You are on page 1of 19

‫الباب الرابع‬

‫المقارنة بين الشيخين هبة هللا التركستاني وصدر الدين ابن أبي العز الحنفي في التوحيد في‬
‫صفات هللا سبحانه وتعالى‬

‫الفصل األول‬

‫معنى الصفات والتوحيد في صفات هللا تعالى‬

‫كم‪2‬ا س‪2‬بق لن‪2‬ا في الب‪2‬اب الث‪2‬الث في أقس‪2‬ام التوحي‪2‬د أن‪2‬ه ينقس‪2‬م إلى تقس‪2‬يمات ع‪2‬دة مثل التقس يم‬
‫ّ‬
‫الربوبي ة التكوينية والربوبية‬ ‫املعروف ألنواع التوحيد عند السلفية من توحيد الربوبية بما فيه‬

‫التش ريعية و توحي د األلوهي ة وتوحي د األس ماء والص فات وذكرن ا أن عن د األش اعرة واملاتريدي ة‬

‫أيض ا ثالث ة أقس ام من التوحي د في ال ذات والص فات واألفع ال وعن د الش يعة أربع ة أقس ام‪ ,‬ثم‬

‫ذكرنا منهج ابن أبي العز الحنفي وهبة هللا التركستاني في هذا التقسيم وفي األخير أظهرنا رأينا بأن‬

‫ه ذا التقس يم اجته ادي نظ ري الب أس ب ه‪ .‬وق د ش اع في زمانن ا تقس يم فقه اء الس لفية في املدارس‬

‫واملعاه د فك ان لزام ا علين ا أن نعت ني في التوحي د في الص فات باألس ماء أيض ا ألن ه اتين الكلم تين‬

‫تذكران معا في هذا الباب‪.‬‬

‫معنى الصفات لغة واصطالحا‪:‬‬

‫تعريف الصفة لغة ‪:‬‬

‫الص فات جم ع ص فة ‪ ،‬مص درها وص ف‪ ،‬ومعن اه النعت‪ ،‬يق ال‪ :‬وص ف الش يء ويص فه‬
‫والمصدر هو وصفا وصفة أي نعته بما فيه وما قام به ‪ ،‬وقيل‪ :‬هو م أخوذ من ق ولهم‪ :‬وص ف‬
‫الثوب الجسم أي أظهر هيئته وبينه‪ .‬و أما مع نى الص فة لغ ة فهي الحلي ة‪ ،‬وتطل ق أيض ا على‬
‫األمارة الالزمة للش يء‪ ،‬ويك ثر إطالقه ا على الحال ة ال تي عليه ا الش يء من حليت ه‪ .‬والص فة‬
‫م أخوذة من الوص ف‪ ،‬و لكن قي ل‪ :‬إنهم ا مترادف ان كالوع د والع دة ‪ ،‬والهاءهن ا ع وض عن‬
‫الواو‪.1‬‬

‫تعريف الصفات اصطالحا‪:‬‬

‫وهي تطلق اصطالحا على ما قام بالشيء من المعاني‪ .‬وهذا القي ام إم ا أن يك ون بش كل حس ي‬


‫كالحمرة والبياض يقومان بالشئ كاالنسان وال ورق وغيرهم ا أويك ون بش كل معن وي ك األدب‬
‫والعلم فال يظهران على الشكل بل يتعلقان بالشئ معنى‪.‬‬

‫وأما في علم التجوي د فهي تطل ق على كيفي ة عارضة يوص ف به ا الح رف عن د الح دوث في‬
‫المخرج‪.‬‬

‫تعريف صفات هللا عزوجل‪:‬‬

‫هي األوصاف التي وصف هللا تعالى بها نفسه في القرآن الكريم أو وصفه بها رسوله الكريم سواء كان‬
‫ً‬ ‫ذلك ً‬
‫تعطيل‪ ،‬وال تكييف‪  .‬وقد وصف هللا عزوجل نفسه‬
‫ٍ‬ ‫تحريف‪ ،‬وال‬
‫ٍ‬ ‫أوإثبات ا من غير تمثيل وال‬ ‫نفي ا‬

‫بصفات عديدة في القرأن الكريم وعلى لسان نبيه املصطفى‪ .‬وهي على أنواع سنذكرها بالتفصيل إن شاء‬

‫هللا تعالى‪.‬‬

‫تعريف التوحيد في صفات هللا تعالى‪:‬‬

‫وقد ذكر العلماء تعاريف عدة وبهذا الصدد نذكر منها بعضها وهي كالتالي‪:‬‬

‫ص َفه به ا رس وله"من األس ماء‬


‫نفس ه في كتاب ه‪ ،‬أو َو َ‬
‫‪:1‬هواإليم ان بم ا وص ف هللا تع الى ب ه َ‬
‫الحسنى والصفات العلى وإمرارها كما جاءت على الوجه الالئق به سبحانه‪.2‬‬
‫‪ 1‬العين ‪ - )7/162( :‬تهذيب اللغة ‪ - )12/174( :‬معجم مقاييس اللغة ‪ - )5/448( :‬املحكم واملحيط األعظم ‪ - )8/383( :‬مختار الصحاح ‪:‬‬
‫(ص ‪ - )340‬تاج العروس ‪)24/459( :‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ :2‬اعتقاد انفراد هللا عز وجل بالكمال المطل ق من جمي ع الوج وه بنع وت العظم ة‪ ،‬واإلجالل‪،‬‬
‫والجمال‪ .‬وذلك بإثبات ما أثبته اهللا لنفسه‪ ،‬أو أثبته له رسوله من األمس اء والص فات‪ ،‬ومعانيه ا‬
‫وأحكامها الواردة بالكتاب والسنة‪.3‬‬

‫‪:3‬والتعريف الجامع هو الذي ذكره الش يخ عب دالرحمن حيث ق ال‪ :‬توحي د األس ماء والص فات‪:‬‬
‫وه و اعتق اد انف راد ال رب ج ل جاللهم بالكم ال المطل ق من جمي ع الوج وه بنع وت العظم ة‪،‬‬
‫واإلجالل‪ ،‬والجمال التي ال يشاركه فيها مشارك بوجه من الوج وه‪ .‬وذل ك بإثب ات م ا أثبت ه هللا‬
‫لنفسه‪ ،‬أو أثبته له رسوله من جميع األسماء‪ ،‬والصفات‪ ،‬ومعانيها‪ ،‬وأحكامها الواردة في الكتاب‬
‫والسنة على الوجه الالئق بعظمته وجالله‪ ،‬من غير نفي لشيء منها‪ ،‬وال تعطيل‪ ،‬و ال تحريف‪،‬‬
‫و ال تمثيل‪.‬ونفي ما نفاه عن نفسه‪ ،‬أو نفاه عنه رسوله من النقائص والعيوب ومن كل ما ينافي ه‬
‫كماله‪.4‬‬

‫أهمية التوحيد في صفات هللا تعالى‪:‬‬

‫إن العلم بهذا النوع من التوحيد أي األسماء والصفات أهمية عظيمة واإليمان به الزم على كل‬
‫فرد ‪ ،‬ومما يدل على أهميته مايلي‪:‬‬

‫أن من أمن به فاإليمان به داخل في اإليمان باهلل عز وجل إذ أن إيم ان العب د باهلل تع الى‬ ‫‪.1‬‬
‫ال يستقيم إال إذا أمن بأسماء هللا وصفاته‪.‬‬
‫أن معرفة توحيد اأألس ماء والص فات عب ادة هللا تع الى وكم ا آمن الس لف الص الح ب ه‬ ‫‪.2‬‬
‫فكذلك اإليمان به واجب ‪ ,‬وهذا مماأمرن ا هللا تع الى ب ه وطاعت ه واجب ة في ك ل ا ي أمر‬
‫وينهى من الأقوال واألفعال والعقائد وغيرها‪.‬‬

‫األسئلة واألجوبة على العقيدة الواسطية‪ ,‬عبدالعزيز السلمان ‪.41,42 ,‬‬ ‫‪3‬‬

‫القول السديد في مقاصد التوحيد‪ ,‬محموعة ابن سعدون‪,‬ج‪ 3‬ص‪.10‬‬ ‫‪4‬‬


‫من أراد طريق السالمة من االنحراف والزلل الذي وقع في ه كث ير من الن اس من أه ل‬ ‫‪.3‬‬
‫التعطيل‪ ،‬والتمثيل فعليه أن يؤمن بصفات هللا تعالى وأمسئه كما آمن السلف الصالح ب ه‬
‫فوجدوا طريقا إلى هللا عزوجل‪.‬‬
‫تحتوي األيات القرأنية الكث يرة على ص فات هللا تع الى وهي تع د من أعظم الس ور في‬ ‫‪.4‬‬
‫القرأن كآية الكرسي‪ ،‬وهي أعظم آية تش تمل على ه ذا الن وع من أن واع التوحي د‪ .‬وك ذا‬
‫سورة اإلخالص فإنها تعدل ثلث القرآن في األجر عند القراءة؛ وهذا لما أنه ا أخلص ت‬
‫في وصف هللا عز وجل‪.‬‬
‫السالمة من الوعيد ال تتأتى إال باإليمان به على الوجه الحقيقي‬ ‫‪.5‬‬
‫ت متنوع ًة ثم رات عظيم ة‪،‬و ه ذا العلم من أش رف‬
‫أن اإليمان بتوحيد الصفات له عبوديا ٍ‬ ‫‪.6‬‬
‫العلوم على اإلطالق ‪ ,‬فاالشتغال به من المطالب العليا‪.‬‬

‫ثمرات اإليمان بتوحيد صفات هللا تعالى ‪:‬‬

‫إن معرفة أسماء هللا وصفاته أهم العلوم وأشرفها كما ذكرنا ‪ ،‬والتأمل فيها وفهمها ثواب عن‪22‬د هللا‬
‫لما ينتج عنه من ثمر نافع عظيم‪ .‬وقد حرص علماء اإلسالم ‪ ،‬ق‪22‬ديما ً وح‪22‬ديثا ً ‪ ،‬على بي‪22‬ان أس‪22‬ماء‬
‫هللا الحسنى وصفاته وبيان فوائد اإليمان بها ‪ ،‬وشرحها‪ .‬ومن ثمار اإليم‪22‬ان بالتوحي‪22‬د بأس‪22‬ماء هللا‬
‫وصفاته ما يلي‪:‬‬

‫معرفة أسماء هللا وصفاته هو السبيل إلى معرفة هللا تعالى‪:‬‬

‫خلق هللا الخالئق حتى يعرفوه ويعبدوه ‪ ،‬وهذا هو اله دف المنش ود من خلقتهم‪ .‬االنش غال ب ذلك‬
‫هو االنشغال بما ُخلق العبد من أجله ‪ ،‬وتركه تضييع و تجاهل مما ُخلق من أجله ‪ ،‬ومن الق بيح‬
‫على العبد أن يجهل ربه الذي أكثر عليه نعمه ويبتع د عن ه‪ .‬من علم ه‪ .‬وإذا أراد العب اد معرف ة‬
‫ربهم فوجب عليهم التعرف عليه من خالل نصوص وصفه والتي تذكر أفعاله وأسمائه كم ا في‬
‫آية الكرسي في نهاية سورة الحشرو سورة اإلخالص وغيرهما‪.‬‬
‫إن معرفة هللا تستدعي حبه وخوفه ورجائه واإلخالص له في العمل‪:‬‬

‫عين سعادة العبد تكون بمعرفة أسماء هللا تع الى وص فاته وفهم معانيه ا وأحكامه ا ‪ ،‬وال س بيل‬
‫إلى معرفة هللا إال ذلك‪.‬‬

‫تنقية النفوس وتثبيتها وتزكيتهاعلى طريقة عبادة األحد‪:‬‬

‫الشريعة التي أنزلت من عن د هللا ته دف إلى إص الح اإلنس ان وس بيل الص الح أن يثبت العب اد‬
‫على طريقة عبادة هللا وحده الذي ال شريك له‪ .‬ومعرفة أسماء هللا وصفاته تحمي العبد بإذن هللا‬
‫من االنزالق في الطريق ‪ ،‬وتفتح أبواب الرجاء ‪ ،‬ويس اعد على الص بر ويق وي اإليم ان وتمأل‬
‫قلبه بالعلم واللطف‪ .‬فهذه الثمرة من أجل الثمار ال تي تنتج عن معرف ة أس ماء هللا وص فاته‪.‬على‬
‫س‪22‬بيل المث‪22‬ال ‪ ،‬أس‪22‬ماء الجم‪22‬ال ‪ ،‬واإلحس‪22‬ان وال‪22‬رب والج‪22‬ود والرحم‪22‬ة تمأل القلب ب‪22‬الحب ل‪22‬ه ‪،‬‬
‫والشوق إليه وأسماء العظمة تمأل ه بخشوع هللا وتوقيره‪.‬‬

‫االمتناع عن المعصية‪%:‬‬

‫أن النفوس قد تندفع إلى ارتكاب المعاصي فإذا عرفت أن هللا عزوجل في كل مكان‪ ،‬فت‪22‬ذكر أن‪22‬ه‬
‫يراها ‪ ،‬فتستحضر الوقوف أمامه يوم القيامة بين يدي الخالئق كلها ‪ ،‬فتتوقف وتتجنب المعص‪22‬ية‬
‫بقدر ما استطاع‪.‬‬

‫إيقاف النفوس الحريصة‪%:‬‬

‫تتطلع إلى األمام وتتوق لما في أيدي اآلخرين ‪ ،‬وربما يقع فيها بعض االعتراض أو الحسد‪ .‬ف‪22‬إذا‬
‫عرفت أن هللا عزوجل من أسمائه الحكيم و هو الذي يضع شيًئا في مكانه ‪ ،‬فعندئ‪22‬ذ تتوق‪22‬ف عن‬
‫الحسد عليها ‪ ،‬وتتخلى عن شهواتها ‪ ،‬وتبتعد عن ضاللها‪.‬‬

‫سقوط العبد في المعصية‪ %‬والرجوع عنها‪:‬‬


‫عندما يسقط العبد في المعصية تضيقه األرض بما رحبت ‪ ،‬ويتطلع إلي‪22‬ه الش‪22‬يطان ليجعل‪22‬ه يفك‪22‬ر‬
‫بربه ليسيئ الظن به حتى يتذكر أنه من أسماء هللا الرحمن و الرحيم والغفور‪.‬فال يبتع‪22‬د في ذنب‪22‬ه‬
‫وال يستمر بل ينسحب عنها و يتوب إلى ربه ‪.‬‬

‫الرجوع إلى الواحد عن مواجهة الشدائد‪:‬‬

‫إن من فطرة االنسان أنه عندما يواجه المصائب والشدائد ‪ ،‬فيلجأ إلى الزاوية متضرعا إلى من‬
‫يعتصم به فتفتح له أبواب األمل ويزول عنه القلق والذعر‪.‬وقد أشير إلى هذا في كثير من األي‪22‬ات‬
‫القرأنية عند بيان أوصاف المشركين‪.‬‬

‫مقارعة األشرار‪:‬‬

‫إن العبد يعلم أن الرزق والحياة بيد هللا وحده عندما يحاربه األشرار وأع‪22‬داء دين هللا من الكف‪22‬ار‬
‫والفجار ويكثرون في عداوته ‪ ،‬ويقطعون حياته ويؤذون‪22‬ه ‪ ،‬ويمنعون‪22‬ه من ال‪22‬رزق ‪ ،‬فه‪22‬ذا العلم‬
‫يلد الشجاعة عنده‪ ،‬وعبودية الثقة باهلل في الظاهر والباطن‪.‬‬

‫اإلصابة باألمراض وتيقن الشفاء من هللا‪:‬‬

‫إن الرجل عندما تصيبه أمراض ‪ ،‬ويصبح عالجه صعبًا ‪ ،‬وينزل اليأس في قلبه ‪ ،‬ثم يتذكر أن‬
‫هللا هو الشافي ‪ ،‬فتفتح له أب واب الرج اء ف يرفع يدي ه إلي ه ويس أله الش فاء‪ .‬فإم ا يش فيه هللا من‬
‫مرضه ‪ ،‬أو يبعد عنه ما هو أكبرمنه ‪ ،‬أو عوضه عن ذلك بالصبر والثبات واليقين‪.‬‬

‫معرفة هللا سبحانه هي أصل كل شيء‪:‬‬

‫حتى من يعرفه هو حقيقة العلم ‪ ،‬يستدل على ما يعلمه من صفاته وأفعاله على ما يفعله ‪ ،‬ويشرع‬
‫من األحكام‪ .‬ألنه ال يفعل إال ما تتطلبه أسماؤه وصفاته‪ .‬أفعاله هي دائرة العدل والنعمة والرحمة‬
‫والحكمة‪.‬‬
‫أن العلم به تعاىل أصل األشياء كلها‪ :‬حتى إن العارف به حقيقة املعرفة يستدل مبا علم من‬
‫صفاته وأفعاله على ما يفعله ويشرعه من األحكام؛ ألنه ال يفعل إال ما هو مقتضى أمسائه‬
‫وصفاته؛ فأفعاله دائرة بني العدل‪ ،‬والفضل‪ ،‬والرمحة‪ ،‬واحلكمة‪.‬‬
‫من فتح هذا الباب على باب األسماء والصفات ‪،‬‬
‫يفتح له باب التوحيد الخالص ‪ ،‬الذي ال يتحقق‬
‫إال بكمال الموحدين‪.‬‬

‫أن من انفتح له هذا الباب باب األمساء والصفات انفتح له باب التوحيد اخاللص‪ ،‬الذي ال حيصل‬
‫إال لل ُك ّمل من املوحدين‪.‬‬

‫الخالص الذي ال يصل إلى الكمال إال من‬


‫الموحدين‪ _12 .‬زيادة اإليمان‪ :‬معرفة أسماء هللا‬
‫وصفاته من أعظم أسباب زيادة اإليمان ‪ ،‬وهذا ما‬
‫ورثه في نفوس عابدي المحبة والتوبة والتطهير‬
‫والتقديس وتمجيد الخالق تعالى‪[ .‬والذين هداهم‬
‫زادهم في الهدى وهداهم‪17 :‬‬
‫خاللص‪ ،‬ال‪22‬ذي ال حيص‪22‬ل إال لل ُك ّم‪22‬ل من املوح‪22‬دين‪_12 .‬زي‪22‬ادة اإلمي‪22‬ان‪ :‬ف‪22‬العلم بأمس‪22‬اء اهل‪22‬ل‬
‫وص‪22‬فاته من أعظم أس‪22‬باب زي‪22‬ادة اإلمي‪22‬ان‪ ،‬وذل‪22‬ك مال يورث‪22‬ه ي‪22‬ف قل‪22‬وب العاب‪22‬دين من احملب‪22‬ة‪،‬‬
‫واإلنابة‪ ،‬واإلخبات‪ ،‬والتقديس‪ ،‬والتعظيم للباري جل وعال ] َوالَ‪ِ 2‬ذينَ ا ْهتَ‪2‬دَوْ ا زَا َدهُ ْم هُ‪2‬دًى َوآتَ‪22‬اهُ ْم‬
‫تَ ْقواهُ ْم[ )حممد‪17:‬‬

‫الفرق بين اسماء هللا وصفاته‪:‬‬


‫سُئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء بالسعودية عن الفرق بين االسم والصفة؟‪ ‬فأجابت‬
‫بما يلي‪:‬‬
‫((أسماء هللا كل ما دل على ذات هللا مع صفات الكمال القائمة به؛‪ ‬مثل‪ :‬القادر‪ ،‬العليم‪ ،‬الحكيم‪،‬‬
‫السميع‪ ،‬البصير؛ فإن هذه األسماء دلَّت على ذات هللا‪ ،‬وعلى ما قام بها من العلم والحكمة‬
‫والسمع والبصر‪ ،‬أما الصفات؛ فهي نعوت الكمال القائمة بالذات؛ كالعلم والحكمة والسمع‬
‫والبصر؛ فاالسم دل على أمرين‪ ،‬والصفة دلت على أمر واحد‪ ،‬ويقال‪ :‬االسم متضمن للصفة‪،‬‬
‫والصفة مستلزمة لالسم‪)) 5‬‬
‫ولمعرفة ما يُميِّز االسم عن الصفة‪ ،‬والصفة عن االسم أمور‪ ،‬منها‪:‬‬
‫أوالً‪(( :‬أن األسماء يشتق منها صفات‪ ،‬أما الصفات؛ فال يشتق منها أسماء‪ ،‬فنشتق من أسماء هللا‬
‫الرحيم والقادر والعظيم‪ ،‬صفات الرحمة والقدرة والعظمة‪ ،‬لكن ال نشتق من صفات اإلرادة‬
‫والمجيء والمكر اسم المريد والجائي والماكر))‬
‫فأسماؤه سبحانه وتعالى أوصاف؛ كما قال ابن القيم في‪(( ‬النونية))‪2‬‬
‫ح ُكلُّها ‪ُ ...‬م ْشتَقَّةٌ قَ ْد ُح ِّملَ ْ‬
‫ت لِ َمعان‬ ‫صاف َم ْد ٍ‬
‫ُ‬ ‫أسماُؤ هُ أوْ‬
‫ثانياً‪(( :‬أن االسم ال يُشتق من أفعال هللا؛ فال نشتق من كونه يحب ويكره ويغضب اسم المحب‬
‫والكاره والغاضب‪ ،‬أما صفاته؛ فتشتق من أفعاله فنثبت له صفة المحبة والكره والغضب‬
‫‪6‬‬
‫ونحوها من تلك األفعال‪ ،‬لذلك قيل‪ :‬باب الصفات أوسع من باب األسماء))‬
‫ثالثاً‪ :‬أن أسماء هللا َع َّز و َج َّل وصفاته تشترك في االستعاذة بها والحلف بها‪ ، )2( ‬لكن تختلف في‬
‫التعبد والدعاء‪ ،‬فيتعبد هللا بأسمائه‪ ،‬فنقول‪ :‬عبد الكريم‪ ،‬وعبد الرحمن‪ ،‬وعبد العزيز‪ ،‬لكن ال‬
‫يُتعبد بصفاته؛‪ ‬فال نقول‪ :‬عبد الكرم‪ ،‬وعبد الرحمة‪ ،‬وعبد العزة؛ كما أنه يُدعى هللاُ‬
‫بأسمائه‪ ،‬فنقول‪ :‬يا رحيم! ارحمنا‪ ،‬ويا كريم! أكرمنا‪ ،‬ويا لطيف! الطف بنا‪ ،‬لكن ال ندعو صفاته‬
‫فنقول‪ :‬يا رحمة هللا! ارحمينا‪ ،‬أو‪ :‬يا كرم هللا! أو‪:‬يا لطف هللا! ذلك‬

‫أن الصفة ليست هي الموصوف؛‪ 2‬فالرحمة ليست هي هللا‪ ،‬بل هي صفةٌ هلل‪ ،‬وكذلك العزة‪،‬‬
‫وغيرها؛ فهذه صفات هلل‪ ،‬وليست هي هللا‪ ،‬وال يجوز التعبد إال هلل‪ ،‬وال يجوز دعاء إال هللا؛‪ ‬لقوله‬
‫تعالى‪{ :‬يَ ْعبُ ُدونَنِي ال يُ ْش ِر ُكونَ بِي َش ْيًئا}‪[ ‬النور‪ ، ]55 2:‬وقوله تعالى‪{ ‬ا ْد ُعونِي َأ ْستَ ِجبْ‬
‫لَ ُك ْم}‪[ ‬غافر‪ ]60:‬وغيرها من اآليات‬

‫الفصل الثاني‬

‫أنواع الصفات هلل سبحانه وتعالى‬


‫أنواع الصفات‪:‬‬
‫يمكن تقسيم صفات هللا َع َّز و َج َّل إلى ثالثة أقسام‬
‫((فتاوى اللجنة الدائمة)) (‪-3/116‬فتوى رقم ‪. )8942‬‬ ‫‪5‬‬

‫((مدارج السالكين)) (‪. )3/415‬‬ ‫‪6‬‬


‫أوالً‪ :‬من حيث إثباتها ونفيها‬
‫ثانياً‪ :‬من حيث تعلقها بذات هللا وأفعاله‬
‫ثالثاً‪ :‬من حيث ثبوتها وأدلتها‬
‫وكل قسم من هذه األقسام الثالثة ينقسم إلى نوعين‬
‫أوالً‪ :‬من حيث إثباتها ونفيها‪:‬‬
‫صفات ثبوتية‬
‫وهي ما أثبته هللا سبحانه وتعالى لنفسه‪ ،‬أو أثبته له رسوله ص‪22‬لى هللا علي‪22‬ه وس‪22‬لم؛ كاالس‪22‬تواء‪،‬‬
‫والنُّ ُزول‪ ،‬والوج‪22‬ه‪ ،‬والي‪22‬د ‪ ...‬ونح‪22‬و ذل‪22‬ك‪ ،‬وكلهاص‪22‬فات م‪22‬دح وكم‪22‬ال‪ ،‬وهي أغلب الص‪22‬فات‬
‫المنصوص عليها في الكتاب والسنة‪ ،‬ويجب إثباتها‪.‬‬
‫صفات سلبية‬
‫هي ما نف‪22‬اه هللا عن نفس‪22‬ه‪ ،‬أو نف‪22‬اه عن‪22‬ه رس‪22‬وله ص‪22‬لى هللا علي‪22‬ه وس‪22‬لم‪ ،‬وكله‪22‬ا ص‪22‬فات نقص؛‬
‫والس‪22‬نة‪ ،‬والن‪22‬وم‪ ،‬والظلم ‪ ...‬وغالب‪22‬ا ً ت‪22‬أتي في الكت‪22‬اب أو الس‪22‬نة مس‪22‬بوقة ب‪22‬أداة نفي؛‬ ‫ِّ‬ ‫ك‪22‬الموت‪،‬‬
‫مثل‪( ‬ال)‪ ‬و‪( ‬ما)‪ ‬و‪( ‬ليس)‪ ، ‬وهذه تُنفى عن هللا َع َّز و َجلَّ‪ ،‬ويُثبت ضدها من الكمال‬
‫ثانياً‪ :‬من حيث تعلقها بذات هللا وأفعاله‬
‫صفات ذاتِيَّة‪:‬‬
‫وهي التي لم يزل وال يزال هللا متصفا ً بها؛ كالعلم‪ ،‬والقدرة‪ ،‬والحياة‪ ،‬والسمع‪ ،‬والبصر‪ ،‬والوجه‪،‬‬
‫واليدين ‪ ...‬ونحو ذلك‪.‬‬
‫وجلَّ‪ ،‬وذلك من اسمه‪( ‬األ َّول)‪ ، ‬الثابت في الكتاب‬ ‫األ َّولِيَّةُ صفةٌ ذاتيةٌ هلل َع َّز َ‬
‫والسنة‪ ،‬ومعناه‪ :‬الذي ليس قبله شيء‪.‬‬
‫صفات فعليَّة‪:‬‬
‫وهي الصفات المتعلقة بمشيئة هللا وقدرته‪ ،‬إن شاء فعلها‪ ،‬وإن شاء لم يفعلها؛ كالمجيء‪،‬‬
‫والنُّ ُزول‪ ،‬والغضب‪ ،‬والفرح‪ ،‬والضحك ‪ ...‬ونحو ذلك‪ ،‬وتسمى‪( ‬الصفات االختياريةو‬
‫ان َو ْال َم ِجي ُء‬ ‫اإل ْتيَ ُ‬
‫صفتان فعليتان خبريَّتان ثابتتان بالكتاب والسنة‬
‫اِإل َجابَةُ‬
‫وج َّل بالكتاب والسنة‪ ،‬والمجيب اس ٌم من أسمائه تعالى‬ ‫صفةٌ فعليةٌ ثابتةٌ هلل َع َّز َ‬
‫ان‬ ‫اِإل حْ َس ُ‬
‫وج َّل الفعلية الثابتة بالكتاب والسنة‪ ،‬واإلحسان يأتي بمعنيين‪:‬‬ ‫صفةٌ من صفات هللا َع َّز َ‬
‫‪ -1‬اإلنعام على الغير‪ ،‬وهو زائد على العدل‪.‬‬
‫‪ -2‬اإلتقان واإلحكام‪.‬‬
‫والمحسن من أسماء هللا تعالى‪.‬‬
‫اَأل ْخ ُذ بِ ْاليَ ِد‬
‫صفةٌ فعليةٌ خبريَّةٌ ثابتةٌ هلل َع َّز و َج َّل بالكتاب والسنة‪.‬‬

‫وأفعاله سبحانه وتعالى نوعان‪:‬‬


‫الزمة‪ :‬كاالستواء‪ ،‬والنُّ ُزول‪ ،‬واإلتيان ‪ ...‬ونحو ذلك‬
‫‪ ‬متعدية‪ :‬كالخلق‪ ،‬واإلعطاء ‪ ...‬ونحو ذلك‪.‬‬
‫{ويَ ْف َع ُل هللاُ َما يَ َشاء}‪ ، ‬وبالتالي صفات هللا الفعليَّة ال‬
‫وأفعاله سبحانه وتعالى ال منتهى لها‪َ  ،‬‬
‫حصر لها‪.‬‬
‫والصفات الفعليَّة من حيث قيامها بالذات تسمى صفات ذات‪ ،‬ومن حيث تعلقها بما ينشأ عنها من‬
‫األقوال واألفعال تسمى صفات أفعال‪ ،‬ومن أمثلة ذلك صفة الكالم؛ فكالم هللا َع َّز و َج َّل باعتبار‬
‫أصله ونوعه صفة ذات‪ ،‬وباعتبار آحاد الكالم وأفراده صفة فعل‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬من حيث ثبوتها وأدلتها‬
‫صفات خبرية‬
‫وهي الصفات التي ال سبيل إلى إثباتها إال السمع والخبر عن هللا أو عن رسوله صلى هللا عليه‬
‫وسلم‪ ،‬وتسمى‪( ‬صفات سمعية أو نقلية)‪ ، ‬وقد تكون ذاتِيَّة؛ كالوجه‪ ،‬واليدين‪ ،‬وقد تكون فعليَّة؛‬
‫كالفرح‪ ،‬والضحك‪.‬‬
‫صفات سمعية عقلية‬
‫وهي الصفات التي يشترك في إثباتها الدليل السمعي‪( ‬النقلي)‪ ‬والدليل العقلي‪ ،‬وقد تكون ذاتِيَّة؛‬
‫كالحياة والعلم‪ ،‬والقدرة‪ ،‬وقد تكون فعليَّة؛ كالخلق‪ ،‬واإلعطاء‬

‫ألن الخلو عن الكمال نقصٌ ‪ ،‬والنقص‬ ‫أن الذات اإللهية المق ّدسة واجدة لجميع صفات الكمال ؛ ّ‬ ‫ّ‬
‫منفي عن الواجب تعالى‪.‬‬
‫ٌّ‬
‫ألن النقص عج‪ٌ 2‬ز أيض‪22‬ا ‪،‬‬‫وأن هذه الذات الكريم‪22‬ة من ّزه‪22‬ة عن جمي‪22‬ع ص‪22‬فات النقص‪22‬ان ‪ّ ،‬‬ ‫كما ّ‬
‫والعجز ال يليق بالذات الكاملة‪.‬‬
‫ويس ّمى القسم األ ّول من الصفات بالصفات الثبوتية ‪ ،‬وصفات الكمال والجمال‪.‬‬
‫كما يس ّمى القسم الثاني بالصفات السلبيّة ‪ ،‬وصفات التنزيه والجالل‪.‬‬
‫فهو تعالى واجد لجميع صفات الكمال ‪ ،‬ونزيه عن جميع صفات الجالل‪.‬‬
‫أن ذاته الكاملة واجبة في الوجود ‪ ،‬وهي ف‪22‬وق ك‪ّ 2‬ل موج‪22‬ود ‪ ،‬فتك‪22‬ون مس‪22‬تجمعةً‬ ‫ومن الواضح ّ‬
‫لجميع الصفات الثبوتية ‪ ،‬ومن ّزهة عن جميع الصفات السلبيّة‪.‬‬
‫هذا ‪ ..‬ولعدم إمكان معرفة ذاته المتعالية ـ كما قلنا ـ ال يمكننا معرف‪22‬ة كن‪22‬ه ص‪22‬فاته ‪ ،‬وال نتم ّكن‬
‫وإن بعض‬ ‫من الوصول إلى الالمتناهي من كماالته ‪ ،‬خصوصا ّ‬
‫صفاته عين ذاته ـ كما عرفت ـ ل‪22‬ذلك نكتفي في التش‪2‬رّف ب‪22‬ذكر أش‪22‬هر ص‪22‬فاته الش‪22‬ريفة ونعوت‪22‬ه‬
‫المباركة‪.‬‬
‫أن صفاته المق ّدسة تنقسم إلى ضربين ‪:‬‬ ‫ويلزم التنبيه في البدء على ّ‬
‫‪ ١‬ـ صفات الذات ‪ ،‬ك‪2‬الوجود والعلم والق‪22‬درة والحي‪2‬اة والس‪22‬رمدية ونحوه‪2‬ا م ّم‪22‬ا هي عين ذات‪22‬ه‬
‫المق ّدسة‪.‬‬
‫‪ ٢‬ـ صفات الفع‪22‬ل ‪ ،‬كالخالقي‪22‬ة والرازقي‪22‬ة واإلحي‪22‬اء واإلمات‪22‬ة ونحوه‪22‬ا ال‪22‬تي إن‪22‬تزعت بإعتب‪22‬ار‬
‫المخلوق والمرزوق‪ 2‬والمحيى والممات ‪ ،‬فهذه صفات أفعاله ال ذاته ‪ ،‬والكم‪22‬ال في ه‪22‬ذه الص‪22‬فات‬
‫األخيرة هي قدرته عليها ‪ ..‬وتلك القدرة هي عين ذاته‪.‬‬
‫ث ّم الضابط في الفرق بين صفات الذات وصفات الفعل كما أفاده األعاظم مثل الس‪2‬يّد الش‪2‬بّر في‬
‫ق اليقين هو ‪:‬‬‫كتابه ح ّ‬
‫«إن صفات الذات هي ما اتّصف هّللا تعالى بها وامتنع اتّصافه بض ّدها ‪ ،‬كالعلم والقدرة والحياة‬ ‫ّ‬
‫أن هّللا عالم بكذا غير عالم بكذا ‪ ،‬أو ق‪22‬ادر على ك‪22‬ذا وغ‪22‬ير ق‪ٍ 2‬‬
‫‪2‬ادر‬ ‫ونحوها ‪ ،‬فإنّه ال يجوز أن يقال ّ‬
‫على كذا ‪ ،‬وسميع وبصير بكذا وغير سميع وبصير بكذا ونحو ذلك‪.‬‬
‫وأ ّما صفات الفعل فهي ما يتّصف هّللا تعالى بها وبض ّدها ‪ ،‬كالخالقية والرازقية فإنّ‪22‬ه يج‪22‬وز أن‬
‫إن هّللا تعالى خلق زيدا ولم يخلق إبنه ‪ ،‬وأحيى زيدا وأمات عمرا وأفقر بكرا وأغنى خالدا‬ ‫يقال ‪ّ :‬‬
‫ونحو ذلك ‪.  »..‬‬
‫(‪)١‬‬

‫وقد استفيدت هذه الضابطة من ثقة اإلسالم الكليني‪ ‬قدس‌س‪22‬ره‪ ‬في كتاب‪22‬ه الش‪22‬ريف الك‪22‬افي تحت‬
‫عنوان «جملة القول في صفات الذات وصفات الفعل» ‪ ،‬ذكر هذه‬
‫الضابطة وأفاد فيها أحاديث شريفة‪.)١( ‬‬
‫ث ّم إنّه إذا عرفت أقسام هذه الصفات المق ّدسة ‪ ،‬وحصلت على الميزة بين الضربين من ص‪22‬فاته‬
‫ـ يع‪22‬ني الذاتي‪22‬ة والفعلي‪22‬ة ـ ولم يحص‪22‬ل اإلش‪22‬تباه بينهم‪22‬ا ‪ ،‬نرج‪22‬ع إلى ذك‪22‬ر القس‪22‬مين من أوص‪22‬افه‬
‫الثبوتية والسلبية‪.‬‬
‫فنذكر أ ّوالً جملة من الصفات الثبوتية الكمالية ‪ ،‬ث ّم نبيّن ثانيا نبذةً من الصفات السلبيّة الجاللي‪22‬ة‬
‫‪ ..‬وهّللا هو المستعان‪.‬‬

‫صفات اهللا تنقسم إلى قسمين ‪ :‬ثبوتية وسلبية ‪ :‬فالثبوتية ‪ :‬هي ما أثبتـه اهللا لنفسه في كتابه أو‬
‫على لسان رسوله ـ صلى اهللا عليه وسلم ـ وكلها صفات كمال ال نقص فيها بوجه من الوجوه ‪،‬‬
‫كالحياة ‪ ،‬والعلم ‪ ،‬والقدرة ‪ ،‬واالستواء ‪ ،‬واليدين ‪ ،‬والوجه ‪ ،‬فيجب إثبا‪‬ـا هللا على الوجه‬
‫الالئق به ‪ ،‬وقد تقدم ذلك في الحديث عن طريقة أهل السـنة وا لجماعـة في أسمـاء اهللا‬
‫وصفاته ‪.‬‬
‫وأما السلبية أو المنفية ‪ :‬فهي ما نفاه اهللا عن نفسه في كتابه ‪ ،‬أو على لسان رسوله ـ صـلى‬
‫اهللا عليه وسلم ـ مثل الصمم ‪ ،‬والنوم ‪ ،‬وغير ذلك من صفات النقص ‪ ،‬فيجب نفيها عن اهللا كما‬
‫مر ‪.‬‬

‫الصفات الثبوتية صفات مدح وكمال ‪ ،‬فكلما كثرت وتنوعت داللتها ظهر من كمال‬
‫الموصوف ‪‬ا ما هو أكثر ‪ :‬ولهذا كانت الصفات الثبوتية التي أخبر اهللا ‪‬ا عن نفسه أكثـر‬
‫من الصفات السلبية ؛ فالقاعدة في ذلك اإلثبات المفصل ‪ ،‬والنفي ا‪‬مل ؛ فاإلثبات مقصود لذاته‬
‫‪ ،‬أما النفي فلم يذكر غالبا ً إال على األحوال التالية ‪:‬‬

‫بيان عموم كماله‬

‫نفي ما ادعاه في حقه الكاذبون‬

‫دفع توهم نقص من كماله فيما يتعلق ‪‬ذا األمر‬

‫ثم إن النفي مع أنـه مجمل بالنسبة لإلثبات ـ إال أن فيه تفصيالً وإجماالً بالنسبة لنفسه ‪.‬‬
‫فاإلجمال في النفي أن ينفى عن اهللا ـ عز وجل ـ كل ما يضاد كماله من أنـواع ال عيــوب‬
‫والنقائص ‪،‬وأما التفصيل في النفي فهو أن يتره عن كل واحد من العيوب والنقائض‬
‫بخصوصه ‪ ،‬فيتره عـن الولد ‪ ،‬والصاحبة ‪ ،‬والس‪‬نة ‪ ،‬والنوم ‪ ،‬وغير ذلك مما يتره اهللا عنه ‪.‬‬

‫الصفات الثبوتية تنقسم إلى قسمين ‪ :‬ذاتية وفعلية ‪:‬‬

‫لذاتية ‪ :‬هي التي لم يزل اهللا وال يزال متصفا ً ‪‬ا ‪ ،‬وهي التي ال تنفك عنه ـ سبحانه وتعالى ـ‬
‫كالعلم ‪ ،‬والقدرة ‪ ،‬والسمع ‪ ،‬والبصر‪ ، 2‬والعزة ‪ ،‬والحكمة ‪ ،‬والوجه ‪ ،‬واليدين ‪.‬‬

‫الفعلية ‪ :‬وتسمى الصفات االختيارية ‪ ،‬وهي التي تتعلق بمشيئة اهللا ‪ ،‬إن شاء فعلـها ‪ ،‬وإن‬
‫شاء لم يفعلها ‪ ،‬وتتجدد حسب المشيئة كاالستواء على العرش ‪ ،‬والترول إلى السماء الدنيا ‪ .‬وقد‬
‫تكون الصفة ذاتية وفعلية باعتبارين ‪ ،‬كالكالم ؛ فإنه باعتبار أصله صفة ذاتيـة ؛ ألن اهللا لم يزل‬
‫وال يزال متكلما ً ‪ ،‬وباعتبار آحاد الكالم صفـة فعلية ؛ ألن الكالم يتعلق بمشيئته ‪ ،‬يتكلم متى شاء‬
‫بما شاء ‪ ،‬وكل صفة تعلقت بمشيئته ـ تعالى ـ فإ‪ ‬ا تابعة لحكمته ‪ ،‬وقد تكون الحكمة معلومة‬
‫لنـا ‪ ،‬وقد نعجز عن إدراكها ‪ ،‬لكننا نعلم علم اليقين أنه ـ سبحانه ـ ال يشاء إال وهو موافق لحكمته‬

‫الصفات الذاتية والفعلية تنقسم إلى قسمين ‪:‬‬

‫عقلية ‪ ،‬وخبرية ‪:‬‬


‫عقلية ‪ :‬وهي التي يشترك في إثبا‪‬ا الدليل الشرعي السمعي ‪ ،‬والدليل العقلـي ‪ ،‬والفطـرة‬
‫السليمة ‪.‬‬

‫وهي أغلب صفات اهللا ـ تعالى ـ مثل صفة السمع ‪ ،‬والبصر ‪ ،‬والقوة ‪ ،‬والقدرة ‪ ،‬وغيرها ‪.‬‬

‫خبريـة ‪ :‬وتسمى النقلية ‪ ،‬والسمعية ‪ ،‬وهي التي ال تعرف إال عن طريق النص ‪ ،‬فطريـق‬
‫معرفتها النص فقط ‪ ،‬مع أن العقل السليم ال ينافيها ‪ ،‬مثل صفة اليدين ‪ ،‬والترول إلى السماء‬
‫الدنيا ‪ .‬القاعدة السابعة ‪ :‬صفات اهللا توقيفية ‪:‬‬

‫فال ن‪‬ص‪‬ف‪ ‬اهللا إال بما وصف به نفسه في كتابه ‪ ،‬أو على لسان رسوله ـ صلى اهللا عليه‬
‫وسلم‬

‫ولداللة الكتاب والسنة على ثبوت الصفة ثالثة أوجه ‪:‬‬

‫التصريح بالصفة ‪ :‬كالعـزة ‪ ،‬والقـوة ‪ ،‬والرحمـة ‪،‬‬

‫تضمن االسم لها ‪ :‬كالعزيز والغفور‬

‫التصريح بفعل أو وصف دال عليها ‪ ،‬كاالستواء على العرش ‪ ،‬وا‪‬يء‬

‫المضافات إلى اهللا إن كانت أعيانا ً فهي من جملة المخلوقـات ‪ ،‬وإن كانـت أوصافا ً فهي من‬
‫صفات اهللا‬

‫‪ :‬وبيان ذلك أن المضافات إلى اهللا على نوعين ‪:‬‬

‫أعيان قائمة بذا‪‬ا مثل ‪ :‬عبداهللا ‪ ،‬ناقة اهللا ‪ ،‬فهذه من جملة المخلوقات ‪ ،‬وإضافتها إلى اهللا‬
‫من باب إضافة المخلوق لخالقه ‪ ،‬وقد تقتضي تشريفا ً مثل ‪ :‬بيت اهللا ‪ ،‬وناقة اهللا ‪ ،‬وقد ال‬
‫تقتضي تشـريفا ً مثل ‪ :‬أرض اهللا ‪ ،‬سماء اهللا ‪.‬‬

‫أن يكون المضاف أوصافا ً غير قائمة بذا‪‬ا مثل ‪ :‬س‪‬م‪‬ع اهللا ‪ ،‬قدرة اهللا ‪ ،‬بصر اهللا ‪ ،‬فهـذه‬
‫اإلضافة تقتضي أن هذه الصفة قائمة باهللا ‪ ،‬وأن اهللا متصف ‪‬ا ‪ ،‬وهذا من بـاب إضـافة‬
‫الصـفة إلى الموصوف‪. 2‬‬

‫القول في بعض الصفات كالقول في بعض ‪:‬‬


‫وهي قاعدة ي‪‬رد‪ ‬ا على من فر‪‬ق بين الصفات فأثبت بعضها ‪ ،‬ونفى بعضها ‪ ،‬فيقال‬
‫لمـن فعـل ذلك ‪ :‬أثبت الجميع ‪ ،‬أو انف‪ ‬الجميع ‪ .‬ومن أثبت بعض الصفات ‪ ،‬ونفى بعضها ‪،‬‬
‫فهو مضطرب متناقض ‪ ،‬وتناقض القول دليل علـى فساده وبطالنه ‪.‬‬

‫القول في الصفات كالقول في الذات ‪:‬‬

‫وذلك أن اهللا ـ سبحانه وتعالى ـ ليس كمثله شيء ال في ذاته وال في صفاته ‪ ،‬وال في أفعاله ‪،‬‬
‫فإذا كان له ذات حقيقية ال تماثل الذوات ـ فالذات متصفة بصفات حقيقية ال تماثل الصفات ‪.‬‬

‫ظواهر نصوص الصفات معلومة لنا باعتبار ‪ ،‬ومجهولة لنا باعتبار ‪:‬‬

‫فباعتبار المعنى معلومة ‪ ،‬وباعتبار الكيفية مجهولة ؛ كاالستواء مثالً ‪ ،‬فمعناه معلوم لنا فهو‬
‫بمعـنى العلو ‪ ،‬واالرتفاع ‪ ،‬والصعود ‪ ،‬واالستقرار ‪.‬‬

‫أما كيفيته فمجهولة ؛ ألن اهللا أخبرنا بأنه استوى ‪ ،‬ولم يخبرنا عن كيفية استوائه ‪ ،‬وهكذا‬
‫يقـال في باقي الصفات ‪.‬‬

‫العالقة بين الصفات والذات ‪:‬‬

‫وخالصة القول في هذه المسألة أن العالقة بين الصفات والذات عالقة تالزم ؛ فاإليمان‬
‫بالـذات يستلزم اإليمان بالصفات ‪ ،‬وكذلك العكس ؛ فال يتصور وجود ذات مجردة عن الصفات‬
‫في الخـارج ‪ ،‬كما ال يتحقق وجود صفة من الصفات في الخارج إال وهي قائمة بالذات ‪.‬‬

‫عالقة الصفات بعضها ببعض من حيث اآلثار والمعاني ‪:‬‬

‫أما بالنسبة لبعضها فقد تكون مترادفة من حيث المعنى أو متقاربة ‪ .‬مثل المحبة ‪ ،‬والرحمة ‪،‬‬
‫والفرح ‪ ،‬والتعجب ‪ ،‬والضحك ‪ .‬وهناك صفات متقابلة كالرفع والخفض ‪ ،‬والظاهرية‬
‫والباطنية ‪ ،‬والنفع والضر ‪ ،‬والقبض والبسط‬

‫وهناك صفات متضادة من حيث معانيها ‪ ،‬مثل الغضب والسخط مع الرضا ‪ ،‬ومثل الكراهية‬
‫مع الحب ‪ ،‬وهكذا ‪. . .‬‬

‫فاتصافه ـ عز وجل ـ ‪‬ذه الصفات المزدوجة المأخوذة من أسمائه المتقابلة ‪ ،‬وبالصفات‬


‫المتضادة في معناها على ما تقدم ‪ ،‬والمترادفة باعتبار الذات ‪ ،‬والمتباينة باعتبار ما بينها في‬
‫الغالب ـ دليـل علـى الكمال الذي ال يشاركه فيه أحد ؛ لداللته على شمول القدرة الباهرة ‪،‬‬
‫الحكمة البالغة ‪ ،‬والتفرد بشؤون الكون كله ‪.‬‬
‫ضد توحيد األسماء والصفات‬

‫يضاد توحيد األسماء ‪ ،‬والصفات اإللحاد‪ ‬فيها ‪ ،‬ويدخل في اإللحاد التعطي ُل ‪ ،‬والتمثي ُل ‪،‬‬
‫والتكييف ‪ ،‬والتفويض ‪ ،‬والتحريف ‪ ،‬والتأويل ‪.‬‬

‫اإللحاد ‪ :‬اإللحاد في اللغة هو ‪ :‬الميل ‪ ،‬ومنه اللحد في القبر‪ .‬وي‪‬قصد بالملحدين ‪ :‬المائلين‬
‫عن الحق ‪ .‬أما في االصطالح ‪ :‬فهو العدول عما يجب اعتقاده أو عمله ‪ .‬واإللحاد في أسماء اهللا‬
‫هو ‪ :‬العدول ‪‬ا وبحقائقها ومعانيها عن الحق الثابت لها ‪ .‬أنواع اإللحاد في أسماء اهللا وصفاته‬
‫‪:‬‬

‫أن ينكر شيئا ً مما دلت عليه من الصفات كفعل المعطلة ‪.‬‬

‫أن يجعلها دالة على تشبيه اهللا بخلقه ‪ ،‬كفعل أهل التمثيل ‪.‬‬

‫أن ي‪‬سمي اهللا بما لم ي‪‬سم‪ ‬به نفسه ؛ ألن أسماء اهللا توقيفية ‪ ،‬كتسمية النصارى لـه " أبـا ً "‬
‫وتسمية الفالسفة إياه " علة فاعلة " أو تسميته بـ " مهندس الكون " أو " العقل المدبر " أو غير‬
‫ذلك ‪.‬‬

‫أن يشتق من أسمائه أسماء لألصنام ‪ ،‬كاشتقاق " الالت " من " اإلله " والع‪‬ز‪‬ى " من "‬
‫العزيز‬

‫وصفه ـ تعالى ـ بما ال يليق به ‪ ،‬وبما يتره عنه ‪ ،‬كقول اليهود ‪ :‬بأن اهللا ت‪‬ع‪‬ب‪ ‬من خلـق‬
‫السماوات واألرض ‪ ،‬واستراح يوم السبت ‪ ،‬أو قولهم ‪ :‬إن اهللا فقير ‪.‬‬

‫لتعطيل ‪:‬‬

‫التعطيل في اللغة ‪ :‬مأخوذ من العطل ‪ ،‬الذي هو الخلو والفراغ والترك ‪ ،‬ومنه قوله ـ تعالى‬
‫ـ ‪ ( :‬و‪‬بِْئ ٍر م‪‬ع‪‬طَّلَة‪ ( ]‬الحج ‪[ ، ٤٥ :‬أي ‪ :‬أهملها أهلها ‪ ،‬وتركوا وردها ‪ .‬وفي االصطالح ‪:‬‬
‫هو إنكار ما يجب هللا ـ تعالى ـ من ا ألسماء والصفات ‪ ،‬أو إنكار بعضـه ‪ ،‬وهو نوعان ‪:‬‬

‫تعطيل كلي ‪ :‬كتعطيل الجهمية الذين أنكروا الصفات ‪ ،‬وغال‪‬م ينكرون األسماء أيضا ً ‪.‬‬

‫تعطيل جزئي ‪ :‬كتعطيل األشعرية الذين ينكرون بعض الصفات دون بعض ‪ ،‬وأول مـن‬
‫عرف ذلك من هذه األمة الجعد بن درهم ‪.‬‬

‫التمثيل ‪:‬‬
‫هو ‪ :‬إثبات مثيل للشيء ‪ ،‬وفي االصطالح ‪ :‬اعتقاد أن صفات اهللا مثل صـفات المخلوقين ‪،‬‬
‫كأن يقول الشخص ‪ :‬هللا يد كيدي ‪.‬‬

‫التكييف ‪:‬‬

‫حكاية كيفية الصفة كقول القائل ‪ :‬يد اهللا أو نزوله إلى الدنيا كذا وكـذا ‪ ،‬أو يده طويلة ‪ ،‬أو‬
‫غير ذلك ‪ ،‬أو أن يسأل عن صفات اهللا بكيف ‪.‬‬

‫التفويض ‪:‬‬

‫هو الحكم بأن معاني نصوص الصفات مجهولة غير معقولة ال يعلمها إال اهللا ‪ .‬أو هو إثبات‬
‫الصفات وتفويض معناها وكيفيتها إلى اهللا ـ عز وجل ـ ‪ .‬والحق أن الصفات معلومة معانيها ‪،‬‬
‫أما كيفيتها فيفوض علمها إلى اهللا ـ عز وجل ـ‬

‫التحريف ‪:‬‬

‫التحريف لغة ‪ :‬التغيير ‪ ،‬وفي االصطالح ‪ :‬تغيير النص لفظا ً أو معنى ‪ .‬والتغيير اللفظي قد‬
‫يتغير معه المعنى ‪ ،‬وقد ال يتغير ‪ ،‬فهذه ثالثة أقسام ‪:‬‬

‫تحريف لفظي يتغير معه المعنى ‪ ،‬كتحريف بعضهم قوله ـ تعالى ـ ‪ ( :‬و‪َ ‬كلَّم‪ ‬هَّللا ‪ ‬م‪‬وس‪‬ـى ت‬
‫‪ْ ‬كل‪‬يما ً ) [النساء ‪[ ١٦٤ :‬إلى نصب لفظ الجاللة ؛ ليكون التكليم من موسى ـ عليه السالم ـ ‪.‬‬

‫تحريف لفظي ال يتغير معه المعنى ‪ ،‬كفتح الدال من قوله ـ تعالى ـ ‪ْ ( :‬الح‪‬م‪‬د‪ ‬ل‪‬لَّـه‪ ‬ر‪‬ب‪‬‬
‫ْالع‪‬الَم‪‬ين‪ ( ]‬الفاتحة ‪[ ، ٢ :‬وذلك بأن يقول ‪ " :‬الحمد‪ ‬هللا ‪ " . . .‬وهذا في الغالب ال يقع إال من‬
‫جاهل ؛ إذ ليس فيه غرض مقصود لفاعله غالبا ً ‪.‬‬

‫تحريف معنوي ‪ :‬وهو صرف اللفظ عن ظاهره بال دليل كتحريـف معـنى " اليـدين "‬
‫المضافتين إلى اهللا إلى القوة والنعمة ونحو ذلك ‪.‬‬

‫التأويل ‪ :‬التأويل في اللغة يدور حول عدة معان‪ ، ‬منها الرجوع ‪ ،‬والعاقبـة ‪ ،‬والمصـير‪، 2‬‬
‫والتفسير ‪.‬‬

‫ما في االصطالح فيطلق على ثالثة معان‪ ، ‬اثنان منهما صحيحان مقبوالن معلومان عند‬
‫السلف ‪ ،‬والثالث مبتدع باطل ‪ .‬وإليك بيان هذه المعاني ‪:‬‬
‫المعنى األول ‪ :‬التفسير ‪ ،‬وهو إيضاح المعنى ‪ ،‬وبيانه ‪ .‬وهذا اصطالح جمهور المفسرين‬
‫كابن جرير وغيره ‪ ،‬فتراهم يقولون ‪ :‬تأويل هذه اآلية كذا وكذا ‪ ،‬أي تفسيرها ‪.‬‬

‫الثاني ‪ :‬الحقيقة التي يؤول إليها الشيء ‪ ،‬وهذا هو المعروف من معنى التأويل في الكتاب‬
‫والسنة ‪ ،‬كما قال ـ تعالى ـ ‪( :‬ه‪‬لْ ي‪‬نظُر‪‬ونَ ِإالَّ ت‪ْ‬أ ِويلَه‪ ( ]‬األعراف ‪[ ، ٥٣ :‬وقوله ‪َ ( :‬ذل‪‬ك‬
‫‪ ‬خ‪‬ي‪‬ـر‪ ‬و‪َ‬أح‪‬س‪‬ـن‪ ‬ت‪ْ‬أ ِويالً ) [اإلسراء ‪[ ، ٣٥ :‬وقوله عن يوسف ـ عليه السالم ـ ‪ " :‬هذا‬
‫تأويل رؤياي من قبل " ‪.‬‬

‫الثالث ‪ :‬صرف اللفظ عن ظاهره إلى معنى يخالف الظاهر ‪ .‬وهذا ما اصطلح عليه‬
‫المتأخرون من أهل الكالم وغيرهم ‪ .‬كتأويلهم االستواء باالستيالء ‪ ،‬واليد بالنعمة ‪ .‬وهذا هو‬
‫الذي ذمه السلف ‪.‬‬

‫الفصل الثالث‬

‫كيفية إثبات الصفات المطلقة هلل سبحانه وتعالى واالختالف في القديم من صفات هللا‬

‫الفصل الرابع‬

‫كيفية إثبات الصفات المتشابهات هلل سبحانه وتعالى‬

‫الفصل الخامس‬

‫الفرق في صفات هللا تعالى وصفات البشر مع توضيح قول المتكلمين صفة هللا ال عينه وال‬
‫غيره‬

‫وهناك صفات خاصة باهلل ال تطلق على غيره مثل ‪ ( :‬فعال لما يريد ) ( يحيي ) ‪( ‬يميت )‬
‫وغيرها‬

‫االشتراك بين الخالق والمخلوق في االسم والمعنى اليدل على االشتراك في الحقيقة والكيفية ‪:‬‬
‫فإن من أسماء هللا العليم والحي لكن ليس علم الخالق كعلم المخلوق وليست حياة الخالق كحياة‬
‫المخلوق ألن هللا له الكمال المطلق في أسمائه وصفاته بخالف المخلوق فإن أسماؤه وصفاته‬
‫ناقصة ‪ ،‬فإذا كان نفي التشبيه بين صفات المخلوقات بعضها ببعض أمر معلوم فنفي التشبيه‬
‫صفات الخالق بصفات الخلق من باب أولى‪.‬‬

‫أسماء هللا وصفاته توقيفية ‪ (( :‬يعني أن إثباتها متوقف على األدلة الشرعية والمجال للعقل في‬
‫إثباتها )) ألن العقل ال يمكنه إدراك مايستحقه هللا من أسماء وصفات ‪ ،‬فما أثبته الشرع أثبتناه‬
‫ومانفاه الشرع نفيناه وماسكت عنه سكتنا عنه‬

‫أما التكييف فألنه ال يعلم كيفية صفات هللا إال هو سبحانه فمن ادعى أنه يعلم كيف يجيىء هللا‬
‫يوم القيامة أو كيف يستوي على عرشه فهو كاذب ‪ ،‬وأما التعطيل فمعناه نفي أو جحد ألفاظ أو‬
‫معاني األسماء والصفات وهو باطل فكيف ننفي اسم أو صفة قد ثبتت في الشرع هلل ولم ينفها‬
‫عنه الرسول صلى هللا عليه وسلم وهو أعلم بأسماء هللا وصفاته ِمنّا ‪ ،‬وأما التحريف فهو تغيير‬
‫ألفاظ أو معاني األسماء والصفات فهو باطل أيضا وكذب على هللا ‪ ،‬وتعريفه هو (( ‪ ‬صرف‬
‫اللفظ عن ظاهره المتبادر منه إلى غيره بغير دليل شرعي )) ومن أمثلة التحريف قول الجهال‬
‫أن المراد بيد هللا نعمته وقدرته وأن االستواء على العرش بمعنى االستيالء ‪ ،‬وأما التمثيل‬
‫والتشبيه فاهلل سبحانه منزه عن مماثلة أو مشابهة المخلوقين لقوله عز وجل ‪ {  :‬ليس كمثله‬
‫شيء وهو السميع البصير } الشورى ‪11:‬‬
‫تنقسم الصفات من حيث الكمال والنقص إلى ‪ :‬أوال‪ :‬صفات كمال ال نقص فيها وهذه نثبتها هلل‬
‫كما ثبت في الشرع كالعلم والسمع والرحمة‪ .‬ثانيا ‪ :‬صفات نقص وهذه ال يوصف بها هللا تعالى‬
‫أبدا كالنوم والظلم وغيرها ‪ .‬ثالثا ‪ :‬صفات يمكن أن تكون كمال ويمكن أن تكون نقص على‬
‫حسب الحال والسياق التي تذكر فيه فهذه ال يوصف بها هللا مطلقا وال تنفى عنه مطلقا ‪ .‬فنقول ‪:‬‬
‫في الحال التي تكون كمال يوصف بها هللا وفي الحال التي تكون نقص ال يوصف بها مثل المكر‬
‫والمخادعة والكيد والمحال واالستهزاء والسخرية فهي صفات كمال إذا كانت في مقابلة أعداء‬
‫هللا الذين بدأوا بها وتدل على أن هللا يقدر على مكرهم وهزيمتهم ‪ ،‬ولم تذكر هذه الصفات هلل في‬
‫القرآن مطلقا بل ذكرت مقيدة بمن بدأ بها من الكفار ‪ ،‬فنقول ‪ :‬إن من صفات هللا عز وجل أنه‬
‫يمكر بمن بدأ بمكر اإلسالم والمسلمين ويخادع بمن بدأ بمخادعته ‪ ،‬وهكذا قولنا في سائر‬
‫الصفات المقيدة في حق الكفار والمنافقين ‪ ،‬فالمكر في محله كمال والمخادعة في محلها كمال‬

‫األسس التي يقوم عليها توحيد الذات والصفات‬


‫األسس التي يقوم عليها توحيد الذات والصفات يعد مبحث توحيد الذات والصفات أدق مباحث‬
‫العقيدة اإلسالمية وذلك ألنه المحك الذي انزلقت فيه كثير من الفرق وضلت في مسالكه العديد‬
‫من الفلسفات واألفكار‪ .‬لذا عنيت العقيدة اإلسالمية بوضع األسس السليمة للخروج بمعتقد‬
‫صحيح صريح في هذا الباب يأمن فيه السالك االنزالق والضالل وتتمثل هذه األسس فيما يلي‪:‬‬
‫األساس األول‪ :‬أنه ال يوصف هللا تعالى إال بما وصف به نفسه أو وصفه به رسوله صلى هللا‬
‫عليه وسلم‪ .‬وكذا في باب األسماء ال يسمى هللا سبحانه وتعالى إال بما جاء به الشرع‪.‬‬
‫ذلك أن الحكم على الشيء فرع عن تصوره‪ ،‬فإذا كانت الذات اإللهية ال تدركها العقول‬
‫واألبصار فإن الواجب أن ال توصف تلك الذات إال بما تصف به نفسها أو بما يصفها به من‬
‫ف َما‬‫و ّكل إليه شيء من ذلك‪ ،‬وهم الرسل الكرام عليهم الصالة والسالم‪ .‬قال هللا تعالى‪َ { :‬واَل تَ ْق ُ‬
‫ك َكانَ َع ْنهُ َم ْسُئواًل }‪[ ‬اإلسراء‪]36 :‬‬ ‫ص َر َو ْالفَُؤا َد ُكلُّ ُأولَِئ َ‬
‫ْس لَكَ بِ ِه ِع ْل ٌم ِإ َّن ال َّس ْم َع َو ْالبَ َ‬
‫لَي َ‬
‫األساس الثاني‪ :‬تنزيه هللا تعالى عن أن يشبه شيًئا من خلقه أو أن يشبهه أحد من خلقه في ذاته أو‬
‫صفاته أو أفعاله‪ .‬فقد تقرر لدينا أن ذات هللا تعالى ال تشبه ذوات المخلوقين لذا كان الالزم أال‬
‫تشبه صفاته صفات المخلوقين ألن الكالم في الصفات يبنى على الكالم في الذات‪ ،‬ويدل على‬
‫ت َواَأْلرْ ِ‬
‫ض َو َما بَ ْينَهُ َما فَا ْعبُ ْدهُ َواصْ طَبِرْ لِ ِعبَا َدتِ ِه هَلْ تَ ْعلَ ُم لَهُ‬ ‫{ربُّ ال َّس َما َوا ِ‬ ‫ذلك قوله تعالى‪َ  :‬‬
‫َس ِميًّا}‪[ ‬مريم‪]65 :‬‬
‫األساس الثالث‪ :‬أنه ال سبيل إلدراك الكيفيات والهيئات فيما يتعلق بذات هللا تعالى وصفاته‬
‫ضا على اختالفه سبحانه وتعالى عن المخلوقات‪ .‬فاإلنسان محدود‬ ‫وأفعاله‪ .‬وهذا األساس يقوم أي ً‬
‫القدرات في إدراكه لألمور الغائبة عنه‪ ،‬وحتى قدرته التي يحاول بها الخروج عن حدود الواقع‪،‬‬
‫وهي قوة التخيل‪ ،‬فإنه ال يتجاوز بها المدركات المادية المتصورة لديه مهما حاول تشكيل‬
‫صورها وتوسيع مداها‪.‬‬
‫أما حينما يحاول الخروج عن ذلك فإن عقله يقع في التناقض أو عدم القدرة على تصور ذلك‪.‬‬

‫سلمان العودة‪ ،‬مع هللا‪ ،‬مؤسسة اإلسالم اليوم‪2009 ،‬م‪ ،‬ص‪ .‬ص ‪.28- 27‬‬ ‫‪.1‬‬
‫عز الدين بن عبد السالم‪ ،‬ﺷﺠﺮﺓ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻑ ﻭﺍﻷﺣﻮﺍﻝ ﻭﺻﺎﻟﺢ ﺍﻷﻗﻮﺍﻝ ﻭﺍﻷﻋﻤﺎﻝ‪ ،‬دار‬ ‫‪.2‬‬
‫الكتب العليمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪2003 ،1‬م‪ ،‬ص ‪.39‬‬
‫علي مح ّمد الصّالب ّي‪ ،‬اإليمان باهلل ج ّل جالله‪ ،‬دار المعرفة‪ ،‬بيروت‪ .‬لبنان‪ ،‬ط ‪،1‬‬ ‫‪.3‬‬
‫‪2011‬م‪ ،‬ص‪ .‬ص ‪.60-38‬‬
‫محمد نعيم ياسين‪ ،‬اإليمان‪ .‬أركانه حقيقته نواقضه‪ ،‬دار عمر بن الخطاب‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬ ‫‪.4‬‬
‫ص ‪.27‬‬
‫منى عبد هللا حسن داوود‪ ،‬منهج الدعوة إلى العقيدة في ضوء القصص القرآني‪ ،‬دار ابن‬ ‫‪.5‬‬
‫حزم للطباعة والنشر‪1998 ،‬م‪ ،‬ص‪ .‬ص ‪.36-30‬‬

You might also like