You are on page 1of 21

‫تأطير الوحدة‬

‫علم النفس االجتماعي‬


‫‪La psychologie sociale‬‬
‫(‪)2020-2021‬‬

‫عنوان الوحدة ‪:‬‬

‫علم النفس االجتماعي‬


‫الشعبة ‪:‬‬

‫علم االجتماع‬
‫الفصل‬

‫الثاني‬
‫أهداف الوحدة ‪:‬‬

‫• التعرف على مختلف المفاهيم والمقاربات األساسية لعلم النفس االجتماعي‪.‬‬

‫• اكتساب معارف حول االتجاهات النظرية الرئيسية لعلم النفس االجتماعي‪.‬‬

‫• إدراك المكونات المعرفية والعاطفية لالتجاهات وعالقتها بالسياق االجتماعي والثقافي‪.‬‬

‫• دراسة األدوار االجتماعية ومختلف أنماط التفاعل االجتماعي‪.‬‬


‫تقديم‪:‬‬
‫اكتسب علم النفس االجتماعي شأنه شأن العلوم المختلفة نموه ونضجه من خالل التقدم البطيء والتراكم‬
‫المعرفي التي تبادلته االجيال المتتالية من العلماء والمفكرين‪.‬‬

‫ظهر هذا الفرع من فروع علم النفس نتيجة االهتمام المتزايد لفهم السلوك االنساني بكافة اشكاله وانواعه‪،‬‬
‫وعلى هذا االساس يعتبر البعض أن ظهور علم النفس االجتماعي كان متأخرا نسبيا عن الفروع االخرى‪.‬‬

‫حاول علم النفس االجتماعي تقديم أجوبة وتفسيرات عن كيفية تفاعل االنسان وتأثيره وتأثره بمحيطه اذ اهتم‬
‫بدراسة الكيفية التي تتأثر بها سلوكات وانفعاالت وأفكار الفرد اثناء التفاعل مع االخرين ويمكن القول ان‬
‫االهتمام بمشكلة التفاعل االجتماعي ليست حديثة العهد فالنظريات حول السلوك االجتماعي مستمدة الى حد‬
‫كبير من النظريات القديمة للعالقات االجتماعية ذات الطابع الفلسفي‪.‬‬

‫ان اعمال المفكرين القدامى {افالطون‪ ،‬ارسطو‪ ،‬ابن سينا‪ }.....‬وضعت حجر االساس لعلم النفس‬
‫االجتماعي‪,‬قد تطور هذا الميدان واستمر بفضل السيكولوجيين واألنتربولوجيين الذين كرسوا حياتهم المهنية‬
‫للدراسة المنظمة للسلوك االجتماعي ‪.‬اذ كثرت فيه البحوث والتطبيقات العملية واصبح محط اهتمام كل من‬
‫يقتضي عمله التفاعل مع األفراد‪.‬‬

‫ويمكن القول انه بالرغم من النظريات المتعددة ومناهج البحث التي رافقتها للتنبؤ بالسلوك اإلنساني اال انها‬
‫غير فعالة لوحدها في حصر وتفسير السلوك او التنبؤ به ويجب تناولها بحذر واعتمادها بطريقة تكاملية لفهم‬
‫اشمل واعمق للتأثيرات االجتماعية على السلوك والتفاعل بين االفراد والجماعات وبمعنى اخر‪ ,‬فهم و‬
‫توضيح ماهي االفكار والمشاعر والسلوكيات لألفراد التي تتأثر بالوجود الفعلي أو الضمني لالخرين‪.‬‬

‫يرجع تعدد مناهج البحث والنظريات في هذا المجال لتعدد الظواهر والقضايا االجتماعية الجديرة بالدراسة‪.‬‬

‫نشأة علم النفس االجتماعي‬

‫كانت البدايات األولى لنشأة علم النفس االجتماعي ذات طابع فلسفي على يد افالطون وأرسطو قبل ان يتحول‬
‫إلى علم تجريبي ‪.‬إذ كان جوهر المباحث الفلسفية في علم النفس االجتماعي هو الطبيعة البشرية ‪.‬وقد حدد‬
‫أفالطون المبادئ التي من خاللها نستطيع ان نصنع المدينة الفاضلة فنجد انه اكد على اهمية البيئة االجتماعية‬
‫وتأثيرها في سلوك الفرد وان بمقدور المجتمع توجيه السلوك الفردي في اي اتجاه حسب المعايير والقوانين‬
‫االجتماعية‪.‬‬
‫بدأ علم النفس االجتماعي يتطور خالل الحرب العالمية األولى من خالل األحداث التي واكبت هذه الفترة‬
‫كظهور النازية والشيوعية والتعصب العنصري وببدء الحرب العالمية الثانية وما تالها من احداث ظهرت‬
‫كل فروع العلوم االجتماعية‪ .‬وقد واجه علم النفس االجتماعي في هذه الفترة تحديات لتفسير سلوك الفرد‬
‫والحفاظ على قيمته وحريته وحقوقه تحت ظروف تصاعد الضغوط االجتماعية والنظم العسكرية‪ ،‬وتبعا‬
‫لهذا التحدي ظهرت العديد من التفسيرات التي اضافت الكثير لفهمنا حول العديد من الظواهر كالقيادة‪ ,‬الرأي‬
‫العام ‪,‬الدعايات ‪,‬الشائعات ‪ ،‬صراع القيم‪ ,‬التواصل الغير اللفظي والتعصب ‪....‬الخ‬

‫اسهم المفكرون العرب ايضا في تطور علم النفس االجتماعي اذ تركزت جهودهم على تفسير السلوك و‬
‫على الجماعة وتكوينها وتماسكها وتحدثوا عن القيادة واسسها وعن التنشئة االجتماعية‪.‬‬

‫الفارابي‪ :‬تمحورت اسهامات الفارابي في علم النفس االجتماعي حول القيادة والسلوك االجتماعي ‪ ،‬اذ نجد‬
‫انه يتفق مع أرسطو في فكرة وجود اساس نفسي فطري للحياة االجتماعية‪ .‬يقول الفارابي "كل واحد من بني‬
‫البشر مفطور على أن يحتاج في قومه وفي أن يبلغ في كماالته الى اشياء كثيرة ال يمكن ان يقوم بها كلها‬
‫وحده ‪،‬بل يحتاج الى قوم يقوم كل واحد منهم بشيء مما يحتاج إليه"‪.‬‬

‫اذ اهتم بموضوع القيادة محددا سمات القائد (سالمة الجسم‪ ،‬الفهم‪ ،‬الذكاء‪ ،‬وأن يكون معتدال في طلبه‬
‫للملذات) ‪,‬واكد ان اللغة هي اساس الفروق الفردية وان مكانة الفرد تعتمد على مدى حظه من القوة الناطقة‬
‫(اللغة) التي نعتبرها اليوم وسيلة االتصال والتفاعل االجتماعي‪.‬‬

‫ابن سينا ‪ :‬اكد على كون السلوك االجتماعي اساس للمرض النفسي‪ ،‬أي أن االضطراب النفسي له عالقة‬
‫بتفاعل الفرد مع الجماعة‪.‬‬

‫محطات رئيسية وتجارب مهمة في علم النفس االجتماعي‬

‫‪-1‬سيكولوجية الحشد‪ :‬قدم "كوسطاف لوبون" ’‪ ‘Gustave le Bon‬دراسته ونظريته في علم النفس‬
‫اإلجتماعي الوصفي عام ‪ 1895‬عن سيكولوجية الحشد اذ أكد على أن سلوك الحشد يتميز بخصائص‬
‫منها سرعة التصديق واالندفاع في التفكير الذي يخلو من التمييز بين المساوئ والمزايا والتعصب والرغبة‬
‫في السيطرة و التأثير السريع بين االفراد وانتشار االشاعات‪ .‬ضمن الحشد يفقد الفرد قدرته على التحليل‬
‫والتفكير المنطقي ويستبدل عقله بعقل الجماعة‪.‬‬
‫‪~2‬تجربة ‪ : Norman Triplet‬قام "نورمان تريبليت" ‪Norman Triplett‬سنة ‪ 1897‬بأول تجربة‬
‫في علم النفس االجتماعي بعد أن الحظ ان أداء راكبي الدراجات يزداد ضمن الجماعة اكثر مما لو كانوا‬
‫منفردين و هذا ما سماه "التهيئة االجتماعية"‪ .‬اذ أن أداء الفرد يتأثر بوجوده ضمن الجماعة (بحضور‬
‫االخرين)‪.‬‬

‫تعد سنة ‪ 1908‬سنة فاصلة في تاريخ علم النفس االجتماعي‪ ,‬اذ ظهر فيها كتاب عالم النفس األمريكي "وليام‬
‫ماكدوجال" (مقدمة في علم النفس االجتماعي) وبظهور هذا الكتاب بدأت مشكلة الدوافع تأخذ طريقها الى‬
‫مباحث علم النفس االجتماعي وتطورت بعد ذلك من غرائز "ماكدوجال" الى االتجاهات النفسية التي‬
‫أصبحت من أهم موضوعات علم النفس الحديث‪.‬‬

‫‪-3‬االمتثال االجتماعي‬

‫كيف نتأثر بمعايير وقيم الجماعة عن طريق التنشئة االجتماعية؟ الجماعة تضغط على األفراد ليتبنوا ثقافة‬
‫وعادات المجتمع‪ .‬وبالتالي تصبح جزءا ً من شخصيتهم وهنا ينصاع الفرد للجماعة سوا ًء أكانت هذه الجماعة‬
‫ذات وجود فعلي او بعد أن يصبح وجودها ادراكي بالنسبة للفرد‪ .‬يعني الطفل عندما يكون صغيرا ً نجد‬
‫انه يخضع لضغوطات من االسرة والمدرسة ‪ ,‬الكل يضغط عليه من اجل تشكيل شخصيته بطريق ٍة تتوافق‬
‫قيم وعادات‪ .‬المجتمع يفرض على األفراد ان يكونوا متشابهين و يسعى‬
‫مع ما هو موجود في المجتمع من ٍ‬
‫لتشكيل سلوكهم بطريق ٍة مقبولة اجتماعياً‪ .‬لكن هناك من الطقوس الغير عقالنية‪ ,‬الخرافية التي يقوم بها‬
‫الفرد ألن لديه نزعة ليكون مقبوالً من طرف االخرين‪ .‬أكدت التجارب على تأثر الفرد برأي االغلبية‬
‫(تجربة "سولومون آش) بالرغم من توفره على قدرات عقلية ورأي مستقل ‪ .‬اذا ما هي العوامل وراء هذا‬
‫التأثير ؟ ولماذا ينجذب الفرد دائما ً للجماعة ؟‬

‫هذا ما وضحته تجربة مشهورة جدا ً وهي تجربة " آش سولمون" ‪ " Solomon Asch‬للخطوط المستقيمة‪,‬‬
‫شملت التجربة مجموعة من االفراد‪ .‬واح ٌد منهم فقط ال يعلم بهدف التجربة‪ .‬وباقي االفراد يعلمون الهدف‬
‫من التجربة باتفاق مع الباحث " آش "‪ .‬وضع الباحث خطوطا مستقيمة ذات أطوال مختلفة والمطلوب من‬
‫االفراد المتضامنين مع الباحث الضغط على الفرد الساذج (يعني الذي ال يعلم مغزى التجربة) الختيار‬
‫اطوال معينة عند السؤال عن أي الخطوط متساوية في الطول فالحظ ان الفرد عندما يكون لوحده يختار‬
‫الخطوط المتساوية بشك ٍل صحيح وعندما يكون وسط جماعة وتحت ضغطٍ فان ‪%80‬من االفراد يغيرون‬
‫آراءهم باتجاه آراء اآلخرين‪ .‬مما يؤكد على أن الجماعة ال تؤثر فقط على سلوكنا بل على ادراكنا وهذا ما‬
‫قاله االفراد بعد التجربة اي أن ادراك الفرد اختل وظن أن الجماعة على حق ‪ .‬ان سلوك الفرد تأثر وفقا ً‬
‫لما يرتأيه االخرون‪.‬‬
‫تتفاوت درجة االمتثال من فر ٍد ألخر واثبتت الدراسات أن كلما كان الموقف غامضا ً كلما زاد االمتثال‬
‫واالنطباع للمجتمع‪.‬‬
‫كما ان جاذبية الجماعة وحجمها تزيد من اإلنصياع‪ ,‬هناك أيضا مجموعة من الدراسات التي تتؤكد على‬
‫أن االناث اكثر انصياعا من الذكور بحكم طبيعة التربية المبنية على الخضوع اكثر‪.‬‬

‫‪~4‬نظرية العزو السببي ‪Théorie de l’attriution sociale :‬‬

‫هي نظرية في علم النفس االجتماعي‪ ,‬طورها "فريتز هايدر '‪"Fridz Heider‬‬
‫تقوم على دافعية اإلنجاز‪ ,‬أي أن الفرد يعزو وينسب نجاحه او فشله الى‬
‫أسباب داخلية أو خارجية‪:‬‬

‫قد يعزو النجاح أو الفشل الى القدرات والجهد أي انه خاضع لمسؤوليته‬
‫الشخصية‪ ,‬كما يمكن ان يعزو ذلك الى أسباب خارجية ليس مسؤوال عنها‬
‫كصعوبة المهمة الواجب القيام بها و الظروف الخارجية وضعف العالقات‪.‬‬

‫‪ ~5‬التنافر المعرفي‪" :‬ليون فستنجير‬

‫التنافر بين السلوك والمعتقد يسبب القلق‪ ,‬التوتر و عدم الشعور بالراحة وبالتالي عندما يتعرض االنسان‬
‫لمواقف تتنافى مع أفكاره ومعتقداته فانه يلجا الى تغيير معتقداته لتتالءم مع سلوكه‪ .‬اذ نسعى ال شعوريا‬
‫للموازنة بين السلوك والمعتقد‪.‬‬
‫تعريف علم النفس االجتماعي‬

‫ان القيام بتعريف أي مجال ليس باألمر الهين نظرا لضرورة احتواء التعريف على كل جوانب المجال المراد‬
‫تعريفه ومحتوياته‪ .‬تعريف علم النفس االجتماعي صعب نظرا لكون الموضوعات التي يتناولها بالدراسة‬
‫تعرف نموا دائما وتنوعا من الصعب حصره في تعريف شامل وعلى العموم فان المعنى العام للتعاريف‬
‫يؤكد على أن الهدف االساسي منها هو فهم مدى تأثر الفرد باألشخاص المحيطين بهم‪.‬‬

‫تعريف كلينبرج "‪" : "klinberg‬دراسة الفرد في موقف الجماعة ‪،‬او هو بصورة دقيقة الدراسة العلمية‬
‫لسلوك الفرد من حيث هو فرد في صلته مع االخرين "‬

‫تعريف كمبال ينج" ‪": "kambla young‬دراسة االفراد في صلتهم البينية(التفاعل) المتبادلة ‪،‬دراسة تهتم‬
‫بما تحدثه هذه الصالت البينية من اثار على افكار الفرد ومشاعره وانفعاالته وعاداته وحسب "‪"young‬‬
‫هذه الصالت البينية تشمل ثالث فئات هي ‪:‬‬

‫❖ صالت بين فرد وفرد‬


‫❖ صالت بين فرد وجماعة ‪.‬‬
‫❖ صالت بين جماعة وجماعة‬

‫البورت"‪ "Allport‬اشار الى ان الشخص االخر قد يكون متخيال اكثر من كونه حقيقة واقعية اذ يقول "ينظر‬
‫المختصون في علم النفس االجتماعي لهذا العلم على انه محاولة فهم وتوضيح كيف ان تفكير وشعور وسلوك‬
‫االفراد يكون متأثرا بالوجود الضمني او الواقعي او المتخيل لالخرين"‪.‬‬
‫علم النفس االجتماعي يهتم بدراسة سلوك الفرد وخبرته والمجال الذي يتم فيه هذا السلوك دراسة علمية‬
‫تفاعلية‪.‬‬
‫نقصد بسلوك الفرد وخبرته (كافة العمليات النفسية من تذكر وادراك وتفكير واتجاهات وميول وذكاء)‪.‬‬

‫نقصد بالمجال (الثقافة والمجتمع الذي يعيش فيه الفرد ويتشكل سلوكه فيه اي يتأثر به ويؤثر فيه ‪.‬كما نعني‬
‫بالمجال ايضا ‪:‬الثقافات الفرعية الموجودة في المجتمع كالريف وسكان الجبال‪.....‬‬

‫اهمية علم النفس االجتماعي‬

‫لعلم النفس االجتماعي اهمية عملية في كثير من مجاالت الحياة ‪ :‬االقتصاد ‪،‬السياسة ‪،‬التربية والتعليم‪......‬الخ‬

‫يهتم علم النفس االجتماعي بعلم االقتصاد والتجارة اذ يدرس سيكولوجية المستهلك وسيكولوجية االعالن‬
‫‪،‬دافع الشراء لدى المستهلك وقد لقي هذا المجال اهتماما بالغا من طرف علماء النفس االجتماعي ‪،‬كما قاموا‬
‫بدراسة األلوان وعالقة االعالن بعمليات الشراء وكذا المهارات الواجب توفرها في البائع و تم القاء الضوء‬
‫على وسائل العرض والطلب وتسويق السلع (‪.)Marketing‬‬

‫يهتم علم النفس االجتماعي كذلك بالمجال السياسي فقد ركز العلماء في هذا المجال على كل من نواحي‬
‫التفاعل‪ ,‬التباعد والتقارب بين الشعوب وما تعرفه من صراعات وتوترات وكذا الوئام والتوافق شانها شأن‬
‫الجماعات وما يحدث بداخلها ‪.‬كما اهتم علم النفس االجتماعي بدراسة الطابع القومي اي الخصائص التي‬
‫تميز شعبا من الشعوب عن باقي الشعوب االخرى ‪،‬اضافة الى دراسة الشخصية القيادية (سيكولوجية القيادة‬
‫) ويهتم علم النفس االجتماعي ايضا بدراسة العوامل النفسية االجتماعية التي تؤدي الى تغيير السلوك في‬
‫الحرب النفسية مثل الشائعات والدعايات‪ ,‬اهتم أيضا بدراسة الراي العام والسلوك في حالة االزمات‬
‫والطوارئ‪.‬‬

‫االتجاهات النظرية الرئيسية في علم النفس االجتماعي‬

‫من بين النظريات اكثر اهمية في علم النفس االجتماعي المعاصر نجد السلوكية‪ ,‬االدراكية ونظرية‬
‫القواعد و االدوار‬

‫النظرية السلوكية ‪ :‬منذ العام ‪ 1920‬الى ‪ 1950‬هيمنت السلوكية على علم النفس االجتماعي ‪،‬وهذه النظرية‬
‫تقوم على االفتراض القائل ان السلوك البشري محكوم اساسا بأحداث خارجية ‪.‬ايفان بافلوف رائد المدرسة‬
‫السلوكية في علم النفس هو الذي ارسى قواعد هذه المدرسة بتجاربه المشهورة عن االنعكاس الشرطي في‬
‫السلوك اثناء تجاربه على الكالب ‪.‬لقد اكد بافلوف في كتابه " ‪Réflexes conditionnels "Les‬في‬
‫عام ‪، 1927‬انه اذا استطاع التالعب بالحوافز بطريقة منظمة فإن الكالب يمكن ان تتعلم انماط جديدة من‬
‫االستجابات‪ .‬في نفس الوقت كان العالم السلوكي "واطسون" يجري تجاربه على التعلم ‪،‬حيث أكد في نتائجه‬
‫على أن استخدام الثواب والعقاب بطريقة مالئمة من شأنها أن تشكل سلوك االطفال بالشكل الذي يريده‬
‫المجتمع ‪.‬بينما ركز البورت ’‪‘ Allport‬على تأثيرات البيئة في السلوك وكان متفائال جدا في االعتقاد‬
‫بإمكانية اكتشاف قانون (البيئة _السلوك ) وهو قانون مبني على تحديد الظروف الطبيعية واالجتماعية التي‬
‫تؤثر على السلوك‪.‬‬

‫ان المنظرين الذين يعتقدون ان السلوك البشري يمكن ان ينتج كليا عن طريق البيئة يطلق عليهم السلوكيون‬
‫المتطرفون‪ .‬ان أحد أهم السلوكيين المتطرفين هو "سكنر‪ "skinner‬الذي يعتقد ان السلوك يمكن ان يخلق‬
‫‪،‬يبقى او يزول كنتيجة للثواب والعقاب الذي تفرضه البيئة االجتماعية ‪ .‬هناك العديد من علماء النفس ال‬
‫يوافقون على التأثير الشامل للبيئة وانما يرون ان االفكار والدوافع والمشاعر لها اثر كبير بجانب البيئة‬
‫وهؤالء يطلق عليهم السلوكيون الجدد ‪.‬وهم يعتقدون ايضا ان البيئة تؤثر على السلوك ولكن ليس بشكل‬
‫مباشر ‪،‬فالثواب والعقاب يؤثر على االتجاهات والمشاعر الداخلية لإلنسان ‪،‬وهذه االتجاهات تؤثر على افعال‬
‫الفرد‪.‬‬

‫النظرية االدراكية ‪ : La théorie cognitive‬عدد كبير من الباحثين في علم النفس رفضوا التركيز‬
‫على البيئة كمقرر للسلوك‪.‬‬

‫وكما اتبع السلوكيون اثار بافلوف ‪،‬اتبع االدراكيون اثار مدرسة "الجشطلت ‪‘Gestalt‬وكان ابرز روادها‬
‫كوهلر (‪ )kohler 1947‬وكوفكا(‪ )kofKa 1935‬الذين شددا على ان العمليات الداخلية تحدد العالم‬
‫الخارجي ‪.‬‬

‫لقد كان لعمل كورت ليوين (‪ )Kurt Lewin, 1947-1890‬تأثير هام في تطوير توجهات النظرية‬
‫االدراكية في علم النفس االجتماعي ‪،‬بل كثيرين يعتبرون "ليوين" االب الروحي لعلم النفس االجتماعي‬
‫الحديث والذي اسس مركز البحث المتخصص بديناميات الجماعة في مؤسسة ‘ماساشوست‬
‫‪’Massachusetts-‬للتكنولوجيا ‪،‬اذ ان مهارته النظرية مع اهتمامه العميق بحل المشكالت االجتماعية‬
‫عمقت تأثيره على تطور علم النفس االجتماعي ومعظم تالميذه أصبحوا رواد هذا العلم ‪.‬‬

‫يعتبر "لوين" أول عالم نفس اجتماعي يطور نظرية عامة عن السلوك االجتماعي ‪،‬محور النظرية التي‬
‫أنتجها عام ‪ 1935‬تقول ‪،‬أن الحالة النفسية للناس هي بالضبط ما يحدد سلوكهم‪.‬‬

‫*من خبرته في خنادق الحرب العالمية األولى ‪،‬قال ان األشجار والتالل واألخاديد الصخرية واألدغال تبدوا‬
‫مختلفة تماما لجندي يريد ان يحمي نفسه من شخص عادي يتمتع بجمال الطبيعة في بلد يسوده السالم‬
‫‪".‬ليوين" افترض ان التركيبة النفسية للفرد اتجاه العالم ربما تختلف تبعا للحاجيات واالهداف الداخلية ‪,‬اقترح‬
‫انه يمكن رؤية العالم النفسي على انه حقل ‪،‬وهذا الحقل يتألف من كل العوامل المؤثرة التي تنتج سلوكا معينا‬
‫‪.‬الحقل يتشكل من مناطق متداخلة أهم مكوناتها‪ :‬الحياة ‪ ,L’espace de la vie‬الشخص ‪La personne‬‬
‫والبيئة ‪.L’environnement‬‬

‫وعلى الرغم من ان نظرية "ليوين" لم تعد تستخدم كثيرا من قبل علماء النفس الحديث اال انها مازالت توجه‬
‫االدراكيين نحو فهم العالم من وجهة نظر التركيبة العقلية التي تؤثر في السلوك‪.‬‬
‫نظرية القواعد و االدوار‬

‫هذه نظرية ثالثة تعود اصولها الى علم االجتماع وهي نظرية القواعد و األدوار ‪ ،‬ولطالما تساءل علماء‬
‫االجتماع عما يجعل الناس يتفاعلون ويتعايشون بشكل منسجم ‪.‬إليضاح هذا التساؤل نجد ان بعض علماء‬
‫االجتماع يعتقدون أن الناس يشتركون في قواعد تعمل كدليل لعملهم وتفاعالتهم عبر الزمن وعندما تتبنى‬
‫الغالبية العظمى هذه القواعد ويمتثلون لها فإن العالقات بينهم تمضي بطريقة متناغمة نسبيا‪ .‬فالمنظرون‬
‫الذين يعتقدون أن األدوار مهمة لتحديد السلوك وجدوا أن الناس ربما ينظر إليهم على انهم ممثلون في‬
‫مسرحية وكل شخص يؤدي دورا محددا في هذه المسرحية‪ .‬في هذه الحالة فإن المجتمع يمكن أن يحيا حياة‬
‫متناغمة اذا أدى كل فرد الدور المرسوم له ‪.‬‬

‫نظرية الدور تختلف في اهميتها عن كل من السلوكية واإلدراكية ‪،‬فالسلوكية تأكد على العالقة بين الظواهر‬
‫الخارجية (الثواب والعقاب) والسلوك ‪،‬بينما نظرية القواعد واالدوار ال تهتم بالظواهر الخارجية بل تركز‬
‫على عمل الدور الداخلي بأخذ الدور بنظر االعتبار فهي التشبه النظرية االدراكية ألنها ال تستكشف بشكل‬
‫مثالي الطريقة التي يفسر بها االفراد او يدركون المعلومات من العالم الداخلي‪.‬‬

‫تتكون الشخصية في سن مبكرة من حياتنا حسب نظرية التحليل النفسي وعندما تتأسس فعملية تغييرها تتطلب‬
‫تأهيال واستعدادا العادة التدريب على االنماط الجديدة من السلوك‪.‬‬

‫أصحاب نظرية الدور انتقدوا بشدة هذه الرؤية وقالو أن الشخصية ما هي اال مجموعة من االدوار االجتماعية‬
‫المتبناة من قبل الفرد‪ ،‬الشخصية وليدة اللحظة تستدعيها المواقف االدراكية للفرد ‪ ،‬يمكن أن تستبدل االدوار‬
‫القديمة بالجديدة اذا امتلك الشخص االرادة لذلك وتوقف عن ايجاد المبررات (انه هكذا وان هذه شخصيته‬
‫)‪ .‬يمكن القول أن نظرية الدور‪ ،‬هي النظرية التي تفسر السلوك على انه قواعد متأصلة في داخلنا ولذلك‬
‫فإن نتائج السلوك االجتماعي تسير وفق نظام األدوار التي يؤديها الفرد في مختلف المواقف االجتماعية‬
‫‪،‬وأن سلوك الفرد يمكن ان يتغير في أي وقت‪.‬‬

‫كان واليزال لالتجاهات النظرية الثالث السابقة اثر بالغ في تفسير السلوك االجتماعي كما أن تطبيقاتها في‬
‫علم النفس االجتماعي اصبحت واسعة ‪.‬‬

‫يمكن لكل نظرية تفسير نفس الظاهرة من زاوية مختلفة‪ ،‬فمثال الصراخ من أجل المساعدة (قد يفسره‬
‫السلوكيون على أنه استجابة متعلمة وقد يفسرها االدراكيون على أنها نتيجة ادراك الفرد لخطر يحيط به‬
‫‪،‬بينما يفسرها اصحاب نظرية الدور على أنها جزء من سلسلة األدوار‪.‬‬
‫فالسلوكيون ينظرون للفعل االجتماعي على انه نتاج الوراثة والبيئة والسلوك الفردي يخضع لقوانين حتمية‪.‬‬
‫اما النظرية االدراكية فتعطي الفرد استقاللية في الرؤية والتفكير اذ تركز على التفكير الفردي وقد تعرضت‬
‫للنقد في انها ركزت اكثر مما يجب على الفردية ‪" .‬انا'' بدل "نحن ‘’ ‪ .‬أما نظرية الدور‪ ,‬فإذا تصرف‬
‫االنسان وفق هذه النظرية فإن االنسان يمتلك االرادة للتمرد على القواعد او القيام بدور اخر ‪,‬فقد يختار كل‬
‫واحد في أي لحظة ان يترك اللعبة (لعبة الدور في مسرحية الحياة ) وأن يحتل دورا اخر في مكان اخر‪.‬‬

‫األدوار االجتماعية‬

‫يمكن تعريف الدور االجتماعي بأنه وظيفة الفرد في الجماعة أو الدور الذي يلعبه الفرد في جماعة او موقف‬
‫اجتماعي‪ .‬كلمة الدور تستعمل في المسرح ‪ ،‬والدور شيء مستقل عن الفرد الذي يقوم بهذا الدور اذ أن الفرد‬
‫انسان ‪،‬أما الدور فهو بمثابة السيناريو الذي يحدد السلوك ويعبر عنه باألفعال واألقوال ‪.‬‬

‫يتميز دور الفرد في المجتمع بكونه يتغير بتغير الزمان والمكان والمجموعات المختلفة التي يحتك بها‬
‫ويتواجد معها ‪.‬‬

‫هناك العديد من األدوار ‪ :‬دور االب‪ ,‬دور االم‪ ,‬دور الطبيب ودور القائد‪ ,‬االعالمي ‪....‬إلخ ‪.‬فنجد أن كل دور‬
‫يشمل نمطا منتظما من المعايير السلوكية المتوقعة ويتعلم الفرد االنماط السلوكية الخاصة بالدور الذي يلعبه‬
‫عن طريق الخبرة والممارسة‪ .‬يمكن ان يقوم الفرد بعدة أدوار في نفس الوقت‪.‬‬

‫اختالف االدوار االجتماعية‪ :‬تختلف االدوار االجتماعية تبعا لعدة اعتبارات ‪:‬‬

‫الصعوبة والسهولة ‪:‬هناك من األدوار ما يتطلب جهدا للقيام به وتكون المسؤولية المترتبة عن الدور كبيرة‬
‫ومهمة للفرد والجماعة خاصة االدوار القيادية ‪.‬‬

‫هناك ادوار اخرى تختلف باستمرارها أو دوامها‪ ,‬فأدوار الرجل والمرأة هي ادوار دائمة في المجتمع وهناك‬
‫أدوار مهنية غير دائمة كمهمة رسمية تقتضي دورا مؤقتا ومحكوما بمدة زمنية معينة‪.‬‬

‫وهناك من األ دوار ايضا ما هو اختياري فاإلنسان يختار قرار االرتباط فيصبح ابا ومسؤوال عن اسرة وقد‬
‫يقرر عدم االرتباط بالتالي لن يلعب هذا الدور ويكتفي بأدواره االجتماعية االخرى‪.‬‬

‫ايضا هناك من االدوار ما يفرض سلوكيات معينة (مثل مجال العمل ) ومنها من يترك مجال اوسع لالختيار‬
‫والتغير (الصداقات مثال) ‪.‬‬
‫تعدد االدوار االجتماعية‬

‫ليس للفرد دور واحد بل هناك تعدد لألدوار االجتماعية‪ ،‬فاإلنسان يقوم بعدة ادوار في نفس الوقت ‪،‬طالب‬
‫وابن واخ واب وموظف ‪.....‬ويتعلم الفرد من خالل عملية التنشئة االجتماعية كيف ينسق بين كافة األدوار‬
‫التي يقوم بها ‪،‬اذ تساهم االسرة والمدرسة خالل المراحل االولى من حياة الفرد من اكتسابه خبرة االدوار‬
‫االولى ثم يتعلم االدوار االجتماعية في مراحل اخرى متقدمة من حياته‪.‬‬

‫تلعب عملية التقمص والتوحد دورا هاما في عملية تعلم األدوار‪ ،‬اذ يتبنى الفرد األنماط السلوكية لالخرين‬
‫(الذين يلعبون نفس الدور ) وهذا يجعله يتقبل أهداف وقيم االخر كما لو كانت قيمه وأهدافه هو ‪،‬حيث يقوم‬
‫بمزجها وتبنيها ‪.‬‬

‫ويلعب الحب واالعجاب والتقليد والشغف واالهتمام ‪.....‬دورا هاما في عملية التقمص ‪( .‬اذ يوسع الفرد‬
‫حدود ذاته لالستدخال االخر )‪.‬‬

‫تعدد االدوار االجتماعية‬

‫تتوزع األدوار في نسق متفق ومعترف به من طرف أعضاء الجماعة فمثال الطالب الجامعي البد ان يفهم‬
‫المحاضرات ليحصل على نقطة معينة هذه توقعات الدور ولكنه حر في أدواره االخرى ‪ ،‬ومن المعروف‬
‫ان كلما خرج الفرد عن دوره االجتماعي المتوقع حسب قوانين الجماعة فانه يتعرض للضغط االجتماعي‬
‫الذي قد يصل الى العقوبة احيانا فموظف مؤتمن على المال العام هو دور يقتضي معايير محددة والخروج‬
‫عنه (اختالس مثال) قد يؤدي الى فرض عقوبة‪.‬‬

‫شخصية الفرد وشخصية الدور‬

‫شخصية الدور هي شخصية الفرد وهو يقوم بدوره االجتماعي في اطار المعايير السلوكية المتفق عليها‬
‫وتجدر االشارة ان التعارض بين الشخصية الحقيقة لإلنسان وشخصية الدور يؤدي به الى الفشل في القيام‬
‫بدوره ‪،‬فمثال الشخص الذي تتميز شخصيته باالنطواء ‪ " intravertie‬سيجد صعوبة في لعب االدوار التي‬
‫تتطلب انفتاحا اكثر‪ ،‬لهذا نجد انه البد من اعتماد االختبارات والمقاييس النفسية في المجال المهني للتأكد من‬
‫أن الدور المهني للفرد يناسب شخصيته ‪.‬‬

‫قد يحدث صراع في االدوار أو‪ Ambiguïté de rôle‬عندما يجد الفرد نفسه امام دورين يصعب عليه القيام‬
‫بهما ‪،‬مثال دور رجل قضاء الذي من واجبه الحكم على مجرم من افراد اسرته ‪ ،‬هنا الصراع قائم بين واجبه‬
‫المهني ورباط العاطفة من جهة اخرى وهذا من شأنه ان يحدث اضطرابات ‪.‬‬
‫التنشئة االجتماعية‬

‫تؤكد في على اهمية التنشئة االجتماعية وتؤكد أن الفرد دائما ً يسعى للحصول على القبول االجتماعي ويبذل‬
‫كل جهده لتفادي الرفض االجتماعي وذلك عن طريق التزامه ومسايرته لمعايير الجماعة‪.‬‬

‫التنشئة االجتماعية من المواضيع المهمة ليست فقط في علم النفس االجتماعي بل علم النفس النمو وعلم‬
‫عضو في األسرة‬
‫ٌ‬ ‫االجتماع وعلم النفس التربوي‪ .‬فاإلنسان يتعلم عن طريق التنشئة االجتماعية الكثير وهو‬
‫اذ يقوم باستدخال ثقافة المجتمع ضمن شخصيته وهي عملية تفاعلية لتعلم األدوار المستقبلية‪ ،‬وبالتالي‬
‫كائن اجتماعي تفاعلي‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫تحويل الطفل إلى‬

‫تم تعريف التنشئة االجتماعية على انها عملية نمو وتعلم اجتماعي يتعلم فيها الفرد عن طريق التفاعل‬
‫االجتماعي أدواره االجتماعية حسب المعايير التي تحدد هذه األدوار‪ ,‬وهي عملية نمو مستمرة طوال‬
‫الحياة يتحول خاللها الفرد من طفل يعتمد على من حوله في اشباع حاجاته الفسيولوجية الى فرد ناضج‬
‫يدرك معنى المسؤولية و يستطيع أن يضبط انفعاالته ويتحكم في اشباع حاجاته بما يتفق مع المعايير‬
‫االجتماعية‪.‬‬

‫وسائل التنشئة االجتماعية‬

‫يولد الطفل في أسرةٍ تعد الجماعة االولى التي يتعلم فيها الطفل لغته( لغة االم) وعاداته وقيمه‪ ,‬تعتبر األسرة‬
‫أقوى الجماعات تأثيرا في سلوك الفرد ففيها تبدأ عملية التنشئة االجتماعية و حين تقوم االسرة بدورها في‬
‫عملية التنشئة تسلم الطفل للمدرسة‪ ,‬اذ تتدرج وتمتد من العالقة مع االم االب واالخوة واالقارب الى‬
‫جماعة االقران‪ .‬تتطور التنشئة االجتماعية من البيت الى المدرسة‪ .‬وتصبح لدى الفرد عالقات اخرى‬
‫وينتمي لجماعات مغايرة للجماعة المرجعية (ويقل تأثيرها نظرا ً التساع دائرة التفاعل االجتماعي للفرد)‪.‬‬
‫يضعف أثر االسرة في التنشئة االجتماعية وخاصةً بعد مضي سنوات الطفولة المبكرة‪.‬‬
‫تلعب المدرسة دورا ً هاما ً لتحفيز األفراد لإلنجاز وخلق الطموح للوصول وتحقيق االهداف في المستقبل ‪.‬‬
‫تلعب وسائل االعالم دورا ً هاما ً ايضا ً في التنشئة االجتماعية اذ أن أغلب االبحاث تؤكد على أن االطفال‬
‫يقلدون ما يشاهدون من عنفٍ وأحدا ٍ‬
‫ث في القصص السينمائية‪ .‬يزداد دورها أكثر مع العالم االفتراضي‬
‫وما تق دمه وسائل االعالم يساهم في دعم االتجاهات النفسية وتعزيز القيم والمعتقدات ومفهوم المسؤولية‬
‫االجتماعية‪.‬‬
‫التأثيرات والعوامل التي تدخل في عملية التنشئة االجتماعية‪:‬‬

‫عالقة االم بالطفل‪ :‬فاألم هي الشخص االول الرئيسي في حياة الطفل‪ .‬وحسب فرويد هي العالقة االساسية‬
‫ولو كانت صحيحة وسليمة‪ ,‬فينطلق الطفل ويمكنه بناء عالقة مستقبلية سليمة ‪.‬‬
‫وسائل التغذية‪ :‬مدة الرضاعة( في السنتين االولى ) مهمة ألنها مرحلة اهتمام واحتضان وامان وحب‬
‫كافي‪ ،‬هذا يجعل الطفل عاديا ً ‪.‬في حالة غياب هذا االشباع العاطفي فان الطفل يتحول الى فر ٍد لديه حرمان‬
‫عاطفي‪ ،‬ويثبت في هذه المرحلة الفمية وبالتالي عندما يكبر يصدر تصرفات كمص االصبع تناول‬
‫المخدرات واالدمان على االكل الخ‪ .‬ايضا ً ياثر الحرمان الذي يعانيه السنة الثالثة على الطفل وهنا اذا لم‬
‫تكن العالقة سليمة ينتج عنها تثبيت في هذه المرحلة وبالتالي يصبح الطفل اتكاليا ً‪ ,‬متملكا ً لألشياء‪ ,‬وسواسي‬
‫أو تظهر لديه احدى االضطرابات‪.‬‬

‫ت كافي مع الطفل في المراحل العمرية االولى يلعب دورا ً هاما ً في عملية‬


‫فالدفىء والتقبيل وقضاء وق ٍ‬
‫التنشئة لدى الطفل‪ .‬كما أ ن المرافقة الناتجة عن مراحل الرضاع والفطام والتدريب على النظافة واساليب‬
‫الثواب والعقاب وكيفية التعامل مع الكبار واحترامهم تكشف عن التنشئة االجتماعية التي يتبعها االباء‪،‬‬
‫واتجاهاتهم العائلية ‪.‬‬
‫ايضا ً يلعب نوع التربية دورا ً هاما ً في التنشئة‪ ,‬القسوة الزائدة تؤدي الى انتاج طفل خاضع ويشعر بالذنب‬
‫والقلق اذا لم يلتزم بطلبات االباء والعكس ايضا ً يؤثر‪ ،‬التساهل الزائد ينتج طفالً اتكاليا ً وال يتحمل المسؤولية‪.‬‬

‫هناك ايضا ً عدة عوامل اخرى كنوع العالقة بين االب واالم‪ ,‬األب العنيف‪ ،‬الهجران‪ ،‬الطالق‪ .‬كلها عوامل‬
‫تؤثر على نشأة الطفل‪ .‬وهناك عوامل الثانوية مثل مكانة الطفل بين اخوته فالطفل االول يكون مدلالً وتكون‬
‫غيرته أشد من الطفل الثاني واالخير ايضا ً يكون نوعا ما غيورا ً وعدوانياً‪ .‬هي من النظريات التي قدمها‬
‫«"ادلر"’ ‪ ."Théorie de l’ordre de naissance d’Adler‬والتي تؤكد على أن ترتيب الطفل في‬
‫اسرته يؤثر على تكوين شخصيته‪ .‬كما ان هناك دراسات تؤكد على ان درجة االستقرار العاطفي لالم يؤثر‬
‫على تكوين شخصية الطفل‪.‬‬

‫عالقة التنشئة بالمتغيرات النفسية واالجتماعية‬

‫اهتمت الدراسات بإبراز اوجه االختالف في اساليب التنشئة بين الثقافات المختلفة فهناك مثال من األمهات‬
‫التي تحمل طفلها في ظهرها طوال اليوم مما يقيد النشاط الحركي التلقائي للطفل وقد يؤثر عليه مستقبالً‬
‫فيتسم بالسلبية والتبلد العاطفي‪ .‬هناك ايضا ً من الدراسات ما يؤكد على أن هناك اختالف بين الزنوج‬
‫والبيض في تنشئة األطفال‪ ,‬الزنوج اكثر تسامحا ً واحتواءا ً لألطفال في مرحلة الرضاعة والفطام‪ .‬لكنهم‬
‫اكثر تشددا ً من البيض في تدريب اطفالهم على النظافة‪.‬‬

‫المستوى االقتصادي‪ :‬تختلف اساليب التنشئة االجتماعية من طبق ٍة الى أخرى‪ ,‬تطبق الطبقة المتوسطة‬
‫على اطفالها نظاما ً قاسيا ً بدءا ً بالفطام المبكر واتباع نظاما قاسي خاص بطرق التغذية والتدريب المبكر‬
‫على طرق النظافة‪ .‬وتغرس مبادئ احترام الملكية والضبط االجتماعي والتعلم والتحصيل والقيم‪ .‬أما الطبقة‬
‫المنخفضة فتقوم على تشجيع االشباع البدني والتعبير على العدوان‪" .‬حسب اليسون دافير"‪.‬‬

‫ب معين في معاملة أبنائهم يؤثر‪ :‬فالتسلط‬


‫االتجاهات الخاصة باآلباء‪ :‬عدم استقرار الوالدين على اسلو ٍ‬
‫واالهمال وعدم التشجيع على السلوك المرغوب فيه وتعزيزه يؤثر في المراحل العمرية المختلفة للطفل‪,‬‬
‫كذلك االهتمام والحماية الزائدة والقيام بالواجبات التي على الطفل القيام بها‪ ,‬من شأنها التأثيرسلبا على‬
‫تنشئة الطفل‪.‬‬

‫تعريف الجماعة‬
‫وحدة اجتماعية تتكون من مجموعة من األفراد اثنين فما فوق بينهم تفاعل اجتماعي متبادل ويتأثرون‬
‫بانطباعات وادراكات بعضهم‪ .‬يشترك أفراد الجماعة في مجموعة من المعايير والمعتقدات والقيم‬
‫ويتحركون على أساسها لتحقيق اهدافهم‪.‬‬

‫خصائص الجماعة‬

‫الشعور المشترك باالنتماء اي شعور الفرد أنه متشابه مع زمالئه‪ ،‬ذلك االدراك الذين سماه الشعور بالنوع‪.‬‬
‫وجود ميول وقيم ودوافع مشتركة تؤدي الى التفاعل بين االفراد‪.‬‬
‫وجود قوانين ولوائح يتقيد بها افراد الجماعة ويمتثلون لها‪.‬‬
‫اهداف مشتركة بين افراد الجماعة تحقق االشباع لحاجياتهم‪.‬‬
‫مطابقة سلوك االعضاء واتجاهاتهم ألحكام الجماعة وتأثره بمبادئ الجماعة وقوانينها‪.‬‬
‫انواع الجماعات‬

‫‪-‬لجماعة المرجعية االولية والثانوية ‪ :‬يعيش معها الفرد ويتفاعل ويكتسب مجموعةً من الخبرات التي‬
‫تساعده في االندماج بعد ذلك‪(.‬االسرة مثال‪ ,‬الرفاق‪ ,‬فريق العمل)‬
‫‪-‬الجماعة الرسمية تكون لها رئاسة (مجلس الشعب‪ ,‬البرلمان مثالً) ولها خصائص تحدد طبيعة االتصال‬
‫بين افرادها‪.‬‬
‫‪ -‬الجماعة الغير الرسمية‪ :‬هناك افراد يكونون بطريقة تلقائية جماعات غير رسمية إلرضاء واشباع‬
‫حاجياتهم العامة كالصداقة والتشارك مثالً‪.‬‬
‫‪ -‬هناك جماعات كبيرة الحجم (كاألمة) وبعضها صغيرة الحجم( كالعائلة ) فريق العمل بعضها ذات عمر‬
‫قصير نسبيا ً مثل جماعة األصدقاء والتجمعات الرياضية‪ ,‬بعضها مستمر من االف السنين كالجماعات‬
‫الدينية والثقافية والعرقية‪ .‬بعضها منظم تنظيما ً دقيقا ً كالجيوش وفرق االسعاف وبعضها منظم بطريق‬
‫عشوائية مثل المارة والتجمعات العفوية‪.‬‬
‫الجماعات الفرعية معظم الجماعات تنقسم الى جماعات فرعية هذه الجماعات تندرج ضمن جماعات كبيرة‬
‫مثالً كليات عديدة داخل الجامعة‪ .‬واقسام كثيرة داخل الكلية ‪ .‬حين تنطوي الجماعات على جماعات فرعية‬
‫مختلفة ايديولوجيا ً ‪ ،‬او في قيمها المركزية واتجاهاتها‪ ,‬فان االنشطار يمكن ان يحدث نتيجة الصراع داخلها‬
‫مما يؤدي الى تمزيق الجماعة الكبيرة (نجدها غالبا ً في الجماعات السياسية والدينية والعلمية)‪ .‬ويحول دون‬
‫تماسكها‪.‬‬

‫معايير الجماعة‬

‫هي مجموعة من القواعد واألسس التي تمكننا من تقييم سلوك وتفكير اعضاء الجماعة كما تحدد هذه‬
‫المعايير السلوك المتوقع من كل عضو من أعضاء الجماعة‪.‬‬

‫قد تمثل المعايير الخاصة بأعضاء الجماعة "الواقع االجتماعي" ألعضائها وحصول الجماعة على اهدافها‬
‫ٌ‬
‫رهين بمدى تعاون اعضائها فيما بينهم للقيام بالنشاط الموكول اليهم‪ .‬كما ان المعايير التي تؤمن بها الجماعة‬
‫وتعتنقها تحدد من الذي يقوم بأداء ذلك النشاط ومتى يقوم بأدائه وكيف يقوم بأدائه حسب "ليون فستنجير"‬

‫يكتسب الفرد المعايير االجتماعية ويتعلمها ويستدخلها من خالل التنشئة االجتماعية وتختلف المعايير‬
‫باختالف الثقافات والجماعات ولها تأثير كبير على السلوك‪ .‬لكي يكون هناك توحد بالجماعة البد ان يكون‬
‫هناك توحد في اتجاهات وسلوك اعضائها‪.‬‬

‫بناء الجماعة‬

‫نظام من المراكز المختلفة التي تحدد طريقة سلوك االفراد داخل الجماعة تجاه‬
‫ٍ‬ ‫بناء الجماعة عبارة عن‬
‫بعضهم‪ .‬األفراد داخل الجماعة لهم أهداف مشتركة ال يستطيع اي فرد منهم القيام بها وحده دون اشتراك‬
‫االخرين معه ولتحقيق الهدف فان كل فر ٍد مسؤول جزئيا عن القيام بالواجب الذي يمثل هدف الجماعة‪.‬‬

‫مركز االفراد في الجماعة يختلف حسب عالقة السلطة بينهم‪ ,‬الرئيس والمرؤوسين‪ ,‬والمشرف على العمل‬
‫مثالً‪ .‬كما أن عالقة االتصال بين االفراد تضمن استمرار العمل وهناك مجموعة من الصعوبات التي تحول‬
‫دون سرعة االتصال‪ ,‬كاالنطواء وعدم القدرة على التكيف والتوافق مع االخرين‪.‬‬
‫تأثير الجماعات‬

‫التسهيل االجتماعي وجود االفراد وحضورهم يزيد من طاقة االفراد وهذا ما سمي بالتسهيل او التيسير‬
‫االجتماعي ومع أن التركيز او التفكير المبدع يتم بصورةٍ افضل في حالة الوحدة اال ان تأثير حضور‬
‫االفراد على االداء ثم اثباته من خالل التجارب (تجارب "‪.)" Norman Triplett‬‬

‫تقنين السلوك‪ :‬ان سلوك وأحكام االفراد في المواقف الجماعية تتشابه بطريق ٍة مميزة‪ ,‬وتميل للتجمع حول‬
‫حكم متوسط‪ .‬فمن المحتمل مثالً أن يكيف أعضاء الجماعة أفعالهم مع االتجاه الذي يضعه قائد الجماعة‬
‫باعتباره مثاليا ً لهم‪.‬‬

‫المسايرة ‪ :‬أحد الجذور العميقة للمسايرة هي الحاجة لالنتماء فاألفراد ذوي الحاجات الشخصية القوية‬
‫لالنتماء معرضون اكثر للمسايرة في الظروف االجتماعية‪ ,‬فهي تساعد الشخص على أن يحظى بالقبول‬
‫والحب من االخرين‪ ,‬فالشخص يساير المعايير في تلك جماعات التي يريد ان يقبل فيها‪.‬‬

‫التفاعل االجتماعي‬

‫يعتبر التفاعل االجتماعي مفهوما ً اساسيا ً واستراتيجيا ً في علم النفس االجتماعي وهو العملية التي يؤثر فيها‬
‫الناس على بعضهم البعض من خالل التبادل المشترك لالفكار والمشاعر وردود االفعال‪ .‬وما ان يتمكن‬
‫الفرد من التعرف على هذه العملية و يفهم بعض الطرق التي تعمل بها فإن الكثير من الوقائع المتكررة في‬
‫حياتنا تصبح لها داللة جديدة‪.‬اذ نفهم ما الذي يحدث عندما يتعارف شخصان وبمرور الوقت يتجاذبان الى‬
‫بعضهما‪ .‬ولماذا يتكيف االصدقاء مع سلوك بعضهم البعض وهذا يؤدي الى فهم أنفسنا بصورةٍ افضل‪.‬‬

‫يمكن تعريف التفاعل االجتماعي على انه العملية التي يؤثر بها الناس على بعضهم البعض من التبادل‬
‫المشترك لألفكار والمشاعر وردود األفعال‪.‬‬

‫جوانب التفاعل االجتماعي‬

‫يحدث التفاعل االجتماعي ويستمر عندما يتلقى المشاركون في عملية التفاعل شيئا ً ما يحتاجونه او يريدونه‬
‫من خالل االرتباط بينهم‪ .‬ان مبدأ اشباع الحاجة ينطبق على األشكال األولية للعالقات مثلما ينطبق على‬
‫التفاعالت االجتماعية المعقدة‪ ,‬وبدءا من عملية التنشئة االجتماعية في الطفولة المبكرة فان سمات الشخصية‬
‫للمشتركين في التفاعل االجتماعي تصاغ جزئيا من خالل التدعيمات المتبادلة ويستمر التفاعل مادام‬
‫المشاركون يجدونه مجديا وان لم يكن كذلك تنقطع العالقات وتتشكل عالقات أخرى أكثر اشباعا‪.‬‬
‫التدعيمات االجتماعية‪ :‬تحدد استمرار أو قطع التفاعل االجتماعي‪ .‬ففي بدء عالق ٍة ما يظهر كل فر ٍد جوانب‬
‫متعددة من شخصيته مالحظا ً بدقة لكيفية رد فعل االخر اتجاهها‪ ,‬واذا كانت التجارب مقبولةً من الطرفين‬
‫او تبشر بالقبول يستمر التفاعل‪ ,‬واذا لم تكن كذلك تنقطع العالقة ‪.‬‬

‫يقوم الناس في العال قات االجتماعية بفعل ما هو اكثر من احداث انطباعات نفسية عميقة بعضهم على‬
‫نظام اجتماعي متماسك وتصبح نشاطاتهم معتمدة على بعضها البعض‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫بعض‪ .‬اذ يرتبطون ببعضهم داخل‬

‫قد نتوقع من الناس المتفاعلين مع بعضهم البعض بانتظام كاألصدقاء المقربين أن يتوافقوا مع طرق سلوك‬
‫بعضهم البعض‪ .‬وقد نتوقع من األعضاء أن يكون لهم رد فع ٍل ضد أي عض ٍو يهدد وجود الجماعة‪ ,‬اذ يحب‬
‫الناس ان يتوافقوا مع ادراكات واتجاهات بعض البعض بحيث يصبحون متشابهين على أقرب صورةٍ‬
‫ممكنة‪ .‬ويؤدي هذا التماثل الى تسهيل عملية التفاعل اذ يكون اكثر كفاءة‪.‬‬

‫ان الحاجة للتماثل بين االفراد من خالل عملية التفاعل قوية وتأثيرها عميق فالناس يميلون لحب من هم‬
‫على شاكلتهم ‪ .‬لطالما كان التفاعل االجتماعي موضع اهتمام العديد من العلوم‪ .‬ويبقي االهتمام بهذا المجال‬
‫خطوة ضرورية لفهم اكبر واشمل لهذه العملية‪.‬‬

‫السلوك العدواني‬

‫العدوان‪ :‬هو نزعة غريزية ومعظم الدراسات في هذا المجال تشترك في أن االساس البيولوجي الغريزي‬
‫يمكن ان يكون مصدر العدوان ووفقا ً لهذا التوجه فإننا نكون مبرمجين منذ الوالدة على التصرف بهذه‬
‫الطريقة ‪.‬‬

‫تعددت النظريات التي تناولت موضوع السلوك العدواني أحدهما ترجع العدوان ألسباب بيولوجية موروث ٍة‬
‫جينياً‪ .‬فيما تناولت االخرى األسباب االجتماعية التي يمكن اكتسابها اثناء التنشئة ونظام العقاب والثواب‪.‬‬
‫تعود جذورالنظرية البيولوجية الى نظرية داروين اما نظرية التفسير االجتماعي فإنها تؤكد على دور‬
‫التأثير االجتماعي وتتمحور حول التعزيز و النموذج المثالي الذي يقلده األطفال في المراحل المبكرة‪.‬‬

‫االتجاهات النفسية‬

‫بدأ االهتمام بمفهوم االتجاهات منذ ‪ 1935‬عندما اعتبر "البورت "‪ "Allport‬أن مفهوم االتجاهات ربما‬
‫يكون من أسمى المفاهيم في علم االجتماع االمريكي المعاصر ‪،‬ولم يظهر مثله مصطلح متكرر بشكل كبير‬
‫في االدبيات النظرية والتجريبية الحديثة‪ .‬تعتبر االتجاهات من أهم المواضيع التي يهتم بها علم النفس‬
‫االجتماعي‪ ,‬ألنها تعتبر محددات موجهة ضابطة منظمة للسلوك االجتماعي‪.‬‬
‫تعريف االتجاهات‬

‫كلمة "اتجاه" تعني بناء وال تستلزم مالحظتها الشكل المباشر ألن االتجاهات تسبق السلوك وتقود خياراتنا‬
‫وقراراتنا من اجل القيام بفعل ما‪.‬‬

‫يعرف "ميشيل ارجايل " ‪ "Michael Argyle‬االتجاه بأنه الميل الى الشعور او السلوك او التفكير بطريقة‬
‫محددة ازاء الناس االخرين "‪.‬‬

‫حسب نيوكمب ‪ : "Newcomb‬ليس االتجاه استجابة ‪ ،‬لكنه ميل الى حد ما لالستجابة بطريقة معينة لشيء‬
‫أو موقف معين ويوضح على أنه من االفضل أن تفهم االتجاه نحو موضوع معين باعتبار أنه يمتد على‬
‫مقياس يبدأ من االنحياز التام نحو الشيء أي الموافقة عليه وينتهي عند عدم االنحياز اي عدم الموافقة عليه‬
‫‪ ،‬وتمثل نقطة الوسط الحياد ‪.‬اذن فاالتجاهات حسب "نيوكمب" تخضع لالختبار والقياس (مثل درجة الحرارة‬
‫فوق أو تحت الصفر ) ‪.‬‬

‫االتجاه هو حالة من حاالت الجاهزية العقلية او االستعداد الضمني انه شيء داخلنا يؤثر على قراراتنا حول‬
‫ما هو جيد او رديء ‪،‬مرغوب فيه او غير مرغوب فيه ‪،‬فاالتجاه حسب هذا التوجه هو حالة داخلية ال يمكن‬
‫مالحظتها من الخارج ووجودها يمكن فقط أن يستنتج أو يستشف ‪،‬حيث يمكننا من استكشافه عن طريق‬
‫االستبطان او عن طريق مالحظة وفحص الطرق التي نتصرف بها نتحدث او نعمل بها ‪.‬‬

‫االتجاه استعداد نفسي تظهر نتائجه في وجهة نظر الشخص حول موضوع من الموضوعات (سواء كان‬
‫اجتماعيا او اقتصاديا او سياسا) او حول قيمة من القيم (الدينية او االجتماعية) أو حول جماعة من الجماعات‬
‫‪،‬ويعبر عن هذا االتجاه تعبيرا لفظيا بالموافقة عليه أو عدم الموافقة او المحايدة (ويمكن قياسه بإعطاء درجة‬
‫لموافقة الفرد أو معارضته) ‪.‬‬

‫تكوين االتجاهات‬

‫هناك العديد من العوامل التي تلعب دورا كبيرا في تكوين االتجاهات من ضمنها عوامل التنشئة االجتماعية‪،‬‬
‫معايير الجماعة ‪ ,‬وسائل االتصال المرئي والسمعي‪ ،‬الجماعات المرجعية (الجماعة المرجعية االيجابية‬
‫والجماعة المرجعية السلبية)‪.‬‬

‫الجماعة المرجعية االيجابية ‪ :‬يكون الفرد عضوا بجماعة معينة ويتقبل معاييرها سعيا وراء اكتساب‬
‫العضوية بداخلها ‪.‬‬

‫الجماعة المرجعية السلبية ‪ :‬مشاركة الفرد في جماعة معينة دون تقبل منه لمعاييرها‪.‬‬
‫تساهم التنشئة االجتماعية في تكوين الفرد وتهيئته الكتساب سلوك االفراد الذين يحتك بهم‪ .‬ينقل االباء‬
‫والمربون ميولهم واتجاهاتهم واهدافهم وتعصبهم عن طريق عمليات التعلم والتوحد والقمص ‪.‬‬

‫تبدأ مرحلة اضطراب العالقات بين االباء واالبناء بعد بلوغهم مرحلة المراهقة عند ما يرغب االبناء في‬
‫تبني اتجاهات جديدة في العالم الخارجي وهنا يحدث الصراع بين االتجاهات االولية (التي اكتسبها الفرد من‬
‫جماعته االولية كاألسرة) وبين االتجاهات الخارجية (المالحظة في الشخصيات العامة مثال والنماذج‬
‫االجتماعية الخارجية ) ‪.‬‬

‫االتجاهات مكتسبة ومتعلمة وليست وراثية (هي تعتبر ثابتة نسبيا لكن يمكن تعديلها وتغييرها)‬

‫هناك نوع من االتجاهات يسمى "االتجاهات الجامدة" وهي نمطية شبه ثابتة وتعزز بوسائل االعالم المختلفة‬
‫واالفالم ومن الصعب تغييرها في دراسة اجراها " ديوي وهمبر" ’‪ ‘Dewey and Humber‬لدى طالب‬
‫المدارس الثانوية في أمريكا وجد مجموعة من االتجاهات الجامدة لديهم ‪:‬‬

‫االلمان (المجتهدون ‪،‬اذكياء ‪،‬علميون ‪)...‬‬


‫االنجليز (محافظون ‪ ،‬اذكياء ‪،‬عمليون ‪)....‬‬
‫اليهود (مكارون ‪،‬مجتهدون ‪،‬طماعون ‪،‬ماديون‪).....‬‬

‫للجماعة ومعاييرها دور في تحديد اتجاهات األفراد خاصة التطابق بين اراء االباء واالبناء وهذا ما يعكس‬
‫ويأكد دور الجماعة االولية في االتجاه‪.‬‬

‫يمكن لنظام الثواب والعقاب السائد ايضا في المجتمع ان يساهم في تكوين االتجاهات ‪.‬اذ أن الصراعات‬
‫النفسية والالشعورية يمكن ان تؤثر على اتجاه الفرد ‪ ،‬مثال النساء في االرياف يؤيدن مبدأ تنظيم النسل أقل‬
‫من ازواجهن وهذا راجع الى خوفها على مكانتها لدى زوجها ‪ ،‬وهي المكانة التي تحصل عليها باإلنجاب‬
‫فخوفها يدفعها لعدم تأييد اتجاه معين‪.‬‬

‫الثقافة‪ :‬توجد داخل كل ثقافة مجموعة من الثقافات الفرعية مثل الريف ‪،‬سكان المناطق الجنوبية ‪،‬الشمال‬
‫الى اخره ولك ٍل منا ثقافة معينة وعادات خاصة في اللباس وطقوس الزواج واالحتفال والعادات الغذائية‪...‬الخ‬
‫هذه االختالفات تلعب دورا هاما في تكوين االتجاه ‪.‬‬

‫تتضمن االتجاهات عنصرا عقليا يعبر عن معتقدات الفرد عن موضوع االتجاه وعنصرا سلوكيا يعبر عن‬
‫سلوك الفرد الظاهر الموجه نحو موضوع االتجاه‪ .‬وتتضمن ايضا عنصرا انفعاليا يعبر عن تقييم الفرد‬
‫واستجابته االنفعالية لموضوع االتجاه‪.‬‬
‫وظائف االتجاهات‬

‫توضح وتبلور االتجاهات صورة العالقة بين الفرد وبين الوسط االجتماعي اذ تدفع الفرد ليشعر ويدرك‬
‫ويفكر بطريقة محددة ازاء موضوعات البيئة الخارجية ‪ ،‬وبالتالي فاالتجاهات تنعكس في سلوك الفرد وفي‬
‫أقواله وأفعاله وتفاعله مع االخرين ومع الجماعات المختلفة‪ .‬اذ أن الفرد يتخذ قرارا معينا دون ترد ٍد أو تفكير‬
‫لشخص او موضوعٍ تكون ثابتة وموجهة‬ ‫ٍ‬ ‫اعتمادا على خلفي ٍة مرجعية مسبقة واستجابته لمواقف معينة او‬
‫باالتجاه الذي يتبناه‪ .‬يمكن القول أن االتجاهات تنظم العمليات االدراكية االنفعالية والمعرفية في المجال الذي‬
‫يعيش فيه الفرد‪ .‬وتساعد على التعبير القيمي (تسمح االتجاهات للناس باستعراض القيم التي تعبر عنهم)‪.‬‬

‫ولكل اتجا ٍه وظيفة معينة وتكون منفعية بالدرجة االولى‪ .‬اذ أن االحتفاظ باالتجاه بحد ذاته مفيدأ فمثال كنت‬
‫تملك اتجاه سلبي نحو االفاعي فان ذلك سيكون نافعا للذي ال يستطيع التمييز بين األنواع المميتة واألنواع‬
‫التي تشكل خطرا‪ .‬تساعد االتجاهات ايضا في الحفاظ على صورة الذات وتخفيض حدة التوتر والضغوط‬
‫التي تعرض لها في محاولة للدفاع عن الذات (اتجاه الفرد ال يوافق اتجاه الجماعة)‪.‬‬

‫مكونات االتجاه‬

‫المكون المعرفي‪ :‬يتضمن كل ما يملك الفرد من عمليا ٍ‬


‫ت ادراكية ومعتقدات وافكار تتعلق بموضوع االتجاه‬
‫حجج وبراهين تبرر تبنيه وتأييده لموضوع االتجاه‪ .‬مثال‪ ,‬مناصرة جماع ٍة معينة حول‬
‫ٍ‬ ‫كما يشمل ما لديه من‬
‫بحجج معينة‪ ,‬التعميم اللفظي ‪ :‬مثال المكون المعرفي‬
‫ٍ‬ ‫موضوعٍ محدد ومناهضته ورفضه االتجاه االخر‬
‫لالتجاه حول خروج المرأة للعمل‪ ,‬يتمثل في مدى قدرتها على العمل ومدى قيامها به‪.‬‬

‫المكون العاطفي لالتجاه‪ :‬يظهر من خالل مشاعر الشخص نحو موضوع وحبه او كرهه له (هي الشحنة‬
‫االنفعالية الكامنة وراء السلوك) فنجد شخصين مختلفين حول موضوع معين‪ ,‬لكن مشاعر الطرفين نحو‬
‫موضوعٍ االتجاه مختلفة فأحدهما يعارض الموضوع ألنه خائف واآلخر ألنه كارهٌ له‪ .‬ويتضح المكون‬
‫العاطفي لالتجاه فيما يثيره موضوع االتجاه من سرور أو نفور أو راحة او قلق حب او كراهية‪ .‬هل موضوع‬
‫عمل المرأة يشعر بالسرور او بالخوف والنفور‪ .‬هناك العديد من العوامل التي تؤثر على االتجاهات‬
‫ومكوناتها وترتبط اما بالفرد (التجارب الشخصية‪ ,‬المستوى الثقافي ومستوى إدراك الفرد وقدرته على‬
‫التحليل) أو بالسياق االجتماعي والثقافي‪.‬‬

‫هدف االتجاهات‬

‫فهم االتجاهات يمكن من تحديد األسباب التي تدفع الفرد الى سلوك معين‬
‫تغيير في اتجاهاته‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫التنبؤ بسلوكه نوعا ما‪ .‬ثم محاولة التحكم في السلوك عن طريق إحداث‬

‫خصائص االتجاهات‬

‫مر مكتسب وهي حصيلة خبرات سابقة ومع أنها ثابتة نسبيا فهي قابلة للتغيير باكتساب خبرات‬
‫االتجاهات أ ٌ‬
‫جديدة اذ يمكن القول ان أهم خاصية من خصائص االتجاه هي خاصيته التقويمية‪.‬‬

‫االتجاهات والتنبؤ بالسلوك‬

‫ربما تفيدنا االتجاهات في التنبؤ بكيفية تصرف الناس في مواقف معينة وإذا استطعنا أن نغير اتجاهات الناس‬
‫فربما أصبح باإلمكان تغيير سلوكهم بالرغم من أن سلوك الناس ال يتغير بسرعة‪ ،‬وتجدر اإلشارة أنه من‬
‫غير الممكن التنبؤ بكل مظاهرالسلوك االجتماعي من خالل اإلتجاهات فقط‪.‬‬

‫تغيير االتجاهات‬

‫تميل االتجاهات النفسية ألن تكون ثابتة لدى األفراد‪ ,‬بالرغم من ثباتها حاول علماء النفس االجتماعي إيجاد‬
‫وسائل نفسية يمكن من خاللها تغيير اتجاهات الفرد وتعديلها‪.‬‬

‫من الوسائل والتقنيات المعتمدة لتغيير االتجاهات اعتماد التخويف والشعور بالذنب ‪.‬اذ أن مجموعة من‬

‫العلماء يرون أن للتخويف أثرا بالغا في تغيير السلوك فإثارة مشاعر الخوف والقلق والتوتر تزيد من فرصة‬

‫كثير من االحيان على نشر اإلشاعات‬


‫ٍ‬ ‫تغيير السلوك في االتجاه المطلوب ‪.‬وتعمل شركات االعالن في‬

‫بهدف توجيه سلوك األفراد واتجاهاتهم لهدفٍ معين‪ ,‬تتعدد اساليب الدعاية حاليا وتهدف لغرس اعتقا ٍد حول‬

‫موضوعٍ معين وتجدر اإلشارة أن كلما كان الشخص الذي يقوم باإلعالن أو الدعاية مهما ومصدر ثقة‬

‫ومحبوبا كان اإلعالن ناجحا وساهم في تغيير اإلتجاه‪.‬‬

‫نجد ايضا أن هناك لعب االدوار اي جعل األشخاص المراد تغيير اتجاههم يلعبون أدوارا معينة‪ ,‬هذا يساعد‬

‫في غرس مجموعة من األفكار مما يساهم بالتالي في تغيير اتجاهاتهم‪.‬‬

You might also like