Professional Documents
Culture Documents
شرح ألفية ابن مالك سليمان العيوني المجلد الخامس -1
شرح ألفية ابن مالك سليمان العيوني المجلد الخامس -1
g
2 h
e f شرح ألفية ابن مالك
3 h
g
1441هـ– 2020م
00201098546682
شرح ألفية ابن مالك e f
g
4 h
e f شرح ألفية ابن مالك
5 h
g
الحمد هلل رب العالمين ،والصالة والسالم على نبينا محمد وعلى آله
وأصحابه أجمعينَّ ،أما بعد-:
فالسالم عليكم ورحمة اهلل وبركاته ،وحياكم اهلل وبياكم ،يف ليلة االثنين
ٍ
وأربعمائة وألف ،من الحادي وعشرين من شهر شوال من سنة ثنتين وثالثين
هجرة المصطفى ،ونحن يف جامع الراجحي بحي الجزيرة يف
مدينة الرياض نعقد بحمد اهلل وتوفيقه الدرس الثالث وسبعين من دروس شرح
ألفية ابن مالك عليه رحمة اهلل.
وكان الشرح قد توقف عند باب "أبنية المصادر" ،وأبنية المصادر عقدها ابن
مالك يف سبعة عشر بيتًا ،من هذه األبيات ثماني ُة أبيات جعلها ألبنية
"ثالثي" ،وهي التي سنقرأها إن شاء اهلل يف هذه الليلة ،ونشرحها.
وبقية األبيات جعلها ألبنية غير الثالثي ،واسم المرة والهيئة ،وسنرتكها إن شاء
اهلل تعالى للدرس القادم ،فنبدأ الدرس المعتاد بقراءة ما قاله ابن مالك يف
أول هذا الباب
شرح ألفية ابن مالك e f
g
6h
باب أبنية املصادر
قال :
للللللللللن اة َ الَ َ للللللللللة َلللللللللل َر َّد َر ًّدا
ْ ام للاْ َم ْصلللدَ ار ا ْل دم َعلللدَّ
للق ق َيل د
َ .440فعل ِ ا
ْ
َو َ َ للللللللل َل ْق َ َفل َ
للللللللرو َو َََللللللللل لللللق ا
لللللاله دم َبا دبللللل ده َف َع ْ َ .441و َف اع َ
لللللق ا َّل
َللللللللل ده دف دعلللللللل ِل باللللللللا َراد َ َ للللللللدَ ا للللق َق َعلللللدَ اللللاله دم ام َْل َ
للللق ا َّلل ا
َ .442و َف َعل َ
َأ ْو َف َعالَ َنللللللللل َفلللللللللا ْد ار َأ ْو دف َعلللللللللاا للن دم ْسللل َع ْ اج َب فا َعلللاا َ .443ملللا َلل ْ
للُ َ دُل ْ
لللللاَّ لا َّلل ا
َوا ْل ََّل ا للللَ ْامعانَلللللا َ ل َ للللٌو ِل لال ا
لللللَ ا ْقع ََاللللللى َ َ ل َبللللللا للللٌ َبى َ .444فل َ َّ
للللق ََصللللل َ ْقَسللللل ْي َرا َو َصللللل ْ َ ا ْل َف اعيل د للم ْق .445للللدَّ ا دفعل ِ ا
للال َأ ْو ل َصللل ْ َ َو َ ل َ َ
ََسلللللل د َق ا َ ْم د
للللللر َو َه ْ للللللدِ َجلللللل د اَ .446دف دع ْ َلللللللللل ِة َف َعا َلللللللللل ِة لا َف دعلللللللللالَ
لللللق دَسللللللخْ َو ار َ للللللا َف َبا دبلللللل ده ا ْلنَّ ْ ل د َ .447و َملللا َأ َ لللى دمخَ الا َفللل لا َملللا َم َالللى
يف هذه األبيات الثمانية تكلم على "أوهاَّ الَال ي" ،وقبل ذلك نقول:
إن هذا الباب يف "أبنية المصادر" ،والباب الذي بعده وهو يف "أبنية أسماء الفاعلين
والمفع لين والصفاَ الم ب ة" ،هذان البابان من علم التصريف وليس من علم
النحو ،فكان ينبغي أن يؤخرهما إلى أبواب التصريف آخر "ا لفية" ،كما فعل
يف أصل األلفية يف "الُافية ال افية" فقد أخرهما يف موضعهما يف "أب اب
العصر ف" ،لكنه قدمهما هنا؛ لعله رأى من المناسب أن يذكرهما بعد أن ذكر
الكالم على إعمال المصدر والكالم على إعمال أسماء الفاعلين والمفعولين
والصفات المشبهة ،ونحن سنتبعه يف هذا الرتتيب ،فلهذا سنشرح ما ذكره
يف أبنية المصادر.
مصدر للفعل" :بنى يبني بنا ًء"
ٌ قال :أبنية المصادر ،األبنية جمع بناء ،والبناء
والمراد باألبنية األوزان ،فأبنية المصادر أي :أوزان المصادر ،وبعد ذلك ننتقل إلى
e f شرح ألفية ابن مالك
7 h
g
أبيات ابن مالك التي قرأناها ،وهي كما قلنا يف أبنية الَال ي ،وقبل الكالم على
تفصيلها ننبه على ٍ
أمور مهمة تتعلق بأبنية الثالثي فنقول ،مصادر الثالثي أكثرية ال
مطردة ،ألن الشاذ فيها كثير ،فما سنذكره من هذه القواعد ،هي قواعد أكثرية ،يعني
أن أكثر مصادر هذه األفعال تأيت على هذه األبنية واألوزان ،ولكنها ليست مطردة،
ولكنها أكثرية ،ألن الخالف والشاذ فيها كثير ،بخالف ما سيأيت يف أبنية غير
الثالثي ،يف أبنية الرباعي والخماسي والسداسي ،فهي أبنية مطردة قياسية ،ليس
فيها شا ٌّذ إال النادر ،فهذا تنبي ٌه أول.
العنبيه الَاين:
عند كالمنا على أبنية المصادر ،أن نقول :األصل يف األبنية السماع ،األصل يف
كل األبنية السماع ،أبنية المصادر وغير المصادر ،فكل ما جاء السماع به فهو
متفق
أمر ٌ
فضال أن ُي َر ّد بالقياس ،وهذا ٌ
ً الصحيح األفصح الذي ال يقابل بالقياس،
عليه.
فما معنى ق ل َُّ :
إن القياس يف مصدر كذا :كذا؛ فإن جاء مصدره على غير
أن القياس يف مصدر الثالثي المتعدي :أن مصدر شا ٌذ ،فُما سيأيت َّ
ٌ ذلك قيل :إنه
يكون على وزن فعل ،كقولكَ " :ض َر َب َي ْض ِر ُب َض ْر ًباَ ،أك ََل َي ْأك َُل َأك ًْال ،و َف َه َم َي ْف َه ُم
مصدر شا ٌذ ،كمصدر
ٌ لثالثي متعدٍّ على غير الفعل ،قيل :إنه
ٍّ مصدر
ٌ َف ْه ًما" ،فإن جاء
الفعلَ " :علِ َم َي ْع َل ُم"َ ،ف َعلِ َم َي ْع َل ُم؛ هذا ثالثي متعدٍّ .يقال :علمه يعلمه ،والمصدر:
َعلِ َم ُه َي ْع َلمه ِع ْل ًما ،وليس َع ْل ًما ،فيقالَّ :
إن المصدر " َع ال َُ" شاذ ،معنى ذلك أنه لن
قريب أو بعيد على أنه خطأ ،أوٍ يأيت على الكثير يف هذا الباب ،لكنه ال يدل من
ضعيف ،أو غيره أقوى منه.
فالمراد بقولهم :إن القياس يف الباب كذا وكذا ،المراد بذلك أن ما لم يأيت
السماع به فيجب أن تأيت بمصدره على القياس ،لو جاءت أفعال ال نعرف
شرح ألفية ابن مالك e f
g
8 h
مصادرها ،ال نعرف كيف نطقت العرب بمصادرها ،أو جدَّ ت أفعال كاألفعال التي
تؤخذ من "الَ امد" ،كيف نأيت بمصادرها؟ يجب أن نأيت بمصادرها على
مثال اآلن :عربوا كلمة "تلفزيون" إلى
القياس ،يعني على الكثير يف الباب ،كقولهم ً
فعال ،فقالوا :تلفز "تلفاز" ،وهذا تعريب ٍ
جار على القياس ،ثم بعد ذلك اشتقوا منه ً
فعال فكيف
األمر ،أي :نقله بالتلفاز ،ومبارا ٌة متلفزة ،يعني اشتقوا من الجامد ً
نعامل هذا الفعل بمصادره ومشتقاته األخرى ،كيف نأخذ باسم الفاعل ،واسم
المفعول ،واسم المكان والزمان ،كيف نأخذ منه المصدر ،نأخذ كل ذلك على ما
يذكر أنه "القياس" ،يعني الكثير يف الباب .وال نقيس على المصادر التي يقال أهنا
شاذة ،يعني لم تأيت على القياس ،على الكثير ،فعلف مصدره :تلفزة" ،تلفزه يتلفزه
تلفز ًة" ،هذا القياس كما سيأيت يف بيان أبنية المصادر وهكذا ،فهذا المراد بقولهم:
إن القياس كذا :كذا ،يعني لو جاء ٌ
فعل ال تعرف مصدره فإنك تأيت بمصدره على
القياس وجو ًبا.
أما األفعال التي ُس ِم َعت مصادرها عن العرب؛ فال يجوز أن ُينطق بمصادرها
إال كما ُس ِم َعت ،سواء كانت على القياس أو ليست على القياس ،بل ال يجوز أن
مصدرا على القياس.
ً تأيت بفع ٍل جاء مصدره على غير القياس ،فتأخذ منه
إن القياس يف الثالثي المتعدي أن يكون مصدره على الفعل كما مثلنا فإذا قلناَّ :
قبل قليل يفَ " :ض َر َب َض ْر ًباَ ،ف ِه َم َف ْه ًما" ،قالت العربَ " :علِ َم ِع ْل ًما" ،هل يجوز
نحن أن نأيت بالقياس " َعلِ َم ِع ْل ًما"؟ ال؛ ال يجوز ،ال يجوز أن تحكم على السماع
بالقياس ،السماع ال يقابل بشيء ألنه أقوى األدلة ،فهذا معنى قولهم" :القياس
فل ُي ْع َلم".
مثال :الفعل " َف َسد" مصدرهَ " :ف َسدَ ،ي ْف ُسدُ َ ،
فسا ًدا" ،وسيأيت أن يعني لو قيل ً
القياس يف مثله أن يقالَ " :ف َسدَ َ ،ي ْف ُسدُ ُ ،ف ُسو ًدا"َ ،لَ " :ق َعدَ َي ْق ُعدُ ُق ُعو ًدا" ،لكن ما
e f شرح ألفية ابن مالك
9 h
g
يقال هناُ " :ف ُسو ًدا" على القياس ،ألن مصدره مسموع وهو فسا ًدا ،فال نتجاوز
السماع يف نحو ذلك.
القياس يفَ " :ف ُع َل"َ :ف َعالة أو ُف ُعولة ،مثلَ :ع ُذب ُع ُذو َبة ،لكن "ك َُر َم" ،قالوا:
كر َم ك ُُرومةً ،فهذا معنى القياس يف
"ك َُرم ك ََر ًما" ،فال يجوز أن نأيت بالقياس ونقولُ :
هذا الباب فل ُي ْع َلم.
وبعد ذلك نبدأ مستعينًا باهلل الكالم على مصادر الَال ي:
تفصيال ،ألن
ً مصادر الَال ي :من المعلوم أن الفعل الثالثي له سعة أب اب
ب" ،أوَ " :ف ِع َل" ،كـ " ِ
فرح" ،أو" :ف ُعل" كـ ماضيه إما أن يأيت علىَ " :ف َع َل" كـ " َذ َه َ
كرم" ،فالثالثي ال يأيت إال على هذه األوزان الثالثة:
" ُ
طيب نبدأ باألول وهو أكثرهاَ " :ف َعل"َ " ،ف َع َل" كم له من مضارع؟ يأيت
مضارعه على " َف َع َل َي ْف ُع ُل" ،ويسمونه باب" :ن ََص َر َين ُْصر"َ " ،قت ََل َي ْقت ُُل"َ " ،كت َ
َب
َي ْكت ُ
ُب" ،فهذا الباب ا ول؛ باب" :ن ََص َر َين ُْصر".
مضارع على َي ْف ِع ُل"َ ،ف َع َلَ :ي ْف ِع ُل ،ويسمونه بابَ " :ض َر َب
ٌ و ٌ ي لـَ " :ف َعل
َي ْض ِر ُبَ ،ج َل َس يجلِ ُس".
بالباث الَالث :و ٌ ي لـَ " :ف َعل مضارع بالفتح"َ ،ف َعل َي ْف َع ُل ،مثلَ " :ذ َه َ
بَ ،ق َط َع َي ْق َط ُع" ،فهذه ثالثة أبواب ،ماضيها ب َي ْذ َه ُ
ب"ُ ،ي َس ُّمونه بابَ " :ذ َه َ َي ْذ َه ُ
واحدَ " ،ف َع َل" ،والخالف يف المضارعَ " ،ف َعل َي ْف ُع ُل ،ن ََص َر َين ُْص ُر" ،و" َف َعل َي ْف ِع ُل،
ب". َض َر َب َي ْض ِر ُب" ،و " َف َعل َي َف َع ُل َذ َه َ
ب َي ْذ َه ُ
ننتقل إلى الماضي الثاينَ " :ف ِعل" بالكسر ،ولها مضارعان يف العربية ،األول:
يضر ُبَ ،غ ِرق َ
يغر ُق ،وهذا األكثر ،إذا وضرب َِ فرح يفرح،" َف ِع َل َي ْف َع ُل" بالفتح ،كـِ :
جاء الماضي " ِ
فعل" فاألكثر يف المضارع أن يكون على "يف َع ُل".
شرح ألفية ابن مالك e f
g
10 h
مكسوراَ " ،ف ِع َل َي ْف ِع ُل"؛ وهذا ٌ
قليل ً الباب الخامس :ويأيت مضارع " َف ِع َل" مثله
ب" ،هذه خمسة أبواب. ِ ِ
بل نادر مثل" :حسب يحس ُ
الباب السادْ :الماضي الذي على " َف ُعل" بالضم وليس له إال مضارع واحد
فَ ،ك ُب َر يك ُبر".
ف َي ْش ُر ُ مثله بالضمَ " :ف ُع َل َي ْف ُع ُل" ،و ُي ُّ
سمونه باب" :ك َُر َم َي ْك ُر ُمَ ،ش ُر َ
سموهنا باب" :ن ََص َر َين ُْص ُرَ ،ف َع َل َي ْف ُع ُل" ،و إذن الفعل الثالثي له سعة أب ابُ :ي ُّ
ب" ،وبابَ " :ف ِر َح َي ْف َر ُح، ِ
" َض َر َب َي ْض ِربَ ،ف َع َل َي ْفع ُل" ،و " َف َع َل َي ْف َع ُلَ ،ذ َه َ
ب َي ْذ َه ُ
بَ ،ف ِع َل َي ْف ِع ُل" ،وباب" :ك َُر َم َي ْك ُر ُم أي َف ُع َل ِ ِ
َفع َل َي ْف َع ُل" ،وباب" :حسب يحس ُ
ِ
َي ْف ُع ُل".
ترون أننا دخلنا يف التصريف ،ثم سنعود بعد ذلك إلى "النحو" حتى نُنه َيه ولم
ب، ِ ِ
يبق منه إال القليل ،طيب هذه ستة أبواب ،سنُخرج منها باب" :حسب يحس ُ َ
ليبق لنا بعد ذلك الخمسة يفعل" ،فمصادره كلها سماعية ما فيها قياسَ ، فعل ِ ِ
أبواب الباقية نتكلم عليها ونقول -هذه األبواب الخمسة ،-خمسة أبواب.
طيب الباب األول والثاين والثالث والرابع كلها تأيت" :مععد ة واهمة" ،تأيت
متعدِّ ي ًة فـ "ف َعل َي ْف ُعل ،مثلَ :ن َص َر ُه َين ُْص ُر ُه" ،إذا أتيت بالضمير مع الفعل معنى ذلك
ينص ُره" ،ويأيت الز ًما مثلَ " :ق َعدَ
أنه :مععد؛ فالالزم ما تأيت معه بالضمير" :نصره ُ
عليه َي ْق ُعدُ " ،الالزم ما يتعدَّ ى بنفسه للهاء وإنما يتعدَّ ى بحرف جر " َق َعدَ عليه
َي ْق ُعد".
و َلك الباب الَاينَ " :ض َر َب َي ْض ِر ُبَ ،ف َعل َي ْف ِع ُل" ،يأيت متعدِّ ًيا والز ًما،
فالمتعدي " َض َر َب ُه يضربه" ،والالزمَ " :ج َل َس عليه َي ْجلِ ُس".
والباب الَالثَ " :ف َع َل َي ْف َع ُل" ،يأيت متعدِّ ًيا والز ًما ،فالمتعدِّ يَ " :ق َط َعه َي ْق َط ُع ُه"،
ب". ب إليه ْ
يذ َه ُ والالزمَ " :ذ َه َ
e f شرح ألفية ابن مالك
11 h
g
والباب الرابعَ " :ف ِعل َي ْف َع ُل" يأيت متعدِّ ًيا والز ًما ،فالمتعدِّ يَ " :ش ِر َب ُه َي ْش َر ُبه"،
فع َلَ ،يلِي أصلهاَ :ي ْوليَ ،ي ْف ِعل ،لكن الفعل مبدوء والالزم" :ولِي عليهم يلِي ،ولِيِ :
َ َ َ َ
ف َي ِقف"؛ بالواوَ ،ول ِ َي ،ثم مثال ،المثال :نحذف واوه يف المضارع مثلَ " :و َق َ
نحذف الواو ،صارت َيلِي.
فهذه أربعة أب اب تأيت متعدِّ ية والزمة ،طيب الباب األخير وهو "ف ُعل يف ُع ُل"
ال يأيت إال الز ًما .مثل ك َُر َم َي ْك ُر ُمَ ،و َش ُر َ
ف َي ْش ُر ُ
ف".
قدمنا هبذه المقدمة لندخل إلى أبنية المصادر ،فنقول :إن الفعل الثالثي
المتعدي بكل أبوابه ،عرفنا أنه يأيت من كل األبواب ،إال " َف ُع َل َي ْف ُعل" ما يأيت منها.
القياسي على َف ْعلٍ ،سوا ٌء كان من "ن ََص َر ُّ الفعل المتعدي بكل أبوابه؛ مصدره
َين ُْص ُر ن َْص ًرا" ،أو كان منَ " :ض َر َب َي ْض ِر ُب َض ْر ًبا" ،أو كان منَ " :ف َع َل َي ْف َع ُلَ ،ق َط َع
َي ْق َط ُع َق ْط ًعا" ،أو كان منَ " :ف ِع َل َي ْف َع ُل ،مثلَ " :ف ِه َم َي ْف َه ُم َف ْه ًما".
ِ ِ
بقي باب" :حسب يِ ْحس ُ
ب" هذا أخرجناه ألن مصادره" كلها سماعية ،بقي
الباب األخير" :ك َُر َم َي ْك ُر ُم" وهذا ال يأيت منه متعدٍّ .
طيب فـَ " :ف َع َل َي ْف ُع ُل" قلنا :كـ "ن ََص َر َين ُْص ُر ن َْص ًرا" و " َأ َخ َذ َي ْأ ُخ ُذ َأ ْخ ًذا"" ،ن ََص َر
َين ُْص ُر ن َْص ًرا" هذا سالم ما فيه همزة وال حرف علةَ " ،أ َخ َذ َي ْأ ُخ ُذ َأ ْخ ًذا" ،هذا مهموز
فيه همزة ،وكذلكَ " :أك ََل َي ْأك ُُل َأك ًْال".
طيبَ " :مدَّ َي ُمدُّ َمدًّ ا" ما وزنَ " :مدَّ َي ُمدُّ َمدًّ ا"؟ " َف َع َل َي ْف ُع ُل َف ْع ًال" ،مدَّ أصلها:
ٍ
واحد ،ألنَ :ي ُمدُّ أصلها: ٍ
جنس َمدَ َد ،ثم صار فيه إدغام بين العين والالم ألهنما من
َي ْف ُع ُلَ ،ي ْمدُ ُد ،ما الذي حدث؟ حدث إدغام بين المتماثلين ،إدغام الدال يف الدال،
واإلدغام ُيوجب يف الحرف األول :التسكين ،الدال األولى ،طب سكناها ،الدال
األولى ما حركتها قبل التسكين؟ َي ْمدُ ُد ،ضم.
شرح ألفية ابن مالك e f
g
12 h
الاُ هذا ماذا تفعل به عند اإل ِّد َغام؟ ستنقله للساكن الذي قبله ،اشمعنا
ٍ
فاض ما فيه حركه ،فتنقل الحركة إليه ،أدغم الدال الحرف ساكن ،ألنه حرف ٍ
خال
يف الدال ،وانقل حركة الدال األولى الضم وانقل إلى الساكن ،قبل الدال.
كيف تكون الكلمة؟ " َ دمد" هذا الذي حدث ،إذن " َ دمد" أصلهاَ " :ي ْمدُ ُد،
َي ْف ُع ُل"َ " ،مدًّ ا َف ْع ًال".
أيضا من هذا البابَ " :ف َع َل َي ْف َع ُل َف ْع ًال" قال
وكذلكَ " :قا َل ُه َي ُقو ُل ُه َق ْو ًال" ً
أصلهاَ :ق َو َل َف َع َل ،كيف عرفنا أن األلف يف قال أصلها الواو؟ َق َو َل ،ربما الياء! َق َي َل،
أو حرف آخر ،بالنظر إلى المضارع ،ما المضارع؟ قال يقول ،ليست َي ِق ُيل ،يقول،
رجع األصل ،فاألصل َق َو َل َف َع َل.
تحرك وانفتح ما قبله ،ينقلب لكن القاعدة الصرفية تقولَّ :
أن حرف العلة إذا َّ
أل ًفاَ " ،ف َق َو َل" تحركت الواو وفتح ما قلبها ،فانقلبت أل ًفا فصارت "قال".
فما وزن "قال"؟ " َف َع َل" ،ألنك تزن األصل " َق َو َل".
ول يف ُع ُل" ،نحن قلنا :أن الفعل الماضي كم له من طبَ " :ق َال َف َع َل"َ " ،ي ُق ُ
باب؟ ستة أبواب ،كل األفعال البد أن تعيدها إلى من األبواب الستةَ ،ف َق َال َي ُق ُ
ول
َق ْو ًالَ ،ف َعل َي ْف ُع ُل َف َع ًال ،يقول :أصلها " َي ْق ُو ُلَ ،ي ْف ُع ُل" الضمة وقعت على الواو.
" َي ْق ُول" :والضمة على الواو ثقيلة؛ ألن الضمة بنت الواو ،فكأنه اجتمعت
واوان ،كيف تخلصت العرب من هذا الثِ َقل؟ نقلوا الضمة للساكن الذي قبلها
ول" فالمصدر جاء على القياسَ ،ف َعلَ " ،ق َال َي ُق ُ
ول َق ْو ًال". فقط ،فصارت " َي ُق ُ
طيبَ " :و َعدَ َف َعل" الزم ومتعدٍّ ،متعدٍّ َ " :و َعدَ ُه" ،إذن ِّ
صرفه ستقولَ " :و َعدَ ُه
e f شرح ألفية ابن مالك
13 h
g
َي ِعدُ ُه َو ْعدً ا"َ " ،و َعدَ َف َع َل" " َو ْعدً ا ف ْع ًال" ،طب والمضارعَ :ي ِعدُ َو َعدَ يِ ِعدُ ،ما وزن
َي ِعدُ ؟ لكي تعرف الوزن ،اعرف األصل األصلْ " :يو ِعدُ " الواو موجودة يف " َو َعدَ ".
" َو َعدَ َي ْو ِعدُ "َ " .ي ْف ِع ُل" الواو هنا َي ْو ِعدُ ما الحركة التي قبلها؟ فتحة.
الحركة التي بعدها؟ كسرة ،والواو ما الذي يناسبها من الحركات؟ الضمة ،ال
قبلها ضمة وال بعدها ضمة ،وإنما وقعت هنا مسكينة بين عدوتيها ،فتآمروا عليها
وحذفوها طب ًعا تعليل لكالم العرب ،العرب هنا يحذفون الواو ،قال النحويون:
لعل السبب أن الواو وقعت بين عدوتيها يعني ما ال يناسبها فث ُق َلت ،فتخلصوا من
هذا الثقل بالحذفَ ،ي ْو ِعدُ احذف الواو فقطَ " ،ي ِعدُ " ثم جاء المصدر على القياس
" َو ْعدً ا".
الطالب )00:29:46@( :سؤال غير واضح
معتل ،فإنه ُيحذف يف ٍ
بحرف ٍّ ال يخ :كل مثال إذا كان الفعل مثال يعني مبدوء
وزن َي ِز ُن" وهكذا. المضارع ،نحوَ " :و َعدَ َي ِعدُ "" ،و َقف َي ِق ُ
ف"َ " ،
قالوا :باع يبيع بي ًعا ،كذلكَ " :ف َع َل َي ْف ِع ُل َف ْع ًال" ،فما أصل باع؟ َب َي َع أو َب َو َع؟!
"ب َيع" بداللة "يبيع" ،إذن " َب َي َع".
ما الذي حدث للياء؟ تحركت وانفتح ما قبلها فانقلبت أل ًفا ،إذن" :باع" وزهنا
" َف َع َل" ألن أصلهاَ " :ب َي َع".
والمضارع" :يبيع" ما أصله؟ " َف َعل ي ْف ِع ُل" إذن " َي ْبيِ ُعَ ،ي ْف ِع ُل" ،الذي حدث
كالذي حدث يفَ " :ي ْق ِو ُل"َ " ،ي ْب ِي ُع" ،الكسرة حين وقعت على الياء والكسرة بنت
الياء فكأنه اجتمع عندنا ياءان ،فسببت الثقل ،كيف تخلصت العرب من هذا
الثقل؟ إهنا نقلت الكسرة إلى الساكن قبلها على الياءَ " ،ي ْبيِ ُع ،فقالتَ :يبِ ُ
يع" ،ثم
جاء المصدر على القياس" ،ب ْي ًعا".
شرح ألفية ابن مالك e f
g
14 h
يه َر ْم ًيا" ثالثي معتل فجاء مضارعه على " َف َعل" ،وكذلك وكذلك "رماه يرمِ ِ
َ َ َْ
" َف َع َل يف َع ُل"َ " ،ق َط َعه َي ْق َط ُع ُه َق ْط ًعا" ،و " َفت ََح ُه َي ْفت َُح ُه َفت ًْحا" و " َبدَ َأ ُه َي ْبدَ ُأ ُه َبدَ ًءا" و
" َو َض َع ُه َي َض ُع ُه َو ْض ًعا" ،هذا فِ ْع ِل مثال ،مثال يعني مبدوء بحرف علةَ " ،و َض َع،
يضع الضاد مفتوحة ،إذن أصله: َف َع َل" ،ما مضارعه؟ " َي َض ْع أو َي ِض ْع ،أو َي ُض ْع"َ ،
يفعل ،أو يف ُعل ،يف َعل ،ما أصل يضع ،وضع ْيو َض ُع ،فحذفت الواو ألن يفعل ،أو ِ
َ
دائما تحذف واوه يف المضارع ،فقط تحذف الواو ما تغير شي ًئا آخر، المثال ً
" َي ْو َض ُع= َي َض ُع" والمصدر" :وض ًعا".
يفه ُمه
فه َم ُه َ وكذلكَ " :ن َعا ُه وين َعاه نع ًيا" ،وكذلك يفَ " :ف ِعل ي ْف َع ُل" تقولِ " :
مسا ،على َف َع َل َي ْف َع ُل َف ْع ًال"، ِ
يم ُّس ُه ًّ
مس ُه َ
فهما" ،و"أمنَه يأمنَ ُه أمنًا" ،وكذلك " َّ
ً
ِ
يمس". يم َّس ،الميم مفتوحة ليست" :يمس وال ُ مس" أصلهَ :م َس َس َف َع َل َ
" َّ
يمس ْس ،اجتمع مثالن، ِ
يمس ْس"َ ،
يمس ْس ،أو يمس ْس ،أو ُ
يم َّس ،يف األصلَ " :
َ
سينان ،فا َّدا َغ َما ونقلنا حركة السين األولى إلى الساكن قبلها وهي الفتحة فصارت
مسا ،ف ْع ًال".
يم ّس ،والمصدر على القياسًّ " :
َ
أيضا علىَ " :ف َع َل َي ْف َع ُل اف َخ ْو ًفا" ً اف َي َخ ُ خو ًفا" ،فـ" َخ َ وكذلك" :خافه يخا ُف ُه ْ
اف َف َع َل" آسف نحن قلناَ " :ف ِع َل َي ْف َع ُلَ ،ف ِه َم َي ْف َه ُم ،و َأمِ َن ي ْأ َم ُن"، َف ْع ًال"َ ،فـ" َخ َ
اف َخ ْو ًفا" :علىَ " :ف ِع َل َي ْف َع ُل ف ْع ًال".
اف َي َخ ُ
فـ" َخ َ
ف َف ِع َل" ،الواو مكسورة متحركة وانفتح ما قبلها فأصل "خاف"َ " :خ ِو َ
اف"َ " ،ي َخاف" أصلها:
اف" ،فجاء المضارع على " َي َخ ُ فانقلبت أل ًفا فصارت " َخ َ
يخ ِوف" ،األصل َي ْخ َوف ،فنقلنا الفتحة إلى الخاء الساكنة
" َي ْخ َوف ،أو َي ْخ ُوف ،أو ْ
وقلبنا الواو أل ًفا ،فصارت يخاف.
وزن "فعل يفعل" ،أو "فعل ِ
يفع ُل"، يب لماةا لُ ن ق :أن خاف يخاف على ِ
َ ُ َ
e f شرح ألفية ابن مالك
15 h
g
وف" ،ولو كانت على "ف َعل ِيف ُ
عل" لو كانت على "ف َعل يف ُع ُل" لقالوا" :خاف ُ
يخ ُ
لقالوا" :خاف يخيف".
فعل يف َع ُل" ولم نقل أهنا على "ف َعل ي ْف َع ُل"؟ هذا باب طيب لماذا قلنا علىِ " :
ب" ،قالوا :إهنا على " َف ِع َل يف َع ُل" وليست موجود مثل" :ق َطع يق َطع ،وذهب َ
يذه ُ
على "ف َعل ي ْف َع ُل" المضارع اآلن "يخاف على ي ْف َعل" ،اتفقنا على ذلك ،ال نقل
يفعل" ،على "ي ْف َعل". على "يفعل وال ِ
ُ
ِ
طب المضارع "ي ْف َعل" يأيت الماضي منه " َفعل" كـَ " :ف ِر َح َ
يفر ُح" ويأيت
إن "يخاف" مضارعه: ب" ،فلماذا قالواَّ : ذهب ْ
يذ َه ُ الماضي منهَ " :ف َع َل" ،كـَ " :
ف َف ِع َل" ألنك إذا أسندته إلى ضمير المتكلم كنت تقول: "خاف" أصلها " َخ ِو َ
َخ ْف ُت وال ِخ ْف ُت؟ ِخ ْف ُت ،هذه الكسرة هي الموجودة يف " َف ِع َل" انتقلت إلى الخاء
فقالوا :إهنا َف ِع َل ،يف َع ُل.
وهَا ه ق ل ابن مالك يف ا بياَ الساب ة:
َلللللللللر َّد َر ًّدا
َ لللللللللن اة َ الَ َ لللللللللة
ْ ام لللللاْ َم ْصللللللدَ ار ا ْل دم َعللللللدَّ َفعل ِ ا
لللللق ق َيل د ْ
يقول الفعل هو قياس مصدر األفعال الثالثية المتعدية بكل أبواهبا ،ثم ذكر
مثاال بقوله" :ر َّد ر ًّدا" "فر َّد" ٌ
فعل متعدٍّ ،تقول" :ر َّد ُه ُير ُّده" فمصدره يف لذلك ً
القياس "ر ًّدا".
فهذا ما يتعلق بالثالثي المتعدي بكل أبوابه ،انتهينا من الثالثي المتعدي ،ماذا
يبقى من الثالثي؟ يبقى الثالثي الالزم.
والثالثي الالزم له تفصيل ،على حسب أبوابه ،فهو يأيت من " َف َع َل"
بمضارعاهتا الثالث ،ويأيت منَ " :ف ِع َل" ويأيت منَ " :فع َل" .فعل ِ
وفعل وف ُعل كلها َ ُ
فيها الزم فسنفصل.
شرح ألفية ابن مالك e f
g
16 h
فعل" بالكسر ،قياس مصدره: فعل" :الالزم الثالثي الذي على وزن " ِ فنبدأ بـ" ِ
يفر ُح" وقياس مصدره" :الفرح"، "ال َف َع ْل" بفتح الفاء وفتح العين ،كـِ " :
فر َحَ ،
ِ طر ًبا" و" ِ طرب ِ يفر ُح َفر ًحا" ،و" ِ " ِ
بغر ًقا"" ،تعب يت َع ُيغر ُق َ
غرق َ يطر ُب َ فرح َ
وجعأسف يأسف أس ًفا"ِ " ، مرض يمرض مر ًضا"ِ " ، يجز ُع جز ًعا"ِ " ،
جزع َ تع ًبا"ِ " ،
َ َ َ
يوج ُع وج ًعا" وهكذا.
َ
وهذا هو قول ابن مالك يف األبيات السابقة:
َو َ َ للللللللل َل ْق َ َفل َ
للللللللرو َو َََللللللللل لللللللق ا
لللللللاله دم َبا دبللللللل ده َف َع ْ َو َف اع َ
لللللللق ا َّل
" َف ِع َل" الالزم من الثالثي قياس مصدرهَ " :ف َع ْل" ،وضرب لذلك ثالثة أمثلة:
جوى" ،وكشلل.
يج َوى ً جوى من َج ِو َي ْ كـ "فرحٍ من ِ
فرح يفرح" ،وكـ " ً
وسيأيت أن يف هذا الباب شواذ ،ويف الباب السابق شواذ أكثر ،لكن هذا القياس،
وسنشير إلى بعض الشواذ عندما يظهر ابن مالك الكالم على الشواذ عن هذا
القياس ،فهذا الباب ا ول من الثالثي الالزم وهو " َف اع َق".
الباب الَاين :من الثالثي الالزم " َف دع َق" بالضم ومصدره القياسي ،ال ُف ُعو َلة ،أو
ب ال َف َعالة ،فـ " َع ُذب ي ْع ُذ ُب ُعذوب ًة" ،و"م ُلح يم ُلح ُم ُلوح ًة" ،و" َص ُع َ
ب يص ُع ُ
يسه ُل ُس ُهول ًة" جاء على دف دع لة. ُص ُعوب ًة" و" ُ
سهل ُ
اح ًة" و"ب ُل َغ
يص ُر ُح َص َر َ يفصح َف َص َ
اح ًة" و" ُ
صر َح ْ ويأيت على فعالة :كـ " َف ُص َح ُ
ف َن َظاف ًة" و" َض ُخ َم َض َخا َم ًة"
يجذل َجذال ًة" و"ن ُظف ين ُظ ُ يب ُل ُغ َب َالغ ًة" ،و" ُ
جذل ُ
شجاع ًة" وهذا هو قول ابن مالك: شجع َ و" ُ
ََسللللللل د َق ا َ ْمل د
للللللر َو َه ْ لللللللدِ َجللللللل د اَ دف دع ْ َلللللللللللللل ِة َف َعا َلللللللللللللل ِة لا َف دعلللللللللللللالَ
والباب الَالث :من الثالثي الالزم هو " َف َعل" بالفتح وهو ال شك أكثرها.
وقياس مصدره "ال ُف ُعول" ،من جميع أبوابه .أي بجميع مضارعاتهَ " ،ف َع َل" يأيت
e f شرح ألفية ابن مالك
17 h
g
يفعل" كـ "جلس مضارعه على "ي ْفعل" كـَ " :قعدَ ي ْقعدُ " ويأيت مضارعه على " ِ
َ َ ُ ُ
يجلِس" ،فالالزم مثل لي بالالزم ويأيت مضارعه علىَ " :ي ْف َعل" ،كـ" :ركَع ْيركَع"
فالمصدر القياسي لـَ " :ف َع َل" بكل مضارعاته "ال ُف ُعول".
يس ُجد
وس َجد ْ
وجاَ ، ففي " َف َعلَ ،ي ْف ُعل"َ ،ق َعد َي ْق ُعد ُق ُعو ًداَ ،
وخ َرج َي ْخ ُرج ُخ ُر ً
(س َما) على وزنوال"َ . وس َما َي ْس ُمو ُس ُم ًّوا ،على وزنَ " :ف َع َل َي ْف ُعل ُف ُع ً
ُس ُجو ًداَ ،
(س ُم ًّوا) على وزن ( ُف ُع ً
وال) ،إال أن الالم (يس ُمو) على وزن (ي ْف ُعل)ُ ، ( َف َع َل)ْ ،
واوا .فادغمت يف واو ال ُف ُعولًّ ،
سموا. صارت ً
وسا" وكذلكَ " :ف َع َل َي ْف َع ُل" كـ: ِ ِ
وكذلك " َف َع َل َي ْفع ُل" كـَ " :ج َل َس َي ْجل ُس ُج ُل ً
وخ َض َع َي ْخ َض ُع ُخ ُضو ًعا" ،وهذا هو قول ابن مالك: " َرك ََع َي ْرك َُع ُركُو ًعاَ ،
َلللللللل ده دف دعللللللل ِل بالللللللا َراد َ َ لللللللدَ ا للللللاله دم ام َْل َ
للللللق َق َعلللللللدَ ا ا للللللق ا َّلل
َو َف َعل َ
يقولَ :غدَ ا َي ْغدُ و ُغدُ ًّوا ،وقوله يف البيت" :مثل" ،لك فيه النصب فهو حال،
حال من قولهَ " :ف َع َل" وفعل يف
ولك فيه الرفع فهو صفة ،والحالية أقوى ،ألنه ٌ
البيت نكرة أم معرفة؟ (وفعل الالزم مثل قعدا) كلمة فعل يف البيت هل هي معرفة
علم على هذا الوزن ،والدليل على ذلك أنه وصفها بالمعرفة.
أم نكرة؟ معرفة ألهنا ٌ
ٍ
باطراد كغدا)، قال( :فعل الالزم مثل) :يعني حالة كونه( .مثل قعد له فعول
إذن فالالزم الثالثي َف َعل مصدره القياسي "ال ُف ُعول" ،هذه القاعدة العامة ،و ُيستثنى
من ذلك أمور ،و ُيستثنى من " َف َعل" الالزم من كون مصدره على "ال ُف ُعول" أمور
ذكرها ابن مالك يف قوله:
َأ ْو َف َعالَ َنللللللللل َفلللللللللا ْد ار َأ ْو دف َعلللللللللاا دللللن دم ْسلللل َع ْ اج َب فا َعللللاا َمللللا َل ْ
للللُ َ ُ ْ
لللللاَّ لا َّلل ا
َوا ْل ََّل ا للللللَ ْامعانَلللللللا َ ل َ للللللٌو ِل لال ا
لللللَ ا ْقع ََاللللللى َ َ ل َبللللللا للللللٌ َبى َفل َ َّ
للللق ََصللللل َ ْقَسللللل ْي َرا َو َصللللل ْ َ ا ْل َف اعيل د للللم ْق لللللللدَّ ا دفعل ِ ا
للللال َأ ْو ل َصللللل ْ َ َو َ ل َ َ
شرح ألفية ابن مالك e f
g
18 h
ِ
وشم َل بكسم الميم ،واختار هنا شمل بفتح الميم،
قوله( :شمل) فيه لغتانَ :
(صهل) يف آخر الشطر الثاين ،ليسلم من عيب
َ (شمل) لكي يوافق
الفتح يف البيت َ
السناد.
إةَّ ف د اسعَنى من الَال ي الالهم على وهَّ " َف َعق" أَّ ُ َّ مصدره على
"ال دف دع ل" أ ياء:
دل على امتناع فمصدره "فِ َعال" ،إذا كان الثالثي الالزم " َف َعل" وهو ا ول :ما َّ
يدل على امتناع ،فمصدره الثالثي ليس على "ال ُفعول" ،وإنما على " ِ
الف َعال" كـ: ُ
ِ ِ ِ ِ ِ
ناحا"." َن َفر ينف ُر ن َف ًارا" ،و" َّفر يف ُّر ف َر ًارا" و" َأ َب َق يأبِق إبا ًقا" و" َجنَح َي ْجن ُح ِج ً
وابن مالك َم َّثل لذلك بقوله:
(فأول ل ِ ِذي امتنا ٍع َك َأ َبى) يقالَ " :أ َبى َي ْأ َبى إبا ًء" ،لكن ماذا يريد بـ" َأ َبى" هنا؟
ٌ
علي ،إذا َص ُعب واستعصى ،وال يريدَ :أ َبى َ
يريد بـ":أ َبى" التي يف قولك :أ َبى الشيء ّ
َ
التي يف قولك" :أبيت الشيء" ألن" :أبيت الشيء" هي متعدية فقياس مصدرها:
علي أي: َ
"الف ْعل" ،وسبق ذلك ،وإنما يريد :أبى الالزمة التي يف قولك :أبى الشيء ّ
ص ُعب ،فيقالَ " :أ َبى َي ْأ َبى إِ َبا ًءا".
وش َرا ًدا" ،فجعلوا لها مصدرين ،وبعض األفعال وقالوا :يف " َشرد ي ْشرد ُشرودا ِ
َ َ ُ ُ ُ ً
لها أكثر من مصدر ،مصدران وثالثة وأربعة .فقولهمَ " :ش َرد َي ْش ُر ُد ِش َرا ًدا"،
و" ُش ُرو ًدا" عادوا إلى "ال ُف ُعول" ،عادوا إلى األصل .كأهنم لم يراعوا ما فيه من
معنى "اإلباء".
يب وا مر الَاين :مما ُيستثنى من " َف َع َل" الالزم ما دل على تق ُّلب ،على
ول َج َوالنًا" يج ُ اهتزاز ،على حركة ،فمصدره القياسي على " َف َعالن" مثلَ " :ج َال ُ
ور َف َو َرانًا" و" َغ َلى َي ْغلِي َغ َل َيانًا" و" َط َار َيطِ ُير َط َيرانًا" و" َل َم َع َي ْل َم ُع َل ْم َعانًا"
و" َف َار َي ُف ُ
e f شرح ألفية ابن مالك
19 h
g
وهكذا.
ا مر الَالث :مما ُيستثنى من " َف َع َل" الالزم :ما َّ
دل على داء ،فمصدره القياسي
ف َي ْر ُعف ُر َعا ًفا". على " ُف َعال" ،مثل" :س َعل يس ُعل ُس َع ًاال" ،و" َ
رع َ
طيب و َم َشى يمشي يدل على داء ،مرض! يف مشى بمعنى َس َار ،فهذهَ " :م َشى
يم ِشي م ْشيا" ،ال يف "مشى بطنه" ،يعني اإلسهال ،تقول العرب :مشى بطنه ِ
يمشي، َ ً َْ
ٍ
حينئذ على ٍ
حينئذ :مشى بطنه يمشي ُم َشا ًءا ،هكذا تقول العرب ،ألنه دل فالمصدر
داء.
يمرض َم َر ًضا" ،هذا يدل على مرض ،نقول له :هذا مر َض ِ إَّ قال قائقِ " :
" َم ِر َضَ ،ف ِع َل" ،واالستثناءات هنا من " َف َع َل" الالزم الذي هو أكثر الباب.
مر ًضا" ،جاء على
يمرض َ مر َض َأما َف ِع َل فقد سبق أن قياس مصدره "ال َف َع ْل" " ِ
القياس.
يب ومما د سعَنى أ اا من " َف َع َق" الالهم ما دل على سير؛ فمصدره
يرح ُل َر ِح ً
يال". ِ
ال ياسي" :ال َفعيل" ،مثلَ " :ر َحل عن المكان َ
طيب وقالت العربَ " :ز َم َل ال َب ِع ُير َي ْز ُمل" ترون البعير أحيانًا إذا كان مرتاح
ركضا ل ِّينًا
تعرج يتعب الذي فوقه ،يعني ً ركضا لينًا سري ًعا ،يعني ليس فيه ُّ يركض ً
مسا ،هذا يقول" :زمل البعير َي ْز ُمل ُز ُم ً
وال، سري ًعا ،حتى كأنه يكاد يمس األرض ًّ
وز َم َالنًا". وزمِ ً
يالَ ، َ
وز َم َالنًا" .فالمصدر وزمِ ً
يالَ ، نعُ ال ة مصادر" :زمل البعير َي ْز ُمل ُز ُم ً
والَ ،
يال" .فمن راعى أن الفعل هنا يدل على سير القياسي منها" :زمل البعير َي ْز ُمل َزمِ ً
يال" .ومن راعى أن فيه حركة واضطراب أتى به على قال" :زمل البعير َي ْز ُمل َزمِ ً
ال َف َعالن" :زمل البعير َي ْز ُمل َز َم َالنًا" .وأما من لم يرا ِع هذا وال هذا وأتى به على
شرح ألفية ابن مالك e f
g
20 h
المصدر األصلي لـَ " :ف َعل" الالزم ،فإن " َف َعل" الالزم مصدره األصلي" :ال ُف ُعول"
فقالُ " :ز ُمول" ،فهم ال يخرجون بعيدً ا عن هذه األشياء ،ومع ذلك قد يأيت الكالم
على غير القياس.
سيرا فوق ِ ِ
يما" إذا سار ً
أيضا قالت العربَ " :ر َس َم البعير ْيرس ُم َرس ً
ومن ذلك ً
"الزميل" ،يعني أسرع من "الزميل" الذي وصفناه قبل قليل ،يقولَ " :ر َس َم البعير
يما" ألنه يدل على سير. ِ ِ
ْيرس ُم َرس ً
ومما ُيستثنى من " َف َعل" الالزم ما دل على صوت ،فإن مصدره "ال ُف َعال أو
ال َف ِعيل" ،و"ال َف ِعيل" أكثر كما سيأيت فإهنما قد يجتمعان ،وقد ينفرد الفعيل ،وقد
ب ن َِعي ًبا و ُن َعا ًبا"،
ب ين ُع ُ وص ِر ً
يخا" ،و"ن َع َ يجتمعان كقولهمَ " :ص َر َخ َي ْص ُر ُخ ُص َر ً
اخا َ
و"ن َعق ين ُع ُق نعي ًقا ونُعا ًقا".
يال" و"هنق الحماروقد ينفرد "ال َف ِعيل" :كقولهمَ " :ص َه َل الحصان يصهل َص ِه ً
ن َِهي ًقا" ،و"زأر الليث َزئِ ًيرا" و"عوى الذئب ُعوا ًء" .ويقال" :نعق نُعا ًقا ،ورغى
ُرغا ًء" ،فما دل على صوت يأيت على "ال ُفعال ،وال َف ِعيل" .وكل ذلك كما ترون
ذكره ابن مالك فيما استثناه من األبيات.
دل على حرفة أو أيضا من " َف َعل" الالزم ولم يذكره ابن مالك ،ما َّ
ومما ُيستثنى ً
يتجر تِجارة" و"نجر تجر ُ
ِ
والية ،فإن مصدره القياسي على "الف َعالة" يف قولهمَ " :
ينجر نِجارة" و"خاط يخيط ِخياط ًة" و"حاك يحيك حياك ًة" ،و"صاغ ِصياغ ًة"، ُ
أميرا ،و"سفر بينهم ِسفار ًة" ،سفر بينهم إذا تردد بينهما
و"أمر يأمر إِمار ًة" إذا صار ً
لإلصالح سفارةً ،وهكذا.
ثم يختم ابن مالك الكالم على أبنية مصادر الثالثي بعد أن ب َّين القياس
فيها بقوله:
e f شرح ألفية ابن مالك
21 h
g
ويف " َف َع َل" الالزم الذي مصدره القياسي" :ال ُف ُعول" .قالواَ " :ح َك َم بينهم
يموت مو ًتا" و"شاخ َي ِش ُ
يخ كما" ولم يقولواُ " :ح ُكو ًما" ،وقالوا" :مات ُ
َي ْح ُك ُم ُح ً
شيخوخ ًة".
ويفَ " :ف ِعل" الالزم الذي مصدره القياسي" :ال َفعل" قالوا" :ب ِ
خل ي ْب َخ ُل ُب ْخ ًال َ َ
و َب َخ ًال" ،أما ال َب َخل فعلى القياس ،وأما ال ُب ْخل فشاذ.
ِ
والرغوبة على غير ور ُغوب ًة"َّ ،
فالرغب قياسي ُّ ب َر َغ ًبا ُ
وقالوا" :رغب ير َغ ُ
القياس.
ويف " َف ُعل" الذي مصدره القياسي "ال َف َعالة أو ال ُف ُعولة" قالواَ " :ح ُس َن َي ْح ُس َن
قبحا".
ُح ْسنًا" ولم يقولواُ " :ح ُسونة أو َح َسانة" ،وقالوا" :ق ُب َح يق ُبح ً
شرح ألفية ابن مالك e f
g
22 h
وأمثلة كثيرة نكتفي بما ذكرناه ،ومعرفة هذه المصادر ،وأبنيتها القياسية مفيدة
جدً ا يف أبواب مسائل متعددة ،فأنت إذا عرفت هذه األبنية القياسية تستطيع أن
تعرف الفعل من المصدر ،وتستطيع أن تعرف المصدر من الفعل ،وهكذا.
حج" ما مصدره القياسي؟ ننظر هو ثالثي متعدِّ ي أم غير مثالَّ " :
فإذا قلنا ً
يح ُّجه َح ًّجا،
حج البيت ُ
حج البيت" فمصدره القياسيَّ " : متعدِّ ي ،هو متعدٍّ َّ " ،
وح ُّج) قراءتان ،فأيهما وحج ،ول ِ ّل ِه َع َلى الن ِ ِ
والعرب قالت :حجِ ،
َّاس (ح ُّج َ ّ َ َ ّ
لحج فهو اسم مصدر ،وسنعرف الحج؟ المصدر الحج ،وأما ا ِ المصدر ،الحج ،أم ِ
َ ّ َ ّ
الكالم على اسم المصدر بعد أن نتكلم عن أبنية المصادر.
ور ُد َو ًارا" فما الفرق
طيب ،قالت العرب" :دار يدُ ور َد َو َرانًا" وقالت" :دار يدُ ُ
بينهما؟
ور ُد َو ًارا" فهذا
أما "دار يدُ ور َد َو َرانًا" فهذا الدوران الحركة ،وأما" :دار يدُ ُ
المرض ،كدُ وار البحر ،أو يصاب اإلنسان بدُ وار ،بالمصدر يقولون :اإلظهار
واإلخفاء واإلدغام ،ورابعها :اإلقالب ،أو القلب ،ننظر أما اإلخفاء من الفعل
إظهارا ،وأما اإلدغام: ً إخفا ًءا ،وأما اإلظهار :فمن الفعل أظهر ُي ْظ ِهر َأ ْخ َفى ُي ْخ ِفي ْ
ِ
ب،فمن الفعل أدغم ُيدْ غ ُم إدغا ًما ،طب واإلقالب مأخوذة من أي فعل؟ من َق َل َ
وقلب ثالثي متعدي أم الزم؟ متعدٍّ ؛ إذن فقياسهَ " :ق َل َب ُه َي ْقلِ ُب ُه قل ًبا" ،وال يقال:
"إقال ًبا" ،ألن :اإلقالب يف القياس مصدرَ :أ ْقلب أفعل أقلب ُي ْقلِ ُ
ب إِ ْق َال ًبا وليس
هنا يف " َأ ْق َل َ
ب".
فاإلقالب مما انتشر عند بعض المتأخرين وال يستعمله المتقدمون من
النحويين وأهل التجويد ،وإنما انتشر عند بعض المتأخرين ،وهذا مما ينبغي التنبيه
عليه ،ألنه خطأ ،والصواب أن نقول :القلب.
" َب َر َك ،و َب َار َك" ،ما المصدر من َبرك؟ هذا ثالثي الزم ،و َف َعل الالزم مثل َق َعدَ
e f شرح ألفية ابن مالك
23 h
g
بارك" ٌ
مربوك فيه ،أما الفعل " َ ول ،إذن " َب َر َك ي ْب ُر ُك ُب ُروكًا" فهو بارك والمكان له ُف ُع ٌ
بار َك" ،فمصدره القياسيَ " :ب َار َك ُي َبارك مباركةً ،فهو
الرباعي أربعة حروف " َ
مبارك لك النجاح ،مبارك لك بارك ،أنا باركت لك فأنا ُمبارك ،وأنت َ بارك ،أنا ُم ُِم ِ
المولود.
ٌ
مربوك عليك! سيختلف ٌ
مبارك لك أم مبارك أم مربوك؟ يعني مربوك عليك!
تس َّب ُه تقول مربوك ،يعني مربوك عليك ،بعيرك برك عليك!،
المعنى ،إذا أردت أن ُ
مربوك فإذا أردت أن تمدحه تقول" :مبارك" يعني مبارك لك ،فهذه من األخطاء
المنتشرة أن نقول "مربوك" بمعنى "مبارك" ،مربوك لها معنى آخر.
أخيرا نتأمل يف الغروب والشروق ،الغروب " ُف ُعول" ،وزن الغروب ً طيب
ال ُف ُعول ،الفعول مصدر ألي فعل؟ يعني قمنا نأخذ الفعل من المصدر ونأخذ
المصدر من الفعل ،طب "ال ُف ُعول" مصدر ألي فعل؟ لـَ " :ف َعل" الالزم ،و" َف َعل"
يغرب ُغرو ًبا" على ِ الالزم مثل" :قعد له ُف ُع ٌ
غرب ُ ول" إذن ما ف ْعل الغروب؟ " َ
شرق" هو شرق" هل " َ أيضا ُف ُعول ،ما فعله القياسي؟ " َالقياس ،طب والشروق ً
فعل الشروق ،أم أن الفعل" :أشرق ُي ْش ِر ُق إِ ْش َرا ًقا" والشروق هنا وقع موقع
اإلش َراق ،ال بأس وقع موقع اإلشراق ،وقال بعض اللغويين :إن " َش َر َق" مستعمل،
ْ
" َش َر َق" بمعنى أشرق.
مصدرا
ً كيف عرفنا هذه األشياء ،عندما قالوا :الشروق ،ما يمكن أن يكون
ألشرق ،مصدر " َأ ْش َر َق ُي ْش ِر ُق إِ ْش َرا ًقا" ،فعندما قالوا الشروق :عرفنا أن هناك
" َش َر َق" ،فإما أن يقال :أنه مستعمل بقلة كما قال بعض اللغويين ،أو يقال :أنه فعل
مات ،والدليل على أنه موجود المصدر "شروق" ،شروق مصدر "شرق" ،فـ:
"شرق" إما قليل ،أو أنه ٌ
فعل مات.
هذا ما تيسر ،ونرتك الكالم على باقي األبيات يف األسبوع القادم.
شرح ألفية ابن مالك e f
g
24 h
َّ
وصق اهلل وسلُ على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
الحمد هلل رب العالمين ،والصالة والسالم على نبينا محمد وعلى آله
وأصحابه أجمعينَّ ،أما بعد-:
فسالم اهلل عليكم ورحمته وبركاته ،يف هذه الليلة المباركة؛ ليلة اإلثنين
ٍ
وأربعمائة وألف ،يف جامع الراجحي الخامس من ذي القعدة من سنة ثنتي وثالثين
يف حي الجزيرة يف مدينة الرياض ،نعقد بحمد اهلل وتوفيقه الدرس الرابع والسبعين
من دروس شرح ألفية بن مالك عليه رحمة اهلل.
يف الدرس الماضي كنا بدأنا بالكالم على باب" :أبنية المصادر" وشرحنا من
هذا الباب ثمانية أبيات ،يف هذا الدرس إن شاء اهلل نحاول أن نشرح األبيات الباقية،
وهي تسعة أبيات ،فيها يتكلم على أمرين ،يتكلم على أبنية غير الثالثي،
ويتكلم على اسمي المرة والهيئة ،فنبدأ الدرس بقراءة ما قاله ابن مالك
كالمعتاد:
قال :
مصللللللللدَ ره َ د للللللللدْ ا ْل َّع ْ ل ا ا
لللللللد دس َ َ ْ لللللر اة َ الَ َ للللللة َم ل د
للللليس َ .448و َغ ْيل د
لللللال
لللللن َََمللللللال َََ َّمل َ إا ْج َمل َ
لللللاا َمل ْ لللللله َ ْ ا َيلللللللة َو َأ ْج املللللللالَ
.449و َه ل ا
َ
e f شرح ألفية ابن مالك
25 h
g
اسُ مصدر.
إذا لم يأت المصدر على فعله يعني لم يأت المصدر يف حروفه على حروف
الفعل ،فنسميه اسم مصدر ،وسيأيت كال ٌم على ذلك يف آخر الدرس.
طيب و "ص َّلى صال ًة" كذلك؛ صال ًة اسم مصدر لـ" :ص َّلى" .ص َّلى محمد هلل
صال ًة خاشعة ،وأما" :ص َّلى اللحم على النار" قالوا فيها :صليته على النار تصلي ًة
على القياس.
وهذا هو قول ابن مالك ( :وزكه تزكيةً)َ ،زكِّه من" :زكَّى َت ْزكِ َي ًة".
طيب وبعد أن قلنا أن " َف َّع َل" معتل الالم مصدره "التفعلة" ،نعود فنقول :إن
"التفعلة" مصدر َف َّع َل المعتل الالم ،و "التفعلة" يف أصلها "التفعيل" ،يعني أصلها
"التفعيل" ثم انقلبت إلى "التفعلة" ،فـ"التفعيل" يف حقيقته هو أصل لـ" :ف َّعل"
تعليما"َ ،ب ِق َي على هذا األصل ولم يتغير شكله .فإن
ً فإن كان صحيح الالم" :تع َّلم
كان معتل الالم تغير "التفعيل" إلى "التفعلة" فما الذي حدث؟ كيف تغيرت
"ال َّت ْف ِعيل" إلى "الت ْف ِعلة"؟ حذفنا الياء وعوضنا عنها ٍ
بتاء يف األخيرِ " :
التفعيل"
احذف الياء وعوض عنها بتاء يف اآلخر تكون "التفعلة" .هذا الذي حدث.
المهموز الالم :فمصدره "التفعيل والتفعلة"َ ،ج َمع المصدرين إذا
ُ أما " َف َّعل"
مهموز الالم فيجمع المصدرين :كـ" :جزأ تجزي ًئا وتجزئ ًة" و" َّبرأ َ كان "ف َّعل"
تربي ًئا وتربئ ًة" و"هنَّ َأ هتني ًئا وهتنئ ًة" و"خ َّطأ تخطي ًئا وتخطئ ًة" هذا ما يتعلق بالفعل
" َف َّع َل".
لننتقل بعد ذلك إلى فع ٍل آخر وهو الفعل" :أ ْف َع َل" أي الثالثي المزيد هبمزة يف
أوله ،أما مصدره القياسي" :أفعل" مصدره القياسي" :اإلفعال"" ،أفعل" الصحيح
شرح ألفية ابن مالك e f
g
28 h
العين ،مصدره "اإلفعال" نحو" :أكرم إكرا ًما" و"أقبل ً
إقباال" و"أحسن إحسانًا"
َ
إجماال) أي أجمل (وأج ِم َل
ْ إظهارا" ،وهذا هو قول ابن مالك : ً و"أظهر
ً
إجماال.
وأما "أ ْف َعل" المعتل العين :فمصدره "اإلفعلة"" ،أ ْف َعل" المعتل العين ،ما
يدل بقولنا المعتل العين يعني حرفه األصلي الثاين حرف علة ،أ ْف َعل هذه العين يف
أ ْف َعل تكون حرف علة ،كقولنا" :أقام -ألف ،-أنام ،أنار" ونحو ذلك.
فالمصدر يكون علىِ " :
اإل َف ْعلة" .فـ":أقام إقامة" ،و"أنار إنارة" ،و"أدار
إدارة" ،و"أهان إهانة" و"أعان إعانة".
ثم نقول :إن أصل "اإلفعلة" هنا هو "اإلفعال" ،فإن "اإلفعال" يف الحقيقة
مصدر لـ" :أفعل" إال أنه يف معتل العين دخله اإلبدال ،هبذه الطريقة ،فـ":أقام
إفعاال" ،أيَ " :أ ْق َو َم إ ْق َوا ًما""-،أ ْق َوم" -الواو تحركت فانقلبت
ً إقام ًة" أصله "أفعل
أل ًفا و ُأ ِلقيت حركتُها على الساكن قبلها فصار الفعل "أقام".
إقواما" الواو تحركت فانقلبت أل ًفا طيب :إِ ْق َوا ًما حدث ما حدث يف الفعل " َ
و ُأ ِلقيت حركتها على الساكن قبلها ،وعندما ُقلبت الواو أل ًفا ،وبعدها أل ِ ًفا
فاجتمعت ألفان ساكنتان ،فحذفت األلف الثانية "إِ ْف َعال" احذف األلف الثانية
بتاء يف األخير ،فصارت" :إقامة ،إفعلة" هذا قول الجمهور ،هناك وعوض عنها ٍ
اح َم َّر" .فقياس مصدره: ومن األفعال المبدوءة هبمزة وصل :ا ْف َع َّل" ،كـْ " :
"ا ْفع َّل ا ْف ِع َال ًال" ،تقول" :احمر اح ِمرارا ،واص َفر ِ
اصف َر ًارا ،وا ْع َو َّج ا ْع ِو َج ً
اجا". ْ َّ ْ ْ َ َّ ْ َ ً َ
طيب ،كل ما قلناه على ما يبدو أهنا أفعال خماسية ،نعم ،هذه أفعال خماسية
مبدوءة هبمزة وصل.
اس َت ْف َعل" وهو سداسي ،فمصدره: ومن ا فعال المبدوءة ب م ة وصقْ " :
َخ ِر ُج ِ ِ
َخ َر َج َي ْست ْ است ْف َع ًاال" كسرنا ثالثه وهو التاءْ " ،
است ْ اس َت ْف َع َل َي ْس َت ْفع ُل ْ " ْ
استِ ْف َع ًاال" كسرنا التاء وزدنا أل ًفا قبل آخره ،مثل: ِ
اس َت ْف َع َل َي ْس َت ْفع ُل ْاجا" " ْ
ِ
است ْخ َر ً ْ
ِ ِ ِ
اس َت ْع َل َم
يس َت ْغف ُر است ْغ َف ًارا" و" ْ
اس َت ْغ َف َر ْ است ْخ َر ً
اجا"ْ " ، َخ ِر ُج ْ َخ َر َج َي ْست ْ
است ْ " ْ
استِ ْف َها ًما".
اس َت ْف َه َم ْ
ِ
ا ْست ْع َال ًما" ،و" ْ
اس َت ْف َعل" معتل العين ،كـ" :استقام واستبان" فإنه يعتل كما اعتل
فإن كان " ْ
e f شرح ألفية ابن مالك
33 h
g
"أقام" ،يعني أن مصدره سيصيبه من اإلعالل ما أصابَ " :أ َقا َم إِ َقا َم ًة" ،فنقول يف:
استِ ْق َوا ًما"،
اس َت ْق َو َم ْ
ِ
اس َت ْف َع َل ْ
است ْف َع ًاال" أيْ " :
ِ
است َقام ًة واألصلْ " :اس َت َقا َم ْ
" ْ
استقو َم" :األلف تحركت فانقلبت أل ًفا و ُأ ِلقيت حركتها على ما قبلها ،فصارت: َ "
استِ َقامة" ما هي مشكلة فقط قلب قلبنا الواو أل ًفا ،أما اس َت ْق َوم ْ
ِ
"است َقامة" " ْ
استِ ْق َوا ًما" فالواو كذلك تحركت وقلبت أل ًفا ،وألقيت حركتها على ما قبلها، " ْ
فعندما انقلبت الواو أل ًفا وبعدها ألف ،اجتمع ألفان ساكنتان فحذفت الثانية
استِ َقا َمة". ٍ
اس َت َقا َم ْ
و ُع ِّوض عنها بتاء يف اآلخر فصارتْ " :
ان ِ ان ِ
ان َي ْس َتبِ ُ
ين اس َت َب َ اس َت َب َ ْ
است ْب َيان" " ْ است َبانَة" .وقولهمْ " : اس َت َب َ ْ
وكذلكْ " :
استِ َبانَة" ألن معتل العين يجب ان" ،وهذا استبيان ،هذا لحن ،والصوابْ " : استِ ْب َي َ
ْ
استِ َعا َذ ًة" إلى آخره. أن ُي َع َّل هبذه الطريقة ،ويقالْ " :
اس َت َعا َذ ْ
الع َوض" هنا ما قيل عن تاء العوض يف "أقام إقامة" من جواز ويقال يف "تاء ِ
قال( :وغال ًبا ذا التا لزم) نعم واألغلب لزومها ،ولكن قد يجوز حذفها عند
اإلضافة.
طيبَ :ب ِق َي من األفعالَ " :ف ْع َل َل" الرباعي ،ومصدره القياسي" :الفعللة"،
" َف ْع َل َل ُي َف ْعلِل َف ْع َل َل ًة" نحوَ " :د ْح َر َج َد ْح َر َجةً ،و َب ْع َث َر َب ْع َث َرةً ،و َط ْم َأ َن َط ْم َأ َنةً ،وكذلك:
وح ْمدَ َل َح ْمدَ َل ًة".
َب ْس َم َل َب ْس َم َلةًَ ،
فإن كان مضعف الرباع ًّيا ،ونريد بالمضعف الرباعي :ما كان أو ُله كثالثه ،وكان
ثانيه كرابعه ،كـ" :زلزل ،ووسوس" نقول فإن كان َف ْعلل مضعف رباع ًّيا ،كان
الف ْع َالل" بكسر الفاء ،فيقالَ " :ز ْل َز َل َز ْل َز َل ًة ِ
وز ْل َز ًاال، مصدره على" :ال َفع َل َل ِة" و" ِ
ْ
اسا ،وهكذاَ :ب ْل َب َل َب ْل َب َل ًة وبِ ْل َب ًاال ،و َق ْل َق َل َق ْل َق َل ًة وقِ ْل َق ًاال" إلى
وو ْس َو ً وس ْو َس َو ْس َو َس ًة ِ
َ
آخره.
ومما حسن ة ره هنا أَّ ال :إن "فِ ْع َالل" األكثر فيه أن يكون مصدر كما
حينئذ أن يكون اسم فاعل،ٍ رأينا فإذا ُفتِحت الفاء منه فقيلَ " :ف ْع َلل" فاألكثر فيه
والوسواس"َ ،و ْس َو َس
الوسواس َ يعني بمعنى اسم الفاعل ،وهبذا يبين الفرق بينِ " :
الو َس ْو َسة" ،هذه َو ْس َو َسة الشيطان"" ،هذا
الو ْس َواس مصدر بمعنى ْ اساِ ، ِو ْس َو ً
ِوسواس الشيطان"ِ " ،و ْس َواس بمعنى َ
الو ْس َو َسة" ،فإذا َفت َْح َت الواو " َ
الوسواس"
الم َو ْس ِوس".
كان بمعنى اسم الفاعل يعني " ُ
فهذا شرح األبيات التي ذكرها ابن مالك يف أبنية المصادر ،ورأينا أنه
ذكر فيها أبنية الثالثي ،وأبنية غير الثالثي ،وأبنية اسم المرة ،واسم الهيئة.
ونضيف على ذلك فنقول :هناك مصادر لم يذكرها ابن مالك يف
ا لفية ،وإن كان ذكر بعضها يف "كتبه األخرى" ألن ا لفية ليست من الكتب
سمى :باسم المصدر ،ومن المصادر :المصدرأيضا ما ُي َّ
المبسوطة ،فمن المصادر ً
ٍ
واحد منها بسرعة: الميمي ،ومن المصادر :المصدر الصناعي .فسنتوقف عند كل
اسُ المصدر ،والمصدر الميمي ،والمصدر الصناعي:
نبدأ باسم المصدر ،ماذا يريدون باسم المصدر؟ اسم المصدر هو المصدر
الذي لم يجري على حروف فعلِ ِه ،يعني لم يأيت على قياس مصدر لهذا الفعل،
اإل ْف َعال" ،لكن العربفالفعل "أعطى" رباعي على وزن " َأ ْف َع َل" فمصدره " ِ
فمصدر قياسي ،وأما "ال َع َطاء" فليس
ٌ وعطا ًء" .أما "إِ ْع َطا ًء"
قالت" :أعطى إِ ْع َطا ًء َ
مصدرا لـ" :أعطى" لكنه اسم مصدر ،وليس هناك عطاء عطى ُيعطي ،وعطى
ً
شرح ألفية ابن مالك e f
g
40 h
ُيع َطى ،فـ" :عطى" اسم مصدر لـ":عطاء" ألنه لم يجري على حروفه ،لو جرى
على حروفه وقياسه لكان اإلعطاء.
الم َفا َع َلة وال ِف َعال" ،ومع ذلك قالت العرب: اشر َفا َعل" قياسهُ " : ومن ذلك " َع َ
وعشرة" أما "المعاشرة" فقياسي ،أما " ِ
العشرة" فاسم مصدر، اشر ًة ِ اش َر ُه ُم َع َ
" َع َ
ِ
مصدر أصلي والثاين اسم مصدر، ٌ وسال ًما" األول يما َ و"س َّلم قالوا س َّلم َت ْسل ً
يما وك ََال ًما" وقالواَ " :ق َّب َل َت ْقبِ ً ِ
يال و ُقبل ًة" أما "التقبيل" فمصدر وقالواَ " :ك َّلم َت ْكل ً
أصلي و"ال ُق ْب َلة" اسم مصدر ،وقالوا" :أعانوا إِ َعان ًة و َع ْونًا" فاألول مصدر أصلي
والثاين اسم مصدر وهكذا.
اغتِ َس ًاال" فإن هذا مصدر فعل آخر َّ
حل وأما نح " :اغتسل ُغ ْس ًال" أو " َغ َسل ْ
محل مصدر الفعل" ،اغتسل ُغ ْس ًال" ُغ ْس ًال هذا اسم مصدر أم مصدر؟ مصدر
َغ َس َلَ " ،غ َس َل ي ْغ ِسله َغ ْس ًال" هذا مصدر َغ َس َل .طيب فإذا قلنا" :غسله َغ ْس ًال"
اغتِ َس ًاال" فمصدر أصلي ،وإذا قلنا" :اغتسل فمصدر أصلي ،وإذا قلناَ " :غ َسل ْ
ّ ٌ
حل محل مصدر هذا الفعل. ُغ ْس ًال" ف ُغ ْس ًال مصدر فعل آخر َّ
(ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ) [الصافاَ ]19:زجرة " َف ْعلة اسم مرة" ،وأ َّكدَ َها
بواحدة.
السنان وال تربأ طعنة ال ِّل َسان"" ،طعنة وطعنة" ،اسم َّ
مرة .واهلل "قد تربأ طعنة ِّ
أعلم.
َّ
وصق اهلل وسلُ على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
¹
شرح ألفية ابن مالك e f
g
46 h
الحمد هلل رب العالمين ،والصالة والسالم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه
ومن ا بع ُ بإحساَّ إلى م الد ن وسلُ سليما َيراَّ ،أما بعد-:
ح َّياكم اهلل وب َّياكم ،يف هذه الليلة ليلة األثنين الثاين عشر من شهر ذي القعدة من
سنة ثنتين وثالثين وأربعمائة وألف ،من هجرة المصطفى يف
جامع الراجحي ،يف حي الجزيرة بمدينة الرياض ،لنعقد بحمد اهلل وتوفيقه الدرس
الخامس والسبعين ،من دروس شرح [ألفية ابن مالك] عليه رحمة اهلل تعالى.
يف هذه الليلة إن شاء اهلل تعالى نتكلم عن
أبنية أمساء الفاعلني واملفعولني والصفة املشبهة بها
وقد عقده ابن مالك يف عشرة أبيات سنقرئها جمي ًعا ونشرحها جمي ًعا
إن شاء اهلل يف هذه الليلة قال:
اَ ا ْل دلم َ َّب َ اة با َ ا اع اللين وا ْللم ْفع لالين وا ْل اص َف ا ا ا
َأ ْبنل َي دة َأ ْس َماء ا ْل َف ْ َ َ َ د ْ ْ َ َ
ا
َ
َللللللَا للللللن اة َ الَ َ للللللة َ ُدلللللل ْ دَّ َ ا اعلللق إا َةا اعلللق صللل ام اسلللُ َف ا َ َ .457ف ا
م ْ ْ َ د
اسللللل ده َف اعل ْ
للللق َغيلللللر معلللللدَّ بل ْ ا
للللق ق َي د َ ْ َ د َ للقللت َو َف اع ْللق فاللي َف دع ْل د َ .458و ْهلل َ َق ال ْي ِ
اَّ َون َْحللللل د ا َ ْج َ لللللرا َون دَحللللل د َصلللللدْ َ َ للللق َف ْعللللال دََّ ن َْحلللل د َأ ا للللرا َ .459و َأ ْف َع ِ
للق َج دمل ْ
للق للق َوا ْل اف ْعل د َا ْل َّالللخْ اُ َوا ْل ََ ام ْيل ا لللق لللق ْأو َلللللى َو َف اع ْيل ِ
لللق با َف دعل ْ َ .460و َف ْعل ِ
e f شرح ألفية ابن مالك
47 h
g
وباسلللل ا ْل َف ا للللق فايل ا
لللله َق ال ْيل ِ
ْ نَللللى َف َعل ْ
لللق اعل ا
لللق َقللللدْ َ َ ْ َ للللق َو َف َعل ْ
للللق َ .461و َأ ْف َعل ِ ْ
َا ْلم ا امللللن َغيللللرا اة ا ْللللل ََّال ا لللار اسلللُ َف ا
اصل ا
لللق دَ َث ْ ْ اع ا
لللق َ .462و اهنَللل دة ا ْل دم َا ا ْ د
َو َ للللللُ املللللل ْي اُ هَائاللللللد َقللللللدْ َسلللللل َب َ ا للع َْسللرا َم ْع دللل ا َ ام ْيللرا دم ْط َل َ للاَ .463م ْ
للر للُ َم ْف دعللل ْ ل اَم َْل ا
للق ا ْل دمنْ َع َظل ْ َصللل َار ْاسل َ لت امنْل ده َملا َ ل َ
لاَّ ا ْنُ ََسل ْلر َ .464وإا َّْ َفع َْح َ
ا َ .465وفاي ْاس اُ َم ْف دعل ْ ال ا ْلَالَ الي ا َّ َلر ْد
اه َنللللل دة َم ْف دعللللل ْ ل َ للللل َ مل ْ
للللن َق َصلللللدْ
ا
لللللللق نَحللللللل َفعَلللللللاة َأو َفعلللللللى ا
َح ْي َللللاب َن ْ للللال َعنْلللل ده دةو َف اع ْي ا
للللق
ْ د ْ َ .466ون َ
هذه األبيات العشرة التي ذكرها ابن مالك السبعة األولى منها يف صوغ
اسم الفاعل والصفة المشبهة به ،والثالثة األبيات األخيرة يف صوغ اسم المفعول.
وسبق الكالم على تعريف اسم الفاعل ،وتعريف اسم المفعول يف الباب الذي
قبل هذا ،يف باب إعمال اسم الفاعل ،تكلمنا هناك على تعريف اسم الفاعل واسم
المفعول ،وسيأيت الكالم بتوسع على تعريف الصفة المشبهة والفرق بينها وبين
اسم الفاعل يف الباب القادم إن شاء اهلل تعالى ،وهو باب إعمال الصفة المشبهة.
أما هذا الباب فهو معقود لبيان كيفية صوغ اسم الفاعل ،وكيفية صوغ الصفة
المشبهة به ،وكيفية صوغ اسم المفعول ،وسنجد أن الكالم على اسم الفاعل
بمعنى
ً متداخال يف سبعة األبيات األولى؛ لماذا؟ ألهنما
ً وعلى الصفة المشبهة
بمعنى واحد فهما يدالن على أن الموصوف
ً واحد فاسم الفاعل والصفة المشبهة
هبما قد فعل الفعل فإذا قلت" :قائم" اسم فاعل فالقائم هو الذي فعل القيام ،وكذا
"الضارب والمكرم والمستخرج".
و َلك الصفة الم ب ة نح " :البطل الذي فعل البطولة أو وقعت عليه
البطولة" الذي فعل أي :بمعنى اسم الفاعل الذي فعل ،وكذلك "الشجاع الذي
فعل الشجاعة" "والسهل الذي فعل السهولة" "والشريف" ونحو ذلك.
شرح ألفية ابن مالك e f
g
48 h
ول َا سم َّ الصفة الم ب ة ماةا؟ يسموهنا الصفة المشبهة باسم الفاعل
مشبهة باسم الفاعل؛ ألهنا كاسم الفاعل من حيث المعنى اإلجمالي ،ولكنهما
يختلفان يف الصوغ ،يف اللفظ وهذا هو الذي سيذكر يف هذا الباب ،ويختلفان يف
المعنى الدقيق ،وسيأيت بيان المعنى الدقيق السم الفاعل وللصفة المشبهة يف الباب
القادم كما ذكرنا إن شاء اهلل تعالى.
بخالف اسم المفعول ،فاسم المفعول يدل على أن الموصوف به قد وقع
الفعل عليه نحو" :المضروب" أي :الذي وقع الضرب عليه كذلك "المشروب
والمكرم والمستخرج" وهكذا ،فلهذا سنبدأ إن شاء اهلل تعالى كما بدأ ابن مالك
بالكالم على أبنية اسم الفاعل والصفات المشبهة باسم الفاعل.
إ ًذا فالكالم اآلن على أبنية اسم الفاعل والصفة المشبهة به يعني :على كيفية
صوغ اسم الفاعل ،وعلى كيفية صوغ الصفات المشبهة ،ولنقدم لذلك بالمقدمة
فنقول:
ثالثي وإما غير ثالثي رباعي خماسي سداسي وهذه قسمة معروفة.
ٌ الفعل إما
وقد يأيت على وزن فعيل "كناصر ونصير" ،قل" :نصره فهو ناصر ونصير" فناصر
اسم فاعل ونصير كذلك اسم فاعل.
أيضا على وزن فاعل نقول" :دخل
وأما فعل الالزم فيؤخذ اسم الفاعل منه ً
فهو داخل" "وخرج فهو خارج" "وجلس فهو جالس" "وقعد فهو قاعد" وسعى"
سعي فاسم الفاعل على وزن فاعل فاسم الفاعل من سعى
َ على وزن ف َعل أصلها
ساعي ثم حذفت الياء وقيل سعي ،وقد يأيت اسم الفاعل منه على
ٌ سا ٍع وأصلها
وزن فعيل "كقعد فهو قاعد وقعيد" "وجلس فهو جالس وجليس" وهكذا.
أيضا يقال" :سمعه فهو
وأما فعل المتعدي فيؤخذ اسم الفاعل منه على فاعل ً
سامع وعلمه فهو عالم"" ،وفهمه فهو فاهم"" ،وشربه فهو شارب"" ،ورحمه فهو
راحم "وهكذا.
أيضا يقال" :سامع وسميع" "،وعالم
وقد يأيت اسم الفاعل منه على فعيل ً
وعليم"" ،وراحم ورحيم" ،وهكذا.
إ ًذا ففعل المتعدي ،وفعل الالزمِ ،
وفعل المتعدي هذه الثالثة يصاغ اسم
الفاعل منها جمي ًعا على وزن فاعل ،وقد يأيت على وزن فعيل ،ماذا يبقى من الفعل
شرح ألفية ابن مالك e f
g
50 h
الثالثي؟ يبقى ِ
فعل الالزم كفرح ،وف ُعل وال يكون إال الز ًما ،هذان الوزنان ف ُعل
قياسا
الالزم وف ُعل وال يكون إال الز ًما ال يأيت اسم الفاعل منهما على وزن فاعل ً
إال ما ُسمع وهو شاذ كقولهم" :حمض فهو حامض" "وطهر فهو طاهر"" ،ونعم
فعل الالزم فكقولهم" :أمن فهو آمن"" ،وسلم فهو ناعم" هذه يف فعل ،وأما يف ِ
ُ
فهو سالم"" ،وعقرت المرأة فهي عاقر" ،وهذا هو مراد ابن مالك يف قوله:
َ
َللللللَا للللللن اة َ الَ َ للللللة َ ُدلللللل ْ دَّ َ ا اعللللللق صلللللل ام اسللللللُ َف ا
اعللللللق إا َةا َ َف ا
م ْ ْ َ د
اسللللل ده َف اعل ْ
للللق َغيلللللر معلللللدَّ بل ْ ا
للللق ق َي د َ ْ َ د َ للللت َو َف اعل ْ
للللق للللق فالللللي َف دع ْلل د
َو ْهللللل َ َق ال ْيل ِ
يقول :اسم الفاعل يصاغ على وزن فاعل من الثالثي فأطلق األوزان ،ثم عاد
فخصص وقال:
اسللللل ده َف اعل ْ
للللق َغيلللللر معلللللدَّ بل ْ ا
للللق ق َي د َ ْ َ د َ للللت َو َف اعل ْ
للللق للللق فالللللي َف دع ْلل د
َو ْهللللل َ َق ال ْيل ِ
الم َعدى يعني: ِ َف ُع ْل ُت ما يأيت فيه فاعل إال ً
قليال إال سما ًعا ،وكذلك فعل غير ُ
فعل الالزم وهذا الذي شرحناه وقلناه ،فقد علمنا اآلن أن اسم الفاعل ال يأيت على ِ
فعل الالزم كفرح ومن ف ُعل كعظم؟ الجواب يف ذلك يقوله ابن اسم الفاعل من ِ
وهذا قوله:
e f شرح ألفية ابن مالك
51 h
g
لاس ده َف اع ْلق َو َأ ْف َع ِق َف ْعال دََّ ا
َب ْق ق َي د
ثم ضرب أمثلة:
فرح" الفرح–
يعني :األوصاف التي تزول ال تثبت تأيت وتذهب "كفرح فهو ٌ
فارح" تقول" :محمد
ٌ فارح تقول" :محمد
ٌ فرح" ال
عرض -تقول" :فرح فهو ٌ
فرح" يعني :يفعل الفرح لكن اسم الفاعل منه على فعل فرح ال فارح" ،ونضر فهو
ٌ
أشر".
بطر" "،وأشر فهو ٌ
نضر"" ،وبطر فهو ٌ
الوزن الثاين ِ
لفعل الالزم أن يكون اسم الفاعل منه على فعالن ،وذلك إذا دل
وصدي فهو صديان"،
ّ على امتالء أو حرارة باطن" كعطش فهو عطشان"" ،
"وشبع فهو شبعان" ،وقد يكون اسم الفاعل منه على أفعل ،وذلك يكون يف
ِ
والخلق جمع خلقة نحو "سود فهو أسود"، ِ
والخلق ،األلوان جمع لون، األلوان
شرح ألفية ابن مالك e f
g
52 h
"وخضر فهو أخضر"" ،وعور فهو أعور" "،وحول فهو أحول"" ،وعمي فهو
أعمى" وهكذا ،فهذا اسم الفاعل من فعل الالزم.
أما ف ُعل وما يكون إال الز ًما فاسم الفاعل منه يكون على فع ٍل "كضخم فهو
ضخم"" ،وسهل فهو سهل"" ،وصعب فهو صعب" "،وشهم فهو شهم" ،وقد
يكون اسم الفاعل من فعل على وزن فعيل نحو "جمل فهو جميل"" ،وشرف فهو
شريف"" ،وكرم فهو كريم" "،وكرب وصغر فهو كبير وصغير" ،وقد يأيت اسم
قليال على أفعل نحو" :خطب فهو أخطب" إذا كانت فيه
الفاعل من فعل الالزم ً
خضرة يعني :لون الخضرة فهو أخضر وهذا قليل ،وقد يكون اسم الفاعل منه على
بطال "بطل فهو بطل" "وحسن
وزن فعل نحو" :بطل فهو بطل" ،بطل يعني :صار ً
فهو حسن" وهذان الوزنان القليالن ذكرهما ابن مالك.
أيضا متعددة يأيت عليها اسم الفاعل من فعل الالزم بال
وهناك أوزان أخرى ً
قياس فقد يأيت اسم الفاعل من فعل الالزم على فعال كجبن فهو جبان ،وقد يأيت
فعال كشجع فهو شجاع ،وهذه سماعية ال قياسية.على ِ
وبعد أَّ ة ر ابن مالك أبنية اسُ الفاعق من الَال ي ف َعق مععد ا
واهما ،ا
وفعق مععد ا واهما ،وف دعق الالهم معُ ةلك ب له:
وباس ا ْل َف ا
اع اق َقدْ َ ْ نَى َف َع ْق َ ْ َ
يعني :أن الفعل الثالثي الذي على وزن فعل الذي عرفنا أن اسم الفاعل منه
فعل ضرب فهو ضارب ،قعد فهو قاعد قد يأيت اسم الفاعل منه على غيرعلى وزن ِ
وزن فاعل.
وباس ا ْل َف ا
اع اق َقدْ َ ْ نَى َف َع ْق َ ْ َ
يقول :الفعل الثالثي الذي على وزن فعل قد يأيت منه اسم فاعل على غير وزن
e f شرح ألفية ابن مالك
53 h
g
فعل ،قد يستغني بوزن آخر عن وزن فاعل وهذا قليل سماعي "كطاب يطيب فهو
طيب" ،ما وزن طاب يطيب فهو طيب؟ ما أصل ذلك؟ األصل ط َّيب ي ْط ِّيب انقلبت
األلف يا ًء طاب ،ي ْط ِّيب نقلت الكسرة من الياء إلى الساكن قبلها ليتخلص من
الثقل الحاصل من اجتماع كسرتين فصارت يطيب "طاب يطيب فهو طيب" ما
وزن طيب؟ أهل األصول عندنا طيب طاء وياء وباء ،ثم طيب فيه ياء زائدة فيعل
ليس على وزن فعل.
شيخ يشيخ إ ًذا فاألصل ياء ،ما أصل "شاخ
شيخ" ٌ
أيضا "شاخ يشيخ فهو ٌ
وقال ً
يشيخ"؟ "ش َّيخ يش ِّيخ" ثم قلبت الياء أل ًفا يف شيخ فصارت شاخ ،وأما يش ِّيخ فنقلت
الكسرة من الياء إلى الساكن قبلها ليتخلص نمن الثقل الناشئ من اجتماع كسرة
شيخ؟ ٌ
فعل وليس على وزن فعل. شيخ ما وزن ٌ
وياء فصارت يشيخ فهو ٌ
أيضا
وقالوا" :شاب يشيب شاب الرجل" يشيب فهو أشيب ،األصل ياء هي ً
األصل ش َّيب يش ِّيب فصار شاب كما ذكرناه قبل قليل فهو أشيب على وزن أفعل،
وأما قول الناس شائب فهم يقولوا شايب وأصلها شائب فهذه إما لحن وإما عود
إلى القياس المرفوض يعني :العرب رفضوا هذا القياس ولم يقولوا شائب وإنما
يقولوا أشيب ،وهذا القياس المرفوض يستعمل ممن ضعفت فصاحته أو من
الجاهل ،موجود عند غير المتعلمين ،وموجود عند األطفال ويسمى يف اللغة
قائم"
مثال" :محمد ٌ
القياس الخاطئ ،أو العود إلى األصول المرفوضة يعني لو قلنا ً
"وهندٌ قائمة"" ،وأنا ناجح وهي ناجحة" "،وأنا أحمر وهي أحمرة" قد يقول
بعض األطفال أحمرة؛ ألنه يقيس على أن التأنيث بالتاء هذا قياس لكنه قياس
خاطئ ،هذا عود إلى القياس المرفوض ،وبذلك ننتهي من الكالم على صياغة
اسم الفاعل من الثالثي.
ليتكلم من بعد ذلك ابن مالك على صوغ اسم الفاعل من الغير الثالثي
شرح ألفية ابن مالك e f
g
54 h
الرباعي الخماسي السداسي ،ويف ذلك يقول:
َث َا ْلم ا امللللن َغيللللرا اة ا ْللللل ََّال ا لللللار اسللللللُ َف ا
اصل ا
لللق دَ ْ ْ اعل ا
لللللق د َو اه َنلللللل دة ا ْل دم َال ا ْ
َو َ للللللُ املللللل ْي اُ هَائاللللللد َقللللللدْ َسلللللل َب َ ا للللع َْسللللرا َم ْع دللللل ا َ ام ْيللللرا دم ْط َل َ للللا
َم ْ
يقول :اسم الفاعل يصاغ من غير الثالثي رباع ًيا كان أو خماس ًيا أو سداس ًيا
ميما مضمومة
على وزن مضارعه نأيت بمضارعه ،ثم نقلب حرف المضارعة ً
ونكسر ما قبل اآلخر ،وهذه قاعدة مضطردة ال يشذ عنها شي ٌء ،وضرب ً
مثاال على
رباعي وليس وصل الثالثي ،يعني :واصل يواصل
ٌ ذلك بالمواصل فالفعل واصل
ميما مضمومة وتكسر ما قبل اآلخر
فهو مواصل ،تأيت يواصل ثم تقلب الياء ً
مواصل ،وأما الفعل الثالثي وصل فاسم الفاعل منه وصل فهو واصل ،نعم.
وكذلك يف "أكرم يكرم فهو ِ
مكرم" ،وكذلك يف الخماسي "انطلق ينطلق فهو
وخرج رباعي؛ ألن
منطلق" ،ويف السداسي "استخرج يستخرج فهو مستخرج"َّ ،
مخرج وتخرج فهو متخرج"" ،وأخرج فهو أخرج يخرج
خرج فهو ِّ الراء مشددة " َّ
خرج ومخرج ِ
مخرج من الفعل أخرج يخرج ،أما ُم ِّ ِّ خرجفهو مخرج" الفرق بين ُم ِ
يخرج قلنا إذا عرفنا الفعل نعرف اسم الفاعل منه ،وإذا عرفنا اسم
خرج ِّ
فمن الفعل َّ
حد سواء قلنا هذه القاعدة مضطردة الفاعل نعرف الفعل؛ ألهنما مرتبطان على ٍ
فاعل ،واسم الفاعل من فعل المتعدي على وزن فاعل ،واسم الفاعل من فعل
فرح" أو فرحان انظروا ِ
الالزم على وزن فعل أو أفعل أو فعالن "كفرح يفرح فهو ٌ
أطلقنا اسم الفاعل على فعل على فرح قلنا :اسم الفاعل من فعل على فعل "فرح
e f شرح ألفية ابن مالك
55 h
g
فعل أو فعيليفرح فهو فرح" ،واسم الفاعل من فعل وما يكون إال الزما على وزن ِ
ً ُ ٌ
كضخم فهو ضخم أو جمل فهو جميل ،فأطلقنا على كل ذلك اسم فاعل؛ ألهنا يف
الحقيقة كلها أسماء فاعلين إال أنه يف االصطالح ال يطلقون اسم الفاعل إال على ما
فعل فإهنم يسمونه الصفة المشبهة علىفعل فإن لم يكن على وزن ِ كان على وزن ِ
وزن ِ
فعل فرح أو فعالن "عطشان" أو أفعل" أحمر" أو على وزن ف ْعل "كصعب"،
أو على وزن فعيل "كعظيم" ،أو على وزن ِ
فعال أو ُفعال "كجبان وشجاع" ،فاسم
الفاعل والصفة المشبهة يتفقان يف شيء ويختلفان يف شيئين ،يتفقان يف شيء يف
المعنى اإلجمالي فكالهما يطلقان على من فعل الفعل ،فقائم الذي فعل القيام هو
شبعان الذي فعل ِ
الشبع وهكذا.
و خعلفاَّ يف أمر ن:
ا مر ا ول :لفظ ًيا فاسم الفاعل على وزن فاعل والصفات المشبهة على
أوزان مختلفة.
وا مر الَاين :الذي يختلفان فيه معنوي ،وهذا يحتاج إلى زيادة بيان ستأيت إن
شاء اهلل تعالى يف الباب القادم كما وعدنا يف أول الدرس يف باب إعمال الصفة
المشبهة.
لننتقل بعد ذلك بعد أن انتهينا عن الكالم على اسم الفاعل والصفات المشبهة
هبا إلى الكالم عن اسم المفعول
أسماء المفعولين أي :أوزاهنا وكيفية صوغها ،ويف ذلك يقول ابن مالك
:
للر للُ َم ْف دعللل ْ ل اَم َْل ا
للق ا ْل دمنْ َع َظل ْ للار ْاسل َ
َصل َ لللت امنْلللل ده َمللللا َ ل َ
لللاَّ ا ْنُ ََسل ْ
لللر َوإا َّْ َف َع ْحل َ
ا ا ا ا
اه َنللللل دة َم ْف دعللللل ْ ل َ للللل َ مل ْ
للللن َق َصلللللدْ َوفلللي ْاسللل اُ َم ْف دعللل ْ ل ا ْلَالَ لللي ا َّ َ
لللر ْد
شرح ألفية ابن مالك e f
g
56 h
ا
لللللللق نَحللللللل َفعَلللللللاة َأو َفعلللللللى ا
َح ْي للللللاب َن ْ لللللللال َعنْللللللل ده دةو َف اع ْيل ا
للللللق َو َنل
ْ د ْ َ
أيضا يف هذه األبيات أن اسم المفعول يصاغ من الثالثي ومن غير الثالثي
فذكر ً
إال أنه بدأ يف صوغه من غير الثالثي فنتبعه يف ذلك ونقول :اسم المفعول يصاغ من
غير الثالثي رباع ًيا كان أو خماس ًيا أو سداس ًيا على قاعدة مضطردة وهي أن تأيت
ميما مضمومة وتفتح ما قبل اآلخر أي
بالفعل المضارع ثم تقلب حرف المضارعة ً
أنه :كاسم الفاعل من غير الثالثي إال أنك يف اسم الفاعل تكسر ما قبل اآلخر ويف
اسم المفعول تفتح ما قبل اآلخر وهذا هو قوله:
ت امنْ ده َما َ
َاَّ ا ْنُ ََسر َوإا َّْ َفع َْح َ
ألنه قال هذا البيت بعد القاعدة التي ذكرها يف صوغ اسم الفاعل من غير
الثالثي صار اسم مفعول "كمثل المنتظر" المنتظر من انتظر خماسي "انتظر ينتظر
فهو منتظِ ٌر" اسم الفاعل كسرت ما قبل اآلخر وهو من َت َظر فتحت ما قبل اآلخر فهو
ومكرم"" ،ومنطلِق. ِ اسم مفعول ،وكذلك تقول " ِ
ومكرمَ . ومواصل"" ،
َ مواصل
ومخرج"
َّ ومخرج
ِّ ومتخرج" "
َ ِ
ومتخرج ومستخرج"" ،
َ ِ
ومستخرج. ومن َطلق"" ،
ومخرج "
َّ ومخرج
ِّ "
ثم ذكر اسم المفعول من الثالثي فقال:
ا ا ا ا
اه َنللللل دة َم ْف دعللللل ْ ل َ للللل َ مل ْ
للللن َق َصلللللدْ َوفلللي ْاسللل اُ َم ْف دعللل ْ ل ا ْلَالَ لللي ا َّ َ
لللر ْد
نعم اسم مفعول ليس فيه تفصيل كما يف اسم الفاعل الذي يأيت من الفعل
الثالثي كله على وزن واحد على وزن مفعول قال:
َ َ ام ْن َق َصدْ
يعني :مقصود مفعول ،تقول" :مقصود" "مضروب" مشروب" "مأخوذ"
"مأكول" "مدروس" مفهوم" وهكذا.
e f شرح ألفية ابن مالك
57 h
g
إال أن الذي يجب التنبه له هو :أن اسم المفعول يؤخذ من الفعل المبني
للمجهول فهو يف معناه ويعمل عمله ،أما اسم الفاعل والصفة المشبهة به فهما
يؤخذان من الفعل المبني للمعلوم فهما يف معناه ويعمالن عمله فإذا قلت:
مكرم" ،وإذا قلنا" :أخرج البخاري هذا "أكرمت الرجل فأنا ِ
مكرم"" ،والرجل َ
خرج البخاري هذا
مخرج ،أما إذا قلنا " َّ ِ
مخرج والحديث َ الحديث" فالبخاري
مخرج ،وإذا قلت" :استخرجت الحديث
خرج والحديث َّ الحديث" فالبخاري ُم ِّ
مستخرج وصحيح البخاري
َ ِ
مستخرج والحديث من صحيح البخاري" فأنا
مستخرج منه ،نعم.
َ
وإذا قلنا "جلس الولد على الكرسي" فالولد جالس اسم فاعل والكرسي
رياال" فأنا م ٍ
عط مجلوس عليه فمجلوس اسم مفعول ،وإذا قلنا" :أعطيت الفقير ً
ُ
ُمفعل على القاعدة أعطى ُيعطي نقل الياء من مضموم ونكسر ما قبل اآلخر ُيعطي
ٍ
كقاض نقول: ُمعطي لكن االسم إذا كان آخره ياء وقبلها كسرة نحذف الياء وننون
عط فأنا م ٍ
عط" ،والريال ُمع ًطا يف معطى مفعل هذه القاعدة ،والفقير ُمع ًطا له، "م ٍ
ُ ُ
نعم.
و َلك ل قلنا" :منح المدرس المجتهد جائزة" فالمدرس مانح ،والجائز
ممنوح له.
ٌ ممنوحة والمجتهد
بعد أن ب َّين كيفية صوغ اسم المفعول من الثالثي وغير الثالثي قال:
ا
لللللللق نَحللللللل َفعَلللللللاة َأو َفعلللللللى ا
َح ْي للللللاب َن ْ لللللللال َعنْللللللل ده دةو َف اع ْيل ا
للللللق َو َنل
ْ د ْ َ
أي :أن مجيئ فعيل بمعنى اسم المفعول قليل نقول :لقد جاء فعيل بمعنى
مفعول ،ولكنه قليل مقتصر فيه على السماع والنقل نحو :رجل جريح .جريح
بمعنى فاعل أو مفعول؟ مفعول مجروح.
شرح ألفية ابن مالك e f
g
58 h
وقد ذكرنا من قبل أن اسم الفاعل قد يأيت على وزن فعيل يف فعل المتعدي"
كناصر ونصير" بمعنى فاعل أو مفعول؟ ناصر أو منصور ناصر من فعل الالزم
"كقعيد وجليس" ،ومن فعل المتعدي كشهد فهو شاهد وشهيد" ،وعلم فهو عالم
وعليم" ،مجيئ فعيل بمعنى فاعل هذا كثير ،فلم ينص عليه ابن مالك ولو نص
عليه لكان أفضل ،ولكنه نص على القليل وهو مجيئ فعيل بمعنى مفعول.
فهذا الكثير وهو فعيل بمعنى فاعل كثير فلهذا يبقى على القاعدة ما معنى يبقى
على القاعدة؟ أي :قاعدة التذكير والتأنيث نقول" :أنا شهيد وهي شهيدة" "هذا
رجل شهيد وهذه امرأة شهيدة" وهكذا.
وأما فعيل بمعنى مفعول فهذا قليل يقول:
َاب َن ْ ال
َون َ
يعني :هذا مختص بالسمع والنقل ،وألنه قليل يستوي فيه المذكر والمؤنث
بشرط ذكر الموصوف فتقول" :هذا رجل جريح"" ،وهذه امرأة جريح" ،وال
فتى كحيل" بمعنى كاحل
تقول" :امرأة جريحة" وتقول" :هذه فتاة كحيل" "وهذا ً
أو مكحول.
وتقول" :هذا رجل قتيل"" ،وهذه امرأة قتيل"؛ ألنه بمعنى مفعول وهكذا قلنا
يستوي فيه المذكر والمؤنث بشرط ذكر الموصوف ،فإن لم ُيذكر الموصوف
جريحا
ً وجب التذكير مع المذكر والتأنيث مع المؤنث رف ًعا للبث فتقول" :رأيت
هنا"" ،ورأيت هناك جريح ًة" فعرفنا أن األول مذكر والثانية مؤنثة؛ ألنك لم تذكر
جريحا" "ورأيت هناك امرأة جريح ًة"
ً رجال
ً الموصوف ولو قلت" :رأيت هنا
ألنك ذكرت الموصوف.
وأما فعيل بمعنى فاعل فهو كثير جدًّ ا "كنصير وقدير ورحيم وسميع" إلى
e f شرح ألفية ابن مالك
59 h
g
آخره...
وأما كثير فهو فعيل بمعنى فاعل أم مفعول؟ مفعول فيستوي فيه المذكر
رأس دهين" بمعنى مدهون" ،وطريح طريح الفراش"
والمؤنث ودهين "هذا ٌ
أيضا مفعول لو قلنا :مريض؟ "مرض فهو مريض" صفة مشبهة إن قلنا إن فعل
ً
الالزم يأيت على ِ
فعل وفعيل.
للللق َف ْعللللال دََّ اسلللل ده َف اع ْ
للللق َو َأ ْف َع ِ ب ْ ا
للللق ق َي د َ للللللق للللللق ْأو َللللللللى َو َف اع ْيل ِ
للللللق با َف دعل ْ َو َف ْعل ِ
فهناك الصفات المشبهة لكن الكالم كله على ما يأيت من فعل هذا الذي يقول
إنه فعيل بمعنى فعل أو بمعنى مفعول.
وبذلك نكون يا إخوان قد شرحنا يف هذا الدرس بحمد اهلل كما ترون عشرة
أبيات وكنا فيما مضى نشرح يف الدرس بيتين أو ثالثة أبيات وإن بالغنا شرحنا
أربعة أبيات أو خمسة أبيات؛ ألن أول النحو كان بحاجة إلى مزيد من الشرح
والتأمل ،وأما باقي النحو بعد ذلك فإن السير فيه سيكون أسرع؛ ألنه كما ترون
يقوم على معلومات سابقة تم شرحها وانتهينا منها ،فإما أن نحيل عليها وإما أن
نعتمد على أننا شرحناها على أن نطيل الكالم فيها ،ولم ننتصف يف األلفية بعد.
سننتصف إن شاء اهلل بعد درسين أو ثالثة لكن الباقي سيكون أسهل مما مضى
إن شاء اهلل.
واهلل أعلُ وصلى اهلل وسلُ على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين
¹
شرح ألفية ابن مالك e f
g
60 h
الحمد هلل رب العالمين ،والصالة والسالم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه
أجمعينَّ ،أما بعد-:
السالم عليكم ورحمة اهلل وبركاته ،ح َّياكم اهلل وب َّياكم ،يف هذه الليلة ليلة
اإلثنين ،السادس والعشرين من ذي القعدة من سنة ثنتين وثالثين وأربعمائة
وألف ،يف جامع الراجحي ،يف حي الجزيرة يف مدينة الرياض ،نعقد الدرس الذي
ُيتم الستين ،من دروس شرح [ألفية ابن مالك] عليه رحمة اهلل تعالى.
توقفنا يف األلفية عند الصفة المشبهة باسم الفاعل وكالعادة نبدأ بقراءة ما قاله
إمامنا ابن مالك يف هذا الباب:
َ ْ ّ َ ُ ُ َّ َ َ ُ
ل
ِ ِ اع الف م
الصفة املشبهة ِ ِ
اس ب
اع ا
لللق معنلللى با لللا الم ْ لللبا دة اسلللُ ال َف ا اعلللق .467اصللل َف ِة اسعدح اسلللن جلللر َف ا
َ ْ َ د َ َ ْ َ َ ْ ْ
للللق ال َّظل ا
للللاهرا للللب َج ام ْيل ا للللاهرا ال َ لل ا َ َطل ا لللن ا اَهم لا َحا ا لللرا ا
َ .468و َصللل دغ َ ا م ْ
َل للللا ع َلللللى الحللللد ا َّلل ا اعل ا للق اسللل اُ َف ا
لللَ َقللللدْ دحللللدَّ ا َ َ َ الم َعلللدَّ
للق د َ .469و َع َمل د ْ
لللللللللب َو َ دنلللللللللل ده َةا َسلللللللللل َببا َّية َو َجل َللب .470وسللب دق مللا َ عم د ا ا
ْ للق ف ْيلله دم َْ َعن ْ َ َ ْ َ َْ
لللح َب َأل َو َمللللا ا ََّصللللق ا
وَّ َأل َم ْصل د َو دد َ لب َو دج َّلر َم َلع َأل َ .471ف ْار َف ْع با َ ا َوانْص ْ
لن َأل َمللالَ ا
للع َأل دسل َلم مل ْ ََْل دلر ْر با َ للا َم ْ للللر َدا َواَ .472با َ لللللا دم َالللللا َف َأو دم ََل َّ
ا للللن إا َ لللللا َفة لاعَالا ْي َ لللللا َو َملللللا ا
للللالَ َ ااه دوس َ
للللما َ للللق َف ْ لللل َ با
للللُ َخْ د َل ْ َ .473ومل ْ
e f شرح ألفية ابن مالك
61 h
g
تكلمنا يف الدرس الماضي على أبنية أسماء الفاعلين ،وأسماء المفعولين،
والصفات المشبهة ،الكالم يف الدرس الماضي كان على األبنية على األوزان.
وأما الدرس الليلة إن شاء اهلل تعالى فعن الصفة المشبهة باسم الفاعل ،عن
تعريفها وعن عملها وأحكامها ،وسبقت يف أكثر من درس أن ذكرنا أن الوصف هو
كل اسم دل على حدث وصاحبة هذا الذي يسمونه بالوصف أو الصفة ،فعلى
ذلك يشمل قولنا الوصف اسم الفاعل وصيغ المبالغة والصفة المشبهة وأفعل
التفضيل واسم المفعول ،هذه هي التي تسمى األوصاف.
فاسم الفاعل وصيغ المبالغة والصفة المشبهة واسم التفضيل هذه األربعة،
تدل على حدث وفاعله ،وأما اسم المفعول فإهنا تدل على حدث ومفعوله ،فكلها
تدل على حدث وصاحبه ،فقولنا "قائم" تدل على حدث وهو القيام وتطلق على
فاعله ،إذا فقولنا "قائم" دلت على حدث وفاعله ،وكذلك قولنا" :قوام" دلت
على حدث وهو القيام الكثير وتطلق على فاعله ،وكذلك قولنا" :الحسن" تدل
على حدث وهو "الحسن" وتطلق على فاعله ،وكذلك "األحسن" تدل على
حدث وهو الحسن وتطلق على فاعله ،فهذه األربعة تدل على حدث وفاعله.
وأما اسُ المفع ل ف لنا" :مشروب أو مضروب" فهي تدل على حدث
مشروب تدل على الشرب وعلى مفعوله من وقع عليه.
أصال وإنما
أما اسم المفعول فتميزه عن اسم الفاعل واضح وال إشكال بينهما ً
شبه يقع بين اسم الفاعل وصيغ المبالغة والصفة المشبهة واسم التفضيل فكلها
تدل على حدث وصاحبه بل على حدث وفاعله.
أما صيغ المبالغة فهي يف الحقيقة أسماء فاعلين ،ولكنها أسماء فاعلين بكثرة
الذين فعلوا هذا الفعل بكثرة ،ولصيغ المبالغة صيغ محددة معينة وهي :فعال
شرح ألفية ابن مالك e f
g
62 h
ومفعال وفعول وفعيل وفعل.
ومعنى بداللتها
ً إ ًذا صيغ المبالغة تتميز عن أسماء الفاعلين لف ًظا هبذه الصيغ
على من فعل الفعل بكثرة.
وأما أفعل التفضيل فهو يدل على اجتماع شيئين يف فعل وأن أحدهما زاد على
اآلخر فيه وله صيغة معينة وهي أفعل "كأفضل وأسبق".
أيضا ال يلتبس يف اسم الفاعل لف ًظا؛ ألنه على وزن أفعل،
إ ًذا فأفعل التفضيل ً
عنى؛ ألنه يدل على اجتماع شيئين يف المعنى.
وم ً
كثيرا
وأما الصفة المشبهة صفة مشبهة باسم الفاعل فهي تشبه اسم الفاعل ً
وكالهما يدل على حدث وفاعله كما قلنا قبل قليل "كضارب وقائم ونائم
وجالس" تدل على حدث وفاعله ،وكذلك قولك "سهل" تدل على حدث وهو
السهولة ،وكلمة سهل تطلق على من فعل السهولة ،وقولك "شجاع" تدل على
حدث وه الشجاعة وتطلق على من فعلها.
و َلك ق لك" :حسن" تدل على حدث وهو الحسن وتطلق على من فعل
الحسن فاسم الفاعل والصفة المشبهة يجتمعان يف المعنى العام وهو الداللة على
حدث وفاعله ،ويفرتقان يف خمسة أشياء ذكرها ابن مالك يف هذه األبيات
أيضا يف أمرين يف العمل.
يختلفان يف الضابط ،ويف الصياغة ،ويف الزمن ،ويختلفان ً
أما الفرق ا ول :بينهما فهو من حيث الضابط والعالمة ويف ذلك يقول ابن
مالك:
اع ا
لللق معنلللى با لللا الم ْ لللبا دة اسلللُ ال َف ا اصلللللل َف ِة اسعدح اسللللللن جللللللر َف ا
اعللللللق
َ ْ َ د َ َ ْ َ َ ْ ْ
يقول :سبق يف اسم الفاعل أنه ال يضاف إال إلى مفعوله وال يضاف إلى فاعله
مثال" :أنا ضارب زيدً ا" أو "أنا ضارب ٍ
زيد" فتضيف إلى المفعول به ،ولو فتقول ً
ٌ
e f شرح ألفية ابن مالك
63 h
g
عمرو" لم تستطع أن تضيف اسم الفاعل إلى الفاعل
ً ضارب أبوه
ٌ قلت" :زيدٌ
عمرو" هذا ال يصح؛ ألن اسم الفاعل ال يضاف إلى
ً فتقول" :زيدٌ ضارب أبيه
فاعله بل يضاف إلى مفعوله.
كريم
ٌ أما الصفة الم ب ة ف ي العي سعحسن أَّ ااف إلى فاعل ا فع ل" :زيدٌ
كرم أبوه" ثم تقول" :زيد
أبوه" ،أو "زيدٌ كريم األب" "زيدٌ كريم أبوه" أي" :زيد ُ
كريم األب" وكريم صفة مشبهة ،أو تقول" :زيد حسن وجهه" "وزيد حسن
الوجه" "زيد منطلق لسانه" "وزيد منطلق اللسان" "وزيد طاهر قلبه" "وزيد
طاهر القلب" فبذلك يتبين الضابط الفرق بين اسم الفاعل والصفة المشبهة فمتى
ما استطعت أن تضيف الوصف إلى فاعله فهو صفة مشبهة من حيث المعنى ،وإذا
لم يصح فيه ذلك فليس صفة مشبهه؛ ألن الوصف قد يرتدد بين كونه اسم فاعل
وبين كونه صفة مشبهة.
والفرق بينهما من حيث الضابط ،فإذا اشتبهت عليك الصفة أو الوصف
فأضفها إلى فاعلها فإن انضافت إلى فاعلها فهي صفة مشبهة تقول" :كريم الخلق"
أي" :كريم خلقه"" ،رحيم القلب" أي" :رحيم قلبه" "شريف العرض" "شجاع
القلب" "صعب الميراث" "فرح القلب" يعني" :ص ُعب ميراثه" "فرح قلبه"
فأضفت إلى الفاعل ولو كان اسم فاعل لما انضاف إلى فاعله ما يمكن ذلك ،فهذا
هو الفرق األول بين اسم الفاعل والصفة المشبهة.
عني إةا قلت مَال" :محمد منطلق" يف السباق بسرعة محمد منطلق بسرعة،
منطلق هنا اسم فاعل "انطلق ينطلق فهو منطلق"؛ ألنه يفعل هذا الفعل اآلن وليس
وص ًفا الز ًما له قبل ذلك بعد ذلك ما ينطلق لكن إذا قلت" :زيد منطلق اللسان أو
منطلق لسانه" هذه صفة مشبهة هبذا الضابط صفة مشبهة؛ ألهنا انضافت إلى
الفاعل وسيأيت بعد ذلك الفرق بينهما من حيث المعنى سنعرف أهنا يف منطلق
شرح ألفية ابن مالك e f
g
64 h
اللسان صفة مشبهة لداللتها على الثبات واالستمرار ،أما زيد منطلق يف السباق
فاسم فاعل للداللة على الحدوث والتجدد وال يدل على الثبات واالستمرار ،فهذا
الفرق األول بين اسم الفاعل والصفة المشبهة من حيث الضابط والعالمة،
وبعضهم يقول التعريف؛ ألن النحويين ال يفرقون بين الضابط والتعريف كما يفعل
أهل األصول يف ذلك فيجعلون الحد ضاب ًطا فيجعلون الضابط حدً ا هذا هو الفرق
األول بينهما.
الفرق الَاين :بين اسم الفاعل واسم المفعول من حيث الصياغة ،الفرق بين
اسم الفاعل والصفة المشبهة من حيث الصياغة ولذلك يقول ابن مالك:
َو َص دغ َ ا ام ْن ا اَهم لا َحا ا ار
فالصفة المشبهة ال تصاغ إال من فعل الزم ،أما اسم الفاعل فإنه يصاغ من
الالزم والمتعدي كما سبق بيانه يف الدرس الماضي عندما قلنا إن اسم الفاعل
يصاغ من ف َعل المتعدي "كضربه فهو ضارب" ومن ف َعل الالزم "كـ جلس فهو
جالس" ومن ِ
فعل المتعدي" كـ شربه فهو شارب" يصاغ من هذه الثالثة.
فرح" وتصاغ من ف ُعل وأما الصفة المشبهة فتصاغ من ِ
فعل الالزم " ِ
كفرح فهو ٌ
ككرم فهو كريم" إ ًذا من حيث الصياغة الصفة المشبهة ال
وال يكون إال الز ًما " ُ
تصاغ إال من الزم واسم الفاعل يصاغ من الالزم والمتعدي.
واسم الفاعل كما سبق يف الدرس الماضي ال يكون من الثالثي إال على وزن
فاعل "كشارب وجالس وضارب" ومن غير الثالثي على وزن المضارع مع قلب
ميما مضمومة وكسر ما قبل اآلخر فنقول :يف "أكرم فهو مكرم"
حرف المضارعة ً
"وانطلق فهو منطلق" "واستخرج فهو مستخرج".
أما الصفة المشبهة فإهنا تأيت على أوزان كثيرة ذكرناها يف الدرس الماضي
e f شرح ألفية ابن مالك
65 h
g
كفرح فهو ِ
فر ٌح" "وغرق فهو غرق" فعل الالزم على ِ
فع ٌل " ِ وإجمالها أهنا تأيت من ِ
"وطرب فهو طرب" وعلى فعالن "كعطش فهو عطشان" "وصدي فهو صديان"
وعلى أفعل "كجهر فهو أجهر" "وعمي فهو أعمى" "وعور فهو أعور" وتأيت من
ف ُعل وال يكون إال الز ًما على فع ٍل "كسهل فهو سهل" "وصعب فهو صعب" وتأيت
على وزن فعيل "ككرم فهو كريم" "وجمل فهو جميل" "وشرف فهو شريف"
هذه أوزاهنا الخمسة الكثيرة وتأيت وراء ذلك على أوزان قليلة كفعال "كجبان
ورزان" و ُفعال "كشجاع وفرات" وغير ذلك.
إ ًذا الصفة المشبهة لها أوزان كثيرة بل إن الصفة المشبهة قد تأيت على وزن اسم
الفاعل من الثالثي وغير الثالثي ولكن هذا قليل يف قولنا" :طاهر القلب" كلمة
طاهر هنا يف "طاهر القلب" اسم فاعل أم صفة مشبهة؟ صفة مشبهة من حيث
طهر
الضابط؛ ألنه تنضاف إلى فاعلها طهر قلبه ،ومن حيث الصياغة أن طاهر من ُ
طهر أو طهر وفعل ال يأيت منه إال صفة مشبهة لكنه جاء على وزن ِ
فعل وليس من ِ
َ
كقولهم "منطلق اللسان" هذا من غير الثالثي فجاء على وزن اسم الفاعل ولكنه
هنا صفة مشبهة؛ ألنه منضاف إلى فاعله "منطلق اللسان" أي" :ينطلق لسانه"
أيضا انضاف إلى فاعله فهذا
وكقولنا" :متوتر األعصاب" يعني" :توترت أعصابه" ً
هو الفرق الثاين بين اسم الفاعل والصفة المشبهة من حيث الصياغة.
الفرق الَالث :بينهما من حيث الزمان وهذا فرق مهم جدًّ ا من حيث الزمان
وإن شئت قل :من حيث المعنى والمعنى يرجع هنا إلى الزمان ،وهذا يف قول ابن
مالك :
للللق ال َّظل ا
للللاهرا للللب َج ام ْيل ا َ َطل ا
للللاهرا ال َ لل ا للللللن ا اَهم لا َحا ا لللللللرا ا
َو َصللللللل دغ َ ا مل ْ
الحا ر ه ال من الحا ر عني :الزمن الحال الذي نحن فيه ،فاسم الفاعل
يأيت للماضي المنقطع الماضي الذي انقطع كأن تقول" :أنا ضارب زيدً ا باألمس"
شرح ألفية ابن مالك e f
g
66 h
وللحال تقول" :أنا ضارب ٍ
زيد اآلن" وللمستقبل مستقبل غير المتصل بالحال
والماضي مستقبل فقط تقول" :أنا ضارب زيدً ا غدً ا" وقد يكون اسم الفاعل للفعل
المستمر يعني للزمان المستمر الماضي والحاضر والمستقبل كقولك" :اهلل مالك
الملك" مالك بمعنى ملك يملك يف الحال ويف المستقبل هذا الزمان مستمر فاسم
الفاعل يأيت لكل ذلك.
أما الصفة الم ب ة فال ٌ ي للما ي وحده عني :ال تأيت للماضي المنقطع ال
تقل" :محمد حسن وجهه باألمس" وال للمستقبل فقط ،بل الصفة المشبهة تدل
على الحال أي :تدل على الحال الدائمة أي :تدل على الفعل الثابت المستمر،
وأما اسم الفاعل فاألصل فيه أنه يدل على الفعل الحادث المتجدد ،الحادث مر ًة
بعد مرة ،الحادث الذي يحدث وقد ينقطع ثم يحدث ثم ينقطع يعني :اسم الفاعل
ما يف داللة على أن الفعل مستمر بل داللته األصلية على أنه فعل حادث يعني :لم
يكن موجو ًدا ثم وجد يف المستقبل قد ينقطع ثم يوجد ثم ينقطع.
أما الصفة المشبهة فاألصل فيها أهنا ال تدل على تجدد وال حدوث ،بل تدل
مثال::زيد حسن الوجه :فتقول
على صفة دائمة ثابتة مستقرة غير حادثة ،فإذا قلت ً
ذلك إذا كان الحسن صفة ثابتة لوجهه ،يعني :ما ُيتصور يف قولك:حسن الوجه :أنه
اآلن حسن وقبل قليل ما كان حسنًا وبعد قليل ما كان حسنًا؛ ألن الحسن صفة ثابتة
يف الوجه هذا األصل يعني :ما يتصور يف اإلنسان أنه اآلن حسن الوجه وبعد ساعة
ينقطع هذا الحسن ثم بعد ساعة يعود هذا الحسن وهكذا.
تقول" :محمد طاهر القلب" طهارة القلب صفة دائمة يف القلب ما يتصور يف
طاهرا وبعد ساعة يكون خبي ًثا وبعد ساعتين يعود ً اإلنسان أن قلبه يكون اآلن
طاهرا وهكذا! إال إذا كان يف األصل خبي ًثا ثم قد يحاول أن يطهره ثم يغلبه الخبث،
ً
لكن لو وصفته بأنه محمد طاهر القلب معنى ذلك أن الطهارة صفة ثابتة فيه
e f شرح ألفية ابن مالك
67 h
g
وليست متجددة بأن الطهارة تأيت وتذهب تأيت وتذهب بل هي صفة ثابتة ،تقول:
"زيد شجاع" "وعمرو جبان" هذه صفات ثابتة ما ُيتصور أن قلبه يكون مرة شجاع
ومرة جبان هذه صفة ثابتة ليست كقولك" :زيد قائم" قولك" :زيد قائم" تدل على
أنه فعل القيام حينًا وال نفهم منه أنه دائم القيام ثابتة؛ ألن القيام صفة ثابتة فيه،
األصل يف اسم الفاعل أنه يدل على التجدد يعني" :زيد قائم" أي :نفهم أنه يف
قائما أنه قائم هذه صفة تنقطع وال يكون قائم ثم بعد ذلك قد
وقت ما ..ما يكون ً
قائما هذه داللة اسم الفاعل ،فنقول" :محمد جالس وزيد
يقوم ربما ال يكون ً
واقف" هذه ليست صفات ثابتة بل األصل فيها أهنا صفات حادثة يعني :هو
قائما ،وداللتها األصلية أنه سيقطع هذا
أحدث هذا األمر أحدث القيام ولم يكن ً
القيام يف وقت ما بجلوس أو اضطجاع ونحو ذلك.
ويف ذلك نفهم الفرق بين نحو "راحم ورحيم" أيهما أبلغ يف الوصف
بالرحمة؟ رحيم ما معنى رحيم؟ تدل على أن الرحمة صفة ثابتة يف هذا الشيء
"محمد رحيم بأوالده" هذه صفة دائمة فيه ،ثابتة فيه ،أما إذا قلت راحم "محمد
راحم أوالده" معنى ذلك أنه فعل الرحمة ،لكنك ما أخربت أن الرحمة صفة ثابتة
رحيما أو غير
ً فيه ،وإنما أخربت أنه فعل الرحمة يف ذلك الوقت ،قبل ذلك هل كان
رحيم؟ ما يف داللة ،بعد ذلك هل هو رحيم أو غير رحيم ما يف داللة ..داللة اسم
الفاعل أنه يف أثناء فعله فعل هذا الفعل جدده ،قبل ذلك بعد ذلك ليس فيه داللة
فعلى ذلك يصح أن تقول" :إن اهلل راحم ورحيم" رحيم صفة ثابتة فيه اهلل
راحم أي :أنه يفعل الرحمة وكال الصفتين واردة هلل .
و َلك ل قلت مَال" :زيد سريع ومسرع" إذا أردت أن السرعة من الصفات
دائما يف مشيه سريع يعني :هذه عادته ،هذه صفته فتقول" :زيد سريع"
الثابتة زيد ً
يف مشيه فلهذا يجوز أن تضيف سريع إلى الفاعل فتقول" :زيد سريع الخطى"
شرح ألفية ابن مالك e f
g
68 h
الخطوات هي التي تسرع فتضيفها للفاعل ،فإذا أردت أنه أسرع يف هذا الوقت
وليس من عادته أن يسرع ،لكنه اشرتك يف سباق أو يف أمر ما فتقول" :زيد مسرع"
"ورأيت زيدً ا مسر ًعا" أي :أنه فعل اإلسراع وما يدل على أنه سريع قبل ذلك أو
بعد ذلك ،لكن نقول" :محمد سريع" معنى ذلك أن السرعة صفة ثابتة فيه
إلخبارك بقبل وبعد ،فهذه ثالثة فروق.
إا أننا ننبه إلى أَّ المعنى الَالث عندما ن ل :إن الصفة المشبهة تدل على
حال ثابتة مستمرة مستقرة وال تدل على التجدد ال يعني ذلك أهنا ال تنقطع ال،
وإنما تدل على أن الصفة ما دامت موجودة يف هذا الشيء فهي مستمرة ثابتة ليست
تذهب وتجيء "كالقيام كالجلوس كالضرب كالشرب" ال ،ما دام هذا "وجهه
اهرا" فهذه الصفة دائمة فيه؛ ألنه قد يأيت ما يقطع هذه
حسن" ما دام "قلبه ط ً
الصفة؛ ألهنا صفة مستمرة ليست متجددة هي صفة مستمرة قد يأيت ما يقطعها! قد
قبيحا ،تقول" :كان زيد حسن الوجه فصار قبيح الوجه"
يصاب يف وجهه فيكون ً
عندما كان حسن الوجه هذه صفة مستمرة فيه" ،كان زيد شجا ًعا" فصار جبانًا
لسبب من األسباب مرض أو نحو ذلك ،وقت شجاعته هذه كانت صفة ثابتة فيه،
فأريد بذلك أن أقول :أن الصفة المشبهة نعم هي تدل على ثبات الصفة ما دامت
موجودة لكن الصفة قد ترتفع لسبب من األسباب فلعل الفرق ظهر اآلن بين اسم
الفاعل والصفة المشبهة.
أيضا من حيث العمل نؤخرهما إلى
هذه ثالثة فروق وسيأيت فرقان آخران ً
حيث يذكرهما ابن مالك ،ثم بعد ذلك يقول ابن مالك :
ع َللللللى الحلللللد ا َّل ا الم َعلللدَّ َل َ للللا لللق اسللل اُ َف ا
اعل ا
لللللَ َقلللللدْ دحلللللدَّ ا َ َ لللق د َو َع َم د ْ
يقول :إن الصفة المشبهة تعامل كاسم الفاعل يف العمل يعني :يجوز
أن تضاف إلى معمولها ،ويجوز أن ترفع معمولها ،ويجوز أ ،تنصب معمولها
e f شرح ألفية ابن مالك
69 h
g
كاسم الفاعل ،فأنت يف اسم الفاعل يجوز لك أن تضيف فتقول" :أنا مكرم زيد"
"أنا ضارب عمرو" وال يجوز أن ترفع هبا الفاعل فتقول" :أنا مسافر أبي إلى مكة"
أي :سافر أبي ،أو "محمد مسافر أبوه" أي" :سافر أبوه" ولك أنت تنصب
المفعول به فتقول" :أنا ضارب زيد" "وأنا مكرم عمرو".
و َلك الصفة الم ب ة لك أَّ ايف ا إلى معم ل ا فعَره فع ل" :زيد حسن
ِ
الوجه" ويجوز أن ترفع معمولها هبا فتقول" :زيد حس ٌن الوج ُه" ويجوز أن تنصب
حسن الوج َه" بحيث أن نقول :يجوز أن تجر معمولهاٌ معمولها هبا فتقول" :زيد
الوجه" وذلك باإلضافة ،ويجوز أن ترفع معمولها فتقول:ِ فتقول" :زيد حسن
حس َن وجهه" ويجوز أن تنصب
"زيد حس ٌن الوج ُه" على أنه فاعل بمعنى "زيد ُ
المعمول على أنه مشبه بالمفعول به إن كان معرف ًة نحو" :زيد حس ٌن الوج َه" أو
وجها "كل ذلك وارد عن العرب.
على التميز إن كان نكرة نحو" :زيد حسن ً
وهذه األوجه كلها واضحة ال إشكال فيها إال الناصب على التشبيه بالمفعول
به وهو مخرج اتخذه النحويون لعدم مخالفة الصناعة النحوية مع ورودها عن
العرب فإهنم قالوا" :زيد حسن الوج َه" فنصبوا على ماذا؟ الوجه من حيث المعنى
فاعل؛ ألنه هو الذي حسن لكنه موصوف ما يمكن أن نقول فاعل هو موصوف
كأنه مفعول به ،ولكن الحسن لم يقع على الوجه فال يصح أن نقول :مفعول به،
تشبيها بالمفعول به أي :شبهوا الصفة
ً لماذا نصبت العرب هنا قال النحويون:
عمرو" فشبهوا هذا
ً المشبهة باسم الفاعل حيث تقول" :أنا ضارب زيدً ا ومكرم
األسلوب هبذا األسلوب فنصبوه فقالوا :يشبه بالمفعول به ،وأما إذا كان المفعول
نكرة "زيد حسن الوجه" فهو تميز وال إشكال يف ذلك ،فإن قلت ولماذا لم نقل:
"زيد حسن الوجه" بأنه تميز؟ قيل :ألن التميز يشرتط فيه التنكير فلهذا لم يقال:
إنه تمييز.
شرح ألفية ابن مالك e f
g
70 h
حسن الوجه" الصفة المشبهة حسن ،والوجه
ُ المعم ل عندما ن ل" :زيدٌ
نسميه معمول الصفة المشبهة يعني :التي عملت فيه الجر ،أو عملت فيه النصب،
أو عملت فيه الرفع هذا يسمى معمول ،معمول الصفة المشبهة إما أن يكون بأل،
ِ
الوجه" ،وزيد وإما أال يكون بأل ،فإن كان بأل فهو الذي سبق وشرحناه زيد حسن
حسن الوج ُه"" ،وزيد حسن الوج َه" فإن لم يكن بأل فإما أن يكون مضا ًفا إلى
ضمير ،وإما أن يكون مجر ًدا من أل والضمير نكرة ،فإن كان مضا ًفا إلى ضمير
فتجره فتقول" :زيد حس ُن وجهه" وهذا الوجه ممتنع ال يصح كما سيأيت ،أو ترفعه
حسن وجهه" وهذا فاعل ال إشكال فيه.
ٌ على أنه فاعل "زيد
حسن وجهه" وهذا منصوب على التشبيه بالمفعول به هذا
ٌ وإما أن تنصبه "زيد
مضاف إلى ضمير ،وإما أن يكون المعمول مجرد من الضمير وأل أي :نكر ًة
وجه" "وزيد حس ٌنٍ حسن كقولك" :وجه" فإذا جررته باإلضافة تقول" :زيد
ُ
وجه" "وزيدٌ حسن وجها" أما حسن ٍ
وجه باإلضافة ،وأما حسن وج ٌه ففاعل ،وأما ً ٌ ٌ
وجها تميز كما شرحنا هذا من قبل.
حسن ً
كل ذلك إذا كانت الصفة المشبهة نفسها نكرة بال أل حس ٌن إن كانت الصفة
المشبهة نفسها بأل الحسن زيد الحسن الوجه فكذلك يعني :كالتفصيل السابق ،إذا
كانت الصفة المشبهة بأل فالمعمول إنما أن يكون بأل ،وإما أن يكون مضا ًفا إلى
ضمير ،وإما أن يكون نكرة طبق ما قلناه قبل قليل :إضافة ورفع ونصب.
ِ
الوجه" باإلضافة وهذا جائز، الصفة فيها أل والمعمول فيه أل "زيد الحسن
ودخلت أل على المضاف ألن اإلضافة لفظية واإلضافة اللفظية تجامع أل ،الرفع
"زيد الحسن الوج ُه" أي" :زيد الذي حسن وجهه" فاعل ال إشكال ،النصب "زيد
الحسن الوج َه" يشبه بالمفعول به.
ِ
وجهه" هذا الصفة المشبهة بأل والمعمول مضاف إلى الضمير" ،زيد الحسن
e f شرح ألفية ابن مالك
71 h
g
ممتنع كما سيأيت.
الرفع "زيد الحسن وجه ُه" فاعل جاء اسم" ،زيد الحسن وجهه" جاء اسم
مشبه بالمفعول به.
ٍ
وجه" باقي الحال ا ميرة :الصفة المشبهة بأل والممول نكرة" ،زيد الحسن
هذا ممتنع ال يكون المضاف لـ أل والمضاف إليه نكرة حتى يف اإلضافة اللفظية
كما سيأيت.
الرفع "زيد الحسن وج ٌه" جاء اسم يعني :الذي "حسن وجه" منه الناصب
وجها" تمييز ال إشكال يف ذلك ،هذه أوجه متعددة ومختلفة ولها
ً "زيد الحسن
صور كثيرة جدًّ ا هذه الصور أوصلها النحويون إلى أربعة عشر أل ًفا ومئتين وستًا
وخمسين صورة لعمل الصفة المشبهة مع معمولها هذا ملخصه الذي قلناه جمع
كل ذلك ابن مالك يف ثالثة أبيات األخيرة فقال:
لللح َب َأل َو َملللا ا ََّصللللق ا
وَّ َأل َم ْص د َو دد َ لللع َأل
لللر َم َ لللار َف ْع با َ لللا َوانْص ْ
لللب َو دج َّ َف ْ
اب َ ا دم َاا َف َأو دم ََ َّر َدا
َف ْار َف ْع با َ ا عني :بالصفة المشبهة ،هذا بيت وشطر البيت ،يقول الصفة المشبهة
فيها أل ،أو من دون أل والمعمول فيه أل أو من دون أل أو مضا ًفا إ ًذا فالصفة لها
حالتان بأل ومن دون أل ،والمعمول له ثالثة أحوال :بأل ومضا ًفا ونكر ًة مجر ًدا.
ٍ
حينئذ؟ يقول :ارفع وانصب وجر يف كل هذه ماذا تعمل الصفة يف المعمول
الحاالت إال حالة واحدة يستثنيها يقول:
لن َأل َمللالَ ا
للع َأل دسل َلم مل ْ ََْل دلر ْر با َ للا َم ْ للللللللر َدا َواَ
َّ با َ للللللللا دم َاللللللللا َف َأو دم ََ
ا لللللللن إا َ لللللللا َفة لاعَالا ْي َ لللللللا َو َملللللللا َو ام
للللالَ َ ااه دوس َ
للللما َ للللق َف ْ لللل َ با
للللُ َخْ د َل ْ ْ
ل :ال تجرر هبا يعني :ال تضيفها، سما اسُ لُلمة اسُ فيه ل اَ من ل اَ
شرح ألفية ابن مالك e f
g
72 h
ال تجرر هبا إذا كانت معرفة بأل يعني :الحسن إذا كانت معرفة بأل فال تضفها إلى
ٍ
إضافة لـ أل ال تضفها إذا كانت بأل الحسن للمعمول اسم خال من أل ،أو خال من
إذا لم يكن فيه أل "زيد الحسن وجه" الحسن أل ،وجه ما فيها أل ،هنا الحال هذه
ممنوعة أن تجر ما تقل "الحسن وجه".
هل نقول" :الحسن وجه ٍ
أب" أضفناها إلى ما فيه أل إ ًذا ممتنعة؛ ألهنا ما
أضيفت إلى ما فيه أل ،لكن لو قلت" :زيد الحسن وجه األب" يجوز؛ ألن وجه
هنا أضيفت إلى األب ،فكلمة وجه إذا جاءت هكذا خالية من أل ،أو أضيفت إلى
ما ليس فيه أل هذا الوجه ممتنع فقط ،الوجه الممتنع واحد فقط وهو :أن تكون
الصفة المشبهة بأل ومعمولها ليس بأل ولم يضاف إلى ما فيه أل ،بقية الصور كلها
جائزة وإن كانت تختلف من حيث القوة بعضها حسن وبعضها ضعيف لكن كلها
جائزة ،يعني :إذا كانت الصفة من دون أل ما فيها أل حسن زيد حسن ،فالمعمول
يجوز لك فيه كل األوجه بكل الحاالت؛ ألن االستثناء إنما كان من الصفة المشبهة
إذا كانت بأل يعني :الصفة المشبهة التي ما فيها أل يجوز لك يف معمولها كل
ِ
وجهه" "زيدٌ ِ
الوجه" "حسن وجه ُه" "حسن األوجه بجميع حالته" ،زيد حسن
حسن وج ٌه "كل ذلك جائز. وجها" " ٍ
ٌ حسن وجه" "حس ٌن ً
ُ
وإن كانت بأل فكل الحاالت جائزة إال إذا كان المعمول ليس بأل وال مضاف
الوجه" "زيد الحسن الوج ُه" "زيد الحسن الوج َه" ِ لـ أل ،تقول" :زيد الحسن
"زيد الحسن وجه ُه" "زيد الحسن وجهه" "زيد الحسن وج ٌه" "وزيد الحسن
وجه" فلهذا قال ابن مالك يف األخير: وجها" ويمتنع "زيد الحسن ٍ
ً
الَ َ ااه دو اس َما
وما َل ُْ َ خْ دق َف ْ َ اب َ
يعني :المعمول الذي فيه أل لم يخلو من أل فيه أل يعني فهذا يجوز لك فيه
الجر.
e f شرح ألفية ابن مالك
73 h
g
سماها الفعح رة على رو المُ د قال :ابن حمدوَّ وله حا ية م
ال دود قال:
عشرا
أشار المكودي ..المكودي هو الذي ذكر العدد الذي ذكرته أربعة ألف ً
وكسر فقال ابن حمدون أشار المكودي إلى أن ابن مالك جمع هذه األوجه كلها
يف ٍ
بيت وبعض شطر فقال:
أشار المكودي إلى التنويه بقدر الناظم وجاللته يف العلم وبالغته وفصاحته
حيث جمع هذه الصور الكثيرة يف هذا اللفظ المختصر فلله دره ما أحسنه.
وقال ابن مالك بيتًا قبل هذه األبيات الثالثة التي قرأناها يف إعمال الصفة
المشبهة وهو قوله:
لللللللللبَو َ دنلللللللللل ده َةا َسلللللللللل َببا َّية َو َجل َللللب وسللللب دق مللللا َ عم د ا ا
ْ للللق ف ْيلللله دم َْ َعن ْ َْ َ َ ْ َ
وهذا إكمال لكالمه على إعمال الصفة المشبهة عمل اسم الفاعل يعني :أن
تشبيها لها باسم
ً تشبيها له بالفعل ،وأما الصفة المشبهة فعمل
ً اسم الفاعل عمل
الفاعل.
ل دائما :أَّ الفر ابد أَّ نح عن ا صق درجة على ا قق. وال اعدة
وظاهرا ومحذو ًفا ،وجامدً ا وتصر ًفا،
ً ؤخرا،
مقدرا وم ً
ً دائما
فلهذا الفعل يعمل ً
تعمل على كل حال ،واسم الفاعل كما رأينا اآلن عمله أقوى من عمل الصفة
المشبهة ،ومن الفروق بين الصفة المشبهة واسم الفاعل من حيث العمل هذا
الفرقان المكتوبان يف هذا البيت األول يف قوله:
لللللللللبَو َ دنلللللللللل ده َةا َسلللللللللل َببا َّية َو َجل َللللب وسللللب دق مللللا َ عم د ا ا
ْ للللق ف ْيلللله دم َْ َعن ْ َْ َ َ ْ َ
أي :أن منصوب الصفة المشبهة ال يجوز أن يتقدم عليها كاسم الفاعل ،فاسم
الفاعل يجوز لك أن تؤخر منصوهبا فتقول" :أنا مكر ٌم زيدً ا" ويجوز أن تقدم
شرح ألفية ابن مالك e f
g
74 h
المفعول به يعني المنصوب فتقول" :أنا زيد مكرم" أما الصفة المشبهة فيجب أن
تؤخر منصوهبا فتقول" :زيد حسن الوج َه" وال يجوز أن تقدم المنصوب عليه
أيضا ينضاف إلى الفروق الثالثة التي ذكرناها من
حسن" فهذا ً
ٌ فتقول" :زيد الوجه
قبل بين الصفة المشبهة واسم الفاعل.
والفرق الَاين :بين الصفة المشبهة واسم الفاعل من حيث العمل ما ذكره يف
قوله:
لللللللللبَو َ دنلللللللللل ده َةا َسلللللللللل َببا َّية َو َجل َللللب وسللللب دق مللللا َ عم د ا ا
ْ للللق ف ْيلللله دم َْ َعن ْ َْ َ َ ْ َ
يعني :أن اسم الفاعل يعمل يف السببي نحو" :زيدٌ ضارب أخاه" ويعمل يف غير
عمرو"
ً السببي نحو" :زيدٌ ضارب
وجهه" أو
ُ وأما الصفة الم ب ة فال عمق إا يف السببي نح " :زيد حسن
وجهه" ما الم راد بالسببي؟ شرحناه قبل ذلك ،أما المراد بالسببي هو االسم
"حسن َ
الظاهر المتصل بضمير يعود إلى الموصوف ،هو اسم ظاهر لكن اتصل به ضمير
يعود إلى الموصوف إ ًذا فالضمير سيربطه بالموصوف كقولك" :زيد ضارب
أخاه" فالهاء تعود إلى زيد الموصوف بالمعنى العام ليس إلى الصفة النعت،
الموصوف يعني :الوصف يشمل الخرب ،يشمل النعت ،يشمل الحال.
فعمرو لم يتصل بضمير يعود إلى موصوفه
ً عمرو"
ً غير السببي "زيد ضارب
أما الصفة المشبهة ال تعمل إال يف السببي كقولك" :زيد حسن وجهه" اتصل بالهاء
العائد إلى زيد ،هذا الضمير إما أن يكون ملفو ًظا به كما سبق" ،زيد حسن وجهه"
ِ
الوجه" أو مقدرا؛ ألن المقدر كالموجود كقولك" :زيد حسن "حسن وجهه" أو
ً
"حسن الوج ُه" أو "حسن الوج َه" "زيد حسن الوج ُه" أي" :زيد حسن الوج ُه منه"
وقال بعض النح ين :إن أل يف مثل ذلك نائبة مناب الضمير ،على كل حال
e f شرح ألفية ابن مالك
75 h
g
الضمير موجود؛ ألن المقدر كالموجود والمقدر غير المعدوم ،المعدوم ليس
أصال ،أما المقدر أو المحذوف معناه أنه موجود يف الجملة ،ولكنه حذف
موجود ً
لسبب من األسباب فتقدره قولنا نقدره دليل على أنه موجود أو غير موجود؟ دليل
على أنه موجود ولهذا قدرناه دليل على أنه موجود.
من ال اهد يف هَه الع د راَ ل قلنا مَال « :اَّ رس ل اهلل حسن الصفاَ
ر ُ ا مالق ،صعب الميراث يف الحروب ،لين الَانب للمؤمنين» "فحسن
وكريم وصعب ولين" هذه صفات مشبهة إن شئت من ضابط فهي انضافت إلى
فاعلها" ،حسن الصفات" يعني" :حسنت صفاته" "كريم األخالق" يعني:
"كرمت أخالقه" وإن شئت من حيث الزمن هذه الصفات تدل على الثبات وال
تدل على التجدد.
أما حصان ورزان فعلى وزن فعال كجبان فهما صفتان مشبهتان حصان صفة
ثابتة فيها الرزانة صفة ثابتة فيها
َو دصبا دح غَر ى امن دلح ام ال َ افا اق
غرثى صفة مشبهة أم ماذا؟ صفة مشبهة فعلى من أوزان الصفة المشبهة فعلى؟
كيف كانت صفة مشبهة؟ غرثى هذا مؤنث مذكره أغرث أفعل مثل "أجهر" ومثل
"أعمى" ومثل "أعور وأحمر" صفات مشبهة إذا قلت" :عمي فهو أعمى" "وحمر
شرح ألفية ابن مالك e f
g
78 h
فهو أحمر" صفات مشبهة "أحمر وحمرى" "وأفضل وفضلى" "وأغرث وغرثى"
فهذه صفة مشبهة؛ ألهنا من أغرث وأغرث أفعل صفة مشبهة.
هذا ما تيسر شرحه يف الصفة المشبهة اللهم ِّ
صل وسلم على نبينا محمد وعلى
آله وأصحابه أجمعين.
¹
e f شرح ألفية ابن مالك
79 h
g
الحمد هلل رب العالمين ،والصالة والسالم على نبينا محمد وعلى آله
وأصحابه أجمعينَّ ،أما بعد-:
السالم عليكم ورحمة اهلل وبركاته ،ح َّياكم اهلل وب َّياكم ،يف هذه الليلة الطيبة ليلة
اإلثنين ،الخامس والعشرين من شهر ذي الحجة ،من سنة اثنتين وثالثين وأربعمائة
وألف ،يف جامع الراجحي ،يف حي الجزيرة يف مدينة الرياض ،نعقد بحمد اهلل
توفيقه الدرس السابع والسبعين ،من دروس شرح [ألفية ابن مالك] عليه رحمة اهلل
تعالى.
ونحن اآلن نكاد نقرتب إلى منتصف األلفية ،نصلها إن شاء اهلل يف الدرس
القادم أو الذي بعده ،أما يف هذه الليلة المباركة إن شاء اهلل تعالى فسيكون الكالم
على [باب الععَب]
بعد أن انتهينا يف الدرس السابق من الكالم على [باب أفعق العفايق] [باب
الععَب] أخذه ابن مالك يف ألفيته يف أحد عشر بيتًا ،نبدأ الدرس كالمعتاد
بقراءة هذه األبيات:
شرح ألفية ابن مالك e f
g
80 h
قال اإلمام ابن مالك :
َّ َ ُّ ُ
التعجب
لللللرور با َبللللللالللللق َم َْل د َأو اجللللللىء با ٌَ ْف اعل َ للق َب ْعلللدَ َملللا َ َعَ َبلللا للق انْطال ْ .474با ٌَ ْف َعل َ
لللللد ْق با ا َملللللا َأو َفلللللى َم الي َلينَلللللا و َأص ا للللق ان اْصللللل َب َّن ده ََملللللا
َ .475و الللللل َ َأ ْف َعل َ
َ ْ ْ ْ
للح ا للاَّ اعنْلللدَ الحل ْ ا إا َّْ َ ل َ ف َملا امنْل ده َ َع ََّ ْب َ َ .476و َح َْ َ
للَف َم ْعنَلللا ده َال ْ َ َبح
لت ْاسلع ْ
ْللللللع ََصللللللرف با دحُْللللللُ دحعا َملللللللا َمن د الف ْع َل ل ْي ان اقللدْ َم َل ا َمللا.477وفاللي ا لالَ ا
َ
للللُ َغ ْيلللللرا اة انْعا َفلللللا للللق َف ْال ا
للللق َ ل َّ َقابا ا لن اة َ لالَث دصلر َف ا
َ .478و دص ْ د َما م ْ
َو َغ ْيلللللللرا َسلللللللالاك َسلللللللبا ْي َق دف اعلللللللالَ اهي َأ ْ َ الَ .479و َغيرا اة وصف َا ا
د َ ْ َ ْ
لللض ال للللرو ا عل ا
لللد َخْ دلل د
لللف َمللللا َب ْعل َ لللد َد أو َأ َ للللدَّ َأو ا لللل ْب د د َما .480و َأ ْ ل ا
َ د َ
للللب
َل ْ َو َب ْعلللللدَ َأ ْف اعلللللق َجلللللر ده باال َبلللللا َ ا للب ا ا
َ .481و َم ْصلللدَ در ال َعلللاد ام َب ْعلللدد َ نْعَصل ْ
للللَ امنْللللله دأ ا واَ َ ا لللللس ع َللللللى ا َّلل ا لُ لا َ ْي لرا َمللا دة ال ْلر َ .482وباالنللدد ا
ث د ْ َ َ اح دُل ْ ور ْ
معم دلللللللله ووصللللللل َله بال ا
لللللله ال ََملللللللا للَا ال َبل ا
للاب َلللل ْن د َ لللدَّ َما للق َهل ََ .483وفا ْعل د
د د َ َ ْ َ ْد
اَ ْاسللل َع َ ْر للف فالللي َة َ دم ْسللل َع ْع َم ِق َوالخد لل د ف َجل ّلر .484و َفص ل دله با َظللرف أو باحللر ا
َ ْ َ ْ د ْ
معنى من المعاين التي تكون يف النفس وهو فعال يحدث يف النفس
ً التعجب
ٌ
وصيغ سماعية ٍ
ألمر ذي مزية ظاهرة وله يف العربية أساليب كثيرة ،فله ألفاظ
وقياسية.
فاأللفاظ والصيغ السماعية كثيرة جدًّ ا ،وهذه يف المعتاد ُتذكر يف كتب اللغة
فارسا" وكقولهم" :عج ًبا" وقولهم " قاتله اهلل ما أشجعه"
ً مثال "هلل دره
كقوله ً
منظرا ناهيك به من منظر" وكقوله تعالى( :ﯝ ﯞ
وكقولك " شاهدت ً
ﯟ ﯠ ﯡ ﯢﯣ) [الب رة ]28:وكقوله( :ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ
ﭧ ﭨ ﭩ) [ن و ،]14،13:وكقول النبي « سبحاَّ اهلل إَّ
e f شرح ألفية ابن مالك
81 h
g
المؤمن ا نَس» ومن ذلك قول حسان◙:
للللللاَّ ا َّو ال
ا ْ مللللللل ا
بَ ّلل َ
للللللق يف ال ّمل هلل َدر اع َصلللللللللللللللا َبة نلللللللللللللللا َد ْم دع د ُْ
ومن ذلك قول أحمد شوقي:
للللالل وا عللللللى ا َو ل ا لله َأنل ا
للت َفملللا َر َأ ل د لا َّلل ا
للللاد الَل َ َ َ َهلللللَا َ الصلللفا
للت َعللللى َ
ومن ذلك قول القديم:
المنللللللى َللللللل َأنَّنللللللا نالناهللللللا
لللللي د
هل َ
ا
واهلللل لسلللللمى د َّ
للللُ واهلللل واهللللا
وهذه األساليب السماعية كثيرة جدًّ ا ،وقلنا أن الذين يهتمون هبا أهل اللغة ،أما
النحويون فإهنم ال يعقلون هذا الباب[باب الععَب يف النح ] إال للصيغ القياسية
المضطردة.
على صيغة األمر" ،والباء" حرف جر زائد" ،وزيد" فاعل حكم الفاعل الرفع أم
محال مجرور لف ًظا بالباء الزائدة هكذا حروف الجر
الجر؟ الرفع ،إ ًذا فاعل مرفوع ً
الزائدة تؤثر يف اللفظ وال تغير يف اإلعراب ،وقوله " :أحسن بزيد" معناه "حسن
ٍ
ماض وفاعل ثم غير ذلك إلى هذه زيد" أعظم بعمرو" أي :عظم عمرو فهو فعل
الصيغة أفعل به لفعلها صيغة خاصة يف التعجب.
يعني لو قلت "حسن زيد" فهذه الجملة على أصلها تدل على اإلخبار أهنا
جملة إخبارية "حسن زيد" أخربت أن زيدً ا حسن ،وليس فيها معنى التعجب ،فلو
جعلوها على معنى اإلخبار وعلى معنى التعجب بصيغة واحدة اللتبس األمر
فلهذا نقلوها إلى صيغة أفعل به؛ لتكون الصيغة هي الدالة على التعجب وهذه هي
جمال
ً اللغة ،اللغة هي داللة األلفاظ على المعاين ،األلفاظ كالكلمات مفردات
وأساليب.
ثم بعد ذلك تكلم ابن مالك على بعض أحكام هذا الباب باب
التعجب ،وبدأ بالكالم على حكم حذف المتعجب منه فقال:
للح ا للاَّ اعنْلللدَ الحل ْ ا
إا َّْ َ ل َ ف َمللللا امنْلللل ده َ َع ََّ ْبل َ َو َح ْ
للَف َم ْعنَلللا ده َال ْ َ َبح
لللت ْاسللللع ْ لللَ َ
قوله :يضح أي :يتضح وجاء يف بعض نسخ األلفية
ف َم ْعنَا ده َ اص ْح
َاَّ اعنْدَ الح َْ ا
َ إا َّْ َ
معنى متقارب أي :أن المتعجب منه يجوز حذفه على
ً كالهما يدل على
شرح ألفية ابن مالك e f
g
88 h
القاعدة العامة للحذف ،يعني :حذفه ليس له أحكام خاصة ،بل هو يدخل يف
القاعدة العامة للحذف ،والقاعدة العامة للحذف ماذا تقول؟ كل معلوم يجوز
حذفه ،أو تقول :ال يحذف إال المعلوم هذا هو قوله:
ف َم ْعنَا ده َ اا ْح
َاَّ اعنْدَ الح َْ ا
َ إا َّْ َ
واضحا جاز لك أن تذكره وجاز لك أن تحذفه؛ ألن
ً يعني :إذا كان معلو ًما
اللغة العربية لغة قائمة على اإليجاز واالختصار وهذا من أوجه بالغتها ،وأوجه
البالغة واالختصار يف اللغة العربية كثيرة جدًّ ا ال تستطيع أن تحصرها سوا ًء يف
األلفاظ أو يف الرتاكيب أو يف المعاين.
سواء يف الرتاكيب ،الرتكيب يجوز أن تحذف بعض أجزاءه كما هو اآلن تكاد
تحذف المتعجب منه يجوز أن تحذف الفاعل ،يجوز أن تحذف المبتدأ ،يجوز أن
تحذف الخرب ،يجوز أن تحذف كل ما هو معلوم ،يجوز أن تحذف الجملة كاملة
إن دل عليها دليل فإذا قيل لك" :هل جاء محمد" تقول يف الجواب "نعم" أي:
"نعم جاء محمد" فحذفت "جاء محمد" لداللة السؤال على ذلك ،وكذلك يف
أيضا ،ويف اإلمالء فلهذا قد يكون من خصائص اللغة
الكلمة وكذلك يف الحروف ً
العربية أهنا تعرب عن األصوات بالحروف وتعرب عن الحركات يف رسوم مختلفة
وهي "الضمة ،والفتحة ،والكسرة ،والسكون ،والشدة ،والمد" إلى آخره.....
أيضا وهي "الضمة ،والفتحة ،والكسرة،
هذه االصطالحات اإلمالئية ً
أيضا من أوجه إيجاز واختصار اللغة
والسكون ،والشدة ،والمد واإلمالة" هذه ً
مثال المعروفة للكثير تعرب عن
العربية فكثير من اللغات كاللغة اإلنجليزية ً
أيضا بحروف.
األصوات بحروف وتعرب عن الحركات ً
ولهذا تجد الرسم الواحد ينطق مرة حر ًفا كاأللف العربي" ألف مد" وينطق
e f شرح ألفية ابن مالك
89 h
g
أحيانًا "ألف صغيرة" يعني :فتحة فالرسم واحد وهذا يسبب إلباس ،وكذلك بقية
مثال
مثال وأنت تكتب كالم اإلنجليزية تأخذ ً
حروف العلة عندهم ،فلهذا تجد ً
مثال نصف صفحة ما
صفحة باإلنجليزية إذا كان المرتجم متقن للغتين تأخذ ً
عندهم حذف حتى كتابتهم طويلة تجد كلمة صغيرة ومع ذلك كتابتها سبعة
أحرف ،ثمانية أحرف ،عشرة أحرف اثنا عشر حرف وهكذا ،وإذا أردت أن ترتجم
صفحة باللغة العربية إلى اللغة اإلنجليزية قد تحتاج إلى صفحتين أو ثالث
صفحات.
إ ًذا ضرب يف اللغة العربية مكونة من ستة أصوات "الضاد والراء والباء وفتحة
الضاد وفتحة الراء وفتحة الباء" ومع أهنا تكتب يف اللغة العربية بثالثة رسوم
"ضرب" والحركات تضعها فوق أو تحت وتبقى الكتابة صغيرة والحركات أنت
مختار فيها يعني :ليست واجبة كالحروف.
إن كان هناك لبس أو حاجة تضعها ،وإال فليست واجبة إال عند اللبس
والحاجة ،أما يف اللغة اإلنجليزية فالبد أن تكتب الحروف كلها سواء كانت أصوا ًتا
أو حركات.
والمراد بالمععَب منه يف أسل ب الععَب ه :المنصوب يعني :أفعل فيما
"أفعل زيدً ا" ،والمجرور فيما بعد الباء يف" :أحسن بزيد" هذا هو المتعجب منه.
وذكر ابن مالك يف هذا البيت أن المتعجب منه يجوز حذفه بشرط كونه معلوم
أي :يكون دليل لفظي أو معنوي عليه ،فلك أن تقول" :ما أحسن زيدً ا وأجمله"
ولك أن تقول" :ما أحسن زيدً ا وأجمل" المتعجب منه يف قولك "وأجمل"
وتقول" :ما أكرب هذا المشروع وأورع" أي" :وأروعه" وتقول" :أحسن بزيد
وأجمل" أي " :وأجمل به" وتقول" :أخرب هبذا المشروع وأروع" أي :وأروع به"
شرح ألفية ابن مالك e f
g
90 h
قال اهلل يف كتابه الكريم( :ﰅ ﰆ ﰇ) [مر ُ ]38:والمعنى واهلل أعلم
"أسمع هبم وأبصر هبم" لذا األول على الثاين.
وقال امرؤ القيس:
أصلل َب َرا
دبَُللاء علللى َعمللرو َو َمللا للاَّ ْ أر أ ّم عمللللرو دمع للللا قللللد حللللدرا
أي" :وما كان أصربها" وقول الشاعر وينسب لعلي ابن أبي طالب ◙:
ّ
أعللللف وأ رمللللا ربيعللللة ميللللرا مللللا اهلل عنّللللي ،والَلللل اء بفاللللله جلللل
أي :ما أعفها وأكرمها ،وهذا مضطرد كما ذكرنا ذلك.
ثم بعد ذلك تكلم ابن مالك على جمود فعلي التعجب فقال:
ْللللللع ََصللللللرف با دحُْللللللُ دحعا َمللللللا
َمن د الف ْع َللللل ْي ان اقللللدْ َم َل ا َمللللا
وفاللللي اللللالَ ا
َ
وهذا أشرنا إليه من قبل ،ونعيده تب ًعا ألبيات األلفية ففعل التعجب وهو أفعل
فيما أفعله وأفعل يف أفعل به فعالن جامدان غير متصرفين ال يستعمل من أفعل
الماضي ال يأيت على صورة المضارع وال األمر ،وال يأيت أفعل يف أفعل به على
صورة الماضي أو المضارع.
وقد نقل ابن مالك يف بعض كتب أن هذا مما ال خالف فيه بين النحويين أي:
أن فعلي التعجب جامدين.
صاغ منه فعق الععَب ُ بعد ةلك ة ر ابن مالك رو الفعق الَ
ف ال:
للللُ َغ ْيلللللرا اة انْعا َفلللللا َقابا ا
للللق َف ْال ا
للللق َ ل َّ للللن اة َ للللالَث دصللللر َف ا
َو دصلللل ْ د َما م ْ
َو َغ ْيلللللللرا َسلللللللالاك َسلللللللبا ْي َق دف اعلللللللالَ و َغيلللرا اة وصلللف َا ا
لللاهي َأ ْ للل َ الَ د َ ْ َ ْ
ففعال التعجب ال يصاغ من كل األفعال بل يصاغان مما اجتمعا فيه سبعة
شروط ذكرها ابن مالك يف هذين البيتين.
e f شرح ألفية ابن مالك
91 h
g
ال ر ا ول :أن يكون ثالث ًيا نحو" :ما أحسنه من حسن" "وما أعظمه من
عظم" "وما أجمله من جمل" فال يبنيان أو فال يصاغان مما زاد على الثالثي أي:
الرباعي والخماسي والسداسي "كانطلق ودحرج واستخرج" إال أن
سيبويه جوز صوغهما من أفعل أي :كمن الثالثي لمزيد همزة يف أوله من
أفعل ومن ذلك قوله" :ما أعطاه للما من أعطى" "وما أواله للمعروف من أولى"
"وما أظلمه لليل من أظلم" وما أقفر المكان من أقفر".
فعال متصر ًفا ال جامدً ا ،فال يبنيان من فعل جامد غير
ال ر الَاين :أن يكون ً
متصرف ،ال يبنيان من "نعم ،وبئس ،وعسى" ،وليس" يعني ال تقول يف التعجب:
"ما أليس زيدً ا كريما"؛ألن فعل التعجب ال يصاغ من فعل جامد.
قابال للمفاضلة والتفاضل فال يبنيان مما ال يقبل
ال ر الَالث :أن يكون معناه ً
التفاضل والتفاوت يعني :فعل له درجات له أصناف وأنواع بعضها أشد من بعض،
البد أن يكون فيه تفاوت ومفاضلة "كالحسن" "الحسن" تفاضل "الجمال،
القوة ،الضعف" ونحو ذلك.
أما األمور التي ال تتفاضل يف حقيقتها فإهنم يقولون :إن فعلي التعجب ال
يصاغان منه "كماتن وفني ،وهلك" فهذه أفعال ال تقبل يف أصلها وحقيقتها
التفاوت ،يعني ما تقول" :ما أموت الباطل" ال تقول" :ما أفنى المال".
ناقصا ،فال يصاغان من الفعل الناقص،
فعال تا ًما ال ً
ال ر الرابع :أن يكون ً
والمراد بالفعل الناقص كما تعلمون كان وأخواهتا ،كاد وأخواهتا ،يعني ال تقول :ما
كريما" أو "ما أصبح زيدً ا نشي ًطا" تريد التعجب ،وهذا قول الجمهور
ً أكون زيدً ا
قياسا ،هذا الشرط هو قول الجمهور وعليه المسموع ،وأما
وأجازه الكوفيون ً
قساسا أن تصوغ فعل التعجب من الفعل الناقص فتقول" :ما
ً الكوفيون فأجازوا
كريما" "وما أصبح زيدً ا نشي ًطا" وهم أجازوا ذلك ً
قياسا ال سما ًعا ً أكون زيدً ا
شرح ألفية ابن مالك e f
g
92 h
يعني :لم ِ
يأت شي ًئا عن العرب يف ذلك.
فعال مثبتًا ال منف ًيا ،الفعل المنفي هو المسبوق
ال ر الخامس :أن يكون ً
بناف ،فال يصاغان من فعل منفي سواء كان بناف ،والمثبت هو الذي لم يسبق ٍ
ٍ
النفي الز ًما أي :ال يستعمل هذا الفعل إال مع حرف النفي كقولهم" :ما عاج زيد
بالدواء" يعني :ما انتفع ،أو كان النفي غير الزم كقولك" :ما ضربت زيدً ا".
ال ر السادْ :أال يكون الوصف من هذا الفعل على وزن أفعل ومصطلح
كثيرا قلنا :الوصف جمعه أوصاف والمراد بالوصف كل اسم
الوصف تكلمنا عنه ً
ٍ
حدث وصاحبه ،كاسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبهة وصيغ دل على
المبالغة والتفضيل هذه يسموهنا األوصاف ومفردها وصف ،بخالف الصفة
فالصفة جمعها الصفات وهي تستعمل يف اإلعراب يف النحو الصفة معناها النعت.
قال :أال يكون الوصف منه على أفعل؛ ألن أغلب األفعال كما درسنا يف باب
اسم الفاعل يأيت الوصف منه اسم فاعلٍ ،الوصف من "ضرب زيد" فهو ضارب ما
تقول" :ضرب زيد فهو أضرب" "ضرب زيد فهو ضارب" "وقام فهو قائم"
"وجلس فهو جالس".
ً
أفعاال فصلنا كما فيها ومتى يكون الوصف على أفعل وذلك يف إال أن هناك
باب الصفة المشبهة ،وذلك إذا كان الفعل على وزن الثالثي فعل وهو الزم ،أو
ف ُعل وال يكون إال الز ًما ،ومن ذلك أفعال األلوان والعيوب أفعال األلوان "كسود
فهو أسود" ما تقول" :سود فهو ساود أو سائد" "سود فهو أسود" "وحمر فهو
أحمر".
وكذلك أفعال العيوب كقولك" :حول فهو أحول"" ،وعمي فهو أعمى"،
"وعور فهو أعور" فال يقال يف األلوان فال يصاغ فعل التعجب من األلوان ال
e f شرح ألفية ابن مالك
93 h
g
تقول" :محمد ما أسوده"" ،وما أحمره"" ،وما أصفره" ،تتعجب من لونه هذا،
وال يصاغ من أفعال العيوب ،ال تقول" :محمد ما أعوره"" ،وما أعمشه" ونحو
ذلك ،هذا قول البصريين.
وج ه بعض الُ فيين ص غ فعلي الععَب من هَا الفعق أ :الفعل الذي
مثال" :هذه
يكون وصف ه على أفعل الكوفيون جوزوا ذلك ،أن تقول على كالمهم ً
الوردة ما أحمرها"" ،وهذا القلم ما أبيضه"" ،وهذا البحر ما أزرقه" ،وتقول:
"محمد ما أعوره" تتعجب من عوره.
هذه المسألة ستأيت بتفصيل أكثر مع شواهدها؛ ألنه سمع بذلك عن العرب
قليال فستأيت هذه المسألة بشواهدها يف الباب التالي وهو باب أفعل
سما ًعا ليس ً
التفضيل؛ ألن الخالف هناك خالف هنا سيذكر ابن مالك باب أفعل التفضيل أنه
يصاغ مما يصاغ منه فعل التعجب فشروطهما سواء ،والخالف يف هذه المسألة
سواء هنا وهناك فستأيت إن شاء اهلل بشواهد يف الباب التالي إن شاء اهلل.
ال ر السابع :أن يكون الفعل مبني للمعلوم ال للمجهول فال يكون من فعل
مبني للمجهول ال تصوغ فعلي التعجب من " ُضرب زيد" ولو أردت أن تصوغ
فعلي التعجب من " ُضرب زيد" لكنت تقول :ما أفعله أو أفعل به تقول" :ما أضربه
أو ما أضرب زيدً ا" ما أضرب زيدً ا تريد أنه فاعل أو مفعول؟ تتعجب من الضرب
الذي فعله أم تتعجب من الضرب الذي وقع عليه؟ "ما أضرب زيدً ا" األصل بناء
على هذا الشرط أنه ال يصاغ إال من فعل مبني للمعلوم "ما أضرب زيدً ا" تتعجب
من ضربه هو الفاعل تقول" :ما أضرب زيدً ا للصوص"" ،ما أضرب زيدً ا
لألطفال" وهكذا ،ولو قلت :ال أنا أريد "ما أضرب زيدً ا" من " ُضرب زيدً ا"
تتعجب من الضرب الذي وقع عليه لمنع ذلك؛ ألن كل ما يؤدي إلى اللبس يف
اللغة فهو ممنوع.
شرح ألفية ابن مالك e f
g
94 h
وكل هذه الشروط السبعة التي ذكرناها ذكرها ابن مالك يف البيتين السابقين
قال:
للللق َ للللل َُّ َغ ْيلللللرا اة انْعا َفلللللا َقابا ا
للللن اة َ للللالَث دصللللر َف
للللق َف ْال ا ا
َو دصلللل ْ د َما م ْ
َو َغ ْيلللللللرا َسلللللللالاك َسلللللللبا ْي َق دف اعلللللللالَ
و َغيلللرا اة وصلللف َا ا
لللاهي َأ ْ للل َ الَ د َ ْ َ ْ
ث) هذا الثالثي( ،صر ًفا) هذا المتصرف (قابل فضل) قابل (مِن ِذي َثالَ ٍ
ْ
للتفاضل والتفاوت( ،تم) فعل تام( ،غير ذي انتفا) مثبت غير منفي،
و َغيرا اة وصف َا ا
اهي َأ ْ َ الَ د َ ْ َ ْ
ليس الوصف على وزن أفعل.
تريد التعجب تريد "أحسن محمد إلى زيد" "يحسن محمد إلى زيد" ثم مره بذلك
فقل" :أحسن إلى زيد" أو "إلى زيد أحسن" هذا فعل متصرف يعمل متقد ًما
ومتأخرا.
ً
لكن إذا أردت التعجب ال يتقدم معمول التعجب عليه هذا ما يتعلق بتقديم
المعمول على فعلي التعجب.
شرح ألفية ابن مالك e f
g
98 h
أيضا ممتنع؛ للسبب السابق
وأما الفصل بين المعمول وبين فعلي التعجب فهو ً
مثال" :ما أحسن
وهو أن الفعل الجامد ضعيف ال يعمل إال يف الذي بعده فتقول ً
زيدً ا هادئًا" زيدً ا" مفعول به "وهادئًا" حال ،ال يجوز أن تقول" :ما أحسن هادئًا
زيدً ا" فتفصل بالحال بين فعل التعجب ومعموله ،هذا ال يجوز وال يسمع عن
العرب.
وتقول" :ما أصرب زيدً ا طل ًبا للعلم" "طل ًبا" مفعول ألجله فال يجوز أن تقول
بذلك "ما أصرب طل ًبا للعلم زيدً ا" فتفصل بالمفعول ألجله بين فعل التعجب
ومعموله إال إن كان الفاصل شبه جملة أو ندا ًء ،شبه جملة أي :الجار والمجرور
وظرف الزمان وظرف المكان ،فهذه أي :شبه الجملة والنداء قاعدة عامة يف النحو
دائما ُتذكر وهو أن العرب تتسمح يف شبه الجملة والنداء ما ال تتسمح يف غيرها.
ً
يعني :يف أشياء كثيرة ال تجوز إال إذا كانت شبه جملة؛ ألهنم يتسمحون يف
ذلك ما ال يتسمحون يف غيرها فإذا كان الفاصل شبه جملة أو نداء جاز أن تفصل
مثال" :ما أحسن الصدق بالرجل" لك
يف ذلك بين فعل التعجب ومعموله كقولك ً
أن تقدم الجار والمجرور فتقول" :ما أحسن بالرجل الصدق" فتفصل به بين فعل
التعجب ومعموله ،ولك أن تقول" :ما أجمل الجو اليوم" "اليوم" ظرف زمان لك
أن تقدمه فتقول" :ما أجمل اليوم الجو" فتفصل بالظرف بين فعل التعجب
ومعموله.
ومن ةلك أ :من الشواهد على ذلك قول علي ابن أبي طالب◙ وهو
ً
مقتوال ¶ قال: من أفصح العرب عندما رأى عمار ابن ياسر
لي أبا الي ظاَّ أَّ أراَ صر ع مَندا َ ا
أ ْع ْه َع ّ
األصل أعزز بأن أراك "أعزز" أفعل" ،بأن أراك" الباء حرف جر وأن حرف
e f شرح ألفية ابن مالك
99 h
g
مصدري" ،أراك" صلة الحرف المصدري ،ما معنى قولهم حرف مصدري؟ أي:
مثال "أعزز برؤيتي إياك صري ًعا" هذا
ينسبق منه ومما بعده اسم مصدر والتقدير ً
اسم ثم أول بأن أراك والرؤية اسم صريح وكالهما يتفقان يف األحكام ،فرتون أن
علي" وبالنداء أبا اليقظان.
عل ًيا◙ فصل بشيئين بالجار والمجرور " َّ
لي أبا الي ظاَّ أَّ أراَ صر ع مَندا َ ا
أ ْع ْه َع ّ
ومن ذلك قول عمرو بن معد كرب◙:
ا
يَللللللللاء ل اءهللللللللا َأحسللللللللن يف ال هلل در بنللللللللللللي دسلللللللللللل َليُ مللللللللللللا
للللللت يف المُرملللللللاَ م ام لللللللا
وأ بل َوأ َللللللللر يف الل بللللللللاَ عطا َءهللللللللا
ِ
الهيجاء لقاءها أي" :ما أحسن لقاها يف الهيجاء ،ثم قدم فقال :ما َأحسن يف
الجار والمجرور فقال هبما بين فعل التعجب ومعموله.
ومن ذلك قول أوس ابن حجر وهو من الشعراء الجاهلين:
وأحلللللر إةا حاللللللت بلللللٌَّ أ حللللل ا أقلللليُ بللللدار الحلللل م مللللا دام ح م للللا
وأحر إذا حالت بأن أتحوال أي :وأحر بأن أتحول إذا حالت ،قلنا أن أتحول
هذا اسم ما نقول جملة اسم مؤول فلهذا الباء دخلت عليه؛ ألن حروف الجر
تدخل على األسماء ،ثم قدم الظرف وهو قوله" :إذا" ألنه ظرف زمان ،فقال:
وأحر إةا حالت بٌَّ أ ح ا
وخالف بعض النحويين كاألخفش والمربد يف الفصل بين شبه الجملة والنداء
أيضا ،والصحيح يف ذلك قول الجمهور لهذه الشواهد وغيرها.
فمنعوا ذلك ً
وهي من ناحية ليست قليلة ومن ناحية أخرى وهذا أهم أهنا ال تخالف
القياس ،وقد ذكرنا من قبل أن القليل ال يقاس عليه ،قلنا يف ذلك تفصيل :القليل إن
كان مخالف للقياس هذا ال يقاس عليه وإن كان غير مخالف للقياس فال بأس
شرح ألفية ابن مالك e f
g
100 h
بالقياس عليه ،فلو أنه لم ِ
يأت شيء من األدلة والشواهد على الفصل بشبه الجملة
قياسا وجه قوي؛ ألن العرب يف أبواب كثيرة جدً ا يف النحو
لكان لتجويزه ً
يتسمحون يف شبه الجملة ما ال يتسمحون يف غيرها.
نعيد بيتا ابن مالك يف هذا قال :
معم دلللللللله ووصللللللل َله بال ا للللَا ال َبل ا َوفا ْعل د
للللق َهل َ
لللللله ال ََملللللللا د د َ َ ْ َ ْد للللاب َلل ْ
للللن د َ لللللدَّ َما
للف فالللي َة َ
اَ ْاسللل َع َ ْر دم ْسللل َع ْع َم ِق َوالخد لل د للللر
للللرف َجل ّ
و َفصللللل دله با َظلللللرف أو باحل ا
َ ْ ْ د َ ْ
أي :آت عن العرب آت يف االستعمال ،والخلف يف ذاك استقر" ،الخلف" أي:
الخالف وقد ذكرنا ذلك ،ولم يذكر ابن مالك كثير من النحويين كما ترون الفصل
بالنداء ،وإلحاق النداء بشبه الجملة مما تقرر عند النحويين.
نسعفيد بب ية ال قت إَّ ب ي وقت بإعراب ق ل ال اعر الَ ة رناه قبق قليق
وه من ا بياَ الَميلة:
وأقلللبح الُفلللر واإلفلللالْ بالرجلللق اجع ََم َعللا مللا َأ ْح َسل َ
لن الللد ْ َن والللدنْيا إةا ْ
وهذا معناه جميل إذا اجتمع الدين والدنيا اجتمعت الحسنيان ،وإذا اجتمع
الكفر واإلفالس ال استفاد ال يف الدنيا وال يف اآلخرة.
ل :كنا يف رمضان فخرجت أمي تخرج َ ر أحدهُ قصة قرأ ا وسمعع ا
كيس القمامة إلى خارج البيت ،يقول :ففتحت الباب وأخرجت الكيس ثم أغلقت
الباب وهي تبكي! يعني :فجأة فتحت الباب ووضعت الكيس ثم بكت ،ثم أغلقت
ِ
أبكاك؟ فانظر إلى الذين يفهمون خارجا فسألها عن ذلك ما الذي الباب وكان هو
ً
هذه المعاين ويعطوهنا حقها ،فقالت :ندما فتحت الباب ووضعت الكيس وجدت
عامل البلدية وهو يأكل فعلمت أنه ليس بمسلم يعني :كافر ولم يحصل من الدنيا
على شيء تقول :فبكيت رحمة له وشفقة عليه.
e f شرح ألفية ابن مالك
101 h
g
نعرب على ق ل الَم ر:
ما َأ ْح َس َن الدِّ ْي َن والدُّ نْيا -هذا عربناه وانتهينا منه" ،إذا" ما إعراب إذا؟ ظرف
كثيرا ،هنا ظرف زمان "ما أحسن الدين
دائما ظرف زمان تتضمن الشرطية ً
إذا ً
والدنيا يف وقت اجتماعهما يعني :حين يجتمعان.
واهلل أعلُ ،وصلى اهلل وسلُ على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
¹
شرح ألفية ابن مالك e f
g
102 h
الحمد هلل رب العالمين ،والصالة والسالم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه
أجمعينَّ ،أما بعد-:
السالم عليكم ورحمة اهلل وبركاته ،ح َّياكم اهلل وب َّياكم ،يف هذه الليلة ليلة
اإلثنين ،الثالث من المحرم ،من سنة ثالث وثالثين وأربعمائة وألف ،ونحن يف
جامع الراج حي ،يف حي الجزيرة بمدينة الرياض ،لنعقد بحمد اهلل وتوفيقه الدرس
الثامن والسبعين ،من دروس شرح [ألفية ابن مالك] عليه رحمة اهلل تعالى.
وقف بنا الدرس عند الكالم على باب نعم وبئس وما جرى مجراهما ،ويف
البداية كالمعتاد نقرأ ما قاله إمامنا ابن مالك فقال:
َ ْ َ ُ َ ْ َ َ ْ َ َ َ َ َ
ِنعم و ِبئس وما جرى مجراهما
للللللم ْي ان ا
للللللاَّ ْاس َ لللللُ َوباللللللس َْس َرافا َع
ن ْعل َ
ا .485فا ْعلللللللال اََّ َغ ْيلللللللر دمع ََصلللللللر َف ْي ان
َق َار َن َ للللللا َ للللللن ا ْع َُ دع ْ َبللللللى الُ َدر َمللللللا لللارن َْي َأل َأو دم َاللللا َف ْي ان لا َمللللا
.486دم َ ل ا
ا َ .487و ْر َف َعل ا
دم َميللللللل ِ َ لللللللن ْع َُ َق َمللللللل َم ْع َ ل د
للللللر ْه لللللم َرا د َفسل د
لللللر ْه لللللاَّ دم ْال َ َ
َف علللللنْ ُ َقل ا ا ا ا ا
للللد ا ْ للللل َع َ ْر ف ْيللللله ملللللال ِ َ د د لللع َْميا ْيلللل َو َفاعللللق َ َ ل ْ
لللر َ .488و َج ْمل د
لللُ َملللا َ د للل دل ال َفا ا د
لللق ا
فلللي ن َْحللل ا ن ْع َ
ا اع د
لللللق لللللق َف ا
َ .489و َملللللا دم َميللللل ِ َو اق ْي َ
للللر ْاسللللل اُ َلللللل ْي َس َ ْبلللللدد و َأ َبلللللدَ ا
َأو َم َبل َ المخْ دصل دُ َب ْعلدد دم ْبعَلدَ ا
دَر َ َ .490و د َْ
الم ْ َع َفللللى لللالع ا
َل ا للللعر با ا
ا َ .491وإا َّْ
الم ْ َعنَللللى َو د للللُ د لُ ن ْع َد لللله َ َفللللى د َ للللدَّ ْم دم ْ د
e f شرح ألفية ابن مالك
103h
g
ا ا
لللللن اة َ الَ َ للللللة َ للللللن ْع َُ دم ْسل َ
لللللَالَ مل ْ اج َعق َف دعالَاج َعق َ باس َْس َساء َو ْ َ .492و ْ
َو َأ َّْ دللللللرا ْد َة ًّملللللللا َف د لللللللق اَ َحبل َ
للللللَا لللق َةا لللَا ال َف ا
اع د لللُ َح َّب َ .493و ام َْ د ا
لللق ن ْع َ َ
ا َ عل ا المخْ دص َُ َأ ًّ ا َ ا
الملللل ََالَ
لللَا َف ْ لللل َ د َاللللاهي َ لللدل بال َ ْ َلاَّ اَ َ .494و َأول َةا َ
ا باال َبللللا َو دد َ ب َأو َف دَ ّلر ا
الحللللا َ دَ ْ
للللر وَّ َةا انْال َ
لللما دم َ َ .495و َما س َ َةا ْار َف ْع با َح َّ
نعم وبئس وما جرى مجراهما رأينا أن ابن مالك عقد الباب يف أحد
عشر بيتًا ،بدأ هذه األبيات ببيان نوع نعم وبئس يف المدح والذم فقال:
للللللم ْي ان لللللُ َوباللللللس َْس َرافا َعل ا
لللللاَّ ْاس َ ن ْعل َ
ا فا ْعلللللللللللال اََّ َغ ْيلللللللللللر دمع ََصلللللللللللر َف ْي ان
أي :أن نعم وبئس يف المدح والذم فعالن ماضيان جامدان غير متصرفين،
جامدان أي :ال يستعمل منهما غير ماضي ال المضارع وال األمر ،ودليل كوهنما
فعلين ماضيين دخول تاء التأنيث الساكنة عليهما تقول" :نعم الرجل زيد"
"ونعمت المرأة هند" "وبئست المرأة هند" ويف الحديث "فبها ونعمت" ويف األثر
"نعمت البدعة" وهذا هو مذهب جمهور النحويين أهنما فعالن ماضيان.
وعزي إلى جماعة من الكوفيين منهم الفراء أن نعم وبئس اسمان ،واستدل
لذلك بدخول حرف الجر عليهما مثل ما يف قول بعض العرب " نعم السير على
بئس العير "
وكقول بعض أهل الجاهلية عندما ُبشر بأنثى قال:
واهلل ما هي بنعُ ال لد
ومعروف أن حروف الجر ال تدخل إال على األسماء ،والجمهور يخرجون
نحو ذلك على أن حرف الجر فيه قد دخل على اسم مقدر ،فيقدرون يف "نعم
ٍ
مقول فيه "بئس العير" السير على بئس العير" يقدرون "نعم السير على ٍ
عير"
ٍ
مقول فيه ويقدرون يف قولهم "واهلل ما هي بنعم الولد" يقدرون "واهلل ما هي بولد "
شرح ألفية ابن مالك e f
g
104 h
" نعم الولد" ومع ذلك فالذي نص عليه الفراء يف كتابه المطبوع معاين القرآن الذي
نص عليه فيه أهنما فعالن ككالم بقية جمهور النحويين ،لكن ُيذكر يف كتب النحو
أن الفراء يقول :إهنما اسمان فلعله قال ذلك يف كتاب آخر ،أو تراجع عن هذا
القول.
وبعد أن ب َّين ابن مالك أن نعم وبئس فعالن جامدان ب َّين لنا أن فاعل نعم وبئس
فاعال لنعم وبئس فقال يف
ال يكون إال أسما ًء معينة ثالثة أسماء فقط يجوز أن تقع ً
ذلك :
نا ْع َُ َوباس َْس َرافا َع ا
اَّ ْاس َم ْي ان
َق َار َن َ للللللا َ للللللن ا ْع َُ دع ْ َبللللللى الُ َدر َمللللللا لللللللارن َْي َأل َأو دم َاللللللللا َف ْي ان لا َمللللللللا
ا دم َ ل
ا ا
دم َميللللللل ِ َ لللللللن ْع َُ َق َمللللللل َم ْع َ ل د
للللللر ْه لللللللللر ْه
د لللللللللم َرا د َفس
َ لللللللللاَّ دم ْا َو َ ْر َف َع
فذكر أن فاعل نعم وبئس ال يكون إال ثالثة أسماء.
ا ول :ااسُ الظاهر المعرف بٌل ،نحو "زيد نعم الرجل" فالرجل فاعل نعم
ٍ
ماض والرجل فاعله وهو وهو معرف بأل ،أو تقول "نعم الرجل زيد" فنعم فعل
معرف بأل ،وتقول" :عمرو بئس الرجل" "والصدق نعم الخلق" "والكذب بئس
الخلق" ومن ذلك قوله تعالى( :ﰆ ﰇ ﰈ) [الحَراَ" ]11:بئس"
ٍ
ماض "االسم" فاعله وهو معرف بأل ،ومن ذلك قوله تعالى( :ﯮ ﯯ فعل
ﯰ ﯱ) [ا نفال" ]40:نعم المولى" فعل وفاعل "نعم النصير" فعل وفاعل
والفاعل معرف بأل ،ومن ذلك قوله تعالى( :ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ)
[الحج ]13:وهذا هو قول ابن مالك:
دم َ ا
ارن َْي َأل
أي :اسم ظاهر معرف بأل.
e f شرح ألفية ابن مالك
105 h
g
ع فاعال لنعُ وبسس ه :ااسُ الظاهر المااف إلى ما وااسُ الَاين الَ
فيه أل
ٍ
ماض ،خلق فاعل وهو مضاف إلى نحو "الصدق نعم خلق الرجل" نعم فعل
الرجل ،أو تقول "نعم خلق الرجل الصدق" وتقول "الكذب بئس خلق الرجل"
وتقول "اإلكرام نعم عقبى الكرماء" وهذا مثال ابن مالك مثل بقوله" :نعم عقبى
الكرماء" وتقول "العقاب بئس عاقبة الخائنين" ومن ذلك قوله تعالى( :ﮚ
ٍ
ماض ،دار فاعل وهو ﮛ ﮜﮝ ﮞ ﮟ ﮠ) [النحق ]30:نعم فعل
مضاف إلى المتقين.
ومن ذلك قوله تعالى( :ومأويهم النار وبئس مثوى الظلمين) [آل
عمراَّ ]151:وهذا هو قول ابن مالك :
َق َار َن َ للللللا َ للللللن ا ْع َُ دع ْ َبللللللى الُ َدر َمللللللا َ ....................أو دم َالللا َف ْي ان لا َملللا
ع فاعال لنعُ وبسس ه :الامير المسععر الممي بعميي ااسُ الَالث الَ
رجال" أو
والتمييز كما هو معروف البد أن يكون نكر ًة منصو ًبا نحو "زيدٌ نعم ً
ورجال تمييز منصوب والفاعل ضمير
ً رجال نعم فعل
ً رجال زيدٌ " فنعم
ً "نعم
مسترت.
رجال" "والصدق نعم خل ًقا" وهذا هو قول ابن مالك: وتقول "عمرو بئس ً
ا ا
دم َميللللللل ِ َ لللللللن ْع َُ َق َمللللللل َم ْع َ ل د
للللللر ْه لللللللللر ْه
د لللللللللم َرا د َفس
َ لللللللللاَّ دم ْا َو َ ْر َف َع
ماض "قو ًما" تمييز والفاعل مسترت ومعشره هو ٍ "معشره نعم قو ًما" نعم فعل
المخصوص بالمدح ،ومن ذلك قوله ( :ﯖ ﯗ ﯘ)
بدال تمييز، ٍ
ماضً ، [الُ ف ]50:أي :واهلل أعلم بئس ً
بدال للظالمين ،بئس فعل
بدالً ،
بدال للظالمين فأين فاعل بئس؟ ضمير مسترت. للظالمين جار ومجرور متعلق ً
شرح ألفية ابن مالك e f
g
106h
ومن ذلك قول الشاعر وأظنه زهير ابن أبي سلمى:
إا و للللللللاَّ لمر للللللللا ب للللللللا وهرا نعللللُ امللللرأ هللللرم لللللُ عللللر نائبللللة
ٍ
ماض ،امرأ تمييز ،الفاعل ضمير مسترت ،وهرم ال اهد :نعم امرأ هرم نعم فعل
هو المخصوص بالمدح ،ومن ذلك قول الراجز:
بللللسس امللللرأ ،وإننللللي بللللسس المللللرة للل ل عرسلللي وهلللي للللي يف عللل مره
عرسي أي :زوجتي تقول :بئس امرأ أي :بئس امرأ أنت فحذفت المخصوص
ٍ
ماض ،وامرأ تمييز، وسيأيت أن المخصوص يجوز حذفه ،بئس امرأ بئس فعل
والفاعل ضمير مسترت ،بئس امرأ أنت" يعني :زوجها ،وإنني بئس المرة أي" :بئس
ٍ
ماض "والمرة" فاعل؛ ألنه أيضا" ،بئس" فعل
المرة أنا" فحذفت المخصوص ً
بمعنى
ً معرف بأل هنا من النوع األول ويقال" :امرأة ومرأة ومرة" كل ذلك يقال
واحد.
فهذه ثالثة أنواع لفاعل نعم وبئس ذكرها ابن مالك ،يبقى نوع رابع لفاعل نعم
وبئس سيذكره ابن مالك بعد قليل ويذكر الخالف فيه وهو "ما" التي بمعنى
الشيء أو بمعنى شيء كقولك" :نعم ما تقول" أو "نعم ما عملت" أو "بئس ما
عملت" فما هنا فاعل على قول وسيأيت الخالف فيها قري ًبا.
فاعال لنعم
ً وال يكون فاعل نعم وبئس غير ما ذكر ذكرنا أربعة أسماء تكون
فاعال لنعم وبئس كأسماء اإلشارة
وبئس سوى ذلك من األسماء ال يجوز أن تكون ً
بارزا ،ال تقول "الرجل نعم
ضميرا ً
ً ال تقول" :زيد نعم هذا الرجل" وال تكون
اسما مضا ًفا إلى ضمير نحو "الصدق نعم صدقكم" ال
أنت" وال يكون الفاعل ً
مميزا بنكرة،
ضميرا ً
ً يكون فاعل نعم وبئس إال معر ًفا بأل ،أو مضا ًفا لما فيه أل ،أو
أو كلمة "ما" على خالف ما سيأيت.
e f شرح ألفية ابن مالك
107h
g
ُ بعد ةلك ة ر ابن مالك حُُ الَمع بين الفاعق الظاهر وبين
العميي ف ال:
َف علللللنْ ُ َقل ا ا ا ا ا
للللد ا ْ للللل َع َ ْر ف ْيللللله ملللللال ِ َ د د للللللع َْميا ْيلللللل َو َفاعللللللق َ َ ْ
للللللر َو َج ْم د
ظاهرا فيه أل ،أو مضاف
ً اسما
نحن عرفنا يف فاعل نعم وبئس أنه إما أن يكون ً
ضميرا مسترتًا البد له من تميز ،فهذه
ً ضميرا فإن كان
ً لما فيه أل ،وإما أن يكون
أنواع فاعل نعم وبئس ،هل يجوز أن تجمع بين هذه األنواع؟ يعني :هل يجوز أن
ظاهرا ومع ذلك تأيت له بتمييز فتقول على أن تجعل الفاعل
ً اسما
تجعل الفاعل ً
ظاهرا معر ًفا بأل تقول "نعم الرجل زيد"
ً اسما
ً
رجال زيدٌ " هل يجوز بين
مميزا بنكرة فتقول" :نعم ً
ضميرا ً
ً وأن تجعل الفاعل
رجال زيدٌ "؟ "نعم
ظاهرا وتجعل له تميز فتقول "نعم الرجل ً
ً اسما
جعل الفاعل ً
فارسا زيدٌ " "نعمت الفتاة فتاة هند"
الفارس ً
ل :إَّ الَمع بين الفاعق الظاهر عني :الفاعق الَ ه اسُ اهر ،وبين
ر على ال ة أق ال: العميي فيه مالف بين النح ين م
ال ل ا ول :الَ اه
رجال زيدٌ "
يجوز أن تجمع بين الفاعل الظاهر والتمييز فتقول "نعم الرجل ً
وتقول "بئس الخلق خل ًقا الكذب" وهذا قول المربد وابن السراج والفارسي.
ال ل الَاين :يف المسٌلة :المنع عدم الَ اه بق ال اجب أَّ ٌ ي بٌحدهما
إما بالفاعل الظاهر فتقول "نعم الرجل زيدٌ " أو بالفاعل المسترت وتأيت بالتمييز
رجال زيدً ا" وهذا هو المنقول عن سيبويه.
فتقول" :نعم ً
ال ل الَالث :الَ اه إةا امعلف لفظ الفاعق الظاهر عن لفظ العميي
شرح ألفية ابن مالك e f
g
108h
فارسا زيدٌ " الختالف لفظ الفاعل عن التمييز ،وال
فيجوز يف نحو "نعم الرجل ً
رجال زيد" التفاق لفظ الفاعل مع لفظ التمييز.
يجوز يف نحو "نعم الرجل ً
الَالث :الَ اه إةا امعلف لفظ الفاعق عن لفظ العميي
فارسا زيدٌ " الفاعل الرجل والتمييز
يعني :اختلف لفظهما نحو "نعم الرجل ً
فارسا اختلف اللفظان فهذا يجوز عندهم.
ً
رجال زيدٌ " فال يجوز
ً أما إذا اتفق لفظ الفاعل والتمييز نحو "نعم الرجل
عندهم ويشرتط اإلفادة باختالف اللفظ ،كيف تحدث اإلفادة؟ يعني :يكون له
رجال" هل
إفادة جديدة باختالف اللفظ؛ ألنه إذا كان اللفظ واحدً ا "نعم الرجل ً
معنى جديدً ا؟ ال إ ًذا سيكون معناه التأكيد ،أما إذا اختلف اللفظ فإن معناه
ً سيحمل
سيكون فائدة جديدة.
والراجح من هذه األقوال الثالثة هو القول األول الجواز لورود ذلك
بالسماع ،ومن ذلك قول الشاعر جرير يمدح عمر ابن عبد العزيز:
فلللللللللنعُ الللللللللل اد هاد أبيلللللللللك هادا للللللل ود مَلللللللق هاد أبيلللللللك فينلللللللا
فنعم الزاد زاد أبيك زادا أي :فنعم الزاد زا ًدا زاد أبيك.
ومن ذلك قول اآلخر:
لللل بلللَلت رد العحيلللة نط لللا أو بإملللاء نعلللللللللُ الفعلللللللللاة فعلللللللللاة هنلللللللللد
فقالوا :نعم الفتاة فتاة هند.
ومن ذلك قول جرير يهجو بني تغلب قال:
فحللللللللال ،وأم للللللللُ هاء منطيللللللللق والع لبيلللل َّ بللللسس الفحللللق فحل للللُ
فحال فحلهم.
فحال أي :بئس الفحل ً
قال :بئس الفحل فحلهم ً
e f شرح ألفية ابن مالك
109h
g
ثم قال ابن مالك وذكر اختالف النحويين يف ما إذا جاءت بعد نعم
وبئس فقال:
لللُ َملللا َ د للل دل ال َفا ا د
لللق ا ا
فلللي ن َْحللل ا ن ْع َ د
للللللللق لللللللق َف ا
اع َو َمللللللللا دم َميلللللللل ِ َو اق ْيل َ
كثيرا فتكون بمعنى الشيء أو شيء ،تكون
ونقول :كلمة ما تأيت بعد نعم وبئس ً
بمعنى الشيء يعني :اسم معرفة بمعنى الشيء ،أو تكون بمعنى شيء أي :اسم
ٍ
حينئذ اسم أو فعل فوقوع االسم بعد ما نحو قوله نكرة بمعنى شيء ،ويكون بعدها
المخْ دص َُ َأ ًّ ا َ ا
َاَّ اَ َو َأول َةا َ
مذكرا أو مؤن ًثا ،مفر ًدا أو ً
مثنى أو ً يعني :بعد ذا تذكر المخصوص أ ًيا كان
مجموعا ،لماذا التزمت العرب هذا مع الجميع؟ قال:
ً
الم ََالَ ا
َف ْ َ د َااهي َ
يعني :هذا األسلوب صار يضاهي المثل والمثل ال يغير.
واهلل أعلُ ،وصلى اهلل وسلُ على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
¹
e f شرح ألفية ابن مالك
119h
g
الحمد هلل رب العالمين ،والصالة والسالم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه
أجمعينَّ ،أما بعد-:
السالم عليكم ورحمة اهلل وبركاته ،ح َّياكم اهلل وب َّياكم ،يف هذه الليلة ليلة
اإلثنين ،العاشر من المحرم ،بحسب تقويم أم القرى وليلة التاسع بحسب الرؤية
وهبذه المناسبة أحث نفسي وإخواين على اغتنام يوم عاشوراء بصيامه وال يخفى
عليكم فضل صيامه ونحن يف جامع الراجحي ،يف حي الجزيرة بمدينة الرياض،
نعقد بحمد اهلل وتوفيقه الدرس التاسع والسبعين ،من دروس شرح [ألفية ابن
مالك] عليه رحمة اهلل تعالى.
يف هذه الليلة إن شاء اهلل تعالى سنشرح باب أفعل التفضيل الذي عقده ابن
مالك يف ألفيته يف عش رة أبيات ،ونبدأ الدرس كالمعتاد بقراءة ما قاله ابن
مالك يف هذا الباب قال:
ْ ْ َ ُ َّ ْ
ل
ضي ِ أفعل التف ِ
للللق لال َّع ْف االلللل ْي اق َو ْأ َب ال َّلل ْ
للللَ أبالللللي َأ ْف َعل َ لب لن َم دص ل غ امنْ ل ده لال َّع َعَل ا ا
.496دصللمْ مل ْ
لللله إا َللللللى ال َّع ْف االلللل ْي اق اصلللللق
لاملللللاناع بال ا
َ للله إ َللللى َ َعَلللب دو اصلللق .497وملللا با ا
ََ
للللن إا َّْ دجلللللر َدا ا ا لللق ال َّع ْف االلل ْي اق اصلللل ده َأ َبلللدَ ا
َ .498و َأ ْف َع َ
َ ْ لللللد ْ َرا أو َل ْف َظللللل بامل ْ
َلللللللللَ ا ْي َرا َو َأ َّْ د َ َّحلللللللللدَ ا
ْ دألللللللللل ا َم للف َأو دجلللر َدا َ .499وإا َّْ لا َمنْ دُللل َ ر د َال ْ
شرح ألفية ابن مالك e f
g
120 h
للن اة َم ْعرا َفللل ْه ف دةو َو ْج َ للل ْي ان َعل ْ دأ ا للل ْي َ لللق َو َمللللا لا َم ْعرا َفلللل ْه
َ .500و اللللل د َأل ا ْبل ِ
لللق مللللا بال ا ا ا
للله دقللللرا َّْ لللُ َ نْلللل ا َف ْ لللل َ ْبل د َ َلل ْ للن َوإا َّْ للت َم ْعنَللى مل ْ للَا إا َةا َن َ ْ ل َ
َ .501ه َ
دللللللللن َأ َبللللللللدَ ا دم َ للللللللد َما للن دم ْسللل َع ْف ا َما .502وإا َّْ َ دُل ا ا
ْ َف َل د َمللللللللا للن باعلللل ا مل ْ
ْ َ
ا
للللللللد ْ دُ َنللللللللل َْرا َو َر َدا ا
للللللللار ال َّع ْ ل إا ْم َبل للن َأن َ
ْللت َم ْي ِللر َو َلللدَ .503اَم َْل ا ا
لق م َّم ْ
لللللللرا َ َب َعللللللللا ا ا َعا َقل .504ور ْفعلللله ال َّظل ا
لللللللب ف ْعللللللللال َفََُ ْيل َ َ لللاه َر َنلللل ِْر َو َم َعللللى ََ د د
للللن الصللللد ْ اق لللله ال َف ْا د ا َأو َلللللى با ا لن َرفا ْي الق َ َ .505لن َلر فالي الن ا ا
للللق م َ َّلاْ م ْ ْ َ
هذه عشرة أبيات عقد ابن مالك الباب عليها.
اسُ العفاق ه :اسم مشتق مصوغ للداللة غال ًبا على أن شيئين اشرتكا يف
مفضال،
ً صفة ،وزاد أحدهما على اآلخر يف هذه الصفة ،فالزائد منهما يسمى
واآلخر يسمى المفضل عليه أو المفضول.
فقولك" ::فالن أفضل من فالن" يدل على وجود الفضل فيهما ،وقوله تعالى:
(ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ) [ال صن ]34:يدل على وجود الفصاحة يف موسى
وهارون إال أهنا يف هارون أزيد.
وليس من معني اسم التفضيل نفي الصفة هن المفضل عليه فلهذا ليس من
فصيحا! ،بل يفهم منها
ً الصواب أن يفهم من هذه اآلية أن موسى♠ لم يكن
فصيحا إال أن أخاه هارون كان أفصح منه ،ولهذا ال يصح أن تقول عن أمر
ً أنه كان
حسن وأمر قبيح أن األول أحسن من الثاين ،وإنما تقول عن أمرين حسنين إن
أحدهما أحسن من اآلخر.
كما قال المتنبي وابن الطيب:
إَّ السل َ
ليف أماللى مللن العصللا إةا قيللق َّ السلللل ْي َ
ف َ للللن دن قللللدْ در ده أَّ َّ
لللر َّ أ َلل ْ
لللُ َ ل َ
ألن التفضيل هنا ال يصح يف المعنى؛ لعدم المضاء يف العصا فهذا هو معنى
e f شرح ألفية ابن مالك
121h
g
اسم التفضيل.
وأفعل التفضيل هو اسم ممنوع من الصرف؛ للوصفية ووزن الفعل ومثله
مؤنثه ُفعلى ،ومن اسم التفضيل كلمة "خير" وكلمة "شر" إذا كانا بمعنى التفضيل
وشر من بكر" فعلى ذلك فهما على وزن أفعل ،إال أن
خير من عمرو ٌ
نحو "زيد ٌ
الهمزة حذفت منهما سما ًعا؛ لكثرة االستعمال.
وقد ورد على وزن أفعل حقيق ًة أخير وأشر يف القليل من المسموع ومن ذلك
قراءة (ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ) [ال مر ]26:األشر على وزن أفعل وأما
األشر على وزن ِ
فعل فهو صيغة قراءة الجمهور (ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ) ِ
مبالغة كفرح.
وقال رؤبة مدو بالل( :خير الناس وابن األخير) فقال "األخير" لضرورة
الشعر ،بخالف ما لو لم يدل على التفضيل فال يكونان اسمي تفضيل كأن تقول:
"عندي خير كثير" "وفيه شر كثير" فهما هنا اسمان على وزن فعلن "خير" "كـ
عد" اسمان على وزن فعل وليسا اسمي تفضيل على وزن أفعل بيت" "شر" "كـ ٍ
ٍ
المخْ دص َُ َأ ًّ ا َ ا
َاَّ اَ َو َأول َةا َ
أي :كلمة "ذا" يف حبذا اذكر بعدها المخصوص بالمدح فتقول" :حبذا زيد"
"حبذا هند" فهذا معنى:
ا َ عل ا المخْ دصلللل َُ َأ ًّ للللا ا
الملللل ََالَ لللدل بال َ
لللَا َف ْ لللل َ د َاللللاهي َ ْ َللللاَّ اَ
َ َو َأول َةا َ
مذكرا أم مؤن ًثا،
ً أي :اذكر المخصوص بعد كلمة ذا أ ًيا كان هذا المخصوص
مفر ًدا أم مثنًا أم مجمو ًعا ،فتقول" :حبذا زيد وحبذا هند" وال تقول حبذي هند"
وتقول" :حبذا الزيدان" وال تقول" :حبذان الزيدان" "وحبذا الزيدون" وال تقول:
"حبذون الزيدون" فالمخصوص يذكر بعد "ذا" و "ذا" ال يعدل عنها.
ثم يقول:
فاسم التفضيل المضاف إلى نكرة يلزم التذكير واإلفراد وال تأيت بعده من جارة
للمفضول ،فتقول" :زيد أفضل رجل" ،و"هند أفضل امرأة" وال تقول" :فضلى
امرأة" "وأنتما أفضل رجلين" وال تقول" :أنتما أفضال رجلين" "وأنتم أفضل
رجال" "والهندان أفضل امرأتين" "والهندات أفضل النساء" وال تقول" :زيد
أفضل رجل من عمرو" "ونحن أفضل رجال من زيد" فال تأيت بمن جارة
شرح ألفية ابن مالك e f
g
132h
للمفضول بعد المضاف إلى نكرة ،فهذا هو قول ابن مالك:
َلللللللللَ ا ْي َرا َو َأ َّْ د َ َّحلللللللللدَ ا
ْ دألللللللللل ا َم َوإا َّْ لا َم ْن دُللللللل َ ر د َال ْ
للللللف َأو دجلللللللر َدا
ثم يذكر بعد ذلك ابن مالك اسم التفضيل المضاف إلى معرفة فيقول:
َو َما لا َم ْعرا َف ْه دأ ا ْي َ
ف دةو َو ْج َ ْي ان َع ْن اة َم ْعرا َف ْه
لللق مللللا بال ا ا ا
للله دقللللرا َّْ لللُ َ نْلللل ا َف ْ لللل َ ْبل د َ
َلل ْ لللللن َوإا َّْ لللللَا إا َةا َن َ ْ َ
لللللت َم ْعنَلللللى م ْ َه َ
فيَ ر أَّ اسُ العفايق المااف إلى معرفة إةا قصد به العفايق َ ه فيه
ال ج اَّ :أَّ طبق ق اعد المطاب ة
ا ول :عدم المطابقة أي :التزام التذكير واإلفراد.
وال جه الَاين :المطابقة وال ِ
تأت بعده من جارة للمفضول.
تقول" :الزيدان أفضل قومي" الزيدان مثنى ،أفضل مفرد مذكر ،أفضل قومي
أضفته إلى معرفة تجوز عدم المطابقة ،وتجوز المطابقة فتقول" :الزيدان أفضال
قومي" "والزيدون أفضل قومي" "والزيدون أفضل قومي أصلها أفضلون ثم
حذفت النون لإلضافة "أفضل قومي أو أفاضل قومي" تجمعه جمع مذكر سالم أو
تجمعه جمع تذكير" ،وهند أفضل قريبايت" عدم المطابقة ،والمطابقة "هند فضلى
قريبايت" "والهندان أفضل قريبايت" "والهندان فضليا قريبايت" ذكر ابن مالك أن
اسم التفضيل المضاف إلى معرفة إذا قصد منه التفضيل جاز لك فيه المطابقة
وعدم المطابقة ،وهذا هو قوله:
َو َما لا َم ْعرا َف ْه دأ ا ْي َ
ف دةو َو ْج َ ْي ان َع ْن اة َم ْعرا َف ْه
الذي أضيف إلى معرفة ذو وجهين عن ذي معرفة ،وذكرنا األمثلة على ذلك،
ومن الشواهد على المطابقة قوله( :ﯥ ﯦ) [ه د ]27:هم
جمع ،أراذلنا ولو أردت عدم المطابقة يف الكالم لكنت تقول" :هم أرذلنا" ومن
e f شرح ألفية ابن مالك
133h
g
¹
e f شرح ألفية ابن مالك
139h
g
الدرس الثمانون
﷽
الحمد هلل رب العالمين ،والصالة والسالم على نبينا محمد ،وعلى آله
وأصحابه أجمعين ،أما بعد:
فسالم اهلل عليكم ورحمته وبركاته يف هذه الليلة؛ ليلة اإلثنين السابع عشر من
المحرم من سنة (ثنتين وثالثين وأربعمائة وألف) ،يف جامع الراجحي يف مدينة
الرياض ،نعقد بحمل اهلل وتوفيقه الدرس المتم للثمانين من دروس شرح ألفية ابن
مالك-عليه رحمة اهلل.-
يف الدرس الماضي يا إخوان كنا تكلمنا على باب (أفعل) التفضيل ،وشرحنا
ستة أبيات من هذا الباب ،وبقي لنا أربعة أبيات منه ،نبدأ هذا الدرس-إن شاء اهلل
تعالى -بشرحها ،ثم ننتقل بعد ذلك إلى الباب التالي ،نقرأ هذه األبيات الباقية من
باب (أفعل) التفضيل.
قال يف آخر باب أفعل التفضيل:
دللللللللن َأ َبللللللللدَ ا دم َ للللللللد َما لللللن دم ْسلللللل َع ْف ا َما ا ا
ْ َف َل د َمللللللللا دلللللن باعللللللل ا م ْ
َوإا َّْ َ ُ ْ
ا
للللللللد ْ دُ َنللللللللل َْرا َو َر َدا ا
للللللللار ال َّع ْ ل إا ْم َبل للللر َو َلللللدَ للللن َأن َ اَم َْ ا ا
ْللللت َم ْي ِ للللق م َّم ْ
لللللللرا َ َب َعللللللللا ا ا َعا َقل ور ْفعللللللله ال َّظل ا
لللللللب ف ْعللللللللال َفََُ ْيل َ َ للللللاه َر َنللللللل ِْر َو َم َعلللللللى ََ د د
للللن الصللللد ْ اق لللله ال َف ْا د ا َأو َلللللى با ا لللن َرفا ْي ا َ َللللن َلللر فالللي الن ا ا
للللق م َ لللق َّلللاْ م ْ ْ َ
شرح ألفية ابن مالك e f
g
140 h
◙ وأرضاه ،يتكلم يف البيت السابع والثامن على ما كنا ذكرناه
من قبل؛ من أن أفعل التفضيل المجرد ال بدَّ أن يأيت بعده (من) جار ًة للمفضول،
وعمرو أطول من خالد ،وهكذا.
ٌ كأن تقول :محمدٌ أفضل من زيد،
و(من) ومجرورها ال يجوز أن يتقدم على أفعل التفضيل؛ فتقول :زيدٌ من
ماال ،وهكذا ،إال يف موضعين :فإن (من) ٍ
عمرو أفضل ،وخالدٌ منك أكثر ً
ومجرورها يتقدمان على أفعل التفضيل ،وذكر ذلك ابن مالك يف هذين
البيتين.
المسٌلة ا ولى :التي يتقدم فيها (من) ومجرورها على أفعل للتفضيل إذا
ٍ
فحينئذ يجب أن تتقدم (من) واسم االستفهام الذي جرت (من) اسم استفهام،
جرته على أفعل التفضيل ،فتقول :زيدٌ ممن أفضل؟! أي :زيدٌ ممن أفضل( ،من)
هذه التي تأيت بعد أفعل التفضيل( ،من) هذا اسم استفهام جرته (من).
ٍ
فحينئذ يجب وجو ًبا أن تقدم (من) واسم االستفهام؛ للقاعدة المعروفة أن
ألسماء االستفهام الصدارة يف جملتها ،ال نقول يف الكالم ،وإنما يف جملتها يف
الجملة التي يقع فيها اسم االستفهام ،اسم االستفهام ال بدَّ أن يكون يف أول هذه
الجملة.
ٍ
عمرو هذا خرب ،فإذا ٍ
عمرو ،زيدٌ مبتدأ ،وأفضل من فقولك :زيدٌ أفضل من
قلت زيدٌ ممن أفضل؟ فإن اسم االستفهام ال بدَّ أن يتصدر الخرب ،فتقول :زيدٌ ممن
أفضل؟ وتقول :مشروعنا من ماذا أصغر؟ فتُقدم من ماذا على أفعل التفضيل.
وهذا قول ابن مالك:
َوإا َّْ َ ُ ْدن باعال ا ام ْن دم ْس َع ْف ا َما َف َل د َما
أي :الجار (من) ،والمجرور اسم االستفهام.
e f شرح ألفية ابن مالك
141 h
g
ْدن َأ َبدَ ا دم َ د َما
أي :وجو ًبا ،ثم م َّثل لذلك بقوله:
ثم إن ابن مالك سيذكر هذه التوابع مرتب ًة كما ذكرها يف البيت؛ ٌ
نعت
وعطف وبدل ،فبدأ بالنعت ،فعقده كما قلنا يف أربعة عشر بيتًا،
ٌ وتوكيدٌ
نبدأها بقراءهتا ،قال:
َّ ْ ُ
النعت
للللف َو َبلللللدَ ل للللت َو َ ا ْيلللللدِ َو َع ْطل ِ َن ْعل ِ اب ا َ ْسل َلماء ا َول ْ َ .506ع َبل دلع فاللي اإل ْعل َلر ا
لللق للله ا ْع َع َلل ْ لللم اه َأو وسلللل اُ مللللا بال ا با سل ا لللت َ للللابا ِع دمللللعاُ َمللللا َسلللل َب ْق
َ .507فالنَّ ْعل د
َ َ ْ َ ْ
للللام در ْر با َ للللل م َدر َملللللا ا َ .508ول ل دي ْع َ فاللي ال َّع ْعرا اللف َوال َّعنُْاي لرا َمللا
ل َملللللا َ لللللالَ َ ل ْ
ف َملللا َق َفللل ا َالف ْعل ا
للق َفلللا ْق د اسللل اهما ا َّللَ ا ْيرا َأو
للد َوالع ْ.509وهلل َلللدَ ال َّع احي ا
َ د َ ْ َ د َ
ا َو ا لللللل ْب ا اه َ ل َ للت با دم ْ لللع ََق ََصللل ْعب َو َة ار ْب
لللللبالمنْعَسل ْ لللللَا َو اة ْ َو د َ .510وا ْن َعل ْ
لللللت َمللللللا دأ ْعطا َي ْعلللللل ده َمبللللللرا َف دٌ ْعطا َيل ْ َ .511و َن َع دعللللللللل َ ا با دَ ْم َللللللللللة دمنَ ُّل َ
للللللللرا
لللم ْر ادصل ا
لللب لللت َفللللال َ َل َأ ْ ل ا َوإا َّْ َأ َ ل ْ اَ ال َّط َل ا
لللب .512وامنَلللع هنَلللا إا َ لللا َة ا
ْ َ َ ْ ْ د
َّلللللللَ ا ْي َرا
لللللللرا َد َوالع ْ اإل ْف َ َفلللللللال َع دَم َ ا ا ا
َ .513و َن َع دعللللللللل ا با َم ْصلللللللللدَ ر ََ ْيل َ
للللللللرا
ْ
لللللللف َف َعا ا َفللللللل َفر ْقللللللل ده اَ إا َةا ائ َع َل ام َع َل ْ
لللف احلللد إا َةا ْ لللت َغيلللرا و ا
َ .514و َن ْع د ْ َ
للللللع با َ ْيلللللللر ْاسلللللللعا َْنَا َو َع َملللللللق َأ ْ بال ْ للت َم ْع دمللل َل ْي َو اح ْيلللدَ ْ َم ْعنَلللى َ .515و َن ْعل َ
هن دأ ْ با َعل ا ا ا
للللللللت
ْ للللللللرا للللللللللَ ْ ار َّ
دم ْف َع ل َ لللر َْ َو َقللللدْ َ َلل ْ
لللت َ .516وإا َّْ دن دعلللل َِ َ دَل َ
للللع دم ْع النَللللا ا ا
باللللدد ون َ ا َأو َب ْعالللل َ ا ا ْق َط ْ لللن دم َع َّينَللللالللع إا َّْ َ دُل ْلللع َأ َو ا ْ بال ْ
َ .517وا ْق َطل ْ
ا ت دم ْا ام َرا ا
لللللرا لللللن َ ْظ َ ل َ دم ْب َعللللللدَ أ َأو نَاصلللللل َب َلل ْ ب إا َّْ َق َط ْع َ َ .518و ْار َف ْع َأ او انْص ْ
لللقلللت َ ا ّ َللل ده ح َْ دفللله وفالللي النَّع ا
ْ د َ َ َ د لت دع ا ل ْلق َ والنَّعل ا
َ ْ
.519ومللا امللن المنْع ل ا
َ َ د ََ
فبدأ الكالم على النعت كما رأيتم بتعريفه ،فقال:
e f شرح ألفية ابن مالك
151 h
g
للللم اه َأو وسلللل اُ مللللا با ا
لللله ا ْع َع َل ْ
للللق با س ا لللللت َلللللابا ِع دملللللعاُ َملللللا َسللللل َب ْق
َفالنَّ ْع د
َ َ ْ َ ْ
عرفون النعت ،فيقولون :النعت هو التابع الذي ُيكملال سُ :الصفة؛ فلهذا ُي ِ
ٍ
صفة من صفات صفة من صفاته ،نحو :مررت برج ٍل كريم ،أو ببيانٍ متبوعه ببيان
كريم أبوه ،النعت هو التابع الذي ي ِ
كمل متبوعه ٍ ٍ
شيء يتعلق به ،نحو :مررت برج ٍل
ُ
ٍ
شيء يتعلق به. صفة من صفات ٍ ببيان ٍ
صفة من صفاته ،أو
ننتبه ،هو التابع ،والتابع عرفنا التابع يعني يتبع المتبوع يف اإلعراب ،التابع
ٍ
صفة من كمل متبوعه ،يعني أن المتبوع اآلن يأيت النعت فقط لي ِ
كمله بذكر الذي ي ِ
ُ ُ
صفاته ،مهمة النعت أنه فقط يذكر صف ًة من صفاته ،فقولك :جاء محمد ،وقولك:
جاء محمدٌ الكريم ،انتبهوا لكالمي جيدً ا يا إخوان ،هما يف المعنى العام شي ٌء
واحد ،أردت أن ُتسند المجيء إلى محمد ،جاء محمد أو جاء محمدٌ الكريم شيء
واحد ،فأنا وأنت إذا كنا نعرف محمدً ا هذا ،أنا وأنت نعرف محمدً ا ،هذا اسمه
محمد ،فأقول لك :جاء محمد ،فهمت ماذا أريد أن أقول.
ُ قلت لك :جاء محمد الكريم ،هو نفس المعنى ،أين ُأسند المجيء إلى
ٍ
بصفة من محمد ،لكني يف قولي :جاء محمد الكريم أضفت شي ًئا ،أنني وصفته
أمر كان يعمله يف أثناء المجيء أم أن الكرم
صفاته ،وهي الكرم ،فالكرم هل هو ٌ
مجرد صفة من صفاته؟ صفة من صفاته.
طيب ،فإن قلت :هل الجمع بين النعت والحال يف هذا المثال :جاء زيدٌ
مسرعا من باب التوكيد؟ التوكيد هو أن تأيت بكلمة معناها معروف من قبل،
ً السريع
ثم تأيت هبا فقط لتقوي هذا المعنى المعروف من قبل ،هذا يسمونه توكيد ،أما إذا
جاءت الكلمة دال ًة على معنى جديد ال يعرف إال من لفظها ما تسمى تأكيدً ا ،فهل
الجمع بينهما من باب التوكيد؟
الب)00:47:57@( :
أحسنت ،نعم ،الظاهر لي أنه ليس من باب التوكيد؛ الختالف داللتهما،
فالسريع نعت له داللة يدل على أن السرعة من صفاته المعروفة ،وال يدل على أنه
يف وقت الفعل كان متص ًفا بالسرعة ،والحال بالعكس يدل على أنه يف وقت
المجيء متص ًفا بالسرعة ،وال يدل على أن السرعة من صفاته المعروفة.
شرح ألفية ابن مالك e f
g
156h
و ٌمق يف نح ق لك :رأيت زيدً ا الخطيب ،الخطيب هل يدل أنه كان يخطب
يف أثناء رؤيتك له؟ ال ،وإنما أن الخطابة من صفاته المعروفة ،وقولك :رأيت زيدً ا
خطي ًبا ،يعني أنه يف أثناء رؤيتك إياه كان يفعل ذلك ،فلك أن تقول :رأيت زيدً ا
الخطيب خطي ًبا ،نعم.
بعد أن تكلمنا على تعريف النعت ،نعود فنقول :وهذا التعريف الذي شرحناه
هو الذي قاله ابن مالك يف بيته:
للللم اه َأو وسلللل اُ مللللا با ا
لللله ا ْع َع َل ْ
للللق با س الللللت َلللللابا ِع دملللللعاُ َملللللا َسللللل َب ْق
َفالنَّ ْع د
َ َ ْ َ ْ
ٍ
صفة تابع يتم أي يكمل ،ما سبقه :أي متبوعه ،بوسمه :أي ببيان يقول :النعت ٌ
شيء يتعلق به ،ويف البيت إشار ٌة ٍ ٍ
صفة يف من صفاته ،أو وسم ما به اعتلق :أي ببيان
إلى أن النعت قسمان :النعت الحقيقي والنعت السببي.
ٍ
صفة يف المتبوع؛ نحو :جاء زيدٌ الكريم ،أو النعت الح ي ي :وهو ما َّ
دل على
جاء رج ٌل كريم.
ٍ
شيء يتعلق بالمتبوع؛ نحو :جاء زيدٌ ٍ
صفة يف والنعت السببي :هو ما َّ
دل على
كريم أبوه.
ٌ الكريم أبوه ،أو جاء ٌ
رجل
وسيأيت-إن شاء اهلل -قري ًبا الكالم على حكم النعت الحقيقي والنعت السببي،
لكنني أحب أن أذكر اآلن فائدة النعت ،ما فائدة النعت؟
فالنعت-كما سبق -للداللة على صفة من الصفات المعروفة يف الموصوف،
وال تدل على أن هذا الموصوف هبذه الصفة المعروفة فيه ،النعت ال يدل على أن
هذا الموصوف كان يفعل هذا الصفة يف أثناء الفعل ،جاء زيدٌ السريع ،قولنا:
السريع ال يدل على أن زيدً ا كان يفعل السرعة يف أثناء المجيء ،هو ال يدل على
ذلك ،طيب ،يدل على ماذا؟ ما معناها؟ هذا معنى المكمل ،هذا معنى أنه يكمل
e f شرح ألفية ابن مالك
157h
g
صاحبه ،يكمل المتبوع.
فائدة النعت :يعني يمكن أن نعيدها إلى فائدتين كبيرتين أو إجماليتين؛ ألن
المتبوع إما أن يكون متعينًا قبل النعت ،يعني أنه معروف واضح أو ال ،فإن لم يكن
معرو ًفا قبل النعت ،يعني لو قلت لك :جاء محمد ،لم تعرف من محمد هذا؛ ألنك
تعرف أكثر من إنسان محمد ،أو قلت لك :افتح الباب ،طيب ،الباب يعني يمكن
أن ُيطلق على أشياء كثيرة الباب ،هذا الباب وهذا الباب وهذا الباب.
فإذا كان المتبوع لم يتعين ،ففائدة النعت تبينه وتوضيحه وتخصيصه ،يقولون:
توضيحه إذا كان المتبوع معرفة ،ويقولون :تخصيصه إذا كان المتبوع نكرة ،فإذا
بزيد ،ويف الحي أكثر من واحد اسمه زيد ،فقلت :مررت ٍ
بزيد مثال :مررت ٍ قلت ً
الخياط ،قولك :الخياط هنا لماذا؟ تريد فقط أن توضحه وأن تبينه ،يعني أن تميزه
عن غيره من الزيدين.
وإذ ا كان المتبوع نكرة ولم تتبين ،فيأيت النعت لتخصيصها؛ كأن أقول لك:
قلما أحمر ،إن فهمت القلم الذي أريد انتهى األمر ،إن ما فهمته وقلت لك:
اشرتي ً
قلما
أحمر ،فقلت لك :أحمر لكي أخصصه ،أخصص القلم الذي أريد ،اشرتي ً
أحمر ،فأحمر هذه نعت ،ما فائدة النعت هنا؟ التخصيص ،تخصيص هذه النكرة.
إ ًذا فإذا كان المنعوت المتبوع غير متعين وغير واضح ،فالنعت إنما يأيت لتبيينه
وتوضيحه ،يقولون :توضيح إذا كان منعوته معروفة ،والتخصيص إذا كان نكرة،
طيب.
فإذا كان المنعوت معرو ًفا بين المتكلم والمخاطب ،بين المتكلم والسامع،
جاء محمدٌ ،وأنت تعرف محمدً ا هذا الذي أريد ،ما يف لبس فيه ،تعرف أين أريد
محمد هذا ،فهل اتضح لك وبان وتعين أم ال؟ تعين ،ومع ذلك يصح ويجوز أن
شرح ألفية ابن مالك e f
g
158h
يقول العربي :جاء محمد ،وأن يقول :جاء محمدٌ الكريم ،حتى ولو كان محمدٌ هذا
ُع ِرف بين المتكلم والمخاطب.
فلماذا يأيت بالنعت مع أن المنعوت معروف ومتعين بين المتكلم
والمخاطب؟! لفوائد؛ يمكن أن نأخذها ونتتبعها نحن ،يفهمها العربي حتى لو ما
مثال :المدح ،جاء محمدٌ
قيلت ،لكن يمكن أن نذكر أشهرها أو أهمها؛ منها ً
الكريم ،ال أريد أن ُأعينه عن محمدين آخرين ،وإنما أردت أن أمدحه هبذه الصفة
مثال ،جاء محمدٌ الطويل ،إن كان معرو ًفا.
ً
وإن لم يكن معرو ًفا ،فأقول :الطويل؛ لتوضيحه وتمييزه عن بقية المحمدين
مثال ،وإن كان معرو ًفا بيني وبينك فلماذا تقول :الطويل؟ إما لمدحه إن كان الطول
ً
عنده هؤالء مدح ،أو لذمه إن كان الطول عند هؤالء ذ ًما ،فهذه فائدة النعت:
المدح.
¹
شرح ألفية ابن مالك e f
g
164h
الحمد هلل رب العالمين ،والصالة والسالم على نبينا محمد ،وعلى آله
وأصحابه أجمعين ،أما بعد-:
فالسالم عليكم ورحمة اهلل وبركاته ،ح َّياكم اهلل وب َّياكم يف هذه الليلة الطيبة،
ٍ
وأربعمائة ليلة اإلثنين (الرابع والعشرين من شهر المحرم من سنة ثنتين وثالثين
وألف) ،نحن يف جامع الراجحي يف حي الجزيرة يف مدينة الرياض ،نعقد-بحمد
اهلل وتوفيقه -الدرس (الحادي والثمانين) من دروس شرح ألفية ابن مالك-عليه
رحمة اهلل.-
يف الدرس الماضي يا إخوان كنا توقفنا عند باب النعت ،قرأنا األبيات يف هذا
الباب ،ثم شرحنا منها بيتين فقط؛ البيت األول والثاين ،نبدأ الدرس-إن شاء اهلل
تعالى -بقراءة األبيات كلها ،ثم نشرح ما تيسر مما بقي منها.
قال ابن مالك-عليه رحمة اهلل:-
َّ ْ ُ
النعت
لللللت َو َ ا ْيلللللدِ َو َع ْط ِ
لللللف َو َبلللللدَ ل َن ْع ِ لللماء ا َول اب ا َ ْس َ للر ا ْعبل ا
للع فلللي اإل ْعل َ َ َ د
للللم اه َأو وسلللل اُ مللللا با ا
لللله ا ْع َع َل ْ
للللق با س ا لللللت َلللللابا ِع دملللللعاُ َملللللا َسللللل َب ْق
َفالنَّ ْع د
َ َ ْ َ ْ
َلللللام در ْر با َ للللل م َدر َملللللا
ْ لا َملللللا َلللللالَ َولللل دي ْع َ فالللي ال َّع ْعرا الللف َوال َّعنُْايلللرا َملللا
e f شرح ألفية ابن مالك
165h
g
يعني اتبع العرب يف لغتها ،هذه القاعدة ،دعونا نطبقها ،إن طبقناها على اإلفراد
والتثنية والجمع فإننا سنجد أن النعت الحقيقي سيختلف عن النعت السببي فيها،
أما النعت الحقيقي فيجب أن يتبع المنعوت فيها ،إفرا ًدا أو تثني ًة أو جم ًعا.
راكض؛ ألنك يف الفعل تقول :جاء ٌ
رجل يركض ،وتقول: ٌ فتقول :جاء ٌ
رجل
ٌ
رجال راكضون؛ جاء رجالن راكضان؛ ألنك تقول :جاء رجالن يركضان ،وجاء
ٌ
رجال يركضون ،وجاءت امرأ ٌة تركض ،فتقول :جاءت ألنك تقول يف الفعل :جاء
امرأ ٌة راكضةٌ ،وتقول :جاءت امرأتان راكضتان؛ ألنك تقول يف الفعل :تركضان،
وتقول :جاءت نسا ٌء راكضات؛ ألنك تقول يف الفعل :يركضن.
فالنعت الحقيقي ُيطابق المنعوت يف اإلفراد ،أو التثنية ،أو الجمع ،وكذلك يف
شرح ألفية ابن مالك e f
g
168h
أيضا يطابق المنعوت ،كما رأينا يف
التذكير أو التأنيث ،سنجد النعت الحقيقي ً
األمثلة السابقة ،فإذا قلت :جاء ٌ
رجل راكض أي يركض ،أما جاءت امرأ ٌة راكضة
أي تركض ،إ ًذا فالنعت كالفعل.
فالنعت الح ي ي :يطابق المنعوت يف اإلفراد أو التثنية أو الجمع ،ويطابق
المنعوت يف التذكير أو التأنيث ،هذا النعت الحقيقي.
أما النعت السببي :سيختلف عن النعت الحقيقي ،والقاعدة واحدة؛ ألن النعت
السببي من حيث اإلفراد والتثنية والجمع سنجده يلزم اإلفراد على كل حال ،وال
يأيت مثنًى وال مجمو ًعا.
قائم أبوه ،هات فعل النعت؟ جاء ٌ
رجل يقوم رجل ٌنطبق القاعدة؛ نقول :جاء ٌ
قائم أبوهما؛ ألنك تقول يف الفعل :جاء رجالن يقوم أو
أبوه ،طيب ،جاء رجالن ٌ
قائم أبوهم؛ ألنك تقول :جاء ٌ
رجال ٌ يقومان أباهما؟ يقوم أبوهما ،طيب ،جاء
ٌ
رجال قام أبوهم.
اسما
ونحن نعلم أن الفعل مع الفاعل الظاهر يلزم اإلفراد ،الفعل إذا كان فاعله ً
ظاهرا فإنه يلزم اإلفراد ،تقول :قام محمد ،وقام المحمدان ،وقام المحمدون ،قام
ً
ظاهرا ،ال
ً أخي ،وقام أخواي ،وقام إخويت ،فالفعل يلزم اإلفراد ،متى ما كان فاعله
ُيثنى وال ُيجمع.
طيب ،والنعت؟ يعامل معاملة الفعل؛ نتيجة ذلك أن النعت السببي سيلزم
اإلفراد ،كما أن الفعل مع الفاعل يلزم اإلفراد ،هذا من حيث اإلفراد والتثنية
والجمع ،والنعت السببي من حيث التذكير والتأنيث؟ نطبق القاعدة ،نعطيه حكم
الفعل ،فسنجد أن النعت السببي يف التذكير والتأنيث يتبع ما بعده.
عده ،ن ل :يؤثر فيه ما بعده ،ال أو إةا أردنا الدقة يف الععبير ما ن ل :عبع الَ
e f شرح ألفية ابن مالك
169h
g
رجل قائم ٌة أمه؛ ألنك تقول يف الفعل :جاء ٌ
رجل قامت مثال :جاء ٌ
ما قبله ،فتقول ً
قائم أبوها؛ ألنك تقول :جاءت امرأ ٌة قام أبوها.
أمه ،وتقول :جاءت امرأ ٌة ٌ
إ ًذا ففي التأنيث والتذكير سيتأثر بما بعده ،لماذا؟ ألن النعت هنا كالفعل،
طيب ،والفعل ما الذي يؤثر يف تذكيره وتأنيثه؟ فاعله ،وفاعله قبله أو بعده؟ بعده،
تذكيرا
ً يف محمد تقول :قام محمدٌ ،ويف هند تقول :قامت هندٌ ،فالذي يؤثر يف الفعل
وتأني ًثا الذي بعده.
ل: والنعت السببي الفعق ،إةا فالَ سيؤ ر يف َ يره و ٌنيَه الَ بعده،
ٌ
رجال قائم ٌة أمهم ،كما جاء رجالن قائم ٌة أمهما ،كما تقول :قامت أمهما ،وجاء
قائم أبوهما ،كما تقول :قام أبوهما ،وجاءت
تقول :قامت أمهم ،وجاءت امرأتان ٌ
قائم أبوه؟
رجل ٌقائم أبوهن ،كما تقول :قام أبوهن ،نبغي جاء ٌ
نسا ٌء ٌ
الب.)00:16:3@( :
تمام ،هذه ما فيها إشكال؛ ألنك تقول :جاء ٌ
رجل قام أبوه ،وجاءت امرأ ٌة قائم ٌة
أمها؛ ألنك تقول :جاءت امرأ ٌة قامت أمها ،وهذا هو قول ابن مالك:
ف َملللا َق َفللل ا اسللل اهما ا
َالف ْع ا
لللق َفلللا ْق د لللَ ا ْيرا َأو وهلللل َلللللدَ ال َّع احيل ا
لللد َوال َّعل ْ
َ د َ ْ َ د َ
وبعد هذا الطواف نخلص الكالم؛ فنقول :الخالصة مما سبق ،يعني فيما يتبع
النعت والمنعوت ،الخالصة يف ذلك أن النعت الحقيقي يتبع المنعوت يف كل
ٍ
عشرة. ٍ
أربعة من شيء ،يقولون :يتبع المنعوت يف
طب ًعا هذا مجرد تطبيق القاعدة ،يعني ليس شي ًئا جديدً ا ،القاعدة واحدة قلناها؛
ٍ
أربعة من عشرة؛ يف اإلعراب أن النعت كالفعل ،فالنعت الحقيقي يتبع المنعوت يف
ٍ
بواحد منها .طيب ،ويف التعريف والتنكير جرا ،هذه ثالثة ،سيتبع
رف ًعا أو نص ًبا أو ً
ٍ
واحد منها ،ويف التذكير والتأنيث يف ٍ
واحد منها ،ويف اإلفراد والتثنية والجمع يف
شرح ألفية ابن مالك e f
g
170h
ٍ
أربعة من عشرة. ٍ
واحد منها .إ ًذا سيتبعه يف
النعت الحقيقي يتبع المنعوت يف كل شيء ،وأما النعت السببي فإنه ُيطابق
جرا ،ويف التعريف أو
المنعوت يف اثنين من خمسة؛ يف اإلعراب رف ًعا أو نص ًبا أو ً
النكيرـ ال بدَّ أن يتبعه يف اثنين من هذه الخمسة ،طيب ،وأما يف اإلفراد والتثنية
والجمع فإنه يلزم اإلفراد ،وأما يف التذكير والتأنيث فإنه سيتأثر بما بعده.
طيب ،هذه الخالصة يف النعت الحقيقي ويف النعت السببي ،وبعد ذلك كله
أيضا ُأنبه على ٍ
أمر ال يفوتكم ،لكن التنبيه عليه مفيد؛ وهو أنه قد يجوز يف بعض ً
دائما ،وتجعل الذي بعده
أمثلة النعت السببي أن تجعل النعت خربًا مقد ًما ،فرتفعه ً
مبتد ًأ مرفو ًعا ،خرب مقدم ومبتدأ مؤخر ،أصبح ماذا؟!
مثال
نعت للمنعوت ،فإذا قلت ً ٍ
حينئذ ٌ أصبح جمل ًة إسميةً ،والجملة اإلسمية
كريم أبوه :على
ٌ ٌ
وفاعل، رجلٌ :
فعل كريم أبوه ،جاء ٌ
ٌ يف النعت السببي :جاء ٌ
رجل
ٌ
لـ(رجل) ،نعت سببي ،وأبوه :فاعل لكريم ،يعني نعت
كريم ٌ
ٌ أنه نعت مفرد ،نقول:
كرم أبوه ،كريم ،النعت يكون بالمشتق باألوصاف ،اسم الفاعل ،اسم المفعول،
ُ
الصفة المشبهة ..إلى آخره.
وهذه األوصاف تعمل عمل فعلها ،فرتفع الفاعل وتنصب المفعول ،طيب،
كريم أبوه، رجل ٍ
فحينئذ تقول :جاء ٌ ويجوز أن تجعل النعت من النعت بالجملة،
ٌ
كريم ،أبوه
ٌ رب مقدم ،وأبوه :مبتد ٌأ مؤخر ،كأنك قلت :جاء ٌ
رجل أبوه كريم :خ ٌ
ٌ
نعت لرجل ،وسيأيت أنه نعت بجملة.
كريم :جملة إسمية ٌ
ٌ
َو َن َع دع َ ا با دَ ْم َلة دمنَُ َّرا
كريم أبوه ،والخرب يجوز أن يتقدم كما سبق
ٌ ثم قدمت الخرب ،فقلت :جاء ٌ
رجل
يف باب المبتدأ والخرب ،واألصل يف األخبار أن ُتؤخر ،وجوزوا التقديم إذ ال ضرر.
e f شرح ألفية ابن مالك
171h
g
نعت ٍ
كريمٌ : نعت سببي، ٍ
كريم أبوه ،هذا ٌ مثال :مررت برج ٍل
وكذلك لو قلت ً
لرجلٍ ،وأبوه :فاعل ،من باب النعت المفرد ،ويجوز أن تجعل ذلك من النعت
كريم :خربٌ مقدم، كريم أبوه ،مررت برج ٍل ٍ
حينئذ :مررت برج ٍل بالجملة ،فستقول
ٌ ٌ
كريم ،ثم قدمت الخرب ،فيكون:
ٌ أبوه :مبتدأ مؤخر ،كأنك قلت :مررت برج ٍل أبوه
نعت لرجل.
كريم أبوه جملة إسمية ٌ
ٌ
نعت سببي ،طيب ،اجعل النعت من
كريما أبوهٌ ،
رجال ً
وكذلك لو قلت :رأيت ً
رجال أبوه
ً كريم أبوه ،كأنك قلت :رأيت
ٌ رجال
ً النعت بالجملة؟ ستقول :رأيت
كريم ،ثم قدمت الخرب ،طيب.
ٌ
شواهد ومترينات:
قال( :ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ) [اإلنساَّ ]10:أين النعت؟
تفضل ،المنعوت والنعت؟
الب)00:22:42@( :
نعت آخر ،نعم ،كما سبق يف
وقمطريرا؟ ٌ
ً عبوسا،
ً المنعوت :يو ًما ،والنعت:
الخرب أنه يتعدد.
ا للللللللروا بالللللللللا ْ نَ ْي ان َأ ْو بال َ
للللرا ِة د للللل َع َرا
للللُ َسل َ
للللن َواحلللللد َ د ل ْ
َعل ْ للللللللٌ ْ ََ َرا َو َأ ْم َبل د
وأيضا النعت يتعدد ،وقلنا هنا وهناك وهنالك،
أيضا الحال كما سبق تعددً ،
ً
وسنردد ذلك اآلن ،قلنا :إن الخرب والحال والنعت هذه الثالثة من ٍ
واد واحد،
وأصلها واحد؛ فلهذا تتشابه يف األحكام ،وسيأيت كالمه بعد قليل على ذلك.
تؤول بمشتق.
والمَال الَاين :كذا وذي ،ذي :يريد ذو التي بمعنى صاحب من األسماء
رجال ذا الخمسة أو الستة بمعنى صاحب ،تقول :مررت برج ٍل ذي ٍ
مال ،ورأيت ً
رجل ذو ٍ
مال ،ذو هنا اسم جامد ،ولكنه وقع نعتًا ألنه بمعنى صاحب، ٍ
مال ،وجاء ٌ
وصاحب مشتق.
والمَالث الَالث :قال :والمنتسب ،يعني االسم المنسوب؛ ألن االسم
منسوب إلى قريش،
ٌ دائما بمعنى اسم المفعول ،فقولكُ :قرشي أي
المنسوب ً
دائما حكمه حكم اسم المفعول،
منسوب إلى دمشق ،فالمنسوب ً
ٌ ودمشقي أي
ٍ
قرشي ،برجل :منعوت ،قرشي :نعت ،ما معنى قرشي؟ أي تقول :مررت برج ٍل
ٍ
منسوب إلى قريش. مررت برج ٍل
مثال :مررت برج ٍل قرشي أبوه ،ما إعراب أبوه؟ األدق أنه نائب
فلو قلت ً
ٍ
قريش أبوه ،ولو قلت فاعل لصح ،لكن ستُقدر منتسب، منسوب إلى
ٌ فاعل ،يعني
ٍ
قريش أبوه ،كما قال ابن مالك: منتسب إلى
ٌ منتسب إلى قريش،
ٌ قرشي يعني
ب ا
المنْعَس ْ
َو د
منتسب أو منسوب ،منسوب :اسم مفعول ،ومنتسب :اسم فاعل ،والمعنى
واحد ،فهذا الشيء الثاين الذي ُينعت به ،وهو الجامد الذي بمعنى المشتق ،يعني
ٍ
مؤول بمشتق فال يمكن أن يقع الذي يؤول بالمشتق ،أما إذا كان الجامد غير
قلما!! ما يصح النعت هنا.
رجال ً
كأسا ،أو رأيت ً وص ًفا ،ال تقول :رأيت ً
رجال ً
جدارا ،إذا لم ترد حقيقة الجدار االسم
ً رجال
ً ل :رأيت لُن مُن أَّ
شرح ألفية ابن مالك e f
g
178h
رجال صل ًبا أو قو ًيا أو صامدً ا أو نحو
ً الجامد هذا ،وإنما أردت أن تقول :رأيت
رجال أسدً ا ،أسد هذا جامد أو
حينئذ يصح ،حينها يصح ،كما لو قلت :رأيت ًٍ ذلك،
مشتق؟ هذا جامد ،إذا أردت حقيقة األسد ما صح الوصف.
رجال رجال أسدً ا ،أو جاء ٌ
رجل أسدٌ ،يعني رأيت ً لُن ل أردَ ب لك :رأيت ً
رجال مشاهبًا لألسد ،هنا صح؛ ألن الجامد هنا بمعنى المشتق ،يعني
قو ًيا ،أو رأيت ً
هذا المعنى الذي يريده المتكلم ،والعربي ال شك أن لغته واسعة يف هذه األمور.
ا مر الَالث مما نعت به ،من دَ رنا به ا إم اَّ؟
الب)00:39:41@( :
الجملة؛ قال فيها ابن مالك:
للللللت َملللللللا دأ ْعطا َي ْعللللللل ده َمبلللللللرا
َف دٌ ْعطا َيل ْ للللللللللرا
َ َو َن َع دعللللللللللل َ ا با دَ ْم َللللللللللللة دمنَ ُّل
للللم ْر ادص ا
للللب َللللت َفللللال َ َل َأ ْ ا َوإا َّْ َأ ْ اَ ال َّط َلل ا
للللب وامنَلللللع هنَلللللا إا َ لللللا َة ا
َ ْ َ ْ ْ د
ٍ
بجملة الشيء الثالث الذي ُينعت به الجملة ،وفيها قال ابن مالك :ونعتوا
ٌ
رجل ٍ
لمنعوت منكر ،تقول :جاء منكرة ،أي :أن النعت بالجملة ال يكون إال
رجال يصلي ،وهكذا.
يركض ،ورأيت طال ًبا يكتب ،ورأيت ً
وا ع الَملة نععا لمعرفة ،فإَّ قلت مَال :جاء الرجل يركض ،ورأيت
الطالب يكتب ،ورأيت محمدً ا يصلي ،فهذه جمل ٌة فعلية جاءت بعد معرفة،
حاال ،ال نعتًا ،والسبب يف ذلك أن الجمل وكذلك أشباه ٍ
حينئذ تكون ً فالجملة
الجمل يف حكم النكرات ،ال نقول نكرات ،وإنما نقول يف حكم النكرات.
ألن التعريف والتنكير من خصائص األسماء ،االسم هو الذي يوصف بأنه
معرفة أو نكرة ،أما غير االسم من األفعال والحروف والجمل وأشباه الجمل ،هذه
ال توصف بأهنا معارف وال نكرات ،إال أن الجمل وأشباه الجمل يف حكم
e f شرح ألفية ابن مالك
179h
g
نعت ،وإذا ٍ
منعوت نكرة فهي ٌ النكرات؛ فلهذا تأخذ حكم النكرة ،فإذا وقعت بعد
وقعت بعد معرفة صارت ً
حاال.
راكض ،رأيت كاالسم؛ فإن االسم النكرة إذا وقع بعد نكرة كقولك :جاء ٌ
رجل ٌ
رجال مصل ًيا ،صار نعتًا ،وإذا جاء هذا النعت المنكر بعد معرفة،
طال ًبا كات ًبا ،رأيت ً
راكضا ،ورأيت الطالب كات ًبا ،ورأيت محمدً ا مصل ًيا ،صارت
ً كقولك :جاء الرجل
ً
حاال ،فالنعت يف ذلك كاالسم.
وألن الجملة يف حكم النكرات وقعت خربًا ،ووقعت ً
حاال ،وقعت خربًا
كقولك :محمدٌ يقوم ،ومحمدٌ يصلي ،ووقعت ً
حاال كما مثلنا :جاء محمدٌ يركض،
وذلك أن الخرب والحال والنعت من ٍ
واد واحد ،بل هي يف حقيقة المعنى شي ٌء
راكض ،أو قلت :جاء محمدٌ الراكض ،أو قلت :جاء
ٌ واحد ،فأنت إذا قلت :محمدٌ
راكضا ،خرب وحال ونعت.
ً محمدً ا
ٍ
محمد بالركض ،لكن مرة عن طريق فكلها على معنًى واحد ،وهو وصف
الخربية ،ومرة عن طريق الحالية ،ومرة عن طريق النعت ،المعاين الدقيقة تختلف،
نعم ،معنى الحال يختلف عن معنى النعت عن معنى الخرب ،لكن المعنى العام هنو
محمد بالركض؛ فلهذا نجد أن هذه الثالثة من ٍ
واد واحد؛ فلهذا تشرتك ٍ وصف
كثيرا يف األحكام.
ً
وهذا الذي ذكره ابن مالك لنا ،فقال:
للللللت َملللللللا دأ ْعطا َي ْعللللللل ده َمبلللللللرا
َف دٌ ْعطا َيل ْ للللللللللرا
َ َو َن َع دعللللللللللل َ ا با دَ ْم َللللللللللللة دمنَ ُّل
يعني حكم الجملة النعتية كحكم الجملة الخربية ،والجملة الخربية تقدمت
يف باب المبتدأ والخرب ،وقلنا هناك يف أحكامها :إن الجملة إذا وقعت خربًا اشتُرط
ضمير يربطها بالمبتدأ ،وهنا نقول :الجملة إذا وقعت نعتًا
ٌ فيها أن يكون فيها
شرح ألفية ابن مالك e f
g
180h
ف ُيشرتط أن يكون فيها ضمير يربطها بالمنعوت.
ألن الجملة يف األصل يعني جملة مستقلة عن المنعوت ،فال بدَّ أن يكون فيها
مثال :جاء ٌ
رجل يركض ،أين فاعل ضمير يربطها بالمنعوت ليصح الكالم ،فتقول ً
ضمير مسترت هو ،وهو هذا الضمير المسترت يعود
ٌ يركض؟ جاء ٌ
رجل يركض هو،
نعت لرجل.
إلى من؟ إلى رجل ،فيركض هو :جملة فعلية ٌ
أما إةا قلت :جاء ٌ
رجل يركض أبوه ،فأين فاعل يركض؟ أبوه ،أب هذا ليس
ضميرا ،طيب ،أين الرابط بين الجملة النعتية والمنعوت؟ الهاء يف أبوه ،أي ضمير،
ً
ميرا معينًا ،اشرتطنا وجود ضمير.
نحن ما اشرتطنا ض ً
كريم ،جاء ٌ
رجل ثيابه ٌ و َلك يف الَملة اإلسمية ،ل قلت :جاء ٌ
رجل أبوه
نظيفةٌ ،نعم يستقيم الكالم ،لكن ما يستقيم الكالم بال ضمير ،ال تقول :جاء ٌ
رجل
كريم!! ما يستقيم الكالم هبذه الطريقة ،ال بدَّ
ٌ محمدٌ زيدٌ ،ما يصلح ،جاء محمدٌ زيدٌ
من الجملة الواقعة نعتًا أن يكون فيها ضمير يربطها بالمنعوت.
ٍ
ضمير فيها يربطها طيب ،قلنا يا إخوان ُيشرتط يف الجملة النعتية وجود
بالمنعوت ،ثم أكرر عليكم-وانظر النحو كله تكرير -ما أقول نحن اشرتطنا
الوجود ،ولم نشرتط التصريح والظهور ،يعني ال ُيشرتط يف هذا الضمير أن يكون
ظاهرا يف الجملة ملفو ًظا به ،وإنما نشرتط أن يكون موجو ًدا؛ فلهذا حتى لو ُحذف
ً
الجملة مستقيمة.
رجل أحبه ،أو تقول :جاء ٌ
رجل أحب ،أحبه :هذه ل :جاء ٌ فل َا صح أَّ
جملة نعتية ،والرابط الهاء ،يجوز أن تحذف هذا الرابط ،فتقول :جاء ٌ
رجل أحب،
أين الرابط؟ الهاء المحذوفة ،طيب ،هذه الهاء المحذوفة موجودة يف الجملة أم
كثيرا.
غير موجودة؟ هذا السؤال سألته ً
e f شرح ألفية ابن مالك
181h
g
ال اء م ج دة؛ ول َا ن ل :محذوفة ،قولنا :محذوفة يعني موجودة؛ ألن
الحذف ال يقع إال على موجود ،هل ُيتصور أن توقع الحذف على معدود ،فرق بين
أصال يف الجملة ،كقولك:
المحذوف والمعدوم؛ المعدوم يعني كلمة غير موجودة ً
جاء ٌ
رجل أحب ،هذه الجملة فيها ظرف زمان؟ ال ،طب هل هو محذوف؟ يعني
وحذف؟
موجود ُ
أصال ،لكن الضمير الرابط موجود فيها وال هو غير
هذا معدوم غير موجود ً
موجود؟ هو موجود ،ولكننا حذفناه ،يعني لم نلفظ به ،وقولك :محذوف ٌ
دليل
على أنه موجود ،ومثلنا أكثر من مرة بالقلم ،وقلنا :هذا القلم موجود يف المسجد؟
موجود يف المسجد ،طيب ،اآلن موجود يف المسجد وال غير موجود؟ موجود يف
المسجد ،الفرق أنه يف الصورة األولى موجو ٌد ظاهر ،ويف الصورة الثانية موجود
غير ظاهر.
كونه غير ظاهر ال يدل على أنه معدوم ،بل يدل على أنه غير ظاهر فقط؛ ولهذا
كلما قلنا ُيشرتط وجود الشيء يعني أنه موجود ،سواء كان ملفوظ به أم كان
موجو ًدا ثم ُحذف.
الحمد هلل رب العالمين ،والصالة والسالم على نبينا محمد ،وعلى آله
وأصحابه أجمعين ،أما بعد-:
فسالم اهلل عليكم ورحمته وبركاته ،ح َّياكم اهلل وب َّياكم يف هذه الليلة؛ ليلة
ٍ
وأربعمائة وألف) ٍ
ثالث وثالثين اإلثنين (الرابع عشر من شهر ربي ٍع األول من سنة
من هجرة المصطفى ،ونحن يف جامع الراجحي يف مدينة الرياض ،نعقد-بحمد
اهلل وتوفيقه -الدرس (الثاين والثمانين) من دروس شرح ألفية ابن مالك-عليه
رحمة اهلل.-
وكنا قد وصلنا يا إخوان يف الدروس إلى باب النعت من هذه األلفية المباركة،
وشرحنا من هذا الباب ثالثة األبيات األولى ،نقرأها ثم بعد ذلك نكمل ما بعدها-
إن شاء اهلل تعالى.-
افععح ابن مالك هَا الباب ب له:
للللم اه َأو وسلللل اُ مللللا با ا
لللله ا ْع َع َل ْ
للللق با س ا لللللت َلللللابا ِع دملللللعاُ َملللللا َسللللل َب ْق
َفالنَّ ْع د
َ َ ْ َ ْ
َلللللام در ْر با َ للللل م َدر َملللللا
ْ لا َملللللا َلللللالَ َولللل دي ْع َ فالللي ال َّع ْعرا الللف َوال َّعنُْايلللرا َملللا
ف َملللا َق َفللل ا اسللل اهما ا
َالف ْع ا
لللق َفلللا ْق د لللَ ا ْيرا َأو وهلللل َلللللدَ ال َّع احيل ا
لللد َوال َّعل ْ
َ د َ ْ َ د َ
شرح ألفية ابن مالك e f
g
186h
ففي هَه ا بياَ ة ر أمر ن:
ا ول :تعريف النعت.
والَاين :نوعا النعت ،وحكم كل نوع.
ٍ
مالك بعد وقد شرحنا كل ذلك ،وتكلمنا عليه من قبل ،ثم يذكر ابن
ذلك األشياء التي ُينعت هبا ،وهي أربعة أشياء كما سيأيت ،فيقول يف ذلك:
ا َو ا للللللل ْب ا اه َ ل َ للللت با دم ْ لللللع ََق ََصللللل ْعب َو َة ار ْب
للللللب
المنْعَسل ْ للللللَا َو اة ْ َو د َوا ْن َعل ْ
للللللت َملللللللا دأ ْعطا َي ْعللللللل ده َمبلللللللرا
َف دٌ ْعطا َيل ْ للللللللللرا
َ َو َن َع دعللللللللللل َ ا با دَ ْم َللللللللللللة دمنَ ُّل
للللم ْر ادص ا
للللب َللللت َفللللال َ َل َأ ْ ا َوإا َّْ َأ ْ اَ ال َّط َلل ا
للللب وامنَلللللع هنَلللللا إا َ لللللا َة ا
َ ْ َ ْ ْ د
لللللللَ ا ْي َرا
لللللللرا َد َوال َّعل ْ
اإل ْفل َ َفللللللللال َع دَم َ ا ا للللللللللرا
َ َو َن َع دعللللللللللل ا با َم ْصلللللللللللدَ ر ََا ْيل
ياء العي د نعت ب ا أربعة؛ وهي: فَ ر أَّ ا
ا ول :االسم المشتق.
والَاين :االسم الشبيه بالمشتق.
الَالث :الجملة.
الرابع :المصدر.
ٍ
واحد منها بكالم ،فنقرأ ما ذكره فيها ونشرحه، وخص كل َّ
ونبدأ باألول مما ُينعت به؛ وهو االسم المشتق ،فقال عنه:
ت با دم ْ ع ََق ََص ْعب َو َة ار ْب
َوا ْن َع ْ
ٍ
بمشتق ،يريد بالمشتق هنا الوصف ،والوصف كما سبق تعريفه قوله :وانعت
ٍ
حدث وصاحبه ،و ُيراد به اسم الفاعل واسم دل على أكثر من مرة كل ٍ
اسم َّ
المفعول وصيغ المبالغة والصفة المشبهة واسم التفضيل ،هذه هي األوصاف.
e f شرح ألفية ابن مالك
187h
g
والنعت بالوصف هو األصل يف النعت؛ ألن النعت كما سبق يف تعريفه يدل
ٍ
صفة يف الموصوف ،والصفة إنما يدل عليها الوصف ،واألشياء الثالثة األُخر على
التي ُينعت هبا ،إنما وقعت نعتًا ألهنا مؤول ٌة بالوصف ،كما سيأيت فيها-إن شاء اهلل
تعالى.-
راكض اسم فاعل ،وقد وقع
ٌ راكض،
ٌ فمن النعت بالم عق ق لك :جاء ٌ
رجل
مضروب ،اسم مفعول وقد وقع نعتًا ،وقولك :جاء ولدٌ
ٌ نعتًا ،وقولك :جاء ٌ
رجل
فحسن
ٌ فلعاب صيغة مبالغة وقد وقعت نعتًا ،وقولك :جاء ٌ
رجل حس ٌن، ٌ لعاب،
ٌ
صف ٌة مشبهة ،وقد وقعت نعتًا ،وقولك :جاء الطالب األفضل ،األفضل اسم
تفضيل ،وقد وقع هنا نعتًا.
ٍ
كصعب وذرب ،وهما مالك فقد مثل لالسم المشتق بقوله: ٍ أما ابن
ٍ
وجلد ،واألخرى على ٍ
كصعب وسه ٍل صفتان مشبهتان ،فاألولى على وزن ف ْع ٍل
وحذر ،وجاء يف بعض نسخ األلفية :و َد ِر ْب بالدال بدل و َذ ِر ْب،
ْ كذرب
ْ وزن ْ
فعل
رب بالدال المهملة فهو
فالذرب بالذال المعجمة هو الحاد من كل شيء ،وأما الدَ ْ
الماهر الحاذق.
ٍ
بوصف مثل مالك أن يقول يف هذا الشطر :وانعت ٍ وكان األحسن بابن
ٍ
(وصف) هنا أدق وأحسن من قوله (مشتق) ،لما؟ ألن قوله: ٍ
صعب وذرب ،فكلمة
مشتق يشمل الوصف ويشمل غير الوصف من المشتقات.
فالم ع اَ ق اسُ ا عدق من أصله ،أ من المصدر ،والم ع اَ ن عاَّ:
ٍ
حدث وصاحبة ،وهي الخمسة المذكورة، ال صف :وهو كل ٍ
اسم دل على
اسم الفاعل ،واسم المفعول ،وصيغ المبالغة ،والصفة المشبهة ،واسم التفضيل.
وغير ال صف :من المشتقات مما ال ُينعت به ،كاسم المكان ،واسم الزمان،
شرح ألفية ابن مالك e f
g
188h
واسم اآللة ،فهذه كلها مشتقات ،ولكنها ال تسمى وص ًفا ،والمراد بما ُينعت به هو
الوصف ،أما هذه المشتقات غير األوصاف فال ُينعت هبا.
ٍ
بصعب وقد حاول بعض ُ
الشراح الدفاع عن عبارة ابن مالك ،فقالوا :إن تمثيله
كصعب وذرب يعني كأنه قال: ٍ وذرب ُيريد به إخراج غير الوصف ،عندما قال:
ٍ
كصعب وذرب ،فهذا هو الشيء األول الذي ُينعت به ،وهو أريد المشتق الذي هو
االسم المشتق ،أي االسم الوصف.
الشيء الثاين الذي ُينعت به؛ هو االسم المشبه للمشتق ،ويف ذلك يقول ابن
مالك:
ا ا ا
ب َو ْب ا ه َََا َو اة ْ َو د
المنْعَس ْ
شببه أي شبه االسم المشتق ،وشبه المشتق ماذا ُيراد به؟ ُيراد به االسم غير
اسم ليس بمشتق ولكنه يف معنى المشتق ،كما قلنا
المشتق الذي يف معنى المشتقٌ ،
قبل قليل :األسماء المشتقة هي األسماء التي ُأخذت من أصلها من المصدر ،وهي
الخمسة المذكورة إن كانت أوصا ًفا ،أو غيرها مما ذكرنا من اسم المكان والزمان
واسم اآللة.
طيب ،هناك أسما ٌء ُأخر هي ليست مشتقةً ،يعني ليس لها فعل ،ليس لها مصدر
ُتشتق منه ،ومع ذلك فإن معناها معنى المشتق ،يعني فيها معنى المشتق دون
حروفه ،وقد م َّثل ابن مالك لألسماء التي تشبه األسماء المشتقة بقوله:
ا ا ا
ب َو ْب ا ه َََا َو اة ْ َو د
المنْعَس ْ
إ ًذا فذكر ثالثة أمثلة؛ األول :من األسماء التي تشبه المشتق وليست بمشتقة،
أسماء اإلشارة ،وهذا قول ابن مالك( :كذا) ،يعني كاسم اإلشارة ذا ،كقولك:
مررت ٍ
بزيد هذا ،فهذا اسم إشارة مكون من ذا اسم اإلشارة ،وها حرف تنبيه،
e f شرح ألفية ابن مالك
189h
g
بزيد ذا ،أو مررت بز ٍ
يد هذا. تقول :مررت ٍ
ونحوه بقية أسماء اإلشارة ،كقولك :اقرأ الصحيفة هذه ،أي :اقرأ الصحيفة
الحاضرة ،واكرم الرجال هؤالء ،أي :اكرم الرجال الحاضرين ،وهكذا.
ٍ
مالك لألسماء غير المشتقة التي تشبه األسماء والمثال الثاين الذي ذكره ابن
المشتقة :ذو ،وهذا قول ابن مالك( :وذي) ،يريد ذو التي بمعنى صاحب ،التي
ُتعرب إعراب األسماء الستة ،ذو بالفرع ،وذا بالنصب ،وذي بالجر ،كقولك :هذا
مال ،وإنما صح النعت بكلمة (ذي)؛ ألهنا بمعنى صاحب ،صاحب اسم رجل ذو ٍ
ٌ
رجل صاحب ٍ
مال. رجل ذو مال ،أي :هذا ٌ
فاعل ،فقولك :هذا ٌ
ومثل (ذو) مؤنثها وتثنيتها وجمعها ،يعني ذو وذات ،وذوا ،وذوو ،وذواتا،
ٍ
بامرأة ذات فضلٍ ،أي :صاحبة فضلٍ، ٍ
حكم واحد ،تقول :مررت وذوات ،كلها يف
رأي ،أي :أصحاب ٍ
رأي ،وهكذا. ٍ
ورجال ذوي ٍ
أيضا
ومثل (ذو) التي بمعنى صاحب كلمة (أولو) ،ومؤنثها (أوالت) ،وهي ً
رأي ،أي :أصحاب برجال أولي ٍٍ بمعنى أصحاب وصاحبات ،كقولك :مررت
ٍ
أسماء مشتقة. ٍ
ونساء أوالت فضلٍ ،فكل هذه الكلمات تقع نعتًا؛ ألهنا بمعنى ٍ
رأي،
والمثال الثالث الذي ذكره ابن مالك لالسم غير المشتق الذي يشبه
المشتق ،هو االسم المنسوب ،وهذا قول ابن مالك( :والمنتسب) ،يعني االسم
ٍ
قرشي نعت لرجل ،طيب ،قرشي هذا ٍ
قرشي، المنسوب ،نحو :مررت برج ٍل
وص ًفا! يعني ليس اسم فاعل ،وال اسم مفعول ،وال صيغة مشبهة ،وال صيغة
صح وقوعه نعتًا؛ ألنه بمعنى
مبالغة ،وال اسم تفضيل ،ومع ذلك وقع نعتًا ،وإنما َّ
شرح ألفية ابن مالك e f
g
190 h
اسم المفعول.
منسوب إلى قريش ،ونحوه :اشرتيت ثو ًبا بحر ًيا ،أي
ٌ قرشي ،بمعنى
ٌ فقولك:
رجال عرب ًيا ،أي منسو ًبا إلى العرب ،وسبق لنا يا إخوان
منسو ًبا إلى البحر ،ورأيت ً
يف باب اسم المفعول ،عندما تكلمنا على إعماله ،قلنا :إن المنسوب يعمل عمل
مضروب أخوه ،أخوه :نائب فاعل
ٌ اسم المفعول؛ ألنه بمعناه ،تقول :جاء ٌ
رجل
لمضروب.
منسوب
ٌ أيضا نائب فاعل ،يعني
قرشي أبوه ،ما إعراب أبوه؟ ً كذلك :جاء ٌ
رجل
ٌ
أبوه إلى قريش ،تمام ،وقد ُيقال إن االسم المنسوب يكون بمعنى اسم الفاعل ،ال
بمعنى اسم المفعول ،على معنى المنتسب ،كما قال ابن مالك( :والمنتسب)،
قرشي أبوه ،فأبوه: منتسب إلى قريش ،فإذا قلت :جاء ٌ
رجل ٌ قرشي أي فقولك:
ٌ ٌ
فاعل ،يعني منتسب أبوه إلى قريش ،والمعنى ال يتغير.
الب :واإلعراب؟
اإلعراب متقارب ،نائب الفاعل يف معنى الفاعل ،نعم يصح أن تقول :نائب
منتسب إلى قريش.
ٌ منسوب إلى قريش ،أو فاعل على معنى
ٌ فاعل على معنى
فهذه ثالثة أمثلة ذكرها ابن مالك لالسم غير المشتق الذي ُيشبه المشتق يف
معناه ،وأمثلته ليست للحصر ،فهناك أسما ٌء كثيرة ليست مشتقةً ،ومع ذلك يوصف
ثال األسماء الموصولة ،تقول :جاء الرجل
هبا؛ ألهنا بمعنى األسماء المشتقة ،منها م ً
نعت للرجل ،مع أنه اسم موصول ليس مشت ًقا؛
الذي يقول الحق ،ما إعراب الذي؟ ٌ
ألنه بمعنى المشتق.
بالركض من طريق الخربية ،ويف الثانية وصفته بالركض من طريق الحالية ،ويف
الثالثة وصفته بالركض من طريق النعتية.
وسبق يف أول الكالم على باب النعت أن فصلنا الكالم يف الفرق بين النعت
والحال ،فال نعيد ذلك؛ وألن الجملة يف حكم النكرة-كما سبق -ال ُينعت هبا إال
نكرة ،نعم؛ ألن الموافقة يف التعريف والتنكير هذه واجبة بين النعت والمنعوت،
فالجملة يف حكم النكرة ،إ ًذا س ُينعت هبا ماذا؟ ال ُينعت هبا إال النكرة.
فل َا قال ابن مالك:
َو َن َع دع َ ا با دَ ْم َلة دمنَُ َّرا
فاعل ،ويركضٌ :
فعل مضارع ورجلٌ :
ٌ نحو :جاء رج ٌل يركض ،جاءٌ :
فعل،
رت بعده ،يركض هو ،طيب ،يركض هو صارت جملة فعلية ،ما إعراهبا؟
وفاعله مست ٌ
نعت لرجل يف محل رفع ،أو جاء ٌ
رجل يركض أخوه ،أو رأيت طال ًبا يلعب ،مررت ٌ
بعصفورٍ :
جار ومجرور ،يرفرف بجناحيه :جمل ٌة فعلية، ٍ ٍ
بعصفور يرفرف بجناحيه،
نعت لعصفور يف محل جر.
ما إعراهبا؟ ٌ
إذا وقعت الجملة بعد النكرة صارت كما رأينا نعتًا ،طيب ،وإذا وقعت الجملة
بعد معرفة ماذا ستكون؟ ستكون ً
حاال؛ ألن الجملة يف حكم النكرة ،طيب ،النكرة
حاال ،نحو :جاء الرجل يركض ،جاءٌ :
فعل، بعد المعرفة ماذا تكون؟ تكون ً
ٌ
فاعل ،ويركض :فعل مضارع ،وفاعله :هو ،طيب والجملة الخربية والرجل:
يركض هو؟ جملة بعد معرفة ،فما إعراهبا؟
e f شرح ألفية ابن مالك
193h
g
حال ،يف محق رفع أو نصب؟ جاء الرجل ،الرجل :فاعل مرفوع!! نصب،
دائما محله النصب ،ليس تاب ًعا ،وتقول :رأيت الطالب يلعب كذلك،
فالحال ً
ومررت بالعصفور يرفرف بجناحيه ،ما إعراب جملة يرفرف بجناحيه؟ ٌ
حال من
العصفور.
ولهذا يقول المعربون يف ضابط المشهور المفيد؛ الجملة وشبهة الجملة بعد
مشهور يف اإلعراب ،إذا
ٌ ٌ
ضابط النكرات نعوت ،وبعد المعارف أحوال ،هذا
جاءت نكرة وبعدها جملة أو شبه جملة ،فما إعراب الجملة؟ نكت لهذه النكرة،
وإذا جاءت معرفة وبعدها جملة أو شبه جملة حال.
رجل يركض ،أو جاء ٌ
رجل يضحك ،فهو بمعنى وهَا صحيح ،فإةا قلت :جاء ٌ
ٌ
ضاحك ،المعنى ٌ
رجل ٌ
رجل يضحك أي جاء ٌ
ضاحك ،نعت ،جاء ٌ
رجل جاء
واحد ،إ ًذا فهي نعت ،طيب ،جاء ٌ
رجل على قدميه ،ما إعراب شبه الجملة على
نعت لرجل ،وصف الرجل بأنه على قدميه.
قدميه؟ ٌ
وأما إةا قلنا :جاء الرجل يضحك ،بمعنى جاء الرجل ضاح ًكا ،المعنى
واإلعراب واحد ،جاء الرجل يضحك ،يضحك جمل ٌة حالية ،طيب ،وجاء الرجل
على قدميه ،أو جاء محمدٌ على قدميه ،أو جاء أخي على قدميه ،ما إعراب شبه
الجملة على قدميه؟ حال ،يعني جاء محمدٌ حالة كونه على قدميه.
ٍ
معرفة يف قوة عرفنا ذلك ،وبقي ما إذا وقعت الجملة أو شبه الجملة بعد
النكرة ،اسم معرفة ولكنه يف قوة النكرة ،يعني لفظه معرفة ،لكن معناه نكرة ،و ُيراد
بذلك االسم المعرف بـ(ال) الجنسية ،درسنا ذلك يف المعرف بـ(ال) ،التعريف
بــ(ال) الجنسية أضعف التعريف ،الجنسية تريد جنس ،ففيه معنى اإلهبام.
ٍ
معرفة يف قوة النكرة ،أي االسم طيب ،إذا وقعت الجملة أو شبه الجملة بعد
شرح ألفية ابن مالك e f
g
194 h
المعرف بــ(ال) الجنسية؟ كقول الشاعر:
فماللللليت لللللن قللللللت ا عنينلللللي. وقلللللد أملللللر عللللللى اللسللللليُ سللللل دبني
يسبني جمل ٌة فعلية ما إعراهبا؟ إعراهبا يتبين بعالقتها باللئيم ،من الذي يسب؟
ُ
السب هنا من صفة من؟ من صفة اللئيم ،طيب ،اللئيم معرفة أو نكرة ،لفظه معرفة،
لئيما معينًا أو جنس اللئيم؟ إ ًذا هذا معرف بــ(ال) الجنسية ال تريد إنسانًا
هل تريد ً
معينًا ،وإنما تريد جنس اللئيم ،فيجوز أن تجعل الجملة هنا ً
حاال ،وهذا هو
الظاهر ،وهو المشهور عند المعربين مراعا ًة للفظه.
ويجوز أن تجعل الجملة هنا نعتًا مراعا ًة للمعنى ،يعني ولقد أمر على ٍ
لئيم
يسبني ،وجعلوا من ذلك قوله( :ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ)
[ س ،]37:الليل :مبتدأ ،وآي ٌة لهم :الخرب ،الليل آي ٌة لهم ،طيب ،نسلخ منه النهار؟
جمل ٌة فعلية ،ما إعراهبا وعالقتها بالليل؟ الليل هنا ال ُيراد به ٌ
ليل معين ،وإنما جنس
الليل ،يعني الليل اآلن ،والليل الماضي ،والليل القادم ،جنس الليل ،فيجوز لك يف
(نسلخ منه النهار) أن تكون جملة حالية ،وهذا هو الظاهر المشهور ،ويجوز أن
تجعلها جمل ًة نعتية.
ومن ةلك ق لك :يعجبني الطالب يجتهد يف دروسه ،واضح ،ومن ذلك :أحب
خير من القلم ال يكتب ،نعم ،ثم
المؤمن يدع ما ال يعنيه ،ومن ذلك :القلم يكتب ٌ
قال ابن عن الجملة الواقعة نعتًا ،قال:
ت َما دأ ْعطا َي ْع ده َمبرا
َف دٌ ْعطا َي ْ
فبعد أن ذكر أن الجملة تقع نعتًا ،وعرفنا وأكدنا أن الجملة تقع نعتًا؛ ألهنا
كالخرب وكالحال ،والخرب والحال سبق فيهما أهنما يقعان مفر ًدا ويقعان جملة،
فالثالثة من ٍ
باب واحد.
e f شرح ألفية ابن مالك
195h
g
فعندنا ذكر أن الجملة تقع نعتًا قال:
ت َما دأ ْعطا َي ْع ده َمبرا
َف دٌ ْعطا َي ْ
ل :ا حُام العي ة رناها يف فبدل أَّ َ ر ق أحُام الَملة النععية،
الَملة ال اقعة مبرا سنعطي ا للَملة ال اقعة نععا ،د
فٌعطيت ما أعطيعه مبرا ،وهناَ
يف الَملة الخبر ة ة رنا ل ا رو ا ،أهم ا ر اَّ:
ٌ
رابط يربطها بالمبتدأ ،وهنا نقول :أن يكون يف ال ر ا ول :أن يكون فيها
الجملة النعتية ٌ
رابط يربطها بالمنعوت.
ال ر الَاين :أن تكون الجملة خربية ال إنشائية.
فتقول :جاء ٌ
رجل يركض ،فيركض جملة نعتية فيها رابط يربطها بالمنعوت،
وهو الضمير المسترت ،فاعل يركض هو يعود إلى رجل ،جاء ٌ
رجل هذه جملة،
طيب ،يركض؟ جملة ،إذا لم يكن بينهما رابط تقطع الكالم وانفصل ،ما يمكن،
كيف هكذا الكالم متقطع! إال إذا أردت االستئناف ،لكن إرادة االستئناف معنًى
آخر غير النعتية ،النعت معنى ذلك أن الكالم جملة واحدة ،جاء محمدٌ الطويل،
جاء محمدٌ الضاحك ،تريد أن الكالم واحد ،أما االستئناف هذه جملة انتهيت منها
وخلصت ،ثم بدأت بجملة أخرى.
ٌ
رجل يركض أبوه ،يركض أبوه :جملة نعتية لرجل ،ما الرابط فتقول :جاء
راكض ،فأبوه
ٌ ٌ
رجل أبوه بينهما؟ الضمير البارز الهاء يف أبوه ،وإذا قلت :جاء
نعت لرجل ،والرابط الضمير البارز الهاء ،طيب ،وإذا قلنا:
راكض :جملة اسمية ٌ
رب ألبوه ،إ ًذا ال بدَّ جاء ٌ
رجل أبوه يركض ،يركض هذه جملة فعلية ،ما إعراهبا؟ خ ٌ
فيها من رابط ،ما رابط الخرب بالمبتدأ؟!
أبوه يركض ،الضمير المسترت فاعل يركض :هو ،يعود إلى أبوه ،طيب ،أبوه
شرح ألفية ابن مالك e f
g
196h
يركض صارت جملة اسمية ،أبوه :مبتدأ ،ويركض :الخرب ،الجملة االسمية كلها
(أبوه يركض) ال بدَّ أن يكون فيها رابط يربطها بالمنعوت (رجل) ،ما الضمير الذي
يعود منها إلى رجل؟ الهاء يف أبوه ،أبوه يعني أبو الرجل ،فهكذا يكون الكالم
مرتاب ًطا.
طيب ،ويجوز يف هذا الضمير الرابط أن ُيحذف ،كما ذكرنا من قبل يف الجملة
الخربية ،ويف الجملة الحالية ،ويف غيرهما كالجملة الواقعة صلةً؛ ألن الشرط يف
بارزا
هذا الضمير الوجود ،يعني ُيشرتط فيه أن يوجد ،ولم نشرتط فيه أن يكون ً
بارزا ،جاء ٌ
رجل يركض أبوه :الهاء ،وقد يكون مسترتًا :جاء مثال؛ فلهذا قد يكون ً
ً
ٌ
رجل يركض ،يعني يركض هو.
وقد يكون محذو ًفا؛ ألن المحذوف موجو ٌد أم غير موجود؟ هذه شرحناها
كثيرا ،المحذوف موجود؛ ألن الحذف ال يقع إال على موجود ،ال يقع على
ً
معدوم ،فإذا قلت :محذوف ،معنى ذلك أنه موجود؛ فلهذا وقع عليه الحذف ،كأن
ٌ
رجل أحب ،ما الرابط بين الجملة النعتية أحب والمنعوت رجل؟ تقول :جاء
ضمير محذوف ،أي :جاء ٌ
رجل أحبه. ٌ
فعال أكرهه ،ومن ذلك قول الشاعر:
فعال أكره ،أي فعلت ً
وتقول :فعلت ً
و للللل ل اللللللدهر أم مل ِ
للللال أصلللللاب ا. وملللللللللا أدر أغيلللللللللرهُ نلللللللللائن
مؤول على حذف مضاف ،الكالم عندهم على حذف ٌ -وقال البصر َّ :هو
ٍ
عدل ،مررت برجل ٍ
عدل ،أي :صاحب مضاف ،واألصل :مررت برج ٍل ذي
صاحب عدل ،زيدٌ ٌ
عدل ،أي :زيدٌ ذو عدل.
ٍ
بمؤول َير من المح ين :الكالم يف كل ذلك على حقيقته ،فليس هو
-وقال ِ
بالمشتق كما يقول الكوفيون ،وال هو على حذف مضاف كما يقول البصريون،
مجازا
ً وإنما الكالم على حقيقته ،والمراد به المبالغة بجعل المنعوت عين النعت
باب واسع يف الكالم ،وتقصد العرب إليه قصدً ا.
أو ادعا ًء ،والمبالغة ٌ
رجل ٌ
عدل ،أنت تريد أن تبالغ حتى تجعل هذا عدل ،أو جاء ٌ
فإذا قلت :زيدٌ ٌ
الرجل هو العدل ،ولو أولناها سوا ًء بالمشتق أو بالمضاف ،لخرج الكالم عن إرادة
رجل عادلٌ ،
رجل ذو عدل ،هذه حقيقة وليس المبالغة ،وعاد إلى إرادة الحقيقةٌ ،
وكثير
ٌ فيه مبالغة يف الكالم ،وكالم هؤالء المحققين هو الذي يأخذ به أهل البالغة،
من المفسرين المحققين يف ذلك.
e f شرح ألفية ابن مالك
203h
g
ما يب ،وبَلك ُ َّ ابن مالك قد انع ى من ة ر ما د نعت به؛ وه
ة رنا أربعة أ ياء :ااسُ الم عق ،وااسُ غير الم عق المؤول بالم عق،
والَملة ،والمصدر ،هنا لعله ناسب أَّ نَ ر هَه المعل مة المفيدة ،فن ل :إَّ
ياء من حيث النعت أربعة أقسام: ا
ال سُ ا ول :ما ُينعت وال ُينعت به ،ال ُينعت أي ال يقع منعو ًتا ،وال ُينعت به
أي ال يقع نعتًا ،نحو :الضمائر ،وأسماء االستفهام ،وأسماء الشرط ،وكم الخربية،
ما التعجبية ،وكلمة :اآلن ،وقبل ،وبعد ،هذه كلها ال تقع نعتًا وال منعو ًتا.
ال سُ الَاين :ما ُينعت و ُينعت به ،بالعكس ،يقع نعتًا ويقع منعو ًتا ،وهي أسماء
اإلشارة ،واالسم المعرف بــ(ال) ،اسم اإلشارة يقع نع ًتا ،تقول :جاء هذا المجتهد،
وقع منعو ًتا ،ويقع نعتًا كقول :جاء محمدٌ هذا ،وكذلك المعرف بــ(ال) يقع
منعو ًتا ،تقول :جاء الطالب المجتهد ،وقع نعتًا ومنعو ًتا.
ال سُ الَالث :ما ُينعت وال ُينعت به ،ما ُينعت يقع منعو ًتا ،وال ُينعت به ال يقع
نعتًا ،وهو العلم كمحمد ،تقول :جاء محمدٌ الطويل ،فوقع منعو ًتا ،لكن ال يقع
مثال :جاء أخي محمدٌ ،محمدٌ :بدل أو عطف بيان ،ال يكون نعتًا،
نعتًا ،فإذا قلت ً
علما فليست
طيب ،جاء عبد اهلل بن عمر؟ كما قلنا قبل قليل :ابن عمر إن جعلتها ً
نعت.
علما فهي ٌ
نعتًا ،بدل أو عطف بيان ،وإن لم تجعلها ً
ال سُ الرابع :ما ُينعت به وال ُينعت ،ما ُينعت به أي يقع نعتًا ،وال ُينعت أي ال
يقع منعو ًتا ،وهو ماذا؟!
الب :األسماء المشتق.
ال ،المشتقة تقع نعتًا ومنعو ًتا ،والمصدر يقع نعتًا ومنعو ًتا ،وإنما الجملة،
رجل يركض ،لكن ال تقع منعو ًتا.الجملة تقع نعتًا ،كما عرفنا قبل قليل :جاء ٌ
واهلل أعلُ ،وصلى اهلل وسلُ على نبينا محمد ،وعلى آله وأصحابه أجمعين.
شرح ألفية ابن مالك e f
g
204h
الحمد هلل رب العالمين ،والصالة والسالم على نبينا محمد ،وعلى آله
وأصحابه أجمعين ،أما بعد-:
فسالم اهلل عليكم ورحمته وبركاته يف هذه الليلة؛ ليلة اإلثنين (الثامن
ٍ
وأربعمائة وألف) من هجرة ٍ
ثالث وثالثين والعشرين شهر ربي ٍع األول من سنة
المصطفى ،ونحن يف جامع الراجحي بحي الجزيرة بمدينة الرياض؛ لنعقد-
بحمد اهلل وتوفيقه -الدرس (الثالث والثمانين) من دروس شرح ألفية ابن مالك-
عليه رحمة اهلل.-
وما زال الكالم موصو ًال على باب النعت ،فابن مالك عقد باب النعت
يف األلفية يف أربعة عشر بيتًا ،وقد شرحنا منها ثمانية أبيات فيما سبق ،وبقي منها
على ذلك ستة أبيات ،نشرحها-إن شاء اهلل تعالى -يف هذه الليلة بعون اهلل ومشيئته.
نبدـ الدرس كالمعتاد بقراءة األبيات التي سنشرحها-إن شاء اهلل ،-قال ابن
مالك يف باب النعت: ٍ
ْ
لللللللف َف َعا ا َفلللللللل َفر ْقلللللللل ده اَ إا َةا ائ َع َلل ام َع َلل ْ
للللف احلللللد إا َةا ْللللت َغيلللللرا و ا
َ َو َن ْعل د ْ
لللللللع با َ ْيلللللللر ْاسلللللللعا َْنَا
َو َع َملللللللق َأ ْ با ْ للللت َم ْع دملللل َل ْي َو اح ْيللللدَ ْ َم ْعنَللللى
َو َن ْع َ
هن دأ ْ با َع ا ا م ْف َع ا
لللللللللت
ْ لللللللللرا للللللللللَ ْ را َّ
َ د لللللر َْ َو َقلللللدْ َ َل ْ
لللللت َوإا َّْ دن دعللللل َِ َ دَ َ
e f شرح ألفية ابن مالك
205h
g
بالجر ،فيكون معنى البيت :واقطع أو اتبع إن يكن المنعوت معينًا بدوهنا ،يعني
المنعوت ،انتهى ،ثم قال :أو بعضها اقطع معلنًا؛ يعني إذا كان المنعوت متعينًا
ببعضها ،فقوله :أو بعضها بالجر عط ًفا على بدوهنا المجرورة ،يعني إذا كان
المنعوت متعينًا بدون النعوت ،أو متعينًا ببعضها فلك اإلتباع والقطع.
لك اإلتباع والقطع يف غير النعت الذي عين المنعوت ،وأما برواية النصب أو
بعضها ،فهذا شرحناه قبل قليل؛ يكون معنى البيت :يعني واقطع أو اتبع النعت إذا
يكن المنعوت معينًا بدوهنا ،أو اقطع بعضها واتبع بعضها ،والمعنيان متقاربان،
e f شرح ألفية ابن مالك
215h
g
لكنهما ليسا متفقين ،وكالمهما صحيح ،كال المعنيين على الرواية األولى وعلى
الرواية الثانية كالهما صحيح.
سؤال :وهل يجوز يف المثال السابق :جاء زيدٌ الطويل الكريم الشجاع على
ٌ
طويل ٍ
لمخاطب يعرف أكثر من زيد ليس منهم المعنى السابق ،أي أنك تقول ذلك
إال واحد ،هل لك أن تقول له :جاء زيدٌ الكريم الشجاع الطويل؟ فتؤخر الطويل
مع أن الطويل هو النعت الذي ع َّين المنعوت ،السؤال واضح أو ُأعيده؟
الب :واضح.
طيب ،الجواب؟
الب :يصح.
جواب آخر؟
ٌ طيب،
الب :ال يصح.
ال يصح ،وليس هناك تعليل!
الب)00:40:602@( :
هو ال يتضح إال بالطويل؛ ألنه ال يتضح إال به ،نعم ،يقول :إن أتبعت الجميع،
أتبعت كل النعوت جاز لك أن تقدم وأن تؤخر ما تشاء من النعوت ،تقول :جاء
زيدٌ الطويل الكريم الشجاع ،أو جاء زيدٌ الكريم الشجاع الطويل ،إذا أتبعت فال
إشكال يف التقديم والتأخير ،ال إشكال يف ذلك.
ٍ
فحينئذ يجب أن وأما إذا قطعت وأتبعت ،يعني قطعت بعضها وأتبعت بعضها،
تقدم الطويل وتتبعه ،وتقطع ما بعده.
الب)00:41:06@( :
شرح ألفية ابن مالك e f
g
216h
سنعود إلى كالمك لكي ال ُيفصل بين النعت المتبوع ونعته بأجنبي.
الب :ثم يعود على المعنى؟
هذا السؤال الذي سيأيت اآلن ،طيب ،قولنا قبل قليل :إذا أتبعت الجميع فلك
ٍ
حينئذ أن تقدم منها ما تشاء ،نعم ،هذا كال ٌم صحيح ،لكن السؤال :هل الجواز هنا
على إطالقه؟
وأيضا سنجيب عنه يف كل مناسبة،
كثيراً ،
الَ اب عن ةلك :أجبنا على ذلك ً
نحوي ،يعني من حيث الصناعة النحوية يجوز
ٌ جواز
ٌ نحوي،
ٌ فنقول :إن الجواز هنا
أن تقدم هذا النعت أو هذا النعت ،يعني يجوز لك يف هذا األسلوب أن تقدم ما
شئت إذا أتبعتها جمي ًعا.
أما بخصوص كل ٍ
مثال على حدة ،فالمتحكم يف االختيار من الجائزات هو
مراعاة المقام؛ ألن البالغة كما تعرفون :مطابقة الكالم لمقتضى الحال ،يعني إذا
كان المراد سرعة تعيين المنعوت ،المتكلم يقصد من كالمه هذا سرعة تعيين
ٍ
فحينئذ يقول ماذا؟ مثال،
المنعوت؛ ألن الحال يقتضي ذلك ً
مثال التشويق،
يقول :جاء زيدٌ الطويل الكريم الشجاع ،طيب ،وإذا كان المراد ً
أو شد األعصاب كما يقولون ،كما يف المسابقات ،ال يريد أن يبينه منذ البداية،
ٍ
حينئذ أن يقول :جاء زيدٌ الكريم ،فال ُيعرف ،يعني يف أكثر من زيد كريم، فالبالغة
الشجاع فال يعرف ،الطويل فيعرف.
إةا فن ل وقلنا وسن ل :إن هذه الجوازات المذكورة يف كتب النحو هي
تجويزات نحوية ،يعني جائز ٌة يف هذا األسلوب ،أما يف كل ٍ
مثال على حدة ،فالنظر ٌ
يف االختيار من هذه الجائزات هو البالغة ،وهذا الذي يتفاضل فيه المتكلمون،
ال ُبلغاء ُيراعون هذه المعاين ،ويقصدون إليها ،ويتفاضلون فيها ،وغير البليغ هو
e f شرح ألفية ابن مالك
217h
g
الذي يخبط يف كالمه خبط عشوائي.
طيب ،مسأل ٌة أخرى :ما معنى قول ابن مالك( :لن يظهرا) يف قوله:
ا لت م ْا ا ا
دم ْبعَللللللدَ أ َأو نَاصلللللل َب َل ْ
للللللن َ ْظ َ َ
للللللرا للم َرا َو ْار َفل ْلع َأ او انْص ْ
للب إا َّْ َق َط ْعل َ د
ابن مالك يعني أنه يجب حذف المبتدأ ،وحذف الفعل أعني قبل النعت
المقطوع ،إذا قطعت إلى الرفع تقدر هو ،هذا هو المبتدأ المقدر الذي يجب حذفه،
يعني ال يجوز التصريح به ،وكذلك إذا قطعت إلى النصب بتقدير أعني كذا،
فالفعل أعنى يجب أن ُيحذف ،هذا معنى قوله( :لن يظهرا).
صحيح إةا اَّ النعت لمَرد المدو ،ما يف البسملة ،و لك :مررت
ِ وهَا
ٍ
بعمرو ٍ
بزيد الكريم ،أو لمجرد الذم ،كما يف االستعاذة ،وكما يف قولك :مررت
الخبيث ،أو لمجرد الرتحم ،كقولك :مررت ٍ
بزيد المسكين ،إذا كان المراد يعني
مجرد هذه المعاين المقصودة.
أما إذا كان المراد مجرد اإليضاح أو مجرد التخصيص ،مجرد اإليضاح يف
المعارف ومجرد التخصيص يف النكرات ،كما سبق بيانه يف فائدة النعت يف أول
الباب ،يعني أنت ماذا تريد من النعت؟ تريد من النعت أن تبين المنعوت ،ال تريد
فقط أن المنعوت واضح وب َّين ثم تريد أن تمدحه ،ال ،تريد أن تبينه هبذا النعت.
فإذا كان النعت لمجرد التوضيح ،لمجرد اإليضاح أو مجرد التخصيص،
فيجوز لك أن تظهر هو وأعني ،ويجوز أن تحذف هو وأعني ،كأن تقول :مررت
ٍ
بزيد النجار ،ماذا أردت بقولك :النجار؟ لم ترد أن تذمه ،ولم ترد أن تمدحه ،أنت
أردت أن تبينه ،أن توضحه ،عندما تقول :مررت ٍ
بزيد ،نعرف أكثر من زيد ،موجود
أكثر من زيد ،وأردت أن تبين من زيد هذا ،مررت ٍ
بزيد النجار ،لماذا قلت النجار؟
لماذا نعته بالنجار؟
شرح ألفية ابن مالك e f
g
218h
لكي توضحه ،إ ًذا ما الغرض هنا؟ ليس الذم وال المدح ،هو التوضيح ،مجرد
مثال فيما يسمونه بالمعايير
التوضيح؛ فلهذا العامة-ال أدري قلنا ذلك أو ال -اآلن ً
قديما ،بعض األلقاب يعني الناس تركوها اآلن ،لكن ما زال بعضها عال ًقا يف
ً
الذهن ،فقد يعرف اإلنسان بإنسان آخر ،فالن بن فالن بن فالن ،فنا يعرفوه!
فيقول :وال أذمه األعور ،وال أذمه الكذا القصير ،يعني أنا أقول القصير ال من باب
الذم ،ال لمجرد الذم ،ليس المراد بالنعت الذم ،وإنما المراد بكالمي هنا التوضيح.
إ ًذا فالنعت يختلف الغرض منه ،تختلف الفائدة منه ،قد يكون للذم والمدح،
وقد يكون لمجرد التوضيح ،فتقول :إذا كان النعت لمجرد اإليضاح ،أو لمجرد
التخصيص ،فيجوز أن تظهر هو وأعني ،ويجوز أن تحذف هو وأعني ،كأن تقول:
بزيد الكاتب ،مررت ٍ
بزيد الكاتب ،مررت ٍ
ِ بزيد الكاتب ،تقول :مررت ٍ
بزيد مررت ٍ
ُ
بزيد هو الكاتب ،مررت ٍ
بزيد أعني الكاتب ،كل ذلك جائز. الكاتب ،مررت ٍ
َ
ومن التصريح هبو قول ابن مالك يف أول ألفيته:
ابن َمالا اك
َق َال دم َح َّمد ده َ د
مالك ،صارت كلمة ابن نعتًا لمحمد ،طيب ،لماذا ِ احذف هو؟ قال محمدٌ ابن
نعت نفسه بأنه ابن مالك؟ ال لكي يمدح وال يذم ،وإنما ليوضح نفسه؛ فلهذا يجوز
أن ُيتبع :قال محمد ابن مالك ،ويجوز أن يقطع :قال محمدٌ ابن مالك ،ويجوز أن
يظهر هو :قال محمدٌ هو ابن مالك ،ويجوز أن يظهر أعني :قال محمدٌ أعني ابن
ِ
مالك.
طيب ،مسألةٌ :كل األمثلة السابقة للمعرفة ،والمنعوت النكرة مثل ذلك يف
األحكام ،إال األمثلة التي ذكرناها من قبل كان المنعوت فيها معرفة ،جاء زيدٌ
قلما
كريم ،اشرتيت ً
ٌ الكريم ،جاء زيدٌ النجار ،وإذا كان المنعوت نكرة :جاء ٌ
رجل
e f شرح ألفية ابن مالك
219h
g
جديدً ا ،هل أحكام النعت هنا كأحكام النعت مع المعرفة؟ نعت النكرة كنعت
المعرفة يف اإلتباع والقطع؟
دائما ،النكرة إذا
الَ اب :نعم ،إال أنه يجب يف نعت النكرة إتباع النعت األول ً
بنعت واحد فليس لك فيه إال اإلتباع ،وإن نعتها بأكثر من ٍ
نعت ٍ نعتها ،فإن نعتها
فيجب يف النعت األول اإلتباع ،ولك فيما سوى ذلك أحكام نعت المعرفة ،إن كان
المنعوت يحتاج إليه يف التعيين ،فليس فيه إال اإلتباع ،وإال جاز فيه اإلتباع والقطع.
لماذا يجب يف النعت األول بعد النكرة اإلتباع؟ ألن النكرة ال تتضح ،النكرة ال
يمكن أن تصل إلى حد اإلتضاح أبدً ا ،وإنما النكرة تتخصص ،وال تتخصص إال
نعت معها لكي يخصصها ،كقولك :جاءين ٌ
رجل بنعت على األقل ،فال بدَّ من ٍ
ٍ
¹
شرح ألفية ابن مالك e f
g
228h
الحمد هلل رب العالمين ،والصالة والسالم على نبينا محمد ،وعلى آله
وأصحابه أجمعين ،أما بعد-:
فسالم اهلل عليكم ورحمته وبركاته ،وح َّياكم اهلل وب َّياكم يف هذه الليلة الطيبة؛
ٍ
وأربعمائة ٍ
ثالث وثالثين ليلة اإلثنين (الخامس من شهر ربي ٍع اآلخر من سنة
وألف) يف جامع الراجحي يف حي الجزيرة يف مدينة الرياض؛ لنعقد-بحمد اهلل
وتوفيقه -الدرس (الرابع والثمانين) من دروس شرح ألفية ابن مالك-عليه رحمة
اهلل.-
وكنا قد تكلمنا يف الدرس الماضي على باب النعت ،وكدنا أن ننتهي منه إال أنه
بقي فيه ُصباب ٌة قليلة ،وبقي ٌة باقية نذكرها يف أول هذا الدرس قبل أن نبدأ بالباب
التالي؛ وهو باب التوكيد.
بقي فيه مسأل ٌة واحدة ،وهي أن النعت قد يكون للمضاف ،وقد يكون
ٍ
ومضاف ٍ
مضاف ٌ
مكون من مركب إضايفٌ للمضاف إليه ،لو جاءت كلمة ،أو لو جاء
ٌ
إليه ،ثم جئت بالنعت ،فيجوز أن يكون هذا النعت للمضاف أو للمضاف إليه،
ويجوز أن يكون ألحدهما ،والذي يحكم كل ذلك هو المعنى.
نعت للمضاف أم للمضاف
فإةا قلنا مَال :جاء عبد اهلل المسكين ،فالمسكين ٌ
e f شرح ألفية ابن مالك
229h
g
إليه؟ للمضاف ،وعلى ذلك نرفع فنقول :جاء عبد اهلل المسكي ُن ،ولو قلنا :هذا
مسجد القرية الجميل ،لكان الجميل نعتًا للمضاف ،للمسجد ،فنقول :هذا مسجد
القرية الجميل ،ومن ذلك قوله( :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ)
[مر ُ ،]52:األيمن :نعت ،فهل هو للمضاف جانب أم للمضاف إليه الطور؟
نعت للجانب ،وليس للطور الجبل،
الَ اب :هو للمضاف؛ ألن األيمن ٌ
وعلى ذلك جاءت اآلية( :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ) ،ومن ذلك
قوله( :ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ)
نعت
نعت لرب أم لهذه البلدة؟ الجوابٌ :
[النمق ،]91:الذي :نعت ،فهل هو ٌ
للمضافَ ،ر َّب ،طب ًعا لتوافقهما يف التذكير الذي ،ولو كان نعتًا للبلدة لكان ُيقال:
إنما ُأمرت أن أعبد رب هذه القرية التي حرمها.
ف َه أم ر عحُُ في ا المعنى ،ول قلنا مَال :جاء عبد اهلل الخالق ،لكان
الخالق صف ًة للمضاف العبد أو للمضاف إليه اهلل؟ هلل ،وعلى ذلك نقول :جاء عبد
ِ
الخالق ،ولو قلنا :هذا مسجد القرية الجميلة ،لكانت الجميلة نعتًا للقرية ،ومن اهلل
ذلك قوله-تعالى( :-ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ) [فصلت ،]17:الهون ٌ
نعت
للصاعقة المضاف أم للعذاب المضاف إليه؟ الجواب :للمضاف إليه؛ للتوافق يف
التذكير ،فجاءت اآلية( :ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ).
ل :هذه ما من حيث اللفظ ،ومن ةلك أَّ و َ ه أَّ ُ َّ النعت
نعت للقرية المضاف إليه أم للمدرسة المضاف؟
مدرسة القرية الجميلة ،الجميلة ٌ
من حيث المعنى يجوز األمران ،إ ًذا ال حاكم هنا إال معرفة المعنى ،قد تقول :هذه
مدرسة القرية الجميلةُ ،فتجعلها نعتًا للمدرسة ،أو تقول :هذه مدرسة القرية
ِ
الجميلة ،فتجعلها وص ًفا ونعتًا للمضاف إليه.
شرح ألفية ابن مالك e f
g
230h
ونحو ذلك قوله( :ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ)
[البروج ،]15-14:هو الغفور :مبتدأ وخرب ،الودود :خربٌ ٍ
ثان ،ذو العرش :خربٌ
ثالث لهو ،ثم قال :المجيد ،المجيد هل هو خربٌ رابع لهو يعني هو المجيد؟ أم
نعت للعرش؟ من حيث المعنى الوجهان جائزان ،فإن جعلته خربًا راب ًعا لهو،
ٌ
قلت :المجيدُ ،هو الغفور الودود ذو العرش المجيدُ ،أي :هو المجيدُ ،وإن جعلت
ِ
مجيد ِ
المجيد ،والمجيد بالرفع وال ِ
العرش المجيد نعتًا للعرش ،كنت تقول :ذو
بالجر ،قراءتان سبعيتان يف اآلية ،وهذا توجيههما.
¹
e f شرح ألفية ابن مالك
251h
g
الحمد هلل رب العالمين ،والصالة والسالم على نبينا محمد ،وعلى آله
وأصحابه أجمعين ،أما بعد-:
فسالم اهلل عليكم ورحمته وبركاته ،وح َّياكم اهلل وب َّياكم يف هذه الليلة الطيبة؛
ٍ
عمائة ٍ
ثالث وثالثين وأرب ليلة اإلثنين (الخامس من شهر ربي ٍع اآلخر من سنة
وألف) يف جامع الراجحي يف حي الجزيرة يف مدينة الرياض؛ لنعقد-بحمد اهلل
وتوفيقه -الدرس (الرابع والثمانين) من دروس شرح ألفية ابن مالك-عليه رحمة
اهلل.-
وكنا قد تكلمنا يف الدرس الماضي على باب النعت ،وكدنا أن ننتهي منه إال أنه
بقي فيه ُصباب ٌة قليلة ،وبقي ٌة باقية نذكرها يف أول هذا الدرس قبل أن نبدأ بالباب
التالي؛ وهو باب التوكيد.
بقي فيه مسأل ٌة واحدة ،وهي أن النعت قد يكون للمضاف ،وقد يكون
ٍ
ومضاف ٍ
مضاف ٌ
مكون من مركب إضايفٌ للمضاف إليه ،لو جاءت كلمة ،أو لو جاء
ٌ
إليه ،ثم جئت بالنعت ،فيجوز أن يكون هذا النعت للمضاف أو للمضاف إليه،
ويجوز أن يكون ألحدهما ،والذي يحكم كل ذلك هو المعنى.
نعت للمضاف أم للمضاف
فإةا قلنا مَال :جاء عبد اهلل المسكين ،فالمسكين ٌ
شرح ألفية ابن مالك e f
g
252h
إليه؟ للمضاف ،وعلى ذلك نرفع فنقول :جاء عبد اهلل المسكي ُن ،ولو قلنا :هذا
مسجد القرية الجميل ،لكان الجميل نعتًا للمضاف ،للمسجد ،فنقول :هذا مسجد
القرية الجميل ،ومن ذلك قوله( :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ)
[مر ُ ،]52:األيمن :نعت ،فهل هو للمضاف جانب أم للمضاف إليه الطور؟
نعت للجانب ،وليس للطور الجبل،
الَ اب :هو للمضاف؛ ألن األيمن ٌ
وعلى ذلك جاءت اآلية( :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ) ،ومن ذلك
قوله( :ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ)
نعت
نعت لرب أم لهذه البلدة؟ الجوابٌ :
[النمق ،]91:التي :نعت ،فهل هو ٌ
للمضافَ ،ر َّب ،طب ًعا لتوافقهما يف التذكير الذي ،ولو كان نعتًا للبلدة لكان ُيقال:
إنما ُأمرت أن أعبد رب هذه القرية التي حرمها.
ف َه أم ر عحُُ في ا المعنى ،ول قلنا مَال :جاء عبد اهلل الخالق ،لكان
الخالق صف ًة للمضاف العبد أو للمضاف إليه اهلل؟ هلل ،وعلى ذلك نقول :جاء عبد
ِ
الخالق ،ولو قلنا :هذا مسجد القرية الجميلة ،لكانت الجميلة نعتًا للقرية ،ومن اهلل
ذلك قوله-تعالى( :-ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ) [فصلت ،]17:الهون ٌ
نعت
للصاعقة المضاف أم للعذاب المضاف إليه؟ الجواب :للمضاف إليه؛ للتوافق يف
التذكير ،فجاءت اآلية( :ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ).
ل :هذه ما من حيث اللفظ ،ومن ةلك أَّ و َ ه أَّ ُ َّ النعت
نعت للقرية المضاف إليه أم للمدرسة المضاف؟
مدرسة القرية الجميلة ،الجميلة ٌ
من حيث المعنى يجوز األمران ،إ ًذا ال حاكم هنا إال معرفة المعنى ،قد تقول :هذه
مدرسة القرية الجميلةُ ،فتجعلها نعتًا للمدرسة ،أو تقول :هذه مدرسة القرية
ِ
الجميلة ،فتجعلها وص ًفا ونعتًا للمضاف إليه.
e f شرح ألفية ابن مالك
253h
g
¹
شرح ألفية ابن مالك e f
g
274h
بسُ اهلل الرحمن الرحيُ ،الحمد هلل رب العالمين ،والصالة والسالم على نبينا
محمد ،وعلى آله وأصحابه أجمعين.
َّأما بعد...
فسالم اهلل عليكم ورحمته وبركاته ،وحياكم اهلل وبياكم يف هذه الليلة ليلة
ٍ
وأربعمائة وألف، ٍ
ثالث وثالثين اإلثنين الثاين عشر من شهر ربي ٍع اآلخر من سنة
ونحن يف جامع الراجحي يف حي الجزيرة يف مدينة الرياض نعقد بحمد اهلل وتوفيقه
الدرس الخامس والثمانين من دروس شرح [ألفية] ابن مالك-عليه رحمة اهلل،-
ً
موصوال-يا إخوان -على باب الع يد. وال زال الكالم
أن ابن مالك يف ألفيته عقده يف أربعة عشر بيتًا، باب التوكيد ذكرنا ّ
ٍ
أبيات نشرحها شرحنا يف الدرس الماضي ثمانية أبيات ،فيبقى من هذه األبيات ستة
ْ
إن شاء اهلل تعالى يف هذا الدرس ،ونبدأ الدرس كالمعتاد بقراءة األبيات التي
سنشرحها ْ
إن شاء اهلل.
قال ابن مالك يف آمر باب الع يد:
الم ْن َف اصللللق المع اَّصلللللللللق باللللال َّن ْف ا
س َوال َعلللل ْي ان َف َب ْعللللدَ د
ا
الالللللللللم ْي َر د
ا
لللللللللد َّ َوإا َّْ دؤ
ا
الر ْفللللللل اع َو َأ َّلللللللدد َوا با َملللللللا سللللللل َ داه َما َوال َ ْيلللللللدد َلل ْ
للللللن د ل َع ََملللللللا لللللللت َةا َّ
د َعنَ ْي
للللر َرا َ َ لال َ
للللك ا ْد در اجلللللي ا ْد در اجلللللي لللللد َل ْفظاللللللي َ ا
َللللللي دم َُل َّ
ومللللللا امللللللن ال َّع ايل ا
ْ َ ََ
e f شرح ألفية ابن مالك
275h
g
ا للللَ بال ا ا ا ا ا َواَ ادعلللللللدْ َل ْف
لللله دوصلللللق للللع ال َّل ْفلللللظ ا َّلل ْلللللللظ َ لللللللم ْير دمعَّصلللللللق إااَّ َمل َ
َ
ا
اب َ للللللللنَ َع ُْ َو َ َب َلللللللللى لللللر َملللللا ََح َّصلللللالَ بالللللللله َجلللللللل َ ِ
وف َغ ْي َ لللللر دالح د َلللللَا دَ
لللللق َ ل ا
لللللم ْير ا ََّصللللللق للللد ا ْن َفصللللق َأ للللللدْ بال ا
للللله د ل َّ للللَ َق ا وم ْاللللمر الر ْفلللل اع ا َّل ا
َ َ َ َّ َد
أما البيتان األوالن من هذه األبيات فهي تابع ٌة للتوكيد المعنوي ،الذي بدأنا
بشرحه يف ا لدرس الماضي فنكمل الكالم على التوكيد المعنوي بشرح هذين
البيتين ،قال فيهما:
المنْ َف اصلللللق المع اَّصللللللللق بالللللالنَّ ْف ا
س َوال َعللللل ْي ان َف َب ْعلللللدَ د
ا
الاللللللللم ْي َر د
ا
للللللللد َّ َوإا َّْ دؤ
لللللللن د ل َع ََملللللللا
ْ الر ْفللللللل اع َو َأ َّ لللللللدد َوا با َملللللللا اسللللللل َ داه َما َوال َ ْيلللللللدد َل
للللللت َةا َّ
َعنَ ْيل د
ذكَر يف هذين البيتين توكيد الضمير توكيدً ا معنو ًيا ،كيف يؤكد الضمير
توكيدً ا معنو ًيا؟ فذكر ّ
أن ضمير الرفع المتصل إذا أكدته بالنفس أو بالعين فال ُبدَّ من
فاص ٍل بينهما ،أي ال ُبدَّ من فاصل بين ضمير الرفع المتصل وبين التوكيد المعنوي
ٍ
لفظي ٍ
بتوكيد أي لفظ النفس والعين ،وعندما نقول :فاصل نعني أي فاصل :إما
ٍ
بضمير منفصل أو غيره ،نحو :ةهبت أنت نفسك ،فَهبت المراد اآلن ْ
أن نؤكد
الضمير المتصل وهو تاء الفاعل اء المخا ب ،فال تقل :ذهبت نفسك ،بل ال ُبدَّ
من فاصل بين الضمير ضمير الرفع المتصل وبين لفظ النفس والعين.
ٌَّ فصق بامير منفصق ،فع ل :ةهبت أنت نفسك ،وسنعرف عند الكالم ْ
أن قولك أنت يف هذا المثال من التوكيد اللفظي ،فإذا قلت: على التوكيد اللفظي ّ
حينئذ ُأ ِكد توكيدً ا لفظ ًيا بأنت ،وتوكيدً ا معنو ًيا بالنفس،
ٍ ةهبت أنت نفسك ،فالتاء
وتقول :ةهب ا هُ أنفس ُ ،وال ُيقال :ذهبوا أنفسهم ،وتقول :ةهب ه نفسه،
واةهب ا أنعُ أعينُُ ،واةهب أنت عينك.
ومن ةلكْ :
أن تقول :ةهب ا الي م أنفس ُ ،فٌنفس ُ توكيدٌ لواو الجماعة وهو
شرح ألفية ابن مالك e f
g
276h
ضمير رف ٍع متصل ،وحدث الفاصل بظرف الزمان ،أو تقول :ةهبت إلي ُ نفسك،
فنفسك توكيدٌ لتاء الفاعل ،وقد فصل بينهم بشبه الجملة الجار والمجرور ،أو
تقول :اةهب مسرعا أنت ،ففصلت بالحال ،وتقول :اةهب ا جميعا أنفسُُ،
ففصلت بالحال.
وهَا ه ق ل ابن مالك:
المنْ َف اصلللللق المع اَّصلللللللللق بالللللالنَّ ْف ا
س َوال َعللللل ْي ان َف َب ْعلللللدَ د
ا
الالللللللللم ْي َر د
وإا َّْ دؤ ل ا
للللللللد َّ َ
الر ْفللل اع....................... للت َةا َّ
َعنَ ْيل د
يعني الضمير المتصل للرفع ضمير الرفع المتصل إذا أكدته بالنفس أو العين
فال ُبدَّ من فاصل ،وما سوى ذلك يجوز لك يف توكيده توكيدً ا معنو ًيا الفصل وعدم
متصال،
ً الفصل ،ماةا نر د ب لنا :س ةلك؟ يعني إذا كان المؤكد ضمير رف ٍع
وإذا كان التوكيد بالنفس أو العين.
متصال ،أو كان التوكيد بغير النفس والعين،
ً فإذا كان المؤكد ليس ضمير رف ٍع
فلك الفصل ولك عدم الفصلْ ،
كأن تقول :أ رمعك نفسك ،فالمؤكد هنا ضمير
نصب ،فلك ْ
أن تفصل :أ رمعك أنت نفسك ،أو ال تفصل أ رمعك نفسك جائز ،أو
متصال،
ً ضمير منفصل ،وليس ضمير رف ٍع
ٌ تقول :أنا نفسي س ي ،فالمؤكد أنا
ْ
وكأن تقول :أنت نفسك مائف وهكذا. فيجوز ْ
أن تفصل ويجوز أال تفصل،
وكذلك لو قلنا :ةهب ا ل ُ جميعا ،ةهب ا :ضمير رف ٍع متصل ،ل ُ :التوكيد
ليس بالنفس والعين ولكن بكل ،فيجوز ْ
أن تفصل ةهب ا هُ ل ُ ،أو ال تفصل
ةهب ا ل ُ ،بذلك نكون قد انتهينا من الكالم على التوكيد المعنوي تب ًعا لكالم
ابن مالك ،فنتبع ذلك ببعض المسائل المتعلقة بالتوكيد المعنوي ،ولعق ما
سعسٌل عنه ٌ ي يف مسٌلة من هَه المسائق:
e f شرح ألفية ابن مالك
277h
g
فن ل :مسٌلة :لم يرد التوكيد بلفظ العين والنفس يف القرآن الكريم قط ًعا،
محتمال يف آيتين ،آيتان يعني ُيحتمل
ً ٍ
بصورة قطعية ،ولكنه جاء يعني لم يرد يف ٍ
آية
ْ
أن تكون من التوكيد بالنفس ،و دحعمق أا ُ َّ من ةلك:
مسٌلةِ :وأما التوكيد بك ٍل فقد جاء يف عدة آيات ،كقوله تعالى( :ﮔ ﮕ
ﮖ ﮗ) [ه د( ،]123:ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ) [ س،]36:
(ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ) [الع بة ،]33:طب ًعا جاء بالرفع والنصب والجر.
مسٌلةِ :وأما التوكيد بٌجمع فقد جاء يف القرآن الكريم يف عدة آيات ،ذكرت يف
الدرس الماضي منها أربع آيات عندما تكلمنا على اشرتاط بعض النحويين ْ
أن
e f شرح ألفية ابن مالك
279h
g
يكون التوكيد بأجمع بعد التوكيد بكل ،كما ذكَر ابن مالكّ ،
وأن التوكيد بٌجمع من
دون التوكيد بُق قليل ،وقال بعض النح ينّ :
إن هذا ال ُيشرتط ،بل التوكيد
جائز كثير ،وذكرنا حينذاك عدة شواهد من القرآن وغيره.
بٌجمع وحدها ٌ
أيضا التي جاء فيها التوكيد بأجمع سوى-ما ذكرنا من قبل -قوله
ومن اآليات ً
تعالى( :ﯦ ﯧ ﯨ) [ سف ،]93:وقوله( :ﭖ
ﭗ ﭘ) [الحَر.]92:
مسٌلة :أما التوكيد بجمي ٍع التوكيد بَميع وبعامة فلم يردا يف القرآن ،وهما يف
كالم العرب قليل ،ومن ذلك قول الشاعر:
اَّ
وه ْمللللللللللللللللللللدَ ْ فاللللللللللللللدَ َ
اَ َحللللللللللللللي َملللللللللللللل ْ ا ََّْ َجملللللللللللللللللللليع ُ َ
فالتوكيد بجمي ٍع-كما قلنا من قبل -قليل ،وكذلك التوكيد بعامة وهما بمعنًى،
واستعماال ،فيجوز لك ْ
أن تقول :جاء ال م جميع ُ، ً أو نقول :وهما سوا ٌء معنًى
وجاء ال م عامع ُ على التوكيد ،ويجوز ْ
أن تقول :جاء ال م جميعا ،وجاء ال م
عامة على النصب بالحالية.
ٍ
معلومة ذكرناها يف الدرس الماضي يف التوكيد بعامة عندما وهنا نستدرك على
قال ابن مالك( :مَق النافلة) ،فذكرنا ّ
أن التوكيد بعامة ذكره عند النحويين قليل،
وممن ذكَر التوكيد بعامة يعني ممن ذكر ّ
أن كلمة عامة من ألفاظ التوكيد المعنوي
نص ّ
أن عامة من ألفاظ التوكيد المعنوي بمعنى جميع. سيبويه َّ
وعلى ةلك ُ َّ ق لنا :جاء ال م عامع ُ ،معناه :جاء ال م جميع ُ ،فهو
من ألفاظ التوكيد المعنوي وتبعه على ذلك ابن مالك ،وبعض النحويين واللغويين
كأبي العباس المربد يرى ّ
أن لفظة عامة ليست من ألفاظ التوكيد المعنوي ،ولكنها
بمعنى األكثر ،فإذا قلت :جاء ال م عامع ُ معناه :جاء ال م أ َرهُ ،وكذلك لو
شرح ألفية ابن مالك e f
g
280h
قلنا :جاء عامة ال م ،عند سيبويه وابن مالك جاء عامة ال م ،يعني جميعهم،
وعند المربد جاء عامة القوم ،أي أكثرهم.
فعلى قول المربد ّ
أن معنى عامة أكثر وليس جميع ،فما إعراب عامة يف ق لك:
بعض من كل ،يكون من بدل ٍ جاء ال م عامع ُ؟ يكون ً
بدال ال توكيدً ا ،بدل
البعض من الكل وال يكون من ألفاظ التوكيد.
مسٌلةِ :يف كل ما تقدَّ م كان لفظ التوكيد بعد المؤكد ،وهذه هي الجادة يف كالم
العرب تقول :جاء محمدِ نفسه ،وجاء ال م ل ُ وهكذا ،فهل يجوز ْ
أن تقدم لفظ
التوكيد على المؤكد ،فتقول :جاء نفس ه د تريد جاء ه دِ نفسه ،وجاء ق ال م،
وجاء جميع ال م وهكذا؟
فالَ اب :أما ألفاظ التوكيد المعنوي سوى النفس والعين ،يعني ألفاظ
التوكيد الدالة على اإلحاطة والشمول ق وجميع وعامة و ال و لعا ،فهذه ال
خالف يف جواز تأخرها وتقدمها ،فتقول :جاء ال م ل ُ وجاء ق ال م،
واألمثلة على ذلك والشواهد كثير ٌة جدًّ ا يف القرآن الكريم ويف الحديث ويف كالم
قديما وحدي ًثا ،فال حاجة لالستشهاد عليها ،وإنَّما الكالم على التوكيد
ً العرب
بالنفس والعين.
مؤخرا ،تقول:
ً ف دي ال يف ةلكّ :
إن التوكيد بالنفس والعين لم يرد عند العرب إال
وجوز بعض النحويين قيا ًسا تقديمهَّ جاء ه دِ نفسه ،ورأ ت محمدا عينه وهكذا،
على المؤكد ،كالفارسي أبي علي وغيره ،وهذا األسلوب استعمله كثيرون جدًّ ا
كسيبويه و َمن بعده ،كلهم يستعمل هذا األسلوب ،قلنا :وابن مالك نص على
جوازه يف كتبه.
فتقول :جاء محمدِ نفسه أو جاء نفس محمد تريد التوكيد وهكذا ،وبعض
e f شرح ألفية ابن مالك
281h
g
المجوزين لتقديم النفس والعين على المؤكد يحتجون على ذلك
بقوله( :ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ) [العُا ر ،]7:يقولون :المعنى ثم
لرتوهنا اليقين عينه ،ويف هذا االستدالل نظر واهلل أعلم.
فإَّ ا قرب والظاهر يف ا ةّ :
أن العين هنا ليست من ألفاظ التوكيد ،وليس ّ
المعنى ثم لرتون اليقين عينه ،وإنَّما المراد بالعين هنا الحقيقة ،كقولك :رأ ت
ح ي ة ا مر ،رأ ت أو ح الي ين ،رأ ت أبين الي ين ،فلهذا يقسمون اليقين إلى
مراتب ،أو يجعلون اليقين على مراتب.
الطالب.]26:20@[ :
ال يخ :يجعلون اليقين على مراتب منها :حق اليقين وعين اليقين ،معنى ذلك:
أهنا مراتب مختلفة وليس شي ًئا واحدً ا.
و َمن قالّ :
إن عين اليقين من ألفاظ التوكيد ،قال :عين اليقين بمعنى اليقين؛
ّ
ألن المعنى يختلف تقول :جاء محمد أو جاء محمدِ نفسه ،المعنى العام ال
يختلف وإنَّما فقط تؤكد ،و َمن قالّ :
إن المراد بالعين هنا الحقيقة ،فحقيقة الشيء
ليست الشيء نفسه ،يعني أوضح اليقين ليس اليقين ،بل هو بعض اليقين ،هل كل
واضحا تمام الوضوح أو بعضه أوضح من بعض؟ بعضه أوضح من بعد.
ً اليقين
إ ًذا أوضح اليقين ليس اليقين ،ولكنه بعض اليقين.
فإذا كان األمر هكذا فليس المعنى يف اآلية على التوكيد ،وعلى كل حال-كما
قياسا ،وإنَّما النظر فقط يف االستدالل هبذه
كثير من النحويين المسألة ً
قلنا -أجاز ٌ
اآلية ،واهلل أعلم.
الطالب.]27:51-27:50@[ :
ال يخ :إذا تقدَّ م لفظ التوكيد وقع اإلعراب عليه ،وصار مضا ًفا والمؤكد
شرح ألفية ابن مالك e f
g
282h
وفاعل وتوكيد ،لكن جاء ق ال مٌ ،
فعل ٌ مضاف إليه ،تقول :جاء ال م ل ُ ٌ
فعل ٌ
مضاف إليه ،والمعنى على التوكيد ،التوكيد هنا مأخوذ من
ٌ مضاف والقوم
ٌ ٌ
وفاعل
المعنى.
الطالب.]28:35-28:30@[ :
ال يخ :نعم ،المعنى على التوكيد جاء جميع ال م ،يعني أهنم كلهم جاءوا
فالمعنى على التوكيد ،يعني قولك :جاء جميع ال م ،ما الفرق بين جاء جميع
القوم وجاء القوم؟ المعنى العام واحد ،المعنى التفصيلي يختلف ،المعنى
التفصيلي جاء جميع ال م هنا نص على عدم تخلف أحدً ا منهم ،لكن جاء ال م،
نصا يف عدم تخلف أحدٌ منه ،قد يتخلف أحد
معناه العام أهنم جاءوا ،لكن ليس ً
مثال أكثرهم وال أهمهم ،أو الذي
[@ ]29:16أنت تقول :جاء ال م ،يعني جاء ً
جاء يكفي تحتمل هذه المعاين ،ولكن ظاهر الكالم يف جاء ال م أهنم جاءوا
جمي ًعا.
فإذا قلت :جاءوا جميعا ،جاءوا جميع ُ ،أو قلت :جاء جميع ال م فهذا
نص ،فالفرق يف المعنى التفصيلي ليس يف المعنى اإلجمالي ،فهو على معنى
ٍ
حينئذ كيف يكون؟ تعرب كإعراب الحروف الزائدة حرف التوكيد ،وإعراب الباء
ٍ
جر زائد ،وحرف الجر الزائد ال يغير اإلعراب والمعنى ،وإنَّما يغير اللفظ فقط.
فعلى ةلك :كيف نعرب أنفس ن يف اآلية على أنه توكيد( ،ﭹ ﭺ)
[الب رة ]228:كإعراب يرتبصن أنفسهن ،لكن عربصن أنفس ن ،أنفس ن :توكيدٌ
لنون النسوة مرفوع ،وأما (ﭹ ﭺ) ،فالباء :حرف ٍ
جر زائد ،وأنفس ن
مجرور لف ًظا.
ٌ محال
مرفوع ً
ٌ أنفس :توكيدٌ لنون النسوة يف محل رفع ،أو نقول:
للللله دو اصلللللق
للللَ با ا
ْ
لللللظ ا َّلل ا
للللللمير مع اَّصلللللللق إااَّ ملللللع ال َّل ْف ا
َ َ ْ د
للللللظ َ ل ا َواَ ادعلللللللدْ َل ْفل َ
ا
اب َللللللللنَ َع ُْ َو َ َب َلللللللللى للللر َملللللا ََح َّصلللللالَ بالللللللله َجلللللللل َ ِ
وف َغ ْيل َ للللر د الحل د َل َ
للللَا د
ا
للللللم ْير ا ََّصللللللق َّ
دللللللق َ لللد ا ْن َفصللللق َأ للللللدْ با ا
لللللله لللَ َقل اوم ْاللللمر الر ْفلللل اع ا َّلل ا
َ َ َ َّ َد
ابتدأ كالمه على التوكيد اللفظي بتعريفه والتمثيل له ،فقال:
دمُ ََّر َرا َ ا
َي َو َما ام َن ال َّع ا ْي اد َل ْفظاي
مكررا من اللفظ األول ،ف دي ال يف عر ف
ً إ ًذا فالتوكيد اللفظي هو ما يجيء
الع يد اللفظي :هو تكرير اللفظ السابق ،نحو :ةهب ةهب محمد ،وةهب محمدِ
محمدِ ،وةهب محمدِ ةهب محمدِ ،وةهبت ةهبت ،وم َّثل ابن مالك على ذلك
خطاب للمؤنث فنثبت
ٌ بقوله َ َ ( :لا َ
ك ا ْد در اجي ا ْد در اجي)( ،ا ْد در اجي ا ْد در اجي) هل هو
خطاب للمذكر فال نثبت ياء
ٌ ياء المخاطبة وأصله ادرجي ادرجي ،أم هو
المخاطبة ،وأصله :ادرج ادرج؟ الوجهان محتمالن ،ولكن الذي يف نسخ [األلفية]
ٍ
قليلة جدًّ ا جاءت بحذف الياء ،وهذا كأنه إثبات الياء (ا ْد در اجي ا ْد در اجي) ،إال يف ٍ
نسخ
اجتهاد من الكاتب.
بسُ اهلل الرحمن الرحيُ ،الحمد هلل رب العالمين ،والصالة والسالم على نبينا
محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين ،أما بعد:
المباركة ليلة اإلثنين التاسع عشر من شهر
فحياكم اهلل وبياكم يف هذه الليلة ُ
ٍ
وأربعمائة وألف ،لنعقد يف جامع الراجح بحي ربي ٍع اآلخر من سنة ثالث وثالثين
الجزيرة يف مدينة الرياض الدرس السادس والثمانين من دروس شرح ألفية ابن
مالك-عليه رحمة اهلل ،-وقد كان الكالم يف الدرس الماضي يا إخوان على باب
الع يد ،وانتهينا منه بحمد اهلل.
بقية فيه بقية نُذكر فيها فقط بإعراب التوكيد اللفظي؛ فالتوكيد اللفظي بجميع
مثال" :جاء دمحمدِ محمدِ " ف:
تابع للمؤكد فإذا قلت ً
أنواعه ٌ
جا َءٌ :
فعل ماض.
محمدِ ٌ :
فاعل ل (جاء).
لفظي مرفوع وعالمة رفعه الضمة.
ٌ محمدِ الَانية :نقول توكيدٌ
فلو قلت" :جاء جاء دمحمد" ف:
جاء ا ولى :فعل ماضي مبني على الفتح ال محل له من اإلعراب.
وفاعله :محمد.
e f شرح ألفية ابن مالك
295h
g
لفظي ل(جاء) األولى مبني على الفتح ال محل له من
ٌ وجاء الَانية :توكيدٌ
اإلعراب وليس له فاعل.
ٍ
ماض ،وإنما وجاء الَانية :ليس لها فاعل؛ ألنه لم يؤتى هبا هنا على أهنا ٌ
فعل
لفظي للفعل الماضي.
ٌ جيء هبا هنا على أهنا توكيدٌ
ولو قلت" :جا َء دمحمدِ ،جا َء محمدِ " ف:
ٍ
ماض. جا َءٌ :
فعل
ومحمدِ :فاعله ،ثم نقول:
لفظي ل"جاء محمدِ " األولى.
ٌ و"جاء محمدِ " الَانية :توكيدٌ
لفظي للمؤكد.
ٌ وهكذا ُيعرب التوكيد اللفظي ،توكيدٌ
التابع الثالث؛ ألننا مازلنا
ُ أما درس الليلة فهو (باب العطف) ،والعطف هو
نتكلم على التوابع ،وهي النعت والتوكيد وانتهينا منهما ،والعطف نتكلم عليه من
ُ
اآلن ،وأخير ًا البدل.
وقد تكلم ابن مالك على العطف يف بابين ،عقد للعطف بابين يف
األلفية ،الباب األول سماه (العطف) ،ويف بعض النُسخ القليلة اسم هذا الباب
(عطف البيان) ،وهو يف ستة أبيات يف البيت األول ذكر انقسام العطف إلى:
-عطف بياَّ.
-عطف نسق.
ويف األبيات الخمسة الباقية تكلم على( :عطف البيان).
العطف بحروف الجر ،ويف هذا الباب
ُ والباب الثاين سماه( :عطف النسق) أي
خمس ٌة وعشرون بيتًا؛ فمجموع األبيات يف البابين ،أي مجموع األبيات يف موضوع
شرح ألفية ابن مالك e f
g
296h
العطف على ذلك واحدٌ وثالثون بيتًا ،واآلن نشرع بحمد اهلل وتوفيقه يف شرح
الباب األول من بابي العطف ،ونقرأ ما قاله ابن مالك ،قال ابن مالك:
العطف
للللاَّ َمللللا َسلللل َب ْق
َللللر د ا ََّ َب َي د َوال َ لف إا َّمللا دةو َب َيللاَّ َأو ن ََسل ْلق
َ .534لل َع ْطل د
للللله دمنْ َُ ا للللل َف ْه
لللللد با ا
ح ا ي َ للللل دة ال َ ص ا
ْ َ ْ َ .535فل دلَو ال َب َيل ا
لاَّ َ للابا ِع ل ْب ده الص ل َف ْة
للت َولالللي للاق ا َ َّو ال النَّ ْع د
للن او َف ا ا
َمللا م ْ للللاق ا َ َّو ال
للللن او َفل ا ا ا
َ .536ف ٌَول َينْللللل ده مل ْ
لللللللللر َف ْي ان
َّ ا ََملللللللللا َ دُ ن
َلللللللللاَّ دم َع َّللللللر ْ ان ا
َللللللاَّ دمنَُ َ َ .537ف َ للللللدْ َ دُ ن
ا ا ا ا
فلللي َغ ْيلللرا ن َْحللل ا َ لللا غدلللالَ دم َ ْع دم َ
لللرا لللللر
َ .538و َصللللللال َح ل َبدَ ل َّيللللللة د ل َ
الم ْر ا لللللللي
َو َلللللللل ْي َس َأ َّْ د ْبلللللللدَ َل با َ َ .539ون َْحللل ا اب ْ لللر َلللا اب اع ال َبُْللل ار
فهذا الباب كما قرأنا وذكرنا من قبل سماه ابن مالك( :باب العطف) ويف بعض
النُسخ القليلة جاء اسمه :باب عطف البيان وهذا أنسب؛ ألن أغلب األبيات تكلم
فيها ابن ٍ
مالك على (عطف البيان) إال البيت األول الذي ذكر فيه أن العطف ينقسم
إلى عطف بيان وعطف نسق ،قال ابن مال ٍك:
للللاَّ َمللللا َسلللل َب ْق
َللللر د ا ََّ َب َي د
َوال َ لللف إا َّمللللا دةو َب َيللللاَّ َأو ن ََسل ْ
لللق َلل َع ْطل د
(ﭓ ﭔ ﭕ ﭖﭗ ﭘﭙ):
ةلك :مبتدأ.
e f شرح ألفية ابن مالك
301h
g
عطف ٍ
بيان منه ،ولم يأت لخرب ،أين الخرب؟ ُ والُعاب:
د
الخبر يف ق له( :ﭕ ﭖﭗ ﭘﭙ) [الب رةُ ،]2:جمل ٌة اسمية مبدوءة ب(ال) النافية
للجنس.
بخالف الوصف الم ِ
عرف ب(أل) إذا وقع بعد ِ
اسم إشارة ،كقولك" :أ رم ُ
المَع د" ،ف:
هَا د
عرف ب(أل) وقع بعد اسم إشارة فيكون إعراب ُه نعتًا،
المَع د :هذا وصف ُم ٌ
د
ُ
يدخل يف التعريف ،نقول إن النعت وعطف البيان يف حقيقتهما شي ٌء نعتًا وهذا
نعت بالجامد؛ فهذه من أشهر
وعطف البيان ٌ
ُ نعت بالوصف،
واحد ،إال أن النعت ٌ
مواضع عطف البيان ،ثم ذكر ابن مالك-عليه رحمة اهلل -شي ًئا من أحكام عطف
البيان ،فقال:
للت َولاللي للاق ا َ َّو ال النَّ ْع د للن او َف ا ا
َمللا م ْ لللللللاق ا َ َّو ال
ا ا ا
َف ٌَول َينْلللللللل ده مل ْ
لللللللن او َفل
لللللللللر َف ْي ان
َّ ا ََملللللللللا َ دُ ن
َلللللللللاَّ دم َع َّلللللللللر ْ ان
َ ا
َلللللللللاَّ دمنََُف َ لللللللللدْ َ دُ ن
نعت بالجامد،
نعت ولكنه ٌ
ألن عطف البيان كما سبق يف التعريف يف حقيقت ُه ٌ
َ
أخذ ُحكم النعت ،فيلز ُم يف عطف البيان أن يوافق متبوعه يف كل شيء ،كالنعت :أي
النعت الحقيقي؛ فيتبع ُه يف اإلعراب ،ويتبع ُه يف التعريف أو التنكير ،ويتبع ُه يف
ِ
التثنية أو الجمع. التذكير أو التأنيث ،ويتبع ُه يف اإلفراد أو
ِ وهذا هو قول ابن مالكَ « :ف ٌَولا َينْ ده ام ْن او َف ا
اق ا َ َّو ال» ،أوله هذا ُ
الحكم وهو
ت َولاي» ،يعني ما أوليت النعت من موافقة موافقة األولَ « ،ما ام ْن او َف ا
اق ا َ َّو ال ال َّن ْع د
الحكم سواء؛ هذا كُله
وعطف البيان يف هذا ُ
ُ األول :أي من موافقة المتبوع ،فالنعت
ال خالف فيه إال كون عطف البيان نكرة فهذه المسألة فيها خالف ،فلهذا نص
ابن مالك ،فقال:
عليها ُ
شرح ألفية ابن مالك e f
g
302h
لللللللللر َف ْي ان
َّ ا ََملللللللللا َ دُ ن
َلللللللللاَّ دم َع َّلللللللللر ْ ان
َ ا َف َ لللللللللدْ َ دُ ن
َلللللللللاَّ دمنَُ
فوقوع عطف البيان ومتبوعه ُمعرفين ال خالف فيه ،كما يكونان ُمعرفين وإنما
الخالف بين النحويين يف وقوع عطف البيان ومتبوعه نكرتين ،فذهب البصريون
ُ
إلى امتناع كون عطف البيان ومتبوعه نكرتين ،قالوا" :إن عطف البيان ال يكون إال
يف المعارف" ،وذهب الكوفيون وجماع ٌة من النحويين كالفارسي وابن جني،
والزمخشري ،وابن عصفور وابن مالك إلى جواز ذلك ،وهؤالء ال ُعلماء الذين
ذكرناهم من ُمحققي النحويين ،وقولهم هو الراجح.
واستدلوا على ذلك بعدة شواهد؛ قبل أن نذكر هذه الشواهد نستدل لصحة
قولهم بالقياس ،فالقياس ُ
يدل على صحة قولهم ،كيف كان ذلك؟ نعم ،ألننا قررنا
فقياسا
ً من قبل كما قرر النحويون أن عطف البيان كالنعت يف الحقيقة فأخذ ُحكمه،
أيضا يف ذلك ،وكما أن النعت يقع يف المعارف ويقع يف
ينبغي أن يأخذ ُحكمه ً
فقياس ذلك
ُ الب مَع دِ "،
ِ المَع دد ،وجاءين
الطالب د
د النكرات نقول" :جاءين
أيض ا يف عطف البيان؛ فالمعارف كما ذكرنا لذلك عدة أمثلة يف المواضع
أن يقع ً
وغيرها.
نعم.
الب.)00:30:29@( :
تخالف
ُ ٌ
أصول ُ
سؤالك ينبغي أن يكون هبذه الطريقة :هل للكوفيين ال يخ:
والجواب :نعم ،ألن النحو أول ما نشأ نشأ يف البصرة ،تعلمون
ُ أصول البصريين؟
أن العرب يف جاهليتهم كانوا يتكلمون بسليقتهم ،وعندما خرجوا من جزيرهتم
لنشر اإلسالم أول ما خرجوا خرجوا إلى العراق؛ فمنذ أن خرجوا من جزيرة
العرب أول ما خرجوا من جزيرة العرب توقفوا وبنوا مدينة؛ لتكون أقرب مدينة
إلى جزيرة العرب وتكون قاعدة لالنطالق بعد ذلك إلى ما هو أبعد عن جزيرة
العرب ،وهذه المدينة هي "البصرة".
المسلمين من جزيرة العرب وهي
فالبصرة :هي أول مدينة أنشأت بعد خروج ُ
المدن إلى جزيرة العرب؛ فلهذا البصرة يف ذلك الوقت كانت كُلها من قبائل
أقرب ُ
العرب الفصيحة المعروفة ،وقد خطوها أي جعلوها خط ًطا أقساما لكل ٍ
قبيلة منها ً
المسلمينُخطة أو جزء أو حي أو نحو ذلك ،ثم صارت قاعدة بعد ذلك النطالق ُ
لفتح ما ورائها.
وفيها نشأ االهتمام بالنحو بعد أن بدأ خروج اللحن والخطأ يف الكالم يف وقت
يعني بدأ االهتمام به من بداية عهد ُعمر◙ ،لكن كان اهتما ًما واضح يف عهد
e f شرح ألفية ابن مالك
305h
g
ٍ
طالب◙ هو ٍ
تابعي جليل من أصحاب علي بن أبي علي◙ ،على يد
أبو األسود الدؤلي ،ثم بعد ذلك انتقل إلى تالميذه وتالميذهم ثم الجيل التالي
وهم شيوخ سيبويه ،ثم الجيل الثالث سيبويه.
وبعد مائة سنة من خروج النحو يف البصرة ُأنشأت الكوفة بعد ذلك ،والكوفة
أبعد من البصرة عن جزيرة العرب ،وهي قريب ٌة جدًّ ا من بغداد اآلن ،ونشأ فيها
النحو بعد ذلك ،وكان أكثر أهل الكوفة من أهل الرأي؛ ولهذا أكثرهم على مذهب
أبي حنيفة يف ذلك الوقت ،وكان اهتمامهم بالرأي والقياس أكثر من اهتمامهم
بالرواية والسماع والحديث.
المحدثون تقوى عندهم رواية البصريين وتض ُعف عندهم روايات ولهذا ُ
الكوفيين؛ ألهنم يهتمون بالرأي أكثر من اهتمامهم بالسماع والرواية ،وأكثرهم
الجند يعني من الجنود ،أي ليس من طلبة العلم والعلماء وأهليهم.
كانوا من أهل ُ
والعلماء الذين كانوا يف الكوفة حينذاك كان أكثرهم من ُمعلمي األُمراء
ٍ
بعيدة عنها فانتقل والجند ونحو ذلك ،حتى ُأنشأت بعد ذلك بغداد ُ
غير ُ والرؤساء
هؤالء الجند تب ًعا لخليفتهم إلى بغداد؛ فض ُعف بعد ذلك شأن الكوفة إلى اليوم،
فاليوم ما تكاد تسمع عن الكوفة ،إنما هي قري ٌة صغيرة يف العراق اآلن؛ بخالف
البصرة التي مازالت ُم ُ
نذ أنشأت إلى اليوم من أعظم ُمدن العراق.
فبعد أن نشأ النحو يف الكوفة كان لهم بعض األصول التي خالفوا فيها
البصريين ،من أشهرها :األخذ عن أعراب العراق ،والبصريون ال يأخذون إال من
أعراب جزيرة العرب ،ومن أشهرها أهنا الكوفة يقيسون على القليل ،وأهل البصرة
ال يقيسون إال على الكثير؛ نعود إلى موضوعنا.
شرح ألفية ابن مالك e f
g
306h
قال ابن مالك:
ا ا ا ا
فلللي َغ ْيلللرا ن َْحللل ا َ لللا دغلللالَ دم َ ْع دم َ
لللرا للللللللر
َو َصلللللللللال َح ل َبدَ ل َّيلللللللللة د ل َ
الم ْر ا لللللليَو َللللللل ْي َس َأ َّْ د ْبللللللدَ َل با َ َون َْحلللللل ا با ْ للللللر َ للللللابا اع ال َب ُْللللللرا
ترتقب
ُ يفتخر أن أباه جرح هذا الفارس البطل بشر ابن عمر حتى جعل الطير ُ
موته ،فقال" :أنا ابن العارَ ال َب ُْرا با ْ ر":
أناُ :مبتدأ.
ابن :خرب.
ضاف إليه ،ثم أضاف التارك إلى البكري" ،العارَ البُر " ٌ ا
العارَُ :م ابن
د
العارَ المضاف إليه فيه (أل) " إضاف ٌة لفظية ب(أل) وهي إضاف ٌة جائزة ألن ُ
عطف
ُ بشر بالتارك؟ ا
العارَ البُر ب ر" ما عالق ُة ٍ البُرا " وإنما الكالم يف ٍ
بشر "
بدال؛ ألنه لو كان ً
بدال لكان على نية تكرار العامل وكان بيان ،وال يجوز أن يكون ً
ا
العارَ ب ر" ،وهذا ال يجوز. التقدير "أنا ابن العارَ البُر
الم ْر ا ي» ،إلى تجويز الفراء (أل) يف اإلضافة
وأشار بقولهَ « :و َل ْي َس َأ َّْ د ْبدَ َل با َ
المُر ام ه د" فتأيت ب(أل) مع
اللفظية إلى العلم؛ فالفراء يجيز أن نقول" :أنا د
بشر أن يكون ً
بدال ،وهذا المذهب اإلضافة اللفظية إلى العلم ،فعلى قوله يجوز يف ٍ
ليس مرض ًيا عند النحويين ،بعد ذلك نُنبه على أمرين:
فيجب
ُ بدال؛ يجب ُ
كون التابع يف مواضع عطف بيان ال ً ُ العنبيه ا ول :كما
أن يكون ً
بدال ال عطف بيان يف مواضع ،هناك مواضع يجب أن يكون التابع فيها
ً
بدال وال يجوز أن يكون عطف بيان منها:
e f شرح ألفية ابن مالك
315h
g
شيخ محمدُ أخربين بكذا وكذا" كما سبق قبل قليل ،فإذا ُقلت:
-ق لنا" :يا ُ
بدال على نية يا ُ
شيخ يا فمحمدُ ال يكون إال ً
يخ محمدد " فبنيت على الضم ُ
"ا د
عطف بيان وال يجوز أن يكون ً
بدال. ُ يخ محمدِ " فهو
ُمحمدُ ،ولو قلت " :ا د
وكذلك يف عطف البيان ،لو قلت" :جاء دمحمدِ " صفه بجامد؟ "جاء دمحمدِ
أمي" ،أخي ليس وص ًفا وإنما جامد أخوك جامد" ،جاء محمدِ أمي" ،أخي
الجملة ،بخالف البدل فالبدل كما ُقلنا على نية تكرار العامل،
عطف بيان من نفس ُ
ُ
فهو من ج ٍ
ملة ُ
أخرى. ُ
فإذا ُقلت" :جاء محمدِ أمي" وأردت أن أخي ً
بدال ،وأردت أن أخي بدل
فكأنك ُقلت الكالم على تقدير "جاء محمد جاء أمي" ،ثم حذفت جاء األخرى،
إ ًذا فهما يف الحقيقة جملتان ،فالبدل من جملة والمبدل منه من ج ٍ
ملة أخرى يف ُ ُ ُ ُ ُ
تقدير الكالم ونيته ،وطبق ذلك على ما شئت...
جوازا نحو ًيا أن يكون ُعمر
ً لو قلنا" :ر ي اهلل عن أبي حفن دعمر" هنا يجوز
وموضح ألبي حفص ،ويجوز أن يكون ً
بدال فهو على تكرار ٌ نعت
عطف بيان؛ فهو ٌ
َ
العامل كأنك ُقلت" :رضي اهلل عن أبي حفص ،رضي اهلل عن ُعمر" ،هذا الفرق
األول وذكرناه من قبل.
e f شرح ألفية ابن مالك
317h
g
حيث المعنى :فالبدل هو المقصو ُد د الفرق الَاين وه ا هُ نه من د o
ذكر توطئ ًة وتمهيدً ا فقط؛ إ ًذا
والمبدل منه ليس مقصو ًدا بالكالم وإنما ُي ُ
بالكالمُ ،
غير مقصود إ ًذا فبرتكيب
والمبدل وهو الذي قبله المتبوع ُ
فالبدل هو المقصودُ ،
البدل يف أسلوب البدل عندنا تابع بدل ومتبوعُ ،مبدل منه أ ُيهما المقصود األول أو
الثاين؟ الثاين البدل ،واألول ليس مقصو ًدا بالكالم يعني ليس هو المقصود األول
بالكالم وإنما ُيذكر فقط توطئ ًة وتمهيدً ا للكالم.
وأما ع د
طف البياَّ فبعُس ةلك فإن المقصود بالكالم هو المتبوع أي األول أي
عطف البيان فهو تكملة فقط تكملة
ُ المعطوف عليه ،وأما الثاين وهو التابع :أي
لتوضيحه وتبينه ،إ ًذا فاألول هو المقصود بالكالم ويأيت الثاين فقط لتكملته
وتوضيحه ووصفه بجامد ،وهذه أمثل ٌة تطبيقي ُة لذلك ،وهذا ُ
أهم ما يف الباب.
المَع دد محمدِ " ،النحويون يقولون :يجوز لك يف ُمحمد أن
لو قلنا" :جاء د
كثيرا ما
كررت عليكم ً
ُ يكون ً
بدال أو عطف بيان ،البد أن نفهم هذه المسألة ،وأنا
ُ
حيث المعنى ال ،المعنى جوازا نحو ًيا أما من
ً المراد بالجواز النحوي؛ يجوز
ُ
يختلف أنت ماذا ُتريد؟ ُتريد هذا فيجب أن ُتعرب هكذا ،أم ُتريد هذا المعنى
فيجب أن ُتعرب اإلعراب الثاين ،وال يجوز أن ُتعرب األول بحسب المعنى،
فالمعنى يعو ُد إلى البالغة شيء آخر.
المجتهدُ محمدٌ " طيب ماذا ُتريد أنت بقولك " :د
المَع دد دمحمدِ "؟ "فجاء ُ
هل كان المقصود أن تقول لي "جاء محمدٌ "؟ أنت أردت أن ُتخربين بأنه "جاء
محمد" هذا يكون هذا المقصود؟ أنت أردت أن ُتخربين بأن الذي جاء من؟
المَع دد محمد" ،فقط توطئة له ،أن
المجتهد يف "جاء د
ُمحمد ،فهو بدل وقولكُ :
أردت أن تنبه على أنه ُمجتهد ُتثني عليه كذا؛ فقد (@ )00:68:44إلى الكالم
لكن مقصودك أن ُتعلمني بأنه ُمحمد )00:68:52@(،باألمثلة شي ًئا يعني يكون
شرح ألفية ابن مالك e f
g
318h
مثال أوضح من الذي قبله.
مثال أو غيره، أم أردت أن ُتخربين أن الذي جاء هو ُ
المجتهد وليس الكسول ً
المجتهد ،ثم كأنك يعني أردت أن ُتخربين بـأن الذي جاء ُ
المجتهد ،انتبه جاءك ُ
مثال يف هذا الفصل أو يف هذه
المجتهدون كثيرون ً
المجتهد لم يتضح لهُ ،
رأيت أن ُ
المدرسة؛ فأردت أن توضحه وأن ُتبينه من هو ُ
المجتهد هذا ،فقلت" :جاء
المَع دد محمدِ " أليس هناك فر ًقا بين المعنيين؟ نعم ،هناك فرق ففي األول بدل،
د
عطف بيان ألنه صار كالنعت. ُ ويف الثاين
عطف بيان؟ حسب
ُ ومثل ذلك إذا ُقلت :اشرتيت مركو ًبا سيارةً ،سيار ًة بدل أم
المعنى ،هل أردت أن ُتخربين أنك اشرتيت سيارة فهذا بدلُ ،ثم قلت :مركو ًبا فقط
ُتبين يعني أنه شيء ُيستعمل يف الركوب ،لكن الغرض من كالمك أن ُتخربين بأنك
اشرتيت سيارة.
أم أردت أن ُتخربين أنك اشرتيت مركو ًبا الحمد هلل؟ شيء يحم ُلك اشرتيت
مركو ًبا؛ فأخربتني أنك اشرتيت مركو ًبا الحمد هلل ،ثم أردت أن توضح ما
ٍ
حينئذ عطف بيان المركوب؟ فرس أو ماذا أو سيارة؟ فقلت :سيار ًة نعم ،فيكون
كأنك قلت :اشرتيت مركو ًبا سري ًعا مركو ًبا جيدً ا.
لو قلت" :سافر أمي دمحمدِ " ،جاءك إنسان وقال" :سافر أمي دمحمدِ " ،أو
قلت إلنسان" :سافر أمي محمدِ " ،أنت ماذا تقصد بذلك؟ إذا ُقلت" :سافر أمي
أهال
المسافر أخوك؛-حياك اهلل -يا أخي ً
المخاطب يعرف أن ُ
محمدِ " ،إن كان ُ
وسهال تذهب إن شاء اهلل وتعود بالسالمة من السفر -وهو عندك يعرف أن ُه ُمسافر
ً
أخوك ثم سافر ماذا تقول له؟ تقول" :سافر أمي دمحمدِ " عندما أقول" :سافر
ٍ
شيء يعرفه؟ أمي" هل أفدته بما ُيريد بالذي يريد أن يعرفه؟ أم أخربته عن
e f شرح ألفية ابن مالك
319h
g
إ ًذا ما جاء المقصود به الكالم ،أنت لم– ....طب ًعا اإلنسان ما يتكلم -ل ُيخرب
بشيء يعرف ُه ،ما إن ُقلت (@ )00:71:35نح ُن يف المسجد ،ما نقول: ٍ اآلخر
"نحن يف المسجد اآلن" ؛ فهذا كالم ال فائدة منه ،إال إذا أردت أن تبني عليه شيء
آخر ،وإنما أردت أن تقول له" :سافر ُمحمدٌ " ،ولكنك ذكرت أخي قبل ذلك
توطئة "سافر أخي" يعني هذا الذي رأيته أخي هذا فتوطئة للكالم "سافر أخي"،
ٍ
حينئذ بدل هو المقصود ،والمقصود هذا بدل. لكن المقصود محمدٌ ،إ ًذا ُ
فمحمدٌ
يعرف أنه أخوك ،يعرف أنه
ُ المسافر؟ ال
يعرف هذا ُ
ُ المخاطب ال
أم أن هذا ُ
ٍ
بشيء يجهله؟ نعم، سافر لكن ال يدري من هو فقلت" :سافر أمي" ،أخربته اآلن
ٍ
بشيء يجه ُله إ ًذا فمقصودك أن ُتخرب ُه بأن الذي سافر أخوك "سافر أمي" أخربته
"سافر أمي" ،ثم أردت أن ُتبين أخوك هذا من؟ ف"سافر أخي ُمحمدٌ " فيكون
فرق من ُ
حيث المعنى فهناك ٌ
بمحمدُ ، عطف بيان ،كأنك ُقلت :سافر أخي ُ
المسمى ُ
وإن كان دقي ًقا.
وعُس ةلك ل دقلت" :سافر دمحمدِ أمي" المثال السابق" :سافر أمي
د
عطف بيان؟
ُ دمحمدِ " وأما هذا المثال :ف"سافر دمحمدِ أمي" أخي بدل أم
يعلم أن هذا ُمحمد يعرف أن اسم ُه ُمحمد،
المخاطب ُ بحسب المعنى ،فإن كان ُ
ٍ
بشيء يجهله بالمقصود لكن ما يعرف عالقت ُه بك ف ُقلت له :سافر ُمحمد" ،أخربت ُه
يحصل المقصود حتى ُ الذي ُتريد أن توصل ُه إليه ،ال هو يعرف أنه ُمحمد ،وال
تقول" :سافر محمدِ أمي" ،أن ُتخرب ُه بأنه أخوك فهو بدل ،ألن أخي هو المقصود
بالكالم.
اسمه وال ما
المسافر ما ُ
المخاطب ال يعرف هذا ُ
أما إذا كان ال يعرف هذا ُ
عالقته ال يعرف فلو قلت" :سافر ُمحمدٌ "؛ هنا أفدته شي ًئا ال يعر ُفه أوصلت إليه
المقصود "سافر ُمحمدٌ " ،ثم وصفت ُمحمدٌ هذا بأنه أخوك.
شرح ألفية ابن مالك e f
g
320h
وإةا دقلت لُُ-:خليها هنا خالد(@ )00:74:29علي " ،د
أحب عل ًّيا" عرفتُم
المخاطب ،أناالمقصود؟ يختلف أن بعضكم ربما عرف وبعض ُكم ما عرف حسب ُ
بعضكم عرف ُه بقولي: ُأريد " د
أحب عل ًّيا أبا الحسنين" ،اآلن عرفتموه جمي ًعا ،لكن ُ
"عل ًّيا" ،وبعض ُكم عرف ُه بقول" :أبا الحسنين".
ف أَّ الم ص د عرف الم ص د ب لي" :عل ًّيا" ،عرف
عر َ
المخا ب َ
فإَّ اَّ د
أحب عل ًّيا" عرف ُه؛ إ ًذا وصل ُه المقصود فالمقصود عل ًّيا،
المقصود من قولي" :عل ًّياُ ،
فأبا الحسنين فقط تكملة له ،تكملة فهو عطف بيان ،وصفت ُه بأنه أبو الحسنين.
¹
e f شرح ألفية ابن مالك
321h
g
بسُ اهلل الرحمن الرحيُ ،الحمد هلل رب العالمين ،والصالة والسالم على نبينا
محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين ،أما بعد:
المباركة الليلة الطيبة ليلة اإلثنين السادس
حياكم اهلل وبياكم يف هذه الليلة ُ
ٍ
وأربعمائة وألف ،يف جامع والعشرين من شهر ربي ٍع اآلخر من سنة ثالث وثالثين
الراجح يف حي الجزيرة يف مدينة الرياض نعقد بحمد اهلل وتوفيقه الدرس السابع
والثمانين من دروس شرح ألفية ابن مالك-عليه رحمة اهلل ،-وقبل أن نبدأ بدرس
ُ
نستكمل شي ًئا من الدرس السابق الذي كان يف باب عطف البيان. الليلة
فنح ُن ختمنا الباب بالكالم على الفرق بين عطف البيان والبدل ،وذكرنا أن
ُ
الفرق أهم الفروق فرقين وتوقفنا يف أثناء الكالم على الفرق الثاين ،الفرق الثاين هو
ُ
الفرق يف المعنى بين عطف البيان والبدل فإن المعنى يف البدل على أن المعنوي،
الم ُ
بدل منه وهو المتبوع فإنه يكون البدل أي التابع هو المقصود بالكالم ،وأما ُ
ذكر تمهيدً ا وتوطئةً ،وأما المعنى يف عطف البيان فهو
ليس مقصو ًدا بالكالم وإنما ُي ُ
المعطوف عليه ،أي األول.
ُ بعكس ذلك ،فالمقصود بالكالم هو المتبوع :أي
ٍ
كتكملة ذكر د
عطف البياَّ :فإنه ليس المقصود بالكالم وإنما ُي ُ وأما العابع وه
ٍ
وكنعت بالجامد للمتبوع الذي قبله ،وذكرنا عدة أمثلة على ذلك المثال واحد
مثال" :جاء ا سعا دة
ولكن المعنى يختلف من عطف البيان إلى البدل ،فلو قلت ً
محمدِ " ،مجموعة من الطالب جالسون يف الفصل أو يف القاعة ثم قال أحدهم
شرح ألفية ابن مالك e f
g
322h
الحكم النحوي كما ُقلنا :يجوز فمحمدٌ من ُ
حيث ُ لزمالئه" :جاء ا سعا دة محمدِ " ُ
بدال ويجوز أن يكون عطف بيان والمعنى يختلف.أن يكون ً
فإن كان مقصوده هبذا الكالم أن يقول" :جاء ا سعاة"؛ فانتبهوا ،كفوا عن
الكالم ،استعدوا للدرس؛ فهو ُيريد أن ُينبههم بأن الذي جاء األستاذ وليس طال ًبا،
إ ًذا فمقصو ُده يتحقق بماذا؟ بقوله" :جاء ا سعاة" ،خالص يفهمون مقصوده،
يعني انتبهوا جاء األستاذ فاستعدوا للدرس.
ثم ُيكمل فيقول" :جاء ا سعاة دمحمدِ " ،محمدٌ هنا صارت كالبيان
توضيحا وتبينًا صارت
ً فمحمد صارت
والتوضيح لألستاذ من األستاذ؟ ُمحمدُ ،
كالنعت ،نعت األستاذ ووصف ُه بأنه ُمحمد فعلى هذا يكون ُمحمدٌ عطف بيان.
وأما إذا ُقلنا :إن ُمحمدٌ يف هذا المثال بدل؛ فإن المعنى يختلف ،فإن هؤالء
ال ُطالب الذين يف القاعة ال ُيهمهم أي أستاذ وإنما ُيهمهم أستا ٌذ بعينه وهو ُمحمد،
بحيث لو جاءهم أستا ٌذ آخر لم يهتموا به ،يعني لم يستعدوا للدرس ،ولم يتحفظوا
ُ
يف كالمهم ،ال يهمهم إال هذا األستاذ محمد ،فإذا قال لهم هذا الطالب" :جاء
ا سعا دة" هل تم المقصود الذي ُيريده هذا ُ
المتكلم أن ُيخربهم بأنه جاءهم األستاذ
ُمحمد؟ ال يتم" ،جاء ا سعاة"؛ ألنه ال ُيهمهم أي أستاذ.
وإنما يتم مقصوده عندما يقول " :دمحمد" أي ُيخربهم بأن الذي جاء هو
بدال؛ ألن البدل :هو ٍ
حينئذ هو المقصود بالكالم فيكون ً فمحمد
" دمحمد"ُ ،
المقصود بالكالم ،وأما قو ُله" :ا سعاة" فإن ما ذكر ُه فقط تمهيدً ا وتوطئ ًة "جاء
ا سعاة دمحمدِ " ،فمقصوده ال يتم وال ُيعرف إال بقوله " :دمحمد" فهذا بدل.
أيضا أمثل ًة أخرى كقولهم ً
مثال" :جاء أمي دمحمدِ " محمدٌ وذكرنا على ذلك ً
جوازا نحو ًيا إال أن المعنى يختلف من
ً يجوز أن يكون ً
بدال ،وأن يكون عطف بيان
e f شرح ألفية ابن مالك
323h
g
المخاطب الذي ُتخاطبه
البدل إلى عطف البيان" ،جاء أمي محمدِ " ،فإذا كان ُ
وقلت له" :جاء أمي" يعرف أن الجائي أخوك ،يعرف أن هذا الجائي أحد
أخوتك ولكنه يجهل اسمه ،فمتى يتم مقصودك بالكالم بقولك" :أمي" أم
ٍ
حينئذ؟ بدل؛ ألن المقصود ال بقولك " :دمحمد"؟ محمد ،إ ًذا ما إعراب ُمحمد
بمحمد.يتم إال ُ
المخاطب ال
وأما قولك أخي جاء أخي فهذا توطئة وتمهيد لمحمد ،وإن كان ُ
يعرف هذا الجائي ،ال يعرف عالقته بك ف ُقلت له :جاء أخي؛ فعرف شي ًئا لم يكن
يعرفه من قبل وصله المقصود بالكالم ،أن ُتخربه أن الذي جاء أخوك وليس ً
رجال
آخر ليس أخاك "جاء أمي".
ثم أردت أن ُتبين وأن تحدد وأن توضح وأن ُتكمل قولك أخي من هو فقلت:
"جاء أمي دمحمد" فصار محمد هنا كالنعت كالتوضيح ألخي ،لكن المعنى
المقصود بالكالم جاء يف قولك" :جاء أمي" ،وهكذا.
وعكس ذلك لو قلت" :جاء محمدِ أمي" عكس المثال السابق" ،جاء
محمدِ أمي" ما إعراب أخي؟ يجوز نحو ًيا أن يكون ً
بدال وأن يكون عطف بيان
المخاطب يعلم أن هذا الجائي اسمه محمد لكنه ال
باختالف المعنى ،فإن كان ُ
يعرف العالقة بينه وبينك فقل" :جاء محمد" ،هو يعرف أن الجائي محمد فهل
ٍ
حينئذ؟ ال. تم المقصود
ٍ
حينئذ بدل ألنه متى يتم المقصود؟ عندما تقول" :جاء محمدٌ أخي"؛ فأخي
المخاطب ال يعرف من هذا ما يعرف اسمه وال يعرف
المقصود بالكالم ،وإذا كان ُ
عالقته بك ،فقلت" :جاء محمدِ " عرف أن الجائي محمد ،ثم وضحته وكملته
نعت بالجامد.
بأن نعته بقولك" :محمدٌ " "جاء أمي محمدِ " ولكنه ٌ
شرح ألفية ابن مالك e f
g
324h
يخ اإلسالم ابن وذكرنا على ذلك أمثل ٌة كثيرة كقولك ً
مثال" :قال هَا ال ل د
يمية" ،ابن تيمية يجوز نحو ًيا أن يكون ً
بدال وأن يكون عطف بيان باختالف
مثال إذا ُقلت" :قال ةلك يخ اإلسالم" فهم
فمثال عندنا يف ُمجتمعنا ً
ً المعنى،
المراد ابن تيمية؛ ألننا نُطلق شيخ اإلسالم هنا على ابن تيمية،
المقصودُ ،عرف أن ُ
فإذا قلت" :قاله يخ اإلسالم" وصل المقصود أو ما وصل المقصود؟ وصل.
فإذا قلت" :قاله يخ اإلسالم ابن يمية" فابن تيمية تكملة لما قبله أو هو
المقصود بالكالم؟ تكملة ألن المعنى ُفهم بقوله :قاله شيخ اإلسالم ابن تيمية
يكون عطف بيان ،يعني كلمة ُتبين ما قبلها.
يخ اإلسالم" وال اتضح من ُ
شيخ اإلسالم هذا يف ُمجتمع وإذا قلت" :قاله د
مثال يعني ُيطلق ُ
شيخ اإلسالم على ابن تيمية ،وعلى ابن حجر ،وعلى يعني عدد ً
أيضا ُلقب بشيخ اإلسالم ،فإذا ُقلت" :قاله د
يخ اإلسالم ابن من ُعلماء اإلسالم ً
يمية" متى يتم مقصودك بالكالم؟ بابن تيمية إ ًذا ابن تيمية بدل هو المقصود
شيخ اإلسالم ُ
فذكر توطئ ًة وتمهيدً ا للكالم. بالكالم ،أما ُ
واألمثل ُة على ذلك كثير ُة جدً ا؛ فمعنى ذلك أن قول النحويين يف مواضع كثيرة
الرفع والنصب ،يجوز أن يكون
ُ يف أبواب النحو إنه يجوز لك كذا وكذا ،يجوز
مفعوال ُمطل ًقا؛ هذا من التجويز النحوي،
ً ً
مفعوال ألجله وأن يكون ً
حاال وأن يكون
جوازا نحو ًيا
ً معنى واحد ،وإنما المعنى أنه يجوز
ً ال يعني أن كل ذلك يجوز على
على اختالف المعنى؛ فعلى كل معنى ال يجوز إال إعرا ًبا واحدً ا ،وتدقيق المعاين
ليس من عمل النحوي:
المفسر يف القرآن؛ فالمفسر هو الذي ُيدقق المعنى ،ثم
-إما أن يكون من عمل ُ
المناسب.
يختار اإلعراب ُ
e f شرح ألفية ابن مالك
325h
g
-وإما يعود إلى البالغة واألدب.
المتكلم نفسه ،أنت ماذا تقصد بكالمك؟ تقصدُ كذا فاإلعراب
-أو يعود إلى ُ
مثال أو
فاإلعراب كذا ،فإن لم يتبين قصدُ ك كلمةُ ،جملة كُتبت ً
ُ كذا ،تقصدُ كذا
رويت نقول :يجوز أن يكون كذا ويجوز أن يكون كذا.
شيخ مشايخنا ُمحمد عبد الخالق ُعظيمة يف كتابه العظيم وقد ذكر ُ
[دراسات ألسلوب القرآن الكريم] أربعين شاهدً ا من القرآن الكريم يجوز فيها
عطف البيان والبدل على ما ذكرناه قبل قليل.
ُ
ٍ
كثيرة من قبل ،وأشرنا إليه اآلن وسنشير ٍ
أبواب والتجويز النحوي أشرنا إليه يف
المهمة التي نشأت بسبب الفصل بين
المستقبل للتنبيه على هذه المسألة ُ
إليه يف ُ
العلوم ،لكن ينبغي على طالب العلم أن يتنبه لها.
طلق الجمع
أي أن واو العطف معناها ُمجر ُد الجمع والتشريك ،معناها ُم ُ
المصاحب والالحق والسابق، ٍ
عطف هبا ُ
داللة على الرتتيب ،ولذا ُي ُ والتشريك دون
وعمر معه" ،جاءا م ًعا واستعملت
ِ المصاحب كأن تقول" :جاء ه دِ
عطف هبا ُ
ُي ُ
الواو.
¹
شرح ألفية ابن مالك e f
g
342h
بسُ اهلل الرحمن الرحيُ ،الحمد هلل رب العالمين ،والصالة والسالم على نبينا
محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين ،أما بعد:
المباركة
السالم عليكم ورحمة اهلل وبركاته ،حياكم اهلل وبياكم يف هذه الليلة ُ
ليلة اإلثنين السابع عشر من شهر ُجمادى األولى ،من سنة ثالث وثالثين
ٍ
وأربعمائة وألف يف جامع الراجح بحي الجزيرة يف مدينة الرياض لنعقد بحمد اهلل
وتوفيقه الدرس الثامن والثمانين من دروس شرح ألفية ابن مالك-عليه رحمة اهلل
تعالى ،-والزال الكالم منذ الدرس الماضي على (عطف النسق).
وقد قرأنا األبيات يف الدرس الماضي وشرحنا منها ما تيسر ،وتكلمنا على
حيث تشري ُكها يف
ُ تعريف عطف النسق ،وتكلمنا على تقسيم حروف العطف من
المعنى واللفظ ،ثم بدأ بعد ذلك ابن مالك بذكر حروف العطف وبيان
معانيها ،وأحكامها؛ فبدأ بالكالم على (الواو) فذكر معناه وهو ُمجرد التشريك.
خاص من أحكامه ،سنبد ُأ الليلة-إن شاء اهلل تعالى-
ٍ وبقي الكال ُم على ُح ٍ
كم
سنشرح ُه-إن شاء اهلل
ُ كالمعتاد سنقرأ من ألفية ابن مالك ما
ببيانه ،ويف أول الدرس ُ
تعالى ،-فقال ابن مالك-عليه رحمة اهلل تعالى -يف باب العطف بعد أن شرحنا
البيت األول ،والثاين ،والثالث ،والرابع؛ فقال:
للاح َب دم َ افا َ للل
فالللي الح ُْللل اُ َأو مصل ا
د َ د ف بالللل َ او ا اَح َ لللل َأو َسللللابا َ
فللللا ْعطا ْ
e f شرح ألفية ابن مالك
343h
g
-على الرتتيب.
-وعلى انفصال المعطوف عن المعطوف عليه.
-على العر يب :أي أن المعطوف بعد المعطوف عليه.
ٌ
فاصل و ُمهل ٌة بين المعطوف والمعطوف عليه. -واانفصال :أي أنه يوجدُ
فعمرو" :المعنى أنه جاء ه د ،وبعد ُه ُمباشرة
ِ مثال ذلك أن تقول" :جاء ه دِ
عمرو من دون فاصل وال ُمهلة.
ٌ
فاصل عمرو" :فالمعنى أنه "جاء ه د" ،وبعد
ِ وإذا ُقلت" :جاء ه دِ ُ
و ُمهلة من الوقت "جاء عمرو"؛ هذا هو األصل يف حريف العطف( :الفاء) و(ثم)؛
والمهلة بين
أمر قد ال يخفى عليكم ،وهو أن الفاصل ُ إال أنه يجب التنبيه على ٍ
المعطوف والمعطوف عليه تكون بحسب المعطوف والمعطوف عليه ٌ
كل بحسبه:
والمهلة أمران نسبيان؛ أحيانًا قد تكون الساعة فاصلة ،وأحيانًا
أي أن الفاصل ُ
فاصال ،وأحيانًا يكون الشهر غير
ً تكون الساعة غير فاصلة ،أحيانًا يكون الشهر
e f شرح ألفية ابن مالك
347h
g
فاصل.
المحرم ف در صفر" ،تأيت بالفاء لعدم وجود مثال" :مر ر د وإذا ُقلت ً
الفاصل بين هذين الشهرين وإن كان المعطوف عليه ثالثين يو ًما ،وتقول :مضت
السنة األولى فالثانية ،فالثالثة ،مع أن الفاصل بين المعطوف والمعطوف عليه سن ٌة
كاملة.
وتقول " :وج فالَّ ف لد له" ،المعنى أنه ليس بين زواجه وبين أن يولد له إال
طويال ال ُيعدُ
ً المعتاد ،يعني ُقرابة تسعة أشهر؛ فهذا الفاصل وإن كان
الفاصل ُ
المعتاد ،فإن ُقلت " :وجفاصال بين المعطوف والمعطوف عليه؛ ألنه الفاصل ُ
ً
فاصال و ُمهل ًة أكثر من
ً فالَّ ُ ولد له"؛ فإن األصل يف معنى هذا العبارة أن هناك
المعتاد بين زواجه والوالدة له.
ُ
(ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ) [عبس،]17:19
فالتقدير بعد الخلق( ،ﮟ ﮠ ﮡ) [عبس ،]20:أمور الحياة التي ُيسر لها
ُمتباعدة( ،ﮣ ﮤ) [عبس ،]21:نعم الموت يف العادة بعيد عن الوالدة( ،ﮣ ﮤ
ﮥ) [عبس ]21:أما اإلقبار فإنه يكون يف العادة بعد الموت بغير فاصل( ،ﮣ
ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ) [عبس ،]21:22هناك فاصل بين أن ُيقرب اإلنسان
وبين النشر يف العادة.
وقال( :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ
ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ) [ال اقعة،]55:51
العطف هنا جاء بالفاء؛ فعندما يتأمل اإلنسان يعلم أن هناك نكت ًة بالغية يف اإلتيان
بالفاء.
وقال( :ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ
ﮠﮡﮢﮣ ﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬ
ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ)
[المؤمن َّ ،]14:12تأمل يف اآلية ،ويف حروف العطف التي جيء هبا.
قال( :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ
e f شرح ألفية ابن مالك
351h
g
(ﯤ ﯥ ﯦ) [الب رة ،]214:فهو يحكي شي ًئا ماض ًيا ولكنه حكاه بفعل
ٍ
فحينئذ يصح لك النصب على اعتبار ،والرفع على اعتبار؛ وسيأيت بيان ُمضارع،
المضارع.
ذلك-إن شاء اهلل تعالى -يف نصب الفعل ُ
ُ
تكون حرف ابتداء ٍ
حينئذ ماذا تكون؟ فإذا رفعت ما بعد (حتى) فإن (حتى)
تفق عليهما بين البصريين والكوفيين ،وجهان
وما بعدها ُجملة؛ فهذان الوجهان ُم ٌ
استعماالن ل(حتى).
اسم ظاهر دون
oالَا :و ٌ ي (حعى) حرف عطف :وال يكون ما بعدها إال ٌ
الجملة كما سبق هنا قبل قليل ،وقد أنكر الكوفيون مجيء (حتى) حرف عطف،
ُ
الكوفيون هم الذين أنكروا ذلك؛ قالوا (حتى) ال تأيت حرف عطف ،والذين أثبتوه
هم البصريون ،ويدُ ل لهم السماع ،كقول الشاعر:
لعخ للل ننا حعلللى بنينلللا ا صلللاغرا ق رنللللا ُ حعّللللى الُمللللاة فللللٌنعُ
أنظر بالنصب ،إ ًذا ماذا نقول؟ "حعى الُدماة" ال ُيمكن أن نقول :أن (حتى)
حرف جر؛ ألن ما بعدها منصوب" :حعى بنينا ا صاغرا" ما بعدها منصوب؛ فهذا
دليل على أن (حتى) تأيت حرف عطف ،الكوفيون يخرجون مثل ذلك على تقدير
فعال.
عامال ً
عاملُ ،يقدرون ً
يقول" :ق رنا ددُ حعى الُدماة" :أي قهرناك ُُم حتى قهرنا ال ُكماة " ،خ ننا
حعى خ َّ بنينا ا صاغرا"؛ فيقدرون على مثل ذلك؛ لكي ُيعيدوا حتى إلى
حتى التي يقع بعدها ُجملة ،وهي األسلوب الثاين.
للماار ،كقولك: oال جه الرابع ل(حعى) :أَّ ُ َّ (حعى) حرف نصب د
العلم"" ،جسعك حعى أدرْ" :هذا الوجه الرابع ،وثالثة عند
َ " َ
جئتك حتى أدرس
الكوفيين:
شرح ألفية ابن مالك e f
g
360h
-ا ول :حرف جر ُمتفق عليه.
-والَاين :حرف ابتداءُ ،متفق عليه.
حرف عطف؛ هَه ال ة عند البصريين ،ولكن
َ -البصريون :أثبتوا (حتى)
حرف العطف أنكره الكوفيون.
-الَالث عند الكوفيين وهو الرابع يف العد العام :أن تكون (حتى) حرف...
الب.)00:52:06@( :
ال يخ :هذا الوجه الرابع ل(حتى) ،لكن الوجه الثالث ُمختلف فيه ،والوجه
الرابعُ :مختلف فيه؛ فأثبت هؤالء الثالث ،وأثبت هؤالء الرابع فصار مجموع ما
أثبته البصريون ثالثة ،ومجموع ما اثبت ُه الكوفيون ثالثة.
للمضارع كقولنا" :جسعك حعى أدرْ العلُ" هذا كثير
ف(حتى) الناصبة ُ
جدً ا؛ أسلوب ُمطرد يف العربية.
المضارع بعدها
وقد أ بت الُ في َّ هَا ال جه؛ قالوا :إن (حتى) إذا نُصب ُ
المضارع.
منصوب هبا ،ب(حتى)؛ فيعدون (حتى) من نواصب الفعل ُ
ٌ فإنه
للمضارع؛ فإذا ٍ
نصب ُ وأنُر ةلك البصر َّ ،وقالوا :إن (حتى) ال تأيت حرف
المضارع منصو ٌب ب(أن)
ضارع بعدها كما يف هذا المثال قالوا :إن ُ
ُ الم
انتصب ُ
ً
متكون من (حتى) وبعدها (أن) ٍ
حينئذ ُمقدرة ،محذوفة ُمضمرة ،فيكون األسلوب
المضارع المنصوب ب(أن) لكنها ُمضمرة أي محذوفة ،وبعد ذلك الفعل ُ
المحذوفة ،وعليه فتكون (حتى) حرف جر ،تكون (حتى) حرف جر ،ومجيء
تفق عليه.
(حتى) حرف جر هذا ُم ٌ
تجر إال االسم؛ ألن حروف الجر
و(حتى) إذا كانت حرف جر فهي ال ُ
e f شرح ألفية ابن مالك
361h
g
ٍ
اسم مؤول ،االسم المؤول: خاص ٌة باألسماء ،والذي وقع بعدها حينئذ ٌ
اسم ولكنه ٌ
مصدري وفعل ،واالسم المؤول يف أحكامه
َّ هو االسم الذي يتكون من حر ًفا
كاالسم الصريح ،االسم المؤول كاالسم الصريح؛ هَه الملح دة ا ولى.
الملح دة الَانية يف الكالم على العطف ب(حتى) :أن ُيقال إن العطف
ب(حتى) لم يرد يف القرآن الكريم ،وإنما جاء يف القرآن الكريم:
الجارة.
َّ ( -حتى)
-و(حتى) االبتدائية.
المضار ُع
ينتصب ُ
ُ ضارع بعدها ،نقول( :حتى) التي
ُ الم
ينتصب ُ
ُ -و(حتى) التي
ضارع بعدها ،أما الخالف :فبماذا
ُ الم
ينتصب ُ
ُ تفق عليه( ،حتى) التي
بعدها ،هذا ُم ٌ
ينتصب؟ هل ينتصب ب(حتى) نفسها ،أم ينتصب ب(أن) ُمضمرة؟!
الملح دة ا ميرة على الكالم على (حتى) العاطفة أن ُيقال :إن كل
(حتى) عاطفة يجوز فيها أن تكون (حتى) الجارة ،ويجوز يف ٍ
كثير من أمثلتها أن
تكون (حتى) االبتدائية:
مثال" :أ رمنا الاي ف حعى أ فال ُ":
ففي مثل قولك ً
-يجوز لك يف (حتى) أن تكون حرف عطف؛ ألن الشروط متوافرة؛ فتجعل
ما بعدها معطو ًفا ،فتقول" :أ رمنا الاي ف حعى أ فال َُ".
-ويجوز لك أن تجعل (حتى) حرف جر؛ فتقول" :أ رمنا الاي ف حعى
أ فال ا ُ".
-ويجوز أن تجعل (حتى) حرف ابتداء ،فإذا جعلتها حرف ابتداء فال ُبد أن
يكون ما بعدها ُجملة؛ فال ُبد أن ُتكمل" :أ فال د ُ" بما يجع ُلها ُجمل ًة إسمية،
شرح ألفية ابن مالك e f
g
362h
أطفالهم ُمكرمون ،فحذفت
ُ فتقول" :أ رمنا الاي ف حعى أ فال د ُ" ،أي حتى
ُ
حيث الخرب لداللة الفعل عليه؛ ففي مثل هذا األسلوب تطر ُد هذه األوجه من
الجواز النحوي.
ُ
-أما من ُ
حيث األفضل واألكثر يف االستعمال ،األكثر يف االستعمال للعرب يف
مثل ذلك أن تجعل (حتى) حرف جر؛ هذا هو األكثر يف االستعمال" ،أ رمنا
لت السمُ َة حعى رأس َا". الاي ف حعى أ فال ُ"ُ ،
ومثل ذلك أن تقول" :أ د
فرَ" الفعل
َ (ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ) ،هي التي قبل الفعل" :اسع
ما الفعل؟ الفعل وحد ُه دون الهمزة ،دون همز ُة التسوية "اسع فر" ،هبمزة وصل،
وهمزة الوصل مكسورة" ،اسع فر" ،تقول" :ااس َع فر دمحمد" أو "أسع فر
دمحمد"؟ "ااسع فر دمحمد" ،فإذا دخلت همزة القطع فإن همزة الوصل ستس ُقط؛
ألن همزة الوصل تس ُقط يف درج الكالم :يف وسط الكالم ،وهمزة التسوية مفتوحة
أو مكسورة؟ مفتوحة ،وقال( :ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ)،
همزة التسوية موجودة ،نعم.
(ﮍ ﮎﮏ) (أم) حرف عطف ،و"السماء" :معطوف ،معطوف على ماذا؟ على
الضمير أنتم( ،ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎﮏ) ،ثم استأنف الكالم فقال( :ﮐ) إلى آخره،
والمعنى" :أ ُُ أ دد مل ا" المعنى على (أي)" ،أ ُُ أ دد مل ا" ،فالسما ُء
معطوف على الضمير أنتم ،والمعنى ينتهي عند السماء( ،ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎﮏ)،
ٌ
هنا ينتهي المعنى ،ثم استأنف فقال( :ﮐ).
¹
e f شرح ألفية ابن مالك
369h
g
بسُ اهلل الرحمن الرحيُ ،الحمد هلل رب العالمين ،والصالة والسالم على نبينا
محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين ،أما بعد:
السالم عليكم ورحمة اهلل وبركاته ،حياكم اهلل وبياكم يف هذه الليلة الطيبة ليلة
اإلثنين الرابع والعشرين من شهر ُجمادى األولى ،من سنة ثالث وثالثين
ٍ
وأربعمائة وألف ،ونحن يف جامع الراجح بحي الجزيرة يف مدينة الرياض ،نعقد
بحمد اهلل وتوفيقه الدرس التاسع والثمانين من دروس شرح ألفية ابن مالك-عليه
رحمة اهلل ،-والزال الكالم على باب عطف النسق.
ٍ
خمسة وقد ذكرنا من قبل أن ابن مالك عقد هذا الباب باب النسق يف
وعشرين بيتًا ،وشرحنا منها تسعة أبيات ،وهذه األبيات التسعة المشروحة كان فيها
ُ
حيث الكال ُم على تعريف عطف النسق ،والكال ُم على تقسيم حروف العطف من
أيضا بداية ذكر حروف العطف حر ًفا حر ًفا؛
تشري ُكها يف المعنى واللفظ ،وفيها ً
ِ
العطف (أم) فذكر (الواو) و(الفاء) و(ثم) و(حتى) ثم بدأ الكال ُم على حرف
بعض نشرح ُه-إن شاء اهلل تعالى -يف هذه
فشرحنا بعض كالمه يف ذلك وبقي فيه ٌ
الليلة.
رحه-إَّ اء اهلل المععاد ن د
رأ من ألفية ابن مالك ما نن ويف أول الدرْ د
عالى -يف هَا الدرْ ،قال ابن مالك:
َأو هملللل َ ة عللللن َل ْف ا
للللظ َأ َ دم ْن َيلللل ْه للر َه ْملل ا الع َّْسلل ا َ ْه َو َأ ْم با َ للا ا ْعطا ْ
َ ْ َ ْ للف إا ْ َ
شرح ألفية ابن مالك e f
g
370h
للن للاَّ َم َفلللا المعنَلللى باحل ْ ا ا ت ال َ ْملللللللل َ دة إا َّْلللللللَ َف ا
وربمللللللللا حل ا
للَف َ ا أمل ْ َ َ ْ َل َ د َدََ
لللك اممللللا دقيللللدَ َْ بال ا َوباا ْن ا َطلللللا َوبا َم ْعنَلللللى َبلللللق َو َفل ْ
للله َم َلل ْ
لللت إا َّْ َ ل د َّ للللت
اب با َ لا َأ ْ َال ن ادملي دك َوإا ْ َلر ِ َوا ْ ُ ْ للُ بلللاو َو َأ ْب ا للل اُ للر َأبال ْ
للح َقسل ْ َ .551ميل ْ
للق لا َلللل ْبس َمنْ َفل َ
للَا للف دةو الن ْطل ا َللللُ لل ا
ْ د للللت الللللل َ َاو إا َةا .552وربملللللا عا َقبل ا
َ َ َ د َّ َ
فاللللي ن َْحلللل ا إا َّمللللا اة َوإا َّمللللا النَّائَيالللل ْه للد إا َّملللا ال ََّانا َيللل ْه
للق َأو ال َ صل ا
ْ َ .553و ام َْل د
لللللرا ا ا .554و َأ ا ا
أو ا ْ َبا َ لللللل َ للللللالَ نللللللدَ اء أو َأ ْمل َ للن َن ْف َيلل أو َن ْ َيلل َواَ ول لُ ْ َ
دلللن فالللي َم ْر َبلللع َبلللق َ ْي َ لللا لللُ أ ْ َ َل ْ لح َب ْي َ ا
لن َب ْعللدَ َم ْصل د
ا
َ .555و َبللق َلُل ْ
الَ الللي ا ا لُ ا َ َّو ال َ .556وا ْن د للق با َ للا لال ََّل ا
الم َْ َبللت َوا َ ْمللر َ فللي الخَ َب لرا د لاَّ دح ُْل َ
ذكر يف هذه األبيات ستة أحرف من حروف العطف وهي (أم ،وأو،
فسنتكلم عليها إن شاء اهلل -واحدً ا واحدً ا بما يسمح به
ُ وإما ،ولكن ،وال ،وبل)
الوقت ،وأولها كما ترون هو حرف العطف (أم).
يف الدرْ الما ي بدأنا بالُالم على أم و دقلنا إَّ (أم) على ن عين:
المعصلة.
(-أم) د
-و(أم) المن طعة.
المعصلة هي العي من حروف العطف ،وكيف تكون ُمتصلةً؟ تكون (-أم) د
شرتط لها أن ُتسبق
ُ الحكم ،و ُي ُ
تجعل ما بعدها ُمشاركًا لما قبلها يف ُ ُمتصل ًة ألهنا
هبمزة تسوية أو همزة استفهام ،فسب ُقها هبمزة تسوية كقولنا" :س ا دء عند أقمت أم
قعدَ" :المعنى يستوي قيا ُمك وقعودك.
أين الشاهد؟ " َبعك عينك أم رأ ت ب اس " ،قالوا :التقدير" :أ َبعك
عينك أم رأ ت ب اس " يعني هل رأيت حقيقة أو كذبتك عينك؟ ويف البيت
تخريج آخر مشهور.
ٌ
ومن ذلك قول الشاعر:
أ لل ين ف للال ا مللن ربيعللة أم دماللر فٌصللبحت فللي ُ آنسللا ا مع للر
د
"ف ال ا :من ربيعة أم دمار" ،التقدير" :أمن ربيعة أم دمار" ،وحذفوا همزة
االستفهام قبل (أم) وابن مالك يف أول هذا البيت ماذا قال؟ قال" :وربما" حذفت
الهمزة ،وربما دل ذلك على أن حذف همزة التسوية ،وهمزة االستفهام قليل،
قليل ،هو جائز ولكنه قليل ،و ُقلنا أكثر من مرة إذا قيل أن األمر ٌ
جائز قليل فمعنى
قليال وال ُيكثر منه ،وهذا يتبين عندما ُيكثر اإلنسان من الكالم أو ُ
ستعمل ًذلك أنه ُي
الكتابة أو الخطبة أو نحو ذلك فننظر إن أكثر من استعمال هذا القليل؛ قلنا :ال،
أنت خرجت اآلن عن طريقة العرب؛ ما يص ُلح ،أما إذا استعمل هذا األمر ً
قليال،
قليال.
فنقول :يجوز لك أن تستعمل ذلك ً
ٌ
باحث رسال ًة علمي ًة طالب أو
ٌ ٌ
إنسان كتا ًبا ،أو أن يكتُب د
مَال ةلك :أن يكتُب
مثال ،سوا ٌء كان
طهورا ً
ً طاهرا أم
ً مثال سوا ٌء كان
مثال؛ فيأيت هذا االستعمال عنده ً
ً
رجال أو امرأة،
رجال أو امرأةً ،ف ُيكثر من حذف الهمزة همزة التسوية؛ سوا ٌء كان ً
ً
للمناقش أن يأخذ عليه ذلك
كبيرا؛ فإن أكثر من ذلك كان ُ
صغيرا أم ً
ً سوا ٌء كان
كثيرا.
تحذف الهمزة ً
ُ ويقول :ال ،أنت خرجت اآلن عن طريقة العرب ،العرب ال
قليال ،لكن الطريقة
ً لو أنك حذفتها أحيانًا قليلة لقلنا هذا جائز
شرح ألفية ابن مالك e f
g
374h
(@ )00:14:18الجادة المسلوكة عند العرب التي جاءت عليها اآلي ُة الكريمة
كثيرا منها الدرس الماضي ،وكالم العرب ،وأن همزة االستفهام ،وهمزة
وذكرنا ً
قليال؛ فهذا معنى قول النحويين: ٍ
حينئذ؛ فإن ُحذفت فيجوز حذفها ً التسوية ن َُذكِّر
" َ ه قليال".
ت ال م َ دة"" ،وربما ح اَ َف ا
ت ال َ ْم َ دة" هذا ما يف نسخ وق ل ابن مالك" :ح اَ َف ا
َدََ د َ ْ د
األلفية المخطوطة " :دحَفت" ،وجاء يف بعض شروح اللفية المطبوعةَ " ،و در َب َما
ونعلم أن الكافية لفظ الكافية الشافية؛ دأس ا
طت ال َ ْم َ دة" ،وقولهُ " :أسقطت" هو ُ
ُ
وشرحها ُمحققان ومطبوعان؛ فهذا ما
ُ الشافية هي أصل األلفية ،والكافية الشافية
المتصلة؛ لنتكلم بعد ذلك على النوع
يتعلق بنوع األول من نوعي (أم) ،وهي (أم) ُ
المنقطعة.
الثاين ل(أم) وهي (أم) ُ
المن طعة ،وهي التي قال فيها ابن مالك
-الن الَاين من ن عي (أم) هي (أم) د
ت" ،متى تكون ُمنقطع ًة تفي بمعنى (بل)يف األلفيةَ " :وباا ْن ا َطا َو اب َم ْعنَى َبق َو َف ْ
يعني بمعنى (بل) اإلضرابية؟
المتصلة قبل قليل قيدها ،متى تكون
ت"( ،أم) ُ َك ام َّما دقيدَ َْ اب اه َم َل ْ
قال" :إا َّْ د
ُمتصلةً؟ قال :إذا كانت بإثر همزة تسوية أو همزة استفهام؛ فإن لم ُتسبق هبمزة
المنقطعة ،و(أم) ٍ
تسوية أو همزة استفهام؛-هذا القيد خال -فهي حينئذ (أم) ُ
ٍ
حينئذ على اإلضراب وال تدُ ل على المنقطعة هي (أم) التي بمعنى (بل) فتدُ ل
عطف وتشريك؛ ف ُيمكن أن نقول فيها :هي التي لم ُتسبق بإحدى الهمزتين :همزة ٍ
كقوله :تنزيل (ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ
ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔﯕ
ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ) [ نس،]37:38
ٍ
شيء قبله؟ (ﮚ ﮛ ﮜ تأمل :هل (أم) هنا عاطفة عطفت الفعل يقولون على
ﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨ ﮩﮪ ﮫﮬﮭ
ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ
ﯠ ﯡ ﯢ) المعنى واهلل أعلم" :بق أ ل َّ افعراه" ف(أم) ُهنا ُمنقطعة،
بمعنى (بل) وهمزة االستفهام فتدُ ل على ،....ال تدُ ل على العطف ،وإنما تدُ ل
على استئناف كال ٍم جديد ،تدُ ل على استئناف كال ٍم جديد كبقية حروف اإلضراب.
دائما؛ يعني على استئناف كال ٍم جديد،
المن طعة :تدُ ل على اإلضراب ً
-و(أم) د
دائما ،واألغلب أهنا تدل مع ذلك على االستفهام سوا ٌء أكان
تدُ ل على اإلضراب ً
حقيق ًيا أم كام إنكار ًيا ،وقد تدُ ل على اإلضراب وحده دون استفهام؛ هذه القاعدة،
نكررها ثم نُمثل لها ونُطبقها.
دائما ،يعني استئناف كالم
(أم) المنقطعة ألهنا إضرابية تدُ ل على اإلضراب ً
جديد ،طيب واألغلب فيها أن تدُ ل مع اإلضراب على استفهام؛ سوا ٌء أكان
استفها ًما حقيق ًيا أم كان استفها ًما إنكار ًيا ،وقد تأيت قل ًيال دال ًة على اإلضراب
ٍ
إضراب واستفهام؛ فستُقدر المقرتن باستفهام ،يعني إذا دلت على المجرد غير ُ ُ
إضراب فقط دون استفهام؛ٍ حينئذ بماذا؟ ب(بل) و(الهمزة) ،وإذا دلت على ٍ
قال( :ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙﮚ ﮛ
ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣﮤ) [الرعد( ،]16:أم) هنا ليست عاطفة
وإنما هي تستأنف كال ًما جديدً ا فهي بمعنى (بل) ،أما األولى( :ﮐ ﮑ ﮒ
ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙﮚ)( ،أم) هنا إضرابية فقط ،فتُقدر ب(بل)
والتقدير (بل) هل تستوي ال ُظلمات والنور دون استفهام؛ ألن االستفهام منصوص
عليه (هل) وال يجتمع استفهامان كما تعرفون.
ومن ذلك قوله تعالى( :ﮭ ﮮ ﮯ) [النمق ،]84:أم ماذا كنتم تعملون:
يعني بل ماذا كنتم تعملون.
قال( :ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ
ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ) [الط ر ،]30-29:المعنى واهلل أعلم" :بق أ ل َّ
اعر".
(ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈﮉ ﮊ
ﮋﮌﮍ ﮎ ﮏﮐﮑﮒﮓﮔ ﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛ
ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ
ﮮ ﮯ ﮰﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ) [الط ر ،]43:فكلها (أم) إضرابية.
قال( :ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ
أذى فل ُه أن
مريضا أو به ً
ً ﯵﯶ) [الب رة ،]196:ما معنى اآلية البد أن نفهم؟ من كان
ٍ
حينئذ التي ُيقدمها الرتكاب هذا يرتكب هذا المحذور وأن يفتدي ،ما الفدية
المحذور؟ فدية :من صيام يصوم ،أو صدقة يتصدق ،أو نُسك يذبح( ،أو) هنا
إباحة أم تخيير؟ تخيير ،وليست إباحة؛ هذا باتفاق.
الب.)00:40:00@( :
ال يخ :م ا يصير كيف إباحة أو تخيير؟! يا إباحة يا تخيير ما يصير ،يعني ما
ُيتصور اجتماع الشيئين ،يا إنك ُتجيز له الثالثة أو ُتجيز أن يفعل واحدً ا منها،
بعضهم :إهنا لإلباحة ،ولكن الصحيح أهناوالصحيح أهنا تخيير ،هذه للتخيير ،قال ُ
ٍ
حينئذ أال ُيمكن أن نعمل هذه الثالثة؟ للتخيير ،السبب يف ذلك يعني قد ُيرد فيقال
e f شرح ألفية ابن مالك
383h
g
ما ُيمكن أن أصوم وأن أتصدق ،وأن أنسك :أذبح؟ ُيمكن أن تجمع بينها أو ما
ُيمكن؟
ُ
حيث العمل ُيمكن أن تجمع ،لكن ُيمكن أن تجمع من حيث العمل ،من
الفدية تقع بماذا؟ األول؛ فالثاين والثالث ال يدخل يف الفدية؛ إ ًذا فلم يجتمعا يف
الفدية ،والكالم هنا على الفدية ،يعني لو ُقلت لكم ً
مثال " :ا دمحمد ،دصُ ،أو
أنصحك " :ا دمحمد ،دصُ ،أو صدق ،أو أنسك"؛ هذه اآلن
ُ صدق ،أو أنسك"،
(أو) للتخيير أو لإلباحة؟ هذه لإلباحة ،نعم ،فالبد من معرفة المعنى لمعرفة معنى
(أو).
-ارفع ص ك-
الب)00:41:40@( :
ناصحا " :ا أمي الُر ُ ،صدق أو ً ال يخ :بين هذه المثالين إذا ُقلت لك
أنسك ،أو صق ،أو صدق"؛ اآلن ُأبيح لك أن تفعل هذه األشياء كُلها و ُيمكن أن د
أخيرك بين أن تفعل واحدً ا فقط منها ،أنا ُأبيح لك أن تفعل األشياء؛
تفعلها كُلها ،أو ُ
محذورا ماذا يفعل؟
ً هذه إباحة ،لكن لو قلت لك كما يف اآلية :الذي يرتكب
يصوم ،أو يتصدق ،أو يذبح؛ الفدية تقع بماذا؟ تقع هبا أو بواحد؟ تقع بواحد ،إذا
ُصمت وقعت الفدية ،بعد ذلك لو تصدقت أو ذبحت؟ خالص ما تقع الفدية
وقعت وانتهت ،ما ُيمكن أن تشرتك يف الثالثة.
كثير جدًّ ا
المعنى الَالث ل(أو) :هو معنى التقسيم ،و ُيقال له التنويع ،وهذا ٌ
يف (أو) التقسيم أو التنويع.
مثال.
حرف" ً
ِ اسُ ،أو ِ
فعق ،أو كقول النحويين ،كقولهم" :الُلمةِ :
اهر أو نَس".
ِ وكقول الفقهاء" :الماء
شرح ألفية ابن مالك e f
g
384h
ِر أو نَس". اهر أو
ِ وكقول بعضهم" :الماء
مؤمن أو افر".
ِ كقولك" :الناْ:
وقول ابن مالك عندما ذكر هذا المعنى اإلضراب ،قالَ " :وإا ْ َر ِ
اب با َ ا
َأ ْ َا ن ادمي" ،جعلها ُجملة ُمستقلة ولم يعطفها على ما سبق؛ الذي سبق ُمتعاطف،
دك" ،عطفها على بعض؛ فعندما وصل إلى قالَ " :مي ْر َأ اب ْح َقس ُْ بٌو َو َأ ْب ا اُ َوأ ْ ُ ْ
اب با َ ا َأ ْ َا ن ادمي" ،فاستأنف كال ًما جديدً ا؛ ألن هذا اإلضراب قالَ " :وإا ْ َر ِ
المعنى فيه خالف ،فأثبت هذا المعنى اإلضراب ل(أو) الكوفيون ،والفارسي،
وابن جني يف مثل ما ذكرنا من قبل.
وروى الفراء عن بعض العرب أنه قال" :اةهب إلى ه د أو د هَا فال
برو الي م"؛ إذا كانت مكتوبة أو قرأهتا متواصلة ما يتبين المعنى" ،اةهب إلى ه د
المتكلم ُيبين المعنى بنربات صوته" ،اةهب إلى
أو د هَا فال برو الي م" لكن ُ
ه د...،أو د هَا فال برو الي م" ،قال" :اةهب إلى ه د ،أو...د هَا فال برو
e f شرح ألفية ابن مالك
389h
g
الي م" ،قال" :اةهب إلى ه د" ،ثم أضرب عن ذلك ،فقال" :أو أ رَ هَا فال
برو الي م" ،ف(أو) هنا بمعنى "بق ا رَ هَا فال برو الي م" ،وهذا االستعمال
ُ
نستعمل (أو) إضرابي ًة بمعنى (بل). كثير جدًّ ا عندنا اآلن يف االستعمال،
ٌ
سافر الي م أو دم يُ" ،ظهرت (أو) أهنا إضرابية بمعنى
مثال" :أنا دم ِ
تقول ً
سافر الي م أم دم يُ" ،هذا المكتوب ،لكن كيف نقولها يف
(بل)؟ ما ظهرت" ،أنا دم ِ
سافر الي م...أو م يُ م يُ" ،فتبين اإلضراب ،إهنا النربة ،نعم
النطق؟ تقول" :أنا دم ِ
كثيرا ،دراسة الصوت، النربة ُمهمة جدً ا ،ابن جني وفقهاء العربية يهتمون بذلك ً
الصوت ال شك أنه يؤثر يف المعنى ،لكن عند الكتابة ما تستطيع أن ُتبين كل ذلك.
فإذا ُقلت " :د
سٌسافر الي م" ،وأقول" :أنا الي م دمسافر أو...أو م يُ م يُ"
يعني أضربت عن الكالم السابق و ُقلت" :بق دم يُ م يُ".
مثال لزميلك" :أفعق َا..أو أق ل لك :أجلس" ،فيكون إضرا ًبا
وتقول ً
على ذلكُ ،قلنا الكوفيون وبعض البصريون أثبتوا هذا المعنى ل(أو) ُمطل ًقا ،أن
(أو) تأيت إضرابي ًة بمعنى (بل) ُمطل ًقا يعني يف كل األساليب إذا دل المعنى على
ذلك.
سيب ه ة ر هَا المعنى معنى اإل راب ل(أو) ولُن ده قيد ده ب ر ين:
-أَّ دسبق بنفي أو ن ي.
-وأَّ د عاد العامق.
أن ُتسبق ٍ
بنفي أو ٍ
هني يعني ليس يف كل أسلوب؛ ال ،يف هذين األسلوبين :أن
ُتسبق (أو) ٍ
بنهي أو ٍ
نفي ،وأن ُيعاد العامل ،يعني أن ُيعاد العامل بعد (أو).
-مثال ذلك أن تقول" :ا َهب الي م ،أو ا َهب غدا" ،ف(أو) هنا يقول
بنفي أو ٍ
هني إضرابية ،عنده يكون معناها إضرابية ما تكون شي ًئا آخر ،إذا ُسبقت ٍ
شرح ألفية ابن مالك e f
g
390h
ٍ
حينئذ إضرابية. وكُرر العامل ف(أو)
ذهبت أمس" ،فهي إضرابية يعني (بل) ما
ُ ذهبت اليوم ،أو ما
ُ أو أن تقول" :ما
ذهبت أمس.
ُ
"فظق د اة اللحُ" الذين يطهون اللحم" ،من بين دمناج"ُ :ينضج الشواء،
وبعضهم يطبخ بالقدر هذا الذي أراد أن يقول ،و(أو) هنا جاءت بعد (بين) إ ًذا فهي
شرح ألفية ابن مالك e f
g
392h
بمعنى (الواو).
قوله( :ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ
ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ) [الن ر ،]61:اآلية ،ما معنى(أو) فيها؟ اإلباحة.
قال( :ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ
ﮄ) [المائدة ]33:ما جزاءهم؟ (ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ
ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒﮓ) [المائدة( ،]33:أو) هنا ما معناها؟
التخيير ،يعني الذين ُيفسدون يف األرض نعمل هبم واحدً ا من هذه األربعة.
الب.)00:70:30@( :
ال يخ :التنويع ،ال لكانت بمعنى (الواو) ،يعني أي واحد يفسد يف األرض
نقتله ونصلبه ونُقطعه ،وننفيه؟! كيف ننفيه بعد أن قتلناه وصلبناه؟! ال ،ال أريدك
أن تشرح لي اآلية ،أريد لك أن تذكر (أو) بنا ًء على الذي درسناه اآلن يف معاين
تخييرا.
ً (أو) ما معناها؟ ال ،تخيير؟! ال ،تخيير خطأ؛ ليست
شرح ألفية ابن مالك e f
g
394h
هي التنويع لكن على معنى التفصيل ،هنا التنويع على معنى التفصيل ،هذا
الذي ُقلنا لك من قبل :يقال لبعضهم ُيفصل بين التنويع والتفصيل ،التفصيل،
والمعنى واهلل أعلم كما قال ابن عباس ،وكما عليه الجمهور يعني( :ﭻ ﭼ
ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ) [المائدة ]33:إن
قتلوا (ﮇ ﮈ) إن قتلوا وسرقوا( ،ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ
ﮎ) إن سرقوا (ﮏ ﮐ ﮑ ﮒﮓ) ،إن أخافوا ولم يقتلوا ولم يسرقوا،
فهي للتفصيل.
¹
e f شرح ألفية ابن مالك
395h
g
الدرس التسعون
بسُ اهلل الرحمن الرحيُ ،الحمد هلل رب العالمين ،والصالة والسالم على نبينا
محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين ،أما بعد:
وسالم عليكم ورحمة اهلل وبركاته ،حياكم اهلل وبياكم يف هذه الليلة الثانية من
ٍ
وأربعمائة وألف ،ونحن يف جامع ليالي ُجمادى اآلخرة ،من سنة ثالث وثالثين
الراجح يف مدينة الرياض؛ نعقد بحمد اهلل وتوفيقه الدرس المتم التسعين ،من
دروس شرح ألفية ابن مالك-عليه رحمة اهلل تعالى ،-والزال الكالم يا إخوان
على باب "عطف النسق".
ٍ
خمسة ذكرنا من قبل أن ابن مالك عقد هذا الباب باب النسق يف
وعشرين بيتًا ،شرحنا يف الدروس السابقة ثالثة عشر بيتًا منها ،ونُكمل الليلة شرح
ما تيسر من بقية هذا الباب إن شاء اهلل تعالى ،ويف البداية كالعادة سنقرأ تلك
األبيات التي نأ ُمل أن نشرحها يف هذه الليلة.
قال ابن مالك يف باب عطف النسق:
فاللللي ن َْحلللل ا إا َّمللللا اة َوإا َّمللللا النَّائَيالللل ْة لللللد إا َّمللللللا ال ََّانا َيلللللل ْة
لللللق َأو ال َ صل ا
ْ َو ام َْل د
لللللرا ا ا و َأ ا ا
أو إ ْ َبا َللللل َ للللللالَ نلللللدَ اء أو َأ ْم َ للللللن َن ْف َيللللللل أو َن ْ َيللللللل َواَ ول لُل ْ َ
دلللن فالللي َم ْر َبلللع َبلللق َ ْي َ لللا لللُ أ ْ َ َل ْ لللللح َب ْي َ ا
لللللن َب ْعلللللدَ َم ْص د
ا
َو َبلللللق َلُ ْ
الَ الللي ا ا للللُ ا َ َّو ال َوا ْن د لللللق با َ لللللا لال ََّل ا
الم َْ َبللت َوا َ ْمللر َ فللي الخَ َب لرا د للللاَّ دح ُْل َ
شرح ألفية ابن مالك e f
g
396h
المنْ َف اصلق ت َفا ْف اصق با َّ ا
الالم ْيرا د َع َط ْف َ للم ْيرا َر ْفللع دمع اَّصللق
.557وإا َّْ ع َلللى َ ا
َ َ
فاللي الللنَّ ْظ اُ َفا ا لل ْي َو َ لل ْع َف ده ا ْع َع ا للدْ َ .558أو َف ا
اصللق َّمللا َوباللالَ َف ْصللق َ للرا ْد
للم ْيرا َم ْفلللض ا اَه َمللل َقلللدْ دج اعلللالَ َل ا َ .559و َع دد َمافاض َلدَ َع ْطف َع َللى
فاللي الللنَّ ْظ اُ والنَّ َْللرا الص ا
للح ْيحا دم َْ َبعَللا َ .560و َل ْي َس اعن اْلد ا اَه َمل إا ْة َقلدْ َأ َلى
َّ َ
ذكر يف هذه األبيات بقية حروف العطف؛ إذ بدأ بسردها و ُيكملها يف
المتعلقة بباب عطف عطف النسق ،يف أول
هذه األبيات ثم يذكُر شي ًئا من األحكام ُ
هذه األبيات قال:
فالللي ن َْحللل ا إا َّمللللا اة َوإا َّملللا النَّائَيالللل ْة لللللد إا َّملللللا ال ََّانا َيللللل ْة
لللللق َأو ال َ ص ا
ْ َو ام َْ د
قال هذا البيت بعد أن ذكر من قبل (أو) من حروف العطف وذكر معانيها ،ثم
قال بعد ذلك ُمباشرةَ ":و ام َْ دق َأو ال َ ْص اد إا َّما ال ََّانا َي ْة" ،يريد أن يقول :إن (إما)
الثانية يف نحو هذا المثال " :وج إما ه وإما النائية" ،أو "مَ إما ه وإما
النائية" ،إما الثانية يف مثل هذا األسلوب القصدُ منها :أي معناها ،معناها :معنى
(أو) يف معانيها المشهورة التي ذكرناها من قبل ،فقد ذكرنا من قبل ل(أو) عدة
ختلف فيها.
ٌ ٍ
معان ُم ٍ
معان مشهورة ،ومنها معاين ،منها
ف(إما) مثل (أو) يف هذه المعاين المشهورة يعني أهنا تأيت ك(أو) للتخيير،
ولإلباحة ،وللتقسيم ،وللشك ،واإلهبام ،واألمثلة مثل أمثلة (أو).
-فتأيت للتخيير كأن تقول " :وج إما هَه وإما أمع ا" ،أو تقول" :مَ من
مالي إما درهما ،وإما د نارا".
-وتأيت لإلباحة كأن تقول" :جالس إما الحسن ،وإما ابن سير ن".
حرف".
ِ اسُ ،وإما ِ
فعق ،وإما -وتأيت للتقسيم ،كأن تقول" :الُلمة إما ِ
e f شرح ألفية ابن مالك
397h
g
-وتأيت لإلهبام والشك ،كأن تقول" :جاء إما ه د ،وإما عمرو" ،وعرفنا الفرق
بين الشك واإلهبام من قبل.
فإةا عرفنا ةلك فن ل :إَّ النح ين امعلف ا يف (إما) الَانية هَه؛ هق
هي من حروف العطف أم ا؟ على ق لين:
-فٌ َر النح ين روَّ :أن (إما) الثانية هذه من حروف العطف يروهنا من
المحققين من النحويين إهنا ليست من حروف بعض ُ
حروف العطف ،وقال ُ
سبب خال ُفهم فيها :هو أهنا تلز ُم (الواو) ،تقول" :جالس
وسبب الخالف ُ
ُ العطف،
المتفق عليه أن حروف العطف ال
إما الحسن ،وإما ابن سير ن" ،تلز ُم (الواو) ومن ُ
ُ
يدخل بعضها على بعض.
-فٌ َر النح ين قال ا :إن حرف العطف يف هذا األسلوب( :إما) ،و(الواو)
قالوا :زائدة ألن المعنى يف مثل هذا األسلوب للواو أم ل(إما)؟ المعنى ل(إما)
فجعلوا العطف مع المعنى.
المح ين من النح ين الفارسي" :إهنا ال تكون من حروف بعض د-وقال د
فحرف العطف يف هذا األسلوب هو (الواو) وأما
ُ العطف؛ ألهنا مالزم ٌة للواو،
حرف لهذه المعاين وليست من حروف العطف ،ف ُيقال يف نحو" :جالس
ٌ (إما) فإهنا
إما الحسن وإما ابن سير ن"( ،الواو) حرف عطف ،و(إما) حرف إباحة فقط.
-وعلى ق ل أ َر النح ين ُيقال يف مثل ذلك" :وإما ابن سير ن" ُيقال:
ٍ
عطف وإباحة ،والذي يبدو-واهلل أعلم -أن حرف
ُ رف زائد ،و(إما)
(ال او) ح ٌ
القول الثاين :هو األرجح ،وهو أن (إما) ال تكون من حروف العطف لمالزمتها
إثبات ُح ٍ
كم ل(إما) بال دا ٍع وهو ُ لح ٍ
كم بال داعٍ ،يف ذلك (الواو)؛ ألن يف ذلك إثبا ًتا ُ
إخراج لها عن
ٌ وإخراج (الواو) عن العطف
ُ إثبات العطف هبا مع وجود (الواو)،
ُ
شرح ألفية ابن مالك e f
g
398h
أصلها ،ففيها محذوران.
المح ين :ف(الواو) بقيت على أصلها عاطفة ،و(إما) ا
-أما على ق ل بعض د
ثبت لها هذا المعنى الذي جاءت له:
أصال أهنا من حروف العطف ف ُي ُ
ً لم يث ُبت
حرف تقسيم ،أو غير ذلك.
ُ حرف إباحة ،أو
ُ
-أما ابن مالك يف األلفية فاختار أي القولين؟ أهنا من حروف العطف
المحققين؟ عطف،
قول األكثرين ،أم أهنا ليست من حروف العطف كقول بعض ُ
نعم.
الب.)00:11:16@( :
ال يخ :ما هناك اجتها ٌد آخر؟ ماذا قال ابن مالك؟ قالَ " :و ام َْ دق َأو ال َ ْص اد إا َّما
ال ََّانا َي ْة" ،ماذا يعني بقوله" :يف ال صد"؟ أي يف المعنى ،يف المعنى ،ولو أراد قول
الجمهور لكان يقول " :د
ومَق أو يف ال صد والعطف إما الَانية" ،فالجمهور
يقولون :إن (إما) ك(أو) يف العطف والمعنى ،واآلخرون يقولون :ال ،هي مثل (أو)
يف المعنى دون العطف ،نعم.
فعرفنا هَا الخالف وعرفنا ما نبني عليه يف اإلعراب ،نعُ ،فإَّ قيق :فإةا انت
إما عند ابن مالك ليست من حروف العطف فلماةا ة رها دهنا يف باب النسق؟
اب عن ةلك من أوجه:
فالَ د
-إما ل ج د الخالف.
-أو لُ ن ا يف المعنى َ(أو) فنبه على ةلك من باب العنبيه.
ثم انتقل بعد ذلك إلى حرف العطف اآليت وهو (لكن) الساكنة النون،
وحرف العطف (ال) فهما حرفان من حروف العطف لكن بسكون النون و(ال)،
قال فيهما:
e f شرح ألفية ابن مالك
399h
g
لللللرا ا ا و َأ ا ا
أو إ ْ َبا َللللل َلللللالَ نلللللدَ اء أو َأ ْم َ لللللن َن ْف َيللللل أو َن ْ َيللللل َواَ
ول لُ ْ َ
قال عن (لكن) يقول" :لُن َو َأ ا
ول َن ْف َي أو َن ْ َي " ،هذه (لكن) وأما (ال) من
حروف العطف؟ قال( :ال) هذا الحرف يتلو النداء أو األمر أو اإلثبات؛ هذا معنى
البيت ،إ ًذا فتكلم يف هذا البيت على حرفين (لك ْن) بسكون النون ،وال تبدأ
ب(لكن).
عطف به بعد اإلثبات،
عطف به بعد النفي أو النهي فقط ،يعني ال ُي ُ
أما (لك ْن) ف ُي ُ
نفي أو ٍ
هني ،أما إذا جاء بعد اإلثبات فال (ال) يكون حرف عطف إال إذا كان بعد ٍ
عمرو":
ِ يكون حرف عطف ،مثال ذلك أن تقول" :ما جاء ه دِ لُن
"ما جاء ه دِ " :هذا منفي.
حرف عطف.
ُ "لُن":
عمرو" :معطوف ،هذا بعد النفي.
ِ "
ل" :ا ارب ه دا لُن عمرا"؛ فهي من حروف ومَال ده بعد الن ي أَّ
العطف ولكن ما داللته؟ يدل على ماذا؟ يدُ ل على نفي الفعل عما قبله ،وإثباته لما
عمرو" :تثبت ،ف(لكن) ينفي الفعل عما
ِ بعده " ،ل ما جاء ه دِ " تنفي" ،لُن
قبله ،و ُيثبته لما بعده.
وأنتم تعرفون أن (لكن) حرف استدراك؛ فعلى ذلك ماذا تقول عن (لكن) يف
ٍ
عطف حرف
ُ عمرو" ،أعرب (لكن)؟ تقول: مثل هذا األسلوب "ما جاء ه دِ لُن
ِ
واستدراك ،حرف عطف ،يعني هذا عمله ،واستدراك هذا معناه ،كما تقول يف (لم)
حرف جز ٍم وهني وهكذا.
ُ حرف جز ٍم ونفي ،وكما تقول يف (ال) الناهية:
ُ
الجمل األسمية،
(لكن) الثقيلة فهذه من أخوات (إن) ال تدخل إال على ُ
ًّ أما
المراد هنا ف(لك ْن) تدخل على ج ٍ
ملة فعلية ،وال ُ يعني ال ُ
تدخل على ُمفرد ،أما ُ ُ
شرح ألفية ابن مالك e f
g
400 h
هذه (لك ْن) ساكنة النون يأيت بعدها ُمفرد فتكون من حروف العطف؛ فإن جاء
بعدها ُجملة فتكون حرف ابتداء ال حرف عطف كما سيأيت.
إ ًذا فقلنا :عن (لك ْن) إهنا تعطف بشرط أن ُتسبق ٍ
بنفي أو ٍ
هني دون إثبات،
ُ
شرتط ومعناها وداللتها ما ذكرنا من أهنا تنفي الفعل عما قبله ،و ُتثبت ُه لما بعدها ،و ُي
ننص عليهُ ،يشرتط ٌ
شرط معروف لكن ُ لكوهنا عاطفة أن ال ُتسبق ب(الواو) هذا
لكوهنا عاطف ًة أن ال ُتسبق ب(الواو) فإن ُسبقت ب(الواو) فتكون (الواو) حرف
ٍ
استدراك فقط. العطف و(لك ْن) حرف
نحو" :ما جاء دمحمد ولُن مالد"" ،ما جاء دمحمدِ ولُن مالدِ " ،كيف
يكون اإلعراب يف هذا األسلوب؟ نقول( :الواو) هو حرف العطف ،و(لك ْن)
حرف استدراك فقط ،حرف استدراك.
ُ
لُن عند الَم ر :ال ،هذه الجملة ما ُتسمى هبذه الطريقة ،عند ُ
الجمهور ال
عمرو" ال ُيقال كذا؟ وإنما ُتستعمل (لك ْن) حرف عطف
ِ ُيقال" :جاء دمحمدِ لُن
بعد النفي والنهي فقط.
قلنا :انتهى ابن مالك من سرد حروف العطف وبيان معانيها ،بعد ذلك
يف أخر هذا الباب سيذكُر بعض األحكام لباب عطف النسق؛ فيبدأ بالكالم على
تعطف على الضمير؟ فقال:
ُ بيان العطف على الضمير ،كيف
e f شرح ألفية ابن مالك
407h
g
مررَ برجق
د ومن ذلك ما حكا ُه سيبويه عن بعض العرب أنه قال" :
س اء والعد دم":
مررَ :ف ٌ
عل وفاعل. د
جار ومجرور.
برجقٌ :
ٍ
مستو ،واسم الفاعل سواء هذا يف األصل مصدر بمعنى اسم الفاعل ٍ س اء:
ٍ
مستو يعمل عمل الفعل يعني البد له من فاعل ،فأين فاع ُله؟ فاعل ُه مسترت ،يعني
ٍ
مستو هو ،يعني يستوي هو والعد ُم" ،مسع والعد دم" ،فقول ُه" :والعدم": ٍ
سواء هو
هذا عطف ،عطف على الضمير المسترت دون فاصل.
ٍ
سواء هو مررت برج ٍل
ُ ولو جاء الكالم على الجادة وعلى الكثير كان يقول" :
والعد ُم".
وعمر،
بُر د
د مرجت وأب
د وعمر،
نت وأب بُر د
وجاء يف صحيح ال ُبخاري « :د
سمعت
د وعمر» ،من رواية ٍ
علي◙ ،قال« :ا أحصي ما دملت وأب بُر د
د
دملت وأب
د وعمر،
بُر د
د مرجت وأب
د وعمر،
نت وأب بُر د
رس ل اهلل يقول « :د
e f شرح ألفية ابن مالك
413h
g
بُر و دعمر».
دملت :هذه فاعل ،وأب :عطف أبو على
د دملت وأب بُر»:
د نت وأب بُر،
« د
ضمير الرفع المتصل بال فاصل ،هذا يف النثر.
مررَ برجق س ا ِء والعدم" ،هذا قليل.
د -ما يف إا ق ل العرب" :
أما الحديث فأنتم تعرفون ،االستشهاد بالحديث واإلشكال يف ذلك ،ون ُ
ُمثل
هبذا الحديث ،فهذا الحديث رواه اإلمام ال ُبخاري يف صحيحه يف أربعة مواضع،
نت وأب بُر و دعمر، ٍ
بإسناد واحد يف جميع المواضع ،جاء يف كل المواضع « :د
نت وأب
وعمر» ،ثم جاء يف موضع « :د
مرجت وأب بُر د د بُر و دعمر،
د دملت وأب
د
دملت وأب بُر» ،فماذا ُيقال يف ذلك؟
د بُر،
د مرجت وأب
د بُر،
ال ما قال المحد َّ أجمع َّ :هذا من تصرف الرواة ،الراوي ربما يرى
جواز ذلك؛ هذا من تصرف الرواة ،الراوي ربما يرى جواز ذلك ،هذه المشكلة،
هذه المشكلة يعني ليس الطعن فقط أنه أعجمي أو ال يعرف العربية؛ ال ،قد يكون
عالما وعار ًفا بالعربية ،لكنه ربما أنه يقول هذا القول من رأيه يعني هو يرى
الراوي ً
جواز هذا األمر؛ ف ُيغير بنا ًء على رأيه ،فلهذا ال يجوز أن تؤخذ اللغة غال عن ُمحتجٍ
به ،يعني إنسان ال يستطيع أن ُيخطئ يتكلم بالسليقة؛ هذا ُيحتج به.
أما إنسان يتكلم بعلمه حتى لو أتانا ابن مالك ،ولو أتانا ابن هشام ما احتججنا
بكالمه؛ ألنه يتكلم بعلمه ،فهو يرى جواز ذلك فيقول عليه ،ويرى منع ذلك فال
بحجة.
يقول عليه فليس ُ
ال ،طب ًعا ال خالف أن النبي أفصح ال ُفصحاء ،واهلل يكفي أنه
حتج بكالمهم؛ فكيف إذا كان أفصح الفصحاء يف العرب ال
من العرب؛ والعرب ُم ٌ
بحجة هذا ال يخالف فيه أحد ،وإنما
شك فليس الخالف يف كونه ُحجة أو ليس ُ
شرح ألفية ابن مالك e f
g
414 h
الخالف هل هذا هو لفظه أم ال؟
وهكذا ُيقال يف بقية ما روي عن العرب؛ أي أمر مر بعيد عن العرب وال يث ُبت
حتج به؛ إال أن ما روي عن
نثرا ،إذا لم يثبت عن العرب ال ُي ُ شعراً ،
ال ُيحتج بهً :
شعر ٍ
ونثر لم ُيجز أحد من الرواة روايت ُه بالمعنى ،ال أحد ُيجيز أن يروى العرب من ٍ
مثال ،أو المثل ،أو الحكمة تروى بالمعنى؛ ال ،القرآن لم ُيجز أحدٌ
الشعر بالمعنى ً
روايته بالمعنى.
المحدثين أجازوا الرواية بالمعنى؛ فلهذا ابن حجر ال
أما الحديث فجماهير ُ
ٍ
بشروط ال ُتنجي، ُتحصي يف فتح الباري قوله وهذا من تصرف الرواة؛ بشروط،
ٍ
بشروط ال ُتنجي–ال ُتنجي عند النحويين طب ًعا -ألهنم كان تركيزهم على المعنى:
أن يكون عار ًفا بمعاين الكالم فال ُيحيل المعنى...إلى آخره.
ٍ
شيء ُيعيدوهنا إلى علم الراوي ،ال ُيعيدوهنا إلى كون ولكن يبقى أنه كل
مثال-فقط ُمجرد مثال فقط -لو أتى ٍ
راو وكذب ،أتى آت ً الراوي حجة يعني لو أتى ٍ
ُ
أعرابي من العرب وكذب على النبي وقال" :قال النبي َا
بحجة؟
و َا"؛ فهل هذا ُحجة أم ليس ُ
بحجة ،يف اللغة ُحجة ألنه من كالم هذايف الل ُغة ُحجة ،يف الدين ليس ُ
األعرابي؛ ألن العرب ُحجة يف داخل جزيرة العرب إلى قبل ،..إلى سنة (مائة
وخمسين) ُحجة يف كالمهم ألهنم ال يلحنوا ،وال ُيخطئوا يف كالمهم؛ فلهذا اتفق
أهل اللغة والنحو على أن العربي إذا غير البيت؛ فالبيت ُحجة وتغيير العربي ُحجة.
ينسب
ُ المتقدمين أن تجد منهم من
فلهذا ال تجد أو يعني يندر يف النحويين ُ
البيت إلى قائله كسيبويه ،سيبويه لم ينسب األبيات التي ذكرها؛ ذكر (ألف
قليال منها ،قالوا:
ينسب شي ًئا منها ،أو نسب شي ًئا ً
وخمسمائة) بيت من الشعر لم ُ
e f شرح ألفية ابن مالك
415 h
g
السبب يف ذلك :اهنم يعلمون أن العرب غيرت يف هذه األشعار؛ فال يريد أن يقول
قال فالن وهو ُمغير؛ بل إن النحويين وسيبويه يف مواضع كثيرة جدً ا من كتابه،
يقول" :ومن ذلك قول العرب" ،ثم يأيت ببيت من الشعر:
ا لللب أ لللنعا إةا لللاَّ ملللا ةا بنلللي أسلللد هلللق علمللل َّ بالءنلللا
ا ب وسمعت بعض العرب" يقول" :إةا اَّ ِم ةو د قال سيبويه" :
تغيير من هذا
ٌ أ نعا" ،طيب هذا الذي قاله العربي هو الذي قاله الشاعر؟ أم
تغيير منه :حسب لغته ،حسب فصاحته ،لكن الذي قاله الشاعر ُحجة ٌ العربي؟
باتفاق ،والذي غير إليه العربي ُحجة باتفاق؛ ألن هنا يعني مناط االحتجاج باللغة
وليس بالمعنى ،ليس بالمعنى.
بمناسبة ليس بالمعنى يف قصة ما ذكر ُتها أو لم أذكرها أو ذكرهتا يف مكان آخر:
سألني أحد األخوة المشايخ قال" :هل يأيت "فعيق وصفا"؟ صيغة ُمبالغة؟ هل
يأيت فعيل صيغة ُمبالغة؟ هل يأيت فعيل صيغة ُمبالغة؟ قلت" :نعم ،لكنه ليس من
ٍ
وسكير ،فضحك وتعجب! ٍ
كصديق الصيغ القياسية الكثيرة ،قالُ :
مثل ماذا؟ قل ُت:
قال :كيف تجمع بين صديق وسكير؟! قلت :أنا أنظر للغة ،لم أنظر إلى المعنى.
فدعونا نُكمل يا إخوان؛ إ ًذا يف هذين البيتين تكلم ابن مالك على ماذا؟ على
المتصل ال
الحكم ،أما ضمير النصب ُ
المتصل ،عرفنا ُ
العطف على ضمير الرفع ُ
ُ
شرتط فيه شيء؛ تعطف بفاصل وبغير فاصل وبدون شرط.ُي
المتصل؟ هذا هو
المتصل ،كيف تعطف على ضمير الجر ُ
بقي ضمير الجر ُ
الذي يذكر ُه ابن مالك يف البيتين التاليين فيقول:
للم ْيرا َم ْفللض ا اَه َملل َقللدْ دج اعللالَ َ ا َو َع ل دد َمللافاض َلللدَ َع ْطللف َع َلللى
فاللي الللنَّ ْظ اُ والنَّ َْللرا الص ا
للح ْيحا دم َْ َبعَللا و َلللليس اعنْل ا
للد ا اَه َمللل إا ْة َقلللدْ َأ َ لللى
َّ َ َ ْ َ
شرح ألفية ابن مالك e f
g
416h
المتصل ،أو كما قال" :ضمير الخفض
يتكلم عن العطف على ضمير الجر ُ
المتصل ،الجر والخفض ُمصطلحان ُيقصدُ هبما شي ٌء واحد ،فذكر أن أكثر
ُ
النحويين يوجب و ُيلزم إعادة الجار مع المعطوف ،إذا عطفت على ضمير ٍ
جر
ُمتصل البد أن ُتعيد مع المعطوف الجار؛ الذي جر الضمير ُ
المتصل.
مررَ بك وه د".
د مررَ بك وب د" ،وال تقول" :
د -تقول" :
وأما على قراءة حمزة( :ﭥ ﭦ ﭧ ﭨﭩ)؛ فاحتج هؤالء وقالوا عن
األرحام معطوف ٌة على الهاء يف (به) ومع ذلك عطف بال إعادة الجار ،قال" :به
واألرحا ِم".
ولو جاء الكالم على ما يوجب ُه الجمهور لكان ُيقال" :اتقوا اهلل الذي تساءلون
به وباألرحا ِم" ،واآلية –أقصد القراءةُ -خرجت على غير ذلك ،فليس الدليل هبا
قائما ،فقيل :إن (الواو) واو القسم ،وهلل أن ُيقسم بما شاء ،أقسم هنا ً
باألرحام ،إال أن االحتجاج باآلية يقويه –االحتجاج باآلية يقويه أن معناها سيكون
قري ًبا من معنى قراءة الجمهور ،وجعلوا (الواو) واو القسم ُيبعدها عن معنى قراءة
الجمهور.
واهلل أعلُ وصلى اهلل وسلُ على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
¹
شرح ألفية ابن مالك e f
g
418h
الحمد هلل رب العالمين ،والصالة والسالم على نبينا محمد ،وعلى آله
وأصحابه أجمعين.
أما بعد:
فالسالم عليكم ورحمة اهلل وبركاته ،وحياكم اهلل وب ّياكم يف ليلة اإلثنين ،التاسع
ثالث وثالثين وأربعمائة وألف يف جامع ٍ من شهر جمادى اآلخرة من سنة
الراجحي يف مدينة الرياض ،لنعقد–بحمد اهلل وتوفيقه -الدرس الحادي والتسعين
من دروس شرح ألفية ابن مالك –عليه رحمة اهلل.-
متواصال على باب عطف النسق ،الذي عقده ابن مالك
ً وال زال الكالم
يبق منها إال القليل. ٍ
خمسة وعشرين بيتًا ،وقد شرحنا أكثرها ،ولم َ يف
سنبدأ بمواصلة الشرح لبيتين بدأنا بشرحهما يف الدرس الماضي ،ثم نكمل-
إن شاء اهلل تعالى -بشرح األبيات الباقية من هذا الباب ،وهي أربعة أبيات،
فمجموع األبيات التي سنشرحها يف هذا الدرس إن شاء اهلل تعالى ستة أبيات ،نبدأ
الدرس كالمعتاد بقراءهتا ،قال ابن مالك يف ألفيته يف باب عطف النسق:
لللم ْيرا َم ْفللللض ا اَهمللللا َقللللدْ دج اعللللالَ َل ا َو َعلللل دد َمللللافاض َلللللدَ َع ْطللللف َع َلللللى
فالللي اللللنَّ ْظ اُ والنَّ َْلللرا الص ا
لللح ْيحا دم َْ َبعَلللا و َلللللليس اعنْل ا
للللد ا اَهملللللا إا ْة َقلللللدْ َأ َ لللللى
َّ َ َ ْ َ
e f شرح ألفية ابن مالك
419h
g
قد ُتخرج القراءة على معنى وحكم ،والقراءة األخرى لآلية نفسها قد ُت َ
خرج
معنى آخر وحكم ،هذا وارد وال إشكال فيه.
ً على
ومن الشواهد على قول الكوفيين قول الشاعر:
فاةهللب فمللا بللك وا للام مللن عَللب فللللالي م قربللللت َ نللللا و للللعمنا
(فما بك واأليام)؛ فالكاف يف بك ضمير جر ،ثم عطف عليه فقال :واأليام بال
الجار (الباء) ،ولو جاء على جادة الكالم لكان يقول :فاذهب فما بك
ّ إعادة
وباأليامِ ،وهذا شعر.
فع ّلفتها ّ
ضمنها معنى كلمة تعمل يف التبن والماء ،كنحو :أعطيتها تبنًا وما ًء ،أو
أطعمتها تبنًا وما ًء ،والطعام ُيطلق على المأكول ،و ُيطلق على المشروب يف اللغة
ويف النصوص الشرعية ،كقوله تعالى( :ﭟ ﭠ ﭡ) [الب رة ،]249:عندما
مروا بالنهر؛ أي فمن لم يشرب منه.
َ
والعيون) ،العطف عطف مفردات ،والتصرف ويف قوله( :زججن الحواجب
حس َّن
جملنّ ،
مثال ،أو ّ
حس ّن ً
ضمن زججن كلمة ّ
صار يف العامل األول بالتضمينّ ،
الحواجب والعيون ،ونحو ذلك.
وقال ( :ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ
ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ) [الفرقاَّ ،]10:عن نبينا محمد ،
ٍ
ماض( ،ﯦ (ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ) ،إن شاء ماذا فعل؟ (ﯤ ﯥ ﯦ) ،فعل
ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ) ،فعطف الفعل
الماضي يجعل عطف مفردات على الفعل الماضي جعل ،جعل ما إعرابه؟ (ﯤ
e f شرح ألفية ابن مالك
435h
g
ﯥ ﯦ) ،جواب الشرط ،فمحله الجزم ،فلهذا عطف بالجزم فقال( :ﯰ
ﯱ ﯲ) ،قراءة بعض السبعة ،بالسكون ،هذه قراءة سبعية.
ويف قراءة سبعية أمر ( :ﯰ ﯱ ﯲ) ،تبارك الذي إن شاء جعل لك
ٍ
حينئذ عطف جمل ،هم يسموهنا قصورا ،فالواو ُ
ويجعل لك خيرا من ذلك جنات
ً ً
ُ
فيجعل على ذلك مضارع استئنافية ،يعني عطف جمل ،عطفت جملة على جملة،
لم ُيسبق بناصب وال بجازم ،فهو مرفوع ،وعطف هذه الجملة على الجملة
السابقة.
هَا ما ععلق بعطف الفعق على الفعقُ ُ ،لُ ابن مالك على عطف الفعق
على ااسُ ،وعلى عطف ااسُ على الفعق ،ف ال:
َو َعُْسلللللا ْاسللللل َع ْع امق ا
ََلللللدْ ده َسللللل ْ الَ لف َع َلللى ْاسللُ ا لل ْب اه فا ْعللق فا ْعللالَ
َوا ْعطال ْ
فعال فعال على ٍ
اسم يشبه الفعل ،اعطف ً فعال على ماذا؟ اعطف ً
يقول :اعطف ً
فعال على ٍ
اسم يشبه الفعل ،ما األسماء التي تشبه على ٍ
اسم شبه فعلٍ ،يعني اعطف ً
األفعال؟ هي األوصاف ،األسماء المشتقة التي تعمل عمل الفعل ،قلنا األوصاف،
جمع وصف وهي:
اسم الفاعل ،ومن اسم الفاعل الصيغ المبالغة ،واسم المفعول والصفة
المشبهة ،واسم التفضيل ،هذه األوصاف ،األسماء التي تشبه األفعال.
يجوز أن تعطف الفعل عليها ،ويجوز أن تعطفها هي على األفعال ،والسبب
مشبها للفعل ،ومن الشواهد على ذلك قوله تعالى:
ً يف ذلك كون هذا االسم
(ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ)
[العاد اَ ،]4-1:فعطف الفعل (أثرن) على اسم الفاعل مغير (المغيرات)،
صبحا فالمثيرات نق ًعا ،المعنى واحد ،لكن
ً والمعنى واهلل أعلم ،فالمغيرات
شرح ألفية ابن مالك e f
g
436h
المغيرات تعبير باالسم ،الوصف ،وأثرن تعبير بالفعل.
(ﭽ ﭾ) ،هذه اسمية أو فعلية أو مفرد؟ اسميةُ ،قدم الخرب شبه الجملة
لكم ،و ُأخر المبتدأ (ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ).
قال الشاعر:
لللت الصللل اب وا أنلللا
ا أنلللت أدر َ للللق ِ
جللللدال با ِ للللا صللللاحبي هللللَا
(ال أنت أدركت الصواب) ،جملة اسمية( ،وال أنا) ،عطف مفرد على مفرد أم
أدركت الصواب.
ُ جملة على جملة؟ جملة على جملة ،أي وال أنا
وهناك بعض العبارات تحتمل أن تكون من عطف المفردات ،وأن تكون من
عطف الجمل ،نعم حرف العطف يصح أن يكون من عطف المفردات وأن يكون
من عطف الجمل ،كقولك( :محمدٌ قام وجلس) ،يصح أن تقول :جلس معطوف
على قام ،ويصح أن تقول :جلس هو معطوفة على قام هو ،يعني جلس مع فاعلها
شرح ألفية ابن مالك e f
g
438h
معطوفة على قام مع فاعله.
م و َلس) ،و َلك ق لك( :أحب أن تجلس وأن تتكلم)، ومَله( :محمدِ
فإن جعلت الواو من عطف الجمل ،فتتكلم منصوب ٌة بماذا؟ أحب أن تجلس وأن
تتكلم فتتكلم منصوبة بأن التي قبلها ،وأن تتكلم جملة معطوفة على أن تجلس،
َ
ويصح أن تجعل الواو من عطف المفردات( ،أحب أن تجلس وأن تتكلم) ،الواو
عطف مفردات ،فتتكلم منصوبة بماذا؟ منصوبة بأن األولى ،تتكلم معطوفة على
تجلس ،والمعطوف له حكم المعطوف عليه ،وأن الثانية هذه زائدة للتأكيد.
قائم) ،فيصح يف الواو أن تجعلها عطف
جالس وخالدٌ ٌ
ٌ وإذا قلت( :إن محمدً ا
قائم) ،جملة اسمية
جالس وخالدٌ ٌ
ٌ مفردات فتستأنف ما بعدها فتقول( :إن محمدً ا
جالس) ،وإن جعلت الواو
ٌ مبتدأ وخرب ،عطفتها على الجملة السابقة (إن محمدً ا
قائم) ،فخالدً ا معطوفة
جالس وخالدً ا ٌ
ٌ من عطف المفردات كنت تقول( :إن محمدً ا
وقائم معطوفة على خرب إن ،والعطف قد يكون عطف
ٌ على اسم إن (محمدً ا)،
كلمة على كلمة ،أو عطف كلمتين على كلمتين ،أو عطف ثالث كلمات على
ثالث كلمات ،ال إشكال يف ذلك.
لو جعلت الواو عطف جمل ستستأنف ،ستجعل ما بعدها جملة اسمية مبتدأ
قائم) ،جملة اسمية معطوفة على الجملة
جالس وخالدٌ ٌ
ٌ وخرب ،فتقول( :إن محمدً ا
قائما) ،إن جعلت الواو عطف جمل
جالسا وخالدٌ ً
ً السابقة ،وتقول( :ليس محمدٌ
جالسا نفي ،وخالدٌ
ً قائم) ،فليس محمدٌ
جالسا ،وخالدٌ ٌ
ً كنت تقول( :ليس محمدٌ
قائم إثبات ،طب ًعا المعنى يختلف ،فعطفت الجملة الثانية المثبتة على الجملة
ٌ
األولى المنفية.
جالسا وخالدٌ
ً وإن جعلت الواو عطف مفردات كنت تقول( :ليس محمدٌ
قائما) ،فنفيت الجملتين ،نفيت هذا ونفيت هذا ،أنت تريد أن تنفي األمرين ،تقول:
ً
e f شرح ألفية ابن مالك
439h
g
قائما) ،نفيت هذا ونفيت هذا ،نعم.
جالسا ،وخالدٌ ً
ً (ليس محمدٌ
الطالب)01:08:06@( :
ال يخ :نعم ،اإلعراب يختلف والمعنى يختلف.
الطالب)01:08:08@( :
ال يخ :قلنا العطف إما أن تجعله عطف مفردات أو عطف جمل ،إن جعلته
قائما)،
جالسا وخالدٌ ً
ً عطف مفردات تجعل الثانية كاألولى ،فتقول( :ليس محمدٌ
جالسا
ً وقائما معطوف على
ً قائما ،فخالدٌ معطوف على محمدٌ ،
يعني وليس خالدٌ ً
عطف مفردات.
وإن جعلت الواو عطف جمل صار الذي بعده جملة مستأنفة جديدة ،جملة
اسمية مبتدأ وخرب ،الواو يقال عنها :الواو حرف استئناف ،عطفت جملة على
جالسا) ،فنفيت عن
ً جالسا ثم تستأنف) ،تقول( :وخالدٌ
ً جملة ،تقول( :ليس محمدٌ
األول وأثبتت للثاين.
قائم) ،فإن جعلت الواو عطف جمل ٌ جالسا وخالدٌ
ً وتقول( :أظن محمدً ا
قائم)،
جالسا) ،ثم تثبت (وخالدٌ ٌ
ً فتظن األول وتثبت الثاين ،تقول( :أظن محمدً ا
جالسا
ً وإن جعلت الواو عطف مفردات جعلت الثاين كاألول (أظن محمدً ا
قائما ،فهذا ما يتعلق بأبيات ابن مالك يف هذا
قائما) ،يعني وأظنه ً
وخالدً ا ً
الباب باب النسق ،وهناك تنبيهات يف آخر هذا الباب نقول منها ما تيسر.
العنبيه ا ول :اختلفوا يف (أي التفسيرية) ،يف نحو قولك( :لقيت الغضنفر أي
األسد ،لقيت لي ًثا أي األسد) ،فأي هذه يراها البصريون وجمهور النحويين على
أهنا حرف تفسير فقط ،يقولون :حرف تفسير ،وما بعدها عطف بيان مما قبلها،
فتقول( :لقيت الغضنفر)ٌ :
فعل وفاعل ومفعول ،أي :حرف تفسير ال محل لها من
شرح ألفية ابن مالك e f
g
440 h
اإلعراب ،األسد :عطف بيان من الغضنفر ،فهو ُمعرب مثله؛ ألن عطف البيان من
التوابع.
وقال الكوفيون إن (أي) التفسيرية من حروف العطف ،فأثبتوها من حروف
العطف ،فعلى ذلك تقول على مذهبهم (لقيت الغضنفر أي األسد) ،أي حرف
عطف ،واألسد معطوف على الغضنفر.
وقول البصريين يف ذلك هو الراجح ألنه المناسب للمعنى.
واهلل أعلُ ،وصلى اهلل وسلُ على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
¹
e f شرح ألفية ابن مالك
441 h
g
بسُ اهلل الرحمن الرحيُ ،الحمد هلل رب العالمين ،والصالة والسالم على نبينا
محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين ،أما بعد:
السالم عليكم ورحمة اهلل وبركاته ،حياكم اهلل وب َّياكم يف هذه الليلة الطيبة؛ ليلة
اإلثنين السادس عشر من شهر جمادى اآلخرة من سنة 1433هـ ،ونحن يف جامع
الراجحي بحي الجزيرة يف مدينة الرياض نعقد بحمد اهلل وتوفيقه الدرس الثاين
والتسعين من دروس شرح ألفية ابن مالك –عليه رحمة اهلل.-
ونحن اآلن يف أذيال يف عطف النسق ،نختمها إن شاء اهلل –تعالى -يف هذه
أيضا يف هذا
الليلة ،ثم نبدأ بـ [باب البدل] الذي نرجو إن شاء اهلل –تعالى -أن ننهيه ً
الدرس.
[باب عطف النسق] كنا قد انتهينا منه يف الدرس الماضي ،ولكن هناك بعض
أحببت أن أذكرها يف هناية هذا الباب.
ُ التنبيهات والملحوظات التي
رَ من ا ملح ة وهي :الكالم على (أي) التفسيرية والخالف فيها.
ة د
الملح ة الَانية :إذا دخلت حروف العطف على جملة فأين تكون حروف
العطف حينئذ؟ يف أول الجملة أو يف أثنائها؟ إذا دخلت حروف العطف على
ٍ
جملة ،فالجملة الثانية المعطوفة أين يقع منها حرف جملة ،أي عطفنا جمل ًة على
العطف ،قبلها أو يف أثنائها؟
شرح ألفية ابن مالك e f
g
442 h
الَ اب :ال شك أنه قبلها؛ ألن المعطوف ال يتقدَّ م على حرف العطف ،فنقول
وخيرا قال) ،ال إشكال،
ً خيرا) ،ونقول( :محمدٌ جلس
جلس وقال ً
َ مثال( :محمدٌ
ً
التقديم والتأخير يف نفس الجملة المعطوفة ،ولم يتقدَّ م شي ٌء على (الواو) ،ال
إشكال يف ذلك.
خيرا وقال)؛ ألن معنى ذلك أن شي ًئا
وا َ ه بحال أَّ ال( :محمدٌ جلس ً
من المعطوف تقدَّ م على حرف العطف ،وهذا ال يجوز.
سكنت) ،ال
ُ (سافرت ويف الفندق
ُ وسكنت يف الفندق) ،أو
ُ (سافرت
ُ تقول:
وسكنت)؛ ألن شي ًئا من
ُ (سافرت يف الفندق
ُ إشكال ،ولكن ال يصح أن يقال:
المعطوف تقدَّ م على حرف العطف ،وهذا ال يجوز.
هذا األمر واضح ،وكان ينبغي ّأال ننبه عليه إال من أجل هذه الملحوظة التي
سأذكرها ،وهي :إذا كان حرف العطف (الواو أو الفاء أو ثم) وكان يف أول الجملة
ٍ
حينئذ أن يبقى الشيء على المعطوفة همزة استفهام ،القاعدة والقياس والجادة
أصله ،أي :أن يكون حرف العطف قبل كل هذه الجملة المبدوءة هبمزة استفهام،
إال أن العرب هنا خالفوا ذلك فقدَّ موا همزة االستفهام على حروف العطف الثالثة
(الواو والفاء وثم).
قلت مَال( :هناك أناس يكذبون وال يرتدعون) عطفت جملة (ال
َ أ :ل
يرتدعون) على جملة (يكذبون) ،والواو جاءت يف أول الجملة المعطوفة ،ال
إشكال يف ذلك ،فإذا أردت أن تعطف جملة (إذا رأوا العقاب ارتدعوا) على ما
أناس يكذبون) هذه الجملة األولى ،الجملة الثانية (إذا رأوا العقاب
سبق (هناك ٌ
ارتدعوا) ،كيف تعطف الجملة الثانية على األولى؟
الجملة الثان ية مبدوءة هبمزة استفهام؟ كأن تقول( :أإذا رأوا العقاب ارتدعوا)،
e f شرح ألفية ابن مالك
443h
g
لكن لو لم يكن يف همزة استفهام كان (إذا رأوا العقاب ارتدعوا) كنت تقول على
القاعدة والقياس( :هناك أناس يكذبون وال يرتدعون وإذا رأوا العقاب ارتدعوا)،
أو (هناك أناس يكذبون وال يرتدعون فإذا رأوا العقاب ارتدعوا)( ،هناك أناس
يكذبون وال يرتدعون ثم إذا رأوا العقاب ارتدعوا) ،كل ذلك على القياس.
لُن ل جعلنا يف أول الَملة الَانية هم ة اسعف ام ،قلنا( :أإذا رأوا العقاب
ارتدعوا) هذه الجملة الثانية مبدوءة هبمزة (أإذا) ،كيف نعطف الثانية على األولى
حينئذ؟ (هناك أناس يكذبون وال يرتدعون) هذه الجملة األولى ،الجملة الثانيةٍ
(أإذا رأوا العقاب ارتدعوا) ،كيف نعطف الثانية على األولى؟ ماذا نقول؟
لو بقينا على القياس وقدمنا حرف العطف يف أول الجملة المعطوفة كنا نقول:
(هناك أناس يكذبون وال يرتدعون وأإذا رأوا العقاب ارتدعوا)( ،فأإذا رأوا) (ثم
أإذا رأوا العقاب ارتدعوا) ،لكن العرب ال تقول ذلك ،وإنما تقدم همزة االستفهام
على حرف العطف هنا فتقول( :هناك أناس يكذبون وال يرتدعون َأوإذا رأوا
العقاب ارتدعوا)( ،أوإذا) أصلها (وإذا) (و) حرف العطف (إذا) ،قدَّ م همزة
االستفهام على حرف العطف (الواو)( ،أوذا رأوا العقاب ارتدعوا)َ ( ،أثم إذا رأوا
العذاب ارتدعوا)( ،أفإذا رأوا العقاب ارتدعوا).
هذا أسلوب عربي مطر ٌد كثير يف الكالم ،قدموا همزة االستفهام يف الجملة
تنبيها على صدارة همزة
ً المعطوفة على حرف العطف يف هذا الموضع فقط
االستفهام.
وال اهد على ةلك كثيرة ،هذا أسلوب كثير جدً ا يف اللغة ،كقوله
( :ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ
ٌ
رسول بما ال ﯤ) [الب رة ،]87:هذه اآلية يف األصل اللغوي (أكلما جاءكم
شرح ألفية ابن مالك e f
g
444 h
هتوى أنفسكم استكربتم) ،جملة استفهامية توبيخية( ،أكلما) ثم دخلت فاء العطف
فأصبحت يف القياس واألصل (فأكلما) ،ألنه ُقدِّ َمت الهمزة على أسلوب العرب
فقيل( :أفكلما).
ومن أمَلة ةلك :مسألة ذكرنا من قبل يف إعمال األسماء العاملة َع َمل أفعالها،
ٍ
محمد المعلمين) اسم الفاعل واسم المفعول والمصدر ،لو قلتُ ( :يعجبني إكرام
أصل الجلمة( :يعجبني أن يكرم محمدٌ المعلمين) ،فإذا قلت( :يعجبني إكرام
فاعل ومفعول ،أما المفعول محمد المعلمين) إكرام :مصدر يعمل عمل فعله ،له ٌ ٍ
به الذي وقع عليه اإلكرام فـ (المعلمين) ،فأين فاعل إكرام؟ أين الذي فعل
اإلكرام؟ محمد ،إال أنه ُأضيف إلى المصدر ،والمصدر كما قلنا يجوز أن يضاف
إلى فاعله وهذا األكثر ،ويجوز أن يضاف إلى مفعوله وهذا قليل.
فمحمد هنا :هو الفاعل ،إال أنه ُأضيف إلى المصدر ،فإذا أردت أن ُت ْتبِع
(محمد) بمعطوف أو بنعت أو بغير ذلك جاز لك أن تراعي المحل وهو الرفع؛
ألنه فاعل ،وجاز لك أن تراعي اللفظ؛ ألنه مضاف إليه مجرور ،فتقول( :يعجبني
ٍ
محمد وخالدٌ المعلمين)، ٍ
وخالد المعلمين) ،أو (يعجبني إكرام ٍ
محمد إكرام
كالهما يجوز.
فهذه بعض المواضع التي سبق أن شرحناها من قبل أردنا أن نذكرها اآلن؛ ألن
التنبيه عليها يف آخر باب العطف مناسب.
آمر ملح ة و نبيه :تكلمنا على الحذف يف هذا الباب (باب عطف النسق)،
شرح ألفية ابن مالك e f
g
448h
ُفصل ذلك فنقول :الحَف يف هَا
حذف المعطوف والمعطوف عليه إلى آخره ،ن ِّ
الباب على أربعة أن ا :
حذف العاطف (حرف الجر) والمعطوف ،وهذا ذكره ابن مالك يف قوله:
للللر َد َْ َوالللللل َ داو اَ َلللللل ْب َس َو ْهل َ
للللي ا ْن َفل َ للع َملللا َع َط َفل ْ
للت ف َمل ْ َوال َفلللا دء َقلللدْ ْدحل َ
للَ د
الَاين من أن ا الحَف :حذف المعطوف وحده ،وذكره ابن مالك يف الن
قوله:
َو ْه َي ا ْن َف َر َد َْ
َم ْع دم دللللللل ده َد ْف َعلللللل لالللللل َ ْهُ ا ا للللللي للللف َع ااملللللق دمللللل َال َقلللللدْ َب ا لللللي
باع ْطل ا
َ
الَالث من أن ا الحَف :حذف المعطوف عليه وحده ،وذكره ابن مالك الن
يف قوله:
الفع ا ا
ا للك ا
َو َع ْط دف َ باللللدَ ا دهنَللللا ْاسلللل َعبا ْح َو َحل ْ
للح
للق َص ّ للق َع َلللى ْ
الف ْع َ ف َم ْع دبلللل
لللَ َ
الرابع :ولم يذكره ابن مالك ،حذف العاطف وحده ،أن تحذف حرف الن
العطف وحده ،وتبقي المعطوف والمعطوف عليه ،وابن مالك لم يتكلم على هذه
كثيرا يف ألفيته ،حذف حرف العطف.
المسألة هنا مع أن ارتكب هذا األمر ً
جائز يف الشعر ،من
وحذف حرف العطف ال يكون إال بـ (الواو) أو (أو) ،وهو ٌ
ضرائر الشعر الجائزة ،وأما يف النثر فهو يجوز جواز مطر ًدا إذا أردت العد ،ويف غير
قليال.
العد ال يجوز يف النثر إال ً
نأخذ أمثلة وشواهد لما قلنا:
قلنا حذف حرف العطف يف الشعر جائز ،كقول الشاعر:
ا
فلللؤاد الُلللر ُ مملللا لللرْ الللل َّد يف يلللللف أصلللللبحت يلللللف أمسللللليت
e f شرح ألفية ابن مالك
449h
g
أي :كيف أصبحت وكيف أمسيت مما يغرس الود يف فؤاد الكريم.
ومثاله يف النثر إذا أردت العد أن تقول" :حروف الهجاء ألف با تا ثا جيم حا
خا دال ،وهكذا ،فت ُعدها عدً ا ،أو تقول ":األعداد :واحد اثنان ثالثة أربعة خمسة
تمرا" ،أنت اآلن
لحما ً
خبزا ً
ستة" ،وهكذا ،أو تقول :قل ما تشاء" ،تفاحة برتقالة ً
فقط مجرد تعد عدً ا ،ال تقصد أن تعطف شي ًئا على شيء ،وإنما تقصد أن تعد عدً ا،
فحذف حرف العطف هنا جائز ال إشكال يف ذلك.
ِ
رجق من د ناره من ومن ذلك قوله يف الحديث « :صدَّ ق
درهمه من صا بره من صا مره» ،يعدد األشياء التي يتصدق منها ،ومن ذلك
إزار وقميص ،يف ٍ
إزار وقباء"، إزار ورداء ،يف ٍ
قول عمر ◙" :صلى رجل يف ٍ
درهما درهمين ثالث ًة".
ً ومن ذلك قول العرب" :أعطه
وأما حَف حرف العطف يف النَر يف غير العد :فقلنا هذا ال يجوز يف النثر إال
قليلٍ ،أيُ :س ِمع يف قليل من الكالم ،ومن ذلك ما حكاه أبو زيد شيخ سيبويه عن
تمرا" يريد أنه أكلها جمي ًعا.
لحما ً
خبزا ً
أكلت ً
بعض العرب أنه قالُ " :
هبذا نختم الكالم على باب [عطف النسق] ،لندلف مباشرة إلى الباب التالي
باب البدل
هذا هو الباب األخير من أبواب التوابع األربعة ،ذكرها ابن مالك متتابعة،
التوابع األربعة :النعت والتوكيد والعطف بنوعيه ،وقد شرحنا كل ذلك ،واآلن
نشرح التابع األخير وهو البدل.
وقد ع ده ابن مالك يف ألفيعه يف مانية أبياَ ،قال في ا:
ا لللالح ُْ اُ باللللالَ
لللللمى َبللللللدَ ا
الم َسل ََّواسلللللل َطة دهلللللل َ د الم ْ دصلللل دد بال د .565ال َّعللللابا دع َ
ع َلي ا
لللله د ل َفللللى َأو ََم ْع دطلللل ف با َبللللق .566دم َطابا َ للل َأو َب ْع َاللل َأو َملللا َ ْ لللع اَمق
َ ْ
شرح ألفية ابن مالك e f
g
450 h
ا ا ا َ .567و َةا لاال ْ َر ا
ب وَّ َق ْصللللللد غَ َللللللل ِ بالللللله دسللللللل ْ َو دد َ ب اع د إا َّْ َق ْصدَ ا َصح ْ اب ْ
َوا ْع ار ْفلللل ده َح َّ لللل ده َو دمللللدْ َنلللل ْبال دمللللدَ َ .568لللللل ْدر ده َمالاللللللدَ ا َو َقبللللللل ده ال َيللللللدَ ا
د ْب ادلللللللل ده إاَّ َملللللللا إا َحا َ لللللللة َجلللللللالَ للميرا الحا ا للرا ال َّظ ا
للاه َر اَ للن َ ْ َ
ا ا
َ .569وم ْ
لللللللك ْاسللللللللع ََمااََ اجل َ ا أو ا ْقع ََالللللى َب ْع َاللللل َأ او ا ْ لللللعا َمااَ .570ا
لللللللك ا ْبع َ َ َّانل
ا
للللللللع ْيدِ َأ ْم َع اللللللللللي للللللللن َةا َأ َسل الم َال َّلم ان ال َ ْم ل َ َ الللي َه ْم ل َا
ْ ََمل َ .571و َبللدَ دل د
ا ا للق املللن ا ا
َصلللللق إا َل ْينَلللللا َ ْسلللللعَع ْن بانَلللللا د َعل ْ
للللن للن
للق ََمل ْ الف ْعل ا َ .572و د ْبلللدَ دل الف ْعل د َ
ذكر يف هذه األبيات تعريف البدل ،وأنواع البدل ،وصور البدل،
والبدل من اسم االستفهام ،وبدل الفعل من الفعل.
فبدأ ابن مالك بتعريف البدل فقال:
ا لللللالح ُْ اُ بالللللالَ الم ْ دصللللل دد با
للللللمى َبللللللدَ ا
الم َس َّ َواسلللللل َطة دهلللللل َ د د العَّلللللابا دع َ
اس َطة)، (العَّاباع الم ْ ص د باالح ُْ اُ ابالَ و ا ة ر يف هَا البيت عر ف البدل ،ف
َ د َ د د د
أج اء الععر ف ما روَّ ال ة:
ا ول :ق له( :العَّابا دع)؛ فهذا يشمل كل التوابع ،النعت والعطف والتوكيد
والبدل ،قال التابع ولم يقل االسم ليخص االسم ،فالتابع يشمل االسم والفعل
والجملة،
الح ُْ اُ)؛ أي :الحكم والنسبة ،الفعل متوجه يف الحقيقةالم ْ دص دد با د
الَاينَ ( :
ٍ
واحد منها كما عرفنا خرج النعت والتوكيد وعطف البيان؛ ألن كل إليه ،وهذا ُي ِ
مكم ٌل للمتبوع ،ال مقصو ًدا بنفسه ،فإذا قلت( :جاء محمدٌ الكريم) أردت أن ُتسنِد ِّ
المجيء إلى محمد ،ثم إنك كملته بذكر صفته ،إذن :فالمجيء مسند إلى محمد
وليس إلى (الكريم).
وكذلك التوكيد( :جاء محمد نفسه) ،وكذلك يف عطف البيان( :جاء محمدٌ
e f شرح ألفية ابن مالك
451 h
g
أخي).
الثالث( :باالَ و ا
اس َطة)؛ هذا ُي ِ
خرج المعطوف عطف نسق ،فإنك إذا قلت( :جاء َ
محمدٌ وخالدٌ ) فإنك أسندت المجيء وهو الحكم إلى محمد ،وأسندته إلى خالد،
إذن :فالحكم متجه هنا لالثنين إال أنه إلى األول مباشرة ،وإلى الثاين بواسطة حرف
اس َطة) ،فبذلك سلم الحد إلى البدل؛ ألنه أخرج العطف ،فأخرجه بقوله( :باالَ و ا
َ
يبق إال البدل.
كل التوابع األخرى ،فلم َ
وأشد صور عطف النسق العطف بـ (بل) ،عندما تقول( :جاء محمدٌ بل خالدٌ )
هنا أسندت المجيء إلى خالد؛ ألن (بل) هنا إدراك ،ومع ذلك نقول بواسطة
ضرب عما قبلها و ُيسنَد لما بعدها.
(بل)( ،بل) هي التي جعلت الفعل ُي َ
ُ ر ابن مالك يف ة ر أن ا البدل ،ف ال:
دم َطابا َ َأو َب ْع َا َأو َما َ ْ ع اَمق َع َل ْي اه د ل َفى َأو ََم ْع دط ف با َبق
يقول :البدل ُيلفى على هذه األنواع األربعةُ ،يلفى مطاب ًقا ،و ُيلفى ً
بعضا ،و ُيلفى
ٍ
كمعطوف بـبل. ما يشتمل عليه ،و ُيلفى
ُ قال:
ا ا ا َو َةا لاال ْ ل َلر ا
وَّ َق ْصللللللد َغ َللللللل ِ بالللللله دسللللللل ْ
ب َو دد َ اب ا ْع ل د إا َّْ َق ْصللدَ ا َصللح ْ
ب
الرابع من أن ا البدل وه المعط ف ببق في ل على ن عين: أ :الن
إَّ اَّ المعط ف عليه م ص دا ف بدل إ راب.
وإَّ اَّ المعط ف عليه ليس م ص دا ف بدل غل .
ثم م َّثل ذلك بقوله َ ( :د ْر ده َمالادَ ا) هذا مطابقَ ( ،و َقبل ده ال َيدَ ا) هذا بعض،
( َوا ْعرا ْف ده َح َّ ده َو دمدْ َن ْبال دمدَ ) هذا اشتمالَ ( ،و دمدْ َن ْبال دمدَ ) هذا العطف ُ
المباين.
شرح ألفية ابن مالك e f
g
452h
هذه أبياته ،ون ل :إَّ البدل على أربعة أن ا :
ا ول :البدل المطابق: الن
وهذا قوله( :مطاب ًقا) ،ويسميه النحويين بدل كل من كل ،أو بدل الشيء من
والمبدَ ل
المبدَ ل منه ،إذا كان البدل ُ
الشيء ،وهو ما كان البدل فيه يطابق ويساوي ُ
منه شي ًئا واحد.
نحو( :مررت بأخيك ٍ
زيد):
زيد) أخوكمضاف إليه( ،أخيك ٍ
ٌ فعل وفاعل( ،بأخيك) جار ومجرور مررتٌ :
متجها إليه، ٍ
حينئذ؟ بدل إذا كان الحكم هو زيد ،وزيدٌ هو أخوك ،فما إعراب ٍ
(زيد)
ً
زيد) كأن قصدك أن تقول: أي :إذا كان قصدك هبذه الجملة (مررت بأخيك ٍ
(مررت ٍ
بزيد) ،ولكنك قلت( :بأخيك) تمهيدً ا وتوطئ ًة للكالم. ُ
(مررت ٍ
بزيد أخيك) ،أخيك :بدل ،إذا كنت تقصد أن تقول( :مررت ُ أو تقول:
ٍ
(بزيد). بأخيك) ثم قدمت
(مررت ٍ
بزيد أبي صالح) ،اسمه زيد وكنيته أبو صالح ،أبي صالح ُ وكقولك:
بدل من زيد؛ ألنه هو هو.
ومن ةلك ق لك( :جاء المجتهد محمدٌ )؛ جاء المجتهدٌ :
فعل وفاعل ،محمدٌ :
بدل.
مع أنه يف النعت قلنا من أمثلة النعت( :جاء محمدٌ المجتهد) هنا نعت؛ ألن
المجتهد وصف ،فيه معنى الوصف ،لكن إذا قدَّ مت الصفة على الموصوف (جاء
المجتهد محمدٌ ) ينقلب إلى باب البدل.
علي
علي :بدل ،أما (أعجبني ٌ
علي)؛ ٌ
ومن ذلك قولك( :أعجبني الخطيب ٌ
e f شرح ألفية ابن مالك
453h
g
الخطيب) فنعت ،ومن ذلك( :زرت عاصمة السودان الخرطو َم) الخرطوم :بدل،
(زرت الخرطو َم عاصمة السودان) لكانت عاصمة نعتًا.
ُ ولو قلت:
ومن ذلك مثال ابن مالكْ َ ( :در ده َمالادَ ا)؛ تتكلم عنه ،ما أخبار خالد؟ مريض،
متعب ،لم أره منذ زمن بعيد ،تتكلمون عن خالد فتقول لصاحبك( :زره خالدً ا)،
اسم ظاهر ٌ
بدل من هذا الضمير المتصل، زرهٌ :
فعل وفاعل ومفعول به ،خالدً اٌ :
وسيأيت أن الظاهر قد ُيبدَ ل من الضمير.
( ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ
ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ
ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ) [ال ر ]53-52:أين البدل؟
صراط اهلل ،والمبدل منه :صراط مستقيم ،أبدلنا معرفة من نكرة؛ ألن البدل ال
ُيشرتَط فيه التوافق يف التعريف والتنكير.
قال ( :ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ
ٌ
رسول بدل من البينة، ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ) [البينة،]2-1:
من إبدال النكرة من المعرفة.
بدأ جملة أخرى (هو رسول اهلل من اهلل) ثم حذف المبتدأ؛ ألن الذي قبله يدل عليه
فقال( :ﮁ ﮂ ﮃ) فتكون جمل ًة أخرى.
فهذه بعض الشواهد على النوع األول من البدل وهو البدل المطابق ،ويف آخره
نقول :ومن البدل المطابق البدل التفصيلي أو بدل التفصيل ،كأن تقول( :جاء
وبكر) وهؤالء هم الضيوف ،ضيوفك ثالثة ،فقلت( :جاء
ٌ وعمرو
ٌ الضيوف زيدٌ
وعمرو:
ٌ وبكر؟ زيد :بدل،
ٌ وعمرو
ٌ وبكر) فما إعراب زيدٌ
ٌ وعمرو
ٌ الضيوف زيدٌ
وبكر :معطوف على زيد ،ويكون هذا من بدل التفصيل ،وهو
ٌ معطوف على زيد،
من بدل الكل من كل.
ولو كان ضيوفك أكثر من ذلك ،عشرة ولكن ما جاء إال هؤالء الثالثة ،فقلت:
وبكر) فال يكون من البدل المطابق ،وإنما يكون من
ٌ وعمرو
ٌ ((جاء الضيوف زيدٌ
النوع الثاين وهو بدل البعض من كل.
واألمثلة واحدة ،والمعنى هو الذي يتغير ،ومن ذلك مثال ابن مالكَ ( :و دمدْ
شرح ألفية ابن مالك e f
g
462h
َن ْبال دمدَ )؛ ً
نبال الذي ُين َبل به ،مدى :جمع ُمد َية وهي السكين ،إذا أراد أن يقول:
نبال) ثم غير رأيه وقال( :مدى) فبدل بداء أو إضراب.
خذ ً
(نبال) غلط وسبق لسانه فهذا بدل غلط.
نبال مدى) قالً :
فإذا قال( :خذ ً
نبال) ثم
نبال مدى) لكنه نسي هذا األمر وقال( :خذ ً
وإن أراد أن يقول( :خذ ً
تذكر فقال( :مدى) فهذا هو بدل النسيان.
فالخالصة يف البدل المباين :أن بدل اإلضراب بسبب تغير الرأي ،وبدل الغلط
بسبب ذلة اللسان ،وبدل النسيان بسبب غفلة القلب.
ف َه أن ا البدل م روحة بعد أَّ رحنا أبياَ ابن مالك ،بعدها نَ ر بعض
الملح اَ المععل ة ب ا:
الملح ة ا ولى :األمثلة التي ذكرناها يف البدل المطابق (مررت بأخيك ٍ
زيد)
بزيد أخيك) (مررت ٍ
بزيد أبي صالح) (زرت خالدً ا) إلى آخر ذلك ،هذه (مررت ٍ
¹
شرح ألفية ابن مالك e f
g
464h
بسُ اهلل الرحمن الرحيُ ،الحمد هلل رب العالمين ،والصالة والسالم على نبينا
محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين ،أما بعد:
السالم عليكم ورحمة اهلل وبركاته ،حياكم اهلل وب َّياكم بعد هذه اإلجازة الطيبة،
نحن يف ليلة اإلثنين الثالث والعشرين من شهر شوال من سنة ،1433يف جامع
الراجحي بحي الجزيرة يف مدينة الرياض نعقد فيها بحمد اهلل وتوفيقه الدرس
الثالث والتسعين من دروس شرح ألفية ابن مالك –عليه رحمة اهلل.-
وكان الدرس الماضي يف شرح [باب البدل] ،فشرحنا بعضه وبقي بعض نرجو
أن نشرحه إن شاء اهلل –تعالى -يف هذه الليلة.
نبدأ الدرس بقراءة أبيات األلفية يف هذا الباب إذ عقده ابن مالك يف
ألفيته يف ثمانية أبيات ،قال فيها:
ا لللللالح ُْ اُ بالللللالَ الم ْ دصللللل دد با
للللللمى َبللللللدَ ا
الم َس َّ َواسلللللل َطة دهلللللل َ د د العَّلللللابا دع َ
لللله د ل َفلللللى َأو ََم ْع دطللللل ف با َبلللللق ع َليل ا دم َطابا َ لللل َأو َب ْع َالللل َأو َمللللا َ ْ للللع اَمق
َ ْ
ا ا ا َو َةا لاال ْ ل َلر ا
بوَّ َق ْصللللللد َغ َللللللل ِ بالللللله دسللللللل ْ َو دد َ ب اب ا ْع ل د إا َّْ َق ْصللدَ ا َصللح ْ
َوا ْعرا ْفلللل ده َح َّ لللل ده َو دمللللدْ نَلللل ْبال دمللللدَ َللللللل ْدر ده َمالالللللللدَ ا َو َقبلللللللل ده ال َيلللللللدَ ا
د ْب ادلللللللل ده إاَّ َملللللللا إا َحا َ لللللللة َجلللللللالَ لللميرا الحا ا للللرا ال َّظل ا
لللاه َر اَ ا
لللن َ ل ْ َ
ا
َومل ْ
َ
للللللللك ْاسلللللللللع ََمااَ اجل َ ا أو ا ْقع ََالللللللى َب ْع َاللللللل َأ او ا ْ لللللللعا َمااَ ا
للللللللك ا ْبع َ َ َّانل
e f شرح ألفية ابن مالك
465h
g
ا
لللللللللع ْيدِ َأ ْم َع الللللللللللي
لللللللللن َةا َأ َسل للم ان ال َ ْمللل َ َ اللللي َه ْمللل َا
ْ ََمل َو َبلللدَ دل د
الم َال َّ
ا ا لللق امللللن ا و بللللدَ دل ا
َصلللللق إا َل ْينَلللللا َ ْسلللللعَع ْن بانَلللللا د َع ْ
لللللن لللن
لللق ََمل ْالف ْعل ا َ الف ْعل د َ دْ
ذكر ابن مالك يف هذه األبيات الثمانية يف [باب البدل] تعريف البدل،
وأنواع البدل ،وصور إبدال الظاهر والمضمر ،واإلبدال من اسم االستفهام ،وبدل
الفعل من الفعل.
ففي البيت األول ذكر تعريف البدل ،وهذا شرحناه يف الدرس الماضي ،ويف
األبيات الثاين والثالث والرابع :ذكر أنواع البدل ،وهي :البدل المطابق ،وبدل
أيضا يف الدرس
المباين ،وقد شرحنا ذلك ً
بعض من كل ،وبدل االشتمال ،والبدل ُ ٍ
الماضي إال أنه َب ِقى بعد أن شرحنا هذه األنواع كلها بعض الملحوظات التي نحب
أن نبدأ الدرس إن شاء اهلل –تعالى -بذكرها ،إذن فنبدأ الدرس بذكر بعض
الملحوظات التي تتعلق بأنواع البدل بعد أن شرحناها وذكرناها.
ٍ
بزيد (مررت
ُ فمن هَه الملح اَ :أن قولنا( :مررت بأخيك ٍ
زيد) أو
ٍ
بخالد) ،أو (زره خالدً ا) ،فنحو (مررت
ُ (مررت ٍ
بزيد أبي صالح) ،أو ُ أخيك) ،أو
هذه األمثلة يجوز لك يف االسم الثاين نحو ًيا ثالثة أوجه:
ال جه ا ول :البدل.
ال جه الَاين :عطف البيان.
ال جه الَالث :القطع.
نقول :يجوز يف االسم الثاين (نحو ًيا) أي :من حيث الصناعة النحوية ،وال
يعني ذلك أن كل هذه األوجه متساوية ،أو متحتمة ،ولكن الذي يحدد الوجه
المراد هو المعنى ،إال أهنا من حيث الصناعة ومن حيث الظاهر هذه األوجه
جائزة.
شرح ألفية ابن مالك e f
g
466h
والااب يف ةلك :المعنى المراد ،أنت ماذا تريد هبذه األمثلة؟ ماذا تريد
زيد)؟ ذكرت األخ باالسمين الذين ذكرهتما يف نحو قولك( :مررت بأخيك ٍ
ْ
أخرت.
وذكرت زيد ،قدَّ مت أو َّ
فإن كنت تريد أن ُتخرب أنك مررت باألول من االسمين ،ثم أردت بعد
ذلك أن توضحه وأن ُتب ِّينَه بالثاين ،أنت أردت أن تخرب عن المرور باألول من
(مررت بأخيك ٍ
زيد) ،فرتيد أن تخرب أنك مررت بـ (أخيك)، ُ االسمين يف قولك:
فقلتٍ :
(زيد). َ ثم بعد ذلك أردت أن ُتب ِّين ذلك األخُ ،تبينه وتوضحه وتصفه
ٍ
حينئذ يت به للتوضيح والتبيين ،فهو
إذن :فالمراد األول ،وأما الثاين فإنما أو َ
عطف بيان؛ ألن عطف البيان كما سبق يف باب [عطف البيان] هو النعت بالجامد،
هو أن تنعت شي ًئا ساب ًقا لكن تنعته بجامد؛ ألنك إن نعته بمشتق ُسمي نعتًا ،وإن
نعته بالجامد ُس ِّمي هذا الجامد عطف بيان.
وإن كنت أردت بمثل هذه األمثلة أن ُتخرب أنك مررت بالثاين ،ولكنك
(مررت بأخيك
ُ ذكرت األول توطئ ًة وتمهيدً ا ،فالثاين من االسمين بدل ،إذا َ
قلت:
زيد) ،أنت أردت أن تخربين بأنك مررت بزيد ،إذن فأردت االسم الثاين يف ٍ
آخر ملحوظة تتعلق بأنواع البدل :يف قوله يف سورة المدثر( :ﯜ
ﯝ ﯞ) [المد ر ،]6:يف قوله (تستكثر) قراءتان :الرفع وهي قراءة الجمهور
منهم السبعة بل العشرة ،كلهم يقرأون ((ﯜ ﯝ ﯞ) [المد ر.) ]6:
ونأخذ المسألة من أولها لكي يستبين األمر حتى نصل إلى المسألة الجزئية
التي تكلم عليها ابن مالك يف هذين البيتين ،فالكالم هنا على صور إبدال االسم من
االسم؛ ألنه سيأيت إبدال الفعل من الفعل ،وإبدال الجملة من الجملة ،أما اآلن
فالكالم على إبدال االسم من االسم.
مضمرا ،ما المراد
ً ظاهرا وأما أن يكون
ً واالسم كما نعرف :أما أن يكون
ضميرا.
ً مضمرا؟
ً بقولنا:
يقول :ال تبدل االسم الظاهر من الضمير الحاضر إال أن يكون بدل كل من ك ٍل
ٍ
بعض من كل ،أو كان بدل اشتمال. يدل على اإلحاطة والشمول ،أو كان بدل
فبدل ك ٍل من كل ُيراد به اإلحاطة والشمول نحو( :اللهم اغفر لنا حاضرنا
وغائبنا) ،فقولك( :حاضرنا وغائبنا) ٌ
بدل من الضمير (نا).
وق لك( :أ رمعدُُ بير ُ وص ير ُ) ،وق لك( :سنسافر رجالنا ونساؤنا)،
أين فاعل سنسافر؟ واو الجماعة ال تدخل على ما فيه نون ،فالفاعل ضمير مسترت
وجو ًبا تقديره (نحن) ،وقلنا من قبل :أن المضارع المبدوء بنون ال يكون فاعله إال
ضميرا مسترتًا وجو ًبا تقديره (نحن) ،كما أن المضارع المبدوء بالهمزة ال يكون
ً
ضميرا مسترتًا وجو ًبا تقديره (أنا) ،فعلى ذلك ال يجوز أن تقول أن
ً فاعله إال
الفاعل (رجالنا) ،بل (رجالنا) بدل من الفاعل المسترت وجو ًبا.
قوله ( :ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ
َاَّ َ ْر دج اهللَ َوا ْل َي ْ َم ا ام َر) بدل
ﯻ ﯼ) [ا ح اب ،]21:ما إعراب (لا َم ْن َ
لمن كان يرجو اهلل (منكم) ،فالمعنى واهلل أعلم :لقد كان يف رسول اهلل أسو ٌة حسنة َ
واليوم اآلخر ،ثم قدَّ م قوله (لكم) توطئ ًة وتمهيدً ا ،فصار الثاين ً
بدال ،والبدل هنا
والم َبدل منه :الضمير (الكاف) يف قوله:
قولهَ ( :من) االسم الموصول اسم ظاهرُ ،
ٍ
بعض من كل. (لكم) ،فهو من إبدال الظاهر من ضمير الحاضر ،وهو بدل
أيضا قول الشاعر: ومن ذلك ً
ارج اللللللى َفراج اللللللى َ للللل َْنَ دة ا ْلمن ا
َاسللللل اُ َأوعلللللللدَ ناى بالسلللللللَ ان وا َد ا
اهللللللل اُ
َ ْ ْ َ ْ َّ ْ َ
(سجنه َسجنًا) ،أين يسجنه
َ والسجن :الفعل ،فتقول: َّ السجن :هذا البناء، ِّ
(سجن). ِ
سجنًا؟ يسجنه َسجنًا يف السجن ،فبالبناء (سجن) وفعله َ
(أوعلدَ ناى بالسَ ان وا َد ا
اه اُ ار ْج الى) أي :أوعد رجلي ،فـ(رجلي) بدل من ياء َ َّ ْ َْ َ
ٍ
بعض من كل. ظاهرا من ضمير الحاضر ،بدل ً المتكلم ،أبدل
وأما إبدال الظاهر من مير الحا ر بدل ا عمال :فنحو قولك( :ر َّدين طلبي)
(سافرت خطبك يف كل مكان) أي:
َ (سافرت خطبي)
َ أي :ر َّد طلبي ،وقولك:
سافرت ُخ َطبك لكنك قدَّ مت الضمير (سافرت) على ضمير مخاطب حاضر.
(متى تأتينا؟) ألنه اسم استفهام ،واسم االستفهام يرتفع الفعل بعده( ،ما
شرا؟) هذه ضمة وليست واو جماعة؛ ألن أسماء االستفهام كلها
أخيرا أم ً ُ
تفعل؟ ً
ال تعمل شي ًئا فيبقى الفعل بعدها مرفو ًعا ،بخالف ما لو كانت من أدوات الشرط
فإهنا تجزم كقولك( :ما ْ
تفعل ُت َ
جز به).
قلنا الواجب يف االسم المبدل من اسم االستفهام أن يكون هبمزة استفهام،
الواجب الوجود ال الظهور ،أي :يجوز أن تحذفه من جهة االستفهام فتقولَ ( :من
علي؟).
ذا؟ سعيدٌ أم ٌ
واهلل أعلُ ،وصلى اهلل وسلُ على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
e f شرح ألفية ابن مالك
485h
g
بسُ اهلل الرحمن الرحيُ ،الحمد هلل رب العالمين ،والصالة والسالم على نبينا
محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين ،أما بعد:
السالم عليكم ورحمة اهلل وبركاته ،هذه الليلة هي ليلة اإلثنين مفتتح شهر ذي
القعدة من سنة 1433من هجرة المصطفى ،ونحن يف جامع
الراجحي بمدينة الرياض بحي الجزيرة ،نعقد بحمد اهلل وتوفيقه الدرس الرابع
والتسعين من دروس شرح ألفية ابن مالك –عليه رحمة اهلل.-
أما يف هذا الدرس فسن ِ
ُكمل ما بقي من باب البدل ،ثم ندخل بعد ذلك إلى
الباب التالي وهو [باب النداء] ،بقي لنا يف [باب البدل] بيتان ،أحدهما شرعنا يف
شرحه ،نبدأ به ،قال يف آخر [باب البدل]:
ا
لللللللللع ْيدِ َأ ْم َع الللللللللللي
لللللللللن َةا َأ َسل للم ان ال َ ْمللل َ َ اللللي َه ْمللل َا
ْ ََمل َو َبلللدَ دل د
الم َال َّ
يف هذا البيت ذكرنا أن ابن مالك ذكر حكم اإلبدال من اسم
حكم خاص وهو :وجوب اقرتان
ٌ االستفهام ،فإذا أبدلت من اسم استفهام فلذلك
همزة االستفهام مع البدل.
علي؟) ،وقولكَ ( :من هذا؟) أسلوب
مَال ةلك أَّ لَ ( :من هذا؟ أسعيدٌ أم ٌ
علي؟) فسعيد: ٌ
رب مقدَّ م ،هذا :مبتدأ مؤخر ،ثم قلت( :أسعيدٌ أم ٌ
استفهامَ ،من :خ ٌ
علي) ٌ
ستفهم عنه (أسعيدٌ أم ٌ
الم َستفهم عنهُ ،
الم َبدل من اسم االستفهام ( َمن)؛ ألنه ُ
شرح ألفية ابن مالك e f
g
486h
ﭡﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ
(يلق) ،بدل
َ ﭰ) [الفرقاَّ ،]69-68:فقوله( :يضاعف) ٌ
بدل من قوله:
اشتمال ،فلهذا ُج ِز َم الفعل (يضاعف)؛ ألنه ٌ
بدل من جواب الشرط المجزوم.
ومن ذلك قول الشاعر:
ََلللد َحطبللل َجللل ا َونلللارا ٌََ َّجَلللا
ا دلملللللُ بانلللللا يف اد ا
ارنلللللا معلللللى ٌَ انلللللا ا
فالشرط (متى تأتنا) ،والجواب (تجد حط ًبا) ،ثم أبدل من فعل الشرط فقال:
ََد َحطب َج ا َونارا ٌََ َّجَا) ،أتيتهم ،ألممت هبم دلمُ بانا يف اد ا
ارنا ا (معى ٌَ انا ا
الحرف الَاين( :يا) ،تقول( :يا زيدُ ما أرحمك للفقراء) إال أن (يا) ال ُت َ
ستعمل
مع المندوب إال بشرط أمن اللبس ،ما معنى بشرط أمن اللبس؟ أيُ :يع َلم أن هذا
المنادى مندوب ،وال يلتبس بالمنادى الحقيقي ،أن الحال والقرينة يف الكالم ما
حينئذ ،فإذا حدث لبس وجب أنٍ يدل على ذلك ،فيجوز أن تستعمل (يا) يف الندبة
تستعمل (وا)؛ ألهنا خاصة للندبة.
هذا ما ذكره ابن مالك يف هذين البيتين ،ثم إننا نقول إن النحويين
ٍ
حرف من هذه األحرف ،ماذا ُينادى به؟ القريب أم قد اختلفوا يف كل
البعيد؟ وبعض النحويين زاد منزل ًة ثالثة وهو المنادى المتوسط ،فبعضهم يجعل
ٍ
خالف طويل يف (أي) للنداء المنادى المتوسط ،ليس البعيد وال القريب ،على
ذلك.
حكما ،وأن (يا)
ً وأرجح األقوال يف ذلك :أن (الهمزة) لنداء القريب حقيق ًة أو
لنداء الجميع( ،يا) أم الباب ُينادى هبا الجميع ،القريب والبعيد والمندوب ،و (وا)
خاص ٌة لنداء المندوب ،وبقية األحرف لنداء البعيد حقيق ًة أو ُح ً
كما ،هذا أرجح
ٍ
حرف من هذه األحرف. ٍ
خالف طويل يف كل األقوال مع
e f شرح ألفية ابن مالك
499h
g
وال اهد على حروف النداء َيرة جدا ،نذكر بعضها فقط من باب (@ د:
)49:58الدرس ،فمن النداء بالهمزة :قول امرؤ القيس:
ت َص ْر امي َف َلٌ ْج ام الي
ْت َقدْ أهْمع ا
َ ْ
وإا َّْ د ن ا لللَا ال َّعللللدَ ل اق أفللللا ا َُ َم ْ للللال َب ْعل َ
لللض َهل َ
وقول جرير:
أعبدا َّ
حق يف د َعبي غر ب ألؤما ا أبا لك واغعرابا
فامرؤ القيس نادى بالهمزة المعرفة (أفا ُ) ،المعرفة العلم ،وجرير نادى
بذلك النكرة المقصودة (أعبدا).
ويف الحديث« :أ رب» ،فنادى بـ (أي).
وقال الشاعر:
بَُللللللاء حمامللللللاَ َل للللللن ه ا
للللللد در ألُ سمعي أ ْ عبدَ يف رونلق الالحى
د َّ َ َ َ َ َ د
وقال الشاعر:
لللللت َأم دأم سللللللالا اُ
وبللللللين النَ للللللا َأ َأنل ا
ََ َ لللين دج ا
الجللللق ا
َأ للللا َ ب َيلللل َة ال َ عسللللاء َبل َ
فنادى بـ (أيا).
وكذلك قول الشاعرة:
علللى ابللن ر للف ٌنللك لللُ َلل أ لللا لللَر الخلللاب ر ملللا للللك م رقلللا
وقال الشاعر:
هيا أم عمرو هق لي الي م عند ُ
وقال اآلخر:
و لللللل دل مل ْ
لللللن فللللللرو هيللللللا ر ّبللللللا أَّ َ ُدللللل ََّ َحيللللل َف َ
ٌصلللللاخَ َ ْر دجللللل ْ
فهذه المسألة األولى يف هذا الباب ،وهي بيان أحرف النداء.
شرح ألفية ابن مالك e f
g
500 h
ُ نع ق ابن مالك إلى المسٌلة الَانية يف هَا الباب ،وهي :حُُ
حَف حرف النداء:
فيقول يف ذلك:
لللر َفا ْع َل َمللللا َجللللا دم ْسلللل َع َا َ َقللللدْ د َعل َّ لللللمر َو َمللللللا َو َغ ْيل د
لللللر دمنْللللللدد وب َو دم ْال َ
للللر َعا اة َللللل ْه
للللن َ ْمنَ ْعلللل ده َفان دْص ْ
للللق َو َم ْ َق َّ الم َ ا
للار َللل ْه اَ فاللي ْاسلل اُ ا
الَللنْس َو د َو َة َ
فذكر ابن مالك يف هذين البيتين حذف حرف النداء ،وأَّ لحَفه ال ة
أح ال:
الحالة ا ولى :يمتنع حذفه ،أي :يجب ذكره.
قليال ،األكثر واألفضل ذكره إال أن حذفه جائز
الحالة الَانية :يجوز حذفه ً
قليال.
جوازا ً
ً
الحالة الَالَة :جواز حذفه مطل ًقا.
فنبدأ بالحالة ا ولى :منع حَفه:
فذكر ابن مالك أنه ال ُي َ
حذف يف ثالثة مواضع ،وهي:
إذا كان المنادى مندو ًبا.
ضميرا.
ً مضمرا ،أي:
ً أو
أو مستغا ًثا به.
قالَ ( :و َغ ْي در دمنْدد وب) :هذا المنادى المندوبَ ( ،و دم ْا َمر) :هذا المنادى إذا كان
ضميراَ ( ،و َما َجا دم ْس َع َا َ ) :أي :المنادى ُ
المستغاث به ،ما غيرها فإن المنادى قد ً
عرى من حرف النداء. ُي َّ
ع ا ول :إذا كان المنادى مندو ًبا ،كقولك( :وازيداه) ،فإنه ال يجوز أن فالم
e f شرح ألفية ابن مالك
501 h
g
تقول( :زيداه)؛ ألن المنادى مندوب ،قالوا :ألن النُّدبة كما سيأيت يف باب [النُّدبة]
ٍ
صوت عليه ،فالنُّدبة تقتضي مد تفجع ومدتفجع عليه فيه ُّ
والم َّ
تقتضي مد الصوتُ ،
الصوت ،والحذف ينايف ذلك ،فلم يجز.
ضميرا ،نحو قولهم( :يا إياك قد
ً مضمرا أي:
ً والم ع الَاين :إذا كان المنادى
ك ُِفيت) ،ال يجوز أن يقال( :إياك قد كُفيِت) وأنت تعني النداء؛ ألن المنادى ضمير،
يفوت الداللة على النداء
قالوا :ألن الحذف هنا (حذف حرف النداء) مع الضمير ِّ
ٍ
شيء آخر ،كيف ذلك؟ مع الضمير؛ ألن المعنى سيذهب إلى
ٍ
أمثلة قليلة جدً ا، قليل ،بل قيل :شا ٌذ ،ولم ِ
يأت إال يف ذلك ألن نداء الضمير ٌ
قلة أو شذوذ،فالعرب ال تعرف ذلك ،ليس معرو ًفا ومشهورا عندها ذلك إال على ٍ
ً
فلهذا ال يجوز أن تنادي الضمير ثم تحذفه ،وتقول :أنا قصدته ،كيف نعرف أنك
أصال قليل أو شاذ؟!
قصدت شي ًئا هو يف اللغة ً
يجب أن ُيع َلم أن نداء الضمير ٌ
قليل أو شا ٌذ ،وهو على قلته أو شذوذه يكون
على صورة المنصوب ،فتقول( :يا إياك تعال)( ،يا َ
إياك اسكت) ،ويكون على
إلي) ،قال َ
صورة المرفوع ،تقول( :يا أنت ما أحسن ما تقول)( ،يا أنت تعال ّ
الراجز:
ل لللت حلللين ج علللت أنلللت اللللَ لللللا أبَلللللر بلللللن أبَلللللر لللللا أنلللللت
والم ع الَالث لمنع حَف حرف النداء :أن يكون المنادى مستغا ًثا به،
ٌ
مستغاث ٍ
لخالد)؛ ألن المنادى ٍ
(لزيد ٍ
لخالد) فال يجوز أن تقول: كقولك( :يا ٍ
لزيد
به.
فإذا عرفت ذلك من كالم ابن مالك كما يف هذا البيت ،فاعلم أن
أيضا حذف حرف النداء ،انتهينا
أيضا ثالثة مواضع يمتنع فيها ً
النحويين يضيفون ً
شرح ألفية ابن مالك e f
g
502h
من ثالثة مواضع.
ع الرابع من م ا ع منع حَف النداء :إذا كان المنادى إةا :ن ل ا َّ الم
بعيدً ا :فإن حذف حرف النداء ممتنع ،والعلة هنا واضحة؛ ألن المراد عند نداء
البعيد مد الصوت لكي يسمعك وينتبه لك ،وحذف حرف النداء ينايف ذلك.
ٍ
جنس ع الخامس من م ا ع منع حَف النداء :إذا كان المنادى اسم الم
المع َّين ،أي :يريد
غير معين ،اسم الجنس أي :النكرة ،لكن نقول :اسم الجنس غير ُ
غافال
النكرة غير المقصودة ،فإن حذف النداء معها ممتنع ،كأن يقول الخطيب( :يا ً
رجال خذ بيدي) فهنا
اذكر اهلل) ،هنا ال تحذف حرف النداء ،أو كقول األعمى( :يا ً
ال ُي َ
حذف حرف النداء.
الم ع السادْ من م ا ع منع حَف النداء :مع لفظ الجاللة (اهلل) ،تقول:
(يا اهلل اغفر لي) ،وال تقول( :اهلل اغفر لي) ،وسيأيت كالم أوسع يف آخر ٍ
بيت من ٌ
صورا عند العرب.
ً هذا الباب على نداء لفظ الجاللة (اهلل) ،وأن له
فهذه الحالة األولى من أحوال حذف حرف النداء وهي حالة االمتناع ،هنا
يمتنع حذف حرف النداء.
الحالة الَانية لحَف حرف النداء :هي حَفه قليال:
جواز حذفه إال أن هذا الحذف قليل ،أي :أن ذكره أكثر يف كالم العرب ،فذكره
قليال ،أي :ال ُيك َثر منه ،إذا ُأكثِر منه
جوازا ً
ً جائز
أفضل ،إال أن حذفه جائز ،لكنه ٌ
وخروجا من حد الصواب ،لكن لو أتى به اإلنسان أو ً ً
إخالال بالفصاحة كان هذا
المتك ِّلم أو الكاتب ً
قليال فال بأس به.
عين: وةلك يف م
ع ا ول :إذا كان المنادى اسم إشارة. الم
e f شرح ألفية ابن مالك
503h
g
والَاين :إذا كان المنادى اسم جنس.
ويف هَا قال ابن مالك:
الم َ ا
ار َل ْه َق َّق اَ فاي ْاس اُ ا
الَنْس َو د َو َة َ
أي :أن الحذف قليل مع اسم الجنس والمشار له أي اسم اإلشارة ،فأسماء
اإلشارة نحو( :يا هذا تعال) ،أفضل وأكثر من قولك( :هذا تعال) مع جوازه،
وقولك( :يا هؤالء اجتهدوا) أفضل وأكثر من قولك( :هؤالء اجتهدوا) مع جوازه.
وأما اسم الجنس ،قلنا اسم الجنس هو النكرة ،لكن هنا نريد النكرة
المقصودة؛ ألننا ذكرنا النكرة الغير المقصودة يف مواضع االمتناع ،فيكون المراد
المرادة ،فقولك( :يا ليل متى تنقضي) كلمة
هنا بالنكرة :النكرة المقصودة المعينة ُ
(ليل) هذا اسم جنس نكرة( ،يا ليل متى تنقضي) أكثر وأفضل من قولكُ :
(ليل متى
ُ
(رجل تنقضي) مع جوازه ،وقولك( :يا ُ
رجل ما أشجعك) أفضل وأكثر من قولك:
ما أشجعك) مع جوازه.
فإذا عرفنا ذلك نذكر أن النحويين اختلفوا يف هذه المسألة ،أعني
(حذف حرف النداء إذا كان المنادى اسم إشارة أو اسم جنس) على ق لين:
ٍ
حينئذ يكون ممتن ًعا؛ ال ل ا ولَ :منع حذف حرف النداء ،قالوا :إن حذفه
لقلة ما ورد من ذلك ،فال نقيس عليه ،وهذا قول جمهور البصريين.
قليال ،وهذا
جوازا ً
ً ٍ
حينئذ قليل ،أي :يجوز وال ل الَاين يف المسٌلة :أن حذفه
قول الكوفيين وطائفة من العلماء ،وكما ترون اختاره ابن مالك يف هذا
اَ فاي
البيت ،إذ قالَ ( :و َم ْن َ ْمنَ ْع ده َفان دْص ْر َعا اة َل ْه) مع أنه نص أنه قليل ،فقالواَ ( :و َة َ
ار َل ْه َق َّق) أنه جائز قليل ،لكن َمن يمنعه ( َفان دْص ْر َعا اة َل ْه) إشارة الم َ ا ْاس اُ ا
الَنْس َو د
إلى قول جمهور البصريين الذي اختار خالفه.
شرح ألفية ابن مالك e f
g
504 h
والراجح واهلل أعلُ :هو قول الكوفيين الذي نصره ابن مالك هنا ،وهو جواز
قليال؛ ألن الشواهد التي وردت على ذلك ذوات عدد.
الحذف ً
¹
شرح ألفية ابن مالك e f
g
506h
بسُ اهلل الرحمن الرحيُ ،الحمد هلل رب العالمين ،والصالة والسالم على نبينا
محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين ،أما بعد:
سالم اهلل عليكم ورحمته وبركاته ،حياكم اهلل وبياكم يف هذه الليلة الطيبة؛ ليلة
اإلثنين الخامس عشر من شهر ذي القعدة من سنة 1433من هجرة المصطفى
،يف مدينة الرياض يف جامع الراجحي ،نعقد بحمد اهلل وتوفيقه
الدرس الخامس والتسعين من دروس شرح ألفية ابن مالك –عليه رحمة اهلل.-
ويف ال درْ ا مير نا ُلمنا يف آمره على باب [النداء] بعد أَّ انع ينا من قبق
من أب اب الع ابع ُ ،رعنا بعد ةلك يف باب [النداء] ،و ُلمنا يف باب النداء على
مسٌلعين وهما:
أحرف النداء.
حُُ حَف أحرف النداء.
وكان ذلك يف أربعة أبيات من أبيات هذا الباب ،ليبقى لنا من أبيات هذا الباب
ثمانية أبيات ،نقرأها الليلة إن شاء اهلل ،ونشرح منها ما تيسر ،وفيها يقول ابن مالك
يف باب [النداء]:
لللَ فالللي ر ْف ا
عللله َقلللدْ دع ا لللدَ ا ع َللللى ا َّل ا
َ َ الم ْفل َ
لللر َدا د المنَللللا َد
ف د لللر َ
الم َعل َّ
َوا ْبللللن د
e f شرح ألفية ابن مالك
507h
g
ا
للللر اة بانَلللللاء دجلللللد َدا للللر دم َْل َ َول دي َْل َ لللق النلللدَ ا َوانْللل ا انْا َ
لللما َم َملللا َبنَللل ا َق ْب َ
اد َمللللل امالَ َفلللللاو ا لللللب ه ان اْصلللللب ع ا
ْ َ َْ د َ الم َالللللللا َفا
المنْ دُللللللل َر َو د الم ْفل َ
للللللر َد َ َو د
ا ا
للللن َسلللللع ْيد اَ َ ا ل ْ
للللن ن َْحللللل ا َأ َه ْ لللللدد ْبل َ للللُ َوا ْفللللع ََح َّن م ْ
للللن َون َْحلللل َ َه ْ للللد د َّ
للللُ َقلللللدْ دحعا َملللللا
للللن َع َلل ِللللق اا ْبل َ َأو َ ل ا للللن َع َل َمللللا للللُ َ ا
للللق اا ْب د الاللللُ إا َّْ َل ْ
َو َّ
اق َ َ
لللللُ دبينَلللللا َّم َملللللا َلللللل ده ْاسلللللعا ْح َ ِ لب َمللا ا ْ للطا َرارا دن َنللا ا
َوا ْ ل دلم ُْ َأ او انْصل ْ
ا ا للللع َ للللا َو َأل ا
الَ َملللللللقلللللللع اهلل َو َم ْحُلللللللي د إاَ َم َ للللن َج ْم د َوباا ْ للللط َرار دم َّ
لللللُ فالللللي َقللللل ار اض لللللَ بلللللا ال َّل د ََّو َ َّ للللللللُ باللللللللال َّع ْع ا ْ ض
َّ َوا َ ْ ََ د
للللللللر ال َّل د
يف هَه ا بياَ الَمانية الباقية من باب [النداء] عُلُ ابن مالك –عليه رحمة
اهلل -على ما ب ي من مسائق هَا الباب العي ة رناها يف الدرْ السابق ،وهي:
حُُ المناد اإلعرابي.
حُُ المناد يف رورة ال عر.
نداء ما فيه (أل).
فلهذا سيبدأ ابن مالك ببيان المسألة األولى من هذه المسائل ،وهي:
حُُ المناد اإلعرابي ،ويف ذلك يقول:
لللَ فالللي ر ْف ا
عللله َقلللدْ دع ا لللدَ ا ع َللللى ا َّل ا
َ َ الم ْفل َ
لللر َدا د المنَللللا َد
ف د لللر َ
الم َعل َّ
َوا ْبللللن د
ا
للللر اة بانَلللللاء دجلللللد َدا للللر دم َْل ََول دي َْل َ لللق النلللدَ ا َوانْللل ا انْا َ
لللما َم َملللا َبنَللل ا َق ْب َ
اد َمللللل امالَ َفلللللا و ا لللللب ه ان اْصلللللب ع ا
ْ َ َْ د َ الم َالللللللا َفا
المنْ دُللللللل َر َو د الم ْفل َ
للللللر َد َ َو د
ا ا
للللن َسلللللع ْيد اَ َ ا ل ْ
للللن ن َْحللللل ا َأ َه ْ لللللدد ْبل َ للللُ َوا ْفللللع ََح َّن م ْ
للللن َون َْحلللل َ َه ْ للللد د َّ
للللُ َقلللللدْ دحعا َملللللا
للللن َع َلل ِللللق اا ْبل َ َأو َ ل ا للللن َع َل َمللللا للللُ َ ا
للللق اا ْب د الاللللُ إا َّْ َل ْ
َو َّ
اق َ َ
لللللُ دبينَلللللا َّم َملللللا َلللللل ده ْاسلللللعا ْح َ ِ لب َمللا ا ْ للطا َرارا دن َنللا ا
َوا ْ ل دلم ُْ َأ او ا ْنصل ْ
كل هذه األبيات يف حكم المنادى اإلعرابي ،يف البداية يجب أن نعرف أن
شرح ألفية ابن مالك e f
g
508h
دائما ٌ
مفعول به ،فلذلك كان حكمه ً المنادى من المفعول به ،المنادى يف حقيقته
ٌ
مفعول به لهذا النصب ،فأنت تقول( :يا عبدَ اهلل) أي :أنادي عبد اهلل ،فـ (عبدَ اهلل)
الفعل المحذوف.
ٍ
محذوف ٌ
مفعول به لفع ٍل أو ُتقدِّ ر أدعو (عبد اهلل) ،أو أريد عبد اهلل ،فالمنادى
وجو ًبا يف أسلوب النداء ،وحرف النداء يدل على هذا الفعل ،فأصل الكالم أنك
لمن تخاطبه ،تقول( :أناديك) ،فقولك( :يا عبد اهلل) كقولك لعبد اهلل
مثال َ
تقول ً
ٌ
مفعول به كما أن (أناديك) ،فـ (أناديك) و (عبد اهلل) سوا ٌء يف المعنى( ،عبد اهلل)
ٌ
مفعول به. الكاف يف (أناديك)
أسلوب خاص عند العرب فلهذا خصوه ببعض األحكام ،وهي
ٌ إال إن النداء
التي يذكرها النحويون يف هذا الباب ،ومن ذلك أهنم يجعلون المنادى مر ًة منصو ًبا
نحو( :يا عبد اهلل) ،ويجعلونه مر ًة مبن ًيا على الضم نحو( :يا محمدُ ).
ومنصوب يف المحل ال
ٌ فالمنادى المنصوب نحو (يا عبد اهلل) أمره واضح،
منصوب يف المحل
ٌ دائما ،فهو
مفعول به فحكمه النصب ً ٌ شك ،قلنا :منادى
منصوب إال أنه
ٌ أيضا
ومنصوب اللفظ ،وأما المنادى المبني نحو( :يا محمدُ ) فهو ً
منصوب المحل دون اللفظ ،منصوب المحل مبني اللفظ.
ُ
وقبل أن ندخل يف تفاصيل الكالم على إعراب المنادى ،وأقسامه ،وحكم كل
عرب المنادى؟ قسم ،نريد أن ن ِّ
ُلخص سري ًعا إعراب المنادى ،كيف ُي َ
قبق أَّ ن رو الم ابن مالك رحا علميا فن ل :المناد ن عاَّ:
الم ْف َر َد َ
المنْ دُ َر) :أي :النكرة المقصودة، ا ول :النكرة المقصودة ،قالَ ( :و د
غافال اذكر اهلل)،
رجال خذ بيدي)( ،يا ًم َّثلنا لذلك قبل قليل أن يقول األعمى( :يا ً
حاجا احفظ حجك) هذا من خطيب عرفة( ،يا طال ًبا اجتهد) يف حفلة الطالب.
(يا ً
ما رأيكم لو قال األعمى( :يا رجل ْين خذا بيدي)؟ نكرة غير مقصودة ،فإذن
ينصب بالياء ،لكنك لو كنت تخاطب رجل ْين معين ْين لكنت تقول( :يا رجلين اتقيا
رجال خذوا بيدي) ،نكر ًة غير مقصودة ،لو قال
ً اهلل) ،ولو قال هذا األعمى( :يا
األعمى( :يا مسلمين خذوا بيدي) نكرة غير مقصودة ،غير مقصودة :أي جماعة
من المسلمين ،نكرة مقصودة :كل المسلمين.
منصوب وعالمة نصبه األلف؛ ألنه من (ﭮ ﭯ) :يا :حرف نداء ،ذاٍ :
مناد
ٌ
األسماء الستة ،وهو مضاف ،القرنين :مضاف إليه مجرور وعالمة جره الياء.
دمق يف هَا ال سُ (المناد المنص ب) :المناد ال بيه ا مر الَالث الَ
بالمااف:
ٍ
منصوب أو والمراد بالشبيه بالمضاف هو ما ارتبط به ما بعده من مرفو ٍع أو
مجرور ،أن يأيت ٍ
مناد لكن الذي بعده يرتبط به ،سوا ٌء كان مرفو ًعا أو منصو ًبا أو
مجرورا ،فعلى ذلك يحتاج إلى أن تفهم المعنى.
ً
كأن تقول( :يا طال ًبا للحق) فأنت اآلن ال تنادي طال ًبا وإنما تنادي (طال ًبا
طالب تعال) ،لكنك إذا قلت( :يا ُ ُعمم فتقول( :يا
للحق)؛ ألنك يمكن أن تنادي فت ِّ
طال ًبا للحق تعال) فأنت تنادي طال ًبا للحق إال أن قولك (للحق) ليس على سبيل
الحق) فهذا مضاف ومضاف إليه ،وإنما (للحق)
طالب ِّ
َ اإلضافة ،ليس كقولك( :يا
جار ومجرور ولكنه متعلق بالطلب.
ٌّ
ٍ
فائدة تعال) ،أو تقول( :يا محمو ًدا فعله تعال) ،نحاول أو تقول( :يا طال ًبا بغير
نوحد المثال لتعرف أننا ال ننادي محمو ًدا ،وإنما ننادي محمو ًدا فعله( ،يا
أن ِّ
صالحا عمله تعال)( ،يا قو ًيا صوته تعال) ،لكنك لو تنادي قو ًيا فقط فسيدخل يف
ً
قوي اجلس).
القسم األول فتقول( :يا ُّ
شرح ألفية ابن مالك e f
g
522h
فإذا ناديت قوي الصوت فسيكون مضا ًفا ،يدخل يف القسم الثاين ف ُي َ
نصب (يا
نصب. ِ
شبيها بالمضاف ف ُي َ
قوي الصوت) ،فإذا قلت( :يا قو ًيا صوته) فقد جعلته ً
َّ
جالس قم) هذه
ُ جالسا ُمعينًا فتقول( :يا
ً كلمة (جالس) كيف تناديها؟ إذا أردت
نكرة مقصودة تدخل يف القسم األول فتبنيها على الضم ،لكن لو علقت بكلمة
جالسا على الكرسي
ً جالس شي ًئا بعدها ،جالس على الكرسي ،فإنك تقول( :يا
شبيها بالمضاف.
قم) ألن هذا ً
ٍ
سليمة قم)( ،يا جالسا ِجلس ًة غير جالسا يف آخر الفصل قم)( ،يا وكذلك (يا
ً ً
جالسا عند النافذة قم) ،وهكذا ،ومن ذلك قوله – جالسا بجوار ٍ
زيد قم)( ،يا
ً ً
تعالى( :-ﭩ ﭪ ﭫﭬ) [ س.]30:
كل ذلك يجمعه قول ابن مالك :
اد َمللللل امالَ َفلللللا
و ا لللللب ه ان اْصلللللب ع ا
ْ َ َْ د َ الم َالللللللا َفا
المنْ دُللللللل َر َو د الم ْفل َ
للللللر َد َ َو د
المفرد المنكور ،النكرة المقصودة ،بل النكرة الغير مقصودة ،والمضاف :أي
المنادى المضاف ،وشبهه :أي المنادى الشبيه بالمضاف ،انصب :هذا حكمه؛
اد َم امالَ َفا) أي :أنه ال خالف يف ذلك بين النحويين.
معرب منصوب ،وقوله( :ع ا
َ ٌ
سيذكر ابن مالك بعد ذلك شي ًئا من المسائل التي تتعلق بالقسم األول المبني،
مسألة مهمة ،والحاجة إليها ماسة ،وهي :أن نسأل عنٍ لكن قبلها أريد أن أقف عند
أسماء اهلل –جل جالله -من أي القسم ْين( ،يا رحمن ،يا رحيم ،يا عزيز ،يا كريم،
دائما أو ُت َ
نصب أو ما حكمها يا حي ،يا قيوم) وهكذا ،هل ُتبنى على الضم ً
بالتفصيل؟
فنقول يف الجواب عن ذلك :أسماء اهلل –جل جالله -كما تعرفون أعال ٌم
وصفات ،فهي تكون أعال ًما هلل ،ويف الوقت نفسه تدل على ما فيها من صفات،
e f شرح ألفية ابن مالك
523h
g
ٍ
صفة هلل –جل جالله.- فكل ٍ
اسم يدل على إثبات ما فيه من
ولذا يصح أن تكون َع َل ًما ،ويصح أن تكون صفةً ،فإذا كانت َع َل ًما عومِ َلت
معاملة األعالم ،وإذا كانت صفة عومِ َلت معاملة النكرة المقصودة ،وأسماء اهلل –
جق جالله -يف هَا الباب [باب النداء] على ال ة أقسام:
ستعمل إال مضا ًفا،
ال سُ ا ول :األسماء المضافة ،بعض أسماء اهلل ال ُي َ
نحو( :يا ذا الجالل واإلكرام) ،فهذه منصوبة؛ ألهنا مضافة ،ال إشكال فيها.
¹
e f شرح ألفية ابن مالك
527h
g
الحمد هلل رب العالمين ،والصالة والسالم على نبينا محمد ،وعلى آله
وأصحابه أجمعين.
َّأما بعد...
فسالم اهلل عليكم ورحمته وبركاته ،وحياكم اهلل وبياكم يف هذه الليلة الطيبة ليلة
ٍ
وأربعمائة ٍ
ثالث وثالثين اإلثنين الثاين والعشرين من شهر ذي القعدة من سنة
وألف ،نحن يف جامع الراجحي يف حي الجزيرة يف مدينة الرياض نعقد بحمد اهلل
وتوفيقه الدرس السادس والتسعين من دروس شرح [ألفية] ابن مالك،
وقد تكلمنا يف الدرس الماضي على باب النداء ،وانتهينا إلى اآلن بحمد اهلل تعالى
من شرح سبعة أبيات يف هذا الباب ،ويبقى يف هذا الباب خمسة أبيات ،سنشرحها
ْ
إن شاء اهلل تعالى يف هذه الليلة.
قال في ا ابن مالك:
ا ا
للللن َسلللللع ْيد اَ َ ا ل ْ
للللن ن َْحللللل ا َأ َه ْ لللللدد ْبل َ للللُ َوا ْفللللع ََح َّن م ْ
للللن َون َْحلللل َ َه ْ للللد د َّ
للللُ َقلللللدْ دحعا َملللللا
للللن َع َلل ِ
للللق اا ْبل َ َأو َ ل ا للللن َع َل َمللللا للللُ َ ا
للللق اا ْب د الاللللُ إا َّْ َل َْو َّ
اق َ َ
لللللُ دبينَلللللا َّم َملللللا َلللللل ده ْاسلللللعا ْح َ ِ لب َمللا ا ْ للطا َرارا دن َنللا ا
َوا ْ ل دلم ُْ َأ او انْصل ْ
ا ا لللع َ للللا َو َأل ا
الَ َملللللللقلللللللع اهلل َو َم ْحُلللللللي دإاَ َم َ لللن َج ْمل د َوباا ْ للللط َرار دمل َّ
شرح ألفية ابن مالك e f
g
528h
لللللُ فالللللي َقلللللرا اض َو َ َّ
لللللَ لللللا ال َّل د َّ للللللللُ باللللللللال َّع ْع ا ْ ض
َّ َوا َ ْ ََ د
للللللللر ال َّل د
ذكَر ابن مالك يف ثالثة األبيات األولى مسألتين تتعلقان بالقسم األول
من أقسام المنادى وهو المبني ،فقال:
ا ا
للللن َسلللللع ْيد اَ َ ا ل ْ
للللن ن َْحللللل ا َأ َه ْ لللللدد ْبل َ للللُ َوا ْفللللع ََح َّن م ْ
للللن َون َْحلللل َ َه ْ للللد د َّ
للللُ َقلللللدْ دحعا َملللللا
للللن َع َلل ِ
للللق اا ْبل َ َأو َ ل ا للللن َع َل َمللللا
للللق اا ْب د الاللللُ إا َّْ َل ْ
للللُ َ ا َو َّ
اق َ َ
لللللُ دبينَلللللا َّم َملللللا َلللللل ده ْاسلللللعا ْح َ ِ لب َمللا ا ْ للطا َرارا دن َنللا ا
َوا ْ ل دلم ُْ َأ او انْصل ْ
فالمسٌلة ا ولى التي ذكرها هي حُُ العلُ المبني يف نحو قولك" :يا زيد بن
علما ،ثم بعد ذلك نسبته إلى أبيه "يا محمد بن عبد اهلل"" ،يا
سعيد" ،إذا ناديت ً
خالد بن سعيد" وهكذا ،وهذه المسألة لها ثالثة شروط قبل ْ
أن نعرف حكمها،
ف رو هَه المسٌلة ال ة رو :
-ال ر ا ولْ :
أن يوصف هذا العلم المبني بكلمة "ابن".
أن تتصل به كلمة " ٍ
ابن" بال فاصل. -وال ر الَاينْ :
قلت" :يا زيدُ بن الشيخ سعيد" كذلك؛ ألنك لم تضف ابن إلى علم ،لو قلت" :يا
ٍ
سعيد" ،واضح؛ ألنك لم تصف العلم بابن ،وإنما ابن هنا منادى ،ولو زيدُ يا بن
مسافر: ٍ
سعيد :مبتدأ، مسافر" ،يا زيدُ :هذا منادى ،بن ٍ
محمد قلت" :يا زيدُ بن
ٌ ٌ
خرب.
إ ًذا فابن هنا ليس نعتًا.
إمالئي يتع َّلق هبذه المسألة ،وهذه المسألة هي كتابة همزة
ٍ وهنا ننبه إلى ٍ
أمر
ابن ،طب ًعا أول حرف من كلمة ابن همزة وليس أل ًفا ،إذا أردنا الدقة األلف إنَّما هي
األلف المدية ،وال تكون إال يف وسط الكلمة أو آخر الكلمة ،ال تكون يف أول
الكلمة؛ ألهنا مالزم ًة للسكون ،أما الذي يف أول الكلمة فال يكون إال همزة ،همزة
ابن األصل فيها كبقية همزات الوصل ْ
أن قطع أو همزة وصل كهذه ،وهمزة كلمة ٍ
تثبت ،إال ّ
أن أهل اإلمالء حذفوها يف هذه المسألة.
إذا تحققت هذه المسألة حذفوها ،فتقول" :يا زيد بن سعيد" تكتبها بالباء
والنون وتحذف الهمزة ،ومتى ما اختلت هذه الشروط أو بعضها كاألمثلة التي
قلناها قبل قليل وجب ْ
أن تكتب الهمزة إمال ًء ،هذا هو المعروف عند النحويين
الذي يذكرونه يف كتبهم ،وخاص ًة المتقدمون منهم.
ما ة رنا من هَه ال رو ،وبعض َّ يف هَه المسٌلة س فال عر النح
شرح ألفية ابن مالك e f
g
532h
عر َّ ر ين إ افيين يف هَه المعٌمر ن وماصة من ا دباء وأهق اإلمالء
هم ة ابن: المسٌلة س
أن يكون العلم الثاين أب األولْ ،
أن يكون العلم -ال ر ا ول :يقولونْ :
الثاين وهو سعيد يف قولنا" :يا زيد بن سعيد" ْ
أن يكون أب األول ،فهذا يخرج ما إذا
مثال ،يف نحو قولك" :يا أحمد بن حنبل"؛ ّ
ألن الرجل قد كان الثاين جد األول ً
قديما وحدي ًثا" ،يا أحمد بن حنبل"
ً ُينسب إلى جده وهذا معروف عند العرب
فحنبل جده وليس أباه.
فعلى ذلك-يعني على هذا الشرط الذي ذكروه -تكتب همزة ابن أو ال
تكتب؟ تكتب ،وعلى قول النحويين ال تكتب وهو الصحيح؛ ّ
ألن الهمزة تتبع
حكم هذه المسألة ،وكذلك" :يا أحمد بن تيمية" ،فتيمية جده بل من أجداده
وليس أباه.
الطالب.]16:06@[ :
ال يخ :نعم؟
الطالب.]@16:09-16:08[ :
ال يخ :هم الذين اشرتطوا ذلك ،هم قالواّ :
ألن اإلنسان أكثر ما ُينسب إلى
أبيه ،نسبته إلى جده قليلة ،لكن نسبته إلى جده قليلة بالنظر إلى عموم النسب ،لكن
بالنظر إلى اإلمام أحمد فإنه ال يكاد ُينسب إال إلى جده.
الطالب.]16:35-@16:33[ :
ال يخ :طب ًعا هذا يف الشرع أو يف.
وكذلك عندما يقولونْ :
أن يكون الثاين أب األول ،يخرج ما لو كان الثاين أم
e f شرح ألفية ابن مالك
533h
g
أيضا تثبت الهمزة ،وعند النحويين األول ،لو قلت" :يا زيد بن ٍ
هند" ،فعندهم ً
تحذف الهمزة ،وكذلك لو قلت" :يا عيسى بن مريم" وهكذا.
-ال ر الَاين الَ ا عر ه هؤاء :أال تقع كلمة ٍ
ابن يف أول السطرْ ،
فإن
وقعت يف أول السطر أوجبوا كتابة الهمزة مطل ًقا ،والنحويون المتقدمون ال
يذكرون مثل هذه الشروط.
قال ابن مالك:
ا ا
للللن َسلللللع ْيد اَ َ ا ل ْ
للللن ن َْحللللل ا َأ َه ْ لللللدد ْبل َ للللُ َوا ْفللللع ََح َّن م ْ
للللن َون َْحلللل َ َه ْ للللد د َّ
للللُ َقلللللدْ دحعا َملللللا
للللن َع َلل ِ
للللق اا ْبل َ َأو َ ل ا للللن َع َل َمللللا
للللق اا ْب د الاللللُ إا َّْ َل ْ
للللُ َ ا َو َّ
أن شرحنا فهمنا أنه يعني ّ
أن العلم المبني نحو زيد إذا وقع يف يعني بعد ْ
األسلوب المذكور نحو ( َأ َه ْدد ْب َن َس اع ْيد) ،فضمه أو افتحه أي يجوز ضمه وفتحه،
ٍ
حينئذ ليست فتحة إعراب والحظ تعبيره بالفتح دون النصب؛ ألنه أراد ّ
أن فتحته
وال نصب ،فليس معر ًبا منصو ًبا.
ثم ذكَر يف البيت الثاين شروط هذا األسلوب ،والحكم إذا اختلت هذه الشروط
علم آخر بال فاصل ،مع أن يلي لفظ ابن العلم األول بال فاصلْ ،
وأن يليها ٌ فالشرط ْ
متفق عليه، ٌ
شرط ٌ أنه لم يذكر اشرتاط كون لفظ بصفة ،هذا الشرط لم يذكره وهو
مثال كالمثال األخير الذي قلناه ،أو مبتدأ "يا زيد
كون كلمة ابن صفة ليست خربًا ً
ٍ
سعيد مسافر" ،هذا مبتدأ. بن
محتم واجب والفتح ممتنع،
ٌ فإذا اختلت الشروط فالضم قد حتم ،كما قال أي
أن قوله( :و َ اق اا ْب َن َع َل ُِ) بالواو ال بأو كما يف بعض النسخ
وعليه يتضح ّ
ألن المراد الجمع بين هذه الشروط ال ُبدَّ من توافرها جمي ًعا ،أو ْ
أن المطبوعة؛ ّ
يتوافر بعضها؟ فال بد ْ
أن تتوافر جمي ًعا وكلها هم أو يعني واحدٌ منها يقع ،وقد
شرح ألفية ابن مالك e f
g
534h
تكلمنا عندما قرأنا األبيات يف أول الباب ّ
أن هذا هو الموجود يف النسخ العالية
لأللفية ،وليس فيها أو إال يف بعض الشروح المطبوعة.
ٍ
مالك المسٌلة الَانية العي ععلق بال سُ ا ول من المناد ، ثم ذكَر ابن
ما هذه المسألة؟ هي حُُ المناد المبني إةا ا طر ال اعر إلى ن نه ،حكم
المنادى المبني نحو" :يا زيد" "يا محمدُ " ،حكمه إذا اضطر الشاعر إلى تنوينه،
كيف ينونه بالضم؟ "يا زيدٌ " أم بالفتح "يا زيدً ا"؟ فَ َر أنه َ ه فيه حينسَ
وج اَّ:
-ا ول :ضمه منونًا ،نحو" :يا زيدٌ "" ،يا ٌ
رجل" ،سوا ًء يف العلم أو يف النكرة
المقصودة.
رجال".
-وال جه الَاين :نصبه منونًا ،نحو" :يا زيدً ا" "يا ً
الوجهان جائزان ،وتلحظ أنه يف الوجه األول جعله مبن ًيا على الضم ،ع َبر
بالضم ال بالرفع ،معنى ذلك أنه ٍ
باق على بنائه على الضم ،مع أنه منون "يا زيدٌ "؛
ّ
ألن التنوين ال ينايف البناء منافا ًة مطلقة ،بل الذي ينافيه تنوين التمكين ،تنوين
التمكين هو الذي ال يدخل على المبني ،لكن مطلق التنوين قد يدخل ،يعني
وواها" ،وتقول" :جاء
ً صهٍ ،
وأف، األنواع األخرى للتنوين كتنوين التنكير ،نحوٍ " :
¹
e f شرح ألفية ابن مالك
547h
g
الحمد هلل رب العالمين ،والصالة والسالم على نبينا محمد ،وعلى آله
وأصحابه أجمعين.
َّأما بعد...
فسالم اهلل عليكم ورحمته وبركاته ،وحياكم اهلل وبياكم يف هذه الليلة ليلة
ٍ
وأربعمائة وألف من هجرة اإلثنين الخامس من شهر المحرم من سنة أرب ٍع وثالثين
المصطفى ،نحن يف جامع الراجحي بمدينة الرياض يف حي
الجزيرة لنعقد بحمد اهلل وبتوفيقه الدرس السابع والتسعين من دروس شرح [ألفية
ابن مالك]-عليه رحمة اهلل تعالى.-
ويف البداية لعلي أنبه إلى اسم هذا الشهر الكريم المحرم وهو شهر المحرم،
فالوارد عن العرب أنه بال شهر المحرم ،وقول النَّاس :شهر محرم بحذف أل هذا
لم يرد يف اللغة ،كما أنك ال تقول :شهر الرمضان وإنَّما تقول :شهر رمضان ،كما
سمع عن العرب تقول :شهر المحرم؛ ألنه يف األصل اسمه شهر اهلل المحرم ،ثم
اختصر فقيل :شهر المحرم ،فيجب ْ
أن تبقى األسماء كما هي دون تغيير.
يف آخر درس كنا تكلمنا على باب النداء ،وشرحنا كل األبيات التي يف هذا
الباب ،حتى شرحنا البيت األخير الذي قال فيه ابن مالك:
لللللُ فالللللي َقلللللرا اض َو َ َّ
لللللَ بلللللا ال َّل د َّ للللللللُ باللللللللال َّع ْع ا ْ ض
َّ َوا َ ْ ََ د
للللللللر ال َّل د
شرح ألفية ابن مالك e f
g
548h
إَّ اهلل-جق
وة رنا حينَاَ ما ععلق بنداء اللفظ الَليق العظيُ اهلل ،وقلناّ :
جالله -قد ن د يف الل ة بُُ صي ة؟ بخمس صيم:
-أ رها :اللهم وهي األكثر" ،اللهم اغفر لي".
-والصي ة الَانية :يا اهلل بإثبات األلفين" ،يا اهلل اغفر لي" ،وهذه كثير ٌة
فصيحة.
-والَالَة :يلله" ،يلله اغفر لي" ،وهذه قليلة ولكنها واردة.
-والرابعة :يا هلل بإثبات األلف األولى ألف الياء وحذف همزة لفظ الجاللة
"يا هلل اغفر لي" ،وهذه قليلة ولكنها مسموعة.
-والخامسة :يا ال هم بجمع ياء مع اللهم ،وهذه قلنا خاص ًة بضرورة الشعر.
لكن بقي هنا كنكت ٌة علمية أحببت ْ
أن أذكرها يف هذه اللفظة اللهم ،فهي يف أكثر
اللغة ندا ٌء هلل كما ذكرنا قبل قليل ،إال أهنا ُتستعمل ً
أيضا استعمالين
آخرين يف غير نداء اهلل:
-ااسععمال ا ول :أهنا ُتستعمل لتمكين الجواب وتقويته وتحقيقهْ ،
كأن
أقائم زيد؟" فتقول" :اللهم ،نعم" ،أو تقول" :اللهم ،ال" ،فاللهم هنا
يقول قائلٌ " :
ليست لنداء اهلل-جل جالله ،-لكن لتأكيد وتمكين الجواب ،ومن ذلك الحديث
ك؟ ف َال :ال َّل د َُّ َن َع ُْ».
أعرابي إلى النبي فقال له« :آهللد ْأر َس َل َ
ٌ المشهور عندما أتى
أن ُتستعمل ً
دليال على قلة الشيء -وااسععمال الَاين :اللهم يف غير نداء اهلل ْ
أن تقول" :سأزورك الليلة ْ
إن ٍ
حينئذ يف المعنى بمعنى إال ،ك ْ وبعد وقوعه ،وتكون
أن يحدث لي مانع ،فهذا وار ٌد شاء اهلل ،اللهم إذا لم يحدث لي مانع" ،يعني إال ْ
أيضا يف اللغة ،وليس المعنى على نداء اهلل ،ولكن المعنى كما ذكرنا قبل قليل.
ً
e f شرح ألفية ابن مالك
549h
g
مثال، وهذا يكثر عند المؤلفين كقول المؤلفين" :اللهم ْ
أن ُيقال كذا وكذا" ً
أن ُيقال كذا وكذا" ،كقولهم" :ال يجوز ٌ
مشكل وال جواب له" ،اللهم ْ وهذا األمر
أكل الميتة ،اللهم ْ
أن يضطر إلى ذلك فيجوز" ،فالمعنى إال.
فهذان أسلوبان الللهم واردان يف اللغة ال ُيقصد هبما حقيقة النداء ،فهذا هناية
الكالم على باب النداء ،لننتقل بعد ذلك إلى الفصل الذي عقده ابن مالك
تابع
فصق) فمعنى ذلك أنه ٌ فصق) ،بما أنه عنونه بقولهِ ( :
بعد هذا الباب فقالِ ( :
للباب السابق ،هي مسألة من مسائل باب السابق إال أهنا مسأل ٌة فيها تفصيل،
فخصها هبذا الفصل.
وهذا الفصل هو أول فص ٍل يرد يف [األلفية] ،كل ما سبق هي أبواب ،والفصول
ستكثر يف آخر [األلفية] بعد ذلك ،إال أنه جاء يف بعض النسخ جعل باب ما وال
والت وإن المشبهات بليس تذكرونه الذي ذكرناه بعد باب كان وأخواهتا ذكر على
أنه باب ،وهذا هو األظهر ،لكن جاء يف بعض النسخ ( َف ْص ِق فالي َما َواَ َوا َََ َوإا َّْ
ا ْل دلم َ َّب َ اَ).
ٍ
فحينئذ يكون هذا الفصل الذي عندنا يف النداء يكون هو الفصل الثاين ،فهذا
فقط من تتبع ترتيب [األلفية].
أما ا بياَ العي ة رها يف هَا الفصق ف ي سبعة أبياَ ،قال في ا:
الح َيلللللق َأل ا مللللله نَصلللللب ٌََ َه لللللدد َةا ا وَّ َأل للاف دد َالم َا َ َ .585للابا َع اة
ْ ْ د ْ َ الاللُ د َّ
دَم ْسلللللللللل َع ا ق ن ََسلللللللللل َو َبللللللللللدَ ا اج َعلالَ لب َو ْ
ا ا
َ .586و َما س َ ا ده ْار َف ْلع َأ او انْص ْ
َف افيل ا
لللللله َو ْج َ ل ا للح َب َأل َمللا ن ادسلل َ ا
للللللع د نْ َع َ لللللللى
للللللاَّ َو َر ْفل ِ ْ دللن َم ْص دَ .587وإا َّْ َ ُ ْ
الم ْعرا َفللللل ْه
َ للللالر ْف اع َللللللدَ اة
َ لللللل َ دم بال َّ لللح َب َأل َب ْعلللدد اصللل َف ْه
َ .588و َأ َ لللا َم ْص د
ا للللللَا َأ لللللللا ا َّلل ا
لللللرد
هلللللَا د َ َ لللللف َأ باسللللل َ
َو َو ْص د للللللَ َو َر ْد َ .589و َأ هل َ َ
الم ْعرا َفللللل ْه للللاَّ َْر د َ لللللا د اف ْيل د
للللت َ إا َّْ َ ل َ َللللٌ فاللللي الصلللل َف ْه للللارة َ َ .590و دةو إا َ َ
شرح ألفية ابن مالك e f
g
550h
ا ا ا .591فاي ن َْح ا َس ْعدَ َس ْعدَ
لللللُ َوا ْفللللللع ََح َأ َّوا دصل ْ
لللللب َ للللللاَّ َو د ل َّ لب
ااوْ َ نْعَص ْ
فهذه سبعة أبيات ذكرها يف هذا الفصل.
ٍ
لمسألة معينة يف باب النداء ،ما هذه المسألة؟ إ ًذا فهذا الفصل معقو ٌد
أحكام تابع املنادى املبني.
أن يكون مبن ًيا ،وإما ْ
أن يكون منصو ًبا ،وشرحنا ذلك المنادى-كما سبق -إما ْ
ٍ
سؤال يرد بالتفصيل ،وهذا الفصل معقو ٌد لبيان أحكام توابع المنادى المبني ،فأول
لماذا كان هذا الفصل ألحكام توابع المنادى المبني؟ فأين الكالم على أحكام
توابع المنادى المعرب المنصوب؟
فالَ اب عن ةلكّ :
أن توابع المنادى المعرب ال تحتاج إلى كال ٍم جديد
يختلف عن الكالم الذي ُيذكر يف باب أو يف أبواب التوابعّ ،
فإن المنادى المعرب
ٌ
مفعول به يف منصوب يف المحل؛ ّ
ألن المنادى حكمه النصب؛ ألنه ٌ المنصوب هو
أيضا منصوب.
الحقيقة فحكمه محله النصب ،وهو يف اللفظ ً
منصوب يف الحكم أي المحل ،ويف اللفظ،
ٌ فالمنادى المعرب المنصوب هو
إن اتبعت اللفظ فالنصبْ ،
وإن اتبعت اللفظة ٍ
حينئذ إال النصبْ ، فتابعه ليس فيه
مثال" :يا عبد اهللِ" ،هذا منادى منصوب ،اتبعه تقول" :يا عبد اهللِ
فالنصب ،تقول ً
الشجاع تعال"" ،يا عبد اهللِ الكريم"" ،يا عبد اهللِ البطل تعال" ،ليس لك إال ذلك.
طالب العلم المجتهد ابشر"" ،يا ربنا
َ طالب العلم" صفه باالجتهاد "يا
َ "يا
اغفر لنا" ،صف ربنا بالعظيم "يا ربنا العظيم اغفر لنا" ،ليس لك إال ذلك" ،يا
رسولنا الكريم صلى عليك اهلل وسلم"" ،يا صديقي العزيز سأزورك الليلة" ،وهذا
الكالم يخص التوابع كلها إال البدل وعطف النسق ،فحكمهما واحد بعد المنادى
المبني وبعد المنادى المعرب ،وسنعرف ذلك عندما نصل إلى حكمهما هنا.
e f شرح ألفية ابن مالك
551h
g
وهَه فائدة م مة بين لك الفرق بين هَه الع ابع :المنادى المبني-كما قلنا
قبل قليل -حكمه محله يختلف عن لفظه ،فحكمه النصب ولفظه إما ْ
أن ُيبنى على
الضم ،أو ُيبنى على الواو ،أو ُيبنى على األلف ،إما ْ
أن ُيبنى على الضم كقولك" :يا
طالبات" حكمه النصب ولفظه مبني على الضم ،أو ُيبنى على الواو "يا
ُ إبراهيم ،يا
ُ
محمدون ،يا مسلمون" ،أو ُيبنى على األلف "يا محمدان ،يا مسلمان".
ومن المعلوم عندكم جمي ًعا ّ
أن التوابع هي :النعت و ُيقال عنها الصفة،
والتوكيد ،وعطف البيان ،وعطف النسق ،والبدل ،هذه درسناها من قبل ومعروفة،
أن نشرح هذه األبيات أحب ْ
أن أن نبدأ بشرح الفصل ،وقبل ْ
لكن نؤكد عليها قبل ْ
نثرا ،وربما يصعب ْ
أن أتتبعها يف األبيات ألخص األحكام؛ ألهنا منثور ٌة يف األبيات ً
لكن نلخصها اآلن نضبطها نفهمها ،ثم بعد ذلك ننظر يف كالم ابن مالك.
نٌمَ الع ابع ابعا ابعا:
-أما البدل :البدل حكمه حكم المنادى المستقل ،تعامله كأنه هو المنادى
يعني تدخل عليه حرف النداء وتنظر كيف يكون الحكم ،كقولك" :يا ُ
شيخ محمدُ
تعال" ،كيف تنادي شيخك الذي اسمه محمد؟ تقول" :يا ُ
شيخ محمدُ أجب عن
ُ
شيخ :هذا منادى مبني على الضم؛ ألنه نكر ٌة مقصودة ،والنكرة سؤالي" ،يا
شيخ محمدُ " ،محمدُ هنا طب ًعا عرفنا من قبل ّ
أن الشيخ هو المقصودة معرفة" ،يا ُ
محمد ومحمد هو الشيخ.
بدال ،ويصح ْ
أن تكون عطف بيان ،عرفنا الفرق بينهما من إ ًذا فيصح ْ
أن تكون ً
حيث المعنى.
بدال تقول" :يا ُ
شيخ محمدُ " ،فمحمدُ تجعلها مبني ًة على الضم، فإذا كانت ً
كثيرا -على نية كأنك قلت" :يا محمدُ " كأنه منا ًدى مستقل؛ ّ
ألن البدل-كما كررنا ً
شرح ألفية ابن مالك e f
g
552h
تكرار العامل ،ويقول بعضهم :البدل على نية حذف المبدل منه ،يعني ّ
أن البدل يف
الحقيقة هو الذي يلي العامل ،هو الذي يتأثر بالعامل.
طالب خالدُ اسمع ما أقول لك" ،يا
ُ ولو ناديت طال ًبا اسمه خالد تقول له" :يا
طالب :منادى مبني على الضم ،خالدُ :هذا بدل فتبنيه على الضم
ُ طالب خالدُ " ،يا
ُ
خاضع لقاعدته أنه على نية
ٌ كأنك قلت" :يا خالدُ " ،فهذا البدل ،البدل أمره واضح
تكرار العامل.
-وأما عطف النسق :تعرفون عطف النسق هو العطف بحروف العطف،
وحروف العطف لها وظيفة ومعاين ،وظيفتها-كما عرفنا من قبل -أهنا تشرك ما
بعدها مع ما قبلها يف الحكم ،تقول" :جاء محمدٌ وخالدٌ " ،الواو ماذا فعلت ما
وظيفتها؟ أهنا جعلت الذي بعدها خالد كالذي قبلها محمد يف الفعل؛ ألهنما يف
الحقيقة كالهما عمل الفعل.
فأنت تقول" :جاء محمدٌ وخالد" ،محمد فعل المجيء "جاء محمد"،
أيضا على نية تكرار العامل ،وهذه
وخالد؟ كذلك فعل المجيء ،فعطف النسق ً
ٍ
موال للعامل. دائما تراعي فيه أنه
أحكامه ً
ِ
فصيق على حالعين: قلنا :وأما عطف النسق ففيه
-الحالة ا ولى :إذا لم يكن يف المنسوق يعني يف المعطوف (أل) ،فحكمه
حكم المنادى المستقل ،نحو" :يا زيدُ ومحمدُ تعاال" ،تنادي زيدً ا ومحمدً ا ،تقول:
رجل وخالدُ تعاال" ]@19:006[ ،تقول" :يا ُ
رجل "يا زيدُ ومحمدُ تعاال"" ،يا ُ
ومحمدُ تعاال" كذلك.
-الحالة الَانية لعطف النسقْ :
أن يكون يف المعطوف (أل) ،فيجوز فيه
الوجهان النصب والرفع ،إذا كان فيه (أل) فيجوز لك فيه الوجهان النصب والرفع،
e f شرح ألفية ابن مالك
553h
g
كأن تنادي محمدً ا واألستاذ فتقول" :يا محمدُ واألستا ُذ تعاال" ،أو "يا محمدُ
ْ
واألستا َذ تعاال" ،يجوز لك الوجهان ،أو تنادي زيدً ا والعامل الذي يعمل عنده
َ
والعامل اتفقا" ،هذا عطف النسق. ُ
والعامل اتفقا" أو "يا زيدُ مثال ،فتقول" :يا زيدُ
ً
ماذا يبقى من التوابع؟ يبقى النعت والتوكيد وعطف البيان ،هذه الثالثة حكمها
ِ
فصيق على حالعين ب اَّ الحالعين الساب عين: واحد ،وفي ا
إن كان مضا ًفا وليس فيه (أل) فيجب نصبه ،نحو" :يا زيدُ
-الحالة ا ولىْ :
صاحب المح ِل بع بإخالص"" ،يا زيدُ صاحب المحل" ،يا زيدُ :هذا المنادى
َ
صاحب المحل ،أين التابع؟ صاحب ،مضاف أم َ المبني ،ثم وصفته ونعته بقولك:
ليس مضا ًفا؟ مضاف ،كلمة صاحب فهيا (أل) أو ليس فيها (أل)؟ اليس فيها (أل).
إ ًذا التابع هنا مضاف وليس فيه (أل) فيجب نصبه" ،يا زيدُ صاحب المحل"،
خالد وهو صديق فهد ،تقول" :يا خالدُ صديق ٍ
فهد زرنا الليلة" وهكذا.
إن كان فيها (أل)ْ ،
إن كان فيها (أل) فيجوز فيها -الحالة الَانية ل َه الع ابعْ :
تجوز الرفع والنصب.
الرفع والنصب( ،أل) هذه ما شاء اهلل كريمة ِّ
الطالب.]@22:13[ :
لكريم تعال" ،لك الوجهان ،أو
ُ الكريم تعال"" ،يا زيدُ ا
َ ال يخ :نحو" :يا زيدُ
الكريم ِ
األب التابع هنا َ الكريم ِ
األب تعال" ،يا زيدُ :المنادى المبني، َ تقول" :يا زيدُ
ِ
األب ،لكنها إضافة لفظية كما عرفنا يف باب اإلضافة الكريم وهو مضاف الكريم
الكريم
ُ ِ
األب" ،و"يا زيدُ الكريم
َ وفيه (أل) الكريم ،فلك فيه الوجهان "يا زيدُ
ِ
األب" ،فهذا هو تلخيص األحكام ،لنعود بعد ذلك إلى ما قاله ابن مالك يف
ذلك ونشرحه.
قال:
َأل ا مللللله نَصلللللب ٌََ َه لللللدد َةا ا
الح َيلللللق وَّ َأل
للللاف دد َ
الم َا َ َللللابا َع اة
ْ ْ د ْ َ الاللللُ د
َّ
شرح ألفية ابن مالك e f
g
554h
دَم ْسلللللللللل َع ا ق ن ََسلللللللللل َو َبللللللللللدَ ا اج َعلللالَ للب َو ْ
ا
للع َأ او انْص ْ
ا
َو َمللا سلل َ ا ده ْار َف ْ
َف افيل ا
لللللله َو ْج َ ل ا لللح َب َأل َمللللا ن ادسلللل َ ا
للللللع د نْ َع َ لللللللى
للللللاَّ َو َر ْفل ِ ْ لللن َم ْصل د َوإا َّْ َ دُل ْ
لخص األحكام يف ثالثة أبيات ،قال يف البيت األول:
الح َيلللللقَأل ا مللللله نَصلللللب ٌََ َه لللللدد َةا ا وَّ َأل
للللاف دد َ
الم َا َ َللللابا َع اة
ْ ْ د ْ َ الاللللُ د َّ
يقول :تابع المنادى المبني إذا كان مضا ًفا وليس فيه (أل) فيجب نصبه ( َأل ا ْم ده
الح َيق) ال تحتال علينا ( َأ َه ْد) :الهمزة الحيق)َ ( ،أ َه دد َةا انَصب ) ،نحوَ ( :أ َه دد َةا ا
ْ َ ْ ْ َ
الح َيق)، حرف نداءَ ( ،أ َه دد ) :منادى مبني على الضم ،وصفه ونعته بقولهَ ( :ةا ا
ْ
بمعنى صاحب الحيل ،أين التابع؟ ( َةا) :وهو مضاف وليس فيه (أل) ،فليس لك
فيه إال النصب ( َأ َه دد َةا ا
الح َيق) ،وال يجوز أزيدُ ذو الحيل. ْ
ومثل ذلك :قولك" :يا محمدُ صاحب المحل"" ،يا خالدُ صديق ٍ
فهد"" ،يا
طالب كاتب الدرس تعال"" ،يا مسلمون أصحاب الحق اتحدوا" ،يا مسلمون:
ُ
منادى مبني ،ثم وصفتهم بأصحاب الحق ،فليس لك فيه إال النصب" ،يا مسلمون
أصحاب الحق اتحدوا".
"يا محمدان"" ،يا محمدان صاحبي ٍ
زيد تعاال"" ،يا زيدان"" ،يا زيدان ابني
ٍ
عمرو تعاال" ،يا زيدان :منادى مبني على األلف ،ابني :هذه صفة نعت وليس لك
فيها إال النصب ،هذا يف النعت كل األمثلة-كما رأيتم -يف النعت الصفة.
نريد أمثل ًة يف التوكيد ،التوكيد-كما تعرفون -نقصد به التوكيد المعنوي
كأن تقول" :يا ٍ
بألفاظ معينة كالنفس والعين وكل إلى آخره ،أمثلة التوكيدْ : ويكون
محمدُ نفسك تعال" ،ويجوز لك ْ
أن تقول" :يا محمدُ نفسه تعال" ،يف التوكيد عند
أن تأيت بأسلوب الخطاب أو بأسلوب الغيبة مع أنك تخاطب؛ ّ
ألن النداء النداء لك ْ
خطاب" ،يا محمدُ نفسك تعال" ،أو "يا محمدُ نفسه تعال".
e f شرح ألفية ابن مالك
555h
g
تميم كلهم تعالوا" ،هذا مسموع وهذا
تميم كلكم تعالوا" أو "يا ُ
وتقول" :يا ُ
أن الواجب النصب؛ ّ
ألن التوكيد هنا مضاف وليس فيه أل ،وأمثلة مسموع إال ّ
كأن تقول" :يا محمدُ أبى ٍ
زيد تعال"" ،يا محمدُ أبى زيد" محمد: عطف البيانْ :
بدال ْ
وأن منادى مبني ،أبى زيد :هذا علم آخر ،والعلم بعد العلم يجوز ْ
أن يكون ً
يكون عطف بيان وفيه أوج ٌه ُأخر.
ٍ
حينئذ أبى مضاف وليس فيه أل، فإذا جعلته عطف بيان لزم فيه النصب؛ ألنه
"يا محمدُ أبى ٍ
زيد تعال"" ،يا عثمان ذا النورين ما أعدلك!" ،يا عثمان ذا النورين
وهذا كمثال ابن مالك أم يختلف عنه؟ يماثله يف الحكم ويخالفه يف النوعّ ،
فإن ذا
الحيق)َ ( ،ةا ا
ا
ألن ( َةا
الح َيق) نعت أم عطف بيان؟ نعت؛ ّ يف مثال ابن مالك ( َأ َه ْ دد َةا َ
علما ،إنما هو نعت. ا
الح َيق) ليس ً
أما قولك" :ذا النورين" هذا نعت أم علم؟ علم؛ ألنه لقب ونعرف ّ
أن العلم قد
علما ،وكلها أعالم والعلم ال يوصف به؛ ألنه ال يتحمل يكون كني ًة أو لق ًبا أو ً
اسما ً
ما فيه من وصف ،فهذا ما يتعلق بالنعت وعطف البيان والتوكيد.
-وأما البدل وعطف النسق فسيخصهما ابن مالك بكال ٍم يف البيت التالي،
لكننا نسأل يف هذا البيت ونقول :ما الذي نصب قولهَ ( :ابا َع)؟
َأل ا ْمللل ده ن َْصللل َب ....................... وَّ َأل
للللاف دد َ
الم َا َ
الاللللُ د
َّ َللللابا َع اة
( َابا َع) ما الذي نصبه؟
الطالب.]@29:21-29:10[ :
ال يخ :يعني أنه منصوب على االشتغال ،والتقدير.
الطالب :ألزم تابع.
ال يخ :ألزم هذا تابع النصب ،دل عليه الفعل المذكور ،هذا أسلوب االشتغال
شرح ألفية ابن مالك e f
g
556h
وشرحناه يف بابه.
ما إعراب قولهَ ٌََ ( :ه ْدد )؟ الكاف :حرف جر.
الطالب.]@29:52[ :
ال يخ :وهذا الحرف حرف الجر دخل على ماذا على مفرد أم على جملة؟
ٍ
جملة ال على مفرد ،والجملة قولك أو قولهَ ( :أ َه ْدد )َ ( ،أ َه ْدد ) هذه جملة دخل على
عوضا عن الفعل
ً وهي جملة فعلية تقديرها أنادي زيدً ا ،ثم ّ
إن حرف النداء جاء
( َأ َه ْدد ).
إ ًذا فالكاف دخل على جملة فلهذا لن يجر اللفظ ،وإنما جر محل الجملة.
ُ قال ابن مالك يف البيت الَاين:
دَم ْسللللللللللل َع ا ق بلللللللللللدا ونسللللللللللل ا اج َعللالَللب َو ْ
ا
للع َأ او انْص ْ
ا
َو َمللا سلل َ ا ده ْار َف ْ
ا ا
أن التابع إذا لم يكن مضا ًفا ب) ،يعني ّ قولهَ ( :و َما س َ ا ده ْار َف ْع َأ او انْص ْ
دون (أل) ،فيجوز لك فيه الرفع والنصب ،التابع ليس مضا ًفا وليس خال ًيا من أل،
يعني ْ
أن يكون فيه أل ،فيجوز لك الرفع النصب فيه ،كقولك" :يا زيدُ الكريم"،
الكريم تعال" ،والرفع "يا زيدُ
َ تابع لزيد نعت ،فلك فيه النصب "يا زيدُ
فالكريم هنا ٌ
الكريم تعال".
ُ
الكريم األب" ،وصفت زيدً ا بأنه الكريم األب ،والكريم هنا
َ وتقول" :يا زيدُ
الكريم األب تعال"،
َ مضاف لكن فيه (أل) ،فلهذا يجوز لك فيه النصب "يا زيدَ
الكريم األب تعال" ،هذا يف النعت.
ُ والرفع "يا زيدُ
قلنا :إذا كان التابع ليس مضا ًفا خال ًيا من (أل) ،فيجوز لك فيه الرفع والنصب
اج َعالَ دَم ْس َع ا ق نس ا وبدا) ،فهذا
كاألمثلة السابقة ،ثم إنه أكمل البيت فقالَ ( :و ْ
خاصا بالنعت والتوكيد وعطف البيان ،فالذي تقدَّ م اإلكمال للبيت يجعل ما تقدَّ م ً
e f شرح ألفية ابن مالك
557h
g
خاص هبذه التوابع ،فلهذا كنا نمثل هبا.
ٌ هو
اج َعالَ دَم ْس َع ا ق نس ا وبدا)،
أما البدل وعطف النسق فخصهما بقولهَ ( :و ْ
يقول :اجعل البدل وعطف النسق يف حكم المنادى المستقل ،والعلة يف ذلك-ما
ذكرناه من قبل -أهنما يف حكم تكرار العامل ،أو يف حكم حذف المتبوع ،فهما يف
الحقيقة متأثران بالتابع واليان له.
كأن تقول" :يا ُ
شيخ محمدُ " ،فهو كقولك" :يا محمدُ " ،وقولك" :يا فالبدل ْ
بدال ،وعطف زيد تعال" ،إذا جعلت أبى ٍ
زيد ً طالب خالد تعال" ،أو "يا محمدُ أبى ٍ
ُ
أن تقول" :يا محمدُ وزيدُ تعال" ،أو "يا محمدُ وأبى ٍ
زيد تعاال" ،أبى وال النسق ْ
زيد تعاال" هذا نسق النسق يف حكم المنادى المستقلِ ،
ناد أبو؟ "يا محمدُ وأبى ٍ
اج َعالَ
طالب منتبه وكلكم ذلك الطالب :ابن مالك قال يف البيتَ ( :و ْ
ٌ ْ
فإن قال
ماض أم أمر؟ فعل أمر اجعل فعل أمر ٍ اج َعالَ) :هذا ٌ
فعل ا
دَم ْس َع ق نس ا وبدا)ْ ( ،
وفعل األمر مبني على السكون إال ْ
إن كان يخاطب اثنين ،وهنا ال يخاطب اثنين
اج َعالَ)؟
وإنما يخاطب طالب العلم ،يخاطب واحدً ا ،فلماذا قالْ ( :
الطالب.]@41:53-41:50[ :
ال يخ :يقول :األلف لإلطالق والجواب خطأ ،اإلطالق متى يأيت؟ اإلطالق
ال يأيت إال بعد الفتحة ،يعني ْ
كأن تكون الكلمة المختومة بفتحة يف آخر البيت،
مثال :جلس لو كانت يف آخر البيت تقول :جلسا فتكون الكلمة مختومة بفتحة،
ً
وهذه األلف إطالق يعني إشباع للفتحة ،لكن اجعل هذا فعل أمر مبني على
السكون ،ليس هناك فتحة لكي تشبعها وتطلقها ،فليس األلف هنا لإلطالق.
نعم يا إخوان ،هذا األمر شرحناه أكثر من مرة ،فلهذا ال تلموين ولستم تفعلون
ذلك عندما أكرر بعض المعلومات.
الطالب :للتوكيد يا شيخ.
شرح ألفية ابن مالك e f
g
560h
ال يخ :األلف هذه للتوكيد ما عالقتها بالتوكيد؟
الطالب :تكرار للفعل أو كذا؟
ال يخ :نعم.
الطالب.]@43:09-43:03[ :
اج َعالَ).
اج َعالَ) يخاطب ( ْ
ال يخ :ما قال :اجعلهما هما قالْ ( :
الطالب.]@43:18-43:15[ :
ال يخ :أحسنت ،نعم ،فعل األمر هنا مؤكدٌ بنون التوكيد الخفيفة الساكنة
أن ُتقلب أل ًفا ( ْ
اج َعالَ)، اجعل ْن ،ونون التوكيد الخفيفة عند الوقف عليها يجب ْ
أن تقول ذلك أو فهمت التوكيد فأنت اقرتبت من [ ،]@43:36يعني أنت أردت ْ
فقط من اللفظ.
الطالب.]@43:43-43:42[ :
كثيرا
ال يخ :نعم ،هو كذلك وشرحنا ذلك يف عدة أبيات ،ابن مالك فعل ذلك ً
يف ألفيته ،فكل ما سبق يف هذه األبيات لخصناه يف أول الدرس ،ثم شرحناه يف هذه
األبيات.
بعد ْ
أن ذكر ابن مالك هذه األحكام لتوابع المنادى ،ذكَر بعدها بعض
المسائل الجزئية التفصيلية يف توابع المنادى ،هناك مسائل تفصيلية جزئية داخلة يف
أن انتهى من األحكام العامة ،ف ال: توابع المنادى ،فذكرها بعد ذلك بعد ْ
الم ْعرا َفللللل ْه
َ للللالر ْف اع َللللللدَ اة
َ لللللل َ دم بال َّ للللح َب َأل َب ْعلللللدد اصللللل َف ْه َو َأ َ لللللا َم ْصل د
ا ا
لللللرد
هلللللَا د َ َ لللللف َأ باسللللل َ
َو َو ْص د للللللللَ َو َر ْد للللللللَا َأ َ لللللللللا ا َّلل
َ َو َأ هل
تكلم يف هذين البيتين على نداء ٍ
أي ،كلمة (أي) هذه ُتنادى ولها عند
e f شرح ألفية ابن مالك
561h
g
ندائها ال ة أساليب:
(أي) هذه المناداة "يا أيها
أي ُ -ا سل ب ا ول" :يا أيها الرجل تعال" ،يا ُ
الرجل تعال".
-ا سل ب الَاين" :يا أيها ذا تعال".
-ا سل ب الَالث" :يا أيها الذي جلس تعال".
مبني على الضم اتفا ًقا؛ ألنه نكر ٌة ُ
أي هذا منا ًدى ٌ
الرجل" ُ فقولهم" :يا أيها
مقصودة ،وها يف أي ها حرف تنبيه ،إ ًذا يعرب ويعامل كالحروف نقول :حرف
مبني على السكون ،الرجل يف قولك" :يا أيها
تنبيه ال محل له من اإلعراب ٌ
نعت لماذا صف ٌة لماذا؟ ألي ُ
الرجل" المشهور عند النحويين أنه صفة أي نعتٌ ،
المنادى ،صف ٌة للمنادى.
أَّ
فلهذا أدخل ابن مالك هذه المسألة يف هذا الفصل توابع المنادى المبني ،إا ّ
هَه الصفة (صفة أ ) هنا َب في ا أمراَّ:
-ا ولْ :
أن تكون بأل" ،يا أيها الرجل ،يا أيها الجالس ،يا أيها القائم" ،يعني
أن تقول" :يا أيها محمدُ تعال" ال أن تقول" :يا أيها ُ
رجل تعال" ،ال يجوز ْ ال يجوز ْ
تكون إال بأل.
ُ
الرجل" فال َب يف صفة أ ْ :
أن تلزم الرفع" ،يا أيها -ا مر الَاين الَ
الرجل تعال"( ،ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ)
َ يجوز النصب ،فال تقول" :يا أيها
الناس" ،إال ّ
أن أبى عثمان المازين أجاز َ [النساء ،]1:وال يجوز النصب "يا أيها
النصب ،وأبو عثمان المازين من كبار النحويين وهو من تالميذ األخفش سعيد بن
مسعدة تلميذ سيبويه.
إ ًذا فأبو عثمان المازين تلميذ سيبويه وهو من مشايخ المربد.
شرح ألفية ابن مالك e f
g
562h
فأبو عثمان المازين قال ً
قوال لم يسبقه إليه أحد ،ولم يتابعه عليه أحد ،فجوز
لم؟ ّ
ألن هذا سماعا ،وقوله هذا يف غاية الضعف َ
ً قياسا ال
النصب هنا وجوزه ً
كثير عن العرب ،وقد جاءت عليه شواهد كثير ٌة جدًّ ا من كالمأسلوب ٌ
ٌ األسلوب
العرب المحتج به ،لم ِ
تأت عليه شواهد قليلة ،شواهده كثير ٌة جدًّ ا ال تحصر ،ومع
أن الرفع مقصودّ ،
وأن النصب غير جائز، ذلك جاءت كلها بالرفع مما يدل على ّ
واللغة سماع.
سماع يف األخذ ويف الرتك ،فما فعلته العرب
ٌ عندما نقول :اللغة سماع أي
نفعله ،وما علمنا أو ترجح لنا أهنا تركته يجب ْ
أن نرتكه ،والذي لم يرد لم تفعله
وأمرا أمرا علمنا ّ
أن العرب أتته هذا جائزً ، ولم ترتكه ،هذا يخضع للقياس ،لكن ً
أن العرب تركته قصدت تركه ْ
كأن يكون أن العرب منعته أو بان لنا بالقرائن ّ
علمنا ّ
كثيرا جدًّ ا يف كالمها ،ومع ذلك جاء كل األسلوب بالرفع ،أو جاء
هذا األسلوب ً
ٍ
حينئذ نعلم أهنم تركوا الثاين كل األسلوب بالنصب ،يعني جاء على ٍ
باب واحد،
وقصدوا الرتك فنرتك.
من أمَلة ةلك مَال :لفظ الشهادة "ال إله إال اهلل" ،فكم عدد الشواهد التي
كثير جدًّ ا ،وكلها جاءت برفع لفظ الجاللة "ال إله إال
جاءت فيها "ال إله إال اهلل"؟ ٌ
اهلل" ،فلهذا قال جماهير النحويين ال يجوز هنا إال الرفع ،مع ّ
أن القياس يجيز
النصب؛ ّ
ألن االستثناء هنا تا ٌم منفي ،فلك فيه الرفع والنصب ،لك فيه اإلتباع
أن العرب قصدوا تركخضوعا لهذه القاعدة التي تبين لنا فيه ّ
ً والنصب ،لكن
النصب.
قياسا، أن نرتك النصب وأال نأيت إليه ،فاللغة سما ًعا قبل ْ
أن تكون ً إ ًذا علينا ْ
أن ُتخضع السماع للقياس.
والقياس له مجاله ،وال يمكن ْ
¹
e f شرح ألفية ابن مالك
567h
g
الحمد هلل رب العالمين ،والصالة والسالم على نبينا محمد ،وعلى آله
وأصحابه أجمعين.
َّأما بعد...
فسالم اهلل عليكم ورحمته وبركاته ،وحياكم اهلل وبياكم يف ليلة اإلثنين الثاين
ٍ
وأربعمائة وألف ،نحن يف جامع عشر من شهر المحرم من سنة أرب ٍع وثالثين
الراجحي يف حي الجزيرة يف مدينة الرياض نعقد بحمد اهلل وتوفيقه الدرس الثامن
والتسعين من دروس شرح [ألفية] ابن مالك.
وكنا وما زلنا يف أبواب النداء ،وقد شرحنا منها الباب األول الذي سماه باب
فصال
ً النداء ،ثم انتقلنا بعد ذلك إلى الباب الثاين الذي قال عنهِ ( :
فصق) ،وجعله
خاصا بأحكام تابع المنادى المبني ،وقد قرأناه من قبل وشرحنا خمس ًة من أبياته،
ً
وبقي منها بيتان نشرحهما ْ
إن شاء اهلل تعالى يف هذا الدرس ،ونبدأ بقراءهتما قال ابن
مالك:
الم ْعرا َفللللل ْه للللاَّ َْر د َ لللللا د اف ْيل د
للللت َ إا َّْ َ ل َ فاللللللي الصلللللل َف ْه لللللارة َ ل َ
لللللٌ َو دةو إا َ ل َ
ا ا ا فاللي ن َْح ل ا َس ل ْعدَ َس ل ْعدَ
لللللُ َوا ْفلللللع ََح َأ َّوا دص ْ
لللللب َ لللللاَّ َو د َّ لب ااوْ َ نْعَصل ْ
ف َاَّ بيعاَّ ة َر في ما مسٌلعين مسٌلعين ععل اَّ بعابع المناد ؛ َّّ
شرح ألفية ابن مالك e f
g
568h
الفصق -ما عرفنا -يف بياَّ أحُام ابع المناد :
-المسٌلة ا ولى :هي نداء اسم اإلشارة ،وإذا أردت ْ
أن تنادي اسم اإلشارة
فلندائه حالتان:
-الحالة ا ولىْ :
أن تقصد نداء اسم اإلشارة ،فتقول" :يا هذا اجلس" ،و"يا
هؤالء تعالوا" ،فإذا قلت" :يا هذا" وعرف المشار إليه ،فمعنى ذلك ّ
أن النداء
متوج ٌه إلى اسم اإلشارة ،فإذا كان األمر كذلك فيجوز ْ
أن تتبع اسم اإلشارة بتاب ٍع
أن تقول" :يا هذا تعال"؛ ألنك تشير ُ
الرجل تعال" ،ويجوز ْ ْ
كأن تقول" :يا هذا
إليه.
فإذا كان األمر كذلك ّ
فإن النداء-كما قلنا -متج ٌه إلى اسم اإلشارة فهو من
النوع األول من المنادى وهو المعرفة المفردة ،فيكون من المنادى المبني ،وتابعه
الطالب
ُ ُ
الرجل تعال" ،أو يف قولك" :يا هذا وهو "الرجل" يف قولك" :يا هذا
تعال" ،أو "يا هذا الجالس قم" ،تابعه يجوز فيه الرفع والنصب لما ذكرنا من قبل
من ّ
أن النعت إذا كان فيه (أل) جاز فيه الرفع والنصب.
الجالس قم" ،و"يا هذا
ُ فإذا كان هذا التابع مشت ًقا فهو نعت ،كقولك" :يا هذا
النائم استيقظ" ،وإذا كان التابع جامدً ا فهو بدل أو عطف
ُ الطالب تعال" ،و"يا هذا
ُ
ُ
الرجل تعال" ،و"يا هذه المرأ ُة تعالي" ونحو ذلك ،فهذه بيان ،كقولك" :يا هذا
متجها إلى اسم اإلشارة نفسه.
ً الحالة األولى لنداء اسم اإلشارة ْ
أن يكون النداء
أن تريد ْ
أن تنادي الرجل، أن تقصد بالنداء تابع اسم اإلشارةْ ،
-الحالة الَانيةْ :
ُ
الرجل تعال" بحيث لو لم تقل :الرجل لما فتقول" :يا هذا الرجل تعال"" ،يا هذا
عرف المراد ،وهذا األمر يعود إلى المعنى ال شك إلى القرائن إلى الحال ،فإذا كان
متجها إلى تابع المنادى أنت تريد ْ
أن تنادي الرجل ،ثم س َبقت هذا فهذا ً النداء
e f شرح ألفية ابن مالك
569h
g
ٍ
حينئذ صارت صلة صل ًة توصلك إلى المنادى الحقيقي.
ُ
الرجل" ،يعني ُ
الرجل" كقولك السابق" :يا أيها ٍ
فحينئذ يكون قولك" :يا هذا
يصير اسم اإلشارة كأي ،صلة إلى المنادى والمنادى يف الحقيقة ما بعدهْ ،
وإن كنا
ُ
الرجل" هذا :هو المنادى وهو مبني ،والرجل :تابع ،إال نقول يف اإلعراب" :يا هذا
حينئذ على هذا المعنى يكون كتابع أي ،و ابع أ -ما سبق يف ٍ ّ
أن هذا التابع
الدرْ الما يَ -ب فيه أمراَّ:
أن تحذفه؛ ألنه المقصود بالنداء وهو موضح ٍ
حينئذ ْ -ا ول :الذكر ،فال يجوز
المعنى.
-وا مر الَاين :الرفع ،وال يجوز فيه النصب؛ ألنه هو المسموح حينئذ.
ُ
الرجل والفرق بين الحالعين اللعين ة ر ما ا َّ :أنك إذا قلت" :يا هذا
تعال" ،فإذا كنت تريد نداء اسم اإلشارة فمعنى ذلك ّ
أن المشار إليه عرف قبل
قولك :الرجل" ،يا هذا الرجل تعال" ،فإذا عرف المشار إليه من قولك" :هذا"
ُ
الرجل انتبه"، مثال أقول" :يا هذا أن اإلشارة متجهة إلى هذاْ ،
كأن ً فمعنى ذلك ّ
عرفتم المراد من قولي هذا أو من قولي الرجل؟ هذا أو أضع عليه يدي ،أو بأي
ٍ
قرينة أخرى تبين اسم اإلشارة هذا.
إ ًذا فكلمة الرجل بعد ذلك هي زيادة يف المعنى ،أما المعنى المراد فقد فهم من
ٍ
حينئذ يأخذ حكم التابع نعتًا أو قولي" :يا هذا" ،فالنداء متج ٌه إلى هذا ،فالرجل
بدال أو عطف بيان ،أما إذا لم يتبين المشار إليه حتى أقول" :الرجل"ْ ،
كأن أقول ً
وسهال"،
ً أهال ُ
الطفل ً لكم" :يا هذا" ما تعرفوا َمن أريد ،حتى أقول" :يا هذا
فعرفتم المشار إليه بقولي" :يا هذا" أو "بالطفل"؟ بالطفل.
إةا فالنداء معَه يف الح ي ة إلى هَا أم إلى لمة الطفق؟ إلى لمة الطفق ،ف َا
شرح ألفية ابن مالك e f
g
570h
الَ نعنيه بالفرق بين المعنيين ،والعبارة واحدة لُن المعنى خعلف واإلعراب-
ما عرف َّ -وليد المعنى ومر ب ِ بالمعنى:
تابع كالتوابع يجوز
-فالمعنى ا ول :النداء متج ٌه إلى اسم اإلشارة ،وما بعده ٌ
فيه الوجهان الرفع والنصب.
-والمعنى الَاين :النداء اتجه يف الحقيقة إلى التابع إلى الرجل ،فصار
ألن أسلوب "يا أيها الرجل" المراد على كل حال هو ُ
الرجل"؛ ّ كأسلوب "يا أيها
التابع ،أما أي فهو صلة على كل المعاين ال يمكن ْ
أن يتبين ما أريد إذا قلت" :يا
أيها" إال بما بعده" :يا أيها الجالس ،يا أيها الراكض ،يا أيها المصلي" ،ما يتبين إال
بالتابع.
فهذه هي المسألة األولى التي ب َّينها البيت األول وهو قولهَ ( :و دةو إا َ َارة
كأي المناداة ٌََ َ فاي الص َف ْه)َ ( ،و دةو إا َ َارة) يعني :اسم اإلشارة ) ٌََ ( ،يعنيٍ :
المذكورة يف البيت السابق الذي شرحناه يف الدرس الماضي( ،فاي الص َف ْه) يعني :يف
حكم التابع بعده.
الم ْعرا َف ْه) ،يعني ْ
إن ت َ َاَّ َْر د َ ا د اف ْي د
كأي؟ قال( :إا َّْ َ
متى يكون اسم اإلشارة ٍ
عرف المراد باسم اإلشارة فهي المناداة حقيقةً ،وما بعدها تابع من التوابعْ ،
وإن لم
ٍ
حينئذ يعني معرفة ألن التعريف حينئذ كتابع أي؛ ٍّ يعرف المراد إال بالتابع ،فالتابع
المعنى لم يقع إال بالتابع.
-والمسٌلة الَانية العي ة رها :هي حكم المنادى يف نحو قولك" :يا
سعدُ سعد األوس تعال" هذا أسلوب ،يعني تستطيع ْ
أن تصوغ عليه ما شئت،
وسهال بك" وهكذا.
ً أهال
تقول" :يا محمدُ محمد الخير ً
ومنه قول الشاعر:
e f شرح ألفية ابن مالك
571h
g
ف لار ا
َو َ ا َسل ْعدد َسل ْعدد ا ْلخَ ل َْر اجي َن ا ْل َ َط ا َاصلرا ْلت ن اْ ْدن َأن َ أ َ ا َس ْعدد َس ْعدد ا َ ْو ا
مستعمل بكثرة عند العرب ،ومنه قول جرير يهجو عمر بن لجأٍ ٌ أسلوب فهو
ٌ
التيمي فيقول:
ا
للللللللر
د ا د ل يللللللللنَُّ ددُ يف َسلللللللل َءة دع َم َلللليُ َعللللد ا َأ َبللللا َلُ د
دللللُ َ َلللليُ
َ للللا
َيُ َع اد )، َيُ َ يقول :ال يغضبني عمر فأهجوكم هجا ًء يسوئكم ،فقال ( :ا َ
ومن ذلك قول عبد اهلل بن رواحة◙ لغال ٍم عنده اسمه زيد قال:
للللللك َفللللللا ْن ا ال للللا َه للللدد َه للللدَ ا ْللللليعمال ا
ََ الللللَ َّب اق
َ َط َ
للللللاو َل ال َّل ْي د
للللللق َع َل ْي َ ََْ ْ ْ
فهذا أسلوب ،والكالم الكالم على إعراب االسم األول يف نحو قولك" :يا
سعدُ سعدَ األوس"ّ ،
فإن األول "يا سعد" يجوز فيه الرفع والنصب يا سعدُ ويا
سعدَ ،وأما الثاين "سعد األوس" فليس فيه إال النصب ،أما الثاين سعد األوس
فليس فيه على النصب على القياس؛ ألنه منا ًدى مضاف ،فهذا على القياس ال
إشكال فيه ،ولكن األول يا سعد العرب تقول فيه :يا سعدُ ويا سعدَ .
إةا ف د مالف ال ياْ السابق الَ قلناه من قبق ،قلناّ :
إن المنادى إذا كان
معرف ًة مفر ًدا بني على الضم ،فعندما قالت العرب :يا سعدُ ويا سعدَ هنا احتاج
النحويون إلى ْ
أن يفردوا هذه المسألة بالبحث ويتكلموا عليها ،فقلنا يجب يف الثاين
النصب ،وأما األول فيجوز فيه الضم ،ويجوز فيه النصب.
نبدأ بالضم إذا ضممنا األول ماذا نقول؟ "يا سعدُ سعدَ األوس" ،وهذا ال
مبني على الضم؛ ألنه إشكال فيه؛ ّ
ألن االسمين على القياس :فاألول :يا سعدُ
ٌ
معرف ٌة مفرد ،والثاين :سعدَ األوس بالنصب؛ ألنه منادى مضاف ،فهذا ال إشكال
فيه ،اإلشكال يف الوجه الثاين الجائز وهو النصب.
فعلى نصب ا ول ن ل" :يا سعدَ سعدَ األوس" ،فكيف ِ
نخرج النصب
شرح ألفية ابن مالك e f
g
572h
ٍ
حينئذ؟ يا سعدَ مع أنه معرفة مفرد؟ يف خر َه يف هَا ا سل ب ق اَّ للنح ين:
-ال ل ا ولّ :
أن أصله "يا سعدَ األوس سعدَ األوس تعال" ،ثم حذف
المضاف إليه األول أو الثاين؟ ثم حذف المضاف إليه األول لداللة الثاين عليه،
وبقي المضاف على لفظه ،فقيل" :يا سعدَ " ،ثم حذفنا المضاف إليه وأكملنا
الكالم "سعد األوس" ،وهذا قول المربد وهذا واضح.
أيضا "يا سعد األوس سعد -أما ال ل الَاين :فهو قول سيبويه قالّ :
إن أصله ً
األوس" ،نفس التقدير ،لكن ما الذي حدث عند سيبويه؟ قال :فحذف المضاف
إليه الثاين لداللة األول عليه ،فصار الكالم "يا سعدَ األوس سعدَ " ،ثم ُق ِدم الباقي
من الثاين وهو "سعدَ " قدم وأقحم بين المضاف والمضاف إليه ،فقيل" :يا سعدَ "،
ثم أتينا بالمتأخر وقدمناه "سعدَ " ،ثم كملنا "األوس" على قول سيبويه يكون
األسلوب من أساليب الفصل بين المضاف والمضاف إليه ،وهذا يضعف
تخريجه؛ ّ
ألن الفصل بين والمضاف إليه من األمور التي ال يلجأ إليها إال يف أضيق
الحدود.
فهذا يضعف قول سيبويه ولكن يقويه ّ
أن الحذف كان من األول أم من الثاين؟
كان من الثاين لداللة األول عليه ،وهذه طريقة الحذف إعرابية ،إذا أردت ْ
أن
تحذف [ ]@20:05إعرابية فإنك تحذف من التالي لداللة األول عليه ،يكون
األمر قد ُذكِر ومر وعرف ،ثم إذا ذكر مر ًة ثانية ُيحذف لداللة السابق عليه ،وهذا
أن يجعل الحذف على طريقة إعرابيةّ ،
أن الذي أراده سيبويه من كل هذه اللفة ،أراد ْ
المحذوف من الثاين لداللة األول عليه.
أما على قول المربد-وقد عرفناه -فيقويه أنه ال فصل فيه بين المضاف
والمضاف إليه ،ويقويه أنه ال تقديم فيه وال تأخير ،لكن يضعفه ّ
أن الحذف فيه
حدث على غير الطريقة المعروفة يف العربية ،وهو ّ
أن الحذف كان يف األول لداللة
e f شرح ألفية ابن مالك
573h
g
التالي عليه ،ومع ذلك نقول :نعم ،ال شك ّ
أن الحذف يف العربية طريقته السالكة
الالحبة المتلئبة المعروفة الكثيرة المشهورة ّ
أن الحذف يكون من الثاين لداللة
السابق عليه ،إال أنه جاء يف عدة مواضع باتفاق جاء الحذف من األول لداللة
الثاين.
أيضا يف
متفق على وجودها ً
فهذه الطريقة متفق على وجودها ،وهذه الطريقة ٌ
أن طريقة سيبويه يف الحذف-يعني ّ
أن الحذف يكون من الثاين لداللة العربية ،إال ّ
األول عليه -هو الطريقة المعروفة األكثر يف العربية.
فعلى ذلك ال يكون قول المربد ضعي ًفا جدًّ ا ،يكون ضعي ًفا جدًّ ا لو لم يكن له
نظير أبدً ا ف ُيضعف بعدم النظير ،أي تخريج يذكر وليس له نظائر يف العربية فهذا
ضعيف مردود ،لكن له نظائر لكنها أقل من نظائر تخريج سيبويه ،والخالصةّ :
أن
يف هذا األسلوب عند النصب تخريجان:
-أحدهما للمربد وتابعه علماء.
مضعف وله ٍ
مقو. ٌ -وا مر لسيبويه وتابعه علماء وكال القولين له
وهذه المسألة الثانية هي التي ذكرها ابن مالك يف البيت الثاين وهو
األخير يف هذا الفصل ،حين قال:
ا ا ا فاللي ن َْح ل ا َس ل ْعدَ َس ل ْعدَ
لللللُ َوا ْفلللللع ََح َأ َّوا دص ْ
لللللب َ لللللاَّ َو د َّ لب
ااوْ َ نْعَصل ْ
يقول :يف قولك" :يا سعدُ سعدَ األوس" الثاين ينتصب ،الثاين منصوب،
واألول؟ األول ضمه أو افتحه تصب ،فهذا ما يتعلق هبذا الفصل.
باب من أبواب النداء ،وسماه ابن
أيضا ٌ
ننتقل إلى الباب التالي وهو ً
مالك
شرح ألفية ابن مالك e f
g
574h
املنادى املضاف إىل ياء املتكلم
عقده يف ثالثة أبيات قال فيها:
للللد عبللللدَ عبللللدَ ا عب ا
للللد َ ا للللد عب ا َ عب ا ف لا َيلااج َعق دمنَاد َص َّح إا َّْ د َا ْ
َْ َْ َْ َْ َْ َ .592و ْ
ا َ .593و َفع ِْح أو َْس ِر َو َح َْ د
للُ اَ َم َفل ّ
للر للن َعل َّ للن أ َّم َ لللا ا ْبل َ
فلللي َ لللا ا ْبل َ ف ال َيا ْاسلع ََم ّر
ا ا ا لت» «أم ا .594وفاي الندَ ا «أب ا
َوا ْسل ْلر َأ او ا ْفلع َْح َومل َ
لن ال َيللا ال َّعللا عل َ لت» َع َلر َّ َ َ
هذا الفصل تكلم فيه على مسألة من مسائل النداء :وهي حُُ ااسُ
المناد إةا أ يف إلى اء المعُلُْ ،
فإن قلت :ولماذا خصوه بحكم ومسألة؟ أين
المضاف إلى غير ياء المتكلم المضاف إلى كاف الخطاب هاء الغيبة واألسماء
المناداة المضافة األخرى؟
فالَ اب عن ةلكّ :
أن ياء المتكلم لها خاصية تختص هبا عن بقية الضمائر،
فعال أو حر ًفا ،فلهذا لو دخلت على
اسما أو ً
وهي أهنا توجب كسر ما قبلها أ ًيا كان ً
ٍ
اسم كسرت آخره ،يف الجر" :قرأت يف كتابي" ،أو الرفع" :هذا كتابي" ،أو النصب
الكتاب لي".
ُ "قرأت كتابي" ،وكذلك الحرف تقول" :
فإن الفعل-كما تعرفون -ال يقبل الجر؛ ّ
ألن الجر من فإذا دخلت على الفعل ّ
خصائص األسماء ،وياء المتكلم توجب كسر ما قبلها فحدث إشكال ،فحله
العرب بنون الوقاية ،جعلوا نونًا بين هذين المتشاكسين ،فالنون تحملت الكسر
فرضيت ياء المتكلم ،وسلم الفعل هبا من الكسر فرضي الفعل.
أ اا ُعسب أحُاما خعن به، فل َا إةا ا صق المناد بياء المعُلُ ف
َّ يف هَا الباب ،وااسُ المناد المااف إلى اء المعُلُ على ة رها النح
ال ة أن ا :
وإن شئتم الدقة نقولْ :
أن يكون آخره حرف معتالْ ، -ا ولْ :
أن يكون آخره ً
e f شرح ألفية ابن مالك
575h
g
مثال" :يا قاضي" ،و"يا فتى" ،فآخر المنادى هنا حرف مد ،فما
مد ،كقولك ً
الحكم؟ الحكم وجوب ثبات ياء المتكلم مفتوحةً ،وجوب ثبات ياء المتكلم ما
أن ُتحذف مفتوح ًة فال ُتسكن ،فتقول يف" :يا فتى" إذا أضفته إلى ياء المتكلم
يجب ْ
"يا فتاي تعال" و"يا قاضي" "يا قاضي تعال" ،وإذا قلت" :يا مسلمون" ،ثم
أضفته إلى ياء المتكلم فاإلضافة ستحذف النون ،فما الذي يلتقي؟ تلتقي الواو
عالمة الرفع بياء المتكلم وكالهما ساكن.
أن الواو عالمة اإلعراب ُتقلب إلى ياء ،وياء
فما الذي يحدث؟ الذي يحدث ّ
مسلمي اتحدوا".
َ مسلمي"" ،يا
َ المتكلم ُتفتح ،فيزول الساكنان ،فتقول" :يا
أن يكون االسم المنادى المضاف إلى ياء إ ًذا فالنوع األول أو الحالة األولى ْ
وأن ُتفتح.
أن تثبت ْ ٍ
حينئذ يف ياء المتكلم ْ المتكلم مختو ًما بحرف مد ،فيجب
-الحالة الثانية.
الطالب.]@29:41[ :
ال يخ :نعم؟ قلنا" :يا فتى يا فتاي تعال ،يا فتاي أقبل".
مثال" :يا صديق ،يا صحيحاْ ،
كأن تقول ً ً أن يكون آخره حر ًفا
-الحالة الَانيةْ :
حرف صحيح ،وهذا الذي أشار إليه ابن مالك يف البيت ٌ بحر( ،ﭴ) " آخره
اج َعق دمنَاد َص َّح) يعني :صح عندما قال( :واجعق منَاد صح إا َّْ َا ْ ا
ف ل َيا)َ ( ،و ْ د َ َّ َ ْ َ د
دائما ّ
أن الشبيه بالصحيح له حكم حرف صحيح ،وتعرفون ً
ٌ آخره يعني آخره
الصحيح.
أن يكون صحيح اآلخر ،وإما ْ
أن يكون أن يكون معتل اآلخر ،وإما ْ
االسم إما ْ
شبيها بالصحيح ،ما المراد بالشبيه بالصحيح؟ اسم شبيه بالصحيح هو المختوم
ً
بحرف ٍ
علة قبله سكون ،يعني ليس مختو ًما بحرف مد ،وإنما مختوم بحرف علة
شرح ألفية ابن مالك e f
g
576h
مثال" :يا ظ ْبي"" ،يا ظ ْب ُي" مختوم بياء والياء قبلها ساكن ،أو
قبله سكون ،كقولك ً
صفو "يا ص ْفو" مختوم بواو وقبلها سكون ،الشبيه بالصحيح ً
دائما حكمه حكم
الصحيح.
وحكم هذا النوع إذا ناديته وأضفته إلى ياء المتكلم أنه يجوز فيه ستة أوجه ،ما
شاء اهلل! كلما كثر الشيء عند العرب كثرت أوجهه ،يجوز فيه ستة أوجه:
ِ
صديق تعال" تحذف ياء المتكلم وتكسر ما -ال جه ا ولْ :
أن تقول" :يا
عبد تعال" ،قال تعالى( :ﮘصديق تعال"" ،يا زمي ِل تعال"" ،يا ِ
ِ قبلها" ،يا
ﮙ) [ال مر ،]16:يقولونّ :
إن هذا الوجه هو األكثر يف كالم العرب ْ
أن تحذف
الياء وتكسر األخير ،فإذا ناديت ربك تقول له" :يا ِ
رب إين أستغفرك" ،وهذا هو
األكثر يف كالم العرب.
ربي إين
صديقي تعال"" ،يا ْ
ْ -ال جه الَاين الَائ :إثبات الياء ساكنة" ،يا
أستغفرك" ،وهذا وج ٌه جائز ،وهو بعد األول يف كثرة االستعمال ،قال تعالى:
(ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ) [ال مرف.]68:
صديقي
َ -ال جه الَالث :إثبات الياء مفتوحةً ،تثبت الياء وتفتحها تقول" :يا
ربي إين أستغفرك" ،قال تعالى( :ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ) تعال"" ،يا َ
[ال مر.]53:
رب
-ال جه الرابع :حذف الياء وجعل الضم على آخر المنادى ،فتقول" :يا ُ
صديق تعال" وأنت تنادي صديقك ال تنادي أي صديق ،ومن
ُ إين أستغفرك"" ،يا
ذلك قوله تعالى( :ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ) [ سف ،]33:هذا على المشهور،
إلي ،ومن ذلك قوله تعالى :وقل ربي أحكم
رب السجن أحب َّ
ويف قراءة :قال ُ
رب أحكم بالحق.
بالحق على المشهور ويف قراءة وقل ُ
e f شرح ألفية ابن مالك
577h
g
-ال جه الخامس :قلب الياء أل ًفا وإثباهتا ،فتقول" :يا صديقا تعال ،يا ربا اغفر
لي" ،قال تعالى( :ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ) [ال مر.]56:
-ال جه السادْ :قلب الياء أل ًفا وحذفها ،فتقول" :يا صد َيق تعال" حذفت
رب إين أستغفرك" ،قال الشاعر:
صديق تعال" "يا َ
َ األلف وبقيت الفتحة قبلها" ،يا
قلب الياء أل ًفا وحذفها ،تقلب الياء أل ًفا "يا صديقا" ،ثم تحذف األلف فتبقى
صديق تعال" ،قال الشاعر: َ الفتحة "يا
لللللف َوا با َل ْيللللل َ
ت َوا َلللللل َ انلللللي َ با َل ْ للللاَ امنلللللي للللت َب ا
راجلللللع ملللللا َفل َ َو َل ْسل د
ليت ،وال
لهف وال بقولي :يا َ
َ يعني :ولست براج ٍع ما فات مني بقولي :يا
ربي ِ َ
ربي إين ،يا َ
بقولي :ل َو إنِّي ،ففتح كما ترون ،وعلى ذلك تقول" :يا رب إين ،يا ْ
ظبي رب إين" ،وتقول يف الظبي" :يا ِ
ظبي قف ،ويا ْ رب إين ،ويا ُ
إين ،ويا ربا إين ،ويا َ
ظبي قف" ،كل ذلك جائز ظبي قف ،ويا ُ ظبي قف ،ويا ْ
قف ،ويا ظبييا قف ،ويا َ
على هذا الرتتيب ،األكثر واألحسن الحذف مع الكسر "يا ِ
رب إين" ،وبعده إثبات
ربي إين" ،وبعدها قلبها أل ًفا ِ
الياء ساكنة "يا رب ْي إين" ،وبعده إثبات الياء مفتوحة "يا َ
رب إين" ،ثم قلبها أل ًفا "يا
"يا ربا إين" ،بل قبل ذلك حذفها وضم آخر المنادى "يا ُ
ربا إين" ،ويف األخير حذف األلف "يا رب إين".
-الحالة الَالَة لالسُ المناد المااف إلى اء المعُلُْ :
أن يكون المنادى
األب أو األم ،وال شك ّ
أن ندائهما أكثر من نداء غيرهما ،فلهذا سيجوز فيهما أكثر
من غيرهما ،فيجوز فيه عشرة أوجه ،عشر لغات اللغات الستة السابقة كلها طب ًعا
أب تعال ،يا أباأبي تعال ،يا ُ ستجوز فيها ،تقول" :يا ِ
أب تعال ،يا ِ
أبي تعال ،يا َ
أب تعال".
تعال ،يا َ
¹
شرح ألفية ابن مالك e f
g
582h
الحمد هلل رب العالمين ،والصالة والسالم على نبينا محمد ،وعلى آله
وأصحابه أجمعين.
َّأما بعد...
فالسالم عليكم ورحمة اهلل وبركاته ،وحياكم اهلل وبياكم يف هذه الليلة الطيبة
ٍ
وأربعمائة وألف، ليلة اإلثنين التاسع عشر من شهر المحرم من سنة أرب ٍع وثالثين
نحن يف جامع الراجحي يف حي الجزيرة يف مدينة الرياض نعقد بحمد اهلل وتوفيقه
الدرس التاسع والتسعين من شرح [ألفية] ابن مالك-عليه رحمة اهلل.-
وال زلنا نتكلم على أبواب النداء ،فقد توقفنا عند الباب الذي سماه ابن
ا
اف إ َلى َ اء د
الم َعَُل اُ) ،وقلنا يف الدرس الماضي ّ
إَّ الم َا د
د المنَا َد
مالك ( :د
المناد المااف إلى اء المعُلُ على ال ة أن ا :
معتال ،نريد ْ
أن يكون آخره حرف مد ،والحكم ا ولْ :
أن يكون آخره ً -الن
فتاي يا رجل" أو "يا
فيه :أنه يجب ثبات ياء المتكلم بعده مفتوحةً ،فتقول" :هذا َ
فتاي اقبل".
َ
شبيها بالصحيح،
ً صحيحا أو حر ًفا
ً أن يكون آخره حر ًفا
-والن الَاينْ :
وذكرنا أنه يجوز فيه ستة أوجه أفضلها وأكثرها :حذف ياء المتكلم وكسر ما قبلها،
e f شرح ألفية ابن مالك
583h
g
-ال جه الخامس :قلب الياء أل ًفا وإثباهتا ،نحو( :ﯾ) [ال مر.]56:
-وال جه السادْ :قلب الياء أل ًفا وحذفها ،كقول الشاعر:
لللللف َوا با َل ْي َ
لللللت َوا َلللللل َ انلللللي َ با َل ْ للللاَ امنلللللي للللت َب ا
راجلللللع ملللللا َفل َ َو َل ْسل د
-والن الَالث من المناد المااف إلى اء المعُلُْ :
أن يكون األب أو
األم ،فيجوز فيه حينئذ عشرة أوجه الستة السابقة ،فتقول" :يا أبي تعال" و"يا ِ
أب
أب تعال" ،وال جه
أب تعال" ،و"يا أبا تعال" و"يا ْ
أبي تعال" ،و"يا ُ
تعال" و"يا َ
أبت تعال"" ،يا ِ
أمت تعالي". أن تقلب الياء تاء مكسورة "يا ِ
السابعْ :
ً
أن تقلب الياء تا ًء مفتوحة ،بل ْ
أن تقلب الياء تا ًء مفتوحة، -ال جه الَامنْ :
أمت تعالي".
أبت تعال" و"يا َ
تقول" :يا َ
-ال جه العاسعْ :
أن تقلب الياء تا ًء ،وتثبت بعدها األلف ،فتقول" :يا أبتا ويا
أمتا".
-ال جه العا رْ :
أن تقلب الياء تا ًء وتجعل البناء على الضم عليها ،فتقول" :يا
شرح ألفية ابن مالك e f
g
584h
أمت تعالي".
أبت تعال ،ويا ُ
ُ
كل ذلك ذكرناه يف الدرس الماضي ،ثم ّ
إن النَّاس لكثرة نداء هذين االسمين
أكثروا التصرف ،كما ّ
أن العرب-كما رأيتم -أكثروا التصرف حتى أوصلوها إلى
عشرة أوجه ،والنَّاس بعد ذلك-أقصد العامة -تصرفوا فيها تصر ًفا ً
كثيرا يختلف
ٍ
بألفاظ كثيرة ،كلها يف ٍ
زمان إلى زمان ٍ
مكان إلى مكان ،وربما يختلف من من
ٍ
لشيء من هذه األوجه المذكورة. الحقيقة هي تحريفات يسير ٌة أو شديدة
وأما الذي لم نذكره يف الدرس الماضي وهو الباقي يف هذا الباب المنادى
ٍ
مضاف إلى المضاف إلى ياء المتكلم :فهو حكم المنادى إذا كان مضا ًفا إلى ٍ
اسم
مضاف إلى ٍ
اسم وهذا االسم ٌ ياء المتكلم ،ليس مضا ًفا إلى الياء مباشرة ،وإنما هو
مضاف إلى ياء المتكلمْ ،
كأن تقول" :يا ابن أخي"" ،يا ابن خالي"" ،يا صديق ٌ
اسما هذا االسم لم يضف لياء المتكلم،
جاري"" ،يا مستعير كتابي" ،فاآلن ناديت ً
مضاف إلى ياء المتكلم فما حكم الياء يف
ٌ مضاف إلى ٍ
اسم وهذا االسم ٌ ولكنه
ٍ
حينئذ؟ النداء
تفصيال
ً ً
إجماال أو وجهان ٍ
حينئذ ال يجوز فيه إال وج ٌه واحد فالَ اب :النداء
وهو إثبات الياء ،ال يجوز فيه إال إثبات الياء ساكن ًة أو مفتوحةً ،تقول" :يا ابن ْ
أخي
كتابي ارجع كتابي" ،أو تقول" :يا ابن
ْ جاري تفضل ،يا مستعيرْ أقبل ،يا صديق
صديق جاري تفضل ،واإلسكان كما عرفنا من قبل أكثر من فتح َ أخي تعال ،يا
َ
الياء.
هذا الحكم إال يف قولهم" :يا ابن أم" و"يا ابن عم" ،يف هاتين اللفظتين لكثرة
استعمالهما حذفت العرب ياء المتكلم ُ ،إن ُ أجاهوا فيه وج ين بعد حَف
الياء:
e f شرح ألفية ابن مالك
585h
g
-ا ول :كسر ما قبلها وهو األكثر واألحسن ،تقول" :يا ابن أ ِم تعال ،يا ابن أ ِم
ال ترفع صوتك ،يا ابن ِ
عم تفضل".
-وال جه الَاين :بعد حذف الياء فتح ما قبلها ،فتقول" :يا ابن أ َم تعال ،يا ابن
عم تفضل".
َ
لم ْر ََاللللى باللللا َّلالَ ام َم ْف دع َحلللل َ َيللللا َل د للُ دمنَللاد دم اف َاللا ث ْاس ِ .598إا َةا ْاسلل دع ا ْي َ
لللك باالُ َْسلللرا ائْعا َيلللاَوفالللي اسللل َ ةلا َ إَّ ََّر ْر ََ َ لا
ف ْ .599وا ْفعَح مع المع ْط ا
َ ْ َ َ َ ْ
للللُ دةو َ َعَلللللب دألا ْ
لللللف َوم َْ دلللللل ده ْاسل ِ
ا للت َألال ْ
للف ث َعا َق َبل ْ َ .600واَ دم َملللا ْاسللل دع ا ْي َ
تكلم يف هذا الباب على أسلوب االستغاثة ،وأسلوب االستغاثة من
أيضا عدة أساليب كلها تدخل
أساليب النداء ،فلهذا ذكره بعد النداء ،وسيذكر بعده ً
يف أساليب النداء كالنُدبة والرتخيم ،وتعريف االستغاثة عند النحويين عندما نقول:
تعريف االستغاثة أي عندنا معاشر النحويين ،وليست عند اللغويين أو عند
المفسرين أو عند أهل العقيدة ،فكل علماء لهم اصطالحهم.
فععر ف ااسع ا ة :هو ندا ٌء يوجه لمن يخلص من شدة أو يعين على دفع
أن تقع ٍ
بأسلوب معين سيأيت بيانه ،واالستغاثة تكون بعد وقوع الشدة بعد ْ مشقة
الشدة تستغيث ،وتكون قبل وقوع الشدة ،يعني قبل ْ
أن تقع تستغيث؛ لكي يدفعها
جائز يف اللغة.
وال تقع ،كل ذلك ٌ
ٍ
بأسلوب معين، فاالستغاثة يف النحو هي االستغاثة اللغوية ،لكنها مربوط ٌة
كال بحسبه فيما يقدر عليه ،لكن
االستغاثة اللغوية وهي مجرد طلب الغوث ً
ٍ
بأسلوب معين وهو األسلوب الذي سيأيت ،فٌسل ب ااسع ا ة عُ َّ من ال ة
أر اَّ:
-ا ول :حرف النداء واالستغاثة ،وهو ياء خاص ًة وال يجوز حذفها حينئذ،
وهو الحرف ياء خاصةً ،نعرف أ ّن حروف النداء متعددة ،لكن الذي ُيستعمل يف
ٍ
حينئذ. أسلوب االستغاثة هو حرف ياء فقط ،وال يجوز حذفه
مجرورا بالالم المفتوحة.
ً -الر ن الَاين :المستغاث به
مجرورا بالالم المكسورة ،نحو قول
ً -والر ن الَالث :المستغاث له
شرح ألفية ابن مالك e f
g
590h
عمر◙ " :ا هلل لالمسلمين" ،فحرف النداء واالستغاثة ياء ،والمستغاث به
مجرورا بالالم
ً مجرورا بالالم المفتوحة هلل ،والمستغاث له المسلمون
ً لفظ الجاللة
المكسورة للمسلمين.
فاالستغاثة ال تكون إال هبذا األسلوب المعين ،فلو قال قائل" :استغثت
ٍ
بمحمد" أو "استغثت باهلل" ،هذا ال يدخل يف أسلوب االستغاثة عند النحويين
وإنما هي استغاث ٌة لغوية ،أما االستغاثة يف اصطالح النحويين فهي االستغاثة التي
تكون هبذا األسلوب المعين.
ٍ
لمحمد" ،تستغيث بزيد من أجل محمد ،يعني أَّ ل" :يا ٍ
لزيد ومن أمَلع ا ْ
ٍ
لمحمد" ،كأنك قلت: تنادي زيدً ا لكي يغيث ويساعد محمدً ا ،إذا قلت" :يا ٍ
لزيد
إن أسلوب االستغاثة من أساليب النداء؛ ّ
ألن "يا زيد أغث محمدً ا" ،فلهذا نقولّ :
ٍ
لمحمد" أي :يا زيد" ،يا هلل للمسلمين" المستغاث به يف الحقيقة منادى" ،يا ٍ
لزيد
أي :يا اهلل أغث المسلمين.
لخالد ٍ
لهند" ،وتقول" :يا للمدير للمشروع" ،يعني يا أيها المدير ٍ وتقول" :يا
أغث المشروع ،أدرك المشروع ،ساعد المشروع ،وتقول" :يا لناس للمظلوم"،
وتقول" :يا لرجال للمرأة المظلومة" ،وتقول" :يا للمعلمين للطالب" ،وتقول:
"يا هلل ألهل سوريا" ،وتقول" :يا لربي لوطني".
مجرورا بالالم المفتوحة ،ثم تأيت بالمستغاث له
ً يا ،ثم تأيت بالمستغاث به
أن تستغيث بغيرك لنفسك، مجرورا بالالم المكسورة ،ويجوز يف هذا األسلوب ْ
ً
فتقول" :يا ٍ
لزيد لي" ،يعني يا زيد أغثني أدركني ساعدين" ،يا ألخي لي" ،ويجوز
أن تستغيث بنفسك لغيرك ،فتقول" :يا لي ٍ
لزيد"" ،يا لي ألخي"، يف هذا األسلوب ْ
تنادي نفسك لمساعدة أخيك.
e f شرح ألفية ابن مالك
591h
g
لهند" ،استغاثة بك لمساعدة هند" ،يا له ٍ
لهند" كذلك ،ويجوز وتقول" :يا لك ٍ
ْ
أن تقول" :يا لك لي" ،فتجعل المستغاث به والمستغاث له ضميرين" ،يا لك
لي" ،يعني يا أنت ساعدين وأعني وأغثني ،أو تقول" :يا له لي" وهكذا ،ويجوز يف
رجال واحدً ا ،تخاطب
لزيد" ،وأنت تعني هبما ًلزيد ٍ
أن تقول" :يا ٍ
هذا األسلوب ْ
لزيد ٍ
لزيد". زيدً ا وتقول له" :يا ٍ
ٍ
حينئذ أدعوك يا زيد لتنصف من نفسك ،والشواهد على ذلك كثير ٌة والمعنى
قديما وحدي ًثا ،قال الشاعر:
يف كالم العرب ً
ا ا ا َ َُنَّ َفنللللللللي ال د للللللللا دة َفل َ
َفيلللللللا ل َّلللللللله لل ا لللللللي د
المطلللللللا ا لللللللٌه َعَ ين
وقال اآلخر:
َ ن َفلللك بعلللث للللي َبعلللدَ الند لللى َ َربلللا ا
عللللاء َأمللللا جللللال لا َيلللل ام ا َر َب
ا للللا َل ّلر
وقال اآلخر المحدث:
بمخالللللللللب ا عللللللللداء وا بنللللللللاء لللللللا للرجلللللللال للللللللل ة مُل ملللللللة
إَّ المسع اث به يف أسل ب ااسع ا ة َر بالم مفع حة،
بعد ةلك ن ل :ق لنا ّ
هَا ه ا صق ،ولُنه َر بالم مُس رة يف حالعين:
ٍ
حينئذ ْ
أن ُيجر -ا ولى :إذا كان المستغاث به ياء المتكلم ،يا لي ٍ
لزيد ،فيجب
بال ٍم مكسورة ،لماذا يا إخوان؟ ّ
ألن ياء المتكلم تكسر ما قبلها ،فهذا الحكم
معروف ،إ ًذا ما أتينا بجديد ،لكن نبهنا إليه ،إذا كان المستغاث به ياء المتكلم ف ُيجر
ٍ
حينئذ بال ٍم مكسورة.
وبعض النحويين يمنع وقوع ياء المتكلم مستغا ًثا به وبعضهم يجيزه؛ والسبب
مستغاث لهّ ،
وأن ٌ يف ذلك ّ
أن الذي ورد من ذلك أو جاء من ذلك يحملونه على أنه
المستغاث به محذوف ،يقولونّ :
إن المعنى على ذلك ،ولكن القياس ال يمنع من
شرح ألفية ابن مالك e f
g
592h
نفس ساعدي أن تنادي نفسك إلغاثة غيركْ ،
كأن تقول" :يا ُ ذلك ،القياس ال يمنع ْ
أخي" ،ليس هناك مانع من ذلك يف النداء الحقيقي ،وكذلك يف االستغاثة؛ ألننا
نفس ساعدي زيدً ا. ٍ عرفنا ّ
أن االستغاثة يف األصل نداء "يا لي لزيد" ،يعني يا ُ
-والحالة الَانية :التي ُيجر فيها المستغاث به بالالم المكسورة ،إذا كان
لبكر"" ،يا ٍ
لزيد ٍ
ولعمرو ٍ المستغاث به معطو ًفا من دون تكرير يا ،نحو" :يا ٍ
لزيد
ٍ
لزيد بكرا" ،يا ٍ ٍ
لبكر" ،معنى ذلك أنك ناديت اثنين لكي يساعدوا ً ولعمرو
ٍ
حينئذ تكسر ولعمرو" ،فإذا عطفت على المستغاث به عطفت من دون تكرير يا، ٍ
الالم فتقول" :يا َل ٍ
زيد" ،هذه مفتوحة ما لنا عالقة هبا ،ثم يف المعطوف تقول:
ٍ
لعمرو هذا كله مستغاث به ،ثم تقولٍ " :
لبكر" ،كأنك قلت :يا زيد ويا "ول ِ ٍ
عمرو"
بكرا.
عمرو أغيثا ً
أما إذا كان المعطوف بتكرير ياء ،فالحكم واحد ،يعني مع األول والثاين
ٍ
لعمرو ٍ
لبكر" ،وهذا يف الحقيقة كالهما تكون الالم مفتوحة ،تقول" :يا ٍ
لزيد ويا
كان ال يحتاج إلى تنبيه؛ ألنك إذا كررت ياء فهي استغاث ٌة مستقلة ،حكمها حكم
االستغاثة األولى ،فهذا ما يتعلق بالمستغاث به الذي ُيجر بالالم المفتوحة إال يف
موضعين.
الطالب.]@35:42[ :
ال يخ :وجو ًبا ،كل كالمنا على الوجوب ،وأما المستغاث له فإنه ُيجر-كما
ضميرا غير ياء المتكلم فإنه يجر بالالم
ً ذكرنا -بالالم المكسورة ،إال إذا كان
ٍ
لمحمد له" ،أو تقول" :أهل المفتوحة ،نحو" :يا َل ٍ
زيد لك" ،أو تقول" :أخي يا
محتاج يا هلل لك" ،والعلة يف ذلكّ :
أن الضمائر ٌ فلسطين يا هلل لهم" ،أو تقول" :أنت
أيضا كان ال يحتاج إلى
إنما تجر بالالم المفتوحة إال ما كان من ياء المتكلم ،فهذا ً
تنبيه وإنما فقط ذكَرنا به.
f e شرح ألفية ابن مالك
593h
g
ٍ
مالك أن لخصنا شي ًئا من أحكام االستغاثة نعود إلى كالم ابنفبعد ْ
وأبياته الثالثة التي قال فيها:
بالللللا َّلالَ ام َم ْف دع َحللللل َ َيلللللا َل د
لم ْر ََالللللى لللُ دمنَللللاد دم اف َاللللا إا َةا ْاسلللل دع ا ْي َ
ث ْاسل ِ
ٍ
باسم منادى فإنك تجره بال ٍم مفتوحة ،ثم م َّثل ماذا يقول؟ يقول :إذا استغيث
على ذلك بقوله َ ( :ا َل د
لم ْر ََاى) ،لُن ؤمَ من بيعه ف ائد:
أن المستغاث به منادى؛ ألنه قال( :إا َةا ْاس دع ا ْي َ
ث ْاس ُِ دمنَاد ) ،فهو -من اّ :
منادى.
أن يكون بأل ومن دون أل ،تقول" :يا ٍ
لزيد" أن المستغاث به يصح ْ -ومن اّ :
لم ْر ََاى) ،وقد عرفنا يف أحكام النداء من ٍ
لعمرو" ،ومثاله َ ( :ا َل د وتقول" :يا لرجل
أن يباشر حرف النداء ما فيه أل ،ما تقول" :يا الرجل" ،وإنَّما إما قبل أنه ال يجوز ْ
أن تحذف أل فتقول" :يا رجل" ،أو ْ
أن تأيت بصلة وهي أي ،تقول" :يا أيها ْ
الرجل" ،لكن يف االستغاثة يجوز ْ
أن تأيت بأل ،والسبب يف ذلك وجود الفاصل وهو
الالم حرف الجر الالم.
ث -ومن الف ائد من البيت :أنه قال يف حكم المستغاث به :قال( :إا َةا ْاس دع ا ْي َ
ْاس ُِ دمنَاد ) فما حكمه؟ ( دم اف َاا باا َّلالَ ام َم ْف دع َح ) ،خفض يعني جر ،فحكم عليه
باإلعراب أم بالبناء؟ فحكم عليه باإلعراب ،المستغاث به ْ
وإن كان منا ًدى إال أنه
دائما معرب ،وستأيت كيفية إعرابه ْ
إن شاء اهلل. يف االستغاثة ً
ث ْاس ُِ) ،ولم يقل :إذا -ومن الف ائد يف هَا البيت :أنه قال( :إا َةا ْاس دع ا ْي َ
باسم ،فاالستغاثة يف اللغة تتعدى بنفسها يف األكثر ،تقول" :استغثت زيدً ا، ٍ استغيث
استغثت اهلل ،استغاثني زيدٌ فأغثته" ،ويجوز ْ
أن تتعدى بالباء تقول" :استغثت باهلل،
واستغثت بزيد واستغاث بي" ،قال تعالى( :ﭑ ﭒ ﭓ) [ا نفال]9:
شرح ألفية ابن مالك e f
g
594h
على الكثير ،وابن مالك استعمل الكثير فقال( :إا َةا ْاس دع ا ْي َ
ث ْاس ُِ) ،ولو قال :إذا
ٍ
باسم لجاز على الوجه اآلخر. استغيث
ُ قال ابن مالك بعد ةلك:
لللك باالُ َْسللللرا ائْعا َيللللا
َوفاللللي اسلللل َ ةلال َ َللر ْر ََ َ للا
إَّ َّ
وا ْفللعَح مللع المع ْطلل ا
ف ْ ْ َ َ َ ْ َ
إَّ عطفت على المسع اث به فلك حالعاَّ:
لْ :
إن عطفت بتكرير ياء لم يتغير الحكم ،وهو أنك تجر بالالم -الحالة ا ولىْ :
ٍ
لعمرو ٍ
لبكر" ،قال الشاعر: المفتوحة ،نحو" :يا ٍ
لزيد ويا
لللللا َل َ للللل ْ امي و َ لللللا مَلللللال قللللل مي
انلللللللللاْ دع دعللللللللل هُ يف اهد لللللللللاد
إن عطفت من دون تكرير ياء ،فإنك تجر بالالم المكسورة ال -والحالة الَانيةْ :
ٍ
ولعمرو ٍ
لبكر" ،قال الشاعر: المفتوحة ،نحو" :يا ٍ
لزيد
لللللا للُ للللل ل ولل ّ للللل ّباَّ للعَلللللب لللرب
بُيللللك نللللاء بعيللللد الللللدار م عل ِ
ك باالُ َْسرا ائْعا َيا) ،يعني اجعل الالم وقوله يف الشطر الثاينَ ( :وفاي اس َ ةلا َ
مجرورا بالالم المفتوحة، ً مكسور ًة يف غير ما ذكر من قبل ،المذكور من قبل يكون
مق وما سوى ذلك يف أسلوب االستغاثة فإنه ُيجر بالالم المكسورة ،وهَا
يسين:
ٍ
لعمرو"، -ا ول :المستغاث له فإنه يجر بال ٍم مكسورة ،كقولك" :يا ٍ
لزيد ُ
ضميرا غير ياء المتكلم فإنه يجر بالالم المفتوحة.
ً وذكرنا ّ
أن المستغاث له إذا كان
مل ا هَا البيت :إذا عطفت على المستغاث به دون -والحالة الَانية العي
تكرير ياء ،وسبق هذا بأمثلته.
فالخالصة :الخالصة ّ
أن المستغاث به يجر بال ٍم مفتوحة ،إال إذا كان ياء
المتكلم أو عطفت دون تكرير ياء ،فإنك تجر بالالم المكسورة ،وأما المستغاث
e f شرح ألفية ابن مالك
595h
g
ضميرا غير ياء المتكلم فإنه ُيجر بال ٍم
ً به فإنه ُيجر بال ٍم مكسورة ،إال إذا كان
مفتوحة.
ُ قال:
لللللُ دةو َ َعَللللللب دألاللللللف ا
َوم َْ دللللللل ده ْاسل ِ للللت َألال ْ
للللف ث َعا َق َبل ْ َواَ دم َملللللا ْاسللللل دع ا ْي َ
ف) ،يقول :يجوز يف المستغاث به ْ
أن ت َألا ْ
ث َعا َق َب ْقولهَ ( :واَ دم َما ْاس دع ا ْي َ
عوضا منها أل ًفا يف آخر تحذف منه الالم الالم التي قبله التي تجره تحذفها ،وتضع ً
لزيد" حذفنا الالم لمحمد" ،األسلوب األول "يا ٍ ٍ المستغاث به ،تقول" :يا زيدا
ثان من أساليب ٍ
لمحمد" ،هذا أسلوب ٍ ووضعنا مكاهنا أل ًفا يف األخير "يا زيدا
ٌ
االستغاثة ،وتقول" :يا ربا ألهل سوريا" ،قال الشاعر:
وغنللللللللى بعللللللللد فاقللللللللة وهلللللللل اَّ لللللللا لللللللدا ملللللللق نيلللللللق عللللللل
وقال اآلخر:
ا
لللعائف الال
ََ َّ َفيللللا عَبلللل لال للللا اال ا جللللال باللللالَ َدم
َ َ للللعائا د
ف َ ْ لللل دع ْل َن الر
َ
الا ا
عائف)، ََ َّ ( َفيا عَب ) هي األصل فيا للعجب ،فقال ( :ا عَب لال ا اال ا
َ َ
ت َألا ْ
ف)، ث) ما بالها؟ ( َعا َق َب ْ ف) يف البيت ما إعراهبا؟ ( َواَ دم َما ْاس دع ا ْي َ
وقولهَ ( :ألا ْ
طب ًعا األلف ساكنة من أجل البيت؛ ّ
ألن البيت هنا مقيد يعني مسكن اآلخر ،فلو
كان مطل ًقا يعني تظهر عليه الحركة لتبين هو مرفوع أم منصوب ،لكنه مقيد مسكن
منصوب أم يجوز فيه الوجهان؟ منصوب ،منصوب على معنى
ٌ مرفوع أم
ٌ فهل هو
ً
مفعوال به ،ويجوز الم ما استغيث عاقبت هي أل ًفا ،نعم هذا معنًى صحيح ،فتكون
ألف ،فكالهما محتمل
فاعال على معنى والم ما استغيث عاقبتها ٌ
ً ْ
أن تكون
وصحيح يف المعنى؛ ألهنم ينصون على ّ
أن الالم قبل المستغاث به واأللف بعده ٌ
يتعاقبان.
شرح ألفية ابن مالك e f
g
596h
الطالب.]@47:53[ :
ال يخ :يتعاقبان ،فبما أهنما يتعاقبان يعني يتفاعالن ،إ ًذا فكالهما فاعل
ومفعول ،إذا قلت" :ضاربت زيدً ا أو قاتلت زيدً ا أو خاصمت زيدً ا" ،فتقول يف
ٌ
مفعول به ،لكن يف المعنى كالهما فاعل ومفعول، اإلعراب :الفاعل التاء وزيدً ا
ألن كالهما قاتل و ُقتل.
ّ
الطالب.]@48:31[ :
تمييزا ال ال يستقيم.
ال يخ ال ،أما كونه ً
ٍ
لعمرو" و"يا زيدا فعلى ذلك ذكر ابن مالك لالستغاثة أسلوبين" :يا ٍ
لزيد
ٍ
لعمرو" ،وهناك وج ٌه ثالث يف االستغاثة قليل االستعمال لم يذكره ابن مالك ربما
ٍ
لعمرو" يعني يا أن ُتعامل المستغاث به معاملة المنادى ،نحو" :يا زيدُ
لقلته وهو ْ
عمرا ،قال الشاعر:
زيدُ أغث ساعد أعن ً
لألر لللللللب ولل فلللللللالَ علللللللر أا لللللا قللللل م للعَلللللب العَيلللللب
وقال اآلخر:
أا لللللللا قللللللل م لألملللللللر ال لللللللعاَ
ر نلللللا ق منلللللا ملللللن حلللللرب علللللام
فالمستغاث به ُع ِمل-كما ترون -معاملة المنادى ،والشطر الثاين من البيت
وهو قولهَ ( :و ام َْ دل ده ْاس ُِ دةو َ َعَب دألاف) ،يقول :المتعجب منه حكمه حكم
ٍ
حينئذ حكم المستغاث به ،إذا ناديت المتعجب منه عند التعجب ّ
فإن حكمه
لزيد" ماذا تفعل إذا تعجبت منه ومن عمله؟ "يا ٍ
لزيد ما المستغاث به ،تقول" :يا ٍ
تفعل!" ،إذا تعجبت من الداهية التي نزلت أو المصيبة تقول" :يا للداهية!" "يا
للمصيبة!" "يا للعجب!"" ،يا للكارثة!" ،تقول" :يا لالختبار ما أسهله!"" ،يا
أيضا يف نداء الضمير ،فأقول متعج ًبا
لألمطار ما أقوى جرياهنا!" ،وتقول ذلك ً
كثير جدًّ ا يف كالم العرب.
منك" :يا لك من رجل!"" ،يا له من رجل!" ،وهذا ٌ
e f شرح ألفية ابن مالك
597h
g
ومن ذلك قول امرؤ القيس يف معلقته المشهورة:
بُللللق م للللار الفعللللق للللدَ بيل ا
لللَبق لللٌَّ نَ ملللل ده لللك مللللن ليل ْ
لللق ل َّ للللا لل َ
يتعجب منه ،وإذا قلناّ :
إن نداء المتعجب منه كنداء المستغاث به وقد أجزنا يف
أن نحذف الالم ونأيت باأللف وكذلك يف المتعجب منه يجوز فيه ْ
أن المستغاث به ْ
وأن تقول" :يا عجبا ٍ
لزيد!" ،أو "يا عجبا لك" ،قال تقول" :يا زيدا ما تفعل!"ْ ،
الشاعر:
هللللللق للللللَهبن ال بللللللاء الر لللللله للللللا عَبللللللا مللللللن هللللللَه الفلي لللللله
تعرفون معنى البيتين:
هللللللق للللللَهبن ال بللللللاء الر لللللله للللللللا عَبللللللللا ل للللللللَه الفلي لللللللله
هل تعرفون القوباء؟
الطالب.]@52:23[ :
ال يخ :ال ،ال ،هذا مرض مرض جلدي يسميه النَّاس اآلن بالحزازة مثل
الحساسية كذا تكون دائرة كأهنا تأكل شي ًئا من الجلد ،فقيل لهذا األعرابي ّ
إن
عالجها ْ
أن تضع عليها شي ًئا من ريقك يف الصباح عندما تستيقظ وتذهب ،هذا أمر
معروف حتى اآلن عند النَّاس عند الحزازة هذه تضع عليها شي ًئا من الريق يف
الصباح ،فيستغرب يقول( :هق َهبن ال باء الر ه).
الطالب.]@53:07[ :
ال يخ ( :ا عَبا من هَه الفلي ه) ،فليقة :يعني األمر المفلوق عجيب ،الفليقة
بالالم( ،هق َهبن ال باء الر ه) ،ويف رواية( :هق لبن ال باء الر ه) ،ونداء
التعجب عندما تنادي يف التعجب نداء الععَب له سبباَّ:
عظيما عجي ًبا غري ًبا ،فينادي جنسه ْ
كأن ً أمرا -السبب ا ولْ :
أن يرى اإلنسان ً
شرح ألفية ابن مالك e f
g
598h
للعشب!"" ،يا
َ مثال من العشب من كثرته أو من جماله ،فتقول" :يا تتعجب ً
للربيع!"" ،يا للماء!"" ،يا للدواهي!"" ،يا للمصيبة" وهكذا.
عظيما فينادي َمن له عالق ٌة به ،ال ينادي
ً أمرا -والسبب الَاينْ :
أن يرى اإلنسان ً
هو هذا األمر العظيم وإنما ينادي َمن له عالقة بهْ ،
كأن يقول" :يا العلماء!" ،عندما
أمرا ينبغي ْ
أن يتصدوا له أو يبينوا الحكم فيه أو نحو ذلك ،أو تقول" :يا ألهل يرى ً
العقول!" ،أو "يا ألرباب المروءة والنجدة!" ،أو تقول" :يا للعرب!" ،هذا كله من
نداء التعجب.
الدرس املائة
الحمد هلل رب العالمين ،والصالة والسالم على نبينا محمد ،وعلى آله
وأصحابه أجمعين.
َّأما بعد...
فسالم اهلل عليكم ورحمته وبركاته ،وحياكم اهلل ويف هذه الليلة ليلة اإلثنين
ٍ
وأربعمائة وألف من السادس والعشرين من شهر المحرم من سنة أرب ٍع وثالثين
هجرة المصطفى ،لنعقد يف هذا الجامع جامع الراجحي يف مدينة
وإن شئتم المتم المئةْ ،
وإن شئتم المكمل الرياض بحي الجزيرة الدرس المئةْ ،
المئة من دروس شرح [ألفية] ابن مالك-عليه رحمة اهلل.-
أن أتم الدروس إلى المئة، فنحمد اهلل ونثني عليه الخير كله ْ
ٍ
شيء قدير ،أما شرح [األلفية] ونسأله حسن التمام والقبول ،إنه على كل
فقد توقفنا عند
باب الندبة
إن شاء ٍ
مالك يف سبعة أبيات نبدأ بقراءهتا ،ثم نشرحها ْ وقد نظمه ابن
اهلل تعالى.
قال في ا:
للللُ د نْلللللدَ ْب َواَ َملللللا دأ ْب ا َملللللا
للللر َلل ْ
ندُل َ اج َعق لا َمنْدد وب َو َملا
لمنَا َد ْ
ا
َ .601ما ل د
e f شرح ألفية ابن مالك
601h
g
للللن َح َفل ْ
للللر ا
للللر ه َْمللللل َم َ للللللي َوا َمل ْ َ با ْسل َ الم دص دل باا َّل اَ ا ْ َع َ ْر َ .602و د نْدَ دب َ
ف َلللللاَّ ام َْ َل لللللا ح ا
لللللَ ْ َم ْع دل َهلللللا إا َّْ ف وب اصلل ده ابلا َلا ْ المنْدد ا
د َ َ َ .603و دمنْ َع َ ى َ
لللت ا َ َمللللق لللن اصلللل َلة َأو َغ ْيرا َهللللا نالل َمل ْ
ا لله ََملللق للَ بال ا اَ َ نْللل ا ن ا َّلل ا
ْ د للَ َ َ .604ل َ
إا َّْ َ دُللللللن ال َفللللللع دْح بالللللل َ ْهُ اَبا َسللللللا َ .605وال َّ لُ َْق َحع َْم ل َأولال اله دم ََانا َس ل
المللللللدَّ َوال َ للللللا اَ َ لللللل ا ْد َوإا َّْ َ َ ل ْ
لللللٌ َف َ َ .606و َو ااق َف ل اه ْد َهللاء َس لُْت ْ
إَّ د لرا ْد
للن فالللي النلللدَ ا ال َيلللا َةا دسللل دُ َّ َأ ْبلللدَ
َمل ْ
للللللق واعبل ا
للللللد َ ا َوا َع ْبلللللللدَ ا ا
َ .607و َقائل ِ َ َ ْ
هذا الباب هو
باب الندبة وهو يف الحقيقة من أبواب النداء ،ولذا ذكره ابن مالك بعد
عرف لنا
النداء ،وابن مالك شرع مباشر ًة-كما سمعتم -يف أحكام المندوب ،ولم ُي ِّ
الندبة وال المندوب ،فدعونا نبدأ بالكالم على تعريف المندوب.
إ ًذا فقولك" :وا َمن حفر بئر زمزم"؛ جائز ألنه يف قوة قولك" :وا عبدَ
المطلب" وهو جد النبي ،بخالف قولك" :وا َمن أحبه" ،كلمة
أحبه هذه ال تتعين ال تطلق على معين ،قد تطلقه على أي إنسان تحبه.
شرح ألفية ابن مالك e f
g
604h
إ ًذا ال ُيستثنى من األسماء المبهمة إال الموصول الخالي من (أل) إذا اشتهر
بصلته ،وهذا هو قول ابن مالك:
ا و نْلللدَ ب الم صللل دل باا َّل ا
للللن َح َفل ْ
للللر َ با ْسل َ
للللر ه َْمللللل َم َ للللللي َوا َمل ْ لللَ ا ْ للل َع َ ْر د َ د َد
يعني ( َوا َم ْن َح َف ْر) ،ثم تأيت بعدها تليها بقولك" :بئر زمزم"" ،وا َمن حفر بئر
أَّ ا سماء العي دندب ال ة:
زمزم" ،والخالصة فيما ُيندب وما ال ُيندبّ :
-ا ول :العلم.
-والَاين :المضاف إلى معرفة.
-والَالث :الموصول الخالي من (أل) المشتهر بصلته.
فهذه األسماء التي ُتندب؛ ّ
ألن مسمياهتا متعين ٌة هبا ،وما سوى ذلك ال ُيندب ،ما
سوى ذلك ماذا يشمل؟ يشمل النكرات ،ويشمل المعارف التي لم يذكرها وهي
الضمائر ما ُتندب ،وأسماء اإلشارة ال ُتندب ،والمحلى بأل ال ُيندب والموصول
مشتهرا بصلته.
ً إذا لم يكن خال ًيا من (أل)
ُ قال ابن مالك:
ف َلللللاَّ ام َْ َل لللللا ح ا
لللللَ ْ َم ْع دل َهلللللا إا َّْ وب اصللللل ده باللللا َلا ْ
ف المنْللللدد ا
د َ َ َو دمنْ َع َ للللى َ
لللن اصلللل َلة َأو َغ ْيرا َهللللا نالل َ
لللت ا َ َمللللق مل ْ
ا للللَ بال ا
لللله ََملللللق اَ َ نْللللل ا ن ا َّلل ا
ْ د للللَ َ
َل َ
أن تليه ألف يسموهنا ألف الندبة، أن المندوب يجوز ْ ذكَر ابن مالكّ
أن تزيد بعد األلف ها ًء يسموهنا هاء أيضا يف الوقف ْ وسيذكر يف ٍ
بيت قادم أنه يجوز ً
السكت ،فلهذا تقول :يف قولك" :زيد" "وا زيدُ " تعاله معاملة النداء ،أو تزيد أل ًفا
بعد آخره فتقول" :وا زيدا" ،ولك عند الوقف ْ
أن تقول" :وا زيداه" ،هذا يف
المتفجع عليه.
أن تزيد أل ًفا بعد آخره
ظهر" ،ولك ْ
ل" :وا ُ أَّ
ويف المع جع منه الظ ر لك ْ
e f شرح ألفية ابن مالك
605h
g
فتقول" :وا ظهرا" ،ولك ْ
أن تزيد هاء السكت عند الوقف فتقول" :وا ظهراه"،
وكذلك يف ندبة عبد الملك إنسان اسمه عبد الملك ،لك ْ
أن تقول" :وا عبد
أن تزيد أل ًفا يف آخره فتقول" :وا عبد الملكا" ،ولك ْ
أن الملك" كالمنادى ،ولك ْ
تزيد ها ًء عند الوقف فتقول" :وا عبد الملكاه" ،وكذلك يف ندبة أمير المؤمنين لك
أن تقول" :وا أمير المؤمنين ،أو "وا أمير المؤمنينا" أو "أمير المؤمنيناه" ،كل ذلك ْ
ف).وب اصل ده ابا َلا ْ
المنْدد ا
جائز ،وهذا قولهَ ( :و دم ْن َع َ ى َ
ثم بعد ذلك ذكَر أنه ُيحذف من أجل هذه األلف التي ُتزاد بعد آخر
المندوب شيئان:
-ا ول :األلف إذا وقعت يف آخر االسم المندوب ،فرق بين قولنا :يف آخر
وبعد آخر ،إذا كان آخر االسم المندوب أل ًفا كقولنا" :موسى وليلى" ،ثم أضفت
بعده ألف الندبة ،طب ًعا سيجتمع ألفان وهما ساكنان فسنحذف األولى ،فكيف
أن تقول" :وا موسى" على األصل ،وإما ْ
أن تأيت بألف تندب موسى؟ ستقول إما ْ
الندبة "وا موسا" واللفظ واحد ،أو تأيت بالهاء عند الوقف "وا موساه" ،أما قولنا:
"وا موساه" ،فهذا بسين وبعدها ألف واقفة وبعدها هاء ،والوجه األول :عندما
تقول" :وا موسى" كما تقول" :وا زيدُ " ،فكيف نكتب األلف؟ نائمة أو بطة أو
مقصورة؛ ألهنا موسى ،ثم بنيته على الضم المقدر.
لو أتيت بألف الندبة واجتمعت مع ألف موسى وحذفت ألف موسى ،فقلت:
"وا موسا" فتكتب األلف واقفة ،وكذلك ليلى تقول" :يا ليلى" ،تقول" :وا ليلى"
َاَّ ام َْ َل َ ا دح اَ ْ
ف)َ ( ،م ْع دل َها) أو "وا ليال" ،وهذا هو قول ابن مالكَ ( :م ْع دل َها إا َّْ َ
إن كان أل ًفا فإنه َاَّ ام َْ َل َ ا) يعنيْ :
يعني :الذي تليه وهو آخر االسم المندوب( ،إا َّْ َ
ُيحذف يعني لاللتقاء الساكنين.
دحَف ل َه ا لف ألف الندبة :التنوين ،إذا كان يف آخر -وا مر الَاين الَ
شرح ألفية ابن مالك e f
g
606h
المندوب تنوينًا فإنه ُيحذف للعلة السابقة وهو التقاء الساكنين؛ ّ
ألن ألف الندبة
ألف وهي ساكنة ،والتنوين-كما تعرفونٌ -
نون ساكنة ف ُيحذف التنوين ،مثال ذلك
ْ
أن تندب صديق زيد ،فماذا تقول يف ندبته؟
صديق ٍ
زيد". َ -على الص رة ا ولى" :وا
-وعلى الص رة الَانية" :وا صديق زيدا".
فتحذف التنوين وتأيت باأللف ،وعند الوقف ال يجوز ْ
أن تقول" :وا صديق
زيداه" ،وهذا هو قوله:
لللن اصلللل َلة َأو َغ ْيرا َهللللا نالل َ
لللت ا َ َمللللق مل ْ
ا اَ َ نْللللل ا ن ا َّلللللل اَ بال ا
لللله ََملللللق ْ د للللَ َ
َل َ
قوله َ ( :نْ ا ْ دن ا َّل اَ با اه ََمق ام ْن اص َلة َأو غَ ْيرا َها) ،أما التنوين الذي يف
الصلة فكقولك ،التنوين الذي يف الصلة يعني أي صلة؟ صلة الموصول كقولك:
"وا َمن حفر بئر زمز ٍم" ،الموصول َمن ،وصلة الموصول :حفر بئر زمزمٍ ،والصلة
فيها تنوين زمزمٍ ،فعندما تأيت باأللف تحذف التنوين ،فتقول" :وا َمن حفر بئر
زمز ٍم" على الصورة األولى ،وعلى الثانية مع األلف "وا َمن حفر بئر زمزما" ،ولك
عند الوقف "زمزماه" ،هذا التنوين الذي يف الصلة.
قال( :يف اص َلة َأو َغ ْيرا َها) ،التنوين الذي يف غير الصلة كالتنوين الذي يف
زيد" فتقول يف ندبته" :وا صديق ٍ
زيد" أو المضاف إليه ،كمثالنا السابق "صديق ٍ
¹
شرح ألفية ابن مالك e f
g
620h
o
¹