You are on page 1of 180

‫بتشريع دستوري أو بتشريع عادي مثله ‪ ،‬والتشريع الفرعوي الصوادر عون‬

‫السلطة التنفيذية يلغي بتشريع دستوري أو تشريع عادي ‪ ،‬كما يلغوي بتشوريع‬
‫فرعي مثله ‪ .‬وبالمقاب لذلك ‪ ،‬ال يملك التشريع الفرعي أن يلغي تشريعاً عاديًا‬
‫أو تشريعًا دستوريًا ‪ ،‬وال يملك التشريع العادي أن يلغي تشريعًا دستورياً‪.‬‬

‫(ب) إلغاء القواعد غير التشريعية ‪:‬‬

‫واستناداً إلى تدرج القواعد القانونية ‪ ،‬وتأكيداً على القاعدة التي تقورر‬
‫بأن سلطة اإلنشاء هي سلطة اإللغاء أو السلطة األعلى منها ‪ ،‬سنجد أن القاعدة‬
‫العرفية يمكن أن تلغى بقاعدة عرفية أخرى مغايرة لها ‪ ،‬كما يمكون أن تلغوى‬
‫بقاعدة تشريعية ‪ ،‬ولكن في المقاب لذلك ال تملك القاعدة العرفية أن تلغي قاعدة‬
‫تشريعية ألن هذه األخيرة أعلى منها في المرتبة ‪.3‬‬

‫وبالمث ‪ ،‬تلغى القاعدة المستمدة من مبادئ الشريعة اإلسالمية بقاعودة‬


‫تشريعية أو عرفية ‪ ،‬ألن اللجوء إلى هذه المبادئ يكون عند عدم وجود نوص‬
‫تشريعي أو عرف ينظم إحدى مسائ المعامالت المالية ‪ ،‬فذذا وضعت قاعودة‬

‫تجد اإلشارة إلى أنه ال يترتب على إلغاء التشريع العادي إلغاء لوائح اإلدارة العامة الصادرة تنفيذا له‬
‫مادامت تتوافق مع التشريع الجديد ‪ ،‬إال إذا نص هذا التشريع على إلغائها ‪ .‬وقد قضت محكمة الونقض‬
‫بأن ‪ " :‬إلغاء نظام قانوني معين ليستبد به نظام قانوني جديد ‪ ،‬وإن ترتب عليه نسخ القواعد القديموة‪،‬‬
‫حتى التي ال تتعارض مع النظام القانوني الجديد ‪ ،‬إال أن ما صدر من لووائح اإلدارة العاموة تنفيوذا‬
‫للقانون القديم ‪ ،‬وبالنسبة للنصوص الواردة فيها التي تتوافق مع القانون الجديود ‪ ،‬فذنهوا تبقوى نافوذة‬
‫المفعو إلى ما بعد صدور القانون الجديد ما لم ينص صراحة على إلغاء مث هوذه اللووائح ‪ .‬نقوض‬
‫مدني ‪ ، 801/0/3‬مجموعة أحكام النقض ‪ ،‬السنة ‪ ، 3‬ص ‪( 850‬أشار إليه ‪ :‬محمود عبد الرحمن‪:‬‬
‫المرجع السابق ‪ ،‬هامش ‪ ،‬ص‪. )310‬‬
‫وقد أكدت على هذا المعنى المذكرة اإليضاحية للقانون المدني المصري بقولها ‪ " :‬غني عن البيان أن‬
‫النص على عدم جواز نسخ التشريع إال بمقتضى تشريع آخر ‪ ،‬يقتضي عودم جوواز نسوخ التشوريع‬
‫بمقتضى عرف الحق " ‪ .‬راجع ‪ :‬مجموعة األعما التحضيرية للقانون المودني المصوري ‪ ،‬الجوزء‬
‫األو ‪ ،‬ص ‪. 80‬‬

‫‪081‬‬
‫تشريعية أو نشأت قاعدة عرفية تحكم هذه المسألة ‪ ،‬فذن القاعدة المستمدة مون‬
‫مبادئ الشريعة اإلسالمية تكون قد ألغيت ويتوقف العم بها كقاعودة قانونيوة‬
‫ملزمة ‪ .‬ولكن يجب أن نؤكد في هذا الصدد على أنه لويس مون الممكون أن‬
‫يصدر تشريع أو ينشأ عرف بالمخالفة لمبادئ الشريعة اإلسالمية ‪ ،‬على أساس‬
‫أن المادة الثانية من الدستور تؤكد على أن الشريعة اإلسالمية هوي المصودر‬
‫الرئيسي للتشريع ‪.‬‬

‫‪ -‬صور إلغاء القواعد التشريعية ‪:‬‬

‫لقد عالج المشرع في المادة الثانية من القانون المدني المصري مسوألة‬


‫إلغاء القواعد التشريعية فقط ‪ ،‬دون أن يتعرض لمسألة إلغواء القواعود غيور‬
‫التشريعية ‪ .‬ولكن ليس معنى ذلك أن اإللغاء ال يقتصر القواعد التشوريعية ‪ ،‬إذ‬
‫سبق لنا أن رأينا إمكانية إلغاء القواعد العرفية والقواعد المستمدة من الشوريعة‬
‫اإلسالمية ‪.‬‬

‫وحسناً فع المشرع المصري باقتصاره على تنظويم مسوألة إلغواء‬


‫القواعد التشريعية دون غيرها ‪ .‬فمن ناحية أولى ‪ ،‬وفقاً لما نصت عليه الموادة‬
‫الثانية من الدستور ‪ ،‬تعتبر الشريعة اإلسالمية هي المصدر الرئيسي للتشوريع‪،‬‬
‫وبالتالي لن يسمح بذمكانية مخالفتها أو إلغاء القواعد المستمدة منها ‪ .‬ومن ناحية‬
‫أخرى ‪ ،‬قدر المشرع أن إلغاء القواعد العرفية ال يحدث فوي كثيور األحيوان‬
‫بالمقارنة بما عليه الحا بالنسبة للقواعد التشريعية ‪ ،‬فضوالً عون أن إلغواء‬
‫القواعد العرفية يستغرق فترة زمنية طويلة حتى يكون العرف الجديد قد ظهور‬
‫واستقر في نفوس األفراد ‪.‬‬

‫وترتيباً على ما تقدم ‪ ،‬سنتبع ذات المسولك الوذي اتبعوه المشورع‬


‫المصري ‪ ،‬مكتفيين بدراسة إلغاء القواعد التشريعية باعتبارهوا هوي الوضوع‬
‫الغالب ‪.‬‬

‫‪080‬‬
‫وبالرجوع إلى المادة الثانية من القانون المدني المصري نجدها تونص‬
‫على أنه ‪ " :‬ال يجوز إلغاء نص تشريعي إال بتشريع الحق ينص صراحة على‬
‫هذا اإللغاء ‪ ،‬أو يشتم على نص يتعارض مع نص التشريع القديم ‪ ،‬أو يونظم‬
‫من جديد الموضوع الذي سبق أن قرر قواعده ذلك التشريع " ‪.‬‬

‫ويتبين لنا من هذا النص أن اإللغاء قد يكوون صوريحًا وقود يكوون‬


‫ضمنياً‪ .‬وفيما يلي نتناو كال من هاتين الصورتين ‪:‬‬

‫‪ -‬أوالً‪ -‬اإللغاء الصريح ‪:‬‬

‫يمكن القو أننا بصدد اإللغاء الصوريح )‪ (Abrogation Expresse‬إذا‬


‫أصدر المشرع تشريعاً جديداً ينص من خالله صراحة على إلغاء تشريع آخور‬
‫سابق عليه ‪ .‬ويكون إلغاء التشريع صريحًا في حالتين ‪:‬‬

‫وتتحقق إذا ورد نص فوي تشوريع الحوق يقضوي‬ ‫–‬ ‫الحالة األولى‬
‫صراحة بذلغاء العم بحكم تشريع سابق ‪ .‬وهذه هي الطريقة المعتوادة التوي‬
‫يسلكها المشرع المصري عند إلغائه للتشريعات ‪.‬‬

‫ومن أمثلة ذلك ما نصت عليه المادة األولى من القوانون رقوم ‪2‬‬
‫لسنة ‪ 801‬م بشأن إصدار القانون المدني المصري ‪ ،‬إذ قضت بأن ‪ " :‬يلغوى‬
‫القانون المدني المعمو به أمام المحاكم الوطنية ‪ ،‬والصادر فوي ‪ 31‬أكتووبر‬
‫سنة ‪ ، 112‬والقانون المدني المعمو به أمام المحاكم المختلطة ‪ ،‬والصوادر‬

‫وكذلك يدخ ضمن هذه الحالة أيضاً ‪ ،‬حالة ما إذا تضمن تشريع جديد نصاً يقضي صراحة بذلغاء ما‬
‫يخالفه من قواعد بصفة عامة ‪ .‬ومثا ذلك ‪ ،‬ما نصت عليه المادة الثالثة من قانون المساكن الجديد رقم‬
‫‪ 0‬لسنة ‪ 880‬م ‪ ،‬إذ قضوت بأن ‪ " :‬يلغى ك نص في أي قانون آخور يتعارض موع أحكوام هوذا‬
‫القانون " ‪ .‬كذلك ما نصت عليه المادة الثانية من قانون العاملين المدنيين بالدولة رقم ‪ 00‬لسنة ‪، 801‬‬
‫إذ قضت بأن ‪ " :‬يلغى القانون رقم ‪ 51‬لسنة ‪ 80‬بشأن إصدار قانون العاملين المدنيين بالدولة‪ ،‬كما‬
‫يلغى ك نص يخالف أحكام القانون المرافق " ‪.‬‬

‫‪082‬‬
‫في ‪ 31‬يونيه سنة ‪ ، 105‬ويستعاض عنها بالقانون المودني المرافوق لهوذا‬
‫القانون " ‪ .‬وكذلك األمر فيما نصت عليه المادة األولى من القوانون رقوم ‪2‬‬
‫لسنة ‪ 801‬بشأن إصدار قانون المرافعات المدنية والتجاريوة المصوري ‪ ،‬إذ‬
‫قضت بأن ‪ " :‬يلغى قانون المرافعات المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقوم‬
‫‪ 00‬لسنة ‪ 808‬عدا الباب السابع من الكتاب األو " ‪.‬‬

‫وتتحقق إذا كان التشريع موقوتاً بمدة محوددة ‪ ،‬أي إذا‬ ‫–‬ ‫الحالة الثانية‬
‫كان التشريع يتضمن نصًا صريحًا يحدد مدة لسريانه ‪ ،‬بحيوث يصوبح الغيوًا‬
‫بانقضاء هذه المدة المحددة ‪ .‬وهذه الطريقة يندر اللجوء إليها إال فوي أوقوات‬
‫األزمات االقتصادية أو الحروب ‪.‬‬

‫ومن أمثلة ذلك قوانين التسعير الجبري التي كان يصودرها المشورع‬
‫لمواجهة أزمات اقتصادية عارضة ‪ ،‬إذ كان ينص فيها عادة على العمو بهوا‬
‫لمدة زمنية محددة ‪.‬‬

‫‪ -‬ثانياً‪ -‬اإللغاء الضمني ‪:‬‬

‫واإللغاء الضمني )‪ (Abrogation tacite‬هو الذي ال يوجد نص صريح‬


‫يقضي به ‪ ،‬وإنما يستفاد ضمناً كما في حالة ما إذا صدر تشريع جديد يتضومن‬
‫قاعدة تتعارض مع قاعدة موجودة في تشريع سابق ‪ ،‬أو في حالة ما إذا صودر‬
‫تشريع جديد ينظم موضوعاً كامالً سبق تنظيمه بواسطة تشريع سابق ‪ .‬ومعنى‬
‫ذلك أن اإللغاء الضمني يتحقق في حالتين بيانهما على النحو التالي ‪:‬‬

‫ويضرب الفقه مثاالً آخر لهذه الحالة ‪ ،‬وهو ما نصت عليه المادة الثامنة من قرار رئيس الجمهوريوة‬
‫بالقانون رقم ‪ 10‬لسنة ‪ 851‬في شأن تنظيم الجامعات من أنه ‪ " :‬إلى أن يتم تشكي مجلس جامعوة‬
‫أسيوط وهيئاتها المختلفة المبينة في القانون المرافق ‪ ،‬يتولى وزير التربية اختصاصات مجلس الجامعة‬
‫‪ ،‬ويتولى مدير الجامعة باقي االختصاصات " ‪.‬‬

‫‪083‬‬
‫‪ -1‬التعارض بين قاعدة تشريعية جديدة وأخرى قديمة ‪:‬‬

‫قد ال ينص المشرع صراحة في التشريع الجديد على إلغواء التشوريع‬


‫السابق ‪ ،‬وإنما يضع حكماً يتعارض مع الحكم السابق ‪ ،‬وبالتالي فذن هذا يعود‬
‫نسخاً للقواعد السابقة تأسيساً على المبدأ الذي يقرر بأن ‪ " :‬النص الالحق ينسخ‬
‫النص السابق المتعارض معه في الحكم " ‪.‬‬

‫غير أنه حتى يتسنى إعما المبدأ السابق ‪ ،‬يجب أن يكون التعوارض‬
‫بين التشريع الجديد والتشريع القديم تعارضاً تاماً ‪ ،‬بحيث ال نستطيع أن نطبوق‬
‫أحكامهما في وقت واحد ‪ .‬أما إذا كان التعارض جزئياً ‪ ،‬أي في حدود بعوض‬
‫األحكام دون البعض اآلخر ‪ ،‬ففي هذه الحالة ال يكون اإللغاء إال فوي حودود‬
‫التعارض فقط ‪ ،‬بمعنى أنه يستمر العم بالتشريعين معواً ‪ ،‬ولكون ال يعمو‬
‫بأحكام التشريع القديم المتعارضة مع التشريع الجديد ‪.‬‬

‫على أنه أياً ما كانت طبيعة التعارض ‪ ،‬أي سواء أكان التعارض تامًا‬
‫أم جزئياً ‪ ،‬فذنه يلزم حتى يتحقق اإللغاء أن تماث أحكام التشريعين بحيث تكون‬
‫من طبيعة واحدة ‪ ،‬بأن تكون كلها أحكاماً عامة أو أحكاماً خاصة ‪ .‬فذذا كوان‬
‫الحكم القديم عاماً يلزم أن يكون الحكم الجديد عاماً ‪ ،‬وإذا كان الحكوم القوديم‬
‫خاصاً يلزم أن يكون الحكم الجديد خاصاً حتى يتسنى له إلغائه ‪ .‬ولكن ‪ ،‬ما هو‬
‫الحكم إذا لم تتماث أحكام التشريعين وكانا من طبيعة مختلفة ‪ ،‬بأن كان أحدهما‬
‫عاماً واآلخر خاصًا ؟‬

‫(أ) التعارض بين نص قديم عام ونص جديد خاص ‪:‬‬

‫قد يحدث تعارض بين نصوص جديدة تقرر أحكامًا خاصة ونصووص‬
‫قديمة تقرر أحكاماً عامة ‪ ،‬وفي هذه الحالة فذن نصووص الجديودة ال تلغوي‬
‫النصوص القديمة كلية ‪ ،‬وإنما تلغي فقط ما يتعارض معها في الحكم ‪.‬‬

‫‪084‬‬
‫ومن أمثلة ذلك أن القانون المدني كان ينظم أحكام عقد اإليجار ‪ ،‬سواء‬
‫اإليجار العادي أو إيجار األراضي الزراعية أو غير ذلك من أشكا اإليجوار‬
‫المختلفة ‪ ،‬ولكن مع صدور قانون اإلصالح الزراعي رقم ‪ 01‬لسونة ‪853‬‬
‫متضمناً لبعض األحكام الخاصة بتنظيم عقد إيجار األراضي الزراعية ‪ ،‬أصبح‬
‫هناك تعارض بين بعض النصوص العامة الواردة بالقانون المدني‪ ،‬والنصوص‬
‫الخاصة بذيجار األراضي الزراعية الواردة بقانون اإلصالح الزراعي ‪ .‬وفوي‬
‫هذه الحالة ‪ ،‬سنجد أن أحكام قانون اإلصالح الزراعي ال توؤدي إلوى إلغواء‬
‫األحكام العامة لعقد اإليجار التي قررها القانون المدني ‪ ،‬وإنما ك موا هنالوك‬
‫أنها تقيد نصوص القانون المدني فيما يتعلق بعقد إيجار األراضوي الزراعيوة‬
‫دون غيره من عقود اإليجار األخرى التي تخضع للقواعد العامة ‪.‬‬

‫ومن أمثلة ذلك أيضاً ‪ ،‬أن القانون المدني القديم كان يونص علوى أن‬
‫الملكية تنتق بمجرد العقد ‪ ،‬يستوي في ذلك العقارات والمنقوالت ‪ ،‬ثم بعد ذلك‬
‫صدر قانون التسجي في سنة ‪ ، 832‬ومن بعده قانون الشهر العقواري فوي‬
‫سنة ‪ 800‬لينصان على أن ملكية العقارات ال تنتق إال بالتسجي ‪ .‬وفي هوذه‬
‫الحالة ‪ ،‬سنجد أن النص الجديد الذي تضمنه ك من قانون التسوجي وقوانون‬
‫الشهر العقاري هو نص خاص ‪ ،‬في حين أن النص الذي كان يقرره القوانون‬
‫المدني القديم يتضمن نصاً عاماً ‪ ،‬وهنا يظ الونص القوديم مطبقواً فيموا ال‬
‫يتعارض مع النص الجديد ‪ ،‬بمعنى أن في حكم المنقوالت يبقى كما هو تطبيقوًا‬
‫للنص القديم العام ‪.‬‬

‫(ب) التعارض بين نص قديم خاص ونص جديد عام ‪:‬‬

‫قد يحدث تعارض بين نصوص قديمة تقرر أحكاماً خاصة ونصووص‬
‫جديدة تقرر أحكاماً عامة ‪ ،‬وفي هذه الحالة فذن النصوص الجديودة ال تلغوي‬
‫النصوص القديمة ‪ ،‬وإنما يعتبر النص الجديد هو األص العام في حين يكوون‬

‫‪085‬‬
‫النص القديم بمثابة االستثناء الذي يرد على األص فيحد من عموميته ويضويق‬
‫من نطاقه ‪.‬‬

‫من أمثلة ذلك أن قانون الشهر العقاري لسنة ‪ 800‬تضومن حكموًا‬


‫خاصاً مؤداه عدم انتقا ملكية العقارات إال بالتسجي ‪ ،‬ثم صدر القانون المدني‬
‫الحالي لسنة ‪ 801‬متضمناً نصاً عاماً مؤداه انتقا الملكية ‪ ،‬سواء وردت على‬
‫عقار أو منقو ‪ ،‬بمجرد التعاقد ‪ .‬وفي هذه الحالة ‪ ،‬يكون الحكم الووارد فوي‬
‫قانون الشهر العقاري حكماً خاصاً ال يلغيه الحكم العام الووارد فوي القوانون‬
‫المدني ‪ ،‬ب يظ الحكم الخاص بمثابة االستثناء الوارد على األص ‪.‬‬

‫‪ -‬إعادة التنظيم التشريعي لموضوع معين سبق تنظيمه ‪:‬‬

‫قد يستخلص اإللغاء الضمني من صدور تشوريع يونظم مون جديود‬


‫موضوعاً سبق أن نظمه تشريع سابق ‪ .‬وفي هوذه الحالوة يمكون القوو أن‬
‫التشريع الجديد قد ألغى القواعد التي تضمنها التشريع القديم ‪ ،‬حتى تلك القواعد‬
‫التي ال تتعارض مع التشريع الجديد في الحكم ‪ .‬ويؤكد على ذلوك ‪ ،‬موا ورد‬
‫بالمذكرة اإليضاحية للقانون المدني ‪ ،‬حيث أشارت إلى أن مون بوين صوور‬
‫اإللغاء الضمني ‪ " :‬أن يصدر تشريع جديد ينظم تنظيماً كوامالً وضوعاً مون‬
‫األوضاع أفرد له تشريع سابق ‪ .‬وفي هذه الحالة يعتبر التشريع السابق منسوخًا‬
‫جملة وتفصيالً واو انتفى التعارض بين بعض نصوص هذا التشريع ونصوص‬
‫التشريع الذي تاله " ‪.‬‬

‫ويالحظ جانب من الفقه‪ 3‬على هذه الصورة مون صوور اإللغواء‬


‫الضمني ‪ ،‬أن المادة الثانية من القانون المدني ‪ ،‬المشوار إليهوا سوابقاً ‪ ،‬وإن‬
‫اهتمت باإلشارة إليها ‪ ،‬إال أن الواقع العملي يؤكد أن المشورع ال يفوتوه فوي‬

‫مجموعة األعما التحضيرية للقانون المدني المصري ‪ ،‬الجزء األو ‪ ،‬ص ‪. 80‬‬
‫‪.0‬‬ ‫محمد شكري سرور ‪ :‬المرجع السابق ‪ ،‬فقرة ‪ ، 023‬ص‬

‫‪086‬‬
‫الغالب أن ينص في التشريع الالحق الذي يعيد به تنظيم نفس الموضوع ‪ ،‬على‬
‫إلغاء التشريع السابق الذي كان ينظمه ‪.‬‬

‫المبحث الثاني‬

‫تنازع القوانين في الزمان‬

‫‪ -‬تحديد المسألة ‪:‬‬

‫عندما تلغى قاعدة قانونية معينة وتح محلها قاعدة جديدة ‪ ،‬فذن هوذه‬
‫القاعدة األخيرة تطبق من يوم نفاذها ‪ ،‬في حين ينتهي العم بالقاعودة القديموة‬
‫من يوم إلغائها ‪ .‬بيد أن األمور ال تسير بهذا الحد من البسواطة ‪ ،‬خصوصوًا‬
‫بالنسبة لألوضاع أو المراكز القانونية التي تستغرق في نشأتها أو في ترتيوب‬
‫آثارها وقتاً طويالً قد يمتد إلى الفترة ما بين إلغاء قانون معين وصدور قوانون‬
‫آخر يج محله ‪ ،‬إذ هنا يثور التساؤ عن القانون الواجب التطبيق لحكم هوذه‬
‫األوضاع القانونية ‪ :‬ه يطبق القانون القديم الذي نشأت في ظلوه أم القوانون‬
‫الجديد الذي لم تكتم آثارها إال بعد نفاذه ؟‬

‫الحقيقة أن مشكلة تنازع القوانين فوي الزموان ال تثوور إذا كانوت‬


‫األوضاع أو المراكز القانونية قد نشأت واستقرت ورتبت آثارها كاملوة قبو‬
‫صدور القانون الجديد ‪ ،‬إذ ستظ هذا األوضاع خاضعة للقانون القوديم ولون‬
‫تتأثر بالقانون الجديد ‪ .‬فعلى سبي المثا ‪ ،‬إذا أبرم عقد بيع ونفذت آثاره فوي‬
‫ظ قانون معين ‪ ،‬بأن قام البائع بنق ملكية المبيع في حين أوفوى المشوتري‬
‫بالثمن ‪ ،‬ثم صدر قانون جديد يعد من شروط البيع وطريقة الوفاء ‪ ،‬ففي هوذا‬
‫المثا ال يكون للقانون الجديد أي أثر على هذا العقد الذي نشأ واستقر ورتوب‬
‫جميع أثاره قب صدوره ‪ ،‬كذلك إذا ارتكب شخص جريمة معينة وعوقب عليها‬
‫ونفذت العقوبة بالفع ‪ ،‬ثم صدر قانون جديد يشدد من عقوبة هذه الجريموة ‪،‬‬

‫‪087‬‬
‫فال يعق في مث هذه الحالة أن نطالب هذا الشخص بالعودة إلى تنفيذ ما تبقوى‬
‫من العقوبة نتيجة التشديد ‪ ،‬إذ ال يؤثر صدور القانون الجديد على مثو هوذا‬
‫الشخص ‪.‬‬

‫وهكذا فذن مشكلة تنازع القوانين في الزمان تنحصر في تحديد القانون‬


‫الواجب التطبيق بالنسبة للمراكز أو األوضاع القانونية التي تستغرق في نشأنها‬
‫أو في ترتيب آثارها وقتاً طويالً يمتد للفترة ما بين قانونين أحدهما قديم واآلخر‬
‫جديد ‪ .‬ولعلنا وضع ذلك من خال األمثلة التالية ‪:‬‬

‫‪ -‬إذا تزوج شخص في ظ قانون ال يعطي للزوجة المطلقة الحوق‬


‫في االستمرار في سكنى منز الزوجية أثناء فترة حضوانتها ألطفالهوا مون‬
‫زوجها الذي طلقها ‪ ،‬ثم صدر قانون جديد أثناء الوزواج يقورر هوذا الحوق‬
‫للمطلقة‪ ،‬فه سيطبق القانون القديم ‪ ،‬وبالتالي تحرم المطلقة من اإلقاموة فوي‬
‫منز الزوجية خال فترة حضانتها ألطفالها ‪ ،‬أم أن القانون الجديود سويطبق‬
‫عليها ‪ ،‬وبالتالي ستفيد من الحق في اإلقامة ؟‬

‫‪ -3‬إذا كان قانون دولة معينة يجع سن الرشد ‪ 1‬سنة ميالدية ‪ ،‬ثوم‬
‫صدر قانون جديد بنفس الدولة يرفع سن الرشد إلى ‪ 3‬سنة ميالديوة ‪ ،‬هنوا‬
‫يثور التساؤ حو مركز األشخاص الذي بلغوا سن الرشد في القانون القوديم‬
‫ولم يبلغوا ‪ 3‬سنة وقت نفاذ القانون الجديد ‪ ،‬فما حكم التصرفات التي أبرموها‬
‫في ظ القانون الجديد ؟‬

‫‪ -2‬إذا كان الحد األدنى للمدة الالزمة للترقية من درجة وظيفية إلوى‬
‫أخرى ‪ ،‬وفقا لقانون العاملين المدنيين بالدولة ‪ ،‬هي ثالث سنوات ‪ ،‬ثم صودر‬
‫قانون جديد يرفع هذه المدة إلى أربع سنوات ‪ ،‬فه تخضع ترقية الموظفين قب‬
‫هذا القانون الجديد لشرط المدة الجوديدة أم تظ تورقيتهم خاضوعة للقوانون‬
‫السابق ؟‬

‫‪088‬‬
‫‪ -0‬إذا وضع شخص يده على عقار لمدة ‪ 3‬سنة بنية تملكه في ظو‬
‫قانون قديم يجع مدة التملك بالتقادم ‪ 5‬سنة ‪ ،‬ثم صدر قانون جديد يطي هذه‬
‫المدة ويرتفع بها إلى ‪ 31‬سنة ‪ ،‬فه يبقى هذا الشخص خاضعاً للقانون القوديم‬
‫بحيث يتملك العقار بعد ثالث سنوات ‪ ،‬أم يطبق عليه القانون الجديد ومن ثم ال‬
‫يتملك العقار إال بعد مرور ثماني سنوات ؟‬

‫‪ -5‬إذا أبرم عقد قرض مبلغ معين بفائدة قدرها ‪ %8‬في ظ قوانون‬
‫يجيز ذلك ‪ ،‬ثم صدر قانون جديد يجع الحد األقصى لسعر الفائدة هوو ‪، %0‬‬
‫فه يظ عقد القرض خاضعاً للقانون القديم وبالتالي يلتزم المقتورض بفائودة‬
‫قدرها ‪ ، %8‬أم أن القانون الجديد يطبق على هذا العقود ومون ثوم ال يلتوزم‬
‫المقترض سوى بفائدة قدرها ‪ %0‬؟‬

‫وكما هو واضح ‪ ،‬ففي مث هذه الفروض تثور مشكلة تنازع القووانين‬


‫في الزمان ‪ .‬وقد يتدخ المشرع في بعض األحيان لحلها ‪ ،‬وذلك عندما يصدر‬
‫القانون الجديد ويحدد نطاق تطبيقه ‪ ،‬لكن فوي الوضوع الغالوب ال يتعورض‬
‫المشرع لهذا األمر استناداً إلى المبدأ العام الذي يسيطر علوى مشوكلة تنوازع‬
‫القوانين ‪ ،‬أال وهو مبدأ "عدم رجعية القوانين" ‪.‬‬

‫وهكذا تقتضي دراستنا أن نعرض أوالً لمبدأ عدم رجعية القوانين ‪ ،‬ثم‬
‫ننتق بعد ذلك إلى بحث النظريات الفقهية التي تعرضت لهذه المشكلة ‪ ،‬وأخيرًا‬
‫نختتم هذا المطلب بالتعرف على الحلو التشريعية لبعض صور التنوازع فوي‬
‫ال ‪.‬‬
‫القانون المصري ‪ .‬وسنخصص لك موضوع مطلبًا مستق ً‬

‫‪089‬‬
‫المطلب األول‬

‫مبدأ رجعية القوانين‬

‫‪Principe de la non-rétroactivité des lois‬‬

‫‪ -‬مضمون المبدأ ومبرراته ‪:‬‬

‫يقصد بمبدأ عدم رجعية القوانين أن القانون ال يطبق إال على الوقوائع‬
‫التي تمت بعد صدوره ‪ ،‬أما الوقائع التي تمت قب تاريخ العم به ‪ ،‬فال يسري‬
‫عليها أحكامه ‪ ،‬ب تبقى خاضعة للقانون الذي نشأت في ظله ‪ .‬ويعبر الفقه عن‬
‫هذا المعنى بالقو بأن القانون ليس له أثر رجعي ‪.‬‬

‫ويعتبر هذا المبدأ أساساً يقوم عليه ح مشكلة تنوازع القووانين فوي‬
‫الزمان ‪ ،‬وهو يستند على عدة اعتبارات هامة من المنطق والعدالة والمصولحة‬
‫العامة ‪.‬‬

‫فالمنطق يرفض سريان القانون على الوقائع التي حدثت في الماضوي‬


‫قب تاريخ العم به ‪ ،‬وإنما يجب أن يقتصر تطبيقه على المستقب فحسوب ‪ ،‬إذ‬
‫ليس من المعقو أن نحاسب األفراد وفقاً لقانون لم يكن قائمواً وقوت إتيوانهم‬
‫للسلوك الذي نحاسبهم عليه‪. 3‬‬

‫للمزيد من التفصي حو مبدأ رجعية القوانين كأساس لح مشكلة تنازع القوانين في الزمان ‪ ،‬راجع‬
‫من الفقه الفرنسي ‪:‬‬
‫‪Héron : Etude structurale de l’application de la loi dans le temps, Rev. trim. dr.‬‬
‫‪civ., 1985, p. 277 ; Gianviti : L’application dans le temps des lois judiciaire et‬‬
‫‪de preuve, thèse paris, 1967 ; Th. Bonneau : la cour de cassation et l’application‬‬
‫‪de la loi dans le temps, préface de Mme Gobret, 1990 ; J. Rivero : Sur la‬‬
‫‪rétroactive de la règle jurisprudentielle, pages de doctrine, 1980, p. 165 ; L.‬‬
‫‪Bach : contribution a l`etude du problème de l’application des lois dans le‬‬
‫‪temps, Rev. trim. dr. civ., 1969, p. 405 et s.‬‬
‫علي سيد حسن ‪ :‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪ 330‬؛ محمود عبد الرحمن ‪ :‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.380‬‬

‫‪091‬‬
‫كذلك فذن العدالة تأبى أن يطبق القانون على أفعا وتصرفات سوابقة‬
‫على نفاذه ‪ ،‬فعلى سبي المثا ليس من العد في شئ أن يعاقب األفراد علوى‬
‫أفعا ارتكبوها في وقت كانت فيه هذه األفعا مباحة ‪ ،‬ألننا بذلك نلزمهم بما لم‬
‫يكن معلومًا لهم ‪.‬‬

‫وأخيراً ‪ ،‬فذن المصلحة العامة تقضى بعودم سوريان القوانون علوى‬


‫الماضي ‪ ،‬تحقيقاً الستقرار المعامالت وتعميق الثقة بوين األفوراد ‪ ،‬فواألفراد‬
‫يرتبون أمورهم ويبرمون عقودهم على أسواس القانون النافوذ فعوالً وقوت‬
‫التعام ‪ ،‬ومن حقهم أن يثقوا في أن هذا القانون هو الذي سويحكم المعوامالت‬
‫التي أجروها في ظله‪.‬‬

‫‪ -‬مبدأ عدم رجعية القوانين في مصر ‪:‬‬

‫وكنتيجة طبيعية للمبررات واالعتبارات المتقدمة ‪ ،‬حرصت دو العالم‬


‫ومن بينها مصر– على تطبيق مبدأ رجعية القوانين ‪ ،‬ب وأكدت على‬ ‫–‬ ‫الحديثة‬
‫ذلك في دساتيرها وقوانينها المختلفة ‪.‬‬

‫ففي مصر ‪ ،‬ونظراً ألهمية هذا المبدأ ‪ ،‬نص الدستور المصري على‬
‫عدم رجعية القوانين ‪ ،‬مؤكداً على أنه ال تسري أحكام القوانين إال على ما يقوع‬
‫من تاريخ العم بها وال يترتب عليها أثر فيما وقع قبلها ‪ ،‬ومع ذلك يجوز فوي‬
‫غير المواد الجنائية النص في القوانين على خالف ذلك بموافقة ثلثي أعضواء‬
‫مجلس النواب‪.‬‬

‫والمستفاد من هذا النص الدستوري أن القاضي عند تطبيقوه للقوانون‬


‫يتعين عليه أن يتقيد بمبدأ عدم رجعية القوانين ‪ ،‬فال يملك أن يسحب التشوريع‬

‫ولعلنا نلتمس هذا المعنى من قو المولى عز وج في اآلية (‪ ) 5‬من سوورة اإلسوراء ‪ ،‬إذ يقوو‬
‫تعالى ‪" :‬وما كنا معذبين حتى نبعث رسوال " ‪.‬‬

‫‪090‬‬
‫الجديد ليطبقه على وقائع تمت قب صدوره ‪ .‬ويسري هذا الحكم على مختلوف‬
‫أنواع التشريعات ‪ ،‬ال فرق في ذلك بين التشريعات العاديوة (القووانين) التوي‬
‫تصدرها السلطة التشريعية أو التشريعات الفرعية (اللوائح) التي تصودر عون‬
‫السلطة التنفيذية ‪.‬‬

‫‪092‬‬
‫القسم الثاني‬

‫نظـرية احلق‬

‫‪093‬‬
‫مقدمــة‬
‫يتولى القانون تنظيم سلوك الناس في المجتمع حتى يستتب األمن‬
‫والنظام فيه‪ ،‬ويسير نحو التقدم والرقي‪ ،‬وهو يضطلع بهذا الدور عن طريق‬
‫تقرير حقوق ألشخاص وفرض واجبات على آخرين‪ ،‬وهو بذلك يتغلب على‬
‫مشكلة التعارض بين المصالح في المجتمع‪ ،‬ويضمن القدر المالئم من السلوك‬
‫المستقيم في الجماعة‪.‬‬

‫فالعالقة وثيقة إذن بين القانون والحق‪ ،‬فال وجود لحق ال يقره القانون‪،‬‬
‫ثم إن صاحب الحق ال يستطيع االستفادة منه والتمتع به على وجه االستقرار‬
‫إال إذا توافرت له الحماية القانونية الالزمة‪ .‬وفي عبارة وجيزة‪ ،‬القانون ينشئ‬
‫الحق ويحميه‪ ،‬ولكن ليس معنى ذلك أن القانون مطلق اليد بشأن تقرير الحقوق‪،‬‬
‫ولكنه مقيد بغاية العد التي يسعى إلى تحقيقها آخذًا في االعتبار واقع المجتمع‬
‫الذي ينظمه‪.‬‬

‫خطة الدراســة‪:‬‬

‫عندما يشرع اإلنسان في دراسة نظرية الحق‪ ،‬فذن أو ما يتبادر إلى‬


‫الذهن في معالجته هذا الموضوع‪ ،‬هو تحديد مفهوم هذا االصطالح المسمى‬
‫بالحق‪ ،‬وال شك أ ن التعريف بالحق يقتضي إلى جانب تحديد مفهومه‪ ،‬كفكرة‬
‫قانونية‪ ،‬بيان أنواعه وتقسيماته المختلفة‪ ،‬فذذا اتضحت صورة الحق على هذا‬
‫الوجه‪ ،‬انتقلنا إلى تحليله وبيان عناصره‪ ،‬وهذا يستلزم البحث في صاحب‬
‫الحق‪ ،‬وهو الشخص‪ ،‬سواء كان شخصًا طبيعيًا‪ ،‬وهو اإلنسان‪ ،‬أو شخصًا‬
‫معنويً ا‪ ،‬كالشركة والجمعية‪ ،‬ثم في مح الحق‪ ،‬وهذا إما أن يكون شيئًا أو‬
‫عمالً‪ ،‬فذذا ما تبينت معالم الحق وعناصره المكونة له‪ ،‬أي اتضح الحق في‬
‫ذاته‪ ،‬وجب أن نتتبعه في مسار حياته منذ نشأته حتى انقضائه‪.‬‬

‫وبناء على ذلك فذن دراسة نظرية الحق تشم ثالثة أبواب‪:‬‬

‫‪094‬‬
‫تعريف الحق‪ ،‬واألنواع المختلفة للحقوق‪.‬‬ ‫الباب األو ‪:‬‬

‫أركان الحق‪ ،‬وهي أشخاص الحق‪ ،‬ومحله‪.‬‬ ‫الباب الثاني‪:‬‬

‫نشأة الحق‪ ،‬واستعماله‪ ،‬وانقضائه‪.‬‬ ‫الباب الثالث‪:‬‬

‫‪095‬‬
‫الباب األول‬

‫تعريف الحق وأنواع الحقوق‬

‫الفصل األول‬

‫تعريف الحق‬

‫لفظ الحق من األلفاظ الشائعة االستعما في الحياة اليومية‪ ،‬فنقو مثالً‬


‫إن فالنًا من حقه أن يفع كذا‪ ،‬وأن اآلخر ليس من حقه فع هذا الشيء أو‬
‫إتيان ذلك العم ‪ ،‬ولكن هذا االستعما الشائع للفظ الحق ال يعني أنه يستخدم‬
‫دائمًا بمدلوله القانوني السليم‪ .‬ويثور التساؤ إذن عن المفهوم القانوني للحق؟‬

‫يعرف الحق بأنه‪ :‬استئثار شخص بميزة معينة استئثارًا يحميه القانون‪.‬‬
‫فالحق استئثار‪ ،‬أي أن الميزة تنسب لصاحب الحق‪ ،‬وتثبت له دون غيره‪.‬‬

‫والميزة التي يستأثر بها صاحب الحق هي عبارة عن سلطات معينة‬


‫يمارسها بقصد إشباع مصلحة معينة‪ ،‬فالميزة هنا تتضمن وسيلة وغاية‪ ،‬وال‬
‫يقتصر معناها على السلطة وحدها أو المصلحة بمفردها‪ ،‬فمالك األرض يستأثر‬
‫بميزة معينة هي سلطاته في استعما الشيء واستغالله والتصرف فيه بغرض‬
‫تحقيق مصلحة معينة له من االستعما أو االستغال أو التصرف‪ ،‬والميزة‪،‬‬
‫سواء باعتبارها وسيلة أو غاية‪ ،‬يجب أن تكون مشروعة‪ ،‬وإن كنا لم نورد ذلك‬
‫في التعريف‪ ،‬فذ ن ذلك مفهوم ضمنًا‪ ،‬وبحكم الضرورة؛ ألن صاحب الحق إذا‬
‫استخدم سلطاته لتحقيق مصلحة غير مشروعة فذن القانون لن يحمي له‬
‫استئثاره بميزته‪ ،‬ألننا نكون قد خرجنا عن نطاق الحق‪.‬‬

‫القانون يحمي استئثار الشخص بالميزة‪ ،‬وهو إذ يحمي هذا االستئثار‪،‬‬


‫فذن ذلك يفترض بالضرورة أنه يقره ألنه ال يتصور أن يحمي القانون ميزة‬
‫معينة لشخص وهو ال يقرها‪.‬‬

‫‪096‬‬
‫النتيجة الطبيعية لالستئثار بالميزة هي وجوب احترام الغير للحق‪ ،‬سواء‬
‫في صورة واجب سلبي عام يقع على عاتق الكافة‪ ،‬باحترام الحق أو في صورة‬
‫واجب خاص يقع على عاتق المدين بالوفاء بدينه لصاحب الحق الشخصي‪.‬‬
‫والتزام الغير باحترام الحق مصدره القانون الذي يحمي االستئثار بالميزة‪ ،‬فلم‬
‫يكن من المتصور أن يقر القانون استئثار شخص بميزة ثم يتركه دون حماية‬
‫ضد اعتداء الغير‪.‬‬

‫‪097‬‬
‫الفصل الثاني‬

‫أنواع الحقوق‬

‫تمهيد وتقسيم‬

‫تختلف الحقوق من حيث طبيعتها وخصائصوها؛ ولوذلك فوذن الفقوه‬


‫يقسمها تقسيمات متعددة‪ ،‬ولكننوا نفضو تصونيفها حسوب طبيعوة القيموة‬
‫التي تشك مضمون الحق‪ ،‬فهنواك حقووق يمكون تقودير قيمتهوا بوالنقود‪،‬‬
‫وأخرى ال يمكن تقويمها بالنقود‪ ،‬فمثالً إذا كنوت تملوك سويارة فوذن حوق‬
‫ملكيتك عليها يمكن أن يقدر بالما ‪ ،‬فنقوو موثالً إن هوذه السويارة قيمتهوا‬
‫ثالثة آالف أو خمسة آالف‪ ،‬وعلى العكس من ذلوك‪ ،‬فذنوه ال يمكون القوو‬
‫بأن حقك في سالمة جسمك أو حق األب فوي تأديوب ابنوه يسواوي مبلغًوا‬
‫معينًا‪.‬‬

‫والنوع األو من الحقوق الذي يمكون تقويموه بوالنقود يسومى حقًوا‬


‫ماليًا‪ ،‬أما النوع الثاني من الحقوق فيسمى حقًا غير مالي‪.‬‬

‫بيد أن هناك نوعًا ثالثًا من الحقوق له جانبان‪ :‬جانب يمكن تقديره‬


‫بالنقود‪ ،‬وجانب غير مالي‪ ،‬أي ال يقدر بالنقود؛ ولذلك يمكن تسمية هذا النوع‬
‫من الحقوق حقوقًا ذات طبيعة مزدوجة‪ ،‬أو مختلطة‪ ،‬وهذا يصدق على الحقوق‬
‫الذهنية أو المعنوية‪.‬‬

‫وفي دراستنا ألنواع الحقوق سونتبع هوذا التقسويم الثالثوي‪ ،‬وعلوى‬


‫ذلك ندرس الحقوق المختلفة في ثالثة مباحث متتالية‪:‬‬

‫الحقوق غير المالية‪.‬‬ ‫المبحث األو ‪:‬‬

‫الحقوق المالية‪.‬‬ ‫المبحث الثاني‪:‬‬

‫الحقوق ذات الطبيعة المزدوجة‪.‬‬ ‫المبحث الثالث‪:‬‬

‫‪098‬‬
099
‫المبحث األول‬

‫الحقوق غير المالية‬

‫هذه الطائفة من الحقوق تشم ثالثة أنواع هي‪ :‬الحقوق العامة‪ ،‬والحقوق‬
‫السياسية‪ ،‬وحقوق األسرة‪.‬‬

‫المطلب األول‬

‫الحقوق العامة‬

‫تعريفهـــا‬

‫الحقوق العامة هي الحقوق التي تثبت لإلنسان لمجرد كونه إنسانًا‪،‬‬


‫بصرف النظر عن أي اعتبار آخر‪ ،‬وهي تسمى أيضًا حقوق الشخصية؛ ألنها‬
‫لصيقة بشخصية اإلنسان ال تنفك عنها‪ ،‬فهي كمبدأ عام ال تنتق بأي سبب من‬
‫أسباب انتقا الحقوق‪ ،‬ومثالها‪ :‬الحق في الحياة وسالمة الجسم‪ ،‬وحق اإلنسان‬
‫في شرفه واعتباره‪ ،‬وحقه في التنق ‪ ،‬وحريته في العقيدة وإبداء الرأي‪ .‬وهذه‬
‫الحقوق هي التي تضمنها اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان الصادر عن األمم‬
‫المتحدة سنة ‪. 801‬‬

‫أنواعهـا‬

‫ال تنحصر الحقوق العامة أو حقوق الشخصية في عدد معين‪ ،‬وإنما‬


‫حاو الفقه أن يقسمها إلى مجموعات‪ ،‬تضم ك مجموعة منها الحقوق التي‬
‫تهدف لغرض واحد‪ ،‬ولما كانت الشخصية اإلنسانية تقوم على عدة مقومات‪،‬‬
‫منها المقومات المادية‪ ،‬ومنها المقومات المعنوية‪ ،‬فذن هناك من الحقوق العامة‬
‫ما يرد على المقومات المادية للشخصية‪ ،‬ومنها ما يرد على مقوماتها المعنوية‪،‬‬
‫وأخيرًا منها ما يكف للشخصية حرية نشاطها‪.‬‬

‫‪211‬‬
‫المجموعة األولى‬

‫تضم هذه المجموعة الحقوق العامة التي تَ ْنصَبُّ على المقومات المادية‬
‫هذه الحقوق حق‬ ‫حماية الكيان المادي لإلنسان‪ ،‬وأو‬ ‫لإلنسان‪ ،‬وهي تكف‬
‫اإلنسان في الحياة‪ ،‬ثم حقه في سالمة جسمه‪ ،‬وهذا الحق األخير يضمن‬
‫لإلنسان حماية جسمه بأعضائه المختلفة‪ ،‬فال يستطيع أحد أن يمسه بضرب أو‬
‫جرح مثالً‪ ،‬وإال كان مرتكب هذا الفع أو ذاك مسئوالً مدنيًا بدفع تعويض عن‬
‫الضرر المادي والمعنوي الذي أصاب المضرور أو المجروح‪ ،‬عالوة على‬
‫في محاكمة الجاني عن جريمة الضرب أو‬ ‫المسئولية الجنائية‪ ،‬التي تتمث‬
‫الجرح‪ ،‬والحكم عليه بعقوبة جنائية كالحبس أو الغرامة‪.‬‬

‫وفي بعض األحيان يبيح القانون المساس بسالمة الجسم‪ ،‬ولكن في‬
‫حاالت خاصة وبغرض معين‪ ،‬وذلك كما في حالة مباشرة األعما الطبية‪،‬‬
‫حيث يكون مباحًا للطبيب أن يجري عملية جراحية‪ ،‬وهي تعتبر مساسًا بسالمة‬
‫الجسم‪ ،‬لكن القانون يبيحها مادام الغرض منها شفاء المريض‪ ،‬ومادامت قد‬
‫اتبعت فيها األصو الطبية السليمة‪ ،‬ولكن حتى في هذه الحالة يشترط القانون‬
‫رضاء المريض بالعالج‪.‬‬

‫المجموعة الثانية‬

‫وهي تشم الحقوق التي ترد على المقومات المعنوية لإلنسان‪ ،‬فاإلنسان‬
‫له حق في شرفه واعتباره؛ ولذلك اعتبر القانون أن قذف شخص أو سبه يعتبر‬
‫جريمة جنائية‪ ،‬عالوة على التزام مرتكب هذه الجنح بتعويض المجني عليه‬
‫في هذه الطائفة أيضًا حقه في السرية‪ ،‬أي حقه في أن تظ‬ ‫فيها‪ ،‬ويدخ‬
‫أسراره مكتومة ال تذاع على الناس إال برضائه؛ ولذلك فذن القانون حمى هذا‬
‫الحق بأن اعتبر إفشاء السر جريمة‪ ،‬فذذا أذاع شخص سرًا خاصًا بآخر‪ ،‬علم به‬
‫األو بمناسبة ممارسته لوظيفته‪ ،‬فذنه يكون قد ارتكب جريمة إفشاء السر‪ ،‬ومن‬
‫أمثلة ذلك األسرار الصحية‪ ،‬التي يعلم بها الطبيب عن مريضه‪ ،‬أو األسرار‬

‫‪210‬‬
‫التي تص لعلم المحامي‪ ،‬وتكون خاصة بموكله‪ ،‬ومن قبي هذه الحقوق أيضًا‬
‫الحق في االسم‪ ،‬أي حق اإلنسان في اسم بعرف به ويميزه عن غيره‪.‬‬
‫وبمقتضى هذا الحق يمتنع على أي شخص أن ينازع آخر في اسمه أو ينتحله‪،‬‬
‫وكذلك الحق على الهيئة أو الصورة؛ ألنها تعكس شخصية اإلنسان‪ ،‬وتعتبر‬
‫مظهرًا لها؛ ولذلك فاألص هو امتناع عرض صورة شخص أو نشرها دون‬
‫موافقته‪ ،‬إال في حاالت استثنائية‪ ،‬كأن يكون هذا الشخص من األشخاص‬
‫الرسميين‪ ،‬كرئيس دولة مثالً‪.‬‬

‫المجموعة الثالثة‬

‫تضم هذه المجموعة الحقوق التي تكف نشاط الشخصية‪ ،‬فلكي يمارس‬
‫اإلنسان نشاطه‪ ،‬ويؤدي دوره في الحياة‪ ،‬البد من االعتراف له بحقوق تكف‬
‫هذه الحقوق‪ ،‬حرية التنق ‪ ،‬وحق العم ‪ ،‬وحرية‬ ‫أداء هذا الدور‪ ،‬ومن قبي‬
‫التجارة‪ ،‬وحرية العقيدة‪ ،‬وحرية الرأي‪ ،‬فذذا حدث اعتداء على هذه الحريات أو‬
‫الحقوق العامة‪ ،‬فذن هذا االعتداء يؤدي لقيام المسئولية المدنية‪ ،‬وربما الجنائية‬
‫أيضُا للمعتدي‪ ،‬فذذا قبض على شخص بدون وجه حق‪ ،‬فذن ذلك يكون جريمة‬
‫جنائية‪ ،‬عالوة على إمكان دفع تعويض عن الضرر المادي واألدبي الذي ترتب‬
‫في هذه الحالة‪.‬‬

‫هذه هي الفئات الثالث للحقوق العامة أو حقوق الشخصية‪.‬‬

‫خصائصهــا‬

‫‪ -‬تتميز حقوق الشخصية بأنها عامة‪ ،‬بمعنى أنها تثبت لإلنسان بصفته‬
‫هذه‪ ،‬بصرف النظر عن جنسيته أو دينه أو لونه أو جنسه؛ ولذلك فهي تثبت‬
‫للوطنيين واألجانب على حد سواء‪ ،‬ولكن يجوز تقييدها في بعض األحيان‬
‫بالنسبة لألجانب‪ ،‬مراعاة العتبارات المصلحة العامة‪ ،‬ومثا ذلك‪ :‬تقييد حرية‬
‫األ جانب في التنق في إقليم الدولة أو منعهم من ممارسة بعض المهن وقصرها‬

‫‪212‬‬
‫على الوطنيين‪ .‬والمسألة هنا ال تعدو مجرد تقييد وليس مصادرة للحق نفسه‪،‬‬
‫في نطاق القيود المفروضة‬ ‫ففي األمثلة السابقة تبقى لألجنبي حرية التنق‬
‫والحرية في ممارسة العم في مهن أخرى غير تلك المحظورة عليه‪.‬‬

‫‪ -3‬لما كانت حقوق الشخصية أو الحقوق العامة حقوق لصيقة بشخص‬


‫اإلنسان‪ ،‬فذنها غير قابلة لالنتقا بأي سبب من األسباب‪.‬‬

‫ولذلك ال يجوز التصرف فيها‪ ،‬فليس للشخص أن يبيع عضوًا من‬


‫أعضاء جسمه‪ ،‬إال أنه من المقرر أن أجزاء الجسم إذا انفصلت عنه‪ ،‬وصار‬
‫لها كيانها المس تق ‪ ،‬فذنه تصح أن تكون محالً للتصرفات القانونية‪ ،‬وذلك مث‬
‫الشعر المجزوز الذي يباع الستعماله شعرًا مستعارًا "باروكة" أو العضو الذي‬
‫ُبتِر في حادث يجوز التصرف فيه إلى الغير لزرعه في جسده‪ .‬كذلك فذن‬
‫األص أن حقوق الشخصية ال تنتق بالميراث أو الوصية‪ ،‬كما أنه ال يرد عليها‬
‫التقادم‪ ،‬فالشخص إذا سكت عن إبداء رأيه مدة مهما طالت ال يمكن أن يقا إن‬
‫حقه في إبداء رأيه قد سقط بمضي المدة‪.‬‬

‫‪ -2‬حقوق الشخصية حقوق غير ماليوة أي ال تقووم بوالنقود‪ ،‬وهوذا‬


‫ما أشرنا إليه من قب ‪ ،‬ولكن يالحوظ هنوا أنوه إذا كانوت هوذه الحقووق ال‬
‫تقوم بالما فذن االعتداء عليها ينشئ حقًوا ماليًوا‪ .‬وهوذا موا ضوربنا لوه‬
‫األمثلة بصدد الكالم عن المجموعات المختلفة للحقووق العاموة‪ ،‬حيوث بينوا‬
‫أن االعتداء على هذه الحقووق يوؤدي إلوى التوزام المعتودي بوالتعويض‪،‬‬
‫وحق المعتدى عليه في التعويض يعتبر حقًا ماليًوا يسومى الحوق الشخصوي‬
‫أو حق الدائنية‪ .‬وتطبيقًا لذلك نصت المادة ‪ 51‬مودني علوى أن "لكو مون‬
‫وقع عليه اعتداء غير مشروع في حق مون الحقووق المالزموة لشخصويته‬
‫أن يطلب وقف االعتداء مع التعويض عما يكون قد لحقه من ضرر"‪.‬‬

‫‪213‬‬
‫المطلب الثاني‬

‫الحقوق السياسية‬

‫تعريفهـا‬

‫الحقوق السياسية هي التي تثبت للشخص بصفته عضوًا في جماعة‬


‫سياسية بهدف المشاركة في حكم هذه الجماعة وتصريف شئونها‪ ،‬وذلك مث‬
‫حق االنتخاب‪ ،‬وحق الترشيح‪ ،‬وحق تولي الوظائف العامة‪.‬‬

‫أنواعهــا‬

‫من أهم الحقوق السياسية التي تنشأ لألفراد في المجتمع ثالثة‪:‬‬

‫‪ -‬حق الترشيح‪ ،‬أي حق الشخص في التقدم إلى جماعة الناخبين لكي‬


‫يختارونه نائبًا عنهم في تولي سلطات معينة‪ ،‬كالترشيح للمجالس النيابية‬
‫والمجالس المحلية‪.‬‬

‫‪ -3‬حق االنتخاب‪ ،‬وهو حق الشخص في اإلدالء بصوته لكي يختار من‬


‫يمثله في ممارسة سلطات عامة‪ ،‬كانتخاب أعضاء مجلس النواب أو أعضاء‬
‫المجالس المحلية‪.‬‬

‫‪ -2‬حق تولي الوظائف العامة‪ ،‬وهو يعني حق الشخص في أن يكون‬


‫مكلفًا بوظيفة عامة‪ ،‬أو بالقيام بعم من األعما التي تقوم بها الدولة إلدارة‬
‫شئون المجتمع من كافة النواحي‪ ،‬وسواء كانت الوظيفة مدنية أو عسكرية‪.‬‬

‫خصائصها‬

‫تتميز الحقوق السياسية بعدة خصائص أهمها‪:‬‬

‫‪ -‬هذه الحقوق مقصورة على أعضاء الجماعة‪ ،‬أي المواطنين دون‬


‫األجانب؛ ألن المواطن هو فقط الذي له الحق في تسيير دفة الجماعة التي‬
‫ينتمي إليها‪ ،‬ب إنه في بعض األحيان توضع شروط معينة لمنح هذا الحق‪،‬‬

‫‪214‬‬
‫كبلو سن معينة‪ ،‬وهكذا يشترط الدستور المصري الصادر عام ‪ 31 0‬بلو‬
‫سن الثالثين على األق في تاريخ التكليف‪ ،‬لمن يعين عضوًا بالحكومة (المادة‬
‫من يرشح لعضوية مجلس النواب يوم فتح باب‬ ‫سن‬ ‫‪ ،)3/ 00‬وأال تق‬
‫الترشيح عن خمس وعشرين سنة ميالدية (المادة ‪.)3/ 13‬‬

‫‪ -3‬الحقوق السياسية تعتبر أقرب إلى التكليف منها إلى الميزة الشخصية‪ ،‬فمنح‬
‫حق االنتخاب ال يقصد به إشباع رغبة الناخبين‪ ،‬باعتبارهم أفرادًا‪ ،‬وإنما يهدف‬
‫أساسًا إلى تكليف هؤالء األفراد بالمشاركة في حكم الجماعة وإدارة شئونها‪،‬‬
‫وهذا أمر يهم المصلحة العامة‪ .‬وهذه الصفة في الحقوق السياسية هي التي أدت‬
‫إن الدستور المصري‬ ‫االنتخاب إجباريًا في بعض القوانين‪ ،‬ب‬ ‫إلى جع‬
‫الصادر عام ‪ 31 0‬ينص صراحة على أن "الوظائف العامة حق للمواطنين على‬
‫أساس الكفاءة‪ ،‬ودون محاباة أو وساطة‪ ،‬وتكليف للقائمين بها لخدمة الشعب" (مادة‬
‫‪.) 0‬‬

‫‪ -2‬الحقوق السياسية تعتبر حقوقًا غير مالية؛ ولذلك فذنها ال تقب‬


‫التصرف فيها‪ ،‬وال تنتق بالميراث‪ ،‬وال تسقط بالتقادم‪ ،‬وإن كان االعتداء عليها‬
‫يؤدي لنشوء حق مالي هو الحق في التعويض‪.‬‬

‫الحقوق السياسية والحقوق المدنية‬

‫الحقوق السياسية التي سبق بيانها تقاب ما يسمى بالحقوق المدنية‪ ،‬وهذه‬
‫األخيرة تضم سائر الحقوق غير السياسية‪ ،‬والتي تقرر للشخص لتمكينه من‬
‫ممارسة نشاطه في المجتمع أو لحماية شخصيته‪ ،‬فتندرج تحتها الحقوق العامة‬
‫التي سبق الكالم عنها‪ ،‬وحقوق األسرة‪ ،‬والحقوق المالية بأنواعها المختلفة‪،‬‬
‫والجامع بين الحقوق المدنية هو أنها – خالفًا للحقوق السياسية – الزمة لكي‬
‫يعيش الشخص حياته العادية الكريمة؛ ولذلك فهي تمنح‪ ،‬كقاعدة عامة‪ ،‬لك‬
‫األفراد دون تمييز بينهم بسبب السن أو الجنس أو الجنسية‪.‬‬

‫‪215‬‬
‫المطلب الثالث‬

‫حقوق األسرة‬

‫حقوق األسرة هي تلك الحقوق التي تثبت للشخص باعتباره فردًا في‬
‫أسرة‪ ،‬واألسرة هي مجموعة من األفراد تربط بينهم صلة قرابة‪ ،‬سواء أكانت‬
‫هذه القرابة قرابة نسب أم قرابة مصاهرة‪ ،‬وهذه الحقوق تختلف بحسب مركز‬
‫الفرد في األسرة‪ ،‬فحقوق الزوج غير حقوق الزوجة‪ ،‬وحقوق األوالد غير‬
‫حقوق اآلباء أو األمهات‪.‬‬

‫وتتميز هذه الحقوق بأنها مقترنوة دائمًوا بواجبوات‪ ،‬ويراعوى فيهوا‬


‫مصلحة األسرة أوالً قب مراعواة المصولحة الشخصوية لكو فورد علوى‬
‫حده‪ ،‬فاألب له حق التأديب علوى أوالده‪ ،‬وفوي نفوس الوقوت يعتبور مون‬
‫واجبه القيام بتهذيب األوالد وتقوويم سولوكهم‪ ،‬وفوي مقابو ذلوك لوألوالد‬
‫على أبيهم حق النفقة‪ ،‬وللزوج على زوجته حوق فوي أن تطيعوه‪ ،‬وأن تقور‬
‫في منزلها‪ ،‬وتقوم على خدمته ورعاية شئونه‪ ،‬وفي مقابو ذلوك لهوا عليوه‬
‫حق النفقة وحق العد بينها وبين سائر الزوجوات إذا كوان متزوجًوا بوأكثر‬
‫من واحدة‪.‬‬

‫وحقوق األسرة حقوقً غيور ماليوة‪ ،‬وبالتوالي ال يجووز التصورف‬


‫فيها وال الحجز عليهوا وال تنتقو للورثوة‪ .‬ونكتفوي بهوذا القودر بالنسوبة‬
‫لحقوق األسرة‪ ،‬حيث إنه سيأتي الكالم عنهوا بمناسوبة الكوالم عون الحالوة‬
‫العائلية‪.‬‬

‫‪216‬‬
‫المبحث الثاني‬

‫الحقوق المالية‬

‫قلنا فيما سبق إ ن الحقوق المالية هي التي يمكن تقويم محلها بالنقود‪ ،‬وإذا‬
‫انصب الحق المالي على شئ مادي سمى حقًا عينيًا‪ ،‬وذلك مث حق الملكية‬
‫الذي يقع على سيارة أو منز مثالً‪ ،‬وقد يرد الحق المالي على عم أو امتناع‬
‫يقوم به شخص لحساب صاحب الحق‪ ،‬وعندئذ يسمى الحق حقًا‬ ‫عن عم‬
‫شخصيًا‪ .‬وعلى ذلك فذن الحقوق المالية تنقسم إلى حقوق عينية وحقوق‬
‫شخصية‪ ،‬وسنقوم بدراسة هذين النوعين من الحقوق ك في مطلب مستق ‪ ،‬ثم‬
‫نخصص مطلبًا ثالثًا للمقارنة ومحاولة التقريب بينهما‪.‬‬

‫المطلب األول‬

‫الحقوق العينية‬

‫تعريفها‬

‫الحق العيني هو سلطة مباشرة لشخص على شيء مادي معين بالذات‪،‬‬
‫تمكنه من القيام بأعما معينة على هذا الشيء تحقيقًا لمصلحة معينة‪ .‬ومثاله‬
‫حق الملكية‪ ،‬وحق االرتفاق‪ ،‬وحق الرهن‪ .‬وتتميز الحقوق العينية بأنها تقع على‬
‫شيء مادي‪ ،‬كسيارة أو منز ‪ ،‬وبأنها تمنح صاحبها سلطة مباشرة على الشئ‪،‬‬
‫بحيث يستطيع أن يستفيد منه دون تدخ الغير‪ ،‬فالذي يملك سيارة مثالً يستطيع‬
‫مبلغ معين أو يبيعها أو‬ ‫أن يستخدمها في تنقالته‪ ،‬أو يؤجرها للغير مقاب‬
‫الغير لقيامه بهذه األفعا‬ ‫يرهنها أو يهبها‪ ،‬وذلك كله دون اقتضاء تدخ‬
‫والتصرفات‪.‬‬

‫‪217‬‬
‫أنواعهــا‬

‫تنقسم الحقوق العينية إلى حقوق عينية أصلية وحقوق عينية تبعية‪،‬‬
‫فالحقوق العينية األصلية هي التي تنشأ مستقلة بذاتها دون أن تستند إلى حق‬
‫آخر‪ ،‬وهي تشم ‪ :‬حق الملكية‪ ،‬وحق االنتفاع‪ ،‬وحق االرتفاق‪ ،‬وحق‬
‫االستعما ‪ ،‬وحق السكنى‪ ،‬وحق الحكر‪.‬‬

‫أما الحقوق العينية التبعية فهي التي تقوم مستندة إلى حق شخصي تكون‬
‫تابعة له وضامنة للوفاء به‪ ،‬وهي تشم حق الرهن الرسمي‪ ،‬وحق الرهن‬
‫الحيازي‪ ،‬وحق االختصاص‪ ،‬وحق االمتياز‪.‬‬

‫وفيما يلي نتكلم عن الحقوق العينية األصلية‪ ،‬ثم ندرس الحقوق العينية التبعية‪.‬‬

‫الفرع األول ‪ -‬الحقوق العينية األصلية‬

‫سبق أن قلنا إن الحقوق العينية األصلية هي التي تقوم مستقلة بذاتها دون‬
‫الملكية‪ ،‬واالنتفاع‪ ،‬واالستعما ‪،‬‬ ‫أن تكون تابعة لحق آخر‪ .‬وقلنا إنها تشم‬
‫والسكنى‪ ،‬واالرتفاق‪ ،‬والحكر‪.‬‬

‫حـق الملكــية‬

‫الشيء ويستغله‬ ‫حق الملكية هو حق الشخص وحده في أن يستعم‬


‫ويتصرف فيه‪ .‬ويعتبر حق الملكية أهم الحقوق؛ ألنه يمنح المالك أوسع‬
‫السلطات الممكنة بالنسبة للشيء مح الحق‪ ،‬فهو يتضمن ثالثة عناصر تعبر‬
‫عن ك ما يمكن أن يفعله الشخص بالنسبة لشئ معين‪ .‬وهذه العناصر هي‪:‬‬

‫‪ -‬االستعما‬

‫المادية لإلفادة مباشرة من الشئ‪ ،‬بحسب‬ ‫ويقصد به القيام باألعما‬


‫يكون بسكناه‪،‬‬ ‫المنز‬ ‫السيارة يكون بركوبها‪ ،‬واستعما‬ ‫طبيعت ه‪ ،‬فاستعما‬
‫واستعما األرض الزراعية يكون بزراعتها‪.‬‬

‫‪218‬‬
‫‪ -3‬االستغال‬

‫وهو االستفادة من ثمار الشيء دون المساس بأصله‪ ،‬وهذا يمث االنتفاع‬
‫غير المباشر بالشيء‪ ،‬والثمار قد تكون طبيعية‪ ،‬وهي التي ينتجها الشيء دون‬
‫تدخ اإلنسان‪ ،‬كثمار األشجار ونتاج الحيوان‪ ،‬وقد تكون مستحدثة أي ناتجة‬
‫بفض جهد اإلنسان‪ ،‬كالمحاصي الزراعية‪ ،‬وقد تكون قانونية وهي المقاب‬
‫النقدي الذي يحص عليه للمالك مقاب السماح للغير باالنتفاع بملكه كتأجير‬
‫سيارة أو أرض زراعية أو شقة للسكن‪.‬‬

‫‪ -2‬التصرف‬

‫والتصرف في الشئ قد يكون ماديًا وقد يكون قانونيًا‪ .‬أما التصرف‬


‫الملكية‪ ،‬كشق طريق في أرض‬ ‫المادي‪ ،‬فهو التغيير في مادة الشيء مح‬
‫زراعية‪ ،‬أو هدم منز أو إقامة غيره مكانه‪ ،‬أو تحوي الدقيق إلى خبز‪ .‬أما‬
‫التصرف القانوني‪ ،‬فهو نق ملكية الشيء إلى شخص آخر أو ترتيب حق عيني‬
‫بيع السيارة‪ ،‬أو رهن المنز ‪ ،‬أو األرض‬ ‫عليه لهذا الشخص‪ ،‬وذلك مث‬
‫الزراعية‪ ،‬أو هبة حقيبة إلى صديق‪ .‬وعنصر التصرف هذا هو الذي يميز حق‬
‫الملكية عن سائر الحقوق العينية عمومًا وعن باقي الحقوق العينية األصلية‬
‫بصفة خاصة؛ ألن الحقوق العينية األخرى تنصب على عنصري االستعما‬
‫أو أحدهما أو حتى بعض مظاهر االستعما ‪ ،‬وال تعطي هذه‬ ‫واالستغال‬
‫الحقوق لصاحبها أي سلطة تصرف في الشيء ذاته‪.‬‬

‫ويتميز حق الملكية بأنه حق دائم‪ ،‬بمعنى أنه ال يزو بعدم االستعما ‪،‬‬
‫فذذا ترك المالك ملكه بدون استعما فترة معينة‪ ،‬فال يترتب عليه سقوط حق‬
‫ملكيته‪ ،‬ويقا في هذا الصدد إن الملكية ال يرد عليها التقادم المسقط‪ ،‬ولكن إذا‬
‫حاز شخص آخر شيء يملكه الغير وتوافرت في هذه الحيازة شروط معينة‪،‬‬
‫فذن هذا الشخص يمتلك ذلك الشيء بمضي المدة أي التقادم المكسب‪.‬‬

‫‪219‬‬
‫حق االنتفاع‬

‫حق االنتفاع هو حق عيني أصلي مقرر لشخص على شئ مملوك للغير‪،‬‬


‫ويخوله استعما هذا الشيء‪ ،‬واستغالله دون التصرف فيه‪.‬‬

‫فحق االنتفاع يتضمن عنصرين من عناصر حق الملكية هما‪ :‬االستعما‬


‫واالستغال ‪ ،‬أما عنصر التصرف‪ ،‬فيبقى لمالك الشئ‪ ،‬وعندئذ يسمى مالك‬
‫الرقبة‪ .‬فالشخص الذي يتقرر له حق انتفاع على قطعة أرض زراعية يكون له‬
‫زراعة هذه األرض أو تأجيرها للغير مقاب مبلغ معين يتقاضاه‪ ،‬والذي يكون‬
‫له حق انتفاع على سيارة يكون من حقه استعمالها بركوبها وحق تأجيرها للغير‬
‫أجرة‪ ،‬لكن ليس للمنتفع في هذين‬ ‫الركاب مقاب‬ ‫أو استعمالها لنق‬ ‫بمقاب‬
‫المثالين أن يبيع أو يرهن األرض أو السيارة؛ ألن ذلك من قبي التصرف في‬
‫الشيء‪ ،‬وهذا ليس من سلطة المنتفع وإنما من سلطة مالك الرقبة‪.‬‬

‫وينشأ حق االنتفاع بمقتضى العقد‪ ،‬كما يمكن أن يكون مصدره الشفعة أو‬
‫الوصية أو التقادم‪ .‬ومن خصائص حق االنتفاع أنه مؤقت بطبيعته‪ ،‬ينتهي‬
‫بانتهاء المدة المحددة له‪ ،‬وهو ينتهي حتمًا بوفاة المنتفع حتى لو حدثت هذه‬
‫الوفاة قب مضي المدة المحددة لالنتفاع‪ ،‬فذذا منح المالك حق انتفاع على أرضه‬
‫لشخص آخر لمدة ‪ 0‬سنوات‪ ،‬ولكن بعد سنتين توفي المنتفع‪ ،‬فذن حق االنتفاع‬
‫ينقضي رغم عدم انتهاء المدة المحددة‪ ،‬فال ينتق إلى الورثة؛ ولذلك يقا إن‬
‫حق االنتفاع حق عمري أي ينتهي بانتهاء عمر المنتفع‪.‬‬

‫ويتميز حق االنتفاع عن حق المستأجر ألن األو يخو صاحبه سلطة‬


‫مباشرة على الشيء مح االنتفاع يستطيع بمقتضاها أن يستفيد من هذا الشيء‬
‫باستعماله واستغالله؛ وذلك دون اقتضاء تدخ من المالك‪ ،‬فك ما يلتزم به‬
‫المالك هو ترك المنتفع يمارس سلطاته على الشيء‪ ،‬وهو واجب سلبي‪ ،‬وال‬
‫يلتزم بتمكين المنتفع من االنتفاع بالعين‪ .‬وعلى العكس من ذلك فذن حق‬
‫المستأجر حق شخصي‪ ،‬أي ال يعطي المستأجر سلطة مباشرة على العين‬

‫‪201‬‬
‫المؤجر لكي يتمكن المستأجر من االنتفاع‬ ‫المؤجرة‪ ،‬وإنما ال بد من تدخ‬
‫بالعين‪ ،‬ومن هنا ألقى القانون على عاتق المؤجر التزامًا إيجابيًا‪ ،‬وهو تمكين‬
‫المستأجر من االنتفاع بالعين المؤجرة‪.‬‬

‫ثم إن حق المستأجر يمكن أن ينتق إلى الورثة‪ ،‬فذذا استأجر شخص شقة‬
‫وسكن بها يستطيع ورثته االستمرار في شغلها مقاب دفع األجرة‪ ،‬وهذا عكس‬
‫االنتفاع‪ ،‬الذي ينتهي حتمًا بوفاة المنتفع‪ ،‬كما أشرنا إلى ذلك من قب ‪.‬‬

‫حق االستعمال وحق السكنى‬

‫حق االستعما ‪ ،‬وهو حق عيني أصلي‪ ،‬يخو صاحبه استعما شيء‬


‫مملوك للغير دون استغالله أو التصرف فيه‪.‬‬

‫أما حق السكنى‪ ،‬فهو حق عيني أصلي يخو صاحبه سلطة سكنى دار‬
‫مملوكة للغير دون أن يكون له استعمالها لغرض آخر أو استغاللها أو التصرف‬
‫فيها‪.‬‬

‫يبدو من تعريف حق االستعما وحق السكنى أنهما ينصبان على عنصر‬


‫واحد فقط من عناصر الملكية‪ ،‬وهو عنصر االستعما ‪ ،‬ب إن حق السكنى يرد‬
‫الشيء‪ ،‬وهو السكنى؛ ولذلك فهما‬ ‫على وجه واحد فقط من أوجه استعما‬
‫أضيق من حق االنتفاع الذي يتضمن‪ ،‬كما سبق بيانه‪ ،‬سلطتي االستعما‬
‫واالستغال ‪.‬‬

‫وقد حدد القانون سلطات صاحب حق االستعما وصاحبي حق السكنى‪،‬‬


‫فنص على أن "نطاق حق االستعما وحق السكنى يتحدد بمقدار ما يحتاج إليه‬
‫صاحب الحق هو وأسرته لخاصة أنفسهم" (مادة ‪ 880‬مدني)‪.‬‬

‫على سيارة مملوكة للغير‬ ‫وعلى ذلك فذن من تقرر له حق استعما‬


‫يجوز له أن يركبها هو وأسرته فقط‪ ،‬ولكن ال يحق له أن يؤجرها للغير‪ ،‬ومن‬
‫باب أولى ال يحق له أن يتصرف فيها بالبيع‪ ،‬ومن تقرر له حق سكنى دار‬

‫‪200‬‬
‫معينة يقتصر انتفاعه بهذه الدار على سكناها هو وأسرته‪ ،‬إنما ال يصح أن‬
‫يسمح للغير بالسكن فيها أو يؤجرها لهم‪ .‬ولذلك يقا عادة إن حق االستعما‬
‫وحق السكنى من الحقوق الشخصية‪ ،‬أي الحقوق المقصورة على شخص‬
‫صاحبها وأسرته‪.‬‬

‫وبناءً على ذلك فذنه كقاعدة عامة ال يجوز النزو عن حق االستعما أو‬
‫حق السكنى‪ ،‬ولكن أجاز القانون استثناءً هذا التناز ‪ ،‬إذا كان ذلك بناء على‬
‫شرط صريح أو مبرر قوي (مادة ‪ 880‬مدني)‪.‬‬

‫وينشأ حق االستعما وحق السكنى‪ ،‬وينقضي ك منهما باألسباب التي‬


‫ينشأ وينقضي بها حق االنتفاع؛ ولذلك فذنهما ينقضيان بموت صاحبهما أو‬
‫انقضاء مدتهما أو هالك الشيء الذي يرد عليه الحق‪.‬‬

‫حــق الحكــر‬

‫حق الحكر حق مستمد من الشريعة اإلسالمية‪ ،‬وهو حق عيني أصلي‬


‫يخو صاحبه االنتفاع بأرض موقوفة‪ ،‬عن طريق الغراس أو البناء فيها لمدة‬
‫ال تزيد عن ستين سنة‪ ،‬وذلك مقاب أجرة المث ‪ ،‬ويكون من حق المحتكر أن‬
‫يمتلك الغراس أو البناء‪.‬‬

‫ويشترط لنشوء حق الحكر أن يكون محله أرضًا موقوفة‪ ،‬وأن يتقرر‬


‫لضرورة أو مصلحة؛ كأن تكون األرض الموقوفة خربه واالنتفاع بها متعط ‪،‬‬
‫وال يوجد لدى الوقف ريع يمكن أن تصلح به هذه األرض‪ .‬وعالوة على ذلك‬
‫فذن الحكر البد أن يتم بذذن من رئيس المحكمة االبتدائية الشرعية التي تقع في‬
‫دائرتها األرض كلها أو أكثرها قيمة‪ ،‬وأن يتم عقد التحكير على يد رئيس هذه‬
‫المحكمة أو من يحيله عليه من القضاة أو الموثقين‪ ،‬ويجب شهره وفقًا ألحكام‬
‫قانون تنظيم الشهر العقاري (مادة ‪ 111‬مدني)‪.‬‬

‫‪202‬‬
‫والسلطات التي يخولها حق الحكر لصاحبه هي‪ ،‬كما قلنا‪ ،‬حق الغراس‬
‫في األرض والبناء فيها‪ ،‬وحق تملك الغراس أو البناء‪.‬‬

‫وهو حق قاب لالنتقا ؛ إذ يجوز للمحتكر أن يتصرف في حق الحكر‬


‫وحده‪ ،‬منفردًا أو باإلضافة للبناء والغراس‪ ،‬كما أن هذا الحق ينتق بالميراث‪،‬‬
‫خالفًا لحق االنتفاع وحقي االستعما والسكنى‪.‬‬

‫هذا وقد ضاق نطاق الحكر في الوقت الحاضر‪ ،‬وخاصة منذ إلغاء‬
‫الوقف األهلي؛ ألن انتهاء الوقف يترتب عليه انتهاء حق الحكر‪.‬‬

‫حــق االرتفــاق‬

‫حق االرتفاق هو تكليف يحد من منفعة عقار لمصلحة عقار آخر مملوك‬
‫لشخص غير مالك العقار األو ‪ ،‬ومثاله حق المرور‪ ،‬أي حق صاحب العقار‬
‫غير المتص بالطريق العام في أن يمر في أرض الجار التي توصله إلى‬
‫الطريق العام‪.‬‬

‫ويشترط لوجود حق االرتفاق أربعة شروط‪:‬‬

‫‪ -‬أن يوجد عقاران يتقرر التكليف على أحدهما‪ ،‬ويسمى العقار الخادم‪،‬‬
‫لمصلحة اآلخر‪ ،‬ويسمى العقار المخدوم‪ ،‬ومثا ذلك قطعتا أرض متجاورتان‪.‬‬

‫‪ -3‬أن يكون العقاران مملوكين لشخصين مختلفين‪ ،‬أما لو كان مالك‬


‫العقارين واحدًا‪ ،‬فال يوجد حق ارتفاق‪ ،‬حتى لو خصص المالك أحد العقارين‬
‫لخدمة اآلخر‪ ،‬كما لو جع من قطعة أرض يملكها ممرًا للوصو إلى قطعة‬
‫أخرى أو إلى منزله‪.‬‬

‫‪ -2‬أن يكون التكليف مقرر على العقار نفسه‪ ،‬وليس على مالكه‪ .‬وبناءً‬
‫على ذلك‪ ،‬لو التزم جار بأن يحرث أرض جاره‪ ،‬فال نكون بصدد حق ارتفاق؛‬
‫ألن التكليف مقرر على عاتق الجار وليس على أرضه‪.‬‬

‫‪203‬‬
‫‪ -0‬أن تكون الخدمة مقررة لمنفعة العقار اآلخر وليس لمنفعة مالكه؛‬
‫ولذلك لو منح أحد الجيران لجاره حق الصيد في حديقته أو التنزه فيها‪ ،‬فذننا ال‬
‫نكون بصدد حق ارتفاق؛ ألن التكليف مقرر لخدمة الجار وليس لخدمة عقاره‪.‬‬

‫القانوني‪ ،‬كالعقد وبالميراث‪ ،‬وأيضًا‬ ‫وينشأ حق االرتفاق بالعم‬


‫بتخصيص المالك األصلي‪ ،‬وتخضع حقوق االرتفاق لألحكام المقررة في سند‬
‫مدني) على أن لصاحب حق‬ ‫إنشائها‪ .‬ولما جرى به العرف (مادة ‪1 8‬‬
‫االرتفاق أن يجرى من األعما ما هو ضروري الستعما حقه في االرتفاق‪،‬‬
‫وما يلزم للمحافظة عليه‪ ،‬وأن يستعم هذا الحق على الوجه الذي ال ينشأ عنه‬
‫إال أق ضرر ممكن (مادة ‪ 131‬مدني)‪.‬‬

‫وينقضي حق االرتفاق بانقضاء األج المعين وبهالك العقار الخادم أو‬


‫العقار المخدوم باجتماع العقارين في يد مالك واحد (مادة ‪ 130‬مدني)‪.‬‬

‫كما ينقضي بالتقادم الطوي المدة (مادة ‪ 130‬مدني)‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ -‬الحقوق العينية التبعية‬

‫وظيفة الحقوق العينية التبعية‬

‫قلنا فيما سبق إن الحق العيني التبعي هو الذي يقوم مستندًا إلى حق‬
‫شخصي لكي يضمن الوفاء به‪ ،‬وإليضاح وظيفة الحقوق التبعية نذكر أن حق‬
‫الدائن تجاه مدينه تضمنه ك أموا المدين‪ ،‬فذذا كان زيد من الناس مدينًا لك‬
‫بمبلغ ألف جنيه مثالً‪ ،‬فذن جميع أموا زيد تكون ضامنة للوفاء بهذا الدين‪،‬‬
‫بمعنى أنك تستطيع إذا لم يدفع زيد المبلغ في الميعاد المتفق عليه أن تحجز‬
‫على أي ما من أمواله‪ ،‬وتباع هذه األموا بالمزاد العلني جبرًا عنه‪ ،‬ومن‬
‫حصيلة الثمن تستطيع أن تحص على الحق الذي لك‪ .‬ولكن الدائن يمكن أن‬
‫يواجه احتما عدم استيفاء دينه من المدين إذا تصرف هذا األخير في أمواله‬
‫قب الحجز؛ فعندئذ تفلت هذه األموا من الضمان العام للدائن‪ ،‬فال يستطيع‬

‫‪204‬‬
‫الحجز عليها‪ .‬من ناحية أخرى قد يحص الدائن على حكم ضد مدينه‪ ،‬ولكن‬
‫عند الحجز على أموا المدين يجد الدائن أن هناك دائنين آخرين لنفس المدين‬
‫يريدون توقيع الحجز‪ ،‬واستيفاء حقوقهم أيضًا‪ .‬وقد تكون قيمة أموا المدين أق‬
‫من مجموع الديون التي في ذمته‪ ،‬وعندئذ يتعرض الدائنون لخطر آخر‪ ،‬وهو‬
‫أن كالً منهم لن يستوفى حقه كامالً؛ ألنهم سيقتسمون المبلغ المتحص من بيع‬
‫هذه األموا قسمة غرماء‪ ،‬أي أن كالً منهم سيأخذ جزءًا من حقه يعاد النسبة‬
‫بين قيمة هذا الحق إلى مجموع الديون‪ ،‬فمثالً لو أن المدين له أمواالً قيمتها‬
‫ثالثة آالف جنيه‪ ،‬ولكن له ثالثة دائنين‪ :‬األو ‪ ،‬دائن له بثالثة آالف جنيه‪،‬‬
‫والثاني‪ ،‬بألفين‪ ،‬والثالث بألف‪ ،‬في هذه الحالة سيوزع ثمن أموا المدين بعد‬
‫بيعها على هؤالء الثالثة بنسبة ثالثة إلى اثنين إلى واحد‪ ،‬فيأخذ الدائن األو‬
‫ألف وخمسمائة جنيه‪ ،‬والثاني ألف جنيه‪ ،‬والثالث خمسمائة جنيه؛ وبذلك يكون‬
‫ك دائن منهم قد فقد نصف حقه‪.‬‬

‫يتضح إذًا من العرض السابق أن الدائن يمكن أن يواجه صعوبتين في‬


‫استيفاء دينه‪ ،‬وهما احتما أن يتصرف المدين في أمواله‪ ،‬فال يستطيع الدائن‬
‫أن يكون المدين معسرًا‪ ،‬أي ال تكفي أمواله للوفاء‬ ‫الحجز عليها‪ ،‬واحتما‬
‫بديونه‪ ،‬فيدخ الدائن في قسمة الغرماء‪ ،‬ويفقد جزءًا من حقه‪.‬‬

‫لمواجهة هذين االحتمالين قام الحق العيني التبعي‪ ،‬ليضمن للدائن الوفاء‬
‫بحقه كامالً من أموا المدين؛ ألن الحق العيني التبعي هو عبارة عن سلطة‬
‫مباشرة للدائن على ما معين من أموا المدين‪ ،‬تخو له حق تتبع هذا الما‬
‫في أي يد يكون‪ ،‬وحق استيفاء دينه من ثمن هذا الما باألولوية على سائر‬
‫الدائنين‪ ،‬فالحق العيني التبعي يمنح ميزتين للدائن‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬ميزة التتبع‪:‬‬

‫أي حق الدائن في تتبع الما الذي يقع عليه الحق العيني التبعي في يد‬
‫أي شخص انتق إليه هذا الما من المدين‪ .‬وعلى ذلك إذا تقرر لك حق رهن‬

‫‪205‬‬
‫على سيارة مملوكة لمدينك‪ ،‬وباع المدين هذه السيارة لشخص آخر‪ ،‬فذن من‬
‫حقك تتبعها في يد الشخص اآلخر لتحجز عليها وتستوفى حقك من ثمنها‪.‬‬

‫ثانيًا‪ :‬ميزة األفضلية أو األولوية‪:‬‬

‫ومعناها أنه إذا لم يف المدين لك بالدين الذي عليه‪ ،‬فذن من حقك أن‬
‫توقع حجزًا على الما الذي لك عليه حق عيني تبعي‪ ،‬كالرهن مثالً‪ ،‬وليكن‬
‫منزالً أو سيارة؛ ومن ثمن هذا المنز أو تلك السيارة تستطيع أن تستوفى حقك‬
‫كامالً قب سائر الدائنين‪ ،‬أي ال تدخ معهم في قسمة الغرماء‪ ،‬ولكن تبدأ بقبض‬
‫حقك كامالً‪ ،‬بصرف النظر عما سيبقى بعد ذلك من الثمن‪ ،‬وهذا ما يسمى بحق‬
‫األفضلية أو األولوية‪ ،‬ألنك تستوفى حقك باألولوية على الدائنين اآلخرين‪.‬‬

‫أنواع الحقوق العينية التبعية‪:‬‬

‫والحقوق العينية التبعية أربعة أنواع هي‪:‬‬

‫* الرهن الرسمي‪.‬‬

‫* الرهن الحيازي‪.‬‬

‫* حق اختصاص‪.‬‬

‫* حق االمتياز‪.‬‬

‫ونتناو ك منها بكلمة موجزة ‪..‬‬

‫الرهن الرسمي‬

‫" الرهن الرسمي عقد به يكسب الدائن على عقار مخصص لوفاء دينه‬
‫حقًا عينيًا يكون له بمقتضاه أن يتقدم على الدائنين العاديين والدائنين التاليين له‬
‫في المرتبة في استيفاء حقه من ثمن ذلك العقار في أي يد يكون" (مادة ‪121‬‬
‫مدني)‪.‬‬

‫يتضح من هذا التعريف األمور التالية‪:‬‬


‫‪206‬‬
‫‪ -‬أن الرهن الرسمي ينشأ عن عقد‪ ،‬وهذا العقد يتم بين الدائن المرتهن‬
‫والمدين الراهن‪ ،‬ويشترط حتى ينشأ الرهن الرسمي أن يكون هذا العقد رسميًا‪،‬‬
‫أي يحرره موظف مختص هو الموثق في الشهر العقاري‪.‬‬

‫‪ -3‬أن الرهن الرسمي حق عيني تبعي يمنح صاحبه ميزتي األولوية‬


‫والتتبع‪ ،‬فالدائن المرتهن يستطيع أن يتتبع العقار المرهون في أي يد يكون‬
‫ليوقع حجزًا عليه‪ ،‬ويستوفى من ثمنه حقه باألولوية على سائر الدائنين العاديين‬
‫والدائنين أصحاب التأمينات العينية التاليين له في المرتبة‪.‬‬

‫‪ -2‬الرهن الرسمي ال يقرر إال على عقار‪ ،‬فهو ال يرد على المنقو ‪.‬‬

‫‪ -0‬الرهن الرسمي ال يقتضي انتقا حيازة العقار المرهون إلى الدائن‬


‫المرتهن‪ ،‬ب يبقى لدى المدين الراهن‪.‬‬

‫هذا ويجب شهر الرهن الرسمي‪ ،‬أي قيده في السجالت المعدة لذلك في‬
‫مكاتب الشهر العقاري‪ ،‬وذلك حتى يكون نافذًا في حق الغير‪ ،‬وبالتالي يستطيع‬
‫أن يتمسك بميزتي التتبع واألولوية اللتين يوفرهما له هذا الرهن‪.‬‬

‫الرهن الحيازي‬

‫"الرهن الحيازي هو عقد به يلتزم شخص‪ ،‬ضمانًا لدين عليه أو على‬


‫غيره‪ ،‬أن يسلم إلى الدائن أو إلى أجنبي يعينه المتعاقدان شيئًا يرتب عليه للدائن‬
‫حقًا عينيًا‪ ،‬يخوله حبس الشيء لحين استيفاء الدين‪ ،‬وأن يتقدم الدائنين العاديين‬
‫والدائنين التاليين له في المرتبة في اقتضاء حقه من ثمن هذا الشيء في أي يد‬
‫يكون" (مادة ‪ 180‬مدني)‪.‬‬

‫من هذا التعريف تتضح مميزات الرهن الحيازي‪:‬‬

‫‪ -‬الرهن الحيازي ينشأ عن عقد‪ ،‬كالرهن الرسمي‪ ،‬ولكن ال يشترط‬


‫في هذا العقد الرسمية التي تشترط في العقد المنشئ للرهن الرسمي‪.‬‬

‫‪207‬‬
‫‪ -3‬حق الرهن الحيازي يرد على العقار كما يرد على المنقو ‪.‬‬

‫‪ -2‬الرهن الحيازي يؤدي النتقوا حيوازة الشويء المرهوون مون‬


‫المدين الراهن إلى الودائن المورتهن‪ ،‬حيوث يلتوزم هوذا األخيور بصويانة‬
‫ود‬
‫وافي عائو‬
‫وم صو‬
‫وى أن يخصو‬
‫وتثمره‪ ،‬علو‬
‫وتعمله ويسو‬
‫وه أن يسو‬
‫الش وئ‪ ،‬ولو‬
‫االستثمار من الدين وفوائده‪.‬‬

‫‪ -0‬يمنح حق الرهن الحيازي الميزتين اللتين تمنحهما كافة الحقوق‬


‫العينية التبعية‪ ،‬وهما التتبع واألفضلية‪ ،‬وعالوة على ذلك فذن الدائن من حقه‬
‫حبس هذا الشيء لديه حتى يستوفى حقه كامالً‪ .‬ولكن يجب في حالة ما إذا كان‬
‫الما المرهون عقارًا أن يقوم الدائن بقيد حق الرهن بالشهر العقاري حتى‬
‫يستطيع االحتجاج به في مواجهة الغير‪.‬‬

‫حق االختصاص‬

‫حق االختصاص هو حق عيني تبعي ينشأ على عقار مملوك للمدين‪،‬‬


‫عليه الدائن الذي بيده حكم واجب النفاذ بمقتضى أمر من رئيس‬ ‫ويحص‬
‫المحكمة االبتدائية الكائن بدائرتها العقار‪.‬‬

‫ويتميز حق االختصاص باألمور اآلتية‪:‬‬

‫‪ -‬أنه ينشأ بأمر القاضي‪ ،‬فليس مصدره عقد كالرهن الرسمي أو‬
‫الرهن الحيازي‪.‬‬

‫‪ -3‬يشترط لتقريره أن يكون بيد الدائن حكم واجب النفاذ يلزم المدين‬
‫بشيء معين‪.‬‬

‫‪ -2‬يشبه حق الرهن الرسمي في أنه ال يرد إال على عقار‪ ،‬وأنه ال‬
‫يؤدي إلى نق حيازة العقار إلى الدائن‪ ،‬وإنما تبقى بيد المدين‪ ،‬وأخيرًا في أنه‬
‫يمنح الدائن نفس الحقوق التي يمنحها له الرهن الرسمي‪.‬‬

‫‪208‬‬
‫وغني عن الذكر أنه يمنح الدائن ميزتي األولوية‪ ،‬والتتبع ومادام حق‬
‫االختصاص يرد على العقارات فقط‪ ،‬فذنه يجب قيده حتى يحتج به على الغير‪.‬‬

‫حق االمتياز‬

‫حق االمتياز هو أولوية يقررها القانون لحق معين مراعاة منه لصفته‪،‬‬
‫وال يكون للحق امتياز إال بمقتضى نص في القانون (مادة ‪ 21‬مدني)‪.‬‬

‫ويتميز حق االمتياز بالخصائص اآلتية‪:‬‬

‫‪ -‬حق االمتياز مصدره نص القانون‪ ،‬فال امتياز إال بنص (مادة‬


‫‪ 3/‬مدني)‪.‬‬ ‫‪21‬‬

‫‪ -3‬يمنح حق االمتياز لصاحبه أولوية على باقي الدائنين‪ .‬وقد يمنح‬


‫أيضًا حق التتبع‪.‬‬

‫‪ -2‬قد يكون حق االمتياز عامًا وقد يكون خاصًا‪.‬‬

‫فحق االمتياز العام هو الذي يكون محله ك أموا المدين ومثاله‪ ،‬حق‬
‫االمتياز المقرر ضمانًا ألجرة الخدم والعما ‪ ،‬وحق االمتياز المقرر ضمانًا لدين‬
‫نفقة األقارب ودين الخزانة العامة‪ ،‬أما حق االمتياز الخاص‪ ،‬فهو الذي يتقرر‬
‫المدين‪ ،‬كاالمتياز المقرر على منقوالت‬ ‫معين فقط من أموا‬ ‫على ما‬
‫المستأجر الموضوعة في العين المؤجرة ضمانًا لألجرة‪ ،‬وامتياز بائع العقار‬
‫للوفاء بباقي الثمن‪.‬‬

‫المطلب الثاني‬

‫الحقوق الشخصية‬

‫الحق الشخصي هو رابطة بين شخصين‪ ،‬تخو أحدهما‪ ،‬وهو الدائن أن‬
‫يطالب اآلخر‪ ،‬وهو المدين بأن يقوم بعم أو يمتنع عن عم ‪.‬‬

‫‪209‬‬
‫ومثا الحق الشخصي‪ ،‬حق الدائن بمبلغ من النقود في مطالبة مدينه‬
‫بدفع هذا المبلغ‪ ،‬وحق المستأجر في مطالبة المؤجر بتمكينه من االنتفاع بالعين‬
‫المؤجرة‪ ،‬وحق المؤجر في أن يدفع له المستأجر األجرة‪ ،‬وحق العام تجاه‬
‫رب العم في أجره‪.‬‬

‫ويتميز الحق الشخصي بأنه ال يمنح الدائن سلطة مباشرة على شيء‬
‫معين‪ ،‬كالحق العيني‪ ،‬وإنما يمنحه فقط الحق في مطالبة المدين بأن يؤدي له‬
‫عمالً معينًا أو يمتنع لصالحه عن أداء عم ؛ ولذلك فذن تدخ المدين ضروري‬
‫لكي يحص الدائن صاحب الحق على الميزات التي يخولها له هذا الحق؛ فذذا‬
‫اتفق شخص مع مقاو على أن يقوم المقاو ببناء عمارة لهذا الشخص‪ ،‬فذن‬
‫معين‪ ،‬هو بناء‬ ‫مضمونه عم‬ ‫صاحب العمارة يكون له حق تجاه المقاو‬
‫العمارة‪ ،‬وهو ال يستطيع الحصو عليه دون تدخ المقاو وقيامه بهذا العم‬
‫وهو البناء‪.‬‬

‫ال أو امتناعًا عن عم ‪.‬‬


‫والحق الشخصي يمكن أن يكون محله عم ً‬

‫أما العم فهو ما يتضح من األمثلة السابقة‪ ،‬مث بناء العمارة مثالً‪ ،‬أما‬
‫االمتناع عن العم فمثاله أن يشترط المشتري لمح أثاث على بائع هذا المح‬
‫أن يمتنع هذا األخير عن منافسة المشتري في حدود منطقة معينة بأال يفتح‬
‫محالً لألثاث في هذه المنطقة‪ ،‬أو يتفق مسرح مع ممث على أال يقوم بالتمثي‬
‫لدى مسارح أخرى في نفس المدينة‪.‬‬

‫ويضيف بعض الفقهاء أن الحق الشخصي يمكن أن يكون محله‪ ،‬عالوة‬


‫على العم أو االمتناع‪ ،‬إعطاء شئ‪ ،‬ويضربون مثالً لذلك بالتزام البائع بنق‬
‫ملكية البيع‪ ،‬أي التزامه بالمساهمة في إجراءات التسجي ‪ ،‬التي تؤدي لنق‬
‫الملكية في العقار‪ ،‬ولكن لو أمعنا النظر لوجدنا أن هذه الحالة تمث صورة من‬
‫صور االلتزام بعم يقوم به المدين من المساهمة في إجراءات التسجي ‪.‬‬

‫‪221‬‬
‫ويالحظ أن الحق الشخصي يُسَمى حقًا إذا نظرنا إليه من جانب الدائن‪،‬‬
‫أما إذا نظرنا إليه من جانب المدين فذن يسمى دينًا أو التزامًا‪ ،‬فالحق الشخصي‬
‫وااللتزام تسميتان لشيء واحد أو وجهان لعملة واحدة‪.‬‬

‫‪220‬‬
‫المبحث الثالث‬

‫الحقوق ذات الطبيعة المزدوجة‬

‫(الحقوق الذهنية)‬

‫معناها‪:‬‬

‫الحقوق ذات الطبيعة المزدوجة أو المختلطة هي حقوق لها جانبان‪:‬‬


‫جانب مالي يمكن تقديره بالنقود وجانب غير مالي ال يمكن تقديره بالنقود‪.‬‬

‫هذا التحديد ينطبق على الحقوق الذهنية‪:‬‬

‫والحق الذهني هو عبارة عن سلطات يقررها القانون لشخص على شئ‬


‫معنوي هو نتاج ذهنه وتفكيره وخياله‪ ،‬مث ‪ :‬حق المؤلف على أفكاره التي‬
‫يتضمنها كتاب معين وحق المخترع في اختراعه‪ ،‬وحق التاجر في االسم‬
‫التجاري والعالمة التجارية‪.‬‬

‫التنظيم التشريعي للحق الذهني – قانون حماية الملكية الفكرية‪:‬‬

‫ل م يتضمن التقنين المدني تنظيمًا للحقوق الذهنية‪ ،‬واكتفى باإلشارة إلى‬


‫أن " الحقوق التي ترد على شيء غير مادي تنظمها قوانين خاصة" (مادة ‪10‬‬
‫مدني)‪ .‬وقد صدرت عدة قوانين تنظم هذا النوع من الحقوق منها القانون رقم‬
‫‪ 50‬لسنة ‪ 828‬بشأن العالمات والبيانات التجارية‪ ،‬والقانون رقم ‪ 23‬لسنة‬
‫‪ 808‬بشأن براءات االختراع والرسوم والنماذج الصناعية‪ ،‬والقانون رقم ‪55‬‬
‫الخاص "باألسماء التجارية" والقانون رقم ‪ 250‬لسنة ‪850‬‬ ‫‪85‬‬ ‫لسنة‬
‫الخاص بحق المؤلف والمعد بالقانون رقم ‪ 21‬لسنة ‪. 883‬‬

‫إال أن المشرع المص ري قد رأى أن يجمع أحكام الحقوق الذهنية بين‬


‫دفتي تقنين واحد ينتظمها جميعًا‪ ،‬فقام بسن القانون رقم ‪ 13‬لسنة ‪ 3113‬تحت‬
‫اسم "قانون حماية الملكية الفكرية" الذي صدر في ‪ 3‬يونيه ‪ ،3113‬ونشر‬

‫‪222‬‬
‫بالجريدة الرسمية في ‪ ،3113/0/3‬وقد نص هذا القانون على إلغاء القوانين‬
‫المشار إليها سابقًا‪.‬‬

‫وتضمن أربعة كتب هي‪ :‬الكتاب األو في براءات االختراع ونماذج‬


‫المنفعة‪ ،‬ومخططات التصميمات للدوائر المتكاملة والمعلومات غير المفصح‬
‫عنها‪ ،‬والكتاب الثاني في العالمات والبيانات التجارية والمؤثرات الجغرافية‪،‬‬
‫والتصميمات والنماذج الصناعية‪ ،‬والكتاب الثالث في حقوق المؤلف والحقوق‬
‫المجاورة‪ ،‬والكتاب الرابع في األصناف النباتية‪.‬‬

‫وستقتصر دراستنا هنا على حق المؤلف‪ ،‬كموا نظموه قوانون حمايوة‬


‫حقوق الملكية الفكرية في الكتواب الثالوث‪ ،‬ألن دراسوة الحقووق األخورى‬
‫تدخ ضمن دراسوات القوانون التجواري‪ .‬وفوي دراسوتنا لحوق المؤلوف‬
‫نتولى بيوان أحكاموه بذيجواز‪ ،‬فنبوين أوالً‪ :‬األشوخاص الوذين يتمتعوون‬
‫بالحماية القانونية لحق المؤلف‪ ،‬ثوم نتبوع ذلوك بتوضويح مضومون حوق‬
‫المؤلف‪ ،‬ونختتم الكالم عنه ببيان الحمايوة القانونيوة التوي قررهوا القوانون‬
‫لهذا الحق‪.‬‬

‫أوالً‪ :‬األشخاص الذين يتمتعون بالحماية القانونية لحق المؤلف‪:‬‬

‫من قانون الملكية الفكرية "يتمتع بحماية هذا‬ ‫طبقًا لنص المادة ‪01‬‬
‫القانون حقوق المؤلفين على مصنفاتهم األدبية والفنية"‪ ،‬وهذا يقتضي منا بيان‬
‫المقصود بالمؤلف‪ ،‬والمقصود بالمصنفات‪.‬‬

‫(‪ )1‬المؤلف‪:‬‬

‫طبقًا لنص المادة ‪ 21‬من قانون الملكية الفكرية‪ ،‬المؤلف هو‪" :‬الشخص‬
‫الذي يبتكر المصنف‪ ،‬ويعد مؤلفًا للمصنف من يذكر اسمه عليه أو ينسب إليه‬
‫عند نشره باعتباره مؤلفًا له‪ ،‬ما لم يقم الدلي على غير ذلك"‪ ،‬فالمشرع هنا قد‬
‫أقام قرينة بسيطة في هذا الصدد مؤداها أن من ينشر المصنف منسوبًا إليه‪ ،‬يعد‬

‫‪223‬‬
‫مؤلفه إلى أن يثبت العكس‪ .‬وبناءً عليه‪ ،‬إذا نشر كتاب تحت اسم شخص معين‪،‬‬
‫فذن هذا الشخص يعتبر صاحب الحق الذهني على ما جاء فيه من أفكار‪ ،‬لكن‬
‫يجوز ألي شخص آخر أن يثبت أنه هو المؤلف الحقيقي للكتاب‪.‬‬

‫وإذا كان تحديد المؤلف الفرد أمرًا ال يثير صعوبة‪ ،‬فذن هناك حاالت‬
‫يدق في ها تحديد من هو المؤلف‪ ،‬وهذا يحدث في حالتي التأليف المشترك‬
‫والتأليف الجماعي‪ ،‬وهذا ما نبينه فيما يلي‪:‬‬

‫أ‪ -‬التأليف الجماعي‪:‬‬

‫طبقًا لنص المادة ‪ 21‬من قانون الملكية الفكرية‪ ،‬المصنف الجماعي هو‬
‫"المصنف الذي يضعه أكثر من مؤلف بتوجيه شخص طبيعي أو اعتباري يتكف‬
‫بنشره باسمه وتحت إدارته‪ ،‬ويندمج عم المؤلفين فيه في الهدف العام الذي‬
‫قصد إليه هذا الشخص‪ ،‬بحيث يستحي فص عم ك مؤلف وتمييزه على‬
‫حده"‪.‬‬

‫وعلى ذلك فذن التأليف الجماعي ال يقصد به مجرد اشتراك مجموعة‬


‫األشخاص في وضع مصنف وإال كان نأليفًا مشتركًا‪ ،‬وإنما البد أن يكون وضع‬
‫المصنف بتوجيه وإشراف شخص طبيعي أو معنوي‪ ،‬يحشد جهود مجموعة‬
‫أشخاص‪ ،‬يقدمون المصنف وتندمج أدوارهم في الهدف العام الذي رسمه‬
‫الموجه المشرف‪ ،‬الذي ينشر المصنف الجماعي تحت اسمه‪.‬‬

‫ومتى وجد مصنف جماعي على هذا الوجه‪ ،‬فذن القانون يعتبر أن‬
‫المؤلف هو الشخص الطبيعي أو المعنوي الذي تم اإلنتاج بتوجيهه وإشرافه‬
‫ونشر باسمه‪ ،‬وليس المؤلف هو األشخاص الذين تكاتفوا على إنتاجه‪ .‬وفي هذا‬
‫تنص المادة ‪ 05‬من قانون الملكية الفكرية على أنه‪" :‬يكون للشخص الطبيعي‬
‫أو االعتباري الذي وجه إلى ابتكار المصنف الجماعي التمتع وحده بالحق في‬
‫مباشرة حقوق المؤلف عليه"‪.‬‬

‫‪224‬‬
‫التأليف الجماعي أن تعهد الدولة إلى لجنة من العلماء أو‬ ‫ومثا‬
‫المتخصصين بوضع موسوعة علمية في فرع تخصصهم‪ ،‬أو إلى مجموعة من‬
‫الفنانين بذنتاج أغنية استعراضية بمناسبة عيد وطني‪ ،‬فهنا تكون الدولة هي‬
‫المؤلف‪ ،‬وليس العلماء أو الفنانون‪.‬‬

‫وينتقد الفقه هذا الحكم‪ ،‬نظرًا ألنه كان من المفروض أن تثبت صفة‬
‫المؤلف لألشخاص الذي تضافرت جهودهم إلنتاج المصنف‪ ،‬وليس إلى‬
‫الشخص الموجه أو المشرف الذي لم يساهم بأية مساهمة ذهنية‪ ،‬إال أن هذا‬
‫الرأي يفسر اتجاه المشرع إلى ذلك باعتبارات عملية مؤداها تفادي ما قد ينشأ‬
‫من صعوبات عن تدخ ال مؤلفين الحقيقيين مما قد يهدد الهدف المقصود من‬
‫التوجيه لوضع المصنف الجماعي‪.‬‬

‫ب‪ -‬التأليف المشترك‪:‬‬

‫من قانون الملكية الفكرية‪ ،‬يقصد بالمصنف‬ ‫طبقًا لنص المادة ‪21‬‬
‫المشترك " المصنف الذي ال يندرج ضمن المصنفات الجماعية‪ ،‬ويشترك في‬
‫وضعه أكثر من شخص‪ ،‬سواء أمكن فص نصيب ك منهم فيه أو لم يمكن"‪.‬‬

‫يتضح من هذا النص أن المصنف المشترك يتشابه مع المصنف‬


‫الجماعي في أن كالً منهما اشترك في إنتاجه أكثر من شخص‪ ،‬إال أن الفرق‬
‫بينهما يكم ن في أن المصنف المشترك لم يتم إنتاجه بتوجيه شخص طبيعي أو‬
‫معنوي‪ ،‬حدد له هدفًا يندمج فيه جهد المشتركين فيه‪ ،‬ويتم تحت إدارته‪ ،‬وإال‬
‫كان مصنفًا جماعيًا‪ .‬وقد حرص النص السابق على ذكر أن المصنف المشترك‬
‫ال يندرج ضمن المصنفات الجماعية إلبراز هذا الفارق الرئيسي‪ .‬وإذا كان من‬
‫سمات المصنف الجماعي ‪ -‬كما رأينا سابقًا ‪ -‬أنه يستحي فص عم ك‬
‫مؤلف وتمييزه على حده‪ ،‬فذن المصنف يعد مشتركًا‪ ،‬سواء أمكن فص نصيب‬
‫ك منهم فيه أو لم يمكن‪.‬‬

‫‪225‬‬
‫ويثور التساؤ هنا عن مدى حق ك مؤلف من المؤلفين المتعددين في‬
‫حالة المصنف المشترك‪.‬‬

‫أجابت على هذا التساؤ المادة ‪ 00‬من قانون الملكية الفكرية‪ ،‬حيوث‬
‫ميزت بين ما إذا كان االشتراك مختلطًا‪ ،‬بمعنى أنه ال يمكن تمييز دور ك من‬
‫المشتركين عن أدوار زمالئه‪ ،‬أو يمكن تمييز دور ك منهم‪ .‬فقد نصوت هوذه‬
‫المادة على أنه‪" :‬إذا اشترك أكثر من شخص في تأليف مصنف بحيث ال يمكون‬
‫فص نصيب ك منهم في العم المشترك‪ ،‬اعتبر جميوع الشوركاء موؤلفين‬
‫للمصنف بالتساوي فيما بينهم ما لم يتفق كتابة على غير ذلك‪ .‬وفي هذه الحالوة‬
‫ال يجوز ألحدهم االنفراد بمباشرة حقوق المؤلف إال باتفاق مكتوب بينهم‪ ،‬فوذذا‬
‫كان اشتراك ك من المؤلفين يندرج تحت نوع مختلف من الفن‪ ،‬كان لك منهم‬
‫الحق في استغال الجزء الذي ساهم به على حودة‪ ،‬بشورط أال يضور ذلوك‬
‫باستغال المصنف المشترك ما لم يتفق كتابة على غير ذلك"‪.‬‬

‫ولك منهم الحق في رفع الدعاوى عند وقوع االعتداء على أي حق من‬
‫حقوق المؤلف‪.‬‬

‫وإذا مات أحد المؤلفين الشركاء دون خلف عام أو خاص‪ ،‬يئو نصيبه‬
‫إلى باقي الشركاء أو خلفهم‪ ،‬ما لم يتفق كتابة على غير ذلك‪.‬‬

‫( ) المقصود بالمصنفات‪:‬‬

‫من قانون الملكية الفكرية المقصود بالمصنف‬ ‫حددت المادة ‪21‬‬


‫والمقصود باالبتكار‪ .‬فطبقًا لهذه المادة‪" ،‬المصنف‪ :‬ك عم مبتكر أدبي أو فني‬
‫أو علمي‪ ،‬أيًا كان نوعه أو طريقة التعبير عنه أو أهميته أو الغرض من‬
‫تصنيفه"‪ ،‬وأما االبتكار فهو‪" :‬الطابع اإلبداعي الذي يسبع األصالة على‬
‫المصنف"‪.‬‬

‫وبعد أن حددت المادة ‪ 21‬المقصود بالمصنفات‪ ،‬جاءت المادة ‪01‬‬

‫‪226‬‬
‫من نفس القانون بتعداد طوي ألنواع متعددة من المصنفات التي تتمتع بالحماية‬
‫إذ تنص على أنه‪" :‬تتمتع بحماية هذا القانون حقوق المؤلفين على مصنفاتهم‬
‫األدبية والفنية‪ ،‬وبوجه خاص المصنفات اآلتية‪:‬‬

‫‪ -‬الكتب‪ ،‬والكتيبات‪ ،‬والمقاالت والنشرات وغيرها من المصنفات‬


‫المكتوبة‪.‬‬

‫‪ -3‬برامج الحاسب اآللي‪.‬‬

‫‪ -2‬قواعد البيانات‪ ،‬سواء كانت مقروءة من الحاسب اآللي أو من غيره‪.‬‬

‫‪ -0‬المحاضرات‪ ،‬والخطب‪ ،‬والمواعظ‪ ،‬وأية مصنفات شفوية أخرى إذا‬


‫كانت مسجلة‪.‬‬

‫الصامت‬ ‫‪ -5‬المصنفات التمثيلية والتمثيليات الموسيقية والتمثي‬


‫(البانتوميم)‪.‬‬

‫‪ -0‬المصنفات الموسيقية باأللفاظ أو غير المقترنة‪.‬‬

‫‪ -0‬المصنفات السمعية البصرية‪.‬‬

‫‪ -1‬مصنفات العمارة‪.‬‬

‫‪ -8‬مصنفات الرسم بالخطوط أو باأللوان‪ ،‬والنحت‪ ،‬والطباعة على‬


‫الحجر‪ ،‬وعلى األقمشة‪ ،‬وأية مصنفات مماثلة في مجا الفنون الجميلة‪.‬‬

‫‪ - 1‬المصنفات الفوتوغرافية وما يماثلها‪.‬‬

‫‪ -‬مصنفات الفن التطبيقي والتشكيلي‪.‬‬

‫‪ - 3‬الصووور التوضوويحية‪ ،‬والخوورائط الجغرافيووة والرسووومات‬


‫التخطيطية (االسكتشات)‪ ،‬والمصنفات الثالثيوة األبعواد المتعلقوة بالجغرافيوا‬
‫أو الطبوغرافيا أو التصميمات المعمارية‪.‬‬

‫‪227‬‬
‫‪ - 2‬المصنفات المشوتقة‪ ،‬وذلوك دون اإلخوال بالحمايوة المقوررة‬
‫للمصنفات التي اشتقت منها‪.‬‬

‫وتشتم الحماية عنوان المصنف إذا كان مبتكرًا"‪.‬‬

‫ويالحظ بعد هوذا التعوداد الطويو أنوه لويس واردًا علوى سوبي‬
‫الحصر‪ ،‬لكن على سوبي المثوا ‪ ،‬بودلي أن الموادة ‪ ، 01‬السوابق إيوراد‬
‫نصها‪ ،‬جاء في فقرتها األولى أن حمايوة قوانون الملكيوة الفكريوة يشوم‬
‫"بوجه خاص المصنفات اآلتية"‪ :‬وهذا يعنوي أن أي مصونف أدبوي أو فنوي‬
‫يتمتع بهذه الحماية‪ ،‬حتى ولو لم يكن ضمن التعداد الووارد فوي الونص‪ ،‬موا‬
‫دام يصدق عليه مصطلح المصونفات المحودد مضومونه فوي الموادة ‪21‬‬
‫السابق ذكرها‪.‬‬

‫ال‬
‫وعلى العكس من ذلك‪ ،‬فذن المشرع استبعد من نطاق الحماية أعما ً‬
‫أخرى ال يصدق عليها وصف المصنف‪ ،‬فقد نصت المادة ‪ 0‬على أنه‪" :‬ال‬
‫وطرق التشغي‬ ‫الحماية مجرد األفكار واإلجراءات وأساليب العم‬ ‫تشم‬
‫والمفاهيم والمبادئ واالكتشافات والبيانات‪ ،‬ولو كان معبرًا عنها أو موصوفة أو‬
‫موضحة أو مدرجة في مصنف‪.‬‬

‫كذلك ال تشم ما يلي‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬الوثائق الرسمية‪ ،‬أيًا كانت لغتها األصلية أو اللغة المنقولة إليها‪،‬‬
‫نصوص القوانين‪ ،‬واللوائح‪ ،‬والقرارات‪ ،‬واالتفاقيات الدولية‪ ،‬واألحكام‬ ‫مث‬
‫القضائية‪ ،‬وأحكام المحكمين‪ ،‬والقرارات الصادرة من اللجان اإلدارية ذات‬
‫االختصاص القضائي‪.‬‬

‫ثانيًا‪ :‬أخبار الحوادث‪ ،‬والوقائع الجارية التي تكون مجرد أخبار صحفية‪.‬‬
‫ومع ذلك تتمتع مجموعات ما تقدم‪ ،‬بالحماية إذا تميز جمعها باالبتكار في‬
‫الترتيب والعرض أو بأي مجهود شخصي جدير بالحماية"‪.‬‬

‫‪228‬‬
‫ثانيًا‪ :‬مضمون حق المؤلف‪:‬‬

‫حق المؤلف‪ ،‬باعتباره حقًا ذهنيًا‪ ،‬يتضمن جانبين‪ :‬جانب معنوي أو‬
‫أدبي‪ ،‬يسمى الحق األدبي للمؤلف‪ ،‬وجانب مالي‪ ،‬يسمى الحق المالي للمؤلف‪.‬‬
‫وك من هذين الحقين يمنح المؤلف سلطات معينة‪ ،‬كما أون له خصائص‬
‫مميزة وهذا ما نعرضه فيما يلي‪:‬‬

‫أ‪ -‬الحق األدبي للمؤلف‪:‬‬

‫السلطات التي يتضمنها الحق األدبي للمؤلف‪:‬‬

‫تنص المادة ‪ 02‬من قانون الملكية الفكرية على اآلتي‪:‬‬

‫"يتمتع المؤلف وخلفه العام – على المصنف – بحقوق أدبية أبدية غير‬
‫قابلة للتقادم أو للتناز عنها‪ ،‬وتشم هذه الحقوق ما يلي‪:‬‬

‫الحق في إتاحة المصنف للجمهور ألو مرة‪.‬‬ ‫أوالً‪:‬‬

‫الحق في نسبة المصنف إلى مؤلفه‪.‬‬ ‫ثانيًا‪:‬‬

‫الحق في منع تعدي المصنف تعديالً يعتبره المؤلف تشويهًا‬ ‫ثالثًا‪:‬‬


‫أو تحريفًا له‪."... ،‬‬

‫على أنه‪" :‬للمؤلف وحده – إذا طرأت أسباب‬ ‫كما تنص المادة ‪00‬‬
‫جدية – أن يطلب من المحكمة االبتدائية الحكم بمنع طرح مصنفه للتداو أو‬
‫يسحبه من التداو أو بذدخا تعديالت جوهرية عليه‪."...‬‬

‫يتضح من نص المادتين السابقتين أن للمؤلف على مصنفه سلطات‬


‫أدبية‪ ،‬تتمث في أربع هي‪:‬‬

‫( ) سلطة تقرير نشر المصنف وتحديد طريقة النشر‪:‬‬

‫وهذه السلطة التي عبرت عنها المادة ‪/ 02‬أوالً بالحق في إتاحة‬

‫‪229‬‬
‫المصنف للجمهور ألو مرة‪ .‬وللمؤلف سلطة تقديرية بشأن تقرير نشر مصنفه‬
‫من عدمه‪ ،‬وإذا قرر النشر‪ ،‬فله اختيار الطريقة التي يتم بها هذا النشر‪ .‬والعلة‬
‫في ذلك أن المصنف يعتبر ثمرة فكر المؤلف وخياله‪ ،‬وانعكاسًا لشخصيته‪،‬‬
‫ولذلك قد يقرر نشره متى وجد ذلك مالئمًا‪ ،‬وقد يقرر عدم نشرة العتبارات‬
‫متعلقة بسمعته األدبية أو العلمية‪ ،‬إذا وجد أن المصنف لم يرق بعد إلى‬
‫المستوى الواجب في نظره‪ ،‬والذي يرتاح المؤلف إلذاعته على الناس وإلقائه‬
‫في التداو ‪ .‬ومتى قرر المؤلف نشر مصنفه‪ ،‬فذنه هو وحده الذي يقرر الطريقة‬
‫التي يتم بها نشر المصنف‪ ،‬فيقرر نشره في صورة كتابية أو شفوية أو غيرها‬
‫من الطرق‪ ،‬وال يستطيع أحد غيره أن يقوم بتكرار النشر بالطريقة التي‬
‫اختارها المؤلف أو بغيرها من الطرق إال بذذنه‪ ،‬وطبقًا لما يتفق عليه مع‬
‫المؤلف‪.‬‬

‫وإذا كانت القاعدة العامة هي أن الحق في تقرير النشر وطريقته حق‬


‫مقصور على المؤلف إال أن المشرع خرج على هذا األص في بعض األحيان‪،‬‬
‫مراعاة للصالح العام‪ ،‬فأجاز تكرار النشر أو إجرائه بطريقة أخرى في أحوا‬
‫استثنائية‪.‬‬

‫من هذا القبي ما نصت عليه المادتان ‪ 0‬و ‪ 03‬من قانون الملكية‬
‫الفكرية‪ ،‬فالمادة ‪ 0‬تنص على أنه‪" :‬مع عدم اإلخال بحقوق المؤلف األدبية‬
‫طبقًا ألحكام هذا القانون‪ ،‬ليس للمؤلف بعد نشر مصنفه أن يمنع الغير من القيام‬
‫بأي عم من األعما اآلتية‪ ،":‬ثم ذكرت المادة في تعداد طوي وتفصي كبير‬
‫ال الحصر‪" :‬أداء المصنف في‬ ‫المثا‬ ‫هذه األعما ‪ ،‬نذكر منها على سبي‬
‫اجتماعات داخ إطار عائلي‪ ،‬أو بطالب داخ المنشأة التعليمية مادام ذلك يتم‬
‫‪/ 0‬أوالً)‪" ،‬عم‬ ‫مالي مباشر أو غير مباشر" (مادة‬ ‫مقاب‬ ‫بدون تحصي‬
‫نسخة وحيدة من المصنف‪ ،‬الستعما الناسخ الشخصي المحض وبشرط أال‬
‫العادي أو يلحق ضررًا غير مبرر بالمصالح‬ ‫هذا النسخ باالستغال‬ ‫يخ‬

‫‪231‬‬
‫المشروعة للمؤلف أو ألصحاب حق المؤلف"‪ .‬وكذلك فذن المادة ‪ 03‬نصت‬
‫على أنه‪" :‬مع عدم اإلخال بحقوق المؤلف األدبية‪ ،‬طبقًا ألحكام هذا القانون‪،‬‬
‫فليس للمؤلف أو خلفه أن يمنع الصحف أو الدوريات أو هيئات اإلذاعة‪ ،‬في‬
‫الحدود التي تبررها أغراضها مما يلي ‪ ،"...‬وذكرت عدة حاالت منها‪" :‬نشر‬
‫مقتطفات من مصنفاته التي أتيحت للجمهور بصورة مشروعة‪ ،‬ومقاالته‬
‫المنش ورة المتعلقة بالموضوعات التي تشغ الرأي العام في وقت معين‪ ،‬ما لم‬
‫يكن المؤلف قد حظر ذلك عند النشر‪ ،‬وبشرط اإلشارة إلى المصدر الذي نقلت‬
‫عنه وإلى اسم المؤلف وعنوان المصنف" (م‪/ 03‬أوالً)‪.‬‬

‫(‪ )3‬سلطة نسبة المصنف إلى مؤلفه‪:‬‬

‫وقد ورد ذكر هذه السلطة بالمادة ‪/ 02‬ثانيًا‪ ،‬سالفة الذكر‪ .‬فمن المنطقي‬
‫أن من ينتج إنتاجًا ذهنيًا يكون له الحق في أن يُنسَب إنتاجه إليه‪ ،‬فتكون له أبوة‬
‫المصنف الذي يعد ابتكارًا له‪ ،‬ويترتب على ذلك أن يكون للمؤلف نشر مصنفه‬
‫حامالً اسمه الحقيقي‪ ،‬أو اسمًا مستعارًا يختاره‪ ،‬أو حتى دون ذكر اسم‪ ،‬بشرط‬
‫أال يقوم ش ك في معرفة حقيقة شخصه‪ ،‬فذذا قام الشك اعتبر ناشر أو منتج‬
‫المصنف‪ ،‬سواء أكان شخصًا طبيعيًا أم اعتباريًا‪ ،‬ممثالً للمؤلف في مباشرة‬
‫حقوقه‪ ،‬إلى أن يتم التعرف على حقيقة شخص المؤلف (مادة ‪ 2/ 21‬من قانون‬
‫الملكية الفكرية)‪.‬‬

‫(‪ )2‬سلطة التعدي في المصنف‪:‬‬

‫من حق المؤلف أن يجري ما يشاء من تعدي في مصنفه‪ ،‬سواء بالحذف‬


‫أو باإلضافة‪ ،‬أو بتحوي المصنف من لون من ألوان األدب أو الفن أو العلم إلى‬
‫لون آخر‪ ،‬وال يجوز لغيره أن يباشر شيئًا من ذلك إال بذذنه‪ ،‬وفي هذا نصت‬
‫المادة ‪/ 02‬ثالثًا من قانون الملكية الفكرية على أن للمؤلف "الحق في منع‬
‫ت عدي المصنف تعديالً يعتبره المؤلف تشويهًا أو تحريفًا له‪ ،‬وال يُعد التعدي في‬
‫مجا الترجمة اعتداء إال إذا أغف المترجم اإلشارة إلى مواطن الحذف أو‬

‫‪230‬‬
‫التغيير أو أساء بعمله لسمعه المؤلف ومكانته"‪ .‬فذذا كان المصنف كتابًا‪ ،‬فلمؤلفه‬
‫أن يضيف إليه فصوالً أو بنودًا جديدة‪ ،‬أو يحذف منه أخرى‪ .‬وإذا كان‬
‫المصنف قصة‪ ،‬فللمؤلف أن يحولها إلى فيلم سينمائي‪ ،‬وله أن يعهد إلى الغير‬
‫بالتعدي في مصنفه أو التحوير فيه‪ ،‬ولكن الغير ال يستطيع إجراء ذلك دون‬
‫إذن المؤلف‪ .‬ومن حق األخير أن يمنعه من ذلك حتى لو كان المؤلف قد منح‬
‫الغير حق االستغال المالي؛ ألن هذا التصرف ال يؤدي النتقا حق التعدي‬
‫إلى الغير ب يبقى للمؤلف‪( .‬مادة ‪ 00‬من قانون الملكية الفكرية)‪.‬‬

‫(‪ )0‬سلطة سحب المصنف من التداو ‪:‬‬

‫تنص المادة ‪ 00‬من قانون الملكية الفكرية على أن‪" :‬للمؤلف وحده –‬
‫إذا طرأت أسباب جدية – أن يطلب من المحكمة االبتدائية الحكم بمنع طرح‬
‫مصنفه للتداو أو بسحبه من التداو أو بذدخا تعديالت جوهرية عليه‪ ،‬برغم‬
‫تصرفه في حقوق االستغال المالي‪ ،‬ويلزم المؤلف في هذه الحالة أن يعوض‬
‫مقدمًا من آلت إليه حقوق االستغال المالي تعويضًا عادالً يدفع في غضون‬
‫أج تحدده المحكمة‪ ،‬وإال زا ك أثر للحكم"‪.‬‬

‫والحقيقة أن سلطة المؤلف في سحب مصنفه من التداو ‪ ،‬مسألة منطقية‪.‬‬


‫ومن السه تبريرها؛ فالمصنف باعتباره انعكاسًا لشخصية المؤلف يؤثر تأثيرًا‬
‫كبيرًا في سمعته األدبية أو العلمية أو الفنية‪ ،‬وقد يكتشف المؤلف بعد نشر‬
‫مصنفه أن في تداوله بين الناس ما يضر بهذه السمعة‪ ،‬نظرًا ألن الظروف التي‬
‫وضع فيها المصنف قد تغيرت‪ ،‬مما يعني أنه لم يعد في المستوى الذي وص‬
‫إليه المؤلف من الناحية العلمية أو األدبية أو الفنية‪ ،‬أو لم يعد مالئمًا لظروف‬
‫جديدة تقتضي التعدي فيه ليصبح مسايرًا لها‪ ،‬وعندئذ يكون من حقه سحب‬
‫المصنف من التداو ‪.‬‬

‫المالي‬ ‫بيد أن المؤلف قد يكون منح أحد الناشرين حق االستغال‬


‫للمصنف‪ ،‬وعندئذ فذن سحب مصنفه من التداو سيترتب عليه ضرر للناشر؛‬

‫‪232‬‬
‫سالف الذكر‪ ،‬قيد سلطة المؤلف في‬ ‫ولذلك فذن المشرع‪ ،‬بنص المادة ‪00‬‬
‫بوجوب اللجوء للقضاء‪ ،‬فألزمته أن يطلب من‬ ‫سحب مصنفه من التداو‬
‫المحكمة االبتدائية الحكم بمنع طرح مصنفه في التداو أو بسحبه من التداو‬
‫رغم تصرفه في حقوق االستغال المالي‪ ،‬وذلك إذا طرأت أسباب جدية تبرر‬
‫ذلك‪ .‬وبالطبع فذن تقدير مدى جدية هذه األسباب متروك للقضاء‪ ،‬فذذا رأت‬
‫المحكمة أن هذه األسباب جدية‪ ،‬حكمت بمنع طرح المصنف في التداو أو‬
‫بسحبه من التداو ‪ ،‬إال أنه حفاظًا على حقوق من آلت إليه حقوق االستغال‬
‫المالي‪ ،‬فذن المحكمة تحكم له بتعويض عاد يلتزم بدفعه المؤلف مقدمًا في‬
‫غضون أج معين تحدده المحكمة‪ ،‬وإال زا ك أثر للحكم‪.‬‬

‫خصائص الحق األدبي للمؤلف‪:‬‬

‫الحق األدبي للمؤلف يعتبر من الحقوق غير المالية التي ال يمكن تقديرها‬
‫بالنقود‪ ،‬وذلك التصالها بشخصية المؤلف‪ .‬ويترتب على ذلك ثبوت عدة‬
‫خصائص لهذا الحق نعرضها فيما يلي‪:‬‬

‫( ) الحق األدبي غير قاب للتصرف فيه‪:‬‬

‫نظرًا ألن الحق األدبي للمؤلف متعلق بشخصه‪ ،‬فذنه ال يجوز له أن‬
‫يتصرف فيه‪ ،‬سواء بمقاب أو بدون مقاب ‪ .‬وقد نصت على هذا الحكم صراحة‬
‫من قانون الملكية الفكرية‪ ،‬بقولها‪" :‬يقع باطالً بطالنًا مطلقًا ك‬ ‫المادة ‪05‬‬
‫تصرف يرد على أي من الحقوق األدبية المنصوص عليها في المادتين (‪) 02‬‬
‫و (‪ ) 00‬من هذا القانون"‪ .‬والحقوق المنصوص عليها في هاتين المادتين هي‬
‫السلطات األربع‪ ،‬التي تكون مضمون الحق األدبي للمؤلف والسابق دراستها‪.‬‬

‫(‪ )3‬الحق األدبي ال يجوز الحجز عليه‪:‬‬

‫الحجز قد يؤدي إلى البيع‪ .‬ولما كان الحق األدبي غير قاب للتصرف‬
‫فيه‪ ،‬فذن ذلك يستتبع بالضرورة بطالن الحجز‪ ،‬إال أنه يالحظ أن الحجز على‬

‫‪233‬‬
‫نسخ المصنف الذي نُشِر بالفع جائز؛ ألن هذه النسخ أموا مادية يمكن الحجز‬
‫عليها‪ ،‬ومثا ذلك نسخ الكتاب الذي نشر أو الفيلم الذي تم إنتاجه‪.‬‬

‫(‪ )2‬الحق األدبي دائم‪:‬‬

‫الحق األدبي ال يسقط بالتقادم‪ ،‬ب يظ باقيًا حتى بعد وفاة المؤلف؛ إذ‬
‫من قانون الملكية‬ ‫المصنف منسوبًا إليه‪ .‬وفي هذا نصت المادة ‪02‬‬ ‫يظ‬
‫الفكرية على أنه‪" :‬يتمتع المؤلف وخلفه العام – على المصنف – بحقوق أدبية‬
‫أبدية غير قابلة للتقادم أو للتناز عنها‪."...‬‬

‫ويتضح من نص هذه المادة أن الحقوق األدبية للمؤلف تنتق إلى الخلف‬


‫العام‪.‬‬

‫ب‪ -‬الحق المالي للمؤلف‪:‬‬

‫سلطات الحق المالي‪:‬‬

‫يتضمن الحق المالي للمؤلف سلطته في استغال مصنفه لكي يستفيد منه‬
‫ماليًا‪ ،‬سواء قام بهذا بنفسه أم عهد إلى الغير بذلك بمقاب ‪.‬‬

‫واالستغال المالي للمصنف يكون بنشره على الناس بمقاب ‪ ،‬سواء كان‬
‫ذلك مباشرة أو بطريق غير مباشر‪.‬‬

‫والطريقة المباشرة تسومى األداء العلنوي‪ ،‬وهوي تتمثو فوي نقو‬


‫المصنف مباشرة إلى الجمهور بأيوة صوورة‪ ،‬كوالتالوة العلنيوة أو التوقيوع‬
‫الموسيقي أو التمثيو المسورحي أو اإلذاعوة أو التليفزيوون أو السوينما ‪...‬‬
‫إلخ‪.‬‬

‫نماذج من المصنف‪ ،‬أي‬ ‫في عم‬ ‫أما الطريقة غير المباشرة فتتمث‬
‫بنشر صورة منه تكون في متناو الجمهور‪ ،‬كطبع كتاب في نسخ أو تسجي‬
‫أغنية على شرائط أو نشر صور فوتوغرافية للوحة مرسومة‪ ،‬واستغال‬

‫‪234‬‬
‫المصنف قد يتم بصورته األصلية أو بعد تحويله إلى لون آخر من ألوان الفن‬
‫أو بترجمته‪.‬‬

‫من قانون الملكية الفكرية على الحق المالي‬ ‫وقد نصت المادة ‪00‬‬
‫للمؤلف بقولها‪" :‬يتمتع المؤلف وخلفه العام من بعده‪ ،‬بحق استئثاري في‬
‫الترخيص أو المنع ألي استغال لمصنفه بأي وجه من الوجوه‪ ،‬وبخاصة عن‬
‫طريق النسخ أو البث اإلذاعي أو إعادة البث اإلذاعي أو األداء العلني أو‬
‫التوصي العلني‪ ،‬أو الترجمة‪ ،‬أو التحوير أو التأجير أو اإلعارة أو اإلتاحة‬
‫للجمهور‪ ،‬بما في ذلك إتاحته عبر أجهزة الحاسب اآللي أو من خال شبكات‬
‫االنترنت أو شبكات المعلومات أو شبكات االتصاالت وغيرها من الوسائ‬
‫‪."...‬‬

‫خصائص الحق المالي‪:‬‬

‫نظرًا للطبيعة المالية لهذا الحق‪ ،‬فذن له خصائص الحقوق المالية عمومًا‪،‬‬
‫إال أن ا تصا الحق الذهني بشخص المؤلف يؤدي إلى تقييد هذه الخصائص‬
‫على نحو ما سنراه فيما يلي‪:‬‬

‫( ) قابلية الحق المالي للتصرف فيه‪:‬‬

‫تنص المادة ‪ 08‬من قانون الملكية الفكرية على أنه‪" :‬للمؤلف أن ينق‬
‫إلى الغير ك أو بعض حقوقه المالية المبينة في هذا القانون"‪ .‬فهذا النص يقرر‬
‫صراحة حق المؤلف في التصرف في حقوقه المالية على مصنفه‪ ،‬إال أن‬
‫المشرع قد وضع شروطًا لهذا التصرف أوردتها المادة ‪ 08‬بقولها‪" :‬ويشترط‬
‫النعقاد التصرف أن يكون مكتوبًا‪ ،‬وأن يحدد فيه صراحة وبالتفصي ‪ ،‬ك حق‬
‫على حدة‪ ،‬يكون محالً للتصرف مع بيان مداه‪ ،‬والغرض منه‪ ،‬ومدة االستغال ‪،‬‬
‫ومكانه"‪.‬‬

‫ويتبين من هذا النص أن المشرع قد اشترط في هذا التصرف شرطًا‬

‫‪235‬‬
‫شكليًا هو الكتابة‪ ،‬والكتابة هنا شرط لالنعقاد‪ ،‬وليس لمجرد اإلثبات‪ ،‬وبالتالي‬
‫يترتب على تخلف هذا الشرط أن يقع التصرف باطالً بطالنًا مطلقًا‪ .‬كما أن‬
‫هذا النص قد حرص على تطلب التحديد الواضح لمح التصرف‪ ،‬فيحدد ك‬
‫حق على حدة‪ ،‬يكون محالً للتصرف مع بيان مداه‪ ،‬والغرض منه‪ ،‬ومدة‬
‫االستغال ‪ ،‬ومكانه‪.‬‬

‫وحرصًا من المشرع على تقدير نسبية أثر التصرف في الحق المالي‬


‫للمؤلف‪ ،‬نصت الفقرة الثالثة من المادة ‪ 08‬على أنه‪" :‬ويكون المؤلف مالكًا‬
‫لك ما لم يتناز عنه صراحة من حقوق مالية‪ ،‬وال يعد ترخيصه باستغال‬
‫أي حق مالي آخر يتمتع به على‬ ‫أحد هذه الحقوق ترخيصًا منه باستغال‬
‫المصنف نفسه"‪.‬‬

‫من قانون الملكية الفكرية على أنه "ال يترتب‬ ‫كما نصت المادة ‪53‬‬
‫على تصرف المؤلف في النسخة األصلية من مصنفه‪ ،‬أيًا كان نوع هذا‬
‫التصرف‪ ،‬نق حقوقه المالية‪ .‬ومع ذلك ال يجوز إلزام المتصرف إليه بأن يُمَكِّن‬
‫المؤلف من نسخ أو نق أو عرض النسخة األصلية‪ ،‬وذلك كله ما لم يتفق على‬
‫غير ذلك"‪.‬‬

‫ولما كان حق االستغال المالي يقتضي بالضرورة أن يكون التصرف‬


‫في حق المؤلف بمقاب مالي‪ ،‬فذن المشرع قد أورد حكمًا هامًا خاصًا بتقدير هذا‬
‫المقاب ‪ ،‬حيث نصت المادة ‪ 51‬على أنه‪" :‬للمؤلف أن يتقاضى المقاب النقدي‬
‫أو العيني الذي يراه عادالً نظير نق حق أو أكثر من حقوق االستغال المالي‬
‫لمصنفه إلى الغير‪ ،‬على أساس مشاركة نسبية في اإليراد الناتج من االستغال ‪،‬‬
‫كما يجوز له التعاقد على أساس مبلغ جزافي أو الجمع بين األساسين"‪.‬‬

‫كما نصت المادة ‪ 5‬على أنه‪" :‬إذا تبين أن االتفاق المشار إليه في‬
‫المادة ‪ 51‬من هذا القانون مجحف بحقوق المؤلف أو أصبح كذلك‪ ،‬لظروف‬
‫طرأت بعد التعاقد‪ ،‬يكون للمؤلف أو خلفه أن يلجأ إلى المحكمة االبتدائية بطلب‬

‫‪236‬‬
‫إعادة النظر في قيمة المقاب المتفق عليه مع مراعاة حقوق المتعاقد معه وعدم‬
‫اإلضرار به"‪.‬‬

‫وتصرف المؤلف في حقوقه المالية على مصنفه قد ينصب على مصنف‬


‫تم إنتاجه بالفع أو على مصنف مستقب ‪ ،‬ذلك أن التصرف في الما المستقب‬
‫جائز كقاعدة عامة‪ ،‬إال أن المشرع بنص المادة ‪ 52‬من قانون الملكية الفكرية‬
‫قد حظر تصرف المؤلف في مجموع إنتاجه الفكري المستقب بقوله‪" :‬يقع باطالً‬
‫بطالنًا مطلقًا ك تصرف للمؤلف في مجموع إنتاجه الفكري المستقبلي"‪.‬‬

‫هذا الحكم بأن تصرف المؤلف في مجموع إنتاجه الفكري‬ ‫ويعل‬


‫المستقب فيه مساس بحرية المؤلف‪ ،‬وبالتالي يكون مخالفًا للنظام العام‪ .‬ونود أن‬
‫نشير في النهاية إلى أن تصرف المؤلف في حق االستغال المالي للمصنف‬
‫يفترق عن تصرفه في بعض نسخ المصنف؛ ألن تصرفه في بعض النسخ ال‬
‫يعطي المتصرف إليه حق االستغال المالي للمصنف‪ ،‬وإنما مجرد حق في هذه‬
‫النسخ ذاته ا فقط‪ ،‬وبالتالي ال يجوز للمتصرف إليه في هذه الحالة عم نسخ‬
‫جديدة يبيعها للجمهور حتى لو كانت النسخة التي اشتراها هي النسخة األصلية‪،‬‬
‫من قانون الملكية الفكرية السابق‬ ‫وذلك ما تنص عليه صراحة المادة ‪53‬‬
‫إيراد نصها‪.‬‬

‫(‪ )3‬الحجز على الحق المالي‪:‬‬

‫من قانون‬ ‫فيما يتعلق بالحجز على الحق المالي نصت المادة ‪50‬‬
‫الملكية الفكرية على أنه‪" :‬يجوز الحجز على الحقوق المالية للمؤلفين على‬
‫المنشور أو المتاح للتداو من مصنفاتهم‪ .‬وال يجوز الحجز على المصنفات‬
‫التي يتوفى صاحبها قب نشرها ما لم يثبت أن إرادته قد انصرفت إلى نشرها‬
‫قب وفاته"‪.‬‬

‫‪237‬‬
‫يتبين من هذا النص أن المشرع بخصوص الحجز على الحق المالي‬
‫للمؤلف – قد ميز بين فرضين‪:‬‬

‫األو ‪ :‬الحقوق المالية على المصنفات التي لم يتم نشرها بعد‪ ،‬وهذه ال‬
‫يجوز الحجز عليها ألن الحجز عليها سيؤدي إلى بيعها الستخدام حصيلة البيع‬
‫في سداد ديون المؤلف‪ ،‬ولكن مشتري حق االستغال في المزاد لن يتمكن من‬
‫االستفادة منه إال عن طريق النشر‪ ،‬بيد أن تقرير نشر المصنف أو عدم نشره‬
‫سلطة من سلطات الحق األدبي للمؤلف وحده ‪ -‬كما رأينا ‪( -‬مادة‬ ‫تمث‬
‫‪ 3/ 02‬من قانون الملكية الفكرية)‪ ،‬وال يجوز أن يمارس هذا الحق شخص‬
‫غيره إال بذذنه‪ ،‬ومعنى هذا أن مشتري حق االستغال لن تكون له مصلحة في‬
‫شرائه‪ ،‬أي أن الحجز لن يحقق الغرض منه‪ ،‬وبالتالي فهو غير جائز‪ ،‬وبالطبع‬
‫يدخ تحت حكم هذا الفرض المصنفات التي يتوفى صاحبها قب نشرها‪ ،‬ما لم‬
‫يثبت أن إرادته قد انصرفت إلى نشرها قب وفاته‪.‬‬

‫الثاني‪ :‬الحقوق المالية على المصنفات المنشورة أو المتاحة للتداو ‪،‬‬


‫وهذه يجوز الحجز عليها؛ ألنها أما وقد نشرت فذن مشتريها ليس بحاجة إلذن‬
‫المؤلف الستغاللها ماليًا؛ حيث سبق له أن وافق على نشرها‪ .‬وينطبق هذا‬
‫الحكم على المصنفات التي يتوفى صاحبها قب نشرها إذا ثبت أن إرادته قد‬
‫انصرفت إلى نشرها قب وفاته‪.‬‬

‫وغني عن البيان أنه يجوز الحجز على نسخ المصنف الذي تم نشره؛ إذ‬
‫تعتبر هذه النسخ من األموا المنقولة التي يرد عليها الحجز كغيرها من أموا‬
‫المدين‪.‬‬

‫(‪ )2‬انتقا الحق المالي إلى الورثة‪:‬‬

‫لما كان الحق المالي يمث عنصرًا في الذمة المالية للمؤلف‪ ،‬فذنه ينتق‬
‫إلى ورثته كسائر الحقوق المالية‪ ،‬كما أنه يوصي به‪ .‬وقد رأينا أن المادة ‪00‬‬

‫‪238‬‬
‫من قانون الملكي ة الفكرية التي تتناو الحق المالي للمؤلف تنص صراحة على‬
‫أنه‪ " :‬يتمتع المؤلف وخلفه العام من بعده بحق استئثاري في الترخيص أو المنع‬
‫ألي استغال لمصنفه ‪ ،"...‬كما جاء في الفقرة الثالثة من نفس المادة نصها‬
‫اآلتي‪" :‬كما يتمتع المؤلف وخلفه من بعده بالحق في تتبع أعما التصرف في‬
‫النسخة األصلية ‪."...‬‬

‫وإذا كان المصنف مشوتركًا‪ ،‬وموات أحود الموؤلفين الشوركاء دون‬


‫خلف عام أو خاص‪ ،‬يئو نصيبه إلى بواقي الشوركاء أو خلفهوم‪ ،‬موا لوم‬
‫يتفق كتابة على غير ذلك (مادة ‪ 5/ 00‬من قانون الملكية الفكرية)‪.‬‬

‫(‪ )0‬تقادم الحق المالي للمؤلف‪:‬‬

‫الحق المالي للمؤل ف حق مؤقت يسقط بمضي مدة معينة بعدها يصير‬
‫من حق الجميع االستفادة منه بنشر المصنف واستغالله دون إذن من الورثة؛‬
‫والعلة في هذا التأقيت أن المصنف يعتبر من التراث الفكري للمجتمع‬
‫واإلنسانية كلها‪ ،‬فالبد أن تتاح الفرصة للجميع بعد مدة معينة لالستفادة منه بعد‬
‫أن يكون المؤلف وورثته قد حصلوا من ورائه على عائد مناسب‪.‬‬

‫والقاعدة العامة التي نص عليها المشرع بصدد مدة تقادم حق المؤلف‬


‫هي خمسون سنة‪ ،‬حيث تنص المادة ‪ 01‬من قانون الملكية الفكرية على أنه‪:‬‬
‫" تحمى الحقوق المالية للمؤلف المنصوص عليها في هذا القانون مدة حياته‪،‬‬
‫ولمدة خمسين سنة تبدأ من تاريخ وفاة المؤلف"‪ .‬وإذا كنا بصدد مصنف‬
‫مشترك‪ ،‬فذن الحقوق المالية لمؤلفي هذا المصنف تحمى لمدة حياتهم جميعًا‬
‫ولمدة خمسين سنة تبدأ من تاريخ وفاة آخر من بقي حيًا منهم (مادة ‪ 0‬من‬
‫نفس القانون)‪.‬‬

‫أما بالنسبة للمصنفات الجماعية فقد نصت المادة ‪ 03‬من ذات القانون‬
‫على أنه‪" :‬تحمى الحقوق المالية لمؤلفي المصنفات الجماعية – باستثناء مؤلفي‬

‫‪239‬‬
‫مصنفات الفن التطبيقي – مدة خمسين سنة تبدأ من تاريخ نشرها أو إلتاحتها‬
‫مرة أيهما أبعد‪ ،‬وذلك إذا كان مالك حقوق المؤلف شخصًا‬ ‫للجمهور ألو‬
‫اعتباريًا‪ ،‬أما إذا كان مالك هذه الحقوق شخصًا طبيعيًا فتكون مدة الحماية طبقًا‬
‫للقواعد المنصوص عليها في المادتين ‪ 0 ، 01‬من هذا القانون‪.‬‬

‫وتنقضي الحقوق المالية على المصنفات التي تنشر ألو مرة بعد وفاة‬
‫مؤلفها بمضي خمسين سنة‪ ،‬تبدأ من تاريخ نشرها أو إتاحتها للجمهور ألو‬
‫مرة أيهما أبعد"‪.‬‬

‫وأما بالنسبة للحقوق المالية على المصنفات التي تنشر بدون اسم مؤلفها‬
‫أو باسم مستعار‪ ،‬فذنها تحمى لمد ة خمسين سنة تبدأ من تاريخ نشرها أو إتاحتها‬
‫للجمهور ألو مرة أيهما أبعد‪ ،‬فذذا كان مؤلفها شخصًا معروفًا ومحددًا أو‬
‫كشف مؤلفها عن شخصه‪ ،‬فتكون مدة الحماية طبقًا للقاعدة العامة المنصوص‬
‫عليها في المادة ‪ 01‬من هذا القانون (مادة ‪.) 02‬‬

‫أما مصنفات الفن التطبيقي فتنقضي حقوق المؤلفين المالية عليها بمضي‬
‫خمس وعشرين سنة تبدأ من تاريخ نشرها أو إتاحتها للجمهور ألو مرة أيهما‬
‫أبعد (مادة ‪.) 00‬‬

‫وأخيرًا فذن المشرع حدد مدة قصيرة لتقادم حق المؤلف هي ثالث‬


‫سنوات فقط في حالة ما إذا لم يقم المؤلف بترجمة مصنفه من اللغة األجنبية‬
‫نشر للمصنف‬ ‫إلى اللغة العربية؛ إذ بعد مضي هذه المدة من تاريخ أو‬
‫األصلي أو المترجم يسقط حق المؤلف في استغال مصنفه عن طريق ترجمته‬
‫إلى اللغة العربية‪ ،‬ويستطيع أي شخص أن يقوم باالستغال في هذه الصورة‬
‫دون إذن المؤلف (مادة ‪ 01‬من نفس القانون)‪.‬‬

‫وفي النهاية فذن المشرع قد أورد قاعدة عامة بخصوص كيفية حساب‬
‫مدة تقادم الحق المالي للمؤلف؛ إذ نصت المادة ‪ 05‬على أنه‪" :‬في األحوا‬

‫‪241‬‬
‫التي تحسب فيها مدة الحماية من تاريخ النشر أو اإلتاحة للجمهور ألو مرة‪،‬‬
‫يتخذ تاريخ أو نشر أو أو إتاحة للجمهور أيهما أبعد مبدأ لحساب المدة‪،‬‬
‫بغض النظر عن إعادة النشر أو إعادة اإلتاحة للجمهور إال إذا أدخ المؤلف‬
‫على مصنفه عند اإلعادة تعديالت جوهرية بحيث يمكن اعتباره مصنفًا جديدًا‪.‬‬

‫فذذا كان المصنف يتكون من عدة أجزاء أو مجلدات نشرت مفصلة‬


‫جزء أو مجلد مصنفًا مستقالً عند حساب مدة‬ ‫وعلى فترات‪ ،‬فيعتبر ك‬
‫الحماية"‪.‬‬

‫ثالثًا ‪ :‬الحماية القانونية لحق المؤلف ‪:‬‬

‫قرر قانون الملكية الفكرية حماية خاصة لحق المؤلف في حالة االعتداء‬
‫عليه؛ وذلك بالنص على إجراءات تحفظية تتخذ عند وقوع هذا االعتداء لحين‬
‫رفع دعوى مدنية لوقفه‪ ،‬والحكم بالتعويض للمؤلف‪ ،‬وفضالً عن ذلك نص هذا‬
‫بذيجاز اإلجراءات‬ ‫القانون على حماية جنائية لهذا الحق‪ .‬وفيما يلي نتناو‬
‫التحفظية‪ ،‬ثم الجزاء المدني‪ ،‬وأخيرًا الجزاءات الجنائية‪.‬‬

‫أ – اإلجراءات التحفظية‪:‬‬

‫نص قانون الملكية الفكرية على إجراءات تحفظية يمكن أن تأمر بها‬
‫المحكمة في حالة االعتداء على حق المؤلف‪ ،‬وهي إجراءات وقتية لحين رفع‬
‫دعوى مدنية لوقف االعتداء أو التعويض عما سببه من أضرار للمؤلف أو‬
‫خلفه‪ .‬هذه اإلجراءات نصت عليها المادة ‪ 08‬من هذا القانون بقولها‪" :‬لرئيس‬
‫المحكمة المختصة بأص النزاع‪ ،‬بناءً على طلب ذي الشأن‪ ،‬وبمقتضى أمر‬
‫يصدر على عريضة‪ ،‬أن يأمر بذجراء أو أكثر من اإلجراءات التالية أو غيرها‬
‫من اإلجراءات التحفظية المناسبة‪ ،‬وذلك عند االعتداء على أي من الحقوق‬
‫المنصوص عليها في هذا الكتاب‪( :‬أي الكتاب الثالث الخاص بحقوق المؤلف‬
‫والحقوق المجاورة)‪.‬‬

‫‪240‬‬
‫‪ -‬إجراء وصف تفصيلي للمصنف أو األداء أو التسجي الصوتي أو‬
‫البرنامج اإلذاعي‪.‬‬

‫الصوتي أو البرنامج‬ ‫‪ -3‬وقف نشر المصنف أو األداء أو التسجي‬


‫اإلذاعي أو عرضه أو نسخه أو صناعته‪.‬‬

‫الصوتي أو البرنامج‬ ‫‪ -2‬توقيع الحجز على المصنف أو التسجي‬


‫اإلذاعي األصلي أو على نسخه‪ ،‬وكذلك على المواد التي تستعم في إعادة نشر‬
‫هذا المصنف أو األداء أو التسجي الصوتي أو البرنامج اإلذاعي أو استخراج‬
‫نسخ منه‪ ،‬بشرط أن تكون تلك المواد غير صالحة – إال إلعادة نشر المصنف‬
‫أو األداء أو التسجي الصوتي أو البرنامج اإلذاعي‪.‬‬

‫‪ -0‬إثبات واقعة االعتداء على الحق مح الحماية‪.‬‬

‫ونف أو األداء أو‬


‫وتغال المصو‬
‫ون اسو‬
‫واتج عو‬
‫وراد النو‬
‫ور اإليو‬
‫‪ -5‬حصو‬
‫التسجي الصوتي أو البرنامج اإلذاعي وتوقيوع الحجوز علوى هوذا اإليوراد‬
‫في جميع األحوا ‪.‬‬

‫ولرئيس المحكمة في جميع األحوا أن يوأمر بنودب خبيور أو أكثور‬


‫لمعاونة المحضر المكلف بالتنفيذ‪ ،‬وأن يفرض علوى الطالوب إيوداع كفالوة‬
‫مناسبة‪.‬‬

‫ويجب أن يرفع الطالب أص النزاع خال خمسة عشر يومًا من تاريخ‬


‫صدور األمر وإال زا ك أثر له"‪.‬‬

‫وقد قررت المادة ‪ 11‬من قانون الملكية الفكرية – التظلم من األمر‬


‫الذي يقرر اإلجراءات المنصوص عليها بالمادة ‪. 08‬‬

‫ب – الجزاء المدني‪:‬‬

‫آثاره‪،‬‬ ‫ل لمؤلف رفع دعوى لوقف االعتداء على المصنف وإزالة ك‬

‫‪242‬‬
‫وذلك بذعدام نسخ المصنف المقلدة واألدوات والمواد التي استعملت في نشره‪،‬‬
‫بشرط أال تكون صالحة لعم آخر غير تقليد المصنف‪.‬‬

‫وباإلضافة إلى ذلك تحكم المحكمة بتعويض للمؤلف أو لخلفه عما حدث‬
‫من ضرر نتيجة االعتداء على المصنف‪.‬‬

‫جو‪ -‬الجزاء الجنائي‪:‬‬

‫لم يكتف المشرع بالحماية المدنية لحق المؤلف‪ ،‬وإنما قرر له أيضًا‬
‫حماية جنائية بأن اعتبر أفعا االعتداء على هذا الحق جريمة قرر لها عقوبة‪.‬‬

‫من قانون الملكية الفكرية نصت على أنه‪" :‬مع عدم‬ ‫‪1‬‬ ‫فالمادة‬
‫اإلخال بأية عقوبة أشد في قانون آخر‪ ،‬يعاقب بالحبس مدة ال تق عن شهر‬
‫وبغرامة ال تق عن خمسة آالف جنيه وال تجاوز عشرة آالف جنيه أو بذحدى‬
‫هاتين العقوبتين‪ ،‬ك من ارتكب أحد األفعا اآلتية‪:‬‬

‫أوالً ‪ :‬بيع أو تأجير مصنف أو تسجي صوتي أو برنامج إذاعي محمي‬


‫طبقًا ألحكام هذا القانون‪ ،‬أو طرحه للتداو بأية صورة من الصور بدون إذن‬
‫كتابي مسبق من المؤلف أو صاحب الحق المجاور‪.‬‬

‫ثانيًا ‪ :‬تقليد مصنف أو تسجي صوتي أو برنامج إذاعي أو بيعه أو‬


‫عرضه للبيع أو للتداو أو لإليجار مع العلم بتقليده‪.‬‬

‫ثالثًا ‪ :‬التقليد في الداخ لمصنف أو تسجي صوتي أو برنامج إذاعي‬


‫م نشور في الخارج أو بيعه أو عرضه للبيع أو التداو أو لإليجار أو تصديره‬
‫إلى الخارج مع العلم بتقليده‪.‬‬

‫رابعًا‪ :‬نشر مصنف أو تسجي صوتي أو برنامج إذاعي أو أداء محمي‬


‫طبقًا ألحكام هذا القانون عبر أجهزة الحاسب اآللي أو شبكات اإلنترنت أو‬
‫بدون إذن‬ ‫شبكات المعلومات أو شبكات االتصاالت أو غيرها من الوسائ‬
‫كتابي مسبق من المؤلف أو صاحب الحق المجاور‪.‬‬

‫‪243‬‬
‫خامسًا‪ :‬التصنيع أو التجميع أو االستيراد بغرض البيع أو التأجير ألي‬
‫جهاز أو وسيلة أو أداة مصممة أو معدة للتحاي على حماية تقنية يستخدمها‬
‫المؤلف أو صاحب الحق المجاور‪.‬‬

‫أو التعييب بسوء نية ألية حماية تقنية‬ ‫سادسًا ‪ :‬اإلزالة أو التعطي‬
‫يستخدمها المؤلف أو صاحب الحق المجاور‪ ،‬كالتشفير أو غيره‪.‬‬

‫سابعًا‪ :‬االعتداء على أي حق أدبي أو مالي من حقوق المؤلف أو من‬


‫الحقوق المجاورة المنصوص عليها في هذا القانون‪.‬‬

‫وتتعدد العقوبة بتعدد المصنفات أو التسجيالت الصوتية أو البرامج‬


‫اإلذاعية أو األداءات مح الجريمة‪.‬‬

‫عن ثالثة أشهر‬ ‫وفي حالة العود تكون العقوبة الحبس مدة ال تق‬
‫والغرامة التي ال تق عن عشرة آالف جنيه وال تجاوز خمسين ألف جنيه‪.‬‬

‫وفي جميع األحوا تقضي المحكمة بمصادرة النسخ مح الجريمة أو‬


‫المتحصلة منها‪ ،‬وكذلك المعدات واألدوات المستخدمة في ارتكابها‪.‬‬

‫ويجوز للمحكمة‪ ،‬عند الحكم باإلدانة‪ ،‬أن تقضي بغلق المنشأة التي‬
‫استغلها المحكوم عليه في ارتكاب الجريمة مدة ال تزيد على ستة أشهر‪ ،‬ويكون‬
‫الغلق وجوبيًا في حالة العود في الجرائم المنصوص عليها في البندين (ثانيًا‬
‫وثالثًا) من هذه المادة‪.‬‬

‫وتقضي المحكمة بنشر ملخص الحكم الصادر باإلدانة في جريدة يومية‬


‫أو أكثر على نفقة المحكوم عليه"‪.‬‬

‫‪244‬‬
‫الباب الثاني‬

‫أركان الحق‬
‫تمهيد وتقسيم‬

‫ذكرنا فيما سبق أن الحق هو استئثار شخص بميزة معينة استئثارًا يحميه‬
‫القانون‪ ،‬ويظهر من هذا التعريف أن الحق يفترض أوالً شخصًا معينًا يثبت له‬
‫االستئثار؛ ومن ثم التسلط واالقتضاء‪ ،‬وعلى ذلك فالركن األو في الحق هو‬
‫األشخاص أصحاب الحقوق‪.‬‬

‫ثم إن االستئثار ينصب على قيم أو أشياء معينة هي مح الحق‪ ،‬ومح‬


‫الحق إما أن يكون شيئًا كما في الحقوق العينية‪ ،‬وإما أن يكون عمالً أو امتناع‬
‫عن عم ‪ ،‬كما في الحق الشخصي؛ وبالتالي فاألشياء أو األعما هي الركن‬
‫الثاني في الحق‪.‬‬

‫أما الحماية القانونية للحق‪ ،‬فهي وإن كانت ضرورية له‪ ،‬كما بينا سابقًا‪،‬‬
‫فهي ليست ركنًا فيه‪ ،‬وبالتالي ستكون دراستها بمناسبة استعما الحق‪ ،‬وليس‬
‫مكانها هنا؛ ألن هذا الباب مخصص لدراسة أركان الحق‪.‬‬

‫بهذا يتحدد موضوع دراستنا في هذا الباب بمسألتين هما‪ :‬أشخاص‬


‫ومح الحق‪ ،‬وندرس كالً منهما في فص مستق ‪.‬‬

‫‪245‬‬
‫الفصل األول‬

‫أشخاص الحق‬

‫المقصود بالشخص‪:‬‬

‫المقصود بالشخص من الناحية القانونية هو من يتمتع بالشخصية‬


‫القانونية‪ ،‬والشخصية القانونية معناها الصالحية الكتساب الحقوق والتحم‬
‫من كان صالحًا الكتساب الحقوق والتحم‬ ‫بالواجبات‪ ،‬أي االلتزامات‪ ،‬فك‬
‫بااللتزامات‪ ،‬يسمى في لغة القانون شخصًا‪ ،‬والشخصية القانونية تثبت لإلنسان‬
‫بمجرد والدته‪ ،‬واإلنسان يسمى الشخص الطبيعي‪.‬‬

‫وباإلضافة إلى اإلنسان‪ ،‬فذن الشخصية القانونية تثبت لبعض مجموعات‬


‫من األشخاص أو األموا ‪ ،‬كالجمعيات والمؤسسات‪ .‬وهذه المجموعات التي‬
‫تكتسب الشخصية القانونية تسمى شخصًا معنويًا أو اعتباريًا؛ ألنها شيء‬
‫معنوي غير محسوس‪.‬‬

‫وعلى ذلك ففي دراستنا ألشخاص الحق‪ ،‬ندرس أوالً الشخص الطبيعي‪،‬‬
‫وهو اإلنسان‪ ،‬ثم بعد ذلك ندرس الشخص االعتباري‪.‬‬

‫‪246‬‬
‫المبحث األول‬

‫الشخص الطبيعي‬

‫الشخص الطبيعي ‪ -‬كما قلنا ‪ -‬هو اإلنسان‪ ،‬وهو يكتسب الشخصية‬


‫القانونية بمجرد ميالده‪ ،‬وتظ لصيقة به حتى وفاته‪.‬‬

‫وبمجرد والدة اإلنسان فذنه يتسمى باسم يعرف به ويميزه عن غيره‪،‬‬


‫ومادام قد أصبح فردًا في المجتمع فذن مركزه القانوني في هذا المجتمع الذي‬
‫يعيش فيه يتحدد بعدة صفات‪ ،‬يطلق عليها اصطالح الحالة‪ ،‬وهي تشم مركز‬
‫الشخص في أسرته‪ ،‬وهذا ما نسميه الحالة العائلية‪ ،‬ومركز الشخص بالنسبة‬
‫للدولة التي ينتمي إليها‪ ،‬وذلك ما يسمى بالحالة السياسية‪ ،‬واإلنسان في حياته‬
‫يعيش متمتعًا بالشخصية القانونية‪ ،‬أي يكون صالحًا الكتساب الحقوق والتحم‬
‫بااللتزامات‪ ،‬ولكنه ال يستطيع مباشرة التصرفات التي تكسبه الحق أو تحمله‬
‫االلتزام‪ ،‬إال إذا بلغ قدرًا من التمييز والوعي‪ ،‬أي إذا كانت له أهلية األداء التي‬
‫هي قدرته على مباشرة التصرفات التي تنشئ له حقوقًا أو تحمله بااللتزامات؛‬
‫إنسان الصالحية الكتساب الحقوق والتحم‬ ‫ولذلك فذنه إذا كان لك‬
‫بااللتزامات‪ ،‬وهو ما يطلق عليه اصطالحًا أهلية الوجوب‪ ،‬فذن األفراد يتفاوتون‬
‫في أهلية األداء حسب السن والحالة العقلية‪.‬‬

‫ومجموع ما يكتسبه الشخص من حقوق وما عليه من التزامات يسمى‬


‫الذمة المالية فلك إنسان ذمة مالية‪.‬‬

‫هذا والحياة القانونية للشخص تفترض أن يكون له مح يقيم فيه‪ ،‬ويمكن‬


‫أن يخاطب فيه بشأن األعما القانونية المختلفة‪ ،‬وهذا ما يسمى بالموطن‪.‬‬

‫وهكذا يتضح من العرض السابق أننا ندرس أوالً‪ :‬بداية الشخصية‬


‫ونهايتها‪ ،‬ثم بعد ذلك ندرس مميزات هذه الشخصية من اسم وحالة وموطن‬
‫وأهلية وذمة مالية‪ ،‬وذلك على الوجه اآلتي‪:‬‬

‫‪247‬‬
‫المطلب األو ‪ :‬بدء الشخصية وانتهاؤها‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬مميزات أو خصائص الشخصية‪.‬‬

‫الفرع األو ‪ :‬االسم‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الحالة‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬الموطن‪.‬‬

‫الفرع الرابع‪ :‬األهلية‪.‬‬

‫الفرع الخامس‪ :‬الذمة المالية‪.‬‬

‫المطلب األول‬

‫بدء الشخصية وانتهاؤها‬

‫بدء الشخصية القانونية‪:‬‬

‫تبدأ الشخصية القانونية لإلنسان بتمام والدته حيًا (مادة ‪ /38‬مدني)و‪،‬‬


‫وعلى هذا يشترط حتى تثبت الشخصية القانونية لإلنسان شرطان‪ :‬أولهما‪ ،‬أن‬
‫تتم والدته‪ ،‬بمعنى أن ينفص عن أمه تمامًا‪ ،‬فذذا مات قب أن ينفص تمامًا عن‬
‫أمه‪ ،‬فال تثبت له الشخصية القانونية‪ ،‬حتى لو كان عند وفاته قد خرج معظمه‬
‫من بطن أمه‪ .‬والشرط الثاني أن يكون اإلنسان حيًا في اللحظة التي ينفص فيها‬
‫عن أمه‪ ،‬ويستد على الحياة بالعالمات الظاهرة‪ ،‬مث البكاء والتنفس والحركة‪،‬‬
‫ومتى توافر هذان الشرطان ثبتت لإلنسان الشخصية القانونية‪ ،‬حتى لو كان‬
‫غير قاب للحياة‪ ،‬وحتى لو مات بعد ذلك بلحظات‪.‬‬

‫ويقضي قانون األحوا الشخصية بوجوب التبليغ عن المولود‪ .‬وقد نظم‬


‫القانون هذا التبليغ‪ ،‬وقرر إمساك سجالت لقيد المواليد‪ .‬ويجب أن يتم التبليغ‬

‫‪248‬‬
‫خمسة عشر يومًا من تاريخه‪ ،‬ومتى تم التبليغ يتم‬ ‫عن الميالد في خال‬
‫استخراج مستند رسمي بواقعة الميالد يكون دليالً عليها‪ ،‬وهذا هو المستند الذي‬
‫يسمى شهادة الميالد‪.‬‬

‫ولكن يالحظ أن شهادة الميالد ليست الدلي الوحيد على واقعة ميالد‬
‫الطف ‪ ،‬فهذه واقعة مادية يجوز إثباتها بكافة الطرق؛ ولذلك فذن المادة ‪ 31‬مدني‬
‫بعد أن نصت في فقرتها األولى على أن تثبت الوالدة والوفاة بالسجالت‬
‫الرسمية المعدة لذلك أضافت في فقرتها الثانية‪" :‬فذذا لم يوجد هذا الدلي أو تبين‬
‫عدم صحة ما أدرج بالسجالت جاز اإلثبات بأية طريقة أخرى"‪.‬‬

‫مركز الجنين (الحمل المستكن)‪:‬‬

‫رغم أن القاعدة العامة‪ ،‬كما سبق بيانه‪ ،‬هي أن الشخصية القانونية ال‬
‫تثبت لإلنسان إال بتمام والدته حيًا‪ ،‬إال أن القانون أجاز استثناءً أن يكتسب‬
‫الجنين بعض الحقوق‪ ،‬أي أن القانون اعترف له بشخصية قانونية ناقصة (مادة‬
‫‪ 3/31‬مدني)‪.‬‬

‫والحقوق التي يكتسبها الجنين هي الحقوق التي ال يتوقف ثبوتها له على‬


‫قبو منه وهي‪:‬‬

‫‪ -‬حقه في الميراث‪ .‬فذذا مات شخص وكان الجنين من األفراد الذين‬


‫يرثو نه لو كان قد ولد قب وفاة هذا الشخص‪ ،‬فذن الجنين يكون له الحق في‬
‫الميراث‪ ،‬وبالتالي فذنه عند توزيع التركة يحجز للجنين نصيبه على أنه ذكر‪،‬‬
‫فذن ولد وكان ذكرًا أخذ النصيب الذي حجز‪ ،‬أما إذا كان أنثى أخذت نصيبها‬
‫من المقدار المحجوز والباقي يرد إلى مستحقيه من ورثة المتوفى (مادة ‪ 3‬من‬
‫القانون رقم ‪ 0‬لسنة ‪.) 802‬‬

‫‪ -3‬حقه في الوصية‪ ،‬أي حقه فيما يوصى له به من أموا (المادتان ‪35‬‬


‫و ‪ 30‬من قانون ‪ 01‬لسنة ‪.) 800‬‬

‫‪249‬‬
‫‪ -2‬حقه في ثبوت نسبه إلى أبيه‪.‬‬

‫‪ -0‬حقه في االستفادة من االشتراط لمصلحته (مادة ‪ 50‬مدني) فذذا‬


‫أبرم شخص تأمينًا على حياته‪ ،‬واشترط دفع التأمين البنه الذي سيولد‪ ،‬فذن‬
‫الجنين يكتسب هذا الحق‪.‬‬

‫ه تجوز الهبة للجنين؟‬

‫الحقوق السابق ذكرها تثبت للجنين بنص القانون؛ ولذلك ال خالف حو‬
‫ثبوتها له‪ ،‬ولكن الفقه اختلف بشأن الهبة للجنين‪.‬‬

‫فذهب البعض إلى أنه تصح الهبة للجنين‪ ،‬والقبو الذي يشترط لتمام‬
‫الهبة‪ ،‬باعتبارها عقد يصدر من الوصي على الجنين‪ ،‬فالقانون أجاز لألب أن‬
‫يعين وصيًا على الجنين (مادة ‪ 31‬من قانون الوالية على الما )‪ ،‬فذذا لم يختر‬
‫األب وصيًا عينت له المحكمة وصيًا (مادة ‪ 38‬من القانون السابق)‪ ،‬كما قرر‬
‫الوصية التي يوصى بها للجنين (مادة ‪ 31‬من قانون‬ ‫أن هذا الوصي يقب‬
‫الوصية)‪ ،‬وقياسًا على ذلك يستطيع الوصي قبو الهبة‪ ،‬ويخلص هذا الرأي إلى‬
‫أن الجنين تثبت له الحقوق النافعة له نفعًا محضًا‪ ،‬سواء كانت تحتاج لثبوتها‬
‫إلى قبو منه أو ال تحتاج إلى قبو ألنه في الحالة األولى سيتولى قبولها عنه‬
‫الوصي عليه‪.‬‬

‫بينما ذهب البعض اآلخر إلى أن الجنين ال تثبت له إال الحقوق التي ال‬
‫يحتاج ثبوتها له إلى قبو منه‪ .‬ولما كانت الهبة عقد يتم بذيجاب وقبو ‪ ،‬فذنها‬
‫ال تصح‪ ،‬لعدم إمكان صدور قبو من الجنين‪ ،‬وال وجه لما يدعيه أصحاب‬
‫منه الهبة قياسًا على قبو‬ ‫من أن الوصي على الجنين تقب‬ ‫الرأي األو‬
‫الوصية؛ ألن هذا قياس مع الفارق‪ ،‬حيث إن الوصية تصرف يتم بذرادة‬
‫الموصي وحده‪ ،‬وما القبو إال شرط للزومها وامتناع ردها‪ ،‬بينما الهبة عقد‬
‫يعتبر القبو ركنًا فيها ال تتم بدونه‪ ،‬ثم إنه إذا كان القانون قد نص على اختيار‬

‫‪251‬‬
‫أو تعيين وصي على الجنين‪ ،‬فذنه لم يقصد بذلك إقامة نائب قانوني عن الجنين‬
‫يتولى إبرام التصرفات القانونية بدالً منه ‪ -‬كما هو مفهوم – بشأن الوصي‪،‬‬
‫وإنما أراد تعيين شخص يكون مجرد حارس وأمين على أموا الجنين يتولى‬
‫الحفاظ عليها‪.‬‬

‫ويبدو لنا أن الرأي الثاني هو األقرب إلى الصواب‪ ،‬نظرًا ألن ثبوت‬
‫العام‪ ،‬وهو عدم بداية الشخصية‬ ‫الحقوق للج نين يعتبر استثناء على األص‬
‫القانونية‪ ،‬إال منذ الوالدة‪ ،‬وهذا االستثناء ورد في نصوص صريحة‪ ،‬وال يمكن‬
‫عن طريق القياس إضافة حقوق أخرى إليها‪ ،‬نظرًا ألن االستثناء ال يقاس عليه‬
‫وال يتوسع في تفسيره‪ ،‬وبالتالي فذن الهبة للجنين ال تجوز؛ ألن النصوص ال‬
‫تذكرها ضمن الحقوق التي تثبت للجنين‪.‬‬

‫يتبين لنا مما سبق أن الجنين تكون له شخصية قانونية ناقصة‪ ،‬فهو من‬
‫ناحية ال يتحم بالتزامات على اإلطالق‪ ،‬ومن ناحية أخرى ال يكتسب من‬
‫الحقوق إال بعضها‪.‬‬

‫كما يالحظ من ناحية أخرى أن هذه الحقوق التي يكتسبها الجنين معلقة‬
‫على شرط تمام والدته حيًا‪ ،‬فذذا تمت هذه الوالدة ثبتت هذه الحقوق في ذمته‬
‫نهائيًا‪ ،‬أما إذا ولد ميتًا زالت عنه هذه الحقوق بأثر رجعي فيرد الميراث والما‬
‫الموصى به إلى مستحقيهم‪ ،‬ولكن إذا ولد حيًا ثم مات بعد ذلك ولو بلحظات‬
‫اعتبرت هذه الحقوق تركة خلفها بعد موته وتوزع على ورثته‪.‬‬

‫انتهاء الشخصية‪:‬‬

‫مدني تنتهي شخصية اإلنسان بموته وتثبت‬ ‫طبقًا لنص المادة ‪/31‬‬
‫الوفاة كالميالد في السجالت المعدة لذلك‪ ،‬إال أن هذه الشخصية قد تنقضي في‬
‫وقت سابق على الوفاة‪ ،‬إذا حكم بموت المفقود‪ ،‬وهذا ما نبينه في الكالم عن‬
‫مركز المفقود‪.‬‬

‫‪250‬‬
‫مركز المفقود‪:‬‬

‫المفقود هو الغائب الذي ال تعرف حياته أو مماته‪.‬‬

‫ويختلف المفقود عن الغائب‪ ،‬فالغائب هو ك شخص هجر موطنه وماله‬


‫طوعًا أو كرهًا‪ ،‬ولو كانت حياته محققة‪ ،‬وذلك متى حالت ظروف قاهرة دون‬
‫إدارة أمواله بنفسه أو بوكي عنه مدة أكثر من سنة‪ ،‬وترتب على ذلك إضرار‬
‫بمصالحه أو مصالح غيره‪.‬‬

‫فالغائب إذًا يفترق عن المفقود ألن األو حياته معلومة‪ ،‬أما الثاني فال‬
‫يعلم أهو حي أم ميت؛ ولذلك فذن المفقود يثير إشكاالً بشأن أحكامه القانونية؛‬
‫ألننا ال نعرف‪ ،‬ه هو حي فتكون شخصيته القانونية باقية أم أنه ميت فتكون‬
‫قد انتهت؛ ولذلك فلمعرفة األحكام القانونية الخاصة بالمفقود نميز بين حاالت‬
‫ثالث‪:‬‬

‫الحالة األولى‪:‬‬

‫وهي حالته في الفترة ما بين فقده وقب الحكم بموته‪ .‬في هذه الفترة ال‬
‫ن ستطيع الجزم بأنه حي أو ميت؛ ولذلك نرجح أصلح الوضعين بالنسبة له‬
‫فنفترض أنه حي‪ ،‬وبالتالي تبقى زوجته على ذمته وتبقى أمواله‪ ،‬ويعين وكي ٌ‬
‫إلدارتها‪ ،‬وال توزع على الورثة؛ ألن موته غير محقق‪ ،‬ولكن مراعاة العتبار‬
‫أن حياته أيضًا غير مؤكدة‪ ،‬فذن ما يرثه من ما يوصى له به أثناء هذه الفترة‪،‬‬
‫يحجز له‪ ،‬ويكون مصير هذه األموا الموروثة أو الموصى بها معلقًا على‬
‫شرط التأكد من حياته‪.‬‬

‫الحالة الثانية ‪ :‬وهو بعد الحكم بموته‪:‬‬

‫من غير المعقو أن يستمر وضع المفقود معلقًا هكذا ال يعرف أهو حي‬
‫أم ميت؛ لذلك فذن القانون (مرسوم بقانون رقم ‪ 35‬لسنة ‪ ) 838‬قرر أنه يحكم‬
‫بموت المفقود بعد فترة من فقده حتى تسوى المسائ الخاصة به‪ .‬والمدة التي‬

‫‪252‬‬
‫يحكم بعدها بموت المفقود تختلف باختالف فرضين (مادة ‪ 3‬من القانون ‪35‬‬
‫لسنة ‪ 838‬معدلة بالقانون رقم ‪ 3‬لسنة ‪.)3110‬‬

‫الفرض األو ‪:‬‬

‫إذا كان المفقود قد فقد في ظروف يغلب فيها الهالك‪ ،‬كما إذا كان قد‬
‫خرج في حرب أو فقد أثناء فيضان أو زلزا ‪ ،‬هنا يحكم القاضي بموت المفقود‬
‫بعد مضي أربع سنوات على الفقد‪.‬‬

‫لكن يعتبر المفقود ميتًا بعد مضي مدة خمسة عشر يومًا على األق من‬
‫تاريخ فقده في حالة ما إذا ثبت أنه كان على ظهر سفينة غرقت‪ ،‬أو كان في‬
‫طائرة سقطت‪ ،‬وبعد مضي سنة إذا كان من أفراد القوات المسلحة‪ ،‬وفقد أثناء‬
‫العمليات الحربية (القانون رقم ‪ 3‬لسنة ‪ 3110‬بتعدي أحكام المرسوم بقانون‬
‫رقم ‪ 35‬لسنة ‪.) 838‬‬

‫ويصدر رئيس مجلس الوزراء أو وزير الدفاع‪ ،‬بحسب األحوا ‪ ،‬وبعد‬


‫التحري واستظهار القرائن التي يغلب معها الهالك‪ ،‬قرارًا بأسماء المفقودين‬
‫الذين اعتبروا أمواتًا في حكم الفقرة السابقة ويقوم هذا القرار مقام الحكم بموت‬
‫المفقود‪.‬‬

‫أما في الفرض الثاني حيث يفقد المفقود في ظروف ال يغلب عليه فيها‬
‫الهالك‪ ،‬فذن القاضي بحكم بموته بعد مضي المدة التي يقدرها‪ ،‬سواء كانت‬
‫أربع سنوات أو أكثر‪.‬‬

‫متى حكم باعتبار المفقود ميتًا‪ ،‬أو نشر قرار رئيس مجلس الوزراء أو‬
‫قرار وزير الدفاع باعتباره ميتًا‪ ،‬فذنه يعتب ر ميتًا من وقت الحكم بموته أو نشر‬
‫القرار في الجريدة الرسمية‪ ،‬وذلك بالنسبة لماله‪ ،‬أما بالنسبة لما غيره فذنه‬
‫يعتبر ميتًا من وقت الفقد‪.‬‬

‫فبالنسبة لماله يوزع على ورثته الموجودين وقت الحكم بموته‪ ،‬وتعتد‬

‫‪253‬‬
‫زوجته عدة الوفاة‪ ،‬ثم يكون لها الحق في الزواج بآخر بعد انتهاء فترة العدة‬
‫(مادة "‪ "33‬من القانون السابق ذكره)‪.‬‬

‫أما بالنسبة لما كان محجوزًا له من نصيب في اإلرث أو ما موصى‬


‫به‪ ،‬فذنه يعتبر ميتًا من وقت الفقد‪ ،‬فيرد هذا النصيب إلى ورثة مورثه‪ ،‬ويرد‬
‫الما الموصى به إلى ورثة الموصي‪.‬‬

‫الحالة الثالثة‪:‬‬

‫وهي حالته إذا ظهر حيًا بعد الحكم بموته‪.‬‬

‫وفي هذه الحالة يأخذ ما بقي من أمواله في أيدي الورثة‪ ،‬أما ما استهلكوه‬
‫أو تصرفوا فيه‪ ،‬فليس له حق فيه وال يستطيع مطالبتهم بتعويض منه ألنهم‬
‫تملكوه بحكم القاضي‪.‬‬

‫وكذلك له حق نصيبه من اإلرث الذي كان قد رد إلى ورثة مورثه بعد‬


‫الحكم بموته‪ ،‬وكذلك الما الذي كان قد أوصى له به ورد إلى ورثة الموصي‬
‫بعد الحكم بموته‪ ،‬ولكن مع مراعاة أنه ال يستطيع أن يأخذ من هذه إال ما بقي‬
‫في أيدي هؤالء‪.‬‬

‫وبالنسبة لزوجته فهي تكون له إذا لم يكن قد تزوجها آخر غير عالم‬
‫بحياته ودخ بها‪ ،‬وإال فذنها تكون للزوج الثاني‪.‬‬

‫من هذا يتبين أن الشخصية القانونية‪ ،‬وإن كانت ‪ -‬كقاعدة عامة ‪ -‬تنتهي‬
‫بوفاة اإلنسان وفاة حقيقية‪ ،‬فذنها قد تنتهي قب الوفاة الحقيقية‪ ،‬وذلك في حالة‬
‫الحكم بموت المفقود‪ ،‬ف الحكم بموته يعتبر موتًا اعتباريًا أو حكمًا وليس حقيقيًا‪،‬‬
‫وهذا ما يمث استثناءً على القاعدة العامة‪.‬‬

‫‪254‬‬
‫المطلب الثاني‬

‫خصائص الشخصية‬

‫الفرع األول – االسم‪:‬‬

‫مكونات االسم‪ :‬لك شخص اسم يعرف به ويميزه عن غيره‪ .‬وقد نصت‬
‫على ذلك المادة ‪ 21‬من التقنين المدني بقولها‪" :‬يكون لك شخص اسم ولقب‪،‬‬
‫ولقب الشخص يلحق أوالده"‪.‬‬

‫يتضح من هذا النص أن االسم كمميز لشخصية اإلنسان يتكون من اسم‬


‫الشخص الذي يميزه عن غيره من األفراد‪ ،‬ويطلق عليه عند ميالده واللقب‬
‫وهو اسم العائلة الذي ينتمي إليها الفرد‪ ،‬وهو يميزها عن غيرها من العائالت‪.‬‬
‫ولما كان اللقب يؤدي دورًا هامًا في ربط األسرة الواحدة‪ ،‬وخلق اإلحساس‬
‫بالوحدة والتضامن‪ ،‬فقد أوجب القانون أن يتخذ اإلنسان لقبًا بجانب اسمه‬
‫الشخصي‪ ،‬ولكن المشرع الحظ أن مسألة اكتساب األلقاب وتغييرها يحتاج‬
‫لتنظيم مفص ‪ ،‬فأشار إلى وجوب إصدار قانون خاص ينظم األلقاب من حيث‬
‫اكتسابها وفقدها (مادة ‪ 38‬مدني)‪ .‬بيد أن هذا التشريع الخاص لم يصدر بعد؛‬
‫ولذلك فالعم يجري في مصر على أن االسم يتكون من االسم الشخصي للفرد‬
‫واسم والده‪ ،‬ثم اسم جده أو لقب عائلته‪ .‬وهذا ما يقتضيه قانون األحوا المدنية؛‬
‫إذ يستلزم ذكر اسم المولود‪ ،‬واسم والده‪ ،‬ثم اسم جده أو لقب العائلة‪ ،‬وذلك‬
‫ضمن البيانات التي يجب على المبلغ عن المولود أن يدلي بها‪ ،‬والتي تدون في‬
‫سجالت األحوا المدنية‪.‬‬

‫ولقب الشخص يلحق أوالده (مادة ‪ 21‬مدني)‪ ،‬فالولد يأخذ لقب أبيه‪ ،‬ولو‬
‫رغمًا عنه‪ ،‬لكن لقب الزوج ال يلحق زوجته‪ ،‬ب تظ بعد الزواج محتفظة بلقب‬
‫في البالد الغربية‪ ،‬حيث تكسب‬ ‫أسرتها األصلية‪ ،‬وهذا على عكس الحا‬
‫الزوجة لقب زوجها‪.‬‬

‫‪255‬‬
‫حماية االسم‪:‬‬

‫يحمي القانون الحق في االسم بنفس الحماية التي يسبغها على حقوق‬
‫الشخصية؟ وقد سبق أن أوردنا نص المادة ‪ 51‬مدني التي تقضي بأنه "ك من‬
‫وقع عليه اعتداء غير مشروع في حق من الحقوق المالزمة لشخصيته أن‬
‫يطلب وقف هذا االعتداء مع التعويض عما يكون قد لحقه من ضرر"‪ .‬هذا‬
‫النص ينطبق على الحق في االسم باعتباره من حقوق الشخصية‪ ،‬ولكن المشرع‬
‫خص الحق في االسم بمادة مستقلة تقرر حمايته ضد االعتداء عليه هي المادة‬
‫‪ 5‬مدني التي تنص على أنه "لك من نازعه الغير في استعما اسمه بال‬
‫الغير اسمه دون حق‪ ،‬أن يطلب وقف هذا االعتداء مع‬ ‫مبرر ومن انتح‬
‫التعويض عما يكون قد لحقه من ضرر"‪.‬‬

‫هذا النص يشير إلى حالتي االعتداء على االسم‪ ،‬وهما المنازعة في‬
‫االسم وانتحا االسم‪.‬‬

‫الحالة األولى‪:‬‬

‫المنازعة في االسم‪ ،‬ويقصد بها أن يدعي شخص انتفاء حقك في التسمي‬


‫باسمك أو يدعي أنه ليس لك الحق في أن تتسمى به وحدك‪ ،‬ب هو أيضًا له‬
‫الحق في التسمي به‪ ،‬فذذا كانت هذه المنازعة على غير أساس جاز لك أن‬
‫تطلب من القضاء وقفها‪ ،‬وعالوة على ذلك يكون لك الحق في مطالبة المعتدي‬
‫بالتعويض‪ ،‬إذا كانت هذه التسمية قد تسببت لك في ضرر ما‪ ،‬سواء كان ماديًا‬
‫أو أدبيًا‪.‬‬

‫الحالة الثانية‪:‬‬

‫انتحا االسم بأن يتسمى غيرك باسمك ويستعمله دون أن يكون له في‬
‫األص هذا االسم‪ .‬في هذه الحالة يجوز لك أن توقف انتحاله السمك وتطلب‬
‫تعويضًا عما لحقك من ضرر‪ ،‬لكن يالحظ هنا أن مجرد أن يتسمى شخص‬

‫‪256‬‬
‫باسم شخص آخر ليس انتحاالً في ك األحوا ؛ ألن االسم الواحد يمكن أن‬
‫يحمله أكثر من شخص في نفس الوقت‪ .‬وليس للشخص الذي يضار من تشابه‬
‫األسماء إال أن يعم بالطريق الذي يراه لتمييز اسمه عن اسم سميه بأن يضيف‬
‫مثالً إلى اسمه عنصرًا مميزًا‪ ،‬بيد أنه إذا استغ شخص تشابه اسمه مع اسم‬
‫غيره فعمد إلى أن يفيد منه على حساب سميه أو أن يتخذه وسيلة إللحاق‬
‫الضرر بسميه كان منتحالً‪ ،‬ال لالسم ولكن لشخصية سميه‪.‬‬

‫اسم الشهرة واالسم المستعار‪:‬‬

‫قد يكون لإلنسان عالوة على اسمه الحقيقي المذكور في شهادة الميالد‬
‫اسم آخر‪ ،‬ويحدث هذا في حالتي اسم الشهرة واالسم المستعار‪.‬‬

‫فاسم الشهرة هو االسم الذي يشتهر به الشخص بين الناس أي تجري‬


‫العادة على إطالقه عليه في الوسط الذي يعيش فيه‪.‬‬

‫أما االسم المستعار فهو االسم الذي يطلقه الشخص على نفسه‪ ،‬خالفًا‬
‫السمه الحقيقي‪ ،‬ويحدث هذا إما بغرض أن يتخفى الشخص وراء االسم‬
‫المستعار‪ ،‬كما إذا احترف فنًا معينًا وكانت تقاليد أسرته ال تقب ذلك‪ ،‬وإما‬
‫بغرض المساعدة على الشهرة في مجا معين‪ ،‬كاألدب والفن بأن كان اسمه‬
‫ال ومميزًا‪.‬‬
‫الحقيقي صعبًا أو شائعًا فيطلق على نفسه اسمًا سه ً‬

‫وك من اسم الشهرة واالسم المستعار يعتبران كاالسم الحقيقي من حيث‬


‫حق الشخص عليهما‪ ،‬ألنهما يميزان الفرد عن غيره من الناس؛ ولذلك فذن‬
‫الحماية القانونية لالسم الحقيقي تنسحب عليهما‪ ،‬مع مالحظة أن اشتهار‬
‫الشخص باسم معين أو اتخاذه اسمًا مستعارًا ال يؤدي لفقد اسمه الحقيقي‪.‬‬

‫االسم التجاري‪ :‬االسم التجاري هو اسم يطلق على منشأة تجارية أو‬
‫صناعية‪ ،‬وهو يختلف عن أسماء األشخاص التي سبق الكالم عنها؛ ألنه ذو‬
‫طبيعة مالية تحسب ضمن عناصر المنشأة التي يطلق عليها؛ وبالتالي فذنه‬

‫‪257‬‬
‫يجوز التصرف فيه‪ ،‬والتناز عنه‪ ،‬ويسقط بالتقادم‪ ،‬وإن كان القانون يحميه فذن‬
‫حمايته ليست تلك المقررة في المادتين ‪ 51‬و ‪ 0‬مدني السابق اإلشارة إليهما‪،‬‬
‫الخاصتين باسم الشخص‪ ،‬وإنما بنصوص خاصة متعلقة بالمنافسة غير‬
‫المشروعة ودراستها تدخ في نطاق القانون التجاري‪.‬‬

‫ولكن قد يحدث أن يطلق شخص اسمه على منشأة تجارية أو صناعية‪،‬‬


‫وعندئذ يعتبر االسم في نفس الوقت مميزًا لإلنسان وللمنشأة‪ ،‬ويسري عليه‬
‫كاسم لإلنسان أحكام االسم السابق ذكرها‪ ،‬بينما يسري عليه كاسم للمنشأة أحكام‬
‫االسم التجاري‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ -‬الحالــة‬

‫تعريف الحالة‪ :‬قلنا فيما سبق إن الشخصية القانونية هي صالحية‬


‫الشخص الكتساب الحقوق والتحم بالواجبات‪.‬‬

‫ولكن نطاق هذه الشخصية‪ ،‬أي مدى موا يتمتوع بوه الشوخص مون‬
‫حقوق أو ما يتحمله من التزامات يختلوف بواختالف حالتوه‪ .‬والحالوة هوي‬
‫مجموعة صفات يتصف بها الشخص‪ ،‬وتؤثر فوي حقوقوه وواجباتوه وهوذه‬
‫الصفة قد يتصف بها الشخص تجواه الدولوة التوي يعويش علوى أرضوها‪،‬‬
‫فيكون الشخص تبعًا لنوع هذه الصولة وطنيًوا أو أجنبيًوا‪ ،‬وتسومى الحالوة‬
‫هنا بالحالة العامة أو السياسية‪ ،‬وقد يتصف الشوخص بصوفة معينوة إذا موا‬
‫نظر إليه كفرد في أسرة‪ ،‬فيكون أبًوا أو أمًوا أو ابنًوا‪ ،‬وهكوذا ‪ ،...‬وتسومى‬
‫هذه الحالة المدنية أو العائلية‪ .‬وقد يترتوب علوى اعتنواق الشوخص لديانوة‬
‫معينة آثار خاصة بحقوقه وواجباته‪ ،‬وهذه تسمى بالحالة الدينية‪.‬‬

‫نوع من أنواع الحالة‪ ،‬فندرس‬ ‫دراسة ك‬ ‫وعلى ذلك‪ ،‬فذننا سنتناو‬


‫الحالة الع امة أو السياسية‪ ،‬وهو ما يعبر عنه بالجنسية‪ ،‬ثم الحالة العائلية أو‬
‫المدنية‪ ،‬وأخيرًا الحالة الدينية‪.‬‬

‫‪258‬‬
‫أو ًال ‪ :‬الحالة العامة أو السياسية (الجنسية)‬

‫تتحدد الحالة العامة للشخص طبقًا لعالقته بالدولة التي يقيم فيها‪،‬‬
‫وانتساب الشخص لدولة معينة يعبر عنه بالجنسية‪ ،‬والجنسية تتضمن خضوع‬
‫الشخص لسيادة الدولة التي ينتمي إليها وشموله برعايتها‪.‬‬

‫أثر الجنسية على الشخصية القانونية‪:‬‬

‫يؤدي تمتع شخص بجنسية دولة معينة إلى اختالف مركزه القانوني عن‬
‫األجنبي الذي ال يتمتع بهذه الجنسية؛ وذلك ألن األجنبي ال يتمتع بنفس الحقوق‬
‫التي يتمتع بها الوطني‪ ،‬على التفصي اآلتي‪:‬‬

‫بالنسبة للحقوق العامة أو ما تسمى بحقوق الشخصية‪ ،‬والتي سبق الكالم‬


‫عنها‪ ،‬فذن الوطنيين واألجانب يتمتعون بها على حد سواء‪ ،‬وذلك من حيث‬
‫المبدأ‪ ،‬فيكون لألجنبي حقه في سالمة جسمه وحقه في التنق وحرية العم‬
‫وحرية الفكر والرأي‪ ،‬ولكن في بعض األحيان يضع المشرع الوطني بعض‬
‫القيود على تمتع األجانب بهذه الحقوق‪ ،‬مراعاة للمصلحة العامة للدولة‪ ،‬وذلك‬
‫مث تقييد حق األجانب في التنق في إقليم الدولة‪ ،‬أو منعهم من مباشرة مهن‬
‫معينة‪ ،‬كالطب والمحاماة‪.‬‬

‫أما بالنسبة للحقوق الخاصة التي يحكمها القانون الخاص‪ ،‬فذنه يعترف‬
‫ببعضها لألجانب‪،‬و فمثالً يجوز لألجنبي أن يتعام بالبيع والشراء واإليجار‬
‫واالستئجار ويتملك األموا ‪ ،‬لكن المشرع قد يضع قيودًا على ذلك‪ ،‬مث حظر‬
‫في‬ ‫تملك األجانب للعقارات‪ ،‬وخاصة األراضي الزراعية‪ ،‬كما هو الحا‬
‫مصر‪.‬‬

‫ويدخ في طائفة الحقوق الخاصة حقوق األسرة‪ ،‬فال يتصور أن يمنع‬


‫األجنبي من الزواج أو من ثبوت نسبه ألبيه‪ ،‬ولكن يمنع من أن يكون وصيًا‬
‫على الغير‪.‬‬

‫‪259‬‬
‫أما بالنسبة للحقوق السياسية فذنها محظورة على األجانب بصفة عامة‪،‬‬
‫فال يكون لألجنبي حق االنتخاب أو الترشيح لعضوية المجالس النيابية‪ ،‬وليس‬
‫له حق تولي الوظائف العامة‪.‬‬

‫أنواع الجنسية وأساسيها‪:‬‬

‫الجنسية إما أن تكون جنسية أصيلة أو جنسية طارئة‪ ،‬فالجنسية األصيلة‬


‫هي التي يكتسبها الشخص منذ ميالده‪ ،‬ويكتسب الشخص الجنسية منذ ميالده‬
‫طبقًا ألحد أساسين‪ ،‬وهما حق الدم وحق اإلقليم‪.‬‬

‫فالمقصود بحق الدم هو أن يكتسب الشخص جنسية الدولة التي ينتمي‬


‫إليها أبواه‪ ،‬فابن المصري يكون مصريًا منذ والدته‪ ،‬أي يكتسب الجنسية‬
‫المصرية التي يتمتع بها والده‪ .‬وهذا المبدأ تأخذ به الدو المكتظة بالسكان‪،‬‬
‫ال مصدرة للسكان‪.‬‬
‫والتي تسمى دو ً‬

‫أما حق اإلقليم‪ ،‬فالمقصود به أن يكتسب الشخص جنسية الدولة التي‬


‫يولد على إقليم ها‪ ،‬بصرف النظر عن جنسية والديه‪ ،‬وتأخذ بهذا المبدأ الدو‬
‫قليلة السكان‪ ،‬وهي التي تسمى الدو المستوردة للسكان‪.‬‬

‫وفي الحقيقة‪ ،‬فذنه ال توجد دولة تأخذ بحق الدم وحده أو بحق اإلقليم‬
‫وحده‪ ،‬وإنما غالبًا تأخذ الدولة بأحد األساسين بصفة أصلية‪ ،‬وتأخذ باألساس‬
‫اآلخر بصفة تكميلية‪ ،‬وذلك هو الحا في مصر‪ ،‬كما سنرى‪.‬‬

‫أما عن الجنسية الطارئة‪ ،‬فهي التي يكتسبها اإلنسان في وقت الحق على‬
‫ميالده‪ .‬وهذا يتحقق أيضًا عن طريقين‪ :‬إما بالتجنس أو بالزواج‪ ،‬فالتجنس‬
‫معناه أن يبدي اإلنسان رغبته في االنتماء لجنسية دولة معينة‪ ،‬ثم توافق سلطات‬
‫هذه الدول ة على منحه جنسيتها بعد التحقق من الشروط التي ينص عليها قانونها‬
‫لضمان جدية الرغبة ولضمان عدم إضرار تجنسه بمصلحة الدولة‪ ،‬وقد تكتسب‬
‫الجنسية الالحقة بالزواج‪.‬‬

‫‪261‬‬
‫فبعض الدو تمنح جنسيتها للزوج األجنبي إذا تزوج بامرأة تتمتع بهذه‬
‫الجنسية أو تمنح الزوجة جنسيتها بمجرد زواجها بأحد الوطنيين‪.‬‬

‫هذا وقد يحدث أن يكون للشخص في نفس الوقت أكثر من جنسية‪ ،‬وهذه‬
‫هي ظاهرة تعدد الجنسيات‪ ،‬كما قد يكون الشخص غير متمتع بأي جنسية على‬
‫اإلطالق‪ ،‬وهذه هي ظاهرة انعدام الجنسية‪.‬‬

‫فظاهرة انعدام الجنسية توجد مثالً في حالة ما إذا ولد الشخص في بلد‬
‫تأخذ بحق الدم من أب ينتمي بجنسيته إلى بلد تأخذ بحق اإلقليم‪ ،‬ففي هذه الحالة‬
‫ال يكتسب جنسية البلد التي ولد فيها؛ ألن أباه غير متمتع بجنسيتها وال يكتسب‬
‫جنسية البلد اآلخر ألنه لم يولد فيه‪ ،‬وبالتالي ال يكون له أي جنسية‪.‬‬

‫وظاهرة تعدد الجنسيات توجد في الفرض العكسي‪ ،‬أي لو ولد الشخص‬


‫في بلد تأخذ بحق اإلقليم‪ ،‬وكان أبوه ينتمي لبلد تأخذ بحق الدم‪ ،‬ففي هذه الحالة‬
‫يكتسب جنسية البلد التي ولد فيها وجنسية البلد التي ينتمي إليها والده أي يكون‬
‫له جنسيتان‪.‬‬

‫الجنسية في القانون المصري‪:‬‬

‫لم ينظم القانون المدني الجنسية المصرية‪ ،‬وإنما اكتفى باإلشارة إليها في‬
‫المادة ‪ ،22‬بالقو بأن "الجنسية المصرية ينظمها قانون خاص"‪ .‬وتطبيقًا لهذه‬
‫المادة صدرت عدة قوانين متتالية لتنظيم الجنسية المصرية آخرها هو القانون‬
‫رقم ‪ 30‬لسنة ‪ . 805‬وقد أخذ هذا القانون أساسًا بحق الدم في منح الجنسية‬
‫المصرية‪ ،‬فك من ولد ألب مصري أو ألم مصرية يكتسب هذه الجنسية (مادة‬
‫‪ ) /3‬سواء أن يكون قد ولد في مصر أو في خارجها‪ ،‬ولكن باإلضافة إلى ذلك‬
‫اعتد بحق اإلقليم في حالة معينة‪ ،‬منها الحالة التي يولد فيها الطف في مصر‬
‫من أم مصرية وأب مجهو الجنسية أو ال جنسية له (مادة ‪ )3/3‬أو يولد في‬

‫‪260‬‬
‫مصر من أم مصرية ولم يثبت نسبه ألبيه قانونًا (مادة ‪ ،)2/3‬وهذه هذه حالة‬
‫الولد الطبيعي‪ ،‬وحالة اللقيط‪ ،‬أي من يولد في مصر من أبوين مجهولين (مادة‬
‫(‪.)0/3‬‬

‫هذا عن موقف المشرع المصري من الجنسية األصيلة‪.‬‬

‫أما عن الجنسية الطارئة فقد قرر المشرع إمكان اكتسابها عن طريق‬


‫التجنس أو الزواج‪ ،‬فنظم تجنس األجنبي بالجنسية المصرية وشروط اكتسابه‬
‫لها (مادة ‪ ، )0‬كما نص على أن المرأة األجنبية التي تتزوج من مصري يمكنها‬
‫أن تكتسب الجنسية المصرية إذا أعلنت رغبتها في ذلك لوزير الداخلية‬
‫واستمرت الزوجية قائمة مدة سنتين من تاريخ اإلعالن‪ ،‬ولكن يجوز لوزير‬
‫فوات مدة السنتين حرمان الزوجة من اكتساب‬ ‫الداخلية بقرار مسبب قب‬
‫الجنسية المصرية (مادة ‪ 0‬من قانون الجنسية)‪ ،‬ويجدر التنبيه هنا إلى أن‬
‫المشرع المصري لم يسو بين من يحم الجنسية األصيلة ومن يحم الجنسية‬
‫الجنسية الطارئة ال يكون له حق التمتع‬ ‫الطارئة‪ ،‬فقد قرر أن من يحم‬
‫انقضاء خمس‬ ‫بالحقوق الخاصة بالوطنيين أو مباشرة حقوقه السياسية قب‬
‫سنوات من تاريخ كسبه لهذه الجنسية‪ .‬كما ال يجوز انتخابه أو تعيينه عضوًا في‬
‫أي هيئة سياسية قب مضي عشر سنوات من التاريخ المذكور (مادة ‪.)8‬‬

‫إال أن القانون أجاز أن يعفي صاحب الجنسية الطارئة من القيد األو أو‬
‫من القيدين معًا‪ ،‬وذلك بقرار من رئيس الجمهورية‪ ،‬ويكتفى بقرار من وزير‬
‫الداخلية إذا كان صاحب الجنسية الطارئة قد انضم إلى القوات المحاربة‬
‫المصرية وحارب في صفوفها (مادة ‪ 8‬من قانون الجنسية)‪.‬‬

‫ثانيًا ‪ :‬الحالة المدنية‬

‫تتحدد الحالة المدنية للشخص بانتسابه إلى أسرة معينة‪ ،‬واألسرة هي‬
‫مجموعة من األفراد تربطهم صلة القرابة‪ ،‬وتنص المادة ‪ /20‬مدني على ذلك‬

‫‪262‬‬
‫بقولها "تتكون أسرة الشخص من ذوي قرباه"‬

‫والقرابة نوعان‪ :‬قرابة الدم أو النسب وقرابة المصاهرة‪ .‬فقرابة الدم هي‬
‫مشترك‪ .‬أما قرابة المصاهرة‪ ،‬فهي‬ ‫التي تربط األفراد الذين يجمعهم أص‬
‫الناتجة عن الزواج‪ ،‬وهي بين أقارب أحد الزوجين والزوج اآلخر‪.‬‬

‫أ‪ -‬قرابة النسب‪:‬‬

‫قرابة النسب كما قلنا هي التي توجد بين األشخاص الذي يجمعهم أص‬
‫مشترك (مادة ‪ 3/30‬مدني)‪ .‬وتنقسم قرابة النسب إلى قسمين قرابة مباشرة‬
‫وقرابة حواشي‪.‬‬

‫‪ -‬القرابة المباشرة‪:‬‬

‫والفروع (مادة ‪/35‬‬ ‫القرابة المباشرة هي التي توجد بين األصو‬


‫مدني) أي بين أشخاص ينحدر بعضهم عن بعض‪ ،‬فاألص هو من ينحدر منه‬
‫الشخص‪ ،‬كاألب أو الجد‪ .‬والفرع هو من ينحدر من الشخص‪ ،‬كاالبن وابن‬
‫االبن‪ ،‬فالقرابة التي توجد بين االبن وأبيه أو االبن وجده تعتبر قرابة مباشرة‪،‬‬
‫وكذلك التي توجد بين االبن وأمه أو أبي أمه‪.‬‬

‫‪ -‬قرابة الحواشي‪:‬‬

‫قرابة الحواشي هي التي تربط ما بين أشخاص يجمعهم أص مشترك‬


‫دون أن يكون أحدهما فرعًا لآلخر (مادة ‪ /25‬مدني)‪ ،‬ومثالها القرابة التي‬
‫توجد بين الشخص وعمه أو ابن عمه‪ ،‬وبين الشخص وخاله أو ابن خاله‪،‬‬
‫مشترك هو الجد‪ ،‬ولكن هذا‬ ‫فالشخص وعمه أو ابن عمه يجمعهم أص‬
‫الشخص ليس فرعًا لعمه وال ابن عمه‪ ،‬وكذلك األمر بالنسبة للشخص وأخيه أو‬
‫أخته فذنهم يجتمعون في األص وهو األب‪ ،‬ولكن اإلنسان ليس فرعًا ألخيه أو‬
‫ألخته‪.‬‬

‫‪263‬‬
‫‪ -‬كيفية حساب درجة القرابة‪:‬‬

‫تبين المادة ‪ 30‬مدني كيفية حساب درجة القرابة‪ ،‬سواء كانت قرابة‬
‫مباشرة أو قرابة حواشي‪ ،‬بقولها‪" :‬يراعى في حساب درجة القرابة المباشرة‪،‬‬
‫اعتبار ك فرع درجة عند الصعود لألص بخروج هذا األص ‪ ،‬وعند حساب‬
‫ال منه‬
‫درجة الحواشي تعد الدرجات صعودًا من الفرع لألص المشترك‪ ،‬ثم نزو ً‬
‫إلى الفرع اآلخر‪ ،‬وك فرع فيما عدا األص المشترك يعتبر درجة‪ ،‬وعلى ذلك‬
‫فذن حساب درجة القرابة تتم كاآلتي‪:‬‬

‫والفروع‪ ،‬نعد‬ ‫بالنسبة للقرابة المباشرة‪ ،‬أي التي توجد بين األصو‬
‫الفرع الذي يراد حساب درجته‪ ،‬وكذلك ك الفروع التي تعلوه حتى نص إلى‬
‫األص فال يحسب كدرجة‪ ،‬ومثا ذلك قرابة الشخص لجدة‪ ،‬في هذه الحالة‬
‫يعتبر الشخص نفسه درجة ووالده الذي هو فرع للجد درجة أيضًا‪ ،‬ثم نص في‬
‫العمود إلى الجد‪ ،‬وهو األص فال يعد كدرجة‪ ،‬وبالتالي يكون االبن قريب للجد‬
‫من الدرجة الثانية‪.‬‬

‫أما بالنسبة لقرابة الحواشي‪ ،‬أي التي توجد بين أشخاص يجمعهم أص‬
‫مش ترك دون أن يكون أحدهما فرعًا لآلخر‪ ،‬كالشخص وابن عمه‪ ،‬فذننا نبدأ من‬
‫هذا الشخص الذي يراد حساب درجة قرابته البن عمه‪ ،‬فيحسب درجة‪ ،‬ثم‬
‫تصعد في اتجاه األص المشترك‪ ،‬وهو الجد‪ ،‬ونحسب ك فرع درجة‪ ،‬فنجد‬
‫في طريق صعودنا األب‪ ،‬فيكون هو اآلخر درجة‪ ،‬فذذا وصلنا لألص المشترك‬
‫وهو الجد ال نحسبه‪ ،‬ونبدأ النزو في طريق فروعه لنص البن العم‪ ،‬فنجد‬
‫العم الذي يحسب درجة ثم ابن العم الذي يحسب هو اآلخر درجة‪ ،‬فيكون‬
‫الشخص قريب البن عمه من الدرجة الرابعة‪ ،‬ألنه في طريق صعودنا من هذا‬
‫الشخص لألص المشترك وهو الجد كان لدينا درجتان‪ ،‬وهما الشخص نفسه‬
‫ووالده وأخرجنا الجد وهو األص المشترك‪ ،‬ثم في النزو إلى ابن العم وجدنا‬
‫درجتين أيضًا‪ ،‬وهما العم وابنه‪ ،‬فيكون عندنا قرابة من الدرجة الرابعة تربط‬

‫‪264‬‬
‫الشخص بابن عمه‪.‬‬

‫ب‪ -‬قرابة المصاهرة‪:‬‬

‫تبين المادة ‪ 20‬مدني ماهية هذه القرابة‪ ،‬وكيفية حسابها بقولها‪" :‬أقارب‬
‫أحد الزوجين يعتبرون في نفس القرابة والدرجة بالنسبة إلى الزوج اآلخر"‪.‬‬

‫وعلى ذلك‪ ،‬فقرابة المصاهرة هي القرابة التي تنتج من الزواج‪ ،‬وتوجد‬


‫بين ك من الزوجين وأقارب الزوج اآلخر‪ .‬وطبقًا للنص السابق‪ ،‬فذن أقارب‬
‫أحد الزوجين يعتبرون في نفس القرابة والدرجة بالنسبة للزوج اآلخر‪ .‬وبناء‬
‫على ذلك فذن والد الزوجة الذي هو قريبها من الدرجة األولى يعتبر قريب‬
‫لزوجها قرابة من الدرجة األولى أيضًا وشقيق الزوجة الذي هو قريبها من‬
‫الدرجة الثانية يعتبر أيضًا قريب للزوج من الدرجة الثانية‪ ،‬ونفس األمر بالنسبة‬
‫ألقارب الزوج‪ ،‬فهم في نفس درجة القرابة بالنسبة للزوجة‪ ،‬فوالد الزوج يعتبر‬
‫قريب للزوجة من الدرجة األولى؛ ألنه كذلك بالنسبة للزوج وشقيق الزوج‬
‫يعتبر قريب لزوجة أخيه من الدرجة الثانية؛ ألنه كذلك بالنسبة ألخيه الزوج‪،‬‬
‫وهكذا ‪...‬‬

‫لكن يالحظ هنا أن هذه القرابة بدرجاتها ال توجد إال بين أحد الزوجين‬
‫وأقار ب الزوج اآلخر أي أنها ال توجد بين أقارب أحد الزوجين وأقارب الزوج‬
‫اآلخر‪ ،‬وبالتالي فذنه ال توجد قرابة مصاهرة بين شقيق الزوجة ووالد الزوج‪.‬‬

‫إثبات القرابة‪:‬‬

‫إثبات القرابة يكون سهالً إذا كنا بصدد قرابة مصاهرة؛ ألن هذه القرابة‪،‬‬
‫كما قلنا‪ ،‬تنشأ عن الزواج‪ ،‬والزواج عقد يثبت بوثيقة رسمية تحرر على يد‬
‫المأذون أو الموظف المختص بالتوثيق في مكتب الشهر العقاري‪.‬‬

‫أما إثبات قرابة النسب أو قرابة الدم‪ ،‬فهو الذي يثير صعوبات؛ ألنه‬
‫يقتضي ثبوت النسب‪ ،‬فمثالً ثبوت قرابة الشخص البن عمه يقتضي ثبوت نسب‬

‫‪265‬‬
‫هذا الشخص ألبيه‪ ،‬وثبوت نسب أبيه لجده‪ ،‬وثبوت نسب عمه لجده‪ ،‬ثم ثبوت‬
‫ابن عمه لعمه‪ ،‬وهكذا ‪. ...‬‬

‫وثبوت النسب يخضع لقواعد مستمدة من الشريعة اإلسالمية‪ ،‬والمعروف‬


‫في الشريعة اإلسالمية أن الولد يثبت نسبه من أبيه بأحد طرق ثالثة‪ :‬الفراش‬
‫واإلقرار والبينة‪.‬‬

‫من زوجته‪ ،‬ويأتي‬ ‫‪ -‬الفراش‪ ،‬المقصود به أن يولد الولد للرج‬


‫المولود على األق بعد مدة ستة أشهر من تاريخ الزوجية وعلى األكثر بعد مدة‬
‫‪ 205‬يومًا من هذا التاريخ‪.‬‬

‫‪ -3‬اإلقرار‪ ،‬والمقصود به أن يعترف الرج بأن الولد ابنه‪ ،‬لكن يشترط‬


‫حتى يكون اإلقرار دليالً على ثبوت النسب أن يكون الولد مجهو النسب‪ ،‬وأن‬
‫يكون مقدار سن ك من المُقِر والولد يسمح بأن يولد مث هذا الولد لمث ذلك‬
‫الرج ‪ ،‬فلو كان سن الرج مثالً‪ ،‬ثالثون سنة‪ ،‬وسن الولد خمسة وعشرون‪،‬‬
‫فال يتصور أن يكون األخير ابنًا لألو ‪ ،‬وبالتالي يكون الشخص الذي يقر‬
‫بأبوته للولد كاذبًا في إقراره‪ ،‬وأخيرًا‪ ،‬يشترط أال يصرح الرج المُقِر الذي‬
‫يدعي أبوة الولد‪ ،‬بأن هذا الولد من زنا‪.‬‬

‫‪ -2‬أما البينة‪ ،‬فهي أن يدعي رج أبوته لولد‪ ،‬ويقيم الدلي على صحة‬
‫ال وامرأتين‪.‬‬
‫إدعائه بشهادة الشهود‪ ،‬بأن يستشهد على ذلك رجلين أو رج ً‬

‫هذه هي الطرق التي يثبت بها نسب الولد ألبيه‪ ،‬ومجا تفصيلها هو‬
‫مؤلفات األحوا الشخصية‪ .‬هذا ويالحظ أن إثبات نسب الولد من أمه ال يثير‬
‫صعوبة؛ ألن ذلك يثبت بالوالدة وال يتوقف على شيء آخر‪.‬‬

‫أثر القرابة على الشخصية القانونية‪:‬‬

‫تؤثر القرابة على الشخصية القانونية لإلنسان؛ ألنها تؤثر في مدى‬


‫حقوقه والتزاماته‪ ،‬وهذا يتضح مما يلي‪:‬‬

‫‪266‬‬
‫‪ -‬الشخص باعتباره ف ردًا في أسرة تثبت له حقوق وتقع عليه واجبات‬
‫معينة‪ ،‬وذلك حسب مركزه في األسرة‪ ،‬وقد أشرنا لذلك من قب ونعيد التذكير‬
‫به‪ ،‬فمثالً لألب على ابنه حق تأديبه‪ ،‬وله على زوجته حق الطاعة والقيام على‬
‫شئون بيتها‪ ،‬ولالبن على أبيه حق النفقة‪ .‬ويجب عليه طاعته‪ ،‬وكذلك الزوجة‬
‫لها الحق في أن ينفق عليها زوجها‪ ،‬وأن يؤدي لها واجباتها األخرى كزوجة‪،‬‬
‫ولكن من واجبها مقاب ذلك طاعته ومراعاة شئون بيته‪.‬‬

‫‪ -3‬يترتب على القرابة حق الشخص في اإلرث من قريبه إذا توفى‪،‬‬


‫وحقه في أن ينفق عليه قريبه إذا كان عاجزًا عن الكسب محتاجًا للنفقة‪.‬‬

‫‪ -2‬تعتبر القرابة مانعًا من موانع الزواج في بعض األحوا ‪ ،‬فيحرم‬


‫على اإلنسان الزواج بأخته أو أمه أو عمته أو خالته‪ ،‬وهكذا ‪ ،...‬كما هو مبين‬
‫بالتفصي في مؤلفات الشريعة اإلسالمية‪.‬‬

‫‪ -0‬هناك حاالت متفرقة يتوقف الحكم فيها على معرفة درجة القرابة‪،‬‬
‫ومن أمثلتها‪:‬‬

‫‪ -‬نص المادة ‪ 828‬مدني التي ال تجيز الشفعة "إذا وقع البيع بين‬
‫األصو والفروع أو بين الزوجين أو بين األقارب لغاية الدرجة الرابعة أو بين‬
‫األصهار لغاية الدرجة الثانية"‪.‬‬

‫‪ -‬نص المادة ‪ 333‬مدني في فقرتها الثانية على أنه "ال يجوز الحكم‬
‫بتعويض إال لألزواج أو األقارب إلى الدرجة الثانية‪ ،‬عما يصيبهم من ألم من‬
‫جراء موت المصاب"‪.‬‬

‫‪ -‬نص المادة ‪ 0‬من قانون اإلثبات على أنه يجوز رد الخبير إذا كان‬
‫قريبًا أو صهرًا ألحد الخصوم إلى الدرجة الرابعة‪.‬‬

‫‪ -‬ما تقضي به المادة ‪ 00‬من قانون المرافعات من أن القاضي يكون‬


‫غير صالح لنظر الدعوى‪ ،‬ممنوعًا من سماعها‪ ،‬ولو لم يرده أحد الخصوم إذا‬

‫‪267‬‬
‫كان قريبًا أو صهرًا ألحد الخصوم إلى الدرجة الرابعة‪.‬‬

‫ثالثًا ‪ :‬الحالة الدينية‬

‫أن انتماء الشخص لدين دون آخر ال يؤثر في شخصيته‬ ‫األص‬


‫القانونية‪ ،‬أي فيما يتمتع به من حقوق وما يتحمله من التزامات‪ ،‬والذي يحدد‬
‫نطاق شخصيته من حيث حالته هو مركزه في األسرة أو مركزه في الدولة‪.‬‬

‫مطبق‪ ،‬سواء بصدد الحقوق السياسية أو الحقوق العامة‪،‬‬ ‫هذا األص‬


‫فهي تثبت لجميع المصريين على حد سواء دون تفرقة بين مصري وآخر‬
‫األحوا‬ ‫استثناء معين في مسائ‬ ‫بسبب الدين‪ ،‬لكن يرد على هذا األص‬
‫الشخصية؛ ألن أحكامها مستمدة من الشرائع السماوية‪.‬‬

‫ومن أمثلة ذلك‪ ،‬أن المسلم له حق طالق زوجته بذرادته المنفردة‪ ،‬وله‬
‫الحق في الزواج بأكثر من واحدة‪ ،‬وذلك بخالف غير المسلم‪ ،‬وكذلك فذنه ال‬
‫توارث بين المسلم وغير المسلم‪ ،‬فك منهما ال يرث اآلخر (مادة ‪ 0‬من القانون‬
‫رقم ‪ 00‬لسنة ‪ 802‬بشأن المواريث)‪.‬‬

‫ولكن فيما عدا هذه األحكام فذن الدين ال يؤثر في حقوق الشخص‬
‫والتزاماته‪ ،‬ويبقى األص موجودًا‪ ،‬وهو أن حالة الشخص تتحدد بمركزه في‬
‫أسرته ودولته وأن الدين أثره ثانوي‪.‬‬

‫‪268‬‬
‫الفرع الثالث ‪ -‬الموطــن‬

‫تعريف الموطن‪:‬‬

‫تقتضي الحياة القانونية للفرد أن يكون له مكان يخاطب فيه بشأن عالقاته‬
‫مدني بأنه‬ ‫القانونية‪ .‬هذا المكان يعرف بالموطن‪ ،‬وقد عرفته المادة ‪/01‬‬
‫"المكان الذي يقيم فيه الشخص عادة"‪ ،‬والموطن بهذا المعنى يختلف عن مح‬
‫السكن‪ ،‬أي المكان الذي يسكن فيه الشخص ولو بصفة غير معتادة‪ ،‬وإن كان‬
‫سكنه‪.‬‬ ‫الغالب أن يجتمع المكانان‪ ،‬بمعنى أن يقيم الشخص عادة في مح‬
‫والقانون يفترض أن هذا المكان هو الذي يباشر فيه الشخص أعماله‪ ،‬وبالتالي‬
‫يجب أن يخاطب فيه بشأن أعماله ونشاطه‪ ،‬لكن ليس معنى ذلك أن الشخص‬
‫ملزم بأن يباشر نشاطه في موطنه فقط‪ ،‬وإنما يستطيع أن يمارس هذا النشاط‬
‫ما في األمر أن مخاطباته ستتم على هذا‬ ‫بحرية في أي مكان يريده‪ ،‬ك‬
‫المكان‪ ،‬وذلك من قبي التيسير في التعام ‪ ،‬فالموطن يشترطه القانون لمصلحة‬
‫الشخص نفسه ولمصلحة الغير‪ ،‬وهذا ما يتضح من الكالم عن أهمية الموطن‪.‬‬

‫أهمية الموطن‪:‬‬

‫تظهر أهمية الموطن في حاالت متعددة منها‪:‬‬

‫‪ -‬يقضي القانون بأن الوفاء بااللتزامات التي ال يكون محلها شيئًا‬


‫معينًا بالذات‪ ،‬أي تلك التي يكون محلها شيئًا من المثليات‪ ،‬كالنقود يكون في‬
‫المكان الذي يكون فيه موطن المدين وقت الوفاء (مادة ‪ 3/200‬مدني)‪.‬‬

‫‪ -3‬ينص قانون المرافعات على أن االختصاص بالدعوى يكون‬


‫للمحكمة التي يقع في دائرتها موطن المدعى عليه‪ ،‬ما لم ينص القانون على‬
‫غير ذلك (مادة ‪ 08‬مرافعات)‪.‬‬

‫‪ -2‬طبقًا لقانون المرافعات أيضًا‪ ،‬فذن األوراق القضائية‪ ،‬كصحيفة‬


‫الدعوى واإلنذارات‪ ،‬يجب أن توجه إلى الشخص في موطنه (مادة ‪1‬‬

‫‪269‬‬
‫مرافعات)‪.‬‬

‫‪ -0‬يقضي القانون التجاري بأن االختصاص بشهر إفالس التاجر يكون‬


‫للمحكمة التي يتبعها موطن التاجر المراد شهر إفالسه (مادة ‪ 80‬تجاري)‪.‬‬

‫‪ -5‬يقضي القانون المدني بأن شهر إعسار المدين يكون بحكم تصدره‬
‫المحكمة االبتدائية التي يتبعها موطن المدين (مادة ‪ 351‬مدني)‪.‬‬

‫كيفية تحديد الموطن‪:‬‬

‫بصدد كيفية تحديد الموطن تأخذ التشريعات بأحد مذهبين‪ :‬مذهب‬


‫التصوير الحكمي‪ ،‬ومذهب التصوير الواقعي‪.‬‬

‫‪ -1‬التصوير الحكمي للموطن‪:‬‬

‫وفقًا لهذا المذهب‪ ،‬فذن الموطن هو المكان الذي يباشر فيه الشخص‬
‫الشخص ومصالحه‪،‬‬ ‫أعماله بصفة رئيسية‪ ،‬أو هو المركز الرئيسي ألعما‬
‫فطبقًا لهذا التصوير يعتبر المكان الذي فيه المركز الرئيسي ألعما الشخص‬
‫موطنًا له‪ ،‬حتى ولو كان ال يقيم فيه بالفع ‪ ،‬وبالتالي فذن موطن التاجر مح‬
‫تجارته‪ ،‬وموطن الصانع مح صناعته‪ ،‬حتى لو كان التاجر أو الصانع يقيم في‬
‫مكان آخر؛ ولذلك سمى هذا المذهب بالتصوير الحكمي؛ ألنه ال يستند في‬
‫تحديد الموطن إلقامة الشخص الفعلية‪.‬‬

‫ويترتب على األخذ بالتصوير الحكمي نتيجتان‪:‬‬

‫األولى‪ :‬أن لك شخص بالضرورة موطن‪ ،‬ويتحدد بالمكان الذي يباشر‬


‫فيه أعماله بصفة رئيسية‪.‬‬

‫الثانية‪ :‬أن الشخص ال يكون له إال موطن واحد‪ ،‬حتى لو كان يمارس‬
‫عدة أعما في أماكن مختلفة؛ ألن موطنه في هذه الحالة هو المكان الذي به‬
‫المركز الرئيسي ألعماله‪.‬‬

‫‪271‬‬
‫‪ -‬التصوير الواقعي للموطن‪:‬‬

‫طبقًا لهذا المذهب‪ ،‬الموطن هو المكان الذي يقيم فيه الشخص عادة‪ ،‬أي‬
‫أن هذا المذهب يأخذ في اعتباره المكان الذي يتواجد فيه الشخص بالفع ‪،‬‬
‫وبصفة مستقرة؛ ولذلك سمي التصوير الواقعي؛ ألن تحديده للموطن يتفق مع‬
‫الواقع وال يستند إلى افتراض وتحكم‪ ،‬مث مذهب التصوير الحكمي‪.‬‬

‫ويترتب على األخذ بالتصوير الواقعي للموطن نتيجتان هما عكس‬


‫النتيجتين اللتين ترتبتا على المذهب السابق‪ ،‬وهما‪ :‬أن اإلنسان يمكن أال يكون‬
‫له موطن على اإلطالق‪ ،‬أي يكون منعدم الموطن‪ ،‬وذلك إذا كان ال يقيم بصفة‬
‫الذين ينتقلون باستمرار وال‬ ‫البدو الرح‬ ‫معتادة في مكان م ا‪ ،‬وذلك مث‬
‫يستقرون في مكان معين‪ .‬ومن ناحية أخرى يتصور أن يكون لإلنسان أكثر من‬
‫موطن إذا كان يقسم إقامته المعتادة في مكانين مختلفين‪ ،‬فمثالً لو كان شخص‬
‫له منزالن أحدهما في المدينة واآلخر في القرية‪ ،‬ويقيم مددًا متقاربة في هذين‬
‫المنزلين‪ ،‬فذن كال منهما يكون موطنًا له ألن وصف اإلقامة المعتادة ينطبق‬
‫على ك منهما‪ .‬وقد أخذ القانون المصري بمذهب التصوير الواقعي في تحديد‬
‫مدني بأن "الموطن هو المكان الذي يقيم فيه‬ ‫الموطن‪ ،‬فتقضي المادة ‪/01‬‬
‫الشخص عادة"‪.‬‬

‫الموطن االختياري والموطن القانوني أو اإللزامي‪:‬‬

‫مادام أن الموطن هو المكان الذي يقيم فيه الشخص عادة‪ ،‬فذنه من‬
‫الطبيعي أن يكون اختياريًا‪ ،‬أي يكون للشخص أن يختار المكان الذي يجع فيه‬
‫إقامته المعتادة وهذا هو األص ‪ ،‬ولكن القانون في بعض األحيان يجع‬
‫للشخص موطنًا إلزاميًا ال دخ إلرادته في اختياره‪ ،‬وهو الموطن القانوني أو‬
‫اإللزامي‪ ،‬وليس معنى ذلك أن القانون يلزم الشخص باإلقامة فيه‪ ،‬وإنما‬
‫يفترض أن إقامته فيه‪ ،‬فتحديد الموطن اإللزامي يقوم على االفتراض‪.‬‬

‫‪270‬‬
‫وقد أخذ القانون المصري بفكرة الموطن اإللزامي أو القانوني بالنسبة‬
‫لعديمي األهلية وناقصيها‪ .‬وفي هذا تنص المادة ‪ /03‬مدني على أن "موطن‬
‫القاصر والمحجور عليه والمفقود والغائب هو موطن من ينوب عن هؤالء‬
‫قانونًا"‪.‬‬

‫وبناءً على ذلك‪ ،‬فذن موطن القاصر هو المكان الذي يقيم فيه وليه‪،‬‬
‫كاألب أو وصية بصفة معتادة‪ ،‬حتى لو كان القاصر نفسه ال يقيم في هذا‬
‫المكان؛ ألن الولي أو الوصي هو النائب القانوني عن القاصر‪ ،‬كذلك فذن‬
‫المحجور عليه‪ ،‬كالمجنون والمعتوه يكون موطنه هو المكان الذي يقيم فيه القيم‬
‫عليه عادة‪ ،‬حتى ولو لم يكن المجنون أو المعتوه مقيمًا في هذا المكان؛ ألن‬
‫القيم هو النائب القانوني عن المجنون أو المعتوه‪ .‬ونفس األمر بالنسبة للغائب‬
‫عنهما؛ ألنه‬ ‫منهما هو المكان الذي يقيم فيه الوكي‬ ‫والمفقود‪ ،‬فموطن ك‬
‫يمثلهما قانونًا‪.‬‬

‫الموطن العام والموطن الخاص‪:‬‬

‫الموطن العام هو الذي يعتد به في ك نشاط اإلنسان وأعماله القانونية‪،‬‬


‫فيخاطب فيه بالنسبة لك هذه األعما ‪ ،‬وهو يحدد إمَّا طبقًا لإلقامة المعتادة التي‬
‫يختار لها الشخص مكانًا معينًا‪ ،‬أو يفترض مكانه النائب القانوني لهذا الشخص‬
‫في حالة الموطن اإللزامي‪.‬‬

‫أما الموطن الخاص‪ ،‬فهو موطن يعتد به بالنسبة لبعض األعما القانونية‬
‫أو نوع معين منها‪ .‬ونجد الموطن الخاص في القانون المصري في ثالث‬
‫أو الموطن التجاري أو الحرفي‪ ،‬وموطن القاصر‬ ‫حاالت‪ :‬موطن األعما‬
‫المأذون له في اإلدارة‪ ،‬ثم الموطن المختار‪.‬‬

‫‪ -‬موطن األعما أو الموطن التجاري‪:‬‬

‫تنص على هذا الموطن المادة ‪ 0‬مدني بقولها "يعتبر المكان الذي يباشر‬

‫‪272‬‬
‫المتعلقة بهذه‬ ‫فيه الشخص تجارة أو حرفة موطنًا بالنسبة إلدارة األعما‬
‫التجارة أو الحرفة"‪.‬‬

‫أو الموطن التجاري أو‬ ‫من هذا يتبين أن المقصود بموطن األعما‬
‫الحرفي هو المكان الذي يباشر فيه الشخص تجارة أو حرفة معينة؛ وبناء على‬
‫ذلك فذن صاحب مح البقالة أو مح بيع المالبس أو صاحب ورشة تصليح‬
‫السيارات أو الصيدلي أو المحامي أو الطبيب‪ ،‬ك منهم يكون مقر عمله هذا‬
‫موطنًا خاصًا بالنسبة لألعما القانونية المتعلقة بهذه التجارة أو المهنة‪ ،‬بحيث‬
‫يخاطب فيه بالنسبة لما يتعلق بهذه األعما ‪.‬‬

‫على أنه يالحظ هنا أمران‪ :‬أولهما‪ ،‬أن هذا الموطن يخص فقط من‬
‫يمارس حرفة أو تجارة‪ ،‬كما في األمثلة السابقة‪ ،‬وال يوجد بالنسبة لغيره‪ ،‬فمثالً‬
‫الموظفون أو العما ال يكون مكان عملهم موطنًا خاصُا فيما يتعلق بوظيفتهم أو‬
‫عملهم‪ .‬وثانيهما‪ ،‬أن الموطن الخاص لصاحب الحرفة أو التجارة ال يعني عدم‬
‫وجود موطن عام له‪ ،‬فالموطنان يوجدان معًا‪ ،‬الموطن العام لشئونه عمومًا‪،‬‬
‫والخاص يقتصر على شئون الحرفة أو التجارة‪.‬‬

‫‪ -3‬موطن القاصر المأذون له بمباشرة بعض األعما ‪:‬‬

‫من المعروف أن الشخص ال يبلغ سن الرشد طبقًا للقانون المصري إال‬


‫إذا بلغ إحدى وعشرين سنة‪ ،‬وبالتالي فذنه قب بلوغه هذه السن يعتبر قاصرًا‪،‬‬
‫ويتولى الولي أو الوصي النيابة عنه في مباشرة أعماله القانونية‪ ،‬ولكن القانون‬
‫الخاصة‬ ‫أجاز اإلذن للقاصر الذي يبلغ ثماني عشرة سنة بمباشرة األعما‬
‫بذدارة األموا التي تسلم له متى بلغ هذه السن‪ ،‬وقد اعتبر القانون أن المكان‬
‫الذي يقيم فيه عادة القاصر البالغ من العمر ‪ 1‬سنة موطنًا له بالنسبة لهذه‬
‫األعما ‪ ،‬وهو موطن خاص ألنه يعتد به فقط بالنسبة ألعماله المتعلقة بذدارة‬
‫أمواله التي تسلمها بعد بلوغه هذا السن‪ ،‬أما موطنه العام‪ ،‬فهو كما بينِّا سابقًا‬
‫المكان الذي يقيم فيه وليه أو وصيه‪ ،‬وهو يعتبر موطنًا إلزاميًا بالنسبة له‪ ،‬كما‬

‫‪273‬‬
‫سبق البيان‪ ،‬وقد نصت على هذا المادة ‪ 3/03‬مدني بقولها‪" :‬ومع ذلك يكون‬
‫للقاصر الذي بلغ ثماني عشرة سنة ومن في حكمه موطن خاص بالنسبة إلى‬
‫األعما والتصرفات التي يعتبره القانون أهالً لمباشرتها"‪.‬‬

‫‪ -3‬الموطن المختار‪:‬‬

‫نصت على هذا الموطن المادة ‪ 02‬مدني بقولها‪ - " :‬يجوز اتخاذ‬
‫موطن مختار لتنفيذ عم قانوني معين‪ -3 .‬وال يجوز إثبات وجود الموطن‬
‫قانوني يكون هو‬ ‫المختار إال بالكتابة‪ -2 .‬والموطن المختار لتنفيذ عم‬
‫الموطن بالنسبة إلى ك ما يتعلق بهذا العم ‪ ،‬بما في ذلك إجراءات التنفيذ‬
‫الجبري‪ ،‬إال إذا اشترط صراحة قصر هذا الموطن على أعما دون أخرى"‪.‬‬

‫يتبين من هذا النص أن الموطن المختار هو الذي يتخذه الشخص لتنفيذ‬


‫عم قانوني معين‪ ،‬ومثا ذلك أن يتخذ شخص مكتب محاميه موطنًا مختارًا‬
‫بالنسبة لبيع عقار معين‪ .‬ولما كان الموطن المختار موطنًا خاصًا‪ ،‬أي استثنائيًا‬
‫وجوده‪ ،‬فقد قرر‬ ‫بالنسبة للموطن العام‪ ،‬ومن الممكن أن يثور نزاع حو‬
‫المشرع حسمًا ألي نزاع ممكن في هذا الشأن أنه البد من إثبات الموطن‬
‫المختار بالكتابة‪.‬‬

‫والموطن المختار لتنفيذ عم قانوني معين يعتد به في ك ما يتعلق بهذا‬


‫العم القانوني إال إذا اقتصر االعتداد به على عم دون آخر‪ ،‬وذلك بمقتضى‬
‫شرط صريح‪ .‬وعلى ذلك‪ ،‬فذذا اتفق في البيع على اتخاذ المشتري مكتب‬
‫محام يه موطنًا مختارًا‪ ،‬بالنسبة لتنفيذ التزامه بالثمن كان هذا المكان هو مح‬
‫مقاضاته بشأن البيع واتخاذ إجراءات التنفيذ الجبري‪.‬‬

‫الفرع الرابع ‪ -‬األهلية‬

‫أهلية الوجوب وأهلية األداء‬

‫أهلية الوجوب هي صالحية الشخص الكتساب الحقوق والتحم‬

‫‪274‬‬
‫بااللتزامات‪ ،‬وهو ما يعبر عنه بالشخصية القانونية‪ ،‬كما بينا من قب ‪ ،‬أما أهلية‬
‫األداء فهي قدرة الشخص على مباشرة التصرفات القانونية التي تكسبه حقًا أو‬
‫ترتب على عاتقه التزامًا‪.‬‬

‫وقد بيّنا من قب أن الشخصية القانونية أو أهلية الوجوب تثبت للشخص‬


‫بمجرد ميالده‪ ،‬وتالزمه حتى وفاته‪ ،‬أما أهلية األداء فال تثبت لك إنسان؛ ألنها‬
‫تتضمن القدرة على مباشرة التصرفات القانونية‪ ،‬وهذا يتطلب قدرًا من التمييز‬
‫وسالمة القوى العقلية‪ ،‬وأهلية األداء هي التي تكون موضوع دراستنا هنا‪.‬‬

‫أهلية األداء وأهميتها‪:‬‬

‫قلنا إن أهلية األداء هي قدرة على مباشرة التصرفات القانونية التي تنتج‬
‫حقوقًا أو التزامات‪ ،‬ولكي نعرف أهمية هذه األهلية نلقي نظرة سريعة على‬
‫أنواع األعما التي تصدر من اإلنسان‪ ،‬ويترتب عليها أثر قانوني‪.‬‬

‫فاألعما التي تصدر من اإلنسان ويترتب عليها أثر قانوني‪ ،‬إما تكون‬
‫تصرفات قانونية أو أعما مادية‪.‬‬

‫فالتصرف القانوني هو اتجاه إرادة الشخص إلحداث أثر قانوني معين‬


‫يرتبه القانون إعماالً لهذه اإلرادة‪ ،‬ومثاله البيع واإليجار والهبة‪ ،‬ففي هذه العقود‬
‫نجد اإلرادة اتجهت إلحداث أثر قانوني معين‪ ،‬رتبه القانون احترامًا لهذه‬
‫اإلرادة‪ ،‬فمثالً في البيع اتجهت إرادة البائع إلى نق ملكية المبيع إلى المشتري‪،‬‬
‫واتجهت إرادة المشتري إلى دفع الثمن مقاب انتقا ملكية الشيء إليه‪ ،‬واحترامًا‬
‫إلرادة البائع والمشتري‪ ،‬فذن القانون يرتب على عقد البيع التزام بنق الملكية‬
‫والتزام بدفع الثمن‪ ،‬وهكذا في سائر العقود والتصرفات القانونية‪.‬‬

‫ولما كان القانون يرتب هذا األثر أو هذه النتيجة على التصرف القانوني‬
‫استجابة إلرادة األفراد‪ ،‬فذنه كان من الطبيعي أن يشترط في هذه اإلرادة التمييز‬
‫أو القدرة على تفهم األمور والوعي الكافي بآثار هذه التصرفات‪ ،‬وبمعنى آخر‬

‫‪275‬‬
‫كان البد من اشتراط أهلية اإلرادة التي هي القدرة على القيام بهذه التصرفات‬
‫القانونية‪.‬‬

‫ال‬
‫أما األعما المادية التي يرتب عليها القانون أثرًا‪ ،‬فهي قد تكون أعما ً‬
‫ضارة‪ ،‬أي أن الشخص الذي سبب بخطئه ضررًا للغير يلتزم بتعويض هذا‬
‫الغير عن الضرر الذي أصابه‪ ،‬وقد تكون أعماالً نافعة‪ ،‬كمن يتولى إدارة شأن‬
‫عاج من شئون غيره‪ ،‬ويتكبد في سبي ذلك نفقات‪ ،‬فهنا يلتزم صاحب هذا‬
‫العم بتعويض من قام به عن تلك النفقات‪.‬‬

‫ففي هاتين الحالتين‪ ،‬يرتب القانون أثرًا معينًا على الفع الضار أو الفع‬
‫النافع‪ ،‬ولكن في ترتيبه لهذا األثر ال يعتبر مستجيبًا إلرادة األفراد الذين صدر‬
‫منهم العم الضار أو الفع النافع أي ال يرتب هذا األثر تحقيقًا إلرادتهم‪ ،‬وإنما‬
‫هو يرتبه من تلقاء نفسه حتى رغم إرادتهم‪ ،‬ومادام ترتب األثر القانوني هنا‬
‫ليس نتيجة التجاه اإلرادة إليه‪ ،‬فذنه من الطبيعي أال يشترط القانون أن تكون‬
‫إرادة من صدر منه التصرف مميزة أو واعية؛ ألنه ال دخ لها في ترتيب‬
‫األثر‪ ،‬وبالتالي ال يشترط أهلية األداء بالنسبة لألعما المادية‪.‬‬

‫الفرق بين أهلية األداء والوالية‪:‬‬

‫قلنا إن أهلية األداء قدرة الشخص على مباشرة التصرفات القانونية التي‬
‫تكسبه حقًا أو ترتب على عاتقه التزامًا‪ ،‬أي تلك التصرفات التي تنتج أثرها في‬
‫ماله‪ ،‬وهي تفترق عن الوالية التي هي سلطة الشخص في القيام بتصرفات‬
‫قانونية ترتب للغير حقًا أو عليه التزامًا‪ ،‬أي تلك التصرفات التي تنصرف‬
‫آثارها في ذمة الغير‪ ،‬أي بالنسبة لما الغير‪.‬‬

‫فمثالً‪ ،‬الوصي على القاصر ينوب عنه في مباشرة التصرفات القانونية‪،‬‬


‫ومتى باشر الوصي تصرفًا قانونيًا متعلقًا بما القاصر‪ ،‬فذن آثار هذا التصرف‬
‫تترتب في ذمة القاصر وليس في ذمة الوصي‪ .‬فذذا باع سيارة مملوكة للقاصر‪،‬‬

‫‪276‬‬
‫فذن االلتزام بنق ملكية هذه السيارة يقع على عاتق القاصر‪ ،‬والحق في قبض‬
‫ثمنها يكتسبه القاصر‪ ،‬لكن ال يرتب هذا العقد أي أثر بالنسبة لما الوصي‪.‬‬

‫فأهلية األداء تعني قدرة الشخص على مباشرة التصرفات التي تنتج‬
‫أثرها في ذمته بترتيب حق له أو التزام على عاتقه‪ .‬أما الوالية فهي سلطة‬
‫الشخص في القيام بتصرف قانوني تترتب آثاره في ذمة شخص آخر هو‬
‫المشمو بهذه الوالية‪ .‬وفي هذه الحالة األخيرة ال نقو إن من له الوالية‪ ،‬أي‬
‫الوصي مثالً له أهلية األداء‪ ،‬وإنما نقو إن له "والية" على ما الغير‪.‬‬

‫تقسيم األعمال القانونية بالنسبة لألهلية‪:‬‬

‫بصدد الكالم عن األهلية وبيان قواعدها وأحكامها يهمنا أن نميز بين‬


‫ثالثة أنواع من األعما القانونية؛ ألن ك نوع منها يشترط قدرًا من األهلية‬
‫غير القدر المتطلب لألنواع األخرى‪ ،‬وهذه األنواع الثالثة هي األعما النافعة‬
‫الدائرة بين النفع‬ ‫الضارة ضررًا محضًا واألعما‬ ‫نفعًا محضًا‪ ،‬واألعما‬
‫والضرر‪.‬‬

‫‪ -‬األعما النافعة نفعًا محضًا‪ ،‬وهي التصرفات التي يثرى من يقوم‬


‫بها دون مقاب ‪ ،‬مث قبو الهبة‪ ،‬وقبو الوصية‪ ،‬واإلبراء من الدين‪ ،‬فالذي‬
‫يقب الهبة أو الوصية يكتسب حقًا دون مقاب ‪ ،‬والذي يقب اإلبراء من الدين‬
‫يسقط دينًا دون أن يخسر شيئًا مقاب ذلك‪.‬‬

‫‪ -3‬األعما الضارة ضررًا محضًا‪ ،‬وهي التي تؤدي إلى افتقار من‬
‫يقوم بها دون أن يأخذ مقابالً لذلك‪ ،‬كالهبة بالنسبة للواهب‪ ،‬واإلبراء من الدين‬
‫بالنسبة للمدين‪.‬‬

‫‪ -2‬األعما الدائرة بين النفع والضرر‪ ،‬وهي التي يأخذ فيها الشخص‬
‫مقابالً لما يعطي‪ ،‬كما في البيع واإليجار‪ ،‬فالبائع ينق ملكية المبيع‪ ،‬وفي مقاب‬
‫ذلك يقبض الثمن‪ ،‬والمؤجر يمكن المستأجر من االنتفاع بالعين مقاب تحصي‬

‫‪277‬‬
‫األجرة منه‪.‬‬

‫أساس األهلية‪:‬‬

‫يقصد بأساس األهلية أو مناط األهلية العام المؤثر في هذه األهلية‪،‬‬


‫وهذا العام هو التمييز‪ ،‬وبالنظر إلى هذا األساس‪ ،‬فذن الشخص يكون كام‬
‫األهلية إذا كان كام التمييز‪ ،‬ويكون ناقص األهلية‪ ،‬إذا كان ناقص التمييز‪،‬‬
‫ويكون عديم األهلية إذا كان عديم التمييز‪.‬‬

‫والتمييز بدوره يتوقف على عاملين‪ ،‬هما‪ :‬السن والحالة العقلية لإلنسان‪،‬‬
‫فمن المعروف أن قدرة التمييز تزداد مع زيادة سن اإلنسان‪ ،‬ثم إن اإلنسان قد‬
‫تصيبه عاهة في عقله أو اختال فيه يؤدي إلى ضعف التمييز أو انعدامه‪ ،‬وهذا‬
‫ما يسمى بموانع األهلية‪.‬‬

‫وعلى ذلك فذننا نستطيع أن نقرر أن أهلية األداء تتأثر بعاملين هما‪:‬‬
‫السن وعوارض األهلية‪.‬‬

‫وفيما يلي نتكلم عن تدرج األهلية حسب السن ثم عوارض األهلية‪.‬‬

‫أوالً‪ :‬تدرج األهلية مع السن‪:‬‬

‫يمر اإلنسان في حياته ومن حيث أهليته بأدوار ثالثة‪:‬‬

‫الدور األو ‪ :‬منذ والدته حتى بلوغه سن السابعة‪ ،‬وفي هذا الدور يكون‬
‫عديم التمييز‪ ،‬وبالتالي عديم األهلية‪.‬‬

‫الدور الثاني‪ :‬ابتداءً من بلوغه السابعة حتى بلوغه سن الرشد‪ ،‬وهو‬


‫"إحدى وعشرين سنة ميالدية كاملة"‪ .‬وفي هذا الدور يكون ناقص التمييز‬
‫وبالتالي ناقص األهلية‪.‬‬

‫الدور الثالث‪ :‬منذ بلوغه سن الرشد حتى وفاته يعتبر كام التمييز‪،‬‬
‫وبالتالي كام األهلية‪.‬‬

‫‪278‬‬
‫الدور األول‪ :‬الصبي غير المميز‪:‬‬

‫في هذه المرحلة‪ ،‬وهي التي تبدأ ‪ -‬كما قلنا ‪ -‬منذ والدة اإلنسان وتنتهي‬
‫سن السابعة‪ ،‬يكون اإلنسان عديم التمييز ال يستطيع أن يدرك ماهية‬ ‫ببلو‬
‫التصرفات القانونية وآثارها‪ ،‬وبالتالي تكون أهلية األداء عنده منعدمة‪ .‬وبناءً‬
‫على ذلك فِ ذن جميع التصرفات التي يجريها تقع باطلة بطالنًا مطلقًا‪ ،‬أي ال‬
‫ترتب أي أثر‪ ،‬وتكون هي والعدم سواء‪ .‬ويجوز أن يتمسك بها الصبي بعد‬
‫بلوغه‪ ،‬والولي أو الوصي عليه‪ ،‬وك ذي مصلحة‪ ،‬ثم إن هذا البطالن ال يمكن‬
‫أن تصححه إجازة الصبي له بعد بلوغه سن الرشد أو إجازة الولي أو الوصي‪،‬‬
‫التصرفات القانونية التي يقوم بها الصبي‪،‬‬ ‫وهذا البطالن المطلق يلحق ك‬
‫سواء كانت تصرفات نافعة نفعًا محضًا‪ ،‬كقبو الهبة‪ ،‬أو ضارة ضررًا محضًا‪،‬‬
‫كالتبرع بالما أو دائرة بين النفع والضرر‪ ،‬كالبيع‪.‬‬

‫ال لمباشرة‬
‫وفي هذا تنص المادة ‪ 05‬مدني على أنه‪" ) ( :‬ال يكون أه ً‬
‫حقوقه المدنية من كان فاقد التمييز لصغر في السن ‪" )3( ."...‬وك من لم يبلغ‬
‫مدني "ليس للصغير غير‬ ‫السابعة يعتبر فاقدًا للتمييز"‪ .‬وتضيف المادة ‪1‬‬
‫المميز حق التصرف في ماله‪ ،‬وتكون جميع تصرفاته باطلة"‪ .‬ومما يجدر‬
‫مالحظته أن القانون يفترض أن اإلنسان في هذا الدور فاقد التمييز‪ ،‬وبالتالي‬
‫فاقد األهلية‪ ،‬وهذا االفتراض ال يقب إثبات العكس‪.‬‬

‫الدور الثاني ‪ :‬الصبي المميز‪:‬‬

‫سن اإلنسان سن السابعة‪ ،‬وينتهي ببلوغه سن‬ ‫يبدأ هذا الدور ببلو‬
‫الرشد‪ ،‬وهو إحدى وعشرين سنة ميالدية كاملة‪ ،‬وفي هذا الدور يكون اإلنسان‬
‫قد بلغ درجة معينة من التم ييز‪ ،‬ولكن ليس بعد مكتم التمييز‪ ،‬فتكون أهليته‬
‫ناقصة‪ ،‬ويختلف حكم التصرفات التي يجريها في هذه المرحلة حسب نوع‬
‫التصرف‪ .‬وعالوة على ذلك‪ ،‬فذن القانون اعتبره كام األهلية بخصوص بعض‬
‫التصرفات الخاصة‪.‬‬

‫‪279‬‬
‫اختالف حكم تصرفات الصبي المميز حسب نوعها‪:‬‬

‫قلنا فيما سبق إن التصرف ات القانونية تنقسم إلى ثالثة أنواع‪ ،‬وذلك إذا‬
‫نظرنا إليها بالنسبة لألهلية‪ ،‬فهي إما تكون نافعة نفعًا محضًا أو ضارة ضررًا‬
‫محضًا أو دائرة بين النفع والضرر‪ ،‬فذذا أجرى الصبي المميز تصرفًا من هذه‬
‫التصرفات فذن حكمه يختلف حسب نوعه‪.‬‬

‫‪ -‬التصرفات الضارة ضررًا محضًا‪ :‬يعتبر الصبي المميز بالنسبة لها‬


‫‪ /‬مدني)‪ .‬فذذا وهب‬ ‫عديم األهلية‪ ،‬وبالتالي تقع باطلة بطالنًا مطلقًا (مادة‬
‫الصبي المميز شيئًا من ماله أو أبرأ مدينًا له من دينه‪ ،‬فذن هذا التصرف يكون‬
‫باطالً بطالنًا مطلقًا‪ ،‬بمعنى أنه ال ينتج أي أثر على اإلطالق‪ ،‬ويجوز له بعد‬
‫سن الرشد أو لوليه‪ ،‬ولو قب سن الرشد أن يتمسك بهذا البطالن‪ ،‬ب ويجوز‬
‫التمسك به لك ذي مصلحة وال ينقلب هذا البطالن صحيحًا باإلجازة‪.‬‬

‫‪ -3‬التصرفات النافعة نفعًا محضًا‪ ،‬مث قبو الهبة أو قبو الوصية‬


‫تكون صحيحة‪ ،‬وأن الصبي المميز يعتبر بالنسبة لها كام األهلية‪.‬‬

‫‪ -2‬ا لتصرفات الدائرة بين النفع والضرر‪ ،‬كالبيع واإليجار‪ ،‬يعتبر‬


‫‪/‬‬ ‫الصبي المميز بالنسبة لها ناقص األهلية‪ ،‬فتكون قابلة لإلبطا (مادة‬
‫مدني) أو باطلة بطالنًا نسبيًا‪ ،‬ومعنى القابلية لإلبطا أو البطالن النسبي أن‬
‫التصرف ينتج آثاره ويظ باقيًا‪ ،‬لكن يجوز للقاصر بعد بلوغه سن الرشد‪،‬‬
‫هذا التصرف‪ ،‬وذلك بدعوى أمام المحكمة‪ ،‬فذذا‬ ‫وللوصي أن يطلب إبطا‬
‫ما ترتب عليه من آثار‪،‬‬ ‫بأثر رجعي‪ ،‬وزا‬ ‫حكمت المحكمة بذبطاله‪ ،‬زا‬
‫ويترتب على ذلك أن ناقص األهلية يكون له الحق في استرداد ما دفعه‪ .‬أما‬
‫المتعاقد مع ناقص األهلية‪ ،‬فذنه ال يسترد منه ما دفعه إال بمقدار ما عاد عليه‬
‫من نفع بسبب تنفيذ العقد‪ ،‬فذذا كان ناقص األهلية قد تسلم بمقتضى العقد عينًا‬
‫معينة بالذات‪ ،‬كسيارة مثالً‪ ،‬فاحترقت فذن المتعاقد معه ال يستطيع استرداد‬
‫شيء منه‪.‬‬

‫‪281‬‬
‫هذا ويالحظ أن طلب إبطا التصرف حق مقصور على القاصر أو‬
‫مع القاصر ال يستطيع طلب‬ ‫وصيه‪ ،‬بمعنى أن الطرف اآلخر الذي تعام‬
‫إبطا التصرف‪ .‬ومن ناحية أخرى‪ ،‬فذنه ال يشترط إلبطا هذا التصرف أن‬
‫يكون الطرف اآلخر عالمًا بنقص أهلية القاصر‪ ،‬إال أنه إذا تعمد القاصر إخفاء‬
‫نقص أهليته باستخدام طرق احتيالية‪ ،‬فذنه يلتزم بتعويض الطرف اآلخر عما‬
‫مدني)‪.‬‬ ‫أصابه من ضرر بسبب فع القاصر (مادة ‪8‬‬

‫ومن الممكن أن يصير التصرف القاب لإلبطا تصرفًا صحيحًا بصورة‬


‫نهائية إذا أجازه القاصر بعد بلوغه سن الرشد أو إذا صدرت اإلجازة من وليه‬
‫مدني‪.)3/‬‬ ‫أو من المحكمة (مادة‬

‫مدني‪ ،‬التي تنص على أنه‪:‬‬ ‫وهذه األحكام كلها تضمنتها المادة‬
‫"( ) إذا كان الصبي مميزًا كانت تصرفاته المالية صحيحة‪ ،‬متى كانت نافعة‬
‫نفعًا محضًا‪ ،‬باطلة متى كانت ضارة ضررًا محضًا‪ )3( .‬أما التصرفات المالية‬
‫الدائرة بين النفع والضرر‪ ،‬فتكون قابلة لإلبطا لمصلحة القاصر‪ ،‬ويزو حق‬
‫إذا أجاز القاصر التصرف بعد بلوغه سن الرشد‪ ،‬أو إذا‬ ‫التمسك باإلبطا‬
‫صدرت اإلجازة من وليه أو من المحكمة بحسب األحوا وفقًا للقانون"‪.‬‬

‫استثناء بعض التصرفات من نقص أهلية الصبي المميز‪:‬‬

‫إذا كانت القاعدة العامة هي أن أهلية الصبي المميز تكون نافعة‪ ،‬فذن‬
‫األهلية بالنسبة لبعض‬ ‫المشرع قد خرج على هذه القاعدة واعتبره كام‬
‫التصرفات‪.‬‬

‫‪ -‬طبقًا لنص المادة ‪ 0‬من قانون الوالية على الما ‪" ،‬للقاصر أهلية‬
‫التصرف فيما يسلم له أو يوضع تحت تصرفه عادة من ما ألغراض نفقته‪،‬‬
‫ويصح التزامه المتعلق بهذه األغراض في حدود هذا الما فقط"‪ .‬فالعادة تجري‬
‫ألغراض نفقته‬ ‫على أن يخصص للصبي في هذه الفترة بعض األموا‬

‫‪280‬‬
‫الخاصة‪ ،‬كما إذا كان طالبًا مغتربًا لطلب العلم‪ ،‬ويضع أهله تحت تصرفه مبلغًا‬
‫معينًا لينفق منه على دراسته ومعيشته‪ .‬في هذه الحالة تصح تصرفاته القانونية‬
‫المتعلقة بذنفاق الما في هذه األغراض‪ ،‬فيستطيع أن يشتري حاجياته من مواد‬
‫غذائية أو مالبس أو كتب‪ .‬وهنا تعتبر تصرفاته صحيحة تمامًا‪ ،‬وليست باطلة‬
‫أو قابلة لإلبطا ‪ ،‬لكن يالحظ أن التزاماته الناشئة عن هذه التصرفات تكون‬
‫قاصرة على الما الذي يسلم له ألغراض نفقته‪.‬‬

‫األهلية بالنسبة لعقد‬ ‫‪ -3‬يكون القاصر في هذه المرحلة أيضًا كام‬


‫العم الفردي‪ ،‬فطبقًا لنص المادة ‪ 03‬من قانون الوالية على الما ‪ ،‬يجوز‬
‫للقاصر أن يبرم عقد العم الفردي‪ ،‬فهنا يكون عقد العم صحيحًا ومنتجًا‬
‫آلثاره‪ ،‬ولكن حماية للقاصر قررت هذه المادة أن "للمحكمة بناء على طلب‬
‫الوصي أو ذي شأن إنهاء العقد رعاية لمصلحة القاصر أو مستقبله أو لمصلحة‬
‫أخرى ظاهرة"‪.‬‬

‫‪ -2‬يكون القاصر الذي بلغ السادسة عشرة أهالً للتصرف فيما يكسبه‬
‫من عمله من أجر أو غيره‪ ،‬وال يجوز أن يتعدى التزام القاصر حدود الما‬
‫الذي يكتسبه من مهنته أو صناعته (مادة ‪ 02‬من قانون الوالية على الما )‪.‬‬

‫يحدث عمالً أن يجد الصبي المميز حرفة أو صناعة معينة‪ ،‬يكتسب منها‬
‫دخالً‪ .‬هنا قرر القانون أن هذا الصبي حر التصرف في كسبه من عمله‬
‫الخاص‪ ،‬وبالتالي فما يجريه من تصرفات قانونية‪ ،‬بالنسبة لكسبه هذا يعتبر‬
‫صحيحًا مادام أنه قد بلغ السادسة عشرة من عمره‪ ،‬ولكن المشرع توقع أن‬
‫الشاب في هذه السن يكون طائشًا‪ ،‬فيغريه المكسب الوفير‪ ،‬فيسرف في اإلنفاق‪،‬‬
‫ويبذ ر دخله الذي كسبه‪ ،‬خاصة إذا كان يعم في حرفة تدر عليه دخالً وفيرًا‪،‬‬
‫كالسينما أو بعض المهن الحرة‪ ،‬ولمواجهة هذا االحتما قررت المادة ‪ 02‬من‬
‫قانون الوالية على الما إمكان تقييد حقه في التصرف في هذا الما وذلك‬
‫بقولها‪" :‬ومع ذلك‪ ،‬فللمحكمة إذا اقتضت المصلحة أن تقيد حق القاصر في‬

‫‪282‬‬
‫التصرف في ماله المذكور‪ ،‬وعندئذ تجري أحكام الوالية والوصاية"‪.‬‬

‫وال يفوتنا أن ننبه إلى أن التزامات القاصر الناشئة عن تصرفاته في‬


‫كسب عمله ال يجوز أن تتعدى حدود هذا الكسب‪.‬‬

‫مدني على أنه "إذا بلغ الصبي المميز الثامنة‬ ‫‪ -0‬تنص المادة ‪3‬‬
‫عشرة من عمره و أذن له في تسلم أمواله إلدارتها أو تسلمها بحكم القانون‬
‫كانت أعما اإلدارة منه صحيحة في الحدود التي رسمها القانون"‪.‬‬

‫هذا النص يعتبر الصبي المميز البالغ من العمر ثماني عشرة سنة كام‬
‫األهلية بخصوص أعما اإلدارة المتعلقة باألموا التي تسلمها‪ ،‬فالتصرفات‬
‫القانونية التي يجريها القاصر متعلقة بهذه األموا تكون صحيحة‪ ،‬والمقصود‬
‫بأعما اإلدارة هي تلك األعما التي يقصد بها استثمار األموا واستغاللها‪،‬‬
‫كتأجير الما المملوك للقاصر‪ ،‬ولكن ال يجوز للقاصر الذي سلمت له أمواله أن‬
‫يقوم بالتصرف فيها بأن ينق ملكيتها للغير أو يرتب عليها حقًا عينيًا‪ ،‬كاالنتفاع‬
‫مثالً‪ ،‬وحتى بالنسبة ألعما اإلدارة‪ ،‬فذن القانون قد قيد حرية الصبي المميز‬
‫في هذه الحالة بقوله في المادة ‪ 50‬من قانون الوالية على الما ‪" :‬ولكن ال‬
‫يجوز له (أي للصبي المميز) أن يؤجر األراضي الزراعية والمباني لمدة تزيد‬
‫على سنة"‪.‬‬

‫‪ -5‬ورغم أن الوصية تعتبر من األعما الضارة ضررًا محضًا‪ ،‬فذن‬


‫القانون أجاز أن يوصي الصبي بماله إذا أذنت المحكمة في ذلك (مادة ‪ 5‬من‬
‫القانون رقم ‪ 0‬لسنة ‪ 800‬بشأن الوصية)‪.‬‬

‫‪ -0‬يجوز للقاصر الذي بلغ الثامنة عشرة من عمره أن يباشر التجارة‬


‫متى أذنته المحكمة في ذلك (مادة ‪ 50‬من قانون الوالية على الما )‪ ،‬وعندئذ‬
‫تعتبر أعماله القانونية التي تقتضيها التجارة صحيحة رغم أنه لم يبلغ سن‬
‫الرشد‪.‬‬

‫‪283‬‬
‫الدور الثالث‪ :‬البالغ الرشد‪:‬‬

‫تنص المادة ‪ 00‬مدني على أن‪ - " :‬ك شخص بلغ سن الرشد متمتعًا‬
‫بقواه العقلية‪ ،‬ولم يُحجر عليه يكون كام األهلية لمباشرة حقوقه المدنية‪-3 ،‬‬
‫وسن الرشد هي إحدى وعشرين سنة ميالدية كاملة"‪.‬‬

‫فهذه المرحلة تبدأ ببلو اإلنسان سن الرشد وهي إحدى وعشرين سنة‬
‫ميالدية كاملة‪ ،‬بشرط أن يبلغها متمتعًا بكام قواه العقلية‪ .‬وفي هذه المرحلة‬
‫يكتم تمييز اإلنسان‪ ،‬ويصبح كام األهلية بالنسبة لجميع التصرفات القانونية‪،‬‬
‫ولكن يشترط‪ ،‬كما قلنا‪ ،‬أن يبلغها متمتعًا بقواه العقلية‪ .‬فذذا بلغها مصابًا بمرض‬
‫عقلي أو أصيب بهذا المرض بعد بلوغها‪ ،‬فذن أهليته تكون منعدمة أو نافعة‬
‫حسب األحوا ‪ ،‬وهذا ما يؤدي بنا إلى الكالم عن عوارض األهلية‪.‬‬

‫ثانيًا ‪ :‬عوارض األهلية‪:‬‬

‫عوارض األهلية هي أمور تطرأ على اإلنسان‪ ،‬فتؤثر في أهليته‪ ،‬إما‬


‫إلصابته بعاهة عقلية تعدم أهليته‪ ،‬كالجنون والعتة أو تنقصها‪ ،‬كالغفلة والسفه‪،‬‬
‫وإما إلصابته بعاهة في حواسه‪ ،‬كالصمم والبكم والعمى فتؤدي إلى عدم قدرته‬
‫على إجراء التصرفات القانونية‪ ،‬وإما للحكم عليه بعقوبة الجناية‪.‬‬

‫‪ -1‬الجنون والعته‪:‬‬

‫تمامًا ومعه ينعدم التمييز‪ ،‬أوما العته فهو‬ ‫الجنون هو فقدان العق‬
‫اختال العق دون فقده‪ ،‬وقد سوى القانون بين المجنون والمعتوه من حيث‬
‫األهلية‪ ،‬فاعتبرهما عديمي األهلية‪ .‬وتقضي بذلك المادة ‪ 05‬مدني بقولها‪" :‬ال‬
‫يكون أهالً لمباشرة حقوقه المدنية من كان فاقد التمييز لصغر في السن أو عنه‬
‫أو جنون"‪.‬‬

‫ومتى كان المجنون والمعتوه عديمي األهلية فذنه يحجز عليهما‪ ،‬ويعين‬
‫على ك منهما قيم يتولى إدارة أمواله‪ ،‬وبالنسبة لحكم تصرفاتهما القانونية فذنه‬

‫‪284‬‬
‫يجب التمييز بين ما يقع منهما قب تسجي قرار الحجر وما يقع بعد تسجي‬
‫التي تقضي بأنه‪ - " :‬يقع باطالً‬ ‫قرار الحجر‪ ،‬وذلك تطبيقًا لنص المادة ‪0‬‬
‫تصرف المجنون والمعتوه إذا صدر التصرف بعد تسجي قرار الحجر‪ -3 .‬أما‬
‫إذا صدر التصرف قب تسجي قرار الحجر فال يكون باطالً إال إذا كانت حالة‬
‫الجنون أو العته شائعة وقت التعاقد أو كان الطرف اآلخر على بينة منها"‪.‬‬

‫أ‪ -‬فالتصرفات التي تصدر من المجنون أو المعتوه بعد تسجي قرار‬


‫الحجر تعتبر باطلة بطالنًا مطلقًا‪ ،‬شأنها شأن تصرفات الصبي غير المميز‪،‬‬
‫وذلك أيًا كان نوع هذه التصرفات‪ ،‬أي سواء كانت نافعة نفعًا محضًا أو ضارة‬
‫ضررًا محضًا أو دائرة بين النفع والضرر‪ .‬والحجر يوقع على المجنون‬
‫والمعتوه ويرفع عنهما وفقًا للقواعد واإلجراءات التي يعينها القانون (مادة ‪2‬‬
‫مدني)‪.‬‬

‫ب – أما التصورفات التوي تصودر مون المجنوون والمعتووه قبو‬


‫تسجي قرار الحجر‪ ،‬فذنها فوي األصو تعتبور صوحيحة‪ ،‬ولكون تكوون‬
‫باطلة استثناءً‪ ،‬إذا كانت حالة الجنون أو العته شوائعة وقوت تعامو الغيور‬
‫مع المجنون أو المعتوه‪ ،‬أو إذا كان هذا الغيور علوى بينوة منهوا؛ ذلوك أن‬
‫القانون اعتبر تصرفات المجنون أو المعتووه صوحيحة قبو تسوجي قورار‬
‫الحجر‪ ،‬حماية للمتعاقد معه حسن النية‪ ،‬الوذي قود يجهو حالتوه العقليوة‪،‬‬
‫ولكن إذا تبين أن هذه الحالة كانوت شوائعة أو كوان المتعاقود نفسوه يعلوم‬
‫بها‪ ،‬فذنه ال يكون عندئذ حسن النية وال يكون هناك موجب لحمايته‪.‬‬

‫لكن يالحوظ هنوا أن تصورفات المجنوون والمعتووه تكوون فوي‬


‫األص صحيحة قب تسجي قرار الحجور حتوى ولوو تموت بعود صودور‬
‫القرار وقب تسجيله‪ ،‬ولموا كوان مون الممكون أن يتصورف المجنوون أو‬
‫المعتوه في ماله في الفترة ما بوين صودور القورار وتسوجيله‪ ،‬فقود أجواز‬
‫القانون تسجي طلب الحجر‪ ،‬وعندئوذ يترتوب علوى تسوجيله موا يترتوب‬

‫‪285‬‬
‫على تسوجي القورار نفسوه مون آثوار‪ ،‬أي تعتبور تصورفات المجنوون‬
‫والمعتوه التي صدرت منهموا بعود تسوجي طلوب الحجور باطلوة كوالتي‬
‫تصدر بعد تسجي قرار الحجر نفسه‪.‬‬

‫‪ -‬السفه والغفلة‪:‬‬

‫السفيه هو من يبذر الما وينفقه على غير مقتضى العق والشرع‪ ،‬أما‬
‫ذو الغفلة فهو الشخص الذي ال يهتدي إلى التصرفات الرابحة‪ ،‬فيغبن في‬
‫معامالته لسالمة نيته وطيبة قلبه‪ .‬ويعتبر السفيه وذو الغفلة ناقص األهلية‪ .‬وقد‬
‫نصت على هذا المادة (‪ )00‬مدني بقولها‪" :‬ك من بلغ سن التمييز ولم يبلغ سن‬
‫الرشد‪ ،‬وك من بلغ سن الرشد وكان سفيهًا‪ ،‬أو ذا غفلة يكون ناقص األهلية‬
‫وفقًا لما يقرره القانون"‪.‬‬

‫ويقرر القانون أن السفيه وذا الغفلة يحجر عليهما ويعين عليهما قيم‬
‫إلدارة أموالهما (مادة ‪ 05‬من قانون الوالية على الما )‪.‬‬

‫أما حكم التصرفات الصادرة من السفيه وذي الغفلة‪ ،‬فقد بينته المادتان‬
‫على ما يأتي‪ - " :‬إذا صدر‬ ‫مدني‪ .‬وفي هذا تنص المادة ‪5‬‬ ‫و‪0‬‬ ‫‪5‬‬
‫قرار الحجر سرى على‬ ‫تصرف من ذي الغفلة أو من السفيه بعد تسجي‬
‫التصرف ما يسري على تصرفات الصبي المميز من أحكام‪ -3 .‬أما التصرف‬
‫ا لصادر قب تسجي قرار الحجر فال يكون باطالً أو قابالً لإلبطا ‪ ،‬إال إذا كان‬
‫نتيجة استغال أو تواطؤ"‪.‬‬

‫فتنص على أنه‪ - " :‬يكون تصرف المحجور عليه لسفه‬ ‫أما المادة ‪0‬‬
‫أو غفلة بالوقف أو بالوصية صحيحًا‪ ،‬متى أذنته المحكمة في ذلك‪ -3 .‬وتكون‬
‫اإلدارة الصادرة من المحجور عليه لسفه‪ ،‬المأذون له بتسلّم أمواله‪،‬‬ ‫أعما‬
‫صحيحة في الحدود التي رسمها القانون"‪.‬‬

‫من نص هاتين المادتين نستطيع أن نستنتج قاعدة عامة بشأن تصرفات‬

‫‪286‬‬
‫السفيه وذي الغفلة واالستثناءات التي ترد عليها‪.‬‬

‫القاعدة العامة في حكم تصرفات السفيه وذي الغفلة‪:‬‬

‫لمعرفة حكم تصرفات السفيه وذي الغفلة يجب أن نميز بين التصرفات‬
‫التي تصدر قب تسجي قرار الحجر والتصرفات التي تصدر بعد قرار الحجر‪.‬‬

‫قرار الحجر تكون‬ ‫تسجي‬ ‫أ – فالتصرفات التي تصدر منهما قب‬


‫صحيحة‪ ،‬أيًا كان نوع هذه التصرفات‪ ،‬أي سواء كانت نافعة نفعًا محضًا أو‬
‫ضارة ضررًا محضًا أو دا ئرة بين النفع والضرر‪ ،‬ولكن يشترط لصحتها أال‬
‫تكون قد صدرت نتيجة استغال المتعاقد مع السفيه أو ذي الغفلة لحالة السفه أو‬
‫الغفلة أو نتيجة تواطؤ بين هذا المتعاقد وبين أيهما‪ ،‬فقد يتوقع السفيه وذو الغفلة‬
‫قرب صدور قرار حجر عليه‪ ،‬فيعمد إلى التصرف في أمواله قب صدور هذا‬
‫القرار‪.‬‬

‫ب– أما التصرفات التي تصدر منهما بعد تسجي قرار الحجر فذنها تأخذ‬
‫حكم تصرفات الصبي المميز فتكون باطلة بطالنًا مطلقًا إذا كانت ضارة ضررًا‬
‫محضًا‪ ،‬وتكون صحيحة إذا كانت نافعة نفعًا محضًا‪ ،‬أما إذا كانت دائرة بين‬
‫النفع والضرر‪ ،‬فذنها تكون قابلة لإلبطا ‪ ،‬وعلى ذلك يكون للسفيه وذي الغفلة‬
‫أن يطلب إبطا هذه التصرفات بعد رفع الحجر عنهما‪ ،‬كما يجوز للقيم أن‬
‫يطلب هذا اإلبطا حتى قب رفع قرار الحجر‪ ،‬كما أنه يجوز تصحيح هذا‬
‫التصرف بأن يجيزه القيم أو المحجوز عليه بعد رفع الحجر‪.‬‬

‫طلب الحجر‪ ،‬وعندئذ تأخذ التصرفات‬ ‫لكن يالحظ أنه يجوز تسجي‬
‫الصادرة بعد تسجي قرار الحجر وقب تسجي قرار الحجر الحكم نفسه‪ ،‬أي‬
‫تعتبر كما لو كانت صادرة بعد تسجي قرار الحجر‪ ،‬وذلك أن السفيه أو ذا‬
‫الغفلة عندما يعلم أن هناك طلب للحجر عليه قد يعمد إلى التصرف في أمواله‬
‫قب أن يصدر قرار الحجر فعالً ويسج ‪ .‬ولمواجهة هذا االحتما تقرر أن يقوم‬

‫‪287‬‬
‫تسجي طلب الحجر مقام تسجي قرار الحجر نفسه في هذا الصدد‪.‬‬

‫االستثناءات‪:‬‬

‫خروجًا على األحكام السابقة‪ ،‬فذن المشرع اعتبر السفيه وذا الغفلة كاملي‬
‫األهلية بشأن نوعين من التصرفات القانونية‪:‬‬

‫أ ‪ -‬يجوز للسفيه وذي الغفلة أن يوقف ماله أو يوصي به متى أذنت‬


‫المحكمة في ذلك‪.‬‬

‫ب‪ -‬إذا أذن للسفيه أو ذي الغفلة بتسلم أمواله إلدارتها‪ ،‬فذن أعما‬
‫اإلدارة المتعلقة بهذه األموا تكون صحيحة في الحدود التي رسمها القانون‪.‬‬

‫‪ -3‬العاهة الجسمانية‪:‬‬

‫قد يصاب اإلنسان بعاهة جسمانية ال تؤثر على تمييزه‪ ،‬وإنما على‬
‫قد رته على مباشرة التصرفات القانونية‪ ،‬نظرًا لصعوبة إلمامه بما حوله من‬
‫أمور ووقائع‪ .‬وهذه العاهة قد تكون الصمم أو البكم أو العمى‪ .‬وقد تكون عجزًا‬
‫جسمانيًا شديدًا‪ ،‬كالشل في لسانه‪ ،‬ففي هذه الحاالت قرر القانون أنه يجوز‬
‫للمحكمة أن تعين له مساعد يعاونه في إبرام التصرفات القانونية‪ .‬وقد تضمنت‬
‫مدني التي أضيف إليها حكم آخر بمقتضى‬ ‫‪/‬‬ ‫أحكام ذي العاهة المادة ‪0‬‬
‫بأحكام الوالية على‬ ‫لسنة ‪853‬‬ ‫المادة ‪ 01‬من المرسوم بقانون رقم ‪8‬‬
‫الما التي تقضي بأنه‪" :‬إذا كان الشخص أصم أبكم أو أعمى أصم أو أعمى‬
‫أبكم‪ ،‬وتعذر عليه بسبب ذلك التعبير عن إرادته جاز للمحكمة أن تعين له‬
‫مساعدًا قضائيًا يعاونه في التصرفات المنصوص عليها في المادة ‪ .28‬ويجوز‬
‫لها ذلك أيضًا إذا كان يخشى من انفراد الشخص بمباشرة التصرفات في ماله‬
‫بسبب عجز جسماني شديد"‪.‬‬

‫وينتج من نص المادتين السابقتين أنه لكي يعتبر الشخص ذا عاهة‪،‬‬


‫ويج وز تعيين مساعد قضائي له‪ ،‬يشترط أن تكون لديه عاهتان من ثالث هي‪:‬‬

‫‪288‬‬
‫الصم والبكم والعمى‪ ،‬أو يكون مصابًا بعجز جسماني شديد‪ ،‬وهذا تقرره‬
‫المحكمة‪ ،‬ومثاله شل في لسانه يجع من العسير تفهم ألفاظه‪.‬‬

‫وعالوة على ذلك يشترط أن تؤدي العاهتان أو العجز الجسماني الشديد‬


‫إلى التأثير على أهليته‪ ،‬أي على قدرته على مباشرة التصرفات القانونية بتعذر‬
‫التعبير عن إرادته‪ ،‬كاألصم واألبكم‪ ،‬فذذا كان ذو العاهتين قادرًا على التعبير‬
‫عن إرادته بأي وسيلة كأن كان قد تعلم تعليمًا خاصًا يؤهله لذلك‪ ،‬فذن المساعدة‬
‫القضائية ال تقرر النتفاء الداعي‪.‬‬

‫حكم تصرفات ذي العاهة‪:‬‬

‫‪ 3/‬مدني حكم تصرفات ذي العاهة بقولها‪" :‬ويكون‬ ‫بينت المادة ‪0‬‬


‫قابالً لإلبطا ك تصرف من التصرفات التي تقررت المساعدة القضائية فيها‪،‬‬
‫متى صدر من الشخص الذي تقررت مساعدته قضائيًا بغير معاونة المساعد‪،‬‬
‫المساعدة"‪.‬‬ ‫إذا صدر التصرف بعد تسجي قرار‬

‫وعلى ذلك فذنه تجب التفرقة بين التصرفات الصادرة قب تسجي قرار‬
‫المساعدة القضائية والتصرفات الصادرة بعد تسجيله‪.‬‬

‫قرار المساعدة‬ ‫تسجي‬ ‫‪ -‬إذا صدر التصرف من ذي العاهة قب‬


‫القضائية‪ ،‬فذنه يكون صحيحًا‪ ،‬أيًا كان نوع التصرف‪ ،‬أي سواء كان نافعًا نفعًا‬
‫محضًا أو ضارًا ضررًا محضًا‪ ،‬أو دائرًا بين النفع والضرر‪ ،‬فقب تسجي قرار‬
‫المساعدة‪ ،‬يعتبر ذو العامة الجسمانية كام األهلية‪.‬‬

‫‪ -3‬أما التصرفات الصادرة من ذي العاهة بعد تسجي قرار المساعدة‬


‫القضائية‪ ،‬فذنها تكون قابلة لإلبطا إذا انفرد بمباشرتها ذو العامة دون مشاركة‬
‫المساعد القضائي‪ ،‬لكن ي شترط أن تكون من األعما التي عينتها المادة ‪ 28‬من‬
‫ملكية األموا العقارية‪ ،‬وحوالة‬ ‫قانون الوالية على الما ‪ ،‬ومن أمثلتها نق‬
‫الحق‪ ،‬وحوالة الدين‪ ،‬واقتراض الما وإقراضه‪ ،‬فهذه المادة ذكرت التصرفات‬

‫‪289‬‬
‫التي ال يستطيع ذو العاهة مباشرتها دون مساعدة قضائية‪ .‬ويترتب على ذلك‬
‫أن ذا العاهة لو انفرد بمباشرة تصرف معين بعد تسجي قرار المساعدة‪ ،‬وكان‬
‫هذا التصرف غير وارد في التعداد الذي ورد في المادة ‪ 28‬فذن هذا التصرف‬
‫يكون صحيحًا وليس قابالً لإلبطا ‪ .‬على أنه يجدر التنبيه إلى أن قرار‬
‫المساعدة القضائية ال يؤدي إلى أن يباشر المساعد القضائي التصرفات‬
‫القضائية نيابة عن ذي العاهة‪ ،‬كما هو الحا بالنسبة للولي أو الوصي‪ ،‬وإنما‬
‫هو يشاركه في إبرام التصرفات‪ ،‬وبالتالي فال يكون التصرف صحيحًا إال إذا‬
‫صدر من االثنين معًا‪.‬‬

‫‪ -4‬الحكم بعقوبة جناية‪:‬‬

‫تقضي المادة ‪ 35‬من قانون العقوبات بأن من حكم عليه بعقوبة جناية ال‬
‫يجوز له أن يتولى إدارة أمواله مدة اعتقاله‪ ،‬ويعين قيمًا لهذه اإلدارة تقره‬
‫المحكمة‪ ،‬فذذا لم يعينه عينته المحكمة المدنية التابع لها مح إقامته بناء على‬
‫طلب النيابة العمومية أو ذي مصلحة في ذلك‪ .‬وكذلك تقرر هذه المادة أن‬
‫المحكوم عليه ال يجوز أن يتصرف في أمواله إال بناء على إذن من المحكمة‬
‫المدنية التابع لها مح إقامته‪ ،‬وك التزام يتعهد به المحكوم عليه‪ ،‬مع عدم‬
‫مراعاة هذا اإلذن‪ ،‬يكون باطالً بطالنًا مطلقًا‪.‬‬

‫ومن هذا يتبين أن المحكوم عليه بعقوبة جناية يفقد أهليته نتيجة هذا‬
‫الحكم‪ .‬وفقد األهلية هنا ليس راجعًا النعدام التمييز‪ ،‬وإنما هو فقد أهلية بحكم‬
‫القانون‪ .‬ويعتبر المحكوم عليه فاقد األهلية بالنسبة لجميع تصرفاته القانونية التي‬
‫يباشرها بدون إذن المحكمة؛ ألن هذه عقوبة تبعية يوقعها عليه القانون‪.‬‬

‫الفرع الخامس ‪ -‬الذمة المالية‬

‫تعريف الذمة المالية وخصائصها‪ :‬الذمة المالية هي مجموع ما للشخص‬


‫من حقوق وما عليه من التزامات في الحاضر والمستقب ‪ .‬من هذا التعريف‬

‫‪291‬‬
‫يتبين أن للذمة المالية خصائص معينة هي‪:‬‬

‫(أ) الذمة المالية ال تشم إال الحقوق وااللتزامات ذات الطبيعة المالية‪،‬‬
‫فهي تضم الحقوق المالية‪ ،‬سواء كانت حقوقًا عينية أصلية أو تبعية أو كانت‬
‫حقوقًا شخصية أو حقًا ماليًا للمؤلف على مصنفه‪ .‬وعلى العكس من ذلك فذن‬
‫الذمة ال تضم الحقوق غير المالية‪ ،‬وهي الحقوق العامة‪ ،‬والحقوق السياسية‪،‬‬
‫وحقوق األسرة‪ ،‬وإن كان االعتداء على هذه الحقوق غير المالية يولد حقًا ماليًا‬
‫في التعويض عن الضرر الذي سببه هذا االعتداء‪.‬‬

‫والحقوق المالية تُكوِّن الجانب اإليجابي في الذمة المالية‪.‬‬

‫أما الجانب السلبي في الذمة المالية‪ ،‬فهو يشم االلتزامات المالية‪ ،‬مث‬
‫االلتزام بدفع مبلغ من النقود‪ ،‬كما يضم هذا الجانب ما يقرره الشخص من‬
‫حقوق للغير على أمواله‪ .‬فالرهن الذي يقرره المدين على أمواله لمصلحة‬
‫الدائن يعتبر عنصرًا في الجانب السلبي لذمة المدين‪ .‬ولكن ال يشم هذا الجانب‬
‫االلتزامات غير المالية‪ ،‬كالواجب العام الذي يلتزم بمقتضاه الكافة باحترام‬
‫حقوق الغير‪ ،‬فذذا زاد الجانب اإليجابي عن الجانب السلبي في الذمة سُمي‬
‫الشخص موسرًا‪ ،‬أما إذا حدث العكس سُمي الشخص معسرًا‪.‬‬

‫(‪ )3‬الذمة المالية مجموعة قانونية متميزة عن العناصر الداخلة في‬


‫تكوينها‪ ،‬فالحقوق وااللتزامات التي تدخ الذمة المالية تذوب في هذه الذمة‪،‬‬
‫وتصير مجرد قيمة وال تحتفظ بذاتيتها‪ ،‬ويترتب على ذلك أن الذمة المالية‬
‫تكون لها كيانها المس تق ‪ ،‬بحيث ال يتأثر وجودها في حد ذاته بما يطرأ على‬
‫عناصرها اإليجابية أو السلبية من زيادة أو نقصان‪ ،‬فقد تزيد أموا الشخص أو‬
‫تنقص‪ ،‬وقد تزيد ديونه أو تنقص‪ ،‬ولكن هذا ال يؤثر في بقاء ذمته المالية‪.‬‬

‫(‪ )2‬الذمة المالية تتضمن‪ ،‬ليس فقط الحقوق وااللتزامات الحاضرة‪،‬‬


‫وإنما أيضًا الحقوق وااللتزامات المستقبلة‪.‬‬

‫‪290‬‬
‫أهمية فكرة الذمة المالية‪:‬‬

‫تظهر فائدة الذمة المالية في ناحيتين‪ :‬األولى متعلقة بتحديد مدى حقوق‬
‫الدائنين على أموا مدينهم‪ ،‬والثانية تحدد حقوق الدائنين على تركة المدين‪.‬‬

‫ال ‪ :‬من ناحية حقوق الدائنين على أموا المدين‪:‬‬


‫أو ً‬

‫من ا لمقرر أن أموا المدين جميعًا ضامنة للوفاء بديونه (مادة ‪320‬‬
‫مدني) ‪ ،‬وهذا يعني أن حقوق الدائنين تتعلق بأموا المدين ال بشخصه‪ ،‬وهذا‬
‫على عكس ما كان سائدًا في العصور القديمة‪ ،‬حيث كان للدائن سلطة على‬
‫شخص المدين‪.‬‬

‫وكون أموا المدين ضامنة للوفاء بديونه هو ما يسمى بحق الضمان‬


‫العام للدائنين على أموا المدين‪ .‬وفكرة الذمة المالية هي التي تفسر لنا هذا‬
‫الحق؛ ألنها تشير إلى أن تلك الديون التي تكون العنصر السلبي في الذمة‬
‫المالية يضمنها الجانب اإليجابي فيها‪ .‬ولما كانت عناصر الجانب اإليجابي ال‬
‫تحتفظ بذاتيتها‪ ،‬وإنما تدخ الذمة وتذوب فيها‪ ،‬باعتبارها مجرد قيمة مالية‪ ،‬فذن‬
‫حق الدائن يتعلق بالذمة المالية في مجموعها‪ ،‬وال يتعلق بما معين بالذات من‬
‫األموا الداخلة فيها‪ ،‬وهذا يحقق فائدة للدائن وفائدة للمدين‪.‬‬

‫فبالنسبة للدائن يكون في مكنته عند عدم وفاء المدين بدينه أن ينفذ على‬
‫أي عنصر في الجانب اإليجابي للذمة‪ ،‬أي ينفذ على أي ما من أموا المدين‬
‫يكون موجودًا وقت التنفيذ‪ ،‬سواء أكان ذلك الما موجودًا وقت نشوء الدين أم‬
‫دخ ذمة المدين في وقت الحق‪ ،‬كما أن حق الضمان العام يسوي بين جميع‬
‫الدائنين العاديين في استيفاء ديونهم‪ ،‬فال يكون ألحدهم أولوية على اآلخر حسب‬
‫تاريخ نشوء دينه‪ ،‬وال تكون هذه األولوية إال لمن كان له منهم حق عيني تبعي‪.‬‬

‫أما بالنسبة للمدين‪ ،‬فذنه يستطيع التصرف في أي ما من أمواله؛ ألن‬


‫معين بالذات حتى يمتنع على المدين‬ ‫حق الضمان العام ال يقع على ما‬

‫‪292‬‬
‫التصرف فيه‪ ،‬وإنما يقع على الجانب اإليجابي في الذمة المالية‪ ،‬كمجموعة‬
‫قانونية‪ ،‬فليس للدائن سلطة مباشرة على ما معين بالذات من أموا المدين إال‬
‫إذا كان قد تقرر له على هذا الما حق عيني تبعي‪ ،‬كالرهن مثالً‪.‬‬

‫ثانيًا ‪ :‬من ناحية حقوق الدائنين على تركة المدين‪:‬‬

‫تنتق ذمة المدين بوفاته إلى ورثته‪ ،‬ولكن ذلك ال يعني أنها تندمج في‬
‫ذمة الورثة‪ ،‬وإنما تظ مستقلة‪ ،‬أي أن الوارث تكون له ذمتان‪ :‬ذمة عامة‪،‬‬
‫تضم حقوقه والتزاماته‪ ،‬وذمة خاصة‪ ،‬تضم حقوق والتزامات المتوفى‪ .‬وهذه‬
‫الذمة األخيرة تكون مسئولة عن ديونه‪ ،‬بحيث ال يكون الوارث مسئوالً عن‬
‫ديون المورث إال في حدود أموا التركة‪ .‬وهذا هو التفسير الصحيح للقاعدة‬
‫الشرعية التي تقضي بأال تركة إال بعد سداد الديون‪.‬‬

‫المبحث الثاني‬

‫الشخص االعتباري‬

‫رأينا من قب أن الشخصية القانونية هي الصالحية الكتساب الحقوق‬


‫بااللتزامات‪ ،‬وأن هذه الشخصية‪ ،‬كما تثبت لإلنسان تثبت أيضًا‬ ‫والتحم‬
‫لمجموعات من األموا ‪ ،‬كالمؤسسة أو لمجموعات من األشخاص‪ ،‬كالشركة‪،‬‬
‫وعندئذ تسمى الشخصية االعتبارية؛ ألنها عندما تعطى لهذه المجموعات‪ ،‬إنما‬
‫تمنح لكائن معنوي أو تصوري‪ ،‬وذلك بفرض تحقيق أهداف معينة‪.‬‬

‫أهمية فكرة الشخصية االعتبارية‪:‬‬

‫لفكرة الشخصية االعتبارية أهمية كبيرة‪ .‬ويظهر ذلك مما يأتي‪:‬‬

‫( ) منح الشخصية القانونية لمجموعات األموا أو ألشخاص‪ ،‬يمكنها‬


‫من تحقيق أغراض ال يمكن أن يحققها اإلنسان بمفرده‪ ،‬فمن هذه األغراض ما‬
‫يقتضي مجهودات كبيرة وأمواالً طائلة وفترة طويلة لتحقيقها‪ ،‬واإلنسان بمفرده‬
‫بضعف مجهوده وقصر عمره ال يستطيع بلو هذه األهداف‪ ،‬فيجمع مجهوده‬
‫‪293‬‬
‫وماله مع غيره في شك جماعة يكون لها كيانها المستق عن األفراد المكونين‬
‫لها وذمتها المالية المستقلة‪ ،‬وتستطيع أن تضطلع بتحقيق هذه األغراض بفض‬
‫ما يكون لها من تنظيم قانوني يكف لها النشاط واالستمرار دون تأثر بموت أحد‬
‫أعضائها أو بذفالسه أو خروجه منها‪.‬‬

‫واألشخاص‪ ،‬وما‬ ‫(‪ )3‬منح الشخصية القانونية لمجموعات األموا‬


‫يترتب عليه من وجود ذمة مالية مستقلة عن ذمة األعضاء المكونين لها يؤدي‬
‫من الناحية العملية لتحقيق مزايا هامة‪.‬‬

‫فاالعتراف بالشخصية االعتبارية يؤدي لوجود ذمة مالية مستقلة لهذه‬


‫المجموعات‪ ،‬وبالتالي فذن دائني الشخص االعتباري ال يستطيعون أن يقوموا‬
‫الشخصية لألفراد المكونين له‪ ،‬كما أن دائني األفراد ال‬ ‫بذلك تجاه األموا‬
‫يستطيعون مطالبة الشخص االعتباري بديون شخصية على األفراد‪ ،‬ولو كان‬
‫األمر غير ذلك لما استطاع الشخص االعتباري االستمرار في أداء وظيفته‬
‫وتحقيق أغر اضه‪ ،‬وأهمية وجود ذمة مالية مستقلة للشخص االعتباري تظهر‬
‫بصفة خاصة في حالة مجموعة األموا التي ترصد لغرض معين‪ ،‬كالمؤسسة‪،‬‬
‫فلو لم يكن لهذه المجموعة شخصية قانونية مستقلة‪ ،‬وبالتالي ذمة مالية مستقلة‪،‬‬
‫النتقلت أموالها إلى الورثة بعد وفاة صاحبها‪ ،‬وبالتالي النتهى تخصيصها‬
‫للغرض الذي أنشئت من أجله‪ ،‬فوجود الشخصية القانونية لها يجعلها مستقلة‬
‫عن شخص صاحبها‪ ،‬وبالتالي فذن وفاته ال تحو بينها وبين استمرارها لتحقيق‬
‫لغرض المستهدف من إنشائها‪.‬‬

‫مقومات الشخص االعتباري‪:‬‬

‫لكي يوجد الشخص االعتباري البد من وجود عدة شروط يتطلبها‬


‫القانون‪ ،‬وهي‪:‬‬

‫الشركة والجمعية‪ ،‬أو‬ ‫( ) أن تكون هناك مجموعة من األشخاص‪ ،‬مث‬

‫‪294‬‬
‫مجموعة من األموا كالوقف والمؤسسة‪.‬‬

‫(‪ )3‬أن يكون لهذه المجموعة غرض معين تسعى إلى تحقيقه‪ ،‬ويشترط أن‬
‫يكون هذا الغرض مشروعًا‪ ،‬أي غير مخالف للنظام العام واآلداب‪ ،‬فال‬
‫يتصور أن يقوم شخص معنوي باالتجار في المخدرات أو بذدارة بيوت‬
‫للدعارة‪.‬‬

‫كما يشترط أن يكون هذا الغرض مستمرًا وغير عارض‪ ،‬فذذا اتفقت‬
‫مجموعة من األشخاص‪ ،‬مثالً على تنظيم أنفسهم للقيام برحلة معينة‪ ،‬فال يعتبر‬
‫هذا الغرض العارض مبررًا الكتساب جماعتهم الشخصية المعنوية‪.‬‬

‫ويستوي أن يكون الغرض المستمر له صفة الدوام‪ ،‬كما في الجمعية أو‬


‫أنه لمدة غير محددة كما في المؤسسة‪.‬‬

‫وطالما كان لمجموعة األشخاص غرض مشروع ومستمر‪ ،‬فال يهم بعد‬
‫ذلك أن يكون هذا الغرض عامًا‪ ،‬كما في جمعية الرفق بالحيوان أو خاصًا‪ ،‬كما‬
‫في الجمعيات الفنية أو األدبية‪ ،‬والمهم أال يكون الغرض فرديًا خاصًا بشخص‬
‫بمفرده‪ .‬كما أن غرض الشخص االعتباري يمكن أن يكون ماديًا‪ ،‬أي تستهدف‬
‫مجموعة األشخاص أو األموا تحقيق ربح مادي‪ ،‬مث الشركة التجارية أو كان‬
‫الغرض غير مادي بأن يكون أدبيًا أو فنيًا أو اجتماعيًا‪ ،‬كما هو الحا في‬
‫الجمعيات‪.‬‬

‫أن يكون هناك تنظيم خاص لمجموعة األشخاص أو األموا يعين الهيئة‬ ‫(‪)2‬‬
‫التي تتولى اإلدارة‪.‬‬

‫بالشخصية‬ ‫أن تعترف الدولة لمجموعة األشخاص أو األموا‬ ‫(‪) 0‬‬


‫االعتبارية‪ ،‬وهذا االعتراف قد يكون عامًا أو خاصًا‪.‬‬

‫فاالعتراف العام يحدث بأن يحدد القانون شروطًا عامة‪ ،‬إذا توافرت في‬
‫مجموعة من األشخاص أو األموا اكتسبت الشخصية المعنوية بقوة القانون‪،‬‬

‫‪295‬‬
‫دون حاجة لترخيص خاص‪ .‬أما االعتراف الخاص‪ ،‬ففيه تعترف الدولة في ك‬
‫حالة على حدة بالشخصية القانونية‪ ،‬وعندئذ البد لك مجموعة من األشخاص‬
‫أو األموا أن تطلب االعتراف بهذه الشخصية‪ ،‬وأن تصدر الدولة ترخيصًا بها‬
‫يعترف فيه لها بالشخصية االعتبارية‪.‬‬

‫وفي القانون المصري نجد الجمع بين النوعين من االعتراف‪ ،‬فالمادة‬


‫‪ 53‬مدني تنص على أن‪" :‬األشخاص االعتبارية هي‪:‬‬

‫الدولة وكذلك المديريات والمدن والقرى بالشروط التي يحددها القانون‬ ‫( )‬


‫واإلدارات والمصالح وغيرها من المنشآت العامة التي يمنحها القانون‬
‫شخصية اعتبارية‪.‬‬

‫الهيئات والطوائف الدينية التي تعترف لها الدولة بشخصية اعتبارية‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫األوقاف‪.‬‬ ‫(‪) 2‬‬

‫الشركات التجارية والمدنية‪.‬‬ ‫(‪) 0‬‬

‫الجمعيات والمؤسسات المنشأة وفقًا لألحكام التي ستأتي فيما بعد‪.‬‬ ‫(‪) 5‬‬

‫ك مجموعة من األشخاص أو األموا تثبت لها الشخصية االعتبارية‬ ‫(‪) 0‬‬


‫بمقتضى نص في القانون"‪.‬‬

‫يتضح من هذا النص أن القاعدة العامة في القانون المصري هي‬


‫االعتراف العام‪ ،‬فالشخص االعتباري ينشأ متى كان أحد األشخاص المذكورة‬
‫في المادة السابقة‪ ،‬وذلك منذ تكوينه‪ ،‬وبقوة القانون دون حاجة إلى اعتراف‬
‫خاص‪ .‬وهذا يصدق بالنسبة للدولة وفروعها واألوقاف والشركات التجارية‬
‫والمدنية والجمعيات والمؤسسات (مادة ‪ 52‬فقرات ‪ 0 ،2 ،3 ،‬و‪ .)5‬وفضالً‬
‫عن ذلك فذن االعتراف الخاص يشترط بالنسبة للهيئات والطوائف الدينية (مادة‬
‫‪ ، )3/53‬وكذلك بالنسبة لك مجموعة من األشخاص أو األموا لم يرد لها ذكر‬
‫في المادة ‪ 53‬سالفة الذكر‪.‬‬

‫‪296‬‬
‫انتهاء الشخص االعتباري‪:‬‬

‫ينقضي الشخص المعنوي أو االعتباري بأسباب متعددة‪:‬‬

‫فهو ينقضي بانقضاء األج المحدد له إذا كان قد حدد له أج في سند‬


‫إنشائه‪ ،‬وذلك مث انقضاء الشركة بانقضاء المدة التي حددها الشركاء في عقد‬
‫الشركة‪.‬‬

‫وقد ينقضي الشخص االعتباري بتحقق الغرض الذي قام من أجله‪.‬‬

‫وقد ينقضي الشخص االعتباري بالح ‪ ،‬وهذا الح قد يكون اختياريًا‬


‫بذرادة األشخاص المكونين له أو إجباريًا بحكم قضائي‪.‬‬

‫ومتى انقضى الشخص االعتباري لسبب من األسباب السابقة‪ ،‬فذن ذمته‬


‫تصفى‪ ،‬أي تسدد ديونه من أمواله‪ ،‬وما يتبقى من هذه األموا يوزع وفقًا‬
‫للقواعد المحددة في سند إنشائه‪ ،‬وذلك إال إذا نص القانون على قواعد معينة في‬
‫هذا الشأن‪.‬‬

‫نطاق الشخصية القانونية للشخص االعتباري (أهلية الوجوب)‪:‬‬

‫يقصد بنطاق الشخصية القانونية للشخص االعتباري تحديد مدى ما‬


‫يتمتع به من حقوق وما يتحمله من التزامات‪ .‬ونالحظ في هذا الصدد أن‬
‫الشخص االعتباري ال يمكن أن يتساوى مع الشخص الطبيعي في ثبوت‬
‫الحقوق وااللتزامات له أو عليه؛ ألنه يختلف عن الشخص الطبيعي‪ ،‬وهو‬
‫اإلنسان في طبيعته وتكوينه وغرضه؛ وبالتالي فذن هذا االختالف يؤدي‬
‫الختالف مدى الحقوق التي تثبت له أو االلتزامات التي يتحملها‪ .‬وعلى ذلك‬
‫فذن الشخصية القانونية للشخص االعتباري يرد عليها قيدان‪ :‬أولهما‪ ،‬مصدره‬
‫طبيعة الشخص االعتباري وتكوينه‪ ،‬وثانيهما‪ ،‬الغرض الذي قام من أجله‪ .‬وهذا‬
‫ما يتضح مما يلي‪:‬‬

‫تنص المادة (‪ ) 58‬مدني على أن‪" :‬الشخص االعتباري‬ ‫( )‬

‫‪297‬‬
‫يتمتع بجميع الحقوق‪ ،‬إال ما كان منها مالزمًا لصفة اإلنسان الطبيعي‪ ،‬وذلك في‬
‫الحدود التي يقررها القانون"‪.‬‬

‫وعلى ذلك فذن الشخص الطبيعي ال تثبت له الحقوق التي تثبت لإلنسان‬
‫بصفته إنسانًا‪ ،‬كحقوق األسرة؛ ألنها ناشئة عن الزواج أو الطالق أو القرابة‪.‬‬
‫وحقوق اإلرث‪ ،‬والنفقة‪ ،‬والنسب‪ ،‬وما إليها ال يكتسبها الشخص االعتباري‪،‬‬
‫وذلك لتنافيها مع طبيعته‪ ،‬وال يثبت للشخص االعتباري حق السكنى؛ ألن هذا‬
‫الحق ال يكون إال للشخص الطبيعي وال الحق في اإليصاء لنفس السبب‪.‬‬

‫أما الحقوق العامة أو حقوق الشخصية فيثبت له منها الحق في االسم‪،‬‬


‫والحق في حماية سمعته‪ ،‬والحق في التقاضي‪ ،‬وأيضًا حق المؤلف‪ ،‬طبقًا لنص‬
‫المادة ‪ 21‬من القانون رقم ‪ 13‬لسنة ‪ 3113‬الخاص بحماية الملكية الفكرية‪،‬‬
‫لكن ليس للشخص االعتباري حقوق سياسية‪.‬‬

‫(‪ )3‬يتحدد نطاق الشخصية القانونيوة للشوخص االعتبواري‪ ،‬عوالوة‬


‫على ذلك بوالغرض الوذي أنشوئ مون أجلوه‪ ،‬فالشوخص االعتبواري ال‬
‫يكتسب من الحقوق إال تلك الالزمة لتحقيق الغرض الوذي قوام مون أجلوه‪،‬‬
‫وعلى ذلك فال يجوز مثالً للجمعية التوي قاموت مون أجو تحقيوق هودف‬
‫غير مادي أن تشتغ بالتجوارة‪ ،‬وال يجووز للشوركة التوي أنشوئت للقيوام‬
‫باستغال معين‪ ،‬أن تقووم بأعموا قانونيوة ال تتصو بهوذا االسوتغال ‪،‬‬
‫فالشركة التي تكونت للقيام بالتصدير واالسوتيراد ال يجووز لهوا أن تتوولى‬
‫استغال المناجم‪ .‬وهوذا موا يسومى بمبودأ التخصوص بالنسوبة للشوخص‬
‫االعتباري‪.‬‬

‫خصائص الشخصية االعتبارية‪:‬‬

‫في الشخص‬ ‫للشخص االعتباري خصائص تميزه‪ ،‬كما هو الحا‬


‫الطبيعي‪ ،‬فالشخص االعتباري له اسم وموطن وحالة وذمة مالية وأهلية‪.‬‬

‫‪298‬‬
‫(‪ )1‬اسم الشخص االعتباري‪:‬‬

‫للشخص االعتباري اسم يتميز به عن سائر األشخاص االعتبارية‪،‬‬


‫ويحمي القانون هذا االسم‪ ،‬كما يحمي اسم الشخص الطبيعي‪ ،‬وقد يكون اسم‬
‫الشخص االعتباري تجاريًا‪ ،‬وعندئذ يكون للشخص االعتباري عليه حقٌ ماليٌ‪،‬‬
‫فيجوز التصرف في االسم والتناز عنه؛ ألنه يمث قيمة مالية‪.‬‬

‫( ) موطن الشخص االعتباري‪:‬‬

‫وه‬
‫وأن معامالتو‬
‫وه بشو‬
‫وب فيو‬
‫ووطن يخاطو‬
‫واري مو‬
‫وخص اعتبو‬
‫لك و شو‬
‫القانونية‪ .‬وقود نصوت الموادة ‪ 52‬مودني علوى أن للشوخص االعتبواري‬
‫موطن مستق ‪ ،‬ويعتبر موطنوه المكوان الوذي يوجود فيوه مركوز اإلدارة‪.‬‬
‫وإذا كان للشخص االعتباري عدة فوروع فوذن المكوان الوذي يوجود فيوه‬
‫الفرع يعتبر موطنًا للشخص االعتبواري بالنسوبة لألعموا المتعلقوة بهوذا‬
‫الفرع‪ .‬وتطبيقًا لذلك نصوت الموادة ‪ 52‬مودني علوى أن "الشوركات التوي‬
‫يكون مركزها الرئيسي في الخارج ولها نشواط فوي مصور يعتبور مركوز‬
‫إدارتها بالنسبة إلوى القوانون الوداخلي المكوان الوذي توجود فيوه اإلدارة‬
‫المحلية‪.‬‬

‫(‪ )3‬حالة الشخص االعتباري‪:‬‬

‫قلنا فيما سبق إن حالة الشخص الطبيعي‪ ،‬وهو اإلنسان تتحدد بمركزه‬
‫في أسرته‪ ،‬وهي ما تعرف بالحالة المدنية ومركزه في دولته‪ ،‬وهو ما يعبر عنه‬
‫بالحالة السياسية أو الجنسية‪ .‬وبديهي أن الشخص االعتباري ال تكون له حالة‬
‫مدنية؛ ألن ليس له أسرة كالشخص الطبيعي‪ ،‬إنما يكون للشخص االعتباري‬
‫عادة في منح جنسيتها للشخص‬ ‫جنسية تربطه بدولة ما‪ ،‬وتستند الدو‬
‫االعتباري إلى عنصر التأسيس؛ ألن التأسيس بالنسبة للشخص االعتباري‬
‫بمثابة الميالد للشخص الطبيعي‪ ،‬وعلى ذلك تمنح الدولة جنسيتها للشخص‬

‫‪299‬‬
‫‪ 3/‬مدني على أن‬ ‫االعتباري الذي تم تأسيسه على أرضها‪ .‬وقد نصت المادة‬
‫النظام القانوني لألشخاص االعتبارية األجنبية‪ ،‬من شركات وجمعيات‬
‫ومؤسسات وغيرها يسري عليه قانون الدولة التي اتخذت فيها هذه األشخاص‬
‫مركز إدارتها الرئيسي الفعلي‪ .‬ومع ذلك فذذا باشرت هذه األشخاص نشاطها‬
‫الرئيسي في مصر فذن القانون المصري هو الذي يحكمها رغم وجود مركز‬
‫إدارتها في الخارج‪.‬‬

‫(‪ )4‬الذمة المالية للشخص االعتباري‪:‬‬

‫متى نشأ الشخص االعتباري تكون له ذمة مالية مستقلة عن الذمم المالية‬
‫لألعضاء المكونين له‪ ،‬وتضم هذه الذمة ما للشخص من حقوق مالية أو عليه‬
‫من التزامات مالية‪ ،‬ويترتب على وجود ذمة مستقلة للشخص االعتباري أن‬
‫دائني األفراد المكونين للشخص االعتباري ال يستطيعون مطالبة الشخص‬
‫االعتباري بهذه الديون الخاصة باألفراد‪ .‬كما أن دائني الشخص االعتباري‬
‫نفسه ال يستطيعون‪ ،‬كقاعدة عامة‪ ،‬أن يطالبوا بديونهم األفراد المكونين له‪،‬‬
‫الذمة المالية للشخص االعتباري يعتبر عامالَ هامَا في تمكينه من‬ ‫واستقال‬
‫االستمرار في نشاطه من أج تحقيق الغرض الذي قام من أجله‪.‬‬

‫(‪ )6‬أهلية الشخص االعتباري‪:‬‬

‫تكون للشخص االعتباري أهلية كاملة بالنسبة للحقوق والواجبات التي‬


‫يقتضيها تحقيق الغرض من إنشائه‪ ،‬وقد نصت المادة ‪3/52‬ب على أن يكون‬
‫للشخص االعتباري "أهلية في الحدود التي يعينها سند إنشائه‪ ،‬أو التي يقررها‬
‫القانون"‪ ،‬ولما كانت أهلية األداء مناطها التمييز‪ ،‬والشخص المعنوي ال يتوافر‬
‫يباشر‬ ‫لديه هذا التمييز؛ ألنه شئ معنوي‪ ،‬فذنه البد أن يكون له ممث‬
‫التصرفات القانونية نيابة عنه باسمه ولحسابه‪ ،‬وهذا ما عبرت عنه المادة‬
‫‪ 2/52‬بقولها "وأن يكون له نائب يعبر عن إرادته"‪ .‬وقد يكون النائب عن‬
‫الشخص االعتباري شخصًا واحدًا‪ ،‬كالمدير‪ ،‬أو جماعة من األفراد‪ ،‬كالجمعية‬

‫‪311‬‬
‫العمومية أو مجلس اإلدارة‪.‬‬

‫أنواع الشخص االعتباري‪:‬‬

‫تقسيم األشخاص االعتبارية إلى أشخاص اعتبارية عامة وأشخاص‬ ‫‪-‬‬


‫اعتبارية خاصة‪:‬‬

‫تنقسم األِشخاص االعتبارية إلى عامة وخاصة‪ ،‬ويختلف ك نوع من‬


‫هذين النوعين عن اآلخر فيما له من حقوق وما يوضع تحت تصرفه من‬
‫وسائ النشاط وما يخضع له ك منهما من تنظيم قانوني‪ ،‬والمميز األساسي‬
‫لألشخاص العامة أنها تملك حقوق السلطة العامة‪ ،‬ولها على أفرادها وعلى‬
‫الغير امتيازات مستمدة من القانون العام‪ ،‬كحق الضبط وجباية الضرائب‬
‫والرسوم ونزع الملكية للمنفعة العامة‪ ،‬أما األشخاص الخاصة فهي محرومة من‬
‫هذه االمتيازات ألنها تتعام مع األفراد على قدم المساواة‪.‬‬

‫وطبقًا لنص المادة ‪ 53‬مدني سالفة الذكر فذن أشخاص القانون العام هم‪:‬‬

‫( ) الدولة وكذلك المديريات والمدن والقرى بالشروط التي يحددها‬


‫القانون واإلدارات والمصالح والمنشآت العامة التي يمنحها القانون الشخصية‬
‫االعتبارية‪.‬‬

‫(‪ )3‬الهيئات والطوائف الدينية التي تعترف لها الدولة بشخصية‬


‫اعتبارية‪.‬‬

‫أما أشخاص القانون الخاص فهم‪:‬‬

‫األوقاف‪.‬‬ ‫( )‬

‫الشركات المدنية والتجارية‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫الجمعيات والمؤسسات المنشأة وفقًا لألحكام المبينة في‬ ‫(‪) 2‬‬


‫القانون‪.‬‬

‫‪310‬‬
‫وباإلضافة لهذه األشخاص االعتبارية العامة والخاصة التي ذكرها‬
‫القانون بتحديد اسمها‪ ،‬فذن ك مجموعة من األشخاص أو األموا يعترف لها‬
‫القانون بالشخصية االعتبارية‪ ،‬قد تكون من أشخاص القانون العام‪ ،‬وقد تكون‬
‫التي تستخدمها في‬ ‫من أشخاص القانون الخاص‪ ،‬حسب طبيعتها والوسائ‬
‫ممارسة نشاطها‪ ،‬وما إذا كانت تتمتع بامتيازات السلطة العامة أم ال‪ ،‬حسب ما‬
‫بيناه في بداية هذه الفقرة‪.‬‬

‫‪312‬‬
‫الفصل الثاني‬

‫محل الحق‬

‫تكلمنا في الفص السابق عن أشخاص الحق‪ ،‬ونتكلم في هذا الفص عن‬


‫مح الحق‪ .‬ومح الحق إما أن يكون عمالً أو امتناعًا عن عم ‪ .‬وهذا هو‬
‫مح الحق الشخصي‪ ،‬فالتزام مقاو ببناء عمارة هو التزام بعم ‪ ،‬وهذا العم‬
‫يكون في الوقت ذاته مح الحق الشخصي لصاحب العمارة‪ ،‬والتزام تاجر بعدم‬
‫منافسة تاجر في تجارة معينة في مدينة معينة هو التزام بامتناع عن عم ‪ ،‬أما‬
‫مح الحق العيني فهو شيء معين بالذات تقع عليه سلطات مباشرة لصاحب‬
‫الحق‪ ،‬وبالنسبة للحق الذهني أو المعنوي‪ ،‬فذننا قد تكلمنا عن محله عند الكالم‬
‫عن هذا الحق وعند عرضنا ألحد صوره‪ ،‬وهو حق المؤلف‪.‬‬

‫ويبقى لنا هنا أن نتكلم عن مح الحق الشخصي‪ ،‬وهو العم ‪ ،‬ومح‬


‫الحق العيني وهو الشيء‪.‬‬

‫‪313‬‬
‫المبحث األول‬

‫األعمــال‬

‫عدة‬ ‫الحق الشخصي‪ ،‬ويشترط في هذا المح‬ ‫مح‬ ‫تكون األعما‬


‫شروط‪:‬‬

‫( ) أن يكون موجودًا أو ممكنًا‪.‬‬

‫(‪ )3‬أن يكون معينًا أو قابالً للتعيين‪.‬‬

‫(‪ )2‬أن يكون قابالً للتعام فيه‪.‬‬

‫الشرط األو ‪ :‬أن يكون المح موجودًا أو ممكنًا‪:‬‬

‫(أ) إذا كان مح الحق الشخصي أو االلتزام هو نق أو إنشاء حق عيني‬


‫على شئ معين وجب أن يكون هذا الشيء موجودًا‪ ،‬ومثا ذلك التزام البائع‬
‫بنق ملكية المبيع‪ ،‬فهذا االنتزام يعتبر دينًا على البائع‪ ،‬ولكن إذا نظرنا إليه من‬
‫ناحية المشتري نجده يسمى حقًا شخصيًا‪ ،‬فالمشتري له الحق في مطالبة البائع‬
‫بنق ملكية المبيع إليه‪ .‬ولما كان نق الملكية‪ ،‬وهو العم المكون لمح الحق‬
‫الشخصي متعلقًا بشيء معين هو العين المبيعة‪ ،‬فذنه يشترط في هذا الشيء أن‬
‫يكون موجودًا‪ .‬فذذا قصد البائع والمشتري أن يقع االلتزام بنق الملكية على‬
‫شيء موجود‪ ،‬لكن تبين أن هذا الشيء لم يكن موجودًا وقت العقد‪ ،‬بأن كان قد‬
‫التعاقد‪ ،‬فذن االلتزام يقع باطالً‪ ،‬وبمعنى آخر ال ينشأ الحق‬ ‫هلك من قب‬
‫في شيء سيوجد‬ ‫الشخصي‪ ،‬ولكن إذا انصرفت نية المتعاقدين إلى التعام‬
‫مستقبالً‪ ،‬وكان هذا داخالً في اعتبارهم‪ ،‬فذن االلتزام يقوم صحيحًا‪ ،‬ومثا ذلك‬
‫بيع المحصوالت قب نضجها أو المنتجات الصناعية قب تصنيفها‪ .‬وفي هذا‬
‫االلتزام شيئًا‬ ‫مدني على أنه " ‪ -‬يجوز أن يكون مح‬ ‫‪2‬‬ ‫تنص المادة‬
‫مستقبالً"‪.‬‬

‫ولكن إذا كانت القاعدة العامة هو جواز التعام في األشياء المستقبلة‪،‬‬

‫‪314‬‬
‫أي التي لم توجد بعد‪ ،‬فذنه استثناءً على هذه القاعدة يحرم القانون التعام في‬
‫األشياء المستقبلة في بعض األحيان‪ ،‬ومثا ذلك التعام في التركات المستقبلة؛‬
‫إذ تنص المادة ‪ 2‬على أن التعام في تركة إنسان على قيد الحياة باط ولو‬
‫كان برضاه‪.‬‬

‫(ب) أما إذا كان مح الحق الشخصي عمالً ال يتعلق بنق أو إنشاء حق‬
‫عيني‪ ،‬أو كان امتناعًا عن عم ‪ ،‬فذنه يشترط فيه أن يكون ممكنًا‪ ،‬فشرط‬
‫اإلمكان بالنسبة للعم أو االمتناع عن العم يقاب شرط الوجود بالنسبة للشيء‬
‫الذي يتعلق به العم عندما يكون العم هو نق أو إنشاء حق عيني‪.‬‬

‫فذذا كان العم أو االمتناع مستحيالً فذن االلتزام يكون باطالً وال ينشأ‬
‫الحق الشخصي‪ ،‬وفي هذا تنص المادة (‪ 23‬مدني) على أنه "إذا كان مح‬
‫االلتزام مستحيالً في ذاته كان العقد باطالً"‪ ،‬والعم أو االمتناع عن العم قد‬
‫يكون مستحيالً في ذاته‪ ،‬وهذا ما يسمى باالستحالة المطلقة‪ ،‬ومثاله االلتزام‬
‫هنا مستحي في ذاته ال يستطيع أن يقوم به‬ ‫بعبور المحيط سباحة‪ ،‬فالعم‬
‫المدين وال غير المدين‪ ،‬واالستحالة المطلقة هي التي تؤدي لبطالن االلتزام‬
‫وتحو دون قيام الحق الشخصي‪.‬‬

‫أما االستحالة النسبية فمعناها أن يكون العم أو االمتناع مستحيالً على‬


‫المدين نفسه‪ ،‬وإنما يستطيع غيره من الناس أن يقوم به‪ ،‬ومثا ذلك أن يتعهد‬
‫شخص برسم لوحة زيتية‪ ،‬بينما هو ال يدري من فن الرسم شيئًا‪ ،‬فرسم اللوحة‬
‫مستحي نسبيًا ألن عدم اإلمكان مقصور على المدين‪ ،‬إنما يستطيع غير المدين‬
‫ممن يجيدون الرسم أن يقوموا بهذا العم ؛ ففي حالة االستحالة النسبية‪ ،‬ينشأ‬
‫االلتزام‪ ،‬ويوجد الحق الشخصي‪ ،‬لكن مادام أن المدين عاجز عن القيام بتنفيذ‬
‫االلتزام‪ ،‬فذنه يلتزم بتعويض الدائن صاحب الحق الشخصي عن األضرار التي‬
‫أصابته من عدم التنفيذ‪.‬‬

‫‪315‬‬
‫الشرط الثاني‪ :‬أن يكون المح معينًا أو قابالً للتعيين‪:‬‬

‫يشترط أن يكون العم أو االمتناع معينًا أو محددًا‪ ،‬فذذا التزم مقاو‬


‫ببناء عمارة‪ ،‬يجب أن تكون العمارة محددة بأوصاف كافية‪ ،‬كعدد الطوابق‬
‫وعدد الشقق ونوعية البناء ومساحته‪ ،‬ويكفي أن يكون العم قابالً للتحديد إذا‬
‫كانت الظروف تمكن من هذا التحديد‪ ،‬فمثالً التزام صاحب العمارة بدفع الثمن‬
‫للمقاو يمكن تحديده على أساس تكلفة الوحدة‪ ،‬باإلضافة لربح المقاو ‪ .‬وإذا‬
‫كان مح الحق الشخصي هو نق أو إنشاء حق عيني على شيء وجب أن‬
‫يكون هذا الشيء معينًا أو قابالً للتعيين‪ ،‬كالبائع الذي يلتزم بنق ملكية منز أو‬
‫أو قطعة‬ ‫يجب تعيين المنز‬ ‫قطعة أرض إلى المشتري‪ ،‬ففي هذا المثا‬
‫األرض باألوصاف التي تمنع من اختالطهما بغيرهما‪ ،‬كالموقع والمساحة‬
‫والحدود وغير ذلك من األوصاف‪ ،‬وال يشترط التعيين صراحة ما دام أن هناك‬
‫من الظروف ما يساعد على تعيين الشيء‪ ،‬فذذا التزم منتج بتوريد كمية من‬
‫األ غذية الالزمة لمدرسة أو مستشفى‪ ،‬ولم يعين المقدار في العقد‪ ،‬فذن مح‬
‫االلتزام يكون قابالً للتعيين؛ إذ سيحدد مقدار ما يورده على أساس ما تحتاجه‬
‫المدرسة أو المستشفى‪.‬‬

‫ال للتعام فيه‪:‬‬


‫الشرط الثالث‪ :‬أن يكون المح قاب ً‬

‫يجب أن يكون العم أو االمتناع مح الحق الشخصي داخالً في دائرة‬


‫التعام أو بمعنى آخر جائزًا التعام فيه‪ ،‬فذذا كان مح االلتزام مخالفًا للنظام‬
‫العام واآلداب‪ ،‬فذنه يكون باطالً‪ ،‬ومثاله تأجير منز للدعارة أو بيع األسلحة‬
‫بدون ترخيص أو االتجار في المواد المخدرة‪.‬‬

‫‪316‬‬
‫المبحث الثاني‬

‫األشــياء‬

‫التمييز بين الشيء والمال‪:‬‬

‫الشيء ‪ -‬كما قلنا ‪ -‬هو مح الحق العيني‪ ،‬ويجب هنا قب أن ندخ في‬
‫الكالم عن األشياء أن ننبه إلى مالحظة هامة‪ ،‬وهي أنه في نظر‬ ‫تفاصي‬
‫القانون هناك فرق بين الشيء والما ‪ ،‬فالما هو الحق المالي‪ ،‬أي الحق الذي‬
‫يمكن تقدير محله بالنقود‪ ،‬وذلك على التفصي الذي ذكرناه عند الكالم عن‬
‫الحقوق المالية‪ .‬أما الشيء فهو مح الحق العيني‪ ،‬فالشخص الذي له حق ملكية‬
‫على منز يكون له ما هو حق الملكية‪ ،‬وهذا الحق يمكن تقدير محله بالنقود‪،‬‬
‫فنقو مثالً إن هذا الحق قيمته عشرة آالف جنيه مثالً؛ ألن قيمة محله‪ ،‬وهو‬
‫المنز تساوي مبلغ العشرة آالف جنيه‪ ،‬أما المنز نفسه‪ ،‬فهو الشيء الذي‬
‫يراد عليه حق الملكية‪.‬‬

‫تقسيمات األشياء‪:‬‬

‫تجري العادة على تقسيم األشياء عدة تقسيمات‪ ،‬الغرض منها جمع‬
‫األشياء التي تخضع لقواعد قانونية واحدة في مجموعة واحدة‪ ،‬وبصدد ك‬
‫تقسيم من هذه التقسيمات يُنظر إلى الشئ من زاوية معينة‪ ،‬وعلى أساس هذه‬
‫النظرة يقوم التقسيم‪.‬‬

‫فمن حيث جواز التعام فيها تنقسم األشياء إلى أشياء داخلة في التعام ‪،‬‬
‫وأشياء خارجة عنه‪ ،‬ومن حيث تكرار استعمالها تنقسم إلى أشياء قابلة‬
‫لالستهالك‪ ،‬وأشياء غير قابلة له‪ .‬ومن حيث ثباتها وانتقالها تنقسم إلى أشياء‬
‫عقارية وأشياء منقولة‪.‬‬

‫‪317‬‬
‫ومن حيث تعيينها تنقسم األشياء إلى أشياء قيمية وأشياء مثلية‪.‬‬

‫وأخيرًا تنقسم بحسب تخصيص منفعتها إلى أشياء عامة وأشياء خاصة‪.‬‬

‫وسنتولى دراسة ك تقسيم من هذه التقسيمات في مطلب مستق ‪.‬‬

‫المطلب األول‬

‫األشياء الداخلة في التعامل واألشياء الخارجة عنه‬

‫من األشياء ما ال يمكن أن يكون محالً للتعام بين الناس وال يصلح أن‬
‫يكون محالً لحق عيني‪ .‬وقد حدد القانون األشياء الخارجة عن التعام وما‬
‫عداها من األشياء يكون داخالً في التعام ‪ .‬وفي هذا الصدد تنص المادة ‪1‬‬
‫مدني على ما يأتي‪:‬‬

‫" ‪ -‬ك شيء غير خارج عن التعام بطبيعته أو بحكم القانون يصح‬
‫أن يكون محالً للحقوق المالية‪ -3 .‬واألشياء التي تخرج عن التعام بطبيعتها‬
‫هي التي ال يستطيع أحد أن يستأثر بحيازتها‪ ،‬وأما الخارجة بحكم القانون فهي‬
‫ال للحقوق المالية"‪.‬‬
‫التي ال يجيز القانون أن تكون مح ً‬

‫من هذا النص نستطيع أن نتبين أن الشيء قد يكون خارجًا عن التعام‬


‫بطبيعته‪ ،‬وقد يكون خارجًا عن التعام بحكم القانون‪:‬‬

‫(أ) فالشئ الخارج عن التعام بطبيعته هو الشيء الذي ال يمكن ألحد أن‬
‫هذه األشياء‬ ‫يستأثر بحيازته‪ ،‬كأشعة الشمس والهواء ومياه المحيطات‪ .‬مث‬
‫أتيحت بحكم طبيعتها للكافة‪ ،‬ويمكن ألي أحد من الناس االنتفاع بها‪.‬‬

‫على أنه يالحظ أن خروج هذه األشياء عن التعام كان بسبب عدم‬
‫إمكان االستئثار بها‪ ،‬وعلى ذلك إذا أمكن ألحد أن يستأثر بجزء منها‪ ،‬فذن هذا‬
‫الجزء يصبح داخالً في دائرة التعام ‪ ،‬ويصح أن يكون محالً للحق العيني‪،‬‬

‫‪318‬‬
‫فمثالً الهواء المضغوط في اسطوانات يصح أن يكون مملوكًا ملكية فردية‪،‬‬
‫وكذلك المياه التي تكون في مجرى خاص أو التي تجري عليها عمليات معينة‬
‫بعد أخذها من المحيط لجعلها صالحة للشرب‪ .‬في ك هذه الحاالت يصبح الشئ‬
‫ال للملكية الفردية‪.‬‬
‫داخالً في التعام ‪ ،‬ويمكن أن يكون مح ً‬

‫(ب) أما الشئ الخارج عن التعام بحكم القانون فهو شئ في األص‬


‫يمكن االستئثار بحيازته‪ ،‬أي أن طبيعته ال تتنافى مع دخوله في التعام ‪ ،‬ولكن‬
‫القانون‪ ،‬العتبارات معينة يخرجه عن دائرة التعام ‪ .‬والقانون يخرج الشئ عن‬
‫دائرة التعام ‪ ،‬إما ألن هذا الشئ قد خصص للنفع العام‪ ،‬كالطرقات العامة‪،‬‬
‫والكباري‪ ،‬والمدارس الحكومية‪ ،‬والمستشفيات العامة؛ وبالتالي فذجازة التعام‬
‫فيه تحو دون تحقق هذا النفع العام‪ ،‬أو ألن التعام فيه يخالف النظام العام‬
‫في المواد المخدرة أو بالنقود المزيفة‪ ،‬على أن‬ ‫واآلداب‪ ،‬كتحريم التعام‬
‫القانون قد يجيز استثناءً التعام في األشياء التي حرم التعام فيها‪ ،‬كقاعدة‬
‫عامة‪ ،‬إذا كانت المصلحة العامة تقتضي ذلك في حاالت خاصة‪ ،‬فمثالً يجيز‬
‫القانون التعام في المواد المخدرة لألغراض الطبية‪.‬‬

‫المطلب الثاني‬

‫األشياء القابلة لالستهالك واألشياء غير القابلة له‬

‫أساس التقسيم‪:‬‬

‫يقوم هذا التقسيم على أساس األثر الذي يحدثه االستعما في الشئ‪،‬‬
‫فاألشياء القابلة لالستهالك هي التي ينحصر استعمالها بحسب ما أعدت له في‬
‫استهالكها أو إنفاقها (مادة ‪ /10‬مدني)‪ ،‬وذلك كالمأكوالت المختلفة والوقود‬
‫والنقود‪ ،‬أما األشياء غير القابلة لالستهالك فهي تلك التي ال يترتب على‬
‫استعمالها ألو مرة هالكها‪ ،‬ب تبقى طبيعتها كما هي‪.‬‬

‫ال لالستهالك أو غير قاب له‪ ،‬نبحث في‬


‫فلكي نعرف ما إذا كان الشئ قاب ً‬

‫‪319‬‬
‫لهذا الشئ على طبيعته‪ ،‬فذذا كان الشئ يهلك بمجرد‬ ‫األو‬ ‫أثر االستعما‬
‫مرة‪ ،‬يسمى قابالً لالستهالك‪،‬‬ ‫االستعما ‪ ،‬أو بعبارة أخرى باستعماله ألو‬
‫أكثر من مرة‪ ،‬فالبرتقالة أو التفاحة‬ ‫فالطعام مثالً ال يتصور أن يستعم‬
‫استعمالها ألو مرة يؤدي لهالكها متى أكلها اإلنسان هلكت‪ ،‬وهذا ما يسمى‬
‫باالستهالك المادي؛ ألنه يغير من طبيعة الشيء المستهلك‪ ،‬وقد يكون‬
‫االستهالك حكميًا‪ ،‬كذنفاق النقود والبضاعة المعروضة في المح ‪ ،‬ويسمى‬
‫حكميًا ألن ذاتية الشئ ت بقى كما هي فال النقود يفنى معدنها أو ورقها وال‬
‫البضاعة المعروضة تهلك ببيعها‪ ،‬وإنما تذهب من التاجر إلى غيره كذنفاق‬
‫النقود‪.‬‬

‫أما إذا كوان االسوتعما األو ال يوؤدي لهوالك موادة الشويء وال‬
‫إنفاقه‪ ،‬فذن هذا الشئ يعتبور غيور قابو لالسوتهالك‪ ،‬كالكتوب والمالبوس‬
‫واألثاث‪ ،‬فالكتب يمكن استعمالها مورات عديودة فوي االطوالع‪ ،‬والمالبوس‬
‫يمكن ارتداؤها مرات كثيرة‪ ،‬واألثاث يمكن استخدامه مددًا طويلة‪.‬‬

‫وهكذا‪ ،‬فتكرار االستعما بالنسبة لهذه األشياء ممكن؛ ولذلك تسمى غير‬
‫قابلة لالستهالك‪ .‬صحيح أن قيمته قد تق ‪ ،‬وتستهلك بمضي الزمن وتكرار‬
‫مرات كثيرة‪ ،‬لكن تبقى هناك حقيقة مؤكدة‪ ،‬وهي أنها ال تهلك‬ ‫االستعما‬
‫بمجرد االستعما أو باستعمالها المرة األولى‪ ،‬هذا ويالحظ هنا أن األص في‬
‫قابلية الشئ لالستهالك أو عدم قابليته هي طبيعة الشئ نفسه‪ ،‬وأثر االستعما‬
‫األو عليه‪ ،‬لكن إرادة األشخاص ذوي الشأن قد تتدخ في حاالت معينة‪،‬‬
‫فتغير من وصفه‪ ،‬فتجعله غير قاب لالستهالك رغم أنه أصالً‪ ،‬بحسب طبيعته‬
‫وما أعد له‪ ،‬قاب لالستهالك‪ ،‬فمثالً الخضر والفاكهة أصالً أشياء غير قابلة‬
‫لالستهالك‪ ،‬إال أنها إذا استعملت لوضعها في معرض فقط‪ ،‬فذنها تعتبر غير‬
‫قابلة لالستهالك‪ ،‬فتغيير استعمالها من قب ذوي الشأن هو الذي غير وصفها‪.‬‬

‫‪301‬‬
‫أهمية التقسيم‪ :‬تظهر أهمية تقسيم األشياء إلى قابلة لالستهالك وغير‬
‫قابلة لالستهالك في ناحيتين‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬هناك عقود تولد حقوقًا شخصية ال ترد إال على أشياء غير قابلة‬
‫لالستهالك‪ ،‬وهذه هي العقود التي تعطي الحق في االنتفاع بشئ مملوك للغير‬
‫مدة معينة ثم يرد هذا الشئ بعد ذلك لمالكه‪ ،‬ومثالها اإليجار والعارية‪،‬‬
‫فالمستأجر يحق له االنتفاع بالعين المؤجرة ثم ردها للمؤجر في نهاية مدة‬
‫اإليجار‪ ،‬وكذلك في العارية حيث يحق للمستعير أن ينتفع بالشيء المعار بدون‬
‫مقاب ثم يرده بعد ذلك‪ .‬في هذه العقود ال يتصور أن يكون الشئ المؤجر أو‬
‫المعار قابالً لالستهالك وإال لهلك بمجرد استعما المستأجر أو المستعير له‬
‫والستحا رده‪.‬‬

‫ثانيًا‪ :‬كذلك بالنسبة لبعض الحقوق العينية‪ ،‬فذنها ال يمكن أن ترد إال على‬
‫األشياء غير القابلة لالستهالك‪ ،‬وهي الحقوق العينية المقررة لشخص على ما‬
‫مملوك للغي ر‪ ،‬كحق االنتفاع وحق االستعما فال يتصور أن ترد هذه الحقوق‬
‫على أشياء قابلة لالستهالك‪ ،‬وإال كان معنى استعما الغير لها هالكها وفقدان‬
‫المالك لها‪.‬‬

‫المطلب الثالث‬

‫األشياء العقارية واألشياء المنقولة‬

‫تقسيم األشياء إلى عقارية ومنقولة يعتبر أقدم التقسيمات وأهمها؛ ألنه‬
‫تترتب عليه نتائج بالغة األهمية‪ ،‬وقد تعرضت المادة ‪ 13‬مدني لهذا التقسيم‬
‫بقولها‪ - " :‬ك شئ مستقر بحيزه ثابت فيه ال يمكن نقله منه دون تلف فهو‬
‫عقار‪ ،‬وك ما عدا ذلك من شئ فهو منقو ‪ -3 .‬ومع ذلك يعتبر عقارًا‬
‫بالتخصيص المنقو الذي يضعه صاحبه في عقار يملكه رصدًا على خدمته أو‬
‫استغالله"‪.‬‬

‫‪300‬‬
‫شئ ال يصدق عليه هذا‬ ‫هذا النص يعرف العقار ويقضي بأن ك‬
‫التعريف يعتبر منقوالً‪ .‬وسنتولى بيان المقصود بالعقار ثم نوضح معنى‬
‫المنقو ‪.‬‬

‫أو ًال ‪ :‬العقــار‬

‫طبقًا لنص المادة سوالفة الوذكر فوذن العقوار هوو الشوئ المسوتقر‬
‫بحيزه الثابت فيه‪ ،‬بحيث ال يمكن نقله منه بودون تلوف‪ .‬وهوذا موا يطلوق‬
‫عليه العقار بطبيعته‪ ،‬نظرًا ألن وصفه بهوذا الوصوف يتفوق موع حقيقتوه‪،‬‬
‫لكن النص السوالف أضواف نوعًوا ثانيًوا مون العقوارات أسوماه العقوار‬
‫بالتخصيص‪ ،‬وهو شئ في األص وحسوب حقيقتوه يعتبور منقووالً‪ ،‬لكون‬
‫تخصيصه لخدمة عقار هوو الوذي يبورر إطوالق وصوف العقوار عليوه‬
‫وار‬
‫ون العقو‬
‫وتكلم عو‬
‫وم نو‬
‫وه‪ ،‬ثو‬
‫وار بطبيعتو‬
‫ون العقو‬
‫وتكلم أوالً عو‬
‫وازًا‪ .‬ونو‬
‫مجو‬
‫بالتخصيص‪.‬‬

‫أ ‪ -‬العقار بطبيعته‪:‬‬

‫ال هو الشئ المستقر بحيزه‪ ،‬الثابت في‬


‫العقار بطبيعته كما ذكرنًا حا ً‬
‫مكانه‪ ،‬بحيث ال يمكن نقله من مكانه دون أن يتلف‪.‬‬

‫‪ -‬فاألراضي بجميع أنواعها تعتبر عقارًا‪ ،‬ويشم ذلك سطحها وباطنها‬


‫وما يوجد فيها من معادن‪ ،‬على أنه إذا انفصلت أجزاء من األرض وصارت‬
‫مستقلة عنها أصبحت منقوالً‪ ،‬كالمعادن التي تستخرج من باطن األرض‬
‫واألحجار واألتربة‪.‬‬

‫‪ -‬كذلك المباني تعد عقارًا‪ ،‬أيًا كان نوع هذه المباني‪ ،‬سواء أكانت معدة‬
‫للسكن أو للمصانع أو كانت قناطر أو سدودًا أو خزانات أو مخابئ‪ .‬وهي تعد‬
‫عقارًا حتى لو كانت مؤقتة‪ ،‬كمباني المعارض إنما ال تعتبر األكشاك الخشبية‬
‫التي توضع على األرض من المباني التي تعد عقارات؛ ألن هذه األكشاك يمكن‬

‫‪302‬‬
‫فكها ونقلها من مكانها دون أن تتلف‪ .‬وك شيء متص بالمبنى بحيث يعتبر‬
‫مكمالً له يعد عقارًا‪ ،‬ومثا ذلك األبواب والشبابيك وأنابيب المياه والصنابير‬
‫والمصاعد‪.‬‬

‫‪ -‬وتعتبر أيضًا عقارات األشجار المغروسة في األرض والثمار‬


‫المتصلة بهذه األشجار‪ ،‬أما األشجار المزروعة في أوعية يمكن نقلها من مكان‬
‫آلخر‪ ،‬فذنها ال تعتبر عقارًا‪ ،‬كذلك األشجار المغروسة في األرض بعد فصلها‬
‫عنها‪ ،‬والثمار بعد قطفها‪ ،‬ال تعد عقارًا‪ ،‬ب تصير منقوالً‪.‬‬

‫ب ‪ -‬العقار بالتخصيص‪:‬‬

‫بعد أن عرفت المادة ‪ 13‬مدني العقار بطبيعته أضافت‪" :‬ومع ذلك يعتبر‬
‫عقارًا بالتخصيص المنقو الذي يضعه صاحبه في عقار يملكه رصدًا على‬
‫خدمته واستغالله"‪.‬‬

‫فالعقار ب التخصيص هو في األص منقو ؛ ألنه شئ غير ثابت بحيزه‪،‬‬


‫ويمكن نقله من مكانه دون أن يتلف‪ ،‬ولكن القانون أسبغ عليه وصف العقار‪،‬‬
‫نظرًا ألنه مخصص لخدمة عقار واستغالله‪ .‬وتشترط هذه المادة لكي يكون‬
‫هناك عقار بالتخصيص شرطين‪:‬‬

‫الشرط األو ‪ :‬اتحاد مالك العقار والمنقو ‪:‬‬

‫يشترط أن يكون العقار والمنقو مملوكين لشخص واحد‪ ،‬فذذا كان مالك‬
‫العقار غير مالك المنقو فذن المنقو المرصود لخدمة العقار واستغالله ال‬
‫يكتسب وصف العقار بالتخصيص‪ ،‬فلو أن مستأجر األرض الزراعية خصص‬
‫لخدمتها آالت ومواش مملوكة له‪ ،‬فذن هذه اآلالت والمواشي ال تكون عقارًا‬
‫بالتخصيص‪ ،‬وكذلك إذا استأجر مالك هذه األرض تلك المواشي واآلالت‬
‫ورصدها لخدمة أرضه واستغاللها فلن تكتسب وصف العقار بالتخصيص؛ ألنه‬
‫في المثالين مالك العقار غير مالك المنقو ‪.‬‬

‫‪303‬‬
‫والحكمة من اشتراط هذا الشرط أن فكرة العقار بالتخصيص تقوم على‬
‫صلة التبعية بين المنقو والعقار‪ .‬هذه الصلة ال تكون لها صفة االستقرار إال‬
‫باتحاد المالك‪ ،‬ثم إن الغرض الذي يهدف إليه المشرع من فكرة العقار‬
‫بالتخصيص ال يتحقق إال باتحاد المالك‪ ،‬فقد رمى المشرع إلى الحيلولة دون‬
‫الحجز على المنقو منفصالً عن العقار في هذه الحالة‪ ،‬حتى ال يتعط استغال‬
‫العقار بسبب استبعاد المنقوالت التي كانت تخدمه‪ .‬وتفادى الحجز على العقار‬
‫ال عن المنقو ال يتحقق إذا كان مالك المنقو غير مالك العقار‪.‬‬
‫مستق ً‬

‫الشرط الثاني‪ :‬تخصيص المنقو لخدمة العقار واستغالله‪:‬‬

‫أن يقوم المالك‬ ‫يشترط عالوة على اتحاد مالك العقار والمنقو‬
‫بتخصيص المنق و لخدمة العقار واستغالله‪ ،‬وسواء كان هذا االستغال زراعيًا‬
‫أو صناعيًا أو تجاريًا‪ ،‬فاآلالت والمواشي التي يخصصها صاحبها لحرث‬
‫األرض وريها وجني المحصو ‪ ،‬تعتبر عقارات بالتخصيص‪ ،‬وكذلك األمر‬
‫بالنسبة آلالت المصنع والسيارات التي تتولى نق المواد الخام الالزمة للصناعة‬
‫أو المنتجات المصنعة‪ .‬نفس الشيء بالنسبة للموائد والكراسي وأدوات األك‬
‫التي تخصص للمطعم واألثاث الذي يمكن من استغال الفندق ‪ ..‬وهكذا‪ ،‬لكن‬
‫يشترط أن يكون المنقو مخصصًا لخدمة العقار نفسه ال لخدمة مالكه‪ ،‬فالسيارة‬
‫التي يستخدمها صاحب المصنع في تنقالته الخاصة ال تعتبر عقارًا‬
‫بالتخصيص‪ ،‬إنما يصدق هذا الوصف على السيارة التي تستخدم في نق المواد‬
‫الخام الالزمة للمصنع أو في نق منتجاته‪.‬‬

‫وال يشترط أن يكون المنقو مخصصًا لخدموة العقوار الملحوق بوه‬


‫فقط‪ ،‬ب يمكن أن يخدم عقارًا آخر للمالك نفسوه أيضًوا‪ ،‬إنموا يجوب فوي‬
‫هذه الحالة أن تكون خدمته للعقار الملحق به هي الغالبة‪.‬‬

‫وال يشترط أن يكوون المنقوو ضوروريًا السوتغال العقوار‪ ،‬بو‬


‫يكفي أن يخصص لخدمته واستغالله مادام يقووم بودور فوي اسوتغال هوذا‬

‫‪304‬‬
‫العقار‪ ،‬ويكون مفيدًا له علوى وجوه أو آخور‪ .‬كموا ال يشوترط أن يكوون‬
‫التخصيص بصفة دائمة‪ ،‬ب يكتسب المنقوو وصوف العقوار بالتخصويص‬
‫حتى لو كوان هوذا التخصويص مؤقتًوا‪ ،‬كموا لوو رصود مالوك األرض‬
‫الزراعية آلة ري لهذه األرض مدة معينة‪ ،‬ثوم بواع هوذه اآللوة بعود مودة‬
‫قصيرة‪.‬‬

‫اآلثار المترتبة على اعتبار المنقو عقارًا بالتخصيص‪:‬‬

‫يهدف المشرع من فكرة العقار بالتخصيص إلى ضمان حسن استغال‬


‫العقار بطبيعته الذي تخصص المنقوالت لخدمته أو استغالله؛ ولذلك فاآلثار‬
‫القانونية التي تترتب على اعتبار هذه المنقوالت عقارًا بالتخصيص تنحصر في‬
‫الحدود التي تحقق هذا الهدف‪ ،‬وبناء على ذلك‪:‬‬

‫ال يجوز الحجز على العقار بالتخصيص مستقالً عن العقار‬ ‫( )‬


‫بطبيعته‪ ،‬كما أن التنفيذ على العقار بطبيعته يشم العقارات بالتخصيص التي‬
‫تلحق به‪.‬‬

‫أيضًا العقارات‬ ‫(‪ )3‬التصرفات التي ترد على العقار بطبيعته تشم‬
‫بالتخصيص‪ .‬وقد نصت المادة ‪ 120‬مدني على أن‪" :‬يشم الرهن ملحقات‬
‫بوجه خاص ‪ ...‬والعقارات‬ ‫العقار المرهون التي تعتبر عقارًا‪ ،‬ويشم‬
‫بالتخصيص ‪. "...‬‬

‫ولكن يالحظ هنا أن وحدة القواعد التي تسري على العقار بطبيعته‬
‫والعقارات بالتخصيص في هذه الفروض أساسها قصد ذوي الشأن‪ ،‬فالقانون‬
‫يقرر ذلك على أساس أن المتعاملين‪ ،‬وخاصة مالك العقار‪ ،‬قد أرادوا ذلك‪،‬‬
‫ما بين العقار والمنقوالت الملحقة عند‬ ‫فالمالك له الحرية في أن يفص‬
‫التصرف‪ ،‬بأن يبيع مثالً العقار فقط دون المنقوالت‪ ،‬كما أن له أن يسمح لدائنه‬
‫بأن يحجز على المنقوالت مستقلة عن العقار الذي تخدمه‪ ،‬وهو في ك األحوا‬

‫‪305‬‬
‫يستطيع أن يزي صفة العقار بالتخصيص عن المنقوالت بأن ينهي تخصيصها‬
‫لخدمة العقار أو استغالله‪ .‬وعندئذ تعود إلى الوصف الحقيقي لها كمنقوالت‬
‫وتعام قانونًا على هذا األساس‪.‬‬

‫ثانيًا ‪ :‬المنقول‬

‫المنقو هو الشئ غير الثابت بحيزه‪ ،‬والذي يمكون نقلوه مون مكانوه‬
‫ال‬
‫دون أن يتلف‪ .‬والشئ الذي يصودق عليوه هوذا التعريوف يسومى منقوو ً‬
‫بطبيعته‪ ،‬وإلى جانوب المنقوو بطبيعتوه توجود أشوياء تسومى منقووالت‬
‫بحسب المآ ؛ ألنها فوي حقيقتهوا عقوارات‪ ،‬لكون نظورًا ألنهوا ستصوير‬
‫منقوالت في وقت قريب‪ ،‬فذننا نسميها بحسب ما سوتئو إليوه‪ .‬وفيموا يلوي‬
‫نتكلم عن المنقو بطبيعته‪ ،‬ثم بعد ذلك نتكلم عن المنقو بحسب المآ ‪.‬‬

‫أ ‪ -‬المنقول بطبيعته‪:‬‬

‫المنقو بطبيعته‪ ،‬كما قلنا‪ ،‬هو الشئ غير الثابوت فوي مكانوه الوذي‬
‫يمكن نقله منه دون أن يتلف أو يتغير‪ .‬ويشترط أال يكوون هوذا الشوئ قود‬
‫اكتسب وصف العقوار بالتخصويص بذلحاقوه بخدموة عقوار واسوتغالله‪.‬‬
‫والمنقو بطبيعته قد يكون شيئًا معنويًوا ال يودرك بوالحس ولكون بالتخيو‬
‫والفكر‪ ،‬وذلك مث األفكار المبتكرة التوي تكوون محو الحوق الوذهني أو‬
‫المعنوي‪.‬‬

‫ويعتبر الشيء منقوالً طالما كوان يمكون نقلوه مون مكانوه دون أن‬
‫يتلف حتى لو ظ في مكانه هذا مدة طويلوة لوم ينقو بالفعو ‪ ،‬فاألكشواك‬
‫الخشبية التي تقام على شواطئ االستحمام أو علوى األرصوفة لمودة‪ ،‬مهموا‬
‫طالت‪ ،‬تعتبر منقوالت ألنه يمكون نقلهوا مون مكانهوا دون أن تتلوف‪ ،‬وال‬
‫يهم بعد ذلك قيمة الشئ أو حجمه‪ ،‬فالسوفينة والطوائرة كو منهموا يعتبور‬
‫ال شأنه شأن الكتاب أو الحقيبة‪.‬‬
‫منقو ً‬

‫‪306‬‬
‫ب‪ -‬المنقول بحسب المآل‪:‬‬

‫المنقو بحسب المآ كما قلنا هو شئ فوي حقيقتوه ووضوعه الحوالي‬


‫يعتبر عقارًا؛ ألنه ثابت في مكانوه مسوتقر بحيوزه‪ ،‬وال يمكون نقلوه مون‬
‫مكانه دون أن يتلف أو يتغيور‪ ،‬ولكون نظورًا ألن مصويره القريوب هوو‬
‫االنفصا عن أصله وصويرورته منقووالً‪ ،‬فذننوا نسوميه منقووالً بحسوب‬
‫المآ أي بحسب ما سيو إليه‪ .‬ويشترط لكي يعتبور الشوئ منقووالً بحسوب‬
‫المآ شرطان‪:‬‬

‫الشرط األو ‪ :‬أن تتجه إرادة ذوي الشوأن إلوى فصو الشوئ عون‬
‫أصله‪ ،‬بحيث يكون المصوير الحتموي هوو االنفصوا ‪ ،‬كاألشوجار المعودة‬
‫للقطع‪ ،‬والثمار المعدة للقطف‪ ،‬والبناء المعد للهدم‪.‬‬

‫الشرط الثاني‪ :‬أن يكون هذا االنفصا قريوب الوقووع‪ ،‬بحيوث أنوه‬
‫ال يبقى إال مدة قصيرة وينفص الشوئ عون أصوله الثابوت فيوه ويصوير‬
‫منقوالً‪ .‬ولهذا نوص قوانون المرافعوات فوي الموادة ‪ 250‬علوى أنوه‪" :‬ال‬
‫يجوز حجز الثمار المتصلة وال المزروعوات القائموة قبو نضوجها بوأكثر‬
‫من خمسة وأربعين يومًا"‪ .‬فالمشرع قد اعتبور الثموار والمزروعوات رغوم‬
‫اتصالها باألرض منقوالً يحجوز عليوه بطريقوة الحجوز علوى المنقوو ‪،‬‬
‫ولكن اشترط العتبارها منقوالت أن يكوون انفصوالها عون األرض قريوب‬
‫الوقوع‪ ،‬أي سيتم بعود مودة أقصواها خمسوة وأربعوون يومًوا‪ .‬وإذا كوان‬
‫المشرع قد حدد في هذه الحالة المدة التي يتم بعودها االنفصوا ‪ ،‬فذنوه فوي‬
‫الحاالت األخرى يترك تحديد هذه المودة لسولطة القاضوي التقديريوة‪ ،‬فهوو‬
‫الذي يقدر مثالً في حالة البناء المعد للهدم المودة التوي يجوب هودم البنواء‬
‫ال بحسب المآ ‪.‬‬
‫في خاللها حتى يعتبر منقو ً‬

‫‪307‬‬
‫أحكام المنقول بحسب المآل‪:‬‬

‫يترتب على اعتبار الشيء منقووالً بحسوب الموآ أن تسوري عليوه‬


‫القواعد الخاصة بالمنقو ‪ ،‬رغم أنوه فوي حقيقتوه وفوي حالتوه الحاضورة‬
‫يعتبر عقارًا‪ .‬وبناء على ذلك‪:‬‬

‫وى‬
‫وة إلو‬
‫ودون حاجو‬
‫وآ ‪ ،‬تنتق و بو‬
‫وب المو‬
‫وو بحسو‬
‫وة المنقو‬
‫( ) ملكيو‬
‫التسجي ‪ ،‬فذذا بيع المنز علوى أنوه أنقواض‪ ،‬انتقلوت ملكيتوه دون حاجوة‬
‫إلى التسجي ‪.‬‬

‫(‪ )3‬النزاع بشأن المنقو بحسب المآ ‪ ،‬تخوتص بوه المحكموة التوي‬
‫يقع في دائرتها موطن المودعى عليوه‪ ،‬ولويس المحكموة التوي يقوع فوي‬
‫دارتها العقار‪.‬‬

‫(‪ )2‬دعاوى الحيازة‪ ،‬ال تحمي مالك المنقو بحسب المآ ‪.‬‬

‫(‪ )0‬يجوز للدائنين أن يوقعوا الحجز علوى المنقوو بحسوب الموآ‬


‫بطريقة حجز المنقو ‪ ،‬وليس بطريقة التنفيذ على العقار‪.‬‬

‫أهمية تقسيم األشياء إلى عقارات ومنقوالت‪:‬‬

‫وم‬
‫ور أهو‬
‫ووالت يعتبو‬
‫وارات ومنقو‬
‫وى عقو‬
‫وياء إلو‬
‫ويم األشو‬
‫وا إن تقسو‬
‫قلنو‬
‫التقسيمات‪ ،‬وذلك نظرًا لخطورة اآلثار التوي تترتوب علوى اعتبوار الشوئ‬
‫عقارًا أو منقوالً‪ .‬ويظهر ذلك مما يلي‪:‬‬

‫( ) هناك من الحقوق العينيوة موا ال يورد إال علوى عقوار‪ ،‬وهوي‬


‫الحكر واالرتفاق والسكنى وحوق االختصواص والورهن الرسومي‪ .‬وأموا‬
‫الحقوق العينية األخورى فتورد علوى العقوار والمنقوو ‪ ،‬وهوي الملكيوة‬
‫واالستعما واالنتفاع والرهن الحيازي واالمتياز‪.‬‬

‫(‪ )3‬ال تنتق ملكية العقار وال تنشأ الحقووق العينيوة عليوه إال بشوهر‬

‫‪308‬‬
‫التصرف القانوني بالتسجي أو القيود‪ .‬أموا بالنسوبة للمنقوو فوذن ملكيتوه‬
‫تنتق ‪ ،‬والحقوق العينية عليه تنشأ بمجرد العقد‪.‬‬

‫(‪ )2‬دعاوى الحيازة ال تحمي حوائز المنقوو ‪ ،‬فحمايتهوا مقصوورة‬


‫على حيازة العقار‪.‬‬

‫(‪ )0‬حيازة المنقو مع وجود حسون النيوة لودى الحوائز‪ ،‬والسوبب‬


‫الصحيح‪ ،‬يكسب الملكية أو الحق العينوي علوى المنقوو فوي الحوا ‪ ،‬دون‬
‫اشتراط استمرار الحيازة مودة معينوة‪ ،‬واألمور علوى خوالف ذلوك فوي‬
‫العقار‪ ،‬حيث يشوترط حتوى توؤدي حيازتوه الكتسواب ملكيتوه أو الحوق‬
‫العيني عليه أن تستمر هذه الحيازة مدة تختلف حسب األحوا ‪.‬‬

‫(‪ )5‬الشفعة‪ ،‬وهي عبوارة عون رخصوة تجيوز للشوريك والجوار‬


‫الحلو مح المشتري‪ ،‬ال نجووز إال فوي العقوار‪ ،‬فوال وجوود لهوا فوي‬
‫المنقو ‪.‬‬

‫(‪ )0‬من حيث التنفيذ على ما المودين فوذن طورق الحجوز تختلوف‬
‫بالنسبة للمنقو عن العقار‪.‬‬

‫األموال العقارية واألموال المنقولة‪:‬‬

‫إلى جانب تقسيم األشياء إلى عقارات ومنقوالت‪ ،‬فذن األموا نفسها‪ ،‬أي‬
‫الحقوق المالية‪ ،‬يمكن أن تكون أمواالً عقارية أو أمواالً منقولة‪ .‬وقد نصت‬
‫المادة ‪ 12‬مدني على أنه‪ - " :‬يعتبر ماالً عقاريًا ك حق عيني على عقار ‪...‬‬
‫ال منقوالً ما عدا ذلك من الحقوق المالية"‪.‬‬
‫‪ -3‬ويعتبر ما ً‬

‫األموا العقارية‪:‬‬

‫األموا العقارية طبقًا للنص السوالف الوذكر هوي الحقووق العينيوة‬


‫التي ترد على عقار‪ ،‬والدعاوى التي تتعلق بحق عيني على عقار‪.‬‬

‫‪309‬‬
‫والحقوق العينية التي ترد علوى العقوار فقوط هوي حوق االرتفواق‬
‫وحق السكنى وحق الحكر والرهن الرسومي واالختصواص‪ .‬وهوذه تعتبور‬
‫دائمًا أمواالً عقارية‪ ،‬أما الحقوق العينية األخورى‪ ،‬وهوي الملكيوة واالنتفواع‬
‫واالستعما والرهن الحيوازي‪ ،‬واالمتيواز‪ ،‬فذنهوا قود تقوع علوى عقوار‪،‬‬
‫ال‬
‫وعندئذ تسمى أمواالً عقارية‪ ،‬وقد تقع على منقوو ‪ ،‬وعندئوذ تسومى أمووا ً‬
‫منقولة‪.‬‬

‫أما الدعاوى العقارية‪ ،‬فهي تلك التي تتعلق بحق عيني على عقار‪،‬‬
‫ومثالها دعوى استحقاق العقار‪ ،‬ودعوى تقرير حق ارتفاق على عقار الغير‪،‬‬
‫ودعوى الرهن الرسمي‪.‬‬

‫األموا المنقولة‪:‬‬

‫بعد أن حددت المادة ‪ 12‬مدني في فقرتها األولى المقصود بالما‬


‫ال ما عدا ذلك من الحقوق المالية"‪.‬‬
‫ال منقو ً‬
‫العقاري أضافت‪ ..." :‬ويعتبر ما ً‬

‫وبناء على ذلك‪ ،‬فذن األموا المنقولة تشم ‪:‬‬

‫( ) الحقوق العينية التي ترد على منقو ‪ ،‬كحق ملكية المنقو ‪ ،‬وحقوق‬
‫االنتفاع‪ ،‬واالستعما ‪ ،‬والرهن الحيازي‪ ،‬واالمتياز‪ ،‬إذا كان محلها منقوالً‪.‬‬

‫وا عم والً أو‬


‫وان محلهو‬
‫وواء أكو‬
‫وا‪ ،‬سو‬
‫وية عمومًو‬
‫ووق الشخصو‬
‫(‪ )3‬الحقو‬
‫امتناعًا عن عم ‪ ،‬حتى لو تعلق العم بشوئ موادي؛ ألن العمو واالمتنواع‬
‫عن العم يعتبران من قب األشياء المعنوية التي هي منقو دائمًا‪.‬‬

‫(‪ )2‬الحقوق المعنوية أو الذهنية عمومًا‪ ،‬كحق المؤلف‪ ،‬والحق في االسم‬


‫التجاري والعالمة التجارية‪.‬‬

‫باإلضافة لهذه الحقوق التي تعتبور أموواالً معنويوة فوذن الودعاوى‬


‫المتعلقة بما منقو تعتبر دعاوى منقولة‪ ،‬كدعوى المطالبة بالدين‪.‬‬

‫‪321‬‬
‫أهمية تقسيم األموال إلى عقارية ومنقولة‪:‬‬

‫تتضح أهمية هذا التقسيم مما يلي‪:‬‬

‫( ) من حيث إجراءات التنفيذ‪ ،‬فذن إجراءات الحجز على األموا‬


‫المنقولة أيسر من تلك التي تتبع بالنسبة لألموا العقارية‪.‬‬

‫(‪ )3‬التصرفات التي يقصد بها إنشاء أو نق حق عيني على عقار‪ ،‬يجب‬
‫أن تشهر بالتسجي أو القيد‪ .‬أما التصرفات التي تتعلق بالحقوق العينية على‬
‫المنقو أو الحقوق الشخصية‪ ،‬فال يجب بالنسبة لها الشهر‪.‬‬

‫(‪ )2‬بالنسبة لالختصاص القضائي‪ ،‬فذن الدعاوى العينية العقارية تختص‬


‫بها المحكمة التي يقع في دائرتها موقع العقار أو أحد أجزائه‪ ،‬أما الدعاوى‬
‫المنقولة‪ ،‬فذن االختصاص بها يكون للمحكمة التي يقع في دائرتها موطن‬
‫المدعى عليه‪.‬‬

‫‪320‬‬
‫المطلب الرابع‬
‫األشياء المثلية واألشياء القيمية‬

‫أساس التقسيم‪:‬‬

‫األشياء المثلية هي التي يقوم بعضها مقام بعض عند الوفاء‪ ،‬والتي تقدر‬
‫عادة بين الناس بالعدد أو المقاس أو الكي أو الوزن (مادة ‪ 15‬مدني)‪.‬‬

‫وهذه األشياء تُسمى أيضًا أشياء معينة بالنوع؛ ألنه يكفي في تعيينها أن‬
‫يذكر نوعها‪ ،‬وعدد الوحدات التي تقدر على أساسها‪ ،‬وذلك كعشرين أردب من‬
‫القمح أو عشرة أقال م أو خمسة أمتار من القماش أو رطلين من اللبن‪ ،‬وذلك‬
‫بحسب ما إذا كان الشئ يقدر في التعام بين الناس بالكي أو العدد أو المقاس‬
‫أو الوزن‪ ،‬والمالحظ في األشياء المثلية أن آحادها ال تتفاوت تفاوتًا يعتد به‪.‬‬

‫أما األشياء القيمية‪ ،‬فهي األشياء التي ال يقوم بعضها مقام بعض في‬
‫الوفاء‪ ،‬ومثلها سيارة معينة أو منز معين‪ .‬وهذه األشياء تسمي أيضًا أشياءً‬
‫معينة بالذات‪ ،‬نظرًا ألن تحديدها ينصب على ذاتيتها وليس على نوعها فقط‪،‬‬
‫فالسيارة المعينة بالذات تعين بنوعها وسنة صنعها ورقم محركها والرقم‬
‫الخاص بها في إدارة المرور‪ ،‬بحيث ال يمكن القو بأن سيارة أخرى تح‬
‫محلها في الوفاء أو أنه ليس هناك تفاوت بينها وبين السيارات األخرى‪ .‬ولكن‬
‫يالحظ هنا أن إرادة ذوي الشأن قد تلعب دورًا في وصف الشيء بأنه مثلي أو‬
‫قيمي‪ ،‬فالشيء الذي يعتبر في األص مثليًا كالحبوب أو النقود قد يصير بذرادة‬
‫ذوي الشأن قيميًا‪ ،‬فمث الً إذا اتفق تاجر مع مزارع على شراء خمسين أردبًا من‬
‫القمح يكون القمح في هذه الحالة مثليًا وهذا هو األص ‪ .‬أما إذا اتفق االثنان‬
‫على أن يشتري التاجر كمية القمح الموجودة في مخزن المزارع كلها أصبح‬
‫القمح قيميًا‪ ،‬أي معينًا بالذات‪ ،‬وكذلك إذا كانت األرض في األص شيئًا قيميًا‪،‬‬
‫أي معينًا بالذات‪ ،‬فقد تنقلب إلى شيء مثلى معين بالنوع فقط‪ ،‬كما إذا اشترت‬
‫شركة عقارية مساحة كبيرة من األرض وقامت بتقسيمها إلى أقسام متساوية‬
‫‪322‬‬
‫وباعتها بالقطعة‪ ،‬فذن هذه القطع المتعددة تعتبر أشياء مثلية‪.‬‬

‫أهمية التقسيم‪:‬‬

‫تظهر أهمية هذا التقسيم في الحاالت اآلتية‪:‬‬

‫( ) من حيث انتقا الملكية‪ :‬إذا كان الشيء مثليًا‪ ،‬أي معينًا بالنوع فقط‪،‬‬
‫إال باإلفراز‪ ،‬أي بأن يقوم‬ ‫كخمسين مترًا من القماش‪ ،‬فذن ملكيته ال تنتق‬
‫التاجر البائع مثالً بتجنيب هذا المقدار من القماش وفصله عن سائر ما عنده من‬
‫قماش‪ ،‬أما إذا كان الشيء قيميًا فذن الملكية تنتق بمجرد العقد‪ ،‬كما إذا وجدت‬
‫مع زمي حقيبة فأعجبتك وطلبت منه أن يبيعها لك فوافق‪ ،‬فهنا ملكيتها تنتق‬
‫إليك بمجرد العقد‪.‬‬

‫(‪ )3‬من حيث استحالة التنفيذ‪ :‬إذا استحا على الشخص الملتزم بنق‬
‫الملكية تنفيذ التزامه هذا نتيجة سبب أجنبي ال يد له فيه‪ ،‬وكان الشيء المطلوب‬
‫نق ملكيته مثليًا‪ ،‬فذن ذمة الملتزم ال تبرأ ويلتزم بتقديم شيئًا آخر غير الذي‬
‫استحا عليه نق ملكيته‪ ،‬أما إذا كان الشيء قيميًا فذن استحالة التنفيذ تؤدي‬
‫لبراءة ذمة الملتزم بنق الملكية‪ ،‬ومقاب ذلك تبرأ ذمة الشخص اآلخر من دفع‬
‫ثمن الشيء القيمي الذي هلك‪.‬‬

‫(‪ )2‬من حيث الوفاء‪ :‬إذا كان مح االلتزام شيئًا مثليًا فذن المدين يكون‬
‫قد وفى بالتزامه إذا أدى إلى الدائن من نوع الشيء المتفق عليه ومقداره كعشرة‬
‫أرادب من القمح مثالً‪ ،‬أما إذا كان مح االلتزام شيئًا قيميًا‪ ،‬فذن الوفاء ال يكون‬
‫إال بذات الشيء المتفق عليه‪ ،‬وال يجبر الدائن على قبو شيء غيره‪ ،‬كالتزام‬
‫بتسليم سيارة معينة مثالً‪.‬‬

‫‪323‬‬
‫المطلب الخامس‬

‫األشياء العامة واألشياء الخاصة‬

‫أساس التقسيم‪:‬‬

‫طبقًا لنص المادة ‪ 10‬مدني "تعتبر أمواالً عامة العقارات والمنقوالت‬


‫التي للدولة أو لألشخاص االعتبارية العامة‪ ،‬والتي تكون مخصصة لمنفعة عامة‬
‫بالفع أو بمقتضى قانون أو مرسوم أو قرار من الوزير المختص"‪.‬‬

‫وبناء على ذلك‪ ،‬فذن األشياء العامة هي األشياء التي تملكها الدولة‪،‬‬
‫والتي تكون مخصصة لمنفعة عامة‪ ،‬فيشترط إذن شرطان العتبار الشيء شيئًا‬
‫عامًا‪.‬‬

‫الشرط األو ‪ :‬أن يكون الشيء مملوكًا للدولة أو أحد األشخاص‬


‫االعتبارية العامة‪ ،‬كالمحافظات والمدن والقرى والجامعات والمؤسسات العامة‪.‬‬
‫ويستوي أن يكون هذا الشيء عقارًا‪ ،‬كالشوارع والجسور والكباري والسكك‬
‫الحديدية أو المستشفيات العامة أو المدارس الحكومية‪ ،‬أو يكون منقوالً‪ ،‬كاألثاث‬
‫واألدوات الموجودة بدواوين الحكومة أو مستشفياتها أو مدارسها أو القطع‬
‫األثرية الموجودة بالمتاحف‪.‬‬

‫الشرط الثاني‪ :‬أن تكون هذه األشياء مخصصة لمنفعة عامة‪،‬‬


‫والتخصيص للمنفعة العامة إما أن يكون بالفع ‪ ،‬أي يتاح االنتفاع بهذه األشياء‬
‫للجميع دون أن ينص على ذلك قانون أو مرسوم أو قرار أو يصدر بهذا‬
‫التخصيص قرار أو قانون‪.‬‬

‫متى توافر هذان الشرطان اعتبر الشيء عامًا‪ ،‬أما إذا تخلف أحدهما‬
‫اعتبر الشيء خاصًا‪ .‬ولهذا فذن الشيء الخاص هو الذي يملكه األفراد أو‬
‫يستطيعون تملكه وهذا يشم باإلضافة إلى ما يملكه األفراد األشياء التي تملكها‬
‫الدولة أو أحد فروعها ولكنها غير مخصصة للمنفعة العامة‪ ،‬كاألراضي‬

‫‪324‬‬
‫الزراعية التي تملكها الدولة وتقيم عليها مزارع خاصة بها وتسمى اصطالحًا‬
‫بالدومين الخاص‪.‬‬

‫أهمية التقسيم‪:‬‬

‫تظهر أهمية هذا التقسيم مما يلي‪:‬‬

‫( ) األشياء العامة ال يجوز التصرف فيها وإال كان التصرف باطالً‬


‫بطالنًا مطلقًا‪ ،‬وهذا على خالف األشياء الخاصة التي يجوز التصرف فيها‬
‫بجميع أنواع التصرفات في حدود النظام العام واآلداب‪.‬‬

‫إال أنه يالحظ أن حظر التصرف في األشياء العامة كان لعلة معينة‪،‬‬
‫وهي أن التصرف في هذه األشياء يتعارض مع تخصيصها للمنفعة العامة‪.‬‬
‫وبناء على ذلك فذنه إذا كان التصرف بشأن هذه األموا ال يعط االنتفاع العام‬
‫بها فذنه يكون صحيحًا؛ وعلى ذلك فذنه من الجائز أن ترخص الدولة لألفراد‬
‫بالصيد في األنهار والبحيرات العامة‪ .‬كما أن للمحافظات أن تؤجر جزءًا من‬
‫مبانيها‪ ،‬كتأجير المقاصف أو تأجير جزء من الطريق العام‪ ،‬مادام ذلك ال يعط‬
‫المرور فيه‪.‬‬

‫(‪ )3‬ال يجوز الحجز على األشياء العامة‪ ،‬بينما ذلك جائز بالنسبة‬
‫لألشياء الخاصة المملوكة لألفراد‪.‬‬

‫(‪ )2‬األشياء العامة ال يمكن تملكها بالتقادم‪ ،‬بينما ذلك ممكن بالنسبة‬
‫لألشياء الخاصة المملوكة لألفراد‪.‬‬

‫‪325‬‬
‫الباب الثالث‬

‫نشوء الحق واستعماله وانقضائه‬

‫الفصل األول‬

‫نشوء الحق (مصادر الحق)‬

‫لكي ينشأ الحق البد أن يكون هناك مصدر يستقي منه‪ ،‬والقانون يعتبر‬
‫المصدر الذي تستمد منه ك الحقوق‪ ،‬فال يمكن أن يوجد حق دون أن يعترف‬
‫به القانون ويقره‪ ،‬إال أن القانون يعلق وجود الحق على حدوث أمر معين‬
‫يحدده‪ .‬وهذا األمر يعتبر السبب المباشر للحق‪ ،‬أما القانون فهو السبب غير‬
‫المباشر لهذا الحق‪ .‬ونحن عندما نتكلم عن مصادر الحق إنما نعني المصدر‬
‫المباشر له‪ ،‬ومصادر الحق متعددة ولكن يمكن ردها جميعًا إلى مصدرين هما‬
‫منهما مبحثًا‬ ‫الواقعة القانونية والتصرف القانوني‪ .‬وفيما يلي نخصص لك‬
‫مستقالً‪.‬‬

‫‪326‬‬
‫المبحث األول‬

‫الواقعة القانونية‬

‫يقصد بالواقعة القانونية هو ك أمر يقع فيرتب القانون عليه أثرًا دون‬
‫اعتداد بذرادة اإلنسان في ترتيب هذا األثر‪ .‬والوقائع القانونية نوعان‪ :‬وقائع من‬
‫فع الطبيعة ووقائع من فع اإلنسان‪.‬‬

‫أوالً‪ :‬الوقائع الطبيعية‪:‬‬

‫الوقائع الطبيعية هي التي تحدث بفع الطبيعة دون أن يكون لإلنسان‬


‫دخ في حدوثها‪ ،‬ومثالها مرور الزمن الذي يترتب عليه حلو أج الدين أو‬
‫انقضاء االلتزام بالتقادم أو اكتساب حق بالتقادم‪ ،‬ومثاله أيضًا الفيضانات أو‬
‫الصواعق التي قد تؤدي إلعفاء المدين من الوفاء بااللتزام باعتبار أن هذه‬
‫الظواهر قوة قاهرة يستحي معها تنفيذ االلتزام‪ .‬ومن الوقائع الطبيعية أيضًا ما‬
‫يتعلق بالجماد أو الحيوان‪ ،‬كالتصاق الجدران الذي يترتب عليه التزامات‬
‫الجوار‪ ،‬وإنتاج المواشي لصغارها الذي يترتب عنه تملك صاحبها لهذا اإلنتاج‪،‬‬
‫وتعتبر واقعة طبيعية أيضًا األمور التي تحدث لإلنسان والقرابة التي تولد‬
‫التزامًا بالنفقة والوفاة التي تؤدي لنشوء الحق في اإلرث‪.‬‬

‫ثانيًا‪ :‬الوقائع التي من فعل اإلنسان‪:‬‬

‫هذه الوقائع أفعا تصدر من اإلنسان‪ ،‬ويرتب عليها القانون أثرًا دون أن‬
‫يعتد في ترتيب هذا األثر بذرادة اإلنسان؛ أي أن هذه اآلثار تنشأ‪ ،‬سواء أكان‬
‫اإلنسان يقصد ترتيبها أو ال يقصد ذلك‪.‬‬

‫ومن هذه الوقائع الفع الضار الذي ينشئ التزامًا بالتعويض‪ ،‬وبمعنى‬
‫آخر حقًا لشخص‪ ،‬فالشخص الذي يصيب بسيارته أحد المارة في الطريق يلتزم‬
‫بتعويض المصاب عن الضرر المادي واألدبي الذي أحدثته تلك اإلصابة‪.‬‬

‫‪327‬‬
‫وتطبيقًا لذلك تنص المادة ‪ 02‬مدني على أن "ك خطأ سبب ضررًا للغير‬
‫يلتزم من ارتكبه بالتعويض"‪ .‬وهنا يترتب على الفع نشوء االلتزام بالتعويض‬
‫رغم أن من ارتكب الخطأ لم تنصرف إرادته‪ ،‬وهو يرتكب الخطأ إلى دفع‬
‫تعويض المصاب‪ ،‬وحتى لو تصورنا أن مرتكب الفع الضار قد أتاه عمدًا فذن‬
‫من غير المعقو أن يكون قصده من تعمد اإلضرار هو التزامه بدفع التعويض‬
‫للمضرور‪.‬‬

‫وقد تكون الواقعة التي من فع اإلنسان أمرًا نافعًا‪ ،‬كما إذا وجد جار‬
‫حائط جاره يوشك أن يسقط‪ ،‬وكان الجار غائبًا عن منزله‪ ،‬فقام بترميم هذا‬
‫الحائط ليمنعه من السقوط؛ ففي هذه الحالة يعتبر الجار مالك الحائط قد استفاد‬
‫من فع جاره‪ ،‬وهذا ما يسمى في لغة القانون إثراء بال سبب‪ ،‬وهنا يرتب‬
‫القانون على هذا الفع النافع أثرًا معينًا‪ ،‬وهو التزام مالك الحائط بتعويض‬
‫الجار عما تكبده من نفقات في سبي ترميم الجدار‪ .‬هذا الحق الشخصي في‬
‫التعويض ينشأ لمصلحة الجار الذي قام بالترميم بمقتضى القانون‪ .‬والقانون في‬
‫ترتيبه لهذا الحق ال يضع اعتبارًا لما إذا كان الشخص الذي قام بالترميم قصد‬
‫أن ينشئ لنفسه حقًا شخصيًا أم ال؛ ألن هذا الحق ينشؤه القانون ترتيبًا على‬
‫العم الذي قام به هذا الشخص سواء أراد أو لم يرد ذلك‪.‬‬

‫كذلك األمر بالنسبة لالستي الء على شيء ال مالك له‪ ،‬فذنه يؤدي إلى‬
‫تملك الشخص لهذا الشيء‪ ،‬وهذا األثر وهو نشوء حق الملكية يرتبه القانون‬
‫على واقعة االستيالء دون نظر إلرادة الشخص الذي استولى على الشيء‪.‬‬
‫صحيح أن اإلنسان عندما يستولى على شيء فهو يفع ذلك بنية تملكه‪ ،‬أي أن‬
‫إرادته متجهة لترتيب األثر القانوني على الواقعة‪ ،‬ولكن القانون هنا يرتب األثر‬
‫ليس إعماالً التجاه اإلرادة وإنما من تلقاء نفسه دون النظر لهذا االتجاه‪.‬‬

‫‪328‬‬
‫المبحث الثاني‬

‫التصرف القانوني‬

‫معنى التصرف القانوني والفرق بينه وبين الواقعة القانونية‪:‬‬

‫التصرف القانوني هو اتجاه اإلرادة إلى إحداث أثر قانوني يرتبه القانون‬
‫إعماالً لها‪ .‬ومن هذا التعريف يتضح أنه في حالة التصرف القانوني يرتب‬
‫القانون أثرًا معينًا استجابة لإلرادة التي اتجهت إليه‪ ،‬فمثالً في عقد البيع يرتب‬
‫القانون عليه التزام البائع بتسليم المبيع ونق ملكيته إلى المشتري‪ ،‬ومن ناحية‬
‫أخرى التزام المشتري بدفع الثمن‪ .‬والقانون عندما يفع ذلك إنما يفعله تلبية‬
‫إلرادة ك من البائع والمشتري‪ ،‬فقد انصرفت نيته إلى دفع الثمن مقاب انتقا‬
‫ملكية المبيع‪ ،‬وهذه النوايا التي عبر عنها البائع والمشتري باإليجاب والقبو‬
‫هي التي أدت إلى أن يرتب القانون هذا األثر‪ .‬وكذلك في عقد اإليجار فذن‬
‫دفع‬ ‫المستأجر والمؤجر قد أراد أن ينتفع المستأجر بالعين المؤجرة مقاب‬
‫األجرة للمؤجر‪ ،‬فما كان من القانون إال أن أنشأ التزامًا على عاتق المؤجر‬
‫بتمكين المستأجر من االنتفاع بالعين المؤجرة‪ ،‬والتزامًا على المستأجر بدفع‬
‫األجرة‪ ،‬وذلك نزوالً على رغبة ذوي الشأن‪.‬‬

‫وهذا يوضح الفرق بين التصرف القوانوني والواقعوة القانونيوة‪ ،‬فقود‬


‫رأينا أن القانون يرتب األثر على الواقعوة القانونيوة بمجورد حودوثها دون‬
‫نظر لما إذا كان األفراد الذين صودرت مونهم الوقوائع قود أرادوا ترتيوب‬
‫هذا األثر أم ال‪ .‬أما في التصرف القوانوني فذنوه ال يرتوب هوذا األثور إال‬
‫وا إلرادة‬
‫ور احترامًو‬
‫وذا األثو‬
‫وب هو‬
‫وو يرتو‬
‫وه فهو‬
‫واه اإلرادة إليو‬
‫واالً التجو‬
‫إعمو‬
‫المتصرف‪.‬‬

‫نوعا التصرف القانوني‪ :‬التصرف القانوني إما أن يكون تصرفًا من‬


‫جانبين أو تصرف من جانب واحد‪.‬‬

‫‪329‬‬
‫أ‪ -‬التصرف القانوني من جانبين (العقد)‪:‬‬

‫يقصد بالتصرف القانوني من جانبين أو ما يسمى بالعقد توافق إرادتين‬


‫على إحداث أثر قانوني معين‪ .‬والعقود متعددة األنواع منها ما يقع على ملكية‬
‫الشيء‪ ،‬كعقد البيع أو عقد المقايضة‪ ،‬ومنها ما يقع على االنتفاع بالشيء‪،‬‬
‫كاإليجار والعارية‪ ،‬ومنها ما يكون محله عم كعقد العم والمقاولة‪.‬‬

‫ب‪ -‬التصرف القانوني من جانب واحد‪:‬‬

‫وهو الذي يتم بذرادة واحدة كالوصية التي تتم بذرادة الموصي ومنها‬
‫الوعد بجائزة الموجه إلى الجمهور‪ ،‬فمثالً إذا ضاع منك شيء فذنك تعلن عن‬
‫التزامك بدفع مبلغ معين للشخص الذي يعثر على هذا الشيء‪ ،‬فهذا الوعد تم‬
‫بذرادتك المنفردة يعتبر تصرفًا قانونيًا من جانب واحد‪.‬‬

‫مبدأ سلطان اإلرادة‪:‬‬

‫يتضح مما سبق أن اإلرادة هي جوهر التصرف القانوني بنوعيه‪ ،‬أي‬


‫سواء كان تصرفًا من جانبين‪ ،‬وهو العقد‪ ،‬أو تصرفًا من جانب واحد باإلرادة‬
‫المنفردة‪ ،‬ويعبر عن ذلك بمبدأ هام وشهير في مجا القانون يسمى مبدأ سلطان‬
‫اإلرادة‪ .‬ويقصد بمبدأ سلطان اإلرادة أمران‪:‬‬

‫األو ‪ :‬أن اإلرادة بذاتها كافية إلنشاء التصرف القانوني‪ ،‬وهذا يعني أنه‬
‫متى تم التعبير عن اإلرادة بأي صورة من الصور‪ ،‬فذنها تنتج اآلثار التي‬
‫يرتبها القانون فال يتقيد من يصدر منه التصرف بأي وسيلة تعبير معينة‪ ،‬ب‬
‫يعبر باللفظ أو اإلشارة أو الكتابة كما يختار‪ ،‬المهم أن تظهر إرادته التي هي‬
‫أمر نفسي داخلي إلى العالم الخارجي بأية وسيلة‪ .‬ومعنى هذا أن األفراد لهم‬
‫إجراء ما يشاءون من تصرفات‪ .‬كما أن لهم أال يتعاقدوا فال أحد يجبرهم على‬
‫إبرام عقود معينة‪ ،‬وإذا أقدموا على إبرام العقود فهم يتمتعون بحرية مناقشة‬
‫شروط العقد وبنوده المختلفة‪ ،‬وهذا ما يعبر عنه بالرضائية‪.‬‬
‫‪331‬‬
‫الثاني‪ :‬أن اإلرادة حرة في تحديد اآلثار التي تترتب على التصرف‬
‫القانوني متى كان ذلك في حدود النظام العام واآلداب؛ ولذلك فذنه عند تحديد‬
‫مضمون العقد وآثاره يبحث القاضي عن النية المشتركة للمتعاقدين ويلزمهم بما‬
‫انصرفت إليه نيتهم‪.‬‬

‫القيود التي ترد على مبدأ سلطان اإلرادة‪:‬‬

‫إذا كانت اإلرادة كافية بذاتها إلنشاء التصرف القانوني وهي حرة في‬
‫تحديد مضمون التصرف وآثاره‪ ،‬فذن ذلك يكون قاعدة عامة‪ ،‬وك قاعدة يرد‬
‫عليها استثناءات‪ ،‬وهناك قيود على مبدأ سلطان اإلرادة نشأت أو ازدادت على‬
‫إثر األخذ بالمذاهب االشتراكية وانتشارها‪ ،‬مما أدى لتدخ الدولة في معامالت‬
‫األفراد ونشاطهم بنية الحفاظ على المصلحة العامة ورعايتها‪ ،‬فأصبح اإلنسان‬
‫مجبرًا في بعض األحيان على إبرام عقود معينة‪ ،‬كعقد التأمين من المسئولية‬
‫عن حوادث السيارات‪ ،‬فقد صار هذا النوع من التأمين إجباريًا في معظم بالد‬
‫العالم‪ ،‬وذلك بعد أن انتشر استخدام السيارات وكثرت ضحايا حوادثها‪ ،‬وذلك‬
‫باإلضافة لوجود نوع معين من العقود يسمى عقود اإلذعان وفيها يجد اإلنسان‬
‫نفسه مضطرًا إلبرام عقد معين بشروط معينة ال يستطيع مناقشتها؛ ألنه في‬
‫حاجة ضرورية للخدمة أو السلعة التي تقع عليها هذه العقود‪ ،‬ومنها العقود التي‬
‫يبرمها المستهلكون مع مصلحة المياه أو الكهرباء‪ ،‬فهذه الهيئات تتمتع باحتكار‬
‫قانوني لتوزيع المياه أو الكهرباء‪ ،‬وتضع نماذج معينة للعقود ال تقب المناقشة‬
‫فيها‪ ،‬والمستهلك ال يستطيع االمتناع عن التعاقد ألنه ليس بذمكانه االستغناء‬
‫عن مث هذه األشياء؛ وبالتالي فهو يسلم بهذه الشروط دون مناقشة؛ ولذلك ال‬
‫أنه "أذعن" لتلك‬ ‫هنا إن المستهلك قد وافق على التعاقد‪ ،‬وإنما نقو‬ ‫يقا‬
‫الشروط؛ ومن هنا سميت هذه العقود "عقود اإلذعان"‪.‬‬

‫وعالوة على هذه القيود فذن هناك قيدًا آخر يعتبر أقدم القيود على مبدأ‬
‫سلطان اإلرادة وهو الشكلية‪ ،‬ومعنى الشكلية أن التصرف القانوني ال ينشأ إال‬

‫‪330‬‬
‫إذا تم التعبير عن اإلرادة في صورة معينة‪ ،‬كالكتابة الرسمية أو العرفية‪ ،‬ومن‬
‫حسن الحظ أن الشكلية في وقتنا الحاضر أصبحت استثناءً ال يوجد إال في‬
‫حاالت نادرة‪ ،‬أم ا القاعدة العامة‪ ،‬والمستقرة فهي الرضائية‪ ،‬أي كفاية اإلرادة‬
‫إلنشاء التصرف القانوني‪ ،‬متى تم التعبير عنها بأي وسيلة كانت‪ ،‬ومثا العقود‬
‫الشكلية عقد الرهن الرسمي‪ ،‬حيث ال ينعقد هذا العقد وال يرتب أثرًا إال إذا‬
‫حرر في ورقة رسمية ويقوم بذلك موظف مختص هو الموثق‪.‬‬

‫وم ثالها أيضًا عقد الشركة المدنية والتصرف في حقوق المؤلف‪ ،‬فهذه‬
‫العقود والتصرفات ال تنعقد إال إذا تمت كتابة‪ ،‬والكتابة المشترطة هنا هي‬
‫الكتابة العرفية فال يشترط أن يقوم بها موثق‪.‬‬

‫إال أنه يجدر التنبيه هنا إلى أن الكتابة‪ ،‬سواء أكانت رسمية أو عرفية إن‬
‫كانت شرطًا ل نشوء التصرف القانوني إال أنها ليست كافية‪ ،‬بمعنى أنه البد من‬
‫أن تعبر هذه الكتابة عن إرادة حقيقية وصحيحة لذوي الشأن؛ وبالتالي فذنه إذا‬
‫ثبت أن إرادة ذوي الشأن التي عبروا عنها بالكتابة إرادة معيبة لنقص أهلية‬
‫أحدهم أو ألن إكراهًا وقع عليه فذن كون التصرف مكتوبًا ال يمنع من الطعن‬
‫فيه لعدم صحة اإلرادة‪.‬‬

‫ويجب هنا أن نميز بين الكتابة التي هي شرط لصحة التصرف القانوني‬
‫والكتابة التي هي شرط لإلثبات فقط‪ ،‬ففي بعض األحيان يشترط القانون الكتابة‬
‫إلثبات التصرف القانوني‪ ،‬كما إذا ازدادت قيمة التصرف عن ألف جنيه‪ .‬في‬
‫ينشأ صحيحًا‬ ‫هذه الحالة ال يترتب على عدم الكتابة بطالن التصرف‪ ،‬ب‬
‫ويرتب آثاره‪ ،‬لكن عند المنازعة المتعلقة بهذا التصرف البد أن يثبته ذو الشأن‬
‫بالكتابة وإال فيكون اإلثبات بما يقوم مقام الكتابة‪ ،‬كذقرار المدعى عليه أو حلف‬
‫اليمين‪ ،‬وهذا على عكس ما يحدث في حالة الكتابة التي هي شرط إلنشاء‬
‫التصرف‪ ،‬حيث ال ينعقد وال يرتب أي أثر إال إذا كان مكتوبًا‪.‬‬

‫ومن ناحية أخرى يجب أن تميز بين الشكلية‪ ،‬أي اشتراط الكتابة النعقاد‬

‫‪332‬‬
‫التصرف القانوني وبين شهر التصرفات؛ ففي بعض األحيان يشترط القانون‬
‫لكي يحتج بالتصرف في مواجهة الغير أن يسج هذا التصرف أو يقيد بالشهر‬
‫العقاري‪ .‬ومثا ذلك عقد الرهن الحيازي؛ إذ يشترط قيده في الشهر العقاري‬
‫إذا كان محله عقار وال يكون نافذًا في حق الغير إال باتخاذ هذا اإلجراء‪ ،‬فهنا‬
‫يكون الرهن في ذاته صحيحًا ويرتب أثاره فيما بين المتعاقدين‪ ،‬ولكن ال يرتب‬
‫أثره في مواجهة الغير إال بالقيد‪.‬‬

‫شروط التصرف القانوني‬

‫ذكرنا فيما سبق أن التصرف القانوني هو اتجاه اإلرادة إلحداث أثر‬


‫قانوني يرتبه القانون إعماالً لها‪ .‬ويشترط لقيام التصرف القانوني عدة شروط‬
‫والسبب‪ ،‬باإلضافة لعنصر الشكلية في الحاالت التي‬ ‫هي‪ :‬الرضا والمح‬
‫يشترط فيها القانون ذلك‪.‬‬

‫أوالً‪ :‬الرضا‪:‬‬

‫يفترض التصرف القانوني اتجاه اإلرادة إلى إحداث أثر قانوني معين؛‬
‫وبالتالي البد أن يوجد الرضا الصحيح بهذا األثر‪.‬‬

‫فيلزم من ناحية أن يوجد الرضا‪ ،‬وهو يتحقق بصدور تعبير صريح أو‬
‫ضمني عن إرادة يعتد بها قانونًا‪ .‬فذذا كانت اإلرادة‪ ،‬معدومة‪ ،‬كما في حالة‬
‫المجنون أ و الصبي غير المميز‪ ،‬أو كانت غير جادة في االرتباط بالتصرف‬
‫القانوني‪ ،‬فال ينعقد هذا التصرف‪ ،‬كما يشترط في حالة التصرف القانوني من‬
‫جانبين (العقد) أن يتطابق التعبير عن إرادة الطرفين‪ .‬والتعبير الذي يصدر من‬
‫أحد الطرفين أوالً يسمى إيجابًا أما التعبير عن إرادة الطرف اآلخر بالرد على‬
‫األو فيسمى قبوالً‪ ،‬فيشترط إذن النعقاد العقد تطابق اإليجاب والقبو تطابقًا‬
‫تامًا‪ .‬ويستوي أن يتم التعبير عن اإلرادة بالكتابة أو شفاهة أو باإلشارة أو بأية‬
‫طريقة أخرى تد على حقيقة المقصود‪ .‬كما يستوي أن يصدر التعبير عن‬

‫‪333‬‬
‫اإلرادة من المتعاقد نفسه أو من نائبه كوليه أو وكيله‪ .‬ومن ناحية أخرى يلزم‬
‫أن يكون الرضا الموجود صحيحًا‪ ،‬أي يصدر عن ذي أهلية كاملة إلبرام‬
‫التصرف القانوني وأن يكون خاليًا من عيوب اإلرادة‪.‬‬

‫وقد سبق أن عرضنا لمسألة األهلية عند الكالم عن الخصائص‬


‫الشخصية‪ .‬ونشير هنا إلى المقصود بعيوب اإلرادة‪.‬‬

‫وعيوب اإلرادة هي الغلط والتدليس واإلكراه واالستغال ‪.‬‬

‫الغلط هو وهم يقوم في ذهن المتعاقد فيصور له األمر على غير حقيقته‪،‬‬
‫كمن يشتري ساعة من فضة مطلية بالذهب معتقدًا أنها من ذهب خالص‪.‬‬

‫والتدليس هو إيقاع المتعاقد في غلط عن طريق استخدام وسائ احتيالية‬


‫إليهام ه بغير الحقيقة‪ ،‬كالبائع الذي يريد بيع منزله بأكبر ثمن ممكن فيقدم إلى‬
‫المشتري مستندات مزورة تثبت أن المنز يدر إيرادًا كبيرًا ليخدعه ويجعله‬
‫يقدم على شرائه بناء على هذه الفكرة الكاذبة‪.‬‬

‫واإلكراه هو الضغط على إرادة شخص عن طريق تهديده بخطر جسيم‬


‫محدق يولد في نفس ه رهبة تدفعه إلى التعاقد كمن يهدد شخصًا أنه سيضربه أو‬
‫أنه سيخطف ابنه لكي يدفعه إلى أن يهبه ماالً أو يبيعه شيئًا‪.‬‬

‫واالستغال هو الغبن الذي يصيب المتصرف نتيجة انتهاز المتعاقد معه‬


‫لطيشه البين أو هواه الجامح‪ .‬كالزوجة الشابة التي تستغ حب زوجها المسن‬
‫لها فتجعله يهبها ماله‪.‬‬

‫ثانيًا‪ :‬المح ‪:‬‬

‫لك تصرف قانوني مح ينصب عليه‪ ،‬فالهبة محلها الشيء الموهوب‪،‬‬


‫والبيع محله الشيء المبيع والثمن‪ .‬ويلزم لصحة التصرف القانوني أن يكون له‬
‫مح ‪ ،‬ويشترط في هذا المح شروط معينة سبقت اإلشارة إليها بصدد العم ‪،‬‬
‫كمح للحق وهي أن يكون موجودًا إذا تعلق األمر بشيء معين وممكنًا إذا كان‬

‫‪334‬‬
‫ال للتعيين‪ ،‬وأخيرًا يشترط أن يكون مشروعًا‪.‬‬
‫ال وأن يكون معينًا أو قاب ً‬
‫مح ً‬

‫ثالثًا‪ :‬السبب‪:‬‬

‫اإلرادة المدركة الجادة ال تتجه إلى ترتيب األثر القانوني إال بناء على‬
‫سبب يدفعها إلى ذلك‪ .‬والسبب هو الباعث الذي يدفع المتصرف إلى االلتزام‬
‫بتصرفه‪ ،‬فالبائع يلتزم بنق ملكية المبيع لرغبته في الحصو على الثمن من‬
‫المشتري‪ ،‬وكذلك المشتري تتجه نيته إلى دفع الثمن مقاب حصوله على ملكية‬
‫المبيع‪ .‬وهكذا ويشترط أن يكون لك تصرف قانوني سبب مشروع‪ ،‬فال يكفي‬
‫وجود السبب‪ ،‬وإنما يشترط أيضًا مشروعيته‪ ،‬فمن يهب ماالً المرأة بغرض‬
‫دفعها إلى معاشرته معاشرة غير مشروعة تكون هبته باطلة‪ ،‬ومن يستأجر‬
‫ال وهكذا‪.‬‬
‫ال ليأوي فيه الفارين من العدالة يعتبر عقده باط ً‬
‫منز ً‬

‫رابعًا‪ :‬الشكلية‪:‬‬

‫قد يشترط القانون النعقاد بعض التصرفات شرطًا شكليًا معينًا‪ ،‬كالكتابة‬
‫الرسمية في الرهن الرسمي أو الكتابة العرفية في الشركة؛ فعندئذ البد من‬
‫استيفاء هذا الشك وإال كان التصرف القانوني باطالً‪.‬‬

‫جزاء تخلف شروط التصرف القانوني‪:‬‬

‫يترتب على تخلف شرط من الشروط السابقة بطالن التصرف القانوني‪.‬‬


‫والبطالن نوعان‪ :‬بطالن مطلق وبطالن نسبي‪.‬‬

‫أوالً‪ :‬البطالن المطلق‪:‬‬

‫البط الن المطلق يعني اعتبار التصرف القانوني غير موجود؛ وبالتالي ال‬
‫ينتج أي أثر من آثاره‪ ،‬سواء في الماضي أو المستقب ‪ ،‬وهذا البطالن يستطيع‬
‫أي ذي شأن أن يتمسك به وتحكم به المحكمة من تلقاء نفسها‪ ،‬كما أنه ال يصح‬
‫باإلجازة إال أن دعوى البطالن المطلق تسقط بمضي خمس عشرة سنة من‬

‫‪335‬‬
‫وقت العقد ولكن الدفع به ال يتقادم‪.‬‬

‫ويبط التصرف القانوني بطالنًا مطلقًا في األحوا اآلتية‪:‬‬

‫(أ) انعدام الرضا لصدوره من عديم األهلية أو لعدم تطابق اإلرادتين في‬
‫حالة التصرف القانوني من جانبين (العقد) أو إلكراه مادي أو انعدام إرادة‬
‫المتصرف‪.‬‬

‫(ب) انعدام المح أو عدم مشروعيته‪.‬‬

‫(جو) انعدام السبب أو عدم مشروعيته‪.‬‬

‫(د) تخلف ركن الشك في الحاالت التي يشترط فيها القانون ذلك كتخلف‬
‫الرسمية في الرهن الرسمي‪.‬‬

‫ثانيًا‪ :‬البطالن النسبي‪:‬‬

‫البطالن النسبي يعني أن التصرف القانوني موجود ينتج ك آثاره ولكنه‬


‫مهدد بالزوا ‪ ،‬فيستطي ع من تقرر هذا البطالن لمصلحته أن يطلب من المحكمة‬
‫الحكم به‪ ،‬ويترتب على الحكم به زوا التصرف القانوني بأثر رجعي وزوا‬
‫ما رتبه في الماضي من آثار‪ ،‬فيستوي عندئذ مع البطالن المطلق‪ .‬إال أن‬
‫البطالن النسبي يصحح باإلجازة الصريحة أو الضمنية‪ ،‬كما أنه ال يجوز‬
‫التمسك به إال من قب من تقرر هذا البطالن لمصلحته‪ ،‬وهو ناقص األهلية‪ ،‬أو‬
‫من عيبت إرادته‪ ،‬وال تستطيع المحكمة أن تحكم به من تلقاء نفسها‪ ،‬ولكنه‬
‫يزو بالتقادم (المادتان ‪ 28 ، 21‬مدني)‪.‬‬

‫والبطالن النسبي هو جزاء نقص أهلية المتصرف بالنسبة للتصرف الذي‬


‫أجراه أو تعيب إرادته بأحد العيوب المشار إليها سابقًا‪ ،‬كالغلط أو التدليس أو‬
‫اإلكراه أو االستغال ‪.‬‬

‫‪336‬‬
‫أثار التصرف القانوني‬

‫إذا ما توافرت شروط التصرف القانوني على الوجه السابق أنتج آثاره‪،‬‬
‫في حقوق والتزامات في ذمة المتصرف‪ .‬واإلرادة لها الدور‬ ‫وهي تتمث‬
‫األساسي في تحديد مضمون هذه اآلثار إال أن العقد ال يقتصر على إلزام‬
‫المتعاقدين بما ورد فيه‪ ،‬ولكنه يتناو أيضًا ما هو من مستلزماته وفقًا للقانون‬
‫والعرف والعدالة بحسب طبيعة االلتزام (مادة ‪ 01‬مدني)‪.‬‬

‫والقاعدة أن العقد شريعة المتعاقدين بمعنى أن ما اتفق عليه الطرفان‬


‫يسرى بالنسبة لهما‪ ،‬فال يستطيع أحدهما أن ينفرد بتعديله وال يملك القاضي هذا‬
‫التعدي ‪ ،‬إال أنه استثناء على ذلك إذا طرأت حوادث استثنائية عامة لم يكن في‬
‫الوسع توقعها وترتب على حدوثها أن تنفيذ االلتزام التعاقدي‪ ،‬وإن لم يصبح‬
‫مستحيالً‪ ،‬صار مرهقًا للمدين بحيث يهدده بخسارة فادحة‪ .‬جاز للقاضي تبعًا‬
‫للظروف وبعد الموازنة بين مصلحة الطرفين أن يرد االلتزام المرهق إلى الحد‬
‫ال ك اتفاق على خالف ذلك (مادة ‪ 00‬مدني)‪.‬‬
‫المعقو ‪ ،‬ويقع باط ً‬

‫هذا ومن المقرر أن آثار العقد حقوقًا أو التزامات ال تنصب إال في ذمة‬
‫المتعاقدين‪ ،‬وهذا ما يسمى بنسبية أثر العقد من حيث األشخاص‪ ،‬إال أن هذه‬
‫القاعدة إذا كانت مطلقة من ناحية االلتزامات‪ ،‬فذنها تحتم استثناءً من ناحية‬
‫الحقوق‪ ،‬فالغير الذي لم يكن طرفًا في العقد وال خلفًا عامًا أو خاصًا ألحد‬
‫بمقتضى العقد بأي التزام ناشئ عنه‪ ،‬وإذا تعهد أحد‬ ‫المتعاقدين ال يتحم‬
‫الطرفين بالحصو على رضاء شخص ثالث بهذا العقد فذن هذا األخير ال يلتزم‬
‫به إال إذا قب ذلك‪ ،‬وهذا ما يسمى بالتعهد من الغير (مادة ‪ 52‬مدني)‪.‬‬

‫وعلى العكس من ذلك يمكن أن يكتسب الغير حقًا من عقد لم يكن طرفًا‬
‫مدني)‪،‬‬ ‫فيه‪ ،‬وهذا ما يحدث في حالة االشتراط لمصلحة الغير (مادة ‪50‬‬
‫كالمستأمن الذي يبرم عقد تأمين على حياته لمصلحة أوالده؛ فهؤالء ينشأ لهم‬
‫من عقد التأمين حق مباشر في مبلغ التأمين رغم أنهم لم يكونوا طرفًا فيه‪.‬‬

‫‪337‬‬
‫أثر التصرف القانوني بالنسبة للخلف العام والخلف الخاص‪:‬‬

‫يعتبر المتعاقدان ممثلين لخلفهما العام ولخلفهما الخاص في حدود معينة؛‬


‫وبالتالي يمكن أن تنصرف أثار العقد إلى هذين األخيرين على التفصي التالي‪:‬‬

‫الخلف العام‪ :‬هو من تلقى ذمة سلفه كلها أو نسبة منها‪ ،‬كالوارث الوحيد‬
‫أو الوارث مع غيره أو الموصي له بنسبة معينة من التركة كالربع أو الثلث‪،‬‬
‫واألص أن ينصرف أثر العقد إلى الخلف العام‪ ،‬ما لم يتبين من العقد أو من‬
‫طبيعة التعام أو من نص القانون أن هذا األثر ال ينصرف إلى الخلف العام‬
‫(مادة ‪ 05‬مدني)‪ .‬وعلى ذلك فذن العقود التي يبرمها المورث تنصرف آثارها‬
‫حقوقًا والتزامات إلى الورثة‪ ،‬لكن مع مراعاة القاعدة الشرعية التي تقضي بأال‬
‫تركة إال بعد سداد الديون‪ ،‬بمعنى أن الورثة ال يُسألون عن ديون التركة إال في‬
‫إلى‬ ‫الداخلة فيها فتسدد ديون المورث‪ ،‬وصافي التركة ينتق‬ ‫حدود األموا‬
‫الورثة‪.‬‬

‫الخلف الخاص‪ :‬هو من تلقى حقًا معينًا كان قائمًا في ذمة سلفه‪،‬‬
‫كالمشتري‪ ،‬فهو يخلف البائع في حق الملكية على الشيء المبيع‪ ،‬وآثار العقد‬
‫الذي يبرمه السلف تنتق إلى الخلف الخاص بشروط معينة‪ ،‬فيجب أوالً أن‬
‫تكون الحقوق وا اللتزامات التي ولدها العقد من مستلزمات الشيء الذي انتق‬
‫إلى الخلف‪ ،‬كعقد تأمين على المنز ضد الحريق فعند بيع المنز تنتق آثار‬
‫عقد التأمين حقوقًا والتزامات إلى المشتري‪ ،‬ويجب ثانيًا أن يكون العقد الذي‬
‫أبرمه السلف سابقًا في تاريخه على انتقا الشيء إلى الخلف‪ ،‬وأخيرًا يجب أن‬
‫الشيء إليه بالحقوق وااللتزامات المتعلقة‬ ‫يكون الخلف عالمًا وقت انتقا‬
‫بالشيء والناشئة عن العقد الذي أبرمه سلفه متعلقًا بهذا الشيء‪.‬‬

‫‪338‬‬
‫الفصل الثاني‬

‫استعمال الحق وحمايته وإثباته‬

‫االرتباط بين استعمال الحق وحمايته وإثباته‪:‬‬

‫قلنا في بداية هذه الدراسة ونحن نعرف الحق أنه استئثار شخص بقيم أو‬
‫أشياء معينة استئثارًا يخو له التسلط واالقتضاء بغية تحقيق مصلحة يحميها‬
‫القانون؛ ألنها ذات قيمة اجتماعية‪ ،‬فالحق يعطي صاحبه سلطات معينة‪ ،‬وفي‬
‫الوضع العادي يمارس الشخص هذه السلطات دون صعوبة‪ ،‬فالمالك يستعم‬
‫الشيء الذي ي ملكه ويستغله ويتصرف فيه‪ ،‬وبمقتضى عنصر االقتضاء يلتزم‬
‫الناس جميعًا باحترام ممارسة الشخص للسلطات التي يمنحها له حقه‪ ،‬ويلتزم‬
‫المدين في الحق الشخصي بصفة خاصة أن يوفي بما التزم به حتى يتيح‬
‫لصاحب الحق الشخصي االستفادة منه‪ ،‬ولكن في المجتمع البشري الذي‬
‫تتصارع فيه المصالح وتؤدي فيه نوازع الشر عند البشر إلى اإلغارة على‬
‫حقوق اآلخرين‪ ،‬كان البد أن يوفر القانون الحماية للحقوق لكي يستطيع ك ذي‬
‫حق أن يمارسه على الوجه الذي يراه ويحقق المصالح ذات القيمة االجتماعية‪،‬‬
‫ومن هنا كانت حماية الحق ضرورية لضمان استعماله على وجه االستقرار‬
‫والدوام‪ ،‬أي أن هناك عالقة وثيقة بين استعما الحق وحمايته‪.‬‬

‫ومن ناحية أخرى‪ ،‬فذنه لما كانت السلطة العامة هي التي تتكف في‬
‫الوقت الحاضر بتوفير الحماية للحقوق نظرًا ألنه لم يعد جائزًا للفرد أن يقتضي‬
‫حقه بنفسه فذن هذه السلطة لكي تسبغ الحماية القانونية على حق من الحقوق‬
‫البد أن يقيم الشخص الدلي على أن له حقًا معينًا قد اعتدى عليه‪ ،‬وإال كان في‬
‫وسع أي إنسان أن يدعي بحق ويطلب حمايته‪ ،‬والحق الذي ال دلي عليه هو‬
‫والعدم سواء‪ ،‬أو كما يقولون اإلثبات فدية الحقوق‪ ،‬ومن هنا كان االرتباط وثيقًا‬
‫بين حماية الحق وإثباته‪.‬‬

‫‪339‬‬
‫يتضح لنا إذن أن هناك ارتباط بين مسائ ثالثة هي استعما الحق‬
‫ونتكلم‬ ‫وحمايته وإثباته‪ ،‬وهذه المسائ هي التي تشك موضوع هذا الفص‬
‫عنها تباعًا فيما يلي‪:‬‬

‫‪341‬‬
‫المبحث األول‬

‫استعمال الحق‬

‫تجاوز حدود الحق والتعسف في استعمال الحق‪:‬‬

‫ك حق يخو صاحبه سلطات معينة هي التي تكون مضمون هذا الحق‪.‬‬


‫حق لصاحبه من‬ ‫والقانون وهو ينظم الحقوق المختلفة يحدد ما يمنحه ك‬
‫سلطات وميزات‪ ،‬والشخص إذا استعم حقه بممارسة تلك السلطات واالنتفاع‬
‫بهذه الميزات التي يقرها القانون يكون قد سلك سلوكًا في حدود حقه‪ ،‬أما إذا‬
‫تجاوز هذه السل طات فذنه يكون قد تجاوز حدود حقه‪ ،‬فالمالك مثالً يمنحه‬
‫القانون بمقتضى حق ملكيته سلطات استعما واستغال والتصرف في ملكه‪،‬‬
‫وبالتالي فالذي يملك قطعة أرض مثالً‪ ،‬من حقه البناء عليها‪ ،‬فذذا بني المالك‬
‫في حدود ملكه كان في حدود حقه‪ ،‬ولكن إذا هو بنى على جزء من أرض‬
‫الجا ر كان متجاوزًا لحدود حقه‪ ،‬وصاحب حق االنتفاع يخوله القانون سلطات‬
‫استعما الشيء واستغالله دون التصرف فيه‪ ،‬فذذا هو باع الشيء مح حق‬
‫االنتفاع يكون قد تجاوز حدود حقه واعتدى على حق مالك الرقبة‪ ،‬ومن له حق‬
‫استعما شيء معين له سلطات استعما هذا الشيء بنفسه وأسرته ولكن ليس‬
‫له أن يؤجره للغير فذن فع ذلك كان متجاوزًا لحدود حقه‪.‬‬

‫في األمثلة السابقة يعتبر صاحب الحق متجاوزًا حدود حقه ومعتديًا على‬
‫حق الغير والشك في مسئوليته عن هذا االعتداء‪ ،‬فيستطيع المعتدى عليه أن‬
‫يطلب من القضاء رد هذا االعتداء والتعويض عن الضرر الذي أصابه بسبب‬
‫هذا االعتداء‪.‬‬

‫ولكن السؤا الذي يتبادر إلى الذهن هنا هو ه إذا بقى الشخص في‬
‫حدود حقه ال يُسأ عن استعماله لهذا الحق أيًا كان نوع االستعما ومداه حتى‬
‫لو أصاب الغير ضرر من استعما الحق؟‬

‫‪340‬‬
‫كان الفقه التقليدي يرى أن الحقوق مطلقوة‪ .‬أي صواحب الحوق لوه‬
‫استعما حقه بالطريقة التي يراهوا دون رقابوة مون القوانون وبالتوالي ال‬
‫يُسأ الشخص عن الضرر الوذي يتسوبب للغيور بسوبب اسوتعما الحوق‬
‫مادام الشخص يتصرف فوي حودود حقوه‪ ،‬ولكون تحوت توأثير الموذهب‬
‫االشتراكي وازدياد أهمية المصولحة العاموة فوي نظور القوانون لوم تعود‬
‫الحقوق مطلقوة‪ ،‬وإنموا أصوبحت مقيودة بضورورة عودم التعسوف فوي‬
‫استعمالها‪ ،‬أي أصبح من الجائز مساءلة الشخص رغوم أنوه يسوتعم حقوه‬
‫في الحدود المرسومة له‪ ،‬وذلك متى انحورف فوي اسوتعماله عون سولوك‬
‫الشخص المعتاد‪ ،‬وهذا ما يسمى بنظرية التعسف في استعما الحق‪.‬‬

‫والتعسف في استعما الحق بهذا المعنى يختلف عن تجاوز حدود الحق‪.‬‬


‫ولكي نوضح الفرق بينهما نضرب مثاالً‪ :‬إذا كان شخص يملك قطعة أرض‪،‬‬
‫وبني عليها منزالً وتجاوز وهو يبني حدود أرضه وبني على جزء من أرض‬
‫جاره كان ذلك منه تجاوزًا لحدود حقه‪ ،‬كما ذكرنا سابقًا‪ ،‬ولكن لو بني مالك‬
‫األرض جدارًا على حدود أرضه دون تجاوزها إلى أرض الجار وكان غرضه‬
‫من بناء هذا الحائط هو حجب النور والهواء عن ملك جاره يكون متعسفًا في‬
‫حقه‪ ،‬وليس متجاوزًا‪ ،‬ألنه رغم بقائه في حدود حقه إال أنه لم‬ ‫استعما‬
‫المعتاد ألن الشخص‬ ‫تصرف الرج‬ ‫يتصرف‪ ،‬وهو بصدد هذا االستعما‬
‫المعتاد ال يبني حائطًا بغرض حجب النور والهواء عن جاره‪.‬‬

‫معايير التعسف في استعمال الحق‪:‬‬

‫تبنى المشرع المصري نظرية التعسف في استعما الحق ونص عليها‬


‫في الباب التمهيدي للقانون المدني؛ ألنها في الحقيقة نظرية لها من العموم ما‬
‫يجعلها تسود ليس فقط القانون المدني بفروعه المختلفة‪ ،‬ب القانون كله من‬
‫قانون عام وقانون خاص؛ ألنها تعتبر قيدًا على الحق أيًا كان القانون الذي‬
‫ينظمه‪ .‬وقد نصت المادة الخامسة من القانون المدني على أنه‪:‬‬

‫‪342‬‬
‫"يكون استعما الحق غير مشروع في األحوا اآلتية‪:‬‬

‫(أ) إذا لم يقصد به سوى اإلضرار بالغير‪.‬‬

‫(ب) إذا كانت المصالح التي يرمي إلى تحقيقها قليلة األهمية بحيث ال‬
‫تتناسب البتة مع ما يصيب الغير من ضرر بسببها‪.‬‬

‫(جو) إذا كانت المصالح التي يرمي إلى تحقيقها غير مشروعة"‪.‬‬

‫من هذا النص يتبين أن القانون المصري يعتبر التعسف في استعما‬


‫الحق أمرًا غير مشروع‪ ،‬ولكنه حدد الحاالت التي يكون فيها اإلنسان متعسفًا‬
‫في استعما حقه‪ ،‬فهذه تعتبر معايير للتعسف في استعما الحق ونتولى شرحها‬
‫فيما يلي‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬استعما الحق بقصد اإلضرار بالغير‪:‬‬

‫وجه عدم مشروعية استعما الحق في هذه الحالة واضح‪ ،‬فالقانون قرر‬
‫الحقوق لألشخاص بغرض تحقيق مصلحة معينة‪ ،‬فمن البديهي أن يكون‬
‫استعمالها بغرض اإلضرار أمرًا غير مشروع‪ ،‬ومتى كان لدى الشخص‪ ،‬وهو‬
‫يستعم حقه‪ ،‬نية اإلضرار بالغير‪ ،‬فذنه يكون متعسفًا في استعما حقه حتى‬
‫ولو كان يرمي في نفس الوقت لتحقيق منفعة خاصة له طالما أن القصد الغالب‬
‫والذي دفعه أساسًا لهذا االستعما هو اإلضرار بالغير‪ ،‬فمعيار التعسف هنا‬
‫معيار شخصي يقتضي ال كشف عن نية صاحب الحق وهو يستعم حقه‪ ،‬ولما‬
‫كانت النية أمرًا نفسيًا داخليًا فذنه يستد عليها بظواهر خارجية‪ ،‬ومن القرائن‬
‫التي تساعد على تبين هذه النية هو انعدام مصلحة صاحب الحق عند استعما‬
‫حقه أو تفاهة هذه المصلحة إلى حد كبير‪ ،‬ومن أمثلة التعسف في استعما‬
‫الحق‪ ،‬طبقًا لهذه الحالة‪ ،‬الجار الذي يغرس أشجارًا أو يبني حائطًا على حدود‬
‫ملكه وليس له من غرض سوى حجب النور والهواء عن جاره أو رب العم‬
‫الذي يفص عامالً لمجرد االنتقام منه أو من يتقدم بشكوى ضد موظف عام‬

‫‪343‬‬
‫لمجرد تشويه سمعته‪.‬‬

‫ثانيًا‪ :‬استعما الحق لتحقيق مصلحة ال تتناسب إطالقًا مع ما يعود على‬


‫الغير من ضرر من هذا االستعما ‪:‬‬

‫في هذا الفرض يستعم صاحب الحق حقه بقصد تحقيق مصلحة له‪،‬‬
‫ولكن هذه المصلحة إذا قورنت بالضرر الذي يتسبب للغير من هذا االستعما‬
‫اتضح أنها ضئيلة جدًا بالنسبة لهذا الضرر‪ ،‬ومعنى هذا أن معيار التعسف في‬
‫هذه ا لحالة معيار موضوعي‪ ،‬أي ال يعتمد على البحث في نية صاحب الحق‪،‬‬
‫وإنما يقوم على أساس المقارنة بين المصلحة التي تتحقق لصاحب الحق‬
‫الحق‪ .‬وقد أورد القانون المدني‬ ‫والضرر الذي يصيب الغير من استعما‬
‫تطبيقين لهذه الحالة‪ :‬األو ‪ ،‬نصت عليه المادة ‪ 3/0 1‬بقولها "ليس لمالك‬
‫ا لحائط أن يهدمه مختارًا دون عذر قوي إن كان هذا يضر الجار الذي يستتر‬
‫ملكه بالحائط" ‪ ،‬ومقتضى هذا النص أن الجار الذي يهدم حائطًا يملكه‪ ،‬أي‬
‫يتصرف في ملكه وال يكون لديه عذر قوي‪ ،‬أي تكون مصلحته من الهدم‬
‫ضئيلة يكون متعسفًا في استعما حقه مادام أن هذا الحائط يستر ملك جاره‪،‬‬
‫وبالتالي فذن الهدم سيضر بهذا الجار األخير ضررًا كبيرًا ال يتناسب مع‬
‫المصلحة الضئيلة التي تعود على صاحب الجدار من هدمه‪ .‬أما التطبيق الثاني‬
‫فقد نصت عليه المادة ‪ 138‬بقولها "لمالك العقار المرتفق به أن يتحرر من‬
‫االرتفاق كله أو بعضه إذا فقد االرتفاق ك منفعة للعقار المرتفق أو لو لم تبق‬
‫له غير فائدة محدودة ال تتناسب البتة مع األعباء الواقعة على العقار المرتفق‬
‫به‪.‬‬

‫ثالثًا‪ :‬استعما الحق لتحقيق مصلحة غير مشروعة‪:‬‬

‫إذا كان القانون يمنح األشخاص حقوقًا فذنه يبغى من وراء ذلك تمكينهم‬
‫من إشباع المصالح المشروعة‪ ،‬أي التي يقرها‪ ،‬فذذا سلك صاحب الحق‬

‫‪344‬‬
‫باستعما حقه مسلكًا يريد به تحقيق مصلحة غير مشروعة فذن تصرفه يندرج‬
‫الحق‪ ،‬ويحدث هذا عادة في‬ ‫دون شك تحت صور التعسف في استعما‬
‫األحوا التي يريد فيها األفراد تحقيق هدف معين إلشباع رغبة شريرة‪ ،‬ولكنهم‬
‫ال يستطيعون اإلقدام عليها مباشرة‪ ،‬ب يتخذون من استعما حقوقهم سبيالً‬
‫ملتويًا للوصو إليها‪.‬‬

‫ومثا على ما سبق رب العم الذي يفص العام بسبب انضمامه لنقابة‬
‫ال يستطيع أن يمنعه صراحة وبطريقة مباشرة من‬ ‫العما ‪ ،‬فرب العم‬
‫االنضمام للنقابة‪ ،‬ولكن يتم ذلك بطريق غير مباشر بفصله حتى يكون عبرة‬
‫لغيره من العما فال ينضمون للنقابة‪ ،‬وكذلك الجهة اإلدارية التي تفص موظفًا‬
‫ألنه ين تقدها ويكشف انحرافاتها‪ ،‬فهي ال تستطيع منعه مباشرة وبطريقة سافرة‬
‫من هذا النقد ولكنها تتوص إلى ذلك عن طريق فصله‪.‬‬

‫‪345‬‬
‫المبحث الثاني‬

‫إثبات الحق‬

‫أوالً‪ :‬أهمية اإلثبات‪:‬‬

‫لإلثبات أهمية كبيرة؛ ألن الشخص إذا اعتدى على حقه ولجأ إلى‬
‫القضاء لدفع هذا االعتداء فذن القضاء لن يحكم برد هذا االعتداء إال إذا أثبت‬
‫المدعى أن له حقًا معينًا‪ ،‬وأن هذا الحق قد وقع اعتداء عليه‪ ،‬فالذي يدعي أنه‬
‫مالك لمنز مثالً‪ ،‬وأن شخصًا آخر قد اغتصب منه هذا المنز البد أن يثبت‬
‫حق ملكيته وواقعة اغتصاب الملك‪ ،‬فذن لم يستطع ضاع حقه لعجزه عن‬
‫اإلثبات ؛ ولذلك يقولون‪ ،‬كما ذكرنا من قب ‪ ،‬أن اإلثبات هو فدية الحقوق‪ ،‬فالحق‬
‫الذي ال يفتدى باإلثبات يضيع على صاحبه‪.‬‬

‫ثانيًا‪ :‬محل اإلثبات‪:‬‬

‫إثبات الحق يكون عن طريق إثبات المصدر الذي نشأ منه هذا الحق‪،‬‬
‫والحق ينشأ إما عن واقعة قانونية أو عن تصرف قانوني‪ ،‬وذلك على التفصي‬
‫ا لذي قدمناه عند الكالم عن مصادر الحق‪ ،‬فذذا ادعى شخص أنه دائن آلخر‬
‫بمبلغ ألف جنيه مثالً‪ ،‬فذن عليه أن يثبت مصدر هذا الدين‪ ،‬فذذا كان عقد بيع‬
‫فليثبت هذا العقد‪ ،‬وذلك بالطرق الجائزة في اإلثبات التي سنتكلم عنها بعد‪ .‬وإذا‬
‫أدعى شخص أنه مالك لقطعة أرض وأن غيره ينازعه فيها فذن عليه إثبات سند‬
‫ملكيته‪ ،‬فيقيم الدلي على أن هذه األرض اكتسبها بالميراث أو الوصية مثالً؛ من‬
‫يدعي بأن شخصًا ملتزم تجاهه بالتعويض عليه إثبات الواقعة المنشئة للحق في‬
‫التعويض بذثبات أن المدعى عليه قد ارتكب خطأ سبب له ضررًا معينًا كذصابة‬
‫في حادث مثالً‪.‬‬

‫ثالثًا‪ :‬عبء اإلثبات‪:‬‬

‫يقصد بعبء اإلثبات تعيين الخصم الذي يجب عليه أن يقوم باإلثبات‪.‬‬

‫‪346‬‬
‫وقد قررت المادة األولى من قانون اإلثبات أن على الدائن إثبات االلتزام وعلى‬
‫المدين إثبات التخلص منه‪.‬‬

‫ورغم أن هذا النص خاص بالحقوق الشخصية إال أنه يعبر عن قاعدة‬
‫عامة بشأن عبء اإلثبات وهي أن على من يدعي إدعاء مخالفًا للظاهر أو‬
‫لألص عليه إثبات إدعائه‪ ،‬والمقصود بالظاهر أو األص هو الشيء الثابت‬
‫والمفترض أصالً أو في الظاهر‪.‬‬

‫هو براءة ذمة الغير‪،‬‬ ‫وعلى ذلك ففي الحقوق الشخصية‪ ،‬األص‬
‫فالمفروض‪ ،‬أو من الناحية الظاهرية‪ ،‬أن اإلنسان ال يكون مدينًا‪ ،‬فذذا ادعى‬
‫شخص أنه دائن آلخر يكون مدعيًا خالف األص ‪ ،‬وبالتالي فعليه أن يثبت‬
‫مصدر نشوء هذا الدين في ذمة مدينه‪ ،‬فذذا أقام الدلي على هذه المديونية كان‬
‫الظاهر أن له حقًا شخصيًا تجاه مدينه‪ ،‬فينتق عبء اإلثبات إلى المدين الذي‬
‫عليه في هذه الحالة أن يثبت أن هذا الدين قد انقضى بالوفاء أو بغيره من طرق‬
‫انقضاء االلتزام‪.‬‬

‫وفي الحقوق العينية‪ ،‬األص أو الظاهر أن واضع اليد على الشيء يعتبر‬
‫مالكه‪ ،‬وأن هذه الملكية ليس مقررًا عليها حقوق عينية لمصلحة الغير‪،‬‬
‫كاالنتفاع أو االرتفاق أو الرهن؛ وبناء على ذلك فذن من يدعي ملكية شيء‬
‫تحت يد آخر أو يدعي أن له حق انتفاع أو رهن على هذا الشيء يكون مدعيًا‬
‫خالف األص ‪ ،‬وعليه إذًا إثبات الواقعة التي أدت إلى اكتسابه حق الملكية أو‬
‫االنتفاع أو الرهن‪.‬‬

‫على أن القانون في بعض األحيان يتدخ في توزيع عبء اإلثبات على‬


‫الخصوم‪ ،‬فيعفي الذي يقع عليه عبء اإلثبات وينق هذا العبء إلى الطرف‬
‫اآلخر‪ ،‬فمثالً في الدعوى التي يرفعها المؤجر على المستأجر مطالبًا بأجرة‬
‫المسكن‪ ،‬المفروض أصالً أن المستأجر عليه إثبات الوفاء باألجرة طالما أن‬
‫المؤجر أثبت عقد اإليجار‪ ،‬لكن المشرع قرر أنه متى تبين أن المستأجر قد دفع‬

‫‪347‬‬
‫قسط من األجرة فذن ذلك قرينة على أنه دفع ما قبلها من األقساط‪ ،‬أي أن‬
‫المستأجر في هذه الحالة ال يلتزم بذثبات الوفاة باألجرة السابقة‪ ،‬وإنما يكون‬
‫على المؤجر إثبات عدم الوفاء بها‪.‬‬

‫رابعًا‪ :‬طرق اإلثبات‪:‬‬

‫المقصود بطرق اإلثبات هي األدلة التي يجب تقديمها إلثبات واقعة‬


‫معينة‪ ،‬وتسمى أيضًا وسائ اإلثبات‪ ،‬وفي القانون المصري وسائ اإلثبات هي‬
‫الكتابة وشهادة الشهود واإلقرار واليمين والقرائن‪ ،‬وسنشير إلى ك منها بلمحة‬
‫سريعة‪.‬‬

‫‪ -‬الكتابة‪:‬‬

‫الكتابة هي أهم وسيلة من وسائ اإلثبات‪ ،‬وهي عبارة عن ورقة مكتوبة‬


‫تثبت واقعة معينة‪ ،‬وقد تكون هذه الورقة رسمية‪ ،‬وقد تكون عرفية‪ ،‬فالورقة‬
‫الرسمية هي التي يثبت فيها موظف عام أو شخص مكلف بخدمة عامة ما تم‬
‫على يديه أو ما تلقاه من ذوي الشأن‪ ،‬وذلك طبقًا لألوضاع القانونية وفي حدود‬
‫سلطته واختصاصه (مادة ‪ 1‬من قانون اإلثبات)‪ ،‬ومثا ذلك العقد الرسمي‬
‫الذي ينشأ به الرهن الرسمي‪ ،‬والذي يتم أمام الموثق بمصلحة الشهر العقاري‪،‬‬
‫والورقة الرسمية حجة على الكافة بما أثبت على يد الموظف المختص وال‬
‫يمكن إنكار حجيتها إال عن طريق الطعن بالتزوير‪.‬‬

‫أما الورقة العرفية فهي ورقة مثبته لواقعة معينة وموقع عليها ممن عليه‬
‫الحق الثابت في الورقة‪ ،‬وتعتبر هذه الورقة صادرة ممن وقعها ما لم ينكر‬
‫صراحة ما هو منسوب إليه من خط أو إمضاء أو ختم أو بصمة (مادة ‪ 0‬من‬
‫قانون اإلثبات)‪.‬‬

‫وتعتبر الكتابة شرطًا إلثبات التصرفات القانونية متى زادت قيمة‬


‫التصرف القانوني عن ألف جنيه‪ .‬ولكن إذا كان التصرف القانوني تجاريًا ال‬

‫‪348‬‬
‫يشترط إلث باته الكتابة‪ ،‬وإنما يمكن إثباته بالبينة أي شهادة الشهود‪ ،‬كذلك ال‬
‫تشترط الكتابة إلثبات الوقائع القانونية‪ ،‬فهذه يجوز إثباتها بكافة الطرق‪.‬‬

‫‪ -‬شهادة الشهود‪:‬‬

‫شهادة الشهود أو البينة هي إخبار الشخص أمام القضاء بواقعة حدثت‬


‫من غيره‪ ،‬ويترتب عليها حق لغيره‪ .‬ويجب لوجود الشهادة أن يخبر الشخص‬
‫القضاء بواقعة رآها أو سمعها بنفسه كما إذا شهد إبرام عقد بيع أو واقعة وفاة‪.‬‬

‫وتعتبر شهادة الشهود دليالً أق قوة من الكتابة‪ ،‬وهي تصلح في إثبات‬


‫الوقائع القانونية‪ ،‬كواقعة الميالد أو الوفاة أو الفع الضار‪ ،‬كما تجوز في إثبات‬
‫التصرفات القانو نية إذا كانت قيمة التصرف ال تزيد عن ألف جنيه أو كان‬
‫التصرف تجاريًا‪.‬‬

‫والقاضي له سلطة تقديرية في شأن الشهادة‪ ،‬فهو يستطيع أن يأخذ بها أو‬
‫يتركها إذا تشكك في صحتها‪.‬‬

‫‪ -‬اإلقـرار‪:‬‬

‫اإلقرار هو اعتراف الخصم أمام القضاء بواقعة قانونية مدعى بها عليه‪،‬‬
‫من قانون‬ ‫وذلك أثناء السير في الدعوى المتعلقة بهذه الواقعة (مادة ‪12‬‬
‫من قانون‬ ‫اإلثبات)‪ ،‬واإلقرار بهذا المعنى حجة على المقر (مادة ‪12‬‬
‫اإلثبات)‪ ،‬كما أنه يالحظ في شأن اإلقرار أنه غير قاب للتجزئة بمعنى أنه إذا‬
‫أقر الخصم فذن الخصم اآلخر ال يستطيع أن يأخذ من هذا اإلقرار ما يفيده‬
‫ويترك ما يضره‪ ،‬فذذا اعترف الخصم أنه كان مدينًا بألف جنيه‪ ،‬ولكنه وفى‬
‫بهذا المبلغ إلى دائنه وهو الخصم اآلخر‪ ،‬فذنه ال يجوز لهذا األخير أن يتمسك‬
‫باإلقرار فيما يتعلق بنشوء الدين ويتركه فيما يتعلق بالوفاء‪.‬‬

‫‪ -‬اليمين‪:‬‬

‫يلجأ إليه الخصم إذا عجز عن إثبات حقه بالطرق‬ ‫اليمين هو دلي‬

‫‪349‬‬
‫األخرى‪ ،‬وهو بهذا يحتكم إلى ضمير خصمه فيوجه إليه اليمين الحاسمة طالبًا‬
‫منه أن يحلف أو يقسم على واقعة معينة تؤدي إلى ثبوت حقه‪ ،‬فذذا حلف‬
‫الخصم كان حقه ثابتًا وخسر من وجه اليمين الدعوى‪ ،‬وإن رفض أن يحلف‬
‫كان معنى هذا أن الحق للخصم اآلخر‪ ،‬ومثا ذلك أن يدعي زيد من الناس أن‬
‫له في ذمة بكر ألف جنيه‪ ،‬ولكن لما كان زيد عاجزًا عن إثبات هذا الدين‪ ،‬فذنه‬
‫يطلب من القاضي توجيه اليمين إلى بكر فيطلب إذن من بكر أن يقسم أنه ليس‬
‫مدينًا لزيد‪ ،‬فذذا حلف بكر اليمين خسر زيد دعواه ويعتبر أنه ليس له حق‪ ،‬أما‬
‫إذا نك بكر عن اليمين أي رفض أن يحلف اعتبر مدينًا لزيد أي ثبت الحق‬
‫لهذا األخير‪.‬‬

‫‪ -‬القرائن‪:‬‬

‫القرينة هي استنتاج أمر مجهو من أمر معلوم وعندما يقوم القانون‬


‫نفسه بهذا االستنتاج تسمى القرينة قانونية‪ .‬أما إذا قام القاضي نفسه بهذا‬
‫االستنتاج تسمى القرينة قرينة قضائية‪.‬‬

‫والقرينة الق انونية قد تكون بسيطة أي يجوز إثبات عكسها‪ ،‬ومثالها ما‬
‫سبق أن قلناه بشأن الوفاء باألجرة‪ ،‬فوفاء المستأجر بالقسط األخير من األجرة‬
‫يعتبر قرينة على وفائه بما سبق من أقساط‪ ،‬ولكن المؤجر يستطيع رغم ذلك‬
‫إثبات عكس هذه القرينة بذقامة الدلي على أن األقساط السابقة لم تدفع‪.‬‬

‫وقد تكون القرينة القانونية قاطعة‪ ،‬أي ال يجوز إثبات عكسها‪ ،‬ومثا‬
‫ذلك قوة األمر المقضي‪ ،‬فذذا ثار نزاع بشأن حق معين أمام القضاء‪ ،‬وأصدر‬
‫القضاء حكمًا نهائيًا في هذا النزاع‪ ،‬فذن هذا الحكم يكون قرينة على صحة ما‬
‫قضى به‪ ،‬وهذه القرينة غير قابلة إلثبات العكس فال يستطيع أحد أن يناقش من‬
‫جديد ما قضى به الحكم‪.‬‬

‫أما القرينة القضائية فذنها تخضع لتقدير القاضي‪ ،‬أي أن القاضي هو‬

‫‪351‬‬
‫الذي يقدر ما إذا كان أمر معلوم يد على أمر مجهو أو ال‪ ،‬وذلك حسب‬
‫ظروف الدعوى‪ ،‬وله هذه السلطة في الحاالت التي يكون له فيها حرية تقدير‬
‫الدلي ‪ ،‬وهي حاالت اإلثبات بالبينة‪ ،‬أما في الحاالت األخرى فال يستطيع ذلك‪.‬‬

‫‪350‬‬
‫المبحث الثالث‬

‫حماية الحـــق‬

‫أن حماية الحق ضرورية لكي يستطيع الشخص أن‬ ‫ذكرنا من قب‬
‫يستعم حقه ويستفيد منه بصورة مستقرة‪ ،‬وفي العصور القديمة كانت القوة‬
‫تنشئ الحق وتحميه أي كان الشخص نفسه هو الذي يتولى حماية حقه بوسائله‬
‫الخاصة‪ ،‬ولكن في العصر الحديث تكفلت الدولة بحماية حقه عن طريق طلب‬
‫ذلك القضاء بوسيلة تسمى الدعوى‪ ،‬فذذا كنت تملك منزالً مثالً ونازعك آخر‬
‫في ملكيتك‪ ،‬فذنك تستطيع رفع دعوى ضده أمام القضاء الذي يحكم لك بملكية‬
‫المنز بعد أن تثبت حقك على النحو الذي رأيناه في إثبات الحق‪.‬‬

‫وحماية الحقوق قد تكون بالطريق المدني‪ ،‬وقد تكون بالطريق الجنائي‪،‬‬


‫فالطريق المدني يسلكه من اعتدى على حق خاص له كما إذا كان لك حق‬
‫شخصي في مواجهة شخص آخر كدين بمبلغ مائة جنيه ولم يدفع لك المدين هذا‬
‫المبلغ في الميعاد المتفق عليه‪ ،‬فعندئذ تستطيع أن تطلب من القضاء المدني‬
‫الحكم بذلزام هذا الشخص بدفع الدين‪ ،‬وبحصولك على هذا الحكم في مواجهته‬
‫تتمكن من توقيع الحجز على أمواله وبيعها بالمزاد العلني وتستوفى من ثمنها‬
‫المبلغ المذكور‪.‬‬

‫أما الطريق الجنائي فهو يستخدم إذا كان االعتداء على الحق يمث في‬
‫نفس الوقت اعتداءً على المجتمع‪ ،‬كالسرقة والضرب أو الجرح‪ ،‬ففي هذه‬
‫الحاالت يعتبر االعتداء واقعًا على حق ملكية لشخص معين أو على حقه في‬
‫سالمة جسمه‪ ،‬وهو في نفس الوقت يعد اعتداء على المجتمع كك ؛ ألنه يخ‬
‫باألمن والنظام فيه‪ ،‬وهنا يتم رد هذا االعتداء بالوسيلتين‪ :‬المدنية والجنائية‪.‬‬
‫فالنيابة العامة تتولى مباشرة الدعوى الجنائية ضد المتهم بالسرقة أو الضرب‬
‫بغرض توقيع عقوبة جنائية عليه؛ ألنه اعتدى على أمن المجتمع‪ ،‬وفي نفس‬

‫‪352‬‬
‫الوقت يستطيع المجني عليه أن يطالب بتطبيق جزاء مدني‪ ،‬كالحكم برد الشيء‬
‫المسروق أو التعويض عن الضرر الناشئ عن الضرب أو الجرح‪ ،‬ويستطيع‬
‫المدعى بالحق المدني أن يرفع دعواه أمام القضاء المدني أو أمام القضاء‬
‫الجنائي بالتبعية للدعوى الجنائية‪.‬‬

‫‪353‬‬
‫الفصل الثالث‬

‫انقضاء الحق‬

‫بعد أن تعرضنا لنشوء الحق واستعماله بقي أن نلقي نظرة سريعة على‬
‫أسباب انقضائه‪ .‬والواقع أن الحقوق تختلف فيما بينها في مدى قابليتها لالنقضاء‬
‫وفي أسبابه‪ ،‬وقد سبق أن قسَّمنا الحقوق إلى ثالثة أقسام‪ :‬القسم األو يضم‬
‫الحقوق المالية‪ ،‬والثاني يشم الحقوق غير المالية‪ ،‬والثالث يتضمن الحقوق‬
‫المزدوجة أو المختلطة‪ .‬ويقصد بهذه األخيرة الحقوق الذهنية أو المعنوية‪ .‬وقد‬
‫رأينا نموذجًا لها في حق المؤلف وأوضحنا أنه يتضمن جانبين‪ ،‬الجانب المالي‬
‫والجانب األدبي‪ ،‬وقد اشرنا في موضعه إلى مدى قابلية هذين الجانبين لالنتقا‬
‫أو االنقضاء وأسباب ذلك؛ ولذلك نقتصر هنا على الكالم عن انقضاء الحقوق‬
‫المالية والحقوق غير المالية‪.‬‬

‫أوالً‪ :‬الحقوق غير المالية‪:‬‬

‫هذا النوع من الحقوق يشوم الحقووق السياسوية والحقووق العاموة‬


‫وحقوق األسرة‪ .‬ونظورًا ألن هوذه الحقووق ال تقبو التصورف فيهوا وال‬
‫التناز عنها‪ ،‬وال السقوط بالتقادم فذنهوا فوي األصو دائموة‪ ،‬ولكنهوا قود‬
‫تنقضي استثناء بأسباب معينة‪ ،‬فوالحقوق العاموة أو حقووق الشخصوية قود‬
‫تنقضي نتيجة الحكم علوى صواحبها بعقوبوة جنائيوة‪ ،‬فمون يحكوم عليوه‬
‫باإلعدام ينقضي حقه فوي الحيواة‪ ،‬ومون يحكوم عليوه بالسوجن المشودد‬
‫ينقضي حقه في التنق ؛ ألن الغرض أنه سيبقى طووا حياتوه فوي السوجن‪،‬‬
‫كما أن الحقوق السياسية تتأثر هوي األخورى بوالحكم الجنوائي‪ ،‬فوالمحكوم‬
‫عليه بعقوبة جنائية يحرم من حق تولى الوظائف العاموة ومون الحوق فوي‬
‫عضوية المجالس المحلية أو أية لجنة عموميوة (موادة ‪ 35‬عقوبوات) كموا‬
‫يحرم من حق الترشيح للمجالس النيابية وحق انتخاب أعضائها‪.‬‬

‫‪354‬‬
‫وحقوق األسرة بدورها قد تنقضي ألسباب معينة‪ ،‬كالطالق‪ ،‬فحقوق ك‬
‫من الزوج والزوجة تجاه بعضهما البعض تنقضي بالطالق‪ ،‬مث حق النفقة‬
‫وحق الطاعة وحق التأديب‪.‬‬

‫ثانيًا‪ :‬الحقوق المالية‪:‬‬

‫وهذه تشم كما قدمنا الحقوق العينيوة والحقووق الشخصوية‪ ،‬ونظورًا‬


‫للطبيعة المالية لهذه الحقوق فذنهوا قابلوة لالنقضواء علوى نطواق واسوع‪،‬‬
‫وهي تنقضي بأسباب متعددة‪ ،‬لكون مون الممكون رد هوذه األسوباب إلوى‬
‫سببين رئيسيين هما‪ :‬الواقعة القانونيوة والتصورف القوانوني‪ .‬وفيموا يلوي‬
‫نلقي نظرة سريعة على الحاالت التي تندرج تحت ك منهما‪.‬‬

‫أ‪ -‬الواقعة القانونية‪:‬‬

‫ذكرنا من قب أن الواقعة القانونية هي أمر يقع فيرتب عليه القانون أثرًا‬


‫دون أن يعتد في ترتيب هذا األثر بذرادة شخص ما‪ ،‬ومن قبي الوقائع القانونية‬
‫التي يرتب عليها القانون انقضاء الحق دون تدخ لإلرادة الحاالت اآلتية‪:‬‬

‫‪ -‬التقادم المسقط‪:‬‬

‫تنقضي الحقوق المالية بمضي المدة‪ ،‬وهو ما يسمى بالتقادم المسقط‪.‬‬


‫فالحقوق العينية تسقط بعدم استعمالها مدة خمس عشرة سنة‪ ،‬وقد نص القانون‬
‫‪1‬‬ ‫على ذلك بصدد حق االنتفاع (مادة ‪/885‬مدني) وحق الحكر (مادة‬
‫مدني) وحقوق االرتفاق (‪ 130‬مدني) إال أن حق الملكية ال يسقط بالتقادم‪ ،‬فلو‬
‫كنت تملك منزالً وتركته دون استعما فمهما طالت المدة ال تسقط ملكيتك له‪،‬‬
‫لكن إذا وضع شخص يده على هذا المنز مدة معينة هي خمس عشرة سنة في‬
‫حالة التقادم الطوي وخمس سنوات في حالة التقادم القصير وتوافرت له سائر‬
‫شروط التقادم فذنه يتملك منزلك بالتقادم‪ ،‬وتفسير ذلك أن الحائز قد قام له حق‬
‫ملكية منافس لحقك على المنز فغلبه القانون على حقك جزاء سكوتك عن دفع‬

‫‪355‬‬
‫هذه المدة كلها‪ .‬ثم أن القانون يحمي األوضاع‬ ‫االعتداء على منزلك طوا‬
‫الظاهرة عمالً على استقرار المعامالت وحماية لحسنى النية الذين يثقون في‬
‫هذه األوضاع الظاهرة‪ .‬والظاهر هنا في جانب واضع اليد والتقادم المسقط‬
‫يؤدي أيضًا النقضاء الحقوق الشخصية ومدته كقاعدة عامة خمس عشرة سنة‬
‫(مادة ‪ 200‬مدني) إال إذا نص على خالف ذلك كالتقادم الخمسي بالنسبة ألجرة‬
‫المباني واألراضي الزراعية وسائر الحقوق الدورية المتجددة (مادة ‪205‬‬
‫مدني)‪.‬‬

‫‪ -‬هالك الشيء والقوة القاهرة‪:‬‬

‫إذا هلك الشيء مح الحق العيني فذن هذا الحق ينقضي‪ ،‬فالمنز الذي‬
‫يتهدم ينقضي حق مالكه عليه‪ ،‬وكذلك تنقضي الحقوق العينية األخرى التي قد‬
‫تكون مقررة على هذا المنز ‪ ،‬كحق االنتفاع أو االرتفاق أو السكنى أو‬
‫االستعما أو الرهن أو االمتياز أو االختصاص‪.‬‬

‫ويقترب من الهالك كسبب النقضاء الحق العيني استحالة التنفيذ كسبب‬


‫النقضاء الحق الشخصي‪ ،‬فذذا تعهد فنان بالغناء في حفلة لكن أصابه مرض‬
‫يعجزه نهائيًا عن الغناء انقضى التزامه‪ ،‬أي انقضى الحق الشخصي للدائن الذي‬
‫تعهد الفنان في مواجهته بالغناء‪.‬‬

‫‪ -‬الوفـــــــاة‪:‬‬

‫تؤدي الوفاة إلى انقضاء الحقوق الموقوتة بحياة صاحبها‪ ،‬كحق االنتفاع‬
‫الذي ينقضي حتمًا بوفاة المنتفع حتى قب انقضاء األج المعين له (مادة ‪883‬‬
‫مدني)‪.‬‬

‫‪ -‬اتحاد الذمة وضم الحقوق‪:‬‬

‫يقصد باتحاد الذمة اجتماع صفتي الدائن والمدين في شخص واحد‬


‫بالنسبة لنفس الدين (مادة ‪ /201‬مدني)‪ ،‬ويقع اتحاد الذمة في حالة الميراث‪،‬‬

‫‪356‬‬
‫فذذا ورث المدين دائنه انقضى الحق الشخصي الذي كان للمورث في ذمة‬
‫الوارث؛ ألن هذا األخير بتلقيه حقوق مورثه أصبح هو الدائن لنفسه فال‬
‫يتصور والحالة هذه أن يطالب نفسه فينقضي دينه باتحاد الذمة‪.‬‬

‫أما ضم الحقوق فهو سبب النقضاء الحقوق العينية فذذا كنت تملك منزالً‬
‫وقررت عليه حق انتفاع لشخص آخر‪ ،‬ثم حدث أن اشترى المنتفع منك ملكية‬
‫الرقبة فذنه يصير مالكًا للمنز ملكية تامة تجب حق االنتفاع الذي كان له‬
‫فينقضي هذا الحق األخير‪.‬‬

‫‪ -‬المقاصة القانونية‪:‬‬

‫وية‬
‫ووق الشخصو‬
‫واء الحقو‬
‫ورق انقضو‬
‫ون طو‬
‫وة مو‬
‫وي طريقو‬
‫المقاصوة هو‬
‫تفترض أن المدين أصبح دائنًا لدائنه‪ ،‬أي يوجد شخصوان كو منهموا دائون‬
‫ومدين لآلخر‪ ،‬فذذا كان موضووع كو مون الودينين المتقوابلين نقوودًا أو‬
‫مثليات متحدة في النوع والجودة‪ ،‬وكوان كو منهموا خاليًوا مون النوزاع‬
‫مستحق األداء صالحًا للمطالبة بوه قضواءً‪ ،‬انقضوى الودينان بقودر األقو‬
‫منهما (مادة ‪ 203‬مدني) ‪ ،‬فذذا كنوت دائنًوا لوك بمبلوغ ألفوي جنيوه‪ ،‬ثوم‬
‫اشتريت منك سيارة بمبلغ ثالثة آالف جنيوه‪ ،‬فأصوبحت بوذلك مودينًا لوك‬
‫بثمنها‪ ،‬فذن الدينين (أو الحقوين الشخصويين) ينقضويان فوي حودود األقو‬
‫منهما‪ ،‬أي في حدود ألفي جنيه ويبقى لك في ذمتي ألف جنيه فقط‪.‬‬

‫أما إذا لم تتوافر شروط المقاصة على الوجه السابق فذن الدينين ال‬
‫ينقضيان بقوة القانون‪ ،‬فال تكون المقاصة قانونية‪ ،‬وإنما يقتضي األمر تدخ‬
‫القضاء فنكون بصدد مقاصة قضائية‪.‬‬

‫ب‪ -‬التصرف القانوني‪:‬‬

‫التصرف القانوني‪ ،‬كما قدمنا‪ ،‬هو اتجاه اإلرادة إلى إحداث أثر قانوني‬
‫يرتبه القانون إعماالً لها‪ .‬وهذا األثر كما يكون إنشاء حق‪ ،‬كما رأينا‪ ،‬فذنه يمكن‬

‫‪357‬‬
‫أن يكون انقضاء حق من الحقوق‪ ،‬سواء كان حقًا عينيًا أو حقًا شخصيًا‪ ،‬كما‬
‫يتضح مما يأتي‪:‬‬

‫‪ -‬النزول عن الحق‪:‬‬

‫النزو عن الحق هو تصرف قانوني من جانب واحد؛ إذ أن صاحب‬


‫الحق يتخلى عنه بذرادته‪ .‬وينتج هذا التصرف أثره بمجرد التعبير عن إرادة‬
‫صاحب الحق دون حاجة ألمر آخر إذا كنا بصدد حق عيني‪ ،‬فالحقوق العينية‬
‫األصلية والتبعية تنقضي بالنزو عنها‪ ،‬كالنزو عن الملكية أو االنتفاع أو‬
‫االرتفاق أو الرهن أو االختصاص أو االمتياز‪ ،‬إال أن القانون يقيد من فاعلية‬
‫هذا السبب بالنسبة لحقي االستعما والسكنى‪ ،‬فال يجيز النزو عنهما إال بناء‬
‫على شرط صريح أو مبرر قوي (مادة ‪ 880‬مدني)‪.‬‬

‫كما أن النزو عن الحق الشخصي في صورة اإلبراء من الدين يؤدي‬


‫إلى انقضاء هذا الحق واإلبراء‪ ،‬وإن كان ينتج أثره بمجرد وصوله لعلم المدين‬
‫إال أنه يرتد برده من قب المدين (مادة ‪ 30‬مدني)؛ ألنه كما سبق أن أشرنا قد‬
‫يجد المدين في اإلبراء مساسًا بكرامته‪ ،‬لما ينطوي عليه ذلك من منة وتفض‬
‫فأتاح له القانون فرصة رفضه‪.‬‬

‫‪ -‬الوفــــــاء‪:‬‬

‫الوفاء هو التنفيذ العيني االختياري لاللتزام‪ ،‬وهو يؤدي النقضاء الحق‬


‫الشخصي‪ ،‬مث قيام المشتري بدفع ثمن المبيع للبائع أو قيام البائع بتسليم المبيع‬
‫للمشتري‪.‬‬

‫‪ -‬الوفاء بمقابل‪:‬‬

‫الدائن في استيفاء حقه مقابالً يستعيض به عن الشيء‬ ‫هو أن يقب‬


‫يعتبر‬ ‫المستحق أصالً في ذمة المدين (مادة ‪ 251‬مدني)‪ ،‬فالوفاء بمقاب‬
‫تصرف قانوني من جانبي الدائن والمدين يترتب عليه انقضاء الحق الشخصي‬

‫‪358‬‬
‫ذلك أن أبيع لك سيارة فأكون من ثم ملتزمًا بتسليمها إليك‪،‬‬ ‫للدائن‪ .‬ومثا‬
‫ولكنني لسبب أو آلخر أعرض عليك تسليم قطعة أرض بدالً من السيارة فتقب‬
‫أنت ذلك‪ ،‬فهنا يكون الوفاء بمقاب وينقضي به التزامي بتسليم السيارة‪.‬‬

‫‪ -‬التجديـد‪:‬‬

‫التجديد هو إحال التزام جديد مح االلتزام األصلي عن طريق تغيير‬


‫الدائن أو المدين أو مح الدين أو مصدره (مادة ‪ 253‬مدني)‪ .‬ويترتب على‬
‫التجديد انقضاء االلتزام األصلي ونشوء التزام جديد يح محله‪ .‬ومثا ذلك أن‬
‫يكون شخص مدينًا بثمن شيء اشتراه فيتفق مع البائع على أن يستبقى المشتري‬
‫الثمن بصفته قرضًا‪ ،‬فهنا ينقضي التزام المشتري بدفع الثمن ويح محله التزام‬
‫جديد هو التزامه برد مبلغ القرض‪ .‬فهنا قد حدث التجديد عن طريق تغيير‬
‫مصدر الدين‪ ،‬فبعد أن كان مصدره عقد البيع أصبح مصدره عقد القرض‪.‬‬

‫******* تم بحمد اهلل تعالى *******‬

‫‪359‬‬

You might also like