Professional Documents
Culture Documents
محاضرات تاريخ العلاقات الدولية الأستاذ1
محاضرات تاريخ العلاقات الدولية الأستاذ1
مماد
األستاذةّ :
تفيد دراسة تاريخ االح داث بشكل عام في تمكين الب احث من فهم الماضي واستشراف
المس تقبل ،وذل ك من خالل دراس ة الظ واهر واألح داث التاريخي ة وتفس يرها ب الرجوع إلى أص لها،
والكشف عن التغيرات التي طرأت عليها في مختلف المراحل الزمانية ،وهذا ما يساعد في األخ ير على
تحليل وتفسير األحداث الراهنة والتنبؤ بمساراتها ومآالتها المستقبلية.
وتبعا لما سبق ،فإن تاريخ العالقات الدولية الذي يشكل إلى جانب مادة" نظرية العالقات
الدولية" النواة الحقيقية لعلم العالقات الدولية ،يهتم في مادة بحثه األساسية بالبحث في تطور العالقات
الدولي ة من حيث ديناميكيته ا التاريخي ة وذل ك من خالل الترك يز على دراس ة عوام ل وظ روف ظه ور
وتط ور العالق ات السياس ية والدبلوماس ية والتف اعالت العس كرية والسياس ية واالقتص ادية بين ال دول
ومختل ف األط راف الفاعل ة في الس احة الدولي ة (حرك ات أو منظم ات) في مختل ف المراح ل أو الحقب
التاريخية .ولقد تزامن ظهور هذا التخصص العلمي مع تزايد دور وأهمية العالقات السياسية الخارجية
بين الدول والشعوب ومختلف القوى والفواعل االجتماعية والسياسية واالقتصادية المؤثرة في العالقات
الدولية ،ولهذا نجد هناك ارتباط وثيق بين دراسة تاريخ العالقات الدولية ودراسة دبلوماسية وسياسة
خارجية الدول.
1
األستاذة :م ّماد محاضرات تاريخ العالقات الدولية
.إط ار مف اهيمي :تحدي د تع اريف مجموع ة من المف اهيم المفتاحي ة في المقي اس ،ومن أب رز ه ذه
تتعدد تعاريف مفهوم العالقات الدولية ،نذكر من بينها :تعريف "مارسيل ميرل ":هي كل
التدفقات التي تتم عبر الحدود أو تتطلع نحو عبورها" ،ويعرفها" كوينس" بأنها ":عالقات شاملة تشمل
مختلف الجماعات في العالقات الدولية سواء كانت عالقات رسمية أو غير رسمية".
.2تعريف مفهوم النظام الدولي :يشير مفهوم النظام " "Systemفي أدبيات العالقات الدولية إلى
":مجموع ة من األج زاء المتفاعل ة" ،ويع رف " جوزي ف فرانك ل" النظ ام ال دولي بأن ه ":مجموع ة من
الوحدات السياسية المستقلة التي تتفاعل فيما بينها بشيء من االنتظام" ،ويعرفه" هولستي" بأنه ":تجمع
يضم هويات سياسية مستقلة تتفاعل بين بعضها البعض وفقا لعمليات منتظمة" ،أما " ستانلي هوفمان"
ف يرى ب أن النظ ام ال دولي ه و" عب ارة عن نم ط للعالق ات بين الوح دات األساس ية في السياس ة الدولي ة".
ويعرف " محمد طه بدوي" النسق الدولي بأنه ":مجموعة من عدد من الوحدات السياسية بقوى متدرجة،
بحيث يقود عالقات القوى فيما بينها عدد صغير من القوى القطبية الكبرى".
ويجب اإلشارة إلى أن وحدات النظام الدولي ال تشير فقط إلى " الدولة" ،وإ نما هناك فواعل
وأطراف وقوى من طبيعة غير دوالتية( ليست دوال) أصبح لها تأثير كبير في تفاعالت النظام الدولي،
وله ذا فهي تع د من أهم أط راف وفواع ل أو مكون ات النظ ام ال دولي كالش ركات متع ددة الجنس يات،
والمنظمات غير الحكومية...الخ.
.3تعري ف مفه وم السياس ة الخارجي ة :تتع دد تع اريف السياس ة الخارجي ة وتختل ف ،يعرفه ا "
مرس يل م يرل" بأنه ا ":ذلك الجزء من النش اط الحكومي الموجه نحو الخارج لمعالج ة مش اكل ما وراء
الح دود" ،وبن اء على ه ذا ،فهي تتك ون من ق رارات حكومي ة تتخ ذ من ط رف ص ناع الق رار ،ومن
2
األستاذة :م ّماد محاضرات تاريخ العالقات الدولية
مجموع ة من األفع ال ال تي تع الج مش اكل خارجي ة ،وته دف ك ل من الق رارات واألفع ال إلى تحقي ق
مجموعة من األهداف.
.4تعريف مفهوم السياسة الدولية :يعرفها " جوزيف فرانكل" بأنها ":مجموع السياسات الخارجية
للدول في تفاعالتهم المتبادلة ،باإلضافة إلى تفاعالتهم مع المنظومة الدولية والجماعات االجتماعية من
غ ير ال دول ،وه ذا يع ني أن التفاع ل السياس ي يش مل جمي ع وح دات المجتم ع ال دولي وليس فق ط ال دول،
.5تعري ف الفاع ل أو الالعب ال دولي :يش ير تعري ف العالق ات الدولي ة إلى وج ود مجموع ة من
األطراف أو الوحدات أو الفواعل" الدولية" التي تتم بينها جملة من التفاعالت ،وإ ن كلمة " دولية" هنا ال
تش ير فق ط إلى الف اعلين ال دوليين من الطبيع ة الدوالتي ة أي" دول" باعتب ار ه ذه األخ يرة ك انت تمث ل
"الص ورة النمطي ة والكالس يكية" للف اعلين ال دوليين من ذ معاه دة وس تفاليا ،وإ نم ا تش ير أيض ا إلى أن واع
أخرى من الفواعل الدولية من طبيعة " غير دوالتية" (فوق أو دون دوالتية) تلعب دورا على المسرح
الدولي ،ولها تأثير في العالقات الدولية.
وتبع ا لم ا تق دم ،ف إن مفه وم الالعب أو "الفاع ل" في العالق ات الدولي ة كم ا عرف ه" مارس يل
م يرل" يش ير إلى ك ل" :س لطة أو جه از أو جماع ة أو ح تى ش خص ق ادر على أن يلعب دورا في الحق ل
االجتماعي أي على المسرح الدولي ،وفي هذه الحالة قد يتطلب لعب هذا الدور اتخاذ قرارما ،أو القيام
بفع ل م ا ،أو ح تى ببس اطة مج رد ممارس ة الت أثير في القابض ين على س لطة الق رار أو الممس كين بزم ام
القوة المادية ،ويقوم الفاعل بدوره في العالقات الدولية من خالل السياسة الخارجية" ،وهذا ما يضفي
صفة التنوع والتعدد على العبي العالقات الدولية.
يس تنتج من تع اريف" الفاع ل ال دولي" ،أن الفك رة الجوهري ة ال تي تتمح ور عليه ا هي" فك رة
الت أثير" ال ذي يعت بر العام ل المح دد للحكم على أي وح دة م ا بأنه ا" فاع ل" ،وله ذا ف إن الفواع ل الدولي ة
تختل ف درج ة تأثيره ا في التف اعالت الدولي ة بين ":فاع ل" في نس ق معين ،وه و ذل ك الفاع ل أو الق وة
القادرة على االشتراك في عالقات القوة داخل النسق الدولي ،مما يجعله طرفا فيها ،و" الفاعل الرئيس"
الذي يشير إلى القوة القادرة على المشاركة في تقرير صورة النسق الدولي كله.
3
األستاذة :م ّماد محاضرات تاريخ العالقات الدولية
.فواعل فوق دوالتية " فوق الدولة" :وهي تش ير إلى مجم وع الفواع ل ال تي تأخ ذ س مة الهي أة الجامع ة
لعدد من الدول ،وتشمل :المنظمات الدولية.
.فواعل تحت أو دون الدولة ،وهي فواعل غير حكومية تعمل وتنشط داخل الدولة التي تنتمي إليها ،
وهي ليست عابرة للحدود لكنها تؤثر في اتخاذ القرار الدولي وصناعة السياسة العالمية ،ومن أمثلتها:
األحزاب ،ميليشيات ،طوائف ،قبائل ،شركات ،جمعيات ،وسائل إعالم...إلخ.
.فواعل عابرة للدولة :وهي جماعات وأطراف حكومية وغير حكومية ،وغالبا ما تكون فواعل دون
دوالتية ولكن تأثيرها يكون عابر للدولة ،وذلك من خالل اتصالها وتأثيرها في فواعل دوالتية "دول"،
أو في فواعل فوق دوالتية كالمنظمات الدولية.
.الهدف من دراسة تاريخ العالقات الدولية عبر العصور :القديمة ،الوسطى ،الحديث ة
والمعاصرة.
إن أهم ما نركز عليه في مقياس" تاريخ العالقات الدولية" كما أسلفنا الذكر هو تتبع تطور
العالق ات الولي ة ع بر مختل ف العص ور والمراح ل التاريخي ة ،وإ ن اله دف من ه ذه العملي ة البحثي ة ليس
مج رد الس رد الت اريخي لألح داث " الدولي ة" ،وإ نم ا الكش ف عن التح والت والتط ورات ال تي عرفته ا
.1طبيعة الفاعلين الذين يقومون بها أي تحديد طبيعة فواعلها وأطرافها العالقات الدولية من حيث:
عبر مختلف العصور والحقب التاريخية.
.3أنم اط وأش كال تف اعالت العالق ات الدولي ة ع بر العص ور :عالق ات س لمية،
صراعية ،تعاونية .
4
األستاذة :م ّماد محاضرات تاريخ العالقات الدولية
يرجع الكثير من باحثي العالقات الدولية في العالم الغربي تاريخ ظهور ونشأة العالقات
الدولية إلى انعقاد مؤتمر "وستفاليا" عام 1648لكون أن هذه المعاهدة أسست لما يعرف بنظام الدول
القومي ة الحديث ة ،غ ير أن الدراس ات التاريخي ة تثبت ب أن ت اريخ العالق ات بين الش عوب واألمم يع ود إلى
ت اريخ وج ود البش ر على وج ه األرض أي من ذ أن خل ق اإلنس ان ،غ ير أن طبيع ة ه ذه العالق ات
ومظاهرها اتخذت الشكل التقليدي البسيط تماشيا مع نمط الحياة االجتماعية واالقتصادية والسياسية التي
عاشها االنسان البدائي ،وعاشتها التجمعات البشرية في صورها التقليدية( قبل ظهور الجماعة الدولية
بمفهومه ا وش كلها الح ديث) في العص ور القديم ة( العش ائر ،القبائ ل ،الممالي ك ،االمبراطوري ات،
اإلمارات) ،وهذا ما يظهر جليا في العالقات التي نشأت بين األمم والشعوب في العالم القديم كعالقات
مص ر الفرعوني ة م ع غيره ا من الش عوب ،وعالق ات اآلش وريين الخارجي ة ،والب ابليين والفينيق يين
والف رس ،وعالق ات اإلغري ق حيث ك انت تربط المدن اليوناني ة في ه ذا العص ر عالق ات اتس مت بتب ادل
البعثات الدبلوماسية وتوقيع معاهدات السلم والحرب ،في حين اتسمت عالقات الرومانيين بغيرهم من
األجانب في العهد الروماني بالحروب والعداء واإلخضاع والسيطرة بالقوة.
وبع د س قوط اإلمبراطوري ة الروماني ة الغربي ة س نة 476م ،ع رفت العالق ات بين األمم
والشعوب في العالم الغربي – األوروبي -تحوالت بارزة بعد دخول هذا األخير في مرحلة" العصور
الوس طى" ، حيث س يطرت س لطة الكنيس ة على مقالي د الس لطتين الروحي ة والزماني ة ،وس اد نظ ام
اإلقطاع ،وهذا ما جعل الكنيسة تتولى مهمة إدارة العالقات بين المماليك واإلمارات الغربية المسيحية
لتحقي ق م ا يس مى بالس الم المس يحي ،غ ير أن الح روب الديني ة الطاحن ة ال تي عرفه ا الع الم الغ ربي-
المس يحي -خالل ه ذه الحقب ة أدت إلى اإلطاح ة بس لطة الكنيس ة الروحي ة والزمني ة ،وكرس ت س لطة
الملوك واألباطرة السياسية ،كما أدخلت العالم الغربي في مرحلة تاريخية جيدة مهدت لظهور ما يسمى
ب" الدولة القومية الحديثة" .
أم ا عن طبيع ة ه ذه العالق ات في الع الم الش رقي بع د ظه ور اإلس الم وانتش ار الرس الة
المحمدية ،فكانت مبنية على األسس والقيم التي جاء اإلسالم يدعو إليها كالتعاون والتسامح واالحترام
تبدأ مرحلة العصور الوسطى التي عرفها العالم الغربي األوروبي منذ سقوط االمبراطورية الرومانية إلى غاية فتح
5
األستاذة :م ّماد محاضرات تاريخ العالقات الدولية
المتب ادل وع دم االعت داء ونب ذ العن ف والق وة ،وله ذا مض ت الدول ة اإلس المية في تنظيم العالق ات بين
ربوعه ا وأجزائه ا داخ ل م ا يع رف ب" دار اإلس الم" على أس اس القيم والمب ادئ المش ار إليه ا س لفا،
ودخلت أيض ا في عالق ات تجاري ة وسياس ية ،وأب رمت المعاه دات واالتفاقي ات م ع الش عوب واألمم غ ير
اإلسالمية في إطار ما يعرف ب"دار الحرب" بناءا على قاعدة" السلم ما لم يطرأ ما يوجب الحرب".
ويمكن الق ول أن ت اريخ العالق ات الدولي ة ع رف تط ورا مهم ا بع د ظه ور اإلس الم وقي ام
الدول ة اإلس المية التي أس س له ا الرس ول الكريم ،وق ام على ت دبير ش ؤونها من بع ده الخلف اء الراش دين،
بحيث عرفت العالقات الدولية تطورات ملحوظة خاصة في العصر العباسي الذي اتسمت فيه عالقات
الدول ة العباس ية الخارجي ة باعتم اد أس لوب" الدبلوماس ية" لتوثي ق العالق ات التجاري ة والثقافي ة س واء م ع
الربوع اإلسالمية أو غير اإلسالمية ،كما استخدمت الدبلوماسية أيضا كوسيلة لضمان التوازن الدولي
آنذاك عبر قيام وتبادل السفارات بين " بغداد" و" بيزنطة" ،وبين" قرطبة" و" القسطنطينية".
بدأت معالم العصر الحديث تلوح في أفق القارة األوروبية مع نهاية القرن الخامس عشرة
وبداي ة الق رن الس ادس عش رة ،ولق د ت زامن ه ذا م ع انهي ار نظ ام اإلقط اع واق تراب نهاي ة العص ور
الوس طى ،وظه ور م ا يس مى ب" الدول ة القومي ة الحديث ة" في أوروب ا الغربي ة كش كل ح ديث لتنظيم
المجتمع ات السياس ية بع د انهي ار الكيان ات اإلقطاعي ة والنظ ام اإلم براطوري عقب ح روب دامي ة ديني ة
وعرقي ة وسياس ية وقومي ة عرفته ا الق ارة األوروبي ة ،وال تي انتهت بانعق اد معاه دة ص لح" وس تفاليا" ع ام
،1648ولق د أح دثت ه ذه المعاه دة وأح داث دولي ة ك برى أخ رى عرفته ا الق ارة األوروبي ة خالل ه ذا
العص ر ال ذي امت د ح تى أواخ ر الق رن الث امن عش رة ت أثيرا عميق ا في النظ ام ال دولي "األوروبي" ،وفي
العالقات الدولية " األوروبية" بشكل عام ،وهذا ما سيتم التطرق إليه من خالل العناصر التالية:
العالقات الدولية منذ معاهدة " وستفاليا" إلى معاهدة" فيينا" :1815 .1
6
األستاذة :م ّماد محاضرات تاريخ العالقات الدولية
ه ذه الح روب ال تي انتش رت بص ورة تدريجي ة فيه ا بع د فش ل الق ادة األوروب يين في إيج اد ح ل ج ذري
للمشاكل الدينية التي اندلعت في أوروبا بعد ظهور حركة اإلصالح الديني في النصف األول من القرن
السادس عشرة ،هذا ما جعل المجتمعات األوروبية تعيش ولمدة طويلة من الزمن حالة من ألالستقرار
واالنقسامات الداخلي ة أدت في األخير إلى اندالع حروب الثالثين عاما التي اندلعت معاركها في بداية
األمر في أوروبا الوسطى(ألمانيا حاليا) التي كانت تابعة لإلمبراطورية الرومانية المقدسة ،لتمتد في ما
بع د إلى أراض ي الق وى األوروبي ة المش اركة في ه ذه الح روب وال تي ك انت له ا أطم اع سياس ية
كاألراض ي الفرنس ية ،واألراض ي المنخفض ة وش مال إيطالي ا وكاتالوني ا وغيره ا ،ومن أب رز الق وى
األوروبية التي شاركت في هذه الحروب أيضا كل من الدانمارك والسويد وإ سبانيا.
وفي ع ام ،1648ج اءت معاه دة " ويس تفاليا" لتض ع ح دا لنهاي ة ه ذه الح روب ،وتؤس س
لعالقات أوروبية جديدة ،هذا ما جعلها تعد البداية األولى لنشوء " القانون الدولي".
تعتبر معاهدة سالم" ويستفاليا" المنعقدة عام 1648من أهم االتفاقيات الدولية في التاريخ
الحديث ألنها أرست القواعد المؤسسة للعالقات الدولية المعاصرة ،ويظهر هذا من خالل النتائج واآلثار
ال تي ت رتبت عنه ا على مس توى بني ة ونم ط تف اعالت المجتم ع ال دولي أو النظ ام ال دولي" األوروبي" ،أو
على مستوى العالقات الدولية " األوروبية".
.إنه اء الح روب الديني ة أو ح روب الثالثين عام ا ال تي عرفته ا الق ارة األوروبي ة ،م ع اإلش ارة إلى أن
معاهدة ويستفاليا لم تنجح في تحقيق السلم الدائم بين الدول األوروبية.
7
األستاذة :م ّماد محاضرات تاريخ العالقات الدولية
قومي ات متعايش ة م ع بعض ها البعض ،وباكتم ال تش كل أغلب الكيان ات األوروبي ة في ش كل" الدول ة
القومي ة" ،تش كل ما يس مى ب" النظ ام ال دولي األوروبي ،بحيث تعد الدول ة القومي ة هي الفاع ل والالعب
الرئيسي والوحيد فيه.
.ترس يخ معاه دة" وس تفاليا" مب دأ" س يادة الدول ة" ،كم ا أرس ت أيض ا األرك ان األساس ية ال تي تق وم عليه ا
الدول ة القومي ة الحديث ة في أوروب ا ،والمتمثل ة في :وج ود جماع ة من الن اس" ش عب" تقيم بص ورة دائم ة
فوق إقليم جغرافي محدد ،ويخضعون لسلطة سياسية تتمتع بخاصية السيادة والتي تعني أن هذه السلطة
هي س لطة أص يلة وس امية ودائم ة وموح دة ،وللدول ة س يادة داخلي ة على س كانها ،وله ا س يادة أيض ا في
تدبير شؤونها الخارجية ،مع تمتعها بالمساواة مع الدول األخرى في الحقوق وااللتزامات الدولية.
.تحرير الدولة القومية الحديثة من هيمنة السيادة والسلطة البابوية" أي سلطة بابا الكنيسة المسيحية"،
وتكريس مبدأ الحريات الدينية.
.مه دت األرض ية أم ام والدة م ا يس مى بدبلوماس ية الم ؤتمرات من خالل اجتم اع ق ادة ال دول لعق د
الم ؤتمرات الدولي ة لمعالج ة القض ايا وح ل المش اكل واألزم ات ألن ص لح " وس تفاليا" ك ان نتيج ة أول
اجتماع عقد بين الملوك واألمراء األوروبيين في هيئة مؤتمر.
.وض ع مب ادئ هام ة تنظم العالق ات بين ال دول األوروبي ة ،بحيث ح ددت الح دود السياس ية لك ل دول ة،
وأق رت مب دأ س يادتها على إقليمه ا ،وفي المقاب ل ،أق رت مب دأ ع دم الت دخل في الش ؤون الداخلي ة لل دول،
فض ال عن اعتماده ا مب دأ المس اواة بين ال دول بغض النظ ر عن طبيع ة نظمه ا الداخلي ة ملكي ة ك انت أو
جمهورية ،وطبيعة مذاهبها الدينية كاثوليكية أو بروتستانتية .
.أق رت معاه دة "ويس تفاليا" أيض ا فك رة ت وازن الق وى بين دول أوروب ا كوس يلة لحف ظ األمن والس الم
الدوليين ،وذلك من خالل اتحاد الدول األوروبية لردع أي دولة تسعى إلى التوسع على حساب الدول
األخرى.
8
األستاذة :م ّماد محاضرات تاريخ العالقات الدولية
من أهم السمات والخصائص التي اتسمت بها العالقات الدولية والنظام الدولي خالل
الفترة الممتدة من انعقاد "مؤتمر وستفاليا" إلى بدايات اندالع الحرب العالمية األولى ما يلي:
.اعتب ار الدول ة القومي ة الفاع ل والالعب الرئيس ي والوحي د في النظ ام ال دولي ال ذي ك ان نظام ا دولي ا
أوروبي ا بامتي از ألن أغلب التف اعالت والعالق ات الدولي ة في النظ ام ال دولي خالل ه ذه الف ترة ك انت
تفاعالت وعالقات تحدث في القارة األوروبية ،كما أن الالعبين الرئيسيين في هذا النظام كانوا عبارة
عن مجموعة من القوى " الدول" األوروبية.
.العالقات الدولية خالل هذه الفترة كانت تتم على المستوى الرسمي بين الحكومات.
.خضعت العالقات الدولية في تنظيمها خالل هذه الحقبة ل" مبدأ السيادة القومية" ،ومبدأ" عدم التدخل
في الشؤون الداخلية للدول األخرى" ،ومبدأ" الوالء القومي للدولة القومية" .
.محدودي ة ت أثير ال دول على بعض ها البعض ،ويك ون ه ذا الت أثير ع بر اس تخدام وس ائل الض غط
الدبلوماسية والعسكرية.
.نم ط أو ش كل العالق ات الدولي ة ك ان يأخ ذ ش كلين :إم ا عالق ات س لمية ،أو عالق ات ص راعية ،أي أن
العالقات بين الدول كانت إما عالقات دبلوماسية أو عالقات عداء أو حرب ،باإلضافة إلى أن مجاالت
ه ذه العالق ات لم تكن متنوع ة ومتش ابكة ،تمس مج االت سياس ية ،اقتص ادية ،ثقافي ة...إلخ كم ا هي علي ه
اليوم.
.غياب وجود مؤسسات دولية توكل إليها مهمة حل النزاعات والصراعات الدولية
.اتسام النظام الدولي األوروبي بعد معاهدة وستفاليا بسيادة مبدأ أو نظام توازن القوى كأداة ووسيلة
إلق رار األمن والس لم ال دوليين ،ولق د ك انت ال دول األوروبي ة تحاف ظ على ه ذا النظ ام من خالل عق د
مجموعة من المؤتمرات الدولية هدفها تنظيم العالقات بين الدول األوروبية وحفظ األمن والسلم ،وغالبا
ما يطلق على هذه الحقبة الزمنية التي عرفت فيها أوروبا انعقاد مجموعة من المؤتمرات الدولية منذ
انعق اد مؤتمر وس تفاليا إلى غاي ة ان دالع الحرب العالمي ة األولى بعصر" الم ؤتمرات الدولي ة" ،ولع ل من
أهم ه ذه الم ؤتمرات ن ذكر :معاه دة" أوت رخت" ع ام ،1713م ؤتمر فيين ا والحل ف المق دس ع ام ،1815
م ؤتمر إكس الش ابل ع ام ،1818م ؤتمر ب اريس ع ام ،1856م ؤتمر ب رلين ع ام ،1884وم ؤتمرات
9
األستاذة :م ّماد محاضرات تاريخ العالقات الدولية
الهاي للسالم 1907-1899م ،غير أن نظام" توازن القوى األوروبي" لم يكتب له االستمرار والصمود
طويال أم ام الص راعات التي عرفته ا ال دول األوروبي ة وال تي بلغت ذروتها م ع مطل ع القرن العشرين،
لينهار هذا النظام عام 1914تاريخ اندالع الحرب العالمية األولى.
س عى مهندس وا ه ذا الم ؤتمر وعلى رأس هم" المستش ار النمس اوي مي ترنيخ" إلى تحقي ق
مجموعة من األهداف أهمها:
.القض اء على الطم وح الفرنس ي بزعام ة" ن ابوليون" ال ذي ك ان يس عى إلى بس ط الهيمن ة الفرنس ية على
القارة األوروبية ،واإلطاحة أو اإلخالل بنظام توازن القوى الذي كان سائدا في أوروبا آنذاك.
.تحقيق نوعا من التوازن النسبي بين الدول األوروبية الكبرى عبر إيجاد نظام أوروبي جديد قائم على
النفوذ الجماعي للقوى الكبرى في تلك الحقبة.
.القض اء على التي ارات الفكري ة الحرة وقمع الحرك ات الثوري ة في بعض ال دول األوروبي ة التي ك انت
نتاج انتشار مبادئ الثورة الفرنسية التحررية.
.إيجاد نظام أوروبي قائم على أساس" الوفاق" يعتمد على آلية المؤتمرات الدولية التي تعقد بين القوى
الكبرى لحل المشاكل الدولية.
ولقد تب ع انعق اد مؤتمر" فيين ا" انعق اد مجموع ة من الم ؤتمرات التي ك ان له ا األثر الكبير
هي األخ رى في تط وير العالق ات الدولي ة كم ؤتمر" إكس الش ابل" ع ام 1818للم راتب الدبلوماس ية،
م ؤتمر ب اريس ع ام 1856للتنظيم الق انوني للمض ائق التركي ة ،وم ؤتمر" ب رلين" ع ام 1884ال ذي ك ان
من مقرراته إقرار مبدأ االنتداب االستعماري ،ومؤتمرات الهاي للسالم 1907-1899التي كان من
مقرراتها أيضا :بحث مسائل التعاون الدولي ،ومناقشة فكرة تطوير وتدوين القانون الدولي ،والبحث في
اآلليات السلمية لفض النزاعات الدولية.
10
األستاذة :م ّماد محاضرات تاريخ العالقات الدولية
11