػػى اهلل عػػنيـ أجمعػػيف ) الػػذيف كػػانوا ينػػزؿ عمػػييـ القػرآف وىػػـ‬
‫يطبقػػوف ‪ ،‬وشػػاىدوا األح ػواؿ وقػػد مػػرت بيػػـ ‪ ،‬فكػػانوا ميػػداناً عممي ػاً لتطبيػػؽ‬
‫الديف ‪ ،‬ي يستطيع أحد أف يفيـ مثؿ ما فيموا ‪ ،‬وقد أُمرنا باتبػاعيـ ‪ .‬قػاؿ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تعالى ‪َ ‬وال ِْفنِ ُو َناا َْولُو َنا َ االْ ُُ ََن ِت َ َاوا َْ َ‬
‫َن ِرا‬
‫(ٔ)‬
‫‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫فالترتيػػب الػػذى جػػاء بػػو النبػػي ‪ ‬والصػػحابة الك ػراـ رضػػى اهلل عػػنيـ‬

‫ٔ) سورة التوبة – ابية ٓٓٔ‪.‬‬


‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪35‬‬

‫أجمعيف أُمرنا أف نمشى بو إلى يوـ القيامػة ‪ ،‬كػاف النبػي ‪ ‬يعػرض نفسػو‬
‫عمػػى القبائػػؿ ليحيػػى حيػػاة اإلسػػالـ وكػػؿ وا حػػد ي ػراه ‪ ،‬وكانػػت تػػأتى عميػػو‬
‫الشػػدائد والمشػػقات ‪ ،‬واهلل ‪ ‬وصػػؼ حيػػاة أصػػحاب النبػػي ‪ ‬ورضػػى اهلل‬

‫ع ػ ػػنيـ أجمع ػ ػػيف ‪ ،‬واهلل ‪ ‬ش ػ ػػيد لي ػ ػػـ بالص ػ ػػدؽ ‪ ،‬ق ػ ػػاؿ تع ػ ػػالى‪ ‬لِْل ُف َ ني نيَ ِااا‬
‫ادتَنين ِرِل ٌْ َاوَْ َنيوابِِ ٌْاتنيَْجَنيغُنيو َنا َ ْ‬
‫ضنيغًا ِ ني َ االلْ ِنيها‬ ‫الَُْن ِ ِت االْ ِات ا ُخ ِ واا ِ ني ِ‬
‫َُ َ َ ْ ُ ْ‬
‫َِ‬ ‫ِ‬ ‫َوِر ْ‬
‫ندفُو َنا‪. )ٔ( ‬‬ ‫ال ٌُاال ْ‬ ‫َ ُو َنااللْهَ َاوَر ُ ولَهُا ُولَْ َ ُ‬
‫ض َوا نً َاوتنيََْ ُ‬
‫ما اجتيد الصحابة لمممػؾ وي لممػاؿ ‪ ،‬بػؿ لرضػواف اهلل ‪ ، ‬فجػاءىـ‬
‫الممػػؾ والمػػاؿ ‪ ،‬فمػػف يجتيػػد هلل يأتيػػو الممػػؾ والمػػاؿ ويكػػوف جيػػده مقبػػوؿ ‪،‬‬
‫وم ػػف اجتي ػػد لممم ػػؾ والم ػػاؿ ي يأتي ػػو ى ػػذا وي ذاؾ ويك ػػوف جي ػػده م ػػردود ‪..‬‬
‫فأساس الجيد النفس والماؿ ‪ ،‬وليس عمى الممؾ والماؿ ‪.‬‬
‫الب ػػذر اس ػػتوى واس ػػتممظ عم ػػى س ػػوقو ف ػػي عي ػػد النب ػػي ‪ ‬وأب ػػو بك ػػر‬
‫الصديؽ ‪ .. ‬وفى عيد عمر ‪ ‬جاءت الثمار ‪ ..‬ولمػا ُخأيػر النبػي ‪‬‬

‫‪ ..‬إف شئت نبياً عبداً ‪ ،‬أو نبياً ممكاً ‪ ..‬اختار العبودية ’ قاؿ ‪ " :‬بػؿ نبيػاً‬
‫عب ػ ػػداً " ‪ُ ،‬يع ػ ػػرض عمي ػ ػػو ‪ :‬جب ػ ػػاؿ تيام ػ ػػة ‪ ،‬ذى ػ ػػب ‪ ،‬وزم ػ ػػرد ‪ ،‬وي ػ ػػاقوت ‪،‬‬
‫فيرفض وىو جوعاف ‪.‬‬
‫لػػذا انتصػػر الصػػحابة رضػػي اهلل عػػنيـ أجمعػػيف ‪ ،‬عنػػدما ج ػاء فػػييـ‬

‫ٔ) سورة الحشر – ابية ‪.ٛ‬‬


‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪36‬‬

‫الديف الحقيقي ‪.‬‬


‫مض ػػى ‪ ،‬ق ػػاروف ‪ ،‬وفرع ػػوف ‪ ،‬وىام ػػاف ‪ ،‬وس ػػيأتي ال ػػدجاؿ ‪ ،‬وي ػػأجوج‬
‫وم ػػأجوج ‪ ،‬وأكب ػػر فتن ػػة ى ػػي فتن ػػة ال ػػدجاؿ أعادن ػػا اهلل ‪ ‬مني ػػا ‪ ،‬واهلل ‪‬‬
‫يدمر قوتو وينجى أىؿ اإليماف ‪ ،‬ويأجوج ومأجوج اهلل يدمرىـ ‪.‬‬
‫عامة أىؿ الديف ىـ أىؿ الفقر والمسكنة ‪ ،‬ولما يػأتي فػييـ قػوة الػديف‬
‫تكػوف معيػػـ نصػرة اهلل ‪ ، ‬ولػػو جػاء الػػدجاؿ ويػأجوج ومػػأجوج ‪ ،‬فػػاهلل ‪‬‬
‫يدمرىـ ‪ ،‬ألف أىؿ الديف معيـ اهلل ‪ ‬فاهلل يدافع عف الذيف آمنوا ‪.‬‬
‫اهلل ‪ ‬أعطػػى داوود وسػػميماف الممػػؾ ‪ ،‬وأعطػػى أيػػوب المػػاؿ ‪ ،‬وفػػى‬
‫ذلؾ إشارة إلى أف كؿ واحد يستطيع يقوـ بجيد الرسػوؿ ‪ ، ‬لػيس الفقػراء‬
‫فقط ‪.‬‬
‫عام ػػة أى ػػؿ ال ػػديف فقػ ػراء ‪ ،‬ليع ػػرؼ الن ػػاس ؛ أف ال ػػديف ل ػػيس مرب ػػوط‬
‫بالممؾ والحكومة والماؿ ‪.‬‬
‫نزلت نصرة اهلل ‪ ‬الميبية عمى بنى إسػرائيؿ فػي البحػر ‪ ،‬وفػى التيػو‬
‫أنػزؿ اهلل ‪ ‬ليػـ الم أػف والسػموى ‪ ،‬وذلػؾ بسػبب صػفاتيـ المرضػية عنػد اهلل‬
‫‪.‬‬
‫واهلل ‪ ‬دمػ ػػر كسػ ػػرى ‪ ،‬وقيصػ ػػر‪ ،‬ويزدجػ ػػرد ‪ ،‬لمػ ػػا جػ ػػاء الحػ ػػؽ عنػ ػػد‬
‫أصحاب النبي ‪ ، ‬لما خرجت الػدنيا مػف قمػوبيـ ‪ ..‬واهلل ‪ ‬ينصػر أىػؿ‬

‫اإليماف عمى يأجوج ومأجوج ‪ ،‬روى الحاكـ مف حديث حذيفػة ‪ ‬مرفوعػاً‬


‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪37‬‬

‫بعد أف ذكر قتؿ عيسى ‪ ‬لمدجاؿ ‪ ،‬وكسره لمصػميب ‪ ،‬وقتمػو الخنزيػر ‪،‬‬
‫ووض ػػعو الجزيػ ػػة ‪ ،‬قػ ػػاؿ ‪ " :‬فبينم ػػا ىػ ػػـ كػ ػػذلؾ‪ ،‬أخ ػػرج اهلل تعػ ػػالى يػ ػػأجوج‬
‫ومأجوج "‪.‬‬
‫وفػػى حػػديث الن ػواس بػػف سػػمعاف ‪ " :‬فيػػوحي اهلل ‪ ‬إلػػى عيسػػى بػػف‬
‫م ػريـ ‪ ‬أنػػى قػػد أخرج ػػت عبػػاداً مػػف عبػػادي ي ي ػػداف أحػػد مػػف عب ػػادي‬
‫لقتػػاليـ فحػػرز عبػػادي إلػػى الطػػور فيبعػػث اهلل ‪ ‬يػػأجوج ومػػأجوج وىػػـ كمػػا‬

‫‪ ،‬وىػػـ مػف ولػػد آدـ ‪، ‬‬ ‫(ٔ)‬


‫‪‬‬ ‫باتنيََْ ِِفنيلُون‬
‫قػاؿ اهلل ‪ ِ  ‬ني ا ُكني ِّنيلا َنيْ ٍ‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫ولو أرسموا عمى الناس ألفسدوا معايشيـ ‪ ،‬وي يمػوت الرجػؿ مػنيـ إي تػرؾ‬
‫مػػف ذريتػػو ألفػاً فصػػاعداً وأف مػػف وراءىػػـ ثػػالث أمػػـ مػػا يعمػػـ عػػدتيـ إي اهلل‬
‫‪.)ٕ( " ‬‬
‫" وي يمػػروف بفيػػؿ وي وحػػش وي جمػػؿ وي خنزيػػر إي أكمػػوه ‪ ،‬مقػػدمتيـ‬
‫بالشاـ وساقتيـ بالعراؽ ‪ ،‬يشربوف أنيار المشرؽ ‪ ،‬وبحيرة طبرية " (ٖ)‪.‬‬
‫وروى الشيخاف عف زينػب بنػت جحػش رضػي اهلل تعػالى عنيػا قالػت‪:‬‬
‫أف النبػػي ‪ ‬دخػػؿ عمييػػا فزع ػاً يقػػوؿ ‪ " :‬ي إلػػو إي اهلل ‪ ،‬وي ػ ٌؿ لمعػػرب مػػف‬

‫ٔ) سورة األنبياء – ابية ‪. ٜٙ‬‬


‫ٕ) رواه عبد بف حميد ‪ ،‬وابف المنذر ‪ ،‬والطبرانى ‪ ،‬وابػف مردويػة ‪ ،‬والبييقػى فػى الشػعب ‪،‬‬
‫وابف عساكر عف ابف عمرو ( سبؿ اليدى والرشاد – ٓٔ ‪) ٖٜٙ /‬‬
‫ٖ) رواه بف أبى حػاتـ ‪ ،‬وابػف مردويػة ‪ ،‬و ابػف عػدى ‪ ،‬وابػف عسػاكر عػف حذيفػة رضػى اهلل‬
‫عنو ( سبؿ اليدى والرشاد فى سيرة خير العباد – ٓٔ ‪) ٕٙٗ /‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪38‬‬

‫شػ ػػر قػ ػػد اقتػ ػػرب ‪ ،‬فػ ػػت اليػ ػػوـ مػ ػػف ردـ يػ ػػأجوج ومػ ػػأجوج مثػ ػػؿ ىػ ػػذه وحمأػ ػ أ‬
‫ؽ‬
‫بأصبعيو اإلبياـ والتػي تمييػا فقمػت يػا رسػوؿ اهلل ‪ :‬أنيمػؾ وفينػا الصػالحوف‬
‫قاؿ ‪ " :‬نعـ ‪ .‬إذا ُكثر الخبث " ( متفؽ عميو ) (ٔ)‪.‬‬
‫فيأتوف بيت المقدس‪ ،‬فيقولوف‪ :‬قد قتمنػا أىػؿ الػدنيا ‪ ،‬فيرمػوف بنشػابيـ‬
‫إلى السماء فترجع مخضػبة بالػدماء لمػبالء والفتنػة ‪ ،‬فيقولػوف‪ :‬قػد قتمنػا مػف‬
‫فػػي السػػماء ‪ .‬ويحضػػر نبػػي اهلل عيسػػى بػػف م ػريـ ‪ ‬وأصػػحابو ‪ ،‬حتػػى‬
‫يكػػوف رأس الثػػور ألحػػدىـ خيػػر مػػف مائػػة دينػػار ألحػػدكـ اليػػوـ‪ ،‬فيرسػػؿ اهلل‬
‫‪ ‬النمػػؼ فػػي أعنػػاقيـ‪ ،‬فيصػػبحوف فرسػػى كمػػوت رجػػؿ واحػػد ‪ ،‬ثػػـ ييػػبط‬
‫نب ػػي اهلل عيس ػػى ب ػػف مػ ػريـ ‪ ‬وأص ػػحابو إل ػػى األرض‪ ،‬ف ػػال يج ػػدوف ف ػػي‬
‫األرض موضع شبر إي مأله زىميـ ونتنيـ‪ ،‬فيرغب عيسػى بػف مػريـ ‪‬‬
‫إلػػى اهلل ‪ ،‬فيرسػػؿ عمػػييـ طيػ اًر كأعنػػاؽ البخػػت فػػتحمميـ فتطػػرحيـ حيػػث‬
‫شػػاء اهلل‪ ،‬ويسػػتوقد النػػاس مػػف ِقسػأييـ ونشػػابيـ سػػبع‪ ،‬ويرسػػؿ اهلل المطػػر ي‬
‫يكػػف منػػو بيػػت وي مػػدر وي وبػػر أربعػػيف يوم ػاً فيمسػػؿ األرض حتػػى يتركيػػا‬
‫زلقػػة ‪ ،‬ويقػػاؿ لػػألرض‪ :‬انبت ػي ثمػػرؾ وردي بركتػػؾ‪ ،‬فيومئػ ٍػذ تأكػػؿ العصػػابة‬
‫مػػف الرمانػػة ويسػػتظموف بقحفي ػا‪ ،‬ويبػػارؾ فػػي الرسػػؿ‪ ،‬حتػػى إف المقحػػة مػػف‬
‫اإلبؿ لتكفي الفئاـ مف الناس‪ ،‬والمقحة مػف البقػر لتكفػي القبيمػة مػف النػاس‪،‬‬

‫ٔ) مشكاة المصابي – باب البكاء والخوؼ – ٖ ‪. ٔٗٙٚ /‬‬


‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪39‬‬

‫والمقحة مف المنـ لتكفي الفخذ مف الناس "‪ .‬رواه مسمـ (ٔ)‪.‬‬


‫ويكػػوف طعػػاـ عيسػػى ‪ ‬ومػػف معػػو مػػف المػػؤمنيف كطعػػاـ المالئكػػة‬
‫التسبي والتيميؿ ‪.‬‬
‫اهلل ‪ ‬أىمؾ النمرود ببعوضة عرجاء‪ ،‬وأىمؾ أبرىػة الحبشػي وجيشػو‬
‫بطير أبابيؿ ‪.‬‬
‫فنس ػػمـ قموبن ػػا هلل ‪ ‬ونجع ػػؿ حياتن ػػا إلحي ػػاء أم ػػر اهلل ‪ ، ‬ونط ػػوؼ‬
‫لنجر اإلنسانية إلى اهلل ‪. ‬‬
‫البالد ّ‬
‫ال ػ ػػدجاؿ يمي ػ ػػؿ أربع ػ ػػيف يومػ ػ ػاً ‪ ،‬وي ػ ػػأجوج وم ػ ػػأجوج ي يميم ػ ػػوف كمي ػ ػػـ‬
‫يموت ػػوف‪ ،‬فت ػػأتى طي ػػور لتحم ػػؿ أجس ػػادىـ إل ػػى مك ػػاف يعمم ػػو اهلل ‪ ،‬وين ػػزؿ‬
‫المطر ليطير األرض منيـ ‪.‬‬
‫اهلل ‪ ‬أظي ػػر قوت ػػو ف ػػي ال ػػزمف األوؿ‪ ،‬وف ػػى ال ػػزمف ابخ ػػر ‪ ،‬فكي ػػؼ‬
‫بذلؾ الوقت‪.‬‬
‫طػػوبى لعػػيش بعػػد المسػػي ‪ ،‬يػػأمر اهلل ‪ ‬السػػماء أف تنػػزؿ قطرىػػا ‪،‬‬
‫واألرض ثمرتي ػػا ‪ ،‬ويجتمػ ػػع العصػ ػػابة مػ ػػف الن ػػاس تحػ ػػت قحػ ػػؼ الرمانػ ػػة ‪،‬‬
‫ويمعب الصبي بالحية فما تضره ‪ ،‬وذلؾ بسبب الديف الذي معيـ ‪.‬‬

‫ٔ) مػػف حػػديث رواه مسػػمـ – انظػػر كتػػاب ريػػاض الصػػالحيف – بػػاب المنثػػورات والمم ػ ‪،‬‬
‫ػ بػػاب العالمػػات ب ػػيف يػػدي الس ػػاعة وذكػػر ال ػػدجاؿ‬ ‫ومشػػكاة المصػػابي كت ػػاب الفػػتف‬
‫ٖ‪. ٔ٘ٓٚ/‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪41‬‬

‫النبي ‪ ‬أعرض كؿ اإلعراض أف يكػوف أسػاس الػديف الممػؾ والمػاؿ‬


‫‪ ،‬فما قبػؿ جبػاؿ تيامػة ذىبػاً ‪ ،‬واختػار العبوديػة ‪ ،‬واختػار أف يكػوف أسػاس‬
‫الديف ىو بذؿ القوى والتضحية ‪ ،‬واذا جاء الماؿ ‪ ،‬فمننظر إلى حيػاة عمػر‬
‫بف الخطاب ‪ ‬فعيده كانت وقت الثمار ‪.‬‬
‫الصػػحابة رضػػى اهلل عػػنيـ أجمعػػيف مػػا كػػاف عنػػدىـ الكػػالـ الكثيػػر ‪،‬‬
‫بؿ كاف عندىـ ايسػتعداد ‪ ،‬يسػمعوف كممػة يقومػوف بالعمػؿ ‪ ،‬ولمػا خرجػت‬
‫ىذه الحياة منا نحتاج إلى كالـ طويؿ حتى يأتي فينا ‪.‬‬
‫ربعػي بػػف عػامر ‪ ‬كيػػؼ دعػا رسػػتـ ‪ ( ...‬نحػف قػػوـ ابتعثنػػا اهلل‬
‫‪ ‬لنخ ػػرج م ػػف ش ػػاء م ػػف عب ػػادة العب ػػاد إل ػػى عب ػػادة اهلل ‪ ، ‬وم ػػف ج ػػور‬
‫األديػػاف إلػػى عػػدؿ اإلسػػالـ ‪ ،‬ومػػف ضػػيؽ الػػدنيا إلػػى سػػعة الػػدنيا وابخػرة ‪،‬‬
‫وأرسػػمنا بدينػػو إلػػى خمقػػو … كممػػات بسػػيطة ألف الحيػػاة كانػػت موجػػودة ‪..‬‬
‫والكفرة كانوا ينظروف إلى حياتيـ ‪.‬‬
‫مكر الكفار إما بالممؾ أو بالماؿ أو بالنساء أو التخويؼ والذى يػأتى‬
‫عنػده اليقػيف ي يخػاؼ مػف أحػد ‪ ،‬وي يحػرص عمػى الممػؾ والمػاؿ ‪ ..‬ربعػػي‬
‫مػػا تػػأثر بأشػػياء رسػػتـ قائػػد الفػػرس بػػؿ مػػزؽ عامػػة الزينػػة التػػي زين ػوا بيػػا‬
‫مجمس رستـ ‪.‬‬
‫‪ -‬نخ ػػرج ف ػػي س ػػبيؿ اهلل ‪ ‬حس ػػب األحػ ػواؿ ى ػػذا تبمي ػػغ مي ػػت‪ ،‬ب ػػؿ نخ ػػرج‬
‫خالؼ األحواؿ ‪.‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪40‬‬

‫‪ -‬الصػػحابة رضػػى اهلل عػػنيـ أجمعػػيف لػػـ يكون ػوا متكمفػػيف ‪ ،‬كػػؿ واحػػد ك ػاف‬
‫يؤثر أخيو عمى نفسو فكانت بيػنيـ المحبػة واأللفػة ‪ ،‬ابف األمػواؿ موجػودة‬
‫ولكف المشاكؿ تزداد يوماً بعد يوـ ‪.‬‬
‫‪ -‬لع ػػؿ قائ ػػؿ يق ػػوؿ ‪ :‬لم ػػاذا ن ػػدعو المس ػػمميف ‪ ،‬ال ػػدعوة لمكف ػػار النب ػػي ‪‬‬
‫عممنػػا بعػػد ابذاف الػػدعاء " الميػػـ رب ىػػذه الػػدعوة التامػػة والصػػالة القائمػػة‬
‫… " فنحف أمة الدعوة والدعوة لنا ‪.‬‬
‫صمأى المأوُ َعمَ ْي ِو َو َسمأ َـ ُم َعا َذ‬ ‫ث الأنبِي َ‬ ‫س ‪َ ،‬يقُو ُؿ ‪ " :‬لَ أما َب َع َ‬ ‫وعف ا ْبهَ َعبَّا ٍ‬

‫ؾ تَ ْقػ َػد ُـ َعمَػػى قَػ ْػوٍـ ِمػ ْػف أ ْ‬


‫َىػ ِػؿ‬ ‫َىػ ِػؿ ا ْلػ َػي َم ِف ‪ ،‬قَػػا َؿ لَػػوُ ‪ :‬إِأن ػ َ‬
‫ْبػ َػف َجَبػ ٍػؿ إِلَػػى َن ْحػ ِػو أ ْ‬
‫ؾ‬‫ِّدوا المأوَ تَ َعػالَى فَػِخ َذا َع َرفُػوا َذلِػ َ‬ ‫وى ْـ إِلَى أ ْ‬
‫َف ُي َوح ُ‬ ‫اب ‪َ ،‬ف ْمَي ُك ْف أ أَو َؿ َما تَ ْد ُع ُ‬ ‫ا ْل ِكتَ ِ‬

‫ات ِفػػي َيػ ْػو ِم ِي ْـ َولَْيمَػػتِ ِي ْـ ‪،‬‬


‫َف المأػػو قَػ ْػد فَػػرض عمَػ ْػي ِيـ َخمػػس ص ػمَو ٍ‬
‫َ َ َ ْ ْ َ َ َ‬ ‫َخبِ ْرُى ْـ أ أ َ‬ ‫‪ ،‬فَ ػأ ْ‬
‫ض َعمَػ ْػي ِي ْـ َزَكػػاةً ِفػػي أ َْمػ َػوالِ ِي ْـ تُ ْؤ َخ ػ ُذ ِمػ ْػف‬ ‫َخبِرىـ أ أ أ‬
‫َف المػػوَ ا ْفتَػ َػر َ‬
‫فَ ػِخ َذا أ‬
‫صػػم ْوا ‪ ،‬فَ ػأ ْ ْ ُ ْ‬
‫َ‬
‫ؽ َكػرائِـ أَمػو ِ‬
‫اؿ‬ ‫أ‬ ‫ِ‬ ‫َغنِِّي ِي ْـ ‪ ،‬فَتَُرد َعمَػى فَ ِقي ِػرِى ْـ فَػِخ َذا أَقَػروا بِػ َذلِ َ‬
‫ؾ ‪ ،‬فَ ُخػ ْذ م ْػنيُ ْـ َوتَ َػو َ َ ْ َ‬
‫اس " (ٔ)‪ .‬فيؿ نػدعوىـ ابف لإلسػالـ الػذي عنػدنا ‪ ،‬أـ الػذي كػاف عنػد‬ ‫الأن ِ‬
‫الصحابة رضي اهلل عنيـ أجمعيف ‪..‬‬
‫فخذا دعوناىـ لإلسالـ الذي عندنا‪ ،‬فميس فينا الحياة حتى نقوؿ‬
‫لمناس‪ ،‬كما قاؿ الصحابة رضي اهلل عنيـ أجمعيف ‪ :‬كونوا مثمنا ‪ ،‬فميس‬

‫صػػمأى المأػػوُ _ رقػػـ‬ ‫ٔ) صػػحي البخػػاري» ِكتَػػاب التأو ِحيػ ِػد» بػػاب مػػا جػػاء ِفػػي ُدعػ ِ‬
‫ػاء الأنبِػ ِّ‬
‫ػي َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫الحديث (‪.)ٙٛٗٛ‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪42‬‬

‫فينا الصفات ‪ ..‬ولو دعوناىـ لحياة الصحابة رضي اهلل عنيـ أجمعيف‬
‫لقالوا ‪ :‬لو كنتـ عمى خير فأنتـ أحؽ بيذا منا ‪.‬‬
‫فمػػو عنػػدنا األعمػػاؿ الصػػالحة لػػدخمت اإلنسػػانية فػػي اإلسػػالـ فوج ػاً‪،‬‬
‫فوجا‪ ،‬وجاءت فينا الحياة اإلسالمية ‪ ،‬ألف الدعوة العمميػة أقػوى بكثيػر مػف‬
‫الدعوة الكالمية‪.‬‬
‫الص ػػحابة رض ػػى اهلل ع ػػنيـ أجمع ػػيف ‪ ..‬ث ػػالث عشػ ػرة س ػػنة ف ػػي مك ػػة‬
‫يتعممػػوف ( كف ػوا أيػػديكـ) فجػػاء عنػػدىـ الصػػبر ‪ ،‬ولمػػا انتقم ػوا إلػػى المدينػػة‬
‫(خذوا حذركـ ) ‪.‬‬
‫فم ػػيس مقص ػػود اإلس ػػالـ قت ػػؿ الكف ػػار‪ ،‬فم ػػذلؾ ك ػػاف األم ػػر الث ػػاني بع ػػد‬
‫ال ػػدعوة لإلس ػػالـ ‪ ،‬ف ػػخف ل ػػـ تقبمػ ػوا من ػػا ‪ :‬أف ت ػػدفعوا الجزي ػػة ع ػػف ي ػػد وأن ػػتـ‬
‫صػػاغروف ‪ ..‬فالحيػػاة اإلسػػالمية أولػػى أف تكػػوف عممي ػاً ‪ ،‬مػػف كػػاف عنػػده‬
‫اإلسػػالـ يكػػوف عزي ػ اًز ‪ ،‬ومػػف لػػـ يػػدخؿ فػػي اإلسػػالـ يكػػوف ذلػػيالً ‪ .‬يػػدفعوا‬
‫الجزية ويكونوا في ذمة المسمميف ‪.‬‬
‫ربعػػي يقػػوؿ ىػػذه المقالػػة مػػع رثاثػػة لباسػػو وأمامػػو جػػيش عػػدده ٓ‪ٔٛ‬‬
‫ألؼ مدججيف بالسالح " تعطوا الجزية عف يد وأنتـ صاغروف ‪.‬‬
‫ألن ػػو يعتم ػػد عم ػػى م ػػا وراءه م ػػف نصػ ػرة اهلل ‪ ‬وى ػػذه ال ػػدعوة تًس ػػمى‬
‫الػ ػػدعوة العمميػ ػػة ‪ ،‬لمػ ػػا يعاشػ ػػروا المسػ ػػمميف فيػ ػػروا صػ ػػفاتيـ فيػ ػػدخموف فػ ػػي‬
‫اإلسػ ػػالـ ‪ ..‬فكانػ ػػت الجزيػ ػػة مقصػ ػػدىا الػ ػػدعوة‪ ،‬ومػ ػػا كػ ػػاف مقصػ ػػد خػ ػػروج‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪43‬‬

‫الصحابة في سبيؿ اهلل قتؿ الكفار‪ ،‬بػؿ إلخػراجيـ مػف الجحػيـ إلػى الجنػة‪ ،‬فػخذا‬
‫رفضوا فميس ليـ أماف ‪ ..‬بؿ األماف في أيد المسمميف ‪.‬‬
‫المرحمة الثالثةة ‪ :‬إذف يكػوف القتػاؿ ‪ ..‬ويكػوف لػو شػروط ‪ :‬ي تقتمػوا ارىػب فػي‬
‫صػػومعتو ‪ ،‬وي النسػػاء ‪ ،‬وي األطفػػاؿ ‪ ،‬وي تحرق ػوا األشػػجار ‪ ..‬وىػػذه الشػػروط‬
‫شديدة ولكنيـ تعمموا الصبر في الزمف المكي ( كفوا أيديكـ ) ‪.‬‬
‫لمػػا رفض ػوا اإلسػػالـ ‪ ..‬الجزيػػة ‪ ..‬فػػأخرج ربعػػي سػػيفو مػػف غمػػده وقػػاؿ ‪:‬‬
‫ىذا يفصؿ بيننا وبينكـ ‪.‬‬
‫المسػػمموف سػػتة وثالثػػوف ألفػاً واألعػػداء مائػػة وثمػػانوف ألفػاً‪ ،‬ولكػػف األعػػداء‬
‫ينظػػروف إلػػى جنػػود اهلل ‪ ‬ي ينػػاموف بػػؿ مسػػتعدوف ( رىبػػاف بالميػػؿ‪ ،‬فرسػػاف‬
‫بالنيار) ‪ ،‬فقاؿ‪ :‬كـ تميمنا فقاؿ ربعػي‪ :‬مػا سػف لنػا رسػوؿ اهلل ‪ ‬؛ أف نميػؿ‬
‫عدونا فوؽ ثالثة أياـ وىذا يوـ مضى‪ ،‬وبقى يوماف‪.‬‬
‫فالص ػػحابة رض ػػي اهلل ع ػػنيـ أجمع ػػيف ك ػػانوا رج ػػاؿ " ق ػػدوة لن ػػا " ل ػػذا نق ػػوـ‬
‫بالدعوة إلى اهلل ‪. ‬‬
‫ويب ػػد م ػػف م ػػنيج النب ػػوة ف ػػي ال ػػدعوة إل ػػى اهلل ‪ ، ‬ف ػػال ن ػػنج إي بطري ػػؽ‬
‫األنبياء‪ ،‬ونتحرؾ حتػى تقػوـ األمػة عمػى مقصػدىا ‪ ،‬وي نخػاؼ مػف ىػذه الفػتف‪،‬‬
‫وي نيأس مف ىذه البيئة ‪.‬‬
‫نس ِلا َنيذ ْْ غُها َجذاالواز ِ‬
‫الَ ‪.)ٕ()ٔ( ‬‬ ‫‪ ‬لا َني ْ ِا ُ اِن ْ َِّاِلَ االْ ِ‬
‫َ َ ُ َُ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َْ‬

‫ٔ) سورة األنبياء – ابية ‪. ٔٛ‬‬


‫ٕ) محاضرة ألقيت يوـ السبت – الموافؽ ‪ – ٜٔٛٚ/ٔٔ/ٚ‬باجتماع رايوند بباكستاف‪.‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪44‬‬

‫فتوحػات ربانية‬
‫ِ‬ ‫قاؿ تعالي‪{ :‬اَل وا َذلِ َ االْ ِجَنبا َارت ِ ِ‬
‫ال ًْىالِّلْ ُُجْ َ‬
‫وا‬ ‫با ذه ُ‬
‫(ٔ)‪.‬‬
‫}‬ ‫ُ َْ َ‬
‫فالقرآف كتاب ىداية‪ ،‬ويبيف لنا طريؽ الرشد والصواب في كؿ حاؿ‬
‫مف األحواؿ‪ ،‬سواء كانت ىذه األحواؿ عالمية اجتماعية‪ ،‬أو عائمية‪ ،‬أو‬
‫بيتية‪ ،‬أو كسبية‪ ،‬أو انفرادية ‪.‬‬

‫تَناَتنيُّ ََناالَ ُ‬
‫ْنس افَ ْْ ا َ نا ُكٌا‬ ‫وىذا القرآف نور وشفاء‪ ،‬قاؿ تعالي ‪{ :‬‬

‫نيُْ َلن ٌنا ِّ ا ْرِّ ُ ٌْ َاوَ َلْاََناِلَْذ ُ ٌْا ُ ًوراا ُِّذًَن‬


‫}(ٕ)‪.‬‬

‫و اواتنيَ َْ ِْياِِها‬
‫نب ا ُِّ ٌ‬
‫وقاؿ تعالي‪ { :‬فَ ْْ ا نا ُكٌا ِّ االلّ ِه ا ُ ِ‬
‫ور َاوكجَ ٌ‬
‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ضوا َه ا ل اال ِْفغَِم اوُِيْ ِ ٌَا ِّ ِ االظُّلُُ ِ‬
‫نت اِ َىل االَُّوِرا‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ ُُ‬ ‫اللّهُ ا َ ِ ااثْنيَ َم ار ْ َ ُ ُ ُ َ‬
‫‪.‬‬
‫(ٖ)‬
‫}‬ ‫اطا ُّ ِْفجَ ِ ذ ٌٍا‬
‫ِِج ْذ ِِهاوتنيَ ِْت ٌَِاِ َىلا ِص ٍ‬
‫َ‬ ‫ََ ْ ْ‬
‫ِ‬ ‫واثْني نيعواْ االَُّور االْ ِ‬
‫ي ا ُ َِل ا َ َعهُ ا ُْولَنيْ َ ُ‬
‫ال ٌُا‬ ‫َ‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫َ َُ‬ ‫وقاؿ تعالي‪{ :‬‬

‫}(ٗ)‪.‬‬ ‫الْ ُُ ْفلِ ُمو َنا‬

‫ٔ) سورة البقرة _ ابيتاف ٔ ‪ٓ ٕ ،‬‬


‫ٕ) سورة النساء _ ابية ٗ‪ٔٚ‬‬
‫ٖ) سورة المائدة _ ابيتاف ٘ٔ ‪ٓ ٔٙ ،‬‬
‫ٗ) سورة األعراؼ _ ابية ‪ٓ ٔ٘ٚ‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪45‬‬

‫َآ ِ َُوا اِنللْ ِه َاوَر ُ ولِِه َاوالَُّوِر االْ ِاي اَ َلََْن َاواللْهُ ِابَنا‬ ‫وقاؿ تعالي‪{ :‬‬

‫ثَني ْعُلُو َن َ ِ‬
‫}(ٔ) ‪.‬‬ ‫اخ انٌ‬ ‫َ‬
‫ال ًْى َاو ِ َفنا َاوالْ ِات َ اَ ا‬ ‫ِِ‬
‫ال َو اللْات َ ام َ َُوا ُ‬
‫وقاؿ تعالي‪ { :‬فُ ْل ُ‬
‫تني ْوِ َُو َن ِآت ام َذاِنٌِِ اوفْني اولو اِلَذ ٌَِ اُِ ا ُولَِْ َ اتنيََندو َن ا ِ ا ْ َ ٍ‬
‫ننا‬ ‫ْ َ ٌ َ َُ َ ْ ْ َ ً ْ ُ َْ‬ ‫ُ‬
‫ِ ٍ (ٕ)‪،‬‬
‫ولكف كؿ واحد يستنير ويستفيد‪ ،‬ويحصؿ لو الشفاء بيذا‬ ‫ذْ }‬‫َع ا‬
‫القرآف عمي قدر معرفتو باهلل ‪ ‬ومحبتو لخالقو‪ ،‬وخشيتو لو ‪. ‬‬
‫فاليداية والشفاء عمي قدر اإليماف‪ ،‬فخف كاف اإليماف حقيقيا وقويا‪،‬‬
‫فاليداية واإليماف كذلؾ ‪.‬‬
‫وليس بالزـ أف كؿ مف يق أر القرآف يستنير بو‪ ،‬فخف كاف في قمبو‬
‫حب الدنيا‪ ،‬ونقصت معرفتو باهلل ‪ ،‬ويتبع الشيوات النفسانية ‪ ،‬فيضؿ‬
‫ض ُّل اِِه ا َكًِناًاوتنيَ ِْياِِه ا َكًِناًاو نات ِ‬
‫ض ُّلا‬ ‫بو كما قاؿ اهلل عز وجؿ ‪ { :‬ت ِ‬
‫ََ ُ‬ ‫ََ ْ‬ ‫ُ‬
‫(ٖ)‪.‬‬
‫ِِهاِ ْاالْ َفن ِ ِ َا‬
‫و}‬

‫القرآف رسالة مف اهلل ‪ ‬إلي خمقو‪ ،‬واف سأؿ سائؿ‪ :‬ما ىو‬
‫قمنا‪ :‬موضوعو وعنوانو‪ :‬ذكر اهلل ‪ ، ‬قاؿ‬ ‫موضوع القرآف وعنوانو‬

‫ٔ) سورة التمابف _ ابية ‪. ٔٓٛ‬‬


‫ٕ) سورة فصمت _ ابية ٗٗ ‪.‬‬
‫ٖ) سورة البقرة _ ابية ‪ٓ ٕٙ‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪46‬‬

‫ال َو اِلَنيهٌ َاوا ِ ٌْا‬ ‫ِ ِ‬ ‫{لني َاا ا غَغٌ الِّلَ ِ ِ‬


‫ْنس َاولذَُ َا ُرواْ اِه َاولذَني ْعلَ ُُواْ اََّْنَن ُ‬ ‫َ َ‬ ‫تعالي ‪:‬‬

‫}(ٔ)‪.‬‬ ‫ولِذ ْا ْك ا ُولُواْاا َلْ ِ‬


‫نبا‬‫َ‬ ‫ََ َ ْ‬
‫ادا ِر اال ِْفغَِم َاوتنيَ َْ ِْيا‬
‫داع‪ ،‬قاؿ تعالي ‪َ { :‬واللّهُاتَ ُِْْواِ َىل َ‬ ‫واهلل ‪ٍ ‬‬

‫اط ا ُّ ِْفجَ ِ ذ ٍاٌ }(ٕ) ‪ ،‬وقاؿ تعالي ‪َ {:‬واللّهُ اتَ ُِْْ َو اِ َىلا‬ ‫اص ٍ‬
‫َ‬
‫ات َشنااِ َىل ِ‬
‫َ َ‬
‫ن }(ٖ)‪.‬‬ ‫وامتَنثِِهالِلَ ِ‬
‫ْنسالَ َعلْ َُ ٌْاتنيَجَ َا ْك ُو َا‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِْ‬
‫اَََْ َاوالْ َُ ْغفَةِاِِج ْذ ه َاوتنيَُني ِّ ُ‬
‫ِْباِْنا َْر َ ْلََ َ‬
‫نكا‬ ‫داع إلي اهلل‪ ،‬كما قاؿ اهلل ‪{ :‬تَناَتنيُّ ََناالَِ ُّ‬ ‫ونبينا ‪ٍ ‬‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِِ ِِ ِ‬ ‫نل ًْااو ِّش ِ‬ ‫ِ‬
‫نا }(ٗ)‪.‬‬ ‫ااواوَداِذًنا َىلااللْها ج ْذ ه َاو َا ً نا َُّ ً‬ ‫ااوَاتً َ‬ ‫َ َ َُ ً َ‬
‫فال يفيـ القرآف إي في ميداف الدعوة والتضحيات لمدعوة إلي اهلل ‪.‬‬
‫اهلل تبارؾ وتعالي عممنا الدعاء وطريقة الدعاء في سورة الفاتحة ‪،‬‬
‫وكاف الشيخ محمد يعقوب نانوتوي ( رحمو اهلل ) يقوؿ‪ :‬كؿ دعاء مف‬
‫األدعية التي ذكرت في القرآف الكريـ ‪ ،‬يرجى أف يستجاب يقينا ‪ ،‬وقد‬
‫عممنا ‪ ‬األدعية القرآنية ليستجيب لنا وكاف يضرب عمي ذلؾ المثاؿ ‪،‬‬
‫فيقوؿ ‪:‬أف رجال أميا ذىب إلي موظؼ في اإلدارة ‪ ،‬وعرض عميو حاجتو‬
‫‪ ،‬فقاؿ الموظؼ ‪ :‬ي بد أف تقدـ إلينا الطمب تحري ار فقاؿ الرجؿ أنا أمي‬

‫ٔ) سورة إبراىيـ _ ابية ٕ٘ ٓ‬


‫ٕ) سورة يونس _ ابية ٕ٘‪.‬‬
‫ٖ) سورة البقرة _ ابية ٕٕٔ ‪.‬‬
‫ٗ) سورة األحزاب _ ابيتاف ٘ٗ ‪ٓ ٗٙ ،‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪47‬‬

‫ي أعرؼ الكتابة‪ ،‬فأخرج الموظؼ القمـ مف جيبو وكتب عمي الورقة طمبو‬
‫‪ ،‬وقاؿ اذىب بيذه الورقة ‪ ،‬وانقؿ الطمب مف ىذه الورقة ثـ قدمو إل أي غدا‬
‫‪ ،‬فيو فعؿ ىكذا ثـ قدـ الطمب إليو‪ ،‬فوقع عميو مف الفور‪ ،‬ألنو ىو الذي‬
‫عممو طريقة تقديـ الطمب‪ ،‬فمعناه أنو كاف ُيريد القبوؿ‪ ،‬ولكف رعاية‬
‫لمنظاـ ‪ ،‬أمره بنقؿ الطمب وتقديمو إليو ‪ ،‬فكذلؾ األدعية المذكورة في‬
‫القرآف ‪ ،‬ىي أحؽ أف يستجاب‪ ،‬إي أف اهلل ‪ ‬يريد أف نقدميا إليو تعالي‬

‫ب الَ ُ ٌْ اِ ْن االْ ِات َ ا‬ ‫ِ‬


‫اادُِ ِوِن اَ ْ جَج ْ‬ ‫نل َارُّ ُ ٌُ ْ‬ ‫بألسنتنا رعاية لنظامو { َوفَ َ‬
‫اِ ندِِتا ذ ْْخلُو َن ا ٌََْ اد ِ‬ ‫ِ‬
‫اخ ِت َا } (ٔ) فعممنا اهلل ‪‬‬ ‫اِ ْ َ َ َ َ ُ َ َ َ َ‬ ‫تَ ِْفجَ ْ ِِبُو َن َ‬
‫اواصَا َط االْ ِات َ ا‬
‫نيناالَ ا َط اا ِفجَ ِ ذٌ ِ‬ ‫ِ‬
‫الدعاء الميـ ‪ ،‬قاؿ تعالي ‪{ :‬الْ نيَ ني ِّ َ ُ َ‬
‫و } (ٕ) وبينو في آية‬ ‫اِلَذ َِ ٌْ َاو َاالضْنلِّ َا‬
‫وب َ‬ ‫غض ِ‬ ‫اِلَذ َِ ٌْ ا َْ ِن اا ُ‬
‫َ‬ ‫ُت‬
‫َ‬ ‫َ َع‬
‫َ‬
‫ول ا َأ ُْولَنيِْ َ ا َ َم االْ ِات َ اَْني َع ٌَا‬
‫أخري ‪ ،‬قاؿ تعالي ‪َ { :‬وَ اتُ ِط ِم االلّهَ َاوالْ ُ َ‬
‫الَِّْت ِ و اوالشَُّ َْاا اوال ْ ِِ‬
‫و َاو َ ُِف َ ا‬ ‫َن َ‬ ‫و َاو ِّ َ َ َ َ‬ ‫اِلَْذ ٌَِ ا ِّ َ االَِْذِّ َ‬
‫اللّهُ َ‬
‫ارِذ ً ن } (ٖ)‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ُولَنيْ َ َ‬
‫فما ىو صراط األنبياء ؟‬

‫ٔ) سورة غافر _ ابية ٓ‪ٓ ٙ‬‬


‫ٕ) سورة الفاتحة _ ابيتاف ‪ٓ ٚ ،‬‬
‫ٖ) سورة النساء _ ابية ‪. ٜٙ‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪48‬‬

‫إف صراطيـ واض فخنيـ لـ يبعثوا إي لمدعوة إلي اهلل كما قاؿ اهلل‬

‫اِلَ االلّ ِه ا ُ ْج ٌا نيَ ْع َْا‬ ‫َا ِرت َ الَِْغْاتَ ُ و َن الِلَ ِ‬


‫ْنس َ‬
‫‪ُّ { : ‬ر غًا ُّ ِّش ِت او ِ‬
‫ُ َ َ َُ‬
‫اِ ِت اا ِذُن }(ٔ)‪.‬‬
‫الُّ ُ ِل َاوَكن َنااللّهُ َ ً َ ً‬
‫ّتُْ ا َْر َ ْلََن ُار ُ لَََن اثَنيْجنيَا ا ُك ْل ا َ ن ا َ نا ا ُْ ً ا ْر ُ وُبَانا‬ ‫وقاؿ تعالي ‪{ :‬‬

‫}(ٕ)‪.‬‬ ‫َك ْا ُ ا‬
‫وَُ‬
‫َََنا‬ ‫ِ ِ‬
‫َْ‬ ‫نار ُ ًغ ا ِّ افَنيْل َ ا َْني ٌَُا ْ افَ َ‬ ‫وقاؿ تعالي ‪َ { :‬ولََ ْْ ا َْر َ ْلََ ُ‬
‫ولاَ ْناتَأِِْتَاِآتٍَ اِْ ا‬ ‫اِلَذ َ او نا َكن َنالِ ٍ‬ ‫ِ‬
‫َُ‬ ‫ص َ ْ ََ‬ ‫َ ْ‬ ‫َِلَْذ َ َاو َْني ٌَُا ْ ا َْلْا نيَ ْ ُ‬
‫ن }(ٖ)‪.‬‬‫الََنلِ َ االْ ُُْ ِاطلُو َا‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ِِج ْذنااللْها َِج َذاا َ نااَْ ُ االلْهافُض َياِن َْ َِّ َاو َخِفَ ُ‬
‫واف اهلل عز وجؿ ذكر قصص األنبياء عمييـ السالـ في القرآف‬
‫وذكر دعوتيـ تعميما ألمة محمد ‪ ‬كيؼ تدعوا إلي اهلل ‪ ،‬فمو أردنا أف‬
‫نقدـ الدعوة إلي اهلل لمقوـ الذيف يمتروف بكثرة عددىـ ‪ ،‬فنق أر دعوة سيدنا‬
‫نوح ‪ ، ‬كيؼ دعا قومو إلي اهلل‪:‬‬

‫قاؿ تعالي ‪ِْ { :‬نا َْر َ ْلََنا ُو ً ناِ َىلافَني ْوِ ِهاَ ْناَ ِا ْرافَني ْوَ َ ا ِ افَنيْ ِلا‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َناتأْثِذنيٌَاِ َا ِ‬
‫واوا َِن ْ‬
‫ااُِ ُْواا‬ ‫نلاتَنافَني ْوماِ ِِّنالَ ُ ٌْا َاتٌ ا ُِّ ٌ‬ ‫ذٌاوافَ َ‬ ‫اباَل ٌ‬
‫َ َُ ْ َ ٌ‬

‫ٔ) سورة النساء _ ابية ٘‪.ٔٙ‬‬


‫ٕ) سورة المؤمنوف _ ابية ٗٗ‪.‬‬
‫ٖ) سورة غافر _ ابية ‪.ٚٛ‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪49‬‬

‫ون او اتنيَ ْغ ِف ْ الَ ُ ٌ ا ِّ اذُ ُوِ ُ ٌْ َاوتنيُ َو ِّخ ُْاك ٌْ اِ َىل اَ َ ٍلا‬ ‫َسذع ِ‬ ‫ِ‬
‫اللْهَ َاواثْني ُوَُ َاو ُ‬
‫با‬‫نل َار ِّ‬ ‫ُّ َِف َُ اِ ْن اَ َ َل االلْ ِه اِ َذاا َ نااَ اتنيُ َو ْخ ُ الَ ْو ا ُكَجُ ٌْ اثَني ْعلَ ُُو َن اوافَ َ‬
‫ااواوِ ِِّناا‬ ‫ِ ِِّن ادِوت افَنيوِ يالَذ ًغ اونيََنرااوا َنيلٌَ ات ِدلٌ ِ ِ ِ‬
‫اد َِنِيا ْ ا َ ًار َ‬ ‫ْ َ ُْْ ُ‬ ‫َ َْ ُ ْ ْ َ َ ً‬
‫َصنِ َع َُ ٌْ ِآتام َذاِنِِ ٌْ َاوا ْ جَني ْغ َش ْوااثِذَن نيَ َُ ٌْا‬ ‫ِ ِ‬
‫ُكلْ َُ َ‬
‫ناد َِ ْوثُني َُ ٌْالجَني ْغفَ ا َبُ ٌْا َ َعالُواا َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اد َِ ْوثُني َُ ٌْ ا ََ ًنرااواّتُْاِ ِِّن ا َِْلَ ُ‬
‫َتا‬ ‫ااوا ْ جَ ْ َني ُوااا ْ ج ْ َ ًنرااواّتُْاِ ِِّن َ‬ ‫َصُّو َ‬
‫َو َ‬
‫ارا }(ٔ) ‪ ،‬ثـُ يسمع اهلل دعوتو في دعائو ‪ ،‬اهلل ‪‬‬ ‫َبٌُاوَ ْ ر ُ ِ‬
‫تا َبُ ٌْا ْ َ ً‬ ‫ْ َ َْ‬
‫يعممنا بيذه القصة أف ُنسمع اهلل دعوتنا في دعائنا اينفرادي مع أف اهلل‬
‫قد سمعيا وعمميا ‪ ،‬ومع ىذا ُنسمعو دعوتنا لتزداد محبتنا مع اهلل ‪،‬‬
‫وتقوي عالقتنا مع خالقنا‪.‬‬

‫اارْ ُ ٌْ اِْهُ ا َكن َن ا َْ ْف ًنراا‬ ‫ِ‬


‫ت اا ْ جَني ْغف ُو َ‬ ‫ثـ قاؿ نوح عميو السالـ ‪ {:‬ا َني ُ ْل ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫و َاوََْي َعلالْ ُ ٌْا‬ ‫ااواوّيُْْ ْد ُك ٌْ اِأَ ْ َو ٍال َاوََ َ‬
‫نااِلَْذ ُ ٌا ِّ ْْ َر ًار َ‬ ‫واتنيُْ ِل اال ِْف َاُ َ‬
‫ْنت َاوََْي َعل الْ ُ ٌْ اَْني ََ ًنرا او ا ْن الَ ُ ٌْ اَ اثَني ْ ُ و َن الِلْ ِه َاوفَ ًنرا او َاوفَ ْْا‬ ‫َ ٍ‬
‫َ‬
‫ات ِا‬ ‫اَسنو ٍ‬
‫اسَنفًن اوا‬ ‫اخلَ ََ االلْهُ ا َ ْ َم ََ َ‬ ‫ف َ‬ ‫َخلَ َ ُ ٌْ اَسَْو ًارا او اَ ََلْ اثَنيَ ْوا ا َكْذ َ‬
‫س ا ِ َا ً ن او َاواللْهُ اَ َجَ ُ ٌ ا ِّ َ ا‬ ‫ُْ‬
‫ْ‬ ‫ش‬ ‫اال‬ ‫ل‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫او‬ ‫ا‬‫ور‬ ‫ُ‬ ‫ا‬ ‫ْ‬ ‫و َ َعل االْ َ ُ ا ِذ ِ‬
‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ َ ََ‬

‫ٔ) سورة نوح _ ابيات مف ٔ ‪.ٜ :‬‬


‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪51‬‬

‫ناواواللْهُ ا َ َع َل الَ ُ ٌُا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ناوُِيْ ِ ُ ُ ٌْ ا ْخَا ً َ‬ ‫ا ْ َْر ِ‬
‫أ ا نيََنثًنواّتُْ اتُعذ ُْ ُك ٌْ ا َذَ َ‬
‫جن ن }(ٔ)‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ا ْ َر َ ِ‬
‫أا َِفنسًناوالجَ ِْفلُ ُ واا َْني ََنا ُ ُ ًغا َ ً‬ ‫ْ‬
‫ثـ اهلل ‪ ‬ذكر نتائج دعوة األنبياء عمييـ السالـ ‪ ،‬و عاقبتيا و‬
‫إنجاء المؤمنيف واىالؾ المكذبيف و ذكر دعوة األنبياء تثبيتا لفؤاد الرسوؿ‬

‫‪ ‬و لكؿ مف يسمؾ سبيؿ الدعوة إلي اهلل ‪ ،‬كما قاؿ اهلل ‪َ {: ‬وُكنيغَا‬
‫ال ِنياَِا‬ ‫ت اِِه ا ُني َو َاد َك َاو َ َ‬
‫ناك ِآت َ‬
‫ِ‬
‫اِلَْذ َ ا ْ اَ َنا االُّ ُ ِل ا َن ا نيًَُِّ ُ‬ ‫ص َ‬ ‫نيْ ُ ُّ‬
‫و }(ٕ)‪.‬‬ ‫ا َْ َُّ َاوَ ْوِِظَ ٌ َاوِذ ْكَىالِلْ ُُ ْوِ َِ َا‬
‫ثـ اهلل ‪ ‬عممنا كيؼ ندعو إلي اهلل أولى القوة الذيف يفتخروف‬

‫ندا‬ ‫َأَْن َ‬
‫اِ ٌ‬ ‫بقوتيـ المادية بدعوة ىود ‪ ‬الذي بعث إلي قوـ عاد ‪{،‬‬

‫أ اِغَ ِْن اا َْ َِّ َاوفَنلُواا َ ْ اَ َ ُّْ ا ِ َْنافُني ْوًة ا ََوََلْاتنيََ ْوااَ ْنا‬ ‫َن ْ جَ ْ َني و ِ‬
‫اآت اا ْاَْر ِ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اَي َم ُْو َن اوا‬ ‫ال َو اَ َ ُّْ ا َْني َُ ٌْ افُني ْوًة َاوَكن ُوا اِآتَنثََن َْ‬ ‫اللْهَ االْاي َ‬
‫اخلَ َ َُ ٌْ ُ‬
‫ااْلِْ ِي ِآتا‬ ‫َأَر ْلَناِلَذ ٌَِا ِرُيناص ص ِ ٍ ِْ ٍ ِ‬
‫اب ْ‬ ‫اآتاَتْنماَّن َِفنتالَُِّات َ َُ ْاٌا َِ َا َ‬ ‫ْ َ َ َ ْ ْ ً َْ ًَ‬
‫االْ ْنيذن اولَع َااب ْ ِ‬ ‫ِ‬
‫ََ ُو َن او َاوَْن اَُ ُ‬
‫ودا‬ ‫َخَى َاوُل ٌْ اَ اتُ َ‬ ‫ااْلخَِة ا ْ‬ ‫ا َْذَنة ُّ َ َ َ ُ‬

‫ٔ) سورة نوح _ ابيات مف ٓٔ ‪. ٕٓ:‬‬


‫ٕ) سورة ىود_ ابية ٕٓٔ‪.‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪50‬‬

‫ابا‬‫نِ َ ُ االْع َا ِ‬ ‫َنيَ َْتنيََنلٌ ا َن جَمُّوا االْعُ اِلَ اا ْب َْى ا َأَخ َاثْنيٌَ اص ِ‬
‫َ‬ ‫َ ُْ َ‬ ‫َ ْ ُ ْ ْ َ ََ َ ُ‬
‫ن }(ٔ) ‪.‬‬ ‫ون ِابَنا َكن ُوااتَ ْ ِِفُو َا‬‫ا ْب ِ‬
‫ُ‬
‫اِنثِذَ ٍ اوا َ ْلَ َلنا‬‫صٍ َ‬ ‫اص ْ َ‬
‫تَ َ‬ ‫ند ا َأ ُْللِ ُ وااِ ِ ٍ‬ ‫وقاؿ تعالي ‪َ { :‬وَْ َ‬
‫ناِ ٌ‬
‫ِ‬ ‫ٍ ِ ٍ‬
‫َِلَْذ َِ ٌْ ا َ ْ َم الَذَنل َاوََن ذَ َ اَتْنم ا ُ ُِفوً نا َنيجَنيَىاالْ َ ْوَم ا َذَ َ‬
‫ناص ْ َِ ا َكأَنيْ َُ ٌْا‬
‫اخن ِوت ٍاوا َني ََلاثَني ىا َبٌُا ِّ ا نفِذٍَا}(ٕ)‪.‬‬
‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ادْ ٍل َ َ‬ ‫َِْ َج ُنز َ‬
‫فصراط األنبياء عمييـ السالـ ىو الدعوة إلي اهلل ‪ ‬و ندعو في‬

‫كؿ ركعة مف ركعات الصالة ( ِص ا َطاالْ ِات َ اَ َع َا‬


‫ُت) و أوؿ مظير مف‬
‫َ‬
‫مظاىر المنعـ عمييـ ىـ األنبياء صموات اهلل وسالمو عمييـ كما ىو‬
‫مذكور في القرآف كمو مفصال‪.‬‬

‫ال ِاَِ ا َ ِذلِيا‬


‫وبيف اهلل ‪ ‬سبيؿ الرسوؿ ‪ ‬في قولو تعالي ‪{ :‬فُ ْل َ‬
‫َ َنةٍ اََنْ َاوَ ِ ااثْنيَني َع ِِن َاو ُ ْ َمن َن االلّ ِه َاوَ ناََنْ ا ِ َ ا‬
‫َْدِواِ َىل االلّ ِه اِلَ ا ِ‬
‫َ َ‬ ‫ُ‬
‫و ‪.)ٖ( ‬‬ ‫الْ ُُ ْشِكِ َا‬
‫وقد ذكر اهلل ‪ ‬دعوة األنبياء عمييـ السالـ إجماي في بعض‬
‫السور ‪ ،‬وتفصيال في البعض ابخر ‪ ..‬تعميما ألمة محمد ‪ ‬طرؽ‬

‫ٔ) سورة فصمت _ ابيات مف ٘ٔ ‪.ٔٚ :‬‬


‫ٕ) سورة الحاقة_ ابيات مف ‪ : ٙ‬إلي ‪. ٛ‬‬
‫ٖ) سورة يوسؼ _ ابية ‪ٔٓٛ‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪52‬‬

‫الدعوة وأساليبيا وحكميا والعقبات التي تمر عمي الدعاة في سبيؿ الدعوة‬
‫ونتائجيا وفوائدىا وتأثيراتيا عمي المجتمع ‪ ،‬وقد ذكر اهلل ‪ ‬دعوة صال‬
‫ِ‬ ‫اصن ًِنافَ َ‬
‫ااُِ ُْواْااللّهَا‬ ‫نل اتَنافَني ْوم ْ‬ ‫نل ٌْ َ‬ ‫َخ ُ‬‫ود ا َ‬ ‫‪ ‬كما قاؿ اهلل ‪َ { :‬وِ َىل اَُ َ‬
‫أ َاوا ْ جَني ْع ََُُك ٌْ ا ِ َذَنا‬ ‫ال َو اَ َشأَ ُكٌ ا ِّ َ اا َْر ِ‬ ‫ٍ‬
‫َ ن االَ ُ ٌ ا ِّ ْ اِلَنيه ا َْْذني َُُ ُ‬
‫اُّمذباوافَنلُواْات ِ‬ ‫َن جَني ْغ ِف وَاّتُْاثُو واْاِلَذ ِهاِ ْنارِِّّبافَ ِ ِ‬
‫َتا‬ ‫ناصنل َُافَ ْْا ُك َ‬ ‫َ َ‬ ‫تب ُّ ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ْ ُُ ُ ْ َ‬
‫ناوِنيََْنالَِفيا َ ٍّ ا‬ ‫َ‬ ‫َ‬‫نؤ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ام‬ ‫ْ‬
‫ُ‬ ‫ا‬
‫ُ‬ ‫ع‬
‫ْ‬ ‫ني‬
‫َ‬ ‫ت‬‫نا‬ ‫َ‬ ‫ا‬ ‫ْ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ع‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ني‬ ‫َنا‬ ‫نا‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫ني‬‫َ‬‫ْ‬ ‫ني‬
‫َ‬ ‫ث‬‫َ‬ ‫اا‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫ني‬‫ال‬
‫َ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ني‬
‫َ‬‫ف‬ ‫اا‬
‫و‬‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫نا‬ ‫ذَ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫ِ‬ ‫ِّفْناثَ ُِْْوَناِلَْذ ِها ُ ِ ٍ‬
‫اِلَ ا نيَذِّنيََ ًا ِّ ا ْرِِّّبا‬
‫َت َ‬ ‫نلاتَنافَني ْوما ََرَتْنيجُ ٌْاِنا ُك ُ‬ ‫تباوافَ َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫تْوَِِن ا َْْذنيَ ا‬ ‫َْذجُهُ ا َ َُناثَ ِ ُ‬ ‫اِ َ‬‫ََ ُِِن ا َ االلّه اِ ْن َ‬ ‫َومثَ ِنِن ا َْهُ َار ْْحَ ً ا َ َُ اتَ ُ‬
‫أ االلّ ِها‬ ‫ِ‬ ‫اواوتنافَنيوِم ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ولناثَأْ ُك ْل ِآت ا َْر ِ‬ ‫النياَ ا َنفَ ُااللّه الَ ُ ٌْ امتَ ًا َ َا ُر َ‬ ‫ََتِْف ٍن َا َ ْ َ‬
‫نل اََتَجنيْعُواْ ِآتا‬ ‫ولنا َني َ َ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫و َاََتَ ُِّفولناِِف ٍ‬
‫تب اوا َني َع َ ُ َ‬ ‫ٌ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫ا‬ ‫اب‬
‫ٌ‬ ‫ا‬
‫َ‬ ‫اِ‬
‫َ‬ ‫ٌ‬
‫ْ‬ ‫ك‬
‫ُ‬ ‫ا‬
‫َ‬ ‫خ‬‫ُ‬ ‫أ‬ ‫ذ‬‫ني‬
‫َ‬
‫َ ُ َ‬ ‫ا‬ ‫وا‬ ‫َ‬
‫وب او ا َنيلَ ُْن ا َ نا اَْ َُن اَنَْْذنيََنا‬ ‫َدا ِرُكٌ اثَغَثَ َ اَتْ ٍنم ا َذلِ َ او ِْ ٌْ ا َْْذني ا ْ ُا ٍ‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ِِ ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ ِ‬
‫ال َوا‬‫صن ًن َاوالْات َ ام َ َُواْ ا َ َعهُ اَِ ْْحَ ا ِّ َْن َاو ْ اخ ْ ِي اتنيَ ْو ْا اِ ْن َارْ َ ُ‬ ‫َ‬
‫ادتَن ِرِل ٌْا‬‫َذم ُ ا َأَص مواْ ِآت ِ‬
‫َُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫اال‬ ‫ا‬
‫ْ‬‫و‬ ‫ُ‬ ‫ل‬
‫َ‬
‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ظ‬‫ا‬ ‫ت‬‫ا‬‫ي االْع ِت او اوَخ َا االْ ِ‬
‫الْ َ ِو ُّ َ ُ َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫ود ا َكف ُواْ َارنيْ َُ ٌْ اَ َا نيُ ْع ًْاالًَِّ ُُ َا‬
‫ود‬ ‫و اوا َكأَنا َْلْاتنيَ ْغََني ْواْاا َذَناَ َاِ ْن اَُ َ‬ ‫َن َ‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪53‬‬

‫}(ٔ) وكاف قوـ ثمود مف أىؿ الصناعة والحرفة ‪ ،‬فالذيف آمنوا أنجاىـ اهلل‬
‫‪ ،‬والذيف كذبوا دعوتو أىمكيـ اهلل ‪.‬‬
‫وكيؼ ندعو التجار إلي اهلل ‪ :‬فذكر اهلل ‪ ،‬دعوة شعيب ‪ ‬الذي‬

‫نل ٌْا‬ ‫َوِ َىل ا َ ْْتَ َ ا َ‬


‫َخ ُ‬ ‫ُبعث إلي أىؿ مديف ‪ ،‬مفصال في قولو تعالي ‪{ :‬‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫َواْا‬ ‫ااُِ ُْواْ االلّهَ ا َ ن الَ ُ ٌ ا ِّ ْ اِلَنيه ا َْْذني َُُ َاو َ اثََ ُ ُ‬ ‫نل اتَن افَني ْوم ْ‬ ‫ُ َعْذًن افَ َ‬
‫اب اتنيَ ْوٍما‬
‫اِ َا َ‬ ‫اِلَْذ ُ ٌْ َا‬ ‫َخن ُ َ‬
‫ِ‬ ‫الْ ُِ ْ ذ َ ِ‬
‫نل َاوالُْذَا َن اِ ِِّنَ ا ََرا ُكٌ اِبٍَْن َاوِ ِِّنَ ا َ‬ ‫َ‬
‫ْنسا‬ ‫ذط اواوتنافَنيوِم اَوُواْاالْ ُِ ْ ذ َ ِ ِ ِ ِ‬ ‫ُُِّّم ٍ‬
‫نل َاوالُْذَا َن ا نلْ ِْفط َاو َ اثَنيْ َل ُِفواْاالَ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ ْ ْ‬
‫اخْذنيٌ الْ ُ ٌْ اِ ا‬
‫نا‬ ‫ِ ِ‬ ‫َ ْ ذنالٌ او َ اثَنيعًنيواْ ِآت اا َر ِ ِ ِ‬
‫أ ا ُ ْفِفْت َ او ا َ ذْ ُ االلّه َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ُ ْ َ َْ ْ‬
‫َصغَثُ َ اثَأْ ُ ُ َكا‬ ‫ِِ ٍ‬ ‫ِِ‬
‫با َ‬ ‫اِلَْذ ُ ٌاِبَفذظاوافَنلُواْاتَنا ُ َعْذ ُ‬ ‫و َاوَ ناََنْ َ‬ ‫ُكَجٌُا ُّ ْو َ َ‬
‫ِ‬
‫تا‬ ‫َنا نيْْجني ُ َك ا َ ناتنيَ ْعُ ُْ ام َ ُنؤَنا َْو اَنا نيْ ْف َع َل ِآت اَْ َوالََنا َ نا َ َشنااِْ َ اَ َ َ‬
‫اِلَ َ ا نيَذِّنيََ ٍ ا ِّ ا ْرِِّّب َاوَرَزفَِِنا‬ ‫ِ‬ ‫ا ْ لِ‬
‫نلاتَنافَني ْوما ََرَتْنيجُ ٌْاِنا ُك ُ‬
‫َت َ‬ ‫ذْاوافَ َ‬ ‫ذٌاالْ ِ ُ‬ ‫َ ُ‬
‫تْاِ ْا‬ ‫اَِْهُاِ ْنا ُِر ُ‬ ‫تْاَ ْنا ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ُخنل َف ُ ٌْاِ َىلا َ ناَْني ََن ُك ٌْ َ‬ ‫َ‬ ‫ناوَ نا ُِر ُ‬
‫َْهُارْزفًنا َ َِفًَ َ‬
‫ت َاوِلَْذ ِها‬ ‫ا ِنصغَح ا ن اا جَطَعت او ن اثَنيوِذ ِ ي اِ ْ اِنللّ ِه ِ‬
‫اِلَْذه اثَني َوْكْل ُ‬‫َ‬ ‫ْ َ َ ْ ْ ُ ََ ْ‬
‫ِ‬
‫}(ٕ)‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫ذبا‬

‫ٔ) سورة ىود_ ابيات مف ٔ‪ : ٙ‬إلي ‪. ٙٛ‬‬


‫ٕ) سورة ىود_ ابيات مف ٗ‪ : ٛ‬إلي ‪. ٛٛ‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪54‬‬

‫إلي آخر ما ذكر اهلل قصتو‪ ،‬وكانت نتيجة دعوتو إنجاء المؤمنيف‪،‬‬

‫ناوالْ ِات َ ا‬
‫واىالؾ المكذبيف‪ ،‬في قولو تعالي‪َ { :‬ولَ ُْنا َ نااَْ َُناَنَْْذنيََنا ُ َعْذً َ‬
‫َصَ ُمواْ ِآتا‬ ‫أ‬‫َ‬ ‫ا‬ ‫ُ‬ ‫م‬ ‫ذ‬‫َ‬‫ْ‬ ‫اال‬ ‫ا‬
‫ْ‬‫و‬ ‫ُ‬‫َ‬‫ل‬‫َ‬‫ظ‬‫ا‬ ‫ت‬‫ا‬‫ت االْ ِ‬ ‫م َُواْ عه اِ ْْح ٍ ا َْْن اوَخ َا ِ‬
‫ْ‬ ‫َْ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ََُ َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِِ‬
‫تا‬ ‫دتَن ِرل ٌْ ا َ ن َ‬
‫و اوا َكأَنا َْلْاتَني ْغََني ْواْا َذَناَ َا نيُ ْع ًْاالِّ َُ ْْتَ َ ا َك َُنا َع َْ ْ‬
‫}(ٔ)‪.‬‬ ‫ودا‬
‫َُ ُ‬
‫وذكر اهلل ‪ ‬دعوة موسي ‪ ، ‬مجممة ومفصمة في كتابو العزيز‪،‬‬
‫وكاف جيده عمي المسمميف العصاة ‪ ،‬وىـ بنو إسرائيؿ ‪ ،‬وعمي الكفار‬
‫وىـ الفراعنة ‪ ،‬فعممنا اهلل ‪ ‬كيؼ نجتيد عمي المسمميف العصاة وعمي‬
‫الكفار بقصة موسي عميو السالـ‪.‬‬

‫صا‬‫ثـ إف قصصيـ لتثبيت الفؤاد‪ ،‬كما قاؿ اهلل تعالي‪َ { :‬وُكنيغَ ا نيْ ُ ُّ‬
‫ال ِنياَِ اا َْ َُّا‬ ‫ت اِِه ا ُني َو َاد َك َاو َ َ‬
‫ناك ِآت َ‬
‫ِ‬
‫َِلَْذ َ ا ْ اَ َنا االُّ ُ ِل ا َ ن ا نيًَُِّ ُ‬
‫و }(ٕ)‪.‬‬ ‫َوَ ْو ِِظَ ٌ َاوِذ ْكَىالِلْا ُُ ْوِ َِ َا‬
‫فكاف موضوع بعثة األنبياء ‪ ‬الجيد عمي األمـ واألقواـ لربطيـ‬
‫مع خالقيـ ‪ ،‬ولترسيخ التوحيد وعظمة اهلل وكبريائو في قموبيـ ‪ ،‬نعـ مف‬
‫لوازـ جيد األنبياء ‪ ‬الجيد عمي النفس ‪ ،‬حتي تزداد وتتقوي عالقة‬

‫ٔ) سورة ىود_ ابيتاف ٗ‪. ٜ٘ ، ٜ‬‬


‫ٕ) سورة ىود_ ابية ٕٓٔ ‪. .‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪55‬‬

‫الداعي شخصيا مع اهلل ‪ ، ‬والداعي ي ينسي نفسو بسبب الفكر‬


‫لإلنسانية كميا ‪ ،‬وي يشتمؿ بالجيد عمي نفسو بحيث يمفؿ عف مسئوليتو‬
‫‪ ،‬وعف فكره لإلنسانية ‪ ،‬ألف اهلل ‪ ‬أنزؿ سورتيف ‪ ،‬سورة المدثر لبياف‬
‫الدعوة إلي اهلل ‪ ،‬وسورة المزمؿ لزيادة عالقة الداعي مع اهلل شخصيا‬

‫وانفراديا ‪ ،‬كما قاؿ عز وجؿ ‪ { :‬تَناَتنيُّ ََناالْ ُُِّْ ُلاوافُ ٌِااللْْذ َلاِْا فَلِ ًذغاوا‬
‫اِلَْذ ِه َاوَرث ِِّل االْ ُ ْم َن اثَني ْثِ ًذغ او اِْنا‬ ‫َِ َفه اَ ِو اا ُ ِ ِ‬
‫ص ا َْهُ افَل ًذغ او ا َْو ا ِزْد َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ُ‬
‫ُّاو اسْْانًا َوَفْني َوُمافِ ًذغا‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ا‬ ‫ي‬ ‫َني ْل ِ ياِلَذ افَنيوً اثَِ ًذغاواِ ْنا َن ِ اْ َااللْذ ِل ِ‬
‫ال‬
‫َ ْ َ‬ ‫َُ َ ْ َ ْ‬
‫ْل اِلَْذ ِها‬ ‫ِ‬
‫َْنر ا َ ْ ًمن اسَ ِو ًتغ او ا َواذْ ُك اا ْ ٌَ َارِّ َ َاوثَنيَج ْ‬
‫و اِ ْن الَ َ ِآت ااَلَني َ ِ‬
‫ثَنيْجِ ًا‬
‫ذغ }(ٔ)‪.‬‬

‫فال بد لمداعي مف التبتؿ إلي اهلل‪ ،‬وىذا مف لوازـ الدعوة إلي اهلل‪.‬‬

‫كيف يعرف الداعي أنو من المقبولين عند اهلل ؟‬


‫دليؿ قبولية الداعي عند اهلل إذا وجد نفسو يحب الخموة مع اهلل‬
‫واألنس بو ‪ ،‬وي يريد أف يحوؿ بينو وبيف اهلل أحد ‪ ،‬ويستمذ بالمناجاة مع‬
‫اهلل ‪ ،‬وبطوؿ القياـ في الصالة وبطوؿ الركوع والسجود ‪ ،‬وبذكر اهلل عز‬
‫ِ‬
‫تا‬ ‫وجؿ ‪ ،‬وبتالوة القرآف الكريـ ‪ ،‬مصداقا لقوؿ اهلل تعالي‪ُ ْ َْ{ :‬‬
‫ال َو افَن ٌ‬

‫ٔ) سورة المزمؿ _ ابيات مف ٔ ‪.ٛ :‬‬


‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪56‬‬

‫ِ‬ ‫اُي َار ْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ال ْلا‬
‫ااْلخََة َاوتنيَ ْ ُ و َار ْْحَ َ َارِّه افُ ْل َ‬ ‫م َنا االلْْذ ِل ا َ ن ًْا َاوفَنِ ًُن َْ ُ‬
‫نب }(ٔ)‪.‬‬‫تَ ِْفجَ ِوياالْ ِات َ اتَني ْعلَ ُُو َن َاوالْ ِات َ اَ اتَني ْعلَ ُُو َناَِّْنَناتَنيجَ َا ْكُ ا ُْولُواااْ َلَْ ِا‬
‫ومع ىذا التبتؿ والقنوت هلل‪ ،‬ي بد أف ينممس في خمؽ اهلل ويسب‬
‫في بحر الناس‪ ،‬إلخراجيـ مف الظممات إلي النور‪ ،‬ومف الكفر والشرؾ‬
‫إلي التوحيد‪ ،‬ومف البدعة إلي السنة‪ ،‬ومف المنكرات إلي المعروفات‬

‫َثُ ِِىل ا َ ِ ِذل َارِّ َ اِن ِْ ْ َُ ِ َاوالْ َُ ْو ِِظَِا‬


‫امتثاي ألمر اهلل ‪ْ { : ‬اد ا‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫اِ ا‬
‫اض ْل َ‬ ‫ال َو ا َِْلَ ٌُ ِابَ َ‬‫ا َْ َِفََ ا َو َ ند ْبٌُاِنلِِْت ال َي اَ ْ َِف ُ اِ ْن َارْ َ ُ‬
‫ْت ا }(ٕ)‪.‬‬ ‫ِذلِ ِهاولواَِلٌَاِنلَُْج ِ‬
‫َ َ َُ ْ ُ ُ َْ َ‬
‫ويقوـ بالدعوة إلي اهلل تعالي في خمقو ‪ ،‬خالؼ النفس ( كره النفس‬
‫) فيذا إف شاء اهلل مف المقبوليف ‪ ،‬وىذا مرتبط مع اهلل عز وجؿ ‪ ،‬ويربط‬
‫اإلنسانية مع اهلل ‪ ‬ي مع نفسو‪ ،‬أما ابخر الذي ي قدر اهلل وي سم‬
‫اهلل إذ ىو يستأنس بالناس‪ ،‬وي يستأنس باهلل ‪ ،‬وي يتبتؿ إلي اهلل تبتيال‪،‬‬
‫بؿ يستوحش مف الخموة مع اهلل ‪ ، ‬ومف المناجاة مع اهلل طويال ‪ ،‬ومف‬
‫ذكر اهلل وتالوة القرآف‪ ،‬وتزداد األمراض الشيوانية في نفسو مف حب‬
‫الماؿ وحب الجاه والحسد والبمضاء والشحناء ويستأنس بالكالـ مع الناس‬

‫ٔ) سورة الزمر _ ابية ‪. ٜ‬‬


‫ٕ) سورة النحؿ _ ابية ٕ٘ٔ ‪.‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪57‬‬

‫وبطوؿ الجمسات مع الناس‪ ،‬فيذا غير مرتبط باهلل وي يربط اإلنسانية مع‬
‫اهلل‪ ،‬بؿ يربطيـ مع نفسو‪ ،‬فدعوتو غير مقبولة عند اهلل ‪.‬‬

‫فندعو اهلل ‪ ‬في سورة الفاتحة‪ِ ( :‬ص ا َط االْ ِات َ اَ َع َا‬


‫ُت) وأوليـ‬
‫َ‬
‫األنبياء وصراطيـ الدعوة إلي اهلل ‪ ،‬ولكف ليس مجرد الدعوة‪ ،‬بؿ‬
‫الدعوة بصفاتيا المطموبة عند اهلل مف التواضع والخشية هلل والرحمة‬
‫والشفقة عمي الخمؽ واألنس باهلل والتبتؿ إلي اهلل وقياـ الميؿ عمال بقولو‬
‫َ ا ِ‬ ‫تعالي‪َِ { :‬جذَاا َنيَ ْْ َ‬
‫}(ٔ)‪.‬‬
‫ب * َو َىل َارِّ َ ا َ ْنر َْ ْ‬
‫با‬ ‫تا َن َ ْ‬
‫وغيرىا مف الصفات الحميدة المحبوبة عند اهلل‪ ،‬وقد ذكر اهلل ‪‬‬
‫بعض صفات األنبياء عمييـ السالـ‪ ،‬مثال قاؿ في شأف أيوب ‪{ : ‬‬
‫ِ‬
‫}(ٕ)‪.‬‬ ‫اصنًِاا ْع ٌَاالْ َعْ ُْاِْهُاَْو ٌ‬
‫ابا‬ ‫ْ َ‬
‫ناو َ ْْ َنَُ َ‬ ‫ِ‬
‫{ َواذْ ُك ْ ا‬ ‫وقاؿ في شأف إبراىيـ واسحاؽ ويعقوب عمييـ السالـ‪:‬‬

‫َن ِر او اِْنا‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ا‬


‫او‬ ‫ي‬ ‫ِِ ند َن ا ني ِالذٌ اوِ مَ اوتنيع ُوب ا ُوِِل اا ْ َت ِ‬
‫ْ‬
‫ْ َ َْ‬ ‫َ َ َْ َ َ ْ َ َ َ َ ْ َ ْ‬
‫وا‬ ‫اِ َ ِ‬ ‫َخلَََنلٌ ِاِبنلَِ ٍ ِ‬
‫اذ ْك ى االْْا ِر او اوِنيٌَْ ِ‬
‫َطََف ْ َ‬
‫َْ َن الَُ َ االْ ُُ ْ‬ ‫َ ُْ‬ ‫ْ َْ ُ َ َ َ‬
‫َخذَن ِار }(ٖ)‪.‬‬
‫اْ ْ‬

‫ٔ) سورة الشرح _ ابيتاف ‪. ٛ ، ٚ‬‬


‫ٕ) سورة ص _ ابية ٗٗ‪.‬‬
‫ٖ) سورة ص _ ابيات مف ٘ٗ ‪. ٗٚ :‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪58‬‬

‫ذٌ ا َكن َن ا ُْ ً افَن ِجًنالِلّ ِه ا َ َِذ ًفنا‬ ‫ِ ِ ِ‬


‫وقاؿ في شأف إبراىيـ ‪ْ {:‬ن ا ْنيَال َ‬
‫اص ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِّ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اطا‬ ‫و او ا َ نكًا ا َْنيعُُه اا ْ جََنَُ َاوَل َْاَُ ا َىل َ‬ ‫َوََلْ اتَ ُ ا َ االْ ُُ ْشِك َ‬
‫َن ِِ َا‬ ‫اواومثَنيْذنيََنَُ ِآتاالْ ُّْ ْنيذَنا َ َِفََ ً َاوِْهُ ِآت ِا‬
‫ااْلخَةِالَ ُِ َ اال ْ‬ ‫ِ‬
‫و }(ٔ)‪.‬‬
‫ُّ ِْفجَ ذ ٌٍ َ‬
‫ذب }(ٕ)‪.‬‬ ‫ذٌاَْواٌَا َُِّ ٌا‬ ‫وقاؿ اهلل تعالي ‪ْ ِ{ :‬ناِ ني ِالذٌا َ لِ‬
‫َْ َ َ ٌ‬
‫ِ‬
‫وقاؿ في شأف زكريا ويحي عمييما السالـ ‪َ { :‬وَزَك ِتْنا ْذ ا َ َند َ‬
‫ىارْهُا‬
‫اُي ََيا‬
‫و * َن ْ جَ َجْنيََنالَهُ َاوَوَلْنيََنالَهُ َْ‬ ‫اخْذني ُ االْ َوا ِرثِ َا‬
‫ت َ‬ ‫ااوَ َ‬ ‫ِ‬
‫باَ اثَ َا ْرِنا َني ْ ًد َ‬ ‫َر ِّ‬
‫ااْلذني ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ات َاوتَ ُِْْوَنيََن َار ًَْنا‬ ‫َصلَ ْمََن الَاهُ َزْو َ هُ ا نيْ َُ ٌْ ا َكن ُوا اتُ َِفنرُِو َن آت َْْ َ‬ ‫َو ْ‬
‫و }(ٖ)‪.‬‬ ‫ناخن ِ عِ َا‬
‫ناوَكن ُواالَََ َ‬ ‫َوَرَلً َ‬
‫وذكر اهلل تعالي مف شأف األنبياء عمييـ السالـ وصفاتيـ عمي سبيؿ‬
‫العموـ أنيـ ما كانوا يفتخروف بدعوتيـ ‪ ،‬وما كانوا يعجبوف بدعوتيـ ‪،‬‬
‫بؿ كانوا يستمفروف اهلل بعد الدعوة ‪.‬‬
‫ويذكر اهلل تعالي ما عندىـ مف الحرص عمي اليداية ‪ ،‬كما قاؿ اهلل‬

‫َصن نيَ َُ ٌْا‬ ‫ِ‬ ‫تعالي ‪ { :‬وَكأَتِّ ا ِّ ا ِِْبافَنثَلا عها ِرنيِّذُّو َنا َكًِ‬
‫ناوَلَُواْال َُنا َ‬
‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ا‬ ‫ن‬
‫ٌ‬ ‫ٍّ َ َ َ ُ‬ ‫َ‬
‫اواوَ انا‬ ‫ت‬‫ِ‬ ‫َن ِ‬
‫ْ‬ ‫اال‬ ‫ب‬‫ُّ‬ ‫ِٓت ا ِ ِذل االلّ ِه او ناضع ُفواْ او ناا جَ َ ن ُواْ اواللّه ُِ‬
‫اُي‬
‫َ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ََ َ ُ ََ ْ‬ ‫َ‬

‫ٔ) سورة النحؿ _ ابيات مف ٕٓٔ ‪. ٕٕٔ :‬‬


‫ٕ) سورة ىود _ ابية ٘‪. ٚ‬‬
‫ٖ) سورة األنبياء _ ابيتاف ‪. ٜٓ ، ٜٛ‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪59‬‬

‫ِ‬ ‫َكن َن افَنيوَبٌُ اِ ْاَنافَنلُواْارنيََْناا ْْ ِف الَََناذُ ُو نيََ ِ‬


‫تا‬ ‫ناو ْاَا َنيََنآت اَْ َِ َ‬
‫ناوثنيَِّ ْ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اب ُّ‬
‫االْ ْنيذَنا‬ ‫اِلَ االْ َ ْوم االْ َ ن ِت َ او ا َآثَ ُ‬
‫نل ٌُ االلّهُ اثنيَ َو َ‬ ‫َفْ َْا َ ََن اوا ُ‬
‫َ ْ َن َ‬
‫و }(ٔ)‪.‬‬ ‫باالْ ُُ ْم ِِفَِ َا‬ ‫ااْلخ ةِاواللّه ُِ‬
‫اُي ُّ‬ ‫اب َ َ ُ‬
‫و ِف اثنيَو ِ ِ‬
‫َُ َْ َ‬
‫حتي أف اهلل ‪ ‬أخبر النبي ‪ ‬بنزوؿ النصرة الميبية ودخوؿ الناس‬
‫في ديف اهلل أفواج‪ ،‬وأمره بالتسبي والتحميد وايستمفار في نياية جيده‪،‬‬
‫مع أف التقصير في آداء الواجب‪ ،‬ي يمكف وي ُيتصور مف األنبياء عمييـ‬
‫السالـ‪ ،‬ومف إماـ األنبياء ‪ ، ‬ومع ذلؾ كانوا يستمفروف اهلل في نياية‬
‫جيدىـ ‪ ،‬وأمر اهلل ‪ ‬لنبيو بايستمفار‪ ،‬ليس بسبب أنو كاف مقص ار في‬
‫جيده والعياذ باهلل‪ ،‬بؿ تعميما ليذه األمة ‪ ،‬وأف ىذه األمة داعية إلي اهلل ‪،‬‬

‫ُخ ِ َ ْ‬
‫تا‬ ‫اخْذنيَ ا ا ْ‬ ‫كما قاؿ اهلل ‪ :‬جيد الرسوؿ ‪ ‬قاؿ تعالى‪ُ  :‬كَْجُ ٌْ َ‬
‫اوثُني ْوِ َُو َنا ِنللِْاه ‪.)ٕ( ‬‬ ‫ِ‬ ‫لِلَ ِ‬
‫ْنساثَأْ ُ ُو َناِنلْ َُ ْعُو َاوثَنيَْني ََ ْو َن َ‬
‫اِ ِ االْ َُُْ َا ِ َ‬
‫واألنبياء عمييـ السالـ معصوموف وأفراد ىذه األمة غير معصوميف‪،‬‬
‫حيث األمة معصومة كما ورد في الحديث‪ " :‬ي تجتمع‬
‫نعـ إف األمة مف ُ‬
‫(ٖ)‬
‫أمتي عمى ضاللة "‬

‫ٔ) سورة آؿ عمراف _ ابيات مف ‪.ٔٗٛ : ٔٗٙ‬‬


‫ٕ) سورة آؿ عمراف – ابية ٓٔٔ ‪.‬‬
‫ٖ) قد ورد بروايات عديدة؛ فقد رواه أحمد (‪ )ٕٜ٘ٙٙ‬والطبراني في الكبير (ٔ‪ )ٕٔٚ‬عف‬
‫أبي بصرة المفاري‪ ،‬وأخرجو أبو داود في سننو‪ ،‬كتاب الفتف والمالحـ‪ ،‬باب ذكر الفتف‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪61‬‬

‫حيث اينفرادية غير معصوميف كما جاء في‬


‫ُ‬ ‫ولكف أفرادىا مف‬
‫صمأى المأوُ َعمَ ْي ِو َو َسمأ َـ ‪ ،‬قَا َؿ‬‫َف الأنبِ أي َ‬
‫أ‬ ‫الحديث عف أََن ٍ ِ‬
‫س َرض َي الموُ َع ْنوُ ‪ ،‬أ ّ‬ ‫َْ‬
‫أِ‬ ‫أ‬
‫يف التأأو ُاب َ‬
‫وف "(ٔ)‪.‬‬ ‫اء َو َخ ْي ُر ا ْل َخطائ َ‬ ‫‪ُ " :‬كؿ ْاب ِف َ‬
‫آد َـ َخط ٌ‬
‫َ ُ االلْ ِه َاوالْ َفْج َُاوا‬
‫فاألمة أولي بايستمفار‪ ،‬قاؿ اهلل ‪َ ِ : ‬ذاا َ ناا َ ْ‬
‫ادت ِ االلْ ِه اَْني َوا ً ن * َ َِفِّ َْ ِاِبَ ُْ ِْ َارِّ َ ا‬
‫ورَتت االَْنس ات ْْخلُو َن ِآت ِ‬
‫َ َ ُ‬ ‫ََ ْ َ‬
‫َوا ْ جَني ْغ ِف َُْاِْهُا َ‬
‫كن َناثَني ْوا ًن }(ٕ)‪.‬‬

‫فالحاصؿ أف صراط األنبياء عمييـ السالـ ىو الدعوة إلي اهلل ‪،‬‬


‫ولكف ليس مجرد الدعوة ‪ ،‬بؿ بصفاتيا ولوازميا المقبولة ‪ ،‬والمطموبة ‪،‬‬
‫والمحبوبة عند اهلل عز وجؿ‪.‬‬

‫وديئميا‪ ،‬حديث رقـ ٖٕ٘ٗ‪ .‬وأخرجو ابف ماجو‪ ،‬كتاب الفتف‪ ،‬باب السواد األعظـ‪ ،‬حديث‬
‫رقـٓ٘‪ ، ٖٜ‬وحسنو الشيخ األلباني رحمو اهلل انظر السمسمة الصحيحة ‪ -‬مختصرة – جػ‬
‫ٖ ‪ٖٜٔ. /‬‬
‫ٔ) أخرجو الترمذي [‪ ،]ٕٜٜٗ‬وابف ماجو [ٕٔ٘ٗ]‪ ،‬وأحمد [‪،]ٖ/ٜٔٛ‬وعنو المزي في‬
‫تيذيبو]ٕٔ‪، [ٖٔٔ/‬والحربي في غريب الحديث [‪ ،]ٕ/ٜٚٔ‬وابف أبي شيبة [‪،]ٖٕٗٔٙ‬‬
‫وعبد بف حميد في المنتخب [رقـ ‪ ،]ٜٔٔٚ‬وابف حباف في المجروحيف [ٔٔٔ‪ ،]ٕ/‬والحاكـ‬
‫[ٕ‪،]ٗ/ٕٚ‬وابف عساكر في التوبة [رقـ ٔٓ]‪ ،‬والكالباذي في بحر الفوائد [رقـ ‪،]ٖٕٙ‬‬
‫وغيرىـ مف طرؽ عف زيد بف الحباب عف عمي بف مسعدة عف قتادة عف أنس بو ‪ ...‬وزاد‬
‫أحمد وحده ‪( :‬ولو أف يبف آدـ وادييف مف ماؿ يبتمى ليما ثالثًا‪ ،‬و ي يمأل جوؼ ابف‬
‫آدـ إي التراب‪ .‬وصححو الحاكـ ‪ ،‬وحسنو األلباني ‪.‬‬
‫ٕ) سورة النصر – ابيات مف ٔ ‪. ٖ:‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪60‬‬

‫وفقنا اهلل واياكـ أف نجعؿ مقصد حياتنا إعالء كممة اهلل في العالـ‬
‫لتكوف كممة اهلل العميا‪ ،‬وكممة الكفر ىي السفمي‪ ،‬ورزقنا اهلل واياكـ‬
‫الصفات المرضية عند اهلل في سبيؿ الدعوة‪ ،‬وأعاذنا اهلل واياكـ مف شرور‬
‫النفس‪ ،‬ومف مضالت الفتف‪ ،‬ما ظير منيا وما بطف‪ ،‬ومف الرذائؿ‬
‫الروحانية كميا آميف ‪.‬‬
‫الصنف الثاني ‪ :‬من المُنعم عمييم ىم ( الصديقون )‪:‬‬
‫مف يتبع النبي ‪ ‬كؿ اإلتباع‪ ،‬ويصبغ بصبمتو‪ ،‬مثؿ أبي بكر‬
‫الصديؽ ‪ ، ‬فقد استجاب لدعوة النبي ‪ ‬بال تأمؿ وي تردد‪ ،‬وكانت‬
‫بينو وبيف النبي ‪ ‬نسبة خاصة كما ظير في صم الحديبية ‪ ،‬أف عمر‬
‫قاؿ‪ " :‬بمي " ‪.‬‬ ‫بف الخطاب ‪ ‬سأؿ النبي ‪ : ‬ألست نبي اهلل حقا‬
‫فمـ‬
‫قاؿ‪ :‬ألسنا عمي الحؽ وىـ عمي الباطؿ قاؿ ‪ " :‬بمي " ‪ .‬قاؿ‪َ :‬‬
‫ُنعطي الدنية في ديننا إذا فقاؿ رسوؿ اهلل ‪ " : ‬أنا عبد اهلل ورسولو "‬
‫أي أنا مأمور مف اهلل ‪ ،‬ىكذا أمرني اهلل‪ .‬وذىب عمر إلي الصديؽ وألؽ‬
‫عميو نفس األسئمة التي سأليا لرسوؿ اهلل ‪ ‬وأجاب أبو بكر بنفس جواب‬
‫النبي ‪.‬‬
‫وفي قصة خروج أبي بكر مف مكة بسبب أذي المشركيف لو ‪،‬‬
‫وارادتو رضي اهلل عنو اليجرة إلى الحبشة ‪َ ،‬ع ْف ُع ْرَوةُ ْب ُف الزَب ْي ِر أ أ‬
‫َف‬

‫اف ا ِّلد َ‬
‫يف‬ ‫ي قَط إِ أي َو ُى َما َي ِد َين ِ‬
‫َع ِق ْؿ أََب َو أ‬ ‫ض َي المأوُ َع ْنيَا قَالَ ْ‬
‫ت لَ ْـ أ ْ‬ ‫عائِ َشةَ ر ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪62‬‬

‫َو َسمأ َـ طَ َرفَ ْي‬ ‫صمأى المأوُ َعمَ ْي ِو‬ ‫أِ‬ ‫أ ِ ِِ‬
‫َولَ ْـ َي ُم أر َعمَ ْيَنا َي ْوٌـ ِإي َيأْت َينا فيو َر ُسو ُؿ المو َ‬
‫ُميَا ِج ًار ِقَب َؿ‬ ‫وف َخ َرَج أ َُبو َب ْك ٍر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الأنيَ ِار ُب ْك َرةً َو َعشأيةً َفمَ أما ْابتُم َي ا ْل ُم ْسم ُم َ‬
‫ؾ ا ْل ِم َم ِاد‪ ،‬لَ ِقَيوُ ْاب ُف ال أد ِغَن ِة َو ُى َو َسي ُ‬
‫ِّد ا ْلقَ َارِة فَقَا َؿ‪:‬‬ ‫ا ْل َحَب َش ِة‪َ ،‬حتأى إِ َذا َبمَ َغ َب ْر َ‬
‫َسي َ ِفي‬ ‫يد أَف أ ِ‬ ‫يد يا أَبا ب ْك ٍر فَقَا َؿ أَبو ب ْك ٍر‪ :‬أ ْ ِ‬
‫َخ َر َجني قَ ْو ِمي فَأََنا أ ُِر ُ ْ‬ ‫ُ َ‬ ‫أ َْي َف تُِر ُ َ َ َ‬
‫ؾ َي َي ْخ ُرُج َوَي ُي ْخ َرُج فَِخأن َؾ‬ ‫َع ُب َد َربِّي قَا َؿ ْاب ُف ال أد ِغَن ِة إِ أف ِم ْثمَ َ‬‫ض فَأ ْ‬ ‫ْاأل َْر ِ‬
‫يف َعمَى‬ ‫ِ‬ ‫الر ِح َـ‪َ ،‬وتَ ْح ِم ُؿ ا ْل َك أؿ‪َ ،‬وتَ ْق ِري ال أ‬ ‫تَ ْك ِسب ا ْلمع ُدوـ‪ ،‬وتَ ِ‬
‫ؼ‪َ ،‬وتُع ُ‬ ‫ض ْي َ‬ ‫ص ُؿ أ‬ ‫ُ َْ َ َ‬
‫ؾ‪ ،‬فَ ْارتَ َح َؿ ْاب ُف ال أد ِغَن ِة‬
‫ؾ بِبِ َال ِد َ‬ ‫ؾ َج ٌار‪ ،‬فَ ْار ِج ْع فَ ْ‬
‫اع ُب ْد َرأب َ‬ ‫َنوائِ ِب ا ْل َح ِّ‬
‫ؽ‪َ ،‬وأََنا لَ َ‬ ‫َ‬
‫اؿ لَيُ ْـ‪ِ :‬إ أف أََبا َب ْك ٍر‬‫ش‪ ،‬فَقَ َ‬ ‫اؼ ِفي أَ ْشر ِ‬
‫اؼ ُكفأ ِار قَُرْي ٍ‬ ‫ط َ‬‫فَ َر َج َع َم َع أَبِي َب ْك ٍر فَ َ‬
‫َ‬
‫الر ِح َـ‬
‫ص ُؿ أ‬ ‫َي ي ْخرج ِمثْمُو وَي ي ْخرج أَتُ ْخ ِرجوف رج ًال ي ْك ِسب ا ْلمع ُدوـ وي ِ‬
‫ُ َ َ ُ ُ ُ َ ْ َ ََ‬ ‫ُ َ ُ َُ‬ ‫َ ُُ‬
‫ش‬ ‫ت قَُرْي ٌ‬ ‫يف َعمَى َنوائِ ِب ا ْل َح ِّ‬
‫ؽ‪ ،‬فَأ َْنفَ َذ ْ‬ ‫ض ْي َ ِ‬
‫ؼ َوُيع ُ‬ ‫َوَي ْح ِم ُؿ ا ْل َك أؿ َوَي ْق ِري ال أ‬
‫َ‬
‫آم ُنوا أََبا َب ْك ٍر‪َ ،‬وقَالُوا ِي ْب ِف ال أد ِغَن ِة‪ُ :‬م ْر أََبا َب ْك ٍر َف ْمَي ْع ُب ْد‬ ‫ِ ِ‬
‫ج َو َار ْاب ِف ال أدغَنة‪َ ،‬و َ‬
‫ِ‬

‫ؾ َوَي َي ْستَ ْعمِ ْف بِ ِو فَِخأنا قَ ْد‬ ‫اء َوَي ُي ْؤِذ َينا بِ َذِل َ‬
‫صؿ َوْلَي ْق َ ْأر َما َش َ‬
‫رأبوُ ِفي َد ِارِه َف ْم ُي ِّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ؽ أ َُبو‬ ‫ط ِف َ‬
‫ؾ ْاب ُف ال أد ِغَن ِة ِألَبِي َب ْك ٍر فَ َ‬ ‫اءَنا‪ ،‬قَا َؿ َذلِ َ‬
‫اءَنا َونِ َس َ‬
‫َخ ِش َينا أ ِ‬
‫َف َي ْفت َف أ َْبَن َ‬
‫ْ‬
‫اء ِة ِفي َغ ْي ِر َد ِارِه ثُأـ َب َدا‬ ‫ِ‬
‫أالة َوَي ا ْلق َر َ‬
‫ب ْك ٍر يعب ُد رأبو ِفي َد ِارِه وَي يستَعمِف بِالص َ ِ‬
‫َ َْ ْ ُ‬ ‫َ َ ُْ َ ُ‬
‫آف‬ ‫اء َد ِارِه وبرَز فَ َكاف ي ِّ ِ ِ‬ ‫ِألَبِي ب ْك ٍر فَ ْابتََنى مس ِج ًدا بِ ِفَن ِ‬
‫صمي فيو َوَي ْق َأُر ا ْلقُ ْر َ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫َ ََ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫وف إِلَ ْيو َو َك َ‬
‫اف أ َُبو‬ ‫وف َوَي ْنظُ ُر َ‬ ‫اؤ ُى ْـ َي ْع َج ُب َ‬ ‫اء ا ْل ُم ْش ِرك َ‬
‫َوأ َْبَن ُ‬
‫يف‬ ‫أؼ َعمَ ْيو ن َس ُ‬
‫فََيتَقَص ُ‬
‫اؼ قَُرْي ٍ‬
‫ش‬ ‫ؾ أَ ْش َر َ‬ ‫ع َذلِ َ‬
‫آف فَأَ ْف َز َ‬
‫يف َي ْق َأُر ا ْلقُ ْر َ‬
‫ح َ‬
‫ِ‬ ‫اء َي َي ْممِ ُ‬
‫ؾ َد ْم َعوُ‬ ‫أ‬
‫َب ْك ٍر َر ُج ًال َبك ً‬
‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يف فَأ َْر َسمُوا إِلَى ْاب ِف ال أدغَنة فَقَد َـ َعمَ ْي ِي ْـ فَقَالُوا لَوُ إِأنا ُكأنا أ َ‬
‫َج ْرَنا‬ ‫م ْف ا ْل ُم ْش ِرك َ‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪63‬‬

‫ؾ فَ ْابتََنى مس ِج ًدا بِ ِفَن ِ‬ ‫َف َي ْع ُب َد َرأبوُ ِفي َد ِارِه َوِاأنوُ َج َاوَز َذلِ َ‬
‫اء‬ ‫َْ‬ ‫أََبا َب ْك ٍر َعمَى أ ْ‬
‫اءَنا فَأْتِ ِو فَِخ ْف‬
‫اءَنا َونِ َس َ‬
‫أالةَ وا ْل ِقراءةَ وقَ ْد َخ ِش َينا أ ِ‬
‫َف َي ْفت َف أ َْبَن َ‬
‫ْ‬ ‫َعمَ َف الص َ َ َ َ َ‬ ‫َد ِارِه َوأ ْ‬
‫َف ُي ْعمِ َف‬ ‫ِ‬
‫َف َي ْع ُب َد َرأبوُ في َد ِارِه فَ َع َؿ َوِا ْف أََبى إِ أي أ ْ‬
‫ِ‬
‫َف َي ْقتَص َر َعمَى أ ْ‬ ‫ب أْ‬ ‫َح أ‬‫أَ‬
‫يف ِألَبِي َب ْك ٍر‬ ‫ِ‬ ‫َف ُن ْخ ِف َر َ‬ ‫ؾ ِذ أمتَ َ‬ ‫َذلِ َ‬
‫ؾ َولَ ْسَنا ُمقِّر َ‬ ‫ؾ فَِخأنا َك ِرْىَنا أ ْ‬ ‫َف َي ُرأد إِلَ ْي َ‬
‫ؾ فَ َس ْموُ أ ْ‬
‫ت الأِذي‬ ‫ت َعائِ َشةُ فَأَتَى ْاب ُف ال أد ِغَن ِة أََبا َب ْك ٍر فَقَا َؿ قَ ْد َعِم ْم َ‬ ‫ِاي ْستِ ْع َال َف قَالَ ْ‬
‫َف تَُرأد ِإلَ أي ِذ أمتِي فَِخِّني َي‬ ‫ؾ َوِا أما أ ْ‬‫ص َر َعمَى َذلِ َ‬ ‫ؾ عمَ ْي ِو فَِخ أما أَف تَ ْقتَ ِ‬
‫ْ‬ ‫ت لَ َ َ‬ ‫َعقَ ْد ُ‬
‫اؿ أ َُبو َب ْك ٍر ِإِّني‬
‫ت لَوُ قَ َ‬ ‫ت ِفي َر ُج ٍؿ َعقَ ْد ُ‬ ‫ُخ ِف ْر ُ‬
‫ب أَِّني أ ْ‬ ‫َف تَ ْس َم َع ا ْل َع َر ُ‬‫أُحب أ ْ‬
‫ِ‬

‫َعمَ ْي ِو َو َسمأ َـ‬ ‫ؾ وأَرضى بِ ِجو ِار المأ ِو ورسو ُؿ المأ ِو أ أ‬


‫صمى الموُ‬ ‫َ‬ ‫ََ ُ‬ ‫َ‬ ‫ؾ ِج َو َار َ َ ْ َ‬ ‫أ َُرد إِلَ ْي َ‬
‫يت َد َار‬ ‫أ ُِر ُ‬ ‫صمأى المأوُ َعمَ ْي ِو َو َسمأ َـ‪ ":‬قَ ْد‬ ‫أِ‬
‫اؿ َر ُسو ُؿ المو َ‬ ‫َي ْو َمئِ ٍذ بِ َم أكةَ فَقَ َ‬
‫اج َر َم ْف‬ ‫اف فَيَ َ‬ ‫ات َن ْخ ٍؿ َب ْي َف َيَبتَْي ِف َو ُى َما ا ْل َح أرتَ ِ‬‫ت َس ْب َخةً َذ َ‬‫ِى ْج َرتِ ُك ْـ َأرَْي ُ‬
‫صمأى المأوُ َعمَ ْي ِو َو َسمأ َـ َوَر َج َع‬ ‫أِ‬
‫ؾ َر ُسو ُؿ المو َ‬ ‫يف َذ َك َر َذلِ َ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫اج َر قَب َؿ ا ْل َمد َينة ح َ‬ ‫َى َ‬
‫ض ا ْل َحَب َش ِة َوتَ َجيأَز أ َُبو َب ْك ٍر‬ ‫اج َر إِلَى أ َْر ِ‬ ‫اف َى َ‬ ‫ض َم ْف َك َ‬
‫ِ ِ‬
‫إِلَى ا ْل َمد َينة َب ْع ُ‬
‫ؾ فَِخِّني أ َْر ُجو‬‫صمأى المأوُ َعمَ ْي ِو َو َسمأ َـ‪َ ":‬عمَى ِر ْسمِ َ‬ ‫أِ‬
‫المو َ‬ ‫ُميَا ِج ًار فَقَ َ‬
‫اؿ لَوُ َر ُسو ُؿ‬
‫اؿ‪َ :‬ن َع ْـ فَ َحَب َس‬
‫ت‪ ،‬قَ َ‬ ‫َب ْك ٍر ‪َ :‬ى ْؿ تَْر ُجو َذلِ َؾ بِأَبِي أ َْن َ‬ ‫َف ُي ْؤَذ َف لِي" قَا َؿ أ َُبو‬‫أْ‬
‫ؼ‬
‫ص َحَبوُ َو َعمَ َ‬ ‫ِ أ ِ‬ ‫وؿ المأ ِو أ أ‬ ‫أ َُبو َب ْك ٍر َن ْفسوُ َعمَى رس ِ‬
‫صمى الموُ َعمَ ْيو َو َسم َـ لَي ْ‬ ‫َ‬ ‫َُ‬ ‫َ‬
‫أم ِر أ َْرَب َعةَ أَ ْشيُ ٍر (ٔ)‪.‬‬ ‫احمَتَْي ِف َك َانتَا ِع ْن َدهُ َوَر َ‬
‫ؽ الس ُ‬
‫رِ‬
‫َ‬

‫البخاري _ كتاب الكفالة _ باب ِجو ِار َأبِي ب ْك ٍر ِفي عي ِد الأنبِ ِّي أ أ‬
‫صمى الموُ‬
‫َ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٔ) صحي‬
‫َو َع ْق ِد ِه_ رقـ الحديث (‪. )ٕٔٚٙ‬‬ ‫َعمَْي ِو َو َسمأ َـ‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪64‬‬

‫المتأمؿ يجد أف ابف الدغنة وصؼ الصديؽ بصفات ذكرتيا خديجة‬


‫في رسوؿ اهلل ‪ ‬حينما نزؿ عميو الوحي ورجع إلي خديجة ويقوؿ‪:‬‬
‫زمموني زمموني‪ ،‬فزمموه حتى ذىب عنو الروع‪ ،‬فقاؿ لخديجة ‪ -‬وأخبرىا‬
‫الخبر ‪ -‬لقد خشيت عمى نفسي‪ .‬فقالت خديجة‪ :‬كال واهلل ي يخزيؾ اهلل‬
‫أبدا‪ ،‬إنؾ لتصؿ الرحـ وتقري الضيؼ‪ .‬وتحمؿ الكؿ‪ ،‬وتكسب المعدوـ‪،‬‬
‫وتعيف عمى نوائب الحؽ‪ ،‬فانطمقت بو خديجة حتى أتت ورقة بف نوفؿ(ٔ)‪.‬‬
‫فعمـ مف ذلؾ أف النسبة الخاصة ‪ ،‬كانت بيف الرسوؿ ‪ ‬وبيف أبو‬
‫بكر الصديؽ ‪. ‬‬
‫إذا الصديؽ مف تصبغ بصبمة النبي ‪ ‬فسبيمو سبيؿ النبي ‪‬‬
‫وصراط األنبياء ىو الدعوة إلي اهلل ‪.‬‬
‫الصنف الثالث ‪ :‬من المُنعم عمييم ىم ( الشيداء )‪:‬‬
‫الشييد مف ُيضحي بنفسو إلعالء كممة اهلل ‪ ، ‬لتكوف كممة اهلل‬
‫ىي العميا وكممة الذيف كفروا السفمي ‪ ،‬فيـ يبذلوف أنفسيـ في سبيؿ‬

‫{ ا َو َا‬ ‫الدعوة إلي واحياء ديف اهلل في العالـ كمو ‪ ،‬قاؿ اهلل تعالي ‪:‬‬

‫َْ َارِِّ ٌْ اتنيُْ َزفُو َا‬


‫ن*‬ ‫َب االْ ِات افُجِلُواْ ِآت ا ِ ِذل االلّ ِه اَ واثًنا ل اَ ذ ِ‬
‫نااِ َ‬‫ْ َ َ ْ َْ‬ ‫َ‬ ‫ََْت َِف َ ْ َ‬

‫ٔ) المرجع السابؽ ‪.‬‬


‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪65‬‬

‫ضلِ ِه َاوتَ ِْفجَْ ِش ُو َناِنلْ ِات َ ا ََلْاتنيَ ْل َم ُواْا ٌِِا ِّ ْ ا‬


‫نل ٌُااللّهُا ِ ا َ ْ‬ ‫َِِ ِ‬
‫وابَنامثَ ُ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫ن }(ٔ)‪.‬‬‫اُيَُو َا‬
‫ال ٌْ َْ‬ ‫اِلَْذ َِ ٌْ َاو َ ُ‬ ‫َخ ْلف َِ ٌْاَ ْ َ‬
‫اخ ْو ٌ َ‬
‫اِلَْذ ِها‬
‫نل ُْواااللْهَ َ‬
‫ناِ َ‬ ‫اص َْفُواا َ َ‬ ‫نل َ‬ ‫و ا ِر َ ٌ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫وقاؿ تعالي ‪ َ { :‬االْ ُُ ْو َ َ‬
‫اَّنَهُ َاوِ َْني ٌَُا ْ اتََجَ ِظ ُ َاوَ نا َ ْْلُوااثَنيْ ِْ ًا‬
‫تغ }(ٕ)‪.‬‬ ‫ض َْ‬‫َ َُِْني ٌَُا ْ افَ َ‬
‫فصراط الشيداء ىو الدعوة إلي اهلل ‪ ،‬وىو واض بالقرآف الكريـ‬
‫والسيرة النبوية وحياة الصحابة‪.‬‬
‫الصنف الرابع ‪ :‬من المُنعم عمييم ىم ( الصالحين )‪:‬‬
‫ي يتـ صالح أمة محمد ‪ ‬إي باألمر بالمعروؼ والنيي عف‬

‫المنكر ‪ ،‬وقد بيف اهلل ‪ ‬صفات الصالحيف ‪ ،‬قاؿ تعالي ‪ { :‬لَْذ ُِفواْا َ َوااا‬
‫نت االلّ ِه ام َنا االلْْذ ِل َاوُل ٌْا‬ ‫نب ا ُْ ٌ افَآُِِ ٌ اتنيْجنيلُو َن امت ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ِّ ا َْل ِل االْ ِجَ ِ‬
‫ْ‬
‫تِفج ُْو َن اواتني ْوِ َُو َن اِنللّ ِه ااوالْذنيوِم ِ‬
‫ااْلخ ِ َاوتَأْ ُ ُو َن اِنلْ َُ ْع ُو ِ َاوتنيََْني ََ ْو َنا‬ ‫َ َْ‬ ‫ُ‬ ‫َْ ُ‬
‫و } (ٖ)‪.‬‬‫َن ِِ َا‬
‫ات َاو ُْولَنيِْ َ ا ِ َ اال ْ‬
‫ااْلذني ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َِ ِ االْ َُُ َ َاوتُ َِفنرُِو َنآت َْْ َ‬
‫نتا‬‫وقاؿ تعالي ‪ { :‬وثِْل َ ا ْججُنيََنامثَنيذنيََنلناِ ني ِالذٌاِلَ افَنيوِ ِها نيَ َمادر ٍ‬
‫ْ َ َْ َ َ ْ ْ ُ َ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ْ ا ْشنا اِ ْن ارْ ا ِذٌ ِ‬
‫وب ا ُكغَا‬ ‫ذٌ او َاوَوَلْنيََن الَهُ اِ ْ َم ََ َاوتنيَ ْع ُ َ‬‫اِل ٌ‬
‫َ َ َ ٌ َ‬ ‫َ‬

‫ٔ) سورة آؿ عمراف – ابيتاف مف ‪. ٔٚٓ ، ٜٔٙ‬‬


‫ٕ) سورة األحزاب – ابية ٖٕ‪.‬‬
‫ٖ) سورة األحزاب – ابية ٖٕ‪.‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪66‬‬

‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ود َاو ُ لَْذ َُن َن َاوَتُّ َ‬
‫وبا‬ ‫اد ُاو َ‬
‫ال َْتْنيََن ا افَنيْ ُل َاو اذُِّرتْجه َ‬ ‫َل َْتْنيََن َاوُو ً ن َ‬
‫و او َاوَزَك ِتْن َاوَُْي َا‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫َيا‬ ‫اَن ِي االْ ُُ ْمِفَ َ‬
‫ف َاوُو َ َاوَل ُنرو َن َاوَك َال َ َْ‬ ‫َوتُو ُ َ‬
‫َن ِِ َا‬
‫و }(ٔ)‪.‬‬ ‫نسا ُكلٌّا ِّ َ اال ْ‬ ‫ِ‬
‫ذِف َاو لْذَ َ‬
‫َ َ‬
‫وِ‬
‫ِ‬
‫فبعد أف ذكر اهلل سبحانو وتعالي الدعاة ( األنبياء ) قاؿ تعالي ‪:‬‬

‫وا‬‫( ُكلاٌّ ِّ اال ْ ِِ‬


‫)‪ ،‬وىذا نبي اهلل يوسؼ ‪ ‬بعد ايبتالء والجيد‬ ‫َن َ‬ ‫َ‬
‫والتضحية مف أجؿ ديف ااهلل ‪ ، ‬وكانت حياتو عامرة بالدعوة إلي اهلل‬

‫ب افَ ْْ امثَنيْذجَِِن ا ِ َ االْ ُُ ْل ِ َاو َِلْ ُْجَِِنا‬


‫داخؿ السجف وخارجو ‪ ،‬يقوؿ‪َ { :‬ر ِّ‬
‫يآت ُّ‬
‫االْ نيُذَنا‬ ‫ت اولِذِّ ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ا‬ ‫أ‬‫ِ‬ ‫َر‬
‫ْ‬ ‫ا‬
‫او‬ ‫نس اال ِْفُنو ِ‬
‫ات‬ ‫ِ اثَأْ ِو ِتل اا َ ِند ِ‬
‫تث ا َ ِ‬
‫َ‬
‫َ‬ ‫َ ََ َ‬
‫و }(ٕ)‪.‬‬ ‫َن ِِ َا‬‫ناوَ ِْ ْ ِِناِنل ْ‬ ‫ُ‬‫اْلخ ةِاثَنيوِِْنا ِفلِ‬
‫و ِ‬
‫َ َ َ ُْ ً َ‬
‫فميس معني الصالح أف يكتفي العبد بعبادتو فقط ‪ ،‬ويترؾ الدعوة‪،‬‬
‫بؿ الصالح أف يكوف داعيا إلي اهلل والي دينو‪ ،‬بقولو وعممو‪ ،‬وصالحو‬
‫وتقواه‪ ،‬وزىده وقناعتو‪ ،‬وصبره وشكره ‪ ،‬واحسانو ‪ ،‬حتى إف رؤيتو تكوف‬
‫َف الأنبِ أي أ أ‬ ‫يد ‪ ،‬أ أ‬ ‫اء بِ ْن ِت َي ِز َ‬
‫صمى الموُ‬ ‫َ‬ ‫َس َم َ‬
‫دعوة لمناس إلي اهلل ‪ ، ‬ف َع ْف أ ْ‬
‫اس ‪ ،‬أَي أَُنب ُِّئ ُك ْـ بِ ِخَي ِارُك ْـ " قَالُوا ‪َ :‬بمَى‬ ‫ِ أ‬
‫َعمَ ْيو َو َسم َـ ‪ ،‬قَا َؿ ‪َ " :‬يا أَييَا الأن ُ‬
‫" قَالُوا ‪َ :‬بمَى ‪،‬‬ ‫يف إِ َذا ُرُءوا ُذ ِك َر المأوُ ‪ ،‬أَي أَُنب ُِّئ ُك ْـ بِ ِش َر ِارُك ْـ‬ ‫أِ‬
‫‪ ،‬قَا َؿ ‪ " :‬الذ َ‬

‫ٔ) سورة األنعاـ – ابية ٘‪.ٛ‬‬


‫ٕ) سورة يوسؼ – ابية ٔٓٔ‪.‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪67‬‬

‫وف‬ ‫َحأب ِة ‪ ،‬ا ْلَب ُ‬


‫اغ َ‬
‫قَا َؿ ‪ " :‬فَِخ أف ِشرارُكـ ا ْلم أشاؤوف بِالأن ِميم ِة ‪ ،‬ا ْلم ْف ِس ُدوف ب ْيف األ ِ‬
‫َ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ََ ُ َ ُ َ‬
‫(ٔ)‬
‫ت"‬‫‪.‬‬ ‫اء ا ْل َعَن َ‬
‫ا ْل ُب َرَء َ‬
‫وؿ المأ ِو ‪ ،‬أَي ُجمَ َسائَِنا َخ ْيٌر‬
‫يؿ ‪َ :‬يا َر ُس َ‬‫اس‪ ،‬قَا َؿ ‪ِ :‬ق َ‬ ‫َع ِف ْاب ِف َعأب ٍ‬
‫قَا َؿ ‪ " :‬مف َذ أكرُكـ بِالمأ ِو رؤيتَو ‪ ،‬وَز َاد ِفي ِع ْم ِم ُكـ م ْن ِطقَو ‪ ،‬وَذ أكرُكـ بِ ِ‬
‫ابخ َرِة‬ ‫ْ َ ُ َ َ ْ‬ ‫ُْ ُ َ‬ ‫َْ َ ْ‬
‫(ٕ)‬
‫َع َممُوُ " ‪" .‬‬
‫وروي ابف حباف وصححو مف حديث أنس ‪ ‬قاؿ ‪ :‬قَا َؿ َر ُسو ُؿ المأ ِو‬
‫اس َمفَاتِي َ لِ ِذ ْك ِر المأ ِو‪ ،‬إِ َذا ُرُءوا ُذ ِك َر‬
‫صمي اهلل عميو وآلو وسمـ‪ :‬إِ أف ِم َف الأن ِ‬

‫المأوُ‪.)ٖ(" .‬‬
‫ي شؾ أف مجالسة الصالحيف ليا آثار عمي النفس ‪ ،‬ورؤية الرجؿ‬
‫الصال القدوة‪ ،‬إنما تذكر باهلل‪ ،‬لما يري عميو مف النور‪ ،‬واإلشراؽ واألنس‬
‫والطمأنينة ‪ ،‬والمحبة‪ ،‬والسكينة ‪ ،‬في سمتو وىيئتو‪ ،‬وخشوعو‪ ،‬وفي نطقو‪،‬‬
‫وصمتو واطراقو‪ ،‬وحركتو وسكونو‪ ،‬وكؿ شؤونو‪ ،‬فال ينظر إليو ناظر إي‬

‫ِ ِ‬
‫يد ْب ِف ال أس َك ِف‬ ‫اء بِْن ُ‬
‫ت َي ِز َ‬ ‫َس َم ُ‬
‫اء» أ ْ‬
‫َس َم ُ‬ ‫اب األَلؼ» َم ِف ْ‬
‫اس ُموُ أ ْ‬ ‫ٔ) المعجـ الكبير لمطبراني » َب ُ‬
‫اف ْب ِف ُخثَْيٍـ _ رقـ الحديث (‪،)ٜٜٖٔٙ‬مسند اإلماـ‬ ‫أِ‬ ‫ِ‬
‫ص ِاريأة ‪َ » ...‬عْب ُد المو ْب ُف ُعثْ َم َ‬
‫األَْن َ‬
‫أحمد _ رقـ الحديث (‪ ،)ٕٜٖٜٙ‬األدب المفرد لمبخاري _ رقـ الحديث (ٕٖٔ)‪ ،‬مسند‬
‫عبد بف حميد _ رقـ الحديث (‪.)ٜٔ٘ٛ‬‬
‫ض َي المأوُ َعْنوُ _ رقـ الحديث (‪.،)ٖٙٛ‬‬
‫أاس ر ِ‬
‫ٕ) مسند عبد بف حميد» ُم ْسَن ُد ْاب ِف َعب ٍ َ‬
‫شعب اإليماف لمبييقي_ رقـ الحديث (ٕ٘‪)ٛٛ‬‬
‫ٖ) فيض القدير لممناوي ٕ‪.ٕ٘ٛ/‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪68‬‬

‫كاف النظر إليو مذكر باهلل تعالي ‪ ،‬وكانت صورتو محرضة لو ‪ ،‬لإلقباؿ‬
‫عمي اهلل تعالي ‪ ،‬أولئؾ الذيف إذا رؤوا ُذكر اهلل ‪.‬‬
‫قاؿ ابف الجوزي في كتابو صيد الخاطر‪ :‬قد كاف جماعة مف السمؼ‬
‫يقصدوف العبد الصال لمنظر إلي سمتو و ىديو ي يقتباس عممو و ذلؾ‬
‫أف ثمرة عممو في ىديو وسمتو انتيى‪.‬‬
‫وقاؿ أبو طالب المكي في قوت القموب( قد كانوا يقصدوف األمصار‬
‫لمقاء العمماء والصالحيف لمنظر إلييـ و التبرؾ والتأدب بيـ) انتيى‪.‬‬
‫وقاؿ أبو العباس البردعي سمعت الحسف بف إسماعيؿ يقوؿ سمعت‬
‫أبي يقوؿ‪ :‬كاف يجتمع في مجمس اإلماـ أحمد بف حنبؿ زىاء خمسة‬
‫آيؼ أو يزيدوف‪ ،‬أقؿ مف خمسمائة يكتبوف‪ ،‬والباقوف يتعمموف منو حسف‬
‫األدب وحسف السمت‪.‬‬
‫وقاؿ أحمد بف سمماف النجار سمعت أبا بكر المطوع يقوؿ‪ :‬اختمفت‬
‫إلي أبي عبد اهلل أحمد بف حنبؿ ثنتا عشرة سنة وىو يق أر المسند عمي‬
‫أويده‪ ،‬فما كتبت منو حديثا واحدا إنما كنت انظر إلي ىديو وأخالقو‬
‫وآدابو (ٔ)‪.‬‬
‫وكاف التابعي الجميؿ عمرو بف ميموف األودي الكوفي أدرؾ‬
‫الجاىمية ولـ يمؽ النبي ‪ ‬وقدـ مع معاذ بف جبؿ ‪ ‬مف اليمف فنزؿ‬

‫ٔ) كتاب مناقب اإلماـ أحمد بف حنبؿ يبف الجوزي ص ٕٓٔ‪.‬‬


‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪69‬‬

‫الكوفة وكاف صالحا قانتا هلل تعالي ‪ ،‬حج واعتمر مائة مرة ‪ ،‬قاؿ تمميذه‬
‫أبو إسحاؽ السبيعي ‪ :‬كاف إذا رؤى ُذكر اهلل ‪ ..‬توفي سنة ٘‪ ٚ‬ىػ رحمو‬
‫اهلل تعالي(ٔ)‪.‬‬
‫وكاف التابعي الجميؿ محمد بف سيريف البصري إذا ذكر الموت ‪،‬‬
‫مات كؿ عضو منو ‪ ، ،‬وكاف إذا مر في السوؽ فما يراه أحد إي ذكر‬
‫اهلل (ٕ)‪.‬‬
‫وقاؿ جعفر بف محمد بف سميماف كنت إذا وجدت في قمبي قسوة‬
‫غدوت فنظرت إلي وجو محمد بف واسع ‪ ،‬البصري كأنو ثكمي (ٖ)‪.‬‬
‫وفي ترجمة عبد العزيز بف أبي رواد المكي ( رحمو اهلل ) المتوفي‬
‫سنة ‪ ٜٔ٘‬ىػ قاؿ عبد اهلل بف المبارؾ فيو‪ :‬كاف يتكمـ ودموعو تسيؿ عمي‬
‫خده ‪ ،‬وقاؿ تمميذه شعيب بف حرب‪ :‬كنت إذا نظرت إليو رأيت كأنو‬
‫يطمع القيامة (ٗ)‪.‬‬
‫قاؿ مصعب بف عبد اهلل‪ :‬كاف مالؾ إذا ذكر النبي ‪ ‬عنده تمير‬
‫لونو وانحني حتى يصعب ذلؾ عمي جمسائو ‪ ،‬فقيؿ لو يوما في ذلؾ‪،‬‬
‫فقاؿ ‪ :‬لو رأيتـ لما أنكرتـ عم أي ما تروف‪ ،‬كنت آتي محمد بف المنكدر‬

‫ٔ) تيذيب التيذيب يبف حجر ‪.ٜٔٓ /ٛ‬‬


‫ٕ) كتاب العمؿ ومعرفة الرجاؿ لإلماـ أحمد بف حنبؿ ٔ‪.ٕٓ/‬‬
‫ٖ) تاريخ اإلسالـ لمذىبي ٘‪.ٜٔ٘/‬‬
‫ٗ) تيذيب التيذيب ص ‪.ٖٖٜ‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪71‬‬

‫وكاف سيد القراء أي سيد العمماء‪ ،‬ي نكد نسألو عف حديث إي بكي حتى‬
‫( الصادؽ )‬ ‫توفي رحمو اهلل تعالي‪ ،‬ولقد كنت آتي اإلماـ جعفر بف محمد‬
‫وكاف كثير المزاح والتبسـ‪ ،‬فخذا ُذكر عنده النبي ‪ ‬اصفر واخضر‪،‬‬
‫وكنت كمما أجد في قمبي قسوة آتي محمد بف المنكدر‪ ،‬وكاف يجتمع عنده‬
‫الصالحوف ليقتبسوا مف ىديو وصالحو‪ ،‬فأنظر إليو نظرة فأتعظ بيا‬
‫(ٔ)‬
‫‪.‬‬ ‫أياما‬
‫وجاء في ترجمة اإلماـ العابد الزاىد المحدث فضيؿ بف عياض ‪ ،‬ثـ‬
‫المكي المتوفى سنة ‪ ( ٔٛٚ‬رحمو اهلل تعالي ) ‪ ،‬قاؿ إبراىيـ بف األشعث‬
‫خادـ الفضيؿ ‪ :‬ما رأيت أحد كاف اهلل في صدره أعظـ مف الفضيؿ ‪،‬كاف‬
‫إذا ُذكر اهلل عنده أو سمع القرآف ظير بو الخوؼ والحزف وفاضت عيناه‬
‫فبكي حتي يرحمو مف بحضرتو ‪.‬‬
‫نظرت إلي‬
‫ُ‬ ‫وقاؿ خالد بف رباح قاؿ لي عبد اهلل بف المبارؾ ‪ :‬إذا‬
‫(ٕ)‬
‫‪.‬‬ ‫الفضيؿ ‪ ،‬جدد لي الحزف ‪ ،‬ومقت نفسي ‪ ،‬ثـ بكي‬
‫فيذه بعض النماذج مف أولئؾ الذيف كانت رؤيتيـ تذكر باهلل تعالي‬
‫‪ ،‬وينتفع الناس بيدييـ وسمتيـ ومشاىدتيـ ‪.‬‬

‫ٔ) مف ترتيب المدارؾ لمقاضي عياض ٕ‪.ٔ٘ٔ/‬‬


‫ٕ) تيذيب التيذيب ‪.ٕٜٙ /ٛ‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪70‬‬

‫وىا نحف بعد أكثر مف ألؼ وأربع مائة عاـ نسمع أخبارىـ‬
‫فننتفع بيا‪ ،‬فكيؼ بمف شاىدىـ وجالسيـ‪ ،‬نفعنا اهلل بعباده الصالحيف‬
‫‪ ،‬وألحقنا اهلل برحمتو في زمرتيـ ‪.‬‬
‫فكاف صالحيـ‪ ،‬وورعيـ‪ ،‬وتقواىـ‪ ،‬وحياتيـ‪ ،‬دعوة عممية‬
‫فصراط الصالحيف والدعوة إلي اهلل بالعمؿ أكثر مف القوؿ ‪.‬‬
‫فالبد أف نستحضر ىذه التفصيالت المذكورة أثناء قراءة قولو‬
‫اِلَذ َِ ٌْا َْ ِنا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫نيناالَ ا َطاا ِفج ِ‬ ‫تعالي ‪ِ { :‬‬
‫ذٌاواصَا َطاالْات َ اَ َع َ‬
‫ُت َ‬ ‫َ ُ َ‬‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ني‬ ‫ني‬
‫َ‬ ‫الْ‬
‫و } (ٔ) ‪.‬‬ ‫اِلَذ َِ ٌْ َاو َاالضْنلِّ َا‬ ‫غض ِ‬
‫وب َ‬ ‫ا ُ‬
‫َ‬
‫والممضوب عمييـ ىـ‪ :‬الييود والنصارى‪ ،‬فمف تشبو بيـ حشر معيـ ‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َْ َنرىا‬
‫ود َاوالَ َ‬‫قاؿ اهلل تعالي ‪ { :‬تَناَتنيُّ ََناالْات َ ام َ َُواْ ا َ اثَنيجْل ُاواْ االْذَني َُ َ‬
‫ض َُ ٌْ ا َْولِذَناا َني ْع ٍ‬
‫ض َاوَ اتنيَجَني َوْبٌُا ِّ َ ُ ٌْ ا َِج ْهُ ا ِ َْني َُ ٌْ اِ ْن االلّهَ ا َا‬ ‫ِ‬
‫َْولذَناا نيَ ْع ُ‬
‫و }(ٕ)‪.‬‬ ‫تنيَ َْ ِْياالْ َ ْوَماالظْنلِ ُِ َا‬

‫ٔ) سورة الفاتحة _ ابيتاف ‪ٓ ٚ ، ٙ‬‬


‫ٕ) سورة المائدة _ ابية ٔ٘ ٓ‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪72‬‬

‫وقاؿ اهلل تعالي‪َِّْ { :‬نَن َاولِذُّ ُ ٌُ االلّهُ َاوَر ُ ولُهُ َاوالْ ِات َ ام َ َُواْ االْ ِات َ ا‬
‫َغَةَ َاوتنيُ ْوثُو َن االَْكنةَ َاوُل ٌْ َاراكِعُو َن او َاوَ اتَنيجَني َوْل االلّهَ َاوَر ُ ولَهُا‬
‫ذُو َن اال ْ‬ ‫تِ‬
‫ُ ُ‬
‫ن }(ٔ)‪.‬‬ ‫ال ٌُاالْغَنلُِو َا‬ ‫ِ‬
‫بااللّه ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َوالْات َ ام َ َُواْا َِج ْنا ْ َ‬
‫فوائد قرآنية من سورة البقرة‪:‬‬
‫(ٕ)‪.‬‬
‫ال ًْىالِّْل ُُجْ ِ َا‬
‫و}‬ ‫قاؿ تعالي ‪{ :‬ااَلاوا َذلِ َ االْ ِجَنبا َارت ِ ِ‬
‫با ذه ُ‬
‫ُ َْ َ‬
‫عامة المفسريف رحميـ اهلل تعالي ذكروا في تفسير ( الـ ) اهلل أعمـ‬
‫بمراده منيا‪ ،‬وكاف الشيخ محمد يوسؼ رحمو اهلل يقوؿ بيذا التفسير‬
‫ويقوؿ مف باب اإلشارة ‪ :‬كما ي نعرؼ مراد اهلل مف( الـ ) وىو مركب‬
‫مف ثالثة حروؼ‪ ،‬كذلؾ ي ندري حقيقة الماؿ فخنو مركب مف ثالثة‬
‫حروؼ ىؿ ىو سبب لنفعنا أـ سبب لمضرتنا ‪.‬‬
‫إذا أراد اهلل عز وجؿ النفع بالماؿ فننتفع بالماؿ‪ ،‬واذا أراد اهلل إفساد‬
‫الحياة فتفسد الحياة بالماؿ كما نشاىد كثي ار ‪.‬‬
‫وكذلؾ الذىب مركب مف ثالثة حروؼ ي ندرى أنو سبب لصالح‬
‫حياتنا ‪ ،‬أـ سبب لفساد حياتنا ‪ ،‬واذا أراد اهلل صالح الحياة فتصم الحياة‬
‫بالذىب وبدونو‪ ،‬واذا أراد اهلل فساد الحياة فتفسد الحياة مع الذىب ‪.‬‬

‫ٔ) سورة المائدة _ ابيتاف ٘٘ ‪ٓ ٘ٙ ،‬‬


‫ٕ) سورة البقرة _ ابيتاف ٔ ‪ٓ ٕ ،‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪73‬‬

‫وكذلؾ مثال الفضة ي ندرى أنيا سبب لصالح حياتنا أـ سبب لفساد‬
‫حياتنا ‪ ،‬إذا أراد اهلل صالح الحياة فتصم الحياة مع الفضة وبدونيا ‪،‬‬
‫واذا أراد اهلل فساد الحياة فتفسد الحياة مع وجود الفضة‪.‬‬
‫وكذلؾ مثال الجبؿ فيو ثالثة حروؼ ‪ ،‬نار ‪ ،‬بحر ‪ ،‬أرض ‪ ،‬ماء ‪،‬‬
‫مثؿ ىذا الكممات المركبة مف ثالثة حروؼ أو أكثر ‪ ،‬وي ندرى أف ىذه‬
‫األشياء واألسباب سبب لصالح حياتنا أـ سبب لفساد حياتنا ‪ ،‬اهلل أعمـ‬
‫بيا‪.‬‬
‫كـ مف الناس يقتموف بسبب الخصومة عمى األرض ‪ ،‬إذا كانت‬
‫األرض سبب لصالح الحياة فقط ‪ ،‬فمـ فسدت حياة كثير مف الناس‬
‫بسبب األرض ‪ ،‬كذلؾ البحر كاف سببا لنجاة بنى إسرائيؿ ‪ ،‬ونفس‬
‫البحر كاف سببا إلغراؽ آؿ فرعوف ‪.‬‬
‫كذلؾ النار إنيا سبب عاـ إلفساد الحياة واإلحراؽ ‪ ،‬ولكف جعميا اهلل‬
‫سببا إلصالح الحياة ‪ ،‬وجعميا بردا وسالما في شأف إبراىيـ ‪ ، ‬كما‬

‫ااو َ َغ ً ن‬ ‫قاؿ ‪ {: ‬فُني ْلََناتَنا َنرا َِلَ اِْني ِال ا ِ‬


‫ذٌا ُكوِنا نيَ ْ ًد َ‬
‫(ٔ) ‪.‬‬
‫}‬ ‫ُ‬
‫َ َ‬
‫وقس عمي ذلؾ أمثمة أخري ‪ ،‬فكاف رحمو اهلل يقوؿ ‪ :‬كما ي نعمـ‬
‫مراد اهلل مف ( الـ ) كذلؾ ي ندري حقائؽ األشياء وتأثيراتيا إنيا مف‬
‫أسباب الصالح أو مف أسباب الفساد واألصؿ ىو أمر اهلل ‪ ‬وىو‬

‫ٔ) سورة األنبياء _ ابية ‪ٓ ٜٙ‬‬


‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪74‬‬

‫كالروح لمجسـ ‪ ،‬إف كاف أمر اهلل في األسباب واألشياء لمنفع فينبعث‬
‫النفع منيا ‪ ،‬واف كاف أمر اهلل لمضرر فينبعث الضرر والفساد منيا ‪.‬‬
‫ثـ كاف رحمو اهلل يقوؿ إف اهلل أراد مف ( الـ ) أف نعترؼ بجيمنا أوي‬
‫‪ ،‬ألف مف ي يعترؼ بجيمو ويري نفسو عالما ي يفت اهلل لو باب العمـ‬
‫وعمي قدر ما يظير عمي اإلنساف جيمو يفت اهلل لو أبواب العمـ‪.‬‬
‫الجيل عمي نوعين ‪ :‬جيؿ بسيط ‪ ،‬وجيؿ مركب‪.‬‬
‫النوع األول‪ :‬الجيل المفرد ‪:‬‬
‫مثالو ‪ :‬أف اإلنساف ي يعمـ ما ىو األسد ‪ ،‬فيقاؿ إنو جاىؿ باألسد ‪،‬‬
‫وىذا جيؿ بسيط ويسمي جيؿ مفرد‪.‬‬
‫النوع الثاني ‪ :‬الجيؿ المركب ‪:‬‬
‫مثالو‪ :‬أنو رأي البممة وقاؿ أنيا أسد فيذا أجيؿ مف األوؿ ألنو يعمـ‬
‫األسد عمي غير ما ىو عميو ‪ ،‬فعممو عمـ خطأ ‪ ،‬ويري نفسو أنو عالـ‬
‫باألسد‪.‬‬
‫وىكذا قضاء الحوائج وحؿ المشاكؿ بالماؿ واألسباب واألشياء‬
‫والذىب والفضة واألرض والتجارة والزراعة والوظيفة ‪ ،‬لو عمـ اإلنساف أف‬
‫الحوائج ي تنقضي والمشاكؿ ي تحؿ إي بيا فيذا ليس بعمـ بؿ يعتبر‬
‫جيؿ ‪ ،‬وي يعتبر جيؿ بسيط ومفرد ‪ ،‬بؿ يعتبر جيؿ مركب واألمة واقعة‬
‫في ىذا الجيؿ وتظف أنيا عالمة بحقائؽ األمور ٓ‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪75‬‬

‫كيؼ تعمـ بحقائؽ األمور مع أف العمـ بالحقيقة ىو العمـ بأف قاضي‬


‫الحوائج ىو اهلل وحده ي شريؾ لو ‪.‬‬
‫إف أراد اهلل قضاء الحوائج فتنقضي مع األسباب واألشياء وبدونيا ‪،‬‬
‫واف لـ يرد اهلل قضاء الحوائج وحؿ المشاكؿ فمع كثرة األسباب واألشياء‬
‫ي تنقضي الحوائج ‪ ،‬وي تحؿ المشاكؿ أبدا ‪ ،‬كما قاؿ اهلل ‪ َ {‬ناتَني ْفجَ َِا‬
‫ناوَناّيُْ ِِف ْ ا َ َغ ا ُ ْ ِ َل الَهُ ا ِ ا َني ْع َِِْا‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫اللْه الِلَ ِ ِ‬
‫ْنس ا ا ْر ْْحَ ا َ َغ افُِْف َ ا َبَ َ‬ ‫ُ‬
‫ذٌ } (ٔ) ‪.‬‬ ‫َوُل َواالْ َع ِتُ اا َْ ِ ُا‬
‫ِ‬
‫ف الَهُ اِ ْ ُ‬
‫ال َوا‬ ‫ضٍّ ا َغَ ا َكن َ‬ ‫{وِناّيَْ َِف ِْف َ االلّهُ اِ ُ‬
‫وقاؿ تعالي ‪َ :‬‬
‫(ٕ)‬
‫اِلَ ا ُك ِّلا َ ْي ٍاافَ ُْتٌ ا}‬ ‫ِ‬
‫َوِناّيَْ َِف ِْف َ اِبٍَْنا َني َُ َو َ‬
‫ِ‬
‫ف الَهُ اِ ْ ُ‬
‫ال َوا‬ ‫ضٍّ ا َغَ ا َكن َ‬‫وقاؿ تعالي ‪َ { :‬وِناّيَْ َِف ِْف َ االلّهُ اِ ُ‬
‫ضلِ ِه اتَذب اِِه ا ات َشناا ِ ِ‬
‫اَِ ِندَِ َاوُل َوا‬ ‫ْ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫وِنات ِد َك ِاِب ٍن ا َغَ ارم ْد الِ‬
‫ْ‬ ‫ُ ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ْ َْ‬
‫ذٌ } (ٖ)‪.‬‬ ‫وراالْ ِ ُا‬‫الْغَ ُف ُ‬
‫(ٗ) ‪.‬‬
‫و}‬ ‫ال ًْىالِّلْ ُُجْ ِ َا‬ ‫وقاؿ تعالي ‪{ :‬اَلاواذَلِ َ االْ ِجَنبا َارت ِ ِ‬
‫با ذه ُ‬
‫ُ َْ َ‬

‫ٔ) سورة فاطر _ ابية ٕ ٓ‬


‫ٕ) سورة األنعاـ _ ابية ‪ٓ ٔٚ‬‬
‫ٖ) سورة يونس _ ابية ‪ٓ ٔٓٚ‬‬
‫ٗ) سورة البقرة _ ابيتاف ٔ ‪ٓ ٕ ،‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪76‬‬

‫ٍ‬
‫منتؼ عف ىذا الكتاب العزيز ولو كانت‬ ‫إف جنس الريب والشؾ‬
‫المشاىدات والتجربات ضده‪ ،‬نكذب التجربات اإلنسانية ومشاىداتيا‬
‫ونصدؽ ما في ىذا الكتاب ‪ ،‬مثال ‪:‬‬

‫باا‬ ‫نت اواللّه ا َ ُِ‬


‫اُي ُّ‬ ‫قاؿ اهلل تعالي ‪ّ{ :‬يَْمَا اللّه االِّْ ناوتني ِِّب اال ْ ِ‬
‫َ َْفَ َ ُ‬ ‫َ ُ ُ َ َ ُْ‬
‫ُك ْلا َك ْفن ٍراَثِذ ٍا‬
‫ٌ }(ٔ)‪.‬‬

‫وفنلااهللاثعنِلا‪{:‬اوَ نامثَنيْذجٌُا ِّ ِّارًنالِّذَني ْ نيُ َو ِآت اَْ َو ِال االَ ِ‬


‫ْنس ا َ َغا‬ ‫َ‬ ‫ااااا‬
‫ِ ِ‬
‫تْو َن َاو ْ هَ االلْه ا َأ ُْولَْ َ ُ‬
‫ال ٌُا‬ ‫َْ االلْ ِه َاوَ ن امثَنيْذجٌُ ا ِّ ا َزَكنةٍ اثُِ ُ‬ ‫تني و ِ‬
‫اِ َ‬ ‫َْ ُ‬
‫ضعِ ُفو َن ا}(‪ )2‬اوا شنلْات اضَْ ا ن اا نل ات داد ا نل ن آتا‬ ‫الْ ُُ ْ‬
‫الظنل ‪،‬ا اوتَج صا نلَْف ‪،‬اواهلل اث نركاوثعنِلات ولاخغ االظنل ‪،‬ا‬
‫ذلا‬‫ول اا َْ َْ اوُلو اتنيَ َْ ِْياال ِْفِ‬
‫َ ولا ناا شنلْةاَتطياا{ ا َواللْهُ اتنيَ ُ ُ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬
‫}(‪)3‬ا َ اباالظنل او َْقا لو َنافولااهللا‪ . ‬ا‬
‫والصحابة رضي اهلل عنيـ قد بمموا ىذه الدرجة اإليمانية العالية ‪،‬‬
‫ومف شاء يطمع عمي القصص اإليمانية لمصحابة رضي اهلل عنيـ ‪ ،‬كانوا‬

‫ٔ) سورة البقرة _ ابية ‪. ٕٚٙ‬‬


‫ٕ) سورة الروـ _ ابية ‪. ٖٜ‬‬
‫ٖ) سورة األحزاب _ ابية ٗ ‪.‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪77‬‬

‫يصدقوف العموـ اإلليية ويكذبوف المشاىدات والتجربات اإلنسانية ‪،‬‬


‫فميطالع كتاب حياة الصحابة لمشيخ محمد يوسؼ الكاندىموي رحمو اهلل‪.‬‬

‫و اواالْ ِات َ ا‬ ‫ِ‬


‫ال ًْىالِّْل ُُجْ َ‬
‫قاؿ تعالي ‪{ :‬ذَلِ َ االْ ِجَنب ا َارت ِ ِ‬
‫ب ا ذه ُ‬ ‫ُ َْ َ‬
‫نل ٌْ اتُ َِف ُو َن او اوالْ ِات َ ا‬ ‫ب اوت ِ ذُو َن اال ْ ِ‬ ‫تنيُ ْوِ َُو َن اِنلْغَْذ ِ‬
‫َغةَ َاوفْن َارَزفْنيََ ُ‬ ‫َ ُ‬‫ُ‬
‫نْلخَاةِ ا ُل ٌْ اتُوفَُِو َن اوا‬
‫تني ْوِ َُو َن ِابَن ا ُ َِل اِلَذ َ او ن ا ُ َِل ا ِ افَني لِ َ اوِ ِ‬
‫ْ َ‬ ‫ْ ََ‬ ‫ُ‬
‫ن } (ٔ) ‪.‬‬ ‫ال ٌُاالْ ُُ ْفلِ ُمو َا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ال ًْىا ِّ ا ْرِّ ٌْ َاو ُْولَنيْ َ ُ‬
‫اِلَ ُ‬
‫ِ‬
‫ُْولَنيْ َ َ‬
‫ىدي لممتقيف ‪ :‬أي أف القرآف كتاب ىداية ‪.‬‬
‫ما ىي اليةةدايةةةةة ؟‬

‫الهداية ا‪:‬اا ٌالَورات ا هااهللآتافلوبا اتشناا اِ ندَا‪،‬اكُنا‬


‫ِ‬
‫فنلااهللاثعنِلا‪:‬ا{وَك َال َ ا َْو َ ْذنيََناِلَْذ َ ُارو ً نا ِّ ْ اَْ َِنا َ نا ُك َ‬
‫َتاثَ ْْ ِريا‬ ‫َ‬
‫اانّيَن ُن َاولَ ِ ا َ َع ْلََنَُ ا ُ ًورا ا نيْ َْ ِْي اِِه ا َ ْ ا ْ َشنا ا ِ ْ ا‬
‫نب َاوَ ِْ‬ ‫ِ‬
‫َ ن االْ جَ ُ‬
‫اطااللْ ِهاالْ ِايالَهُا َ ِ‬ ‫ِ ِ ِ ٍ ٍِ ِ‬
‫اواص ِ‬ ‫ِِ ِند َ ِ‬
‫نآتا‬ ‫ناو ْ َاالَجَني َْْيا َىلاصَاطا ُّ ِْفجَ ذٌ َ‬ ‫َ َ‬
‫نآتاا ْ َر ِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ورا}(‪)2‬‬ ‫أاََ ا َىلااللْهاثََنُاا ُ ُ‬ ‫ال ِْف َُ َنوات َاوَ ِ ْ‬
‫وتنور القمب بنور اليداية أف ينظر بيذا النور منافع األعماؿ‬
‫الصالحة‪ ،‬ومضار األعماؿ الفاسدة‪ ،‬كما يميز اإلنساف بيف الحجر‬

‫ٔ) سورة البقرة _ ابيات مف ٕ‪. ٘ :‬‬


‫ٕ) سورة الشوري _ ابيتاف ٕ٘ ‪. ٖ٘ ،‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪78‬‬

‫والذىب ‪ ،‬وبيف العصا والحية في ضوء الشمس ‪ ،‬واذا لـ يميز بيف النافع‬
‫والضار في ظممة الميؿ حتى يمسؾ بالحية في ظممة الميؿ ظانا أنيا‬
‫عصا ‪ ،‬وأحيانا يترؾ الذىب ويظف أنو حجر بسبب ظممة الميؿ ‪ ،‬كذلؾ‬
‫لما ُيظمـ القمب مف نور اليداية فيكذب اإلنساف ويري أف الكذب نافع‬
‫ويترؾ الصدؽ ‪ ،‬ويري أنو ميمؾ ‪ ،‬ويأكؿ الربا ويظف أف الماؿ يزداد بو ‪،‬‬
‫ويترؾ الصدقة ويظف أف الماؿ ينتقص بيا ‪ ،‬ىذه نتيجة خالء القمب مف‬
‫نور اليداية ‪.‬‬
‫ونور اليداية سبب لمحياة القمبية وعدـ وجود ىذا النور ىو موت‬

‫القمب ‪ ،‬قاؿ تعالي‪ََ { :‬و ا َ ا َاكن َن ا َ ْذجًنا َأَ ْ ذَنيْذنيََنَُ َاو َ َع ْلََنالَهُا ُ ًورااّيَْ ِشيا‬
‫س ِاِبَنرٍِج ا ِّ َْني ََن ا َك َالِ َ ُازتِّ َ ا‬ ‫َ‬ ‫ذ‬
‫ْ‬‫َ‬‫ل‬‫ا‬ ‫ْنس ا َكُ ا ًَْنيلُه ِآت االظُّلُُ ِ‬
‫نت‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِِه ِآت االَ ِ‬
‫ن }(ٔ)‪.‬‬‫لِْل َ ن ِ ِت َ ا َ نا َكن ُواْاتنيَ ْع َُلُو َا‬
‫فػ ػػالقرآف الك ػ ػريـ ينػ ػػور القمػ ػػب بنػ ػػور اليدايػ ػػة ‪ ،‬ويخػ ػػرج اإلنسػ ػػاف مػ ػػف‬
‫الظممػػات إلػػي النػػور ‪ ،‬ويحػػي القمػػوب الميتػػة ‪ ،‬ورسػػوؿ اهلل ‪ ‬ذكػػر ثػػالث‬
‫ضػ أ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ػي المػػوُ‬ ‫عالمػػات لمقمػػوب المنػػورة بنػػور اليدايػػة ‪َ ،‬عػػف ْابػػف َم ْسػ ُػعود ‪َ ،‬ر َ‬
‫أ‬ ‫ِ ِِ أ‬ ‫ع ْنػو قَػػا َؿ ‪ :‬تَػ َػال رسػػو ُؿ المأػ ِػو أ أ‬
‫صػػمى المػوُ َعمَ ْيػو َوآلػػو َو َسػػم َـ ‪ :‬فَ َمػ ْػف ُيػ ِػرِد المػػوُ أ ْ‬
‫َف‬ ‫َ‬ ‫َُ‬ ‫َ ُ‬
‫صمأى المأػوُ َعمَ ْي ِػو َو ِآل ِػو َو َسػمأ َـ ‪:‬‬ ‫أِ‬ ‫َيي ِدَيوُ َي ْشرْح ص ْدره ِل ْ ِ ِ‬
‫إل ْس َالـ‪ ،‬فَقَا َؿ َر ُسو ُؿ المو َ‬ ‫َ َ َُ‬ ‫ْ‬

‫ٔ) سورة األنعاـ _ ابية ٕٕٔ ‪.‬‬


‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪79‬‬

‫ؾ ِمػ ْػف‬
‫صػ ْػد َر ْانفَ َسػ َ " فَ ِقيػ َؿ ‪َ :‬يػػا َر ُسػػو َؿ المأػ ِػو َىػ ْػؿ لِػ َذلِ َ‬
‫ػور إِ َذا َد َخػ َؿ ال أ‬ ‫" إ أف النػ َ‬
‫ِ‬

‫اإلَن َاب ػةُ إِلَػػى‬


‫ور ‪ ،‬و ِْ‬ ‫أ ِ‬ ‫ِع ْمػ ٍػـ ُي ْعػ َػر ُ‬
‫ؼ (ٔ) قَػػا َؿ ‪َ " :‬ن َعػ ْػـ ‪ ،‬الت َجػػافي َعػ ْػف َد ِار ا ْل ُمػ ُػر ِ َ‬
‫اد لِ ْم َم ْػو ِت قَْبػ َؿ ُن ُزولِ ِػو (ٕ)" رواه البييقػي فػي شػعب‬ ‫َد ِار ا ْل ُخمُوِد ‪َ ،‬و ِاي ْسػتِ ْع َد ُ‬
‫اإليماف(ٖ)‪.‬‬

‫العالمة األولي ‪ :‬التجافي عن دار الغرور ( الدنيا ) ‪:‬‬


‫أي يأتي الزىد في الدنيا‪ ،‬لما يتنور القمب بنور اليداية ‪ ،‬وي يقع‬

‫اإلنساف في غرورىا وخداعيا ‪ ،‬وقد ذكر اهلل ‪ ‬الدنيا ‪ ،‬فقاؿ ‪ْ { :‬اِلَ ُُواا‬
‫نخٌ ا َنيْذنيََ ُ ٌْ َاوثَ َ نثنيٌُ ِآت اا ْ َ ْ َو ِالا‬ ‫ََّْنَناا ْ ذنةُ ُّ ِ‬
‫ب َاوَبٌْو َاوِزتََ ٌ َاوثَني َف ُ‬
‫االْ ْنيذَنالَع ٌ‬ ‫ََ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫َ َفَااّتُْا‬ ‫ب االْ ُ ْف َنر ا نيََنثُهُ اّتُْ اتََ ُ‬
‫ذج ا َنيجَنيَاَُ ا ُ ْ‬ ‫َوا ْ َْوَ د ا َك ًََُ ِل ا َْْذث ا َِْ َج َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ض َوا ٌن َاوَنا‬ ‫اب ا َ ْت ٌْ َاوَ ْغفَةٌ ا ِّ َ االلْ ِه َاوِر ْ‬ ‫اِ َا ٌ‬
‫ت ُ و ُن ا طَن ناوِٓت ْ ِ‬
‫ااْلخَةِ َ‬ ‫ُ ً َ‬ ‫َ‬
‫االْ ْنيذَناِْ ا َ جَنَثُاالْغُ وِار }(ٗ)‪.‬‬
‫ا َْذَنةُ ُّ‬
‫ُ‬
‫وابية التي تالىا رسوؿ اهلل ‪ ْ َُ َ : ‬اتُِِد االلْهُاَ ْن اتنيَ َْ ِْتَهُاتَ ْشَ ْحا‬
‫غم ‪ )٘(‬وىذه العالمات التي ذكرىا رسوؿ اهلل ‪ ‬ىي‬ ‫ص ْْ َرَُ الِ ِإل ْ ِا‬
‫َ‬

‫ٔ) أي عالمة ‪.‬‬


‫ٕ) أي عالمة ‪.‬‬
‫‪ -‬كتاب الرقاؽ ‪. ٔٗٗٔ / ٖ -‬‬ ‫ٖ) مشكاة المصابي‬
‫ٗ) سورة الحديد _ ابية ٕٓ ‪.‬‬
‫٘) سورة األنعاـ _ ابية ٕ٘ٔ‪.‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪81‬‬

‫عالمات ينشراح الصدر‪ ،‬فخذا انشرح الصدر فيزىد في الدنيا ‪ ،‬ويري‬


‫الدنيا بعيف البصيرة دار المرور‪ ،‬ويري الدنيا ليوا ولعبا‪ ،‬وي يقع في‬
‫خداع الدنيا ‪ ،‬كما نور اهلل بصائر أصحاب محمد ‪ ، ‬فكاف عم أي ‪‬‬
‫يتمممؿ تمممؿ السميـ ويبكي بكاء الحزيف ويستوحش مف الدنيا وزىرتيا ‪:‬‬
‫قَا َؿ ‪َ :‬د َخ َؿ ضرار بف ضمرة الكناني‬ ‫فقد أَخرج أبو نعيـ َع ْف أبي صال‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ؼ لِي‬ ‫عمَى معاوية‪ ،‬فَقَا َؿ لَو‪ِ :‬‬
‫عميا‪ .‬فَقَا َؿ ‪ :‬أ ََوتُ ْعفيني َيا أَم َير ا ْل ُم ْؤ ِمن َ‬
‫يف‬ ‫ص ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫يد ا ْل َم َدى‪َ ،‬ش ِد َ‬
‫يد‬ ‫اف َوالمأ ِو َب ِع َ‬
‫َي ُب أد‪ ،‬فَِخأنوُ َك َ‬ ‫َما إِ ْذ‬ ‫ُع ِفي َ‬
‫ؾ ‪ ،‬قَا َؿ ‪ :‬أ َ‬ ‫‪ ،‬قَا َؿ ‪َ :‬ي أ ْ‬
‫ؽ‬‫َوتَْن ِط ُ‬ ‫ص ًال‪َ ،‬وَي ْح ُك ُـ َع ْد ًي‪َ ،‬يتَفَ أج ُر ا ْل ِع ْم ُـ ِم ْف َج َوانِبِ ِو ‪،‬‬ ‫ا ْلقُ َوى ‪َ ،‬يقُو ُؿ فَ ْ‬
‫َوظُْم َمتِ ِو‬ ‫ش ِم َف الد ْنَيا َوَزْى َرتِيَا‪َ ،‬وَي ْستَأْنِ ُس بِالمأْي ِؿ‬ ‫يو‪َ ،‬ي ْستَ ْو ِح ُ‬
‫اح ِ‬ ‫ا ْل ِح ْكمةُ ِمف َنو ِ‬
‫َ ْ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أِ‬
‫َن ْف َسوُ ‪،‬‬ ‫ب َكفأوُ َوُي َخاط ُ‬
‫ب‬ ‫اف َوالمو َغ ِز َير ا ْلع ْب َرِة ‪ ،‬طَ ِوي َؿ ا ْلف ْك َرِة‪ُ ،‬ي َقمِّ ُ‬
‫‪َ ،‬و َك َ‬
‫َح ِدَنا‪،‬‬ ‫أِ‬ ‫أ‬ ‫ُي ْع ِج ُبوُ ِم َف المَِّب ِ‬
‫اف َوالمو َكأ َ‬ ‫ب‪َ ،‬ك َ‬ ‫ص َر‪َ ،‬و ِم َف الط َع ِاـ َما َج ُش َ‬ ‫اس َما َق ُ‬
‫اف َم َع تَقَربِ ِو إِلَ ْيَنا َوقُ ْربِ ِو ِمأنا َي‬ ‫ِ‬
‫ُي ْدن َينا إِ َذا أَتَْيَناهُ ‪َ ،‬وُي ِج ُيبَنا إِ َذا َسأَْلَناهُ ‪َ ،‬و َك َ‬
‫الد ِ‬
‫يف‪،‬‬ ‫َى َؿ ِّ‬‫وـ‪ُ ،‬ي َعظِّ ُـ أ ْ‬ ‫ُن َكمِّ ُموُ َى ْيَبةً لَوُ‪ ،‬فَِخ ْف تََبسأـ فَ َع ْف ِم ْث ِؿ الم ْؤلُ ِؤ ا ْل َم ْنظُ ِ‬
‫َ‬
‫يؼ ِم ْف‬ ‫ض ِع ُ‬‫َس ال أ‬ ‫ِِِ‬ ‫ِ‬
‫ط َمعُ ا ْلقَ ِوي في َباطمو ‪َ ،‬وَي َي ْيأ ُ‬ ‫يف‪َ ،‬ي َي ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َوُيحب ا ْل َم َساك َ‬
‫ض َم َو ِاق ِف ِو َوقَ ْد أ َْر َخى المأْي ُؿ ُس ُدولَوُ‪،‬‬‫َع ْدلِ ِو ‪ ،‬فَأَ ْشيَ ُد بِالمأ ِو لَقَ ْد َأرَْيتُوُ ِفي َب ْع ِ‬
‫ضا َعَمى لِ ْحَيتِ ِو‪َ ،‬يتَ َم ْم َم ُؿ تَ َم ْم ُم َؿ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬
‫وموُ ‪َ ،‬يمي ُؿ في م ْح َاربِو قَابِ ً‬ ‫ت ُن ُج ُ‬ ‫َو َغ َار ْ‬
‫َس َم ُعوُ ْاب َف َو ُى َو َيقُو ُؿ ‪َ :‬يا َرأبَنا َيا‬ ‫اء ا ْل َح ِز ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫يف ‪ ،‬فَ َكأَِّني أ ْ‬ ‫السأميـ‪َ ،‬وَي ْبكي ُب َك َ‬
‫ض أرعُ إِلَ ْي ِو ثُأـ َيقُو ُؿ لِمد ْنَيا‪ :‬إِلَ أي تَ َم أرْر ِت‪ ،‬إِلَ أي تَ َش أوْف ِت ‪َ ،‬ى ْييَ َ‬
‫ات‬ ‫َرأبَنا ‪َ -‬يتَ َ‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪80‬‬

‫ص ٌير ‪َ ،‬و َم ْجمِ ُس ِؾ َح ِق ٌير‪،‬‬


‫ثَ َالثًا‪ ،‬فَعمر ِؾ َق ِ‬
‫ُُْ‬ ‫ات ‪ُ ،‬غِّري َغ ْي ِري َق ْد بِ ْنتُ ِؾ‬‫َى ْييَ َ‬
‫ؽ ‪.‬‬ ‫الزِاد ‪ ،‬وُب ْع ِد السأفَ ِر ‪ ،‬وو ْح َش ِة الطأ ِري ِ‬
‫أ‬ ‫آه ِم ْف ِقمأ ِة‬ ‫آه ٍ‬‫و َخطَر ِؾ ي ِسير ‪ٍ ،‬‬
‫َ ُ َ ٌ‬
‫ََ‬ ‫َ‬
‫ت ُد ُموعُ معاوية َعمَى لِ ْحَيتِ ِو َما َي ْممِ ُكيَا ‪َ ،‬و َج َع َؿ ُيَن ِّشفُيَا بِ ُك ِّم ِو ‪َ ،‬وقَ ِد‬ ‫فَ َو َكفَ ْ‬
‫ؼ‬‫اف أبو الحسف َر ِح َموُ المأوُ ‪َ ،‬ك ْي َ‬ ‫ِ‬
‫ؽ ا ْلقَ ْوُـ بِا ْل ُب َكاء ‪َ ،‬فقَا َؿ ‪َ :‬ك َذا َك َ‬‫اختََن َ‬
‫ْ‬
‫اح َد َىا ِفي ِح ْج ِرَىا ‪َ ،‬ي‬ ‫قَا َؿ ‪ :‬وج َد مف َذب و ِ‬
‫ََ َْ ََ َ‬ ‫ؾ َعمَ ْي ِو َيا ضرار‬‫َو َج َد َ‬
‫تَْرفَأُ َد ْم َعتُيَا َوَي َي ْس ُك ُف ُح ْزُنيَا ‪ ،‬ثُأـ قَ َاـ فَ َخ َرَج ‪.)ٔ( .‬‬
‫العالمة الثانية ‪ :‬اإلنابة إلي دار الخمود ‪:‬‬
‫لما يتنور القمب بنور اإليماف ونور اليداية فاإلنساف يتوجو إلي‬
‫ابخرة ‪ ،‬ويجعؿ ىمو ى أـ ابخرة ‪ ،‬ويذكر عقبات ابخرة ‪ ،‬ويستحضرىا‬
‫أمامو في كؿ حيف ‪ ،‬ويذكر الموت والقبر والصراط والحساب والحشر‬
‫والكتاب ‪ ،‬والقياـ بيف يدي اهلل ‪ ، ‬ويكوف مف أبناء ابخرة‪.‬‬
‫فيتشوؽ إلي لقاء اهلل ‪ ‬ويتفكر بخرتو ألف اهلل عز وجؿ جعؿ لكؿ‬
‫إنساف حياتيف ‪ :‬حياة قبؿ الموت وحياة بعد الموت ‪ ،‬فالحياة األولي التي‬
‫قبؿ الموت محدودة وقصيرة ومشاكميا محدودة وقصيرة ‪ ،‬وحوائجيا‬
‫محدودة وقصيرة ‪ ،‬والحياة األخرى ىي الحياة األبدية السرمدية ي تنتيي‬

‫ٔ) حمية األولياء وطبقات األصفياء » الميػاجروف مػف الصػحابة» عمػػي بػف أبػي طالػػب»‬
‫وصؼ ضرار الكنػاني لػو فػي مجمػس معاويػة‪ ،‬وأَخرجػو أيضػاً ابػف عبػد البػر فػي ايسػتيعاب‬
‫الص َػدائي بمعنػاه ( حيػاة الصػحابة بػاب ابثػار‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ىمداف \عف ضػرار ُ‬ ‫عف الحرماني رجؿ مف ْ‬
‫في صفة الصحابة الكراـ ٔ‪.ٜٔ /‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪82‬‬

‫أبدا ‪ ،‬وحوائجيا كذلؾ أبدية سرمدية ي تنتيي أبدا وكذلؾ مشاكميا ي‬


‫تنتيي أبدا‪.‬‬
‫وغمب الفكر عموما عمي سائر الناس ‪ ،‬كيؼ تنقضي حوائج الدنيا ‪،‬‬
‫وكيؼ تنحؿ مشاكؿ الدنيا ‪ ،‬مع أف حوائج الدنيا مقابؿ حوائج ابخرة‬
‫كالقطرة مقابؿ البحار ‪ ،‬ومشاكؿ الدنيا مقابؿ مشاكؿ ابخرة كالقطرة‬
‫مقابؿ البحار ‪.‬‬
‫لذلؾ يجب أف يكوف الفكر لحوائج الدنيا ولحؿ مشاكميا كالقطرة ‪،‬‬
‫ونتفكر لحوائج ابخرة ولحؿ مشاكميا مثؿ البحار ‪.‬‬
‫العالمة الثالثة ‪ :‬ايستعداد لمموت قبؿ نزولو ‪:‬‬

‫كما قاؿ اهلل ‪َ {: ‬اوَ ِف ُوا ا ِ ا ْن َارَزفْنيََن ُكٌ ا ِّ افَنيْ ِل اَن اتَأِِْتَا‬
‫ْقا‬
‫صْ َ‬ ‫ب الَوَ اَ ْخ ثَِِن اِ َىل اَ َ ٍل افَ ِ ٍ‬
‫تب ا َأَ ْ‬ ‫َ َ َْ ُك ٌُ االْ َُ ْو ُ‬
‫ْ‬ ‫ول َار ِّ ْ‬‫ت ا َنيذَني ُ َ‬
‫وا}(‪َ)1‬ا‬ ‫وَ ُك ا ِّ اال ْ ِِ‬
‫َن َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫فمما يأتي نور اليداية في القمب ‪ ،‬فيستعد لقضاء حوائجو األخروية‬
‫‪ ،‬ويستعد لحؿ مشاكمو األخروية‪ ،‬بداية مف الموت وحتى يمؽ ربو سبحانو‬
‫تعالي‪.‬‬

‫ٔ) سورة المنافقوف _ ابية ٓٔ‪.‬‬


‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪83‬‬

‫فكاف بالؿ ‪ ‬في الفرح عند موتو ‪ ،‬وكانت زوجتو تبكي وتقوؿ‬
‫واحزناه‪ ،‬فيقوؿ ليا ‪ :‬ي تقولي واحزناه بؿ قولي واطرباه غدا نمؽ األحبة‬
‫محمدا وصحبو ‪.‬‬
‫وخبيب ‪ ‬عمي الخشبة يقوؿ والرم ينفذ في صدره ‪ :‬فزت ورب‬
‫الكعبة‪ . .‬فيكذا كانوا رحميـ اهلل ‪.‬‬
‫فكانت عالمات اليداية الثالثة في أصحاب محمد ‪ ‬قد ظيرت في‬
‫حياتيـ بأعماليـ ظيو ار تاما ‪.‬‬
‫فعمي كؿ واحد منا أف ينظر ويتأمؿ في نفسو أف عالمات اليداية‬
‫المذكورة موجودة فيو أـ ي ‪ ،‬واف كانت موجودة فما مقدار ذلؾ وعميو أف‬
‫يجتيد كؿ الجيد في ىذا الميداف حتى يترقي يوما بعد يوـ ويتنور قمبو‬
‫بنور اليداية وىذا النور يكوف مختفيا في قمبو في عالـ الدنيا ‪ ،‬ولكف‬
‫يظير عند الموت وفي قبره عمي قدر ما كاف مف نور اليداية في قمبو ‪،‬‬

‫{تَني ْوَام اثَنيَىا‬ ‫ثـ ىذا النور يظير عمي الصراط ‪ ،‬كما قاؿ اهلل ‪: ‬‬

‫و اَتْ ِْت َِ ٌْ َاوِأَّْيَنِنٌِِا ُ ْشَا ُك ٌُا‬


‫ورُلٌا َني ْ َ‬‫ُ‬ ‫ا‬
‫َ َْ ُ‬‫ع‬‫ِف‬ ‫ا‬
‫ات‬ ‫الُْ ْوِ َِو اوالُْ ْوِ ََ ِ‬
‫نت‬ ‫ُ َ َ ُ‬
‫اَتجَِنااْ َْنيَنر ِ ِ ِ ِ‬ ‫الْذنيوما َْنت َْ ِ‬
‫ال َواالْ َف ْوُزا‬
‫اخنلْت َ ا َذَنا َذل َ ُ‬ ‫اَت ِيا َْ َ َ ُ َ‬ ‫ََْ َ ٌ‬
‫(ٔ)‬
‫}‬ ‫ذٌا‬‫ظ‬‫الْع ِ‬
‫َ ُ‬
‫ٔ) سورة الحديد _ ابية ٕٔ‪.‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪84‬‬

‫وقاؿ بعض العمماء‪ :‬أف النور الذي يسعى بيف أيدييـ ىو نور‬
‫اإليماف ‪ ،‬وما يسعى بأيمانيـ ىو نور األعماؿ الصالحة ‪،‬فيعبر اإلنساف‬
‫الصراط في نور اليداية ‪ ،‬وي يكوف ىذا النور عند المنافقيف عمي‬
‫الصراط ‪ ،‬كما قاؿ اهلل ‪‬‬

‫س اِ ا‬ ‫نت الِلْ ِات ام ََُوا اا ظُ وَن ا نيَ ْ جَِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ول االَُْن ِ ُو َن اوالَُْن ِ‬
‫َ َُ‬ ‫{تنيَ ْوَم اتنيَ ُ ُ ُ َ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ااوراا ُكٌ ا َنلْجَ ِ‬ ‫ُّوِرُكٌ افِذل اارِ‬
‫نبا‬‫ب ا نيَْذنيََني ٌَُاِ ُِفوٍر الْهُا َ ٌ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ض‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫اا‬
‫ور‬
‫ُ ً‬‫ُ‬ ‫اا‬‫و‬ ‫ِف‬ ‫ُ‬ ‫ا‬
‫ْ َ ْ ُ ََ ْ‬‫و‬ ‫ع‬
‫ندونيَ َُ ٌْاَ ََلْا َ ُ ا ْ َع ُ ٌْا‬ ‫نل َا ِ افِ لِ ِ‬ ‫نسَها ِ ِذهاالْ ْْح ُاوظَ ِ‬‫ِ‬
‫اباواتنيََُ ُ‬ ‫ا‬
‫َ‬ ‫ع‬‫ْ‬‫ل‬‫اا‬
‫َ َ ُُ َ َ ُ‬ ‫ه‬ ‫َ ُُ‬
‫َجُ ٌْ َاو ْارثَنيْجُ ٌْ َاو َاْْثْ ُ ٌُ اا ْ ََ ِنِنُّا‬ ‫ِ‬
‫فَنلُواا نيَلَ َاولَ َْ ُ ٌْ ا َنيجََجُ ٌْ اَ ُف َِف ُ ٌْ َاوثَنيَْ ْ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ورا}(‪)1‬اَا‬ ‫َ َّْتا َ نااَْ ُ االلْه َاوَُْْكٌا نللْهاالْغَُ ُ‬
‫حتى بعد دخوؿ الجنة ما يري مف األنوار ‪ ،‬فقاؿ العمماء ‪ :‬إنيا‬
‫نفس نور اليداية التي تحصؿ عمييا بالجيد في عالـ الدنيا ‪.‬‬
‫كيف نتحصل عمي نور اليداية ؟‬
‫كما ىو معمو أف اهلل ‪ ‬جعؿ الدنيا دار األسباب ‪ ،‬وجعؿ لكؿ‬
‫سببا ‪ ،‬مع أف اهلل غير محتاج إلييا ‪ ،‬كذلؾ جعؿ اهلل ‪ ‬لميداية أسباب‬
‫‪ ،‬وىو ي يحتاج إلي تمؾ األسباب ليداية أحد ‪ ،‬ولكف سنتو في الكوف أف‬

‫ٔ) سورة المنافقوف _ ابيتاف ٖٔ‪. ٔٗ ،‬‬


‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪85‬‬

‫مف يختار أسباب اليداية ‪ ،‬ييديو ‪ ،‬فاإلنساف يحاج ألسباب اليداية ولكف‬
‫اهلل ي يحتاج إلييا ‪.‬‬
‫بؿ قد ييدي اإلنساف بمنو وكرمو ‪ ،‬ولكف ىذا ليس ىو األصؿ ‪ ،‬بؿ‬
‫شاذ عف القاعدة‪ ،‬وي يخفي عمي أحد‪ ،‬أف اليداية بمشيئة اهلل تعالى وحده‬
‫ييدى مف يشاء ويضؿ مف يشاء كما قاؿ ‪َ {‬ك َالِ َ ات ِ‬
‫ض ُّل االلْهُ ا َ ا‬ ‫ُ‬
‫تشنا اوتنيَ ِْي ا اتشنا او ن اتنيعلٌَ ا َود ارِّ اِْ الو او ن ِ‬
‫ال َي اِْ ا‬ ‫َُ ََ‬ ‫َ َ َ َ ْ َ َ َ َ َ َ ْ ُ ُُ َ َ َ‬
‫ِ (ٔ)‬
‫شا }‬ ‫ِ ِ‬
‫ذ ْكَىال ْلَ َ‬
‫وجعؿ اليداية مرتبطة بأسبابيا‪ ،‬وذكر لميداية سببيف‪ ،‬فخذا كاف‬
‫اختيار تمؾ األسباب مف قبؿ العبد ‪ ،‬فتترب عمية اليداية بمشيئة اهلل ‪:‬‬

‫السبب األول ‪ :‬اإلنابة إلى اهلل وطمب اليداية من اهلل‪:‬‬

‫نت َاوَ ْن االلْهَ اتَني َْ ِْيا َ ا‬


‫نت ا نيذِّنيََ ٍ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ااااافنلا‪ ‬ا{ َوَك َال َ اَ َلََْنَُ امتَ َ‬
‫تُِ ُ‬
‫تْا}(‪َ)2‬اا‬
‫(ٖ)‪.‬‬
‫نااوتنيَ َْ ِْياِلَْذ ِها َ اتَُِ ُا‬
‫ذب }‬ ‫َ‬ ‫ات‬ ‫ا‬ ‫اَيجَِِباِلَذ ِ‬
‫وقاؿ ‪{ : ‬اللْهُ َْ ْ َ َ َ‬
‫ش‬ ‫ه‬

‫ٔ) سورة المدثر _ ابية ٖٔ‪.‬‬


‫ٕ) سورة الحج _ ابية ‪.ٔٙ‬‬
‫ٖ) سورة الشورى _ ابية ٖٔ‪.‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪86‬‬

‫فال بد لمعبد أف يطمب اليداية مف اهلل ‪ ‬بصدؽ القمب ‪ ،‬وأف يري‬


‫نفسو بحاجة إلي اليداية‪ ،‬أكثر مما يحتاج إلي المأكؿ و المشرب‪،‬‬
‫والممبس حتى مف أنفاسو‪.‬‬

‫السبب الثاني ‪ :‬المجاىدة ‪:‬‬

‫نل ُْوا ا ِذََن الَََني َْ ِْتَنيَ ُني‬


‫َْ ٌْ ا ُ ُنيلَََن َاوِ ْن االلْهَ الَ َُ َما‬ ‫ِ‬
‫{ َوالْات َ ا َ َ‬ ‫قاؿ ‪‬‬

‫وا‬ ‫ِِ‬
‫الْ ُُ ْمِفَ َ‬
‫(ٔ) ‪.‬‬
‫}‬

‫والمراد مف المجاىدة الجيد لمحصوؿ اليداية‪ ،‬وىو أف يمير ترتيبو‬


‫الطبيعي والعادي ويختار الترتيب النبوي لقضاء أربع وعشريف ساعة ‪،‬‬
‫أي يقضي حياتو مثؿ الصائـ فخنو ي ينقطع عف األكؿ والشرب بالكمية ‪،‬‬
‫ولكنو يمير ترتيب األكؿ والشرب أي يمسؾ نفسو عف األكؿ والشرب‬
‫والشيوة النفسانية مف الصب الصادؽ إلى غروب الشمس ‪،‬ثـ بعد غروب‬
‫الشمس يباح لو األكؿ والشرب وقضاء الشيوة النفسانية إلى الصب‬
‫الصادؽ‪ ،‬بؿ يزداد رزؽ المؤمف في شير رمضاف كما ورد ومع ذلؾ‬
‫يقوؿ اهلل ‪ ‬في الحديث القدسي ‪ ( :‬يدع طعامو وشرابو مف أجمى ) لـ‬
‫يدع الطعاـ والشراب بؿ غير ترتيبيما ‪ ،‬فعند اهلل كأنو ترؾ بالكمية ‪.‬‬

‫ٔ) سورة العنكبوت _ ابية ‪.ٜٙ‬‬


‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪87‬‬

‫وكذلؾ اهلل ‪ ‬رزقنا شير رمضاف لنتمرف كيؼ نقضي حياتنا عمي‬
‫ترتيب شير رمضاف ‪ ،‬وىذا ىو التقوى فبالصياـ يمتزج اإلنساف بمزاج‬

‫االَذَ ُنم ا َك َُ انا‬


‫اِلَْذ ُ ٌُ ِّ‬ ‫التقوى كما قاؿ ‪ { ‬تناَتنيَُّناالْ ِات ام َُواْا ُكجِ‬
‫ب َ‬‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬
‫ن }(ٔ) فكما أف الصائـ ي‬ ‫اِلَ االْ ِات َ ا ِ افَنيْلِ ُ ٌْ الَ َعلْ ُ ٌْ اثَنيجْني ُو َا‬
‫ب َ‬‫َ‬
‫ُكجِ‬
‫ينقطع عف األكؿ والشرب تماما ‪ ،‬كذلؾ يطمب اهلل ‪ ‬منا أف نمير‬
‫ترتيبنا العادي والطبيعي ونختار الترتيب النبوي في شئوف الحياة كميا‪،‬‬
‫وليست المطالبة مف اهلل ‪ ‬أف اإلنساف يترؾ السباب المادية وينقطع‬
‫عنيا تماما ويتخمى عنيا بؿ المطالبة مف اهلل ‪ ‬أف يقدـ أمر اهلل ‪‬‬
‫عمى كؿ شيء إذا كاف أمر اهلل ‪ ‬لالشتماؿ بيا فيشتمؿ بيا ‪ ،‬واذا كاف‬
‫أمر اهلل لتركيا فيتركيا مثالو‪ :‬أمر اهلل ‪ ‬لترؾ البيع والشراء عند نداء‬
‫الجمعة وبعد الفراغ مف صالة الجمعة أباح اهلل ‪ ‬البيع والشراء ‪ ،‬كما‬

‫َ َغةِ ا ِ اتنيَ ْوِم ْ‬


‫ااَُ ُُ َع ِا‬ ‫ودي الِل ْ‬ ‫قاؿ ‪ {:‬تن اَتنيَُّن االْ ِات ام َوا اِ َذا ا ُ ِ‬
‫َ َُ‬ ‫َ َ‬
‫اخْذنيٌ الْ ُ ٌْ اِنا ُكَجُ ٌْ اثَني ْعلَ ُُو َن اوا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َن ْ َع ْوااِ َىل اذ ْك ِ االلْه َاوذَ ُروااالَْنيْذ َم ا َذل ُ ٌْ َ‬
‫ض ِلااللْ ِه َاواذْ ُك ُواا‬ ‫أ َاوا ْنيجَنيغُواا ِ ا َ ْ‬ ‫َ َغةُا َن جَ ِش و ِ‬
‫اآتاا ْ َْر ِ‬ ‫ُ‬ ‫تاال ْ‬ ‫ضذ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َج َذاافُ َ‬
‫ن } (ٕ) ‪.‬‬ ‫اللْهَا َكًِ ًناالْ َعلْ ُ ٌْاثُني ْفلِ ُمو َا‬

‫ٔ) سورة الجمعة_ ابيتاف ‪.ٔٓ ،ٜ‬‬


‫ٕ) سورة البقرة _ ابية ٖ‪. ٔٛ‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪88‬‬

‫وقس عمي ذلؾ سائر أوامر اهلل‪ ،‬فميس المقصود ايشتماؿ باألسباب‬
‫وي ترؾ األسباب ‪ ،‬بؿ المقصود امتثاؿ أمر اهلل ‪.‬‬
‫فيذه ىي المجاىدة ‪ ،‬وىي تتعمؽ بكسب العبد ‪ ،‬فخذا كاف العبد‬
‫يعمؿ المجاىدة‪ ،‬فيشاء اهلل لو اليداية ولكف ي بد أف تكوف المجاىدة‬
‫ابتماء مرضاة اهلل‪ ،‬ي لمرياء والسمعة والجاه والمنصب ‪ ،‬وكذلؾ قيض اهلل‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َْ ٌْ ا ُ ُنيلَََنا‬ ‫{ َوالْات َ ا َ َ‬
‫نل ُْواا ذََنالَََني َْْتَنيَني ُ‬ ‫‪ ‬المجاىدة بيذا القيد وقاؿ‪:‬‬
‫ِِ‬
‫َوِ ْنااللْهَالَ َُ َماالْ ُُ ْمِفَ َ‬
‫وا‬
‫(ٔ)‬
‫ومف يؤدي الشرط فيعطيو اهلل ‪ ‬اليداية‬ ‫}‬

‫إتماما وجائزة ‪ ،‬أي يفت اهلل لو سبيؿ التقرب إليو تعالي ‪ ،‬حتى يوصمو‬
‫إلي مرتبة اإلحساف‪ ،‬واإلحساف كما ورد في حديث جبريؿ ‪ " :‬أف تعبد اهلل‬
‫كأنؾ تراه؛ فخف لـ تكف تراه فخنو يراؾ " ‪.)ٕ(.‬‬
‫وبعد أف يصؿ العبد إلي مرتبة اإلحساف ‪ ،‬يرزقو اهلل معيتو ‪ ،‬وىي‬
‫ِِ‬
‫}‬ ‫المعية الخاصة ‪ ،‬كما قاؿ اهلل عز وجؿ ‪َ { :‬وِ ْانااللْهَالَ َُ َماالْ ُُ ْمِفَ َ‬
‫وا‬
‫فعمـ أف آخر مرتبة مف مراتب اليداية ‪ ،‬الوصوؿ إلي مرتبة اإلحساف‪.‬‬
‫(ىدى لممتقيف ) أي ي ينتفع بالقرآف وي يستضيء بو وي ييتدي بو إي‬
‫المتقوف ‪.‬‬

‫ٔ) سورة العنكبوت _ ابية ‪.ٜٙ‬‬


‫ٕ) جزء مف حديث رواه مسمـ ( رياض الصالحيف باب المراقبة ) ‪.‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪89‬‬

‫ما ىي التقوى‪ :‬التقوى اسـ ألمور عديدة ‪.‬‬


‫األمر األول‪ :‬وىو األمر األساسي اإليماف بالمميبات‪.‬‬
‫األمر الثاني‪ :‬العبادات القوية المصحوبة بالصفات المطموبة عند اهلل‬
‫‪.‬‬
‫األمر الثالث‪ :‬أف تكوف المعامالت فيما بيف الخمؽ صحيحة وفؽ أوامر‬
‫اهلل ‪ ‬عمى طريؽ النبي ‪ ‬والمراد مف المعامالت التجارة ‪ ،‬والزراعة ‪،‬‬
‫والوظيفة ‪،‬وغيرىا مف األمور الكسبية‪.‬‬
‫األمر الرابع ‪ :‬أف تكوف المعاشرة طيبة نبوية إسالمية ‪ ،‬والمراد مف‬
‫المعاشرة ‪ ،‬التعاشر مع األقارب واألصدقاء والجيراف ومع األىؿ واألويد‬
‫وابباء واألميات وغيرىـ ‪.‬‬
‫األمر الخامس ‪ :‬أف تكوف األخالؽ عالية حسنة وىى األخالؽ النبوية‬
‫ومف اتصؼ بيذه األمور المذكورة يطمؽ عمية لفظ المتقي وىو‬
‫الموصوؼ بصفة التقوى ‪.‬‬
‫والقرآف يفصؿ بعضة بعضا فنسأؿ اهلل ‪ ‬أف يجعمنا مف المتقيف‬

‫فاهلل ‪ ‬بيف وفسر ىذا في ابيات التي تمييا‪{ .‬الْ ِات َا‬
‫تنيُ ْوِ َُو َان اِنلْغَْذ ِا‬
‫با‬

‫نل ٌْ اتُ َِف ُو َنواوالْ ِات َ اتنيُ ْوِ َُو َن ِابَنا ُ َِل اِلَْذ َ ا‬ ‫وت ِذُو َن اال ْ ِ‬
‫ْنارَزفْنيََ ُ‬
‫َغ َة َاوف َ‬ ‫َُ ُ‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪91‬‬

‫ِ‬ ‫و نا ُ َِل ا ِ افَني لِ‬


‫َ َاوِنْلخَةِ ُ‬
‫ال ٌْ اتُوفَُِو َنا }‬
‫(ٔ)‬
‫وفسره اهلل في آية أخري‬ ‫ْ‬ ‫ََ‬
‫ول ُ ٌْ افَِ َلا‬‫او ُ َ‬ ‫ُّ‬ ‫بأوض منيا قاؿ اهلل تعالي ‪ { :‬لْْذ ِ‬
‫س االْ ِْب اَن اثُني َاولواْ ُ‬ ‫َ‬
‫ب اولَني ِ ْ االِْ ِْب ا ام اِنللّ ِه اوالْذنيوِم ِ‬
‫ااْلخ ِ َاوالْ َُآلِِ َ ِا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َْ‬ ‫َْ ََ‬ ‫الْ َُ ْش ِق َاوالْ َُ ْغ ِ َ‬
‫اِلَ ا ُ ِّ ِه ا َذ ِوي االْ ُ ْ ََب َاوالْذَجَن َ ا‬ ‫نل َ‬ ‫و َاومثَ االْ َُ َ‬ ‫نب َاوالَِْذِّ َ‬‫والْ ِجَ ِ‬
‫َ‬
‫و اوِٓت االِّفَ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َغ َة َاومثَ ا‬ ‫نب َاوَفَ َنم اال ْ‬ ‫و َاوا ْ َا اال ِْف ِذل َاوال ِْفآِل َ َ‬ ‫َوالْ َُ َِفنك َ‬
‫َنِ ِت َ ِآت االَْأْ َ نا اوال ْ‬ ‫ِِ‬
‫ضْااا‬ ‫نل ُْواْ َاوال ْ‬
‫اِ َ‬‫الَْكن َة َاوالْ ُُوُو َن اِ َع َْْل ٌْ اِ َذا َ‬
‫و ِ واالْ أْ ِسا ُولَنيِْ َ االْ ِات اص َْفُو ِ‬
‫ن }(ٕ)‪.‬‬ ‫ااوُولَنيْ َ ُ‬
‫ال ٌُاالْ ُُجْني ُو َا‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ َ َ‬
‫فجمع اهلل ‪ ‬في ىذه ابية المباركة جميع األمور المتعمقة بالتقوى‬
‫وشرح في ىذه ابية المباركة أمور كثرة نذكر منيا ‪:‬‬
‫أوليا ‪ :‬اإليماف ‪ :‬ذكر اهلل ‪ ‬في ىذه ابية المباركة اإليمانيات ( ما‬
‫تسمي بأميات العقائد ‪.‬‬
‫وما لـ تترسخ ىذه في قموب األمة ي ينشأ ايستعداد في األمة‬
‫لقبوؿ األوامر وامتثاليا ‪.‬‬
‫بؿ إف بياف األحكاـ اإلليية لألمة بدوف الجيد لترسيخ اإليمانيات ‪،‬‬
‫يكوف مثالو ‪ :‬كما تمقي البذور في األرض الصحراء ‪ ،‬فخنيا تضيع وي‬

‫ٔ) سورة البقرة _ ابيات مف ٖ‪. ٗ :‬‬


‫ٕ) سورة البقرة _ ابية ‪.ٔٚٚ‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪90‬‬

‫فائدة فييا ‪ ،‬فكذلؾ إذا كاف بياف األحكاـ بدوف الجيد عمي القموب لتوليد‬
‫ايستعداد فخف بياف األحكاـ ضائع ألف القموب ي تقبؿ األحكاـ‪.‬‬
‫ومن جمةةةةةةةةةةمة اإليمانيةةةةةةةةةةات ‪:‬‬
‫اإليمان باهلل عز وجل ‪:‬‬
‫والمراد مف اإليماف باهلل ‪ ،‬أف يترسخ اليقيف في القمب أف اهلل ‪، ‬‬
‫ىو الفعاؿ الحقيقي ‪ ،‬يفع ُؿ ما يشاء بقدرتو ‪ ،‬ي يحتاج إلي أحد مف خمقو‬

‫ْنساَ جُ ٌُا‬‫‪ ،‬وكؿ المخموقات محتاجة إليو ‪ ،‬كما قاؿ اهلل ‪{ : ‬تَناَتنيُّ ََناالَ ُ‬
‫ت ِاِبَْل ٍَا‬ ‫ذْاواِنات َشأْات ْا ِل ُ ٌاوتأْ ِ‬ ‫ِناا َْ ُِ ُ‬ ‫ِ‬
‫َ ُ ْ ْ ََ‬ ‫الْ ُف َ َاااِ َىلااللْه َاواللْهُ ُ‬
‫ال َواالْغَِ ُّ‬
‫اِلَ االلْ ِها ِ َع ِت ٍا } (ٔ)‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍِ‬
‫اواوَ نا َذل َ َ‬ ‫َ ْتْ َ‬
‫َ َُ ُْاوا ََلْاتَلِ ْْ َاوََلْاتُولَ ْْا‬
‫ال َوااللْهُاَ َ ٌْاوااللْهُاال ْ‬ ‫وقاؿ تعالي ‪ { :‬فُ ْل ُ‬
‫ْ }(ٕ)‪.‬‬ ‫واوََلْاتَ ُ الْهُا ُك ُف ًوااَ َ ٌا‬
‫َ‬
‫معني الصمد ‪ :‬الذي يقضي جميع حوائج المخموقات ‪ ،‬وتحتاج إليو‬
‫المخموقات كميا ‪ ،‬وىو ي يحتاج إلي أحد مف خمقو ‪.‬‬
‫كؿ مخموؽ في خمقو محتاج إليو ‪ .. ‬وفي بقائو محتاج إلي اهلل‬
‫‪ ..‬وكؿ مخموؽ في إظيار تأثيره محتاج إلي اهلل ‪ .. ‬وكؿ مخموؽ‬

‫ٔ) سورة فاطر _ ابيات مف ٘ٔ ‪.ٔٚ :‬‬


‫ٕ) سورة اإلخالص _ ابيات مف ٔ ‪.ٗ :‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪92‬‬

‫في فنائو محتاج إلي اهلل ‪ ..‬واهلل ‪ ‬ي يحتاج في أي مرحمة إلي‬
‫مخموؽ ‪ ..‬وقادر أف يفعؿ أي شيء بدوف أي شيء ‪ ..‬وجميع المخموقات‬
‫ي تستطيع أف تفعؿ أي شئ إي بخرادة اهلل ‪. ‬‬
‫واذا أراد اهلل ‪ ‬حفظ أحد ‪ ،‬فخنو يحفظو ‪ ،‬ولقد حفظ خاتـ األنبياء‬
‫وسيد المرسميف محمد ‪ ‬في غار ثور وقت اليجرة بنسيج العنكبوت ‪{ ،‬‬
‫وتالَ نيذتاالْعَ َا ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وتالَ ْوا َكن ُوااتنيَ ْعلَ ُُو َنا‬‫َو ْان َْوَل َ االُْنيذُ َ ْ ُ َ ُ‬
‫(ٔ)‬
‫}‬

‫واذا أراد اهلل إىالؾ أحد فخنو ييمكو ‪ ،‬ولقد أىمؾ اهلل ‪ ‬نمرود مع‬
‫جميع قوتو وحكومتو ‪ ،‬لـ يستطع أف يخمص نفسو مف البعوضة ‪ ..‬أىمكو‬
‫اهلل ببعوضة وىي مخموقة ضعيفة‪.‬‬
‫فيترسخ اليقيف عمي اهلل ‪ ‬أنو ىو المستحؽ لمعبادة ي معبود بحؽ‬
‫إي اهلل ‪ ،‬وجميع المخموقات مسخرة بأمره ‪ ،‬ىو الذي خمؽ المخموقات‬
‫كميا بقدرتو ‪ ،‬وي يحتاج في خمؽ المخموقات ‪ ،‬خمؽ آخر ‪ ،‬كما خمؽ‬
‫السماء بقدرتو بدوف مخموؽ مف المخموقات وكذلؾ خمؽ األرض والجباؿ‬
‫والبحار والشمس والقمر والنجوـ والكواكب ولـ يستخدـ أحدا مف‬
‫المخموقات ‪ ،‬اهلل خالؽ كؿ شيء ‪.‬‬
‫وعند اهلل لخمؽ المخموقات طريقاف ‪:‬‬

‫ٔ) سورة العنكبوت_ ابية ٔٗ‪.‬‬


‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪93‬‬

‫الطريق األول‪ :‬خمؽ بعض المخموقات مباشرة بدوف أف يستخدـ أي‬


‫اانِ ِلا َكذف ِ‬
‫تا‬ ‫اخل َ ْ‬ ‫إنساف أو غيره ‪ ،‬يقوؿ اهلل ‪َ ََ { : ‬غاتََظُُو َناِ َىل ِْ ْ َ ُ‬
‫ِ‬ ‫ف ارِعت او اوِ َىل ِْ‬
‫ت او َاوِ َىلا‬ ‫ف ا ََُ ْ‬ ‫ااََ ِنل ا َكْذ َ‬ ‫و َاو َىل اال ِْف َُنا ا َكْذ َا ُ َ ْ َ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫كٌا }‬‫تا ُ َا ِّ‬‫تاوا َ َا ِّك ْ اَِّْنَناَ َ‬
‫فا ُ ط َم ْ‬ ‫أا َكْذ َ‬ ‫ا ْ َْر ِ‬
‫(ٔ)‬

‫اِ َُ ٍْ اثَنيَ ْونيَ ََن َاوَلْ َ ِآتا‬ ‫ِ‬


‫وقاؿ تعالى ‪َ {:‬خلَ ََ اال ِْف َُ َنوات اِغَ ِْن َ‬
‫ادا ٍْ َاوَ َلََْن ا ِ َ ا‬ ‫ذْ اِ ُ ٌ او ْ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ا ْ َر ِ ِ‬
‫ث ا َذَن ا ا ُك ِّل َ‬ ‫أ َارَوا َي اَن اََت َ ْ َ َ‬ ‫ْ‬
‫ال ِْف َُناا َ ناا َأَ َْجنيََنا ِ َذَنا ِ ا ُك ِّل َازْو ٍجا َ‬
‫ِ ٍ (ٕ)‬
‫ك ا}‬

‫نااوَ َ َلا‬ ‫ِ‬ ‫وقاؿ تعالى ‪ {:‬الْ ِايا علالَ ُ ٌاا َر ِ‬


‫أا َا نً َاوال ِْف َُناا ََ َ‬ ‫ََ َ ُ ْ َ‬
‫اَت َعلُواْالِلّ ِهاَ َْاداًا‬ ‫ِ اال ِْفُناا ناا َأَخ جاِِها ِ االًُْ ِ‬
‫اتا ِرْزفانًالْ ُ ٌْا َغَ َْ‬ ‫َ َ َ َْ َ َ ََ‬
‫(ٖ)‬
‫ن}‬‫َوَ جُ ٌْاثَني ْعلَ ُُو َا‬
‫ناد ْ اٌ َاوَ ََن ِ ُم َاوِ َْني ََنا‬
‫وقاؿ تعالى ‪ { :‬وا َْنيعنم اخلَ َ َنالَ ُ ٌ ا ِذَ ِ‬
‫َ ََ َ َ ْ َ‬
‫و اثَ ِْفَ ُ و َن او َاوََْت ُِ ُلا‬ ‫ِ‬ ‫ناَج ٌ ِ‬ ‫ِ‬
‫و اثُُِيُو َن َاو َ‬ ‫نل ا َ‬ ‫ثَأْ ُكلُو َن او َاولَ ُ ٌْ ا َذَ ََ‬
‫س اِ ْن َارْ ُ ٌْ الََ ُؤو ٌ ا‬ ‫َثْني َ نلَ ُا ٌْ اِ َىل ا نيَلَ ٍْ ا َْلْاثَ ُ وُواْا َنلِغِ ِذه اِ ْاِ ِش َِّ اا َ ُف ِ‬

‫ٔ) سورة الماشية _ ابيات مف ‪.ٕٔ :ٔٚ‬‬


‫ٕ) سورة لقماف _ ابية ٓٔ‪.‬‬
‫ٖ) سورة البقرة_ ابية ٕٕ‪.‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪94‬‬

‫ناوِزتََ ً َاوَِيْلُ َُا َ نا َاثَني ْعلَ ُُو َنا‬‫ول‬ ‫ك‬


‫َ‬ ‫ني‬‫ج‬‫نلاوا ْ ُِنالِ‬
‫َ‬ ‫غ‬‫اْلَْذلاوالِْ‬
‫ْ‬ ‫و‬ ‫وا‬‫ا‬ ‫ذٌ‬ ‫ْرِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫َ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٌ َ ََ‬
‫(ٔ)‬
‫}‬
‫فجميع المراكب الحديثة إلى يوـ القيامة دخمت في ضمف ىذه ابية‬

‫اثعلُون ا) حتى إف المؤمف لما ينظر إلى السيارات‬ ‫(وِيلَ ا ن‬


‫والطائرات والقطارات السريعة فيقوؿ خالقيا ىو اهلل ‪ ،‬واف اهلل استخدـ‬
‫اإلنساف في صنعيا ‪.‬‬
‫فيجب اليقيف أف اهلل ‪ ‬ىو خالؽ كؿ شئ ‪ ،‬قاؿ اهلل تعالى ‪{ :‬‬

‫ياِلَ ا َطَِْ ِه َاوِ َْني ٌَُا ْ ا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ادا ْ ا ا ْناا ََُْني ٌَُا ْ اّيَْش َ‬
‫واللْه اخلََ ا ُك ْل ٍ ِ‬
‫َ‬ ‫َ ُ َ َ‬
‫اِيْلُ َُ االلْهُا َناتَ َشنااِ ْنا‬ ‫ياِلَ ا َْرَ ٍم َ‬ ‫ِ‬ ‫ّيَْ ِشياِلَ ا ِر لَ ِ ِ‬
‫و َاو َْني ٌَُا ْ اّيَْش َ‬ ‫َ ْْ‬
‫لا َ ي ٍاافَ ِْتٌا }(ٕ)‪.‬‬ ‫اللْهَ َ‬
‫اِلَ ا ُك ِّ ْ‬
‫نااوَِيْجَ ُنر ا َ نا َكن َن ا َبُ ٌُا‬
‫ااِيْلُ َُ ا َ ناتَ َش َ‬
‫وقاؿ في أية أخرى ‪َ { :‬وَرُّ َ َ‬
‫(ٖ)‬
‫اِ ُْناتُ ْش ُِكو َا‬
‫ن}‬ ‫اْلِذَنيَةُا ُ ْ َمن َنااللْ ِه َاوثَني َع َ‬
‫نىل َ‬ ‫ْ‬

‫ٔ) سورة النحؿ_ ابيات مف ٘‪.ٛ :‬‬


‫ٕ) سورة النور_ ابيات ٘ٗ‪.‬‬
‫ٖ) سورة القصص_ ابية ‪.ٙٛ‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪95‬‬

‫وىو سبحانو خالؽ المالئكة كما قاؿ ‪ { : ‬ا ْ ُ ُْ الِلْ ِه ا َ ِ‬


‫نس ِ ا‬ ‫َْ‬
‫ثا‬‫ُوِل اَ ْ َِ َم ٍ ا ًْْني ََن َاوثَُغ َ‬
‫نِ ِل االْ َُ َغِِ َ ِ ُار ُ ًغ ا ِ‬
‫أا ِ‬ ‫ِ‬
‫ال ِْف َُ َنوات َاوا ْ َْر ِ َ‬
‫لا َ ي ٍاافَ ِْتٌا }‬ ‫ااْلَْل َِا َ ناتَ َشنااِ ْنااللْهَ َ‬
‫تْ ِآت ْ‬
‫نَثاتَِ ُ‬
‫اِلَ ا ُك ِّ ْ‬ ‫َوُرَ َ‬
‫(ٔ)‬

‫الطريق الثاني ‪:‬‬


‫أف اهلل ‪ ‬ىو الذي يخمؽ المخموقات ولكنو يستخدـ جيد اإلنساف‬
‫ويده‪ ،‬فينخدع اإلنساف وينسبو لنفسو والى جيده ويفخر بصناعتو ‪ ،‬إف‬
‫اهلل ‪ ‬أخرج الناس مف ىذا الخداع في القراف الكريـ ‪ ،‬قاؿ اهلل تعالي‪{ :‬‬

‫ااْلَنلِ ُون}(ٕ)‪.‬‬
‫اَّن ُ ْ‬ ‫ََني َتْنيجٌُا ْناَتَُُْو َناواََ جُ ٌْ َ‬
‫اَتْلُ ُوَهُا َْم َْ‬ ‫َ‬
‫اَت ُثُو َن او اََ جُ ٌْ اثَني ْ َرُِوَهُ ا َْم َْ‬
‫اَّن ُ ا‬ ‫ََنيََتْنيجٌُ ا ْن َْ‬ ‫ثـ يسأؿ ويقوؿ ‪{:‬‬

‫فخف المزارع يجتيد عمى األرض ويسقييا بالماء ويمقى البذور‬ ‫(ٖ)‬
‫ال ْا ِرُِون}‬

‫‪ ،‬ومف يفمؽ الحب‬ ‫بدوف ترتيب معيف ‪ ،‬ثـ مف يشؽ األرض شقا‬
‫والنوى ومف يخرج الممة والثمار والفواكو مختمفة األلواف مختمفة الطعـ‬
‫‪ ،‬ومختمفة األشكاؿ مع أف األرض ذات لوف واحد وتسقى بماء واحد‪،‬‬

‫ٔ) سورة فاطر_ ابية ٔ‪.‬‬


‫ٕ) سورة الواقعة_ ابيات مف‪.ٜ٘ :٘ٛ‬‬
‫ٖ) سورة الواقعة_ ابيات مفٖ‪.ٙٗ :ٙ‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪96‬‬

‫تا‬ ‫ىاِيْ ِج اا ْ ي ا ِ االُْذِّ ِ‬


‫ب َاوالَني َْو ُ ُ َ ْ َ َ‬ ‫فاهلل ‪ ‬يقوؿ ‪ :‬ا{ ِ ْان اللّهاَ َنلِ َُ اا َْ ِّ‬
‫(ٔ)‬
‫ن}‬ ‫تا ِ َ اا َْ ِّيا َذلِ ُ ٌُااللّهُا َأ ْ‬
‫ََّناثُني ْوَ ُ و َا‬ ‫وُمُْ ِجاالُْذِّ ِ‬
‫َ ُ َ‬
‫ِِ‬
‫اصَن او اّتُْا‬ ‫اصَْنيََن االْ َُنا َ‬ ‫اان َِفن ُن اِ َىل اسَ َعن ه او اَْن َ‬ ‫و يقوؿ‪َ { :‬ني ْلذََظُِ ِْ‬
‫ناوَدْ ًغا‬ ‫َ َ ْ ََناا ْ َرأا َ َناوا َأَ ْجنيََنا ِذَنا َ ِ‬
‫ناواوَزتْنيجُوً َ‬
‫ضً َ‬ ‫ناوفَ ْ‬
‫ناواوًََِ َ‬
‫َ َ َ َ‬ ‫ْ َ‬
‫(ٕ)‬
‫اوِ َْني َعن ِ ٌ}‬ ‫واو َ َْاِِ ََاُْْلًناواوَنكِ ََ ًاوََناوا ْجَ ً ْ‬
‫نِنال ُ ٌْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ويقوؿ في آية أخري ‪ { :‬وِٓت اا َر ِ ِ‬
‫ْنت ا ِّ ْ ا‬
‫ات َاو َ َ ٌ‬ ‫أ افطَ ٌم ا ُّجَ َجن ِوَر ٌ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ض ُلا‬‫نااوا ِ ٍْ َاونيُ َف ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ٍ‬
‫ذل اصَْني َوا ٌن َاو َْْذني ُ اصَْني َوان اتُ ِْف َ ابَ َ‬
‫نب اوَزرَثٌ اوَِد ِ‬
‫َََِْ َ ْ َ ٌ‬
‫ٍ‬
‫ن }(ٖ)‪.‬‬ ‫نتالَِّ ْوٍماتنيَ ْع ِ لُو َا‬
‫ض ِآتاا ُ ُك ِلاِ ْن ِآتاذَلِ َ َاْلت ٍ‬
‫َ‬ ‫ناِلَ ا نيَ ْع ٍ‬
‫ض ََ َ‬ ‫نيَ ْع َ‬
‫واألسئمة المتوجية مف اهلل إلي عباده ‪ ،‬توقؼ المخاطب ليتوجو‬

‫ََنيََتْنيجٌُا ْ نا‬ ‫توجيا تاما ‪ ،‬إلي التفكر في الجواب ‪ ،‬ثـ اهلل ‪ ‬يقوؿ ‪{ :‬‬

‫اَّن ُ االْا ِرُِو َن اوالَ ْو ا َ َشناا َََ َع ْلََنَُ ا ُ طَن ًنا‬


‫ََْت ُثُو َن اواََ جُ ٌْ اثَني ْ َرُِوَهُ ا َْم َْ‬
‫}(ٗ)‪.‬‬ ‫َظَلَْلجُ ٌْاثَني َف ْ َُو َنا‬

‫ٔ) سورة األنعاـ _ ابية٘‪.ٜ‬‬


‫ٕ) سورة عبس _ ابيات مفٕٗ‪.ٖٕ :‬‬
‫ٖ) سورة الرعد _ ابية ٗ‪.‬‬
‫ٗ) سورة الواقعة _ ابيات مف ٖ‪.ٙ٘ : ٙ‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪97‬‬

‫‪ََ{:‬نيََتْنيجُ ٌُ االْ َُنااالْ ِاياثَ ْشَُو َن اواََ جُ ٌْ اَ َلْجُ ُُوَُ ا ِ َ ا‬ ‫وقاؿ تعالي‬

‫}(ٔ)‪.‬‬ ‫الْ ُُ ْ ِنا َْم َْ‬


‫اَّن ُ االْ َُُ ِلُو َناوالَ ْوا َ َشناا َ َع ْلََنَُا ُ َ ن ً نا َنيلَ ْوَ اثَ ْش ُ ُو َنا‬
‫نحف ترقينا وأوصمنا الماء إلي كؿ قرية ومدينة‬
‫واف اإلنساف يقوؿ ُ‬
‫فُ ْل ا ََرَتْنيجُ ٌْ اِ ْنا‬ ‫وبيت ‪ ،‬وينسب الجيد إلي نفسو ‪ ،‬فاهلل ‪ ‬يقوؿ ‪{ :‬‬
‫(ٕ)‬
‫}‬ ‫ٌابَناا ْعِ ٍ‬
‫وا‬ ‫َص َا ن ُؤُكٌا َْوراا َُ اتأْثِذ ُ ِ‬
‫َْ َ َ ْ ًْ َ َ‬
‫وتتوالي األسئمة مف اهلل تعالي لعباده ‪ََ {:‬ني َتْنيجٌُ االَ ْ‬
‫ورو َن اوا‬ ‫ْنر اال ِِت اثُ ُ‬
‫َ ُ َ‬
‫نلن اثَ ْاكًَِةا‬
‫اَّن ُ ا َ َع ْلََ َ‬
‫اَّن االُْ ِ‬
‫َش ُوو َن او ا َْ‬ ‫ََ جُ ٌْ اَ َشأْ ُُْت ا َ َجَثَني ََن ا َْم َْ ُ ُ‬
‫نِنالِّْل ُُ ْ ِوت َا } (ٖ)‪.‬‬
‫َوَ جَ ً‬
‫وكذلؾ بعض األسئمة األخرى متوجية إلي عباده في آيات أخري ‪،‬‬
‫وفي ىذه األسئمة قوة عظيمة وىيبة جميمة تيتز بيا القموب ‪ ،‬وتقشعر بيا‬

‫أ َاوَ َ َل الَ ُ ٌا ِّ َ ا‬ ‫ِ‬


‫الجمود ‪ ،‬قاؿ اهلل ‪َ ْ َْ { ‬‬
‫اخلَ ََ اال ِْف َُ َنوات َاوا ْ َْر َ‬
‫ات ا نيَ َْ َج ٍ ا ْن ا َكن َن الَ ُ ٌْ اَن اثَُِجُواا‬ ‫ِ ِ‬
‫ال ِْف َُنا ا َ نا ا َأَ َْجنيََن اِه ا َ َْاِ َاَ ذَ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َجَ َلناَِلَهٌ ا ْ َم االلْه ا َ ْل ا ُل ٌْ افَني ْوٌم اتنيَ ْعْلُو َن اواَْ ا َ َع َل اا ْ َْر َ‬
‫أ افَنيَ ًاراا‬
‫واالَْ ْمَتْ ِ ا َ ن ِ ًااَِلَهٌا‬ ‫اخ َغ َبناَْنيَنرااو علا َب ِ‬
‫نارَوا َي َاو َ َع َلا نيَ ْ َ‬
‫َ َ ً َ ََ َ َ َ‬
‫و عل ِ‬
‫َ ََ َ‬
‫ٔ) سورة الواقعة _ ابيات مف ‪. ٚٓ : ٙٛ‬‬
‫ٕ) سورة الممؾ _ ابية ٖٓ ‪.‬‬
‫ٖ) سورة الواقعة _ ابيتاف ٔ‪.ٕٚ ، ٚ‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪98‬‬

‫اد َِنَُا‬ ‫ضطَْ اِ َذا َ‬ ‫ذب االْ ُُ ْ‬ ‫ْ م االلْ ِه ا ل اَ ْكًَني ُلٌ اَ اتني ْعلَُو َن او اَْ ُِ‬
‫اَي ُ‬ ‫َْ ُ ْ َ ُ‬ ‫َ‬
‫أاَِلَهٌا ْ َمااللْ ِهافَلِ ًذغا ْناثَ َا ْك ُو َنا‬‫اخلَ َفنااا ْ َْر ِ‬
‫االِفواَ َاوََْي َعلُ ُ ٌْ ُ‬ ‫ف ُّ‬ ‫ِ‬
‫َاوتَ ْ ش ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وا‬ ‫واَْ اتنيَ َْْت ُ ٌْ ِآت اظُلُ َُنت االَْنيِّ َاوالَْ ْم ِ َاوَ اتنيُْ ُل االِّتَ َ‬
‫نح ا ُ ْشًاا نيَ ْ َ‬
‫نىل االلْاهُا َِ ُْناتُ ْش ُِكو َن اواَْ اتنيَْ َْ ْ‬
‫ُااْلَْل ََ اّتُْا‬ ‫تَ َْ ْي َار ْْحَجِ ِه اَِلَهٌا ْ َم االلْ ِه اثَني َع َ‬
‫ِ‬ ‫تُعِ ُ‬
‫النثُواا‬ ‫أ اَِلَهٌ ا ْ َم االلْه افُ ْل َ‬ ‫ذَُْ َاوَ اتنيَ ْ ُزفُ ُ ٌ ا ِّ َ اال ِْف َُنا َاوا ْ َْر ِ‬
‫وا‬ ‫ني لن َ ُ ٌاِنا ُكَجٌ ِ ِ‬
‫اصندف َ‬
‫(ٔ)‬
‫}‬ ‫ُْ َ‬ ‫ُْ َ ْ‬
‫وكذلؾ اهلل ‪ ‬يمقي أسئمة أخري عمي عباده ليتفكروا في آياتو‬
‫ويعرفوه حؽ معرفتو ويعتصموا بو ويتخذوه وكيال ‪ ،‬ويصرفوا وجية قموبيـ‬

‫اِلَْذ ُ ٌُ االلْْذ َل ا َ ْ َ ًْااِ َىل اتنيَ ْوِما‬


‫إليو تعالي ‪{ :‬فُ ْل ا ََرَتْنيجُ ٌْ اِنا َ َع َل االلْهُ َ‬
‫ضذَنااََ َغ اثَ ِْف َُعُو َن اوافُ ْل ا ََرَتْنيجُ ٌْ اِنا‬ ‫الْ ِ ذن ِ ا اِلَه ا َْذني االلْ ِه اتأْثِذ ُ ٌاِ ِ‬
‫َ َ َ ْ ٌ ُْ َ‬
‫َْ َنر ا َ ْ َ ًْا اِ َىل اتنيَ ْوِم االْ ِذَن َ ِ ا َ ْ اِلَهٌ ا َْْذني ُ االلْ ِها‬ ‫َ َع َل االلْهُ َ‬
‫اِلَْذ ُ ٌُ االَني َ‬
‫اواوِ ا ْر ْْحَجِ ِها َ َع َلالَ ُ ٌُااللْْذ َلا‬ ‫ن‬‫َ‬ ‫و‬ ‫َ‬‫تأْثِذ ُ ٌاِلَذ ٍلاثَِف ُ َُو َنا ِ ِذهاََ َغاثُني ِ‬
‫َ‬ ‫ْ ُ‬ ‫ْ ْ‬ ‫َ‬
‫ضلِ ِه َاولَ َعلْ ُ ٌْاثَ ْش ُ ُو َا‬ ‫ِ‬
‫ن}‬ ‫َْ َنرالِجَ ِْف ُ َُواا ِ ِذه َاولجَْجَنيغُواا ِ ا َ ْ‬
‫َوالَني َ‬
‫(ٕ)‬

‫ٔ) سورة النمؿ _ ابيات مف ‪. ٙٗ : ٙٓ :‬‬


‫ٕ) سورة القصص _ ابيات مف ‪. ٖٚ : ٚٔ :‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪99‬‬

‫وي بد مف ترسيخ اليقيف في القموب ‪ :‬بأف اهلل خالؽ كؿ شيء ‪،‬‬


‫وخالؽ كؿ المخموقات بقدرتو وحده ي شريؾ لو ‪ ،‬سواء المخموقات التي‬
‫خمقيا بقدرت مباشرة ‪ ،‬والمخموقات التي استخدـ اهلل جيد اإلنساف ويده ‪،‬‬
‫خالقيا كميا اهلل ‪.‬‬
‫واذا لـ يترسخ ىذا اليقيف في القمب فال يمكف حفظ اإليماف والثبات‬
‫عميو عند ظيور اختراعات الدجاؿ ألنو معو جنة ونار ‪ ،‬ويقوؿ لمسماء‬
‫أمطري فتمطر ‪ ،‬ويقوؿ لألرض أخرجي كنوزؾ فتخرج ‪ ،‬األرض كنوزىا‬
‫‪....‬الخ ‪.‬‬
‫وي ريب أف كميا بأمر اهلل ‪ ،‬وأمر اهلل في الميب وأمر الدجاؿ في اؿ‬
‫مشاىد ‪ ،‬فضعفاء اإليماف يؤمنوف بالدجاؿ والعياذ باهلل ‪ ،‬تأثروا بمشاىدة‬
‫أعينيـ واختراعات الدجاؿ ‪ ،‬فمذلؾ ننفي تأثير جميع المخموقات ‪ ،‬ونثبت‬
‫صفة الخمؽ هلل وحده ‪.‬‬
‫ولما ننظر إلى الصناعات الحديثة الفاخرة فننفى العظمة عف كؿ ما سوى‬
‫اهلل ونقوؿ‪ :‬خالقيا ىو اهلل وحدة ‪ ،‬واذا لـ ننفيا عما سوى اهلل فيضعؼ‬
‫اإليماف ويتأثر اإلنساف بالمشاىدات‪ ،‬واذا ضعؼ اإليماف ضعفت‬
‫األعماؿ ‪ ،‬فاهلل ‪ ‬أكبر وأعظـ ‪ ،‬ففي كؿ صفة مف صفاتو أكبر وأعظـ‬
‫مف كؿ صفة وصؼ بيا أحد مف خمقو ميما كانت عظيمة ‪ ،‬وسمي‬

‫ااْلَنلِ َُ االَْن ِر ُ‬
‫ئا‬ ‫نفسو الخالؽ البارئ المصور ‪ ،‬كما قاؿ ‪ُ { : ‬ل َو االلْهُ ْ‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪011‬‬

‫نآت اال ِْفُنو ِ‬


‫ات َاوا ْ َْر ِ‬
‫أ َاوُل َوا‬ ‫ََسَنااا ُِْف ََن اتُِفِّ َُ الَهُ ا َ ِ‬
‫َ ِّوُر الَهُ اا ْ ْ‬
‫ََ‬ ‫ْ َ‬ ‫الْ ُُ َ‬
‫الْ َع ِت ُ اا َْ ِ ُا‬
‫ذٌ}(ٔ)‪.‬‬
‫وصفة مف صفاتو البديع ‪ ،‬كما قاؿ ‪ِْ { : ‬تم اال ِْفُنو ِ‬
‫اتا‬ ‫َ ُ ََ‬
‫}(ٕ)‪.‬أي خالؽ‬ ‫ض اَْ اً ا َِجَّْنَن اتنيَ ُ ُ‬
‫ول الَهُ ا ُك ا َنيذَ ُ و ُنا‬ ‫أ َاوِ َذا افَ َ‬
‫َوا َْر ِ‬
‫السماوات واألرض عمي غير مثاؿ سابؽ‪ ،‬وىو الذي يخمؽ أشكاي‬
‫ِ‬
‫َ ِّوُرُك ٌْ ِآتاا َْر َ ِنما َكْذ َ‬
‫فاتَ َشناا‬ ‫مختمفة ‪ ،‬كما قاؿ تعالي ‪ُ { :‬ل َواالْاياتُ َ‬
‫ذٌ }(ٖ)‪.‬‬‫ال َواالْ َع ِت ُ اا َْ ِ ُا‬
‫َاِلَنيهَاِ ْ ُ‬
‫فخذا كاف ىو الخالؽ وىو المصور وىو البارئ فكيؼ نحتاج في‬
‫نحف‪ ،‬وىذا‬
‫قضاء حوائجنا البشرية ‪ ،‬وحؿ مشاكمنا إلي شكؿ معيف ُنريده ُ‬
‫فساد يقيف الناس في زماننا أنيـ يريدوف قضاء حوائجيـ بشكؿ معيف ‪،‬‬
‫قد حددوه بدي أف يتوجيوا إلي اهلل ‪ ‬الذي ىو خالؽ األسباب واألشياء‬
‫واألشكاؿ ‪.‬‬
‫إنيـ يتوجيوف إلي شكؿ معيف ‪ ،‬فيـ يجتيدوف ليؿ نيار لمحصوؿ‬
‫عمي ذلؾ الشكؿ المعيف‪ ،‬فخما ي يعطييـ اهلل ذلؾ الشكؿ المعيف في‬

‫ٔ) سورة الحشر _ ابية ٕٗ‪.‬‬


‫ٕ) سورة البقرة _ ابية ‪.ٔٔٚ‬‬
‫ٖ) سورة آؿ عمراف _ ابية ‪.ٙ‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪010‬‬

‫أيدييـ ‪ ،‬واما ُيعطييـ ذلؾ الشكؿ المعيف‪ ،‬ولكف ينزع تأثيره ‪ ،‬فيييموف في‬
‫كؿ واد ‪ ،‬وبدي أف تنقضي حوائجيـ وتنحؿ مشاكميـ ‪ ،‬تزداد مشاكميـ ‪،‬‬
‫مثال اهلل ‪ ‬يعطي تارة أسبابا لمحصوؿ عمي الصحة مف المستشفى‬
‫واألدوية وابيت واألطباء ولكف ينزع الصحة عنيا ‪ ،‬ليفيـ الناس أف‬
‫الشافي ىو اهلل ‪ ،‬ويعطي تارة أسباب العز والممؾ‪ ،‬والماؿ والجاه‬
‫والمنصب وغيرىا‪ ،‬وينزع العزة عنيا ‪ ،‬ويعطي تارة أسباب الحفظ‬
‫والحماية وينزع عنيا الحفظ والحماية ‪ ،‬كما قاؿ ‪ " : ‬إنما وكؿ ابف لمف‬
‫رجا ابف آدـ ‪ ،‬ولو أف ابف آدـ لـ يرجو إي اهلل لـ يكمو إلي غيره ‪ ،‬إنما‬
‫سمط عمي ابف آدـ ما خافو ابف آدـ ‪ ،‬ولو أف ابف آدـ لـ يخؼ إي اهلل لـ‬
‫يسمط عميو غيره‪.‬‬
‫وقدرة اهلل ‪ ‬ي تحتاج إلي شكؿ معيف ‪ ،‬وي تتقيد بشكؿ دوف شكؿ‬
‫‪ ،‬بؿ قدرتو مطمقة ‪ ،‬فيفعؿ اهلل ما يشاء بقدرتو‪ ،‬أحيانا يفعؿ بالشكؿ‬
‫ث ي يحتسب‬
‫الظاىري ‪ ،‬وأحيانا يخمؽ الشكؿ بقدرتو فجأة مف حي ُ‬
‫و ن اتنيعلٌَ ا َود ارِّ اِْا الو او ن ِ‬
‫ال َي اِْ ا‬ ‫اإلنساف ‪ ،‬قاؿ تعالي‪{ :‬‬
‫َُ ََ‬ ‫َ َ َ ْ ُ ُُ َ َ َ‬
‫‪ ،‬وعنده أشكاؿ ي تعد وي تُحصي لمنصر واليزيمة ‪،‬‬ ‫(ٔ)‬
‫}‬ ‫ِذ ْكَىالِْلَ َش ِا‬
‫فكيؼ نصر اهلل األمـ الماضية المؤمنة بأشكاؿ مختمفة‪ ،‬وكيؼ أخذ األمـ‬

‫ٔ) سورة المدثر _ ابية ٖٔ‪.‬‬


‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪012‬‬

‫{ َ ُ َغا‬ ‫الماضية الكافرة بأشكاؿ مختمفة فوؽ التصوير‪ ،‬قاؿ تعالي ‪:‬‬

‫َخ َاثْهُا‬ ‫َخ ْا َن اِ َا ِ ِه ا َ َُِْنيٌَ ا ْ اَر ْلََن ِ ِ ِ‬


‫اِلَْذه ا َ نصًن َاو َْني ٌَُ ا ْ ْ ا َ‬ ‫ُ ْ َْ َ‬ ‫َ‬
‫ناوَ نا َكن َنااللْهُا‬ ‫َذم ُاوِ َْنيٌَا ْ اخِف ْفََناِِهاا ْ َر ِ‬
‫أ َاو َْني ٌَُا ْ ْ اَ َْْفْنيََ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ال ْ ْ َ َ ُ ْ َ َ‬
‫ن }(ٔ)‪.‬‬ ‫لِذَظْلِ َُ َُ ٌْ َاولَ ِ ا َكن ُوااَ ُف َِف َُ ٌْاتَظْلِ ُُو َا‬
‫فالحاصب والصيحة والخسؼ والمرؽ مف األشكاؿ المخموقة بقدرتو‬

‫ََأَِ َ ا‬ ‫وخمقيا اهلل فجأة ‪ ،‬ويخوؼ اهلل ‪ ‬األقواـ الموجودة ‪ ،‬فيقوؿ ‪{ :‬‬

‫َْل ُل االْ ُ َىاَن تَأْثِذَني َُ ٌْ ا َأْ ُ ََنا نيَذَنثنً َاوُل ٌْ ا َآِِ ُُو َان اوا ََو اَِ َ ا َْل ُل االْ ُ َىا‬
‫ناض ًم َاوُل ٌْ اتنيَ ْل َعُو َن اواََأَِ َُواْ ا َ ْ َ االلّ ِه ا َغَ اتَأْ َ ُ ا‬ ‫ِ‬
‫َناتَأْثذَني َُ ٌْ ا َأْ ُ ََ ُ‬
‫ن }(ٕ)‪.‬‬ ‫ااْلَن ِ ُو َا‬
‫َ ْ َ االلّ ِهاِ ْاالْ َ ْوُم ْ‬
‫فقدرتو مطمقة ي تتقيد بالظاىر ‪ ،‬ولما فقد يعقوب ‪ ، ‬يوسؼ‬

‫نل اتَنا‬ ‫‪ ،‬فبكي عمي فراقو ‪ ،‬كما قاؿ اهلل تعالي ‪َ { :‬وثَني َوْىل َ‬
‫اَِْني َُ ٌْ َاوفَ َ‬
‫ذٌاوافَنلُواْاثَنهللا‬ ‫ظ‬‫َ َف اِلَ اتو فاوا نيذضْتاِذنيََنَا ِ اا ْ ِنا َنيَوا َك ِ‬
‫َ َ ُ ُ َ َ َْ ْ َْ ُ َ ُْ ُ َ ٌ‬
‫و}(ٖ)‪.‬‬ ‫ضنا َْواثَ ُ و َنا ِ َ اا ْبَنلِ ِ َا‬
‫فا َ َّْتاثَ ُ و َنا َ َ ً‬
‫ثَني ْفجَأُاثَ ْا ُك ُ اتُو ُ َ‬

‫ٔ) سورة العنكبوت _ ابية ٓٗ‪.‬‬


‫ٕ) سورة األعراؼ _ ابيات مف ‪.ٜٜ : ٜٚ‬‬
‫ٖ) سورة يوسؼ _ ابيتاف ٗ‪. ٛ٘ : ٛ‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪013‬‬

‫ِّياو ُ ِِْن اِ َىل االلّ ِه َاو َِْلَ ٌُا‬ ‫قائال ‪{:‬فَ َ ِ‬


‫نل ا َّْنَناَ ْ ُ وا نيًَ َ‬ ‫فأجاب يعقوب‬

‫‪.‬‬ ‫(ٔ)‬
‫َاثَني ْعلَ ُُو َنا}‬ ‫ِ َ االلّ ِها َنا‬
‫يقول الشيخ محمد يوسف ( رحمو اهلل )‪ :‬معناه ‪ :‬اعمـ مف قدرة‬
‫اهلل ما ي تعمموف أنتـ ‪ ،‬أنتـ تعمموف الظاىر ‪ ،‬وأنا أعمـ قدرة اهلل الميبية ‪.‬‬
‫ِ‬
‫فا‬ ‫ِناا ْذ َلُواْا َنيجَ َم ِْف ُِفواْا اتُو ُ َ‬ ‫ثـ قاؿ يعقوب عميو السالـ ‪{ :‬تَنا َِ ْ‬
‫َس ا ِ ااْرْو ِح االلّ ِه اِ ْ االْ َ ْوُما‬ ‫ُ‬ ‫أ‬‫ذ‬‫ْ‬ ‫ني‬
‫َ‬ ‫ت‬‫ا‬ ‫َ‬ ‫ا‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َخ ِذه او َ اثَنيْذأَ واْ ا ِ ا ْرو ِح االلّ ِه اِ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫وِ‬
‫َ‬
‫الْ َ ن ُِو َان }(ٕ)‪ .‬ثـ اهلل ‪ ‬جمع بينة وبيف أخوية كما قاؿ تعالى‪{ :‬فَنلُواْا‬
‫اِلَْذنيََناِْهُا‬ ‫ِ‬
‫ف َاوَلني َاااَخيافَ ْْ ا َ ْ االلّهُ َ‬ ‫نل اََانْ تُو ُ ُ‬ ‫ف افَ َ‬
‫ت اتُو ُ ُ‬ ‫َِْ َ اَ َ َ‬
‫(ٖ)‬
‫ذماَ ْ َ االْ ُُ ْم ِِفَِ َا‬
‫و}‬ ‫َ ُ ُ‬‫ض‬‫اتنيج َِْاوتَِِِبا َِج ْنااللّها َات ِ‬
‫َ َ َ ْْ‬
‫اِلَ َاو ْ ِه ا َِِّبا‬ ‫ِ ِ‬
‫وقاؿ يوسؼ ‪ {‬ا ْذ َلُواْ اَِ ُذَي َ‬
‫الني َاا ا َأَلْ ُوَُ َ‬
‫وا}(ٗ) ‪.‬‬ ‫َنااوْثُ ِوِناِأَللِ ُ ٌا ْ ِ‬ ‫تا ِ‬ ‫تأْ ِ‬
‫ََجَع َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ ًَ‬
‫رد بصر يعقوب ‪ ‬بقميص يوسؼ وىذا خالؼ الظاىر ويعقوب‬
‫‪ ‬لـ يأخذ سبب ظاىريا لمعالج ولكف اهلل ‪ ‬جعؿ التأثير بقدرتو في‬

‫ٔ) سورة يوسؼ _ ابية ‪.ٛٙ‬‬


‫ٕ) سورة يوسؼ _ ابية ‪.ٛٚ‬‬
‫ٖ) سورة يوسؼ _ ابية ٓ‪.ٜ‬‬
‫ٗ) سورة يوسؼ _ ابية ٖ‪.ٜ‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪014‬‬

‫قميص يوسؼ ولـ يكف قميص يوسؼ مؤث ار بذاتو بؿ جعمو اهلل سببا كما‬

‫نلا‬ ‫قاؿ ‪{ : ‬ا َنيلَ ُْناَنا نااالْ ِشن اَلْ َ نَ اِلَ او َِ ِه ا َنرثَ ْْ ا ِ‬
‫َ ًناافَ َ‬ ‫َ َ ُ ُ َ َْ ْ َ‬
‫َ ََلْاَفُلالْ ُ ٌْاِ ِِّنا َِْلَ ٌُا ِ َ االلّ ِها َنا َاثَني ْعلَ ُُو َنا}(‪)1‬اا‬
‫فعمـ مف ذلؾ أف كؿ مخموؽ في تأثيره محتاج إلى اهلل واهلل ‪ ‬ي يحتج‬
‫في إظيار أثر مف ابثار إلى شيء مف خمقة وىو قادر أف يظير أثر‬
‫بدوف شيء مف األشياء أو يجعؿ األثر في أي مخموؽ مف مخموقاتو مثال‬
‫المساف في النطؽ يحتاج إلى أمر اهلل واهلل ‪ ‬ي يحتاج في إظيار‬
‫النطؽ إلى المساف بؿ ىو قادر أف يخرج النطؽ مف أي عضوا شاء كما‬

‫اِلَ اَْني َو ِال َِ ٌْ َاوثُ َ لِّ ََُُناَتْ ِْت َِ ٌْ َاوثَ ْش ََ ُْا َْر ُ لُ َُ ٌْا‬ ‫قاؿ ‪ { : ‬الْذنيوم َ ِ‬
‫ادْج ٌُ َ‬ ‫َْ َ‬
‫(ٕ)‬
‫ن}‬ ‫ِبَنا َكن ُوااتَ ْ ِِفُو َا‬
‫ِّثا‬
‫اَتَْ ُ‬ ‫وكذلؾ تتحدث األرض يوـ القيامة كما قاؿ ‪ { : ‬تنيَ ْوَ ِْ ٍا ُ‬
‫ِ‬
‫ارْ َ ا َْو َ ا َبَن }‬ ‫َخَ َنرَلناوا أَ ْن َ‬
‫(ٖ)‬
‫ْ‬
‫واهلل ‪ ‬ينطؽ أعضاء البدف يوـ القيامة كما قاؿ ‪َّْ َ { : ‬ت اِ َذاا َ نا‬
‫ود ُل ٌْ ِابَنا َكن ُوااتنيَ ْع َُلُو َن اوا‬ ‫َ ُنرُل ٌْ َاو ُ لُ ُ‬ ‫اِلَْذ َِ ٌْ َ‬
‫اَسْعُ َُ ٌْ َاوَْ َ‬ ‫ولنا َ َِ َْ َ‬‫َ ُنؤ َ‬

‫ٔ) سورة يوسؼ _ ابية ‪. ٜٙ‬‬


‫ٕ) سورة يس _ ابية ‪. ٘ٙ‬‬
‫ٖ) سورة الزلزلة _ ابيتاف ٗ‪. ٘ :‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪015‬‬

‫اِلَْذنيََن افَنلُوا اَ طََ ََن االلْهُ االْ ِاي اَ طَ ََ ا ُك ْلا‬ ‫وفَنلُوا ِ ِ ِ ِ‬


‫ُْت َ‬ ‫اَُلُودل ٌْ اَلَ ا َ َِ ُّْ‬ ‫َ‬
‫ن}‬‫اخلَ َ ُ ٌْاَْو َلا َ ْةٍ َاوِلَْذ ِهاثُني ْ َ عُو َا‬ ‫ٍ‬
‫َ ْيا َاوُل َو َ‬
‫(ٔ)‬

‫ىكذا اهلل ‪ ‬ي يحتاج إلبصار أحد إلي العيف بؿ العيف تحتاج إلي أمر‬
‫اهلل ‪ ،‬واهلل ‪ ‬ي يحتاج إلييا واليد في البطش تحتاج إلى أمر اهلل واهلل‬
‫‪ ‬ي يحتاج إلييا والرجؿ في المشي تحتاج إلى أمر اهلل ‪ ،‬واهلل ي يحتاج‬
‫إلييا ىكذا المخ والقمب في التفكير والتدبر والفيـ و ألدراؾ يحتاج إلي‬
‫أمر اهلل ‪ ‬و اهلل ‪ ‬ي يحتاج إليو والطعاـ في سد الجوع يحتاج إلي‬
‫أمر اهلل‪ ،‬واهلل ‪ ‬ي يحتاج في دفع الجوع إلي الطعاـ والماء في دفع‬
‫العطش يحتاج إلي أمر اهلل ‪ ، ٍ‬واهلل ‪ ‬ي يحتاج إلي الماء كما ورد‬
‫عند خروج يأجوج و مأجوج يختفي المسمموف في المار ليس طعاميـ إي‬
‫التسبي فيندفع جوعيـ و عطشيـ بذكر اهلل ‪ ‬وقس عمي ذلؾ سائر‬
‫المخموقات واألسباب واألشياء المنتشرة في الكوف فخنيا تحتاج في إعطاء‬
‫تأثيراتيا إلي أمر اهلل ‪ ‬واهلل‪ ‬ي يحتاج إلييا‪.‬‬
‫فنرجع إلي قصة يوسؼ ‪ ‬ولما اجتمعت العائمة بأكمميا خاطبيـ‬
‫يعقوب ‪ ‬وقاؿ ألـ أقؿ لكـ إني أعمـ مف اهلل ما ي تعمموف ألنو ىو‬
‫الذي قاؿ سابقا وأعمـ مف اهلل ما ي تعمموف أي أعمـ قدرة اهلل الميبية و‬

‫ٔ) سورة فصمت _ ابيتاف ٕٓ‪. ٕٔ :‬‬


‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪016‬‬

‫أنتـ تعمموف الظاىر محضا وتتأثروف بالمشاىدة وأنا أتأثر بقدرة اهلل‬
‫الميبية‪ ،‬فاهلل ‪ ‬جمع بيف عائمتنا كميا خالؼ الظاىر بقدرتو الميبية‪.‬‬
‫واهلل ‪ ‬ىو الفعاؿ الحقيقي يفعؿ ما يشاء بقدرتو وي يحتاج إلي أحد‬
‫مف خمقو وىو خالؽ جميع األشكاؿ والصور واألسباب واألشياء ويفعؿ‪.‬‬
‫ٔ) إما بالشكؿ الظاىريٓ‬
‫ٕ) واما ضد الشكؿ الظاىريٓ‬
‫ٖ) واما يخمؽ الشيء فجأة مف حيث ي يحتسب اإلنساف‪.‬‬

‫ناوااوتنيَ ْ ُزفْهُ ا ِ ْ ا‬
‫َ‬ ‫‪{:‬اوَ اتنيَج َِْ االلْهَ َْ‬
‫اَي َعلالْهُ اُمََْ ً‬ ‫ااااااكُنافنلا‪ ‬ا َ‬ ‫ا‬
‫اِلَ االلْ ِها َني َُ َو ا َ ِْفُهُاِ ْن االلْهَا َنلِ ُغ اَْ َِِا‬
‫ب َاوَ اتنيَجَني َوْك ْل َ‬
‫اُيجَ ِ‬
‫ث ا َ َْ ُ‬
‫ِف‬ ‫َ ْذ ُ‬
‫فَ ْْا َ َع َلااللْهُالِ ُ ِّلا َ ْي ٍاافَ ْْ ًرا}(‪)1‬ا‬
‫اااااكُنارزقااهللا اِلذَناالِفغمآت اُّم ابازك تنا‪ ‬افنلااهللا‬
‫ا‬
‫‪ {‬ا َنيجَني َ ْنيلََن ارنيَُّن اَِ ٍ‬
‫ول ا َ َِف ٍ َاوَ َجَني ََن ا َنيَنثًن ا َ َِفًَن َاوَك ْفلَ ََن ا َزَك ِتْانا‬‫َ ََ ُ‬
‫ََّنا‬
‫نل اتَنا َ ْ َُ ا ْ‬ ‫َْ َلنا ِرْزفنًافَ َ‬
‫اِ َ‬‫ُكلُْنادخل اِلَذنيَنا َزَك ِتْناالْ ُِم اب او َْ ِ‬
‫َْ َ َ َ‬ ‫َ َ َ َ َ َْ‬
‫اَِ ِْ االلّ ِه ا ْن االلّهَ اتَنيْ ُز ُق ا َ اتَ َشنا اِغَ ِْنا‬ ‫لَ ِ الني َاا افَنلَت الو ا ِ ِ‬
‫ْ َُ ْ‬ ‫َ‬
‫نبا}(‪َ)2‬ا‬ ‫ِ ِف ٍ‬
‫َ‬
‫ٔ) سورة الطالؽ _ابيتاف ٖ‪.ٕ،‬‬
‫ٕ) سورة آؿ عمراف _ ابية ‪.ٖٚ‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪017‬‬

‫وكما رزؽ خبيب ‪ ‬في أسره وكاف بيده عنقود مف عنب ولـ تكف‬
‫حبة مف عنب في مكة كميا ‪.‬‬
‫وكما رزؽ المقداد بف األسود ‪ ‬لما ذىب لقضاء حاجتو فجاءت‬
‫الفأرة بدينار وألقتو أمامو ثـ جاءت بدينار أخر ىكذا ألقت سبع عشر‬
‫دينارا‪.‬‬
‫وكما رزؽ الصحابة ‪ ‬في غزوة سيؼ البحر‪ ،‬دابة يقاؿ ليا العنبر‬
‫أكؿ منيا ‪ ،‬ثالثمائة مف الصحابة ‪ ، ‬ودخؿ ثالثة عشرة مف الصحابة‬
‫في حمقة عينيا ‪.‬‬
‫اليقين الثاني‪:‬‬
‫أف اهلل ‪ ‬ىو خالؽ األحواؿ كميا ‪ ،‬وما مف حاؿ يأتي عمى‬
‫اإلنساف إلي بأمره ومشيئة ‪ ،‬فينبمي لإلنساف أف يمتجئ إليو في كؿ حاؿ‬
‫مف األحواؿ ‪ ،‬وأي حاؿ مف األحواؿ يمر عمى اإلنساف فينسبو إلى اهلل ‪،‬‬
‫وتط أر األحواؿ المختمفة عمى اإلنساف ليال ونيا ار ‪ ،‬وفي أوؿ وىمة ي بد‬

‫اواوَْهُ ُ‬
‫ال َوا‬ ‫َض َم َ َاوَْ َ َ‬ ‫ال َو ا ْ‬‫مف ايلتفات إلي اهلل قاؿ ‪َ { : ‬وَْهُ ُ‬
‫و اال ْا َكَ َاوا ْ ُ ًَ اوا ِ ا ُّطَْف ٍ اِذَااَتََُْنا‬
‫اخلَ ََ االْ ْو َ ْ ِ‬
‫ناواوَْهُ َ‬
‫نت َاوَ ْ ذَ َ‬
‫ََ َ‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪018‬‬

‫واوَ ْن ِ‬
‫با‬ ‫اواوَْهُ ُ‬
‫ال َو َار ُّ‬ ‫ىاواوَْهُ ُ‬
‫ال َو اَ ْْ ََن َاوَفْني ََن َ‬ ‫َ‬ ‫اِلَْذه االَْ ْشأََة اا ْ ْ‬
‫ُخَ‬ ‫َ َ‬
‫ودا َ َُناَْني َ‬
‫اواوَُ َ‬
‫ُوىل َ‬ ‫ىاواواَْهُا َْللَ َ َ‬
‫اِ ًندااا ْ َ‬ ‫ِّعَ َ‬‫الش ْ‬
‫(ٔ)‪.‬‬
‫}‬

‫واف اهلل ‪ ‬يقمب األحواؿ كيؼ يشاء كؿ يوـ ىو في شأف ي يسأؿ‬


‫عما يفعؿ وىـ يسألوف يعز ىذا ويذؿ ىذا ويضحؾ ىذا ويبكى ىذا يميت‬
‫ىذا ويحي ىذا يمنى ىذا ويفقر ىذا وىو قادر أف يحفظ اإلنساف مع‬
‫جميع أسباب اليالؾ وىو قادر أف ييمكو مع جميع أسباب الحفظ‬
‫والحماية وىو قادر أف يعز اإلنساف مع جميع أسباب الذؿ وقادر أف يذؿ‬

‫اإلنساف مع جميع أسباب العز قاؿ ‪ { : ‬فُ ِل االلْ َُ ٌْ ا َ نلِ َ االْ ُُ ْل ِ ا‬


‫نااوثُ ِا ُّلا‬ ‫ش‬
‫َ‬ ‫ث‬
‫َ‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ُّ‬ ‫ثُني ْوِِت االُْ ْل َ ا اثَ َشنااوثََ َِث االُْ ْل َ ِافْ اثَ َشنااوثُعِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ُ‬ ‫ُ َ‬
‫اِلَ َ ا ُك ِّل ا َ ْي ٍا افَ ِْتٌ ااواثُولِ ُج االلْْذ َل ِآتا‬ ‫َ اثَ َشنااِذَ ِْ َك ْ‬
‫ااْلَْذني ُ اِْ َ َ‬
‫تا‬ ‫الَْنيَْن ِر اوثُولِج االَنيَْنر ِآت االلْذ ِل اوَُتْ ِج اا ْ ي ا ِ االُْذِّ ِ‬
‫ِج االَ َُذْ َ‬ ‫َت‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫او‬ ‫ت‬
‫ْ َ ُ َْ َ َ َ ُ‬ ‫َ َ ُ ََ‬
‫ِ َ اا َْ ِّي َاوثَني ْ ُز ُقا َ اثَ َشنااِغَ ِْنا ِ َِف ا‬
‫ٍ (ٕ)‬
‫نب}‬

‫وذكر اهلل ‪ ‬قصص األمـ الماضية الكافرة‪ ،‬كيؼ اهلل قمب أحواليـ‬
‫مف العز إلي الذؿ‪ ،‬ومف القوة إلي الضعؼ‪ ،‬ومف المنى إلي الفقر‪ ،‬ومف‬
‫السراء إلي الضراء‪ ،‬ومف الحفظ إلي اليالؾ ‪.‬‬

‫ٔ) سورة النجـ _ ابيات مف ٖٗ ‪. ٘ٔ :‬‬


‫ٕ) سورة آؿ عمراف _ ابيتاف ‪.ٕٙ،ٕٚ‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪019‬‬

‫وكذلؾ ذكر اهلل ‪ ‬قصص األمـ المؤمنة كيؼ أصم اهلل أحواليا‬
‫مف الذؿ إلي العزة ‪ ،‬ومف الضعؼ إلي القوة ‪ ،‬ومف اليالؾ إلي الحفاظة‬
‫‪ ،‬ومف الضراء إلي السراء ‪ ،‬ومف الفقر إلي المنى ‪ ،‬ومف األحزاف إلي‬
‫األفراح ‪.‬‬

‫أا‬‫ض َع ُفو َن ا َ َشن ِر َق اا َْر ِ‬ ‫قاؿ ‪َ { : ‬و َْوَرثْنيََناالْ َ ْوَم االْ ِات َ ا َكن ُواْاتُ ِْفجَ ْ‬
‫ذلا‬ ‫و غَن ِر نيَناالِِْتا نرْكََنا ِذَناوََتْتا َكلُِتارِّ َ اا ْ ِفَناِلَ ا ِِناِ مِِ‬
‫ُ ْ َ َ َ َْ َ‬ ‫ََ َ َ ْ َ ُ َ‬ ‫ََ ََ‬
‫(ٔ)‬
‫ن}‬ ‫َََ ُما ِْ َِ ْو ُن َاوفَني ْوُهُ َاوَ نا َكن ُواْاتنيَ ْع ِ ُ و َا‬
‫ناصَني ُواْ َاوَد ْ ْ َنا َ نا َكن َناتَ ْ‬
‫بَ َ‬
‫ِ‬
‫ااواوُزُروٍَث َاوَ َ ٍنما َك ِ ٍ اا‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫وقاؿ ‪َ { : ‬ك ٌْاثَنيَُكواا ا َ َْنت َاوُِذُون َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫نامخ ِت َا }‬
‫نلنافَني ْوً َ‬ ‫وااوا َك َال َ َاو َْوَرثْنيََ َ‬ ‫واونيَ ْع َُ ا َكن ُواا َذَنا َنك َِ َ‬
‫(ٕ)‬
‫َ‬
‫ت اظَنلِ َُ ً َاوَ َشأَْنا نيَ ْع َْ َلنا‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫َ ََُْنا افَني ْتَ ا َكن َ ْ‬ ‫وقاؿ ‪َ { : ‬وَك ٌْ افَ َ‬
‫ضواا‬ ‫ضو َناواَ اثَني ُْك ُ‬ ‫نامخ ِت َ اوا َنيلَ ُْناَ َ ُِّفواا َأْ َ ََناِ َذ ُ‬
‫االٌا ِّ َْني ََناتنيَ ُْك ُ‬ ‫فَني ْوً َ‬
‫ِِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َو ْار عُواا َىل ا َ نا ُثْ ِْنيجُ ٌْ ا ذه َاوَ َِفنكاَ ُ ٌْ الَ َعلْ ُ ٌْ اثُ ِْفأَلُو َن اوافَنلُوااتَ َ‬
‫ناوتْنيلَََنا‬
‫ذْاا‬
‫ًَ‬ ‫ِْن ا ُكَْن اظَنلِ ُِو او ا َُن َازالَت اثِّني ْل َ اد ِْوالٌ ا َّْت ا ع ْلََنلٌ ا ِ‬
‫َ َ ُ ْ َ ََ ُ ْ َ‬ ‫َ َ‬
‫خن ِ ِْت َا}(ٖ)‪.‬‬
‫َ‬

‫ٔ) سورة األعراؼ _ ابية ‪.ٖٔٚ‬‬


‫ٕ) سورة الدخاف _ ابيات مف ٕ٘‪. ٕٛ :‬‬
‫ٖ) سورة األنبياء _ ابيات مف ٔٔ‪.ٔ٘ :‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪001‬‬

‫ض َع ُفو َن ِآت اا َْر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫أا‬ ‫َواذْ ُك ُواْ ا ْذ اَ جُ ٌْ افَل ٌ‬
‫ذل ا ُّ ِْفجَ ْ‬ ‫وقاؿ اهلل ‪{ : ‬‬

‫آوا ُك ٌْ َاوَتْ َْ ُكٌ اََِ ْ‬


‫َ َِِ َاوَرَزفَ ُ ٌ ا ِّ َ ا‬ ‫ْنس ا َ َ‬ ‫ْ‬
‫ََتَن ُو َن اَن اتَنيجَ َلط َف ُ ٌُ االَ ُ‬
‫ش ُ ون}(ٔ) ىذه األحواؿ كانت في بداية إسالميـ ثـ‬ ‫ْ ِ ْ‬
‫الطذَِّنت الَ َعل ُ ٌْ اثَ ْ ُ‬
‫ص ِرِه َوَرَزقَ ُكـ ِّم َف‬
‫َوأَأي َد ُكـ بَِن ْ‬ ‫اهلل أصم أحواليـ بقدرتو ‪ ،‬وقاؿ ‪ {:‬فَ َآوا ُك ْـ‬
‫مف األحواؿ عمي اإلنساف‬ ‫الطأيِّب ِ‬
‫ات لَ َعمأ ُك ْـ تَ ْش ُك ُروف} فخذا ط أر أي حاؿ‬ ‫َ‬
‫فأوي يتوجو إلي اهلل ‪ ،‬ويتيقف يقينا جازما أنو مف اهلل ‪ ،‬ويرضي بقضاء‬
‫اهلل ‪ ،‬ويعمـ أف اهلل رب العالميف فما مف حاؿ مف األحواؿ إي والمقصود‬
‫منو تربية اإلنساف واهلل ‪ ‬أعمـ بأحواؿ عباده ‪ ،‬وأعمـ بأساليب تربيتيـ ‪،‬‬
‫فيربي بعضيـ بالمنى ‪ ،‬وبعضيـ بالفقر ‪ ،‬وبعضيـ بالسراء ‪ ،‬وبعضيـ‬
‫بالضراء ‪ ،‬وبعضيـ بالصحة ‪ ،‬بعضيـ بالمرض ‪ ،‬وبعضيـ بالقوة ‪،‬‬

‫وبعضيـ بالضعؼ ‪ ،‬قاؿ اهلل ‪َ { : ‬ولَ ْاو َ َِف َط االلْهُاالِّ ْز َق الِعَِ ِندَِ الََنيغَ ْواا‬
‫أاولَ ِ اتنيََنيِّ ُلاَِ َْ ٍرا ْنات َشنااِْهاِعِ ِندَِاخِنا ِ‬
‫نٌ }(ٕ)‪.‬‬ ‫َا‬ ‫ُ َ َ ٌَ‬ ‫َ‬ ‫ِٓتاا ْ َْر ِ َ ُ‬
‫وربط اهلل ‪ ‬األحواؿ باألعماؿ ‪ ،‬ي باألسباب واألشياء ‪ ،‬إف كانت‬
‫األعماؿ صالحة ‪،‬فاألحواؿ صالحة ‪ ،‬واف كانت األعماؿ فاسدة فاألحواؿ‬

‫اصن ِ نً ا ِ ْ اذَ َك ٍ ا َْو ا ُْنيًَ َاوُل َوا‬ ‫ِ‬


‫َ ْا َُِ َل َ‬ ‫فاسدة ‪ ،‬قاؿ اهلل ‪ : ‬‬

‫ٔ) سورة األنفاؿ _ ابية ‪.ٕٙ‬‬


‫ٕ) سورة الشوري _ ابية ‪.ٕٚ‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪000‬‬

‫َْ ٌْ اَ ْ َ ُل ٌْ اِأَ ْ َِف ِ ا َ ن ا َكن ُواا‬ ‫ِ‬


‫ُ ْو ٌ ا َنيلََُ ْمذِذَنيَْهُ ا َ ذَن ًة اسَذَِّ ً َاولَََ ْج ِتَنيَني ُ‬
‫تَني ْعُلُونا‪.)ٔ( ‬‬
‫َ‬
‫تاَتْ ِنيْيا‬ ‫ِ‬
‫ند ِآتاالَْ نيِّ َاوالَْ ْمني ِ ابَنينا َك َِفنيَ ْ‬ ‫وقاؿ اهلل تعالي‪  :‬ظَ َََ االْ َف َِف ُ‬
‫ن ‪.)ٕ( ‬‬ ‫ياِ ُِلُواالَ َعلْ َُ ٌْاتنيَ ْ ِ عُو َا‬
‫ضاالْا َ‬
‫ِ‬ ‫الَ ِ ِ ِ‬
‫ْنسالذُات َ َُ ٌْا نيَ ْع َ‬
‫وربط اهلل ‪ ‬األعماؿ باليقيف إف كاف اليقيف صػالحا فاألعمػاؿ تكػوف‬
‫صالحة ‪ ،‬واف كاف اليقيف فاسدا كانت األعماؿ فاسدة ‪.‬‬
‫بعبارة أخري ‪ :‬عمي حسب اليقػيف الػذي فػي القمػب ‪ ،‬تصػدر األعمػاؿ‬
‫مف الجوارح ‪ ،‬وعمػي حسػب ىػذه األعمػاؿ تنػزؿ األحػواؿ مػف السػماء ‪ ،‬أي‬
‫كمػػا تصػػعد األعمػػاؿ مػػف األرض إلػػي السػػماء ‪ ،‬تنػػزؿ األحػواؿ مػػف السػػماء‬
‫إلػػي األرض ‪ ،‬وفسػػاد األحػواؿ بفسػػاد األعمػػاؿ وفسػػاد اليقػػيف ‪ ،‬فػػال قػػوة فػػي‬
‫العالـ تصمحيا ‪ ،‬وي يمكف أف تصم األحواؿ إي بأمر واحػد ‪ ،‬وحػؿ وحيػد‬
‫وى ػػو الجي ػػد إلص ػػالح اليق ػػيف واألعم ػػاؿ ‪ ،‬ول ػػذا ن ػػري كثيػ ػ ار ف ػػي زمانن ػػا أف‬
‫الفساد قد فشػا فػي العػالـ مػع كثػرة أسػباب األمػف ‪ ،‬ألف اهلل ‪ ‬رفػع األمػف‬
‫عف العالـ ‪ ،‬لفساد يقيف القموب ‪ ،‬فأسباب األمف المادية ‪ ،‬ي تػأتي بػاألمف‬

‫ٔ) سورة النحؿ – ابية ‪. ٜٚ‬‬


‫ٕ) سورة الروـ – ابية ٔٗ ‪.‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪002‬‬

‫َ ا َب نيُ ُنيٌا‬ ‫‪ ،‬ق ػػاؿ اهلل ‪  : ‬الّني ِنيات ام َُ نيواْاوََلاتني ْلِِف نينيواْاِّيَنينين نيٌََاِظُْل ني ٌٍا ُولَني نيِْ‬
‫َْ‬ ‫ُْ‬ ‫َ َ ََْ َُ‬
‫ن ‪.)ٔ( ‬‬ ‫ا ْ ُ َاوُل ٌْا ّ َْجَ ُْو َا‬
‫أي ي يختمط يقينيـ الصحي باليقيف الفاسد ‪ ،‬بؿ كاف يقيػنيـ خالصػا‬

‫‪ ،‬عم ػ ػػي اهلل ‪ُْ ( ‬ولَني نينيَِْ َ ا َب نيُني ُنيٌاا ْ ني ني ُا ) أي ف ػ ػػي ال ػ ػػدنيا وابخػ ػ ػرة ( َوُل ني ني ْنيٌا‬
‫ن )‪.‬‬‫ّ َْجَ ُْو َا‬
‫بيف اهلل ‪ ‬في ابية الكريمة إف أردتـ األمف فاجتيدوا بتقوية إيمػانكـ‬
‫واصػػالح يقػػيف قمػػوبكـ ‪ ،‬فيصػػم اهلل أح ػوالكـ ‪ ،‬وبػػدوف ذلػػؾ لػػو بػػذلتـ كػػؿ‬
‫القوة مف األسباب المادية لمحصوؿ عمي األمف ي يأتي األمف أبدا ‪.‬‬
‫اليقين الثالث‪:‬‬
‫أف اهلل ‪ ‬ىػ ػػو رب العػ ػػالميف ‪ ،‬وىػ ػػو الػ ػػذي يقضػ ػػى الح ػ ػوائج ويحػ ػػؿ‬
‫المش ػػاكؿ بقدرت ػػو ‪ ،‬ي يحتػ ػػاج إل ػػي سػ ػػبب م ػػف األس ػػباب والػ ػػي ش ػػيء مػ ػػف‬
‫األشياء‪.‬‬
‫واهلل ‪ ‬ىو الذي جعػؿ الحػوائج فػي اإلنسػاف ‪ ،‬وىػو الػذي يقضػييا ‪،‬‬
‫ولك ػػف اإلنس ػػاف ي ػػري قض ػػاء الحػ ػوائج ف ػػي األس ػػباب واألش ػػياء ‪ ،‬وى ػػذا ى ػػو‬
‫ايختبػػار مػػف اهلل ‪ ‬أنػػو نشػػر األسػػباب فػػي عػػالـ الػػدنيا وجعػػؿ الػػدنيا دار‬
‫األسػ ػػباب وربػ ػػط الح ػ ػوائج باألسػ ػػباب ‪ ،‬فينظػ ػػر اهلل ‪ ‬مػ ػػف يتػ ػػيقف عمػ ػػى‬

‫ٔ) سورة األنعاـ – ابية ٕ‪. ٛ‬‬


‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪003‬‬

‫األسباب الظاىرية ويتوجو إلييا كؿ التوجو ويفر إلييا فػي كػؿ أمػر ‪ ،‬ومػف‬
‫يتػػيقف عمػػى اليػػو ويفػػر إليػػو فػػي كػػؿ أمػػر مػػف األمػػور ‪ ،‬مػػع كث ػرة األسػػباب‬
‫واألشياء‪ ،‬ومف يتعمؽ قمبو باهلل ومف يتعمؽ قمبو باألسباب ‪.‬‬
‫ومػػف جممػػة األسػػباب الممػػؾ والمػػاؿ والمناصػػب ‪ ،‬والػػذىب والفضػػة ‪،‬‬
‫واألرض والزراعة ‪ ،‬والتجارة والصناعة ‪ ،‬والوظيفة ‪ ،‬فنشرىا اهلل في العػالـ‬
‫اب ػػتالء لمعب ػػاد ‪ ،‬ول ػػـ ينش ػػر األس ػػباب ف ػػي الع ػػالـ لحاجت ػػو إل ػػى األس ػػباب ‪،‬‬
‫بمعنى أنو ي يقدر والعياذ باهلل عمي قضاء الحوائج بػدونيا بػؿ ىػو غنػى‬
‫عػػف العػػالميف وىػػو الصػػمد ‪ ،‬وقػػد نشػػر األسػػباب امتحانػا واختبػػا ار كمػػا قػػاؿ‬

‫أا ِزتََ ني ًا ْب نيَنينالََِْنيلُني َنيوُل ٌْاَتنيُّ َُ ني ْنيٌاَ ْ َِف ني ُ ا‬ ‫‪ِْ { :‬نينينا َ َعْلََنينينا َ ني َ‬
‫نيناِلَ ني ااْ َْر ِ‬
‫غ } (ٔ)‪.‬‬ ‫َِ َُ ًا‬
‫ثالث اختبارات مقصودة من خمق األسباب‪:‬‬
‫األول‪ :‬جعؿ اهلل بعض األسباب حػالؿ ‪ ،‬وبعضػيا حػراـ ‪ ،‬فمػف كػاف يقينػو‬
‫عمػػي األسػػباب ي يميػػز بػػيف الحػػالؿ والحػراـ ‪ ،‬بػػؿ ينظػػر إلػػي حػػؿ مشػػكمتو‬
‫بػػأي سػػبب كػػاف حػػالؿ أو ح ػراـ ‪،‬بخػػالؼ مػػف كػػاف يقينػػو عمػػى اهلل ‪ ،‬فيػػو‬
‫يع ػػرؼ ح ػػؽ المعرف ػػة أف اهلل ‪ ‬ى ػػو قاض ػػي الحػ ػوائج ‪ ،‬وى ػػو ال ػػذي يح ػػؿ‬
‫المش ػػاكؿ ‪ ،‬وأن ػػا أخت ػػار الس ػػبب امتث ػػاي ألم ػػر اهلل وح ػػده ‪ ،‬فيت ػػرؾ الحػ ػراـ‬

‫ٔ) سورة الكيؼ – ابية ‪. ٚ‬‬


‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪004‬‬

‫ويختػػار مػػف األسػػباب مػػا كػػاف حػػالؿ مػػثال قػػاؿ ‪ { ‬الْني ِنيات َ اتَنيأْ ُكلُو َناالِّ نيَنينا‬
‫نيسا َذلِني َ ا‬ ‫ِ‬ ‫َاتني ُو نينيو َناِ ْا َكُنينيناتني ُ ني ِ‬
‫نيوماالْنينياياتنيَجَ َلْطُنينيهُاال ْشني ْنيذطَن ُنا ني َ االْ َُني ِّ‬
‫َ َ ُ‬ ‫َ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ناوَ َ ْلااللّنيهُاالَْنيْذ َنيم َاو َ نيْ َماالَِّنينا َ َُني ا َ نيناَُا‬ ‫أَنيْ َُ ٌْافَنلُواْا َّْنَناالَْنيْذ ُما اًْ ُلاالَِّ َ‬
‫نيندا َأ ُْولَنينيِْ َ ا‬
‫اِ َ‬
‫ِ‬
‫ف َاوَْ َُُاِ َىلااللّنيه َاوَ ني ْ َ‬
‫ِ‬
‫َ ْوِظَ ٌا ِّ ا ْرِّها َن جَني ََ َ ا َنيلَهُا َ نا َ لَ َ‬
‫ِ‬
‫(ٔ)‬
‫ن}‬‫ناخنلِ ُْو َا‬ ‫َصمنباالَْن ِر ِ‬
‫ال ٌْا َذَ َ‬ ‫ُ‬ ‫َْ ُ‬
‫فيتػػرؾ الربػػا ويختػػار البيػػع ‪ ،‬بخػػالؼ مػػا كػػاف يقينػػو فاسػػدا ‪ ،‬فػػال يميػػز‬
‫بيف البيع والربا ‪ ،‬يريد زيادة الماؿ سواء يحصؿ بالماؿ بالحراـ أـ بػالبيع ‪،‬‬
‫وىذا ىو المقياس لمعرفة اليقيف أنو صحي أـ فاسد ‪ ،‬واي كؿ مسمـ يظػف‬
‫بأف يقينو صحي ‪ ،‬وايمانو كامػؿ وي يػرى نفسػو بحاجػو إلػي إصػالح يقينػو‬
‫‪ ،‬وي إي تعمػػـ اإليمػػاف ‪ ،‬وكػػاف الصػػحابة ‪ ‬يػػروف أنفسػػيـ بحاجػػو شػػديدة‬
‫بػػتعمـ اإليمػػاف مػػع أنيػػـ صػػحبوا رسػػوؿ اهلل ‪َ ‬عػ ْػف ُج ْنػ ُػد ِب ْبػ ِػف َع ْبػ ِػد المأػ ِػو‬
‫ػاف َح ػ َػزِاوَرةٌ فَتَ َعمأ ْمَن ػػا‬
‫ص ػػمأى المأ ػػوُ َعمَ ْي ػ ِػو َو َس ػػمأ َـ َوَن ْح ػ ُػف ِفتَْي ػ ٌ‬ ‫ػي َ‬ ‫ػع الأنبِ ػ ِّ‬
‫قَ ػػا َؿ ُكأن ػػا َم ػ َ‬
‫يم ًانا(ٕ)‪.‬‬ ‫ِِ ِ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ِ‬
‫آف فَ ْازَد ْدَنا بو إ َ‬ ‫آف ثُأـ تَ َعم ْمَنا ا ْلقُ ْر َ‬ ‫َف َنتَ َعم َـ ا ْلقُ ْر َ‬‫اف قَْب َؿ أ ْ‬ ‫يم َ‬‫ْاإل َ‬
‫ت َع ْب َد المأ ِػو ْب َػف ُع َم َػر ‪َ ،‬يقُػو ُؿ‪" :‬‬ ‫ؼ ‪ ،‬قَا َؿ ‪َ :‬س ِم ْع ُ‬ ‫اسِـ ْب ِف عو ٍ‬
‫َْ‬
‫وع ِف ا ْلقَ ِ‬
‫َ‬
‫آف ‪َ ،‬وتَْن ػ ِػز ُؿ‬ ‫ػاف قَْبػ ػ َؿ ا ْلقُػ ْػر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يم ػ َ‬
‫َح ػ ُػدَنا ُي ػ ْػؤتَى اإل َ‬ ‫لَقَ ػ ْػد ع ْش ػ َػنا ُب ْرَىػ ػةً م ػ ْػف َد ْى ِرَن ػػا ‪َ ،‬وأ َ‬

‫ٔ) سورة البقرة – ابية ٘‪.ٕٚ‬‬


‫ٕ) سنف ابف ماجو» كتاب المقدمة» باب في اإليماف _ رقـ الحديث (ٔ‪.)ٙ‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪005‬‬

‫آم َرَىػا‬ ‫السورةُ عمَى مح أم ٍد صمأى المأػو عمَ ْي ِػو وسػمأـ فََنػتَعمأـ حاللَيػا وحراميػا ‪ ،‬و ِ‬
‫ُ َ َ َ َ َ ُ َ َ َ ََ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َُ‬
‫آف ‪،‬‬ ‫أ‬ ‫وَاز ِجرىا ‪ ،‬وما ي ْنب ِمي أَف ي ِق َ ِ ِ‬
‫وف أ َْنتُ ُـ ا ْلَي ْػوَـ ا ْلقُ ْػر َ‬
‫ؼ ع ْن َدهُ م ْنيَا ‪َ ،‬ك َما تَ َعم ُم َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ ََ ََ ََ‬
‫ػر َمػػا َبػ ْػي َف‬‫ػاف ‪ ،‬فََي ْقػ َأُ‬‫يمػ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ػت ا ْلَيػ ْػوَـ ِر َجػػاي ُيػ ْػؤتَى أ َ‬
‫آف قَْبػ َؿ اإل َ‬‫َحػ ُػد ُى ُـ ا ْلقُػ ْػر َ‬ ‫ثُػ أـ لَقَػ ْػد َأرَْيػ ُ‬
‫َف َي ِقػ َ‬
‫ػؼ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬
‫فَات َحتػػو إِلَػػى َخات َمتػػو َمػػا َيػ ْػد ِري َمػػا آمػ ُػرهُ َوي َاز ِجػ ُػرهُ ‪َ ،‬وي َمػػا َي ْنَبمػػي أ ْ‬
‫ِ ِِ‬

‫ِع ْن َدهُ ِم ْنوُ ‪ ،‬فََي ْنثَُرهُ َنثَْر ال أد َق ِؿ " (ٔ)‪.‬‬


‫وكػػاف تعمػػـ اإليمػػاف مقػػدما عمػػى تعمػػـ القػرآف فػػي أيػػاـ الصػػحابة رضػػي‬

‫والخطػػاب لممػػؤمنيف‬ ‫اهلل عػػنيـ قػػاؿ اهلل ‪( ‬تَنينيناَتنيُّ ََنينيناالْني ِنيات َ ام َ َُ نيواْام ِ َُ نيواْ)‬
‫وأمػػروا باإليمػػاف ‪ ،‬مػػع أف اإليمػػاف كػػاف موجػػود فػػييـ ‪ ،‬فمعنػػى ابيػػة تعممػوا‬
‫اإليم ػػاف المطم ػػوب عن ػػد اهلل ‪ ،‬أي أخرجػ ػوا اليق ػػيف الفاس ػػد م ػػف القم ػػب عم ػػى‬
‫جمي ػػع م ػػا س ػػوى اهلل م ػػف األس ػػباب واألش ػػياء واألحي ػػاء واألمػ ػوات واألمػ ػواؿ‬
‫وأىؿ األمواؿ والمناصب وأىميا‪.‬‬
‫االختبار الثاني‪:‬‬
‫أمر اهلل يختمؼ بنسبة اختيار األسباب وتركيا ‪ ،‬مػثال ‪ :‬أمػر اهلل عنػد‬
‫نداء الجمعة وترؾ البيع وعند الفراغ مػف الصػالة ‪ ،‬أبػاح اهلل ‪ ‬ايشػتماؿ‬

‫نيوديالِل ْ‬
‫َني َنيغةِا ِ ني ا‬ ‫بػػالبيع والشػراء ‪ ،‬قػػاؿ ‪ { :‬تنينيناَتنيَُّنينيناالْني ِنيات ام َنيوااِذَاا نيُ ِ‬
‫َ َُ‬ ‫َ َ‬

‫اإل ْقَب ِ‬
‫ػاؿ‪...‬‬ ‫اب اْل ُخ ُشوِع ِفػي أ ِ‬
‫ػالة و ِ‬ ‫ض » ُج أماعُ أَْبو ِ‬
‫اب اْل َحْي ِ‬ ‫ِ‬
‫الص َ‬ ‫َ‬ ‫ٔ) السنف الكبرى لمبييقي » كتَ ُ‬
‫ػاف أَأنػػوُ إِأن َمػا ِقيػ َػؿ ‪َ :‬يػ ُػؤميُ ْـ ‪ _ ...‬رقػػـ الحػػديث (‪ ، )ٗٛٙٛ‬المسػػتدرؾ عمػػى‬
‫ػاب اْلَبَيػ ِ‬
‫» َب ُ‬
‫الصحيحيف» كتاب اإليماف» كيؼ يتعمـ القرآف _ رقـ الحديث (‪. )ٔٓٛ‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪006‬‬

‫اخْذنيٌ الْ ُ ْنيٌاِنا ُكَنيجُ ٌْا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تنيوِم ْ ِ‬


‫ااَُ ُُ َع ا َن ْ َع ْوااِ َىلاذ ْك ِ االلْه َاو َذ ُروااالَْنيْذ َما َذل ُ ٌْ َ‬ ‫َْ‬
‫(ٔ)‬
‫}‬ ‫ثَني ْعلَ ُُو َنا‬
‫فمػػف كػػاف يقينػػو خالصػػا هلل وحػػده فيػػو ينظػػر إلػػى أمػػر اهلل ‪ ،‬إف كػػاف‬
‫أمر اهلل لترؾ األسباب يتركيا وي يبالى ‪ ،‬واف كاف أمر اهلل ألخػذ األسػباب‬
‫فيأخػ ػػذىا امتثػ ػػاي ألمػ ػػر اهلل ي لميقػ ػػيف عمييػ ػػا ‪ ،‬واف كػ ػػاف يقينػ ػػو فاسػ ػػد فػ ػػال‬
‫يس ػػتطيع أف يت ػػرؾ األس ػػباب ب ػػؿ ك ػػاف جي ػػده ل ػػيال وني ػػا ار ح ػػوؿ األس ػػباب‬
‫ويدندف حوليا ويتعػب ليػا ويػذىب وراء األسػباب وأربابيػا ‪ ،‬قػاؿ رسػوؿ اهلل‬
‫‪ ": ‬تعس عبػد الػدينار وعبػد الػدرىـ " مػثال عنػدما يتوجػو أمػر اهلل إليػو ‪‬‬

‫نل ُْوااِأَ ْ َوالِ ُ ٌْ َاوَْني ُف ِِف ُ ٌْ ِآتا َ نيِ ِذلااللْ ِنيها َذلِ ُ ْنيٌا‬
‫ااخ َفن نًاوثَِ ن ًاو ِ‬
‫َ ََ‬
‫ا ِْف و ِ‬
‫ُ‬
‫ي يقوـ بيذا األمر بؿ يكوف شاقا عميػو‬ ‫‪)ٕ(‬‬ ‫َخْذنيٌ الَ ُ ْاٌاِ ْنا ُكَْجُ ٌْاثَني ْعلَ ُُون‬
‫ألف يقين ػػو عم ػػي األس ػػباب ‪ ،‬ول ػػو يقػ ػػوؿ بمس ػػانو أن ػػا مس ػػمـ كام ػػؿ اإليمػ ػػاف‬
‫صحي العقيدة ‪ ،‬وأنػا موحػد بػاهلل ولكػف ىػذا المقيػاس لمعرفػة صػحة اليقػيف‬

‫وفساده قاؿ ‪ {: ‬تَنيناَتنيُّ ََنيناالْ ِنيات َ ام َ َُنيواْا َ نينالَ ُ ْنيٌاِ َذاافِذ َنيلالَ ُ ُنيٌاا ِفني ُواْ ِآتا‬

‫ٔ) سورة الجمعة – ابية ‪.ٜ‬‬


‫ٕ) سورة التوبة – ابية ٔٗ‪.‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪007‬‬

‫أاَر ِضنينيذجٌُاِن ْ ذنينينةِاالني ُّنيْ ْنيذنا ِ ني ِ‬


‫ااْلخ نيَةِا َ َُنينينا‬ ‫ِ‬ ‫ِ ْ‬ ‫ِ‬
‫َ َ‬ ‫ََ‬ ‫َ ني ِذلااللّنينيهااثنينينفَني ْلجُ ٌْا َىلاا َْر ِ َ‬
‫ذل} (ٔ)‪.‬‬ ‫ااْلخَةِاِ ْافَلِ ٌا‬ ‫نآت ِ‬ ‫َ جَنَثُاا َْذَنةِ ُّ‬
‫االْ ْنيذَ ِ‬
‫وقاؿ‪ ‬في آية آخري ‪ { :‬فُ ْلاِنا َكن َنام َنين ُؤُك ٌْا َوَْنيََنيآ ُؤُك ٌْ َاوِ ْخ َنيوا ُ ُ ٌْا‬
‫نيند َلنا‬ ‫نيناوَِتَني ني َنينرةٌ َ‬
‫اَتْ َشني ني ْنيو َنا َك َِفني ني َ‬ ‫نينثُ ُ ٌْ َاوَْ ني ني َنيو ٌالاافْنيجَنيَ ْنيجُ ُُ َ‬
‫ولني ني َ‬
‫ِ‬
‫َو َْزَوا ُ ُ ني ني ْنيٌ َاو َِشني ني َ‬
‫نيند ِآتا َ نيِذلِ ِها‬ ‫نيباِلَنينيذ ُ ٌا ِّ ني االلّني ِنيهاور نيولِِهاوِ َني ٍ‬ ‫ِ‬
‫ََ ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ضني ْنيونيَ ََناَ َ ني ْ ْ‬ ‫َوَ َِفنينينك ُ اثَني ْ َ‬
‫(ٕ)‬
‫و}‬ ‫َواْا َ َّْتاتَأِِْتَاالالّهُاِأَ ْ َِِ َاواللّهُا َااتنيَ َْ ِْياالْ َ ْوَماالْ َفن ِ ِ َا‬ ‫َنيجَنيَْ ُ‬
‫فػػذكر اهلل تعػػالى فػػي ىػػذه ابيػػة الكريمػػة ثمانيػػة أشػػياء ومنيػػا األم ػواؿ‬
‫والتجػػارة في ػػذه م ػػف جمم ػػة األس ػػباب ‪ ،‬وبس ػػبب فس ػػاد اليق ػػيف عميي ػػا يتخم ػػؼ‬
‫اإلنساف عف الخروج في سبيؿ اهلل‪.‬‬
‫االختبار الثالث‪:‬‬
‫تػ ػػزداد األسػ ػػباب أحيانػ ػػا فمػ ػػف كػ ػػاف يقينػ ػػو خالصػ ػػا عمػ ػػى اهلل تسػ ػػتوي‬
‫الحالت ػػاف عن ػػده ف ػػال يم ػػرح وي يفتخ ػػر بزي ػػادة األس ػػباب وي يي ػػأس عن ػػد قم ػػة‬
‫األسباب بؿ يكوف شكو ار عند زيادة األسباب وصػبا ار عنػد قتميػا قػاؿ ‪{:‬‬

‫ٔ) سورة التوبة – ابية ‪.ٖٛ‬‬


‫ٕ) سورة التوبة – ابيةٕٗ‪.‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪008‬‬

‫نيبا ُكني ْنيلا‬


‫اُيني ُّ‬ ‫لِ َ نينيذ َغاثَأْ نينيوااِلَني ا نينينا َنينينثَ ُ ٌاوَ اثَني ْف نيو ِ‬
‫اابنيَنينامثَنين ُكٌاواللْنينيهاَ ُِ‬
‫َْ ُ‬ ‫ْ َ َُ‬ ‫ْ َْ َ َ‬
‫لوٍار } (ٔ) ‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫ُمُْجَنلا َ ُ‬
‫وىػذا المقيػػاس الثالػػث لمعرفػة صػػحة اليقػػيف وفسػاده ‪ ،‬فمػػف كػػاف يقينػػو‬
‫فاسد يمرح ويفتخر بزيادة األسػباب إنػو لفػرح فخػور وييػأس ويقػنط عنػد قمػة‬
‫األسػػباب إنػػو ليئػػوس قنػػوط ‪ ،‬فالحاصػػؿ أف يػػري كػػؿ مسػػمـ نفسػػو بحاجػػة‬
‫إلى إصالح يقينو والي تقوية إيمانو وي يرى نفسو مستمنيا عف ىذا‪.‬‬
‫كما كاف الصحابة ‪ ‬لـ يكونوا مطمئنيف عمى إيمانيـ ‪ ،‬بػؿ يخشػوف‬
‫عمى أنفسػيـ مػف النفػاؽ كمػا خشػي أبػو بكػر الصػديؽ ‪ ، ‬وحنظمػو ‪، ‬‬
‫وعمر بف الخطاب ‪ ‬مف النفاؽ‪.‬‬
‫فسػ ػػيدنا عمػ ػػر بػ ػػف الخطػ ػػاب ‪ ‬يػ ػػذىب إلػ ػػى حذيفػ ػػة ويسػ ػػألو ‪ ،‬ىػ ػػؿ‬
‫ذكرني رسوؿ اهلل ‪ ‬في المنافقيف‬
‫وسيدنا ابف أبى مميكو يقوؿ ‪ :‬أدركت ثالثػيف مػف أصػحاب محمػد ‪‬‬
‫كميـ يخاؼ عمى نفسو النفاؽ ‪ ( .‬رواه البخاري ) ‪.‬‬
‫فكاف الصحابة رضي اهلل عنيـ يخافوف مػف النفػاؽ ‪ ،‬فمػف فػي زماننػا‬
‫ىػػذا يخشػػى عمػػي نفسػػو مػػف النفػػاؽ بػػؿ الكػػؿ مطمػػئف عمػػي إيمانػػو ‪ ،‬ولػػو‬
‫قيػػؿ لػػو تعمػػـ اإليمػػاف ‪ ،‬فيجيػػب ‪ :‬ىػػؿ أنػػا كػػافر مشػػرؾ ‪ ،‬وي شػػؾ أنػػو لػػيس‬

‫ٔ) سورة الحديد – ابية ٕٗ‪.‬‬


‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪009‬‬

‫بكافر وي مشػرؾ ‪ ،‬ولكػف اليقػيف فاسػد ‪ ،‬بحيػث أنػو متػيقف عمػي غيػر اهلل ‪،‬‬
‫واهلل تب ػػارؾ وتع ػػالي ‪ ،‬يري ػػد من ػػا اليق ػػيف الخ ػػالص ‪ ،‬ألف ك ػػؿ م ػػا س ػػوي اهلل‬
‫ِ‬
‫اُيذِنييا‬ ‫ال َواا َْ ُّنيَ َاوَْنيهُ ُْ‬ ‫باطؿ واهلل ىو الحؽ ‪ ،‬قاؿ تعالي ‪َ { :‬ذل َ اِأَ ْنااللْهَ ُ‬
‫لا َ ي ٍاافَ ِْتٌا }(ٔ) ‪.‬‬ ‫الْ َُ ْوثَ َاوَْهُ َ‬
‫اِلَ ا ُك ِّ ْ‬
‫ادو نيِ ِنيها‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وقػػاؿ تعػػالي ‪{ :‬ذَلني َ اِنيأَ ْنااللْنينيهَ ُ‬
‫الني َانيواا َْني ُّنيَ َاوَ ْنا َ نينيناتَني ُِْْو َنا ني ُ‬
‫(ٕ)‬
‫نُ }‬ ‫ال َواالْ َعلِ ُّياالْ َ ِ ا‬ ‫ِ‬
‫ُل َواالَْنس ُل َاوَ ْنااللْهَ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اااااوفنينينلاثعنينينِلا‪{:‬ا نيَ ْنيلا نيَ ْ نينيا ُ اِنينين َْ َِّ َ‬
‫اِلَني االَْنسني ِنيلا َنيذَ ْْ َ غُنينيهُا َنيِجذَ ُ‬
‫االني َنيوا‬
‫َ ُفو َنا}(‪)3‬‬ ‫َز ِالَاولَ ُ ٌاالْوتل ِافْناثَ ِ‬
‫ٌ َ ُ َْ ُ‬
‫المراد مف الحؽ في ابية الكريمة ‪ :‬الحؽ الخالص ‪.‬‬
‫والباطل عمي نوعين ‪:‬‬
‫ٔ) باطػػؿ خػػارجي‪ :‬معػػروؼ عنػػد المسػػمميف جميعػػا‪ ،‬مثػػؿ اإللحػػاد والزندقػػة‬
‫والشرؾ باهلل وعبادة األصػناـ والييوديػة والنصػرانية والمجوسػية وي شػؾ أنػو‬
‫باطؿ ‪.‬‬

‫ٔ) سورة الحج – ابية ٔ‪.ٙ‬‬


‫ٕ) سورة الحج – ابية ٕ‪.ٙ‬‬
‫ٖ) سورة األنبياء – ابية ‪.ٔٛ‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪021‬‬

‫ٕ) باطؿ داخمي‪ :‬ىو فػي قمػب المسػمـ‪ ،‬وي يػدري مثػؿ اليقػيف الفاسػد عمػي‬
‫ما سوي اهلل‪ ،‬وقد يرسػخ فػي جػذر القمػب‪ ،‬واذا نظرنػا إلػي سػيرة الرسػوؿ ‪‬‬
‫فوجػدنا أنػػو اجتيػػد أوي لتطييػػر القمػػوب‪ ،‬مػػف وسػػخ اليقػػيف الفاسػػد ‪ ،‬وإلخػراج‬
‫الباطؿ الداخمي مف القموب‪ ،‬مع أف الباطؿ الخارجي ‪ ،‬في صورة األصناـ‬
‫التػػي كانػػت فػػي الكعبػػة المشػػرفة ‪ ،‬ولكنػػو ‪ ‬لػػـ يكسػػر األصػػناـ فػػي حياتػػو‬
‫المكي ػ ػػة ث ػ ػػالث عش ػ ػػر س ػ ػػنة‪ ،‬وعن ػ ػػدما تطي ػ ػػرت القم ػ ػػوب ‪ ،‬وترس ػ ػػخ اليق ػ ػػيف‬
‫الصػحي ‪ ،‬عمػي اهلل وحػده وخػرج الباطػػؿ مػف القمػوب فقػاـ لتكسػير األصػػناـ‬
‫بعد فت مكػة المكرمػة ولكنػو ‪ ‬لػـ يكسػر األصػناـ فػي حياتػو المكيػة وىػذا‬
‫ػوؿ المأػ ِػو‬
‫ػاف لَ ُكػـ ِفػي رس ِ‬
‫َُ‬ ‫ىػو الترتيػب النبػوي مػا يسػتفاد مػف سػيرتو ‪{ ‬لَقَ ْػد َك َ ْ‬
‫ِ (ٔ) ‪.‬‬
‫اف َي ْر ُجو المأوَ َوا ْلَي ْوَـ ْاب ِخ َر َوَذ َك َر المأوَ َكث ًا‬
‫ير}‬ ‫ِّ‬
‫ُس َوةٌ َح َسَنةٌ ل َمف َك َ‬
‫أْ‬
‫فكيؼ نجتيد إلحياء اليف في العالـ ‪ ،‬ولدمغ الباطؿ في العالـ‬
‫فال بد أف نرجع إلي سيرة الرسوؿ ‪ ‬ونقتبس مف نوره ‪ ،‬ونفعؿ ما‬
‫فعؿ ‪ ، ‬كما قاؿ اإلماـ مالؾ ( رحمو اهلل ) ‪ :‬ي يصم أخر ىذه األمة‬
‫إي بما صم أوليا‪.‬‬
‫ومف جممة اإليماف باهلل ترسيخ عظمة اهلل وكبرياء اهلل في القموب ‪،‬‬
‫كما قاؿ ‪{ : ‬ورأب َؾ فَ َكبِّر} {ولَو ا ْل ِك ْب ِرياء ِفي الس ِ‬
‫ات و ْاأل َْر ِ‬
‫ض }{‬ ‫أم َاو َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ََ‬
‫ير } فاهلل أكبر مف كؿ صفة مف صفاتو عممو أكبر كما قاؿ ‪:‬‬ ‫َو َكب ِّْرهُ تَ ْكبِ ًا‬

‫ٔ) سورة األحزاب – ابية ٕٔ ‪.‬‬


‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪020‬‬

‫ندهُ َمفَاتِ ُ ا ْل َم ْي ِب يَ َي ْعمَ ُميَا ِإيأ ُى َو }وبصره أكبر ففي صفة‬‫‪َ {‬و ِع َ‬
‫َف المّوَ َعمَ َى ُك ِّؿ‬
‫البصر أكبر وفي السمع أكبر وقدرتو عظيمو{ أَلَ ْـ تَ ْعمَ ْـ أ أ‬
‫َش ْي ٍء قَ ِدير} وفي صفة الخمؽ أكبر ٓ‬
‫يقول الشيخ يوسف ( رحمو اهلل ) ‪ :‬مع كؿ صفة مف صفات اهلل‬
‫‪ ‬ثالث صفات مرتبطة بيذه الصفة‪:‬‬
‫الصفة األولي‪ :‬أنو أكبر فمثال في صفة الخمؽ فيو أكبر وفي صفة معز‬
‫فيو أكبر وفي صفة أنو حفيظ فيو أكبر وغيرىا مف الصفات‪.‬‬
‫الصفة الثانية ‪:‬أنو قادر صفة القدرة مع كؿ صفة مف الصفات في صفة‬
‫الخمؽ فيو القادر وفي صفة الحفظ فيو القادر وىكذا في كؿ الصفات‪.‬‬
‫الصفة الثالثة ‪ :‬أنو صمد أي ي يحتاج ألحد مف خمقة ‪ ،‬وكاف الشيخ‬
‫محمد يوسؼ رحمو اهلل يقوؿ ‪ :‬أف اهلل ‪ ‬ما ذكر شيء مف عظـ‬
‫المخموقات في القرآف الكريـ إي أف المقصود بذكره ذكر عظمة اهلل‬
‫وكبريائو تعالي‪ ،‬وذكر الجنة والنار ليس لبياف عظميما بؿ لبياف عظمة‬
‫قدرة اهلل ‪. ‬‬
‫إف اهلل أعد في الجنة ما أعد لممطيعيف وأعد المصائب العظيمة‬
‫لممجرميف‪.‬‬
‫فذكر الجنة ليس لبياف عظمة الجنة بؿ لبياف عظمة اهلل ‪. ‬‬
‫وذكر النار ليس لبياف عظـ النار ولكف لبياف عظمة اهلل ‪. ‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪022‬‬

‫فعمي قدر ما تترسخ عظمة اهلل في القموب تأتي عظمة أوامر اهلل‬
‫في القموب ‪ ،‬وعمى قدر ما تأتي عظمة أوامر اهلل في القموب يسيؿ‬
‫امتثاؿ أوامر اهلل ‪ ، ‬مثال إف اهلل ‪ ‬بيف حرمة الربا في ىذه ابية قاؿ‬
‫آم ُنوا ) خاطبيـ بوصؼ اإليماف ‪ ،‬ألف اإليماف‬ ‫أِ‬
‫يف َ‬
‫اهلل تعالي‪َ ( :‬يا أَييَا الذ َ‬
‫يقيـ اإلنساف عمى امتثاؿ أوامر اهلل ‪ ، ‬ثـ قاؿ اتقوا اهلل ثـ قاؿ ذروا ما‬
‫بقي مف الربا ثـ أخي ار ذكر صفة اإليماف وقاؿ إف كنتـ مؤمنيف بدوف‬
‫اإليماف الحقيقي ي يمكف ترؾ الربا وكذلؾ إذا بيف اهلل ‪ ‬حكما مف‬
‫األحكاـ في القرآف الكريـ قبمو أو بعده يذكر اهلل ‪ ‬عمى سبيؿ الترغيب‬
‫أو الترىيب التذكير باإليماف والتقوى‪.‬‬
‫فمثال‪ :‬بيف اهلل أحكاـ الحج فقاؿ في أخرىا واتقوا اهلل واعمموا أف اهلل‬
‫شديد العقاب أي لمف خالفو وقاؿ فمي أية أخرى واتقوا اهلل واعمموا أنكـ‬
‫إليو تحشروف‪ .‬وبيف اهلل أحكاـ الطالؽ في سورة الطالؽ فقاؿ في ضمف‬

‫اَي َعلالْهُاُمََْ ً ن } وكذلؾ ‪َ { :‬وَ اتَنيجَني َوْك ْل َ‬


‫اِلَ ا‬ ‫األحكاـ { َوَ اتنيَج َِْااللْهَ َْ‬
‫ِفًاا}ا‬‫ات‬ ‫ِ‬
‫َ‬‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ا‬ ‫اَيعلالْها ِ‬‫َ‬ ‫ه‬ ‫ْ‬
‫ل‬ ‫اال‬ ‫ِ‬
‫َْ‬‫ج‬ ‫ني‬‫ت‬ ‫ا‬ ‫و‬‫}ا{ا‬ ‫ا‬
‫ه‬ ‫ِف‬ ‫ا‬ ‫و‬‫َ‬‫ني‬
‫َ‬ ‫ا‬ ‫اللْ ِ‬
‫ه‬
‫ُْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َُ َ ُْ ََ َ‬ ‫ُ‬
‫ما ىو رباط التقوى والتوكؿ بأحكاـ الطالؽ‬
‫أي ي يمكف العمؿ بأحكاـ الطالؽ إلي أف يأتي التقوى في قمب‬
‫اإلنساف وبدوف التقوى ي يعمؿ بأحكاـ الطالؽ‪ .‬ثـ مف جممة اإليماف باهلل‬
‫اليقيف بموعودات اهلل ‪ ‬خالؼ الظاىر وىو اإليماف والعمؿ الصال‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪023‬‬

‫وىو القياـ بامتثاؿ أمر اهلل ‪ ‬خالؼ النفس وذكر اهلل اإليماف واألعماؿ‬
‫الصالحة في القرآف كمو‬
‫والصديق من ىو؟‬
‫ىو الذي يتيقف يقينا كامال بدوف أدنى ريب وتردد بموعودات اهلل ‪‬‬

‫‪َ { ‬والْ ِات َ ام َ َُوااِنللْ ِه َاوُر ُ لِ ِه ا ُْولَِْ َ ا‬ ‫وبأخبار األنبياء كما قاؿ اهلل‬

‫ن}‬
‫االَِّْت ُو َا‬
‫ُلٌ ِّ‬ ‫ُ‬
‫وقاؿ اهلل ‪َِّْ {‬نَناالْ ُُ ْوِ َُو َناالْ ِات َ ام َ َُوااِنللْ ِه َاوَر ُ ولِِهاّتُْا ََلْاتنيَ ْثَن ُواا‬
‫َ ِندفُو َا‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫ن }‪.‬‬ ‫ال ٌُاال ْ‬ ‫نل ُْوااِأَ ْ َواب ٌْ َاوَ ُفِف َِ ٌْ ِآتا َ ِ ِذلااللْها ُْولَْ َ ُ‬
‫َو َ َ‬
‫ومن أميات العقائد اإليمان بالمالئكة‪:‬‬
‫اإليمان بالمالئكة‪:‬‬
‫والمراد مف اإليماف بالمالئكة‪ :‬أف يخرج اليقيف مف القمب عمى‬
‫النظاـ الظاىري‪ ،‬ويأتي اليقيف عمى النظاـ الميبي‪ ،‬ما يسيره اهلل‬
‫بالمالئكة‪ .‬والنظاـ عمى نوعيف‪:‬‬
‫ٔ) نظاـ ظاىري‪.‬‬
‫ٕ) نظاـ غيبي‪.‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪024‬‬

‫وبمفظ آخر نظاـ أرضي ونظاـ سماوي‪ .‬وبعبارة أخرى نظاـ مادي‬
‫ونظاـ روحي ‪ ،‬فيخرج اليقيف عمى النظاـ األرضي والمادي‪ ،‬ويترسخ‬
‫اليقيف عمى النظاـ الروحي والسماوي ‪.‬‬
‫ونظاـ األرض تابع لنظاـ السماء ‪ ،‬النظاـ الظاىري لمنظاـ الميبي ‪،‬‬
‫والنظاـ المادي تابع لمنظاـ الروحاني‪ ،‬ي يحدث شيء في األرض إلي ما‬
‫يقضى في السماء ‪ ،‬فتتصرؼ وجية القمب عف النظاـ الظاىري ‪ ،‬ويتركز‬
‫النظر عمى النظاـ الميبي ‪ ،‬واهلل ‪ ‬ي يحتاج في تسيير نظامو الميبي‬
‫إلي المالئكة‪.‬‬
‫أنزؿ اهلل المالئكة لنصر المسمميف في معركة بدر ‪ ،‬قاؿ اهلل ‪{: ‬‬

‫َْ ُ اِ ْا ِ ْ ا‬
‫َ‬ ‫ناال‬ ‫او‬ ‫و نا علَهااللّهاِ ْا ْش ىالَ ُ ٌاولِجَطُِْْ ْ افُنيلُو ُ ٌاِِ‬
‫ه‬
‫ََ ْ‬ ‫ُ‬ ‫َْ َ‬ ‫ََ َ َ ُ ُ ُ َ‬
‫(ٔ)‬
‫ٌ}‬ ‫ِِ ِ‬
‫َْااللّ ِهاالْ َع ِت ِ اا َْ ِذ ِا‬
‫ألف اإلنساف يتسمى ويطمئف ويستبشر بكثرة العدد ‪ ،‬ولكف اهلل ‪‬‬
‫نبو عمى أي تمتجئ أنظاركـ إلي المالئكة ‪ ،‬بؿ أصرفوا وجية قموبكـ إلي‬

‫ِذ ِا‬ ‫اهلل ‪ ،‬فقاؿ اهلل ‪ (: ‬و ناالَ ِ ِ ِ ِ ِ‬


‫ٌ)‪.‬‬ ‫َْ ُ ا ْا ْ اَِْااللّهاالْ َع ِت ِ اا َْ‬
‫ََ ْ‬
‫واألصؿ أف يكوف النظاـ الميبي موافؽ لإلنساف‪ ،‬وي يبالي بمخالفة‬
‫النظاـ الظاىري لو‪ ،‬فسواء وافقو النظاـ الظاىري أو خالفو‪ ،‬واذا وافقو‬

‫ٔ) سورة آؿ عمراف – ابية ‪. ٕٔٙ‬‬


‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪025‬‬

‫النظاـ الميبي فيو ينج في الدنيا وابخرة ‪ ،‬واذا خالفو النظاـ الميبي ولو‬
‫وافقو النظاـ الظاىري فيو يخسر الدنيا وابخرة وذكر اهلل ‪ ‬قصص‬
‫األمـ الماضية الذيف ىـ أصمحوا يقينيـ وأصمحوا أعماليـ وافقيـ النظاـ‬
‫الميبي فنجحوا في الدنيا وابخرة مع أف النظاـ الظاىري ضدىـ‪.‬‬
‫اإليماف بالمالئكة ينتظـ في معاف ‪:‬‬
‫أوي ‪ :‬التصديؽ بوجودىـ‬
‫ثانيا‪ :‬إنزاليـ منازليـ‪ ،‬واثبات أنيـ عباد اهلل وخمقو كاإلنس والجف‬
‫مأموروف مكمفوف ي يقدروف إي عمى ما أقدرىـ اهلل عميو والموت عمييـ‬
‫جائز ولكف اهلل جعؿ ليـ أمدا بعيدا فال يتوفاىـ حتى يبمموه ‪ .‬وي‬
‫يوصفوف بشيء يؤدي وصفيـ بو إلي إشراكيـ باهلل تعالي وي يدعوف آلية‬
‫كما دعتيـ األوائؿ ‪.‬‬
‫الثالث ‪ :‬ايعتراؼ بأف منيـ رسال يرسميـ اهلل إلي مف يشاء مف البشر‬
‫وقد يجوز أف يرسؿ بعضيـ إلي بعض ويتبع ذلؾ ايعتراؼ أف منيـ‬

‫حممة العرش‪ ،‬كما قاؿ اهلل ‪ {: ‬الْ ِات َا َُْي ُِلُو َان اْل َع ْر َش َوَ ْ ا َ ْولَهُا‬
‫تا‬ ‫تِفِّمو َن ِاِبُ ِْارٌِِّاوتني ْوِ َُو َناِِهاواتِفجَني ْغ ِف و َنالِلْ ِات ام َُواارنيََْ ِ‬
‫ناو ْع َ‬‫َ َ َ َ‬ ‫ََ ْ ُ‬ ‫ُ َ ُ َ ْ َ ْ َُ‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪026‬‬

‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬


‫ابا‬ ‫ااواثْنيَني ُعواا َ ِذلَ َ َاوف َِ ٌْ َ‬
‫اِ َا َ‬ ‫ُك ْلا َ ْياا ْر ْْحَ ً َاوِ ْل ًُنا َن ْْف ْ اللْات َ اثَن ُو َ‬
‫ِ ِ (ٔ)‬
‫ٌ}‬‫اََمذ ا‬‫ْ‬
‫و ا ِ ْ ا َ ْوِل االْ َع ْ ِشا‬ ‫ِ‬
‫وقاؿ اهلل ‪َ {: ‬وثَنيَى االْ َُ َغِ َ َ ا َ ن ِّ َ‬
‫با‬‫ذل اا َْ ُْ ُْ الِلْ ِه َار ِّ‬
‫َ‬
‫ضي ا نيذنيَنيٌَ اِن ْ َِّ اوفِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫تِفِّمو َان اِِبُ ِْ ارٌِِّ اوفُ ِ‬
‫َْ َ ْ َ َ‬ ‫َُ ُ‬
‫(ٕ)‬
‫الْ َعنلَ ُِ َا‬
‫و}‬

‫اواوِْنالَََ ْم ُ ا‬
‫َن ُّو َن َ‬ ‫ومنيـ الصافوف ‪ ،‬كما قاؿ اهلل ‪َ {: ‬وِْنالَََ ْم ُ اال ْ‬
‫ن}(ٖ) ومنيـ خزنة الجنة‪ ،‬ومنيـ خزنة النا‪ ،‬ومنيـ كتبة األعماؿ‬ ‫الْ ُُ َِفِّ ُمو َا‬
‫‪ ،‬ومنيـ الذيف يسوقوف السحاب‪ ،‬فقد ورد في القرآف بذلؾ كمو أو أكثره‪.‬‬

‫والمالئكة ي يعمـ عددىا إي اهلل ‪ ،‬كما قاؿ تعالي‪( :‬و ناتعلٌا َودا‬
‫الوا) (ٗ)‪.‬‬ ‫ر ا‬
‫أخرج البييقي في الشعب عف ابف مسعود ‪ ‬قاؿ ما في السموات‬
‫شيء موضع أكرـ مجمس وأحسف حديثا منو قاؿ‪ :‬ذاؾ جبريؿ واف منكـ‬
‫لرجاؿ لو أف أحد يقسـ عمى اهلل ألبره‪.‬‬

‫ٔ) سورة غافر– ابية ‪. ٚ‬‬


‫ٕ) سورة الزمر – ابية ٘‪.ٚ‬‬
‫ٖ) سورة الصافات – ابيتاف ٘‪. ٔٙٙ ، ٔٙ‬‬
‫ٗ) سورة الزمر– ابية ٘‪.ٚ‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪027‬‬

‫وأخرج البييقي عف ثابت قاؿ بممنا أف اهلل تعالي وكؿ جبريؿ‪‬‬


‫بحوائج الناس‪ ،‬فخذا دعا المؤمف قاؿ‪ :‬يا جبريؿ أحبس حاجتو فخني أحب‬
‫دعائو ‪،‬واذا دعا الكافر قاؿ يا جبريؿ أقضى حاجتو فخني أبمض دعائو ‪،‬‬
‫قاؿ البييقي ىذا ىو المحفوظ‪.‬‬
‫وأخرج الحاكـ عف أبي سعيد ‪ ‬قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ اهلل‪ ‬وزيراي مف‬
‫أىؿ السماء جبريؿ وميكائيؿ ومف أىؿ األرض أبو بكر وعمر‪.‬‬
‫اؿ‪َ " :‬ب ْيَن َما‬ ‫وأخرج البييقي والطبراني وأبو الشيخ َع ِف ْاب ِف َعأب ٍ‬
‫اس ‪ ،‬قَ َ‬
‫يو ‪ِ ،‬إ ِذ‬ ‫رسو ُؿ المأ ِو صمأى المأو عمَ ْي ِو وسمأـ ومعو ِج ْب ِري ُؿ عمَ ْي ِو السأالـ يَنا ِج ِ‬
‫ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ َ َ َ َََُ‬ ‫َ‬ ‫َُ‬
‫ض ِو‪،‬‬ ‫اء فَأَ ْقب َؿ ِج ْب ِري ُؿ يتَضاء َؿ ‪ ،‬وي ْد ُخ ُؿ بعضو ِفي بع ِ‬
‫َْ‬ ‫َْ ُ ُ‬ ‫ََ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬
‫ؽ السأم ِ‬
‫َ‬ ‫ؽ أُفُ ُ‬‫ْان َش أ‬

‫صمأى المأوُ َعمَ ْي ِو‬ ‫ِ أِ‬


‫ي َر ُسوؿ المو َ‬ ‫ؾ قَ ْد َمثُ َؿ َب ْي َف َي َد ْ‬ ‫ض‪ ،‬فَِخ َذا‬
‫َممَ ٌ‬ ‫وَي ْد ُنو ِم َف األ َْر ِ‬
‫َ‬
‫وف‬
‫َف تَ ُك َ‬ ‫ؾ ُي ْق ِرُئ َؾ الس َ‬
‫أالـ ‪َ ،‬وُي َخي ُِّر َؾ َب ْي َف أ ْ‬ ‫إِ أف َرأب َ‬‫َو َسمأ َـ ‪ ،‬فَقَا َؿ‪َ :‬يا ُم َح أم ُد‬
‫صمأى المأوُ َعمَ ْي ِو‬ ‫أِ‬
‫اؿ َر ُسو ُؿ المو َ‬ ‫وف َنبًِّيا َع ْب ًدا‪ ،‬قَ َ‬‫َف تَ ُك َ‬ ‫َنبًِّيا َممَ ًكا ‪َ ،‬وَب ْي َف أ ْ‬
‫ت أَأنو َن ِ‬ ‫ِِ‬ ‫أ‬
‫ت لَوُ‪:‬‬ ‫اص ٌ ‪ ،‬فَ ُق ْم ُ‬ ‫اض ْع‪ ،‬فَ َع َرْف ُ ُ‬ ‫َف تََو َ‬ ‫َو َسم َـ‪ :‬فَأَ َش َار ِج ْب ِري ُؿ إِلَ أي بَِيده أ ْ‬
‫ت‪َ :‬يا ِج ْب ِري ُؿ قَ ْد ُك ْن َ‬ ‫ؾ إِلَى السأم ِ‬ ‫فع َرَج َذلِ َ‬
‫ت‬ ‫اء‪ ،‬فَ ُق ْم ُ‬ ‫َ‬ ‫ؾ ا ْل َممَ ُ‬ ‫َع ْب ًدا َنبًِّيا ‪َ ،‬‬
‫‪ ،‬فَ َم ْف‬ ‫ؾ َما َش َممَنِي َع ِف ا ْل َم ْسأَلَ ِة‬ ‫ت ِم ْف َحالِ َ‬ ‫ؾ َع ْف َى َذا فَ َأرَْي ُ‬
‫َسأَلَ َ‬
‫َف أ ْ‬‫ت أْ‬‫أ ََرْد ُ‬
‫ص ِافًنا‬‫َ‬ ‫اؿ ‪َ :‬ى َذا إِ ْس َرِافي ُؿ َخ ْمقوُ المأوُ َي ْوَـ َخ ْمقَوُ َب ْي َف َي َد ْي ِو‪،‬‬ ‫َى َذا َيا ِج ْب ِري ُؿ قَ َ‬
‫ور َي ْد ُنو‬ ‫ِ‬ ‫قَ ْد َم ْي ِو ‪ ،‬ي َي ْرفَعُ طَ ْرفَوُ ‪َ ،‬ب ْيَنوُ َوَب ْي َف أ‬
‫الر ِّ‬
‫ور‪َ ،‬ما م ْنيَا ُن ٌ‬ ‫وف ُن ًا‬ ‫ب َس ْب ُع َ‬
‫اء‪ ،‬أ َْو‬‫ؽ ‪ ،‬ب ْيف ي َد ْي ِو المأوح ا ْلم ْحفُوظُ ‪ ،‬فَِخ َذا أ َِذف المأو ِمف السأم ِ‬ ‫ِم ْنوُ إِي ْ‬
‫َ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫ُْ َ‬ ‫احتََر َ َ َ َ‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪028‬‬

‫اف ِم ْف‬ ‫ِِ‬


‫ب َجبِ َينوُ ‪ ،‬فََي ْنظُ ُر فيو ‪ ،‬فَِخ ْف َك َ‬ ‫ؾ المأ ْو ُح َي ْ‬
‫ظ ِر ُ‬ ‫ض ‪ْ ،‬ارتَفَ َع َذلِ َ‬ ‫ِفي األ َْر ِ‬

‫ت‪َ :‬يا ِج ْب ِري ُؿ‪،‬‬ ‫َم َرهُ بِ ِو‪ ،‬قُ ْم ُ‬


‫يؿ أ َ‬‫اف ِم ْف َع َم ِؿ ِمي َكائِ َ‬ ‫ِ‬
‫َم َرنِي بِو ‪َ ،‬وِا ْف َك َ‬
‫ِ‬
‫َع َممي أ َ‬
‫َي َش ْي ٍء‬ ‫ت‪َ :‬عمَى أ ِّ‬ ‫اح وا ْل ُج ُن ِ‬
‫ود‪ُ ،‬ق ْم ُ‬ ‫ت َقا َؿ‪َ :‬عمَى ا ِّلرَي ِ َ‬ ‫َي َش ْي ٍء أ َْن َ‬‫َعمَى أ ِّ‬
‫ؾ ا ْل َم ْو ِت قَا َؿ‪:‬‬ ‫َي َش ْي ٍء َممَ ُ‬ ‫ت‪َ :‬عمَى أ ِّ‬ ‫ات‪ُ ،‬ق ْم ُ‬ ‫ِمي َكائِي ُؿ قَا َؿ‪ :‬عمَى الأنب ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ؾ الأِذي‬
‫أاع ِة‪َ ،‬و َما َذا َ‬ ‫ِ‬
‫ط إِي بِقَي ِاـ الس َ‬ ‫ت أَأنوُ َىَب َ‬
‫ظَن ْن ُ‬ ‫ض األ َْنفُ ِ‬
‫س‪َ ،‬و َما َ‬ ‫َعمَى قَ ْب ِ‬
‫ور‬
‫وف ُن ًا‬
‫ب َس ْب ُع َ‬ ‫أاع ِة ‪ ،‬قَ ْولُوُ ‪َ :‬ب ْيَنوُ َوَب ْي َف أ‬
‫الر ِّ‬ ‫ِ ِ‬ ‫أرَْي َ ِ‬
‫ت مِّني إِي َخ ْوفًا م ْف قَي ِاـ الس َ‬ ‫َ‬
‫‪.‬‬
‫(ٔ)‬
‫الر ِّ‬
‫ب"‬ ‫ش أ‬ ‫يد َب ْيَنوُ‪ ،‬وَب ْي َف َع ْر ِ‬
‫َف ُي ِر َ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫‪َ :‬ي ْحتَم ُؿ أ ْ‬
‫والمراد مف اإليماف بالمالئكة‪ :‬أف يخرج اليقيف الفاسد عي نظـ‬
‫اإلنساف وعمي نظاـ المشاىدة وعمي نظاـ األرض وعمي نظاـ المادة ‪،‬‬
‫ويأتي اليقيف عمي نظاـ اهلل عز وجؿ ‪ ،‬وعمي نظاـ السماء وعمي نظاـ‬
‫الروحانية ‪ ،‬فال يكوف شيء بنظاـ اإلنساف ‪ ،‬بؿ كؿ شيء بنظاـ اهلل‬
‫الميبي ‪ ،‬ونظاـ اهلل الميبي ىو المالب عمي نظاـ كؿ شيء ي يحدث‬
‫شيء في األرض حتى يقضي في السماء ‪.‬‬

‫يماف وىو باب في اإليماف ‪ » ...‬فصؿ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ٔ) شعب اإليماف لمبييقي » الثأ ِال ُ ِ‬
‫ث م ْف ُش َعب اإل َ‬
‫في معرفة المالئكة_ رقـ الحديث (ٖٗٔ) المعجـ الكبير لمطبراني _ رقـ الحديث‬
‫(٘ٗ٘ٓٔ)‪.‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪029‬‬

‫إف اإليماف ي يكوف بوجود المالئكة فقط‪ ،‬بؿ مقصود منو اليقيف‬
‫عمي نظاـ الحفظ بالمالئكة ‪ ،‬نظاـ المطر بالمالئكة ‪ ،‬ونظاـ األرزاؽ‬
‫بالمالئكة ‪.‬‬
‫ومالئكة يستمفروف لزائري المرضي‪ ،‬ومالئكة يكتبوف األعماؿ‪،‬‬
‫ومالئكة يحفوف بحمؽ الذكر والعمـ ‪ ،‬ومالئكة العرش يستمفروف لمذيف‬
‫آمنوا ‪ ،‬ومالئكة تنزؿ عند الموت (ٔ)‪.‬‬
‫ومف أميات العقائد اإليماف بالكتب‪:‬‬
‫والمػراد منػػو أف يترسػػخ اإليمػػاف واليقػػيف عمػػي العمػػوـ اإللييػػة ‪ ،‬ويخػػرج‬
‫اليقػػيف مػػف القمػب عمػػي العمػػوـ اإلنسػػانية والعصػرية ‪ ،‬كػػؿ العمػػوـ اإلنسػػانية‬
‫ظني ػػة ي تخم ػػو م ػػف الش ػػؾ ‪ ،‬ألف أساس ػػيا عم ػػي التجريب ػػات والمش ػػاىدات ‪،‬‬
‫والتجربػػات تتميػػر ‪ ،‬والمشػػاىدات تُصػػيب وتخطػػئ ‪ ،‬والعمػػوـ اإللييػػة كميػػا‬
‫يقيني ػػة ي ري ػػب فيي ػػا وي ش ػػؾ ألف أساس ػػيا عم ػػي موع ػػودات اهلل ‪ ، ‬ق ػػاؿ‬
‫تعالي ‪:‬‬

‫َص َْ ُقا ِ َ االلّ ِها َ ِْتًًنا}(‪)2‬ا‬


‫{ا َوَ ْ ا ْ‬
‫َص َْ ُقا ِ َ االلّ ِهافِذغًا}(‪)3‬ا‬‫ااااا{ا َوَ ْ ا ْ‬

‫ٔ) انظر كتاب الحؽ المبيف في معرفة المالئكة المقربيف بقمـ ‪ /‬محمد عمي محمد إماـ‪.‬‬
‫ٕ) سورة النساء – ابية ‪.ٛٚ‬‬
‫ٖ) سورة النساء – ابية ٕٕٔ ‪.‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪031‬‬

‫ااااا{ َوَ ْ ا َْو َْتاِ َع َْ َِِْا ِ َ االلّ ِها}(‪َ)1‬ا‬


‫اِيْلِ ِ‬
‫ندا}(‪. )2‬‬
‫فاالُْ َذع َ‬ ‫ااااا{اِ ْنااللّهَا َ ُ ُ‬
‫وفي العموـ اإلنسانية البحث عف تأثيرات األشياء وقوة األشياء‪.‬‬

‫وفي العموم اإلليية تأثيرات األعمال‪ ،‬وقوة األعمال‪ ،‬فمثال تأثير التقوى‪:‬‬

‫(ٖ)‪.‬‬ ‫انً ‪‬‬ ‫األوؿ ‪َ  :‬وَ ْ اتنيَج َِْااللْهَ َْ‬


‫اَي َع ْلالَهُاُمََْ‬
‫ب ‪.)ٗ( ‬‬ ‫اُيجَ ِِف ُا‬
‫ثا َ ْ‬ ‫الثاني ‪َ  :‬وتنيَ ْ ُزفْهُا ِ ْ ا َ ْذ ُ‬
‫اَي َعلالْهُا ِ ا َ ْ َِِاتِف ا }(٘)‪.‬‬ ‫الثالث ‪ :‬قاؿ تعالي ‪َ {:‬وَ اتنيَج َِْااللْهَ َْ‬
‫ُ ًْ‬ ‫ْ‬
‫ضنيُُّك ٌْا َكْذني ُنيْ ُل ٌْا َ نيْنيذْنًاِ ْنا‬
‫ااوثَنيجْني ُ نيواا اتَ ُ‬ ‫ال اربػػع ‪ :‬قػػاؿ تعػػالي ‪  :‬وِ ْناثَ ْ ِ‬
‫َنينيِبُو َ‬ ‫َ‬
‫(‪)ٙ‬‬
‫ط‪‬‬ ‫اللْه ِابَناتنيعُلُو َن ُِ‬
‫اُّمذ ٌا‬ ‫َ َْ َ‬
‫ِ‬
‫الخامس ‪ :‬قػاؿ تعػالى‪  :‬تِنيناَتنيّ ََنيناالّنيات َ ام َ َُني َنيواْا َناثَنيجّني ُنيواْااللّنيهَ َْ‬
‫اَي َعنيلالّ ُ ْنيٌا‬
‫(‪)ٚ‬‬
‫ظذ ِاٌ ‪‬‬ ‫ض ِلاالْع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اَِ ُ ٌْا َ ذَّْنث ُ ٌْ َاوتَني ْغفْ الَ ُ ٌْ َاواللّهُاذُواالْ َف ْ َ‬ ‫ُنيْفَن نًا َوتُ َ ّفْ َ‬

‫ٔ) سورة التوبة – ابية ٔٔٔ ‪.‬‬


‫ٕ) سورة الرعد – ابية ٖٔ ‪.‬‬
‫ٖ) سورة الطالؽ ‪ -‬ابية ٕ‪.‬‬
‫ٗ) سورة الطالؽ – ابية ٖ ‪.‬‬
‫٘) سورة الطالؽ – ابية ٗ ‪.‬‬
‫(‪ )ٙ‬سورة آؿ عمراف – ابية ٕٓٔ ‪.‬‬
‫(‪ )ٚ‬سورة األنفاؿ ‪ -‬ابية ‪ٕٜ‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪030‬‬

‫ِ‬
‫‪ ،)ٔ( ‬وقػاؿ اهلل‬ ‫السادس ‪ :‬قػاؿ اهلل ‪َ  ‬و ْاِلَ ُُنيوااَ ْنااللْنيهَا َ َنيماالْ ُُجْ َ‬
‫نيوا‬
‫ال ٌْا ُُّْم ِِفَُو َا‬ ‫‪ْ ِ  ‬نااللْها ماالْ ِات ااثْني َ و ِ‬
‫ن ‪. )ٕ( ‬‬ ‫ااوالْات َ ُ‬ ‫َ ََ َ ْ َ‬
‫ناِلَْذ ٌَِا‬ ‫السابع ‪ :‬قاؿ اهلل تعالي ‪َ {:‬ولَ ْواَ ْنا َْل َلاالْ ُ َىام َ َُواْ َاواثْني َ واْالََفجَ ْمََ َ‬
‫أاولَ ني ني ني ِ ا َكني ني ني ْا واْا َأَخني ني ني ْا َنل ِ‬ ‫ٍ‬
‫ٌابَني نينينا َك ني نينين ُواْا‬ ‫ُ َ ُ‬ ‫نااوا َْر ِ َ‬
‫نيَََك ني نينينتا ِّ ني ني ني َ اال ِْف ني ني َنيُ َ‬
‫ن }(ٖ)‪.‬‬ ‫تَ ْ ِِفُو َا‬
‫وك ػػذلؾ ت ػػأثير التوك ػػؿ عم ػػي اهلل ‪ ،‬وت ػػأثير الص ػػبر‪ ،‬والش ػػكر‪ ،‬وت ػػأثير‬
‫اإليماف‪.‬‬
‫وكذلؾ قوة األعمػاؿ ‪ ،‬مثػؿ‪ :‬قػوة الػدعاء ‪ ،‬وقػوة الصػدقة ‪َ ،‬ع ْػف أََن ِ‬
‫ػس‬
‫ػي صػػمأى المأػػو عمَ ْيػ ِػو وسػػمأـ قَػػا َؿ‪ ":‬لَ أمػػا َخمَػ َ أ‬ ‫ٍِ‬
‫ض‬ ‫ػؽ المػػوُ ْاأل َْر َ‬ ‫ُ َ ََ َ‬ ‫ْبػ ِػف َمالػػؾ َعػ ْػف الأنبِػ ِّ َ‬
‫ػت ا ْل َم َالئِ َكػةُ ِمػ ْػف‬‫ت فَ َع ِجَبػ ْ‬ ‫اسػػتَقَأر ْ‬ ‫ػؽ ا ْل ِجَبػػا َؿ فَ َعػ َ‬
‫ػاد بِيَػػا َعمَ ْييَػػا فَ ْ‬ ‫ػت تَ ِميػ ُػد فَ َخمَػ َ‬
‫َج َعمَػ ْ‬
‫ؾ َشػػي ٌء أَ َشػػد ِمػ ْػف ا ْل ِجَبػ ِ‬
‫ػاؿ قَػػا َؿ َن َعػ ْػـ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ أِ ِ ِ‬
‫ش ػدة ا ْلجَبػػاؿ قَػػالُوا َيػػا َرب َىػ ْػؿ مػ ْػف َخ ْمق ػ َ ْ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب فَيَػ ْػؿ ِمػ ْػف َخ ْم ِقػ َ‬ ‫ا ْل َح ِديػ ُػد قَػػالُوا َيػػا َر ِّ‬
‫ػار‬‫ػي ٌء أَ َشػػد مػ ْػف ا ْل َحديػػد قَػػا َؿ َن َعػ ْػـ الأنػ ُ‬ ‫ؾ َشػ ْ‬
‫ػاء قَػػالُوا َيػػا‬ ‫ؾ َشػػي ٌء أَ َشػػد ِمػ ْػف الأنػ ِ‬
‫ػار قَػػا َؿ َن َعػ ْػـ ا ْل َمػ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِّ‬
‫فَقَػػالُوا َيػػا َرب فَيَػ ْػؿ مػ ْػف َخ ْمقػ َ ْ‬
‫ب فَيَ ْػؿ‬ ‫ؾ َشػيء أَ َشػد ِمػف ا ْلم ِ‬
‫ػاء قَػا َؿ َن َعػ ْـ ال ِّػري ُ قَػالُوا َيػا َر ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َر ِّ‬
‫ْ َ‬ ‫ب فَيَ ْؿ م ْػف َخ ْمقػ َ ْ ٌ‬
‫صػ َػدقَ ٍة بَِي ِمينِػ ِػو‬
‫ؽ بِ َ‬
‫ص ػ أد َ‬ ‫ػي ٌء أَ َشػػد ِمػ ْػف الػ ِّػري ِ قَػػا َؿ َن َعػ ْػـ ْابػ ُػف َ‬
‫آد َـ تَ َ‬ ‫ؾ َشػ ْ‬ ‫ِمػ ْػف َخ ْم ِق ػ َ‬

‫ٔ) سورة البقرة – ابية ٗ‪. ٜٔ‬‬


‫ٕ) سورة النحؿ – ابية ‪ٕٔٛ‬‬
‫ٖ) سورة األعراؼ – ابية ‪. ٜٙ‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪032‬‬

‫وعػا إِ أي‬
‫ػب َي َن ْع ِرفُػوُ َم ْرفُ ً‬ ‫يسػى َىػ َذا َح ِػد ٌ‬
‫يث َغ ِري ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِِ‬
‫ُي ْخفييَا م ْػف ش َػمالو قَػا َؿ أ َُبػو ع َ‬
‫ِم ْف َى َذا ا ْل َو ْج ِو (ٔ)‪.‬‬
‫مف العموـ اإلنسانية تأثيرات األشياء وقوة األشياء ‪ ،‬وىػي غيػر يقينيػة‬
‫‪ ،‬وفييا معرفة ايسػتفادة باألشػياء واألشػياء محػدودة وفانيػة ‪ ،‬فالفائػدة التػي‬
‫تحصؿ بيا محدودة وفانية ‪ ،‬بخالؼ العمػوـ اإللييػة ‪،‬فػخف معرفػة ايسػتفادة‬
‫باألعمػػاؿ مػػف خ ػزائف اهلل مباش ػرة ‪ ،‬وخ ػزائف اهلل غيػػر محػػدودة ‪ ،‬فمػػف تعمػػـ‬
‫ايستفادة باألعماؿ يستفيد بيا في الدنيا وابخرة ‪ ،‬وفي العالـ كمو‪.‬‬
‫فػػالمطموب إخ ػراج مػػف القمػػب التػػأثر بػػالعموـ اإلنسػػانية‪ ،‬وادخػػاؿ التػػأثر‬
‫بػػالعموـ اإلليي ػػة ( القػ ػرآف والس ػػنة )‪ ،‬كم ػػا ك ػػاف الص ػػحابة رض ػػي اهلل ع ػػنيـ‬
‫يتأثروف بيا‪.‬‬
‫والنجػػاح ك ػؿ النجػػاح فػػي تعمػػـ العمػػوـ اإللييػػة‪ ،‬والعمػػؿ بيػػا‪ ،‬والػػدعوة‬
‫إلييا‪.‬‬
‫كانت ىناك ثالثة أشياء في أىل العموم اإلليية ‪:‬‬
‫األوؿ‪ :‬اليقيف بيا‪ ،‬كما قاؿ الصحابة رضي اهلل عنيـ‪َ :‬ع ْف ُج ْن ُد ِب ْب ِف‬

‫اف َح َزِاوَرةٌ‬ ‫صمأى المأوُ َعمَ ْي ِو َو َسمأ َـ َوَن ْح ُف ِفتَْي ٌ‬ ‫ِ أِ‬


‫َع ْبد المو قَا َؿ ُكأنا َم َع الأنبِ ِّي َ‬
‫يم ًانا(ٔ)‪.‬‬ ‫ِِ ِ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ِ‬ ‫أ‬
‫آف فَ ْازَد ْدَنا بو إ َ‬ ‫آف ثُأـ تَ َعم ْمَنا ا ْلقُ ْر َ‬
‫َف َنتَ َعم َـ ا ْلقُ ْر َ‬
‫اف قَْب َؿ أ ْ‬
‫يم َ‬
‫فَتَ َعم ْمَنا ْاإل َ‬

‫ٔ) سنف الترمذي » كت ػػاب تفس ػػير القػ ػرآف» ب ػػاب وم ػػف س ػػورة المع ػػوذتيف _ رق ػػـ الح ػػديث‬
‫(‪.)ٖٖٜٙ‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪033‬‬

‫ت َع ْب َد المأ ِو ْب َف ُع َم َر ‪َ ،‬يقُو ُؿ‪:‬‬ ‫ؼ ‪ ،‬قَا َؿ ‪َ :‬س ِم ْع ُ‬ ‫اسِـ ْب ِف عو ٍ‬


‫َْ‬
‫وع ِف ا ْلقَ ِ‬
‫َ‬
‫آف ‪َ ،‬وتَْن ِز ُؿ‬ ‫اف قَْب َؿ ا ْلقُ ْر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يم َ‬‫َح ُدَنا ُي ْؤتَى اإل َ‬ ‫" لَقَ ْد ع ْشَنا ُب ْرَىةً م ْف َد ْى ِرَنا ‪َ ،‬وأ َ‬
‫آم َرَىا‬‫السورةُ عمَى مح أم ٍد صمأى المأو عمَ ْي ِو وسمأـ فََنتَعمأـ حاللَيا وحراميا ‪ ،‬و ِ‬
‫ُ َ َ َ َ َ ُ َ َ َ ََ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َُ‬
‫آف ‪،‬‬ ‫أ‬ ‫وَاز ِجرىا ‪ ،‬وما ي ْنب ِمي أَف ي ِق َ ِ ِ‬
‫وف أ َْنتُ ُـ ا ْلَي ْوَـ ا ْلقُ ْر َ‬
‫ؼ ع ْن َدهُ م ْنيَا ‪َ ،‬ك َما تَ َعم ُم َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ ََ ََ ََ‬
‫اف ‪َ ،‬فَي ْق َأُر َما َب ْي َف‬ ‫يم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ت ا ْلَي ْوَـ ِر َجاي ُي ْؤتَى أ َ‬
‫آف قَْب َؿ اإل َ‬ ‫َح ُد ُى ُـ ا ْلقُ ْر َ‬ ‫ثُأـ لَقَ ْد َأرَْي ُ‬
‫َف َي ِق َ‬
‫ؼ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬
‫َخات َمتو َما َي ْد ِري َما آم ُرهُ َوي َاز ِج ُرهُ ‪َ ،‬وي َما َي ْنَبمي أ ْ‬ ‫فَاتِ َحتِ ِو إِلَى‬
‫فََي ْنثَُرهُ َنثَْر ال أد َق ِؿ " (ٕ)‪.‬‬ ‫ِع ْن َدهُ ِم ْنوُ ‪،‬‬

‫وأف اهلل ‪ ‬ذكر مف صفات المؤمنيف {َِّْنَناالْ ُُ ْوِ َُو َناالْ ِات َ اِذَااذُكَِ ا‬
‫ناو َِلَ َارِِّ ٌْا‬ ‫ً‬ ‫ن‬ ‫ّي‬‫اِلَْذ ٌَِ امتنثُهُ َاز َادثْني ٌَُ اِ‬ ‫ت‬ ‫ذ‬‫اللّه اوِ لَت افُنيلُو نيٌَ اوِ َذااثُلِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ َ ْ ُُ ْ َ َ‬
‫(ٖ)‬
‫وي يمكف زيادة اإليماف إي باليقيف عمييا‪.‬‬ ‫ن}‬ ‫تنيَجَني َوْكلُو َا‬
‫الثاني ‪ :‬العمؿ بيا ‪.‬‬
‫الثالث ‪ :‬الدعوة إلييا ‪.‬‬

‫ٔ) سنف ابف ماجو» كتاب المقدمة» باب في اإليماف _ رقـ الحديث (ٔ‪.)ٙ‬‬
‫اإل ْقَب ِ‬
‫ػاؿ‪...‬‬ ‫اب اْل ُخ ُشوِع ِفػي أ ِ‬
‫ػالة و ِ‬ ‫ض » ُج أماعُ أَْبو ِ‬
‫اب اْل َحْي ِ‬ ‫ِ‬
‫الص َ‬ ‫َ‬ ‫ٕ) السنف الكبرى لمبييقي » كتَ ُ‬
‫ػاف أَأنػػوُ إِأن َمػػا ِقيػ َػؿ ‪َ :‬يػ ُػؤميُ ْـ ‪ _ ...‬رقػػـ الحػػديث (‪ ، )ٗٛٙٛ‬المسػػتدرؾ عمػػى‬
‫ػاب اْلَبَيػ ِ‬
‫» َب ُ‬
‫الصحيحيف» كتاب اإليماف» كيؼ يتعمـ القرآف _ رقـ الحديث (‪. )ٔٓٛ‬‬
‫ٖ) سورة األنفاؿ – ابية ٕ ‪.‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪034‬‬

‫وىػػذه الصػػفات الثالثػػة كانػػت مشػػتركة فػػي ق ػراء الصػػحابة وعممػػائيـ‬


‫مثػػؿ‪ :‬أبػػي بػػف كعػػب‪ ،‬ومعػػاذ بػػف جبػػؿ‪ ،‬وعبػػد اهلل بػػف مسػػعود‪ ،‬وأبػػو ىري ػرة‬
‫رضي اهلل عنيـ أجمعيف‪.‬‬
‫أخرج ابف سعد مػف طريػؽ الواقػدي عػف كعػب بػف مالػؾ ‪ ‬قػاؿ‪ :‬كػاف‬
‫يقػػوؿ‪ :‬خػػرج معػػاذ إِلػػى الشػػاـ لقػػد أخ ػ ّؿ خروجػػو‬ ‫عمػػر بػػف الخطػػاب ‪‬‬
‫بالمدينػػة وأىميػػا فػػي الفقػػو‪ ،‬ومػػا كػػاف يفتػػييـ بػػو‪ ،‬ولقػػد كنػػت كممػػت أبػػا بكػػر‬

‫ػي وقػػاؿ‪ :‬رجػػؿ أراد وجي ػاً‬


‫رحمػػو اهلل أف يحبسػػو لحاجػػة النػػاس إليػػو‪ ،‬فػػأبى لػ ّ‬
‫إف الرجػؿ ليػرزؽ الشػيادة وىػو عمػى‬ ‫يريػد الشػيادة فػال أحبسػو‪ .‬فقمػت‪ :‬واهلل أ‬
‫فراشو وفي بيتو عظيـ المنى عف ِمصره‪ .‬قاؿ كعب بػف مالػؾ‪ :‬وكػاف معػاذ‬
‫بف جبػؿ يفتػي النػاس بالدينػة فػي حيػاة النبػي ‪ ‬وأبػي بكػر‪ .‬كػذا فػي الكنػز‬
‫(ٔ)‪.‬‬
‫وأبي بف كعب ‪ ‬كاف أق أر الصحابة ‪ ‬فما غ از رسوؿ اهلل ‪ ‬غزوة‬
‫إي وفييا أبي بف كعب ‪.‬‬
‫فالدعوة إلي والخروج في سبيؿ اهلل ‪ ‬رأس كؿ شعب الديف ‪.‬‬
‫الديف ينير مثؿ المصباح ووقوده الدعوة إلي اهلل ‪.‬‬

‫ٔ) حياة الصحابة _ باب رغبة الصػحابة رضػي اهلل عػنيـ وشػوقيـ إلػي الجيػاد والنفػر فػي‬
‫سبيؿ اهلل ٔ‪. ٖٗ٘/‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪035‬‬

‫إذا كان ػػت ال ػػدعوة موج ػػودة فتحي ػػى ش ػػعب ال ػػديف كمي ػػا ‪ ،‬واذا خرج ػػت‬
‫الدعوة مف األمة فتخرج الروح مف جميع شعب الديف‪.‬‬

‫الفرق بين الدعوة والتعميم ؟‬


‫الدعوة ‪ :‬الجيد عمي غير الطػالبيف إلنشػاء طمػب الػديف فػييـ عمػي منيػاج‬
‫النبوة‪.‬‬
‫التعمةةةيم ‪ :‬لمطػػالبيف وغيػػر الطػػالبيف‪ ،‬والطػػالبيف أكثػػر مػػف غيػػر الطػػالبيف‪،‬‬
‫فمذلؾ جيد الدعوة أىـ مف التعميـ ‪.‬‬

‫اهلل ‪ ‬بين ثالثة مقاصد لبعثة النبي ‪: ‬‬


‫المقصةةةد األول ‪ :‬ت ػػالوة ابي ػػات ‪ :‬وى ػػي دع ػػوة المخ ػػاطبيف األول ػػيف وك ػػانوا‬

‫َ ا ِ ني اا‬ ‫عػػرب‪ ،‬وكػػاف النبػػي ‪ ‬يتم ػوا عمػػييـ ابيػػات { َواثْني ُنيلا َ نينينا ُو ِ ني َنيياِلَْذ ني‬
‫م ًْا } (ٔ)‬ ‫اَت َْا ِ ِِ‬ ‫ِّلالِ َ لُِنثِِهاولَ َِ‬ ‫ِ ِ‬
‫فكاف‬ ‫ادو ها ُ ْلجَ َ‬ ‫ُ‬ ‫كجَنب َارِّ َ اَ ا َُْ َ َ َ‬
‫يف َكفَػ ُػروا َي تَ ْس ػ َػم ُعوا لِيَػ ػ َذا‬ ‫أِ‬
‫القػ ػرآف يعم ػػؿ ف ػػي قم ػػوبيـ ‪ ،‬فيخ ػػافوف { َوقَػػا َؿ ال ػػذ َ‬
‫(ٕ)‬
‫وف }‬ ‫ِ‬ ‫ِِ أ‬ ‫ا ْلقُ ْر ِ‬
‫آف َوا ْل َم ْوا فيو لَ َعم ُك ْـ تَ ْمم ُب َ‬
‫المقصةةةد الثةةةاني ‪ :‬تعمػػيـ الكتػػاب والحكمػػة ‪ :‬ىػػذا يترتػػب عمػػي األوؿ بعػػد‬
‫َف‬ ‫ػاف ْب ِػف أَبِػي ا ْل َع ِ‬
‫ػاص ‪ ،‬أ ّ‬ ‫إنشاء الطمب كما حدث مع وفػد ثقيػؼ‪ :‬ف َع ْػف ُعثْ َم َ‬

‫ٔ) سورة الكيؼ – ابية ‪. ٕٚ‬‬


‫ٕ) سورة فصمت – ابية ‪. ٕٙ‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪036‬‬

‫ِ ِ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ أ‬ ‫رسػػو َؿ المأػ ِػو أ أ‬


‫ؽ‬ ‫صػػمى المػػوُ َعمَ ْيػػو َو َسػػم َـ أ َْنػ َػزلَيُ ْـ فػػي قُأبػػة فػػي ا ْل َم ْسػ ِجد لَي ُكػ َ‬
‫ػوف أ ََر أ‬ ‫َ‬ ‫َُ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َف ي ُي ْح َش ػ ُػروا (ٔ) ‪َ ،‬وي ُي ْع َش ػ ُػروا‬ ‫َسػ ػمَ ُموا أ ْ‬ ‫ػيف أ ْ‬ ‫لقُمُ ػػوبِ ِي ْـ ‪َ ،‬وا ْش ػػتََرطُوا َعمَ ْي ػػو ح ػ َ‬
‫َف ي‬ ‫ِ أ‬ ‫(ٕ)‪ ،‬وي يجب ػوا ‪ ،‬فَقَػػا َؿ رسػػو ُؿ المأػ ِػو أ أ‬
‫صػػمى المػػوُ َعمَ ْيػػو َو َسػػم َـ ‪ " :‬لَ ُكػ ْػـ أ ْ‬
‫َ‬ ‫َُ‬ ‫َ َُ‬
‫يف لَ ْيس ِف ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫يو ُرُكوعٌ "(ٖ) ‪.‬‬ ‫تُ ْح َش ُروا َوي تُ ْع َش ُروا َوي َخ ْي َر في د ٍ َ‬
‫ػت ‪ ،‬قَػػا َؿ‪:‬‬ ‫ْف ثَِقيػ ٍ‬
‫ػؼ ِإ ْذ َب َاي َعػ ْ‬ ‫ت َجػػابِ ًار َعػ ْػف َش ػأ ِ‬ ‫ػب ‪ ،‬قَػػا َؿ‪َ :‬س ػأَْل ُ‬‫َعػ ْػف و ْىػ ٍ‬
‫َ‬
‫ص َدقَةَ َعمَ ْييَػا‪َ ،‬وي ِجيَ َ‬
‫ػاد‪،‬‬ ‫ِ أ‬ ‫ت عمَى الأنبِ ِّي أ أ‬
‫َف ي َ‬ ‫صمى الموُ َعمَ ْيو َو َسم َـ أ ْ‬ ‫َ‬ ‫ا ْشتََرطَ ْ َ‬
‫صػ ػ أدقُ َ‬
‫وف‬ ‫ؾ َيقُػػو ُؿ‪َ " :‬سَيتَ َ‬ ‫ص ػػمأى المأ ػػوُ َعمَ ْي ػ ِػو َو َس ػػمأ َـ َب ْع ػ َػد َذلِػ ػ َ‬ ‫ِ‬
‫َوأَأن ػػوُ َس ػػم َع الأنبِػ ػ أي َ‬
‫ِ‬
‫َسمَ ُموا " (ٗ) ‪.‬‬ ‫وف إِ َذا أ ْ‬
‫َوُي َجاى ُد َ‬
‫وكذلك قصة بعث معاذ بن جبل إلي اليمن ‪:‬‬
‫صػػمأى المأػػوُ َعمَ ْيػ ِػو َو َسػػمأ َـ‬
‫ػث الأنبِػػي َ‬ ‫ػاس ‪َ ،‬يقُػػو ُؿ ‪ " :‬لَ أمػػا َب َعػ َ‬ ‫وعػػف ْابػ َػف َعأبػ ٍ‬

‫ؾ تَ ْقػ َػد ُـ َعمَػػى قَػ ْػوٍـ ِمػ ْػف‬


‫َىػ ِػؿ ا ْلػ َػي َم ِف ‪ ،‬قَػػا َؿ لَػػوُ ‪ ":‬إِأن ػ َ‬
‫ُم َعػػا َذ ْبػ َػف َجَبػ ٍػؿ إِلَػػى َن ْحػ ِػو أ ْ‬

‫ٔ) أي يجمعوا ويساقوا لمجياد ‪.‬‬


‫ٕ) أف تؤخذ منيـ العشور وىى صدقة وي تجبى منيـ زكاة ‪.‬‬
‫ٖ) ديئؿ النبوة لمبييقي» اْلم ْد َخ ُؿ إِلَى َديئِ ِؿ النُب أوِة وم ْع ِرفَ ِة ‪ُ » ...‬ج أماعُ أَْبو ِ‬
‫اب َغ ْزَوِة‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬
‫َى ُؿ الطائؼ _ رقـ الحديث (ٔ‪ ،)ٕٓٙ‬السنف الكبرى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أ‬ ‫وـ وْف ِد ثَِق ٍ‬
‫ِ‬
‫يؼ َو ُى ْـ أ ْ‬ ‫اب ‪ :‬قُ ُد َ‬
‫وؾ» َب ُ‬
‫تَُب َ‬
‫لمبييقي _ رقـ الحديث (ٗ‪ ،) ٖٜٛ‬مسند اإلماـ أحمد _ رقـ الحديث (ٔ‪_ ٔٚ٘ٙ‬‬
‫ٕ‪ ، )ٔٚ٘ٙ‬سنف أبي داود _ رقـ الحديث (ٖٗ‪ ،)ٕٙ‬مسند أبي داود الطيالسي_ رقـ‬
‫الحديث (ٕ‪.)ٜٚ‬‬
‫ٗ) سنف أبي داود _ رقـ الحديث (ٖٖ‪ ، )ٕٙ‬مسند اإلماـ أحمد (‪ ،)ٖٜٔٗٚٛ‬ديئؿ النبوة‬
‫اب ‪ :‬قُ ُد ِ‬
‫وـ‬ ‫وؾ» َب ُ‬ ‫لمبييقي» اْلم ْد َخ ُؿ ِإلَى َديئِ ِؿ النُب أوِة وم ْع ِرفَ ِة ‪ُ » ...‬ج أماعُ أَْبو ِ‬
‫اب َغ ْزَوِة تَُب َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬
‫َى ُؿ الطائؼ _ رقـ الحديث (ٕ‪،)ٕٓٙ‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أ‬ ‫وْف ِد ثَِق ٍ‬
‫يؼ َو ُى ْـ أ ْ‬ ‫َ‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪037‬‬

‫ِّدوا المأػوَ تَ َعػالَى فَػِخ َذا َع َرفُػوا‬ ‫َف ُي َوح ُ‬ ‫وى ْـ إِلَى أ ْ‬ ‫اب ‪َ ،‬ف ْمَي ُك ْف أ أَو َؿ َما تَ ْد ُع ُ‬ ‫َى ِؿ ا ْل ِكتَ ِ‬‫أْ‬
‫ات ِفػي َي ْػو ِم ِي ْـ َولَْيمَػتِ ِي ْـ‬
‫َف المأو قَ ْد فَػرض عمَ ْػي ِيـ َخمػس صػمَو ٍ‬
‫َ َ َ ْ ْ َ َ َ‬ ‫َخبِ ْرُى ْـ أ أ َ‬ ‫ؾ ‪ ،‬فَأ ْ‬ ‫َذلِ َ‬
‫ض َعمَ ْػي ِي ْـ َزَكػاةً ِفػي أ َْم َػوالِ ِي ْـ تُ ْؤ َخػ ُذ ِم ْػف‬ ‫َخبِرىـ أ أ أ‬
‫َف المػوَ ا ْفتَ َػر َ‬
‫‪ ،‬فَِخ َذا أ‬
‫صم ْوا ‪ ،‬فَػأ ْ ْ ُ ْ‬ ‫َ‬
‫اؿ‬‫ؽ َكػرائِـ أَمػو ِ‬ ‫أ‬ ‫ِ‬ ‫َغنِِّي ِي ْـ ‪ ،‬فَتَُرد َعمَػى فَ ِقي ِػرِى ْـ فَػِخ َذا أَقَػروا بِػ َذلِ َ‬
‫ؾ ‪ ،‬فَ ُخػ ْذ م ْػنيُ ْـ َوتَ َػو َ َ ْ َ‬
‫اس " (ٔ)‪.‬‬ ‫الأن ِ‬
‫المقصةةةد الثالةةةث ‪ :‬تزكي ػػة النف ػػوس ‪ :‬أي بع ػػد تعم ػػيميـ العم ػػوـ الظاىري ػػة ‪،‬‬

‫تزكيػػة أرواحيػػـ مػػف الرذائػػؿ كميػػا ‪ ،‬كمػػا قػػاؿ اهلل تعػػالي ‪{ :‬لََ ني ْْا َ ني ْ االلّني انيهُا‬
‫نيواِلَني ْنيذ َِ ٌْامتَنثنيِ ِنيها‬ ‫ِ‬ ‫ِلَني االُْنينيوِ َِواِ ْذا نيعني ِ‬
‫نيثا نينيذ َِ ٌْ َار ُ نينيو ًا ِّ ني ْ اَ ُفِف ني َِ ٌْاتنيَْجنيلُني َ‬
‫َ ُ َ ََ َ‬
‫نيياضني ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫نيغلا‬ ‫نينب َاوا ْ ْ َُ ني َ َاوِنا َكنينين ُواْا ني افَنيْني ُنيلالَفني َ‬ ‫َوتُنيَِّكذ َِ ٌْ َاوتنيُ َعلِّ ُُ َُني ُنيٌاالْ جَني َ‬
‫و }(ٕ)‬ ‫ُِّ ٍا‬
‫ِ‬
‫نيث ِآتاا ْ ُِّذِّ ني َ‬
‫نيو َار ُ نينيوً ا ِّ ني نيَْني َُ ٌْاتنيَْجنيلُ نينيوا‬ ‫وقػ ػػاؿ تعػ ػػالي ‪ُ {:‬ل ني َنيواالْ نينيايا نيَ َع ني َ‬
‫نينب َاوا ِْ ْ َُني َ َاوِنا َكنينين ُواا ِ ني افَنيْني ُنيلا‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫َِلَني ْنيذ َِ ٌْامتَنثنينيه َاوتُنيَِّكذ َِ ٌْ َاوتنيُ َعلِّ ُُ َُني ُنيٌاالْ جَني َ‬
‫و }(ٖ)‪.‬‬ ‫ياض َغ ٍلا ُِّ ٍا‬ ‫ِ‬
‫لَف َ‬

‫صػػمأى المأػػوُ _ رقػػـ‬ ‫ٔ) صػػحي البخػػاري» ِكتَػػاب التأو ِحيػ ِػد» بػػاب مػػا جػػاء ِفػػي ُدعػ ِ‬
‫ػاء الأنبِػ ِّ‬
‫ػي َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫الحػػديث (‪ ، )ٙٛٗٛ‬صػػحي البخػػاري _ بػػاب ي تؤخػػذ كػرائـ أم ػواؿ النػػاس فػػي الصػػدقة‬
‫رقـ (‪.) ٖٜٔٛ‬‬
‫ٕ) سورة آؿ عمراف _ ابية ٗ‪. ٔٙ‬‬
‫ٖ) سورة الجمعة _ ابية ٕ‪.‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪038‬‬

‫بتعظيـ األمر ‪ ،‬يأتي عظمة ابمر في القمب ‪ ،‬وبعظمة ابمر يسيؿ‬


‫امتثاؿ األوامر ‪ ..‬فال بد مف بياف عظمة اهلل وكبريائو ‪ ،‬كما قاؿ اهلل‬

‫}(ٔ)‬ ‫ذٌا‬ ‫أاولواالْع ِت اا ْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َر‬ ‫ْ‬ ‫ا‬


‫او‬ ‫ناآتاال ِْفُنو ِ‬
‫ات‬ ‫تعالي‪ { :‬ولَهُاالْ ِ ِِْبتَ ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ‬
‫ااوََل اتَ ُ الْهُا‬ ‫ْ‬‫ً‬ ‫ل‬
‫َ‬‫او‬ ‫ا‬‫ْ‬ ‫ْل‬‫‪ ،‬وقاؿ تعالي ‪{ :‬وفُ ِل اا ْ ُ ُْ الِلّ ِه االْ ِايا ََل اتنيج ِ‬
‫َْ َ َ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬
‫نا }(ٕ) وقاؿ‬ ‫االا ْل اوَكِّني َُ اثَ ْ ِ‬
‫ُّ‬ ‫ِّ‬ ‫ا‬ ‫ِل‬
‫ٌّ‬ ‫ِ‬
‫او‬ ‫ه‬ ‫ْ‬
‫ل‬ ‫ا‬ ‫ُ‬ ‫ات‬ ‫َل‬
‫َ‬‫او‬‫ا‬ ‫َ ِت ٌ ِآت االُْ ْل ِ‬
‫ً‬ ‫َ ْ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ َ‬
‫تعالي ‪َ {:‬وَرْ َا َ َ ِّني ْا }(ٖ)‪ .‬فنكبر اهلل ‪ ‬ونصمر كؿ ما سواه‪ ،‬نكبر‬

‫اهلل ‪ ‬ونصمر السماوات السبع ‪ ،‬نكبر اهلل ‪ ‬ونصمر األرضيف‬


‫السبع‪ ،‬نكبر اهلل ‪ ‬ونصمر الجباؿ ‪ ،‬نكبر اهلل ‪ ‬ونصمر البحار‪،‬‬
‫نكبر اهلل ‪ ‬ونصمر النيراف‪ ،‬نكبر اهلل ‪ ‬ونصمر طواغيت الزماف‪،‬‬
‫كما كبر الصحابة رضي اهلل عنيـ اهلل ‪ ‬وصمروا كؿ ما سواه ‪.‬‬
‫ومف سنة اهلل ‪ : ‬لما نكبر اهلل ‪ ‬ونصمر ما سواه ‪ ،‬فيسخر اهلل‬
‫لنا ما سواه‪ ،‬وىذا ىو السر لتسخير البحار والنيراف والسباع واألسود‬
‫واليواء ألصحاب محمد ‪ .. ‬ألنيـ صمروا كؿ مخموؽ فسخر اهلل ليـ‬
‫كؿ مخموؽ‪.‬‬

‫ٔ) سورة الجاثية _ ابية ‪.ٖٚ‬‬


‫ٕ) سورة اإلسراء _ ابية ٔٔٔ‪.‬‬
‫ٖ) سورة المدثر _ ابية ٖ‪.‬‬
‫‪.‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪039‬‬

‫بين اهلل في كتابو كيف تتحرر األمم من الطواغيت ‪:‬‬


‫فبنو إسرائيؿ كانوا مستضعفيف في األرض‪ ،‬وفرعوف كاف يذب‬

‫امل ا ِْ َِ ْو َنا‬ ‫أبنائيـ ‪ ،‬ويستحيي نسائيـ ‪ ،‬قاؿ تعالي ‪ {:‬وِ ْذ اَنَْذنيََن ُكٌا ِّ ِ‬
‫ْ‬ ‫َ ْ‬
‫اب اتُ َا ِِّبُو َن اَْنيََنا ُك ٌْ َاوتَ ِْفجَ ْمذُو َن ا ِ َِفنا ُك ٌْ َاوِٓتا‬
‫تِفو وَ ُ ٌ ا وا االْع َا ِ‬
‫َ ُ ُ ْ ََُ َ‬
‫ذٌ ا}(ٔ) فأراد اهلل أف َي ُم أف عمييـ ‪ ،‬قاؿ تعالي‬ ‫ذَلِ ُ ٌا غاا ِّ ا ْرِّ ُ ٌ اِ ِ‬
‫ظ‬
‫ْ َ ٌ‬ ‫َ‬
‫ف اسَنَِِف ًا‬ ‫ضع ُ‬
‫أ او عل اَللََنا ِ ذنيعن اتِفجَ ْ ِ‬
‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َر‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫اا‬ ‫‪ْ ِ{ :‬ن ا ِْ َِ ْو َن ا َِ َغ ِ‬
‫آت‬
‫ْ‬ ‫َ َ‬
‫نال ٌْ اِْهُ ا َكن َن ا ِ َ االْ ُُ ْف ِِف ِْت َ اوا‬ ‫ِ‬
‫نال ٌْ َاوتَ ِْفجَ ْمذِي ا َِف ُ‬
‫ِّ َْني َُ ٌْ اتُ َا ِّ َُ اَْنيََ ُ‬
‫أ َاوََْن َعلَ َُ ٌْاَِِ ُْ ًا َوََْن َعلَ َُ ٌُا‬
‫اآتاا ْ َْر ِ‬ ‫اِلَ االْ ِات َ اا ْ جُ ْ‬
‫ضعِ ُفو ِ‬ ‫تْاَناَّْنُ ْ َ‬ ‫َوُِ ُ‬
‫ود ُُهَنا ِ َْني ٌَُا‬ ‫ِ‬ ‫واو َوَُّنَ ِّ َ ا َبُ ٌْ ِآتاا ْ َْر ِ‬ ‫ِ‬
‫أ َاوُِيا ْ َِ ْو َن َاوَلن َ ن َن َاو ُ َُ َ‬ ‫الْ َوا ِرث َ‬
‫}(ٕ)‪.‬‬ ‫ااُي َا ُرو َنا‬
‫ْنا َكن ُو َْ‬
‫فأراد اهلل أن يمنحيم خمسة أشياء ‪:‬‬

‫اِلَ االْ ِات َ ا‬


‫تْ اَن اَّْنُ ْ َ‬
‫َوُِ ُ‬ ‫األول‪ :‬خروجيـ مف الذؿ إلي العز‪( :‬‬

‫)‪.‬‬ ‫أا‬ ‫ضعِ ُفو ِ‬


‫اآتاا ْ َْر ِ‬ ‫ا ْ جُ ْ‬
‫)‪.‬‬ ‫الثاني ‪ :‬إمامتيـ في الديف والدنيا( َوََْن َعلَ َُ ٌْاَِِ ُْ اً‬
‫ٔ) سورة البقرة _ ابية ‪.ٜٗ‬‬
‫ٕ) سورة القصص _ ابيات مف ٗ ‪. ٙ :‬‬
‫‪.‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪041‬‬

‫ِ‬
‫الثالث‪ :‬توريثيـ وتمميكيـ خزائف فرعوف كميا( َوََْن َعلَ َُ ٌُاالْ َوا ِرث َ‬
‫وا‬
‫)‪.‬‬

‫أ)‪.‬‬ ‫الرابع‪ :‬التمكيف في أرض مصر ( َوَُّنَ ِّ َ ا َبُ ٌْ ِآتاا ْ َْر ِا‬
‫ود ُُهَنا ِ َْني ٌَُا ْنا َكن ُواا‬ ‫ِ‬
‫الخامس‪ :‬خيبة أعدائيـ ( َوُِيا ْ َِ ْو َن َاوَلن َ ن َن َاو ُ َُ َ‬
‫ن )‪.‬‬
‫َُْي َا ُرو َا‬
‫وىذه الخمسة أشياء يريدىا المسمموف في زماننا‪ ،‬بدوف أف نمر‬
‫بالمراحؿ التي مرت بيا بنو إسرائيؿ ‪ ،‬فالنظاـ الميبي كاف موافقا ليـ‪،‬‬
‫والنظاـ الميبي ي يوافؽ اإلنساف إي بصالح اليقيف وصالح األعماؿ‪،‬‬
‫فأرسؿ موسي ‪ ‬داعيا ليـ إلصالح يقينيـ وأعماليـ ‪ ،‬وكاف نظاـ‬
‫فرعوف أف ي يولد موسي ‪ ، ‬واذا ولد فيقتؿ ‪ ،‬ونظاـ اهلل ‪ ‬أف يبعث‬
‫موسي عميو السالـ لمدعوة إلي اهلل ‪ ،‬فتضادا النظاماف ‪ ،‬النظاـ الظاىري‬
‫والنظاـ الميبي ‪.‬‬

‫َو َْو َ ْذنيََناِ َىل ا ُِّما‬ ‫فولد موسي ‪ ، ‬فجاء األمر إلي أـ موسي‪{ :‬‬

‫اَتَِِنا‬ ‫اِلَْذ ِها َأَلْ ِ ِذه ِآتاالْذَ ٌِّ َاوَ َ‬


‫اَتَ ِنٓت َاوَ َْ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِِِ‬
‫ُو َ اَ ْنا َْرضعذها َِج َذااخ ْفت َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫وا}(ٔ)‪.‬‬ ‫نار ُّادوَُاِلَْذ َاو َ نِلُوَُا َ االْ ُُ ْ َ ل َ‬
‫ْ َ‬
‫ِ‬
‫وكانت أـ موسي تخاؼ مف اليالؾ فأمرىا اهلل ‪ ‬أف تمقيو في‬
‫موضع اليالؾ‪ ،‬واذا كاف أمر اهلل خالؼ النفس فوعد اهلل عميو خالؼ‬

‫ٔ) سورة القصص _ ابية ‪.ٚ‬‬


‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪040‬‬

‫الظاىر‪ ،‬ولو تأممنا األوامر المذكورة في القرآف الكريـ وجدناىا خالؼ‬


‫النفس ‪.‬‬
‫ووجدنا عمي امتثاليا موعودات اهلل ‪ ‬خالؼ الظاىر ‪ ،‬مثؿ قوؿ‬
‫{وْ اَللَ اِنل ْ ِ‬
‫}(ٔ) ىذا أمر شاؽ‬ ‫اصطَِ ِْب َ‬
‫اِلَْذني ََن‬ ‫َ َغة َاو ْ‬ ‫َ ُْ ْ َ‬ ‫اهلل ‪: ‬‬

‫َ ا َ ِْفأَلُ َ ا ِرْزفًن ْْ‬


‫اَّن ُ ا‬ ‫عمي النفس ‪ ،‬وووعد اهلل عمييا خالؼ الظاىر{‬

‫} (ٕ) وقس عمي ذلؾ األوامر والموعودات‬ ‫نيَ ْ ُزفُ َ َاوالْ َعنفَِ ُ الِلجْني ْ َوى‬
‫عمييا‪.‬‬
‫ففي قصة موسي ‪ : ‬وعد اهلل مع أمو خالؼ الظاىر‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫) (ٖ)‪.‬‬ ‫نار ُّادوَُاِلَْذ َاو َ نِلُوَُا َ االْ ُُ ْ َ ل َ‬
‫وا‬ ‫ِ‬
‫الوعد األول ‪َ ْ ( :‬‬
‫رادوه ‪ :‬بضمير جمع المتكمـ ‪ ،‬وفيو مف الجالؿ والربوبية ‪ ،‬ي‬
‫يخفي عمي مف لو ذوؽ لممة العربية ‪.‬‬

‫وا‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫)‬ ‫( َو َ نِلُوَُا َ االْ ُُ ْ َ ل َ‬ ‫الوعد الثاني ‪:‬‬

‫ولـ يذكر اهلل ‪ ‬شكال ونظاما وترتيبا ووقتا لإليفاء بياذيف‬


‫الوعديف‪ . .‬وىذا ىو األسموب في سائر موعودات اهلل ‪ .. ‬فاهلل تبارؾ‬
‫وتعالي يعد الوعد في القرآف بدوف ذكر الترتيب والنظاـ والشكؿ‬

‫ٔ) سورة طو _ ابية ٕٖٔ‪.‬‬


‫ٕ) سورة طو _ ابية ٕٖٔ‪.‬‬
‫ٖ) سورة القصص _ ابية ‪.ٚ‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪042‬‬

‫المخصوص والوقت المعيف إليفاء وعده‪ ،‬ألنو ىو الفعاؿ الحقيقي ‪ ،‬يفعؿ‬


‫ما يشاء بقدرتو‪ ،‬ضد الشكؿ أو مع الشكؿ‪ ،‬أو يخمؽ الشكؿ فجأة بقدرتو‪،‬‬
‫فمف أسمائو الخالؽ البارئ المصور ‪ . .‬ومنزه عف األشكاؿ والصور‬
‫فكيؼ يحتاج إلييا ‪.‬‬
‫فاهلل تبارؾ وتعالي لـ يذكر في ىذيف الوعديف ‪ ،‬متي يرد موسي‬
‫‪ ‬إلي أمو ‪ ،‬ومتي يجعمو مف المرسميف ‪ ،‬وبأي شكؿ وبأي نظاـ وبأي‬
‫ترتيب ‪ ،‬لـ يتعرض ليذه األمور ‪.‬‬
‫ويريد اهلل ‪ ‬مف عباده أف يتيقنوا عمي وعده يقينا جازما أف وعده‬
‫حقا ‪ ،‬وي يتأمموف متي وكيؼ ‪ ،‬ويفوضوف أمرىـ إلي اهلل ‪.‬‬

‫اِ ُْ َوا اَاو َ ًَن اِ ْنا‬ ‫ِ‬ ‫قاؿ اهلل ‪َ { : ‬نلْجني َ طَه ُ ِ‬
‫امل ا ْ َِ ْو َن الذَ ُ و َن ا َبُ ٌْ َ‬ ‫َ ُ‬
‫و }(ٔ) خاطئيف ألنيـ لـ يعرفوا‬ ‫نسِْ َا‬‫ِ ِو َن اولن ن َن او َُود ُُهنا َكن ُوااخ ِ‬
‫َ‬ ‫ْ َْ َ َ َ َ ُ َ َ‬
‫نظاـ اهلل الميبي ‪ ،‬والفصؿ السماوي ‪ ،‬وارادة اهلل ومشيئتو ‪.‬‬
‫فألؽ اهلل ‪ ‬حبو في قمب زوجة فرعوف‪ ،‬وىذا اإللقاء أي المحبة في‬
‫قمبيا مف اهلل ‪ ،‬فما مف حاؿ يمر عمي اإلنساف ‪ ،‬إي وىو بأمر اهلل‬

‫ومشيئتو ‪ ،‬قاؿ اهلل ‪ْ ِ{ : ‬ذا َْو َ ْذنيََناِ َىلا ُِّ َ ا َ ناتُو َ اوا َِناافْ ِا ِ ِذه ِآتا‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِِ ِ‬
‫الجْن ُوت ا َنفْا ذه ِآت االْذَ ٌِّ ا َني ْلذُني ْل ه االْذَ ٌُّ اِنل ِْفن ِل اتَأْ ُخ ْاَُ َ‬
‫اِ ُْ ٌّو ِّ‬
‫اِل َاو َِ ُْ ٌّوا‬

‫(ٔ) سورة القصص _ ابية ‪.ٛ‬‬


‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪043‬‬

‫ِ‬
‫}(ٔ) وقالت امرأة فرعوف‬ ‫اِْذ ِِنا‬
‫اِلَ َ‬ ‫َََ َم َ‬‫اُّمَْ ًا ِّ ِِّن َاولجُ ْ‬
‫اِلَْذ َ َ‬
‫ت َ‬ ‫لْهُ َاوَالْ َ ْذ ُ‬
‫اِ َِف اَنا‬ ‫و ِّ‬ ‫اِ ْ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اِل َاولَ َ اَ اثَني ْ جُنيلُوَُ َ‬ ‫ت َ‬ ‫َت ا ْ َِ ْو َن افُنيْ ُ‬ ‫‪َ { :‬وفَنلَت اا ْ َ ُ‬
‫ن }(ٕ) بنظاـ اهلل الميبي والفصؿ‬ ‫ااوُل ٌْ اَ اتَ ْشعُُو َا‬ ‫ِ‬
‫تََ َف َعََنا َْو ا َنيجْل َاَُ َاولَ ًْ َ‬
‫السماوي ‪.‬‬
‫ثـ اهلل ‪ ‬رد موسي إلي أمو وجعؿ لردة شػكال عجيبػا فػاهلل ‪ ‬يقػوؿ‬
‫َني ِنيذها َني َ ني ِ‬ ‫حكايػػة عػػف قػػوؿ أمػػو { وفَنلَنينيتاِ ِ ِ‬
‫نيبا‬ ‫تاِنينيه َ‬
‫اِ ني ا ُ َُني ٍ‬ ‫ُخجنينيهافُ ِّ َ ُ َ ْ‬
‫َ ْ ْ‬
‫م } (ٖ) فموسي عميو السػالـ مػا‬ ‫ولٌاَ ات ْشع و َناواو ْ ََناِلَذ ِهاالُْ ِ‬
‫اض َا‬ ‫َ َ ْ َ ْ ََ‬ ‫َ ُ ْ َ ُُ‬
‫كػػاف يقبػػؿ مػػف أي مرضػػعة ألف اهلل‪ ‬منػػع منعػػا تكوينيػػا واذا كػػاف المنػػع‬
‫م ػػف اهلل فم ػػف يس ػػتطيع أف يرض ػػع موس ػػي ‪ ،‬وفرع ػػوف م ػػع حكومت ػػو وقوت ػػو‬
‫ومالػػو عجػػز عػػف إرضػػاع موسػػي فنظػػاـ اإلنسػػاف أف يرضػػع موسػػي ونظػػاـ‬

‫اضني َنيما ِ ني ا‬ ‫اهلل ‪ ‬أي يرضػػع مػػف أمػػو فممػػب نظػػاـ اهلل {و ْ ََنينيناِلَذ ني ِهاالُْ ِ‬
‫َ َ ْ َ ْ ََ‬
‫فَني نينيلا َني َ نلَ نينيتال نينيلاَدلُّ ُ نينيٌاِلَني ني اَل ني ِنيلا نيذ ني ٍ‬
‫نيتاتَ ْ ُفلُوَ نينيهُالَ ُ ني ْنيٌ َاوُل ني ْنيٌالَ نينيهُا‬ ‫ْ َ ْ ُ ْ َ ْ َْ‬ ‫ْ ُ‬
‫ن } (ٗ) رد اهلل موسػ ػػي إلػ ػػي أمػ ػػو بيػ ػػذا الشػ ػػكؿ‪ ،‬وجعػ ػػؿ اهلل ىػ ػػذا‬ ‫نيمو َا‬ ‫ِ‬
‫َنصني ني ُ‬

‫ٔ) سورة طو _ ابيتاف ‪.ٖٜ ، ٖٛ‬‬


‫ٕ) سورة القصص _ ابية ‪.ٜ‬‬
‫ٖ) سورة القصص _ ابيتاف ٔٔ ‪.ٕٔ ،‬‬
‫ٗ) سورة القصص _ ابية ٕٔ‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪044‬‬

‫الشكؿ فجأة بقدرتو فوؽ التصور‪ ،‬وىو ي يحتػاج إلػي الشػكؿ المعػيف ‪ ،‬بػؿ‬

‫عنػػده أشػػكاؿ ي تعػػد وي تحصػػي ‪ ،‬قػػاؿ اهلل ‪َ {: ‬نيَ َد ْد َنينينَُاِ َىلا ُِّ ني ِنيها َكني ْنييا‬
‫اَت ني نيَ َن َاولِني نيجَني ْعلَ ٌَاَ ْن َاو ِْ ني َنيْااللْ ني ِنيها َ ني ٌّنيَ َاولَ ِ ني ني ْ اَ ْكًَ ني نيَ ُل ٌْاَ ا‬
‫نيناوَ َْ‬
‫اِْذنيَُني ََ ني َ‬
‫ثَني َ ني نيْ َ‬
‫ن } (ٔ) أوفػػي اهلل الوعػػد األوؿ مػػا قالػػو ألمػػو إنػػا رادوه إليػػؾ بيػػذا‬ ‫تنيَ ْعلَ ُُنينيو َا‬
‫الشػػكؿ المػػذكور ‪ ،‬ثػػـ اهلل أوفػػي بالوعػػد الثػػاني مػػا قالػػو ألمػػو وجػػاعموه مػػف‬

‫المرسميف ‪ ،‬رزقو اهلل النبوة عمى جبؿ الطػور ‪ ،‬قػاؿ اهلل ‪َ { :‬نيلَ ُْنيناَثَ َ‬
‫نلنينا‬
‫نينخلَ ْما نيَ ْعالَْذ ني َ اِْني َ اِنينينلْ َو ِاداالْ ُُ َ نيْ ِ‬
‫ْسا‬ ‫نينارُّني َ ا َني ْ‬
‫َ‬ ‫ني‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ا‬ ‫ِن‬‫ِّ‬ ‫نيودياتنينينا و ني اواِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫نيُ ِ‬

‫نااخجَني ْثُ َ ا َن ْ جَ ُِ ْمالِ َُناتُو َ * ِِْنيِناََنينااللْنيهُاَ اِلَنيهَاِْ اََنينا‬ ‫سًُوى * َوََ ْ‬


‫ك ِي } (ٕ)‬ ‫َ َغ َةالِ ِا ْ‬
‫نُِ ِِْْن َاوَفِ ٌِاال ْ‬
‫َْ‬
‫فالنظام عمى نوعين ‪:‬‬
‫ٕ) ونظاـ اهلل ‪.‬‬ ‫ٔ) نظاـ اإلنساف‪.‬‬
‫وي يك ػػوف ش ػػيء بنظ ػػاـ اإلنس ػػاف ‪ ،‬ب ػػؿ ك ػػؿ ش ػػيء بنظ ػػاـ اهلل الواح ػػد‬
‫القيار‪ ،‬واهلل غالب عمى أمره ‪ ،‬ونظاـ اإلنساف تابع لنظػاـ اهلل ‪ ،‬فػال يكػوف‬
‫شػػيء بنظػػاـ التجػػار‪ ،‬وي بنظػػاـ المػزارعيف‪ ،‬وي بنظػػاـ أىػػؿ الصػػناعة ‪ ،‬وي‬
‫بنظػػاـ الحكومػػات ‪ ،‬وي بنظػػاـ أىػػؿ المػػادة ‪ ،‬وي بأىػػؿ الفنػػوف اإلنسػػانية ‪،‬‬

‫ٔ) سورة القصص _ ابية ٖٔ‬


‫ٕ) سورة طو _ ابيات ٓٔ‪.ٔٗ :‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪045‬‬

‫فننفػػي عػػف جميػػع األنظمػػة ‪ ،‬ونثبػػت نظػػاـ اهلل الواحػػد {ِ ِناا ُْ ْ ني ُنيٌاِ ْالِلّني ِنيها‬
‫ن }(ٔ) ألػيس اهلل بػأحكـ الحػاكميف‬ ‫ت َاو َِلَْذ ِها َني ْلذَجَني َوْك ِلاالْ ُُجَني َوِّكلُنيو َا‬ ‫ِ‬
‫َِلَْذهاثَني َوْك ْل ُ‬
‫‪ ،‬فال يكوف شيء ما يشاءه تجار العالـ وصػناع العػالـ وحكػاـ العػالـ ‪ ،‬بػؿ‬

‫ذُ نينينا‬‫مػػا يشػػاء اهلل ‪{ ‬و نينيناثَشنينينؤو َناِْ اَناتشنينيناااللْنينيهاِ ْنااللْنينيها َكنينين َن ِ‬
‫اِل ً‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ََ‬ ‫ََ َ ُ‬
‫ذُنا} (ٕ)‪.‬‬ ‫ِ‬
‫َ ً‬
‫وكيف يوافقنا النظام الغيبي ؟‬
‫حتى يوافقنا النظاـ الميبي ي بد لنا مف جيديف عمي أمػريف ‪ (:‬اليقػيف‬
‫‪ ،‬والعمؿ ) ‪.‬‬
‫فبص ػػالح اليق ػػيف وص ػػالح األعم ػػاؿ ‪ ،‬يص ػػم اهلل ‪ ‬األحػ ػواؿ ‪ ،‬واذا‬
‫فسد اليقيف وفسدت األعماؿ ‪ ،‬يفسد اهلل األحواؿ ‪ ،‬وقد بػيف اهلل ‪ ‬نظامػو‬

‫نينااو ِْ ني ُنيْا‬ ‫ِ‬


‫الميب ػػي والسػػػماوي ف ػػي القػ ػرآف الكػ ػريـ ‪ ،‬قػػػاؿ اهلل ‪َ {: ‬ني نيج َذاا َ ني َ‬
‫اخنيغَ َلاالنيِّْتَن ِرا‬ ‫ٍِ‬
‫تْا َجن نيواْ ِ‬ ‫ِ‬
‫ناِلَْذ ُ ٌْاَِ ًنداالََْنا ُْوِِلا نيَأْ ٍسا َ نيْ َ ُ‬
‫ُو ُُهَنا نيَ َعًْنيََ َ‬
‫ِ ًْاا ْ ْفعُو اً }(ٖ)‪.‬‬ ‫َوَكن َن َاو ْ‬

‫ٔ) سورة يوسؼ _ ابية ‪.ٙٚ‬‬


‫ٕ) سورة اإلنساف _ ابية ٖٓ‪.‬‬
‫ٖ) سورة اإلسراء _ ابية ٘‪.‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪046‬‬

‫وقػػد بػػيف اهلل ‪ ‬نظامػػو فػػي آيػػات عديػػدة ‪ ،‬قػػاؿ تعػػالي ‪ :‬ظَ ََ نيَ ا‬
‫نيضاالْ ِنيايا‬ ‫الْ َفِفند ِآتاالْ نيِّ اوالْ مني ِ ِابنينا َكِفني تاَت ِنيْياالَْ ِ ِ ِ‬
‫نينسالذُنيات َ َُ ٌْا نيَ ْع َ‬ ‫َ ُ َ َ َ ْ َ ََ ْ ْ‬
‫(ٔ)‪.‬‬
‫َِ ُِلُواالَ َعلْ َُ ٌْاتنيَ ْ ِ عُو َان‪‬‬
‫واذا أردت أف تعرؼ النظاـ الميبي السماوي ‪ ،‬ما ىو وكيػؼ يوافػؽ‬
‫اإلنسػ ػػاف ‪ ،‬فتأمػ ػػؿ وتػ ػػدبر فػ ػػي قصػ ػػص األمػ ػػـ الماضػ ػػية ‪ ،‬كيػ ػػؼ كػ ػػاف‬
‫عروجي ػػا ‪ ،‬وكي ػػؼ ك ػػاف زوالي ػػا وم ػػا ى ػػي أس ػػباب ع ػػروجيـ وم ػػا ى ػػي‬
‫أس ػػباب زوالي ػػـ وانحط ػػاطيـ وى ػػذا القص ػػص م ػػذكور ف ػػي القػ ػرآف إجم ػػاي‬
‫وتفصػػيال ‪ ،‬واذا تأممػػت فييػػا فػػت اهلل عميػػؾ نظامػػو الميبػػي ‪ ،‬وىػػذا النظػػاـ‬
‫الميبي يسيره اهلل ‪ ، ‬مع أنو ي يحتج إلي المالئكة ‪ ،‬فيػو وكػؿ المالئكػة‬
‫لمقياـ بأعماؿ عديدة في األرض والسماء ‪.‬‬

‫ومن أميات العقائد ‪ (:‬اإليماف باألنبياء عمييـ السالـ )‪:‬‬

‫ول ِابَنا ُْ َِل اِلَْذ ِه ا ِ ّارِّه َاوالْ ُُ ْوِ َُو َن ا ُك ّلا‬


‫قاؿ تعالى‪  :‬م َ َ االّ ُ ُ‬
‫و اَ َ ٍْ ا ّ ّار ُ لِ ِه َاوفَنلُواْا‬ ‫ِ ِ ِِ ِ ِِ‬
‫م َ َ اِنللّه َاوَ غِ َ جه َاوُكجُِه َاوُر ُ له ا َا نيُ َفّ ُق ا نيَ ْ َ‬
‫ن ‪.)ٕ( ‬‬ ‫َ ُا‬ ‫ََِسعََناوَسَعََناُْ ْف ا َ َ ار نيََناوِلَذ َ االُْ ِ‬
‫ْ َ ْ َ َّ َ ْ َ‬

‫ٔ) سورة الروـ – ابية ٔٗ ‪.‬‬


‫ٕ) سورة‪ :‬البقرة ‪ -‬ابية‪ٕٛ٘ :‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪047‬‬

‫المراد من اإليمان باألنبياء عمييم السالم ‪:‬‬


‫أف يترسخ اليقيف في القمب‪ ،‬أف شخصية اإلنساف ي تتكوف بالتصبغ‬
‫بصبمة أىؿ الممؾ والماؿ والمادة واألشياء‪ ،‬بؿ الشخصية تتكوف بالتصبغ‬
‫بصبمة األنبياء عمييـ السالـ‪ ،‬ألف الشخصية كانت لألنبياء عمييـ‬
‫السالـ ‪ ،‬ولـ تكف ألىؿ الممؾ والماؿ والمادة ‪.‬‬
‫مثال‪ :‬كانت العزة والشخصية لموسي ‪ ‬مع أنو كاف يسكف في العريش‬
‫‪ ،‬وما كانت لفرعوف وقاروف وىاماف وشداد مع أنيـ أىؿ الممؾ والماؿ‬
‫والو ازرة والمادة ‪ ،‬وكانت العزة والشخصية لنبينا محمد ‪ ‬مع أف مسكنو‬
‫كاف بسيط ‪ ،‬ويناـ عمي الحصير ويتحمؿ الجوع ‪ ،‬ولـ تكف العزة‬
‫والشخصية لكسري وقيصر مع أنيـ كانوا أىؿ الممؾ والماؿ ويسكنوف في‬
‫القصور ويناموف عمي الديباج والحرير ‪ ،‬فمف أراد العزة فميصتبغ بصبمة‬
‫ِ ِ ِ ِ ِِ ِ ِ ِ‬
‫وا‬‫األنبياء عمييـ السالـ‪ ،‬قاؿ اهلل تعالي ‪َ { :‬وللْه االْعاْةُ َاولَ ُ وله َاول ْل ُُ ْو َ َ‬
‫ْل ُاو َنا‬ ‫ولَ ِ ْ االََُْن ِ ِ و اَ اتنيعلَُو َان }(ٔ) وقاؿ تعالي ‪ {:‬الْ ِات اتنيج ِ‬
‫َ َ‬ ‫ُ َ َْ ُ‬ ‫َ‬
‫َْ ُل ٌُ االْعِْةَا َِج ْن االعِْةَالِلّ ِها‬ ‫الْ َ ن ِ ِت اَولِذناا ِ ِ‬
‫ون االُْ ْوِ َِو اَتني جَنيغُو َن ِ‬
‫اِ َ‬ ‫اد ُ َ َْ‬ ‫ُ‬ ‫َ َْ‬
‫ذعن }(ٕ) أي تخرج العزة مف خزائف اهلل عمي طريؽ الرسوؿ ‪. ‬‬ ‫ِ‬
‫ََج ً‬

‫ٔ) سورة المنافقوف ‪ -‬ابية ‪.ٛ‬‬


‫ٕ) سورة النساء ‪ -‬ابية‪. ٖٜٔ :‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪048‬‬

‫فالعزة كؿ العزة في امتثاؿ أوامر اهلل ‪ ‬عمي طريؽ النبي ‪، ‬‬


‫وأرسؿ نبينا ‪ ‬قدوة وأسوة حسنة لنا ولمناس إلي يوـ القيامة قاؿ اهلل‬

‫ولااللْ ِها ُ ْ َوةٌا َ َِفََ ٌالِّ َُ ا َكن َناتنيَ ْ ُ وااللْهَا‬


‫تعالي ‪{:‬لََ ْْا َكن َنالَ ُ ٌ ِآتار ِ‬
‫ْ َُ‬
‫ِ (ٔ) ‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫ااْل ِ‬
‫نا}‬ ‫ً‬‫ك‬ ‫ا‬‫ه‬ ‫ل‬ ‫اال‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َوالْذَني ْوَم ْ َ َ َ‬
‫ك‬
‫َ‬ ‫ذ‬
‫َ‬ ‫او‬ ‫خ‬
‫وي طريؽ لممحبوبية عند اهلل إي باتباع النبي ‪ ،‬قاؿ اهلل ‪ : ‬فُ ْلا‬
‫اُيِْ ُ ٌُ االلّهُ َاوتنيَ ْغ ِف ْ الَ ُ ٌْ اذُ ُوَ ُ ٌْ َاواللّهُا‬ ‫ِن ا ُكَجٌُ ُِ‬
‫اَتّو َن االلّهَ ا َنثِّعُ ِوِن ُْ‬ ‫ْ‬
‫(ٕ) ‪.‬‬
‫ور ّارِ ٌا‬
‫ذٌ‪‬‬ ‫َْ ُف ٌ‬
‫فالرسوؿ ‪ ‬حبيب اهلل فمف اتبع سنتو يكوف محبوبا عند اهلل تبارؾ‬
‫وتعالي‪.‬‬
‫اهلل تبارك وتعالى ذكر أعضاءه الشريفة في القرآن ‪:‬‬

‫ب َاو ْ َِ َ ِآت اال ِْف َُناا‬ ‫وجو ‪ : ‬قاؿ تعالي ‪ { :‬فَ ْْ ا نيََى اثَني َ لُّ َ‬ ‫ٔ)‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫ثا‬‫نلنا َني َوِّل َاو ْ ََ َ ا َ طَْ االْ َُ ِْفجْاا ََْ ِام َاو َ ْذ ُ‬ ‫ضَ‬ ‫َنيلََُني َولِّذَنيَْ َ افْنيلَ ًاثَني ْ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫او ُ ِوَل ُ ٌْ ا َ طََُْ َاوِ ْن االْات َ ا ُْوثُواْاالْ جَ َ‬
‫نب الَذَني ْعلَ ُُو َنا‬ ‫ُّ‬
‫َ نا ُكَجُ ٌْ ا َني َولواْ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ن }(ٖ)‪.‬‬ ‫َْهُاا َْ َُّا ا ْرِّ ٌْ َاوَ نااللّهُاِغَن ٍل َ‬
‫اِ ُْناتنيَ ْع َُلُو َا‬

‫ٔ) سورة األحزاب – ابية ٕٔ ‪.‬‬


‫ٕ) سورة آؿ عمراف – ابية ٖٔ ‪.‬‬
‫ٖ) سورة البقرة – ابية ٗٗٔ ‪.‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪049‬‬

‫وحا‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫قمبو ‪ : ‬قاؿ تعالي ‪َ { :‬وِْهُالَجََ ِ‬


‫و اوا نيََ َل ا ه االُّ ُ‬ ‫ب االْ َعنلَُ َ‬
‫تل َار ِّ‬
‫ُ‬ ‫ٕ)‬

‫َا ِرت َا } (ٔ) وقاؿ تعالي ‪{ :‬‬ ‫ا ْ َِ و اواِلَ افَني ْلِ الِج ُ و َن ا ِ االُْ ِ‬
‫َ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ َ‬
‫نارَى } (ٕ)‪.‬‬ ‫باالْ ُف َو ُادا َ َ‬ ‫َ نا َك َا َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫لسانو ‪ : ‬قاؿ تعالي ‪َِ { :‬جَّْنَناتَ ِْف ْ َنَُ اِل َِفن َ الجَُ ِّشَا اِه االْ ُُجْ َ‬
‫وا‬ ‫ٖ)‬
‫وثُ ِ‬
‫َا َرا ِ ِهافَني ْوً نالَُّْا } (ٖ)‪.‬‬ ‫َ‬
‫صدره ‪ : ‬قاؿ تعالي ‪ََ َ { :‬لْا َ ْشَ ْحالَ َ َ‬
‫اص ْْ َرَكا‬
‫(ٗ)‬
‫‪.‬‬ ‫}‬ ‫ٗ)‬
‫ِ‬
‫ك } (٘)‪.‬‬ ‫ضاظَ ََْ َا‬‫ظيره ‪ : ‬قاؿ تعالي ‪{ :‬الْاياَ َ َ‬ ‫٘)‬

‫ال َو اِْ َاو ْ ٌيا‬ ‫ِ‬


‫اِ ِ اا ْبََوىاواِ ْن ُ‬ ‫نطقو ‪ : ‬قاؿ تعالي ‪َ { :‬وَ ناتََط َُ َ‬ ‫‪)ٙ‬‬

‫تُو َ ا} (‪.)ٙ‬‬

‫َ ُ َاوَ ناسَغَ اوالََ ْْ َارَىا ِ ْ ا‬ ‫غ االَْ َ‬


‫نازا َ‬
‫بصره ‪ : ‬قاؿ تعالي ‪َ َ { :‬‬ ‫‪)ٚ‬‬

‫ارِِّهاالْ ُ ْني ى } (‪.)ٚ‬‬


‫َ َ‬
‫مت ِ‬
‫نت‬
‫َ‬
‫ٔ) سورة الشعراء – ابيات مف ٕ‪. ٜٔٗ : ٜٔ‬‬
‫ٕ) سورة النجـ – ابية ٖ‪.‬‬
‫ٖ) سورة مريـ – ابية ‪. ٜٚ‬‬
‫ٗ) سورة الشرح – ابية ٔ ‪.‬‬
‫٘) سورة الشرح – ابية ٖ‪.‬‬
‫‪ )ٙ‬سورة النجـ – ابيتاف ٖ ‪. ٗ ،‬‬
‫‪ )ٚ‬سورة النجـ – ابيتاف ‪. ٔٛ ، ٔٚ‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪051‬‬

‫وأقسم بحياتو ‪ ‬ولم يقسم بحياة نبي من األنبياء غيره ‪:‬‬

‫} (ٔ)‪.‬‬ ‫قاؿ تعالى ‪{ :‬لَ َع ُْ ُ َكاِنيْ َُ ٌْالَِفيا َ ْ َ ِِتِ ٌْاتنيَ ْع َُ َُو َنا‬
‫تا ِ لٌّا َِ َاااالَْنيلَ ِاْ‬‫اواوَ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫وأقسـ ببمده ‪ ‬فقاؿ ‪ َ{ :‬ا ُفِْف ٌُا َ َاااالَْنيلَْ َ‬
‫و او َاوَل َاا االَْنيلَ ِْا‬ ‫َ‬
‫ون او اوسُوِر ا ِ ذَِ‬
‫َ‬
‫و اوالْتنيجُ ِ‬
‫َ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ج‬
‫ِّ‬‫ال‬
‫و‬ ‫َ‬ ‫{‬ ‫‪:‬‬ ‫تعالى‬ ‫وقاؿ‬ ‫‪.‬‬‫(ٕ)‬
‫}‬

‫ا ْ َِ ِا‬
‫و } (ٖ)‪.‬‬

‫تا‬‫ناوالْ َ لَ ٌِ َاوَ ناتَ ِْفطُُو َناوا َ ناَ َ‬


‫وأقسـ عمى عظـ خمقو ‪ ،‬فقاؿ ‪َ { :‬‬
‫ٍ‬ ‫َِِعُ ِ ارِّ َ ِابَجَُ ٍ‬
‫اواوِْ َ الَ َعل ُ‬
‫اخلُ ٍَا‬ ‫ون ِ‬
‫اواو ْن الَ َ اَ َ ْ ًاا َْْذنيَ افََُْون َ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َْ َ‬
‫َِ ِظذ ٍا‬
‫ٌ } (ٗ)‪.‬‬

‫ومن أميات العقائد ‪ (:‬اإليماف باليوـ ابخر )‪:‬‬


‫معناه أف يترسخ اليقيف عمي اليوـ ابخر فخنو ىو القطعي عمي كؿ‬

‫واحد منا ‪ ،‬فال مفر منو ‪ ،‬وطولو كما قاؿ اهلل تعالي ‪{ :‬ثَني ْع ُ ُج االْ َُ َغِِ َ ُا‬
‫ف ا ََ ٍ او ا َ ْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫اصْنيًاا‬
‫نص ِْب َ‬ ‫و اَلْ َ َ‬ ‫وح اِلَْذه ِآت اتنيَ ْوم ا َكن َن ا ْ َْ ُارَُ اَخَِْف َ‬‫َوالُّ ُ‬
‫ااواونيََاَُافَ ِتًناواتنيَ ْوَم اثَ ُ و ُن اال ِْف َُناا َكنلْ ُُ َْ ِلا‬
‫ذْ َ‬ ‫َج ًذغ اواِنيْ َُ ْاٌ اتنيََ ْوَهُا َعِ ً‬
‫َِ‬

‫ٔ) سورة الحجر – ابية ٕ‪.ٚ‬‬


‫ٕ) سورة البمد – ابيتاف ٔ ‪. ٕ ،‬‬
‫ٖ) سورة التيف – ابيات مف ٔ ‪. ٖ ،‬‬
‫ٗ) سورة القمـ – ابيات مف ٔ ‪. ٗ:‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪050‬‬

‫اْحذٌ َِ‬‫ِ‬ ‫ااَِ ُ ِ‬


‫َ ُونيَ َُ ٌْ اتنيَ َوُّدا‬
‫ذُناواتنيَُ ْ‬
‫اْح ً‬ ‫نل ا َكنلْع َْ ِ َ‬
‫اواوَ اتَ ِْفأ َُل َ ٌ‬ ‫واوثَ ُ و ُن ْ َ‬ ‫َ‬
‫َخ ِذه اوا‬ ‫اب اتنيوِ ِْ ٍا اِ َِ ِذه او اوصن ِ جِ ِه ااو ِ‬‫الُْ ْج ِم الَو اتني ْفجَ ِْي ا ِ َ ِ‬
‫ََ َ َ‬ ‫َ‬ ‫اِ َا َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ ُ ْ َ‬
‫َج ِذه او ا َك ْغ اِنيْ ََنا‬ ‫اَجذعن اّتُْ ات ِ‬
‫وته او او ِآت اا ْ َر ِ ِ‬ ‫َذلَجِ ِه االِِْت اثُني ْو ِ‬
‫وَ ِ‬
‫أ َ ً ُ‬ ‫ْ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬
‫ْوىاواثَ ُِْْوا َ ْ ا َْد نيََ َاوثَني َوْىل َ‬
‫اواو ََجَ َم ا َأ َْو َِ‬ ‫لَظَ اوا نيَْ َ ِّ‬
‫اِ ً اللش َ‬
‫(ٔ)‬
‫}‬

‫بخالؼ سائر األياـ التي نعيش فييا فخنيا ظنية غير قطعية ‪ ،‬ي ندري‬
‫نحف فيو ندرؾ كمو أـ ي‪.‬‬
‫أف اليوـ الحاضر الذي ُ‬
‫وي يخفي عمي أحد أف لألياـ الحاضرة حوائج وليا مشاكؿ ‪،‬‬
‫وحوائجيا ومشاكميا معروفة عند كؿ واحد ‪ ،‬فكما أف لمحياة الدنيا حوائج‬
‫كذلؾ لمحياة األخروية حوائج ‪ ،‬وكما أف لمحياة الدنيا مشاكؿ كذلؾ تحدث‬
‫المشاكؿ لمحياة األخروية‪ ،‬فخذا كاف اليوـ الحاضر غير قطعي فحوائجو‬
‫ومشاكمو غير قطعية ‪ ،‬واليوـ ابخر ىو اليوـ القطعي واليقيني فحوائجو‬
‫ومشاكمو قطعية ويقينية ‪ ،‬بؿ حوائج الدنيا مقابؿ حوائج ابخرة كقطرة‬
‫مقابؿ البحار ‪ ،‬ومشاكؿ الحياة الدنيوية مقابؿ مشاكؿ الحياة األخروية‬
‫كالقطرة مقابؿ البحار‪.‬‬
‫واف الناس عواميـ وخواصيـ يتفكروف لقضاء حوائج الدنيا‪ ،‬كيؼ‬
‫تنقضي‪ ،‬ويتفكروف لحؿ مشاكؿ الدنيا ‪ ،‬واف ىذا الفكر غير ممنوع شرعا‬

‫ٔ) سورة المعارج – ابيات مف ٗ ‪. ٔٛ :‬‬


‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪052‬‬

‫إي أف يممب الفكر لقضاء حوائج الدنيا وحؿ مشاكميا ‪ ،‬عمي الفكر‬
‫لقضاء حوائج ابخرة ‪ ،‬وحؿ مشاكميا ‪.‬‬
‫وقد ذكر اهلل ‪ ‬مشاكؿ ابخرة في القرآف وابيات كثيرة في أحواؿ‬

‫َخ ِذها‬‫َن ْخ ُاواتنيومات ِفُّ االُْ اا ِ ا ِ‬ ‫ناتاال ْ‬‫ابخرة ‪ ،‬قاؿ تعالى ‪َِ { :‬ج َذاا ِ‬
‫َْ َ َ َ ْ ُ ْ‬ ‫َ‬
‫صن ِ َجِ ِه َاوََِ ِذه اوالِ ُ ِّل اا ْ ِ ٍئ ا ِّ َْني َُ ٌْ اتنيَ ْوَ ِْ ٍا ا َ أْ ٌن اتنيُ ْغَِ ِذها‬ ‫ِ ِِ‬
‫واوُِّ ه َاوَ ذه َ‬
‫اواو َ‬ ‫َ‬
‫اِلَْذني ََنا‬ ‫ٍِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫واو ا ِ ٍ ِ‬
‫اواوُو ُ وٌَ اتنيَ ْوَ ْا َ‬ ‫اواضن َ ٌ ا ُّ ِْفجَْشَةٌ َ‬ ‫وٌَ اتنيَ ْوَ ْا ا ُّ ِْففَةٌ َ‬ ‫ُُ‬
‫ج اةُ } (ٔ)‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ال ٌُاالْ َ َفَةُاالْ َف َ َ‬
‫ََْنيَةٌاواثَني ْ َل ُ ََنافَنيجَنيَةٌاو ُْولَْ َ ُ‬
‫اان َِفن ُنا‬ ‫ناتاالطْن ْ ُاالْ ُ ْني ىاواتنيَ ْوَماتنيَجَ َا ْك ِْ‬ ‫وقاؿ تعالى ‪َِ {:‬ج َذاا ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ت اا َْ ِم ِ‬ ‫ِ‬
‫اواومثنيََ اا َْذَن َةا‬‫ذٌ ال َُ اتنيََىاوا َأَْنا َ اسَغَ َ‬ ‫اواونيُِّ َز َ ُ‬ ‫َ نا َ َع َ‬
‫اخن َ ا َ َ َنم َارِِّه َاونيَ ََ ا‬ ‫ااَ ِم ِ‬ ‫ِ‬
‫ىاواوَْنا َ ْ َ‬ ‫ذٌ ال َي االْ َُأْ َو َ‬ ‫الْ ْنيذَناوا َج ْن َْ َ‬ ‫ُّ‬
‫نِ ِا‬ ‫الَْني ْفس اِ ِ اا ْبوىاوا َِج ْن ْ ِ‬
‫اِ ِ اال ِْف َ‬ ‫ااَََْ َ ال َي االْ َُأْ َوىاواتَ ِْفأَلُواَ َ َ‬ ‫َ َ ََ‬
‫َتْن َن ا نلناوا ِذٌ اَ ِ ِ‬
‫تا‬ ‫نلناواَِّْنَناَ َ‬ ‫ت ا اذ ْكَ َالناواِ َىل َارِّ َ ا َُجَني ََ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُْ َ َ‬
‫اِ ِشذْ ً ا َْوا‬ ‫ِ‬
‫نلن او ا َكأَنيْ َُ ٌْ اتنيَ ْوَم اتنيََ ْوَني ََن ا ََلْ اتنيَ ْلًَُوا اِْ َ‬ ‫اِيْ َش َ‬
‫َا ُر ا َ َ‬ ‫ُ‬
‫نلن}(ٕ)‪.‬‬
‫ض َم َ‬
‫ُ‬

‫ٔ) سورة عبس – ابيات مف ٖٖ ‪. ٕٗ :‬‬


‫ٕ) سورة النازعات – ابيات مف ٖٗ ‪. ٗٙ :‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪053‬‬

‫اواوِ َذاا‬
‫ت َ‬ ‫وماا َ َْ َر ْ‬ ‫ُّج ُ‬ ‫ت ِ‬
‫اواو َذااالَ ُ‬
‫سا ُك ِّوَر ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُْ‬
‫ْ‬ ‫ش‬ ‫ااال‬ ‫ذ‬
‫َ‬ ‫وقاؿ تعالى ‪ِ {:‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اََِ ُ‬
‫ت اوا‬ ‫وش ا ُ شَ ْ‬ ‫ت او َاوِ َذا االْ ُو ُ ُ‬ ‫ت او َاوِ َذا االْع َش ُنر اُِطِّلَ ْ‬ ‫نل ا ا ُ ذِّنيَ ْ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫تا‬ ‫ودةُ ا ُ ْلَ ْ‬ ‫اواوِ َذااالْ َُ ْوُؤ َ‬
‫ت َ‬ ‫وس ُازِّو َ ْ‬ ‫ت ِ‬
‫اواو َذااالَُّني ُف ُ‬
‫َو َذااالْ َم ُنر ا ُ ِّجَ ْ َ‬
‫ِ ِ‬
‫ِ‬ ‫ااالَم ِ‬ ‫َي ا َذ ٍ ِ‬ ‫واِأ ِّا‬
‫تا‬ ‫اواوِ َذااال ِْف َُناا ُكشطَ ْ‬ ‫ت َ‬ ‫ف ا ُشَ ْ‬ ‫اواوِ َذ ُّ ُ ُ‬ ‫ت َ‬ ‫ب افُجلَ ْ‬
‫س ا ْنا‬ ‫ف‬ ‫ني‬ ‫ا‬ ‫ت‬ ‫ُ‬ ‫ااََْ ُ ا ُزلَِفت او اِلِ‬ ‫ا‬ ‫ذ‬ ‫ت اووِ‬ ‫ااَ ِ‬ ‫ِ‬
‫ٌ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫و َاو َذا َْ ُ َ‬
‫ع‬
‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ا‬ ‫ذٌ‬ ‫م‬
‫}(ٔ)‪.‬‬ ‫تا‬ ‫َْ َ‬
‫ضَ ْ‬
‫وابيات كثيرة ومعمومة ‪ ،‬والقرآف مميء بمشاىد يوـ القيامة ‪.‬‬

‫******‬
‫ٔ) سورة التكوير – ابيات مف ٔ ‪. ٔٗ :‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪054‬‬

‫اإليةمان الحقيقي‬

‫الصػحابة الكػراـ رضػواف اهلل عمػييـ أجمعػيف تحصػػموا عمػى اإليمػػاف ‪،‬‬
‫وبسبب اإليماف صػار ديػنيـ قويػاً جػداً ‪ ،‬وبسػبب قػوة إيمػانيـ فػاهلل أعطػاىـ‬
‫النجاة ‪.‬‬
‫وعػػددا ‪ ،‬كػػاف عػػددىـ‬
‫الصػػحابة رضػػي اهلل عػػنيـ كػػانوا أقػػؿ منػػا عػػدداً ُ‬
‫ٕٗٔ ألػػؼ ونحػػف أكثػػر مػػف ألػػؼ مميػػوف ‪ ،‬وكانػت بيػػوتيـ صػػميرة طعػػاميـ‬
‫فيو تقشؼ والمباس مرقع ‪ ،‬وكانوا يركبوف الجماؿ والنػوؽ ‪ ،‬وكانػت حيػاتيـ‬
‫بس ػػيطة ‪ ،‬ومػ ػػع ذلػ ػػؾ كمػ ػػو اهلل ‪ ‬أعط ػػاىـ النجػ ػػاة والع ػ ػزة أمػ ػػاـ طواغيػ ػػت‬
‫زمػػانيـ ( كسػػرى ‪ ..‬وقيصػػر ‪ ..‬ورسػػتـ ‪ ..‬ويزدجػػرد ‪ ..‬وأبػػو جيػػؿ ‪ ..‬وأبػػو‬
‫لي ػػب ‪ ..‬ويي ػػود خيب ػػر ‪ ..‬ونص ػػارى تب ػػوؾ ‪ ..‬وك ػػذلؾ مش ػػركي مك ػػة ال ػػذيف‬
‫كػػانوا يض ػربوف الصػػحابة الك ػراـ رضػػي اهلل ‪ ،‬ولكػػف لمػػا تحصػػموا عمػػى قػػوة‬
‫اإليماف ‪ ،‬وقوة الديف ‪ ،‬فاهلل ‪ ‬أعطاىـ النجاة أماـ طواغيت زمانيـ ‪.‬‬
‫ونحػػف فػػى زماننػػا ىػػذا أكثػػر مػػف ألػػؼ مميػػوف ‪ ،‬ونحػػف كػػذلؾ مؤمنػػوف‬
‫ولكف نحف في الذلة والخسارة ‪ ،‬مع أننا نركب الطائرات والسيا ارت ولباسنا‬
‫جميمػػة ‪ ،‬وبيوتنػػا عاليػػة ‪ ،‬وطعامنػػا فيػػو رفاىيػػة ‪ ،‬وأموالنػػا كثي ػرة ‪ ،‬كػػؿ شػػئ‬
‫عندنا كثير ‪ ،‬ولكف مع ىذا نحف فى الذلة والخسارة ‪.‬‬
‫فما سبب نجاحيـ مع قمة عددىـ وعُددىـ‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪055‬‬

‫وما سبب خسارتنا مع كثرة عددنا وعُدتنا ؟‬


‫و ‪ ‬و ‪ْ َ ‬نا‬‫فاألعداء يستيزئوف بنا ويقولوف ‪َ ‬وَ ْنااللْهَا َ َماالْ ُُ ْوِ َِ َا‬
‫نيماالْ ُُجْ ِ نينيو ‪ . . ‬ويسػػألوننا ىػػؿ ىػػذه الموعػػودات لمصػػحابة فقػػط أـ‬
‫اللْنينيهَا َ ني َ‬
‫لكػػـ أيضػ ػاً ىك ػػذا يتكممػػوف أم ػػاـ الطمب ػػة فػػي الم ػػدارس العصػ ػرية ليمي ػػروا‬
‫فكرىـ وتوجياتيـ في الديف إلى الفكر المنادى والحضارة المربية ويجعمػوف‬
‫الشؾ في قموبيـ ‪ ..‬فخذا أجبنا عمييـ بالمساف فقط فيذا ي يكفى ‪.‬‬
‫لػػو أف التػػاجر موجػػود ‪ ،‬ولػػيس عنػػده بضػػاعة ‪ ،‬ويقػػوؿ‪ :‬أبػػى سػػماني‬
‫تاج اًر ‪ ،‬فكيؼ يرب‬
‫فالسبب األول في نجاحيم ‪:‬‬
‫كػػاف عنػػدىـ حقيقػػة الػػديف ‪ ،‬وعنػػدنا صػػورة الػػديف ‪ ..‬وصػػاحب حقيقػػة‬
‫الديف مثؿ األسد‪ ،‬وصاحب حقيقة المادة مثؿ الفأرة‪.‬‬
‫جميػػع األنبيػػاء عمػػييـ السػػالـ وأتبػػاعيـ ‪ ،‬كػػاف معيػػـ حقيقػػة الػػديف ‪،‬‬
‫ولذا صار أىؿ المادة أماميـ مثؿ الفئراف ‪.‬‬
‫فػ ػػالنمرود صػ ػػار مثػ ػػؿ الفػ ػػأرة‪ ،‬أمػ ػػاـ سػ ػػيدنا إب ػ ػراىيـ ‪ .. ‬وقػ ػػاروف‬
‫وفرعػ ػػوف ‪ ،‬وىامػ ػػاف ‪ ،‬صػ ػػاروا مثػ ػػؿ الفئ ػ ػراف أمػ ػػاـ سػ ػػيدنا موسػ ػػى وىػ ػػاروف‬
‫عمييما السالـ وبني إسرائيؿ ‪.‬‬
‫وكسرى وقيصر ويزدجرد ورستـ وييود خيبر ونصارى تبوؾ أصػبحوا‬
‫؛ مثؿ الفئراف أمػاـ النبػي ‪ ‬والصػحابة الكػراـ رضػي اهلل عػنيـ أجمعػيف ‪.‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪056‬‬

‫رأاَتَنينين ُو َنا‬
‫َ‬ ‫‪ .‬قػػاؿ تعػػالى ‪َ ‬واذْ ُك ني ُوااِ ْذا نينيجٌافَلِذني ٌنيلا ُ ِْفجَ ْ‬
‫ضني َنيع ُفو َن ِآتاا‬
‫َ ْنات نينيجَلطَْف ُ ٌاالَْنينينسا َنينيآوا ُكٌاوَتنيْ ني َْ ُك اٌاَََِني ني َِِاورزفَ ُ نينيٌا ِ ني ني االطْذِّ ني ِ‬
‫نينتا‬ ‫َ َ ُ ُ َ ْ َ ْ ْ َََ ْ َ َ‬
‫(ٔ)‬
‫ن ‪‬‬ ‫لَ َعلْ ُ ٌْاثَ ْش ُ ُو َا‬
‫وفػػى الػػزمف ابتػػي ‪ ،‬أصػػحاب المػػادة ‪ ،‬مثػػؿ الػػدجاؿ ويػػأجوج ومػػأجوج‬
‫يصيروا مثؿ الفئراف أماـ أصحاب أىؿ اإليماف ‪.‬‬
‫مع أف أىؿ اإليماف مف ناحية المػادة لػيس معيػـ شػئ ‪ ،‬ولكػف يكونػوا‬
‫مثػػؿ األسػػد ‪ ،‬وينػػزؿ عمػػييـ عيسػػى ‪ ‬ألنيػػـ معيػػـ ديػػف حقيقػػي ‪ ،‬فتكػػوف‬
‫نصرة اهلل ‪ ‬معيـ ‪.‬‬
‫ابف صػػالة موجػػودة ‪ ..‬زكػػاة موجػػودة‪ ..‬حػػج موجػػود ‪ ..‬صػػوـ موجػػود‬
‫‪ ..‬تالوة القرآف موجود ‪ ..‬ولكف األعماؿ ليس فييا الروح ‪.‬‬
‫نحػػف فػػى زماننػػا ىػػذا أسػػد مػػف ناحيػػة الصػػورة ‪ ،‬ي مػػف ناحيػػة الحقيقػػة‬
‫‪ ..‬األسد المصنوع مف القرطاس كبيػر ‪ ،‬ولكػف صػورة ‪ ،‬فتػأتى فػأرة حقيقيػة‬
‫فييا روح فتأكػؿ بطنػو ‪ ..‬تأكػؿ أنفػو ‪ ..‬تأكػؿ عينيػو ‪ ..‬وىػذا األسػد يقػوؿ ‪:‬‬
‫أنا أسد ‪ ..‬نحف نجحنا فػى بػدر ‪ ،‬نحػف نجحنػا فػى القادسػية ‪ ،‬نحػف نجحنػا‬
‫فى اليرموؾ ‪ ..‬نحف أُسد ‪ ..‬أنتـ فئراف ‪ ..‬ولكػف الفػأرة تخوفػو لمػاذا ألنػو‬
‫صػورة وىػػى حقيقػػة ‪ ..‬فأىػؿ المػػادة عنػػدىـ حقيقػة المػػادة ليسػػت الصػػورة ‪..‬‬

‫ٔ) سورة األنفاؿ – ابية ‪. ٕٙ‬‬


‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪057‬‬

‫قنبمػػة ذريػػة ‪ ..‬قنبمػػة ىيدروجينيػػة ‪ ..‬األسػػمحة ليسػػت صػػورة ‪ ..‬النفاثػػات ‪..‬‬


‫الطػػائرات والمصػػنوعات الجديػػدة لػػيس عنػػدىـ الصػػورة بػػؿ الحقيقػػة‪ ..‬ولكػػف‬
‫المسػمـ عنػػده صػػورة الػػديف ‪ ،‬وصػػورة الػػديف ي تممػػب عمػػى حقيقػػة المػػادة ‪..‬‬
‫ولكف حقيقة الديف ىي التي تممب عمى حقيقة المادة كما قاؿ اهلل تعػالى ‪‬‬

‫اِلَ االِّْت ِ ا ُكلِّ ِه َاولَ ْواا‬ ‫ِ‬ ‫لواالْ ِاياَر لار ولَهاِن ْب َْ ِ‬
‫ىاودت ِ اا َْ َِّالذُظْ َََُِ َ‬
‫َْ َ َُ ُ ُ َ‬ ‫َُ‬
‫َك ََِاالْ ُُ ْش ُِكو َا‬
‫ن ‪. )ٔ( ‬‬

‫فجميػػع الطػػرؽ الباطمػػة تكػػوف ممموبػػة ‪ ،‬أمػػاـ الطريػػؽ الحقيقػػي الػػذي‬


‫جاء بو النبي ‪. ‬‬
‫فالسبب األول ‪ :‬لخسارتنا ونجاحيـ ‪:‬‬
‫أنيـ كاف عندىـ حقيقة الديف ونحف عندنا صورة الديف‪.‬‬
‫والسبب الثاني ‪ :‬لخسارتنا ونجاحيـ ‪:‬‬
‫أف الصحابة الكراـ رضػي اهلل عػنيـ‪ ،‬كػانوا يحفظػوف ديػف اهلل تعػالى‪،‬‬

‫نيتا‬ ‫َ ني ني ُواااللْ نينيهَاتنيََْ ُ‬


‫َ ني ني ُْك ٌْ َاوتنيًَُِّ ني ْ‬ ‫‪ ‬إِ ْناثَنيَْ ُ‬ ‫فػ ػػاهلل تعػ ػػالى حفظيػ ػػـ قػ ػػاؿ تعػ ػػالى‬

‫َني َُُاِ ْنااللْنينيهَالََ ني ِو ٌّ‬


‫يا‬ ‫َنيَ ْنااللْنينيهُا َ ني ْ اتنيََْ ُ‬
‫َفْني َنيْا َ ُ ْاٌ ‪ ‬وقػػاؿ تعػػالى ‪َ ‬ولَذَنيَْ ُ‬
‫(ٕ)‬

‫أي تنصروا ديف اهلل ‪.‬‬ ‫(ٖ)‬


‫َِ ِتٌا‪‬‬

‫ٔ) سورة الصؼ – ابية ‪. ٜ‬‬


‫ٕ) سورة محمد – ابية ‪. ٚ‬‬
‫ٖ) سورة الحج – ابية ٓٗ ‪.‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪058‬‬

‫أييا األحباب ‪ ..‬أنا بينت مرضيف مػف األمػراض التػي أصػابت األمػة‬
‫مع أف األمراض كثيرة ‪.‬‬
‫المرض األول ‪ :‬عندنا صػورة الػديف ولػيس حقيقػة الػديف ‪ ..‬المػرض الثػاني‬
‫‪ :‬نحف تركنا حفاظة ديف اهلل فاهلل تركنا ‪ ..‬فما عالج ىذه األمراض‬
‫ال ػػديف الحقيق ػػي ي يك ػػوف إي بق ػػوة اإليم ػػاف ‪ ،‬وق ػػوة اإليم ػػاف ى ػػي روح‬
‫األعمػػاؿ وروح جميػػع الػػديف ‪ ،‬وجميػػع المواعيػػد المنتشػرة فػػي القػرآف بحقيقػػة‬
‫اإليمػػاف ي بكػػالـ اإليمػػاف فب ػػالكالـ يقػػوؿ ‪ :‬أنػػا م ػػؤمف ‪..‬أنػػا موحػػد ‪ ..‬أن ػػا‬
‫مسػػمـ ‪ ..‬وىػػذا فقػػط لفػػظ اإليمػػاف لػػيس حقيقػػة اإليمػػاف والمفػػظ ي يكفػػى قػػاؿ‬
‫ِ‬
‫ن‪‬‬
‫اتنيُ ْفجَنيَُنينيو َا‬ ‫نينساَ ْناتنيُْجنيَُكنيوااَ ْناتنيَ ُولُنيواام َ َْني َ‬
‫نيناوُلني ْنيٌا‬ ‫تعػػالى ‪ِ َ َ ‬فني َ‬
‫نيباالَْني ُ‬
‫(ٔ)‬

‫فبػػالكالـ ي يتحصػػؿ اإلنسػػاف عمػػى موعػػود اهلل ‪ ، ‬وكػػذلؾ الكػػالـ مػػف‬


‫ناحية المادة ي يكفى ‪.‬‬
‫فمػػو قػػاؿ اإلنسػػاف ‪ ..‬قنبمػػة ذريػػة خمسػػيف مػرة ‪ ،‬ي تمػػوت ذبابػػة واحػػدة‬
‫‪ ..‬بالمسػ ػػاف يقػ ػػوؿ اإلنسػ ػػاف مفتػ ػػاح ‪ ..‬مفتػ ػػاح ‪ ،‬ولكػ ػػف ي يفػ ػػت القفػ ػػؿ ‪..‬‬
‫بالمسػػاف يقػػوؿ لمبػػة ‪ ..‬لمبػػة ولكػػف ي يػػأتي النػػور ‪ ..‬ولكػػف يبػػد مػػف حقيقػػة‬
‫األشػػياء فػػخذا قػػاؿ اإلنسػػاف آمنػػت بػػاهلل ‪ ..‬بػػدوف الحقيقػػة فػػي القمػػب فػػاهلل ي‬
‫يوفى مواعيده ‪.‬‬
‫ولكن متى يوفى اهلل مواعيده ؟‬

‫ٔ) سورة العنكبوت – ابية ٕ ‪.‬‬


‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪059‬‬

‫ي ػ ػػوفى اهلل مواعي ػ ػػده ‪ ،‬إذا ق ػ ػػاؿ اإلنس ػ ػػاف ‪ :‬آمن ػ ػػت ب ػ ػػاهلل ‪ ، ‬وى ػ ػػذا‬
‫الشػػيء رسػػخ فػػي قمبػػو ( يعنػػى رسػػخ فػػي قمبػػو حقيقػػة اإليمػػاف ) فيػػو صػػار‬
‫ص ػػادقاً ف ػػي قول ػػو ‪ :‬آمن ػػا ‪ ..‬فبع ػػد ذل ػػؾ اهلل ‪ ‬يعطي ػػو النج ػػاة ف ػػي ال ػػدنيا‬
‫وابخرة ‪.‬‬
‫فكثير مػف النػاس ‪ ،‬يقولػوف ‪ :‬آمنػا بػاهلل ‪ ،‬ولػيس عنػدىـ اإليمػاف ‪ ،‬وي‬

‫نيولام َ َْنيناِنللْني ِنيه َاوِنينينلْذَني ْوِما‬ ‫يعمميػـ إي اهلل ‪ ،‬قػػاؿ تعػالى ‪َ ‬وِ ني َ االَْني ِ‬
‫نينسا َ ني ْ اتنيَ ُني ُ‬
‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬
‫وا‪. )ٔ( ‬‬ ‫ْاْلخ ِ َاوَ ُ‬
‫نال ٌْابُْو َ َ‬
‫فػ ػػاهلل ‪ ‬يختبػ ػػر اإلنسػ ػػاف ‪ ،‬لػ ػ ُػيعمـ النػ ػػاس ‪ ،‬أي رجػ ػػؿ عنػ ػػده حقيقػ ػػة‬
‫اإليمػػاف ‪ ،‬وأي رجػػؿ لػػيس عنػػده إيمػػاف ‪ ،‬وأي رجػػؿ عنػػده إيمػػاف ضػػعيؼ ‪،‬‬

‫َلا‬ ‫وليبػيف لمنػػاس ‪ :‬أي رجػؿ صػػادؽ ‪ ،‬وأى رجػؿ كػػاذب ‪ . .‬قػاؿ تعػػالى ‪‬‬

‫نيناوُل ني ْنيٌا اتنيُ ْفجَنيَُنينيو َناوا َولََ ني ْْا‬‫ني‬ ‫ْ‬


‫َ‬ ‫اام‬
‫و‬ ‫ني‬ ‫ل‬
‫ُ‬‫و‬ ‫ُ‬ ‫ني‬‫ت‬‫ا‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫اا‬
‫و‬ ‫ني‬ ‫ك‬
‫ُ‬ ‫ني‬‫ج‬‫ْ‬ ‫ني‬‫ت‬‫ا‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ا‬ ‫نينس‬‫ني‬ ‫ْ‬
‫َ‬ ‫اال‬ ‫نيب‬‫ني‬ ‫واَ ِ‬
‫ِف‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َُ‬ ‫َ َ‬
‫نينذِ َا‬
‫و‬ ‫َنيجنيَْنيناالْ ِنيات ا ِ ني افَني لِ ٌَِا َنيلَنيذنيعلَُ ْ االلْنيهاالْني ِنيات اص َنيْفُوااولَنيذنيعلَُ ْ االْ َ ني ِ‬
‫َ ْ ْ ْ َْ َ ُ َ َ َ َْ َ‬ ‫َ‬
‫‪ )ٕ( ‬أي مف ناحية اإليماف‪.‬‬
‫ما معنى حقيقة اإليمان ‪ ..‬؟!‬
‫معن ػػى حقيق ػػة اإليم ػػاف يفيمن ػػا كمم ػػة التوحي ػػد ( ي إل ػػو إي اهلل محم ػ ٌػد‬

‫ٔ) سورة البقرة – ابية ‪. ٛ‬‬


‫ٕ) سورة العنكبوت – ابيات ٔ ‪. ٖ :‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪061‬‬

‫رسػػوؿ اهلل ) ي معبػػود بحػػؽ إي اهلل ‪ ..‬ولكػػف اإلنسػػاف ي يمكػػف أف يصػػؿ‬


‫إلى توحيد األلوىية ‪ ،‬قبؿ أف يصؿ إلى توحيد الربوبية ‪.‬‬
‫ليذا السػبب اهلل ‪ ، ‬جمػع األرواح جميعػاً فػي عػالـ الػذر ‪ ،‬ولػـ يقػؿ‬
‫ألست بخليكـ ‪ ،‬بؿ قاؿ ألست بربكـ ‪..‬‬
‫واإليمان واإلسالم والتوحيد عمى قسمين ‪:‬‬
‫القسم األول ‪:‬‬
‫قػػانوني ‪ ،‬يكفػػى بالمسػػاف ‪ ،‬يقػػوؿ أنػػا ‪ :‬مسػػمـ ‪ ..‬أنػػا ‪ :‬مػػؤمف ‪ ..‬أنػػا ‪:‬‬
‫موحػػد ‪ ..‬ي إلػػو إي اهلل محمػػد رسػػوؿ اهلل ‪ . .‬قػػاؿ بالمسػػاف وبعػػد ذلػػؾ يعبػػد‬
‫اهلل تعالى وحده ويصػمى ‪ ،‬فعنػده إسػالـ موجػود ‪ ..‬إيمػاف موجػود ‪ ..‬توحيػد‬

‫يعامػػؿ بػػو معاممػػة المسػػمميف ‪ ،‬ويػػدفف فػػي مقػػابر‬ ‫موجػػود ‪ ..‬ولكػػف قػػانوني‬
‫المسمميف ‪ ،‬ويرث ويورث ‪ ،‬ألنو يعد مسمـ ‪.‬‬
‫القسم الثاني ‪:‬‬
‫التوحيد الحقيقي واإليماف الحقيقي واإلسالـ الحقيقي وي يعممػو إي اهلل‬
‫تعػػالى ‪ ،‬ويعط ػػى الزك ػػاة ‪ ،‬ويص ػػوـ رمض ػػاف ‪ ،‬ويح ػػج البي ػػت ‪ ،‬ويفي ػػـ بع ػػد‬
‫الموت ‪ ..‬ألف كثير مف الناس ينطقوف كممة التوحيد ‪ ،‬ويقومػوف باألعمػاؿ‬
‫الظاىريػة ‪ ،‬وىػـ عنػػد اهلل ليسػوا بمػؤمنيف ‪ ،‬مثػػؿ المنػافقيف فيػؤيء يصػػيروف‬
‫إلى نار جينـ خالديف فييا أبداً ‪.‬‬
‫وليذا كاف الصحابة رضى اهلل عنيـ أجمعيف ‪ ،‬يخافوف مف النفاؽ‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪060‬‬

‫‪ ..‬كػػاف الرسػػوؿ يعػػامميـ معاممػػة‬ ‫والمنػػافقوف فػػي زمػػف رسػوؿ اهلل ‪‬‬
‫المسػػمميف ‪ .‬وزمػػاف الرسػػوؿ ‪ ‬ىػػو الػػزمف الوحيػػد الػػذي كػػاف الرسػػوؿ ‪‬‬
‫يعرفيـ بالوحي ‪:‬‬

‫نيولااِْ ني َا ْن ِاِل َاو اثَني ْفجِني ِّنيِناَ ِآتاالْ ِفْجنيََ ني ِا‬ ‫قػػاؿ تعػػالى ‪َ ‬وِ نيَْني َُ ٌْا َ ني ْ اتنيَ ُني ُ‬
‫مذطَ ٌا ِنلْ َ ن ِ ِت َا ‪. )ٔ( ‬‬ ‫َ طُوااوِ ْنا ٌََْالَُ ِ‬
‫َ َ ََ َ ُ‬
‫نتا نينيجنا ُِْطُنيواا ِ َْني ََنينينا‬ ‫َني َنيْفَ ِ‬ ‫وقػػاؿ تعػػالى ‪َ ‬وِ نيَْني َُ ٌْا َ ني ْ اتنيَ ْل ُِني ُ َك ِآتاال ْ‬
‫ِ‬
‫ن‪. )ٕ( ‬‬ ‫اال ٌْاتَ ِْف َلطُو َا‬ ‫ااوِ ْنا ََلْاتنيُ ْعطَْواا َْني ََناِ َذ ُ‬ ‫ضو َ‬‫َر ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الني َنيوا ُذُ ٌنافُني ْنيلا‬‫نيِب َاوتنيَ ُولُنينيو َن ُ‬ ‫وقػػاؿ تعػػالى ‪َ ‬و نيَْني َُ ٌُاالْنينيات َ اتُني ْنيوذُو َناالَْنيِ ْ‬
‫و َاوَر ْْحَني ٌالِلْني ِنيات َ ام َ َُنيواا ِ نيَْ ُ ٌْا‬ ‫ِ ِ ِ ِِ‬ ‫ِ‬
‫اخ ٍْنينالَ ُ ني ْنيٌاتنيُ ْنيو ُ اِنللْنينيه َاوتنيُ ْنيو ُ ال ْل ُُني ْنيو َ َ‬
‫ُذُ ُن َ‬
‫ذٌ‪.)ٖ( ‬‬ ‫اباَلِ ٌا‬ ‫اِ َا ٌ‬
‫والْ ِات اتني ْوذُو َنار َ ِ‬
‫ولااللْها َبُ ٌْ َ‬ ‫َُ‬ ‫َ َُ‬
‫ضني نينيلِ ِها‬
‫نلني ني َنيْااللْني نينيهَالَني نينيِْ ْ امثَن َني نينينا ِ ني ني ْ ا َ ْ‬
‫اِ َ‬
‫ِ‬
‫وقػ ػػاؿ تعػ ػػالى ‪َ ‬و ني نيَْني َُ ٌْا َ ني ني ْ َ‬
‫و ‪. )ٗ( ‬‬ ‫َن ِِ َا‬ ‫َ ْْفَ ْ َاولَاََ ُ وَ ْ ا ِ َ اال ْ‬ ‫لَََ ْ‬
‫فيػػذا جػ ػ أد بػػف ق ػػيس لم ػػا جػػاء وق ػػت الجي ػػاد فػػى س ػػبيؿ اهلل ‪ ، ‬م ػػا‬

‫ٔ) سورة التوبة – ابية ‪. ٜٗ‬‬


‫ٕ) سورة التوبة – ابية ‪. ٘ٛ‬‬
‫ٖ) سورة التوبة – ابية ٔ‪. ٙ‬‬
‫ٗ) سورة التوبة – ابية ٘‪. ٚ‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪062‬‬

‫اعتػػذر وقػػاؿ ‪ :‬مػػاذا يصػػير لمزرعتػػي وي أويدي وي زوجتػػي ‪ ..‬لمػػاذا ‪..‬‬

‫ألن ػػو س ػػمع ف ػػي القػ ػرآف ‪ ..‬ق ػػاؿ تع ػػالى ‪ ‬فُني ْنيلاِ ْنا َك نينين َنام َنينين ُؤُك ٌْ َاوَْنيََ نينين ُؤُك ٌْا‬
‫نيناوَِتَني َنينرةٌ َ‬
‫اَتْ َش ني ْنيو َناا‬ ‫ول ني َ‬‫نينثُ ُ ٌْ َاوَْ ني َنيو ٌالاافْنيجَنيَ ْنيجُ ُُ َ‬
‫ِ‬
‫َو ْخ ني َنيوا ُ ُ ْاٌ َو َْزَوا ُ ُ ني ْنيٌ َاو َِش ني َ‬
‫ِ‬
‫نيند ِآتا‬ ‫نيباِلَنيذ ُ ٌا ِ ني االلْ ِنيهاور نيولِِهاوِ َ ٍ‬ ‫ِ‬
‫ض ْنيونيَ ََناَ َ ْ ْ ْ َ َ َ ُ َ َ‬ ‫ناوَ َِفنينك ُ اثَني ْ َ‬ ‫َك َِف َند َل َ‬
‫َني ني نيواا َ ني ني ْنيَّتاتَني ني نيأِِْتَااللْ ني نينيهُاِني ني نيأَ ْ َِِ َاواللْ ني نينيهُا اتَني َْني ني ني ِْياالْ َ ني ني ْنيوَما‬ ‫ِِ‬
‫َ ني ني نيِذلها َنيجَنيَْ ُ‬
‫و‪.)ٔ( ‬‬ ‫الْ َفن ِ ِ َا‬
‫ىذه األشياء التي ذكرىػا اهلل ‪ ‬مػا كػاف يعتػذر بيػا المنػافقوف ألنيػـ‬
‫كػػانوا يعرفػػوف أف ىػػذه األشػػياء ي تقبػػؿ أمػػاـ أوامػػر اهلل ‪ ‬وطريػػؽ النبػػي‬
‫‪ ، ‬وأمػػاـ الجيػػد والمشػػقة إلعػػالء كممػػة اهلل ‪ ...‬وليػػذا مػػا اعتػػذر جػ أد بػػف‬
‫قيس بيذه األشياء فماذا كاف عذره‬
‫قاؿ رسوؿ اهلل ‪ ‬وىو في جيػازه لتبػوؾ لجػ أد بػف قػيس " يػا أبػا وىػب‬
‫‪ ..‬ىػػؿ لػػؾ فػػي جيػػاد بنػػي األصػػفر تتخػػذ مػػنيـ سػراري ووصػػفاء " ‪ .‬قػػاؿ ‪:‬‬
‫يا رسوؿ اهلل ‪ ‬لقد عرؼ قومي أنى رجؿ ممػرـ بالنسػاء ‪ ،‬وأنػي أخشػى‬
‫إف رأيت بنات بني األصفر أف ي أصبر عػنيف ‪ ،‬فػال تفتنػي بيػف ‪ ،‬وائػذف‬
‫لي فػي القعػود عنػؾ ‪ ،‬وأعينػؾ بمػالي ‪ ،‬فػأعرض عنػو النبػي ‪ ‬وقػاؿ ‪" :‬‬

‫ٔ) سورة التوبة – ابية ٕٗ ‪.‬‬


‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪063‬‬

‫قد أذنت لؾ " فأنزؿ اهلل ‪ ‬ىػذه ابيػة ‪َ ‬وِ نيَْني َُ ٌْا َ ني ْ اتنيَ ُ ُ‬
‫نيولااِْني َا ْن ِاِل َاو‬
‫مذطَ ني ٌا ِنلْ َ نينين ِ ِت َا‪ )ٔ( ‬فمم ػػا‬ ‫ثَني ْفجِني ِّنيِناَ ِآتاالْ ِفْجنيََ ني ِا ني َ طُوااوِ ْنا َ نيٌَْالَُ ِ‬
‫َ ََ َ ُ‬ ‫َ‬
‫نزلت ىذه ابية قػاؿ رسػوؿ اهلل ‪ ‬لبنػى سػممة ‪ ،‬وكػاف الجػ أد مػنيـ ‪ " :‬مػف‬
‫سيدكـ يا بني سممة " قالوا ‪ :‬الجػ أد بػف قػيس غيػر أنػو بخيػؿ جبػاف‪ ،‬فقػاؿ‬
‫النبي ‪ " : ‬وأي داء أدوا مف البخؿ بؿ سيدكـ األبػيض الفتػى الجعػد ‪،‬‬
‫(ٕ) "‬
‫‪.‬‬ ‫بشر بف البراء بف معرور‬
‫ورسوؿ اهلل ‪ ‬عاممو عمى الظػاىر ‪ ،‬فيػو يقػوؿ ‪ :‬أنػا مػؤمف وأخشػى‬
‫أف أقػػع فػػي الزنػػا ولكػػف اهلل مػػاذا أخبػػر أنػػو لػػيس مػػؤمف ‪ ،‬ألنػػو سػػقط فػػي‬
‫الفتنػػة لتخمفػػو عػػف رسػػوؿ اهلل ‪ ، ‬والرغبػػة بنفسػػو عػػف نفسػػو أعظػػـ ‪ ،‬فػػال‬
‫محيد لو وي ميرب مف جينـ ألنو ليس مؤمف ‪.‬‬
‫فػػنحف نقػػوؿ بألسػػنتنا ‪ :‬آمنػػا ‪ ،‬ولكػػف نخػػاؼ مػػف اهلل تعػػالى ىػػؿ ىػػذا‬
‫الشيء رسخ في القمب أـ ي‬
‫وكيف نتحصل عمى قوة اإليمان ؟‬
‫(ٖ)‬
‫فاإليم ػ ػػاف والنف ػ ػػاؽ‬ ‫أوي ‪ :‬يك ػ ػػوف ف ػ ػػي قموبن ػ ػػا اليق ػ ػػيف عم ػ ػػى ذات اهلل ‪‬‬

‫ٔ) سورة التوبة – ابية ‪. ٜٗ‬‬


‫ٕ) انظ ػ ػ ػػر مختص ػ ػ ػػر تفسػ ػ ػ ػير ابػ ػ ػ ػػف كثي ػ ػ ػػر لمص ػ ػ ػػابوني – فػ ػ ػ ػػي تفس ػ ػ ػػير س ػ ػ ػػورة التوبػ ػ ػ ػػة –‬
‫ٕ ‪ ، ٔٗٚ /‬وأسباب النزوؿ لمسيوطي ‪.‬‬
‫ٖ) انظػ ػػر كتابنػ ػػا " كممػ ػػات مضػ ػػيئة فػ ػػي الػ ػػدعوة إلػ ػػى اهلل ‪ " ‬بػ ػػاب األسػ ػػباب لالختبػ ػػار‬
‫وايمتحاف – صػ ‪. ٕٙٛ‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪064‬‬

‫متضػاداف ‪ ،‬اإليمػاف مختفػي والنفػاؽ كػذلؾ مختفػي ‪ ،‬وقبػؿ أف يػأتي النفػػاؽ‬


‫تأتى جراثيـ النفاؽ في القمب ‪ ،‬مثالو مثؿ ‪ :‬مرض السؿ أو السرطاف ‪،‬‬
‫أوي ‪ :‬تأتى الجراثيـ ثـ يأتي المرض ‪.‬‬
‫فما ىي جراثيـ النفاؽ وما عالجو‬
‫العالج ىو القضاء عمى جراثيـ النفاؽ أويً‪ ،‬فيصب اإليماف قوى بعد‬
‫ذلؾ يصب العمؿ الصال قوياً ‪ ،‬وبقوة العمؿ الصال تأتى النصرة والمدد‬
‫م ػػف اهلل ‪ ‬والرس ػػوؿ ‪ ‬أخبرن ػػا ع ػػف جػ ػراثيـ النف ػػاؽ ‪ ..‬ع ػػف عب ػػد اهلل ب ػػف‬
‫عمرو بف العاص ‪ ‬أف النبي ‪ ‬قاؿ ‪ " :‬أربع مف أ‬
‫كف فيػو ‪ ،‬كػاف منافقػاً‬
‫خالصاً ‪ ،‬ومػف كػاف فيػو خصػمة مػنيف ‪ ،‬كانػت فيػو خصػمة مػف نفػاؽ حتػى‬
‫يػدعيا " إذا أؤتمػػف خػػاف واذا حػػدث كػػذب ‪ ،‬واذا عاىػػد غػػدر ‪ ،‬واذا خاصػػـ‬
‫(ٔ)‬
‫‪.‬‬ ‫فجر " متفؽ عميو‬
‫وعػػف أبػػى ىريػرة ‪ ، ‬أف رسػػوؿ اهلل ‪ ‬قػػاؿ ‪ " :‬آيػػة المنػػافؽ ثػػالث‪:‬‬
‫إذا حػػدث كػػذب ‪ ،‬واذا وعػػد أخمػػؼ ‪ ،‬واذا أؤتمػػف خػػاف " متفػػؽ عميػػو‪ .‬وزاد‬
‫(ٕ)‬
‫‪.‬‬ ‫في رواية مسمـ " واف صاـ وصمى وزعـ أنو مسمـ "‬
‫والنفاق نوعين ‪:‬‬
‫(ٔ) نفاؽ عممي ‪ ( :‬ي يخمد صاحبو في النار ) ‪.‬‬

‫ٔ) رياض الصالحيف – باب تحريـ الكذب – صػ ٖٔ٘ ‪.‬‬


‫ٕ) رياض الصالحيف – باب الوفاء بالعيد وانجاز الوعد – صػ ‪. ٕٜٚ‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪065‬‬

‫(ٕ) نفاؽ اعتقادي ‪ :‬يخمد صاحبو في نار جيػنـ وعذابػو أشػد مػف الكفػار ‪،‬‬
‫والعالم ػػات األرب ػػع ل ػػيس نف ػػاؽ اعتق ػػادي ب ػػؿ نف ػػاؽ عمم ػػي وى ػػذا النف ػػاؽ‬
‫العممي يجر إلى النفاؽ ايعتقادي ‪ . .‬كما حدث مع الرجؿ الػذي أتػى‬
‫النبػػي ‪ ‬فقػػاؿ ‪ :‬يػػا رسػػوؿ اهلل ‪ ،‬ادع اهلل لػػي أف يرزقنػػي مػػايً ‪ .‬فقػػاؿ‬
‫خير مػف كثيػر ي تطيقػو "‬
‫رسوؿ اهلل ‪ " : ‬ويحؾ ‪ ،‬قميؿ تؤدى شكره ٌ‬
‫ثػػـ ق ػػاؿ مػ ػرة أخػػرى ‪ " :‬أم ػػا ترض ػػى أف تك ػػوف مثػػؿ نب ػػي اهلل ف ػػو ال ػػذي‬
‫نفسػػي بيػػده لػػو شػػئت أف تسػػير الجبػػاؿ معػػي ذىب ػاً وفضػػة لصػػارت " ‪.‬‬
‫فقاؿ والذي بعثؾ بالحؽ ‪ ،‬لئف دعػوت اهلل أف يرزقنػي مػايً ألوتػيف كػؿ‬

‫ذى حػػؽ حقػػو ‪ .‬فقػػاؿ رسػػوؿ اهلل ‪ " ‬الميػػـ ارزقػػو مػػايً " فاتخػػذ غنم ػاً‬
‫فنمػػت كمػػا ينمػػى الػػدود ‪ ،‬فضػػاقت عميػػو المدينػػة ‪ ،‬فتنحػػى عنيػػا فنػػزؿ‬
‫وادي ػاً مػػف أوديتيػػا ‪ ،‬حتػػى جعػػؿ يصػػمى الظيػػر والعصػػر فػػي جماعػػة‬
‫ويترؾ ما سواىما ‪ ،‬ثػـ نمػت وكثػرت ‪ ،‬فتنحػى حتػى تػرؾ الصػموات إي‬
‫الجمعػػة وىػػى تنمػػى كمػػا تنمػػى الػػدود حتػػى تػػرؾ الجمعػػة ‪ ...‬وأنػػزؿ اهلل‬

‫اِلَني ْنيذ َِ ٌْا‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬


‫صني ِّنيل َ‬ ‫اصني َنيْفَ ًاثُطَ َِّ ني ُ ُل ٌْ َاوثُنيَِّكذَ ٌْا نيَ َ‬
‫نيناو َ‬ ‫‪ُ  ‬خني ْاا ني ْ اَْ ني َنيواب ٌْ َ‬
‫ذٌ ‪)ٔ( ‬فبعػػث رسػػوؿ اهلل ‪‬‬ ‫اِلِني ٌا‬
‫اَسذني ٌنيم َ‬
‫ِ ْناصنينيغثَ َ ا ني َ ا َبنينيٌاواللْنينيه َِ‬
‫َ ٌ ُْ َ ُ‬ ‫َ‬
‫رجميف عمى الصدقة ‪ .‬فأتيػاه فسػأيه الصػدقة ‪ ،‬وأقػرآه كتػاب رسػوؿ اهلل‬
‫‪ . ‬فقػػاؿ ‪ :‬مػػا ىػػذه إي جزيػػة ‪ .‬مػػا ىػػذه إي أخػػت الجزيػػة ‪ ..‬فانطمقػػا‬

‫ٔ) سورة التوبة – ابية ٖٓٔ ‪.‬‬


‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪066‬‬

‫نلني َنيْا‬ ‫ِ‬


‫اِ َ‬ ‫حتػػى آتيػػا النبػػى ‪ ‬فػػأخبراه وأنػػزؿ اهلل ‪ ‬قولػػو ‪َ ‬و نيَْني َُ ٌْا َ ني ْ َ‬
‫واوا َنيلَ ُْنينينا‬ ‫َني ْْفَ ْ اولَََ ُ نينيوَ ْ ا ِ ني اال ْ ِِ‬ ‫اللْنينيهالَنينيِْ امثَن نيَنينا ِ ني ا َ ْ ِ ِ‬
‫َنينين َ‬ ‫َ‬ ‫ضنينيلهالَََ ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ‬
‫ضو َنا‪. )ٔ( ‬‬ ‫ااوُل ٌْا ُ ْع ِ ُ‬ ‫ضلِ ِه َِ ِِ ْ‬ ‫نل ٌْا ِ ْ ا َ ْ‬
‫اِبلُواا ه َاوثَني َول ْو َ‬ ‫مثَ ُ‬
‫إيمػ ػ ػػاف قػ ػ ػػانوني‪ ..‬إسػ ػ ػػالـ قػ ػ ػػانوني‪ ..‬المسػ ػ ػػمموف يعاممونػ ػ ػػؾ معاممػ ػ ػػة‬
‫المسمميف‪.‬‬
‫ولكػػف اإلسػػالـ الحقيقػػي ‪ ،‬واإليمػػاف الحقيقػػي فػػي قمبػػؾ ‪ ،‬ي يعممػػو إي‬
‫اهلل ‪ .. ‬ولي ػػذا ك ػػاف الص ػػحابة رض ػػى اهلل ع ػػنيـ يخ ػػافوف م ػػف النف ػػاؽ ‪،‬‬
‫فس ػػيدنا عم ػػر ب ػػف الخط ػػاب ‪ ‬ي ػػذىب إل ػػى حذيف ػػة ويس ػػألو ‪ ،‬ى ػػؿ ذكرن ػػي‬
‫رسوؿ اهلل ‪ ‬فى المنافقيف‬
‫وسيدنا ابف أبى مميكة يقوؿ ‪ :‬أدركت ثالثػيف مػف أصػحاب محمػد ‪‬‬
‫كميـ يخاؼ عمى نفسو النفاؽ ‪ ( .‬رواه البخاري ) ‪.‬‬
‫فاهلل جؿ جاللو بسبب كثرة المعاصي والذنوب حينمػا يمضػب يعاقػب‬
‫تػػارة بػػالزيزؿ وتػػارة بالسػػيوؿ وتػػارة بػػالقحوط ولكػػف لػػو يمضػػب عمػػى العبػػد‬
‫غض ػػباً ش ػػديداً بس ػػبب كثػ ػرة المعاص ػػي ‪ ،‬واجتػ ػ أر وق ػػاؿ ‪ :‬أن ػػا م ػػؤمف ‪ ..‬أن ػػا‬
‫موحػ ػػد ‪ ..‬أنػ ػػا أدخػ ػػؿ الجنػ ػػة ‪ ،‬لػ ػػيس فػ ػػى قمبػ ػػو عظمػ ػػة اهلل وليػ ػػذا اشػ ػػتمؿ‬

‫نل َنيْا‬ ‫ِ‬


‫اِ َ‬
‫بالمعاصي فاهلل ‪ ‬يجعمو منافقاً كما قاؿ اهلل تعالى ‪َ ‬و نيَْني َُ ٌْا َ ني ْ َ‬

‫ٔ) سورة التوبة – ابيتاف ٘‪ٚٙ ، ٚ‬‬


‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪067‬‬

‫(ٔ)‪.‬‬ ‫َن ِِ َا‬


‫و‪‬‬ ‫ضلِ ِهالَََ ْ‬
‫َ ْْفَ ْ َاولَََ ُ وَ ْ ا ِ َ اال ْ‬ ‫اللْهَالَِْ ْ امثَن َنا ِ ْ ا َ ْ‬
‫فماذا كانت النتيجة ؟‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫َِ َ َني َُ ٌْا َفنف نينً ِآتافُنيلُنينيو ٌْاِ َىلاتَني ْنيوماتنيَ ْل َ ْوَنينيهُابنيَنينا ْ‬
‫َخلَ ُف نيواااللْنينيهَا َ نينينا‬ ‫‪َ ‬نيأ ْ‬
‫ن‪ )ٕ( ‬فخمؼ الوعد والكذب ‪ ..‬جراثيـ النفاؽ‬ ‫َو َِ ُْوَُ َاوِبَنا َكن ُوااتَ َ ِا ُو َا‬
‫فعاقبيـ اهلل ‪ ‬بالنفاؽ في قموبيـ إلى يوـ يمقونو ‪ .‬وكثير مػف النػاس‬

‫يك ػػوف عن ػػده النف ػػاؽ وى ػػو ي ي ػػدرى ولك ػػف يعمم ػػو اهلل ‪ ‬ق ػػاؿ تع ػػالى ‪ََ َ ‬لْا‬
‫نيغماالْغُذُ ِا‬ ‫ِ‬
‫نيوب‪ )ٖ( ‬فعػالـ‬ ‫اِ ُ‬ ‫تنيَ ْعلَ ُُوااَ ْنااللْهَاتنيَ ْعلَ ٌُا ْ ُل ٌْ َاوََْن َو ُال ٌْ َاوَ ْنااللْهَ َ‬
‫الميوب بيف أنيـ بيذا النفاؽ وصموا لدرجة الكفػر بػاهلل ‪ ‬ورسػولو ‪ ‬مػع‬

‫وجػ ػػود أعمػ ػػاؿ ظاىريػ ػػة ‪ .‬قػ ػػاؿ تعػ ػػالى ‪َ ‬وَ ني نينينا َ ني نيََني َع َُ ٌْاَ ْناثُني ْ َني ني َنيلا ِ ني نيَْني َُ ٌْا‬
‫َ نينيغ َةاِْ َاوُل ني ْنيٌاا‬ ‫نيَ َف َ نينينثُني َُ ٌْاِْ اَنيْ َُ ني ْنيٌا َك َفني ني ُوااِنللْ ني ِنيه َاوَِ ُ ني نيولِِه َاو اتَني نيأْثُو َناال ْ‬
‫ن ‪.)ٗ( ‬‬ ‫نىلا َو اتنيَُْ ِف ُو َناِْ َاوُل ٌْا َكن ِرُلو َا‬ ‫ُك َِف َ‬
‫فما العةةالج ؟‬
‫ِ‬
‫نينساَ ْناتنيُْجنيَُكنيوااَ ْناتنيَ ُولُنيواام َ َْني َ‬
‫نيناوُلني ْنيٌا‬ ‫قػػاؿ تعػػالى ‪ ‬اَلاواَ َ ِفني َ‬
‫نيباالَْني ُ‬

‫ٔ) سورة التوبة – ابية ٘‪. ٚ‬‬


‫ٕ) سورة التوبة – ابية ‪. ٚٚ‬‬
‫ٖ) سورة التوبة – ابية ‪. ٚٛ‬‬
‫ٗ) سورة التوبة – ابية ٗ٘ ‪.‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪068‬‬

‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫اواولََ ني ْْا َنيجَنيَْنينيناالْنينيات َ ا ني ْ افَنيْل َِ ٌْا َنيلَنيذَني ْعلَ َُ ْ االلْنينيهُاالْنينيات َ َ‬
‫اصني َنيْفُواا‬ ‫اتنيُ ْفجَنيَُنينيو َن َ‬
‫واا‪. )ٔ( ‬‬ ‫َولَذَني ْعلَ َُ ْ االْ َ ِنذِ َ‬
‫يػػا اهلل متػػى تقػػوؿ لنػػا أنػػتـ صػػادقيف ولسػػتـ كػػاذبيف ‪ ،‬ألف الصػػدؽ‬

‫بالقمب ي يعممو إي أنت فاهلل ‪ ‬يجيبنا قاؿ ‪َِّْ ‬نَناالْ ُُ ْوِ َُو َناالْ ِات َ ام َ َُنيواا‬
‫نلني ُنيْوااِنيأَ ْ َوابِِ ٌْ َاوَْني ُف ِِف ني َِ ٌْ ِآتا َ نيِ ِذلااللْني ِنيها‬ ‫ااو‬‫و‬ ‫نيأ‬‫ني‬
‫َ‬‫ث‬ ‫ني‬‫ت‬‫ا‬ ‫َل‬
‫َ‬ ‫ا‬ ‫اّت‬
‫ُْ‬ ‫ِنللْني ِنيهاور نيولِِ‬
‫ه‬
‫ْ َْ َ َ َ‬ ‫ََ ُ‬
‫َِ‬ ‫ِ‬
‫ندفُو َنا‪‬‬ ‫ال ٌُاال ْ‬‫ُولَاْ َ ُ‬
‫(ٕ)‬

‫فعالمػػة التصػػديؽ التضػػحية فميػػذا نخػػرج فػػي سػػبيؿ اهلل لنقػػيـ أنفسػػنا‬
‫(ٖ)‬
‫‪.‬‬ ‫ونقيـ الناس عمى جيد الرسوؿ ‪‬‬

‫*****‬

‫ٔ) سورة العنكبوت – ابيات ٔ ‪. ٖ :‬‬


‫ٕ) سورة الحجرات – ابية ٘ٔ ‪.‬‬
‫ٖ) جزء مف بياف قبؿ صالة الجمعة الموافؽ ‪ – ٜٜٔٚ/ٔٔ/ٙ‬اجتماع رايوند ‪.‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪069‬‬

‫أسباب المحبة‬

‫نحمده ونصمى ونسمـ عمى رسولو الكريـ ‪ ‬أما بعد ‪:‬‬


‫َ نينين ِ ِ‬
‫نتا َ نينيذَ ْج َع ُلا َبُني ُنيٌا‬ ‫ْ‬ ‫ااال‬
‫و‬ ‫ني‬ ‫ني‬
‫ُ‬ ‫ل‬ ‫ق ػػاؿ تع ػػالى ‪ْ ِ ‬ناالْني ِنيات ام َُني نيوااوِ ِ‬
‫ُ‬
‫َ‬ ‫َ َ ََ‬
‫او ّداًا‪.)ٔ( ‬‬
‫الْ ْْحَ ُ ُ‬
‫لحياة الناس في ىذه الدنيا منيجاف قديماً وحديثاً ‪:‬‬
‫(ٔ) منيج يقوـ عمى إتباع اليوى ‪.‬‬
‫(ٕ) منيج يقوـ عمى اإليماف والعمؿ الصال ‪.‬‬
‫ونجد أف اهلل ‪ ‬جعؿ فػي النػواة نخمػة كبيػرة ‪ ،‬ومػف ىػذه النخمػة ينػتج‬
‫نخ ػالً كثي ػ اًر ي حصػػر لػػو ‪ ،‬وكػػؿ ذلػػؾ مخفػػي فػػي ن ػو ٍاة بسػػيطة ‪ ..‬وكمػػا أف‬
‫الش ػ ػػجرة ي تخ ػ ػػرج إي ف ػ ػػي حيني ػ ػػا ال ػ ػػذي ق ػ ػػدره اهلل لي ػ ػػا ‪ ،‬ك ػ ػػذلؾ الس ػ ػػالـ‬
‫والطمأنينػػة والمػػودة والمحبػػة والرحمػػة والممفػرة والرضػواف والجنػػة ومػػا أعػػده‬
‫اهلل ‪ ‬فييا يظير في الوقت المحدد لو ‪.‬‬
‫وكما أف األشياء جعميا اهلل ‪ ‬سػبباً لتربيػة اإلنسػاف ‪ ..‬فقػد جعػؿ اهلل‬
‫‪ ‬األعماؿ الصالحة سبباً لتربية روح اإلنساف ‪.‬‬
‫اهلل ‪ ‬خم ػػؽ اإلنس ػػاف ف ػػي ى ػػذا الع ػػالـ م ػػف الجس ػػد وال ػػروح ‪ ،‬وكان ػػت‬

‫ٔ) سورة مريـ – ابية ‪. ٜٙ‬‬


‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪071‬‬

‫الػػروح اإلنسػػانية موجػػودة ‪ ،‬قبػػؿ أف تنتقػػؿ فػػي ىػػذا الجسػػد العنصػػري كانػػت‬
‫ف ػػي خػ ػزائف اهلل ‪ ‬ونقمي ػػا اهلل ‪ ‬إل ػػى ى ػػذا الجس ػػد اإلنس ػػاني ‪ ،‬واتص ػػاؿ‬
‫مسمى حتى يأتي الموت ‪.‬‬
‫ًّ‬ ‫ٍ‬
‫ألجؿ‬ ‫الجسد والروح‬
‫الروح بمثابة الراكب والجسد بمثابة المركب ‪.‬‬
‫ىػػذه الػػروح التػػي انتقمػػت إلػػى ىػػذا العػػالـ فػػى ىػػذا الجسػػد يظيػػر منيػػا‬
‫أعمػاؿ تظيػػر عمػػى الجسػػد‪ ،‬فػػخف كانػت الػػروح سػػميمة تظيػػر األعمػػاؿ عمػػى‬
‫الجس ػػد ص ػػالحة‪ ،‬واف كان ػػت ال ػػروح مظمم ػػة فاس ػػدة خبيث ػػة‪ ،‬تظي ػػر أعم ػػاؿ‬
‫فاس ػػدة مظمم ػػة عم ػػى جس ػػد اإلنس ػػاف ‪ ،‬وص ػػالح األعم ػػاؿ وفس ػػادىا بس ػػبب‬
‫صالح األحواؿ وفسادىا‪.‬‬
‫وعنػػدما ينتقػػؿ اإلنسػػاف إلػػى عػػالـ البػػرزخ ي تفنػػى الػػروح ‪ ،‬فػػخف كانػػت‬
‫صالحة تنتقؿ إلى عمييف ‪ ،‬واف كانػت خبيثػة تنتقػؿ إلػى سػجيف وىػو سػجف‬
‫فػػى جيػػنـ ‪ ،‬ثػػـ تعػػود إلػػى الجسػػد عنػػد نفخػػة البعػػث يػػوـ القيامػػة ‪ . .‬وأثنػػاء‬
‫فت ػرة البػػرزخ ليػػا اتصػػاؿ بالجسػػد فػػى القبػػر ‪ ..‬فػػخف كانػػت الػػروح صػػالحة‬
‫يكػػوف الجسػػد منػػور ‪ ،‬واف كانػػت الػػروح خبيثػػة يكػػوف الجسػػد مظمػػـ ‪ ،‬ويػػوـ‬
‫ِ‬
‫نيول َُ ٌْا‬
‫او ُ ُ‬
‫تُ‬‫او ُ وٌَا َأَْناالْات َ اا ْ َنيوْد ْ‬ ‫او ُ وٌَا َوثَ ِْف َوُّد ُ‬
‫ضُ‬ ‫القيامة ‪ ‬تنيَ ْوَماثَنيْنيذَ ُّ‬
‫اب ِابَنا ُكَْجُ ٌْاثَ ْ ُف ُو َا‬ ‫ِ‬
‫ن ‪ )ٔ(‬والممؾ الػذي‬ ‫َ َك َف ْ ُُْتا نيَ ْع َْاِّيَن ُ ٌْا َ ُاوفُوااالْ َع َا َ‬
‫يسػػمط عميػػو فػػي قبػره أسػػود والحيػػات سػػوداء والنػػار سػػوداء مظممػػة ‪ ..‬سػواد‬

‫ٔ) سورة آؿ عمراف – ابية ‪. ٔٓٙ‬‬


‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪070‬‬

‫اِب ني ٍ ا َُِّني ٍّنيياتنيَ ْغ َشنينينَُا َ ني ْنيو ٌجا ِ ني ْ ا‬ ‫ٍ‬


‫فػػي سػػواد ‪ ..‬فػػى س ػواد ‪َْ ‬واا َكظُلُ َُنينينت ِآت َْ‬
‫ِ ِِ‬ ‫ِِ‬
‫نيضاِ َذاا ْ‬
‫َخ نيَ َجا‬ ‫ضني َنيَنا َني ْنيو َقا نيَ ْعني ٍ‬ ‫نينتا نيَ ْع ُ‬
‫نباظُلُ َُني ٌ‬
‫نيم ٌ‬ ‫َني ْوفنينيها َ ني ْنيو ٌجا ني ْ ا َني ْوفنينيها َ ني َ‬
‫اَي َع ِلااللْهُالَهُا ُوراًا َ َُنالَهُا ِ ْ ا ُوٍار ‪.)ٔ( ‬‬ ‫ناوَ ْ ا ََلْ َْ‬
‫تَ ََُْا ََلْاتَ َ ْْاتنيََ َال َ‬
‫جمد اإلنساف يكػوف كثيفػاً ‪ ،‬حتػى يمشػى اإلنسػاف مسػيرة ثػالث لي ٍ‬
‫ػاؿ ‪،‬‬
‫وي يص ػػؿ إل ػػى جم ػػد اإلنس ػػاف ‪ ،‬والض ػػرس مث ػػؿ جب ػػؿ أح ػػد ‪ ..‬ى ػػذه ال ػػروح‬
‫ظممة ‪.‬‬
‫الم ْ‬
‫ُ‬
‫أمػػا الػػروح الطيبػػة فتكػػوف منػػورة والجسػػد الػػذي يمػػن ىػػذه الػػروح يكػػوف‬
‫منػػور والممػػؾ الػػذي يأيتيػػا فػػي قبرىػػا أبػػيض منػػور ‪ ،‬اهلل ‪ ‬خمػػؽ اإلنسػػاف‬
‫مف نظاـ عجيب‪.‬‬
‫وانظػػر معػػي ‪ :‬إلػػى كيفيػػة تسػػميط أشػػعة الشػػمس عمػػى ميػػاه البحػػار ‪،‬‬
‫وبعػػد ذلػػؾ تتحػػوؿ ميػػاه البحػػار إلػػى أمطػػار ‪ ،‬ثػػـ ينزلػػو اهلل ‪ ‬عمػػى البمػػد‬

‫الميػػت ‪ ،‬قػػاؿ تعػػالى ‪َ ‬واللْنينيهُاَْني نيَ َلا ِ ني َ اال ِْفني َنيُ ِناا َ نينيناًا َأَ ْ ذَنينيناِني ِنيهاا رأا‬
‫ن ‪. )ٕ( ‬‬ ‫نيَ ْع َْا َ ْوِِتَناِ ْن ِآتا َذلِ َ اَْلتَ ًالَِ ْوٍماتَ ِْف َُعُو َا‬
‫واتَ َنيْ ْي َار ْْحَجِ ِنيها َ ْنيَّتا‬ ‫ِ ِ‬
‫وقاؿ تعالى ‪َ ‬وُل َواالْاياتنيُْ ُلاالِّتَ َ‬
‫نحا ُ ْش اًا نيَ ْ َ‬
‫َخَ ْ ََنيناِ ِنيها‬ ‫ِ‬ ‫ِ ٍ ٍ‬ ‫ِ‬
‫تا َ َمن نًاث َ نين اًا ُ ني ْ ََنَُالَنيلَنيْا َذِّنيتا أ َلََْنيناِنيهاالْ َُنيناَا َأ ْ‬ ‫ذااَفَنيلْ ْ‬

‫ٔ) سورة النور – ابية ٓٗ ‪.‬‬


‫ٕ) سورة النحؿ – ابية ٘‪. ٙ‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪072‬‬

‫‪.‬‬ ‫(ٔ)‬
‫الَ َعلْ ُ ٌْاثَ َا ْك و َا‬
‫ن ا‪‬‬
‫ُ‬ ‫ِجاالْ َُ ْوثَ‬ ‫اتاا َك َالِ َ ُ‬
‫ادْ ُ‬
‫ِ ا ُك ِّلاالًُْ ِ‬
‫ََ‬ ‫ْ‬
‫فتنبػ ػػت األرض النبػ ػػات والثمػ ػػار‪ ،‬فيأكمػ ػػو اإلنسػ ػػاف والحي ػ ػواف ‪ ،‬ومػ ػػف‬
‫النبػػات والحيػواف الػػذي يأكمػػو اإلنسػػاف‪ ،‬يتكػػوف الحيػواف المنػػوي الػػذي يخمػػؽ‬
‫منو اإلنساف ‪.‬‬
‫واهلل ‪ ‬يخمؽ ىذا الجنيف في رحػـ األـ بشػكؿ عجيػب ‪ ،‬فػي ظممػات‬
‫ثػالث ‪ ،‬وعنػدما تنقضػي أربعػػة أشػير ‪ ،‬فػاهلل ‪ ‬يػػنفخ فػي الجنػيف الػػروح ‪،‬‬
‫واهلل ‪ ‬الذي يرسؿ الروح ي يرى ‪ ،‬والروح ي ترى ‪ ،‬والممؾ الػذي يحمميػا‬
‫ي يػػرى ‪ ،‬وفػػى أربعػػة أشػػير اهلل ‪ ‬يكمػػؿ أعضػػاء اإلنسػػاف ‪ ( ..‬العػػيف ‪..‬‬
‫األذف ‪ ..‬األنؼ ‪ ..‬الفـ ‪ ..‬اليد ‪ ..‬الرجؿ ‪ ..‬الخ )‬
‫واهلل ‪ ‬جع ػػؿ نظامػ ػاً لتربي ػػة ى ػػذا الجس ػػد ‪ ،‬ولك ػػف لتربي ػػة ال ػػروح ش ػػئ‬
‫آخػػر ىػػو كتػػاب اهلل ‪ ، ‬واألسػػوة التػػي نػػتعمـ بيػػا تربيػػة الػػروح أي وىػػو ‪:‬‬
‫سيدنا محمد ‪ُ .. ‬معمـ اإلنسانية كميا في تربية الروح ‪.‬‬
‫وعن ػػدما يطب ػػؽ اإلنس ػػاف القػ ػرآف ف ػػي جمي ػػع مج ػػايت الحيػ ػاة ‪ ،‬تترب ػػى‬
‫الػػروح بػػالنور اإليمػػاني ‪ . .‬فخمػػاـ العػػالـ ىػػو محمػػد ‪ ، ‬والدسػػتور الػػذي‬
‫يربى بو اإلنساف ىو القرآف الكريـ ‪.‬‬
‫كممػػا يمتثػػؿ أمػػر اهلل عمػػى طريػػؽ الرسػػوؿ ‪ ، ‬تػػزداد روحػػو طيػػارة‬
‫وذكاء ‪.‬‬
‫ً‬ ‫وذكاء ‪ ،‬وكذلؾ تزداد أعمالو طيارة‬
‫ً‬

‫ٔ) سورة األعراؼ – ابية ‪. ٘ٚ‬‬


‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪073‬‬

‫إف األعم ػ ػػاؿ اإلنس ػ ػػانية ى ػ ػػي الت ػ ػػي تن ػ ػػتج األحػ ػ ػواؿ ‪ ،‬فعن ػ ػػدما تك ػ ػػوف‬
‫األعم ػ ػػاؿ اإلنس ػ ػػانية ص ػ ػػالحة تك ػ ػػوف األحػ ػ ػواؿ ص ػ ػػالحة ‪ ،‬وعن ػ ػػدما تك ػ ػػوف‬
‫األعماؿ اإلنسانية خبيثة تكوف األحػواؿ فاسػدة ‪ ،‬وتصػاب البشػرية بػالزيزؿ‬
‫‪ ..‬والحػوادث ‪ ..‬والفػتف ‪ ..‬والحػروب ‪ ..‬وينتشػر الفسػاد ‪ ..‬والبمػي‪ ..‬والكػؿ‬
‫يظمػػـ غيػره‪ ..‬والصػػمير ي يحتػػرـ الكبيػػر‪ ..‬المنػػى ي يػػؤدى حػػؽ الفقيػػر ‪..‬‬
‫وىذا الفساد فى المجتمع نتيجة فساد األعماؿ ‪.‬‬
‫وعنػػدما تكػػوف األعمػػاؿ صػػالحة ‪ ،‬تكػػوف األحػواؿ صػػالحة ومحبوبػػة ‪،‬‬
‫وتنتشر المحبة ‪ ،‬والوئاـ ‪ ،‬واإليثار ‪ ،‬واإلخالص ‪ ،‬واإلكراـ ‪.‬‬
‫ما ىي خواص الروح‬
‫وما ىي خواص الجسد‬
‫وكيػ ػػؼ تممػ ػػب أرواحنػ ػػا أجسػ ػػادنا ‪ ،‬فكػ ػػؿ واحػ ػػد منيمػ ػػا ينػ ػػازع ابخػ ػػر إلػ ػػى‬
‫متطمباتو‬
‫الػ ػ ػ ػ ػػروح خمقيػ ػ ػ ػ ػػا اهلل ‪ ‬مػ ػ ػ ػ ػػف النػ ػ ػ ػ ػػور بػ ػ ػ ػ ػػأمر اهلل ‪ ‬قػ ػ ػ ػ ػػاؿ تعػ ػ ػ ػ ػػالى‬

‫‪.‬‬ ‫(ٔ)‬
‫‪‬‬ ‫وحا ِ ْ اَْ ِ َارِِّّبا‬ ‫اِ ِ االُّ ِ‬
‫وحافُ ِلاالُّ ُ‬ ‫‪َ ‬وتَ ِْفأَلوَ َ َ‬
‫ف ػػالروح ‪ :‬وج ػػود ن ػػوراني لطي ػػؼ ‪ ،‬معطػ ػرة ‪ ،‬تح ػػب الرائح ػػة الطيب ػػة ‪ ،‬وم ػػف‬
‫خواصيا الوصؿ ‪.‬‬
‫والجسد ‪ :‬وجود ظمماني ‪ ،‬مادي كثيؼ ‪ ،‬يميؿ إلى الرائحة الخبيثػة ‪ ،‬ومػف‬

‫ٔ) سورة اإلسراء – ابية ٘‪. ٛ‬‬


‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪074‬‬

‫خواصو الفصؿ ‪.‬‬


‫عنػػد خػػروج الػػروح مػػف الجسػػد فبعػػد قميػػؿ يخػػرج مػػف الجسػػد الرائحػػة‬
‫الكريي ػػة‪ ،‬ويتح ػػوؿ الجس ػػد إل ػػى أعض ػػاء متفرق ػػة‪ ،‬فالرابط ػػة ب ػػيف أعض ػػاء‬
‫الجسػػد اإلنسػػاني ىػػي ال ػػروح وعنػػدما تخػػرج ال ػػروح ‪ ..‬اليػػد ي تتعػػاوف م ػػع‬
‫الرجؿ‪.‬‬
‫وكمػػا أف البػػدف يسػػبب اينفصػػاؿ ‪ ،‬فػػخف الػػروح تسػػبب ايتصػػاؿ بػػيف‬
‫األعضاء ‪.‬‬
‫وكػػذلؾ الجسػػد اإلنسػػاني الػػذي ىمػػو جمػػع المػػاؿ والمػػادة؛ يفػػرؽ بػػيف‬
‫الناس‪.‬‬
‫والنظاـ الروحاني‪ ،‬يعنى‪ :‬منيج سيدنا محمد ‪ ‬يكوف سػبباً يجتمػاع‬
‫القمػػوب والشػػعوب البش ػرية ‪ ،‬كمػػا أف الػػروح كانػػت سػػبباً ل ػربط األعضػػاء ‪‬‬

‫‪.‬‬ ‫(ٔ)‬
‫‪‬‬ ‫وافُنيلُوِِ ٌْا‬
‫تا نيَ ْ َ‬
‫َِ‬
‫رأاَجذعنًا َ ناَلْ ْف َ‬ ‫تا َ ِ‬
‫نآتاا‬ ‫لَ ْواَْني َف ْ َ‬
‫(ٕ)‬
‫ضواا ِ ْ ا َ ْولِ َا ‪‬‬
‫با ْني َف ُّ‬ ‫تا َظّنًا َْلِذ َ‬
‫ظاالْ َ ْل ِ‬ ‫وقاؿ تعالى ‪َ ‬ولَْوا ُكَْ َ‬
‫الػػروح متطمباتيػػا ونتائجيػػا ‪ :‬الجمػػع‪ ،‬والػػروح الطيبػػة‪ ،‬والصػػعود إلػػى العمػػو‬
‫والنور ‪ ..‬وىي الفطرة اإلنسانية‪.‬‬
‫والبػػدف نتائجػػو ‪ :‬التفريػػؽ‪ ،‬والخبػػث‪ ،‬واليبػػوط‪ ،‬والظممػػة‪ ،‬والػػنفس اإلنسػػانية‪،‬‬

‫ٔ) سورة األنفاؿ – ابية ٖ‪. ٙ‬‬


‫ٕ) سورة آؿ عمراف – ابية ‪. ٜٔ٘‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪075‬‬

‫سا َْ ني ني ني ني ني ني ني ني َنينرةٌاا‬ ‫ف‬


‫ْ‬ ‫ني‬
‫ْ‬‫َ‬ ‫ني‬ ‫ني‬ ‫ني‬ ‫ني‬ ‫ني‬ ‫ني‬ ‫ني‬ ‫ني‬ ‫ني‬ ‫ل‬ ‫اا‬ ‫والي ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػوى اإلنس ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػاني ‪ ،‬ق ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػاؿ تع ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػالى ‪ْ ِ ‬‬
‫ن‬
‫َ‬
‫َض نيلْهُااللْنينيهُا‬ ‫او‬ ‫اَ‬
‫نيو‬ ‫ني‬ ‫ال‬ ‫نيه‬ ‫ني‬ ‫ب‬
‫َ‬ ‫ِ‬‫ا‬ ‫ا‬
‫َ‬ ‫ني‬ ‫ْ‬
‫ااَت‬ ‫ِ‬ ‫ني‬ ‫ا‬ ‫نيت‬ ‫ني‬ ‫َت‬ ‫ني‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ػالى‬‫ػ‬ ‫ع‬‫ت‬ ‫ػاؿ‬ ‫ػ‬ ‫ق‬‫و‬ ‫(ٔ)‬
‫نيواا‪‬‬ ‫نلِفني ِ‬ ‫ِ ُّ‬
‫َ ْ َ َ َ َُ َ َ ُ َ َ‬ ‫‪‬‬
‫اَسْعِني ِنيهاوفَني ْلِني ِنيهاو عنينيلاِلَ ني ا ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫نينوًةا َ َُ ني ْ ا‬ ‫َ ني َِاْ َشني َ‬ ‫اِلَ ني َ َ َ َ َ َ َ َ َ‬ ‫َِلَ ني اِ ْل ني ٌٍ َاو َخنينيجَ ٌَ َ‬
‫ن ‪. )ٕ( ‬‬ ‫تنيَ َْ ِْ ِتها ِ ْ ا نيَ ْع ِْااللْ ِهاََغاثَ َا ْك ُو َا‬
‫اهلل ‪ ‬خم ػ ػ ػػؽ اإلنس ػ ػ ػػانية وجعمي ػ ػ ػػـ طبق ػ ػ ػػات متفرق ػ ػ ػػة ‪ ..‬األطب ػ ػ ػػاء ‪..‬‬
‫الفالح ػػيف‪ ..‬ال ػػخ واجتم ػػاع ى ػػذه الطبق ػػات ي يمك ػػف إي ب ػػالروح اإلنس ػػاني ‪.‬‬
‫فكػؿ شػيء لػو مػا يربطػو بالشػيء ابخػر فمػثالً ‪ :‬لػو أردنػا أف نجمػع الػورؽ‬
‫إلى الورؽ نحتػاج إلػى الصػمغ ‪ ،‬واذا أردنػا أف نجمػع الخشػب إلػى الخشػب‬
‫نحتاج إلػى المسػامير ‪ ،‬واذا أردنػا أف نجمػع الحديػد مػع الحديػد نحتػاج إلػى‬
‫األكس ػ ػػجيف‪ ،‬واذا أردن ػ ػػا أف نجم ػ ػػع ب ػ ػػيف قم ػ ػػوب الن ػ ػػاس فالب ػ ػػد م ػ ػػف ال ػ ػػروح‬
‫اإلنسانية التي جاء بيا سيدنا محمد ‪. ‬‬

‫نيتا‬ ‫ِ‬ ‫ااِب ِلااللْ ِه َِ‬ ‫َُو ِ‬ ‫قاؿ تعالى ‪ ‬و ْاِجَ ِ‬
‫ااواذْ ُكني ُواا ْع َُ َ‬ ‫َ‬ ‫و‬‫ف‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫ني‬
‫َ‬ ‫ث‬‫ا‬ ‫او‬
‫َ‬ ‫ً‬ ‫ن‬ ‫ذع‬‫اَج‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫َصني نيَ ْمجُ ٌْاَِِ ْع َُجِ ني ِنيها‬
‫نيوافُنيلُ نينيوِ ُ ٌْا َأ ْ‬ ‫اِلَ ني ْنيذ ُ ٌْاِ ْذا ُكَْ نينيجُ ٌْا َِْ ني َنيْااًا َني نيأَلْ َ‬
‫فا نيَ ني ْ َ‬
‫ِ‬
‫اللْ نينيه َ‬
‫خوا انً ‪.)ٖ( ‬‬ ‫ِ‬
‫َْ‬

‫ٔ) سورة يوسؼ – ابية ٖ٘ ‪.‬‬


‫ٕ) سورة الجاثية – ابية ٖٕ ‪.‬‬
‫ٖ) سورة آؿ عمراف – ابية ٖٓٔ ‪.‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪076‬‬

‫اهلل ‪ ‬ركب الجسد اإلنساني بأعضاء مختمفة في الوظيفة ‪ ،‬مختمفػة‬


‫فى المحؿ ‪ ،‬مختمفة في الصورة ‪ ..‬فمثالً ‪ :‬العيف تػرى ‪ ،‬واألذف تسػمع وي‬
‫ترى ‪ ،‬ولكؿ منيما صورة ‪ ،‬ولكؿ منيما محؿ مختمؼ ‪ ،‬ولكؿ منيمػا حجػـ‬
‫مختمػػؼ ‪ ،‬ومػػع وجػػود ايخػػتالؼ فػػي ىػػذه األشػػياء ‪ ،‬نجػػد أف ىنػػاؾ ت ػرابط‬
‫بػػيف أعضػػاء الجسػػد اإلنسػػاني مادامػػت الػػروح فػػي الجسػػد ‪ ،‬مػػثالً ‪ :‬عنػػدما‬
‫تمدغ الحية رجؿ إنساف ‪ ،‬تجد المساف يصي ‪ ،‬واليػد تمتػد لتشػعؿ الكيربػاء‬
‫‪ ،‬والمس ػػاف يص ػػي ويح ػػدث ال ػػدكتور ‪ ،‬والرج ػػؿ تمش ػػى لمطبي ػػب ‪ ،‬وال ػػدماغ‬
‫يسػػخف ويتع ػػب ‪ ،‬والي ػػد تعط ػػى الم ػػاؿ لمطبيػػب ع ػػف طي ػػب خ ػػاطر وتتن ػػاوؿ‬
‫الدواء ‪ ،‬فالجسـ كمو تحرؾ ‪ ،‬فيذا التعاوف بسبب الروح ‪.‬‬
‫وعنػػدما تكػػوف الػػروح اإلنسػػانية حسػػب مػػنيج سػػيدنا محمػػد ‪ ‬تسػػود‬
‫المحبػ ػػة فػ ػػي المجتمػ ػػع اإلنسػ ػػاني ‪ ،‬فاألغنيػ ػػاء يشػ ػػعروف بحاجػ ػػة الفق ػ ػراء ‪،‬‬
‫والصمير يعرؼ حؽ الكبير ‪ ..‬وىكذا‪.‬‬
‫ويتـ ذلؾ عندما تسود الروح اإليمانية وتكوف القموب متوجية إلػى اهلل‬
‫تعالى فالكؿ يريد أف يعطى وينفؽ ‪ ،‬ويؤثر أخيو عمى نفسو ‪ ،‬فبيذه الػروح‬
‫المتعاونػػة يعػػـ الوئػػاـ والوفػػاؽ فػػي األمػػة ‪ ،‬ألف القمػػب عنػػدما يكػػوف متوجػػو‬
‫إلػػى اهلل يعػػرؼ اإلنسػػاف أنػػو عميػػو أف يأخػػذ مػػف مػػاؿ اهلل ويػػوزع عمػػى كػػؿ‬
‫الخالئػػؽ ‪ ،‬فالمسػػمـ ينفػػؽ عمػػى المسػػاكيف ويقػػوؿ إنمػػا أعطػػيكـ ‪ ..‬وي آخػػذ‬
‫منكـ ‪ ..‬بؿ ألسترجع مف اهلل ‪. ‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪077‬‬

‫وىذا يشػيع عنػدما تكػوف الػروح اإلنسػانية مطابقػة لمػنيج سػيدنا محمػد‬
‫صمى اهلل عميو وسمـ‪.‬‬
‫تعاؿ معي لننظر إلى مدينػة الرسػوؿ ‪ ‬فػي عصػر سػيدنا محمػد ‪‬‬
‫ك ػػـ ك ػػاف فيي ػػا م ػػف تػ ػآلؼ القم ػػوب ‪ ،‬ك ػػاف ت ػػآلؼ نم ػػوذجي لمع ػػالـ إل ػػى ي ػػوـ‬
‫القيامة ‪ ،‬فمما كانت تأتى قوافؿ عثماف ‪ ‬وىى محممة بالطعاـ كاف بػالؿ‬
‫يفػػرح بيػػا أكثػػر مػػف فػػرح عثمػػاف بػػف عفػػاف ‪ ، ‬ولمػػا تكػػوف المجاعػػة كػػاف‬
‫عثماف بف عفاف ‪ ‬يحزف أكثر مف حزف بالؿ ‪. ‬‬
‫فعنػػدما يكػػوف القمػػب متوجي ػاً لميػػر اهلل تعػػالى فبطبيعػػة الحػػاؿ يتحػػوؿ‬
‫مػ ػزاج اإلنس ػػاف لمس ػػمب والني ػػب ويتح ػػوؿ المجتم ػػع اإلنس ػػاني إل ػػى مجتم ػػع‬
‫متضػارب ألف القمػب أصػػب شػاكاً فػي الحيػػاة بعػد المػوت وأف اهلل سػػيعطيو‬
‫حقو في ابخرة ‪.‬‬
‫وابف تج ػػد الن ػػاس كثي ػػر وتحس ػػبيـ جميعػ ػاً وقم ػػوبيـ ش ػػتى م ػػع وجػ ػود‬
‫البرامج‪.‬‬
‫وايجتمػػاع الػػذي ظيػػر فػػي عصػػر الرسػػوؿ ‪ ‬كػػاف اجتمػػاع نمػػوذجي‬
‫لمعػػالـ إلػػى يػػوـ القيامػػة وىػػذا ايجتمػػاع الػػذي اجتمعنػػاه‪ ،‬اجتمػػاع نمػػوذجي‬
‫مصػػمر ليػػذا ايجتمػػاع ‪ ،‬اجتمػػع النػػاس مػػف جميػػع العػػالـ وبيػػنيـ المحبػػة ‪،‬‬
‫واأللفة ‪ ،‬وذلؾ بسبب محبة اإلسالـ وروح اإلسػالـ ‪ ..‬وروح الحيػاة الطيبػة‬
‫الت ػػي ج ػػاء بي ػػا س ػػيدنا محم ػػد ‪ ‬ولكنن ػػا نع ػػزـ أف نص ػػح رابطتن ػػا م ػػع اهلل‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪078‬‬

‫ونص ػػح رابطتن ػػا ثانيػ ػاً م ػػع أمتن ػػا ‪ ،‬ونخ ػػرج لألم ػػة ك ػػي تك ػػوف متآلف ػػة ب ػػيف‬
‫بعضػػيا ومتحابػػة فيمػػا بينيػػا ومتراحمػػة فيمػػا بينيػػا ‪ ،‬وىػػذا قط ػرة مػػف بحػػر‬
‫سػػيدنا محمػػد ‪ ، ‬والعػػالـ المشػػحوف بايضػػطرابات محتػػاج إلػػى ىػػذا الجػػو‬
‫الذى يسوده األمف ويسوده الوئاـ ‪ ..‬ولكف كيؼ نتصؿ باهلل ‪‬‬
‫ااِب ِلااللْ ِه َِ‬
‫اَجذعنً َاو اثَني َفْفُوا‬ ‫ِ ِ‬
‫قاؿ تعالى ‪َ ‬و ْاِجََ ُُو َْ‬
‫(ٔ)‬
‫‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫واالعتصام بحبل اهلل ‪ ‬يمزمو ‪:‬‬


‫(ٔ) تصحي اإليماف واليقيف‪ :‬عمى خزائف اهلل ‪ ‬وقدرتو وكبريػاءه ‪ ،‬وعمػى‬
‫ما أعده اهلل ‪ ‬لممؤمنيف في الجنة ‪ ،‬ونصح العبادات ‪.‬‬
‫(ٕ) تقويػػة الرابطػػة وايتصػػاؿ مػػع المخمػػوؽ ‪ :‬وذلػػؾ بمكػػارـ األخػػالؽ ‪ ،‬فػػخذا‬
‫عػاش اإلنسػاف عيشػة كريمػة بالبػذؿ والعطػاء ونفػع النػاس مػف أجػػؿ اهلل‬
‫فتتقارب القموب بعضيا ببعض ‪.‬‬
‫يعػرؼ الشػػيء بضػػده ‪ ،‬فػخذا أردنػػا أف نفيػػـ كيػؼ ننشػػر التػػآلؼ نفيمػػو‬
‫بأسػػاليب وجػػود التفرقػػة بػػيف القمػػوب فمػػثالً‪ :‬اجتمػػع خمسػػة أشػػخاص وكػػانوا‬
‫أىػػؿ إيثػػار واخػػالص‪ ،‬وكػػاف بيػػنيـ قطعػػة حػػالوة قػػدرىا كيمػػو ج ػراـ فأخ ػػذ‬
‫أحدىـ ووضع في فػـ كػؿ واحػد مػف األربعػة لقمػة ‪ ..‬لقمػة ‪ ..‬ثػـ أعػاد ىػذا‬
‫الفعؿ مرة ثانية ‪ ،‬فأكؿ كؿ مف األربعػة لقمتػيف‪ ،‬فحمػدوه ودخػؿ فػي قمػوبيـ‬
‫حبو‪ ،‬فأخذ كؿ منيـ لقمة ووضعيا في فمو‪ ،‬فأصب الػذي دخػؿ فػي بطنػو‬

‫ٔ) سورة آؿ عمراف – ابية ٖٓٔ ‪.‬‬


‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪079‬‬

‫أربع لقمات‪ ،‬فيو آثرىـ عمى نفسو وأطعميـ لقمتػيف وأخيػ اًر دخػؿ فػي بطنػو‬
‫أكثر مما دخؿ في بطونيـ‪ ،‬فصاحب العطاء يبسط لو في رزقو ويتحصػؿ‬
‫عمى المحبة مف ابخريف ‪ .‬قاؿ تعالى في الحديث القدسي‪ " :‬أنفؽ يػا ابػف‬
‫(ٔ)‬
‫‪.‬‬ ‫آدـ ينفؽ عميؾ "( متفؽ عميو )‬
‫وعػػف أنػػس ‪ ‬قػػاؿ رسػػوؿ اهلل ‪ " ‬مػػف أحػػب أف يبسػػط لػػو فػػي رزقػػو‬
‫(ٕ)‬
‫‪.‬‬ ‫وينسأ لو في أثره فميصؿ رحمو " متفؽ عميو‬
‫وبػالعكس اجتمػػع الشػ والبخػػؿ وبيػنيـ كيمػػو حػالوة فكػػؿ واحػػد أراد أف‬
‫يسػػبؽ ابخػػر فمػػنيـ مػػف أخػػذ ثػػالث لقمػػات ومػػنيـ مػػف أخػػذ لقمتػػيف‪ ،‬ومػػنيـ‬
‫مف أخذ أربعة‪ ،‬وأخذ كالً منيـ يسب ابخر ( وىذه ىي أسباب التفرقة ) ‪.‬‬

‫فاإليثػػار‪ :‬يسػػبب المحبػػة والوصػػؿ ‪ ،‬والش ػ والبخػػؿ يسػػبب ‪ :‬الفصػػؿ‬


‫والتفرقة والعداوة والبمضاء ‪.‬‬
‫فػػاهلل ‪ ‬اختػػار الطريقػػة الفطريػػة السػػيمة لمجمػػع بػػيف طبقػػات األمػػة ‪،‬‬
‫فػأمر األغنيػػاء أف يػػذىبوا لمفقػراء إلػػى بيػػوتيـ ‪ ،‬ورغػب رسػػوؿ اهلل ‪ ‬فػػذكر‬
‫مػػف السػػبعة الػػذيف يظميػػـ اهلل فػػي ظمػػو يػػوـ ي ظػػؿ إي ظمػػو ‪ .. " :‬ورجػػؿ‬
‫تصدؽ بصدقو فأخفاىا حتى ي تعمـ شمالو ما تنفؽ يمينو " ‪.‬‬
‫وأمر الفقير أي يطمب ‪ ،‬والفقير يقوؿ ‪ :‬اذىػب إلػى غيػرى فأنػا أطمػب‬

‫ٔ) رياض الصالحيف – باب الكرـ والجود واإلنفاؽ في وجوه الخير صػ ٕٕ٘‪. .‬‬
‫ٕ) المرجع السابؽ – باب صمة الرحـ صػ ٔ‪.ٔٚ‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪081‬‬

‫مف اهلل ‪ ، ‬ويقػوؿ المنػى ألخيػو الفقيػر ‪ :‬أقبػؿ منػى ‪ ،‬فخنػؾ بػذلؾ تُحسػف‬

‫إلػ أى ‪ ،‬وتُطيػػر مػػالي وتحفظػػو ‪ ،‬وتحفظنػػي مػػف النػػار‪ ،‬قػػاؿ تعػػالى‪َ ‬والْني ِنيات َ ا‬
‫ابا‬‫نينآتا نيِ ِذلااللْني ِنيها َني ِّشني ُلٌاِعني َا ٍ‬
‫ا‬ ‫ِ‬ ‫ني‬ ‫َ‬‫ني‬
‫َ‬ ‫و‬ ‫ُ‬ ‫ضني َاو اتنيَْ ِ‬
‫ف‬ ‫ْ‬ ‫ت ْ َِني و َناالني ْالباوالْ ِ‬
‫ف‬
‫َ ْ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ ُ‬
‫ٌ ‪. )ٔ( ‬‬ ‫َلِذ ٍا‬
‫اهلل جعػ ػػؿ مػ ػػا يحبػ ػػو األغنيػ ػػاء دين ػ ػاً لمفق ػ ػراء‪ ،‬ومػ ػػا يحبػ ػػو الفق ػ ػراء دين ػ ػاً‬
‫لألغنيػػاء ‪ ،‬فاإلسػػالـ ي ينفػػى ممكيػػة الفػػرد لألشػػياء ولكػػف ممػػؾ مجػػازى ‪،‬‬

‫‪‬‬ ‫نينلااللْ ِنيهاالْ ِنيايامثَنين ُك ٌْا‬


‫واإلنساف خميفة عميو قاؿ تعالى ‪ ‬ومثُولٌا ِ ا ِ‬
‫َ ُْ ْ َ‬
‫وا ِذ نينيه‪ )ٖ( ‬وبي ػػذه‬ ‫(ٕ) ‪ ،‬وق ػػاؿ تع ػػالى ‪ ‬وَِْف ني نيو ِ‬
‫اافْنينينا علَ ُ نينيٌا ِف نينيجللَ ِ‬
‫ف‬
‫ََ ْ ُ ْ َ ْ َ‬ ‫َ ُ‬
‫الطريقػػة الفق ػراء ي يتطمعػػوف إلػػى مػػاؿ األغنيػػاء وي ينيبونػػو وي يسػػرقونو ‪،‬‬
‫بؿ يدعوف لألغنياء أف يبارؾ اهلل ليـ في أمواليـ ‪.‬‬
‫فالفقير محؿ اإلنفاؽ ‪ ..‬والصدقة ‪ ..‬والزكاة ‪ ..‬فواجب احت ارمػو‪ ..‬كمػا أف‬
‫المسػػجد واجػػب ايحت ػراـ ‪ ..‬ألنػػو محػػؿ أداء الصػػالة ‪ ..‬فنجعػػؿ الفق ػراء تيجػػاف‬
‫فوؽ رؤوسنا ي نعاؿ في أرجمنا ‪.‬‬
‫وكػػذلؾ يعتنػػى الحك ػػاـ بمصػػمحة المحكػػوميف ‪ ،‬والمحك ػػوميف يػػدعوف لي ػػـ‬
‫وي ػػؤثرونيـ عم ػػى أنفس ػػيـ ‪ ،‬ويص ػػب األم ػػف وايس ػػتقرار ‪ ،‬ويص ػػب ت ػػآلؼ ب ػػيف‬

‫ٔ) سورة التوبة – ابية ٖٗ ‪.‬‬


‫ٕ) سورة النور – ابية ٖٖ ‪.‬‬
‫ٖ) سورة الحديد – ابية ‪. ٚ‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪080‬‬

‫الحكاـ والمحكوميف ‪.‬‬


‫فيػػذا ىػػو المػػنيج الروحػػاني الربػػاني الػػذي وضػػعو اهلل ‪ ‬لسػػعادة البش ػرية‬
‫كميا‪.‬‬
‫إخ ػ ػواني فػ ػػي اهلل‪ :‬قػ ػػد تحػ ػػدثت كثي ػ ػ اًر عػ ػػف انتشػ ػػار البركػ ػػات مػ ػػف السػ ػػماء‬
‫واألرض والمحبػػة والوفػػاء بمثابػػة الثم ػرة ‪ ،‬والثم ػرة يبػػد ليػػا مػػف شػػجرة‪ ،‬والشػػجرة‬
‫ىي شجرة اإلسالـ‪ ،‬ويبد ليا مف أصػؿ ثابػت فػي األرض وفروعيػا فػي السػماء‬
‫ويبد لألصؿ مف أرض ينبت فييا‪ ،‬واألرض ىي جيد الدعوة إلػى اهلل ‪ ،‬فػال‬
‫تييأ األرض إي عندما يخػرج النػاس فػي مشػارؽ األرض ومماربيػا يػدعوف إلػى‬
‫اهلل ‪ ‬ويحيػػوف حيػػاة اإلسػػالـ عممي ػاً بػػأخالقيـ وص ػفاتيـ ويقول ػوا لمنػػاس كون ػوا‬
‫مثمنػػا‪ ،‬ولنػػا فػػي تضػػحية رسػػوؿ اهلل ‪ ‬أسػػوة حسػػنة‪ ،‬فحزنػػو أسػػوة‪ ،‬وبكائػػو أسػػوة‪،‬‬
‫وخوفو عمى الناس أسوة ‪ ..‬الخ ‪.‬‬
‫وفضمنا وشرفنا في ىذا اينتماء ‪ .‬ماذا‬ ‫فنحف ننتمى إلى سيدنا محمد ‪‬‬
‫عندما يقوؿ ماذا فعمػتـ بػديني ورسػالتي تػركتـ الػدعوة‬ ‫نقوؿ لسيدنا محمد ‪‬‬
‫ف ػػال ب ػػد أف‬ ‫ت ػػركتـ الجي ػػد م ػػاذا نق ػػوؿ لرس ػػوؿ اهلل ‪… ‬‬ ‫إل ػػى اهلل ‪‬‬
‫نحاسب أنفسنا قبؿ أف ُنحاسب فاهلل قادر عمى نشر اليداية بدوف جيػد أي فػرد‬
‫منا ولكف شك اًر هلل ‪ ‬أف استعممنا (ٔ)‪.‬‬

‫ٔ) بي ػ ػػاف بع ػ ػػد المم ػ ػػرب – ي ػ ػػوـ األح ػ ػػد المواف ػ ػػؽ ‪ – ٜٔٛٛ/ٔ/ٔٚ‬بمدين ػ ػػة دك ػ ػػا عاص ػ ػػمة‬
‫بنجالديش ‪.‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪082‬‬

‫ارتباط األحوال باألعمال‬


‫ااْلِذَني نيَةُا‬
‫نينرا َ نينينا َكنينين َنا َبنيُ ُنيٌ ْ‬
‫نينااوَِيْجَني ُ‬
‫اِيْلُني ُنيَا َ نينيناتَ َشني َ‬
‫قػػاؿ تعػػالي ‪َ  :‬ورُّني َ َ‬
‫ن ‪.)ٔ( ‬‬ ‫اِ ُْناتُ ْش ُِكو َا‬ ‫ُ ْ َمن َنااللْ ِه َاوثَني َع َ‬
‫نىل َ‬
‫فاهلل ‪ ‬خمؽ األرض ‪ ،‬والجباؿ ‪ ،‬واألشجار‪ ،‬والوحوش ‪ ،‬والجف ‪،‬‬
‫وكؿ المخموقات ‪ ،‬ولكف فضؿ عمييا اإلنساف‪.‬‬
‫واإلنساف قيمتو ليست بيذه األشياء‪ ،‬ولكف قيمة ىذه األشياء‬
‫باإلنساف‪.‬‬
‫وقيمة اإلنساف بالجيد الذي يبذلو ليذا الديف‪ ،‬ألف اهلل ‪ ‬بعث‬
‫األنبياء لتحقيؽ اإليماف في حياتنا‪.‬‬
‫فاهلل ‪ ‬يأتي بكؿ األحواؿ مرض وفرح وحزف وسرور وقوة‬
‫وضعؼ‪ ،‬ولكف هلل ‪ ‬سنة في ىذه الدنيا ولو قدرة ومف سنتو أنو جعؿ‬
‫الدنيا دار األسباب ‪ ،‬وتأتى فييا األحواؿ ٓٓ واألحواؿ ليا أسباب وىى‬
‫األعماؿ الصالحة والعكس‪.‬‬
‫فػاهلل تعػػالى ربػط األحػواؿ باألعمػػاؿ‪ ،‬ي باألشػياء‪ ،‬فصػػالح األحػواؿ‬
‫بصالح األعماؿ‪ ،‬وصالح األعماؿ بصالح اليقيف ٓٓ واألعماؿ ىػي كػؿ‬
‫ما يصدر عف الجوارح ٓٓ فخذا صمحت األعماؿ فما يصدر عػف الجػوارح‬

‫ٔ) سورة القصص _ ابية ‪.ٙٛ‬‬


‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪083‬‬

‫يكوف صالحا‪ ،‬فاألعماؿ اهلل تعالى ربطيا باليقيف فػي القمػب‪ ،‬واألحػواؿ اهلل‬
‫‪ ‬ربطيا باألعماؿ‪.‬‬
‫وبقػدر مػا يكػوف القمػب متعمقػا بػاهلل تعػالى‪ ،‬تكػوف الحيػاة عمػى مرضػاة‬
‫اهلل تعالى‪ ،‬والعكس لو كانت الحياة عمى مقتضيات المادة واألشياء‪.‬‬
‫واهلل تعػػالى خمػػؽ فػػي اإلنسػػاف المالئكيػػة‪ ،‬وىػػى عبػػادة اهلل تعػػالى فػػي‬
‫األرض‪ ،‬وخمػػؽ فيػػو الحيوانيػػة وىػػى مقتضػػيات الحيػػاة والتناسػػؿ والطعػػاـ‬
‫وخمؽ فيو ايستعداد لخالفة اهلل تعالى في األرض ‪ ،‬ولـ يخمؽ ذلػؾ لميػر‬
‫اإلنسػػاف‪ ،‬وكػػذلؾ ايسػػتعداد لنيابػػة النبػػوة ‪ ،‬وىػػذه األربعػػة لػػو أف اإلنسػػاف‬
‫اعتدؿ فييػا ومػا تعػدى الحػدود وي قصػر فخنػو ينػاؿ الحيػاة السػعيدة مػف اهلل‬
‫تعػالى ‪ ،‬ويكػوف لػو قيمػة فػي ىػذه الػدنيا واإلنسػاف لػو كبػت شػيواتو وتقيػد‬
‫فييا بأوامر اهلل تعالى واىتـ بما فػرض عميػو مػف العبػادات تػزداد فيػو نسػبة‬
‫المالئكيػة وبقػدر ازديادىػا يتػدرج لالسػتعداد لخالفػة اهلل تعػالى والتخمػؽ بمػا‬
‫أراد اهلل ‪ ‬لػػو أف يتخمػػؽ بػػو فيسػػتطيع أف يمفػػر ويػػرحـ ويسػػتر ويعفػػو ٓٓ‬
‫وبيذا يتدرج لنيابة النبوة ويقدر عمى القياـ بالدعوة إلى اهلل تعالى كما كػاف‬
‫النبػػي ‪ ‬يػػدعو‪ ،‬بػػؿ وكمػػا أمػػر اهلل تعػػالى تمػػؾ األمػػة‪ ،‬فيترقػػى فػػي ىػػذه‬
‫النسبة‪.‬‬
‫واهلل تعالى بعد أف ختـ سمسمة النبوة ‪ ،‬اختار ىذه األمة لنيابة الرسػوؿ‬
‫‪ ٓٓ ‬ولػػو أف اإلنسػػاف بػػذؿ طاقتػػو واعتػػدؿ فػػي ىػػذه األمػػور األربعػػة ‪،‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪084‬‬

‫فيصػػب لػػو عنػػد اهلل تعػػالى درجػػات عميػػا‪ ،‬والعكػػس لػػو لػػـ يبػػذؿ اإلنسػػاف‬
‫بايعتػػداؿ ‪ ،‬وضػػيع طاقتػػو فػػي غيػػر مػػا يحػػب اهلل تعػػالى ‪ ،‬يضػػؿ وينػػزؿ‬
‫لدرجة الحيوانية ‪ ،‬وىنا يكوف سببا لمفسػاد فػي األرض وي يظمػـ إي نفسػو ‪،‬‬
‫تاَتْ ِنيْياالَْ ِ‬
‫نينسا‬ ‫ِ‬
‫ند ِآتاالَْنيِّ َاوالَْ ْم ِ ابَنا َك َِفنيَ ْ‬ ‫فقد قاؿ تعالى‪  :‬ظَ َََ االْ َف َِف ُ‬
‫ن ‪. .)ٔ( ‬‬ ‫ياِ ُِلُواالَ َعلْ َُ ٌْاتنيَ ْ ِ عُو َا‬
‫ضاالْا َ‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫لذُات َ ٌَُا نيَ ْع َ‬
‫أمػػا س ػػير اإلنس ػػاف عمػػى م ػػنيج اهلل ‪ ‬وس ػػنة نبيػػو ‪ ‬وى ػػو الصػ ػراط‬
‫المس ػ ػ ػػتقيـ فيك ػ ػ ػػوف بالقص ػ ػ ػػد وايعت ػ ػ ػػداؿ ف ػ ػ ػػي قض ػ ػ ػػاء الحاج ػ ػ ػػات البشػ ػ ػ ػرية‬
‫وىنػاؾ سػبؿ كثيػرة ليسػت عمػى مػراد اهلل تعػالى وي ىػدى نبيػو ‪ ‬ولكػف اهلل‬

‫ال ِنياَِا َ نيِذلِيا َْدُِنيوا‬ ‫تعالى اختار لنبيو ‪ ‬وأمتو سبيال فقاؿ تعالى ‪  :‬فُ ْل َ‬
‫نينةٍاََني نينْ َاوَ ني ني ِ ااثْانيَني َعني ني ِنيِن َاو ُ ني نيْ َمن َنااللّني ني ِنيه َاوَ ني نينيناََني نينْا ِ ني ني َ ا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ِ َىلااللّني نينيه َ‬
‫اِلَ ني ني ا ََني ني َ‬
‫ذُنا َنينينثِْعُوَُا‬ ‫اسيا ِفنينيج ِ‬ ‫ااصني ِ‬‫و ‪ ،)ٕ( ‬وقولػػو تعػػالى‪  :‬وَ ْنالني َا ِ‬ ‫الْ ُُ ْشنيِكِ َا‬
‫َ ُْ ً‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫صنينين ُكٌاِني ِنيهالَ َعلْ ُ ني ْنيٌا‬ ‫اِ ني ا َ نيِذلِ ِها َذلِ ُ ني ْنيٌ َاو ْ‬ ‫االِف نيُ َلا َنيجَني َف نيْ َقاِ ُ ني ْنيٌ َ‬
‫َو َاثَنيجِْعُ نيواْ ُّ‬
‫وىػ ػ ػػذا الص ػ ػ ػراط ي يكػ ػ ػػوف إي بم ارعػ ػ ػػاة حيػ ػ ػػاة النبػ ػ ػػي ‪، ‬‬ ‫(ٖ)‬
‫‪‬‬ ‫ثَنيجْني ُ ني ني نينيو َنا‬
‫نينلا َِ َُنينينا‬
‫الصػراط ‪ ،‬قػػاؿ تعػػالي ‪  :‬فني َ‬ ‫والشػػيطاف لعنػػو اهلل يقػػؼ أمػػاـ ذلػػؾ‬

‫ٔ) سورة الروـ _ ابية ٔٗ‪.‬‬


‫ٕ) سورة يوسؼ _ ابية ‪ٔٓٛ‬‬
‫ٖ) سورة األنعاـ _ ابية ٖ٘ٔ‪.‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪085‬‬

‫ِفجَ ِ ذٌا‪ ..)ٔ( ‬ولو سار اإلنسػاف وراء‬


‫َ االْ ُُ ْ‬
‫َ ْْوتنيجَِِنا َفْنيع َْ ْنا َبٌ ِ‬
‫اصَاسَ‬ ‫ُ ُْ‬ ‫َْ‬
‫َ‬
‫الشيطاف ‪ ،‬فخنو يسوقو حتى ييوي بو إلى الياوية‪.‬‬
‫نحف نخرج فػي سػبيؿ اهلل تعػالي مثممػا ضػحي النبػي ‪ ‬وخػرج ودعػا‬
‫النػاس هلل تعػالي ‪ ،‬فػنحف نحػاوؿ فقػط التشػبو بػالنبي ‪ ‬وفػي خروجنػا ىػػذا‬
‫نخرج أنفسنا عف إتباع السبؿ ونعرؼ الطريؽ طريؽ النبي ‪. ‬‬

‫إلػػي منزلػة ‪َ ‬و ْاُِني ْْا‬ ‫ويجػب مػف مواصػػمة الجيػد حتػى المػػوت فنصػؿ‬

‫نيوا ‪ ، )ٕ( ‬وقول ػ ػػو‪َ  :‬ني ني نيغَاََتُني نينيوثُ ْ ا َ ْ َاوَ ني نينيجٌُا‬ ‫ِ‬ ‫رْني ني ني َ ا ني ني ْا ِ‬
‫نيَّتاتَأْثذَني ني ني َ االْذَ ني ني ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن ‪.)ٖ( ‬‬ ‫ُّ ِْفلِ ُُو َا‬
‫واهلل ‪ ‬بيف لنا الحالؿ والحراـ ‪ ،‬والديف سيؿ ويسير‪ ،‬واإلنساف فيػو‬
‫يحتاج إلي التربية ‪ ،‬وذلؾ بالتدريب والتدرج‪.‬‬
‫واإلنساف لو في الدنيا حاجة‪ ،‬ولو فييا شيوات‪ ،‬فالبد أف يدرب نفسػو‬
‫م ػرة بعػػد م ػرة‪ ،‬حتػػى يأخػػذ الحاجػػة بقػػدر الضػػرورة ‪ ،‬فػػال تممبػػو شػػيواتو ‪،‬‬
‫فتصػػب الحيػػاة بسػػيطة وسػػيمة ‪ ،‬فيػػذا أبػػو بكػػر‪ ‬يحضػػر لمنبػػي المػػاء‬
‫مخموطا بالعسؿ‪ ،‬فينا قاؿ النبي ‪ " : ‬كاف يكفي الماء "‪.‬‬

‫ٔ) سورة األعراؼ _ ابية ‪.ٔٙ‬‬


‫ٕ) سورة الحجر _ ابية ‪.ٜٜ‬‬
‫ٖ) سورة البقرة _ ابية ٕٖٔ ‪.‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪086‬‬

‫مع أف ىذا ليس حراما ولكػف الحاجػة بقػدر الضػرورة ألف المػاء وحػده‬
‫يدفع العطش أما العسؿ فينفع كطعاـ‪.‬‬
‫اهلل تعػ ػػالي فػ ػػت عمػ ػػي الصػ ػػحابة فػ ػػي زمػ ػػف عمػ ػػر ‪ ، ‬لكػ ػػف أميػ ػػر‬
‫المػػؤمنيف عمػػر أوصػػاىـ أي يميػػروا مسػػتوي حيػػاتيـ فػػي الطعػػاـ والش ػراب‬
‫والمركػػب والمسػػكف ‪ ،‬حتػػى الػػذي يرسػػميـ خػػارج المدينػػة ييػػتـ بيػػـ ويسػػأؿ‬
‫ع ػػف س ػػيرتيـ وأحػ ػواليـ ‪ ،‬ويتقص ػػى ف ػػي ذل ػػؾ م ػػف الرعي ػػة ‪ ،‬ب ػػؿ ويحاس ػػب‬
‫عمالو إذا ظير فييـ اعوجػاج ‪ ،‬بػؿ لمػا أرسػميـ قػاؿ‪ :‬المدينػة خيػر ليػـ لػو‬
‫كانوا يعمموف‪.‬‬
‫ولكػػف لمػػا جػػاء عثمػػاف ‪ ‬وكثػػر مػػف دخػػؿ فػػي ايسػػالـ ‪ ،‬تػػدرج بيػػـ‬
‫في مستوي حياتيـ ‪.‬‬
‫فػػأبو بكػػر وعم ػر رضػػي اهلل عنيمػػا‪ ،‬مػػا كانػػا يعػػامالف النػػاس عم ػػي‬
‫قرابتيـ ‪ ،‬بؿ أعطوىـ المناسب ليـ ‪ ،‬وبحسب السػبؽ فػي الػديف ‪ ،‬ومػف لػو‬
‫فيو جيد‬
‫فسيدنا أبو بكر قسـ العطاء عمي أساس حاجات الناس ‪.‬‬
‫وسيدنا عمر قسـ عمػي أسػاس السػابقيف األولػيف فػأعطي أسػامة أكثػر‬
‫مػػع أف‬ ‫مػػف ابنػػو عبػػد اهلل وقػػاؿ‪ :‬ىػػذا حػػب رسػػوؿ اهلل ‪ ‬أيػػف منػػو ابنػػي‬
‫ابف عمػر كػاف مػف العممػاء ولكػف ال ارتػب لػـ يكػف لمعمػـ ألف الػدنيا كميػا ي‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪087‬‬

‫تسػػاوي تفسػػير آيػػة أو حػػديث بػػؿ ال ارتػػب لحػػبس الوقػػت وسػػد حاجاتػػو وعنػػد‬
‫سيدنا عمر لمسبؽ ‪ ،‬قاؿ‪ :‬ي يتساوى مف قاتؿ مع النبي ‪ ‬مع مف قاتمو‪.‬‬
‫أما سيدنا عثماف ‪ ‬فقد عامؿ الناس عمػي أسػاس قػرابتيـ ‪ ،‬ألف ليػـ‬
‫حقوقػا عميػو فقػرب أقربػاؤه وقػاؿ ‪ :‬إف ليػـ رحمػا يبػد أف أرعاىػا ‪ ،‬فجعميػـ‬
‫عماي لو في األمصار‪ ،‬واستعمميـ في شئوف المسمميف‪.‬‬
‫لكف ما الفرؽ بيف الترتيبيف‬
‫ترتيػػب أبػػي بكػػر وعمػػر ‪ ،‬وترتيػػب سػػيدنا عثمػػاف رضػػي اهلل عػػنيـ‬
‫الشػيخاف أبػو بكػر وعمػر رضػي اهلل عنيمػا سػا ار بالنػاس عمػي مػزاج‬
‫الشرع لقرب عيدىـ بالنبوة‪.‬‬
‫وأمػػا سػػيدنا عثمػػاف ‪ ‬فقػػد سػػار بالنػػاس عمػػي حػػدود الشػػرع ‪ ،‬وذلػػؾ‬
‫بسبب كثرة الداخميف مف غير العرب في اإلسالـ‪.‬‬
‫لػذلؾ فالمسػمـ يبػد أف يعػيش عمػى حػدود الشػرع ‪ ،‬حتػى يتوصػؿ إلػى‬
‫الحػػدود قػػد يخػػرج إلػػى الح ػراـ‬ ‫م ػزاج الشػػرع ‪ ،‬ألف اإلنسػػاف لػػو زاد عػػف‬

‫اِلَني ا‬ ‫فيخسر الدنيا وابخرة ولذلؾ قاؿ ‪َ  : ‬وِ َ االَ ِ‬


‫ْنسا َ ني اتنيَ ْعُ ُنيْااللْنيهَ َ‬
‫اِلَني ا َو ْ َِ ِنيها‬ ‫ٍ ا َِج ْناَصن هاخذني ااسُْأَ ْناِِهاوِ ْناَصن نيْجها ِ‬
‫ب َ‬ ‫َ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫اا‬‫ٌ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫ني‬‫ج‬‫ْ‬ ‫َ ََُ‬ ‫َ َُ َ ْ ٌ َ‬ ‫َْ‬
‫االْ ْنيذ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ن ‪.)ٔ( ‬‬ ‫ااْلُ ِْفَا ُا‬
‫ال َو ْ‬ ‫َخِفَ ُّ َ َ‬
‫ناو ْاْلخَةَاذَل َ ُ‬

‫ٔ) سورة الحج – ابية ٔٔ ‪.‬‬


‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪088‬‬

‫فمو سار رجؿ عمى مزاج الشرع ‪ ،‬فأويده يعيشوف عمى حػػدود الشرع‬
‫لو زادت معيـ الدنيا ٓٓ أما لو سار رجؿ عمى حدود الشػرع فيمكف‬
‫ألويده ‪ ،‬أف يتعدوا الحدود‪.‬‬
‫لذلؾ حدث مع الشيخ إنعاـ الحسف‪ ،‬أف رجال تاج ار سمع الكػالـ‬
‫عف حدود الشرع ومزاجو وىو رجؿ يحج ويصمي فجاء لمشيخ ‪ ،‬وقاؿ‪:‬‬
‫أويدي لـ يخرجوا عف الحد بعد موتي بؿ في حياتي ‪.‬‬
‫فقاؿ لو الشيخ‪ :‬ابعثيـ يخرجوا أربعة أشير أو شيريف أو شي ار‬
‫فرفض ‪ ،‬حتى دخؿ عميو ابنو مرة في حالة سكر ‪.‬‬
‫فأصػ ػ ػ ػ ػػب فػ ػ ػ ػ ػػي الصػ ػ ػ ػ ػػباح ورتػ ػ ػ ػ ػػب ابنػ ػ ػ ػ ػػو ليخػ ػ ػ ػ ػػرج أربعػ ػ ػ ػ ػػة أشػ ػ ػ ػ ػػير‪.‬‬
‫سػػميماف بػػف عبػػد الممػػؾ بػػف مػػرواف لمػػا حض ػرتو الوفػػاة جمػػع العممػػاء‬
‫وأخػػذ يستشػػيرىـ فػػى أمػػر الخالفػػة ‪ ،‬فقػػالوا لػػو ‪ :‬لػػو أردت أف تمقػػي اهلل‬
‫لرجػػؿ ذي ديػػف ‪ ،‬وي ييمنػػؾ‬ ‫تعػػالى ارضػػيا عنػػؾ ‪ ،‬فأوصػػي بعػػد موتػػؾ‬
‫األخوة ‪ ،‬فينا أوصي لعمر بف عبد العزيز رحمو اهلل ‪ ،‬فى وصية تق أر بعػد‬
‫وفاتو ‪ ،‬ولسميماف بف عبد الممؾ أخ اسمو ىشاـ كاف يتوقػع أف يكػوف ىػو‬
‫الخميفػػة ‪ ،‬ولكػػف بعػػد وفاتػػو فػػي المسػػجد فتحػػت الوصػػية‪ ،‬ىشػػاـ يتوقػػع أف‬
‫يكوف ىػو الخميفػة ‪ ،‬وعمػر رحمػو اهلل ي يتوقػع ىػذا ولكػف لمػا بػايعوا لالسػـ‬
‫قبػػؿ أف يقػػرؤوه بعػػدا لسػػماع بكػػى عمػػر بػػف عبػػد العزيػػز ووقػػع مػػا تحممػػو‬
‫قػدماه ‪ ،‬وحمػؿ حتػى أجمسػوه وكػاف عنػد عمػر بػف عبػد العزيػز إمػاء وعبيػد‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪089‬‬

‫أعػتقيـ وأدخػؿ مالػو فػي بيػت المسػمميف ثػـ قػاؿ لفاطمػة بنػت عبػد الممػؾ ‪:‬‬
‫لػػو شػػئت أف تمحقػػي بأىمػػؾ فػػاذىبي ألنػػي قػػد ي أسػػتطيع أف أقػػوـ بحقوقػػؾ‬
‫لعػػدـ وجػػود مػػاؿ عنػػدي فأبػػت أف تفارقػػو ووافقػػت أف يػػدخؿ المػػاؿ فػػي‬
‫خزانة المسمميف وعمر بف عبد العزيػز رحمػو اهلل تعػالى ‪ ،‬كػاف يقػوـ بالميػؿ‬
‫يدعو ربو ليصم اهلل حكاـ المسمميف ‪ ،‬وفى زمنػو توقفػت الجزيػة مػف كثػرة‬
‫الػػداخميف فػػي اإلسػػالـ ‪ ،‬فخمػػت الخزينػػة فػػي أوؿ أمػره ‪ ،‬فأشػػاروا عميػػو أف‬
‫يضػػع شػػروطا لإلسػػالـ ألف أىػػؿ الكتػػاب كػػانوا يػػدخموف اإلسػػالـ ‪ ،‬فتسػػقط‬
‫الجزيػػة عػػنيـ فقػػاؿ ليػػـ ‪ :‬واهلل لػػو لػػـ يكػػف فػػي الخزينػػة إي درىػػـ واحػػد مػػا‬
‫فعمػػت شػػيئا ‪ ،‬فػػدماؤىـ كػػدمائنا ‪ ،‬وأم ػواليـ كأموالنػػا فكانػػت حياتػػو بسػػيطة‪،‬‬
‫وكذلؾ حيػاة أىمػو‪ ،‬وبقػى عمػى الخالفػة سػنتيف وخمسػة أشػير ‪ ،‬وكػاف يقػيـ‬
‫فػي حمػص بسػوريا‪ ،‬ذات يػوـ جػاءت عجػوز تريػد قصػر الخالفػة ‪ ،‬وكػاف‬
‫أىػؿ حمػص فػي ىنػاء ورخػاء ‪ ،‬فقػاؿ ليػا النػاس ‪ :‬الخميفػة فػي ىػذا الكػوخ‬
‫فدخمت فوجدت امػرأة تعمػؿ فػي أمػور البيػت‪ ،‬فقالػت ليػا‪ :‬أريػد زوجػة أميػر‬
‫المؤمنيف فقالت ليا‪ :‬أنا‪ ،‬فتحيرت المرأة‪ ،‬وأخذت تػتكمـ مػع زوجػة عمػر‬
‫( رحمو اهلل ) وكاف عمر يصػم سػقؼ البيػت‪ ،‬ومػف لحظػة وأخػري ينظػر‬
‫إلػػى زوجتػػو‪ ،‬فقالػػت الم ػرأة ‪ :‬ذلػػؾ األجيػػر لػػيس رجػػؿ صػػال ألنػػو ينظػػر‬
‫إليؾ‪ ،‬فقالت‪ :‬ىو أميػر المػؤمنيف فػازدادت حيػرة ‪ ،‬وقالػت‪ :‬لمػا يعمػؿ بيػده‬
‫مع أف الشعب فى راحة وىنػاء فقالػت‪ :‬لػو لػـ يختػر ىػذه الحيػاة‪ ،‬لػـ يكػف‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪091‬‬

‫الشػػعب فػػى ارحػػة وىنػػاء ‪،‬والصػػحابة اإلجػػالء لمػػا ذىبػوا إليػراف‪ ،‬وتممبػوا‬
‫عمييـ‪ ،‬فقالوا‪ :‬كيؼ تممبػوا عمينػا‪ :‬مػع أنيػـ عػرب فقػراء ضػعفاء فقيػؿ ليػـ‬
‫‪ :‬ي تنظػػروا إلػػى أجسػػاميـ ومالبسػػيـ‪ ،‬بػػؿ لقػػوتيـ الداخميػػة‪ ،‬فيػػـ‪ :‬فرسػػاف‬
‫بالنيػار رىبػاف بالميػؿ ‪ ،‬فيػـ خرجػوا بقػوة اإليمػاف والصػفات اإليمانيػة ‪ ،‬ولػـ‬
‫يتػأثروا بمػا عنػدىـ لعمميػـ أنيػـ ابتعثػوا نيابػة عػف النبػي ‪ ، ‬ولكػف غيػرىـ‬
‫تػأثروا بيػـ‪ ،‬وأعجبػتيـ حيػاتيـ وبسػاطتيـ ‪ ،‬وعمػر بػف عبػد العزيػز( رحمػو‬
‫اهلل ) جمػػع قبػػؿ وفاتػػو أويده وبناتػػو‪ ،‬وقػػاؿ ليػػـ‪ :‬مػػا تركػػت لكػػـ مػػف المػػاؿ‬
‫شيئا مثؿ المموؾ السابقيف ‪ ،‬ولو أردت لفعمت ‪ ،‬وقد عممتكـ الديف فقالوا‪:‬‬
‫رضينا أما أقرباؤه‪ ،‬فقالوا‪ :‬كيػؼ تتػرؾ أويدؾ دوف مػاؿ فقػاؿ ليػـ قولػة‬
‫عجيبػة‪ :‬مػا ضػيعت ليػـ حقػا‪ ،‬ومػا أعطيػتيـ حقػوؽ ابخػريف ‪ ،‬ولقػد أديػت‬
‫ماليـ مف حػؽ عم أى ‪ ،‬فخف يكونوا صالحيف ‪ ،‬فاهلل يتػولى الصػالحيف ‪ ،‬ولػو‬
‫كػانوا عمػى غيػر ىػذا فػال أبػالى فػى أى أوديػة الػدنيا ىمكػوا !! وبعػد وفاتػو‬
‫قسػموا اإلرث وكػاف قمػيال جػدا ‪ ،‬ولػيس معنػى ىػذا أف نتػرؾ أويدنػا فقػراء ‪،‬‬
‫ولكف يبد مف تركيـ عمى صفات ويقػيف مػف أف اهلل تعػالى لػف يضػيعيـ ‪،‬‬

‫اخ ْل ِف َِ ْنيٌا‬
‫شاالْ ِات َ الَ ْواثَنيَُكنيواْا ِ ني ْ َا‬
‫ألنيـ صالحوف وكما قاؿ تعالى‪َ  :‬ولْذَ ْل َ‬
‫تْا‪.)ٔ( ‬‬ ‫اِلَْذ َِ ٌْا َني ْلذَجْني ُواااللّهَ َاولْذَني ُولُواْافَني ْو ًا َ ِْ ً‬
‫ناخن ُواْ َ‬
‫ِ‬
‫ذُِّرتًْاض َعن ً َ‬

‫ٔ) سورة النساء – ابية ‪.ٜ‬‬


‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪090‬‬

‫ولذلؾ يقوؿ الشاعر لمف يرتب الديف عمى ترتيب الدنيا ‪:‬‬

‫فال ديننا يبقى وي ما نرقع‬ ‫نرقع دنيػانا بتمزيؽ ديننػا‬


‫وكـ مػف أبػاء تركػوا أويدىػـ عمػى غيػر الػديف فكانػت األمػواؿ سػبب‬
‫ىالكيـ ‪ ،‬وتنازعيـ ‪ ،‬وتقاتموا عمييا ‪ ،‬حتى ضيعتيـ‪.‬‬
‫وتػولي ىشػاـ بػف عبػد الممػؾ ‪ ،‬بعػد عمػر بػف عبػد العزيػز ‪ ،‬فممػا رأى‬
‫بيت الماؿ لـ يكف فيو شيء ظف أف عمر أخػذه ‪ ،‬فسػأؿ أختػو ‪ ،‬فقالػت ‪:‬‬
‫قالػػت ‪ :‬فػػي تمػػؾ المرفػػة ‪،‬‬ ‫مػػا تػػرؾ شػػيئا فقػػاؿ ليػػا ‪ :‬وأيػػف كػػاف يبيػػت‬
‫سػػأليا‬ ‫فػػدخؿ ولػػـ يجػػد إي ف ارشػػا وابريقػػا وحػػبال معمقػػا وبعػػض األشػػياء‪،‬‬
‫فقالػػت‪ :‬كػػاف يصػػمي هلل تعػػالى وكػػاف قميػػؿ النػػوـ وفػػى النيػػار فػػي أمػػور‬
‫المسمميف ‪ ،‬وكاف يخاؼ اهلل فبكوا جميعا وقالوا ‪ :‬ما عرفناه في حياتػو ‪،‬‬
‫ففػػي حياتػػو أقػػاـ العػػدؿ فػػي النػػاس ‪ ،‬ورد أم ػواؿ الياشػػمييف وأ ارضػػييـ ‪،‬‬
‫وحؿ قضايا المسمميف ‪.‬‬
‫الع ػػدؿ‬ ‫وىش ػػاـ ب ػػف عب ػػد المم ػػؾ تفك ػػر ف ػػي إقام ػػة المس ػػمميف عم ػػى‬
‫واإلنص ػػاؼ ‪ ،‬ف ػػولى أويد عم ػػر ب ػػف عب ػػد العزي ػػز (رحم ػػو اهلل) في ػػـ أج ػػدر‬
‫الناس بخقامة العدؿ واإلنصاؼ ‪ ،‬فويىـ مناصب المسمميف ‪ ،‬وبعد سػنوات‬
‫كػػاف أويد عمػػر بػػف عبػػد العزيػػز ينفقػػوف مػػع فقػػرىـ ‪ ،‬وأويد الممػػوؾ كػػانوا‬
‫يتكففػػوف النػػاس عمػػى أب ػواب المسػػجد األمػػوي بدمشػػؽ ‪،‬إذف التمتػػع بقميػػؿ‬
‫الػػدنيا يػػورث اإلنسػػاف التمتػػع بكثيػػر الػػنعـ فػػي ابخ ػرة ‪ ،‬والػػديف تضػػحيات‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪092‬‬

‫اصنين ِ نًا‬ ‫ومجاىػدة ‪ ،‬ولكػف بعػد ذلػؾ حيػاة طيبػة ‪ ،‬قػاؿ تعػالى ‪ ‬ني ِ‬
‫اُِ َنيل َ‬ ‫َْ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ْ اذَ َكني ٍ ا َْوا ُْنيًَني َاوُل َنيوا ُ ْنيو ٌ ا َنيلََُ ْمذِذَنيَْنيهُا َ ذَنين ًةاسَذَِّني ً َاولَََ ْجني ِتنيََني ُ‬
‫َْ ٌْاَ ْ نيَ ُل ٌْا‬
‫كن ُوااتنيَ ْع َُلُونا‪.)ٔ( ‬‬ ‫ِأَ ْ َِف ِ ا َ نا َ‬
‫مػثال لممجاىػػدة ‪:‬رجػؿ خػػرج فػي سػػبيؿ اهلل مػف أصػػحاب المناصػػب ‪،‬‬
‫وكػاف يقػدـ لػو الطعػاـ ثالثػة أصػناؼ وحمػوى مثػؿ ذلػؾ ‪ ،‬وىػو فػي األصػؿ‬
‫يقػػدـ لػػو سػػبعة أن ػواع ومػػف الفاكيػػة ‪ ،‬ومػػف الحمػػوى الكثيػػر‪ ،‬فيػػو ىنػػا فػػي‬
‫مجاىدة ٓٓ أما الػذي فػى بيتػو يقػدـ لػو ثالثػة أنػواع ‪ ،‬وىػو يريػد خمسػة ‪،‬‬
‫فيػو فػي انحطػاط ونػزوؿ ‪ ،‬ولػيس فػي تضػحية وتػرؽ ‪ ،‬واهلل ‪ ‬فػي قرآنػو‬

‫ود المّ ِػو‬


‫ُح ُػد ُ‬ ‫ثِْلني َا‬ ‫الكػريـ ‪ ،‬يحػذرنا أف نتعػدى الحػدود ‪ ،‬فيقػوؿ سػبحانو ‪:‬‬

‫وف ‪ )ٕ( ‬حتػػى يبقػػى‬ ‫ِ‬ ‫ود المّػ ِػو فَأ ُْولَػػَئِ َ‬
‫ؾ ُىػ ُػـ الظّػػال ُم َ‬ ‫وىا َو َمػػف َيتَ َعػ ّػد ُحػ ُػد َ‬
‫فَػالَ تَ ْعتَػ ُػد َ‬
‫عمػػى التقػػوى‪ ،‬وم ػزاج الشػػرع ي يػػأتي إي بالتػػدريج ‪ ،‬يقػػوؿ تعػػالى‪َ :‬وَ ني ا‬
‫اِ ني ِ االْ َعنينينلَ ُِ َا‬ ‫نلني َنيْا َِجَّْننيَ ُ ِ ِ ِ ِ‬
‫و‪ .)ٖ( ‬ووائػػؿ بػػف‬ ‫نيناَيَنلني ُنيْالََني ْفِفنينيهاِ ْنااللْنينيهَالَغَني ِ ٌّ‬
‫نيِن َ‬ ‫ََ‬
‫حجػػر‪ ‬كػػاف مػػف أبنػػاء الممػػوؾ ‪ ،‬فأكرمػػو الرسػػوؿ ‪ ‬وذكػره بخيػػر عمػػى‬

‫ٔ) سورة النحؿ – ابية ‪. ٜٚ‬‬


‫ٕ) سورة البقرة ػ ابية ‪. ٕٕٜ‬‬
‫ٖ) سورة العنكبوت _ ابية ‪.ٙ‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪093‬‬

‫منبره ‪ ،‬وأمر معاوية ‪ ‬أف يكرمو فذىب بو إلى بيتػو‪ ،‬لقولػو‪ " : ‬أنزلػوا‬
‫(ٔ)‬
‫‪.‬‬ ‫الناس منازليـ "‬

‫ػوف ْب ِػف‬ ‫ٔ) فػي سػنف أبػي داود » كتػاب األدب » بػاب فػي تنزيػؿ النػاس منػازليـ‪َ :‬ع ْػف َمْي ُم ِ‬

‫ػاب َو َىْيَئػةٌ فَأَ ْق َع َدتْػوُ‬‫َعطَتْوُ ِك ْس َرةً َو َم أػر بِيَػا َر ُجػ ٌؿ َعمَْي ِػو ثَِي ٌ‬ ‫َف َعائِ َشةَ َمأر بِيَا َسائِ ٌؿ فَأ ْ‬ ‫يب أ أ‬ ‫أَبِي َشبِ ٍ‬
‫ػاس َمَنػ ِ‬ ‫ِ أ‬ ‫ػاؿ رسػػو ُؿ المأ ِػو أ أ‬ ‫فَأَ َك َػؿ فَِقي َػؿ لَيَػا ِفػػي َذلِ َ‬
‫ػازلَيُ ْـ‬ ‫صػمى المػوُ َعمَْيػػو َو َسػم َـ أَْن ِزلُػوا الأن َ‬ ‫َ‬ ‫ػت قَ َ َ ُ‬ ‫ػؾ فَقَالَ ْ‬
‫وف لَ ْـ ُي ْد ِر ْؾ َعائِ َشةَ ‪.‬‬ ‫اؿ أَُبو َد ُاوَد َم ْي ُم ٌ‬ ‫صٌر قَ َ‬ ‫يث َي ْحَيى ُم ْختَ َ‬ ‫اؿ أَُبو َد ُاوَد َو َح ِد ُ‬ ‫قَ َ‬
‫اص ػبِ ِي ْـ‬‫ػاس ومػػراتِبِ ِيـ ومَن ِ‬ ‫ػاة مقَػ ِ‬ ‫يث اْلحػػض عمَػػى مر ِ‬ ‫اد بِاْلحػ ِػد ِ‬
‫ير الأنػ ِ َ َ َ ْ َ َ‬ ‫ػاد ِ‬ ‫اعػ َ‬ ‫َُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ػاؿ اْل َع ِزيػ ِػزي ‪َ :‬واْل ُمػ َػر ُ َ‬ ‫قَػ َ‬
‫ػاؿ أَُبػو‬ ‫ؽ ( ‪ .‬قَ َ‬ ‫ػؾ ِم َػف اْل ُحقُػو ِ‬ ‫س َوِفػي اْل ِقَي ِػاـ َو َغْي ِػر َذلِ َ‬ ‫ض ِفي اْل َم َجػالِ ِ‬ ‫ض ِي ْـ َعمَى َب ْع ٍ‬ ‫يؿ بع ِ‬ ‫ِ‬
‫َوتَ ْفض ِ َ ْ‬
‫وف لَ ْـ ُي ْد ِر ْؾ َعائِ َشةَ ‪.‬‬ ‫َد ُاوَد َمْي ُم ٌ‬
‫ي مْيمػوف ْبػف أَبِػي ُشػبْي ٍب ع ْػف عائِ َشػةَ متأ ِ‬ ‫ٍِ‬ ‫اؿ اْلمْن ِذ ِري ‪ :‬وِق َ ِ‬
‫ػاؿ َي ‪.‬‬ ‫صػ ٌؿ قَ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫يؿ ألَبِي َحػاتـ ال أػر ِاز ِّ َ ُ ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫قَ َ ُ‬
‫ي‪.‬‬ ‫ْانتَيَى َك َال ُـ اْل ُمْن ِذ ِر ِّ‬
‫طَب ِػة‬ ‫ؽ ‪َ :‬وأَ أمػا قَ ْػو ُؿ ُم ْسػمٍِـ ِفػي ُخ ْ‬ ‫ص ِػؿ التأ ْعمِيػ ِ‬ ‫ٍِ ِ‬
‫صػحي ِ ُم ْسػمـ فػي فَ ْ‬
‫اؿ الأنوِوي ِفي مقَ ِّدم ِة َشػرِح ِ‬
‫ُ َ ْ َ‬ ‫َوقَ َ َ‬
‫ػت‪ :‬أَمرَنػا رسػو ُؿ المأ ِػو أ أ‬ ‫ض أ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬
‫صػمى المػوُ‬ ‫َ‬ ‫ػي المػوُ َعْنيَػا ‪ -‬أَأنيَػا قَالَ ْ َ َ َ ُ‬ ‫كتَابػو َوقَ ْػد ُذك َػر َع ْػف َعائ َشػةَ ‪َ -‬ر َ‬
‫َف لَ ْفظَػػو لَػ ْػيس ج ِازمػػا َي ي ْقتَ ِ‬
‫ضػػي‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ً‬ ‫ػازلَيُ ْـ فَيَ ػ َذا بِػػالأنظَ ِر إِلَػػى أ أ‬‫ػاس َمَنػ ِ‬‫َف ُنْنػ ِػز َؿ الأنػ َ‬ ‫َعمَْيػ ِػو َو َسػػمأ َـ ‪ -‬أ ْ‬
‫اى ِد ي ْقتَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫احػػتَ أج بِػ ِػو وأَورَده إِيػػر َاد ا ْألُصػ ِ‬ ‫صػػحأتِ ِو َوبِػػالأن َ‬ ‫ح ْكمػػو بِ ِ‬
‫ضػػي‬ ‫ػوؿ َي إِيػ َػر َاد ال أشػ َػو َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َْ ُ َ‬ ‫ظ ِر إِلَػػى أَأنػػوُ ْ‬ ‫ُ َُ‬
‫ػاب َم ْع ِرفَػ ِػة‬ ‫ػافظُ ِفػػي ِكتَابِػ ِػو ِكتَػ ِ‬ ‫ػاكـ أَبػػو عْبػ ِػد المأػ ِػو اْلحػ ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫ػؾ فَقَػ ْػد َح َكػ َػـ اْل َحػ ُ ُ َ‬ ‫ػع َذلِػ َ‬ ‫ِ ِ ِِ‬
‫ُح ْك َمػػوُ بصػػحأتو ‪َ ،‬و َمػ َ‬
‫َخ َر َجػوُ أَُبػو َد ُاوَد ِفػي ص٘‪ُ ٔٛ‬س َػننِ ِو بِِخ ْس َػن ِاد ِه ُمْنفَ ِػرًدا بِ ِػو ‪َ ،‬وُذ ِك َػر أ أ‬
‫َف‬ ‫صحأتِ ِو َوأ ْ‬ ‫يث بِ ِ‬ ‫وـ اْلح ِد ِ‬
‫ُعمُ ِ َ‬
‫وف ْب ُف أَبِي ُشَبْي ٍب َولَ ْـ ُي ْد ِرْكيَا‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ي لَوُ َع ْف َعائ َشةَ َمْي ُم ُ‬ ‫الرِاو َ‬
‫أ‬
‫يمػا قَالَػوُ أَُبػو َدا ُوَد َنظَ ٌػر ‪ ،‬فَِخأنػوُ ُكػوِف ُي ُمتَقَ ِّػد ٌـ قَ ْػد أ َْد َر َؾ اْل ُم ِمي َػرةَ ْب َػف‬ ‫ِ‬
‫الص َػال ِح َوف َ‬ ‫اؿ ال أش ْػي ُخ ْاب ُػف أ‬ ‫قَ َ‬
‫ػاؼ ِفػػي‬ ‫ػاف التأ َال ِقػػي َكػ ٍ‬ ‫ػع إِ ْم َكػ ِ‬ ‫اصػ ُػر َمػ َ‬
‫ٍِ‬ ‫ِ‬ ‫ُشػػعبةَ ‪ ،‬ومػ َ ِ‬
‫ػات اْل ُمميػ َػرةُ قَْبػ َػؿ َعائ َش ػةَ ‪َ ،‬و ِعْنػ َػد ُم ْسػػمـ التأ َع ُ‬ ‫َْ َ َ‬
‫اسػػتَقَ َاـ ِألَبِػػي َد ُاوَد اْل َجػ ْػزُـ بِ َعػ َػدِـ‬ ‫ػاؿ لَػػـ أَْلػ َ ِ‬ ‫اإل ْدر ِ‬ ‫ِ‬
‫ػؽ َعائ َشػةَ ْ‬ ‫ػوف أَأنػوُ قَػ َ ْ‬‫اؾ ‪َ ،‬فمَػ ْػو َوَرَد َعػ ْػف َمْي ُمػ ٍ‬ ‫ثُُبػوت ِْ َ‬
‫ات َذلِ َؾ ‪ْ .‬انتَيَى ‪.‬‬ ‫اك ِو َو َىْييَ َ‬
‫إِ ْدر ِ‬
‫َ‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪094‬‬

‫فػي أوؿ أمػر الػدعوة إلػى اهلل‪ ،‬ي نشػؽ عمػى النػاس ‪ ،‬حتػى ي يسػأموا‬
‫ويممػوا ‪ ،‬ألف النػاس ألفػوا المعاصػي ‪ ،‬فصػعب عمػييـ أمػر الػديف‪ ،‬ولػذلؾ‬
‫أسمـ نصراني في رمضاف ‪ ،‬فقاؿ لو بعض الناس ‪ :‬عميؾ خمس صموات‬
‫‪ ،‬وقيػػاـ ليػػؿ وتػراوي ‪ ،‬وصػػياـ رمضػػاف ‪ ،‬وأذكػػار ‪ ،‬وقػراءة قػرآف ‪ ،‬فقػػاؿ ‪:‬‬
‫إف كاف ىذا ىو اإلسػالـ ‪ ،‬فأنػا ي أسػتطيع ‪ ،‬فارتػد ‪ ،‬ولكػف لػو جػاءوا معػو‬
‫بالتػدريج ‪ ،‬لثبػت بػخذف اهلل ‪ ،‬وىػذا الشػخص كػاف فػى سػفر ولػو الخيػار فػي‬
‫اإلفطار‪ ،‬بدؿ أف يضمطوا عميو‪.‬‬
‫كػذلؾ رجػؿ آخػر مػدمف خمػر خػرج مػع الجماعػة ‪ ،‬فقػاؿ‪ :‬ي أسػتطيع‬
‫تػػرؾ الخمػػر‪ ،‬فقػػالوا لػػو ‪ :‬ي بػػأس فممػػا تػػأثر بػػأحواليـ ‪ ،‬بكػػي هلل ودعػػاه أف‬
‫يوفقو لتػرؾ الخمػر‪ ،‬وبنفسػو كسػر الزجاجػة ٓٓ فيػذه حكمػة بالتػدريج حتػى‬

‫يفيـ ‪ ،‬وقد أخبرنػا اهلل تعػالى بيػذا فػي قرآنػو‪ ،‬فقػاؿ ‪َ  : ‬كني َالِ َ ا ُكَنيجٌُا‬
‫(ٔ)‬
‫ن‪‬‬ ‫اِلَ ني ْنيذ ُ ٌْا َنيجََنيذْنيَُني نيواْاِ ْنااللّ نينيهَا َك نينين َن ِابَني نيناثَني ْع َُلُ نينيو َا‬
‫ِّ ني ني افَنيْ ني ُنيلا َ َُ ني ني ْ االلّ نينيهُ َ‬
‫وبػػاألخص أف بالدنػػا بػػالد العجػػـ ‪ ،‬والفػػتف فييػػا كثيػرة ‪ ،‬والنػػاس ع ػواـ وي‬
‫يفيموف ‪ ،‬فال بأس في مثؿ ىذه األمور ‪ ،‬وكػذلؾ جماعػة خرجػوا ‪ ،‬وأخػذوا‬

‫ػاؿ َىػ َذا اْل َح ِػد ُ‬


‫يث َي ُي ْعمَ ُػـ َع ِػف‬ ‫يث َعائِ َشػةَ َىػ َذا قَ ْػد َرَواهُ اْلَب أػزُار ِفػي ُم ْس َػن ِد ِه َوقَ َ‬
‫اؿ الأن َوِوي ‪َ :‬و َح ِػد ُ‬
‫قَ َ‬
‫ي َع ْػف َعائِ َشػةَ ِم ْػف َغْي ِػر َىػ َذا‬ ‫ِ‬ ‫أ ِ‬ ‫ِ أ‬ ‫الأنبِ ِّي ‪ -‬أ أ‬
‫صمى المػوُ َعمَْيػو َو َسػم َـ ‪ -‬إِي م ْػف َىػ َذا اْل َو ْجػو ‪َ ،‬وقَ ْػد ُرِو َ‬ ‫َ‬
‫اْل َو ْج ِو َم ْوقُوفًا ‪ْ .‬انتَيَى (عوف المعبود )‪.‬‬
‫ٔ) سورة النساء _ ابيةٗ‪.ٜ‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪095‬‬

‫معيػـ رجػال رغبتػو زوجتػو فػي الخػروج ‪ ،‬فخػرج وزوجتػو تقيػة ورعػة ‪ ،‬فممػػا‬
‫جػػاء العيػػد أويد الجي ػراف فػػي الشػػارع ‪ ،‬قػػالوا ليػػـ ‪ :‬أبػػوكـ غيػػر موجػػود ‪،‬‬
‫وليس ىناؾ مالبس جديدة ‪ ،‬فشػكوا ذلػؾ ألميػـ ‪ ،‬فػأميـ رغبػتيـ فػي الجنػة‬
‫والنعيـ المقيـ ‪ ،‬وفييا ي يبمػي الثيػاب ‪ ،‬وي يفنػي الشػباب ‪ ،‬فخػرج األطفػاؿ‬
‫وذىبػوا إلػػى األطفػػاؿ ابخػريف ‪ ،‬وقػػالوا ليػػـ ‪ :‬لنػػا ابخػرة وفييػػا جنػػة لنػػا ‪،‬‬
‫وذلؾ بسبب الخروج الذي خرجو أبونا ليأتي بالجنة ‪ ،‬فينا األطفػاؿ قػالوا ‪:‬‬
‫ألمياتيـ األخريػات‪ ،‬أمػي لمػاذا ي يػذىب أبونػا ويػأتي بالجنػة مثممػا ذىػب‬
‫فالف وترؾ أويده ولما رجع آباؤىـ ‪ ،‬النساء قمف لمرجاؿ األويد لػـ يفرحػوا‬
‫بالعيد وحكوا ليـ األمر‪ ،‬وقمػف لمػاذا ي تخرجػوف فػي سػبيؿ اهلل مثممػا يفعػؿ‬
‫الجيراف فذىب رجاليـ لزيارة الرجاؿ الذيف عػادوا مػف الخػروج ‪ ،‬فسػألوىـ‬
‫عف أحواليـ ‪ ،‬وبفضؿ اهلل تشػكموا معيػـ ‪ ،‬فينػا النسػاء اجتيػدف ‪ ،‬وأخػرجف‬
‫الرجاؿ‪.‬‬
‫ونفكر كيؼ نعصـ أنفسنا مف غضب اهلل ‪ ‬وسػخطو ‪ ،‬ونخػرج إلػى‬
‫مرضات اهلل ورضوانو ‪ ،‬فيثبتنا اهلل عمى الصراط المستقيـ‪.‬‬

‫إذا قمنا عمى الجيد ‪ ،‬بخذف اهلل نجتيد حتى الموت ‪ ،‬نموت فػي ىػذا‬
‫الجيػد ‪ ،‬نكػوف مسػتعديف لكػؿ األعمػاؿ‪ ..‬وصػمى الميػـ عمػى سػيدنا محمػد‬
‫وعمى آلو وصحبو وسمـ‪.‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪096‬‬

‫تصحيح المفاىيةم‬
‫اص نينين ِ نًا ِ ني ني ْ اذَ َك ني ني ٍ ا َْوا ُْنيًَني ني َاوُل ني َنيوا ُ ني ْنيوِ ٌ ا‬ ‫قػ ػػاؿ تعػ ػػالى ‪ ‬ني ني ِ‬
‫اُِ ني َنيل َ‬
‫َ ْ َ‬
‫ُل ٌْاِأَ ْ ِف ِ ا َ نا َ‬ ‫َنيلََُ ْمذِذَنيَْهُا َ ذَنةًاسَذَِّ ً َاولَََ ْج ِتَنيَني ُ‬
‫َْ ٌْاَ ْ َ‬
‫(ٔ)‬
‫‪.‬‬ ‫كن ُوااتَني ْع َُلُونا‪‬‬
‫َ‬
‫صالح اإلنساف في الدنيا وابخرة ‪ ،‬اجتماعياً ‪ ،‬انفراديػاً ‪ ،‬مبنػى عمػى‬
‫أف ينف ػػؽ نفس ػػو ومال ػػو لرض ػػاء اهلل ‪ ، ‬أي يس ػػتعمؿ نفس ػػو ومال ػػو حس ػػب‬
‫أوام ػػر اهلل وطري ػػؽ النب ػػي ‪ ، ‬وب ػػذلؾ تن ػػزؿ الرحم ػػة ‪ ،‬وترف ػػع المش ػػاكؿ ‪،‬‬
‫ويرتػػاح فػػي القبػػر وينػػاـ نومػػة العػػروس ‪ ،‬ويسػػيؿ عميػػو يػػوـ القيامػػة ‪ ،‬ثػػـ‬

‫او ِِ َنيْاالْ ُُجْني ُنيو َنا‬ ‫َ ًَنيل ْ ِ ْ‬


‫ااَََْني اال ِنيِت ُ‬ ‫ُ‬ ‫يدخؿ الجنة يتػنعـ إلػى األبػد قػاؿ تعػالى ‪‬‬

‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫نرا ِ ني ا ٍ‬


‫نيناا َْ ِنينام ِ ني ٍ اوَْنيَنينرا ِ‬ ‫ِ‬
‫نينرا‬ ‫َ‬ ‫ني‬
‫ْ‬ ‫او‬ ‫نيه‬‫ُ‬
‫َ َ ٌ ْ َ ْ َ ْ ُُْ َ َ ٌ‬‫ع‬ ‫َ‬‫س‬ ‫ا‬ ‫ني‬ ‫ذ‬
‫ْ‬ ‫غ‬
‫َ‬ ‫ني‬
‫َ‬‫ج‬‫ني‬‫ت‬‫ا‬ ‫َل‬
‫َ‬ ‫ا‬ ‫نيَب‬
‫َ‬‫ل‬‫ا‬ ‫ني‬ ‫ْ‬ ‫َذَناَْني ََ ٌا ْ َ‬
‫َ ني ّف ً َاوَبنيُ ْنيٌا ِ َذَنينينا ِ ني ْ ا ُكني ِّنيلا‬‫اِ َِفني ٍنيلا ُ َ‬
‫اَخْني ٍ الَني ْاةٍالِل ْشنينين ِرِواوَْنيَني ِ‬
‫نينرا ني ْ َ‬
‫ََ ٌَ‬ ‫ِ ني ْ َ‬
‫اْحذُنينًا‬ ‫اتاو ْغ ِفني ةٌا ِ ني ارِِّنينيٌا َكُني النينيواخنلِني ٌْ ِآتاالَْنينين ِاراو ني ُواا نينينا َِ‬ ‫ِ‬
‫َُ َ ً‬ ‫الً َُْنيَ َ َ َ ْ َ ْ َ ْ ُ َ َ‬
‫َني َ طْ َما َْ َعناَ ُل ٌْا‪. )ٕ( ‬‬

‫قبؿ بعثة النبي ‪ ‬ظير الفساد في البر والبحػر ‪ ،‬فاجتيػد النبػي ‪‬‬
‫وكػػوف البيئػػة ‪ ،‬وبتمػػؾ البيئػػة قػػاـ الجيػػد ‪ ،‬وبالجيػػد ظيػػرت الحيػػاة الطيبػػة ‪،‬‬
‫وبيػػذه الحيػػاة انتشػػر الصػػحابة فػػي بػػالد العػػالـ ‪ ،‬فالػػذيف كػػاف عنػػدىـ فطػرة‬

‫ٔ) سورة النحؿ – ابية ‪. ٜٚ‬‬


‫ٕ) سورة محمد – ابية ٘ٔ ‪.‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪097‬‬

‫سميمة تأثروا ودخموا في ديف اهلل ‪. ‬‬


‫فكاف الترتيب بذؿ الماؿ فػي طاعػة اهلل ‪ ، ‬وبػذؿ الػنفس فػي طاعػة‬
‫اهلل ‪. ‬‬
‫ولكف الترتيب الذي نحػف فيػو ابف ‪ ،‬لػيس صػحي ‪ ،‬نبػذؿ الػنفس فػي‬
‫تحصيؿ الماؿ ‪ ،‬نصرؼ ىذا الماؿ في تحصػيؿ شػيواتنا ‪ ،‬كمثػؿ الضػفدع‬
‫‪ ،‬يعيش في البئر ‪ ،‬ويأكؿ في البئر ‪ ،‬ويموت فى البئر ‪.‬‬

‫اهلل ‪ ‬أخبرنػ ػ ػػا عػ ػ ػػف حيػ ػ ػػاة الرجػ ػ ػػاؿ ‪َ ‬وال ِْفني ني نينينِ ُو َاناا ْ َْولُني ني نينيو َنا ِ ني ني ني َ ا‬
‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫نيول ٌْاِِج ْ َِف نينينن َارض ني َنييااللْ نينيهُ َ‬
‫اِ ني نيَْني َُ ٌْا‬ ‫َ نينين ِر َاوالْ نينيات َ ااثْنيَنيعُ ني ُ‬
‫الْ ُُ ََ نينين ِت َ َاوا ْ َْ َ‬
‫اخنلِني ِنيْت َ ا ِ َذَنينيناَ نيَنيْاًا‬ ‫نينر َ‬ ‫اَتني ِ َْ‬
‫ياَتجَني ََنينيناا َْني ََني ُ‬
‫ورضنيوااَِْنينيهاوَِنيْْا َبنينيٌا َْني ٍ‬
‫نينت َْ‬ ‫ََ ُ َ ُ َ َ ُ ْ َ‬
‫ذٌ ‪ )ٔ( ‬فكانوا قسميف ‪:‬‬ ‫َذلِ َ االْ َف ْوُزاالْ َع ِظ ُا‬
‫‪ )1‬الميػ ػ ػ ػػاجريف ‪ :‬الػ ػ ػ ػػذيف ترك ػ ػ ػ ػوا ديػ ػ ػ ػػارىـ لنص ػ ػ ػ ػرة الػ ػ ػ ػػديف قػ ػ ػ ػػاؿ تعػ ػ ػ ػػالى‬
‫‪ ‬لِْل ُف َ ني ِاااالَُْنينين ِ ِت االْني ِنيات ا ُخ ِ نيواا ِ ني ِ‬
‫ادتنيَنين ِرِل ٌْ َاوَْ ني َنيوابِِ ٌْاتنيَْجَنيغُنينيو َنا‬ ‫َ َُ َ َ ْ ُ ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ضني ني نيغًا ِ ني ني ني االلْ ني ني ِ‬
‫َني ني ني ُو َنااللْ ني نينيهَ َاوَر ُ ني ني نيولَهُا ُولَْني ني ني َ ُ‬
‫ال ني ني ُنيٌا‬ ‫َ‬
‫ْ‬ ‫ني‬‫ت‬‫او‬
‫َ َ ََ ُ‬ ‫ً‬‫ن‬ ‫ا‬
‫نيو‬‫ني‬ ‫ني‬ ‫ض‬
‫ْ‬ ‫ر‬ ‫او‬ ‫نيه‬ ‫َ‬ ‫َْ‬
‫ن ‪. )ٕ( ‬‬ ‫َ ِندفُو َا‬ ‫ال ْ‬
‫اموْوا‬ ‫ت‬ ‫‪ )2‬األنص ػػار ‪ :‬وىػػـ الػػذيف نصػػروا الميػػاجريف قػػاؿ تعػػالى ‪ ‬والْني ِ‬
‫نيا‬
‫َ َ َ‬

‫ٔ) سورة التوبة – ابية ٓٓٔ ‪.‬‬


‫ٕ) سورة الحشر – ابية ‪. ٛ‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪098‬‬

‫(ٕ)‬
‫‪‬‬ ‫ْار َاوانّي نينينن‬
‫ْ‬ ‫ني‬ ‫ني‬ ‫ل‬‫ااا‬
‫و‬ ‫ُ‬‫و‬‫ْ‬ ‫ني‬ ‫ني‬ ‫ني‬
‫َ‬ ‫ث‬‫ا‬ ‫ت‬ ‫ونص ػػروا ‪ )ٔ( ‬وق ػػاؿ تعػػػالى ‪ ‬والْ ني ِ‬
‫نيا‬
‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ََ َ ُ‬
‫والذي يتبعيـ اهلل يرضى عنو … وىكذا إلى يوـ القيامة ‪.‬‬
‫فبذؿ النفس والماؿ يكوف عمى أربع أشياء بالتوازف ‪:‬‬
‫(‪ )1‬نس ػ ػػبة الحيواني ػ ػػة ‪ :‬أي أف اإلنس ػ ػػاف في ػ ػػو متطمب ػ ػػات األك ػ ػػؿ والش ػ ػػرب‬
‫والنك ػػاح مث ػػؿ الحيػ ػواف ‪ ،‬فأب ػػاح اهلل ‪ ‬لن ػػا طم ػػب ى ػػذه األش ػػياء ف ػػي‬
‫حدود ما أمرنا اهلل ‪ ‬بو ‪.‬‬
‫(‪ )2‬نسػ ػػبة المالئكيػ ػػة‪ :‬فاإلنسػ ػػاف يخػ ػػرج مػ ػػف صػ ػػفة الحيوانيػ ػػة إلػ ػػى صػ ػػفة‬
‫ػوف َم ػ ػػا‬ ‫أ‬
‫َم ػ ػ َػرُى ْـ َوَي ْف َعمُ ػ ػ َ‬
‫ػوف الم ػ ػػوَ َم ػ ػػا أ َ‬
‫صػػ َ‬
‫المالئكي ػ ػػة بطاع ػ ػػة اهلل‪ ‬ي َي ْع ُ‬
‫(ٖ)‬
‫‪.‬‬ ‫وف ‪‬‬
‫ُي ْؤ َم ُر َ‬
‫نسػػبة الخالفػػة ‪ :‬وىػػى خالفػػة اهلل ‪ ‬فػػي األرض‪ ،‬قػػاؿ تعػػالى ‪َ ‬وِ ْذا‬ ‫(‪) 3‬‬

‫رأاخلِذ َفني ني ني اً‪ )ٗ( ‬وى ػ ػػذه‬


‫َ‬
‫نينلار نيُّ ني ني َ الِْلُغِِ َ ني ني ني ِاِ ِِّنا ِ‬
‫نِ ني ني ٌنيل ِآتاا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫فَني ني َ َ‬
‫النسػػبة مػػا أعطيػػت لممالئكػػة ‪ ..‬فػػيطعـ الطعػػاـ ألنػػو خميفػػة الػػرزاؽ ‪..‬‬
‫ويستر العباد ألنو خميفة السػتار ‪ ..‬ويػرحـ العبػاد ألنػو خميفػة الػرحمف‬
‫ويكػػرـ العبػػاد ألنػػو خميفػػة الكػريـ ‪ ..‬ويعفػػو عػػف العبػػاد ألنػػو‬
‫الػػرحيـ ‪ُ ..‬‬

‫ٔ) سورة األنفاؿ – ابية ٕ‪. ٚ‬‬


‫ٕ) سورة الحشر – ابية ‪. ٜ‬‬
‫ٖ) سورة التحريـ – ابية ‪. ٙ‬‬
‫ٗ) سورة البقرة – ابية ٖٓ ‪.‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪099‬‬

‫خميفػػة العفػػو ‪ ..‬ويمفػػر لمعبػػاد ألنػػو خميفػػة المفػػور ‪ ..‬واذا وجػػد النػػاس‬
‫يعصػػوف اهلل ‪ ‬فيمضػػب ويجتيػػد إل ازلػػة البيئػػة الفاسػػدة ألنػػو خميفػػة‬
‫الجبار(ٔ)‪.‬‬
‫وكػػؿ ىػػذه الصػػفات يقػػوـ بيػػا بػػدوف عػػوض مػػف المخمػػوؽ ‪ ،‬ويقػػوـ بيػػا‬
‫هلل ‪.‬‬
‫أبو طمحة ‪ ‬يكرـ ضيؼ رسوؿ اهلل ‪ ‬ويػؤثره بالطعػاـ عمػى نفسػو‬

‫اِلَني ا‬ ‫ِ‬
‫وزوجػػو وأويده ‪ ،‬فػػاهلل ‪ ‬أحػػب ىػػذا الفعػػؿ وأنػػزؿ الق ػرآف ‪َ ‬وتُني ْنيوث ُو َن َ‬
‫ِِ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫نيوقا ُ ني َْا نيَ ْفِفنينيها َأُولَْ ني َ ُ‬
‫الني ُنيٌا‬ ‫نص ني ٌ َاوَ ني ْ اتنيُ َ‬
‫َ َ‬ ‫َْني ُفِف ني َِ ٌْ َاولَني ْنيوا َكنينين َنا ني ْنيٌ َ‬
‫اخ َ‬
‫ن‪. )ٕ( ‬‬ ‫الْ ُُ ْفلِ ُمو َا‬
‫وىػ ػػذه العالقػ ػػة تػ ػػزداد بعػ ػػد األعمػ ػػاؿ ‪ ،‬ورضػ ػػاء اهلل بقػ ػػدر األعمػ ػػاؿ ‪،‬‬
‫وايرتقاء في األعماؿ بسبب األعماؿ ‪ ،‬ألف الماء إف كاف في الكأس فيػو‬
‫مػػاء ‪ ،‬واف كػػاف فػػي البحػػر أو الخ ػزاف فيػػو مػػاء ‪ ،‬ولكػػف يختمػػؼ المقػػدار‬
‫والنػ ػػوع ‪ ،‬فكػ ػػذلؾ رضػ ػػاء اهلل ‪ ‬درجػ ػػات ‪ ،‬وغضػ ػػبو درجػ ػػات ‪ ،‬وكممػ ػػا زاد‬
‫غضبو زادت عقوبتو ‪ ،‬وكمما زاد رضاه زادت الدرجات فى الجنة ‪.‬‬
‫واهلل ‪ ‬بػػيف لنػػا الوعػػد عمػػى األعمػػاؿ الصػػالحة ‪ ،‬وبػػيف لنػػا الوعي ػػد‬
‫عمػػى األعمػػاؿ غيػػر الصػػالحة ‪ ،‬اهلل ‪ ‬مػػا جعػػؿ الج ػزاء فػػى الػػدنيا مثػػؿ‬

‫ٔ) انظر كتابنا كممات مضيئة في الدعوة إلى اهلل ‪ – ‬باب مقصد األمة – صػ ‪.ٔٚٚ‬‬
‫ٕ) سورة الحشر – ابية ‪. ٜ‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪211‬‬

‫ابخرة مثالً ‪ :‬رجػؿ قتػؿ نفسػاً أو اثنػيف أو ثالثػة ولػو قتػؿ مائػة نفػس فيقتػؿ‬

‫َ ني ْ افَنيجَ َنيلا نيَ ْفِفنينًا‬ ‫مرة واحدة ‪ ،‬ولكف فى ابخػرة األمػر يختمػؼ قػاؿ تعػالى ‪‬‬
‫نيساَوا َِفني ٍ‬
‫نيند ِآتاا رأا َ َ أََّْننيَنينافَنيجَنينيلاالَْنينينس َِ‬ ‫ِ ِ‬
‫اَجذعنينً َاوَ ني ْ اَ ْ ذَ َ‬
‫نلنينينا‬ ‫َ َ‬ ‫غَني ْنينا نيَ ْفني ٍ ْ َ‬
‫اَجذعنيانً ‪ ، )ٔ( ‬أبػو طمحػة ‪ ‬أطعػـ رجػالً واحػداً ‪ ،‬اهلل‬ ‫َ َ أََّْنَناَ ذناالَْنينس َِ‬
‫َ‬ ‫َْ‬
‫‪ ‬أنػػزؿ الق ػرآف فػػي صػػفتو فكيػػؼ بالػػذي يخػػرج فػػي سػػبيؿ اهلل ‪ ‬وكػػاف‬
‫سبباً لنجاة الناس مف النار ‪ ،‬ودخوليـ الجنة ‪ ،‬كـ يتحصؿ عند اهلل ‪. ‬‬
‫(‪ )4‬نسػػبة نيابػػة عػػف سػػيدنا محمػػد ‪ : ‬نحػػف ننفػػؽ أموالنػػا وأنفسػػنا فػػى‬
‫نيتالِلَْني ِ‬
‫نينسا‬ ‫ُخ ِ َ ني ْ‬
‫اخْذني نيَ ا ني ا ْ‬ ‫جيػػد الرسػػوؿ ‪ ‬قػػاؿ تعػػالى ‪ُ ‬كَْنينيجُ ٌْ َ‬
‫(ٕ)‬
‫اوثُني ْوِ َُو َنا ِنللِْاه ‪‬‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ل‬
‫ْ‬ ‫اا‬ ‫ِ‬ ‫اِ‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫و‬ ‫َ‬‫ني‬‫َ‬‫ْ‬ ‫ني‬
‫َ‬ ‫ث‬‫او‬ ‫ثَأْ و َناِنلُْع و ِ‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُْ َ َ ْ‬ ‫ُُ‬
‫والنيابة تشمل أمرين ‪:‬‬
‫‪ -‬األمر األوؿ ‪ :‬نيابة عػف األنبيػاء السػابقيف عمػييـ السػالـ فػى بمدتػو مثػؿ‬

‫‪..‬‬ ‫(ٖ)‬
‫ُ َنيعْذ انً ‪‬‬
‫نينل ٌْا‬
‫َخ ُ‬ ‫سيدنا موسى ‪ ‬فى مصر ‪َ  ..‬و ىلا َ ْْتَ َ ا َ‬
‫(٘)‬
‫اصن ِ انً‪‬‬ ‫ٌ‬ ‫نل‬
‫َ َ ُْ َ‬‫َخ‬ ‫ا‬ ‫ود‬‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ىلا‬ ‫و‬
‫َ‬ ‫‪‬‬ ‫‪.‬‬ ‫(ٗ)‬
‫الوداً ‪‬‬
‫نل ٌْ ُ‬
‫َخ ُ‬
‫ٍ‬
‫‪َ ‬و ىلا َِندا َ‬

‫ٔ) سورة المائدة – ابية ٕٖ ‪.‬‬


‫ٕ) سورة آؿ عمراف – ابية ٓٔٔ ‪.‬‬
‫ٖ) سورة األعراؼ – ابية ٘‪. ٛ‬‬
‫ٗ) سورة األعراؼ – مف ابية ٘‪. ٙ‬‬
‫٘) سورة األعراؼ – مف ابية ٖ‪. ٚ‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪210‬‬

‫‪ -‬األمػر الثػاني ‪ :‬نيابػة عػف النبػي ‪ : ‬ودائػرة جيػده العػالـ كمػو إلػى يػػوـ‬
‫(ٔ)‬ ‫ُ ٌ َِ‬
‫اَجذع ني نيانً ‪‬‬ ‫ْ‬ ‫نيولااللْ ني ِنيهاِلَ ني ْنيذ‬
‫نينساِ ِِّن َار ُ ني ُ‬
‫القيامػ ػػة ‪ ‬فُ ني ْنيلاتَ نينيناَتنيُّ ََ نينيناالَْ ني ُ‬
‫فنجتيػػد فػػي جيػػد الرسػػوؿ ‪ ، ‬ونقضػػى حوائجنػػا حسػػب أمػػر اهلل عمػػى‬
‫طريؽ النبي ‪. ‬‬
‫اليػػوـ الػػذى يصػػمى يقػػوؿ أنػػا عنػػدي الػػديف ‪ ..‬والػػذي يتبػػرع يقػػوؿ أنػػا‬
‫عنػػدي الػػديف ‪ ..‬وصػػاحب المحيػػة يقػػوؿ أنػػا عنػػدي الػػديف ‪ ..‬ولكػػف الػػديف‬
‫الكامؿ فيو القوة ‪ ،‬وعميو تنزؿ نصرة اهلل ‪. ‬‬
‫الس ػػيارة تس ػػمى س ػػيارة عن ػػدما يكتم ػػؿ فيي ػػا جمي ػػع األجػ ػزاء ‪ ...‬وك ػػؿ‬
‫المواعيػػد فػػى الق ػرآف الك ػريـ عمػػى اإليمػػاف الكامػػؿ ‪ ..‬وبقػػدر الصػػفات التػػي‬

‫تأتى فينا تنزؿ نصػرة اهلل ‪ ‬لػـ يقػؿ ( إف اهلل مػع المصػميف ) وقػاؿ‪َ ‬وَ ْنا‬
‫و‪َ ،)ٕ( ‬و ْاِلَ ُُوااَ ْنااللْهَا َا َماالْ ُُجْ ِ َا‬
‫و‪ )ٖ(‬لماذا‬ ‫اللْهَا َ َماالْ ُُ ْوِ َِ َا‬
‫ألن الصالة عمى نوعين ‪:‬‬
‫‪ )1‬ص ػ ػ ػػالة يرض ػ ػ ػػى بي ػ ػ ػػا اهلل ع ػ ػ ػػف العب ػ ػ ػػد ويعطي ػ ػ ػػو الف ػ ػ ػػالح ‪ ‬فَني ني ني ني ْْاَْنيلَ ني ني ني َنيَاا‬
‫ن ‪. )ٗ( ‬‬ ‫اخن ِ عُو َا‬ ‫الُْوِ َو َناواالْ ِات الٌ ِآت ِِ‬
‫اصغِت ٌْ َ‬ ‫َ ُْ َ‬ ‫ُْ ُ‬

‫ٔ) سورة األعراؼ – ابية ‪. ٔ٘ٛ‬‬


‫ٕ) سورة األنفاؿ – ابية ‪. ٜٔ‬‬
‫ٖ) سورة األنفاؿ – ابية‪. ٜٔ‬‬
‫ٗ) سورة المؤمنوف – ابيتاف ٔ ‪. ٕ ،‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪212‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واواالْنينيات َ ُ‬
‫الني ْنيٌا َِ ني ْ ا‬ ‫َنيلِّ َ‬
‫َني َوتْني ٌنيلال ْل ُُ َ‬ ‫‪ )2‬صػػالة تكػػوف سػػبباً ليػػالؾ اإلنسػػاف ‪‬‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫نلو َناواالْات َ ُ‬
‫ال ٌْاتنيَُ ُاؤو َنا‬ ‫صغِت ٌْا َ ُ‬
‫(ٔ)‬
‫وىى صالة الرياء ‪.‬‬ ‫‪‬‬ ‫َ‬
‫والصدقة عمى نوعين ‪:‬‬
‫(ٔ) صدقة ‪ :‬مقبولة ‪.‬‬
‫(ٕ) صػ ػ ػػدقة ‪ :‬غيػ ػ ػػر مقبولػ ػ ػػة ‪ ،‬مصػ ػ ػػحوبة بػ ػ ػ أ‬
‫ػالمف واألذى ‪ ،‬قػ ػ ػػاؿ تعػ ػ ػػالى‬

‫‪.‬‬ ‫(ٕ)‬
‫ااص َْفَنثِ ُ ٌْا ِنلْ َُ ِّ ا َوا ْ َ َذى‪‬‬ ‫ِ‬
‫اثُنيْطلُو َ‬ ‫‪ ‬تَناَتنيُّ ََناالْ ِات َ ام َ َُواا‬
‫والصوم عمى نوعين ‪:‬‬
‫(ٔ) صػػياـ يوصػػؿ إلػػى تقػػوى اهلل ‪ ، ‬قػػاؿ تعػػالي‪ ‬تنيَنيناَتنيُّ ََنينيناالْني ِنيات َ ام َ َُنيوااا‬
‫اِلَ االْ ِات َ ا ِ ْ افَنيْلِ ُ ٌْالَ َعلْ ُ ْنيٌاثَنيجْني ُنيو َان‬
‫ب َ‬
‫ِ‬
‫االَذَ ُنما َك َُنا ُكج َ‬
‫اِلَْذ ُ ٌُ ِّ‬
‫ب َ‬
‫ِ‬
‫ُكج َ‬
‫(ٖ)‬
‫‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫(ٕ) صياـ ي يوصؿ إلى شئ ‪ :‬عف أبي ىريرة رضي اهلل عنو َو َع ْنوُ قَػا َؿ‬
‫صائٍِـ لَ ْي َس لَوُ ِم ْػف‬ ‫ِ‬
‫" ‪َ " :‬ك ْـ م ْف َ‬ ‫َو َسمأ َـ‬ ‫صمأى المأوُ َعمَ ْي ِو‬ ‫أِ‬
‫‪ :‬قَا َؿ َر ُسو ُؿ المو ‪َ -‬‬
‫ام ػ ِػو ِإ أي ال أس ػػيَ ُر "‬
‫لَ ػػو ِم ػػف ِقي ِ‬
‫ُ ْ َ‬ ‫لَ ػ ْػي َس‬ ‫ام ِو إِ أي الظأ َمػ ػأُ ‪َ ،‬و َك ػ ْػـ ِم ػ ْػف قَ ػػائٍِـ‬
‫ص ػػي ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬

‫ٔ) سورة الماعوف – ابيات ٗ ‪. ٙ :‬‬


‫ٕ) سورة البقرة – ابية ٗ‪. ٕٙ‬‬
‫ٖ) سورة البقرة – ابية ٖ‪. ٔٛ‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪213‬‬

‫(ٔ)‬
‫ضوِء‬ ‫ص ْبرةَ ِفي َب ِ‬
‫اب ُسَن ِف ا ْل ُو ُ‬
‫‪.‬رواه ال أد ِارِمي وَذ َكر ح ِد َ ِ ِ‬
‫يث لَقيط ْب ِف َ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ََ ُ‬
‫وقيام الميل عمى نوعين ‪:‬‬
‫اِني ِ ا‬
‫نْتا ُ َُنيونيُ َُ ٌْ َ‬ ‫(ٔ) قياـ يوصؿ إلى رضاء اهلل ‪ : ‬قاؿ تعالى ‪ ‬ثَنيجَ َج َ‬
‫نينل ٌْاتنيَُْ ِف ُ نينيو َناوا َنينيغا‬ ‫ْ‬ ‫الُْض نينين ِ ِمات نيِْو َنارنيَْ نينيٌاخو نينًاوسَُع نينًاوِ‬
‫نينارَزفْنيََني ُ‬‫ني‬ ‫ف‬
‫َ ْ ُ َ ُ ْ َْ َ َ َ َ‬ ‫َ َ‬

‫َجمِ ِو " إِ أي‬ ‫َي ‪ِ :‬م ْف أ ْ‬ ‫ُ ِ ِ ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ٔ) َكـ ِم ْف ٍِ‬
‫َي ‪َ :‬حاص ٌؿ أ َْو َحظ " م ْف صَيامو " أ ْ‬ ‫صائـ لَْي َس لَوُ " ) أ ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ظ ُـ "‬ ‫َع َ‬‫َف َم َشقأتَوُ أ ْ‬ ‫اختَار الظأمأَ بِ ِّ‬
‫الذ ْك ِر ِأل أ‬ ‫ِ‬ ‫الظأ َمأُ " بِ أ‬
‫َ‬ ‫ش َوَن ْح ُوهُ م َف اْل ُجوِع ‪َ ،‬و ْ َ‬ ‫طُ‬ ‫َي ‪ :‬اْل َع َ‬ ‫الرْف ِع أ ِ‬
‫أ‬ ‫ِ ِ ِِ‬ ‫ِ أ‬ ‫ٍِ‬ ‫ِ‬
‫َي ‪َ :‬وَن ْح ُوهُ‬ ‫َي ‪ :‬أَثٌَر " إِي السأيَ ُر " أ ْ‬ ‫َي ‪ :‬في المْي ِؿ " لَْي َس لَوُ م ْف قَيامو " أ ْ‬ ‫َو َك ْـ م ْف قَائـ " أ ْ‬
‫الصائِ َـ ِإ َذا َل ْـ َي ُك ْف‬ ‫اؿ الطِّيبِي ‪ :‬فَِخ أف أ‬ ‫ؼ اْلَب َد ِف ‪ ،‬قَ َ‬ ‫الر ْج ِؿ وصفَ ِار اْلو ْج ِو وضع ِ‬
‫َ َ َْ‬ ‫َ َ‬ ‫ِم ْف تَ َع ِب ِّ‬
‫اف واْل ِميب ِة وَن ْح ِوىا ِمف اْلمَن ِ‬ ‫ش ِم َف الز ِ‬ ‫اح ِ‬ ‫م ْحتَ ِسبا أَو لَـ ي ُك ْف م ْجتَنِبا ع ِف اْلفَو ِ‬
‫اىي‬ ‫ور َواْلُب ْيتَ ِ َ َ َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ً ْ ْ َ ُ ً َ‬
‫ِ‬
‫الص َالةُ في ال أد ِار‬ ‫ِ‬
‫اء ‪َ ،‬و َك َذل َؾ أ‬ ‫اص َؿ لَوُ إِ أي اْل ُجوعُ َواْل َعطَ ُ‬ ‫فَ َال ح ِ‬
‫ض ُ‬ ‫ط اْل َق َ‬‫ش ‪َ ،‬وِا ْف َسقَ َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫اْلم ْمصوب ِة وأ ََداؤىا بِ َمْي ِر جم ٍ‬
‫اب اىػ ‪.‬‬ ‫ب َعَمْييَا الثأَو ُ‬ ‫اء َوَي َيتََرتأ ُ‬ ‫ض َ‬ ‫اعة بِ َال ُع ْذ ٍر فَِخأنيَا تُ ْسقطُ اْلقَ َ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ ُ َ َ َُ‬
‫الزَك ِاة فَِخأنوُ َي‬ ‫صةً اىػ ‪َ .‬كاْل َح ِّج و أ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫ادات إِ ْذ لَ ْـ تَ ُك ْف َخال َ‬
‫اؿ ْابف اْلممَ ِؾ ‪ :‬و َك َذا ج ِميع اْل ِعب َ ِ‬
‫َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫قَ َ ُ َ‬
‫يد بِ ِو اْل ُمَبالَ َمةُ‬ ‫اى ُر أَأنوُ أ ُِر َ‬ ‫اؿ ‪ ،‬والظأ ِ‬ ‫ب اْلَب َد ِف ِفي اْلم ِ‬ ‫َي ْحص ُؿ لَوُ بِ ِيما إِ أي َخسارةُ اْلم ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫اؿ ‪َ ،‬وتَ َع ُ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫َص ًال (‬ ‫اب أ ْ‬ ‫اد بِ ِو اْل َم َرائِي فَِخأنوُ َلْي َس لَوُ ثََو ٌ‬ ‫اؿ ‪ ،‬أ َِو اْل ُم َر ُ‬ ‫َف الأن ْفي م ْحمو ٌؿ َعمَى َن ْف ِي اْل َكم ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫َوأ أ‬
‫ام ِو إِ أي‬ ‫صي ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫صائٍـ لَْي َس لَوُ م ْف َ‬
‫ِ‬
‫ب َ‬ ‫اج ْو ‪َ ،‬ولَ ْفظُوُ " ُر أ‬ ‫ؾ ‪َ :‬وَرَواهُ ْاب ُف َم َ‬ ‫َرَواهُ ال أد ِارِمي ) قَا َؿ ِم َير ُ‬
‫يح ِو‬‫ام ِو إِ أي السأير " ورواه الأنسائِي و ْابف ُخ َزْيمةَ ِفي ص ِح ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َُ َ َ َ ُ َ‬
‫ب قَ ِائٍـ َلْيس لَو ِم ْف ِقي ِ‬
‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ع ‪َ ،‬وُر أ‬ ‫اْل ُجو ُ‬
‫ِّي ِاـ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ص ِحي ٌ َعمَى َش ْر ِط اْلُب َخ ِار ِّ‬ ‫‪ ،‬واْلح ِ‬
‫صائٍـ َحظوُ م َف الصَ‬ ‫ب َ‬ ‫ي ‪َ ،‬ولَ ْفظُوُ‪ُ :‬ر أ‬ ‫اؿ ‪َ :‬‬ ‫اك ُـ ‪َ ،‬وقَ َ‬ ‫َ َ‬
‫الصاد َو َك ْس ِر‬‫ِ‬ ‫صْب َرةَ ) بِ َفتْ ِ أ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ش ( َوُذك َر ) بِص َ‬
‫يث لَقيط ْب ِف َ‬ ‫يمة اْل َم ْجيُوؿ ( َحد ُ‬ ‫اْل ُجوعُ َواْل َعطَ ُ‬
‫ِ‬ ‫الطيبِي ‪ :‬ىو أَبو رِز ٍ ِ‬ ‫اؿ ِّ‬ ‫اْل ُم َو أح َد ِة ‪ ،‬قَ َ‬
‫ور ‪َ ،‬وتََو أى َـ‬ ‫ص َحابِ ُي َم ْشيُ ٌ‬ ‫صْب َرةُ َ‬ ‫يف لَقيطُ ْب ُف َعام ٍر َ‬ ‫َُ ُ َ‬
‫ؽ إِ أي‬ ‫يث قَ ْولُوُ َبالَ َغ ِفي ِاي ْستِْن َشا ِ‬ ‫ضوِء ) َواْل َح ِد ُ‬ ‫اب ُسَن ِف اْل ُو ُ‬ ‫اف ( ِفي َب ِ‬ ‫صِ‬ ‫ضيُ ْـ أَأنيُ َما َش ْخ َ‬ ‫َب ْع ُ‬
‫اح ِب‬ ‫اح ِب اْل ِم ْش َك ِاة عمَى ص ِ‬ ‫اض ِم ْف ص ِ‬ ‫اعتِ َر ٌ‬ ‫صائِ ًما ‪َ ،‬ذ َك َرهُ الطِّيبِي ‪َ ،‬و ُى َو ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وف َ‬ ‫َف َي ُك َ‬ ‫أْ‬
‫ضوِع لِْم ُح ْكِـ‬ ‫اب اْل َم ْو ُ‬ ‫يث ِفي اْلَب ِ‬ ‫َف ِإير َاد اْلح ِد ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِّ ِ‬
‫صابِي ِ َو ُى َو في َم َحمو َك َما َي َي ْخفَى ؛ أل أ َ‬
‫ِ‬
‫اْل َم َ‬
‫ؽ ِمْنوُ أ َْولَى ( مرقاة المفاتي شرح مشكاة المصابي )‪.‬‬ ‫السأابِ ِ‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪214‬‬

‫َ َااً ِابَنا َ‬
‫كن ُوااتنيَ ْع َُلُو َنا‪‬‬ ‫ُخ ِفيا َبٌُا ِ ْ افُنيْةِا َِْ ُ ٍ‬
‫وا‬ ‫سا َ نا ْ َ ْ‬‫ثَني ْعلَ ٌُا نيَ ْف ٌ‬
‫(ٔ)‪.‬‬

‫ام ػ ِػو إِ أي‬


‫(ٕ) قي ػػاـ ي يوص ػػؿ إل ػػى ش ػػئ‪ " :‬و َك ػػـ ِم ػػف قَ ػػائٍِـ لَ ػ ْػيس لَ ػػو ِم ػػف ِقي ِ‬
‫َ ُ ْ َ‬ ‫َ ْ ْ‬
‫(ٕ)‪.‬‬
‫السأيَر"‬
‫والحج عمى نوعين ‪:‬‬
‫(ٔ) حج مبرور يقربو إلى اهلل ‪. ‬‬
‫(ٕ) حج فيو الرفث والفسوؽ والرياء أى مردود عميو ‪.‬‬
‫والقتل فى سبيل اهلل عمى نوعين ‪:‬‬
‫(ٔ) شييد يمفر لو مف أوؿ قطرة تقطر مف دمو ويدخؿ الفردوس األعمى‪.‬‬
‫(ٕ) شييد تسعر بو نار جينـ‪.‬‬
‫فالش ػػييد ى ػػو ال ػػذي يض ػػحى ب ػػالنفس ‪ ،‬والس ػػخي ى ػػو ال ػػذي يض ػػحى‬
‫بالماؿ ‪ ،‬والقارئ العالـ ىو الػذي يعمػـ العمػـ وىػذه األعمػاؿ إذا كانػت لميػر‬
‫اهلل ‪ ‬فيػػى تػػدخؿ صػػاحبيا نػػار جيػػنـ كمػػا فػػي الحػػديث " أوؿ مػػف تسػػعر‬
‫بيـ النار ثالثة … الخ " ‪.‬‬
‫وىذه األعماؿ إذا كانػت فييػا صػفات اإليمػاف ( إخػالص ‪ ..‬تقػوى ‪..‬‬
‫إحسػ ػػاف ) فبي ػ ػػا يتحصػ ػػؿ اإلنس ػ ػػاف عمػ ػػى معي ػ ػػة اهلل ‪ .. ‬فنجتيػ ػػد لي ػ ػػذه‬
‫الصفات حتى يكوف اهلل ‪ ‬معنا ‪.‬‬

‫ٔ) سورة السجدة – ابيتاف ‪. ٔٚ ، ٔٙ‬‬


‫ٕ) وقد مر ذكره ‪.‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪215‬‬

‫اإليمػػاف الػػذى أمرنػػا اهلل ‪ ‬أف نتعممػػو قبػػؿ كػػؿ شػػيء ‪ ..‬قبػػؿ التجػػارة‬
‫‪ ..‬الز ارعػ ػػة ‪ ..‬الػ ػػزواج ‪ ..‬ألنػ ػػو لػ ػػو ضػ ػػعؼ ي يػ ػػدؿ عمػ ػػى العمػ ػػؿ ‪ ..‬واذا‬
‫جاءت قوة اإليماف نزلت نصرة اهلل ‪. ‬‬
‫بن ػوا إس ػرائيؿ قػػالوا لسػػيدنا موسػػى ‪  ‬فَنينينلُواا ِ‬
‫ُوذتََنينينا ِ ني ْ افَنيْني ِنيلاَ ْنا‬
‫نيْا َ نينينا ِ ْْجَنيََنينينا‪ )ٔ( ‬ولك ػػف لم ػػا جعمػ ػوا بي ػػوتيـ قبم ػػة وأق ػػاموا‬
‫ثَأْثِذنيَ نينيناوِ ني ا نيع ني ِ‬
‫ََ َ ْ َ ْ‬
‫الصالة فقوى اإليماف فنزلت عمييـ نصرة اهلل ‪. ‬‬
‫ج ػػاء ال ػػبالء عم ػػى بن ػػي إسػ ػرائيؿ قب ػػؿ بعث ػػة س ػػيدنا موس ػػى ‪ ‬وبع ػػد‬
‫بعثتػو ‪ ،‬ولكػف ي يخفػػى عمينػا أف ابػػتالء المػؤمف لرفػع الػػدرجات ‪ ،‬كمػا قػػاؿ‬

‫نيناِنيَْ ُ ْاٌ‪‬‬ ‫ِ ِ‬
‫اِ َفني َ‬
‫فػػى بػػدر ‪ ‬لذَْجَلنينيذَ ُ ٌْ َاولََ ني ْْ َ‬
‫(ٕ)‬
‫وكمػػا قػػاؿ عػػف سػػيدنا أيػػوب‬

‫اب‪ )ٖ( ‬وكػذلؾ فػي المػؤمنيف‬ ‫اصنِ اًا ِ ْع ٌَاالْ َعْ ُْاِْهُاَْو ٌا‬ ‫ناو َ ْْ َنَُ َ‬ ‫‪َ ْ ‬‬
‫ِ‬
‫اتا ىلااللْني ِنيها ني ني ِ ع ُ ٌ َِ‬
‫اَجذعني نينًا‬ ‫اااْلذ ني ني ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َْ ُ ْ‬ ‫‪ ‬لذَْنيلُني َنيوُك ٌْآتا َ نينينامثَنينين ُك ٌْا َن ْ نينيجَ ُو َْْ َ‬
‫َنيذُنيََُِّْ ُ ٌْ ِابَنينا ُكَْنيجُ ٌْا ِذ ِنيها ََتْجَلِ ُفنيو َان‪َ  ، )ٗ( ‬ولَََْنيلُ َنيوْ ُ ٌْاِ َش ْنيي ٍاا ِ ني َ ْ‬
‫ااْلَ ْنيو ِ ا‬
‫َن ِ ِت َا ‪‬‬
‫ات َاوَ ِّش ِ اال ْ‬‫ساوالًُْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َث ونيَ ْ ٍ ِ‬
‫صا َ اا ْ َ ْ َوال َاوا ْ َْني ُف ِ َ َ َ‬ ‫اَُوِا َ‬ ‫َو ْ‬
‫(٘)‬

‫ٔ) سورة األعراؼ – ابية ‪. ٕٜٔ‬‬


‫ٕ) سورة آؿ عمراف – ابية ٕ٘ٔ ‪.‬‬
‫ٖ) سورة ص – ابية ٗٗ ‪.‬‬
‫ٗ) سورة المائدة – ابية ‪. ٗٛ‬‬
‫٘) سورة البقرة – ابية ٘٘ٔ ‪.‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪216‬‬

‫والفاس ػػؽ يأتي ػػو ال ػػبالء لمع ػػذاب ‪ ..‬ف ػػابتالء الص ػػحابة أظي ػػر ال ػػديف ‪،‬‬
‫وابتالءنا سبب ارتداد المسمميف ‪ ،‬ونحف فى المشػقة ولكػنيـ تحممػوا المشػقة‬
‫فػػى سػػبيؿ الػػدعوة ‪ُ ..‬يض ػربوف ‪ُ ..‬ييػػانوف ‪ ،‬قػػاؿ تعػػالى مخب ػ اًر عػػف حػػاؿ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫نب‪. )ٔ( ‬‬
‫شياٌاُِ َج ٌا‬ ‫الكفار معيـ‪َ َ َ ‬علااْلبََاِ َبنً َاوا ْاًاِ ْن َ‬
‫ال َااالَ َا‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ل ػػذلؾ يق ػػيف الص ػػحابة ي ػػزداد يومػ ػاً بع ػػد ي ػػوـ عم ػػى اهلل ‪ ‬ال ػػذي فم ػػؽ‬
‫الحب والنوى ‪ ،‬الذى أحيى لعيسى الموتى ‪ ،‬وفمؽ البحر لموسػى ‪ ..‬أخػذوا‬
‫أيف عذابو‬ ‫أيف بطشو‬ ‫يضربونيـ ‪ ،‬ويقولوف ليـ ‪ :‬أيف إليكـ‬
‫وى ػػـ يص ػػبروف ‪ ،‬والقػ ػرآف ين ػػزؿ يواس ػػييـ ‪ ،‬ويص ػػبرىـ ‪ ،‬وي ػػرغبيـ ف ػػي‬
‫ابخ ػ ػرة ويبػ ػػيف ليػ ػػـ أف ىػ ػػذا سػ ػػينقطع ‪ ،‬ويقولػ ػػوف ليػ ػػـ ‪ :‬إف ديننػ ػػا حػ ػػؽ ‪،‬‬
‫ونصرتنا حؽ ‪ ،‬وسوؼ يأتى بطػش اهلل يومػاً مػا ‪ ،‬فػخف اهلل معنػا ‪ ،‬وي يرتػد‬

‫أحػػداً مػػنيـ ‪ ،‬وكممػػا ض ػربوا ازدادوا إيمانػاً ويقين ػاً ‪ ،‬واهلل يقػػوؿ ليػػـ ‪ُ ‬ك ُّف نيوا‬
‫ٌ ‪ )ٕ( ‬وكممػػا كفػوا أيػػدييـ يػػزداد إيمػػانيـ ‪ ..‬يػػزدادوف يومػاً بعػػد يػػوـ‬ ‫َتْني ِنيْتَ ُ ْا‬
‫حباً هلل ‪. ‬‬
‫في غزوة بدر ‪ :‬اهلل ‪ ‬يعمـ األمة كيؼ تكوف نصرة اهلل مػع األنبيػاء‬
‫– عمييـ السػالـ – يختػاروف األسػباب الظاىريػة حسػب اسػتطاعتيـ ‪ ،‬فممػا‬

‫نيتاِ ْذا‬
‫تنػػزؿ عمػػييـ نصػرة اهلل ‪ ‬فاألسػػباب التػػي عنػػدىـ تكفػػى ‪َ ‬وَ نينينا َرَ ْذني َ‬
‫ٔ) سورة ص – ابية ٘ ‪.‬‬
‫ٕ) سورة النساء – ابية ‪. ٚٚ‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪217‬‬

‫فممػػا رمػػى بػػأمر اهلل ‪ ، ‬فػػاهلل نشػػرىا فػػي‬ ‫(ٔ)‬


‫‪‬‬ ‫نيت َاولَ ِ ني ْ االلْنينيهَ َارَ ني‬
‫َرَ ْذني َ‬
‫أعيف الكفار ‪ ،‬وقاؿ أنا رميت ‪ ..‬أنت فقط السبب الظاىري ‪.‬‬
‫الباليػػا التػػي تصػػيب األمػػة اليػػوـ بسػػبب معاصػػييا ‪ ،‬ذىبػػت الجماعػػة‬
‫إلى قرية فوجدوا الشباب يبولوف فى المسجد قالوا ليـ ىذا بيػت اهلل تبولػوف‬
‫قالوا ‪ :‬نعـ ‪ ،‬بيت اهلل نبػوؿ فيػو ‪ ،‬إذا كػاف موجػود لمػاذا لػـ ينصػرنا‬ ‫فيو‬
‫فالبمد الفالني أخذ منا كذا ‪.‬‬
‫من أسباب رفع النصرة ( المعاصي ) ‪:‬‬
‫فمعاص ػ ػػينا رفع ػ ػػت عن ػ ػػا نصػ ػ ػرة اهلل ‪ ، ‬وج ػ ػػاءت بايرت ػ ػػداد ف ػ ػػابف‬
‫أصبحت المشقة مكتوبة ومقدرة ‪ ،‬فنحف نمير الطريؽ ونتحمؿ ىذه المشػقة‬
‫‪ ..‬وتكف ػ ػػى ص ػ ػػالة ركعت ػ ػػيف لتن ػ ػػزؿ نصػ ػ ػرة اهلل ‪ ‬وق ػ ػػد س ػ ػػخر لمص ػ ػػحابة‬
‫البحار‪ ..‬الرياح ‪ ..‬األمطار‪ ..‬الحيوانات‪.‬‬
‫نساء النصارى كانوا يخوفوف أويدىـ ‪ ،‬يقولوف ‪ :‬جاء خالد بف الوليػد‬
‫‪ ،‬جاء عمر ‪ ،‬كاف ليـ وزف ‪.‬‬
‫نرجػػع إلػػى بدايػػة الكػػالـ ‪ ..‬قبػػؿ التجػػارة العمػػـ ‪ ..‬وقبػػؿ العمػػـ اإليمػػاف‬

‫نيناوِ ني ْ ا نيَ ْع ِنيْا َ نينا ِ ْْجَنيََنينااا‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬


‫قالت بنو إسرائيؿ ‪ ‬فَنينلُواا ُوذتََنينا ني ْ افَنيْ ِنيلاَ ْناثَأْثذَنيََ َ‬
‫اِني ُنيْ ْوُك ٌْ َاوتَ ِْفنينيجَ ْللِ َف ُ ٌْ ِآتاا رأا َنيذَنيَْظُنيَاا‬ ‫ِ‬
‫اِ َِف ني َارُّ ُ ني ْنيٌاَ ْناتنيُ َْل ني َ َ‬
‫نينل َ‬
‫فَني َ‬

‫ٔ) سورة األنفاؿ – ابية ‪. ٔٚ‬‬


‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪218‬‬

‫اهلل ‪ ‬يفيمن ػػا أن ػػو ل ػػيس بمج ػػرد وج ػػود النب ػػي ت ػػأتى‬ ‫(ٔ)‬
‫ن‪‬‬
‫نيفاثَني ْع َُلُنينيو َا‬
‫َكْذ ني َ‬
‫نص ػرة اهلل ‪ ، ‬فالبػػد مػػف مرحمػػة حصػػوؿ الصػػفات الصػػبر ‪ ..‬ايسػػتعانة‬
‫بػاهلل ‪ ..‬إقامػػة الصػالة ‪ ..‬التوكػػؿ عمػى اهلل ‪ ..‬ثػػـ تػأتى نصػرة اهلل ‪ ‬وقػػاؿ‬

‫نينلا ُو َ ني اتَنينافَني ْنيوِماِ ْناا ُكَْنيجُ ٌْام َ َْنيجُ ٌْاِنللْ ِنيها َني َعلَْذ ِنيهاثَني َوْكلُنيواا‬ ‫سيدنا موسػى ‪َ ‬وفَ َ‬
‫اَت َع ْلََنينينا ِْجنيََني ًالِْل َ ني ْنيوِما‬
‫نينارنيََْنينينا َْ‬
‫َ َ‬ ‫ني‬
‫َ‬‫َ‬ ‫ل‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ك‬‫و‬ ‫ني‬
‫َ‬ ‫ث‬‫ا‬ ‫ِ ْنا ُكَْنينيجٌُا ِفنينيلِ ُِواوا َني َ نينينلُوااِلَني االلْني ِ‬
‫نيه‬ ‫َ‬ ‫ُْْ َ‬
‫ْحَجِني َ ا ِ ني َ االْ َ ْنيوِماالْ َ نين ِ ِت َا ‪ )ٕ( ‬فعميػو توكمػوا ‪ :‬فيػو‬ ‫اواوََنََِّنيناَِ ْ‬
‫َ‬ ‫و‬
‫َ‬
‫الظْنلِ ِ‬
‫ُ‬
‫الحص ػػر ‪ ،‬أي ي تتوكمػ ػوا إي عم ػػى اهلل ‪ ، ‬بن ػػو إسػ ػرائيؿ ق ػػالوا ‪ :‬توكمنػ ػػا‬
‫عمى اهلل ‪ ،‬ولكف فقػط عمػى المسػاف ‪ ،‬فػخف دخػؿ القمػب كػاف حقيقػة اإليمػاف‬
‫‪ ،‬واف كاف عمى المساف كاف مجرد كممة ‪.‬‬
‫التاجر يشتمؿ في تجارتو ‪ ..‬إف كاف متيقناً ينظر فى تجارتػو الحػالؿ‬
‫ػى لمخػروج فػى سػبيؿ اهلل‬
‫والحراـ ‪ ،‬فيجتنب الحراـ واف كاف فقيػ اًر ‪ ،‬واذا ُدع َ‬
‫‪ ‬فيو يخرج ‪ ..‬فيذه عالمة اإليماف ‪.‬‬
‫واف دعػ ػػي لمخػ ػػروج وقػ ػػاؿ األح ػ ػواؿ غيػ ػػر صػ ػػالحة ‪ ،‬وعنػ ػػدما تصػ ػػم‬
‫األحواؿ أخرج ‪ ..‬فيذا دليؿ عمى فساد اليقيف وضعؼ اإليماف ‪.‬‬
‫لما أراد الصحابة أف يصمحوا بساتينيـ ومزارعيـ فاهلل ‪ ‬قاؿ ليػـ ‪‬‬

‫ٔ) سورة األعراؼ – ابية ‪. ٕٜٔ‬‬


‫ٕ) سورة يونس – ابيات ٗ‪. ٛٙ: ٛ‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪219‬‬

‫َْلُ َ ني ِ َاوَ ْ ِِفنيَُوااِ ْنااللْنيهَا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وَِْف ُو ِ‬


‫اآتا َ ِ ِذلااللْه َاو اثُني ْل ُوااِأَتْنيْت ُ ٌْا ىلاالجني ْ‬ ‫َ‬
‫و ‪ )ٔ( ‬ق ػػاؿ أب ػػو أي ػػوب فكان ػػت التيمك ػػة ‪ ..‬اإلقام ػػة ف ػػى‬ ‫نيباالْ ُُ ْم ِِف نينيَِ َا‬
‫ُُِي ني ُّ‬
‫األىؿ والماؿ ‪.‬‬
‫األوامػػر رفعػػت ومحيػػت مػػف اإلنسػػانية وطريػػؽ النبػػى ‪ ‬محيػػى مػػف‬
‫اإلنسانية وىو مشػموؿ بزراعتػو ‪ ،‬ي يجػوز لػو أف يبقػى فػى بيتػو ‪ ،‬لػو نػزؿ‬
‫العػػذاب فصػػالتو ي تػػرد عنػػو ‪ ،‬وي عػػف غيػره ‪ ،‬فنقػػوـ بالػػدعوة إلػػى اهلل ‪‬‬
‫حتى تصم اإلنسانية كميػا ‪ ..‬ىػذا الجيػد يحتػاج إلػى طائفػة مػف المػؤمنيف‬
‫يضػػحوا بشػػيواتيـ وأنفسػػيـ ويصػػبروا حتػػى يسػػتجمبوا نص ػرة اهلل ‪ ‬وتنػػزؿ‬
‫اليداية مف السماء ‪.‬‬
‫لم ػػا ت ػػوفى رس ػػوؿ اهلل ‪ .. ‬وارت ػػد الع ػػرب ‪ ..‬وتجي ػػز ال ػػروـ لم ػػزو‬
‫الصحابة رضى اهلل عنيـ أجمعيف ‪ ..‬فػأبو بكػر نظػر لألمػر ( أنفػذوا بعػث‬
‫أسامة ) وما نظر إلى الحاؿ ‪ ..‬وأخرج جيش أسامة وقػاؿ " أيػنقص الػديف‬
‫وأنا حي " ‪ .‬فالمؤمف ينظر إلى األوامر وي ينظر إلى األحواؿ ‪.‬‬

‫َخني نينين ُ اَ ْنا‬ ‫سػ ػػيدنا موسػ ػػى ‪ ‬لمػ ػػا أرسػ ػػؿ إلػ ػػى فرعػ ػػوف خػ ػػاؼ ‪َ ‬أ َ‬
‫نيَا ِ ني ِّنيِنالِ َِف نينين نًا َاأَْرِ ني ني ْلهُا َ عِ ني َنييا ِرْدااًا‬ ‫ال ني َنيواَْ َ‬
‫َ ني ُ‬ ‫نينرو ُن ُ‬
‫نييال ني ُ‬
‫ِ‬
‫نيوناواوَخ ني َ‬
‫َ‬ ‫تنيَ ْ جُنيلُ ني‬

‫ٔ) سورة البقرة – سورة ٘‪. ٜٔ‬‬


‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪201‬‬

‫ولكػػف معيػػة اهلل ‪ ‬مػػع األنبيػػاء‬ ‫(ٔ)‬ ‫تَني ِّنيْفُِِناِ ِِّناَخنينين ُ اَ ْنات َ ني ِّنيا ِ‬
‫ونا‬
‫‪‬‬ ‫ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َُ‬
‫نينلا َ ََ ُشنيُّْا‬ ‫وأتباع األنبياء الذيف يقوموف بالدعوة إلػى اهلل ‪ .‬قػاؿ تعػالى ‪ ‬فَ َ‬
‫َلُو َناِلَْذ ُ َُناِآتنثََِنيناَْنيجُ َُنينا‬‫َخذ َ اوََْنعلالَ ُ ُنا ْلطَن نًا َغات ِ‬
‫َ‬ ‫َ َُ َ ُ‬
‫ِض َْ َكاِأ ِ‬
‫َُ‬
‫س ِآتا نيَ ْف ِِف ني ِنيها‬ ‫َو‬‫أ‬‫ني‬ ‫ني‬ ‫َ‬ ‫ن‪ )ٕ( ‬لمػ ػػا جػ ػػاء السػ ػػحرة ‪‬‬ ‫ا‬
‫َ‬ ‫و‬ ‫و ني ني ِ ااثْني نيع ُ ُ نينيناالْغ نينينلِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ََ ََ َ َ‬
‫َِلَني ‪ )ٖ( ‬اإلنسػػاف بطبعػػو‬ ‫نيفاِْني َ ا نينيتاا ْ‬ ‫ِخذ َفني ًا ُو َ ني اوافُني ْلََنينينا َ‬
‫اَتَني ْ‬
‫يتأثر ولكف ي يعمؿ بما تأثر بو ‪ ،‬فالصحابة رضػى اهلل عػنيـ أجمعػيف مػا‬
‫كػػاف التػػأثير يجبػػرىـ عمػػى المعصػػية ‪ ،‬ولكننػػا تأثرنػػا حتػػى عصػػينا اهلل ‪‬‬
‫ورسولو‪ ، ‬الصحابة ابتموا بالجوع والمحنة والمصػائب فصػبروا ‪ ..‬فنزلػت‬
‫عمييـ نصرة اهلل ‪ ، ‬قاؿ رسوؿ اهلل ‪ " ‬إنكـ فػي زمػاف مػف تػرؾ مػنكـ‬
‫ما أُمر بو ىمؾ ‪ ،‬ثـ يأتي زماف مف عمػؿ مػنيـ بعشػر مػا أمػر بػو نجػا "‪.‬‬
‫رواه أبو داود والترمذي والنسائي عف أبي ىريرة (ٗ)‪.‬‬
‫اهلل ‪ ‬ي ُيرى ‪ ،‬ولكف بتكرار الدعوة ‪ ،‬واتباع كػالـ اهلل يرسػخ اليقػيف‬
‫في القمب ‪.‬‬
‫س ػػيدنا موس ػػى ‪ ‬أم ػػرىـ بالتوك ػػؿ وأف يجعمػ ػوا بي ػػوتيـ قبم ػػة ويقيمػ ػوا‬

‫ٔ) سورة القصص – ابيتاف ٖٖ ‪. ٖٗ ،‬‬


‫ٕ) سورة القصص – ابية ٖ٘ ‪.‬‬
‫ٖ) سورة طػو – ابيتاف ‪. ٙٛ ، ٙٚ‬‬
‫ٗ) مشكاة المصابي – باب ايعتصاـ بالكتاب والسنة ٔ‪ٖٙ/‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪200‬‬

‫ِ ِ ِِ‬ ‫ِ ِ‬
‫الصػػالة ‪َ ‬و َْو َ ْذنيََنينينا ىلا ُو َ ني َاوَخذنينيهاَ ْناثَنيَني ني ْوااال َ ْو ُ َُنينيناب ْ‬
‫َ نيَ ا نيُذُوث نينًا‬
‫و ‪ )ٔ( ‬ومعن ػػاه‬ ‫َ نينيغ َة َاوَ ِّشني ني ِ االْ ُُ ني ْنيوِ َِ َا‬
‫ذُني نيوااال ْ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َوا ْ َعلُني نيواا نيُذُنينيوثَ ُ ٌْافْنيلَني ني ً َاوَف ُ‬
‫ايسػػتعانة عمػػى مػػا ىػػـ فيػػو مػػف الضػػر والشػػدة والضػػيؽ بكثػرة الصػػالة كمػػا‬

‫وك ػػاف النب ػػي ‪ : ‬إذا‬ ‫(ٕ)‬


‫‪‬‬ ‫نيغةِ‬
‫َ ني ا‬ ‫ق ػػاؿ اهلل ‪َ  ‬وا ْ نينيجَعِذَُوااِنل ْ‬
‫َ ني ِْنيِب َاوال ْ‬
‫حزبو أمر فزع إلى الصالة ‪.‬‬
‫ولمػػا تػػيقف سػػيدنا موسػػى ‪ ‬بعػػدـ إيمػػاف فرعػػوف دعػػا عميػػو ‪َ ‬رأبَنػػا‬
‫ِ‬ ‫ا ِْ‬
‫ػس َعمَػػى أ َْمػ َػوال ِي ْـ َوا ْش ػ ُػد ْد َعمَػػى ُقمُػػوبِ ِي ْـ فَػػال ُي ْؤ ِم ُنػ ػوا َحتأػػى َيػ َػرُوا ا ْل َعػ ػ َذ َ‬
‫اب‬ ‫طمػ ْ‬
‫يـ ‪ )ٖ( ‬فأمرىـ اهلل ‪ ‬بايستقامة وعػدـ إتبػاع سػبيؿ الػذيف ي يعممػوف‬ ‫ِ‬
‫ْاألَل َ‬
‫ذلاالْني ِنيات َ ا ا‬
‫َ‬
‫نيننا َ ني نيِ‬
‫ِّ‬ ‫ني‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫اد ِْوثُ ُ ُ نينينا َن ْ نينيجَ ِ ذُناو اثَنيجِْ‬
‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫نيت‬
‫ْ‬ ‫ني‬ ‫َ‬ ‫ذ‬ ‫نينلافَني ني ْْا ُ ِ‬
‫‪ ‬فَني َ‬
‫ن ‪ ، )ٗ( ‬فالخطاب خػاص فػى صػورة النبػي ‪ ‬ولكنػو عػاـ ألمتػو‬ ‫تنيَ ْعلَ ُُو َا‬
‫ِ‬
‫اِ َُلُني ‪ )٘( ‬وىػػو خطػػاب‬ ‫تالَذَ ْمنيَطَ ْ َ‬ ‫كمػػا فػػي قولػػو تعػػالى ‪ ‬لَنينيْ ْ اَ ْ نيَْك َ‬
‫لمنبي ‪ ‬ولكف موجو لجميع اإلنسانية ‪.‬‬
‫لما يدخؿ اإليماف فػى القمػب فيػأتي ايمتحػاف ‪ ،‬ولالمتحػاف طريقػاف ‪،‬‬

‫ٔ) سورة يونس – ابية ‪. ٛٚ‬‬


‫ٕ) سورة البقرة – ابية ٘ٗ ‪.‬‬
‫ٖ) سورة يونس – ابية ‪. ٛٛ‬‬
‫ٗ) سورة يونس – ابية ‪. ٜٛ‬‬
‫٘) سورة الزمر – ابية ٘‪. ٙ‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪202‬‬

‫اهلل يػػأمر أحيان ػاً بتضػػحية المنػػافع وقبػػوؿ المضػػار ‪ ،‬كمػػا فعػػؿ مػػع سػػيدنا‬

‫نينياَثَني َوْكنيأُا‬ ‫نينل ِ‬ ‫ِ ِِِ‬


‫موسػػى ‪َ  ‬وَ نينيناث ْلني َ ا ذَُذَني َ اتنيَنينا ُو َ ني اوافَني َ َ َ َ‬
‫ني‬‫َ‬ ‫اِ‬
‫َ‬ ‫نيي‬
‫ني‬‫ال‬
‫ُخ ني ى‪ )ٔ( ‬فممػػا عػػدد‬ ‫ِ‬ ‫نيشا ِ نينيناِلَني ا ََْ ُِنينيياوِِلا ِ‬
‫نيناو َُلني ُّ َ َ َ َ َ َ َ ُ َ‬
‫ْ‬ ‫ا‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫نيآ‬‫ني‬ ‫نينا‬‫ني‬‫ذَ‬ ‫َِلَْذني ََني َ‬
‫نلاَلْ ِ َناتنينا و ني اوا َأَلْ َ نلنينا َ ِ‬
‫نيجذاال َنييا‬ ‫َ‬ ‫منافع العصا اهلل ‪ ‬قاؿ لو ‪ ‬فَ َ َ َ ُ َ‬
‫ِف َع ا‪ )ٕ( ‬فمما أصبحت حية أمر بأخذىا وىى ضػارة ( امتحػاف )‬ ‫َ ذْ ٌاثَ ْ‬
‫ُوىل ‪. )ٖ( ‬‬‫ذْ َلنا ِ َنثَني ََناا َا‬ ‫فا َ َُعِ ُ‬ ‫اَتَ ْ‬
‫ناو َ‬ ‫اخ ْا َل َ‬
‫نل ُ‬ ‫‪ ‬فَ َ‬
‫وكػػذلؾ نحػػف نضػػحى بأموالنػػا هلل ‪ ،‬نكمػػؼ نفوسػػنا الجيػػد بػػأمر اهلل ‪،‬‬
‫فيأتي في القمب قوة اإليماف ‪ ،‬كما ألقى سيدنا موسى ‪ ‬نفعاً وأخذ ضػ اًر‬
‫‪ ،‬فكذلؾ المسمـ يمقى نافعاً ‪ ،‬ويأخذ ضػا اًر ‪ ،‬وبػذلؾ يكػوف صػادقاً فػى قولػو‬
‫" آمنا " ‪.‬‬
‫بكممػػة اإليمػػاف " ي إلػػو إي اهلل سػػيدنا محمػػد رسػػوؿ اهلل ‪ " ‬فقػػط ي‬
‫تنػػزؿ معيػػة اهلل ‪ ، ‬لػػو قػػاؿ فقػػط بمسػػانو قنبمػػة ي يقتػػؿ ذبابػػة ‪ ،‬ولػػو قػػاؿ‬
‫مفتاح ي يستطيع أف يفت قفػؿ مممػؽ ‪ ،‬ولػو قػاؿ بمسػانو ‪ :‬جاموسػة ىػو ي‬
‫يستطيع أف يأتي بالمبف ‪ ،‬ففي الدنيا المفظ والصورة ي ينفػع ‪ ،‬ولكػف حقيقػة‬
‫الشئ تنفع ‪ ،‬ولكف لو قػاؿ ‪ :‬لفػظ الػديف ىػو ينفػع ‪ ،‬مثػؿ رجػؿ قػ أر القػرآف ‪،‬‬

‫ٔ) سورة طػو – ابيتاف ‪. ٔٛ ، ٔٚ‬‬


‫ٕ) سورة طػو – ابيتاف ‪. ٕٓ ، ٜٔ‬‬
‫ٖ) سورة طػو – ابية ٕٔ ‪.‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪203‬‬

‫وقػػاؿ ‪  :‬ألػػـ ‪ ‬يتحصػػؿ عمػػى ثالثػػوف حسػػنة ‪ ،‬وي تقػػوـ السػػاعة ورج ػػؿ‬
‫عمػى األرض يقػػوؿ ‪ :‬اهلل ‪ ..‬اهلل ‪ ،‬بيػذا المفػػظ ي تػزوؿ األرض ‪ ،‬وي تػػزوؿ‬
‫الجبػػاؿ وي تػػزوؿ السػػماء ‪ ،‬ولكػػف موعػػود اإليمػػاف فػػى الػػدنيا مربػػوط بحقيقػة‬
‫اإليماف ليس بكالـ اإليماف ‪ ،‬قمنػا ‪ :‬آمنػا بألسػنتنا ‪ ،‬آمنػا يػا اهلل ‪ ،‬واهلل بػيف‬

‫مػػف الصػػادؽ فػػي ىػػذا القػػوؿ ‪ ،‬قػػاؿ تعػػالى ‪َِّْ ‬ننيَنيناالْ ُُ ْوِ َُنينيو َناالْني ِنيات َ ام َ َُنيواا‬
‫نلني ُنيْوااِنيأَ ْ َوابِِ ٌْ َاوَْني ُف ِِف ني َِ ٌْ ِآتا َ نيِ ِذلااللْني ِنيها‬ ‫ِنللْني ِنيهاور نيولِِ‬
‫ااو َ َ‬‫و‬ ‫نين‬
‫ْ َْ َ‬ ‫ني‬
‫َ‬‫ث‬ ‫ني‬‫ت‬‫ا‬ ‫َل‬
‫َ‬ ‫ا‬ ‫اّت‬
‫ُْ‬ ‫ه‬ ‫ََ ُ‬
‫ن ‪. )ٔ( ‬‬ ‫َ ِندفُو َا‬ ‫ال ٌُاال ْ‬ ‫ِ‬
‫ُولَْ َ ُ‬
‫فنتحمػؿ المشػػقة ‪ ،‬وانفػػاؽ المػػاؿ ‪ ،‬إلحيػػاء الػػديف ‪ ،‬فنتحصػػؿ عمػػي ‪:‬‬
‫وف ‪. ‬‬ ‫ِ‬ ‫أُولَئِ َ‬
‫ؾ ُى ُـ الصأادقُ َ‬
‫فظػػؿ بن ػػو إسػ ػرائيؿ ف ػػي التربي ػػة لفتػ ػرة أربع ػػيف عامػ ػاً ‪ ،‬ث ػػـ ج ػػاء األم ػػر‬

‫فخرجػوا‬ ‫(ٕ)‬ ‫لسيدنا موسى ‪َ  ‬أَ ني ِ اِعِ ِ‬


‫نينديالَ ْنيذغًاِْ ُ ْنيٌااا ُجَْنيعُنيو َنا‬
‫‪‬‬ ‫ْ َ‬
‫مػػف مصػػر البحػػر أمػػاميـ ‪ ،‬وفرعػػوف مػػف ورائيػػـ ‪ ،‬فجػػاء ايمتحػػاف ‪ ..‬بنػػو‬
‫إس ػرائيؿ تعمم ػوا اإليمػػاف فػػي بيئػػتيـ ولكػػف اإلنسػػاف ضػػعيؼ لمػػا ينظػػر إلػػى‬
‫المشػػاىدة يتػػأثر ‪ ،‬فػػخذا تػػأثر وعمػػؿ بمػػا تػػأثر ترفػػع عنػػو نصػرة اهلل ‪ ‬قػػاؿ‬

‫‪‬‬ ‫نبا ُو َ ني اِ نيْنينالَ ُُ ني ْْ َرُكو َنا‬


‫نيم ُ‬
‫َصني َ‬
‫نينلا ْ‬ ‫ىااََ ُْ َعني ِا‬
‫نيننافَني َ‬ ‫تعػػالى ‪َ ‬نيلَ ُْنينيناثَ نيَااَ ْ‬

‫ٔ) سورة الحجرات – ابية ٘ٔ ‪.‬‬


‫ٕ) سورة الدخاف – ابية ٖٕ ‪.‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪204‬‬

‫(ٔ)‬
‫البحػػر أم ػػاميـ وفرع ػػوف وجن ػػوده وراءى ػػـ ‪ ..‬فس ػػيدنا موس ػػى ‪ ‬توج ػػو‬

‫نينلا َكني ْنيغاِ ْنا َ عِني َنييا‬


‫إلػػى اهلل ‪ ‬ووجييػػـ إلػػى اهلل ‪ ‬وقػػاؿ كممػػة ردع ‪‬افَني َ‬
‫َر ِِّّبا َ ذَني َْ ِْت ِا ‪ )ٕ( ‬فنزع مف قموبيـ التأثر بفرعوف وجنػوده ‪ ،‬وجػاء األمػر‬

‫نينكاالَْ ْمنيَ ا نين َفلَ ََا َ َ نين َناا‬


‫ََ‬ ‫باِ َع َ‬ ‫مف اهلل ‪َ ‬أ َْو َ ْذنيََنينا ىلا ُو َ ني ا َِن ْ‬
‫ااضني ِ ْ‬
‫ٌ ‪ )ٖ( ‬ثػـ جػاء األمػر مػف اهلل ‪ ‬لسػيدنا موسػى‬ ‫ُك ُّلا ِْ ٍقا َكنلطْْوِداالْ َع ِظذ ِا‬
‫ن ‪ )ٗ( ‬فقػػوة إيمػػاف سػػيدنا‬ ‫‪َ  ‬واثْني ني ُ ِكاالَْ ْم نيَ َارْل نيواًاِنيْ َُني ْنيٌا ُ َْ ني ٌْا ُ ْغَفُنينيو َا‬
‫َخني ْا َنَُا‬
‫موسى ‪ ‬وقومو اهلل جعميا سبب لتدمير قوة فرعوف وجنوده ‪َ ‬أ َ‬
‫نل ٌْ ِآتاالْذَ ٌِّ َاوُل َوا ُلِ ٌا‬
‫ذٌ ‪. )٘( ‬‬ ‫ودَُا َنيَََ ْا َ ُ‬
‫َو ُ َُ َ‬
‫الناس اليوـ يقتؿ بعضيـ بعضاً ‪ ،‬ويقولوف خذوا ما في أيدي النػاس‬
‫‪ ،‬عػف طريػؽ القتػػؿ ‪ ..‬السػرقة ‪ ..‬المػش ‪ ..‬الخػػداع ‪ ..‬الكػؿ يقػوؿ خػػذوا ‪..‬‬
‫والكؿ يقوؿ أنا مظموـ فخنا آخذ مف يػد ىػؤيء ‪ ..‬ومػا أخػذوا عػف رسػوؿ اهلل‬
‫‪ " : ‬صػػؿ مػػف قطعػػؾ ‪ ،‬واعػػط مػػف حرمػػؾ ‪ ،‬واعػػؼ عمػػف ظممػػؾ " (‬
‫رواه البزار والطبراني والحاكـ واإلماـ أحمد عف عقبة بف عامر ) ‪.‬‬

‫ٔ) سورة الشعراء – ابية ٔ‪. ٙ‬‬


‫ٕ) سورة الشعراء – ابية ٕ‪. ٙ‬‬
‫ٖ) سورة الشعراء – ابية ٖ‪. ٙ‬‬
‫ٗ) سورة الدخاف – ابية ٕٗ ‪.‬‬
‫٘) سورة الذريات – ابية ٓٗ ‪.‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪205‬‬

‫ومن أسباب رفع النصرة أيضاً ‪:‬‬


‫تػػرؾ أمػػر النبػػي ‪ ‬كمػػا فػػي غػػزوة أحػػد ‪ ..‬اإلعجػػاب بػػالنفس‬

‫نيواِ ْذا‬ ‫والتػػأثر باألسػػباب كمػػا فػػي غػػزوة حنػػيف ‪ ،‬فنينينل ثعنينينىل ‪ ‬وتَنينيوَما ُ ََ ني ْ ٍ‬
‫َ ْ‬
‫ِ‬
‫رأابنيَنينا‬ ‫اِلَني ْنيذ ُ ٌُاا‬ ‫ت َ‬ ‫ضنينينفَ ْ‬‫اِنيَْ ُ ٌْا َ ني ْنيذْنً َاو َ‬ ‫َِْ َجَنيْج ُ ٌْا َكًْ نيَثُ ُ ٌْا َنيلَني ْنيٌاث ْغني ِ َ‬
‫اولْْذجُ ٌْا ُ ْْ ِ ِت َا ‪.)ٔ( ‬‬ ‫تاّتُْ َ‬ ‫َر ُ َ ْ‬
‫نيبالَ ُ ني ني ْنيٌ َاوِ ْنا‬ ‫ني‬ ‫ني‬ ‫يب ػ ػػد أف فَ ني نينيٌ ‪ْ ِ ‬ناتنيََْني ني ني ُكٌااللْني نينيها َني نينيغا َْنلِ‬
‫َ‬ ‫َ ُْ ُ ُ‬
‫َني ني ني ُُك ٌْا ِ ني ني ني ْ ا نيَ ْع ني ني ِنيَِْ َاو َِلَني ني ني االلْني ني ِنيها َني ْلاذَجَني َوْك ني ني ِنيلا‬ ‫ِ‬
‫َِيْ ني ني ُالْ ُ ٌْا َ َُني ني ني ْ اذَااالْني نينياياتنيََْ ُ‬
‫ن ‪ )ٕ( ‬ونصرة اهلل مربوطة بالتوكؿ واليقيف كما بيأنا ‪.‬‬ ‫الْ ُُ ْوِ َُو َا‬
‫الترتيب الموجود ابف في حياتنػا لػيس صػحي ‪ .‬إذا قػدمنا التجػارة ‪..‬‬
‫الزواج ‪ ..‬األويد ‪ ..‬يكوف اإلسراؼ وينفؽ في حفمة واحدة كثير مػف المػاؿ‬
‫‪.‬‬
‫رج ػػؿ يق ػػوؿ ‪ :‬أن ػػا مش ػػموؿ بالتج ػػارة ‪ ،‬ويق ػػوؿ ‪ :‬اهلل أمرن ػػا بالعم ػػؿ ‪..‬‬
‫نقوؿ لو ‪ :‬ىذا جزء مف الديف ‪.‬‬
‫متى يكوف الديف كامؿ‬
‫عندما يكوف عمى أمر اهلل ‪ ‬حسب طريقة النبي ‪. ‬‬

‫ٔ) سورة التوبة – ابية ٕ٘ ‪.‬‬


‫ٕ) سورة آؿ عمراف – ابية ٓ‪. ٔٙ‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪206‬‬

‫رجػػؿ عنػػده د ارجػػة يبيعيػػا‪ ،‬فيػػؿ يػرب فييػػا مثػػؿ السػػيارة ‪ ،‬ورجػؿ يبيػػع‬
‫ويشػ ػػترى حػ ػػالؿ ‪ ..‬فمػ ػػو األجػ ػػر‪ ،‬ولكػ ػػف ي يسػ ػػتطيع أف يأخػ ػػذ أجػ ػػر الػ ػػديف‬
‫الكامؿ‪.‬‬
‫يبػػد مػػف التقػػديـ والتػػأخير ‪ ..‬إذا جػػاء وقػػت الصػػالة ‪ ،‬يتػػرؾ العم ػػؿ‬
‫ويصػػمى ‪ ،‬فالعبػػادات قبػػؿ التجػػارة ‪ ،‬وقبػػؿ األىػػؿ ‪ ..‬ومػػع العبػػادات ُيميػػز‬
‫بػػيف الحػػالؿ والح ػراـ ‪ ..‬وقبػػؿ التجػػارة واألىػػؿ يبػػد مػػف اإليمػػاف ‪ ،‬بػػؿ قػػوة‬
‫اإليماف ‪ ،‬فبدوف قوة اإليماف ي يستطيع أف يطبؽ ما عممو ‪.‬‬
‫الص ػػحابة رض ػػي اهلل ع ػػنيـ أجمع ػػيف ‪ ،‬ق ػػالوا ‪ :‬تعممن ػػا اإليم ػػاف ‪ ،‬ث ػػـ‬
‫تعممنا القرآف فازددنا بو إيماناً ‪.‬‬
‫(ٔ)‬
‫‪‬‬ ‫ولػ ػػذلؾ اهلل ‪ ‬يخاطػ ػػب المسػ ػػمميف ‪ ‬تَني نينيناَتنيُّ ََني نينيناالْني ني ِنيات َ ام َ َُ ني نيوا‬
‫ػاء‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فبػ ػ ػػدوف اإليمػ ػ ػػاف ‪َ ‬وقَػ ػ ػػد ْمَنا إلػ ػ ػػى َمػ ػ ػػا َعممُػ ػ ػوا مػ ػ ػ ْػف َع َمػ ػ ػػؿ فَ َج َع ْمَنػ ػ ػػاهُ َىَبػ ػ ػ ً‬
‫(ٕ)‬
‫‪.‬‬ ‫َم ْنثُو اًر ‪‬‬
‫إذا قػػدـ اإلنسػػاف حاجػػات الػػدنيا ‪ ،‬يكػػوف اإلسػراؼ‪ ..‬واذا أخرىػػا يكػػوف‬
‫ايعت ػػداؿ‪ ..‬إذا تػ ػػزوج عم ػػى سػ ػػنة الرس ػػوؿ ‪ ‬فتكػ ػػوف البس ػػاطة ‪ ،‬وينفػ ػػؽ‬
‫الماؿ الباقي عمػى اليتػامى ‪ ،‬يقتصػد فػي بيتػو وينفػؽ عمػى ابخػريف‪ ..‬بقػدر‬
‫الحاجػػة يبنػػى المسػػكف ‪ ،‬ويؤسػػس البيػػت‪ ،‬حسػػب الضػػرورة ‪ ،‬والمػػاؿ البػػاقي‬

‫ٔ) سورة البقرة – ابية ٗٓٔ ‪.‬‬


‫ٕ) سورة الفرقاف – ابية ٖٕ ‪.‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪207‬‬

‫يبنى البيوت لمفقراء والمساكيف‪ ،‬والفقراء والمسػاكيف يػدعوف لػو‪ ،‬واهلل يجعػؿ‬
‫لػػو القبػػوؿ‪ ،‬ويصػػير محبوب ػاً عنػػد اهلل وعنػػد النػػاس فيتحقػػؽ الموعػػود عمػػى‬
‫(ٔ)‬
‫اوّداً‪‬‬ ‫ابية ‪ْ ِ ‬ناالْ ِات ام َُوااوِ ُِلُوااال ْ ِ ِ‬
‫‪.‬‬ ‫َن َنتا َ ذَ ْج َعلا َبُ ٌُاالْ ْْحَ ُ ُ‬
‫ُ‬ ‫َ َ ََ‬
‫نيتالَََنينا ِ ًْ َنيلا‬
‫واف قدـ أمر الدنيا فيو يبنى مثؿ فرعوف‪ ،‬ويقوؿ ‪ ‬تَنالَْذ َ‬
‫اِ ِظذ ٍا‬
‫ٌ ‪. )ٕ( ‬‬ ‫ظ َ‬‫ُوِتافَ ُنرو ُناِْهُالَ ُاوا َ ٍّ‬
‫ِ‬
‫َ نا َ‬
‫ابف المش ػػاكؿ والمص ػػائب ‪ ..‬ألنن ػػا ابتع ػػدنا ع ػػف طري ػػؽ النب ػػي ‪.. ‬‬
‫عندنا الحػرص والتكبػر ‪ ،‬فػالفقير حػريص ‪ ،‬والمنػى يتكبػر ‪ ،‬فػالفقير بسػبب‬
‫الطمػػع ‪ ،‬يحقػػد عمػػى المنػػى ‪ ،‬ويتفكػػر كيػػؼ يأخػػذ منػػو بالسػػمب والنيػػب ‪..‬‬
‫فخذا قامت حياة اإليثار فتأتى المحبة ‪.‬‬
‫الناس اليوـ يتمسكوف فقط بأجزاء الديف ‪.‬‬
‫إذا قامت األمة بالجيد المقامي‪ ،‬والجيػد الخػارجي ‪ ،‬يحيػى الػديف فػى‬
‫الع ػ ػػالـ ‪ ،‬وتخ ػ ػػرج األم ػ ػػة ف ػ ػػي س ػ ػػبيؿ اهلل عم ػ ػػى أي ح ػ ػػاؿ إليج ػ ػػاد ترتي ػ ػػب‬
‫‪ ‬ا ِْفني ني و ِ‬
‫ااخ َفن ني نينً َاوثَِ نينين اً ‪ )ٖ( ‬وإلقام ػػة الترتي ػػب ‪َ ‬نيلَ ني ْنيو ا نيَ َفني نيَ ا ِ ني ني ْ ا ُك ني ِّنيلاا‬ ‫ُ‬
‫ِْفَني ٍا ‪ )ٗ( ‬وبيػػذا الترتيػػب يػػأتي الػػديف الكامػػؿ فػػي جميػػع شػػعب الحيػػاة ‪،‬‬

‫ٔ) سورة مريـ – ابية ‪. ٜٙ‬‬


‫ٕ) سورة القصص – ابية ‪. ٜٚ‬‬
‫ٖ) سورة التوبة – ابية ٔٗ ‪.‬‬
‫ٗ) سورة التوبة – ابية ٕٕٔ ‪.‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪208‬‬

‫فتسػ ػػتفيد األمػ ػػة مػ ػػف الػ ػػديف ‪ ،‬ولكػ ػػف لػ ػػو عمػ ػػؿ ببعضػ ػػو وتػ ػػرؾ بعضػ ػػو ي‬
‫يستفاد منو ‪.‬‬
‫مثؿ ‪ :‬السيارة يبد ليا مف عدة أشياء ‪:‬‬
‫‪ -‬أوي ‪ :‬األجزاء ‪.‬‬
‫‪ -‬ثانيا ‪ :‬الترتيب الصحي لألجزاء ‪.‬‬
‫‪ -‬ثالثا ‪ :‬قوتيا الداخمية ‪.‬‬
‫فخذا كانت أجزاء السيارة صحيحة وليست مرتبة فيي ي تمشى ‪ ،‬واذا‬
‫كانت األجزاء غير صحيحة ‪ ،‬والترتيب صحي فيى ي تمشى ‪ ،‬كذلؾ لػو‬
‫أف أعماؿ الديف والعبادات صػحيحة ‪ ،‬وليسػت عمػى مػنيج صػحي ‪ ،‬فيػي‬

‫ي تقبؿ ‪ ،‬الناس يقولوف ‪ :‬كسب المعػاش حػالؿ ‪ ،‬ويقرئػوف ابيػة ‪َ ‬و َِلَني‬
‫ِفنينيوثُني َُ ْ ا ِنينينلْ َُ ْع و ِا ‪ )ٔ( ‬ثػػـ يقدمونػػو عمػػى أعمػػاؿ‬‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ُ‬ ‫الْ َُ ْولُنيودالَنينيهُارْزفُني َُني ْ َاوك ْ َ‬
‫الديف مف صالة وصوـ ‪ ..‬الخ فتري الرجؿ ينشمؿ بػأويده ويتػرؾ الجيػد ‪،‬‬
‫وذلؾ بسبب عدـ معرفػة التقػديـ والتػأخير ‪ ..‬وأضػرب لكػـ األمثمػة ألوضػ‬
‫لكـ ىذا األمر ‪:‬‬
‫المثةةال األول‪ :‬رجػػؿ يصػػمى فػػي الصػػحراء‪ ،‬قريػػب مػػف البئػػر‪ ،‬ورجػػؿ أعمػػى‬
‫سػػوؼ يسػػقط فػػي البئػػر‪ ،‬فأييمػػا مقػػدـ وأييمػػا مػػؤخر‪ ،‬إذا اسػػتمر الرجػػؿ فػػي‬
‫ص ػػالتو‪ ،‬ف ػػاألعمى سيس ػػقط ف ػػي البئ ػػر ‪ ،‬ويك ػػوف المص ػػمى آثمػ ػاً‪ ،‬فالترتي ػػب‬

‫ٔ) سورة البقرة – ابية ٖٖٕ ‪.‬‬


‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪209‬‬

‫الصػحي ىػو أف يتػػرؾ الصػالة ‪ ،‬ثػـ يأخػػذ بيػد الرجػؿ ويبعػػده عػف البئػر ثػػـ‬
‫يرجػػع إلػػى صػػالتو ‪ ..‬لألسػػؼ ىػػذا الترتيػػب مفيػػوـ ولكػػف كثيػػر مػػف النػػاس‬
‫يسػػقطوف فػػي النػػار ومػػا فيمنػػا أف الترتيػػب الصػػحي أف نتػػرؾ األشػػماؿ ‪،‬‬
‫ونتحرؾ في سبيؿ اهلل لمدعوة إلى اهلل ثـ نرجع لألعماؿ وىكذا‪.‬‬
‫المثال الثاني‪ :‬رجػؿ اجتمػع عنػده ثالثػة أمػور‪ ،‬فػي وقػت واحػد‪ ،‬الضػيوؼ‬
‫فى بيتو يريد أف يطعميػـ‪ ،‬وكػذلؾ األويد يبكػوف مػف الجػوع ‪ ،‬ورجػؿ واقػؼ‬
‫بالب ػػاب يري ػػد أف يقتم ػػو بالمس ػػدس‪ ،‬فم ػػو ق ػػاؿ إطع ػػاـ الض ػػيوؼ م ػػف ال ػػديف‪،‬‬
‫واطعاـ األويد مف الديف ‪ ،‬فمو فعؿ ذلؾ فالرجؿ يقتمو ‪ ،‬فػال يفعػؿ الشػيئاف‬
‫ابخراف فالترتيب أويً ‪ :‬يمسػؾ بيػد الرجػؿ ‪ ،‬ويأخػذ منػو المسػدس ‪ ،‬فػيحفظ‬
‫نفس ػػو ‪ ،‬وبع ػػد ذل ػػؾ يس ػػتطيع أف يطع ػػـ الطع ػػاـ لمض ػػيوؼ ‪ ،‬ويطع ػػـ ك ػػذلؾ‬
‫األويد ‪ ..‬فنتجنػػب خسػراف الػػدنيا وخسػراف ابخػرة ‪ ،‬فمػػو اجتمػػع الخسػراف ‪،‬‬
‫فيخسر الدنيا ‪ ،‬وي يخسر ابخرة أفضؿ ‪.‬‬
‫المثاؿ الثالث ‪:‬‬
‫ل ػػو ج ػػاءت حي ػػة ‪ ،‬ودب ػػور ليم ػػدغوه ‪ ،‬فبمدغ ػػة الحي ػػة يت ػػألـ ‪ ،‬وبمدغ ػػة‬
‫الدبور يتألـ ‪ ،‬ولكف بمدغة الحيػة يمػوت ‪ ،‬وبمدغػة الػدبور يتػألـ لوقػت قميػؿ‬
‫‪ ،‬ثػػـ يػػزوؿ األلػػـ ‪ ،‬يتحمػػؿ أذى الػػدبور ‪ ،‬ويقتػػؿ الحيػػة ‪ ،‬وكػػذلؾ اإلنسػػاف‬
‫يتحمؿ تعب الدنيا وي يخسر ابخرة ‪.‬‬
‫فػػنحف نجتيػػد وي نقػػوؿ ‪ :‬كيػػؼ تأتينػػا نص ػرة اهلل ‪ ‬والنبػػي ‪ ‬غيػػر‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪221‬‬

‫موجود ‪ ،‬فاهلل وعدنا بالنصر إلى يوـ القيامة ‪ ،‬قػاؿ تعػالى ‪ِْ ‬نينالَََنيَْ ُ‬
‫َني ُ ا‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ر نيلََ ْ ِ‬
‫ند ‪ ، )ٔ( ‬فػػى‬ ‫نيوماا ْ َ ْ ني َنيَ ُا‬ ‫ناوالنينيات َ ام َ َُنيواآتاا َْذَنينينةاالني ُّنيْ ْنيذَ َ‬
‫ناوتَني ْنيوَماتنيَ ُني ُ‬ ‫ُُ َ َ‬
‫عيد عمر مػا كػاف رسػوؿ اهلل ‪ ‬موجػود ولكػف جيػده كػاف موجػود فنزلػت‬
‫عمييـ نصرة اهلل ‪ ،‬فسعد بف أبى وقاص عبر دجمة مشياً عمى الماء ومعػو‬
‫‪ ٖٙ‬ألؼ‪.‬‬
‫فالصػ ػػحابة نزلػ ػػت عمػ ػػييـ نص ػ ػرة اهلل ‪ ،‬وكػ ػػذلؾ التػ ػػابعيف ‪ ،‬لمػ ػػا قػ ػػاموا‬
‫بالجيد ‪ ،‬وتشبيوا بالصحابة نزلػت عمػييـ نصػرة اهلل ‪ ، ‬وكػذلؾ إلػى يػوـ‬
‫القيامة ‪.‬‬
‫وعمينػا أف نعمػػـ أف جميػع قػػوى الباطػؿ ضػػعيفة ‪ ،‬مثػؿ بيػػت العنكبػػوت‬
‫‪ ،‬فالعنكبوت كؿ يوـ يأكػؿ البعػوض والػذباب ويفػرح ‪ ،‬ويقػوؿ ‪ :‬بيتػى متػيف‬
‫جداً ‪ ،‬ولكف لو حػرؾ صػاحب البيػت عصػاه ‪ ،‬تيػدـ بيػت العنكبػوت ‪ ،‬قػاؿ‬
‫تا‬ ‫ونااللْ ِنيهاَولِذنيناا َكًَُ ِنيلاالْعَْ َ ِ‬
‫نيوت ْ‬ ‫تعالي ‪ًَ ‬لاالْ ِات ْ‬
‫ااَتَني ُاواا ِ ني اد ِ‬
‫ااَتَني َا ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َْ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ ُ َ‬
‫وتالَ نيذتاالْعَْ َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َنيْذجنً َاو ْنا َْوَل َ االُْنيذُ َ ْ ُ َ ُ‬
‫(ٕ)‪.‬‬
‫ن‪‬‬‫وتالَ ْوا َكن ُوااتَني ْعلَ ُُو َا‬
‫لم ػػا ق ػػاـ س ػػيدنا موس ػػى ‪ ‬وقوم ػػو بالجي ػػد وأق ػػاموا الص ػػالة وتيقنػ ػوا‬

‫قػػاؿ تعػػالى ‪ُ ‬لني َنيواالْني ِنيايا‬ ‫عمػػى اهلل ‪ ..‬فػػاهلل أخػػذ األعػػداء سػػوط عػػذاب ‪،‬‬

‫ٔ) سورة غافر – ابية ٔ٘ ‪.‬‬


‫ٕ) سورة العنكبوت – ابية ٔٗ ‪.‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪220‬‬

‫اِلَ ني اال نينيِّْت ِ ا ُكلِّني ِنيه َاولَني ْنيوا َك ني ََِا‬ ‫ِ‬ ‫َر نينيلار نيولَهاِن ْب ني َنيْ ِ‬
‫ىاودت ني ِ اا َْني ِّنيَالذُظْ َِ نيََُ َ‬
‫َْ َ َُ ُ ُ َ‬
‫كو َنا‪ )ٔ( ‬ىػػذا وعػػد اهلل ‪ ‬إتمػػاـ ديػػف اهلل واظيػػاره ‪ ..‬ولكػػف متػػى‬ ‫الْ ُُ ْش ني ُِ‬
‫يػػأتي الموعػػود ‪ ،‬يػػأتي الموعػػود عنػػدما نػػوفى بالشػػروط ‪ ‬تنيَنيناَتنيُّ ََنينيناالْني ِنيات َ ا‬
‫اباَلِنيذ ٌٍاواثُني ْوِ َُنيو َناِنللْ ِنيها‬ ‫اِني َا ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اال ْلا َُدلُّ ُ ٌْا َِلَ اَتَ َنرةٍاثُنيَْجنيذ ُ ٌْا ني ْ َ‬ ‫م َ َُو َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِِ ِ‬
‫اخْذ نيٌ الَ ُ ْنيٌا‬ ‫َوَر ُ وله َاوَُتَنل ُْو َن ِآتا َ ِ ِذلااللْهاِأَ ْ َوال ُ ٌْ َاوَْني ُفِف ُ ٌْا َذل ُ ْنيٌ َ‬
‫ن‪ )ٕ( ‬اهلل ‪ ‬قػ ػػاؿ تجػ ػػارة لمػ ػػاذا ألف التػ ػػاجر يجع ػ ػػؿ‬ ‫ِ ْنا ُكَْني نينيجُ ٌْاثَني ْعلَ ُُني نينيو َا‬
‫التجارة مقصد حياتو طوؿ الحياة ‪.‬‬
‫فػػي زمػػف الرسػػوؿ ‪ ‬المنػػى والفقيػػر يجتيػػد بمالػػو ونفسػػو ولكػػف فػػى‬
‫زمانن ػػا األغني ػػاء يري ػػدوف أف ينفقػ ػوا األمػ ػواؿ فق ػػط ‪ ،‬والفقػ ػراء يقول ػػوف نح ػػف‬
‫نعطى أنفسنا فقط ‪ ،‬ويريدوف أف ينتشر الديف‬
‫عثماف بف عفخف ‪ ‬جيز ثمػث جػيش العسػرة وخػرج بنفسػو فػى سػبيؿ‬
‫اهلل ‪ .. ‬عبػػد الػػرحمف بػػف عػػوؼ ‪ ‬أعطػػى المػػاؿ الكثيػػر وخػػرج بنفسػػو‬
‫فى تبػوؾ ‪ ..‬ومػنيـ مػف عمػؿ بالميػؿ بػاألجرة حتػى الصػباح ‪ ،‬وأنفػؽ صػاع‬
‫ألىمػػو ‪ ،‬وأتػػى بصػػاع لمنبػػى ‪ ، ‬فالمنػػافقوف اسػػتيزءوا بػػو ‪ ،‬فالرسػػوؿ ‪‬‬
‫أكرمػػو ‪ ،‬وقػػاؿ لمخػػازف ‪ :‬أنثػػر ىػػذا التم ػر عمػػى الكػػوـ الكبيػػر ‪ ،‬الكػػؿ ينفػػؽ‬

‫ٔ) سورة الصؼ – ابية ‪. ٜ‬‬


‫ٕ) سورة الصؼ – ابيتاف ٓٔ ‪. ٔٔ ،‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪222‬‬

‫حسب استطاعتو ‪.‬‬


‫وبيذا الترتيب ينتشر الػديف ‪ ،‬ولمػا ينتشػر الػديف ‪ ،‬ي يػأتى فػى أنفسػنا‬
‫أف الديف انتشر بجيدنا ‪ ،‬بؿ بخذف اهلل ‪ ، ‬فمو جاء العجب ترفع النصػرة‬
‫‪ ،‬ففى حنيف مع أف قوة خاتـ النبػوة موجػود ‪ ،‬وقػوة الصػديؽ موجػود ‪ ،‬وقػوة‬
‫الفػػاروؽ موجػػود ‪ ،‬وقػػوة ذو النػػوريف موجػػود ‪ ،‬ولكػػف بالعجػػب تتوقػػؼ نصػرة‬

‫نيواِ ْذا‬ ‫اس ا َكًِنينينةٍاوتَنينيوَما ُ ََ ني ْ ٍ‬


‫ِ‬
‫َنيَُك ٌُااللْنينيهُ ِآتا َ ني َنيو َ َ َ ْ‬ ‫اهلل ‪ ‬قػػاؿ تعػػالى ‪ ‬لََ ني ْْا َ َ‬
‫أ ِابنيَنينا‬‫اِلَنيْنيذ ُ ٌُاا ْ َْر ُ‬‫ت َ‬ ‫َِْ َجَنيْج ُ ٌْا َكًْ نيَثُ ُ ٌْا َنيلَني ْنيٌاثُني ْغني ِاا َِنيَْ ُ ٌْا َ نيْنيذْنً َاو َ‬
‫ضنينينفَ ْ‬
‫اولْْذجُ ٌْا ُ ْْ ِ ِت َا‪. )ٔ( ‬‬ ‫تاّتُْ َ‬‫َر ُ َ ْ‬
‫وفػ ػػى بػ ػػدر دخػ ػػؿ الرعػ ػػب فػ ػػي قمػ ػػوب الكفػ ػػار ‪ ،‬لمػ ػػا كػ ػػاف المسػ ػػمموف‬
‫يتضػػرعوف إلػػى اهلل ‪ ،‬ألف نص ػرة اهلل تػػأتى بالصػػفات التػػي كانػػت فػػي أىػػؿ‬

‫َِن ُافِني ُّنيْ ُك ٌْا‬


‫نبالَ ُ ني ْنيٌا ِّ‬
‫َ َ‬ ‫ج‬ ‫نيج‬
‫َ‬ ‫ني‬ ‫ْ‬ ‫ن‬‫َ‬ ‫ا‬ ‫نيٌ‬
‫َ ْ‬‫ني‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬‫ر‬ ‫ا‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫و‬‫ذً‬
‫ُ‬ ‫ب ػػدر ‪ ،‬ق ػػاؿ تع ػػالى ‪ْ ِ ‬ذاثَِف نينيجَغِ‬
‫ْ‬
‫َِ‬ ‫و ‪ )ٕ( ‬وقاؿ تعالى ‪ ‬نيلَ اِ‬ ‫فا ِ االُْغِِ َ ِا ِد ِ‬ ‫ِ ٍ‬
‫ااوثَنيجْني ُنيواا‬
‫ُ َ‬ ‫و‬ ‫ِب‬ ‫ْ‬ ‫ث‬
‫َ‬ ‫ا‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ا‬‫َ‬ ‫ُْ‬ ‫أَلْ َ َ‬
‫ال ني َاااُّينيْ ِنيْ ْد ُك ٌْ َارُّ ُ ني ْنيٌ ِاِبَ ُْ َِف ني ِام ٍ ا ِ ني َ االْ َُغِِ َ ني ُا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َوتَنيأْثُوُك ٌْا ني ْ ا َني ْنيوِرل ٌْ َ‬
‫و‪ )ٖ( ‬بيػ ػػذه الص ػػفات ( التقػ ػػوى ‪ ،‬الص ػػبر ‪ ،‬ايسػ ػػتعانة ) اهلل ‪‬‬ ‫ُ َِف ني ِّنيوِ َا‬

‫ٔ) سورة التوبة – ابية ٕ٘ ‪.‬‬


‫ٕ) سورة األنفاؿ – ابية ‪. ٜ‬‬
‫ٖ) سورة آؿ عمراف – ابية ٕ٘ٔ ‪.‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪223‬‬

‫ينصرنا ولو كنا قميؿ ‪.‬‬


‫مػػع أف النب ػػي ‪ ‬ك ػػاف ف ػػي قمبػػو اليق ػػيف عم ػػى وع ػػد اهلل ‪ ، ‬فمم ػػاذا‬
‫اسػتماث بربػو طػوؿ الميػؿ ألف اهلل ‪ ‬وعػػدنا والوعػد مربػوط بشػروط فػػخف‬
‫لػػـ نػػوفى الشػػروط ترفػػع النص ػرة ‪ ،‬دعػػا ربػػو حتػػى سػػقط الػػرداء مػػف عمػػى‬
‫عاتقػػو الش ػريؼ ‪ ‬ويقػػوؿ " الميػػـ إف تيمػػؾ ىػػذه العصػػابة فمػػف تعبػػد بعػػد‬
‫اليوـ " ‪.‬‬
‫الػػذى يريػػد أف يترقػػى يبػػد أف ينظػػر فػػي صػػفات عبػػاد الػػرحمف‪ ،‬ىػػؿ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫نينداال ني نيْ ْْحَ ِ االْ نينيات َ اّيَْ ُش نينيو َن َ‬
‫اِلَني ني ا‬ ‫جػ ػػاءت فيػ ػػو أـ ي قػ ػػاؿ تعػ ػػالى ‪َ ‬وَِ ني ُ‬
‫نللُو َنافَنلُواا َ غ انً ‪. )ٔ( ‬‬ ‫ااَ ِ‬ ‫ا ْ َْر ِ‬
‫ذااخنسََني َُ ٌُ َْ‬
‫ال ْو نً َاو َ‬
‫أَ‬
‫لػػو نظرنػػا إلػػى عيػػوب ابخ ػريف تػػأتى الفرقػػة وايخػػتالؼ ‪ ..‬فػػاهلل ‪‬‬

‫نيل ْ افَني ْنيوٌما ِ ني ْ افَني ْنيوٍما‬ ‫ِ‬


‫يعممنا ثالثة أصػوؿ ىػي ‪ ‬تَنيناَتنيُّ ََنيناالْنيات َ ام َ َُنيواا اتَ ِْف َ‬
‫ِ ِ ِ ٍ‬ ‫ِ‬
‫اِ َِفني اَ ْناتَ ُ ني ْ َ‬
‫اخ ْنيناًا‬ ‫ااخ ْناًا نيَْني َُ ٌْ َاو ا َِفنيناٌا ني ْ ا َِفنينا َ‬ ‫َِ َِف اَ ْناتَ ُ وُو َ‬
‫سااِ ْ ُنيٌاالْ ُف ُِف ُ‬
‫نيوقا‬ ‫َ‬ ‫ْ‬‫ني‬ ‫ِ َْنيَ ْ او اثَني ْل ُِني وااَْني ُفِفني ُ ٌاو اثَنيََنين ني وااِن ْ َلْ َ ِ‬
‫نينباِ‬ ‫َ ْ َ َُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ‬
‫ال ٌُاالظْنلِ ُُو َناواتَناَتنيُّ ََناالْ ِنيات َ ام َ َُنيواا‬ ‫ِ‬
‫با َأُولَْ َ ُ‬
‫ِ ِ‬
‫نيَ ْع َْاا ْ ّيَنن َاوَ ْ ا ََلْاتنيَجُ ْ‬
‫نيضاالظْني ني ِّ اِ ّْتٌ َاو َ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫نيبا‬
‫ااو اتنيَ ْغجَ ني ْ‬ ‫اَتَ ِْف ُِفني نيو َ‬ ‫ا ْ جََُني نيواا َكًني نيناًا ني ني َ االظْني ني ِّ اِ ْنا نيَ ْع ني َ‬
‫َخذ ني ِنيها َ ْذج نينًا َ َ ِ ْلجُ ُُ نينيوَُا‬
‫نيباَ ني ُْ ُكٌاَ ْناتأْ ُك نينيلا َ نينيٌا ِ‬
‫َ َ‬‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫ني‬ ‫نيعض ني ُ ٌا نيعض نينًا ُِ‬
‫َُي‬ ‫َْ ُ ْ َْ‬
‫ٔ) سورة الفرقاف – ابية ٖ‪. ٙ‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪224‬‬

‫نيناخلَ ْ ََنين ُك ٌْا ِ ني ْ اذَ َكني ٍ ا‬


‫ْنساِْ َ‬
‫ذٌاواتَناَتنيُّ ََناالَ ُ‬
‫واثْني ُواااللْهااِ ْنااللْهاثَني ْو ِ‬
‫اب َار ٌ‬ ‫َ ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وُْنيًَ او ع ْلََن ُكٌا ُ عو نًاوفَني نِِنيلالِجَنيعنينرُوااِ ْناَ ْكني ُ ٌ ِ‬
‫اَِْ َنيْااللْ ِنيهاَثْني َ نين ُك ٌْا‬ ‫ََ ْ‬ ‫َ َ ََ ْ ُ َ َ َ َ َ‬
‫نٌ ‪. )ٔ( ‬‬‫اخِ ا‬ ‫ِ ْنااللْه ِ‬
‫ذٌ َ‬‫اِل ٌ‬ ‫َ َ‬
‫أصػػحاب الصػػفة مػػا كػػانوا يجػػدوف الفرصػػة لممشػػاغؿ الكسػػبية ‪ ،‬لػػيس‬
‫بعدـ استعدادىـ ‪ ،‬إنما بسبب انشماليـ بجيد الديف ‪.‬‬
‫والذيف عندىـ مشاغؿ كسبية فييـ صفات ‪:‬‬
‫ٔ) ينظػػروف لمحػػالؿ والح ػراـ فػػي مشػػاغميـ ‪ ،‬وي ينظػػروف إلػػى قمػػة األم ػواؿ‬
‫وكثرتيا ‪ ،‬والبركة تنزؿ فى أمواليـ بسبب امتثاليـ ألمر اهلل ‪. ‬‬
‫ٕ) ما كانت المشاغؿ الكسبية ‪ ،‬تصدىـ عف الخروج في سبيؿ اهلل ‪، ‬‬
‫بؿ يخرجوف ويتركونيا ‪.‬‬
‫ٖ) ل ػػو ج ػػاء مقتض ػػيات ال ػػديف‪ ،‬فيتركػ ػوا المش ػػاغؿ الكس ػػبية‪ ،‬مث ػػؿ‪ :‬تب ػػوؾ‪،‬‬
‫ويتحمم ػوا الفاقػػة ‪ ،‬ولػػيس ىػػذا بسػػبب تكاسػػميـ ‪ ،‬بػػؿ كػػانوا ناشػػطيف فػػي‬
‫الزراعة والتجارة ‪ ،‬ولما جاء مقتضيات الديف ‪ ،‬تركوا المشاغؿ ‪.‬‬
‫والذيف ما عندىـ مشاغؿ كسبية بسبب كثرة مقتضيات الديف ‪ ،‬فكانػت ليػـ‬
‫صفات ‪:‬‬
‫(‪ )1‬ي يسألوف الناس‪.‬‬

‫ٔ) سورة الحجرات – ابيات ٔٔ ‪. ٖٔ :‬‬


‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪225‬‬

‫(‪ )2‬يجتنبوف اإلشراؼ ‪.‬‬


‫(‪ )3‬ما يخبروف عف فاقتيـ وحاجتيـ ‪.‬‬
‫فالصحابة رضي اهلل عنيـ أجمعيف غمقػوا بػاب الكسػب وبػاب اليدايػة‬
‫‪ ،‬فاهلل ‪ ‬فت ليـ الباب الميبي مف النصرة والمدد ‪ ،‬كما فتحػو لألنبيػاء ‪،‬‬
‫فم ػػو س ػػددنا كم ػػا س ػػددوا م ػػا ص ػػار لن ػػا ص ػػب اًر ع ػػف ال ػػديف ‪ .‬وكت ػػاب حي ػػاة‬
‫الصػ ػ ػػحابة ممتمػ ػ ػػئ بقصػ ػ ػػص الصػ ػ ػػحابة فػ ػ ػػي النص ػ ػ ػرة والتأييػ ػ ػػد الميبػ ػ ػػي ‪،‬‬
‫وأصػػحاب الصػػفات رضػػي اهلل عػػنيـ أجمعػػيف مػػا جعمػوا ىػػذا الػػديف لجمػػب‬
‫األمواؿ ولتكميؿ األغراض الدنيوية ‪ ،‬بؿ كانوا متوجييف إلى اهلل ‪. ‬‬
‫لم ػ ػػا رف ػ ػػع اهلل ‪ ‬س ػ ػػيدنا عيس ػ ػػى ‪ ‬إل ػ ػػى الس ػ ػػماء ‪ ،‬فم ػ ػػا بق ػ ػػى إي‬
‫الحػ ػوارييف وكػ ػػانوا متػ ػػدينيف بسػ ػػبب ص ػػحبة سػ ػػيدنا عيسػ ػػى ‪ ، ‬فأصػ ػػب‬
‫حفاظ ػػة ال ػػديف أم ػػر ص ػػعب ج ػػداً فمحفاظ ػػة دي ػػنيـ اس ػػتأذنوا م ػػف المم ػػؾ أف‬
‫يػػذىبوا إلػػى الصػػحارى فػػأذف ليػػـ وكػػانوا يعبػػدوف اهلل ‪ ، ‬ويحفظػػوف ديػػف‬
‫اهلل ‪ ، ‬ويأكموف أوراؽ الشجر ويشربوف مف النيػر وينػاموف عمػى الحجػر‬
‫‪ ،‬فالناس كانوا يذىبوف إلييـ أف يدعوا ليـ واهلل كػاف يتقبػؿ دعػاءىـ بسػبب‬
‫تعمقيػػـ بػػاهلل ‪ ، ‬واهلل ‪ ‬ألق ػػى محبػػة الح ػوارييف ف ػػي قمػػوب النػػاس ف ػػأتوا‬
‫باليػػدايا والطعػػاـ لمح ػوارييف فػػأكموا عمػػى قػػدر الحاجػػة ووزع ػوا البػػاقي عمػػى‬
‫الفق ػراء ‪ ،‬فممػػا جػػاءت الػػدنيا تحػػت أقػػداميـ ‪ ،‬جػػاءت عظمػػة اهلل ‪ ‬كػػذلؾ‬
‫فػػي قمػػوبيـ ‪ ،‬وكثيػػر مػػف النػػاس أروا أف ىػػذا الشػػيء سػػبباً لجمػػب الػػدنيا ‪،‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪226‬‬

‫فقػػالوا ‪ :‬لػػو نكػػوف مػػثميـ فالنػػاس يعطونػػا اليػػدايا ونعػػيش عيشػػة الرفاىيػػة ‪،‬‬
‫فأخػ ػػذوا لبػ ػػاس الح ػ ػوارييف واإلنجيػ ػػؿ وذىب ػ ػوا إلػ ػػى الص ػ ػوامع فػ ػػى الجبػ ػػاؿ ‪،‬‬

‫والنػػاس كمػػا كػػانوا يػػذىبوف لألصػػمييف ذىبػوا لمنقميػػيف قػػاؿ تعػػالى ‪ ‬تنيَنيناَتنيُّ ََنينينا‬
‫الْ ني ِنيات ام َُني نيوااِ ْنا َكًِني نيناًا ِ ني ني اا ْ َ نينين ِراوالُّ ْل ني ِ‬
‫نيننالَذَني نيأْ ُكلُو َناَْ ني َنيو َالاالَْ ني ِ‬
‫نينسا‬ ‫َ َْ َ َ‬ ‫َ َ‬
‫ضني َ َاو ا‬ ‫ب َاوالْ ِف ْ‬
‫َ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫اِ ْ ا َ نيِ ِذلااللْ ِنيه َاوالْ ِنيات َ اتَ ْ َِني ُو َناالني ْ‬
‫ا‬ ‫َ‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫ُّو‬‫ْ‬ ‫َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫او‬ ‫ِ‬
‫ل‬
‫َ َ‬
‫ِنلْ ِ‬
‫نس‬
‫ٌ ‪ )ٔ( ‬وكثيػػر مػػف النػػاس‬ ‫اباَلِنينيذ ٍا‬
‫نينآتا نيِ ِذلااللْني ِنيها َني ِّش ني ُلٌاِع ني َا ٍ‬
‫َ ْ ْ َ‬
‫ِ‬
‫تنيَُْف ُونيَ ََني ِ َ‬
‫الي ػوـ يجعمػػوف الػػديف لمػػدنيا والرفاىيػػة ‪ ،‬وأولئػػؾ ي يشػػموف رائحػػة الجنػػة ‪،‬‬
‫قػػاؿ رسػػوؿ اهلل ‪ " ‬مػػف تعمػػـ عمم ػاً ممػػا يبتمػػى بػػو وجػػو اهلل ي يتعممػػو ‪،‬‬
‫إي ليصػػيب عرض ػاً مػػف الػػدنيا لػػـ يجػػد عػػرؼ الجنػػة يػػوـ القيامػػة " ( يعنػػى‬
‫ريحيا ) رواه اإلماـ أحمد وأبو داود وابف ماجو (ٕ)‪.‬‬
‫كمػػا أرسػػؿ الرسػػوؿ ‪ ‬إلػػى ىرقػػؿ الػػروـ رسػػالة يػػدعوه فييػػا إلػػى اهلل‬
‫‪ ، ‬وكاف ىرقػؿ عالمػاً باإلنجيػؿ ‪ ،‬وسػأؿ أبػو سػفياف عػف أحػواؿ الرسػوؿ‬
‫‪ ‬فمما أخبره ‪ ،‬فيـ أف ىذا نبي آخر الزماف وجمع الرىباف والقسيسيف ‪،‬‬
‫وق ػ ػ أر عمػ ػػييـ رسػ ػػالة الرسػ ػػوؿ ‪ ‬ورغػ ػػبيـ فػ ػػي اإلسػ ػػالـ ولكػ ػػف كػ ػػانوا مػ ػػف‬
‫أصػػحاب األغ ػراض الدنيويػػة فمضػػبوا ‪ ،‬ففيػػـ أنيػػـ ي يقبمػػوف ويػػذىب منػػو‬

‫ٔ) سورة التوبة – ابية ٖٗ ‪.‬‬


‫ٕ ) واسػ ػ ػ ػػناده صػ ػ ػ ػػحي ‪ ،‬وصػ ػ ػ ػػححو الحػ ػ ػ ػػاكـ والػ ػ ػ ػػذىبي ( مشػ ػ ػ ػػكاة المصػ ػ ػ ػػابي – كتػ ػ ػ ػػاب‬
‫العمـ – ٔ‪، ) ٚٚ/‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪227‬‬

‫الممؾ ‪ ،‬ومنعو غرض الممؾ في الدخوؿ فػي اإلسػالـ ‪ ،‬وبعػث إلػى أسػقؼ‬
‫النصػػارى ( أي صػػاحب أمػػرىـ ) فقػػاؿ لػػو األسػػقؼ‪ :‬ىػػذا نبػػي آخػػر الزمػػاف‬
‫الػػذي كنػػا ننتظ ػره ‪ ،‬وبش ػرنا بػػو عيسػػى ‪ ‬وأنػػا مصػػدقو ومتبعػػو ‪ ،‬ولمػػدة‬
‫ثالثػػة أسػػابيع لػػـ يخػػرج عمػػييـ يػػوـ األحػػد ‪ ،‬فطمبػػوه فخػػرج عمػػييـ ‪ ،‬ونطػػؽ‬
‫شيادة ‪ ..‬أف ي إلو إي اهلل محمد رسػوؿ اهلل ‪ ..‬ألنػو لػـ يكػف مػف أصػحاب‬
‫(ٔ) (ٕ)‬
‫‪.‬‬ ‫األغراض واليوى ‪ ،‬ولكف أصحاب األغراض واليوى قتموه‬

‫******‬

‫ٔ) انظر حياة الصحابة – ٔ ‪. ٔٓٗ /‬‬


‫ٕ) بيػػاف لمشػػيخ ‪ /‬محمػػد عمػػر البػػالمبوري – ألقاىػػا فػػي اجتمػػاع رايونػػد – بباكسػػتاف – بعػػد‬
‫صالة الممرب – يوـ السبت الموافؽ ‪. ٜٔٛٚ/ٔٔ/ٚ‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪228‬‬

‫المعاشرات اإلسالمية‬
‫اُيِنيْ ُ ٌُااللّنيهُ َاوتنيَ ْغ ِفني ْ ا‬ ‫اَتّو َنااللّهَا َنثِّعُ ِوِن ُْ‬
‫قاؿ تعالى ‪ :‬فُلاِنا ُكَجٌُ ُِ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫(ٔ) ‪.‬‬
‫ذٌ‪‬‬ ‫ور ّارِ ٌا‬ ‫لَ ُ ٌْاذُ ُوَ ُ ٌْ َاواللّهُا َْ ُف ٌ‬
‫وقاؿ تعالي ‪ ‬فُ ْلاِنا َكنين َنام َنين ُؤُك ٌْ َاوَْنيََنيآ ُؤُك ْاٌا َوِ ْخ َنيوا ُ ُ ٌْ َاو َْزَوا ُ ُ ْنيٌا‬
‫ناوَ َِف ني نينينكِ ُ ا‬ ‫نيند َل َ‬ ‫نيناوَِتَني ني َنينرةٌ َ‬
‫اَتْ َش ني ني ْنيو َنا َك َِف ني ني َ‬ ‫نينثُ ُ ٌْ َاوَْ ني ني َنيو ٌالاافْنيجَنيَ ْنيجُ ُُ َ‬
‫ول ني ني َ‬
‫ِ‬
‫َو َِش ني ني َ‬
‫نيَّتا‬ ‫نيند ِآتا نيِذلِ ِ‬ ‫ثَني ضنينيونيََآاَ نينيباِلَنينيذ ُّ االلّني ِنيهاور نيولِِهاوِ َني ٍ‬
‫َ نيواْا َ ني َّ‬ ‫َّ ُ‬ ‫ني‬
‫َ‬‫ج‬‫ني‬
‫َ‬ ‫ا‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ََ ُ َ َ‬ ‫ْ َْ َ َ ّ ْ َ‬
‫و‪.)ٕ( ‬‬ ‫تَأِِْتَااللّهُاِأَ ْ َِِ َاواللّاهُا َاتنيَ َْ ِْياالْ َ ْوَماالْ َفن ِ ِ َا‬
‫إخواني في اهلل ‪ :‬نشكر اهلل ‪ ‬أف جعمنا مسمميف ومف أمة محمد‬
‫‪ ، ‬وي يكوف المسمـ حقيقيا إي إذا جاءت فيو حقيقة الديف ‪.‬‬
‫كيف نتحصل عمي حقيقة الدين ؟‬

‫‪َ َ ‬اَلْاثَنيَ ا َكْذ َ‬


‫نيفا‬ ‫الديف اإلسالمي مثالو ‪ ،‬مثػؿ الشػجرة ‪ ،‬قػاؿ تعػالى‪:‬‬

‫نيتاوَني ُِْ ََني ِ‬


‫نينآتا‬ ‫َص نيلُ ََناثَنِ‬
‫ني‬ ‫ا‬ ‫ض ني بااللّنينيها نينيًَغًا َكلُِ ني ًاسَذ ني ًا َك َشنينيج ةٍاسَذ ني ٍ‬
‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ْ‬ ‫َ َّ‬ ‫َ َّ‬ ‫ََ َ ُ َ‬
‫نينلالِلَّ ِ‬
‫نينسا‬ ‫بااللّنيهُاا ْ ًَ َ‬‫ضني ِ ُ‬
‫ِ ٍ ِِ ِ‬ ‫ِ‬
‫الِفُنااثُني ْنيوِتَا ُ ُكلَ ََنينا ُك ّنيلا نيوا نيج ْذن َارنيّ ََ َ‬
‫نيناوتَ ْ‬

‫ٔ) سورة آؿ عمراف – ابية ٖٔ ‪.‬‬


‫ٕ) سورة التوبة – ابية ٕٗ ‪.‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪229‬‬

‫‪.‬‬ ‫(ٔ)‬
‫ن‪‬‬
‫لَ َعلّ َُ ٌْاتنيَجَ َا ّك و َا‬
‫ُ‬
‫شجرة الديف ‪:‬‬
‫فأرض شجػ ػرة اإلسػالـ ‪ :‬الدعػػوة إلي اهلل ‪. ‬‬
‫وجػذر شج ػرة اإلسػػالـ ‪ :‬اإليمػانيػ ػ ػػات ‪.‬‬
‫وفروع شج ػرة اإلسػػالـ ‪ :‬أركػػاف اإلس ػػالـ ‪.‬‬
‫وأغصاف شجػرة اإلسػػالـ ‪ :‬المعامػالت اإلسالميػة ‪.‬‬
‫وأوراؽ شجػرة اإلس ػػالـ‪ :‬المعاشػرات اإلسػالمية ‪.‬‬
‫وثمػار شج ػرة اإلسػػالـ‪ :‬األخالؽ الحس ػ ػػنة ‪.‬‬
‫وعصير شجػرة اإلس ػػالـ‪ :‬اإلخالص لرب البريػػة ‪.‬‬
‫وسماد شج ػرة اإلسػػالـ‪ :‬التضحي ػػة بالنفػس والمػػاؿ ‪.‬‬
‫وماء ش ػػجرة اإلسػػالـ ‪ :‬حمقػ ػػات التعمي ػ ػ ػػـ ‪.‬‬
‫وبيئة شجػ ػرة اإلسػػالـ ‪ :‬ذكػر اهلل ‪ ‬وتالوة الق ػرآف ‪.‬‬
‫وحائط شجػ ػرة اإلسػالـ ‪ :‬التجنػب عمػي النفسػانية والشػيوانية لحفاظػة شػجرة‬
‫اإلسالـ‪.‬‬

‫ٔ) سورة إبراىيـ ‪ -‬ابية ٕ٘ ‪.‬‬


‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪231‬‬

‫فممػػا قػػاـ النبػػي ‪ ‬بالػػدعوة إلػػي اهلل ‪ ،‬فميػػر المسػػمميف دخم ػوا فػػي‬
‫اإلس ػ ػػالـ ‪ ،‬وك ػ ػػاف المس ػ ػػمموف يمتزم ػ ػػوف بال ػ ػػديف ٓٓٔ‪ .. %‬وال ػ ػػذيف ك ػ ػػانوا‬
‫يمتزموف بالديف كاف عندىـ حقيقة الديف‪ ،‬ي صورة الديف ‪.‬‬
‫ولمػػا بعضػػيـ تػػرؾ الػػدعوة إلػػي اهلل ‪ ، ‬حػػدث الػػنقص‪ ..‬الػػذيف كػػانوا‬
‫ي يدخموف في الديف ي يدخموف‪.‬‬
‫المسمموف الذيف كانوا يمتزموف بالديف ‪ ،‬أصػبحوا ي يمتزمػوف بالػديف ‪،‬‬
‫وأصب أكثرىـ ليس عنده حقيقة الديف ‪.‬‬
‫أعػداؤنا ي يخػػافوف مػف صػػالتنا ‪ ،‬وي مػف حجنػػا ‪ ،‬وي مػف تالوتنػػا لمقػراف‬
‫‪ ...،‬الخ بؿ يخافوف مف التزامنا بمعاشرة الرسػوؿ ‪ ‬ألف معاشػرة الرسػوؿ ‪‬‬
‫فييػػا بسػػاطة وعنػػدما كثػػرت األم ػواؿ فػػي زمػػف عمػػر بػػف الخطػػاب ‪ ‬فبكػػي ‪،‬‬
‫بعػػض النػػاس يظنػػوف البسػػاطة ‪ ..‬قمػػة المػػاؿ ‪ ..‬ولكػػف لمػػا جػػاءت األمػواؿ فػػي‬
‫زم ػػف عم ػػر ب ػػف الخط ػػاب ‪ ،‬فظم ػػت حي ػػاتيـ كم ػػا ى ػػي ‪ ،‬بس ػػيطة ف ػػي المطع ػػـ‬
‫والممبس والمسكف ‪.‬‬
‫عنػػدما تكػػوف حيػػاة اإلنسػػاف بسػػيطة ‪ ،‬يكػػوف عنػػده وقػػت ومػػاؿ فيصػػرؼ‬
‫وقتو ومالو لمدعوة إلي اهلل ‪ ‬وبالدعوة تنتشر ىػذه الحيػاة فػي العػالـ ‪ ..‬وكػؿ‬
‫العالـ يتوجو إلي ديننا ‪ ،‬فكانت الوفود تػأتي إلػي الصػحابة فػي المدينػة وكػانوا‬
‫يتعاشروف بمعاشرتيـ ويتأثروف بحياتيـ ‪ ...‬في بالد فارس أرسػموا الجواسػيس‬
‫لينظػػروا حيػػاة المسػػمميف وكيػػؼ أف العػػالـ يخػػاؼ مػػنيـ ‪ ...‬فوجػػدوا فػػرؽ كبيػػر‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪230‬‬

‫بػػيف معاش ػرة الرسػػوؿ ‪ ‬ومعاش ػرة كسػػري ‪ ...‬فكسػػري كػػاف يأخػػذ مػػف النػػاس‬
‫األم ػواؿ ويجع ػػؿ حيات ػػو رفاىي ػػة ( ت ػػاج مػػف ذى ػػب ‪ ..‬سػ ػرير م ػػف ذى ػػب ) وي‬
‫يجمػػس معػػو إي األغنيػػاء ‪ ..،‬فيخربػػوف حيػػاة النػػاس ‪ ،‬فيصػػب النػػاس فق ػراء ‪،‬‬
‫ووج ػػدوا المس ػػمموف يتعاش ػػروف بالمعاشػ ػرة اإلس ػػالمية ‪ ،‬أي يض ػػحوف ب ػػأمواليـ‬
‫ويجعمػػوف حيػػاة النػػاس طيبػػو فػػدخموا فػػي اإلسػػالـ ‪ ،‬وأرسػػؿ ممكيػػـ رسػػالة إلػػي‬
‫ممػ ػػؾ الصػ ػػيف يسػ ػػتنجد بػ ػػو ‪ ،‬وقػ ػػد ذكػ ػػر ابػ ػػف جريػ ػػر الطبػ ػػري فػ ػػي تاريخػ ػػو أف‬
‫يزدجػػرد‪ ..‬كتػػب إلػػي ممػػؾ الصػػيف يسػػتمده فقػػاؿ الرسػػوؿ ‪ :‬قػػد عرفنػػا حقػػا أف‬
‫عمػػى الممػػوؾ إنجػػاد الممػػوؾ عمػػي مػػف غمػػبيـ ‪ ،‬فصػػؼ لػػي صػػفة ىػػؤيء القػػوـ‬
‫الذيف أخرجوكـ مف بالدكـ ‪ ،‬فػخني أراؾ تػذكر قمػة مػنيـ وكثػرة مػنكـ وي يبمػغ‬
‫أمث ػػاؿ ى ػػؤيء القمي ػػؿ ال ػػذيف تص ػػؼ م ػػنيـ فيم ػػا أس ػػمع م ػػف كثػ ػرتكـ إي الخي ػػر‬
‫عنػػدىـ وشػػر فػػيكـ ‪ ،‬فقمػػت ‪ :‬سػػمني عمػػا أحببػػت فقػػاؿ ‪ :‬أيوفػػوف بالعيػػد‬
‫قمػػت ‪ :‬نعػػـ ‪ ،‬قػػاؿ ‪ :‬مػػا يقولػػوف لكػػـ قبػػؿ أف يقػػاتموكـ ‪ ،‬قمػػت ‪ :‬يػػدعوننا إلػػي‬
‫واحػػدة مػػف ثػػالث ‪ :‬إمػػا ديػػنيـ فػػخف ‪ ،‬أجبنػػاىـ ‪ ،‬أجرونػػا مج ػراىـ ‪ ،‬أو الجزيػػة‬
‫والمنعػػة ‪ ،‬أو المنابػػذة ‪ ،‬قػػاؿ ‪ :‬فكيػػؼ طػػاعتيـ أم ػراءىـ قمػػت ‪ :‬أطػػوع قػػوـ‬
‫لمرشػػدىـ ‪ ،‬قػػاؿ ‪ :‬فمػػا يحمػػوف ومػػا يحرمػػوف فأخبرتػػو ‪ ،‬فقػػاؿ ‪ :‬أيحرمػػوف مػػا‬
‫حمؿ ليـ ‪ ،‬أو يحمموف ما حرـ عمييـ قمت ‪ :‬ي ‪ .‬قاؿ ‪ :‬فػخف ىػؤيء القػوـ ي‬
‫ييمك ػػوف حت ػػى يحمػ ػوا حػ ػراميـ ‪ ،‬ويحرم ػػوف حاللي ػػـ ‪ ،‬ث ػػـ ق ػػاؿ ‪ :‬أخبرن ػػي ع ػػف‬
‫لباسيـ ‪ ،‬فأخبرتو ‪ ،‬وعػف مطايػاىـ ‪ ،‬فقمػت ‪ :‬الخيػؿ العػراب ووصػفتيا ‪ ،‬فقػاؿ‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪232‬‬

‫‪ :‬نعمت الحصوف ىذه ‪ ،‬ووصفت لو اإلبؿ وبروكيػا وابتعاثيػا بحمميػا ‪ ،‬فقػاؿ‬


‫‪ :‬ى ػػذه ص ػػفة دواب طػ ػواؿ األعن ػػاؽ ‪ ،‬وكت ػػب ل ػػو إل ػػي ي ػػزد ج ػػرد ‪ ...‬إن ػػو ل ػػـ‬
‫يمنعنػػي أف أبعػػث إليػػؾ بجػػيش أولػػو بمػػرو وأخػره بالصػػيف ‪ ،‬الجيالػػة بمػػا يحػػؽ‬
‫(ٔ)‬
‫عمػ ػ أي ولك ػػف ى ػػؤيء الق ػػوـ ال ػػذيف وص ػػؼ ل ػػي رس ػػولؾ ص ػػفتيـ ي يح ػػاولوف‬
‫(ٖ)‬ ‫(ٕ)‬
‫أ ازلػوني مػا دامػوا عمػي مػا وصػؼ‬ ‫ولو خمػي ليػـ سػربيـ‬ ‫الجباؿ ليدوىا‬
‫وارض منيـ بالمساكنة ‪ ،‬وي تيجيـ ما لـ ييجوؾ(٘)‪.‬‬ ‫(ٗ)‬
‫‪ ،‬فسالميـ‬
‫فالص ػ ػػحابة رض ػ ػػي اهلل ع ػ ػػنيـ ل ػ ػػـ خرجػ ػ ػوا بحي ػ ػػاة ال ػ ػػديف ( إيماني ػ ػػات ‪..‬‬
‫عبادات ‪ ..‬معامالت ‪ ..‬معاشرات ‪ ..‬أخالؽ ) فكاف الناس يتأثروف بيـ ‪.‬‬
‫الجيػػاد مػػا كػػاف معنػػاه القتػػاؿ ‪ ،‬بػػؿ كػػاف فػػي البدايػػة دعػػوة إلػػي اهلل ‪.. ‬‬
‫فكػ ػ ػػاف الصػ ػ ػػحابة رضػ ػ ػػي اهلل عػ ػ ػػنيـ الػ ػ ػػذيف ترب ػ ػ ػوا فػ ػ ػػي مسػ ػ ػػجد الرسػ ػ ػػوؿ ‪‬‬
‫ويتعاشػػروف معاش ػرة طيبػػة ‪ ..‬ويتحركػػوف بيػػا والرسػػوؿ ‪ ‬عنػػدما كػػاف يرسػػؿ‬
‫أصحابو يوصييـ بثالث ‪ ،‬وكذلؾ كاف أبو بكر يوصي ‪ ،‬وكذلؾ عمر ‪. ‬‬
‫ال ػ ػػدعوة ‪ :‬ث ػ ػػالث أي ػ ػػاـ لي ػ ػػذه المعاشػ ػ ػرة الطيب ػ ػػة ‪ :‬كم ػ ػػا نح ػ ػػف ُنرس ػ ػػؿ‬

‫ٔ) يريدوف ‪.‬‬


‫ٕ) ىدموىا ‪.‬‬
‫ٖ) جماعتيـ ‪.‬‬
‫ٗ) صالحيـ ‪.‬‬
‫٘) حياة الصحابة – باب أسػباب النصػرة الميبيػة – مػاذا قالػت األعػداء فػي غمبػة الصػحابة‬
‫عمييـ ٖ‪. ٚٓ٘/‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪233‬‬

‫الجماعػػات ‪ ،‬ونقػػوؿ ليػػـ‪ :‬عاشػػروا معاش ػره الرسػػوؿ ‪ ، ‬وتخمق ػوا بػػأخالؽ‬
‫الرس ػػوؿ ‪ ، ‬فكثي ػػر م ػػف الن ػػاس ي ػػدخموف اإلس ػػالـ ‪ ..‬وق ػػد رأين ػػا ذل ػػؾ ف ػػي‬
‫زامبي ػػا – وخرجػ ػوا ف ػػي س ػػبيؿ اهلل وأويدى ػػـ م ػػف حف ػػاظ القػ ػراف ‪ ..‬وأحبابن ػػا‬
‫عنػػدما ينتشػػروف فػػي العػػالـ ‪ ،‬ي يتكممػػوف كالمػاً سياسػػياً ‪ ،‬وي خالفيػػا ‪ ،‬بػػؿ‬
‫المعاشرة الطيبة ‪ ..‬وكما أف إيماننا ضػعيؼ ‪ ،‬فكػذلؾ كفػر الكفػار ضػعيؼ‬
‫‪ ...‬وكمػػا أف إيمػػاف الصػػحابة الك ػراـ كػػاف قوي ػاً ‪ ،‬فكفػػر الكفػػار فػػي زمػػانيـ‬
‫كػػاف قويػػا ‪ ...‬فمػػثال فػػي بػػالد الينػػدوكيوف‪ ،‬يػػروف المسػػمموف بسػػبب جيميػػـ‬
‫يعبدوف قبػور الصػالحيف ‪ ،‬ونحػف نأخػذىـ بػالميف إلػي البيئػة الطيبػة ‪ ،‬وبعػد‬
‫ذلؾ نفيميـ أف النػذر والعبػادة ي يحػؿ إي هلل ‪ ... ‬فيفيمػوف ‪ ..‬فكانػت‬
‫ال ػػدعوة ل ػػثالث أي ػػاـ ‪ ...‬واف ل ػػـ يقبمػ ػوا تك ػػوف المص ػػالحة بالجزي ػػة ‪ ،‬حت ػػى‬
‫يصبروا تحت ذمتنا ‪ ،‬ألف مع المسمـ كممة عميا ‪ ،‬ومع الكفار كممة سػفمي‬

‫و‪ )ٔ( ‬وقػاؿ تعػالى ‪َ ‬و َ َع َنيلا‬ ‫‪ ،‬قاؿ تعالى‪َ ‬وَْنيجُ ُاٌاا ِْلَ ْو َناِ ْنا ُكَْجُ ٌْا ّ ْوِ َِ َا‬
‫نيذٌ‪‬‬‫اِ ِتنيٌ ا َ ِ ٌا‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫نيناواللّنيهُ َ‬
‫االِفني ْفلَ َ َاوَكل َُني ُااللّنيهال َنيياالْعُ ْلذَ َ‬
‫َكل َُ َاالّات َ ا َك َف ُواْ ّ‬
‫(ٕ)‬
‫وعندما يتصالحوف بالجزية ‪ ،‬فالمسػمموف يعيشػوف فػي بالدىػـ ‪ ،‬فكانػت‬
‫الدعوة العممية ينظروف إلي معاشرة المسمموف الطيبة ‪ ،‬وأخالقيـ فيػدخموف‬

‫ٔ) سورة آؿ عمراف ‪ -‬ابية ‪.ٖٜٔ‬‬


‫ٕ) التوبة ‪ -‬ابية ٓٗ‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪234‬‬

‫في الديف فالجزية دعوة عمميػو تفصػيمية ‪ ..‬فػخف لػـ يقبمػوا ىاتػاف المرحمتػاف‬
‫تكوف المرحمة األخيرة وىي القتاؿ ‪.‬‬
‫فالرسوؿ ‪ ‬أعطانا الدواء الداخمي الدعوة والػدواء الخػارجي األخػالؽ‬
‫‪ ..‬فمػػو لػػـ يػػدخموا فػػي اإلسػػالـ‪ ،‬وكػػأف الػػدمامؿ فييػػا ألػػـ ي يشػػفى بالػػدواء‬
‫الداخمي وي الخارجي فالبد مػف العمميػة الجراحيػة ( القتػاؿ) ‪ ...‬وذلػؾ فقػط‬
‫عنػػد اليػػأس مػػف العقػػاقير مثػػؿ البسػػتاني يقػػوـ بتسػػميت بعػػض النباتػػات ألنػػو‬
‫يعمـ أنيا ضعيفة ومريضة ‪ ،‬وتُسبب قمػة المحصػوؿ ‪ ،‬مثػؿ الػذيف يصػدوف‬
‫عف سبيؿ اهلل ‪.‬‬
‫فخروج الصحابة رضي اهلل عػنيـ كػاف كالمطػافئ إلخػراج النػاس مػف‬
‫النار إلي الجنة ‪.‬‬
‫والسيارة اإلطفائية عندما تخرج فجميع السيارات والمشاة يفسحوف ليػا‬
‫الطري ػػؽ ‪ ،‬فم ػػو اعت ػػرض أم ػػاـ الس ػػيارة س ػػتة أش ػػخاص وآيؼ ف ػػي الحري ػػؽ‬
‫فعمي السائؽ أف يمر عمييـ لينقذ ابيؼ‪.‬‬
‫والصػ ػ ػ ػػحابة رضػ ػ ػ ػػي اهلل عػ ػ ػ ػػنيـ ثػ ػ ػ ػػالث عش ػ ػ ػ ػره سػ ػ ػ ػػنو فػ ػ ػ ػػي مكػ ػ ػ ػػة ‪،‬‬
‫اهلل ‪ ‬ما أمرىـ بالقتاؿ ليتحصموا أوي عمي ‪:‬‬

‫‪.)ٔ( ‬‬ ‫قاؿ تعالى‪ُ  :‬ك ّف َواْاَتْ ِْتَ ُ ٌْا‬


‫وقاؿ تعالى‪َ  :‬وَ ّنااللّهَا َ َماالْ ُُ ْوِ َِ َا‬
‫و ‪.)ٔ( ‬‬

‫ٔ) سورة النساء – ابية ‪. ٚٚ‬‬


‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪235‬‬

‫وقاؿ تعالى ‪َ  :‬و ْاِلَ ُُواْاَ ّنااللّهَا َ َماالْ ُُجّ ِ َا‬


‫و‪.)ٕ( ‬‬

‫وقاؿ تعالى‪َ  :‬وِ ّنااللّهَالَ َُ َماالْ ُُ ْم ِِفَِ َا‬


‫و‪. )ٖ( ‬‬

‫االَن ِ ِت َا‪. )ٗ( ‬‬


‫وقاؿ تعالى‪ّ ِ :‬نااللّهَا َ َم ّ‬
‫" ‪ ..‬وفػي األخيػر قيػؿ ليػـ ‪ :‬‬ ‫في األوؿ قيؿ ليـ ‪ُ " :‬ك ّف َواْاَتْ ِنيْتَ ُ ٌْا‬
‫اَجذعانً ‪.)٘( ‬‬ ‫نتاَ ِواا ِْف واْ َِ‬ ‫َيا َتنيَناالّ ِات ام َُواْاخ ُاواْا ِ ْارُكٌا ن ِف واْاثنيُ ٍ‬
‫ُ‬ ‫َ ْ ُ َ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫وقػػاؿ ليػػـ ‪ُ  :‬ذ َناللّنينيات َ اتنيُ َ نينينثَنيلُو َناِ نيأَنيّ َُ ٌْاظُل ُُ نيواْ َاوِ ّنااللّنينيهَ َ‬
‫اِلَ ني َ ا‬
‫َ ِِل ٌْالَ َ ِْتٌا‪.)ٙ( ‬‬
‫َْ‬
‫أحد العرب قاؿ ‪ :‬ىذه ابية تنطبؽ عمينا‪ ،‬فنحف أخرجنػا مػف ديارنػا ‪،‬‬
‫وىػػذا الػػذي فػػي ابيػػة موجػػود ‪ ،‬ولمػػاذا ي تػػأتي النص ػرة لنػػا فقمػػت ‪ :‬بقػػي‬

‫ادتنيَنين ِرِلٌاِغَني ِْنينا َ ني ّنيَاِ ّاَنا‬


‫شػػيء واحػػد قػػاؿ تعػػالى‪ :‬الّني ِنيات ا ُخ ِ نيواْا ِ ني ِ‬
‫َ ْ ُ‬
‫ارنيََّنينينااللّني انيهُ ‪ )ٚ( ‬يعنػػي الػػدعوة ‪ ..‬يقولػػوف جيػػا ار ربنػػا اهلل ‪ .‬فالجيػػاد‬ ‫تنيَ ُولُنيواْ َ‬

‫ٔ) سورة األنفاؿ ‪ -‬ابية‪.ٜٔ :‬‬


‫ٕ) سورة البقرة ‪ -‬ابية‪.ٜٔٗ :‬‬
‫ٖ) سورة العنكبوت ‪ -‬ابية‪.ٜٙ :‬‬
‫ٗ) سورة البقرة ‪ -‬ابية‪.ٖٔ٘ :‬‬
‫٘) سورة النساء ابية ٔ‪. ٚ‬‬
‫‪ )ٙ‬سورة الحج _ ابية ‪. ٖٜ‬‬
‫‪ )ٚ‬سورة الحج _ ابية ٓٗ ‪.‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪236‬‬

‫بػػدوف الػػدعوة مثػػؿ الصػػالة بػػدوف الوضػػوء ‪ ..‬فالصػػحابة رضػػي اهلل عػػنيـ‬
‫كانوا يجتيدوف إلدخاؿ الناس في الجنة ‪ ...‬ولماذا الجدؿ ابف ‪.‬‬
‫ألف الدنيا جنة الكافر وسجف المؤمف ‪ ..‬فالمؤمف يقاتػؿ الكػافر ليأخػذ‬
‫جنتػ ػػو فيصػ ػػير غاصػ ػػب فػ ػػال يسػ ػػتحؽ لنص ػ ػرة اهلل ‪ .. ‬ولكػ ػػف الصػ ػػحابة‬
‫رضػ ػػي اهلل عػ ػػنيـ مػ ػػا كػ ػػانوا يريػ ػػدوف جنػ ػػة الكػ ػػافر ‪ ،‬بػ ػػؿ ليػ ػػدخموه الجنػ ػػة ‪،‬‬
‫فاستحقوا لنصرة اهلل ‪. ‬‬
‫فػػي األردف بعػػض الشػػباب ‪ ،‬غضػػبوا عمػػي رجػػاؿ الػػدعوة ‪ ..‬فقػػالوا ‪:‬‬
‫أوي نقاتػػؿ جماعػػة التبميػػغ ثػػـ الييػػود ‪ ...‬ألنكػػـ تجعمػػوف فػػي النػػاس صػػفة‬
‫الجبف ‪.‬‬
‫فق ػػاؿ أمي ػػر الجماع ػػة ‪ :‬اس ػػمعوا من ػػي خم ػػس دق ػػائؽ ‪ :‬الجي ػػاد ب ػػدوف‬
‫الػػدعوة مثػػؿ الصػػالة بػػدوف الوضػػوء ‪ ،‬ولػػذلؾ ي تنصػػروا ففيػػـ الشػػباف ‪..‬‬
‫وقالوا‪ :‬ىيا بنا لندعو الييود ثـ بعد ذلؾ نقاتميـ ‪.‬‬
‫فقاؿ األمير‪ :‬اسمعوا كالـ أخر‪ ،‬أنتـ تقولوف لمييود ادخموا في اإلسالـ‬
‫وأنتـ في أي مكاف تورىـ‬ ‫فيقولوف لكـ أرونا اإلسالـ في أي بمد‬
‫اإلسالـ ففيموا أف يذىبوا لممسمميف ويجعموا فييـ معاشرة إسالمية ‪.‬‬

‫ثـ قاؿ ليـ األمير ‪ :‬أنتـ تذىبوف لممسمميف بػدوف التمػريف ي تصػمحوا‬
‫‪ ..‬فػػبعض النػػاس ذىبػوا يتجولػػوف بعػػد الفجػػر ‪ ،‬يوقظػػوف النػػاس لمصػػالة ‪..‬‬
‫فم ػػا اس ػػتجاب الن ػػاس لي ػػـ ‪ ..‬وف ػػي الي ػػوـ الثال ػػث ‪ :‬ق ػػاـ الن ػػاس وضػ ػربوىـ‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪237‬‬

‫بالعصا ‪ ..‬وذىبوا إلي المحكمة وفي المحكمة تابوا مػف الػدعوة إلػي اهلل ‪..‬‬
‫لمػػاذا ألنيػػـ لػػـ يختػػاروا الوقػػت المناسػػب ‪ ،‬وي الكػػالـ المناسػػب ‪ ..‬فأتػػت‬
‫عمييـ المشاكؿ وكانت النتيجة ترؾ الدعوة إلي اهلل ‪ .‬فالبد مف التمػريف ‪..‬‬
‫قػػالوا ‪ :‬وأي ػػف نتم ػػرف فش ػػكميـ إلػػي الين ػػد والباكس ػػتاف وب ػػنجالديش ففيمػ ػوا‬
‫الدعوة ‪.‬‬
‫انظروا لمصحابة رضي اهلل عنيـ ‪ ،‬غيروا معاشرتيـ بصحبة الرسػوؿ‬
‫‪ ‬فممػػا ذىب ػوا إلػػي مصػػر والسػػوداف وليبيػػا والع ػراؽ ‪ ،‬وكػػانوا كميػػـ عجػػـ ‪،‬‬
‫فأىػػؿ ىػػذه الػػبالد أحبػػوىـ لمعاش ػرتيـ الطيبػػة ‪ ،‬ومػػف شػػدة حػػبيـ ليػػـ أحب ػوا‬
‫لم ػػتيـ وتعمموى ػػا ‪ ،‬حت ػػى أص ػػبحوا ي يتكمم ػػوف إي المم ػػة العربي ػػة بمخالط ػػة‬
‫الصحابة رضي اهلل عنيـ والتابعيف‪.‬‬
‫عندما تتجولوف في العالـ فاتركوا معاشرة ابباء وخذوا معاشرة النبي‬
‫‪ ، ‬والصحابة الكراـ ‪ ،‬فأنتـ تجمبوف الناس لمديف ‪.‬‬
‫ي نقػػوؿ ركػػوب السػػيارة حػراـ ‪ ،‬البرقيػػة حػراـ ‪ ،‬ركػػوب القطػػار حػراـ ‪،‬‬
‫فنكوف مذنبيف لما نحرـ مػا أحمػو اهلل ‪ ‬لنػا ‪ ..‬فنمشػي إلػي البػدو ونتحمػؿ‬
‫المشقة ‪ ،‬ونصير مجاىديف ‪ ،‬فالعالـ كمو يحب العرب كما كػاف فػي الػزمف‬
‫األوؿ ‪ ..‬ففي الزمف األوؿ كانوا يحبوف العرب مػف أجػؿ معاشػرتيـ الطيبػة‬
‫‪ ،‬واليػػوـ يحبػػوف العػػرب مػػف أجػػؿ بتػػروليـ وعممػػتيـ الماليػػة ‪ ،‬فػػاغتنموا ىػػذه‬
‫المحبوبية واجعموىا سبباً لجمب محبة اهلل ومحبة رسولو ‪. ‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪238‬‬

‫فأعداء اهلل ‪ ‬أبعدوا المسمميف عػف الػديف ( بالحركػة ‪ ..‬والحضػارة‬


‫‪ ..‬والثقافة ) وأبعدوا المسمميف عف القرآف باسـ القرآف ‪.‬‬
‫النػ ػػاس مػ ػػا فيم ػ ػوا مقصػ ػػد الجيػ ػػاد أنػ ػػو الػ ػػدعوة ‪ ،‬فػ ػػنحف نجتيػ ػػد فػ ػػي‬
‫المسمميف حتى نجعؿ معاشرتيـ معاشػرة إسػالمية ‪ ،‬فممػا ينظػر الكفػار إلػي‬
‫المعاشرة اإلسالمية فيدخموف في اإلسالـ‪.‬‬
‫يبد مف مػنيج النبػوة فػي الػدعوة إلػي اهلل ‪ ، ‬فػال نػنج إي بطريػؽ‬
‫األنبيػػاء عمػػييـ السػػالـ ‪ ،‬كػػاف عنػػدىـ الشػػفقة والرحمػػة عمػػي النػػاس ‪ ،‬ومػػا‬
‫كانوا يمضبوف عمي الكفار ‪ ،‬وكانوا يرحمػوف عمػييـ ليػدخموىـ فػي اإلسػالـ‬
‫حتى ينالوا رضا اهلل والجنة ‪ ..‬وكانت شدتيـ كالعممية الجراحية‪.‬‬
‫سيدنا موسي ‪ ‬كاف في مزاجو شدة ‪ ،‬ولكف اهلل ‪ ‬قاؿ لو ‪ :‬‬

‫ا‪ )ٔ( ‬فميذا السبب نمشي عمي‬


‫اِيْ َش َ‬
‫َني ُو َالَهُافَني ْو ًالّذَّنًالّ َعلّهُاتنيَجَ َا ّك ُ ا َْو َ‬
‫منيج النبوة ‪ ،‬ولنا في سيرة الرسوؿ ‪ ‬والصحابة أسوة‬
‫الصبر والتقوى ‪:‬‬

‫النيََاااُّينيْ ِنيْ ْد ُك ٌْا‬ ‫ِ‬


‫َنيِنيِبُواْ َاوثَنيجّني ُ نيواْ َاوتَنيأْثُوُك ٌْا ّ ني ا َني ْنيوِرل ٌْ َ‬
‫قػػاؿ تعػػالى‪  :‬نيَلَني َ اِناثَ ْ‬
‫و‪. )ٕ( ‬‬ ‫َرّ ُ ٌْ ِاِبَ ُْ َِف ِام ا ّ َ االْ َُآلِِ َ ِا ُ َِف ّوِ َا‬
‫ايستماثػػة ‪:‬‬

‫ٔ) سورة طو _ ابية ٗٗ‪.‬‬


‫ٕ) سورة آؿ عمراف _ ابية ٕ٘ٔ‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪239‬‬

‫َِن ُافِني ّْ ُكٌاِنيأَلْ ٍ‬ ‫ِ‬


‫فا‬ ‫ْ‬ ‫نبالَ ُ ني ْنيٌا ّ‬ ‫قػػاؿ تعػػالى‪ْ ِ  :‬ذاثَ ِْفنينيجَغذًُو َن َارّ ُ ني ْنيٌا َن ْ نينيجَ َج َ‬
‫و‪. )ٔ( ‬‬ ‫ّ َ االْ َُآلِِ َ ِا ُ ْ ِد ِ َا‬
‫َ نيَُك ٌُااللّنينيهُاَِ ني ْْ ٍر َاوَْ نينيجُ ٌْا َِذلّ ني ٌا َنينينثّني ُواْااللّنينيهَالَ َعلّ ُ ني ْنيٌاا‬
‫قػػاؿ تعػػالى ‪َ ‬ولََ ني ْْا َ َ‬
‫(ٕ)‪.‬‬ ‫ثَ ْش ُ ُوناَا‪‬‬
‫الصػػفات التػػي كانػػت فػػي غػػزوة أحػػد ‪ ..‬لػػو جػػاءت فػػي دعوتنػػا فترفػػع عنػػا‬

‫اَتُ ِّف نينيونيَ َُ ٌْا‬‫اص ني َنيْفَ ُ ٌُااللّنينيهُ َاو ِْ ني َنيَُْاِ ْذ َ‬


‫نصػ ػره اهلل ‪.. ‬ق ػػاؿ تع ػػالى ‪َ ‬ولََ ني ْْ َ‬
‫َنيْنيذجُ ٌْا ّ ني ا نيَ ْعني ِنيْا َ نينيآا ََرا ُكني ْنيٌا‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫ِِج ْذ نينيها َ ني َّ‬
‫نيَّتاِ َذاا َشني ْلجُ ٌْ َاوثَنيََني َنينز ِْجُ ٌْ ِآتاا ْ ني ِ َاو َِ َ‬
‫اص نيََ ُ ٌْا‬ ‫اّتّ َ‬ ‫نيناَتّنينيو َنا ِ نينيَ ُ ٌا ّ ني اتُِتني ُنيْاال ني ّْ ْنيذَنا َوِ نينيَ ُ ٌا ّ ني اتُِتني ُنيْاا َ ِخ نيََة ُ‬‫ني ُِ‬
‫ّ‬
‫اِلَ االْ ُُ ْوِ َِ َا‬ ‫ِ ِ‬
‫و‪.)ٖ( ‬‬ ‫ض ٍل َ‬ ‫ناَِْ ُ ٌْ َاواللّهُاذُوا َ ْ‬‫اِ َف َ‬ ‫ََِْني َُ ٌْالذَْجَلذَ ُ ٌْ َاولََ ْْ َ‬
‫فشمتـ ‪ :‬في الرأي‬
‫وتنازعتـ ‪ :‬بعضيـ قاؿ ي ننزؿ ألف الرسوؿ ‪ ‬قاؿ ي تنزلوا ‪.‬‬
‫وعصيتـ ‪ :‬تركتـ أمر الرسوؿ ‪ ‬ونزلتـ ‪.‬‬
‫مػػنكـ مػػف يريػػد الػػدنيا‪ :‬عنػػدما يػػأتي عنػػد الػػدعاة حػػب الػػدنيا يتنػػازعوا‬
‫ويفشموا ‪ ،‬وترفع عنيـ نصرة اهلل ‪. ‬‬

‫ٔ) سورة األنفاؿ ابية ‪ٜ‬‬


‫ٕ) سورة آؿ عمراف _ابية ٖٕٔ ‪.‬‬
‫ٖ) سورة آؿ عمراف ابية ٕ٘ٔ‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪241‬‬

‫وىذه األشياء اهلل ‪ ‬أظيرىػا ‪ ،‬لنػا لػيعمـ األمػة األصػوؿ ‪ ،‬فبػدوف أف‬
‫يحػػدث ذلػػؾ فػػييـ مػػا كنػػا نػػتعمـ ‪ ،‬فكثيػػر مػػف النػػاس يطعػػف فػػي الصػػحابة ‪،‬‬

‫نيناِنيَْ ُ ٌْا‬ ‫ِ ِ‬
‫‪‬‬ ‫اِ َف َ‬
‫لذَْجَلنيذَ ُ ٌْ َاولََ ني ْْ َ‬ ‫واهلل ‪ ‬طيػرىـ ونظفيػـ ‪ ،‬قػاؿ تعػالي ‪:‬‬

‫أي غفر لكـ ذلؾ الصنيع ‪.‬‬


‫ومف الصفات التي تُرفع بيا نصرة اهلل ‪ " ‬العجب " كما حػدث فػي‬
‫غ ػػزوة حن ػػيف ‪ ،‬فق ػػد أخ ػػرج البييق ػػي أف رج ػػال ق ػػاؿ ي ػػوـ حن ػػيف ‪ :‬ل ػػف نمم ػػب‬
‫مػػف قمػػو (ٔ)وكػػانوا اثنػػي عشػػر ألػػؼ ‪ .‬فشػػؽ ذلػػؾ عمػػي رسػػوؿ اهلل ‪، ‬‬

‫اط َف َكثِي َػرٍة َوَي ْػوَـ ُحَن ْػي ٍف إِ ْذ أ ْ‬


‫َع َجَبػتْ ُك ْـ‬ ‫فأنزؿ اهلل ‪  ‬لَقَ ْد َنصرُكـ المّو ِفػي مػو ِ‬
‫ََ‬ ‫ََ ُ ُ‬
‫ض بِ َمػػا َر ُحَبػ ْ‬
‫ػت ثُػ ّػـ َولّْيػػتُـ‬ ‫األر ُ‬
‫ت َعمَػ ْػي ُك ُـ ْ‬ ‫َكثْػ َػرتُ ُك ْـ َفمَػ ْػـ تُ ْمػ ِػف َعػػن ُك ْـ َشػ ْػيئاً َو َ‬
‫ضػػاقَ ْ‬
‫يف‪ )ٕ( ‬فممػ ػػا التفتػ ػػت أنظ ػػارىـ مػ ػػف اهلل إلػ ػػي الع ػػدة والعػ ػػدد ‪ ،‬فػ ػػانيزـ‬ ‫ّم ػ ْػدبِ ِر َ‬
‫المسمموف وولوا مدبريف ‪ ،‬وثبػت رسػوؿ اهلل ‪ ‬وىػو اركػب يومئػذ بممتػو الشػيباء‬

‫ٔ) يقػػوؿ ابػػف القػػيـ رحمػػو اهلل ‪ :‬يبػػيف سػػبحانو لمػػف قػػاؿ " لػػف نممػػب اليػػوـ مػػف قمػػو " إنمػػا‬
‫النصر مف عنده ‪ ،‬وأنو مف ينصره فال غالب لو ‪ ،‬ومػف يخذلػو فػال ناصػر لػو غيػره ‪ ،‬وانمػا‬
‫سػػبحانو وتعػػالي ىػػو الػػذي تػػولي نصػػر رسػػولو ودينػػو ‪ ،‬يكثػرتكـ التػػي أعجبػػتكـ ‪ ،‬فخنيػػا لػػـ‬
‫تمف عنكـ شيئا ‪ ،‬فوليتـ مدبريف ‪ ،‬فمما انكسرت قموبيـ ‪ ،‬أرسمت إلييـ خمع الجبػر مػع بريػد‬
‫النصػػر ‪ ،‬فػػانزؿ اهلل سػػكينتو عميػػو ورسػػولو وعمػػي المػػؤمنيف ‪ ،‬وأنػػزؿ جنػػوداً لػػـ تروىػػا ‪ ،‬وقػػد‬
‫اقتض ػػت حكم ػػة اهلل تع ػػالي أف خم ػػع النص ػػر وجػ ػوائزه أنم ػػا تف ػػيض عم ػػي أى ػػؿ اينكس ػػار ‪‬‬
‫ِ‬ ‫وُن ِريػ ُػد أَف ّنمػػف عمَػػى الّػ ِػذيف استُ ْ ِ ِ‬
‫ض َوَن ْج َعمَيُػ ْػـ أَئ ّمػةً َوَن ْج َعمَيُػ ُػـ اْلػ َػو ِارثِ َ‬
‫يف َوُن َم ّكػ َػف‬ ‫األر ِ‬
‫ضػػعفُوْا فػػي ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫ُّ َ‬ ‫َ‬
‫ود ُى َم ػػا ِمػ ػ ْػنيُ ْـ ّمػ ػػا َكػ ػ ُ‬
‫ض وُنػ ػ ِػر ِ‬ ‫ِ‬
‫روف ‪ – ‬سػ ػػورة‬ ‫ػانوْا َي ْح ػ ػ َذ َ‬ ‫ػاف َو ُجُن َ‬
‫امػ ػ َ‬ ‫األر ِ َ َ‬
‫ي ف ْرَعػ ػ ْػو َف َو َى َ‬ ‫لَيُ ػ ْػـ فػ ػػي ْ‬
‫القصص – ابيات ٘ ‪ ( ٙ ،‬زاد المعاد ‪. ) ٖٓٗ/ٕ -‬‬
‫ٕ) سورة التوبة ابية ٕ٘ ‪.‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪240‬‬

‫‪ ،‬يسػػوقيا نحػػو العػػدو ‪ ،‬والعبػػاس عمػػو أخػػذ بركابيػػا األيمػػف ‪ ،‬ويقػػوؿ فػػي تمػػؾ‬
‫الحػاؿ ‪ ":‬أنػا النبػي ي كػػذب ‪ ،‬أنػا ابػف عبػد المطمػػب " وثبػت معػو مػف أصػػحابو‬
‫قريب مف مائػة ‪ ،‬ثػـ أمػر عمػو العبػاس وكػاف جييػر الصػوت أف ينػادي بػأعمى‬
‫صوتو ‪ ،‬يا أصحاب الشجرة ‪ ،‬يعني شجرة الرضواف ‪ ..‬يا أصحاب السمرة ‪...‬‬
‫وتارة يقوؿ ‪ :‬يا أصحاب سورة البقػرة ‪ ،‬فجعمػوا يقولػوف ‪ .‬لبيػؾ لبيػؾ ‪ ،‬وانعطػؼ‬
‫الناس ‪ ...‬حتى تـ النصر لممسمميف (ٔ)‪.‬‬
‫وفػػي غػػزوة بػػدر غضػػب اهلل عمػػي المشػػركيف بػػثالث قبػػائ قػػاؿ تعػػالى ‪:‬‬
‫وف َعػػف سػبِ ِ‬
‫يؿ‬ ‫َ‬ ‫صػ ّػد َ‬
‫ػاس َوَي ُ‬ ‫يف َخ َر ُجػوْا ِمػػف ِد َيػ ِ‬
‫ػارِىـ َبطَػ اًر ورئػػاء ّ‬
‫النػ ِ‬ ‫ِ‬
‫ونػوْا َكالّػػذ َ‬ ‫‪َ ‬ويَ تَ ُك ُ‬
‫وف ُم ِحيطٌ‪.)ٕ( ‬‬ ‫ِ‬
‫المّو َوالمّوُ بِ َما َي ْع َممُ َ‬
‫بطػ اًر ‪ :‬أي دفعػػا لمحػػؽ ‪ ..‬فأحيانػػا نجػػد فػػي الشػػورى يعطػػي الػرأي ويصػػمـ‬
‫عي رأيو ‪ ،‬ويقوؿ ‪ :‬أنا زعيـ القوـ ‪ ،‬أنا رأيي صحي وي ينظر لمصػمحة الػديف‬
‫‪ ..‬ويفاخر برأيو ويتكبر كمػا قػاؿ أبػو جيػؿ ‪ :‬ي واهلل ‪ ،‬ي نرجػع حتػى نػرد مػاء‬
‫بػػدر وننحػػر الجػػزر ‪ ،‬ونشػػرب الخمػػر وتعػػزؼ عمينػػا القيػػاف فػػانعكس ذلػػؾ عميػػو‬
‫(ٖ)‬
‫‪.‬‬ ‫أجمع ‪ ..‬نسأؿ اهلل ‪ ‬أف يوفقنا لجيد حبيبو عمي منياج حبيبو‬

‫ٔ) انظر مختصر تفسي ار يف كثير ٕ‪ٖٕٔ/‬‬


‫ٕ) سورة األنفاؿ ابية ‪ٗٚ‬‬
‫ٖ) محاضرة القيا الشيخ محمد عمر البالمبوري – في اجتماع بنجالديش بعػد الممػرب –‬
‫يوـ ‪. ٜٔٛٛ/ٔ/ٔٛ‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪242‬‬

‫التوحةةةةةيةد‬
‫( ال إلو إال اهلل )‬
‫ويػػري فػػي ىػػذه‬
‫الػػدنيا دار األسػػباب ‪ ..‬واهلل ىػػو مسػػبب األسػػباب ‪ُ ،‬‬
‫الػػدنيا الشػػيء مػػف الشػػيء ‪ ،‬مثػػؿ الولػػد مػػف األب ‪ ..‬ونػػري أف الحػػب مػػف‬
‫الثمػ ػػر ‪ ..‬والحقيقػ ػػة أف اهلل فػ ػػالؽ الحػ ػػب والنػ ػػوى ‪ ..‬فػ ػػاهلل ىػ ػػو المػ ػػؤثر فػ ػػي‬
‫األشػ ػػياء ‪ ،‬وىػ ػػو مسػ ػػبب األسػ ػػباب ‪ ..‬ونحػ ػػف ي نػ ػػري قدرتػ ػػو ‪ ..‬واهلل لػ ػػيس‬
‫بحاجػػة إلػػي أي س ػػبب ‪ ،‬ولمػػا أراد اهلل أف ُيعم ػػر حيػػاة يوس ػػؼ عمرىػػا ف ػػي‬
‫الس ػػجف ‪ ..‬ولم ػػا أراد أف ٌي ػػدمر حي ػػاة فرع ػػوف ‪ ،‬وق ػػاروف ‪ ،‬وىام ػػاف ‪ ،‬دم ػػر‬
‫حياتيـ في العزة ( الممؾ والماؿ ) ‪.‬‬
‫اهلل ‪ ‬أكرمنػػا بيػػذه الػػدعوة لنػػدعو إلػػي اهلل ‪ ‬والػػي رسػػولو ‪.. ‬‬
‫لتوحيػ ػػد اإللوىيػ ػػة والربوبيػ ػػة وأسػ ػػماء اهلل وصػ ػػفاتو ‪ ..‬اهلل ‪ ‬عمػ ػػـ نبيػ ػػو أف‬
‫يرك ػػز عم ػػي اإليم ػػاف والنب ػػي ‪ ‬عم ػػـ الص ػػحابة رض ػػي اهلل ع ػػنيـ اإليم ػػاف‬
‫واليقػػيف الصػػحي وبػػو يتميػػز التوحيػػد عػػف الشػػرؾ ‪ ..‬األشػػياء عػػف األعمػػاؿ‬
‫‪ ..‬فنتوج ػػو إل ػػي اهلل ‪ .. ‬ي نتوج ػػو إل ػػي غي ػػر اهلل ‪ ‬سػ ػواء أك ػػاف ى ػػذا‬
‫صنما يعبد أو قب اًر يزار ‪ ..‬بؿ كؿ ىذا شػرؾ ‪ ..‬ولكػف شػرؾ دوف شػرؾ ‪..‬‬
‫وكفر دوف كفر ‪.‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪243‬‬

‫اهلل ‪ ‬أراد ربػ ػػط اإلنسػ ػػاف بالتوحيػ ػػد عػ ػػف طريػ ػػؽ الصػ ػػالة ‪ ،‬فعنػ ػػد‬
‫الػ ػػدخوؿ فػ ػػي الصػ ػػالة التكبيػ ػػر ‪ ...‬وىكػ ػػذا عنػ ػػد الركػ ػػوع ‪ ..‬وذلػ ػػؾ لتوحيػ ػػد‬
‫األلوىية‪ ،‬واذا أتي توحيد األلوىية يأتي توحيد الربوبية ‪.‬‬
‫ولذا ندعو إلي اهلل وحده ي شريؾ لو ‪ ..‬وأف نعبد اهلل وحده ‪.‬‬
‫نوعان من الشرك ‪:‬‬
‫ٔ‪ -‬الشرك الحقيقي‪ :‬ىو عبادة األصناـ ‪.‬‬
‫ٕ‪ -‬الشرك المجازي‪ :‬ىو ايعتماد عمي غير اهلل ‪ ..‬وىذا الشػرؾ ي ُيخػرج‬
‫عف كمية اإليماف ‪ ،‬ولكف يعذب صاحبو بقدر ما أشرؾ مع اهلل ‪.‬‬
‫واذا تقابػ ػػؿ أىػ ػػؿ الشػ ػػرؾ الحقيقػ ػػي ‪ ،‬مػ ػػع أىػ ػػؿ الشػ ػػرؾ المجػ ػػازي ؛‬
‫فيممب أىؿ الشرؾ الحقيقي ‪.‬‬
‫حقيقة اإليمان ‪:‬‬
‫أف نتيقف عمي اهلل ‪ ‬وي نعتمد إي عميػو ‪ ..‬وي نثػؽ إي فيػو ‪ ..‬وي‬
‫نرجو غيره ‪ ..‬وي نخاؼ إي منو ‪ ..‬وي نحب سػواه ‪ ..‬وي نسػتعيف بميػره ‪..‬‬
‫وي نس ػػجد إي ل ػػو ‪ ..‬وي نعب ػػد غيػ ػره ‪ ..‬وي نن ػػذر وي نعتص ػػـ إي ب ػػو ‪ . .‬وي‬

‫نكب ػػر غيػ ػره ‪ ،‬واهلل ‪ ‬أم ػػر نبي ػػو ‪ ‬ق ػػاؿ تع ػػالى ‪ ‬تَأَتنيّ ََ نينيناالْ ُُني ني ّْثنيُّ اوافُني ْانيٌا‬
‫ِ‬
‫َأَ نينيا ْر َ‬
‫اواوَرّني ني َ ا َ َ ّ ني ني ْا ‪ )ٔ( ‬فقػ ػػدـ لفػ ػػظ ربػ ػػؾ عػ ػػؿ التكبيػ ػػر‪ ،‬وىػ ػػذا ُيفيػ ػػد‬

‫الحصر ‪ ..‬أي ي تكبر غير ربؾ ‪.‬‬

‫ٔ) سورة المدثر ‪ :‬ابيات ٔ ‪. ٖ ، ٕ ،‬‬


‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪244‬‬

‫فمعية اهلل بالصفات اإليمانية ‪ ( :‬الصػبر ‪ ..‬والتقػوى‪ ..‬و اإلحسػاف ) وىػذا‬


‫ىو زبدة اإليماف ‪.‬‬
‫وأن ػػا أق ػػوؿ أف اإليم ػػاف ب ػػذات اهلل ‪ :‬أف ي نعتم ػػد عم ػػى غي ػػر اهلل ‪ ،‬وي‬
‫رجػػاء بميػػر اهلل وي اسػػتعانة بميػػر اهلل ‪ ،‬وي نسػػجد إي هلل ‪ ،‬وي نقػػوـ لميػػر‬
‫اهلل فخذا أخرجنا مػف قموبنػا الخػوؼ مػف غيػر اهلل والرجػاء مػف غيػر اهلل بعػد‬
‫ذلؾ تأتينا نصرة اهلل ‪.‬‬
‫و نعمػـ أف سػيدنا محمػد ‪ ‬وجميػع األنبيػاء عمػييـ الصػالة والسػالـ‬
‫ركػػزوا جيػػدىـ عمػى تعمػػيـ األمػػة اإليمػػاف وأخػػذوا أضػػعاؼ وقػػت تعمػػيميـ‬
‫األعماؿ‪.‬‬
‫ىو ي إلو إي اهلل و ىذا نفي و إثبات فاإلنساف إذا‬ ‫فما ىو اإليماف‬
‫كاف قمبو متعمؽ باألسباب والقوة ‪ ،‬سواء السالح‪ ،‬أو األشياء‪ ،‬وقوة المادة‬
‫وقوة الممؾ والماؿ‪ ،‬ويجد قمبو متأثر باألحجار سواء أحجار الجاىمية أو‬
‫األحجار اإللكترونية‪.‬‬
‫إذا عميو أف يجتيد حتى يخرج مف قمبو ىذه الشركيات ويصفي قمبو‬
‫وي يتعمؽ وي يتأثر وي يطمب إي مف اهلل الواحد األحد الفرد الصمد‪.‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪245‬‬

‫قوـ ثمود كانوا أساتذة في البناء‪ ،‬واهلل أخرج ليـ ناقة مف الجبؿ ‪،‬‬
‫ويروى أنيا كانت حامؿ ووضعت حمميا ‪.‬‬
‫كؿ ذلؾ ليعمـ اهلل خمقو بأني أنا الخالؽ ‪ ..‬أخمؽ الولد بدوف األب‬
‫‪ ..‬والناقة مف الجبؿ ‪ . .‬وعيسى مف غير أب ‪ ..‬وآدـ مف غير أب وي‬
‫أـ ‪ ..‬كؿ ذلؾ لبياف قدرة اهلل ‪ ،‬ألف اإلنساف إما يربط نفسو باألسباب‬
‫وؿ المأ ِو‬ ‫ؼ رس ِ‬
‫ت َخ ْم َ َ ُ‬ ‫اس قَا َؿ ُك ْن ُ‬ ‫ويعتقد أف فييا النفع والضر‪ ،‬ف َع ْف ْاب ِف َعأب ٍ‬
‫اح َف ْ أ‬ ‫ؾ َكِمم ٍ‬ ‫صمأى المأوُ َعمَ ْي ِو وسمأـ َيوما فَقَا َؿ‪َ ":‬يا ُغ َالـ ِإِّني أ َ ِّ‬
‫ظ الموَ‬ ‫ات ْ‬ ‫ُعم ُم َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َ ًْ‬ ‫َ‬
‫ت فَاسأ ْ أ‬ ‫اح َف ْ أ‬
‫ت‬‫استَ َع ْن َ‬
‫َؿ الموَ َوِا َذا ْ‬ ‫ؾ إِ َذا َسأَْل َ ْ‬ ‫ظ الموَ تَ ِج ْدهُ تُ َج َ‬
‫اى َ‬ ‫ظ َؾ ْ‬ ‫َي ْح َف ْ‬
‫ؾ بِ َش ْي ٍء لَ ْـ‬
‫َف َي ْنفَ ُعو َ‬‫ت َعمَى أ ْ‬ ‫اجتَ َم َع ْ‬
‫َف ْاألُ أمةَ لَ ْو ْ‬ ‫استَ ِع ْف بِالمأ ِو َو ْ‬
‫اعمَ ْـ أ أ‬ ‫فَ ْ‬
‫ؾ بِ َش ْي ٍء‬ ‫ضرو َ‬ ‫َف َي ُ‬ ‫اجتَ َم ُعوا َعمَى أ ْ‬ ‫ؾ َولَ ْو ْ‬ ‫ؾ إِ أي بِ َش ْي ٍء قَ ْد َكتََبوُ المأوُ لَ َ‬‫َي ْنفَ ُعو َ‬
‫ؼ"‬ ‫ت الص ُح ُ‬ ‫وؾ ِإ أي بِ َش ْي ٍء قَ ْد َكتََبوُ المأوُ َعمَ ْي َؾ ُرِف َع ْ‬
‫ت ْاألَ ْق َال ُـ َو َجفأ ْ‬ ‫ضر َ‬ ‫لَ ْـ َي ُ‬
‫رواه الترمذي وقاؿ‪ :‬حديث حسف صحي ‪.‬‬
‫األمة بحاكميـ ومحكومييـ بأسبابيـ وأسباب مف يعاونيـ‪ ،‬ي تأثير‬
‫ليـ في شيء ‪.‬‬
‫ألف كؿ ذلؾ مخموؽ ليس إلو‪ ،‬والمخموؽ عاجز عمى نفع نفسو أو‬
‫دفع الضرر عف نفسو فكيؼ يكوف لو نفع و ضرر لميره‪.‬‬
‫ولذا قيؿ أف اإليماف عظيـ جدا جدا وغالي جدا فكما جاء في‬
‫الحديث إف ذرة واحدة مف اإليماف تجعؿ صاحبيا ي يخمد في النار‪.‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪246‬‬

‫وليذا إذا كاف قوي فيجعؿ اإلنساف يستطيع القياـ بالعبادات واذا زاد‬
‫عف ذلؾ يستطيع أف يصم معامالتو واذا زاد أكثر استطاع اإلنساف أف‬
‫يصم معاشراتو وأخالقو‪.‬‬
‫أما اإلمارة والفتوى فتحتاج إيماف مثؿ الجباؿ ومثاؿ سيدنا عمر‬
‫عندما جاء ضيوؼ مف خارج المدينة فوزعيـ عمى أىؿ المدينة ولكف‬
‫واحد منيـ أراد أف يكوف عند أمير المؤمنيف لعمو يجد الطعاـ والشراب‬
‫الطيب ‪.‬‬
‫ولكف عندما جمس ليأكؿ معو وجد خبز ناشؼ لـ يستطع الرجؿ أف‬
‫يأكمو وعندما طمب مف أمير المؤمنيف أف يصم طعامو فكاف رد عمر‬
‫وىؿ كؿ األمة أصمحت طعاميا حتى يصمحو أمير المؤمنيف ‪.‬‬
‫وأيضا قصتو عندما لبس قميص أطيب مف الذي كاف عميو ومرقع‬
‫أثناء فت بيت المقدس‪ ،‬فعندما لبسو (عندما أشار عميو أحد الصحابة)‬
‫اب‬‫ؽ ْب ِف ِشي ٍ‬ ‫ط ِار ِ‬ ‫خمعو وقاؿ لقد تمير قمبي وقاؿ قولتو المشيورة ‪ :‬ف َع ْف َ‬
‫َ‬
‫اب إِلَى ال أش ِاـ َو َم َعَنا أ َُبو ُعَب ْي َدةَ ْب ُف ا ْل َج أر ِ‬
‫اح‬ ‫قَا َؿ ‪َ :‬خرَج ُعمر ْب ُف ا ْل َخطأ ِ‬
‫َُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫فَأَتَوا عمَى م َخ ٍ‬
‫اضة َو ُع َم ُر َعمَى َناقَة لَو ‪ ،‬فََن َز َؿ َع ْنيَا َو َخمَ َع ُخفأ ْيو فَ َو َ‬
‫ض َعيُ َما‬ ‫ْ َ َ َ‬
‫ِِ‬ ‫َعمَى َعاتِ ِق ِو ‪َ ،‬وأ َ‬
‫اض ِبيَا ا ْل َم َخ َ‬
‫اضةَ ‪ ،‬فَقَا َؿ أ َُبو ُعَب ْي َدةَ ‪:‬‬ ‫َخ َذ بِ ِزَم ِاـ َناقَتو فَ َخ َ‬
‫ؾ‪،‬‬ ‫ض ُعيُ َما َعمَى َعاتِ ِق َ‬ ‫ت تَ ْف َع ُؿ َى َذا ‪ ،‬تَ ْخمَعُ ُخفأْي َ‬
‫ؾ َوتَ َ‬ ‫يف أأ َْن َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َيا أَم َير ا ْل ُم ْؤ ِمن َ‬
‫َى َؿ ا ْلَبمَ ِد‬ ‫اضةَ َما َي ُسرنِي أ أ‬
‫َف أ ْ‬ ‫وض بِيَا ا ْل َم َخ َ‬‫ؾ ‪َ ،‬وتَ ُخ ُ‬ ‫ْخ ُذ بِ ِزَم ِاـ َناقَتِ َ‬
‫َوتَأ ُ‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪247‬‬

‫ؾ أََبا ُعَب ْي َدةَ َج َع ْمتُوُ َن َك ًاي َألُ أم ِة‬


‫ؾ‪ ،‬فَقَا َؿ ُع َم ُر‪ :‬أ أَوْه لَ ْو َيقُو ُؿ َذا َغ ْي ُر َ‬ ‫استَ ْش َرفُو َ‬
‫ْ‬
‫أ‬ ‫ِ ِِ أ‬ ‫أ‬ ‫مح أم ٍد ‪ -‬أ‬
‫َع أزَنا الموُ‬ ‫صمى الموُ َعمَْيو َوآلو َو َسم َـ ‪ -‬إِأنا ُكأنا أَ َذ أؿ قَ ْوٍـ فَأ َ‬ ‫َ‬ ‫َُ‬
‫َع أزَنا المأوُ ِب ِو أَ َذلأَنا المأوُ (ٔ)‪ ( .‬فكيؼ‬ ‫ِ‬
‫ب ا ْلع أزةَ بِ َم ْي ِر َما أ َ‬
‫طمُ ُ‬‫اإل ْس َالِـ فَ َم ْي َما َن ْ‬
‫بِ ِْ‬

‫كاف يراقب قمبو ) طبعا قوة اإليماف التي كانت عندىـ‪.‬‬

‫******‬

‫ٔ) المستدرؾ عمى الصػحيحيف» كتػاب اإليمػاف» قصػة خػروج عمػر إلػى الشػاـ وقولػو إنػا‬
‫قوـ أعزنا اهلل باإلسالـ فمف نبتمي العزة بميره_ رقـ الحديث (ٕٗٔ)‪.‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪248‬‬

‫األسباب لالختبار واالمتحان‬

‫نشػػتمؿ فػػي األسػػباب الظاىريػػة ‪ ،‬ولكػػف ي نتكػػؿ عمييػػا ونتوكػػؿ عمػػى‬


‫اهلل تعالى‪.‬‬
‫ايشػػتماؿ فػػي األسػػباب الظاىريػػة لػػيس ممنػػوع ‪ ،‬ولكػػف ايتكػػاؿ عمػػى‬
‫األسباب الظاىرية ممنوع ‪ ،‬فنتجرد عف األسباب والوسائؿ بحسػب ايتكػاؿ‬
‫‪ ،‬ي بحسػػب ايشػػتماؿ ‪ ،‬نشػػتمؿ فػػي مشػػاغمنا الكسػػبية والبيتيػػة ‪ ،‬ونشػػتمؿ‬
‫فػػي األسػػباب الظاىريػػة‪ ،‬فػػاهلل عػػز وجػػؿ مػػا منعنػػا أف نشػػتمؿ فػػي األسػػباب‬
‫الظاىرية ‪.‬‬
‫(ٔ)‬
‫ناوَو ْ ذََِن‬ ‫قاؿ اهلل ‪ ‬لنوح ‪  : ‬اصََ ِماالْ ُف ْل َ اِأ ْ ِ‬
‫‪.‬‬ ‫‪‬‬ ‫َِذَََُ َ‬ ‫ْ‬
‫نيوسالَ ُ نينيٌالِجُم ِ‬
‫َنينيََ ُ ٌْا ِ ني ْ ا‬ ‫اصنيَْني َع َالَُني ٍ ْ ْ‬ ‫وقػػاؿ لػػداود ‪َ  : ‬و َِلْ ََُْنينينَُ َ‬
‫َأْ ِ ُ ٌْا َني ََلا َْنيجُ ٌْا َ نكِ ون ‪. )ٕ( ‬‬
‫ُ‬ ‫ْ‬
‫ااْلَْذ ِال‪‬ا(‪)1‬اَا‬ ‫نط ْ‬ ‫َِ ُّْواا َبٌا ناا جَطَعجٌُا ِ افُني ْوةٍاوِ ا ِر ِ‬ ‫ااااوفنلاثعنىل‪:‬او ِ‬
‫ُْ َ ْ ْ ْ ْ َ ْ َ‬ ‫َ‬
‫أ َِ‬ ‫ِ‬
‫اَجذعانً ‪‬‬ ‫نآتاا َْر ِ‬ ‫ياخلَ ََالَ ُ ٌْا َ ِ‬ ‫وقاؿ تعالى‪ُ :‬ل َواالْا َ‬
‫(ٖ)‪.‬‬

‫ٔ) سورة المؤمنوف ‪ -‬مف ابية ‪. ٕٚ‬‬


‫ٕ) سورة اينبياء – ابية ٓ‪. ٛ‬‬
‫ٔ) سورة ألنفاؿ ‪ -‬مف ابية ٓ‪.ٙ‬‬
‫ٖ) سورة البقرة ‪ -‬مف ابية ‪. ٕٜ‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪249‬‬

‫والرسوؿ ‪ ‬في غزوة أحد لبس درعيف مف حديد ‪.‬‬


‫ُعمِ َـ مف ذلؾ أف اهلل سبحانو وتعػالى لػـ يمنعنػا مػف ايشػتماؿ بالسػبب‬

‫ُكلُنيواا‬ ‫الظػػاىري فمػػو جػػاء عمينػػا الجػػوع فعمينػػا أف نأكػػؿ ‪ ،‬قػػاؿ تعػػالى‪ :‬‬
‫‪.‬‬
‫‪)1(‬‬ ‫َوا ْ َُواا ِ ْ ا ِرْزِقااللْ ِها‬
‫نينبا‬ ‫ِ‬
‫لنػا‪َ ‬نين ْ ُمواا َ نيناسَ َ‬ ‫ونحتاج إلى الزوجة فنتزوج فاهلل ‪ ‬يقوؿ‬

‫‪.‬‬ ‫(ٕ)‬
‫‪‬‬ ‫ِِّف ِناا‬
‫َ‬ ‫اال‬
‫ْ َ َ‬
‫لَ ُ ٌا ِ‬
‫واذا رزقنا بالمولود فاهلل يقوؿ‪ :‬وِلَ االُْولُ ِ‬
‫ودالَهُا ِرْزفُني َُ ْ َاوكِ ِْف َوثُني َُ ْ ا‬ ‫َ َ َْ‬
‫نيثا َ ني َ َْجُ ٌْا ِ ني ْ ا‬
‫ول ْ ا ِ ني ْ ا َ ْذني ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ِنينينلْ َُ ْع ُو ا ‪ ‬وقػػاؿ تعػػالى ‪ ْ َ ‬ني َُ ُ‬
‫(ٖ)‬

‫ٌ ‪. )ٗ( ‬‬ ‫ُو ْ ِْ ُك ْا‬


‫مف جميع ابيات السابقة ُعمِ َـ أف اهلل تعالى ما منعنا مف ايشتماؿ‪،‬‬
‫باألسباب الظاىرية ولكف اهلل تعالى منعنا مف ايتكاؿ عمى األسباب‬
‫الظاىرية‪.‬‬
‫وكيؼ ُي ْعمَـ ذلؾ ‪ ..‬بايمتحاف ‪.‬‬

‫ٔ( سورة البقرة _ ابية ٓ‪. ٙ‬‬


‫ٖ) سورة النساء ‪ -‬مف ابية ٖ ‪.‬‬
‫ٗ) سورة البقرة ‪ -‬مف ابية ٖٖٕ ‪.‬‬
‫٘ٗ) سورة الطالؽ ‪ -‬مف ابية ‪. ٙ‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪251‬‬

‫نينساَ ْناتنيُْجنيَُكنيوااَ ْناتنيَ ُولُنيواام َ َْ َا‬ ‫ِ‬


‫نيناوُل ْنيٌا‬ ‫‪ ‬اَلاواَ َ ِف َ‬
‫نيباالَْ ُ‬ ‫قػاؿ تعػالى‬

‫‪.‬‬ ‫(ٔ)‬
‫‪‬‬ ‫اتنيُ ْفجَنيَُو َنا‬
‫كيف اهلل ‪ ‬يمتحن عبده ؟‬
‫اهلل ‪ ‬يػػأتى بػػأوامره ‪ ،‬فػػاألوامر تصػػير بمقابمػػة األسػػباب الظاىريػػة ‪،‬‬
‫فػػخذا امتثػػؿ اإلنسػػاف أوامػػر اهلل ‪ ‬وتػػرؾ السػػبب الظػػاىري ‪ ،‬فيػػذا اإلنسػػاف‬
‫قوى اإليمػاف ‪ ،‬واذا تػرؾ أمػر اهلل ‪ ‬بسػبب ايشػتماؿ باألسػباب الظاىريػة‬
‫فيذا اإلنساف ضعيؼ اإليماف ‪.‬‬
‫واإلنسػ ػػاف مكمػ ػػؼ أف يتحصػ ػػؿ سػ ػػبب ظػ ػػاىري الػ ػػذي فيػ ػػو منػ ػػافع وأف‬
‫يتجنب األسباب الظاىرية التي فييا مشقة‪ ،‬عمي سبيؿ المثاؿ‪:‬‬
‫ٔ) يتجنب الجوع ويأكؿ الطعاـ ‪.‬‬
‫ٕ) يتجنب البرد ويمبس الثياب ليتحصؿ عمى الدؼء‪.‬‬
‫ٖ) يتجنب الظممة ويضيء المصباح ليتحصؿ عمى النور ‪.‬‬
‫سػػيدنا موسػػى ‪ ‬كػػاف عنػػده سػػبب ظػػاىري " العصػػا " ‪ ،‬اهلل تعػػالى‬

‫‪ ،‬فأجػاب موسػى ‪ ‬‬ ‫(ٕ)‬


‫‪‬‬ ‫قػاؿ لػو‪َ  :‬وَ نيناثِْلني َ اِذَ ُِذَِني َ اتَنينا ُو َ ني‬
‫نيشا ِ نيناِلَني ا ََْ ُِنيياوِ ِ‬ ‫نل ِ‬
‫ِلا َذَنينا َ نيآ ِر ُ‬
‫با‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫َل‬
‫ُ‬ ‫نيناو‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫ني‬‫ذ‬‫ْ‬‫َ‬‫ل‬ ‫ُاِ‬
‫َ‬ ‫أ‬‫ني‬‫ك‬‫ْ‬‫و‬‫َ‬ ‫ني‬
‫َ‬ ‫ث‬‫َ‬ ‫ا‬ ‫نيني‬
‫َ‬ ‫َ‬‫َ‬ ‫اِ‬
‫َ‬ ‫ي‬
‫فَ َ َ‬
‫ال‬

‫ٔ) سورة العنكبوت – ابية ٕ ‪.‬‬


‫ٕ) سورة طػو – ابية ‪. ٔٚ‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪250‬‬

‫‪.)ٔ(ٔ ‬‬ ‫ُخَى‬


‫ْ‬
‫فالعصا سبب ظاىري لتربيػة المػنـ وصػاحب المػنـ ‪ ،‬فجػاءت المقابمػة‬
‫نلاَلْ ِ‬
‫‪ ‬فَ َ َ َ ُ َ‬
‫و‬ ‫نا‬ ‫نات‬ ‫َ‬
‫ٕ(ٕ)‬
‫‪.‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪ ،‬أمر اهلل أماـ سبب ظاىري ‪ .‬قاؿ‬

‫لو يمتثؿ أمر اهلل ‪ ‬يترؾ سبب نافع ‪ ،‬ولو يشتمؿ في السبب‬
‫النافع يترؾ أمر اهلل ‪. ‬‬
‫ابف صار مقابمة أمر اهلل ‪ ‬وبػيف سػبب ظػاىري الػذي فيػو منػافع ‪،‬‬
‫فسػيدنا موسػى ‪ ‬كػػاف فػي قمبػو أف النػػافع والضػار ىػو اهلل ‪ ، ‬والمعػػز‬
‫والمػ ػ ػػذؿ ىػ ػ ػػو اهلل ‪ ، ‬وأف النجػ ػ ػػاح والخسػ ػ ػػارة مػ ػ ػػف اهلل ‪ ، ‬وأف ىػ ػ ػػذه‬
‫األشياء المادية ي تنفعنا وي تضرنا إي بمشيئة اهلل تعالى ‪.‬‬
‫فجميػػع األشػػياء الماديػػة مثاليػػا مثػػاؿ ( العصػػا ) فالعصػػا ي تنفػػع وي‬
‫تضػػر إي بمشػػيئة صػػاحب العصػػا ‪ ،‬فعنػػدما تكػػوف العصػػا عمػػى األرض ي‬
‫تنفػػع وي تضػػر‪ ،‬ولكػػف صػػاحب العصػػا أخػػذ العصػػا وضػػرب الشػػجر وأخػػذ‬
‫الثمر وأعطانا الثمر فنحف نشكر صاحب العصا وي نشكر العصا ‪.‬‬
‫ولو أف صاحب العصا غضػب عمينػا‪ ،‬فأخػذ العصػا ثػـ ضػربنا فػنحف‬
‫ي نعت ػػب عم ػػى العص ػػا ونق ػػوؿ لم ػػاذا تضػ ػربيني ي ػػا عص ػػا ب ػػؿ نعت ػػب عم ػػى‬
‫صاحب العصا ‪.‬‬

‫ٔ) سورة طػو – ابية ‪. ٔٛ‬‬


‫ٕ) سورة طػو – ابية ‪. ٜٔ‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪252‬‬

‫فالممؾ والماؿ والتجارة والدكاكيف والمػزارع والبسػاتيف ‪ ..‬الػخ فكػؿ ىػذا‬


‫مثؿ العصا ‪ ،‬واهلل ‪ ‬ىو الذي يستعمؿ العصا ‪.‬‬
‫فبعوضػػة واحػػدة عرجػػاء تكفػػى إلىػػالؾ النمػػرود ‪ ..‬وذلػػؾ بعػػد إرادة اهلل‬
‫تعالى ‪ .‬سيدنا موسى ‪ ‬ما خاؼ عندما ترؾ العصا ‪ ،‬ولكف ايمتحػاف‬

‫‪َ ‬أَلْ َ َ‬
‫نلنينينا‬ ‫‪:‬‬ ‫الصػػعب عنػػدما ألقاىػػا تحولػػت حيػػة ‪ ،‬فيػػرب موسػػى ‪‬‬

‫ملنيناثَني َْجَ نيُّ ا َكأَنيْ ََنينا‬ ‫َنيِج َذ ِ‬


‫نينار َ‬
‫‪َ ‬نيلَ ُْ َ‬ ‫‪ ، )ٔ( ‬وقػاؿ تعػالى ‪:‬‬ ‫اال َنييا َ ذْني ٌاثَ ِْف َنيع‬
‫ِ‬
‫نن َاوْىلا ُ ْْ اً َاوَ ُ ْ‬
‫َلْاتني َع ِّبا‪. )ٕ( ‬‬ ‫َ ٌّ‬
‫نينثَني ََنا‬ ‫نيفا نينيَُعِ ُ ِ‬
‫ذْ َلنا ني َ‬ ‫اَتَني ْ َ‬
‫ناو َ‬
‫اخ ني ْا َل َ‬
‫نينل ُ‬
‫فج ػػاء األم ػػر م ػػف اهلل‪ :‬فَني َ‬
‫‪. )ٖ(‬‬ ‫ُوىلا‬
‫ا َ‬
‫فممػػا جػػاء أمػػر اهلل مقابمػػة تػػرؾ سػػبب نػػافع ‪ ،‬فتػػرؾ السػػبب النػػافع‬
‫وامتثؿ أمر اهلل ‪.‬‬
‫ولما جاء أمر اهلل مقابمة أخذ سبب ضػار فتحمػؿ المشػقة وأخػذ السػبب‬
‫الضار ‪.‬‬

‫ٔ) سورة طػو ‪ -‬ابية ٕٓ ‪.‬‬


‫ٕ) سورة القصص – مف ابية ٖٔ ‪.‬‬
‫ٖ) سورة طػو – ابية ٕٔ ‪.‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪253‬‬

‫نل ني ُنيْواا‬ ‫ااخ َفن ني نينًاوثَِ نينين ًاو ِ‬ ‫فك ػػذلؾ اهلل ‪ ‬يعطين ػػا األم ػػر ‪  :‬ا ِْفني ني و ِ‬
‫ََ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ِني ني نيأَ ْ َوال ُ ٌْ َاوَْني ُفِف ني ني ني ُا ٌْ ِآتا َ ني ني نيِ ِذلااللْني ني نينيها َذل ُ ني ني ني ْنيٌ َ‬
‫اخْذني ني ني نيٌ الَ ُ ني ني ني ْنيٌاِ ْنا ُكَْني ني نينيجُ ٌْا‬
‫ثَني ْعلَ ُُون‪. )ٗ(ٔ‬‬

‫أنػػتـ أنفق ػوا أم ػوالكـ مثػػؿ تػػرؾ العصػػا ‪ ،‬ثػػـ تحمم ػوا مشػػقة أنفسػػكـ مثػػؿ‬
‫أخذ الحية ‪ ،‬فػخذا فعمػتـ ذلػؾ فػاهلل ‪ ‬يفعػؿ معكػـ مثػؿ مػا فعػؿ مػع موسػى‬
‫‪ ، ‬فموسى ‪ ‬لما كاف يمقى عصاه بخرادتو فما كانػت قػوة العصػا إي‬
‫لتربية المنـ وصاحب المنـ ‪ ،‬ولما ألقاىا بأمر اهلل ‪ ‬صارت ىػذه العصػا‬
‫سبباً لتربية المنـ وصاحب المػنـ وتربيػة اثنػا عشػر أسػباطاً ‪ ،‬قػاؿ تعػالى ‪‬‬

‫اِلِني َنيٌاا‬
‫اِْذَنينًافَني ْْ َ‬
‫نيناِ ْشنيَةَ َ‬
‫نينكاا ْ جني ا َنين ْني َفج ِ‬
‫تا َْنينيهُااثْنيََجَ َ‬
‫ََ ْ‬ ‫َ َ َ ََ‬ ‫باِ َع َ‬ ‫نينااضني ِ ْ‬
‫َني ُ ْلََ ْ‬
‫اآتاا َْر ِ‬ ‫نينسا َ ْش ني نيَ َُ ٌْا ُكلُ نيوااوا ْ ني ُواا ِ ني ْ ا ِرْزِقااللْني ِنيهاو اثَني ْعًَ ني ْنيو ِ‬
‫أا‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُكني ُّنيلا َُني ٍ َ‬
‫ُ ْف ِِف ِْت َا‪.)ٕ(‬‬
‫ِ‬
‫واوا‬ ‫ول ٌْا ُ ْش ني ِف َ‬‫ولمػػا أتبعػػو فرعػػوف بجنػػوده ‪ ،‬قػػاؿ تعػػالى ‪َ ‬نيأَثْنيَنيعُ ُ‬
‫نبا ُو َ اِْنالَ ُُ ْْ َرُكو َنا‬ ‫ىااَُع ِ‬
‫‪.)ٖ( ‬‬ ‫َص َم ُ‬
‫نلا ْ‬
‫ننافَ َ‬ ‫َنيلَ ُْناثَنيَااَ َْ ْ َ‬

‫ٔ) سورة التوبة – ابية ٔٗ‪.‬‬


‫ٕ) سورة البقرة ‪ -‬مف ابية ٓ‪. ٙ‬‬
‫ٖ) سورة الشعراء‪ -‬ابيتاف ٓ‪. ٙٔ ،ٙ‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪254‬‬

‫نينلا َكنيغاِ ْنا َ عِ َنيي َارِِّّبا َ نيذَني َْ ِْت ِا‬


‫‪ ‬فَ َ‬ ‫مػاذا كػاف رد موسػى ‪.. ‬‬

‫‪)1( ‬‬
‫ماذا كانت النتيجة‬

‫نينكاالَْ ْمنيَ ا َنين ْني َفلَ ََا َ َ نين َنا ُك ُّنيلا‬


‫ََ‬ ‫باِ َع َ‬ ‫‪َ ‬أ َْو َ ْذنيََنيناِ َىلا ُو َ ني ا َِن ْ‬
‫ااضني ِ ْ‬
‫اواو ََْنَْذنيََنينينا ُو َ ني َاوَ ني ْ ا َ َعنينيهُا‬ ‫ت‬‫ِ‬ ‫ني‬ ‫ااْلخ‬ ‫نيناّت‬
‫َْ‬ ‫ني‬‫َ‬‫َ‬‫ف‬‫ْ‬ ‫ل‬
‫َز‬
‫َ‬‫ْ‬ ‫اواو‬ ‫ِ‬
‫ٌ‬ ‫نيذ‬
‫ني‬‫ظ‬‫ِني ٍقاا َكنينينلطْوِداالْع ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ْ‬
‫و ‪.)ٕ(‬‬ ‫ََجَعِ َا‬‫ْ‬
‫فأصػػبحت العصػػا سػػبباً لحفاظ ػػة موسػػى ‪ ‬وقومػػو‪ ،‬وصػػارت ى ػػذه‬
‫العصا سبباً إلحياء الديف ‪.‬‬
‫نيفا َ نيناتَنيأِْ ُ و َناوا‬ ‫ِ‬
‫َنينَُا َنيِج َذاال َنيياثَني ْل َ ُ‬ ‫اِ َ‬ ‫قػاؿ تعػالى ‪َ ‬نيأَلْ َ ا ُو َ ني َ‬
‫با ُو َ ني ني ا‬‫اوار ِّ‬
‫و َ‬
‫ِ‬ ‫نيمَةُا َ ني نينين ِ ِْت َ اوافَني نينينلُواام َ َْني نينيناِ ني نيَ ِّ‬
‫باالْ َعني نينينلَُ َ‬
‫ِ‬
‫َ ني نيأُلْ َياال ِْفني ني َ‬
‫ن ‪ )ٖ( ‬قيؿ كانوا حوالى ستوف ألفاً وآمنت زوجة فرعوف ‪.‬‬ ‫َوَل ُنرو َا‬
‫فعندما نترؾ أموالنا النافعة مثؿ ترؾ العصا بسبب أمر اهلل ‪‬‬
‫ونتحمؿ مشقة أنفسنا مثؿ أخذ العصا ‪ ،‬فكما وعد اهلل ‪ ‬موسى ‪‬‬
‫‪.‬‬
‫ُوىلا‪)ٔ( ‬‬
‫َ‬ ‫ذْ َلنا ِ َنثَني ََناا‬
‫فا َ َُعِ ُ‬
‫اَتَ ْ‬
‫ناو َ‬
‫اخ ْا َل َ‬
‫نل ُ‬
‫فَ َ‬

‫ٔ) سورة الشعراء – ابية ٕ‪ٙ‬‬


‫ٕ) سورة الشعراء – ابيات ٖ‪ٙ٘ : ٙ‬‬
‫ٖ) سورة الشعراء – ابيات ٘ٗ ‪. ٗٛ :‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪255‬‬

‫ال ْل ا َُدلُّ ُ ٌْ ا َِلَ ِاَتَ َنرةٍا‬ ‫ِ‬


‫فاهلل ‪ ‬يوعدنا ‪ ‬تَن اَتنيُّ ََن االْات َ ام َ َُوا َ‬
‫نل ُْو َن ِآت ا َ ِ ِذلا‬ ‫اب اَلِذ ٌٍ اواثُنيوِ َو َن اِنللْ ِه اور ولِِه اوَُت ِ‬ ‫اِ َا ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ََ ُ َ َ‬ ‫ُْ‬ ‫ثُنيَْجذ ُ ٌْ ا ْ َ‬
‫اخْذنيٌ الَ ُ ٌْ اِ ْن ا ُكَْجُ ٌْ اثَني ْعلَ ُُو َن اواتنيَ ْغ ِف ْ ا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫اللْه اِأَ ْ َوال ُ ٌْ َاوَْني ُفِف ُ ٌْ ا َذل ُ ٌْ َ‬
‫اَتجِ ََن اا َْني ََ ُنر َاوَ َِفنكِ َ ا‬ ‫اَت ِي ا ِ ْ َْ‬ ‫ْنت َْا‬‫لَ ُ ٌ اذُ ُو ُ ٌ اوت ْْ ِخ ْل ُ ٌ ا َ ٍ‬
‫ْ َ‬ ‫ْ َ ْ َُ‬
‫ٌَ ا ِ َ ا‬ ‫ْنت اِ ْْ ٍن اذَلِ َ االْ َفوز االْع ِظذٌ اواوُخ ُِ‬ ‫ِ‬
‫ىاَتُّونيَ ََنا َ ْ‬ ‫ْ ُ َ ُ َ َْ‬ ‫سَذَِّ ً ِآت ا َ َ َ‬
‫و ‪.)ٕ(‬‬ ‫تب َاوَ ِّش ِ االْ ُُ ْوِ َِ َا‬ ‫ِ‬
‫اللْه َاوَنيْج ٌَافَ ِ ٌ‬

‫*******‬
‫ٔ) سورة طػو – ابية ٕٔ ‪.‬‬
‫ٕ) سورة الصؼ – ابيات ٓٔ ‪.ٖٔ :‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪256‬‬

‫مزاج الشرع‬
‫لإلنسػػاف فػػي الػػدنيا ‪ ،‬ضػػرورة وحاجػػة ‪ ،‬ولػػو فييػػا شػػيوات ‪ ..‬فالبػػد‬
‫أف ُيدرب نفسو عمي أف يأخذ الحاجة بقدر الضػرورة ‪ ،‬حتػى تُصػب حياتػو‬
‫بسيطة ‪ ،‬فال تممبو شيواتو ‪ ..‬فعف عائشة رضي اهلل عنيػا قالػت ‪ " :‬أوتػي‬
‫رسوؿ اهلل ‪ ‬بقدح فيو لبف وعسؿ ‪ ،‬فقاؿ‪ :‬شػربتيف فػي شػربة وادامػيف فػي‬
‫ي حاجػػة لػػي بػػو ‪ ،‬أمػػا إنػػي ي أزعػػـ أنػػو ح ػراـ ‪ ،‬ولكػػف أك ػره أف‬ ‫قػػدح‬
‫يسألني ربي ‪ ‬عف فضوؿ الدنيا يوـ القيامة ‪ ،‬أتواضع هلل ‪ ،‬فمف تواضػع‬
‫هلل رفعو اهلل ‪ ،‬ومف تكبر وضعو اهلل ‪ ،‬ومف اقتصػد أغنػاه اهلل ‪ ،‬ومػف أكثػر‬
‫ذكر الموت أحبو اهلل " أخرجو الطبراني والبييقي ‪ ( .‬كذا في الترغيب )‬
‫وعف زيد بف أرقـ ‪ ‬قاؿ ‪ :‬كنا مع أبي بكر الصػديؽ ‪ ، ‬فػدعا‬
‫بشراب ‪ ،‬فأتي بماء وعسؿ ‪ ،‬فمما أدناه مف فيو ‪ ،‬بكي ‪ ،‬وبكي حتػى أبكػي‬
‫أصحابو ‪ ،‬فسكتوا وما سكت ‪ ،‬ثـ عػاد فبكػي ‪ ،‬حتػى ظنػوا أنيػـ لػف يقػدروا‬
‫عمي مسألتو ‪ ،‬ثـ مس عينيو ‪ ،‬فقالوا ‪ :‬يا خميفػة رسػوؿ اهلل مػا أبكػاؾ‬
‫قاؿ ‪ :‬كنت مع رسوؿ اهلل ‪ ، ‬فرأيتو يػدفع عػف نفسػو شػيئاً ‪ ،‬ولػـ أر معػو‬
‫أحػػداً ‪ ،‬فقمػػت ‪ :‬يػػا رسػػوؿ اهلل مػػا الػػذي تػػدفع عػػف نفسػػؾ قػػاؿ ‪ " :‬ىػػذه‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪257‬‬

‫الػػدنيا ‪ ،‬مثمػػت لػػي ‪ ،‬فقمػػت ليػػا ‪ :‬إليػػؾ عنػػي ‪ ،‬ثػػـ رجعػػت فقالػػت ‪ :‬إنػػؾ إف‬
‫أفمت مني ‪ ،‬فمف يفمت مني مف بعدؾ " (ٔ)‪.‬‬
‫اهلل جػػؿ جاللػػو فػػت عمػػي الصػػحابة رضػػي اهلل عػػنيـ فػػي زمػػف أميػػر‬
‫الم ػػؤمنيف عم ػػر ب ػػف الخط ػػاب ‪ ، ‬ولم ػػا ج ػػاء الم ػػاؿ أمام ػػو ف ػػي مسػ ػػجد‬
‫الرسػػوؿ ‪ ‬فبك ػػي ويػػروي لن ػػا ذلػػؾ المس ػػور بػػف مخرم ػػو ‪ ‬قػػاؿ ‪ " :‬أُت ػػي‬
‫عمر بف الخطاب ‪ ‬بمنائـ مف غنائـ القادسية ‪ ،‬فجعؿ يتصػفحيا وينظػر‬
‫إلييا وىو يبكي ‪ ،‬ومعو عبد الرحمف بف عوؼ ‪ ‬فقاؿ لو عبػد الػرحمف ‪:‬‬
‫يا أمير المؤمنيف ىذا يوـ فرح ‪ ،‬وىذا يوـ سرور ‪ ،‬قػاؿ ‪ :‬فقػاؿ ‪ :‬أجػؿ ‪،‬‬
‫ولكػف لػـ يػؤت ىػذا قػوـ قػػط إي أورثيػـ العػداوة والبمضػاء " أخرجػو البييقػػي‬
‫(ٕ)‬
‫‪.‬‬ ‫كذا في الكنز‬
‫وقسػػـ عمػػر المػػاؿ وأعػػط كػػؿ واحػػد عطػػاء وكػػاف يعطػػي النػػاس عمػػي‬
‫(ٖ)‪.‬‬
‫سابقتيـ في اإلسالـ وعمي قرابتيـ مف رسوؿ اهلل ‪‬‬
‫ػ‬ ‫وك ػػاف عم ػػر يوص ػػيـ أي يمي ػػروا مس ػػتوي حي ػػاتيـ ف ػػي ( الطع ػػاـ‬
‫والشراب ػ والممبس ػ والمسكف ػ والمركب ) ‪.‬‬

‫ٔ) رواه ابػ ػػف أبػ ػػي الػ ػػدنيا فػ ػػي كتػ ػػاب ذـ الػ ػػدنيا ص ‪ – ٔٙ‬ورواه الحػ ػػاكـ فػ ػػي المسػ ػػتدرؾ‬
‫ٗ‪ٖٜٓٓ/‬‬
‫ٕ) حياة الصحابة – باب الخوؼ عمي بسط الدنيا ٕ‪. ٕٗٗ/‬‬
‫ٖ) انظر كتاب حياة الصحابة رضي اهلل عنيـ – باب اإلنفػاؽ – تػدويف عمػر ‪ ‬الػديواف‬
‫لمعطايا ٕ‪. ٕٖٓ/‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪258‬‬

‫وكػػاف عمػػر ييػػتـ بسػػيرة عمالػػو خػػارج المدينػػة ‪ ..‬ويسػػأؿ عػػف أحػواليـ‬
‫ويقوـ اعوجاجيـ ‪ ..‬فعندما أمر سعد بف أبػي وقػاص ‪ ،‬عمػي‬
‫ويحاسبيـ ُ‬
‫‪ُ ..‬‬
‫حرب العراؽ ‪ ،‬أوصاه ‪ ،‬فقاؿ ‪ :‬يػا سػعد بػف وىيػب ‪ ،‬ي يمرنػؾ مػف اهلل أف‬
‫قيؿ خاؿ رسػوؿ اهلل ‪ ، ‬وصػاحب رسػوؿ اهلل ‪ ، ‬فػخف اهلل ‪ ‬ي يمحػو‬
‫السػػيئ بالسػػيئ ‪ ،‬ولكنػػو يمحػػو السػػيئ بالحسػػف ‪ ،‬فػػخف اهلل لػػيس بينػػو وبػػيف‬
‫أحػػد نسػػب إي طاعتػػو ‪ ،‬فالنػػاس شػػر يفيػػـ ووضػػيعيـ فػػي ذات اهلل سػواء ‪،‬‬
‫اهلل ربيػػـ وىػػـ عبػػادة ‪ ،‬يتفاضػػموف بالعافيػػة ويػػدركوف مػػا عنػػده بالطاعػػة ‪..‬‬
‫فانظر األمر الذي أريػت النبػي ‪ ‬عميػو منػذ بعػث إلػي أف فارقنػا ‪ ،‬فالزمػو‬
‫فخنػػو األمػػر ‪ ..‬وىػػذه عظتػػي إيػػاؾ إف تركتيػػا ورغبػػت عنيػػا ‪ ،‬حػػبط عممػػؾ‬
‫(ٔ)‬
‫‪.‬‬ ‫وكنت مف الخاسريف ‪ ...‬الخ " أخرجو بف جرير‬
‫فسيدنا أبو بكر ‪ : ‬قسـ العطاء عمي أساس حاجات الناس ‪.‬‬
‫وعمر ‪ : ‬قسـ عمي أساس السبؽ في اإلسالـ ‪ ،‬وعمػي قػرابتيـ مػف‬
‫رسوؿ اهلل ‪. ‬‬
‫فق ػػاؿ عم ػػر ‪ : ‬أكتبػ ػوا الن ػػاس عم ػػي من ػػازليـ ‪ :‬فكتبػ ػوا م ػػف أوؿ بن ػػي‬
‫ىاشـ ‪ ،‬ثػـ اتبعػوىـ أبػا بكػر وقومػو ‪ ،‬ثػـ عمػر وقومػو عمػي الخالفػة ‪ ،‬فممػا‬

‫ٔ) حياة الصحابة – باب وصايا الخمفاء ٕ‪. ٔٔٓ/‬‬


‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪259‬‬

‫نظ ػػر في ػػو عم ػػر ق ػػاؿ ‪ :‬وددت واهلل ىك ػػذا ‪ ،‬ولك ػػف اب ػػدءوا بق ارب ػػة النب ػػي ‪‬‬
‫األقرب فاألقرب حتى تضعوا عمر حيث وضعو اهلل (ٔ) ‪.‬‬
‫وأعطػػي أسػػامة بػػف زيػػد رضػػي اهلل عنيمػػا أكثػػر مػػف ابنػػو عبػػد اهلل‬
‫وقاؿ ‪ :‬ىذا حب رسوؿ اهلل ‪.‬‬
‫أمػػا سػػيدنا عثمػػاف بػػف عفػػاف ‪ : ‬قسػػـ المػػاؿ عمػػي أسػػاس ق ػرابتيـ‬
‫منو ‪ ،‬واستعمميـ في شئوف المسمميف ‪.‬‬
‫فالشػػيخاف أبػػو بكػػر وعمػػر رضػػي اهلل عنيمػػا – صػػار بالنػػاس عمػػي‬
‫مزاج الشرع ‪ ( ،‬التضحية ) لقرب عيدىـ بالنبوة ‪.‬‬
‫وأم ػػا عثم ػػاف ب ػػف عف ػػاف س ػػار بالن ػػاس عم ػػي ح ػػدود الش ػػرع ‪ ،‬وذل ػػؾ‬
‫بسبب كثرة الداخميف مف العرب في اإلسالـ ‪.‬‬
‫فيجػػب عمػػي المسػػمـ أف يعػػيش عمػػي حػػدود الشػػرع ‪ ،‬حتػػى يتوصػػؿ‬
‫إل ػػي م ػ ػزاج الش ػػر ‪ ،‬فػ ػػالفتوى ح ػػدود الشػ ػػرع ‪ ،‬والتق ػػوى م ػ ػزاج الشػ ػػرع ‪ ،‬ألف‬
‫اإلنساف لو زاد عف الحدود قد يخرج إلي الحراـ ‪ ،‬فيخسر الدنيا وابخرة ‪.‬‬
‫فالرجؿ الذي يمشي عمي مزاج الشرع ‪ ..‬فػأويده يعيشػوف عمػي حػدود‬
‫الش ػػرع ل ػػو زادت معي ػػـ ال ػػدنيا ‪ ..‬أم ػػا ل ػػو س ػػار عم ػػي ح ػػدود الش ػػرع ف ػػيمكف‬
‫ألويده أف يتع ػػدوا ح ػػدود الش ػػرع ‪ ..‬واهلل ‪ ‬ف ػػي قرآن ػػو يح ػػذرنا أف نتع ػػدى‬

‫ودااللّني ِنيها َنيغَا‬ ‫ِ‬


‫الحػػدود ‪ ،‬فيقػػوؿ سػػبحانو وتعػػالي ‪ :‬قػػاؿ تعػػالى‪  :‬ث ْل ني َ ا ُ ني ُنيْ ُ‬

‫ٔ) المرجع السابؽ ‪.‬‬


‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪261‬‬

‫(ٔ) ‪.‬‬
‫الٌاالظّنلِ ُُو َنا‪‬‬
‫َ ُ‬
‫ثَنيعجَ ُْولناو اتنيجَنيع ّْا ُْودااللّ ِها َأُولَنيِْ‬
‫َْ‬ ‫ْ َ ََ َ َ ُ َ‬
‫ُ‬
‫أمػػا مػزاج الشػػرع فيػػأتي بالتػػدرج ( مػػع المجاىػػدة ) ‪ :‬قػػاؿ تعػػالى‪ :‬‬

‫اِ ِ االْ َعنلَ ُِوا‬ ‫نل َْا َِجَّّنَ ُ ِ ِ ِ ِ‬


‫َا‪‬‬ ‫ناَيَنل ُْالََني ْفِفهاِ ّنااللّهَالَغَِِن َ‬ ‫َوَ ا‬
‫(ٕ)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ََ‬

‫******‬

‫ٔ) سورة البقرة ػ ابية ‪. ٕٕٜ‬‬


‫ٕ) سورة العنكبوت ػ ابية ‪. ٙ‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪260‬‬

‫قةةوة اإليمةةان بالمةو ‪‬‬


‫كيف نتحصل عمي قوة اإليمان ؟‬
‫ج ‪ :‬اليق ػػيف عم ػػي اهلل ‪ ، ‬ووع ػػده ‪ ،‬ووعي ػػده ‪ ،‬ي ي ػػدخؿ القم ػػب إي بعم ػػؿ‬
‫الدعوة إلي اهلل تعالى ( بالمذاكرة الدائمة في صفات اهلل وقدرتو ‪ ..‬فيتكػوف‬
‫الجو اإليماني الذي بو يدخؿ اإليماف واليقيف في القمب عمي اهلل تعالي )‪.‬‬
‫كيف يخرج اليقين الفاسد من القمب عمي األسباب والمسببات ؟‬
‫ج ‪ :‬كما قمنا بالدعوة وكذلؾ التضحية ‪.‬‬
‫كيف نضحي ؟‬
‫ونعطي ػػو األوق ػػات‪،‬‬
‫ج ‪ :‬عن ػػدما نق ػػوـ بي ػػذا العم ػػؿ ونجعم ػػو مقص ػػد حياتن ػػا‪ُ ،‬‬
‫فيػػأتي فػػي الػػدنيا نقػػص األمػواؿ ‪ ،‬واألنفػػس والثمػرات ‪ ..‬وعمػي ىػػذا الػػنقص‬
‫يكػ ػػوف الصػ ػػبر ‪ ..‬وبيػ ػػذه التضػ ػػحية يخػ ػػرج اليقػ ػػيف الفاسػ ػػد مػ ػػف القمػ ػػب ‪..‬‬
‫وبالمذاكرة والدعوة ‪ ،‬يدخؿ اليقيف الصادؽ في القمب ‪.‬‬
‫الصػػحابة رضػػى اهلل عػػنيـ ‪ ،‬لمػػا جعم ػوا ىػػذا الجيػػد مقصػػد حيػػاتيـ ‪،‬‬
‫وكػػانوا يسػػتأذنوف منػػو بعػػض الوقػػت لػػدنياىـ ‪ ،‬فػػاهلل بػػارؾ ليػػـ فػػي أعمػػاليـ‬
‫وأر ازقيػػـ وأوقػػاتيـ ‪ ..‬أحيانػػا اإلنسػػاف يأتيػػو مػػانع ذىنػػي " يخشػػى أف ُيبتمػػي‬
‫بػػالنقص ‪ ،‬وكيػػؼ تُقضػػي حوائجػػو ‪ ..‬وىػػذا مبنػػي عمػػي عػػدـ فيػػـ قػػدرة اهلل‬
‫وعظمتو ‪.‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪262‬‬

‫ف ػػاهلل ‪ ‬أىم ػػؾ النم ػػرود ببع ػػوض أع ػػرج ‪ ،‬وك ػػأف اهلل يس ػػتيزئ بق ػػدرة‬
‫ويظيػػر قوتػػو وقدرتػػو ‪ ..‬واختػػار لحفػػظ الرسػػوؿ ‪ ‬فػػي المػػار ‪،‬‬
‫النمػػرود ‪ُ ،‬‬
‫العنكبوت الضعيؼ ‪.‬‬
‫فاهلل ‪ ‬الذي اختار ىػذه األسػباب البسػيطة ‪ ..‬ألػيس قػادر أف يبػارؾ‬
‫في جيد الداعي القميؿ ‪ ،‬والرزؽ القميؿ‪ ،‬والوقت القميؿ ‪.‬‬
‫فعمينا أف ُنحسف الظف باهلل ‪ .. ‬فالذي يظف أف لػف ينصػره اهلل وأف‬
‫اهلل ي يقضي حوائجو ‪ ..‬فيذا سيء الظف بربو الكريـ ‪.‬‬
‫صػمُ َ يقػػيف اإلنسػػاف بػػاهلل ‪‬‬
‫عنػػدما تػػأتي قػػوة اإليمػػاف فػػي القمػػب ‪َ ،‬ي ْ‬
‫صمُ َ عبادتو ‪ ..‬ومعامالتو ‪ ..‬ومعاشراتو ‪ ..‬وأخالقو ‪.‬‬
‫‪ ..‬وتَ ْ‬
‫وبقوة اإليمػاف ‪ ،‬تتحصػؿ األمػة عمػي معيػة اهلل ‪ ، ‬فتكػوف محفوظػة‬
‫مػػف كيػػد األعػػداء ‪ ..‬ومػػف شػػر حسػػد كػػؿ حاسػػد ‪ ..‬ألف اهلل أقػػوى مػػف كػػؿ‬
‫قوى ‪ ،‬وأقدر مف كؿ قادر ‪ ..‬وكؿ قوي العالـ ي تساوي قػدر العنكبػوت ‪..‬‬
‫وكػػؿ األشػػياء ي تسػػاوي جنػػاح البعوضػػة ‪ ..‬وكػػؿ القػػوى فػػي العػػالـ ‪ ،‬إنمػػا‬

‫ونااللّني ِنيها‬
‫ااَتَ ني ُاواْا ِ ني اد ِ‬
‫ُ‬ ‫ى ػػي بي ػػت العنكب ػػوت ق ػػاؿ تع ػػالي ‪ًَ َ  :‬ني ُنيلاالّني ِنيات َ ّ‬
‫ِ‬ ‫َولِذ ني نينيآاا َكًَُ ني ني ِنيلاالْعَ َ ني ني ِ‬
‫تا نيَْذج ني ني نينً َاوِ ّنا َْوَل ني ني ني َ االُْنيذُ ني نينيوتالََنيْذ ني ني ُ‬
‫نيتا‬ ‫ااَتَني ني ني َا ْ‬
‫نيوت ّ‬ ‫َ ُ‬ ‫َْ َ َ‬
‫كن ُواْاتنيَ ْعلَ ُُونا‪.)ٔ( ‬‬ ‫وتالَ ْوا َ‬ ‫الْعَ َ ِ‬
‫َ ُ‬
‫ٔ) سورة العنكبوت – ابية ٔٗ ‪.‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪263‬‬

‫فالعنكبوت إذا سقط عمي قشر البيض الرقيؽ فػال ينكسػر ‪ ..‬واذا تػأتي‬
‫الحشرات الصميرة فيصطادىا العنكبوت فيفػرح بػذلؾ ‪ ..‬ولكػف عنػدما يػأتي‬
‫فيطيػػر مػػا فػػي‬
‫صػػاحب البيػػت ليسػػكف فيػػو ‪ ،‬فيمسػػؾ بمكنسػػة ييػػوي بيػػا ُ‬
‫البيت مف عناكب ‪.‬‬
‫فرعوف عميو المعنة بني في مصر ‪ ..‬بيت العنكبوت ( بيت الممؾ ) ‪.‬‬
‫وىاماف عميو المعنة بني في مصر ‪ ..‬بيت العنكبوت ( بيت الو ازرة ) ‪.‬‬
‫وقاروف عميو المعنة بني في مصر ‪ ..‬بيت العنكبوت ( بيت الماؿ ) ‪.‬‬
‫ولمػ ػػا قػ ػػاـ موسػ ػػي بالػ ػػدعوة ‪ ..‬وأراد اهلل أف ُيطيػ ػػر مصػ ػػر مػ ػػف بيػ ػػت‬
‫العنكبوت ‪ ،‬ضربيـ اهلل بمكنسة واحدة ‪.‬‬
‫فنػػدعو لكػػؿ النػػاس ي لمعنكبػػوت األصػػفر ‪ ،‬وي األحمػػر ‪ ،‬وي الشػػرقي‬
‫‪ ،‬وي المربي ‪ ..‬بؿ ننظر إلييـ بعيف الشفقة والرحمة ‪ ..‬ونتحػرؾ عمػييـ ‪،.‬‬
‫ونقػػوؿ ليػػـ ‪ :‬يػػا أييػػا النػػاس قولػوا ي إلػػو إي اهلل تفمحػوا ‪ ..‬واذا عػػرفتـ قػػدرة‬
‫اهلل فأسمموا ‪ ..‬واف لـ تعرفػوا قػدرة اهلل فسػتيمكوف ‪ ،‬وي ينجػيكـ مػف عػذاب‬
‫اهلل شيء ‪ ،‬إذا آتاكـ ‪.‬‬
‫وندعو ليػـ باليدايػة ‪ ،‬ونقػوؿ ليػـ نريػد لكػـ الفػالح والنجػاح فػي الػدنيا‬
‫وابخػرة ‪ ..‬نريػد لكػـ الفػالح فػي القبػر والحشػر ‪ ..‬وعنػد ذلػؾ يػزوؿ الباطػػؿ‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪264‬‬

‫نيورااللّ ِنيهاِنيأَ ْني َو ِال َِ ٌْ َاواللّ انيهُا‬ ‫ِ ِ‬


‫ويظير الحؽ ‪ ،‬قاؿ تعػالى ‪  :‬تُِت ُنيْو َنالذُطْفُْنيواْا ُ َ‬
‫(ٔ)‪.‬‬
‫ُجِ ٌّا ُوِرَِ َاولَ ْوا َك ََِاالْ َ ن ُِو َنا‪‬‬
‫التضحية سبباً إل زالة الفتن والمحن ‪:‬‬
‫األمػػة فػػي ىػػذا الوقػػت فػػي فػػتف ومحػػف ‪ ،‬ولنػػا فػػي أبػػي بكػػر األسػػوة‬
‫الحسنة ‪ ..‬فعندما توفي الرسػوؿ ‪ ‬أصػيبت األمػة بػالفتف والمحػف ‪ ،‬وكػاف‬
‫ػاء فػػي حػ ٍ‬
‫ػزف شػػديد ‪ ،‬وفػػي ذلػػؾ تقػػوؿ فاطمػػة (رضػػي اهلل‬ ‫النػػاس رجػػاي ونسػ ً‬
‫عنيا) ‪:‬‬
‫لو صبت عمي األياـ صرف لياليا‬ ‫لقػ ػ ػد صبت عمينا مصػ ػ ػ ػ ػائب‬
‫أي يشـ مدي الزمػ ػ ػ ػ ػ ػ ػاف غواليػ ػ ػ ػا‬ ‫ماذا عمي مف شـ تربة أحمد‬
‫وعف أـ سممو (رضي اهلل عنيا) ‪ ،‬قالت ‪ :‬بينمػا نحػف مجتمعػوف نبكػي‬
‫ل ػػـ ت ػػـ ورس ػػوؿ اهلل ‪ ‬ف ػػي بيوتن ػػا ونح ػػف نتس ػػمى برؤيت ػػو عم ػػي السػ ػرير‪ ،‬إذ‬
‫فػي السػحر ‪ ،‬قالػت أـ سػممة ‪ :‬فصػحنا وصػاح‬ ‫(ٕ)‬ ‫سمعنا صػوت الكػ ارزيف‬
‫أىػػؿ المسػػجد فارتجػػت المدينػػة صػػيحةً واحػػدةً ‪ ،‬وأذف بػػالؿ الفجػػر ‪ ،‬فممػػا‬
‫ذكر النبي ‪ ‬بكي وانتحب ‪ ،‬فزادنا ُحزنػا وعػالج النػاس الػدخوؿ إلػي قبػره‬

‫ٔ) سورة الصؼ – ابية ‪. ٛ‬‬


‫ٕ) جمع كرزف وىي الفأس الكبيرة‪.‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪265‬‬

‫فممػػؽ دونػػو ‪ ،‬فيػػا ليػػا مػػف مصػ ٍ‬


‫ػيبة ‪ ،‬مػػا أصػػبنا بعػػد مصػػيبة إي ىانػػت ‪ ،‬إذ‬
‫ذكرنا مصيبتنا بو ‪.)ٔ( ‬‬
‫وعػػف أنػػس ‪ ‬قػػاؿ ‪ :‬لمػػا كػػاف اليػػوـ الػػذي دخػػؿ فيػػو رسػػوؿ اهلل ‪‬‬
‫المدينة ‪ ،‬أضاء منيا كؿ شيء ‪ ،‬فمما كاف اليوـ الذي مات فيو أظمـ منيػا‬
‫كؿ شيء ‪ ،‬وما نفضنا أيدينا عف التػراب وانػا لفػي دفنػو حتػى أنكرنػا قموبنػا‬
‫" رواه الترمذي(ٕ)‪.‬‬
‫وفػ ػػي ىػ ػػذه األج ػ ػواء المممػ ػػوءة بػ ػػالحزف أمػ ػػتحف اإلسػ ػػالـ ‪ ..‬أش ػ ػرأب‬
‫النفػػاؽ بالمدينػػة ‪ ،‬وارتػػد العػػرب قاطبػػة ‪ ،‬وارتػػدت العجػػـ وأبرقػػت وتواعػػدوا‬
‫نياوند (ٖ) وقالوا ‪ :‬قد مات ىذا الرجؿ الذي كانت العرب تُْنصر بو ‪.‬‬
‫وأصػػب المسػػمموف كػػالمنـ المطي ػرة فػػي الميمػػة الشػػاتية ‪ ،‬لفقػػد نبػػييـ‬
‫‪ ‬وقم ػػتيـ وكثػ ػرة ع ػػدوىـ ‪ ..‬تق ػػوؿ عائش ػػة رض ػػي اهلل عني ػػا ‪ :‬واهلل لق ػػد‬
‫نزؿ بأبي ما لو نزؿ بالجباؿ الراسيات لياضيا وصار أصػحاب محمػد ‪‬‬
‫كػػأنيـ معػػزي مطي ػرة فػػي حػػش فػػي ليمػػة مطي ػرة بػػأرض مسػػبعو فػػو اهلل مػػا‬
‫اختمفوا في نقطة إي طار أبي بخمطيا وعنانيا وفصميا ‪.‬‬

‫ٔ) مختصر السيرة النبوية ألبف كثير ٗ‪ٖٗٔ/‬‬


‫ٕ) مشكاة المصابي ‪ -‬كتاب الفضائؿ والشمائؿ ‪ -‬باب وفاة النبي ‪ٔٙٛٔ/ٖ ‬‬
‫ٖ) أي تواعػػدوا لمتجمػػع بنياونػػد لمػػزو المسػػمميف ‪ :‬ألنيػػـ ظن ػوا أف النص ػرة قػػد ارتفعػػت عػػف‬
‫المسػػمميف بمػػوت نبػػييـ ‪ ‬ولػػـ يعمم ػوا أف النص ػرة فػػي إتبػػاع النبػػي ‪ ‬ولػػو كػػاف شخصػػو‬
‫غائبا‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪266‬‬

‫وشػػاور أبػػو بكػػر الصػػديؽ الصػػحابة رضػػي اهلل عػػنيـ ‪ ..‬فقػػالوا ومػػنيـ‬
‫عمػر ‪ :‬يػػا خميفػػة رسػوؿ اهلل ‪ ‬اتػػرؾ النػػاس يصػموف وي يػػؤدوف الزكػػاة ‪،‬‬
‫فػػخنيـ لػػو قػػد دخػػؿ اإليمػػاف فػػي قمػػوبيـ ألقػػروا بيػػا ‪ ،‬فقػػاؿ أبػػو بكػػر ‪: ‬‬
‫والذي نفسي بيده ألف أقع مف السماء أحب إلي مػف أف أتػرؾ شػيئا قائػؿ‬
‫عميو رسوؿ اهلل ‪ ‬إي أقاتؿ عميو ‪.‬‬
‫وفػػي روايػػة ‪ ،‬قػػاؿ عمػػر‪ :‬يػػا خميفػػة رسػػوؿ اهلل تػػألؼ النػػاس ‪ ،‬وأرفػػؽ‬
‫بيـ ‪ ،‬فخنيـ بمنزلة الوحش‪ ،‬فقاؿ‪ :‬أخرت نصرتؾ وجئتنػي بخػذينؾ‪ ،‬جبػا اًر‬
‫في الجاىمية ‪ ،‬خوا اًر فػي اإلسػالـ ‪ ،‬واهلل ألجاىػدنيـ مػا استمسػؾ السػيؼ‬
‫في يدي واف منعوني عقاي ‪.‬‬
‫وفػػي روايػػة ‪ :‬أجبػػار فػػي الجاىميػػة وخ ػوار فػػي اإلسػػالـ ‪ ،‬إنػػو قػػد انقطػػع‬
‫الوحي وتـ الديف ‪ ،‬أينقص الديف وأف حي ‪.‬‬
‫وفػػي روايػػة فقػػالوا‪ :‬يػػا أبػػا بكػػر ‪ :‬توجػػو ىػػؤيء إلػػي الػػروـ ‪ ،‬وقػػد ارتػػدت‬
‫الع ػػرب ح ػػوؿ المدين ػػة ‪ ،‬فق ػػاؿ ‪ :‬وال ػػذي ي إل ػػو غيػ ػره ل ػػو ج ػػرت الك ػػالب‬
‫بأرج ػػؿ أزواج النب ػػي ‪ ‬م ػػا رددت جيش ػػا وج ػػو رس ػػوؿ اهلل ‪ ، ‬وي حمم ػػت‬
‫لواء عقده رسوؿ اهلل ‪. ‬‬
‫وفػػي روايػػة قػػاؿ‪ :‬أن ػػا أحػػبس جيشػػا بعث ػػو رسػػوؿ اهلل ‪ ‬لقػػد اجتػ ػرأت‬
‫عمػػي أمػػر عظػػيـ والػػذي نفسػػي بيػػده ألف تميػػؿ عمػػي العػػرب أحػػب إلػػي‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪267‬‬

‫مف أف أحبس جيشا بعثة رسػوؿ اهلل ‪ ، ‬امػض يػا أسػامة فػي جيشػؾ‬
‫لموجو الذي أمرت بو ‪.‬‬
‫وفػػي روايػػة قػػاؿ ‪ :‬والػػذي نفسػػي أبػػي بكػػر بيػػده لػػو ظننػػت أف السػػباع‬
‫تخطفني ‪ ،‬ألنفذت بعث أسامة ‪ ،‬كما أمر بػو رسػوؿ اهلل ‪ ، ‬ولػو لػـ يبػؽ‬
‫في القرى غير ألنفذتو ‪.‬‬
‫كػاف الصػػديؽ صػػاحب عاطفػة صػػحيحة صػػادقة ‪ ،‬ألنػو تربػػي عمػػي يػػد‬
‫النب ػػي ‪ ، ‬وش ػػرب م ػػف معين ػػة ‪ ..‬فوج ػػو أس ػػامة ‪ ‬إل ػػي ال ػػروـ كم ػػا أم ػػر‬
‫النبػػي ‪ ، ‬مػػع مخالفػػة كػػؿ األحػواؿ الظاىريػػة مػػف أجػػؿ طاعػػة رسػػوؿ اهلل‬
‫‪ ‬ف ػػي بعث ػػة ج ػػيش أس ػػامة ‪ ،‬فجع ػػؿ ج ػػيش أس ػػامة ي يم ػػر بقبي ػػؿ يري ػػدوف‬
‫ايرتداد قالوا ‪ :‬لو أف ليػؤيء قػوة مػا خػرج مثػؿ ىػؤيء مػف عنػدىـ ‪ ،‬ولكػف‬
‫نػػدعيـ حتػػى يمق ػوا الػػروـ ‪ ،‬فمق ػوا الػػروـ فيزمػػوىـ وقتمػػوىـ ورجع ػوا سػػالميف‬
‫فثبتوا عمي اإلسالـ ‪.‬‬
‫وىـ في طػريقيـ إلػي الػروـ كانػت األرض تطػوى ليػـ حتػى ظػف الػروـ‬
‫أنػػو لػػيس بجػػيش واحػػد ‪ ..‬فقػػذؼ اهلل الرعػػب فػػي قمػػب قيصػػر وأصػػحابو ‪،‬‬
‫ورجع ػػت القبائ ػػؿ الت ػػي ارت ػػدت إل ػػي اإلس ػػالـ وت ػػابوا ‪ ..‬وذل ػػؾ عن ػػدما كان ػػت‬
‫التضػ ػػحية لحفػ ػػظ الػ ػػديف مػ ػػع إتبػ ػػاع النبػ ػػي ‪ .. ‬وقػ ػػدمت مصػ ػػمحة الػ ػػديف‬
‫والػػدعوة ‪ ،‬عمػػي نسػػاء النبػػي ‪ ، ‬فػػاهلل ‪ ‬حفػػظ نسػػاء النبػػي ‪ ‬ونصػػر‬
‫أحبابو وأوليائو ‪.‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪268‬‬

‫وفػػي ىػػذا درس كبيػػر لألمػػة إلػػي قيػػاـ السػػاعة ‪ ،‬وىػػو أف النصػػر فػػي‬
‫(ٔ)‬
‫‪.‬‬ ‫إتباع أمر اهلل مع سنة نبيو ‪ ‬وأف اليزيمة والخيبة في مخالفتيا‬

‫******‬

‫ٔ) م ػ ػػف بي ػ ػػاف الش ػ ػػيخ محم ػ ػػد عم ػ ػػر ا لب ػ ػػالبوري بع ػ ػػد المم ػ ػػري ف ػ ػػي إجتم ػ ػػاع ب ػ ػػنجالديش‬
‫٘ٔ‪. ٜٔٛٛ/ٔ/‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪269‬‬

‫إقبال القمب عمي اهلل تعالي‬

‫كيف يكون القمب مقبالً عمي اهلل تعالي ؟‬


‫ج ‪ :‬ابف الع ػػالـ كم ػػو يش ػػتكي معيش ػػة ض ػػنكا ‪ ،‬ويتطم ػػع إل ػػي األم ػػف‬
‫والسالـ ‪ ،‬ولكف يمر بأحواؿ مضطربة جػداً ي أمػف وي سػالـ ‪ ،‬واألعػراض‬
‫منتيكة ‪ ..‬وكذلؾ األمواؿ والنفوس ‪ ،‬ولماذا ذلؾ مػع وجػود الرغبػة لتحقيػؽ‬
‫األمػػف فػػي العػػالـ ‪ ..‬كػػؿ الحكػػاـ يريػػدوف أف ي يشػػوش المحكػػوميف األمػػف‬
‫في العالـ ‪ ،‬وكذلؾ المحكوميف يحبػوف ال ارحػة ‪ ..‬ومػع ىػذه الرغبػة الشػديدة‬

‫‪:‬‬ ‫نجد العالـ شرقاً وغرباً يتطمع لألمف ولـ يتحقؽ ذلػؾ ألف اهلل تعػالي فنينل‬
‫‪ ‬الّني ني ِنيات َ ام َ َُ ني نيواْ َاوََلْاتنيَ ْلِ ُِفني ني َنيواْاِّينيَ نينين نيَ َُ ٌْاِظُْل ني ني ٌٍا ُْولَني نينيَِْ َ ا َبنيُني ُنيٌاا ْ ني ني ُ َاوُلني ني ْنيٌا‬
‫ن ‪ )ٔ( ‬والظمـ ىو الشرؾ ‪.‬‬ ‫ّ َْجَ ُْو َا‬
‫واألمػػف ي يتحقػػؽ فػػي البيػػت‪ ،‬وخػػارج البيػػت ‪ ،‬فػػي الفػػرد والمجتمػػع ‪..‬‬
‫إي باإليماف ‪.‬‬
‫وابف نػ ػ ػػري العػ ػ ػػالـ كػ ػ ػػؿ يػ ػ ػػوـ ‪ ،‬يمػ ػ ػػر بالمصػ ػ ػػائب ‪ ..‬والح ػ ػ ػوادث ‪..‬‬
‫واإلض ػرابات ‪ ..‬والنكبػػات ‪ ..‬والػػزيزؿ والفيضػػانات‪ ..‬وىػػذه كميػػا مصػػائب‬
‫دنيوية‪ ،‬والتي تُصيب اإلنساف بعد المػوت أشػد منيػا ‪ ..‬فػخذا مػات اإلنسػاف‬

‫ٔ) سورة األنعاـ – ابية ٕ‪. ٛ‬‬


‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪271‬‬

‫وقمبو ليس مقبالً عمي اهلل تعالي ‪ ،‬تمدغو الحيات والعقارب ‪ ،‬ويتحػوؿ قبػره‬
‫نار إلي يوـ القيامة ‪ ..‬ويوـ القيامػة فػي ميػداف الحشػر تقتػرب الشػمس مػف‬
‫الػػرؤوس ويمجم ػػو العػػرؽ إلجام ػػا‪ ،‬ويأخػػذ كتاب ػػو بشػػمالو ‪ ،‬ويخ ػػؼ مي ازن ػػو ‪،‬‬
‫ويطػػرد مػػف عمػػي حػػوض النبػػي ‪ ، ‬وعنػػدما يمػػر عمػػي الص ػراط تخطفػػو‬
‫الكالليب فيقع في نار جينـ ‪ ..‬وفي جينـ ظممػات بعضػيا فػوؽ بعػض ‪..‬‬
‫ػب ِل َؿ عمػي اهلل تعػالي‬
‫وينادي وي أحد يجيبو ‪ ..‬وكؿ ىذا ألف قمبو غيػر م ْق ِ‬
‫ُ‬
‫‪ ..‬ففس ػػدت أعمال ػػو وبفس ػػاد األعم ػػاؿ فس ػػدت األحػ ػواؿ ‪ ...‬ولي ػػذا ‪ ..‬ك ػػاف‬
‫النبي ‪ ‬دائـ الفكرة ‪ ،‬متواصؿ األحزاف ‪ ،‬ليس لو راحة ‪.‬‬
‫المنيج الذي بو تكوف قموبنا متوجية إلي اهلل تعالي يقوـ عمي أمريف‪:‬‬
‫ٔ) أف تكوف البيئة إيمانية ‪ :‬فيسيؿ عمي القموب أف تتوجو إلي اهلل تعالي‪.‬‬

‫ٕ) الطمب الصادؽ ‪ :‬فبمير الطمب لـ ينؿ أبو جيؿ اليداية ‪.‬‬

‫******‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪270‬‬

‫قبول األعمال بالصفات‬

‫يجب أن تكون ىذه الصفات في كل عمل‪:‬‬


‫ٔ) اليقةةين الصةةحيح‪ :‬اليقػػيف عمػػي وعػػد اهلل ووعيػػده ‪ .‬وكػػذلؾ إخ ػراج يقػػيف‬
‫المخموقات مف القمب ثـ إدخاؿ يقيف الخالؽ في القمب ‪.‬‬
‫كيف ندخل اليقين في القمب ؟‬
‫ج ‪ :‬اهلل ي يػ ػػري‪ ،‬وي نشػ ػػاىده ألنػ ػػو غيػ ػػب‪ ،‬والمميبػ ػػات تركػ ػػز فػ ػػي القمػ ػػب‬
‫بالمػػذاكرة فػػي صػػفاتو وقدرتػػو‪ ،‬وكيػػؼ بطشػػو وعذابػػو لألمػػـ السػػابقة‪ ،‬وكيػػؼ‬
‫نصرتو لألنبياء وأتباعيـ ‪ ،‬وكيػؼ خمػؽ اهلل ‪ ‬المالئكػة ‪ ..‬وكيػؼ قػدرتيـ‬
‫وقوتيـ ‪ ..‬وكيفية أشكاليـ‬
‫وبيػػذه المػػذاكرة تتكػػوف بيئػػة الػػدعوة ‪ ..‬وببيئػػة الػػدعوة ‪ ،‬يقػػوي اإليمػػاف‬
‫في القمب ‪ ،‬ويدخؿ اليقيف عمي اهلل في القمب ‪.‬‬
‫وكيؼ نخرج يقيف المخموؽ مف القمب‬
‫ج ‪ :‬فكػػؿ ىػػذه األشػػياء واألسػػباب نشػػاىدىا ‪ ..‬فخخراجيػػا بالتضػػحية بيػػا ‪،‬‬
‫لتكويف بيئة الدعوة في العالـ ‪ ..‬وبقدر ترؾ ىػذه األشػياء يخػرج مػف القمػب‬
‫اليقيف عمييا ‪.‬‬
‫ٕ) العاطفة الصحية‪ :‬وىي لحصوؿ األجر مف اهلل ‪ ، ‬وأف اهلل يكػافئني‬
‫عميػػو ‪ ،‬وتسػػمي ايحتسػػاب ففػػي الحػػديث‪ " :‬مػػف صػػاـ رمضػػاف إيمانػػا‬
‫واحتس ػػابا ‪ ،‬غف ػػر ل ػػو م ػػا تق ػػدـ م ػػف ذنب ػػو "‪ ..‬وبي ػػذه الص ػػفة اإلنس ػػانية‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪272‬‬

‫يعمػػؿ العمػػؿ بالشػػوؽ والرغبػػة ‪ ..‬وىػػذه العاطفػػة تنشػػأ بمػػذاكرة الفضػػائؿ‬


‫في حمقة التعميـ في المسجد‪ ،‬وحمقة التعميـ في البيت‪.‬‬
‫ٖ) الطريق الصحيح ‪ :‬أي عمؿ نعمؿ‪ ،‬نعممو بطريقة الرسوؿ ‪. ‬‬
‫معناه ‪ :‬أف نتعمـ عمـ المسائؿ‪ ..‬عمـ الحالؿ والحراـ ‪.‬‬
‫لكف في زمف الخروج ي نتػدخؿ فػي المسػائؿ الفقييػة ‪ ،‬ولػيس معػي‬
‫ذلػػؾ أننػػا ي نػػتعمـ المسػػائؿ الفقييػػة‪ ..‬ولكػػف ي نػػتكمـ فػػي الخالفػػات الفقييػػة‬
‫حتى ي تختمؼ القموب‪ ..‬وعمـ المسػائؿ نأخػذه مػف العممػاء ‪ ..‬كممػا يحػدث‬
‫لنا أمر نراجع العمماء ‪.‬‬
‫ٗ) التوجةةو الصةةحيح ‪ :‬وىػػي صػػفة اإلحسػػاف ‪ ،‬ففػػي الحػػديث ‪ " :‬أعبػػد اهلل‬
‫كأنؾ تراه فخف لـ تكف تراه فخنو يراؾ "‪.‬‬
‫وكيؼ نتحصؿ عمييا‬
‫ج ‪ -ٔ :‬أوؿ شيء ننشئيا في الصالة ‪.‬‬
‫ٕ‪ -‬المداومة عمي األذكار المسنونة واألدعية المأثورة ‪.‬‬
‫* وىناؾ شيئاف ‪:‬‬
‫ٕ) دعاء األدعية ‪.‬‬ ‫ٔ) قراءة األدعية‪.‬‬
‫وقراءة األدعية تكوف عمي صيمة الدعاء فنتحصػؿ بيػا عمػي صػفة‬
‫اإلحساف ‪ ،‬والذكر لو صور مختمفة‪.‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪273‬‬

‫فمثالً ‪ :‬فاإلنساف عندما يري زوجتو وىي تحمب الجػاموس فيوجيػا إلػي اهلل‬
‫فيقػػوؿ ‪ :‬مػػا شػػاء اهلل ‪ ،‬الجػػاموس تأكػػؿ الحشػػيش األخضػػر ‪ ،‬ومنػػو الػػروث‬
‫والدـ ‪ ،‬ومف بينيما لبنا خالصا مف صنعة اهلل ‪. ‬‬
‫وعندما يري األويد ‪ ،‬يقوؿ ‪ :‬سبحاف اهلل ىذا شكمو كػذا وىػذا شػكمو‬
‫إنػػو اهلل (‪ )‬‬ ‫كذا ‪ ،‬لكؿ واحد صورة مختمفة ‪ ..‬مف الذي فعؿ ذلػؾ‬
‫ِ‬
‫ال ني َنيواالْ َع ِت ني ني ُ ا‬ ‫َني ني ّنيوُرُك ٌْ ِآتاا ْر َ ني ِنينما َكْذ ني َ‬
‫نيفاتَ َشني نينيآاُا َاِلَ نينيَهَاِ ّ ُ‬ ‫ُل ني َنيواالّ نينياياتُ َ‬
‫ا َْ ِذٌ ‪.)ٔ( ‬‬

‫وعنػ ػػدما يػ ػػري الفاكيػ ػػة ‪ ،‬يقػ ػػوؿ ‪ :‬مػ ػػا شػ ػػاء اهلل ‪ ،‬طعمػ ػػو مختمػ ػػؼ ‪،‬‬
‫ولونو مختمؼ ‪ ،‬ويسقي ٍ‬
‫بماء واحد ‪ ،‬ألف الذي صنعو إلو واحد اهلل(‪.)‬‬ ‫ُ‬
‫فػػخذا كانػػت فيػػو ىػػذه الصػػفة فيػػري األشػػياء ويػػذكر اهلل ‪ ، ‬واف لػػـ‬
‫تكف ىذه الصفة فيو يدخؿ في الصالة ويذكر األشياء ‪.‬‬
‫‪ )5‬اإلخالص ( النية الصحيحة ) ‪:‬‬
‫نعمػ ػػؿ العمػ ػػؿ ابتمػ ػػاء مرضػ ػػاه اهلل ‪ ... ‬فػ ػػخف العمػ ػػؿ ميمػ ػػا كػ ػػاف‬
‫عظيمػػا ولكػػف خاليػػا مػػف اإلخػػالص ‪ ،‬فخنػػو يػػرد عمػػي صػػاحبو ‪ ،‬ويقػػذؼ بػػو‬
‫في نار جينـ مثؿ ( العالـ ػ الجواد المنفؽ ػ الشجاع ) ‪.‬‬

‫ٔ) سورة آؿ عمراف – ابية ‪. ٙ‬‬


‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪274‬‬

‫كيف نتحصل اإلخالص ؟‬


‫ج‪ :‬بتضحية األمواؿ ‪ ،‬والعواطؼ النفسانية ‪ ،‬والشيوانية ‪.‬‬
‫أي عم ػػؿ يك ػػوف متص ػػؼ بي ػػذه الص ػػفات الخم ػػس يك ػػوف ل ػػو ت ػػأثير‬
‫وقبػػوؿ ‪ ..‬فػػخذا اتصػػفنا بيػػا فػػي الصػػالة ‪ ..‬فالصػػالة تكػػوف فييػػا الػػروح ‪..‬‬
‫واذا اتصفنا بيا في الزواج ‪ ..‬يكوف المني ‪.‬‬

‫******‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪275‬‬

‫عقبات الداعي‬

‫تاَتْني ِنيْت ُ ٌْا‬ ‫ِ ٍ‬


‫َصنينين َ ُ ٌْا ّ ني ا َّنينيذَ ا َِ َُنينينا َك َِف نيَ ْ‬
‫َوَ نينيآا َ‬ ‫قػػاؿ تعػػالى‪:‬‬
‫(ٔ)‪.‬‬
‫ا َكًِ ٍا‬
‫ن‪‬‬ ‫اِ‬
‫َوتنيَ ْع ُفواْ َ‬
‫خمؽ اهلل ‪ ‬ىذا اإلنساف‪ ،‬وحممو عمي عاتقػو أمانػة الػديف ‪ ..‬ومقابػؿ‬
‫ذلؾ سخر لو جميع الكائنات الظاىرية والميبية ‪.‬‬
‫فخذا لـ يطبؽ األوامر تأتي عميو المشاؽ والمتاعب والمصائب‪.‬‬
‫فكػػؿ إنسػػاف يقػػوؿ أنػػا مػػؤمف ‪ ،‬أنػػا أجتيػػد لمػػديف ‪ ،‬فػػاهلل ‪ ‬ينػػزؿ عميػػو‬
‫األحواؿ مف السماء التي فييا المشاؽ والمصائب ‪.‬‬
‫فالمتػػديف الصػػادؽ لػػو المشػػقات والمصػػائب ثػػـ ال ارحػػة ‪ ،‬عمػػي عكػػس‬
‫غي ػػر المت ػػديف ي ػػوف ف ػػي ال ارح ػػة ث ػػـ ت ػػأتي عمي ػػو المش ػػقات ‪ ،‬مث ػػؿ فرع ػػوف ‪:‬‬

‫ََ َاوَلنيَ ِاَِاا ْني ََ ُنرا‬ ‫ِ‬ ‫نلاتني وِ‬ ‫‪‬وَندىا ِ ِو ُن ِآتافَنيوِ ِ‬
‫س ِاِلا ُ ْل ُ ا ْ‬
‫َ‬ ‫ذ‬
‫ْ‬‫َ‬‫ل‬‫َ‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫ا‬ ‫ه‬ ‫ْ‬ ‫َ َ َ ْ َْ‬
‫ن‪. )ٕ( ‬في البداية كاف في الراحة ‪ ،‬ولكف فػي‬ ‫َ ُو َا‬‫اَت ِِتاََغَاثُني ِ‬‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َْاَت ِيا ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫النياية جاءت عميو المشقات والمصائب ‪.‬ا‬
‫األنبي ػػاء عم ػػييـ الس ػػالـ وأتب ػػاعيـ ج ػػاءت عم ػػييـ األحػ ػواؿ والمش ػػقات‬
‫والمصػائب وايبػػتالءات فػي الػػدنيا‪ ،‬أوذوا بالضػرب والجػػوع والقتػؿ والخػػوؼ‬

‫ٔ) سورة الشورى – ابية‪.‬‬


‫ٕ) سورة الزخرؼ ‪ -‬ابية ٔ٘‪.‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪276‬‬

‫والفقػػر وتػػرؾ الػػديار واألىػػؿ فصػػبروا وتحمم ػوا واسػػتمروا فػػي دعػػوتيـ رغػػـ‬
‫ػع ا ْل ُع ْس ػ ِػر‬ ‫ِ‬
‫األحػ ػواؿ فج ػػاءت نصػ ػرة اهلل ‪ ‬لي ػػـ‪ ،‬كم ػػا ق ػػاؿ تع ػػالى‪  :‬إ ّف َم ػ َ‬
‫(ٔ)‬
‫ُي ْس اًر)‬
‫ف ػػأجري اهلل ‪ ‬عم ػػييـ األحػ ػواؿ الطيب ػػة بداي ػػة م ػػف ال ػػدنيا لي ػػروا ثم ػػار‬

‫اصنينين ِ نًا ّ ني اذَ َكني ٍ ا َْوا ُْنيًَني َ َاوُلني َنيوا ُني ْنيوِ ٌ ا‬ ‫جيػػدىـ‪ ،‬قػػاؿ تعػػالى‪  :‬ني ِ‬
‫اُِني َنيل َ‬
‫َْ َ‬
‫(ٕ)‬
‫ن‪‬‬ ‫َنيلََُ ْمذِذَنيَّهُا َ ذَن ًةاسَذَّ ً َاولَََ ْج ِتنيََّني َُ ٌْاَ ْ َ ُلٌاِأَ ْ َِف ِ ا َ نينا َكنين ُواْاتنيَ ْع َُلُنيو َا‬
‫‪ ،.‬وكذلؾ الحياة الطيبة في البرزخ وابخرة‪.‬‬
‫النصرة بعد البالء‪:‬‬
‫ِ‬
‫نيناوُلني ْنيٌا َا‬
‫نينساَناتنيُْجنيَُكني َنيواْاَناتنيَ ُولُني َنيواْام َ َّني َ‬ ‫قػػاؿ تعػػالى‪ِ َ َ  :‬فني َ‬
‫نيباالَّني ُ‬
‫ن‪.)ٖ( ‬‬
‫تنيُ ْفجَنيَُو َا‬
‫قػػاؿ تعػػالى‪َ  :‬ولََ ني ْْا َنيجَنيَّنينيناالّني ِنيات َ ا ِ ني افَني نيْلِ َِ ٌْا َنيلَ نيذَني ْعلَ َُ ّ االلّنينيهُاالّني ِنيات َ ا‬
‫(ٗ) ‪.‬‬
‫و‪‬‬ ‫ص َْفُواْا َولَذَني ْعلَ َُ ّ االْ َ ِنذِ َا‬
‫َ‬

‫ٔ) سورة الشرح ‪ -‬ابية ‪.ٙ‬‬


‫ٕ) سورة النحؿ ‪ -‬ابية ‪.ٜٚ‬‬
‫ٖ) سورة العنكبوت – ابية ٕ ‪.‬‬
‫ٗ) سورة العنكبوت ‪ -‬ابية ٖ‪.‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪277‬‬

‫الذي يقول أنا متدين‪ ،‬فمباشرة يأتيو االبتالء‪:‬‬

‫نيصا ّ ني َ ا‬ ‫اَُنيوَِث َاونيَ ْ ني ٍ‬ ‫ااْلنيَنيو ْ َاو ْ‬ ‫قػػاؿ تعػػالى‪َ  :‬ولَََْنيلُني َنيوّ ُ ٌْاِ َشني ْنيي ٍاا ّ ني َ ْ‬
‫االَن ِ ِت َا‪‬‬ ‫ِ‬ ‫ا َ َو ِال َاوا ُف ِ‬
‫س َاوالًّ ََُات َاوَ ّش ِ ّ‬
‫(ٔ) ‪.‬‬

‫وقػاؿ تعػالى‪  :‬الّني ِنيات اِ َذماَصنين نيْجنيٌَا ِ‬


‫َنينيذَ ٌافَنينلُواْاِّنيناللّني ِنيه َاوِ نيّنيآاِلَْذني ِنيها‬ ‫ََُ ّ‬ ‫َ‬
‫(ٕ) ‪.‬‬
‫ن‪‬‬‫َرا ِ عو َا‬
‫إذا صبر المؤمن وثبت‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اتا ّ ّارّ ْنيٌ َاوَر ْْحَني ٌ َاوُولَنيَْ َ ُ‬
‫ال ُنيٌا‬ ‫اِلَْذ َِ ٌْ َ‬
‫اصلَ َو ٌ‬ ‫ُولَنيَْ َ َ‬ ‫قاؿ تعالى‪ :‬‬
‫(ٖ) ‪.‬‬
‫ن‪‬‬
‫الْ ُُ َْجَ ُْو َا‬
‫فالداعي يبد لو مف ايبتالء وبدوف األحواؿ وايبتالء ي يترقى ‪.‬‬
‫الداعي يعتريو أربع عقبات ‪:‬‬
‫‪ -1‬عقبة االستدبار( نقص الدنيا )‪:‬‬
‫الػػداعي عنػػدما يجتيػػد ويضػػحي مػػف أجػػؿ الػػدعوة ‪ ،‬فيأتيػػو ايسػػتدبار‬
‫أي نقص الدنيا فػي الز ارعػة ‪،‬فػي التجػارة ‪ ،‬يمػوت لػو أحػد أقاربػو ( ولػد ‪..‬‬

‫ٔ) سورة البقرة ‪ -‬ابية ٘٘ٔ‪.‬‬


‫ٕ) سورة‪ :‬البقرة ‪ -‬ابية‪. ٔ٘ٙ :‬‬
‫ٖ) سورة البقرة ‪ -‬ابية‪.ٔ٘ٚ :‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪278‬‬

‫زوجة ‪ ..‬والد ‪ ..‬والػدة ) ‪ ،‬يجػد كػؿ النػاس معػا إخوانػو ‪ ،‬أعمامػو ‪ ،‬أخوالػو‬
‫‪ ،‬أحبابو ‪ُ ،‬يظيروف لو الكره‪ ،‬وينفروف عنو‪.‬‬
‫أو يرجع مف الخروج فيجد نفسو قد طرد مف العمؿ أو يقؿ راتبػو‪ ،‬أي‬
‫كؿ األحواؿ مخالفة لو‪.‬‬
‫فماذا يفعل الداعي؟‬

‫قاؿ تعالى‪  :‬تَأَتنيّ ََناالّ ِات َ ام َ َُني َنيواْاِذَاالَِ ذنيجُ ٌْا َِْني ًا َنينثْنيُجُواْ َاواذْ ُكني ُواْااللّنيهَاا‬
‫ن‪ )ٔ( ‬فػ ػػاثبتوا ‪:‬أي يثبػ ػػت اإلنسػ ػػاف عمػ ػػي األعمػ ػػاؿ‬ ‫َكًِني نيناًالّ َعلّ ُ ني ْنيٌاثُني ْفلَ ُم نينيو َا‬
‫الصالحة‪.‬‬
‫لػػذلؾ يبػػد مػػف الصػػبر أمػػاـ ىػػذه األح ػواؿ فػػال يتػػرؾ الػػداعي الػػدعوة‬
‫وعمي ػػو المج ػػوء إل ػػى اهلل ويتض ػػرع إلي ػػو بالص ػػالة وي ػػدعوه بالثب ػػات والعزيم ػػة‬
‫والممفرة " الميـ إني أسألؾ موجبػات رحمتػؾ وعػزائـ ممفرتػؾ والسػالمة مػف‬
‫كػػؿ إثػػـ والمنيمػػة مػػف كػػؿ بػػر والفػػوز بالجنػػة والنجػػاة مػػف النػػار "‪ .‬وعمػػى‬
‫الداعي أيضا أف يالزـ أىؿ الدعوة ‪ ،‬وي يفعػؿ شػيء إي بالشػورى ‪ ،‬ويبعػد‬
‫عف أىؿ الدنيا ويشكر اهلل ‪‬عمى كؿ حاؿ ‪ ،‬ويتيقف عمى أنو ما قػدره اهلل‬
‫‪ ‬لو سػيكوف ‪ ،‬وأف وراء ايبػتالء الترقيػة والرحمػة ورفػع الػدرجات وتكفيػر‬
‫الذنوب ‪.‬‬

‫ٔ) سورة األنفاؿ ‪ -‬ابية ٘ٗ ‪.‬‬


‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪279‬‬

‫وعمػػى الػػداعي أيضػػا أف يعػػرض حالػػو عمػػى أىػػؿ الػػدعوة ويسػػمـ نفسػػو‬
‫لممشورة ويكثر مف الدعاء والبكاء أماـ اهلل سبحانو وتعالى ‪.‬‬
‫فالثبات عمي الدعاء والتضرع والذكر والصالة والجولػة والزيػارات ىػو‬
‫ُسمـ الترقية ‪ ،‬مثؿ إبراىيـ ‪ ‬حينما ثبت وصبر عمي ايبػتالء ( باإللقػاء‬
‫فػ ػػي النػ ػػار ‪ ..‬وتػ ػػرؾ زوجتػ ػػو وابنػ ػػو فػ ػػي و ٍاد غيػ ػػر ذي ذرع ‪..‬وذب ػ ػ ابنػ ػػو )‬
‫فبفضؿ ىذا الصبر ًّ‬
‫مف اهلل عمي البشرية ببعثة الرسػوؿ ‪ ‬وأمتػو‪ ،‬وفػرض‬
‫اء لصبر إبراىيـ وىاجر عمييما السالـ ‪.‬‬
‫الحج‪ ،‬جز ً‬
‫ات ا ّ ّارِّ ٌْ َاوَر ْْحَ ٌا‬ ‫اِلَْذ َِ ٌْ َ‬
‫اصلَ َو ٌ‬
‫ِ‬
‫فتكوف النتيجة والثمرة‪ُ :‬ولَنيَْ َ َ‬
‫ِ‬
‫ن‪‬‬ ‫َوُولَنيَْ َ ُ‬
‫ال ٌُاالْ ُُ َْجَ ُْو َا‬
‫(ٔ)‬

‫‪ - 2‬عقبة االستقبال ‪:‬‬


‫أي أف الػ ػػدنيا تفػ ػػت عمػ ػػى الػ ػػداعي ‪ ،‬بالمػ ػػاؿ ‪ ،‬بالمنصػ ػػب ‪ ،‬فعنػ ػػدما‬
‫يرجػػع الػػداعي مػػف الخػػروج‪ ،‬يجػػد اإلك ػراـ والحفػػاوة حولػػو ‪ ،‬يجػػد العػػالوات‬
‫والترقي ػػات ف ػػي العم ػػؿ ‪ ،‬يج ػػد العػ ػزة فػ ػػي البي ػػت وخ ػػارج البي ػػت‪ ،‬يج ػػد كػ ػػؿ‬
‫األحواؿ مناسبة ‪ ..‬وىػذا ابػتالء مػف اهلل سػبحانو وتعػالى ىػؿ يثبػت الػداعي‬
‫أـ يتػػرؾ ال ػػدعوة وينش ػػمؿ بال ػػدنيا وايس ػػتقباؿ أص ػػعب م ػػف ايس ػػتدبار‪ ،‬ألف‬
‫حالػة ايسػتدبار واضػحة عمػي عكػس حالػة ايسػتقباؿ غيػر واضػحة ‪ ،‬فييػا‬
‫ايسػػتدراج ‪ ،‬فأحيانػػا الػػداعي عنػػدما يجػػد حالػػة ايسػػتقباؿ يفػػرح وينسػػي أنػػو‬

‫ٔ) سورة البقرة ‪ -‬ابية ‪.ٔ٘ٚ‬‬


‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪281‬‬

‫ابػ ػػتالء مػ ػػف اهلل ‪ .. ‬فػ ػػخذا جػ ػػاء فػ ػػي قمبػ ػػو ذلػ ػػؾ الشػ ػػيء‪ ،‬كحػ ػػب الجػ ػػاه‬
‫ػالء مػف حالػة ايسػتدبار ‪،‬‬
‫والمنصب فيحرـ مػف العمػؿ ‪ ،‬فايسػتقباؿ أش ُػد ب ً‬
‫فننظ ػػر ف ػػي ح ػػاؿ ايس ػػتقباؿ إل ػػي نب ػػي اهلل س ػػميماف ‪ ، ‬حينم ػػا أت ػػاه اهلل‬

‫ض ِنيل َارِّّبالِذَْنيلُ َنيوِِنَاََ ْ ني ُ ُ ا َْماَ ْك ُفني ُ َاوَ ني ا‬


‫اَ ْ‬ ‫عرش بمقيس قاؿ‪َ  :‬لنيََااا ِ ني‬
‫ك ِ اٌ‪‬‬ ‫ِنا َ‬‫اا َك َفَ ا َِج ّن َارِّّبا َْ ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬
‫َ َ َ ا َجَّّنَناتَ ْش ُ ُ الََني ْفِفه َاوَ‬
‫(ٔ)‪.‬‬
‫ّ‬
‫فاإلعجاب بالشيء خطر عظيـ عمي الداعي ‪ ،‬يجعمػو يفػرح بمػا حولػو‬
‫مػػف الع ػزة والجػػاه ‪ ،‬فيحجػػب مثػػؿ الصػػوفي فيػػو اإلعجػػاب بالبػػاطف وينظػػر‬
‫إلػػي كػػؿ م ػػف حولػػو عمػػي أن ػػو غافػػؿ ‪ ،‬والعػػالـ يعج ػػب بعممػػو فيكػػوف مث ػػؿ‬
‫الطػ ػػاووس فػ ػػي كث ػ ػرة إعجابػ ػػو بنفسػ ػػو‪ ،‬أي أف ىنػ ػػاؾ كبػ ػػر خػ ػػارجي وكبػ ػػر‬
‫داخمي( في الباطف ) ‪.‬‬
‫فعمػػى الػػداعي أف ي ارقػػب نفسػػو وأف ي ػرتبط بأىػػؿ الػػدعوة وأف يحػػرص‬
‫عمػػى تقػػديـ األعمػػاؿ الصػػالحة وأف يقػػدـ أمػػر الػػدعوة عمػػى الػػدنيا وأف يبػػذؿ‬
‫مالو في سػبيؿ اهلل واكػراـ أىػؿ الجيػد وأف يجمػس مػع البسػطاء مػف النػاس‪،‬‬
‫ويخدـ الجماعة حتى يخرج منو المرور‪ ،‬وأف يكثر مف الجموس في الخمػوة‬
‫بالمسػػجد ويتضػػرع إلػػي اهلل ‪ ‬ويمشػػي حسػػب الشػػورى ‪ ،‬ويطمػػب التثبيػػت‬
‫مف اهلل ‪.‬‬
‫‪ _ 3‬عقبة المناصب ‪:‬‬

‫ٔ) سورة النمؿ ‪ -‬ابية‪.٘ٔ :‬‬


‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪280‬‬

‫عندما يخرج اإلنساف في سػبيؿ اهلل ‪ ‬تتحسػف أخالقػو ‪ ،‬فيقبػؿ عميػو‬


‫الناس ويعرضوف عميو المناصب ‪.‬‬
‫والمناصب عمى نوعين ‪:‬‬
‫أ‪ -‬مناصب ظممانية ‪:‬‬
‫وىى مناصب الدنيا مثؿ مدير شػركة أو مصػنع ‪ ..‬أو تعػرض عميػو‬
‫الوظػػائؼ العاليػػة ‪ ..‬أو رئػػيس جمعيػػة وغيرىػػا ‪ ،‬وعمػػى الػػداعي عندئػػذ أي‬
‫يقبػػؿ المنصػػب دوف المشػػورة ألف بعػػض النػػاس بسػػبب المنصػػب بالتػػدريج‬
‫تتب ػػدؿ حي ػػاتيـ بالمفم ػػة وح ػػب ال ػػدنيا والش ػػيرة ‪ ،‬ويت ػػأثر بالص ػػور واألش ػػكاؿ‬
‫والمشػػاىدات وىػػو عندئػػذ لػػـ يترقػػى بمنصػػبو ولكنػػو نػػزؿ بسػػبب تػػرؾ الػػدعوة‬
‫ألف الديف أعمى وأغمى مف الدنيا ‪.‬‬
‫ب‪ -‬مناصب نورانية‪:‬‬
‫مثػػؿ إدارة مسػػجد ‪ ..‬إدارة مدرسػػة إسػػالمية‪ ..‬لجنػػة زكػػاة وتبرعػػات ‪..‬‬
‫نقابػػات‪ ..‬أو إمػػاـ مسػػجد أو مػػؤذف ‪ ،‬حتػػى المناصػػب فػػي الػػدعوة أف يكػػوف‬
‫أمي ار وغيرىا‪ ،‬وىػذه المناصػب واف كانػت فػي ظاىرىػا تػدؿ عمػى الخيػر إي‬
‫أنيػػا فػػي الحقيقػػة حجػػب عػػف الحػػؽ الػػذي ىػػو عمػػؿ الػػدعوة وبف اإلنسػػاف‬
‫بيػػذه المناصػػب ي يجػػد عنػػده الوقػػت لمػػدعوة والخػػروج فيتػػرؾ الشػػئ المػػالي‬
‫ويتمس ػػؾ بالش ػػئ ال ػػداني‪ ،‬فنق ػػوـ م ػػف المي ػػؿ ون ػػدعو اهلل ‪ ‬أف يثبتن ػػا عم ػػي‬
‫العمؿ‪ ،‬ونتعوذ باهلل ‪ ‬مف السمب بعد العطاء ‪.‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪282‬‬

‫‪ _ 4‬عقبة اإلكرام واليداية‪:‬‬


‫عنػػدما يرجػػع الػػداعي يكرمػػو النػػاس بشػػتى أن ػواع اإلك ػراـ ويقػػدموف لػػو‬
‫اليدايا ‪ ،‬فال نقبؿ شيئا مف اليدايا ‪ ،‬إي بالشورى ‪ ،‬وأحيانا يعرضػوف عميػو‬
‫أمػواؿ زكػاتيـ لينفقيػا فػي سػبيؿ اهلل ‪ ‬أو يعطييػا لمفقػراء والمسػاكيف‪ ،‬فمػو‬
‫قبميا لسقط مف نظرىـ ولـ يكف لدعوتو أي أثر ويكوف محؿ لمشبية‪.‬‬
‫وأخيػ ػ ػرا‪ :‬ف ػ ػػي حال ػ ػػة المناص ػ ػػب النوراني ػ ػػة والظمماني ػ ػػة ‪ ،‬فعمين ػ ػػا بالجماع ػ ػػة‬
‫والشورى‪ ،‬وي نقبؿ أي منصب كاف‪ ،‬ولكػف أصػحاب المناصػب يػدخموا فػي‬
‫ال ػ ػػدعوة ى ػ ػػذا طي ػ ػػب ‪ ..‬ال ػ ػػدعوة ي تمش ػ ػػي بال ػ ػػدنيا ‪ ،‬ولك ػ ػػف ال ػ ػػدنيا تمش ػ ػػي‬
‫بالػػدعوة‪ ..‬ليػػذا ن ارقػػب أنفسػػنا ىػػؿ نحػػف فػػي حالػػة مػػف الحػػايت األربػػع ‪،‬‬
‫فنتوب إلي اهلل ‪ ، ‬ونستمفره ‪ ،‬حيي يرفع عنا غضب اهلل ‪. ‬‬
‫فػػي الػػدنيا صػػورة ال ارحػػة ‪ ،‬وصػػورة المشػػقة ‪ ،‬ولكػػف فػػي ابخػرة حقيقػػة‬
‫الراحة ‪ ،‬وحقيقة المشقة‪.‬‬
‫وفي الدنيا صورة النقـ ‪ ،‬وفي ابخرة حقيقة النقـ ‪.‬‬
‫وفي الدنيا صورة النعـ ‪ ،‬وفي ابخرة حقيقة النعـ ‪.‬‬

‫*****‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪283‬‬

‫بيان قةةةوة المةةو وقدرتو‬

‫القوة عمى نوعين ‪:‬‬

‫‪ -‬قوة مخموقة‪ ،‬وقوة الخالؽ مف صفات اهلل تعالى ‪.‬‬


‫‪ -‬القوة المخموقة قميمة وأما قوة اهلل فيي مف صفاتو فميس ليا حد وي‬
‫نياية ‪.‬‬
‫‪ -‬القوة المخموقة تزيد وتنقص مثال قوة السيؼ أقوى مف قوة العصا ‪.‬‬
‫‪ -‬قوة الرشاش أقوى مف قوة السيؼ وقوة الييدروجينية أقوى ‪.‬‬
‫‪ -‬ىكذا ىذه القوات تسمى قوات مخموقة‪ ،‬والتي اخترعيا اإلنساف ‪.‬‬
‫‪ -‬وىناؾ قوات مخموقة لـ يخترعيا اإلنساف مثؿ السماء واألرض‪.‬‬
‫‪ -‬والشمس والري ىذه القوات المخموقة التي خمقيا اهلل أقوى مف القوات‬
‫التي أخترعيا اإلنساف ‪.‬‬
‫‪ -‬فخذا اجتمعت الصواريخ والقنابؿ وىكذا ي تستطيع كسر السماء ‪.‬‬
‫‪ -‬واذا كاف موجود سيؿ ي يستطيع اإلنساف بقواتو المخترعة الدفاع‬
‫عف نفسو‪.‬‬
‫‪ -‬اليوـ مع تطور اإلنساف عاجز عف الدفاع عف نفسو ‪.‬‬
‫‪ -‬ىناؾ قوة ثالثة قوة المالئكة ‪ ،‬اهلل جعؿ قوة المالئكة أقوى مف السماء‬
‫واألرض‪ ،‬إسرافيؿ إذا نفخ في الصور تنكسر السماء واألرض ‪.‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪284‬‬

‫‪ -‬سيدنا جبريؿ رئيس المالئكة طولو ما بيف السموات السبع واألرض‪،‬‬


‫سيدنا رسوؿ اهلل ‪ ‬رءاه في ىذه الصورة مرتيف ‪.‬‬
‫‪ -‬ورآه الصحابة في صورة رجؿ غريب ي يرى عميو أثر السفر ‪.‬‬
‫‪ -‬وفي بدر الصحابة أروا المالئكة فقوة المالئكة أقوى مف قوة األرض‬
‫والسماء واليواء‪ ،‬ومع ىذا كؿ ىذه القوات مخموقة ي تضر وي تنفع ‪.‬‬
‫‪ -‬وىذه القوات المخموقة ي تساوي شيء أماـ قوة اهلل ‪.‬‬
‫‪ -‬الماؿ والنعـ التي أظيرىا اهلل في الدنيا وىناؾ خزائف عند اهلل‪..‬ىذه‬
‫تكوف قطرة بجانب خزائف اهلل ‪.‬‬
‫‪ -‬خزائف الماؿ والمادة تختمؼ فيما بينيا تزيد وتنقص في أيدي الناس ‪.‬‬
‫‪ -‬بعض الناس يأكموف أكثر وبعضيـ يأكؿ ويعمؿ وىكذا ‪.‬‬
‫‪ -‬ولكف كميا ىذه خزائف مخموقة ‪.‬‬
‫‪ -‬في الدنيا قدر معموـ مف الخزائف وابخرة خزائنيا أوسع سواء خزائف‬
‫النعـ أو النقـ ‪.‬‬
‫‪ -‬كؿ شيء مف خزائف اهلل ‪ ..‬الحبة الواحدة بطيخة واحدة والبطيخة بيا‬
‫الكثير مف المب ولو كؿ لبة ممكف أف تنبت ‪.‬‬
‫‪ -‬وأما لو أنزؿ اهلل نوع واحد مف النعـ إلى مرة واحدة إلى األرض لمألت‬
‫األرض ىذه النعمة ولكف تنزؿ بقدر معموـ ‪. .‬النعـ والنقـ بقدر‬
‫معموـ‪.‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪285‬‬

‫‪ -‬العقارب والحيات وغيرىا بقدر معموـ ‪ ..‬في ابخرة العقرب مثؿ البممة‪،‬‬
‫وكذلؾ المذة والحالوة والحسف والقب ‪.‬‬
‫‪ -‬الحالوة أقساـ‪ :‬العنب والموز وغيرىا حمو ولكف الحالوة تختمؼ كذلؾ‬
‫النور الشمس والقمر الشمعة والسراج ‪ . .‬أكبر ضوء‪ ،‬ضوء الشمس‬
‫ولكف ىذا كمو شيء قميؿ مف خزائف اهلل ‪.‬‬
‫‪ -‬الحسف الجماؿ في الحور العيف ‪.‬‬
‫‪ -‬صاحب الجنة يكوف لو ٕ‪ ٚ‬مف الحور العيف ‪ . .‬فكيؼ يكوف حسنو‬
‫وجمالو ‪.‬‬
‫‪ -‬كيؼ يكوف نور األنبياء في الجنة‬
‫‪ -‬وكيؼ يكوف نور النبي محمد ‪.‬‬
‫‪ -‬الحور العيف إذا تفمت في البحر المال أحمتو ‪.‬‬
‫‪ -‬الحالوة في تفميا فكيؼ الحالوة في أنيار الجنة ‪ ،‬وفي المبف وفي‬
‫العسؿ ‪ . .‬ىكذا كؿ النعـ اإلنساف ي يستطيع أف يحيطيا‬
‫‪ -‬مقصد الكالـ أف اهلل عنده خزائف القوة والماؿ ‪.‬‬
‫‪ -‬كؿ القوى في الدنيا ي تساوي بيت العنكبوت ‪.‬‬
‫‪ -‬كؿ الماؿ في الدنيا ي يساوي جناح البعوضو‪.‬‬
‫‪ -‬كؿ جيد اإلنساف عمى تحصيؿ القوة والماؿ حياتو كميا بيف ذلؾ‬
‫وذلؾٓ‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪286‬‬

‫‪ -‬فمف أجؿ القوة يبذؿ الماؿ ومف أجؿ الماؿ يبذؿ القوة ‪ ..‬األجير يبذؿ‬
‫القوة لمحصوؿ عمى الماؿ ‪.‬‬
‫‪ -‬وصاحب المصنع يدفع الماؿ لمحصوؿ عمى قوة األجير‪.‬‬
‫‪ -‬وىناؾ نظاميف ‪ :‬نظاـ القوة ونظاـ الماؿ ‪.‬‬
‫‪ -‬كؿ الدوؿ ابف عمى ىذا األساس ‪.‬‬
‫‪ -‬الدوؿ التي عندىا زيادة في الماؿ تتفكر في زيادة القوة والدوؿ التي‬
‫عندىا القوة تتفكر في زيادة الماؿ ‪.‬‬
‫‪ -‬الدجاؿ أكبر صاحب ماؿ أكبر مف قاروف و أكبر مف كسرى ‪.‬‬
‫‪ -‬الدجاؿ عنده أمواؿ طائمة ‪ ،‬وىو ي يحتاج ألحد لحفر األرض ‪ ..‬ولكف‬
‫يقوؿ لألرض أخرجي كنوزؾ فتخرج ‪ ،‬ويقوؿ لمسماء أمطري فتمطر‪،‬‬
‫ويقوؿ لمميت قـ ‪ .. .‬الفاعؿ الحقيقي ىو اهلل ‪ ،‬واهلل يعطيو القوة ‪. .‬‬
‫كؿ ما نراه في الكوف مظاىر لصفات وأسماء اهلل سبحانو وتعالى‪.‬‬
‫‪ -‬عباد األصناـ يعتقدوف أف رزقيـ مف األصناـ ‪.‬‬
‫‪ -‬كذلؾ اليوـ الناس يعتقدوف أف رزقيـ في تجارتيـ ومصانعيـ ‪.‬‬
‫‪ -‬كذلؾ الدجاؿ كؿ ما يظير عمى يديو ىو مف اهلل أصال وليس مف‬
‫عنده ‪.‬‬
‫‪ -‬ولكف ىذا استدراؾ لمناس وبالء لمناس ‪.‬‬
‫‪ -‬الذيف يقينيـ فاسد عمى األشياء عندما يروف ىذا ىـ يؤمنوا بالدجاؿ ‪.‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪287‬‬

‫‪ -‬والمؤمنوف ىـ يقولوف ي إلو إي اهلل ‪ ،‬ويكفروف بالدجاؿ ‪.‬‬


‫‪ -‬الذي يؤمف باألصناـ اهلل يرزقو ‪ ،‬ولكف ليس في نصيبو إي ىذا‬
‫المقدار القميؿ في الدنيا ليس لو في ابخرة مف نصيب ‪.‬‬
‫‪ -‬والذي يؤمف أف رزقو في تجارتو وصناعتو وزراعتو فاهلل يرزقو ‪ ،‬ولكف‬
‫ليس لو في ابخرة مف نصيب ‪.‬‬
‫‪ -‬كذلؾ الذي يؤمف بالدجاؿ ىو يظف أنو في الراحة ‪.‬‬
‫‪ -‬أكبر فتنة ىي فتنة الدجاؿ ‪.‬‬
‫‪ -‬والصناعة والتجارة والزراعة فتنة أيضا ‪.‬‬
‫‪ -‬الذي يفتف بيذه الفتف الصميرة فكيؼ يصمد أماـ فتنة الدجاؿ ‪.‬‬
‫‪ -‬والذيف آمنوا بالدجاؿ فيكوف ليـ متاع الدنيا ٓٗ يوـ فقط ‪.‬‬
‫‪ -‬انظروا إلى قيصر وكسرى كؿ قواتيـ في مدتيـ ‪.‬‬
‫‪ -‬كذلؾ الدجاؿ كؿ قوتو وفتنتو في ٓٗ يوـ ‪.‬‬
‫‪ -‬اهلل سبحانو وتعالى يبتمي الناس المؤمف وغير المؤمف ‪.‬‬
‫‪ -‬اهلل دائما يبتمي المؤمف ويكوف ايبتالء أوي وأغمب األحياف بالتكميؼ‬
‫‪ -‬والكافر بكثرة الماؿ والقوى ‪.‬‬
‫‪ -‬بني إسرائيؿ لما آمنوا بموسى عميو السالـ ابتموا بالمصائب والشدائد ‪.‬‬
‫‪ -‬واهلل أعطى قاروف خزائف الماؿ وقاؿ إنما أوتيتو عمى عمـ عندي ‪.‬‬
‫‪ -‬سيدنا سميماف أعطاه اهلل الممؾ والماؿ ‪.‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪288‬‬

‫‪ -‬اهلل يبتمي المؤمنيف بالتكميؼ والمصائب ‪ ،‬ويبتمي الكفار بالماؿ والنعـ‪.‬‬


‫‪ -‬تميرت حكومة كسرى ٗٔ مرة ‪ .‬كسرى مزؽ رسالة النبي ولكف قيصر‬
‫ظؿ مدة طويمة ألنو احترـ الرسالة ‪.‬‬
‫‪ -‬كما أف فرعوف لقب لمموؾ مصر‪ ،‬وكسرى لقب لمموؾ إيراف ‪.‬‬
‫‪ -‬كؿ ما تجد في ىذه الدنيا مف خزائف الماؿ والقوة ىي مف عند اهلل ‪.‬‬
‫اإلنساف يتأثر بما يرى بعينو مف القوة و الماؿ عمى األرض‪ ،‬وي يتأثر‬
‫ًَل االْ ِات ْ‬
‫ااَتَ ُاواا‬ ‫بما عند اهلل مف خزائف القوة والماؿ‪ ،‬قاؿ تعالي ‪‬‬
‫َ ُ َ‬
‫ت ا نيَْذجنً َاوِ ْن ا َْوَل َ ا‬ ‫وت ْ‬ ‫ون االلْ ِه اَولِذنا ا َكًَُ ِل االْعَْ َ ِ‬ ‫ِ اد ِ‬
‫ااَتَ َا ْ‬ ‫َ ُ‬ ‫َْ َ َ‬ ‫ْ ُ‬
‫نا‪‬‬ ‫وتالَ نيذتاالْعَْ َ ِ‬
‫وتالَ ْوا َكن ُوااتنيَ ْعلَ ُُو َ‬ ‫ِ‬
‫الُْنيذُ َ ْ ُ َ ُ‬
‫(‪.)1‬‬

‫‪ -‬القوات النووية والييدروجينية ي تساوي عند اهلل إي مثؿ بيت‬


‫العنكبوت‪.‬‬
‫‪ -‬سعادة اإلنساف وفالحو ي تكوف بتحصيؿ الماؿ والقوة المخموقة ولكف‬
‫سعادتو وفالحو تكوف بارتباطو بخزائف اهلل الميبية ‪.‬‬
‫‪ -‬وىذا ي يكوف إي باألعماؿ التي أعطاىا لنا اهلل عف طريؽ سيدنا‬
‫محمد صمى اهلل عميو وسمـ‪.‬‬

‫ٔ) سورة العنكبوت – ابية ٔٗ ‪.‬‬


‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪289‬‬

‫‪ -‬إذا ارتبط العبد بخزائف اهلل الميبية حتى لو كاف فقي ار في الدنيا فيو‬
‫يكوف في الفالح والنجاح ‪ ،‬وىذا باألعماؿ الصالحة ‪.‬‬
‫‪ -‬فسعادة اإلنساف في طمأنينة القمب وليست سعادتو في كثرة الماؿ أو‬
‫شقاوتو في قمتيا ‪.‬‬
‫‪ -‬فالمؤمف يكوف في حياتو الديف‪ ،‬سواء عنده ماؿ كثير أو قميؿ‪ ،‬فيو في‬
‫الفالح والنجاح ‪.‬‬
‫‪ -‬واف لـ تكف في حياتو الدنيا فخنو يرتبط بخزائف النعـ وخزائف العذاب ‪.‬‬
‫‪ -‬طريؽ اليداية لمذيف يسمكوف طريؽ األنبياء والصالحيف عالقتيـ‬
‫مرتبطة بخزائف النعـ‪.‬‬
‫‪ -‬كؿ ما نرى أمامنا فيذا معموـ ‪ ،‬أما ما عند اهلل في الميب فيذا ي‬
‫نعرفو إي عف طريؽ األنبياء والمرسميف بطريؽ الخبر ‪.‬‬
‫‪ -‬فاإلنساف بيف النظر والخبر ىو مبتمى ‪.‬‬
‫‪ -‬الشجرة مستورة في النواة ولكف ي تظير إي بعد إلقائيا في األرض ‪،‬‬
‫وكذلؾ خزائف الميب ي تنكشؼ إي بعد الموت ‪.‬‬
‫‪ -‬بعض األحياف اهلل يكشفو في الدنيا ‪.‬‬
‫‪ -‬فرعوف كاف يتكمـ بما عنده مف الماؿ والقوى ‪ .‬وكالـ سيدنا موسى كاف‬
‫عف الميب ‪ ،‬وانكشؼ لفرعوف عند غرقو ولذلؾ قاؿ آمنت ‪.‬‬
‫‪ -‬نصرة اهلل الميبية كاف يخبر بيا سيدنا موسى ‪ ،‬وكشفيا اهلل في الدنيا ‪.‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪291‬‬

‫كاف يخبرىـ عف‬ ‫‪ -‬كذلؾ مع الصحابة في بدر األحزاب الرسوؿ‬


‫نصرة اهلل الميبية ‪.‬‬
‫‪ -‬وكذلؾ كاف العذاب الذي كاف يخبر بو األنبياء والمرسميف‪.‬‬
‫‪ -‬النور الذي خمقو اهلل في الدنيا قميؿ وزائؿ وفي ابخرة الخزائف ‪.‬‬
‫‪ -‬الشمس والقمر والكيرباء والسراج ‪ ،‬بيذا النور اإلنساف ي يستطيع أف‬
‫يرى إي المخموقات ‪.‬‬
‫‪ -‬في ىذا النور اإلنساف ينكشؼ لو ما يضره و ما ينفعو مف األشياء ‪.‬‬
‫‪ -‬وبدوف ىذا النور اإلنساف ي يستطيع أف يميز بيف الضرر والنفع وفي‬
‫الظالـ يمسؾ الحية يظف أنيا حبؿ ‪.‬‬
‫‪ -‬وىناؾ نور في ابخرة عند اهلل و مف صفات اهلل ‪ .‬وىذا النور في‬
‫الدنيا ي يتسعو إي قمب المؤمف ‪ .‬الدنيا ي تسعو ‪ . .‬وىذا النور‬
‫عندما يدخؿ في قمب المؤمف ينكشؼ لممؤمف ما عند اهلل مف خزائف‬
‫النعـ والنقـ ‪ ..‬وىذا النور ىو اإليماف واليداية ‪.‬‬
‫‪ -‬وبو يميز ما ينفعو مف األعماؿ وما يضره ‪ ،‬وتنكشؼ لو الطمأنينة في‬
‫ذكر اهلل ‪.‬‬
‫‪ -‬وأف اليالؾ في المفمة ‪ ،‬وينكشؼ لو في الزكاة يربو الماؿ وفي الربا‬
‫ينقص ‪.‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪290‬‬

‫‪ -‬عندما تحقؽ اإليماف في قمب صييب رضي اهلل عنو ‪ ،‬جاء النور في‬
‫قمبو ترؾ كؿ أموالو ‪.‬‬
‫‪ -‬األنصار بيذا النور آخي رسوؿ اهلل بينيـ وبيف المياجريف ‪.‬‬
‫‪ -‬المياجريف بيذا اإليماف تركوا أمواليـ وأوطانيـ ‪.‬‬
‫‪ -‬عبد اهلل بف حذافة السيمي عرض عميو الممؾ المشاركة في ممكو‬
‫ولكف بالنور لـ يبالي بيذا ‪ . .‬ىذا ي يمكف إي بعد أف يرسخ اإليماف‬
‫في القمب فيري أف كؿ الدنيا بسيطة وقميمة‪.‬‬
‫‪ -‬سيدنا سميماف بيذا النور كاف يرى أف في كممة سبحاف اهلل خير مف‬
‫ممؾ آؿ سميماف ‪.‬‬
‫‪ -‬عندما يتحقؽ نور اليداية واإليماف تنكشؼ المنفعة والمضرة الحقيقية‬
‫لإلنساف ‪.‬‬
‫‪ -‬نور اليداية يتحقؽ بجيد اليداية ‪ ..‬وىذا النور في الدنيا وفي القبر‬
‫وفي الحشر ‪.‬‬
‫‪ -‬بنور اليداية اإلنساف يرى أف يبذؿ النفس والنفيس في سبيؿ اهلل لنشر‬
‫الديف‪.‬‬
‫‪ -‬األعماؿ ي بد أف يكوف فييا اإلخالص‪ . .‬وبمير اإلخالص تكوف‬
‫األعماؿ فييا ظممة وتكوف حاجز ‪.‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪292‬‬

‫‪ -‬فالذي في قمبو نور اإليماف واليداية ي يقوـ باألعماؿ مف أجؿ الدنيا‬


‫ألنو يرى النعيـ المقيـ في ابخرة ‪.‬‬
‫‪ -‬مف كاف في قمبو نور اليداية يظير عمى وجيو وفي حركاتو وفي‬
‫سكناتو ‪.‬‬
‫‪ -‬عالمة المؤمف إذا رأيناه ذكرنا اهلل ‪.‬‬
‫‪ -‬مف تحقؽ في قمبو نور اليداية ىو ي يتأثر بأحواؿ الدنيا وي يتزعزع ‪.‬‬

‫اخ َفن نً َاوثَِ ن ًا‬ ‫اليداية عمى قدر التضحية بالماؿ النفس‪  :‬ا ِْف وا ِ‬ ‫‪-‬‬
‫ُ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َو َ نل ُْوااِأَ ْ َوال ُ ٌْ َاوَْني ُفِف ُ ٌْ ِآت ا َ ِ ِذل االلْه ا َذل ُ ٌْ َ‬
‫اخْذنيٌ الَ ُ ٌْ اِ ْناا‬
‫كَْجُ ٌْاثَني ْعلَ ُُون ‪.)ٔ( ‬‬
‫ُ‬
‫ولا‬‫المنافقوف يشتمموف في األعماؿ ولكف مف أجؿ الدنيا { تنيَ ْوَم اتنيَ ُ ُ‬ ‫‪-‬‬
‫الَُْن ِ ُو َن اوالَُْن ِ َ نت الِلْ ِات ام َوااا ظُ وَنا نيَ ْ جِ ِ ِ ِ‬
‫س ا ا ُّورُك ٌْ اف َ‬
‫ذلا‬ ‫َ َُ ُ َ ْ‬ ‫َ َُ ُ‬ ‫َُ‬
‫ارِ عوااوراا ُكٌ ا َنلْجَ ُِِفواا ُوراا َض ِب ا نيذنيََنيٌَاِِفوٍر الْه ا نب ا ِ‬
‫نسَُهُا‬ ‫ُ ً ُ َ َْ ُ ُ ُ َ ٌ َ‬ ‫ْ ُ ََ ْ‬
‫ندوَني َُ ٌْ اَ ََلْ ا َ ُ ا ْ َع ُ ٌْا‬ ‫ِ ِ ِ ِِ‬ ‫ِِ‬
‫اب اواتنيََُ ُ‬‫ذه االْ ْْحَ ُ َاوظَنل َُُ ا افَله االْ َع َا ُ‬
‫ِ‬
‫فَنلُوا ا نيَلَ َاولَ َْ ُ ٌْ ا َنيجََجُ ٌْ اَ ُف َِف ُ ٌْ َاوثَنيَْ ْ‬
‫َجُ ٌْ َاو ْارثَنيْجُ ٌْ َاو َْْثْ ُ ٌُا‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ا ْ ََ نِنُّ ا َ َّْت ا َ نااَْ ُ االلْه َاوَُْْكٌا نللْه االْغَُ ُ‬
‫ور اوا َنلْذَني ْوَم اَ اتنيُ ْو َخ ُاا‬

‫ٔ) سورة التوبة – ابية ٔٗ ‪.‬‬


‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪293‬‬

‫سا‬ ‫ْ‬
‫ْ‬ ‫ِاَ ُ ٌ ا ِ ْْت ٌ اوَ ا ِ االْ ِات ا َك َف واا أْوا ُكٌ االَْنر ِ‬
‫الي ا َ ْوَ ُك ٌْ َاوِ‬
‫َ‬ ‫ْ َ َ َ َ ُ ََ ُ ُ َ‬
‫نُ } (ٔ) الذي يجتيد في األعماؿ مف أجؿ الماؿ فخذا تحصؿ‬ ‫َا‬ ‫الُْ ِ‬
‫َ‬
‫فضعؼ العمؿ و إذا لـ يتحصؿ ىو يمؿ ‪.‬‬

‫المعاصي مثؿ جراثيـ النفاؽ‪ ،‬ما ىو العالج لخروج النفاؽ مف‬


‫القمب ىو بذؿ الماؿ والنفس في سبيؿ اهلل‪ ،‬وي نيأس مف روح اهلل‬
‫فاإلنساف يكوف بيف الخوؼ والرجاء‪.‬‬

‫******‬

‫ٔ) سورة الحديد – ابيات مف ٕٔ ‪. ٔ٘ :‬‬


‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪294‬‬

‫التضحية وترك الشيوات‬

‫‪ -‬بتضحيات أىؿ بيت إبراىيـ عميو السالـ جاءت نصرة اهلل تعالى ‪.‬‬
‫‪ -‬اهلل ذكر في مواضيع كثيرة مف القرءاف‪ ،‬أف المدد والنصرة مع األنبياء‬
‫ولـ يقتصر ىذا المدد عمى األنبياء فقط‪ ،‬بؿ كؿ مف تشبو بيـ‬
‫وبأعماليـ‪.‬‬
‫‪ -‬نصرة اهلل أحيانا تأتي موافقة لمظاىر وخالؼ الظاىر‪ ،‬فاهلل تعالى‬
‫نصر األنبياء بخالؼ الظاىر ‪.‬‬
‫‪ -‬التضحية التي تكوف بخالؼ الشيوات ىي التضحية عمى طريؽ‬
‫األنبياء‪.‬‬
‫‪ -‬الصالة بمير التضحية ي يمكف أف نصمييا ألف فييا تفريغ الوقت‬
‫وترؾ األشماؿ‪ ،‬أما التضحية التي تكوف عمى شيوات اإلنساف فيي‬
‫نفسانية ‪ ،‬والتضحية عمى مخالفة الشيوات وامتثاؿ أمر اهلل تسمى‬
‫روحانية ‪.‬‬
‫‪ -‬أكبر تضحية ىي إنفاؽ الماؿ والنفس في سبيؿ اهلل‪ ،‬وعمى طريؽ‬
‫النبي ‪ ، ‬وىذا ىو الجياد الذي ذكر في القرءاف‪ ،‬قاؿ تعالى ‪ :‬‬

‫نل ُْوا اِأَ ْ َوالِ ُ ٌْ َاوَْني ُف ِِف ُ ٌْ ِآت ا َ ِ ِذل االلْ ِها‬
‫اخ َفن نً اوثَِ ن ً او ِ‬
‫ََ‬ ‫َ‬
‫ا ِْف وا ِ‬
‫ُ‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪295‬‬

‫اخْذنيٌ الَ ُ ٌْ اِ ْن ا ُكَْجُ ٌْ اثَني ْعلَ ُُون‬ ‫ِ‬


‫‪ )ٔ( ‬وىذه التضحية ىي‬ ‫َذل ُ ٌْ َ‬
‫األساس إلحياء أوامر اهلل تعالى‪.‬‬
‫‪ -‬وبيذه الطريقة اهلل نشر دينو في أنحاء العالـ وصارت معمورة‬
‫باألعماؿ‪.‬‬
‫‪ -‬نبينا ‪ ‬خطط ألمتو منياج الحياة ‪ ،‬كي تقتدي بو في كؿ الحياة ‪.‬‬
‫‪ -‬ىكذا بيف ‪ ‬لنا منياج حياة الديف ‪ ،‬وحفظ الديف فينا إلى يوـ القيامة‪.‬‬
‫‪ -‬كيؼ كاف ندعو طبقات األمة عامتيـ وخاصتيـ ومموكيـ‪.‬‬
‫‪ -‬آيات القرءاف ‪ ٙٙٙٙ‬آية ٓٓ٘ آية لألحكاـ أما باقي ابيات كميا‬
‫لتصحي اليقيف عمى اهلل وعمى طريؽ الحياة الصحي ‪.‬‬
‫‪ -‬إذا رأينا الفاسؽ ينممس في فسقو فال نتأثر مف فسقو ‪ ،‬ونتركو عمى‬
‫حالو ‪ ..‬بؿ نرغبو في الديف وبعد ذلؾ نبيف لو عظمة اهلل ‪.‬‬
‫‪ -‬نجتيد أوي عمى تكويف الذىف والمزاج‪ ،‬ثـ بعد ذلؾ ندعوه إلى‬
‫األعماؿ‪.‬‬
‫‪ -‬األنبياء ‪ ‬ضحوا في سبيؿ اهلل متيقنيف عمى ما عند اهلل ‪ ،‬وما عند‬
‫اهلل غيب‪.‬‬
‫‪ -‬الذي يخرج في سبيؿ اهلل وىو قانع ليس فيو الطمب ي يفت عميو‪،‬‬
‫فنحف نجتيد عمى الناس حتى يأتي فييـ الطمب ‪.‬‬

‫ٔ) سورة التوبة – ابية ٔٗ ‪.‬‬


‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪296‬‬

‫‪ -‬ألف الناس ليس فييـ الطمب ‪ ..‬إنو مف تقرب إلى اهلل شب ار ‪ ،‬اهلل تعالى‬
‫يتقرب إليو ذراعا‪ ..‬أبو طالب أكثر مف ٓٗ سنة كاف في نصرة النبي‬
‫ولـ يكف فيو الطمب فاهلل تعالى ما أعطاه اليداية ولكف عمر رضي‬
‫اهلل عنو كاف في ذىنو أف يقتؿ النبي ولكف رغـ ذلؾ كاف فيو الطمب‬
‫فاهلل تعالى جعمو الخميفة الثاني لرسوؿ اهلل عمى أمتو ‪.‬‬
‫‪ -‬فأوي ‪ :‬عمينا أف نجتيد عمى تكويف أذىاف الناس حتى يفيموا أف الفوز‬
‫والفالح بيد اهلل تعالى ليس باألشياء الفانية بعد ذلؾ كؿ شيء يكوف‬
‫سيال ‪.‬‬
‫‪ -‬اهلل تعالى أىمؾ فرعوف وقاروف والنمرود في أشياءىـ بعد أف صاروا‬
‫يروف أف الفالح والفوز في أشياءىـ‪ ،‬وخدعوا واطمأنوا عمى أشياءىـ‬

‫سا‬ ‫ذ‬‫َ‬‫ل‬‫َ‬ ‫ا‬ ‫نلاتني وِ‬


‫م‬ ‫َ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫ا‬ ‫وأسبابيـ كما قاؿ فرعوف ‪ :‬وَندىا ِ ِو ُن ِآتافَنيوِ ِ‬
‫ه‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ َ ْ َْ‬
‫ن‪.)ٔ( ‬‬ ‫اَت ِِتاََغَاثُني ِ‬
‫َ ُو َا‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫اَت ِيا ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫نر‬ ‫َ‬ ‫ني‬
‫ْ‬ ‫اا‬ ‫ِِلا لْ ا ِ َ اولني ِاَِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ ْ َ َ ََ‬
‫‪ -‬وأعطى اهلل تعالى الفوز لسميماف وداود في ىذه األشياء ‪ . .‬وخالصة‬
‫القوؿ‪ :‬أف الفوز والخسارة بيد اهلل تعالى ‪.‬‬
‫‪ -‬المسمموف اليوـ يقولوف نحف نشتمؿ في األسباب متوكميف عمى اهلل‪،‬‬
‫وىذا غير صحي بؿ يقيننا كمو عمى األشياء‪ ،‬واخراج ىذا اليقيف ليس‬
‫سيؿ يحتاج إلى تضحية كبيرة ‪.‬‬

‫ٔ) سورة الزخرؼ ‪ -‬ابية ٔ٘‪.‬‬


‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪297‬‬

‫‪ -‬الذي يريد إف يمشي عمى شيواتو فال بد لو مف إف يكسر أمر اهلل‬


‫ولكف ىذا يسبب الخسارة في النياية‪.‬‬
‫‪ -‬النمرود مشى عمى شيواتو‪ ،‬وكسر أمر اهلل تعالى‪ ،‬فاهلل أىمكو بأضعؼ‬
‫المخموقات بعوضة عرجاء‪ ،‬حتى صار يطمب مف الناس أف يضربوا‬
‫رأسو بالنعاؿ‪ ،‬وكيؼ كاف تدبيره لقتؿ إبراىيـ عميو السالـ والحرص‬
‫عمى عدـ ويدة إبراىيـ عميو السالـ ولكنو ما نج في تدبيره ‪ ،‬لكف‬
‫إبراىيـ عميو السالـ مشى عمى أمر اهلل بكسر شيواتو‪ ،‬فاهلل تعالى‬
‫نصره وحفظو وسط النار وىي مف أشد مخموقات اهلل‪ ،‬ونصره اهلل‬
‫عمى النمرود حيف قاؿ لو أنا أحي وأميت ‪ ،‬والتدبير الذي دبر إبراىيـ‬
‫بأمر اهلل تعالى ‪ ،‬نج فيو ‪ ،‬ونتائج تدبيره ماشية إلى يوـ القيامة‪.‬‬
‫‪ -‬القرآف كمو يدور عمى شيء واحد وىو أف ىذه الظواىر كميا ليس فييا‬
‫نفع وي ضر إي بخذف اهلل تعالى‪.‬‬
‫‪ -‬وحصوؿ اليقيف عمى ىذا ي يأتي إي بالمجاىدة‪.‬‬
‫‪ -‬سيدنا إبراىيـ ضحى بعائمة واحدة وبنى بيتا واحدا وىو بيت اهلل الحراـ‬
‫فاهلل تعالى جعمو خميال ‪.‬‬
‫‪ -‬ولكف النبي صمى اهلل عميو وسمـ كـ ضحى مف عائمتو وعائالت‬
‫أصحابو وكـ بنى مف بيوت اهلل تعالى فاهلل تعالى جعمو حبيبا وخميال‬
‫‪.‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪298‬‬

‫‪ -‬نصرة اهلل تعالى الخاصة دائما مع التضحية الخاصة‪ ،‬كما أخرج‬


‫الماء ألصحاب النبي بتضحياتو الخاصة ‪.‬‬
‫‪ -‬وىي لكؿ مف ضحى تضحية خاصة إلى يوـ القيامة وأصؿ التضحية‬
‫ىو إنفاؽ الماؿ والنفس في سبيؿ اهلل‪.‬‬
‫‪ -‬وىذا العمؿ ليس مرتبط بالمساجد فقط ‪ . .‬بؿ بمير المساجد نقوـ بيذا‬
‫العمؿ ألف األرض كميا مساجد‪ ،‬إذا حيؿ بيننا وبيف المساجد نعمؿ‬
‫ىذا العمؿ في الشارع في البيوت‪ ..‬سيدنا موسى لما منع مف المسجد‬
‫اهلل تعالى أمره أف يجعموا بيوتيـ قبمة أي مساجد ويقيموا فييا األعماؿ‬
‫حتى يأتي نصر اهلل ويبشرىـ بالنصر مع شدة األحواؿ ‪.‬‬
‫الذي نمشي بو في األسباب الظاىرية ونكوف في‬ ‫‪ -‬الطريؽ الصحي‬
‫رضاء اهلل لو شرطاف‪:‬‬
‫الشرط األوؿ‪ :‬نشتمؿ فييا بمير اعتماد عمييا وىذا يكوف سببا في‬
‫توقؼ نصرة اهلل كما وقع في حنيف ٕٓٓٓٔ مع ايعتماد عمى‬
‫األسباب انيزموا لكف ٓٓٔ مع ايعتماد عمى اهلل انتصروا عمى‬
‫ٓٓٓٗ وقصة حنيف مر ذكرىا‪.‬‬
‫الشرط الثاني نشتمؿ فييا بحيث ي نترؾ أمر اهلل كما وقع في أحد ‪.‬‬

‫الكفار وفرارىـ تركوا أمواليـ‪ ،‬والرماة الذيف تركيـ النبي ‪‬‬ ‫‪ -‬بعد انيزاـ‬
‫‪ ،‬أخطأوا في فيـ أمر الرسوؿ‪ ،‬فكاف ذالؾ سببا في ذىاب نصرة اهلل‪.‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪299‬‬

‫اهلل تعالى أمر سيدنا موسى أمريف في قصة العصا األمر األوؿ القيا‬
‫يا موسى وىذا أمر سيؿ طبيعي ليس فيو صعوبة واألمر الثاني خذىا‬
‫وي تخؼ أمر ووعد أمر خالؼ الطبع ووعد بخالؼ الطبع لكف األمر‬
‫األوؿ ما وعد اهلل موسى عميو بشيء‪.‬‬
‫‪ -‬ي رىبانية في اإلسالـ وي نفسانية‪ ،‬كذلؾ الرىبانية ىي ترؾ األسباب‬
‫كسب وشؤوف البيت مع إف اهلل ما أمر بذلؾ‪.‬‬
‫‪ -‬والنفسانية ىي ايشتماؿ باألسباب بترؾ أمر اهلل ومقتضيات الديف‪.‬‬
‫‪ -‬فالمجاىدة ىي أف نجعؿ أمر اهلل ومقتضيات الديف في الدرجة األولى ‪.‬‬

‫‪ -‬واألشماؿ كميا والكسب وشؤوف البيت في الدرجة الثانية‪.‬‬


‫‪ -‬كؿ الوقائع التي وقعت لمصحابة مف جنايات التي أوجبت عمييـ إقامة‬
‫الحدود كانت مقدرة عمييـ مف اهلل تعالى ليبيف ليذه األمة شرائع الديف‬
‫كيؼ تقاـ الحدود اختارىـ اهلل لذلؾ‪.‬‬
‫لخالد رضي اهلل عنو لما طار عميو دـ المرأة‬ ‫النبي ‪‬‬ ‫‪ -‬وكيؼ قاؿ‬
‫قاؿ ي تقؿ ذلؾ أنيا تابت توبة‬ ‫الزانية وقاؿ خالد أخزاؾ اهلل فالنبي‪‬‬
‫لو قسمت عمى سبعيف بيت لوسعتيـ‪.‬‬
‫‪ -‬أعداء اإلسالـ يبينوف ىذه األحداث ليبينوا لممسمميف إنكـ ي تحتاجوف‬
‫إلى الصحابة في فيـ القرءاف وبيذا وقع الفساد في المسمميف ‪.‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪311‬‬

‫‪ -‬حتى إف بعضيـ أكؿ الخنزير بحجة إف طعاـ أىؿ الكتاب حؿ لكـ‬


‫ولما قيؿ لو آية التحريـ قاؿ الخنزير الذي ي يأكؿ النجاسة والخنزير‬
‫الذي ي يأكؿ النجاسة فيو حالؿ وىذا سببو ىو ايستمناء عف‬
‫الصحابة في فيـ القرآف‪.‬‬
‫‪ -‬ترؾ األسباب مف أجؿ مقتضيات الديف يجوز بثالثة شروط‪.‬‬
‫أوي‪ :‬ي يسأؿ أحد‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬ي يأتي فيو إشراؼ عمى ما في أيدي الناس‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬ي يشكوا حالو أحدا مف الخمؽ‪.‬‬
‫وبعد الشروط ي نسألو مف أيف يأتيو الرزؽ فيذا عمى اهلل‪.‬‬

‫******‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪310‬‬

‫من صفات الداعي إلى اهلل‬

‫الػػديف أغمػػي شػػيء عنػػد اهلل ‪ ، ‬واألشػػياء كميػػا ي تسػػاوي عنػػد اهلل‬
‫جناح بعوضة ‪ ،‬وجميع القوي عند اهلل ‪ ، ‬أوىف مف بيت العنكبوت ‪.‬‬
‫عط ػػاء اهلل ‪ ‬لمعب ػػد يك ػػوف حس ػػب ش ػػأنو تع ػػالي‪ ،‬وال ػػديف ى ػػو أعظ ػػـ‬
‫عطاء والديف ىو طريؽ الحياة التي يصم بيا اإلنساف في الدنيا وابخرة ‪.‬‬

‫وبال ػػديف تك ػػوف نصػ ػرة اهلل ‪ ‬م ػػع عب ػػاده ‪ ،‬واذا أت ػػت النصػ ػرة تك ػػوف‬
‫خ ػػالؼ الظ ػػاىر ‪ ،‬مث ػػؿ الن ػػار ص ػػارت عم ػػي إبػ ػراىيـ ‪ ‬ب ػػردا وس ػػالما ‪..‬‬
‫وعندما جاءت النصػرة لموسػي ‪ ‬لػـ تكػف لػو وحػده ‪ ،‬بػؿ لػو وألتباعػو ‪..‬‬
‫أي ليسػػت النصػرة لموسػػي ‪ ‬لػػـ تكػػف لػػو وحػػده ‪ ،‬بػػؿ لػػو وألتباعػػو ‪ ..‬أي‬

‫ناوالّ ِنيات َ ا‬ ‫ليست النصرة لممرسميف فقط بؿ ليـ وألتباعيـ ‪ِّ ‬نالَََ ُ‬
‫ََ ُ ُار ُ نيلَََ َ‬
‫نيوماا ْ ني َنيَند ‪ )ٔ( ‬أمػػا إذا كانػػت قػػدرة اهلل‬ ‫ني‬ ‫ُ‬ ‫ني‬‫ت‬‫ا‬ ‫م‬‫نيو‬
‫ني‬ ‫ت‬‫ناو‬ ‫ذ‬‫ني‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ّ‬ ‫ني‬ ‫ل‬‫اا‬ ‫م َُنيواْ ِآتاا ْ ذنينينةِ‬
‫َ ََ ْ َ َ ُ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬
‫خػػالؼ العبػػد فميمػػا كانػػت عنػػده مػػف أسػػباب النجػػاة والع ػزة ‪ ..‬يكػػوف فػػي‬
‫اليالؾ والدمار ‪.‬‬
‫الماؿ والمادة مثػؿ الجسػـ وقػدره اهلل فييػا مثػؿ الػروح ‪ ،‬والمػاؿ والمػادة‬
‫بدوف الروح ي ينفع ‪ ،‬وبقدر اإليمػاف وقوتػو تكػوف أعمػاؿ العبػد فييػا الػروح‬

‫(ٔ) سورة غافر ‪ -‬ابية ٔ٘ ‪.‬‬


‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪312‬‬

‫والق ػػوة وتص ػػعد إل ػػي الس ػػماء وم ػػف الس ػػماء تن ػػزؿ البرك ػػات والنصػ ػرة حس ػػب‬
‫األعماؿ الصاعدة إلي السماء ‪.‬‬
‫واذا كانػػت األعمػػاؿ ضػػعيفة فخنيػػا ي تصػػعد إلػػي السػػماء ‪ ،‬وضػػعفيا‬
‫بسبب فساد اليقيف ‪.‬‬
‫المنكر ي يزوؿ بالمنكر ‪ ،‬بؿ يػزداد ‪ ..‬ابف ي نسػتطيع أف نفعػؿ مثػؿ‬
‫عمر ضرب عامؿ البحريف أماـ الناس ‪.‬‬
‫األنبياء مع عمو مرتبتيـ عند اهلل ‪ ، ‬ورغـ ذلػؾ رعػوا المػنـ ‪ ..‬لمػاذا‬
‫‪ ..‬ليكتسػػبوا الصػػفات ( التواضػػع – الصػػبر – الحمػػـ ) ‪ ..‬فعمػػي الػػداعي‬
‫أف يكػػوف مػػع النػػاس كمػػا يكػػوف أصػػمر واحػػد فػػي البيػػت مػػع مػػف حولػػو مػػف‬
‫أخػػوة ‪ ،‬وأقػػارب ‪ ..‬حتػػى يسػػتطيع أف يسػػاير النػػاس ‪ ،‬ويصػػؿ إلػػي قمػػوبيـ ‪.‬‬
‫موسػػي عميػػو السػػالـ ‪ ،‬كػػاف قػػوي البنيػػاف ‪ ..‬وكػػاف معػػو نص ػرة اهلل ‪ ‬فػػي‬
‫العص ػػا ( ض ػػرب بي ػػا البح ػػر ‪ ..‬وض ػػرب بي ػػا الحج ػػر ف ػػانفجرت من ػػو اثنت ػػا‬
‫عشرة عينا ) ‪.‬‬
‫وكػػاف قويػػا فضػػرب ممػػؾ المػػوت ففقػػأ عينػػو ‪ ،‬ووكػػز الرجػػؿ الفرعػػوني‬
‫فقتمو ‪ ،‬ورفع الحجر الثقيؿ وسقي يبنتي شعيب ‪ ، ‬ورغػـ ذلػؾ اهلل ‪‬‬
‫أمره بالقوؿ الميف لفرعوف ‪.‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪313‬‬

‫ميزة عمل الدعوة والتبميغ ‪:‬‬


‫بعض الناس يجتيد فػي مجػاؿ الػديف ‪ ،‬ولكػف ي يجتيػد إلقامػة النػاس‬
‫عمي الديف ‪ ،‬فخذا مات ىذا الػداعي ‪ ،‬تمػوت الػدعوة ألنػو أقػاـ النػاس عمػي‬
‫الديف فقط ‪ ..‬أما جيد الدعوة إلقامة الناس عمي الديف وعمي جيد الػديف "‬

‫الفػػرس المتمػػرف‬ ‫(ٔ)‬


‫نينرااللّني ِانيه‪‬‬
‫ني‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫ا‬‫ْ‬‫ا‬
‫نيو‬
‫ني‬‫ُ‬‫و‬‫ك‬‫ُ‬ ‫ا‬‫ْ‬‫ا‬
‫و‬ ‫ني‬ ‫َ‬ ‫ام‬ ‫ت‬ ‫قػػاؿ تعػػالى ‪ ‬تأَتنيَنينيناالّني ِ‬
‫نيا‬
‫ََ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َّ‬
‫تكفيو اإلشارة ‪ ..‬ىكذا المؤمف يكفيو اإلشارة كي يقوـ عمي ىذا الجيد ‪.‬‬
‫يجب عمي الداعي أال ينظر إلي النتائج ‪:‬‬
‫عنػػد جيػػد الػػدعوة الػػبعض يػػؤمف والػػبعض ي يػػؤمف ‪ ،‬مثممػػا حػػدث فػػي‬
‫بنػػي إس ػرائيؿ ‪..‬وبعػػض األحبػػاب إذا أبطػػأ النػػاس فػػي ايسػػتجابة ‪ ،‬ييػػأس‬
‫ويتػػرؾ الػػدعوة ‪ ،‬وىػػذا لػػيس صػػحي ‪ ..‬الػػذي فػػي قمبػػو أف الفاعػػؿ ىػػو اهلل‬
‫‪ ، ‬ي ييػ ػػأس لمنت ػ ػػائج ‪ ،‬ألف عمي ػ ػػو الجي ػ ػػد فقػ ػػط ‪ ،‬ويس ػ ػػتمر ف ػ ػػي الجي ػ ػػد‬
‫محتسػبا ‪ ..‬ويكػوف عنػػده إنكػار الػػذات ‪ ..‬الرسػوؿ ‪ ‬دخػؿ مكػػة عنػد الفػػت‬
‫لػػيال وىػػو مطػػأطئ أرسػػو حيػػاء مػػف اهلل ‪ ..‬أمػػا الػػذي ينظػػر إلػػي نفسػػو فيػػو‬
‫مثؿ فرعوف قاؿ " أنا ربكـ األعمى " فجعمو اهلل ‪ ‬نكاؿ ابخرة واألولي ‪.‬‬

‫******‬
‫ٔ) سورة الصؼ – ابية – ٗٔ ‪.‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪314‬‬

‫قوة األشياء‬
‫وتأثيرىا من اهلل ‪‬‬
‫اهلل ‪ ‬خمؽ ىذا الكوف ‪ ،‬وأعطػى لممخموقػات ؛ القػوة والتػأثير ‪ ،‬وىػذا‬
‫التأثير ليس مف ذاتيا بؿ مف أمر اهلل ‪ ‬فييا ‪ ..‬فالقنبمة الذرية مخموقػة ‪،‬‬
‫والعصا مخموقة ‪ ،‬وىناؾ فرؽ في تأثيرىما‪.‬‬
‫وحتػػى نػػرى قػػدرة اهلل ‪ ‬فػػي األشػػياء يبػػد مػػف اإليمػػاف ‪ ،‬فالكيربػػاء‬
‫موجودة في األسالؾ ‪ ،‬ولكف ي ترى فكذلؾ قدرة اهلل ‪. ‬‬
‫فػػاألرض تنبػػت الػػزرع ‪ ..‬والنػػار تحػػرؽ ‪ ..‬والجػػاموس تأكػػؿ الحشػػيش‬
‫وتخرج الحميب ‪ ..‬والطعاـ يشبع ‪ ..‬والماء يروى ‪ ..‬الخ وىػذه قػدرة اهلل ‪‬‬
‫العامة في األسباب الظاىرية ي ارىػا المػؤمف والكػافر ‪ ،‬واهلل قػادر أي يظيػر‬
‫ى ػػذه الت ػػأثيرات ف ػػي ى ػػذه األش ػػياء ‪ ،‬ولك ػػف ى ػػذه س ػػنة اهلل ‪ ‬العام ػػة وى ػػى‬
‫إظيار قدرتو في األسباب المادية ‪.‬‬
‫والق ػػدرة الخاص ػػة يس ػػتخدميا اهلل ‪ ‬ألنبيائ ػػو عم ػػييـ الص ػػالة والس ػػالـ‬
‫وىػ ػػى المعج ػ ػزات لألنبيػ ػػاء ‪ ،‬والنص ػ ػرات مػ ػػع الصػ ػػحابة رضػ ػػي اهلل عػ ػػنيـ‬
‫أجمعػػيف ‪ ،‬والك ارمػػات مػػع األوليػػاء مثػػؿ‪ :‬عػػدـ إح ػراؽ النػػار لسػػيدنا إب ػراىيـ‬
‫‪ .. ‬وعػػدـ إح ػراؽ النػػار ألبػػى مسػػمـ الخػػويني ‪ ..‬وشػػؽ البحػػر لسػػيدنا‬
‫موسى ‪ ‬وقومو ‪ ..‬وكمػا مشػى صػحابة النبػي ‪ ‬عمػى المػاء ‪ ..‬وكمػا‬
‫أنبت شجرة مف يقطيف عمى سيدنا يػونس ‪ .. ‬وكمػا نصػر القمػة القميمػة‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪315‬‬

‫عمى الكثػرة القويػة فػي بػدر ‪ ..‬وىػذه القػدرة الخاصػة اهلل ‪ ‬يسػتخدميا فػي‬
‫األحواؿ الخاصة وفى أوقات معينة ‪.‬‬

‫******‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪316‬‬

‫القةرآن منيج الحياة‬


‫لو نظرنا وأمعنا النظر ‪ ،‬لوجدنا الذي يصنع أى ماكينػة ‪ ،‬نجػده يبػيف‬
‫طريقػػة اسػػتعماليا فمػػثالً ‪ :‬الػػذي يشػػترى سػػيارة ‪ ،‬ىػػو يسػػتعمميا كمػػا يبػػيف‬
‫صاحبيا فيضع الزيت فػي مكػاف الزيػت‪ ،‬والبنػزيف فػي مكػاف البنػزيف ‪ ،‬واذا‬
‫بػػيف لػػو صػػانعيا أف يمشػػى عمػػى الجانػػب اليمػػيف ‪ ..‬يتبػػع كػػؿ التعميمػػات ‪،‬‬
‫ولك ػػف إذا ق ػػاؿ ‪ :‬ى ػػذه س ػػيارتي وأن ػػا اش ػػتريتيا بنقػ ػودي وأن ػػا ح ػػر اس ػػتخدميا‬
‫كيفمػػا أشػػاء ‪ ،‬فمػػو توجػػو بيػػا جيػػة الشػػماؿ بػػدؿ اليمػػيف فقػػد تػػأتى سػػيارة فػػي‬
‫ايتجاه المعاكس لو فتصدمو فتكوف المصيبة ‪ ،‬فخما ينتقػؿ إلػى المستشػفى‬
‫واما إلى القبر ‪.‬‬
‫فجميع الناس متفقػوف عمػى أف الماكينػة تسػتخدـ كمػا يبػيف صػانعيا‪..‬‬
‫وهلل المثػػؿ األعمػػى دوف تشػػبيو وتمثيػػؿ ‪ ،‬خمػػؽ اإلنسػػاف وصػػوره فػػي بطػػف‬
‫أم ػػو واهلل س ػػبحانو وتع ػػالى يعم ػػـ م ػػا يص ػػمحو وم ػػا يفس ػػده ‪ ..‬ف ػػخذا اإلنس ػػاف‬
‫يس ػػتخدـ نفس ػػو حس ػػب أوام ػػر اهلل ‪ ‬وطريق ػػة النب ػػي ‪ ‬يس ػػعد ف ػػي ال ػػدنيا‬
‫وابخرة ‪.‬‬
‫والجميػػع يعػػرؼ أنػػو إذا كانػػت الماكينػػة غاليػػة فالصػػانع يرسػػؿ معيػػا‬
‫الكت ػػالوج ‪ ،‬واف كان ػػت أغم ػػى فالص ػػانع يرس ػػؿ معي ػػا المين ػػدس ليب ػػيف لي ػػـ‬
‫طريق ػػة ايسػ ػػتعماؿ ‪ ،‬فػ ػػاهلل سػ ػػبحانو وتعػ ػػالى خمػ ػػؽ اإلنسػ ػػاف وجعمػ ػػو أغمػ ػػى‬

‫‪‬‬ ‫اخلَ ْ ََنينيناان ِفني ِ‬


‫نيننآتاَ ْ َِفني ِ اثَني ْ ني ِو‬ ‫األشػػياء وأحسػػنيا فقػػاؿ تعػػالى ‪ ‬لََ ني ْْ َ‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪317‬‬

‫(ٔ)‬
‫واذا انصػػم حػػاؿ ىػػذا اإلنسػػاف ‪ ..‬انصػػم العػػالـ كمػػو واذا فسػػد ‪ ..‬فسػػد‬
‫ِ‬
‫نيند ِآتاالَْ نيِّ َاوالَْ ْمني ِ ابنيَنينا َك َِفنيَ ْ‬
‫تا‬ ‫نظػػاـ العػػالـ كمػػو قػػاؿ تعػػالى ‪ ‬ظَ ََنيَ االْ َف َِفني ُ‬
‫ن ‪.)ٕ( ‬‬ ‫ياِ ُِلُواالَ َعلْ َُ ٌْاتنيَ ْ ِ عُو َا‬
‫ضاالْا َ‬
‫ِ‬ ‫ع‬ ‫ني‬ ‫ا‬ ‫ٌ‬
‫ُ ُ ْ َْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ت‬‫ا‬‫ْنسالِذ ِ‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ياال‬ ‫َت ِ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫فم ػػف رحم ػػة اهلل س ػػبحانو وتع ػػالى بعب ػػاده أنػ ػزؿ القػ ػرآف‪ ،‬وجعم ػػو م ػػنيج‬
‫الحي ػػاة‪ ،‬وأرس ػػؿ الرس ػػوؿ ليوضػ ػ لن ػػا الم ػػنيج ‪ ،‬ف ػػخذا نمش ػػى عم ػػى الم ػػنيج‬
‫حس ػػب طريق ػػة الرس ػػوؿ ‪ ‬نس ػػعد ف ػػي ال ػػدنيا وابخػ ػرة ‪ ،‬واذا نمش ػػى حس ػػب‬
‫ىوانػػا تػػأتى المشػػاكؿ فػػي الػػدنيا وفػػى القبػػر وفػػى الحشػػر‪ ،‬وفػػى المي ػزاف ‪..‬‬
‫الخ‪.‬‬

‫******‬

‫ٔ) سورة التيف – ابية ٗ‬


‫ٕ) سورة الروـ – ابية ٔٗ ‪.‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪318‬‬

‫وختةامةا‬
‫نحمد اهلل ‪ ‬عمي توفيقو أف أ‬
‫مف عمينا وأخرجنا ىذا الكتاب الطيب‬
‫الممتع في مادتو ‪ ،‬الممتع في بيانو ‪ ،‬القوي في برىانو ‪.‬‬
‫وأسألو سبحانو وتعالي أف يوفقنا لحمؿ األمانة‪ ،‬وتبميغ الرسالة‪ ،‬وأف‬

‫اخْذنيَ ا‬
‫يجعمنا أىال لما أىمنا اهلل ‪ ‬لو ‪ ،‬ولما وصفنا بو فقاؿ عنا‪ُ  :‬كَْجُ ٌْ َ‬
‫اِ ِ االْ َُُْ َ ِ َاوثُني ْوِ َُو َنا‬ ‫ِ‬ ‫ت الِلَّ ِ‬
‫نس اثَأْ ُ ُو َن اِنلْ َُ ْع ُو َاوثَنيَْني ََ ْو َن َ‬ ‫ُخ ِ َ ْ‬
‫ٍ‬
‫ُّ ا ْ‬
‫اخ ْناًا ّبُ ٌْ ا ّ َْني َُ ٌُ االْ ُُ ْوِ َُو َن َاوَ ْكًَني ُ ُل ٌُا‬ ‫ِنللّ ِه اولَو ام ا َْلل االْ ِجَ ِ‬
‫نب الَ َ ن َن َ‬ ‫َْ ََ ُ‬
‫ن ‪. )ٔ( ‬‬‫الْ َفن ِا ُو َا‬
‫وأسألو سبحانو وتعالي أف ُيحركنا في العالـ لنشر دينو ‪ ،‬كما حرؾ‬
‫أصحاب نبيو ‪ ‬وأف يجعؿ الدعوة إلي اهلل أحب إلينا مف أنفسنا وأموالنا‬
‫وأىمينا ‪ ..‬الميـ آميف‪.‬‬

‫*****‬

‫ٔ) سورة آؿ عمراف ‪ -‬ابية ٓٔٔ ‪.‬‬


‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪319‬‬

‫المراجةةةةةةةةةع‬
‫القرآف الكريـ ‪.‬‬ ‫ٔ)‬
‫مختصر تفسير ابف كثير – دار التراث العربي لمطباعة والنشر‪.‬‬ ‫ٕ)‬
‫مفاتي الميب لمرازي – طبعة دار المد العربي ‪.‬‬ ‫ٖ)‬
‫صفوة التفاسير لمصابوني – طبعة مكتبة المزالي – دمشؽ‪.‬‬ ‫ٗ)‬
‫ري ػ ػ ػػاض الص ػ ػ ػػالحيف لمن ػ ػ ػػووي – طبع ػ ػ ػػة المكت ػ ػ ػػب ايس ػ ػ ػػالمي –‬ ‫٘)‬
‫بيروت – لبناف ‪.‬‬
‫المتجػػر ال ػراب فػػي ث ػواب العمػػؿ الصػػال – لإلمػػاـ الػػدمياطي –‬ ‫‪)ٙ‬‬
‫مكتبة التراث اإلسالمي – القاىرة ‪.‬‬
‫مش ػ ػ ػػكاة المص ػ ػ ػػابي – الخطي ػ ػ ػػب التبري ػ ػ ػػزي – طبع ػ ػ ػػة المكت ػ ػ ػػب‬ ‫‪)ٚ‬‬
‫اإلسالمي – بيروت – لبناف ‪.‬‬
‫مستدرؾ الحاكـ – طبعة دار الكتاب العربي – بيروت – لبناف‪.‬‬ ‫‪)ٛ‬‬
‫جمػ ػ ػػع الجوامػ ػ ػػع لإلمػ ػ ػػاـ السػ ػ ػػيوطي – طبعػ ػ ػػة مجمػ ػ ػػع البحػ ػ ػػوث‬ ‫‪)ٜ‬‬
‫اإلسالمية‪.‬‬
‫ٓٔ) صػ ػػحي مسػ ػػمـ بشػ ػػرح النػ ػػووي – طبعػ ػػة الييئػ ػػة العامػ ػػة لشػ ػػئوف‬
‫المطابع األميرية بالقاىرة ‪.‬‬
‫ٔٔ) ايتحافات السنية فػي األحاديػث القدسػية ‪ -‬لمشػيخ محمػد المػدني‬
‫– دار الرياف لمتراث بالقاىرة ‪.‬‬
‫ٕٔ) حيػػاة الصػػحابة – لمشػػيخ محمػػد يوسػػؼ الكنػػدىموي – طبعػػة دار‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪301‬‬

‫المعرفة – بيروت – لبناف ‪.‬‬


‫ٖٔ) تاريخ اإلسالـ – لمذىبي ‪ -‬طبعة دار المد العربي بالقاىرة ‪.‬‬
‫ٗٔ) سبؿ اليدي والرشاد في سيرة خير العبػاد – الشػيخ محمػد يوسػؼ‬
‫الصػػالحي الشػػامي – طبعػػة المجمػػس األعمػػى لمشػػئوف اإلسػػالمية‬
‫المسمى بالسيرة الشامية‪.‬‬
‫٘ٔ) زاد المعاد – يبف القيـ – دار القمـ لمتراث – بالقاىرة ‪.‬‬
‫‪ )ٔٙ‬قصص اينبياء – يبف كثير – طبعة بمداد ‪.‬‬
‫‪ )ٔٚ‬السػ ػػيرة النبويػ ػػة – أبػ ػػو الحسػ ػػف النػ ػػدوي – المكتبػ ػػة العص ػ ػرية –‬
‫بيروت – لبناف‪.‬‬
‫‪ )ٔٛ‬ماذا خسر العالـ بانحطاط المسمميف – أبو الحسف الندوي ‪.‬‬
‫‪ )ٜٔ‬الفوائد المشوقة لعموـ القرآف – يبف القيـ – دار القرآف – القاىرة‬
‫ٕٓ) مدارج السالكيف – يبف القيـ – دار الحديث – بالقاىرة ‪.‬‬
‫ٕٔ) الوابؿ الصيب مف الكمـ الطيب – ابف القيـ ‪.‬‬
‫ٕٕ) إغاثػػة الميفػػاف مػػف مكائػػد الشػػيطاف – يبػػف القػػيـ – طبعػػة مكتبػػة‬
‫مصطفي البابي الحمبي – بالقاىرة ‪.‬‬
‫ٖٕ) مختصر منياج القاصريف – يبف قدامة ‪.‬‬
‫ٕٗ) منياج المسمـ ‪ -‬لمشيخ أبو بكر الجزائري ‪.‬‬
‫ٕ٘) أس ػػباب س ػػعادة المس ػػمميف وش ػػقائيـ ف ػػي ض ػػوء الكت ػػاب والس ػػنة ‪-‬‬
‫لمشيخ محمد زكريا الكندىموي – دار القمـ – دمشؽ ‪.‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪300‬‬

‫الفيرس‬
‫الصفحة‬ ‫الموضػػوع‬
‫ٖ‬ ‫(ٔ) المقدمة ‪............................................‬‬
‫ٗ‬ ‫(ٕ) نبذة عف حياة الشيخ محمد عمر البالمبوري(رحمو اهلل)‪:‬‬
‫‪ٜ‬‬ ‫(ٖ) ثناء العمماء عميو‪....................................‬‬
‫ٔٔ‬ ‫(ٗ) محاضرات الشيخ‪:‬‬
‫ٔٔ‬ ‫المنيج الرباني في الحياة‪..........................‬‬
‫ٗٗ‬ ‫(٘) فتوحات ربانية‪.....................................‬‬
‫ٗ٘ٔ‬ ‫(‪ )ٙ‬اإليم ػػاف الحقيقػػي‪.........................‬‬
‫‪ٜٔٙ‬‬ ‫(‪ )ٚ‬أسباب المحبة بيف أفراد األمة المحمدية‪............‬‬
‫ٕ‪ٔٛ‬‬ ‫(‪ )ٛ‬ارتباط األحواؿ باألعماؿ‪............................‬‬

‫‪ٜٔٙ‬‬ ‫(‪ )ٜ‬تصحي المفاىي ػػـ‪.............................‬‬

‫‪ٕٕٛ‬‬ ‫(ٓٔ) المعاشرات اإلسالمية‪...............................‬‬


‫ٕٕٗ‬ ‫(ٔٔ) التوحي ػ ػػد‪.................................‬‬
‫‪ٕٗٛ‬‬ ‫(ٕٔ) األسباب لالختبار وايمتحاف‪......................‬‬
‫‪ٕ٘ٙ‬‬ ‫(ٖٔ) مػ ػزاج الش ػػرع‪........................‬‬
‫ٔ‪ٕٙ‬‬ ‫(ٗٔ) قوة اإليماف باهلل ‪.............................‬‬
‫روائع العالمة البالمبوري (بيان منهج النبوة في الدعوة)‬
‫‪302‬‬

‫‪ٕٜٙ‬‬ ‫(٘ٔ) إقباؿ القمب عمي اهلل تعالى‪.........................‬‬


‫ٔ‪ٕٚ‬‬ ‫(‪ )ٔٙ‬األعماؿ بالصفات‪.................................‬‬
‫(‪ )ٔٚ‬عقبات الداعي‪ٕٚ٘ .....................................‬‬
‫ٖ‪ٕٛ‬‬ ‫(‪ )ٔٛ‬بياف قوة اهلل وقدرتو‪................................‬‬
‫ٗ‪ٕٜ‬‬ ‫(‪ )ٜٔ‬التضحية وترؾ الشيوات‪...........................‬‬
‫ٖٔٓ‬ ‫(ٕٓ) مف صفات الداعي إلي اهلل‪.........................‬‬
‫ٖٗٓ‬ ‫(ٕٔ) قوة األشياء وتأثيرىا مف اهلل تعالى‪..................‬‬
‫‪ٖٓٙ‬‬ ‫(ٕٕ) القرآف منيج الحياة‪................................‬‬
‫‪ٖٓٛ‬‬ ‫(ٖٕ) وختاما‪............................................‬‬
‫‪ٖٜٓ‬‬ ‫(ٕٗ )الم ارجػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػع‪........................................‬‬
‫(ٕ٘ ) الفيرس ‪ٖٔٔ ...........................................‬‬

‫‪‬‬

You might also like