Professional Documents
Culture Documents
الباب الرابع
الباب الرابع
المقارنة بين الشيخين هبة هللا التركستاني وصدر الدين ابن أبي العز الحنفي في التوحيد في
صفات هللا سبحانه وتعالى
الفصل األول
كم2ا س2بق لن2ا في الب2اب الث2الث في أقس2ام التوحي2د أن2ه ينقس2م إلى تقس2يمات ع2دة مثل التقس يم
ّ
الربوبي ة التكوينية والربوبية املعروف ألنواع التوحيد عند السلفية من توحيد الربوبية بما فيه
التش ريعية و توحي د األلوهي ة وتوحي د األس ماء والص فات وذكرن ا أن عن د األش اعرة واملاتريدي ة
أيض ا ثالث ة أقس ام من التوحي د في ال ذات والص فات واألفع ال وعن د الش يعة أربع ة أقس ام ,ثم
ذكرنا منهج ابن أبي العز الحنفي وهبة هللا التركستاني في هذا التقسيم وفي األخير أظهرنا رأينا بأن
ه ذا التقس يم اجته ادي نظ ري الب أس ب ه .وق د ش اع في زمانن ا تقس يم فقه اء الس لفية في املدارس
واملعاه د فك ان لزام ا علين ا أن نعت ني في التوحي د في الص فات باألس ماء أيض ا ألن ه اتين الكلم تين
الص فات جم ع ص فة ،مص درها وص ف ،ومعن اه النعت ،يق ال :وص ف الش يء ويص فه
والمصدر هو وصفا وصفة أي نعته بما فيه وما قام به ،وقيل :هو م أخوذ من ق ولهم :وص ف
الثوب الجسم أي أظهر هيئته وبينه .و أما مع نى الص فة لغ ة فهي الحلي ة ،وتطل ق أيض ا على
األمارة الالزمة للش يء ،ويك ثر إطالقه ا على الحال ة ال تي عليه ا الش يء من حليت ه .والص فة
م أخوذة من الوص ف ،و لكن قي ل :إنهم ا مترادف ان كالوع د والع دة ،والهاءهن ا ع وض عن
الواو.1
وأما في علم التجوي د فهي تطل ق على كيفي ة عارضة يوص ف به ا الح رف عن د الح دوث في
المخرج.
هي األوصاف التي وصف هللا تعالى بها نفسه في القرآن الكريم أو وصفه بها رسوله الكريم سواء كان
ً ذلك ً
تعطيل ،وال تكييف .وقد وصف هللا عزوجل نفسه
ٍ تحريف ،وال
ٍ أوإثبات ا من غير تمثيل وال نفي ا
بصفات عديدة في القرأن الكريم وعلى لسان نبيه املصطفى .وهي على أنواع سنذكرها بالتفصيل إن شاء
هللا تعالى.
وقد ذكر العلماء تعاريف عدة وبهذا الصدد نذكر منها بعضها وهي كالتالي:
:3والتعريف الجامع هو الذي ذكره الش يخ عب دالرحمن حيث ق ال :توحي د األس ماء والص فات:
وه و اعتق اد انف راد ال رب ج ل جاللهم بالكم ال المطل ق من جمي ع الوج وه بنع وت العظم ة،
واإلجالل ،والجمال التي ال يشاركه فيها مشارك بوجه من الوج وه .وذل ك بإثب ات م ا أثبت ه هللا
لنفسه ،أو أثبته له رسوله من جميع األسماء ،والصفات ،ومعانيها ،وأحكامها الواردة في الكتاب
والسنة على الوجه الالئق بعظمته وجالله ،من غير نفي لشيء منها ،وال تعطيل ،و ال تحريف،
و ال تمثيل.ونفي ما نفاه عن نفسه ،أو نفاه عنه رسوله من النقائص والعيوب ومن كل ما ينافي ه
كماله.4
إن العلم بهذا النوع من التوحيد أي األسماء والصفات أهمية عظيمة واإليمان به الزم على كل
فرد ،ومما يدل على أهميته مايلي:
أن من أمن به فاإليمان به داخل في اإليمان باهلل عز وجل إذ أن إيم ان العب د باهلل تع الى .1
ال يستقيم إال إذا أمن بأسماء هللا وصفاته.
أن معرفة توحيد اأألس ماء والص فات عب ادة هللا تع الى وكم ا آمن الس لف الص الح ب ه .2
فكذلك اإليمان به واجب ,وهذا مماأمرن ا هللا تع الى ب ه وطاعت ه واجب ة في ك ل ا ي أمر
وينهى من الأقوال واألفعال والعقائد وغيرها.
األسئلة واألجوبة على العقيدة الواسطية ,عبدالعزيز السلمان .41,42 , 3
إن معرفة أسماء هللا وصفاته أهم العلوم وأشرفها كما ذكرنا ،والتأمل فيها وفهمها ثواب عن22د هللا
لما ينتج عنه من ثمر نافع عظيم .وقد حرص علماء اإلسالم ،ق22ديما ً وح22ديثا ً ،على بي22ان أس22ماء
هللا الحسنى وصفاته وبيان فوائد اإليمان بها ،وشرحها .ومن ثمار اإليم22ان بالتوحي22د بأس22ماء هللا
وصفاته ما يلي:
خلق هللا الخالئق حتى يعرفوه ويعبدوه ،وهذا هو اله دف المنش ود من خلقتهم .االنش غال ب ذلك
هو االنشغال بما ُخلق العبد من أجله ،وتركه تضييع و تجاهل مما ُخلق من أجله ،ومن الق بيح
على العبد أن يجهل ربه الذي أكثر عليه نعمه ويبتع د عن ه .من علم ه .وإذا أراد العب اد معرف ة
ربهم فوجب عليهم التعرف عليه من خالل نصوص وصفه والتي تذكر أفعاله وأسمائه كم ا في
آية الكرسي في نهاية سورة الحشرو سورة اإلخالص وغيرهما.
إن معرفة هللا تستدعي حبه وخوفه ورجائه واإلخالص له في العمل:
عين سعادة العبد تكون بمعرفة أسماء هللا تع الى وص فاته وفهم معانيه ا وأحكامه ا ،وال س بيل
إلى معرفة هللا إال ذلك.
الشريعة التي أنزلت من عن د هللا ته دف إلى إص الح اإلنس ان وس بيل الص الح أن يثبت العب اد
على طريقة عبادة هللا وحده الذي ال شريك له .ومعرفة أسماء هللا وصفاته تحمي العبد بإذن هللا
من االنزالق في الطريق ،وتفتح أبواب الرجاء ،ويس اعد على الص بر ويق وي اإليم ان وتمأل
قلبه بالعلم واللطف .فهذه الثمرة من أجل الثمار ال تي تنتج عن معرف ة أس ماء هللا وص فاته.على
س22بيل المث22ال ،أس22ماء الجم22ال ،واإلحس22ان وال22رب والج22ود والرحم22ة تمأل القلب ب22الحب ل22ه ،
والشوق إليه وأسماء العظمة تمأل ه بخشوع هللا وتوقيره.
االمتناع عن المعصية%:
أن النفوس قد تندفع إلى ارتكاب المعاصي فإذا عرفت أن هللا عزوجل في كل مكان ،فت22ذكر أن22ه
يراها ،فتستحضر الوقوف أمامه يوم القيامة بين يدي الخالئق كلها ،فتتوقف وتتجنب المعص22ية
بقدر ما استطاع.
تتطلع إلى األمام وتتوق لما في أيدي اآلخرين ،وربما يقع فيها بعض االعتراض أو الحسد .ف22إذا
عرفت أن هللا عزوجل من أسمائه الحكيم و هو الذي يضع شيًئا في مكانه ،فعندئ22ذ تتوق22ف عن
الحسد عليها ،وتتخلى عن شهواتها ،وتبتعد عن ضاللها.
إن من فطرة االنسان أنه عندما يواجه المصائب والشدائد ،فيلجأ إلى الزاوية متضرعا إلى من
يعتصم به فتفتح له أبواب األمل ويزول عنه القلق والذعر.وقد أشير إلى هذا في كثير من األي22ات
القرأنية عند بيان أوصاف المشركين.
مقارعة األشرار:
إن العبد يعلم أن الرزق والحياة بيد هللا وحده عندما يحاربه األشرار وأع22داء دين هللا من الكف22ار
والفجار ويكثرون في عداوته ،ويقطعون حياته ويؤذون22ه ،ويمنعون22ه من ال22رزق ،فه22ذا العلم
يلد الشجاعة عنده ،وعبودية الثقة باهلل في الظاهر والباطن.
إن الرجل عندما تصيبه أمراض ،ويصبح عالجه صعبًا ،وينزل اليأس في قلبه ،ثم يتذكر أن
هللا هو الشافي ،فتفتح له أب واب الرج اء ف يرفع يدي ه إلي ه ويس أله الش فاء .فإم ا يش فيه هللا من
مرضه ،أو يبعد عنه ما هو أكبرمنه ،أو عوضه عن ذلك بالصبر والثبات واليقين.
حتى من يعرفه هو حقيقة العلم ،يستدل على ما يعلمه من صفاته وأفعاله على ما يفعله ،ويشرع
من األحكام .ألنه ال يفعل إال ما تتطلبه أسماؤه وصفاته .أفعاله هي دائرة العدل والنعمة والرحمة
والحكمة.
أن العلم به تعاىل أصل األشياء كلها :حتى إن العارف به حقيقة املعرفة يستدل مبا علم من
صفاته وأفعاله على ما يفعله ويشرعه من األحكام؛ ألنه ال يفعل إال ما هو مقتضى أمسائه
وصفاته؛ فأفعاله دائرة بني العدل ،والفضل ،والرمحة ،واحلكمة.
من فتح هذا الباب على باب األسماء والصفات ،
يفتح له باب التوحيد الخالص ،الذي ال يتحقق
إال بكمال الموحدين.
أن من انفتح له هذا الباب باب األمساء والصفات انفتح له باب التوحيد اخاللص ،الذي ال حيصل
إال لل ُك ّمل من املوحدين.
أن الصفة ليست هي الموصوف؛ 2فالرحمة ليست هي هللا ،بل هي صفةٌ هلل ،وكذلك العزة،
وغيرها؛ فهذه صفات هلل ،وليست هي هللا ،وال يجوز التعبد إال هلل ،وال يجوز دعاء إال هللا؛ لقوله
تعالى{ :يَ ْعبُ ُدونَنِي ال يُ ْش ِر ُكونَ بِي َش ْيًئا}[ النور ، ]55 2:وقوله تعالى{ ا ْد ُعونِي َأ ْستَ ِجبْ
لَ ُك ْم}[ غافر ]60:وغيرها من اآليات
الفصل الثاني
ألن الخلو عن الكمال نقصٌ ،والنقص أن الذات اإللهية المق ّدسة واجدة لجميع صفات الكمال ؛ ّ ّ
منفي عن الواجب تعالى.
ٌّ
ألن النقص عجٌ 2ز أيض22ا ،وأن هذه الذات الكريم22ة من ّزه22ة عن جمي22ع ص22فات النقص22ان ّ ، كما ّ
والعجز ال يليق بالذات الكاملة.
ويس ّمى القسم األ ّول من الصفات بالصفات الثبوتية ،وصفات الكمال والجمال.
كما يس ّمى القسم الثاني بالصفات السلبيّة ،وصفات التنزيه والجالل.
فهو تعالى واجد لجميع صفات الكمال ،ونزيه عن جميع صفات الجالل.
أن ذاته الكاملة واجبة في الوجود ،وهي ف22وق كّ 2ل موج22ود ،فتك22ون مس22تجمعةً ومن الواضح ّ
لجميع الصفات الثبوتية ،ومن ّزهة عن جميع الصفات السلبيّة.
هذا ..ولعدم إمكان معرفة ذاته المتعالية ـ كما قلنا ـ ال يمكننا معرف22ة كن22ه ص22فاته ،وال نتم ّكن
وإن بعض من الوصول إلى الالمتناهي من كماالته ،خصوصا ّ
صفاته عين ذاته ـ كما عرفت ـ ل22ذلك نكتفي في التش2رّف ب22ذكر أش22هر ص22فاته الش22ريفة ونعوت22ه
المباركة.
أن صفاته المق ّدسة تنقسم إلى ضربين : ويلزم التنبيه في البدء على ّ
١ـ صفات الذات ،ك2الوجود والعلم والق22درة والحي2اة والس22رمدية ونحوه2ا م ّم22ا هي عين ذات22ه
المق ّدسة.
٢ـ صفات الفع22ل ،كالخالقي22ة والرازقي22ة واإلحي22اء واإلمات22ة ونحوه22ا ال22تي إن22تزعت بإعتب22ار
المخلوق والمرزوق 2والمحيى والممات ،فهذه صفات أفعاله ال ذاته ،والكم22ال في ه22ذه الص22فات
األخيرة هي قدرته عليها ..وتلك القدرة هي عين ذاته.
ث ّم الضابط في الفرق بين صفات الذات وصفات الفعل كما أفاده األعاظم مثل الس2يّد الش2بّر في
ق اليقين هو :كتابه ح ّ
«إن صفات الذات هي ما اتّصف هّللا تعالى بها وامتنع اتّصافه بض ّدها ،كالعلم والقدرة والحياة ّ
أن هّللا عالم بكذا غير عالم بكذا ،أو ق22ادر على ك22ذا وغ22ير قٍ 2
2ادر ونحوها ،فإنّه ال يجوز أن يقال ّ
على كذا ،وسميع وبصير بكذا وغير سميع وبصير بكذا ونحو ذلك.
وأ ّما صفات الفعل فهي ما يتّصف هّللا تعالى بها وبض ّدها ،كالخالقية والرازقية فإنّ22ه يج22وز أن
إن هّللا تعالى خلق زيدا ولم يخلق إبنه ،وأحيى زيدا وأمات عمرا وأفقر بكرا وأغنى خالدا يقال ّ :
ونحو ذلك . »..
()١
وقد استفيدت هذه الضابطة من ثقة اإلسالم الكليني قدسس22ره في كتاب22ه الش22ريف الك22افي تحت
عنوان «جملة القول في صفات الذات وصفات الفعل» ،ذكر هذه
الضابطة وأفاد فيها أحاديث شريفة.)١(
ث ّم إنّه إذا عرفت أقسام هذه الصفات المق ّدسة ،وحصلت على الميزة بين الضربين من ص22فاته
ـ يع22ني الذاتي22ة والفعلي22ة ـ ولم يحص22ل اإلش22تباه بينهم22ا ،نرج22ع إلى ذك22ر القس22مين من أوص22افه
الثبوتية والسلبية.
فنذكر أ ّوالً جملة من الصفات الثبوتية الكمالية ،ث ّم نبيّن ثانيا نبذةً من الصفات السلبيّة الجاللي22ة
..وهّللا هو المستعان.
صفات اهللا تنقسم إلى قسمين :ثبوتية وسلبية :فالثبوتية :هي ما أثبتـه اهللا لنفسه في كتابه أو
على لسان رسوله ـ صلى اهللا عليه وسلم ـ وكلها صفات كمال ال نقص فيها بوجه من الوجوه ،
كالحياة ،والعلم ،والقدرة ،واالستواء ،واليدين ،والوجه ،فيجب إثباـا هللا على الوجه
الالئق به ،وقد تقدم ذلك في الحديث عن طريقة أهل السـنة وا لجماعـة في أسمـاء اهللا
وصفاته .
وأما السلبية أو المنفية :فهي ما نفاه اهللا عن نفسه في كتابه ،أو على لسان رسوله ـ صـلى
اهللا عليه وسلم ـ مثل الصمم ،والنوم ،وغير ذلك من صفات النقص ،فيجب نفيها عن اهللا كما
مر .
الصفات الثبوتية صفات مدح وكمال ،فكلما كثرت وتنوعت داللتها ظهر من كمال
الموصوف ا ما هو أكثر :ولهذا كانت الصفات الثبوتية التي أخبر اهللا ا عن نفسه أكثـر
من الصفات السلبية ؛ فالقاعدة في ذلك اإلثبات المفصل ،والنفي امل ؛ فاإلثبات مقصود لذاته
،أما النفي فلم يذكر غالبا ً إال على األحوال التالية :
ثم إن النفي مع أنـه مجمل بالنسبة لإلثبات ـ إال أن فيه تفصيالً وإجماالً بالنسبة لنفسه .
فاإلجمال في النفي أن ينفى عن اهللا ـ عز وجل ـ كل ما يضاد كماله من أنـواع ال عيــوب
والنقائص ،وأما التفصيل في النفي فهو أن يتره عن كل واحد من العيوب والنقائض
بخصوصه ،فيتره عـن الولد ،والصاحبة ،والسنة ،والنوم ،وغير ذلك مما يتره اهللا عنه .
لذاتية :هي التي لم يزل اهللا وال يزال متصفا ً ا ،وهي التي ال تنفك عنه ـ سبحانه وتعالى ـ
كالعلم ،والقدرة ،والسمع ،والبصر ، 2والعزة ،والحكمة ،والوجه ،واليدين .
الفعلية :وتسمى الصفات االختيارية ،وهي التي تتعلق بمشيئة اهللا ،إن شاء فعلـها ،وإن
شاء لم يفعلها ،وتتجدد حسب المشيئة كاالستواء على العرش ،والترول إلى السماء الدنيا .وقد
تكون الصفة ذاتية وفعلية باعتبارين ،كالكالم ؛ فإنه باعتبار أصله صفة ذاتيـة ؛ ألن اهللا لم يزل
وال يزال متكلما ً ،وباعتبار آحاد الكالم صفـة فعلية ؛ ألن الكالم يتعلق بمشيئته ،يتكلم متى شاء
بما شاء ،وكل صفة تعلقت بمشيئته ـ تعالى ـ فإ ا تابعة لحكمته ،وقد تكون الحكمة معلومة
لنـا ،وقد نعجز عن إدراكها ،لكننا نعلم علم اليقين أنه ـ سبحانه ـ ال يشاء إال وهو موافق لحكمته
وهي أغلب صفات اهللا ـ تعالى ـ مثل صفة السمع ،والبصر ،والقوة ،والقدرة ،وغيرها .
خبريـة :وتسمى النقلية ،والسمعية ،وهي التي ال تعرف إال عن طريق النص ،فطريـق
معرفتها النص فقط ،مع أن العقل السليم ال ينافيها ،مثل صفة اليدين ،والترول إلى السماء
الدنيا .القاعدة السابعة :صفات اهللا توقيفية :
فال نصف اهللا إال بما وصف به نفسه في كتابه ،أو على لسان رسوله ـ صلى اهللا عليه
وسلم
المضافات إلى اهللا إن كانت أعيانا ً فهي من جملة المخلوقـات ،وإن كانـت أوصافا ً فهي من
صفات اهللا
أعيان قائمة بذاا مثل :عبداهللا ،ناقة اهللا ،فهذه من جملة المخلوقات ،وإضافتها إلى اهللا
من باب إضافة المخلوق لخالقه ،وقد تقتضي تشريفا ً مثل :بيت اهللا ،وناقة اهللا ،وقد ال
تقتضي تشـريفا ً مثل :أرض اهللا ،سماء اهللا .
أن يكون المضاف أوصافا ً غير قائمة بذاا مثل :سمع اهللا ،قدرة اهللا ،بصر اهللا ،فهـذه
اإلضافة تقتضي أن هذه الصفة قائمة باهللا ،وأن اهللا متصف ا ،وهذا من بـاب إضـافة
الصـفة إلى الموصوف. 2
وذلك أن اهللا ـ سبحانه وتعالى ـ ليس كمثله شيء ال في ذاته وال في صفاته ،وال في أفعاله ،
فإذا كان له ذات حقيقية ال تماثل الذوات ـ فالذات متصفة بصفات حقيقية ال تماثل الصفات .
ظواهر نصوص الصفات معلومة لنا باعتبار ،ومجهولة لنا باعتبار :
فباعتبار المعنى معلومة ،وباعتبار الكيفية مجهولة ؛ كاالستواء مثالً ،فمعناه معلوم لنا فهو
بمعـنى العلو ،واالرتفاع ،والصعود ،واالستقرار .
أما كيفيته فمجهولة ؛ ألن اهللا أخبرنا بأنه استوى ،ولم يخبرنا عن كيفية استوائه ،وهكذا
يقـال في باقي الصفات .
وخالصة القول في هذه المسألة أن العالقة بين الصفات والذات عالقة تالزم ؛ فاإليمان
بالـذات يستلزم اإليمان بالصفات ،وكذلك العكس ؛ فال يتصور وجود ذات مجردة عن الصفات
في الخـارج ،كما ال يتحقق وجود صفة من الصفات في الخارج إال وهي قائمة بالذات .
أما بالنسبة لبعضها فقد تكون مترادفة من حيث المعنى أو متقاربة .مثل المحبة ،والرحمة ،
والفرح ،والتعجب ،والضحك .وهناك صفات متقابلة كالرفع والخفض ،والظاهرية
والباطنية ،والنفع والضر ،والقبض والبسط
وهناك صفات متضادة من حيث معانيها ،مثل الغضب والسخط مع الرضا ،ومثل الكراهية
مع الحب ،وهكذا . . .
يضاد توحيد األسماء ،والصفات اإللحاد فيها ،ويدخل في اإللحاد التعطي ُل ،والتمثي ُل ،
والتكييف ،والتفويض ،والتحريف ،والتأويل .
اإللحاد :اإللحاد في اللغة هو :الميل ،ومنه اللحد في القبر .ويقصد بالملحدين :المائلين
عن الحق .أما في االصطالح :فهو العدول عما يجب اعتقاده أو عمله .واإللحاد في أسماء اهللا
هو :العدول ا وبحقائقها ومعانيها عن الحق الثابت لها .أنواع اإللحاد في أسماء اهللا وصفاته
:
أن ينكر شيئا ً مما دلت عليه من الصفات كفعل المعطلة .
أن يجعلها دالة على تشبيه اهللا بخلقه ،كفعل أهل التمثيل .
أن يسمي اهللا بما لم يسم به نفسه ؛ ألن أسماء اهللا توقيفية ،كتسمية النصارى لـه " أبـا ً "
وتسمية الفالسفة إياه " علة فاعلة " أو تسميته بـ " مهندس الكون " أو " العقل المدبر " أو غير
ذلك .
أن يشتق من أسمائه أسماء لألصنام ،كاشتقاق " الالت " من " اإلله " والعزى " من "
العزيز
وصفه ـ تعالى ـ بما ال يليق به ،وبما يتره عنه ،كقول اليهود :بأن اهللا تعب من خلـق
السماوات واألرض ،واستراح يوم السبت ،أو قولهم :إن اهللا فقير .
لتعطيل :
التعطيل في اللغة :مأخوذ من العطل ،الذي هو الخلو والفراغ والترك ،ومنه قوله ـ تعالى
ـ ( :وبِْئ ٍر معطَّلَة ( ]الحج [ ، ٤٥ :أي :أهملها أهلها ،وتركوا وردها .وفي االصطالح :
هو إنكار ما يجب هللا ـ تعالى ـ من ا ألسماء والصفات ،أو إنكار بعضـه ،وهو نوعان :
تعطيل كلي :كتعطيل الجهمية الذين أنكروا الصفات ،وغالم ينكرون األسماء أيضا ً .
تعطيل جزئي :كتعطيل األشعرية الذين ينكرون بعض الصفات دون بعض ،وأول مـن
عرف ذلك من هذه األمة الجعد بن درهم .
التمثيل :
هو :إثبات مثيل للشيء ،وفي االصطالح :اعتقاد أن صفات اهللا مثل صـفات المخلوقين ،
كأن يقول الشخص :هللا يد كيدي .
التكييف :
حكاية كيفية الصفة كقول القائل :يد اهللا أو نزوله إلى الدنيا كذا وكـذا ،أو يده طويلة ،أو
غير ذلك ،أو أن يسأل عن صفات اهللا بكيف .
التفويض :
هو الحكم بأن معاني نصوص الصفات مجهولة غير معقولة ال يعلمها إال اهللا .أو هو إثبات
الصفات وتفويض معناها وكيفيتها إلى اهللا ـ عز وجل ـ .والحق أن الصفات معلومة معانيها ،
أما كيفيتها فيفوض علمها إلى اهللا ـ عز وجل ـ
التحريف :
التحريف لغة :التغيير ،وفي االصطالح :تغيير النص لفظا ً أو معنى .والتغيير اللفظي قد
يتغير معه المعنى ،وقد ال يتغير ،فهذه ثالثة أقسام :
تحريف لفظي يتغير معه المعنى ،كتحريف بعضهم قوله ـ تعالى ـ ( :وَ كلَّم هَّللا موسـى ت
ْ كليما ً ) [النساء [ ١٦٤ :إلى نصب لفظ الجاللة ؛ ليكون التكليم من موسى ـ عليه السالم ـ .
تحريف لفظي ال يتغير معه المعنى ،كفتح الدال من قوله ـ تعالى ـ ْ ( :الحمد للَّـه رب
ْالعالَمين ( ]الفاتحة [ ، ٢ :وذلك بأن يقول " :الحمد هللا " . . .وهذا في الغالب ال يقع إال من
جاهل ؛ إذ ليس فيه غرض مقصود لفاعله غالبا ً .
تحريف معنوي :وهو صرف اللفظ عن ظاهره بال دليل كتحريـف معـنى " اليـدين "
المضافتين إلى اهللا إلى القوة والنعمة ونحو ذلك .
التأويل :التأويل في اللغة يدور حول عدة معان ، منها الرجوع ،والعاقبـة ،والمصـير، 2
والتفسير .
ما في االصطالح فيطلق على ثالثة معان ، اثنان منهما صحيحان مقبوالن معلومان عند
السلف ،والثالث مبتدع باطل .وإليك بيان هذه المعاني :
المعنى األول :التفسير ،وهو إيضاح المعنى ،وبيانه .وهذا اصطالح جمهور المفسرين
كابن جرير وغيره ،فتراهم يقولون :تأويل هذه اآلية كذا وكذا ،أي تفسيرها .
الثاني :الحقيقة التي يؤول إليها الشيء ،وهذا هو المعروف من معنى التأويل في الكتاب
والسنة ،كما قال ـ تعالى ـ ( :هلْ ينظُرونَ ِإالَّ تْأ ِويلَه ( ]األعراف [ ، ٥٣ :وقوله َ ( :ذلك
خيـر وَأحسـن تْأ ِويالً ) [اإلسراء [ ، ٣٥ :وقوله عن يوسف ـ عليه السالم ـ " :هذا
تأويل رؤياي من قبل " .
الثالث :صرف اللفظ عن ظاهره إلى معنى يخالف الظاهر .وهذا ما اصطلح عليه
المتأخرون من أهل الكالم وغيرهم .كتأويلهم االستواء باالستيالء ،واليد بالنعمة .وهذا هو
الذي ذمه السلف .
الفصل الثالث
كيفية إثبات الصفات المطلقة هلل سبحانه وتعالى واالختالف في القديم من صفات هللا
الفصل الرابع
الفصل الخامس
الفرق في صفات هللا تعالى وصفات البشر مع توضيح قول المتكلمين صفة هللا ال عينه وال
غيره
وهناك صفات خاصة باهلل ال تطلق على غيره مثل ( :فعال لما يريد ) ( يحيي ) ( يميت )
وغيرها
االشتراك بين الخالق والمخلوق في االسم والمعنى اليدل على االشتراك في الحقيقة والكيفية :
فإن من أسماء هللا العليم والحي لكن ليس علم الخالق كعلم المخلوق وليست حياة الخالق كحياة
المخلوق ألن هللا له الكمال المطلق في أسمائه وصفاته بخالف المخلوق فإن أسماؤه وصفاته
ناقصة ،فإذا كان نفي التشبيه بين صفات المخلوقات بعضها ببعض أمر معلوم فنفي التشبيه
صفات الخالق بصفات الخلق من باب أولى.
أسماء هللا وصفاته توقيفية (( :يعني أن إثباتها متوقف على األدلة الشرعية والمجال للعقل في
إثباتها )) ألن العقل ال يمكنه إدراك مايستحقه هللا من أسماء وصفات ،فما أثبته الشرع أثبتناه
ومانفاه الشرع نفيناه وماسكت عنه سكتنا عنه
أما التكييف فألنه ال يعلم كيفية صفات هللا إال هو سبحانه فمن ادعى أنه يعلم كيف يجيىء هللا
يوم القيامة أو كيف يستوي على عرشه فهو كاذب ،وأما التعطيل فمعناه نفي أو جحد ألفاظ أو
معاني األسماء والصفات وهو باطل فكيف ننفي اسم أو صفة قد ثبتت في الشرع هلل ولم ينفها
عنه الرسول صلى هللا عليه وسلم وهو أعلم بأسماء هللا وصفاته ِمنّا ،وأما التحريف فهو تغيير
ألفاظ أو معاني األسماء والصفات فهو باطل أيضا وكذب على هللا ،وتعريفه هو (( صرف
اللفظ عن ظاهره المتبادر منه إلى غيره بغير دليل شرعي )) ومن أمثلة التحريف قول الجهال
أن المراد بيد هللا نعمته وقدرته وأن االستواء على العرش بمعنى االستيالء ،وأما التمثيل
والتشبيه فاهلل سبحانه منزه عن مماثلة أو مشابهة المخلوقين لقوله عز وجل { :ليس كمثله
شيء وهو السميع البصير } الشورى 11:
تنقسم الصفات من حيث الكمال والنقص إلى :أوال :صفات كمال ال نقص فيها وهذه نثبتها هلل
كما ثبت في الشرع كالعلم والسمع والرحمة .ثانيا :صفات نقص وهذه ال يوصف بها هللا تعالى
أبدا كالنوم والظلم وغيرها .ثالثا :صفات يمكن أن تكون كمال ويمكن أن تكون نقص على
حسب الحال والسياق التي تذكر فيه فهذه ال يوصف بها هللا مطلقا وال تنفى عنه مطلقا .فنقول :
في الحال التي تكون كمال يوصف بها هللا وفي الحال التي تكون نقص ال يوصف بها مثل المكر
والمخادعة والكيد والمحال واالستهزاء والسخرية فهي صفات كمال إذا كانت في مقابلة أعداء
هللا الذين بدأوا بها وتدل على أن هللا يقدر على مكرهم وهزيمتهم ،ولم تذكر هذه الصفات هلل في
القرآن مطلقا بل ذكرت مقيدة بمن بدأ بها من الكفار ،فنقول :إن من صفات هللا عز وجل أنه
يمكر بمن بدأ بمكر اإلسالم والمسلمين ويخادع بمن بدأ بمخادعته ،وهكذا قولنا في سائر
الصفات المقيدة في حق الكفار والمنافقين ،فالمكر في محله كمال والمخادعة في محلها كمال
سلمان العودة ،مع هللا ،مؤسسة اإلسالم اليوم2009 ،م ،ص .ص .28- 27 .1
عز الدين بن عبد السالم ،ﺷﺠﺮﺓ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻑ ﻭﺍﻷﺣﻮﺍﻝ ﻭﺻﺎﻟﺢ ﺍﻷﻗﻮﺍﻝ ﻭﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ،دار .2
الكتب العليمية ،بيروت ،ط2003 ،1م ،ص .39
علي مح ّمد الصّالب ّي ،اإليمان باهلل ج ّل جالله ،دار المعرفة ،بيروت .لبنان ،ط ،1 .3
2011م ،ص .ص .60-38
محمد نعيم ياسين ،اإليمان .أركانه حقيقته نواقضه ،دار عمر بن الخطاب ،اإلسكندرية، .4
ص .27
منى عبد هللا حسن داوود ،منهج الدعوة إلى العقيدة في ضوء القصص القرآني ،دار ابن .5
حزم للطباعة والنشر1998 ،م ،ص .ص .36-30