You are on page 1of 622

‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬

‫‪g‬‬
‫‪2‬‬ ‫‪h‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪3‬‬ ‫‪h‬‬
‫‪g‬‬

‫مجيع حقوق الطبع حمفوظة للمؤلف‬

‫‪1441‬هـ– ‪2020‬م‬

‫مت الصف واإلخراج بإشراف‬

‫دار ابن سالم للبحث العلمي‬

‫‪00201098546682‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪4‬‬ ‫‪h‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪5‬‬ ‫‪h‬‬
‫‪g‬‬

‫الدرس الثالث والسبعون‬


‫﷽‬

‫الحمد هلل رب العالمين‪ ،‬والصالة والسالم على نبينا محمد وعلى آله‬
‫وأصحابه أجمعين‪َّ ،‬أما بعد‪-:‬‬
‫فالسالم عليكم ورحمة اهلل وبركاته‪ ،‬وحياكم اهلل وبياكم‪ ،‬يف ليلة االثنين‬
‫ٍ‬
‫وأربعمائة وألف‪ ،‬من‬ ‫الحادي وعشرين من شهر شوال من سنة ثنتين وثالثين‬
‫هجرة المصطفى ‪ ،‬ونحن يف جامع الراجحي بحي الجزيرة يف‬
‫مدينة الرياض نعقد بحمد اهلل وتوفيقه الدرس الثالث وسبعين من دروس شرح‬
‫ألفية ابن مالك عليه رحمة اهلل‪.‬‬
‫وكان الشرح قد توقف عند باب "أبنية المصادر"‪ ،‬وأبنية المصادر عقدها ابن‬
‫مالك ‪ ‬يف سبعة عشر بيتًا‪ ،‬من هذه األبيات ثماني ُة أبيات جعلها ألبنية‬
‫"ثالثي"‪ ،‬وهي التي سنقرأها إن شاء اهلل يف هذه الليلة‪ ،‬ونشرحها‪.‬‬
‫وبقية األبيات جعلها ألبنية غير الثالثي‪ ،‬واسم المرة والهيئة‪ ،‬وسنرتكها إن شاء‬
‫اهلل تعالى للدرس القادم‪ ،‬فنبدأ الدرس المعتاد بقراءة ما قاله ابن مالك ‪ ‬يف‬
‫أول هذا الباب‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪6h‬‬
‫باب أبنية املصادر‬
‫قال ‪:‬‬
‫للللللللللن اة َ الَ َ للللللللللة َلللللللللل َر َّد َر ًّدا‬
‫ْ‬ ‫ام‬ ‫للاْ َم ْصلللدَ ار ا ْل دم َعلللدَّ‬
‫للق ق َيل د‬
‫‪َ .440‬فعل ِ ا‬
‫ْ‬
‫َو َ َ للللللللل َل ْق‬ ‫َ َفل َ‬
‫للللللللرو َو َََللللللللل‬ ‫لللللق‬ ‫ا‬
‫لللللاله دم َبا دبللللل ده َف َع ْ‬ ‫‪َ .441‬و َف اع َ‬
‫لللللق ا َّل‬
‫َللللللللل ده دف دعلللللللل ِل باللللللللا َراد َ َ للللللللدَ ا‬ ‫للللق َق َعلللللدَ ا‬‫للللاله دم ام َْل َ‬
‫للللق ا َّلل ا‬
‫‪َ .442‬و َف َعل َ‬
‫َأ ْو َف َعالَ َنللللللللل َفلللللللللا ْد ار َأ ْو دف َعلللللللللاا‬ ‫للن دم ْسللل َع ْ اج َب فا َعلللاا‬ ‫‪َ .443‬ملللا َلل ْ‬
‫للُ َ دُل ْ‬
‫لللللاَّ لا َّلل ا‬
‫َوا ْل ََّل ا‬ ‫للللَ ْامعانَلللللا َ ل َ‬ ‫للللٌو ِل لال ا‬
‫لللللَ ا ْقع ََاللللللى َ َ ل َبللللللا‬ ‫للللٌ َبى‬ ‫‪َ .444‬فل َ َّ‬
‫للللق ََصللللل َ ْق‬‫َسللللل ْي َرا َو َصللللل ْ َ ا ْل َف اعيل د‬ ‫للم ْق‬ ‫‪.445‬للللدَّ ا دفعل ِ ا‬
‫للال َأ ْو ل َصللل ْ َ َو َ ل َ‬ ‫َ‬
‫ََسلللللل د َق ا َ ْم د‬
‫للللللر َو َه ْ للللللدِ َجلللللل د اَ‬ ‫‪ .446‬دف دع ْ َلللللللللل ِة َف َعا َلللللللللل ِة لا َف دعلللللللللالَ‬
‫لللللق دَسللللللخْ َو ار َ للللللا‬ ‫َف َبا دبلللللل ده ا ْلنَّ ْ ل د‬ ‫‪َ .447‬و َملللا َأ َ لللى دمخَ الا َفللل لا َملللا َم َالللى‬
‫يف هذه األبيات الثمانية تكلم ‪ ‬على "أوهاَّ الَال ي"‪ ،‬وقبل ذلك نقول‪:‬‬
‫إن هذا الباب يف "أبنية المصادر"‪ ،‬والباب الذي بعده وهو يف "أبنية أسماء الفاعلين‬
‫والمفع لين والصفاَ الم ب ة"‪ ،‬هذان البابان من علم التصريف وليس من علم‬
‫النحو‪ ،‬فكان ينبغي أن يؤخرهما إلى أبواب التصريف آخر "ا لفية"‪ ،‬كما فعل‬
‫‪ ‬يف أصل األلفية يف "الُافية ال افية" فقد أخرهما يف موضعهما يف "أب اب‬
‫العصر ف"‪ ،‬لكنه قدمهما هنا؛ لعله رأى من المناسب أن يذكرهما بعد أن ذكر‬
‫الكالم على إعمال المصدر والكالم على إعمال أسماء الفاعلين والمفعولين‬
‫والصفات المشبهة‪ ،‬ونحن سنتبعه يف هذا الرتتيب‪ ،‬فلهذا سنشرح ما ذكره ‪‬‬
‫يف أبنية المصادر‪.‬‬
‫مصدر للفعل‪" :‬بنى يبني بنا ًء"‬
‫ٌ‬ ‫قال‪ :‬أبنية المصادر‪ ،‬األبنية جمع بناء‪ ،‬والبناء‬
‫والمراد باألبنية األوزان‪ ،‬فأبنية المصادر أي‪ :‬أوزان المصادر‪ ،‬وبعد ذلك ننتقل إلى‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪7‬‬ ‫‪h‬‬
‫‪g‬‬
‫أبيات ابن مالك التي قرأناها‪ ،‬وهي كما قلنا يف أبنية الَال ي‪ ،‬وقبل الكالم على‬
‫تفصيلها ننبه على ٍ‬
‫أمور مهمة تتعلق بأبنية الثالثي فنقول‪ ،‬مصادر الثالثي أكثرية ال‬
‫مطردة‪ ،‬ألن الشاذ فيها كثير‪ ،‬فما سنذكره من هذه القواعد‪ ،‬هي قواعد أكثرية‪ ،‬يعني‬
‫أن أكثر مصادر هذه األفعال تأيت على هذه األبنية واألوزان‪ ،‬ولكنها ليست مطردة‪،‬‬
‫ولكنها أكثرية‪ ،‬ألن الخالف والشاذ فيها كثير‪ ،‬بخالف ما سيأيت يف أبنية غير‬
‫الثالثي‪ ،‬يف أبنية الرباعي والخماسي والسداسي‪ ،‬فهي أبنية مطردة قياسية‪ ،‬ليس‬
‫فيها شا ٌّذ إال النادر‪ ،‬فهذا تنبي ٌه أول‪.‬‬
‫العنبيه الَاين‪:‬‬
‫عند كالمنا على أبنية المصادر‪ ،‬أن نقول‪ :‬األصل يف األبنية السماع‪ ،‬األصل يف‬
‫كل األبنية السماع‪ ،‬أبنية المصادر وغير المصادر‪ ،‬فكل ما جاء السماع به فهو‬
‫متفق‬
‫أمر ٌ‬
‫فضال أن ُي َر ّد بالقياس‪ ،‬وهذا ٌ‬
‫ً‬ ‫الصحيح األفصح الذي ال يقابل بالقياس‪،‬‬
‫عليه‪.‬‬
‫فما معنى ق ل ُ‪َّ :‬‬
‫إن القياس يف مصدر كذا‪ :‬كذا؛ فإن جاء مصدره على غير‬
‫أن القياس يف مصدر الثالثي المتعدي‪ :‬أن‬ ‫مصدر شا ٌذ‪ ،‬فُما سيأيت َّ‬
‫ٌ‬ ‫ذلك قيل‪ :‬إنه‬
‫يكون على وزن فعل‪ ،‬كقولك‪َ " :‬ض َر َب َي ْض ِر ُب َض ْر ًبا‪َ ،‬أك ََل َي ْأك َُل َأك ًْال‪ ،‬و َف َه َم َي ْف َه ُم‬
‫مصدر شا ٌذ‪ ،‬كمصدر‬
‫ٌ‬ ‫لثالثي متعدٍّ على غير الفعل‪ ،‬قيل‪ :‬إنه‬
‫ٍّ‬ ‫مصدر‬
‫ٌ‬ ‫َف ْه ًما"‪ ،‬فإن جاء‬
‫الفعل‪َ " :‬علِ َم َي ْع َل ُم"‪َ ،‬ف َعلِ َم َي ْع َل ُم؛ هذا ثالثي متعدٍّ ‪ .‬يقال‪ :‬علمه يعلمه‪ ،‬والمصدر‪:‬‬
‫َعلِ َم ُه َي ْع َلمه ِع ْل ًما‪ ،‬وليس َع ْل ًما‪ ،‬فيقال‪َّ :‬‬
‫إن المصدر " َع ال َُ" شاذ‪ ،‬معنى ذلك أنه لن‬
‫قريب أو بعيد على أنه خطأ‪ ،‬أو‬‫ٍ‬ ‫يأيت على الكثير يف هذا الباب‪ ،‬لكنه ال يدل من‬
‫ضعيف‪ ،‬أو غيره أقوى منه‪.‬‬
‫فالمراد بقولهم‪ :‬إن القياس يف الباب كذا وكذا‪ ،‬المراد بذلك أن ما لم يأيت‬
‫السماع به فيجب أن تأيت بمصدره على القياس‪ ،‬لو جاءت أفعال ال نعرف‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪8‬‬ ‫‪h‬‬
‫مصادرها‪ ،‬ال نعرف كيف نطقت العرب بمصادرها‪ ،‬أو جدَّ ت أفعال كاألفعال التي‬
‫تؤخذ من "الَ امد"‪ ،‬كيف نأيت بمصادرها؟ يجب أن نأيت بمصادرها على‬
‫مثال اآلن‪ :‬عربوا كلمة "تلفزيون" إلى‬
‫القياس‪ ،‬يعني على الكثير يف الباب‪ ،‬كقولهم ً‬
‫فعال‪ ،‬فقالوا‪ :‬تلفز‬ ‫"تلفاز"‪ ،‬وهذا تعريب ٍ‬
‫جار على القياس‪ ،‬ثم بعد ذلك اشتقوا منه ً‬
‫فعال فكيف‬
‫األمر‪ ،‬أي‪ :‬نقله بالتلفاز‪ ،‬ومبارا ٌة متلفزة‪ ،‬يعني اشتقوا من الجامد ً‬
‫نعامل هذا الفعل بمصادره ومشتقاته األخرى‪ ،‬كيف نأخذ باسم الفاعل‪ ،‬واسم‬
‫المفعول‪ ،‬واسم المكان والزمان‪ ،‬كيف نأخذ منه المصدر‪ ،‬نأخذ كل ذلك على ما‬
‫يذكر أنه "القياس"‪ ،‬يعني الكثير يف الباب‪ .‬وال نقيس على المصادر التي يقال أهنا‬
‫شاذة‪ ،‬يعني لم تأيت على القياس‪ ،‬على الكثير‪ ،‬فعلف مصدره‪ :‬تلفزة‪" ،‬تلفزه يتلفزه‬
‫تلفز ًة" ‪ ،‬هذا القياس كما سيأيت يف بيان أبنية المصادر وهكذا‪ ،‬فهذا المراد بقولهم‪:‬‬
‫إن القياس كذا‪ :‬كذا‪ ،‬يعني لو جاء ٌ‬
‫فعل ال تعرف مصدره فإنك تأيت بمصدره على‬
‫القياس وجو ًبا‪.‬‬
‫أما األفعال التي ُس ِم َعت مصادرها عن العرب؛ فال يجوز أن ُينطق بمصادرها‬
‫إال كما ُس ِم َعت‪ ،‬سواء كانت على القياس أو ليست على القياس‪ ،‬بل ال يجوز أن‬
‫مصدرا على القياس‪.‬‬
‫ً‬ ‫تأيت بفع ٍل جاء مصدره على غير القياس‪ ،‬فتأخذ منه‬
‫إن القياس يف الثالثي المتعدي أن يكون مصدره على الفعل كما مثلنا‬ ‫فإذا قلنا‪َّ :‬‬
‫قبل قليل يف‪َ " :‬ض َر َب َض ْر ًبا‪َ ،‬ف ِه َم َف ْه ًما"‪ ،‬قالت العرب‪َ " :‬علِ َم ِع ْل ًما"‪ ،‬هل يجوز‬
‫نحن أن نأيت بالقياس " َعلِ َم ِع ْل ًما"؟ ال؛ ال يجوز‪ ،‬ال يجوز أن تحكم على السماع‬
‫بالقياس‪ ،‬السماع ال يقابل بشيء ألنه أقوى األدلة‪ ،‬فهذا معنى قولهم‪" :‬القياس‬
‫فل ُي ْع َلم"‪.‬‬

‫مثال‪ :‬الفعل " َف َسد" مصدره‪َ " :‬ف َسد‪َ ،‬ي ْف ُسدُ ‪َ ،‬‬
‫فسا ًدا"‪ ،‬وسيأيت أن‬ ‫يعني لو قيل ً‬
‫القياس يف مثله أن يقال‪َ " :‬ف َسدَ ‪َ ،‬ي ْف ُسدُ ‪ُ ،‬ف ُسو ًدا"‪َ ،‬ل‪َ " :‬ق َعدَ َي ْق ُعدُ ُق ُعو ًدا"‪ ،‬لكن ما‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪9‬‬ ‫‪h‬‬
‫‪g‬‬
‫يقال هنا‪ُ " :‬ف ُسو ًدا" على القياس‪ ،‬ألن مصدره مسموع وهو فسا ًدا‪ ،‬فال نتجاوز‬
‫السماع يف نحو ذلك‪.‬‬
‫القياس يف‪َ " :‬ف ُع َل"‪َ :‬ف َعالة أو ُف ُعولة‪ ،‬مثل‪َ :‬ع ُذب ُع ُذو َبة‪ ،‬لكن "ك َُر َم"‪ ،‬قالوا‪:‬‬
‫كر َم ك ُُرومةً‪ ،‬فهذا معنى القياس يف‬
‫"ك َُرم ك ََر ًما"‪ ،‬فال يجوز أن نأيت بالقياس ونقول‪ُ :‬‬
‫هذا الباب فل ُي ْع َلم‪.‬‬
‫وبعد ذلك نبدأ مستعينًا باهلل الكالم على مصادر الَال ي‪:‬‬
‫تفصيال‪ ،‬ألن‬
‫ً‬ ‫مصادر الَال ي‪ :‬من المعلوم أن الفعل الثالثي له سعة أب اب‬
‫ب"‪ ،‬أو‪َ " :‬ف ِع َل"‪ ،‬كـ " ِ‬
‫فرح"‪ ،‬أو‪" :‬ف ُعل" كـ‬ ‫ماضيه إما أن يأيت على‪َ " :‬ف َع َل" كـ " َذ َه َ‬
‫كرم"‪ ،‬فالثالثي ال يأيت إال على هذه األوزان الثالثة‪:‬‬
‫" ُ‬
‫طيب نبدأ باألول وهو أكثرها‪َ " :‬ف َعل"‪َ " ،‬ف َع َل" كم له من مضارع؟ يأيت‬
‫مضارعه على " َف َع َل َي ْف ُع ُل"‪ ،‬ويسمونه باب‪" :‬ن ََص َر َين ُْصر"‪َ " ،‬قت ََل َي ْقت ُُل"‪َ " ،‬كت َ‬
‫َب‬
‫َي ْكت ُ‬
‫ُب"‪ ،‬فهذا الباب ا ول؛ باب‪" :‬ن ََص َر َين ُْصر"‪.‬‬
‫مضارع على َي ْف ِع ُل"‪َ ،‬ف َع َل‪َ :‬ي ْف ِع ُل‪ ،‬ويسمونه باب‪َ " :‬ض َر َب‬
‫ٌ‬ ‫و ٌ ي لـ‪َ " :‬ف َعل‬
‫َي ْض ِر ُب‪َ ،‬ج َل َس يجلِ ُس"‪.‬‬
‫ب‬‫الباث الَالث‪ :‬و ٌ ي لـ‪َ " :‬ف َعل مضارع بالفتح"‪َ ،‬ف َعل َي ْف َع ُل‪ ،‬مثل‪َ " :‬ذ َه َ‬
‫ب‪َ ،‬ق َط َع َي ْق َط ُع"‪ ،‬فهذه ثالثة أبواب‪ ،‬ماضيها‬ ‫ب َي ْذ َه ُ‬
‫ب"‪ُ ،‬ي َس ُّمونه باب‪َ " :‬ذ َه َ‬ ‫َي ْذ َه ُ‬
‫واحد‪َ " ،‬ف َع َل"‪ ،‬والخالف يف المضارع‪َ " ،‬ف َعل َي ْف ُع ُل‪ ،‬ن ََص َر َين ُْص ُر"‪ ،‬و" َف َعل َي ْف ِع ُل‪،‬‬
‫ب"‪.‬‬ ‫َض َر َب َي ْض ِر ُب"‪ ،‬و " َف َعل َي َف َع ُل َذ َه َ‬
‫ب َي ْذ َه ُ‬
‫ننتقل إلى الماضي الثاين‪َ " :‬ف ِعل" بالكسر‪ ،‬ولها مضارعان يف العربية‪ ،‬األول‪:‬‬
‫يضر ُب‪َ ،‬غ ِرق َ‬
‫يغر ُق‪ ،‬وهذا األكثر‪ ،‬إذا‬ ‫وضرب َ‬‫ِ‬ ‫فرح يفرح‪،‬‬‫" َف ِع َل َي ْف َع ُل" بالفتح‪ ،‬كـ‪ِ :‬‬
‫جاء الماضي " ِ‬
‫فعل" فاألكثر يف المضارع أن يكون على "يف َع ُل"‪.‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪10 h‬‬
‫مكسورا‪َ " ،‬ف ِع َل َي ْف ِع ُل"؛ وهذا ٌ‬
‫قليل‬ ‫ً‬ ‫الباب الخامس‪ :‬ويأيت مضارع " َف ِع َل" مثله‬
‫ب"‪ ،‬هذه خمسة أبواب‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بل نادر مثل‪" :‬حسب يحس ُ‬
‫الباب السادْ‪ :‬الماضي الذي على " َف ُعل" بالضم وليس له إال مضارع واحد‬
‫ف‪َ ،‬ك ُب َر يك ُبر"‪.‬‬
‫ف َي ْش ُر ُ‬ ‫مثله بالضم‪َ " :‬ف ُع َل َي ْف ُع ُل"‪ ،‬و ُي ُّ‬
‫سمونه باب‪" :‬ك َُر َم َي ْك ُر ُم‪َ ،‬ش ُر َ‬
‫سموهنا باب‪" :‬ن ََص َر َين ُْص ُر‪َ ،‬ف َع َل َي ْف ُع ُل"‪ ،‬و‬ ‫إذن الفعل الثالثي له سعة أب اب‪ُ :‬ي ُّ‬
‫ب"‪ ،‬وباب‪َ " :‬ف ِر َح َي ْف َر ُح‪،‬‬ ‫ِ‬
‫" َض َر َب َي ْض ِرب‪َ ،‬ف َع َل َي ْفع ُل"‪ ،‬و " َف َع َل َي ْف َع ُل‪َ ،‬ذ َه َ‬
‫ب َي ْذ َه ُ‬
‫ب‪َ ،‬ف ِع َل َي ْف ِع ُل"‪ ،‬وباب‪" :‬ك َُر َم َي ْك ُر ُم أي َف ُع َل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َفع َل َي ْف َع ُل"‪ ،‬وباب‪" :‬حسب يحس ُ‬
‫ِ‬

‫َي ْف ُع ُل"‪.‬‬
‫ترون أننا دخلنا يف التصريف‪ ،‬ثم سنعود بعد ذلك إلى "النحو" حتى نُنه َيه ولم‬
‫ب‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يبق منه إال القليل‪ ،‬طيب هذه ستة أبواب‪ ،‬سنُخرج منها باب‪" :‬حسب يحس ُ‬ ‫َ‬
‫ليبق لنا بعد ذلك الخمسة‬ ‫يفعل"‪ ،‬فمصادره كلها سماعية ما فيها قياس‪َ ،‬‬ ‫فعل ِ‬ ‫ِ‬

‫أبواب الباقية نتكلم عليها ونقول‪ -‬هذه األبواب الخمسة‪ ،-‬خمسة أبواب‪.‬‬
‫طيب الباب األول والثاين والثالث والرابع كلها تأيت‪" :‬مععد ة واهمة"‪ ،‬تأيت‬
‫متعدِّ ي ًة فـ "ف َعل َي ْف ُعل‪ ،‬مثل‪َ :‬ن َص َر ُه َين ُْص ُر ُه"‪ ،‬إذا أتيت بالضمير مع الفعل معنى ذلك‬
‫ينص ُره"‪ ،‬ويأيت الز ًما مثل‪َ " :‬ق َعدَ‬
‫أنه‪ :‬مععد؛ فالالزم ما تأيت معه بالضمير‪" :‬نصره ُ‬
‫عليه َي ْق ُعدُ "‪ ،‬الالزم ما يتعدَّ ى بنفسه للهاء وإنما يتعدَّ ى بحرف جر " َق َعدَ عليه‬
‫َي ْق ُعد"‪.‬‬
‫و َلك الباب الَاين‪َ " :‬ض َر َب َي ْض ِر ُب‪َ ،‬ف َعل َي ْف ِع ُل"‪ ،‬يأيت متعدِّ ًيا والز ًما‪،‬‬
‫فالمتعدي " َض َر َب ُه يضربه"‪ ،‬والالزم‪َ " :‬ج َل َس عليه َي ْجلِ ُس"‪.‬‬
‫والباب الَالث‪َ " :‬ف َع َل َي ْف َع ُل"‪ ،‬يأيت متعدِّ ًيا والز ًما‪ ،‬فالمتعدِّ ي‪َ " :‬ق َط َعه َي ْق َط ُع ُه"‪،‬‬
‫ب"‪.‬‬ ‫ب إليه ْ‬
‫يذ َه ُ‬ ‫والالزم‪َ " :‬ذ َه َ‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪11 h‬‬
‫‪g‬‬
‫والباب الرابع‪َ " :‬ف ِعل َي ْف َع ُل" يأيت متعدِّ ًيا والز ًما‪ ،‬فالمتعدِّ ي‪َ " :‬ش ِر َب ُه َي ْش َر ُبه"‪،‬‬
‫فع َل‪َ ،‬يلِي أصلها‪َ :‬ي ْولي‪َ ،‬ي ْف ِعل‪ ،‬لكن الفعل مبدوء‬ ‫والالزم‪" :‬ولِي عليهم يلِي‪ ،‬ولِي‪ِ :‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ف َي ِقف"؛‬ ‫بالواو‪َ ،‬ول ِ َي‪ ،‬ثم مثال‪ ،‬المثال‪ :‬نحذف واوه يف المضارع مثل‪َ " :‬و َق َ‬
‫نحذف الواو‪ ،‬صارت َيلِي‪.‬‬
‫فهذه أربعة أب اب تأيت متعدِّ ية والزمة‪ ،‬طيب الباب األخير وهو "ف ُعل يف ُع ُل"‬
‫ال يأيت إال الز ًما‪ .‬مثل ك َُر َم َي ْك ُر ُم‪َ ،‬و َش ُر َ‬
‫ف َي ْش ُر ُ‬
‫ف"‪.‬‬
‫قدمنا هبذه المقدمة لندخل إلى أبنية المصادر‪ ،‬فنقول‪ :‬إن الفعل الثالثي‬
‫المتعدي بكل أبوابه‪ ،‬عرفنا أنه يأيت من كل األبواب‪ ،‬إال " َف ُع َل َي ْف ُعل" ما يأيت منها‪.‬‬
‫القياسي على َف ْعلٍ‪ ،‬سوا ٌء كان من "ن ََص َر‬ ‫ُّ‬ ‫الفعل المتعدي بكل أبوابه؛ مصدره‬
‫َين ُْص ُر ن َْص ًرا"‪ ،‬أو كان من‪َ " :‬ض َر َب َي ْض ِر ُب َض ْر ًبا"‪ ،‬أو كان من‪َ " :‬ف َع َل َي ْف َع ُل‪َ ،‬ق َط َع‬
‫َي ْق َط ُع َق ْط ًعا"‪ ،‬أو كان من‪َ " :‬ف ِع َل َي ْف َع ُل‪ ،‬مثل‪َ " :‬ف ِه َم َي ْف َه ُم َف ْه ًما"‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بقي باب‪" :‬حسب يِ ْحس ُ‬
‫ب" هذا أخرجناه ألن مصادره" كلها سماعية‪ ،‬بقي‬
‫الباب األخير‪" :‬ك َُر َم َي ْك ُر ُم" وهذا ال يأيت منه متعدٍّ ‪.‬‬
‫طيب فـ‪َ " :‬ف َع َل َي ْف ُع ُل" قلنا‪ :‬كـ "ن ََص َر َين ُْص ُر ن َْص ًرا" و " َأ َخ َذ َي ْأ ُخ ُذ َأ ْخ ًذا"‪" ،‬ن ََص َر‬
‫َين ُْص ُر ن َْص ًرا" هذا سالم ما فيه همزة وال حرف علة‪َ " ،‬أ َخ َذ َي ْأ ُخ ُذ َأ ْخ ًذا"‪ ،‬هذا مهموز‬
‫فيه همزة‪ ،‬وكذلك‪َ " :‬أك ََل َي ْأك ُُل َأك ًْال"‪.‬‬
‫طيب‪َ " :‬مدَّ َي ُمدُّ َمدًّ ا" ما وزن‪َ " :‬مدَّ َي ُمدُّ َمدًّ ا"؟ " َف َع َل َي ْف ُع ُل َف ْع ًال"‪ ،‬مدَّ أصلها‪:‬‬
‫ٍ‬
‫واحد‪ ،‬ألن‪َ :‬ي ُمدُّ أصلها‪:‬‬ ‫ٍ‬
‫جنس‬ ‫َمدَ َد‪ ،‬ثم صار فيه إدغام بين العين والالم ألهنما من‬
‫َي ْف ُع ُل‪َ ،‬ي ْمدُ ُد‪ ،‬ما الذي حدث؟ حدث إدغام بين المتماثلين‪ ،‬إدغام الدال يف الدال‪،‬‬
‫واإلدغام ُيوجب يف الحرف األول‪ :‬التسكين‪ ،‬الدال األولى‪ ،‬طب سكناها‪ ،‬الدال‬
‫األولى ما حركتها قبل التسكين؟ َي ْمدُ ُد‪ ،‬ضم‪.‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪12 h‬‬
‫الاُ هذا ماذا تفعل به عند اإل ِّد َغام؟ ستنقله للساكن الذي قبله‪ ،‬اشمعنا‬
‫ٍ‬
‫فاض ما فيه حركه‪ ،‬فتنقل الحركة إليه‪ ،‬أدغم الدال‬ ‫الحرف ساكن‪ ،‬ألنه حرف ٍ‬
‫خال‬
‫يف الدال‪ ،‬وانقل حركة الدال األولى الضم وانقل إلى الساكن‪ ،‬قبل الدال‪.‬‬
‫كيف تكون الكلمة؟ " َ دمد" هذا الذي حدث‪ ،‬إذن " َ دمد" أصلها‪َ " :‬ي ْمدُ ُد‪،‬‬
‫َي ْف ُع ُل"‪َ " ،‬مدًّ ا َف ْع ًال"‪.‬‬
‫أيضا من هذا الباب‪َ " :‬ف َع َل َي ْف َع ُل َف ْع ًال" قال‬
‫وكذلك‪َ " :‬قا َل ُه َي ُقو ُل ُه َق ْو ًال" ً‬
‫أصلها‪َ :‬ق َو َل َف َع َل‪ ،‬كيف عرفنا أن األلف يف قال أصلها الواو؟ َق َو َل‪ ،‬ربما الياء! َق َي َل‪،‬‬
‫أو حرف آخر‪ ،‬بالنظر إلى المضارع‪ ،‬ما المضارع؟ قال يقول‪ ،‬ليست َي ِق ُيل‪ ،‬يقول‪،‬‬
‫رجع األصل‪ ،‬فاألصل َق َو َل َف َع َل‪.‬‬
‫تحرك وانفتح ما قبله‪ ،‬ينقلب‬ ‫لكن القاعدة الصرفية تقول‪َّ :‬‬
‫أن حرف العلة إذا َّ‬
‫أل ًفا‪َ " ،‬ف َق َو َل" تحركت الواو وفتح ما قلبها‪ ،‬فانقلبت أل ًفا فصارت "قال"‪.‬‬
‫فما وزن "قال"؟ " َف َع َل"‪ ،‬ألنك تزن األصل " َق َو َل"‪.‬‬
‫ول يف ُع ُل"‪ ،‬نحن قلنا‪ :‬أن الفعل الماضي كم له من‬ ‫طب‪َ " :‬ق َال َف َع َل"‪َ " ،‬ي ُق ُ‬
‫باب؟ ستة أبواب‪ ،‬كل األفعال البد أن تعيدها إلى من األبواب الستة‪َ ،‬ف َق َال َي ُق ُ‬
‫ول‬
‫َق ْو ًال‪َ ،‬ف َعل َي ْف ُع ُل َف َع ًال‪ ،‬يقول‪ :‬أصلها " َي ْق ُو ُل‪َ ،‬ي ْف ُع ُل" الضمة وقعت على الواو‪.‬‬
‫" َي ْق ُول"‪ :‬والضمة على الواو ثقيلة؛ ألن الضمة بنت الواو‪ ،‬فكأنه اجتمعت‬
‫واوان‪ ،‬كيف تخلصت العرب من هذا الثِ َقل؟ نقلوا الضمة للساكن الذي قبلها‬
‫ول" فالمصدر جاء على القياس‪َ ،‬ف َعل‪َ " ،‬ق َال َي ُق ُ‬
‫ول َق ْو ًال"‪.‬‬ ‫فقط‪ ،‬فصارت " َي ُق ُ‬

‫ومثل ذلك‪َ " :‬ف َع َل َي ْف ِع ُل"‪ ،‬قلنا‪َ " :‬ض َر َبه ْ‬


‫يض ِربه‬ ‫ُ‬ ‫كذلك َح َثا ُه َي ْح ُثو ُه َح ْث ًوا‪.‬‬
‫ضر ًبا"‪.‬‬

‫طيب‪َ " :‬و َعدَ َف َعل" الزم ومتعدٍّ ‪ ،‬متعدٍّ ‪َ " :‬و َعدَ ُه"‪ ،‬إذن ِّ‬
‫صرفه ستقول‪َ " :‬و َعدَ ُه‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪13 h‬‬
‫‪g‬‬
‫َي ِعدُ ُه َو ْعدً ا"‪َ " ،‬و َعدَ َف َع َل" " َو ْعدً ا ف ْع ًال"‪ ،‬طب والمضارع‪َ :‬ي ِعدُ َو َعدَ يِ ِعدُ ‪ ،‬ما وزن‬
‫َي ِعدُ ؟ لكي تعرف الوزن‪ ،‬اعرف األصل األصل‪ْ " :‬يو ِعدُ " الواو موجودة يف " َو َعدَ "‪.‬‬
‫" َو َعدَ َي ْو ِعدُ "‪َ " .‬ي ْف ِع ُل" الواو هنا َي ْو ِعدُ ما الحركة التي قبلها؟ فتحة‪.‬‬
‫الحركة التي بعدها؟ كسرة‪ ،‬والواو ما الذي يناسبها من الحركات؟ الضمة‪ ،‬ال‬
‫قبلها ضمة وال بعدها ضمة‪ ،‬وإنما وقعت هنا مسكينة بين عدوتيها‪ ،‬فتآمروا عليها‬
‫وحذفوها طب ًعا تعليل لكالم العرب‪ ،‬العرب هنا يحذفون الواو‪ ،‬قال النحويون‪:‬‬
‫لعل السبب أن الواو وقعت بين عدوتيها يعني ما ال يناسبها فث ُق َلت‪ ،‬فتخلصوا من‬
‫هذا الثقل بالحذف‪َ ،‬ي ْو ِعدُ احذف الواو فقط‪َ " ،‬ي ِعدُ " ثم جاء المصدر على القياس‬
‫" َو ْعدً ا"‪.‬‬
‫الطالب‪ )00:29:46@( :‬سؤال غير واضح‬
‫معتل‪ ،‬فإنه ُيحذف يف‬ ‫ٍ‬
‫بحرف ٍّ‬ ‫ال يخ‪ :‬كل مثال إذا كان الفعل مثال يعني مبدوء‬
‫وزن َي ِز ُن" وهكذا‪.‬‬ ‫المضارع‪ ،‬نحو‪َ " :‬و َعدَ َي ِعدُ "‪" ،‬و َقف َي ِق ُ‬
‫ف"‪َ " ،‬‬
‫قالوا‪ :‬باع يبيع بي ًعا‪ ،‬كذلك‪َ " :‬ف َع َل َي ْف ِع ُل َف ْع ًال"‪ ،‬فما أصل باع؟ َب َي َع أو َب َو َع؟!‬
‫"ب َيع" بداللة "يبيع"‪ ،‬إذن " َب َي َع"‪.‬‬
‫ما الذي حدث للياء؟ تحركت وانفتح ما قبلها فانقلبت أل ًفا‪ ،‬إذن‪" :‬باع" وزهنا‬
‫" َف َع َل" ألن أصلها‪َ " :‬ب َي َع"‪.‬‬
‫والمضارع‪" :‬يبيع" ما أصله؟ " َف َعل ي ْف ِع ُل" إذن " َي ْبيِ ُع‪َ ،‬ي ْف ِع ُل"‪ ،‬الذي حدث‬
‫كالذي حدث يف‪َ " :‬ي ْق ِو ُل"‪َ " ،‬ي ْب ِي ُع"‪ ،‬الكسرة حين وقعت على الياء والكسرة بنت‬
‫الياء فكأنه اجتمع عندنا ياءان‪ ،‬فسببت الثقل‪ ،‬كيف تخلصت العرب من هذا‬
‫الثقل؟ إهنا نقلت الكسرة إلى الساكن قبلها على الياء‪َ " ،‬ي ْبيِ ُع‪ ،‬فقالت‪َ :‬يبِ ُ‬
‫يع"‪ ،‬ثم‬
‫جاء المصدر على القياس‪" ،‬ب ْي ًعا"‪.‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪14 h‬‬
‫يه َر ْم ًيا" ثالثي معتل فجاء مضارعه على " َف َعل"‪ ،‬وكذلك‬ ‫وكذلك "رماه يرمِ ِ‬
‫َ َ َْ‬
‫" َف َع َل يف َع ُل"‪َ " ،‬ق َط َعه َي ْق َط ُع ُه َق ْط ًعا"‪ ،‬و " َفت ََح ُه َي ْفت َُح ُه َفت ًْحا" و " َبدَ َأ ُه َي ْبدَ ُأ ُه َبدَ ًءا" و‬
‫" َو َض َع ُه َي َض ُع ُه َو ْض ًعا"‪ ،‬هذا فِ ْع ِل مثال‪ ،‬مثال يعني مبدوء بحرف علة‪َ " ،‬و َض َع‪،‬‬
‫يضع الضاد مفتوحة‪ ،‬إذن أصله‪:‬‬ ‫َف َع َل"‪ ،‬ما مضارعه؟ " َي َض ْع أو َي ِض ْع‪ ،‬أو َي ُض ْع"‪َ ،‬‬
‫يفعل‪ ،‬أو يف ُعل‪ ،‬يف َعل‪ ،‬ما أصل يضع‪ ،‬وضع ْيو َض ُع‪ ،‬فحذفت الواو ألن‬ ‫يفعل‪ ،‬أو ِ‬
‫َ‬
‫دائما تحذف واوه يف المضارع‪ ،‬فقط تحذف الواو ما تغير شي ًئا آخر‪،‬‬ ‫المثال ً‬
‫" َي ْو َض ُع= َي َض ُع" والمصدر‪" :‬وض ًعا"‪.‬‬
‫يفه ُمه‬
‫فه َم ُه َ‬ ‫وكذلك‪َ " :‬ن َعا ُه وين َعاه نع ًيا"‪ ،‬وكذلك يف‪َ " :‬ف ِعل ي ْف َع ُل" تقول‪ِ " :‬‬
‫مسا‪ ،‬على َف َع َل َي ْف َع ُل َف ْع ًال"‪،‬‬ ‫ِ‬
‫يم ُّس ُه ًّ‬
‫مس ُه َ‬
‫فهما"‪ ،‬و"أمنَه يأمنَ ُه أمنًا"‪ ،‬وكذلك " َّ‬
‫ً‬
‫ِ‬
‫يمس"‪.‬‬ ‫يم َّس‪ ،‬الميم مفتوحة ليست‪" :‬يمس وال ُ‬ ‫مس" أصله‪َ :‬م َس َس َف َع َل َ‬
‫" َّ‬
‫يمس ْس‪ ،‬اجتمع مثالن‪،‬‬ ‫ِ‬
‫يمس ْس"‪َ ،‬‬
‫يمس ْس‪ ،‬أو يمس ْس‪ ،‬أو ُ‬
‫يم َّس‪ ،‬يف األصل‪َ " :‬‬
‫َ‬
‫سينان‪ ،‬فا َّدا َغ َما ونقلنا حركة السين األولى إلى الساكن قبلها وهي الفتحة فصارت‬
‫مسا‪ ،‬ف ْع ًال"‪.‬‬
‫يم ّس‪ ،‬والمصدر على القياس‪ًّ " :‬‬
‫َ‬
‫أيضا على‪َ " :‬ف َع َل َي ْف َع ُل‬ ‫اف َخ ْو ًفا" ً‬ ‫اف َي َخ ُ‬ ‫خو ًفا"‪ ،‬فـ" َخ َ‬ ‫وكذلك‪" :‬خافه يخا ُف ُه ْ‬
‫اف َف َع َل" آسف نحن قلنا‪َ " :‬ف ِع َل َي ْف َع ُل‪َ ،‬ف ِه َم َي ْف َه ُم‪ ،‬و َأمِ َن ي ْأ َم ُن"‪،‬‬ ‫َف ْع ًال"‪َ ،‬فـ" َخ َ‬
‫اف َخ ْو ًفا"‪ :‬على‪َ " :‬ف ِع َل َي ْف َع ُل ف ْع ًال"‪.‬‬
‫اف َي َخ ُ‬
‫فـ" َخ َ‬
‫ف َف ِع َل"‪ ،‬الواو مكسورة متحركة وانفتح ما قبلها‬ ‫فأصل "خاف"‪َ " :‬خ ِو َ‬
‫اف"‪َ " ،‬ي َخاف" أصلها‪:‬‬
‫اف"‪ ،‬فجاء المضارع على " َي َخ ُ‬ ‫فانقلبت أل ًفا فصارت " َخ َ‬
‫يخ ِوف"‪ ،‬األصل َي ْخ َوف‪ ،‬فنقلنا الفتحة إلى الخاء الساكنة‬
‫" َي ْخ َوف‪ ،‬أو َي ْخ ُوف‪ ،‬أو ْ‬
‫وقلبنا الواو أل ًفا‪ ،‬فصارت يخاف‪.‬‬
‫وزن "فعل يفعل"‪ ،‬أو "فعل ِ‬
‫يفع ُل"‪،‬‬ ‫يب لماةا لُ ن ق‪ :‬أن خاف يخاف على ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪15 h‬‬
‫‪g‬‬
‫وف"‪ ،‬ولو كانت على "ف َعل ِيف ُ‬
‫عل"‬ ‫لو كانت على "ف َعل يف ُع ُل" لقالوا‪" :‬خاف ُ‬
‫يخ ُ‬
‫لقالوا‪" :‬خاف يخيف"‪.‬‬
‫فعل يف َع ُل" ولم نقل أهنا على "ف َعل ي ْف َع ُل"؟ هذا باب‬ ‫طيب لماذا قلنا على‪ِ " :‬‬

‫ب"‪ ،‬قالوا‪ :‬إهنا على " َف ِع َل يف َع ُل" وليست‬ ‫موجود مثل‪" :‬ق َطع يق َطع‪ ،‬وذهب َ‬
‫يذه ُ‬
‫على "ف َعل ي ْف َع ُل" المضارع اآلن "يخاف على ي ْف َعل"‪ ،‬اتفقنا على ذلك‪ ،‬ال نقل‬
‫يفعل"‪ ،‬على "ي ْف َعل"‪.‬‬ ‫على "يفعل وال ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫طب المضارع "ي ْف َعل" يأيت الماضي منه " َفعل" كـ‪َ " :‬ف ِر َح َ‬
‫يفر ُح" ويأيت‬
‫إن "يخاف" مضارعه‪:‬‬ ‫ب"‪ ،‬فلماذا قالوا‪َّ :‬‬ ‫ذهب ْ‬
‫يذ َه ُ‬ ‫الماضي منه‪َ " :‬ف َع َل"‪ ،‬كـ‪َ " :‬‬
‫ف َف ِع َل" ألنك إذا أسندته إلى ضمير المتكلم كنت تقول‪:‬‬ ‫"خاف" أصلها " َخ ِو َ‬
‫َخ ْف ُت وال ِخ ْف ُت؟ ِخ ْف ُت‪ ،‬هذه الكسرة هي الموجودة يف " َف ِع َل" انتقلت إلى الخاء‬
‫فقالوا‪ :‬إهنا َف ِع َل‪ ،‬يف َع ُل‪.‬‬
‫وهَا ه ق ل ابن مالك ‪ ‬يف ا بياَ الساب ة‪:‬‬
‫َلللللللللر َّد َر ًّدا‬
‫َ‬ ‫لللللللللن اة َ الَ َ لللللللللة‬
‫ْ‬ ‫ام‬ ‫لللللاْ َم ْصللللللدَ ار ا ْل دم َعللللللدَّ‬ ‫َفعل ِ ا‬
‫لللللق ق َيل د‬ ‫ْ‬
‫يقول الفعل هو قياس مصدر األفعال الثالثية المتعدية بكل أبواهبا‪ ،‬ثم ذكر‬
‫مثاال بقوله‪" :‬ر َّد ر ًّدا" "فر َّد" ٌ‬
‫فعل متعدٍّ ‪ ،‬تقول‪" :‬ر َّد ُه ُير ُّده" فمصدره يف‬ ‫لذلك ً‬
‫القياس "ر ًّدا"‪.‬‬
‫فهذا ما يتعلق بالثالثي المتعدي بكل أبوابه‪ ،‬انتهينا من الثالثي المتعدي‪ ،‬ماذا‬
‫يبقى من الثالثي؟ يبقى الثالثي الالزم‪.‬‬
‫والثالثي الالزم له تفصيل‪ ،‬على حسب أبوابه‪ ،‬فهو يأيت من " َف َع َل"‬
‫بمضارعاهتا الثالث‪ ،‬ويأيت من‪َ " :‬ف ِع َل" ويأيت من‪َ " :‬فع َل"‪ .‬فعل ِ‬
‫وفعل وف ُعل كلها‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫فيها الزم فسنفصل‪.‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪16 h‬‬
‫فعل" بالكسر‪ ،‬قياس مصدره‪:‬‬ ‫فعل"‪ :‬الالزم الثالثي الذي على وزن " ِ‬ ‫فنبدأ بـ" ِ‬

‫يفر ُح" وقياس مصدره‪" :‬الفرح"‪،‬‬ ‫"ال َف َع ْل" بفتح الفاء وفتح العين‪ ،‬كـ‪ِ " :‬‬
‫فر َح‪َ ،‬‬
‫ِ‬ ‫طر ًبا" و" ِ‬ ‫طرب ِ‬ ‫يفر ُح َفر ًحا"‪ ،‬و" ِ‬ ‫" ِ‬
‫ب‬‫غر ًقا"‪" ،‬تعب يت َع ُ‬‫يغر ُق َ‬
‫غرق َ‬ ‫يطر ُب َ‬ ‫فرح َ‬
‫وجع‬‫أسف يأسف أس ًفا"‪ِ " ،‬‬ ‫مرض يمرض مر ًضا"‪ِ " ،‬‬ ‫يجز ُع جز ًعا"‪ِ " ،‬‬
‫جزع َ‬ ‫تع ًبا"‪ِ " ،‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫يوج ُع وج ًعا" وهكذا‪.‬‬
‫َ‬
‫وهذا هو قول ابن مالك يف األبيات السابقة‪:‬‬
‫َو َ َ للللللللل َل ْق‬ ‫َ َفل َ‬
‫للللللللرو َو َََللللللللل‬ ‫لللللللق‬ ‫ا‬
‫لللللللاله دم َبا دبللللللل ده َف َع ْ‬ ‫َو َف اع َ‬
‫لللللللق ا َّل‬
‫" َف ِع َل" الالزم من الثالثي قياس مصدره‪َ " :‬ف َع ْل"‪ ،‬وضرب لذلك ثالثة أمثلة‪:‬‬
‫جوى"‪ ،‬وكشلل‪.‬‬
‫يج َوى ً‬ ‫جوى من َج ِو َي ْ‬ ‫كـ "فرحٍ من ِ‬
‫فرح يفرح"‪ ،‬وكـ " ً‬
‫وسيأيت أن يف هذا الباب شواذ‪ ،‬ويف الباب السابق شواذ أكثر‪ ،‬لكن هذا القياس‪،‬‬
‫وسنشير إلى بعض الشواذ عندما يظهر ابن مالك الكالم على الشواذ عن هذا‬
‫القياس‪ ،‬فهذا الباب ا ول من الثالثي الالزم وهو " َف اع َق"‪.‬‬
‫الباب الَاين‪ :‬من الثالثي الالزم " َف دع َق" بالضم ومصدره القياسي‪ ،‬ال ُف ُعو َلة‪ ،‬أو‬
‫ب‬ ‫ال َف َعالة‪ ،‬فـ " َع ُذب ي ْع ُذ ُب ُعذوب ًة"‪ ،‬و"م ُلح يم ُلح ُم ُلوح ًة"‪ ،‬و" َص ُع َ‬
‫ب يص ُع ُ‬
‫يسه ُل ُس ُهول ًة" جاء على دف دع لة‪.‬‬ ‫ُص ُعوب ًة" و" ُ‬
‫سهل ُ‬
‫اح ًة" و"ب ُل َغ‬
‫يص ُر ُح َص َر َ‬ ‫يفصح َف َص َ‬
‫اح ًة" و" ُ‬
‫صر َح ْ‬ ‫ويأيت على فعالة‪ :‬كـ " َف ُص َح ُ‬
‫ف َن َظاف ًة" و" َض ُخ َم َض َخا َم ًة"‬
‫يجذل َجذال ًة" و"ن ُظف ين ُظ ُ‬ ‫يب ُل ُغ َب َالغ ًة"‪ ،‬و" ُ‬
‫جذل ُ‬
‫شجاع ًة" وهذا هو قول ابن مالك‪:‬‬ ‫شجع َ‬ ‫و" ُ‬
‫ََسللللللل د َق ا َ ْمل د‬
‫للللللر َو َه ْ لللللللدِ َجللللللل د اَ‬ ‫دف دع ْ َلللللللللللللل ِة َف َعا َلللللللللللللل ِة لا َف دعلللللللللللللالَ‬
‫والباب الَالث‪ :‬من الثالثي الالزم هو " َف َعل" بالفتح وهو ال شك أكثرها‪.‬‬
‫وقياس مصدره "ال ُف ُعول"‪ ،‬من جميع أبوابه‪ .‬أي بجميع مضارعاته‪َ " ،‬ف َع َل" يأيت‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪17 h‬‬
‫‪g‬‬
‫يفعل" كـ "جلس‬ ‫مضارعه على "ي ْفعل" كـ‪َ " :‬قعدَ ي ْقعدُ " ويأيت مضارعه على " ِ‬
‫َ َ ُ‬ ‫ُ‬
‫يجلِس"‪ ،‬فالالزم مثل لي بالالزم ويأيت مضارعه على‪َ " :‬ي ْف َعل"‪ ،‬كـ‪" :‬ركَع ْيركَع"‬
‫فالمصدر القياسي لـ‪َ " :‬ف َع َل" بكل مضارعاته "ال ُف ُعول"‪.‬‬
‫يس ُجد‬
‫وس َجد ْ‬
‫وجا‪َ ،‬‬ ‫ففي " َف َعل‪َ ،‬ي ْف ُعل"‪َ ،‬ق َعد َي ْق ُعد ُق ُعو ًدا‪َ ،‬‬
‫وخ َرج َي ْخ ُرج ُخ ُر ً‬
‫(س َما) على وزن‬‫وال"‪َ .‬‬ ‫وس َما َي ْس ُمو ُس ُم ًّوا‪ ،‬على وزن‪َ " :‬ف َع َل َي ْف ُعل ُف ُع ً‬
‫ُس ُجو ًدا‪َ ،‬‬
‫(س ُم ًّوا) على وزن ( ُف ُع ً‬
‫وال)‪ ،‬إال أن الالم‬ ‫(يس ُمو) على وزن (ي ْف ُعل)‪ُ ،‬‬ ‫( َف َع َل)‪ْ ،‬‬
‫واوا‪ .‬فادغمت يف واو ال ُف ُعول‪ًّ ،‬‬
‫سموا‪.‬‬ ‫صارت ً‬
‫وسا" وكذلك‪َ " :‬ف َع َل َي ْف َع ُل" كـ‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وكذلك " َف َع َل َي ْفع ُل" كـ‪َ " :‬ج َل َس َي ْجل ُس ُج ُل ً‬
‫وخ َض َع َي ْخ َض ُع ُخ ُضو ًعا"‪ ،‬وهذا هو قول ابن مالك‪:‬‬ ‫" َرك ََع َي ْرك َُع ُركُو ًعا‪َ ،‬‬
‫َلللللللل ده دف دعللللللل ِل بالللللللا َراد َ َ لللللللدَ ا‬ ‫للللللاله دم ام َْل َ‬
‫للللللق َق َعلللللللدَ ا‬ ‫ا‬ ‫للللللق ا َّلل‬
‫َو َف َعل َ‬

‫يقول‪َ :‬غدَ ا َي ْغدُ و ُغدُ ًّوا‪ ،‬وقوله يف البيت‪" :‬مثل"‪ ،‬لك فيه النصب فهو حال‪،‬‬
‫حال من قوله‪َ " :‬ف َع َل" وفعل يف‬
‫ولك فيه الرفع فهو صفة‪ ،‬والحالية أقوى‪ ،‬ألنه ٌ‬
‫البيت نكرة أم معرفة؟ (وفعل الالزم مثل قعدا) كلمة فعل يف البيت هل هي معرفة‬
‫علم على هذا الوزن‪ ،‬والدليل على ذلك أنه وصفها بالمعرفة‪.‬‬
‫أم نكرة؟ معرفة ألهنا ٌ‬
‫ٍ‬
‫باطراد كغدا)‪،‬‬ ‫قال‪( :‬فعل الالزم مثل)‪ :‬يعني حالة كونه‪( .‬مثل قعد له فعول‬
‫إذن فالالزم الثالثي َف َعل مصدره القياسي "ال ُف ُعول"‪ ،‬هذه القاعدة العامة‪ ،‬و ُيستثنى‬
‫من ذلك أمور‪ ،‬و ُيستثنى من " َف َعل" الالزم من كون مصدره على "ال ُف ُعول" أمور‬
‫ذكرها ابن مالك يف قوله‪:‬‬
‫َأ ْو َف َعالَ َنللللللللل َفلللللللللا ْد ار َأ ْو دف َعلللللللللاا‬ ‫دللللن دم ْسلللل َع ْ اج َب فا َعللللاا‬ ‫َمللللا َل ْ‬
‫للللُ َ ُ ْ‬
‫لللللاَّ لا َّلل ا‬
‫َوا ْل ََّل ا‬ ‫للللللَ ْامعانَلللللللا َ ل َ‬ ‫للللللٌو ِل لال ا‬
‫لللللَ ا ْقع ََاللللللى َ َ ل َبللللللا‬ ‫للللللٌ َبى‬ ‫َفل َ َّ‬
‫للللق ََصللللل َ ْق‬‫َسللللل ْي َرا َو َصللللل ْ َ ا ْل َف اعيل د‬ ‫للللم ْق‬ ‫لللللللدَّ ا دفعل ِ ا‬
‫للللال َأ ْو ل َصللللل ْ َ َو َ ل َ‬ ‫َ‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪18 h‬‬
‫ِ‬
‫وشم َل بكسم الميم‪ ،‬واختار هنا‬ ‫شمل بفتح الميم‪،‬‬
‫قوله‪( :‬شمل) فيه لغتان‪َ :‬‬
‫(صهل) يف آخر الشطر الثاين‪ ،‬ليسلم من عيب‬
‫َ‬ ‫(شمل) لكي يوافق‬
‫الفتح يف البيت َ‬
‫السناد‪.‬‬
‫إةَّ ف د اسعَنى من الَال ي الالهم على وهَّ " َف َعق" أَّ ُ َّ مصدره على‬
‫"ال دف دع ل" أ ياء‪:‬‬
‫دل على امتناع فمصدره "فِ َعال"‪ ،‬إذا كان الثالثي الالزم " َف َعل" وهو‬ ‫ا ول‪ :‬ما َّ‬
‫يدل على امتناع‪ ،‬فمصدره الثالثي ليس على "ال ُفعول"‪ ،‬وإنما على " ِ‬
‫الف َعال" كـ‪:‬‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ناحا"‪.‬‬‫" َن َفر ينف ُر ن َف ًارا"‪ ،‬و" َّفر يف ُّر ف َر ًارا" و" َأ َب َق يأبِق إبا ًقا" و" َجنَح َي ْجن ُح ِج ً‬
‫وابن مالك َم َّثل لذلك بقوله‪:‬‬
‫(فأول ل ِ ِذي امتنا ٍع َك َأ َبى) يقال‪َ " :‬أ َبى َي ْأ َبى إبا ًء"‪ ،‬لكن ماذا يريد بـ" َأ َبى" هنا؟‬
‫ٌ‬
‫علي‪ ،‬إذا َص ُعب واستعصى‪ ،‬وال يريد‪َ :‬أ َبى‬ ‫َ‬
‫يريد بـ‪":‬أ َبى" التي يف قولك‪ :‬أ َبى الشيء ّ‬
‫َ‬
‫التي يف قولك‪" :‬أبيت الشيء" ألن‪" :‬أبيت الشيء" هي متعدية فقياس مصدرها‪:‬‬
‫علي أي‪:‬‬ ‫َ‬
‫"الف ْعل"‪ ،‬وسبق ذلك‪ ،‬وإنما يريد‪ :‬أبى الالزمة التي يف قولك‪ :‬أبى الشيء ّ‬
‫ص ُعب‪ ،‬فيقال‪َ " :‬أ َبى َي ْأ َبى إِ َبا ًءا"‪.‬‬
‫وش َرا ًدا"‪ ،‬فجعلوا لها مصدرين‪ ،‬وبعض األفعال‬ ‫وقالوا‪ :‬يف " َشرد ي ْشرد ُشرودا ِ‬
‫َ َ ُ ُ ُ ً‬
‫لها أكثر من مصدر‪ ،‬مصدران وثالثة وأربعة‪ .‬فقولهم‪َ " :‬ش َرد َي ْش ُر ُد ِش َرا ًدا"‪،‬‬
‫و" ُش ُرو ًدا" عادوا إلى "ال ُف ُعول"‪ ،‬عادوا إلى األصل‪ .‬كأهنم لم يراعوا ما فيه من‬
‫معنى "اإلباء"‪.‬‬
‫يب وا مر الَاين‪ :‬مما ُيستثنى من " َف َع َل" الالزم ما دل على تق ُّلب‪ ،‬على‬
‫ول َج َوالنًا"‬ ‫يج ُ‬ ‫اهتزاز‪ ،‬على حركة‪ ،‬فمصدره القياسي على " َف َعالن" مثل‪َ " :‬ج َال ُ‬
‫ور َف َو َرانًا" و" َغ َلى َي ْغلِي َغ َل َيانًا" و" َط َار َيطِ ُير َط َيرانًا" و" َل َم َع َي ْل َم ُع َل ْم َعانًا"‬
‫و" َف َار َي ُف ُ‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪19 h‬‬
‫‪g‬‬
‫وهكذا‪.‬‬
‫ا مر الَالث‪ :‬مما ُيستثنى من " َف َع َل" الالزم‪ :‬ما َّ‬
‫دل على داء‪ ،‬فمصدره القياسي‬
‫ف َي ْر ُعف ُر َعا ًفا"‪.‬‬ ‫على " ُف َعال"‪ ،‬مثل‪" :‬س َعل يس ُعل ُس َع ًاال"‪ ،‬و" َ‬
‫رع َ‬
‫طيب و َم َشى يمشي يدل على داء‪ ،‬مرض! يف مشى بمعنى َس َار‪ ،‬فهذه‪َ " :‬م َشى‬
‫يم ِشي م ْشيا"‪ ،‬ال يف "مشى بطنه"‪ ،‬يعني اإلسهال‪ ،‬تقول العرب‪ :‬مشى بطنه ِ‬
‫يمشي‪،‬‬ ‫َ ً‬ ‫َْ‬
‫ٍ‬
‫حينئذ على‬ ‫ٍ‬
‫حينئذ‪ :‬مشى بطنه يمشي ُم َشا ًءا‪ ،‬هكذا تقول العرب‪ ،‬ألنه دل‬ ‫فالمصدر‬
‫داء‪.‬‬
‫يمرض َم َر ًضا"‪ ،‬هذا يدل على مرض‪ ،‬نقول له‪ :‬هذا‬ ‫مر َض ِ‬ ‫إَّ قال قائق‪ِ " :‬‬
‫" َم ِر َض‪َ ،‬ف ِع َل"‪ ،‬واالستثناءات هنا من " َف َع َل" الالزم الذي هو أكثر الباب‪.‬‬
‫مر ًضا"‪ ،‬جاء على‬
‫يمرض َ‬ ‫مر َض َ‬‫أما َف ِع َل فقد سبق أن قياس مصدره "ال َف َع ْل" " ِ‬
‫القياس‪.‬‬
‫يب ومما د سعَنى أ اا من " َف َع َق" الالهم ما دل على سير؛ فمصدره‬
‫يرح ُل َر ِح ً‬
‫يال"‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ال ياسي‪" :‬ال َفعيل"‪ ،‬مثل‪َ " :‬ر َحل عن المكان َ‬
‫طيب وقالت العرب‪َ " :‬ز َم َل ال َب ِع ُير َي ْز ُمل" ترون البعير أحيانًا إذا كان مرتاح‬
‫ركضا ل ِّينًا‬
‫تعرج يتعب الذي فوقه‪ ،‬يعني ً‬ ‫ركضا لينًا سري ًعا‪ ،‬يعني ليس فيه ُّ‬ ‫يركض ً‬
‫مسا‪ ،‬هذا يقول‪" :‬زمل البعير َي ْز ُمل ُز ُم ً‬
‫وال‪،‬‬ ‫سري ًعا‪ ،‬حتى كأنه يكاد يمس األرض ًّ‬
‫وز َم َالنًا"‪.‬‬ ‫وزمِ ً‬
‫يال‪َ ،‬‬ ‫َ‬
‫وز َم َالنًا"‪ .‬فالمصدر‬ ‫وزمِ ً‬
‫يال‪َ ،‬‬ ‫نعُ ال ة مصادر‪" :‬زمل البعير َي ْز ُمل ُز ُم ً‬
‫وال‪َ ،‬‬
‫يال"‪ .‬فمن راعى أن الفعل هنا يدل على سير‬ ‫القياسي منها‪" :‬زمل البعير َي ْز ُمل َزمِ ً‬
‫يال"‪ .‬ومن راعى أن فيه حركة واضطراب أتى به على‬ ‫قال‪" :‬زمل البعير َي ْز ُمل َزمِ ً‬
‫ال َف َعالن‪" :‬زمل البعير َي ْز ُمل َز َم َالنًا"‪ .‬وأما من لم يرا ِع هذا وال هذا وأتى به على‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪20 h‬‬
‫المصدر األصلي لـ‪َ " :‬ف َعل" الالزم‪ ،‬فإن " َف َعل" الالزم مصدره األصلي‪" :‬ال ُف ُعول"‬
‫فقال‪ُ " :‬ز ُمول"‪ ،‬فهم ال يخرجون بعيدً ا عن هذه األشياء‪ ،‬ومع ذلك قد يأيت الكالم‬
‫على غير القياس‪.‬‬
‫سيرا فوق‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يما" إذا سار ً‬
‫أيضا قالت العرب‪َ " :‬ر َس َم البعير ْيرس ُم َرس ً‬
‫ومن ذلك ً‬
‫"الزميل"‪ ،‬يعني أسرع من "الزميل" الذي وصفناه قبل قليل‪ ،‬يقول‪َ " :‬ر َس َم البعير‬
‫يما" ألنه يدل على سير‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ْيرس ُم َرس ً‬
‫ومما ُيستثنى من " َف َعل" الالزم ما دل على صوت‪ ،‬فإن مصدره "ال ُف َعال أو‬
‫ال َف ِعيل"‪ ،‬و"ال َف ِعيل" أكثر كما سيأيت فإهنما قد يجتمعان‪ ،‬وقد ينفرد الفعيل‪ ،‬وقد‬
‫ب ن َِعي ًبا و ُن َعا ًبا"‪،‬‬
‫ب ين ُع ُ‬ ‫وص ِر ً‬
‫يخا"‪ ،‬و"ن َع َ‬ ‫يجتمعان كقولهم‪َ " :‬ص َر َخ َي ْص ُر ُخ ُص َر ً‬
‫اخا َ‬
‫و"ن َعق ين ُع ُق نعي ًقا ونُعا ًقا"‪.‬‬
‫يال" و"هنق الحمار‬‫وقد ينفرد "ال َف ِعيل"‪ :‬كقولهم‪َ " :‬ص َه َل الحصان يصهل َص ِه ً‬
‫ن َِهي ًقا"‪ ،‬و"زأر الليث َزئِ ًيرا" و"عوى الذئب ُعوا ًء"‪ .‬ويقال‪" :‬نعق نُعا ًقا‪ ،‬ورغى‬
‫ُرغا ًء"‪ ،‬فما دل على صوت يأيت على "ال ُفعال‪ ،‬وال َف ِعيل"‪ .‬وكل ذلك كما ترون‬
‫ذكره ابن مالك فيما استثناه من األبيات‪.‬‬
‫دل على حرفة أو‬ ‫أيضا من " َف َعل" الالزم ولم يذكره ابن مالك‪ ،‬ما َّ‬
‫ومما ُيستثنى ً‬
‫يتجر تِجارة" و"نجر‬ ‫تجر ُ‬
‫ِ‬
‫والية‪ ،‬فإن مصدره القياسي على "الف َعالة" يف قولهم‪َ " :‬‬
‫ينجر نِجارة" و"خاط يخيط ِخياط ًة" و"حاك يحيك حياك ًة"‪ ،‬و"صاغ ِصياغ ًة"‪،‬‬ ‫ُ‬
‫أميرا‪ ،‬و"سفر بينهم ِسفار ًة"‪ ،‬سفر بينهم إذا تردد بينهما‬
‫و"أمر يأمر إِمار ًة" إذا صار ً‬
‫لإلصالح سفارةً‪ ،‬وهكذا‪.‬‬
‫ثم يختم ابن مالك ‪ ‬الكالم على أبنية مصادر الثالثي بعد أن ب َّين القياس‬
‫فيها بقوله‪:‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪21 h‬‬
‫‪g‬‬

‫لللللق َ دسلللللخْ َو ار َ لللللا‬


‫َف َبا دبللللل ده ا ْلنَّ ْ د‬ ‫َو َمللللا َأ َللللى دمخَ الا َفلللل لا َمللللا َم َاللللى‬
‫قر بأن هناك مصادر كثيرة جاءت على غير القياس‪ ،‬فيقول‪( :‬ما أتى مخال ًفا‬
‫ُي ُّ‬
‫موقوف على النقل ال يقاس عليه‪ ،‬وم َّثل على ذلك‬ ‫ٌ‬ ‫للقياس فبابه النقل) يعني‬
‫يس َخط"‪َ " ،‬ف ِعل" الالزم‪ ،‬و َف ِعل‬ ‫ِ‬
‫السخط فعله‪" :‬سخط ْ‬
‫ٍ‬
‫(كسخط ورضا)‪ُّ ،‬‬ ‫بمثالين‪ُ ،‬‬
‫وس َخ ًطا" أما‬ ‫ِ‬
‫يس َخ ُط ُس ْخ ًطا َ‬
‫الالزم بابه " َف َعل" ومع ذلك قالت العرب‪" :‬سخ َط ْ‬
‫والس ْخط" فشاذ‪ .‬وفهمنا ما معنى كلمة شاذ‪ ،‬ال يدل‬
‫الس َخط" فعلى القياس‪ُّ " ،‬‬
‫" َّ‬
‫على أي تضعيف لهذا المصدر‪.‬‬

‫و(رضا)‪ :‬الرضا فعله‪َ " :‬ر ِض َي يرضى"‪ً ،‬‬


‫أيضا بابه‪" :‬ال َف َعل"‪ ،‬فكان‬ ‫ً‬ ‫طيب‬
‫القياس أن يقول " َر ِض َي َي ْر َضى َر ًضا"‪ ،‬لكنهم قالوا‪ِ " :‬ر ًضا"‪.‬‬
‫شذ عما سبق وهو كثير‪ :‬يف " َف َعل" المتعدِّ ي الذي قياس مصدره‬ ‫ومما َّ‬
‫"ال َف َعل" قالوا‪َ " :‬ج َحدَ ُه َي ْج َحدُ ُه ُج ُحو ًدا"‪ ،‬وقالوا " َج ْحدً ا" على القياس‪ ،‬وقالوا‪:‬‬
‫وش ْك َرانًا"‪ ،‬ولم يقولوا‪َ " :‬ش ْك ًرا" على القياس‪.‬‬ ‫" َش َك َر ُه َي ْش ُك ُر ُه ُش ُك ً‬
‫ورا‪ُ ،‬‬

‫ويف " َف َع َل" الالزم الذي مصدره القياسي‪" :‬ال ُف ُعول"‪ .‬قالوا‪َ " :‬ح َك َم بينهم‬
‫يموت مو ًتا" و"شاخ َي ِش ُ‬
‫يخ‬ ‫كما" ولم يقولوا‪ُ " :‬ح ُكو ًما"‪ ،‬وقالوا‪" :‬مات ُ‬
‫َي ْح ُك ُم ُح ً‬
‫شيخوخ ًة"‪.‬‬
‫ويف‪َ " :‬ف ِعل" الالزم الذي مصدره القياسي‪" :‬ال َفعل" قالوا‪" :‬ب ِ‬
‫خل ي ْب َخ ُل ُب ْخ ًال‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫و َب َخ ًال"‪ ،‬أما ال َب َخل فعلى القياس‪ ،‬وأما ال ُب ْخل فشاذ‪.‬‬
‫ِ‬
‫والرغوبة على غير‬ ‫ور ُغوب ًة"‪َّ ،‬‬
‫فالرغب قياسي ُّ‬ ‫ب َر َغ ًبا ُ‬
‫وقالوا‪" :‬رغب ير َغ ُ‬
‫القياس‪.‬‬
‫ويف " َف ُعل" الذي مصدره القياسي "ال َف َعالة أو ال ُف ُعولة" قالوا‪َ " :‬ح ُس َن َي ْح ُس َن‬
‫قبحا"‪.‬‬
‫ُح ْسنًا" ولم يقولوا‪ُ " :‬ح ُسونة أو َح َسانة"‪ ،‬وقالوا‪" :‬ق ُب َح يق ُبح ً‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪22 h‬‬
‫وأمثلة كثيرة نكتفي بما ذكرناه‪ ،‬ومعرفة هذه المصادر‪ ،‬وأبنيتها القياسية مفيدة‬
‫جدً ا يف أبواب مسائل متعددة‪ ،‬فأنت إذا عرفت هذه األبنية القياسية تستطيع أن‬
‫تعرف الفعل من المصدر‪ ،‬وتستطيع أن تعرف المصدر من الفعل‪ ،‬وهكذا‪.‬‬
‫حج" ما مصدره القياسي؟ ننظر هو ثالثي متعدِّ ي أم غير‬ ‫مثال‪َّ " :‬‬
‫فإذا قلنا ً‬
‫يح ُّجه َح ًّجا‪،‬‬
‫حج البيت ُ‬
‫حج البيت" فمصدره القياسي‪َّ " :‬‬ ‫متعدِّ ي‪ ،‬هو متعدٍّ ‪َّ " ،‬‬
‫وح ُّج) قراءتان‪ ،‬فأيهما‬ ‫وحج‪ ،‬ول ِ ّل ِه َع َلى الن ِ ِ‬
‫والعرب قالت‪ :‬حج‪ِ ،‬‬
‫َّاس (ح ُّج َ‬ ‫ّ َ‬ ‫َ ّ‬
‫لحج فهو اسم مصدر‪ ،‬وسنعرف‬ ‫الحج؟ المصدر الحج‪ ،‬وأما ا ِ‬ ‫المصدر‪ ،‬الحج‪ ،‬أم ِ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ ّ‬
‫الكالم على اسم المصدر بعد أن نتكلم عن أبنية المصادر‪.‬‬
‫ور ُد َو ًارا" فما الفرق‬
‫طيب‪ ،‬قالت العرب‪" :‬دار يدُ ور َد َو َرانًا" وقالت‪" :‬دار يدُ ُ‬
‫بينهما؟‬
‫ور ُد َو ًارا" فهذا‬
‫أما "دار يدُ ور َد َو َرانًا" فهذا الدوران الحركة‪ ،‬وأما‪" :‬دار يدُ ُ‬
‫المرض‪ ،‬كدُ وار البحر‪ ،‬أو يصاب اإلنسان بدُ وار‪ ،‬بالمصدر يقولون‪ :‬اإلظهار‬
‫واإلخفاء واإلدغام‪ ،‬ورابعها‪ :‬اإلقالب‪ ،‬أو القلب‪ ،‬ننظر أما اإلخفاء من الفعل‬
‫إظهارا‪ ،‬وأما اإلدغام‪:‬‬ ‫ً‬ ‫إخفا ًءا‪ ،‬وأما اإلظهار‪ :‬فمن الفعل أظهر ُي ْظ ِهر‬ ‫َأ ْخ َفى ُي ْخ ِفي ْ‬
‫ِ‬
‫ب‪،‬‬‫فمن الفعل أدغم ُيدْ غ ُم إدغا ًما‪ ،‬طب واإلقالب مأخوذة من أي فعل؟ من َق َل َ‬
‫وقلب ثالثي متعدي أم الزم؟ متعدٍّ ؛ إذن فقياسه‪َ " :‬ق َل َب ُه َي ْقلِ ُب ُه قل ًبا"‪ ،‬وال يقال‪:‬‬
‫"إقال ًبا"‪ ،‬ألن‪ :‬اإلقالب يف القياس مصدر‪َ :‬أ ْقلب أفعل أقلب ُي ْقلِ ُ‬
‫ب إِ ْق َال ًبا وليس‬
‫هنا يف " َأ ْق َل َ‬
‫ب"‪.‬‬
‫فاإلقالب مما انتشر عند بعض المتأخرين وال يستعمله المتقدمون من‬
‫النحويين وأهل التجويد‪ ،‬وإنما انتشر عند بعض المتأخرين‪ ،‬وهذا مما ينبغي التنبيه‬
‫عليه‪ ،‬ألنه خطأ‪ ،‬والصواب أن نقول‪ :‬القلب‪.‬‬
‫" َب َر َك‪ ،‬و َب َار َك"‪ ،‬ما المصدر من َبرك؟ هذا ثالثي الزم‪ ،‬و َف َعل الالزم مثل َق َعدَ‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪23 h‬‬
‫‪g‬‬
‫بارك"‬ ‫ٌ‬
‫مربوك فيه‪ ،‬أما الفعل " َ‬ ‫ول‪ ،‬إذن " َب َر َك ي ْب ُر ُك ُب ُروكًا" فهو بارك والمكان‬ ‫له ُف ُع ٌ‬
‫بار َك"‪ ،‬فمصدره القياسي‪َ " :‬ب َار َك ُي َبارك مباركةً‪ ،‬فهو‬
‫الرباعي أربعة حروف " َ‬
‫مبارك لك النجاح‪ ،‬مبارك لك‬ ‫بارك‪ ،‬أنا باركت لك فأنا ُمبارك‪ ،‬وأنت َ‬ ‫بارك‪ ،‬أنا ُم ِ‬‫ُم ِ‬
‫المولود‪.‬‬
‫ٌ‬
‫مربوك عليك! سيختلف‬ ‫ٌ‬
‫مبارك لك أم‬ ‫مبارك أم مربوك؟ يعني مربوك عليك!‬
‫تس َّب ُه تقول مربوك‪ ،‬يعني مربوك عليك‪ ،‬بعيرك برك عليك!‪،‬‬
‫المعنى‪ ،‬إذا أردت أن ُ‬
‫مربوك فإذا أردت أن تمدحه تقول‪" :‬مبارك" يعني مبارك لك‪ ،‬فهذه من األخطاء‬
‫المنتشرة أن نقول "مربوك" بمعنى "مبارك"‪ ،‬مربوك لها معنى آخر‪.‬‬
‫أخيرا نتأمل يف الغروب والشروق‪ ،‬الغروب " ُف ُعول"‪ ،‬وزن الغروب‬ ‫ً‬ ‫طيب‬
‫ال ُف ُعول‪ ،‬الفعول مصدر ألي فعل؟ يعني قمنا نأخذ الفعل من المصدر ونأخذ‬
‫المصدر من الفعل‪ ،‬طب "ال ُف ُعول" مصدر ألي فعل؟ لـ‪َ " :‬ف َعل" الالزم‪ ،‬و" َف َعل"‬
‫يغرب ُغرو ًبا" على‬ ‫ِ‬ ‫الالزم مثل‪" :‬قعد له ُف ُع ٌ‬
‫غرب ُ‬ ‫ول" إذن ما ف ْعل الغروب؟ " َ‬
‫شرق" هو‬ ‫شرق" هل " َ‬ ‫أيضا ُف ُعول‪ ،‬ما فعله القياسي؟ " َ‬‫القياس‪ ،‬طب والشروق ً‬
‫فعل الشروق‪ ،‬أم أن الفعل‪" :‬أشرق ُي ْش ِر ُق إِ ْش َرا ًقا" والشروق هنا وقع موقع‬
‫اإلش َراق‪ ،‬ال بأس وقع موقع اإلشراق‪ ،‬وقال بعض اللغويين‪ :‬إن " َش َر َق" مستعمل‪،‬‬
‫ْ‬
‫" َش َر َق" بمعنى أشرق‪.‬‬
‫مصدرا‬
‫ً‬ ‫كيف عرفنا هذه األشياء‪ ،‬عندما قالوا‪ :‬الشروق‪ ،‬ما يمكن أن يكون‬
‫ألشرق‪ ،‬مصدر " َأ ْش َر َق ُي ْش ِر ُق إِ ْش َرا ًقا"‪ ،‬فعندما قالوا الشروق‪ :‬عرفنا أن هناك‬
‫" َش َر َق" ‪ ،‬فإما أن يقال‪ :‬أنه مستعمل بقلة كما قال بعض اللغويين‪ ،‬أو يقال‪ :‬أنه فعل‬
‫مات‪ ،‬والدليل على أنه موجود المصدر "شروق"‪ ،‬شروق مصدر "شرق"‪ ،‬فـ‪:‬‬
‫"شرق" إما قليل‪ ،‬أو أنه ٌ‬
‫فعل مات‪.‬‬
‫هذا ما تيسر‪ ،‬ونرتك الكالم على باقي األبيات يف األسبوع القادم‪.‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪24 h‬‬
‫َّ‬
‫وصق اهلل وسلُ على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين‪.‬‬

‫الدرس الرابع والسبعون‬


‫﷽‬

‫الحمد هلل رب العالمين‪ ،‬والصالة والسالم على نبينا محمد وعلى آله‬
‫وأصحابه أجمعين‪َّ ،‬أما بعد‪-:‬‬
‫فسالم اهلل عليكم ورحمته وبركاته‪ ،‬يف هذه الليلة المباركة؛ ليلة اإلثنين‬
‫ٍ‬
‫وأربعمائة وألف‪ ،‬يف جامع الراجحي‬ ‫الخامس من ذي القعدة من سنة ثنتي وثالثين‬
‫يف حي الجزيرة يف مدينة الرياض‪ ،‬نعقد بحمد اهلل وتوفيقه الدرس الرابع والسبعين‬
‫من دروس شرح ألفية بن مالك عليه رحمة اهلل‪.‬‬
‫يف الدرس الماضي كنا بدأنا بالكالم على باب‪" :‬أبنية المصادر" وشرحنا من‬
‫هذا الباب ثمانية أبيات‪ ،‬يف هذا الدرس إن شاء اهلل نحاول أن نشرح األبيات الباقية‪،‬‬
‫وهي تسعة أبيات‪ ،‬فيها يتكلم ‪ ‬على أمرين‪ ،‬يتكلم على أبنية غير الثالثي‪،‬‬
‫ويتكلم على اسمي المرة والهيئة‪ ،‬فنبدأ الدرس بقراءة ما قاله ابن مالك ‪‬‬
‫كالمعتاد‪:‬‬
‫قال ‪:‬‬
‫مصللللللللدَ ره َ د للللللللدْ ا ْل َّع ْ ل ا‬ ‫ا‬
‫لللللللد دس‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫لللللر اة َ الَ َ للللللة َم ل د‬
‫للللليس‬ ‫‪َ .448‬و َغ ْيل د‬
‫لللللال‬
‫لللللن َََمللللللال َََ َّمل َ‬ ‫إا ْج َمل َ‬
‫لللللاا َمل ْ‬ ‫لللللله َ ْ ا َيلللللللة َو َأ ْج املللللللالَ‬
‫‪.449‬و َه ل ا‬
‫َ‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪25 h‬‬
‫‪g‬‬

‫إا َق َاملللللللة َوغَالا َبللللللل َةا ا ْلعَّلللللللا َلللللللل ا ْم‬ ‫ا‬


‫لللُ َأقل ْ‬
‫لللُ‬ ‫ا‬ ‫اا‬
‫‪َ .450‬و ْاسلللل َععَ ْاسللللع َعا َةة د ل َّ‬
‫لللاَّ ام َّملللا ا ْفعدعا َحلللا‬
‫لللع َْسلللرا ا ْلللل ا ا ْل ََّ ا‬
‫َم ْ‬ ‫للر دملللدَّ َوا ْف َ‬
‫عحلللا‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫‪َ .451‬و َمللا َ للللي ا م َ‬
‫لللللع فالللللي َأم ََ ا‬
‫لللللال َقلللللدْ َ َل ْم َل َملللللا‬ ‫َ ْر َب د‬ ‫َاص َط َفى َو د َُّ َما‬ ‫‪.452‬با َ ْم ا َو ْصق ْ‬
‫ْ‬
‫للللللق َم ا يسللللللل َ انايللللللل َا َأ َّو َا‬
‫اج َعل ْ‬ ‫َو ْ‬ ‫‪.453‬فا ْعللللللال َِل ْأو َف ْع َل َللللللل ِة لا َف ْع َلللللللالَ‬
‫للللما د َعا َد َلللللل ْه‬
‫للللر ا ْل َّسل َ‬
‫للللر َملللللا َمل َّ‬‫َو َغ ْيل د‬ ‫للللق ا ْل اف َع د‬
‫للللال َوا ْل دم َفا َع َلللللة‬ ‫‪.454‬لا َفا َع َ‬
‫ََ ْل َسلللللللللللة‬‫َوفا ْع َلللللللللللل ِة لا َ ْي َسلللللللللللة ا‬ ‫للللللرة َََ ْل َسلللللللة‬ ‫ا‬
‫‪َ .455‬و َف ْع َلللللللل ِة ل َمل َّ‬
‫لللللله هي َسللللللل ِة َ لللللللا ْل ا‬
‫للللللَ فايل ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫خ ْم َرة‬ ‫َْ‬ ‫َو َ ل َّ‬ ‫‪.456‬في َغ ْيرا اة ا ْل ََّالَث باا ْلعَّلا َ‬
‫الم َّلرة‬
‫قلنا يف هذه األبيات تكلم يف السبعة األولى منهم على "أبنية غير الَال ي"‪،‬‬
‫ويف البيتين األخيرين "المرة وال يسة"‪ ،‬فنبدأ مستعينين باهلل بالكالم على أبنية غير‬
‫الَال ي‪:‬‬
‫وأول ما يقال يف ذلك أن يقال أن‪" :‬أبنية غير الَال ي" كلها قياسية‪ ،‬وليست‬
‫كـ‪" :‬أبنية الثالثي" التي كلها أكثرية‪ ،‬وليس فيها شيء ُم ّطر ٌد‪ ،‬أما أبنية غير الَال ي‬
‫أي‪ :‬الرباعي والخماسي والسداسي فكلها قياسية مطردة‪ ،‬وق َّلما تجد يف ذلك‬
‫شواذ‪ ،‬وهذا هو قول ابن مالك ‪:‬‬
‫مصلللللللدَ ره َ د لللللللدْ ا ْل َّع ْ ل ا‬
‫للللللد دس‬ ‫لللللللللر اة َ الَ َ للللللللللة َم ا ل‬
‫للللللللليس‬ ‫َو َغ ْيل‬
‫َ‬ ‫د‬ ‫َ ْ‬ ‫د‬ ‫د‬
‫مقيس‬
‫ٌ‬ ‫يقول‪ :‬أن غير ذي ثالثة األحرف (مقيس مصدره)‪( ،‬وغير ذي ثالثة‬
‫مقيس"‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫مقيس)‪ ،‬خربه‪ٌ " :‬‬
‫ٌ‬ ‫ثالثة‬ ‫مصدر ُه) فـ‪" :‬غير" مبتدأ‪ ،‬وأين خربه؟‪( ،‬غير ذي‬
‫ُ‬
‫و"مصدره" على ذلك "نائب فاعل"‪ ،‬ألن "مقيس"‪ :‬اسم مفعول‪.‬‬
‫مصدر ُه"‪:‬‬‫مقيس) فـ‪" :‬‬ ‫مصدره‬ ‫ٍ‬
‫ثالثة‬ ‫تقدير الكالم‪( :‬وغير ذي‬ ‫ويجوز أن يكون‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫مبتدأ مؤخر‪ ،‬و"مقيس"‪ :‬خربه مقدم‪.‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪26 h‬‬
‫كل مخطوطات "األلفية"‪ ،‬وجاء يف‬ ‫مصدر ُه" بالرفع‪ ،‬هذا الذي يف ِّ‬
‫ُ‬ ‫وقوله‪" :‬‬
‫مصدر ِه) على أنه مضاف‬
‫ِ‬ ‫(مقيس‬
‫ُ‬ ‫بعض طبعات "األلفية" المتأخرة "بالجر" أي‪:‬‬
‫مقيس‬ ‫ٍ‬
‫ثالثة‬ ‫(وغير ذي‬ ‫ٍ‬
‫حينئذ يكون‪:‬‬ ‫ف المعنى‪ ،‬ألن التقدير‬
‫إليه‪ ،‬وهو بذلك َي ْض َع ُ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ٍ‬ ‫مصدر ِه ُ‬
‫ِ‬
‫مقيس"‪ :‬مبتدأ‪ ،‬و‬
‫غير ذي ثالثة"‪ :‬مبتدأ‪ُ " ،‬‬ ‫مثل ُقدِّ س التقديس)‪ ،‬فـ‪ُ " :‬‬
‫مثل ُقدِّ س التقديس"‪ :‬خرب " ُ‬
‫مقيس"‪ ،‬والجملة االسمية‪:‬‬ ‫مصدر ِه"‪ :‬مضاف إليه‪ُ " ،‬‬‫ِ‬ ‫"‬
‫مصدر ِه مثل قدس التقديس" خرب للمبتدأ "غير"‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫مقيس‬‫" ُ‬
‫قد ترون أننا نقول‪ُ " :‬‬
‫مثل قدِّ س التقديس" ألن الكاف يف قوله‪( :‬كقدس‬
‫التقديس) اسمية بمعنى "مثل"‪ ،‬ولو كان الضبط هكذا لكان الظاهر هو األفضل؛‬
‫مثل قدس التقديس)‪ ،‬وممكن أن‬‫مصدر ِه ُ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ثالثة قياس‬ ‫(وغير ذي‬
‫ُ‬ ‫أن يقول ‪:‬‬
‫ُيقبل على تك ُّلف‪ ،‬ولكن ال حاجة لكل ذلك‪ ،‬ألن الذي يف مخطوطة "األلفية"‪:‬‬
‫مصدر ُه)‪.‬‬
‫ُ‬ ‫(مقيس‬
‫ٌ‬ ‫مصدر ُه) أي‪:‬‬
‫ُ‬ ‫(مقيس‬
‫ُ‬
‫يب ُ ن ل بعد ةلك‪:‬‬
‫فعال‬
‫مصدر مقيس‪ ،‬فسنبدأ هبذه األفعال ً‬
‫ٌ‬ ‫إن لكل فع ٍل من األفعال غير الثالثية‬
‫فعال‪ ،‬ونبين مصادرها المقيسة‪ ،‬أو القياسية‪.‬‬
‫ً‬
‫فنبدأ بـ‪َ " :‬ف َّعل"‪َ ،‬ف َّع َل الصحيح الالم ومصدره‪" :‬التفعيل"‪ ،‬كقولنا‪َ " :‬س َّل َم‬
‫تعليما‪ ،‬ونظف تنظي ًفا" األمثلة كثيرة‪،‬‬
‫ً‬ ‫تطهيرا‪ ،‬وع َّلم‬
‫ً‬ ‫وطه َر‬
‫تكليما‪َّ ،‬‬
‫ً‬ ‫تسليما‪ ،‬وك َّلم‬
‫ً‬
‫وهذا هو قول ابن مالك ‪َ ( :‬ك ُقدِّ س التقديس‪ُ " ،‬ف ِّعل التفعيل")‪.‬‬
‫ُ‬
‫المعتل الالم يعني‬ ‫المعتل الالم‪ ،‬فمصدره "الت ْف ِعلة"‪َ " ،‬ف َّع َل"‪:‬‬
‫ُ‬ ‫وأما " َف َّع َل"‪:‬‬
‫وصى‬ ‫وصى‪ ،‬ف َّعل"‪َّ " ،‬‬
‫الذي آخر حروفه حرف علة‪ ،‬فمصدره "التفعلة"‪ ،‬كقولنا‪َّ " :‬‬
‫ِ‬
‫ورض ترضي ًة"‪ ،‬وهكذا‪.‬‬ ‫توصية َت ْفعل ًة"‪ ،‬و "زكِّى تزكيةً‪َّ ،‬‬
‫ونمى تنميةً‪َّ ،‬‬
‫و "غنَّى تغنيةً‪ ،‬أم غنَّى ِغنا ًء"؟ غنَّى غنا ًء؛ هذا لم يأت مصدره على فِ ْعلِه‪،‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪27 h‬‬
‫‪g‬‬
‫مصدرا لغنَّى"‪ ،‬كما سيأيت يف اسم المصدر‪ ،‬وإنما نقول‬
‫ً‬ ‫فحينئذ ال نقول أن " ِغنا ًء‬
‫ٍ‬

‫اسُ مصدر‪.‬‬
‫إذا لم يأت المصدر على فعله يعني لم يأت المصدر يف حروفه على حروف‬
‫الفعل‪ ،‬فنسميه اسم مصدر‪ ،‬وسيأيت كال ٌم على ذلك يف آخر الدرس‪.‬‬
‫طيب و "ص َّلى صال ًة" كذلك؛ صال ًة اسم مصدر لـ‪" :‬ص َّلى"‪ .‬ص َّلى محمد هلل‬
‫صال ًة خاشعة‪ ،‬وأما‪" :‬ص َّلى اللحم على النار" قالوا فيها‪ :‬صليته على النار تصلي ًة‬
‫على القياس‪.‬‬
‫وهذا هو قول ابن مالك ‪( :‬وزكه تزكيةً)‪َ ،‬زكِّه من‪" :‬زكَّى َت ْزكِ َي ًة"‪.‬‬
‫طيب وبعد أن قلنا أن " َف َّع َل" معتل الالم مصدره "التفعلة"‪ ،‬نعود فنقول‪ :‬إن‬
‫"التفعلة" مصدر َف َّع َل المعتل الالم‪ ،‬و "التفعلة" يف أصلها "التفعيل"‪ ،‬يعني أصلها‬
‫"التفعيل" ثم انقلبت إلى "التفعلة"‪ ،‬فـ"التفعيل" يف حقيقته هو أصل لـ‪" :‬ف َّعل"‬
‫تعليما"‪َ ،‬ب ِق َي على هذا األصل ولم يتغير شكله‪ .‬فإن‬
‫ً‬ ‫فإن كان صحيح الالم‪" :‬تع َّلم‬
‫كان معتل الالم تغير "التفعيل" إلى "التفعلة" فما الذي حدث؟ كيف تغيرت‬
‫"ال َّت ْف ِعيل" إلى "الت ْف ِعلة"؟ حذفنا الياء وعوضنا عنها ٍ‬
‫بتاء يف األخير‪ِ " :‬‬
‫التفعيل"‬
‫احذف الياء وعوض عنها بتاء يف اآلخر تكون "التفعلة"‪ .‬هذا الذي حدث‪.‬‬
‫المهموز الالم‪ :‬فمصدره "التفعيل والتفعلة"‪َ ،‬ج َمع المصدرين إذا‬
‫ُ‬ ‫أما " َف َّعل"‬
‫مهموز الالم فيجمع المصدرين‪ :‬كـ‪" :‬جزأ تجزي ًئا وتجزئ ًة" و" َّبرأ‬ ‫َ‬ ‫كان "ف َّعل"‬
‫تربي ًئا وتربئ ًة" و"هنَّ َأ هتني ًئا وهتنئ ًة" و"خ َّطأ تخطي ًئا وتخطئ ًة" هذا ما يتعلق بالفعل‬
‫" َف َّع َل"‪.‬‬
‫لننتقل بعد ذلك إلى فع ٍل آخر وهو الفعل‪" :‬أ ْف َع َل" أي الثالثي المزيد هبمزة يف‬
‫أوله‪ ،‬أما مصدره القياسي‪" :‬أفعل" مصدره القياسي‪" :‬اإلفعال"‪" ،‬أفعل" الصحيح‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪28 h‬‬
‫العين‪ ،‬مصدره "اإلفعال" نحو‪" :‬أكرم إكرا ًما" و"أقبل ً‬
‫إقباال" و"أحسن إحسانًا"‬
‫َ‬
‫إجماال) أي أجمل‬ ‫(وأج ِم َل‬
‫ْ‬ ‫إظهارا"‪ ،‬وهذا هو قول ابن مالك ‪:‬‬ ‫ً‬ ‫و"أظهر‬
‫ً‬
‫إجماال‪.‬‬
‫وأما "أ ْف َعل" المعتل العين‪ :‬فمصدره "اإلفعلة"‪" ،‬أ ْف َعل" المعتل العين‪ ،‬ما‬
‫يدل بقولنا المعتل العين يعني حرفه األصلي الثاين حرف علة‪ ،‬أ ْف َعل هذه العين يف‬
‫أ ْف َعل تكون حرف علة‪ ،‬كقولنا‪" :‬أقام‪ -‬ألف‪ ،-‬أنام‪ ،‬أنار" ونحو ذلك‪.‬‬
‫فالمصدر يكون على‪ِ " :‬‬
‫اإل َف ْعلة"‪ .‬فـ‪":‬أقام إقامة"‪ ،‬و"أنار إنارة"‪ ،‬و"أدار‬
‫إدارة"‪ ،‬و"أهان إهانة" و"أعان إعانة"‪.‬‬
‫ثم نقول‪ :‬إن أصل "اإلفعلة" هنا هو "اإلفعال"‪ ،‬فإن "اإلفعال" يف الحقيقة‬
‫مصدر لـ‪" :‬أفعل" إال أنه يف معتل العين دخله اإلبدال‪ ،‬هبذه الطريقة‪ ،‬فـ‪":‬أقام‬
‫إفعاال"‪ ،‬أي‪َ " :‬أ ْق َو َم إ ْق َوا ًما"‪"-،‬أ ْق َوم"‪ -‬الواو تحركت فانقلبت‬
‫ً‬ ‫إقام ًة" أصله "أفعل‬
‫أل ًفا و ُأ ِلقيت حركتُها على الساكن قبلها فصار الفعل "أقام"‪.‬‬
‫إقواما" الواو تحركت فانقلبت أل ًفا‬ ‫طيب‪ :‬إِ ْق َوا ًما حدث ما حدث يف الفعل " َ‬
‫و ُأ ِلقيت حركتها على الساكن قبلها‪ ،‬وعندما ُقلبت الواو أل ًفا‪ ،‬وبعدها أل ِ ًفا‬
‫فاجتمعت ألفان ساكنتان‪ ،‬فحذفت األلف الثانية "إِ ْف َعال" احذف األلف الثانية‬
‫بتاء يف األخير‪ ،‬فصارت‪" :‬إقامة‪ ،‬إفعلة" هذا قول الجمهور‪ ،‬هناك‬ ‫وعوض عنها ٍ‬

‫قول آخر ال نتعرض له‪.‬‬


‫و َلك ال يف‪َ " :‬أن ََار إِن ََارةً‪ ،‬أنار ُينِير إنار ًة" إذن ما األصل يف‪َ " :‬أن ََار إِن ََار ًة"؟‬
‫أصال يف اسم المعرب‪ ،‬وال فعل‬ ‫َأن َْو َر أم َأ ْن َير‪ ،‬يعني ما أصل األلف؟ األلف ما يكون ً‬
‫دائما إما زائدة أو منقلبة عن ٍ‬
‫واو أو ياء‪.‬‬ ‫المتصرف‪ ،‬بل تكون ً‬
‫دائما اهرع إلى‬
‫نور‪ ،‬نعم ال تغرت بالرباعي والخماسي والسداسي‪ ،‬وإنما ً‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪29 h‬‬
‫‪g‬‬
‫إنوارا فحدث ما قلنا‬
‫"الثالثي" إلى "كلمة ثالثية"‪ ،‬نور األصل واو‪ ،‬األصل أنور ً‬
‫فصار‪" :‬أنار إنار ًة"‪.‬‬
‫نعم اللغة إذا فهمت أصولها وما الذي حدث تشعر بلذهتا‪ ،‬ألهنا صوت‪،‬‬
‫أصوات‪ ،‬هي أصوات ليست شي ًئا غري ًبا‪ ،‬هي أصواتنا لكن تعرف ما الذي فعلت‬
‫دائما تبعث هذه األمور طل ًبا للتخفيف‪ ،‬ال شك أن "أنار" أخف‬
‫العرب‪ ،‬والعرب ً‬
‫من َأن َْو َر"‪ ،‬و"إِنار ًة" أخف من "إِن َْوار" ألن حروف العلة إذا تحركت يكون فيها‬
‫ثِ َقل‪.‬‬
‫طيب‪ ،‬فقلنا أن األلف يف "إِ ْق َوام" األلف الثانية ُحذفت وعوض عنها بتاء يف‬
‫األخير فصارت "إقام ٌة" هذه التاء عند اإلضافة يجوز حذفها وإثباهتا‪ ،‬فقد تقول‪:‬‬
‫"إقامة الصالة"‪ ،‬وقد تقول‪" :‬إقام الصالة"‪ .‬واألكثر إثباهتا ال شك‪ ،‬وجاء يف القرآن‬
‫الكريم‪( :‬ﭙ ﭚ) [ا نبياء‪ ]73:‬وقد تقول‪" :‬إنارة الشوارع‪ ،‬وإنار‬
‫الشوارع" على ذلك‪.‬‬
‫وهذا هو ما سيذكره ابن مالك بعد ذلك وسنشير إليه يف محله‪،‬‬
‫الطالب‪ )00:18:10@( :‬كالم غير واضح‪.‬‬
‫ال يخ‪ :‬نعم خطأ ال ما يقال َأن َْور‪ ،‬إنما يقول هذا أصل‪" :‬أنار" الذي يقال‪:‬‬
‫"أنار" لكن ما األصل؟ بنا ًء على األصول والقواعد واألقيسة‪ ،‬األصل هو " َأن َْو َر"‬
‫باال‪َ ،‬أك َْرم إِك َْرا ًما‪َ ،‬أن َْو َر إِن َْو ًارا" لكن الحرف حرف العلة هذا‬
‫ثم تقول‪َ " :‬أ ْق َبل إِ ْق ً‬
‫اسمه علة‪ُّ ،‬‬
‫يعتل بقلب‪ ،‬وإبدال‪ ،‬وحذف‪ ،‬نحو ذلك‪.‬‬
‫انتهينا من فعلين‪ :‬من " َف َّع َل" ومن " َأ ْف َعل"‪ ،‬لننتقل بعد ذلك إلى فع ٍل ثالث‬
‫وهو الفعل المبدوء ٍ‬
‫بتاء زائدة‪.‬‬
‫عندك سؤال تفضل‪ .‬الطالب‪ )@00:18:59( :‬كالم غير واضح‪.‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪30 h‬‬
‫ال يخ‪ :‬كيف؟‬
‫تجمال)‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫(إجماال من تجمل‬ ‫الطالب‪)00:19:5@( :‬‬
‫ال يخ‪ :‬هذا الذي سيأيت اآلن‪.‬‬
‫بضم رابعه‪،‬‬ ‫قلنا الفعق الَالث‪ :‬هو الفعل المبدوء ٍ‬
‫بتاء زائدة فمصدره يكون‬
‫ِّ‬
‫بضم رابعه‪ ،‬والفعل‬ ‫بتاء زائدة فإن مصدره القياسي المطرد يكون‬‫الفعل إذا بدىء ٍ‬
‫ِّ‬ ‫ُ‬
‫المبدوء ٍ‬
‫بتاء زائدة له أوزان كثيرة‪ ،‬ال هتمنا هذه األوزان ألن مصدرها قياسه واحد؛‬
‫ضم رابعها‪.‬‬
‫وهو ُّ‬
‫مثال‪" :‬تف َّعل‬
‫لكن نذكر بعض هذه األوزان للفعل المبدوء بتاء زائدة‪ ،‬فهناك ً‬
‫يتف َّعل" والمصدر‪" :‬تف ُّعل" نفس َت َف َّعل لكن ضم الرابع‪َّ " ،‬‬
‫تفع" الحرف الرابع هو‬
‫العين الثانية‪.‬‬
‫تفه ًما"‪" ،‬تح َّطم تح ُّط ًما"‪.‬‬ ‫نقول‪" :‬تف َّعل تف ُّع ًال"‪" ،‬تع َّلم تع ُّل ًما"‪َّ " ،‬‬
‫تفهم ُّ‬
‫ومن األفعال المبدوءة بتاء زائدة‪َ :‬ت َفا َعل‪ ،‬فمصدره‪َ " :‬ت َفا َعل َي َت َفا َعل تفا ُع ًال"‬
‫اص ًما"‪ ،‬و"تعالم تعا ُل ًما"‪.‬‬
‫اص َم َت َخ ُ‬
‫كـ‪َ ":‬ت َض َار َب تض ُار ًبا"‪ ،‬و" َت َقا َتل َت َقا ُت ًال"‪ ،‬و" َت َخ َ‬
‫اعالً"؛ فإن كان هذا معتل الالم كـ‪" :‬توانى‪ ،‬وتجارى"‬ ‫فإن كان هذا " َت َفا َعل َت َف ُ‬
‫فإن الضمة ُتقلب إلى كسرة لمناسبة الياء‪ ،‬فيقال يف‪َ " :‬ت َوانَى َيت ََوانَى َت َوانِ ًيا" ال‬
‫ِ‬
‫تجار ًيا"‪ ،‬و" َت َذاكَى‬ ‫"توا ُن ًيا" "توانِ ًيا" لمناسبة الياء‪ .‬وكذلك‪َ " :‬ت َج َارى يتجارى‬
‫َت َذ ِ‬
‫اك ًيا ونحو ذلك‪.‬‬
‫ومن األفعال المبدوءة بتاء زائدة‪َ " :‬ت َف ْع َل َل" فقياس مصدره‪َ " :‬ت َف ْع َل َل َي َت َف ْع َلل‬
‫ً‬
‫تزلزال" وهكذا‪.‬‬ ‫تدحر ًجا‪ ،‬تبعثر تبع ُث ًرا‪ ،‬تزلزل‬
‫ُ‬ ‫َت َف ْع ُل ًال" نحو‪" :‬تدحرج‬
‫وابن مالك ‪ ‬ة ر‪ :‬أن مصدر الفعل المبدوء ٍ‬
‫بتاء زائدة يكون بضم رابعه‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪31 h‬‬
‫‪g‬‬
‫تجم ًال) أي‪َ :‬ت َج َّمل‬
‫تجم ٍل َّ‬
‫يف موضعين يف هذه األبيات مرة بالمثال يف قوله‪َ ( :‬من ُّ‬
‫مبدوء بتاء زائدة‪ .‬ويف الم ع الَاين ذكره ببيان القاعدة فقال‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫َت َج ُّم ًال هذا فع ٍل‬
‫تلملم تلم ُل ًما‪.‬‬ ‫ِ‬
‫أمثال قد تلمل َما)‬ ‫(وض َّم ما َي ْر َب ُع يف‬
‫ُ‬
‫َ‬
‫طيب انتهينا من " َف َّع َل" و" َأ ْف َعل" و"المبدوء بتاء زائدة" لننتقل للفعل الرابع‪:‬‬
‫وهو كل فع ٍل مبدوء هبمزة وصلٍ‪ ،‬فالفعل المبدوء هبمزة وصل مصدره‬
‫القياسي يكون بكسر ثالثه وزيادة ٍ‬
‫ألف قبل آخره‪ .‬الفعل المبدوء هبمزة وصل‬
‫مصدره القياسي يكون بكسر ثالثه وبزيادة ٍ‬
‫ألف قبل آخره‪.‬‬
‫أيضا كثيرة تصل إلى خمسة وعشرين‬
‫والفعل المبدوء هبمزة وصل أوزانه ً‬
‫وزنًا‪ ،‬ال يهمنا أن نذكرها ألن قياس مصدرها واحد‪ .‬لكن نذكر كما تعلمون من‬
‫أن‪ :‬الفعق الما ي الَال ي ال ُيمكن أن يبدأ هبمزة وصل‪ ،‬وأن الفعل الماضي‬
‫الرباعي لو بدأ هبمزة فهي قط ًعا همزة قطع‪ ،‬وأما "همزة الوصل" فإنما تكون يف‬
‫الخماسي والسداسي‪ ،‬الخماسي والسداسي إذا بدأ هبمزة فهمزته "همزة وصل"‬
‫قط ًعا‪.‬‬
‫إذن فالثالثي والرباعي ال يبدأن هبمزة وصل‪ ،‬فإن وقعت الهمزة يف أولهما‪،‬‬
‫فهذه الهمزة ال شك أهنا همزة قطع‪ ،‬كـ‪" :‬أكل"‪ ،‬يف الثالثي‪ ،‬و"أقبل" يف الرباعي‪،‬‬
‫وإنما تقع يف الخماسي والسداسي‪ ،‬فأي خماسي أو سداسي يف أوله همزة فهي‬
‫"همزة وص ٍل" قط ًعا‪ ،‬كـ‪" :‬انطلق واستخرج"‪.‬‬
‫من ا فعال العي بدأ ب م ة وصق "انفعق"‪ ،‬ف ياْ مصدره‪" :‬انفعل ينفعل‬
‫انف‪ "...‬وزدنا أل ًفا قبل آخره‪ ،‬ان ِْف َعال‪ ،‬مثل‪:‬‬
‫ان ِْفع ًاال"‪ ،‬كسرنا ثالثه وهي الفاء " ِ‬
‫َ‬
‫انفجارا"‪ ،‬و"انطلق انطال ًقا"‪.‬‬
‫ً‬ ‫انكسارا"‪ ،‬و"انفجر‬
‫ً‬ ‫"انكسر‬
‫انحي ًازا"‪ ،‬و"انقاد ِ‬
‫انق َيا ًدا" قلنا أن هذا منه‪ ،‬وهو‬ ‫ِ‬
‫يب‪ :‬ومن ةلك أ اا‪" :‬انحاز َ‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪32 h‬‬
‫معتل العين‪ ،‬ان َقاد‪ ،‬ما وزن انقاد؟ "انفعل"‪ ،‬أصله‪" :‬ا ْن َق َو َد من ال َق َود"‪ ،‬ا ْن َق َو َد‪،‬‬
‫وحدث ما قلناه اتحركت الواو فانقلبت أل ًفا و ُأ ِلقيت على الساكن قبلها‪ ،‬فصارت‬
‫انق َيا ًدا" انفعال‪ ،‬وكذلك‪:‬‬ ‫"ا ْن َقاد"‪ ،‬والمصدر لم يتأثر هنا فلهذا استثنيناه‪" :‬انقاد ِ‬
‫َ‬
‫"انحاز ِ‬
‫انح َيازا"‪.‬‬
‫ومن األفعال المبدوءة هبمزة وصل‪" ،‬ا ْف َت َع َل" عندما يقول‪ :‬ا ْف َت َع َل‪ ،‬يعني‬
‫وبتاء بعد فاءه‪ ،‬افتعل‪ ،‬فقياس مصدره‪" :‬ا ْف َت َع َل َي ْفت َِعل‬ ‫ٍ‬ ‫هبمزة يف أوله‬‫ٍ‬ ‫الثالثي المبدوء‬
‫اختِتَا ًما"‪" ،‬اقتَدَ ر‬ ‫َاحا"‪" ،‬انت ََصر انتِ َص ًارا"‪" ،‬اخ َتت ََم ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫افت َع ًاال"‪ ،‬مثل‪" :‬ا ْف َتت ََح ا ْفتت ً‬
‫ا ْقتِدَ ًارا"‪.‬‬
‫اخ َت َار؟‬‫اخت ََار‪ ،‬ما وزن ْ‬ ‫اعا"‪ْ .‬‬ ‫َاع ا ْلتِ َي ً‬ ‫اختَار ْ ِ‬
‫اخت َي ًارا" و"ا ْلت َ‬ ‫و َلك مععله نح ‪َ ْ " :‬‬
‫اختِ َيارا"‪ ،‬أما الفعل فدخله اإلبدال‪ ،‬فصار‪" :‬اختار"‪،‬‬ ‫ا ْف َت َع َل‪ ،‬إذن فأصله‪ْ " :‬‬
‫اخ َت َي َر ْ‬
‫اختِ َي ًارا"‪.‬‬
‫وأما المصدر فلم يدخله إبدال و َب ِقي على‪" :‬ا ْفتِ َع ًاال ْ‬

‫اح َم َّر"‪ .‬فقياس مصدره‪:‬‬ ‫ومن األفعال المبدوءة هبمزة وصل‪ :‬ا ْف َع َّل"‪ ،‬كـ‪ْ " :‬‬
‫"ا ْفع َّل ا ْف ِع َال ًال"‪ ،‬تقول‪" :‬احمر اح ِمرارا‪ ،‬واص َفر ِ‬
‫اصف َر ًارا‪ ،‬وا ْع َو َّج ا ْع ِو َج ً‬
‫اجا"‪.‬‬ ‫ْ َّ ْ‬ ‫ْ َ َّ ْ َ ً‬ ‫َ‬
‫طيب‪ ،‬كل ما قلناه على ما يبدو أهنا أفعال خماسية‪ ،‬نعم‪ ،‬هذه أفعال خماسية‬
‫مبدوءة هبمزة وصل‪.‬‬
‫اس َت ْف َعل" وهو سداسي‪ ،‬فمصدره‪:‬‬ ‫ومن ا فعال المبدوءة ب م ة وصق‪ْ " :‬‬
‫َخ ِر ُج‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َخ َر َج َي ْست ْ‬ ‫است ْف َع ًاال" كسرنا ثالثه وهو التاء‪ْ " ،‬‬
‫است ْ‬ ‫اس َت ْف َع َل َي ْس َت ْفع ُل ْ‬ ‫" ْ‬
‫استِ ْف َع ًاال" كسرنا التاء وزدنا أل ًفا قبل آخره‪ ،‬مثل‪:‬‬ ‫ِ‬
‫اس َت ْف َع َل َي ْس َت ْفع ُل ْ‬‫اجا" " ْ‬
‫ِ‬
‫است ْخ َر ً‬ ‫ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اس َت ْع َل َم‬
‫يس َت ْغف ُر است ْغ َف ًارا" و" ْ‬
‫اس َت ْغ َف َر ْ‬ ‫است ْخ َر ً‬
‫اجا"‪ْ " ،‬‬ ‫َخ ِر ُج ْ‬ ‫َخ َر َج َي ْست ْ‬
‫است ْ‬ ‫" ْ‬
‫استِ ْف َها ًما"‪.‬‬
‫اس َت ْف َه َم ْ‬
‫ِ‬
‫ا ْست ْع َال ًما"‪ ،‬و" ْ‬
‫اس َت ْف َعل" معتل العين‪ ،‬كـ‪" :‬استقام واستبان" فإنه يعتل كما اعتل‬
‫فإن كان " ْ‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪33 h‬‬
‫‪g‬‬
‫"أقام"‪ ،‬يعني أن مصدره سيصيبه من اإلعالل ما أصاب‪َ " :‬أ َقا َم إِ َقا َم ًة"‪ ،‬فنقول يف‪:‬‬
‫استِ ْق َوا ًما"‪،‬‬
‫اس َت ْق َو َم ْ‬
‫ِ‬
‫اس َت ْف َع َل ْ‬
‫است ْف َع ًاال" أي‪ْ " :‬‬
‫ِ‬
‫است َقام ًة واألصل‪ْ " :‬‬‫اس َت َقا َم ْ‬
‫" ْ‬
‫استقو َم"‪ :‬األلف تحركت فانقلبت أل ًفا و ُأ ِلقيت حركتها على ما قبلها‪ ،‬فصارت‪:‬‬ ‫َ‬ ‫"‬
‫استِ َقامة" ما هي مشكلة فقط قلب قلبنا الواو أل ًفا‪ ،‬أما‬ ‫اس َت ْق َوم ْ‬
‫ِ‬
‫"است َقامة" " ْ‬
‫استِ ْق َوا ًما" فالواو كذلك تحركت وقلبت أل ًفا‪ ،‬وألقيت حركتها على ما قبلها‪،‬‬ ‫" ْ‬
‫فعندما انقلبت الواو أل ًفا وبعدها ألف‪ ،‬اجتمع ألفان ساكنتان فحذفت الثانية‬
‫استِ َقا َمة"‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫اس َت َقا َم ْ‬
‫و ُع ِّوض عنها بتاء يف اآلخر فصارت‪ْ " :‬‬
‫ان ِ‬ ‫ان ِ‬
‫ان َي ْس َتبِ ُ‬
‫ين‬ ‫اس َت َب َ‬ ‫اس َت َب َ ْ‬
‫است ْب َيان" " ْ‬ ‫است َبانَة"‪ .‬وقولهم‪ْ " :‬‬ ‫اس َت َب َ ْ‬
‫وكذلك‪ْ " :‬‬
‫استِ َبانَة" ألن معتل العين يجب‬ ‫ان"‪ ،‬وهذا استبيان‪ ،‬هذا لحن‪ ،‬والصواب‪ْ " :‬‬ ‫استِ ْب َي َ‬
‫ْ‬
‫استِ َعا َذ ًة" إلى آخره‪.‬‬ ‫أن ُي َع َّل هبذه الطريقة‪ ،‬ويقال‪ْ " :‬‬
‫اس َت َعا َذ ْ‬
‫الع َوض" هنا ما قيل عن تاء العوض يف "أقام إقامة" من جواز‬ ‫ويقال يف "تاء ِ‬

‫حذفها وإثباهتا عند اإلضافة‪ ،‬واإلثبات أكثر‪.‬‬


‫ومن ذلك ما جاء يف ح ٍ‬
‫ديث لم أراجع صحته ولفظه‪" :‬كاستنار البدر" أي‬
‫ِ‬
‫البدر‪.‬‬ ‫كاستنارة‬
‫ويف هذا يقول ابن مالك ‪:‬‬
‫لللاَّ ام َّملللا ا ْفعدعا َحلللا‬
‫لللع َْسلللرا ا ْلللل ا ا ْل ََّ ا‬
‫َم ْ‬ ‫للللر دملللللدَّ َوا ْف َ‬
‫عحلللللا‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫َو َملللللا َ للللللي ا مل َ‬
‫با َ ْمللللللللل ا َو ْصلللللللللق ْ‬
‫َاصللللللللل َط َفى‬
‫آخره ُمدَّ ُه‪ ،‬يعني زد مدًّ ا قبل آخره‪ ،‬واكسر‬ ‫ِ‬
‫الذي ُبدئ هبمز وصل يقول‪ :‬ما يلي َ‬
‫تلو الثان‪ ،‬يعني اكسر الثالث‪ ،‬وم َّثل بـ‪" :‬اصطفى"‪ ،‬وذكر َّ‬
‫أن‪ :‬معتل العين هنا ويف‬
‫" َأ ْف َعل" حكمهما واحد‪ ،‬كما شرحنا فقال‪:‬‬
‫إا َق َامللللللة َوغَالا َبلللللل َةا ا ْلعَّللللللا َللللللل ا ْم‬ ‫ا‬
‫للللللُ َأقل ْ‬
‫للللللُ‬ ‫ا‬ ‫اا‬
‫َو ْاسلللللللعَعَ ْاسلللللللع َعا َةة د ل َّ‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪34 h‬‬
‫استع ِذ استعاذ ًة"‪ ،‬معتل العين‪ ،‬و"أقم إقامةً‪ ،‬أي أقام إقام ًة" معتل العين ثم‬
‫" ِ‬

‫قال‪( :‬وغال ًبا ذا التا لزم) نعم واألغلب لزومها‪ ،‬ولكن قد يجوز حذفها عند‬
‫اإلضافة‪.‬‬
‫طيب‪َ :‬ب ِق َي من األفعال‪َ " :‬ف ْع َل َل" الرباعي‪ ،‬ومصدره القياسي‪" :‬الفعللة"‪،‬‬
‫" َف ْع َل َل ُي َف ْعلِل َف ْع َل َل ًة" نحو‪َ " :‬د ْح َر َج َد ْح َر َجةً‪ ،‬و َب ْع َث َر َب ْع َث َرةً‪ ،‬و َط ْم َأ َن َط ْم َأ َنةً‪ ،‬وكذلك‪:‬‬
‫وح ْمدَ َل َح ْمدَ َل ًة"‪.‬‬
‫َب ْس َم َل َب ْس َم َلةً‪َ ،‬‬
‫فإن كان مضعف الرباع ًّيا‪ ،‬ونريد بالمضعف الرباعي‪ :‬ما كان أو ُله كثالثه‪ ،‬وكان‬
‫ثانيه كرابعه‪ ،‬كـ‪" :‬زلزل‪ ،‬ووسوس" نقول فإن كان َف ْعلل مضعف رباع ًّيا‪ ،‬كان‬
‫الف ْع َالل" بكسر الفاء‪ ،‬فيقال‪َ " :‬ز ْل َز َل َز ْل َز َل ًة ِ‬
‫وز ْل َز ًاال‪،‬‬ ‫مصدره على‪" :‬ال َفع َل َل ِة" و" ِ‬
‫ْ‬
‫اسا‪ ،‬وهكذا‪َ :‬ب ْل َب َل َب ْل َب َل ًة وبِ ْل َب ًاال‪ ،‬و َق ْل َق َل َق ْل َق َل ًة وقِ ْل َق ًاال" إلى‬
‫وو ْس َو ً‬ ‫وس ْو َس َو ْس َو َس ًة ِ‬
‫َ‬
‫آخره‪.‬‬
‫ومما حسن ة ره هنا أَّ ال‪ :‬إن "فِ ْع َالل" األكثر فيه أن يكون مصدر كما‬
‫حينئذ أن يكون اسم فاعل‪،‬‬‫ٍ‬ ‫رأينا فإذا ُفتِحت الفاء منه فقيل‪َ " :‬ف ْع َلل" فاألكثر فيه‬
‫والوسواس"‪َ ،‬و ْس َو َس‬
‫الوسواس َ‬ ‫يعني بمعنى اسم الفاعل‪ ،‬وهبذا يبين الفرق بين‪ِ " :‬‬
‫الو َس ْو َسة‪" ،‬هذه َو ْس َو َسة الشيطان"‪" ،‬هذا‬
‫الو ْس َواس مصدر بمعنى ْ‬ ‫اسا‪ِ ،‬‬ ‫ِو ْس َو ً‬
‫ِوسواس الشيطان"‪ِ " ،‬و ْس َواس بمعنى َ‬
‫الو ْس َو َسة"‪ ،‬فإذا َفت َْح َت الواو " َ‬
‫الوسواس"‬
‫الم َو ْس ِوس"‪.‬‬
‫كان بمعنى اسم الفاعل يعني " ُ‬

‫وعلى ذلك قوله ‪( :‬ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ) [الناْ‪ ]4:‬أي من‬


‫الم َو ْس ِوس‪ ،‬وكذلك يقال‪:‬‬
‫الم َو ْس ِوس؟ من شر الشيطان ُ‬
‫الو ْس َوسة أم من شر ُ‬
‫شر َ‬
‫والز ْل َزال بالفتح‪:‬‬
‫الز ْل َزال" مصدر بمعنى‪ :‬التزلزل والزلزلة‪َ ،‬‬ ‫والز ْل َزال"‪ِ " ،‬‬ ‫" ِ‬
‫الز ْل َزال‪َ ،‬‬
‫المت ََز ْل ِزل يسمى " َز ْل َز ًاال"‪.‬‬
‫المت ََز ْل ِزل‪ ،‬الشيء ُ‬
‫اسم الفاعل أي ُ‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪35 h‬‬
‫‪g‬‬
‫وهَا ه ق ل ابن مالك ‪:‬‬
‫للللللق َم ا يسللللللل َ انايللللللل َا َأ َّو َا‬
‫اج َعل ْ‬‫َو ْ‬ ‫فا ْعلللللللللال َِل ْأو َف ْع َل َلللللللللل ِة لا َف ْع َللللللللللالَ‬
‫فـَـ‪َ " :‬ف ْع َلل"‪ :‬قد يأيت على "فِ ْع َالل َف ْع َل َلة" كما رأينا وهذا يف المضعف الرباعي‪،‬‬
‫وقد يأيت على " َف ْع َل َل ًة" فقط يف غير المضعف الرباعي‪ ،‬إذن فالمقيس فيه هو‬
‫الف ْع َالل" فإنه يكون يف المضعف الرباعي‪.‬‬ ‫"ال َفع َل َلة" أما " ِ‬
‫ْ‬
‫المفاعلة‬
‫فاعل" بفتح العين‪ ،‬ومصدره القياسي‪ُ " :‬‬ ‫آخر األفعال‪ :‬هي " َ‬
‫خاصم‬ ‫والف َعال" نحو‪" :‬قا َتل م َقاتل ًة وقِت ًَاال" و"جاهد مجاهد ًة ِ‬
‫وج َها ًدا" و" َ‬
‫ِ‬
‫ُ‬
‫وخصاما" و" َضارب مضارب ًة ِ‬
‫وضرا ًبا"‪ ،‬وهذا هو قول ابن مالك‬ ‫مخاصم ًة ِ‬
‫َ ُ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫‪:‬‬
‫د‬ ‫للللللللللق ا ْل اف َعل‬
‫للللللللللال َوا ْل دم َفا َع َللللللللللللة‬ ‫َ‬ ‫لا َفا َعل‬
‫وبعد أن ب َّين المصادر القياسية لغير الثالثي ختم ذلك كله بقوله‪:‬‬
‫للللللما د َعا َد َلللللللل ْه‬
‫للللللر ا ْل َّسل َ‬ ‫َو َغ ْيل د‬
‫للللللر َملللللللا َمل َّ‬
‫ٍ‬
‫سداسي على غير ما بينا وذكرنا‪ ،‬فهو‬ ‫ٍ‬
‫لرباعي أو خماسي أو‬ ‫مصدر‬
‫ٌ‬ ‫فإن جاء‬
‫سماعي‪ ،‬شاذ‪ ،‬ما معنى كونه شا ًّذا؟ أنه سماعي ال يقاس عليه‪ ،‬وال يعني أنه‬
‫ضعيف‪ ،‬هو يف قمة الصحة بما أنه مسموع‪ ،‬لكن المراد أنه ال يقاس عليه‪ ،‬وإنما‬
‫القياس على هذه المصادر المطردة القياسية‪.‬‬
‫فمصدر‬ ‫وك َّذا ًبا" أما "التكذيب"‬‫ومما ََّ مَال ق له يف‪" :‬ك ََّذب ي َك ِّذب تكذيبا ِ‬
‫ٌ‬ ‫ً‬ ‫َ ُ‬
‫قياسي‪ ،‬وأما "الكِ َّذاب" فغير قياسي‪ ،‬سماعي‪ ،‬وهذا وارد يف القرآن الكريم‪،‬‬
‫اقشعر ا ْق ِش ْع َر ًارا" قياسي‪ ،‬وقالوا‪:‬‬
‫َّ‬
‫وكذلك‪" :‬تحمل تحم ًال وتِ ِ‬
‫ح َّم ًاال"‪" ،‬‬ ‫َ ُّ‬ ‫َّ‬
‫" ُق َش ْع ِريرة" سماعي فهذا ما يتعلق باألبيات السبعة من هذه األبيات التسعة التي‬
‫تكلم فيها ابن مالك ‪ ‬على أبنية غير الثالثي‪.‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪36 h‬‬
‫َب ِق َي البيتان األخيران وتكلم فيهما ابن مالك ‪ ‬على اسمي المرة والهيئة‪،‬‬
‫فنبدأ باسم المرة‪.‬‬
‫مصدر يدل على حدوث الفعل مر ًة واحدة‪ .‬فلهذا أدخله ابن‬
‫ٌ‬ ‫اسم المرة‪ :‬هو‬
‫مالك يف "أبنية المصادر"‪.‬‬
‫فـ‪" :‬اسم المرة واسم الهيئة" وما سنضيفه بعد قليل‪ ،‬هذا كله مصادر إال أن‬
‫ٍ‬
‫لمعان خاصة كاسم المرة‪ ،‬هو مصدر ولكنه‬ ‫بعضها مصادر أصلية‪ ،‬وبعضها يأيت‬
‫لمعنى خاص‪ ،‬وهو الداللة على حدوث الفعل مرة واحدة‪.‬‬
‫ً‬ ‫ليس أصل ًّيا‪ ،‬وإنما يأيت‬
‫أما المصادر األصلية التي تكلمنا عليها من قبل فهذه تدل على مطلق حدوث‬
‫كثرة أو ٍ‬
‫قلة أو‬ ‫الفعل‪ ،‬تدل على مجرد حدوث الفعل‪ ،‬مجرد الفعل‪ ،‬وال تدل على ٍ‬
‫ٍ‬
‫شيء غير مجرد حدوث الفعل‪ ،‬هذه المصادر األصلية‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫هيئة معينة‪ ،‬ال تدل على‬
‫ٍ‬
‫معان خاصة‪،‬‬ ‫ولهذا أرادت العرب أن تضع مصادر خاصة للداللة على‬
‫كعادهتا يف طلب الدقة يف الكالم‪ ،‬واسم المرة ُيصاغ من الثالثي‪ ،‬ومن غير الثالثي‪،‬‬
‫أما من الثالثي فيقاس على وزن " َف ْع َلة"‪ ،‬كقولك‪" :‬جلس َج ْل َسة" و"ضرب‬
‫ضربة" و"مشى مشية" و"نام نومة" و"قال َق ْي َلة"‪ ،‬و"رحلت إلى الدمام َر ْح َلة"‬
‫مر ًة واحدة‪.‬‬
‫عندما يقال ذلك ُيعلم أنك فعلت هذا الفعل ّ‬
‫وسا‪ ،‬لم ُيعلم إال أنك فعلت الجلوس يف‬ ‫لو قلت جلست يف المسجد ُج ُل ً‬
‫مرات ليس هناك داللة‪ ،‬لكن لو قلت‪:‬‬ ‫كثيرا‪ ،‬مر ًة أو َّ‬
‫قليال أو ً‬ ‫المسجد‪ ،‬فعلته ً‬
‫ِ‬
‫"جلست عند محمد َج ْلسة" ُعلم أنك لم تجلس عنده إال ّ‬
‫مر ًة واحدة‪ ،‬وكذلك إذا‬
‫قلت‪" :‬رحلت إلى الدمام َر ْح َلة" ُعلِم أنك لم ترحل إلى الدمام إال مرة واحدة‪.‬‬
‫بخالف إةا ما أ يت بالمصدر الصر ح‪ ،‬لل‪" :‬رحل" ّ‬
‫الدال على "السير"‪ ،‬وهو‬
‫"الفعيل"‪ ،‬قلت‪" :‬رحلت إلى الدمام َر ِح ً‬
‫يال"‪ ،‬يعني أنت رحلت إلى الدمام‪ ،‬مرة‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪37 h‬‬
‫‪g‬‬
‫أو مرات كثيرة أو قليلة على هيئات كثيرة ال يدل على شيء من ذلك‪.‬‬

‫ومن اسم المرة ما جاء يف قوله ‪( :‬ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ)‬


‫[الحاقة‪ ،]10:‬ما قال فأخذهم ً‬
‫أخذا راب ًيا‪ ،‬فاآلية هنا تدل على أنه ‪ ‬أخذهم‬
‫أخذ ًة واحدة‪ ،‬يعني ما أتاهم العذاب متتاب ًعا‪ ،‬يف أوقات مختلفة‪ ،‬ال وإنما أخذهم‬
‫مر ًة واحدة‪ ،‬نزل هبم العذاب مر ًة واحدة‪.‬‬
‫وكذلك اسم المرة جاء يف الحديث‪" :‬من قتل وزغة يف أول مرة كذا وكذا‬
‫حسنة" رواه مسلم‪.‬‬
‫والوزغة هي الحشرات الصغيرة التي تمشي على أربع ولها ذيل‪ ،‬ومن أشهرها‬
‫عندنا ما يسميه العامة بأسماء كثيرة‪ ،‬ال ُبعرصي أو الزاطورة‪ ،‬أو غير ذلك‪ ،‬اسمه‬
‫الفصيح "الوزغة"‪ ،‬ويجمع على "وزغ"‪.‬‬
‫أيضا قولهم‪" :‬لكل عالم َه ْف َوة‪ ،‬ولكل جواد َك ْب َوة" وتقول‪" :‬تدور‬
‫ومن ذلك ً‬
‫األرض يف كل يوم وليلة دور ًة حول محورها" َف ْعلة‪.‬‬
‫المر ِة" بالوصف‪ ،‬نحو‪:‬‬
‫فإن كان مصدر الثالثي على وزن " َف ْعلة" دللنا على " َّ‬
‫"رحمته رحم ًة واحد ًة" المصدر " َف ْعلة" "رحمة" فهنا مصدر أصلي‪ ،‬ف ُيدل على‬
‫المرة بالوصف‪" ،‬نظرت نظرة واحدة" وهكذا‪.‬‬
‫وأما غير الثالثي فإن اسم المرة يقاس من غير الثالثي‪ ،‬على مصدره القياسي‪،‬‬
‫بزيادة ٍ‬
‫تاء مربوطة يف آخره‪ ،‬فاسم المرة من‪" :‬انطلق انطال ًقا" هو "االنطالقة"‪،‬‬
‫فيقول‪" :‬انطلق محمد انطالق" فإذا قلت‪" :‬انطلق انطالق ًة" فيعني لم يفعل‬
‫المرة‬
‫تفهما" واسم َّ‬
‫ً‬ ‫االنطالق إال مر ًة واحدة‪" ،‬استخرج استخراج ًة" و"تفهم‬
‫تفهم تفهم ًة" وهكذا‪.‬‬
‫" َّ‬
‫فإن كان المصدر األصلي لغير الثالثي فيه تاء مربوطة‪ ،‬كـ‪":‬إقامة وإنارة‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪38 h‬‬
‫المرة بالوصف‪ ،‬فيقال‪ :‬أقام إقام ًة واحدة‪ ،‬واستقام استقام ًة‬
‫واستقامة" ف ُيدل على َّ‬
‫واحدة‪.‬‬
‫المرة من الَال ي‪:‬‬
‫ل ابن مالك ‪ ‬يف اسُ َّ‬ ‫ويف ةلك‬
‫َو َف ْع َللللللللللللل ِة لا َمل‬
‫لللللللللللرة َََ ْل َسللللللللللللة‬
‫َّ‬
‫ويف غير الثالثي‪:‬‬
‫ا‬ ‫ا‬
‫لللرة‬ ‫فللللي َغ ْيللللرا اة ا ْللللل ََّالَث باا ْل َّعللللا َ‬
‫المل َّ‬
‫مصدر يدل‬
‫ٌ‬ ‫مصدر يدل على هيئة الفعل‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫المرة‪ ،‬أما اسُ ال يسة‪ :‬فهو‬
‫هَا اسُ ّ‬
‫ٍ‬
‫شيء من ذلك‪،‬‬ ‫على ٍ‬
‫هيئة معينة للفعل‪ ،‬أما المصدر األصلي كما قلنا فال يدل على‬
‫وإنما يدل على مجرد الحدوث‪.‬‬
‫طيب‪ :‬وصياغته‪ ،‬صيغته ال تكون إال من الثالثي‪ ،‬ف ُيصاغ من الثالثي على وزن‬
‫"فِ ْعلة" بكسر الفاء يقال‪" :‬اجلس ِجلس ًة معتدلة" هنا تريد هيئة الجلوس‪ ،‬ما تريد‬
‫مجرد الفعل لو أردت مجرد الفعل لكنت تقول‪" :‬اجلس ُج ُل ً‬
‫وسا"‪ ،‬فأردت الداللة‬
‫على هيئة الفعل‪ ،‬فتقول‪" :‬اجلس ِج ْل َس ًة معتدلة"‪" ،‬ضربه ِضرب ًة شنيعة"‪" ،‬مشى‬
‫كمشية األسد"‪-،‬اهلل أكرب‪ -‬و"ركبت الفرس ِركب َة المتمرس"‪-‬مع إين لم أركبه‬ ‫ِ‬

‫قط‪" ،-‬قتلته قِتل ًة سريع ًة"‪ ،‬وهكذا‪.‬‬


‫ومن اسم الهيئة ما جاء يف الحديث‪" :‬فإذا قتلتم فأحسنوا ِ‬
‫القتلة‪ ،‬وإذا ذبحتم‬
‫فأحسنوا ِ‬
‫الذبحة"‪ .‬رواه مسلم‪.‬‬
‫فمعنى الحديث على ذلك أنه ‪ ‬يأمر بإحسان هيئة القتل‪ ،‬وهيئة‬
‫الذبح‪ .‬نعم‪.‬‬
‫ومن ذلك قول األعشى‪:‬‬
‫ملللر السلللحابة ا ر لللث وا عَل ِ‬
‫للق‬ ‫لللٌَّ م للليع ا ملللن بيلللت جار لللا‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪39 h‬‬
‫‪g‬‬
‫فقال‪( :‬كأن مشيتها)‪ :‬إذن يريد أن ُيش َّبه ماذا؟ هيئة المشي‪ ،‬شبه هيئة المشي‬
‫بمر السحابة‪ ،‬فإن كان مصدر الثالثي على وزن "فِ ْعلة" ُد َّل على الهيئة بالوصف أو‬
‫َّ‬
‫باإلضافة‪ ،‬نحو‪" :‬خدمته ِخدم ًة سريعة"‪ ،‬أو "خدمته ِخدمة المحب" و"رحلت‬
‫ِرحلة مريحة" أو" رحلت ِرحلة المستعجل"‪ ،‬وهكذا‪.‬‬
‫وال يصاغ اسم الهيئة من غير الثالثي‪ ،‬الرباعي والخماسي والسداسي‪ ،‬إال ما‬
‫شذ وجاء يف السماع‪ ،‬ومن ذلك قول العرب‪" :‬اختمرت المرأة اختمارا ِ‬
‫وخمر ًة"‬ ‫ّ‬
‫ً‬
‫اختمرت هذا خماسي ومع ذلك أخذوا منه هيئة فقالوا‪" :‬اختمرت ِخمرة حسنة"‬
‫وع َّمة" يقول‪:‬‬‫و"انتقبت انْتِ َقابا ونِ ْقبة" يقول‪" :‬ا ْن َت َقبت نِقب ًة حسنة" و"تعمم تعمم ِ‬
‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫تعم ِمه‪ ،‬وهكذا‪.‬‬‫"ع َّمة محمد جميلة" يعني هيئة ُّ‬
‫ِ‬

‫فهذا شرح األبيات التي ذكرها ابن مالك ‪ ‬يف أبنية المصادر‪ ،‬ورأينا أنه‬
‫ذكر فيها أبنية الثالثي‪ ،‬وأبنية غير الثالثي‪ ،‬وأبنية اسم المرة‪ ،‬واسم الهيئة‪.‬‬
‫ونضيف على ذلك فنقول‪ :‬هناك مصادر لم يذكرها ابن مالك ‪ ‬يف‬
‫ا لفية‪ ،‬وإن كان ذكر بعضها يف "كتبه األخرى" ألن ا لفية ليست من الكتب‬
‫سمى‪ :‬باسم المصدر‪ ،‬ومن المصادر‪ :‬المصدر‬‫أيضا ما ُي َّ‬
‫المبسوطة‪ ،‬فمن المصادر ً‬
‫ٍ‬
‫واحد منها بسرعة‪:‬‬ ‫الميمي‪ ،‬ومن المصادر‪ :‬المصدر الصناعي‪ .‬فسنتوقف عند كل‬
‫اسُ المصدر‪ ،‬والمصدر الميمي‪ ،‬والمصدر الصناعي‪:‬‬
‫نبدأ باسم المصدر‪ ،‬ماذا يريدون باسم المصدر؟ اسم المصدر هو المصدر‬
‫الذي لم يجري على حروف فعلِ ِه‪ ،‬يعني لم يأيت على قياس مصدر لهذا الفعل‪،‬‬
‫اإل ْف َعال"‪ ،‬لكن العرب‬‫فالفعل "أعطى" رباعي على وزن " َأ ْف َع َل" فمصدره " ِ‬
‫فمصدر قياسي‪ ،‬وأما "ال َع َطاء" فليس‬
‫ٌ‬ ‫وعطا ًء"‪ .‬أما "إِ ْع َطا ًء"‬
‫قالت‪" :‬أعطى إِ ْع َطا ًء َ‬
‫مصدرا لـ‪" :‬أعطى" لكنه اسم مصدر‪ ،‬وليس هناك عطاء عطى ُيعطي‪ ،‬وعطى‬
‫ً‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪40 h‬‬
‫ُيع َطى‪ ،‬فـ‪" :‬عطى" اسم مصدر لـ‪":‬عطاء" ألنه لم يجري على حروفه‪ ،‬لو جرى‬
‫على حروفه وقياسه لكان اإلعطاء‪.‬‬
‫الم َفا َع َلة وال ِف َعال"‪ ،‬ومع ذلك قالت العرب‪:‬‬ ‫اشر َفا َعل" قياسه‪ُ " :‬‬ ‫ومن ذلك " َع َ‬
‫وعشرة" أما "المعاشرة" فقياسي‪ ،‬أما " ِ‬
‫العشرة" فاسم مصدر‪،‬‬ ‫اشر ًة ِ‬ ‫اش َر ُه ُم َع َ‬
‫" َع َ‬
‫ِ‬
‫مصدر أصلي والثاين اسم مصدر‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫وسال ًما" األول‬ ‫يما َ‬ ‫و"س َّلم قالوا س َّلم َت ْسل ً‬
‫يما وك ََال ًما" وقالوا‪َ " :‬ق َّب َل َت ْقبِ ً‬ ‫ِ‬
‫يال و ُقبل ًة" أما "التقبيل" فمصدر‬ ‫وقالوا‪َ " :‬ك َّلم َت ْكل ً‬
‫أصلي و"ال ُق ْب َلة" اسم مصدر‪ ،‬وقالوا‪" :‬أعانوا إِ َعان ًة و َع ْونًا" فاألول مصدر أصلي‬
‫والثاين اسم مصدر وهكذا‪.‬‬
‫اغتِ َس ًاال" فإن هذا مصدر فعل آخر َّ‬
‫حل‬ ‫وأما نح ‪" :‬اغتسل ُغ ْس ًال" أو " َغ َسل ْ‬
‫محل مصدر الفعل‪" ،‬اغتسل ُغ ْس ًال" ُغ ْس ًال هذا اسم مصدر أم مصدر؟ مصدر‬
‫َغ َس َل‪َ " ،‬غ َس َل ي ْغ ِسله َغ ْس ًال" هذا مصدر َغ َس َل‪ .‬طيب فإذا قلنا‪" :‬غسله َغ ْس ًال"‬
‫اغتِ َس ًاال" فمصدر أصلي‪ ،‬وإذا قلنا‪" :‬اغتسل‬ ‫فمصدر أصلي‪ ،‬وإذا قلنا‪َ " :‬غ َسل ْ‬
‫ّ‬ ‫ٌ‬
‫حل محل مصدر هذا الفعل‪.‬‬ ‫ُغ ْس ًال" ف ُغ ْس ًال مصدر فعل آخر َّ‬

‫وكذلك ما جاء يف قوله تعالى‪( :‬ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ) [ن و‪ ]17:‬فأنبتكم‬


‫مصدره األصلي "إِ ْن َبا ًتا"‪ ،‬أما "ن َبا ًتا" فهو مصدر‪َ " :‬ن َب َت َينْ ُب َت َن َبا ًتا"‪ ،‬فـ "نبا ًتا"‬
‫مصدر لفعل آخر وقع موقع مصدر "أنبت"‪.‬‬
‫ف َا ما ععلق باسُ المصدر‪ ،‬لننع ق إلى المصدر الميمي‪:‬‬
‫ٍ‬
‫زائدة يكون بمعنى‬ ‫بميم‬ ‫ٍ‬
‫مبدوء ٍ‬ ‫فنقول يف تعريف المصدر الميمي‪ :‬هو مصدر‬
‫ٍ‬
‫زائدة‬ ‫بميم‬ ‫ٍ‬
‫مبدوء ٍ‬ ‫المصدر الصريح‪ ،‬أو يكون بمعنى المصدر األصلي‪ ،‬هو مصدر‬
‫يكون بمعنى المصدر األصلي‪ ،‬نحو‪" :‬انقلب ِ‬
‫انقال ًبا و ُمنْ َقل ًبا" فـ‪ُ " :‬منْ َقل ًبا" بمعنى‪:‬‬
‫انقال ًبا" و"تاب توب ًة ومتا ًبا" و"رجع ُر ُجو ًعا و َمرج ًعا" و"انطلق انطالقة‬ ‫" ِ‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪41 h‬‬
‫‪g‬‬
‫و ُمنطل ًقا" و"أصاب ُم َصا ًبا" و"مات َم َما ًتا" ويقال‪" :‬أكرم إكرا ًما و ُمكر ًما"‪ ،‬ومن‬
‫ذلك ما جاء يف قوله تعالى‪( :‬ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔﮕ) [الحج‪ُ ،]18:‬م ِ‬
‫كرم‪:‬‬
‫اسم فاعل‪ ،‬يعني‪ :‬ما له من ٍ‬
‫أحد ُيكرمه‪ ،‬وجاء يف قراءة‪( :‬ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ‬
‫ﮔﮕ) [الحج‪ ]18:‬هذه مفعل مصدر ميمي بمعنى المصدر األصلي إكرام‪،‬‬
‫يعني‪ :‬ما ُي ِهن اهلل فما له من إكرام‪.‬‬

‫ومن ذلك قوله ‪( :‬ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ)‬


‫[اإلسراء‪ ]80:‬المعنى واهلل أعلم‪" ،‬أدخلني إِ ْدخال صدق‪ ،‬وأخرجني إِ ْخراج‬
‫كثير يف كالم العرب والقرآن الكريم‪.‬‬
‫صدق" فهذا هو المصدر الميمي‪ ،‬وهو ٌ‬
‫وأما المصدر الصناعي‪ :‬فالمصدر الصناعي على صيغة المنسوب المؤنث‪،‬‬
‫المؤنث بالتاء‪ ،‬ولكنه ليس بالمعنى المنسوب‪ ،‬ولكنه بمعنى المصدر األصلي‪،‬‬
‫فالمنسوب كما نعرف يكون بمعنى "اسم المفعول"‪ ،‬فإذا قلت نسبت شي ًئا للبحر‪،‬‬
‫بحري" بمعنى منسوب إلى البحر‪ ،‬وسعودي أي‬
‫ٌّ‬ ‫فقلت‪" :‬بحر ًّيا"‪ ،‬فقولك‪" :‬‬
‫منسوب إلى "السعودية"‪ ،‬وهكذا‪ ،‬فهذا هو المنسوب‪.‬‬
‫سعودي‬
‫ٌّ‬ ‫بحري لونه"‪" ،‬هذا‬
‫ٌّ‬ ‫فلهذا يرتفع ما بعده على أنه نائب فاعل‪" ،‬هذا‬
‫بلده"‪ ،‬ونحو ذلك‪.‬‬
‫وأما المصدر الصناعي فليس على هذا المعنى‪ ،‬وإنما هو على معنى المصدر‬
‫األصلي‪ ،‬أي على معنى كونه كذا‪ ،‬أو كونك كذا‪ ،‬كقولهم‪" :‬الحرية" معنى الحرية‪،‬‬
‫المنسوب إلى الحر؟ ال‪ ،‬الحرية يعني كونك ُح ًّرا‪ ،‬أما "البحري" فليس معناه‪:‬‬
‫حرا‪ ،‬أما "البحري" فليس كونك‬
‫بحرا‪ ،‬انظر الفرق "الحرية" يعني كونك ًّ‬
‫كونك ً‬
‫منسوب إلى‬
‫ٌ‬ ‫منسوب إلى البحر‪" ،‬الحرية" ليس بمعنى‬
‫ٌ‬ ‫بحرا‪" ،‬البحري" بمعنى‬
‫ً‬
‫الحر‪.‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪42 h‬‬
‫رجال بمعنى الرجولة‪،‬‬
‫ً‬ ‫فالمصدر الصناعي نحو "الرجولية"‪ ،‬أي كونك‬
‫فارسا‪ ،‬وكذلك‪" :‬العبودية هلل" يعني كونه معبو ًدا‪،‬‬
‫ً‬ ‫"الفروسية" أي كونك‬
‫جاهال‪ ،‬وهكذا‪.‬‬
‫ً‬ ‫إلها"‪" ،‬الجاهلية"‪ :‬أي كونه‬
‫"األلوهية" أي‪ :‬كونه " ً‬
‫والمصدر الصناعي يف المسموع قليل جدً ا بل نادر‪ ،‬ولكن الحاجة زادت إليه‬
‫كثيرا جدًّ ا خاصة عند‬ ‫كثيرا منذ العصر العباسي إلى اليوم‪ ،‬فاستعملوه است ً‬
‫عماال ً‬ ‫ً‬
‫الرتجمة‪ ،‬فهو يدل على المعنى الدقيق دالل ًة ال يدل عليها شي ٌء آخر‪ ،‬داللته على‬
‫كثيرا من الكلمات العربية حتى المشتقات‪ ،‬فلهذا يلجأ إليه‬
‫المعنى الدقيق تفوق ً‬
‫كثيرا‪ ،‬على الدقة يف النقل‪.‬‬
‫المرتجمون ومن يف حكمهم‪ ،‬ألنه يعينهم ً‬
‫فمن ةلك "اإلنسانية" ما معنى اإلنسانية؟ كونك إنسانًا‪" ،‬الوطنية" ليس‬
‫الوطنية المنسوب إلى الوطن‪" ،‬الوطنية" مطلوبة "الوطنية" ال تخالف الدين‪،‬‬
‫"الوطنية" يعني المنسوب إلى الوطن مطلوب‪ ،‬والمنسوب إلى الوطن ال يخالف‬
‫الدين هذا معناه؟ ال كونك مواطنًا‪" ،‬المسؤولية" كونك مسؤو ً‬
‫ال‪.‬‬
‫ل‪" :‬األسبقية" و"المسبوقية" يقول‬ ‫يب ندمق يف الم الف اء وال دماء‬
‫مثال‪ ،‬ويحرر مسألة ويقول‪ :‬هذا قبل هذا‪ ،‬هذا أسبق من هذا‪ ،‬الشارح يبدأ يناقش‬
‫ً‬
‫هل بالفعل هذا أسبق من هذا‪ ،‬أم أن يف األسبقية نظر‪ ،‬يقول "يف األسبقية نظر"‪،‬‬
‫ماذا يقول لكي يعرب على كلمة "األسبقية"؟ يعني هذه األسبقية التي ا ُّدعيت أن هذا‬
‫أسبق من هذا‪ ،‬ماذا يقول بدل كلمة األسبقية؟ سيطول‪" :‬كون هذا أسبق من هذا‬
‫فيه نظر"‪ ،‬يقول‪" :‬واألسبقية هنا فيها نظر"‪ ،‬ما معنى "األسبقية" يعني كون هذا‬
‫أسبق‪ ،‬ويف "المسبوقية" نظر‪ ،‬يعني كون هذا مسبو ًقا‪.‬‬
‫فاعال‬
‫ً‬ ‫وكذلك "المفهومية" كونه مفهو ًما‪" ،‬الفاعلية" "المفعولية" كونه‬
‫شاعرا‪" ،‬المحسوبية" "األفضلية" "األرجحية" فضل‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ومفعوال‪" ،‬الشاعرية" كونه‬
‫هذا على هذا فتقول "يف األفضلية نظر" "األرجحية" "المرجوحية" يف الخالصة‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪43 h‬‬
‫‪g‬‬
‫أن استعمال المصدر الصناعي ك ُثر جدًّ ا منذ العصر العباسي إلى اليوم‪.‬‬
‫ومن ذلك قولهم‪" :‬حيثية" و"عندية" و"قبلية" و"بعدية" ومن ذلك قولهم‪:‬‬
‫"اشرتاكية" أي كونه اشرتاك ًيا‪" ،‬شيوعية" "ثورية" "تقدُّ مية"‪ ،‬ومن ذلك كلمات‬
‫أعجمية يقول‪ُ :‬ع ِّر َبت‪ ،‬ترجمت عربت بالمصدر الصناعي كـ‪" :‬ديموقراطية"‬
‫و"سريالية" و"بورجوازية"‪ ،‬كونك برجواز ًيا‪ ،‬كونك سريال ًيا‪ ،‬كونك ديموقراط ًيا‪،‬‬
‫أيضا يف المصادر‪.‬‬
‫وهكذا‪ ،‬فهذه المصادر الثالث تدخل ً‬
‫فالخالصة أننا ذكرنا يف المصادر اآلن األصلية للثالثي وغير الثالثي واسم‬
‫المرة واسم الهيئة‪ ،‬وهذه ذكرها ابن مالك‪ ،‬وذكرنا بعد ذلك اسم المصدر‪،‬‬
‫والمصدر الميمي‪ ،‬والمصدر الصناعي‪.‬‬
‫توض ًأ" فإذا‬
‫توضأ" عن القياس‪" :‬توضأ ُ‬
‫يب أمبروين ا إم اين‪ :‬عن مصدر " َّ‬
‫ووضو ًءا" أما الضم‬
‫قيل‪" :‬توضأ ُوضو ًءا" اسم مصدر ويقال هنا‪" :‬توضأ ُو ُضو ًءا َ‬
‫الوضوء" بالفتح‪ ،‬فإنك لو فتحت نحو ذلك‬
‫التوضأ‪ ،‬وأما " َ‬
‫ُّ‬ ‫فاسم مصدر بمعنى‬
‫الوضوء" هو الذي يتوضأ به‪.‬‬
‫انقلب إلى المفعول‪َ " ،‬‬
‫توض ًأ جيدً ا‪ ،‬و"إذا‬
‫مثال‪" :‬إذا ذهبت فتوضأ ُوضو ًءا جيدً ا"‪ ،‬أي‪ :‬توضأ ُّ‬
‫تقول ً‬
‫ذهبت بعيدً ا فخذ معك َو ُضو ًءا"‪ ،‬يعني خذ معك ما ًء تتوضأ به‪ ،‬ومثل ذلك‪:‬‬
‫والوقود"‪ ،‬فبالضم المصدر‪،‬‬
‫الوقود َ‬‫والسحور" و" ُ‬
‫السحور َّ‬ ‫"ال ُف ُطور وال َف ُطور"‪ ،‬و" ُّ‬
‫"ال ُفطور" يعني اإلفطار‪ ،‬عملية اإلفطار‪ ،‬وأما "ال َفطور" فالذي يؤكل يف ال ُفطور‪،‬‬
‫والس ُحور"‪.‬‬
‫السحور َّ‬
‫وكذلك " ُّ‬
‫طيب‪" :‬ص َّلى تصلي ًة وصال ًة" قلناها‪ ،‬ما الفرق يا إخوان بين " ِّ‬
‫الرضا‬
‫رضا" الثالثي‪ ،‬وأما‬ ‫يرضى ً‬ ‫رضا َ‬ ‫مصدر ألي فعلٍ‪َ " :‬‬ ‫ٌ‬ ‫الرضا هذا‬
‫والرضاء"؟‪ِّ ،‬‬
‫ِّ‬
‫اضى‬ ‫اع ُل ُم َفا َع َلة فِ َع ًاال"‪َ " ،‬ر َ‬
‫اضى ُي َر َ‬ ‫اضى‪َ ،‬فا َعل ي َف ِ‬
‫ُ‬ ‫الرضاء" فهو مصدر لـ" َر َ‬‫" ِّ‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪44 h‬‬
‫اضى" وليس‬ ‫ور َضا ًءا"‪ .‬فإذا أتاك من الكالم‪ِّ " :‬رضاء" فهو مصدر " َر َ‬ ‫اضا ًة ِ‬‫ُم َر َ‬
‫رض َي"‪.‬‬ ‫مصدرا لـ‪ِ " :‬‬
‫ً‬
‫يجا"‪ ،‬و" َت َخ َّر َج‬ ‫روجا"‪ ،‬و" َأ ْخ َر َج إِ ْخ َر ً‬
‫اجا"‪ ،‬و" َخ َّر َج َت ْخ ِر ً‬ ‫ما مصدر‪َ " :‬خ َر َج ُخ ً‬
‫َخرج ِ‬
‫است ْخ َر ً‬
‫اجا"‪.‬‬ ‫است ْ َ َ ْ‬ ‫َت َخ ُّر ًجا"‪ ،‬و" َت َخ َار َج َت َخ ُار ًجا‪ ،‬و" ْ‬
‫ما ا فعال ل َه المصادر؟‬
‫الع ْلم"؟ َعلِم‪ .‬ومن "التعليم"‪َ :‬ع َّل َم‪ ،‬أما "التع ُّلم"‪ :‬تع َّلم‪،‬‬ ‫ما الفعل من " ِ‬

‫اس َت ْع َل َم‪.‬‬ ‫و"الت َعا ُلم"‪ :‬ت َع َ‬


‫الم‪ ،‬و"االستعالم"‪ْ :‬‬
‫الطالب المسأل َة هاتوا المصدر؟ َعلِ َم الطالب المسألة ِع ْل ًما‪.‬‬
‫ُ‬ ‫طيب يقال َعلِ َم‬
‫ِ‬
‫واس َت ْع َلم عنها‬ ‫و َأ ْع َل ْم ُت ُه إياها إِ ْعال ًما‪ ،‬و َع َّل ْمته إياها َت ْعل ً‬
‫يما‪ ،‬و َت َع َّل َم َها هو تع ُّل ًما‪ْ ،‬‬
‫استِ ْعال ًما‪ .‬و َت َعا َلم هبا تعا ُل ًما‪-‬وال تكون مثله‪.-‬‬
‫ْ‬
‫راضى"‪:‬‬
‫الرضا"‪ ،‬و"أرضى"‪ :‬إرضا ًء‪َ " ،‬‬ ‫ِ‬
‫طيب ما مصدر َرض َي؟ قلنا " ِّ‬
‫رض"‪ :‬ترضية‪ .‬و"اسرتضى"‪ :‬االسرتضاء‪.‬‬ ‫مراضا ًة ِ‬
‫ور َضا ًء"‪ .‬و" َّ‬ ‫" َ‬
‫طيب تكتبوا بح ًثا عن صفات الجلوس يف الصالة‪ ،‬الصالة فيها عدة هيئات‬
‫الجلوس‪ ،‬فيها التورك‪ ،‬فيها االفرتاش‪ ،‬فيها جلسات مشروعة وغير مشروعة‪،‬‬
‫بحثت تلك الصفات‪ ،‬فماذا تسمي بحثك؟ ِج ْلسات الصالة أم َج ْلسات الصالة؟‬
‫هل بحثت يف عددها أم بحثت يف هيئاهتا؟ اسم المرة أم هيئة؟ َف ْع َلة أم فِ ْعلة؟ فِ ْعلة‪،‬‬
‫نقول‪ِ " :‬جلسات الصالة" فإذا سمعت " ِجلسات الصالة" فإنه يحدثك عن‬
‫"هيئات الجلوس يف الصالة"‪.‬‬
‫طيب مر أحدً ا بإصالح ج ُل ِ‬
‫وسه‪ ،‬ماذا تقول له؟ أصلح َج ْلستك‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ُْ‬
‫طيب ُم ْره بالجلوس مع نفسه قبل النوم‪ ،‬اجلس مع نفسك قبل النوم َج ْلسة‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪45 h‬‬
‫‪g‬‬

‫محاسبة‪ ،‬قال تعالى‪( :‬ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ)‬


‫[ا نعام‪ ،]162:‬محياي وممايت‪ ،‬ما نوعهما؟ مصدران ميميان‪ ،‬بمعنى الحياة‬
‫والموت‪.‬‬

‫طيب (ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ) [المؤمن َّ‪]106:‬‬


‫ِش ْقوة‪ ،‬اسم هيئة‪.‬‬
‫أجرا يف الصالة‪ ،‬من؟ أبعدهم إليها ً‬
‫ممشى‪ ،‬هذا نص الحديث‪:‬‬ ‫أعظم الناس ً‬
‫"أعظُ الناْ أجرا يف الصالة‪ ،‬أبعدهُ إلي ا مم ى" مم ى‪ ،‬اسم مكان أم مصدر‬
‫ميمي؟ بمعنى مشي‪ ،‬يعني‪ :‬أبعدهم مكانًا أم أبعدهم َم ْش ًيا‪ ،‬أم كالهما جائز؟‪،‬‬
‫كالهما جائز‪.‬‬

‫قال ‪( :‬ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ) [ال يامة‪" ،]30:‬المساق‪ :‬مصدر ميمي"‬


‫الس ْوق‪.‬‬
‫بمعنى َّ‬

‫(ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ) [الصافاَ‪ ]19:‬زجرة " َف ْعلة اسم مرة"‪ ،‬وأ َّكدَ َها‬
‫بواحدة‪.‬‬

‫السنان وال تربأ طعنة ال ِّل َسان"‪" ،‬طعنة وطعنة"‪ ،‬اسم َّ‬
‫مرة‪ .‬واهلل‬ ‫"قد تربأ طعنة ِّ‬
‫أعلم‪.‬‬
‫َّ‬
‫وصق اهلل وسلُ على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين‪.‬‬

‫‪¹‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪46 h‬‬

‫الدرس اخلامس والسبعون‬


‫﷽‬

‫الحمد هلل رب العالمين‪ ،‬والصالة والسالم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه‬
‫ومن ا بع ُ بإحساَّ إلى م الد ن وسلُ سليما َيرا‪َّ ،‬أما بعد‪-:‬‬
‫ح َّياكم اهلل وب َّياكم‪ ،‬يف هذه الليلة ليلة األثنين الثاين عشر من شهر ذي القعدة من‬
‫سنة ثنتين وثالثين وأربعمائة وألف‪ ،‬من هجرة المصطفى ‪ ‬يف‬
‫جامع الراجحي‪ ،‬يف حي الجزيرة بمدينة الرياض‪ ،‬لنعقد بحمد اهلل وتوفيقه الدرس‬
‫الخامس والسبعين‪ ،‬من دروس شرح [ألفية ابن مالك] عليه رحمة اهلل تعالى‪.‬‬
‫يف هذه الليلة إن شاء اهلل تعالى نتكلم عن‬
‫أبنية أمساء الفاعلني واملفعولني والصفة املشبهة بها‬
‫وقد عقده ابن مالك ‪ ‬يف عشرة أبيات سنقرئها جمي ًعا ونشرحها جمي ًعا‬
‫إن شاء اهلل يف هذه الليلة قال‪:‬‬
‫اَ ا ْل دلم َ َّب َ اة با َ ا‬ ‫اع اللين وا ْللم ْفع لالين وا ْل اص َف ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫َأ ْبنل َي دة َأ ْس َماء ا ْل َف ْ َ َ َ د ْ ْ َ َ‬
‫ا‬

‫َ‬
‫َللللللَا‬ ‫للللللن اة َ الَ َ للللللة َ ُدلللللل ْ دَّ َ‬ ‫ا‬ ‫اعلللق إا َةا‬ ‫اعلللق صللل ام اسلللُ َف ا‬ ‫‪َ َ .457‬ف ا‬
‫م ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫د‬
‫اسللللل ده َف اعل ْ‬
‫للللق‬ ‫َغيلللللر معلللللدَّ بل ْ ا‬
‫للللق ق َي د‬ ‫َ‬ ‫ْ َ د َ‬ ‫للق‬‫للت َو َف اع ْ‬‫للق فاللي َف دع ْل د‬ ‫‪َ .458‬و ْهلل َ َق ال ْي ِ‬
‫اَّ َون َْحللللل د ا َ ْج َ لللللرا‬ ‫َون دَحللللل د َصلللللدْ َ َ‬ ‫للللق َف ْعللللال دََّ ن َْحلللل د َأ ا للللرا‬ ‫‪َ .459‬و َأ ْف َع ِ‬
‫للق َج دمل ْ‬
‫للق‬ ‫للق َوا ْل اف ْعل د‬ ‫َا ْل َّالللخْ اُ َوا ْل ََ ام ْيل ا‬ ‫لللق‬ ‫لللق ْأو َلللللى َو َف اع ْيل ِ‬
‫لللق با َف دعل ْ‬ ‫‪َ .460‬و َف ْعل ِ‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪47 h‬‬
‫‪g‬‬
‫وباسلللل ا ْل َف ا‬ ‫للللق فايل ا‬
‫لللله َق ال ْيل ِ‬
‫ْ نَللللى َف َعل ْ‬
‫لللق‬ ‫اعل ا‬
‫لللق َقللللدْ َ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫للللق َو َف َعل ْ‬
‫للللق‬ ‫‪َ .461‬و َأ ْف َعل ِ ْ‬
‫َا ْلم ا‬ ‫امللللن َغيللللرا اة ا ْللللل ََّال ا‬ ‫لللار اسلللُ َف ا‬
‫اصل ا‬
‫لللق‬ ‫دَ‬ ‫َث‬ ‫ْ ْ‬ ‫اع ا‬
‫لللق‬ ‫‪َ .462‬و اهنَللل دة ا ْل دم َا ا ْ د‬
‫َو َ للللللُ املللللل ْي اُ هَائاللللللد َقللللللدْ َسلللللل َب َ ا‬ ‫للع َْسللرا َم ْع دللل ا َ ام ْيللرا دم ْط َل َ للا‬‫‪َ .463‬م ْ‬
‫للر‬ ‫للُ َم ْف دعللل ْ ل اَم َْل ا‬
‫للق ا ْل دمنْ َع َظل ْ‬ ‫َصللل َار ْاسل َ‬ ‫لت امنْل ده َملا َ ل َ‬
‫لاَّ ا ْنُ ََسل ْلر‬ ‫‪َ .464‬وإا َّْ َفع َْح َ‬
‫ا‬ ‫‪َ .465‬وفاي ْاس اُ َم ْف دعل ْ ال ا ْلَالَ الي ا َّ َلر ْد‬
‫اه َنللللل دة َم ْف دعللللل ْ ل َ للللل َ مل ْ‬
‫للللن َق َصلللللدْ‬
‫ا‬
‫لللللللق‬ ‫نَحللللللل َفعَلللللللاة َأو َفعلللللللى ا‬
‫َح ْي‬ ‫َللللاب َن ْ للللال َعنْلللل ده دةو َف اع ْي ا‬
‫للللق‬
‫ْ‬ ‫د‬ ‫ْ‬ ‫‪َ .466‬ون َ‬
‫هذه األبيات العشرة التي ذكرها ابن مالك ‪ ‬السبعة األولى منها يف صوغ‬
‫اسم الفاعل والصفة المشبهة به‪ ،‬والثالثة األبيات األخيرة يف صوغ اسم المفعول‪.‬‬
‫وسبق الكالم على تعريف اسم الفاعل‪ ،‬وتعريف اسم المفعول يف الباب الذي‬
‫قبل هذا‪ ،‬يف باب إعمال اسم الفاعل‪ ،‬تكلمنا هناك على تعريف اسم الفاعل واسم‬
‫المفعول‪ ،‬وسيأيت الكالم بتوسع على تعريف الصفة المشبهة والفرق بينها وبين‬
‫اسم الفاعل يف الباب القادم إن شاء اهلل تعالى‪ ،‬وهو باب إعمال الصفة المشبهة‪.‬‬
‫أما هذا الباب فهو معقود لبيان كيفية صوغ اسم الفاعل‪ ،‬وكيفية صوغ الصفة‬
‫المشبهة به‪ ،‬وكيفية صوغ اسم المفعول‪ ،‬وسنجد أن الكالم على اسم الفاعل‬
‫بمعنى‬
‫ً‬ ‫متداخال يف سبعة األبيات األولى؛ لماذا؟ ألهنما‬
‫ً‬ ‫وعلى الصفة المشبهة‬
‫بمعنى واحد فهما يدالن على أن الموصوف‬
‫ً‬ ‫واحد فاسم الفاعل والصفة المشبهة‬
‫هبما قد فعل الفعل فإذا قلت‪" :‬قائم" اسم فاعل فالقائم هو الذي فعل القيام‪ ،‬وكذا‬
‫"الضارب والمكرم والمستخرج"‪.‬‬
‫و َلك الصفة الم ب ة نح ‪" :‬البطل الذي فعل البطولة أو وقعت عليه‬
‫البطولة" الذي فعل أي‪ :‬بمعنى اسم الفاعل الذي فعل‪ ،‬وكذلك "الشجاع الذي‬
‫فعل الشجاعة" "والسهل الذي فعل السهولة" "والشريف" ونحو ذلك‪.‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪48 h‬‬
‫ول َا سم َّ الصفة الم ب ة ماةا؟ يسموهنا الصفة المشبهة باسم الفاعل‬
‫مشبهة باسم الفاعل؛ ألهنا كاسم الفاعل من حيث المعنى اإلجمالي‪ ،‬ولكنهما‬
‫يختلفان يف الصوغ‪ ،‬يف اللفظ وهذا هو الذي سيذكر يف هذا الباب‪ ،‬ويختلفان يف‬
‫المعنى الدقيق‪ ،‬وسيأيت بيان المعنى الدقيق السم الفاعل وللصفة المشبهة يف الباب‬
‫القادم كما ذكرنا إن شاء اهلل تعالى‪.‬‬
‫بخالف اسم المفعول‪ ،‬فاسم المفعول يدل على أن الموصوف به قد وقع‬
‫الفعل عليه نحو‪" :‬المضروب" أي‪ :‬الذي وقع الضرب عليه كذلك "المشروب‬
‫والمكرم والمستخرج" وهكذا‪ ،‬فلهذا سنبدأ إن شاء اهلل تعالى كما بدأ ابن مالك‬
‫بالكالم على أبنية اسم الفاعل والصفات المشبهة باسم الفاعل‪.‬‬
‫إ ًذا فالكالم اآلن على أبنية اسم الفاعل والصفة المشبهة به يعني‪ :‬على كيفية‬
‫صوغ اسم الفاعل‪ ،‬وعلى كيفية صوغ الصفات المشبهة‪ ،‬ولنقدم لذلك بالمقدمة‬
‫فنقول‪:‬‬
‫ثالثي وإما غير ثالثي رباعي خماسي سداسي وهذه قسمة معروفة‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫الفعل إما‬

‫‪ ‬والثالثي من املعلوم أن له مخسة أقسام‪:‬‬


‫ا ول‪َ :‬ف َع َل المتعدي كأخذ وضرب وكتب‪ ،‬تقولك‪ :‬أخذه وضربه وكتبه فهو‬
‫َف َع َل متعدي‪.‬‬
‫الَاين‪ :‬يف الفعل الثالثي هو َف َع َل الالزم كجلس وقعد وخرج ودخل ما تقول‬
‫خرجه؛ ألنه الزم تقول‪" :‬خرج منه‪ ،‬ودخل إليه‪ ،‬وجلس عليه"‪.‬‬
‫والَالث‪ِ :‬‬
‫فعل المتعدي "كشرب" تقول "شربه‪ ،‬وسمع سمعه‪ ،‬وعلمه‬
‫وفهمه"‪.‬‬
‫والرابع‪ :‬من أقسام الفعل الثالثي هو‪ِ :‬‬
‫فعل الالزم‪ :‬كفرح وقدم‪.‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪49 h‬‬
‫‪g‬‬
‫والخامس‪ :‬من أقسام الفعل الثالثي هو‪ :‬ف ُعل بضم العين وال يكون إال الز ًما‬
‫ككرم وصغر وكرب وشرف وعظم ونحو ذلك‪.‬‬
‫فإةا عرفنا هَه الم دمة ن ل‪ :‬إن اسم الفاعل يصاغ ويؤخذ من الثالثي وغير‬
‫الثالثين ونبدأ بالكالم على صوغه من الثالثي فنقول‪:‬‬
‫أما صوغه من فعل المتعدي فيكون على وزن فاعل "كضربه فهو ضارب"‪،‬‬
‫"وكتبه فهو كاتب" "ونصره فهو ناصر" "وشهده وباعه فهو بائع" ألن باع أصلها‬
‫فعل المتعدي يكون على وزن فاعل‪،‬‬ ‫بيع‪ ،‬وأخذه فهو آخذ إ ًذا فاسم الفاعل من ِ‬

‫وقد يأيت على وزن فعيل "كناصر ونصير"‪ ،‬قل‪" :‬نصره فهو ناصر ونصير" فناصر‬
‫اسم فاعل ونصير كذلك اسم فاعل‪.‬‬
‫أيضا على وزن فاعل نقول‪" :‬دخل‬
‫وأما فعل الالزم فيؤخذ اسم الفاعل منه ً‬
‫فهو داخل" "وخرج فهو خارج" "وجلس فهو جالس" "وقعد فهو قاعد" وسعى"‬
‫سعي فاسم الفاعل على وزن فاعل فاسم الفاعل من سعى‬
‫َ‬ ‫على وزن ف َعل أصلها‬
‫ساعي ثم حذفت الياء وقيل سعي‪ ،‬وقد يأيت اسم الفاعل منه على‬
‫ٌ‬ ‫سا ٍع وأصلها‬
‫وزن فعيل "كقعد فهو قاعد وقعيد" "وجلس فهو جالس وجليس" وهكذا‪.‬‬
‫أيضا يقال‪" :‬سمعه فهو‬
‫وأما فعل المتعدي فيؤخذ اسم الفاعل منه على فاعل ً‬
‫سامع وعلمه فهو عالم"‪" ،‬وفهمه فهو فاهم"‪" ،‬وشربه فهو شارب"‪" ،‬ورحمه فهو‬
‫راحم "وهكذا‪.‬‬
‫أيضا يقال‪" :‬سامع وسميع"‪ "،‬وعالم‬
‫وقد يأيت اسم الفاعل منه على فعيل ً‬
‫وعليم"‪" ،‬وراحم ورحيم"‪ ،‬وهكذا‪.‬‬
‫إ ًذا ففعل المتعدي‪ ،‬وفعل الالزم‪ِ ،‬‬
‫وفعل المتعدي هذه الثالثة يصاغ اسم‬
‫الفاعل منها جمي ًعا على وزن فاعل‪ ،‬وقد يأيت على وزن فعيل‪ ،‬ماذا يبقى من الفعل‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪50 h‬‬
‫الثالثي؟ يبقى ِ‬
‫فعل الالزم كفرح‪ ،‬وف ُعل وال يكون إال الز ًما‪ ،‬هذان الوزنان ف ُعل‬
‫قياسا‬
‫الالزم وف ُعل وال يكون إال الز ًما ال يأيت اسم الفاعل منهما على وزن فاعل ً‬
‫إال ما ُسمع وهو شاذ كقولهم‪" :‬حمض فهو حامض" "وطهر فهو طاهر"‪" ،‬ونعم‬
‫فعل الالزم فكقولهم‪" :‬أمن فهو آمن"‪" ،‬وسلم‬ ‫فهو ناعم" هذه يف فعل‪ ،‬وأما يف ِ‬
‫ُ‬
‫فهو سالم"‪" ،‬وعقرت المرأة فهي عاقر"‪ ،‬وهذا هو مراد ابن مالك ‪ ‬يف قوله‪:‬‬
‫َ‬
‫َللللللَا‬ ‫للللللن اة َ الَ َ للللللة َ ُدلللللل ْ دَّ َ‬ ‫ا‬ ‫اعللللللق صلللللل ام اسللللللُ َف ا‬
‫اعللللللق إا َةا‬ ‫َ َف ا‬
‫م ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫د‬
‫اسللللل ده َف اعل ْ‬
‫للللق‬ ‫َغيلللللر معلللللدَّ بل ْ ا‬
‫للللق ق َي د‬ ‫َ‬ ‫ْ َ د َ‬ ‫للللت َو َف اعل ْ‬
‫للللق‬ ‫للللق فالللللي َف دع ْلل د‬
‫َو ْهللللل َ َق ال ْيل ِ‬
‫يقول‪ :‬اسم الفاعل يصاغ على وزن فاعل من الثالثي فأطلق األوزان‪ ،‬ثم عاد‬
‫فخصص وقال‪:‬‬
‫اسللللل ده َف اعل ْ‬
‫للللق‬ ‫َغيلللللر معلللللدَّ بل ْ ا‬
‫للللق ق َي د‬ ‫َ‬ ‫ْ َ د َ‬ ‫للللت َو َف اعل ْ‬
‫للللق‬ ‫للللق فالللللي َف دع ْلل د‬
‫َو ْهللللل َ َق ال ْيل ِ‬
‫الم َعدى يعني‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫َف ُع ْل ُت ما يأيت فيه فاعل إال ً‬
‫قليال إال سما ًعا‪ ،‬وكذلك فعل غير ُ‬
‫فعل الالزم وهذا الذي شرحناه وقلناه‪ ،‬فقد علمنا اآلن أن اسم الفاعل ال يأيت على‬ ‫ِ‬

‫سماعا شذو ًذا‪ ،‬فالسؤال‬


‫ً‬ ‫وزن فاعل من فعل الالزم ومن فعل ال يكون إال الز ًما إال‬
‫فعل الالزم ومن ف ُعل ال يكون إال الز ًما؟ كيف تأخذ‬‫اآلن ما قياس اسم الفاعل من ِ‬

‫فعل الالزم كفرح ومن ف ُعل كعظم؟ الجواب يف ذلك يقوله ابن‬ ‫اسم الفاعل من ِ‬

‫مالك يف هذه األبيات قال‪:‬‬


‫اسللللل ده َف اعل ْ‬
‫للللق‬ ‫َغيلللللر معلللللدَّ بل ْ ا‬
‫للللق ق َي د‬ ‫َ‬ ‫ْ َ د َ‬ ‫للللت َو َف اعل ْ‬
‫للللق‬ ‫للللق فالللللي َف دع ْلل د‬‫َو ْهللللل َ َق ال ْيل ِ‬
‫اَّ َون َْحللللل د ا َ ْج َ لللللرا‬‫َون دَحللللل د َصلللللدْ َ َ‬ ‫لللللللق َف ْعلللللللال دََّ ن َْحللللللل د َأ ا لللللللرا‬
‫َو َأ ْف َع ِ‬
‫للق َوا ْل اف ْعل د‬
‫للق َج دمل ْ‬
‫للق‬ ‫َا ْل َّالللخْ اُ َوا ْل ََ ام ْيل ا‬ ‫للللللق‬ ‫للللللق ْأو َللللللللى َو َف اع ْيل ِ‬
‫للللللق با َف دعل ْ‬ ‫َو َف ْعل ِ‬
‫وباسلللل ا ْل َف ا‬ ‫لللللللق فايل ا‬
‫للللللله َق ال ْيل ِ‬
‫لللق‬ ‫اعل ا‬
‫لللق َقللللدْ َ ْ نَللللى َف َعل ْ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫لللللللق َو َف َعل ْ‬
‫لللللللق‬ ‫َو َأ ْف َعل ِ ْ‬
‫فعل وأفعل وفعالن‪،‬‬ ‫أي‪ :‬أن فعل الالزم قياس اسم الفاعل منه يكون على ِ‬

‫وهذا قوله‪:‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪51 h‬‬
‫‪g‬‬
‫لاس ده َف اع ْلق َو َأ ْف َع ِق َف ْعال دََّ‬ ‫ا‬
‫َب ْق ق َي د‬
‫ثم ضرب أمثلة‪:‬‬

‫ن َْح د َأ ا را َون دَح د َصدْ َ َ‬


‫اَّ َون َْح د ا َ ْج َ را‬

‫صدي فهو صديان"‪ ،‬ونحو "األجهر جهر فهو أجهر"‪،‬‬ ‫أش ِر ِ‬


‫أش ٌر"‪ ،‬ونحو "‬ ‫" ِ‬
‫ّ‬
‫وأما فعل وال يكون إال الز ًما فقياس اسم الفاعل منه يكون على فعل وفعيل‪،‬‬
‫ويقيل فيه أفعل وفعل وهذا هو قول ابن مالك‪:‬‬
‫للق َوا ْل اف ْعل د‬
‫للق َج دمل ْ‬
‫للق‬ ‫َا ْل َّالللخْ اُ َوا ْل ََ ام ْيل ا‬ ‫للللللق‬ ‫للللللق ْأو َللللللللى َو َف اع ْيل ِ‬
‫للللللق با َف دعل ْ‬ ‫َو َف ْعل ِ‬
‫ٌ‬
‫وفعيل أولى بفعل "كالضخم والجميل الضخم ضخم فهو ضخم"‪،‬‬ ‫ٌ‬
‫فعل‬
‫الجميل جمل فهو جميل قال‪ :‬والفعل جمل‪.‬‬
‫َو َأ ْف َع ِق فا ْي اه َق ال ْي ِق َو َف َع ْق‬
‫قد يأيت اسم الفاعل على فعل وعلى أفعل‪ ،‬ولكن هذا قليل‪ ،‬فنعود بعد أن‬
‫شرحنا األبيات نفصل ما فيها ففعل الالزم "كفرح"‪ ،‬فعل الالزم قياسه كما ذكر ابن‬
‫فع ٍل بكسر العين لألعراض‬ ‫مالك أن يكون على فعل أو فعالن أو أفعل‪ ،‬على ِ‬

‫فرح" الفرح–‬
‫يعني‪ :‬األوصاف التي تزول ال تثبت تأيت وتذهب "كفرح فهو ٌ‬
‫فارح" تقول‪" :‬محمد‬
‫ٌ‬ ‫فارح تقول‪" :‬محمد‬
‫ٌ‬ ‫فرح" ال‬
‫عرض‪ -‬تقول‪" :‬فرح فهو ٌ‬
‫فرح" يعني‪ :‬يفعل الفرح لكن اسم الفاعل منه على فعل فرح ال فارح‪" ،‬ونضر فهو‬
‫ٌ‬
‫أشر"‪.‬‬
‫بطر"‪ "،‬وأشر فهو ٌ‬
‫نضر"‪" ،‬وبطر فهو ٌ‬
‫الوزن الثاين ِ‬
‫لفعل الالزم أن يكون اسم الفاعل منه على فعالن‪ ،‬وذلك إذا دل‬
‫وصدي فهو صديان"‪،‬‬
‫ّ‬ ‫على امتالء أو حرارة باطن" كعطش فهو عطشان"‪" ،‬‬
‫"وشبع فهو شبعان"‪ ،‬وقد يكون اسم الفاعل منه على أفعل‪ ،‬وذلك يكون يف‬
‫ِ‬
‫والخلق جمع خلقة نحو "سود فهو أسود"‪،‬‬ ‫ِ‬
‫والخلق‪ ،‬األلوان جمع لون‪،‬‬ ‫األلوان‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪52 h‬‬
‫"وخضر فهو أخضر"‪" ،‬وعور فهو أعور"‪ "،‬وحول فهو أحول"‪" ،‬وعمي فهو‬
‫أعمى" وهكذا‪ ،‬فهذا اسم الفاعل من فعل الالزم‪.‬‬
‫أما ف ُعل وما يكون إال الز ًما فاسم الفاعل منه يكون على فع ٍل "كضخم فهو‬
‫ضخم"‪" ،‬وسهل فهو سهل"‪" ،‬وصعب فهو صعب"‪ "،‬وشهم فهو شهم"‪ ،‬وقد‬
‫يكون اسم الفاعل من فعل على وزن فعيل نحو "جمل فهو جميل"‪" ،‬وشرف فهو‬
‫شريف"‪" ،‬وكرم فهو كريم"‪ "،‬وكرب وصغر فهو كبير وصغير"‪ ،‬وقد يأيت اسم‬
‫قليال على أفعل نحو‪" :‬خطب فهو أخطب" إذا كانت فيه‬
‫الفاعل من فعل الالزم ً‬
‫خضرة يعني‪ :‬لون الخضرة فهو أخضر وهذا قليل‪ ،‬وقد يكون اسم الفاعل منه على‬
‫بطال "بطل فهو بطل" "وحسن‬
‫وزن فعل نحو‪" :‬بطل فهو بطل"‪ ،‬بطل يعني‪ :‬صار ً‬
‫فهو حسن" وهذان الوزنان القليالن ذكرهما ابن مالك‪.‬‬
‫أيضا متعددة يأيت عليها اسم الفاعل من فعل الالزم بال‬
‫وهناك أوزان أخرى ً‬
‫قياس فقد يأيت اسم الفاعل من فعل الالزم على فعال كجبن فهو جبان‪ ،‬وقد يأيت‬
‫فعال كشجع فهو شجاع‪ ،‬وهذه سماعية ال قياسية‪.‬‬‫على ِ‬

‫وبعد أَّ ة ر ابن مالك ‪ ‬أبنية اسُ الفاعق من الَال ي ف َعق مععد ا‬
‫واهما‪ ،‬ا‬
‫وفعق مععد ا واهما‪ ،‬وف دعق الالهم معُ ةلك ب له‪:‬‬
‫وباس ا ْل َف ا‬
‫اع اق َقدْ َ ْ نَى َف َع ْق‬ ‫َ ْ َ‬
‫يعني‪ :‬أن الفعل الثالثي الذي على وزن فعل الذي عرفنا أن اسم الفاعل منه‬
‫فعل ضرب فهو ضارب‪ ،‬قعد فهو قاعد قد يأيت اسم الفاعل منه على غير‬‫على وزن ِ‬

‫وزن فاعل‪.‬‬
‫وباس ا ْل َف ا‬
‫اع اق َقدْ َ ْ نَى َف َع ْق‬ ‫َ ْ َ‬
‫يقول‪ :‬الفعل الثالثي الذي على وزن فعل قد يأيت منه اسم فاعل على غير وزن‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪53 h‬‬
‫‪g‬‬
‫فعل‪ ،‬قد يستغني بوزن آخر عن وزن فاعل وهذا قليل سماعي "كطاب يطيب فهو‬
‫طيب"‪ ،‬ما وزن طاب يطيب فهو طيب؟ ما أصل ذلك؟ األصل ط َّيب ي ْط ِّيب انقلبت‬
‫األلف يا ًء طاب‪ ،‬ي ْط ِّيب نقلت الكسرة من الياء إلى الساكن قبلها ليتخلص من‬
‫الثقل الحاصل من اجتماع كسرتين فصارت يطيب "طاب يطيب فهو طيب" ما‬
‫وزن طيب؟ أهل األصول عندنا طيب طاء وياء وباء‪ ،‬ثم طيب فيه ياء زائدة فيعل‬
‫ليس على وزن فعل‪.‬‬
‫شيخ يشيخ إ ًذا فاألصل ياء‪ ،‬ما أصل "شاخ‬
‫شيخ" ٌ‬
‫أيضا "شاخ يشيخ فهو ٌ‬
‫وقال ً‬
‫يشيخ"؟ "ش َّيخ يش ِّيخ" ثم قلبت الياء أل ًفا يف شيخ فصارت شاخ‪ ،‬وأما يش ِّيخ فنقلت‬
‫الكسرة من الياء إلى الساكن قبلها ليتخلص نمن الثقل الناشئ من اجتماع كسرة‬
‫شيخ؟ ٌ‬
‫فعل وليس على وزن فعل‪.‬‬ ‫شيخ ما وزن ٌ‬
‫وياء فصارت يشيخ فهو ٌ‬

‫أيضا‬
‫وقالوا‪" :‬شاب يشيب شاب الرجل" يشيب فهو أشيب‪ ،‬األصل ياء هي ً‬
‫األصل ش َّيب يش ِّيب فصار شاب كما ذكرناه قبل قليل فهو أشيب على وزن أفعل‪،‬‬
‫وأما قول الناس شائب فهم يقولوا شايب وأصلها شائب فهذه إما لحن وإما عود‬
‫إلى القياس المرفوض يعني‪ :‬العرب رفضوا هذا القياس ولم يقولوا شائب وإنما‬
‫يقولوا أشيب‪ ،‬وهذا القياس المرفوض يستعمل ممن ضعفت فصاحته أو من‬
‫الجاهل‪ ،‬موجود عند غير المتعلمين‪ ،‬وموجود عند األطفال ويسمى يف اللغة‬
‫قائم"‬
‫مثال‪" :‬محمد ٌ‬
‫القياس الخاطئ‪ ،‬أو العود إلى األصول المرفوضة يعني لو قلنا ً‬
‫"وهندٌ قائمة"‪" ،‬وأنا ناجح وهي ناجحة"‪ "،‬وأنا أحمر وهي أحمرة" قد يقول‬
‫بعض األطفال أحمرة؛ ألنه يقيس على أن التأنيث بالتاء هذا قياس لكنه قياس‬
‫خاطئ‪ ،‬هذا عود إلى القياس المرفوض‪ ،‬وبذلك ننتهي من الكالم على صياغة‬
‫اسم الفاعل من الثالثي‪.‬‬
‫ليتكلم من بعد ذلك ابن مالك على صوغ اسم الفاعل من الغير الثالثي‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪54 h‬‬
‫الرباعي الخماسي السداسي‪ ،‬ويف ذلك يقول‪:‬‬
‫َث َا ْلم ا‬ ‫امللللن َغيللللرا اة ا ْللللل ََّال ا‬ ‫لللللار اسللللللُ َف ا‬
‫اصل ا‬
‫لللق‬ ‫دَ‬ ‫ْ ْ‬ ‫اعل ا‬
‫لللللق‬ ‫د‬ ‫َو اه َنلللللل دة ا ْل دم َال ا ْ‬
‫َو َ للللللُ املللللل ْي اُ هَائاللللللد َقللللللدْ َسلللللل َب َ ا‬ ‫للللع َْسللللرا َم ْع دللللل ا َ ام ْيللللرا دم ْط َل َ للللا‬
‫َم ْ‬
‫يقول‪ :‬اسم الفاعل يصاغ من غير الثالثي رباع ًيا كان أو خماس ًيا أو سداس ًيا‬
‫ميما مضمومة‬
‫على وزن مضارعه نأيت بمضارعه‪ ،‬ثم نقلب حرف المضارعة ً‬
‫ونكسر ما قبل اآلخر‪ ،‬وهذه قاعدة مضطردة ال يشذ عنها شي ٌء‪ ،‬وضرب ً‬
‫مثاال على‬
‫رباعي وليس وصل الثالثي‪ ،‬يعني‪ :‬واصل يواصل‬
‫ٌ‬ ‫ذلك بالمواصل فالفعل واصل‬
‫ميما مضمومة وتكسر ما قبل اآلخر‬
‫فهو مواصل‪ ،‬تأيت يواصل ثم تقلب الياء ً‬
‫مواصل‪ ،‬وأما الفعل الثالثي وصل فاسم الفاعل منه وصل فهو واصل‪ ،‬نعم‪.‬‬
‫وكذلك يف "أكرم يكرم فهو ِ‬
‫مكرم"‪ ،‬وكذلك يف الخماسي "انطلق ينطلق فهو‬
‫وخرج رباعي؛ ألن‬
‫منطلق"‪ ،‬ويف السداسي "استخرج يستخرج فهو مستخرج"‪َّ ،‬‬
‫مخرج وتخرج فهو متخرج"‪" ،‬وأخرج فهو أخرج يخرج‬
‫خرج فهو ِّ‬ ‫الراء مشددة " َّ‬
‫خرج‬ ‫ومخرج ِ‬
‫مخرج من الفعل أخرج يخرج‪ ،‬أما ُم ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫خرج‬‫فهو مخرج" الفرق بين ُم ِ‬
‫يخرج قلنا إذا عرفنا الفعل نعرف اسم الفاعل منه‪ ،‬وإذا عرفنا اسم‬
‫خرج ِّ‬
‫فمن الفعل َّ‬
‫حد سواء قلنا هذه القاعدة مضطردة‬ ‫الفاعل نعرف الفعل؛ ألهنما مرتبطان على ٍ‬

‫لكن خربة وليس هبا شواذ‪.‬‬


‫وما سبق هو أبنية اسم الفاعل والصفات المشبهة هبا يعني كيفية صوغ اسم‬
‫الفاعل والصفات المشبهة هبا‪ ،‬لكن تالحظون أننا كنا نقول يف أثناء الشرح اسم‬
‫فعل المتعدي على وزن فاعل‪ ،‬واسم الفاعل من فعل الالزم على وزن‬ ‫الفاعل من ِ‬

‫فاعل‪ ،‬واسم الفاعل من فعل المتعدي على وزن فاعل‪ ،‬واسم الفاعل من فعل‬
‫فرح" أو فرحان انظروا‬ ‫ِ‬
‫الالزم على وزن فعل أو أفعل أو فعالن "كفرح يفرح فهو ٌ‬
‫أطلقنا اسم الفاعل على فعل على فرح قلنا‪ :‬اسم الفاعل من فعل على فعل "فرح‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪55 h‬‬
‫‪g‬‬
‫فعل أو فعيل‬‫يفرح فهو فرح"‪ ،‬واسم الفاعل من فعل وما يكون إال الزما على وزن ِ‬
‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫كضخم فهو ضخم أو جمل فهو جميل‪ ،‬فأطلقنا على كل ذلك اسم فاعل؛ ألهنا يف‬
‫الحقيقة كلها أسماء فاعلين إال أنه يف االصطالح ال يطلقون اسم الفاعل إال على ما‬
‫فعل فإهنم يسمونه الصفة المشبهة على‬‫فعل فإن لم يكن على وزن ِ‬ ‫كان على وزن ِ‬
‫وزن ِ‬
‫فعل فرح أو فعالن "عطشان" أو أفعل" أحمر" أو على وزن ف ْعل "كصعب"‪،‬‬
‫أو على وزن فعيل "كعظيم"‪ ،‬أو على وزن ِ‬
‫فعال أو ُفعال "كجبان وشجاع"‪ ،‬فاسم‬
‫الفاعل والصفة المشبهة يتفقان يف شيء ويختلفان يف شيئين‪ ،‬يتفقان يف شيء يف‬
‫المعنى اإلجمالي فكالهما يطلقان على من فعل الفعل‪ ،‬فقائم الذي فعل القيام هو‬
‫شبعان الذي فعل ِ‬
‫الشبع وهكذا‪.‬‬
‫و خعلفاَّ يف أمر ن‪:‬‬
‫ا مر ا ول‪ :‬لفظ ًيا فاسم الفاعل على وزن فاعل والصفات المشبهة على‬
‫أوزان مختلفة‪.‬‬
‫وا مر الَاين‪ :‬الذي يختلفان فيه معنوي‪ ،‬وهذا يحتاج إلى زيادة بيان ستأيت إن‬
‫شاء اهلل تعالى يف الباب القادم كما وعدنا يف أول الدرس يف باب إعمال الصفة‬
‫المشبهة‪.‬‬
‫لننتقل بعد ذلك بعد أن انتهينا عن الكالم على اسم الفاعل والصفات المشبهة‬
‫هبا إلى الكالم عن اسم المفعول‬
‫أسماء المفعولين أي‪ :‬أوزاهنا وكيفية صوغها‪ ،‬ويف ذلك يقول ابن مالك‬
‫‪:‬‬
‫للر‬ ‫للُ َم ْف دعللل ْ ل اَم َْل ا‬
‫للق ا ْل دمنْ َع َظل ْ‬ ‫للار ْاسل َ‬
‫َصل َ‬ ‫لللت امنْلللل ده َمللللا َ ل َ‬
‫لللاَّ ا ْنُ ََسل ْ‬
‫لللر‬ ‫َوإا َّْ َف َع ْحل َ‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫اه َنللللل دة َم ْف دعللللل ْ ل َ للللل َ مل ْ‬
‫للللن َق َصلللللدْ‬ ‫َوفلللي ْاسللل اُ َم ْف دعللل ْ ل ا ْلَالَ لللي ا َّ َ‬
‫لللر ْد‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪56 h‬‬
‫ا‬
‫لللللللق‬ ‫نَحللللللل َفعَلللللللاة َأو َفعلللللللى ا‬
‫َح ْي‬ ‫للللللاب َن ْ لللللللال َعنْللللللل ده دةو َف اع ْيل ا‬
‫للللللق‬ ‫َو َنل‬
‫ْ‬ ‫د‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫أيضا يف هذه األبيات أن اسم المفعول يصاغ من الثالثي ومن غير الثالثي‬
‫فذكر ً‬
‫إال أنه بدأ يف صوغه من غير الثالثي فنتبعه يف ذلك ونقول‪ :‬اسم المفعول يصاغ من‬
‫غير الثالثي رباع ًيا كان أو خماس ًيا أو سداس ًيا على قاعدة مضطردة وهي أن تأيت‬
‫ميما مضمومة وتفتح ما قبل اآلخر أي‬
‫بالفعل المضارع ثم تقلب حرف المضارعة ً‬
‫أنه‪ :‬كاسم الفاعل من غير الثالثي إال أنك يف اسم الفاعل تكسر ما قبل اآلخر ويف‬
‫اسم المفعول تفتح ما قبل اآلخر وهذا هو قوله‪:‬‬

‫ت امنْ ده َما َ‬
‫َاَّ ا ْنُ ََسر‬ ‫َوإا َّْ َفع َْح َ‬
‫ألنه قال هذا البيت بعد القاعدة التي ذكرها يف صوغ اسم الفاعل من غير‬
‫الثالثي صار اسم مفعول "كمثل المنتظر" المنتظر من انتظر خماسي "انتظر ينتظر‬
‫فهو منتظِ ٌر" اسم الفاعل كسرت ما قبل اآلخر وهو من َت َظر فتحت ما قبل اآلخر فهو‬
‫ومكرم"‪" ،‬ومنطلِق‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫اسم مفعول‪ ،‬وكذلك تقول " ِ‬
‫ومكرم‪َ .‬‬ ‫ومواصل"‪" ،‬‬
‫َ‬ ‫مواصل‬
‫ومخرج"‬
‫َّ‬ ‫ومخرج‬
‫ِّ‬ ‫ومتخرج" "‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫ومتخرج‬ ‫ومستخرج"‪" ،‬‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫ومستخرج‪.‬‬ ‫ومن َطلق"‪" ،‬‬
‫ومخرج "‬
‫َّ‬ ‫ومخرج‬
‫ِّ‬ ‫"‬
‫ثم ذكر اسم المفعول من الثالثي فقال‪:‬‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫اه َنللللل دة َم ْف دعللللل ْ ل َ للللل َ مل ْ‬
‫للللن َق َصلللللدْ‬ ‫َوفلللي ْاسللل اُ َم ْف دعللل ْ ل ا ْلَالَ لللي ا َّ َ‬
‫لللر ْد‬
‫نعم اسم مفعول ليس فيه تفصيل كما يف اسم الفاعل الذي يأيت من الفعل‬
‫الثالثي كله على وزن واحد على وزن مفعول قال‪:‬‬

‫َ َ ام ْن َق َصدْ‬
‫يعني‪ :‬مقصود مفعول‪ ،‬تقول‪" :‬مقصود" "مضروب" مشروب" "مأخوذ"‬
‫"مأكول" "مدروس" مفهوم" وهكذا‪.‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪57 h‬‬
‫‪g‬‬
‫إال أن الذي يجب التنبه له هو‪ :‬أن اسم المفعول يؤخذ من الفعل المبني‬
‫للمجهول فهو يف معناه ويعمل عمله‪ ،‬أما اسم الفاعل والصفة المشبهة به فهما‬
‫يؤخذان من الفعل المبني للمعلوم فهما يف معناه ويعمالن عمله فإذا قلت‪:‬‬
‫مكرم"‪ ،‬وإذا قلنا‪" :‬أخرج البخاري هذا‬ ‫"أكرمت الرجل فأنا ِ‬
‫مكرم"‪" ،‬والرجل َ‬
‫خرج البخاري هذا‬
‫مخرج‪ ،‬أما إذا قلنا " َّ‬ ‫ِ‬
‫مخرج والحديث َ‬ ‫الحديث" فالبخاري‬
‫مخرج‪ ،‬وإذا قلت‪" :‬استخرجت الحديث‬
‫خرج والحديث َّ‬ ‫الحديث" فالبخاري ُم ِّ‬
‫مستخرج وصحيح البخاري‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫مستخرج والحديث‬ ‫من صحيح البخاري" فأنا‬
‫مستخرج منه‪ ،‬نعم‪.‬‬
‫َ‬
‫وإذا قلنا "جلس الولد على الكرسي" فالولد جالس اسم فاعل والكرسي‬
‫رياال" فأنا م ٍ‬
‫عط‬ ‫مجلوس عليه فمجلوس اسم مفعول‪ ،‬وإذا قلنا‪" :‬أعطيت الفقير ً‬
‫ُ‬
‫ُمفعل على القاعدة أعطى ُيعطي نقل الياء من مضموم ونكسر ما قبل اآلخر ُيعطي‬
‫ٍ‬
‫كقاض نقول‪:‬‬ ‫ُمعطي لكن االسم إذا كان آخره ياء وقبلها كسرة نحذف الياء وننون‬
‫عط فأنا م ٍ‬
‫عط"‪ ،‬والريال ُمع ًطا يف معطى مفعل هذه القاعدة‪ ،‬والفقير ُمع ًطا له‪،‬‬ ‫"م ٍ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫نعم‪.‬‬
‫و َلك ل قلنا‪" :‬منح المدرس المجتهد جائزة" فالمدرس مانح‪ ،‬والجائز‬
‫ممنوح له‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫ممنوحة والمجتهد‬
‫بعد أن ب َّين كيفية صوغ اسم المفعول من الثالثي وغير الثالثي قال‪:‬‬
‫ا‬
‫لللللللق‬ ‫نَحللللللل َفعَلللللللاة َأو َفعلللللللى ا‬
‫َح ْي‬ ‫للللللاب َن ْ لللللللال َعنْللللللل ده دةو َف اع ْيل ا‬
‫للللللق‬ ‫َو َنل‬
‫ْ‬ ‫د‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫أي‪ :‬أن مجيئ فعيل بمعنى اسم المفعول قليل نقول‪ :‬لقد جاء فعيل بمعنى‬
‫مفعول‪ ،‬ولكنه قليل مقتصر فيه على السماع والنقل نحو‪ :‬رجل جريح‪ .‬جريح‬
‫بمعنى فاعل أو مفعول؟ مفعول مجروح‪.‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪58 h‬‬
‫وقد ذكرنا من قبل أن اسم الفاعل قد يأيت على وزن فعيل يف فعل المتعدي"‬
‫كناصر ونصير" بمعنى فاعل أو مفعول؟ ناصر أو منصور ناصر من فعل الالزم‬
‫"كقعيد وجليس"‪ ،‬ومن فعل المتعدي كشهد فهو شاهد وشهيد‪" ،‬وعلم فهو عالم‬
‫وعليم"‪ ،‬مجيئ فعيل بمعنى فاعل هذا كثير‪ ،‬فلم ينص عليه ابن مالك ولو نص‬
‫عليه لكان أفضل‪ ،‬ولكنه نص على القليل وهو مجيئ فعيل بمعنى مفعول‪.‬‬
‫فهذا الكثير وهو فعيل بمعنى فاعل كثير فلهذا يبقى على القاعدة ما معنى يبقى‬
‫على القاعدة؟ أي‪ :‬قاعدة التذكير والتأنيث نقول‪" :‬أنا شهيد وهي شهيدة" "هذا‬
‫رجل شهيد وهذه امرأة شهيدة" وهكذا‪.‬‬
‫وأما فعيل بمعنى مفعول فهذا قليل يقول‪:‬‬
‫َاب َن ْ ال‬
‫َون َ‬
‫يعني‪ :‬هذا مختص بالسمع والنقل‪ ،‬وألنه قليل يستوي فيه المذكر والمؤنث‬
‫بشرط ذكر الموصوف فتقول‪" :‬هذا رجل جريح"‪" ،‬وهذه امرأة جريح"‪ ،‬وال‬
‫فتى كحيل" بمعنى كاحل‬
‫تقول‪" :‬امرأة جريحة" وتقول‪" :‬هذه فتاة كحيل" "وهذا ً‬
‫أو مكحول‪.‬‬
‫وتقول‪" :‬هذا رجل قتيل"‪" ،‬وهذه امرأة قتيل"؛ ألنه بمعنى مفعول وهكذا قلنا‬
‫يستوي فيه المذكر والمؤنث بشرط ذكر الموصوف‪ ،‬فإن لم ُيذكر الموصوف‬
‫جريحا‬
‫ً‬ ‫وجب التذكير مع المذكر والتأنيث مع المؤنث رف ًعا للبث فتقول‪" :‬رأيت‬
‫هنا"‪" ،‬ورأيت هناك جريح ًة" فعرفنا أن األول مذكر والثانية مؤنثة؛ ألنك لم تذكر‬
‫جريحا" "ورأيت هناك امرأة جريح ًة"‬
‫ً‬ ‫رجال‬
‫ً‬ ‫الموصوف ولو قلت‪" :‬رأيت هنا‬
‫ألنك ذكرت الموصوف‪.‬‬
‫وأما فعيل بمعنى فاعل فهو كثير جدًّ ا "كنصير وقدير ورحيم وسميع" إلى‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪59 h‬‬
‫‪g‬‬
‫آخره‪...‬‬
‫وأما كثير فهو فعيل بمعنى فاعل أم مفعول؟ مفعول فيستوي فيه المذكر‬
‫رأس دهين" بمعنى مدهون‪" ،‬وطريح طريح الفراش"‬
‫والمؤنث ودهين "هذا ٌ‬
‫أيضا مفعول لو قلنا‪ :‬مريض؟ "مرض فهو مريض" صفة مشبهة إن قلنا إن فعل‬
‫ً‬
‫الالزم يأيت على ِ‬
‫فعل وفعيل‪.‬‬
‫للللق َف ْعللللال دََّ‬ ‫اسلللل ده َف اع ْ‬
‫للللق َو َأ ْف َع ِ‬ ‫ب ْ ا‬
‫للللق ق َي د‬ ‫َ‬ ‫للللللق‬ ‫للللللق ْأو َللللللللى َو َف اع ْيل ِ‬
‫للللللق با َف دعل ْ‬ ‫َو َف ْعل ِ‬
‫فهناك الصفات المشبهة لكن الكالم كله على ما يأيت من فعل هذا الذي يقول‬
‫إنه فعيل بمعنى فعل أو بمعنى مفعول‪.‬‬
‫وبذلك نكون يا إخوان قد شرحنا يف هذا الدرس بحمد اهلل كما ترون عشرة‬
‫أبيات وكنا فيما مضى نشرح يف الدرس بيتين أو ثالثة أبيات وإن بالغنا شرحنا‬
‫أربعة أبيات أو خمسة أبيات؛ ألن أول النحو كان بحاجة إلى مزيد من الشرح‬
‫والتأمل‪ ،‬وأما باقي النحو بعد ذلك فإن السير فيه سيكون أسرع؛ ألنه كما ترون‬
‫يقوم على معلومات سابقة تم شرحها وانتهينا منها‪ ،‬فإما أن نحيل عليها وإما أن‬
‫نعتمد على أننا شرحناها على أن نطيل الكالم فيها‪ ،‬ولم ننتصف يف األلفية بعد‪.‬‬
‫سننتصف إن شاء اهلل بعد درسين أو ثالثة لكن الباقي سيكون أسهل مما مضى‬
‫إن شاء اهلل‪.‬‬
‫واهلل أعلُ وصلى اهلل وسلُ على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين‬

‫‪¹‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪60 h‬‬

‫الدرس السادس والسبعون‬


‫﷽‬

‫الحمد هلل رب العالمين‪ ،‬والصالة والسالم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه‬
‫أجمعين‪َّ ،‬أما بعد‪-:‬‬
‫السالم عليكم ورحمة اهلل وبركاته‪ ،‬ح َّياكم اهلل وب َّياكم‪ ،‬يف هذه الليلة ليلة‬
‫اإلثنين‪ ،‬السادس والعشرين من ذي القعدة من سنة ثنتين وثالثين وأربعمائة‬
‫وألف‪ ،‬يف جامع الراجحي‪ ،‬يف حي الجزيرة يف مدينة الرياض‪ ،‬نعقد الدرس الذي‬
‫ُيتم الستين‪ ،‬من دروس شرح [ألفية ابن مالك] عليه رحمة اهلل تعالى‪.‬‬
‫توقفنا يف األلفية عند الصفة المشبهة باسم الفاعل وكالعادة نبدأ بقراءة ما قاله‬
‫إمامنا ابن مالك ‪ ‬يف هذا الباب‪:‬‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ َ ُ ُ َّ َ َ ُ‬
‫ل‬
‫ِ ِ‬ ‫اع‬ ‫الف‬ ‫م‬
‫الصفة املشبهة ِ ِ‬
‫اس‬ ‫ب‬
‫اع ا‬
‫لللق‬ ‫معنلللى با لللا الم ْ لللبا دة اسلللُ ال َف ا‬ ‫اعلللق‬ ‫‪ .467‬اصللل َف ِة اسعدح اسلللن جلللر َف ا‬
‫َ ْ َ‬ ‫د‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ ْ‬
‫للللق ال َّظل ا‬
‫للللاهرا‬ ‫للللب َج ام ْيل ا‬ ‫للللاهرا ال َ لل ا‬ ‫َ َطل ا‬ ‫لللن ا اَهم لا َحا ا لللرا‬ ‫ا‬
‫‪َ .468‬و َصللل دغ َ ا م ْ‬
‫َل للللا ع َلللللى الحللللد ا َّلل ا‬ ‫اعل ا‬ ‫للق اسللل اُ َف ا‬
‫لللَ َقللللدْ دحللللدَّ ا‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫الم َعلللدَّ‬
‫للق د‬ ‫‪َ .469‬و َع َمل د ْ‬
‫لللللللللب‬ ‫َو َ دنلللللللللل ده َةا َسلللللللللل َببا َّية َو َجل‬ ‫َللب‬ ‫‪.470‬وسللب دق مللا َ عم د ا ا‬
‫ْ‬ ‫للق ف ْيلله دم َْ َعن ْ‬ ‫َ َ ْ َ َْ‬
‫لللح َب َأل َو َمللللا ا ََّصللللق‬ ‫ا‬
‫وَّ َأل َم ْصل د‬ ‫َو دد َ‬ ‫لب َو دج َّلر َم َلع َأل‬ ‫‪َ .471‬ف ْار َف ْع با َ ا َوانْص ْ‬
‫لن َأل َمللالَ‬ ‫ا‬
‫للع َأل دسل َلم مل ْ‬ ‫ََْل دلر ْر با َ للا َم ْ‬ ‫للللر َدا َواَ‬ ‫‪.472‬با َ لللللا دم َالللللا َف َأو دم ََل َّ‬
‫ا‬ ‫للللن إا َ لللللا َفة لاعَالا ْي َ لللللا َو َملللللا‬ ‫ا‬
‫للللالَ َ ااه دوس َ‬
‫للللما‬ ‫َ‬ ‫للللق َف ْ لللل َ با‬
‫للللُ َخْ د‬ ‫َل ْ‬ ‫‪َ .473‬ومل ْ‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪61 h‬‬
‫‪g‬‬
‫تكلمنا يف الدرس الماضي على أبنية أسماء الفاعلين‪ ،‬وأسماء المفعولين‪،‬‬
‫والصفات المشبهة‪ ،‬الكالم يف الدرس الماضي كان على األبنية على األوزان‪.‬‬
‫وأما الدرس الليلة إن شاء اهلل تعالى فعن الصفة المشبهة باسم الفاعل‪ ،‬عن‬
‫تعريفها وعن عملها وأحكامها‪ ،‬وسبقت يف أكثر من درس أن ذكرنا أن الوصف هو‬
‫كل اسم دل على حدث وصاحبة هذا الذي يسمونه بالوصف أو الصفة‪ ،‬فعلى‬
‫ذلك يشمل قولنا الوصف اسم الفاعل وصيغ المبالغة والصفة المشبهة وأفعل‬
‫التفضيل واسم المفعول‪ ،‬هذه هي التي تسمى األوصاف‪.‬‬
‫فاسم الفاعل وصيغ المبالغة والصفة المشبهة واسم التفضيل هذه األربعة‪،‬‬
‫تدل على حدث وفاعله‪ ،‬وأما اسم المفعول فإهنا تدل على حدث ومفعوله‪ ،‬فكلها‬
‫تدل على حدث وصاحبه‪ ،‬فقولنا "قائم" تدل على حدث وهو القيام وتطلق على‬
‫فاعله‪ ،‬إذا فقولنا "قائم" دلت على حدث وفاعله‪ ،‬وكذلك قولنا‪" :‬قوام" دلت‬
‫على حدث وهو القيام الكثير وتطلق على فاعله‪ ،‬وكذلك قولنا‪" :‬الحسن" تدل‬
‫على حدث وهو "الحسن" وتطلق على فاعله‪ ،‬وكذلك "األحسن" تدل على‬
‫حدث وهو الحسن وتطلق على فاعله‪ ،‬فهذه األربعة تدل على حدث وفاعله‪.‬‬
‫وأما اسُ المفع ل ف لنا‪" :‬مشروب أو مضروب" فهي تدل على حدث‬
‫مشروب تدل على الشرب وعلى مفعوله من وقع عليه‪.‬‬
‫أصال وإنما‬
‫أما اسم المفعول فتميزه عن اسم الفاعل واضح وال إشكال بينهما ً‬
‫شبه يقع بين اسم الفاعل وصيغ المبالغة والصفة المشبهة واسم التفضيل فكلها‬
‫تدل على حدث وصاحبه بل على حدث وفاعله‪.‬‬
‫أما صيغ المبالغة فهي يف الحقيقة أسماء فاعلين‪ ،‬ولكنها أسماء فاعلين بكثرة‬
‫الذين فعلوا هذا الفعل بكثرة‪ ،‬ولصيغ المبالغة صيغ محددة معينة وهي‪ :‬فعال‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪62 h‬‬
‫ومفعال وفعول وفعيل وفعل‪.‬‬
‫ومعنى بداللتها‬
‫ً‬ ‫إ ًذا صيغ المبالغة تتميز عن أسماء الفاعلين لف ًظا هبذه الصيغ‬
‫على من فعل الفعل بكثرة‪.‬‬
‫وأما أفعل التفضيل فهو يدل على اجتماع شيئين يف فعل وأن أحدهما زاد على‬
‫اآلخر فيه وله صيغة معينة وهي أفعل "كأفضل وأسبق"‪.‬‬
‫أيضا ال يلتبس يف اسم الفاعل لف ًظا؛ ألنه على وزن أفعل‪،‬‬
‫إ ًذا فأفعل التفضيل ً‬
‫عنى؛ ألنه يدل على اجتماع شيئين يف المعنى‪.‬‬
‫وم ً‬
‫كثيرا‬
‫وأما الصفة المشبهة صفة مشبهة باسم الفاعل فهي تشبه اسم الفاعل ً‬
‫وكالهما يدل على حدث وفاعله كما قلنا قبل قليل "كضارب وقائم ونائم‬
‫وجالس" تدل على حدث وفاعله‪ ،‬وكذلك قولك "سهل" تدل على حدث وهو‬
‫السهولة‪ ،‬وكلمة سهل تطلق على من فعل السهولة‪ ،‬وقولك "شجاع" تدل على‬
‫حدث وه الشجاعة وتطلق على من فعلها‪.‬‬
‫و َلك ق لك‪" :‬حسن" تدل على حدث وهو الحسن وتطلق على من فعل‬
‫الحسن فاسم الفاعل والصفة المشبهة يجتمعان يف المعنى العام وهو الداللة على‬
‫حدث وفاعله‪ ،‬ويفرتقان يف خمسة أشياء ذكرها ابن مالك‪ ‬يف هذه األبيات‬
‫أيضا يف أمرين يف العمل‪.‬‬
‫يختلفان يف الضابط‪ ،‬ويف الصياغة‪ ،‬ويف الزمن‪ ،‬ويختلفان ً‬
‫أما الفرق ا ول‪ :‬بينهما فهو من حيث الضابط والعالمة ويف ذلك يقول ابن‬
‫مالك‪:‬‬
‫اع ا‬
‫لللق‬ ‫معنلللى با لللا الم ْ لللبا دة اسلللُ ال َف ا‬ ‫اصلللللل َف ِة اسعدح اسللللللن جللللللر َف ا‬
‫اعللللللق‬
‫َ ْ َ‬ ‫د‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ ْ‬
‫يقول‪ :‬سبق يف اسم الفاعل أنه ال يضاف إال إلى مفعوله وال يضاف إلى فاعله‬
‫مثال‪" :‬أنا ضارب زيدً ا" أو "أنا ضارب ٍ‬
‫زيد" فتضيف إلى المفعول به‪ ،‬ولو‬ ‫فتقول ً‬
‫ٌ‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪63 h‬‬
‫‪g‬‬
‫عمرو" لم تستطع أن تضيف اسم الفاعل إلى الفاعل‬
‫ً‬ ‫ضارب أبوه‬
‫ٌ‬ ‫قلت‪" :‬زيدٌ‬
‫عمرو" هذا ال يصح؛ ألن اسم الفاعل ال يضاف إلى‬
‫ً‬ ‫فتقول‪" :‬زيدٌ ضارب أبيه‬
‫فاعله بل يضاف إلى مفعوله‪.‬‬
‫كريم‬
‫ٌ‬ ‫أما الصفة الم ب ة ف ي العي سعحسن أَّ ااف إلى فاعل ا فع ل‪" :‬زيدٌ‬
‫كرم أبوه" ثم تقول‪" :‬زيد‬
‫أبوه"‪ ،‬أو "زيدٌ كريم األب" "زيدٌ كريم أبوه" أي‪" :‬زيد ُ‬
‫كريم األب" وكريم صفة مشبهة‪ ،‬أو تقول‪" :‬زيد حسن وجهه" "وزيد حسن‬
‫الوجه" "زيد منطلق لسانه" "وزيد منطلق اللسان" "وزيد طاهر قلبه" "وزيد‬
‫طاهر القلب" فبذلك يتبين الضابط الفرق بين اسم الفاعل والصفة المشبهة فمتى‬
‫ما استطعت أن تضيف الوصف إلى فاعله فهو صفة مشبهة من حيث المعنى‪ ،‬وإذا‬
‫لم يصح فيه ذلك فليس صفة مشبهه؛ ألن الوصف قد يرتدد بين كونه اسم فاعل‬
‫وبين كونه صفة مشبهة‪.‬‬
‫والفرق بينهما من حيث الضابط‪ ،‬فإذا اشتبهت عليك الصفة أو الوصف‬
‫فأضفها إلى فاعلها فإن انضافت إلى فاعلها فهي صفة مشبهة تقول‪" :‬كريم الخلق"‬
‫أي‪" :‬كريم خلقه"‪" ،‬رحيم القلب" أي‪" :‬رحيم قلبه" "شريف العرض" "شجاع‬
‫القلب" "صعب الميراث" "فرح القلب" يعني‪" :‬ص ُعب ميراثه" "فرح قلبه"‬
‫فأضفت إلى الفاعل ولو كان اسم فاعل لما انضاف إلى فاعله ما يمكن ذلك‪ ،‬فهذا‬
‫هو الفرق األول بين اسم الفاعل والصفة المشبهة‪.‬‬
‫عني إةا قلت مَال‪" :‬محمد منطلق" يف السباق بسرعة محمد منطلق بسرعة‪،‬‬
‫منطلق هنا اسم فاعل "انطلق ينطلق فهو منطلق"؛ ألنه يفعل هذا الفعل اآلن وليس‬
‫وص ًفا الز ًما له قبل ذلك بعد ذلك ما ينطلق لكن إذا قلت‪" :‬زيد منطلق اللسان أو‬
‫منطلق لسانه" هذه صفة مشبهة هبذا الضابط صفة مشبهة؛ ألهنا انضافت إلى‬
‫الفاعل وسيأيت بعد ذلك الفرق بينهما من حيث المعنى سنعرف أهنا يف منطلق‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪64 h‬‬
‫اللسان صفة مشبهة لداللتها على الثبات واالستمرار‪ ،‬أما زيد منطلق يف السباق‬
‫فاسم فاعل للداللة على الحدوث والتجدد وال يدل على الثبات واالستمرار‪ ،‬فهذا‬
‫الفرق األول بين اسم الفاعل والصفة المشبهة من حيث الضابط والعالمة‪،‬‬
‫وبعضهم يقول التعريف؛ ألن النحويين ال يفرقون بين الضابط والتعريف كما يفعل‬
‫أهل األصول يف ذلك فيجعلون الحد ضاب ًطا فيجعلون الضابط حدً ا هذا هو الفرق‬
‫األول بينهما‪.‬‬
‫الفرق الَاين‪ :‬بين اسم الفاعل واسم المفعول من حيث الصياغة‪ ،‬الفرق بين‬
‫اسم الفاعل والصفة المشبهة من حيث الصياغة ولذلك يقول ابن مالك‪:‬‬
‫َو َص دغ َ ا ام ْن ا اَهم لا َحا ا ار‬
‫فالصفة المشبهة ال تصاغ إال من فعل الزم‪ ،‬أما اسم الفاعل فإنه يصاغ من‬
‫الالزم والمتعدي كما سبق بيانه يف الدرس الماضي عندما قلنا إن اسم الفاعل‬
‫يصاغ من ف َعل المتعدي "كضربه فهو ضارب" ومن ف َعل الالزم "كـ جلس فهو‬
‫جالس" ومن ِ‬
‫فعل المتعدي" كـ شربه فهو شارب" يصاغ من هذه الثالثة‪.‬‬
‫فرح" وتصاغ من ف ُعل‬ ‫وأما الصفة المشبهة فتصاغ من ِ‬
‫فعل الالزم " ِ‬
‫كفرح فهو ٌ‬
‫ككرم فهو كريم" إ ًذا من حيث الصياغة الصفة المشبهة ال‬
‫وال يكون إال الز ًما " ُ‬
‫تصاغ إال من الزم واسم الفاعل يصاغ من الالزم والمتعدي‪.‬‬
‫واسم الفاعل كما سبق يف الدرس الماضي ال يكون من الثالثي إال على وزن‬
‫فاعل "كشارب وجالس وضارب" ومن غير الثالثي على وزن المضارع مع قلب‬
‫ميما مضمومة وكسر ما قبل اآلخر فنقول‪ :‬يف "أكرم فهو مكرم"‬
‫حرف المضارعة ً‬
‫"وانطلق فهو منطلق" "واستخرج فهو مستخرج"‪.‬‬
‫أما الصفة المشبهة فإهنا تأيت على أوزان كثيرة ذكرناها يف الدرس الماضي‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪65 h‬‬
‫‪g‬‬
‫كفرح فهو ِ‬
‫فر ٌح" "وغرق فهو غرق"‬ ‫فعل الالزم على ِ‬
‫فع ٌل " ِ‬ ‫وإجمالها أهنا تأيت من ِ‬

‫"وطرب فهو طرب" وعلى فعالن "كعطش فهو عطشان" "وصدي فهو صديان"‬
‫وعلى أفعل "كجهر فهو أجهر" "وعمي فهو أعمى" "وعور فهو أعور" وتأيت من‬
‫ف ُعل وال يكون إال الز ًما على فع ٍل "كسهل فهو سهل" "وصعب فهو صعب" وتأيت‬
‫على وزن فعيل "ككرم فهو كريم" "وجمل فهو جميل" "وشرف فهو شريف"‬
‫هذه أوزاهنا الخمسة الكثيرة وتأيت وراء ذلك على أوزان قليلة كفعال "كجبان‬
‫ورزان" و ُفعال "كشجاع وفرات" وغير ذلك‪.‬‬
‫إ ًذا الصفة المشبهة لها أوزان كثيرة بل إن الصفة المشبهة قد تأيت على وزن اسم‬
‫الفاعل من الثالثي وغير الثالثي ولكن هذا قليل يف قولنا‪" :‬طاهر القلب" كلمة‬
‫طاهر هنا يف "طاهر القلب" اسم فاعل أم صفة مشبهة؟ صفة مشبهة من حيث‬
‫طهر‬
‫الضابط؛ ألنه تنضاف إلى فاعلها طهر قلبه‪ ،‬ومن حيث الصياغة أن طاهر من ُ‬
‫طهر أو طهر وفعل ال يأيت منه إال صفة مشبهة لكنه جاء على وزن ِ‬
‫فعل‬ ‫وليس من ِ‬
‫َ‬
‫كقولهم "منطلق اللسان" هذا من غير الثالثي فجاء على وزن اسم الفاعل ولكنه‬
‫هنا صفة مشبهة؛ ألنه منضاف إلى فاعله "منطلق اللسان" أي‪" :‬ينطلق لسانه"‬
‫أيضا انضاف إلى فاعله فهذا‬
‫وكقولنا‪" :‬متوتر األعصاب" يعني‪" :‬توترت أعصابه" ً‬
‫هو الفرق الثاين بين اسم الفاعل والصفة المشبهة من حيث الصياغة‪.‬‬
‫الفرق الَالث‪ :‬بينهما من حيث الزمان وهذا فرق مهم جدًّ ا من حيث الزمان‬
‫وإن شئت قل‪ :‬من حيث المعنى والمعنى يرجع هنا إلى الزمان‪ ،‬وهذا يف قول ابن‬
‫مالك ‪:‬‬
‫للللق ال َّظل ا‬
‫للللاهرا‬ ‫للللب َج ام ْيل ا‬ ‫َ َطل ا‬
‫للللاهرا ال َ لل ا‬ ‫للللللن ا اَهم لا َحا ا لللللللرا‬ ‫ا‬
‫َو َصللللللل دغ َ ا مل ْ‬
‫الحا ر ه ال من الحا ر عني‪ :‬الزمن الحال الذي نحن فيه‪ ،‬فاسم الفاعل‬
‫يأيت للماضي المنقطع الماضي الذي انقطع كأن تقول‪" :‬أنا ضارب زيدً ا باألمس"‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪66 h‬‬
‫وللحال تقول‪" :‬أنا ضارب ٍ‬
‫زيد اآلن" وللمستقبل مستقبل غير المتصل بالحال‬
‫والماضي مستقبل فقط تقول‪" :‬أنا ضارب زيدً ا غدً ا" وقد يكون اسم الفاعل للفعل‬
‫المستمر يعني للزمان المستمر الماضي والحاضر والمستقبل كقولك‪" :‬اهلل مالك‬
‫الملك" مالك بمعنى ملك يملك يف الحال ويف المستقبل هذا الزمان مستمر فاسم‬
‫الفاعل يأيت لكل ذلك‪.‬‬
‫أما الصفة الم ب ة فال ٌ ي للما ي وحده عني‪ :‬ال تأيت للماضي المنقطع ال‬
‫تقل‪" :‬محمد حسن وجهه باألمس" وال للمستقبل فقط‪ ،‬بل الصفة المشبهة تدل‬
‫على الحال أي‪ :‬تدل على الحال الدائمة أي‪ :‬تدل على الفعل الثابت المستمر‪،‬‬
‫وأما اسم الفاعل فاألصل فيه أنه يدل على الفعل الحادث المتجدد‪ ،‬الحادث مر ًة‬
‫بعد مرة‪ ،‬الحادث الذي يحدث وقد ينقطع ثم يحدث ثم ينقطع يعني‪ :‬اسم الفاعل‬
‫ما يف داللة على أن الفعل مستمر بل داللته األصلية على أنه فعل حادث يعني‪ :‬لم‬
‫يكن موجو ًدا ثم وجد يف المستقبل قد ينقطع ثم يوجد ثم ينقطع‪.‬‬
‫أما الصفة المشبهة فاألصل فيها أهنا ال تدل على تجدد وال حدوث‪ ،‬بل تدل‬
‫مثال‪::‬زيد حسن الوجه‪ :‬فتقول‬
‫على صفة دائمة ثابتة مستقرة غير حادثة‪ ،‬فإذا قلت ً‬
‫ذلك إذا كان الحسن صفة ثابتة لوجهه‪ ،‬يعني‪ :‬ما ُيتصور يف قولك‪:‬حسن الوجه‪ :‬أنه‬
‫اآلن حسن وقبل قليل ما كان حسنًا وبعد قليل ما كان حسنًا؛ ألن الحسن صفة ثابتة‬
‫يف الوجه هذا األصل يعني‪ :‬ما يتصور يف اإلنسان أنه اآلن حسن الوجه وبعد ساعة‬
‫ينقطع هذا الحسن ثم بعد ساعة يعود هذا الحسن وهكذا‪.‬‬
‫تقول‪" :‬محمد طاهر القلب" طهارة القلب صفة دائمة يف القلب ما يتصور يف‬
‫طاهرا وبعد ساعة يكون خبي ًثا وبعد ساعتين يعود‬ ‫ً‬ ‫اإلنسان أن قلبه يكون اآلن‬
‫طاهرا وهكذا! إال إذا كان يف األصل خبي ًثا ثم قد يحاول أن يطهره ثم يغلبه الخبث‪،‬‬
‫ً‬
‫لكن لو وصفته بأنه محمد طاهر القلب معنى ذلك أن الطهارة صفة ثابتة فيه‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪67 h‬‬
‫‪g‬‬
‫وليست متجددة بأن الطهارة تأيت وتذهب تأيت وتذهب بل هي صفة ثابتة‪ ،‬تقول‪:‬‬
‫"زيد شجاع" "وعمرو جبان" هذه صفات ثابتة ما ُيتصور أن قلبه يكون مرة شجاع‬
‫ومرة جبان هذه صفة ثابتة ليست كقولك‪" :‬زيد قائم" قولك‪" :‬زيد قائم" تدل على‬
‫أنه فعل القيام حينًا وال نفهم منه أنه دائم القيام ثابتة؛ ألن القيام صفة ثابتة فيه‪،‬‬
‫األصل يف اسم الفاعل أنه يدل على التجدد يعني‪" :‬زيد قائم" أي‪ :‬نفهم أنه يف‬
‫قائما أنه قائم هذه صفة تنقطع وال يكون قائم ثم بعد ذلك قد‬
‫وقت ما‪ ..‬ما يكون ً‬
‫قائما هذه داللة اسم الفاعل‪ ،‬فنقول‪" :‬محمد جالس وزيد‬
‫يقوم ربما ال يكون ً‬
‫واقف" هذه ليست صفات ثابتة بل األصل فيها أهنا صفات حادثة يعني‪ :‬هو‬
‫قائما‪ ،‬وداللتها األصلية أنه سيقطع هذا‬
‫أحدث هذا األمر أحدث القيام ولم يكن ً‬
‫القيام يف وقت ما بجلوس أو اضطجاع ونحو ذلك‪.‬‬
‫ويف ذلك نفهم الفرق بين نحو "راحم ورحيم" أيهما أبلغ يف الوصف‬
‫بالرحمة؟ رحيم ما معنى رحيم؟ تدل على أن الرحمة صفة ثابتة يف هذا الشيء‬
‫"محمد رحيم بأوالده" هذه صفة دائمة فيه‪ ،‬ثابتة فيه‪ ،‬أما إذا قلت راحم "محمد‬
‫راحم أوالده" معنى ذلك أنه فعل الرحمة‪ ،‬لكنك ما أخربت أن الرحمة صفة ثابتة‬
‫رحيما أو غير‬
‫ً‬ ‫فيه‪ ،‬وإنما أخربت أنه فعل الرحمة يف ذلك الوقت‪ ،‬قبل ذلك هل كان‬
‫رحيم؟ ما يف داللة‪ ،‬بعد ذلك هل هو رحيم أو غير رحيم ما يف داللة‪ ..‬داللة اسم‬
‫الفاعل أنه يف أثناء فعله فعل هذا الفعل جدده‪ ،‬قبل ذلك بعد ذلك ليس فيه داللة‬
‫فعلى ذلك يصح أن تقول‪" :‬إن اهلل راحم ورحيم" رحيم صفة ثابتة فيه‪ ‬اهلل‬
‫راحم أي‪ :‬أنه يفعل الرحمة وكال الصفتين واردة هلل ‪.‬‬
‫و َلك ل قلت مَال‪" :‬زيد سريع ومسرع" إذا أردت أن السرعة من الصفات‬
‫دائما يف مشيه سريع يعني‪ :‬هذه عادته‪ ،‬هذه صفته فتقول‪" :‬زيد سريع"‬
‫الثابتة زيد ً‬
‫يف مشيه فلهذا يجوز أن تضيف سريع إلى الفاعل فتقول‪" :‬زيد سريع الخطى"‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪68 h‬‬
‫الخطوات هي التي تسرع فتضيفها للفاعل‪ ،‬فإذا أردت أنه أسرع يف هذا الوقت‬
‫وليس من عادته أن يسرع‪ ،‬لكنه اشرتك يف سباق أو يف أمر ما فتقول‪" :‬زيد مسرع"‬
‫"ورأيت زيدً ا مسر ًعا" أي‪ :‬أنه فعل اإلسراع وما يدل على أنه سريع قبل ذلك أو‬
‫بعد ذلك‪ ،‬لكن نقول‪" :‬محمد سريع" معنى ذلك أن السرعة صفة ثابتة فيه‬
‫إلخبارك بقبل وبعد‪ ،‬فهذه ثالثة فروق‪.‬‬
‫إا أننا ننبه إلى أَّ المعنى الَالث عندما ن ل‪ :‬إن الصفة المشبهة تدل على‬
‫حال ثابتة مستمرة مستقرة وال تدل على التجدد ال يعني ذلك أهنا ال تنقطع ال‪،‬‬
‫وإنما تدل على أن الصفة ما دامت موجودة يف هذا الشيء فهي مستمرة ثابتة ليست‬
‫تذهب وتجيء "كالقيام كالجلوس كالضرب كالشرب" ال‪ ،‬ما دام هذا "وجهه‬
‫اهرا" فهذه الصفة دائمة فيه؛ ألنه قد يأيت ما يقطع هذه‬
‫حسن" ما دام "قلبه ط ً‬
‫الصفة؛ ألهنا صفة مستمرة ليست متجددة هي صفة مستمرة قد يأيت ما يقطعها! قد‬
‫قبيحا‪ ،‬تقول‪" :‬كان زيد حسن الوجه فصار قبيح الوجه"‬
‫يصاب يف وجهه فيكون ً‬
‫عندما كان حسن الوجه هذه صفة مستمرة فيه‪" ،‬كان زيد شجا ًعا" فصار جبانًا‬
‫لسبب من األسباب مرض أو نحو ذلك‪ ،‬وقت شجاعته هذه كانت صفة ثابتة فيه‪،‬‬
‫فأريد بذلك أن أقول‪ :‬أن الصفة المشبهة نعم هي تدل على ثبات الصفة ما دامت‬
‫موجودة لكن الصفة قد ترتفع لسبب من األسباب فلعل الفرق ظهر اآلن بين اسم‬
‫الفاعل والصفة المشبهة‪.‬‬
‫أيضا من حيث العمل نؤخرهما إلى‬
‫هذه ثالثة فروق وسيأيت فرقان آخران ً‬
‫حيث يذكرهما ابن مالك ‪ ،‬ثم بعد ذلك يقول ابن مالك ‪:‬‬
‫ع َللللللى الحلللللد ا َّل ا‬ ‫الم َعلللدَّ َل َ للللا‬ ‫لللق اسللل اُ َف ا‬
‫اعل ا‬
‫لللللَ َقلللللدْ دحلللللدَّ ا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫لللق د‬ ‫َو َع َم د ْ‬
‫يقول ‪ :‬إن الصفة المشبهة تعامل كاسم الفاعل يف العمل يعني‪ :‬يجوز‬
‫أن تضاف إلى معمولها‪ ،‬ويجوز أن ترفع معمولها‪ ،‬ويجوز أ‪ ،‬تنصب معمولها‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪69 h‬‬
‫‪g‬‬
‫كاسم الفاعل‪ ،‬فأنت يف اسم الفاعل يجوز لك أن تضيف فتقول‪" :‬أنا مكرم زيد"‬
‫"أنا ضارب عمرو" وال يجوز أن ترفع هبا الفاعل فتقول‪" :‬أنا مسافر أبي إلى مكة"‬
‫أي‪ :‬سافر أبي‪ ،‬أو "محمد مسافر أبوه" أي‪" :‬سافر أبوه" ولك أنت تنصب‬
‫المفعول به فتقول‪" :‬أنا ضارب زيد" "وأنا مكرم عمرو"‪.‬‬
‫و َلك الصفة الم ب ة لك أَّ ايف ا إلى معم ل ا فعَره فع ل‪" :‬زيد حسن‬
‫ِ‬
‫الوجه" ويجوز أن ترفع معمولها هبا فتقول‪" :‬زيد حس ٌن الوج ُه" ويجوز أن تنصب‬
‫حسن الوج َه" بحيث أن نقول‪ :‬يجوز أن تجر معمولها‬‫ٌ‬ ‫معمولها هبا فتقول‪" :‬زيد‬
‫الوجه" وذلك باإلضافة‪ ،‬ويجوز أن ترفع معمولها فتقول‪:‬‬‫ِ‬ ‫فتقول‪" :‬زيد حسن‬
‫حس َن وجهه" ويجوز أن تنصب‬
‫"زيد حس ٌن الوج ُه" على أنه فاعل بمعنى "زيد ُ‬
‫المعمول على أنه مشبه بالمفعول به إن كان معرف ًة نحو‪" :‬زيد حس ٌن الوج َه" أو‬
‫وجها "كل ذلك وارد عن العرب‪.‬‬
‫على التميز إن كان نكرة نحو‪" :‬زيد حسن ً‬
‫وهذه األوجه كلها واضحة ال إشكال فيها إال الناصب على التشبيه بالمفعول‬
‫به وهو مخرج اتخذه النحويون لعدم مخالفة الصناعة النحوية مع ورودها عن‬
‫العرب فإهنم قالوا‪" :‬زيد حسن الوج َه" فنصبوا على ماذا؟ الوجه من حيث المعنى‬
‫فاعل؛ ألنه هو الذي حسن لكنه موصوف ما يمكن أن نقول فاعل هو موصوف‬
‫كأنه مفعول به‪ ،‬ولكن الحسن لم يقع على الوجه فال يصح أن نقول‪ :‬مفعول به‪،‬‬
‫تشبيها بالمفعول به أي‪ :‬شبهوا الصفة‬
‫ً‬ ‫لماذا نصبت العرب هنا قال النحويون‪:‬‬
‫عمرو" فشبهوا هذا‬
‫ً‬ ‫المشبهة باسم الفاعل حيث تقول‪" :‬أنا ضارب زيدً ا ومكرم‬
‫األسلوب هبذا األسلوب فنصبوه فقالوا‪ :‬يشبه بالمفعول به‪ ،‬وأما إذا كان المفعول‬
‫نكرة "زيد حسن الوجه" فهو تميز وال إشكال يف ذلك‪ ،‬فإن قلت ولماذا لم نقل‪:‬‬
‫"زيد حسن الوجه" بأنه تميز؟ قيل‪ :‬ألن التميز يشرتط فيه التنكير فلهذا لم يقال‪:‬‬
‫إنه تمييز‪.‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪70 h‬‬
‫حسن الوجه" الصفة المشبهة حسن‪ ،‬والوجه‬
‫ُ‬ ‫المعم ل عندما ن ل‪" :‬زيدٌ‬
‫نسميه معمول الصفة المشبهة يعني‪ :‬التي عملت فيه الجر‪ ،‬أو عملت فيه النصب‪،‬‬
‫أو عملت فيه الرفع هذا يسمى معمول‪ ،‬معمول الصفة المشبهة إما أن يكون بأل‪،‬‬
‫ِ‬
‫الوجه‪" ،‬وزيد‬ ‫وإما أال يكون بأل‪ ،‬فإن كان بأل فهو الذي سبق وشرحناه زيد حسن‬
‫حسن الوج ُه"‪" ،‬وزيد حسن الوج َه" فإن لم يكن بأل فإما أن يكون مضا ًفا إلى‬
‫ضمير‪ ،‬وإما أن يكون مجر ًدا من أل والضمير نكرة‪ ،‬فإن كان مضا ًفا إلى ضمير‬
‫فتجره فتقول‪" :‬زيد حس ُن وجهه" وهذا الوجه ممتنع ال يصح كما سيأيت‪ ،‬أو ترفعه‬
‫حسن وجهه" وهذا فاعل ال إشكال فيه‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫على أنه فاعل "زيد‬
‫حسن وجهه" وهذا منصوب على التشبيه بالمفعول به هذا‬
‫ٌ‬ ‫وإما أن تنصبه "زيد‬
‫مضاف إلى ضمير‪ ،‬وإما أن يكون المعمول مجرد من الضمير وأل أي‪ :‬نكر ًة‬
‫وجه" "وزيد حس ٌن‬‫ٍ‬ ‫حسن‬ ‫كقولك‪" :‬وجه" فإذا جررته باإلضافة تقول‪" :‬زيد‬
‫ُ‬
‫وجه" "وزيدٌ حسن وجها" أما حسن ٍ‬
‫وجه باإلضافة‪ ،‬وأما حسن وج ٌه ففاعل‪ ،‬وأما‬ ‫ً‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫وجها تميز كما شرحنا هذا من قبل‪.‬‬
‫حسن ً‬
‫كل ذلك إذا كانت الصفة المشبهة نفسها نكرة بال أل حس ٌن إن كانت الصفة‬
‫المشبهة نفسها بأل الحسن زيد الحسن الوجه فكذلك يعني‪ :‬كالتفصيل السابق‪ ،‬إذا‬
‫كانت الصفة المشبهة بأل فالمعمول إنما أن يكون بأل‪ ،‬وإما أن يكون مضا ًفا إلى‬
‫ضمير‪ ،‬وإما أن يكون نكرة طبق ما قلناه قبل قليل‪ :‬إضافة ورفع ونصب‪.‬‬
‫ِ‬
‫الوجه" باإلضافة وهذا جائز‪،‬‬ ‫الصفة فيها أل والمعمول فيه أل "زيد الحسن‬
‫ودخلت أل على المضاف ألن اإلضافة لفظية واإلضافة اللفظية تجامع أل‪ ،‬الرفع‬
‫"زيد الحسن الوج ُه" أي‪" :‬زيد الذي حسن وجهه" فاعل ال إشكال‪ ،‬النصب "زيد‬
‫الحسن الوج َه" يشبه بالمفعول به‪.‬‬
‫ِ‬
‫وجهه" هذا‬ ‫الصفة المشبهة بأل والمعمول مضاف إلى الضمير‪" ،‬زيد الحسن‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪71 h‬‬
‫‪g‬‬
‫ممتنع كما سيأيت‪.‬‬
‫الرفع "زيد الحسن وجه ُه" فاعل جاء اسم‪" ،‬زيد الحسن وجهه" جاء اسم‬
‫مشبه بالمفعول به‪.‬‬
‫ٍ‬
‫وجه"‬ ‫باقي الحال ا ميرة‪ :‬الصفة المشبهة بأل والممول نكرة‪" ،‬زيد الحسن‬
‫هذا ممتنع ال يكون المضاف لـ أل والمضاف إليه نكرة حتى يف اإلضافة اللفظية‬
‫كما سيأيت‪.‬‬
‫الرفع "زيد الحسن وج ٌه" جاء اسم يعني‪ :‬الذي "حسن وجه" منه الناصب‬
‫وجها" تمييز ال إشكال يف ذلك‪ ،‬هذه أوجه متعددة ومختلفة ولها‬
‫ً‬ ‫"زيد الحسن‬
‫صور كثيرة جدًّ ا هذه الصور أوصلها النحويون إلى أربعة عشر أل ًفا ومئتين وستًا‬
‫وخمسين صورة لعمل الصفة المشبهة مع معمولها هذا ملخصه الذي قلناه جمع‬
‫كل ذلك ابن مالك ‪ ‬يف ثالثة أبيات األخيرة فقال‪:‬‬
‫لللح َب َأل َو َملللا ا ََّصللللق‬ ‫ا‬
‫وَّ َأل َم ْص د‬ ‫َو دد َ‬ ‫لللع َأل‬
‫لللر َم َ‬ ‫لللار َف ْع با َ لللا َوانْص ْ‬
‫لللب َو دج َّ‬ ‫َف ْ‬
‫اب َ ا دم َاا َف َأو دم ََ َّر َدا‬
‫َف ْار َف ْع با َ ا عني‪ :‬بالصفة المشبهة‪ ،‬هذا بيت وشطر البيت‪ ،‬يقول الصفة المشبهة‬
‫فيها أل‪ ،‬أو من دون أل والمعمول فيه أل أو من دون أل أو مضا ًفا إ ًذا فالصفة لها‬
‫حالتان بأل ومن دون أل‪ ،‬والمعمول له ثالثة أحوال‪ :‬بأل ومضا ًفا ونكر ًة مجر ًدا‪.‬‬
‫ٍ‬
‫حينئذ؟ يقول‪ :‬ارفع وانصب وجر يف كل هذه‬ ‫ماذا تعمل الصفة يف المعمول‬
‫الحاالت إال حالة واحدة يستثنيها يقول‪:‬‬
‫لن َأل َمللالَ‬ ‫ا‬
‫للع َأل دسل َلم مل ْ‬ ‫ََْل دلر ْر با َ للا َم ْ‬ ‫للللللللر َدا َواَ‬
‫َّ‬ ‫با َ للللللللا دم َاللللللللا َف َأو دم ََ‬
‫ا‬ ‫لللللللن إا َ لللللللا َفة لاعَالا ْي َ لللللللا َو َملللللللا‬ ‫َو ام‬
‫للللالَ َ ااه دوس َ‬
‫للللما‬ ‫َ‬ ‫للللق َف ْ لللل َ با‬
‫للللُ َخْ د‬ ‫َل ْ‬ ‫ْ‬
‫ل‪ :‬ال تجرر هبا يعني‪ :‬ال تضيفها‪،‬‬ ‫سما اسُ لُلمة اسُ فيه ل اَ من ل اَ‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪72 h‬‬
‫ال تجرر هبا إذا كانت معرفة بأل يعني‪ :‬الحسن إذا كانت معرفة بأل فال تضفها إلى‬
‫ٍ‬
‫إضافة لـ أل ال تضفها إذا كانت بأل الحسن للمعمول‬ ‫اسم خال من أل‪ ،‬أو خال من‬
‫إذا لم يكن فيه أل "زيد الحسن وجه" الحسن أل‪ ،‬وجه ما فيها أل‪ ،‬هنا الحال هذه‬
‫ممنوعة أن تجر ما تقل "الحسن وجه"‪.‬‬
‫هل نقول‪" :‬الحسن وجه ٍ‬
‫أب" أضفناها إلى ما فيه أل إ ًذا ممتنعة؛ ألهنا ما‬
‫أضيفت إلى ما فيه أل‪ ،‬لكن لو قلت‪" :‬زيد الحسن وجه األب" يجوز؛ ألن وجه‬
‫هنا أضيفت إلى األب‪ ،‬فكلمة وجه إذا جاءت هكذا خالية من أل‪ ،‬أو أضيفت إلى‬
‫ما ليس فيه أل هذا الوجه ممتنع فقط‪ ،‬الوجه الممتنع واحد فقط وهو‪ :‬أن تكون‬
‫الصفة المشبهة بأل ومعمولها ليس بأل ولم يضاف إلى ما فيه أل‪ ،‬بقية الصور كلها‬
‫جائزة وإن كانت تختلف من حيث القوة بعضها حسن وبعضها ضعيف لكن كلها‬
‫جائزة‪ ،‬يعني‪ :‬إذا كانت الصفة من دون أل ما فيها أل حسن زيد حسن‪ ،‬فالمعمول‬
‫يجوز لك فيه كل األوجه بكل الحاالت؛ ألن االستثناء إنما كان من الصفة المشبهة‬
‫إذا كانت بأل يعني‪ :‬الصفة المشبهة التي ما فيها أل يجوز لك يف معمولها كل‬
‫ِ‬
‫وجهه" "زيدٌ‬ ‫ِ‬
‫الوجه" "حسن وجه ُه" "حسن‬ ‫األوجه بجميع حالته‪" ،‬زيد حسن‬
‫حسن وج ٌه "كل ذلك جائز‪.‬‬ ‫وجها" "‬ ‫ٍ‬
‫ٌ‬ ‫حسن وجه" "حس ٌن ً‬
‫ُ‬
‫وإن كانت بأل فكل الحاالت جائزة إال إذا كان المعمول ليس بأل وال مضاف‬
‫الوجه" "زيد الحسن الوج ُه" "زيد الحسن الوج َه"‬ ‫ِ‬ ‫لـ أل‪ ،‬تقول‪" :‬زيد الحسن‬
‫"زيد الحسن وجه ُه" "زيد الحسن وجهه" "زيد الحسن وج ٌه" "وزيد الحسن‬
‫وجه" فلهذا قال ابن مالك يف األخير‪:‬‬ ‫وجها" ويمتنع "زيد الحسن ٍ‬
‫ً‬
‫الَ َ ااه دو اس َما‬
‫وما َل ُْ َ خْ دق َف ْ َ اب َ‬
‫يعني‪ :‬المعمول الذي فيه أل لم يخلو من أل فيه أل يعني فهذا يجوز لك فيه‬
‫الجر‪.‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪73 h‬‬
‫‪g‬‬
‫سماها الفعح‬ ‫رة على رو المُ د‬ ‫قال‪ :‬ابن حمدوَّ وله حا ية م‬
‫ال دود قال‪:‬‬
‫عشرا‬
‫أشار المكودي‪ ..‬المكودي هو الذي ذكر العدد الذي ذكرته أربعة ألف ً‬
‫وكسر فقال ابن حمدون أشار المكودي إلى أن ابن مالك جمع هذه األوجه كلها‬
‫يف ٍ‬
‫بيت وبعض شطر فقال‪:‬‬
‫أشار المكودي إلى التنويه بقدر الناظم وجاللته يف العلم وبالغته وفصاحته‬
‫حيث جمع هذه الصور الكثيرة يف هذا اللفظ المختصر فلله دره ما أحسنه‪.‬‬
‫وقال ابن مالك بيتًا قبل هذه األبيات الثالثة التي قرأناها يف إعمال الصفة‬
‫المشبهة وهو قوله‪:‬‬
‫لللللللللب‬‫َو َ دنلللللللللل ده َةا َسلللللللللل َببا َّية َو َجل‬ ‫َللللب‬ ‫وسللللب دق مللللا َ عم د ا ا‬
‫ْ‬ ‫للللق ف ْيلللله دم َْ َعن ْ‬ ‫َْ‬ ‫َ َ ْ َ‬
‫وهذا إكمال لكالمه على إعمال الصفة المشبهة عمل اسم الفاعل يعني‪ :‬أن‬
‫تشبيها لها باسم‬
‫ً‬ ‫تشبيها له بالفعل‪ ،‬وأما الصفة المشبهة فعمل‬
‫ً‬ ‫اسم الفاعل عمل‬
‫الفاعل‪.‬‬
‫ل دائما‪ :‬أَّ الفر ابد أَّ نح عن ا صق درجة على ا قق‪.‬‬ ‫وال اعدة‬
‫وظاهرا ومحذو ًفا‪ ،‬وجامدً ا وتصر ًفا‪،‬‬
‫ً‬ ‫ؤخرا‪،‬‬
‫مقدرا وم ً‬
‫ً‬ ‫دائما‬
‫فلهذا الفعل يعمل ً‬
‫تعمل على كل حال‪ ،‬واسم الفاعل كما رأينا اآلن عمله أقوى من عمل الصفة‬
‫المشبهة‪ ،‬ومن الفروق بين الصفة المشبهة واسم الفاعل من حيث العمل هذا‬
‫الفرقان المكتوبان يف هذا البيت األول يف قوله‪:‬‬
‫لللللللللب‬‫َو َ دنلللللللللل ده َةا َسلللللللللل َببا َّية َو َجل‬ ‫َللللب‬ ‫وسللللب دق مللللا َ عم د ا ا‬
‫ْ‬ ‫للللق ف ْيلللله دم َْ َعن ْ‬ ‫َْ‬ ‫َ َ ْ َ‬
‫أي‪ :‬أن منصوب الصفة المشبهة ال يجوز أن يتقدم عليها كاسم الفاعل‪ ،‬فاسم‬
‫الفاعل يجوز لك أن تؤخر منصوهبا فتقول‪" :‬أنا مكر ٌم زيدً ا" ويجوز أن تقدم‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪74 h‬‬
‫المفعول به يعني المنصوب فتقول‪" :‬أنا زيد مكرم" أما الصفة المشبهة فيجب أن‬
‫تؤخر منصوهبا فتقول‪" :‬زيد حسن الوج َه" وال يجوز أن تقدم المنصوب عليه‬
‫أيضا ينضاف إلى الفروق الثالثة التي ذكرناها من‬
‫حسن" فهذا ً‬
‫ٌ‬ ‫فتقول‪" :‬زيد الوجه‬
‫قبل بين الصفة المشبهة واسم الفاعل‪.‬‬
‫والفرق الَاين‪ :‬بين الصفة المشبهة واسم الفاعل من حيث العمل ما ذكره يف‬
‫قوله‪:‬‬
‫لللللللللب‬‫َو َ دنلللللللللل ده َةا َسلللللللللل َببا َّية َو َجل‬ ‫َللللب‬ ‫وسللللب دق مللللا َ عم د ا ا‬
‫ْ‬ ‫للللق ف ْيلللله دم َْ َعن ْ‬ ‫َْ‬ ‫َ َ ْ َ‬
‫يعني‪ :‬أن اسم الفاعل يعمل يف السببي نحو‪" :‬زيدٌ ضارب أخاه" ويعمل يف غير‬
‫عمرو"‬
‫ً‬ ‫السببي نحو‪" :‬زيدٌ ضارب‬
‫وجهه" أو‬
‫ُ‬ ‫وأما الصفة الم ب ة فال عمق إا يف السببي نح ‪" :‬زيد حسن‬
‫وجهه" ما الم راد بالسببي؟ شرحناه قبل ذلك‪ ،‬أما المراد بالسببي هو االسم‬
‫"حسن َ‬
‫الظاهر المتصل بضمير يعود إلى الموصوف‪ ،‬هو اسم ظاهر لكن اتصل به ضمير‬
‫يعود إلى الموصوف إ ًذا فالضمير سيربطه بالموصوف كقولك‪" :‬زيد ضارب‬
‫أخاه" فالهاء تعود إلى زيد الموصوف بالمعنى العام ليس إلى الصفة النعت‪،‬‬
‫الموصوف يعني‪ :‬الوصف يشمل الخرب‪ ،‬يشمل النعت‪ ،‬يشمل الحال‪.‬‬
‫فعمرو لم يتصل بضمير يعود إلى موصوفه‬
‫ً‬ ‫عمرو"‬
‫ً‬ ‫غير السببي "زيد ضارب‬
‫أما الصفة المشبهة ال تعمل إال يف السببي كقولك‪" :‬زيد حسن وجهه" اتصل بالهاء‬
‫العائد إلى زيد‪ ،‬هذا الضمير إما أن يكون ملفو ًظا به كما سبق‪" ،‬زيد حسن وجهه"‬
‫ِ‬
‫الوجه" أو‬ ‫مقدرا؛ ألن المقدر كالموجود كقولك‪" :‬زيد حسن‬ ‫"حسن وجهه" أو‬
‫ً‬
‫"حسن الوج ُه" أو "حسن الوج َه" "زيد حسن الوج ُه" أي‪" :‬زيد حسن الوج ُه منه"‬
‫وقال بعض النح ين‪ :‬إن أل يف مثل ذلك نائبة مناب الضمير‪ ،‬على كل حال‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪75 h‬‬
‫‪g‬‬
‫الضمير موجود؛ ألن المقدر كالموجود والمقدر غير المعدوم‪ ،‬المعدوم ليس‬
‫أصال‪ ،‬أما المقدر أو المحذوف معناه أنه موجود يف الجملة‪ ،‬ولكنه حذف‬
‫موجود ً‬
‫لسبب من األسباب فتقدره قولنا نقدره دليل على أنه موجود أو غير موجود؟ دليل‬
‫على أنه موجود ولهذا قدرناه دليل على أنه موجود‪.‬‬
‫من ال اهد يف هَه الع د راَ ل قلنا مَال‪ « :‬اَّ رس ل اهلل ‪ ‬حسن الصفاَ‬
‫ر ُ ا مالق‪ ،‬صعب الميراث يف الحروب‪ ،‬لين الَانب للمؤمنين» "فحسن‬
‫وكريم وصعب ولين" هذه صفات مشبهة إن شئت من ضابط فهي انضافت إلى‬
‫فاعلها‪" ،‬حسن الصفات" يعني‪" :‬حسنت صفاته" "كريم األخالق" يعني‪:‬‬
‫"كرمت أخالقه" وإن شئت من حيث الزمن هذه الصفات تدل على الثبات وال‬
‫تدل على التجدد‪.‬‬

‫قال ‪( :‬ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔﮕ)‬


‫[ه د‪.]24:‬‬
‫أعمى وأصم وبصير وسميع هذه صفات مشبهة أم غير ذلك؟ صفات مشبهة‪،‬‬
‫أعمى على وزن أفعل صفة مشبهة أم أفعل تفضيل؟ هنا صفة مشبهة مثل األعمى‬
‫تقول‪" :‬أنت أعمى القلب" يعني‪ :‬عمي قلبك فتضيفه إلى الفاعل بخالف ما إذا‬
‫مثال "فالن أعمى من فالن" فهنا اسم تفضيل‪ ،‬وكذلك األصم إ ًذا فالمعنى هو‬
‫قلنا ً‬
‫الذي يحدد النوع‪ ،‬قال ‪( :‬ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ‬
‫ﯝ) [اإلسراء‪.]72:‬‬
‫أما أعمى األولى فهي صفة مشبهة عمي قلبه فهو يف اآلخرة أعمى إن قيل أهنا‬
‫صفة مشبهة فالمعنى واهلل أعلم أنه يف اآلخرة كذلك‪ ،‬وإن قيل واهلل أعلم أهنا أفعل‬
‫عمى المعنيان محتمالن‪.‬‬
‫تفضيل فالمعنى أنه أشد ً‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪76 h‬‬
‫قال اهلل‪( :‬ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬﯭ ﯮ ﯯ‬
‫ﯰ) [الب رة‪.]68:‬‬
‫بكرا يف هذه‬
‫مثال بقيت سنتين ً‬
‫بكرا ً‬
‫فارض‪ ،‬وبكر‪ .‬بكر عندما تكون البقرة ً‬
‫السنتين الصفة هذه تتغير أم ثابتة؟ إ ًذا قوله هنا بكر صفة مشبهة أم ال؟ صفة مشبهة‬
‫وقلنا الصفة المشبهة تدل على الثبات ما دامت موجودة لكنها قد تنقطع‪ ،‬وفارض‬
‫صفة مشبهة أم اسم فاعل؟ هنا صفة مشبهة؛ ألهنا بعد ما زالت بكارهتا صارت‬
‫فارضا الصفة اآلن ثابتة أو اآلن فارض ثم بكر وبعده فارض ثم بكر صفة ثابتة‬
‫ً‬
‫ليست كاسم الفاعل "كقائم وجالس" هو قائم لكن هذه الصفة قد تنفك عنه‪،‬‬
‫وجالس هذه الصفة قد تنفك عنه اسم فاعل‪ ،‬أما الصفة الثابتة المستمرة هذه صفة‬
‫مشبهة إ ًذا هذه فارض ً‬
‫أيضا صفة مشبهة "كطاهر القلب"‪.‬‬

‫(ﯪ ﯫ ﯬﯭ ﯮ ﯯ ﯰ) [الب رة‪ ]68:‬عوان فعال كقولهم‬


‫أيضا صفة مشبهة‪.‬‬
‫"جبان" يف الوزن ليس يف المعنى‪ ،‬عوان هذه ً‬

‫قال‪( :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ) [الفا حة‪ ]1:‬الرحمن على وزن فعيل‪،‬‬


‫والرحيم على وزن فعيل هاتان الصفتان مشبهتان أما فعالن رحمان فهو صفة‬
‫مشبهة ال إشكال يف ذلك‪ ،‬وأما رحيم فصفة مشبهة أم صيغة مبالغة؟ أما هنا فال‬
‫شك أهنا صفة مشبهة ألن مثل هذه الصفات مع اهلل‪ ‬صفة مشبهة؛ ألهنا تدل‬
‫على الثبات واالستمرار أما مع الخلق فقد تكون صفة مشبهة إذا كانت صفة ثابتة‬
‫فيهم‪ ،‬وقد تكون مبالغة كقولك‪" :‬كريم" أي‪ :‬أن اإلنسان يتطبع بالكرم حتى ال‬
‫ينفك عنه تكون فيه صفة ثابتة ال يتكلفها فهو كريم صفة مشبهة‪ ،‬قد تكرم أخالقه‬
‫ِ‬
‫الخلق" فتجر هبا‬ ‫بحيث تقول‪" :‬هو كريم خلقه" فرتفع هبا الفاعل‪ ،‬ثم "هو كريم‬
‫الفاعل والصفة متى ما جرت الفاعل كانت صفة مشبهة‪ ،‬أما إذا كان الكرم فيه‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪77 h‬‬
‫‪g‬‬
‫فعال ال‬
‫فعال يفعله وقتًا بعد وقت يعني‪ :‬يتكلفة هو كريم لكنه يفعله ً‬
‫يعني‪ :‬يفعله ً‬
‫يفعله طب ًعا فهنا كريم صفة مبالغة‪.‬‬

‫قال‪( :‬ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛﭜ) [فا ر‪.]12:‬‬


‫هذا عذب من ُ‬
‫عذب الماء عذب فعل مثل سهل وصعب‪ ،‬والصفة المشبهة‪،‬‬
‫فرات كفعال "كشجاع" صيغة مبالغة‪( ،‬ﯣ ﯤ ﯥ) [الفرقاَّ‪ٌ ]53:‬‬
‫ملح ٌ‬
‫فعل‬
‫صفة مشبهة‪ ،‬وأجاج ُفعال كشجاع صفة مشبهة‪( ،‬ﭗ ﭘ) [فا ر‪ ]12:‬سائغ‬
‫الماء العذب الفرات كونه سائغ الشرب صفة ثابتة فيه أم حادثة؟ صفة ثابتة يعني‪:‬‬
‫مرة يكون سائ ًغا ومر ًة ال يكون سائ ًغا؟ ثابتة فلهذا ترفع هبا فاعلها (ﭗ ﭘ)‬
‫[فا ر‪ ]12:‬يعني‪ :‬يسوغ شربه‪.‬‬
‫وجاء يف األثر أن أبا بكر رجل أسيف يعني‪ :‬كثير البكاء أو سريع الدمعة فعيل‬
‫أسيف هنا هل هي صفة مشبهة أم صيغة مبالغة ألبي بكر◙؟ صفة مشبهة؛‬
‫ألهنا صفة ُعرف هبا وصارت ثابتة فيه‪ ،‬قال حسان ◙‪ :‬يف صفة أم المؤمنين‬
‫عائشة ‪:‬‬
‫َو دصللبا دح غَر للى امللن دلحلل ام ال َ افا ا‬
‫للق‬ ‫هاَّ مللللللا دلللللل ا َّ بار َبللللللة‬
‫صللللللاَّ َر ِ‬
‫ِ‬ ‫َح‬

‫أما حصان ورزان فعلى وزن فعال كجبان فهما صفتان مشبهتان حصان صفة‬
‫ثابتة فيها الرزانة صفة ثابتة فيها‬
‫َو دصبا دح غَر ى امن دلح ام ال َ افا اق‬
‫غرثى صفة مشبهة أم ماذا؟ صفة مشبهة فعلى من أوزان الصفة المشبهة فعلى؟‬
‫كيف كانت صفة مشبهة؟ غرثى هذا مؤنث مذكره أغرث أفعل مثل "أجهر" ومثل‬
‫"أعمى" ومثل "أعور وأحمر" صفات مشبهة إذا قلت‪" :‬عمي فهو أعمى" "وحمر‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪78 h‬‬
‫فهو أحمر" صفات مشبهة "أحمر وحمرى" "وأفضل وفضلى" "وأغرث وغرثى"‬
‫فهذه صفة مشبهة؛ ألهنا من أغرث وأغرث أفعل صفة مشبهة‪.‬‬
‫هذا ما تيسر شرحه يف الصفة المشبهة اللهم ِّ‬
‫صل وسلم على نبينا محمد وعلى‬
‫آله وأصحابه أجمعين‪.‬‬

‫‪¹‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪79 h‬‬
‫‪g‬‬

‫الدرس السابع والسبعون‬


‫﷽‬

‫الحمد هلل رب العالمين‪ ،‬والصالة والسالم على نبينا محمد وعلى آله‬
‫وأصحابه أجمعين‪َّ ،‬أما بعد‪-:‬‬
‫السالم عليكم ورحمة اهلل وبركاته‪ ،‬ح َّياكم اهلل وب َّياكم‪ ،‬يف هذه الليلة الطيبة ليلة‬
‫اإلثنين‪ ،‬الخامس والعشرين من شهر ذي الحجة‪ ،‬من سنة اثنتين وثالثين وأربعمائة‬
‫وألف‪ ،‬يف جامع الراجحي‪ ،‬يف حي الجزيرة يف مدينة الرياض‪ ،‬نعقد بحمد اهلل‬
‫توفيقه الدرس السابع والسبعين‪ ،‬من دروس شرح [ألفية ابن مالك] عليه رحمة اهلل‬
‫تعالى‪.‬‬
‫ونحن اآلن نكاد نقرتب إلى منتصف األلفية‪ ،‬نصلها إن شاء اهلل يف الدرس‬
‫القادم أو الذي بعده‪ ،‬أما يف هذه الليلة المباركة إن شاء اهلل تعالى فسيكون الكالم‬
‫على [باب الععَب]‬
‫بعد أن انتهينا يف الدرس السابق من الكالم على [باب أفعق العفايق] [باب‬
‫الععَب] أخذه ابن مالك ‪ ‬يف ألفيته يف أحد عشر بيتًا‪ ،‬نبدأ الدرس كالمعتاد‬
‫بقراءة هذه األبيات‪:‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪80 h‬‬
‫قال اإلمام ابن مالك ‪:‬‬
‫َّ َ ُّ ُ‬
‫التعجب‬
‫لللللرور با َبللللللا‬‫لللللق َم َْل د‬ ‫َأو اجللللللىء با ٌَ ْف اعل َ‬ ‫للق َب ْعلللدَ َملللا َ َعَ َبلللا‬ ‫للق انْطال ْ‬ ‫‪.474‬با ٌَ ْف َعل َ‬
‫لللللد ْق با ا َملللللا‬ ‫َأو َفلللللى َم الي َلينَلللللا و َأص ا‬ ‫للللق ان اْصللللل َب َّن ده ََملللللا‬
‫‪َ .475‬و الللللل َ َأ ْف َعل َ‬
‫َ ْ‬ ‫ْ ْ‬
‫للح‬ ‫ا‬ ‫للاَّ اعنْلللدَ الحل ْ ا‬ ‫إا َّْ َ ل َ‬ ‫ف َملا امنْل ده َ َع ََّ ْب َ‬ ‫‪َ .476‬و َح َْ َ‬
‫للَف َم ْعنَلللا ده َال ْ‬ ‫َ‬ ‫َبح‬
‫لت ْاسلع ْ‬
‫ْللللللع ََصللللللرف با دحُْللللللُ دحعا َملللللللا‬ ‫َمن د‬ ‫الف ْع َل ل ْي ان اقللدْ َم َل ا َمللا‬‫‪.477‬وفاللي ا لالَ ا‬
‫َ‬
‫للللُ َغ ْيلللللرا اة انْعا َفلللللا‬ ‫للللق َف ْال ا‬
‫للللق َ ل َّ‬ ‫َقابا ا‬ ‫لن اة َ لالَث دصلر َف‬ ‫ا‬
‫‪َ .478‬و دص ْ د َما م ْ‬
‫َو َغ ْيلللللللرا َسلللللللالاك َسلللللللبا ْي َق دف اعلللللللالَ‬ ‫اهي َأ ْ َ الَ‬ ‫‪.479‬و َغيرا اة وصف َا ا‬
‫د‬ ‫َ ْ‬ ‫َ ْ‬
‫لللض ال للللرو ا عل ا‬
‫لللد‬ ‫َخْ دلل د‬
‫لللف َمللللا َب ْعل َ‬ ‫لللد َد أو َأ َ للللدَّ َأو ا لللل ْب د د َما‬ ‫‪.480‬و َأ ْ ل ا‬
‫َ‬ ‫د‬ ‫َ‬
‫للللب‬
‫َل ْ‬ ‫َو َب ْعلللللدَ َأ ْف اعلللللق َجلللللر ده باال َبلللللا َ ا‬ ‫للب‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫‪َ .481‬و َم ْصلللدَ در ال َعلللاد ام َب ْعلللدد َ نْعَصل ْ‬
‫للللَ امنْللللله دأ ا‬ ‫واَ َ ا لللللس ع َللللللى ا َّلل ا‬ ‫لُ لا َ ْي لرا َمللا دة ال ْلر‬ ‫‪َ .482‬وباالنللدد ا‬
‫ث‬ ‫د‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫اح دُل ْ‬ ‫ور ْ‬
‫معم دلللللللله ووصللللللل َله بال ا‬
‫لللللله ال ََملللللللا‬ ‫للَا ال َبل ا‬
‫للاب َلللل ْن د َ لللدَّ َما‬ ‫للق َهل َ‬‫‪َ .483‬وفا ْعل د‬
‫د‬ ‫د َ َ ْ‬ ‫َ ْد‬
‫اَ ْاسللل َع َ ْر‬ ‫للف فالللي َة َ‬ ‫دم ْسللل َع ْع َم ِق َوالخد لل د‬ ‫ف َجل ّلر‬ ‫‪ .484‬و َفص ل دله با َظللرف أو باحللر ا‬
‫َ ْ‬ ‫َ ْ د ْ‬
‫معنى من المعاين التي تكون يف النفس وهو فعال يحدث يف النفس‬
‫ً‬ ‫التعجب‬
‫ٌ‬
‫وصيغ سماعية‬ ‫ٍ‬
‫ألمر ذي مزية ظاهرة وله يف العربية أساليب كثيرة‪ ،‬فله ألفاظ‬
‫وقياسية‪.‬‬
‫فاأللفاظ والصيغ السماعية كثيرة جدًّ ا‪ ،‬وهذه يف المعتاد ُتذكر يف كتب اللغة‬
‫فارسا" وكقولهم‪" :‬عج ًبا" وقولهم " قاتله اهلل ما أشجعه"‬
‫ً‬ ‫مثال "هلل دره‬
‫كقوله ً‬
‫منظرا ناهيك به من منظر" وكقوله تعالى‪( :‬ﯝ ﯞ‬
‫وكقولك " شاهدت ً‬
‫ﯟ ﯠ ﯡ ﯢﯣ) [الب رة‪ ]28:‬وكقوله‪( :‬ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ‬
‫ﭧ ﭨ ﭩ) [ن و‪ ،]14،13:‬وكقول النبي ‪« ‬سبحاَّ اهلل إَّ‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪81 h‬‬
‫‪g‬‬
‫المؤمن ا نَس» ومن ذلك قول حسان◙‪:‬‬
‫للللللاَّ ا َّو ال‬
‫ا‬ ‫ْ مللللللل ا‬
‫بَ ّلل َ‬
‫للللللق يف ال ّمل‬ ‫هلل َدر اع َصلللللللللللللللا َبة نلللللللللللللللا َد ْم دع د ُْ‬
‫ومن ذلك قول أحمد شوقي‪:‬‬
‫للللالل وا عللللللى ا َو ل ا‬ ‫لله َأنل ا‬
‫للت َفملللا َر َأ ل د‬ ‫لا َّلل ا‬
‫للللاد‬ ‫الَل َ َ َ‬ ‫َهلللللَا َ‬ ‫الصلللفا‬
‫للت َعللللى َ‬
‫ومن ذلك قول القديم‪:‬‬
‫المنللللللى َللللللل َأنَّنللللللا نالناهللللللا‬
‫لللللي د‬
‫هل َ‬
‫ا‬
‫واهلللل لسلللللمى د َّ‬
‫للللُ واهلللل واهللللا‬
‫وهذه األساليب السماعية كثيرة جدًّ ا‪ ،‬وقلنا أن الذين يهتمون هبا أهل اللغة‪ ،‬أما‬
‫النحويون فإهنم ال يعقلون هذا الباب[باب الععَب يف النح ] إال للصيغ القياسية‬
‫المضطردة‪.‬‬

‫‪ ‬والصيغ القياسية املضطردة للتعجب صيغتان‪:‬‬


‫ا ولى‪ :‬ما أفعله‪.‬‬
‫والَانية‪ :‬أفعق به‪.‬‬
‫وقد ذكر ابن مالك ‪ ‬هاتين الصيغتين يف البيت األول يف هذا الباب‬
‫فقال‪:‬‬
‫لللللرور با َبللللللا‬ ‫َأو اجللللللىء با ٌَ ْف اعل َ‬
‫لللللق َم َْل د‬ ‫للللق انْطال ْ‬
‫للللق َب ْعلللللدَ َملللللا َ َعَ َبلللللا‬ ‫با ٌَ ْف َعل َ‬
‫فالشطر األول ذكر فيه الصيغة األولى ما أفعله كقولك‪" :‬ما أحسن العلم" "ما‬
‫أيضا" العلم ما‬
‫أجمل القمر" "ما أقوى زيدً ا" "ما أغنى الحليب بالفوائد" وتقول ً‬
‫أحسنه" "والقمر ما أجمله" "وزيد ما أقواه" "والحليب ما أغناه بالفوائد"‪.‬‬
‫ويف الشطر الثاين ذكر الصيغة األخرى وهي‪ :‬أفعل به نحو "أحسن بالعلم"‬
‫وأجمل بالقمر" "وأقوى بزيد" "وأغني بالحليب بالفوائد" والصيغة األولى ال‬
‫قديما وحدي ًثا‪.‬‬ ‫ً‬
‫استعماال ً‬ ‫شك أهنا هي األكثر‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪82 h‬‬
‫قال ‪( :‬ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ) [الب رة‪.]175:‬‬
‫وقال الشاعر‪:‬‬
‫ا‬
‫بالرجلللق‬ ‫واإلفلللالْ‬
‫َ‬ ‫الُفلللر‬
‫َ‬ ‫وأقلللبح‬
‫َ‬ ‫اجع ََم َعللا‬ ‫مللا َأ ْح َسل َ‬
‫لن الللد ْ َن والللدنْيا إةا ْ‬
‫وقال‪( :‬ﰅ ﰆ ﰇ) [مر ُ‪.]38:‬‬
‫ثم ذكر ابن مالك ‪ ‬إعراب الصيغة األولى فقال‪:‬‬
‫َو ال َ َأ ْف َع َق ان اْص َب َّن ده‬
‫فذكر أن ما بعد ما أفعل موصول يعني‪ :‬أنه موصول على أنه مفعول به سواء‬
‫ظاهرا نحو "ما أحسن زيدً ا" أو ضمير نحو "زيد ما أحسنه" فالهاء‬
‫ً‬ ‫اسما‬
‫كان ً‬
‫مفعول به يف محل نصب‪ ،‬ثم أكمل البيت الثاين يف قوله‪:‬‬
‫ََما َأو َفى َم ال ْي َل ْينَا َو َأ ْص اد ْق با ا َما‬
‫بقية البيت الثاين تتعلق بالبيت األول‪ ،‬وال تتعلق بأول البيت الثاين؛ ألنه ذكر يف‬
‫آخر البيت الثاين مثالين‪:‬‬
‫أحدهما للصي ة ا ولى ما أفعله‪ ،‬وهي قوله‪:‬‬
‫ََما َأو َفى َم ال ْي َل ْينَا‬
‫والمَال الَاين مثال على صيغة أفعل به وهي قوله‪:‬‬
‫َو َأ ْص اد ْق با ا َما‬
‫وتلحظون أن ابن مالك ‪ ‬سكت عن إعراب ما أفعله‪ ،‬وسكت عن‬
‫إعراب الصيغة األخرى‪ ،‬هو فقط تكلم عن إعراب ما بعد ما أفعله‪ ،‬لكنه سكت عن‬
‫إعراب ما أفعله‪ ،‬وسكت عن إعراب الصيغة األخرى أفعل به‪.‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪83 h‬‬
‫‪g‬‬
‫فلهذا نقول‪ :‬أما الصيغة األولى وهي "ما أفعل زيد" فما نكرة تامة بمعنى شيء‬
‫ٍ‬
‫ماض لكنه جامد‪ ،‬وفاعله‬ ‫اسما يف أول الجملة فهي مبتدأ‪ ،‬وأحسن فعل‬‫فصارت ً‬
‫ضمير مسترت تقديره هو يعود إلى ما التي قدرناها بذاكرة تامة شيء‪ ،‬وزيدً ا سبق أنه‬
‫مفعول به‪ ،‬والجملة الفعلية "أحسن زيدً ا" أحسن وفاعله ومفعوله خرب لما‪،‬‬
‫والمعنى العام لنحو قولنا‪" :‬ما أحسن زيدً ا" شيء عظيم أحسن زيدً ا‪ ،‬أو شيء‬
‫ذكرنا بحسن زيد‪ ،‬أو شيء جعلنا نتعجب من حسن زيد‪ ،‬أو نحو ذلك‪.‬‬
‫فعلى ذلك قولهم‪" :‬ما أحسن زيدً ا" جملة اسمية‪ ،‬إذ تكوهنا من مبتدأ وخرب‬
‫هذا هو قول الجمهور سيبويه ومن تابعه أنه مبتدأ" وأحسن زيدً ا " جملة فعلية‬
‫خرب‪.‬‬
‫وقال بعض النحويين كاألخفش‪ :‬إن ما اسم موصول فتكون بمعنى ماذا؟‬
‫ٍ‬
‫ماض جامد كما قال السابقون‪ ،‬وفاعله ضمير مسترت‬ ‫بمعنى الذي‪ ،‬وأحسن فعل‬
‫يعود إلى ما الموصولة‪ ،‬وزيد مفعول به‪ ،‬والجملة الفعلية "أحسن زيدً ا" الفعل‬
‫والفاعل والمفعول ما عالقتها بما الموصولة؟ صلة الموصول‪.‬‬
‫"ما" اسم موصول وقع يف أول الجملة فهو مبتدأ "وأحسن زيدً ا" صلة‬
‫الموصول فأين الخرب؟ قال‪ :‬إن الخرب يف مثل هذا األسلوب محذوف والمعنى‬
‫أيضا جملة اسمية؛ لتكوهنا من‬
‫العام‪ :‬الذي أحسن زيدً ا شيء عظيم فهي عندهم ً‬
‫مبتدأ وخرب والقوالن يف المعنى العام متقاربان‪.‬‬
‫وأحب أن أنبه عن أمر مهم جدًّ ا هنا ويف مواطن كثيرة من كالم النحويين إذا‬
‫قالوا‪ :‬والمعنى كذا هم ال يريدون بذلك المعنى اللفظي لهذه الجملة كذا وكذا‪،‬‬
‫وإنما يريدون المعنى العام يعني‪ :‬المعنى المفهوم‪ ،‬يعني‪ :‬الالزم الحاصل فلهذا‬
‫أيضا من‬
‫يمكن أن نقدم أي معنى عام يناسب هذه الجملة والمعاين العامة تختلف ً‬
‫جملة إلى جملة وإن كان موادها واحدً ا‪.‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪84 h‬‬
‫فمثال لو قلنا "ما أحسن زيدً ا" قد نقدر يف التقدير العام" شيء عظيم أحسن‬
‫ً‬
‫زيدً ا" "أو شيء عظيم جعلنا نتعجب من حسن زيد" أو شيء عظيم نبهنا أو أعلمنا‬
‫أو ذكرنا بحسن زيد" وهكذا‪.‬‬
‫أيضا أسلوب تعجب "ما أعظم اهلل"‬
‫لُن ل قلنا مَال‪" :‬ما أعظم اهلل" هذا ً‬
‫تتعجب من عظمة اهلل جل جالله‪ ،‬ولكن ال يمكن أن تطبق على ذلك المعنى العام‬
‫المذكور يف نحو "ما أحسن زيدً ا" فتقول‪" :‬ما أعظم اهلل" معناها كما يقول‬
‫النحويون يف معنى التعجب عمو ًما يقولون‪ :‬شيء عظيم ما أحسن زيدً ا" ولكن‬
‫عظيما‪.‬‬
‫ً‬ ‫نقول يف "ما أعظم اهلل" "شيء عظيم أعظم اهلل" يعني‪ :‬جعله‬
‫وإنما ن در معاين أمر مناسبة ٌَّ ن ل‪" :‬ما أعظم اهلل" أي‪ :‬شيء عظيم‬
‫جعلنا نتعجب من عظمة اهلل‪ ،‬أو شيء عظيم أعلمنا أو ذكرنا بعظمة اهلل؛ ألن‬
‫المتكلم ال يقول أسلوب التعجب إال إذا رأى شي ًئا يجعله يتعجب أي‪ :‬ينفعل‬
‫بسبب هذه المزية الظاهرة‪ ،‬فنحن نعلم جمي ًعا أن اهلل عظيم‪ ،‬ونعلم أنه ما أعظم اهلل‪،‬‬
‫ومع ذلك نقول أحيانًا ما أعظم اهلل‪ ،‬وذلك عندما نرى شي ًئا يذكرنا بعظمة‬
‫اهلل‪.‬‬
‫فالمعنى "ما أعظم اهلل" أو "ما أحسن زيدً ا" هذه المعاين عامة عند النحويين ال‬
‫تستطيع أن تطبقها على كل شيء حتى تفهم المعنى الخاص وتقدر بحسب المعاين‬
‫المناسبة‪ ،‬ولذلك أمثلة كثيرة يف كالم النحويين عندما يقولون‪ :‬والمعنى كذا ولعلنا‬
‫نبهنا على أمثال ذلك من قبل‪ ،‬وسننبه على أمثال ذلك من بعد‪.‬‬
‫ومما حُى يف ةلك أَّ أحدهُ أ ى إلى حل ة عالُ من العلماء قال‪" :‬وما‬
‫أحسن زيد" أي‪ :‬شيء عظيم أحسن زيدً ا" فكانت بينه وبين اآلخرين منافسة لكونه‬
‫من بلد آخر فأوقعوه يف هذه الورطة فقالوا‪ :‬ما إعراب "ما أعظم اهلل"؟ فأعرهبا‪،‬‬
‫عظيما فسحبوه‬
‫ً‬ ‫فقالوا وما معناها؟ قال‪ :‬شيء عظيم أعظم اهلل!! يعني‪ :‬جعله‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪85 h‬‬
‫‪g‬‬
‫وأخرجوه من الحلقة؛ ألن هذا ال يناسب أن تقوله مع اهلل‪.‬‬
‫عظيما‪ ،‬كل شيء من‬
‫ً‬ ‫وإَّ اَّ المعنى ب لك‪ :‬يء عظيُ أعظُ اهلل أ ‪ :‬جعله‬
‫أيضا هذه األمور ال تتناسب‬
‫مثال أو قوته أو نحو ذلك يعني‪ً :‬‬
‫مخلوقاته وإنما قدرته ً‬
‫مع اهلل‪.‬‬
‫وكما رأينا فإن أفعل على اإلعرابين إعراب الجمهور وإعراب األخفش فعل‬
‫ٍ‬
‫ماض ولكنه جامد يعني‪ :‬ال يتصرف‪ ،‬ال تستعمل منه المضارع أو األمر يف هذه‬
‫اسما أو‬
‫الصيغة ما أفعله بل جمد على صيغة أفعله‪ ،‬ومما يدل على أنه فعل وليس ً‬
‫حر ًفا أنه يعامل معاملة األفعال‪ ،‬ومن ذلك أن نون الوقاية تتصل به كاألفعال فأنت‬
‫تقول يف األفعال‪" :‬زيد أكرمني وأعطاين" وتقول يف أسلوب التعجب "ما أفقرين‬
‫إلى اهلل" إذا اتصلت ياء المتكلم بفعل التعجب‪" ،‬ما أفقرين إلى اهلل" "وما أغناين‬
‫وأيضا يدل على أنه فعل التصال نون التوكيد به‪ ،‬ونون‬
‫ً‬ ‫عما يف أيدي الناس"‬
‫مثال‪" :‬أحسن بزيد" "وأحسنن بزيد"‪ ،‬ومن‬
‫التوكيد ال تتصل إال بالفعل فتقول ً‬
‫ذلك قول الشاعر‪:‬‬
‫ل ف ر وأحر ا‬ ‫فٌحر به من‬
‫هذه أفعل به‬
‫ل ف ر وأحر ا‬ ‫فٌحر به من‬
‫أ ن ال اهد ووجه ااسع اد يف البيت؟ لو ضربنا هذا الشاهد ً‬
‫مثاال على‬
‫اتصال نون التوكيد بفعل التعجب مما يدل على أنه فعل أين نون التوكيد؟ يف قوله‪:‬‬
‫ل ف ر وأحر ا‬ ‫فٌحر به من‬
‫وأحريا" أصلها" وأحرين" مؤكد بنون التوكيد الخفيفة التي من أحكامها التي‬
‫إن وقفت عليها وجب قلبها أل ًفا بخالف نون التوكيد الثقيلة فأنت إذا أكدت بنون‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪86 h‬‬
‫طويال" وإذا وقفت على الخفيفة تقول‪" :‬قفا‬
‫ً‬ ‫مثال "قفن‬
‫التوكيد الثقيلة تقول ً‬
‫طويال" كما قال امرؤ القيس‪:‬‬
‫ً‬
‫فح ْ مل ا‬
‫لق‬ ‫لين الللدَّ م ل َ‬
‫بل َ‬ ‫بس ل ا الل ل‬
‫ا‬ ‫قفللا نبللك مللن اة للر حبيللب ومنلل ل‬
‫فإنه يحدث واحدً ا "قفا نبكي" كان يحدث صاحبه أي‪::‬قف" لكنه ثم قدر‬
‫الوقوف عليها‪.‬‬
‫مثال مجزوم‬
‫ومثلنا لذلك بأبيات كثيرة خاصة ذكرها ابن مالك نفسه‪ ،‬يأيت فعل ً‬
‫ومع ذلك نجده يف األخير عليه فتحة وألف فتقول‪ :‬أنه متصل بنون التوكيد التي‬
‫قلبت عند الوقف أل ًفا‪ ،‬ومن ذلك قول اهلل‪( :‬ﯤ ﯥ) [العلق‪.]15:‬‬

‫هذه "نسفع" اتصلت بنون التوكيد الخفيفة (ﯤ ﯥ) ولو وقفت هنا‬


‫على الفعل كنت تقولك "لنسفعا" ولهذا كتبت يف المصحف باأللف؛ ألن األصل‬
‫القاعدة يف اإلمالء أهنا تكتب على ما توقف عليه‪.‬‬
‫فعال كما ذكرنا قبل قليل قول‬
‫هذا الشاهد ووجه االستشهاد للبيت وقول أفعل ً‬
‫الجمهور وهو الصحيح ال شك فيه‪ ،‬وقال بعض الكوفيين أنه اسم واستدلوا على‬
‫ذلك مما جاء تصغيره يف بعض األبيات كقول الشاعر‪:‬‬
‫ا ما أميلح غ انا دَّ لنا‬
‫أميلح فصغر‪ ،‬والتصغير كما نعرف من خصائص األسماء كالتسمية والجمع‬
‫وأيضا التنوين هذه كلها من خصائص األسماء فقالوا‪ :‬إهنا اسم لدخول‬
‫والتصغير‪ً ،‬‬
‫التصغير هنا‪ ،‬ويرد على هذا البيت بأنه شاذ‪ ،‬ويرد عليه بأنه حسنه كون فعل‬
‫التعجب صار جامدً ا مثل‪" :‬ما أحسن زيدً ا" "أحسن" يف األصل فعل متصرف‬
‫"أحسن محمد إلى الفقراء" يحسن محمد إلى الفقراء" " ِ‬
‫أحسن إلى الفقراء" يف‬
‫األصل فعل متصرف لكن إذا نقلت أي فعل إلى التعجب فإنه يعود جامدً ا‪ ،‬فجمود‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪87 h‬‬
‫‪g‬‬
‫الفعل يقربه إلى األسماء فكأن الشاعر عامله معاملة األسماء لهذا السبب‪ ،‬هذا ما‬
‫يتعلق بالصيغة األولى "ما أفعل زبد‪ ،‬أو ما أفعله"‪.‬‬
‫أما الصي ة ا مر ‪ :‬ما أفعل به "أو أفعل بزيد" فإعراهبا أن نقول‪" :‬ما أحسن‬
‫ماض جامد يدل على التعجب‪ ،‬ولكنه جاء‬‫ٍ‬ ‫بزيد" أحسن بزيد" "أحسن" هذا فعل‬ ‫ٍ‬

‫على صيغة األمر‪" ،‬والباء" حرف جر زائد‪" ،‬وزيد" فاعل حكم الفاعل الرفع أم‬
‫محال مجرور لف ًظا بالباء الزائدة هكذا حروف الجر‬
‫الجر؟ الرفع‪ ،‬إ ًذا فاعل مرفوع ً‬
‫الزائدة تؤثر يف اللفظ وال تغير يف اإلعراب‪ ،‬وقوله‪ " :‬أحسن بزيد" معناه "حسن‬
‫ٍ‬
‫ماض وفاعل ثم غير ذلك إلى هذه‬ ‫زيد" أعظم بعمرو" أي‪ :‬عظم عمرو فهو فعل‬
‫الصيغة أفعل به لفعلها صيغة خاصة يف التعجب‪.‬‬
‫يعني لو قلت "حسن زيد" فهذه الجملة على أصلها تدل على اإلخبار أهنا‬
‫جملة إخبارية "حسن زيد" أخربت أن زيدً ا حسن‪ ،‬وليس فيها معنى التعجب‪ ،‬فلو‬
‫جعلوها على معنى اإلخبار وعلى معنى التعجب بصيغة واحدة اللتبس األمر‬
‫فلهذا نقلوها إلى صيغة أفعل به؛ لتكون الصيغة هي الدالة على التعجب وهذه هي‬
‫جمال‬
‫ً‬ ‫اللغة‪ ،‬اللغة هي داللة األلفاظ على المعاين‪ ،‬األلفاظ كالكلمات مفردات‬
‫وأساليب‪.‬‬
‫ثم بعد ذلك تكلم ابن مالك ‪ ‬على بعض أحكام هذا الباب باب‬
‫التعجب‪ ،‬وبدأ بالكالم على حكم حذف المتعجب منه فقال‪:‬‬
‫للح‬ ‫ا‬ ‫للاَّ اعنْلللدَ الحل ْ ا‬
‫إا َّْ َ ل َ‬ ‫ف َمللللا امنْلللل ده َ َع ََّ ْبل َ‬ ‫َو َح ْ‬
‫للَف َم ْعنَلللا ده َال ْ‬ ‫َ‬ ‫َبح‬
‫لللت ْاسللللع ْ‬ ‫لللَ َ‬
‫قوله‪ :‬يضح أي‪ :‬يتضح وجاء يف بعض نسخ األلفية‬
‫ف َم ْعنَا ده َ اص ْح‬
‫َاَّ اعنْدَ الح َْ ا‬
‫َ‬ ‫إا َّْ َ‬
‫معنى متقارب أي‪ :‬أن المتعجب منه يجوز حذفه على‬
‫ً‬ ‫كالهما يدل على‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪88 h‬‬
‫القاعدة العامة للحذف‪ ،‬يعني‪ :‬حذفه ليس له أحكام خاصة‪ ،‬بل هو يدخل يف‬
‫القاعدة العامة للحذف‪ ،‬والقاعدة العامة للحذف ماذا تقول؟ كل معلوم يجوز‬
‫حذفه‪ ،‬أو تقول‪ :‬ال يحذف إال المعلوم هذا هو قوله‪:‬‬
‫ف َم ْعنَا ده َ اا ْح‬
‫َاَّ اعنْدَ الح َْ ا‬
‫َ‬ ‫إا َّْ َ‬
‫واضحا جاز لك أن تذكره وجاز لك أن تحذفه؛ ألن‬
‫ً‬ ‫يعني‪ :‬إذا كان معلو ًما‬
‫اللغة العربية لغة قائمة على اإليجاز واالختصار وهذا من أوجه بالغتها‪ ،‬وأوجه‬
‫البالغة واالختصار يف اللغة العربية كثيرة جدًّ ا ال تستطيع أن تحصرها سوا ًء يف‬
‫األلفاظ أو يف الرتاكيب أو يف المعاين‪.‬‬
‫سواء يف الرتاكيب‪ ،‬الرتكيب يجوز أن تحذف بعض أجزاءه كما هو اآلن تكاد‬
‫تحذف المتعجب منه يجوز أن تحذف الفاعل‪ ،‬يجوز أن تحذف المبتدأ‪ ،‬يجوز أن‬
‫تحذف الخرب‪ ،‬يجوز أن تحذف كل ما هو معلوم‪ ،‬يجوز أن تحذف الجملة كاملة‬
‫إن دل عليها دليل فإذا قيل لك‪" :‬هل جاء محمد" تقول يف الجواب "نعم" أي‪:‬‬
‫"نعم جاء محمد" فحذفت "جاء محمد" لداللة السؤال على ذلك‪ ،‬وكذلك يف‬
‫أيضا‪ ،‬ويف اإلمالء فلهذا قد يكون من خصائص اللغة‬
‫الكلمة وكذلك يف الحروف ً‬
‫العربية أهنا تعرب عن األصوات بالحروف وتعرب عن الحركات يف رسوم مختلفة‬
‫وهي "الضمة‪ ،‬والفتحة‪ ،‬والكسرة‪ ،‬والسكون‪ ،‬والشدة‪ ،‬والمد" إلى آخره‪.....‬‬
‫أيضا وهي "الضمة‪ ،‬والفتحة‪ ،‬والكسرة‪،‬‬
‫هذه االصطالحات اإلمالئية ً‬
‫أيضا من أوجه إيجاز واختصار اللغة‬
‫والسكون‪ ،‬والشدة‪ ،‬والمد واإلمالة" هذه ً‬
‫مثال المعروفة للكثير تعرب عن‬
‫العربية فكثير من اللغات كاللغة اإلنجليزية ً‬
‫أيضا بحروف‪.‬‬
‫األصوات بحروف وتعرب عن الحركات ً‬
‫ولهذا تجد الرسم الواحد ينطق مرة حر ًفا كاأللف العربي" ألف مد" وينطق‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪89 h‬‬
‫‪g‬‬
‫أحيانًا "ألف صغيرة" يعني‪ :‬فتحة فالرسم واحد وهذا يسبب إلباس‪ ،‬وكذلك بقية‬
‫مثال‬
‫مثال وأنت تكتب كالم اإلنجليزية تأخذ ً‬
‫حروف العلة عندهم‪ ،‬فلهذا تجد ً‬
‫مثال نصف صفحة ما‬
‫صفحة باإلنجليزية إذا كان المرتجم متقن للغتين تأخذ ً‬
‫عندهم حذف حتى كتابتهم طويلة تجد كلمة صغيرة ومع ذلك كتابتها سبعة‬
‫أحرف‪ ،‬ثمانية أحرف‪ ،‬عشرة أحرف اثنا عشر حرف وهكذا‪ ،‬وإذا أردت أن ترتجم‬
‫صفحة باللغة العربية إلى اللغة اإلنجليزية قد تحتاج إلى صفحتين أو ثالث‬
‫صفحات‪.‬‬
‫إ ًذا ضرب يف اللغة العربية مكونة من ستة أصوات "الضاد والراء والباء وفتحة‬
‫الضاد وفتحة الراء وفتحة الباء" ومع أهنا تكتب يف اللغة العربية بثالثة رسوم‬
‫"ضرب" والحركات تضعها فوق أو تحت وتبقى الكتابة صغيرة والحركات أنت‬
‫مختار فيها يعني‪ :‬ليست واجبة كالحروف‪.‬‬
‫إن كان هناك لبس أو حاجة تضعها‪ ،‬وإال فليست واجبة إال عند اللبس‬
‫والحاجة‪ ،‬أما يف اللغة اإلنجليزية فالبد أن تكتب الحروف كلها سواء كانت أصوا ًتا‬
‫أو حركات‪.‬‬
‫والمراد بالمععَب منه يف أسل ب الععَب ه ‪ :‬المنصوب يعني‪ :‬أفعل فيما‬
‫"أفعل زيدً ا"‪ ،‬والمجرور فيما بعد الباء يف‪" :‬أحسن بزيد" هذا هو المتعجب منه‪.‬‬
‫وذكر ابن مالك يف هذا البيت أن المتعجب منه يجوز حذفه بشرط كونه معلوم‬
‫أي‪ :‬يكون دليل لفظي أو معنوي عليه‪ ،‬فلك أن تقول‪" :‬ما أحسن زيدً ا وأجمله"‬
‫ولك أن تقول‪" :‬ما أحسن زيدً ا وأجمل" المتعجب منه يف قولك "وأجمل"‬
‫وتقول‪" :‬ما أكرب هذا المشروع وأورع" أي‪" :‬وأروعه" وتقول‪" :‬أحسن بزيد‬
‫وأجمل" أي‪ " :‬وأجمل به" وتقول‪" :‬أخرب هبذا المشروع وأروع" أي‪ :‬وأروع به"‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪90 h‬‬
‫قال اهلل‪ ‬يف كتابه الكريم‪( :‬ﰅ ﰆ ﰇ) [مر ُ‪ ]38:‬والمعنى واهلل أعلم‬
‫"أسمع هبم وأبصر هبم" لذا األول على الثاين‪.‬‬
‫وقال امرؤ القيس‪:‬‬
‫أصلل َب َرا‬
‫دبَُللاء علللى َعمللرو َو َمللا للاَّ ْ‬ ‫أر أ ّم عمللللرو دمع للللا قللللد حللللدرا‬
‫أي‪" :‬وما كان أصربها" وقول الشاعر وينسب لعلي ابن أبي طالب ◙‪:‬‬
‫ّ‬
‫أعللللف وأ رمللللا‬ ‫ربيعللللة ميللللرا مللللا‬ ‫اهلل عنّللللي‪ ،‬والَلللل اء بفاللللله‬ ‫جلللل‬
‫أي‪ :‬ما أعفها وأكرمها‪ ،‬وهذا مضطرد كما ذكرنا ذلك‪.‬‬
‫ثم بعد ذلك تكلم ابن مالك ‪ ‬على جمود فعلي التعجب فقال‪:‬‬
‫ْللللللع ََصللللللرف با دحُْللللللُ دحعا َمللللللا‬
‫َمن د‬ ‫الف ْع َللللل ْي ان اقللللدْ َم َل ا َمللللا‬
‫وفاللللي اللللالَ ا‬
‫َ‬
‫وهذا أشرنا إليه من قبل‪ ،‬ونعيده تب ًعا ألبيات األلفية ففعل التعجب وهو أفعل‬
‫فيما أفعله وأفعل يف أفعل به فعالن جامدان غير متصرفين ال يستعمل من أفعل‬
‫الماضي ال يأيت على صورة المضارع وال األمر‪ ،‬وال يأيت أفعل يف أفعل به على‬
‫صورة الماضي أو المضارع‪.‬‬
‫وقد نقل ابن مالك يف بعض كتب أن هذا مما ال خالف فيه بين النحويين أي‪:‬‬
‫أن فعلي التعجب جامدين‪.‬‬
‫صاغ منه فعق الععَب‬ ‫ُ بعد ةلك ة ر ابن مالك ‪ ‬رو الفعق الَ‬
‫ف ال‪:‬‬
‫للللُ َغ ْيلللللرا اة انْعا َفلللللا‬ ‫َقابا ا‬
‫للللق َف ْال ا‬
‫للللق َ ل َّ‬ ‫للللن اة َ للللالَث دصللللر َف‬ ‫ا‬
‫َو دصلللل ْ د َما م ْ‬
‫َو َغ ْيلللللللرا َسلللللللالاك َسلللللللبا ْي َق دف اعلللللللالَ‬ ‫و َغيلللرا اة وصلللف َا ا‬
‫لللاهي َأ ْ للل َ الَ‬ ‫د‬ ‫َ ْ‬ ‫َ ْ‬
‫ففعال التعجب ال يصاغ من كل األفعال بل يصاغان مما اجتمعا فيه سبعة‬
‫شروط ذكرها ابن مالك يف هذين البيتين‪.‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪91 h‬‬
‫‪g‬‬
‫ال ر ا ول‪ :‬أن يكون ثالث ًيا نحو‪" :‬ما أحسنه من حسن" "وما أعظمه من‬
‫عظم" "وما أجمله من جمل" فال يبنيان أو فال يصاغان مما زاد على الثالثي أي‪:‬‬
‫الرباعي والخماسي والسداسي "كانطلق ودحرج واستخرج" إال أن‬
‫سيبويه‪ ‬جوز صوغهما من أفعل أي‪ :‬كمن الثالثي لمزيد همزة يف أوله من‬
‫أفعل ومن ذلك قوله‪" :‬ما أعطاه للما من أعطى" "وما أواله للمعروف من أولى"‬
‫"وما أظلمه لليل من أظلم" وما أقفر المكان من أقفر"‪.‬‬
‫فعال متصر ًفا ال جامدً ا‪ ،‬فال يبنيان من فعل جامد غير‬
‫ال ر الَاين‪ :‬أن يكون ً‬
‫متصرف‪ ،‬ال يبنيان من "نعم‪ ،‬وبئس‪ ،‬وعسى‪" ،‬وليس" يعني ال تقول يف التعجب‪:‬‬
‫"ما أليس زيدً ا كريما"؛ألن فعل التعجب ال يصاغ من فعل جامد‪.‬‬
‫قابال للمفاضلة والتفاضل فال يبنيان مما ال يقبل‬
‫ال ر الَالث‪ :‬أن يكون معناه ً‬
‫التفاضل والتفاوت يعني‪ :‬فعل له درجات له أصناف وأنواع بعضها أشد من بعض‪،‬‬
‫البد أن يكون فيه تفاوت ومفاضلة "كالحسن" "الحسن" تفاضل "الجمال‪،‬‬
‫القوة‪ ،‬الضعف" ونحو ذلك‪.‬‬
‫أما األمور التي ال تتفاضل يف حقيقتها فإهنم يقولون‪ :‬إن فعلي التعجب ال‬
‫يصاغان منه "كماتن وفني‪ ،‬وهلك" فهذه أفعال ال تقبل يف أصلها وحقيقتها‬
‫التفاوت‪ ،‬يعني ما تقول‪" :‬ما أموت الباطل" ال تقول‪" :‬ما أفنى المال"‪.‬‬
‫ناقصا‪ ،‬فال يصاغان من الفعل الناقص‪،‬‬
‫فعال تا ًما ال ً‬
‫ال ر الرابع‪ :‬أن يكون ً‬
‫والمراد بالفعل الناقص كما تعلمون كان وأخواهتا‪ ،‬كاد وأخواهتا‪ ،‬يعني ال تقول‪ :‬ما‬
‫كريما" أو "ما أصبح زيدً ا نشي ًطا" تريد التعجب‪ ،‬وهذا قول الجمهور‬
‫ً‬ ‫أكون زيدً ا‬
‫قياسا‪ ،‬هذا الشرط هو قول الجمهور وعليه المسموع‪ ،‬وأما‬
‫وأجازه الكوفيون ً‬
‫قساسا أن تصوغ فعل التعجب من الفعل الناقص فتقول‪" :‬ما‬
‫ً‬ ‫الكوفيون فأجازوا‬
‫كريما" "وما أصبح زيدً ا نشي ًطا" وهم أجازوا ذلك ً‬
‫قياسا ال سما ًعا‬ ‫ً‬ ‫أكون زيدً ا‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪92 h‬‬
‫يعني‪ :‬لم ِ‬
‫يأت شي ًئا عن العرب يف ذلك‪.‬‬
‫فعال مثبتًا ال منف ًيا‪ ،‬الفعل المنفي هو المسبوق‬
‫ال ر الخامس‪ :‬أن يكون ً‬
‫بناف‪ ،‬فال يصاغان من فعل منفي سواء كان‬ ‫بناف‪ ،‬والمثبت هو الذي لم يسبق ٍ‬
‫ٍ‬

‫النفي الز ًما أي‪ :‬ال يستعمل هذا الفعل إال مع حرف النفي كقولهم‪" :‬ما عاج زيد‬
‫بالدواء" يعني‪ :‬ما انتفع‪ ،‬أو كان النفي غير الزم كقولك‪" :‬ما ضربت زيدً ا"‪.‬‬
‫ال ر السادْ‪ :‬أال يكون الوصف من هذا الفعل على وزن أفعل ومصطلح‬
‫كثيرا قلنا‪ :‬الوصف جمعه أوصاف والمراد بالوصف كل اسم‬
‫الوصف تكلمنا عنه ً‬
‫ٍ‬
‫حدث وصاحبه‪ ،‬كاسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبهة وصيغ‬ ‫دل على‬
‫المبالغة والتفضيل هذه يسموهنا األوصاف ومفردها وصف‪ ،‬بخالف الصفة‬
‫فالصفة جمعها الصفات وهي تستعمل يف اإلعراب يف النحو الصفة معناها النعت‪.‬‬
‫قال‪ :‬أال يكون الوصف منه على أفعل؛ ألن أغلب األفعال كما درسنا يف باب‬
‫اسم الفاعل يأيت الوصف منه اسم فاعلٍ‪ ،‬الوصف من "ضرب زيد" فهو ضارب ما‬
‫تقول‪" :‬ضرب زيد فهو أضرب" "ضرب زيد فهو ضارب" "وقام فهو قائم"‬
‫"وجلس فهو جالس"‪.‬‬
‫ً‬
‫أفعاال فصلنا كما فيها ومتى يكون الوصف على أفعل وذلك يف‬ ‫إال أن هناك‬
‫باب الصفة المشبهة‪ ،‬وذلك إذا كان الفعل على وزن الثالثي فعل وهو الزم‪ ،‬أو‬
‫ف ُعل وال يكون إال الز ًما‪ ،‬ومن ذلك أفعال األلوان والعيوب أفعال األلوان "كسود‬
‫فهو أسود" ما تقول‪" :‬سود فهو ساود أو سائد" "سود فهو أسود" "وحمر فهو‬
‫أحمر"‪.‬‬
‫وكذلك أفعال العيوب كقولك‪" :‬حول فهو أحول"‪" ،‬وعمي فهو أعمى"‪،‬‬
‫"وعور فهو أعور" فال يقال يف األلوان فال يصاغ فعل التعجب من األلوان ال‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪93 h‬‬
‫‪g‬‬
‫تقول‪" :‬محمد ما أسوده"‪" ،‬وما أحمره"‪" ،‬وما أصفره"‪ ،‬تتعجب من لونه هذا‪،‬‬
‫وال يصاغ من أفعال العيوب‪ ،‬ال تقول‪" :‬محمد ما أعوره"‪" ،‬وما أعمشه" ونحو‬
‫ذلك‪ ،‬هذا قول البصريين‪.‬‬
‫وج ه بعض الُ فيين ص غ فعلي الععَب من هَا الفعق أ ‪ :‬الفعل الذي‬
‫مثال‪" :‬هذه‬
‫يكون وصف ه على أفعل الكوفيون جوزوا ذلك‪ ،‬أن تقول على كالمهم ً‬
‫الوردة ما أحمرها"‪" ،‬وهذا القلم ما أبيضه"‪" ،‬وهذا البحر ما أزرقه"‪ ،‬وتقول‪:‬‬
‫"محمد ما أعوره" تتعجب من عوره‪.‬‬
‫هذه المسألة ستأيت بتفصيل أكثر مع شواهدها؛ ألنه سمع بذلك عن العرب‬
‫قليال فستأيت هذه المسألة بشواهدها يف الباب التالي وهو باب أفعل‬
‫سما ًعا ليس ً‬
‫التفضيل؛ ألن الخالف هناك خالف هنا سيذكر ابن مالك باب أفعل التفضيل أنه‬
‫يصاغ مما يصاغ منه فعل التعجب فشروطهما سواء‪ ،‬والخالف يف هذه المسألة‬
‫سواء هنا وهناك فستأيت إن شاء اهلل بشواهد يف الباب التالي إن شاء اهلل‪.‬‬
‫ال ر السابع‪ :‬أن يكون الفعل مبني للمعلوم ال للمجهول فال يكون من فعل‬
‫مبني للمجهول ال تصوغ فعلي التعجب من " ُضرب زيد" ولو أردت أن تصوغ‬
‫فعلي التعجب من " ُضرب زيد" لكنت تقول‪ :‬ما أفعله أو أفعل به تقول‪" :‬ما أضربه‬
‫أو ما أضرب زيدً ا" ما أضرب زيدً ا تريد أنه فاعل أو مفعول؟ تتعجب من الضرب‬
‫الذي فعله أم تتعجب من الضرب الذي وقع عليه؟ "ما أضرب زيدً ا" األصل بناء‬
‫على هذا الشرط أنه ال يصاغ إال من فعل مبني للمعلوم "ما أضرب زيدً ا" تتعجب‬
‫من ضربه هو الفاعل تقول‪" :‬ما أضرب زيدً ا للصوص"‪" ،‬ما أضرب زيدً ا‬
‫لألطفال" وهكذا‪ ،‬ولو قلت‪ :‬ال أنا أريد "ما أضرب زيدً ا" من " ُضرب زيدً ا"‬
‫تتعجب من الضرب الذي وقع عليه لمنع ذلك؛ ألن كل ما يؤدي إلى اللبس يف‬
‫اللغة فهو ممنوع‪.‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪94 h‬‬
‫وكل هذه الشروط السبعة التي ذكرناها ذكرها ابن مالك يف البيتين السابقين‬
‫قال‪:‬‬
‫للللق َ للللل َُّ َغ ْيلللللرا اة انْعا َفلللللا‬ ‫َقابا ا‬
‫للللن اة َ للللالَث دصللللر َف‬
‫للللق َف ْال ا‬ ‫ا‬
‫َو دصلللل ْ د َما م ْ‬
‫َو َغ ْيلللللللرا َسلللللللالاك َسلللللللبا ْي َق دف اعلللللللالَ‬
‫و َغيلللرا اة وصلللف َا ا‬
‫لللاهي َأ ْ للل َ الَ‬ ‫د‬ ‫َ ْ‬ ‫َ ْ‬
‫ث) هذا الثالثي‪( ،‬صر ًفا) هذا المتصرف (قابل فضل) قابل‬ ‫(مِن ِذي َثالَ ٍ‬
‫ْ‬
‫للتفاضل والتفاوت‪( ،‬تم) فعل تام‪( ،‬غير ذي انتفا) مثبت غير منفي‪،‬‬
‫و َغيرا اة وصف َا ا‬
‫اهي َأ ْ َ الَ‬ ‫د‬ ‫َ ْ‬ ‫َ ْ‬
‫ليس الوصف على وزن أفعل‪.‬‬

‫َو َغ ْيرا َسالاك َسبا ْي َق دف اعالَ‬


‫ليس مبن ًيا للمجهول على وزن ُفعل‪.‬‬
‫ثم بعد ذلك ذكر ابن مالك‪ ‬طريقة التعجب من فاقد شروط التعجب‪،‬‬
‫لو أردت أن تتعجب من فعل فقد شي ًئا من هذه الشروط فكيف تتعجب منه؟ فقال‬
‫ابن مالك‪:‬‬
‫لللض ال للللرو ا عل ا‬
‫لللد‬ ‫لللف َمللللا َب ْعل َ‬‫َخْ دلل د‬ ‫لللللللد َد أو َأ َ للللللللدَّ َأو ا لللللللل ْب د د َما‬
‫و َأ ْ ل ا‬
‫َ‬ ‫د‬ ‫َ‬
‫للللب‬
‫َل ْ‬ ‫َو َب ْعلللللدَ َأ ْف اعلللللق َجلللللر ده باال َبلللللا َ ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫َو َم ْصلللللدَ در ال َعلللللاد ام َب ْعلللللدد َ نْعَص ْ‬
‫لللللب‬
‫يذكر أنه توصل إلى التعجب من األفعال التي لم تستكمل الشروط بفعل‬
‫تعجب من مستويف الشروط‪ ،‬تأيت بفعل تعجب مأخوذ من فعل مستويف الشروط‬
‫"كأحسن‪ ،‬وأجمل‪ ،‬وأقوى‪ ،‬وأشد" ثم تأيت بعد ذلك بمصدر هذا الفعل الفاقد‬
‫مجرورا‪ ،‬فلو أردنا أن نتعجب‬
‫ً‬ ‫للشروط وتجعله فيما أفعله منصو ًبا‪ ،‬ويف أفعل به‬
‫من استخراج زيد "استخرج زيدٌ الذهب" تعجب من استخراج زيد الذهب‬
‫"استخرج" سداسي فكيف تصوغ ما أفعله وأفعل به من "استخرج"؟ تقول‪" :‬ما‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪95 h‬‬
‫‪g‬‬
‫أكثر استخراج زيد الذهب"‪" ،‬ما أكثر "‪ ،‬الفعل المساعد أتينا بفعل مستويف‬
‫للشروط‪.‬‬
‫استخراجا"‬
‫ً‬ ‫ثم أتينا بمصدر الفعل فاقد الشروط وهو "استخرج يستخرج‬
‫ونصبناه قلنا‪" :‬ما أكثر استخراج زيد الذهب" وكذلك أفعل به نقول‪" :‬أكثر‬
‫باستخراج زيد للذهب"‪.‬‬
‫ٍ‬
‫محمد" وهكذا‬ ‫وكذلك تقول‪" :‬ما أجمل حمرة هذه الوردة" "وما أشد عور‬
‫إال أنه ينبه إلى أن األفعال الجامدة واألفعال التي ال تقبل التفاوت هذه ال يتعجب‬
‫منها البته ال مباشر ًة وال بوساطة‪.‬‬
‫ثم بعد ذلك يذكر ابن مالك‪ ‬حكم ما جاء يف السماع عن العرب‬
‫مخال ًفا لما سبق تقريره من الشروط‪ ،‬ولكنه جاء عن العرب كلمات قليلة تخالف‬
‫هذه الشروط فبين حكم هذه الكلمات التي جاءت عن العرب مخالفة للشروط‬
‫فقال‪:‬‬
‫للللَ امنْلللل ده دأ اللللر‬
‫واَ َ ا للللس ع َلللللى ا َّل ا‬
‫ْ َ‬ ‫َ‬
‫ا‬ ‫ور احُ ا‬
‫دللللُ ل َ ْيللللرا َمللللا دة ْ‬
‫للللر‬ ‫ْ‬ ‫َوباالنللللدد ا ْ‬
‫يعني‪ :‬أن هذه الكلمات التي جاءت عن العرب مخالفة للشروط هي كلمات‬
‫فصيحة صحيحة بليغة؛ ألهنا صادرة من أهل اللغة ونحن لهم يف ذلك تبع‪ ،‬ولكنها‬
‫حكما بالضعف وإنما حكم موضوعي واقعي نادر‬
‫ً‬ ‫نادرة كوهنا نادرة هذا ليس‬
‫يعني‪ :‬أقل القليل‪.‬‬
‫تقول‪ :‬األكثر عن العرب أهنم التزموا هذه الشروط فيما يصغون منه فعلي‬
‫التعجب‪ ،‬هذه الكلمات التي خالفت هذه الشروط هي كلمات قليلة بل أقل من‬
‫القليل هذا ليس فيه تضعيف وال يمكن للنحوين أن يضعفوا شي ًئا جاء عن العرب؛‬
‫ألن كالم العرب هو األدلة والشواهد وال يمكن ألحد أن يضعف شواهده وأدلته‪.‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪96 h‬‬
‫ثم يقول‪:‬‬
‫واَ َ ا س ع َلى ا َّل اَ امنْه دأ ا‬
‫ث‬ ‫د‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬
‫فهو يف ن فسه فصيح صريح ولكنه قليل بل أقل من القليل ولهذا ال تقس عليه‪،‬‬
‫يعني‪ :‬من حيث القياس ال تقس عليه بل الواجب أن تقيس على الكثير وهكذا يف‬
‫اللغة عمو ًما القياس ال يكون إال على الكثير وال يكون على القليل‪.‬‬
‫ومما ورد عن العرب مخال ًفا لبعض الشروط السابقة قولهم عن الكالم "ما‬
‫أخصره" من اختصر الخماسي‪ ،‬وكقولهم "ما أحمقه" فبنوا من فعل وصفه أفعل‬
‫أحمق‪ ،‬وكقولهم‪" :‬ما أعساه" "وأعسي به" فبنوا من عسى وهو فعل جامد‪.‬‬
‫ثم بعد ذلك ذكر ابن مالك‪ ‬بيتين ختم هبما هذا الباب باب التعجب‪،‬‬
‫ذكر فيهما‪ ‬حكم معمولي فعل التعجب من حيث تقدمه على فعله ومن‬
‫حيث فصله عنه فقال‪:‬‬
‫معم دلللللللله ووصللللللل َله بال ا‬ ‫للللَا ال َبل ا‬ ‫َوفا ْعل د‬
‫للللق َهل َ‬
‫لللللله ال ََملللللللا‬ ‫د‬ ‫د َ َ ْ‬ ‫َ ْد‬ ‫للللاب َلل ْ‬
‫للللن د َ لللللدَّ َما‬
‫للف فالللي َة َ‬
‫اَ ْاسللل َع َ ْر‬ ‫دم ْسللل َع ْع َم ِق َوالخد لل د‬ ‫للللر‬
‫للللرف َجل ّ‬
‫و َفصللللل دله با َظلللللرف أو باحل ا‬
‫َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫د‬ ‫َ ْ‬
‫فذكر يف هذين البيتين حكم معمولي فعل التعجب‪ ،‬ما المراد بالمعمول؟‬
‫يعني‪ :‬الذي عمل فيه فعل التعجب سواء نصبه وهو " زيد فيما أحسن زيدً ا" أو‬
‫جره أو رفعه يف "أحسن ٍ‬
‫بزيد" المعمول هو ما وقع عليه العمل يعني‪ :‬نحو "زيد يف‬
‫ما أحسن زيدً ا" "وزيد يف أحسن ٍ‬
‫بزيد" ما حكم تقدمه على فعل التعجب‪ ،‬وما‬
‫حكم انفصاله عن فعل التعجب؟ وهذه األحكام قائمة على أن فعلي التعجب‬
‫فعالن جامدان غير متصرفين‪ ،‬والفعل الجامد غير المتصرف فعل ضعيف ال يعمل‬
‫كالفعل المتصرف‪ ،‬الفعل المتصرف قوي يعمل على كل األوجه يعني‪ :‬يعمل يف‬
‫الذي أمامه ويف الذي خلفه‪.‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪97 h‬‬
‫‪g‬‬
‫تقول‪" :‬أكرمت زيدً ا" فنصب الذي بعده‪ ،‬وتقول‪" :‬زيدً ا أكرمت" فنصب‬
‫الذي قبله‪ ،‬وتقول‪" :‬أكرمت زيدً ا" فنصبت زيدً ا بالفعل الظاهر‪ ،‬وإذا قلت لك‪:‬‬
‫"من أكرمت"؟ تقول يف الجواب" زيدً ا" "زيدً ا" مفعول به بفعل محذوف تقديره‬
‫ظاهرا ومحذو ًفا فالفعل المتصرف قوي يعمل على‬
‫ً‬ ‫"أكرمت" إ ًذا فأكرمت عمل‬
‫ومتأخرا وعلى كل الصور‪.‬‬
‫ً‬ ‫ومذكورا ومتقد ًما‬
‫ً‬ ‫كل الحاالت‪ ،‬محذو ًفا‬
‫أما الفعل الجامد غير المتصرف فهو ضعيف ال يعمل إال إذا جاءت الجملة‬
‫على أصلها األول‪ ،‬ولهذا البد أن يكون معموله بعده وال يجوز أن يتقدم معموله‬
‫عليه فال تقول هنا يف قولك‪" :‬ما أحسن زيدً ا" ال تقول‪" :‬ما زيدً ا أحسن" وال‬
‫تقول‪" :‬زيدً ا ما أحسن" ال يقال هكذا زيدً ا نصبته على أنه مفعول أحسن هذا ال‬
‫يجوز‪.‬‬
‫ولو قال قائل زيدٌ ما أحسنه" بالرفع لجاز مبتدأ وخرب "زيدٌ " مبتدأ" "ما‬
‫أحسنه" جملة التعجب كلها خرب‪" ،‬زيدٌ ما أحسن" أنت تريد بذلك التعجب هذا‬
‫يجوز "فزيد" مبتدأ "وما أحسن" جملة التعجب وقد حذفنا المتعجب منه وقلنا‬
‫المتعجب منه يجوز حذفه إذا دل عليه الدليل‪.‬‬
‫إ ًذا فالتقدم تقدم المعمول على فعلي التعجب ال يجوز حتى يف الصيغة الثانية‬
‫بزيد أحسن" وأنت تريد التعجب‪ ،‬لكن لو لم‬‫يف قولك‪" :‬أحسن بزيد" ال تقول‪ٍ " :‬‬

‫تريد التعجب تريد "أحسن محمد إلى زيد" "يحسن محمد إلى زيد" ثم مره بذلك‬
‫فقل‪" :‬أحسن إلى زيد" أو "إلى زيد أحسن" هذا فعل متصرف يعمل متقد ًما‬
‫ومتأخرا‪.‬‬
‫ً‬
‫لكن إذا أردت التعجب ال يتقدم معمول التعجب عليه هذا ما يتعلق بتقديم‬
‫المعمول على فعلي التعجب‪.‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪98 h‬‬
‫أيضا ممتنع؛ للسبب السابق‬
‫وأما الفصل بين المعمول وبين فعلي التعجب فهو ً‬
‫مثال‪" :‬ما أحسن‬
‫وهو أن الفعل الجامد ضعيف ال يعمل إال يف الذي بعده فتقول ً‬
‫زيدً ا هادئًا" زيدً ا" مفعول به "وهادئًا" حال‪ ،‬ال يجوز أن تقول‪" :‬ما أحسن هادئًا‬
‫زيدً ا" فتفصل بالحال بين فعل التعجب ومعموله‪ ،‬هذا ال يجوز وال يسمع عن‬
‫العرب‪.‬‬
‫وتقول‪" :‬ما أصرب زيدً ا طل ًبا للعلم" "طل ًبا" مفعول ألجله فال يجوز أن تقول‬
‫بذلك "ما أصرب طل ًبا للعلم زيدً ا" فتفصل بالمفعول ألجله بين فعل التعجب‬
‫ومعموله إال إن كان الفاصل شبه جملة أو ندا ًء‪ ،‬شبه جملة أي‪ :‬الجار والمجرور‬
‫وظرف الزمان وظرف المكان‪ ،‬فهذه أي‪ :‬شبه الجملة والنداء قاعدة عامة يف النحو‬
‫دائما ُتذكر وهو أن العرب تتسمح يف شبه الجملة والنداء ما ال تتسمح يف غيرها‪.‬‬
‫ً‬
‫يعني‪ :‬يف أشياء كثيرة ال تجوز إال إذا كانت شبه جملة؛ ألهنم يتسمحون يف‬
‫ذلك ما ال يتسمحون يف غيرها فإذا كان الفاصل شبه جملة أو نداء جاز أن تفصل‬
‫مثال‪" :‬ما أحسن الصدق بالرجل" لك‬
‫يف ذلك بين فعل التعجب ومعموله كقولك ً‬
‫أن تقدم الجار والمجرور فتقول‪" :‬ما أحسن بالرجل الصدق" فتفصل به بين فعل‬
‫التعجب ومعموله‪ ،‬ولك أن تقول‪" :‬ما أجمل الجو اليوم" "اليوم" ظرف زمان لك‬
‫أن تقدمه فتقول‪" :‬ما أجمل اليوم الجو" فتفصل بالظرف بين فعل التعجب‬
‫ومعموله‪.‬‬

‫ومن ةلك أ ‪ :‬من الشواهد على ذلك قول علي ابن أبي طالب◙ وهو‬
‫ً‬
‫مقتوال ¶ قال‪:‬‬ ‫من أفصح العرب عندما رأى عمار ابن ياسر‬
‫لي أبا الي ظاَّ أَّ أراَ صر ع مَندا‬ ‫َ ا‬
‫أ ْع ْه َع ّ‬
‫األصل أعزز بأن أراك "أعزز" أفعل‪" ،‬بأن أراك" الباء حرف جر وأن حرف‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪99 h‬‬
‫‪g‬‬
‫مصدري‪" ،‬أراك" صلة الحرف المصدري‪ ،‬ما معنى قولهم حرف مصدري؟ أي‪:‬‬
‫مثال "أعزز برؤيتي إياك صري ًعا" هذا‬
‫ينسبق منه ومما بعده اسم مصدر والتقدير ً‬
‫اسم ثم أول بأن أراك والرؤية اسم صريح وكالهما يتفقان يف األحكام‪ ،‬فرتون أن‬
‫علي" وبالنداء أبا اليقظان‪.‬‬
‫عل ًيا◙ فصل بشيئين بالجار والمجرور " َّ‬
‫لي أبا الي ظاَّ أَّ أراَ صر ع مَندا‬ ‫َ ا‬
‫أ ْع ْه َع ّ‬
‫ومن ذلك قول عمرو بن معد كرب◙‪:‬‬
‫ا‬
‫يَللللللللاء ل اءهللللللللا‬ ‫َأحسللللللللن يف ال‬ ‫هلل در بنللللللللللللي دسلللللللللللل َليُ مللللللللللللا‬
‫للللللت يف المُرملللللللاَ م ام لللللللا‬
‫وأ بل َ‬‫وأ َللللللللر يف الل بللللللللاَ عطا َءهللللللللا‬
‫ِ‬
‫الهيجاء لقاءها أي‪" :‬ما أحسن لقاها يف الهيجاء‪ ،‬ثم قدم‬ ‫فقال‪ :‬ما َأحسن يف‬
‫الجار والمجرور فقال هبما بين فعل التعجب ومعموله‪.‬‬
‫ومن ذلك قول أوس ابن حجر وهو من الشعراء الجاهلين‪:‬‬
‫وأحلللللر إةا حاللللللت بلللللٌَّ أ حللللل ا‬ ‫أقلللليُ بللللدار الحلللل م مللللا دام ح م للللا‬
‫وأحر إذا حالت بأن أتحوال أي‪ :‬وأحر بأن أتحول إذا حالت‪ ،‬قلنا أن أتحول‬
‫هذا اسم ما نقول جملة اسم مؤول فلهذا الباء دخلت عليه؛ ألن حروف الجر‬
‫تدخل على األسماء‪ ،‬ثم قدم الظرف وهو قوله‪" :‬إذا" ألنه ظرف زمان‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫وأحر إةا حالت بٌَّ أ ح ا‬
‫وخالف بعض النحويين كاألخفش والمربد يف الفصل بين شبه الجملة والنداء‬
‫أيضا‪ ،‬والصحيح يف ذلك قول الجمهور لهذه الشواهد وغيرها‪.‬‬
‫فمنعوا ذلك ً‬
‫وهي من ناحية ليست قليلة ومن ناحية أخرى وهذا أهم أهنا ال تخالف‬
‫القياس‪ ،‬وقد ذكرنا من قبل أن القليل ال يقاس عليه‪ ،‬قلنا يف ذلك تفصيل‪ :‬القليل إن‬
‫كان مخالف للقياس هذا ال يقاس عليه وإن كان غير مخالف للقياس فال بأس‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪100 h‬‬
‫بالقياس عليه‪ ،‬فلو أنه لم ِ‬
‫يأت شيء من األدلة والشواهد على الفصل بشبه الجملة‬
‫قياسا وجه قوي؛ ألن العرب يف أبواب كثيرة جدً ا يف النحو‬
‫لكان لتجويزه ً‬
‫يتسمحون يف شبه الجملة ما ال يتسمحون يف غيرها‪.‬‬
‫نعيد بيتا ابن مالك يف هذا قال ‪:‬‬
‫معم دلللللللله ووصللللللل َله بال ا‬ ‫للللَا ال َبل ا‬ ‫َوفا ْعل د‬
‫للللق َهل َ‬
‫لللللله ال ََملللللللا‬ ‫د‬ ‫د َ َ ْ‬ ‫َ ْد‬ ‫للللاب َلل ْ‬
‫للللن د َ لللللدَّ َما‬
‫للف فالللي َة َ‬
‫اَ ْاسللل َع َ ْر‬ ‫دم ْسللل َع ْع َم ِق َوالخد لل د‬ ‫للللر‬
‫للللرف َجل ّ‬
‫و َفصللللل دله با َظلللللرف أو باحل ا‬
‫َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫د‬ ‫َ ْ‬
‫أي‪ :‬آت عن العرب آت يف االستعمال‪ ،‬والخلف يف ذاك استقر‪" ،‬الخلف" أي‪:‬‬
‫الخالف وقد ذكرنا ذلك‪ ،‬ولم يذكر ابن مالك كثير من النحويين كما ترون الفصل‬
‫بالنداء‪ ،‬وإلحاق النداء بشبه الجملة مما تقرر عند النحويين‪.‬‬
‫نسعفيد بب ية ال قت إَّ ب ي وقت بإعراب ق ل ال اعر الَ ة رناه قبق قليق‬
‫وه من ا بياَ الَميلة‪:‬‬
‫وأقلللبح الُفلللر واإلفلللالْ بالرجلللق‬ ‫اجع ََم َعللا‬ ‫مللا َأ ْح َسل َ‬
‫لن الللد ْ َن والللدنْيا إةا ْ‬
‫وهذا معناه جميل إذا اجتمع الدين والدنيا اجتمعت الحسنيان‪ ،‬وإذا اجتمع‬
‫الكفر واإلفالس ال استفاد ال يف الدنيا وال يف اآلخرة‪.‬‬
‫ل‪ :‬كنا يف رمضان فخرجت أمي تخرج‬ ‫َ ر أحدهُ قصة قرأ ا وسمعع ا‬
‫كيس القمامة إلى خارج البيت‪ ،‬يقول‪ :‬ففتحت الباب وأخرجت الكيس ثم أغلقت‬
‫الباب وهي تبكي! يعني‪ :‬فجأة فتحت الباب ووضعت الكيس ثم بكت‪ ،‬ثم أغلقت‬
‫ِ‬
‫أبكاك؟ فانظر إلى الذين يفهمون‬ ‫خارجا فسألها عن ذلك ما الذي‬ ‫الباب وكان هو‬
‫ً‬
‫هذه المعاين ويعطوهنا حقها‪ ،‬فقالت‪ :‬ندما فتحت الباب ووضعت الكيس وجدت‬
‫عامل البلدية وهو يأكل فعلمت أنه ليس بمسلم يعني‪ :‬كافر ولم يحصل من الدنيا‬
‫على شيء تقول‪ :‬فبكيت رحمة له وشفقة عليه‪.‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪101 h‬‬
‫‪g‬‬
‫نعرب على ق ل الَم ر‪:‬‬
‫ما َأ ْح َس َن الدِّ ْي َن والدُّ نْيا‪ -‬هذا عربناه وانتهينا منه‪" ،‬إذا" ما إعراب إذا؟ ظرف‬
‫كثيرا‪ ،‬هنا ظرف زمان "ما أحسن الدين‬
‫دائما ظرف زمان تتضمن الشرطية ً‬
‫إذا ً‬
‫والدنيا يف وقت اجتماعهما يعني‪ :‬حين يجتمعان‪.‬‬
‫واهلل أعلُ‪ ،‬وصلى اهلل وسلُ على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين‪.‬‬

‫‪¹‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪102 h‬‬

‫الدرس الثامن والسبعون‬


‫﷽‬

‫الحمد هلل رب العالمين‪ ،‬والصالة والسالم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه‬
‫أجمعين‪َّ ،‬أما بعد‪-:‬‬
‫السالم عليكم ورحمة اهلل وبركاته‪ ،‬ح َّياكم اهلل وب َّياكم‪ ،‬يف هذه الليلة ليلة‬
‫اإلثنين‪ ،‬الثالث من المحرم‪ ،‬من سنة ثالث وثالثين وأربعمائة وألف‪ ،‬ونحن يف‬
‫جامع الراج حي‪ ،‬يف حي الجزيرة بمدينة الرياض‪ ،‬لنعقد بحمد اهلل وتوفيقه الدرس‬
‫الثامن والسبعين‪ ،‬من دروس شرح [ألفية ابن مالك] عليه رحمة اهلل تعالى‪.‬‬
‫وقف بنا الدرس عند الكالم على باب نعم وبئس وما جرى مجراهما‪ ،‬ويف‬
‫البداية كالمعتاد نقرأ ما قاله إمامنا ابن مالك‪ ‬فقال‪:‬‬
‫َ ْ َ ُ َ‬ ‫ْ َ َ ْ َ َ َ َ َ‬
‫ِنعم و ِبئس وما جرى مجراهما‬
‫للللللم ْي ان‬ ‫ا‬
‫للللللاَّ ْاس َ‬ ‫لللللُ َوباللللللس َْس َرافا َع‬
‫ن ْعل َ‬
‫ا‬ ‫‪ .485‬فا ْعلللللللال اََّ َغ ْيلللللللر دمع ََصلللللللر َف ْي ان‬
‫َق َار َن َ للللللا َ للللللن ا ْع َُ دع ْ َبللللللى الُ َدر َمللللللا‬ ‫لللارن َْي َأل َأو دم َاللللا َف ْي ان لا َمللللا‬
‫‪ .486‬دم َ ل ا‬
‫ا‬ ‫‪َ .487‬و ْر َف َعل ا‬
‫دم َميللللللل ِ َ لللللللن ْع َُ َق َمللللللل َم ْع َ ل د‬
‫للللللر ْه‬ ‫لللللم َرا د َفسل د‬
‫لللللر ْه‬ ‫لللللاَّ دم ْال َ‬ ‫َ‬
‫َف علللللنْ ُ َقل ا‬ ‫ا ا ا‬ ‫ا‬
‫للللد ا ْ للللل َع َ ْر‬ ‫ف ْيللللله ملللللال ِ َ د د‬ ‫لللع َْميا ْيلللل َو َفاعللللق َ َ ل ْ‬
‫لللر‬ ‫‪َ .488‬و َج ْمل د‬
‫لللُ َملللا َ د للل دل ال َفا ا د‬
‫لللق‬ ‫ا‬
‫فلللي ن َْحللل ا ن ْع َ‬
‫ا‬ ‫اع د‬
‫لللللق‬ ‫لللللق َف ا‬
‫‪َ .489‬و َملللللا دم َميللللل ِ َو اق ْي َ‬
‫للللر ْاسللللل اُ َلللللل ْي َس َ ْبلللللدد و َأ َبلللللدَ ا‬
‫َأو َم َبل َ‬ ‫المخْ دصل دُ َب ْعلدد دم ْبعَلدَ ا‬
‫دَر َ‬ ‫‪َ .490‬و د َْ‬
‫الم ْ َع َفللللى‬ ‫لللالع ا‬
‫َل ا‬ ‫للللعر با ا‬
‫ا‬ ‫‪َ .491‬وإا َّْ‬
‫الم ْ َعنَللللى َو د‬ ‫للللُ د‬ ‫لُ ن ْع َ‬‫د‬ ‫لللله َ َفللللى‬ ‫د َ للللدَّ ْم دم ْ د‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪103h‬‬
‫‪g‬‬
‫ا‬ ‫ا‬
‫لللللن اة َ الَ َ للللللة َ للللللن ْع َُ دم ْسل َ‬
‫لللللَالَ‬ ‫مل ْ‬ ‫اج َعق َف دعالَ‬‫اج َعق َ باس َْس َساء َو ْ‬ ‫‪َ .492‬و ْ‬
‫َو َأ َّْ دللللللرا ْد َة ًّملللللللا َف د لللللللق اَ َحبل َ‬
‫للللللَا‬ ‫لللق َةا‬ ‫لللَا ال َف ا‬
‫اع د‬ ‫لللُ َح َّب َ‬ ‫‪.493‬و ام َْ د ا‬
‫لللق ن ْع َ‬ ‫َ‬
‫ا‬ ‫َ عل ا‬ ‫المخْ دص َُ َأ ًّ ا َ‬ ‫ا‬
‫الملللل ََالَ‬
‫لللَا َف ْ لللل َ د َاللللاهي َ‬ ‫لللدل بال َ‬ ‫ْ‬ ‫َلاَّ اَ‬ ‫‪َ .494‬و َأول َةا َ‬
‫ا‬ ‫باال َبللللا َو دد َ‬ ‫ب َأو َف دَ ّلر‬ ‫ا‬
‫الحللللا َ دَ ْ‬
‫للللر‬ ‫وَّ َةا انْال َ‬
‫لللما دم َ‬ ‫‪َ .495‬و َما س َ َةا ْار َف ْع با َح َّ‬
‫نعم وبئس وما جرى مجراهما رأينا أن ابن مالك‪ ‬عقد الباب يف أحد‬
‫عشر بيتًا‪ ،‬بدأ هذه األبيات‪ ‬ببيان نوع نعم وبئس يف المدح والذم فقال‪:‬‬
‫للللللم ْي ان‬ ‫لللللُ َوباللللللس َْس َرافا َعل ا‬
‫لللللاَّ ْاس َ‬ ‫ن ْعل َ‬
‫ا‬ ‫فا ْعلللللللللللال اََّ َغ ْيلللللللللللر دمع ََصلللللللللللر َف ْي ان‬
‫أي‪ :‬أن نعم وبئس يف المدح والذم فعالن ماضيان جامدان غير متصرفين‪،‬‬
‫جامدان أي‪ :‬ال يستعمل منهما غير ماضي ال المضارع وال األمر‪ ،‬ودليل كوهنما‬
‫فعلين ماضيين دخول تاء التأنيث الساكنة عليهما تقول‪" :‬نعم الرجل زيد"‬
‫"ونعمت المرأة هند" "وبئست المرأة هند" ويف الحديث "فبها ونعمت" ويف األثر‬
‫"نعمت البدعة" وهذا هو مذهب جمهور النحويين أهنما فعالن ماضيان‪.‬‬
‫وعزي إلى جماعة من الكوفيين منهم الفراء أن نعم وبئس اسمان‪ ،‬واستدل‬
‫لذلك بدخول حرف الجر عليهما مثل ما يف قول بعض العرب " نعم السير على‬
‫بئس العير "‬
‫وكقول بعض أهل الجاهلية عندما ُبشر بأنثى قال‪:‬‬
‫واهلل ما هي بنعُ ال لد‬
‫ومعروف أن حروف الجر ال تدخل إال على األسماء‪ ،‬والجمهور يخرجون‬
‫نحو ذلك على أن حرف الجر فيه قد دخل على اسم مقدر‪ ،‬فيقدرون يف "نعم‬
‫ٍ‬
‫مقول فيه "بئس العير"‬ ‫السير على بئس العير" يقدرون "نعم السير على ٍ‬
‫عير"‬
‫ٍ‬
‫مقول فيه‬ ‫ويقدرون يف قولهم "واهلل ما هي بنعم الولد" يقدرون "واهلل ما هي بولد "‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪104 h‬‬
‫" نعم الولد" ومع ذلك فالذي نص عليه الفراء يف كتابه المطبوع معاين القرآن الذي‬
‫نص عليه فيه أهنما فعالن ككالم بقية جمهور النحويين‪ ،‬لكن ُيذكر يف كتب النحو‬
‫أن الفراء يقول‪ :‬إهنما اسمان فلعله قال ذلك يف كتاب آخر‪ ،‬أو تراجع عن هذا‬
‫القول‪.‬‬
‫وبعد أن ب َّين ابن مالك أن نعم وبئس فعالن جامدان ب َّين لنا أن فاعل نعم وبئس‬
‫فاعال لنعم وبئس فقال يف‬
‫ال يكون إال أسما ًء معينة ثالثة أسماء فقط يجوز أن تقع ً‬
‫ذلك ‪:‬‬
‫نا ْع َُ َوباس َْس َرافا َع ا‬
‫اَّ ْاس َم ْي ان‬
‫َق َار َن َ للللللا َ للللللن ا ْع َُ دع ْ َبللللللى الُ َدر َمللللللا‬ ‫لللللللارن َْي َأل َأو دم َاللللللللا َف ْي ان لا َمللللللللا‬
‫ا‬ ‫دم َ ل‬
‫ا‬ ‫ا‬
‫دم َميللللللل ِ َ لللللللن ْع َُ َق َمللللللل َم ْع َ ل د‬
‫للللللر ْه‬ ‫لللللللللر ْه‬
‫د‬ ‫لللللللللم َرا د َفس‬
‫َ‬ ‫لللللللللاَّ دم ْا‬ ‫َو َ ْر َف َع‬
‫فذكر أن فاعل نعم وبئس ال يكون إال ثالثة أسماء‪.‬‬
‫ا ول‪ :‬ااسُ الظاهر المعرف بٌل‪ ،‬نحو "زيد نعم الرجل" فالرجل فاعل نعم‬
‫ٍ‬
‫ماض والرجل فاعله وهو‬ ‫وهو معرف بأل‪ ،‬أو تقول "نعم الرجل زيد" فنعم فعل‬
‫معرف بأل‪ ،‬وتقول‪" :‬عمرو بئس الرجل" "والصدق نعم الخلق" "والكذب بئس‬
‫الخلق" ومن ذلك قوله تعالى‪( :‬ﰆ ﰇ ﰈ) [الحَراَ‪" ]11:‬بئس"‬
‫ٍ‬
‫ماض "االسم" فاعله وهو معرف بأل‪ ،‬ومن ذلك قوله تعالى‪( :‬ﯮ ﯯ‬ ‫فعل‬
‫ﯰ ﯱ) [ا نفال‪" ]40:‬نعم المولى" فعل وفاعل "نعم النصير" فعل وفاعل‬
‫والفاعل معرف بأل‪ ،‬ومن ذلك قوله تعالى‪( :‬ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ)‬
‫[الحج‪ ]13:‬وهذا هو قول ابن مالك‪:‬‬
‫دم َ ا‬
‫ارن َْي َأل‬
‫أي‪ :‬اسم ظاهر معرف بأل‪.‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪105 h‬‬
‫‪g‬‬
‫ع فاعال لنعُ وبسس ه ‪ :‬ااسُ الظاهر المااف إلى ما‬ ‫وااسُ الَاين الَ‬
‫فيه أل‬
‫ٍ‬
‫ماض‪ ،‬خلق فاعل وهو مضاف إلى‬ ‫نحو "الصدق نعم خلق الرجل" نعم فعل‬
‫الرجل‪ ،‬أو تقول "نعم خلق الرجل الصدق" وتقول "الكذب بئس خلق الرجل"‬
‫وتقول "اإلكرام نعم عقبى الكرماء" وهذا مثال ابن مالك مثل بقوله‪" :‬نعم عقبى‬
‫الكرماء" وتقول "العقاب بئس عاقبة الخائنين" ومن ذلك قوله تعالى‪( :‬ﮚ‬
‫ٍ‬
‫ماض‪ ،‬دار فاعل وهو‬ ‫ﮛ ﮜﮝ ﮞ ﮟ ﮠ) [النحق‪ ]30:‬نعم فعل‬
‫مضاف إلى المتقين‪.‬‬

‫ومن ذلك قوله تعالى‪( :‬ومأويهم النار وبئس مثوى الظلمين) [آل‬
‫عمراَّ‪ ]151:‬وهذا هو قول ابن مالك ‪:‬‬
‫َق َار َن َ للللللا َ للللللن ا ْع َُ دع ْ َبللللللى الُ َدر َمللللللا‬ ‫‪َ ....................‬أو دم َالللا َف ْي ان لا َملللا‬
‫ع فاعال لنعُ وبسس ه ‪ :‬الامير المسععر الممي بعميي‬ ‫ااسُ الَالث الَ‬
‫رجال" أو‬
‫والتمييز كما هو معروف البد أن يكون نكر ًة منصو ًبا نحو "زيدٌ نعم ً‬
‫ورجال تمييز منصوب والفاعل ضمير‬
‫ً‬ ‫رجال نعم فعل‬
‫ً‬ ‫رجال زيدٌ " فنعم‬
‫ً‬ ‫"نعم‬
‫مسترت‪.‬‬
‫رجال" "والصدق نعم خل ًقا" وهذا هو قول ابن مالك‪:‬‬ ‫وتقول "عمرو بئس ً‬
‫ا‬ ‫ا‬
‫دم َميللللللل ِ َ لللللللن ْع َُ َق َمللللللل َم ْع َ ل د‬
‫للللللر ْه‬ ‫لللللللللر ْه‬
‫د‬ ‫لللللللللم َرا د َفس‬
‫َ‬ ‫لللللللللاَّ دم ْا‬ ‫َو َ ْر َف َع‬
‫ماض "قو ًما" تمييز والفاعل مسترت ومعشره هو‬ ‫ٍ‬ ‫"معشره نعم قو ًما" نعم فعل‬
‫المخصوص بالمدح‪ ،‬ومن ذلك قوله ‪( :‬ﯖ ﯗ ﯘ)‬
‫بدال تمييز‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫ماض‪ً ،‬‬ ‫[الُ ف‪ ]50:‬أي‪ :‬واهلل أعلم بئس ً‬
‫بدال للظالمين‪ ،‬بئس فعل‬
‫بدال‪ً ،‬‬
‫بدال للظالمين فأين فاعل بئس؟ ضمير مسترت‪.‬‬ ‫للظالمين جار ومجرور متعلق ً‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪106h‬‬
‫ومن ذلك قول الشاعر وأظنه زهير ابن أبي سلمى‪:‬‬
‫إا و للللللللاَّ لمر للللللللا ب للللللللا وهرا‬ ‫نعللللُ امللللرأ هللللرم لللللُ عللللر نائبللللة‬
‫ٍ‬
‫ماض‪ ،‬امرأ تمييز‪ ،‬الفاعل ضمير مسترت‪ ،‬وهرم‬ ‫ال اهد‪ :‬نعم امرأ هرم نعم فعل‬
‫هو المخصوص بالمدح‪ ،‬ومن ذلك قول الراجز‪:‬‬
‫بللللسس امللللرأ‪ ،‬وإننللللي بللللسس المللللرة‬ ‫للل ل عرسلللي وهلللي للللي يف عللل مره‬
‫عرسي أي‪ :‬زوجتي تقول‪ :‬بئس امرأ أي‪ :‬بئس امرأ أنت فحذفت المخصوص‬
‫ٍ‬
‫ماض‪ ،‬وامرأ تمييز‪،‬‬ ‫وسيأيت أن المخصوص يجوز حذفه‪ ،‬بئس امرأ بئس فعل‬
‫والفاعل ضمير مسترت‪ ،‬بئس امرأ أنت" يعني‪ :‬زوجها‪ ،‬وإنني بئس المرة أي‪" :‬بئس‬
‫ٍ‬
‫ماض "والمرة" فاعل؛ ألنه‬ ‫أيضا‪" ،‬بئس" فعل‬
‫المرة أنا" فحذفت المخصوص ً‬
‫بمعنى‬
‫ً‬ ‫معرف بأل هنا من النوع األول ويقال‪" :‬امرأة ومرأة ومرة" كل ذلك يقال‬
‫واحد‪.‬‬
‫فهذه ثالثة أنواع لفاعل نعم وبئس ذكرها ابن مالك‪ ،‬يبقى نوع رابع لفاعل نعم‬
‫وبئس سيذكره ابن مالك بعد قليل ويذكر الخالف فيه وهو "ما" التي بمعنى‬
‫الشيء أو بمعنى شيء كقولك‪" :‬نعم ما تقول" أو "نعم ما عملت" أو "بئس ما‬
‫عملت" فما هنا فاعل على قول وسيأيت الخالف فيها قري ًبا‪.‬‬
‫فاعال لنعم‬
‫ً‬ ‫وال يكون فاعل نعم وبئس غير ما ذكر ذكرنا أربعة أسماء تكون‬
‫فاعال لنعم وبئس كأسماء اإلشارة‬
‫وبئس سوى ذلك من األسماء ال يجوز أن تكون ً‬
‫بارزا‪ ،‬ال تقول "الرجل نعم‬
‫ضميرا ً‬
‫ً‬ ‫ال تقول‪" :‬زيد نعم هذا الرجل" وال تكون‬
‫اسما مضا ًفا إلى ضمير نحو "الصدق نعم صدقكم" ال‬
‫أنت" وال يكون الفاعل ً‬
‫مميزا بنكرة‪،‬‬
‫ضميرا ً‬
‫ً‬ ‫يكون فاعل نعم وبئس إال معر ًفا بأل‪ ،‬أو مضا ًفا لما فيه أل‪ ،‬أو‬
‫أو كلمة "ما" على خالف ما سيأيت‪.‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪107h‬‬
‫‪g‬‬
‫ُ بعد ةلك ة ر ابن مالك‪ ‬حُُ الَمع بين الفاعق الظاهر وبين‬
‫العميي ف ال‪:‬‬
‫َف علللللنْ ُ َقل ا‬ ‫ا ا ا‬ ‫ا‬
‫للللد ا ْ للللل َع َ ْر‬ ‫ف ْيللللله ملللللال ِ َ د د‬ ‫للللللع َْميا ْيلللللل َو َفاعللللللق َ َ ْ‬
‫للللللر‬ ‫َو َج ْم د‬
‫ظاهرا فيه أل‪ ،‬أو مضاف‬
‫ً‬ ‫اسما‬
‫نحن عرفنا يف فاعل نعم وبئس أنه إما أن يكون ً‬
‫ضميرا مسترتًا البد له من تميز‪ ،‬فهذه‬
‫ً‬ ‫ضميرا فإن كان‬
‫ً‬ ‫لما فيه أل‪ ،‬وإما أن يكون‬
‫أنواع فاعل نعم وبئس‪ ،‬هل يجوز أن تجمع بين هذه األنواع؟ يعني‪ :‬هل يجوز أن‬
‫ظاهرا ومع ذلك تأيت له بتمييز فتقول على أن تجعل الفاعل‬
‫ً‬ ‫اسما‬
‫تجعل الفاعل ً‬
‫ظاهرا معر ًفا بأل تقول "نعم الرجل زيد"‬
‫ً‬ ‫اسما‬
‫ً‬
‫رجال زيدٌ " هل يجوز بين‬
‫مميزا بنكرة فتقول‪" :‬نعم ً‬
‫ضميرا ً‬
‫ً‬ ‫وأن تجعل الفاعل‬
‫رجال زيدٌ "؟ "نعم‬
‫ظاهرا وتجعل له تميز فتقول "نعم الرجل ً‬
‫ً‬ ‫اسما‬
‫جعل الفاعل ً‬
‫فارسا زيدٌ " "نعمت الفتاة فتاة هند"‬
‫الفارس ً‬
‫ل‪ :‬إَّ الَمع بين الفاعق الظاهر عني‪ :‬الفاعق الَ ه اسُ اهر‪ ،‬وبين‬
‫ر على ال ة أق ال‪:‬‬ ‫العميي فيه مالف بين النح ين م‬
‫ال ل ا ول‪ :‬الَ اه‬
‫رجال زيدٌ "‬
‫يجوز أن تجمع بين الفاعل الظاهر والتمييز فتقول "نعم الرجل ً‬
‫وتقول "بئس الخلق خل ًقا الكذب" وهذا قول المربد وابن السراج والفارسي‪.‬‬
‫ال ل الَاين‪ :‬يف المسٌلة‪ :‬المنع عدم الَ اه بق ال اجب أَّ ٌ ي بٌحدهما‬
‫إما بالفاعل الظاهر فتقول "نعم الرجل زيدٌ " أو بالفاعل المسترت وتأيت بالتمييز‬
‫رجال زيدً ا" وهذا هو المنقول عن سيبويه‪.‬‬
‫فتقول‪" :‬نعم ً‬
‫ال ل الَالث‪ :‬الَ اه إةا امعلف لفظ الفاعق الظاهر عن لفظ العميي‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪108h‬‬
‫فارسا زيدٌ " الختالف لفظ الفاعل عن التمييز‪ ،‬وال‬
‫فيجوز يف نحو "نعم الرجل ً‬
‫رجال زيد" التفاق لفظ الفاعل مع لفظ التمييز‪.‬‬
‫يجوز يف نحو "نعم الرجل ً‬
‫الَالث‪ :‬الَ اه إةا امعلف لفظ الفاعق عن لفظ العميي‬
‫فارسا زيدٌ " الفاعل الرجل والتمييز‬
‫يعني‪ :‬اختلف لفظهما نحو "نعم الرجل ً‬
‫فارسا اختلف اللفظان فهذا يجوز عندهم‪.‬‬
‫ً‬
‫رجال زيدٌ " فال يجوز‬
‫ً‬ ‫أما إذا اتفق لفظ الفاعل والتمييز نحو "نعم الرجل‬
‫عندهم ويشرتط اإلفادة باختالف اللفظ‪ ،‬كيف تحدث اإلفادة؟ يعني‪ :‬يكون له‬
‫رجال" هل‬
‫إفادة جديدة باختالف اللفظ؛ ألنه إذا كان اللفظ واحدً ا "نعم الرجل ً‬
‫معنى جديدً ا؟ ال إ ًذا سيكون معناه التأكيد‪ ،‬أما إذا اختلف اللفظ فإن معناه‬
‫ً‬ ‫سيحمل‬
‫سيكون فائدة جديدة‪.‬‬
‫والراجح من هذه األقوال الثالثة هو القول األول الجواز لورود ذلك‬
‫بالسماع‪ ،‬ومن ذلك قول الشاعر جرير يمدح عمر ابن عبد العزيز‪:‬‬
‫فلللللللللنعُ الللللللللل اد هاد أبيلللللللللك هادا‬ ‫للللللل ود مَلللللللق هاد أبيلللللللك فينلللللللا‬
‫فنعم الزاد زاد أبيك زادا أي‪ :‬فنعم الزاد زا ًدا زاد أبيك‪.‬‬
‫ومن ذلك قول اآلخر‪:‬‬
‫لللل بلللَلت رد العحيلللة نط لللا أو بإملللاء‬ ‫نعلللللللللُ الفعلللللللللاة فعلللللللللاة هنلللللللللد‬
‫فقالوا‪ :‬نعم الفتاة فتاة هند‪.‬‬
‫ومن ذلك قول جرير يهجو بني تغلب قال‪:‬‬
‫فحللللللللال‪ ،‬وأم للللللللُ هاء منطيللللللللق‬ ‫والع لبيلللل َّ بللللسس الفحللللق فحل للللُ‬
‫فحال فحلهم‪.‬‬
‫فحال أي‪ :‬بئس الفحل ً‬
‫قال‪ :‬بئس الفحل فحلهم ً‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪109h‬‬
‫‪g‬‬
‫ثم قال ابن مالك‪ ‬وذكر اختالف النحويين يف ما إذا جاءت بعد نعم‬
‫وبئس فقال‪:‬‬
‫لللُ َملللا َ د للل دل ال َفا ا د‬
‫لللق‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫فلللي ن َْحللل ا ن ْع َ‬ ‫د‬
‫للللللللق‬ ‫لللللللق َف ا‬
‫اع‬ ‫َو َمللللللللا دم َميلللللللل ِ َو اق ْيل َ‬
‫كثيرا فتكون بمعنى الشيء أو شيء‪ ،‬تكون‬
‫ونقول‪ :‬كلمة ما تأيت بعد نعم وبئس ً‬
‫بمعنى الشيء يعني‪ :‬اسم معرفة بمعنى الشيء‪ ،‬أو تكون بمعنى شيء أي‪ :‬اسم‬
‫ٍ‬
‫حينئذ اسم أو فعل فوقوع االسم بعد ما نحو قوله‬ ‫نكرة بمعنى شيء‪ ،‬ويكون بعدها‬

‫تعالى‪( :‬ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦﭧ) [الب رة‪َّ ]271:‬‬


‫نعما هي "نعم ما" ألن ما‬
‫إذا جاءت بعد كلمة نعم جاز لك يف ذلك الفك يقول‪ :‬لإلظهار نعم ما‪ ،‬ويجوز لك‬
‫نعما وتدغم الميم من ما بالميم من نعم‪ ،‬فقوله تعالى‪:‬‬
‫يف ذلك اإلدغام فتقول‪َّ " :‬‬
‫(ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦﭧ) مكونة من نعم ومن ما والذي بعد ما اسم وهو‬
‫الضمير هي‪.‬‬
‫ومن ةلك أ ‪ :‬مما جيء االسم بعد ما الواقع بعد نعم وبئس أن تقول‪" :‬إن‬
‫فنعما أنت وإن عصيته فبئسما أنت" ومنه قولك‪" :‬إن ساعدت الناس‬
‫اتقيت اهلل َّ‬
‫فنعما ذلك‪ ،‬وإن خذلتهم فبئسما فعلك" فهذه أمثلة على وقوع االسم بعد ما‬ ‫َّ‬
‫ٍ‬
‫حينئذ‬ ‫ٍ‬
‫حينئذ إذا وقع بعده االسم؟ الجواب أن ما‬ ‫الواقعة بعد نعم وبئس فما نوع ما‬
‫أن ما اسم تام معرفة بمعنى الشيء واالسم الوقع بعدها هو المخصوص بالمد أو‬
‫الذم فقوله‪( :‬ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦﭧ) المعنى واهلل أعلم فنعم الشيء هي‪،‬‬
‫ٍ‬
‫حينئذ فاعل‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫ماض الشيء فاعل هي المخصوص بالمدح فما يف اآلية‬ ‫نعم فعل‬
‫فنعما أنت" أي‪ :‬فنعم الشيء أنت‪" ،‬وإن عصيته‬
‫وإذا قلت‪" :‬إن اتقيت اهلل َّ‬
‫فبئس أنت" أي‪ :‬فبئس الشيء أنت وهكذا‪.‬‬
‫فهذا تفسيرها إذا وقع بعدها اسم‪ ،‬وإن وقع بعدها فعل فمثل ماذا؟ مثل قولك‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪110 h‬‬
‫نعما عملت" "وبئسما قلت" ومن ذلك‬
‫"نعم ما عملت" ويجوز أن تدغم فتقول " َّ‬
‫مثال ابن مالك‪ :‬نا ْع َُ َما َ د دل ال َفا ا دق‬
‫نعما يقول الفاضل‪ ،‬فإذا وقع بعد "ما" هذه فعل فما نوع هذه‬
‫ولك أن تقول‪َّ :‬‬
‫ٍ‬
‫حينئذ وما إعراهبا؟ الجواب ما ذكره ابن مالك يف هذا البيت فقال‪:‬‬
‫لللُ َملللا َ د للل دل ال َفا ا د‬
‫لللق‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫فلللي ن َْحللل ا ن ْع َ‬ ‫د‬
‫للللللللق‬ ‫لللللللق َف ا‬
‫اع‬ ‫َو َمللللللللا دم َميلللللللل ِ َو اق ْيل َ‬
‫إةا "ما" هَه إةا وقع بعدها فعق في ا للنح ين أق ال أ رها ق اَّ‪:‬‬
‫ال ل ا ول‪ :‬أهنا بمعنى الشيء أي‪ :‬أهنا اسم تام معرفة بمعنى الشيء‪ ،‬فهي‬
‫ٍ‬
‫حينئذ فاعل والتقدير يف قولك "نعم ما عملت"‬ ‫"كما" التي بعدها اسم وإعراهبا‬
‫ٍ‬
‫ماض "ما" فاعل بمعنى الشيء "نعم‬ ‫أي‪" :‬نعم الشيء شيء عملته" نعم فعل‬
‫الشيء" شيء عملته" هذا المخصوص وتقول‪" :‬بئس ما عملت" أي‪ :‬بئس الشيء‬
‫شيء عملته‪.‬‬
‫ويف مثال ابن مالك "نعم ما يقول الفاضل" أي‪ :‬نعم الشيء شيء يقوله‬
‫الفاضل‪ ،‬وهذا القول هو المنسوب إلى سيبويه‪.‬‬
‫ال ل الَاين يف "ما"‪ :‬قال فيه ابن مالك‪َ :‬و َما ُمم َّي ٌز‪ ،‬فالقول الثاين يف "ما" أهنا‬
‫تمييزا‪ ،‬والفاعل ضمير‬
‫ً‬ ‫بمعنى "شيء" أي‪ :‬أهنا اسم نكرة بمعنى شيء فتكون‬
‫مسترت‪ ،‬والتقدير يف قولك "نعم ما عملت" التقدير‪" :‬نعم شي ًئا عملته" ويف قولك‬
‫"بئسما قلت" أي‪" :‬بئس شي ًئا قلته" بئس فعل‪ ،‬شي ًئا تمييز والفاعل ضمير مسترت‬
‫فعلى القول األول‪ :‬أنم ما بمعنى الشيء فما فاعل‪ ،‬فهي نحو "بئس الرجل زيد"‬
‫"نعم الشيء" أي‪ :‬نعم الشيء شيء قلته" "نعم الرجل زيد" وعلى هذا القول‬
‫فاعال لنعم وبئس كما قلنا قبل قليل‪.‬‬
‫تكون ما" من األشياء التي تفع ً‬
‫وعلى القول الثاين‪ :‬أن "ما" بمعنى شيء والتقدير نعم شي ًئا قلته" أن هذا‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪111 h‬‬
‫‪g‬‬
‫رجال زيد" ومن‬
‫مميزا بنكرة كقولك "نعم ً‬
‫ضميرا ً‬
‫ً‬ ‫األسلوب هو من وقوع الفاعل‬
‫ذلك قوله تعالى‪( :‬ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ) [الب رة‪ ]90:‬وقعت "ما" بعد‬
‫بئس‪ ،‬وبعد "ما" فعل (ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ) فعلى القول األول‪ :‬أن "ما"‬
‫بمعنى شيء يكون التقدير واهلل أعلم "بئس الشيء شي ٌء اشرتوا به أنفسهم" وعلى‬
‫التقدير الثاين أن "ما" نكرة بمعنى شيء يكون التقدير "بئس شي ًئا اشرتوا به أنفسهم‬
‫ومن ذلك قزل اهلل تعالى‪( :‬ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭﯮ) [النساء‪ ]58:‬وقعت "ما" بعد‬
‫"نعم" والذي بعد "ما" فعل "يعظكم" على القولين على تقدير "نعم الشيء شيء‬
‫يعظكم به" أو "نعم شي ًئا يعظكم به"‪.‬‬
‫والذي يظهر من كالم ابن مالك يف هذا البيت أنه يقدم ويرجح كون "ما" يف‬
‫تمييزا نكرة؛ ألنه قال‪( :‬وما مميز) على سبيل اإلخبار‪ ،‬ثم ساق‬
‫ً‬ ‫هذا األسلوب‬
‫الخالف فقال‪( :‬وقيل فاعل) ثم ذكر ابن مالك‪ ‬إعراب المخصوص‬
‫بالمدح والذم فقال‪:‬‬
‫للللر ْاسللللل اُ َلللللل ْي َس َ ْبلللللدد و َأ َبلللللدَ ا‬
‫َأو َم َبل َ‬ ‫المخْ دصلللل دُ َب ْعللللدد دم ْبعَللللدَ ا‬ ‫َو د ل ْ‬
‫لللَ دَر َ‬
‫المخصوص بالمدح هو "زيد" يف نحو قولك "نعم الرجل زيدٌ " وهو "زيد"‬
‫يف قولك "زيد نعم الرجل" والمخصوص بالذم كعمرو يف قولك "بئس الرجل‬
‫عمرو" فنعم الرجل‪ ،‬وبئس الرجل سبق أن قلنا‪ :‬إن إعراهبا فعل وفاعل نعم فعل‬
‫والرجل فاعل‪ ،‬بئس فعل والرجل فاعل‪.‬‬
‫وأما المخصوص بالمدح أو الذم ففي إعرابه تفصيل؛ ألنه إما أن يتقدم وإما أن‬
‫يتأخر إن تقدم قلنا "زيد نعم الرجل" وإن تأخر قلنا‪" :‬نعم الرجل زيد" فنبدأ‬
‫بالحالة األولى إذا تقدم فنقول‪ :‬إذا تقدم المخصوص كقولك "زيد نعم الرجل"‬
‫"وعمرو بئس الرجل" فالمخصوص مبتدأ‪ ،‬وقولك "نعم الرجل" جملة فعلية خرب‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪112 h‬‬
‫ٍ‬
‫ماض" والرجل"‬ ‫المبتدأ فنعرب قولنا "زيد نعم الرجل" "زيد مبتدأ" "ونعم" فعل‬
‫فاعله والجملة الفعلية من الفعل والفاعل "نعم الرجل" خرب المبتدأ فقولنا "زيد‬
‫نعم الرجل" كقولنا "زيد قام أبوه"‪.‬‬
‫أما إن تأخر المخصوص فقلنا "نعم الرجل زيد" "وبئس الرجل عمرو"‬
‫مؤخرا‪" ،‬فنعم الرجل"‬
‫ً‬ ‫فيجوز لك يف إعرابه وجهان‪ :‬الوجه األول‪ :‬أن يكون مبتدأ‬
‫جملة فعلية خرب مقدم‪ ،‬وعلى هذا اإلعراب نقول "نعم الرجل زيد" نعم فعل‬
‫والرجل فاعله وهي جملة فعلية خرب مقدم وزيد مبتدأ مؤخر فتكون هذه الجملة‬
‫كقولنا‪" :‬قام أبوه زيد" أي‪" :‬زيد قام أبوه ثم أخرت المبتدأ وهذا اإلعراب متفق‬
‫على جوازه عند النحويين‪ ،‬بل إن بعض النحويين ال يذكر غيره‪.‬‬
‫واإلعراب ا مر للمخص ُ إةا ٌمر‪ :‬أن يكون خربًا لمبتدأ محذوف التقدير‬
‫"نعم الرجل هو زيد" وكلمة هو تعود إلى الممدوح أي‪" :‬نعم الرجل الممدوح‬
‫زيد" "فنعم الرجل" فعل وفاعل "وهو زيد" يعني‪ :‬الممدوح زيد جملة اسمية‬
‫مبتدأ وخرب ثم حذفنا المبتدأ واتصلت الجملتان فقيل "نعم الرجل زيد" إ ًذا فنعم‬
‫الرجل على ذلك جملتان‪ :‬فعلية واسمية‪ ،‬وهذا اإلعراب يجوزه بعض النحويين‪،‬‬
‫وجها ثالث يقوم على الوجه الثاين وهو‪ :‬أن يكون‬
‫ً‬ ‫وبعض النحويين يجوزون‬
‫"زيد" مبتدأ والخرب محذوف أي‪" :‬نعم الرجل زيد الممدوح" وهذا أضعف من‬
‫اإلعراب السابق‪.‬‬
‫وابن مالك‪ ‬يف بيعه ة ر ال ج ين دوَّ رجيح ولُن ما يف المخص ُ‬
‫المؤمر؛ نه قال‪:‬‬
‫للللر ْاسللللل اُ َلللللل ْي َس َ ْبلللللدد و َأ َبلللللدَ ا‬
‫َأو َم َبل َ‬ ‫المخْ دصلللل دُ َب ْعللللدد دم ْبعَللللدَ ا‬ ‫َو د ل ْ‬
‫لللَ دَر َ‬
‫أي‪ :‬المخصوص المتأخر إما مبتدأ وإما خرب اسم ليس يبدو أبدً ا يعني‪ :‬أن‬
‫المبتدأ على القول الثاين محذوف حذ ًفا واج ًبا‪.‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪113h‬‬
‫‪g‬‬
‫ثم بعد ذلك يذكر ابن مالك‪ ‬أن المخصوص بالمدح والذم يجوز‬
‫حذفه فيقول‪:‬‬
‫الم ْ َع َفللللى‬ ‫لللالع ا‬
‫َل ا‬ ‫وإا َّْ َ لللللللدَّ م م ْ للللللل اعر بال ا‬
‫الم ْ َعنَللللى َو د‬
‫لللُ د‬
‫لُ ن ْعل َ‬
‫د‬ ‫لللللله َ َفلللللللى‬ ‫د‬ ‫ْ د‬ ‫َ د‬
‫يريد أن المخصوص بالمدح أو الذم يجوز حذفه إن تقدم دليل عليه أو نقول‪:‬‬
‫إن قام دليل عليه‪ ،‬وأشهر دليل يقوم عليه أن يتقدم ذكره يف الكالم وهذا قوله‪:‬‬
‫َوإا َّْ د َ دَّ ْم دم ْ اع در اب اه َ َفى‬
‫مثال‪" :‬رأيت محمدً ا المجتهد يف دروسه نعم الطالب" أي‪:‬‬
‫وذلك أن تقول ً‬
‫"نعم الطالب هو" يعني‪ :‬نعم الطالب محمد فحذفت المخصوص؛ ألنه تقدم ذكره‬
‫مثال‪" :‬الجنة دار المتقين ونعمت الدار" أي‪:‬‬
‫من قبل وأمثلة ذلك كثيرة كأن تقول ً‬
‫"ونعمت الدار هي" وكأن يقال لك‪" :‬جاء زيد" فتقول‪" :‬نعم الرجل" أي‪" :‬نعم‬
‫الرجل هو" ومن ذلك قوله تعالى يف أيوب ♠‪( :‬ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ‬
‫ﭬ) [ُ‪ ]44:‬المعنى واهلل أعلم "نعم العبد هو" أي‪ :‬نعم العبد أيوب" ومن‬
‫ذلك قوله تعالى‪( :‬ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ) [آل عمراَّ‪ ]173:‬أي‪ :‬نعم‬
‫الوكيل هو‪ ،‬ومن ذلك قوله تعالى‪( :‬ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ‬
‫ﮂ ﮃ ﮄ) [ال مرف‪ ]38:‬أي‪" :‬فبئس القرين أنت"‪.‬‬
‫ومَق ابن مالك بمَال م ُق ف ال‪:‬‬
‫الم ْ َع َفللللى‬ ‫لللالع ا‬
‫َل ا‬ ‫للللللعر بال ا‬
‫وإا َّْ َ لللللللدَّ م م ْ ل ا‬
‫الم ْ َعنَللللى َو د‬
‫لللُ د‬
‫لُ ن ْعل َ‬
‫د‬ ‫لللللله َ َفلللللللى‬ ‫د‬ ‫ْ د‬ ‫َ د‬
‫أين المخصوص بالمدح؟ العلم‪ ،‬العلم هنا تقدم أم ُحذف؛ ألنه تقدم مشعر‬
‫به؟ المخصوص هنا تقدم قلنا من قبل أن المخصوص يجوز أن يتقدم "زيد نعم‬
‫الرجل" فيكون مبتدأ ويجوز أن يتأخر "نعم الرجل زيد" فيجوز فيه إعرابان‪ ،‬ثم‬
‫اآلن نقول‪ :‬ويجوز أن يحذف كأن تقول‪" :‬زيد أخي ونعم الرجل" أي‪ :‬نعم الرجل‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪114 h‬‬
‫هو يعني‪ :‬يحذف يف جملته‪ ،‬ففي قوله " العلم نعم المقتنى" المخصوص لم‬
‫يحذف وإنما تقدم فلهذا أخذ عليه كثير من الشراح هذا المثال وخطأوه فيه‪،‬‬
‫مثال‪" :‬العلم عزيز نعم المقتنى" فهكذا يمشي‪ ،‬وحاول بعضهم‬
‫والصحيح أن يقال ً‬
‫ٍ‬
‫حينئذ‬ ‫تصحيح مثال ابن مالك يف جر العلم‪ ،‬كالعلم نعم المقتنى" فيصح المثال‬
‫كالعلم جار ومجرور‪ ،‬ثم نبدأ جملة جديدة وهو المثال المراد "نعم المقتنى"‬
‫فيكون المخصوص محذو ًفا‪.‬‬
‫وحاول بعضهم تصحيح المثال بالنصب "كالعلم نعم المقتنى" على أن‬
‫"العلم" منصوب باالختصاص يعني‪ :‬من فعل محذوف تقديره نحو "الزم العلم‬
‫أيضا يصح المثال‪ ،‬ولكن العلم يف جميع نسخ األلفية جاء‬
‫نعم المقتنى" وهبذا ً‬
‫بالرفع وهكذا يف نسخ الشراح بل لهذا أخذوه عليه واهلل أعلم‪.‬‬
‫كل ما سبق من هذه األبيات تكلم فيها ابن مالك‪ ‬على نعم وبئس‬
‫والعنوان الذي عقده للباب نعم وبئس وما جرى مجراهما فباقي األبيات سيتكلم‬
‫فيها على ما يجري مجرى نعم وبئس فيبدأ ذلك بقوله وهي أربعة أبيات يبدأ ذلك‬
‫بقوله‪:‬‬
‫ا‬ ‫ا‬
‫لللللن اة َ الَ َ للللللة َ للللللن ْع َُ دم ْسل َ‬
‫لللللَالَ‬ ‫مل ْ‬ ‫اج َعلللق َ بالللس َْس َسلللاء َو ْ‬
‫اج َعلللق َف دعلللالَ‬ ‫َو ْ‬
‫فذكر هنا شيئين يجريان مجرى نعم وبئس يف الداللة على المدح والذم ويف‬
‫أخذ أحكامهما فأول األشياء تكون بمعنى المدح والذم هو الفعل ساء‪ ،‬فالفعل‬
‫فعال متصر ًفا كبقية األفعال فتقول‪" :‬ساء عملك" "وعملك يسوء"‬‫ساء قد يأيت ً‬
‫ٍ‬
‫حينئذ‪.‬‬ ‫فيتصرف وال عالقة لنا به‬
‫ولكنه قد يأيت بأسلوب كأسلوب بئس فتقول‪" :‬ساء الرجل زيد" بمعنى‪:‬‬
‫"بئس الرجل زيد" فيأخذ أحكام بئس" مكن حيث أنواع الفاعل وحذف‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪115 h‬‬
‫‪g‬‬

‫المخصوص ونحو ذلك‪ ،‬ومن ذلك قوله تعالى‪( :‬ﯭ ﯮ ﯯ)‬


‫[الصافاَ‪ ]177:‬أي‪ :‬ساء صباح المنذرين صباحهم‪ ،‬ومن ذلك قوله تعالى‪:‬‬
‫(ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ) [ا عراف‪( ،]177:‬ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ‬
‫ﯰ ﯱ) [ا عراف‪ ]177:‬فساء كبئس ً‬
‫ومثال" تمييز والفاعل ضمير مسترت‪،‬‬
‫(ﯢ ﯣ ﯤ ﯥﯦ) هو المخصوص بالذم كقولك‪" :‬بئس ً‬
‫مثال القوم‬
‫أيضا كما تأيت بعد "بئس" ومن ذلك قوله‬
‫الذين كذبوا بآياتنا" وتأيت "ما" بعدها ً‬
‫تعالى‪( :‬ﮝ ﮞ ﮟ) [ا نعام‪ ]31:‬فتكون ما" هنا على القولين المذكورين يف‬
‫"ما" الواقعة بعد بئس" إما أن تكون بمعنى الشيء أي‪ :‬شاء الشيء شيء يذروهنا‪،‬‬
‫أو تكون بمعنى شي ًئا أي‪ :‬ساء شي ًئا يذرونه"‪.‬‬

‫ومن ذلك قوله تعالى‪( :‬ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ) [النساء‪]38:‬‬


‫رجال" فهذا األمر األول الذي يجري مجرى بئس‪.‬‬
‫فهذا كقولك‪" :‬بئس ً‬
‫وأما األمر الثاين الذي يجري مجرى بئس ونعم فهو يف قول ابن مالك ‪:‬‬
‫ا‬ ‫ا‬
‫لللللن اة َ الَ َ للللللة َ للللللن ْع َُ دم ْسل َ‬
‫لللللَالَ‬ ‫مل ْ‬ ‫اج َعلللق َ بالللس َْس َسلللاء َو ْ‬
‫اج َعلللق َف دعلللالَ‬ ‫َو ْ‬
‫مسجال أي‪ :‬مطل ًقا‪ ،‬يقول‪ :‬يجوز لك أن تجعل الفعل الماضي على وزن فعل‬
‫ً‬
‫فيكون بمعنى بئس ونعم تحول ما شئت من األفعال الماضية إن كانت على وزن‬
‫فعل أو ف ُعل فتحولها إلى ف ُعل‪ ،‬وإن كانت على وزن ُفعل فإهنا تستعمل حينئذ‬
‫بمعنى نعم وبئس‪ ،‬ومن ذلك أن تقول‪" :‬شرف الرجل زيد" تمدحه بذلك وتقول‪:‬‬
‫"لئم الرجل ذلك" تذمه‪ ،‬وتقول‪" :‬شرف غالم الرجل زيد" ولك أن تقول‪:‬‬
‫رجال زيد"‪.‬‬
‫رجال زيد" كما تقول "نعم ً‬
‫"شرف ً‬

‫ومن ذلك قوله‪( :‬ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ)‬


‫[الصف‪ ]3:‬كرب مقتًا" كقولك يف الكالم‪" :‬بئس مقتًا أن تقول ما ال تفعل" وكرب"‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪116h‬‬
‫هذا فعل يدل على الذم‪" ،‬مقتًا" تمييز والفاعل ضمير مسترت‪" ،‬أن تقولوا" هذا اسم‬
‫مؤول فهو المخصوص بالذم‪ ،‬ومن ذلك قوله‪( :‬ﮉ ﮊ‬
‫ﮋ) [النساء‪ ،]69:‬ومن ذلك قوله تعالى‪( :‬ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ‬
‫ﭝﭞ) [الُ ف‪ ]5:‬كربت كلمة تخرج من أفواههم أي‪ :‬كربت كلمة تخرج من‬
‫أفواههم كلمتهم‪ ،‬أو كربت كلمة تخرج من أفواههم الذي قالوه‪ ،‬فالمخصوص هنا‬
‫بالذم محذوف واهلل أعلم‪.‬‬
‫فَ ر ابن مالك يف هَا البيت يسين َر اَّ مَر نعُ وبسس‬
‫ا ول‪ :‬ساء وهو ال يجري إال مجرى بئس‪.‬‬
‫والَاين‪ :‬الفعل المحول إلى وزن ف ُعل وهذا يأيت كنعم يف المدح ويأيت كبئس يف‬
‫الذم‪.‬‬
‫أيضا شي ًئا آخر يجري مجرى نعم وبئس يف المدح والذم‬
‫ثم يذكر ابن مالك ً‬
‫فيقول‪:‬‬
‫َو َأ َّْ دللللللرا ْد َة ًّمللللللا َف د للللللق اَ َحبل َ‬
‫للللللَا‬ ‫للللللق َةا‬
‫اع د‬ ‫للللللَا ال َف ا‬
‫للللللُ َح َّب َ‬ ‫و ام َْ د ا‬
‫للللللق ن ْع َ‬ ‫َ‬
‫إ ًذا ذكر يف هذا البيت أن مما يجري مجرى نعم وبئس قول العرب "حبذا‪ ،‬وال‬
‫حبذا" ففي المدح تقول‪" :‬حبذا زيد" كقولك‪" :‬نعم الرجل زيد" ويف الذم تقول‪:‬‬
‫"ال حبذا عمرو" كقولك‪" :‬بئس الرجل عمرو" وهذا كثير يف كالم العرب‪.‬‬
‫ومن ذلك قول الشاعر‪:‬‬
‫وا حبللللللللَا الَاهللللللللق العللللللللاةل‬ ‫أا حبللللللللَا عللللللللاةر يف ال لللللللل‬
‫ومن ذلك قول الشاعرة أم سلمة‪:‬‬
‫للللي َفللللال َح َّبللللَا اهيلللللا‬ ‫ا‬
‫إاةا دة َ‬
‫للللرَ َم ب‬ ‫للللر َأ َّنللللل ده‬
‫الملللللال َغيل َ‬ ‫َأا َح َّبلللللَا َأهل د‬
‫للللق َ‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪117h‬‬
‫‪g‬‬
‫مي فال حبذا" لكن‬
‫يقول‪" :‬فال حبذا هيا" كان يجوز أن تقول‪" :‬وإن ذكرت ٌ‬
‫صرحت هنا بالمخصوص بالذم وهذا يبين أن حذف المخصوص وإن دل عليه‬
‫دليل جائز‪.‬‬
‫ومن ذلك قول العرجي‪:‬‬
‫للللَا َأ ْم ََا دلللللل ده‬ ‫َ لللللخْ ِن دهنَل َ‬
‫للللاَ‪َ ،‬و َح َّبل َ‬ ‫لللك الحملللل دل‪ ،‬وحبللللَا‬
‫للللا حبللللَا لل َ‬
‫ومن ذلك قول جرير‪:‬‬
‫لللن َا َنللللا‬ ‫الر ل ا‬ ‫ا‬ ‫جبلللق الر ا‬
‫د‬
‫لللاَّ َمل ْ‬ ‫َو َح ّبللللَا سللللا دن ّ ّ‬ ‫ملللن جبلللق‬ ‫لللاَّ ْ‬ ‫لللا حبلللَا‬
‫قبللللق الر ا‬
‫للللاَّ أحيانللللا‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫يللللك مللللن‬ ‫ٌ‬ ‫للللللن َ َمانايللللللة‬ ‫ِ ا‬
‫للللللاَ م ْ‬ ‫َو َح ّبللللللَا َن َف َح‬
‫فمع ا فاق ُ على أَّ حبَا وا حبَا يف المعنى بسس ونعُ إا أَّ النح ين‬
‫امعلف ا يف إعراب "حبَا ه د‪ ،‬وا حبَا ه د" على ال ة أق ال‪:‬‬
‫معنى وإعرا ًبا‪ ،‬فحبذا‬
‫ً‬ ‫ال ل ا ول‪" :‬أن حبذا زيد" كقولك‪" :‬نعم الرجل زيد"‬
‫ٍ‬
‫ماض و‬ ‫زيد مكونة من الفعل الماضي "حب" ومن اسم اإلشارة "ذا" فحب" فعل‬
‫"ذا" فاعله‪ ،‬وزيد" هو المخصوص بالمدح ف ُيعرب كإعراب المخصوص يف نعم‬
‫وبئس فتقول‪" :‬حبذا زيد" زيد هنا مبتدأ مؤخر وخربه الجملة الفعلية "حبذا"‬
‫وهذا القول هو قول الجمهور قال به أبو علي الفارسي وابن‪...‬وابن خاروف وهو‬
‫القول المنسوب إلى سيبويه‪.‬‬
‫ال ل الَاين يف إعراب هَا ا سل ب‪ :‬أن حبذا تركبت فصارت كلمة واحدة أن‬
‫اسما فهي مبتدأ وزيد خربه "حبذا زيد" يقولون‪" :‬حبذا‬
‫حبذا تركبت فصارت ً‬
‫تركبت فصارت كلمة واحدة اسم كقولك‪" :‬الممدوح زيد" فحبذا مبتدأ وزيد‬
‫خربه‪ ،‬أو بالعكس "فحبذا خرب مقدم وزيد مبتدأ مؤخر وهذا قول المربد أنه خرب‬
‫وقول ابن السراج يف األصول وقول ابن عصفور يف شرح الجمل‪.‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪118h‬‬
‫وهناَ ق ل الث وه أ عف هَه ا ق ال وه ‪ :‬أن حبذا تركبت فصارت‬
‫فعال ماض ًيا وزيد فاعله‬
‫فعال حبذا تركبت فصارت ً‬
‫كلمة واحدة تركبت فصارت ً‬
‫وقال بذلك بعض ضعفة النحويين فهذه ثالثة أقوال أقواها األول‪ ،‬أما القول الثالث‬
‫فضعيف وأما القول الثاين فهو ادعاء؛ ألن ادعاء الرتكيب ادعاء ال حاجة له مع‬
‫إمكان إبقاء الكالم على أصله وال يصار إلى غير األصل مع إمكانه‪.‬‬
‫حكما من‬ ‫ً‬ ‫حكما يتعلق بحبذا وال حبذا يذكر‬ ‫ً‬ ‫ثم يذكر ابن مالك بعد ذلك‬
‫أحكام حبذا وال حبذا فيقول‪:‬‬
‫ا‬ ‫َ عل ا‬ ‫المخْ دصلللل َُ َأ ًّ للللا‬ ‫ا‬
‫الملللل ََالَ‬ ‫لللدل بال َ‬
‫لللَا َف ْ لللل َ د َاللللاهي َ‬ ‫ْ‬ ‫َللللاَّ اَ‬
‫َ‬ ‫َو َأول َةا َ‬
‫يقول يف هذا البيت‪ :‬إن هذا األسلوب حبذا وال حبذا التزمت فيه العرب بلفظ‬
‫ذا مع المذكر والمؤنث ومع المفرد والمثنى والجمع فيقال مع المذكر‪" :‬حبذا‬
‫زيد" ومع المؤنث يقال‪" :‬حبذا هند" وال يقال‪" :‬حبذي هند" وكذلك مع المفرد‪:‬‬
‫"حبذا زيد" ومع المثنى‪" :‬حبذا الزيدان" وال يقال‪" :‬حبذان الزيدان" فهذا قوله‪:‬‬

‫المخْ دص َُ َأ ًّ ا َ‬ ‫ا‬
‫َاَّ اَ‬ ‫َو َأول َةا َ‬
‫مذكرا أو مؤن ًثا‪ ،‬مفر ًدا أو ً‬
‫مثنى أو‬ ‫ً‬ ‫يعني‪ :‬بعد ذا تذكر المخصوص أ ًيا كان‬
‫مجموعا‪ ،‬لماذا التزمت العرب هذا مع الجميع؟ قال‪:‬‬
‫ً‬
‫الم ََالَ‬ ‫ا‬
‫َف ْ َ د َااهي َ‬
‫يعني‪ :‬هذا األسلوب صار يضاهي المثل والمثل ال يغير‪.‬‬
‫واهلل أعلُ‪ ،‬وصلى اهلل وسلُ على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين‪.‬‬

‫‪¹‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪119h‬‬
‫‪g‬‬

‫الدرس التاسع والسبعون‬


‫﷽‬

‫الحمد هلل رب العالمين‪ ،‬والصالة والسالم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه‬
‫أجمعين‪َّ ،‬أما بعد‪-:‬‬
‫السالم عليكم ورحمة اهلل وبركاته‪ ،‬ح َّياكم اهلل وب َّياكم‪ ،‬يف هذه الليلة ليلة‬
‫اإلثنين‪ ،‬العاشر من المحرم‪ ،‬بحسب تقويم أم القرى وليلة التاسع بحسب الرؤية‬
‫وهبذه المناسبة أحث نفسي وإخواين على اغتنام يوم عاشوراء بصيامه وال يخفى‬
‫عليكم فضل صيامه ونحن يف جامع الراجحي‪ ،‬يف حي الجزيرة بمدينة الرياض‪،‬‬
‫نعقد بحمد اهلل وتوفيقه الدرس التاسع والسبعين‪ ،‬من دروس شرح [ألفية ابن‬
‫مالك] عليه رحمة اهلل تعالى‪.‬‬
‫يف هذه الليلة إن شاء اهلل تعالى سنشرح باب أفعل التفضيل الذي عقده ابن‬
‫مالك ‪ ‬يف ألفيته يف عش رة أبيات‪ ،‬ونبدأ الدرس كالمعتاد بقراءة ما قاله ابن‬
‫مالك‪ ‬يف هذا الباب قال‪:‬‬
‫ْ‬ ‫ْ َ ُ َّ ْ‬
‫ل‬
‫ضي ِ‬ ‫أفعل التف ِ‬
‫للللق لال َّع ْف االلللل ْي اق َو ْأ َب ال َّلل ْ‬
‫للللَ أبالللللي‬ ‫َأ ْف َعل َ‬ ‫لب‬ ‫لن َم دص ل غ امنْ ل ده لال َّع َعَل ا‬ ‫ا‬
‫‪ .496‬دصللمْ مل ْ‬
‫لللله إا َللللللى ال َّع ْف االلللل ْي اق اصلللللق‬
‫لاملللللاناع بال ا‬
‫َ‬ ‫للله إ َللللى َ َعَلللب دو اصلللق‬ ‫‪.497‬وملللا با ا‬
‫ََ‬
‫للللن إا َّْ دجلللللر َدا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫لللق ال َّع ْف االلل ْي اق اصلللل ده َأ َبلللدَ ا‬
‫‪َ .498‬و َأ ْف َع َ‬
‫َ ْ لللللد ْ َرا أو َل ْف َظللللل بامل ْ‬
‫َلللللللللَ ا ْي َرا َو َأ َّْ د َ َّحلللللللللدَ ا‬
‫ْ‬ ‫دألللللللللل ا َم‬ ‫للف َأو دجلللر َدا‬ ‫‪َ .499‬وإا َّْ لا َمنْ دُللل َ ر د َال ْ‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪120 h‬‬
‫للن اة َم ْعرا َفللل ْه‬ ‫ف دةو َو ْج َ للل ْي ان َعل ْ‬ ‫دأ ا للل ْي َ‬ ‫لللق َو َمللللا لا َم ْعرا َفلللل ْه‬
‫‪َ .500‬و اللللل د َأل ا ْبل ِ‬
‫لللق مللللا بال ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫للله دقللللرا َّْ‬ ‫لللُ َ نْلللل ا َف ْ لللل َ ْبل د َ‬ ‫َلل ْ‬ ‫للن َوإا َّْ‬ ‫للت َم ْعنَللى مل ْ‬ ‫للَا إا َةا َن َ ْ ل َ‬
‫‪َ .501‬ه َ‬
‫دللللللللن َأ َبللللللللدَ ا دم َ للللللللد َما‬ ‫للن دم ْسللل َع ْف ا َما‬ ‫‪.502‬وإا َّْ َ دُل ا ا‬
‫ْ‬ ‫َف َل د َمللللللللا‬ ‫للن باعلللل ا مل ْ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ا‬
‫للللللللد ْ دُ َنللللللللل َْرا َو َر َدا‬ ‫ا‬
‫للللللللار ال َّع ْ ل‬ ‫إا ْم َبل‬ ‫للن َأن َ‬
‫ْللت َم ْي ِللر َو َلللدَ‬ ‫‪ .503‬اَم َْل ا ا‬
‫لق م َّم ْ‬
‫لللللللرا َ َب َعللللللللا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫َعا َقل‬ ‫‪.504‬ور ْفعلللله ال َّظل ا‬
‫لللللللب ف ْعللللللللال َفََُ ْيل َ‬ ‫َ‬ ‫لللاه َر َنلللل ِْر َو َم َعللللى‬ ‫ََ د د‬
‫للللن الصللللد ْ اق‬ ‫لللله ال َف ْا د ا‬ ‫َأو َلللللى با ا‬ ‫لن َرفا ْي الق‬ ‫‪َ َ .505‬لن َلر فالي الن ا ا‬
‫للللق م َ‬ ‫َّلاْ م ْ‬ ‫ْ َ‬
‫هذه عشرة أبيات عقد ابن مالك الباب عليها‪.‬‬
‫اسُ العفاق ه ‪ :‬اسم مشتق مصوغ للداللة غال ًبا على أن شيئين اشرتكا يف‬
‫مفضال‪،‬‬
‫ً‬ ‫صفة‪ ،‬وزاد أحدهما على اآلخر يف هذه الصفة‪ ،‬فالزائد منهما يسمى‬
‫واآلخر يسمى المفضل عليه أو المفضول‪.‬‬
‫فقولك‪" ::‬فالن أفضل من فالن" يدل على وجود الفضل فيهما‪ ،‬وقوله تعالى‪:‬‬
‫(ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ) [ال صن‪ ]34:‬يدل على وجود الفصاحة يف موسى‬
‫وهارون ‪ ‬إال أهنا يف هارون أزيد‪.‬‬
‫وليس من معني اسم التفضيل نفي الصفة هن المفضل عليه فلهذا ليس من‬
‫فصيحا!‪ ،‬بل يفهم منها‬
‫ً‬ ‫الصواب أن يفهم من هذه اآلية أن موسى♠ لم يكن‬
‫فصيحا إال أن أخاه هارون كان أفصح منه‪ ،‬ولهذا ال يصح أن تقول عن أمر‬
‫ً‬ ‫أنه كان‬
‫حسن وأمر قبيح أن األول أحسن من الثاين‪ ،‬وإنما تقول عن أمرين حسنين إن‬
‫أحدهما أحسن من اآلخر‪.‬‬
‫كما قال المتنبي وابن الطيب‪:‬‬
‫إَّ السل َ‬
‫ليف أماللى مللن العصللا‬ ‫إةا قيللق َّ‬ ‫السلللل ْي َ‬
‫ف َ للللن دن قللللدْ در ده‬ ‫أَّ َّ‬
‫لللر َّ‬ ‫أ َلل ْ‬
‫لللُ َ ل َ‬
‫ألن التفضيل هنا ال يصح يف المعنى؛ لعدم المضاء يف العصا فهذا هو معنى‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪121h‬‬
‫‪g‬‬
‫اسم التفضيل‪.‬‬
‫وأفعل التفضيل هو اسم ممنوع من الصرف؛ للوصفية ووزن الفعل ومثله‬
‫مؤنثه ُفعلى‪ ،‬ومن اسم التفضيل كلمة "خير" وكلمة "شر" إذا كانا بمعنى التفضيل‬
‫وشر من بكر" فعلى ذلك فهما على وزن أفعل‪ ،‬إال أن‬
‫خير من عمرو ٌ‬
‫نحو "زيد ٌ‬
‫الهمزة حذفت منهما سما ًعا؛ لكثرة االستعمال‪.‬‬
‫وقد ورد على وزن أفعل حقيق ًة أخير وأشر يف القليل من المسموع ومن ذلك‬
‫قراءة (ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ) [ال مر‪ ]26:‬األشر على وزن أفعل وأما‬
‫األشر على وزن ِ‬
‫فعل فهو صيغة‬ ‫قراءة الجمهور (ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ) ِ‬

‫مبالغة كفرح‪.‬‬
‫وقال رؤبة مدو بالل‪( :‬خير الناس وابن األخير) فقال "األخير" لضرورة‬
‫الشعر‪ ،‬بخالف ما لو لم يدل على التفضيل فال يكونان اسمي تفضيل كأن تقول‪:‬‬
‫"عندي خير كثير" "وفيه شر كثير" فهما هنا اسمان على وزن فعلن "خير" "كـ‬
‫عد" اسمان على وزن فعل وليسا اسمي تفضيل على وزن أفعل‬ ‫بيت" "شر" "كـ ٍ‬
‫ٍ‬

‫وحذفت الهمزة منهما‪.‬‬


‫إ ًذا لهما استعماالن فهذه مقدمة قبل أن نبدأ يف شرح كالم ابن مالك‪ ‬أما‬
‫ابن مالك ‪ ‬فقد بدأ هذه األبيات ببيان كيفية صوغ اسم التفضيل‪.‬‬
‫بقي من نعم وبئس بيتان نعود إليهما قبل نكمل شرح يقول ابن مالك‬
‫نعم‪َّ ،‬‬
‫‪ ‬يف آخر نعم وبئس‪:‬‬
‫ا‬ ‫َ عل ا‬ ‫المخْ دصلللل َُ َأ ًّ لللللا َ ل َ‬ ‫ا‬
‫الملللل ََالَ‬ ‫لللدل بال َ‬
‫لللَا َف ْ لللل َ د َاللللاهي َ‬ ‫ْ‬ ‫للللاَّ اَ‬ ‫َو َأول َةا َ‬
‫ا‬ ‫ا‬
‫الحللللا َ دَ ْ‬
‫للللر‬ ‫وَّ َةا انْال َ‬
‫لللما دم َ‬ ‫باال َبللللا َو دد َ‬ ‫للب َأو َف دَل ّ‬
‫للر‬ ‫للع با َحل َّ‬
‫َو َملللا سللل َ َةا ْار َفل ْ‬
‫يتكلم هنا على حبذا وال حبذا‪ ،‬وقد تكلمنا على إعراب حبذا وال حبذا‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪122h‬‬
‫والخالف يف ذلك‪.‬‬
‫في ل ابن مالك‪:‬‬

‫المخْ دص َُ َأ ًّ ا َ‬ ‫ا‬
‫َاَّ اَ‬ ‫َو َأول َةا َ‬
‫أي‪ :‬كلمة "ذا" يف حبذا اذكر بعدها المخصوص بالمدح فتقول‪" :‬حبذا زيد"‬
‫"حبذا هند" فهذا معنى‪:‬‬
‫ا‬ ‫َ عل ا‬ ‫المخْ دصلللل َُ َأ ًّ للللا‬ ‫ا‬
‫الملللل ََالَ‬ ‫لللدل بال َ‬
‫لللَا َف ْ لللل َ د َاللللاهي َ‬ ‫ْ‬ ‫َللللاَّ اَ‬
‫َ‬ ‫َو َأول َةا َ‬
‫مذكرا أم مؤن ًثا‪،‬‬
‫ً‬ ‫أي‪ :‬اذكر المخصوص بعد كلمة ذا أ ًيا كان هذا المخصوص‬
‫مفر ًدا أم مثنًا أم مجمو ًعا‪ ،‬فتقول‪" :‬حبذا زيد وحبذا هند" وال تقول حبذي هند"‬
‫وتقول‪" :‬حبذا الزيدان" وال تقول‪" :‬حبذان الزيدان" "وحبذا الزيدون" وال تقول‪:‬‬
‫"حبذون الزيدون" فالمخصوص يذكر بعد "ذا" و "ذا" ال يعدل عنها‪.‬‬
‫ثم يقول‪:‬‬

‫الم ََالَ‬ ‫ا‬


‫َف ْ َ د َااهي َ‬
‫يعلل لماذا لم تغير العرب كلمة "ذا" مع المذكر والمؤنث والمفرد والمثنى‬
‫والجمع! فيعلل ذلك بأن هذا األسلوب حبذا وال حبذا جرى عندهم مجرى‬
‫األمثال‪ ،‬واألمثال ال تغير حتى ولو اختلف مضرهبا‪.‬‬
‫عني‪ :‬ق ل ُ مَال‪( :‬الصيف ضيعتي اللبن) هذا قاله رجل كبير يف السن تزوج‬
‫امرأة صغيرة‪ ،‬وكان غن ًيا فيسقيها مما تشاء‪ ،‬ولكنها كرهته وطلبت الطالق فطلقها‬
‫فتزوجت من ابن عم لها صغير فعندما أتاهم الشتاء قرصهم الجوع فأرسلت إلى‬
‫زوجها السابق تطلب منه طعا ًما وشرا ًبا وكان يف نفسه شيء فأرسل إليها يقول‪:‬‬
‫ِ‬
‫ضعت اللبن) أي‪ :‬ضيعتي اللبن يف الصيف‪ ،‬فالصيف ظرف زمان‬ ‫(الصيف‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪123h‬‬
‫‪g‬‬
‫وتقدم وقال‪ :‬ضيعتي ألنه يخاطب أنثى فلما بلغها ذلك ضربت على كتف ابن‬
‫عمها وقالت‪ :‬هذا ومزقه خير منك) المزق وهو الشربة من اللبن يعني‪ :‬هذا وقليله‬
‫خير منك ومن كثيرك‪.‬‬
‫فإذا أردت أن تضرب هذا المثل إلنسان ضيع شي ًئا يف فرصته ثم تحسر بعد‬
‫ذلك فإنك ستقول له‪ :‬الصيف ضيعتي اللبن وال تقول‪ :‬ضيعت؛ ألن المثل ال يغير‪.‬‬
‫ل له‪:‬‬ ‫و َلك أَّ ل م إنسانا لُ حُُ عمله ا‬
‫فليُ بعد ةلك على عمله‬
‫مذكرا أو كان مؤن ًثا‪ ،‬ولهذا المثل قصة ً‬
‫أيضا‬ ‫ً‬ ‫"يداك أوكتا وفوك نفخ" سواء كان‬
‫لكنه سيق على أنه لمذكر فهذا معنى قوله‪:‬‬

‫الم ََالَ‬ ‫ا‬


‫َف ْ َ د َااهي َ‬
‫ثم قال‪:‬‬
‫ا‬ ‫ا‬
‫الحللللا َ دَل ْ‬
‫لللر‬ ‫لللما دم َ‬ ‫باال َبللللا َو دد َ‬
‫وَّ َةا انْال َ‬ ‫للب َأو َف دَل ّ‬
‫للر‬ ‫للع با َحل َّ‬
‫َو َملللا سللل َ َةا ْار َفل ْ‬
‫يذكر أن هذا األسلوب له استعماالن‪:‬‬
‫االستعمال األول‪ :‬هو الذي شرحناه من قبل أت تأيت "ذا" مع الفعل "حب"‬
‫وتقدمت أحكامه‪ ،‬فتقول‪" :‬حبذا زيد" فليس لك يف ذلك إال أن تأيت بالفعل‬
‫فاعال‪.‬‬
‫"حب" ثم تأيت بـ "ذا" ً‬
‫واألسلوب الثاين‪ :‬أن تأيت بـ "حب" من دون "ذا" فتقول‪" :‬حب زيد" بمعنى‬
‫"حبذا زيد" تمدحه تستعمل "حب" بال "ذا" وهذا قوله‪( :‬وما سوى ذا) يعني‪ :‬إذا‬
‫استعملت "حب" من دون "ذا" إ ًذا األسلوب الثاين ماذا تفعل؟ ارفع بحب أو فجر‬
‫بالبا إ ًذا يف األسلوب الثاين لك وجهان إما أن ترفع فتقول‪" :‬حب زيد" وإما أن‬
‫تجره بالباء فتقول‪ " :‬حب بزيد" وكالهما بمعنى "حبذا زيد"‬
‫فصال" هذا األسلوب األول‪.‬‬
‫تقول‪" :‬حبذا الربيع ً‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪124 h‬‬
‫فصال" أو "حب بالربيع‬
‫ً‬ ‫ا سل ب الَاين‪ :‬أال تأيت بذا فتقول‪" :‬حب الربيع‬
‫فصال"‪.‬‬
‫ً‬
‫ثم قال‪:‬‬
‫ا‬
‫وَّ َةا انْا َما دم َ‬
‫الحا َ دَ ْر‬ ‫َو دد َ‬
‫األسلوب األول إذا استعملت ذا مع إذا أردت أن تستعمل ذا مع حب فتقول‪:‬‬
‫"إال فتح الحاء " َحـ" "حبذا زيد" واألسلوب الثاين إذا لم تستعمل ذا مع حب لك‬
‫وحب بزيد"‬
‫وحب زيد" " ُ‬
‫يف الحاء الضم وهو أكثر والفتح فتقول‪ُ " :‬حب زيد" َ‬
‫وحب بزيد هذا شرح البيتين األخيرين من باب نعم وبئس‪.‬‬
‫" َ‬
‫نعود إلى أفعل التفضيل وقد ذكرنا مقدمة يف أفعل التفضيل ثم نبدأ اآلن‬
‫مستعينًا باهلل بأبيات ابن مالك‪ ‬بدأ ابن مالك ببيان كيفية صوغ اسم‬
‫التفضيل‪.‬‬
‫سنالحظ يف هذا الباب أن ابن مالك ذكر يف هذا الباب صوغ اسم التفضيل‬
‫وأنواع اسم التفضيل من حيث االستعمال‪ ،‬وإعمال اسم التفضيل عمل فعله‪ ،‬بينما‬
‫يف اسم الفاعل والصفة المشبهة والمصدر وهذه كلها أسماء عاملة عمل أسمائها‪.‬‬
‫ميز وفصل فجعل أبوا ًبا خاصة لكيفية صوغها (أبنية أسماء الفاعلين‬
‫والمفعولين)(وأبنية المصادر) وذكر أبوا ًبا أخرى لبيان إعمالها عمل فعلها‪ ،‬أما يف‬
‫أفعل التفضيل فإنه ذكر كل ذلك يف باب واحد فبدأ هذه األبيات ببيان كيفية صوغ‬
‫اسم التفضيل فقال‪:‬‬
‫للللق لال َّع ْف االلللل ْي اق َو ْأ َب ال َّلل ْ‬
‫للللَ أبالللللي‬ ‫َأ ْف َعل َ‬ ‫لللن َم دصلللل غ امنْلللل ده لال َّع َعَل ا‬
‫لللب‬ ‫ا‬
‫دصللللمْ مل ْ‬
‫يذكر أن اسم التفضل يف أحكام صوغه كفعلي التعجب‪ ،‬وقد ذكرنا صوغ فعلي‬
‫التعجب وشروط ما يصاغان منه يف الباب السابق فكل ما قيل هناك من شروط‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪125h‬‬
‫‪g‬‬
‫أيضا يف اسم التفضيل‪ ،‬فما جاز التعجب منه جاز أخذ اسم التفضيل منه‪،‬‬
‫فإهنا تذكر ً‬
‫وما ال فال‪.‬‬
‫نقول‪" :‬فالن أفضل من فالن وأحسن منه وأكرب منه وأكرم منه" كما نقول يف‬
‫التعجب‪" :‬ما أفضله وأحسنه وأكربه وأكرمه"‪.‬‬
‫وال يؤخذ اسم التفضيل من فاقد الشروط فال يؤخذ من غير الثالثي كـ "دحرج‬
‫واستخرج‪ ،‬وال يؤخذ من غير متصرف كـ "نعم وبئس" وال مما ال يقبل المفاضلة‬
‫كـ " مات وفني" وال من فعل ناقص كـ "كان وسبق الخالف يف ذلك‪ ،‬وال من فعل‬
‫منفي‪ ،‬وال من فعل مبني للمجهول‪ ،‬وال مما الوصف منه على أفعل وسبق‬
‫الخالف يف ذلك‪.‬‬
‫و َ عن ةلك ق ل العرب‪ :‬هو أخصر من كذا" فأخذوه من الفعل اختُصر‬
‫وهو خماسي مبني للمجهول‪ ،‬وقد اختلف النحويون اختال ًفا ً‬
‫كبيرا يف صوغ اسم‬
‫التفضيل وكذلك فعلي التعجب من الفعل الذي وصفه على أفعل‪ ،‬وأشرنا إلى‬
‫ذلك يف باب التعجب وما قيل هناك يقال هنا‪ ،‬كأفعال األلوان والعيوب "كـ حمر‬
‫فهو أحمر وعور فهو أعور" فقال الجمهور وال يؤخذ من ذلك اسم تفضيل‪ ،‬وال‬
‫فعل تعجب‪.‬‬
‫وقال بعض النح ين‪ :‬بل يؤخذ اسم التفضيل وفعل التعجب من ذلك مطل ًقا‪،‬‬
‫وقد ُسمع من العرب قولهم‪" :‬هو أسود من حنك الغراب وأبيض من اللبن"‬
‫فصاغو ا اسم التفضيل من سود فهو أسود‪ ،‬وبيض فهو أبيض وهذا مسموع ال‬
‫سبيل إلى دفعه أو رده‪.‬‬
‫وقيق ق ل الث‪ :‬وه ال س يف المسٌلة‪ :‬إَّ اسُ العفايق وفعق الععَب ا‬
‫ؤمَ من ةلك إا يف أمر ن‪:‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪126h‬‬
‫ا مر ا ول‪ :‬األبيض واألسود؛ لورود السماع هبما‪.‬‬
‫والَاين‪ :‬ما كان معنو ًيا من هذا الباب داخل ًيا يعني الفعل الذي الوصف منه على‬
‫أفعل‪ ،‬معنو ًيا ليس حس ًيا داخل ًيا ال خارج ًيا نحو‪ :‬هو أبيض من فالن وأحمق من‬
‫فالن وأرعن منه وأهوج منه وأخرق منه بعض ذلك مسموع كـ "أحمق منه‪.‬‬
‫ال ل الَالث‪ :‬هو القول األرجح؛ ألنه األنسب للمسموع‪ ،‬وعلى قول من‬
‫أجاز ذلك مطل ًقا فإنك ستقول "هو أزرق من البحر أو أزرق من السماء"‪" ،‬وهو‬
‫أحمر من الوردة" ونحو ذلك وهذا يأباه الجمهور‪.‬‬
‫ثم بعد ذلك يقول ابن مالك‪:‬‬
‫َو ْأ َب ال َّل َْ أباي‬
‫"اللذ" لغة من اللغات يف "الذي" وجاء يف بعض الروايات وأب ما ُأبي قال‬
‫ابن هشام‪ :‬وهي أحسن يعني‪ :‬أحسن يف اللفظ وإال فالمعنى واحد‪.‬‬
‫ثم قال ابن مالك ‪:‬‬
‫لللله إا َللللللى ال َّع ْف االلللل ْي اق اصلللللق‬
‫لاملللللاناع بال ا‬
‫َ‬ ‫للللله إ َللللللى َ َعَلللللب دو اصلللللق‬
‫وملللللا با ا‬
‫ََ‬
‫فذكر يف هذا البيت أن فاقد الشروط يف التفضيل يؤخذ منه اسم التفضيل كما يف‬
‫باب التعجب أي‪ :‬بوساطة اسم تفضيل من جامع الشروط فتقول‪" :‬فالن أشد‬
‫استخراجا من فالن" "وفالن أحسن حمرة من فالن" وهكذا‪.‬‬
‫ً‬
‫ثم بعد ذلك يذكر ابن مالك‪ ‬أنواع اسم التفضيل من حيث االستعمال‬
‫وحكم كل نوع فيقول‪:‬‬
‫للللن إا َّْ دجلللللر َدا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫لللللق ال َّع ْف االللللل ْي اق اصللللللل ده َأ َبللللللدَ ا‬
‫َو َأ ْف َعل َ‬
‫َ ْ لللللد ْ َرا أو َل ْف َظللللل بامل ْ‬
‫َلللللللللَ ا ْي َرا َو َأ َّْ د َ َّحلللللللللدَ ا‬
‫ْ‬ ‫دألللللللللل ا َم‬ ‫للللللف َأو دجلللللللر َدا‬‫َوإا َّْ لا َمنْ دُللللللل َ ر د َال ْ‬
‫للن اة َم ْعرا َفللل ْه‬
‫ف دةو َو ْج َ للل ْي ان َعل ْ‬ ‫دأ ا للل ْي َ‬ ‫للللللق َو َمللللللا لا َم ْع ار َفلللللل ْه‬
‫َو اللللللل د َأل ا ْب ِ‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪127h‬‬
‫‪g‬‬
‫لللق مللللا بال ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫للله دقللللرا َّْ‬ ‫لللُ َ نْلللل ا َف ْ لللل َ ْبل د َ‬
‫َلل ْ‬ ‫لللللن َوإا َّْ‬ ‫لللللَا إا َةا َن َ ْ َ‬
‫لللللت َم ْعنَلللللى م ْ‬ ‫َه َ‬
‫‪ ‬فذكر أن اسم التفضيل من حيث االستعمال ثالثة أنواع‪:‬‬
‫ا ول‪ :‬المجرد من أل" ومن اإلضافة نحو "زيد أفضل من عمرو"‪.‬‬
‫الَاين‪ :‬المحلى "بأل" نحو "زيد األفضل"‪.‬‬
‫الَالث‪ :‬المضاف وهو قسمان‪:‬‬
‫المضاف إلى نكرة نحو "زيد أفضل رجل"‪.‬‬
‫والمضاف إلى معرفة نحو "زيد أفضل الرجال‪.‬‬
‫فهذه أنواع اسم التفضيل من حيث االستعمال‪ ،‬أما أحكامها فنبدأ بالنوع األول‬
‫وهو‪ :‬اسم التفضيل المجرد من "أل" ومن اإلضافة فبين ابن مالك حكمه بقوله‪:‬‬
‫للللن إا َّْ دجلللللر َدا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫لللللق ال َّع ْف االللللل ْي اق اصللللللل ده َأ َبللللللدَ ا‬
‫َو َأ ْف َعل َ‬
‫َ ْ لللللد ْ َرا أو َل ْف َظللللل بامل ْ‬
‫َلللللللللَ ا ْي َرا َو َأ َّْ د َ َّحلللللللللدَ ا‬
‫ْ‬ ‫دألللللللللل ا َم‬ ‫للللللف َأو دجلللللللر َدا‬‫َوإا َّْ لا َمنْ دُللللللل َ ر د َال ْ‬
‫فَ ر أَّ اسُ العفايق المَرد َب فيه أمراَّ‪:‬‬
‫ا ول‪ :‬أن يذكر وأن يوحد أي‪ :‬أن يلزم التذكير واإلفراد مهما كان صاحبه‪.‬‬
‫والَاين‪ :‬الواجب فيه أن تأيت بعده من جارة للمفضول نحو "زيد أفضل من‬
‫عمرو" "وهند أفضل منه" وال تقول‪" :‬فضلى منه" يعني‪ :‬ما تتطابق وإنما تلزم‬
‫اسم التفضيل التذكير واإلفراد وتأيت بعده بمن "هند أفضل منه" "والزيدان أفضل‬
‫منه" وال تقول "الزيدان أفضالن منه" "والزيدون أفضل منه ال أفضلون منه"‬
‫"والهندات أفضل منه ال فضليات منه وال ُفضل منه" ومن ذلك قوله تعالى‪:‬‬
‫(ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ) [ سف‪.]8:‬‬

‫وقال‪( :‬ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ) [الاحى‪]4:‬فالتزم اإلفراد والتذكير وأتى‬


‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪128h‬‬
‫بمن بعد اسم التفضيل‪.‬‬
‫وق ل النح ين‪ :‬أنه يجب من جارة للمفضول بعد اسم التفضيل يعني‪ :‬يجب‬
‫وجودها‪ ،‬ولم يوجبوا التلفظ هبا؛ فلهذا يجب أن توجد سواء لفظ هبا أم كانت‬
‫محذوفة مقدرة‪ ،‬فيجوز أن تحذف وتقدر‪ ،‬والمحذوف المقدر كالملفوظ؛‬
‫الجتماع هما يف الوجود فكالهما من حيث الوجود موجود إال أن األول ملفوظ به‬
‫يعني‪ :‬لفظه ظهر يف الكالم‪ ،‬واآلخر حذف لفظه فلم يربز يف الكالم‪.‬‬
‫وهَه ال اعدة نب ت علي ا أ َر من مرة‪ :‬أن المحذوف موجود بخالف‬
‫أصال هذا معدوم ليس موجو ًدا‬
‫المعدوم‪ ،‬المعدوم هو الذي لم يوجد يف الجملة ً‬
‫يف الجملة لو قلت "جاء محمد" الجملة فيها ظرف زمان محذوف أم معدوم؟ هذا‬
‫مثال "جاء الذي أحب" هنا عائد‬
‫معدوم ما فيها ظرف زمان معدوم‪ ،‬لكن لو قلت ً‬
‫من الصلة على الموصول؟ فيه والتقدير "جاء الذي أحبه" الضمير موجود يف‬
‫الجملة ولكنه لم يظهر يف اللفظ يعني‪ :‬حذف لفظه‪.‬‬
‫كثيرا نمسك بالقلم ونقول "القلم موجود يف المسجد"‪" ،‬القلم موجود‬
‫ونمثل ً‬
‫يف المسجد" من حيث الوجود هو موجود لكن يف الصورة األولى هو موجود‬
‫ظاهر ويف الصورة الثانية موجود غير ظاهر كونه غير ظاهر ال يعني أنه غير موجود‬
‫هذا واضح‪ ،‬بل قولهم محذوف يدل على أنه موجود؛ ألن الحذف ال يقع إال على‬
‫موجود هل يمكن تذهب إلى معدوم وتحذفه؟ ال‪ ،‬وإنما تأيت إلى شيء موجود‬
‫وتحذفه‪ ،‬الحذف بمعنى عدم اإلظهار تخفيه فأخفيته‪ ،‬فلهذا فإن من يجوز أن‬
‫تحذف ومع ذلك هي موجودة يف الكالم؛ ألهنا مقدرة‪.‬‬
‫المحذوف موجود هذه قاعدة المحذوف كالملفوظ الجتماعهما يف الوجود‪،‬‬
‫إال أن الحذف ال يطلق على الفاعل ونائب الفاعل فيطلق عليهما ضمير مسترت نحو‬
‫"محمد قام" أين الفاعل يف قام؟ ما نقول محذوف وإنما ضمير مسترت‪ ،‬وإن كانا‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪129h‬‬
‫‪g‬‬
‫اشرتكا يف عدم الظهور إال أن الفاعل ال يحذف؛ ألنه عمدة ويقال فيه مسترت؛ ألنه‬
‫ضمير مسترت‪ ،‬والضمير المسترت موجود يف الكالم إال أن العرب لم تضع له لف ًظا‪.‬‬
‫وأكثر ما تحذف من بعد اسم التفضيل إذا كان اسم التفضيل خربًا كقولك‬
‫"زيد أكرب منك وأطول" أي‪" :‬زيد أكرب منك وأطول منك" ومن ذلك قوله تعالى‪:‬‬

‫(ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ) [الُ ف‪ ]34:‬أي‪ :‬وأعز ً‬


‫نفرا منك‪.‬‬
‫وعندما ن ل‪ :‬أ َر ما حَف من إةا اَّ اسُ العفايق مبرا عني‪ :‬سواء كان‬
‫خرب عن مبتدأ أم كان خربًا عن غيره يعني‪ :‬سواء كان خربًا يف األصل أم كان خربًا‬
‫حقيقة‪ ،‬يعني‪ :‬سواء كان خربًا أو كان ما أصله الخرب فيشمل خرب كان؛ ألن أصله‬
‫خرب مبتدأ‪ ،‬ويشمل خرب إن فأصله مبتدأ‪ ،‬ويشمل المفعول الثاين يف باب ظن‬
‫وأخواهتا؛ ألن أصله الخرب فتقول‪" :‬كان زيد أكرب منك وأطول" "وإن زيد أطول‬
‫منك وأكرب" "وظننت زيدً ا أطول منك وأكرب" كل ذلك يكثر فيه الحذف‪.‬‬
‫فأكثر ما تحذف من بعد اسم التفضيل إذا كان اسم التفضيل خربًا‪ ،‬وقد تحذف‬
‫بغير ذلك يعني‪ :‬تحذف واسم التفضيل ليس خربًا وهو قليل‪.‬‬
‫ل‪" :‬رأيت زيدً ا أطول منك وأعرض" أي‪ :‬أطول منك‬ ‫ومن ةلك أَّ‬
‫وأعرض منك‪ ،‬وأطول هنا حال‪ ،‬ومن ذلك قول الشاعر‪:‬‬
‫فظلللللق فلللللؤاد يف هللللل اَ ماللللللال‬ ‫دنللل َ وقلللد ملنلللاَ البلللدر أجملللال‬
‫ِ‬
‫خلناك‬ ‫دونت أجمل من البدر‪ ،‬وقد‬ ‫ِ‬ ‫يقول‪ :‬دنوت أجمل وقد خلناك كالبدر‬
‫ِ‬
‫دنوت أجمال من البدر‬ ‫ِ‬
‫خلناك كالبدر أجمال أي‪:‬‬ ‫ِ‬
‫دنوت وقد‬ ‫كالبدر‪ ،‬ثم قدم فقال‪:‬‬
‫فحذف‪.‬‬

‫وأما قوله‪( :‬ﭖ ﭗ ﭘ) [ا على‪ ]17:‬فالمعنى واهلل أعلم‬


‫واآلخرة خير من األولى وأبقى منها كما قالت اآليات األخرى‪( :‬ﭾ ﭿ ﮀ‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪130 h‬‬
‫ﮁ ﮂ) [الاحى‪ ]4:‬والحذف هنا على الكثير؛ ألن اسم التفضيل وقع خربًا‪،‬‬
‫ومن أجل أن اسم التفضيل المجرد من أل واإلضافة قلنا‪ :‬يجب فيه اإلفراد‬
‫والتذكير ويجب فيه أن تأيت بعده من جارة للمفضول من أجل ذلك لحن كثير من‬
‫النحويين ـ أبا نواس يف قوله‪:‬‬
‫مللن اللللَهب‬ ‫حصللباء در علللى أر‬ ‫لللٌَّ صللل ر و بلللر ملللن ف اقع لللا‬
‫يقصد الخمرة‪،‬كأن صغرى وكربى من فقاقعها صغرى وكربى هنا اسم تفضيل‬
‫مجرد من أل ومن اإلضافة فكان الواجب فيه التزام اإلفراد والتذكير فيقول‪ :‬كأن‬
‫أصغر وأكرب من فقاقعها هذا هو الواجب‪ُ ،‬‬
‫وخ ِّرج على أنه لم يرد معنى التفضيل‬
‫فيلزم ذلك‪ ،‬وإنما أراد كأن صغيرة وكبيرة من فقاقعها وسيأيت أن اسم التفضيل إذا‬
‫لم يرد به التفضيل وإنما أريد به معنى الوصف يعني‪ :‬معنى اسم الفاعل فإنه يؤخذ‬
‫ٍ‬
‫حينئذ‬ ‫فيه حكم اسم الفاعل فتجب فيه المطابقة كاسم الفاعل ويخرج هنا ويخرج‬
‫عن أحكام اسم التفضيل وسيأيت ذلك إن شاء اهلل‪.‬‬
‫ثم بعد ذلك ذكر ابن مالك‪ ‬النوع الثاين من أنواع اسم التفضيل وهو‬
‫المحلى أو المقرتن بأل فقال‪:‬‬
‫للن اة َم ْعرا َفللل ْه‬ ‫دأ ا للل ْي َ‬
‫ف دةو َو ْج َ للل ْي ان َعل ْ‬ ‫للللللق َو َمللللللا لا َم ْعرا َفلللللل ْه‬
‫َو اللللللل د َأل ا ْب ِ‬
‫أي‪ :‬أن اسم التفضيل المحلى بأل يجب أن يطابق صاحبه يف التذكير والتأنيث‬
‫ويف اإلفراد والتسوية والجمع فتقول‪" :‬زيد األفضل" "وهند الفضلى" وال تقول‪:‬‬
‫"هند األفضل" وتقول‪" :‬أنتما األفضالن" وال تقول‪" :‬أنتما األفضل" وتقول‪:‬‬
‫"الهندان الفضليان" وال تقول‪" :‬األفضل" وتقول‪" :‬أنتم األفضلون" وال تقول‪:‬‬
‫"أنتم األفضل" وتقول‪" :‬الهندات الفضليات أو الفضل" وال تقول‪" :‬األفضل" إذا‬
‫أردت بذلك اسم التفضيل‪ ،‬تقول‪" :‬نحن األفضلون يف السوق" وال تقول‪" :‬نحن‬
‫األفضل يف السوق" "لسنا الوحيدون ولكننا األفضل" ترى هذه كلها خطأ‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪131h‬‬
‫‪g‬‬
‫والصواب أن يقول‪" :‬لسنا الوحيدين ولكننا األفضلون" خرب ليس‪.‬‬
‫قلنا يف اسم التفضيل المحلى بأل ال تجوز فيه عدم المطابقة بل تجب فيه‬
‫المطابقة‪ ،‬ويكثر عند بعض الناس أن يقول‪" :‬نحن األفضل وأنتم األفضل وما زلنا‬
‫األفضل" فما يطابق وهذا يسمونه يف أصول النحو القياس الخاطئ؛ ألن السبب يف‬
‫ذلك أهنم قاسوه على اسم التفضيل المجرد‪ ،‬اسم التفضيل المجرد يلزم اإلفراد‬
‫والتذكير وال يطابقه فتقول‪" :‬أنا أفضل وهما أفضل ونحن أفضل وهن أفضل من‬
‫غيرهن" فليزم يف اإلفراد والتذكير فقاسوا هذا على هذا وهذا من القياس الخاطئ‪.‬‬
‫إةا فالمحلى بٌل َب فيه المطاب ة وا ؤ ى بعده بمن جارة للمفا ل عني‪:‬‬
‫قليال يف‬
‫وسمع هذا ً‬
‫ال تقول‪" :‬زيد األفضل من عمرو" "وأنت األكرب من أخيك" ُ‬
‫ضرورة الشعر كقول األعشى‪:‬‬
‫وإنمللللللللللللا العلللللللللللل ة للُللللللللللللا ر‬ ‫َر ملللللن ُ حصلللللى‬ ‫ولسلللللت بلللللا‬
‫فقال‪ :‬ولست باألكثر منهم حصل ضرورة شعرية ولو قال على القياس لقال‪:‬‬
‫ولست باألكثر منهم حصل‪ ،‬أو ولست باألكثر حصل‪.‬‬
‫ثم بعد ذلك ذكر ابن مالك‪ ‬النوع الثالث من اسم التفضيل وهو‬
‫المضاف فذكر ً‬
‫أوال‪ :‬المضاف إلى نكرة فقال يف بيت قرنه من قبل‪:‬‬
‫ف َأو دجر َدا دأل ا َم ََْ ا ْي َرا َو َأ َّْ د َ َّحدَ ا‬
‫َوإا َّْ لا َمنْ دُ َ ر د َا ْ‬

‫فاسم التفضيل المضاف إلى نكرة يلزم التذكير واإلفراد وال تأيت بعده من جارة‬
‫للمفضول‪ ،‬فتقول‪" :‬زيد أفضل رجل"‪ ،‬و"هند أفضل امرأة" وال تقول‪" :‬فضلى‬
‫امرأة" "وأنتما أفضل رجلين" وال تقول‪" :‬أنتما أفضال رجلين" "وأنتم أفضل‬
‫رجال" "والهندان أفضل امرأتين" "والهندات أفضل النساء" وال تقول‪" :‬زيد‬
‫أفضل رجل من عمرو" "ونحن أفضل رجال من زيد" فال تأيت بمن جارة‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪132h‬‬
‫للمفضول بعد المضاف إلى نكرة‪ ،‬فهذا هو قول ابن مالك‪:‬‬
‫َلللللللللَ ا ْي َرا َو َأ َّْ د َ َّحلللللللللدَ ا‬
‫ْ‬ ‫دألللللللللل ا َم‬ ‫َوإا َّْ لا َم ْن دُللللللل َ ر د َال ْ‬
‫للللللف َأو دجلللللللر َدا‬
‫ثم يذكر بعد ذلك ابن مالك‪ ‬اسم التفضيل المضاف إلى معرفة فيقول‪:‬‬
‫َو َما لا َم ْعرا َف ْه دأ ا ْي َ‬
‫ف دةو َو ْج َ ْي ان َع ْن اة َم ْعرا َف ْه‬
‫لللق مللللا بال ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫للله دقللللرا َّْ‬ ‫لللُ َ نْلللل ا َف ْ لللل َ ْبل د َ‬
‫َلل ْ‬ ‫لللللن َوإا َّْ‬ ‫لللللَا إا َةا َن َ ْ َ‬
‫لللللت َم ْعنَلللللى م ْ‬ ‫َه َ‬
‫فيَ ر أَّ اسُ العفايق المااف إلى معرفة إةا قصد به العفايق َ ه فيه‬
‫ال ج اَّ‪ :‬أَّ طبق ق اعد المطاب ة‬
‫ا ول‪ :‬عدم المطابقة أي‪ :‬التزام التذكير واإلفراد‪.‬‬
‫وال جه الَاين‪ :‬المطابقة وال ِ‬
‫تأت بعده من جارة للمفضول‪.‬‬
‫تقول‪" :‬الزيدان أفضل قومي" الزيدان مثنى‪ ،‬أفضل مفرد مذكر‪ ،‬أفضل قومي‬
‫أضفته إلى معرفة تجوز عدم المطابقة‪ ،‬وتجوز المطابقة فتقول‪" :‬الزيدان أفضال‬
‫قومي" "والزيدون أفضل قومي" "والزيدون أفضل قومي أصلها أفضلون ثم‬
‫حذفت النون لإلضافة "أفضل قومي أو أفاضل قومي" تجمعه جمع مذكر سالم أو‬
‫تجمعه جمع تذكير‪" ،‬وهند أفضل قريبايت" عدم المطابقة‪ ،‬والمطابقة "هند فضلى‬
‫قريبايت" "والهندان أفضل قريبايت" "والهندان فضليا قريبايت" ذكر ابن مالك أن‬
‫اسم التفضيل المضاف إلى معرفة إذا قصد منه التفضيل جاز لك فيه المطابقة‬
‫وعدم المطابقة‪ ،‬وهذا هو قوله‪:‬‬
‫َو َما لا َم ْعرا َف ْه دأ ا ْي َ‬
‫ف دةو َو ْج َ ْي ان َع ْن اة َم ْعرا َف ْه‬
‫الذي أضيف إلى معرفة ذو وجهين عن ذي معرفة‪ ،‬وذكرنا األمثلة على ذلك‪،‬‬
‫ومن الشواهد على المطابقة قوله‪( :‬ﯥ ﯦ) [ه د‪ ]27:‬هم‬
‫جمع‪ ،‬أراذلنا ولو أردت عدم المطابقة يف الكالم لكنت تقول‪" :‬هم أرذلنا" ومن‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪133h‬‬
‫‪g‬‬

‫أيضا من المطابقة يف قوله‪( :‬ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ‬


‫ذلك ً‬
‫ﯘ ﯙ ﯚﯛ) [ا نعام‪ ]123:‬بالمطابقة وتجوز عد المطابقة فتقول‬
‫يف الكالم "وكذلك جعلنا يف كل قرية أكرب مجرميها"‪.‬‬
‫ومن شواهد عدم المطابقة أي‪ :‬التزام التذكير واإلفراد قوله ‪:‬‬
‫(ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ) [الب رة‪ ]96:‬لتجدهنم جمع‪ ،‬ثم قال‪:‬‬
‫أحرص مفرد فلم يطابق‪ ،‬والمطابقة جائز فتقول يف الكالم‪ :‬إن جمعت أحرص‬
‫جمع مذكر سالم أحرصون أحرصين فتقول‪" :‬ولتجدهنم أحرصي الناس"‬
‫بأحرصين ثم تحذف النون‪ ،‬أو تجمع جمع تكسير فتقول‪ :‬ولتجدهنم أحارص‬
‫الناس كل ذلك جائز‪.‬‬
‫ومن ذلك قول الشاعر‪:‬‬
‫وسلللللللللالفة َ‬
‫وأحسلللللللللن ُ قلللللللللَاا‬ ‫وم َّيللللللة َأحسللللللن الَ لللللللين جيللللللدا‬
‫مذكرا مية أحسن الثقلين؛ ألنه أضافه إلى‬
‫ً‬ ‫مية مؤنث فجاء باسم التفضيل‬
‫جائزا فيقول‪" :‬ومية حسنى الثقلين"‪.‬‬
‫معرفة‪ ،‬ولو طابق التفضيل لكان ذلك ً‬
‫قلنا المطابقة وعدم المطابقة هنا جائزة يف اسم التفضيل المضاف إلى معرفة‬
‫إن قصدت التفضيل وقد اجتمعا المطابقة وعدم المطابقة يف قوله ‪‬‬
‫إَّ امن أحبُُ إلي وأقر ابُدُ مني مَلسا م ال ي ا‬
‫امة‬ ‫يف الحديث المشهور‪َّ « :‬‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫أحاسنَُدُ أمالقا‪..‬الحد ث»‪.‬‬
‫ففي قوله‪ :‬أحبكم وأقربكم لم يطابق حذف الجمع اآلن فقال‪ :‬أحب وأقرب‬
‫إلي وأقاربكم‪ ،‬ثم قال‪:‬‬
‫لم يطابق ولو طابق لجمع فكان يقول‪ :‬أال أخربكم بآحابكم ّ‬
‫أحاسنكم أخال ًقا فطابق جمع ولو لم يطابق لجاز فكان يقال‪ :‬أحسنكم أخال ًقا‪.‬‬
‫ثم قال ابن مالك‪:‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪134 h‬‬
‫لللق مللللا بال ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫للله دقللللرا َّْ‬ ‫لللُ َ نْلللل ا َف ْ لللل َ ْبل د َ‬
‫َلل ْ‬ ‫لللللن َوإا َّْ‬ ‫لللللَا إا َةا َن َ ْ َ‬
‫لللللت َم ْعنَلللللى م ْ‬ ‫َه َ‬
‫يقول‪ :‬إن اسم التفضيل المضاف إلى معرفة يجوز فيه الوجهان‪ :‬المطابقة‬
‫وعدم المطابقة إذا نويت به التفضيل هذا معنى‪:‬‬
‫ت َم ْعنَى ام ْن‬
‫َه ََا إا َةا َن َ ْ َ‬
‫يعني‪ :‬إذا نويت التفضيل أن شي ًئا أفضل من شيء‪ ،‬وإذا لم ِ‬
‫تنو التفضيل يعني‪:‬‬
‫أردت باسم التفضيل معنى الوصف يعني‪ :‬أردت بمعنى اسم التفضيل معنى اسم‬
‫ٍ‬
‫فحينئذ تجب المطابقة؛ ألنه صار بمعنى اسم الفاعل كما أن اسم الفاعل‬ ‫الفاعل‬
‫يطابق تقول‪" :‬محمد قائم" "وهند قائمة" المطابقة وجو ًبا‪" ،‬والزيدان قائما"‬
‫بالمطابقة "والزيدون قائمون" بالمطابقة اسم الفاعل يطابق أو ال يطابق يجب أن‬
‫يطابق يف كل أحواله وهكذا كل اللغة يجب أن تطابق إال يف اسم التفضيل المذكور‬
‫هنا فإذا لم ترد باسم التفضيل معنى التفضيل‪ ،‬وإنما أردت به معنى الوصف يعني‬
‫ٍ‬
‫فحينئذ يخرج عن كونه اسم تفضيل‪ ،‬ولو كان على‬ ‫اسم الفاعل أو الصفة المشبهة‬
‫وزن أفعل إال أن المراد به معنى اسم الفاعل والصفة المشبهة‪.‬‬

‫مثال قوله‪( :‬ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ‬


‫لذلك ً‬
‫ﭵﭶ) [الروم‪ ]27:‬وهو أهون عليه يعني‪ :‬اإلعادة أهون من البدء وهو الذي بدأ‬
‫الخلق يف البداية‪ ،‬فإذا ماتوا يوم القيامة سيعيدهم هذا رد على منكري البعث‬
‫أقررتم بأن اهلل اآلن هو الذي خلقكم يف البداية ثم أنكرتم أن يعيدكم يوم القيامة‬
‫واإلعادة يف العقل أسهل من البداية قال‪( :‬ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ‬
‫ﭴ ﭵﭶ) أهون هنا على باهبا يعني‪ :‬اإلعادة يوم القيامة أهون على اهلل من‬
‫البدء فالبدء أصعب من اإلعادة؟ ليس الكالم على بابه وإنما أهون هنا بمعنى هين‬
‫بمعنى الصفة المشبهة يعني‪ :‬وهو هين عليه؛ ألن كل األشياء أمام قدرة اهلل‪‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪135h‬‬
‫‪g‬‬
‫متساوية ليس شيء أهون من شيء أو شيء أصعب من شيء‪ ،‬وإنما كلها إذا قال‬
‫لها كن فتكون؛ فلهذا قرروا أن أهون هنا ليست أفعل تفضيل وإنما يراد به الصفة‬
‫المشبهة هين‪.‬‬

‫وكذلك نحو قوله تعالى‪( :‬ﮓ ﮔ ﮕﮖ) [اإلسراء‪ ]54:‬أو (ﭝ ﭞ‬


‫ﭟ ﭠ) [ا نعام‪ ]53:‬أعلم هنا ليس اسم تفضيل ليس المراد ربكم‬
‫أعلم منكم بكم‪ ،‬فيقارن ويوازن بين علمه‪ ‬وعلم البشر ويقول ال اهلل أعلم ال‪،‬‬
‫ال موازنة وال مفاضلة بين علم اهلل‪ ‬وعلم البشر‪ ،‬نعم اهلل‪ ‬له علم يليق‬
‫به وبعض مخلوقاته لها علم يليق هبا ال ينكر هذا األمر‪ ،‬لكن الذي ينكر الموازنة‬
‫بالتفضيل أن تقول‪ :‬هذا أعلم من هذا وذكرنا ذلك يف بداية اسم التفضيل وذكرنا‬
‫قول المتنبي‪:‬‬
‫إَّ السل َ‬
‫ليف أماللى مللن العصللا‬ ‫إةا قيللق َّ‬ ‫السلللل ْي َ‬
‫ف َ للللن دن قللللدْ در ده‬ ‫أَّ َّ‬
‫لللر َّ‬ ‫أ َلل ْ‬
‫لللُ َ ل َ‬
‫ما يصح ذ لك يف المعنى‪ ،‬وكذلك ال يصح يف المعنى أن اهلل أعلم من عباده‬
‫على معنى التفضيل‪ ،‬وإنما المعنى واهلل أعلم "ربكم عالم بكم أو عليم بكم"‬
‫ينسب تمام العلم له‪ ‬بذلك‪ ،‬ولكنه خاطبهم بما يعرفون من لغتهم‪.‬‬
‫ومن ذلك قول الشنقرى وقول الصعاليك قال‪:‬‬
‫للع ال للل ام أعَلللق‬
‫أج َ ل د‬
‫بلللٌعَل ُ‪ ،‬إة ْ‬ ‫ملدَ ا للد إللى الل اد للُ أ للن‬
‫ْ‬ ‫وإَّ‬
‫هنا بٌعَل ُ أعَق على صي ة أفعق ولُن ُ قرروا أَّ هَا ااسُ ليس باسُ‬
‫فايق‪ ،‬وإنما المراد بعاجل ُ بمعنى اسُ الفاعق؛ نه مدو نفسه في ل‪:‬‬
‫إذا اجتمعنا على الزاد على األكل لم أكن بأعجلهم أعجل واحد هذا مذموم‬
‫هو يريد أن يمدح نفسه يقول‪ :‬إذا اجتمع األكل لم أكن من األولين‪ ،‬بل أتركهم‬
‫يأكلون ثم أكون آخرهم‪ ،‬فهو ال يدعي لنفسه أنه األول بل ينفي عن نفسه أنه األول‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪136h‬‬
‫وأنه الثاين وأنه الثالث بل يقول‪ :‬أقدمهم على نفسي ثم أكون األخير‪ ،‬وال يكون‬
‫المدح إال بذلك؛ ألنه يمدح ال يخرب مجرد إخبار وإنما هو يمدح نفسه ففي ذلك‬
‫يكون المعنى لم أكن بعاجلهم يعني‪ :‬لم أكن من المتعجلين منهم األول متعجل‬
‫أصال‪.‬‬
‫والثاين متعجل والثالث متعجل فهو ينفي عن نفسه هذه الصفة ً‬
‫جريرا يقول‪:‬‬‫ً‬ ‫ومن ذلك قول الفرزدق يمدح نفسه ويذم‬
‫َب ْيعلللللل ‪َ ،‬د َعائا دملللللل ده أ َعلللللل َوأ ْ لللللل َ دل‬ ‫السلللما َء َبنلللى َلنَلللا‬
‫ك ّ‬ ‫لللم َ‬
‫إَّ اللللَ َس َ‬
‫ّ‬
‫فأعز وأطول هنا ليسا اسم تفضيل‪ ،‬وإنما صفات بمعنى عزيزة وطويلة بيتًا‬
‫مدحا‬
‫دعائمه عزيزة وطويلة‪ ،‬ولو قلنا إن اسم التفضيل على معناهما لكان يف البيت ً‬
‫لجرير‪ ،‬والفرزدق كما هو معلوم ال يقر بجرير بالفضل وال يقر لجرير ببيت له‬
‫دعائم عزيزة وطويلة إال أن بيته أعز وأطول‪ ،‬فلو قلنا أن المعنى على ذلك بيتًا‬
‫دعائمه أعز وأطول يعني‪ :‬جرير له بيت دعائمه عزيزة وطويلة ولكن بيتي دعائمه‬
‫أعز وأطول من جرير ومعلوم أن جرير نسبه ليس بذاك‪.‬‬
‫فمعرفة المعنى مهمة لتحديد نوع الوصف فليس كل اسم جاء على وزن أفعل‬
‫كان اسم تف ضيل حتى يكون المعنى على معنى من هذا إذا نويت معنى من يعني‪:‬‬
‫إذا كان المعنى على التفضيل‪.‬‬
‫بعد أن ذكرنا أن اسم التفضيل قد يأيت بمعنى اسم الفاعل فيخرج عن معنى‬
‫التفضيل اختلفوا هل هذا ينقاس أم ال ينقاس؟ يعني‪ :‬نقف على ما سمع وال نقيس‬
‫أم يجوز أن نقيس عليه؟ اختلفوا يف ذلك فقيل ال ينقاس‪ ،‬فقال المربد والمحققون‬
‫ٍ‬
‫عرف أو نحو ذلك‪ ،‬أي دليل نحو أن‬ ‫إنه ينقاس إذا دل على ذلك دليل من قرينة أو‬
‫يمدح إنسان عندك بالكرم فتقول‪ :‬اهلل أكرم" أنت ال تدرك أن تقارن بين كرم اهلل‬
‫وبين كرم هذا الرجل ثم تفضل كرم اهلل!‪ ،‬وإنما تريد أن تقول اهلل هو الكريم ح ًقا‬
‫الكرم الحقيقي المطلق وهذا ال ينفي وجود كرم عند غيره كرم يناسب ذلك‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪137h‬‬
‫‪g‬‬
‫المخلوق‪.‬‬
‫ف َا ه معنى ق ل ابن مالك‪:‬‬
‫لللق مللللا بال ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫للله دقللللرا َّْ‬ ‫لللُ َ نْلللل ا َف ْ لللل َ ْبل د َ‬
‫َلل ْ‬ ‫لللللن َوإا َّْ‬ ‫لللللَا إا َةا َن َ ْ َ‬
‫لللللت َم ْعنَلللللى م ْ‬ ‫َه َ‬
‫والسؤال‪ :‬هذا البيت‪:‬‬
‫لللق مللللا بال ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫للله دقللللرا َّْ‬ ‫لللُ َ نْلللل ا َف ْ لللل َ ْبل د َ‬
‫َلل ْ‬ ‫لللللن َوإا َّْ‬ ‫لللللَا إا َةا َن َ ْ َ‬
‫لللللت َم ْعنَلللللى م ْ‬ ‫َه َ‬
‫كم رقمه يف األلفية؟ هو البيت األول بعد الخمسمائة فبتمامه تكتمل نصف‬
‫األلفية وبذلك نكون بحمد اهلل تعالى قد انتهينا من شرح نصف األلفية‪.‬‬
‫نسأل اهلل‪ ‬بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يطرح فيما سبق‬
‫خيرا لقائله وحافظه‬
‫مفهما‪ ،‬وأن يجعله ً‬
‫ً‬ ‫الربكة والنفع والفائدة‪ ،‬وأن يكون مفهو ًما‬
‫خيرا لنا يف الدنيا واآلخرة ويف الحياة وبعد الممات‪ ،‬وأن‬
‫وسامعه‪ ،‬وأن يجعله ً‬
‫يجعل خيره يف اآلخرة يوم نلقاه أعظم وأكثر وأفرح منه يف اآلخرة إنه على كل شيء‬
‫قدير‪.‬‬
‫ويبقى على ذلك نصف األلفية والباقي يف المعتاد أقل من الماضي‪ ،‬فإنك لو‬
‫نظرت يف شروح األلفية لوجدت أننا قد تجاوزنا اآلن قرابة الثلثين أو أكثر بقليل أو‬
‫أقل بقليل؛ ألن ما سبق أبواب نحوية الكالم فيها واسع‪ ،‬وأحكامها متعددة‬
‫وأساليبها كثيرة والذي سيأيت فيه نحو وأكثره صرف والكالم فيه أقل مما سبق‬
‫وال خالف فيه أقل مما سبق فلهذا لعلكم تلحظون منذ بداية هذا الفصل أننا صرنا‬
‫نشرح أبيا ًتا كثيرة وكنا من قبل ربما نشرح يف الدرس الواحد بيتين أو ثالثة أو أربعة‬
‫أبيات وصرنا يف هذا الفصل نشرح عشرة أبيات أو أقل أو أكثر‪.‬‬
‫ُ قال ابن مالك بعد ةلك‪:‬‬
‫دللللللللن َأ َبللللللللدَ ا دم َ للللللللد َما‬
‫ْ‬ ‫َف َل د َمللللللللا‬ ‫دلللللن باعاللللللل ا امللللل ْن دم ْسلللللل َع ْف ا َما‬
‫َوإا َّْ َ ُ ْ‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪138h‬‬
‫ا‬
‫للللللللد ْ دُ َنللللللللل َْرا َو َر َدا‬ ‫ا‬ ‫إا ْم َبل‬
‫للللللللار ال َّع ْ ل‬ ‫للللر َو َلللللدَ‬ ‫للللن َأن َ‬ ‫اَم َْ ا ا‬
‫ْللللت َم ْي ِ‬ ‫للللق م َّم ْ‬
‫يتكلم يف هذين البيتين على مسألة سهلة واضحة فقد قررنا من قبل أن اسم‬
‫التفضيل المجرد من أل واإلضافة يجب أن يأيت بعده من جارة للمفضول‪ ،‬ومن‬
‫هذه ال يجوز أن تتقدم على اسم التفضيل‪ ،‬تقول‪" :‬زيد أفضل من عمرو" وال‬
‫يجوز أن تقول‪" :‬زيد من عمرو أفضل" علل من ذلك بتعليالت ال هتمنا اآلن‪ ،‬فمن‬
‫مع مجرورها ال تتقدم على اسم التفضيل؛ إال يف موضعين مذكورين يف هذين‬
‫البيتين‪:‬‬
‫ع ا ول‪ :‬إذا جرت من اسم استفهام وهذا هو قوله‪:‬‬ ‫الم‬
‫َوإا َّْ َ ُ ْدن باعال ا ام ْن دم ْس َع ْف ا َما‬
‫كأن تقول‪" :‬زيد ممن أفضل" زيد مِن هذا حرف الجر َمن اسم استفهام‪،‬‬
‫أفضل اسم التفضيل األصل "زيد أفضل مِن َمن؟ إال أن االستفهام تجب له‬
‫الصدارة يف جملتها فلهذا يتقدم اسم استفهام وما جره على اسم التفضيل فتقول‪:‬‬
‫"زيد ممن أفضل"‪.‬‬
‫ونكمل الشرح إن شاء اهلل يف الدرس القادم‪.‬‬
‫واهلل أعلُ‪ ،‬وصلى اهلل وسلُ على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين‪.‬‬

‫‪¹‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪139h‬‬
‫‪g‬‬

‫الدرس الثمانون‬
‫﷽‬

‫الحمد هلل رب العالمين‪ ،‬والصالة والسالم على نبينا محمد‪ ،‬وعلى آله‬
‫وأصحابه أجمعين‪ ،‬أما بعد‪:‬‬
‫فسالم اهلل عليكم ورحمته وبركاته يف هذه الليلة؛ ليلة اإلثنين السابع عشر من‬
‫المحرم من سنة (ثنتين وثالثين وأربعمائة وألف)‪ ،‬يف جامع الراجحي يف مدينة‬
‫الرياض‪ ،‬نعقد بحمل اهلل وتوفيقه الدرس المتم للثمانين من دروس شرح ألفية ابن‬
‫مالك‪-‬عليه رحمة اهلل‪.-‬‬
‫يف الدرس الماضي يا إخوان كنا تكلمنا على باب (أفعل) التفضيل‪ ،‬وشرحنا‬
‫ستة أبيات من هذا الباب‪ ،‬وبقي لنا أربعة أبيات منه‪ ،‬نبدأ هذا الدرس‪-‬إن شاء اهلل‬
‫تعالى‪ -‬بشرحها‪ ،‬ثم ننتقل بعد ذلك إلى الباب التالي‪ ،‬نقرأ هذه األبيات الباقية من‬
‫باب (أفعل) التفضيل‪.‬‬
‫قال‪ ‬يف آخر باب أفعل التفضيل‪:‬‬
‫دللللللللن َأ َبللللللللدَ ا دم َ للللللللد َما‬ ‫لللللن دم ْسلللللل َع ْف ا َما‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫ْ‬ ‫َف َل د َمللللللللا‬ ‫دلللللن باعللللللل ا م ْ‬
‫َوإا َّْ َ ُ ْ‬
‫ا‬
‫للللللللد ْ دُ َنللللللللل َْرا َو َر َدا‬ ‫ا‬
‫للللللللار ال َّع ْ ل‬ ‫إا ْم َبل‬ ‫للللر َو َلللللدَ‬ ‫للللن َأن َ‬ ‫اَم َْ ا ا‬
‫ْللللت َم ْي ِ‬ ‫للللق م َّم ْ‬
‫لللللللرا َ َب َعللللللللا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫َعا َقل‬ ‫ور ْفعللللللله ال َّظل ا‬
‫لللللللب ف ْعللللللللال َفََُ ْيل َ‬ ‫َ‬ ‫للللللاه َر َنللللللل ِْر َو َم َعلللللللى‬ ‫ََ د د‬
‫للللن الصللللد ْ اق‬ ‫لللله ال َف ْا د ا‬ ‫َأو َلللللى با ا‬ ‫لللن َرفا ْي ا‬ ‫َ َللللن َلللر فالللي الن ا ا‬
‫للللق م َ‬ ‫لللق‬ ‫َّلللاْ م ْ‬ ‫ْ َ‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪140 h‬‬
‫◙ وأرضاه‪ ،‬يتكلم‪ ‬يف البيت السابع والثامن على ما كنا ذكرناه‬
‫من قبل؛ من أن أفعل التفضيل المجرد ال بدَّ أن يأيت بعده (من) جار ًة للمفضول‪،‬‬
‫وعمرو أطول من خالد‪ ،‬وهكذا‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫كأن تقول‪ :‬محمدٌ أفضل من زيد‪،‬‬
‫و(من) ومجرورها ال يجوز أن يتقدم على أفعل التفضيل؛ فتقول‪ :‬زيدٌ من‬
‫ماال‪ ،‬وهكذا‪ ،‬إال يف موضعين‪ :‬فإن (من)‬ ‫ٍ‬
‫عمرو أفضل‪ ،‬وخالدٌ منك أكثر ً‬
‫ومجرورها يتقدمان على أفعل التفضيل‪ ،‬وذكر ذلك ابن مالك‪ ‬يف هذين‬
‫البيتين‪.‬‬
‫المسٌلة ا ولى‪ :‬التي يتقدم فيها (من) ومجرورها على أفعل للتفضيل إذا‬
‫ٍ‬
‫فحينئذ يجب أن تتقدم (من) واسم االستفهام الذي‬ ‫جرت (من) اسم استفهام‪،‬‬
‫جرته على أفعل التفضيل‪ ،‬فتقول‪ :‬زيدٌ ممن أفضل؟! أي‪ :‬زيدٌ ممن أفضل‪( ،‬من)‬
‫هذه التي تأيت بعد أفعل التفضيل‪( ،‬من) هذا اسم استفهام جرته (من)‪.‬‬
‫ٍ‬
‫فحينئذ يجب وجو ًبا أن تقدم (من) واسم االستفهام؛ للقاعدة المعروفة أن‬
‫ألسماء االستفهام الصدارة يف جملتها‪ ،‬ال نقول يف الكالم‪ ،‬وإنما يف جملتها يف‬
‫الجملة التي يقع فيها اسم االستفهام‪ ،‬اسم االستفهام ال بدَّ أن يكون يف أول هذه‬
‫الجملة‪.‬‬
‫ٍ‬
‫عمرو هذا خرب‪ ،‬فإذا‬ ‫ٍ‬
‫عمرو‪ ،‬زيدٌ مبتدأ‪ ،‬وأفضل من‬ ‫فقولك‪ :‬زيدٌ أفضل من‬
‫قلت زيدٌ ممن أفضل؟ فإن اسم االستفهام ال بدَّ أن يتصدر الخرب‪ ،‬فتقول‪ :‬زيدٌ ممن‬
‫أفضل؟ وتقول‪ :‬مشروعنا من ماذا أصغر؟ فتُقدم من ماذا على أفعل التفضيل‪.‬‬
‫وهذا قول ابن مالك‪:‬‬
‫َوإا َّْ َ ُ ْدن باعال ا ام ْن دم ْس َع ْف ا َما َف َل د َما‬
‫أي‪ :‬الجار (من)‪ ،‬والمجرور اسم االستفهام‪.‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪141 h‬‬
‫‪g‬‬
‫ْدن َأ َبدَ ا دم َ د َما‬
‫أي‪ :‬وجو ًبا‪ ،‬ثم م َّثل لذلك بقوله‪:‬‬

‫اَم َْ اق ام َّم ْن َأن َ‬


‫ْت َم ْي ِر‬
‫خير ممن؟ ثم تقدم الجار واسم االستفهام الذي جره‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫األصل‪ :‬أنت ٌ‬
‫ام َّم ْن َأن َ‬
‫ْت َم ْي ِر‬
‫و ُيلحظ على مثال ابن مالك‪ ‬أنه قدم الجار واسم االستفهام على‬
‫المبتدأ‪ ،‬فقال‪:‬‬

‫ام َّم ْن َأن َ‬


‫ْت َم ْي ِر‬
‫ِ‬
‫يكتف بتقديمه على الخرب على أفعل التفضيل فقط‪ ،‬فيقول‪ :‬أنت ممن‬ ‫ولم‬
‫خير‪ ،‬فهذه هي المسألة األولى التي يتقدم فيها (من) ومجرورها على أفعل‬
‫ٌ‬
‫التفضيل‪.‬‬
‫والمسٌلة الَانية‪ :‬التي يتقدم فيها (من) ومجروها على أفعل التفضيل يف‬
‫ضرورة الشعر‪ ،‬ففي الشعر يجوز ذلك‪ ،‬ومن ذلك قول الفرزدق‪:‬‬
‫جنى النحق بق ملا هودَ منله أ يلب‪.‬‬ ‫ف الللللت لنللللا أهللللال وسلللل ال وهودَ‬
‫واألصل‪ :‬بل ما زودت أطيب منه‪ ،‬ثم قدم منه على أفعل التفضيل‪.‬‬
‫الرومة‪:‬‬
‫ومن ذلك قول ذو ُ‬
‫د‬
‫للللللللق‪.‬‬
‫وأا للللللللليء ملللللللللن ن أ سل‬ ‫ف‬
‫وا عيب في ا غير أَّ سلر ع ا قطل ِ‬
‫أي‪ :‬وال شيء أكسل منهن‪.‬‬
‫ومن ذلك قول جرير‪:‬‬
‫للح‪.‬‬
‫فٌسلللماء ملللن للللك الظعينلللة أملل د‬ ‫إةا سللللا رَ أسللللما دء مللللا عينللللة‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪142 h‬‬
‫أي‪ :‬أسماء أملح من تلك الظعينة‪ ،‬ففي هذين البيتين ب َّين ابن مالك‪‬‬
‫حكم تقدم (من) ومجرورها على أفعل التفضيل‪.‬‬
‫الخالصة‪ :‬أن (من) ومجرورها يجب أن يتأخرا على أفعل التفضيل إال يف‬
‫موضعين‪:‬‬
‫ا ول‪ :‬إذا جرت اسم استفهام‪ ،‬فيجب تقديمها على أفعل التفضيل‪.‬‬
‫والَاين‪ :‬يف ضرورة الفعل‪ ،‬وهذا جائز؟‬
‫ثم يختم ابن مالك‪ ‬الباب بالكالم على إعمال اسم التفضيل عمل فعله‪،‬‬
‫فيقول‪:‬‬
‫لللللللرا َ َب َعللللللللا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫َعا َقل‬ ‫ور ْفعللللللله ال َّظل ا‬
‫لللللللب ف ْعللللللللال َفََُ ْيل َ‬
‫َ‬ ‫للللللاه َر َنللللللل ِْر َو َم َعلللللللى‬ ‫ََ د د‬
‫للللن الصللللد ْ اق‬ ‫لللله ال َف ْا د ا‬
‫َأو َلللللى با ا‬ ‫لللن َرفا ْي ا‬ ‫َ َللللن َلللر فالللي الن ا ا‬
‫للللق م َ‬ ‫لللق‬ ‫َّلللاْ م ْ‬ ‫ْ َ‬
‫وكنا أشرنا يف الدرس الماضي إلى أن ابن مالك‪ ‬يف كل األسماء العاملة‬
‫خاصا‪ ،‬كإعمال اسم الفاعل‪ ،‬وإعمال‬
‫عمل فعلها كان يفصل‪ ،‬فيجعل لعملها با ًبا ً‬
‫خاصا بأبنيتها وأوزاهنا وصياغتها‪.‬‬
‫المصدر‪ ،‬ونحو ذلك‪ ،‬ثم يجعل با ًبا آخر ً‬
‫أما يف أفعل التفضيل فإنه جمع كل ذلك يف ٍ‬
‫باب واحد‪ ،‬فذكر يف هذا الباب وزن‬
‫أفعل التفضيل‪ ،‬وطريقة صياغته‪ ،‬وشرحنا ذلك يف الدرس الماضي‪ ،‬وذكر يف آخر‬
‫أيضا إعمال اسم التفضيل عمل فعله؛ والسبب يف ذلك‪-‬واهلل أعلم‪ -‬ما‬
‫هذا الباب ً‬
‫يأيت‪:‬‬
‫وهو أن إعمال اسم التفضيل ٌ‬
‫قليل‪ ،‬ليس كإعمال بقية األسماء العاملة عمل‬
‫نزر‪،‬‬ ‫فعلها‪ ،‬فإن إعمالها كثير‪ ،‬أما إعمال اسم التفضيل فكما سيأيت أنه ٌ‬
‫قليل ٌ‬
‫وإلعمال اسم التفضيل عمل فعله حالتان؛ اسم التفضيل من حيث إعماله عمل‬
‫فعله له حالتان‪:‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪143h‬‬
‫‪g‬‬
‫الحالة ا ولى‪ :‬أال يقع فعله موقعه‪.‬‬
‫والحالة الَانية‪ :‬أن يقع فعله موقعه‪.‬‬
‫نبدأ بالحالة األولى؛ الحالة األولى أال يقع فعله موقعه‪ ،‬يعني ال يصح أن تنزع‬
‫أفعل التفضيل وأن تضع مكانه فعله الذي صيغ منه‪ ،‬مثال ذلك أن تقول‪ :‬محمدٌ‬
‫ٍ‬
‫عمرو‪ ،‬ال يستقيم الكالم‬ ‫أفضل من عمرو‪ ،‬ال يصح أن تقول‪ :‬محمدٌ يفضل من‬
‫اسم‬ ‫ٍ‬
‫حينئذ أنه ال يعمل يف ٍ‬ ‫بذلك‪ ،‬فأفعل التفضيل هنا ال يقع فعله موقعه‪ ،‬وحكمه‬
‫ظاهر‪.‬‬
‫أفعل التفضيل إذا لم يقع فعله موقعه ال يعمل يف ٍ‬
‫اسم ظاهر؛ يعني ال يرفع‬
‫ظاهرا‪ ،‬االسم الظاهر كما قلنا أكثر من مرة يقابل‬
‫ً‬ ‫اسما‬
‫ظاهرا‪ ،‬وال ينصب ً‬
‫ً‬ ‫اسما‬
‫ً‬
‫الضمير‪ ،‬بل يكتفي برفع الضمير المسترت‪ ،‬الضمير المسترت كل األسماء العاملة‬
‫عمل فعلها تعمل فيه‪ ،‬ال إشكال يف ذلك‪ ،‬حتى ولو ما توافرت الشرط فيها‪ ،‬فإهنا‬
‫تعمل يف الضمير المسترت‪.‬‬
‫ٍ‬
‫عمرو‪ ،‬محمدٌ مبتدأ‪ ،‬وأفضل خرب‪ ،‬طيب‪،‬‬ ‫ل يف‪ :‬محمدٌ أفضل من‬ ‫فٌنت‬
‫ضمير‬
‫ٌ‬ ‫فضل يفضل‪ ،‬فال بدَّ له من فاعل‪ ،‬فاعله‬
‫أفضل هذا اسم تفضيل مصوغ من ُ‬
‫ٍ‬
‫عمرو‪.‬‬ ‫مسترت تقديره هو‪ ،‬يعني أفضل هو من‬
‫وهكذا يف بقية األسماء العاملة عمل فعلها‪ ،‬كاسم الفاعل والمفعول‪ ،‬والصفة‬
‫المشبهة‪ ،‬وصيغ المبالغة‪ ،‬حتى لو لم تتوافر فيها شروط اإلعمال فإهنا تعمل يف‬
‫قائم خرب‪،‬‬
‫قائم‪ ،‬محمدٌ مبتدأ‪ ،‬و ٌ‬
‫الضمير المسترت؛ فقولك يف اسم الفاعل‪ :‬محمدٌ ٌ‬
‫قائم هو‪ ،‬وهكذا‪.‬‬
‫قائم اسم فاعل من قام يقوم‪ ،‬فأين فاعله؟ ضمير مسترت تقديره ٌ‬
‫ٍ‬
‫عمرو‪ ،‬ال تقل‪ :‬زيدٌ أفضل‬ ‫مثال أن تقول‪ :‬زيدٌ أفضل أبوه من‬
‫فلهذا ال يجوز ً‬
‫قائم أعملته يف‬
‫قائم أبوه‪ ،‬ومحمدٌ مكر ٌم أبوه‪ ،‬انظر‪ٌ ،‬‬ ‫ٍ‬
‫عمرو‪ ،‬كما تقول‪ :‬زيدٌ ٌ‬ ‫أبوه من‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪144 h‬‬
‫االسم الظاهر أبوه‪ ،‬لكن يف أفعل التفضيل قلنا‪ :‬ال يعمل إذا لم يقع فعله موقعه‪ ،‬فال‬
‫عمرو‪ ،‬تريد محمدٌ يفضل أبوه‪ ،‬ال‪ ،‬ما يصح؛ ألن الفعل‬‫ٍ‬ ‫تقل‪ :‬محمدٌ أفضل أبوه من‬
‫ال يقع موقعه‪.‬‬
‫وأشار ابن مالك‪ ‬إلى هذه الحالة بقوله‪:‬‬
‫ور ْفعه ال َّظ ا‬
‫اه َر َن ِْر‬ ‫ََ دد‬
‫قليلة جدً ا ذكرها سيبويه عن بعض العرب؛ أهنم‬ ‫ٍ‬ ‫أي‪ :‬نادر‪ ،‬يشير بذلك إلى ٍ‬
‫لغة‬ ‫ٌ‬
‫عملون أفعل التفضيل يف الظاهر مطل ًقا حتى يف هذه الحالة‪ ،‬لكنها لغ ٌة نادرة‪ ،‬أما‬ ‫ي ِ‬
‫ُ‬
‫عملون أفعل التفضيل إذا لم يقع فعله موقعه‪ ،‬نعم‪.‬‬ ‫جمهور العرب فإهنم ال ي ِ‬
‫ُ‬
‫الب‪)00:14:23@( :‬؟‬
‫حكما موضوع ًيا‪ ،‬أو كما يقولون‪:‬‬
‫ً‬ ‫لغات العرب ُيقال عنها‪ ،‬يعني ُيحكم عليها‬
‫وصف ًيا‪ ،‬يعني يقولون‪ :‬هذه لغة قليلة‪ ،‬هذه لغة نادرة‪ ،‬هذه لغة كثيرة‪ ،‬وهكذا‪ ،‬هذا‬
‫من حيث الحكم‪ ،‬كل العرب ُحجة‪ ،‬إال أن هؤالء كثيرون‪ ،‬وهؤالء قليلون‪ ،‬وقد‬
‫يكونوا نادرين‪ ،‬يعني هؤالء لغتهم وصلتهم إلى حد النزر‪ ،‬يعني شيء نادر جدً ا‪،‬‬
‫هذا الحكم على اللغة‪.‬‬
‫يب‪ ،‬فإَّ قلنا‪ :‬ما حكم القياس عليها؟ هذا شيء آخر‪ ،‬القياس عليها‪ ،‬القياس‬
‫عن البصريين ال ُيقاس إال على الكثير‪ ،‬فاللغة نفسها محرتمة‪ ،‬لكنه ال ُيقاس عليها‪.‬‬
‫طيب‪ ،‬هذه الحالة األولى ألفعل التفضيل من حيث العمل‪.‬‬
‫الحالة الثانية ألفعل التفضيل من حيث العمل أن يقع فعله موقعه؛ يعني يمكن‬
‫ٍ‬
‫فحينئذ يجوز ويصح أن يعمل عمل‬ ‫أن تنزع أفعل التفضيل‪ ،‬وأن تضع مكانه فعله‪،‬‬
‫فعله‪ ،‬فيعمل يف الظاهر‪ ،‬يرفع الفاعل الظاهر‪ ،‬وذلك يف كل موض ٍع وقع فيه اسم‬
‫مفضال‬
‫ً‬ ‫نفي أو ٍ‬
‫هني أو استفهام‪ ،‬وكان مرفوعه‪-‬يعني فاعله‪ -‬أجنب ًيا‬ ‫التفضيل بعد ٍ‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪145 h‬‬
‫‪g‬‬
‫على نفسه باعتبارين‪.‬‬
‫انظر الضابط ما أطوله! فيه طول؛ وذلك يف كل موض ٍع وقع فيه اسم التفضيل‬
‫مفضال على نفسه باعتبارين‪،‬‬
‫ً‬ ‫نفي أو ٍ‬
‫هني أو استفهام‪ ،‬وكان مرفوعه أجنب ًيا‬ ‫بعد ٍ‬
‫اختصر النحويين هذا الضابط‪ ،‬ويسمون هذه المسألة بمسألة‪..‬؟ مسألة مشهورة يف‬
‫النحو‪ ،‬يسموهنا مسألة الكحل يف النحو‪.‬‬
‫مسٌلة الُحق يف النح ‪ :‬هي المسألة الوحيدة التي يعمل فيها أفعل التفضيل‬
‫نفي أو ٍ‬
‫هني‬ ‫نفي أو شبهه‪ ،‬يعني ٍ‬
‫عمل فعله‪ ،‬ماذا ُيراد هبا؟ أن يقع أفعل التفضيل بعد ٍ‬
‫مفضال على نفسه باعتبارين‪ ،‬هذا أسلوب من‬
‫ً‬ ‫أو استفهام‪ ،‬ويكون مرفوعه أجنب ًيا‬
‫رجال أحسن يف عينه‬
‫ً‬ ‫األساليب العربية الفصيحة‪ ،‬كأن تقول مثالهم‪ :‬ما رأيت‬
‫الكحل منه يف عين زيد‪ ،‬هذه مسألة الكحل‪.‬‬
‫رجال‬
‫ما رأ ت رجال أحسن يف عينه الُحق منه يف عين ه د‪ ،‬ف لك‪ :‬ما رأيت ً‬
‫أحسن‪ ،‬هذا أفعل التفضيل‪ ،‬أحسن‪ :‬أفعل‪ ،‬يف عينه الكحل‪ :‬الكحل فاعل‪ٌ ،‬‬
‫فاعل‬
‫يحسن يف عينه الكحل منه‬
‫رجال ُ‬
‫يحسن‪ ،‬يعني ما رأيت ً‬
‫بماذا؟ بأحسن؛ ألهنا بمعنى ُ‬
‫يف عين زيد‪.‬‬
‫طيب‪ ،‬ومن ذلك الحديث المشهور يف فضل العامل الصالح يف أيام عشر ذي‬
‫الحجة‪ ،‬يف بعض رواياته قال ‪« :‬ما من أ ام أحب إلى اهلل في ا‬
‫الص م منه يف ع ر ة الحَة»‪ ،‬هنا يفضل الصوم‪ ،‬و ُف ِضل على نفسه باعتبارين‪:‬‬
‫الصوم يف أيام عشر ذي الحجة‪ ،‬والصوم يف غيرها‪ ،‬ففضل الشيء على نفسه‬
‫باعتبارين؛ قال‪ :‬هو باعتبار األول أفضل منه يف االعتبار الثاين‪.‬‬
‫طيب‪ ،‬الشاهد يف قوله‪ :‬أحب «ما من أ ام أحب‪ ،»..‬أحب أفعل تفضيل‪ ،‬بمعنى‬
‫يحب‪ ،‬يعني ما من أيا ٍم يحب إلى اهلل فيها الصوم منه يف عشر ذي الحجة‪ ،‬ومنه قول‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪146h‬‬
‫ُسحيم بن ُأثيل الرياحي‪ ،‬قال‪:‬‬
‫مررَ على واد السبا‬
‫وادي مشهور عند العرب‪.‬‬
‫للل اد السلللبا حلللين ظللللُ واد لللا‬ ‫ملللررَ عللللى واد السلللبا وا أر‬
‫وأملللل ف إا مللللا وقللللي اهلل سللللار ا‬ ‫للللللب أ لللللل ه سيللللللة‬
‫ِ‬ ‫أقللللللق بلللللله ر‬
‫ركب‪ ،‬أتوه تئي ًة يعني يمشون الهوينة‪،‬‬
‫ركب‪ ،‬أي يقل به ٌ‬
‫ال اهد يف ق له‪ :‬أقل به ٌ‬
‫هذا يقل فيه؛ ألن أكثر الناس إذا أتوا إلى هذا الوادي المظلم المخيف يجدون‬
‫السير حتى يجاوزه‪.‬‬
‫وهذه الحالة هي التي أشار إليها ابن مالك يف قوله‪:‬‬
‫ب فا ْعال َفََُا ْي َرا َ َبعَا‬
‫َو َمعَى َعا َق َ‬
‫كثيرا‪ ،‬م َّثل لذلك بقوله‪:‬‬
‫يعني ثبت إعمال فعله يف هذه الحالة ثبو ًتا ً‬
‫للللن الصللللد ْ اق‬ ‫لللله ال َف ْا د ا‬
‫َأو َلللللى با ا‬ ‫لللن َرفا ْي ا‬ ‫َ َللللن َلللر فالللي الن ا ا‬
‫للللق م َ‬ ‫لللق‬ ‫َّلللاْ م ْ‬ ‫ْ َ‬
‫نعم‪ ،‬فالفضل مع الصديق أفضل وأكثر منه مع غيره‪ ،‬والصديق هو أبو بكر‬
‫الصديق األكرب◙‪.‬‬
‫والخالصة يف إعمال اسم التفضيل أن ُيقال أن اسم التفضيل يرفع الضمير‬
‫المسترت على كل حال‪ ،‬الضمير المسترت يرفعه أفعل التفضيل على كل حال‪ ،‬نحو‪:‬‬
‫زيدٌ أفضل من عمرو‪ ،‬أي‪ :‬أفضل هو‪ ،‬وكقولك‪ :‬زيدٌ األفضل‪ ،‬أي‪ :‬زيدٌ األفضل‬
‫ٍ‬
‫أسلوب واحد‪ ،‬يسميه‬ ‫هو‪ ،‬وال يرفع االسم الظاهر والضمير المنفصل إال يف‬
‫النحويون مسألة الكحل‪ ،‬فإعمال اسم التفضيل ٌ‬
‫قليل جدً ا؛ ولعل هذا هو السبب‬
‫بباب مستقل‪ ،‬وإنما ُيدرجه يف ٍ‬
‫باب واحد مع‬ ‫ٍ‬ ‫الذي جعل ابن مالك ال يخصه‬
‫صياغة أفعل التفضيل‪.‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪147h‬‬
‫‪g‬‬
‫انتهينا اآلن من أفعل التفضيل‪ ،‬وبانتهائنا منه‪-‬بحمد اهلل تعالى‪ -‬ننتهي من‬
‫نصف األلفية كما ذكرنا يف الدرس الماضي؛ ألن نصفها يف قوله‪:‬‬
‫لللق مللللا بال ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫للله دقللللرا َّْ‬ ‫لللُ َ نْلللل ا َف ْ لللل َ ْبل د َ‬
‫َلل ْ‬ ‫لللللن َوإا َّْ‬ ‫لللللَا إا َةا َن َ ْ َ‬
‫لللللت َم ْعنَلللللى م ْ‬ ‫َه َ‬
‫هذا نصف األلفية‪ ،‬وأشرنا إلى ذلك يف الدرس الماضي‪ ،‬وبنهاية الكالم على‬
‫أيضا ينتهي الكالم على األسماء العاملة عمل فعلها‪ ،‬أو األسماء‬
‫أفعل التفضيل ً‬
‫التي تعمل عمل فعلها؛ ألن ابن مالك كان يرتب النحو كما رأيتم؛ الجملة اإلسمية‬
‫وأحكامها‪ :‬المبتدأ والخرب‪ ،‬والنواسخ التي تدخل على الجملة اإلسمية؛ كان‬
‫وأخواهتا‪ ،‬وإن وأخواهتا‪ ،‬وظن وأخواهتا‪ ،‬وأعلم وأرى‪ ،‬ثم الجملة الفعلية‬
‫وأحكامها‪ :‬الفاعل ونائب الفاعل‪ ،‬والمفاعيل الخمسة‪ ،‬ثم انتقل بعد ذلك إلى‬
‫األحكام المشرتكة‪ ،‬بدأ بالمنصوبات‪ :‬الحال والتمييز واالستثناء‪ ،‬ثم ذكر‬
‫المجرورات‪ :‬االسم المجرور بحرف الجر‪ ،‬ثم االسم المجرور باإلضافة‪.‬‬
‫ثم بعد ذلك ذكر األسماء العاملة عمل فعلها‪ ،‬وخلط يف أثنائها الكالم على‬
‫بعض األساليب العربية‪ ،‬فتكلم على إعمال المصدر‪ ،‬وإعمال أسماء األفعال‪،‬‬
‫وإعمال اسم الفاعل واسم المفعول‪ ،‬والصفة المشبهة‪ ،‬وصيغ المبالغة‪ ،‬وأفعل‬
‫التفضيل‪ ،‬ويف أثناء هذه األبواب أدخل الكالم على باب التعجب‪ ،‬وباب نعم‬
‫وبئس‪.‬‬
‫شرح أللفية ابن مالك‪ ،‬إال أنه حاول أن‬
‫ٌ‬ ‫ابن هشام يف أوضح المسالك مع أنه‬
‫ُيرتب بعض األشياء التي يرى فيها خلل‪ ،‬فأخر نعم وبئس والتعجب بعد أبواب‬
‫األسماء العاملة عمل فعلها؛ لكي تكون األسماء العاملة عمل فعلها متتابعة‪ ،‬ثم‬
‫يأيت بعد ذلك الكالم على نعم وبئس‪.‬‬
‫ال اهد‪ :‬أننا اآلن انتهينا من مجموعة أبواب تجتمع يف األسماء العاملة عمل‬
‫أفعالها‪ ،‬فلينتقل بعد ذلك ابن مالك‪ ‬إلى موضو ٍع آخر من موضوعات‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪148h‬‬
‫النحو وأبوا به الكربى‪ ،‬ليتكلم لنا على التوابع‪ ،‬سيبدأ الكالم اآلن على التوابع‪،‬‬
‫تباعا حتى تنتهي‪ ،‬فإذا انتهت هذه التوابع‬
‫والتوابع متعددة كما سيأيت‪ ،‬فسيذكرها ً‬
‫تجده سينتقل بعد ذلك إلى الكالم على النداء‪ ،‬ثم إعراب الفعل المضارع‪.‬‬
‫طيب‪ ،‬ننتقل بعد ذلك إلى الكالم على التوابع‪ ،‬ابن مالك‪ ‬ألن األلفية‬
‫كمتن ابتدأ مباشرة بالكالم على النعت‪ ،‬فقال‪ ‬يف أول ٍ‬
‫بيت من أبيات هذا‬
‫الباب‪ ..‬مع أنه عقد هذا الباب يف أربعة عشر بيتًا‪ ،‬قال يف أول ٍ‬
‫بيت من أبيات هذا‬
‫الباب‪:‬‬
‫لللللت َو َ ا ْيلللللدِ َو َع ْط ِ‬
‫لللللف َو َبلللللدَ ل‬ ‫َن ْع ِ‬ ‫للماء ا َول‬ ‫للر ا‬
‫اب ا َ ْسل َ‬
‫ْعبل ا‬
‫للع فلللي اإل ْعل َ‬
‫َ َ د‬
‫فالنعت‪ ..‬إلى آخر كالمه‪ ،‬فأول ٍ‬
‫بيت يف هذا الباب ذكر فيه التوابع؛ فلهذا نتكلم‬
‫ً‬
‫إجماال قبل أن نبدأ بالكالم على النعت‪.‬‬ ‫على التوابع‬
‫سبق يا إخوان أن تكلمنا يف باب المعرب والمبني‪ ،‬وقلنا إن األسماء كل‬
‫ٍ‬
‫نصب أو جر‪ ،‬األسماء كلها معربة أو‬ ‫ٍ‬
‫إعرابي رف ٍع أو‬ ‫ٍ‬
‫حكم‬ ‫األسماء ال بدَّ لها من‬
‫مبنية بجميع أنواعها‪.‬‬
‫نصب أو جر‪ ،‬ثم نقول اآلن‪:‬‬‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫حكم إعرابي رف ٍع أو‬ ‫األسماء كلها ال بدَّ لها من‬
‫حكم إعرابي حكمها اإلعرابي إما أن يكون ثابتًا‬ ‫ٍ‬ ‫هذه األسماء التي ال بدَّ لها من‬
‫لها‪ ،‬ال يتغير‪ ،‬وهذا هو األصل واألكثر يف اللغة يف النحو‪ ،‬واألمثلة على ذلك كثيرة‬
‫وكلها مرت أو أغلبها مر‪ ،‬كالمبتدأ ما حكمه اإلعرابي؟ الرفع‪ ،‬هل يتغير مرة‬
‫النصب ومرة الجر؟ ال‪ ،‬الرفع‪ ،‬حكم ثابت للمبتدأ وال يتغير‪.‬‬
‫االسم إذا كان مبتد ًأ فحكمه ثابت وهو الرفع‪ ،‬وكذلك الخرب والفاعل ونائب‬
‫الفاعل‪ ،‬واسم كان وأخواهتا‪ ،‬وخرب إن وأخواهتا‪ ،‬كل هذه األسماء حكمها الرفع‪،‬‬
‫وال يمكن أن يتغير عن الرفع‪ ،‬وكذلك المفاعيل الخمسة‪ :‬به‪ ،‬وفيه‪ ،‬وله‪ ،‬ومعه‪،‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪149h‬‬
‫‪g‬‬
‫والمطلق‪ ،‬وكذلك الحال والتمييز‪ ،‬وخرب كان وأخواهتا‪ ،‬واسم إن وأخواهتا‪ ،‬هذه‬
‫ثابت ال يتغير‪ ،‬ال يكون أبدً ا الرفع أو الجر‪.‬‬
‫حكم ٌ‬‫ٌ‬ ‫األسماء كلها حكمها النصب‪،‬‬
‫وكذلك االسم المسبوق بحرف جر‪ ،‬أو االسم الواقع مضا ًفا إليه‪ ،‬حكمهم‬
‫الجر وال يتغير‪ ،‬فهذه أسما ٌء لها أحكا ٌم إعرابية‪ ،‬ولكنها أحكا ٌم إعرابية ثابتة ال‬
‫حكم‬
‫ٌ‬ ‫تتغير‪ ،‬وهناك أسما ٌء يف اللغة العربية لها أحكام‪ ،‬ال بدَّ لها من حكم‪ ،‬لكن لها‬
‫إعرابي غير ثابت‪ ،‬ولها حكم إعرابي ولكنه ليس ثابت‪ ،‬يتغير بتغير حكم متبوعه؛‬
‫ٌ‬
‫وجرا‪ ،‬وكذلك جز ًما‪.‬‬
‫ألنه يتبع متبوعه يف حكمه اإلعرابي رف ًعا ونص ًبا ً‬
‫حكم إعرابي ولكنه ليس ثابتًا بل يتغير‪ ،‬يسموهنا التوابع؛‬
‫ٌ‬ ‫هذه األسماء التي لها‬
‫وهي النعت والعطف والتوكيد والبدل‪ ،‬يسموهنا التوابع‪ ،‬لماذا سموها التوابع؟‬
‫حكما إعراب ًيا ولكنه ليس ثابتًا‪ ،‬بل تتبع يف حكمها اإلعرابي لمتبوعها‪ ،‬إن‬
‫ً‬ ‫ألن لها‬
‫مجرورا فحكمها‬
‫ً‬ ‫كان مرفو ًعا فحكمها الرفع‪ ،‬أو منصو ًبا فحكمها النصب‪ ،‬أو‬
‫الجر‪ ،‬وكذلك إن كان مجزو ًما فحكمه الجزم؛ فلهذا يسميها بعض المتأخرين‬
‫حكم‪ ،‬ولكنها ال تستقل به وال تختص به‪ ،‬بل تتبع متبوعه‬
‫ٌ‬ ‫بإمعات النحو؛ ألن لها‬
‫يف ذلك‪.‬‬
‫فعلى ةلك ل أردنا أَّ نعرف العابع يف النح ‪ ،‬ن ل‪ :‬التابع هو االسم الذي يتبع‬
‫متبوعه يف اإلعراب‪ ،‬وأنواع التوابع أربعة عدها ابن مالك‪ ‬يف الشطر الثاين‬
‫فقال‪:‬‬
‫ت َو َ ا ْيدِ َو َع ْط ِ‬
‫ف َو َبدَ ل‬ ‫َن ْع ِ‬
‫فا ول‪ :‬هو النعت‪ ،‬وسيأيت أنه يسمى الصفة‪ ،‬والنعت قسمان‪ :‬النعت‬
‫الحقيقي‪ ،‬والنعت السببي‪.‬‬
‫والعابع الَاين‪ :‬التوكيد‪ ،‬وهو قسمان‪ :‬التوكيد المعنوي‪ ،‬والتوكيد اللفظي؟‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪150 h‬‬
‫والعابع الَالث‪ :‬العطف‪ ،‬يقولون العطف يعنون المعطوف‪ ،‬وهو نوعان‪ :‬عطف‬
‫البيان‪ ،‬وعطف النسق‪.‬‬
‫والرابع‪ :‬البدل‪ ،‬وهو أقسا ٌم ستأيت‪-‬إن شاء اهلل تعالى‪.-‬‬

‫ثم إن ابن مالك‪ ‬سيذكر هذه التوابع مرتب ًة كما ذكرها يف البيت؛ ٌ‬
‫نعت‬
‫وعطف وبدل‪ ،‬فبدأ بالنعت‪ ،‬فعقده‪ ‬كما قلنا يف أربعة عشر بيتًا‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫وتوكيدٌ‬
‫نبدأها بقراءهتا‪ ،‬قال‪:‬‬
‫َّ ْ ُ‬
‫النعت‬
‫للللف َو َبلللللدَ ل‬ ‫للللت َو َ ا ْيلللللدِ َو َع ْطل ِ‬ ‫َن ْعل ِ‬ ‫اب ا َ ْسل َلماء ا َول‬ ‫‪ْ َ .506‬ع َبل دلع فاللي اإل ْعل َلر ا‬
‫لللق‬ ‫للله ا ْع َع َلل ْ‬ ‫لللم اه َأو وسلللل اُ مللللا بال ا‬ ‫با سل ا‬ ‫لللت َ للللابا ِع دمللللعاُ َمللللا َسلللل َب ْق‬
‫‪َ .507‬فالنَّ ْعل د‬
‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ ْ‬
‫للللام در ْر با َ للللل م َدر َملللللا‬ ‫ا‬ ‫‪َ .508‬ول ل دي ْع َ فاللي ال َّع ْعرا اللف َوال َّعنُْاي لرا َمللا‬
‫ل َملللللا َ لللللالَ َ ل ْ‬
‫ف َملللا َق َفللل ا‬ ‫َالف ْعل ا‬
‫للق َفلللا ْق د‬ ‫اسللل اهما ا‬ ‫َّللَ ا ْيرا َأو‬
‫للد َوالع ْ‬‫‪.509‬وهلل َلللدَ ال َّع احي ا‬
‫َ د َ‬ ‫ْ‬ ‫َ د َ‬
‫ا‬ ‫َو ا لللللل ْب ا اه َ ل َ‬ ‫للت با دم ْ لللع ََق ََصللل ْعب َو َة ار ْب‬
‫لللللب‬‫المنْعَسل ْ‬ ‫لللللَا َو اة ْ َو د‬ ‫‪َ .510‬وا ْن َعل ْ‬
‫لللللت َمللللللا دأ ْعطا َي ْعلللللل ده َمبللللللرا‬ ‫َف دٌ ْعطا َيل ْ‬ ‫‪َ .511‬و َن َع دعللللللللل َ ا با دَ ْم َللللللللللة دمنَ ُّل َ‬
‫للللللللرا‬
‫لللم ْر ادصل ا‬
‫لللب‬ ‫لللت َفللللال َ َل َأ ْ ل ا‬ ‫َوإا َّْ َأ َ ل ْ‬ ‫اَ ال َّط َل ا‬
‫لللب‬ ‫‪.512‬وامنَلللع هنَلللا إا َ لللا َة ا‬
‫ْ َ‬ ‫َ ْ ْ د‬
‫َّلللللللَ ا ْي َرا‬
‫لللللللرا َد َوالع ْ‬ ‫اإل ْف َ‬ ‫َفلللللللال َع دَم َ ا ا‬ ‫ا‬
‫‪َ .513‬و َن َع دعللللللللل ا با َم ْصلللللللللدَ ر ََ ْيل َ‬
‫للللللللرا‬
‫ْ‬
‫لللللللف‬ ‫َف َعا ا َفللللللل َفر ْقللللللل ده اَ إا َةا ائ َع َل‬ ‫ام َع َل ْ‬
‫لللف‬ ‫احلللد إا َةا ْ‬ ‫لللت َغيلللرا و ا‬
‫‪َ .514‬و َن ْع د ْ َ‬
‫للللللع با َ ْيلللللللر ْاسلللللللعا َْنَا‬ ‫َو َع َملللللللق َأ ْ بال ْ‬ ‫للت َم ْع دمللل َل ْي َو اح ْيلللدَ ْ َم ْعنَلللى‬ ‫‪َ .515‬و َن ْعل َ‬
‫هن دأ ْ با َعل‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫للللللللت‬
‫ْ‬ ‫للللللللرا للللللللللَ ْ ار َّ‬
‫دم ْف َع ل َ‬ ‫لللر َْ َو َقللللدْ َ َلل ْ‬
‫لللت‬ ‫‪َ .516‬وإا َّْ دن دعلللل َِ َ دَل َ‬
‫للللع دم ْع النَللللا‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫باللللدد ون َ ا َأو َب ْعالللل َ ا ا ْق َط ْ‬ ‫لللن دم َع َّينَللللا‬‫لللع إا َّْ َ دُل ْ‬‫لللع َأ َو ا ْ بال ْ‬
‫‪َ .517‬وا ْق َطل ْ‬
‫ا‬ ‫ت دم ْا ام َرا‬ ‫ا‬
‫لللللرا‬ ‫لللللن َ ْظ َ ل َ‬ ‫دم ْب َعللللللدَ أ َأو نَاصلللللل َب َلل ْ‬ ‫ب إا َّْ َق َط ْع َ‬ ‫‪َ .518‬و ْار َف ْع َأ او انْص ْ‬
‫لللق‬‫لللت َ ا ّ‬ ‫َللل ده ح َْ دفللله وفالللي النَّع ا‬
‫ْ‬ ‫د َ‬ ‫َ‬ ‫َ د‬ ‫لت دع ا ل ْلق‬ ‫َ والنَّعل ا‬
‫َ ْ‬
‫‪.519‬ومللا امللن المنْع ل ا‬
‫َ َ د‬ ‫ََ‬
‫فبدأ الكالم على النعت كما رأيتم بتعريفه‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪151 h‬‬
‫‪g‬‬
‫للللم اه َأو وسلللل اُ مللللا با ا‬
‫لللله ا ْع َع َل ْ‬
‫للللق‬ ‫با س ا‬ ‫لللللت َلللللابا ِع دملللللعاُ َملللللا َسللللل َب ْق‬
‫َفالنَّ ْع د‬
‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ ْ‬
‫عرفون النعت‪ ،‬فيقولون‪ :‬النعت هو التابع الذي ُيكمل‬‫ال سُ‪ :‬الصفة؛ فلهذا ُي ِ‬
‫ٍ‬
‫صفة من صفات‬ ‫صفة من صفاته‪ ،‬نحو‪ :‬مررت برج ٍل كريم‪ ،‬أو ببيان‬‫ٍ‬ ‫متبوعه ببيان‬
‫كريم أبوه‪ ،‬النعت هو التابع الذي ي ِ‬
‫كمل متبوعه‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫شيء يتعلق به‪ ،‬نحو‪ :‬مررت برج ٍل‬
‫ُ‬
‫ٍ‬
‫شيء يتعلق به‪.‬‬ ‫صفة من صفات‬ ‫ٍ‬ ‫ببيان ٍ‬
‫صفة من صفاته‪ ،‬أو‬
‫ننتبه‪ ،‬هو التابع‪ ،‬والتابع عرفنا التابع يعني يتبع المتبوع يف اإلعراب‪ ،‬التابع‬
‫ٍ‬
‫صفة من‬ ‫كمل متبوعه‪ ،‬يعني أن المتبوع اآلن يأيت النعت فقط لي ِ‬
‫كمله بذكر‬ ‫الذي ي ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫صفاته‪ ،‬مهمة النعت أنه فقط يذكر صف ًة من صفاته‪ ،‬فقولك‪ :‬جاء محمد‪ ،‬وقولك‪:‬‬
‫جاء محمدٌ الكريم‪ ،‬انتبهوا لكالمي جيدً ا يا إخوان‪ ،‬هما يف المعنى العام شي ٌء‬
‫واحد‪ ،‬أردت أن ُتسند المجيء إلى محمد‪ ،‬جاء محمد أو جاء محمدٌ الكريم شيء‬
‫واحد‪ ،‬فأنا وأنت إذا كنا نعرف محمدً ا هذا‪ ،‬أنا وأنت نعرف محمدً ا‪ ،‬هذا اسمه‬
‫محمد‪ ،‬فأقول لك‪ :‬جاء محمد‪ ،‬فهمت ماذا أريد أن أقول‪.‬‬
‫ُ قلت لك‪ :‬جاء محمد الكريم‪ ،‬هو نفس المعنى‪ ،‬أين ُأسند المجيء إلى‬
‫ٍ‬
‫بصفة من‬ ‫محمد‪ ،‬لكني يف قولي‪ :‬جاء محمد الكريم أضفت شي ًئا‪ ،‬أنني وصفته‬
‫أمر كان يعمله يف أثناء المجيء أم أن الكرم‬
‫صفاته‪ ،‬وهي الكرم‪ ،‬فالكرم هل هو ٌ‬
‫مجرد صفة من صفاته؟ صفة من صفاته‪.‬‬

‫ولَلك ا ُ َّ النعت إا بصفة معروفة يف الم ص ف‪ ،‬فع ل‪ :‬جاء زيدٌ‬


‫السريع‪ ،‬إذا كان معرو ًفا بالسرعة‪ ،‬أما إذا كان معرو ًفا بالبطيء إال أنه يف ذلك الوقت‬
‫جاء مسر ًعا‪ ،‬هو معروف أنه بطيء‪ ،‬لكن يف هذه اللحظة جاء مسر ًعا‪ ،‬هل تقول‪:‬‬
‫جاء زيدٌ السريع؟! خطأ‪ ،‬إذا قلت‪ :‬جاء زيدٌ السريع‪ ،‬معنى ذلك أنك جعلت‬
‫السرعة صف ًة من صفاته المعروفة‪ ،‬يعني المتكررة المعروفة فيه‪.‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪152h‬‬
‫ٍ‬
‫معروفة فيه‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫بصفة‬ ‫و َلك ل قلت‪ :‬جاء زيدٌ الطويل‪ ،‬فمعنى ذلك أنك تصفه‬
‫والطول ليست صف ًة معروفة فقط بل صف ٌة ثابتة؛ ألن الصفات إما أن تكون صفات‬
‫ثابتة مالزمة كالطول والقصر‪ ،‬والعور والعمى ونحو ذلك‪ ،‬هذه صفات إذا ُوجدت‬
‫مثال بعملية‪،‬‬
‫دامت‪ ،‬طب ًعا قد تنقطع لكن ما دامت موجودة فهي متصلة‪ ،‬قد تنقطع ً‬
‫لكن ما دامت موجودة فهي مستمرة‪ ،‬أو صفات عارضة طارئة؛ كالمجيء‪،‬‬
‫كالركض ونحو ذلك‪ ،‬فهذه صفات تأيت وتذهب‪.‬‬
‫وهبذا يتبين لنا الفرق بين النعت والحال‪ ،‬الفرق بينهما من حيث النحو واضح؛‬
‫النعت تابع‪ ،‬والحال منصوب‪ ،‬أريد الفرق بينهما من حيث المعنى وليس فقط من‬
‫حيث النحو‪ ،‬من حيث المعنى الفرق بينهما‪ :‬داللتهما متعاكسة‪ ،‬داللة النعت‬
‫والحال متعاكسة‪ ،‬فالنعت يدل على أن الصفة معروف ٌة يف المنعوت‪ ،‬وال يدل على‬
‫وجودها يف أثناء الفعل‪.‬‬
‫فإذا قلت‪ :‬جاء زيدٌ السريع‪ ،‬فمعنى ذلك أم السرعة صفة من الصفات‬
‫المعروفة لزيد‪ ،‬لكنه يف أثناء المجيء‪ ،‬جاء زيدٌ ‪ ،‬هل كان مسر ًعا؟! هل قولك‪ :‬جاء‬
‫زيدٌ السريع‪ ،‬هنا هذه صفة نعت‪ :‬السريع‪ ،‬هل يدل على أنه يف أثناء المجيء كان‬
‫مسرعا؟! ال تدل على ذلك‪ ،‬طب ًعا ال تدل عليه وال تنفيه‪ ،‬ما تدل على ذلك‪ ،‬وإنما‬
‫ً‬
‫تدل على أن هذه الصفة من الصفات المعروفة فيه‪.‬‬
‫وأما الحال بالعكس‪ ،‬الحال تدل على أن هذه الصفة موجود ٌة يف الموصوف يف‬
‫أثناء الفعل‪ ،‬وال تدل على أن هذه الصفة من الصفات المعروفة لهذا الموصوف‪،‬‬
‫فإذا قلت‪ :‬جاء زيدٌ سري ًعا أو مسر ًعا‪ ،‬فمعنى ذلك أنه يف وقت المجيء يف وقت‬
‫الفعل كان متص ًفا بالسرعة‪ ،‬طيب‪ ،‬يف غير وقت المجيء يعني قبله أو بعده!!‬
‫هل قولك‪ :‬مسر ًعا يف هذا المثال‪ :‬جاء زيدٌ مسر ًعا أو سري ًعا‪ ،‬تدل على أنه من‬
‫قبله متصف بالسرعة‪ ،‬ومن بعده متصف بالسرعة‪ ،‬يعني أن السرعة صفة معروفة‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪153h‬‬
‫‪g‬‬
‫له؟ ما تدل على ذلك‪ ،‬قولنا‪ :‬ال تدل على ذلك يعني أهنا ال تثبت وال تنفي‪ ،‬ليس‬
‫معناه أهنا تنفي‪ ،‬ال‪ ،‬هي ال تدل وال تنفي‪ ،‬هي فقط تدل على إثبات صفة السرعة‬
‫لزيد وقت المجيء‪ ،‬هذه داللة الحال‪.‬‬
‫إ ًذا فداللة النعت وداللة الحال يف أصلهما دالل ٌة متعاكسة‪ ،‬وقد تأيت قرائن‬
‫أخرى تدل على أن الصفة النعت موجود يف أثناء الفعل‪ ،‬وقد تأيت قرائن على أن‬
‫أيضا موجودة قبل أو بعد‪ ،‬هذه قرائن أخرى‪ ،‬القرائن ال بدَّ من األخذ‬
‫صفة الحال ً‬
‫هبا‪ ،‬واألدلة يجب أن يؤخذ هبا‪ ،‬لكن الكالم على المعنى األصلي للنعت والمعنى‬
‫األصلي للحال‪.‬‬
‫طيب‪ ،‬وعليه إذا كان زيدٌ هذا معرو ًفا بالسرعة‪ ،‬وجاء غير مسرع‪ ،‬وأنت تريد‬
‫ٍ‬
‫حينئذ أن تقول‪:‬‬ ‫أن تصفه بالسرعة‪ ،‬فيجب أن تقول‪ :‬جاء زيدٌ السريع‪ ،‬وال يصح‬
‫جاء زيدٌ مسر ًعا أو سري ًعا؛ ألن قولك‪ :‬السريع ال تدل على أنه يف أثناء المجيء كان‬
‫متص ًفا هبذه الصفة‪ ،‬إ ًذا قولك‪ :‬جاء زيدٌ السريع‪ ،‬السريع ما فائدهتا؟!‬
‫فقط تبين صفة من صفات زيد‪ ،‬تكمله‪ ،‬ما معنى تكمله؟ يعني إن كان غير‬
‫واضح عند المخاطب‪ ،‬ربما أنك لم تعرف زيدً ا هذا من هو‪ ،‬جاء زيدٌ ؛ ألنك ربما‬
‫تعرف أكثر من زيد‪ ،‬يف ثالثة‪ ،‬أربعة‪ ،‬خمسة‪ ،‬فأنا أذكر هذه الصفة من باب تكميله‬
‫لك‪ ،‬يعني توضيحه لك‪ ،‬أذكر صفة من الصفات التي تميزه عن غيره‪ ،‬جاء زيدٌ‬
‫السريع‪ ،‬جاء زيدٌ المجتهد‪ ،‬جاء زيدٌ التاجر‪ ،‬جاء زيدٌ النجار‪ ،‬أنا ال أريد أنه اآلن‬
‫يفعل هذه الصفة‪ ،‬وإنما أريد أن ُأكمله‪ُ ،‬أكمل معناه عندك‪ ،‬وستأيت معاين النعت‬
‫بعد قليل‪.‬‬
‫طيب‪ ،‬فإن كانت الصفة ثابت ًة يف الموصوف‪ ،‬قلنا قبل قليل‪ :‬الصفة قد تكون‬
‫ثابتة أو طارئة‪ ،‬فإن كانت الصفة ثابتة كالطول والقصر‪ ،‬والعور والعمى‪ ،‬فهذه تأيت‬
‫هبا على أهنا نعت أم حال؟ أم يجوز فيها الوجهان؟ هذه ال تأيت إال نعتًا‪ ،‬هذه ال تأيت‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪154 h‬‬
‫ً‬
‫حاال‪ ،‬ال تأيت إال نعتًا‪ ،‬تقول‪ :‬جاء زيدٌ الطويل‪ ،‬جاء زيدٌ األعور‪ ،‬جاء زيدٌ القصير‪،‬‬
‫ويال‪.‬‬
‫وال يصح أن تقول‪ :‬جاء زيدٌ ط ً‬
‫طويال ال تدل على أنه من قبل‬
‫ً‬ ‫طويال‪ ،‬معنى ذلك أن‬
‫ً‬ ‫ألن قولك‪ :‬جاء زيدٌ‬
‫طويال‪ ،‬لفظها يدل على ذلك وال ما يدل أنه طويل من‬
‫ً‬ ‫طويل أو قصير‪ ،‬وقولك‪:‬‬
‫قبل؟! قولك‪ :‬طويل‪ ،‬يعني من قبل أنه طويل وال ما هو بطويل؟! قلت‪ :‬طويل‬
‫معنى ذلك أنه قبل ساعة كان قصير؟!! وقبل سنة كان قصير؟!! طويل طويل‪،‬‬
‫تقول‪ :‬قصير قصير‪ ،‬هذه صفة دائمة‪.‬‬
‫إ ًذا فانتقد معنى الكلمة مع معنى الحال‪ ،‬معنى الحال يعني أن هذا الموصوف‬
‫يتصف بالصفة وقت الفعل فقط‪ ،‬وال داللة فيها على إثبات الصفة له من قبل أو‬
‫بعد‪ ،‬والصفة الدائمة الثابتة تدل على ثبات الصفة من قبل ومن بعد أو ال تدل؟‬
‫تدل‪ ،‬فتناقض معنى الصفة الثابتة مع معنى الحال؛ فلهذا الصفة الدائمة ال تأيت‬
‫ً‬
‫حاال‪ ،‬فيقولون يف شروط الحال‪ :‬من شروط الحال أن تكون صف ًة منتقلة‪ ،‬يعني‬
‫طارئة‪ ،‬يعني يمكن تأيت وتذهب‪ ،‬كالجلوس‪ ،‬كالقيام‪ ،‬كالركض‪ ،‬ونحو ذلك‪ ،‬لكن‬
‫ما تأيت الحال للصفات الثابتة‪.‬‬
‫طيب‪ ،‬فإن كان زيدٌ هذا معرو ًفا بالسرعة‪ ،‬وجاء مسر ًعا‪ ،‬وجاء يف هذه الحالة‬
‫مسرعا‪ ،‬ماذا تقول؟‬
‫ً‬
‫الب‪.)00:45:28@( :‬‬
‫نعم‪ ،‬لكن ما تدل على أنه يف ذلك يف هذا الوقت مسرع‪ ،‬جاء زيدٌ السريع‬
‫مسرعا‪ ،‬جميل‪.‬‬
‫ً‬
‫هنا ُيقال يعني ننظر إلى قصدك األول‪ ،‬هل تريد أن تبين أن السرعة صف ٌة من‬
‫صفاته‪ ،‬فتقول‪ :‬جاء زيدٌ السريع‪ ،‬أم أن اعتناءك األول ببيان صفته وقت المجيء‪،‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪155h‬‬
‫‪g‬‬
‫فتقول‪ :‬جاء زيدٌ مسر ًعا؟! فإذا قلت‪ :‬ال‪ ،‬أنا أريد أن أبين األمرين‪ ،‬أنه يف وقت‬
‫مجيئه كان مسر ًعا‪ ،‬وأن السرعة من صفاته المعروفة‪ ،‬فنقول‪ :‬اجمع بين النعت‬
‫والحال‪ ،‬فتقول‪ :‬جاء زيدٌ السريع مسر ًعا‪.‬‬
‫ألنك يمكن أن تقول‪-‬إن كان زيدٌ هذا معرو ًفا بالبطيء‪ -‬جاء زيدٌ البطيء‬
‫مسرعا‪ ،‬هل يف هذا خطأ أو تناقض؟ هل تقول ال هذا متناقض كيف جاء زيدٌ‬
‫ً‬
‫البطيء مسر ًعا؟! ما يف تناقض‪ ،‬التناقض أن تقول‪ :‬جاء زيدٌ البطيء السريع‪ ،‬هذا‬
‫تناقض‪ ،‬أو جاء زيدٌ بطي ًئا مسر ًعا‪ ،‬هذا تناقض‪.‬‬
‫لكن جاء زيدٌ البطيء مسر ًعا‪ ،‬يعني جاء زيدٌ الذي من صفته المعروفة أنه‬
‫مسرعا‪ ،‬فهذا معنًى صحيح‪ ،‬فإذا جاز‬
‫ً‬ ‫بطيء‪ ،‬لكن يف هذا الوقت خالف صفته وجاء‬
‫مسرعا؛ لتبين‬
‫ً‬ ‫أن تقول‪ :‬جاء زيدٌ البطيء مسر ًعا‪ ،‬جاز أن تقول‪ :‬جاء زيدٌ السريع‬
‫هذين األمرين‪.‬‬

‫طيب‪ ،‬فإن قلت‪ :‬هل الجمع بين النعت والحال يف هذا المثال‪ :‬جاء زيدٌ‬
‫مسرعا من باب التوكيد؟ التوكيد هو أن تأيت بكلمة معناها معروف من قبل‪،‬‬
‫ً‬ ‫السريع‬
‫ثم تأيت هبا فقط لتقوي هذا المعنى المعروف من قبل‪ ،‬هذا يسمونه توكيد‪ ،‬أما إذا‬
‫جاءت الكلمة دال ًة على معنى جديد ال يعرف إال من لفظها ما تسمى تأكيدً ا‪ ،‬فهل‬
‫الجمع بينهما من باب التوكيد؟‬
‫الب‪)00:47:57@( :‬‬
‫أحسنت‪ ،‬نعم‪ ،‬الظاهر لي أنه ليس من باب التوكيد؛ الختالف داللتهما‪،‬‬
‫فالسريع نعت له داللة يدل على أن السرعة من صفاته المعروفة‪ ،‬وال يدل على أنه‬
‫يف وقت الفعل كان متص ًفا بالسرعة‪ ،‬والحال بالعكس يدل على أنه يف وقت‬
‫المجيء متص ًفا بالسرعة‪ ،‬وال يدل على أن السرعة من صفاته المعروفة‪.‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪156h‬‬
‫و ٌمق يف نح ق لك‪ :‬رأيت زيدً ا الخطيب‪ ،‬الخطيب هل يدل أنه كان يخطب‬
‫يف أثناء رؤيتك له؟ ال‪ ،‬وإنما أن الخطابة من صفاته المعروفة‪ ،‬وقولك‪ :‬رأيت زيدً ا‬
‫خطي ًبا‪ ،‬يعني أنه يف أثناء رؤيتك إياه كان يفعل ذلك‪ ،‬فلك أن تقول‪ :‬رأيت زيدً ا‬
‫الخطيب خطي ًبا‪ ،‬نعم‪.‬‬
‫بعد أن تكلمنا على تعريف النعت‪ ،‬نعود فنقول‪ :‬وهذا التعريف الذي شرحناه‬
‫هو الذي قاله ابن مالك‪ ‬يف بيته‪:‬‬
‫للللم اه َأو وسلللل اُ مللللا با ا‬
‫لللله ا ْع َع َل ْ‬
‫للللق‬ ‫با س ا‬‫لللللت َلللللابا ِع دملللللعاُ َملللللا َسللللل َب ْق‬
‫َفالنَّ ْع د‬
‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ ْ‬
‫ٍ‬
‫صفة‬ ‫تابع يتم أي يكمل‪ ،‬ما سبقه‪ :‬أي متبوعه‪ ،‬بوسمه‪ :‬أي ببيان‬ ‫يقول‪ :‬النعت ٌ‬
‫شيء يتعلق به‪ ،‬ويف البيت إشار ٌة‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫صفة يف‬ ‫من صفاته‪ ،‬أو وسم ما به اعتلق‪ :‬أي ببيان‬
‫إلى أن النعت قسمان‪ :‬النعت الحقيقي والنعت السببي‪.‬‬
‫ٍ‬
‫صفة يف المتبوع؛ نحو‪ :‬جاء زيدٌ الكريم‪ ،‬أو‬ ‫النعت الح ي ي‪ :‬وهو ما َّ‬
‫دل على‬
‫جاء رج ٌل كريم‪.‬‬
‫ٍ‬
‫شيء يتعلق بالمتبوع؛ نحو‪ :‬جاء زيدٌ‬ ‫ٍ‬
‫صفة يف‬ ‫والنعت السببي‪ :‬هو ما َّ‬
‫دل على‬
‫كريم أبوه‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫الكريم أبوه‪ ،‬أو جاء ٌ‬
‫رجل‬
‫وسيأيت‪-‬إن شاء اهلل‪ -‬قري ًبا الكالم على حكم النعت الحقيقي والنعت السببي‪،‬‬
‫لكنني أحب أن أذكر اآلن فائدة النعت‪ ،‬ما فائدة النعت؟‬
‫فالنعت‪-‬كما سبق‪ -‬للداللة على صفة من الصفات المعروفة يف الموصوف‪،‬‬
‫وال تدل على أن هذا الموصوف هبذه الصفة المعروفة فيه‪ ،‬النعت ال يدل على أن‬
‫هذا الموصوف كان يفعل هذا الصفة يف أثناء الفعل‪ ،‬جاء زيدٌ السريع‪ ،‬قولنا‪:‬‬
‫السريع ال يدل على أن زيدً ا كان يفعل السرعة يف أثناء المجيء‪ ،‬هو ال يدل على‬
‫ذلك‪ ،‬طيب‪ ،‬يدل على ماذا؟ ما معناها؟ هذا معنى المكمل‪ ،‬هذا معنى أنه يكمل‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪157h‬‬
‫‪g‬‬
‫صاحبه‪ ،‬يكمل المتبوع‪.‬‬
‫فائدة النعت‪ :‬يعني يمكن أن نعيدها إلى فائدتين كبيرتين أو إجماليتين؛ ألن‬
‫المتبوع إما أن يكون متعينًا قبل النعت‪ ،‬يعني أنه معروف واضح أو ال‪ ،‬فإن لم يكن‬
‫معرو ًفا قبل النعت‪ ،‬يعني لو قلت لك‪ :‬جاء محمد‪ ،‬لم تعرف من محمد هذا؛ ألنك‬
‫تعرف أكثر من إنسان محمد‪ ،‬أو قلت لك‪ :‬افتح الباب‪ ،‬طيب‪ ،‬الباب يعني يمكن‬
‫أن ُيطلق على أشياء كثيرة الباب‪ ،‬هذا الباب وهذا الباب وهذا الباب‪.‬‬
‫فإذا كان المتبوع لم يتعين‪ ،‬ففائدة النعت تبينه وتوضيحه وتخصيصه‪ ،‬يقولون‪:‬‬
‫توضيحه إذا كان المتبوع معرفة‪ ،‬ويقولون‪ :‬تخصيصه إذا كان المتبوع نكرة‪ ،‬فإذا‬
‫بزيد‪ ،‬ويف الحي أكثر من واحد اسمه زيد‪ ،‬فقلت‪ :‬مررت ٍ‬
‫بزيد‬ ‫مثال‪ :‬مررت ٍ‬ ‫قلت ً‬
‫الخياط‪ ،‬قولك‪ :‬الخياط هنا لماذا؟ تريد فقط أن توضحه وأن تبينه‪ ،‬يعني أن تميزه‬
‫عن غيره من الزيدين‪.‬‬
‫وإذ ا كان المتبوع نكرة ولم تتبين‪ ،‬فيأيت النعت لتخصيصها؛ كأن أقول لك‪:‬‬
‫قلما أحمر‪ ،‬إن فهمت القلم الذي أريد انتهى األمر‪ ،‬إن ما فهمته وقلت لك‪:‬‬
‫اشرتي ً‬
‫قلما‬
‫أحمر‪ ،‬فقلت لك‪ :‬أحمر لكي أخصصه‪ ،‬أخصص القلم الذي أريد‪ ،‬اشرتي ً‬
‫أحمر‪ ،‬فأحمر هذه نعت‪ ،‬ما فائدة النعت هنا؟ التخصيص‪ ،‬تخصيص هذه النكرة‪.‬‬
‫إ ًذا فإذا كان المنعوت المتبوع غير متعين وغير واضح‪ ،‬فالنعت إنما يأيت لتبيينه‬
‫وتوضيحه‪ ،‬يقولون‪ :‬توضيح إذا كان منعوته معروفة‪ ،‬والتخصيص إذا كان نكرة‪،‬‬
‫طيب‪.‬‬
‫فإذا كان المنعوت معرو ًفا بين المتكلم والمخاطب‪ ،‬بين المتكلم والسامع‪،‬‬
‫جاء محمدٌ ‪ ،‬وأنت تعرف محمدً ا هذا الذي أريد‪ ،‬ما يف لبس فيه‪ ،‬تعرف أين أريد‬
‫محمد هذا‪ ،‬فهل اتضح لك وبان وتعين أم ال؟ تعين‪ ،‬ومع ذلك يصح ويجوز أن‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪158h‬‬
‫يقول العربي‪ :‬جاء محمد‪ ،‬وأن يقول‪ :‬جاء محمدٌ الكريم‪ ،‬حتى ولو كان محمدٌ هذا‬
‫ُع ِرف بين المتكلم والمخاطب‪.‬‬
‫فلماذا يأيت بالنعت مع أن المنعوت معروف ومتعين بين المتكلم‬
‫والمخاطب؟! لفوائد؛ يمكن أن نأخذها ونتتبعها نحن‪ ،‬يفهمها العربي حتى لو ما‬
‫مثال‪ :‬المدح‪ ،‬جاء محمدٌ‬
‫قيلت‪ ،‬لكن يمكن أن نذكر أشهرها أو أهمها؛ منها ً‬
‫الكريم‪ ،‬ال أريد أن ُأعينه عن محمدين آخرين‪ ،‬وإنما أردت أن أمدحه هبذه الصفة‬
‫مثال‪ ،‬جاء محمدٌ الطويل‪ ،‬إن كان معرو ًفا‪.‬‬
‫ً‬
‫وإن لم يكن معرو ًفا‪ ،‬فأقول‪ :‬الطويل؛ لتوضيحه وتمييزه عن بقية المحمدين‬
‫مثال‪ ،‬وإن كان معرو ًفا بيني وبينك فلماذا تقول‪ :‬الطويل؟ إما لمدحه إن كان الطول‬
‫ً‬
‫عنده هؤالء مدح‪ ،‬أو لذمه إن كان الطول عند هؤالء ذ ًما‪ ،‬فهذه فائدة النعت‪:‬‬
‫المدح‪.‬‬

‫ومن ذلك ال شك قوله‪( :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ) [الفا حة‪ ،]1:‬بسم‬


‫اهلل‪ :‬لفظ الجاللة اهلل واضح هذا‪ ،‬ال يحتاج إلى توضيح وال إلى نعت يوضحه‪،‬‬
‫فقولك‪ :‬الرحمن‪ ،‬هل لتمييز اهلل عن شيء آخر؟! سبحان اهلل عن ذلك‪ ،‬ال‪ ،‬وإنما‬
‫هو لمجرد المدح‪ ،‬لمدحه‪ ‬هبذه الصفة‪ ،‬وكذلك الرحيم‪.‬‬
‫ومن المعاين للنعت‪ :‬الذم؛ كقولك‪ :‬مررت ٍ‬
‫بزيد الفاسق‪ ،‬الذم هنا واضح‪،‬‬
‫مثال‪ :‬مررت ٍ‬
‫بزيد‪ ..‬أخشى أن آيت بصفة ثم يعني ُتفهم على غير‬ ‫طيب‪ ،‬لو قلت ً‬
‫مثال‪ ،‬مررت ٍ‬
‫بزيد الكناس‪،‬‬ ‫مثال‪ :‬مررت ٍ‬
‫بزيد يعني دعونا نقول كناس ً‬ ‫المراد‪ ،‬لكن ً‬
‫لشيء آخر؟ يختلف بحسب ٍ‬
‫زيد هذا‪ ،‬هل هو زيد معروف‬ ‫ٍ‬ ‫الكناس هنا للذم أم‬
‫بيني وبينك أم ليس معرو ًفا؟‬
‫إن لم يعرف بيني وبينك‪ ،‬ما عرفت زيد‪ ،‬مررت ٍ‬
‫بزيد فما عرفت‪ ،‬فأردت أن‬ ‫ُ‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪159h‬‬
‫‪g‬‬
‫ُأبينه لك من زيد هذا‪ ،‬فقلت‪ :‬الكناس‪ ،‬أنا لم أقل الكناس هنا ذ ًما‪ ،‬وإنما قلته تعيينًا‬
‫للتعريف به‪ ،‬فإن كان معرو ًفا بيني وبينك‪ ،‬لماذا تقول الكناس؟ ليس للتعيين‪،‬‬
‫ٍ‬
‫لشيء آخر‪ ،‬والظاهر أنه للذم‪.‬‬
‫ل مَال‪ :‬فالن وفالن‪ ،‬وما ُع ِرف‪ ،‬يقول‪ :‬األعور‪،‬‬ ‫فعند العامة ا َّ عندما‬
‫األعور تعري ًفا ال ذ ًما‪ ،‬حتى بعض العامة يقول ذلك‪ ،‬يقول‪ :‬تعري ًفا ال ذ ًما‪ ،‬يعني‬
‫فقط أريد أن ُأعرفه لك هبذا األمر‪ ،‬ال أن أذمه هبذه الصفة؛ ألن العربي يعرف أن‬
‫مدحا وال شي ًئا آخر‪ ،‬فقط يريد به‬
‫النعت قد يأيت لمجرد التعريف‪ ،‬ال ُيراد به ذ ًما وال ً‬
‫واضحا‪.‬‬
‫ً‬ ‫التوضيح إن لم يكن المنعوت‬
‫وقد يأيت لمعاين آخر غير التوضيح كالذم والمدح؛ ومن ذلك ال شك‬
‫قوله‪( :‬ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ) [النحق‪ ،]98:‬أعوذ باهلل من‬
‫الشيطان‪ ،‬الشيطان معروف عند المسلمين وغير المسلمين‪ ،‬فالرجيم ليست لتعيينه‬
‫وتوضيحه‪ ،‬وإنما لذمه بذلك‪.‬‬
‫ومن ف ائد النعت‪-‬إةا اَّ المنع َ مععينا وا حا‪ :-‬الرتحم‪ ،‬كأن تقول‪:‬‬
‫أيضا فوائد‬ ‫بزيد المريض‪ ،‬أو ٍ‬
‫بزيد المكسور‪ ،‬وهناك ً‬ ‫بزيد المسكين‪ ،‬أو ٍ‬
‫مررت ٍ‬

‫مثال‪ :‬إن اهلل يرزق عباده الطائعين‬


‫ومعاين أخرى للنعت كالتعميم؛ كقولك ً‬
‫والعاصين‪ ،‬لماذا قلت‪ :‬الطائعين والعاصين؟ لتُعلمني وتبين لي عباد اهلل؟ نعرف‬
‫عباد اهلل‪ ،‬عباد اهلل معروفين‪ ،‬كل مخلوق هو عبدٌ هلل‪ ،‬فلماذا قلت‪ :‬الطائعين‬
‫والعاصين؟ للداللة على التعميم‪.‬‬
‫ٍ‬
‫قليلة أو كثيرة‪ ،‬تريد‬ ‫ٍ‬
‫بصدقة‬ ‫ومن معاين وفوائد النعت اإلهبام؛ كقولك‪ :‬تصدق‬
‫أن ُت ِ‬
‫بهم أي صدقة‪.‬‬
‫ومن معاين النعت‪-‬وهو المعنى الثامن وهو األخير‪ :-‬التأكيد؛ كأن تقول‪:‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪160h‬‬
‫أمس الدابر ال يعود‪ ،‬أمس يكون القادم؟! ما يمكن أن يكون القادم‪ ،‬لماذا قلت‪:‬‬
‫الدابر؟ أعرف أنه الدابر‪ ،‬وأمس معروف‪ ،‬فقلت‪ :‬الدابر من باب التأكيد؛ ألن أمس‬
‫دابرا‪.‬‬
‫ال يكون إال ً‬
‫معروف قبل التلفظ هبا‪ ،‬أي‬
‫ٌ‬ ‫ٍ‬
‫كلمة معناها‬ ‫والتوكيد‪-‬كما قلنا أكثر من مرة‪ -‬كل‬
‫كلمة معناها مرعوف قبل التلفظ هبا‪ ،‬فإنك إنما تذكرها وتتلفظ هبا للتأكيد‪ ،‬ال‬
‫لمعنًى جديد‪ ،‬وهذا يكون يف كل أبواب النحو‪ ،‬يكون يف النعت‪ ،‬يكون يف الحال‪،‬‬
‫يكون يف التمييز‪ ،‬يكون يف المفعول المطلق؛ ألن التوكيد من أهم وأعظم المعاين‬
‫التي يقصد إليها العربي‪.‬‬

‫ومن ذلك قوله‪-‬تعالى‪( :-‬ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ) [الحاقة‪ ،]13:‬كم نفخة‬


‫ٍ‬
‫حينئذ؟ نفخ ٌة يعني نفختين!! ال شك أهنا واحدة‪ ،‬فلماذا وصفها‪ ‬بنفخ ٌة‬
‫واحدةٌ؟ ليخربنا أهنا واحدة ليست اثنتين‪ ،‬أو فقط للتأكيد؟ للتأكيد؛ ألن نفخ ٌة فعل ٌة‬
‫تدل على الوحدة من لفظها‪.‬‬
‫كل هذه المعاين السبعة األُول يسمون النعت فيها النعت الكاشف‪ ،‬أو النعت‬
‫مثال‪:‬‬
‫المؤسس‪ ،‬أي‪ :‬النعت الذي يكشف عن معنًى ال ُيعرف إال بلفظها‪ ،‬لو قلت ً‬
‫جاء زيدٌ العالم‪ ،‬ال نعرف أنه عالم حتى تقول العالم‪ ،‬يسمى الكاشف‪ ،‬يكشف عن‬
‫شيء ال ُيعرف إال بالتلفظ بالنعت‪ ،‬والمؤسس يعني يؤسس لمعنًى جديد‪.‬‬
‫وأما النعت يف المعنى األخير التأكيد فإنه يسمى التأكيد‪ ،‬وال يسمى كاش ًفا وال‬
‫مثال‪ :‬أكلت من التفاح األحمر تفاح ًة‬
‫مؤسسا‪ ،‬وهذا كثير يف الكالم‪ ،‬يعني لو قلت ً‬
‫ً‬
‫حمراء‪ ،‬لماذا قلت‪ :‬حمراء؟ تأكيدً ا؛ ألنه معروف أن التفاحة حمراء‪ ،‬لن تكون‬
‫تفاح ًة صفراء وأنت أكلت من التفاح األحمر! فقلت‪ :‬لماذا قال العربي هنا‪:‬‬
‫حمراء؟ فقط للتأكيد‪ ،‬ليس لمعنى من المعاين السابقة‪.‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪161h‬‬
‫‪g‬‬
‫و ل مَال‪ :‬أعرف من الرو ِم ً‬
‫رجال روم ًيا‪ ،‬روم ًيا‪ :‬نعت‪ ،‬ما فائدته؟ التأكيد‪،‬‬
‫مثال‪ :‬أيام‬
‫وهكذا يكون يف كل أبواب النحو حتى يف التمييز؛ التمييز كأن تقول ً‬
‫الشهر ثالثون يو ًما‪ ،‬يو ًما تمييز‪ ،‬لكن ما فائدة التمييز هنا؟ الكشف والتأسيس عن‬
‫معنى جديد أم التأكيد؟ التأكيد‪ ،‬قولك‪ :‬أيام الشهر واضحة أنه ثالثون يو ًما‪.‬‬
‫مثال‪ :‬تبسم زيدٌ ضاح ًكا‪ ،‬فتبسم ضاح ًكا من قولها‪،‬‬
‫وكذلك يف الحال؛ لو قلت ً‬
‫ما يمكن تبسم باك ًيا‪ ،‬تبسم يعني ضاح ًكا‪ ،‬فضاح ًكا جاءت لتأكيد التبسم‪ ،‬وإن كان‬
‫بينهما فرق دقيق يف المعنى اللغوي‪ ،‬وهكذا‪.‬‬
‫إ ًذا فهذه هي معاين وفوائد النعت‪ ،‬أحب أن أختم هذا الدرس‪-‬ألنه ال يتسع أن‬
‫نشرح أبيا ًتا أخرى يف باب النعت‪ -‬بمسألة؛ وهي أن هناك ثالثة مصطلحات يكثر‬
‫دورها واستعمالها‪ ،‬وقد تخفى معانيها والعالقة بينها‪ ،‬وهي‪ :‬النعت‪ ،‬والصفة‪،‬‬
‫والوصف‪ ،‬ولعلي أشرت أحيانًا إلى الفرق بينها بسرعة‪ ،‬ولكني أريد أن أبين‪ ،‬هذا‬
‫أوان تبيين الفرق بينها‪.‬‬
‫النعت والوصف والصفة‪ ،‬فنبين الفرق بينها باختصار؛ فنقول‪ :‬أما النعت؛‬
‫النعت من حيث المعنى اللغوي يعني عند العرب يف الجاهلية يف المعاجم اللغوية‪،‬‬
‫النعت عند العرب أكثر المعاجم اللغوية تجعل النعت للوصف بالحسن‪ ،‬إذا أردت‬
‫أن تصف إنسان بصفة حسنة تقول‪ :‬نعته بالكرم‪ ،‬نعته بالمروءة‪ ،‬ال تقول‪ :‬نعته‬
‫بالجبن‪ ،‬ال‪ ،‬النعت يكون لألمور الحسنة‪.‬‬
‫والصفة يف الل ة‪ :‬عامة‪ ،‬تكون للحسن والقبيح‪ ،‬تقول‪ :‬وصفته بالكرم‪،‬‬
‫ووصفته بالجبن‪ ،‬هذا الذي عليه أكثر المعاجم اللغوية‪.‬‬
‫أما من حيث ااصطالو النح ‪ :‬االصطالح عند علماء النحو؛ فالنعت هو‬
‫ٍ‬
‫صفة‬ ‫ٍ‬
‫صفة من صفاته‪ ،‬أو‬ ‫الذي شرحناه قبل قليل؛ التابع الذي ي ِ‬
‫كمل متبوعه ببيان‬ ‫ُ‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪162h‬‬
‫ٍ‬
‫شيء يتعلق به‪ ،‬هذا النعت‪.‬‬ ‫من صفات‬
‫وأما الوصف وجمعه أوصاف فأكثر النحويين يريدون به االسم الدال على‬
‫ٍ‬
‫حدث وصاحبه‪ ،‬ويشمل‪:‬‬ ‫ٍ‬
‫حدث وصاحبه‪ ،‬الوصف يف النحو هو االسم الدال على‬
‫اسم الفاعل‪ ،‬واسم المفعول‪ ،‬وصيغ المبالغة‪ ،‬والصفة المشبهة‪ ،‬واسم التفضيل‪،‬‬
‫هذه هي األسماء التي نسميها باألوصاف‪ ،‬اسم الفاعل وصف‪ ،‬واسم المفعول‬
‫وصف‪ ،‬والصفة المشبهة وصف‪ ،‬وصيغ المبالغة وصف‪ ،‬واسم التفضيل وصف؛‬
‫ٍ‬
‫وصف يف الموصوف‪.‬‬ ‫ألهنا تدل على‬
‫وهَه ا سماء‪ -‬ما رأ عُ‪ -‬الخمسة‪ :‬اسم الفاعل والمفعول‪ ..‬إلى آخره‪ ،‬قد‬
‫راكض‪ ،‬وتقع نعتًا‪ :‬جاء محمدٌ الراكض‪ ،‬وتأيت ً‬
‫حاال‪ :‬جاء زيدٌ‬ ‫ٌ‬ ‫تقع خربًا‪ :‬محمدٌ‬
‫راكضا‪ ،‬وتأيت غير ذلك‪ ،‬فإذا تبين ذلك تبين لنا أن النعت‪ ..‬مصطلح النعت هذا‬
‫ً‬
‫إعراب‪ ،‬مصطلح إعراب‪ ،‬النعت مصطلح إعراب مثل‪ :‬مبتدأ وخرب وحال وتمييز‬
‫ونعت‪ ،‬هذا مصطلح إعراب‪.‬‬
‫أما وصف هذا ليس مصطلح إعراب‪ ،‬وإنما هو نوع من أنواع االسم‪ ،‬االسم له‬
‫علما‪ ،‬قد يكون معرفةً‪ ،‬قد يكون نكرةً‪ ،‬قد يكون وص ًفا‪ ،‬ما معنى‬
‫أنواع‪ ،‬قد يكون ً‬
‫ٍ‬
‫حدث وصاحبه‪ ،‬كاسم الفاعل‪ ،‬فقولك‪ :‬راكض يعني‬ ‫داال على‬ ‫وص ًفا؟ أي‪ً :‬‬
‫اسما ً‬
‫يدل على الحدث وهو الركض‪ ،‬وعلى صاحبه وهو فاعله‪ ،‬كلمة راكض تدل على‬
‫الركض وعلى من فعله‪ ،‬فهناك ٌ‬
‫فرق واضح بين النعت والوصف‪.‬‬
‫بقيت الصفة‪ ،‬الصفة وجمعها صفات‪ ،‬الصفة استعمالها عند النحويين واسع‪،‬‬
‫ف ُيطلقوهنا على النعت‪ ،‬فتكون مراد ًفا للنعت‪ُ ،‬يقال‪ :‬نعت أو صفة‪ ،‬جاء محمدٌ‬
‫الكريم‪ ،‬الكريم‪ :‬نعت أو صفة‪ ،‬فالكوفيون من النحويين يستعلمون مصطلح‬
‫النعت فقط‪ ،‬وأما البصريون فإهنم يستعملون المصطلحين‪ :‬النعت والصفة‪.‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪163h‬‬
‫‪g‬‬
‫تقول‪ :‬جاء زيدٌ السريع‪ ،‬أعرب السريع؟ تقول‪ :‬نعت‪ ،‬أو تقول‪ :‬صفة‪ ،‬فإن‬
‫نعت مرفوع‪ ،‬وإن قلت‪ :‬صفة قلت صف ٌة مرفوعة‪ ،‬و ُتطلق الصفة‬
‫نعت قلت ٌ‬
‫قلت‪ٌ :‬‬
‫ٍ‬
‫حدث وفاعله‪،‬‬ ‫أيضا على الوصف بمعناه السابق االسم الدال على‬
‫عند النحويين ً‬
‫ُيطلقوهنا على هذا و ُيطلقوهنا على هذا‪ ،‬واالستعمال هو الذي يبين المراد‪.‬‬
‫وعليه إذا قيل‪ :‬جاء زيدٌ السريع‪ ،‬السريع نعت؟ نعم‪ ،‬صفة؟ نعم‪ ،‬وصف؟ نعم‪،‬‬
‫قائم نعت؟ خرب‪ ،‬ليس نعتًا‪ ،‬النعت إعراب‪ ،‬محمدٌ‬
‫قائم‪ٌ ،‬‬
‫طيب‪ ،‬وإذا قلت‪ :‬محمدٌ ٌ‬
‫قائم‪ ،‬هذا خرب وليس نعتًا‪ ،‬طيب هل هو وصف؟ وصف ألنه اسم فاعل‪ ،‬هل هو‬
‫ٌ‬
‫صفة؟ صفة بمعنى وصف ال بمعنى نعت‪.‬‬
‫تأمل يف هذا الكالم‪ ،‬وراجعه على بال صالة العصر‪-‬إن شاء اهلل‪ -‬وستجد أنه‬
‫واضح‪ ،‬أما الوقت ال يتسع ألكثر من ذلك‪.‬‬
‫واهلل أعلُ‪ ،‬وصلى اهلل وسلُ على نبينا محمد‪ ،‬وعلى آله وأصحابه أجمعين‪.‬‬

‫‪¹‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪164h‬‬

‫الدرس احلادي والثمانون‬


‫﷽‬

‫الحمد هلل رب العالمين‪ ،‬والصالة والسالم على نبينا محمد‪ ،‬وعلى آله‬
‫وأصحابه أجمعين‪ ،‬أما بعد‪-:‬‬
‫فالسالم عليكم ورحمة اهلل وبركاته‪ ،‬ح َّياكم اهلل وب َّياكم يف هذه الليلة الطيبة‪،‬‬
‫ٍ‬
‫وأربعمائة‬ ‫ليلة اإلثنين (الرابع والعشرين من شهر المحرم من سنة ثنتين وثالثين‬
‫وألف)‪ ،‬نحن يف جامع الراجحي يف حي الجزيرة يف مدينة الرياض‪ ،‬نعقد‪-‬بحمد‬
‫اهلل وتوفيقه‪ -‬الدرس (الحادي والثمانين) من دروس شرح ألفية ابن مالك‪-‬عليه‬
‫رحمة اهلل‪.-‬‬
‫يف الدرس الماضي يا إخوان كنا توقفنا عند باب النعت‪ ،‬قرأنا األبيات يف هذا‬
‫الباب‪ ،‬ثم شرحنا منها بيتين فقط؛ البيت األول والثاين‪ ،‬نبدأ الدرس‪-‬إن شاء اهلل‬
‫تعالى‪ -‬بقراءة األبيات كلها‪ ،‬ثم نشرح ما تيسر مما بقي منها‪.‬‬
‫قال ابن مالك‪-‬عليه رحمة اهلل‪:-‬‬
‫َّ ْ ُ‬
‫النعت‬
‫لللللت َو َ ا ْيلللللدِ َو َع ْط ِ‬
‫لللللف َو َبلللللدَ ل‬ ‫َن ْع ِ‬ ‫لللماء ا َول‬ ‫اب ا َ ْس َ‬ ‫للر ا‬ ‫ْعبل ا‬
‫للع فلللي اإل ْعل َ‬ ‫َ َ د‬
‫للللم اه َأو وسلللل اُ مللللا با ا‬
‫لللله ا ْع َع َل ْ‬
‫للللق‬ ‫با س ا‬ ‫لللللت َلللللابا ِع دملللللعاُ َملللللا َسللللل َب ْق‬
‫َفالنَّ ْع د‬
‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ ْ‬
‫َلللللام در ْر با َ للللل م َدر َملللللا‬
‫ْ‬ ‫لا َملللللا َلللللالَ‬ ‫َولللل دي ْع َ فالللي ال َّع ْعرا الللف َوال َّعنُْايلللرا َملللا‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪165h‬‬
‫‪g‬‬

‫ف َملللا َق َفللل ا‬ ‫َالف ْع ا‬


‫لللق َفلللا ْق د‬ ‫اسللل اهما ا‬ ‫لللَ ا ْيرا َأو‬ ‫وهلللل َلللللدَ ال َّع احيل ا‬
‫لللد َوال َّعل ْ‬
‫َ د َ‬ ‫ْ‬ ‫َ د َ‬
‫ا‬ ‫َو ا للللللل ْب ا اه َ ل َ‬ ‫للللت با دم ْ لللللع ََق ََصللللل ْعب َو َة ار ْب‬
‫للللللب‬
‫المنْعَسل ْ‬ ‫للللللَا َو اة ْ َو د‬ ‫َوا ْن َعل ْ‬
‫للللللت َملللللللا دأ ْعطا َي ْعللللللل ده َمبلللللللرا‬ ‫َف دٌ ْعطا َيل ْ‬ ‫للللللللللرا‬
‫َ‬ ‫َو َن َع دعللللللللللل َ ا با دَ ْم َللللللللللللة دمنَ ُّل‬
‫للللم ْر ادص ا‬
‫للللب‬ ‫َللللت َفللللال َ َل َأ ْ ا‬ ‫َوإا َّْ َأ ْ‬ ‫اَ ال َّط َلل ا‬
‫للللب‬ ‫وامنَلللللع هنَلللللا إا َ لللللا َة ا‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ ْ د‬
‫لللللللَ ا ْي َرا‬
‫لللللللرا َد َوال َّعل ْ‬ ‫اإل ْفل َ‬ ‫َفللللللللال َع دَم َ ا ا‬ ‫للللللللللرا‬
‫َ‬ ‫َو َن َع دعللللللللللل ا اب َم ْصلللللللللللدَ ر ََا ْيل‬
‫ْ‬
‫لللللللف‬ ‫َف َعا ا َفلللللللل َفر ْقلللللللل ده اَ إا َةا ا ْن َع َلل‬ ‫ام َع َلل ْ‬
‫للللف‬ ‫احلللللد إا َةا ْ‬‫للللت َغيلللللرا و ا‬
‫َ‬ ‫َو َن ْعل د ْ‬
‫لللللللع با َ ْيلللللللر ْاسلللللللعا َْنَا‬ ‫َو َع َملللللللق َأ ْ با ْ‬ ‫للللت َم ْع دملللل َل ْي َو اح ْيللللدَ ْ َم ْعنَللللى‬ ‫َو َن ْع َ‬
‫هن دأ ْ با َع‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫م ْف َع ا‬
‫لللللللللت‬
‫ْ‬ ‫لللللللللرا للللللللللَ ْ را َّ‬
‫َ‬ ‫د‬ ‫لللللر َْ َو َقلللللدْ َ َل ْ‬
‫لللللت‬ ‫َوإا َّْ دن دعللللل َِ َ دَ َ‬
‫للللع دم ْع النَلللللا‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫بالللللدد ون َ ا َأو َب ْعاللللل َ ا ا ْق َطل ْ‬ ‫لللللع َأ َو ا ْ با ْ‬
‫لللللع إا َّْ َ ُ ْ‬
‫دلللللن دم َع َّينَلللللا‬ ‫َوا ْق َط ْ‬
‫ا‬ ‫للت م ْا ا‬ ‫ا‬
‫للللللرا‬‫للللللن َ ْظ َ َ‬ ‫دم ْبعَللللللدَ أ َأو نَاصلللللل َب َل ْ‬ ‫للم َرا‬ ‫للع َأ او انْص ْ‬
‫للب إا َّْ َق َط ْع َ د‬ ‫َو ْار َف ْ‬
‫لللق‬‫لللت َ ا ل ّ‬ ‫َلللل ده ح َْ دفلللله وفاللللي النَّعل ا‬
‫ْ‬ ‫د َ‬ ‫َ‬ ‫َ د‬ ‫للت دع ا ْ‬
‫لللق‬ ‫َ والنَّعل ا‬
‫َ ْ‬
‫وملللا املللن المنْعللل ا‬
‫َ َ د‬ ‫ََ‬
‫ابن مالك‪ ‬كما ترون عقد الباب على أربعة عشر بيتًا؛ أما البيت األول‬
‫فذكر فيه التوابع وعدها‪ ،‬وشرحنا هذا البيت‪ ،‬ويف البيت الثاين تكلم‪ ‬على‬
‫ٍ‬
‫بشيء من التفصيل‪.‬‬ ‫أيضا‬
‫تعريف النعت‪ ،‬وشرحنا هذا البيت ً‬
‫أما يف هذه الليلة‪-‬إن شاء اهلل‪ -‬فنكمل ما تيسر من باقي هذه األبيات‪ ،‬وقبل أن‬
‫نبدأ أحب أن أذكر بأن هذه الليلة‪-‬إن شاء اهلل تعالى‪ -‬ستكون آخر ٍ‬
‫ليلة يف هذا‬
‫الفصل‪.‬‬
‫ٍ‬
‫درس يف هذا الفصل‪-‬إن شاء اهلل تعالى‪ -‬ألن االمتحانات‬ ‫هذا الدرس هو آخر‬
‫على األبواب‪ ،‬وسنعاود الدرس‪-‬إن شاء اهلل تعالى‪ -‬مع أول أسبوع من أسابيع‬
‫الدراسة يف الفصل القادم‪-‬إن شاء اهلل تعالى‪.-‬‬
‫ثم بعد ذلك ذكر ابن مالك‪ ‬األشياء التي يتبع فيها النعت المنعوت‪،‬‬
‫فقال‪:‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪166h‬‬
‫َلللللام در ْر با َ للللل م َدر َملللللا‬
‫ْ‬ ‫لا َملللللا َلللللالَ‬ ‫َولللل دي ْع َ فالللي ال َّع ْعرا الللف َوال َّعنُْايلللرا َملللا‬
‫ف َملللا َق َفللل ا‬ ‫اسللل اهما ا‬
‫َالف ْع ا‬
‫لللق َفلللا ْق د‬ ‫لللَ ا ْيرا َأو‬ ‫وهلللل َلللللدَ ال َّع احيل ا‬
‫لللد َوال َّعل ْ‬
‫َ د َ‬ ‫ْ‬ ‫َ د َ‬
‫سبق يا إخوان أن النعت كبقية التوابع يجب أن يتبع منعوته يف اإلعراب رف ًعا أو‬
‫جرا‪ ،‬هذا ال كالم فيه‪ ،‬وكذلك يف التعريف والتنكير يجب أن يتبع النعت‬
‫نص ًبا أو ً‬
‫المنعوت يف التعريف والتنكير على كل حال‪.‬‬
‫كريم‪ ،‬وجاء الرجل الكريم‪ ،‬أم‬
‫ٌ‬ ‫يعني سوا ٌء أكان النعت حقي ًقا‪ ،‬نحو‪ :‬جاء ٌ‬
‫رجل‬
‫كريم أبوه‪ ،‬وجاء الرجل الكريم أبوه‪ ،‬وهذا هو‬
‫ٌ‬ ‫كان النعت سبب ًيا نحو جاء ٌ‬
‫رجل‬
‫قول ابن مالك‪:‬‬

‫َول دي ْع َ فاي ال َّع ْعرا اف َوال َّعنُْايرا َما لا َما َ الَ‬


‫أي ُيعطى النعت أ ًيا كان يف التعريف والتنكير‪ ،‬التعريف أو التنكير يف الذي تاله‬
‫النعت‪ ،‬أي‪ :‬أن النعت يتبع المنعوت يف التعريف أو يف التنكير‪ ،‬ثم م َّثل لذلك‬
‫بقوله‪:‬‬
‫َام در ْر اب َ م َدر َما‬
‫ْ‬
‫نعت‪ ،‬وقد تبع‬
‫ٌ‬ ‫أي‪ :‬فامرر بقو ٍم كرماء‪ ،‬قومٍ‪ :‬هذا منعوت‪ ،‬كرماء‪ :‬هذا‬
‫مجرورا وعالمة جره الفتحة نياب ًة على‬
‫ً‬ ‫المنعوت‪-‬كما ترون‪ -‬يف اإلعراب‪ ،‬فصار‬
‫أيضا يف التنكير‪.‬‬
‫ممنوع من الصرف‪ ،‬وتبعه ً‬
‫ٌ‬ ‫الكسرة؛ ألنه‬

‫إ ًذا النعت يجب أن يتبع المنعوت يف اإلعراب‪ ،‬رف ًعا أو نص ًبا أو ً‬


‫جرا‪ ،‬ويجب‬
‫أيضا يف التعريف أو التنكير‪ ،‬هذه خمسة أمور ال بدَّ أن يتبع النعت‬
‫أن يتبع المنعوت ً‬
‫جرا واحدً ا منها‪،‬‬
‫أ ًيا كان المنعوت يف شيئين من هذه الخمسة؛ رف ًعا أو نص ًبا أو ً‬
‫والتعريف أو التنكير واحدً ا منها‪.‬‬
‫وجرا‪ ،‬وانتهينا من التعريف والتنكير‪،‬‬
‫طيب‪ ،‬انتهينا من اإلعراب رف ًعا ونص ًبا ً‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪167h‬‬
‫‪g‬‬
‫هذه األمور ال بدَّ فيها من المتابعة‪ ،‬يبقي لنا اإلفراد والتثنية والجمع‪ ،‬ويبقى لنا‬
‫التذكير والتأنيث‪.‬‬
‫نبدأ باإلفراد والتثنية والجمع‪ ،‬وكذلك التذكير والتأنيث‪ ،‬الحكم يف هذه‬
‫الخمسة واحد؛ وهو أن النعت أ ًيا كان يأخذ يف هذه الخمسة حكم الفعل وجو ًبا‪،‬‬
‫يعني تضع النعت‪ ..‬تنزع النعت وتضع مكانه فعله‪ ،‬ثم تعامل النعت معاملة الفعل‪،‬‬
‫يف اإلفراد والتثنية والجمع‪ ،‬ويف التذكير والتأنيث‪ ،‬هذه القاعدة التي ذكرها ابن‬
‫مالك يف بيته‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫اسللل اهما ا‬
‫َالف ْعل ا‬
‫للق‪...................‬‬ ‫لللَ ا ْيرا َأو‬ ‫وهلللل َلللللدَ ال َّع احيل ا‬
‫لللد َوال َّعل ْ‬
‫َ د َ‬ ‫ْ‬ ‫َ د َ‬
‫وه لد الع حيد‪ :‬يعني اإلفراد والتذكير أو سواهما‪ ،‬التوحيد ما سواه؟ التثنية‬
‫والجمع‪ ،‬والتذكير ما سواه؟ التأنيث‪ ،‬طيب‪ ،‬ما حكم النعت يف التوحيد ويف التذكير‬
‫وسواهما؟ يقول‪ :‬كالفعل‪ ،‬تعامله كما تعامل فعل النعت‪.‬‬
‫ف َما َق َف ا‬
‫َفا ْق د‬

‫يعني اتبع العرب يف لغتها‪ ،‬هذه القاعدة‪ ،‬دعونا نطبقها‪ ،‬إن طبقناها على اإلفراد‬
‫والتثنية والجمع فإننا سنجد أن النعت الحقيقي سيختلف عن النعت السببي فيها‪،‬‬
‫أما النعت الحقيقي فيجب أن يتبع المنعوت فيها‪ ،‬إفرا ًدا أو تثني ًة أو جم ًعا‪.‬‬
‫راكض؛ ألنك يف الفعل تقول‪ :‬جاء ٌ‬
‫رجل يركض‪ ،‬وتقول‪:‬‬ ‫ٌ‬ ‫فتقول‪ :‬جاء ٌ‬
‫رجل‬
‫ٌ‬
‫رجال راكضون؛‬ ‫جاء رجالن راكضان؛ ألنك تقول‪ :‬جاء رجالن يركضان‪ ،‬وجاء‬
‫ٌ‬
‫رجال يركضون‪ ،‬وجاءت امرأ ٌة تركض‪ ،‬فتقول‪ :‬جاءت‬ ‫ألنك تقول يف الفعل‪ :‬جاء‬
‫امرأ ٌة راكضةٌ‪ ،‬وتقول‪ :‬جاءت امرأتان راكضتان؛ ألنك تقول يف الفعل‪ :‬تركضان‪،‬‬
‫وتقول‪ :‬جاءت نسا ٌء راكضات؛ ألنك تقول يف الفعل‪ :‬يركضن‪.‬‬
‫فالنعت الحقيقي ُيطابق المنعوت يف اإلفراد‪ ،‬أو التثنية‪ ،‬أو الجمع‪ ،‬وكذلك يف‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪168h‬‬
‫أيضا يطابق المنعوت‪ ،‬كما رأينا يف‬
‫التذكير أو التأنيث‪ ،‬سنجد النعت الحقيقي ً‬
‫األمثلة السابقة‪ ،‬فإذا قلت‪ :‬جاء ٌ‬
‫رجل راكض أي يركض‪ ،‬أما جاءت امرأ ٌة راكضة‬
‫أي تركض‪ ،‬إ ًذا فالنعت كالفعل‪.‬‬
‫فالنعت الح ي ي‪ :‬يطابق المنعوت يف اإلفراد أو التثنية أو الجمع‪ ،‬ويطابق‬
‫المنعوت يف التذكير أو التأنيث‪ ،‬هذا النعت الحقيقي‪.‬‬
‫أما النعت السببي‪ :‬سيختلف عن النعت الحقيقي‪ ،‬والقاعدة واحدة؛ ألن النعت‬
‫السببي من حيث اإلفراد والتثنية والجمع سنجده يلزم اإلفراد على كل حال‪ ،‬وال‬
‫يأيت مثنًى وال مجمو ًعا‪.‬‬
‫قائم أبوه‪ ،‬هات فعل النعت؟ جاء ٌ‬
‫رجل يقوم‬ ‫رجل ٌ‬‫نطبق القاعدة؛ نقول‪ :‬جاء ٌ‬
‫قائم أبوهما؛ ألنك تقول يف الفعل‪ :‬جاء رجالن يقوم أو‬
‫أبوه‪ ،‬طيب‪ ،‬جاء رجالن ٌ‬
‫قائم أبوهم؛ ألنك تقول‪ :‬جاء‬ ‫ٌ‬
‫رجال ٌ‬ ‫يقومان أباهما؟ يقوم أبوهما‪ ،‬طيب‪ ،‬جاء‬
‫ٌ‬
‫رجال قام أبوهم‪.‬‬
‫اسما‬
‫ونحن نعلم أن الفعل مع الفاعل الظاهر يلزم اإلفراد‪ ،‬الفعل إذا كان فاعله ً‬
‫ظاهرا فإنه يلزم اإلفراد‪ ،‬تقول‪ :‬قام محمد‪ ،‬وقام المحمدان‪ ،‬وقام المحمدون‪ ،‬قام‬
‫ً‬
‫ظاهرا‪ ،‬ال‬
‫ً‬ ‫أخي‪ ،‬وقام أخواي‪ ،‬وقام إخويت‪ ،‬فالفعل يلزم اإلفراد‪ ،‬متى ما كان فاعله‬
‫ُيثنى وال ُيجمع‪.‬‬
‫طيب‪ ،‬والنعت؟ يعامل معاملة الفعل؛ نتيجة ذلك أن النعت السببي سيلزم‬
‫اإلفراد‪ ،‬كما أن الفعل مع الفاعل يلزم اإلفراد‪ ،‬هذا من حيث اإلفراد والتثنية‬
‫والجمع‪ ،‬والنعت السببي من حيث التذكير والتأنيث؟ نطبق القاعدة‪ ،‬نعطيه حكم‬
‫الفعل‪ ،‬فسنجد أن النعت السببي يف التذكير والتأنيث يتبع ما بعده‪.‬‬
‫عده‪ ،‬ن ل‪ :‬يؤثر فيه ما بعده‪ ،‬ال‬ ‫أو إةا أردنا الدقة يف الععبير ما ن ل‪ :‬عبع الَ‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪169h‬‬
‫‪g‬‬
‫رجل قائم ٌة أمه؛ ألنك تقول يف الفعل‪ :‬جاء ٌ‬
‫رجل قامت‬ ‫مثال‪ :‬جاء ٌ‬
‫ما قبله‪ ،‬فتقول ً‬
‫قائم أبوها؛ ألنك تقول‪ :‬جاءت امرأ ٌة قام أبوها‪.‬‬
‫أمه‪ ،‬وتقول‪ :‬جاءت امرأ ٌة ٌ‬
‫إ ًذا ففي التأنيث والتذكير سيتأثر بما بعده‪ ،‬لماذا؟ ألن النعت هنا كالفعل‪،‬‬
‫طيب‪ ،‬والفعل ما الذي يؤثر يف تذكيره وتأنيثه؟ فاعله‪ ،‬وفاعله قبله أو بعده؟ بعده‪،‬‬
‫تذكيرا‬
‫ً‬ ‫يف محمد تقول‪ :‬قام محمدٌ ‪ ،‬ويف هند تقول‪ :‬قامت هندٌ ‪ ،‬فالذي يؤثر يف الفعل‬
‫وتأني ًثا الذي بعده‪.‬‬
‫ل‪:‬‬ ‫والنعت السببي الفعق‪ ،‬إةا فالَ سيؤ ر يف َ يره و ٌنيَه الَ بعده‪،‬‬
‫ٌ‬
‫رجال قائم ٌة أمهم‪ ،‬كما‬ ‫جاء رجالن قائم ٌة أمهما‪ ،‬كما تقول‪ :‬قامت أمهما‪ ،‬وجاء‬
‫قائم أبوهما‪ ،‬كما تقول‪ :‬قام أبوهما‪ ،‬وجاءت‬
‫تقول‪ :‬قامت أمهم‪ ،‬وجاءت امرأتان ٌ‬
‫قائم أبوه؟‬
‫رجل ٌ‬‫قائم أبوهن‪ ،‬كما تقول‪ :‬قام أبوهن‪ ،‬نبغي جاء ٌ‬
‫نسا ٌء ٌ‬
‫الب‪.)00:16:3@( :‬‬
‫تمام‪ ،‬هذه ما فيها إشكال؛ ألنك تقول‪ :‬جاء ٌ‬
‫رجل قام أبوه‪ ،‬وجاءت امرأ ٌة قائم ٌة‬
‫أمها؛ ألنك تقول‪ :‬جاءت امرأ ٌة قامت أمها‪ ،‬وهذا هو قول ابن مالك‪:‬‬
‫ف َملللا َق َفللل ا‬ ‫اسللل اهما ا‬
‫َالف ْع ا‬
‫لللق َفلللا ْق د‬ ‫لللَ ا ْيرا َأو‬ ‫وهلللل َلللللدَ ال َّع احيل ا‬
‫لللد َوال َّعل ْ‬
‫َ د َ‬ ‫ْ‬ ‫َ د َ‬
‫وبعد هذا الطواف نخلص الكالم؛ فنقول‪ :‬الخالصة مما سبق‪ ،‬يعني فيما يتبع‬
‫النعت والمنعوت‪ ،‬الخالصة يف ذلك أن النعت الحقيقي يتبع المنعوت يف كل‬
‫ٍ‬
‫عشرة‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫أربعة من‬ ‫شيء‪ ،‬يقولون‪ :‬يتبع المنعوت يف‬
‫طب ًعا هذا مجرد تطبيق القاعدة‪ ،‬يعني ليس شي ًئا جديدً ا‪ ،‬القاعدة واحدة قلناها؛‬
‫ٍ‬
‫أربعة من عشرة؛ يف اإلعراب‬ ‫أن النعت كالفعل‪ ،‬فالنعت الحقيقي يتبع المنعوت يف‬
‫ٍ‬
‫بواحد منها‪ .‬طيب‪ ،‬ويف التعريف والتنكير‬ ‫جرا‪ ،‬هذه ثالثة‪ ،‬سيتبع‬
‫رف ًعا أو نص ًبا أو ً‬
‫ٍ‬
‫واحد منها‪ ،‬ويف التذكير والتأنيث يف‬ ‫ٍ‬
‫واحد منها‪ ،‬ويف اإلفراد والتثنية والجمع يف‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪170h‬‬
‫ٍ‬
‫أربعة من عشرة‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫واحد منها‪ .‬إ ًذا سيتبعه يف‬
‫النعت الحقيقي يتبع المنعوت يف كل شيء‪ ،‬وأما النعت السببي فإنه ُيطابق‬
‫جرا‪ ،‬ويف التعريف أو‬
‫المنعوت يف اثنين من خمسة؛ يف اإلعراب رف ًعا أو نص ًبا أو ً‬
‫النكيرـ ال بدَّ أن يتبعه يف اثنين من هذه الخمسة‪ ،‬طيب‪ ،‬وأما يف اإلفراد والتثنية‬
‫والجمع فإنه يلزم اإلفراد‪ ،‬وأما يف التذكير والتأنيث فإنه سيتأثر بما بعده‪.‬‬
‫طيب‪ ،‬هذه الخالصة يف النعت الحقيقي ويف النعت السببي‪ ،‬وبعد ذلك كله‬
‫أيضا ُأنبه على ٍ‬
‫أمر ال يفوتكم‪ ،‬لكن التنبيه عليه مفيد؛ وهو أنه قد يجوز يف بعض‬ ‫ً‬
‫دائما‪ ،‬وتجعل الذي بعده‬
‫أمثلة النعت السببي أن تجعل النعت خربًا مقد ًما‪ ،‬فرتفعه ً‬
‫مبتد ًأ مرفو ًعا‪ ،‬خرب مقدم ومبتدأ مؤخر‪ ،‬أصبح ماذا؟!‬
‫مثال‬
‫نعت للمنعوت‪ ،‬فإذا قلت ً‬ ‫ٍ‬
‫حينئذ ٌ‬ ‫أصبح جمل ًة إسميةً‪ ،‬والجملة اإلسمية‬
‫كريم أبوه‪ :‬على‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫وفاعل‪،‬‬ ‫رجل‪ٌ :‬‬
‫فعل‬ ‫كريم أبوه‪ ،‬جاء ٌ‬
‫ٌ‬ ‫يف النعت السببي‪ :‬جاء ٌ‬
‫رجل‬
‫ٌ‬
‫لـ(رجل)‪ ،‬نعت سببي‪ ،‬وأبوه‪ :‬فاعل لكريم‪ ،‬يعني‬ ‫نعت‬
‫كريم ٌ‬
‫ٌ‬ ‫أنه نعت مفرد‪ ،‬نقول‪:‬‬
‫كرم أبوه‪ ،‬كريم‪ ،‬النعت يكون بالمشتق باألوصاف‪ ،‬اسم الفاعل‪ ،‬اسم المفعول‪،‬‬
‫ُ‬
‫الصفة المشبهة‪ ..‬إلى آخره‪.‬‬
‫وهذه األوصاف تعمل عمل فعلها‪ ،‬فرتفع الفاعل وتنصب المفعول‪ ،‬طيب‪،‬‬
‫كريم أبوه‪،‬‬ ‫رجل‬ ‫ٍ‬
‫فحينئذ تقول‪ :‬جاء ٌ‬ ‫ويجوز أن تجعل النعت من النعت بالجملة‪،‬‬
‫ٌ‬
‫كريم‪ ،‬أبوه‬
‫ٌ‬ ‫رب مقدم‪ ،‬وأبوه‪ :‬مبتد ٌأ مؤخر‪ ،‬كأنك قلت‪ :‬جاء ٌ‬
‫رجل أبوه‬ ‫كريم‪ :‬خ ٌ‬
‫ٌ‬
‫نعت لرجل‪ ،‬وسيأيت أنه نعت بجملة‪.‬‬
‫كريم‪ :‬جملة إسمية ٌ‬
‫ٌ‬
‫َو َن َع دع َ ا با دَ ْم َلة دمنَُ َّرا‬
‫كريم أبوه‪ ،‬والخرب يجوز أن يتقدم كما سبق‬
‫ٌ‬ ‫ثم قدمت الخرب‪ ،‬فقلت‪ :‬جاء ٌ‬
‫رجل‬
‫يف باب المبتدأ والخرب‪ ،‬واألصل يف األخبار أن ُتؤخر‪ ،‬وجوزوا التقديم إذ ال ضرر‪.‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪171h‬‬
‫‪g‬‬
‫نعت‬ ‫ٍ‬
‫كريم‪ٌ :‬‬ ‫نعت سببي‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫كريم أبوه‪ ،‬هذا ٌ‬ ‫مثال‪ :‬مررت برج ٍل‬
‫وكذلك لو قلت ً‬
‫لرجلٍ‪ ،‬وأبوه‪ :‬فاعل‪ ،‬من باب النعت المفرد‪ ،‬ويجوز أن تجعل ذلك من النعت‬
‫كريم‪ :‬خربٌ مقدم‪،‬‬ ‫كريم أبوه‪ ،‬مررت برج ٍل‬ ‫ٍ‬
‫حينئذ‪ :‬مررت برج ٍل‬ ‫بالجملة‪ ،‬فستقول‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫كريم‪ ،‬ثم قدمت الخرب‪ ،‬فيكون‪:‬‬
‫ٌ‬ ‫أبوه‪ :‬مبتدأ مؤخر‪ ،‬كأنك قلت‪ :‬مررت برج ٍل أبوه‬
‫نعت لرجل‪.‬‬
‫كريم أبوه جملة إسمية ٌ‬
‫ٌ‬
‫نعت سببي‪ ،‬طيب‪ ،‬اجعل النعت من‬
‫كريما أبوه‪ٌ ،‬‬
‫رجال ً‬
‫وكذلك لو قلت‪ :‬رأيت ً‬
‫رجال أبوه‬
‫ً‬ ‫كريم أبوه‪ ،‬كأنك قلت‪ :‬رأيت‬
‫ٌ‬ ‫رجال‬
‫ً‬ ‫النعت بالجملة؟ ستقول‪ :‬رأيت‬
‫كريم‪ ،‬ثم قدمت الخرب‪ ،‬طيب‪.‬‬
‫ٌ‬
‫‪ ‬شواهد ومترينات‪:‬‬
‫قال‪( :‬ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ) [اإلنساَّ‪ ]10:‬أين النعت؟‬
‫تفضل‪ ،‬المنعوت والنعت؟‬
‫الب‪)00:22:42@( :‬‬
‫نعت آخر‪ ،‬نعم‪ ،‬كما سبق يف‬
‫وقمطريرا؟ ٌ‬
‫ً‬ ‫عبوسا‪،‬‬
‫ً‬ ‫المنعوت‪ :‬يو ًما‪ ،‬والنعت‪:‬‬
‫الخرب أنه يتعدد‪.‬‬
‫ا‬ ‫للللللللروا بالللللللللا ْ نَ ْي ان َأ ْو بال َ‬
‫للللرا ِة د للللل َع َرا‬
‫للللُ َسل َ‬
‫للللن َواحلللللد َ د ل ْ‬
‫َعل ْ‬ ‫للللللللٌ ْ ََ َرا‬ ‫َو َأ ْم َبل د‬
‫وأيضا النعت يتعدد‪ ،‬وقلنا هنا وهناك وهنالك‪،‬‬
‫أيضا الحال كما سبق تعدد‪ً ،‬‬
‫ً‬
‫وسنردد ذلك اآلن‪ ،‬قلنا‪ :‬إن الخرب والحال والنعت هذه الثالثة من ٍ‬
‫واد واحد‪،‬‬
‫وأصلها واحد؛ فلهذا تتشابه يف األحكام‪ ،‬وسيأيت كالمه بعد قليل على ذلك‪.‬‬

‫طيب‪( ،‬ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ) [ا نعام‪]15:‬؟‬


‫الب‪)00:23:32@( :‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪172h‬‬
‫ٍ‬
‫عظيم؟‬ ‫عظيم‪ ،‬طيب‪ ،‬لو قيل يف الكالم‪ :‬إين أخاف إن عصيت ربي عذاب يو ٍم‬
‫نعت لماذا؟‬
‫فعظيم ٌ‬
‫ٌ‬
‫الب‪)00:23:32@( :‬‬
‫للعذاب‪ ،‬نعم‪.‬‬

‫طيب‪ ،‬قال‪ :‬تعالى‪( :‬ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮﮯ) [الب رة‪]233:‬؟‬


‫الب‪.)00:23:55@( :‬‬
‫ٌ‬
‫مفعول به‪ ،‬حولين‪ :‬ظرف زمان‪،‬‬ ‫الوالدات‪ :‬مبتدأ‪ُ ،‬يرضعن‪ :‬خرب‪ ،‬أوالدهن‪:‬‬
‫وهو منعوت‪ ،‬والنعت؟ كاملين‪ ،‬طيب‪ ،‬هنا النعت ما فائدته؟‬
‫الب‪.)00:24:10@( :‬‬
‫ال‪ ،‬ال‪ ،‬توكيد‪ ،‬ال ليس تأسيس‪ ،‬التوضيح والتخصيص والتأسيس والمدح‬
‫والذم‪ ،‬هذه كلها معاين مؤسسة‪ ،‬يعني ال ُيعرف هذا المعنى إال بذكر النعت‪ ،‬أما‬
‫التأكيد إذا كان معناه معرو ًفا من قبل‪ ،‬فإذا قيل‪ :‬حولين يعني واحد وال ثالثة؟‬
‫اثنين‪ ،‬ثم قال‪ :‬كاملين من باب التأكيد‪.‬‬

‫نعم‪ ،‬طيب‪( ،‬ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ) [ه د‪]103:‬؟ ارفع‬


‫صوتك‪.‬‬
‫الب‪.)00:24:58@( :‬‬
‫نعت آخر يف اآلية؟ ذلك يو ٌم‬
‫ذلك‪ :‬مبتدأ‪ ،‬يو ٌم‪ :‬خرب‪ ،‬مشهو ٌد‪ :‬نعت‪ ،‬هناك ٌ‬
‫مجموع‪ :‬نعت‪ ،‬والمنعوت؟ يوم‪ ،‬ما إعراب الناس؟ ذلك يو ٌم‬
‫ٌ‬ ‫مجموع له الناس‪،‬‬
‫ٌ‬
‫الناس‪.‬‬
‫مجموع له ُ‬
‫ٌ‬
‫الب‪.)00:25:26@( :‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪173h‬‬
‫‪g‬‬
‫جمع له‬
‫نائب فاعل‪ ،‬مجموع‪ :‬اسم مفعول يعمل عمل فعله‪ ،‬يعني ذلك يو ٌم ُي ُ‬
‫الناس‪ ،‬اسم المفعول يعمل عمل الفعل المبني للمجهول‪.‬‬

‫طيب‪( ،‬ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ)‬


‫ٍ‬
‫هماز‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫مهين‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫حالف هذا المنعوت‪،‬‬ ‫[ال لُ‪ ،]12-10:‬خمسة نعوت‪ ،‬وال تطع كل‬
‫ٍ‬
‫مشاء بنميم‪ ،‬منا ٍع للخير‪ٍ ،‬‬
‫معتد‪ ،‬أثيم‪ ،‬ستة صارت‪.‬‬
‫الب‪.)00:26:26@( :‬‬
‫أيضا بعد‪ ،‬ما شاء اهلل‪ ،‬ستة‪ ،‬سبعة‪ ،‬ثمانية ما شاء اهلل‪.‬‬
‫ً‬

‫طيب‪( ،‬ﯺ ﯻ ﯼ) [الرحمن‪ ]66:‬ما إعراب عينان؟‬


‫الب‪.)00:26:46@( :‬‬
‫فيهما عينان‪ ،‬فيهما‪ :‬شبه جملة خرب مقدم‪ ،‬وعينان‪ :‬مبتدأ مؤخر مرفوع‪،‬‬
‫ونضاختان‪ :‬نعت‪ ،‬طيب‪ ،‬أحسنت‪.‬‬

‫طيب‪ ،‬واألمثلة كثيرة‪ ،‬قال‪( :‬ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ)‬


‫[النحق‪ ]69:‬تفضل يا محمد؟‬
‫الب‪.)00:27:26@( :‬‬
‫مختلف‬
‫ٌ‬ ‫مختلف‪ ،‬نعت سببي أم حقيقي؟‬
‫ٌ‬ ‫شراب‪ ،‬والنعت‪:‬‬
‫ٌ‬ ‫أين المنعوت؟‬
‫ألوانه سببي‪ ،‬إ ًذا تبعه يف اإلعراب ويف التعريف والتنكير ما قبله‪ ،‬ومفرد‪ ،‬ال بدَّ أن‬
‫يكون مفر ًدا‪ ،‬وتبعه يف التذكير والتأنيث ما بعده‪.‬‬

‫طيب‪( ،‬ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ) [النساء‪ ،]75:‬أين الموصوف‬


‫يا شباب؟ تفضل‪.‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪174h‬‬
‫الب‪.)00:28:05@( :‬‬
‫القرية‪ ،‬والنعت؟ الظالم‪ ،‬وأهلها؟ من هذه القرية الظالم أهلها‪ ،‬يعني التي يظلم‬
‫أهلها‪ ،‬فاعل‪ ،‬ما الذي رفعه؟ الوصف نعم‪ ،‬طيب‪.‬‬
‫ثم قال ابن مالك‪ ‬بعد ذلك‪:‬‬
‫ا‬ ‫َو ا للللللل ْب ا اه َ ل َ‬ ‫للللت با دم ْ لللللع ََق ََصللللل ْعب َو َة ار ْب‬
‫للللللب‬
‫المنْعَسل ْ‬ ‫للللللَا َو اة ْ َو د‬ ‫َوا ْن َعل ْ‬
‫للللللت َملللللللا دأ ْعطا َي ْعللللللل ده َمبلللللللرا‬
‫َف دٌ ْعطا َيل ْ‬ ‫للللللللللرا‬
‫َ‬ ‫َو َن َع دعللللللللللل َ ا با دَ ْم َللللللللللللة دمنَ ُّل‬
‫للللم ْر ادص ا‬
‫للللب‬ ‫َللللت َفللللال َ َل َأ ْ ا‬ ‫َوإا َّْ َأ ْ‬ ‫اَ ال َّط َلل ا‬
‫للللب‬ ‫وام َنلللللع ه َنلللللا إا َ لللللا َة ا‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ ْ د‬
‫لللللللَ ا ْي َرا‬
‫لللللللرا َد َوال َّعل ْ‬
‫اإل ْفل َ‬ ‫َفللللللللال َع دَم َ ا ا‬ ‫للللللللللرا‬
‫َ‬ ‫َو َن َع دعللللللللللل ا با َم ْصلللللللللللدَ ر ََا ْيل‬
‫ياء العي د نعت ب ا‪ ،‬فليس ق‬ ‫هَه أربعة أبياَ ة ر في ا ابن مالك‪ ‬ا‬
‫ياء العي د نعت ب ا أربعة أ ياء‪-:‬‬ ‫يء يف الل ة د نعت به‪ ،‬وإنما ا‬
‫ا ول‪ :‬المشتق‪.‬‬
‫والَاين‪ :‬الجامد المشابه للمشتق‪.‬‬
‫والَالث‪ :‬الجملة‪.‬‬
‫والرابع‪ :‬المصدر‪.‬‬
‫وقد ذكرها يف هذه األبيات واحدً ا واحدً ا‪ ،‬فنشرحها واحدً ا واحدً ا تب ًعا لكالم‬
‫ابن مالك‪.‬‬
‫قال عن األول‪ ،‬الشيء األول الذي ُينعت به؛ وهو المشتق‪ ،‬قال‪:‬‬
‫ت با دم ْ ع ََق ََص ْعب َو َة ار ْب‬
‫َوا ْن َع ْ‬
‫والمراد بالمشتق هنا الوصف‪ ،‬وعرفنا الوصف من قبل‪ ،‬الوصف جمعه‬
‫ٍ‬
‫حدث وصاحبه‪ ،‬شرحنا ذلك أكثر من‬ ‫أوصاف‪ ،‬و ُيراد بالوصف كل ٍ‬
‫اسم َّ‬
‫دل على‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪175h‬‬
‫‪g‬‬
‫مرة‪ ،‬واألوصاف خمسة أشياء‪ :‬اسم الفاعل‪ ،‬واسم المفعول‪ ،‬وصيغ المبالغة‪،‬‬
‫والصفة المشبهة‪ ،‬واسم التفضيل‪ ،‬هذه خمسة أشياء تسمى األوصاف‪.‬‬
‫طيب‪ ،‬هي المرادة هنا‪ ،‬فهذه األوصاف كلها تقع نعتًا‪ ،‬وهي األصل يف النعت‪،‬‬
‫والثالثة الباقية‪ :‬الجامد المشابه للمشتق‪ ،‬والجملة‪ ،‬والمصدر‪ ،‬هذه الثالثة إنما تقع‬
‫نعتًا ألهنا مؤول ٌة بالمشتق‪ ،‬كما سيأيت فيها‪ ،‬إ ًذا فالنعت بالمشتق هو األصل يف‬
‫النعت‪.‬‬
‫ٌ‬
‫رجل‬ ‫راكض‪ :‬اسم فاعل‪ ،‬جاء‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫رجل‬ ‫ومن النعت بالمشتق‪ :‬قولك‪ :‬جاء‬
‫لعاب‪ :‬صيغة مبالغة‪ ،‬جاء ٌ‬
‫رجل حس ٌن‪ :‬صف ٌة‬ ‫ٌ‬ ‫مضروب‪ :‬اسم مفعول‪ ،‬جاء ولدٌ‬
‫ٌ‬
‫مشبهة‪ ،‬جاء الطالب األفضل‪ :‬اسم تفضيل‪ ،‬وم َّثل ابن مالك لذلك بقوله‪:‬‬
‫ََص ْعب َو َة ار ْب‬
‫ٍ‬
‫كصعب ودرب" بالدال‬‫وهما صفتان مشبهتان‪ ،‬وجاء يف بعض نسخ األلفية‪" :‬‬
‫المهملة‪ ،‬فذرب بالذال الحاد من كل شيء‪ ،‬الحاد من كل شيء يسمى ذرب‪،‬‬
‫رجل ِ‬
‫درب‪ ،‬هذا‬ ‫عامل ِ‬
‫درب‪ ،‬هذا ٌ‬ ‫مثال ٌ‬‫والدرب بالدال الماهر الحاذق‪ ،‬تقول‪ :‬هذا ً‬
‫ماهرا حاذ ًقا‪.‬‬ ‫لسان ِ‬
‫درب‪ ،‬إذا كان ً‬ ‫ٌ‬
‫الذرب بمعنى الحاد من كل شيء‪ ،‬وتأيت الدال ِ‬
‫الدرب بمعنى‬ ‫تأيت بالذال ِ‬
‫الماهر الحاذق‪ ،‬طيب‪ ،‬وكال ذلك جاء يف نسخ األلفية‪ ،‬وقد قيل ونقول‪ :‬كان‬
‫األحسن بابن مالك‪ ‬أن يقول يف هذا البيت‪ ،‬أو يف هذا الشطر من البيت‪ ،‬أن‬
‫ٍ‬
‫بوصف‪ ،‬وإنما قال‪:‬‬ ‫صعب وذرب‪ ،‬ولم يقل‪ :‬وانعت‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بوصف مثل‬ ‫يقول‪ :‬وانعت‬
‫وخصوص من‬
‫ٌ‬ ‫ٍ‬
‫بمشتق‪ ،‬ما الفرق بين المشتق والوصف؟ بينهما عمو ٌم‬ ‫وانعت‬
‫وجه‪ ،‬وال عمو ٌم وخصوص؟‬
‫الب‪.)00:33:06@( :‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪176h‬‬
‫اسم ُأخذ‬
‫عام؛ ألن المشتق عام‪ ،‬االسم المشتق هو ما ُأخذ من المصدر‪ ،‬كل ٍ‬
‫مشتق منه‪ ،‬فالمشتق يشمل الوصف‪ ،‬وهي الخمسة المذكورة‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫من المصدر فهو‬
‫حدث وصاحبه‪ ،‬ويشمل غيره مما ال ُينعت به‪ ،‬كأسماء المكان‬ ‫ٍ‬ ‫دل على‬‫وهو ما َّ‬
‫أيضا مشتقات‪ ،‬ولكنه ال ُينعت هبا‪ ،‬وإنما النعت‬
‫وأسماء الزمان وأسماء اآللة‪ ،‬فهذه ً‬
‫يكون بالوصف‪.‬‬
‫وحاول بعضهم الدفاع عن لفظ ابن مالك‪ ،‬وقال‪ :‬إنما أراد بالمشتق الوصف‪،‬‬
‫وهذا ال شك فيه‪ ،‬وع َّين هذا المعنى بالمثال‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫ََص ْعب َو َة ار ْب‬
‫صعب ِ‬
‫وذرب‪ ،‬وهذا كأنه مقبول؛ ألن ابن‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بمشتق اشتقا ًقا كاشتقاق‬ ‫يعني انعت‬
‫فكثيرا ما ُيعمم الحكم ثم يخصه بالمثال‪ ،‬ولكن ال‬
‫ً‬ ‫كثيرا يف ألفيته‪،‬‬
‫مالك يفعله ً‬
‫شك أنك إذا استطعت أن تخصص الحكم‪ ،‬وأن تخصص المثال‪ ،‬فهذا هو‬
‫صعب و َذ ِرب‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بوصف مثل‬ ‫المطلوب واألفضل‪ ،‬وهذا ممكن بنحو قولنا‪ :‬وانعت‬
‫فهذا هو األمر األول الذي ُينعت به‪ ،‬وهو الوصف‪ ،‬الذي قال عنه ابن مالك‪:‬‬
‫مشتق‪.‬‬
‫األمر الثاين مما ُينعت به قلنا‪ :‬الجامد الذي ُيشبه المشتق‪ ،‬يعني الجامد الذي‬
‫يؤول بالمشتق‪ ،‬وفيه يقول ابن مالك‪:‬‬
‫ا‬ ‫ا ا‬
‫ب‬ ‫َو ْب ا ه َََا َو اة ْ َو د‬
‫المنْعَس ْ‬
‫شبهه يعني وشبه المشتق‪ ،‬شبه المشتق ما فيه معنى المشتق دون لفظه‪ ،‬يعني‬
‫هو االسم الجامد الذي يؤول بمشتق‪ ،‬هو يف األصل اسم جامد‪ ،‬لكن المعنى الذي‬
‫تريده منه يف هذا المثال تريد معنى ٍ‬
‫اسم مشتق‪.‬‬
‫م ََّق على ةلك بَال ة أمَلة‪ :‬قال‪ :‬كذا‪ ،‬يريد أسماء اإلشارة‪ ،‬كقولك‪ :‬مررت‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪177h‬‬
‫‪g‬‬
‫ٌ‬
‫مؤول‬ ‫بزيد هذا‪ٍ ،‬‬
‫زيد‪ :‬منعوت‪ ،‬هذا‪ :‬نعت‪ ،‬طيب وهذا ليس وص ًفا‪ ،‬ولكنه‬ ‫ٍ‬
‫بزيد الحاضر‪ ،‬أو ٍ‬
‫بزيد المشار إليه‪،‬‬ ‫بالوصف؛ ألنه يؤول بنحو الحاضر‪ ،‬مررت ٍ‬

‫تؤول بمشتق‪.‬‬
‫والمَال الَاين‪ :‬كذا وذي‪ ،‬ذي‪ :‬يريد ذو التي بمعنى صاحب من األسماء‬
‫رجال ذا‬ ‫الخمسة أو الستة بمعنى صاحب‪ ،‬تقول‪ :‬مررت برج ٍل ذي ٍ‬
‫مال‪ ،‬ورأيت ً‬
‫رجل ذو ٍ‬
‫مال‪ ،‬ذو هنا اسم جامد‪ ،‬ولكنه وقع نعتًا ألنه بمعنى صاحب‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫مال‪ ،‬وجاء ٌ‬
‫وصاحب مشتق‪.‬‬
‫والمَالث الَالث‪ :‬قال‪ :‬والمنتسب‪ ،‬يعني االسم المنسوب؛ ألن االسم‬
‫منسوب إلى قريش‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫دائما بمعنى اسم المفعول‪ ،‬فقولك‪ُ :‬قرشي أي‬
‫المنسوب ً‬
‫دائما حكمه حكم اسم المفعول‪،‬‬
‫منسوب إلى دمشق‪ ،‬فالمنسوب ً‬
‫ٌ‬ ‫ودمشقي أي‬
‫ٍ‬
‫قرشي‪ ،‬برجل‪ :‬منعوت‪ ،‬قرشي‪ :‬نعت‪ ،‬ما معنى قرشي؟ أي‬ ‫تقول‪ :‬مررت برج ٍل‬
‫ٍ‬
‫منسوب إلى قريش‪.‬‬ ‫مررت برج ٍل‬
‫مثال‪ :‬مررت برج ٍل قرشي أبوه‪ ،‬ما إعراب أبوه؟ األدق أنه نائب‬
‫فلو قلت ً‬
‫ٍ‬
‫قريش أبوه‪ ،‬ولو قلت فاعل لصح‪ ،‬لكن ستُقدر منتسب‪،‬‬ ‫منسوب إلى‬
‫ٌ‬ ‫فاعل‪ ،‬يعني‬
‫ٍ‬
‫قريش أبوه‪ ،‬كما قال ابن مالك‪:‬‬ ‫منتسب إلى‬
‫ٌ‬ ‫منتسب إلى قريش‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫قرشي يعني‬
‫ب‬ ‫ا‬
‫المنْعَس ْ‬
‫َو د‬
‫منتسب أو منسوب‪ ،‬منسوب‪ :‬اسم مفعول‪ ،‬ومنتسب‪ :‬اسم فاعل‪ ،‬والمعنى‬
‫واحد‪ ،‬فهذا الشيء الثاين الذي ُينعت به‪ ،‬وهو الجامد الذي بمعنى المشتق‪ ،‬يعني‬
‫ٍ‬
‫مؤول بمشتق فال يمكن أن يقع‬ ‫الذي يؤول بالمشتق‪ ،‬أما إذا كان الجامد غير‬
‫قلما!! ما يصح النعت هنا‪.‬‬
‫رجال ً‬
‫كأسا‪ ،‬أو رأيت ً‬ ‫وص ًفا‪ ،‬ال تقول‪ :‬رأيت ً‬
‫رجال ً‬
‫جدارا‪ ،‬إذا لم ترد حقيقة الجدار االسم‬
‫ً‬ ‫رجال‬
‫ً‬ ‫ل‪ :‬رأيت‬ ‫لُن مُن أَّ‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪178h‬‬
‫رجال صل ًبا أو قو ًيا أو صامدً ا أو نحو‬
‫ً‬ ‫الجامد هذا‪ ،‬وإنما أردت أن تقول‪ :‬رأيت‬
‫رجال أسدً ا‪ ،‬أسد هذا جامد أو‬
‫حينئذ يصح‪ ،‬حينها يصح‪ ،‬كما لو قلت‪ :‬رأيت ً‬‫ٍ‬ ‫ذلك‪،‬‬
‫مشتق؟ هذا جامد‪ ،‬إذا أردت حقيقة األسد ما صح الوصف‪.‬‬
‫رجال‬ ‫رجال أسدً ا‪ ،‬أو جاء ٌ‬
‫رجل أسدٌ ‪ ،‬يعني رأيت ً‬ ‫لُن ل أردَ ب لك‪ :‬رأيت ً‬
‫رجال مشاهبًا لألسد‪ ،‬هنا صح؛ ألن الجامد هنا بمعنى المشتق‪ ،‬يعني‬
‫قو ًيا‪ ،‬أو رأيت ً‬
‫هذا المعنى الذي يريده المتكلم‪ ،‬والعربي ال شك أن لغته واسعة يف هذه األمور‪.‬‬
‫ا مر الَالث مما نعت به‪ ،‬من دَ رنا به ا إم اَّ؟‬
‫الب‪)00:39:41@( :‬‬
‫الجملة؛ قال فيها ابن مالك‪:‬‬
‫للللللت َملللللللا دأ ْعطا َي ْعللللللل ده َمبلللللللرا‬
‫َف دٌ ْعطا َيل ْ‬ ‫للللللللللرا‬
‫َ‬ ‫َو َن َع دعللللللللللل َ ا با دَ ْم َللللللللللللة دمنَ ُّل‬
‫للللم ْر ادص ا‬
‫للللب‬ ‫َللللت َفللللال َ َل َأ ْ ا‬ ‫َوإا َّْ َأ ْ‬ ‫اَ ال َّط َلل ا‬
‫للللب‬ ‫وامنَلللللع هنَلللللا إا َ لللللا َة ا‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ ْ د‬
‫ٍ‬
‫بجملة‬ ‫الشيء الثالث الذي ُينعت به الجملة‪ ،‬وفيها قال ابن مالك‪ :‬ونعتوا‬
‫ٌ‬
‫رجل‬ ‫ٍ‬
‫لمنعوت منكر‪ ،‬تقول‪ :‬جاء‬ ‫منكرة‪ ،‬أي‪ :‬أن النعت بالجملة ال يكون إال‬
‫رجال يصلي‪ ،‬وهكذا‪.‬‬
‫يركض‪ ،‬ورأيت طال ًبا يكتب‪ ،‬ورأيت ً‬
‫وا ع الَملة نععا لمعرفة‪ ،‬فإَّ قلت مَال‪ :‬جاء الرجل يركض‪ ،‬ورأيت‬
‫الطالب يكتب‪ ،‬ورأيت محمدً ا يصلي‪ ،‬فهذه جمل ٌة فعلية جاءت بعد معرفة‪،‬‬
‫حاال‪ ،‬ال نعتًا‪ ،‬والسبب يف ذلك أن الجمل وكذلك أشباه‬ ‫ٍ‬
‫حينئذ تكون ً‬ ‫فالجملة‬
‫الجمل يف حكم النكرات‪ ،‬ال نقول نكرات‪ ،‬وإنما نقول يف حكم النكرات‪.‬‬
‫ألن التعريف والتنكير من خصائص األسماء‪ ،‬االسم هو الذي يوصف بأنه‬
‫معرفة أو نكرة‪ ،‬أما غير االسم من األفعال والحروف والجمل وأشباه الجمل‪ ،‬هذه‬
‫ال توصف بأهنا معارف وال نكرات‪ ،‬إال أن الجمل وأشباه الجمل يف حكم‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪179h‬‬
‫‪g‬‬
‫نعت‪ ،‬وإذا‬ ‫ٍ‬
‫منعوت نكرة فهي ٌ‬ ‫النكرات؛ فلهذا تأخذ حكم النكرة‪ ،‬فإذا وقعت بعد‬
‫وقعت بعد معرفة صارت ً‬
‫حاال‪.‬‬
‫راكض‪ ،‬رأيت‬ ‫كاالسم؛ فإن االسم النكرة إذا وقع بعد نكرة كقولك‪ :‬جاء ٌ‬
‫رجل ٌ‬
‫رجال مصل ًيا‪ ،‬صار نعتًا‪ ،‬وإذا جاء هذا النعت المنكر بعد معرفة‪،‬‬
‫طال ًبا كات ًبا‪ ،‬رأيت ً‬
‫راكضا‪ ،‬ورأيت الطالب كات ًبا‪ ،‬ورأيت محمدً ا مصل ًيا‪ ،‬صارت‬
‫ً‬ ‫كقولك‪ :‬جاء الرجل‬
‫ً‬
‫حاال‪ ،‬فالنعت يف ذلك كاالسم‪.‬‬
‫وألن الجملة يف حكم النكرات وقعت خربًا‪ ،‬ووقعت ً‬
‫حاال‪ ،‬وقعت خربًا‬
‫كقولك‪ :‬محمدٌ يقوم‪ ،‬ومحمدٌ يصلي‪ ،‬ووقعت ً‬
‫حاال كما مثلنا‪ :‬جاء محمدٌ يركض‪،‬‬
‫وذلك أن الخرب والحال والنعت من ٍ‬
‫واد واحد‪ ،‬بل هي يف حقيقة المعنى شي ٌء‬
‫راكض‪ ،‬أو قلت‪ :‬جاء محمدٌ الراكض‪ ،‬أو قلت‪ :‬جاء‬
‫ٌ‬ ‫واحد‪ ،‬فأنت إذا قلت‪ :‬محمدٌ‬
‫راكضا‪ ،‬خرب وحال ونعت‪.‬‬
‫ً‬ ‫محمدً ا‬
‫ٍ‬
‫محمد بالركض‪ ،‬لكن مرة عن طريق‬ ‫فكلها على معنًى واحد‪ ،‬وهو وصف‬
‫الخربية‪ ،‬ومرة عن طريق الحالية‪ ،‬ومرة عن طريق النعت‪ ،‬المعاين الدقيقة تختلف‪،‬‬
‫نعم‪ ،‬معنى الحال يختلف عن معنى النعت عن معنى الخرب‪ ،‬لكن المعنى العام هنو‬
‫محمد بالركض؛ فلهذا نجد أن هذه الثالثة من ٍ‬
‫واد واحد؛ فلهذا تشرتك‬ ‫ٍ‬ ‫وصف‬
‫كثيرا يف األحكام‪.‬‬
‫ً‬
‫وهذا الذي ذكره ابن مالك لنا‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫للللللت َملللللللا دأ ْعطا َي ْعللللللل ده َمبلللللللرا‬
‫َف دٌ ْعطا َيل ْ‬ ‫للللللللللرا‬
‫َ‬ ‫َو َن َع دعللللللللللل َ ا با دَ ْم َللللللللللللة دمنَ ُّل‬
‫يعني حكم الجملة النعتية كحكم الجملة الخربية‪ ،‬والجملة الخربية تقدمت‬
‫يف باب المبتدأ والخرب‪ ،‬وقلنا هناك يف أحكامها‪ :‬إن الجملة إذا وقعت خربًا اشتُرط‬
‫ضمير يربطها بالمبتدأ‪ ،‬وهنا نقول‪ :‬الجملة إذا وقعت نعتًا‬
‫ٌ‬ ‫فيها أن يكون فيها‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪180h‬‬
‫ف ُيشرتط أن يكون فيها ضمير يربطها بالمنعوت‪.‬‬
‫ألن الجملة يف األصل يعني جملة مستقلة عن المنعوت‪ ،‬فال بدَّ أن يكون فيها‬
‫مثال‪ :‬جاء ٌ‬
‫رجل يركض‪ ،‬أين فاعل‬ ‫ضمير يربطها بالمنعوت ليصح الكالم‪ ،‬فتقول ً‬
‫ضمير مسترت هو‪ ،‬وهو هذا الضمير المسترت يعود‬
‫ٌ‬ ‫يركض؟ جاء ٌ‬
‫رجل يركض هو‪،‬‬
‫نعت لرجل‪.‬‬
‫إلى من؟ إلى رجل‪ ،‬فيركض هو‪ :‬جملة فعلية ٌ‬
‫أما إةا قلت‪ :‬جاء ٌ‬
‫رجل يركض أبوه‪ ،‬فأين فاعل يركض؟ أبوه‪ ،‬أب هذا ليس‬
‫ضميرا‪ ،‬طيب‪ ،‬أين الرابط بين الجملة النعتية والمنعوت؟ الهاء يف أبوه‪ ،‬أي ضمير‪،‬‬
‫ً‬
‫ميرا معينًا‪ ،‬اشرتطنا وجود ضمير‪.‬‬
‫نحن ما اشرتطنا ض ً‬
‫كريم‪ ،‬جاء ٌ‬
‫رجل ثيابه‬ ‫ٌ‬ ‫و َلك يف الَملة اإلسمية‪ ،‬ل قلت‪ :‬جاء ٌ‬
‫رجل أبوه‬
‫نظيفةٌ‪ ،‬نعم يستقيم الكالم‪ ،‬لكن ما يستقيم الكالم بال ضمير‪ ،‬ال تقول‪ :‬جاء ٌ‬
‫رجل‬
‫كريم!! ما يستقيم الكالم هبذه الطريقة‪ ،‬ال بدَّ‬
‫ٌ‬ ‫محمدٌ زيدٌ ‪ ،‬ما يصلح‪ ،‬جاء محمدٌ زيدٌ‬
‫من الجملة الواقعة نعتًا أن يكون فيها ضمير يربطها بالمنعوت‪.‬‬
‫ٍ‬
‫ضمير فيها يربطها‬ ‫طيب‪ ،‬قلنا يا إخوان ُيشرتط يف الجملة النعتية وجود‬
‫بالمنعوت‪ ،‬ثم أكرر عليكم‪-‬وانظر النحو كله تكرير‪ -‬ما أقول نحن اشرتطنا‬
‫الوجود‪ ،‬ولم نشرتط التصريح والظهور‪ ،‬يعني ال ُيشرتط يف هذا الضمير أن يكون‬
‫ظاهرا يف الجملة ملفو ًظا به‪ ،‬وإنما نشرتط أن يكون موجو ًدا؛ فلهذا حتى لو ُحذف‬
‫ً‬
‫الجملة مستقيمة‪.‬‬
‫رجل أحبه‪ ،‬أو تقول‪ :‬جاء ٌ‬
‫رجل أحب‪ ،‬أحبه‪ :‬هذه‬ ‫ل‪ :‬جاء ٌ‬ ‫فل َا صح أَّ‬
‫جملة نعتية‪ ،‬والرابط الهاء‪ ،‬يجوز أن تحذف هذا الرابط‪ ،‬فتقول‪ :‬جاء ٌ‬
‫رجل أحب‪،‬‬
‫أين الرابط؟ الهاء المحذوفة‪ ،‬طيب‪ ،‬هذه الهاء المحذوفة موجودة يف الجملة أم‬
‫كثيرا‪.‬‬
‫غير موجودة؟ هذا السؤال سألته ً‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪181h‬‬
‫‪g‬‬
‫ال اء م ج دة؛ ول َا ن ل‪ :‬محذوفة‪ ،‬قولنا‪ :‬محذوفة يعني موجودة؛ ألن‬
‫الحذف ال يقع إال على موجود‪ ،‬هل ُيتصور أن توقع الحذف على معدود‪ ،‬فرق بين‬
‫أصال يف الجملة‪ ،‬كقولك‪:‬‬
‫المحذوف والمعدوم؛ المعدوم يعني كلمة غير موجودة ً‬
‫جاء ٌ‬
‫رجل أحب‪ ،‬هذه الجملة فيها ظرف زمان؟ ال‪ ،‬طب هل هو محذوف؟ يعني‬
‫وحذف؟‬
‫موجود ُ‬
‫أصال‪ ،‬لكن الضمير الرابط موجود فيها وال هو غير‬
‫هذا معدوم غير موجود ً‬
‫موجود؟ هو موجود‪ ،‬ولكننا حذفناه‪ ،‬يعني لم نلفظ به‪ ،‬وقولك‪ :‬محذوف ٌ‬
‫دليل‬
‫على أنه موجود‪ ،‬ومثلنا أكثر من مرة بالقلم‪ ،‬وقلنا‪ :‬هذا القلم موجود يف المسجد؟‬
‫موجود يف المسجد‪ ،‬طيب‪ ،‬اآلن موجود يف المسجد وال غير موجود؟ موجود يف‬
‫المسجد‪ ،‬الفرق أنه يف الصورة األولى موجو ٌد ظاهر‪ ،‬ويف الصورة الثانية موجود‬
‫غير ظاهر‪.‬‬
‫كونه غير ظاهر ال يدل على أنه معدوم‪ ،‬بل يدل على أنه غير ظاهر فقط؛ ولهذا‬
‫كلما قلنا ُيشرتط وجود الشيء يعني أنه موجود‪ ،‬سواء كان ملفوظ به أم كان‬
‫موجو ًدا ثم ُحذف‪.‬‬

‫ومن ذلك قول اهلل‪( :‬ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ)‬


‫نفس عن‬ ‫ٌ‬
‫مفعول به‪ ،‬ثم نعته بالجملة الفعلية‪ :‬ال تجزي ٌ‬ ‫[الب رة‪]48:‬؛ واتقوا يو ًما‪:‬‬
‫ضمير محذوف‪ ،‬والتقدير‪-‬‬
‫ٌ‬ ‫ٍ‬
‫نفس شي ًئا‪ ،‬أين الرابط بين الجملة النعتية والمنعوت؟‬
‫نفس عن ٍ‬
‫نفس شي ًئا‪.‬‬ ‫واهلل أعلم‪ :-‬واتقوا يو ًما ال تجزي فيه ٌ‬
‫ومن ذلك قول الشاعر‪:‬‬
‫و للللل ل اللللللدهر أم مل ِ‬
‫للللال أصلللللاب ا‪.‬‬ ‫وملللللللللا أدر أغيلللللللللرهُ نلللللللللائن‬
‫أي‪ :‬أم ٌ‬
‫مال أصابوه‪ ،‬ثم حذف هذا الرابط‪.‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪182h‬‬
‫طيب‪ ،‬يف النعت بالجملة بقيت فائدة؛ وهي أن المنعوت المنكر يكون نعته‬
‫الحقيقي نكرة والسببي‪ ،‬طيب‪ ،‬والمنعوت المعرف يجب أن يكون نعته معرفة‪،‬‬
‫ماشي‪.‬‬
‫ٍ‬
‫شبيهة بالمسألة التي ذكرهتا قبل قليل‪ ،‬أن تكون الكلمة لها‬ ‫ٍ‬
‫مسألة‬ ‫نعود إلى‬
‫معنيان‪ ،‬فإن كانت الكلمة معرف ًة يف قوة النكرة؛ يعني لفظها وشكلها وجرمها‬
‫معرفة‪ ،‬لكنها يف معناها وحقيقتها نكرة‪ ،‬يعنون بذلك االسم المعرف بــ(ال)‬
‫الجنسية‪ ،‬وهذا درسناه يف المعرف بـ(ال)‪( ،‬ال) إما عهدية وإما جنسية‪ ،‬فالعهدية‬
‫ُيراد هبا شي ٌء معين واحد‪ ،‬هذه عهدية معرفة ال شك يف ذلك‪.‬‬
‫يب‪ ،‬والَنسية؟ هي الداخلة على جنس‪ ،‬كأن تقول‪ :‬الرجل أقوى من‬
‫رجال معينًا؟ طيب‪ ،‬جنس الرجل شيء معين أو يف أفراد كثيرون؟‬
‫ً‬ ‫المرأة‪ ،‬تريد‬
‫طيب‪ ،‬تريد كل هذا الجنس؟ هل كل رجل أقوى من كل امرأة؟ ما توجد امرأة‬
‫أقوى من رجل من الرجال! بلى‪.‬‬
‫إ ًذا ليس المراد العهد‪ ،‬ليس كل رجل أقوى من كل امرأة‪ ،‬وإنما الجنس‪ ،‬يعني‬
‫هذا الجنس عمو ًما أقوى من هذا الجنس عمو ًما‪ ،‬فهذه (ال) الجنسية‪ ،‬فــ(ال)‬
‫المعرفة بــ(ال) الجنسية هو نعم معرفة‪ ،‬لكنه يف قوة النكرة‪ ،‬فإذا نعته بجملة فهذه‬
‫الجملة أم حال؟!‬
‫الب‪ :‬يصح الوجهان‪.‬‬
‫كثير من المتأخرين كابن هشام وغيره‪ ،‬ومن ذلك‬
‫يصح الوجهان‪ ،‬كذا يقول ٌ‬
‫قول الشاعر‪:‬‬
‫فماللللليت لللللُ قللللللت ا عنينلللللي‬ ‫ول للللد أمللللر علللللى اللسلللليُ سللللبني‬
‫رجال معينًا‪ ،‬وإنما يعني به هذا الجنس من الناس‪ ،‬كأنه قال‪:‬‬
‫اللئيم ال يعني به ً‬
‫لئيم يسبني‪ ،‬لو قال‪ٍ :‬‬
‫لئيم يسبني‪ ،‬فيسبني جملة نعتية ال شك‪ ،‬لكن‬ ‫ولقد أمر على ٍ‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪183h‬‬
‫‪g‬‬
‫عندما قال‪ :‬ولقد أمر على اللئيم يسبني‪ ،‬هل هي حال؟ يعني ولقد أمر على اللئيم‬
‫حالة كونه يسبني؟ أم نعت يعني ولقد أمر على ٍ‬
‫لئيم يسبني؟‬
‫نعم‪ ،‬المعنيان صحيحان‪ ،‬وجائزان عند المتأخرين‪ ،‬أما أكثر المتقدمين فإهنم‬
‫حاال؟ تكون ً‬
‫حاال؛‬ ‫يراعون يف ذلك اللفظ‪ ،‬يعني الجملة بعد ذلك تكون نعتًا أو ً‬
‫ولهذا إنما يذكر المتأخرون الخالف يف نحو ذلك يف الجمل‪ ،‬لكن يف االسم‪،‬‬
‫مثال ما قلت‪ :‬يسبني‪ ،‬لو قلت‪ :‬سا ًبا إياي‪ ،‬أتيت باسم الفاعل‪ ،‬ماذا‬
‫الوصف لو ً‬
‫تقول؟ ولقد أمر على اللئيم ٍ‬
‫ساب إياي‪ ،‬أم ولقد أمر على اللئيم سا ًبا إياي؟‬
‫تقول‪ :‬سا ًبا‪ ،‬هذا سا ًبا ً‬
‫قوال واحدً ا‪ ،‬وإنما الكالم يف الجملة‪ ،‬والجملة كما قلنا‬
‫كثير من المتأخرين المحققين‬
‫يف حكم النكرة‪ ،‬فتأخذ حكم االسم؛ فلهذا يعني ٌ‬
‫يذكرون جواز الوجهين‪ ،‬كابن مالك وابن هشام وغيرهم‪ ،‬نعم‪.‬‬
‫الب‪)00:53:46@( :‬؟‬
‫ال أدري‪ ،‬أنا ال أدري‪ ،‬ظاهر كالم المتقدمين على أن الحكم واحد يف الجملة‬
‫ويف الوصف‪ ،‬لكني ما تتبعت المسألة‪.‬‬
‫الب‪)00:54:00@( :‬؟‬
‫العلم أوسع من ذلك‪ ،‬وخاص ًة أن هناك مسائل ليس فيها نصوص كالشريعة‪،‬‬
‫الشريعة فيها نص فينتهي األمر‪ ،‬لكن اللغة فيها أساليب كثيرة جدً ا؛ ولهذا يعني‬
‫يصح يف اللغة أن تقول كم ترك األول لآلخر‪ ،‬هي مسائل كثيرة يعني ما تكلم فيها‬
‫المتقدمون بتوسع‪ ،‬تكلموا فيها كالم يعني قد تجد لهم كال ًما‪ ،‬لكن ليس متوس ًعا‪.‬‬
‫كثيرا‪ ،‬آيات وأشعار‪،‬‬
‫وعندما تعود إلى اللغة بعد ذلك تجد فيها سما ًعا ً‬
‫كثير‬
‫فتستطيع أن تضيف أشياء كثيرة جدً ا على ما قاله المتقدمون‪ ،‬وهذا الذي فعله ٌ‬
‫من المتأخرين؛ فلهذا ابن مالك هذا قمة يف النحو‪ ،‬ومجتهد‪ ،‬وأتى بأقوال جديدة‬
‫كثيرة لم يقل هبا المتقدمون‪ ،‬وكذلك ابن هشام‪ ،‬وكذلك أبو حيان‪ ،‬وكذلك‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪184h‬‬
‫السيوطي‪ ،‬وغيرهم من العلماء الكبار‪.‬‬
‫قال ابن مالك‪:‬‬
‫َو َن َع دع َ ا با دَ ْم َلة‬
‫ٍ‬
‫بجملة‪ ،‬نكر يعني يشمل جميع أنواع الجمل الفعلية واإلسمية‪ ،‬وهذا واضح‪،‬‬
‫أيضا يشمل الخربية وغير الخربية‪ ،‬الخربية كاألمثلة السابقة كلها‪ ،‬وغير‬
‫وإطالقه ً‬
‫الخربية هذا الذي يشمله التعميم؛ فلهذا قيد يف البيت التالي‪ ،‬فماذا قال؟‬
‫قال‪:‬‬
‫وامنَع هنَا إا َ ا َة ا‬
‫اَ ال َّط َل ا‬
‫ب‬ ‫َ ْ ْ د ْ َ‬
‫هنا يف النعت ُيمنع أن يقع الطلب نعتًا‪ ،‬طيب‪ ،‬وقال ذلك بعد أن قال‪:‬‬
‫ت َما دأ ْعطا َي ْع ده َمبرا‬
‫َف دٌ ْعطا َي ْ‬
‫يف الخرب يجوز أن يقع الطلب خربًا‪ ،‬يف الخرب يجوز أن تقول‪ :‬محمدٌ ‪ ،‬ثم تخرب‬
‫عنه بجملة خربية أو بجملة إنشائية طلبية‪ ،‬فتقول‪ :‬محمدٌ اضربه‪ ،‬محمدٌ اكرمه‪،‬‬
‫محمدٌ ال ُتهنه‪ ،‬محمدٌ هل سافر؟ هذه إنشاء طلبي‪ ،‬أما يف النعت ال يجوز أن تقعد‬
‫رجل ال ُتهنه‪ ،‬جاء ٌ‬
‫رجل هل‬ ‫رجل أكرمه‪ ،‬جاء ٌ‬
‫الجملة الطلبية نعتًا‪ ،‬ال تقول‪ :‬جاء ٌ‬
‫سافر؟ هذا ال يصح‪.‬‬
‫وانظر‪ ،‬النحوي هنا يقول‪ :‬ال يصح ويمشي‪ ،‬لكن أنت ال بدَّ أن تدرس النحو‬
‫كله لتعرف‪ ،‬فإذا جعلت هذه الجملة نعتًا لم يصح الكالم‪ ،‬لكن لو جعلته جملة‬
‫مستقلة‪ ،‬جملة مستأنفة جديدة‪ ،‬كأن تقول‪ :‬جاء ٌ‬
‫رجل‪ ،..‬ثم تستأنف اكرمه‪ ،‬لم‬
‫تجعل اكرمه نعتًا‪ ،‬وإنما جعلته جملة مستأنفة‪ ،‬هذا يصح‪ ،‬ال إشكال يف ذلك‪.‬‬
‫َر من ةلك‪ ،‬واهلل أعلُ‪ ،‬وصلى اهلل وسلُ على نبينا‬ ‫أما ال قت ا عسع‬
‫محمد‪ ،‬وعلى آله وأصحابه أجمعين‪.‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪185h‬‬
‫‪g‬‬

‫الدرس الثاني والثمانون‬


‫﷽‬

‫الحمد هلل رب العالمين‪ ،‬والصالة والسالم على نبينا محمد‪ ،‬وعلى آله‬
‫وأصحابه أجمعين‪ ،‬أما بعد‪-:‬‬
‫فسالم اهلل عليكم ورحمته وبركاته‪ ،‬ح َّياكم اهلل وب َّياكم يف هذه الليلة؛ ليلة‬
‫ٍ‬
‫وأربعمائة وألف)‬ ‫ٍ‬
‫ثالث وثالثين‬ ‫اإلثنين (الرابع عشر من شهر ربي ٍع األول من سنة‬
‫من هجرة المصطفى ‪ ،‬ونحن يف جامع الراجحي يف مدينة الرياض‪ ،‬نعقد‪-‬بحمد‬
‫اهلل وتوفيقه‪ -‬الدرس (الثاين والثمانين) من دروس شرح ألفية ابن مالك‪-‬عليه‬
‫رحمة اهلل‪.-‬‬
‫وكنا قد وصلنا يا إخوان يف الدروس إلى باب النعت من هذه األلفية المباركة‪،‬‬
‫وشرحنا من هذا الباب ثالثة األبيات األولى‪ ،‬نقرأها ثم بعد ذلك نكمل ما بعدها‪-‬‬
‫إن شاء اهلل تعالى‪.-‬‬
‫افععح ابن مالك‪ ‬هَا الباب ب له‪:‬‬
‫للللم اه َأو وسلللل اُ مللللا با ا‬
‫لللله ا ْع َع َل ْ‬
‫للللق‬ ‫با س ا‬ ‫لللللت َلللللابا ِع دملللللعاُ َملللللا َسللللل َب ْق‬
‫َفالنَّ ْع د‬
‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ ْ‬
‫َلللللام در ْر با َ للللل م َدر َملللللا‬
‫ْ‬ ‫لا َملللللا َلللللالَ‬ ‫َولللل دي ْع َ فالللي ال َّع ْعرا الللف َوال َّعنُْايلللرا َملللا‬
‫ف َملللا َق َفللل ا‬ ‫اسللل اهما ا‬
‫َالف ْع ا‬
‫لللق َفلللا ْق د‬ ‫لللَ ا ْيرا َأو‬ ‫وهلللل َلللللدَ ال َّع احيل ا‬
‫لللد َوال َّعل ْ‬
‫َ د َ‬ ‫ْ‬ ‫َ د َ‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪186h‬‬
‫ففي هَه ا بياَ ة ر‪ ‬أمر ن‪:‬‬
‫ا ول‪ :‬تعريف النعت‪.‬‬
‫والَاين‪ :‬نوعا النعت‪ ،‬وحكم كل نوع‪.‬‬
‫ٍ‬
‫مالك‪ ‬بعد‬ ‫وقد شرحنا كل ذلك‪ ،‬وتكلمنا عليه من قبل‪ ،‬ثم يذكر ابن‬
‫ذلك األشياء التي ُينعت هبا‪ ،‬وهي أربعة أشياء كما سيأيت‪ ،‬فيقول يف ذلك‪:‬‬
‫ا‬ ‫َو ا للللللل ْب ا اه َ ل َ‬ ‫للللت با دم ْ لللللع ََق ََصللللل ْعب َو َة ار ْب‬
‫للللللب‬
‫المنْعَسل ْ‬ ‫للللللَا َو اة ْ َو د‬ ‫َوا ْن َعل ْ‬
‫للللللت َملللللللا دأ ْعطا َي ْعللللللل ده َمبلللللللرا‬
‫َف دٌ ْعطا َيل ْ‬ ‫للللللللللرا‬
‫َ‬ ‫َو َن َع دعللللللللللل َ ا با دَ ْم َللللللللللللة دمنَ ُّل‬
‫للللم ْر ادص ا‬
‫للللب‬ ‫َللللت َفللللال َ َل َأ ْ ا‬ ‫َوإا َّْ َأ ْ‬ ‫اَ ال َّط َلل ا‬
‫للللب‬ ‫وامنَلللللع هنَلللللا إا َ لللللا َة ا‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ ْ د‬
‫لللللللَ ا ْي َرا‬
‫لللللللرا َد َوال َّعل ْ‬
‫اإل ْفل َ‬ ‫َفللللللللال َع دَم َ ا ا‬ ‫للللللللللرا‬
‫َ‬ ‫َو َن َع دعللللللللللل ا با َم ْصلللللللللللدَ ر ََا ْيل‬
‫ياء العي د نعت ب ا أربعة؛ وهي‪:‬‬ ‫فَ ر‪ ‬أَّ ا‬
‫ا ول‪ :‬االسم المشتق‪.‬‬
‫والَاين‪ :‬االسم الشبيه بالمشتق‪.‬‬
‫الَالث‪ :‬الجملة‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬المصدر‪.‬‬
‫ٍ‬
‫واحد منها بكالم‪ ،‬فنقرأ ما ذكره‪ ‬فيها ونشرحه‪،‬‬ ‫وخص‪ ‬كل‬ ‫َّ‬
‫ونبدأ باألول مما ُينعت به؛ وهو االسم المشتق‪ ،‬فقال عنه‪:‬‬
‫ت با دم ْ ع ََق ََص ْعب َو َة ار ْب‬
‫َوا ْن َع ْ‬
‫ٍ‬
‫بمشتق‪ ،‬يريد بالمشتق هنا الوصف‪ ،‬والوصف كما سبق تعريفه‬ ‫قوله‪ :‬وانعت‬
‫ٍ‬
‫حدث وصاحبه‪ ،‬و ُيراد به اسم الفاعل واسم‬ ‫دل على‬ ‫أكثر من مرة كل ٍ‬
‫اسم َّ‬
‫المفعول وصيغ المبالغة والصفة المشبهة واسم التفضيل‪ ،‬هذه هي األوصاف‪.‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪187h‬‬
‫‪g‬‬
‫والنعت بالوصف هو األصل يف النعت؛ ألن النعت كما سبق يف تعريفه يدل‬
‫ٍ‬
‫صفة يف الموصوف‪ ،‬والصفة إنما يدل عليها الوصف‪ ،‬واألشياء الثالثة األُخر‬ ‫على‬
‫التي ُينعت هبا‪ ،‬إنما وقعت نعتًا ألهنا مؤول ٌة بالوصف‪ ،‬كما سيأيت فيها‪-‬إن شاء اهلل‬
‫تعالى‪.-‬‬
‫راكض اسم فاعل‪ ،‬وقد وقع‬
‫ٌ‬ ‫راكض‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫فمن النعت بالم عق ق لك‪ :‬جاء ٌ‬
‫رجل‬
‫مضروب‪ ،‬اسم مفعول وقد وقع نعتًا‪ ،‬وقولك‪ :‬جاء ولدٌ‬
‫ٌ‬ ‫نعتًا‪ ،‬وقولك‪ :‬جاء ٌ‬
‫رجل‬
‫فحسن‬
‫ٌ‬ ‫فلعاب صيغة مبالغة وقد وقعت نعتًا‪ ،‬وقولك‪ :‬جاء ٌ‬
‫رجل حس ٌن‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫لعاب‪،‬‬
‫ٌ‬
‫صف ٌة مشبهة‪ ،‬وقد وقعت نعتًا‪ ،‬وقولك‪ :‬جاء الطالب األفضل‪ ،‬األفضل اسم‬
‫تفضيل‪ ،‬وقد وقع هنا نعتًا‪.‬‬
‫ٍ‬
‫كصعب وذرب‪ ،‬وهما‬ ‫مالك‪ ‬فقد مثل لالسم المشتق بقوله‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫أما ابن‬
‫ٍ‬
‫وجلد‪ ،‬واألخرى على‬ ‫ٍ‬
‫كصعب وسه ٍل‬ ‫صفتان مشبهتان‪ ،‬فاألولى على وزن ف ْع ٍل‬
‫وحذر‪ ،‬وجاء يف بعض نسخ األلفية‪ :‬و َد ِر ْب بالدال بدل و َذ ِر ْب‪،‬‬
‫ْ‬ ‫كذرب‬
‫ْ‬ ‫وزن ْ‬
‫فعل‬
‫رب بالدال المهملة فهو‬
‫فالذرب بالذال المعجمة هو الحاد من كل شيء‪ ،‬وأما الدَ ْ‬
‫الماهر الحاذق‪.‬‬
‫ٍ‬
‫بوصف مثل‬ ‫مالك‪ ‬أن يقول يف هذا الشطر‪ :‬وانعت‬ ‫ٍ‬ ‫وكان األحسن بابن‬
‫ٍ‬
‫(وصف) هنا أدق وأحسن من قوله (مشتق)‪ ،‬لما؟ ألن قوله‪:‬‬ ‫ٍ‬
‫صعب وذرب‪ ،‬فكلمة‬
‫مشتق يشمل الوصف ويشمل غير الوصف من المشتقات‪.‬‬
‫فالم ع اَ ق اسُ ا عدق من أصله‪ ،‬أ من المصدر‪ ،‬والم ع اَ ن عاَّ‪:‬‬
‫ٍ‬
‫حدث وصاحبة‪ ،‬وهي الخمسة المذكورة‪،‬‬ ‫ال صف‪ :‬وهو كل ٍ‬
‫اسم دل على‬
‫اسم الفاعل‪ ،‬واسم المفعول‪ ،‬وصيغ المبالغة‪ ،‬والصفة المشبهة‪ ،‬واسم التفضيل‪.‬‬
‫وغير ال صف‪ :‬من المشتقات مما ال ُينعت به‪ ،‬كاسم المكان‪ ،‬واسم الزمان‪،‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪188h‬‬
‫واسم اآللة‪ ،‬فهذه كلها مشتقات‪ ،‬ولكنها ال تسمى وص ًفا‪ ،‬والمراد بما ُينعت به هو‬
‫الوصف‪ ،‬أما هذه المشتقات غير األوصاف فال ُينعت هبا‪.‬‬
‫ٍ‬
‫بصعب‬ ‫وقد حاول بعض ُ‬
‫الشراح الدفاع عن عبارة ابن مالك‪ ،‬فقالوا‪ :‬إن تمثيله‬
‫كصعب وذرب يعني كأنه قال‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫وذرب ُيريد به إخراج غير الوصف‪ ،‬عندما قال‪:‬‬
‫ٍ‬
‫كصعب وذرب‪ ،‬فهذا هو الشيء األول الذي ُينعت به‪ ،‬وهو‬ ‫أريد المشتق الذي هو‬
‫االسم المشتق‪ ،‬أي االسم الوصف‪.‬‬
‫الشيء الثاين الذي ُينعت به؛ هو االسم المشبه للمشتق‪ ،‬ويف ذلك يقول ابن‬
‫مالك‪:‬‬
‫ا‬ ‫ا ا‬
‫ب‬ ‫َو ْب ا ه َََا َو اة ْ َو د‬
‫المنْعَس ْ‬
‫شببه أي شبه االسم المشتق‪ ،‬وشبه المشتق ماذا ُيراد به؟ ُيراد به االسم غير‬
‫اسم ليس بمشتق ولكنه يف معنى المشتق‪ ،‬كما قلنا‬
‫المشتق الذي يف معنى المشتق‪ٌ ،‬‬
‫قبل قليل‪ :‬األسماء المشتقة هي األسماء التي ُأخذت من أصلها من المصدر‪ ،‬وهي‬
‫الخمسة المذكورة إن كانت أوصا ًفا‪ ،‬أو غيرها مما ذكرنا من اسم المكان والزمان‬
‫واسم اآللة‪.‬‬
‫طيب‪ ،‬هناك أسما ٌء ُأخر هي ليست مشتقةً‪ ،‬يعني ليس لها فعل‪ ،‬ليس لها مصدر‬
‫ُتشتق منه‪ ،‬ومع ذلك فإن معناها معنى المشتق‪ ،‬يعني فيها معنى المشتق دون‬
‫حروفه‪ ،‬وقد م َّثل ابن مالك لألسماء التي تشبه األسماء المشتقة بقوله‪:‬‬
‫ا‬ ‫ا ا‬
‫ب‬ ‫َو ْب ا ه َََا َو اة ْ َو د‬
‫المنْعَس ْ‬
‫إ ًذا فذكر ثالثة أمثلة؛ األول‪ :‬من األسماء التي تشبه المشتق وليست بمشتقة‪،‬‬
‫أسماء اإلشارة‪ ،‬وهذا قول ابن مالك‪( :‬كذا)‪ ،‬يعني كاسم اإلشارة ذا‪ ،‬كقولك‪:‬‬
‫مررت ٍ‬
‫بزيد هذا‪ ،‬فهذا اسم إشارة مكون من ذا اسم اإلشارة‪ ،‬وها حرف تنبيه‪،‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪189h‬‬
‫‪g‬‬
‫بزيد ذا‪ ،‬أو مررت بز ٍ‬
‫يد هذا‪.‬‬ ‫تقول‪ :‬مررت ٍ‬

‫اسم مشتق‪ ،‬وهو‬ ‫ٍ‬


‫إشارة ليس بمشتق‪ ،‬ليس له مصدر‪ ،‬ولكنه بمعنى ٍ‬ ‫وهذا اسم‬
‫بزيد هذا‪ ،‬أي‪ :‬مررت ٍ‬
‫بزيد الحاضر‪ ،‬فصح أن يقع نعتًا‪،‬‬ ‫الحاضر‪ ،‬وقولك‪ :‬مررت ٍ‬

‫ونحوه بقية أسماء اإلشارة‪ ،‬كقولك‪ :‬اقرأ الصحيفة هذه‪ ،‬أي‪ :‬اقرأ الصحيفة‬
‫الحاضرة‪ ،‬واكرم الرجال هؤالء‪ ،‬أي‪ :‬اكرم الرجال الحاضرين‪ ،‬وهكذا‪.‬‬
‫ٍ‬
‫مالك لألسماء غير المشتقة التي تشبه األسماء‬ ‫والمثال الثاين الذي ذكره ابن‬
‫المشتقة‪ :‬ذو‪ ،‬وهذا قول ابن مالك‪( :‬وذي)‪ ،‬يريد ذو التي بمعنى صاحب‪ ،‬التي‬
‫ُتعرب إعراب األسماء الستة‪ ،‬ذو بالفرع‪ ،‬وذا بالنصب‪ ،‬وذي بالجر‪ ،‬كقولك‪ :‬هذا‬
‫مال‪ ،‬وإنما صح النعت بكلمة (ذي)؛ ألهنا بمعنى صاحب‪ ،‬صاحب اسم‬ ‫رجل ذو ٍ‬
‫ٌ‬
‫رجل صاحب ٍ‬
‫مال‪.‬‬ ‫رجل ذو مال‪ ،‬أي‪ :‬هذا ٌ‬
‫فاعل‪ ،‬فقولك‪ :‬هذا ٌ‬

‫ومثل (ذو) مؤنثها وتثنيتها وجمعها‪ ،‬يعني ذو وذات‪ ،‬وذوا‪ ،‬وذوو‪ ،‬وذواتا‪،‬‬
‫ٍ‬
‫بامرأة ذات فضلٍ‪ ،‬أي‪ :‬صاحبة فضلٍ‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫حكم واحد‪ ،‬تقول‪ :‬مررت‬ ‫وذوات‪ ،‬كلها يف‬
‫رأي‪ ،‬أي‪ :‬أصحاب ٍ‬
‫رأي‪ ،‬وهكذا‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫ورجال ذوي ٍ‬

‫أيضا‬
‫ومثل (ذو) التي بمعنى صاحب كلمة (أولو)‪ ،‬ومؤنثها (أوالت)‪ ،‬وهي ً‬
‫رأي‪ ،‬أي‪ :‬أصحاب‬ ‫برجال أولي ٍ‬‫ٍ‬ ‫بمعنى أصحاب وصاحبات‪ ،‬كقولك‪ :‬مررت‬
‫ٍ‬
‫أسماء مشتقة‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫ونساء أوالت فضلٍ‪ ،‬فكل هذه الكلمات تقع نعتًا؛ ألهنا بمعنى‬ ‫ٍ‬
‫رأي‪،‬‬
‫والمثال الثالث الذي ذكره ابن مالك‪ ‬لالسم غير المشتق الذي يشبه‬
‫المشتق‪ ،‬هو االسم المنسوب‪ ،‬وهذا قول ابن مالك‪( :‬والمنتسب)‪ ،‬يعني االسم‬
‫ٍ‬
‫قرشي نعت لرجل‪ ،‬طيب‪ ،‬قرشي هذا‬ ‫ٍ‬
‫قرشي‪،‬‬ ‫المنسوب‪ ،‬نحو‪ :‬مررت برج ٍل‬
‫وص ًفا! يعني ليس اسم فاعل‪ ،‬وال اسم مفعول‪ ،‬وال صيغة مشبهة‪ ،‬وال صيغة‬
‫صح وقوعه نعتًا؛ ألنه بمعنى‬
‫مبالغة‪ ،‬وال اسم تفضيل‪ ،‬ومع ذلك وقع نعتًا‪ ،‬وإنما َّ‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪190 h‬‬
‫اسم المفعول‪.‬‬
‫منسوب إلى قريش‪ ،‬ونحوه‪ :‬اشرتيت ثو ًبا بحر ًيا‪ ،‬أي‬
‫ٌ‬ ‫قرشي‪ ،‬بمعنى‬
‫ٌ‬ ‫فقولك‪:‬‬
‫رجال عرب ًيا‪ ،‬أي منسو ًبا إلى العرب‪ ،‬وسبق لنا يا إخوان‬
‫منسو ًبا إلى البحر‪ ،‬ورأيت ً‬
‫يف باب اسم المفعول‪ ،‬عندما تكلمنا على إعماله‪ ،‬قلنا‪ :‬إن المنسوب يعمل عمل‬
‫مضروب أخوه‪ ،‬أخوه‪ :‬نائب فاعل‬
‫ٌ‬ ‫اسم المفعول؛ ألنه بمعناه‪ ،‬تقول‪ :‬جاء ٌ‬
‫رجل‬
‫لمضروب‪.‬‬
‫منسوب‬
‫ٌ‬ ‫أيضا نائب فاعل‪ ،‬يعني‬
‫قرشي أبوه‪ ،‬ما إعراب أبوه؟ ً‬ ‫كذلك‪ :‬جاء ٌ‬
‫رجل‬
‫ٌ‬
‫أبوه إلى قريش‪ ،‬تمام‪ ،‬وقد ُيقال إن االسم المنسوب يكون بمعنى اسم الفاعل‪ ،‬ال‬
‫بمعنى اسم المفعول‪ ،‬على معنى المنتسب‪ ،‬كما قال ابن مالك‪( :‬والمنتسب)‪،‬‬
‫قرشي أبوه‪ ،‬فأبوه‪:‬‬ ‫منتسب إلى قريش‪ ،‬فإذا قلت‪ :‬جاء ٌ‬
‫رجل‬ ‫ٌ‬ ‫قرشي أي‬ ‫فقولك‪:‬‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫فاعل‪ ،‬يعني منتسب أبوه إلى قريش‪ ،‬والمعنى ال يتغير‪.‬‬
‫الب‪ :‬واإلعراب؟‬
‫اإلعراب متقارب‪ ،‬نائب الفاعل يف معنى الفاعل‪ ،‬نعم يصح أن تقول‪ :‬نائب‬
‫منتسب إلى قريش‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫منسوب إلى قريش‪ ،‬أو فاعل على معنى‬
‫ٌ‬ ‫فاعل على معنى‬
‫فهذه ثالثة أمثلة ذكرها ابن مالك لالسم غير المشتق الذي ُيشبه المشتق يف‬
‫معناه‪ ،‬وأمثلته ليست للحصر‪ ،‬فهناك أسما ٌء كثيرة ليست مشتقةً‪ ،‬ومع ذلك يوصف‬
‫ثال األسماء الموصولة‪ ،‬تقول‪ :‬جاء الرجل‬
‫هبا؛ ألهنا بمعنى األسماء المشتقة‪ ،‬منها م ً‬
‫نعت للرجل‪ ،‬مع أنه اسم موصول ليس مشت ًقا؛‬
‫الذي يقول الحق‪ ،‬ما إعراب الذي؟ ٌ‬
‫ألنه بمعنى المشتق‪.‬‬

‫قال‪-‬تعالى‪( :-‬ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖﭗ) [الرعد‪ ،]35:‬المعنى اللغوي‬


‫لمثل هذا األسلوب‪ ،‬مثل الجنة التي ُوعد أي مثل الجنة الموعود هبا المتقون؛‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪191h‬‬
‫‪g‬‬
‫اسم مشتق؛ فلهذا أخذ حكمه يف اللغة‪ ،‬طيب‪ ،‬وهناك‬ ‫فلهذا المعنى على معنى ٍ‬
‫كلمات ُأخر كثيرة‪ ،‬ككلمة ابن وابنة وبنت‪ ،‬هذه كلها تقع نعو ًتا‪ ،‬تقول‪ :‬جاء‬
‫ٌ‬ ‫أيضا‬
‫ً‬
‫محمد بن زيد‪ ،‬رأيت محمد بن زيد‪.‬‬
‫ٌ‬
‫ورجل‬ ‫ٌ‬
‫ورجل غيره‪ ،‬وجاء محمدٌ‬ ‫ل‪ :‬جاء محمدٌ‬ ‫و َلك لمة (غير)‪،‬‬
‫مثله‪ ،‬هذه كلها كلمات ليست مشتقة‪ ،‬ومع ذلك تقع نعو ًتا لكوهنا بمعنى المشتق‪.‬‬
‫شرحنا إلى اآلن شيئين من األشياء التي ُينعت هبا‪ ،‬ننقل إلى الشيء الثالث‬
‫الذي ُينعت به‪ ،‬وهو الجملة‪ ،‬ويف ذلك يقول ابن مالك‪:‬‬
‫للللللت َملللللللا دأ ْعطا َي ْعللللللل ده َمبلللللللرا‬
‫َف دٌ ْعطا َيل ْ‬ ‫للللللللللرا‬
‫َ‬ ‫َو َن َع دعللللللللللل َ ا با دَ ْم َللللللللللللة دمنَ ُّل‬
‫للللم ْر ادص ا‬
‫للللب‬ ‫َللللت َفللللال َ َل َأ ْ ا‬ ‫َوإا َّْ َأ ْ‬ ‫اَ ال َّط َلل ا‬
‫للللب‬ ‫وام َنلللللع ه َنلللللا إا َ لللللا َة ا‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ ْ د‬
‫الجملة ال توصف بأهنا معرف ٌة وال نكرة؛ ألن الذي يوصف بالتعريف والتنكير‬
‫هو‪ ..‬ما الذي يوصف بأنه معرفة أو نكرة؟ هو االسم فقط دون الفعل‪ ،‬ودون‬
‫الحرف‪ ،‬ودون الجملة‪ ،‬ولكن الجملة وكذلك شبه الجملة يف حكم النكرة‪ ،‬ما‬
‫معنى يف حكم النكرة؟!‬
‫ٍ‬
‫فحينئذ تعامل‬ ‫يعني تقع و ُتعرب كالنكرة‪ ،‬تقع يف مواقع النكرة يف الكالم‪،‬‬
‫وتعرب كالنكرة‪ ،‬فتقع خربًا‪ ،‬وتقع ً‬
‫حاال‪ ،‬وتقع نعتًا كالنكرة‪ ،‬فتقع خربًا نحو‪:‬‬
‫محمدٌ يقوم‪ ،‬ومحمدٌ يقوم أبوه‪ ،‬ومحمدٌ أبوه قائم‪ ،‬هذه جمل وقعت خربًا؛ ألهنا‬
‫يف حكم النكرة‪ ،‬وتقع ً‬
‫حاال‪-‬أي الجملة‪ -‬نحو‪ :‬جاء الرجل يركض‪ ،‬وجاء الركض‬
‫يركض أبوه‪ ،‬وجاء محمدٌ يده فوق رأسه‪ ،‬فهذه الجمل وقعت ً‬
‫حاال‪.‬‬
‫رجل يركض‪ ،‬وجاء ٌ‬
‫رجل يده على رأسه‪ ،‬ورأيت‬ ‫و ع أ اا نععا؛ نح ‪ :‬جاء ٌ‬
‫طال ًبا يكتب‪ ،‬ورأيت طال ًبا كتابه نظيف‪ ،‬وسبق يف أكثر من باب أن قلنا إن الخرب‬
‫والحال والنعت هذه الثالثة من ٍ‬
‫واد واحد‪ ،‬يعني معناها واحد؛ فلهذا اشرتكت‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪192h‬‬
‫راكض خرب‪ ،‬جاء‬
‫ٌ‬ ‫وتشاهبت يف األحكام؛ ألن حقيقتها واحدة‪ ،‬فأنت إذا قلت‪ :‬زيدٌ‬
‫راكضا حال‪ ،‬جاء زيدٌ الراكض نعت‪ ،‬كل هذه األمثلة فيها وصف ٍ‬
‫زيد‬ ‫ً‬ ‫زيدٌ‬
‫زيد بالركض‪ ،‬إال أنك يف األولى وصفته‬‫بالركض‪ ،‬معناها اإلجمالي كلها وصف ٍ‬

‫بالركض من طريق الخربية‪ ،‬ويف الثانية وصفته بالركض من طريق الحالية‪ ،‬ويف‬
‫الثالثة وصفته بالركض من طريق النعتية‪.‬‬
‫وسبق يف أول الكالم على باب النعت أن فصلنا الكالم يف الفرق بين النعت‬
‫والحال‪ ،‬فال نعيد ذلك؛ وألن الجملة يف حكم النكرة‪-‬كما سبق‪ -‬ال ُينعت هبا إال‬
‫نكرة‪ ،‬نعم؛ ألن الموافقة يف التعريف والتنكير هذه واجبة بين النعت والمنعوت‪،‬‬
‫فالجملة يف حكم النكرة‪ ،‬إ ًذا س ُينعت هبا ماذا؟ ال ُينعت هبا إال النكرة‪.‬‬
‫فل َا قال ابن مالك‪:‬‬
‫َو َن َع دع َ ا با دَ ْم َلة دمنَُ َّرا‬
‫فاعل‪ ،‬ويركض‪ٌ :‬‬
‫فعل مضارع‬ ‫ورجل‪ٌ :‬‬
‫ٌ‬ ‫نحو‪ :‬جاء رج ٌل يركض‪ ،‬جاء‪ٌ :‬‬
‫فعل‪،‬‬
‫رت بعده‪ ،‬يركض هو‪ ،‬طيب‪ ،‬يركض هو صارت جملة فعلية‪ ،‬ما إعراهبا؟‬
‫وفاعله مست ٌ‬
‫نعت لرجل يف محل رفع‪ ،‬أو جاء ٌ‬
‫رجل يركض أخوه‪ ،‬أو رأيت طال ًبا يلعب‪ ،‬مررت‬ ‫ٌ‬
‫بعصفور‪ٍ :‬‬
‫جار ومجرور‪ ،‬يرفرف بجناحيه‪ :‬جمل ٌة فعلية‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بعصفور يرفرف بجناحيه‪،‬‬
‫نعت لعصفور يف محل جر‪.‬‬
‫ما إعراهبا؟ ٌ‬
‫إذا وقعت الجملة بعد النكرة صارت كما رأينا نعتًا‪ ،‬طيب‪ ،‬وإذا وقعت الجملة‬
‫بعد معرفة ماذا ستكون؟ ستكون ً‬
‫حاال؛ ألن الجملة يف حكم النكرة‪ ،‬طيب‪ ،‬النكرة‬
‫حاال‪ ،‬نحو‪ :‬جاء الرجل يركض‪ ،‬جاء‪ٌ :‬‬
‫فعل‪،‬‬ ‫بعد المعرفة ماذا تكون؟ تكون ً‬
‫ٌ‬
‫فاعل‪ ،‬ويركض‪ :‬فعل مضارع‪ ،‬وفاعله‪ :‬هو‪ ،‬طيب والجملة الخربية‬ ‫والرجل‪:‬‬
‫يركض هو؟ جملة بعد معرفة‪ ،‬فما إعراهبا؟‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪193h‬‬
‫‪g‬‬
‫حال‪ ،‬يف محق رفع أو نصب؟ جاء الرجل‪ ،‬الرجل‪ :‬فاعل مرفوع!! نصب‪،‬‬
‫دائما محله النصب‪ ،‬ليس تاب ًعا‪ ،‬وتقول‪ :‬رأيت الطالب يلعب كذلك‪،‬‬
‫فالحال ً‬
‫ومررت بالعصفور يرفرف بجناحيه‪ ،‬ما إعراب جملة يرفرف بجناحيه؟ ٌ‬
‫حال من‬
‫العصفور‪.‬‬
‫ولهذا يقول المعربون يف ضابط المشهور المفيد؛ الجملة وشبهة الجملة بعد‬
‫مشهور يف اإلعراب‪ ،‬إذا‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫ضابط‬ ‫النكرات نعوت‪ ،‬وبعد المعارف أحوال‪ ،‬هذا‬
‫جاءت نكرة وبعدها جملة أو شبه جملة‪ ،‬فما إعراب الجملة؟ نكت لهذه النكرة‪،‬‬
‫وإذا جاءت معرفة وبعدها جملة أو شبه جملة حال‪.‬‬
‫رجل يركض‪ ،‬أو جاء ٌ‬
‫رجل يضحك‪ ،‬فهو بمعنى‬ ‫وهَا صحيح‪ ،‬فإةا قلت‪ :‬جاء ٌ‬
‫ٌ‬
‫ضاحك‪ ،‬المعنى‬ ‫ٌ‬
‫رجل‬ ‫ٌ‬
‫رجل يضحك أي جاء‬ ‫ٌ‬
‫ضاحك‪ ،‬نعت‪ ،‬جاء‬ ‫ٌ‬
‫رجل‬ ‫جاء‬
‫واحد‪ ،‬إ ًذا فهي نعت‪ ،‬طيب‪ ،‬جاء ٌ‬
‫رجل على قدميه‪ ،‬ما إعراب شبه الجملة على‬
‫نعت لرجل‪ ،‬وصف الرجل بأنه على قدميه‪.‬‬
‫قدميه؟ ٌ‬
‫وأما إةا قلنا‪ :‬جاء الرجل يضحك‪ ،‬بمعنى جاء الرجل ضاح ًكا‪ ،‬المعنى‬
‫واإلعراب واحد‪ ،‬جاء الرجل يضحك‪ ،‬يضحك جمل ٌة حالية‪ ،‬طيب‪ ،‬وجاء الرجل‬
‫على قدميه‪ ،‬أو جاء محمدٌ على قدميه‪ ،‬أو جاء أخي على قدميه‪ ،‬ما إعراب شبه‬
‫الجملة على قدميه؟ حال‪ ،‬يعني جاء محمدٌ حالة كونه على قدميه‪.‬‬
‫ٍ‬
‫معرفة يف قوة‬ ‫عرفنا ذلك‪ ،‬وبقي ما إذا وقعت الجملة أو شبه الجملة بعد‬
‫النكرة‪ ،‬اسم معرفة ولكنه يف قوة النكرة‪ ،‬يعني لفظه معرفة‪ ،‬لكن معناه نكرة‪ ،‬و ُيراد‬
‫بذلك االسم المعرف بـ(ال) الجنسية‪ ،‬درسنا ذلك يف المعرف بـ(ال)‪ ،‬التعريف‬
‫بــ(ال) الجنسية أضعف التعريف‪ ،‬الجنسية تريد جنس‪ ،‬ففيه معنى اإلهبام‪.‬‬
‫ٍ‬
‫معرفة يف قوة النكرة‪ ،‬أي االسم‬ ‫طيب‪ ،‬إذا وقعت الجملة أو شبه الجملة بعد‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪194 h‬‬
‫المعرف بــ(ال) الجنسية؟ كقول الشاعر‪:‬‬
‫فماللللليت لللللن قللللللت ا عنينلللللي‪.‬‬ ‫وقلللللد أملللللر عللللللى اللسللللليُ سللللل دبني‬
‫يسبني جمل ٌة فعلية ما إعراهبا؟ إعراهبا يتبين بعالقتها باللئيم‪ ،‬من الذي يسب؟‬
‫ُ‬
‫السب هنا من صفة من؟ من صفة اللئيم‪ ،‬طيب‪ ،‬اللئيم معرفة أو نكرة‪ ،‬لفظه معرفة‪،‬‬
‫لئيما معينًا أو جنس اللئيم؟ إ ًذا هذا معرف بــ(ال) الجنسية ال تريد إنسانًا‬
‫هل تريد ً‬
‫معينًا‪ ،‬وإنما تريد جنس اللئيم‪ ،‬فيجوز أن تجعل الجملة هنا ً‬
‫حاال‪ ،‬وهذا هو‬
‫الظاهر‪ ،‬وهو المشهور عند المعربين مراعا ًة للفظه‪.‬‬
‫ويجوز أن تجعل الجملة هنا نعتًا مراعا ًة للمعنى‪ ،‬يعني ولقد أمر على ٍ‬
‫لئيم‬
‫يسبني‪ ،‬وجعلوا من ذلك قوله‪( :‬ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ)‬
‫[ س‪ ،]37:‬الليل‪ :‬مبتدأ‪ ،‬وآي ٌة لهم‪ :‬الخرب‪ ،‬الليل آي ٌة لهم‪ ،‬طيب‪ ،‬نسلخ منه النهار؟‬
‫جمل ٌة فعلية‪ ،‬ما إعراهبا وعالقتها بالليل؟ الليل هنا ال ُيراد به ٌ‬
‫ليل معين‪ ،‬وإنما جنس‬
‫الليل‪ ،‬يعني الليل اآلن‪ ،‬والليل الماضي‪ ،‬والليل القادم‪ ،‬جنس الليل‪ ،‬فيجوز لك يف‬
‫(نسلخ منه النهار) أن تكون جملة حالية‪ ،‬وهذا هو الظاهر المشهور‪ ،‬ويجوز أن‬
‫تجعلها جمل ًة نعتية‪.‬‬
‫ومن ةلك ق لك‪ :‬يعجبني الطالب يجتهد يف دروسه‪ ،‬واضح‪ ،‬ومن ذلك‪ :‬أحب‬
‫خير من القلم ال يكتب‪ ،‬نعم‪ ،‬ثم‬
‫المؤمن يدع ما ال يعنيه‪ ،‬ومن ذلك‪ :‬القلم يكتب ٌ‬
‫قال ابن ‪ ‬عن الجملة الواقعة نعتًا‪ ،‬قال‪:‬‬
‫ت َما دأ ْعطا َي ْع ده َمبرا‬
‫َف دٌ ْعطا َي ْ‬
‫فبعد أن ذكر أن الجملة تقع نعتًا‪ ،‬وعرفنا وأكدنا أن الجملة تقع نعتًا؛ ألهنا‬
‫كالخرب وكالحال‪ ،‬والخرب والحال سبق فيهما أهنما يقعان مفر ًدا ويقعان جملة‪،‬‬
‫فالثالثة من ٍ‬
‫باب واحد‪.‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪195h‬‬
‫‪g‬‬
‫فعندنا ذكر أن الجملة تقع نعتًا قال‪:‬‬
‫ت َما دأ ْعطا َي ْع ده َمبرا‬
‫َف دٌ ْعطا َي ْ‬
‫ل‪ :‬ا حُام العي ة رناها يف‬ ‫فبدل أَّ َ ر ق أحُام الَملة النععية‪،‬‬
‫الَملة ال اقعة مبرا سنعطي ا للَملة ال اقعة نععا‪ ،‬د‬
‫فٌعطيت ما أعطيعه مبرا‪ ،‬وهناَ‬
‫يف الَملة الخبر ة ة رنا ل ا رو ا‪ ،‬أهم ا ر اَّ‪:‬‬
‫ٌ‬
‫رابط يربطها بالمبتدأ‪ ،‬وهنا نقول‪ :‬أن يكون يف‬ ‫ال ر ا ول‪ :‬أن يكون فيها‬
‫الجملة النعتية ٌ‬
‫رابط يربطها بالمنعوت‪.‬‬
‫ال ر الَاين‪ :‬أن تكون الجملة خربية ال إنشائية‪.‬‬
‫فتقول‪ :‬جاء ٌ‬
‫رجل يركض‪ ،‬فيركض جملة نعتية فيها رابط يربطها بالمنعوت‪،‬‬
‫وهو الضمير المسترت‪ ،‬فاعل يركض هو يعود إلى رجل‪ ،‬جاء ٌ‬
‫رجل هذه جملة‪،‬‬
‫طيب‪ ،‬يركض؟ جملة‪ ،‬إذا لم يكن بينهما رابط تقطع الكالم وانفصل‪ ،‬ما يمكن‪،‬‬
‫كيف هكذا الكالم متقطع! إال إذا أردت االستئناف‪ ،‬لكن إرادة االستئناف معنًى‬
‫آخر غير النعتية‪ ،‬النعت معنى ذلك أن الكالم جملة واحدة‪ ،‬جاء محمدٌ الطويل‪،‬‬
‫جاء محمدٌ الضاحك‪ ،‬تريد أن الكالم واحد‪ ،‬أما االستئناف هذه جملة انتهيت منها‬
‫وخلصت‪ ،‬ثم بدأت بجملة أخرى‪.‬‬
‫ٌ‬
‫رجل يركض أبوه‪ ،‬يركض أبوه‪ :‬جملة نعتية لرجل‪ ،‬ما الرابط‬ ‫فتقول‪ :‬جاء‬
‫راكض‪ ،‬فأبوه‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫رجل أبوه‬ ‫بينهما؟ الضمير البارز الهاء يف أبوه‪ ،‬وإذا قلت‪ :‬جاء‬
‫نعت لرجل‪ ،‬والرابط الضمير البارز الهاء‪ ،‬طيب‪ ،‬وإذا قلنا‪:‬‬
‫راكض‪ :‬جملة اسمية ٌ‬
‫رب ألبوه‪ ،‬إ ًذا ال بدَّ‬ ‫جاء ٌ‬
‫رجل أبوه يركض‪ ،‬يركض هذه جملة فعلية‪ ،‬ما إعراهبا؟ خ ٌ‬
‫فيها من رابط‪ ،‬ما رابط الخرب بالمبتدأ؟!‬
‫أبوه يركض‪ ،‬الضمير المسترت فاعل يركض‪ :‬هو‪ ،‬يعود إلى أبوه‪ ،‬طيب‪ ،‬أبوه‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪196h‬‬
‫يركض صارت جملة اسمية‪ ،‬أبوه‪ :‬مبتدأ‪ ،‬ويركض‪ :‬الخرب‪ ،‬الجملة االسمية كلها‬
‫(أبوه يركض) ال بدَّ أن يكون فيها رابط يربطها بالمنعوت (رجل)‪ ،‬ما الضمير الذي‬
‫يعود منها إلى رجل؟ الهاء يف أبوه‪ ،‬أبوه يعني أبو الرجل‪ ،‬فهكذا يكون الكالم‬
‫مرتاب ًطا‪.‬‬
‫طيب‪ ،‬ويجوز يف هذا الضمير الرابط أن ُيحذف‪ ،‬كما ذكرنا من قبل يف الجملة‬
‫الخربية‪ ،‬ويف الجملة الحالية‪ ،‬ويف غيرهما كالجملة الواقعة صلةً؛ ألن الشرط يف‬
‫بارزا‬
‫هذا الضمير الوجود‪ ،‬يعني ُيشرتط فيه أن يوجد‪ ،‬ولم نشرتط فيه أن يكون ً‬
‫بارزا‪ ،‬جاء ٌ‬
‫رجل يركض أبوه‪ :‬الهاء‪ ،‬وقد يكون مسترتًا‪ :‬جاء‬ ‫مثال؛ فلهذا قد يكون ً‬
‫ً‬
‫ٌ‬
‫رجل يركض‪ ،‬يعني يركض هو‪.‬‬
‫وقد يكون محذو ًفا؛ ألن المحذوف موجو ٌد أم غير موجود؟ هذه شرحناها‬
‫كثيرا‪ ،‬المحذوف موجود؛ ألن الحذف ال يقع إال على موجود‪ ،‬ال يقع على‬
‫ً‬
‫معدوم‪ ،‬فإذا قلت‪ :‬محذوف‪ ،‬معنى ذلك أنه موجود؛ فلهذا وقع عليه الحذف‪ ،‬كأن‬
‫ٌ‬
‫رجل أحب‪ ،‬ما الرابط بين الجملة النعتية أحب والمنعوت رجل؟‬ ‫تقول‪ :‬جاء‬
‫ضمير محذوف‪ ،‬أي‪ :‬جاء ٌ‬
‫رجل أحبه‪.‬‬ ‫ٌ‬
‫فعال أكرهه‪ ،‬ومن ذلك قول الشاعر‪:‬‬
‫فعال أكره‪ ،‬أي فعلت ً‬
‫وتقول‪ :‬فعلت ً‬
‫و للللل ل اللللللدهر أم مل ِ‬
‫للللال أصلللللاب ا‪.‬‬ ‫وملللللللللا أدر أغيلللللللللرهُ نلللللللللائن‬

‫مال أصابوه‪ ،‬ومن ذلك قوله‪َ -‬ع َّز اسمه‪( :-‬ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ‬


‫أي‪ :‬أم ٌ‬
‫ﯶ ﯷ) [الب رة‪ ،]48:‬يو ًما نكرة‪ ،‬طيب‪ ،‬نكرة وقعت بعدها جملة‪ :‬ال تجزي‬
‫نعت ليو ًما‪ ،‬نعت‬ ‫ٍ‬
‫نفس شي ًئا‪ ،‬ما إعراب هذه الجملة الواقعة بعد النكرة؟ ٌ‬ ‫نفس عن‬
‫ٌ‬
‫ٍ‬
‫نفس شي ًئا‪ ،‬لكن ما الرابط بين الجملة النعتية‬ ‫نفس عن‬
‫يو ًما بأنه ال يجزي ٌ‬
‫ٍ‬
‫نفس شي ًئا‪،‬‬ ‫نفس عن‬
‫ضمير محذوف‪ ،‬أي‪ :‬واتقوا يو ًما ال تجزي فيه ٌ‬
‫ٌ‬ ‫والمنعوت؟‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪197h‬‬
‫‪g‬‬
‫واهلل أعلم‪.‬‬
‫وقول ابن مالك‪ ‬يف أول هذا البيت‪:‬‬
‫َو َن َع دع َ ا با دَ ْم َلة دمنَُ َّرا‬
‫عمم الجملة ولم يقيدها؛ ليشمل نوعي الجملة‪ ،‬الجملة االسمية والفعلية‪،‬‬
‫كالهما يقعان نعتًا‪ ،‬فالجملة الفعلية كقولك‪ :‬جاء ٌ‬
‫رجل يركض‪ ،‬والجملة االسمية‬
‫رجل أبوه راكض‪ ،‬أو جاء ٌ‬
‫رجل أبوه يركض‪ ،‬والخالصة من قوله‪:‬‬ ‫كقولك‪ :‬جاء ٌ‬

‫ت َما دأ ْعطا َي ْع ده َمبرا‬


‫َف دٌ ْعطا َي ْ‬
‫الخالصة‪ :‬أنه ُيشرتط يف المنعوت بالجملة أن يكون نكرة أو معرفة؟ أن يكون‬
‫نكرة‪ ،‬و ُيشرتط يف الجملة الواقعة نعتًا أن يكون فيها رابط يربطها بالمنعوت‪ ،‬وأن‬
‫تكون خربي ًة ال إنشائية‪ ،‬إ ًذا فقوله‪ :‬ف ُأعطيت ما ُأعطيته خربًا فيه تعميم‪ ،‬تعميم كل‬
‫حكما واحدً ا‪ ،‬فاحتاج إلى أن‬
‫ً‬ ‫أحكام الجملة الخربية تكون للجملة النعتية‪ ،‬إال‬
‫ينص على إخراج هذا الحكم‪ ،‬واستثنائه‪.‬‬
‫فقال بعد ذلك‪:‬‬
‫للللم ْر ادص ا‬
‫للللب‬ ‫َللللت َفللللال َ َل َأ ْ ا‬
‫َوإا َّْ َأ ْ‬ ‫للللب‬ ‫وامنَلللللع هنَلللللا إا َ لللللا َة ا‬
‫اَ ال َّط َلل ا‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ ْ د‬
‫لما ذكر أن الجملة النعتية كالجملة الخربية يف األحكام‪ ،‬ذكر هنا أن الجملة‬
‫النعتية تخالف الخربية يف هذا الحكم‪ ،‬فال تقع طلبية‪ ،‬الجملة النعتية ال تقع طلبية‪،‬‬
‫وهذا قوله‪ :‬وامنع هنا إيقاع ذات الطلب‪ ،‬فال تقول يف النعت‪ :‬جاء ٌ‬
‫رجل أكرمه! ال‬
‫نعت رجل‪ ،‬وال تقول‪ :‬جاء ٌ‬
‫رجل ال‬ ‫تقول‪ :‬جاء ٌ‬
‫رجل أكرمه على أن جملة (أكرمه) ٌ‬
‫نعت لرجل‪،‬‬ ‫تضربه‪ ،‬وال تقول‪ :‬جاء ٌ‬
‫رجل هل أكرمته! على أن جملة (هل أكرمته) ٌ‬
‫نعت لرجل‪.‬‬
‫وعلى أن جملة (ال تضربه) ٌ‬
‫جائز يف الجملة الخربية كما سبق؛ تقول‪ :‬زيدٌ أكرمه‪ ،‬وزيدٌ ال تضربه‪،‬‬
‫بينما هذا ٌ‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪198h‬‬
‫وزيدٌ هل أكرمته‪ ،‬فالجملة النعتية تخالف الجملة الخربية يف هذا الحكم‪ ،‬فوجب‬
‫ٍ‬
‫مالك على هذه المخالفة‪ ،‬وقد فعل‪ ،‬فإن قلت‪ :‬منعتم قبل قليل أن‬ ‫أن ينص ابن‬
‫نعت لرجل‪،‬‬ ‫رجل أكرمه‪ ،‬جاء ٌ‬
‫رجل ال تضربه‪ ،‬على أن جملة (أكرمه) ٌ‬ ‫ُيقال‪ :‬جاء ٌ‬
‫أال تجوز هذه العبارة على تخريجٍ آخر؟!‬
‫تخريج آخر‪ ،‬على أن جملة (أكرمه) جمل ٌة‬
‫ٍ‬ ‫فالَ اب‪ :‬نعم‪ ،‬العبارة جائزة على‬
‫مستأنفة‪ ،‬وليس جمل ًة نعتية‪ ،‬يعني أردت أن تقول‪ :‬جاء ٌ‬
‫رجل‪ ،‬أخربت أنه جاء‪ ،‬ثم‬
‫استأنفت كال ًما جديدً ا‪ ،‬فقلت‪ :‬أكرمه‪ ،‬ثم يف الكالم ربط بين الجملتين يف الكالم يف‬
‫اللفظ‪ ،‬فقلت‪ :‬جاء ٌ‬
‫رجل أكرمه؛ فلهذا فب اللفظ يتبين أن فيه وقفة‪ ،‬وهذا كله يعود‬
‫إلى المعنى‪.‬‬
‫فلهذا إذا كان الكالم منطو ًقا به يتبين األمر‪ ،‬فلو كانت نعتًا كقولك‪ :‬جاء ٌ‬
‫رجل‬
‫ٌ‬
‫رجل أكرمته‪ ،‬أكرمته تقع نعتًا ال‬ ‫ٌ‬
‫رجل كريم‪ ،‬أو جاء‬ ‫كريم‪ ،‬فإنك تقول‪ :‬جاء‬
‫ٌ‬
‫إشكال؛ ألهنا خربية‪ ،‬لكن لو جعلتها طلبية كاألمر والنهي واالستفهام‪ ،‬فتقول‪ :‬جاء‬
‫رجل أكرمه‪ ،‬أنت تقول‪ :‬جاء ٌ‬
‫رجل أكرمه‪ ،‬أو تقف وقو ًفا تا ًما‪ ،‬تقول‪ :‬جاء رجل‬ ‫ٌ‬
‫أكرمه‪ ،‬دالل ًة على أن الجملة الثانية مستأنفة‪.‬‬
‫والمانع من ذلك المعنى‪ ،‬فإن طلب النهي واألمر واالستفهام ال يحمل‬
‫الوصف‪ ،‬ال يحمل الوصفية‪ ،‬والدليل على ذلك أن ال يؤول بالمشتق‪ ،‬نحن قلنا‬
‫قبل قليل‪ :‬األصل يف النعت أن يكون بالوصف المشتق‪ ،‬واألشياء األخرى التي‬
‫ُينعت هبا‪ ،‬وهي شبه المشتق والجملة والمصدر‪ ،‬إنما نُعت هبا ألهنا مؤول ٌة‬
‫بالمشتق‪.‬‬
‫رجل مكر ٌم مني‪ ،‬مؤول بمشتق‪ ،‬ماشي‪،‬‬ ‫رجل أكرمته‪ ،‬يعني جاء ٌ‬
‫طيب‪ ،‬جاء ٌ‬
‫رجل أكرمه‪ ،‬كيف ستؤولها؟ جاء ٌ‬
‫رجل مكر ٌم‪ ،‬يعني أكرمته‪ ،‬ال‪ ،‬أكرمه‬ ‫لكن جاء ٌ‬
‫مطلوب إكرامه‪ ،‬ال‪ ،‬ليس‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫رجل أكرمه يعني‬ ‫يعني يف المستقبل‪ ،‬كيف؟! جاء‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪199h‬‬
‫‪g‬‬
‫مطلوب إكرامه‬
‫ٌ‬ ‫مطلوب إكرامه بمعنى أكرمه‪ ،‬أكرمه أنت تأمر ال تخرب‪ ،‬إذا قلت‪:‬‬
‫يعني تخرب‪ ،‬لكن أكرمه هنا تأمر وتطلب‪.‬‬
‫فل َا عني ن عُ دائما بالمعاين‪ ،‬فإةا قلنا‪ُ :‬يمنع كذا من هذا الوجه ال يعني أن‬
‫ٍ‬
‫وجه آخر‪ ،‬والنحويون ربما ال‬ ‫العبارة ممنوعة من كل الوجوه‪ ،‬قد تجوز على‬
‫مثال واضح‪ ،‬أو نبهوا عليه يف موض ٍع آخر‪،‬‬
‫ينبهون على ذلك‪ ،‬بنا ًء على أن األمر ً‬
‫مثال تجد يف كتب النحو أن المسألة ممنوعة‪ ،‬يعني ال يجوز النعت بالجملة‬
‫فهنا ً‬
‫الطلبية‪ ،‬كقولك‪ :‬جاء ٌ‬
‫رجل أكرمه‪.‬‬
‫يعني ال يجوز إذا كانت (أكرمه) نعتًا‪ ،‬لكن تجوز إذا كانت (أكرمه) مستأنفة‪،‬‬
‫رجل أكرمه‪ ،‬إن قلنا أهنا مستأنفة فالكالم جملتان‬‫ٌ‬ ‫طيب‪ ،‬يعني إذا قلنا‪ :‬جاء‬
‫منفصلتان‪ ،‬طيب‪ ،‬لو قلنا إن (أكرمه) نعت‪ ،‬وهذا ال يجوز‪ ،‬لو قلنا إنه لنعت لكان‬
‫قولك‪ :‬جاء ٌ‬
‫رجل أكرمه جمل ًة واحدة‪ ،‬لكنه جمل ٌة كربى يف داخلها جمل ٌة صغرى‪،‬‬
‫لعل األمر الواضح؛ ألننا شرحنا ذلك أكثر من مرة‪.‬‬
‫وقد جاء يف السماع عن العرب ما ظاهره وقوع الجملة الطلبية نعتًا يف شواهد‬
‫قليلة‪ ،‬تأملوا فيها تجدون ما شرحناه قبل قليل‪ ،‬ومن ذلك قول الراجز‪:‬‬
‫بعنا بعمرو ومع اه س‬
‫جاءوا بملَق هلق رأ لت اللَئب قل ‪.‬‬ ‫حعلللللى إةا جلللللن الظلللللالم واملللللعل‬
‫ٍ‬
‫بمذق هل رأيت الذئب قط‪،‬‬ ‫بمذق‪ ،‬والمذق هو القليل من اللبن‪ ،‬جاءوا‬ ‫ٍ‬ ‫جاءوا‬
‫ٍ‬
‫بمذق يشبه الذئب يف لونه‪ ،‬يقول‪ :‬جاءوا بمذق‪ ،‬والمذق لبن‬ ‫كأنه قال‪ :‬جاءوا‬
‫خالصا‪ ،‬وإنما كلون الذئب‪ ،‬فقوله‪ :‬هل رأيت الذئب‬
‫ً‬ ‫مشوب بماء‪ ،‬فليس بياضه‬
‫ٍ‬
‫لمذق‪ ،‬فماذا قال ابن مالك؟‬ ‫قط؟ استفهام‪ ،‬جمل ٌة طلبية‪ ،‬ويف ظاهرا وقعت نعتًا‬
‫قال‪:‬‬
‫للللم ْر ادص ا‬
‫للللب‬ ‫َللللت َفللللال َ َل َأ ْ ا‬
‫َوإا َّْ َأ ْ‬ ‫للللب‬ ‫وامنَلللللع هنَلللللا إا َ لللللا َة ا‬
‫اَ ال َّط َلل ا‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ ْ د‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪200 h‬‬
‫يعني وإن جاءت يف السماع يف مثل هذا القليل‪ ،‬وإن أتت فالقول أضمر تصب؛‬
‫ٍ‬
‫بمذق‬ ‫فلهذا خرج الجمهور مثل هذا البيت على إضمار ٍ‬
‫قول‪ ،‬والتقدير‪ :‬جاءوا‬ ‫َ‬
‫ٍ‬
‫مقول فيه عل رأيت الذئب قط‪ ،‬فيكون النعت محذو ًفا؛ لكونه معلو ًما يف مثل هذا‬
‫نعت محذوف‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫مقول فيه هذا ٌ‬ ‫ٍ‬
‫بمقول‪،‬‬ ‫مقدرا‬ ‫األسلوب‪،‬‬
‫ً‬
‫طيب‪ ،‬هل رأيت الذئب قط؟ هذه جملة‪ ،‬ما إعراب هذه الجملة (هل رأيت‬
‫الذئب قط)؟ هذه مقول القول‪ ،‬وبعض المحققين من النحويين كابن هشام يف‬
‫ٍ‬
‫بمذق مثل الذئب‪ ،‬هل رأيت‬ ‫بعض كتبه‪ ،‬يجعلون التقدير يف نحو ذلك‪ :‬فجاءوا‬
‫ٍ‬
‫مشبه‬ ‫ٍ‬
‫بمذق‬ ‫ٍ‬
‫بمذق مثل الذئب‪ ،‬أو جاءوا‬ ‫الذئب قط؟ يعني تقدير الكالم‪ :‬جاءوا‬
‫للذئب‪ ،‬هل رأيت الذئب قط؟‬
‫كقولك‪ :‬مررت برج ٍل مثل األسد‪ ،‬هل رأيت األسد؟ األسلوب واحد‪ ،‬ويف‬
‫َ السعداَّ؟! قال ا‪ :‬نعُ ا‬ ‫َ السعداَّ‪ ،‬هق رأ عُ‬ ‫الحديث‪ « :‬الليب مَق‬
‫أيضا‬
‫َ السعداَّ»‪ ،‬فعلى هذا التقدير يكون النعت ً‬ ‫رس ل اهلل‪ ،‬ف ال‪ :‬فإن ا مَق‬
‫محذو ًفا؛ لكونه معلو ًما يف هذا األسلوب‪ ،‬طيب‪ ،‬والجملة‪ :‬هل رأيت الذئب قط‪،‬‬
‫ٍ‬
‫بمذق مثل الذئب‪ ،‬هل رأيت الذئب قط؟‬ ‫ماذا تكون؟ جاء‬
‫استئنافية‪ ،‬تكون استئنافية‪ ،‬وهذا التقدير هو األقرب للمعنى‪ ،‬وقد يكون هو‬
‫المتحتم؛ ألنه يعيد الكالم إلى جادته‪ ،‬التي ذكرناها قبل قليل‪ ،‬فإذا قلت‪ :‬جاء ٌ‬
‫رجل‬
‫أكرمه‪ ،‬على النعتية ال يجوز‪ ،‬وعلى االستئنافية يجوز‪ ،‬نعم‪.‬‬
‫مثال‪ :‬تعرف‬
‫كثيرا‪ ،‬كأن تقول يف كالمهم ً‬
‫والعامة تستعمل هذا األسلوب ً‬
‫ٌ‬
‫فالن كالقط‪ ،‬هل تعرف القط؟! فالكالم هذا‬ ‫البس؟! ثم يسكتون‪ ،‬أرادوا التشبيه‪،‬‬
‫ٍ‬
‫مالك قد انتهى من الكالم‬ ‫أسلوب عرب معروف ُيراد به التشبيه‪ ،‬بذلك يكون ابن‬
‫على الشيء الثالث الذي ُينعت به‪ ،‬وهو الجملة‪.‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪201h‬‬
‫‪g‬‬
‫طيب‪ ،‬ثم ذكر ابن مالك‪ ‬الشيء الرابع الذي ُينعت به؛ وهو المصدر‪،‬‬
‫فقال‪:‬‬
‫لللللللرا َد َوال َّعلللللللل َْ ا ْي َرا‬
‫اإل ْفل َ‬‫َفللللللللال َع دَم َ ا ا‬ ‫َو َن َع دعللللللللللل ا با َم ْصلللللللللللدَ ر ََا ْيل‬
‫للللللللللرا‬
‫َ‬
‫اسم جامد‪ ،‬فاألصل فيه أال يقع نعتًا؛ ألن النعت ال يكون إال بما يدل‬
‫المصدر ٌ‬
‫على صفة‪ ،‬ولكنه وقع نعتًا يف كالم العرب لكونه يشبه المشتق‪ ،‬أي‪ :‬يؤول‬
‫بالمشتق‪ ،‬وال شك أن المعنى هو المتحكم األكرب يف الكالم‪ ،‬فكما ك ُثر مجيء‬
‫رضا‪.‬‬ ‫المصدر خربًا‪ ،‬كما سبق كقولهم‪ :‬زيدٌ ٌ‬
‫عدل‪ ،‬ومحمدٌ ً‬
‫ركضا‪ ،‬وذهب‬
‫ً‬ ‫وكما ك ُثر مجيء المصدر ً‬
‫حاال‪ ،‬كما سبق كقولهم‪ :‬جاء زيدٌ‬
‫مش ًيا‪ ،‬ك ُثر استعمال المصدر نعتًا؛ لكا قلنا من قبل‪ :‬إن الخرب والحال والنعت من‬
‫زور‪،‬‬ ‫رضا‪ ،‬وهذا ٌ‬ ‫عدل‪ ،‬وهذا ٌ‬ ‫رجل ٌ‬ ‫واد واحد‪ ،‬ومن ذلك قولك‪ :‬هذا ٌ‬ ‫ٍ‬
‫رجل ٌ‬ ‫رجل ً‬
‫رجل ٌ‬
‫عدل‪،‬‬ ‫فطر‪ ،‬أي‪ :‬عادل‪ ،‬ومرضي‪ ،‬وزائر‪ ،‬ومفطر‪ ،‬تقول‪ :‬هذا ٌ‬ ‫وهذا ٌ‬
‫رجل ٌ‬
‫رجال ً‬
‫عدال‪ ،‬وهكذا‪.‬‬ ‫ومررت برج ٍل ٍ‬
‫عدل‪ ،‬وأريد ً‬
‫والمصدر إذا وقع خربًا أو ً‬
‫حاال أو نعتًا فإنه يلزم اإلفراد والتذكير‪ ،‬يلزم اإلفراد‬
‫فال ُيثنى وال ُيجمع‪ ،‬ويلزم التذكير فال يؤنث‪ ،‬وهذا قوله‪:‬‬
‫اإل ْف َرا َد َوالع ََّْ ا ْي َرا‬
‫َفال َع دَم َ ا ا‬
‫ٍ‬
‫وبرجال‬ ‫ٍ‬
‫عدل‪،‬‬ ‫عدل‪ ،‬ومررت برجلين‬‫عدل‪ ،‬وجاء رجالن ٌ‬
‫رجل ٌ‬ ‫تقول‪ :‬جاء ٌ‬
‫عدل‪ ،‬قال الشاعر‪:‬‬ ‫ٍ‬
‫وبنساء ٍ‬ ‫عدل‪ ،‬وبامرأتين ٍ‬
‫عدل‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫وبامرأة ٍ‬ ‫ٍ‬
‫عدل‪،‬‬
‫عللللى صلللدق ال فلللا للل داء علللدل‪.‬‬ ‫إةا لللللَب ال لللللاة فلللللإَّ عنلللللد‬
‫طيب‪ ،‬ولماذا لزم المصدر اإلفراد والتذكير هنا؟ ألن المصدر يف الحقيقة ليس‬
‫المنعوت‪ ،‬األصل يف النعت أنه المنعوت‪ ،‬تقول‪ :‬جاء زيدٌ الراكض‪ ،‬من الراكض؟‬
‫زيد‪ ،‬وزيد هو الراكض‪ ،‬صفته‪ ،‬لكن إذا قلت يف المصدر‪ :‬زيدٌ ٌ‬
‫عدل‪ ،‬هل زيد هو‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪202h‬‬
‫ظلم‪ ،‬هل زيدٌ هو الظلم؟! أو زيدٌ‬ ‫العدل؟ عدل يعدل ً‬
‫عدال‪ ،‬العدل ضد الظلم‪ ،‬زيدٌ ٌ‬
‫هو العدل؟!‬
‫ال؛ ألن المصدر يف الحقيقة ليس هو المنعوت‪ ،‬فالعدل ليس الرجل‪ ،‬كما أن‬
‫راكض‪ ،‬وبعد اتفاقهم‪-‬أي النحويين‪ -‬على جواز‬
‫رجل ٌ‬‫الرجل هو الراكض يف جاء ٌ‬
‫ذلك‪ ،‬وعلى سماعه‪ ،‬وورده يف كالم العرب‪ ،‬اختلفوا يف تخريجه‪ ،‬ما تخريج مثل‬
‫ركضا أو نع ًتا؟ جاء ٌ‬
‫رجل‬ ‫ً‬ ‫عدل خرب أو ً‬
‫حاال؟ جاء زيدٌ‬ ‫هذا األسلوب؟! محمدٌ ٌ‬
‫ٌ‬
‫عدل ما تخريجه؟‬
‫رة‪-:‬‬ ‫على ال ة أق ال م‬
‫ٍ‬
‫عدل موضع عادل‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫بمشتق‪ ،‬أي على وضع‬ ‫ٌ‬
‫مؤول‬ ‫‪ -‬ف ال الُ في َّ‪ :‬هو‬
‫رجل ٌ‬
‫عادل‪.‬‬ ‫عدل‪ ،‬أي‪ :‬جاء ٌ‬
‫رجل ٌ‬
‫عدل‪ ،‬أي‪ :‬زيدٌ عادل‪ ،‬وجاء ٌ‬
‫فقولك‪ :‬زيدٌ ٌ‬

‫مؤول على حذف مضاف‪ ،‬الكالم عندهم على حذف‬ ‫ٌ‬ ‫‪ -‬وقال البصر َّ‪ :‬هو‬
‫ٍ‬
‫عدل‪ ،‬مررت برجل‬ ‫ٍ‬
‫عدل‪ ،‬أي‪ :‬صاحب‬ ‫مضاف‪ ،‬واألصل‪ :‬مررت برج ٍل ذي‬
‫صاحب عدل‪ ،‬زيدٌ ٌ‬
‫عدل‪ ،‬أي‪ :‬زيدٌ ذو عدل‪.‬‬
‫ٍ‬
‫بمؤول‬ ‫َير من المح ين‪ :‬الكالم يف كل ذلك على حقيقته‪ ،‬فليس هو‬
‫‪ -‬وقال ِ‬
‫بالمشتق كما يقول الكوفيون‪ ،‬وال هو على حذف مضاف كما يقول البصريون‪،‬‬
‫مجازا‬
‫ً‬ ‫وإنما الكالم على حقيقته‪ ،‬والمراد به المبالغة بجعل المنعوت عين النعت‬
‫باب واسع يف الكالم‪ ،‬وتقصد العرب إليه قصدً ا‪.‬‬
‫أو ادعا ًء‪ ،‬والمبالغة ٌ‬
‫رجل ٌ‬
‫عدل‪ ،‬أنت تريد أن تبالغ حتى تجعل هذا‬ ‫عدل‪ ،‬أو جاء ٌ‬
‫فإذا قلت‪ :‬زيدٌ ٌ‬
‫الرجل هو العدل‪ ،‬ولو أولناها سوا ًء بالمشتق أو بالمضاف‪ ،‬لخرج الكالم عن إرادة‬
‫رجل عادل‪ٌ ،‬‬
‫رجل ذو عدل‪ ،‬هذه حقيقة وليس‬ ‫المبالغة‪ ،‬وعاد إلى إرادة الحقيقة‪ٌ ،‬‬
‫وكثير‬
‫ٌ‬ ‫فيه مبالغة يف الكالم‪ ،‬وكالم هؤالء المحققين هو الذي يأخذ به أهل البالغة‪،‬‬
‫من المفسرين المحققين يف ذلك‪.‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪203h‬‬
‫‪g‬‬
‫ما‬ ‫يب‪ ،‬وبَلك ُ َّ ابن مالك‪ ‬قد انع ى من ة ر ما د نعت به؛ وه‬
‫ة رنا أربعة أ ياء‪ :‬ااسُ الم عق‪ ،‬وااسُ غير الم عق المؤول بالم عق‪،‬‬
‫والَملة‪ ،‬والمصدر‪ ،‬هنا لعله ناسب أَّ نَ ر هَه المعل مة المفيدة‪ ،‬فن ل‪ :‬إَّ‬
‫ياء من حيث النعت أربعة أقسام‪:‬‬ ‫ا‬
‫ال سُ ا ول‪ :‬ما ُينعت وال ُينعت به‪ ،‬ال ُينعت أي ال يقع منعو ًتا‪ ،‬وال ُينعت به‬
‫أي ال يقع نعتًا‪ ،‬نحو‪ :‬الضمائر‪ ،‬وأسماء االستفهام‪ ،‬وأسماء الشرط‪ ،‬وكم الخربية‪،‬‬
‫ما التعجبية‪ ،‬وكلمة‪ :‬اآلن‪ ،‬وقبل‪ ،‬وبعد‪ ،‬هذه كلها ال تقع نعتًا وال منعو ًتا‪.‬‬
‫ال سُ الَاين‪ :‬ما ُينعت و ُينعت به‪ ،‬بالعكس‪ ،‬يقع نعتًا ويقع منعو ًتا‪ ،‬وهي أسماء‬
‫اإلشارة‪ ،‬واالسم المعرف بــ(ال)‪ ،‬اسم اإلشارة يقع نع ًتا‪ ،‬تقول‪ :‬جاء هذا المجتهد‪،‬‬
‫وقع منعو ًتا‪ ،‬ويقع نعتًا كقول‪ :‬جاء محمدٌ هذا‪ ،‬وكذلك المعرف بــ(ال) يقع‬
‫منعو ًتا‪ ،‬تقول‪ :‬جاء الطالب المجتهد‪ ،‬وقع نعتًا ومنعو ًتا‪.‬‬
‫ال سُ الَالث‪ :‬ما ُينعت وال ُينعت به‪ ،‬ما ُينعت يقع منعو ًتا‪ ،‬وال ُينعت به ال يقع‬
‫نعتًا‪ ،‬وهو العلم كمحمد‪ ،‬تقول‪ :‬جاء محمدٌ الطويل‪ ،‬فوقع منعو ًتا‪ ،‬لكن ال يقع‬
‫مثال‪ :‬جاء أخي محمدٌ ‪ ،‬محمدٌ ‪ :‬بدل أو عطف بيان‪ ،‬ال يكون نعتًا‪،‬‬
‫نعتًا‪ ،‬فإذا قلت ً‬
‫علما فليست‬
‫طيب‪ ،‬جاء عبد اهلل بن عمر؟ كما قلنا قبل قليل‪ :‬ابن عمر إن جعلتها ً‬
‫نعت‪.‬‬
‫علما فهي ٌ‬
‫نعتًا‪ ،‬بدل أو عطف بيان‪ ،‬وإن لم تجعلها ً‬
‫ال سُ الرابع‪ :‬ما ُينعت به وال ُينعت‪ ،‬ما ُينعت به أي يقع نعتًا‪ ،‬وال ُينعت أي ال‬
‫يقع منعو ًتا‪ ،‬وهو ماذا؟!‬
‫الب‪ :‬األسماء المشتق‪.‬‬
‫ال‪ ،‬المشتقة تقع نعتًا ومنعو ًتا‪ ،‬والمصدر يقع نعتًا ومنعو ًتا‪ ،‬وإنما الجملة‪،‬‬
‫رجل يركض‪ ،‬لكن ال تقع منعو ًتا‪.‬‬‫الجملة تقع نعتًا‪ ،‬كما عرفنا قبل قليل‪ :‬جاء ٌ‬

‫واهلل أعلُ‪ ،‬وصلى اهلل وسلُ على نبينا محمد‪ ،‬وعلى آله وأصحابه أجمعين‪.‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪204h‬‬

‫الدرس الثالث والثمانون‬


‫﷽‬

‫الحمد هلل رب العالمين‪ ،‬والصالة والسالم على نبينا محمد‪ ،‬وعلى آله‬
‫وأصحابه أجمعين‪ ،‬أما بعد‪-:‬‬
‫فسالم اهلل عليكم ورحمته وبركاته يف هذه الليلة؛ ليلة اإلثنين (الثامن‬
‫ٍ‬
‫وأربعمائة وألف) من هجرة‬ ‫ٍ‬
‫ثالث وثالثين‬ ‫والعشرين شهر ربي ٍع األول من سنة‬
‫المصطفى ‪ ،‬ونحن يف جامع الراجحي بحي الجزيرة بمدينة الرياض؛ لنعقد‪-‬‬
‫بحمد اهلل وتوفيقه‪ -‬الدرس (الثالث والثمانين) من دروس شرح ألفية ابن مالك‪-‬‬
‫عليه رحمة اهلل‪.-‬‬
‫وما زال الكالم موصو ًال على باب النعت‪ ،‬فابن مالك‪ ‬عقد باب النعت‬
‫يف األلفية يف أربعة عشر بيتًا‪ ،‬وقد شرحنا منها ثمانية أبيات فيما سبق‪ ،‬وبقي منها‬
‫على ذلك ستة أبيات‪ ،‬نشرحها‪-‬إن شاء اهلل تعالى‪ -‬يف هذه الليلة بعون اهلل ومشيئته‪.‬‬
‫نبدـ الدرس كالمعتاد بقراءة األبيات التي سنشرحها‪-‬إن شاء اهلل‪ ،-‬قال ابن‬
‫مالك‪ ‬يف باب النعت‪:‬‬ ‫ٍ‬

‫ْ‬
‫لللللللف‬ ‫َف َعا ا َفلللللللل َفر ْقلللللللل ده اَ إا َةا ائ َع َلل‬ ‫ام َع َلل ْ‬
‫للللف‬ ‫احلللللد إا َةا ْ‬‫للللت َغيلللللرا و ا‬
‫َ‬ ‫َو َن ْعل د ْ‬
‫لللللللع با َ ْيلللللللر ْاسلللللللعا َْنَا‬
‫َو َع َملللللللق َأ ْ با ْ‬ ‫للللت َم ْع دملللل َل ْي َو اح ْيللللدَ ْ َم ْعنَللللى‬
‫َو َن ْع َ‬
‫هن دأ ْ با َع‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫م ْف َع ا‬
‫لللللللللت‬
‫ْ‬ ‫لللللللللرا للللللللللَ ْ را َّ‬
‫َ‬ ‫د‬ ‫لللللر َْ َو َقلللللدْ َ َل ْ‬
‫لللللت‬ ‫َوإا َّْ دن دعللللل َِ َ دَ َ‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪205h‬‬
‫‪g‬‬

‫للللع دم ْع النَلللللا‬ ‫ا‬ ‫ا‬


‫بالللللدد ون َ ا َأو َب ْعاللللل َ ا ا ْق َطل ْ‬ ‫لللللع َأ َو ا ْ با ْ‬
‫لللللع إا َّْ َ ُ ْ‬
‫دلللللن دم َع َّينَلللللا‬ ‫َوا ْق َط ْ‬
‫ا‬ ‫للت م ْا ا‬ ‫ا‬
‫للللللن َ ْظ َ َ‬
‫للللللرا‬ ‫دم ْبعَللللللدَ أ َأو نَاصلللللل َب َل ْ‬ ‫للم َرا‬ ‫للع َأ او انْص ْ‬
‫للب إا َّْ َق َط ْع َ د‬ ‫َو ْار َف ْ‬
‫لللت َ ا ل ّ‬
‫لللق‬ ‫َلللل ده ح َْ دفلللله وفاللللي النَّعل ا‬
‫ْ‬ ‫د َ‬ ‫َ‬ ‫َ د‬ ‫للت دع ا ْ‬
‫لللق‬ ‫َ والنَّعل ا‬
‫َ ْ‬
‫وملللا املللن المنْعللل ا‬
‫َ َ د‬ ‫ََ‬
‫‪ ‬تكلم ابن مالك‪ ‬يف هذه األبيات على ثالث مسائل‪:‬‬
‫المسلٌلة ا ولى‪ :‬تعدد النعت‪.‬‬
‫والمسٌلة الَانية‪ :‬قطع النعت‪.‬‬
‫والمسلٌلة الَالث‪ :‬حذف النعت وحذف المنعوت‪.‬‬
‫سنبدأ هبذه المسائل‪-‬إن شاء اهلل‪ -‬مسأل ًة مسألة‪ ،‬نبدأ بالمسألة األولى‪ ،‬وهي‬
‫مسألة تعدد النعت‪ ،‬وفيها يقول ابن مالك‪:‬‬
‫ْ‬
‫لللللللف‬ ‫َف َعا ا َفلللللللل َفر ْقلللللللل ده اَ إا َةا ائ َع َلل‬ ‫ام َع َلل ْ‬
‫للللف‬ ‫احلللللد إا َةا ْ‬‫للللت َغيلللللرا و ا‬
‫َ‬ ‫َو َن ْعل د ْ‬
‫لللللللع با َ ْيلللللللر ْاسلللللللعا َْنَا‬
‫َو َع َملللللللق َأ ْ با ْ‬ ‫للللت َم ْع دملللل َل ْي َو اح ْيللللدَ ْ َم ْعنَللللى‬
‫َو َن ْع َ‬
‫منصوب على‬ ‫واحد) فيه روايتان‪ ،‬نعت بالنصب فهو‬ ‫ٍ‬ ‫وقوله‪( :‬ونعت غير‬
‫ٌ‬
‫االشتغال‪ ،‬ودليل الفعل المحذوف قوله‪ :‬فرقه‪ ،‬والرواية الثانية‪ :‬الرفع‪ ،‬ونعت غير‬
‫كثيرا إن المنصوب على االشتغال يجوز رفعه على‬ ‫ٍ‬
‫واحد فهو مبتدأ‪ ،‬وسبق أن قلنا ً‬
‫االبتداء‪ ،‬وإن كان يف بعض المواضع يرتجح النصب على االشتغال‪ ،‬ويف بعض‬
‫المواضع يرتجح الرفع على االبتداء‪ ،‬ويف بعض المواضع يجب النصب‪ ،‬ويف‬
‫جوازا مستو ًيا‪ ،‬وسبق‬
‫ً‬ ‫بعض المواضع يجب الرفع‪ ،‬ويف بعض المواضع يجوزان‬
‫كل ذلك يف باب االشتغال‪.‬‬
‫يف هَ ن البيعين قلنا‪ :‬تكلم ابن مالك‪ ‬على مسألة تعدد النعت‪ ،‬وهذه‬
‫المسألة تعدد العت واضح ٌة بين ٌة لصاحب السليقة العربية‪ ،‬ولكن ال بدَّ من ضبطها‬
‫بقواعدها؛ فلهذا نقول يف بياهنا‪ :‬المنعوت إما أن يكون مفر ًدا نحو زيد‪ ،‬وإما أن‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪206h‬‬
‫يكون متعددا نحو ٍ‬
‫زيد وعمرو‪ ،‬ونحو الزيدان‪ ،‬ونحو الزيدون‪.‬‬ ‫ً‬
‫المنعوت إما أن يكون مفر ًدا كأن تنعت زيدً ا‪ ،‬وإما أن يكون متعد ًدا‪ ،‬المتعدد‬
‫وعمرو‪ ،‬أو أن يكون المنعوت الزيدان‪ ،‬أو أن يكون‬‫ً‬ ‫كأن يكون المنعوت زيدً ا‬
‫أيضا إما أن يكون‬ ‫ٍ‬
‫كزيد‪ ،‬فنعته ً‬ ‫المنعوت الزيدون‪ ،‬طيب‪ ،‬فإن كان المنعوت مفر ًدا‬
‫مفر ًدا أو متعد ًدا‪.‬‬
‫إَّ نعت المفرد بمفرد قلت‪ :‬مررت ٍ‬
‫بزيد الكريم‪ ،‬وإن نعت المفرد بمتعدد‪-‬‬
‫يعني بأكثر من نعت‪ -‬جاز لك عطف النعوت‪ ،‬وجاز لك عدها بال عطف‪ ،‬جاز لك‬
‫عطف النعوت كقولك‪ :‬مررت ٍ‬
‫بزيد الكريم والشجاع‪ ،‬المنعوت زيد‪ ،‬والنعت‬
‫ٍ‬
‫حينئذ أن تعدده بال‬ ‫الكريم الشجاع‪ ،‬وعطفتهما‪ ،‬وجاز لك يف النعت المتعدد‬
‫عطف‪ ،‬فتقول‪ :‬مررت ٍ‬
‫بزيد الكريم الشجاع‪.‬‬

‫فعطف النعوت كقوله‪( :‬ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ)‬


‫[ا على‪ ]2-1:‬النعت األول‪( ،‬ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ‬
‫ﮮ) [ا على‪ ،]4-2:‬إ ًذا الذي ٌ‬
‫نعت للرب‪ ،‬وقد عطف هذه النعوت بعضها على‬
‫عطف كقوله‪( :‬ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ‬ ‫ٍ‬ ‫بعض‪ ،‬وذكر النعوت بال‬
‫ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ) [ال لُ‪،]13-10:‬‬
‫ثمانية نعوت لحالف‪ ،‬وقد أتى هبا بال تعدد‪.‬‬
‫فقد أتى هبا متعدد ًة بال عطف‪ ،‬وقد سبق بحث مسألة التعدد يف باب المبتدأ‬
‫شجاع‪ ،‬ويجوز‬
‫ٌ‬ ‫كريم‬
‫ٌ‬ ‫والخرب‪ ،‬فعندما قلنا أن الخرب يجوز أن يتعدد‪ ،‬كقولك‪ :‬زيدٌ‬
‫وشجاع؛ فلهذا ال نتوسع يف المسألة‬
‫ٌ‬ ‫كريم‬
‫ٌ‬ ‫أن تعطف بعضه على بعض‪ ،‬فتقول‪ :‬زيدٌ‬
‫أكثر من ذلك‪.‬‬
‫وكل ذلك واضح‪ ،‬أعني إذا كان المنعوت مفر ًدا؛ فلهذا لم يذكر ابن مالك كل‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪207h‬‬
‫‪g‬‬
‫ذلك يف األلفية‪ ،‬لم يتكلم على المنعوت المفرد‪ ،‬ثم ننتقل إلى المنعوت المتعدد‪،‬‬
‫إذا كان المنعوت متعد ًدا؛ المنعوت المتعدد إما أن يكون متعد ًدا يف اللفظ والمعنى‪،‬‬
‫وعمرو متعددان لف ًظا ومعنى‪ ،‬لكل‬ ‫وعمرو‪ ،‬زيدٌ‬ ‫ٍ‬
‫وعمرو‪ ،‬كأن تنعت زيدً ا‬ ‫ٍ‬
‫كزيد‬
‫ٌ‬ ‫ً‬
‫كلمة معنى‪.‬‬
‫وإما أَّ ُ َّ الععدد معنى ا لفظا‪ ،‬نح ‪ :‬الزيدان والزيدون‪ ،‬فالزيدان متعدد‬
‫معنًى؛ ألنه يدل على اثنين‪ ،‬شخصين‪ ،‬لكنه من حيث اللفظ واحد‪ ،‬هذه كلها أشياء‬
‫واضحة‪ ،‬لكن نريد فقط أن نضبطها هبذه الضوابط‪ ،‬فنقول‪ :‬إن كان المنعوت‬
‫ٍ‬
‫مختلف‪ ،‬فيجب تفرقيه‬ ‫ٍ‬
‫بنعت‬ ‫ٍ‬
‫وعمرو‪ ،‬فإما أن ُينعت‬ ‫ٍ‬
‫كزيد‬ ‫متعد ًدا لف ًظا ومعنًى‬
‫ٍ‬
‫وعمرو البخيل‪.‬‬ ‫وعطفه‪ ،‬نحو‪ :‬مررت ٍ‬
‫بزيد الكريم‪،‬‬
‫المنع َ مععدد‪ :‬زيد وعمرو‪ ،‬والنعت متعدد مختلف وال متفق؟! مختلف‪،‬‬
‫حينئذ يجب أن تفرق النعت وأن تعطفه‪ ،‬مررت ٍ‬
‫بزيد الكريم‬ ‫ٍ‬ ‫الكريم والبخيل‪،‬‬
‫ٍ‬
‫وعمرو البخيل‪ ،‬وإن نعتهما‪ ،‬أو نقول‪ :‬إن نعت المنعوت المتعدد لف ًظا ومعنًى‬
‫ٍ‬
‫وعمرو الكريم‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫بزيد الكريم‬ ‫بمؤتلف‪ ،‬جاز تفريقه وعطفه‪ ،‬كقولك‪ :‬مررت‬
‫المنعوت متعدد لف ًظا ومعنًى‪ ،‬والنعت متعدد لكنه مؤتلف‪ ،‬لك أن تفرقه كما قلنا‪.‬‬
‫ٍ‬
‫وعمرو الكريمين‪ ،‬طيب‪ ،‬هذا يف‬ ‫ويجوز تثنيته وجمعه‪ ،‬فتقول‪ :‬مررت ٍ‬
‫بزيد‬
‫المتعدد لف ًظا ومعنًى‪ ،‬فإذا كان المنعوت متعد ًدا معنًى ال لف ًظا‪ ،‬كالزيدان والزيدون‪،‬‬
‫ٍ‬
‫بمختلف فيجب تفريقه وعطفه‪،‬‬ ‫أيضا بمختلف أو متفق‪ ،‬فإن نعته‬ ‫فإما أن تنعته ً‬
‫كقولك‪ :‬مررت بالزيدين الكريم والبخيل‪.‬‬
‫فقولك‪ :‬الكريم والبخيل فرقتهما‪ ،‬وعطفت أحدهما على اآلخر‪ ،‬وإن نعتهما‬
‫بمؤتلف ثنيت وجمعت‪ ،‬فقلت‪ :‬مررت بالزيدين الكريمين‪ ،‬أو مررت بالزيدين‬
‫الكرماء‪ ،‬وهكذا‪ ،‬فكل ما سبق أمورها واضحة‪.‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪208h‬‬
‫ابن مالك قال يف بيته‪:‬‬
‫ْ‬
‫لللللللف‬‫َف َعا ا َفلللللللل َفر ْقلللللللل ده اَ إا َةا ائ َع َلل‬ ‫للللف‬ ‫للللت َغيلللللرا و ا‬
‫احلللللد إا َةا ْ‬
‫ام َع َلل ْ‬ ‫َ‬ ‫َو َن ْعل د ْ‬
‫متعدد مختلف‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بنعت‬ ‫تكلم على ماذا؟ تكلم على المنعوت المتعدد‪ ،‬إذا نعته‬
‫ٍ‬
‫متعدد مختلف‪ ،‬ماذا يجب فيه؟ يجب فيه التفريق‬ ‫ٍ‬
‫بنعت‬ ‫المنعوت المتعدد إذا نعته‬
‫والعطف‪.‬‬
‫ْ‬
‫لللللللف‬‫َف َعا ا َفلللللللل َفر ْقلللللللل ده اَ إا َةا ائ َع َلل‬ ‫للللف‬ ‫للللت َغيلللللرا و ا‬
‫احلللللد إا َةا ْ‬
‫ام َع َلل ْ‬ ‫َ‬ ‫َو َن ْعل د ْ‬
‫فرقه واعطفه‪ ،‬ال إذا ائتلف‪ ،‬إذا ائتلف أي إذا كان النعت المتعدد مؤتل ًفا‪،‬‬
‫حكم آخر لم يذكره ابن مالك وذكرناه‪ ،‬فيجوز لك يف المؤتلف‬
‫ٌ‬ ‫الكريم الكريم‪ ،‬فله‬
‫أن ُتثني وتجمع‪ ،‬ويجوز لك تفرق وتعطف‪.‬‬
‫ُ ل ابن مالك‪:‬‬
‫لللللللع با َ ْيلللللللر ْاسلللللللعا َْنَا‬
‫َو َع َملللللللق َأ ْ با ْ‬ ‫للللت َم ْع دملللل َل ْي َو اح ْيللللدَ ْ َم ْعنَللللى‬
‫َو َن ْع َ‬
‫ما زال الكالم على تعدد النعت‪ ،‬إال أن المتعددين أو المتعددات يف البيت‬
‫جملة واحدة؛ جاء زيدٌ الكريم وعمرو‬ ‫ٍ‬ ‫السابق الذي شرحناه وانتهينا منه‪ ،‬كانت يف‬
‫ٍ‬
‫جملة واحدة‪.‬‬ ‫وعمرو الكريمان‪ ،‬كل ذلك كان يف‬ ‫البخيل‪ ،‬أو جاء زيدٌ‬
‫ٌ‬
‫أما الذي يتكلم عليه ابن مالك يف هذا البيت‪:‬‬
‫لللللللع با َ ْيلللللللر ْاسلللللللعا َْنَا‬
‫َو َع َملللللللق َأ ْ با ْ‬ ‫للللت َم ْع دملللل َل ْي َو اح ْيللللدَ ْ َم ْعنَللللى‬
‫َو َن ْع َ‬
‫عمرو‪ ،‬ثم‬
‫فهو تعدد النعت إذا كان يف جملتين‪ ،‬كأن تقول‪ :‬ذهب زيدٌ وانطلق ٌ‬
‫وعمرو بنعت‪ ،‬الكالم على مثل هذه المسألة‪ ،‬فنقول‪ :‬إذا كان‬
‫ً‬ ‫تريد أن تنعت زيدً ا‬
‫تعدد النعت يف جملتين‪ ،‬فالذي يتحكم يف ذلك هو النظر يف العامل يف المنعوت‪،‬‬
‫العامل يف المنعوت‪.‬‬
‫مثال‪ ،‬فإن كانا المنعوتان‬
‫فاعال ننظر للفعل ً‬
‫ً‬ ‫يعني الفعل‪ ،‬إن كان المنعوت‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪209h‬‬
‫‪g‬‬
‫لعاملين متحدين يف المعنى والعمل‪ ،‬أي‪ :‬معناهما واحد وعملهما واحد‪ ،‬معناهما‬
‫واحد‪ ،‬واضح‪ ،‬وعملهما واحد يعني يعمالن الرفع‪ ،‬أو يعمالن النصب‪ ،‬أو يعمالن‬
‫الجر‪ ،‬فإن كان المنعوتان لعاملين متفقين يف المعنى والعمل‪ ،‬فإنك تتبع على‬
‫التفصيل السابق الذي سبق‪.‬‬
‫نعت‬
‫عمرو الكريمان‪ ،‬اعرب الكريمان؟ نقول‪ٌ :‬‬
‫كقولك‪ :‬ذهب زيدٌ وذهب ٌ‬
‫عمرو الكريمان‪ ،‬طب ًعا ذهب‬ ‫ٍ‬
‫لزيد وعمرو مرفوع‪ ،‬أو تقول‪ :‬ذهب زيدٌ وانطلق ٌ‬
‫عمرو الكريمان‪،‬‬
‫وانطلق بمعنًى واحد‪ ،‬وعملهما واحد‪ ،‬أو تقول‪ :‬عاد زيدٌ ورجع ٌ‬
‫عمرو الكريمين‪ ،‬تتبع‪،‬‬
‫عاد ورجع بمعنى أنه عمل‪ ،‬تقول‪ :‬عملت زيدً ا وفهمت ً‬
‫ٍ‬
‫عمرو‬ ‫زيد ومشيت إلى‬‫رأيت زيدً ا وشاهدت عمرو الكريمين‪ ،‬ذهبت إلى ٍ‬
‫ً‬
‫الكريمين‪ ،‬وهكذا‪ ،‬هذا نعت ُتتبعه‪ ،‬وهذا هو قول ابن مالك‪:‬‬
‫لللللللع با َ ْيلللللللر ْاسلللللللعا َْنَا‬
‫َو َع َملللللللق َأ ْ با ْ‬ ‫للللت َم ْع دملللل َل ْي َو اح ْيللللدَ ْ َم ْعنَللللى‬
‫َو َن ْع َ‬
‫إن كان العامالن متفقين يف المعنى والعمل‪ ،‬فلك يف منعوهتما اإلتباع‪ ،‬فإن‬
‫اختلف معنى العاملين وعملهما‪ ،‬أو اختلفا المعنى فقط‪ ،‬أو اختلف العمل فقط‪،‬‬
‫العامل يف المنعوت‪ ،‬نجد أن العاملين يختلفين يف المعنى والعمل‪ ،‬أو يختلفين يف‬
‫ٍ‬
‫فحينئذ ليس لك يف النعت إال القطع‪.‬‬ ‫المعنى‪ ،‬أو يختلفين يف العمل‪،‬‬
‫عمرو‪ ،‬ثم تريد أن تنعت زيدً ا‬
‫ل‪ :‬جاء زيدٌ وأكرمت ً‬ ‫َّ اإل با ممعنع؛ ٌَّ‬
‫وعمرو‪ :‬مفعول به منصوب‪،‬‬
‫ً‬ ‫عمرو‪ ،‬زيدٌ ‪ :‬فاعل مرفوع‪،‬‬
‫وعمرو‪ ،‬جاء زيدٌ وأكرمت ً‬
‫ً‬
‫إ ًذا فجاء عمل الرفع‪ ،‬وأكرمت عمل النصب‪ ،‬فاختلفا يف العمل‪ ،‬وجاء معناه‬
‫يختلف عن معنى أكرمت‪ ،‬إ ًذا فجاء وأكرمت مختلفان يف المعنى والعمل‪.‬‬
‫وعمرو يف هاتين الجملتين؟ ليس لك إال القطع‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫حينئذ زيدً ا‬ ‫طيب‪ ،‬كيف تنعت‬
‫ً‬
‫وسيأيت بعد قليل أنك إذا قطعت النعت فلك أن ترفعه على أنه خربٌ لمبتدأٍ محذوف‬
‫ٌ‬
‫مفعول به لفع ٍل محذوف تقديره نحو أعني‪،‬‬ ‫تقديره هو‪ ،‬ولك أن تنصبه على أنه‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪210 h‬‬
‫عمرو هما‬
‫عمرو الكريمان‪ ،‬أي‪ :‬جاء زيدٌ وأكرمت ً‬
‫فتقول‪ :‬جاء زيدٌ وأكرمت ً‬
‫الكريمان‪.‬‬
‫عمرو‬
‫عمرو الكريمين‪ ،‬أي‪ :‬جاء زيدٌ وأكرمت ً‬
‫أو تقول‪ :‬جاء زيدٌ وأكرمت ً‬
‫عمرو الظريفان أو الظريفين‪ ،‬ومررت‬
‫أعني الكريمين‪ ،‬وتقول‪ :‬انطلق زيدٌ وأكرمت ً‬
‫عمرو‪ ،‬جاء وذهب‬ ‫ٍ‬
‫بزيد‪ ،‬وجاوزت خالدً ا الكاتبين أو الكاتبان‪ ،‬فجاء زيدٌ وذهب ٌ‬
‫عمرو‪ ،‬انطلق‬
‫ً‬ ‫متفقان يف العمل‪ ،‬ومختلفان يف المعنى‪ ،‬وانطلق زيدٌ وكلمت‬
‫ٍ‬
‫بزيد وجاوزت خالدً ا‪ ،‬مررت‬ ‫وكلمت مختلفان يف العمل والمعنى‪ ،‬ومررت‬
‫وجاوزت متفقان يف المعنى‪ ،‬مختلفان يف العمل‪.‬‬
‫فهذه هي المسألة األولى‪ ،‬اآلن انتهينا من المسألة األولى؛ وهي تعدد النعت؛‬
‫لننتقل بعد ذلك إلى المسألة الثانية‪ ،‬وهي مسألة قطع النعت‪ ،‬الكالم على قطع‬
‫النعت‪ ،‬وفيها يقول ابن مالك‪:‬‬
‫هن دأ ْ با َع‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫م ْف َع ا‬
‫لللللللللت‬
‫ْ‬ ‫لللللللللرا للللللللللَ ْ را َّ‬
‫َ‬ ‫د‬ ‫لللللر َْ َو َقلللللدْ َ َل ْ‬
‫لللللت‬ ‫َوإا َّْ دن دعللللل َِ َ دَ َ‬
‫للللع دم ْع النَلللللا‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫بالللللدد ون َ ا َأو َب ْعاللللل َ ا ا ْق َطل ْ‬ ‫لللللع َأ َو ا ْ با ْ‬
‫لللللع إا َّْ َ ُ ْ‬
‫دلللللن دم َع َّينَلللللا‬ ‫َوا ْق َط ْ‬
‫ا‬ ‫للت م ْا ا‬ ‫ا‬
‫للللللن َ ْظ َ َ‬
‫للللللرا‬ ‫دم ْبعَللللللدَ أ َأو نَاصلللللل َب َل ْ‬ ‫للم َرا‬ ‫للع َأ او انْص ْ‬
‫للب إا َّْ َق َط ْع َ د‬ ‫َو ْار َف ْ‬
‫قوله‪( :‬أو بعضها اقطع معلنًا) فيه روايتان‪ ،‬أو بعضها بالجر‪ ،‬واألخرى أو‬
‫بعضها بالنصب‪ ،‬سيأيت الكالم على اختالف الروايتين‪ ،‬واختالف المعنى بنا ًء‬
‫عليهما‪.‬‬
‫يب‪ ُ ،‬ن ل‪ :‬الكالم على قطع النعت‪ ،‬إذا كان المنعوت ال يتضح إال‬
‫بالنعت‪ ،‬ال يتبين إال بالنعت‪ ،‬فيجب يف النعت اإلتباع‪ ،‬إذا كان المنعوت ال يتبين‬
‫وال يظهر إال بنعته‪ ،‬فليس لك يف نعته إال اإلتباع‪ ،‬كأن تقول‪ :‬جاء زيدٌ الطويل‪ ،‬إذا‬
‫كان المخاطب يعرف أكثر من زيد‪ ،‬جاء زيدٌ الطويل‪.‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪211h‬‬
‫‪g‬‬
‫تقول لي‪ :‬جاء زيدٌ الطويل‪ ،‬أنا أعرف أكثر من زيد‪ ،‬فال يتبين لي زيدٌ هذا إال‬
‫بقولك الطويل‪ ،‬فليس لك يف الطويل إال اإلتباع‪ ،‬وكقولك‪ :‬جاء زيدٌ الطويل‬
‫الشجاع‪ ،‬إذا كان المخاطب يعرف أكثر من ٍ‬
‫زيد طويل‪ ،‬يعرف أكثر من زيد‪ ،‬ثالثة‬
‫أربعة‪ ،‬واثنان منهما طويالن‪ ،‬فقولك‪ :‬جاء زيدٌ الطويل‪ ،‬لم يتبين زيدٌ المراد إال‬
‫بقولك الشجاع‪ ،‬إ ًذا فالشجاع ليس لك فيه إال اإلتباع‪ ،‬هذه المعاين التي تقصد إليها‬
‫العرب‪.‬‬
‫وأ اا لك‪ :‬جاء زيدٌ الطويل الشجاع الشاعر‪ ،‬إذا كان المخاطب الذي‬
‫مفتقرا‬ ‫زيد طوي ٍل شجاع‪ ،‬وهكذا‪ ،‬كلما كان المنعوت‬ ‫تخاطبه يعرف أكثر من ٍ‬
‫ً‬
‫محتاجا إلى النعت‪ ،‬ال يتبين إال بنعته‪ ،‬فليس لك يف نعته إال اإلتباع‪ ،‬وهذا‬ ‫ً‬ ‫للنعت‪،‬‬
‫هو قول ابن مالك‪َ -‬ر ْح َم ُة اهللِ َع َل ْي ِه‪:-‬‬
‫هن دأ ْ با َع‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫م ْف َع ا‬
‫لللللللللت‬
‫ْ‬ ‫لللللللللرا للللللللللَ ْ را َّ‬
‫َ‬ ‫د‬ ‫لللللر َْ َو َقلللللدْ َ َل ْ‬
‫لللللت‬ ‫َوإا َّْ دن دعللللل َِ َ دَ َ‬
‫متضحا من دون النعت‪ ،‬ال يحتاج‬
‫ً‬ ‫الَ اب‪ُ :‬أتبعت‪ ،‬طيب‪ ،‬وإذا كان المنعوت‬
‫ٍ‬
‫حينئذ اإلتباع والقطع‬ ‫المنعوت يف بيانه واتضاحه إلى النعت‪ ،‬فلك يف النعت‬
‫نعت‪ ،‬ولك أن تقطع‪ ،‬وسيأيت أن القطع‬
‫بوجهيه‪ ،‬فتقول‪ :‬جاء زيدٌ الطويل‪ ،‬الطويل‪ٌ :‬‬
‫َ‬
‫الطويل‪.‬‬ ‫إلى الرفع‪ :‬جاء زيدٌ الطويل‪ ،‬أو إلى النصب‪ :‬جاء زيدٌ‬
‫وهذا هو قول ابن مالك‪:‬‬
‫َوا ْق َط ْع َأ َو ا ْ با ْع إا َّْ َ ُ ْدن دم َع َّينَا بادد ونا َ ا‬
‫إن كان المنعوت متعينًا من دون النعت‪ ،‬فماذا لك يف النعت؟ لك القطع‬
‫واإلتباع‪ ،‬واقطع أو اتبع‪.‬‬
‫طيب‪ ،‬ويجوز إتباع بعض النعوت وقطع بعضها‪ ،‬بشرط كون النعت المتبع‬
‫متضحا ال يحتاج إلى النعت‪ ،‬وقلت‪ :‬جاء‬
‫ً‬ ‫قبل النعت المقطوع‪ ،‬إذا كان المنعوت‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪212h‬‬
‫زيدٌ الطويل الشجاع‪ ،‬زيد هنا متضح للمخاطب‪ ،‬ال يحتاج إلى النعت‪ ،‬ماذا لك يف‬
‫النعت؟ القطع واإلتباع‪.‬‬
‫طيب‪ ،‬القطع‪ ،‬لك أن تقطع الجميع‪ ،‬ولك أن ُتتبع الجميع‪ ،‬ولك أن تقطع‬
‫بعض النعوت‪ ،‬وإن ُتتبع بعض النعوت‪ ،‬لكن يف الحالة الثالثة إذا أتبعت بعضها‬
‫وقطعت بعضها‪ ،‬يجب أن تقدم النعت المتبع‪ ،‬وأن تؤخر النعت المقطوع‪ ،‬وسيأيت‬
‫بيان ذلك‪.‬‬
‫وهَا ه ق ل ابن مالك‪:‬‬
‫للللع دم ْع النَلللللا‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫بالللللدد ون َ ا َأو َب ْعاللللل َ ا ا ْق َطل ْ‬ ‫لللللع َأ َو ا ْ با ْ‬
‫لللللع إا َّْ َ ُ ْ‬
‫دلللللن دم َع َّينَلللللا‬ ‫َوا ْق َط ْ‬
‫اقطع أو اتبع إن كان المتعين من دون النعت‪ ،‬أو بضعها اقطع معلنًا إذا كان‬
‫المنعوت متعينًا‪ ،‬وال يحتاج إلى النعت‪ ،‬فلك أن تقطع بعضها دون بعض‪ ،‬هذا‬
‫ٌ‬
‫مفعول‬ ‫بعضها‪:‬‬
‫َ‬ ‫بعضها‪،‬‬
‫َ‬ ‫بعضها اقطع) يعني اقطع‬
‫معنى البيت برواية النصب‪( :‬أو َ‬
‫به مقدم‪.‬‬
‫رب لمبتدأٍ‬
‫طيب‪ ،‬وإن قطعت النعت فلك فيه وجهان‪ :‬أن ترفعه على أنه خ ٌ‬
‫ٌ‬
‫مفعول به منصوب بفع ٍل محذوف‬ ‫محذوف تقديره هو‪ ،‬ولك أن تنصبه على أنه‬
‫تقديره نحو أعني‪ ،‬أو أقصد‪ ،‬أو أريد‪ ،‬أو نحو ذلك‪ ،‬وهذا هو قول ابن مالك‪:‬‬
‫ا‬ ‫لت م ْا ا‬ ‫ا‬
‫دم ْبعَللللللدَ أ َأو نَاصلللللل َب َل ْ‬
‫للللللن َ ْظ َ َ‬
‫للللللرا‬ ‫للم َرا‬ ‫َو ْار َفل ْلع َأ او انْص ْ‬
‫للب إا َّْ َق َط ْعل َ د‬
‫إن رفعت ُتضمر مبتد ًأ‪ ،‬وإن نصبت ُتضمر ناص ًبا يعني ً‬
‫فعال ناص ًبا‪ ،‬مثال ذلك‪:‬‬
‫البسملة‪ ،‬بسم اهلل الرحمن الرحيم‪ ،‬المنعوت لفظ الجاللة اهلل‪ ،‬والنعت هنا متعدد‪،‬‬
‫محتاج للنعت‪ ،‬أم‬
‫ٌ‬ ‫نعتان‪ :‬الرحمن الرحيم‪ ،‬طيب‪ ،‬المنعوت لفظ الجاللة هل هو‬
‫متضح من دون النعت؟‬
‫ٌ‬
‫متضح غير محتاجٍ للنعت‪ ،‬النعت هنا يأيت يعني لمعاين أخرى غير التوضيح‪،‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪213h‬‬
‫‪g‬‬
‫وأخذنا يف أول باب النعت فوائد النعت أو أغراض النعت‪ ،‬قد يأيت لمجرد‬
‫التوضيح‪ ،‬لمجرد التخصيص‪ ،‬قد يأيت لمجرد المدح أو الذم أو الرتحم‪ ،‬يأيت‬
‫لمعاين‪ ،‬فالنعت يف اآلية لمجرد المدح ال للتوضيح؛ ألن المنعوت هنا متضح‪.‬‬
‫يب‪ ،‬ماةا لك يف النع َ؟ لك اإلتباع‪ ،‬بسم اهلل الرحمن الرحيم‪ ،‬ولك القطع‬
‫الرحيم‪ ،‬والتقدير‪ :‬بسم اهلل هو الرحمن هو الرحيم‪،‬‬
‫ُ‬ ‫إلى الرفع بسم اهلل الرحمن‬
‫الرحيم‪ ،‬أي‪:‬‬
‫َ‬ ‫مبتدأ وخير‪ ،‬مبتدأ وخرب‪ ،‬ولك القطع إلى النصب‪ :‬بسم اهلل الرحم َن‬
‫أيضا؟‬
‫بسم اهلل أعني الرحمن أعني الرحيم‪ ،‬وماذا لك ً‬
‫الرحيم‪ ،‬فتُتبع األول وتقطع الثاين إلى‬
‫ُ‬ ‫ل‪ :‬بسم اهلل الرحم َن‬ ‫ولك أ اا أَّ‬
‫الرحيم‪ُ ،‬تتبع األول وتقطع الثاين إلى‬
‫َ‬ ‫الرفع‪ ،‬ولك أن تقول‪ :‬بسم اهلل الرحمن‬
‫الرحمن الرحيم‪ ،‬تقطع األول إلى الرفع والثاين‬
‫ُ‬ ‫النصب‪ ،‬ولك أن تقول‪ :‬بسم اهلل‬
‫الرحيم‪ ،‬تقطع األول إلى النصب‬
‫ُ‬ ‫إلى النصب‪ ،‬ولك أن تقول‪ :‬بسم اهلل الرحم َن‬
‫والثاين إلى الرفع‪.‬‬
‫ٍ‬
‫أوجه يف البسملة‪ ،‬من الناحية النحوية جائزة‪ ،‬وال يجوز أن تقول يف‬ ‫فهذه سبعة‬
‫البسملة بسم اهلل الرحمن الرحيم‪ ،‬فتقطع األول و ُتتبع الثاين‪ ،‬وال يجوز أن تقول‪:‬‬
‫ِ‬
‫الرحيم‪ ،‬فتقطع األول و ُتتبع الثاين؛ ألن النعت المتبع ال يأيت بعد‬ ‫بسم اهلل الرحمن‬
‫النعت المقطوع‪ ،‬لماذا؟‬
‫ٍ‬
‫بأجنبي؛ ألن‬ ‫ٍ‬
‫حينئذ س ُيفصل بينه وبين متبوعه بماذا؟‬ ‫نعم؛ ألن النعت المتبع‬
‫ٌ‬
‫مفعول به لفعل‪ ،‬إ ًذا فالنعت المقطوع يف‬ ‫النعت المقطوع قلنا هو خربٌ لمبتدأ‪ ،‬أو‬
‫الحقيقة جملة‪ ،‬جمل ٌة اسمية إذا رفعت‪ ،‬وجمل ٌة فعلي ٌة إذا نصبت‪ ،‬ففصلت هبذه‬
‫الجملة بين النعت والمنعوت وهذا ال يجوز‪.‬‬
‫ونحو البسملة االستعاذة‪ ،‬ويجوز فيها ثالثة أوجه ألن النعت واحد‪ ،‬أعوذ باهلل‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪214 h‬‬
‫الرجيم‪ ،‬طيب‪ ،‬قد تكون عندكم بعض األسئلة‪ ،‬لكن‬
‫َ‬ ‫الرجيم‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الرجيم‪،‬‬ ‫من الشيطان‬
‫كثيرا من هذه اإلشكاالت؛ ألن‬
‫أرجو أن تتمهلوا ألين سأتبعها ببعض المسائل تبين ً‬
‫قديما وحدي ًثا؛ ألن النعت ال يكاد‬
‫النعت بابه واسع جدً ا يف اللغة‪ ،‬ويف كالم الناس ً‬
‫الكالم يستغني عنه‪.‬‬
‫محتاجا يف تعيينه إلى بعض النعوت‬
‫ً‬ ‫يب‪ ،‬ن ل مسٌلةِ‪ :‬فإن كان المنعوت‬
‫دون بعض‪ ،‬فيجب إتباع النعت الذي ُيعين المنعوت‪ ،‬ويجوز يف غيره من النعوت‬
‫ُ‬
‫الطويل الكريم الشجاع‪ ،‬إذا كان‬ ‫اإلتباع والقطع‪ ،‬وهذا واضح‪ ،‬نحو‪ :‬جاء زيدٌ‬
‫ٌ‬
‫طويل إال واحد‪ ،‬فإذا قلت‪ :‬جاء زيدٌ‬ ‫المخاطب يعرف أكثر من زيد‪ ،‬وليس بينهما‬
‫الطويل‪ ،‬فالطويل ُيعين وال ما ُيعين المنعوت؟‬
‫ُيعينه‪ ،‬إ ًذا فيجب فيه اإلتباع‪ ،‬طيب‪ ،‬وقولك‪ :‬الكريم الشجاع؟ ال يحتاج‬
‫المنعوت يف تعيينه إليهما‪ ،‬فلك فيهما اإلتباع‪ ،‬ولك فيهما القطع‪ ،‬وهذا معنى قول‬
‫ابن مالك‪:‬‬
‫َأو َب ْع اا َ ا ا ْق َط ْع دم ْع النَا‬
‫بعضها اقطع معلنًا على رواية الجر‪ ،‬إذا قلنا‪ِ :‬‬
‫بعضها‬ ‫على رواية الجر‪ ،‬أو ِ‬

‫بالجر‪ ،‬فيكون معنى البيت‪ :‬واقطع أو اتبع إن يكن المنعوت معينًا بدوهنا‪ ،‬يعني‬
‫المنعوت‪ ،‬انتهى‪ ،‬ثم قال‪ :‬أو بعضها اقطع معلنًا؛ يعني إذا كان المنعوت متعينًا‬
‫ببعضها‪ ،‬فقوله‪ :‬أو بعضها بالجر عط ًفا على بدوهنا المجرورة‪ ،‬يعني إذا كان‬
‫المنعوت متعينًا بدون النعوت‪ ،‬أو متعينًا ببعضها فلك اإلتباع والقطع‪.‬‬
‫لك اإلتباع والقطع يف غير النعت الذي عين المنعوت‪ ،‬وأما برواية النصب أو‬
‫بعضها‪ ،‬فهذا شرحناه قبل قليل؛ يكون معنى البيت‪ :‬يعني واقطع أو اتبع النعت إذا‬
‫يكن المنعوت معينًا بدوهنا‪ ،‬أو اقطع بعضها واتبع بعضها‪ ،‬والمعنيان متقاربان‪،‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪215h‬‬
‫‪g‬‬
‫لكنهما ليسا متفقين‪ ،‬وكالمهما صحيح‪ ،‬كال المعنيين على الرواية األولى وعلى‬
‫الرواية الثانية كالهما صحيح‪.‬‬
‫سؤال‪ :‬وهل يجوز يف المثال السابق‪ :‬جاء زيدٌ الطويل الكريم الشجاع على‬
‫ٌ‬
‫طويل‬ ‫ٍ‬
‫لمخاطب يعرف أكثر من زيد ليس منهم‬ ‫المعنى السابق‪ ،‬أي أنك تقول ذلك‬
‫إال واحد‪ ،‬هل لك أن تقول له‪ :‬جاء زيدٌ الكريم الشجاع الطويل؟ فتؤخر الطويل‬
‫مع أن الطويل هو النعت الذي ع َّين المنعوت‪ ،‬السؤال واضح أو ُأعيده؟‬
‫الب‪ :‬واضح‪.‬‬
‫طيب‪ ،‬الجواب؟‬
‫الب‪ :‬يصح‪.‬‬
‫جواب آخر؟‬
‫ٌ‬ ‫طيب‪،‬‬
‫الب‪ :‬ال يصح‪.‬‬
‫ال يصح‪ ،‬وليس هناك تعليل!‬
‫الب‪)00:40:602@( :‬‬
‫هو ال يتضح إال بالطويل؛ ألنه ال يتضح إال به‪ ،‬نعم‪ ،‬يقول‪ :‬إن أتبعت الجميع‪،‬‬
‫أتبعت كل النعوت جاز لك أن تقدم وأن تؤخر ما تشاء من النعوت‪ ،‬تقول‪ :‬جاء‬
‫زيدٌ الطويل الكريم الشجاع‪ ،‬أو جاء زيدٌ الكريم الشجاع الطويل‪ ،‬إذا أتبعت فال‬
‫إشكال يف التقديم والتأخير‪ ،‬ال إشكال يف ذلك‪.‬‬
‫ٍ‬
‫فحينئذ يجب أن‬ ‫وأما إذا قطعت وأتبعت‪ ،‬يعني قطعت بعضها وأتبعت بعضها‪،‬‬
‫تقدم الطويل وتتبعه‪ ،‬وتقطع ما بعده‪.‬‬
‫الب‪)00:41:06@( :‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪216h‬‬
‫سنعود إلى كالمك لكي ال ُيفصل بين النعت المتبوع ونعته بأجنبي‪.‬‬
‫الب‪ :‬ثم يعود على المعنى؟‬
‫هذا السؤال الذي سيأيت اآلن‪ ،‬طيب‪ ،‬قولنا قبل قليل‪ :‬إذا أتبعت الجميع فلك‬
‫ٍ‬
‫حينئذ أن تقدم منها ما تشاء‪ ،‬نعم‪ ،‬هذا كال ٌم صحيح‪ ،‬لكن السؤال‪ :‬هل الجواز هنا‬
‫على إطالقه؟‬
‫وأيضا سنجيب عنه يف كل مناسبة‪،‬‬
‫كثيرا‪ً ،‬‬
‫الَ اب عن ةلك‪ :‬أجبنا على ذلك ً‬
‫نحوي‪ ،‬يعني من حيث الصناعة النحوية يجوز‬
‫ٌ‬ ‫جواز‬
‫ٌ‬ ‫نحوي‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫فنقول‪ :‬إن الجواز هنا‬
‫أن تقدم هذا النعت أو هذا النعت‪ ،‬يعني يجوز لك يف هذا األسلوب أن تقدم ما‬
‫شئت إذا أتبعتها جمي ًعا‪.‬‬
‫أما بخصوص كل ٍ‬
‫مثال على حدة‪ ،‬فالمتحكم يف االختيار من الجائزات هو‬
‫مراعاة المقام؛ ألن البالغة كما تعرفون‪ :‬مطابقة الكالم لمقتضى الحال‪ ،‬يعني إذا‬
‫كان المراد سرعة تعيين المنعوت‪ ،‬المتكلم يقصد من كالمه هذا سرعة تعيين‬
‫ٍ‬
‫فحينئذ يقول ماذا؟‬ ‫مثال‪،‬‬
‫المنعوت؛ ألن الحال يقتضي ذلك ً‬
‫مثال التشويق‪،‬‬
‫يقول‪ :‬جاء زيدٌ الطويل الكريم الشجاع‪ ،‬طيب‪ ،‬وإذا كان المراد ً‬
‫أو شد األعصاب كما يقولون‪ ،‬كما يف المسابقات‪ ،‬ال يريد أن يبينه منذ البداية‪،‬‬
‫ٍ‬
‫حينئذ أن يقول‪ :‬جاء زيدٌ الكريم‪ ،‬فال ُيعرف‪ ،‬يعني يف أكثر من زيد كريم‪،‬‬ ‫فالبالغة‬
‫الشجاع فال يعرف‪ ،‬الطويل فيعرف‪.‬‬
‫إةا فن ل وقلنا وسن ل‪ :‬إن هذه الجوازات المذكورة يف كتب النحو هي‬
‫تجويزات نحوية‪ ،‬يعني جائز ٌة يف هذا األسلوب‪ ،‬أما يف كل ٍ‬
‫مثال على حدة‪ ،‬فالنظر‬ ‫ٌ‬
‫يف االختيار من هذه الجائزات هو البالغة‪ ،‬وهذا الذي يتفاضل فيه المتكلمون‪،‬‬
‫ال ُبلغاء ُيراعون هذه المعاين‪ ،‬ويقصدون إليها‪ ،‬ويتفاضلون فيها‪ ،‬وغير البليغ هو‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪217h‬‬
‫‪g‬‬
‫الذي يخبط يف كالمه خبط عشوائي‪.‬‬
‫طيب‪ ،‬مسأل ٌة أخرى‪ :‬ما معنى قول ابن مالك‪( :‬لن يظهرا) يف قوله‪:‬‬
‫ا‬ ‫لت م ْا ا‬ ‫ا‬
‫دم ْبعَللللللدَ أ َأو نَاصلللللل َب َل ْ‬
‫للللللن َ ْظ َ َ‬
‫للللللرا‬ ‫للم َرا‬ ‫َو ْار َفل ْلع َأ او انْص ْ‬
‫للب إا َّْ َق َط ْعل َ د‬
‫ابن مالك يعني أنه يجب حذف المبتدأ‪ ،‬وحذف الفعل أعني قبل النعت‬
‫المقطوع‪ ،‬إذا قطعت إلى الرفع تقدر هو‪ ،‬هذا هو المبتدأ المقدر الذي يجب حذفه‪،‬‬
‫يعني ال يجوز التصريح به‪ ،‬وكذلك إذا قطعت إلى النصب بتقدير أعني كذا‪،‬‬
‫فالفعل أعنى يجب أن ُيحذف‪ ،‬هذا معنى قوله‪( :‬لن يظهرا)‪.‬‬
‫صحيح إةا اَّ النعت لمَرد المدو‪ ،‬ما يف البسملة‪ ،‬و لك‪ :‬مررت‬
‫ِ‬ ‫وهَا‬
‫ٍ‬
‫بعمرو‬ ‫ٍ‬
‫بزيد الكريم‪ ،‬أو لمجرد الذم‪ ،‬كما يف االستعاذة‪ ،‬وكما يف قولك‪ :‬مررت‬
‫الخبيث‪ ،‬أو لمجرد الرتحم‪ ،‬كقولك‪ :‬مررت ٍ‬
‫بزيد المسكين‪ ،‬إذا كان المراد يعني‬
‫مجرد هذه المعاين المقصودة‪.‬‬
‫أما إذا كان المراد مجرد اإليضاح أو مجرد التخصيص‪ ،‬مجرد اإليضاح يف‬
‫المعارف ومجرد التخصيص يف النكرات‪ ،‬كما سبق بيانه يف فائدة النعت يف أول‬
‫الباب‪ ،‬يعني أنت ماذا تريد من النعت؟ تريد من النعت أن تبين المنعوت‪ ،‬ال تريد‬
‫فقط أن المنعوت واضح وب َّين ثم تريد أن تمدحه‪ ،‬ال‪ ،‬تريد أن تبينه هبذا النعت‪.‬‬
‫فإذا كان النعت لمجرد التوضيح‪ ،‬لمجرد اإليضاح أو مجرد التخصيص‪،‬‬
‫فيجوز لك أن تظهر هو وأعني‪ ،‬ويجوز أن تحذف هو وأعني‪ ،‬كأن تقول‪ :‬مررت‬
‫ٍ‬
‫بزيد النجار‪ ،‬ماذا أردت بقولك‪ :‬النجار؟ لم ترد أن تذمه‪ ،‬ولم ترد أن تمدحه‪ ،‬أنت‬
‫أردت أن تبينه‪ ،‬أن توضحه‪ ،‬عندما تقول‪ :‬مررت ٍ‬
‫بزيد‪ ،‬نعرف أكثر من زيد‪ ،‬موجود‬
‫أكثر من زيد‪ ،‬وأردت أن تبين من زيد هذا‪ ،‬مررت ٍ‬
‫بزيد النجار‪ ،‬لماذا قلت النجار؟‬
‫لماذا نعته بالنجار؟‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪218h‬‬
‫لكي توضحه‪ ،‬إ ًذا ما الغرض هنا؟ ليس الذم وال المدح‪ ،‬هو التوضيح‪ ،‬مجرد‬
‫مثال فيما يسمونه بالمعايير‬
‫التوضيح؛ فلهذا العامة‪-‬ال أدري قلنا ذلك أو ال‪ -‬اآلن ً‬
‫قديما‪ ،‬بعض األلقاب يعني الناس تركوها اآلن‪ ،‬لكن ما زال بعضها عال ًقا يف‬
‫ً‬
‫الذهن‪ ،‬فقد يعرف اإلنسان بإنسان آخر‪ ،‬فالن بن فالن بن فالن‪ ،‬فنا يعرفوه!‬
‫فيقول‪ :‬وال أذمه األعور‪ ،‬وال أذمه الكذا القصير‪ ،‬يعني أنا أقول القصير ال من باب‬
‫الذم‪ ،‬ال لمجرد الذم‪ ،‬ليس المراد بالنعت الذم‪ ،‬وإنما المراد بكالمي هنا التوضيح‪.‬‬
‫إ ًذا فالنعت يختلف الغرض منه‪ ،‬تختلف الفائدة منه‪ ،‬قد يكون للذم والمدح‪،‬‬
‫وقد يكون لمجرد التوضيح‪ ،‬فتقول‪ :‬إذا كان النعت لمجرد اإليضاح‪ ،‬أو لمجرد‬
‫التخصيص‪ ،‬فيجوز أن تظهر هو وأعني‪ ،‬ويجوز أن تحذف هو وأعني‪ ،‬كأن تقول‪:‬‬
‫بزيد الكاتب‪ ،‬مررت ٍ‬
‫بزيد‬ ‫الكاتب‪ ،‬مررت ٍ‬
‫ِ‬ ‫بزيد الكاتب‪ ،‬تقول‪ :‬مررت ٍ‬
‫بزيد‬ ‫مررت ٍ‬
‫ُ‬
‫بزيد هو الكاتب‪ ،‬مررت ٍ‬
‫بزيد أعني الكاتب‪ ،‬كل ذلك جائز‪.‬‬ ‫الكاتب‪ ،‬مررت ٍ‬
‫َ‬
‫ومن التصريح هبو قول ابن مالك يف أول ألفيته‪:‬‬
‫ابن َمالا اك‬
‫َق َال دم َح َّمد ده َ د‬
‫مالك‪ ،‬صارت كلمة ابن نعتًا لمحمد‪ ،‬طيب‪ ،‬لماذا‬ ‫ِ‬ ‫احذف هو؟ قال محمدٌ ابن‬
‫نعت نفسه بأنه ابن مالك؟ ال لكي يمدح وال يذم‪ ،‬وإنما ليوضح نفسه؛ فلهذا يجوز‬
‫أن ُيتبع‪ :‬قال محمد ابن مالك‪ ،‬ويجوز أن يقطع‪ :‬قال محمدٌ ابن مالك‪ ،‬ويجوز أن‬
‫يظهر هو‪ :‬قال محمدٌ هو ابن مالك‪ ،‬ويجوز أن يظهر أعني‪ :‬قال محمدٌ أعني ابن‬
‫ِ‬
‫مالك‪.‬‬
‫طيب‪ ،‬مسألةٌ‪ :‬كل األمثلة السابقة للمعرفة‪ ،‬والمنعوت النكرة مثل ذلك يف‬
‫األحكام‪ ،‬إال األمثلة التي ذكرناها من قبل كان المنعوت فيها معرفة‪ ،‬جاء زيدٌ‬
‫قلما‬
‫كريم‪ ،‬اشرتيت ً‬
‫ٌ‬ ‫الكريم‪ ،‬جاء زيدٌ النجار‪ ،‬وإذا كان المنعوت نكرة‪ :‬جاء ٌ‬
‫رجل‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪219h‬‬
‫‪g‬‬
‫جديدً ا‪ ،‬هل أحكام النعت هنا كأحكام النعت مع المعرفة؟ نعت النكرة كنعت‬
‫المعرفة يف اإلتباع والقطع؟‬
‫دائما‪ ،‬النكرة إذا‬
‫الَ اب‪ :‬نعم‪ ،‬إال أنه يجب يف نعت النكرة إتباع النعت األول ً‬
‫بنعت واحد فليس لك فيه إال اإلتباع‪ ،‬وإن نعتها بأكثر من ٍ‬
‫نعت‬ ‫ٍ‬ ‫نعتها‪ ،‬فإن نعتها‬
‫فيجب يف النعت األول اإلتباع‪ ،‬ولك فيما سوى ذلك أحكام نعت المعرفة‪ ،‬إن كان‬
‫المنعوت يحتاج إليه يف التعيين‪ ،‬فليس فيه إال اإلتباع‪ ،‬وإال جاز فيه اإلتباع والقطع‪.‬‬
‫لماذا يجب يف النعت األول بعد النكرة اإلتباع؟ ألن النكرة ال تتضح‪ ،‬النكرة ال‬
‫يمكن أن تصل إلى حد اإلتضاح أبدً ا‪ ،‬وإنما النكرة تتخصص‪ ،‬وال تتخصص إال‬
‫نعت معها لكي يخصصها‪ ،‬كقولك‪ :‬جاءين ٌ‬
‫رجل‬ ‫بنعت على األقل‪ ،‬فال بدَّ من ٍ‬
‫ٍ‬

‫كريم‪ ،‬اآلن يعني اكتسب‬


‫ٌ‬ ‫شجاع‪ ،‬فكلمة رجل ال يتخصص هنا إال بقولك‬
‫ٌ‬ ‫كريم‬
‫ٌ‬
‫شي ًئا من التخصص‪ ،‬فإذا اكتسب شي ًئا من التخصص يعني ظهر بعض ظهور‪ ،‬فلك‬
‫فيما سوى النعت األول القطع أو اإلتباع على األحكام السابقة‪.‬‬
‫يب‪ ،‬مسٌل ِة م م ِة جدا‪ :‬ما ذكرناه من جواز اإلتباع والقطع على األحكام‬
‫جائز يف األسلوب عمو ًما‪،‬‬
‫نحوي‪ ،‬أي‪ٌ :‬‬
‫ٌ‬ ‫جواز‬
‫ٌ‬ ‫السابقة‪ ،‬ما ذكرناه من هذا الجواز هو‬
‫أما يف كل ٍ‬
‫مثال على حده‪ ،‬فنقول‪ :‬إن الذي يتحكم بالقطع واإلتباع يف النعوت هو‬
‫قصد المتكلم ومراده‪.‬‬
‫فإن أراد جادة الكالم‪ ،‬أي‪ :‬أراد نعت المنعوت هبذا النعت‪ ،‬أراد أن ينعت‬
‫ٍ‬
‫فحينئذ يجب وجو ًبا أن ُيتبع النعت بالمنعوت‪ ،‬وإن قصد‬ ‫المنعوت هبذا النعت‪،‬‬
‫قطع النعت عن المنعوت‪ ،‬أي‪ :‬أراد قطع الكالم على المنعوت‪ ،‬يعني أراد أن‬
‫يقف‪ ،‬أراد أن يقطع الكالم على المنعوت‪ ،‬أراد أن يقول‪ :‬جاء زيد‪ ،‬أراد أن يقطع‬
‫الكالم على المنعوت‪ ،‬ثم بدا له أن يوضح المراد‪ ،‬فإنه يأيت بكال ٍم جديد يوضح‬
‫المنعوت‪.‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪220h‬‬
‫ٍ‬
‫بمحمد النجار‪ ،‬إن كان المراد نعت‬ ‫يب‪ ،‬بالمَال عاح الم ال‪ ،‬نح ‪ :‬مررت‬
‫نجارا‪ ،‬أنت أردت أن تنعت محمدً ا بأنه نجار‪ ،‬وهذه جادة الكالم‪ ،‬فال‬ ‫ٍ‬
‫محمد بكونه ً‬
‫بمحمد النجار‪ ،‬وليس لك القطع‪ ،‬فإن قطعت فقد‬ ‫ٍ‬ ‫يجوز لك إال اإلتباع‪ ،‬مررت‬
‫لحنت وأخطأت‪.‬‬
‫ٍ‬
‫بمحمد النجار‪ ،‬أردت أن تقول‪ :‬مررت بمحمد‪ ،‬وأن‬ ‫فإَّ أردَ ب ل‪ :‬مررت‬
‫تقف‪ ،‬وأن تقطع الكالم على ذلك‪ ،‬ثم ظننت أن المخاطب عندما وصلت إلى آخر‬
‫مررت بمحمد‪ ،‬لما وصلت إلى آخر هذه الجملة ظننت أن المخاطب لم يعرف‬
‫محمدً ا هذا‪ ،‬وسيسأل عنه‪ ،‬فيقول‪ :‬من هو؟ فتُبادر فتقول‪ :‬النجار‪ ،‬تريد هو النجار‪،‬‬
‫إال أنك تحذف هو‪ ،‬ثم تصل النجار بما أردت الوقوف عليه وقطعه‪ ،‬فيكون ككال ٍم‬
‫واحد‪.‬‬
‫إتضاحا؛ ألن العربي‪-‬حتى‬
‫ً‬ ‫ولهذا عند النطق هبذه الجملة‪ ،‬يكون المعنى أكثر‬
‫ٍ‬
‫بمحمد‪ ،‬آه النجار‪ ،‬يعني‬ ‫العامي اآلن‪ -‬يقف ُهنيه ًة بين النعت والمنعوت‪ ،‬مررت‬
‫أنت قصدت أن تقطع الكالم ثم كملته من أجل أن تبينه وأن توضحه‪ ،‬لكنك‬
‫وصلت الكالم ببعضه ببعض مع الحذف‪.‬‬
‫ٍ‬
‫بمحمد بدا لك أن محمدً ا هذا لم يتضح إلى‬ ‫أو عندما قلت‪ :‬مررت‬
‫المخاطب‪ ،‬فأردت أن تنبه وأردت أن تبينه له‪ ،‬فقلت‪ :‬النجار‪ ،‬أي‪ :‬أعني أو أقصد‬
‫ٍ‬
‫بمحمد‬ ‫أو أريد النجار‪ ،‬ثم حذفت الفعل ووصلت الكالم بعضه ببعض‪ ،‬مررت‬
‫ٍ‬
‫بمحمد النجار على اإلتباع‪ ،‬جمل ٌة‬ ‫النجار‪ ،‬أي‪ :‬أعني النجار‪ ،‬فقولك‪ :‬مررت‬
‫ومنعوت ونعت‪ ،‬جمل ٌة واحدة‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫وجار ومجرور‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫واحدة‪ ،‬فعل وفاعل‪،‬‬
‫النجار على‬ ‫ٍ‬
‫بمحمد‬ ‫النجار على القطع‪ ،‬أو مررت‬ ‫ٍ‬
‫بمحمد‬ ‫وأما قولك‪ :‬مررت‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ٍ‬
‫بمحمد‪ ،‬وأردت الوقوف عليها‬ ‫القطع بالنصب‪ ،‬فهما جملتان‪ :‬األولى‪ :‬مررت‬
‫ٍ‬
‫بجملة أخرى‪ ،‬هو النجار‬ ‫وقطع الكالم؛ فلهذا يسمون الحكم هنا بالقطع‪ ،‬ثم أتيت‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪221h‬‬
‫‪g‬‬
‫أو أعنى النجار‪ ،‬ثم حذفت صدر هاتين الجملتين‪ ،‬هو وأعني‪ ،‬وواصلت الكالم‪،‬‬
‫فهما جملتان إال أنك وصلتهما يف النطق م ًعا‪.‬‬
‫ٍ‬
‫بمحمد‪ ،‬النجار‪ :‬قلنا هذه جملة‬ ‫ٍ‬
‫بمحمد‪ ،‬فهذه جملة ابتدائية‪ ،‬مررت‬ ‫أما مررت‬
‫ٍ‬
‫بمحمد هو النجار‪.‬‬ ‫اسمية هو النجار‪ ،‬هذه الجملة االسمية ما إعراهبا؟ مررت‬
‫الب‪)00:58:49@( :‬‬
‫ال‪ ،‬هذه استئنافية‪ ،‬قيل‪ :‬نعت‪ ،‬لكن ليس الصحيح أهنا نعت‪ ،‬بل هي استئناف‪،‬‬
‫ٍ‬
‫بمحمد النجار‪ ،‬تقصد‪:‬‬ ‫هذه جملة استئنافية تبيينية للتوضيح‪ ،‬أو إذا قلت‪ :‬مررت‬
‫أيضا جمل ٌة استئنافية للتوضيح‪.‬‬
‫أعني النجار‪ ،‬فهي ً‬
‫قلنا‪ :‬والنطق يبين ذلك أكثر من الكالم؛ فلهذا تجد أن القطع‪ ،‬النعت المقطوع‬
‫مثال وكذا‪ ،‬تجد أنك‬
‫يكثر يف الكالم المرتجل‪ ،‬عندما تتكلم مع الناس‪ ،‬أو تخطب ً‬
‫تحتاج‪ ،‬كنت تقصد أن تقف ثم وصلت الكالم‪ ،‬فهذا يكثر يف الكالم المرتجل‪ ،‬ويف‬
‫كالم الناس اليوم كثير؛ لكون هذا المعنى المقصود‪ ،‬أي‪ :‬أنك تنعت بعد أن أردت‬
‫كثيرا يف كالم المرتجل‪.‬‬
‫القطع والوقف‪ ،‬هذا يرد ً‬
‫ولُن ف يف الُالم غير المر َق‪ ،‬قلنا‪ :‬يقل‪ ،‬وال يمتنع؛ ألنه قد يأيت أل ٍ‬
‫وجه‬
‫قديما وحدي ًثا‪ ،‬الجادة هي‬
‫ً‬ ‫بالغية؛ ولهذا كانت الجادة‪ ،‬جادة الكالم عند العرب‬
‫اإلتباع‪ ،‬والقطع ٌ‬
‫قليل‪ ،‬ال يقصد إليه إال البلغاء العارفون بمعنى القطع‪.‬‬
‫طيب‪ ،‬فمن قطع النعت وهو يريد جادة الكالم‪ ،‬ولم يقصد معنى القطع‪ ،‬قال‪:‬‬
‫ٍ‬
‫محمد المسرع‪ ،‬تقول‪ :‬ال‪ ،‬خطأ المسرع‪ ،‬أردت القطع‪ ،‬تقول‪ :‬ال‪ ،‬هنا‬ ‫سلمت على‬
‫أخطأت ولحنت؛ ألنك لم تقصد القطع‪ ،‬القطع ال يأيت إال بالقصد‪ ،‬وإنما أنت‬
‫تكلمت وأردت جادة الكالم‪ ،‬يعني أردت أن تنعت هذا هبذا‪ ،‬فليس لك إال‬
‫اإلتباع‪ ،‬وال تقطع إال إذا قصدت القطع‪ ،‬يعني قصدت أن تقف‪.‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪222h‬‬
‫والنعوت يف القرآن الكريم على كثرهتا الكاثرة جاء ألغبها على الجادة‪ ،‬على‬
‫كثير جدً ا يف‬
‫اإلتباع‪ ،‬ولم يأيت منها على القطع إلى القليل‪ ،‬أما النعت المتبع فهذا ٌ‬
‫القرآن وال يحتاج إلى تمثيل‪ ،‬وإنما سنمثل للنعت المقطوع؛ من ذلك‬
‫قوله‪( :‬ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ)‬
‫[المسد‪ ،]4-3:‬حمالة فيها قراءتان سبعيتان‪ ،‬حمال ُة بالرفع‪ ،‬وحمال َة بالنصب‪.‬‬
‫أما حمال ُة بالرفع ففيها أوجه‪ ،‬أظهرها أن المعنى‪-‬واهلل أعلم بمراده‪ -‬يعني‬
‫نارا ذات لهب وامرأته‪ ،‬يعني هو سيصالها وامرأته‪ ،‬كأن تقول‪:‬‬
‫سيصلى أبو لهب ً‬
‫ذهبت أنا وزيدٌ ‪( ،‬ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ)‬
‫نعت متبع‪ ،‬كأن تقول‪ :‬ذهبت أنا وزيدٌ الكريم‪ ،‬فهو‬
‫[المسد‪ ،]4-3:‬حمالة الحطب ٌ‬
‫نعت متبع‪ ،‬وفيه أوج ٌه أخرى يف اإلعراب‪.‬‬
‫ٌ‬
‫وال راءة السبعية الَانية بالنصب‪ :‬حمال َة الحطب‪ ،‬وأظهر األعاريف فيها أن‬
‫نارا ذات ٍ‬
‫لهب وامرأته أعني حمالة الحطب‪ ،‬فهو‬ ‫المعنى‪-‬واهلل أعلم‪ -‬سيصلى ً‬
‫نعت مقطوع لماذا؟ للذم‪ ،‬مرا ٌد به الذم؛ فلهذا تجد بعض المفسرين ُيقدر هنا‬
‫ٌ‬
‫ويقول‪ :‬أذم حمالة الحطب‪ ،‬طب ًعا هذا يريد المعنى‪ ،‬يعني وامرأته أعني حمالة‬
‫نعت ُيراد به الذم‪.‬‬
‫الحطب‪ ،‬فهو ٌ‬

‫ومن ذلك قوله‪( :‬ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠﭡ ﭢ‬


‫ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ‬
‫عالم الغيب والشهادة‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ) [المؤمن َّ‪]92-91:‬؛‬
‫نعت‪،‬‬ ‫ِ‬
‫وعالم بالجر ٌ‬ ‫نعت‪،‬‬
‫فعالم بالرفع ٌ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫عالم الغيب والشهادة‪ ،‬قراءتان سبعيتان‪،‬‬
‫نعت مقطوع‪.‬‬
‫وعالم هذا ٌ‬
‫ُ‬ ‫أيهما المتبع؟ سبحان اهلل ِ‬
‫عالم‪،‬‬
‫نعت مقطوع‪ ،‬هو يف الحقيقة‬
‫طب ًعا فهمتم من الشرح يا إخوان اآلن عندنا نقول‪ٌ :‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪223h‬‬
‫‪g‬‬
‫ليس نعتًا‪ ،‬وإنما هو جمل ٌة اسمية‪ ،‬أو جمل ٌة فعلية مستأنفة‪ ،‬ليست نعتًا‪ ،‬مستأنفة‬
‫للتبيين والتوضيح‪ ،‬لكن اصطلحوا على تسميتها بالنعت المقطوع‪ ،‬ومن شواهد‬
‫القطع‪ :‬قول خرنق بنت بدر بن هافان‪ ،‬وهي أخت طرفة بن العبد الشاعر الجاهلي‬
‫المعروف‪ ،‬قال‪:‬‬
‫سلللللللم ا العلللللللداة وآفلللللللة الَلللللللَر‬ ‫للللللُ‬
‫ا بعلللللللد ال للللللل م اللللللللَ ن هل د‬
‫والطيبللللللللللللللل َّ معاقلللللللللللللللد ا ده ادر‬ ‫النلللللللللللاهل َّ بُلللللللللللق مععلللللللللللرَ‬
‫الناهل َّ والطيب َّ في ا روا عاَّ‪ :‬بالرفع النازلون والطيبون‪ ،‬وبالنصب النازلين‬
‫هم‪ :‬مبتدأ‪ ،‬سموا العداة‪:‬‬
‫هم سموا العداة‪ُ ،‬‬
‫والطيبين‪ ،‬قالت‪ :‬ال يبعد القوم الذين ُ‬
‫هم سموا العداة النازلين‪:‬‬
‫عطف عليه‪ُ ،‬‬
‫ٌ‬ ‫خرب‪ ،‬النازلون‪ :‬هذا نعت متبع‪ ،‬والطيبون‪:‬‬
‫نعت مقطوع‪ ،‬يعني أعني النازلين‪.‬‬
‫ٌ‬
‫طيب‪ ،‬هذه هي المسألة الثانية يف هذه األبيات‪ ،‬وهي مسألة قطع النعت‪.‬‬
‫المسألة الثالثة‪ ..‬يعني كنت أحب‪ ،‬ولعلنا ننتهي من النعت يف هذا الدرس‪،‬‬
‫المسألة الثالثة يف هذه األبيات هي حذف النعت وحذف المنعوت‪ ،‬وفيها يقول ابن‬
‫مالك‪:‬‬
‫لللت َ ا ل ّ‬
‫لللق‬ ‫َلللل ده ح َْ دفلللله وفاللللي ال َّنعل ا‬
‫ْ‬ ‫د َ‬ ‫َ‬ ‫َ د‬ ‫للت دع ا للل ْق‬
‫َ وال َّنعل ا‬
‫َ ْ‬
‫وملللا املللن الم ْنعللل ا‬
‫َ َ د‬ ‫ََ‬
‫قوله‪ُ ( :‬عقل) أي ُعلِم‪ ،‬فالنعت والمنعوت كغيرهما من أبواب النحو‪ ،‬يجوز أن‬
‫ٍ‬
‫واحد منهما إذا كان معلو ًما؛ ألن المعلوم يف اللغة العربية يجوز حذفه‪.‬‬ ‫ُيحذف كل‬
‫كثير جدً ا‪،‬‬
‫طيب‪ ،‬نبدأ بالمنعوت‪ ،‬المنعوت يجوز حذفه‪ ،‬وحذفه يف العربية ٌ‬
‫فارس‪ ،‬أي‪ :‬جاء‬
‫ٌ‬ ‫وإذا ُحذف المنعوت قام النعت مقامه وأخذ إعرابه‪ ،‬كقولك‪ :‬جاء‬
‫نعت‪ ،‬احذف المنعوت؟ جاء‬
‫فارس‪ٌ :‬‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫رجل‪ :‬فاعل‪،‬‬ ‫فارس‪ ،‬جاء‪ :‬فعل‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫رجل‬
‫ٍ‬
‫لمنعوت محذوف‪.‬‬ ‫نعت‬ ‫فارس‪ ،‬كيف يكون اإلعراب؟! ٌ‬
‫فعل وفاعل‪ ،‬ما تقول‪ٌ :‬‬ ‫ٌ‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪224h‬‬
‫ٌ‬
‫مفعول به‪ ،‬واألصل‪ :‬رأيت طال ًبا مجتهدً ا‪،‬‬ ‫تقول‪ :‬رأيت مجتهدً ا‪ ،‬مجتهدً ا‪:‬‬
‫ٍ‬
‫بامرأة حاملٍ‪ ،‬تقول‪ :‬أبصرت كات ًبا‪ ،‬وركبت‬ ‫تقول‪ :‬مررت بحاملٍ‪ ،‬أي‪ :‬مررت‬
‫صاهال‪ ،‬هذا الحذف ك ُثر جدً ا يف العربية حتى كاد‬
‫ً‬ ‫وفرسا‬
‫ً‬ ‫صاهال‪ ،‬أي إنسانًا كات ًبا‪،‬‬
‫ً‬
‫يكون هو األصل‪.‬‬

‫اهد على ذلك قوله‪( :‬ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ)‬ ‫ومن ال‬


‫[الصافاَ‪ ،]48:‬المعنى‪-‬واهلل أعلم‪ -‬عندهم نسا ٌء قاصرات الطرف‪ ،‬قال‪-‬تعالى‪:-‬‬
‫ٍ‬
‫حالف‪،‬‬ ‫(ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ) [ال لُ‪ ]10:‬المعنى‪-‬واهلل أعلم‪ -‬وال تطع كل رج ٍل‬
‫حالف‪ ،‬قال‪-‬تعالى‪( :-‬ﮓ ﮔ ﮕ) [سبٌ‪ ]11:‬المعنى‪-‬واهلل‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫إنسان‬ ‫أو كل‬
‫كثير جدً ا‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫أعلم‪ -‬أن اعمل درو ًعا سابغات‪ ،‬فكل ذلك من حذف المنعوت‪ ،‬وهو ٌ‬
‫أيضا‪ ،‬إن َّ‬
‫دل عليه دليل‪ ،‬ولكن حذفه قليل‪ ،‬حذف‬ ‫أما النعت فيجوز حذف ً‬
‫النعت قليل‪ ،‬وهذا هو قول ابن مالك‪:‬‬
‫ت َ ا ّق‬
‫وفاي النَّع ا‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫أي الحذف يقل يف النعت‪ ،‬والعرب تفهم هذا النعت المحذوف‪ ،‬يعني ال‬
‫ُيحذف إال إذا كان مفهو ًما معلو ًما‪ ،‬ومن ذلك قوله‪( :‬ﭴ ﭵ ﭶ‬
‫ﭷﭸ) [الب رة‪ ]71:‬يف قصة بني إسرائيل مع نبيهم يف البقرة‪ ،‬قالوا‪ :‬اآلن جئت‬
‫بالحق‪ ،‬المعنى‪-‬واهلل أعلم‪ -‬اآلن جئت بالحق البين؛ ألن التقدير لو لم يكن كذلك‬
‫لكان المعنى أهنم كانوا كافرين به‪ ،‬ولم يؤمنوا إال اآلن‪ ،‬مع أن المراد أهنم كانوا‬
‫مؤمنون به‪ ،‬ولكنهم كانوا يتعنتون‪ ،‬فالمعنى‪-‬واهلل أعلم‪ -‬اآلن جئت بالحق البين‪.‬‬

‫ومن ذلك قوله‪-‬تعالى‪( :-‬ﭓ ﭔ ﭕ ﭖﭗ) [ه د‪ ]46:‬يف قصة نوح مع‬


‫ابنه يف الغرق‪ ،‬إنه ليس من أهلك! ابنه ليس من أهله! لو أخذنا اآلية على ظاهرها‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪225h‬‬
‫‪g‬‬
‫يقول‪ :‬إنه ليس من أهلك‪ ،‬ابنه ليس من أهله! ال‪ ،‬العربي يفهم‪ ،‬إنه ليس من أهلك‬
‫أي ليس من أهلك الناجين أو الصالحين ونحو ذلك‪.‬‬

‫قال‪( :‬ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩﯪ) [ا نعام‪ ،]66:‬هذا الكالم للنبي ‪ ،‬هل‬


‫قومه كذبوا به؟ قومه كذبوا به؟ وكذب به قومك يعني وكذب به قومك المعاندون‪،‬‬
‫نعم‪ ،‬هذا واضح من المعنى‪ ،‬قال‪( :‬ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ‬
‫ٍ‬
‫عاصية‪ ،‬لم ُتهلك أي قرية‪ ،‬يعني‬ ‫ﭺ) [ا عراف‪ ،]4:‬المعنى وكم من ٍ‬
‫قرية‬
‫أشياء واضحة جدً ا‪ ،‬لكن من وضوحها قد تخفى على اإلنسان‪.‬‬

‫السلمي◙ من الصحابة الذي أسلموا‬ ‫طيب‪ ،‬قال العباس بن مرداس ُ‬


‫رجال‬
‫ً‬ ‫ٍ‬
‫قصة معروفة يف ُحنين‪ ،‬بعد أن قسم النبي ‪ ‬الغنائم‪ ،‬فأعطى‬ ‫متأخرين‪ ،‬يف‬
‫مائ ًة من اإلبل‪ ،‬وأعطاه أقل من ذلك‪ ،‬فقال العباس بن مرداس◙ للنبي ‪:‬‬
‫"أتجعل هنبي وهنب ال ُعبيد‪-‬ال ُعبيد فرسه‪ -‬دون ُعيينة واألقرعي"‪.‬‬
‫ُعيينة واألقرع أعطاهم مائة من اإلبل‪ ،‬وأعطاه أقل من ذلك‪ ،‬قال‪" :‬فما كان‬
‫حابس يفوقان مرداس يف مجمعي"‪ ،‬يقول‪ :‬أنا فعلت مثلما فعلوا‪" ،‬وقد‬ ‫ٌ‬ ‫حص ٌن وال‬
‫كنت يف الحرب ذا ُت ٍ‬
‫درئ فلم ُأعطى شي ًئا‪ ،‬ولم ُأمنع" يعني كنت يف الحرب قو ًيا‬
‫وشجا ًعا‪ ،‬وأبليت بال ًء حسنًا‪ ،‬فلم ُأعطى شي ًئا ولم ُأمنعِ‪ ،‬يقول للنبي ‪ :‬لم ُأعطى‬
‫شي ًئا‪ ،‬مع أنه أعطاه أقل من أصحابه‪ ،‬ما معنى لم؟! والنبي عربي وهذا عربي‪،‬‬
‫كامال‪ ،‬أو مواز ًيا لما ُأعطى غيري‬
‫ويفهمون الكالم العربي‪ ،‬المعنى لم ُأعطى شي ًئا ً‬
‫وهكذا‪.‬‬
‫وهذا عند الناس اآلن يقولونه‪ ،‬قد تعطيه شي ًئا‪ ،‬يقول‪ :‬ما أعطاين شي ًئا‪ ،‬يقصد أنه‬
‫امرؤ منهما‪ ،‬ومن تضع اليوم‬‫كثيرا‪ ،‬أو شي ًئا ذا بال‪" ،‬وما كنت دون ٍ‬‫لم يعطني شي ًئا ً‬
‫ال ُيرفع"‪.‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪226h‬‬
‫طيب‪ ،‬مسألةٌ‪ :‬قد ُيحذف النعت والمنعوت م ًعا‪ ،‬إذا َّ‬
‫دل عليهما دليل‪ ،‬النعت‬
‫والمنعوت م ًعا محذوفان‪ ،‬نحو ماذا؟ كقول العباس بن مرداس السابق‪" :‬وقد كنت‬
‫يف الحرب ذا ُت ٍ‬
‫درئ فلم ُأعطى شي ًئت‪ ،‬ولم ُأمن ِع"‪ ،‬أي ولم ُأعطى شي ًئا مواز ًيا أو‬
‫مساو ًيا‪ ،‬ولم ُأمنع‪ ،‬يعني ولم ُأمنع شي ًئا مواز ًيا‪.‬‬

‫طيب‪ ،‬قال‪( :‬ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ) [ا على‪ ،]13:‬طيب‪ ،‬هناك منزلة‬


‫بين الحياة والموت؟! ال‪ ،‬إما ميت وإما حي‪ ،‬يقول‪ :‬ثم ال يموت فيها وال يحيا‪،‬‬
‫فماذا يكون!! يعني ثم ال يموت فيها وال يحيا حيا ًة نافعة أو حيا ًة طيبة‪ ،‬هذا المعنى‬
‫مفهوم‪.‬‬
‫طيب‪ ،‬مسألة حكم تقدم النعت على المنعوت‪ ،‬األصل أن النعت يأيت بعد‬
‫المنعوت‪ ،‬جاء زيدٌ الفاضل‪ ،‬طيب ما حكم تقدم النعت على المنعوت؟ كأن‬
‫تقول‪ :‬جاء الفاضل زيدٌ ؟ الجواب‪ :‬هذا جائز‪ ،‬إال أن اإلعراب سيختلف‪ ،‬نقول‪ :‬إن‬
‫تقدم نعت المعرفة عليها وقع اإلعراب على النعت المتقدم‪ ،‬وصار المنعوت ً‬
‫بدال‬
‫وفاعل‪ ،‬صار الفاضل ٌ‬
‫فاعل‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫منه‪ ،‬كقولك‪ :‬جاء الفاضل زيدٌ ‪ ،‬جاء الفاضل‪ٌ :‬‬
‫فعل‬
‫عمرو‪ ،‬وتقول‪ :‬جاء الفقيه‬
‫وزيدٌ بدل‪ ،‬وتقول‪ :‬جاء الملك زيدٌ ‪ ،‬وتقول‪ :‬جاء الشيخ ٌ‬
‫بكر‪ ،‬كل هذا من هذا‪.‬‬
‫ٌ‬
‫طيب‪ ،‬وإن تقدم نعت النكرة عليها؟ انتصب النعت المتقدم وصار ً‬
‫حاال‪ ،‬وبقي‬
‫خائف على األصل‪ ،‬قدم النعت‪ ،‬جاء‬
‫ٌ‬ ‫اإلعراب على المنعوت‪ ،‬كقولك‪ :‬جاء ٌ‬
‫رجل‬
‫ٌ‬
‫ورجل فاعل‪ ،‬وتقدم شرح ذلك يف‬ ‫رجل‪ ،‬خائ ًفا‪ٌ :‬‬
‫حال منصوبة‪ ،‬وكانت نعتًا‪،‬‬ ‫خائ ًفا ٌ‬
‫باب الحال‪ ،‬قلنا‪ :‬الحال‪ ..‬تذكرون الحال ال يأيت من النكرة إال يف مواضع‪ ،‬ومنها‬
‫هذا الموضع‪.‬‬
‫يب‪ ،‬ل‪ :‬ذهبت إلى الرياض عاصمة المملكة‪ ،‬ما إعراب عاصمة؟ نعت‪،‬‬
‫تقول‪ :‬ذهبت إلى عاصمة المملكة الرياض‪ ،‬الرياض‪ :‬بدل‪ ،‬إ ًذا من هذه المسألة‪.‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪227h‬‬
‫‪g‬‬
‫طيب‪ ،‬مسألةٌ‪ :‬يجوز نعت المضاف‪ ،‬كقولك‪ :‬جاء عبد اهلل المسكين‪ ،‬عبد اهلل‪:‬‬
‫نعت للمضاف أم للمضاف إليه؟ فلهذا ترفع‪،‬‬
‫مضاف ومضاف إليه‪ ،‬المسكين‪ٌ :‬‬
‫نعت للمضاف أم للمضاف إليه؟‬
‫وتقول‪ :‬هذا مسجد القرية الجميل‪ ،‬الجميل ٌ‬
‫للمضاف للمسجد‪ ،‬ومن ذلك قوله‪-‬تعالى‪( :-‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ)‬
‫[مر ُ‪ ،]52:‬األيمن نع ٌت للجانب أم للطور؟! للجانب المضاف‪.‬‬

‫قال‪-‬تعالى‪( :-‬ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ)‬


‫نعت َلر َّب‪،‬‬
‫نعت لماذا؟! للمضاف أم للمضاف إليه؟ الذي ٌ‬
‫[النمق‪ ،]91:‬الذي ٌ‬
‫للمضاف‪ ،‬ويجوز أن يكون النعت للمضاف إليه‪ ،‬كل ذلك بحسب المعنى‪،‬‬
‫نعت لعبد‬
‫ويجوز أن ُينعت المضاف إليه كقولك‪ :‬جاء عبد اهلل الخالقي‪ ،‬الخالقي ٌ‬
‫أم هلل؟ هلل؛ فلهذا يجب أن ُيجر‪.‬‬
‫نعت للمضاف إليه‪ ،‬القرية؛ فلهذا يجب‬ ‫ِ‬
‫الجميلة‪ٌ ،‬‬ ‫ِ‬
‫القرية‬ ‫وتقول‪ :‬هذا مسجد‬
‫نعت‬ ‫ِ‬
‫الهون ٌ‬ ‫تأنيثه‪ ،‬ومن ذلك قوله‪( :‬ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ) [فصلت‪،]17:‬‬
‫للصاعقة للمضاف أم للعذاب المضاف إليه؟! للمضاف إليه‪ ،‬ويجوز أن يكون‬
‫النعت أليهما‪ ،‬نحو‪ :‬هذه مدرسة القرية الجميلة‪ ،‬الجميلة للمدرسة أم للقرية؟!‬
‫يجوز‪ ،‬فإذا قلت‪ :‬هذه مدرسة القرية الجميل ُة فللمضاف‪ ،‬وإن قلت‪ :‬هذه مدرسة‬
‫ِ‬
‫الجميلة فللمضاف إليه‪.‬‬ ‫القرية‬

‫ومن ذلك قوله‪-‬تعالى‪( :-‬ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ) [البروج‪-14:‬‬


‫ِ‬
‫والمجيد‪ ،‬على قراءتين سبعيتين‪ ،‬أما على قراءة المجيدُ ‪ ،‬يعني هو‬ ‫‪ ،]15‬المجيدُ‬
‫الغفور الودود ذو العرش المجيدُ فالمجيد خرب‪ ،‬هو الغفور الودود ذو العرش‪:‬‬
‫خرب ثالث‪ ،‬المجيد‪ :‬خرب رابع‪ ،‬طيب‪ ،‬فإن جررت المجيد صار نعتًا للعرش‪.‬‬
‫واهلل أعلُ‪ ،‬وصلى اهلل وسلُ على نبينا محمد‪ ،‬وعلى آله وأصحابه أجمعين‪.‬‬

‫‪¹‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪228h‬‬

‫الدرس الرابع والثمانون‬


‫﷽‬

‫الحمد هلل رب العالمين‪ ،‬والصالة والسالم على نبينا محمد‪ ،‬وعلى آله‬
‫وأصحابه أجمعين‪ ،‬أما بعد‪-:‬‬
‫فسالم اهلل عليكم ورحمته وبركاته‪ ،‬وح َّياكم اهلل وب َّياكم يف هذه الليلة الطيبة؛‬
‫ٍ‬
‫وأربعمائة‬ ‫ٍ‬
‫ثالث وثالثين‬ ‫ليلة اإلثنين (الخامس من شهر ربي ٍع اآلخر من سنة‬
‫وألف) يف جامع الراجحي يف حي الجزيرة يف مدينة الرياض؛ لنعقد‪-‬بحمد اهلل‬
‫وتوفيقه‪ -‬الدرس (الرابع والثمانين) من دروس شرح ألفية ابن مالك‪-‬عليه رحمة‬
‫اهلل‪.-‬‬
‫وكنا قد تكلمنا يف الدرس الماضي على باب النعت‪ ،‬وكدنا أن ننتهي منه إال أنه‬
‫بقي فيه ُصباب ٌة قليلة‪ ،‬وبقي ٌة باقية نذكرها يف أول هذا الدرس قبل أن نبدأ بالباب‬
‫التالي؛ وهو باب التوكيد‪.‬‬
‫بقي فيه مسأل ٌة واحدة‪ ،‬وهي أن النعت قد يكون للمضاف‪ ،‬وقد يكون‬
‫ٍ‬
‫ومضاف‬ ‫ٍ‬
‫مضاف‬ ‫ٌ‬
‫مكون من‬ ‫مركب إضايفٌ‬ ‫للمضاف إليه‪ ،‬لو جاءت كلمة‪ ،‬أو لو جاء‬
‫ٌ‬
‫إليه‪ ،‬ثم جئت بالنعت‪ ،‬فيجوز أن يكون هذا النعت للمضاف أو للمضاف إليه‪،‬‬
‫ويجوز أن يكون ألحدهما‪ ،‬والذي يحكم كل ذلك هو المعنى‪.‬‬
‫نعت للمضاف أم للمضاف‬
‫فإةا قلنا مَال‪ :‬جاء عبد اهلل المسكين‪ ،‬فالمسكين ٌ‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪229h‬‬
‫‪g‬‬
‫إليه؟ للمضاف‪ ،‬وعلى ذلك نرفع فنقول‪ :‬جاء عبد اهلل المسكي ُن‪ ،‬ولو قلنا‪ :‬هذا‬
‫مسجد القرية الجميل‪ ،‬لكان الجميل نعتًا للمضاف‪ ،‬للمسجد‪ ،‬فنقول‪ :‬هذا مسجد‬
‫القرية الجميل‪ ،‬ومن ذلك قوله‪( :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ)‬
‫[مر ُ‪ ،]52:‬األيمن‪ :‬نعت‪ ،‬فهل هو للمضاف جانب أم للمضاف إليه الطور؟‬
‫نعت للجانب‪ ،‬وليس للطور الجبل‪،‬‬
‫الَ اب‪ :‬هو للمضاف؛ ألن األيمن ٌ‬
‫وعلى ذلك جاءت اآلية‪( :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ)‪ ،‬ومن ذلك‬
‫قوله‪( :‬ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ)‬
‫نعت‬
‫نعت لرب أم لهذه البلدة؟ الجواب‪ٌ :‬‬
‫[النمق‪ ،]91:‬الذي‪ :‬نعت‪ ،‬فهل هو ٌ‬
‫للمضاف‪َ ،‬ر َّب‪ ،‬طب ًعا لتوافقهما يف التذكير الذي‪ ،‬ولو كان نعتًا للبلدة لكان ُيقال‪:‬‬
‫إنما ُأمرت أن أعبد رب هذه القرية التي حرمها‪.‬‬
‫ف َه أم ر عحُُ في ا المعنى‪ ،‬ول قلنا مَال‪ :‬جاء عبد اهلل الخالق‪ ،‬لكان‬
‫الخالق صف ًة للمضاف العبد أو للمضاف إليه اهلل؟ هلل‪ ،‬وعلى ذلك نقول‪ :‬جاء عبد‬
‫ِ‬
‫الخالق‪ ،‬ولو قلنا‪ :‬هذا مسجد القرية الجميلة‪ ،‬لكانت الجميلة نعتًا للقرية‪ ،‬ومن‬ ‫اهلل‬
‫ذلك قوله‪-‬تعالى‪( :-‬ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ) [فصلت‪ ،]17:‬الهون ٌ‬
‫نعت‬
‫للصاعقة المضاف أم للعذاب المضاف إليه؟ الجواب‪ :‬للمضاف إليه؛ للتوافق يف‬
‫التذكير‪ ،‬فجاءت اآلية‪( :‬ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ)‪.‬‬
‫ل‪ :‬هذه‬ ‫ما من حيث اللفظ‪ ،‬ومن ةلك أَّ‬ ‫و َ ه أَّ ُ َّ النعت‬
‫نعت للقرية المضاف إليه أم للمدرسة المضاف؟‬
‫مدرسة القرية الجميلة‪ ،‬الجميلة ٌ‬
‫من حيث المعنى يجوز األمران‪ ،‬إ ًذا ال حاكم هنا إال معرفة المعنى‪ ،‬قد تقول‪ :‬هذه‬
‫مدرسة القرية الجميلةُ‪ ،‬فتجعلها نعتًا للمدرسة‪ ،‬أو تقول‪ :‬هذه مدرسة القرية‬
‫ِ‬
‫الجميلة‪ ،‬فتجعلها وص ًفا ونعتًا للمضاف إليه‪.‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪230h‬‬
‫ونحو ذلك قوله‪( :‬ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ)‬
‫[البروج‪ ،]15-14:‬هو الغفور‪ :‬مبتدأ وخرب‪ ،‬الودود‪ :‬خربٌ ٍ‬
‫ثان‪ ،‬ذو العرش‪ :‬خربٌ‬
‫ثالث لهو‪ ،‬ثم قال‪ :‬المجيد‪ ،‬المجيد هل هو خربٌ رابع لهو يعني هو المجيد؟ أم‬
‫نعت للعرش؟ من حيث المعنى الوجهان جائزان‪ ،‬فإن جعلته خربًا راب ًعا لهو‪،‬‬
‫ٌ‬
‫قلت‪ :‬المجيدُ ‪ ،‬هو الغفور الودود ذو العرش المجيدُ ‪ ،‬أي‪ :‬هو المجيدُ ‪ ،‬وإن جعلت‬
‫ِ‬
‫مجيد‬ ‫ِ‬
‫المجيد‪ ،‬والمجيد بالرفع وال‬ ‫ِ‬
‫العرش‬ ‫المجيد نعتًا للعرش‪ ،‬كنت تقول‪ :‬ذو‬
‫بالجر‪ ،‬قراءتان سبعيتان يف اآلية‪ ،‬وهذا توجيههما‪.‬‬

‫طيب‪ ،‬ونحو ذلك قوله‪( :‬ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ)‬


‫نعت للمضاف إليه‬
‫نعت للمضاف اسم؟ أم ٌ‬
‫نعت‪ ،‬فهل هو ٌ‬
‫[ال اقعة‪ ،]74:‬العظيم ٌ‬
‫الرب؟ الجواب‪ :‬من حيث المعنى يجوز الوجهان؛ ألهنما يوصفان بالعظمة‪.‬‬
‫طيب‪ ،‬وهل يمكن أن نقول‪ :‬إن العظيم يف هذه اآلية (ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ)‬
‫نعت للكاف يف ربك؟ الكاف عائدة إلى النبي ‪.‬‬
‫إنه ٌ‬
‫قلنا‪ :‬العظيم يصح أن يكون صف ًة للمضاف اسم‪ ،‬أي‪ :‬االسم العظيم‪ ،‬ويصح‬
‫أن يكون نعتًا للرب‪ ،‬فهل يصح أن يكون نعتًا للمضاف إليه الثاين الكاف؟‬
‫الجواب‪ :‬ال؛ ألن الضمير ال ُينعت‪ ،‬الضمير ال يجوز أن ُينعت‪.‬‬

‫ونحو ذلك قوله‪( :‬ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ)‬


‫نعت للمضاف‬
‫[الرحمن‪ ،]27:‬هذه قراءة السبعة بل العشرة‪ ،‬ذو‪ ،‬فذو‪ :‬نعت‪ٌ ،‬‬
‫نعت للمضاف الوجه؛ ألن مرفوع‬
‫نعت للمضاف إليه الرب؟ الجواب‪ٌ :‬‬
‫الوجه‪ ،‬أم ٌ‬
‫ِ‬
‫الجالل‪ ،‬ومن حيث المعنى يجوز أن‬ ‫فصار مرفو ًعا مثله‪ ،‬ويبقى وجه ربك ذو‬
‫يكون ذو الجالل نعتًا للمضاف إليه الرب‪ ،‬وعلى ذلك كان ُيقال يف الكالم‪ :‬ويبقى‬
‫وجه ربك ذي الجالل واإلكرام‪ ،‬وهذه قراء ٌة شاذة يف اآلية‪.‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪231h‬‬
‫‪g‬‬
‫يب‪ ،‬ول قلنا مَال‪ :‬جاء بعض الطالب‪ ،‬ثم أردت أن تنعتهم باالجتهاد‪ ،‬كنت‬
‫تقول‪ :‬جاء بعض الطالب المجتهدين‪ ،‬أم جاء بعض الطالب المجتهدون؟ يعني‬
‫تجعل النعت للطالب المضاف إليه‪ ،‬أم تجعل النعت للمضاف البعض؟‬
‫فالجواب‪ :‬من حيث المعنى الوجهان جائزان يف نحو هذا المثال‪ ،‬يجوز أن تقول‪:‬‬
‫نعت للطالب‪ ،‬وجاء بعض الطالب المجتهدون‬
‫جاء بعض الطالب المجتهدين‪ٌ ،‬‬
‫نعت للبعض‪.‬‬
‫ٌ‬
‫والمعنى الدقيق خعلف؛ فإةا قلت‪ :‬جاء بعض الطالب المجتهدين بالجر‪،‬‬
‫بعض من الطالب المجتهدين‪ ،‬هؤالء الطالب المجتهدون‬
‫كان معنى الكالم جاء ٌ‬
‫جاء بعضهم‪ ،‬ولو رفعت‪ :‬جاء بعض الطالب المجتهدون لكان المعنى جاء‬
‫البعض المجتهد من الطالب‪ ،‬يعني الطالب جاء بعضهم المجتهد‪ ،‬فهناك فرق‬
‫دقيق من حيث المعنى‪ ،‬لكنه ٌ‬
‫فرق يف المعنى التفصيل‪ ،‬أما المعنى اإلجمالي‬
‫فمتقارب‪.‬‬
‫نعت‬
‫ٌ‬ ‫ٍ‬
‫علم مجتهدون‪ ،‬فمجتهدون هنا‬ ‫بخالف ق لك مَال‪ :‬جاء طالب‬
‫للمضاف الطالب فرتفع‪ ،‬وال يصح أن يكون نعتًا للمضاف إليه العلم؛ ألن العلم ال‬
‫ُينعت بأنه مجتهدون‪.‬‬
‫طيب‪ ،‬ونحو ذلك العدد المضاف إلى تمييزه‪ ،‬كثالثة طالب‪ ،‬وسبع بقرات‪ ،‬لو‬
‫طالب مجتهدون أو مجتهدين؟ هل نجعل النعت للعدد‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬
‫ثالث‬ ‫مثال‪ :‬جاء‬
‫قلت ً‬
‫ثالثة‪ ،‬أم نجعل النعت للمعدود التمييز؟ الجواب‪ :‬من حيث المعنى الوجهان‬
‫جائزان؛ ألن الثالثة هم الطالب‪ ،‬والطالب هم الثالثة‪ ،‬فالعدد والمعدود يف‬
‫حقيقتهما شي ٌء واحد‪ ،‬ثالثة طالب‪ ،‬الثالثة هم الطالب‪ ،‬والطالب هم الثالثة‪.‬‬
‫فمن حيث المعنى يجوز أن تجعل النعت أليهما‪ ،‬لكن من حيث االستعمال‪،‬‬
‫يعني العرب ماذا تفعل يف هذا االستعمال بالذات؟ يعني العدد المضاف إلى‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪232h‬‬
‫تمييزه‪ ،‬األغلب عند العرب‪ ،‬األغلب يف االستعمال العربي أن يكون النعت‬
‫ٍ‬
‫طالب مجتهدين‪ ،‬ويجوز على قلة أن تقول‪:‬‬ ‫للمعدود‪ ،‬للتمييز‪ ،‬فتقول‪ :‬جاء ثالثة‬
‫ٍ‬
‫طالب مجتهدون‪.‬‬ ‫جاء ثالثة‬
‫نعت للمضاف إليه البقرات‪ ،‬ويجوز أن‬ ‫ٍ‬
‫سمان‪ٌ ،‬‬ ‫ٍ‬
‫بقرات‬ ‫وتقول‪ :‬عندي سبع‬
‫نعت للسبع‪ ،‬ومن ذلك قوله تعالى‪( :‬ﯨ ﯩ ﯪ‬ ‫ٌ‬
‫سمان ٌ‬ ‫ٍ‬
‫بقرات‬ ‫تقول‪ :‬عندي سبع‬
‫ﯫ ﯬ) [ سف‪ ،]43:‬فجعل السمان نعتًا للبقرات المضاف إليه‪ ،‬ولو‬
‫ٍ‬
‫بقرات سمانًا‪،‬‬ ‫جعله نعتًا للعدد لجاز ذلك يف الكالم على قلة‪ ،‬فتقول‪ :‬إين أرى سبع‬
‫هذا من حيث االستعمال‪.‬‬
‫أما من حيث المعنى‪ :‬ف ُيقال فيه ما قيل يف المثال السابق‪ ،‬فإذا قلت‪ :‬عندي سبق‬
‫سبع من البقرات السمان‪ ،‬يعني الكالم يدور عن‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بقرات سمان‪ ،‬فالمعنى عندي ٌ‬
‫سب منهن‪ ،‬وإذا جعلت النعت للعدد‪:‬‬ ‫البقرات السمان‪ ،‬البقرات السمان عندي ٌ‬
‫ٌ‬
‫سمان من البقرات‪ ،‬إذا الكالم على‬ ‫سبع‬ ‫ٌ‬ ‫ٍ‬
‫سمان‪ ،‬فالمعنى عندي ٌ‬ ‫بقرات‬ ‫عندي سبع‬
‫سبع سمان‪.‬‬
‫البقرات‪ ،‬البقرات عندي منهن ٌ‬
‫هذه بعض التمرينات السريعة‪ ،‬سنمر هبا بسرعة على باب النعت‪ ،‬قال الشاعر‪:‬‬
‫عللللللى ربعلللللين مسلللللل ب وبلللللالي‪.‬‬ ‫بُيللللت ومللللا دبُللللى رجللللق حلللل ن‬
‫حزين‪ :‬نعت ومنعوت‪ ،‬هذا منعوت لمفرد‪ ،‬طيب‬ ‫ٍ‬ ‫ال اهد هنا بسرعة؟ رج ٍل‬
‫ٍ‬
‫متعدد معنًى ال لف ًظا‪ ،‬ربعين‪ :‬هذا متعدد‬ ‫ٍ‬
‫لمنعوت‬ ‫نعت متعدد‬ ‫ٍ‬
‫مسلوب وبالي؟ هذا ٌ‬
‫معنًى‪ ،‬ربعين‪ :‬يعني ربع وربع‪ ،‬لكن من حيث اللفظ كلمة أو كلمتين؟ كلمة‪ ،‬فأتبع‬
‫ٍ‬
‫مسلوب وبالي‪.‬‬ ‫على ربعين‬

‫قال‪-‬تعالى‪( :-‬ﮦ ﮧ ﮨ) [البينة‪ ،]5:‬هنا حذف النعت أم المنعوت؟‬


‫قال المفسروَّ‪ :‬معنى اآلية‪-‬واهلل أعلم‪ -‬وذلك دين الملة القيمة‪ ،‬إ ًذا ما الذي‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪233h‬‬
‫‪g‬‬

‫كثير جدً ا يف الكالم‪ ،‬قال‪-‬تعالى‪( :-‬ﮜ ﮝ ﮞ‬


‫ُحذف؟ المنعوت‪ ،‬وقلنا‪ :‬هذا ٌ‬
‫ﮟ ﮠ) [ا ح اف‪ ،]25:‬هنا حذف نعت أم منعوت؟ ُحذف النعت‪ ،‬يعني تدمر‬
‫ٍ‬
‫شيء ُأمرت بتدميره‪.‬‬ ‫كل‬

‫ولهذا قال‪( :‬ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥﮦ) [ا ح اف‪ ،]25:‬إ ًذا ما‬


‫ُدمرت المساكن؛ ألهنا ما ُأمرت بتدميرها‪ ،‬وهكذا قلنا العربي يفهم كالمهم‪ ،‬يفهم‬
‫الكالم حتى ولو كان فيه حذف‪ ،‬وأما األعجمي الذي ال يفهم اللغة العربية فتأيت‬
‫منه مصائب كثيرة؛ فلهذا قد يقول‪ :‬كل شيء يعني كل شيء‪ ،‬هذا ظاهر اآلية‪.‬‬
‫لكن اآلية جاءت على لغة العرب‪ ،‬فيجب وجو ًبا أن ُتفهم على مقتضى كالم‬
‫إخراج لها عن مقتضى الظاهر‪ ،‬ال‪ ،‬بل ُيقال‪ :‬هذا هو‬
‫ٌ‬ ‫العرب‪ ،‬وال ُيقال إن هذا‬
‫الظاهر؛ ألن الظاهر هو أن تأخذ بكالم العرب لف ًظا ومعنًى‪ ،‬فتفهم كما كانت‬
‫العرب تفهم لغتها‪ ،‬وهكذا‪.‬‬

‫طيب‪ ،‬قال‪( :‬ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ) [المائدة‪،]68:‬‬


‫ٍ‬
‫صحيح‪ ،‬أو‬ ‫ٍ‬
‫شيء‬ ‫ما المحذوف؟ النعت أو المنعوت؟ النعت‪ ،‬يعني لستم على‬
‫ٍ‬
‫مقبول‪ ،‬هم على شيء‪ ،‬هم على دين‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫شيء‬
‫طيب‪ ،‬قال الشاعر‪:‬‬
‫إلللللى قللللادة بنللللي و للللعب د عمللللر‪.‬‬ ‫رجلللال ال لللد الملللٌم ل إنلللا بحاجلللة‬
‫نعت‬
‫إلى قادة بني‪ ،‬هنا النعت بَملة‪ ،‬قادة‪ :‬منع َ‪ ،‬و بني‪ :‬نعت‪ ،‬لكن ٌ‬
‫ٍ‬
‫شعب منعوت‪ ،‬و ُيعمر‪ :‬جملة فعلية وقت نعتًا‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫وشعب ُيعمر‪:‬‬ ‫بالجملة الفعلية‪،‬‬

‫قال‪-‬تعالى‪( :-‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ) [ال ر ‪ ،]32:‬هنا فيه‬


‫نعت؟ منعوت أم نعت؟ المنعوت‪ ،‬والمعنى‪-‬واهلل أعلم‪ -‬ومن آياته السفن‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪234h‬‬
‫الجواري‪.‬‬
‫خير من مشرك‪ ،‬هنا واضح المحذوف المنعوت‪ ،‬ولعبدٌ مؤمن‬ ‫ولعبدٌ مؤمن ٌ‬
‫عبد مشرك‪ ،‬طيب‪ ،‬وتقول العرب‪ :‬سألت فالنًا‪ ،‬سألت زيدً ا فوجدته‬ ‫خير من ٍ‬
‫ٌ‬
‫رجال‪ ،‬وهل كان يظن أن زيدً ا امرأة!! طيب‪ ،‬ما المعنى؟ طب ًعا وجد زيدً ا الرجل‪،‬‬
‫ً‬
‫جال ال امرأة‪ ،‬ال‪ ،‬هنا‬
‫أوجده امرأة!! لكن ال يريد هذا الظاهر‪ ،‬ال يريد أنه وجده ر ً‬
‫شهما‪،‬‬
‫ً‬ ‫رجال‬
‫مثال‪ ،‬وجدته ً‬
‫كريما ً‬
‫ً‬ ‫رجال‬
‫نعت محذوف‪ ،‬يعني سألت زيدً ا فوجدته ً‬
‫وهكذا‪.‬‬
‫ويف الحديث‪« :‬ا صالة لمنفرد ملف الصف»‪ ،‬هنا النعت‪ ،‬طيب‪ ،‬ما النعت‬
‫المحذوف؟ صحيحة أم كاملة؟ صحيحة‪ ،‬إن قلنا‪ :‬النعت المحذوف صحيحة‪،‬‬
‫فصالة المنفرد خلف الصف باطلة‪ ،‬وإن قلنا‪ :‬كاملة‪ ،‬فهي صحيحة‪ ،‬ولكنها ليست‬
‫خالف بين الفقهاء‪ ،‬هذا خالف مشهور بين الفقهاء الختالفهم يف النعت‬
‫ٌ‬ ‫كاملة‪،‬‬
‫المحذوف كيف يكون تقديره‪ٌ ،‬‬
‫فكل قدره بما يره األنسب لظواهر األدلة الشرعية‪.‬‬
‫طيب‪ ،‬ندخل اآلن يف باب التوكيد‪ ،‬ما زال ابن مالك‪ ‬يتكلم على أبواب‬
‫التوابع يف النحو‪ ،‬وأبواب التوابع كما ذكرناها من قبل أربعة؛ وهي‪ :‬النعت‪،‬‬
‫والتوكيد‪ ،‬والعطف‪ ،‬والبدل‪ ،‬أما النعت فانتهينا منه‪ ،‬واآلن نبدأ بالباب الثاين من‬
‫أبواب التوابع‪ ،‬وهو‬
‫باب التوكيد‬
‫وقد عقد ابن مالك‪ ‬باب التوكيد يف األلفية يف أربعة عشر بيتًا‪ ،‬قال‬
‫فيها‪:‬‬
‫ا‬ ‫لُ دأ للدَ ا‬
‫المؤ َّ لللللللدَ ا‬‫للللللع َ لللللللم ْير َ لللللللا َب َق د‬
‫َمل َ‬ ‫ااسل د‬‫س َأو َبللال َع ْي ان ْ‬ ‫‪.520‬با لالنَّ ْف ا‬
‫دلللللن دم َّعبا َعلللللا‬ ‫ا‬ ‫اج َم ْع د َمللللا با ٌَ ْف دعللللق إا َّْ َ با َعلللل‬
‫َملللللا َلللللل ْي َس َواحلللللدَ ا َ ُ ْ‬ ‫‪َ .521‬و ْ‬
‫للللم ْيرا دم َصللللالَ‬ ‫الا ا‬ ‫العَللللا َج ام ْي َعلللل با َّ‬ ‫‪َ .522‬و د لالًّ ا ْة د ل ْلر فاللي ال ل دلم ال َو ا لالَ‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪235h‬‬
‫‪g‬‬

‫للق النَّافا َلللل ْه‬‫للد ام َْل َ‬


‫املللن علللُ فالللي ال َّع ايل ا‬
‫ْ‬ ‫ْ َ َّ‬
‫‪.523‬واس ل َععم دل ا َأ َا ل َ دُل َلق َف ا‬
‫اع َل ل ْه‬ ‫َ ْ َْ َ ْ‬
‫ا‬ ‫دللللق َأ َّللللدد وا با ٌَ ْج َم َعللللا‬
‫لللللُ دج َم َعللللللا‬ ‫َج ْم َعللللللا َء َأ ْج َمعلللللل ْي َن د ل َّ‬ ‫َ‬ ‫‪َ .524‬و َب ْعللللدَ‬
‫َج ْم َعللللللا دء َأ ْج َم دعلللللل ََّ د ل َّ‬ ‫لليء َأ ْج َمل د‬ ‫ا‬ ‫وَّ د ل َ‬
‫لللللع‬
‫لللللُ دج َمل د‬ ‫للع‬ ‫للق َقلللدْ ََل ْ‬ ‫‪َ .525‬و دد َ‬
‫لللمق‬‫لللاة البصلللر اة المنْلللع َ ا‬ ‫وعلللن ندح ا‬ ‫‪َ .526‬وإا َّْ د افلللدْ َ ا ْيلللدد َمنْ دُللل ر دقبالللق‬
‫َ ْ َ َ د‬ ‫َ َ ْ َ‬
‫للللللن َوه اَّْ َف ْعلللللللالَ َء َو َوه اَّْ َأ ْف َعلللللللالَ‬
‫َعل ْ‬ ‫للن باُال َعلللا فالللي دم ََ ًّنلللى َو الللالَ‬‫‪َ .527‬وا ْغل َ‬
‫لمنْ َف اصللللق‬ ‫س َوال َعلللل ْي ان َف َب ْعللللدَ ا د‬ ‫باللللالنَّ ْف ا‬ ‫المع اَّصلللق‬ ‫لللد َّ ا‬
‫الالللم ْي َر د‬
‫‪.528‬وإا َّْ دؤ ا‬
‫َ‬
‫ا‬ ‫الر ْفللل اع َو َأ َّ لللدد َوا با َملللا‬
‫للللللن د ل َع ََمللللللا‬ ‫سلللللل َ داه َما َوال َ ْيللللللدد َل ْ‬ ‫للت َةا َّ‬‫‪َ .529‬عنَ ْيل د‬
‫لللك ا ْد در اجللللي ا ْد در اجللللي‬ ‫لللر َرا َ َ لال َ‬ ‫دم َُل َّ‬ ‫َللي‬ ‫للد َل ْفظاللي َ ا‬ ‫‪.530‬ومللا امللن ال َّع اي ا‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫لللله دو اصللللق‬ ‫للللَ با ا‬
‫ْ‬
‫للللظ ا َّل ا‬
‫إااَّ مللللع ال َّل ْف ا‬
‫َ َ‬ ‫للم ْير دمع اَّصلللق‬ ‫للظ َ ل ا‬ ‫‪َ .531‬واَ ادعلللدْ َل ْفل َ‬
‫ا‬
‫اب َللللللل َن َع ُْ َو َ َب َللللللللى‬ ‫باللللللله َجللللللل َ ِ‬ ‫وف َغ ْيل َلر َمللا ََح َّص لالَ‬ ‫الحل دلر د‬ ‫‪ َ .532‬ل َلَا د‬
‫لللللم ْير ا ََّصللللللق‬ ‫لللللق َ ل ا‬ ‫َأ لللللدْ بال ا‬
‫للللله د ل َّ‬ ‫الر ْف اع ا َّل اَ َق الد ا ْن َف َصلق‬ ‫‪َ .533‬و دم ْا َم َر َّ‬
‫ف َا ه باب الع يد‪ ،‬د ال‪ :‬التوكيد والتأكيد‪ ،‬فالتوكيد من وكد يوكد توكيدً ا‪،‬‬
‫والتأكيد من أكد يؤكد تأكيدً ا‪ ،‬وهما بمعنى واحد‪ ،‬فقيل‪ :‬األصل فيهما الواو وكد‪،‬‬
‫والهمزة ٌ‬
‫بدل من الواو‪ ،‬وقيل العكس‪ :‬أي األصل أكد تأكيدً ا‪ ،‬والواو بدل من‬
‫الهمزة‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬هما أصالن أكد ووكد‪ ،‬وهذا القول الثالث هو أظهر األقوال؛ ألن‬
‫الفعلين يتصرفان تصر ًفا تاما‪ ،‬يقال‪ :‬أكد يؤكد تأكيدً ا‪ ،‬فهو ِ‬
‫مؤكد ومؤكَد‪ ،‬وكذلك‬ ‫ً ُ‬
‫ِ‬
‫وموكد‪ ،‬وهكذا‪ ،‬وأفصح هذه اللغات التوكيد‪ ،‬وهو‬ ‫وكد يوكد توكيدً ا‪ ،‬فهو موكَد‬
‫الوارد يف القرآن الكريم يف قوله‪-‬تعالى‪( :-‬ﮕ ﮖ) [النحق‪.]91:‬‬
‫تقريرا لمتبوعه؛ لرفع‬
‫ً‬ ‫تابع ُيذكر‬
‫والمراد بالتوكيد هنا باب التوكيد‪ ،‬وهو ٌ‬
‫احتمال التجوز أو السهو‪ ،‬سيأيت ٌ‬
‫بيان لمعناه أكثر‪ ،‬وهذا التوكيد نوعان‪:‬‬
‫يدِ لفظي‪ :‬ويكون بتكرار المؤكد؛ نحو جاء محمدٌ محمدٌ ‪ ،‬أو جاء جاء‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪236h‬‬
‫محمد‪ ،‬أو جاء محمدٌ جاء محمدٌ ‪.‬‬
‫ٍ‬
‫بألفاظ معينة‪ ،‬وهي النفس والعين‪،‬‬ ‫الَاين‪ :‬التوكيد المعنوي‪ ،‬ويكون‬ ‫والن‬
‫وكال وكلتا‪ ،‬وكل وجميع وعامة‪ ،‬وأجمع وإخوانه‪.‬‬
‫فهذا المراد بالتوكيد هنا‪ ،‬و ُيسمونه التوكيد النحوي‪ ،‬وقد يستعمل النحويون‬
‫التوكيد بالمعنى اللغوي‪ ،‬يعني بمعنى التقوية والتقرير‪ ،‬أي أن الغرض والفائدة من‬
‫كثير جدً ا عند النحويين‪،‬‬
‫هذا الشيء هو تأكيد المعنى وتقويته وتقريره‪ ،‬وهذا ٌ‬
‫فنفرق بين االستعمالين‪.‬‬
‫باب التأكيد المراد به التأكيد النحوي‪ ،‬وهما الضربان أو النوعان المذكوران‪:‬‬
‫غرضا وفائدة من الكالم‪ ،‬من األسلوب‪ ،‬من‬
‫اللفظي والمعنوي‪ ،‬أما التوكيد بكونه ً‬
‫اللفظ‪ ،‬فهذا معنًى لغوي‪ ،‬المتكلم قد يقصد من كالمه أن يوكد المعنى‪ ،‬كما قالوا‬
‫مثال يف حروف التوكيد‪( ،‬إن) الغرض منها التوكيد‪.‬‬
‫ً‬
‫ما قال ا يف‪ :‬إن‪ ،‬وأن‪ ،‬والم االبتداء‪ ،‬كقولك‪ :‬إن محمدً ا قائم‪ ،‬ولمحمد قائم‪،‬‬
‫ما الغرض والفائدة من هذه الحروف؟ قالوا‪ :‬التأكيد‪ ،‬يعني تأكيد المعنى السابق‬
‫قبل دخولها‪ ،‬فإن محمدً ا قائم‪ ،‬الكالم قبل إن ماذا كان؟ كان‪ :‬محمدٌ قائم‪ ،‬طيب‪،‬‬
‫ما الفرق بين محمدٌ قائم‪ ،‬وإن محمدً ا قائم؟‬
‫من حيث المعنى اإلجمالي ال فرق‪ ،‬وهو إسناد القيام إلى محمد‪ ،‬إ ًذا إن هنا ما‬
‫فائدهتا؟ ما لها فائدة يف الكالم؟ ال‪ ،‬فائدهتا التأكيد‪ ،‬ما معنى التأكيد؟ يعني ال تأيت‬
‫بمعنًى جديد يسمونه معنى مؤسس‪ ،‬ال تأيت بمعنًى جديد‪ ،‬ولكن تؤكد المعنى‬
‫كثيرا‪.‬‬
‫المعروف قبل اإلتيان هبا‪ ،‬هذا هو التأكيد‪ ،‬والتأكيد معنًى يقصد إليه المتكلم ً‬
‫أيضا يف الحروف الزائدة‪ ،‬إن الغرض من زيادهتا التوكيد‪،‬‬
‫وكقول النحويين ً‬
‫نحو‪ :‬كفى باهلل شهيدً ا‪ ،‬وكقولك‪ :‬ما جاءين من رجل‪ ،‬أصل العبارة‪ :‬كفى اهلل‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪237h‬‬
‫‪g‬‬
‫شهيدً ا‪ ،‬وما جاءين ٌ‬
‫رجل‪ ،‬وهذا الحرف الزائد لماذا زيد؟! زيد لمعنى التأكيد‪.‬‬
‫مثال يف المفعول المطلق غير الموصوف وال‬
‫أيضا ً‬
‫وكما يقول النحويون ً‬
‫المضاف‪ ،‬وال الدال على العدد‪ ،‬إنه لغرض التوكيد‪ ،‬نحو‪ :‬ضربته ضر ًبا‪ ،‬وكلم اهلل‬
‫تكليما‪ ،‬ما الغرض والفائدة من المفعول المطلق يف نحو كلم اهلل موسى‬
‫ً‬ ‫موسى‬
‫تكليما؟! التأكيد‪ ،‬كلم اهلل موسى‪ ،‬كلمه ماذا؟‬
‫ً‬
‫تأت بمعنًى ٍ‬
‫زائد؛ ألن المعنى المفهوم‬ ‫فتكليما لم ِّ‬ ‫تكليما كلمه‪،‬‬ ‫تكليما‪ ،‬أكيد‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫منها مفهو ٌم من قوله كلم‪ ،‬وإنما جيء به للتأكيد‪ ،‬وهذا المعنى من أهم المعاين التي‬
‫يقصد إليها المتكلم وهي التأكيد‪.‬‬
‫ل َّ‪ :‬إهنا تأيت‬ ‫و ما ل النح َّ أ اا مَال يف النعت والحال والعميي ‪،‬‬
‫ٍ‬
‫جديد‪ ،‬وتأيت مؤكد ًة لمعنًى سابق‪ ،‬فتأيت‬ ‫مؤسسة‪ ،‬وتأيت مؤكدة‪ ،‬تأيت مؤسس ًة لمعنًى‬
‫مؤسس ًة لمعنًى جديد كقولك‪ :‬جاء محمدٌ الخائف‪ ،‬عرفت أين سأصفه بالخائف‬
‫قبل أن أقول الخائف؟! إ ًذا كلمة الخائف أسست عندي معنًى جديدً ا‪ ،‬هذا نعت‬
‫مؤسس‪ ،‬ما تعرف معناه حتى ُيلفظ به‪.‬‬
‫وكقولك‪ :‬جاء محمدٌ خائ ًفا‪ ،‬وكقولك‪ :‬جاء عشرون ماذا؟ ما تدري‪ ،‬حتى آيت‬
‫رجال‪ ،‬إ ًذا فالنعت والتمييز والحال هنا جاءت لمعنًى‬
‫بالتمييز‪ ،‬فأقول‪ :‬جاء عشرون ً‬
‫مثال‪ :‬جاء من‬
‫جديد‪ ،‬لمعنًى مؤسس‪ ،‬وقد تأيت هذه الثالثة للتأكيد‪ ،‬كأن تقول ً‬
‫الخائفين محمدٌ الخائف‪ ،‬الخائف هنا للتأكيد‪ ،‬وكأن تقول‪ :‬ابتسم محمدٌ ضاح ًكا‪،‬‬
‫رجال‪.‬‬
‫وكقولك‪ :‬جاء من الرجال عشرون ً‬
‫رجال؟!! نحن نعرف أنه رجل‪ ،‬ال‪ ،‬هذا‬
‫ً‬ ‫ل هَا ل ‪ ،‬لماةا ن ل‪:‬‬ ‫قد‬
‫للتوكيد‪ ،‬وهذا معنًى يقصد إليه أفصح الفصحاء؛ قال‪( :‬ﮤ ﮥ‬

‫ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ) [الع بة‪ ،]36:‬أكيد ً‬


‫شهرا من إفراد الشهور‪ ،‬لكن‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪238h‬‬
‫هذا معنى يقصد إليه المتكلم الفصيح‪.‬‬
‫؛ أ ‪ :‬التوكيد اللفظي أو‬ ‫إةا المراد بالع يد يف هَا الباب ه الع يد النح‬
‫تابع‪ ،‬الغرض منه تقرير المؤكد لرفع احتمال التجوز أو‬
‫التوكيد المعنوي‪ ،‬وهو ٌ‬
‫السهو‪ ،‬قلنا قبل قليل‪ :‬إن التوكيد النحوي هذا الباب قسمان نوعان‪:‬‬
‫الع يد اللفظي‪ :‬وسيأيت يف آخر هذا الباب‪.‬‬
‫‪ :‬و ُ َّ بٌلفاظ معينة دعرفت بااسع صاء والععبع‪ ،‬وهي على‬ ‫والع يد المعن‬
‫على ربين‪:‬‬ ‫ربين؛ الع يد المعن‬
‫‪ -‬الارب ا ول‪ :‬ما يدل على إرادة الحقيقة‪ ،‬ويكون بلفظين‪ :‬النفس والعين‪.‬‬
‫‪ -‬الارب الَاين‪ :‬من التوكيد المعنوي ما يدل على اإلحاطة والشمول‪ ،‬ويكون‬
‫وجميع‪ ،‬وعامة‪ ،‬وأجمع‪ ،‬وإخوانه‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫بستة ألفاظ‪ :‬كلتا‪ ،‬وكال‪ ،‬وكل‪،‬‬
‫ويف الضرب األول‪ ،‬وهو ما يدل على إرادة الحقيقة‪ ،‬يقول ابن مالك‪:‬‬
‫ا‬ ‫للللُ دأ للللدَ ا‬
‫المؤ َّ لللللللدَ ا‬‫للللللع َ لللللللم ْير َ لللللللا َب َق د‬
‫َمل َ‬ ‫ااس د‬ ‫س َأو َبللللال َع ْي ان ْ‬ ‫باللللالنَّ ْف ا‬
‫دلللللن دم َّعبا َعلللللا‬ ‫ا‬ ‫اج َم ْع د َمللللللللا با ٌَ ْف دعللللللللق إا َّْ َ با َعلللللللل‬
‫َملللللا َلللللل ْي َس َواحلللللدَ ا َ ُ ْ‬ ‫َو ْ‬
‫يقول‪ :‬االسم يؤكد بالنفس أو بالعين أو هبما‪ ،‬إذا ُأريد الحقيقة من الكالم‪،‬‬
‫نحو‪ :‬جاء محمدٌ نفسه‪ ،‬أو جاء محمدٌ عينه‪ ،‬أو جاء محمدٌ نفسه عينه‪ ،‬إذا ُأريد دفع‬
‫مضاف محذوف‬ ‫ٍ‬ ‫توهم غير الحقيقة من هذا الكالم‪ ،‬يعني أن تدفع توهم إرادة‬
‫مثال‪ ،‬ال تفهم من جاء محمدٌ يعني جاء خربه‪ ،‬أو جاء رسوله‪ ،‬أو جاء عطاؤه‪ ،‬أو‬
‫ً‬
‫جاء شره‪ ،‬وهذا يستعمله الناس‪ ،‬يقولون‪ :‬جاء محمد‪ ،‬يعني جاء خربه أنه مات‬
‫مثال‪ ،‬ونحو ذلك‪.‬‬
‫ً‬
‫ونح ةلك ق لك‪ :‬بل هو القلم نفسه؛ ر ًدا على من قال‪ :‬ليس هذا القلم‬
‫قلما ُيشبهه‪ ،‬أو لست‬
‫المطلوب‪ ،‬وقولك‪ :‬بل هو القلم نفسه يعني هو القلم‪ ،‬وليس ً‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪239h‬‬
‫‪g‬‬
‫خرج‬
‫أمزح معك‪ ،‬هذا التأكيد‪ ،‬يدل على إرادة الحقيقة من الكالم؛ ألن الكالم قد ُي َ‬
‫من حقيقته إلى معاين أخرى‪.‬‬
‫وقد ذكر ابن مالك‪ ‬لهذا الضرب من التوكيد حكمين يف البيتين‬
‫السابقين‪ :‬الحكم األول يف قوله‪:‬‬
‫ا‬
‫َم َع َ م ْير َ ا َب َق د‬
‫المؤ َّدَ ا‬
‫أي يجب يف هذا التوكيد يف النفس والعين‪ ،‬أن ُيضاف لفظ النفس‪ ،‬ولفظ العين‬
‫ٍ‬
‫ضمير يطابق المؤكد ويعود إليه‪ ،‬كاألمثلة السابقة‪ ،‬جاء محمدٌ نفسه‪ ،‬جاءت‬ ‫إلى‬
‫هندٌ نفسها‪ ،‬وهكذا‪.‬‬
‫نفسا‬ ‫ٍ‬
‫مثال‪ :‬نفس محمد كريمةٌ‪ ،‬وعينه جميلةٌ‪ ،‬أو لقد أزهقت ً‬
‫بخالف قولك ً‬
‫بريئةً‪ ،‬أو كحل محمدٌ عينه‪ ،‬فكل ذلك ليس من التوكيد؛ لعدم إرادة التوكيد‪ ،‬أو‬
‫عدم إضافته إلى الضمير‪.‬‬
‫والحكم الثاين للتوكيد بالنفس والعين الذي ذكره ابن مالك يف قوله‪:‬‬
‫دلللللن دم َّعبا َعلللللا‬ ‫ا‬ ‫اج َم ْع د َمللللللللا با ٌَ ْف دعللللللللق إا َّْ َ با َعلللللللل‬
‫َملللللا َلللللل ْي َس َواحلللللدَ ا َ ُ ْ‬ ‫َو ْ‬
‫يقول‪ :‬إذا أردت أن توكد بالنفس أو بالعين ما ليس واحدً ا‪ ،‬أي أن تؤكد المثنى‬
‫أو الجمع‪ ،‬فإنك تجمع النفس والعين يف هذا األسلوب‪ ،‬أسلوب التوكيد على‬
‫أف ُعل فقط‪ ،‬يعني ال تثنيهما وال تجمعهما على غير أف ُعل‪.‬‬
‫يد المَم ‪ :‬جاء الرجال أنفسهم‪ ،‬وال‬ ‫ل يف‬ ‫فإةا أردَ الع يد‪ ،‬فإنك‬
‫تقول‪ :‬جاء الرجال نفوسهم؛ ألن النفس والعين يف باب التوكيد ال ُيجمعان إال‬
‫على أف ُعل‪ ،‬جاء الرجال أنفسهم‪ ،‬وجاء النساء أنفسهن‪ ،‬وال تقول‪ :‬نفوسهن‪ ،‬ويف‬
‫التثنية تقول يف الجمع‪ :‬جاء المحمدان أنفسهما‪ ،‬وجاءت الهندان أنفسهما‪.‬‬
‫أما يف الجمع فباتفاق‪ ،‬وأما يف التثنية‪ :‬فإن بعض النحويين ُيجوز على قلة أن‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪240 h‬‬
‫نفسهما‪ ،‬يعني إذا أردنا أن‬
‫تقول‪ :‬جاء المحمدان نفساهما‪ ،‬أو جاء المحمدان ُ‬
‫نجمل الكالم يف ذلك نقول‪ :‬إذا أكدت بالنفس والعين المفرد‪ ،‬فليس لك يف النفس‬
‫والعين إال اإلفراد‪ ،‬جاء محمدٌ نفسه عينه‪ ،‬وجاءت هند نفسها عينها‪.‬‬
‫وإذا أكدت بالنفس والعين المجموع‪ ،‬فليس لك إال أن تجمع النفس والعين‬
‫على أف ُعل‪ ،‬جاء المحمدون أنفسهم‪ ،‬وجاءت الهندات أنفسهن‪ ،‬وإذا أكدت‬
‫أيضا على أف ُعل‪ ،‬تقول‪ :‬جاء المحمدان‬
‫المثنى‪ ،‬فاألفصح أن تجمع النفس والعين ً‬
‫أنفسهما‪ ،‬وجاءت الهندان أنفسهما‪ ،‬ويجوز على قلة أن تقول‪ :‬نفساهما أو‬
‫نفسهما‪ ،‬ثم اختلفوا يعني يف هذا القليل أيهما أحسن‪ ،‬نفساهما أو نفسهما على‬
‫ٍ‬
‫خالف بين النحويين‪.‬‬
‫لكنهم متفقون على أنه ال يجوز إال على قلة‪ ،‬يعني إذا كان اإلنسان يتكلم‬
‫ابتدا ًء فينبغي أن يقول‪ :‬جاء المحمدان أنفسهما‪ ،‬ولو ُسئلت عن الحكم‪ ،‬تقول‪ :‬قل‬
‫مثال تفعل ذلك‪ ،‬لكن لو قال ٌ‬
‫قائل آخر‬ ‫جاء المحمدان أنفسهما‪ ،‬ولو كنت تصحح ً‬
‫كاتب آخر‪ :‬جاء المحمدان نفساهما‪ ،‬اشرتيت السيارتين‬
‫ٌ‬ ‫شاعر أو ناثر‪ ،‬أو كتب‬
‫نفسيهما‪ ،‬أو اشرتيت سيارتين نفسهما!‬
‫ل‪ :‬هذا إنما يجوز يف اللغة على قلة عند بعض النحويين‪،‬‬ ‫هنا ما دخطيء‪،‬‬
‫لكن لو أنت ابتدأت وتكلمت أو ُسئلت‪ ،‬فينبغي أن تأخذ بالمتفق على صحته‪،‬‬
‫فهذا هو الضرب األول من التوكيد المعنوي‪ ،‬وهو التوكيد الذي ُيراد به الداللة‬
‫على إرادة الحقيقة‪.‬‬
‫طيب‪ ،‬الضرب الثاين من التوكيد المعنوي هو ما يدل على إرادة اإلحاطة‬
‫والشمول‪:‬‬
‫للللم ْيرا دم َصللللالَ‬ ‫الا ا‬ ‫العَللللا َج ام ْي َعلللل با َّ‬ ‫لللر فاللللي ال لللل دم ال َو اللللالَ‬
‫َو د للللالًّ ا ْة د ل ْ‬
‫للق النَّافا َلللل ْه‬
‫للد ام َْل َ‬
‫املللن علللُ فالللي ال َّع ايل ا‬
‫ْ‬ ‫ْ َ َّ‬
‫دللللق َف ا‬
‫اع َلللللل ْه‬ ‫َو ْاسلللل َع ْع َم دل َ ا َأ ْ َاللللل َ ُ َ‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪241h‬‬
‫‪g‬‬
‫ا‬ ‫للللللق َأ َّ لللللللدد وا با ٌَ ْج َم َعلللللللا‬
‫َج ْم َعللللللا َء َأ ْج َمعلللللل ْي َن د ل َّ‬
‫لللللُ دج َم َعللللللا‬ ‫َو َب ْعلللللللدَ د ل َ‬
‫َج ْم َعللللللا دء َأ ْج َم دعلللللل ََّ د ل َّ‬ ‫للللليء َأ ْج َمل د‬ ‫ا‬ ‫وَّ د ل َ‬
‫لللللع‬
‫لللللُ دج َمل د‬ ‫لللللع‬ ‫لللللق َقللللللدْ ََل ْ‬ ‫َو دد َ‬
‫لللاة البصلللر اة المنْلللع َ ا‬
‫لللمق‬ ‫وعلللن ندح ا‬ ‫َوإا َّْ د افللللللدْ َ ا ْيللللللدد َمنْ دُلللللل ر دقباللللللق‬
‫َ ْ َ َ د‬ ‫َ َ ْ َ‬
‫للللللن َوه اَّْ َف ْعلللللللالَ َء َو َوه اَّْ َأ ْف َعلللللللالَ‬
‫َعل ْ‬ ‫للللن باُال َعلللللا فالللللي دم ََنًّلللللى َو الللللالَ‬‫َوا ْغل َ‬
‫الم ْن َف اصللللق‬‫س َوال َعلللل ْي ان َف َب ْعللللدَ د‬ ‫باللللال َّن ْف ا‬ ‫المع اَّصلللللللق‬ ‫ا‬
‫الالللللللم ْي َر د‬
‫وإا َّْ دؤ ل ا‬
‫للللللد َّ‬ ‫َ‬
‫ا‬ ‫الر ْفلللللل اع َو َأ َّ للللللدد َوا با َمللللللا‬
‫سلللللل َ داه َما َوال َ ْيللللللدد َل ْ‬
‫للللللن د ل َع ََمللللللا‬ ‫لللللت َةا َّ‬
‫َعنَ ْيل د‬
‫كل ذلك يف الضرب الثاين من التوكيد المعنوي‪ ،‬وهو ما يدل على إرادة‬
‫اإلحاطة والشمول‪ ،‬فهي عدة ألفاظ ذكرها ابن مالك يف هذه األبيات‪ ،‬وقبل ذلك‬
‫نقول يف قول ابن مالك‪:‬‬
‫َو د الًّ ا ْة ْدر‬
‫نون ساكنة‪ ،‬إ ًذا فهذه الكلمة‬
‫كال مختوم بالتنوين‪ ،‬والتنوين كما تعرفون ٌ‬
‫ً‬
‫مختومة بساكن‪ ،‬اذكر‪ :‬فعل أمر مبدو ٌء هبمزة وصل‪ ،‬وهمزة الوصل ما بعدها‬
‫ساكن‪ ،‬وهي تسقط يف درج الكالم‪ ،‬فمعنى ذلك أنه سيلتقي عندنا ساكنان‪ :‬التنوين‬
‫يف كالً‪ ،‬والذال يف اذكر بعد حذف همزة الوصل‪.‬‬
‫جائز هنا‪ ،‬فتكسر‬
‫والتخلص من التقاء الساكنين يكون يف األصل بالكسر‪ ،‬وهذا ٌ‬
‫ٍ‬
‫وكال اذكر‪ ،‬ويجوز‬ ‫التنوين‪ ،‬التنوين هو ٌ‬
‫نون ساكنة‪ ،‬هذه النون الساكنة اكسرها‪،‬‬
‫نظرا إلى أن فعل األمر بعدها اذكر‬
‫هذا التخلص من التقاء الساكنين بالضم؛ ً‬
‫ٍ‬
‫حينئذ أن تتخلص بالضم‪ ،‬فتقول‪ :‬وكالٌ اذكر‪ ،‬وهذا الحكم يف‬ ‫مضموم العين‪ ،‬فلك‬
‫كل ما يشابه ذلك‪.‬‬
‫يب‪ ،‬قال ابن مالك ‪ ‬يف أول ةلك‪:‬‬
‫الا ا‬
‫للللم ْيرا دم َصللللالَ‬ ‫العَللللا َج ام ْي َعلللل با َّ‬ ‫لللم ال َو اللللالَ‬ ‫و د للللالًّ ا ْة د ل ا‬
‫لللر فللللي ال ل د‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪242h‬‬
‫فذكر يف هذا البيت أربعة ألفاظ من ألفاظ التوكيد المعنوي‪ ،‬التي ُيراد هبا‬
‫الداللة على اإلحاطة والشمول‪ ،‬وهي كل وكال وكلتا وجميع‪ ،‬وكان األفضل أن‬
‫يجمع ابن مالك بين ك ٍل وجميع‪ ،‬وال يفصل بينهما‪ ،‬إال أن ضرورة الشعر اقتضت‬
‫ذلك‪.‬‬
‫وجميع فيؤكد هبما ما كان ذا أجزاء‪ ،‬ماذا يؤكد هبما؟ ال يؤكد هبما إال ما‬
‫ٌ‬ ‫أما ٌ‬
‫كل‬
‫كان ذا أجزاء‪ ،‬كقولك‪ :‬جاء الركب كله أو جميعه‪ ،‬وجاءت القبيلة كلها أو‬
‫جميعها‪ ،‬وجاء الرجال كلهم أو جميعهم‪ ،‬وجاءت الهندات كلهن أو جميعهن‪،‬‬
‫وال تقول‪ :‬جاء زيدٌ كله‪ ،‬لماذا؟‬
‫ألن زيدً ا ليس ذا أجزاء‪ ،‬زيد أجزاء أو مجزأ؟ له أجزاء؟ ال‪ ،‬ليس له أجزاء‪،‬‬
‫وسبق أن شرحنا الفرق بين الجزء والبعض‪ ،‬ونعيد ذلك بسرعة‪ ،‬فنقول‪ :‬المجزأ أو‬
‫الجزء المجزأ هو الذي يتكون من أشياء مستقلة بنفسها كالجيش‪ ،‬الجيش يتكون‬
‫من ماذا؟! من رجل‪ ،‬ورجل‪ ،‬ورجل‪ ،‬ورجل إلى آخره‪ ،‬الرجل هذا مستقل بنفسه‪،‬‬
‫فتأخذ رجل وتضم إليه أمثاله فيكونون الجيش‪ ،‬إ ًذا كل جزء من أجزاء الجيش‬
‫مستقل بنفسه‪ ،‬فإذا ضممت إليه مثله ومثله ومثله كون الكل‪.‬‬
‫ف منا ا َّ‪ ،‬فيمُن أَّ ن ل‪ :‬الجزء هو الذي إذا انضاف إليه أمثاله كونوا‬
‫الكل‪ ،‬الجزء لو أضفت إليه أمثاله رجل ورجل ورجل كونوا الجيش‪ ،‬أما البعض‬
‫ٍ‬
‫أبعاض ال تستقل بنفسها كاإلنسان‪ ،‬اإلنسان‬ ‫أو المبعض هو الذي يتكون من‬
‫يتكون من يدين ورجلين‪ ،‬ورأس‪ ،‬وظهر‪ ،‬وبطن‪ ..‬إلى آخره‪ ،‬لكن اليد‪ ،‬هل اليد‬
‫تستقل بنفسها؟! ال تستقل بنفسها‪.‬‬
‫الجزء هو الذي إذا انضاف إليه مثله ال يكون الكل‪ ،‬لو أتيت بعشرين يد‪ ،‬هل‬
‫تكون إنسانًا؟! البعض لو انضاف إليه مثله يد‪ ،‬يد‪ ،‬يد‪ ،‬ال تكون إنسانًا‪ ،‬هذا الفرق‬
‫بين الجزء والبعض؛ فلهذا اإلنسان ُمبعض‪ ،‬وال نقول‪ :‬مجزأ‪ ،‬هذا اصطالح‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪243h‬‬
‫‪g‬‬
‫عندهم؛ فلهذا ما ُيقال‪ :‬جاء زيدٌ كله‪ ،‬و ُيقال‪ :‬جاء الجيش كله‪ ،‬وجاء الطالب‬
‫كلهم‪ ،‬ونحو ذلك‪.‬‬
‫يب‪ ،‬ن ل‪ :‬وال يجوز أن تقول جاء زيدٌ كله‪ ،‬ال يجوز نحو ًيا‪ ،‬طيب‪،‬‬
‫مثال أو‬
‫وبالغ ًيا؟ قد يجوز أن تقول جاء زيدٌ كله‪ ،‬إذا أردت اإلشارة إلى شدة سمنه ً‬
‫نحو ذلك‪ ،‬فهذه أمور بالغية قد يخرج الكالم إليها‪ ،‬ال إشكال فيها‪ ،‬لكن عندما‬
‫تريد الحكم النحوي فال تقول ذلك‪.‬‬
‫إ ًذا فكل وجميع يؤكد هبما ما كان ذا أجزاء‪ ،‬وأما كال وكلتا فكال يؤكد هبا‬
‫المثنى المذكر‪ ،‬تقول‪ :‬جاء الزيدان كالهما‪ ،‬واشرتيت المنزلين كليهما‪ ،‬وأما كلتا‬
‫فيؤكد هبا المثنى المؤنث‪ ،‬تقول‪ :‬جاء الهندان كلتاهما‪ ،‬واشرتيت الدارين كلتيهما‪،‬‬
‫حكما يتعلق هبذه األلفاظ األربعة التي ذكرها‪،‬‬
‫ً‬ ‫ثم ذكر ابن مالك يف آخر هذا البيت‬
‫فقال‪:‬‬

‫الا ام ْيرا دم َصالَ‬


‫با َّ‬
‫أي‪ :‬أنه ال بدَّ من إضافتها إلى ضمي ٍر يطابق المؤكد كما م َّثلنا؛ جاء الركب كله‪،‬‬
‫مثال‪ :‬جاء الرجال جميعهم‪ ،‬فجميعهم‬
‫وجاء الطالبان كالهما‪ ،‬فعلى ذلك لو قلنا ً‬
‫مثال‪ :‬جاء الرجال جمي ًعا‪ ،‬فجمي ًعا ليس توكيدً ا لعدم‬
‫توكيدٌ معنوي‪ ،‬ولو قلنا ً‬
‫إضافته إلى الضمير‪ ،‬بل ينقلب إلى حال ويختلف المعنى‪.‬‬
‫يف النح ن ل‪ :‬إن قلت جاء الرجال جميعهم فتوكيد‪ ،‬وإن قلت جاء الرجال‬
‫جمي ًعا فحال‪ ،‬هذا من حيث الصناعة النحوية واألحكام النحوية‪ ،‬أما المعنى‬
‫الدقيق فال بدَّ أن ُينظر إليه‪ ،‬هل أنت تريد أن تؤكد فتقول‪ :‬جاء الرجال جميعهم‪ ،‬أم‬
‫تريد أن تبين حالتهم‪ ،‬فتقول‪ :‬جاء الرجال جمي ًعا‪ ،‬يعني ال يجوز هكذا على‬
‫اإلطالق‪ ،‬هو يجوز نحو ًيا‪ ،‬نعم يجوز نحو ًيا‪ ،‬لكن من حيث المعنى الذي تريد‪،‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪244h‬‬
‫هل جاءوا مجتمعين؟ تريد أن تقول‪ :‬جاءوا مجتمعين‪ ،‬فتقول‪ :‬جاءوا جمي ًعا‪.‬‬
‫أو غرضك أن تبين لنا أنه لم يتخلف أحدٌ منهم؟! فتقول‪ :‬جاء الرجال‬
‫جميعهم‪ ،‬فهناك فرق يف المعنى‪ ،‬وإن كان األسلوبان جائزين نحو ًيا‪ ،‬طيب‪ ،‬ثم بعد‬
‫ذلك قال ابن مالك‪:‬‬
‫للق النَّافا َلللل ْه‬
‫للد ام َْل َ‬
‫املللن علللُ فالللي ال َّع ايل ا‬
‫ْ‬ ‫ْ َ َّ‬
‫دللللق َف ا‬
‫اع َللللل ْه‬ ‫َو ْاسلللل َع ْع َم دل َ ا َأ ْ َالللل َ ُ َ‬
‫عم على وزن فاعلة‪ ،‬فماذا قالوا؟‬
‫يقول‪ :‬إن العرب استعملوا من الفعل َّ‬
‫عا َّمة؛ للداللة على التوكيد الدال على اإلحاطة والشمول‪ ،‬وأصل عامة فاعلة‪،‬‬
‫عاممة‪ ،‬ثم حدث بين الميمين إدغام‪ ،‬فصارت عا َّمة‪ ،‬طيب‪ ،‬لماذا لف ابن مالك‬
‫كل هذه اللفة؟!‬
‫فقال‪:‬‬
‫اع َل ْه ام ْن َع َُّ‬
‫واس َععم دل ا َأ َا َ ُ َدق َف ا‬
‫َ ْ َْ َ ْ‬
‫كان يمكن أن يختصر كل ذلك‪ ،‬ويقول‪ :‬واستعملوا عامة‪ ،‬ولكن ما صرح‬
‫عم؟ هي‬ ‫أيضا كك ٍل فاعلة من َّ‬
‫عم‪ ،‬ما فاعلة من َّ‬ ‫بكلمة عامة‪ ،‬وإنما قال‪ :‬واستعملوا ً‬
‫عامة‪ ،‬لماذا ما قال عامة؟ ألن عامة فيها اجتماع ساكنين‪ ،‬عامة‪ ،‬األلف ساكنة‬
‫والميم ساكنة‪ ،‬والساكنان ال يلتقيان يف حشو الشعر‪ ،‬يف حشو الشعر ال يجوز مطل ًقا‬
‫أن يجتمع ساكنان‪.‬‬
‫بخالف النثر‪ ،‬النثر األصل أال يلتقيا ساكنان إال يف مواضع‪ ،‬من هذه المواضع‬
‫يف هناية الكالم‪ ،‬يعني شهر ساكنان‪ ،‬مسلمين ساكنان‪ ،‬وكذلك لو كان قبل الساكنين‬
‫حرف مد‪ ،‬مثل‪ :‬ضالين‪ ،‬يجتمع ساكنان‪ ،‬ويف مواضع قليلة قد يجتمع الساكنان يف‬
‫النثر‪ ،‬أما يف الشعر فال يجتمع الساكنان أبدً ا يف حشو الشعر؛ ألن الشعر يعتمد على‬
‫الوزن‪ ،‬والوزن لو اجتمع فيه ساكنان يف الحشو انكسر مباشرة يف السمع‪.‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪245h‬‬
‫‪g‬‬
‫الب‪)00:54:06@( :‬؟‬
‫نعم‪ ،‬هذا األمر فقط يعني وزن‪ ،‬بخالف آخر الشعر‪ ،‬آخر الشعر قد يجتمع فيه‬
‫مثال يف آخر الشعر مسلمين‪ ،‬اجتمع ساكنان‪.‬‬
‫ساكنان‪ ،‬لو قلت ً‬
‫طيب‪ ،‬وعامة المستعملة يف التوكيد بمعنى كل‪ ،‬وتستعمل استعمالها‪ ،‬أي‪ :‬أنه‬
‫يؤكد هبا ذو األجزاء مضاف ًة إلى ضميره‪ ،‬نحو‪ :‬جاء القوم عامتهم‪ ،‬أي‪ :‬كلهم‪ ،‬وجاء‬
‫القبيلة عامتها‪ ،‬أي‪ :‬كلها‪ ،‬وجاء المحمدون عامتهم‪ ،‬وجاء الهندات عامتهم‪ ،‬هذا‬
‫معنى كلمة عامة هنا يف التوكيد‪ ،‬وإن كان بعض العامة اآلن يستعمل كلمة عامة‬
‫لألكثر‪ ،‬فيقول‪ :‬جاءت عامة الناس‪ ،‬عامة الناس يقولون‪ ،‬مع أن كلمة عامة يف‬
‫التوكيد ُيراد هبا اإلحاطة والشمول ككل‪ ،‬وإنما تقول‪ :‬أكثر الناس‪ ،‬أغلب الناس‪،‬‬
‫وهكذا‪.‬‬
‫طيب‪ ،‬وقول ابن مالك يف آخر البيت‪:‬‬
‫ام َْ َق النَّافا َل ْه‬
‫عم يف التوكيد‪ ،‬يعني‬‫أيضا كل فاعلة من َّ‬ ‫ما معنى هذه العبارة؟ واستعملوا ً‬
‫استعملوا عامة يف التوكيد مثل النافلة‪ ،‬النافلة الزائدة‪ ،‬قيل‪ :‬المراد بالنافلة هنا‬
‫الزائدة؛ ألن كلمة عامة قلت من ذكرها من النحويين يف ألفاظ التوكيد‪ ،‬فكأن ابن‬
‫مالك يعني زادها على أكثر النحويين‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬إن المراد بذلك أن التاء يف عامة الزم‪ ،‬كالتاء يف نافلة الزمة‪ ،‬وهذا هو‬
‫األظهر؛ ألن التاء تاء التأنيث لها مواضع ومعاين‪ ،‬أشهر هذه المواضع وأهمها أن‬
‫تأيت فر ًقا بين المذكر والمؤنث‪ ،‬تقول‪ :‬قائم ٌة وقائم‪ ،‬وجالس ٌة وجالس‪ ،‬وعالم ٌة‬
‫وعالم‪ ،‬معنى ذلك أهنا ليست الزمة للكلمة‪ ،‬قد تقول‪ :‬قائم‪ ،‬وتقول‪ :‬قائمة‪ ،‬ليست‬
‫الزمة‪ ،‬قد ُتحذف التاء‪.‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪246h‬‬
‫ٍ‬
‫حينئذ الزمة‪،‬‬ ‫لكن هناك كلمات ال ُتبنى وال ُتستعمل إال بالتاء‪ ،‬فنقول‪ :‬إن التاء‬
‫ال يمكن أن تسقط عنها‪ ،‬مثل‪ :‬رحمة‪ ،‬ما تقول‪ :‬رحم‪ ،‬مثل‪ :‬عامة‪ ،‬ما تقول‪ :‬عام‪،‬‬
‫جاء القوم عامهم!! ما ُيستعمل هذا‪ ،‬فهذا هو القول الثاين‪ ،‬وهو األظهر يف المراد‬
‫بقول ابن مالك‪:‬‬
‫ام َْ َق النَّافا َل ْه‬
‫ُ بعد ةلك قال ابن مالك‪:‬‬
‫ا‬ ‫للللللق َأ َّ لللللللدد وا با ٌَ ْج َم َعلللللللا‬
‫َج ْم َعللللللا َء َأ ْج َمعلللللل ْي َن د ل َّ‬
‫لللللُ دج َم َعللللللا‬ ‫َو َب ْعلللللللدَ د ل َ‬
‫َج ْم َعللللللا دء َأ ْج َم دعلللللل ََّ د ل َّ‬
‫للللليء َأ ْج َمل د‬ ‫ا‬ ‫وَّ د ل َ‬
‫لللللع‬
‫لللللُ دج َمل د‬ ‫لللللع‬ ‫لللللق َقللللللدْ ََل ْ‬ ‫َو دد َ‬
‫أيضا لف ًظا من ألفاظ التوكيد المعنوي الدال على‬ ‫يف هذين البيتين يذكر ً‬
‫اإلحاطة والشمول‪ ،‬وهو أجمع وتثنيته وجمعه‪ ،‬ويف التأنيث‪ :‬جمعاء‪ ،‬ويف التثنية‪:‬‬
‫وجمع‪.‬‬
‫أجمعان وجمعاوان‪ ،‬ويف الجمع أجمعون ُ‬
‫طيب‪ ،‬فذكر‪ ‬أن األكثر يف اللغة عند التوكيد بأجمع وفروعه‪ ،‬أن تأيت‬
‫بعد كل‪ ،‬أن تأيت بعد التأكيد بكل‪ ،‬نحو‪ :‬جاء الجيش كله أجمع‪ ،‬وجاءت القبيلة‬
‫كلها جمعاء‪ ،‬وجاء الرجال كلهم أجمعون‪ ،‬وجاءت النساء كلهن ُجمع‪ ،‬ومن ذلك‬
‫قوله‪-‬تعالى‪( :-‬ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ) [الحَر‪.]30:‬‬
‫وتأخير أجمع بعد كل واجب‪ ،‬يعني إذا أتيت بأجمع يجب أن تجعلها بعد كل‪،‬‬
‫وال يجوز أن تقدمها على كل‪ ،‬هذا هو المسموع يف اللغة‪ ،‬ما تقول‪ :‬جاء الرجال‬
‫أج معون كلهم‪ ،‬ويجوز أن تؤكد بأجمع وفروعه من دون كل‪ ،‬وهو أقل من التوكيد‬
‫هبا بعد كل‪ ،‬نحو‪ :‬جاء الجيش أجمع‪ ،‬والقبيلة جمعاء‪ ،‬والرجال أجمعون‪ ،‬والنساء‬
‫ُجمع‪.‬‬

‫ومن ذلك قوله‪-‬تعالى‪( :-‬ﰘ ﰙ) [ُ‪( ،]82:‬ﮏ ﮐ ﮑ‬


‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪247h‬‬
‫‪g‬‬

‫ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ) [ال عراء‪( ،]95-94:‬ﭳ ﭴ ﭵ‬


‫ﭶ) [النحق‪( ،]9:‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ) [الدماَّ‪ ،]40:‬ومن‬
‫ذلك قول الراجز‪:‬‬
‫حملنلللللي اللللللَلفاء حللللل ا أ علللللع‬ ‫ليعنلللللللي نلللللللت صلللللللبيا مر لللللللعا‬
‫إةا للللللت الللللدهر أبُللللي أجمعللللا‬ ‫إةا بُيللللللللللت قبلعنللللللللللي أربعللللللللللا‬
‫ننظر للفظ‪ ،‬ننظر للمعنى‪ ،‬الذلفاء هي المرأة التي أنفها صغير‪ ،‬وهو مما‬
‫ُيستحسن يف المرأة‪ ،‬ولم يقل‪ :‬كله أجمع‪ ،‬وإنما قال‪ :‬إ ًذا ظللت الدهر أبكي أجمع‪،‬‬
‫طيب‪ ،‬ويف ادعاء كون التوكيد بأجمع وفروعه دون ك ٍل ً‬
‫قليال‪ ،‬يف هذا االدعاء نظر‪،‬‬
‫فقد جاء يف القرآن والكالم الفصيح التوكيد بأجمع وفروعه دون كل‪ ،‬يف مواضع‬
‫عدة‪.‬‬
‫حعى قال أب حياَّ يف البحر المحي ‪" :‬وقد ك ُثر التوكيد بأجمعين غير تاب ٍع‬
‫لكلهم يف القرآن الكريم‪ ،‬فكان ذلك ُحج ٌة على ابن مالك يف زعمه أن التأكيد‬
‫آيات ُأخر ً‬
‫أيضا عدة لم نذكرها جاء‬ ‫بأجمعين قليل"‪ ،‬وذكرنا بعض اآليات‪ ،‬وهناك ٌ‬
‫التوكيد فيها بأجمعين من دون التوكيد بكل‪.‬‬
‫طيب‪ ،‬وهناك ما ُيسمى بتوابع أجمع‪ ،‬فإن بعضهم إذا أراد المبالغة بالتأكيد يأيت‬
‫بألفاظ تشاهبها‪ ،‬وهي أكتع وأبتع وأبصع‪ ،‬وكلها بمعنى أجمع‪ ،‬فيقولون‬ ‫ٍ‬ ‫بعد أجمع‬
‫مثال‪ :‬جاء الجيش أجمع أكتع أبصع أبتع‪ ،‬كلها بمعنًى واحد‪ ،‬نعم‪ ،‬تأيت هبا أو‬
‫ً‬
‫ببعضها‪ ،‬وهذا يسمى من اإلتباع‪ ،‬كلمات ما لها معاين‪ ،‬فقط هي يعني كلمات‬
‫يأتون هبا مشاهبة يف اللفظ لمجرد التأكيد فقط‪.‬‬
‫يب‪ ُ ،‬بعد ةلك قال ابن مالك‪:‬‬
‫لللاة البصلللر اة المنْلللع َ ا‬
‫لللمق‬ ‫وعلللن ندح ا‬ ‫َوإا َّْ د افللللللدْ َ ا ْيللللللدد َمنْ دُلللللل ر دقباللللللق‬
‫َ ْ َ َ د‬ ‫َ َ ْ َ‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪248h‬‬
‫للللللن َوه اَّْ َف ْعلللللللالَ َء َو َوه اَّْ َأ ْف َعلللللللالَ‬
‫َعل ْ‬ ‫للللن باُال َعلللللا فالللللي دم ََنًّلللللى َو الللللالَ‬
‫َوا ْغل َ‬
‫هذان بيتان‪ ،‬وكان األحسن بابن مالك أن يقدم البيت الثاين منهما‪ ،‬وهو قوله‪:‬‬
‫وأغنى بكلتا‪ ،‬أن يقدمه على ما قبله‪ ،‬لماذا؟ لكي يتصل كالمه على ألفاظ التوكيد‪،‬‬
‫فإذا انتهى من ذكر ألفاظ التوكيد ينتقل بعد ذلك إلى ذكر بعض أحكام التوكيد‬
‫المعنوي‪.‬‬
‫وقد جاء هذا البيت مقد ًما على البيت الذي قبله يف بعض النسخ النادرة‬
‫لأللفية‪ ،‬المهم قوله‪:‬‬
‫للللللن َوه اَّْ َف ْعلللللللالَ َء َو َوه اَّْ َأ ْف َعلللللللالَ‬
‫َعل ْ‬ ‫للللن باُال َعلللللا فالللللي دم ََنًّلللللى َو الللللالَ‬
‫َوا ْغل َ‬
‫يقول‪ :‬إن المثنى كما سبق ال يؤكد إال بالنفس أو العين أو كال وكلتا‪ ،‬نحو‪:‬‬
‫جاء المحمدان أنفسهما أو كالهما‪ ،‬وجاءت الهندان أنفسهما أو كلتاهما‪ ،‬ومذهب‬
‫البصريين أن المثنى ال يؤكد بغير ذلك‪ ،‬المثنى ال يؤكد بغير ذلك‪ ،‬يعني ال يؤكد إال‬
‫بالنفس أو بالعين أو كال أو كلتا‪.‬‬
‫ل‪ :‬جاء الجيشان أجمعان‪ ،‬وال جاءت القبيلتان جمعاوان‪ ،‬لماذا؟‬ ‫فال‬
‫استغنا ًء بكال وكلتا عنهما‪ ،‬كال وكلتا يف تأكيد المثنى أغنيا عن أجمع أفعل‪ ،‬وعن‬
‫أيضا يف هذا البيت‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫جمعاء فعالء‪ ،‬وهذا الذي اختاره ابن مالك ً‬
‫َواغ َْن باُالعَا فاي دم ََنًّى َو االَ‬
‫اغنى هبما يف التوكيد عن ماذا؟ عن وزن فعالء جمعاء‪ ،‬ووزن أفعل أجمع‪،‬‬
‫يعني أجمع وجمعاء ما تأيت يف توكيد المثنى‪ ،‬وأجاز الكوفيون واألخفش ما منعه‬
‫البصريون‪ ،‬فتقول على مذهبهم‪ :‬جاء الجيشان أجمعان‪ ،‬وجاءت القبيلتان‬
‫قياسا‪.‬‬
‫جمعاوان‪ ،‬ويعوذهما السماع‪ ،‬إال أهنم جوزوا ذلك ً‬
‫يب‪ ُ ،‬قال ابن مالك‪ ..‬بق قال ابن مالك‪:‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪249h‬‬
‫‪g‬‬
‫لللاة البصلللر اة المنْلللع َ ا‬
‫لللمق‬ ‫وعلللن ندح ا‬ ‫َوإا َّْ د افللللللدْ َ ا ْيللللللدد َمنْ دُلللللل ر دقباللللللق‬
‫َ ْ َ َ د‬ ‫َ َ ْ َ‬
‫متفق على جوازه ال‬
‫ذكر يف هذا البيت حكم توكيد النكرة‪ ،‬فتوكيد المعرفة ٌ‬
‫واضحا ب َّينًا‬
‫ً‬ ‫إشكال يف ذلك‪ ،‬المعرفة معروفة وواضحة فتؤكدها‪ ،‬أنت تؤكد شي ًئا‬
‫تؤكده‪ ،‬أما الشيء الغامض يحتاج إلى نعت‪ ،‬يحتاج إلى أمر يوضحه ويبينه‪ ،‬وال‬
‫يحتاج إلى أمر يؤكده‪ ،‬هو غامض‪ ،‬كيف تؤكد الغامض؟!‬
‫المعنى السابق ؤ ده‪ ،‬يب‪،‬‬ ‫العٌ يد ما عرفنا ا ٌ ي بمعنى جد دا‪ ،‬ه ف‬
‫المعنى السابق ه غامض‪ ،‬نُرة غامض يف ؤ ده؟ فالنُرة حعاج إلى أمر‬
‫يد النُرة على ال ة‬ ‫ح ا و بين ا‪ ،‬وا حعاج إلى ٌ يد؛ فل َا امعلف ا يف‬
‫أق ال‪:‬‬
‫ال ل ا ول‪ :‬عدم الجواز مطل ًقا‪ ،‬ال يجوز سوا ٌء أكانت النكرة محدودة لها‬
‫بداية وهناية‪ ،‬كيوم وشهر وسنة‪ ،‬أم كانت غير محدودة أي ليس لها بداية وهناية‬
‫واضحة محددة‪ ،‬كزمن ووقت وومدة‪ ،‬هذه ألفاظ نكرة وليست محدودة‪ ،‬وهذا هو‬
‫قول البصريين بعدم الجواز‪.‬‬
‫ال ل الَاين‪ :‬الجواز مطل ًقا‪ ،‬وهذا قول بعض الكوفيين‪.‬‬
‫شهرا كله‪،‬‬
‫ً‬ ‫ال ل الَالث‪ :‬جوازه إن كانت النكرة محدودةً‪ ،‬نحو‪ :‬صمت‬
‫ومشيت يو ًما أجمع‪ ،‬وانتظرتك أسبو ًعا كله‪ ،‬وهذا هو قول األخفش وأكثر‬
‫الكوفيين‪ ،‬وهو اختيار ابن مالك‪ ،‬لماذا قلنا إن هذا القول هو قول ابن مالك‪ ،‬ولم‬
‫نقل إن قوله هو القول الثاين الجواز مطل ًقا؟!‬
‫ونص يف البيت على اإلفادة‪ ،‬قال‪:‬‬
‫ألنه قال يف البيت‪َّ ،‬‬
‫َوإا َّْ د افدْ َ ا ْيدد َمنْ دُ ر‬
‫والنكرة متى تفيد؟ إذا كانت محدودة‪ ،‬إذا كانت محدودة أفادت هذه الفائدة‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪250h‬‬
‫المحددة‪ ،‬والقول الثالث هو القول الراجح؛ لمجيئه يف السماع‪ ،‬ومن ذلك قول‬
‫الشاعر‪:‬‬
‫رجلللب‪.‬‬
‫د‬ ‫لللا ليلللت علللدة حللل ل لللله‬ ‫لللللب‬
‫لُنلللللله للللللاقه أَّ قيللللللق ةا رجل ِ‬
‫جميال وجيدً ا‪ ،‬فقال‪ :‬ليت السنة كلها رجب‪ ،‬يا‬
‫ً‬ ‫قالوا‪ :‬هذا رجب‪ ،‬وكان الوقت‬
‫ٌ‬
‫وحول‪ :‬نكرة‪ ،‬ومن ذلك قول الراجز‬ ‫ٍ‬
‫حول كُله رجل‪ ،‬فكله‪ :‬نعت لحول‪،‬‬ ‫ليت عدة‬
‫السابق‪:‬‬
‫حملنلللللي اللللللَلفاء حللللل ا أ علللللع‪.‬‬ ‫ليعنللللللي نلللللللت صلللللللبيا مر لللللللعا‬
‫ً‬
‫حوال‪ :‬نكرة‪ ،‬أكتع فأكد النكرة‪ ،‬ومن ذلك قول الراجز‪:‬‬
‫قد سرَ البُرة ما أجمعا‬
‫سرت البكرة أي أخرجت صو ًتا يو ًما أجمعا‪.‬‬
‫فهذا ما يتعلق بتوكيد النكرة‪ ،‬يبقى لنا بيتان يف التوكيد المعنوي‪ ،‬نجعلهما مع‬
‫بقية األبيات إلى الدرس القادم‪-‬إن شاء اهلل تعالى‪ -‬ونختم الدرس‪.‬‬
‫واهلل أعلُ‪ ،‬وصلى اهلل وسلُ على نبينا محمد‪ ،‬وعلى آله وأصحابه أجمعين‪.‬‬

‫‪¹‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪251h‬‬
‫‪g‬‬

‫الدرس الرابع والثمانون‬


‫﷽‬

‫الحمد هلل رب العالمين‪ ،‬والصالة والسالم على نبينا محمد‪ ،‬وعلى آله‬
‫وأصحابه أجمعين‪ ،‬أما بعد‪-:‬‬
‫فسالم اهلل عليكم ورحمته وبركاته‪ ،‬وح َّياكم اهلل وب َّياكم يف هذه الليلة الطيبة؛‬
‫ٍ‬
‫عمائة‬ ‫ٍ‬
‫ثالث وثالثين وأرب‬ ‫ليلة اإلثنين (الخامس من شهر ربي ٍع اآلخر من سنة‬
‫وألف) يف جامع الراجحي يف حي الجزيرة يف مدينة الرياض؛ لنعقد‪-‬بحمد اهلل‬
‫وتوفيقه‪ -‬الدرس (الرابع والثمانين) من دروس شرح ألفية ابن مالك‪-‬عليه رحمة‬
‫اهلل‪.-‬‬
‫وكنا قد تكلمنا يف الدرس الماضي على باب النعت‪ ،‬وكدنا أن ننتهي منه إال أنه‬
‫بقي فيه ُصباب ٌة قليلة‪ ،‬وبقي ٌة باقية نذكرها يف أول هذا الدرس قبل أن نبدأ بالباب‬
‫التالي؛ وهو باب التوكيد‪.‬‬
‫بقي فيه مسأل ٌة واحدة‪ ،‬وهي أن النعت قد يكون للمضاف‪ ،‬وقد يكون‬
‫ٍ‬
‫ومضاف‬ ‫ٍ‬
‫مضاف‬ ‫ٌ‬
‫مكون من‬ ‫مركب إضايفٌ‬ ‫للمضاف إليه‪ ،‬لو جاءت كلمة‪ ،‬أو لو جاء‬
‫ٌ‬
‫إليه‪ ،‬ثم جئت بالنعت‪ ،‬فيجوز أن يكون هذا النعت للمضاف أو للمضاف إليه‪،‬‬
‫ويجوز أن يكون ألحدهما‪ ،‬والذي يحكم كل ذلك هو المعنى‪.‬‬
‫نعت للمضاف أم للمضاف‬
‫فإةا قلنا مَال‪ :‬جاء عبد اهلل المسكين‪ ،‬فالمسكين ٌ‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪252h‬‬
‫إليه؟ للمضاف‪ ،‬وعلى ذلك نرفع فنقول‪ :‬جاء عبد اهلل المسكي ُن‪ ،‬ولو قلنا‪ :‬هذا‬
‫مسجد القرية الجميل‪ ،‬لكان الجميل نعتًا للمضاف‪ ،‬للمسجد‪ ،‬فنقول‪ :‬هذا مسجد‬
‫القرية الجميل‪ ،‬ومن ذلك قوله‪( :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ)‬
‫[مر ُ‪ ،]52:‬األيمن‪ :‬نعت‪ ،‬فهل هو للمضاف جانب أم للمضاف إليه الطور؟‬
‫نعت للجانب‪ ،‬وليس للطور الجبل‪،‬‬
‫الَ اب‪ :‬هو للمضاف؛ ألن األيمن ٌ‬
‫وعلى ذلك جاءت اآلية‪( :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ)‪ ،‬ومن ذلك‬
‫قوله‪( :‬ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ)‬
‫نعت‬
‫نعت لرب أم لهذه البلدة؟ الجواب‪ٌ :‬‬
‫[النمق‪ ،]91:‬التي‪ :‬نعت‪ ،‬فهل هو ٌ‬
‫للمضاف‪َ ،‬ر َّب‪ ،‬طب ًعا لتوافقهما يف التذكير الذي‪ ،‬ولو كان نعتًا للبلدة لكان ُيقال‪:‬‬
‫إنما ُأمرت أن أعبد رب هذه القرية التي حرمها‪.‬‬
‫ف َه أم ر عحُُ في ا المعنى‪ ،‬ول قلنا مَال‪ :‬جاء عبد اهلل الخالق‪ ،‬لكان‬
‫الخالق صف ًة للمضاف العبد أو للمضاف إليه اهلل؟ هلل‪ ،‬وعلى ذلك نقول‪ :‬جاء عبد‬
‫ِ‬
‫الخالق‪ ،‬ولو قلنا‪ :‬هذا مسجد القرية الجميلة‪ ،‬لكانت الجميلة نعتًا للقرية‪ ،‬ومن‬ ‫اهلل‬
‫ذلك قوله‪-‬تعالى‪( :-‬ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ) [فصلت‪ ،]17:‬الهون ٌ‬
‫نعت‬
‫للصاعقة المضاف أم للعذاب المضاف إليه؟ الجواب‪ :‬للمضاف إليه؛ للتوافق يف‬
‫التذكير‪ ،‬فجاءت اآلية‪( :‬ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ)‪.‬‬
‫ل‪ :‬هذه‬ ‫ما من حيث اللفظ‪ ،‬ومن ةلك أَّ‬ ‫و َ ه أَّ ُ َّ النعت‬
‫نعت للقرية المضاف إليه أم للمدرسة المضاف؟‬
‫مدرسة القرية الجميلة‪ ،‬الجميلة ٌ‬
‫من حيث المعنى يجوز األمران‪ ،‬إ ًذا ال حاكم هنا إال معرفة المعنى‪ ،‬قد تقول‪ :‬هذه‬
‫مدرسة القرية الجميلةُ‪ ،‬فتجعلها نعتًا للمدرسة‪ ،‬أو تقول‪ :‬هذه مدرسة القرية‬
‫ِ‬
‫الجميلة‪ ،‬فتجعلها وص ًفا ونعتًا للمضاف إليه‪.‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪253h‬‬
‫‪g‬‬

‫ونحو ذلك قوله‪( :‬ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ)‬


‫[البروج‪ ،]15-14:‬هو الغفور‪ :‬مبتدأ وخرب‪ ،‬الودود‪ :‬خربٌ ٍ‬
‫ثان‪ ،‬ذو العرش‪ :‬خربٌ‬
‫ثالث لهو‪ ،‬ثم قال‪ :‬المجيد‪ ،‬المجيد هل هو خربٌ رابع لهو يعني هو المجيد؟ أم‬
‫نعت للعرش؟ من حيث المعنى الوجهان جائزان‪ ،‬فإن جعلته خربًا راب ًعا لهو‪،‬‬
‫ٌ‬
‫قلت‪ :‬المجيدُ ‪ ،‬هو الغفور الودود ذو العرش المجيدُ ‪ ،‬أي‪ :‬هو المجيدُ ‪ ،‬وإن جعلت‬
‫ِ‬
‫والمجيد‬ ‫ِ‬
‫المجيد‪ ،‬والمجيد بالرفع‬ ‫ِ‬
‫العرش‬ ‫المجيد نعتًا للعرش‪ ،‬كنت تقول‪ :‬ذو‬
‫بالجر‪ ،‬قراءتان سبعيتان يف اآلية‪ ،‬وهذا توجيههما‪.‬‬

‫طيب‪ ،‬ونحو ذلك قوله‪( :‬ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ)‬


‫نعت للمضاف إليه‬
‫نعت للمضاف اسم؟ أم ٌ‬
‫نعت‪ ،‬فهل هو ٌ‬
‫[ال اقعة‪ ،]74:‬العظيم ٌ‬
‫الرب؟ الجواب‪ :‬من حيث المعنى يجوز الوجهان؛ ألهنما يوصفان بالعظمة‪.‬‬
‫طيب‪ ،‬وهل يمكن أن نقول‪ :‬إن العظيم يف هذه اآلية (ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ)‬
‫نعت للكاف يف ربك؟ الكاف عائدة إلى النبي ‪.‬‬
‫إنه ٌ‬
‫قلنا‪ :‬العظيم يصح أن يكون صف ًة للمضاف اسم‪ ،‬أي‪ :‬االسم العظيم‪ ،‬ويصح‬
‫أن يكون نعتًا للرب‪ ،‬فهل يصح أن يكون نعتًا للمضاف إليه الثاين الكاف؟‬
‫الجواب‪ :‬ال؛ ألن الضمير ال ُينعت‪ ،‬الضمير ال يجوز أن ُينعت‪.‬‬

‫ونحو ذلك قوله‪( :‬ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ)‬


‫نعت للمضاف‬
‫[الرحمن‪ ،]27:‬هذه قراءة السبعة بل العشرة‪ ،‬ذو‪ ،‬فذو‪ :‬نعت‪ٌ ،‬‬
‫نعت للمضاف الوجه؛ ألن مرفوع‬
‫نعت للمضاف إليه الرب؟ الجواب‪ٌ :‬‬
‫الوجه‪ ،‬أم ٌ‬
‫ِ‬
‫الجالل‪ ،‬ومن حيث المعنى يجوز أن‬ ‫فصار مرفو ًعا مثله‪ ،‬ويبقى وجه ربك ذو‬
‫يكون ذو الجالل نعتًا للمضاف إليه الرب‪ ،‬وعلى ذلك كان ُيقال يف الكالم‪ :‬ويبقى‬
‫وجه ربك ذي الجالل واإلكرام‪ ،‬وهذه قراء ٌة شاذة يف اآلية‪.‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪254h‬‬
‫يب‪ ،‬ول قلنا مَال‪ :‬جاء بعض الطالب‪ ،‬ثم أردت أن تنعتهم باالجتهاد‪ ،‬كنت‬
‫تقول‪ :‬جاء بعض الطالب المجتهدين‪ ،‬أم جاء بعض الطالب المجتهدون؟ يعني‬
‫تجعل النعت للطالب المضاف إليه‪ ،‬أم تجعل النعت للمضاف البعض؟‬
‫فالجواب‪ :‬من حيث المعنى الوجهان جائزان يف نحو هذا المثال‪ ،‬يجوز أن تقول‪:‬‬
‫نعت للطالب‪ ،‬وجاء بعض الطالب المجتهدون‬
‫جاء بعض الطالب المجتهدين‪ٌ ،‬‬
‫نعت للبعض‪.‬‬
‫ٌ‬
‫والمعنى الدقيق خعلف؛ فإةا قلت‪ :‬جاء بعض الطالب المجتهدين بالجر‪،‬‬
‫بعض من الطالب المجتهدين‪ ،‬هؤالء الطالب المجتهدون‬
‫كان معنى الكالم جاء ٌ‬
‫جاء بعضهم‪ ،‬ولو رفعت‪ :‬جاء بعض الطالب المجتهدون لكان المعنى جاء‬
‫البعض المجتهد من الطالب‪ ،‬يعني الطالب جاء بعضهم المجتهد‪ ،‬فهناك فرق‬
‫دقيق من حيث المعنى‪ ،‬لكنه ٌ‬
‫فرق يف المعنى التفصيل‪ ،‬أما المعنى اإلجمالي‬
‫فمتقارب‪.‬‬
‫نعت‬
‫ٌ‬ ‫ٍ‬
‫علم مجتهدون‪ ،‬فمجتهدون هنا‬ ‫بخالف ق لك مَال‪ :‬جاء طالب‬
‫للمضاف الطالب فرتفع‪ ،‬وال يصح أن يكون نعتًا للمضاف إليه العلم؛ ألن العلم ال‬
‫ُينعت بأنه مجتهدون‪.‬‬
‫طيب‪ ،‬ونحو ذلك العدد المضاف إلى تمييزه‪ ،‬كثالثة طالب‪ ،‬وسبع بقرات‪ ،‬لو‬
‫طالب مجتهدون أو مجتهدين؟ هل نجعل النعت للعدد‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬
‫ثالث‬ ‫مثال‪ :‬جاء‬
‫قلت ً‬
‫ثالثة‪ ،‬أم نجعل النعت للمعدود التمييز؟ الجواب‪ :‬من حيث المعنى الوجهان‬
‫جائزان؛ ألن الثالثة هم الطالب‪ ،‬والطالب هم الثالثة‪ ،‬فالعدد والمعدود يف‬
‫حقيقتهما شي ٌء واحد‪ ،‬ثالثة طالب‪ ،‬الثالثة هم الطالب‪ ،‬والطالب هم الثالثة‪.‬‬
‫فمن حيث المعنى يجوز أن تجعل النعت أليهما‪ ،‬لكن من حيث االستعمال‪،‬‬
‫يعني العرب ماذا تفعل يف هذا االستعمال بالذات؟ يعني العدد المضاف إلى‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪255h‬‬
‫‪g‬‬
‫تمييزه‪ ،‬األغلب عند العرب‪ ،‬األغلب يف االستعمال العربي أن يكون النعت‬
‫ٍ‬
‫طالب مجتهدين‪ ،‬ويجوز على قلة أن تقول‪:‬‬ ‫للمعدود‪ ،‬للتمييز‪ ،‬فتقول‪ :‬جاء ثالثة‬
‫ٍ‬
‫طالب مجتهدون‪.‬‬ ‫جاء ثالثة‬
‫نعت للمضاف إليه البقرات‪ ،‬ويجوز أن‬ ‫ٍ‬
‫سمان‪ٌ ،‬‬ ‫ٍ‬
‫بقرات‬ ‫وتقول‪ :‬عندي سبع‬
‫نعت للسبع‪ ،‬ومن ذلك قوله تعالى‪( :‬ﯨ ﯩ ﯪ‬ ‫ٌ‬
‫سمان ٌ‬ ‫ٍ‬
‫بقرات‬ ‫تقول‪ :‬عندي سبع‬
‫ﯫ ﯬ) [ سف‪ ،]43:‬فجعل السمان نعتًا للبقرات المضاف إليه‪ ،‬ولو‬
‫ٍ‬
‫بقرات سمانًا‪،‬‬ ‫جعله نعتًا للعدد لجاز ذلك يف الكالم على قلة‪ ،‬فتقول‪ :‬إين أرى سبع‬
‫هذا من حيث االستعمال‪.‬‬
‫أما من حيث المعنى‪ :‬ف ُيقال فيه ما قيل يف المثال السابق‪ ،‬فإذا قلت‪ :‬عندي سبق‬
‫سبع من البقرات السمان‪ ،‬يعني الكالم يدور عن‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بقرات سمان‪ ،‬فالمعنى عندي ٌ‬
‫سب منهن‪ ،‬وإذا جعلت النعت للعدد‪:‬‬ ‫البقرات السمان‪ ،‬البقرات السمان عندي ٌ‬
‫ٌ‬
‫سمان من البقرات‪ ،‬إذا الكالم على‬ ‫سبع‬ ‫ٌ‬ ‫ٍ‬
‫سمان‪ ،‬فالمعنى عندي ٌ‬ ‫بقرات‬ ‫عندي سبع‬
‫سبع سمان‪.‬‬
‫البقرات‪ ،‬البقرات عندي منهن ٌ‬
‫هذه بعض التمرينات السريعة‪ ،‬سنمر هبا بسرعة على باب النعت‪ ،‬قال الشاعر‪:‬‬
‫عللللللى ربعلللللين مسلللللل ب وبلللللالي‪.‬‬ ‫بُيللللت ومللللا دبُللللى رجللللق حلللل ن‬
‫حزين‪ :‬نعت ومنعوت‪ ،‬هذا منعوت لمفرد‪ ،‬طيب‬ ‫ٍ‬ ‫ال اهد هنا بسرعة؟ رج ٍل‬
‫ٍ‬
‫متعدد معنًى ال لف ًظا‪ ،‬ربعين‪ :‬هذا متعدد‬ ‫ٍ‬
‫لمنعوت‬ ‫نعت متعدد‬ ‫ٍ‬
‫مسلوب وبالي؟ هذا ٌ‬
‫معنًى‪ ،‬ربعين‪ :‬يعني ربع وربع‪ ،‬لكن من حيث اللفظ كلمة أو كلمتان؟ كلمة‪ ،‬فأتبع‬
‫ٍ‬
‫مسلوب وبالي‪.‬‬ ‫على ربعين‬

‫قال‪-‬تعالى‪( :-‬ﮦ ﮧ ﮨ) [البينة‪ ،]5:‬هنا حذف النعت أم المنعوت؟‬


‫قال المفسرون‪ :‬معنى اآلية‪-‬واهلل أعلم‪ -‬وذلك دين الملة القيمة‪ ،‬إ ًذا ما الذي‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪256h‬‬
‫كثير جدً ا يف الكالم‪ ،‬قال‪-‬تعالى‪( :-‬ﮜ ﮝ ﮞ‬
‫ُحذف؟ المنعوت‪ ،‬وقلنا‪ :‬هذا ٌ‬
‫ﮟ ﮠ) [ا ح اف‪ ،]25:‬هنا حذف نعت أم منعوت؟ ُحذف النعت‪ ،‬يعني تدمر‬
‫ٍ‬
‫شيء ُأمرت بتدميره‪.‬‬ ‫كل‬

‫ولهذا قال‪( :‬ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥﮦ) [ا ح اف‪ ،]25:‬إ ًذا ما‬


‫ُدمرت المساكن؛ ألهنا ما ُأمرت بتدميرها‪ ،‬وهكذا قلنا العربي يفهم كالمهم‪ ،‬يفهم‬
‫الكالم حتى ولو كان فيه حذف‪ ،‬وأما األعجمي الذي ال يفهم اللغة العربية فتأيت‬
‫منه مصائب كثيرة؛ فلهذا قد يقول‪ :‬كل شيء يعني كل شيء‪ ،‬هذا ظاهر اآلية‪.‬‬
‫لكن اآلية جاءت على لغة العرب‪ ،‬فيجب وجو ًبا أن ُتفهم على مقتضى كالم‬
‫إخراج لها عن مقتضى الظاهر‪ ،‬ال‪ ،‬بل ُيقال‪ :‬هذا هو‬
‫ٌ‬ ‫العرب‪ ،‬وال ُيقال إن هذا‬
‫الظاهر؛ ألن الظاهر هو أن تأخذ بكالم العرب لف ًظا ومعنًى‪ ،‬فتفهم كما كانت‬
‫العرب تفهم لغتها‪ ،‬وهكذا‪.‬‬

‫طيب‪ ،‬قال‪( :‬ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ) [المائدة‪،]68:‬‬


‫ٍ‬
‫صحيح‪ ،‬أو‬ ‫ٍ‬
‫شيء‬ ‫ما المحذوف؟ النعت أو المنعوت؟ النعت‪ ،‬يعني لستم على‬
‫ٍ‬
‫مقبول‪ ،‬هم على شيء‪ ،‬هم على دين‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫شيء‬
‫طيب‪ ،‬قال الشاعر‪:‬‬
‫إلللللى قللللادة بنللللي و للللعب د عمللللر‪.‬‬
‫رجلللال ال لللد الملللٌم ل إنلللا بحاجلللة‬
‫نعت‬
‫قادة‪ :‬منعوت‪ ،‬وتبني‪ :‬نعت‪ ،‬لكن ٌ‬ ‫قادة تبني‪ ،‬هنا النعت بجملة‪ٍ ،‬‬ ‫إلى ٍ‬
‫ٍ‬
‫شعب منعوت‪ ،‬و ُيعمر‪ :‬جملة فعلية وقت نعتًا‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫وشعب ُيعمر‪:‬‬ ‫بالجملة الفعلية‪،‬‬

‫قال‪-‬تعالى‪( :-‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ) [ال ر ‪ ،]32:‬هنا فيه‬


‫نعت؟ منعوت أم نعت؟ المنعوت‪ ،‬والمعنى‪-‬واهلل أعلم‪ -‬ومن آياته السفن‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪257h‬‬
‫‪g‬‬
‫الجواري‪.‬‬
‫خير من مشرك‪ ،‬هنا واضح المحذوف المنعوت‪ ،‬ولعبدٌ مؤمن‬ ‫ولعبدٌ مؤمن ٌ‬
‫عبد مشرك‪ ،‬طيب‪ ،‬وتقول العرب‪ :‬سألت فالنًا‪ ،‬سألت زيدً ا فوجدته‬ ‫خير من ٍ‬
‫ٌ‬
‫رجال‪ ،‬وهل كان يظن أن زيد امرأة!! طيب‪ ،‬ما المعنى؟ طب ًعا وجد زيدً ا الرجل‪،‬‬
‫ً‬
‫رجال ال امرأة‪ ،‬ال‪ ،‬هنا‬
‫أوجده امرأة!! لكن ال يريد هذا الظاهر‪ ،‬ال يريد أنه وجده ً‬
‫شهما‪،‬‬
‫ً‬ ‫رجال‬
‫مثال‪ ،‬وجدته ً‬
‫كريما ً‬
‫ً‬ ‫رجال‬
‫نعت محذوف‪ ،‬يعني سألت زيدً ا فوجدته ً‬
‫وهكذا‪.‬‬
‫ويف الحديث‪« :‬ا صالة لمنفرد ملف الصف»‪ ،‬هنا النعت‪ ،‬طيب‪ ،‬ما النعت‬
‫المحذوف؟ صحيحة أم كاملة؟ صحيحة‪ ،‬إن قلنا‪ :‬النعت المحذوف صحيحة‪،‬‬
‫فصالة المنفرد خلف الصف باطلة‪ ،‬وإن قلنا‪ :‬كاملة‪ ،‬فهي صحيحة‪ ،‬ولكنها ليست‬
‫خالف بين الفقهاء‪ ،‬هذا خالف مشهور بين الفقهاء الختالفهم يف النعت‬
‫ٌ‬ ‫كاملة‪،‬‬
‫المحذوف كيف يكون تقديره‪ٌ ،‬‬
‫فكل قدره بما يره األنسب لظواهر األدلة الشرعية‪.‬‬
‫طيب‪ ،‬ندخل اآلن يف باب التوكيد‪ ،‬ما زال ابن مالك‪ ‬يتكلم على أبواب‬
‫التوابع يف النحو‪ ،‬وأبواب التوابع كما ذكرناها من قبل أربعة؛ وهي‪ :‬النعت‪،‬‬
‫والتوكيد‪ ،‬والعطف‪ ،‬والبدل‪ ،‬أما النعت فانتهينا منه‪ ،‬واآلن نبدأ بالباب الثاين من‬
‫أبواب التوابع‪ ،‬وهو باب التوكيد‪.‬‬
‫وقد ع د ابن مالك‪ ‬باب الع يد يف ا لفية يف أربعة ع ر بيعا‪ ،‬قال‬
‫في ا‪:‬‬
‫ا‬ ‫للللُ دأ للللدَ ا‬
‫المؤ َّ لللللللدَ ا‬ ‫للللللع َ لللللللم ْير َ لللللللا َب َق د‬
‫َمل َ‬ ‫ااس د‬ ‫س َأو َبللللال َع ْي ان ْ‬ ‫باللللالنَّ ْف ا‬
‫دلللللن دم َّعبا َعلللللا‬ ‫ا‬ ‫اج َم ْع د َمللللللللا با ٌَ ْف دعللللللللق إا َّْ َ با َعلللللللل‬
‫َملللللا َلللللل ْي َس َواحلللللدَ ا َ ُ ْ‬ ‫َو ْ‬
‫للللم ْيرا دم َصللللالَ‬ ‫الا ا‬ ‫العَللللا َج ام ْي َعلللل با َّ‬ ‫لللم ال َو اللللالَ‬ ‫و د للللالًّ ا ْة د ل ا‬
‫لللر فللللي ال ل د‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫للق النَّافا َلللل ْه‬
‫للد ام َْل َ‬
‫املللن علللُ فالللي ال َّع ايل ا‬
‫ْ‬ ‫ْ َ َّ‬
‫دللللق َف ا‬
‫اع َلللللل ْه‬ ‫َو ْاسلللل َع ْع َم دل َ ا َأ ْ َاللللل َ ُ َ‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪258h‬‬
‫ا‬ ‫للللللق َأ َّ لللللللدد وا با ٌَ ْج َم َعلللللللا‬
‫َج ْم َعللللللا َء َأ ْج َمعلللللل ْي َن د ل َّ‬
‫لللللُ دج َم َعللللللا‬ ‫َو َب ْعلللللللدَ د ل َ‬
‫َج ْم َعللللللا دء َأ ْج َم دعلللللل ََّ د ل َّ‬ ‫للللليء َأ ْج َمل د‬ ‫ا‬ ‫وَّ د ل َ‬
‫لللللع‬
‫لللللُ دج َمل د‬ ‫لللللع‬ ‫لللللق َقللللللدْ ََل ْ‬ ‫َو دد َ‬
‫لللاة البصلللر اة المنْلللع َ ا‬
‫لللمق‬ ‫وعلللن ندح ا‬ ‫َوإا َّْ د افللللللدْ َ ا ْيللللللدد َمنْ دُلللللل ر دقباللللللق‬
‫َ ْ َ َ د‬ ‫َ َ ْ َ‬
‫للللللن َوه اَّْ َف ْعلللللللالَ َء َو َوه اَّْ َأ ْف َعلللللللالَ‬
‫َعل ْ‬ ‫للللن باُال َعلللللا فالللللي دم ََنًّلللللى َو الللللالَ‬‫َوا ْغل َ‬
‫الم ْن َف اصللللق‬‫س َوال َعلللل ْي ان َف َب ْعللللدَ د‬ ‫باللللال َّن ْف ا‬ ‫المع اَّصلللللللق‬ ‫ا‬
‫الالللللللم ْي َر د‬
‫وإا َّْ دؤ ل ا‬
‫للللللد َّ‬ ‫َ‬
‫ا‬ ‫الر ْفلللللل اع َو َأ َّ للللللدد َوا با َمللللللا‬
‫سلللللل َ داه َما َوال َ ْيللللللدد َل ْ‬
‫للللللن د ل َع ََمللللللا‬ ‫لللللت َةا َّ‬
‫َعنَ ْيل د‬
‫لللك ا ْد در اجللللي ا ْد در اجللللي‬ ‫لللر َرا َ َ لال َ‬ ‫دم َُل َّ‬ ‫َللللي‬ ‫للللد َل ْفظاللللي َ ا‬ ‫ومللللا امللللن ال َّع اي ا‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫لللله دو اصللللق‬ ‫للللَ با ا‬
‫ْ‬
‫للللظ ا َّل ا‬
‫إااَّ مللللع ال َّل ْف ا‬
‫َ َ‬ ‫لللللم ْير دمع اَّصللللللق‬
‫لللللظ َ ل ا‬ ‫َواَ ادعللللللدْ َل ْفل َ‬
‫ا‬
‫اب َلللللللنَ َع ُْ َو َ َب َللللللللى‬ ‫باللللللله َجللللللل َ ِ‬ ‫وف َغ ْيل َ‬
‫لللر َمللللا ََح َّصللللالَ‬ ‫لللر د‬ ‫الحل د‬ ‫َل َ‬
‫لللَا د‬
‫لللللم ْير ا ََّصللللللق‬‫لللللق َ ل ا‬ ‫َأ لللللدْ بال ا‬
‫للللله د ل َّ‬ ‫لللَ َق ا‬
‫لللد ا ْن َف َصلللق‬ ‫وم ْالللمر الر ْفللل اع ا َّل ا‬
‫َ َ َّ‬ ‫َد‬
‫ف َا ه باب الع يد‪ ،‬د ال‪ :‬التوكيد والتأكيد‪ ،‬فالتوكيد من وكد يوكد توكيدً ا‪،‬‬
‫والتأكيد من أكد يؤكد تأكيدً ا‪ ،‬وهما بمعنى واحد‪ ،‬فقيل‪ :‬األصل فيهما الواو وكد‪،‬‬
‫والهمزة ٌ‬
‫بدل من الواو‪ ،‬وقيل العكس‪ :‬أي األصل أكد تأكيدً ا‪ ،‬والواو بدل من‬
‫الهمزة‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬هما أصالن أكد ووكد‪ ،‬وهذا القول الثالث هو أظهر األقوال؛ ألن‬
‫الفعلين يتصرفان تصر ًفا تاما‪ ،‬يقال‪ :‬أكد يؤكد تأكيدً ا‪ ،‬فهو ِ‬
‫مؤكد ومؤكَد‪ ،‬وكذلك‬ ‫ً ُ‬
‫ِ‬
‫وموكد‪ ،‬وهكذا‪ ،‬وأفصح هذه اللغات التوكيد‪ ،‬وهو‬ ‫وكد يوكد توكيدً ا‪ ،‬فهو موكَد‬
‫الوارد يف القرآن الكريم يف قوله‪-‬تعالى‪( :-‬ﮕ ﮖ) [النحق‪.]91:‬‬
‫تقريرا لمتبوعه؛ لرفع‬
‫ً‬ ‫تابع ُيذكر‬
‫والمراد بالتوكيد هنا باب التوكيد‪ ،‬وهو ٌ‬
‫احتمال التجوز أو السهو‪ ،‬سيأيت ٌ‬
‫بيان لمعناه أكثر‪ ،‬وهذا التوكيد نوعان‪:‬‬
‫يدِ لفظي‪ :‬ويكون بتكرار المؤكد؛ نحو جاء محمدٌ محمدٌ ‪ ،‬أو جاء جاء‬
‫محمد‪ ،‬أو جاء محمدٌ جاء محمدٌ ‪.‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪259h‬‬
‫‪g‬‬
‫ٍ‬
‫بألفاظ معينة‪ ،‬وهي النفس والعين‪،‬‬ ‫الَاين‪ :‬التوكيد المعنوي‪ ،‬ويكون‬ ‫والن‬
‫وكال وكلتا‪ ،‬وكل وجميع وعامة‪ ،‬وأجمع وإخوانه‪.‬‬
‫فهذا المراد بالتوكيد هنا‪ ،‬و ُيسمونه التوكيد النحوي‪ ،‬وقد يستعمل النحويون‬
‫التوكيد بالمعنى اللغوي‪ ،‬يعني بمعنى التقوية والتقرير‪ ،‬أي أن الغرض والفائدة من‬
‫كثير جدً ا عند النحويين‪،‬‬
‫هذا الشيء هو تأكيد المعنى وتقويته وتقريره‪ ،‬وهذا ٌ‬
‫فنفرق بين االستعمالين‪.‬‬
‫‪ ،‬وهما الارباَّ أو الن عاَّ المَ راَّ‪:‬‬ ‫باب العٌ يد المراد به العٌ يد النح‬
‫غرضا وفائدة من الكالم‪ ،‬من األسلوب‪ ،‬من‬
‫اللفظي والمعنوي‪ ،‬أما التوكيد بكونه ً‬
‫اللفظ‪ ،‬فهذا معنًى لغوي‪ ،‬المتكلم قد يقصد من كالمه أن يوكد المعنى‪ ،‬كما قالوا‬
‫مثال يف حروف التوكيد‪( ،‬إن) الغرض منها التوكيد‪.‬‬
‫ً‬
‫ما قال ا يف‪ :‬إن‪ ،‬وأن‪ ،‬والم االبتداء‪ ،‬كقولك‪ :‬إن محمدً ا قائم‪ ،‬ولمحمد قائم‪،‬‬
‫ما الغرض والفائدة من هذه الحروف؟ قالوا‪ :‬التأكيد‪ ،‬يعني تأكيد المعنى السابق‬
‫قبل دخولها‪ ،‬فإن محمدً ا قائم‪ ،‬الكالم قبل إن ماذا كان؟ كان‪ :‬محمدٌ قائم‪ ،‬طيب‪،‬‬
‫ما الفرق بين محمدٌ قائم‪ ،‬وإن محمدً ا قائم؟‬
‫من حيث المعنى اإلجمالي ال فرق‪ ،‬وهو إسناد القيام إلى محمد‪ ،‬إ ًذا إن هنا ما‬
‫فائدهتا؟ ما لها فائدة يف الكالم؟ ال‪ ،‬فائدهتا التأكيد‪ ،‬ما معنى التأكيد؟ يعني ال تأيت‬
‫بمعنًى جديد يسمونه معنى مؤسس‪ ،‬ال تأيت بمعنًى جديد‪ ،‬ولكن تؤكد المعنى‬
‫كثيرا‪.‬‬
‫المعروف قبل اإلتيان هبا‪ ،‬هذا هو التأكيد‪ ،‬والتأكيد معنًى يقصد إليه المتكلم ً‬
‫أيضا يف الحروف الزائدة‪ ،‬إن الغرض من زيادهتا التوكيد‪،‬‬
‫وكقول النحويين ً‬
‫نحو‪ :‬كفى باهلل شهيدً ا‪ ،‬وكقولك‪ :‬ما جاءين من رجل‪ ،‬أصل العبارة‪ :‬كفى اهلل‬
‫شهيدً ا‪ ،‬وما جاءين ٌ‬
‫رجل‪ ،‬وهذا الحرف الزائد لماذا زيد؟! زيد لمعنى التأكيد‪.‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪260h‬‬
‫مثال يف المفعول المطلق غير الموصوف وال‬
‫أيضا ً‬
‫وكما يقول النحويون ً‬
‫المضاف‪ ،‬وال الدال على العدد‪ ،‬إنه لغرض التوكيد‪ ،‬نحو‪ :‬ضربته ضر ًبا‪ ،‬وكلم اهلل‬
‫تكليما‪ ،‬ما الغرض والفائدة من المفعول المطلق يف نحو كلم اهلل موسى‬
‫ً‬ ‫موسى‬
‫تكليما؟! التأكيد‪ ،‬كلم اهلل موسى‪ ،‬كلمه ماذا؟‬
‫ً‬
‫فتكليما لم تأيت بمعنًى زائد؛ ألن المعنى المفهوم‬
‫ً‬ ‫تكليما كلمه‪،‬‬
‫ً‬ ‫تكلي ًما‪ ،‬أكيد‬
‫منها مفهو ٌم من قوله كلم‪ ،‬وإنما جيء به للتأكيد‪ ،‬وهذا المعنى من أهم المعاين التي‬
‫يقصد إليها المتكلم وهي التأكيد‪.‬‬
‫ل َّ‪ :‬إهنا تأيت‬ ‫َّ أ اا مَال يف النعت والحال والعميي ‪،‬‬ ‫ل النح‬ ‫و ما‬
‫مؤسسة‪ ،‬وتأيت مؤكدة‪ ،‬تأيت مؤسس ًة لمعنًى جديد‪ ،‬وتأيت مؤكد ًة لمعنًى سابق‪ ،‬فتأيت‬
‫مؤسس ًة لمعنًى جديد كقولك‪ :‬جاء محمدٌ الخائف‪ ،‬عرفت أين سأصفه بالخائف‬
‫قبل أن أقول الخائف؟! إ ًذا كلمة الخائف أسست عندي معنًى جديدً ا‪ ،‬هذا نعت‬
‫مؤسس‪ ،‬ما تعرف معناه حتى ُيلفظ به‪.‬‬
‫وكقولك‪ :‬جاء محمدٌ خائ ًفا‪ ،‬وكقولك‪ :‬جاء عشرون ماذا؟ ما تدري‪ ،‬حتى آيت‬
‫رجال‪ ،‬إ ًذا فالنعت والتمييز والحال هنا جاءت لمعنًى‬
‫بالتمييز‪ ،‬فأقول‪ :‬جاء عشرون ً‬
‫مثال‪ :‬جاء من‬
‫جديد‪ ،‬لمعنًى مؤسس‪ ،‬وقد تأيت هذه الثالثة للتأكيد‪ ،‬كأن تقول ً‬
‫الخائفين محمدٌ الخائف‪ ،‬الخائف هنا للتأكيد‪ ،‬وكأن تقول‪ :‬ابتسم محمدٌ ضاح ًكا‪،‬‬
‫رجال‪.‬‬
‫وكقولك‪ :‬جاء من الرجال عشرون ً‬
‫رجال؟!! نحن نعرف أنه رجل‪ ،‬ال‪ ،‬هذا‬
‫ً‬ ‫ل هَا ل ‪ ،‬لماةا ن ل‪:‬‬ ‫قد‬
‫للتوكيد‪ ،‬وهذا معنًى يقصد إليه أفصح الفصحاء؛ قال‪( :‬ﮤ ﮥ‬

‫ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ) [الع بة‪ ،]36:‬أكيد ً‬


‫شهرا من إفراد الشهور‪ ،‬لكن‬
‫هذا معنى يقصد إليه المتكلم الفصيح‪.‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪261h‬‬
‫‪g‬‬
‫؛ أ ‪ :‬الع يد اللفظي أو‬ ‫إةا المراد بالع يد يف هَا الباب ه الع يد النح‬
‫منه ر ر المؤ د لرفع احعمال العَ ه أو‬ ‫ابع‪ ،‬ال ر‬
‫ِ‬ ‫‪ ،‬وه‬ ‫الع يد المعن‬
‫هَا الباب قسماَّ ن عاَّ‪:‬‬ ‫الس ‪ ،‬قلنا قبق قليق‪ :‬إَّ الع يد النح‬
‫الع يد اللفظي‪ :‬وسيأيت يف آخر هذا الباب‪.‬‬
‫‪ :‬و ُ َّ بٌلفاظ معينة دعرفت بااسع صاء والععبع‪ ،‬وهي على‬ ‫والع يد المعن‬
‫على ربين‪:‬‬ ‫ربين؛ الع يد المعن‬
‫‪ -‬الارب ا ول‪ :‬ما يدل على إرادة الحقيقة‪ ،‬ويكون بلفظين‪ :‬النفس والعين‪.‬‬
‫‪ -‬الارب الَاين‪ :‬من التوكيد المعنوي ما يدل على اإلحاطة والشمول‪ ،‬ويكون‬
‫وجميع‪ ،‬وعامة‪ ،‬وأجمع‪ ،‬وإخوانه‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫بستة ألفاظ‪ :‬كلتا‪ ،‬وكال‪ ،‬وكل‪،‬‬
‫ويف الارب ا ول‪ ،‬وه ما دل على إرادة الح ي ة‪ ،‬ل ابن مالك‪:‬‬
‫ا‬ ‫للللُ دأ للللدَ ا‬
‫المؤ َّ لللللللدَ ا‬‫للللللع َ لللللللم ْير َ لللللللا َب َق د‬
‫َمل َ‬ ‫ااس د‬ ‫س َأو َبللللال َع ْي ان ْ‬ ‫باللللالنَّ ْف ا‬
‫دلللللن دم َّعبا َعلللللا‬ ‫ا‬ ‫اج َم ْع د َمللللللللا با ٌَ ْف دعللللللللق إا َّْ َ با َعلللللللل‬
‫َملللللا َلللللل ْي َس َواحلللللدَ ا َ ُ ْ‬ ‫َو ْ‬
‫يقول‪ :‬االسم يؤكد بالنفس أو بالعين أو هبما‪ ،‬إذا ُأريد الحقيقة من الكالم‪،‬‬
‫نحو‪ :‬جاء محمدٌ نفسه‪ ،‬أو جاء محمدٌ عينه‪ ،‬أو جاء محمدٌ نفسه عينه‪ ،‬إذا ُأريد دفع‬
‫مضاف محذوف‬ ‫ٍ‬ ‫توهم غير الحقيقة من هذا الكالم‪ ،‬يعني أن تدفع توهم إرادة‬
‫ثال‪ ،‬ال تفهم من جاء محمدٌ يعني جاء خربه‪ ،‬أو جاء رسوله‪ ،‬أو جاء عطاؤه‪ ،‬أو‬
‫م ً‬
‫جاء شره‪ ،‬وهذا يستعمله الناس‪ ،‬يقولون‪ :‬جاء محمد‪ ،‬يعني جاء خربه أنه مات‬
‫مثال‪ ،‬ونحو ذلك‪.‬‬
‫ً‬
‫ونح ةلك ق لك‪ :‬بل هو القلم نفسه؛ ر ًدا على من قال‪ :‬ليس هذا القلم‬
‫قلما ُيشبهه‪ ،‬أو لست‬
‫المطلوب‪ ،‬وقولك‪ :‬بل هو القلم نفسه يعني هو القلم‪ ،‬وليس ً‬
‫أمزح معك‪ ،‬هذا التأكيد‪ ،‬يدل على إرادة الحقيقة من الكالم؛ ألن الكالم قد ُيخرج‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪262h‬‬
‫من حقيقته إلى معاين أخرى‪.‬‬
‫وقد ة ر ابن مالك‪ ‬ل َا الارب من الع يد حُمين يف البيعين‬
‫الساب ين‪ :‬الحُُ ا ول يف ق له‪:‬‬
‫َم َع َ ام ْير َ ا َب َق ال دمؤ َّدَ ا‬
‫أي يجب يف هذا التوكيد يف النفس والعين‪ ،‬أن ُيضاف لفظ النفس‪ ،‬ولفظ العين‬
‫ٍ‬
‫ضمير يطابق المؤكد ويعود إليه‪ ،‬كاألمثلة السابقة‪ ،‬جاء محمدٌ نفسه‪ ،‬جاءت‬ ‫إلى‬
‫هندٌ نفسها‪ ،‬وهكذا‪.‬‬
‫نفسا‬ ‫ٍ‬
‫بخالف ق لك مَال‪ :‬نفس محمد كريمةٌ‪ ،‬وعينه جميلةٌ‪ ،‬أو لقد أزهقت ً‬
‫بريئةً‪ ،‬أو كحل محمدٌ عينه‪ ،‬فكل ذلك ليس من التوكيد؛ لعدم إرادة التوكيد‪ ،‬أو‬
‫عدم إضافته إلى الضمير‪.‬‬
‫والحُُ الَاين للع يد بالنفس والعين الَ ة ره ابن مالك يف ق له‪:‬‬
‫دلللللن دم َّعبا َعلللللا‬ ‫ا‬ ‫اج َم ْع د َمللللللللا با ٌَ ْف دعللللللللق إا َّْ َ با َعلللللللل‬
‫َملللللا َلللللل ْي َس َواحلللللدَ ا َ ُ ْ‬ ‫َو ْ‬
‫يقول‪ :‬إذا أردت أن توكد بالنفس أو بالعين ما ليس واحدً ا‪ ،‬أي أن تؤكد المثنى‬
‫أو الجمع‪ ،‬فإنك تجمع النفس والعين يف هذا األسلوب‪ ،‬أسلوب التوكيد على‬
‫أف ُعل فقط‪ ،‬يعني ال تثنيهما وال تجمعهما على غير أف ُعل‪.‬‬
‫يد المَم ‪ :‬جاء الرجال أنفسهم‪ ،‬وال‬ ‫ل يف‬ ‫فإةا أردَ الع يد‪ ،‬فإنك‬
‫تقول‪ :‬جاء الرجال نفوسهم؛ ألن النفس والعين يف باب التوكيد ال ُيجمعان إال‬
‫على أف ُعل‪ ،‬جاء الرجال أنفسهم‪ ،‬وجاء النساء أنفسهن‪ ،‬وال تقول‪ :‬نفوسهن‪ ،‬ويف‬
‫التثنية تقول يف الجمع‪ :‬جاء المحمدان أنفسهما‪ ،‬وجاءت الهندان أنفسهما‪.‬‬
‫أما يف الَمع فبا فاق‪ ،‬وأما يف العَنية‪ :‬فإن بعض النحويين ُيجوز على قلة أن‬
‫نفسهما‪ ،‬يعني إذا أردنا أن‬
‫تقول‪ :‬جاء المحمدان نفساهما‪ ،‬أو جاء المحمدان ُ‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪263h‬‬
‫‪g‬‬
‫نجمل الكالم يف ذلك نقول‪ :‬إذا أكدت بالنفس والعين المفرد‪ ،‬فليس لك يف النفس‬
‫والعين إال اإلفراد‪ ،‬جاء محمدٌ نفسه عينه‪ ،‬وجاءت هند نفسها عينها‪.‬‬
‫وإذا أكدت بالنفس والعين المجموع‪ ،‬فليس لك إال أن تجمع النفس والعين‬
‫على أف ُعل‪ ،‬جاء المحمدون أنفسهم‪ ،‬وجاءت الهندات أنفسهن‪ ،‬وإذا أكدت‬
‫أيضا على أف ُعل‪ ،‬تقول‪ :‬جاء المحمدان‬
‫المثنى‪ ،‬فاألفصح أن تجمع النفس والعين ً‬
‫أنفسهما‪ ،‬وجاءت الهندان أنفسهما‪ ،‬ويجوز على قلة أن تقول‪ :‬نفساهما أو‬
‫نفسهما‪ ،‬ثم اختلفوا يعني يف هذا القليل أيهما أحسن‪ ،‬نفساهما أو نفسهما على‬
‫ٍ‬
‫خالف بين النحويين‪.‬‬
‫لكنهم متفقون على أنه ال يجوز إال على قلة‪ ،‬يعني إذا كان اإلنسان يتكلم‬
‫ابتدا ًء فينبغي أن يقول‪ :‬جاء المحمدان أنفسهما‪ ،‬ولو ُسئلت عن الحكم‪ ،‬تقول‪ :‬قل‬
‫مثال تفعل ذلك‪ ،‬لكن لو قال ٌ‬
‫قائل آخر‬ ‫جاء المحمدان أنفسهما‪ ،‬ولو كنت تصحح ً‬
‫كاتب آخر‪ :‬جاء المحمدان نفساهما‪ ،‬اشرتيت السيارتين‬
‫ٌ‬ ‫شاعر أو ناثر‪ ،‬أو كتب‬
‫نفسيهما‪ ،‬أو اشرتيت سيارتين نفسهما!‬
‫ل‪ :‬هذا إنما يجوز يف اللغة على قلة عند بعض النحويين‪،‬‬ ‫هنا ما دخطيء‪،‬‬
‫لكن لو أنت ابتدأت وتكلمت أو ُسئلت‪ ،‬فينبغي أن تأخذ بالمتفق على صحته‪،‬‬
‫فهذا هو الضرب األول من التوكيد المعنوي‪ ،‬وهو التوكيد الذي ُيراد به الداللة‬
‫على إرادة الحقيقة‪.‬‬
‫ه ما دل على إرادة اإلحا ة‬ ‫يب‪ ،‬الارب الَاين من الع يد المعن‬
‫وال م ل‪:‬‬
‫للللم ْيرا دم َصللللالَ‬ ‫الا ا‬ ‫العَللللا َج ام ْي َعلللل با َّ‬ ‫لللم ال َو اللللالَ‬ ‫و د للللالًّ ا ْة د ل ا‬
‫لللر فللللي ال ل د‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫للق النَّافا َلللل ْه‬
‫للد ام َْل َ‬
‫املللن علللُ فالللي ال َّع ايل ا‬
‫ْ‬ ‫ْ َ َّ‬
‫دللللق َف ا‬
‫اع َلللللل ْه‬ ‫َو ْاسلللل َع ْع َم دل َ ا َأ ْ َاللللل َ ُ َ‬
‫ا‬ ‫للللللق َأ َّ لللللللدد وا با ٌَ ْج َم َعلللللللا‬
‫َج ْم َعللللللا َء َأ ْج َمعلللللل ْي َن د ل َّ‬
‫لللللُ دج َم َعللللللا‬ ‫َو َب ْعلللللللدَ د ل َ‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪264h‬‬
‫َج ْم َعللللللا دء َأ ْج َم دعلللللل ََّ د ل َّ‬ ‫للللليء َأ ْج َمل د‬ ‫ا‬ ‫وَّ د ل َ‬
‫لللللع‬
‫لللللُ دج َمل د‬ ‫لللللع‬ ‫لللللق َقللللللدْ ََل ْ‬ ‫َو دد َ‬
‫لللاة البصلللر اة المنْلللع َ ا‬
‫لللمق‬ ‫وعلللن ندح ا‬ ‫َوإا َّْ د افللللللدْ َ ا ْيللللللدد َمنْ دُلللللل ر دقباللللللق‬
‫َ ْ َ َ د‬ ‫َ َ ْ َ‬
‫للللللن َوه اَّْ َف ْعلللللللالَ َء َو َوه اَّْ َأ ْف َعلللللللالَ‬
‫َعل ْ‬ ‫للللن باُال َعلللللا فالللللي دم ََنًّلللللى َو الللللالَ‬‫َوا ْغل َ‬
‫المنْ َف اصللللق‬ ‫س َوال َعلللل ْي ان َف َب ْعللللدَ د‬ ‫باللللالنَّ ْف ا‬ ‫المع اَّصلللللللق‬ ‫ا‬
‫الالللللللم ْي َر د‬
‫وإا َّْ دؤ ل ا‬
‫للللللد َّ‬ ‫َ‬
‫ا‬ ‫الر ْفلللللل اع َو َأ َّ للللللدد َوا اب َمللللللا‬
‫سلللللل َ داه َما َوال َ ْيللللللدد َل ْ‬
‫للللللن د ل َع ََمللللللا‬ ‫لللللت َةا َّ‬
‫َع َن ْيل د‬
‫كل ذلك يف الضرب الثاين من التوكيد المعنوي‪ ،‬وهو ما يدل على إرادة‬
‫اإلحاطة والشمول‪ ،‬فهي عدة ألفاظ ذكرها ابن مالك يف هذه األبيات‪ ،‬وقبل ذلك‬
‫نقول يف قول ابن مالك‪:‬‬
‫َو د الًّ ا ْة د ْر‬
‫نون ساكنة‪ ،‬إ ًذا فهذه الكلمة‬
‫كال مختوم بالتنوين‪ ،‬والتنوين كما تعرفون ٌ‬
‫ً‬
‫مختومة بساكن‪ ،‬اذكر‪ :‬فعل أمر مبدو ٌء هبمزة وصل‪ ،‬وهمزة الوصل ما بعدها‬
‫ساكن‪ ،‬وهي تسقط يف درج الكالم‪ ،‬فمعنى ذلك أنه سيلتقي عندنا ساكنان‪ :‬التنوين‬
‫يف كالً‪ ،‬والذال يف اذكر بعد حذف همزة الوصل‪.‬‬
‫جائز هنا‪ ،‬فتكسر‬
‫والتخلص من التقاء الساكنين يكون يف األصل بالكسر‪ ،‬وهذا ٌ‬
‫ٍ‬
‫وكال اذكر‪ ،‬ويجوز‬ ‫التنوين‪ ،‬التنوين هو ٌ‬
‫نون ساكنة‪ ،‬هذه النون الساكنة اكسرها‪،‬‬
‫نظرا إلى أن فعل األمر بعدها اذكر‬
‫هذا التخلص من التقاء الساكنين بالضم؛ ً‬
‫ٍ‬
‫حينئذ أن تتخلص بالضم‪ ،‬فتقول‪ :‬وكالٌ اذكر‪ ،‬وهذا الحكم يف‬ ‫مضموم العين‪ ،‬فلك‬
‫كل ما يشابه ذلك‪.‬‬
‫طيب‪ ،‬قال ابن مالك ‪ ‬يف أول ذلك‪:‬‬
‫الا ا‬
‫للللم ْيرا دم َصللللالَ‬ ‫العَللللا َج ام ْي َعلللل با َّ‬ ‫لللم ال َو اللللالَ‬ ‫و د للللالًّ ا ْة د ل ا‬
‫لللر فللللي ال ل د‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫فذكر يف هذا البيت أربعة ألفاظ من ألفاظ التوكيد المعنوي‪ ،‬التي ُيراد هبا‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪265h‬‬
‫‪g‬‬
‫الداللة على اإلحاطة والشمول‪ ،‬وهي كل وكال وكلتا وجميع‪ ،‬وكان األفضل أن‬
‫يجمع ابن مالك بين ك ٍل وجميع‪ ،‬وال يفصل بينهما‪ ،‬إال أن ضرورة الشعر اقتضت‬
‫ذلك‪.‬‬
‫وجميع فيؤكد هبما ما كان ذا أجزاء‪ ،‬ماذا يؤكد هبما؟ ال يؤكد هبما إال ما‬
‫ٌ‬ ‫أما ٌ‬
‫كل‬
‫كان ذا أجزاء‪ ،‬كقولك‪ :‬جاء الركب كله أو جميعه‪ ،‬وجاءت القبيلة كلها أو‬
‫جميعها‪ ،‬وجاء الرجال كلهم أو جميعهم‪ ،‬وجاءت الهندات كلهن أو جميعهن‪،‬‬
‫وال تقول‪ :‬جاء زيدٌ كله‪ ،‬لماذا؟‬
‫ألن زيدً ا ليس ذا أجزاء‪ ،‬زيد أجزاء أو مجزأ؟ له أجزاء؟ ال‪ ،‬ليس له أجزاء‪،‬‬
‫وسبق أن شرحنا الفرق بين الجزء والبعض‪ ،‬ونعيد ذلك بسرعة‪ ،‬فنقول‪ :‬المجزأ أو‬
‫الجزء المجزأ هو الذي يتكون من أشياء مستقلة بنفسها كالجيش‪ ،‬الجيش يتكون‬
‫من ماذا؟! من رجل‪ ،‬ورجل‪ ،‬ورجل‪ ،‬ورجل إلى آخره‪ ،‬الرجل هذا مستقل بنفسه‪،‬‬
‫فتأخذ رجل وتضم إليه أمثاله فيكونون الجيش‪ ،‬إ ًذا كل جزء من أجزاء الجيش‬
‫مستقل بنفسه‪ ،‬فإذا ضممت إليه مثله ومثله ومثله كون الكل‪.‬‬
‫فهمنا اآلن‪ ،‬فيمكن أن نقول‪ :‬الجزء هو الذي إذا انضاف إليه أمثاله كونوا‬
‫الكل‪ ،‬الجزء لو أضفت إليه أمثاله رجل ورجل ورجل كونوا الجيش‪ ،‬أما البعض‬
‫ٍ‬
‫أبعاض ال تستقل بنفسها كاإلنسان‪ ،‬اإلنسان‬ ‫أو المبعض هو الذي يتكون من‬
‫يتكون من يدين ورجلين‪ ،‬ورأس‪ ،‬وظهر‪ ،‬وبطن‪ ..‬إلى آخره‪ ،‬لكن اليد‪ ،‬هل اليد‬
‫تستقل بنفسها؟! ال تستقل بنفسها‪.‬‬
‫الجزء هو الذي إذا انضاف إليه مثله ال يكون الكل‪ ،‬لو أتيت بعشرين يد‪ ،‬هل‬
‫تكون إنسانًا؟! البعض لو انضاف إليه مثله يد‪ ،‬يد‪ ،‬يد‪ ،‬ال تكون إنسانًا‪ ،‬هذا الفرق‬
‫بين الجزء والبعض؛ فلهذا اإلنسان ُمبعض‪ ،‬وال نقول‪ :‬مجزأ‪ ،‬هذا اصطالح‬
‫عندهم؛ فلهذا ما ُيقال‪ :‬جاء زيدٌ كله‪ ،‬و ُيقال‪ :‬جاء الجيش كله‪ ،‬وجاء الطالب‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪266h‬‬
‫كلهم‪ ،‬ونحو ذلك‪.‬‬
‫طيب‪ ،‬نقول‪ :‬وال يجوز أن تقول جاء زيدٌ كله‪ ،‬ال يجوز نحو ًيا‪ ،‬طيب‪،‬‬
‫مثال أو‬
‫وبالغ ًيا؟ قد يجوز أن تقول جاء زيدٌ كله‪ ،‬إذا أردت اإلشارة إلى شدة سمنه ً‬
‫نحو ذ لك‪ ،‬فهذه أمور بالغية قد يخرج الكالم إليها‪ ،‬ال إشكال فيها‪ ،‬لكن عندنا‬
‫تريد الحكم النحوي فال تقول ذلك‪.‬‬
‫إ ًذا فكل وجميع يؤكد هبما ما كان ذا أجزاء‪ ،‬وأما كال وكلتا فكال يؤكد هبا‬
‫المثنى المذكر‪ ،‬تقول‪ :‬جاء الزيدان كالهما‪ ،‬واشرتيت المنزلين كليهما‪ ،‬وأما كلتا‬
‫فيؤكد هبا المثنى المؤنث‪ ،‬تقول‪ :‬جاء الهندان كلتاهما‪ ،‬واشرتيت الدارين كلتيهما‪،‬‬
‫حكما يتعلق هبذه األلفاظ األربعة التي ذكرها‪،‬‬
‫ً‬ ‫ثم ذكر ابن مالك يف آخر هذا البيت‬
‫فقال‪:‬‬

‫الا ام ْيرا دم َصالَ‬


‫با َّ‬
‫ٍ‬
‫ضمير يطابق المؤكد كما م َّثلنا؛ جاء الركب كله‪،‬‬ ‫أي‪ :‬أنه ال بدَّ من إضافتها إلى‬
‫مثال‪ :‬جاء الرجال جميعهم‪ ،‬فجميعهم‬
‫وجاء الطالبان كالهما‪ ،‬فعلى ذلك لو قلنا ً‬
‫مثال‪ :‬جاء الرجال جمي ًعا‪ ،‬فجمي ًعا ليس توكيدً ا لعدم‬
‫توكيدٌ معنوي‪ ،‬ولو قلنا ً‬
‫إضافته إلى الضمير‪ ،‬بل ينقلب إلى حال ويختلف المعنى‪.‬‬
‫يف النحو نقول‪ :‬إن قلت جاء الرجال جميعهم فتوكيد‪ ،‬وإن قلت جاء الرجال‬
‫جمي ًعا فحال‪ ،‬هذا من حيث الصناعة النحوية واألحكام النحوية‪ ،‬أما المعنى‬
‫الدقيق فال بدَّ أن ُينظر إليه‪ ،‬هل أنت تريد أن تؤكد فتقول‪ :‬جاء الرجال جميعهم‪ ،‬أم‬
‫تريد أن تبين حالتهم‪ ،‬فتقول‪ :‬جاء الرجال جمي ًعا‪ ،‬يعني ال يجوز هكذا على‬
‫اإلطالق‪ ،‬هو يجوز نحو ًيا‪ ،‬نعم يجوز نحو ًيا‪ ،‬لكن من حيث المعنى الذي تريد‪،‬‬
‫هل جاءوا مجتمعين؟ تريد أن تقول‪ :‬جاءوا مجتمعين‪ ،‬فتقول‪ :‬جاءوا جمي ًعا‪.‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪267h‬‬
‫‪g‬‬
‫أو غرضك أن تبين لنا أنه لم يتخلف أحدٌ منهم؟! فتقول‪ :‬جاء الرجال‬
‫جميعهم‪ ،‬فهناك فرق يف المعنى‪ ،‬وإن كان األسلوبان جائزين نحو ًيا‪ ،‬طيب‪ ،‬ثم بعد‬
‫ذلك قال ابن مالك‪:‬‬
‫للق النَّافا َلللل ْه‬
‫للد ام َْل َ‬
‫املللن علللُ فالللي ال َّع ايل ا‬
‫ْ‬ ‫ْ َ َّ‬
‫دللللق َف ا‬
‫اع َللللل ْه‬ ‫َو ْاسلللل َع ْع َم دل َ ا َأ ْ َالللل َ ُ َ‬
‫عم على وزن فاعلة‪ ،‬فماذا قالوا؟‬
‫يقول‪ :‬إن العرب استعملوا من الفعل َّ‬
‫عا َّمة؛ للداللة على التوكيد الدال على اإلحاطة والشمول‪ ،‬وأصل عامة فاعلة‪،‬‬
‫عاممة‪ ،‬ثم حدث بين الميمين إدغام‪ ،‬فصارت عا َّمة‪ ،‬طيب‪ ،‬لماذا لف ابن مالك‬
‫كل هذه اللفة؟!‬
‫فقال‪:‬‬
‫اع َل ْه ام ْن َع َُّ‬
‫واس َععم دل ا َأ َا َ ُ َدق َف ا‬
‫َ ْ َْ َ ْ‬
‫اَّ مُن أَّ خعصر ق ةلك‪ ،‬و ل‪ :‬واستعملوا عامة‪ ،‬ولكن ما صرح‬
‫عم؟ هي‬ ‫أيضا كك ٍل فاعلة من َّ‬
‫عم‪ ،‬ما فاعلة من َّ‬ ‫بكلمة عامة‪ ،‬وإنما قال‪ :‬واستعملوا ً‬
‫عامة‪ ،‬لماذا ما قال عامة؟ ألن عامة فيها اجتماع ساكنين‪ ،‬عامة‪ ،‬األلف ساكنة‬
‫والميم ساكنة‪ ،‬والساكنان ال يلتقيان يف حشو الشعر‪ ،‬يف حشو الشعر ال يجوز مطل ًقا‬
‫أن يجتمع ساكنان‪.‬‬
‫بخالف النثر‪ ،‬النثر األصل أال يلتقيا ساكنان إال يف مواضع‪ ،‬من هذه المواضع‬
‫يف هناية الكالم‪ ،‬يعني شهر ساكنان‪ ،‬مسلمين ساكنان‪ ،‬وكذلك لو كان قبل الساكنين‬
‫حرف مد‪ ،‬مثل‪ :‬ضالين‪ ،‬يجتمع ساكنان‪ ،‬ويف مواضع قليلة قد يجتمع الساكنان يف‬
‫النثر‪ ،‬أما يف الشعر فال يجتمع الساكنان أبدً ا يف حشو الشعر؛ ألن الشعر يعتمد على‬
‫الوزن‪ ،‬والوزن لو اجتمع فيه ساكنان يف الحشو انكسر مباشرة يف السمع‪.‬‬
‫الب‪)00:54:06@( :‬؟‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪268h‬‬
‫نعم‪ ،‬هذا األمر فقط يعني وزن‪ ،‬بخالف آخر الشعر‪ ،‬آخر الشعر قد يجتمع فيه‬
‫مثال يف آخر الشعر مسلمين‪ ،‬اجتمع ساكنان‪.‬‬
‫ساكنان‪ ،‬لو قلت ً‬
‫طيب‪ ،‬وعامة المستعملة يف التوكيد بمعنى كل‪ ،‬وتستعمل استعمالها‪ ،‬أي‪ :‬أنه‬
‫يؤكد هبا ذو األجزاء مضاف ًة إلى ضميره‪ ،‬نحو‪ :‬جاء القول عامتهم‪ ،‬أي‪ :‬كلهم‪،‬‬
‫وجاء القبيلة عامتها‪ ،‬أي‪ :‬كلها‪ ،‬وجاء المحمدون عامتهم‪ ،‬وجاء الهندات عامتهم‪،‬‬
‫هذا معنى كلمة عامة هنا يف التوكيد‪ ،‬وإن كان بعض العامة اآلن يستعمل كلمة عامة‬
‫لألكثر‪ ،‬فيقول‪ :‬جاءت عامة الناس‪ ،‬عامة الناس يقولون‪ ،‬مع أن كلمة عامة يف‬
‫التوكيد ُيراد هبا اإلحاطة والشمول ككل‪ ،‬وإنما تقول‪ :‬أكثر الناس‪ ،‬أغلب الناس‪،‬‬
‫وهكذا‪.‬‬
‫طيب‪ ،‬وقول ابن مالك يف آخر البيت‪:‬‬
‫ام َْ َق النَّافا َل ْه‬
‫عم يف التوكيد‪ ،‬يعني‬‫أيضا كل فاعلة من َّ‬ ‫ما معنى هذه العبارة؟ واستعملوا ً‬
‫استعملوا عامة يف التوكيد مثل النافلة‪ ،‬النافلة الزائدة‪ ،‬قيل‪ :‬المراد بالنافلة هنا‬
‫الزائدة؛ ألن كلمة عامة قلت من ذكرها من النحويين يف ألفاظ التوكيد‪ ،‬فكأن ابن‬
‫مالك يعني زادها على أكثر النحويين‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬إن المراد بذلك أن التاء يف عامة الزم‪ ،‬كالتاء يف نافلة الزمة‪ ،‬وهذا هو‬
‫األظهر؛ ألن التا ء تاء التأنيث لها مواضع ومعاين‪ ،‬أشهر هذه المواضع وأهمها أن‬
‫تأيت فر ًقا بين المذكر والمؤنث‪ ،‬تقول‪ :‬قائم ٌة وقائم‪ ،‬وجالس ٌة وجالس‪ ،‬وعالم ٌة‬
‫وعالم‪ ،‬معنى ذلك أهنا ليست الزمة للكلمة‪ ،‬قد تقول‪ :‬قائم‪ ،‬وتقول‪ :‬قائمة‪ ،‬ليست‬
‫الزمة‪ ،‬قد ُتحذف التاء‪.‬‬
‫ٍ‬
‫حينئذ الزمة‪،‬‬ ‫لُن هناَ لماَ ا دبنى وا دسععمق إا بالعاء‪ ،‬فن ل‪ :‬إن التاء‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪269h‬‬
‫‪g‬‬
‫ال يمكن أن تسقط عنها‪ ،‬مثل‪ :‬رحمة‪ ،‬ما تقول‪ :‬رحم‪ ،‬مثل‪ :‬عامة‪ ،‬ما تقول‪ :‬عام‪،‬‬
‫جاء القوم عامهم!! ما ُيستعمل هذا‪ ،‬فهذا هو القول الثاين‪ ،‬وهو األظهر يف المراد‬
‫بقول ابن مالك‪:‬‬
‫ام َْ َق النَّافا َل ْه‬
‫ُ بعد ةلك قال ابن مالك‪:‬‬
‫ا‬ ‫للللللق َأ َّ لللللللدد وا با ٌَ ْج َم َعلللللللا‬
‫َج ْم َعللللللا َء َأ ْج َمعلللللل ْي َن د ل َّ‬
‫لللللُ دج َم َعللللللا‬ ‫َو َب ْعلللللللدَ د ل َ‬
‫َج ْم َعللللللا دء َأ ْج َم دعلللللل ََّ د ل َّ‬
‫للللليء َأ ْج َمل د‬ ‫ا‬ ‫وَّ د ل َ‬
‫لللللع‬
‫لللللُ دج َمل د‬ ‫لللللع‬ ‫لللللق َقللللللدْ ََل ْ‬ ‫َو دد َ‬
‫أيضا لف ًظا من ألفاظ التوكيد المعنوي الدال على‬ ‫يف هذين البيتين يذكر ً‬
‫اإلحاطة والشمول‪ ،‬وهو أجمع وتثنيته وجمعه‪ ،‬ويف التأنيث‪ :‬جمعاء‪ ،‬ويف التثنية‪:‬‬
‫وجمع‪.‬‬
‫أجمعان وجمعاوان‪ ،‬ويف الجمع أجمعون ُ‬
‫طيب‪ ،‬فذكر‪ ‬أن األكثر يف اللغة عند التوكيد بأجمع وفروعه‪ ،‬أن تأيت‬
‫بعد كل‪ ،‬أن تأيت بعد التأكيد بكل‪ ،‬نحو‪ :‬جاء الجيش كله أجمع‪ ،‬وجاءت القبيلة‬
‫كلها جمعاء‪ ،‬وجاء الرجال كلهم أجمعون‪ ،‬وجاءت النساء كلهن ُجمع‪ ،‬ومن ذلك‬
‫قوله‪-‬تعالى‪( :-‬ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ) [الحَر‪.]30:‬‬
‫وتأخير أجمع بعد كل واجب‪ ،‬يعني إذا أتيت بأجمع يجب أن تجعلها بعد كل‪،‬‬
‫وال يجوز أن تقدمها على كل‪ ،‬هذا هو المسموع يف اللغة‪ ،‬ما تقول‪ :‬جاء الرجال‬
‫أجمعون كلهم‪ ،‬ويجوز أن تؤكد بأجمع وفروعه من دون كل‪ ،‬وهو أقل من التوكيد‬
‫هبا بعد كل‪ ،‬نحو‪ :‬جاء الجيش أجمع‪ ،‬والقبيلة جمعاء‪ ،‬والرجال أجمعون‪ ،‬والنساء‬
‫ُجمع‪.‬‬

‫ومن ذلك قوله‪-‬تعالى‪( :-‬ﰘ ﰙ) [ُ‪( ،]82:‬ﮏ ﮐ ﮑ‬


‫ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ) [ال عراء‪( ،]95-94:‬ﭳ ﭴ ﭵ‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪270h‬‬
‫ﭶ) [النحق‪( ،]9:‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ) [الدماَّ‪ ،]40:‬ومن‬
‫ذلك قول الراجز‪:‬‬
‫حملنلللللي اللللللَلفاء حللللل ا أ علللللع‪.‬‬ ‫ليعنلللللللي نلللللللت صلللللللبيا مر لللللللعا‬
‫إةا للللللت الللللدهر أبُللللي أجمعللللا‪.‬‬ ‫إةا بُيللللللللللت قبلعنللللللللللي أربعللللللللللا‬
‫ننظر للفظ‪ ،‬ننظر للمعنى‪ ،‬الذلفاء هي المرأة التي أنفها صغير‪ ،‬وهو مما‬
‫ُيستحسن يف المرأة‪ ،‬ولم يقل‪ :‬كله أجمع‪ ،‬وإنما قال‪ :‬إ ًذا ظللت الدهر أبكي أجمع‪،‬‬
‫طيب‪ ،‬ويف ادعاء كون التوكيد بأجمع وفروعه دون ك ٍل ً‬
‫قليال‪ ،‬يف هذا االدعاء نظر‪،‬‬
‫فقد جاء يف القرآن والكالم الفصيح التوكيد بأجمع وفروعه دون كل‪ ،‬يف مواضع‬
‫عدة‪.‬‬
‫حعى قال أب حياَّ يف البحر المحي ‪" :‬وقد ك ُثر التوكيد بأجمعين غير تاب ٍع‬
‫لكلهم يف القرآن الكريم‪ ،‬فكان ذلك ُحج ٌة على ابن مالك يف زعمه أن التأكيد‬
‫آيات ُأخر ً‬
‫أيضا عدة لم نذكرها جاء‬ ‫بأجمعين قليل"‪ ،‬وذكرنا بعض اآليات‪ ،‬وهناك ٌ‬
‫التوكيد فيها بأجمعين من دون التوكيد بكل‪.‬‬
‫طيب‪ ،‬وهناك ما ُيسمى بتوابع أجمع‪ ،‬فإن بعضهم إذا أراد المبالغة بالتأكيد يأيت‬
‫بألفاظ تشاهبها‪ ،‬وهي أكتع وأبتع وأبصع‪ ،‬وكلها بمعنى أجمع‪ ،‬فيقولون‬ ‫ٍ‬ ‫بعد أجمع‬
‫مثال‪ :‬جاء الجيش أجمع أكتع أبصع أبتع‪ ،‬كلها بمعنًى واحد‪ ،‬نعم‪ ،‬تأيت هبا أو‬
‫ً‬
‫ببعضها‪ ،‬وهذا يسمى من اإلتباع‪ ،‬كلمات ما لها معاين‪ ،‬فقط هي يعني كلمات‬
‫يأتون هبا مشاهبة يف اللفظ لمجرد التأكيد فقط‪.‬‬
‫يب‪ ُ ،‬بعد ةلك قال ابن مالك‪:‬‬
‫لللاة البصلللر اة المنْلللع َ ا‬
‫لللمق‬ ‫وعلللن ندح ا‬ ‫َوإا َّْ د افللللللدْ َ ا ْيللللللدد َمنْ دُلللللل ر دقباللللللق‬
‫َ ْ َ َ د‬ ‫َ َ ْ َ‬
‫للللللن َوه اَّْ َف ْعلللللللالَ َء َو َوه اَّْ َأ ْف َعلللللللالَ‬
‫َعل ْ‬ ‫للللن باُال َعلللللا فالللللي دم ََ ًّنلللللى َو الللللالَ‬
‫َوا ْغل َ‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪271h‬‬
‫‪g‬‬
‫هذان بيتان‪ ،‬وكان األحسن بابن مالك أن يقدم البيت الثاين منهما‪ ،‬وهو قوله‪:‬‬
‫وأغنى بكلتا‪ ،‬أن يقدمه على ما قبله‪ ،‬لماذا؟ لكي يتصل كالمه على ألفاظ التوكيد‪،‬‬
‫فإذا انتهى من ذكر ألفاظ التوكيد ينتقل بعد ذلك إلى ذكر بعض أحكام التوكيد‬
‫المعنوي‪.‬‬
‫وقد جاء هذا البيت مقد ًما على البيت الذي قبله يف بعض النسخ النادرة‬
‫لأللفية‪ ،‬المهم قوله‪:‬‬
‫للللللن َوه اَّْ َف ْعلللللللالَ َء َو َوه اَّْ َأ ْف َعلللللللالَ‬
‫َعل ْ‬ ‫للللن باُال َعلللللا فالللللي دم ََنًّلللللى َو الللللالَ‬
‫َوا ْغل َ‬
‫يقول‪ :‬إن المثنى كما سبق ال يؤكد إال بالنفس أو العين أو كال وكلتا‪ ،‬نحو‪:‬‬
‫جاء المحمدان أنفسهما أو كالهما‪ ،‬وجاءت الهندان أنفسهما أو كلتاهما‪ ،‬ومذهب‬
‫البصريين أن المثنى ال يؤكد بغير ذلك‪ ،‬المثنى ال يؤكد بغير ذلك‪ ،‬يعني ال يؤكد إال‬
‫بالنفس أو بالعين أو كال أو كلتا‪.‬‬
‫فال تقول‪ :‬جاء الجيشان أجمعان‪ ،‬وال جاءت القبيلتان جمعاوان‪ ،‬لماذا؟‬
‫استغنا ًء بكال وكلتا عنهما‪ ،‬كال وكلتا يف تأكيد المثنى أغنيا عن أجمع أفعل‪ ،‬وعن‬
‫أيضا يف هذا البيت‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫جمعاء فعالء‪ ،‬وهذا الذي اختاره ابن مالك ً‬
‫َواغ َْن باُالعَا فاي دم ََنًّى َو االَ‬
‫اغنى هبما يف التوكيد عن ماذا؟ عن وزن فعالء جمعاء‪ ،‬ووزن أفعل أجمع‪،‬‬
‫يعني أجمع وجمعاء ما تأيت يف توكيد المثنى‪ ،‬وأجاز الكوفيون واألخفش ما منعه‬
‫البصريون‪ ،‬فتقول على مذهبهم‪ :‬جاء الجيشان أجمعان‪ ،‬وجاءت القبيلتان‬
‫قياسا‪.‬‬
‫جمعاوان‪ ،‬ويعوذهما السماع‪ ،‬إال أهنم جوزوا ذلك ً‬
‫يب‪ ُ ،‬قال ابن مالك‪ ..‬بق قال ابن مالك‪:‬‬
‫لللاة البصلللر اة المنْلللع َ ا‬
‫لللمق‬ ‫وعلللن ندح ا‬ ‫َوإا َّْ د افللللللدْ َ ا ْيللللللدد َمنْ دُلللللل ر دقباللللللق‬
‫َ ْ َ َ د‬ ‫َ َ ْ َ‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪272h‬‬
‫متفق على جوازه ال‬
‫ذكر يف هذا البيت حكم توكيد النكرة‪ ،‬فتوكيد المعرفة ٌ‬
‫واضحا ب َّينًا‬
‫ً‬ ‫إشكال يف ذلك‪ ،‬المعرفة معروفة وواضحة فتؤكدها‪ ،‬أنت تؤكد شي ًئا‬
‫تؤكده‪ ،‬أما الشيء الغامض يحتاج إلى نعت‪ ،‬يحتاج إلى أمر يوضحه ويبينه‪ ،‬وال‬
‫يحتاج إلى أمر يؤكده‪ ،‬هو غامض‪ ،‬كيف تؤكد الغامض؟!‬
‫المعنى السابق ؤ ده‪ ،‬يب‪،‬‬ ‫العٌ يد ما عرفنا ا ٌ ي بمعنى جد د‪ ،‬ه ف‬
‫المعنى السابق ه غامض‪ ،‬نُرة غامض يف ؤ ده؟ فالنُرة حعاج إلى أمر‬
‫يد النُرة على ال ة‬ ‫ح ا و بين ا‪ ،‬وا حعاج إلى ٌ يد؛ فل َا امعلف ا يف‬
‫أق ال‪:‬‬
‫ال ل ا ول‪ :‬عدم الجواز مطل ًقا‪ ،‬ال يجوز سوا ٌء أكانت النكرة محدودة لها‬
‫بداية وهناية‪ ،‬كيوم وشهر وسنة‪ ،‬أم كانت غير محدودة أي ليس لها بداية وهناية‬
‫واضحة محددة‪ ،‬كزمن ووقت وومدة‪ ،‬هذه ألفاظ نكرة وليست محدودة‪ ،‬وهذا هو‬
‫قول البصريين بعدم الجواز‪.‬‬
‫ال ل الَاين‪ :‬الجواز مطل ًقا‪ ،‬وهذا قول بعض الكوفيين‪.‬‬
‫شهرا كله‪،‬‬
‫ً‬ ‫ال ل الَالث‪ :‬جوازه إن كانت النكرة محدودةً‪ ،‬نحو‪ :‬صمت‬
‫ومشيت يو ًما أجمع‪ ،‬وانتظرتك أسبو ًعا كله‪ ،‬وهذا هو قول األخفش وأكثر‬
‫الكوفيين‪ ،‬وهو اختيار ابن مالك‪ ،‬لماذا قلنا إن هذا القول هو قول ابن مالك‪ ،‬ولم‬
‫نقل إن قوله هو القول الثاين الجواز مطل ًقا؟!‬
‫ونص يف البيت على اإلفادة‪ ،‬قال‪:‬‬
‫ألنه قال يف البيت‪َّ ،‬‬
‫َوإا َّْ د افدْ َ ا ْيدد َمنْ دُ ر‬
‫والنكرة متى تفيد؟ إذا كانت محدودة‪ ،‬إذا كانت محدودة أفادت هذه الفائدة‬
‫المحددة‪ ،‬والقول الثالث هو القول الراجح؛ لمجيئه يف السماع‪ ،‬ومن ذلك قول‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪273h‬‬
‫‪g‬‬
‫الشاعر‪:‬‬
‫رجلللب‪.‬‬
‫د‬ ‫لللا ليلللت علللدة حللل ل لللله‬ ‫لللللب‬
‫لُنلللللله للللللاقه أَّ قيللللللق ةا رجل ِ‬
‫جميال وجيدً ا‪ ،‬فقال‪ :‬ليت السنة كلها رجب‪ ،‬يا‬
‫ً‬ ‫قالوا‪ :‬هذا رجب‪ ،‬وكان الوقت‬
‫ٌ‬
‫وحول‪ :‬نكرة‪ ،‬ومن ذلك قول الراجز‬ ‫ٍ‬
‫حول كُله رجل‪ ،‬فكله‪ :‬نعت لحول‪،‬‬ ‫ليت عدة‬
‫السابق‪:‬‬
‫حملنلللللي اللللللَلفاء حللللل ا أ علللللع‪.‬‬ ‫ليعنللللللي نلللللللت صلللللللبيا مر لللللللعا‬
‫ً‬
‫حوال‪ :‬نكرة‪ ،‬أكتع فأكد النكرة‪ ،‬ومن ذلك قول الراجز‪:‬‬
‫قد سرَ البُرة ما أجمعا‬
‫سرت البكرة أي أخرجت صو ًتا يو ًما أجمعا‪.‬‬
‫فهذا ما يتعلق بتوكيد النكرة‪ ،‬يبقى لنا بيتان يف التوكيد المعنوي‪ ،‬نجعلهما مع‬
‫بقية األبيات إلى الدرس القادم‪-‬إن شاء اهلل تعالى‪ -‬ونختم الدرس‪.‬‬
‫واهلل أعلُ‪ ،‬وصلى اهلل وسلُ على نبينا محمد‪ ،‬وعلى آله وأصحابه أجمعين‪.‬‬

‫‪¹‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪274h‬‬

‫الدرس اخلامس والثمانون‬

‫بسُ اهلل الرحمن الرحيُ‪ ،‬الحمد هلل رب العالمين‪ ،‬والصالة والسالم على نبينا‬
‫محمد‪ ،‬وعلى آله وأصحابه أجمعين‪.‬‬
‫َّأما بعد‪...‬‬
‫فسالم اهلل عليكم ورحمته وبركاته‪ ،‬وحياكم اهلل وبياكم يف هذه الليلة ليلة‬
‫ٍ‬
‫وأربعمائة وألف‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫ثالث وثالثين‬ ‫اإلثنين الثاين عشر من شهر ربي ٍع اآلخر من سنة‬
‫ونحن يف جامع الراجحي يف حي الجزيرة يف مدينة الرياض نعقد بحمد اهلل وتوفيقه‬
‫الدرس الخامس والثمانين من دروس شرح [ألفية] ابن مالك‪-‬عليه رحمة اهلل‪،-‬‬
‫ً‬
‫موصوال‪-‬يا إخوان‪ -‬على باب الع يد‪.‬‬ ‫وال زال الكالم‬
‫أن ابن مالك‪ ‬يف ألفيته عقده يف أربعة عشر بيتًا‪،‬‬ ‫باب التوكيد ذكرنا ّ‬
‫ٍ‬
‫أبيات نشرحها‬ ‫شرحنا يف الدرس الماضي ثمانية أبيات‪ ،‬فيبقى من هذه األبيات ستة‬
‫ْ‬
‫إن شاء اهلل تعالى يف هذا الدرس‪ ،‬ونبدأ الدرس كالمعتاد بقراءة األبيات التي‬
‫سنشرحها ْ‬
‫إن شاء اهلل‪.‬‬
‫قال ابن مالك‪ ‬يف آمر باب الع يد‪:‬‬
‫الم ْن َف اصللللق‬ ‫المع اَّصلللللللللق باللللال َّن ْف ا‬
‫س َوال َعلللل ْي ان َف َب ْعللللدَ د‬
‫ا‬
‫الالللللللللم ْي َر د‬
‫ا‬
‫لللللللللد َّ‬ ‫َوإا َّْ دؤ‬
‫ا‬
‫الر ْفللللللل اع َو َأ َّلللللللدد َوا با َملللللللا سللللللل َ داه َما َوال َ ْيلللللللدد َلل ْ‬
‫للللللن د ل َع ََملللللللا‬ ‫لللللللت َةا َّ‬
‫د‬ ‫َعنَ ْي‬
‫للللر َرا َ َ لال َ‬
‫للللك ا ْد در اجلللللي ا ْد در اجلللللي‬ ‫لللللد َل ْفظاللللللي َ ا‬
‫َللللللي دم َُل َّ‬
‫ومللللللا امللللللن ال َّع ايل ا‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪275h‬‬
‫‪g‬‬
‫ا‬ ‫للللَ بال ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫َواَ ادعلللللللدْ َل ْف‬
‫لللله دوصلللللق‬ ‫للللع ال َّل ْفلللللظ ا َّلل ْ‬‫لللللللظ َ لللللللم ْير دمعَّصلللللللق إااَّ َمل َ‬
‫َ‬
‫ا‬
‫اب َ للللللللنَ َع ُْ َو َ َب َلللللللللى‬ ‫لللللر َملللللا ََح َّصلللللالَ بالللللللله َجلللللللل َ ِ‬
‫وف َغ ْي َ‬ ‫لللللر د‬‫الح د‬ ‫َلللللَا د‬‫َ‬
‫لللللق َ ل ا‬
‫لللللم ْير ا ََّصللللللق‬ ‫للللد ا ْن َفصللللق َأ للللللدْ بال ا‬
‫للللله د ل َّ‬ ‫للللَ َق ا‬ ‫وم ْاللللمر الر ْفلللل اع ا َّل ا‬
‫َ‬ ‫َ َ َّ‬ ‫َد‬
‫أما البيتان األوالن من هذه األبيات فهي تابع ٌة للتوكيد المعنوي‪ ،‬الذي بدأنا‬
‫بشرحه يف ا لدرس الماضي فنكمل الكالم على التوكيد المعنوي بشرح هذين‬
‫البيتين‪ ،‬قال فيهما‪:‬‬
‫المنْ َف اصلللللق‬ ‫المع اَّصللللللللق بالللللالنَّ ْف ا‬
‫س َوال َعللللل ْي ان َف َب ْعلللللدَ د‬
‫ا‬
‫الاللللللللم ْي َر د‬
‫ا‬
‫للللللللد َّ‬ ‫َوإا َّْ دؤ‬
‫لللللللن د ل َع ََملللللللا‬
‫ْ‬ ‫الر ْفللللللل اع َو َأ َّ لللللللدد َوا با َملللللللا اسللللللل َ داه َما َوال َ ْيلللللللدد َل‬
‫للللللت َةا َّ‬
‫َعنَ ْيل د‬
‫ذكَر‪ ‬يف هذين البيتين توكيد الضمير توكيدً ا معنو ًيا‪ ،‬كيف يؤكد الضمير‬
‫توكيدً ا معنو ًيا؟ فذكر ّ‬
‫أن ضمير الرفع المتصل إذا أكدته بالنفس أو بالعين فال ُبدَّ من‬
‫فاص ٍل بينهما‪ ،‬أي ال ُبدَّ من فاصل بين ضمير الرفع المتصل وبين التوكيد المعنوي‬
‫ٍ‬
‫لفظي‬ ‫ٍ‬
‫بتوكيد‬ ‫أي لفظ النفس والعين‪ ،‬وعندما نقول‪ :‬فاصل نعني أي فاصل‪ :‬إما‬
‫ٍ‬
‫بضمير منفصل أو غيره‪ ،‬نحو‪ :‬ةهبت أنت نفسك‪ ،‬فَهبت المراد اآلن ْ‬
‫أن نؤكد‬
‫الضمير المتصل وهو تاء الفاعل اء المخا ب‪ ،‬فال تقل‪ :‬ذهبت نفسك‪ ،‬بل ال ُبدَّ‬
‫من فاصل بين الضمير ضمير الرفع المتصل وبين لفظ النفس والعين‪.‬‬
‫ٌَّ فصق بامير منفصق‪ ،‬فع ل‪ :‬ةهبت أنت نفسك‪ ،‬وسنعرف عند الكالم‬ ‫ْ‬
‫أن قولك أنت يف هذا المثال من التوكيد اللفظي‪ ،‬فإذا قلت‪:‬‬ ‫على التوكيد اللفظي ّ‬
‫حينئذ ُأ ِكد توكيدً ا لفظ ًيا بأنت‪ ،‬وتوكيدً ا معنو ًيا بالنفس‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫ةهبت أنت نفسك‪ ،‬فالتاء‬
‫وتقول‪ :‬ةهب ا هُ أنفس ُ‪ ،‬وال ُيقال‪ :‬ذهبوا أنفسهم‪ ،‬وتقول‪ :‬ةهب ه نفسه‪،‬‬
‫واةهب ا أنعُ أعينُُ‪ ،‬واةهب أنت عينك‪.‬‬
‫ومن ةلك‪ْ :‬‬
‫أن تقول‪ :‬ةهب ا الي م أنفس ُ‪ ،‬فٌنفس ُ توكيدٌ لواو الجماعة وهو‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪276h‬‬
‫ضمير رف ٍع متصل‪ ،‬وحدث الفاصل بظرف الزمان‪ ،‬أو تقول‪ :‬ةهبت إلي ُ نفسك‪،‬‬
‫فنفسك توكيدٌ لتاء الفاعل‪ ،‬وقد فصل بينهم بشبه الجملة الجار والمجرور‪ ،‬أو‬
‫تقول‪ :‬اةهب مسرعا أنت‪ ،‬ففصلت بالحال‪ ،‬وتقول‪ :‬اةهب ا جميعا أنفسُُ‪،‬‬
‫ففصلت بالحال‪.‬‬
‫وهَا ه ق ل ابن مالك‪:‬‬
‫المنْ َف اصلللللق‬ ‫المع اَّصلللللللللق بالللللالنَّ ْف ا‬
‫س َوال َعللللل ْي ان َف َب ْعلللللدَ د‬
‫ا‬
‫الالللللللللم ْي َر د‬
‫وإا َّْ دؤ ل ا‬
‫للللللللد َّ‬ ‫َ‬
‫الر ْفللل اع‪.......................‬‬ ‫للت َةا َّ‬
‫َعنَ ْيل د‬
‫يعني الضمير المتصل للرفع ضمير الرفع المتصل إذا أكدته بالنفس أو العين‬
‫فال ُبدَّ من فاصل‪ ،‬وما سوى ذلك يجوز لك يف توكيده توكيدً ا معنو ًيا الفصل وعدم‬
‫متصال‪،‬‬
‫ً‬ ‫الفصل‪ ،‬ماةا نر د ب لنا‪ :‬س ةلك؟ يعني إذا كان المؤكد ضمير رف ٍع‬
‫وإذا كان التوكيد بالنفس أو العين‪.‬‬
‫متصال‪ ،‬أو كان التوكيد بغير النفس والعين‪،‬‬
‫ً‬ ‫فإذا كان المؤكد ليس ضمير رف ٍع‬
‫فلك الفصل ولك عدم الفصل‪ْ ،‬‬
‫كأن تقول‪ :‬أ رمعك نفسك‪ ،‬فالمؤكد هنا ضمير‬
‫نصب‪ ،‬فلك ْ‬
‫أن تفصل‪ :‬أ رمعك أنت نفسك‪ ،‬أو ال تفصل أ رمعك نفسك جائز‪ ،‬أو‬
‫متصال‪،‬‬
‫ً‬ ‫ضمير منفصل‪ ،‬وليس ضمير رف ٍع‬
‫ٌ‬ ‫تقول‪ :‬أنا نفسي س ي‪ ،‬فالمؤكد أنا‬
‫ْ‬
‫وكأن تقول‪ :‬أنت نفسك مائف وهكذا‪.‬‬ ‫فيجوز ْ‬
‫أن تفصل ويجوز أال تفصل‪،‬‬
‫وكذلك لو قلنا‪ :‬ةهب ا ل ُ جميعا‪ ،‬ةهب ا‪ :‬ضمير رف ٍع متصل‪ ،‬ل ُ‪ :‬التوكيد‬
‫ليس بالنفس والعين ولكن بكل‪ ،‬فيجوز ْ‬
‫أن تفصل ةهب ا هُ ل ُ‪ ،‬أو ال تفصل‬
‫ةهب ا ل ُ‪ ،‬بذلك نكون قد انتهينا من الكالم على التوكيد المعنوي تب ًعا لكالم‬
‫ابن مالك‪ ،‬فنتبع ذلك ببعض المسائل المتعلقة بالتوكيد المعنوي‪ ،‬ولعق ما‬
‫سعسٌل عنه ٌ ي يف مسٌلة من هَه المسائق‪:‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪277h‬‬
‫‪g‬‬
‫فن ل‪ :‬مسٌلة‪ :‬لم يرد التوكيد بلفظ العين والنفس يف القرآن الكريم قط ًعا‪،‬‬
‫محتمال يف آيتين‪ ،‬آيتان يعني ُيحتمل‬
‫ً‬ ‫ٍ‬
‫بصورة قطعية‪ ،‬ولكنه جاء‬ ‫يعني لم يرد يف ٍ‬
‫آية‬
‫ْ‬
‫أن تكون من التوكيد بالنفس‪ ،‬و دحعمق أا ُ َّ من ةلك‪:‬‬

‫‪ -‬ا ة ا ولى‪ :‬قوله‪( :‬ﭸ ﭹ ﭺ)‬


‫[الب رة‪ ،]228:‬يف ا ة ق اَّ‪:‬‬
‫‪ -‬ال ل ا ول‪ّ :‬‬
‫أن معناها واهلل أعلم والمطلقات يرتبصن أنفسهن‪ ،‬فالباء‬
‫ٌ‬
‫داخل على لفظ التوكيد‪ْ ،‬‬
‫فإن قلت‪ :‬المؤكد هنا نون النسوة ضمير‬ ‫حرف ٍ‬
‫جر زائد‬
‫رف ٍع متصل‪ ،‬ولفظ التوكيد النفس‪ ،‬فال ُبدَّ من فاصل‪ ،‬وقد حدث الفاصل بحرف‬
‫الجر الزائد‪.‬‬
‫أن الباء هنا حرف ٍ‬
‫جر أصلي على بابه ومعناها‬ ‫‪ -‬وال ل الَاين يف ا ة‪ّ :‬‬
‫السببية‪ ،‬معنى حرف الجر هنا السببية ومعنى اآلية واهلل أعلم‪ :‬والمطلقات يرتبصن‬
‫من أجل أنفسهن‪ ،‬يعني من أجل مصلحتهن حتى يتبين الحمل وغير الحمل‬
‫وهكذا‪.‬‬
‫فهذه اآلية األولى التي تحتمل التوكيد بالنفس‪ ،‬واآلية األخرى التي تحتمل‬
‫التوكيد بالنفس‪ :‬قوله تعالى‪( :‬ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ‬
‫ﭧ) [ نس‪ ،]44:‬يف قوله‪( :‬ﭿ) يف ا ة ق اَّ‪:‬‬
‫ٍ‬
‫حينئذ واهلل أعلم‪ :‬ولكن‬ ‫‪ -‬ال ل ا ول‪ :‬أنه مفعو ٌل به مقدم ليظلمون‪ ،‬والمعنى‬
‫النَّاس يظلمون أنفسهم‪ ،‬ثم ِ‬
‫قدم المفعول به‪.‬‬
‫ٍ‬
‫حينئذ‪ :‬ولكن‬ ‫‪ -‬وال ل الَاين‪ّ :‬‬
‫أن أنفسهم هنا توكيدٌ للفظ النَّاس‪ ،‬ومعنى اآلية‬
‫النَّاس يظلمون؛ ّ‬
‫ألن التوكيد تقوية للمعنى وال يدخل معنًى جديدً ا‪ ،‬ولكن النَّاس‬
‫يظلمون يعني على إرادة أو على عدم إرادة المفعول به‪ ،‬المفعول به أحيانًا ال تريد‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪278h‬‬
‫كأن تقول‪ :‬محمدِ الحمد هلل ٌ ق و رب‪ ،‬أنت ال تريد ْ‬
‫أن تذكر‬ ‫أن تذكره‪ْ ،‬‬
‫ْ‬
‫أن هذان فعالن متعديان‪ ،‬لكن ال تريد ْ‬
‫أن‬ ‫المفعول به يأكل ماذا ويشرب ماذا‪ ،‬مع ّ‬
‫تذكر المفعول به محمدِ ٌ ق و رب وهكذا‪.‬‬
‫ٍ‬
‫مقصود ذكره‬ ‫ّ‬
‫وأن المفعول به غير‬ ‫وربما يقوي ّ‬
‫أن أنفسهم توكيد‬
‫قوله‪( :‬ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ) [ال مرف‪ ،]76:‬أي‪ :‬ولكن كانوا‬
‫الظالمين‪ ،‬فهم يف اآلية (ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ)‪ ،‬هُ هنا ضمير رفع‪ ،‬وليس ضمير‬
‫نصب‪ ،‬ولو كانت اآلية هذه (ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ)‪ ،‬على قياس قولك‪ :‬ولُن‬
‫ان ا ظلم َّ أنفس ُ‪ ،‬ثم قدم المفعول به‪ ،‬لكان ُيقال‪ :‬ولُن ان ا إ اهُ‬
‫الظالمين‪ ،‬يعني ولكن ان ا الظالمين إ اهُ أنفس ُ‪ ،‬ثم ُقدم المفعول به‪ ،‬ولكن‬
‫هذه اآلية ال تحتمل المفعول به‪.‬‬
‫فلو حملنا اآلية األولى عليها لقوى ذلك كون أنفسهم توكيدً ا‪ ،‬ولكن يبقى ّ‬
‫أن‬
‫محتمال وليس قطع ًيا‪.‬‬
‫ً‬ ‫القول ّ‬
‫بأن أنفسهم توكيد يبقى‬
‫مسٌل ِة أمر ‪:‬‬
‫محتمال‪ ،‬مع ّ‬
‫أن‬ ‫ً‬ ‫أما التوكيد بكال وكلتا فلم يرد يف القرآن الكريم ال قطع ًيا وال‬
‫كال وكلتا وردتا يف القرآن‪ ،‬ولكن ال على أسلوب التوكيد‪.‬‬

‫مسٌلةِ‪ :‬وأما التوكيد بك ٍل فقد جاء يف عدة آيات‪ ،‬كقوله تعالى‪( :‬ﮔ ﮕ‬
‫ﮖ ﮗ) [ه د‪( ،]123:‬ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ) [ س‪،]36:‬‬
‫(ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ) [الع بة‪ ،]33:‬طب ًعا جاء بالرفع والنصب والجر‪.‬‬
‫مسٌلةِ‪ :‬وأما التوكيد بٌجمع فقد جاء يف القرآن الكريم يف عدة آيات‪ ،‬ذكرت يف‬
‫الدرس الماضي منها أربع آيات عندما تكلمنا على اشرتاط بعض النحويين ْ‬
‫أن‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪279h‬‬
‫‪g‬‬
‫يكون التوكيد بأجمع بعد التوكيد بكل‪ ،‬كما ذكَر ابن مالك‪ّ ،‬‬
‫وأن التوكيد بٌجمع من‬
‫دون التوكيد بُق قليل‪ ،‬وقال بعض النح ين‪ّ :‬‬
‫إن هذا ال ُيشرتط‪ ،‬بل التوكيد‬
‫جائز كثير‪ ،‬وذكرنا حينذاك عدة شواهد من القرآن وغيره‪.‬‬
‫بٌجمع وحدها ٌ‬
‫أيضا التي جاء فيها التوكيد بأجمع سوى‪-‬ما ذكرنا من قبل‪ -‬قوله‬
‫ومن اآليات ً‬
‫تعالى‪( :‬ﯦ ﯧ ﯨ) [ سف‪ ،]93:‬وقوله‪( :‬ﭖ‬
‫ﭗ ﭘ) [الحَر‪.]92:‬‬
‫مسٌلة‪ :‬أما التوكيد بجمي ٍع التوكيد بَميع وبعامة فلم يردا يف القرآن‪ ،‬وهما يف‬
‫كالم العرب قليل‪ ،‬ومن ذلك قول الشاعر‪:‬‬
‫اَّ‬
‫وه ْمللللللللللللللللللللدَ ْ‬ ‫فاللللللللللللللدَ َ‬
‫اَ َحللللللللللللللي َملللللللللللللل ْ ا ََّْ َجملللللللللللللللللللليع ُ َ‬
‫فالتوكيد بجمي ٍع‪-‬كما قلنا من قبل‪ -‬قليل‪ ،‬وكذلك التوكيد بعامة وهما بمعنًى‪،‬‬
‫واستعماال‪ ،‬فيجوز لك ْ‬
‫أن تقول‪ :‬جاء ال م جميع ُ‪،‬‬ ‫ً‬ ‫أو نقول‪ :‬وهما سوا ٌء معنًى‬
‫وجاء ال م عامع ُ على التوكيد‪ ،‬ويجوز ْ‬
‫أن تقول‪ :‬جاء ال م جميعا‪ ،‬وجاء ال م‬
‫عامة على النصب بالحالية‪.‬‬
‫ٍ‬
‫معلومة ذكرناها يف الدرس الماضي يف التوكيد بعامة عندما‬ ‫وهنا نستدرك على‬
‫قال ابن مالك‪( :‬مَق النافلة)‪ ،‬فذكرنا ّ‬
‫أن التوكيد بعامة ذكره عند النحويين قليل‪،‬‬
‫وممن ذكَر التوكيد بعامة يعني ممن ذكر ّ‬
‫أن كلمة عامة من ألفاظ التوكيد المعنوي‬
‫نص ّ‬
‫أن عامة من ألفاظ التوكيد المعنوي بمعنى جميع‪.‬‬ ‫سيبويه َّ‬
‫وعلى ةلك ُ َّ ق لنا‪ :‬جاء ال م عامع ُ‪ ،‬معناه‪ :‬جاء ال م جميع ُ‪ ،‬فهو‬
‫من ألفاظ التوكيد المعنوي وتبعه على ذلك ابن مالك‪ ،‬وبعض النحويين واللغويين‬
‫كأبي العباس المربد يرى ّ‬
‫أن لفظة عامة ليست من ألفاظ التوكيد المعنوي‪ ،‬ولكنها‬
‫بمعنى األكثر‪ ،‬فإذا قلت‪ :‬جاء ال م عامع ُ معناه‪ :‬جاء ال م أ َرهُ‪ ،‬وكذلك لو‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪280h‬‬
‫قلنا‪ :‬جاء عامة ال م‪ ،‬عند سيبويه وابن مالك جاء عامة ال م‪ ،‬يعني جميعهم‪،‬‬
‫وعند المربد جاء عامة القوم‪ ،‬أي أكثرهم‪.‬‬
‫فعلى قول المربد ّ‬
‫أن معنى عامة أكثر وليس جميع‪ ،‬فما إعراب عامة يف ق لك‪:‬‬
‫بعض من كل‪ ،‬يكون من بدل‬ ‫ٍ‬ ‫جاء ال م عامع ُ؟ يكون ً‬
‫بدال ال توكيدً ا‪ ،‬بدل‬
‫البعض من الكل وال يكون من ألفاظ التوكيد‪.‬‬
‫مسٌلةِ‪ :‬يف كل ما تقدَّ م كان لفظ التوكيد بعد المؤكد‪ ،‬وهذه هي الجادة يف كالم‬
‫العرب تقول‪ :‬جاء محمدِ نفسه‪ ،‬وجاء ال م ل ُ وهكذا‪ ،‬فهل يجوز ْ‬
‫أن تقدم لفظ‬
‫التوكيد على المؤكد‪ ،‬فتقول‪ :‬جاء نفس ه د تريد جاء ه دِ نفسه‪ ،‬وجاء ق ال م‪،‬‬
‫وجاء جميع ال م وهكذا؟‬
‫فالَ اب‪ :‬أما ألفاظ التوكيد المعنوي سوى النفس والعين‪ ،‬يعني ألفاظ‬
‫التوكيد الدالة على اإلحاطة والشمول ق وجميع وعامة و ال و لعا‪ ،‬فهذه ال‬
‫خالف يف جواز تأخرها وتقدمها‪ ،‬فتقول‪ :‬جاء ال م ل ُ وجاء ق ال م‪،‬‬
‫واألمثلة على ذلك والشواهد كثير ٌة جدًّ ا يف القرآن الكريم ويف الحديث ويف كالم‬
‫قديما وحدي ًثا‪ ،‬فال حاجة لالستشهاد عليها‪ ،‬وإنَّما الكالم على التوكيد‬
‫ً‬ ‫العرب‬
‫بالنفس والعين‪.‬‬
‫مؤخرا‪ ،‬تقول‪:‬‬
‫ً‬ ‫ف دي ال يف ةلك‪ّ :‬‬
‫إن التوكيد بالنفس والعين لم يرد عند العرب إال‬
‫وجوز بعض النحويين قيا ًسا تقديمه‬‫َّ‬ ‫جاء ه دِ نفسه‪ ،‬ورأ ت محمدا عينه وهكذا‪،‬‬
‫على المؤكد‪ ،‬كالفارسي أبي علي وغيره‪ ،‬وهذا األسلوب استعمله كثيرون جدًّ ا‬
‫كسيبويه و َمن بعده‪ ،‬كلهم يستعمل هذا األسلوب‪ ،‬قلنا‪ :‬وابن مالك نص على‬
‫جوازه يف كتبه‪.‬‬
‫فتقول‪ :‬جاء محمدِ نفسه أو جاء نفس محمد تريد التوكيد وهكذا‪ ،‬وبعض‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪281h‬‬
‫‪g‬‬
‫المجوزين لتقديم النفس والعين على المؤكد يحتجون على ذلك‬
‫بقوله‪( :‬ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ) [العُا ر‪ ،]7:‬يقولون‪ :‬المعنى ثم‬
‫لرتوهنا اليقين عينه‪ ،‬ويف هذا االستدالل نظر واهلل أعلم‪.‬‬
‫فإَّ ا قرب والظاهر يف ا ة‪ّ :‬‬
‫أن العين هنا ليست من ألفاظ التوكيد‪ ،‬وليس‬ ‫ّ‬
‫المعنى ثم لرتون اليقين عينه‪ ،‬وإنَّما المراد بالعين هنا الحقيقة‪ ،‬كقولك‪ :‬رأ ت‬
‫ح ي ة ا مر‪ ،‬رأ ت أو ح الي ين‪ ،‬رأ ت أبين الي ين‪ ،‬فلهذا يقسمون اليقين إلى‬
‫مراتب‪ ،‬أو يجعلون اليقين على مراتب‪.‬‬
‫الطالب‪.]26:20@[ :‬‬
‫ال يخ‪ :‬يجعلون اليقين على مراتب منها‪ :‬حق اليقين وعين اليقين‪ ،‬معنى ذلك‪:‬‬
‫أهنا مراتب مختلفة وليس شي ًئا واحدً ا‪.‬‬
‫و َمن قال‪ّ :‬‬
‫إن عين اليقين من ألفاظ التوكيد‪ ،‬قال‪ :‬عين اليقين بمعنى اليقين؛‬
‫ّ‬
‫ألن المعنى يختلف تقول‪ :‬جاء محمد أو جاء محمدِ نفسه‪ ،‬المعنى العام ال‬
‫يختلف وإنَّما فقط تؤكد‪ ،‬و َمن قال‪ّ :‬‬
‫إن المراد بالعين هنا الحقيقة‪ ،‬فحقيقة الشيء‬
‫ليست الشيء نفسه‪ ،‬يعني أوضح اليقين ليس اليقين‪ ،‬بل هو بعض اليقين‪ ،‬هل كل‬
‫واضحا تمام الوضوح أو بعضه أوضح من بعض؟ بعضه أوضح من بعد‪.‬‬
‫ً‬ ‫اليقين‬
‫إ ًذا أوضح اليقين ليس اليقين‪ ،‬ولكنه بعض اليقين‪.‬‬
‫فإذا كان األمر هكذا فليس المعنى يف اآلية على التوكيد‪ ،‬وعلى كل حال‪-‬كما‬
‫قياسا‪ ،‬وإنَّما النظر فقط يف االستدالل هبذه‬
‫كثير من النحويين المسألة ً‬
‫قلنا‪ -‬أجاز ٌ‬
‫اآلية‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫الطالب‪.]27:51-27:50@[ :‬‬
‫ال يخ‪ :‬إذا تقدَّ م لفظ التوكيد وقع اإلعراب عليه‪ ،‬وصار مضا ًفا والمؤكد‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪282h‬‬
‫وفاعل وتوكيد‪ ،‬لكن جاء ق ال م‪ٌ ،‬‬
‫فعل‬ ‫ٌ‬ ‫مضاف إليه‪ ،‬تقول‪ :‬جاء ال م ل ُ ٌ‬
‫فعل‬ ‫ٌ‬
‫مضاف إليه‪ ،‬والمعنى على التوكيد‪ ،‬التوكيد هنا مأخوذ من‬
‫ٌ‬ ‫مضاف والقوم‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫وفاعل‬
‫المعنى‪.‬‬
‫الطالب‪.]28:35-28:30@[ :‬‬
‫ال يخ‪ :‬نعم‪ ،‬المعنى على التوكيد جاء جميع ال م‪ ،‬يعني أهنم كلهم جاءوا‬
‫فالمعنى على التوكيد‪ ،‬يعني قولك‪ :‬جاء جميع ال م‪ ،‬ما الفرق بين جاء جميع‬
‫القوم وجاء القوم؟ المعنى العام واحد‪ ،‬المعنى التفصيلي يختلف‪ ،‬المعنى‬
‫التفصيلي جاء جميع ال م هنا نص على عدم تخلف أحدً ا منهم‪ ،‬لكن جاء ال م‪،‬‬
‫نصا يف عدم تخلف أحدٌ منه‪ ،‬قد يتخلف أحد‬
‫معناه العام أهنم جاءوا‪ ،‬لكن ليس ً‬
‫مثال أكثرهم وال أهمهم‪ ،‬أو الذي‬
‫[@‪ ]29:16‬أنت تقول‪ :‬جاء ال م‪ ،‬يعني جاء ً‬
‫جاء يكفي تحتمل هذه المعاين‪ ،‬ولكن ظاهر الكالم يف جاء ال م أهنم جاءوا‬
‫جمي ًعا‪.‬‬
‫فإذا قلت‪ :‬جاءوا جميعا‪ ،‬جاءوا جميع ُ‪ ،‬أو قلت‪ :‬جاء جميع ال م فهذا‬
‫نص‪ ،‬فالفرق يف المعنى التفصيلي ليس يف المعنى اإلجمالي‪ ،‬فهو على معنى‬
‫ٍ‬
‫حينئذ كيف يكون؟ تعرب كإعراب الحروف الزائدة حرف‬ ‫التوكيد‪ ،‬وإعراب الباء‬
‫ٍ‬
‫جر زائد‪ ،‬وحرف الجر الزائد ال يغير اإلعراب والمعنى‪ ،‬وإنَّما يغير اللفظ فقط‪.‬‬

‫فعلى ةلك‪ :‬كيف نعرب أنفس ن يف اآلية على أنه توكيد‪( ،‬ﭹ ﭺ)‬
‫[الب رة‪ ]228:‬كإعراب يرتبصن أنفسهن‪ ،‬لكن عربصن أنفس ن‪ ،‬أنفس ن‪ :‬توكيدٌ‬
‫لنون النسوة مرفوع‪ ،‬وأما (ﭹ ﭺ)‪ ،‬فالباء‪ :‬حرف ٍ‬
‫جر زائد‪ ،‬وأنفس ن‬
‫مجرور لف ًظا‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫محال‬
‫مرفوع ً‬
‫ٌ‬ ‫أنفس‪ :‬توكيدٌ لنون النسوة يف محل رفع‪ ،‬أو نقول‪:‬‬

‫يعني ال نقول‪( :‬ﭺ) ٌ‬


‫جار ومجرور‪ ،‬وإنَّما يبقى على اإلعراب السابق‪،‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪283h‬‬
‫‪g‬‬
‫مرارا‪.‬‬
‫اإلعراب ال يتغير بحرف الجر الزائد‪ ،‬وقد نبهنا على ذلك ً‬
‫مسٌلةِ‪ :‬ما الفرق بين ق لنا‪ :‬جسنا جميعا‪ ،‬وجسنا أجمع َّ‪ ،‬وجسنا جميعنا؟ أما‬
‫جسنا أجمع َّ وجسنا جميعنا فٌجمع َّ وجميعنا من ألفاظ التوكيد المعنوي‪،‬‬
‫ٍ‬
‫حينئذ على التوكيد‪ ،‬جسنا يعني كأنك قلت‪ :‬جسنا لنا‪ ،‬وأما قولك‪ :‬جسنا‬ ‫فالكالم‬
‫ألن لفظ التوكيد المعنوي ال ُبدَّ ْ‬
‫أن يكون فيه‬ ‫جميعا‪ ،‬فَميعا هنا‪-‬كما سبق‪ -‬حال؛ ّ‬
‫ضمير‪ :‬إما ظاهر جميع ُ أو مقدر ٌجمع َّ‪ ،‬حال جسنا جميعا حال بمعنى جئنا‬
‫مجتمعين‪ ،‬يعني جئنا يف هذه الحالة‪.‬‬
‫ٍ‬
‫حينئذ يتضح‪ ،‬فَسنا جميعا يعني جئنا يف هذه الحالة‪،‬‬ ‫فالفرق من حيث المعنى‪:‬‬
‫جئنا ونحن مجتمعون‪ ،‬يعني أتينا م ًعا‪ ،‬أتينا مع بعض‪ ،‬أتينا جمي ًعا مع بعض‪ ،‬لكن‬
‫جسنا أجمع َّ أو جسنا جميعنا‪ ،‬يعني كلنا جاء وحضر اآلن‪ ،‬لكن ربما بعضنا جاء‬
‫قبل بعض‪ ،‬بعضنا جاء اآلن‪ ،‬وبعضنا جاء قبل نصف ساعة‪ ،‬وبعضنا جاء قبل ربع‬
‫ساعة‪ ،‬لكن النتيجة أننا جئنا أجمعون‪ ،‬هذا معنى الداللة على الشمول واإلحاطة‪.‬‬
‫الطالب‪.]32:56-32:54@[ :‬‬
‫ال يخ‪ :‬ال‪ ،‬أما الفرق بين معا وجميعا فهذا فيه كالم لثعلب وهو ُيض َعف‪ ،‬يعني‬
‫فيه شي ٌء من الضعف‪ ،‬لكن جميعا تدل على االجتماع عمو ًما بمعنى مجتمعين‪،‬‬
‫جسنا مَعمعين‪ ،‬وكذلك معا معناها األصلي اللغوي وهي الداللة على المعية أننا‬
‫جئنا م ًعا‪.‬‬
‫الطالب‪.]33:24@[ :‬‬
‫ال يخ‪ :‬ال اإلعراب نعم‪ ،‬إعراب معا حال إذا انتصبت ونونت جسنا معا حال‪،‬‬
‫لكن إذا أضيفت جست مع ه د فهو ظرف‪ ،‬مع األصل أنه ظرف زمان أو مكان‪،‬‬
‫جست مع الصباو ظرف زمان‪ ،‬جست مع ه د ظرف مكان‪ ،‬فإذا نونت جئنا م ًعا‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪284h‬‬
‫صارت ً‬
‫حاال بمعنى جئنا جمي ًعا‪.‬‬
‫فإَّ قال قائق‪ :‬هل يجوز ْ‬
‫أن نقول‪ :‬جسنا أجمعين؟ جسنا أجمع َّ هذا توكيد‬ ‫ْ‬
‫مرفوع؛ ألنه توكيدٌ للفاعل‪ ،‬وجسنا جميعنا توكيدٌ مرفوع‪ ،‬جسنا جميعا حال انتصب‪،‬‬
‫هل نقول‪ :‬جسنا أجمعين على الحالية؟ الَ اب‪ :‬ال‪ ،‬أجمع ال يأيت ً‬
‫حاال‪ ،‬فليس مثل‬
‫جميع مر ن‪:‬‬
‫ٍ‬
‫مضاف إليه‬ ‫‪ -‬ا ول‪ّ :‬‬
‫أن األصل يف ألفاظ التوكيد أهنا معارف على نية‬
‫محذوف‪ ،‬فٌجمع َّ وأجمعين بمعنى جميعهم‪.‬‬
‫‪ -‬وا مر الَاين وه أو ح‪ّ :‬‬
‫أن أجمعين لو كان تاب ًعا لمرفوع لقيل‪ :‬أجمع َّ‪،‬‬
‫كاآليات الذي ذكرناها من قبل (ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ) [الحَر‪،]30:‬‬
‫(ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ) [ال عراء‪ ،]95-94:‬ويف الحديث‬
‫قال ‪ « :‬من ا أجمع َّ»‪ ،‬فهذا يدل على أهنا من ألفاظ التوكيد من‬
‫التوابع‪ ،‬وليست ً‬
‫حاال تلزم النصب‪.‬‬
‫‪ :‬هل كلمة ةاَ من ألفاظ التوكيد المعنوي؟‬ ‫مسٌل ِة أميرة يف الع يد المعن‬
‫ّ‬
‫فإن بعض النَّاس اليوم يستعملها من ألفاظ التوكيد المعنوي (ةاَ)‪ ،‬يقولون‪ :‬جاء‬
‫ٍ‬
‫بلفظ آخر‬ ‫محمدِ ةا ه‪ ،‬وإذا قيل‪ :‬أه فالَّ؟ يقول‪ :‬ه ةا ه‪ ،‬وبالعامية يقولوهنا‬
‫فيجعلون ذا ًتا من ألفاظ التوكيد المعنوي‪ ،‬فالَ اب‪ّ :‬‬
‫أن هذا لم ُيسمع من كالم‬
‫العرب‪ ،‬هذا ما يتع َّلق بالتوكيد المعنوي‬
‫هذا كله فيما يتع َّلق بالتوكيد المعنوي‪ ،‬واآلن ننتقل مع ابن مالك‪ ‬إلى‬
‫خصه ابن مالك‪ ‬بأربعة أبيات يف آخر هذا‬
‫الكالم على التوكيد اللفظي الذي َّ‬
‫الباب وفيها يقول‪:‬‬
‫للللر َرا َ َ لال َ‬
‫للللك ا ْد در اجلللللي ا ْد در اجلللللي‬ ‫لللللد َل ْفظالللللي َ ا‬
‫َلللللي دم َُل َّ‬
‫وملللللا املللللن ال َّع اي ا‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪285h‬‬
‫‪g‬‬

‫للللله دو اصلللللق‬
‫للللَ با ا‬
‫ْ‬
‫لللللظ ا َّلل ا‬
‫للللللمير مع اَّصلللللللق إااَّ ملللللع ال َّل ْف ا‬
‫َ َ‬ ‫ْ د‬
‫للللللظ َ ل ا‬ ‫َواَ ادعلللللللدْ َل ْفل َ‬
‫ا‬
‫اب َللللللللنَ َع ُْ َو َ َب َلللللللللى‬ ‫للللر َملللللا ََح َّصلللللالَ بالللللللله َجلللللللل َ ِ‬
‫وف َغ ْيل َ‬ ‫للللر د‬ ‫الحل د‬ ‫َل َ‬
‫للللَا د‬
‫ا‬
‫للللللم ْير ا ََّصللللللق‬ ‫َّ‬
‫دللللللق َ‬ ‫لللد ا ْن َفصللللق َأ للللللدْ با ا‬
‫لللللله‬ ‫لللَ َقل ا‬‫وم ْاللللمر الر ْفلللل اع ا َّلل ا‬
‫َ‬ ‫َ َ َّ‬ ‫َد‬
‫ابتدأ كالمه على التوكيد اللفظي بتعريفه والتمثيل له‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫دمُ ََّر َرا‬ ‫َ ا‬
‫َي‬ ‫َو َما ام َن ال َّع ا ْي اد َل ْفظاي‬
‫مكررا من اللفظ األول‪ ،‬ف دي ال يف عر ف‬
‫ً‬ ‫إ ًذا فالتوكيد اللفظي هو ما يجيء‬
‫الع يد اللفظي‪ :‬هو تكرير اللفظ السابق‪ ،‬نحو‪ :‬ةهب ةهب محمد‪ ،‬وةهب محمدِ‬
‫محمدِ ‪ ،‬وةهب محمدِ ةهب محمدِ ‪ ،‬وةهبت ةهبت‪ ،‬وم َّثل ابن مالك على ذلك‬
‫خطاب للمؤنث فنثبت‬
‫ٌ‬ ‫بقوله‪ َ َ ( :‬لا َ‬
‫ك ا ْد در اجي ا ْد در اجي)‪( ،‬ا ْد در اجي ا ْد در اجي) هل هو‬
‫خطاب للمذكر فال نثبت ياء‬
‫ٌ‬ ‫ياء المخاطبة وأصله ادرجي ادرجي‪ ،‬أم هو‬
‫المخاطبة‪ ،‬وأصله‪ :‬ادرج ادرج؟ الوجهان محتمالن‪ ،‬ولكن الذي يف نسخ [األلفية]‬
‫ٍ‬
‫قليلة جدًّ ا جاءت بحذف الياء‪ ،‬وهذا كأنه‬ ‫إثبات الياء (ا ْد در اجي ا ْد در اجي)‪ ،‬إال يف ٍ‬
‫نسخ‬
‫اجتهاد من الكاتب‪.‬‬

‫ومن التوكيد اللفظي وهو كثير‪ -‬قوله‪( :‬ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ‬


‫ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ) [الفَر‪ ،]22-21:‬فد ا الَانية وصفا الَانية‬
‫توكيدٌ لفظي‪ ،‬ومن ذلك قوله ‪« :‬فنُاح ا با ِق با ِق با ق»‪،‬‬
‫«فنُاح ا»‪ :‬مبتدأ‪« ،‬وبا ِق»‪ :‬خرب‪ ،‬و«با ِق» الثانية‪ :‬توكيدٌ أول للخرب‪ ،‬و«با ِق»‬
‫الثالثة‪ :‬توكيدٌ آخر للخرب‪.‬‬
‫قال بعض النح ين الدماميني‪ :‬غاية ما يصل إليه التوكيد اللفظي التوكيد‬
‫بتكراره مرتين‪ ،‬يعني يكون مرتين مع المؤكد ثالث مرات‪ ،‬هذا أقصى ما ُسمع عن‬
‫محتاجا إلى‬
‫ً‬ ‫وإن كان القياس ال يمنع ْ‬
‫أن تزيد على ذلك إذا رأيت المعنى‬ ‫العرب‪ْ ،‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪286h‬‬
‫ذلك‪.‬‬
‫ومن ذلك قول الشاعر‪:‬‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫َف َ‬
‫احلللبا ا‬
‫س‬ ‫س ْ‬ ‫لللللن الن َََّلللللا دة با َب ْ َلعلللللي َأ َ لللاَ َأ َ لللاَ الالح د للل ََّ ْ‬
‫احلللبا ا‬ ‫لللللٌ ْ َن إا َللللللى َأ ْ َ‬
‫فأكد مرتين‪ ،‬ومن ذلك قول الشاعر‪:‬‬
‫لللللُ علللللالُ علللللالُ ل لللللاه مفع لللللرا وجاهللللللق جاهللللللق ل للللللاه مرهوقللللللا‬
‫فالظاهر من البيت‪ّ :‬‬
‫أن عالُ الَانية توكيد‪ ،‬وجاهق الَانية توكيد‪ ،‬وقال ربيعة بن‬
‫مقرون‪:‬‬
‫لللللللللي اسلللللللللعَابا‬
‫َ‬ ‫وإَّ دد اعل‬
‫مللللللللللل د ه ْ‬ ‫أملللل َ أملللل َ َمللللن للللدن و رجلللل‬

‫ومن ذلك قوله‪( :‬ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ) [المؤمن َّ‪ ،]36:‬واألمثلة‬


‫على ذلك والشواهد كثيرة‪ ،‬وقولنا يف التعريف للتوكيد اللفظي‪ :‬هو تكرير اللفظ‬
‫السابق‪ ،‬سوا ٌء كان هذا التكرير لف ًظا ومعنى كاألمثلة السابقة‪ ،‬أو كان معنًى ال لف ًظا‬
‫كقولك‪ :‬أنا به جد ِر قمن‪ ،‬فَد ِر‪ :‬هو الخرب‪ ،‬وقمن‪ :‬توكيدٌ للخرب وليس خربًا‬
‫آخر‪.‬‬
‫ناجح ناجح‪ ،‬ويف الفعل‪:‬‬
‫ِ‬ ‫فالتوكيد اللفظي على ذلك يكون يف االسم‪ ،‬محمدِ‬
‫نَح نَح محمدِ ‪ ،‬والحرف‪ :‬كقولك‪ :‬ا ا أر د‪ ،‬والجملة‪َ :‬هبت ةهبت‪ ،‬وشبه‬
‫الجملة‪ :‬محمدِ يف البيت يف البيت‪ ،‬ويكون يف المعرفة‪ ،‬ويكون يف النكرة بال‬
‫خالف‪ ،‬كقوله‪( :‬ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ) [الفَر‪ ،]21:‬الخالف يف توكيد‬
‫النكرة توكيدً ا معنو ًيا كما سبق‪ ،‬أما يف التوكيد اللفظي ال خالف‪.‬‬
‫ُ بعد ةلك ل ابن مالك‪:‬‬
‫للللله دو اصلللللق‬
‫لللللَ با ا‬
‫ْ‬
‫لللللظ ا َّل ا‬
‫للللللمير مع اَّصلللللللق إااَّ ملللللع ال َّل ْف ا‬
‫َ َ‬ ‫ْ د‬
‫للللللظ َ ل ا‬
‫َواَ ادعلللللللدْ َل ْفل َ‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪287h‬‬
‫‪g‬‬
‫يقول‪ :‬إذا أردت توكيد الضمير المتصل توكيدً ا لفظ ًيا‪ ،‬فيجب تكرير ما اتصل‬
‫أن‬ ‫ٍ‬
‫بضمير متصل‪ ،‬تريد ْ‬ ‫معه‪ ،‬فإذا قلت‪ :‬ةهبت‪ ،‬فأردت ْ‬
‫أن تؤكد التاء توكيدً ا لفظ ًيا‬
‫تؤكد التاء بتاء‪ ،‬فيجب ْ‬
‫أن تكرر مع التوكيد ما اتصل بالمؤكد‪ ،‬فتقول‪ :‬ةهبت‬
‫ةهبت‪ ،‬مررَ بك بك‪ ،‬هَا عابك عابك‪ ،‬وال تقول‪ :‬مررَ بُك‪ ،‬وهذا واضح‪،‬‬
‫لكن وجب أ ْن ُينبه عليه‪.‬‬
‫ُ قال ابن مالك‪:‬‬
‫ا‬
‫للللر َملللللا ََح َّصلللللالَ بالللللللله َجلللللللل َ ِ‬
‫اب َللللللللنَ َع ُْ َو َ َب َلللللللللى‬ ‫وف َغ ْيل َ‬
‫للللر د‬
‫الحل د‬ ‫َل َ‬
‫للللَا د‬
‫يقول‪ :‬إذا أدرت توكيد الحرف توكيدً ا لفظ ًيا‪ ،‬فيجب ْ‬
‫أن تكرر ما اتصل‬
‫وف) يعني‪ :‬الحروف حكمها حكم الضمير المتصل‪ ،‬إذا‬ ‫به‪ ،‬يقول‪َََ ( :‬ا د‬
‫الح در د‬
‫أن تؤكد حر ًفا توكيدً ا لفظ ًيا فيجب ْ‬
‫أن تكرر ما اتصل به‪ ،‬هذا معنى قول ابن‬ ‫أردت ْ‬
‫ناجح‪ ،‬فيجب ْ‬
‫أن‬ ‫ِ‬ ‫إَّ ه دا‬ ‫أن تؤكد ّ‬
‫إن يف قولك‪ّ :‬‬ ‫وف)‪ ،‬فإذا أردت ْ‬ ‫مالك‪َََ ( :‬ا د‬
‫الح در د‬
‫ناجح‪،‬‬
‫ِ‬ ‫إَّ ه دا‬
‫إَّ ّ‬ ‫ناجح‪ ،‬فتكرر ّ‬
‫إن وما اتصل هبا‪ ،‬وال تقول‪ّ :‬‬ ‫ِ‬ ‫إَّ ه دا‬
‫إَّ ه دا ّ‬
‫تقول‪ّ :‬‬
‫وتقول‪ :‬محمدِ يف البيت‪ ،‬فإذا أردت ْ‬
‫أن تكرر يف‪ ،‬فتقول‪ :‬محمدِ يف البيت يف البيت‪،‬‬
‫وال تقول‪ :‬محمدِ يف يف البيت‪ ،‬هذا معنى كالم ابن مالك‪.‬‬
‫َّ‬
‫وشذ عن ذلك قول الشاعر‪:‬‬
‫لللللار ده قللللللد لللللليما‬
‫لللللر ن َمللللللن أجل َ‬
‫إَّ الُلللللللر ُ دحللللللللُ ملللللللا للللللللُ ل َ‬
‫إَّ ّ‬
‫ّ‬
‫فكرر ّ‬
‫إن ولم يكرر ما اتصل هبا‪ ،‬و ُيستثنى من الحروف حروف الجواب‪،‬‬
‫الحروف التي ُيجاب هبا‪ ،‬فإذا أردت ْ‬
‫أن تؤكدها توكيدً ا لفظ ًيا فال يجب فيها ذلك‪،‬‬
‫أن تكررها وحدها‪ْ ،‬‬
‫وأن تكرر معها ما شئت‪ ،‬والمراد بحروف الَ اب‪:‬‬ ‫يجوز ْ‬
‫نعُ وا وبلى وأجق وإ ‪ ،‬ونحو ذلك من حروف الجواب‪.‬‬
‫فإذا قيل‪ :‬هق جاء محمد؟ تقول‪ :‬نعُ‪ ،‬نعُ‪ ،‬أو تقول‪ :‬ا‪ ،‬ا‪ ،‬أو تقول‪ :‬أجق‪،‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪288h‬‬
‫أجق‪ ،‬أو تقول‪ :‬إ ‪ ،‬إ ‪ ،‬ونحو ذلك‪.‬‬
‫ومن ذلك قول جميل لبثينة وهو جميل بن عبد اهلل بن معمر العذري قال‪:‬‬
‫لللي م ا للللا وع لللل دا‬
‫ا ا أبللللللل و بحلللللللب بَنلللللللة إن لللللللا إن للللا أمللللََ علل ّ‬
‫كالم شعراء‪ ،‬يقول‪( :‬ا أب و بحب) مع أنه ذكَر ذلك يف الشعر‪ ،‬والشعر أسير‬
‫يفرقون بين حروف الجواب وغيرها السمع‪،‬‬
‫كال ًما عند العرب‪ ،‬والذي جعلهم ِّ‬
‫ّ‬
‫فإن السمع جاء بتكرير حروف الجواب دون غيرها إال ما ذكرنا شذوذه قبل قليل‪.‬‬
‫ُ خعُ ابن مالك‪ ‬المه على الع يد اللفظي ومعه خعُ المه على‬
‫باب الع يد ب له‪:‬‬
‫ا‬
‫للللللم ْير ا ََّصللللللق‬ ‫َّ‬
‫دللللللق َ‬ ‫لللد ا ْن َف َصللللق َأ للللللدْ بالللللل اه‬
‫لللَ َقل ا‬
‫وم ْاللللمر الر ْفلللل اع ا َّلل ا‬
‫َ َ َّ‬ ‫َد‬
‫ٍ‬
‫ضمير متصل‪ ،‬سوا ٌء كان ضمير‬ ‫يقول‪ :‬يجوز ْ‬
‫أن تؤكد بالضمير المنفصل كل‬
‫رفع أم ضمير نصب أم ضمير جر‪ ،‬ضمير الرفع المنفصل وهو أنا وأنت وه كما‬
‫ٍ‬
‫ضمير متصل‪ ،‬سوا ٌء كان ضمير رفع مت أنا‪،‬‬ ‫نعرف ذلك‪ ،‬لكن ْ‬
‫أن تؤكد به كل‬
‫أو قمت أنت‪ ،‬أو قام ه ‪ ،‬قمت أنا التوكيد أنا‪ ،‬والمؤكد العاء‪ ،‬قمت أنت‪ ،‬التوكيد‪:‬‬
‫أنت‪ ،‬والمؤكد العاء‪.‬‬
‫قام ه ‪ ،‬الع يد‪ :‬ه ‪ ،‬والمؤكد‪ :‬الضمير المسترت فاعق قام الذي يقولون فيه‪:‬‬
‫ضمير مسترت تقديره هو‪ ،‬فهو الظاهرة ليست هي الفاعل؛ ّ‬
‫ألن الضمير هنا مسترت‬ ‫ٌ‬
‫والمسترت ال يربز‪ ،‬المسترت ليس له لفظ‪ ،‬ولكن هذا الظاهر توكيدٌ للضمير المسترت‬
‫فاعال‪ ،‬هذا يف ضمير الرفع وكذلك تؤكد بضمير الرفع المنفصل ضمير‬
‫ً‬ ‫الواقع‬
‫النصب المتصل‪ ،‬تقول‪ :‬أ رمعك أنت‪ ،‬وأ رمعه ه ‪ ،‬ومحمدِ أ رمني أنا‪.‬‬
‫فإذا قلت‪ :‬أ رمعك أنت‪ ،‬فٌنت نقول‪ :‬توكيدٌ لفظي؛ للكاف ّ‬
‫ألن ضمير الرفع‬ ‫ٌ‬
‫المنفصل أنت يجوز ْ‬
‫أن تؤكد به كل الضمائر المتصلة‪ ،‬فهو من ألفاظ التوكيد‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪289h‬‬
‫‪g‬‬
‫اللفظي‪.‬‬
‫الطالب‪.]50:44@[ :‬‬
‫ال يخ‪ :‬نعم‪ ،‬سيأيت‪ ،‬سيأيت‪ ،‬ال تستعجل‪.‬‬
‫وكذلك يف الجر‪ ،‬تقول‪ :‬مررَ بك أنت‪ ،‬ومررَ به ه ‪ ،‬ومحمدِ مر بي أنا‪،‬‬
‫ٍ‬
‫ضمير متصل‪،‬‬ ‫وهكذا‪ ،‬نقول‪ :‬يجوز ْ‬
‫أن تؤكد بالضمير بضمير الرفع المنفصل كل‬
‫يجوز وال يجب‪ ،‬يجوز أي يجوز وج ٌه آخر‪ ،‬يجوز هذا ْ‬
‫أن تؤكد الضمير المتصل‬
‫ٍ‬
‫نصب‬ ‫أن تؤكد ضمير النصب المتصل بضمير‬ ‫بضمير الرفع المنفصل‪ ،‬ويجوز ْ‬
‫منفصل‪.‬‬
‫لفظي‬ ‫توكيدٌ‬ ‫الُاف‬ ‫اَ‪،‬‬ ‫إ‬ ‫رمعك‬ ‫أ‬ ‫اه‪،‬‬ ‫إ‬ ‫رمعه‬ ‫وأ‬ ‫اَ‪،‬‬ ‫إ‬ ‫رمعك‬ ‫أ‬ ‫‪:‬‬ ‫ٍ‬
‫حينئذ‬ ‫فتقول‬
‫ٌ‬
‫لفظي للكاف‪ ،‬هذا مذهب الكوفيين واختاره ابن مالك‪ ،‬وهو الظاهر‬ ‫ٌ‬ ‫إ اَ توكيدٌ‬
‫واألقرب‪ ،‬وأما البصريون فإهنم يرون يف هذا المثال ّ‬
‫أن إ اَ بدل‪ ،‬وليس من‬
‫التوكيد اللفظي‪.‬‬
‫إ ًذا يجوز هذا ويجوز هذا‪.‬‬
‫ٍ‬
‫بضمير مثله‪ ،‬قمت‪ ،‬ثم‬ ‫الث ة رناها من قبق‪ :‬قمت ْ‬
‫أن تؤكده‬ ‫و َ ه وج ِه ِ‬
‫أن تعيد ما اتصل بالضمير المتصل‪ ،‬تقول‪ :‬قمت‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫فحينئذ يجب ْ‬ ‫تؤكد التاء بتاء‪،‬‬
‫قمت‪.‬‬
‫قمت َ‬
‫قمت‪َ ،‬‬
‫قمت د‬
‫قمت‪ َ ،‬ه‪ ،‬د‬

‫‪ ‬خنتم الكالم على التوكيد اللفظي بذكر بعض املسائل أيضًا‪:‬‬


‫فن ل‪ :‬مسٌلةِ‪ :‬يجوز يف التوكيد اللفظي للجملة إذا كان التوكيد اللفظي جملةً‪،‬‬
‫أن يقرتن بحرف العطف ُ‪ ،‬وهو األكثر يف كالم العرب‪ ،‬كقوله تعالى‪( :‬ﭝ‬
‫فيجوز ْ‬
‫لفظي ل(ﭝ‬
‫ٌ‬ ‫ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ) [النبٌ‪( ،]4،5:‬ﭝ ﭞ) األخرى‪ :‬توكيدٌ‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪290h‬‬
‫ٍ‬
‫عطف دخل على التوكيد‪.‬‬ ‫ﭞ) األولى‪ ،‬و(ﭢ)‪ :‬هنا نقول‪ :‬حرف‬

‫ومن ذلك قوله تعالى‪( :‬ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ)‪( ،‬ﮑ ﮒ ﮓ) الثانية‬


‫توكيدٌ لألولى‪ ،‬ومن ذلك قوله تعالى‪( :‬ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ‬
‫ﮨ) [اانفطار‪ ،]17،18:‬ويجوز يف التوكيد اللفظي للجملة أال تأيت معها‬
‫بحرف عطف‪ ،‬هذا هو األصل من حيث القياس‪.‬‬
‫لكن يف السماع هو األقل‪ ،‬يعني األكثر يف السماع ّ‬
‫أن تأيت الجملة المؤكد هبا‬
‫مقرتن ًة بَُ‪ ،‬وأال تأيت مقرتن ًة بَُ هذا هو القليل ْ‬
‫وإن كان هو األصل هو القياس‪،‬‬
‫ومن ذلك قوله تعالى‪( :‬ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ) [ال رو‪ ،]5،6:‬ومن ذلك‬
‫قوله ‪« :‬واهلل غ وَّ قر ا‪ ،‬واهلل غ وَّ قر ا‪ ،‬واهلل غ وَّ‬
‫قر ا»‪.‬‬
‫ر‪« :‬أا و ادة ال ور‪ ،‬أا و ادة ال ور»‪ ،‬فما زال‬ ‫ومن ةلك الحد ث الم‬
‫يكررها‪ ،‬ويجب عدم العاطف عند اإليهام‪ ،‬لو أوقع العاطف يف إيهام فيجب حذفه‬
‫ربت ه دا‬ ‫وعدم اإلتيان به؛ ّ‬
‫ألن كل ما يسبب اللبس يجب دفعه‪ ،‬كقولك‪:‬‬
‫ربت ه دا‪ ،‬وأنت تريد التأكيد فقط تأكيد األمر‪ ،‬ربت ه دا ربت ه دا‪.‬‬
‫فلو قلت‪ :‬ربت ه دا‪ ُ ،‬ربت ه دا‪ ،‬ألوهم ذلك أنك ضربته مرتين بينهما‬
‫مهلة‪ ،‬وأنت ال تريد ذلك‪ ،‬تريد أنك ضربته ولكن ْ‬
‫أن تؤكد المعنى‪ ،‬فتقول‪ :‬ربت‬
‫ه دا ربت ه دا‪.‬‬
‫فإَّ قال قائق‪ :‬قوله ‪« :‬واهلل غ وَّ قر ا‪ ،‬واهلل غ وَّ‬
‫ْ‬
‫لفظي بجملة بعاطف أم بغير عاطف؟ بغير عاطف‪ ،‬والواو هذه‬
‫ٌ‬ ‫قر ا»‪ ،‬هذا توكيدٌ‬
‫إن نحو قوله تعالى‪( :‬ﭝ‬
‫واو القسم وليست الواو العاطفة‪ ،‬وقال بعض النحويين‪ّ :‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪291h‬‬
‫‪g‬‬

‫ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ) [النبٌ‪ ،]4،5:‬ليس من التوكيد اللفظي لوجود العاطف‪،‬‬


‫بل هو من أسلوب العطف‪ ،‬هذا من أسلوب العطف وليس من أسلوب التوكيد‬
‫عند بعض النحويين‪.‬‬
‫أخذا بالمعنى‪ّ ،‬‬
‫فإن ظاهر‬ ‫لكن أكثر النحويين يجعلون ذلك من باب التوكيد ً‬
‫أن المراد هبا التأكيد‪ ،‬وليس المراد هبا العطف‪( ،‬ﭝ ﭞ ﭟ‬
‫اآليات واهلل أعلم ّ‬
‫ﭠ ﭡ ﭢ)‪ ،‬ليس المعنى أهنم سيعلمون‪ ،‬ثم بعد مدة سيعلمون مر ًة أخرى‪ ،‬وإنَّما‬
‫المعنى واهلل أعلم لمراده تأكيد األمر‪.‬‬
‫منفصال‪ ،‬وأردت ْ‬
‫أن تؤكده تأكيدً ا لفظ ًيا‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ضميرا‬
‫ً‬ ‫مسٌلة أمر ‪ :‬إذا كان المؤكد‬
‫فإنك تكرره وحده‪ ،‬يعني ال يجب ْ‬
‫أن تكرر معه شي ًئا‪ ،‬تقول‪ :‬أنا ناجح‪ ،‬فتؤكد‬
‫فتقول‪ :‬أنا أنا ناجح‪ ،‬وتقول‪ :‬أنت أنت أمي‪ ،‬وتقول‪ :‬إ اَ إ اَ نعبد‪ ،‬وتقول‪ :‬لُ َأر‬
‫إا إ اه إ اه‪.‬‬
‫متصال‪ ،‬هذه المعلومة سبقت من قبل‪ ،‬اآلن‬
‫ً‬ ‫مسٌلة‪ :‬إذا كان المؤكد ضمير رف ٍع‬
‫ٍ‬
‫بطريقة أخرى‪ ،‬إذا كان المؤكد ضمير رف ٍع‬ ‫أن ننسقها ْ‬
‫وأن نعرضها‬ ‫فقط نريد ْ‬
‫متصال‪ ،‬فكيف تؤكده توكيدً ا لفظ ًيا‪ ،‬يجوز ْ‬
‫أن تؤكده بضمير رف ٍع منفصل‪ ،‬فتقول‪:‬‬ ‫ً‬
‫قمت أنا‪ ،‬ومن ذلك قوله تعالى‪( :‬ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ)‬
‫[ا نبياء‪( ،]54:‬ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸﭹ) [ا نعام‪( ،]91:‬ﯕ ﯖ‬
‫ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ) [الب رة‪ ،]35:‬ويجوز ْ‬
‫أن يؤكد بضمير رف ٍع متصل‪،‬‬
‫أن تكرر ما اتصل به‪ ،‬فتقول‪ :‬قمت قمت‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫حينئذ ْ‬ ‫فيجب‬
‫متصال‪ ٌ ،‬رمعك‪ ،‬فيجوز ْ‬
‫أن تؤكده‬ ‫ً‬ ‫ٍ‬
‫نصب‬ ‫مسٌلة‪ :‬إذا كان المؤكد ضمير‬
‫أن تكرر معه ما اتصل به‪ ،‬نحو‪ :‬أ رمعك‬ ‫ٍ‬
‫حينئذ ْ‬ ‫نصب متصل‪ ،‬فيجب‬‫ٍ‬ ‫بضمير‬
‫أن تؤكده بضمير رف ٍع منفصل‪ ،‬فتقول‪ :‬أ رمعك أنت‪ ،‬ويجوز أ ْن‬
‫أ رمعك‪ ،‬ويجوز ْ‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪292h‬‬
‫ٍ‬
‫نصب منفصل‪ ،‬فتقول‪ :‬أ رمعك إ اَ‪ ،‬وهذه المسألة أ رمعك إ اَ‬ ‫تؤكده بضمير‬
‫قلنا فيها خالف‪ ،‬الكوفيون وابن مالك يرون ّ‬
‫أن إ اَ توكيد‪ ،‬والبصريون يرون أنه‬
‫بدل‪ ،‬واألقرب يف ذلك أنه توكيد‪.‬‬
‫أن تؤكده‬‫متصال مررَ بك‪ ،‬فيجوز ْ‬‫ً‬ ‫مسٌلة‪ :‬إذا كان المؤكد ضمير ٍ‬
‫جر‬
‫أن تكرر ما اتصل به‪ ،‬فتقول‪ :‬مررَ بك بك‪ ،‬ويجوز أ ْن‬ ‫بضمير ٍ‬
‫جر متصل‪ ،‬فيجب ّ‬
‫تؤكده بضمير رف ٍع منفصل‪ ،‬فتقول‪ :‬مررَ بك أنت‪ ،‬كل ذلك شرحناه لكن فقط‬
‫اآلن نحاول ْ‬
‫أن نرتب هذه المسائل‪.‬‬
‫مسٌلة‪ :‬نح ق لنا‪ :‬أ رمعك أ رمعك‪ ،‬حعمق أمر ن‪:‬‬
‫أن تكون أ رمعك الَانية من توكيد الجملة‪ ،‬يعني أردت ْ‬
‫أن تؤكد جملة‬ ‫‪ْ -‬‬
‫أ رمعك فقلت‪ :‬أ رمعك أ رمعك‪.‬‬
‫أن تكرر‬ ‫ٍ‬
‫بضمير متصل‪ ،‬فوجب ْ‬ ‫‪ -‬ويجوز ْ‬
‫أن تكون من تأكيد الضمير المتصل‬
‫مع الضمير المتصل ما اتصل معه‪ ،‬أ رمعك أ رمعك‪ ،‬وهذا يعود إلى نية المتكلم‪.‬‬
‫الطالب‪.]01:02:17-01:02:15@[ :‬‬
‫أن تؤكد الجملة أم أردت ْ‬
‫أن‬ ‫ال يخ‪ :‬يف فرق يف المعنى التفصيلي أنت أردت ْ‬
‫تؤكد الضمير فقط‪.‬‬
‫مسٌلة‪ :‬نح ق لك‪ :‬مررَ بك‪ ،‬مررَ بك بك‪ ،‬حعمق أ اا أمر ن‪:‬‬
‫أن يكون من توكيد شبه الجملة‪ ،‬يعني قصدت ْ‬
‫أن تؤكد الجار والمجرور‬ ‫‪ْ -‬‬
‫م ًعا‪.‬‬
‫أن يكون من توكيد الضمير المتصل‪ ،‬يعني أردت ْ‬
‫أن تؤكد الضمير‬ ‫‪ -‬ويحتمل ْ‬
‫أن تكرر معه ما اتصل به‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫حينئذ ْ‬ ‫المتصل وحده‪ ،‬لكن وجب‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪293h‬‬
‫‪g‬‬
‫ومن ذلك قول الشاعر‪:‬‬
‫وإين إليك إليك قلد وج لت وج لي‬ ‫عليلللللللللك عليلللللللللك مععملللللللللد‬
‫مسٌلة‪ :‬عند تكرير االسم الظاهر‪ ،‬التوكيد اللفظي يعتمد على التكرير‪ ،‬عند‬
‫أن تعيده بلفظه‪ ،‬ويجوز ْ‬
‫أن تعيده بضميره كل ذلك يف‬ ‫تكرير االسم الظاهر يجوز ْ‬
‫أن تقول‪ :‬أ رمت ه دا‪ ،‬أ رمت ه دا‪ ،‬ويجوز أ ْن تقول‪:‬‬
‫التوكيد اللفظي‪ ،‬فيجوز ْ‬
‫ناجح‪ ،‬أو‬
‫ِ‬ ‫إَّ ه دا إَّ ه دا‬
‫أ رمت ه دا أ رمعه‪ ،‬وهذا من التوكيد اللفظي‪ ،‬وتقول‪ّ :‬‬
‫إَّ ه دا الَ‬
‫ناجح‪ ،‬وكلما طال كان التكرير أفضل‪ ،‬كقولك‪ّ :‬‬
‫ِ‬ ‫تقول‪ :‬إَّ ه دا إنه‬
‫رغب يف العخرج بع فق إنه ناجح‪ ،‬قال تعالى‪( :‬ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ‬
‫ﯸ ﯹ) [الروم‪.]49:‬‬

‫مسٌلة‪ :‬نحو قوله تعالى‪( :‬ﯤ ﯥ ﯦ ﯧﯨ) [المائدة‪ ،]117:‬ماذا‬


‫أن يكون ضمير‬‫يجوز يف أنت يف نحو اآلية؟ (ﯤ ﯥ ﯦ)‪ ،‬يجوز يف أنت ْ‬
‫فصل‪ ،‬فال محل له من اإلعراب‪ْ ،‬‬
‫وأن يكون توكيدً ا لفظ ًيا‪ ،‬فهو يف محل رفع‪ ،‬وأما‬
‫يف قوله تعالى‪( :‬ﮉ ﮊ ﮋ) [ا نبياء‪ ،]64:‬فيَ ه يف (أنعُ) ال ة أوجه‪:‬‬
‫‪ْ -‬‬
‫أن يكون ضمير فصل‪ ،‬فال محل له من اإلعراب‪.‬‬
‫‪ْ -‬‬
‫وأن يكون توكيدً ا لفظ ًيا لكاف المخاطب‪.‬‬
‫وأن يكون مبتد ًأ والظالمون خربه‪ ،‬وهذا الوجه الثالث وهو أضعفها‪.‬‬
‫‪ْ -‬‬

‫مسٌلة‪ :‬ليس من التوكيد اللفظي نحو قوله‪( :‬ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ)‬


‫ٍ‬
‫واحدة ترجع لما قبلها‪ ،‬وذلك‬ ‫[الرحمن‪ ،]13:‬وقوله‪( :‬ﯦ ﯧ ﯨ)‪ ،‬بل كل‬
‫أن اهلل‪ ‬يذكر معنًى من المعاين‪ ،‬ثم يقول‪( :‬ﯦ ﯧ ﯨ)‪ ،‬أي لمن‬
‫ّ‬
‫يكذب هبذا المعنى المذكور‪ ،‬يبقى الكالم على إعراب التوكيد اللفظي‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫وصلى اهلل وسلُ على نبينا محمد‪.‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪294h‬‬

‫الدرس السادس والثمانون‬

‫بسُ اهلل الرحمن الرحيُ‪ ،‬الحمد هلل رب العالمين‪ ،‬والصالة والسالم على نبينا‬
‫محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين‪ ،‬أما بعد‪:‬‬
‫المباركة ليلة اإلثنين التاسع عشر من شهر‬
‫فحياكم اهلل وبياكم يف هذه الليلة ُ‬
‫ٍ‬
‫وأربعمائة وألف‪ ،‬لنعقد يف جامع الراجح بحي‬ ‫ربي ٍع اآلخر من سنة ثالث وثالثين‬
‫الجزيرة يف مدينة الرياض الدرس السادس والثمانين من دروس شرح ألفية ابن‬
‫مالك‪-‬عليه رحمة اهلل‪ ،-‬وقد كان الكالم يف الدرس الماضي يا إخوان على باب‬
‫الع يد‪ ،‬وانتهينا منه بحمد اهلل‪.‬‬
‫بقية فيه بقية نُذكر فيها فقط بإعراب التوكيد اللفظي؛ فالتوكيد اللفظي بجميع‬
‫مثال‪" :‬جاء دمحمدِ محمدِ " ف‪:‬‬
‫تابع للمؤكد فإذا قلت ً‬
‫أنواعه ٌ‬
‫جا َء‪ٌ :‬‬
‫فعل ماض‪.‬‬
‫محمدِ ‪ٌ :‬‬
‫فاعل ل (جاء)‪.‬‬
‫لفظي مرفوع وعالمة رفعه الضمة‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫محمدِ الَانية‪ :‬نقول توكيدٌ‬
‫فلو قلت‪" :‬جاء جاء دمحمد" ف‪:‬‬
‫جاء ا ولى‪ :‬فعل ماضي مبني على الفتح ال محل له من اإلعراب‪.‬‬
‫وفاعله‪ :‬محمد‪.‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪295h‬‬
‫‪g‬‬
‫لفظي ل(جاء) األولى مبني على الفتح ال محل له من‬
‫ٌ‬ ‫وجاء الَانية‪ :‬توكيدٌ‬
‫اإلعراب وليس له فاعل‪.‬‬
‫ٍ‬
‫ماض‪ ،‬وإنما‬ ‫وجاء الَانية‪ :‬ليس لها فاعل؛ ألنه لم يؤتى هبا هنا على أهنا ٌ‬
‫فعل‬
‫لفظي للفعل الماضي‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫جيء هبا هنا على أهنا توكيدٌ‬
‫ولو قلت‪" :‬جا َء دمحمدِ ‪ ،‬جا َء محمدِ " ف‪:‬‬
‫ٍ‬
‫ماض‪.‬‬ ‫جا َء‪ٌ :‬‬
‫فعل‬
‫ومحمدِ ‪ :‬فاعله‪ ،‬ثم نقول‪:‬‬
‫لفظي ل"جاء محمدِ " األولى‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫و"جاء محمدِ " الَانية‪ :‬توكيدٌ‬
‫لفظي للمؤكد‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫وهكذا ُيعرب التوكيد اللفظي‪ ،‬توكيدٌ‬
‫التابع الثالث؛ ألننا مازلنا‬
‫ُ‬ ‫أما درس الليلة فهو (باب العطف)‪ ،‬والعطف هو‬
‫نتكلم على التوابع‪ ،‬وهي النعت والتوكيد وانتهينا منهما‪ ،‬والعطف نتكلم عليه من‬
‫ُ‬
‫اآلن‪ ،‬وأخير ًا البدل‪.‬‬
‫وقد تكلم ابن مالك‪ ‬على العطف يف بابين‪ ،‬عقد للعطف بابين يف‬
‫األلفية‪ ،‬الباب األول سماه (العطف)‪ ،‬ويف بعض النُسخ القليلة اسم هذا الباب‬
‫(عطف البيان)‪ ،‬وهو يف ستة أبيات يف البيت األول ذكر‪ ‬انقسام العطف إلى‪:‬‬
‫‪-‬عطف بياَّ‪.‬‬
‫‪-‬عطف نسق‪.‬‬
‫ويف األبيات الخمسة الباقية تكلم على‪( :‬عطف البيان)‪.‬‬
‫العطف بحروف الجر‪ ،‬ويف هذا الباب‬
‫ُ‬ ‫والباب الثاين سماه‪( :‬عطف النسق) أي‬
‫خمس ٌة وعشرون بيتًا؛ فمجموع األبيات يف البابين‪ ،‬أي مجموع األبيات يف موضوع‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪296h‬‬
‫العطف على ذلك واحدٌ وثالثون بيتًا‪ ،‬واآلن نشرع بحمد اهلل وتوفيقه يف شرح‬
‫الباب األول من بابي العطف‪ ،‬ونقرأ ما قاله ابن مالك‪ ،‬قال ابن مالك‪:‬‬
‫العطف‬
‫للللاَّ َمللللا َسلللل َب ْق‬
‫َللللر د ا ََّ َب َي د‬ ‫َوال َ‬ ‫لف إا َّمللا دةو َب َيللاَّ َأو ن ََسل ْلق‬
‫‪َ .534‬لل َع ْطل د‬
‫للللله دمنْ َُ ا للللل َف ْه‬
‫لللللد با ا‬
‫ح ا ي َ للللل دة ال َ ص ا‬
‫ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫‪َ .535‬فل دلَو ال َب َيل ا‬
‫لاَّ َ للابا ِع ل ْب ده الص ل َف ْة‬
‫للت َولالللي‬ ‫للاق ا َ َّو ال النَّ ْع د‬
‫للن او َف ا‬ ‫ا‬
‫َمللا م ْ‬ ‫للللاق ا َ َّو ال‬
‫للللن او َفل ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫‪َ .536‬ف ٌَول َينْللللل ده مل ْ‬
‫لللللللللر َف ْي ان‬
‫َّ‬ ‫ا‬ ‫ََملللللللللا َ دُ ن‬
‫َلللللللللاَّ دم َع‬ ‫َّللللللر ْ ان‬ ‫ا‬
‫َللللللاَّ دمنَُ َ‬ ‫‪َ .537‬ف َ للللللدْ َ دُ ن‬
‫ا‬ ‫ا ا ا‬
‫فلللي َغ ْيلللرا ن َْحللل ا َ لللا غدلللالَ دم َ ْع دم َ‬
‫لللرا‬ ‫لللللر‬
‫‪َ .538‬و َصللللللال َح ل َبدَ ل َّيللللللة د ل َ‬
‫الم ْر ا لللللللي‬
‫َو َلللللللل ْي َس َأ َّْ د ْبلللللللدَ َل با َ‬ ‫‪َ .539‬ون َْحللل ا اب ْ لللر َلللا اب اع ال َبُْللل ار‬
‫فهذا الباب كما قرأنا وذكرنا من قبل سماه ابن مالك‪( :‬باب العطف) ويف بعض‬
‫النُسخ القليلة جاء اسمه‪ :‬باب عطف البيان وهذا أنسب؛ ألن أغلب األبيات تكلم‬
‫فيها ابن ٍ‬
‫مالك على (عطف البيان) إال البيت األول الذي ذكر فيه أن العطف ينقسم‬
‫إلى عطف بيان وعطف نسق‪ ،‬قال ابن مال ٍك‪:‬‬
‫للللاَّ َمللللا َسلللل َب ْق‬
‫َللللر د ا ََّ َب َي د‬
‫َوال َ‬ ‫لللف إا َّمللللا دةو َب َيللللاَّ َأو ن ََسل ْ‬
‫لللق‬ ‫َلل َع ْطل د‬

‫ذكر‪ ‬أن العطف ضربان‪:‬‬


‫‪-‬األول‪ :‬عطف البيان‪.‬‬
‫عطف نسق‪ :‬وهو العطف بحروف العطف وسيأيت الكالم عليه إن‬
‫ُ‬ ‫‪-‬والثاين‪:‬‬
‫شاء اهلل يف الباب القادم‪ ،‬وقول ابن مالك‪َ « :‬وال ََر د ا ََّ َب َيا دَّ َما َس َب ْق»‪ :‬أي‬
‫الغرض يف هذا الباب بيان النوع السابق من نوعي العطف وهو‪( :‬عطف البيان)‪،‬‬ ‫ُ‬
‫فباقي األبيات س ُيبين فيها الكالم على (عطف البيان)؛ فلهذا قال ابن مالك بعد‬
‫ذلك‪:‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪297h‬‬
‫‪g‬‬

‫لللله دمنْ َُ ا للللل َف ْه‬


‫للللد بال ا‬
‫ح ا ي َ للللل دة ال َ صل ا‬
‫ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫لللَو ال َب َيل ا‬
‫لللاَّ َ للللابا ِع لللل ْب ده الصلللل َف ْه‬ ‫َفل د‬

‫تابع ُيشبه الصفة‪ :‬أي ُيشبه النعت‪،‬‬


‫فعرف ابن مالك‪ ‬عطف البيان بأنه ٌ‬
‫ًّ‬
‫ُيشبه النعت يف ماذا؟ يف أنه يوضح متبوعه إن كان معرفة‪ ،‬و ُيخصصه إن كان نكرة‬
‫ألن هذه فائدة النعت كما ذكرنا ذلك يف باب النعت‪ ،‬النعت‪ :‬فائد ُته إيضاح متبوعه‬
‫إن كان معرفة‪ ،‬وتخصيصه إن كان نكرة‪ ،‬وهذا هو قول ابن مالك‪َ « :‬ح ا ْي َ دة ال َ ْص اد‬
‫با اه دمنْ َُ ا َف ْه»‪.‬‬
‫ال صد‪ :‬أي المقصود‪.‬‬
‫حقيقة المقصود‪ :‬حقيقة المقصود بالمتبوع‪ ،‬حقيقة المتبوع‪ ،‬حقيقة القصد‪،‬‬
‫حقيقة المقصود منُكشفة‪ ،‬منكشف ٌة بماذا؟ ُمنكشف ٌة به‪ :‬يعني ُمنكشف ٌة بعطف البيان‪،‬‬
‫يعني ُمنكشف ٌة بنفس عطف البيان‪ :‬أي ُمنكشف ٌة بلفظ عطف البيان‪ ،‬وهذا هو الفرق‬
‫بين عطف البيان والصفة النعت؛ فالنعت الصفة كيف ُتبين المتبوع الموصوف؟‬
‫ُتبين ُه بما فيها من وصف‪ ،‬الصفة ُتبين الموصوف بما فيها من وصف‪ ،‬كما قال‬
‫ابن مالك‪« :‬با َ ْس ام اه َأو َو ْس اُ َما با اه ا ْع َع َل ْق»‪ ،‬فليست الكلم ُة بذاهتا بلفظها هي التي‬
‫عطف البيان فال‪ ،‬عطف‬
‫ُ‬ ‫ُتبين المتبوع وإنما ُتبين المتبوع بما فيها من وصف؛ أما‬
‫البيان هو نفسه هو نفسه ُيبين المتبوع؛ ألن عطف البيان جامد‪ ،‬ذات ك" ُمحمد"‪،‬‬
‫ذات ك"حديد" ذات؛ بخالف النعت الصفة فال يكون كما درسنا إال بوصف‪ ،‬إال‬
‫المشتقة‪ ،‬ك‪:‬‬
‫بوصف من الوصاف ُ‬
‫اسُ الفاعق‪ :‬خائف‪.‬‬
‫أو المفع ل‪ :‬مضروب‪.‬‬
‫الم ب ة‪ :‬حسن‪ ،‬وهكذا‪.‬‬
‫أو الصفة د‬
‫نعت للمتبوع بأن وضحه وب َّينه‬
‫نعت للمتبوع‪ ،‬كأنه ٌ‬
‫اسم جامدٌ كأنه ٌ‬
‫فإذا جاء ٌ‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪298h‬‬
‫عطف بيان؛ ولذا ُيسمونه عطف البيان ألنه ُيبين المتبوع‪.‬‬
‫ُ‬ ‫فهو‬
‫النعت‬
‫ُ‬ ‫كثير من النحويين عن عطف البيان يقولون‪ :‬عطف البيان هو‬
‫ولذا يقول ٌ‬
‫بالجامد‪ ،‬نح ُن يف النعت قلنا‪ :‬إن النعت ال يكون إال بالوصف أو ما يؤول بالوصف‬
‫النعت بالجامد؛ كل ذلك يف تعريف‬
‫ُ‬ ‫عطف البيان فهو‬
‫ُ‬ ‫أو ما فيه معنى الوصف‪ ،‬أما‬
‫(عطف البيان) ولم ننتهي إلى اآلن‪ ،‬سنتكلم يف تعريف (عطف البيان)‪ ،‬عطف‬
‫مثال‪:‬‬
‫البيان كأن تقول ً‬
‫قلت‪:‬‬ ‫أحب أبا حفن"‪ ،‬ثم ُق ُ‬
‫لت‪ " :‬دعمر"‪ ،‬لماذا ُ‬ ‫أحب أبا حفن دعمر"‪ " ،‬د‬ ‫" د‬
‫بين‬
‫وموضح للمتبوع‪ُ ،‬م ٌ‬
‫ٌ‬ ‫دعمر؟ لكي ُأب َّين و ُأوضح أبا حفص‪ ،‬إ ًذا فقولنا‪ :‬دعمر‪ُ ،‬مبي ٌن‬
‫ٍ‬
‫باسم جامد " دعمر"‪،‬‬ ‫وموضح للمتبوع وهذه فائد ُة النعت إال أن اإليضاح هنا جاء‬
‫ٌ‬
‫تدل على جامد ما تد ُل على وصف‪.‬‬
‫" دعمر"‪ُ :‬‬

‫التابع الجامدُ الذي ُيشبه‬


‫ُ‬ ‫ولهذا ُيعرف النحويون (عطف البيان) بقولهم‪ :‬هو‬
‫التابع الجامدُ الذي ُيشبه النعت يف إيضاح متبوعه إن كان معرفة‪،‬‬
‫ُ‬ ‫النعت‪ ،‬هو‬
‫التابع الجامدُ الذي ُيشبه النعت يف‬
‫ُ‬ ‫وتخصيصه إن كان نكرة وعدم استقالله‪ ،‬هو‬
‫إيضاح متبوعه إن كان معرفة‪ ،‬وتخصيصه إن كان نكرة وعدم استقالله‪.‬‬
‫ومن أمثلته وشواهده قول الراجز عبد اهلل بن كيسبة عندما جاء إلى ُعمر ابن‬
‫الخطاب◙ وطلب منه ناقة من نوق الصدقة؛ ألن ناقته كانت مريضة فقال له‬
‫مرضا"‪ ،‬فقال عبد اهلل‪:‬‬
‫ُعمر◙‪" :‬ال أرى يف ناقتك ً‬
‫ملللللا مسللللل ا ملللللن ن لللللب وا دبلللللر‪.‬‬ ‫أقسلللللُ بلللللاهلل أبللللل حفلللللن عملللللر‬
‫فاغفر له الل ُ إَّ اَّ فَر‪.‬‬

‫ثم إن ُعمر◙ سأل عنه (@‪ )00:15:12‬وتأكد من األمر فوجد أن‬


‫ناقته مريضة فأعطاه ناق ًة ُأخرى‪.‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪299h‬‬
‫‪g‬‬
‫موضح‬
‫ٌ‬ ‫عطف بيان؛ ألنه‬
‫ُ‬ ‫فقوله‪" :‬أقسُ باهلل أب حفن دعمر"‪ " ،‬دعمر" هنا‬
‫توضيح بنفس الكلمة؛ ألن الكلمة ُ‬
‫تدل على ذات‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫و ُمبي ٌن لقوله أبي حفص‪ ،‬ولكنه‬
‫ِ‬
‫أوصاف أبي‬ ‫ٍ‬
‫بوصف من‬ ‫المراد بقوله‪" :‬أبي حفص"‪ ،‬ال‬
‫فوضح بذات ُعمر ُ‬
‫حفص‪.‬‬
‫التابع الجامدُ ماذا ُيخرج؟ ُيخرج النعت؛ ألن‬
‫ُ‬ ‫وقولهم‪" :‬التابع الجامدُ "‪،‬‬
‫المشتق أو ما يف معناه‪.‬‬
‫النعت كما عرفنا ال يكون إال بالوصف ُ‬
‫ومرج ب ل ُ‪" :‬الَ د به النعت يف إ ااو معب عه إَّ اَّ معرفة و خصيصه‬
‫حاَّ‬ ‫وعطف النسق‪ ،‬فالع يد وعطف النسق ا‬ ‫د‬ ‫إَّ اَّ نُرة"‪ ،‬مرج الع يد‪،‬‬
‫معب ع ما‪ ،‬الع يد عرفنا فائد ه‪ ،‬وفائد ه على ن عين‪:‬‬
‫‪-‬إما رفع المَاه وإرادة الح ي ة‪.‬‬
‫‪-‬وإما الدالة على ال م ل واإلحا ة‪.‬‬
‫يعطف عليه آخر‪.‬‬
‫ُ‬ ‫وأما عطف النسق فواضح أنه ال يوضح المتبوع وإنما‬
‫خرج البدل؛ ألن البدل‬
‫وقولهم يف األخير‪ :‬وعدم استقالله‪ ،‬وعدم استقالله ُي ُ‬
‫يف حقيقته ُم ٌ‬
‫ستقل بالكالم‪ ،‬وسيأيت بيان أوسع لذلك عند الفرق بين عطف البيان‬
‫فعطف البياَّ من جملة المتبوع‪ ،‬يعني هو والمتبوع من ج ٍ‬
‫ملة واحدة‪،‬‬ ‫د‬ ‫والبدل‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫كالنعت‪.‬‬

‫وأما البدل‪ ،‬فالبدل يف ح ي عه دمسع ِق نه من دجمل ِة أمر ‪ ،‬فالبدل د‬


‫والمبدل منه‬
‫بياَّ لَلك إَّ اء اهلل‪ ،‬ومن م ا ع عطف البياَّ‪ ،‬من م ا ع‬
‫دجملعاَّ‪ ،‬وسيٌ ي ِ‬
‫عطف البياَّ‪:‬‬
‫ع ا ول‪ :‬الثاين من االسم واللقب وال ُكنية إذا اجتمعت نحو‪" :‬جمع‬ ‫‪-‬الم‬
‫ال رآَّ الُر ُ أب بُر الصد دق و دع د‬
‫َماَّ ةو الن ر ن"‪ ،‬ف‪:‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪300 h‬‬
‫عطف بيان‪.‬‬
‫ُ‬ ‫الصد ق‪:‬‬
‫عطف بيان‪.‬‬
‫ُ‬ ‫وةو الن ر ن‪:‬‬
‫العلم إذا ُأخر عن نعته‪ ،‬يعني ُقدم‬
‫ُ‬ ‫العلم إذا ُأخر عن نعته‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ع الَاين‪:‬‬
‫‪ -‬الم‬
‫المَع دد محمدِ "‪.‬‬ ‫النعت و ُأخر المنعوت‪ ،‬وكان المنعوت ً‬
‫علما‪ ،‬كقولنا‪" :‬جاء د‬
‫المَع دد ‪ :‬فعلق وفاعل‪.‬‬
‫جاء د‬
‫محمدِ ‪ :‬عطف بيان‪.‬‬
‫يخ ابن باه"‪ ،‬وذكرنا ذلك يف‬
‫العالُ ابن دعَيمين‪ ،‬وال د‬
‫د‬ ‫وكقولك‪" :‬قال بَلك‬
‫باب النعت‪ ،‬ومن مواضع عطف البيان‪:‬‬
‫عرف ب(أل) إذا جاء بعد اسم اإلشارة‪،‬‬
‫الم ُ‬
‫ع الَالث‪ :‬االسم الجامد ُ‬ ‫‪-‬الم‬
‫عرف ب(أل) إذا قع بعد اسم إشارة‪ ،‬كقولك‪" :‬أ رم هَا‬
‫الم ُ‬
‫االسم الجامدُ ُ‬
‫الرجق"‪:‬‬
‫أ رم‪ٌ :‬‬
‫فعل وفاعل‪.‬‬
‫ٌ‬
‫مفعول به‪.‬‬ ‫هَا‪:‬‬
‫عطف بيان‪.‬‬
‫ُ‬ ‫الرجق‪:‬‬
‫د‬
‫‪ -‬وكقولك‪" :‬مَ لك المَلة"‪.‬‬

‫‪ -‬قال تعالى‪( :‬ﭓ ﭔ ﭕ ﭖﭗ ﭘﭙ) [الب رة‪.]2:‬‬

‫‪ -‬وقال‪( :‬ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ) [اإلسراء‪.]9:‬‬

‫(ﭓ ﭔ ﭕ ﭖﭗ ﭘﭙ)‪:‬‬
‫ةلك‪ :‬مبتدأ‪.‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪301h‬‬
‫‪g‬‬
‫عطف ٍ‬
‫بيان منه‪ ،‬ولم يأت لخرب‪ ،‬أين الخرب؟‬ ‫ُ‬ ‫والُعاب‪:‬‬
‫د‬

‫الخبر يف ق له‪( :‬ﭕ ﭖﭗ ﭘﭙ) [الب رة‪ُ ،]2:‬جمل ٌة اسمية مبدوءة ب(ال) النافية‬
‫للجنس‪.‬‬
‫بخالف الوصف الم ِ‬
‫عرف ب(أل) إذا وقع بعد ِ‬
‫اسم إشارة‪ ،‬كقولك‪" :‬أ رم‬ ‫ُ‬
‫المَع د"‪ ،‬ف‪:‬‬
‫هَا د‬
‫عرف ب(أل) وقع بعد اسم إشارة فيكون إعراب ُه نعتًا‪،‬‬
‫المَع د‪ :‬هذا وصف ُم ٌ‬
‫د‬
‫ُ‬
‫يدخل يف التعريف‪ ،‬نقول إن النعت وعطف البيان يف حقيقتهما شي ٌء‬ ‫نعتًا وهذا‬
‫نعت بالجامد؛ فهذه من أشهر‬
‫وعطف البيان ٌ‬
‫ُ‬ ‫نعت بالوصف‪،‬‬
‫واحد‪ ،‬إال أن النعت ٌ‬
‫مواضع عطف البيان‪ ،‬ثم ذكر ابن مالك‪-‬عليه رحمة اهلل‪ -‬شي ًئا من أحكام عطف‬
‫البيان‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫للت َولاللي‬ ‫للاق ا َ َّو ال النَّ ْع د‬ ‫للن او َف ا‬ ‫ا‬
‫َمللا م ْ‬ ‫لللللللاق ا َ َّو ال‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫َف ٌَول َينْلللللللل ده مل ْ‬
‫لللللللن او َفل‬
‫لللللللللر َف ْي ان‬
‫َّ‬ ‫ا‬ ‫ََملللللللللا َ دُ ن‬
‫َلللللللللاَّ دم َع‬ ‫َّلللللللللر ْ ان‬
‫َ‬ ‫ا‬
‫َلللللللللاَّ دمنَُ‬‫َف َ لللللللللدْ َ دُ ن‬
‫نعت بالجامد‪،‬‬
‫نعت ولكنه ٌ‬
‫ألن عطف البيان كما سبق يف التعريف يف حقيقت ُه ٌ‬
‫َ‬
‫أخذ ُحكم النعت‪ ،‬فيلز ُم يف عطف البيان أن يوافق متبوعه يف كل شيء‪ ،‬كالنعت‪ :‬أي‬
‫النعت الحقيقي؛ فيتبع ُه يف اإلعراب‪ ،‬ويتبع ُه يف التعريف أو التنكير‪ ،‬ويتبع ُه يف‬
‫ِ‬
‫التثنية أو الجمع‪.‬‬ ‫التذكير أو التأنيث‪ ،‬ويتبع ُه يف اإلفراد أو‬
‫ِ‬ ‫وهذا هو قول ابن مالك‪َ « :‬ف ٌَولا َينْ ده ام ْن او َف ا‬
‫اق ا َ َّو ال»‪ ،‬أوله هذا ُ‬
‫الحكم وهو‬
‫ت َولاي»‪ ،‬يعني ما أوليت النعت من موافقة‬ ‫موافقة األول‪َ « ،‬ما ام ْن او َف ا‬
‫اق ا َ َّو ال ال َّن ْع د‬
‫الحكم سواء؛ هذا كُله‬
‫وعطف البيان يف هذا ُ‬
‫ُ‬ ‫األول‪ :‬أي من موافقة المتبوع‪ ،‬فالنعت‬
‫ال خالف فيه إال كون عطف البيان نكرة فهذه المسألة فيها خالف‪ ،‬فلهذا نص‬
‫ابن مالك‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫عليها ُ‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪302h‬‬
‫لللللللللر َف ْي ان‬
‫َّ‬ ‫ا‬ ‫ََملللللللللا َ دُ ن‬
‫َلللللللللاَّ دم َع‬ ‫َّلللللللللر ْ ان‬
‫َ‬ ‫ا‬ ‫َف َ لللللللللدْ َ دُ ن‬
‫َلللللللللاَّ دمنَُ‬
‫فوقوع عطف البيان ومتبوعه ُمعرفين ال خالف فيه‪ ،‬كما يكونان ُمعرفين وإنما‬
‫الخالف بين النحويين يف وقوع عطف البيان ومتبوعه نكرتين‪ ،‬فذهب البصريون‬
‫ُ‬
‫إلى امتناع كون عطف البيان ومتبوعه نكرتين‪ ،‬قالوا‪" :‬إن عطف البيان ال يكون إال‬
‫يف المعارف"‪ ،‬وذهب الكوفيون وجماع ٌة من النحويين كالفارسي وابن جني‪،‬‬
‫والزمخشري‪ ،‬وابن عصفور وابن مالك إلى جواز ذلك‪ ،‬وهؤالء ال ُعلماء الذين‬
‫ذكرناهم من ُمحققي النحويين‪ ،‬وقولهم هو الراجح‪.‬‬
‫واستدلوا على ذلك بعدة شواهد؛ قبل أن نذكر هذه الشواهد نستدل لصحة‬
‫قولهم بالقياس‪ ،‬فالقياس ُ‬
‫يدل على صحة قولهم‪ ،‬كيف كان ذلك؟ نعم‪ ،‬ألننا قررنا‬
‫فقياسا‬
‫ً‬ ‫من قبل كما قرر النحويون أن عطف البيان كالنعت يف الحقيقة فأخذ ُحكمه‪،‬‬
‫أيضا يف ذلك‪ ،‬وكما أن النعت يقع يف المعارف ويقع يف‬
‫ينبغي أن يأخذ ُحكمه ً‬
‫فقياس ذلك‬
‫ُ‬ ‫الب مَع دِ "‪،‬‬
‫ِ‬ ‫المَع دد ‪ ،‬وجاءين‬
‫الطالب د‬
‫د‬ ‫النكرات نقول‪" :‬جاءين‬
‫أيض ا يف عطف البيان؛ فالمعارف كما ذكرنا لذلك عدة أمثلة يف المواضع‬
‫أن يقع ً‬
‫وغيرها‪.‬‬

‫ووقوعه يف النكرات استشهدوا عليه بشواهد منها قوله‪( :‬ﯝ ﯞ‬


‫ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ) [الن ر‪( ،]35:‬ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ‬
‫ﯡ)‪.‬‬
‫ق له " دمبار ة"‪ :‬هذا نعت؛ ألنه وصف‪.‬‬
‫وقوله "ه ع نة"‪َ " ،‬رة ه ع نة"‪ :‬زيتون‪ ،‬تعرفون الزيتون؟ الزيتون ذات أم‬
‫اسم جامد‪ ،‬ولكنه وصف الشجرة ونعتها بأهنا زيتونة‪ ،‬إ ًذا‬‫وصف؟ ذات؛ إ ًذا فهو ٌ‬
‫عطف بيان؛ وهذا يف النكرات‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫حينئذ‬ ‫ٍ‬
‫زيتونة‬ ‫فقد وصف بالجامد‪ ،‬فنقول‪ :‬إن‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪303h‬‬
‫‪g‬‬
‫ومن ذلك قوله تعالى‪( :‬ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ) [إبراهيُ‪ ،]16:‬من ٍ‬
‫ماء‪ :‬الما ُء‬
‫الجرح وهذا السائل الذي‬ ‫ٍ‬
‫يخرج من ُ‬
‫ُ‬ ‫صديد‪ :‬الصديد هو السائل الذي‬ ‫معروف‪،‬‬
‫ٍ‬
‫حينئذ من‬ ‫ذات أم وصف؟ ذات‪ ،‬فوصف الماء بذات‪ ،‬فيكون‬‫الجرح ٌ‬‫يخرج من ُ‬
‫ُ‬
‫ٌ‬
‫وفعيل قد‬ ‫عطف البيان‪( ،‬ﮭ ﮮ ﮯ)‪ ،‬يعني صد د‪ :‬وإن كان على وزن فعيل‪،‬‬
‫المشبهة‪ ،‬نعم قد تأيت يف‬
‫المبالغة وكما يف الصفة ُ‬
‫تأيت يف األوصاف كما يف صيغ ُ‬
‫األوصاف ولكن ليس كل فعي ٍل وص ًفا حتى يحمل الوصف‪ ،‬لو قلت‪ :‬كريم‪،‬‬
‫شريف‪ ،‬عظيم‪ ،‬سريع؛ هذه أوصاف‪.‬‬
‫‪ -‬ر ُ‪ :‬يعني يعمل الكرم‪.‬‬
‫‪ -‬ر ف‪ :‬يعمل الشرف‪.‬‬
‫وصف أم‬
‫ٌ‬ ‫السرعة‪ ،‬يفعل؛ فهذه أوصاف‪ ،‬لكن لو قلت حديد‬
‫‪-‬سر ع‪ :‬يعمل ُ‬
‫ذات؟ ذات‪ ،‬وكذلك صديد‪ ،‬طيب‪.‬‬

‫أيضا‪ :‬قوله‪( :‬ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ) [المائدة‪ ،]95:‬يف اآلية‬


‫ومن ذلك ً‬
‫قراءتان سبعيتان يف سورة المائدة‪( ،‬ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ)‪ ،‬على اإلضافة‪،‬‬
‫واألخرى‪( :‬ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ) هنا " عا دم مسا ين"‪ :‬عطف بيان من كفارة؛‬
‫ألنه وصف الكفارة أي وضحها وبينها بقوله‪( :‬ﯷ ﯸ) فهو عطف بيان‪.‬‬
‫أما الفر دق ا ول البصر َّ الَ ن منع ا عطف البياَّ يف النُراَ فإن ُ‬
‫دخرج َّ نح هَه ا اَ على أحد أمر ن‪:‬‬
‫د‬
‫عطف بياَّ‪ ،‬وسيأيت بعد قليل أن كُل عطف بيان‪،‬‬ ‫‪ ‬ا ول‪ :‬على أنه بدل ا‬
‫يجوز أن يكون بدل ك ٍل من كُل إال يف موضع‪ ،‬إما أن ُيخرجوه على أنه بدل‪.‬‬
‫بالم عق‪ ،‬ففي نحو قوله‬
‫نعت بالَامد المؤول د‬
‫‪ ‬وإما أن يخرجوه على أنه ِ‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪304h‬‬
‫تعالى‪( :‬ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ)‪ ،‬يعني يسقى من ٍ‬
‫ماء كريه‪ ،‬أو قبيح أو ٌمر ونحو‬ ‫ُ‬
‫ذلك‪.‬‬
‫ثم يختم ابن مالك‪ ‬هذا الباب بقوله‪:‬‬
‫لللرا‬
‫َ ْع دم َ‬ ‫فالللي َغ ْيلللرا ن َْحللل ا َ لللا دغلللالَ دم‬ ‫للللللللر‬ ‫ا ا ا‬
‫َو َصلللللللللال َح ل َبدَ ل َّيلللللللللة د ل َ‬
‫ا للللللي‬ ‫َو َللللللل ْي َس َأ َّْ د ْبللللللدَ َل با َ‬
‫الم ْر‬ ‫َون َْحلللللل ا با ْ للللللر َ للللللابا اع ال َب ُْللللللرا‬

‫نعم‪.‬‬
‫الب‪.)00:30:29@( :‬‬
‫تخالف‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫أصول‬ ‫ُ‬
‫سؤالك ينبغي أن يكون هبذه الطريقة‪ :‬هل للكوفيين‬ ‫ال يخ‪:‬‬
‫والجواب‪ :‬نعم‪ ،‬ألن النحو أول ما نشأ نشأ يف البصرة‪ ،‬تعلمون‬
‫ُ‬ ‫أصول البصريين؟‬
‫أن العرب يف جاهليتهم كانوا يتكلمون بسليقتهم‪ ،‬وعندما خرجوا من جزيرهتم‬
‫لنشر اإلسالم أول ما خرجوا خرجوا إلى العراق؛ فمنذ أن خرجوا من جزيرة‬
‫العرب أول ما خرجوا من جزيرة العرب توقفوا وبنوا مدينة؛ لتكون أقرب مدينة‬
‫إلى جزيرة العرب وتكون قاعدة لالنطالق بعد ذلك إلى ما هو أبعد عن جزيرة‬
‫العرب‪ ،‬وهذه المدينة هي "البصرة"‪.‬‬
‫المسلمين من جزيرة العرب وهي‬
‫فالبصرة‪ :‬هي أول مدينة أنشأت بعد خروج ُ‬
‫المدن إلى جزيرة العرب؛ فلهذا البصرة يف ذلك الوقت كانت كُلها من قبائل‬
‫أقرب ُ‬
‫العرب الفصيحة المعروفة‪ ،‬وقد خطوها أي جعلوها خط ًطا أقساما لكل ٍ‬
‫قبيلة منها‬ ‫ً‬
‫المسلمين‬‫ُخطة أو جزء أو حي أو نحو ذلك‪ ،‬ثم صارت قاعدة بعد ذلك النطالق ُ‬
‫لفتح ما ورائها‪.‬‬
‫وفيها نشأ االهتمام بالنحو بعد أن بدأ خروج اللحن والخطأ يف الكالم يف وقت‬
‫يعني بدأ االهتمام به من بداية عهد ُعمر◙‪ ،‬لكن كان اهتما ًما واضح يف عهد‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪305h‬‬
‫‪g‬‬
‫ٍ‬
‫طالب◙ هو‬ ‫ٍ‬
‫تابعي جليل من أصحاب علي بن أبي‬ ‫علي◙‪ ،‬على يد‬
‫أبو األسود الدؤلي‪ ،‬ثم بعد ذلك انتقل إلى تالميذه وتالميذهم ثم الجيل التالي‬
‫وهم شيوخ سيبويه‪ ،‬ثم الجيل الثالث سيبويه‪.‬‬
‫وبعد مائة سنة من خروج النحو يف البصرة ُأنشأت الكوفة بعد ذلك‪ ،‬والكوفة‬
‫أبعد من البصرة عن جزيرة العرب‪ ،‬وهي قريب ٌة جدًّ ا من بغداد اآلن‪ ،‬ونشأ فيها‬
‫النحو بعد ذلك‪ ،‬وكان أكثر أهل الكوفة من أهل الرأي؛ ولهذا أكثرهم على مذهب‬
‫أبي حنيفة يف ذلك الوقت‪ ،‬وكان اهتمامهم بالرأي والقياس أكثر من اهتمامهم‬
‫بالرواية والسماع والحديث‪.‬‬
‫المحدثون تقوى عندهم رواية البصريين وتض ُعف عندهم روايات‬ ‫ولهذا ُ‬
‫الكوفيين؛ ألهنم يهتمون بالرأي أكثر من اهتمامهم بالسماع والرواية‪ ،‬وأكثرهم‬
‫الجند يعني من الجنود‪ ،‬أي ليس من طلبة العلم والعلماء وأهليهم‪.‬‬
‫كانوا من أهل ُ‬
‫والعلماء الذين كانوا يف الكوفة حينذاك كان أكثرهم من ُمعلمي األُمراء‬
‫ٍ‬
‫بعيدة عنها فانتقل‬ ‫والجند ونحو ذلك‪ ،‬حتى ُأنشأت بعد ذلك بغداد ُ‬
‫غير‬ ‫ُ‬ ‫والرؤساء‬
‫هؤالء الجند تب ًعا لخليفتهم إلى بغداد؛ فض ُعف بعد ذلك شأن الكوفة إلى اليوم‪،‬‬
‫فاليوم ما تكاد تسمع عن الكوفة‪ ،‬إنما هي قري ٌة صغيرة يف العراق اآلن؛ بخالف‬
‫البصرة التي مازالت ُم ُ‬
‫نذ أنشأت إلى اليوم من أعظم ُمدن العراق‪.‬‬
‫فبعد أن نشأ النحو يف الكوفة كان لهم بعض األصول التي خالفوا فيها‬
‫البصريين‪ ،‬من أشهرها‪ :‬األخذ عن أعراب العراق‪ ،‬والبصريون ال يأخذون إال من‬
‫أعراب جزيرة العرب‪ ،‬ومن أشهرها أهنا الكوفة يقيسون على القليل‪ ،‬وأهل البصرة‬
‫ال يقيسون إال على الكثير؛ نعود إلى موضوعنا‪.‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪306h‬‬
‫قال ابن مالك‪:‬‬
‫ا‬ ‫ا ا ا‬
‫فلللي َغ ْيلللرا ن َْحللل ا َ لللا دغلللالَ دم َ ْع دم َ‬
‫لللرا‬ ‫للللللللر‬
‫َو َصلللللللللال َح ل َبدَ ل َّيلللللللللة د ل َ‬
‫الم ْر ا للللللي‬‫َو َللللللل ْي َس َأ َّْ د ْبللللللدَ َل با َ‬ ‫َون َْحلللللل ا با ْ للللللر َ للللللابا اع ال َب ُْللللللرا‬

‫جوازا نحو ًيا أن ُيعرب بدل ك ٍل من كل‪،‬‬


‫ً‬ ‫كل ما جاز أن ُيعرب عطف بيان جاز‬
‫صالحا للبدلية‪ ،‬يعني‬
‫ً‬ ‫وهذا قوله‪َ « :‬و َصالا َح لا َبدَ لا َّية د َر »‪ ،‬أي ُيرى عطف البيان‬
‫جوازا نحو ًيا أن ُيعرب بدل ك ٍل من‬
‫ً‬ ‫بدال‪ ،‬فكل عطف بيان يجوز‬ ‫صالحا أن ُيعرب ً‬ ‫ً‬
‫أحب الفاروق أبا‬
‫أحب دعمر أبا حفن"‪ " ،‬د‬
‫أحب أبا حفن دعمر"‪ " ،‬د‬
‫كُل نحو‪ " :‬د‬
‫"‪.‬‬ ‫سافرَ إلى عاصمة السع د ة الر ا‬
‫د‬ ‫حفن"‪" ،‬‬
‫عاصمة‬ ‫سافرَ إلى الر ا‬
‫د‬ ‫‪ :‬هذا منعوت ُأخر عن نعته‪ ،‬األصل‪" :‬‬ ‫الر ا‬
‫سافرَ إلى عاصمة السع د ة‬
‫د‬ ‫السع د ة"‪ ،‬عاصمة‪ :‬نعت‪ ،‬ثم قدمنا النعت‪" :‬‬
‫الر ا ا "‪.‬‬
‫تقول‪:‬‬

‫‪"-‬جاء الفا دق دمحمدِ " ً‬


‫أيضا من تقديم النعت على المنعوت‪.‬‬
‫الرئيس ه دِ "‪.‬‬
‫د‬ ‫‪-‬و"جاء‬
‫فالَّ"‪.‬‬
‫المَ دع ِ‬
‫‪-‬و"قال د‬
‫يخ الن و ِ "‪.‬‬
‫‪-‬وتقول‪" :‬قال بَلك ال د‬
‫جوازا نحو ًيا أن‬
‫ً‬ ‫المحد ين ابن حَر"‪ُ ،‬‬
‫كل ذلك يجوز فيه‬ ‫‪-‬و"قال بَلك إمام د‬
‫يكون عطف بيان وأن يكون بدل ك ٍل من ُكلٍ‪.‬‬
‫إ ًذا ف ُكل عطف بيان يجوز أن يكون بدل ك ٍل من كُل وال ُيستثنى من ذلك إال‬
‫صور متعددة‪ ،‬ف ُيستثنى من ذلك ما إذا لم يجز تكرار‬ ‫يدخل فيها‬ ‫ٍ‬
‫مسألة واحدة‪ُ ،‬‬
‫ٌ‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪307h‬‬
‫‪g‬‬
‫العامل مع المتبوع‪ُ ،‬يستثنى من ذلك إذا ما لم يجز تكرار العامل مع المتبوع‪،‬‬
‫بدال وبالمثال يتضح المقال‪ ،‬فإذا‬ ‫ٍ‬
‫حينئذ ال يكون إال عطف بيان‪ ،‬وال يكون ً‬ ‫فالتابع‬
‫مثال‪ " :‬دأ د‬
‫حب أبا حفن دعمر"‪.‬‬ ‫قلنا ً‬
‫العامق‪ُ :‬يحب‪.‬‬
‫أبا حفن‪ :‬مفعول به‪.‬‬
‫أحب أبا حفن‪،‬‬‫دعمر‪ :‬تابع‪ ،‬هل يجوز أن تكرر العامل قبل التابع فتقول‪ " :‬د‬
‫أحب دعمر" أم ال يجوز؟ هل يجوز أن ُتكرر العامل " ُأحب"‪ ،‬مع التابع‪ ،‬فتقول‪:‬‬
‫د‬
‫أحب دعمر"‪ ،‬أم ال يجوز؟‪-‬أنتم عرب تكلموا!‪ -‬يجوز لماذا ال‬
‫أحب أبا حفن‪ ،‬د‬
‫" د‬
‫أحب دعمر"؟ ال يجوز أن تقول‬
‫د‬ ‫أحب أبا حفن‬
‫يجوز؟ لماذا ال يجوز أن تقول‪ " :‬د‬
‫ذلك؟!‬
‫الب‪.)00:39:24@( :‬‬
‫رمت ه دا"؟! خالص طيب هو‬
‫د‬ ‫رمت ه دا أ‬
‫د‬ ‫ال يخ‪ :‬لماذا؟ ألست تقول‪" :‬أ‬
‫أحب زيدً ا"‪ ،‬تكرار اللفظ‬
‫ُ‬ ‫أحب زيدً ا‪،‬‬
‫ُ‬ ‫نفس ُه إال أن‬
‫نفس األمر‪ ،‬واآلن هو هذا األمر ُ‬
‫أحب ُعمر"؛ تكرار ُه بالمعنى دون اللفظ‪ ،‬هو شي ٌء‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫حفص‬ ‫وأحب أبا‬
‫ُ‬ ‫والمعنى‪" ،‬‬
‫واحد‪ ،‬فتكرار العامل هنا مع التابع جائز‪ ،‬جائز؟ إ ًذا فيجوز لك يف التابع أن تجعله‬
‫بدال‪ ،‬أن تجعل ُه عطف بيان وأن تجعله بد ً‬
‫ال‪.‬‬ ‫عطف بيان‪ ،‬وأن تجعل ُه ً‬

‫المراد‪:‬‬ ‫أن تجعل ُه ً‬


‫بدال إذا كان المقصود بالكالم تكرار العامل‪ :‬أي إذا كان ُ‬
‫طرح المتبوع‪ ،‬يعني إذا‬
‫المراد ُ‬ ‫أحب أبا حفن دأ د‬
‫حب دعمر"‪ ،‬ويقولون‪ :‬إذا كان ُ‬ ‫" د‬
‫كان الكالم إذا كان ني ُة الكالم على طرح المتبوع‪ ،‬يعني قولك‪ " :‬د‬
‫أحب أبا حفن‬
‫دعمر" تريد ُحب ُعمر هذا هو البدل‪.‬‬
‫أما عطف البيان فهو كالنعت فليس الكالم على تكرار العامل وإنما الكالم‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪308h‬‬
‫ٍ‬
‫حفص هذا بقولك ُعمر‪ ،‬كما لو‬ ‫أحب أبا حفن"‪ ،‬ثم بينت أبا‬
‫على أنك تقول‪ " :‬د‬
‫أحب أبا حفن الُر ُ"‪ ،‬الكريم هذا بدل أو نعت؟ نعت‪ ،‬أردت أن‬ ‫ُقلت‪ " :‬د‬
‫أحب أبا حفن"‪ ،‬ثم وصفته بأنه الكريم؛ فإذا أردت هذا المعنى بقولك‪:‬‬
‫تقول‪ " :‬د‬
‫أحب أبا حفص"‪ ،‬ثم بينته ووضحته بقولك‪ُ " :‬عمر"‬
‫" ُعمر"‪ ،‬أردت أن تقول‪ُ " :‬‬
‫أهم ما‬
‫عطف بيان‪ ،‬وسنُكرر يف هذه المسألة حتى تفهموها إن شاء اهلل؛ ألهنا ُ‬
‫ُ‬ ‫فهذا‬
‫يف الباب‪.‬‬
‫فإذا قلنا‪ " :‬دمحمدِ قام مالدِ أم ه"‪" ،‬خالدٌ أخوه" ب َّينت خالد ووضحت ُه بأنه‬
‫عطف بيان؟ ننظر هل الكالم على تكرار العامل؟‬
‫ُ‬ ‫أخوه‪ ،‬وخالد هو أخوه بدل أم‬
‫هل يجوز أن ُتكرر العامل كرر العامل؟ هل يجوز أن تقول‪ُ :‬محمدٌ قام خالدٌ ‪،‬‬
‫محمدٌ قام أخوه؟‬
‫"محمدٌ قام أخوه" جائزة ال إشكال يف ذلك لكن ُمحمدٌ قام خالدٌ هل هذا‬
‫جائز؟ ليس بجائز‪ ،‬ال يجوز‪ ،‬ال يجوز لماذا ال يجوز؟ ألنك أخربت عن ُمحمد بأنه‬
‫بجملة فعلية ليس فيها رابط‪ ،‬والجمل ُة الفعلية‬ ‫ٍ‬
‫قام خالد‪ ،‬يعني أخربت عن ُمحمد ُ‬
‫بالمبتدأ‪.‬‬
‫الجملة إذا وقعت خربًا فالبد فيها من رابط يربطها ُ‬
‫أو ُ‬
‫المراد‪ " :‬دمحمد قام مالد‪،‬‬
‫فلو جعلت الكالم على نية تكرار العامل لكان ُ‬
‫عطف بيان‪ ،‬اآلن نفرق‬
‫ُ‬ ‫محمدِ قام أم ه" فهذا فاسد؛ إ ًذا ال يكون أخوه ً‬
‫بدال بل هو‬
‫حيث اإلعراب‪ ،‬من ُ‬
‫حيث المعنى سيأيت ما الفرق بين‬ ‫بين عطف البيان والبدل من ُ‬
‫البدل وعطف البيان من ُ‬
‫حيث المعنى؟‬
‫الب‪.)00:43:46@( :‬‬
‫المشتق‪.‬‬
‫ال يخ‪ :‬كيف ال النعت ال يكون إال بالوصف‪ ،‬ال يكون إال بالوصف ُ‬
‫الب‪.)00 :43:51@( :‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪309h‬‬
‫‪g‬‬
‫ال يخ‪ :‬كيف أخوه جملة‪ ،‬أخوه ُمضاف و ُمضاف إليه ليس جملة‪ ،‬جملة اسمية‬
‫مبتدأ وخرب‪ ،‬وفعلية‪ :‬فعل وفاعل‪.‬‬
‫ً‬
‫شيخا‪،‬‬ ‫ُ‬
‫الحارث"‪ ،‬رجل اسم ُه الحارث تعلم حتى صار‬ ‫أما لو ُقلنا‪" :‬يا ُ‬
‫شيخ‬
‫مثال إنسان اسمه ُمحمد وهو ٌ‬
‫شيخ‬ ‫ُ‬
‫الحارث"‪ ،‬كما لو ناديت ً‬ ‫ناده‪ ،‬تقول‪" :‬يا ُ‬
‫شيخ‬
‫ُ‬
‫شيخ‬ ‫ُ‬
‫شيخ محمد‪ ،‬أما هذا اسمه الحارث ماذا تقول له؟ يا‬ ‫ماذا تقول له؟ يا‬
‫ُ‬
‫شيخ؛ هذه ُمنادى مبني على الضم ألنه نكر ٌة مقصودة‪ ،‬والنكر ُة‬ ‫ُ‬
‫الحارث‪ ،‬يا‬
‫المقصودة يف النداء من المعارف كما سبق ذلك يف المعارف يعني مقصود‪ ،‬مقصود‬
‫يعني ُمعين ُمحدد‪ ،‬هو معرفة‪.‬‬
‫"يا ُ‬
‫شيخ الحارث" هل التابع هنا على نية تكرار العامل؟ هل الكالم على‬
‫ُ‬
‫الحارث‪ ،‬يجوز أن‬ ‫ُ‬
‫الشيخ يا‬ ‫ُ‬
‫الحارث‪ ،‬هل يجوز أن تقول‪ :‬يا‬ ‫قولك‪ :‬يا ُ‬
‫شيخ‪ ،‬يا‬
‫تقول ذلك؟ يجوز أن ُتدخل (يا) على ما فيه (أل) يف النداء؟ ما حدث ما قال يا‬
‫ُ‬
‫الحارث"‪ ،‬هنا ال‬ ‫شيخ‬ ‫ُ‬
‫حارث ماشي‪ ،‬وإنما قال‪" :‬يا ُ‬ ‫شيخ‬ ‫ُ‬
‫حارث‪ ،‬لو قال يا ُ‬ ‫ُ‬
‫شيخ‬
‫بدال؛ ألن العامل ال يجوز أن ُيكرر مع التابع وإنما‬ ‫ُ‬
‫الحارث ً‬ ‫يجوز أن يكون‬
‫عطف بيان؟ ألنه ليس على نية تكرار العامل‪ ،‬أين‬
‫ُ‬ ‫عطف بيان‪ ،‬لماذا‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الحارث‬
‫العامل يف يا ُ‬
‫شيخ؟‬
‫ُ‬
‫الحارث هل العامل‬ ‫ال يخ‪ :‬هذا ُمنادى‪ ،‬أين العامل؟ حرف النداء‪ :‬يا ُ‬
‫شيخ‪،‬‬
‫أحب أبا‬
‫عطف بيان‪ ،‬بخالف " د‬
‫ُ‬ ‫حرف النداء ُيمكن أن تكرره يف التابع؟ ما ُيمكن إ ًذا‬
‫أحب‬
‫د‬ ‫أحب دعمر"‪ ،‬يجوز أن ُتكرر العامل وهو الفعل‪ " ،‬د‬
‫أحب أبا حفن‪،‬‬ ‫د‬ ‫حفن‬
‫دعمر" هنا يجوز وهنا ال يجوز‪.‬‬
‫الب‪.)00 :46:20@( :‬‬
‫ال يخ‪ :‬ال يجوز‪.‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪310 h‬‬
‫الب‪)00 :46:22@( :‬‬
‫ال يخ‪ :‬ال‪ ،‬أنت قصدت هبذه قصدت أن ُتبين الشيخ هذا أنه الحارث‪ ،‬يا ُ‬
‫شيخ‪،‬‬
‫ثم أردت أن ُتبينه من هو؟ فقلت الحارث وهذا عطف بيان بينت قولك‪ " :‬ا‬
‫عطف بيان‪.‬‬
‫ُ‬ ‫يخ" بأنه الحارث‪،‬‬
‫يخ الن و د "‪ ،‬أو " ا أسعاة العميمي"‬
‫ومَق ةلك ما ل قلت مَال‪ " :‬ا ال د‬‫د‬
‫أستاذك اسمه التميمي‪ ،‬أردت أن تناديه فقلت‪ " :‬ا أسعاة العميمي"‪.‬‬
‫ا أسعا دة‪ :‬هذا منادى مبني على الضم؛ ألنه نكر ٌة مقصودة‪.‬‬
‫عطف بيان‪ ،‬والعامل هنا‬
‫ُ‬ ‫عطف بيان؛ ألنك أردت شخصه بذلك هو‬
‫ُ‬ ‫العميمي‪:‬‬
‫د‬
‫ال يجوز أن ُيكرر مع التابع‪.‬‬
‫يخ دمحمد"‪ ،‬هذا الرجل اسمه محمد‪ ،‬قلت‪ :‬يا ُ‬
‫شيخ محمد‪،‬‬ ‫لو قلنا‪ " :‬ا د‬
‫يخ‪ ،‬ا محمد" إلى اآلن تمام؛‬
‫عطف بيان‪ ،‬ألنه يجوز أن تقول‪ " :‬ا د‬
‫ُ‬ ‫هنا بدل أو‬
‫يخ محمدد أمبرين بَُا و َا"‪ ،‬فماذا يكون محمدُ ؟‬
‫الجملة‪ " :‬ا د‬
‫فإذا قلنا يف هذه ُ‬
‫بدال وال يكون عطف بيان‪ ،‬فإن ُقلت‪" :‬يا ُ‬
‫شيخ محمدٌ أخربين بكذا‬ ‫ال‪ ،‬يكون ً‬
‫عطف بيان‪ ،‬نعم‪ ،‬هذه قواعد‬
‫ُ‬ ‫وكذا"‪ ،‬أو "يا ُ‬
‫شيخ محمدً ا أخربين بكذا وكذا"‪ ،‬فهو‬
‫أنتم تعلموهنا لكن فقط طبقوها‪.‬‬
‫يخ محمد" أنت تريد أن ُمحمد بدل؟ تقول‪ :‬نعم‪ ،‬أريد أنه بدل‪،‬‬
‫إذا قلنا‪ " :‬ا د‬
‫البدل على نية تكرار العامل‪ ،‬كرر العامل ماذا تقول يف نداء ُمحمد‪ ،‬يا ُمحمدُ ‪ ،‬أم يا‬
‫محمدٌ ‪ ،‬أم يا ُمحمدً ا؟ تقول‪ " :‬ا محمدد "؛ إ ًذا فإذا أردت أنه بدل يجب أن تقول‪ :‬يا‬
‫شيخ محمدُ ؛ ألنك أردت أن تقول‪" :‬يا ُ‬
‫شيخ يا محمد"؛ ألن البدل على نية تكرار‬ ‫ُ‬
‫العامل‪ ،‬فإن قلت‪ :‬ال‪ ،‬ال أريد أنه بدل على نية تكرار العامل وإنما أردت أنه عطف‬
‫بيان‪ ،‬يعني أردت أن أصفه‪ ،‬أن أنعته‪ ،‬أن أوضح ُه بأنه ُمحمد‪ ،‬أنه ماذا؟‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪311h‬‬
‫‪g‬‬
‫عطف بيان‪ ،‬وعطف البيان يف حقيقته‪ ،‬يف حقيقته ماذا؟ عطف البيان يف حقيقته‬
‫ُ‬
‫عطف البيان يف‬
‫ُ‬ ‫عطف البيان؟ صفة نعت؛ هذا الذي شرحناه يف أول الدرس‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ماذا؟‬
‫المنادى المبني؟ المنادى المبني‬
‫تنعت ُ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ويأخذ أحكام النعت‪ ،‬وكيف‬ ‫حقيقته نعت‬
‫مثال‪ :‬يا خالدُ ‪ ،‬ثم وصفت ُه بالكرم ماذا تقول؟ هذا سيأيت يف باب‬
‫عمو ًما‪ ،‬لو ناديت ً‬
‫النداء هذا ما درسناه إلى اآلن‪.‬‬
‫تقول‪ " :‬ا مالدد الُر دُ" أو " ا مالدد الُر َُ"‪ ،‬يجوز الوجهان‪ ،‬يجوز أن‬
‫ُتراعي اللفظ؛ ألنه مبني على الضم تقول‪ " :‬ا مالدد الُر دُ"‪ ،‬ويجوز أن تراعي‬
‫ٌ‬
‫مفعول به أدعو ُمحمدً ا‪ ،‬أدعو خالدً ا فتقول‪ " :‬ا‬ ‫المنادى يف أصله‬
‫المحل؛ ألن ُ‬
‫مالدد الُر َُ"‪ ،‬يجوز الوجهان‪ ،‬وستأيت الشواهد على ذلك إن شاء اهلل يف باب‬
‫النداء‪.‬‬
‫لمنادى مبني؛ يجوز فيه الرفع‬
‫ً‬ ‫ٍ‬
‫لمبني‬ ‫فإذا كان النعت يجوز فيه إذا وقع نعتًا‬
‫الرفع والنصب‪ ،‬الرفع ليست بناء‬
‫ُ‬ ‫أيضا يجوز فيه الوجهان‬
‫فعطف البيان ً‬
‫ُ‬ ‫والنصب‬
‫على الضم‪.‬‬
‫تابع للفظ‬
‫عطف بيان ٌ‬
‫ُ‬ ‫فمحمدٌ‬ ‫‪-‬الرفع فعند رفعه ماذا نقول؟ "يا ُ‬
‫شيخ محمدٌ "‪ُ ،‬‬
‫المنادى‪.‬‬
‫ُ‬
‫المنادى؛‬ ‫تابع لمحل ُ‬ ‫عطف بيان ٌ‬ ‫ُ‬ ‫‪-‬وعند النصب ن ل‪" :‬يا ُ‬
‫شيخ محمدً ا"‬
‫وأشار إلى ذلك ابن مالك‪ ،‬أشار إلى هذه الصورة ابن مالك يف قوله‪:‬‬
‫ا‬ ‫ا ا ا‬
‫فلللي َغ ْيلللرا ن َْحللل ا َ لللا دغلللالَ دم َ ْع دم َ‬
‫لللرا‬ ‫للللللللر‬
‫َو َصلللللللللال َح ل َبدَ ل َّيلللللللللة د ل َ‬
‫يعمر"‬
‫ُ‬ ‫عمر‬
‫عمر بيته"‪َ " ،‬‬ ‫يعمر" بالفتح " َ‬ ‫ُ‬ ‫يعمر‪ُ :‬يقال يف الفعل منه " َع ِمر‬
‫يعمر" بالضم‪ ،‬اللغتان فصيحتان يف الفعل‪ ،‬وأما يف االسم يف العلم؛‬ ‫عمر ُ‬ ‫بالفتح‪ ،‬و" ُ‬
‫يعمر اسم‬
‫والمرا ُد هبذا المثال‪ " :‬ا غدال دم عمرا"‪ ،‬أن َ‬
‫يعمر‪ُ ،‬‬
‫فإنه بالفتح على األكثر َ‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪312h‬‬
‫هذا الغالم‪ ،‬فكيف ُتناديه؟ تقول‪ " :‬ا دغال دم عمر"‪.‬‬
‫عمر"‪ ،‬فإن‬‫د‬ ‫عمر"‪ ،‬أو " ا دغال دم‬
‫َ‬ ‫عمر" تقول‪ " :‬ا غالم‬
‫وكيف تضبط " َ‬
‫جعلته ً‬
‫بدال؟ فليس لك فيه إال البنا ُء على الضم؛ ألن العامل حرف النداء يف النية‬
‫ٍ‬
‫حينئذ مبني‬ ‫يعمر‬
‫عمر"‪ُ ،‬‬ ‫ُمكرر‪ ،‬فتقول‪ " :‬ا غد ال دم د‬
‫عمر"‪ ،‬كأنك قلت‪ " :‬ا غال دم ا د‬
‫على الضم‪.‬‬
‫الرفع‬
‫ُ‬ ‫الرفع ما نقول‪ :‬الضم‪ ،‬جاز لك فيه‬
‫ُ‬ ‫وإن كان عطف بيان جاز لك فيه‬
‫والنصب‪.‬‬
‫يعمر تعال (@‪ )00:53:05‬وال ننون ألنه‬
‫َ‬ ‫‪-‬فعند النصب ن ل‪" :‬يا غال ُم‬
‫يعمر‬
‫َ‬ ‫علم على وزن الفعل‪" ،‬يا ُغال ُم‬
‫ٌ‬ ‫ممنوع من الصرف؛ ألنه‬
‫تعال"(@‪.)00:53:05‬‬
‫يعمر‬
‫ُ‬ ‫عمر" هنا‬
‫د‬ ‫عمر عال"‪ ،‬إ ًذا " ا غدال دم‬
‫د‬ ‫‪-‬وعند الرفع ن ل‪ " :‬ا غدال دم‬
‫ممنوع من الصرف‪ ،‬فقد يكون ً‬
‫بدال على نية تكرار العامل‪ ،‬وقد‬ ‫ٌ‬ ‫صورة واحدة؛ ألنه‬
‫يكون عطف بيان على نية التوضيح‪.‬‬

‫وإذا ُقلت‪" :‬جاء د‬


‫المُر دم الطالب ف د"‪ ،‬هذا الرجل الذي أكرم الطالب فهدً‬
‫ا‬
‫الطالب ف دا"‪:‬‬ ‫المُر دم‬
‫جاء‪ ،‬فتقول عنه‪" :‬جاء د‬
‫ٍ‬
‫ماض‪.‬‬ ‫جاء‪ُ :‬‬
‫فعل‬
‫المُر دم‪ :‬فاعل وهو اسم فاع ٍل يعمل عمل فعله‪ ،‬اسم الفاعل إذا كان ب(ال)‬ ‫د‬
‫ٍ‬
‫حينئذ الوجهان‪:‬‬ ‫فيجوز أن يعمل عمل فعله ُمطل ًقا‪ ،‬فلك فيه‬
‫الطالب ف دا"‪.‬‬
‫َ‬ ‫‪-‬أن ُتعمله عمل الفعل فتنصب مفعوله؛ فتقول‪" :‬جا َء د‬
‫المُر دم‬
‫ا‬
‫الطالب ف د" هذا‬ ‫‪-‬ويجوز أن ُتضيفه إلى معموله فتقول‪" :‬جاء د‬
‫المُر ام‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪313h‬‬
‫‪g‬‬
‫شرحناه يف باب اسم الفاعل وإعماله‪.‬‬
‫المُر دم الطالب ف دا"‬
‫فإَّ نصبت‪ :‬أي إذا أعملته إعمال الفعل فقلت‪" :‬جاء د‬
‫جاز لك يف فهدً ا أن يكون ً‬
‫بدال وأن يكون عطف بيان‪ ،‬أن يكون عطف بيان على أنه‬
‫المُر دم الطالب" من الطالب هذا؟ أردت أن تبينه تقول‪:‬‬
‫توضيح للطالب‪" :‬جاء د‬
‫ٌ‬
‫المَع د" ويجوز أن يكون ً‬
‫بدال على‬ ‫"فهدً ا" كما لو ُقلت‪" :‬جاء د‬
‫المُر دم الطالب د‬
‫المُر دم ف دا" ال إشكال‬
‫الب جاء د‬
‫المُر دم الط َ‬
‫نية تكرار العامل كأنك تقول‪" :‬جاء د‬
‫ُ‬
‫اإلشكال يف اإلضافة‪.‬‬ ‫يف ذلك وإنما‬
‫المكرم هنا‬ ‫ا‬
‫الطالب ف د"‪ُ ،‬‬ ‫المُر دم‬‫إذا أضفت إلى معموله فقلت‪" :‬جاء د‬
‫ِ‬
‫الطالب؛ فصارت إضاف ًة لفظية‪ ،‬اإلضافة‬ ‫المكر ُم‬
‫وصف‪ ،‬وقد أضفته إلى معموله ُ‬
‫لب" وال يجوز ذلك إال يف‬ ‫المكر ُم الطا ِ‬
‫اللفظية يجوز أن ُتجامع (أل) فتقول‪ُ " :‬‬
‫مواضع درسناها يف باب (اإلضافة)‪.‬‬
‫لاَّ َا ْل ََ ْعل الد ا ْل َّ ل َع ْر‬ ‫إا َّْ دو اص ل َل ْ‬
‫ت باا ْل ََّل ا‬ ‫للر‬ ‫ا‬ ‫للق َأ ْل بال َ‬
‫للَا ا ْل دم َالللاف دم ْ َع َفل ْ‬ ‫َو َو ْصل د‬

‫ضاف إليه فيه (أل)‪ ،‬أو‬


‫ُ‬ ‫الم‬ ‫إ ًذا ُ‬
‫فمجامعة اإلضافة اللفظية ل(أل) جائزة إذا كان ُ‬
‫ضاف إليه كذلك؛ فاإلضاف ُة ُ‬
‫غير جائزة كما يف‬ ‫ُ‬ ‫ُمضا ًفا لما فيه (أل)‪ ،‬وإذا لم يكن ُ‬
‫الم‬
‫ُرم ه د" باإلضافة وإنما تقول‪" :‬جاء‬
‫الم د‬
‫العلم؛ فال يجوز أن تقول‪" :‬جاء د‬
‫المُر ام‬ ‫ا‬
‫الطالب" فهذا جائز ال إشكال " د‬ ‫المُر دم‬
‫المُر دم ه دا"‪ ،‬أما "جاء د‬
‫د‬
‫ا‬
‫الطالب" أضفنا إلى ما فيه (أل) جائز‪.‬‬
‫"ف د" ماذا تكون للطالب؟ تكون عطف بيان‪ ،‬بينا الطالب بأنه "فهد"‪ ،‬وهل‬
‫بدال؟ ال يجوز ألن البدل على نية تكرار العامل كأنك ُقلت‪:‬‬ ‫يجوز أن يكون " ٍ‬
‫فهد" ً‬
‫المُر ام الطالب‪ ،‬جاء د‬
‫المُر دم ف د"‪ ،‬فأضفت إلى ما ليس فيه (أل) وهذا ال‬ ‫"جاء د‬
‫يجوز‪ ،‬ال يجوز إال على مذهب الفراء الذي درسناه حينذاك أنه ُيجيز اإلضافة‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪314 h‬‬
‫اللفظية إلى العلم ب(أل) وهذا هو قول ابن مالك عندما ب َّين الموضع الثاين الذي‬
‫يمتنع فيه البدل‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫الم ْر ا للللللي‬
‫َو َللللللل ْي َس َأ َّْ د ْبللللللدَ َل با َ‬ ‫َون َْحلللللل ا با ْ للللللر َ للللللابا اع ال َب ُْللللللرا‬

‫ُيشير إلى قول الشاعر وهو المرار األسدي قال‪:‬‬


‫با ْ لللر عليللله الطيلللر ر دقبللل ده وق علللا‬ ‫أنللللللا ابللللللن العللللللارَ ال َبُْللللللرا‬

‫ترتقب‬
‫ُ‬ ‫يفتخر أن أباه جرح هذا الفارس البطل بشر ابن عمر حتى جعل الطير‬ ‫ُ‬
‫موته‪ ،‬فقال‪" :‬أنا ابن العارَ ال َب ُْرا با ْ ر"‪:‬‬
‫أنا‪ُ :‬مبتدأ‪.‬‬
‫ابن‪ :‬خرب‪.‬‬
‫ضاف إليه‪ ،‬ثم أضاف التارك إلى البكري‪" ،‬العارَ البُر "‬ ‫ٌ‬ ‫ا‬
‫العارَ‪ُ :‬م‬ ‫ابن‬
‫د‬
‫العارَ‬ ‫المضاف إليه فيه (أل) "‬ ‫إضاف ٌة لفظية ب(أل) وهي إضاف ٌة جائزة ألن ُ‬
‫عطف‬
‫ُ‬ ‫بشر بالتارك؟‬ ‫ا‬
‫العارَ البُر ب ر" ما عالق ُة ٍ‬ ‫البُرا " وإنما الكالم يف ٍ‬
‫بشر "‬
‫بدال؛ ألنه لو كان ً‬
‫بدال لكان على نية تكرار العامل وكان‬ ‫بيان‪ ،‬وال يجوز أن يكون ً‬
‫ا‬
‫العارَ ب ر"‪ ،‬وهذا ال يجوز‪.‬‬ ‫التقدير "أنا ابن العارَ البُر‬
‫الم ْر ا ي»‪ ،‬إلى تجويز الفراء (أل) يف اإلضافة‬
‫وأشار بقوله‪َ « :‬و َل ْي َس َأ َّْ د ْبدَ َل با َ‬
‫المُر ام ه د" فتأيت ب(أل) مع‬
‫اللفظية إلى العلم؛ فالفراء يجيز أن نقول‪" :‬أنا د‬
‫بشر أن يكون ً‬
‫بدال‪ ،‬وهذا المذهب‬ ‫اإلضافة اللفظية إلى العلم‪ ،‬فعلى قوله يجوز يف ٍ‬
‫ليس مرض ًيا عند النحويين‪ ،‬بعد ذلك نُنبه على أمرين‪:‬‬
‫فيجب‬
‫ُ‬ ‫بدال؛‬ ‫يجب ُ‬
‫كون التابع يف مواضع عطف بيان ال ً‬ ‫ُ‬ ‫‪ ‬العنبيه ا ول‪ :‬كما‬
‫أن يكون ً‬
‫بدال ال عطف بيان يف مواضع‪ ،‬هناك مواضع يجب أن يكون التابع فيها‬
‫ً‬
‫بدال وال يجوز أن يكون عطف بيان منها‪:‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪315h‬‬
‫‪g‬‬
‫شيخ محمدُ أخربين بكذا وكذا" كما سبق قبل قليل‪ ،‬فإذا ُقلت‪:‬‬
‫‪ -‬ق لنا‪" :‬يا ُ‬
‫بدال على نية يا ُ‬
‫شيخ يا‬ ‫فمحمدُ ال يكون إال ً‬
‫يخ محمدد " فبنيت على الضم ُ‬
‫"ا د‬
‫عطف بيان وال يجوز أن يكون ً‬
‫بدال‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫يخ محمدِ " فهو‬
‫ُمحمدُ ‪ ،‬ولو قلت‪ " :‬ا د‬

‫‪ -‬ومن ةلك ق له تعالى‪( :‬ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ‬


‫ﭪ) [ال م ة‪" ،]2:1‬الَ " ماذا تكون الذي ل" ُهمزة"؟ (ﭢ ﭣ ﭤ‬
‫ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ)؟‬
‫الب‪.)00:61:27@( :‬‬
‫ال يخ‪ :‬كيف هل يكون نعتًا؟ هل يجوز أن يكون الذي نعتًا ل ُهمزة؟ ال‪،‬‬
‫الختالفهما يف التعريف والتنكير‪ ،‬ف ُهمزة نكرة والذي معرفة ال يكون نعتًا‪ ،‬هل‬
‫عطف البيان يف ُحكم النعت يجب أن يوافق كما ُقلنا إ ًذا ال‬
‫ُ‬ ‫يكون عطف بيان؟‬
‫يجوز أن يكون عطف بيان إ ًذا فال يكون إال بدل ألن البدل ال ُتشرتط فيه ُ‬
‫المتابعة‬
‫كما سيأيت‪ ،‬ال ُتشرتط يف ُ‬
‫المتابعة يف التعريف والتنكير‪ ،‬وال التذكير والتأنيث‪ ،‬وال‬
‫المتابعة‪.‬‬
‫اإلفراد والجمع ال ُيشرتط فيه ُ‬

‫‪ -‬ومن ذلك قوله تعالى‪( :‬ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ)‬


‫[العلق‪.]15:16‬‬
‫فناصية‪ :‬بدل ألهنا نكرة‪ ،‬والناصية معرفة‪.‬‬

‫‪ -‬ومن ذلك قوله تعالى‪( :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖﭗ ﭘ) [سبٌ‪،]15:‬‬


‫ما عالقة جنتان بآيةٌ؟ ليس عطف بيان؛ ألن جنتان ُمثنى‪ ،‬وآية ُمفرد وإنما هو‬
‫بدل‪ ...‬إلى آخره؛ هذا التنبيه األول‪.‬‬
‫جوازا‬
‫ً‬ ‫الم ُ‪ :‬بعد أن ذكرنا أن كُل عطف بيان يجوز‬
‫‪ ‬العنبيه الَاين وه د‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪316h‬‬
‫نحو ًيا‪ ،‬أن يكون بدل ك ٍل من كُل إال يف هذا الموضع الواحد الذي ذكرناه وذكرنا‬
‫جوازا‬
‫ً‬ ‫ِ‬
‫عطف بيان يجوز‬ ‫عطف البيان والبدل؟ كل‬
‫ُ‬ ‫صورا له نقول‪ :‬ما الفرق إ ًذا بين‬
‫ً‬
‫ُ‬
‫حيث المعنى بين عطف البيان‬ ‫ُ‬
‫الفرق من‬ ‫نحو ًيا أن يكون بدل ك ٍل من كُل فما‬
‫والبدل؟ هذا الذي ُيهمنا‪ ،‬ن ل‪ :‬هناك أكثر من فرق نتوقف عند فرقين فقط‪:‬‬
‫نعت‬
‫الفرق ا ول‪-:‬وهو الذي أشرنا إليه من قبل‪ -‬أن عطف البيان ٌ‬ ‫د‬ ‫‪o‬‬
‫ٍ‬
‫حينئذ بقي ُة المتبوع ومن ُجملته أليس الوصف‬ ‫نعت بالجامد؛ فهو‬
‫للمتبوع ولكنه ٌ‬
‫من الموصوف؟! أليس الكرم من الكريم؟! الوصف من الموصوف؛ فهو من بقية‬
‫الموصوف ومن ُجملته فإذا ُقلت يف النعت‪" :‬جاء دمحمدِ الُر ُ"‪ ،‬فهذه ُجملة‬
‫فعل وفاعل ثم وصفته بالكرم‪.‬‬‫واحدة‪ُ ،‬‬

‫وكذلك يف عطف البيان‪ ،‬لو قلت‪" :‬جاء دمحمدِ " صفه بجامد؟ "جاء دمحمدِ‬
‫أمي"‪ ،‬أخي ليس وص ًفا وإنما جامد أخوك جامد‪" ،‬جاء محمدِ أمي"‪ ،‬أخي‬
‫الجملة‪ ،‬بخالف البدل فالبدل كما ُقلنا على نية تكرار العامل‪،‬‬
‫عطف بيان من نفس ُ‬
‫ُ‬
‫فهو من ج ٍ‬
‫ملة ُ‬
‫أخرى‪.‬‬ ‫ُ‬
‫فإذا ُقلت‪" :‬جاء محمدِ أمي" وأردت أن أخي ً‬
‫بدال‪ ،‬وأردت أن أخي بدل‬
‫فكأنك ُقلت الكالم على تقدير "جاء محمد جاء أمي"‪ ،‬ثم حذفت جاء األخرى‪،‬‬
‫إ ًذا فهما يف الحقيقة جملتان‪ ،‬فالبدل من جملة والمبدل منه من ج ٍ‬
‫ملة أخرى يف‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫تقدير الكالم ونيته‪ ،‬وطبق ذلك على ما شئت‪...‬‬
‫جوازا نحو ًيا أن يكون ُعمر‬
‫ً‬ ‫لو قلنا‪" :‬ر ي اهلل عن أبي حفن دعمر" هنا يجوز‬
‫وموضح ألبي حفص‪ ،‬ويجوز أن يكون ً‬
‫بدال فهو على تكرار‬ ‫ٌ‬ ‫نعت‬
‫عطف بيان؛ فهو ٌ‬
‫َ‬
‫العامل كأنك ُقلت‪" :‬رضي اهلل عن أبي حفص‪ ،‬رضي اهلل عن ُعمر"‪ ،‬هذا الفرق‬
‫األول وذكرناه من قبل‪.‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪317h‬‬
‫‪g‬‬
‫حيث المعنى‪ :‬فالبدل هو المقصو ُد‬ ‫د‬ ‫الفرق الَاين وه ا هُ نه من‬ ‫د‬ ‫‪o‬‬
‫ذكر توطئ ًة وتمهيدً ا فقط؛ إ ًذا‬
‫والمبدل منه ليس مقصو ًدا بالكالم وإنما ُي ُ‬
‫بالكالم‪ُ ،‬‬
‫غير مقصود إ ًذا فبرتكيب‬
‫والمبدل وهو الذي قبله المتبوع ُ‬
‫فالبدل هو المقصود‪ُ ،‬‬
‫البدل يف أسلوب البدل عندنا تابع بدل ومتبوع‪ُ ،‬مبدل منه أ ُيهما المقصود األول أو‬
‫الثاين؟ الثاين البدل‪ ،‬واألول ليس مقصو ًدا بالكالم يعني ليس هو المقصود األول‬
‫بالكالم وإنما ُيذكر فقط توطئ ًة وتمهيدً ا للكالم‪.‬‬
‫وأما ع د‬
‫طف البياَّ فبعُس ةلك فإن المقصود بالكالم هو المتبوع أي األول أي‬
‫عطف البيان فهو تكملة فقط تكملة‬
‫ُ‬ ‫المعطوف عليه‪ ،‬وأما الثاين وهو التابع‪ :‬أي‬
‫لتوضيحه وتبينه‪ ،‬إ ًذا فاألول هو المقصود بالكالم ويأيت الثاين فقط لتكملته‬
‫وتوضيحه ووصفه بجامد‪ ،‬وهذه أمثل ٌة تطبيقي ُة لذلك‪ ،‬وهذا ُ‬
‫أهم ما يف الباب‪.‬‬
‫المَع دد محمدِ "‪ ،‬النحويون يقولون‪ :‬يجوز لك يف ُمحمد أن‬
‫لو قلنا‪" :‬جاء د‬
‫كثيرا ما‬
‫كررت عليكم ً‬
‫ُ‬ ‫يكون ً‬
‫بدال أو عطف بيان‪ ،‬البد أن نفهم هذه المسألة‪ ،‬وأنا‬
‫ُ‬
‫حيث المعنى ال‪ ،‬المعنى‬ ‫جوازا نحو ًيا أما من‬
‫ً‬ ‫المراد بالجواز النحوي؛ يجوز‬
‫ُ‬
‫يختلف أنت ماذا ُتريد؟ ُتريد هذا فيجب أن ُتعرب هكذا‪ ،‬أم ُتريد هذا المعنى‬
‫فيجب أن ُتعرب اإلعراب الثاين‪ ،‬وال يجوز أن ُتعرب األول بحسب المعنى‪،‬‬
‫فالمعنى يعو ُد إلى البالغة شيء آخر‪.‬‬

‫المجتهدُ محمدٌ " طيب ماذا ُتريد أنت بقولك‪ " :‬د‬
‫المَع دد دمحمدِ "؟‬ ‫"فجاء ُ‬
‫هل كان المقصود أن تقول لي "جاء محمدٌ "؟ أنت أردت أن ُتخربين بأنه "جاء‬
‫محمد" هذا يكون هذا المقصود؟ أنت أردت أن ُتخربين بأن الذي جاء من؟‬
‫المَع دد محمد"‪ ،‬فقط توطئة له‪ ،‬أن‬
‫المجتهد يف "جاء د‬
‫ُمحمد‪ ،‬فهو بدل وقولك‪ُ :‬‬
‫أردت أن تنبه على أنه ُمجتهد ُتثني عليه كذا؛ فقد (@‪ )00:68:44‬إلى الكالم‬
‫لكن مقصودك أن ُتعلمني بأنه ُمحمد‪ )00:68:52@(،‬باألمثلة شي ًئا يعني يكون‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪318h‬‬
‫مثال أوضح من الذي قبله‪.‬‬
‫مثال أو غيره‪،‬‬ ‫أم أردت أن ُتخربين أن الذي جاء هو ُ‬
‫المجتهد وليس الكسول ً‬
‫المجتهد‪ ،‬ثم كأنك يعني‬ ‫أردت أن ُتخربين بـأن الذي جاء ُ‬
‫المجتهد‪ ،‬انتبه جاءك ُ‬
‫مثال يف هذا الفصل أو يف هذه‬
‫المجتهدون كثيرون ً‬
‫المجتهد لم يتضح له‪ُ ،‬‬
‫رأيت أن ُ‬
‫المدرسة؛ فأردت أن توضحه وأن ُتبينه من هو ُ‬
‫المجتهد هذا‪ ،‬فقلت‪" :‬جاء‬
‫المَع دد محمدِ " أليس هناك فر ًقا بين المعنيين؟ نعم‪ ،‬هناك فرق ففي األول بدل‪،‬‬
‫د‬
‫عطف بيان ألنه صار كالنعت‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ويف الثاين‬
‫عطف بيان؟ حسب‬
‫ُ‬ ‫ومثل ذلك إذا ُقلت‪ :‬اشرتيت مركو ًبا سيارةً‪ ،‬سيار ًة بدل أم‬
‫المعنى‪ ،‬هل أردت أن ُتخربين أنك اشرتيت سيارة فهذا بدل‪ُ ،‬ثم قلت‪ :‬مركو ًبا فقط‬
‫ُتبين يعني أنه شيء ُيستعمل يف الركوب‪ ،‬لكن الغرض من كالمك أن ُتخربين بأنك‬
‫اشرتيت سيارة‪.‬‬
‫أم أردت أن ُتخربين أنك اشرتيت مركو ًبا الحمد هلل؟ شيء يحم ُلك اشرتيت‬
‫مركو ًبا؛ فأخربتني أنك اشرتيت مركو ًبا الحمد هلل‪ ،‬ثم أردت أن توضح ما‬
‫ٍ‬
‫حينئذ عطف بيان‬ ‫المركوب؟ فرس أو ماذا أو سيارة؟ فقلت‪ :‬سيار ًة نعم‪ ،‬فيكون‬
‫كأنك قلت‪ :‬اشرتيت مركو ًبا سري ًعا مركو ًبا جيدً ا‪.‬‬
‫لو قلت‪" :‬سافر أمي دمحمدِ "‪ ،‬جاءك إنسان وقال‪" :‬سافر أمي دمحمدِ "‪ ،‬أو‬
‫قلت إلنسان‪" :‬سافر أمي محمدِ "‪ ،‬أنت ماذا تقصد بذلك؟ إذا ُقلت‪" :‬سافر أمي‬
‫أهال‬
‫المسافر أخوك؛‪-‬حياك اهلل‪ -‬يا أخي ً‬
‫المخاطب يعرف أن ُ‬
‫محمدِ "‪ ،‬إن كان ُ‬
‫وسهال تذهب إن شاء اهلل وتعود بالسالمة من السفر‪ -‬وهو عندك يعرف أن ُه ُمسافر‬
‫ً‬
‫أخوك ثم سافر ماذا تقول له؟ تقول‪" :‬سافر أمي دمحمدِ " عندما أقول‪" :‬سافر‬
‫ٍ‬
‫شيء يعرفه؟‬ ‫أمي" هل أفدته بما ُيريد بالذي يريد أن يعرفه؟ أم أخربته عن‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪319h‬‬
‫‪g‬‬
‫إ ًذا ما جاء المقصود به الكالم‪ ،‬أنت لم‪– ....‬طب ًعا اإلنسان ما يتكلم‪ -‬ل ُيخرب‬
‫بشيء يعرف ُه‪ ،‬ما إن ُقلت (@‪ )00:71:35‬نح ُن يف المسجد‪ ،‬ما نقول‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫اآلخر‬
‫"نحن يف المسجد اآلن" ؛ فهذا كالم ال فائدة منه‪ ،‬إال إذا أردت أن تبني عليه شيء‬
‫آخر‪ ،‬وإنما أردت أن تقول له‪" :‬سافر ُمحمدٌ "‪ ،‬ولكنك ذكرت أخي قبل ذلك‬
‫توطئة "سافر أخي" يعني هذا الذي رأيته أخي هذا فتوطئة للكالم "سافر أخي"‪،‬‬
‫ٍ‬
‫حينئذ بدل هو المقصود‪ ،‬والمقصود هذا بدل‪.‬‬ ‫لكن المقصود محمدٌ ‪ ،‬إ ًذا ُ‬
‫فمحمدٌ‬
‫يعرف أنه أخوك‪ ،‬يعرف أنه‬
‫ُ‬ ‫المسافر؟ ال‬
‫يعرف هذا ُ‬
‫ُ‬ ‫المخاطب ال‬
‫أم أن هذا ُ‬
‫ٍ‬
‫بشيء يجهله؟ نعم‪،‬‬ ‫سافر لكن ال يدري من هو فقلت‪" :‬سافر أمي"‪ ،‬أخربته اآلن‬
‫ٍ‬
‫بشيء يجه ُله إ ًذا فمقصودك أن ُتخرب ُه بأن الذي سافر أخوك‬ ‫"سافر أمي" أخربته‬
‫"سافر أمي"‪ ،‬ثم أردت أن ُتبين أخوك هذا من؟ ف"سافر أخي ُمحمدٌ " فيكون‬
‫فرق من ُ‬
‫حيث المعنى‬ ‫فهناك ٌ‬
‫بمحمد‪ُ ،‬‬ ‫عطف بيان‪ ،‬كأنك ُقلت‪ :‬سافر أخي ُ‬
‫المسمى ُ‬
‫وإن كان دقي ًقا‪.‬‬
‫وعُس ةلك ل دقلت‪" :‬سافر دمحمدِ أمي" المثال السابق‪" :‬سافر أمي‬
‫د‬
‫عطف بيان؟‬
‫ُ‬ ‫دمحمدِ " وأما هذا المثال‪ :‬ف"سافر دمحمدِ أمي" أخي بدل أم‬
‫يعلم أن هذا ُمحمد يعرف أن اسم ُه ُمحمد‪،‬‬
‫المخاطب ُ‬ ‫بحسب المعنى‪ ،‬فإن كان ُ‬
‫ٍ‬
‫بشيء يجهله بالمقصود‬ ‫لكن ما يعرف عالقت ُه بك ف ُقلت له‪ :‬سافر ُمحمد"‪ ،‬أخربت ُه‬
‫يحصل المقصود حتى‬ ‫ُ‬ ‫الذي ُتريد أن توصل ُه إليه‪ ،‬ال هو يعرف أنه ُمحمد‪ ،‬وال‬
‫تقول‪" :‬سافر محمدِ أمي"‪ ،‬أن ُتخرب ُه بأنه أخوك فهو بدل‪ ،‬ألن أخي هو المقصود‬
‫بالكالم‪.‬‬
‫اسمه وال ما‬
‫المسافر ما ُ‬
‫المخاطب ال يعرف هذا ُ‬
‫أما إذا كان ال يعرف هذا ُ‬
‫عالقته ال يعرف فلو قلت‪" :‬سافر ُمحمدٌ "؛ هنا أفدته شي ًئا ال يعر ُفه أوصلت إليه‬
‫المقصود "سافر ُمحمدٌ "‪ ،‬ثم وصفت ُمحمدٌ هذا بأنه أخوك‪.‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪320h‬‬
‫وإةا دقلت لُُ‪-:‬خليها هنا خالد(@‪ )00:74:29‬علي‪ " ،‬د‬
‫أحب عل ًّيا" عرفتُم‬
‫المخاطب‪ ،‬أنا‬‫المقصود؟ يختلف أن بعضكم ربما عرف وبعض ُكم ما عرف حسب ُ‬
‫بعضكم عرف ُه بقولي‪:‬‬ ‫ُأريد " د‬
‫أحب عل ًّيا أبا الحسنين"‪ ،‬اآلن عرفتموه جمي ًعا‪ ،‬لكن ُ‬
‫"عل ًّيا"‪ ،‬وبعض ُكم عرف ُه بقول‪" :‬أبا الحسنين"‪.‬‬
‫ف أَّ الم ص د عرف الم ص د ب لي‪" :‬عل ًّيا"‪ ،‬عرف‬
‫عر َ‬
‫المخا ب َ‬
‫فإَّ اَّ د‬
‫أحب عل ًّيا" عرف ُه؛ إ ًذا وصل ُه المقصود فالمقصود عل ًّيا‪،‬‬
‫المقصود من قولي‪" :‬عل ًّيا‪ُ ،‬‬
‫فأبا الحسنين فقط تكملة له‪ ،‬تكملة فهو عطف بيان‪ ،‬وصفت ُه بأنه أبو الحسنين‪.‬‬

‫فإن ُقلت‪ " :‬د‬


‫أحب عل ًّيا" لم يصل المقصود‪" ،‬أبا الحسنين" وصل المقصود؛‬
‫فالمقصود بالكالم أبا الحسنين فهو بدل‪ ،‬واهلل أعلم وصلى اهلل وسلم على نبينا‬
‫محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين‪.‬‬

‫‪¹‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪321h‬‬
‫‪g‬‬

‫الدرس السابع والثمانون‬

‫بسُ اهلل الرحمن الرحيُ‪ ،‬الحمد هلل رب العالمين‪ ،‬والصالة والسالم على نبينا‬
‫محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين‪ ،‬أما بعد‪:‬‬
‫المباركة الليلة الطيبة ليلة اإلثنين السادس‬
‫حياكم اهلل وبياكم يف هذه الليلة ُ‬
‫ٍ‬
‫وأربعمائة وألف‪ ،‬يف جامع‬ ‫والعشرين من شهر ربي ٍع اآلخر من سنة ثالث وثالثين‬
‫الراجح يف حي الجزيرة يف مدينة الرياض نعقد بحمد اهلل وتوفيقه الدرس السابع‬
‫والثمانين من دروس شرح ألفية ابن مالك‪-‬عليه رحمة اهلل‪ ،-‬وقبل أن نبدأ بدرس‬
‫ُ‬
‫نستكمل شي ًئا من الدرس السابق الذي كان يف باب عطف البيان‪.‬‬ ‫الليلة‬
‫فنح ُن ختمنا الباب بالكالم على الفرق بين عطف البيان والبدل‪ ،‬وذكرنا أن‬
‫ُ‬
‫الفرق‬ ‫أهم الفروق فرقين وتوقفنا يف أثناء الكالم على الفرق الثاين‪ ،‬الفرق الثاين هو‬
‫ُ‬
‫الفرق يف المعنى بين عطف البيان والبدل فإن المعنى يف البدل على أن‬ ‫المعنوي‪،‬‬
‫الم ُ‬
‫بدل منه وهو المتبوع فإنه‬ ‫يكون البدل أي التابع هو المقصود بالكالم‪ ،‬وأما ُ‬
‫ذكر تمهيدً ا وتوطئةً‪ ،‬وأما المعنى يف عطف البيان فهو‬
‫ليس مقصو ًدا بالكالم وإنما ُي ُ‬
‫المعطوف عليه‪ ،‬أي األول‪.‬‬
‫ُ‬ ‫بعكس ذلك‪ ،‬فالمقصود بالكالم هو المتبوع‪ :‬أي‬
‫ٍ‬
‫كتكملة‬ ‫ذكر‬ ‫د‬
‫عطف البياَّ‪ :‬فإنه ليس المقصود بالكالم وإنما ُي ُ‬ ‫وأما العابع وه‬
‫ٍ‬
‫وكنعت بالجامد للمتبوع الذي قبله‪ ،‬وذكرنا عدة أمثلة على ذلك المثال واحد‬
‫مثال‪" :‬جاء ا سعا دة‬
‫ولكن المعنى يختلف من عطف البيان إلى البدل‪ ،‬فلو قلت ً‬
‫محمدِ "‪ ،‬مجموعة من الطالب جالسون يف الفصل أو يف القاعة ثم قال أحدهم‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪322h‬‬
‫الحكم النحوي كما ُقلنا‪ :‬يجوز‬ ‫فمحمدٌ من ُ‬
‫حيث ُ‬ ‫لزمالئه‪" :‬جاء ا سعا دة محمدِ " ُ‬
‫بدال ويجوز أن يكون عطف بيان والمعنى يختلف‪.‬‬‫أن يكون ً‬

‫فإن كان مقصوده هبذا الكالم أن يقول‪" :‬جاء ا سعاة"؛ فانتبهوا‪ ،‬كفوا عن‬
‫الكالم‪ ،‬استعدوا للدرس؛ فهو ُيريد أن ُينبههم بأن الذي جاء األستاذ وليس طال ًبا‪،‬‬
‫إ ًذا فمقصو ُده يتحقق بماذا؟ بقوله‪" :‬جاء ا سعاة"‪ ،‬خالص يفهمون مقصوده‪،‬‬
‫يعني انتبهوا جاء األستاذ فاستعدوا للدرس‪.‬‬
‫ثم ُيكمل فيقول‪" :‬جاء ا سعاة دمحمدِ "‪ ،‬محمدٌ هنا صارت كالبيان‬
‫توضيحا وتبينًا صارت‬
‫ً‬ ‫فمحمد صارت‬
‫والتوضيح لألستاذ من األستاذ؟ ُمحمد‪ُ ،‬‬
‫كالنعت‪ ،‬نعت األستاذ ووصف ُه بأنه ُمحمد فعلى هذا يكون ُمحمدٌ عطف بيان‪.‬‬
‫وأما إذا ُقلنا‪ :‬إن ُمحمدٌ يف هذا المثال بدل؛ فإن المعنى يختلف‪ ،‬فإن هؤالء‬
‫ال ُطالب الذين يف القاعة ال ُيهمهم أي أستاذ وإنما ُيهمهم أستا ٌذ بعينه وهو ُمحمد‪،‬‬
‫بحيث لو جاءهم أستا ٌذ آخر لم يهتموا به‪ ،‬يعني لم يستعدوا للدرس‪ ،‬ولم يتحفظوا‬
‫ُ‬
‫يف كالمهم‪ ،‬ال يهمهم إال هذا األستاذ محمد‪ ،‬فإذا قال لهم هذا الطالب‪" :‬جاء‬
‫ا سعا دة" هل تم المقصود الذي ُيريده هذا ُ‬
‫المتكلم أن ُيخربهم بأنه جاءهم األستاذ‬
‫ُمحمد؟ ال يتم‪" ،‬جاء ا سعاة"؛ ألنه ال ُيهمهم أي أستاذ‪.‬‬
‫وإنما يتم مقصوده عندما يقول‪ " :‬دمحمد" أي ُيخربهم بأن الذي جاء هو‬
‫بدال؛ ألن البدل‪ :‬هو‬ ‫ٍ‬
‫حينئذ هو المقصود بالكالم فيكون ً‬ ‫فمحمد‬
‫" دمحمد"‪ُ ،‬‬
‫المقصود بالكالم‪ ،‬وأما قو ُله‪" :‬ا سعاة" فإن ما ذكر ُه فقط تمهيدً ا وتوطئ ًة "جاء‬
‫ا سعاة دمحمدِ "‪ ،‬فمقصوده ال يتم وال ُيعرف إال بقوله‪ " :‬دمحمد" فهذا بدل‪.‬‬
‫أيضا أمثل ًة أخرى كقولهم ً‬
‫مثال‪" :‬جاء أمي دمحمدِ " محمدٌ‬ ‫وذكرنا على ذلك ً‬
‫جوازا نحو ًيا إال أن المعنى يختلف من‬
‫ً‬ ‫يجوز أن يكون ً‬
‫بدال‪ ،‬وأن يكون عطف بيان‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪323h‬‬
‫‪g‬‬
‫المخاطب الذي ُتخاطبه‬
‫البدل إلى عطف البيان‪" ،‬جاء أمي محمدِ "‪ ،‬فإذا كان ُ‬
‫وقلت له‪" :‬جاء أمي" يعرف أن الجائي أخوك‪ ،‬يعرف أن هذا الجائي أحد‬
‫أخوتك ولكنه يجهل اسمه‪ ،‬فمتى يتم مقصودك بالكالم بقولك‪" :‬أمي" أم‬
‫ٍ‬
‫حينئذ؟ بدل؛ ألن المقصود ال‬ ‫بقولك‪ " :‬دمحمد"؟ محمد‪ ،‬إ ًذا ما إعراب ُمحمد‬
‫بمحمد‪.‬‬‫يتم إال ُ‬
‫المخاطب ال‬
‫وأما قولك أخي جاء أخي فهذا توطئة وتمهيد لمحمد‪ ،‬وإن كان ُ‬
‫يعرف هذا الجائي‪ ،‬ال يعرف عالقته بك ف ُقلت له‪ :‬جاء أخي؛ فعرف شي ًئا لم يكن‬
‫يعرفه من قبل وصله المقصود بالكالم‪ ،‬أن ُتخربه أن الذي جاء أخوك وليس ً‬
‫رجال‬
‫آخر ليس أخاك "جاء أمي"‪.‬‬
‫ثم أردت أن ُتبين وأن تحدد وأن توضح وأن ُتكمل قولك أخي من هو فقلت‪:‬‬
‫"جاء أمي دمحمد" فصار محمد هنا كالنعت كالتوضيح ألخي‪ ،‬لكن المعنى‬
‫المقصود بالكالم جاء يف قولك‪" :‬جاء أمي"‪ ،‬وهكذا‪.‬‬
‫وعكس ذلك لو قلت‪" :‬جاء محمدِ أمي" عكس المثال السابق‪" ،‬جاء‬
‫محمدِ أمي" ما إعراب أخي؟ يجوز نحو ًيا أن يكون ً‬
‫بدال وأن يكون عطف بيان‬
‫المخاطب يعلم أن هذا الجائي اسمه محمد لكنه ال‬
‫باختالف المعنى‪ ،‬فإن كان ُ‬
‫يعرف العالقة بينه وبينك فقل‪" :‬جاء محمد"‪ ،‬هو يعرف أن الجائي محمد فهل‬
‫ٍ‬
‫حينئذ؟ ال‪.‬‬ ‫تم المقصود‬
‫ٍ‬
‫حينئذ بدل ألنه‬ ‫متى يتم المقصود؟ عندما تقول‪" :‬جاء محمدٌ أخي"؛ فأخي‬
‫المخاطب ال يعرف من هذا ما يعرف اسمه وال يعرف‬
‫المقصود بالكالم‪ ،‬وإذا كان ُ‬
‫عالقته بك‪ ،‬فقلت‪" :‬جاء محمدِ " عرف أن الجائي محمد‪ ،‬ثم وضحته وكملته‬
‫نعت بالجامد‪.‬‬
‫بأن نعته بقولك‪" :‬محمدٌ " "جاء أمي محمدِ " ولكنه ٌ‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪324h‬‬
‫يخ اإلسالم ابن‬ ‫وذكرنا على ذلك أمثل ٌة كثيرة كقولك ً‬
‫مثال‪" :‬قال هَا ال ل د‬
‫يمية"‪ ،‬ابن تيمية يجوز نحو ًيا أن يكون ً‬
‫بدال وأن يكون عطف بيان باختالف‬
‫مثال إذا ُقلت‪" :‬قال ةلك يخ اإلسالم" فهم‬
‫فمثال عندنا يف ُمجتمعنا ً‬
‫ً‬ ‫المعنى‪،‬‬
‫المراد ابن تيمية؛ ألننا نُطلق شيخ اإلسالم هنا على ابن تيمية‪،‬‬
‫المقصود‪ُ ،‬عرف أن ُ‬
‫فإذا قلت‪" :‬قاله يخ اإلسالم" وصل المقصود أو ما وصل المقصود؟ وصل‪.‬‬
‫فإذا قلت‪" :‬قاله يخ اإلسالم ابن يمية" فابن تيمية تكملة لما قبله أو هو‬
‫المقصود بالكالم؟ تكملة ألن المعنى ُفهم بقوله‪ :‬قاله شيخ اإلسالم ابن تيمية‬
‫يكون عطف بيان‪ ،‬يعني كلمة ُتبين ما قبلها‪.‬‬
‫يخ اإلسالم" وال اتضح من ُ‬
‫شيخ اإلسالم هذا يف ُمجتمع‬ ‫وإذا قلت‪" :‬قاله د‬
‫مثال يعني ُيطلق ُ‬
‫شيخ اإلسالم على ابن تيمية‪ ،‬وعلى ابن حجر‪ ،‬وعلى يعني عدد‬ ‫ً‬
‫أيضا ُلقب بشيخ اإلسالم‪ ،‬فإذا ُقلت‪" :‬قاله د‬
‫يخ اإلسالم ابن‬ ‫من ُعلماء اإلسالم ً‬
‫يمية" متى يتم مقصودك بالكالم؟ بابن تيمية إ ًذا ابن تيمية بدل هو المقصود‬
‫شيخ اإلسالم ُ‬
‫فذكر توطئ ًة وتمهيدً ا للكالم‪.‬‬ ‫بالكالم‪ ،‬أما ُ‬

‫واألمثل ُة على ذلك كثير ُة جدً ا؛ فمعنى ذلك أن قول النحويين يف مواضع كثيرة‬
‫الرفع والنصب‪ ،‬يجوز أن يكون‬
‫ُ‬ ‫يف أبواب النحو إنه يجوز لك كذا وكذا‪ ،‬يجوز‬
‫مفعوال ُمطل ًقا؛ هذا من التجويز النحوي‪،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫مفعوال ألجله وأن يكون‬ ‫ً‬
‫حاال وأن يكون‬
‫جوازا نحو ًيا‬
‫ً‬ ‫معنى واحد‪ ،‬وإنما المعنى أنه يجوز‬
‫ً‬ ‫ال يعني أن كل ذلك يجوز على‬
‫على اختالف المعنى؛ فعلى كل معنى ال يجوز إال إعرا ًبا واحدً ا‪ ،‬وتدقيق المعاين‬
‫ليس من عمل النحوي‪:‬‬
‫المفسر يف القرآن؛ فالمفسر هو الذي ُيدقق المعنى‪ ،‬ثم‬
‫‪-‬إما أن يكون من عمل ُ‬
‫المناسب‪.‬‬
‫يختار اإلعراب ُ‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪325h‬‬
‫‪g‬‬
‫‪-‬وإما يعود إلى البالغة واألدب‪.‬‬
‫المتكلم نفسه‪ ،‬أنت ماذا تقصد بكالمك؟ تقصدُ كذا فاإلعراب‬
‫‪-‬أو يعود إلى ُ‬
‫مثال أو‬
‫فاإلعراب كذا‪ ،‬فإن لم يتبين قصدُ ك كلمة‪ُ ،‬جملة كُتبت ً‬
‫ُ‬ ‫كذا‪ ،‬تقصدُ كذا‬
‫رويت نقول‪ :‬يجوز أن يكون كذا ويجوز أن يكون كذا‪.‬‬
‫شيخ مشايخنا ُمحمد عبد الخالق ُعظيمة‪ ‬يف كتابه العظيم‬ ‫وقد ذكر ُ‬
‫[دراسات ألسلوب القرآن الكريم] أربعين شاهدً ا من القرآن الكريم يجوز فيها‬
‫عطف البيان والبدل على ما ذكرناه قبل قليل‪.‬‬
‫ُ‬
‫ٍ‬
‫كثيرة من قبل‪ ،‬وأشرنا إليه اآلن وسنشير‬ ‫ٍ‬
‫أبواب‬ ‫والتجويز النحوي أشرنا إليه يف‬
‫المهمة التي نشأت بسبب الفصل بين‬
‫المستقبل للتنبيه على هذه المسألة ُ‬
‫إليه يف ُ‬
‫العلوم‪ ،‬لكن ينبغي على طالب العلم أن يتنبه لها‪.‬‬

‫والمعرب يف نحو قوله‪( :‬ﮪ ﮫ ﮬ‬


‫فمثال يقول النحوي ُ‬
‫ً‬
‫وعدال؟ (ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ‬
‫ً‬ ‫ﮭ ﮮﮯ) [ا نعام‪ ،]115:‬ما إعراب صد ًقا‬
‫مصدرا‪،‬‬
‫ً‬ ‫مفعوال ُمطل ًقا‬
‫ً‬ ‫ﮮﮯ)‪ ،‬قالوا‪ :‬يجوز أن يكون ً‬
‫حاال‪ ،‬ويجوز أن يكون‬
‫المعرب والنحوي‬ ‫ً‬
‫مفعوال من أجله؛ كذا يقول ُ‬ ‫ً‬
‫مفعوال له‪ ،‬أي‬ ‫ويجوز أن يكون‬
‫معنى واحد‪.‬‬
‫معنى واحد بل لكل إعراب ً‬
‫ً‬ ‫والمعنى يختلف‪ ،‬ال تجوز على‬
‫ٍ‬
‫حينئذ "تمت كلمة ربك صادق ًة عادلة"‪ :‬أي‬ ‫‪ -‬فإذا ُقلنا‪ :‬إهنا حال فالمعنى‬
‫حالة كوهنا صادق ًة عادلة‪.‬‬
‫ٌ‬
‫مفعول ُمطلق فيكون المعنى تمت كلمة ربك‬ ‫‪ -‬وإن ُقلنا‪ :‬إن "صدقا وعدا"‬
‫صدق وعدل‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫تمام‬
‫ٌ‬
‫مفعول من أجله فالمعنى‪" :‬وتمت كلمة ربك من أجل‬ ‫‪ -‬وإذا ُقلنا‪ :‬إنه‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪326h‬‬
‫الصدق والعدل"‪.‬‬
‫وجها راب ًعا نحو ًيا وهو‪-‬يعني هو قريب من نزع‬
‫ً‬ ‫أيضا فيها‬
‫‪ -‬وجوزوا ً‬
‫تمييزا‪،‬‬
‫ً‬ ‫الخافض‪( -‬ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮﮯ) تمييز‪ ،‬وجوزوا فيها أن تكون‬
‫والتمييز كما تعرفون على معنى مِن‪ ،‬فيكون معنى اآلية إذا ُقلنا إهنا تمييز‪" :‬وتمت‬
‫كلمة ربك من جهة الصدق والعدل"‪.‬‬
‫ولهذا التشا ُبه الدقيق الذي ذكرناه وحاولنا أن نُبين الفرق بين معنييه‪ :‬بين‬
‫بعضهم قلة جدوى هذا الباب باب عطف البيان يف‬ ‫عطف البيان والبدل رأى ُ‬
‫وبعضهم أنكره‪ ،‬وبالغ يف ذلك بعض المتأخرين‬
‫ُ‬ ‫بعضهم إلى إلغائه‪،‬‬
‫النحو‪ ،‬ودعا ُ‬
‫حتى قالوا‪ :‬إن إثباته لغو ال فائدة منه؛ ألنه هو البدل‪.‬‬
‫وبعض المع دمين أ ار إلى يء من ةلك ومن هؤاء‪ :‬الرضي يف [شرح‬
‫الكافية] [الكافية] البن الحاجب أشهر وأعظم شروحها شرح الرضي على‬
‫فرق جلي بين بدل ال ُكل من ال ُكل‪ ،‬وبين‬
‫الكافية‪ ،‬قال‪" :‬وأنا إلى اآلن لم يظهر لي ٌ‬
‫ظاهر كالم سيبويه فإنه لم‬
‫ُ‬ ‫عطف البيان‪ ،‬بل ال أرى عطف البيان إال البدل كما هو‬
‫يذكر عطف البيان‪.‬‬
‫وقال أب جعفر النحاْ وه قبق الر ي مع دم يف ال رَّ الرابع قال‪" :‬ما‬
‫علمت من ٍ‬
‫أحد فر ًقا بينهما أي البدل وعطف البيان إال ابن كيسان‪ ،‬إال ابن كيسان‬
‫من علماء بغداد الذين جمعوا بين المذهبين البصري والكويف‪.‬‬
‫قديما وحدي ًثا‪ ،‬وليس األمر‬
‫ً‬ ‫قلت‪ :‬بل فرق بينهما وذكرهما جماهير النحويين‬
‫ُ‬
‫كما ذكر ُه الرضي بأن سيبويه لم يذكر عطف البيان‪ ،‬بل سيبويه ذكر عطف البيان‬
‫ٍ‬
‫جعفر‬ ‫ونص عليه‪ ،‬وذكر الفرق بين معناه ومعنى البدل‪ ،‬وليس األمر كما قاله أبو‬
‫النحاس من أنه لم ُيفرق بينهما إال ابن كيسان‪ ،‬بل فرق بينهما جماهير النحويين‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪327h‬‬
‫‪g‬‬
‫قديما وحدي ًثا‪.‬‬
‫ً‬
‫المحدثين أن التخ ُفف من هذا الباب باب عطف البيان من تيسير‬
‫بعض ُ‬
‫ويرى ُ‬
‫النحو وتقليل أبوابه‪ ،‬والتيسير يف الحقيقة ال يجوز أن يكون على حساب المعنى‪،‬‬
‫المتعلمين‪ ،‬واختصار القواعد بما ال‬
‫الحكم إلى ُ‬
‫قد يكون على حساب إيصال ُ‬
‫يمس األحكام والمعاين‪.‬‬
‫يحق ألحد؛ ألن هذه لغة‬
‫تمس المعاين فهذا ال ُ‬
‫سنحذف أحكا ًما ُ‬
‫ُ‬ ‫أما إذا كنا‬
‫العرب وليست لغة فالن وفالن لكي يحذف منها ما يشاء‪ ،‬وإنما التيسير له حدود‬
‫منذ القدم يؤلفون يف تيسير النحو‪ ،‬وال ُكتب‬
‫مضبوطة ومعروفة‪ ،‬ومازال ال ُعلماء ُ‬
‫المختصرة يف النحو‪ ،‬ويتساهلون يف قواعد يف صو ِغ قواعده بما يوصل المعنى‬ ‫ُ‬
‫المتعلم‪.‬‬
‫والحكم إلى ُ‬
‫ُ‬
‫ولذا نرى أهل المعاين وعلماء البالغة واألدب يذكرون عطف البيان ويحفلون‬
‫بمجرد التشابه اللفظي‬ ‫ُ‬
‫حيث المعنى وال يحفلون ُ‬ ‫به و ُيفرقون بينه وبين البدل من‬
‫بينهما‪ ،‬نعم‪.‬‬
‫ُ‬
‫اللفظ واحد ولكن المعنى‬ ‫"جاء دمحمدِ أمي" على عطف البيان وعلى البدل‬
‫يختلف‪ ،‬وهناك أشيا ُء كثيرة يف اللغة ُمتشاهبة اللفظ ُمختلف ُة المعنى واإلعراب؛‬
‫تحتاج إلى تنبيه‪.‬‬
‫ُ‬ ‫نختم الكالم على عطف البيان بذكر بعض الشواهد التي‬
‫ُ‬ ‫لعلنا‬

‫مثال قول ُه‪( :‬ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥﮦ) [آل‬


‫فمن ذلك ً‬
‫آيات بينات‪( :‬ﮡ‬
‫عطف بيان من ٌ‬
‫ُ‬ ‫عمراَّ‪ ،]97:‬هل يصح أن نقول إن مقام إبراهيم‬
‫ﮢ ﮣ) هذا كلم ٌة عامة‪ُ ،‬ثم بينها وخصصها بقوله‪" :‬مقا ُم إبراهيم" بدل؟‬
‫نعم‪ ،‬ال إشكال يف ذلك‪ ،‬لكن هل يصح أن يكون عطف بيان؟‬
‫ال يصح‪ ،‬ألننا ُقلنا‪ :‬إن عطف البيان كالنعت يف األحكام يجب أن يوافق‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪328h‬‬
‫المتبوع يف كل شيء‪ :‬يف اإلعراب‪ ،‬ويف التذكير والتأنيث‪ ،‬ويف التعريف والتنكير‪،‬‬
‫ويف اإلفراد والتثنية والجمع‪( ،‬ﮭ ﮮﮯ) [الب رة‪ ]99:‬جمع‪ ،‬و(ﯥ‬
‫ﯦ) [الب رة‪ُ ]125:‬مفرد‪( ،‬ﮭ ﮮﮯ) نكرة‪ ،‬و(ﯥ ﯦ) معرفة‪،‬‬
‫فال يجوز يف ذلك أن يكون عطف بيان وإنما يكون ً‬
‫بدال‪ ،‬ويجوز أن يكون خرب‬
‫آيات بينات هي مقام إبراهيم‪ ،‬أو‬
‫مبتدأ محذوف‪ ،‬أو خربًا لمبتدأ محذوف؛ يعني ٌ‬
‫آيات بينات منها مقا ُم إبراهيم‪ ،‬نعم‪.‬‬
‫ٌ‬
‫وال مخ ر أب ال اسُ صاحب [الُ اف] أعرب م ام إبراهيُ‪ :‬عطف بيان؛‬
‫فأخذ ذلك عليه النحويون كابن هشام يف [ ُمغني اللبيب]‪ ،‬ابن هشام يف [ ُمغني‬
‫المعرب‬‫االعرتاض على ُ‬
‫ُ‬ ‫كامال عن األشياء التي ُ‬
‫يدخل منها‬ ‫ً‬ ‫اللبيب] وضع با ًبا‬
‫منها‪:‬‬
‫‪ -‬عدم التنبه إلى الشروط الخاصة ببعض أبواب النحو‪ ،‬وذكر أمثل ًة على ذلك‬
‫تجب‬
‫ُ‬ ‫منها هذا المثال‪ ،‬أعرهبا عطف بيان ولم يتنبه إلى شرط عطف البيان من كونه‬
‫موافقته للمتبوع‪ ،‬طيب‪.‬‬

‫ونحو ذلك قوله‪ ‬يف سورة النبأ‪( :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ)‬


‫مفازا؟ الجواب‪ :‬ال‪ ،‬ألن‬
‫عطف بيان على ً‬
‫ُ‬ ‫[النبٌ‪ ،]32:‬هل يصح أن نقول إن حدائق‬
‫ومفازا مفرد‪ ،‬وحدائق‪ :‬اسم ذات‪ ،‬الحديقة الحدائق اسم ذات‪،‬‬
‫ً‬ ‫حدائق جمع‬
‫أيضا من عدم التوافق البد أن يتوافق يف كل‬
‫والمفاز‪ :‬أي الفوز معنى مصدر وهذا ً‬
‫شيء نعم‪.‬‬
‫الب‪.)00:25:14@( :‬‬
‫مفازا‪ ،‬نعم‪ ،‬فهذه‬
‫فوزا ً‬
‫فوزا‪ ،‬هذا مصدر ُمفرد‪ ،‬فاز يفوز ً‬
‫مفازا‪ :‬أي ً‬
‫ال يخ‪ً :‬‬
‫تكملة لباب عطف البيان قبل أن ندخل يف درسنا الجديد وهو الكالم على باب‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪329h‬‬
‫‪g‬‬
‫عطف النسق‪.‬‬
‫مالك‪ ‬النفس يف هذا الباب فعقده يف ٍ‬
‫ستة‬ ‫ٍ‬ ‫(باب عطف النسق) مد ابن‬
‫ُ‬
‫وعشرين بيتًا نبدأ الدرس‪-‬إن شاء اهلل تعالى‪ -‬بقراءة ما نرجو أن نشرحه يف هذا‬
‫الدرس‪ ،‬قال‪:‬‬
‫َ ْ ُ َّ َ‬
‫ق‬
‫عطف النس ِ‬
‫للن َصللدَ ْق‬ ‫للن بالل د َد َو َ نَللاء َم ْ‬
‫َام دص ْ‬‫ْ‬ ‫‪َ .540‬ال با َح ْرف دمعْبع َع ْط د‬
‫لف الن ََّس ْلق‬
‫َح َّعللللى َأ َم أو اَفيللللك اصللللدْ ِق َو َو َفللللا‬ ‫ف دم ْط َل َ ل با ل َ او د ل َّ‬
‫لُ َفللا‬ ‫‪َ .541‬فللال َع ْط د‬
‫للن َ لللالَ‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫‪َ .542‬و َأ ْ َب َع ْ‬
‫للرؤ لُل ْ‬ ‫للن َ َلل ْ‬
‫للُ َ ْبلللدد ْامل د‬ ‫َلُل ْ‬ ‫لب َبلق َواَ‬ ‫ت َل ْف َظ َف َح ْس د‬
‫للاح َب دم َ افا َ للل‬
‫فالللي الح ُْللل اُ َأو مصل ا‬
‫د َ‬ ‫د‬ ‫ف با َ او َسابا َ َأو ا اَح َ ل‬ ‫‪.543‬فا ْعطا ْ‬
‫ف هل َلَا َوا ْبناللي‬ ‫َاصل َط َّ‬‫د ْنللي َم ْع دب دعل ده ْ‬
‫ا‬ ‫لف ا َّل الَ اَ‬‫ام دص ْن با َ ا َع ْط َ‬ ‫‪َ .544‬و ْ‬
‫ا‬
‫للللللللال‬ ‫للللللللب باان اْف َصل‬
‫ا‬ ‫للللللللُ لالع َّْر ا ْيل‬
‫َّ‬ ‫َو د ل‬ ‫للللب باا َصل ا‬
‫للللال‬ ‫‪َ .545‬وال َفلللللا دء لالع َّْر ا ْيل ا‬
‫اص ل َله َع َلللى ا َّلل الَ ْاس ل َع َ َّر َأ َّن ل ده الص ل َل ْه‬ ‫ام دص ْن با َفاء َع ْط َ‬
‫ف َما َلل ْي َس‬ ‫‪َ .546‬و ْ‬
‫نشرحها يف هذا الدرس‪-‬إن شاء اهلل تعالى‪ ،-‬يف البيت‬
‫ُ‬ ‫فهذه سبع ُة أبيات لعلنا‬
‫ا ول‪ :‬ذكر‪ ‬تعريف عطف النسق‪ ،‬ويف البيعين الَاين والَالث‪ :‬قسم أحرف‬
‫العطف من حيث تشري ُكها يف المعنى واللفظ‪.‬‬
‫ثم بعد ذلك يف أربعة ع ر بيعا من البيت الرابع إلى البيت السابع عشر ذكر‬
‫يختص هبا ُ‬
‫كل حرف‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫حروف العطف‪ ،‬ومعنى كل حرف‪ ،‬واألحكام التي‬
‫ويف ا بياَ الَمانية ا ميرة‪ :‬أي من البيت الثامن عشر إلى البيت السادس‬
‫فنستعين باهلل ونبدأ مع ابن مالك‪ ‬بيتًا‬
‫ُ‬ ‫والعشرين ذكر أحكام عطف النسق؛‬
‫بيتًا‪ ،‬قال‪ ‬يف أول األبيات‪:‬‬
‫لللن باللل د َد َو َ نَلللاء َم ْ‬
‫لللن َصلللدَ ْق‬ ‫َام دص ْ‬
‫ْ‬ ‫للف الن ََّسل ْ‬
‫للق‬ ‫َ لللال با َحل ْ‬
‫للرف دمعْبلللع َع ْطل د‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪330h‬‬
‫التابع الذي يكون بينه وبين متبوعه‬
‫ُ‬ ‫فعرف ابن مالك‪ ‬عطف النسق‪ :‬بأنه‬
‫حرف من حروف النسق التي سيذكُرها فيما بعد والتابع الذي يكون بينه وبين‬ ‫ٌ‬
‫ام دص ْن با د َد َو َ نَاء َم ْن‬
‫حرف من حروف النسق‪ ،‬ثم م َّثل لذلك بقوله‪ْ « :‬‬
‫ٌ‬ ‫متبوعه‬
‫ام دص ْن با د َد َو َ نَاء»‪.‬‬
‫َصدَ ْق»‪ْ « ،‬‬
‫فَنا ِء‪ :‬معطوف‪.‬‬
‫معطوف عليه‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫وود‪:‬‬
‫وال او‪ :‬حرف العطف‪.‬‬
‫إ ًذا أسلوب العطف يتكون من ثالثة أركان‪:‬‬
‫‪-‬المعطوف عليه‪ :‬وهو المتبوع‪.‬‬
‫وحرف العطف‪.‬‬
‫ُ‬ ‫‪-‬‬
‫‪-‬والمعطوف وهو التابع‪.‬‬
‫وسمي عطف النسق عطف النسق؛ ألن المعطوف والمعطوف عليه يف‬ ‫ُ‬
‫أيضا‪ :‬العطف بالحرف‪ ،‬ثم‬ ‫اإلعراب متساويان فكأهنما على ٍ‬
‫نسق واحد‪ ،‬و ُيسمى ً‬
‫بعد ذلك يقول ابن مالك‪:‬‬
‫َح َّعلللللى َأ َم أو اَفيلللللك اصلللللدْ ِق َو َو َفلللللا‬ ‫ف دم ْط َل َ لللل بالللل َ او د ل َّ‬
‫لللُ َفللللا‬ ‫َفللللال َع ْط د‬
‫للن َ للالَ‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫َو َأ ْ َب َعل ْ‬
‫للرؤ لُ ْ‬ ‫للن َ َل ْ‬
‫للُ َ ْبللدد ْام د‬ ‫َواَ َلُ ْ‬ ‫للللت َل ْف َظللللل َف َح ْسل د‬
‫للللب َبلللللق‬
‫أحرف العطف كم؟ أحرف العطف تسع ُة أحرف‪ ،‬وقد قسمها اب ُن‬
‫مالك‪ ‬يف هذين البيتين بحسب تشريكهما يف المعنى واللفظ قسمين‪ ،‬قسمها‬
‫بحسب ذلك قسمين‪:‬‬
‫ُ‬
‫تجعل‬ ‫سُ ا ول‪ :‬أحرف العطف التي ُت ُ‬
‫شرك يف المعنى واللفظ‪ ،‬أي‬ ‫‪ ‬ال د‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪331h‬‬
‫‪g‬‬
‫المعطوف مثل المعطوف عليه ُمطل ًقا‪ ،‬دمطل ا‪ :‬أي يف المعنى واللفظ‪ ،‬يف المعنى‪:‬‬
‫أي معناه كمعنى المعطوف عليه‪ ،‬واللفظ‪ :‬أي يف اإلعراب‪ ،‬وهي ست ُة أحرف‪:‬‬
‫(ال او‪ ،‬والفاء‪ ،‬و د ُ‪ ،‬وأو‪ ،‬وحعى‪ ،‬وأم)‪.‬‬
‫كقولك‪" :‬جاء ه دِ وعمرو"‪ ،‬فعمرو المعطوف مثل ز ٍ‬
‫يد المعطوف عليه يف‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬
‫أيضا مثل ُه فعل المجيء‬
‫عمرو" ً‬
‫ِ‬ ‫المعنى‪ ،‬يف المعنى؛ ف"زيدٌ " فعل المجيء‪ ،‬و"‬
‫فهما يف المعنى سواء كالهما فعل المجيء‪ ،‬ومثل ُه يف اللفظ‪ :‬أي يف اإلعراب؛ فهو‬
‫ُ‬
‫عمر" كذلك‪.‬‬
‫فعمر"‪" ،‬جاء ه دِ ُ ِ‬
‫ِ‬ ‫مرفوع‪ ،‬ونحو‪" :‬جاء ه دِ‬
‫ٌ‬ ‫مرفوع وزيدٌ‬
‫ٌ‬
‫أيضا فيه تشريك يف‬
‫عمرو"‪ ،‬هنا ً‬
‫ِ‬ ‫عمرو"‪" ،‬جاء ه دِ أو‬
‫ِ‬ ‫وقولك‪" :‬جاء ه دِ أو‬
‫اللفظ والمعنى‪ ،‬يف اللفظ واضح‪ ،‬ويف المعنى أنك نسبت الفعل إليهما على ِ‬
‫حد‬
‫عمر"‪ ،‬وتقول‪" :‬جاء‬
‫السواء‪ ،‬نسبت الفعل إليهما على حد السواء‪" ،‬جاء ه دِ أو ِ‬
‫اَ"‪:‬‬
‫الم د‬
‫َاج حعى د‬
‫الح د‬
‫اَ"‪" ،‬جاء د‬
‫الم د‬
‫َاج حعى د‬
‫الح د‬
‫د‬
‫حعى‪ :‬هنا حرف جر كما سيأيت‪.‬‬
‫َاج‪ :‬يف اللفظ مرفوعان ويف المعنى كالهما فعل المجيء‪.‬‬
‫الح د‬
‫والم ا دة د‬
‫د‬
‫حرف عطف‪ ،‬وقد شركت بين ٍ‬
‫زيد‬ ‫ُ‬ ‫عمرو"‪ :‬أم هنا‬ ‫وتقول‪" :‬أه دِ حار أم‬
‫َّ‬ ‫د‬
‫أيضا ُتشرك يف اللفظ والمعنى‪ ،‬فهذه األحرف‬ ‫ٍ‬
‫وعمر يف تساوي اإلسناد إليهما‪ ،‬فهي ً‬
‫الستة من أحرف العطف ُتشر ُك المعطوف مع المعطوف عليه يف اللفظ والمعنى‪.‬‬
‫‪ ‬وال سُ الَاين‪ :‬هي أحرف العطف التي ُت ُ‬
‫شرك يف اللفظ دون المعنى‪ ،‬أي‬
‫ُ‬
‫تجعل المعطوف كالمعطوف عليه يف اللفظ‪ :‬أي يف اإلعراب‪ ،‬طيب والمعنى؟ ال‪،‬‬
‫ال تجعل ُه مثل ُه يف المعنى بل تجعل ُه عكس ُه كما سيأيت وهي ثالث ُة أحرف وهي‪( :‬ال‪،‬‬
‫عمرو"‪.‬‬
‫ِ‬ ‫والحرف لكن) نحو‪" :‬جاء ه دِ ا‬
‫ُ‬ ‫وبل‪،‬‬
‫جاء ه دِ ‪ :‬فعل وفاعل‪.‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪332h‬‬
‫عطف ٍ‬
‫ونفي‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫حرف‬
‫ُ‬ ‫ا‪ :‬هنا‬
‫مرفوع مثله‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫معطوف على زيدٌ‬
‫ٌ‬ ‫عمرو‪:‬‬
‫ِ‬
‫فحرف العطف شرك المعطوف مع المعطوف عليه يف اللفظ يف اإلعراب‪ ،‬لكن‬
‫ثبت المعنى لما قبله‬
‫فحرف العطف (ال) ُي ُ‬
‫ُ‬ ‫والمعنى‪ :‬ال‪ ،‬لم يجعل ُه مثل ُه يف المعنى‪،‬‬
‫عمرو فشرك يف اللفظ دون المعنى‪.‬‬ ‫ِ‬
‫وينفيه عما بعد ُه (ال)‬ ‫"جاء ه دِ "‬
‫ٌ‬
‫وتقول‪" :‬ا دُرم عمرا بق ه دا"‪:‬‬
‫ا دُرم‪ :‬ال ناهية‪.‬‬
‫تقديره أنت‪.‬‬
‫ُ‬ ‫و دُرم‪ :‬فعل ُمضارع مجزوم‪ ،‬والفاعل مسترتٌ وجو ًبا‬
‫عمرا"‪.‬‬ ‫ٌ‬
‫مفعول به منصوب "ال ُتكرم ً‬ ‫عمرا‪:‬‬
‫ٍ‬
‫عطف وإضر ٍ‬
‫اب واستدراك‪.‬‬ ‫حرف‬
‫ُ‬ ‫بق‪:‬‬
‫منصوب مثل ُه‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫عمرا‬
‫معطوف على ً‬
‫ٌ‬ ‫بق ه دا‪ :‬زيدً ا‬
‫فالحرف (بل) شرك المعطوف مع المعطوف عليه يف اللفظ يف اإلعراب‪،‬‬
‫ُ‬ ‫إ ًذا‬
‫فالحرف‬
‫ُ‬ ‫وأما يف المعنى فلم يجعله مثل ُه يف المعنى بل جعل ُه عكس ُه يف المعنى‪،‬‬
‫الحكم لما قبل ُه أو لما بعده؟ لما بعده‪ ،‬وينفيه عما قبله‬
‫ثبت ُ‬
‫ثبت المعنى‪ُ ،‬ي ُ‬
‫(بل) ُي ُ‬
‫يعني عكس (ال)‪.‬‬
‫وكذلك (لكن) تقول‪" :‬ا دُرم عمرا لُن ه دا"‪ ،‬الكال ُم يف ذلك كالكالم‬
‫عطف واستدراك؛ فهذا هو معنى قول ابن مالك يف‬‫ٍ‬ ‫حرف‬
‫ُ‬ ‫على (بل) إال أن لكن‬
‫ف دم ْط َل َ » ماذا يعني بقوله‪ " :‬دمطل ا"؟ أي يف‬ ‫البيتين اللذين قرأناهما قال‪َ « :‬فال َع ْط د‬
‫ف دم ْط َل َ با َ او د َُّ َفا َحعَّى َأ َم أو» هذه ست ُة أحرف ذكرها‬ ‫اللفظ والمعنى‪َ « ،‬فال َع ْط د‬
‫ف دم ْط َل َ با َ او‪ ،‬و د َُّ‪ ،‬و َفاء‪،‬‬
‫العطف من بينها‪ ،‬وأصل الكالم‪َ « :‬فال َع ْط د‬ ‫ِ‬ ‫وحذف حرف‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪333h‬‬
‫‪g‬‬
‫حذف يف ضرورة‬
‫ُ‬ ‫وحعَّى‪َ ،‬‬
‫وأ َم‪ ،‬وأو»‪ ،‬ثم حذف حرف العطف‪ ،‬وحرف العطف ُي‬ ‫َ‬
‫الشعر‪.‬‬
‫حذف يف النثر إذا قصدت التعداد‪ ،‬إذا قصدت أن ُتعدد الشيء تعدا ًدا ال‬
‫ُ‬ ‫وقد ُي‬
‫عط ًفا؛ فلك أن تحذف حرف العطف كأن تقول‪ " :‬دق دفاحة‪ ،‬بر الة‪ ،‬م هة" اآلن‬
‫أنت ال ُتريد أن تعطف وإنما ُتريدُ أن ُتعدد وسيأيت الكالم على حذف حرف‬
‫العطف إن شاء اهلل‪.‬‬

‫ب َبق َواَ َلُا ْن»‪َ « ،‬و َأ ْ َب َع ْ‬


‫ت َل ْف َظ َف َح ْس د‬
‫ب»‪ :‬أي‬ ‫ثم قال‪َ « :‬و َأ ْ َب َع ْ‬
‫ت َل ْف َظ َف َح ْس د‬
‫أتبعت يف اللفظ دون المعنى « َبق َواَ َلُا ْن»‪ :‬أي (بل‪ ،‬وال‪ ،‬ولكن) ثم حذف حرف‬
‫العطف قبل (لكن)‪.‬‬
‫« َ َل ُْ َ ْبدد ْام درؤ لُا ْن َ الَ»‪ ،‬مثل بقوله‪َ « :‬ل ُْ َ ْبدد ْام درؤ»‪ :‬أي لم يظهر ً‬
‫رجال‪.‬‬
‫«لكِ ْن َطالَ»‪ ،‬والطال‪ :‬هو الصغير من ذوات الظلف‪ ،‬وأشهر ما ُيطلق عليه على‬
‫ولد الظبي‪ ،‬أو البقر الوحشي‪.‬‬
‫ُ قال ابن مالك‪ ‬بعد ةلك‪:‬‬
‫للاح َب دم َ افا َ للل‬
‫فالللي الح ُْللل اُ َأو مصل ا‬
‫د َ‬ ‫د‬ ‫ف باللل َ او َسلللابا َ َأو ا اَح َ للل‬
‫فلللا ْعطا ْ‬
‫ف هل َلَا َوا ْبناللي‬‫َاصل َط َّ‬ ‫ا‬
‫د ْنللي َم ْع دب دعل ده ْ‬ ‫لللَ اَ‬ ‫لللف ا َّل ا‬
‫لللن با َ لللا َع ْط َ‬‫ام دص ْ‬ ‫َو ْ‬
‫ٍ‬
‫مالك‪ ‬بذكر أحرف العطف‪ ،‬سيذكُرها حر ًفا حر ًفا‪ ،‬ومع‬ ‫اآلن بدأ ابن‬
‫تختص به؛ فبدأ بالكالم على حرف‬
‫ُ‬ ‫كُل حرف س ُيبين معناه و ُيبين األحكام التي‬
‫ً‬
‫استعماال يف لغة‬ ‫أكثرها‬
‫العطف (الواو) ألن (الواو) هي أم حروف العطف‪ ،‬فهي ُ‬
‫وأكثرها تصر ًفا وأحكا ًما فذكر لنا يف هذين البيتين معنى حرف العطف‬
‫ُ‬ ‫العرب‬
‫تختص هبا الواو‪.‬‬
‫ُ‬ ‫كما من األحكام التي‬
‫(الواو)‪ ،‬وذكر لنا ُح ً‬
‫أما المعنى معنى الواو فقال فيه‪:‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪334h‬‬
‫للاح َب دم َ افا َ للل‬
‫فالللي الح ُْللل اُ َأو مصل ا‬
‫د َ‬ ‫د‬ ‫ف باللل َ او َسلللابا َ َأو ا اَح َ للل‬
‫فلللا ْعطا ْ‬

‫طلق الجمع‬
‫أي أن واو العطف معناها ُمجر ُد الجمع والتشريك‪ ،‬معناها ُم ُ‬
‫المصاحب والالحق والسابق‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫عطف هبا ُ‬
‫داللة على الرتتيب‪ ،‬ولذا ُي ُ‬ ‫والتشريك دون‬
‫وعمر معه"‪ ،‬جاءا م ًعا واستعملت‬
‫ِ‬ ‫المصاحب كأن تقول‪" :‬جاء ه دِ‬
‫عطف هبا ُ‬
‫ُي ُ‬
‫الواو‪.‬‬

‫قال تعالى‪( :‬ﭑ ﭒ ﭓ) [العنُب َ‪ ،]15:‬إنجاؤهم كان م ًعا‬


‫يف ٍ‬
‫وقت واحد‪ ،‬أم أن إنجاءه كان قبل إنجاء أصحاب السفينة؟ م ًعا؛ إ ًذا ف(الواو)‬
‫وعطف هبا الالحق يعني‬ ‫المصاحب على المعطوف عليه‪ُ ،‬‬ ‫هنا استُعملت يف عطف ُ‬
‫وعمر بعد ده"‪.‬‬
‫ِ‬ ‫الذي جاء بعد ُه يف الرتتيب يف الزمن تقول‪" :‬جاء ه دِ‬

‫قال تعالى‪( :‬ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ‬


‫إخراج‬
‫ُ‬ ‫ﭳ ﭴ ﭵ) [ال ل لة‪ ،]1:3‬هذه األشياء ُمرتتبة‪ :‬زلزلة األرض‪ ،‬بعد ذلك‬
‫األرض أثقالها‪ ،‬وبعد ذلك يقول اإلنسان‪ :‬مالها؟ فالواو هنا استُعملت يف العطف‬
‫الالحق على ما قبله‪.‬‬

‫قال تعالى‪( )0044:17@( :‬ﮘ ﮙ) [الحج‪ ]77:‬فعطف‬


‫عطف هبا السابق تقول‪" :‬جاء ه دِ‬
‫عطف هبا السابق‪ُ ،‬ي ُ‬
‫الالحق على ما قبله‪ ،‬و ُي ُ‬
‫وعمر قبله" هناك مانع؟ ال مانع‪ ،‬معنى ذلك أن الواو ُتستعمل يف هذا المعنى وال‬
‫ِ‬
‫وعمر قبله"‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ُتنافيه‪" ،‬جاء ه دِ‬

‫قال‪( :‬ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ) [ال ر ‪ ،]3:‬لفظ‬


‫الجاللة فاعل يوحي‪( ،‬ﭕ ﭖ) اهلل (ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ)‪ ،‬فعطف‬
‫على النبي ‪ ‬شي ًئا قبل ُه أو شي ًئا بعده؟ شي ًئا قبله إ ًذا عطف السابق‪.‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪335h‬‬
‫‪g‬‬

‫وقال‪( :‬ﮖ)‪ُ ،‬يخاطب النبي ‪( :‬ﭖ‬


‫ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝﭞ) [ا ح اب‪ ،]7:‬نعم عطف عليه‬
‫‪ ‬أنبياء قبل ُه‪.‬‬

‫وقال‪( :‬ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ) [ال صن‪]7:‬عن‬


‫أم موسى‪( ،‬ﭰ ﭱ ﭲ)‪ ،‬سنرد إليك موسى (ﭳ ﭴ ﭵ)‪ ،‬طيب‬
‫مرسال قبل الرد أم بعد الرد؟ قبل الرد‬
‫ً‬ ‫مرسال قبل الرد أم بعد الرد؟ ُجعل‬
‫ً‬ ‫هل ُجعل‬
‫كيف؟ رده متى رده؟ (ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ)‪ ،‬متى رجع إلى ُأمه‬
‫وأعرتف بأهنا أ ُم ُه وتبين األمور وظهرت الحقائق؟ ألن األول فقط هو عاد إليه‬
‫أمر كثير يعني الشواهد عليها كثيرة‪.‬‬
‫إلرضاعه‪ ،‬نعم‪ ،‬طيب؛ وهذا ٌ‬

‫قال‪( :‬ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ) [آل‬


‫عمراَّ‪ ،]43:‬فعطف الركوع على السجود‪.‬‬

‫المنكرين للبعث‪( :‬ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ‬


‫قال‪ ‬حكاي ًة عن ال ُكفار ُ‬
‫ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ) [المؤمن َّ‪( ،]37:‬ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ‬
‫ﯥ)‪ ،‬طيب أ ُيهما أسبق اآلن؟ الموت أم الحياة؟ الحياة‪ ،‬وبعد ذلك يموتون‪،‬‬
‫فإن قال قائل‪ :‬طيب لماذا ال تكون اآلية على ظاهرها؟ والمقصود يعني نموت ثم‬
‫بعد ذلك نحيا للبعث‪ ،‬هم منكرون للبعث (ﭩ ﭪ ﭫ)‪ ،‬فما يص ُلح هذا‬
‫األمر‪ ،‬نعم‪.‬‬
‫فكثير على ذلك‪ ،‬ومن ذلك قول حسان ابن‬
‫ٌ‬ ‫طيب هذه آيات وأما كال ُم العرب‬
‫ثابت◙‪:‬‬
‫عخيللللر‬
‫د‬ ‫الم‬
‫علللللي ومللللن ُ أحمللللد د‬
‫ِ‬ ‫جعفلللر وابلللن أمللله‬
‫ِ‬ ‫د‬
‫اليلللق ملللن ُ‬ ‫ب‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪336h‬‬
‫المهاجرين واألنصار‪ ،‬قال‪« :‬الب د‬
‫اليق من ُ‬ ‫المسلمين ُ‬
‫ُيثني على‪...‬يمدح ُ‬
‫علي هو ابن أم جعفر‪ ،‬فماذا يكون‬
‫علي» ُّ‬
‫جعفر»‪ :‬جعفر بن أبي طالب «وابن أمه ب‬
‫ِ‬
‫علي ومن ُ‬
‫له؟ يكون أخاه ابن أمه‪ ،‬ابن أمه ابن أمك ماذا يكون لك؟! «وابن أمه د‬
‫عخير»‪ ،‬فعطف بالواو‪ ،‬فدل ذلك على (@‪ )00:48:46‬تم ترتيب‪ ،‬ال‬ ‫الم د‬
‫أحمد د‬
‫يتقدم جعفر على علي‪ ،‬وال يتقدم ٍ‬
‫علي على النبي ‪ ،‬فدل ذلك على‬
‫أن الواو عند العرب ال ُ‬
‫تدل على الرتتيب‪ ،‬طيب‪.‬‬
‫‪ -‬وقال آخر‪" :‬فملعدنا أننا دمسلم َّ على د ن صد نا والنبي"‪ ،‬والواو ليست‬
‫للرتتيب‪.‬‬
‫سأتلوا آيتين ُمتشاهبتين يف ذكر األقوام ومع ذلك‬
‫َ‬ ‫‪-‬وقال‪ ‬انتبهوا‬
‫آية إلى ُأخرى‪ :‬قال‪( :‬ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ‬ ‫جاء الرتتيب مختل ًفا من ٍ‬
‫ُ‬
‫ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳﯴ ﯵ ﯶ) [ُ‪.]13:‬‬

‫وقال‪ ‬يف اآلية األُخرى‪( :‬ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ‬


‫ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ) [ق‪)00:50:07@(،]12:14‬‬
‫اآليتين لكن واضح أن الرتتيب ليس مقصو ًدا والواو ال تدُ ل عليه‪.‬‬
‫المقتضية الرتتيب‪ ،‬وهي (الفاء و ًثم) فإنك ال تقول‪:‬‬ ‫ِ‬
‫بخالف أحرف العطف ُ‬
‫عمر قبله" ما يأيت ألن الفاء‬
‫فعمر قبله"‪ ،‬ويأيت وال تقول‪" :‬جاء ه دِ ُ ِ‬
‫ِ‬ ‫"جاء ه دِ‬
‫جمع بين‬
‫ٌ‬ ‫و ُثم يدالن على الرتتيب‪ ،‬وقولك قبل ُه ُيناقض هذه الداللة فهذا‬
‫وعمر قبله"‬
‫ٌ‬ ‫متناقضين‪ ،‬أما (الواو) فهي ال ُ‬
‫تدل على الرتتيب‪ ،‬وقولك‪" :‬جاء زيدٌ‬
‫ال مانع منه لعدم وجود التنا ُقض‪.‬‬
‫وعمرو"‪ ،‬ألنه لو كانت هناك قرينة أو دليل فال‬
‫ِ‬ ‫طيب وكذا لو ُقلت‪" :‬جاء ه دِ‬
‫الحكم للدليل وللقرينة‪ ،‬كأن تقول‪ :‬ومع قبله بعد ُه‪ ،‬طيب ولو لم تأيت‬
‫شك أن ُ‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪337h‬‬
‫‪g‬‬
‫وعمرو" من جاء من الضيوف يا ولدي؟ "جاء‬ ‫ٍ‬
‫بقرينة أو دليل؟ فقلت‪" :‬جاء ه دِ‬
‫ِ‬
‫أيضا ال دليل‬
‫عمي محمد وخالي زيدٌ وعبد اهلل وجارنا"‪ ،‬عندما يقول هذا الكالم ً‬
‫فيه‪ ،‬ال داللة فيه وال اقتضاء على الرتتيب‪ ،‬قد يكونون على الرتتيب‪ ،‬وقد يكون‬
‫بعضهم قد جاء قبل بعض‪.‬‬
‫هذا من ُ‬
‫حيث االقتضا ُء والداللة الواجبة يعني (الواو) ال تقتضي ذلك اقتضا ًء‬
‫تبادر وكثرة‬
‫الم ُ‬ ‫ُ‬
‫حيث ُ‬ ‫أي ال توجب ُه إيجا ًبا ال تدُ ل عليه دالل ًة واجبة‪ ،‬وأما من‬
‫ٍ‬
‫مالك يف التسهيل أن‬ ‫رتتب فيها كما ذكر ابن‬
‫والم ُ‬
‫فاألكثر ُ‬
‫ُ‬ ‫المرتتبات‪،‬‬
‫االستعمال يف ُ‬
‫قليال‪.‬‬
‫المصاحبة يف األكثر‪ ،‬ثم للرتتيب‪ ،‬ثم لعكس الرتتيب ً‬ ‫تكون للمعية أي ُ‬
‫المرتتبات يف األشياء التي بينها ترتيب‪،‬‬
‫المتبادر واألكثر يف االستعمال يف ُ‬
‫ُ‬
‫فال ُمتبادر واألكثر يف (الواو) أن ُتستعمل وأن تكون ُ‬
‫للمصاحبة والمعية‪ ،‬يعني أن‬
‫يكون ما بعدها ُمصاح ًبا لما قبلها يف الفعل‪ ،‬هذا ُمتبادر منها وأكثر استعماالهتا‪ ،‬بعد‬
‫ذلك أن تكون لالحق يعني دلت على الرتتيب‪.‬‬
‫واالستعمال الثالث‪ :‬أن تكون لعكس الرتتيب؛ وهذا قليل ولكنه وارد وفصيح‬
‫وبليغ وال إشكال فيه‪.‬‬
‫عني هَا الَ سمعناه من العرب والَ جاءنا يف الُالم الفصيح من ال رآَّ‬
‫وغيره أ َر ما جاءَ فيه (ال او)‪:‬‬
‫للمصاحبة والمعية‪.‬‬
‫‪ -‬د‬
‫‪ -‬بعد ةلك من د‬
‫حيث الَُرة للعر يب‪.‬‬
‫‪ -‬بعد ةلك لعُس العر يب‪.‬‬
‫وكثير جدًّ ا‬
‫ٌ‬ ‫كثير جدًّ ا يف الكالم‪،‬‬
‫فصيح ووارد وال إشكال فيه‪ ،‬وهذا ٌ‬
‫ٌ‬ ‫وكل ذلك‬
‫يف أحوال الناس‪ ،‬يف العلوم وغير العلوم هذا االستعمال‪ ،‬االستعمال‪.‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪338h‬‬
‫مثال؛ إذا ُفتح الباب نحن اآلن بعد الصالة‬
‫عني مَال‪ :‬الباب (باب اإليمان) ً‬
‫وننتظر اإلقامة وعندما حلت اإلقامة ُفتح الباب ماذا يتبادر لنا أنه اإلمام‪ ،‬لكن قد‬
‫مثال من كبار الجماعة‬
‫يكون غير اإلمام‪ ،‬قد يدخل يعني أحد وصاه اإلمام أو أحد ً‬
‫المتبادر واألكثر‪.‬‬
‫أو كذا ما يف أي إشكال؛ فهذا معنى ُ‬
‫وعمرو" وليس هناك ٌ‬
‫دليل أو‬ ‫ِ‬ ‫وعُس ده وار ِد وفصيح‪ :‬فإةا دقلنا مَال‪" :‬جاء ه دِ‬
‫د‬
‫والمصاحبة‪ ،‬يعني أهنما أن زيدً ا‬ ‫ٍ‬
‫قرينة فاألكثر أن (الواو) حينئذ تدُ ل على المعية ُ‬
‫وعمرا قد فعال المجيء م ًعا‪ ،‬ويجوز أن يكون أحدهما قبل اآلخر‪ ،‬وإذا قال قائل‬ ‫ً‬
‫والمتبادر من كالمه‬ ‫مررت بمكة والمدينة فإن لم يكن ثمة ٌ‬
‫دليل وال قرينة فاألكثر ُ‬ ‫ُ‬
‫أنه مر بمكة قبل المدينة‪.‬‬

‫ومن ذلك قول ُه‪( :‬ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ) [الحد د‪،]26:‬‬


‫(الواو) هنا للمعية أم للرتتيب‪ ،‬أم لعكس الرتتيب؟ (ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ) هذا‬
‫للرتتيب وهذا كثير‪ ،‬فهذا ٌ‬
‫بيان لالستعمال ولما تقتضيه (الواو)‪.‬‬
‫أما ما ا ر يب فيه‪ :‬هناك أشياء ُمتعاطفة بالواو لكن ليس بينها ترتيب يف‬
‫لمطلق الجمع والتشريك‪ ،‬وال تدُ خل يف هذا‬‫الواقع‪ ،‬فهذه ال تكون الواو معها إال ُ‬
‫أصال إذا كانت (الواو) ليست داخلة‬
‫ً‬ ‫أصال‪ ،‬ال ُ‬
‫تدخل يف هذا الخالف‬ ‫ً‬ ‫الخالف‬
‫على أشياء ُيقصد هبا الرتتيب‪.‬‬
‫أصال يف‬
‫ً‬ ‫مس ال مر آ عاَّ من آ اَ اهلل» هنا ال ُيتصور‬‫‪-‬الحد ث مَال‪« :‬ال د‬
‫المراد هو ُمطلق‬
‫ترتيب بينهما؛ وإنما ُ‬
‫ُ‬ ‫ترتيب بينهما أو عد ُم‬
‫ٌ‬ ‫المعنى أن يكون هناك‬
‫الجمع والتشريك بين هذين المذكورين‪.‬‬

‫‪-‬ومن ذلك قوله تعالى‪( :‬ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ‬

‫ﮈ) [الرحمن‪ ،]6:‬يعني ُ‬


‫المراد نسبة السجود إلى النجم والشجر‪ ،‬وال ُيقصد‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪339h‬‬
‫‪g‬‬
‫يسبق اآلخر أو ال يسبق اآلخر يف السجود‪.‬‬
‫هنا ترتيب أن أحدهما ُ‬
‫الحكم قبل قليل‬
‫المعر باَ العي بين ا ر يب‪ :‬إذا كان ُ‬
‫قلنا‪ :‬ا م ر العي يف د‬
‫(الواو) ال تقتضي الرتتيب‪ :‬يعني ال تدُ ل على داللة واجبة‪ ،‬لكن األكثر يف‬
‫االستعمال أن تكون للمعية‪ ،‬ثم للرتتيب‪ ،‬ثم عكس الرتتيب‪.‬‬
‫ياء العي ليس بين ا ر يب‪ :‬ال ُيقصد يف المعنى أهنا ُترتب أو ال ُترتب‬ ‫أما ا‬
‫لمطلق الجمع والتشريك‪.‬‬
‫أصال يعني أن (الواو) قط ًعا ُ‬ ‫فهذه ال ُ‬
‫تدخل يف الخالف ً‬
‫‪-‬ومن ةلك مَال‪« :‬ا د د الرحال إا إلى ال ة مساجد‪ :‬المسَد الحرام‪،‬‬
‫أصال ترتيب‪ ،‬وإنما‬
‫ً‬ ‫ومسَد هَا‪ ،‬والمسَد ا قصى»‪ ،‬الواو هنا ليس فيها‬
‫الحكم‪.‬‬
‫لمجرد جمعها وتشريكها يف ُ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫مصال مَم مة"‪ ،‬وهكذا‪.‬‬ ‫الَُب وال يب دة والنميم دة‬
‫د‬ ‫‪-‬وتقول‪" :‬‬
‫ٍ‬
‫داللة‬ ‫لمطلق الجمع والتشريك دون‬
‫وقد نص سيبويه‪ ‬على أن الواو ُ‬
‫لمطلق الجمع‬
‫على الرتتيب يف كتابه يف ثالثة عشر موض ًعا‪ ،‬وكون (الواو) ُ‬
‫والتشريك وال تقتضي الرتتيب يعني ال تدُ ل عليه دالل ًة واجبة هذا هو قول‬
‫الجماهير‪ ،‬وهو قول جماهير النحويين هو قول البصريين‪ ،‬وأكثر الكوفيين‪ ،‬وعليه‬
‫بعضهم‬
‫المتأخرين‪ ،‬وهو قول جمهور األصوليين والفقهاء بل نقل ُ‬
‫المحققون من ُ‬
‫ُ‬
‫علي الفارسي اتفاق النحويين عليه‪.‬‬
‫كأبي ًّ‬
‫بعض الكوفيين‪ :‬إن (الواو) ُ‬
‫تدل على الرتتيب وتقتضيه‪ ،‬وهذا من‬ ‫وقال ُ‬
‫األقوال الضعيفة يف النحو‪ ،‬الخالفات قد تكون قوية‪ ،‬وقد تكون متوسطة‪ ،‬وقد‬
‫ذكر‬
‫تكون ضعيفة فهذا من األقوال الضعيفة يف النحو؛ فلهذا يف كُتب أصول النحو ُي ُ‬
‫هذا القول ً‬
‫مثاال على األقوال النحوية الضعيفة‪.‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪340 h‬‬
‫وا دلة على عفه َيرة من ا‪:‬‬
‫أصال يعني ال ُيقصد‬
‫المتعاطفات ب(الواو) ما ال ترتيب بينها ً‬
‫‪ -‬أن هناك من ُ‬
‫بينها الرتتيب لكي نقول‪ :‬هي للرتتيب أم لغير الرتتيب كما ذكرنا قبل قليل‪.‬‬
‫‪ -‬ومن أدلة ضعف هذا القول‪ :‬أهنا لو كانت تدُ ل على الرتتيب لما صح أن‬
‫وعمرو قبله" بل يكون هذا من التنا ُقض‪ ،‬وهو جائز‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ُيقال‪" :‬جاء ه دِ‬
‫‪ -‬ومن األدلة على ضعفه‪ :‬أن هناك أدل ًة كثير ًة جاءت من المسموع الفصيح‪،‬‬
‫و(الواو) قد عطفت السابق على الالحق وذكرنا عدة شواهد قبل قليل من ال ُقرآن‬
‫الكريم‪ ،‬ومن كالم العرب فال نُعيدُ ذلك‪.‬‬

‫وروي أنه لما نزلت‪( :‬ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊﮋ) [الب رة‪ ،]158:‬سأل‬


‫الصحاب ُة رسول اهلل ‪ ‬بأيهما نبدأ يا رسول اهلل؟ فسألوه مع كوهنم من فصحاء‬
‫العرب‪ ،‬الصحابة العرب‪ ،‬العرب من الصحابة الشك أهنم من ُفصحاء العرب‪،‬‬
‫ويفهمون العربية‪ ،‬فلو كانت (الواو) تقتضي الرتتيب لما سألوه؛ فعندما سألوه دل‬
‫ذلك على أهنا ال تقتضي الرتتيب أي ال تدُ ل عليه دالل ًة واجبة‪.‬‬
‫الحكم الخاص‬ ‫فهذا هو الكالم على معنى (الواو) ليبقى بعد ذلك الكالم على ُ‬
‫مالك لحرف العطف (الواو) يف قوله‪:‬‬ ‫الذي ذكره ابن ٍ‬
‫ُ‬
‫للللَا َوا ْبنالللللي‬
‫ف هل َ‬ ‫َاصللللل َط َّ‬
‫َم ْع دب دعللللل ده ْ‬ ‫لف ا َّلل الَ اَ د ْناللي‬
‫لن اب َ للا َع ْطل َ‬‫ام دصل ْ‬
‫َو ْ‬
‫وأكثرها‬
‫ُ‬ ‫ً‬
‫استعماال‪،‬‬ ‫وأكثرها‬
‫ُ‬ ‫حرف العطف ال او‪ :‬قلنا هو أم أحرف العطف‬
‫د‬
‫ويختص بأحكا ٍم كثيرة‪ ،‬ونكتفي بما اكتفى به ابن مالك من هذا ُ‬
‫الحكم‬ ‫ُ‬ ‫أحكا ًما‪،‬‬
‫تعطف على ما ال ُيكتفى به‪،‬‬
‫ُ‬ ‫وهو أن (الواو) اختصت من بين حروف العطف بأهنا‬
‫عطف به على ما ال ُيكتفى به‪ ،‬كاألفعال التي ُ‬
‫تدل على‬ ‫الحرف الوحيد الذي ُي ُ‬
‫ُ‬ ‫هو‬
‫المشاركة وتكون من أكثر من طرف‪.‬‬
‫ُ‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪341h‬‬
‫‪g‬‬
‫وكما ُ‬
‫يدل على البينية‪ ،‬البينية تكون بين شيئين كقولك‪" :‬امعصُ ه دِ‬
‫وعمرو"‪.‬‬
‫ِ‬
‫امعصُ ه دِ ‪ :‬هذا ٌ‬
‫فعل وفاعل‪ ،‬ومع ذلك فالمعطوف عليه "زيدٌ " ال ُيكتفى به‬
‫ٍ‬
‫فحينئذ ال يكون العاطف إال (الواو) هذا من خصائص‬ ‫ٍ‬
‫معطوف عليه‪،‬‬ ‫فالبد من‬
‫(الواو) اختصت بأن ُيعطف هبا على ما ال ُيكتفى به‪.‬‬
‫‪-‬فلو ُقلت‪" :‬امعصُ ه دِ " لم يجز‪.‬‬
‫أيضا لم يجز‪.‬‬
‫عمرو" ً‬
‫ِ‬ ‫‪-‬ولو ُقلت‪" :‬امعصُ ه دِ ُ‬
‫ومثل ذلك ُ‬
‫مثال ابن مالك "اصطف هَا وابني"‪.‬‬ ‫‪ُ -‬‬

‫‪-‬وقولك‪ " :‬ارَ ه دِ وعمرو"‪ ،‬و" ا ق المسلم َّ والُدفار"‪.‬‬


‫ومن ذلك قول الشاعر‪:‬‬
‫للللللللار‬
‫د‬ ‫للللللللر وللللللللللى وا إد ل‬
‫والعمل د‬ ‫د‬
‫للللللللق والن لللللللللار‬‫عاقلللللللللب الليل‬
‫خعن به (ال او) واهلل أعلُ‬
‫د‬ ‫الحُُ الَ ة ر ده ابن مالك مما‬
‫ف َا الَ ‪...‬هَا د‬
‫وصلى اهلل وسلُ على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين‪.‬‬

‫‪¹‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪342h‬‬

‫الدرس الثامن والثمانون‬

‫بسُ اهلل الرحمن الرحيُ‪ ،‬الحمد هلل رب العالمين‪ ،‬والصالة والسالم على نبينا‬
‫محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين‪ ،‬أما بعد‪:‬‬
‫المباركة‬
‫السالم عليكم ورحمة اهلل وبركاته‪ ،‬حياكم اهلل وبياكم يف هذه الليلة ُ‬
‫ليلة اإلثنين السابع عشر من شهر ُجمادى األولى‪ ،‬من سنة ثالث وثالثين‬
‫ٍ‬
‫وأربعمائة وألف يف جامع الراجح بحي الجزيرة يف مدينة الرياض لنعقد بحمد اهلل‬
‫وتوفيقه الدرس الثامن والثمانين من دروس شرح ألفية ابن مالك‪-‬عليه رحمة اهلل‬
‫تعالى‪ ،-‬والزال الكالم منذ الدرس الماضي على (عطف النسق)‪.‬‬
‫وقد قرأنا األبيات يف الدرس الماضي وشرحنا منها ما تيسر‪ ،‬وتكلمنا على‬
‫حيث تشري ُكها يف‬
‫ُ‬ ‫تعريف عطف النسق‪ ،‬وتكلمنا على تقسيم حروف العطف من‬
‫المعنى واللفظ‪ ،‬ثم بدأ بعد ذلك ابن مالك‪ ‬بذكر حروف العطف وبيان‬
‫معانيها‪ ،‬وأحكامها؛ فبدأ بالكالم على (الواو) فذكر معناه وهو ُمجرد التشريك‪.‬‬
‫خاص من أحكامه‪ ،‬سنبد ُأ الليلة‪-‬إن شاء اهلل تعالى‪-‬‬
‫ٍ‬ ‫وبقي الكال ُم على ُح ٍ‬
‫كم‬
‫سنشرح ُه‪-‬إن شاء اهلل‬
‫ُ‬ ‫كالمعتاد سنقرأ من ألفية ابن مالك ما‬
‫ببيانه‪ ،‬ويف أول الدرس ُ‬
‫تعالى‪ ،-‬فقال ابن مالك‪-‬عليه رحمة اهلل تعالى‪ -‬يف باب العطف بعد أن شرحنا‬
‫البيت األول‪ ،‬والثاين‪ ،‬والثالث‪ ،‬والرابع؛ فقال‪:‬‬
‫للاح َب دم َ افا َ للل‬
‫فالللي الح ُْللل اُ َأو مصل ا‬
‫د َ‬ ‫د‬ ‫ف بالللل َ او ا اَح َ لللل َأو َسللللابا َ‬
‫فللللا ْعطا ْ‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪343h‬‬
‫‪g‬‬

‫لللَا َوا ْبناللللي‬


‫ف هل َ‬ ‫َاصلللل َط َّ‬ ‫َم ْع دب دعلللل ده ْ‬ ‫لف ا َّلل الَ اَ د ْناللي‬ ‫لن با َ للا َع ْطل َ‬ ‫ام دصل ْ‬ ‫َو ْ‬
‫ا‬
‫للللللللال‬ ‫للللللللب باان اْف َص‬
‫ا‬ ‫لللللللُ لالع َّْر ا ْي‬
‫َو د ل َّ‬
‫ا‬
‫للللللللال‬ ‫للللللللب باا َصل‬
‫ا‬ ‫َوال َفلللللللللا دء لالع َّْر ا ْيل‬
‫اص َله َع َللى ا َّل الَ ْاسل َع َ َّر َأنَّل ده الصل َل ْة‬ ‫لللف َملللا َلللل ْي َس‬‫لللن با َفلللاء َع ْط َ‬ ‫ام دص ْ‬ ‫َو ْ‬
‫د ل َلق َواَ َ دُ ل دَّ إااَّ غَا َ ل َة ا َّلل الَ َ لالَ‬ ‫لللف َع َلللللى‬‫‪َ .547‬ب ْع َاللللا با َح َّعللللى ا ْعطال ْ‬
‫َأو هملللل َ ة عللللن َل ْف ا‬
‫للللظ َأ َ دم ْن َيلللل ْه‬ ‫ف إا ْ َر َه ْم ا الع َّْس ا َ ْه‬‫‪َ .548‬و َأ ْم اب َ ا ا ْعطا ْ‬
‫َ ْ‬ ‫َ ْ‬
‫للن‬ ‫للاَّ َم َفلللا المع َنلللى ابحل ْ ا ا‬ ‫ا‬
‫للللَفت ال َ ْمللللل َ دة إا َّْ‬
‫للَف َ ا أمل ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َل َ‬ ‫‪َ .549‬و در َب َملللللا دحل‬
‫لللك اممللللا دقيللللدَ َْ بال ا‬ ‫‪َ .550‬وباا ْن ا َطلللا َوبا َم ْعنَلللى َبلللق َو َفل ْ‬
‫للله َم َلل ْ‬
‫لللت‬ ‫إا َّْ َ ل د َّ‬ ‫للت‬
‫سنشرحها إن شاء اهلل تعالى يف أولها يقول‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫فهذه األبيات التي‬
‫للاح َب دم َ افا َ للل‬
‫فالللي الح ُْللل اُ َأو مصل ا‬
‫د َ‬ ‫د‬ ‫ف باللل َ او ا اَح َ للل َأو َسلللابا َ‬
‫فلللا ْعطا ْ‬
‫لللَا َوا ْبناللللي‬
‫ف هل َ‬ ‫َاصلللل َط َّ‬
‫َم ْع دب دعلللل ده ْ‬ ‫ف ا َّل اَ اَ د ْنالي‬ ‫ام دص ْن با َ ا َع ْط َ‬ ‫َو ْ‬
‫فب َّين يف البيت األول معنى حرف العطف الواو وهو ُمجرد التشريك‪ ،‬وشرحنا‬
‫ذلك يف الدرس الماضي‪ ،‬وذكرنا الخالف يف اقتضاء (واو) العطف الرتتيب‪ ،‬وأن‬
‫الصواب يف ذلك أهنا ال تقتضي الرتتيب وذكرنا األدلة على ذلك‪.‬‬
‫تختص هبا‬
‫ُ‬ ‫كما من أحكام (واو) العطف التي‬
‫وذكر‪ ‬يف البيت الثاين ُح ً‬
‫دون سائر حروف العطف فقال‪:‬‬
‫لللَا َوا ْبناللللي‬ ‫َاصلللل َط َّ‬
‫ف هل َ‬ ‫َم ْع دب دعلللل ده ْ‬ ‫ف ا َّل اَ اَ د ْنالي‬
‫ام دص ْن با َ ا َع ْط َ‬
‫َو ْ‬
‫تختص هبا وهي أحكا ٌم متعددة إال‬
‫ُ‬ ‫ف(الواو) من حروف العطف لها أحكا ٌم‬
‫بح ٍ‬
‫كم واحد من هذه األحكام ذكر ُه يف هذا البيت وهو‬ ‫أن ابن مالك‪ ‬اكتفى ُ‬
‫عطف به على ما ال ُيكتفى به‪ ،‬هو الحرف الوحيد من‬
‫أن حرف العطف (الواو) ُي ُ‬
‫عطف به على ما ال ُيكتفى به‪.‬‬
‫حروف العطف الذي ُي ُ‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪344h‬‬
‫ٍ‬
‫طرف واحد‪ ،‬وكالبينية‪ ،‬نحو‪:‬‬ ‫الذي ال ُيكتفى به‪ :‬كاألفعال التي ال تكون من‬
‫وعمرو"‪ ،‬فإنما قبل (الواو)‬
‫ِ‬ ‫وعمرو"‪ ،‬وإذا قلت‪" :‬امعصُ ه دِ‬
‫ِ‬ ‫"امعصُ ه دِ‬
‫يتم المعنى به؛ ألن هذا الفعل ال يكون إال‬
‫"امعصُ ه دِ " ال يكتفي المعنى به‪ ،‬ال ُ‬
‫من طرفين فأكثر "امعصُ ه دِ " فإذا أردت أن تعطف على هذا الذي ال ُيكتفى‬
‫تعطف إال بحرف العطف (الواو) فتقول‪" :‬امعصُ ه دِ وعمرو" فلو‬
‫ُ‬ ‫فإنك ال‬
‫فعمرو"‪ ،‬أو‬
‫ِ‬ ‫ُقلت‪" :‬امعصُ ه دِ " فقط لما تم المعنى‪ ،‬ولو قلت‪" :‬امعصُ ه دِ‬
‫أيضا لم يصح ذلك‪.‬‬
‫عمرو" ً‬
‫ِ‬ ‫"امعصُ ه دِ ُ‬
‫جلست بين ه د وعمر" فإنك ال تقول‪:‬‬
‫د‬ ‫أيضا يف البينية أن تقول‪" :‬‬
‫ومثال ُه ً‬
‫يتم المعنى بذلك فالبد أن تعطف؛ فإذا أردت أن تعطف‬
‫جلست بين ه د" ال ُ‬‫د‬ ‫"‬
‫تعطف ب(الواو)‬
‫ُ‬ ‫على هذا الذي ال ُيكتفى به أي ال يكتفي المعنى به وال يتم فإنك‬
‫ُ‬
‫ومثال ذلك المثال الذي ذكره ابن مالك يف‬ ‫جلست بين ه د وعمر"‪،‬‬‫د‬ ‫فتقول‪" :‬‬
‫هَا َوا ْبناي"‪ ،‬وتقول‪ " :‬ارَ ه دِ وعمرو"‪ ،‬وتقول‪ " :‬ا ق‬
‫ف َ‬‫َاص َط َّ‬
‫البيت‪ْ " :‬‬
‫المسلم َّ والُدفار"‪ ،‬قال الشاعر‪:‬‬
‫والعمللللللللر ولللللللللى واإلد للللللللار‬
‫د‬ ‫عاقلللللللللب الليلللللللللق والن لللللللللار‬
‫خاص‬
‫ٌ‬ ‫الحكم‬
‫فهذه المواضع ال يجوز فيها أن تعطف بغير (الواو)؛ ألن هذا ُ‬
‫ب(الواو)‪ ،‬ومن هذا تعرف ما يقول ُه أهل اللغة يف بيت امرئ القيس يف أول معلقته‬
‫المشهورة إذ يقول‪:‬‬
‫فح ْ ا‬
‫ملق‪.‬‬ ‫بلين اللدَّ م ل َ‬
‫َ‬ ‫بس ا اللل‬
‫ا‬ ‫قفا نبك من اة لر حبيلب ومنل ل‬
‫فبعضهم بعض أهل اللغة يقول‪ :‬إن الصواب أن يأيت ب(الواو)‬
‫فأتى ب(الفاء) ُ‬
‫والرواية ب(الواو)؛ ولكن المشهور أن الرواية ب(الفاء) "بين الدم ل فح مق"‪،‬‬
‫وأهل اللغة يقولون‪ :‬المعنى يف البيت ليس على بين الدخول وحومل‪ :‬يعني أنه ٍ‬
‫باق‬
‫بين الدخول وحومل‪ ،‬ولكن المعنى بين مواضع الدخول؛ فمواضع حومل‪.‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪345h‬‬
‫‪g‬‬
‫الدم ل‪ :‬هذا مكان موضع‪ ،‬فيقول‪ :‬أنه بقي بين هذه المواضع التي يف الدخول‬
‫ينتقل بينها‪ ،‬فالمواضع التي يف حومل‪ ،‬يعني كان ينتقل يف هذه المواضع التي يف‬
‫الدخول بعد ذلك انتقل إلى المواضع التي يف حومل‪ ،‬هذا هو المعنى‪ ،‬نعم‪.‬‬
‫الل اء بين الدم ل"‪ :‬يعني بين‬ ‫"قفا نبُي من ة ر حبيب ومن ل بين بس‬
‫واقع على ما‬
‫مواضع الدخول؛ ف"م ا ع ح مق"‪ ،‬وعلى ذلك فإن العطف هنا ٌ‬
‫ُيستغنى به‪ ،‬ألن العاطف صار على مجموع بين مواضع الدخول‪ ،‬مجموع‪.‬‬
‫تحتاج إلى معطوف‪.‬‬
‫ُ‬ ‫وقفت بين البي َ"‪ ،‬فال‬
‫د‬ ‫وأنت تقول‪" :‬‬
‫تحتاج إلى معطوف؛ ألن كلمة الناس تدل‬
‫ُ‬ ‫جلست بين الناْ"‪ ،‬وال‬
‫د‬ ‫وتقول‪" :‬‬
‫تحتاج إلى معطوف‪.‬‬
‫ُ‬ ‫على متعدد وكذلك البيوت وال‬
‫جلست بينُُ"‪.‬‬
‫د‬ ‫‪-‬وتقول‪" :‬‬

‫‪-‬وقال تعالى‪( :‬ﮞ ﮟﮠ) [الحَراَ‪.]9:‬‬


‫فإذا جعلت التقدير على الجمع بين مواضع الدخول اكتفى الكالم وصح‪ ،‬ولم‬
‫ُيحتاج إلى العطف؛ فإذا أردت أن تعطف بعد ذلك فتعطف كما تعطف على غيره‪،‬‬
‫ب(الواو) أو ب(الفاء) أو ب(ثم) حسب المعنى الذي أردت‪ ،‬ثم بعد ذلك قال‬
‫ابن مالك‪:‬‬
‫ا‬
‫للللللللال‬ ‫للللللللب باان اْف َص‬
‫ا‬ ‫لللللللُ لالع َّْر ا ْي‬
‫َو د ل َّ‬
‫ا‬
‫لللللللال‬ ‫لللللللب باا َص‬
‫ا‬ ‫َوال َفلللللللا دء لالع َّْر ا ْي‬
‫اص َله َع َللى ا َّل الَ ْاسل َع َ َّر َأنَّل ده الصل َل ْة‬ ‫للن با َفللاء َع ْط َ‬
‫للف َمللا َللل ْي َس‬ ‫ام دص ْ‬ ‫َو ْ‬
‫ذكر يف هذين البيتين‪ ‬حرفين من أحرف العطف وهما (الفاء) و(ثم) إال‬
‫أنه‪ ‬فصل الكالم على (الفاء) بالكالم على (ثم)‪ ،‬ولو أنه قدم الشطر الثاين‬
‫يف البيت األول على الشطر األول الجتمع الكالم على (الفاء)‪ ،‬يعني لو قال‪َ ":‬و د َُّ‬
‫ام دص ْن اب َفاء"‪ ،‬التاء لو‬ ‫ال"‪ ،‬و " َوال َفا دء لالع َّْر ا ْي ا‬
‫ب باا َص ا‬
‫ال"‪َ " ،‬و ْ‬ ‫ب باان اْف َص ا‬
‫لالع َّْر ا ْي ا‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪346h‬‬
‫اتصل الكالم على (الفاء)‪ ،‬ولكنه فصل الكالم على (الفاء) بالكالم على (ثم)‪،‬‬
‫ال"‪ ،‬فذكر أن األصل يف حرف العطف (الفاء)‬ ‫فقال‪َ ":‬وال َفا دء لالع َّْر ا ْي ا‬
‫ب باا َص ا‬
‫أنه يدُ ل شيئين‪:‬‬
‫‪-‬على العر يب‪.‬‬
‫‪-‬وعلى ا صال المعط ف بالمعط ف به‪.‬‬
‫العر يب‪ :‬يعني أن المعطوف بعد المعطوف عليه‪.‬‬
‫ٌ‬
‫فاصل وال ُمهلة‪.‬‬ ‫بينهما‬
‫واا صال بين ما‪ :‬أي ليس ُ‬
‫ب باان اْف َص ا‬
‫ال"‪ ،‬وذكر أن األصل يف ثم أنه تدُ ل على شيئين‪:‬‬ ‫ثم قال‪َ " :‬و د َُّ لالع َّْر ا ْي ا‬

‫‪-‬على الرتتيب‪.‬‬
‫‪-‬وعلى انفصال المعطوف عن المعطوف عليه‪.‬‬
‫‪-‬على العر يب‪ :‬أي أن المعطوف بعد المعطوف عليه‪.‬‬
‫ٌ‬
‫فاصل و ُمهل ٌة بين المعطوف والمعطوف عليه‪.‬‬ ‫‪-‬واانفصال‪ :‬أي أنه يوجدُ‬
‫فعمرو"‪ :‬المعنى أنه جاء ه د‪ ،‬وبعد ُه ُمباشرة‬
‫ِ‬ ‫مثال ذلك أن تقول‪" :‬جاء ه دِ‬
‫عمرو من دون فاصل وال ُمهلة‪.‬‬
‫ٌ‬
‫فاصل‬ ‫عمرو"‪ :‬فالمعنى أنه "جاء ه د"‪ ،‬وبعد‬
‫ِ‬ ‫وإذا ُقلت‪" :‬جاء ه دِ ُ‬
‫و ُمهلة من الوقت "جاء عمرو"؛ هذا هو األصل يف حريف العطف‪( :‬الفاء) و(ثم)؛‬
‫والمهلة بين‬
‫أمر قد ال يخفى عليكم‪ ،‬وهو أن الفاصل ُ‬ ‫إال أنه يجب التنبيه على ٍ‬
‫المعطوف والمعطوف عليه تكون بحسب المعطوف والمعطوف عليه ٌ‬
‫كل بحسبه‪:‬‬
‫والمهلة أمران نسبيان؛ أحيانًا قد تكون الساعة فاصلة‪ ،‬وأحيانًا‬
‫أي أن الفاصل ُ‬
‫فاصال‪ ،‬وأحيانًا يكون الشهر غير‬
‫ً‬ ‫تكون الساعة غير فاصلة‪ ،‬أحيانًا يكون الشهر‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪347h‬‬
‫‪g‬‬
‫فاصل‪.‬‬
‫المحرم ف در صفر"‪ ،‬تأيت بالفاء لعدم وجود‬ ‫مثال‪" :‬مر ر د‬ ‫وإذا ُقلت ً‬
‫الفاصل بين هذين الشهرين وإن كان المعطوف عليه ثالثين يو ًما‪ ،‬وتقول‪ :‬مضت‬
‫السنة األولى فالثانية‪ ،‬فالثالثة‪ ،‬مع أن الفاصل بين المعطوف والمعطوف عليه سن ٌة‬
‫كاملة‪.‬‬
‫وتقول‪ " :‬وج فالَّ ف لد له"‪ ،‬المعنى أنه ليس بين زواجه وبين أن يولد له إال‬
‫طويال ال ُيعدُ‬
‫ً‬ ‫المعتاد‪ ،‬يعني ُقرابة تسعة أشهر؛ فهذا الفاصل وإن كان‬
‫الفاصل ُ‬
‫المعتاد‪ ،‬فإن ُقلت‪ " :‬وج‬‫فاصال بين المعطوف والمعطوف عليه؛ ألنه الفاصل ُ‬
‫ً‬
‫فاصال و ُمهل ًة أكثر من‬
‫ً‬ ‫فالَّ ُ ولد له"؛ فإن األصل يف معنى هذا العبارة أن هناك‬
‫المعتاد بين زواجه والوالدة له‪.‬‬
‫ُ‬

‫قال‪( :‬ﭷ ﭸ ﭹ ﭺﭻ) [ال صن‪ ،]15:‬فمعنى ذلك أنه قضى‬


‫عليه بعد الوكز ُمباشرة‪.‬‬

‫وقال تعالى‪( :‬ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥﯦ)‬


‫[الحج‪ُ ،]63:‬ينزل الماء المطر‪ ،‬بعد ذلك تخضر األرض‪ :‬يعني يخرج الربيع‬
‫وال ُعشب والخضرة‪ ،‬ما الفرق بين إنزال المطر وكون األرض ُمخضر ًة بسبب‬
‫ذلك؟ أيام‪ ،‬ومع ذلك جاء التعبير ُهنا ب(الفاء) (ﯣ ﯤ ﯥﯦ)‪،‬؛ ألن‬
‫المعتاد‪ ،‬نعم‪.‬‬
‫المعنى أنه ال يكون بين إنزال المطر واخضرار األرض إال الفاصل ُ‬
‫‪ ،‬ف رعنا النخيق‪ ،‬فس يناها‪ ،‬فبعناها"‪ ،‬إذا لم‬ ‫و ُيمكن أن تقول‪" :‬حر نا ا ر‬
‫دُ‬ ‫المعتاد‪ ،‬وتقول‪" :‬حر نا ا ر‬
‫يكن هناك فاصل بين هذه األعمال إال الفاصل ُ‬
‫ٌ‬
‫فاصل و ُمهل ٌة أكثر من ُ‬
‫المعتاد بين هذه‬ ‫هرعنا النخيق‪ ُ ،‬بعناها" إذا كان َثم‬
‫األعمال‪.‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪348h‬‬
‫‪ ُ ،‬هرعنا النخيق‪ ،‬فس يناها فبعناها"؛ فهناك‬ ‫وقد تقول‪" :‬حر نا ا ر‬
‫ٌ‬
‫فاصل بين حرث األرض والزراعة‪ ،‬وليس هناك فاصل بين سقيا النخيل‪ ،‬وزرعها‬
‫المعتاد‪.‬‬
‫وبيعها إال الفاصل ُ‬

‫قال‪ ‬يف كتابه الكريم‪( :‬ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ) [عبس‪( ،]17:‬ﮐ‬


‫ﮑ)‪ :‬جملة‪( ،‬ﮒ ﮓ)‪ :‬جملة أخرى‪ ،‬وهي أسلوب تعجب؛ فلهذا يستحسن‬
‫بعضهم أن تقف على‪( :‬ﮐ ﮑ)‪ ،‬ثم تبدأ ُ‬
‫بالجملة الثانية لكي يتبين معنى‬
‫التعجب؛ ألنك إذا وصلت اآلية كاملة قد تذهب وتختفي ُ‬
‫مثل هذه المعاين‪ ،‬خاص ًة‬ ‫ُ‬
‫عند الذين ال يتأملون وما أكثرهم اآلن‪.‬‬

‫(ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ) [عبس‪،]17:19‬‬
‫فالتقدير بعد الخلق‪( ،‬ﮟ ﮠ ﮡ) [عبس‪ ،]20:‬أمور الحياة التي ُيسر لها‬
‫ُمتباعدة‪( ،‬ﮣ ﮤ) [عبس‪ ،]21:‬نعم الموت يف العادة بعيد عن الوالدة‪( ،‬ﮣ ﮤ‬
‫ﮥ) [عبس‪ ]21:‬أما اإلقبار فإنه يكون يف العادة بعد الموت بغير فاصل‪( ،‬ﮣ‬
‫ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ) [عبس‪ ،]21:22‬هناك فاصل بين أن ُيقرب اإلنسان‬
‫وبين النشر يف العادة‪.‬‬

‫وقال‪( :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ‬
‫ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ) [ال اقعة‪،]55:51‬‬
‫العطف هنا جاء بالفاء؛ فعندما يتأمل اإلنسان يعلم أن هناك نكت ًة بالغية يف اإلتيان‬
‫بالفاء‪.‬‬

‫(ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ) [ال اقعة‪ ]52-51:‬من‬


‫ماذا؟ (ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ) وهذا الشجر الذي من زقوم طيب أو غير طيب؟ ال يكاد‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪349h‬‬
‫‪g‬‬
‫يستسي ُغه اإلنسان‪ ،‬ومع ذلك لبيان شدة جوعهم وعطشهم؛ ما يفكرون أهنم يأكلون‬
‫وال ما ُيفكرون يرتددون‪ ،‬يصربون‪ ،‬اصرب؛ ال‪( ،‬ﭝ ﭞ ﭟ) من شدة جوعهم‬
‫س ُيبادرون إلى اآلكل‪ ،‬ثم ُشرب (ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ) ً‬
‫أيضا مع أنه ماء حميم‬
‫يسقط منه جلود وجوههم‪ ،‬ومع ذلك من شدة عطشهم ُيبادرون إلى ذلك من دون‬
‫والشرب‪( ،‬ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ)‬
‫ُ‬ ‫أي فاصل بين األكل‬
‫[ال اقعة‪.]55:51‬‬
‫هذا كتاب اهلل‪ ‬الذي أعجز العرب أن يأتوا بمثله؛ عندما تتأمل فيه تجد أن‬
‫كل كلمة‪ ،‬وأن كل حرف‪ ،‬وأن كل ُجملة‪ ،‬وأن كُل أسلوب ما جيء به إال لغاية‬
‫الفصاحة والبالغة‪ ،‬والناس يف ذلك يتفاوتون يف تأملهم وتدبرهم‪ ،‬نسأل اهلل أن‬
‫يرزقنا ُحسن التدبر لكتابه العظيم‪.‬‬

‫وقال‪( :‬ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ‬
‫ﮠﮡﮢﮣ ﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬ‬
‫ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ)‬
‫[المؤمن َّ‪ ،]14:12‬تأمل يف اآلية‪ ،‬ويف حروف العطف التي جيء هبا‪.‬‬

‫المدثر‪( :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ)‬


‫وقال‪ ‬يف سورة ُ‬
‫[المد ر‪ ،]19:18‬ففي األولى أتى بالواو‪( ،‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ‬
‫ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ) [المد ر‪ ،]23:18‬قد ال يتبين‬
‫ٍ‬
‫بسبب من األسباب‪ ،‬فعند ذلك ُيستحسن أن تعود إلى‬ ‫لك وجه اإلتيان بالحرف‬
‫العلماء‪ ،‬وإلى ال ُكتب لتعرف هذه النُكت البالغية التي جيء هبا من أجلها‪.‬‬
‫قال بشار بن ُبرد‪:‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪350h‬‬
‫ا‬
‫لللب منّلللي ا ْل َلللدَ اة َ دمخْ لللع د‬
‫َلج‪.‬‬ ‫َوا ْل َ ْل د‬ ‫حمللللللق الظللللللاعن َّ فللللللادلَ ا‬
‫ُ‬
‫يتحمل‪.‬‬ ‫فأتى بالفاء ألن اإلدالج يكون عاد ًة بعد أن‬

‫فإن قيل بعد ذلك كُله أرأيت قوله‪( :‬ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ‬


‫خالف ذلك ألن اإلهالك بعد مجيء‬
‫ُ‬ ‫ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ) [ا عراف‪ ]4:‬أال ُي‬
‫البأس أم قبل مجيء البأس؟ يعني ما األول السابق مجيء بأس اهلل أم اإلهالك؟ ما‬
‫الذي يأتيهم ً‬
‫أوال؟ مجيء البأس‪ ،‬فإذا وقع هبم بأس اهلل وقع بعد ذلك اإلهالك؛‬
‫ومع ذلك فاآلية تقول‪( :‬ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ) [ا عراف‪،]4:‬‬
‫و(الفاء) كما قلنا‪ :‬تدل على الرتتيب‪ ،‬مع أن المجيء قبل اإلهالك ال بعده‪،‬‬
‫االعرتاض واضح‪ ،‬واضح؟‬

‫يقول‪( :‬ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ)‪ ،‬ما الذي وقع ً‬


‫أوال يف اآلية؟‬
‫وهلكوا وانتهوا (ﭵ ﭶ)‪ ،‬يعني بعد أن أهلكوا وتم األمر بعد‬
‫اإلهالك‪ُ ،‬‬
‫ذلك جاء البأس هل هذا المعنى أم أن الذي وقع أن اهلل‪ ‬أنزل هبؤالء بأسه‬
‫أوال مجيء بأس اهلل أم اإلهالك؟ البأس ً‬
‫أوال؛ مع أن اآلية‬ ‫فأهلكوا‪ ،‬فما الذي وقع ً‬
‫تقول‪( :‬ﭴ ﭵ ﭶ) [ا عراف‪ ،]4:‬فجاءت ب(الفاء) وجعلت البأس‬
‫بعد اإلهالك‪.‬‬
‫فالَ اب على ةلك أن معنى اآلية‪-‬واهلل أعلم‪ :-‬كم من ٍ‬
‫قرية أردنا إهالكها؛‬
‫بأسنا‪ ،‬يعني القرية التي نُريد إهالكُها يجيئها بأسنا‪ ،‬أي قرية نريد إهالكها‬
‫فجاءها ُ‬
‫بأسنا‪ ،‬وهذا‬
‫بأسنا‪ ،‬أي قرية نريدُ إهالكُها ماذا يحدث؟ يجيئها ُ‬
‫ماذا يحدث؟ يجي ُئها ُ‬
‫عربي فصيح وشائع يف القرآن ويف كالم العرب‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫أسلوب‬
‫ٌ‬

‫قال‪( :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪351h‬‬
‫‪g‬‬

‫ﭙ) [المائدة‪( ،]6:‬ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ)‪ ،‬إذا قمنا إلى الصالة نغسل‬


‫وجوهنا؟ إذا أردتم القيام إلى الصالة فاغسلوا وجوهكم؛ فهذا المعنى معروف‬
‫عند العرب‪.‬‬
‫فلهذا ذكر النحويون واللغويون كابن هشام يف [ ُمغني اللبيب] يف أخر [ ُمغني‬
‫اللبيب] ذكر استعماالت الفعل‪ ،‬يقول‪ :‬الفعل له عند العرب استعماالت‪ ،‬وهو‬
‫فعل واحد مثل‪ :‬ذهب أو قام أو جلس؛ يستعمل على أكثر من‬
‫صورة(@‪ )00:26:17‬فالمعنى األول ُيراد به وقوع الحدث‪ ،‬وقوع الفعل‪.‬‬
‫تقول‪ " :‬دقمت" يعني فعلت القيام‪ ،‬وقد ُيرا ُد به إرادة الفعل كما يف هذه‬
‫ٍ‬
‫بمعان أخرى؛ فمن أراد أن يعرف هذه فليعد إلى [ ُمغني اللبيب]‬ ‫اآليات‪ ،‬وقد ير ُد‬
‫فنختم الكالم على‬
‫ُ‬ ‫يف أخره‪ ،‬يف أخر باب من أبواب [ ُمغني اللبيب]‪ ،‬ومع ذلك‬
‫قليال‪.‬‬
‫العطف ب(الفاء) و(ثم) بأن نقول‪ :‬قد تأيت (ثم) يف موضع الفاء ً‬
‫ومن ذلك قول الشاعر‪:‬‬
‫للطر ْب‬ ‫للر يف ا نابيل ا‬
‫للب لللُ ا ل َ‬ ‫جل َ‬ ‫َ لللل الرد نللللي حللللت ال َعَللللاج‬
‫‪ :‬أي جرى يف األنابيب فاضطرب‪ ،‬ا نابيب‪ :‬األنبوبة التي ُيصنع منها الرماح‬
‫السكر‪ ،‬وأنواع أخرى‬
‫السكر‪ ،‬يف أشياء معينة كقصب ُ‬
‫ونحوها‪ ،‬كالقصب‪ ،‬كقصب ُ‬
‫أيضا يعني ُيعمل منها الرماح ونحو ذلك‪ ،‬فإذا أمسكت هبذه األنبوبة ثم‬
‫منها ً‬
‫هززهتا‪ ،‬ما الذي يحدُ ث بعد الهز؟! االضطراب‪ ،‬إذا هززت األنبوب اضطرب‪ ،‬هل‬
‫هناك فرق بين الهز واالضطراب؟ ال‪ ،‬ال‪.‬‬
‫الرد ني حت العَاج‪،‬‬
‫د‬ ‫الرد ني"‪ :‬يعني األنبوبة هذه‪" ،‬‬
‫د‬ ‫يقول‪" :‬‬
‫جر يف ا نابيب"‪ :‬أي الهز‪" ،‬جر يف ا نابيب ُ ا طرب"‪ ،‬ف(ثم) هنا جاء‬
‫بمعنى (الفاء)؛ ألنه ال فاصل بين الهز واالضطراب‪.‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪352h‬‬
‫ل ابن مالك‪:‬‬ ‫ُ بعد ةلك‬
‫اص َله َع َللى ا َّل الَ ْاسل َع َ َّر َأنَّل ده الصل َل ْة‬ ‫للن با َفللاء َع ْط َ‬
‫للف َمللا َللل ْي َس‬ ‫ام دص ْ‬
‫َو ْ‬
‫كما من األحكام التي تختص هبا (الفاء) العاطفة‪ ،‬أي أنه فعل مع‬‫فذكر ُح ً‬
‫أيضا بأحكام عن بقية‬
‫تختص ً‬‫ُ‬ ‫(الفاء) ما فعل مع (الواو)‪ ،‬ف(الفاء) العاطفة‬
‫تختص به (الفاء) عن بقية حروف‬
‫ُ‬ ‫كما واحدً ا‬
‫حروف العطف‪ ،‬ذكر ابن مالك هنا ُح ً‬
‫يصلح أن تكون صل ًة للموصول"‪،‬‬
‫ُ‬ ‫العطف‪ ،‬وهو‪" :‬أن الفاء ُيعطف هبا ُجمل ٌة ال‬
‫يجوز أن ُيعطف بالفاء ُجمل ٌة ال يصح أن تقع صل ٌة للموصول‪.‬‬
‫لماةا ا صح أَّ ع صلة للم ص ل؟ نه ليس في ا عائدِ ع د على ااسُ‬
‫الم ص ل‪ ،‬رب دط ا بااسُ الم ص ل؛ ف د سبق يف ااسُ الم ص ل أنه ابد له من‬
‫صلة‪ ،‬وهَه الصلة ل ا رو ‪:‬‬
‫‪ ‬من شروطها أن يكون فيها ضمير يعود على االسم الموصول يسمونه‬
‫مثال‪" :‬جاء الذي ُأحب ُه"‪ ،‬أين العائد؟ الهاء‪.‬‬
‫العائد‪ ،‬تقول ً‬
‫‪ ‬وال يصح أن تقول‪" :‬جاء الذي نجح ُمحمدٌ "؛ ألن نجح ُمحمدٌ ليس فيها‬
‫ضمير يعود على االسم الموصول يربطها باالسم الموصول؛ هذه العبارة خطأ ما‬
‫يصح أن تقول‪" :‬الذي يهز ُم العدو هو البطل"‪.‬‬
‫تجوز‪ ،‬فعلى ذلك ُ‬
‫ااسُ الم ص ل‪ :‬الذي‪.‬‬
‫صلعده‪ :‬يهزم العدو‪.‬‬
‫هو البطل‪ :‬الخبر‪.‬‬
‫ننظر يف الصلة "يهز ُم العدو" هل يف هذه الصلة ضمير يعو ُد إلى االسم‬
‫الموصول؟ نعم‪ ،‬وهو فاعل يهزم‪ ،‬أين فاعل يهزم؟ "هو" يعو ُد إلى "الذي"؛ إ ًذا‬
‫فيهزم العدو فيها صلة للموصول‪ ،‬نُريدُ أن نعطف على الصلة‪ ،‬اعطف على الصلة؛‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪353h‬‬
‫‪g‬‬
‫الخير ه البطق"‪ ،‬أين المعطوف؟ "و ن ر‬
‫َ‬ ‫دم العدو‪ ،‬و ن د ر‬ ‫ستقول‪" :‬الَ‬
‫الخير" هل ينشر الخير فيها عائد يعود إلى الموصول؟ نعم‪ ،‬وهو الفاعل‪" ،‬وينشر‬
‫هو" هنا يف عائد ما يف ُمشكلة تريد تأيت ب(الواو) أو تأيت ب(الفاء)‪ ،‬أو تأيت ب(ثم)‬
‫أو بغير ذلك‪-‬ما يف ُمشكلة هنا‪.-‬‬
‫دم العدو فعٌمن البالد ه البطق"‪،‬‬ ‫مثال‪" :‬الَ‬
‫المشكلة‪ :‬عندما تقول ً‬
‫لكن ُ‬
‫تأمن البال ُد فيها عائدٌ يعود إلى‬
‫الجملة‪ُ " :‬‬
‫أين المعطوف؟ تأمن البال ُد‪ ،‬هل هذه ُ‬
‫االسم الموصول؟ ال‪ٌ ،‬من‪ :‬فعل‪ ،‬البالد‪ :‬فاعل؛ ما فيها‪.‬‬
‫كيف تعطفها على الصلة؟ المعطوف ل ُه ُحكم المعطوف عليه‪ ،‬هنا قالوا‪ :‬من‬
‫يصلح أن يكون‬
‫ُ‬ ‫تعطف ما ال‬
‫ُ‬ ‫خصائص (الفاء)‪ ،‬من خصائص (الفاء) العاطفة أهنا‬
‫صلة على الصلة‪:‬‬
‫اص َله َع َللى ا َّل الَ ْاسل َع َ َّر َأنَّل ده الصل َل ْة‬ ‫للن با َفللاء َع ْط َ‬
‫للف َمللا َللل ْي َس‬ ‫ام دص ْ‬
‫َو ْ‬
‫يعني اعطف هبا ُجملة ال يصح أن تكون صلة على الصلة‪.‬‬
‫فيفسد ال باب أعدائدنا"‪" ،‬الَ ن‬
‫د‬ ‫أيضا‪" :‬الَ ن ن روَّ الره لة‬
‫وتقول ً‬
‫فيفسد ال باب‬
‫ن روَّ الره لة"‪ :‬العائد (واو) الجماعة‪" ،‬الَ ن ن روَّ الره لة د‬
‫باب" هذا ما فيها عائد لكن ُعطفت بالفاء فصح ذلك‪.‬‬
‫أعدائدنا"‪ " ،‬فسدد ال د‬
‫فيخنس المفسدوَّ"‪" ،‬العي‬
‫د‬ ‫د‬
‫عمسك بحَاب ا‬ ‫المسلم دة هي العي‬
‫تقول‪ " :‬د‬
‫فيخنس‬
‫د‬ ‫د‬
‫عمسك بحَاب ا‬ ‫د‬
‫عمسك هي"‪" ،‬‬ ‫د‬
‫عمسك بحَاب ا"‪ :‬العائد هي‪" ،‬‬
‫يصح‬
‫ُ‬ ‫المفسدوَّ"؛ هذا ما فيها عاطف‪ ،‬ما فيها عائد‪ ،‬ففي مثل هذه األمثلة ال‬
‫دم العدو‬ ‫مثال‪ ،‬فال تقول‪" :‬الَ‬
‫يصح ب(الواو) ً‬‫ُ‬ ‫العطف إال ب(الفاء)‪ ،‬ال‬
‫ُ‬
‫د‬
‫عمسك بحَاب ا‬ ‫المسلمة هي العي‬
‫يصح أن تقول‪ " :‬د‬
‫ُ‬ ‫و ٌمن البالد ه البطق"‪ ،‬ال‬
‫يصح ذلك إال بال(الفاء) نعم‪.‬‬
‫المفسدوَّ"‪ ،‬ال ُ‬
‫و خنس د‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪354h‬‬
‫ٍ‬
‫بمثال مشهور ُربما تسمعونه أحيانًا وهو‬ ‫والنحويون ُيمثلون على هذه المسألة‬
‫الَباب"‪ ،‬طب ًعا هذا مثال مصنوع لك أن ُتمثل‬
‫د‬ ‫اب ه دِ‬
‫د‬ ‫طير في‬
‫د‬ ‫قولهم‪" :‬الَ‬
‫بما شئت كاألمثلة السابقة التي قولناها وكغيرها‪.‬‬
‫فيغضب زيدٌ "‪،‬‬
‫ُ‬ ‫يطير‬
‫طير"‪ ،‬أين الصلة؟ "يطير"‪ :‬فيها رابط هو "الذي ُ‬
‫د‬ ‫"الَ‬
‫الذباب‪ :‬الخرب؛‬
‫ُ‬ ‫ما فيها رابط لكن عطفناها على الصلة ألن العطف صار ب(الفاء)‪،‬‬
‫تختص به (الفاء)‪.‬‬
‫ُ‬ ‫الحكم الذي‬
‫فهذا هو ُ‬
‫ٍ‬
‫حرف آخر من حروف العطف وهو (حتى)‬ ‫ُ‬
‫ينتقل ابن مالك‪ ‬إلى‬ ‫ُثم‬
‫فيقول يف ذلك‪:‬‬
‫للق واَ دُللل دَّ إااَّ غَا للل َة ا َّلل ا‬ ‫َب ْع َالللللا با َحعَّلللللى ا ْعطا ْ‬
‫للَ َلللالَ‬ ‫َ‬ ‫دل َ َ َ‬ ‫لللللف َع َللللللى‬
‫" َب ْع َاا اب َحعَّى ا ْعطا ْ‬
‫ف َع َلى َدق"‪ ،‬يقول‪" :‬اعطف بحعى بعاا على ق"‪ ،‬وال‬
‫يكون إال غاية الذي تال"؛ فذكر يف هذا البيت العطف بحرف العطف (حتى) وأنه‬
‫ُيشرتط للعطف هبا ثالث ُة شروط‪ ،‬ذكر شرطين وأهمل الثالث‪:‬‬
‫ظاهرا‪،‬‬
‫ً‬ ‫اسما‬
‫المعطوف ً‬
‫ُ‬ ‫‪ ‬أما الشرط األول للعطف ب(حتى) فهو أن يكون‬
‫نحرتز بذلك عن ماذا يا إخوان؟ إذا ُقلنا‪ :‬أن يكون المعطوف ً‬
‫اسما نحرتز بذلك‬ ‫ُ‬
‫ظاهرا؟ عن‬
‫ً‬ ‫الجملة‪ ،‬طيب "اسما اهرا" ماذا نحرتز بقولنا‬
‫عن ما ليس اسم‪ ،‬وهو ُ‬
‫المضمر‪ ،‬نعم‪.‬‬
‫الضمير ُ‬
‫كقولنا‪" :‬أ رمنا الاي ف حعى أ فال ُ"‪:‬‬
‫ٌ‬
‫ومفعول به‪.‬‬ ‫أ رمنا الاي ف‪ٌ :‬‬
‫فعل‪ ،‬وفاعل‪،‬‬
‫منصوب‬
‫ٌ‬ ‫معطوف على الضيوف‬
‫ٌ‬ ‫حرف عطف‪ ،‬وأ َ‬
‫فال‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫حعى أ فال ُ‪ :‬حعى‪:‬‬
‫ضاف إليه‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫وعالمة نصبه الفتحة‪ ،‬وهو ُمضاف وهو ُم‬
‫وتقول‪" :‬أ رمناهُ حعى أ فال ُ"‪:‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪355h‬‬
‫‪g‬‬
‫ظاهرا‬
‫ً‬ ‫الجمل ُة األولى‪" :‬أ رمنا الاي ف حعى أ فال ُ"‪ :‬عطفنا ً‬
‫اسما‬ ‫‪-‬ففي ُ‬
‫على ٍ‬
‫اسم ظاهر‪.‬‬
‫ظاهرا على ٍ‬
‫اسم ُمضمر؛‬ ‫ً‬ ‫اسما‬
‫‪-‬ويف قولنا‪" :‬أ رمناهُ حعى أ فال ُ"‪ :‬عطفنا ً‬
‫اسما‬ ‫ُ‬
‫يكون إال ً‬ ‫المعطوف عليه فال‬
‫ُ‬ ‫ظاهرا‪ ،‬وأما‬
‫ً‬ ‫اسما‬
‫فالشرط أن يكون المعطوف ً‬
‫ضمرا‪.‬‬
‫ظاهرا أو ُم ً‬
‫ً‬
‫ومن ذلك قول الشاعر‪:‬‬
‫فإنُُ لعخ ننا حعى بنينلا ا صلاغرا‬ ‫ق رنلللللللللا ددُ حعلللللللللى الُدملللللللللاة‬
‫ٌ‬
‫ومفعول به‪:‬‬ ‫يقول‪" :‬ق رنا ددُ"‪ :‬فعل وفاعل‪،‬‬
‫ٌ‬
‫مفعول به‪" ،‬ق رنا دُ"‪.‬‬ ‫ق ر‪ :‬فعل‪ ،‬نا‪ :‬فاعل‪ ،‬كم‪:‬‬
‫معطوف على ماذا؟ على‬
‫ٌ‬ ‫معطوف‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫حعى الُدماة‪ :‬حتى‪ :‬حرف عطف‪ ،‬الُدماة‪:‬‬
‫الضمير ( دُ)‪.‬‬
‫فإنُُ لعخ ننا حعى بنينا‪ :‬خ ننا‪ ،‬تخشون الفعل تخشون‪ ،‬أين الفاعل؟‬
‫(واو) الَماعة‪ ،‬والمفعول به‪( :‬نا) تخشوننا‪.‬‬
‫الملحقة بجمع‬
‫حعى بنينا‪ :‬حعى‪ :‬حرف عطف‪ ،‬وبنينا‪ :‬عبارة عن كلمتين‪ :‬بنين‪ُ :‬‬
‫المذكر السالم‪ُ ،‬مضافة إلى (نا)‪ ،‬بنينا‪ ،‬واإلضافة ستحذف نون الجمع‪ :‬بنين‪،‬‬
‫ُ‬
‫ستحذف النون‪ ،‬كما تقول‪" :‬مسلمون‪ ،‬مسلموا العالم"‪ ،‬احذف النون من بنين‬
‫معطوف على (نا) يف تخشوننا‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫بني‪ ،‬بنينا‪ ،‬إ ًذا بنينا‬
‫وأضفها إلى (نا)‪ ،‬ستقول‪ِ :‬‬
‫منصوب وعالمة نصبه (الياء) نعم‪.‬‬
‫ظاهرا‪ ،‬ال‪ ،‬المعطوف‬
‫ً‬ ‫اسما‬
‫هذا الشرط األول للمعطوف ب(حتى) أن يكون ً‬
‫ظاهرا بخالف المعطوف عليه‪ ،‬المعطوف عليه األول‪،‬‬‫ً‬ ‫اسما‬
‫ً‬ ‫ال يكون إال‬
‫ضمرا‪ ،‬لكن المعطوف الذي تعطفه (حتى)‬
‫ظاهرا و ُم ً‬
‫ً‬ ‫اسما‬
‫المعطوف عليه يكون ً‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪356h‬‬
‫ظاهرا‪.‬‬
‫ً‬ ‫اسما‬
‫الذي يقع بعد (حتى) ال يكون إال ً‬
‫بعضا من المعطوف عليه‪ ،‬وهذا نص‬‫‪ ‬ال ر د الَاين‪ :‬أن يكون المعطوف ً‬
‫عليه ابن مالك يف قوله‪َ " :‬ب ْع َاا اب َحعَّى ا ْعطا ْ‬
‫ف َع َلى َدق"‪ :‬أي "اعطف بحعى بعاا‬
‫بعضا من المعطوف عليه‪،‬‬
‫على ق"؛ البد أن يكون المعطوف ما بعد (حتى) ً‬
‫بعضا منه‪ ،‬جز ًء منه‪ ،‬فر ًدا منه‪.‬‬
‫ً‬
‫الم اة"‪:‬‬
‫َاج حعى د‬
‫الح د‬‫نحو‪" :‬قدم د‬
‫ٌ‬
‫وفاعل‪.‬‬ ‫َاج‪ٌ :‬‬
‫فعل‬ ‫ا‬
‫الح د‬
‫قد َم د‬
‫حعى‪ :‬حرف عطف‪.‬‬
‫الحجاج مرفوع وعالمة رفعه الضمة‪.‬‬
‫معطوف على ُ‬
‫ٌ‬ ‫الم اةد‪:‬‬
‫د‬
‫نسينا أَّ ن ل‪ :‬أن حتى العاطفة ما معناها؟ (حتى) العاطفة‪ُ :‬‬
‫تدل على الغاية‬
‫لكن معناها (واو) العطف‪ ،‬معناها (الواو) يف العطف‪ ،‬معناها (الواو) لكن من‬
‫الم اة"‪ :‬يعني قدم‬
‫الحَاج حعى د‬
‫شروطها أن تكون غايةً‪ ،‬فقولك‪" :‬قدم د‬
‫الحجاج ال بأس بذلك‪.‬‬
‫المشاة جز ٌء من ُ‬
‫والمشاة‪ ،‬مع أن ُ‬
‫ُ‬
‫لت السمُة حعى رأس ا"‪:‬‬
‫وتقول‪" :‬أ د‬
‫ٌ‬
‫ومفعول به‪.‬‬ ‫لت السمُةَ‪ٌ :‬‬
‫فعل وفاعل‬ ‫أ د‬
‫معطوف على السمكة منصوب‬
‫ٌ‬ ‫حعى رأس ا‪ :‬حعى‪ :‬حرف عطف‪ ،‬ورأس ا‪:‬‬
‫وعالمة نصبه الفتحة‪.‬‬
‫‪ o‬ال ر الَالث للمعط ف بحعى‪ :‬أن يكون المعطوف غاي ًة لما قبله‪ ،‬غاية‪:‬‬
‫يعني ُيبين غايته‪ ،‬وهذه الغاية قد تكون غاي ًة يف العلو‪ ،‬وقد تكون غاي ًة يف الدنو‪ ،‬وقد‬
‫تكون غاي ًة ُمطلقة‪.‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪357h‬‬
‫‪g‬‬
‫الناْ حعى ا نبيا دء"‪ ،‬حعى‪ :‬حرف‬
‫د‬ ‫‪ -‬قد ُ َّ غا ة يف العل ‪ ،‬نحو‪" :‬ماَ‬
‫عطف‪ ،‬وا نبيا دء‪ :‬معطوف على الناس مرفوع وعالمة رفعه الضمة‪ ،‬والغاية هنا يف‬
‫العلو وال يف الدنو؟ يف العلو‪.‬‬
‫الصبياَّ"‪ :‬هنا‬
‫د‬ ‫الناْ حعى‬
‫د‬ ‫الاعفا دء"‪ ،‬أو "غلبه‬
‫وتقول‪" :‬غلبه الناْ حعى د‬
‫غاية يف الدنو‪.‬‬
‫الم ا دة"‪ ،‬هذه غاي ًة يف العلو أو يف الدنو؟‬
‫َاج حعى د‬
‫الح د‬
‫والمثال السابق‪" :‬قد َم د‬
‫هذه يف الدنو‪ ،‬يعني الشك أن الحاج الراكب سيصل قبل الماشي‪ ،‬فإذا كان‬
‫الحجاج‪،‬‬
‫جاج المشاة وصلوا‪ ،‬فمعنى ذلك أن غيرهم قد وصل؛ فهم أخر ُ‬
‫الح ُ‬
‫ُ‬
‫المشاة نعم‪.‬‬
‫الحجاج هم ُ‬
‫خالص أضعف ُ‬
‫لت السمُة حعى‬
‫‪-‬وقد ُ َّ غا ة دمطل ة‪ :‬لمجرد بيان الغاية‪ ،‬نحو‪" :‬أ د‬
‫ت الم رعة حعى أمرها"؛ ليس هذا بيان لعلو وال لدنو‬
‫رأس ا"‪ ،‬وتقول‪" :‬حر د‬
‫هذا ُمجرد غاية‪ ،‬طيب هذا هو الكالم عن العطف ب(حتى)‪.‬‬
‫العطف ب(حعى) فن ل‪( :‬حتى) هذه الكلمة‬‫ا‬ ‫أنبه على أمر أو أمر ن أو ال ة يف‬
‫ٍ‬
‫أوجه عند الكوفيين‪،‬‬ ‫(حتى) تأيت على ثالثة أوجه عند البصريين‪ ،‬وتأيت على ثالثة‬
‫كيف ذلك؟‬
‫‪ o‬أوا‪ ٌ :‬ي (حعى) حرف جر‪ :‬كما سبق ذلك يف حروف الجر‪ ،‬وال يكون ما‬
‫ٍ‬
‫حينئذ إذا كانت حرف جر‪:‬‬ ‫اسما‪ ،‬ال يكون ما بعدها ُجملة‬
‫بعدها إال ً‬
‫كقولك‪" :‬انعظر ك حعى المساء"‪.‬‬

‫وكقوله تعالى‪( :‬ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ) [ال در‪ ،]5:‬ف(حتى) تأيت حرف جر‬


‫تجر إال األسماء‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫اسما؛ ألن حروف الجر ال ُ‬
‫تجر حينئذ ً‬
‫باتفاق‪ ،‬وهي ُ‬
‫ويقع‬
‫ُ‬ ‫‪ o‬انيا‪ :‬و ٌ ي (حعى) حرف ابعداء‪ :‬حرف ابتداء يعني حرف استئناف‪،‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪358h‬‬
‫والجمل ُة الفعلية‪:‬‬ ‫ٍ‬
‫والجمل ُة األسمية ُ‬
‫الجملة‪ُ ،‬‬
‫بعدها حينئذ ُ‬
‫وعظت الناْ حعى بُى دمحمدِ "‪ ،‬ما الذي وقع بعد حتى ُمفرد أم‬
‫د‬ ‫تقول‪" :‬‬
‫ُجملة؟ ُجملة؛ إ ًذا ف(حتى) هنا ابتدائية‪.‬‬
‫وعظت الناْ حعى دمحمدِ بُى"‪ ،‬ما الذي وقع بعد (حتى)؟ جمل ٌة‬
‫د‬ ‫وتقول‪" :‬‬
‫اسمية‪ ،‬ف(حتى) هنا ابتدائية‪ ،‬ليست حرف جر‪ ،‬ومن ذلك كما سيأيت يف الكالم‬
‫المضارع يف أخر األلفية يف آخر قسم يف النحو يف األلفية‪.‬‬
‫على إعراب الفعل ُ‬
‫يجب‬
‫ُ‬ ‫مثال‪" :‬دع دَ محمدا با مس حعى أ رمه" فإن (حتى) ال‬‫إذا ُقلت ً‬
‫المستقبل‪.‬‬
‫النصب بعدها إال إذا كانت يف ُ‬
‫كأن تقول‪" :‬س يك حعى أ رمك"‪.‬‬
‫المستقبل يجب فيها‬
‫علُ" إذا كانت يف ُ‬
‫سٌةهب إلى المدرسة حعى أ َ‬
‫د‬ ‫مثال‪" :‬‬
‫ً‬
‫النصب‪ ،‬وإذا كانت يف الحال‪ ،‬إذا كان زماهنُا الحال يجب فيها‪ ،‬فيجب فيما بعدها‬
‫الرفع فتكون حرف ابتداء‪ ،‬وبعدها ُجملة فعلية مبدوءة بفعل ُمضارع مرفوع‪.‬‬
‫جلست أمامُُ ا َّ حعى أ رو النح "‪ ،‬ما زمان الفعل‬
‫د‬ ‫كأن تقول‪" :‬أنا‬
‫يجب فيه الرفع‪ ،‬و(حتى) حرف ابتداء‪ ،‬فإن كان الزمن يف الماضي –‬ ‫ٍ‬
‫حينئذ؟ الحال‬
‫ُ‬
‫زمان الفعل الواقع بعد حتى يف الماضي‪ -‬جاز لك فيه النصب والرفع؛ على‬
‫اعتبارين‪.‬‬

‫فلهذا قرأ يف قوله تعالى‪( :‬ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭﯮ)‬


‫[الب رة‪( ،]214:‬ﭮ ﭯ) بالضم‪( ،‬ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ‬
‫ﯭﯮ)‪ ،‬قراءتان سبعيتان‪ ،‬ألن الزمن ُهنا زمن الفعل وي ُقص قصة األحزاب‪ ،‬و‬
‫(ﯤ) [الب رة‪ ]214:‬هل ل ا‪ :‬فعل ماضي‪.‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪359h‬‬
‫‪g‬‬

‫(ﯤ ﯥ ﯦ) [الب رة‪ ،]214:‬فهو يحكي شي ًئا ماض ًيا ولكنه حكاه بفعل‬
‫ٍ‬
‫فحينئذ يصح لك النصب على اعتبار‪ ،‬والرفع على اعتبار؛ وسيأيت بيان‬ ‫ُمضارع‪،‬‬
‫المضارع‪.‬‬
‫ذلك‪-‬إن شاء اهلل تعالى‪ -‬يف نصب الفعل ُ‬
‫ُ‬
‫تكون حرف ابتداء‬ ‫ٍ‬
‫حينئذ ماذا تكون؟‬ ‫فإذا رفعت ما بعد (حتى) فإن (حتى)‬
‫تفق عليهما بين البصريين والكوفيين‪ ،‬وجهان‬
‫وما بعدها ُجملة؛ فهذان الوجهان ُم ٌ‬
‫استعماالن ل(حتى)‪.‬‬
‫اسم ظاهر دون‬
‫‪ o‬الَا‪ :‬و ٌ ي (حعى) حرف عطف‪ :‬وال يكون ما بعدها إال ٌ‬
‫الجملة كما سبق هنا قبل قليل‪ ،‬وقد أنكر الكوفيون مجيء (حتى) حرف عطف‪،‬‬
‫ُ‬
‫الكوفيون هم الذين أنكروا ذلك؛ قالوا (حتى) ال تأيت حرف عطف‪ ،‬والذين أثبتوه‬
‫هم البصريون‪ ،‬ويدُ ل لهم السماع‪ ،‬كقول الشاعر‪:‬‬
‫لعخ للل ننا حعلللى بنينلللا ا صلللاغرا‬ ‫ق رنللللا ُ حعّللللى الُمللللاة فللللٌنعُ‬
‫أنظر بالنصب‪ ،‬إ ًذا ماذا نقول؟ "حعى الُدماة" ال ُيمكن أن نقول‪ :‬أن (حتى)‬
‫حرف جر؛ ألن ما بعدها منصوب‪" :‬حعى بنينا ا صاغرا" ما بعدها منصوب؛ فهذا‬
‫دليل على أن (حتى) تأيت حرف عطف‪ ،‬الكوفيون يخرجون مثل ذلك على تقدير‬
‫فعال‪.‬‬
‫عامال ً‬
‫عامل‪ُ ،‬يقدرون ً‬
‫يقول‪" :‬ق رنا ددُ حعى الُدماة"‪ :‬أي قهرناك ُُم حتى قهرنا ال ُكماة‪ " ،‬خ ننا‬
‫حعى خ َّ بنينا ا صاغرا"؛ فيقدرون على مثل ذلك؛ لكي ُيعيدوا حتى إلى‬
‫حتى التي يقع بعدها ُجملة‪ ،‬وهي األسلوب الثاين‪.‬‬
‫للماار ‪ ،‬كقولك‪:‬‬ ‫‪ o‬ال جه الرابع ل(حعى)‪ :‬أَّ ُ َّ (حعى) حرف نصب د‬
‫العلم"‪" ،‬جسعك حعى أدرْ"‪ :‬هذا الوجه الرابع‪ ،‬وثالثة عند‬
‫َ‬ ‫" َ‬
‫جئتك حتى أدرس‬
‫الكوفيين‪:‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪360h‬‬
‫‪ -‬ا ول‪ :‬حرف جر ُمتفق عليه‪.‬‬
‫‪ -‬والَاين‪ :‬حرف ابتداء‪ُ ،‬متفق عليه‪.‬‬
‫حرف عطف؛ هَه ال ة عند البصريين‪ ،‬ولكن‬
‫َ‬ ‫‪ -‬البصريون‪ :‬أثبتوا (حتى)‬
‫حرف العطف أنكره الكوفيون‪.‬‬
‫‪ -‬الَالث عند الكوفيين وهو الرابع يف العد العام‪ :‬أن تكون (حتى) حرف‪...‬‬
‫الب‪.)00:52:06@( :‬‬
‫ال يخ‪ :‬هذا الوجه الرابع ل(حتى)‪ ،‬لكن الوجه الثالث ُمختلف فيه‪ ،‬والوجه‬
‫الرابع‪ُ :‬مختلف فيه؛ فأثبت هؤالء الثالث‪ ،‬وأثبت هؤالء الرابع فصار مجموع ما‬
‫أثبته البصريون ثالثة‪ ،‬ومجموع ما اثبت ُه الكوفيون ثالثة‪.‬‬
‫للمضارع كقولنا‪" :‬جسعك حعى أدرْ العلُ" هذا كثير‬
‫ف(حتى) الناصبة ُ‬
‫جدً ا؛ أسلوب ُمطرد يف العربية‪.‬‬
‫المضارع بعدها‬
‫وقد أ بت الُ في َّ هَا ال جه؛ قالوا‪ :‬إن (حتى) إذا نُصب ُ‬
‫المضارع‪.‬‬
‫منصوب هبا‪ ،‬ب(حتى)؛ فيعدون (حتى) من نواصب الفعل ُ‬
‫ٌ‬ ‫فإنه‬
‫للمضارع؛ فإذا‬ ‫ٍ‬
‫نصب ُ‬ ‫وأنُر ةلك البصر َّ‪ ،‬وقالوا‪ :‬إن (حتى) ال تأيت حرف‬
‫المضارع منصو ٌب ب(أن)‬
‫ضارع بعدها كما يف هذا المثال قالوا‪ :‬إن ُ‬
‫ُ‬ ‫الم‬
‫انتصب ُ‬
‫ً‬
‫متكون من (حتى) وبعدها (أن)‬ ‫ٍ‬
‫حينئذ‬ ‫ُمقدرة‪ ،‬محذوفة ُمضمرة‪ ،‬فيكون األسلوب‬
‫المضارع المنصوب ب(أن)‬ ‫لكنها ُمضمرة أي محذوفة‪ ،‬وبعد ذلك الفعل ُ‬
‫المحذوفة‪ ،‬وعليه فتكون (حتى) حرف جر‪ ،‬تكون (حتى) حرف جر‪ ،‬ومجيء‬
‫تفق عليه‪.‬‬
‫(حتى) حرف جر هذا ُم ٌ‬
‫تجر إال االسم؛ ألن حروف الجر‬
‫‪ ‬و(حتى) إذا كانت حرف جر فهي ال ُ‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪361h‬‬
‫‪g‬‬
‫ٍ‬
‫اسم مؤول‪ ،‬االسم المؤول‪:‬‬ ‫خاص ٌة باألسماء‪ ،‬والذي وقع بعدها حينئذ ٌ‬
‫اسم ولكنه ٌ‬
‫مصدري وفعل‪ ،‬واالسم المؤول يف أحكامه‬
‫َّ‬ ‫هو االسم الذي يتكون من حر ًفا‬
‫كاالسم الصريح‪ ،‬االسم المؤول كاالسم الصريح؛ هَه الملح دة ا ولى‪.‬‬
‫‪ ‬الملح دة الَانية يف الكالم على العطف ب(حتى)‪ :‬أن ُيقال إن العطف‬
‫ب(حتى) لم يرد يف القرآن الكريم‪ ،‬وإنما جاء يف القرآن الكريم‪:‬‬
‫الجارة‪.‬‬
‫َّ‬ ‫‪( -‬حتى)‬
‫‪ -‬و(حتى) االبتدائية‪.‬‬
‫المضار ُع‬
‫ينتصب ُ‬
‫ُ‬ ‫ضارع بعدها‪ ،‬نقول‪( :‬حتى) التي‬
‫ُ‬ ‫الم‬
‫ينتصب ُ‬
‫ُ‬ ‫‪-‬و(حتى) التي‬
‫ضارع بعدها‪ ،‬أما الخالف‪ :‬فبماذا‬
‫ُ‬ ‫الم‬
‫ينتصب ُ‬
‫ُ‬ ‫تفق عليه‪( ،‬حتى) التي‬
‫بعدها‪ ،‬هذا ُم ٌ‬
‫ينتصب؟ هل ينتصب ب(حتى) نفسها‪ ،‬أم ينتصب ب(أن) ُمضمرة؟!‬
‫‪ ‬الملح دة ا ميرة على الكالم على (حتى) العاطفة أن ُيقال‪ :‬إن كل‬
‫(حتى) عاطفة يجوز فيها أن تكون (حتى) الجارة‪ ،‬ويجوز يف ٍ‬
‫كثير من أمثلتها أن‬
‫تكون (حتى) االبتدائية‪:‬‬
‫مثال‪" :‬أ رمنا الاي ف حعى أ فال ُ"‪:‬‬
‫ففي مثل قولك ً‬
‫‪ -‬يجوز لك يف (حتى) أن تكون حرف عطف؛ ألن الشروط متوافرة؛ فتجعل‬
‫ما بعدها معطو ًفا‪ ،‬فتقول‪" :‬أ رمنا الاي ف حعى أ فال َُ"‪.‬‬
‫‪ -‬ويجوز لك أن تجعل (حتى) حرف جر؛ فتقول‪" :‬أ رمنا الاي ف حعى‬
‫أ فال ا ُ"‪.‬‬
‫‪ -‬ويجوز أن تجعل (حتى) حرف ابتداء‪ ،‬فإذا جعلتها حرف ابتداء فال ُبد أن‬
‫يكون ما بعدها ُجملة؛ فال ُبد أن ُتكمل‪" :‬أ فال د ُ" بما يجع ُلها ُجمل ًة إسمية‪،‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪362h‬‬
‫أطفالهم ُمكرمون‪ ،‬فحذفت‬
‫ُ‬ ‫فتقول‪" :‬أ رمنا الاي ف حعى أ فال د ُ"‪ ،‬أي حتى‬
‫ُ‬
‫حيث‬ ‫الخرب لداللة الفعل عليه؛ ففي مثل هذا األسلوب تطر ُد هذه األوجه من‬
‫الجواز النحوي‪.‬‬
‫ُ‬
‫‪-‬أما من ُ‬
‫حيث األفضل واألكثر يف االستعمال‪ ،‬األكثر يف االستعمال للعرب يف‬
‫مثل ذلك أن تجعل (حتى) حرف جر؛ هذا هو األكثر يف االستعمال‪" ،‬أ رمنا‬
‫لت السمُ َة حعى رأس َا"‪.‬‬ ‫الاي ف حعى أ فال ُ"‪ُ ،‬‬
‫ومثل ذلك أن تقول‪" :‬أ د‬

‫لت السمُ َة حعى َ‬


‫رأس ا"‪.‬‬ ‫‪-‬لك أن تجعل (حتى) حرف عطف فتقول‪" :‬أ د‬
‫لت السمُة حعى ا‬
‫رأس ا"‪.‬‬ ‫ويجوز أن تجعل (حتى) حرف جر فتقول‪" :‬أ د‬
‫لت السمُ َة حعى‬
‫‪-‬ويجوز أن تجعل (حتى) حرف ابتداء؛ فماذا تقول؟ "أ د‬
‫رأس ا‬
‫لت السمُة حعى د‬
‫تقدير ُه‪" :‬أ د‬
‫ُ‬ ‫ورأس ا‪ُ :‬مبتدأ‪ ،‬والخرب محذوف‬
‫د‬ ‫رأس ا"‪،‬‬
‫د‬
‫مٌ ِل"‪ ،‬بداللة الفعل المذكور‪ ،‬والكثر يف االستعمال أن تجعل (حتى) حرف‬
‫جر؛ هذا األكثر يف االستعمال‪ ،‬أما المعنى يختلف يف خالفات دقيقة يف المعاين‪.‬‬
‫ال نتوسع يف ذلك ولكني سأقتصر على ٍ‬
‫فرق واحد وهو أن (حتى) العاطفة‬ ‫ُ‬
‫الناْ‬
‫د‬ ‫بعضا مما قبلها؛ لكي يصح الكالم‪ ،‬تقول‪" :‬ماَ‬
‫البد أن يكون ما بعدها ً‬
‫لت السمُ َة حعى د‬
‫رأس ا"‪ ،‬الرأس من‬ ‫حعى ا نبياء"‪ ،‬واألنبياء من الناس‪" ،‬وأ د‬
‫السمكة؛ ماشي مقبول‪.‬‬
‫وأما (حتى) الجارة فإن ما بعدها المجرور الغاية يجوز أن تكون مما قبلها‪،‬‬
‫ويجوز أن ال تكون مما قبلها كما ذكرنا ذلك يف الكالم على حروف الجر‪ ،‬عندما‬
‫ِ‬
‫الدالة على الغاية‪ ،‬ك(إلى) و(حتى)‪ ،‬ما ُحكم الغاية‬ ‫تكلمنا على حروف الجر‬
‫المغيا؟‬
‫المغيا‪ ،‬أم ليست من ُ‬
‫الواقعة بعد (إلى)؟ هل هي من‪...‬هل الغاية من ُ‬
‫فيصح أن تكون كذا‪ ،‬ويصح أن تكون من الغاية‪ ،‬ويصح أن ال تكون من الغاية‪.‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪363h‬‬
‫‪g‬‬
‫ا‬
‫النخلة العا رة"‪.‬‬ ‫هرعت النخيق حعى‬
‫د‬ ‫مثال‪" :‬‬
‫فيصح أن تقول ً‬
‫هرعت النخيق‬
‫د‬ ‫ا‬
‫الساق"؛ فقولك‪" :‬‬ ‫هرعت النخيق حعى‬
‫د‬ ‫ويصح أن تقول‪" :‬‬
‫ا‬
‫الساق" ليس لك يف (حتى) إال أن تجعلها حرف جر؛ ألن ما بعدها ليس من‬ ‫حعى‬
‫جنس ما قبلها‪ ،‬الساق ليس من النخيل‪ ،‬فليس لك إال أن تجعلها حرف عطف‪.‬‬
‫هرعت النخق حعى النخلة العا رة"‪ ،‬فيصح أن تجعل (حتى)‬
‫د‬ ‫أما إذا ُقلت‪" :‬‬
‫حرف جر ؛ ألن الغاية تكون من جنس ما قبلها‪ ،‬ويجوز أن تجعلها حرف عطف‪،‬‬
‫يجوز الوجهان‪ ،‬فما بعد (حتى) العاطفة هو من المعطوف عليه ً‬
‫قوال واحدً ا‪ ،‬وأما‬
‫ما بعد (حتى) الجارة فهو كما بعد (إلى) الجارة فيه خالف‪ ،‬هل الغاية تدخل أو ال‬
‫تدخل؟‬
‫ومالصعده‪:‬‬
‫وعرفنا الُالم و سعنا فيه؛ الُالم على حروف الَر د‬
‫‪ -‬إن كان ٌ‬
‫دليل أو قرين ٌة فالبد من األخذ هبا إن دل دليل أو قرينة على أنه مما‬
‫قبله أو ليس مما قبل ُه يجب األخذ به‪.‬‬
‫‪ -‬فإن لم يكن ٌ‬
‫دليل وال قرينة على ذلك فإن األصل‪ :‬أن الغاية تكون من‬
‫المغيا إن كانت من جنسها؛ وإن لم تكن من جنسه فليست من ُه هذا األصل‪.‬‬
‫ُ‬
‫فإةا دقلت مَال‪ :‬يف (إلى) أو يف (حتى) " د‬
‫بعت الم رعة"‪ ،‬أو تقول‪" :‬بععدك هَا‬
‫النخق إلى النخل دة العا رة"‪ ،‬ولم تن ُ‬
‫ُص على شيء‪ ،‬على أن النخلة العاشرة أو غير‬
‫تدخل أو ال تدخل يف المبيع؟ ُ‬
‫تدخل؛‬ ‫داخلة يف المبيع‪ ،‬فالنخلة العاشرة على ذلك ُ‬
‫ألن النخلة العاشرة من جنس النخيل‪.‬‬
‫يا أخي إذا ُقلت‪" :‬بععدك النخق إلى الساق الَاين"؛ فالساق الثاين ُ‬
‫يدخل يف‬
‫المبيع أو ال يدخل يف المبيع؟ ال ُ‬
‫يدخل يف المبيع ألن الساق ليس من جنس‬
‫النخيل؛ هذا ما يتعلق بالكالم على العطف ب(حتى)‪ ،‬يبقى الكالم على العطف‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪364h‬‬
‫ب(أم)‪.‬‬
‫العطف ب(أم) قال فيه ابن مالك‪:‬‬ ‫د‬
‫َأو هملللل َ ة عللللن َل ْف ا‬
‫للللظ َأ َ دم ْن َيلللل ْه‬ ‫َو َأ ْم با َ للا ا ْعطال ْ‬
‫لف إا ْ ل َلر َه ْم ل ا الع َّْس ل ا َ ْه‬
‫َ ْ‬ ‫َ ْ‬
‫للن‬ ‫للاَّ َم َفلللا المع َنلللى باحل ْ ا ا‬ ‫َو در َب َملللللللا دحلللللللَفت ال َ ْمللللللل َ دة إا َّْ‬
‫للَف َ ا أمل ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َل َ‬
‫لللك اممللللا دقيللللدَ َْ بال ا‬ ‫َوباا ْن ا َطللللا َوبا َم ْعنَللللى َبللللق َو َف ْ‬
‫للله َم َلل ْ‬
‫لللت‬ ‫إا َّْ َ ل د َّ‬ ‫للللت‬
‫(أم) تأيت على نوعين‪:‬‬
‫المتصلة‪.‬‬
‫‪-‬ا ولى‪( :‬أم) ُ‬
‫المنقطعة‪ ،‬والتسمي ُة تعود إلى المعنى‪.‬‬
‫‪-‬والَانية‪( :‬أم) ُ‬
‫المعصلة‪ :‬من حروف العطف‪ ،‬وهي التي يكون ما‬ ‫د‬
‫ونبدأ با ولى‪ :‬وهي (أم) د‬ ‫‪-‬‬
‫الحكم؛‬
‫الحكم‪ ،‬الذي بعدها يكون ُمشاركًا لما قبلها يف ُ‬‫بعدها ُمشاركًا لما قبلها يف ُ‬
‫سبق هبمزة تسوية أو هبمزة استفهام‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫حينئذ أن ُت َ‬ ‫ألهنا من حروف العطف‪ ،‬و ُي ُ‬
‫شرط‬
‫المتصلة متى تكون ُمتصلةً؟ إذا ُسبقت هبمزة تسوية أو هبمزة استفهام‪.‬‬
‫(ألم) ُ‬
‫أقمت أم‬ ‫المتصلة المسبوق ُة هبمزة تسوية كقولك‪" :‬س ا ِء عند‬
‫ف(أم) ُ‬
‫قعدَ"‪ :‬يسموهنا همزة تسوية‪" ،‬س ا ِء عند أقمت أم قعدَ"‪ ،‬هذه (أم)‪( ،‬أم)‬
‫ُ‬
‫حيث المعنى‬ ‫المتصلة‪ ،‬لماذا ُقلنا‪ :‬إهنا ُمتصلة؟ من‬
‫هذه حرف عطف‪ ،‬وهي (أم) ُ‬
‫علي (أ)‪-‬هذه الهمزة‬ ‫واللفظ‪ ،‬من ُ‬
‫حيث اللفظ ألهنا مسبوقة هبمزة التسوية‪" :‬س ا ِء َّ‬
‫همزة التسوية‪ -‬أقمت أم قعدَ" هنا ليست همزة استفهام؛ الكالم ال يقوم على‬
‫استفهام وإنما على إخبار‪.‬‬
‫علي أةهبت أم لُ َهب"‪ ،‬ما‬
‫علي أم قمت أم قعدَ"‪" ،‬س ا ِء َّ‬
‫تقول‪" :‬س ا ِء َّ‬
‫قيامك وقع دَ"‪،‬‬
‫د‬ ‫هنا ليس استفهام‪ُ ،‬هنا إخبار تسوية‪ ،‬كأنك تقول‪" :‬س ا ِء عند‬
‫تسوية‪.‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪365h‬‬
‫‪g‬‬

‫قال‪( :‬ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ) [إبراهيُ‪ ،]21:‬هذه (أم) التي‬


‫وقعت بعد همزة التسوية‪( ،‬ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ) [إبراهيُ‪ ،]21:‬أي‬
‫جزعنا وصربُنا‪.‬‬
‫يستوي ُ‬

‫وقال تعالى‪( :‬ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ)‬


‫ِ‬
‫استغفارك‪ ،‬و(أم) يف هذه اآلية‬ ‫استغفارك‪ ،‬وعدم‬
‫ُ‬ ‫[المناف َّ‪ ،]6:‬أي سوا ٌء عليهم‬
‫مسبوق ٌة هبمزة التسوية‪ ،‬فأين همز ُة التسوية؟ (ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ‬
‫ﭦ ﭧ)‪ ،‬أين همزة التسوية يف هذه اآلية؟‬

‫فرَ" الفعل‬
‫َ‬ ‫(ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ)‪ ،‬هي التي قبل الفعل‪" :‬اسع‬
‫ما الفعل؟ الفعل وحد ُه دون الهمزة‪ ،‬دون همز ُة التسوية "اسع فر"‪ ،‬هبمزة وصل‪،‬‬
‫وهمزة الوصل مكسورة‪" ،‬اسع فر"‪ ،‬تقول‪" :‬ااس َع فر دمحمد" أو "أسع فر‬
‫دمحمد"؟ "ااسع فر دمحمد"‪ ،‬فإذا دخلت همزة القطع فإن همزة الوصل ستس ُقط؛‬
‫ألن همزة الوصل تس ُقط يف درج الكالم‪ :‬يف وسط الكالم‪ ،‬وهمزة التسوية مفتوحة‬
‫أو مكسورة؟ مفتوحة‪ ،‬وقال‪( :‬ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ)‪،‬‬
‫همزة التسوية موجودة‪ ،‬نعم‪.‬‬

‫وقال تعالى‪( :‬ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ)‪ ،‬أي سوا ٌء عليهم ُ‬


‫إنذارهم‬
‫إنذارك إياهم وعد ُم إنذارك‪.‬‬
‫أو ُ‬

‫وقال تعالى‪( :‬ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ)‪.‬‬


‫وقال ُ‬
‫مالك بن نويرة‪:‬‬
‫أملللللل ي نللللللاء أم هلللللل ا َّ واقللللللع‬ ‫ولسللت أبللالي بعللد ف للد مالُ ل‬
‫المزين‪:‬‬
‫وقال زهير بن أبي ُسلمة ُ‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪366h‬‬
‫أقللللللل م آل حصلللللللن أم نسلللللللا دء؟‬ ‫لللت أمللللال أدر‬
‫ومللللا أدر ولسل د‬
‫فهذه المسبوق ُة هبمزة التسوية‪ ،‬إذا جاءت (أم) مسبوق ًة هبمزة التسوية فهي‬
‫ُمتصلة‪ ،‬حرف عطف؛ ألنه عطفت ما بعدها على ما قبلها‪" ،‬س ا ِء عل َّي أقمت أم‬
‫قعدَ"‪ ،‬عطفت قعدت على ُقمت‪.‬‬
‫المعصلة المسب ق دة ب م ة ااسعف ام وهي التي ُيريدها ابن مالك‬ ‫‪ o‬وأما (أم) د‬
‫بقوله‪" :‬عن َل ْف ا‬
‫ظ َأ َ دم ْن َي ْه"؛ ألن (أم) وهمزة االستفهام بمعنى (أي) كما سيأيت‪،‬‬ ‫َ ْ‬
‫مرو" (أم) هذه‬
‫كقولك‪" :‬أه دِ قام أم قعد"‪" ،‬أقام ه دِ أم قعد"‪" ،‬أه دِ قام أم ع ِ‬
‫ُمتصلة‪ ،‬وهي حرف عطف ألهنا مسبوقة هبمزة استفهام‪ ،‬والمعنى‪ :‬ما معنى قولك‪:‬‬
‫"أه دِ قام أم قعد"؟ المعنى‪ :‬أ ُيهما قام؟ إ ًذا فهي ُمغني ٌة عن لفظ (أي) يعني بمعنى‬
‫لفظ (أي)‪.‬‬

‫قال‪( :‬ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎﮏ ﮐ) [الناهعاَ‪.]27:‬‬

‫(ﮊ ﮋ ﮌ)‪ :‬استفهام‪.‬‬

‫(ﮍ ﮎﮏ) (أم) حرف عطف‪ ،‬و"السماء"‪ :‬معطوف‪ ،‬معطوف على ماذا؟ على‬
‫الضمير أنتم‪( ،‬ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎﮏ)‪ ،‬ثم استأنف الكالم فقال‪( :‬ﮐ) إلى آخره‪،‬‬
‫والمعنى‪" :‬أ ُُ أ دد مل ا" المعنى على (أي)‪" ،‬أ ُُ أ دد مل ا"‪ ،‬فالسما ُء‬
‫معطوف على الضمير أنتم‪ ،‬والمعنى ينتهي عند السماء‪( ،‬ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎﮏ)‪،‬‬
‫ٌ‬
‫هنا ينتهي المعنى‪ ،‬ثم استأنف فقال‪( :‬ﮐ)‪.‬‬

‫معطوف على أنتم وهبا ينتهي المعنى‪ ،‬وقول ُه‪( :‬ﮐ)‬


‫ٌ‬ ‫إ ًذا فالسما ُء‪ٌ :‬‬
‫اسم‬
‫يستحسن بعضهم الوقف على لفظ السماء ليتبين هذا المعنى‪،‬‬
‫ُ‬ ‫استئناف؛ فلهذا‬
‫(ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ) [الناهعاَ‪ ،]27:28‬إلى آخره‪.‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪367h‬‬
‫‪g‬‬
‫وهَا قلنا قبق قليق‪ :‬يعني من الوقوف التي ُتبي ُن المعنى؛ ألنك إذا وصلت‬
‫اآلية ال ينتبه إليها من ال يتدبر اآليات‪.‬‬

‫ومن ذلك قول ُه‪( :‬ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ)‬


‫[ا نبياء‪ ،]109:‬ف(أم) هنا حرف عطف‪ ،‬عطفت بعيد على قريب؛ ألهنا مسبوق ٌة‬
‫هبمزة استفهام‪.‬‬
‫وقال زيدُ ين حمل العدوي‪:‬‬
‫لللد ن احللق يف أرسللاغ ا الخللدم‬ ‫هارَ رقيللة للعَا بعللد مللا هَع ل ا‬
‫أهلللللي سلللللرَ أم علللللادين حللللللُ‬ ‫ف ملللت للطيلللف مر اعلللا فلللٌرقني‬
‫لُ" (أم) هنا أم ُمتصلة؛ ألهنا‬
‫والشاهد يف قوله‪" :‬أهي سرَ أم عادين دح د‬
‫مسبوقة هبمزة استفهام؛ فعطفت " دحلُ" على ما قبله‪ ،‬فعطفت قول ُه‪" :‬عادين‬
‫دحلُ" على قوله‪" :‬سرَ"‪.‬‬
‫المتصلة هذه بقوله‪َ " :‬و َأ ْم با َ ا ا ْعطا ْ‬
‫ف"‪ ،‬متى؟ "إا ْ َر‬ ‫وب َّين ابن مالك‪( ‬أم) ُ‬
‫ف"‪ :‬إ ًذا متى تكون (أم)‬ ‫ظ َأ َ دم ْن َي ْه"‪َ " ،‬و َأ ْم با َ ا ا ْعطا ْ‬
‫هم ا العَّس ا ه‪َ ،‬أو هم َ ة عن َل ْف ا‬
‫َ ْ َ ْ‬ ‫ْ َْ‬ ‫َ ْ‬
‫عاطفة؟ إذا كانت ُمتصلة‪ ،‬ومتى تكون ُمتصلة؟‬
‫المنقطعة‬
‫إذا كانت مثل همزة التسوية أو همزة االستفهام؛ ألنه سيأيت أن (أم) ُ‬
‫يف الحقيقة ليست من حروف العطف‪ ،‬وإنما ُت ُ‬
‫ذكر هنا لبيان الفرق بينها وبين (أم)‬
‫ُركز عليها‬
‫المتصلة‪ ،‬و(أم) المنقطعة كما سيأيت كثير ٌة جدًّ ا يف القرآن الكريم وسن ُ‬
‫ُ‬
‫المفسر‪ ،‬وطالب العلم‬
‫ونُكثر من التمثيل لها؛ ألهنا من أهم ما يجب أن ُيتقن ُه ُ‬
‫الشرعي لكثرة ورودها يف القرآن ولعالقتها الكبيرة ببيان المعاين‪.‬‬
‫المتصلة‪:‬‬
‫ثم قال ابن مالك بعد الكالم على (أم) ً‬
‫للن‬ ‫للاَّ َم َفلللا المعنَلللى باحل ْ ا ا‬ ‫َو در َب َملللللللا دحلللللللَفت ال َ ْمللللللل َ دة إا َّْ‬
‫للَف َ ا أمل ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َل َ‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪368h‬‬
‫المتصلة هي التي ُتسبق هبمزة استفهام أو‬
‫نحن ذكرنا يف البيت السابق أن (أم) ُ‬
‫هبمزة تسوية‪ ،‬سوا ٌء كانتا (همزة التسوية‪ ،‬وهمزة االستفهام) ظاهرتين يف الكالم‬
‫كاألمثلة السابقة التي ذكرناها من قبل أو كانتا محذوفتين‪ ،‬يعني موجودتان يف‬
‫الكالم ولكنهما محذوفتان‪.‬‬
‫ومثال ذلك يف همزة التسوية قولك‪" :‬س ا ِء قمت أم قعدَ"‪ :‬أي "س ا ِء‬
‫ٍ‬
‫تسوية محذوفة‪.‬‬ ‫أقمت" ثم حذفت الهمزة‪ ،‬ف(أم) ُهنا ُمتصلة؛ ألهنا مسبوقة هبمزة‬

‫للزهري‪( :‬ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ)‬


‫ومن ذلك قراء ٌة شاذة ُ‬
‫[ س‪ ،]10:‬وقراء ٌة ألُبي بن كعب‪( :‬ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ)‪ :‬أي‬
‫هبمزة واحدة ولكن نُقلت حركتها على الساكن قبلها‪.‬‬
‫ومَال ةلك مع هم ة ااسعف ام ق لك‪" :‬ه دِ قام أم جلس" والكال ُم هنا على‬
‫االستفهام‪ ،‬ولكن الهمزة ُحذفت‪ ،‬ونُكمل‪-‬إن شاء اهلل‪ -‬يف الدرس القادم واهلل‬
‫أعلم وصلى اهلل وسلم على نبينا ُمحمد وعلى آله وأصحابه أجمعين‪.‬‬

‫‪¹‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪369h‬‬
‫‪g‬‬

‫الدرس التاسع والثمانون‬

‫بسُ اهلل الرحمن الرحيُ‪ ،‬الحمد هلل رب العالمين‪ ،‬والصالة والسالم على نبينا‬
‫محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين‪ ،‬أما بعد‪:‬‬
‫السالم عليكم ورحمة اهلل وبركاته‪ ،‬حياكم اهلل وبياكم يف هذه الليلة الطيبة ليلة‬
‫اإلثنين الرابع والعشرين من شهر ُجمادى األولى‪ ،‬من سنة ثالث وثالثين‬
‫ٍ‬
‫وأربعمائة وألف‪ ،‬ونحن يف جامع الراجح بحي الجزيرة يف مدينة الرياض‪ ،‬نعقد‬
‫بحمد اهلل وتوفيقه الدرس التاسع والثمانين من دروس شرح ألفية ابن مالك‪-‬عليه‬
‫رحمة اهلل‪ ،-‬والزال الكالم على باب عطف النسق‪.‬‬
‫ٍ‬
‫خمسة‬ ‫وقد ذكرنا من قبل أن ابن مالك‪ ‬عقد هذا الباب باب النسق يف‬
‫وعشرين بيتًا‪ ،‬وشرحنا منها تسعة أبيات‪ ،‬وهذه األبيات التسعة المشروحة كان فيها‬
‫ُ‬
‫حيث‬ ‫الكال ُم على تعريف عطف النسق‪ ،‬والكال ُم على تقسيم حروف العطف من‬
‫أيضا بداية ذكر حروف العطف حر ًفا حر ًفا؛‬
‫تشري ُكها يف المعنى واللفظ‪ ،‬وفيها ً‬
‫ِ‬
‫العطف (أم)‬ ‫فذكر (الواو) و(الفاء) و(ثم) و(حتى) ثم بدأ الكال ُم على حرف‬
‫بعض نشرح ُه‪-‬إن شاء اهلل تعالى‪ -‬يف هذه‬
‫فشرحنا بعض كالمه يف ذلك وبقي فيه ٌ‬
‫الليلة‪.‬‬
‫رحه‪-‬إَّ اء اهلل‬ ‫المععاد ن د‬
‫رأ من ألفية ابن مالك ما نن‬ ‫ويف أول الدرْ د‬
‫عالى‪ -‬يف هَا الدرْ‪ ،‬قال ابن مالك‪:‬‬
‫َأو هملللل َ ة عللللن َل ْف ا‬
‫للللظ َأ َ دم ْن َيلللل ْه‬ ‫للر َه ْملل ا الع َّْسلل ا َ ْه‬ ‫َو َأ ْم با َ للا ا ْعطا ْ‬
‫َ ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫للف إا ْ َ‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪370h‬‬
‫للن‬ ‫للاَّ َم َفلللا المعنَلللى باحل ْ ا ا‬ ‫ت ال َ ْملللللللل َ دة إا َّْ‬‫لللللللَ َف ا‬
‫وربمللللللللا حل ا‬
‫للَف َ ا أمل ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َل َ‬ ‫د‬ ‫َدََ‬
‫لللك اممللللا دقيللللدَ َْ بال ا‬ ‫َوباا ْن ا َطلللللا َوبا َم ْعنَلللللى َبلللللق َو َفل ْ‬
‫للله َم َلل ْ‬
‫لللت‬ ‫إا َّْ َ ل د َّ‬ ‫للللت‬
‫اب با َ لا َأ ْ َال ن ادملي‬ ‫دك َوإا ْ َلر ِ‬ ‫َوا ْ ُ ْ‬ ‫للُ بلللاو َو َأ ْب ا للل اُ‬ ‫للر َأبال ْ‬
‫للح َقسل ْ‬ ‫‪َ .551‬ميل ْ‬
‫للق لا َلللل ْبس َمنْ َفل َ‬
‫للَا‬ ‫للف دةو الن ْطل ا‬ ‫َللللُ لل ا‬
‫ْ د‬ ‫للللت الللللل َ َاو إا َةا‬ ‫‪.552‬وربملللللا عا َقبل ا‬
‫َ َ‬ ‫َ د َّ َ‬
‫فاللللي ن َْحلللل ا إا َّمللللا اة َوإا َّمللللا النَّائَيالللل ْه‬ ‫للد إا َّملللا ال ََّانا َيللل ْه‬
‫للق َأو ال َ صل ا‬
‫ْ‬ ‫‪َ .553‬و ام َْل د‬
‫لللللرا ا‬ ‫ا‬ ‫‪.554‬و َأ ا ا‬
‫أو ا ْ َبا َ لللللل َ للللللالَ‬ ‫نللللللدَ اء أو َأ ْمل َ‬ ‫للن َن ْف َيلل أو َن ْ َيلل َواَ‬ ‫ول لُ ْ‬ ‫َ‬
‫دلللن فالللي َم ْر َبلللع َبلللق َ ْي َ لللا‬ ‫لللُ أ ْ‬ ‫َ َل ْ‬ ‫لح َب ْي َ ا‬
‫لن َب ْعللدَ َم ْصل د‬
‫ا‬
‫‪َ .555‬و َبللق َلُل ْ‬
‫الَ الللي‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫لُ ا َ َّو ال‬ ‫‪َ .556‬وا ْن د للق با َ للا لال ََّل ا‬
‫الم َْ َبللت َوا َ ْمللر َ‬ ‫فللي الخَ َب لرا د‬ ‫لاَّ دح ُْل َ‬
‫ذكر يف هذه األبيات‪ ‬ستة أحرف من حروف العطف وهي (أم‪ ،‬وأو‪،‬‬
‫فسنتكلم عليها إن شاء اهلل‪ -‬واحدً ا واحدً ا بما يسمح به‬
‫ُ‬ ‫وإما‪ ،‬ولكن‪ ،‬وال‪ ،‬وبل)‬
‫الوقت‪ ،‬وأولها كما ترون هو حرف العطف (أم)‪.‬‬
‫يف الدرْ الما ي بدأنا بالُالم على أم و دقلنا إَّ (أم) على ن عين‪:‬‬
‫المعصلة‪.‬‬
‫‪(-‬أم) د‬
‫‪-‬و(أم) المن طعة‪.‬‬
‫المعصلة هي العي من حروف العطف‪ ،‬وكيف تكون ُمتصلةً؟ تكون‬ ‫‪(-‬أم) د‬
‫شرتط لها أن ُتسبق‬
‫ُ‬ ‫الحكم‪ ،‬و ُي‬ ‫ُ‬
‫تجعل ما بعدها ُمشاركًا لما قبلها يف ُ‬ ‫ُمتصل ًة ألهنا‬
‫هبمزة تسوية أو همزة استفهام‪ ،‬فسب ُقها هبمزة تسوية كقولنا‪" :‬س ا دء عند أقمت أم‬
‫قعدَ"‪ :‬المعنى يستوي قيا ُمك وقعودك‪.‬‬

‫وكقوله تعالى‪( :‬ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ) [إبراهيُ‪ :]21:‬أي يستوي‬


‫جز ُعنا وصربنا‪.‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪371h‬‬
‫‪g‬‬

‫وكقوله تعالى‪( :‬ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ) [ س‪ :]10:‬أي يستوي‬


‫عليهم إنذاركُم إياهم‪ ،‬وعدم إنذاركم إياهم‪.‬‬
‫وقول زهير بن أبي ُسلمة المزين‪:‬‬
‫أقللللللل م آل حصلللللللن أم نسلللللللا دء؟‬ ‫لللت أمللللال أدر‬
‫ومللللا أدر ولسل د‬
‫ومثالها وهي مسبوق ٌة هبمزة االستفهام وهي التي ذكرها ابن مالك بأهنا ُتغني‬
‫(أي)؛ ألن (أم) مع همزة االستفهام بمعنى ٍ‬
‫(أي) االستفهامية‬ ‫عن (أي)‪ ،‬تغني عن ٍ‬
‫عمرو"‪ ،‬والمعنى أ ُيهما قام‪.‬‬
‫ِ‬ ‫كقولك‪" :‬أه دِ قام أم‬

‫وكقوله تعالى‪( :‬ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎﮏ) [الناهعاَ‪.]27:‬‬


‫المتصلة هذه يف قوله‪َ " :‬و َأ ْم با َ ا ا ْعطا ْ‬
‫ف إا ْ َر َه ْم ا الع َّْس ا َ ْه"‪:‬‬ ‫وابن مالك ب َّين أم ُ‬
‫ظ َأ َ دم ْن َي ْه"‪ :‬يعني همزة االستفهام‪ ،‬وهذا‬ ‫هذه همزة التسوية‪َ " ،‬أو هم َ ة عن َل ْف ا‬
‫َ ْ َ ْ‬
‫ٍ‬
‫وأمثلة أزيد‪.‬‬ ‫كُله شرحناه يف الدرس الماضي بتفصي ٍل أكثر‬
‫ُ قال ابن مالك‪:‬‬
‫للن‬ ‫للاَّ َم َفلللا المعنَلللى باحل ْ ا ا‬ ‫َو در َب َملللللللا دحلللللللَفت ال َ ْمللللللل َ دة إا َّْ‬
‫للَف َ ا أمل ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َل َ‬
‫يذكر‪ ‬يف هذا البيت أن همزة التسوية وهمزة االستفهام اللتين يأتيان قبل‬
‫ً‬
‫حينئذ‬ ‫المتصلة ُيمكن أن ُيحذفا و ُيقدرا‪ ،‬يمكن أن ُيحذف من الكالم فيكونان‬‫(أم) ُ‬
‫الم ْعنَى با َح َْفا َ ا‬
‫َاَّ َم َفا َ‬
‫إَّ َ‬‫واضحا وهذا قوله‪ْ " :‬‬
‫ً‬ ‫مقدرتين بشرط أن يكون المعنى‬
‫اأم ْن"‪.‬‬
‫علي أقمت‬
‫علي قمت أم قعدَ" تريد‪" :‬س ا ِء َّ‬
‫ومثال ذلك أن تقول‪" :‬س ا ِء َّ‬
‫أم قعدَ"‪ ،‬وذكرنا أكثر من مرة يا إخوان أن الشرط إذا كان يف وجود الشيء فإنه‬
‫ال ينايف جواز حذفه‪ ،‬نقول‪ُ :‬يشرتط قبل (أم) المتصلة همزة تسوية أو همزة‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪372h‬‬
‫استفهام‪ ،‬يعني ُيشرتط أن توجد‪ ،‬أن توجد يف اللفظ‪ ،‬أو أن توجد يف اللفظ‬
‫و ُتحذف؛ ألن قولنا محذوفة يدل على أهنا موجودة أم غير موجودة؟ يدل على أهنا‬
‫يقع إال على الموجود‪ ،‬وال يقع‬
‫كثيرا؛ ألن الحذف ال ُ‬
‫موجودة كما شرحنا ذلك ً‬
‫على المعدوم‪ ،‬فرق بين الموجود والمحذوف؛ فهي موجود إال أن الموجود قد‬
‫يظهر‪ ،‬والموجود قد ال يظهر‪ ،‬ومع ذلك ُهما موجودان يف المسجد‪ ،‬نعم‪.‬‬

‫من حَف هم ة العس ة‪ :‬قراءة الزهري‪( :‬ﮦ ﮧ‬ ‫ومن ةلك‪ :‬أ‬


‫ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ) [ س‪ ،]10:‬ومن ذلك قراء ٌة ُأبي بن كعب‪( :‬ﮦ ﮧ‬
‫بي ُيسهل الهمزة‬ ‫ُ‬ ‫ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ)‪ :‬وقراءة ُأبي كقراءة ُ‬
‫الزهري إال أن أ ً‬
‫بحذفها ونقل حركتها إلى الساكن قبلها‪ ،‬فهي همز ٌة واحدة وهي همزة الفعل‬
‫"أنَر ُ" أما همزة التسوية فمحذوفة‪.‬‬
‫المتصلة أن تقول‪" :‬ه دِ قام أم‬
‫ومثال حذف همزة االستفهام قبل (أم) ُ‬
‫جلس"‪ُ ،‬تريد "أه دِ قام أم جلس؟" وهذا يجوز لك يف الكالم أن تحذف هذه‬
‫الهمزة‪.‬‬
‫ومن ذلك ُ‬
‫قول ُعمر بن أبي ربيعة‪:‬‬
‫ا‬
‫بَمللللاَّ‬ ‫بسللللبع رمللللين الَمللللر أم‬ ‫لعمللرَ مللا أدر وإَّ دنللت دار للا‬
‫ِ‬
‫بثمان"‬ ‫ُيريد‪" :‬لعمرك ما أدري أبسب ٍع رمين الجمر أم‬
‫ومن ذلك قول اللعين المنقري‪:‬‬
‫يث بللن امن لرا‬
‫لعيث بللن َسل ُ أم د ل َع د‬
‫دل د‬ ‫نللت ا‬
‫دار للا‬ ‫د‬ ‫مللر ََ مللا أدر وإاَّ‬
‫ل َع د‬
‫يقول‪" :‬لعمرَ ما أدر أ د د‬
‫عيث بن س ُ أم عيث بن المن ر "‪ ،‬فحذف‬
‫همزة االستفهام‪.‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪373h‬‬
‫‪g‬‬
‫ومن ذلك قول األخطل التغلبي قال يف بيته المشهور‪:‬‬
‫غلللس الظللالم مللن الربللاب ميللاا‬ ‫للت با ا‬
‫اسللل‬ ‫للك َأم َر َأ ل َ‬
‫عك َعي دنل َ‬ ‫َل َ‬
‫للَ َب َ‬

‫أين الشاهد؟ " َبعك عينك أم رأ ت ب اس "‪ ،‬قالوا‪ :‬التقدير‪" :‬أ َبعك‬
‫عينك أم رأ ت ب اس " يعني هل رأيت حقيقة أو كذبتك عينك؟ ويف البيت‬
‫تخريج آخر مشهور‪.‬‬
‫ٌ‬
‫ومن ذلك قول الشاعر‪:‬‬
‫أ لل ين ف للال ا مللن ربيعللة أم دماللر‬ ‫فٌصللبحت فللي ُ آنسللا ا مع للر‬
‫د‬
‫"ف ال ا‪ :‬من ربيعة أم دمار"‪ ،‬التقدير‪" :‬أمن ربيعة أم دمار"‪ ،‬وحذفوا همزة‬
‫االستفهام قبل (أم) وابن مالك يف أول هذا البيت ماذا قال؟ قال‪" :‬وربما" حذفت‬
‫الهمزة‪ ،‬وربما دل ذلك على أن حذف همزة التسوية‪ ،‬وهمزة االستفهام قليل‪،‬‬
‫قليل‪ ،‬هو جائز ولكنه قليل‪ ،‬و ُقلنا أكثر من مرة إذا قيل أن األمر ٌ‬
‫جائز قليل فمعنى‬
‫قليال وال ُيكثر منه‪ ،‬وهذا يتبين عندما ُيكثر اإلنسان من الكالم أو‬ ‫ُ‬
‫ستعمل ً‬‫ذلك أنه ُي‬
‫الكتابة أو الخطبة أو نحو ذلك فننظر إن أكثر من استعمال هذا القليل؛ قلنا‪ :‬ال‪،‬‬
‫أنت خرجت اآلن عن طريقة العرب؛ ما يص ُلح‪ ،‬أما إذا استعمل هذا األمر ً‬
‫قليال‪،‬‬
‫قليال‪.‬‬
‫فنقول‪ :‬يجوز لك أن تستعمل ذلك ً‬
‫ٌ‬
‫باحث رسال ًة علمي ًة‬ ‫طالب أو‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫إنسان كتا ًبا‪ ،‬أو أن يكتُب‬ ‫د‬
‫مَال ةلك‪ :‬أن يكتُب‬
‫مثال‪ ،‬سوا ٌء كان‬
‫طهورا ً‬
‫ً‬ ‫طاهرا أم‬
‫ً‬ ‫مثال سوا ٌء كان‬
‫مثال؛ فيأيت هذا االستعمال عنده ً‬
‫ً‬
‫رجال أو امرأة‪،‬‬
‫رجال أو امرأةً‪ ،‬ف ُيكثر من حذف الهمزة همزة التسوية؛ سوا ٌء كان ً‬
‫ً‬
‫للمناقش أن يأخذ عليه ذلك‬
‫كبيرا؛ فإن أكثر من ذلك كان ُ‬
‫صغيرا أم ً‬
‫ً‬ ‫سوا ٌء كان‬
‫كثيرا‪.‬‬
‫تحذف الهمزة ً‬
‫ُ‬ ‫ويقول‪ :‬ال‪ ،‬أنت خرجت اآلن عن طريقة العرب‪ ،‬العرب ال‬
‫قليال‪ ،‬لكن الطريقة‬
‫ً‬ ‫لو أنك حذفتها أحيانًا قليلة لقلنا هذا جائز‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪374h‬‬
‫(@‪ )00:14:18‬الجادة المسلوكة عند العرب التي جاءت عليها اآلي ُة الكريمة‬
‫كثيرا منها الدرس الماضي‪ ،‬وكالم العرب‪ ،‬وأن همزة االستفهام‪ ،‬وهمزة‬
‫وذكرنا ً‬
‫قليال؛ فهذا معنى قول النحويين‪:‬‬ ‫ٍ‬
‫حينئذ؛ فإن ُحذفت فيجوز حذفها ً‬ ‫التسوية ن َُذكِّر‬
‫" َ ه قليال"‪.‬‬
‫ت ال م َ دة"‪" ،‬وربما ح اَ َف ا‬
‫ت ال َ ْم َ دة" هذا ما يف نسخ‬ ‫وق ل ابن مالك‪" :‬ح اَ َف ا‬
‫َدََ د‬ ‫َ ْ‬ ‫د‬
‫األلفية المخطوطة‪ " :‬دحَفت"‪ ،‬وجاء يف بعض شروح اللفية المطبوعة‪َ " ،‬و در َب َما‬
‫ونعلم أن الكافية‬ ‫لفظ الكافية الشافية؛‬ ‫دأس ا‬
‫طت ال َ ْم َ دة"‪ ،‬وقوله‪ُ " :‬أسقطت" هو ُ‬
‫ُ‬
‫وشرحها ُمحققان ومطبوعان؛ فهذا ما‬
‫ُ‬ ‫الشافية هي أصل األلفية‪ ،‬والكافية الشافية‬
‫المتصلة؛ لنتكلم بعد ذلك على النوع‬
‫يتعلق بنوع األول من نوعي (أم)‪ ،‬وهي (أم) ُ‬
‫المنقطعة‪.‬‬
‫الثاين ل(أم) وهي (أم) ُ‬
‫المن طعة‪ ،‬وهي التي قال فيها ابن مالك‬
‫‪-‬الن الَاين من ن عي (أم) هي (أم) د‬
‫ت"‪ ،‬متى تكون ُمنقطع ًة تفي بمعنى (بل)‬‫يف األلفية‪َ " :‬وباا ْن ا َطا َو اب َم ْعنَى َبق َو َف ْ‬
‫يعني بمعنى (بل) اإلضرابية؟‬
‫المتصلة قبل قليل قيدها‪ ،‬متى تكون‬
‫ت"‪( ،‬أم) ُ‬ ‫َك ام َّما دقيدَ َْ اب اه َم َل ْ‬
‫قال‪" :‬إا َّْ د‬
‫ُمتصلةً؟ قال‪ :‬إذا كانت بإثر همزة تسوية أو همزة استفهام؛ فإن لم ُتسبق هبمزة‬
‫المنقطعة‪ ،‬و(أم)‬ ‫ٍ‬
‫تسوية أو همزة استفهام؛‪-‬هذا القيد خال‪ -‬فهي حينئذ (أم) ُ‬
‫ٍ‬
‫حينئذ على اإلضراب وال تدُ ل على‬ ‫المنقطعة هي (أم) التي بمعنى (بل) فتدُ ل‬
‫عطف وتشريك؛ ف ُيمكن أن نقول فيها‪ :‬هي التي لم ُتسبق بإحدى الهمزتين‪ :‬همزة‬ ‫ٍ‬

‫االستفهام‪ ،‬وهمزة التسوية ظاهرتين أو ُمقدرتين‪ ،‬لما ُسميت منقطعة؟‬


‫ُسميت منقطع ًة لوقوعها بين ُجملتين ُمستقلتين عن بعضهما؛ ولهذا ُيقدروهنا‬
‫ب(بل) مع همزة استفهام‪ ،‬كيف ُتقدرها؟ ُتقدرها بأن تجعل مكاهنا (بل) مع همزة‬
‫استفهام‪.‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪375h‬‬
‫‪g‬‬

‫كقوله‪ :‬تنزيل (ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ‬
‫ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔﯕ‬
‫ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ) [ نس‪،]37:38‬‬
‫ٍ‬
‫شيء قبله؟ (ﮚ ﮛ ﮜ‬ ‫تأمل‪ :‬هل (أم) هنا عاطفة عطفت الفعل يقولون على‬
‫ﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨ ﮩﮪ ﮫﮬﮭ‬
‫ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ‬
‫ﯠ ﯡ ﯢ) المعنى واهلل أعلم‪" :‬بق أ ل َّ افعراه" ف(أم) ُهنا ُمنقطعة‪،‬‬
‫بمعنى (بل) وهمزة االستفهام فتدُ ل على‪ ،....‬ال تدُ ل على العطف‪ ،‬وإنما تدُ ل‬
‫على استئناف كال ٍم جديد‪ ،‬تدُ ل على استئناف كال ٍم جديد كبقية حروف اإلضراب‪.‬‬
‫دائما؛ يعني على استئناف كال ٍم جديد‪،‬‬
‫المن طعة‪ :‬تدُ ل على اإلضراب ً‬
‫‪-‬و(أم) د‬
‫دائما‪ ،‬واألغلب أهنا تدل مع ذلك على االستفهام سوا ٌء أكان‬
‫تدُ ل على اإلضراب ً‬
‫حقيق ًيا أم كام إنكار ًيا‪ ،‬وقد تدُ ل على اإلضراب وحده دون استفهام؛ هذه القاعدة‪،‬‬
‫نكررها ثم نُمثل لها ونُطبقها‪.‬‬
‫دائما‪ ،‬يعني استئناف كالم‬
‫(أم) المنقطعة ألهنا إضرابية تدُ ل على اإلضراب ً‬
‫جديد‪ ،‬طيب واألغلب فيها أن تدُ ل مع اإلضراب على استفهام؛ سوا ٌء أكان‬
‫استفها ًما حقيق ًيا أم كان استفها ًما إنكار ًيا‪ ،‬وقد تأيت قل ًيال دال ًة على اإلضراب‬
‫ٍ‬
‫إضراب واستفهام؛ فستُقدر‬ ‫المقرتن باستفهام‪ ،‬يعني إذا دلت على‬ ‫المجرد غير ُ‬ ‫ُ‬
‫إضراب فقط دون استفهام؛‬‫ٍ‬ ‫حينئذ بماذا؟ ب(بل) و(الهمزة)‪ ،‬وإذا دلت على‬ ‫ٍ‬

‫فستُقدر بماذا؟ ب(بل) فقط‪ ،‬من شواهد ذلك‪:‬‬


‫ر رواه سيب ه وغيره‪ ،‬قال أحدهُ‪" :‬إن ا ِ‬
‫إلبق أم‬ ‫‪-‬ق ل العرب ق ِل م‬
‫بق بق أهي ا ِء"‪ ،‬فبعد أن قال‪" :‬إن ا ِ‬
‫بق" كان‬ ‫ا ِء"‪ ،‬قالوا إن التقدير‪" :‬إن ا ِ‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪376h‬‬
‫ي ُظن أهنا إبل‪ُ ،‬ثم تبين له أهنا ليست ً‬
‫إبال أضرب عن الكالم السابق واستأنف كال ًما‬
‫جديدً ا فقال‪" :‬أم ا ِء"‪ ،‬يعني "بق أهي ا ِء"‪ ،‬فقدرناها ب(بل) والهمزة‪،‬‬
‫واالستفها ُم هنا استفها ٌم حقيقي‪.‬‬

‫ومن ذلك قوله‪ ‬يف سورة الطور‪( :‬ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ)‬


‫إضراب مع‬
‫ٌ‬ ‫البناَ ولُُ البن َّ"‪ ،‬فهذا‬
‫د‬ ‫[الط ر‪ ،]39:‬التقدير واهلل اعلم‪" :‬بق أله‬
‫استفهام‪ ،‬ولكن ُه استفها ٌم إنكاري‪.‬‬

‫قال‪( :‬ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙﮚ ﮛ‬
‫ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣﮤ) [الرعد‪( ،]16:‬أم) هنا ليست عاطفة‬
‫وإنما هي تستأنف كال ًما جديدً ا فهي بمعنى (بل)‪ ،‬أما األولى‪( :‬ﮐ ﮑ ﮒ‬
‫ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙﮚ)‪( ،‬أم) هنا إضرابية فقط‪ ،‬فتُقدر ب(بل)‬
‫والتقدير (بل) هل تستوي ال ُظلمات والنور دون استفهام؛ ألن االستفهام منصوص‬
‫عليه (هل) وال يجتمع استفهامان كما تعرفون‪.‬‬

‫ومن ذلك قوله تعالى‪( :‬ﮭ ﮮ ﮯ) [النمق‪ ،]84:‬أم ماذا كنتم تعملون‪:‬‬
‫يعني بل ماذا كنتم تعملون‪.‬‬

‫واآلية األخرى يف اآلية المذكورة‪( :‬ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ‬


‫ٍ‬
‫إضراب واستفهام‪ ،‬والتقدير‪( :‬بل) أجعلوا هلل شركاء‬ ‫ﮣﮤ)‪( ،‬أم) هنا تدُ ل على‬
‫خلقوا كخلقه‪.‬‬
‫ويف أواخر سورة الطور تكررت (أم) كث ًيرا‪ ،‬و(أم) يف كل سورة الطور ُمنقطعة‬
‫كثيرا‪ ،‬فقالوا‪ :‬إن (أم) يف كل سورة الطور ُمنقطعة يعني ليست ُمتصل ٌة‬
‫وقد تكررت ً‬
‫بسرعة‪:‬‬
‫عاطفة‪ ،‬نذكر هذه اآليات ُ‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪377h‬‬
‫‪g‬‬

‫قال‪( :‬ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ‬
‫ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ) [الط ر‪ ،]30-29:‬المعنى واهلل أعلم‪" :‬بق أ ل َّ‬
‫اعر"‪.‬‬

‫إلى قوله تعالى‪( :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ) [الط ر‪ ،]32:‬هذه آي ٌة‬


‫واحدة وفيها (أم) يف البداية وقبل األخير‪ ،‬أما التي يف البداية‪( :‬ﭑ ﭒ ﭓ‬
‫ﭔﭕ)‪ ،‬فإضرابية مع استفهام‪ ،‬يعني‪" :‬بق أ دٌمرهُ أحالم ُ ب َا"‪ ،‬و(أم) الثانية‪:‬‬
‫(ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ) [الط ر‪ ،]32:‬إضرابية فقط يعني‪" :‬بق هُ ق ِم اغ َّ"‪ ،‬يعني‬
‫انظر كيف يعني األسرار القرآنية؛ طب ًعا السر حتى اآلن ما تبين‪ ،‬لكن خذوا هذا يف‬
‫الذاكرة حتى ننتهي‪.‬‬

‫ثم قال‪ ‬يف اآلية التالية‪( :‬ﭛ ﭜ ﭝﭞ ﭟ ﭠ ﭡ)‬


‫[الط ر‪ ،]33:‬اآلية التالية (ﭛ ﭜ ﭝﭞ ﭟ ﭠ ﭡ) (أم) وهي أم واحدة‬
‫له بق ا ؤمن َّ" هنا صرح ب(بل)‬ ‫إضرابية استفهامية‪" :‬بق أ ل َّ‬
‫اإلضرابية‪ ،‬ف(أم) الثانية يف اآلية السابقة (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ)‪،‬‬
‫بمعنى (بل) اإلضرابية فقط دون استفهام؛ فصارت اآليتان بذلك متوازيتين‪.‬‬
‫أما (أم) التي يف أول‪ ،‬يف أوائل كل هذه اآليات فهي جاءت ب(أم) اإلضرابية‬
‫االستفهامية‪ ،‬فلما جاءت (بل) إضرابية فقط لم ُتجعل يف أول اآلية‪ ،‬وإنما ُأدخلت‬
‫يف وسط اآلية ووزيت باآلية التالية‪.‬‬

‫ثم يقول تعالى‪( :‬ﭛ ﭜ ﭝﭞ ﭟ ﭠ ﭡ)‪( ،‬ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ‬


‫ﭱ) [الط ر‪ ،]35:‬يعني‪" :‬بق أمل ا من غير يء بق أهُ الخال َّ"‬
‫أيضا إضرابية استفهامية‪( ،‬ﭳ ﭴ ﭵ ﭶﭷ ﭸ ﭹ ﭺ)‬
‫كالهما ً‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪378h‬‬
‫[الط ر‪]36:‬كذلك‪.‬‬

‫(ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈﮉ ﮊ‬
‫ﮋﮌﮍ ﮎ ﮏﮐﮑﮒﮓﮔ ﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛ‬
‫ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ‬
‫ﮮ ﮯ ﮰﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ) [الط ر‪ ،]43:‬فكلها (أم) إضرابية‪.‬‬

‫وسليمان♠ عندما تفقد الطير لم ير الهدهد‪ ،‬قال تعالى‪( :‬ﯜ ﯝ‬


‫ُ‬
‫ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ) [النمق‪ ،]20:‬لو أخذنا اآلية‬
‫امجا‪ -‬لكنه يعني‪ ،...‬قال‪( :‬ﯜ‬
‫على ظاهرها كان المعنى يعني –ما أقول س ً‬
‫ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ) [النمق‪ ،]20:‬هو اآلن حاضر أو غائب؟ بنا ًء‬
‫على كالمه يقول‪ :‬ما يرى الهدهد؛ هو ال يراه اآلن فحاضر أو غائب؟ (ﯤ ﯥ ﯦ‬
‫ﯧ)‪ ،‬كيف؟ نفس المعنى كأنه قال‪ :‬هل الهدهد غائب أم غائب؟! لو كنا‬
‫دائما ُمتصلة لتبادر لنا هذا المعنى‪ ،‬هل‬
‫المنقطعة وظننا أن (أم) ً‬
‫ال نفهم (أم) ُ‬
‫الهدهد غائب أم غائب؟‬
‫والمعنى واهلل أعلم‪" :‬ف ال‪ :‬ما لي ا أر ال دهد"‪ ،‬ثم خطر له أن الهدهد‬
‫مثال لم يره أو سرت ُه شيء أو نحو ذلك فأضرب عن‬
‫حاضرا‪ ،‬ولكنه ً‬
‫ً‬ ‫مثال‬
‫ربما يكون ً‬
‫كالمه السابق واستأنف كال ًما جديدً ا؛ فسأل فقال‪( :‬ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ)‪ ،‬أي‪:‬‬
‫يحكم‪.‬‬
‫"بل أكان من الغائبين"؛ ليتثبت قبل أن ُ‬
‫ٍ‬
‫تسوية‬ ‫المنقطعة بعد ذلك كُله (أم) المنقطعة هي التي ال ُت ُ‬
‫سبق هبمزة‬ ‫ف(أم) ُ‬
‫وال همزة استفهام‪ ،‬وهي التي بمعنى (بل) الدالة على اإلضراب واالستفهام غال ًبا‪،‬‬
‫الجمل فقط وال ُ‬
‫تدخل على‬ ‫قليال‪ ،‬وهي ُ‬
‫تدخل على ُ‬ ‫واإلضراب فقط دون استفهام ً‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪379h‬‬
‫‪g‬‬
‫المفردات؛ وهذا األمر لو ما ذكرناه كان معلو ًما؛ ألننا نقول‪ :‬إهنا إضرابية‪ ،‬ما معنى‬
‫ُ‬
‫تستأنف كال ًما جديدً ا يعني ُجملة جديدة‪ ،‬الكالم ال ُيطلق إال على‬
‫ُ‬ ‫إضرابية؟ أي‬
‫ينص‬ ‫ٍ‬
‫فالجملة حينئذ إما اسمية وإما فعلية‪ ،‬وال يكون مفر ًدا‪ ،‬ومع ذلك ُ‬ ‫الجمل؛ ُ‬ ‫ُ‬
‫عليه‪.‬‬
‫فلهذا لو وقع بعدها ما ظاهر ُه أنه ُمفرد؛ لوجب أن نُقدر مع ُه ما يجعل ُه ُجملة‪،‬‬
‫إلبل أم شا ٌء"‪ ،‬نُقدر‪" :‬إهنا ٌ‬
‫إلبل بل أهي شا ٌء"‪" ،‬هي شا ٌء"‪،‬‬ ‫كقول العرب‪" :‬إنا ُ‬
‫صارت اسمية مبتدأ وخرب‪.‬‬
‫أيضا إلى أن (أم) قد تأيت ُمحتمل ًة االتصال واالنقطاع‪ ،‬تحتمل أن تكون‬
‫ننبه ً‬
‫ُمتصلة‪ ،‬وتحتمل أن تكون منقطعة‪ ،‬كقوله‪( :‬ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ‬
‫ﮎ ﮏ ﮐ ﮑﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ) [الب رة‪.]80:‬‬
‫‪-‬يمكن أن نجعل (أم) هذه ُمتصلة ألهنا مسبوقة هبمزة استفهام‪ ،‬والكالم‬
‫الجملة الثانية‪" :‬تقولون على اهلل ما ال‬
‫يحتمل المعنى يعني يحتمل العطف‪ ،‬نعطف ُ‬
‫تعلمون" على "اتخذتم عند اهلل عهدً ا"‪ ،‬هل اتخذتم عهدً ا أم تقولون على اهلل ما ال‬
‫تعلمون؛ فهذا ُمحتمل‪.‬‬
‫‪-‬و حعمق أَّ ُ َّ دمن طعة بمعنى اإل راب فيُ َّ المعنى حينسَ‪" :‬قل‬
‫أتخذتم عند اهلل عهدً ا فلن ُيخلف اهلل عهده بل أتقولون على اهلل ما ال تعلمون"‪.‬‬
‫المنقطعة‬
‫المنقطعة هذه بعد ما شرحناها وفهمناها اآلن؛ (أم) ُ‬
‫من شرح (أم) ُ‬
‫هل هي من حروف العطف؟ ال‪ ،‬من حروف اإلضراب ليست من حروف العطف‪،‬‬
‫طيب لماذا ذكرناها وشرحناها يف باب عطف النسق؟ للتفريق بينها وبين (أم)‬
‫المتصلة هي التي من حروف العطف‪ ،‬كأن تقول‪" :‬أه دِ قام أم‬
‫المتصلة‪( ،‬أم) ُ‬
‫ُ‬
‫المتصلة عطفت عمرو على زيد‪ ،‬ثم وجب عند ذلك أن يذكروا‬
‫عمرو" هذه (أم) ُ‬
‫ِ‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪380h‬‬
‫دائما يف هذا الباب فيذكرون (أم)‬
‫المنقطعة (@‪ )00:32:29‬على النحويين ً‬
‫(أم) ُ‬
‫بينهما؛ فهذا ما يتعلق بحرف العطف (أم)‪.‬‬
‫المنقطعة للتفريق ُ‬
‫الحرف التالي الذي ذكره ابن مالك‪ ‬هو (أو) فقال فيه‪:‬‬
‫اب با َ للا َأ ْ َالل ن ادمللي‬
‫دك َوإا ْ َللر ِ‬‫َوا ْ لُ ْ‬ ‫للللُ بللللاو َو َأ ْب ا لللل اُ‬
‫للللح َقس ْ‬ ‫للللر َأبا ْ‬
‫َمي ْ‬
‫لللق لا َلللل ْبس َمنْ َف َ‬
‫لللَا‬ ‫ا‬
‫للللف دةو الن ْط ا‬ ‫َل ْ‬
‫لللُ د‬
‫ا‬
‫لللللللت اللللللللل َ َاو إا َةا‬ ‫َو در َّب َمللللللللا َعا َق َبل‬
‫فَ ر أَّ لحرف العطف (أو) سبعة معاين‪:‬‬
‫‪-‬ا ول‪ :‬التخيير‪ ،‬قال‪َ " :‬مي ْر"‪.‬‬
‫‪-‬والَاين‪ :‬اإلباحة‪ ،‬قال‪َ " :‬أبا ْح"‪.‬‬
‫‪-‬والَالث‪ :‬التقسيم‪ ،‬قال‪َ " :‬قس ُْ"‪.‬‬
‫‪-‬والرابع‪ :‬اإلهبام‪ ،‬قال‪َ ":‬و َأ ْب ا اُ"‪.‬‬
‫‪-‬الخامس‪ :‬الشك‪ ،‬قال‪َ " :‬وا ْ ُ ْ‬
‫دك"‪.‬‬
‫اب با َ ا َأ ْ َا ن ادمي"‪.‬‬
‫‪-‬السادْ‪ :‬اإلضراب‪ ،‬قال‪َ " :‬وإا ْ َر ِ‬
‫‪-‬والسابع‪ :‬بمعنى الواو‪ ،‬أي لمجرد التشريك‪ ،‬قال‪" :‬وربما عا َقب ا‬
‫ت ال َ َاو"‪.‬‬ ‫َ د َّ َ َ َ‬ ‫ُ‬
‫ٍ‬
‫معان؛ يف بعضها خالف سنُشير إليه‪ ،‬الذي ُيهمنا اآلن قبل أن نبدأ‬ ‫فهذه سبع ُة‬
‫بشرح هذه المعاين أن نقول‪ :‬إن المعنيين األولين وهما التخيير واإلباحة ال يكونان‬
‫كلمة تدُ ل على طلب‪ ،‬كاألمر والنهي‪ ،‬واالستفهام‬ ‫ٍ‬ ‫إال بعد الطلب‪ ،‬يعني بعد‬
‫أيضا معنيان‪ ،‬وأن الشك واإلهبام‬
‫والعرض والتحضير‪ ،‬وأن الشك واإلهبام هذان ً‬
‫الناجح ه دِ " وهكذا‪ ،‬وباقي المعاين‬
‫د‬ ‫ال يكونان إال بعد الخرب‪" ،‬قام دمحمد"‪" ،‬‬
‫معنى معنى‪.‬‬
‫فنتكلم على هذه المعاين ً‬
‫ُ‬ ‫تأيت بعد الطلب وبعد الخرب‬
‫‪ ‬المعنى ا ول قلنا‪ :‬هو التخيير‪ ،‬وقلنا‪ :‬إن التخيير ال يأيت إال بعد الطلب‪،‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪381h‬‬
‫‪g‬‬
‫الجمع بين ما بعد (أو) وما قبلها فهذا هو التخيير‪ ،‬إذا وقعت (أو) بعد‬
‫ُ‬ ‫وال ُيمكن‬
‫ٍ‬
‫حينئذ التخيير‪،‬‬ ‫طلب ولم ُيمكن أن تجمع بين ما بعدها وما قبلها قيل إن معناها‬
‫يعني اخرت أحدهما‪.‬‬
‫ُ‬
‫مثال ذلك أن تقول‪ " :‬وج هندا أو أمع ا"‪ ،‬يعني ال تستطيع أن تفعل‬
‫الشيئين‪ ،‬ولكن اخرت أحدهما إما أن تتزوج هندً ا أو تتزوج أحدهما طب ًعا إذا أردت‬
‫أن تفعل‪ ،‬وإذا أردت أنت أن ال تفعل شي ًئا من ذلك ف ُيمكن‪ ،‬لكن إذا أردت أن‬
‫تفعل فليس لك إال أن تفعل واحدً ا منهما‪ ،‬كأن تقول‪" :‬آمن أو أ فر"‪َّ " ،‬‬
‫أبق أو‬
‫سافر"‪( ،‬أو) هذه للتخيير‪.‬‬
‫أيضا هذا المعنى ال يكون إال بعد‬
‫‪ ‬المعنى الَاين‪ :‬هو معنى اإلباحة‪ ،‬وقلنا‪ً :‬‬
‫طلب‪ ،‬ولكن ُيمكن أن تجمع بين ما بعد (أو) وما قبلها؛ إذا جاءت (أو) بعد طلب‪،‬‬
‫لكن ُيمكن أن تفعل ما قبلها فقط‪ ،‬و ُيمكن أن تعمل ما بعدها فقط‪ ،‬و ُيمكن أن‬
‫تعمل الذي قبلها والذي بعدها تجمع بينهما؛ هذه إباحة‪.‬‬
‫كقولك‪" :‬جالس العلماء أو الصالحين"‪ " ،‬علُ النح أو الف ه"‪ " ،‬دق‬
‫فاحة أو بر الة"؛ هنا تخيير أم إباحة؟ إباحة‪ ،‬أفهمنا الفرق اآلن بين التخيير وبين‬
‫اإلباحة؟‬

‫قال تعالى‪( :‬ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ) [البلد‪ ،]12:‬ما العقبة؟‬


‫(ﮬ ﮭ) [البلد‪( ،]13:‬ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ) هي (ﮬ ﮭ) ثم ُحذف المبتدأ‬
‫(ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ) [البلد‪ ]14-13:‬يعني أن ت ُفك رقبة أو‬
‫ُتطعم‪( ،‬ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ) هذه إباحة أو تخيير؟ (ﮣ ﮤ‬
‫ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ) يعني كيف تتجاوز هذه العقبة؟ كيف تتجاوز الدُ نيا‬
‫تتجاوزها؟ طب ًعا الجواب‪:‬‬
‫ُ‬ ‫بأمان وتصل إلى اآلخرة بأمان؛ هذه العقبة كيف‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪382h‬‬
‫(‪ )@00:37:57‬بعمل الصالحات؛ فهو يذكر بعض هذه األعمال الصالحة من‬
‫أعظم األعمال الصالحة قال‪( :‬ﮬ ﮭ)‪ ،‬يعني أن ت ُفك رقبة‪ ،‬فك الرقبة مما‬
‫يجع ُلك تتجاوز هذه العقبة‪.‬‬

‫أو ُتطعم‪ ،‬تطعم فقير أو مسكين أو نحو ذلك‪( ،‬ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ‬


‫ﯕ) تخيير أو إباحة؟ إباحة ُيمكن أن ت ُفك رقبة فقط‪ ،‬يمكن أن ُتطعم‪ ،‬و ُيمكن‬
‫أن تفعلهما‪.‬‬

‫(ﮯ ﮰ)‪ ،‬من ُتطعم؟ (ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ‬


‫ﯜ ﯝ ﯞ) [البلد‪( ،]16:‬أو) هنا ً‬
‫أيضا إباحة أو تخيير؟ إباحة‪ُ ،‬يكن أن ُتطعم‬
‫هذا أو ُتطعم هذا‪ ،‬أو ُتطعمهما‪ ،‬هذه إباحة؛ سيأيت مثال ُمشابه ال أريد أن أقدمه –‬
‫بما أنكم متحمسون لذلك‪.-‬‬

‫قال‪( :‬ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ‬
‫أذى فل ُه أن‬
‫مريضا أو به ً‬
‫ً‬ ‫ﯵﯶ) [الب رة‪ ،]196:‬ما معنى اآلية البد أن نفهم؟ من كان‬
‫ٍ‬
‫حينئذ التي ُيقدمها الرتكاب هذا‬ ‫يرتكب هذا المحذور وأن يفتدي‪ ،‬ما الفدية‬
‫المحذور؟ فدية‪ :‬من صيام يصوم‪ ،‬أو صدقة يتصدق‪ ،‬أو نُسك يذبح‪( ،‬أو) هنا‬
‫إباحة أم تخيير؟ تخيير‪ ،‬وليست إباحة؛ هذا باتفاق‪.‬‬
‫الب‪.)00:40:00@( :‬‬
‫ال يخ‪ :‬م ا يصير كيف إباحة أو تخيير؟! يا إباحة يا تخيير ما يصير‪ ،‬يعني ما‬
‫ُيتصور اجتماع الشيئين‪ ،‬يا إنك ُتجيز له الثالثة أو ُتجيز أن يفعل واحدً ا منها‪،‬‬
‫بعضهم‪ :‬إهنا لإلباحة‪ ،‬ولكن الصحيح أهنا‬‫والصحيح أهنا تخيير‪ ،‬هذه للتخيير‪ ،‬قال ُ‬
‫ٍ‬
‫حينئذ أال ُيمكن أن نعمل هذه الثالثة؟‬ ‫للتخيير‪ ،‬السبب يف ذلك يعني قد ُيرد فيقال‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪383h‬‬
‫‪g‬‬
‫ما ُيمكن أن أصوم وأن أتصدق‪ ،‬وأن أنسك‪ :‬أذبح؟ ُيمكن أن تجمع بينها أو ما‬
‫ُيمكن؟‬
‫ُ‬
‫حيث العمل ُيمكن أن تجمع‪ ،‬لكن‬ ‫ُيمكن أن تجمع من حيث العمل‪ ،‬من‬
‫الفدية تقع بماذا؟ األول؛ فالثاين والثالث ال يدخل يف الفدية؛ إ ًذا فلم يجتمعا يف‬
‫الفدية‪ ،‬والكالم هنا على الفدية‪ ،‬يعني لو ُقلت لكم ً‬
‫مثال‪ " :‬ا دمحمد‪ ،‬دصُ‪ ،‬أو‬
‫أنصحك‪ " :‬ا دمحمد‪ ،‬دصُ‪ ،‬أو صدق‪ ،‬أو أنسك"؛ هذه اآلن‬
‫ُ‬ ‫صدق‪ ،‬أو أنسك"‪،‬‬
‫(أو) للتخيير أو لإلباحة؟ هذه لإلباحة‪ ،‬نعم‪ ،‬فالبد من معرفة المعنى لمعرفة معنى‬
‫(أو)‪.‬‬
‫‪-‬ارفع ص ك‪-‬‬
‫الب‪)00:41:40@( :‬‬
‫ناصحا‪ " :‬ا أمي الُر ُ‪ ،‬صدق أو‬ ‫ً‬ ‫ال يخ‪ :‬بين هذه المثالين إذا ُقلت لك‬
‫أنسك‪ ،‬أو صق‪ ،‬أو صدق"؛ اآلن ُأبيح لك أن تفعل هذه األشياء كُلها و ُيمكن أن‬ ‫د‬
‫أخيرك بين أن تفعل واحدً ا فقط منها‪ ،‬أنا ُأبيح لك أن تفعل األشياء؛‬
‫تفعلها كُلها‪ ،‬أو ُ‬
‫محذورا ماذا يفعل؟‬
‫ً‬ ‫هذه إباحة‪ ،‬لكن لو قلت لك كما يف اآلية‪ :‬الذي يرتكب‬
‫يصوم‪ ،‬أو يتصدق‪ ،‬أو يذبح؛ الفدية تقع بماذا؟ تقع هبا أو بواحد؟ تقع بواحد‪ ،‬إذا‬
‫ُصمت وقعت الفدية‪ ،‬بعد ذلك لو تصدقت أو ذبحت؟ خالص ما تقع الفدية‬
‫وقعت وانتهت‪ ،‬ما ُيمكن أن تشرتك يف الثالثة‪.‬‬
‫كثير جدًّ ا‬
‫‪ ‬المعنى الَالث ل(أو)‪ :‬هو معنى التقسيم‪ ،‬و ُيقال له التنويع‪ ،‬وهذا ٌ‬
‫يف (أو) التقسيم أو التنويع‪.‬‬
‫مثال‪.‬‬
‫حرف" ً‬
‫ِ‬ ‫اسُ‪ ،‬أو ِ‬
‫فعق‪ ،‬أو‬ ‫‪ ‬كقول النحويين‪ ،‬كقولهم‪" :‬الُلمة‪ِ :‬‬
‫اهر أو نَس"‪.‬‬
‫ِ‬ ‫‪ ‬وكقول الفقهاء‪" :‬الماء‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪384h‬‬
‫ِر أو نَس"‪.‬‬ ‫اهر أو‬
‫ِ‬ ‫‪ ‬وكقول بعضهم‪" :‬الماء‬
‫مؤمن أو افر"‪.‬‬
‫ِ‬ ‫‪ ‬كقولك‪" :‬الناْ‪:‬‬

‫‪ ‬قال‪( :‬ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨﭩ) [النساء‪،]135:‬‬


‫أو هنا ليست لإلباحة وليست للتخيير‪ ،‬وطب ًعا هنا فيه إخبار‪( :‬ﭡ ﭢ ﭣ)‪،‬‬
‫يعني ما ُيمكن أن تكون لإلباحة وال للتخيير‪ ،‬ف(أو) هنا للتنويع‪ ،‬كان كذا أو كان‬
‫كذا‪.‬‬

‫‪ ‬وقال تعالى‪( :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖﭗ) [الب رة‪،]135:‬‬


‫واضحة‪ ،‬افهموا اآلية‪ ،‬وقد تختلفون يف تحديد معنى (أو)؛ هذه اآلية اختُلف يف‬
‫أيضا اختلف المفسرون يف‬
‫تحديد معنى (أو)‪ ،‬وبعض اآليات التي سأذكُرها ً‬
‫تحديد معنى (أو) فيها‪ ،‬فال إشكال عندما نختلف نحن‪.‬‬

‫(ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖﭗ) (أو) هنا ما معناها؟ للتخيير‪ ،‬يعني‬


‫د ا أو نصرانيا عد "‪ ،‬يصلح؟ أو لو قالها‬ ‫ُيخيرون اليهود يقول‪َّ " :‬‬
‫المتكلم أن يكون يهود ًيا أو نصران ًيا؟ ما تصير تخيير‪ ،‬األظهر‬
‫مثال‪ ،‬أو ُيخير ُ‬
‫نصراين ً‬
‫خاصا ُيسميه التفصيل؛ ُيفرق بين التفصيل‬
‫وبعضهم ُيعطيها نو ًعا ً‬
‫ُ‬ ‫فيها أهنا تقسيم‪،‬‬
‫أصال؛ يذكُرها‬
‫والتنويع‪ ،‬لكن هذه أمور دقيقة ما‪ ،..‬يعني ال داعي للدخول فيها ً‬
‫بعض ال ُمتأخرين‪ ،‬أما المتقدمون ال ُيفصلون هذا التفصيل‪.‬‬

‫‪ ‬قال‪( :‬ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ)‬


‫[ نس‪ ،]12:‬أو هنا للتنويع‪ ،‬والتقسيم‪.‬‬
‫دء مصباو‪ ،‬أو قمر"‪( ،‬أو) هنا بمعنى التنويع‬ ‫‪ ‬تقول‪ ٌَّ " :‬وجه ه د‬
‫المتأخرين‬
‫والتقسيم‪ ،‬يعني هذا أو هذا‪ ،‬نحن ال نُفرق‪ ،‬نح ُن ال نُفرق؛ وإن بعض ُ‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪385h‬‬
‫‪g‬‬
‫ُيفرقون‪.‬‬
‫آمرا‪" :‬انعظر ده ساعة أو‬ ‫‪ ‬فإذا ُقلت‪" :‬انعظر ده ساعة أو ساععين"‪ُ ،‬‬
‫قلت لك ً‬
‫ساععين"‪ ،‬هذا تخيير أو تنويع؟ قد ُيقال تخيير وقد ُيقال تنويع‪ ،‬لكن لعل األقرب‬
‫أمرا حقيق ًيا‪ ،‬إذا كان‬
‫تخييرا إذا كان ً‬
‫ً‬ ‫أن يكون تنوي ًعا‪ ،‬تنوع له هذا األمر‪ ،‬وقد يكون‬
‫أمرا حقيق ًيا انتظر انتظر ُه ساعة أو ساعتين؛ هذا تخيير‪ ،‬لكن إذا ُقلت أو كما يقول ُه‬
‫ً‬
‫مثال ُقرابة ذلك أو قرابة أو‬
‫الناس اآلن يعني انتظر ُه ساعة أو ساعتين‪ ،‬فلو انتظرت ُه ً‬
‫المراد فقط يعني أن تنوع األمر؛ هذا‬
‫صريحا‪ُ ،‬‬
‫ً‬ ‫أمرا‬
‫زدت أو نقصت يعني ليس ً‬
‫تنويع‪.‬‬
‫أيضا تنويع وليس‬
‫‪ ‬أو قلت‪ ،‬أنت قلت‪" :‬سٌنعظر ده ساعة أو ساععين"‪ ،‬هذا ً‬
‫تخييرا فيما يظهر‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ ‬المعنى الرابع ال ك‪ :‬ويقال له‪ :‬الرتدد‪ ،‬الشك‪ ،‬وعرفنا من قبل أن الشك ال‬
‫المتكلم؛ ألنه سيأيت بعد قليل اإلهبام‪ ،‬الشك‬ ‫ُ‬
‫الشك من ُ‬ ‫ُ‬
‫ويكون‬ ‫يكون إال بعد خرب‪،‬‬
‫المتكلم نفس ُه ٌ‬
‫شاك ومرتدد‪.‬‬ ‫المتكلم؛ ُ‬
‫يكون من ُ‬
‫عمرو"‪ ،‬إذا سألتك من قام؟ تقول‪" :‬قام ه دِ أو‬
‫ِ‬ ‫‪ ‬كأن تقول‪" :‬قام ه دِ أو‬
‫عمرو"؛ هذا شك وتردد‪.‬‬
‫ل‪ :‬انعظر ده ساعة أو ساععين"‪ٌ ،‬‬
‫شك أو‬ ‫‪ ‬وإذا ُقلت لك‪ ُ " :‬انعظر ده‬
‫تردد‪.‬‬
‫سٌةهب إلى مُة‪-‬إن شاء اهلل‪ -‬وسٌب ى في ا‬
‫د‬ ‫‪ ‬وكذلك لو ُقلت لزمالئك‪" :‬‬
‫ما أو مين"‪.‬‬

‫‪ ‬ومن ذلك قالوا‪ :‬قوله‪ ‬عن أهل الكهف‪( :‬ﮫ ﮬ ﮭ‬


‫ﮮ ﮯﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗﯘ) [الُ ف‪ ،]19:‬فهذا من الشك والرتدد‪.‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪386h‬‬
‫‪ ‬المعنى الخامس ل(أو)‪ :‬هو اإلهبام‪ ،‬وقلنا من قبل‪ :‬إنه ال يكون إال بعد‬
‫عالما بحقيقة األمر‪ ،‬والجهل من‬
‫ً‬ ‫تكلم‬
‫الم ُ‬‫خرب‪ ،‬واإلهبام ال يكون إال إذا كان ُ‬
‫المخاطب السامع هو‬
‫المتكلم يعلم حقيقة األمر‪ ،‬ولكن ُ‬
‫المخاطب‪ُ ،‬‬ ‫السامع‪ :‬من ُ‬
‫المتكلم أن ُيبهم عليه‪.‬‬
‫الذي يجهل؛ ف ُيريد ُ‬
‫مثال‪" :‬من ا ول مَال يف اامعبار؟" يقول‪" :‬ا ول ه دِ‬
‫‪ ‬كأن تسأل األستاذ ً‬
‫عمرو"‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫عمرو"‪ ،‬وهو يعرف‪ ،‬لكن ُيريدُ أن ُيبهم‪" ،‬األول زيدٌ أو‬
‫ِ‬ ‫أو‬
‫‪ ‬يأيت إليك أحد فيسأل‪" :‬ما الباب المفع و من أب اب المسَد"‪ ،‬أنت‬
‫ٍ‬
‫لغرض من األغراض أنت‬ ‫تعرف الباب؛ فتقول له‪" :‬الباب ا ول أو الخامس"‪،‬‬ ‫ُ‬
‫ٍ‬
‫لقصد ما‪ ،‬أو ألي‬ ‫مثال أن تتُعب ُه‪ ،‬أو ُتريد أن تؤخره‬
‫تعرف وهو ال يعرف؛ إما تريد ً‬
‫ٍ‬
‫غرض من األغراض؛ فهذا ُيسمونه إهبا ًما‪.‬‬

‫‪ ‬قال‪ :‬ومنه قول ُه‪( :‬ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ‬


‫للمعاندين‪( :‬ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ‬
‫ﭾ) [سبٌ‪ ،]24:‬نعم هذا يقولها الرسول ُ‬
‫ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ)‪ ،‬ف(أو) هنا ال ُيمكن أن تؤخذ على معنى الشك؛ ألن‬
‫هذا يؤدي إلى ال ُكفر‪ ،‬وال ُيمكن أن ُتحمل (أو) هنا على معنى التخيير أو اإلباحة‪،‬‬
‫التنزل‬
‫وإنما المعنى هنا على معنى اإلهبام يعني هو يعرف الجواب‪ ،‬ولكن من باب ُ‬
‫مع الخصم يقول له مثل ذلك‪.‬‬
‫‪ ‬كأن تقول نحن سنتناقش الحق معي أو معك‪ ،‬وأنت تؤمن أن الحق معك‬
‫أسلوب صحيح فصيح ال إشكال فيه‪ ،‬و(أو) هنا تسمى‬
‫ٌ‬ ‫مثال‪ ،‬فمثل هذا األسلوب‬
‫ً‬
‫اإلهبامية‪.‬‬
‫‪ ‬المعنى السادْ ل(أو)‪ :‬هو معنى اإلضراب‪ ،‬واإلضراب عرفناه‪ :‬أي أن‬
‫الجملة أو‬ ‫ٍ‬
‫وتستأنف كال ًما جديدً ا؛ فحينئذ يقع بعدها ُ‬
‫ُ‬ ‫تكون (أو) بمعنى (بل)‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪387h‬‬
‫‪g‬‬
‫ٍ‬
‫وحينئذ تكون من حروف العطف أم ال‬ ‫الجملة اسمية أو فعلية؛‬
‫المفرد؟ يقع بعدها ُ‬
‫ُ‬
‫تكون من حروف العطف؟ ال تكون من حروف العطف؛ وإنما تكون من حروف‬
‫اإلضراب ك(بل) وما بعدها يكون كال ًما ُمستأن ًفا يعني تكون جمل ًة ُمستأنف ًة‬
‫جديدةً‪.‬‬
‫سع دوَّ على ةلك على مَيء (أو) لإل راب بمعنى بق) ب ل جر ر وه‬
‫دخا ب الخليفة‪:‬‬
‫لللللُ أحللللن عللللد ُ إا بعللللداد‬ ‫ماةا لر يف عيلال قلد برملت ب لُ‬
‫لللل ا رجلللاؤَ قلللد قعللللت أواد‬ ‫لللللان ا ملللللانين أو هادوا مانيلللللة‬
‫هذا رجاء الشاعر وهو ُيبالغ يف ذلك‪ ،‬والشاهد يف قوله‪ " :‬ان ا مانين أو‬
‫ويستأنف‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫تتحمل شي ًئا من المعاين السابقة بل هي بمعنى (بل)‬ ‫هادوا مانية" أو ال‬
‫خالف الذي قبله‪ ،‬ال يعطف ُه على الذي قبله‪ ،‬يقول‪":‬‬
‫ُ‬ ‫كما جديدً ا ُي‬
‫كال ًما جديدً ا ُح ً‬
‫ان ا مانين بق هادوا مانية"‪ ،‬فهي إضرابية بمعنى (بل)‪.‬‬
‫[المحتسب] هو كتاب ألف ُه ابن‬
‫[المحتسب]‪ ،‬وكتاب ُ‬
‫وبعضهم كابن جني يف ُ‬
‫ُ‬
‫جني لتخريج القراءات الشاذة يعني احتسب يف وضع هذا الكتاب لتخريج قراءات‬
‫غاية يف الشذوذ‪.‬‬

‫‪ ‬من ذلك قوله‪( :‬ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮﮯ ﮰ ﮱ ﯓ‬


‫ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ)‬
‫[الب رة‪ ،]100-99:‬هذه قراءة الجمهور‪ ،‬بفتح (الواو) من (أو)‪( :‬ﯗ) هذا‬
‫أسلوب‪( ،‬أو) هنا هي (الواو) العاطفة‪ ،‬والهمزة التي قبلها هي همز ُة االستفهام‪،‬‬
‫ُ‬
‫وأصل الكالم‪" :‬أ لما عاهدوا ع دا نبَ ده فر ِق من ُ"‪" ،‬أ لما" ُجملة مبدوءة‬
‫باستفهام‪" ،‬أ لما"‪ ،‬ثم دخلت عليها (واو) العطف فكان قياس (واو) العطف‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪388h‬‬
‫ٍ‬
‫حينئذ أن تكون أين؟‬
‫يف أول الجملة يعني قبل الهمزة أو بعد الهمزة؟ أن تكون قبل الهمزة‪ ،‬يعني‪:‬‬
‫"وأ لما عاهدوا ع دا نبَ ده فر ِق من ُ؟!" لكن األسلوب العربي يف مثل ذلك إذا‬
‫جاءت (الواو) العاطفة على ما قبلها وبعدها همزة أن تتقدم الهمز ُة عليها لقوة‬
‫تصدُ رها‪ ،‬لقوة تصدرها فهي أم أدوات االستفهام؛ فتتقدم الهمزة " َأ َو د َّل َما"‪ ،‬إ ًذا‬
‫هذا المعنى كثير يف القرآن‪َ " ،‬أ َو د َّل َما" يعني أكلما‪ ،‬و(الواو) للعطف‪.‬‬
‫ٍ‬
‫قراءة شاذة ألبي السمان‪( :‬ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜﯝ)‬ ‫‪ ‬يف‬
‫[الب رة‪( ]100:‬ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ) [الب رة‪( ،]99:‬ﯗ ﯘ‬
‫ﯙ ﯚ ﯛ ﯜﯝ)‪ُ ،‬‬
‫فخرج (أو) هنا على معنى اإلضراب‪ ،‬على معنى (بل)‪،‬‬
‫والمعنى واهلل أعلم على هذا التقدير‪" :‬ما ُ دفر ب ا نا إا الفاس َّ بق ن ا ا ع د‬
‫اهلل مراَ َيرة"‪.‬‬

‫‪ ‬وقول ابن مالك عندما ذكر هذا المعنى اإلضراب‪ ،‬قال‪َ " :‬وإا ْ َر ِ‬
‫اب با َ ا‬
‫َأ ْ َا ن ادمي"‪ ،‬جعلها ُجملة ُمستقلة ولم يعطفها على ما سبق؛ الذي سبق ُمتعاطف‪،‬‬
‫دك"‪ ،‬عطفها على بعض؛ فعندما وصل إلى‬ ‫قال‪َ " :‬مي ْر َأ اب ْح َقس ُْ بٌو َو َأ ْب ا اُ َوأ ْ ُ ْ‬
‫اب با َ ا َأ ْ َا ن ادمي"‪ ،‬فاستأنف كال ًما جديدً ا؛ ألن هذا‬ ‫اإلضراب قال‪َ " :‬وإا ْ َر ِ‬
‫المعنى فيه خالف‪ ،‬فأثبت هذا المعنى اإلضراب ل(أو) الكوفيون‪ ،‬والفارسي‪،‬‬
‫وابن جني يف مثل ما ذكرنا من قبل‪.‬‬
‫‪ ‬وروى الفراء عن بعض العرب أنه قال‪" :‬اةهب إلى ه د أو د هَا فال‬
‫برو الي م"؛ إذا كانت مكتوبة أو قرأهتا متواصلة ما يتبين المعنى‪" ،‬اةهب إلى ه د‬
‫المتكلم ُيبين المعنى بنربات صوته‪" ،‬اةهب إلى‬
‫أو د هَا فال برو الي م" لكن ُ‬
‫ه د‪...،‬أو د هَا فال برو الي م"‪ ،‬قال‪" :‬اةهب إلى ه د‪ ،‬أو‪...‬د هَا فال برو‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪389h‬‬
‫‪g‬‬
‫الي م"‪ ،‬قال‪" :‬اةهب إلى ه د"‪ ،‬ثم أضرب عن ذلك‪ ،‬فقال‪" :‬أو أ رَ هَا فال‬
‫برو الي م"‪ ،‬ف(أو) هنا بمعنى "بق ا رَ هَا فال برو الي م"‪ ،‬وهذا االستعمال‬
‫ُ‬
‫نستعمل (أو) إضرابي ًة بمعنى (بل)‪.‬‬ ‫كثير جدًّ ا عندنا اآلن يف االستعمال‪،‬‬
‫ٌ‬
‫سافر الي م أو دم يُ"‪ ،‬ظهرت (أو) أهنا إضرابية بمعنى‬
‫مثال‪" :‬أنا دم ِ‬
‫‪ ‬تقول ً‬
‫سافر الي م أم دم يُ"‪ ،‬هذا المكتوب‪ ،‬لكن كيف نقولها يف‬
‫(بل)؟ ما ظهرت‪" ،‬أنا دم ِ‬
‫سافر الي م‪...‬أو م يُ م يُ"‪ ،‬فتبين اإلضراب‪ ،‬إهنا النربة‪ ،‬نعم‬
‫النطق؟ تقول‪" :‬أنا دم ِ‬
‫كثيرا‪ ،‬دراسة الصوت‪،‬‬ ‫النربة ُمهمة جدً ا‪ ،‬ابن جني وفقهاء العربية يهتمون بذلك ً‬
‫الصوت ال شك أنه يؤثر يف المعنى‪ ،‬لكن عند الكتابة ما تستطيع أن ُتبين كل ذلك‪.‬‬
‫‪ ‬فإذا ُقلت‪ " :‬د‬
‫سٌسافر الي م"‪ ،‬وأقول‪" :‬أنا الي م دمسافر أو‪...‬أو م يُ م يُ"‬
‫يعني أضربت عن الكالم السابق و ُقلت‪" :‬بق دم يُ م يُ"‪.‬‬
‫مثال لزميلك‪" :‬أفعق َا‪..‬أو أق ل لك‪ :‬أجلس"‪ ،‬فيكون إضرا ًبا‬
‫‪ ‬وتقول ً‬
‫على ذلك‪ُ ،‬قلنا الكوفيون وبعض البصريون أثبتوا هذا المعنى ل(أو) ُمطل ًقا‪ ،‬أن‬
‫(أو) تأيت إضرابي ًة بمعنى (بل) ُمطل ًقا يعني يف كل األساليب إذا دل المعنى على‬
‫ذلك‪.‬‬
‫سيب ه‪ ‬ة ر هَا المعنى معنى اإل راب ل(أو) ولُن ده قيد ده ب ر ين‪:‬‬
‫‪-‬أَّ دسبق بنفي أو ن ي‪.‬‬
‫‪-‬وأَّ د عاد العامق‪.‬‬
‫أن ُتسبق ٍ‬
‫بنفي أو ٍ‬
‫هني يعني ليس يف كل أسلوب؛ ال‪ ،‬يف هذين األسلوبين‪ :‬أن‬
‫ُتسبق (أو) ٍ‬
‫بنهي أو ٍ‬
‫نفي‪ ،‬وأن ُيعاد العامل‪ ،‬يعني أن ُيعاد العامل بعد (أو)‪.‬‬
‫‪-‬مثال ذلك أن تقول‪" :‬ا َهب الي م‪ ،‬أو ا َهب غدا"‪ ،‬ف(أو) هنا يقول‬
‫بنفي أو ٍ‬
‫هني‬ ‫إضرابية‪ ،‬عنده يكون معناها إضرابية ما تكون شي ًئا آخر‪ ،‬إذا ُسبقت ٍ‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪390h‬‬
‫ٍ‬
‫حينئذ إضرابية‪.‬‬ ‫وكُرر العامل ف(أو)‬
‫ذهبت أمس"‪ ،‬فهي إضرابية يعني (بل) ما‬
‫ُ‬ ‫ذهبت اليوم‪ ،‬أو ما‬
‫ُ‬ ‫أو أن تقول‪" :‬ما‬
‫ذهبت أمس‪.‬‬
‫ُ‬

‫ومن ذلك قوله‪ ‬انتبهوا لآلية‪( :‬ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ)‬


‫[اإلنساَّ‪( ،]24:‬أو) هنا (ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ) (أو) هنا تخييرية إباحية‪،‬‬
‫تنويعية‪ ،‬تقسيمية‪ ،‬نعم يف ذلك‪ ،‬وليست إضرابية بمعنى (بل) مع أهنا مسبوقة بنهي‪.‬‬

‫(ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ) لم ُيكرر العامل‪ ،‬لو كُرر العامل‪...‬لو أنت يف‬


‫كالمك‪" :‬ا دطع من ُ آ ما‪ ،‬أو ا دطع من ُ ف را"؛ ما كانت تنويعية بل كانت‬
‫إضرابية‪ ،‬أضربت عن الكالم السابق وبدأت بكال ٍم جديد‪" :‬ا دطع من ُ آ ما‪ ،‬أو‬
‫ا دطع من ُ ف را"‪.‬‬
‫فلهذا قال سيبويه عن هذه اآلية‪" :‬ولو قيل‪" :‬ا دطع من ُ آ ما أو ا دطع من ُ‬
‫ف را"؛ انقلب المعنى‪ ،‬يعني انقلب من العطف من التنويع إلى اإلضراب‪،‬‬
‫اإلضراب عكس العطف‪ ،‬العطف يصل الكالم‪ ،‬واإلضراب يقطع الكالم وسيأيت‬
‫أيضا على هذه اآلية وهذا األسلوب‪.‬‬
‫كال ٌم آخر ً‬
‫المعنى السابع ل(أو) يف هذه اآلية‪-:‬سيأيت كالم أوسع عليها سنعود إليها بعد‬
‫قليل بس ُأهني المعاين‪.-‬‬
‫لمجرد‬
‫‪ ‬المعنى السابع ل(أو) أَّ ُ َّ بمعنى (ال او) عني‪ :‬أن تكون ُ‬
‫التشريك دون ترتيب‪ ،‬وهذا يكون عند أمن اللبس؛ وهذا يف قول ابن مالك‪:‬‬
‫لللق لا َلللل ْبس َمنْ َف َ‬
‫لللَا‬ ‫ا‬
‫للللف دةو الن ْط ا‬ ‫َل ْ‬
‫لللُ د‬
‫ا‬
‫لللللللت اللللللللل َ َاو إا َةا‬
‫َو در َّب َمللللللللا َعا َق َبل‬
‫هذا المعنى مجيء (أو) بمعنى (الواو) أنكر ُه البصريون وأثبت ُه الكوفيون‪،‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪391h‬‬
‫‪g‬‬
‫وكثير من المتأخرين‪ ،‬واحتجوا له بشواهد‬
‫ٌ‬ ‫وبعض البصريون كاألخفش والجرمي‪،‬‬
‫منها قول جرير ل ُعمر بن عبد العزيز‪:‬‬
‫مللا أ للى ربلل ده م سللى علللى ا‬
‫قللدر‬ ‫جللاء الخالفللة أو انللت للله قللدرا‬
‫قدرا‪،‬‬
‫(أو) هنا الذي يظهر منها بمعنى (الواو) يعني جاء الخالفة أو كانت له ً‬
‫يعني ُ‬
‫يشك أن يف شيء بقدر‪ ،‬وشيء بدون قدر؛ ليس هذا المعنى وإنما أراد أن‬
‫يقول‪" :‬جاء الخالفة و انت له قدرا"؛ ألهنا جاءته من دون طلب‪ ،‬فيعني كأهنا‬
‫جاءت بمحض القدر‪.‬‬
‫‪-‬ومن ذلك قول ُحميد بن ٍ‬
‫ثور الهاللي‪:‬‬
‫َللل اُ دم ْ لللرا اه أو سلللافا اع‪.‬‬
‫للين دم ْل ا‬
‫ملللا َبل ا‬ ‫الصللرا َخ رأ لل َع ُ‬
‫قلل ِم إةا سللمع ا َّ‬
‫الملَُ‪ :‬هو الذي ألجم الفرس وأمسكها باللجام‪ ،‬والسافع‪ :‬هو القابض على‬
‫د‬
‫المهر‪ ،‬إذا لم يكن عليها لجام‪.‬‬
‫ناصية ُ‬
‫لج م ره أو ساف اع"‪ ،‬يعني ما بين ملجم م ِ‬
‫هره وسافع‪ ،‬بين هذا‬ ‫قال‪" :‬ما بين دم ا‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫وبين هذا‪.‬‬
‫وسبق قري ًبا يف الكالم على حرف العطف (الواو) من خصائصها أنه ُيعطف هبا‬
‫جلست‬
‫د‬ ‫على ما ال ُيستغنى به؛ تذكرون‪ ،‬ومن ذلك إذا عطفت على ما بعد (بين)‪" ،‬‬
‫جلست بين ه د أو‬
‫د‬ ‫جلست بين ه د فعمرو"‪" ،‬‬
‫د‬ ‫بين ه د وعمرو" ما تقول‪" :‬‬
‫عمرو" هنا ما يأيت إال (الواو)‪ ،‬و(بين) هنا جاء بعدها (أو) يعني أن أو هنا بمعنى‬
‫(الواو) ومن ذلك قول امرئ القيس‪:‬‬
‫ا‬ ‫َ ا‬ ‫َصل اف‬ ‫للق د لل للا دة اللل َّللح اُ امن بي ان من ا‬
‫لليللف لل َ اء َأ ْو َقللد ْللر دملل َع َّ‬
‫للَ اق‬ ‫ْلاج‬ ‫َْ د‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َف َظ َّ‬

‫"فظق د اة اللحُ" الذين يطهون اللحم‪" ،‬من بين دمناج"‪ُ :‬ينضج الشواء‪،‬‬
‫وبعضهم يطبخ بالقدر هذا الذي أراد أن يقول‪ ،‬و(أو) هنا جاءت بعد (بين) إ ًذا فهي‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪392h‬‬
‫بمعنى (الواو)‪.‬‬

‫وجعلوا من ذلك الحديث المشهور حديث " ُأحد‪« :‬فإَّ ما عليك ِ‬


‫نبي أو‬
‫وصديق‬
‫ٌ‬ ‫صد ِق أو يد»‪ ،‬الظاهر أن (أو) هنا بمعنى (الواو) يعني فإنما عليك ٌ‬
‫نبي‬
‫وشهيد‪ ،‬وقد ُيقال إن (أو) هنا للتنويع للتقسيم‪ ،‬نعم‪.‬‬
‫ننبه على بعض ال اهد‪ ،‬ومعاين (أو) في ا‪:‬‬
‫قال‪ ‬عن نبيه يونس‪-‬عليه وعلى نبينا الصالة والسالم‪:-‬‬
‫(ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ) [الصافاَ‪( ،]147:‬أو) هنا بمعنى ماذا؟ قيل‬
‫دوَّ"‪،‬‬ ‫إهنا بمعنى (بل) اإلضرابية‪ ،‬يعني‪" :‬وأرسلناه إلى مائة ألف بق‬
‫وأعرتض بعضهم على ذلك وقال يعني‪ :‬اهلل‪ ‬ما كان يعلم أهنم يزيدون وقال‪:‬‬
‫"مائة ألف"‪ ،‬ثم استدرك على نفسه وقال‪" :‬بق دوَّ"‪.‬‬
‫وبعضهم قال‪ :‬هذا على أسلوب العرب وهو كثير جدً ا يف كالم العرب‪،‬‬
‫ا‬
‫مائة ألف‬ ‫وبعضهم قال‪ :‬إن (أو) هنا بمعنى (الواو) أي‪" :‬وأرسلنا ده إلى‬
‫و دوَّ"‪ ،‬وبعضهم قال إن (أو) هنا لإلهبام‪ ،‬واإلهبام كما عرفنا أن يكون السامع‬
‫لغرض من األغراض؛ ألن اهلل يعلم عددهم وهذا‬ ‫ٍ‬ ‫عار ًفا لكن ُيريد أن ُيبهم‪ُ ،‬يبهم‬
‫قول الثالث ُمتجه‪.‬‬
‫مثال اإلشارة إلى أن‬ ‫حينئذ ُي ُ‬
‫بحث عنه‪ ،‬قد ُيقال‪ :‬إن الغرض ً‬ ‫ً‬ ‫الغرض من اإلهبام‬
‫معرفة األعداد الدقيقة يف مثل هذه القصص ال ُيفيد‪ ،‬يعني مائة ألف أو يزيدون‪ ،‬أو‬
‫ينقصون أمور غير المهم يف القصة أشياء ألخرى انتبهوا لها‪ ،‬يعني قد ُيقال ذلك‪.‬‬

‫(ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ) [الب رة‪ ]184:‬هذه اآلية قلناها قبل قليل‬


‫وتكلمنا عليها‪.‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪393h‬‬
‫‪g‬‬

‫قوله‪( :‬ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ‬
‫ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ) [الن ر‪ ،]61:‬اآلية‪ ،‬ما معنى(أو) فيها؟ اإلباحة‪.‬‬

‫قال تعالى‪( :‬ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ) [ ه‪ ،]44:‬يعني يتذكر أو‬


‫يخشى أ ُيهما؟ مع بعض إ ًذا بمعنى (الواو)‪ ،‬لعله يتذكر ويخشى‪ ،‬هذا أشهر ما قيل‬
‫يف (أو) هنا‪.‬‬

‫قال‪( :‬ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ)‬


‫بعضهم إن معنى (أو) هنا اإلهبام؛ ألن‬
‫[ا عراف‪ ،]4:‬ما معنى (أو)؟ التنويع‪ ،‬قال ُ‬
‫اهلل يعلم؛ هل جاءهم البأس بيا ًتا أو هم قائلون لكن هذا المعنى ضعيف‪ ،‬هذا‬
‫القول ضعيف؛ ألنه ال ُيراد به قرية ُمعينة وإنما يتكلم على قضية‪( ،‬ﭱ ﭲ ﭳ)‬
‫[ا عراف‪ ،]4:‬قرية هنا طب ًعا اسم نكرة يقولون جنس‪ ،‬اسم الجنس بمعنى الجمع‪،‬‬
‫تنويع للبأس‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫بأسنا بيا ًتا أو هم قائلون" فهذا‬
‫يعني‪" :‬كم من ُقرى أهلكناها فجاءها ُ‬

‫قال‪( :‬ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ‬
‫ﮄ) [المائدة‪ ]33:‬ما جزاءهم؟ (ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ‬
‫ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒﮓ) [المائدة‪( ،]33:‬أو) هنا ما معناها؟‬
‫التخيير‪ ،‬يعني الذين ُيفسدون يف األرض نعمل هبم واحدً ا من هذه األربعة‪.‬‬
‫الب‪.)00:70:30@( :‬‬
‫ال يخ‪ :‬التنويع‪ ،‬ال لكانت بمعنى (الواو)‪ ،‬يعني أي واحد يفسد يف األرض‬
‫نقتله ونصلبه ونُقطعه‪ ،‬وننفيه؟! كيف ننفيه بعد أن قتلناه وصلبناه؟! ال‪ ،‬ال أريدك‬
‫أن تشرح لي اآلية‪ ،‬أريد لك أن تذكر (أو) بنا ًء على الذي درسناه اآلن يف معاين‬
‫تخييرا‪.‬‬
‫ً‬ ‫(أو) ما معناها؟ ال‪ ،‬تخيير؟! ال‪ ،‬تخيير خطأ؛ ليست‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪394h‬‬
‫هي التنويع لكن على معنى التفصيل‪ ،‬هنا التنويع على معنى التفصيل‪ ،‬هذا‬
‫الذي ُقلنا لك من قبل‪ :‬يقال لبعضهم ُيفصل بين التنويع والتفصيل‪ ،‬التفصيل‪،‬‬
‫والمعنى واهلل أعلم كما قال ابن عباس‪ ،‬وكما عليه الجمهور يعني‪( :‬ﭻ ﭼ‬
‫ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ) [المائدة‪ ]33:‬إن‬
‫قتلوا (ﮇ ﮈ) إن قتلوا وسرقوا‪( ،‬ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ‬
‫ﮎ) إن سرقوا (ﮏ ﮐ ﮑ ﮒﮓ)‪ ،‬إن أخافوا ولم يقتلوا ولم يسرقوا‪،‬‬
‫فهي للتفصيل‪.‬‬

‫قال‪( :‬ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡﮢ) [الب رة‪ ،]74:‬عن قلوب الذين‬


‫ال يخشعون لذكر اهلل‪ ،‬وال يخشونه‪ ،‬قال‪( :‬ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡﮢ)‪ ،‬ما معنى‬
‫(أو)؟ التقسيم‪ ،‬يعني قلوهبم كذا‪ ،‬إذا قلت‪ :‬التقسيم معنى ذلك أن هؤالء الذي ال‬
‫يخشعون لذكر اهلل بعضهم قلوهبم كالحجارة‪ ،‬وبعضهم قلوهبم أشد؛ هذا قيل به‪،‬‬
‫ٍ‬
‫وحينئذ يكون المعنى إذا قلنا‪ :‬أهنا للتنويع‬ ‫للتنويع والتقسيم والتفصيل قيل ذلك؛‬
‫ٍ‬
‫حينئذ أن هذا على ما يراه الراؤون‪ ،‬يعني الراؤون إذا‬ ‫والتقسيم يكون المعنى‬
‫رأوهم رأوا أن بعضهم قلوهبم كالحجارة‪ ،‬وبعضهم قلوهبم أشد من ذلك‪ ،‬وقيل‪:‬‬
‫إن (أو) بمعنى (بل) على معنى التدرج وهذا أسلوب عربي‪ ،‬يعني‪" :‬ف ي‬
‫الحَارة بق أ د قس ة"‪.‬‬
‫واهلل أعلُ وصلى اهلل وسلُ على نبينا دمحمد وعلى آله وأصحابه أجمعين‪.‬‬

‫‪¹‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪395h‬‬
‫‪g‬‬

‫الدرس التسعون‬

‫بسُ اهلل الرحمن الرحيُ‪ ،‬الحمد هلل رب العالمين‪ ،‬والصالة والسالم على نبينا‬
‫محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين‪ ،‬أما بعد‪:‬‬
‫وسالم عليكم ورحمة اهلل وبركاته‪ ،‬حياكم اهلل وبياكم يف هذه الليلة الثانية من‬
‫ٍ‬
‫وأربعمائة وألف‪ ،‬ونحن يف جامع‬ ‫ليالي ُجمادى اآلخرة‪ ،‬من سنة ثالث وثالثين‬
‫الراجح يف مدينة الرياض؛ نعقد بحمد اهلل وتوفيقه الدرس المتم التسعين‪ ،‬من‬
‫دروس شرح ألفية ابن مالك‪-‬عليه رحمة اهلل تعالى‪ ،-‬والزال الكالم يا إخوان‬
‫على باب "عطف النسق"‪.‬‬
‫ٍ‬
‫خمسة‬ ‫ذكرنا من قبل أن ابن مالك‪ ‬عقد هذا الباب باب النسق يف‬
‫وعشرين بيتًا‪ ،‬شرحنا يف الدروس السابقة ثالثة عشر بيتًا منها‪ ،‬ونُكمل الليلة شرح‬
‫ما تيسر من بقية هذا الباب إن شاء اهلل تعالى‪ ،‬ويف البداية كالعادة سنقرأ تلك‬
‫األبيات التي نأ ُمل أن نشرحها يف هذه الليلة‪.‬‬
‫قال ابن مالك‪ ‬يف باب عطف النسق‪:‬‬
‫فاللللي ن َْحلللل ا إا َّمللللا اة َوإا َّمللللا النَّائَيالللل ْة‬ ‫لللللد إا َّمللللللا ال ََّانا َيلللللل ْة‬
‫لللللق َأو ال َ صل ا‬
‫ْ‬ ‫َو ام َْل د‬
‫لللللرا ا‬ ‫ا‬ ‫و َأ ا ا‬
‫أو إ ْ َبا َللللل َ للللللالَ‬ ‫نلللللدَ اء أو َأ ْم َ‬ ‫للللللن َن ْف َيللللللل أو َن ْ َيللللللل َواَ‬ ‫ول لُل ْ‬ ‫َ‬
‫دلللن فالللي َم ْر َبلللع َبلللق َ ْي َ لللا‬ ‫لللُ أ ْ‬ ‫َ َل ْ‬ ‫لللللح َب ْي َ ا‬
‫لللللن َب ْعلللللدَ َم ْص د‬
‫ا‬
‫َو َبلللللق َلُ ْ‬
‫الَ الللي‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫للللُ ا َ َّو ال‬ ‫َوا ْن د لللللق با َ لللللا لال ََّل ا‬
‫الم َْ َبللت َوا َ ْمللر َ‬ ‫فللي الخَ َب لرا د‬ ‫للللاَّ دح ُْل َ‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪396h‬‬
‫المنْ َف اصلق‬ ‫ت َفا ْف اصق با َّ ا‬
‫الالم ْيرا د‬ ‫َع َط ْف َ‬ ‫للم ْيرا َر ْفللع دمع اَّصللق‬
‫‪.557‬وإا َّْ ع َلللى َ ا‬
‫َ َ‬
‫فاللي الللنَّ ْظ اُ َفا ا لل ْي َو َ لل ْع َف ده ا ْع َع ا للدْ‬ ‫‪َ .558‬أو َف ا‬
‫اصللق َّمللا َوباللالَ َف ْصللق َ للرا ْد‬
‫للم ْيرا َم ْفلللض ا اَه َمللل َقلللدْ دج اعلللالَ‬ ‫َل ا‬ ‫‪َ .559‬و َع دد َمافاض َلدَ َع ْطف َع َللى‬
‫فاللي الللنَّ ْظ اُ والنَّ َْللرا الص ا‬
‫للح ْيحا دم َْ َبعَللا‬ ‫‪َ .560‬و َل ْي َس اعن اْلد ا اَه َمل إا ْة َقلدْ َأ َلى‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫ذكر يف هذه األبيات‪ ‬بقية حروف العطف؛ إذ بدأ بسردها و ُيكملها يف‬
‫المتعلقة بباب عطف عطف النسق‪ ،‬يف أول‬
‫هذه األبيات ثم يذكُر شي ًئا من األحكام ُ‬
‫هذه األبيات قال‪:‬‬
‫فالللي ن َْحللل ا إا َّمللللا اة َوإا َّملللا النَّائَيالللل ْة‬ ‫لللللد إا َّملللللا ال ََّانا َيللللل ْة‬
‫لللللق َأو ال َ ص ا‬
‫ْ‬ ‫َو ام َْ د‬

‫قال هذا البيت بعد أن ذكر من قبل (أو) من حروف العطف وذكر معانيها‪ ،‬ثم‬
‫قال بعد ذلك ُمباشرة‪َ ":‬و ام َْ دق َأو ال َ ْص اد إا َّما ال ََّانا َي ْة"‪ ،‬يريد أن يقول‪ :‬إن (إما)‬
‫الثانية يف نحو هذا المثال‪ " :‬وج إما ه وإما النائية"‪ ،‬أو "مَ إما ه وإما‬
‫النائية"‪ ،‬إما الثانية يف مثل هذا األسلوب القصدُ منها‪ :‬أي معناها‪ ،‬معناها‪ :‬معنى‬
‫(أو) يف معانيها المشهورة التي ذكرناها من قبل‪ ،‬فقد ذكرنا من قبل ل(أو) عدة‬
‫ختلف فيها‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫ٍ‬
‫معان ُم‬ ‫ٍ‬
‫معان مشهورة‪ ،‬ومنها‬ ‫معاين‪ ،‬منها‬
‫ف(إما) مثل (أو) يف هذه المعاين المشهورة يعني أهنا تأيت ك(أو) للتخيير‪،‬‬
‫ولإلباحة‪ ،‬وللتقسيم‪ ،‬وللشك‪ ،‬واإلهبام‪ ،‬واألمثلة مثل أمثلة (أو)‪.‬‬
‫‪-‬فتأيت للتخيير كأن تقول‪ " :‬وج إما هَه وإما أمع ا"‪ ،‬أو تقول‪" :‬مَ من‬
‫مالي إما درهما‪ ،‬وإما د نارا"‪.‬‬
‫‪-‬وتأيت لإلباحة كأن تقول‪" :‬جالس إما الحسن‪ ،‬وإما ابن سير ن"‪.‬‬
‫حرف"‪.‬‬
‫ِ‬ ‫اسُ‪ ،‬وإما ِ‬
‫فعق‪ ،‬وإما‬ ‫‪-‬وتأيت للتقسيم‪ ،‬كأن تقول‪" :‬الُلمة إما ِ‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪397h‬‬
‫‪g‬‬
‫‪-‬وتأيت لإلهبام والشك‪ ،‬كأن تقول‪" :‬جاء إما ه د‪ ،‬وإما عمرو"‪ ،‬وعرفنا الفرق‬
‫بين الشك واإلهبام من قبل‪.‬‬
‫فإةا عرفنا ةلك فن ل‪ :‬إَّ النح ين ‪ ‬امعلف ا يف (إما) الَانية هَه؛ هق‬
‫هي من حروف العطف أم ا؟ على ق لين‪:‬‬
‫‪-‬فٌ َر النح ين روَّ‪ :‬أن (إما) الثانية هذه من حروف العطف يروهنا من‬
‫المحققين من النحويين إهنا ليست من حروف‬ ‫بعض ُ‬
‫حروف العطف‪ ،‬وقال ُ‬
‫سبب خال ُفهم فيها‪ :‬هو أهنا تلز ُم (الواو)‪ ،‬تقول‪" :‬جالس‬
‫وسبب الخالف ُ‬
‫ُ‬ ‫العطف‪،‬‬
‫المتفق عليه أن حروف العطف ال‬
‫إما الحسن‪ ،‬وإما ابن سير ن"‪ ،‬تلز ُم (الواو) ومن ُ‬
‫ُ‬
‫يدخل بعضها على بعض‪.‬‬
‫‪-‬فٌ َر النح ين قال ا‪ :‬إن حرف العطف يف هذا األسلوب‪( :‬إما)‪ ،‬و(الواو)‬
‫قالوا‪ :‬زائدة ألن المعنى يف مثل هذا األسلوب للواو أم ل(إما)؟ المعنى ل(إما)‬
‫فجعلوا العطف مع المعنى‪.‬‬
‫المح ين من النح ين الفارسي‪" :‬إهنا ال تكون من حروف‬ ‫بعض د‬‫‪-‬وقال د‬
‫فحرف العطف يف هذا األسلوب هو (الواو) وأما‬
‫ُ‬ ‫العطف؛ ألهنا مالزم ٌة للواو‪،‬‬
‫حرف لهذه المعاين وليست من حروف العطف‪ ،‬ف ُيقال يف نحو‪" :‬جالس‬
‫ٌ‬ ‫(إما) فإهنا‬
‫إما الحسن وإما ابن سير ن"‪( ،‬الواو) حرف عطف‪ ،‬و(إما) حرف إباحة فقط‪.‬‬
‫‪-‬وعلى ق ل أ َر النح ين ُيقال يف مثل ذلك‪" :‬وإما ابن سير ن" ُيقال‪:‬‬
‫ٍ‬
‫عطف وإباحة‪ ،‬والذي يبدو‪-‬واهلل أعلم‪ -‬أن‬ ‫حرف‬
‫ُ‬ ‫رف زائد‪ ،‬و(إما)‬
‫(ال او) ح ٌ‬
‫القول الثاين‪ :‬هو األرجح‪ ،‬وهو أن (إما) ال تكون من حروف العطف لمالزمتها‬
‫إثبات ُح ٍ‬
‫كم ل(إما) بال دا ٍع وهو‬ ‫ُ‬ ‫لح ٍ‬
‫كم بال داعٍ‪ ،‬يف ذلك‬ ‫(الواو)؛ ألن يف ذلك إثبا ًتا ُ‬
‫إخراج لها عن‬
‫ٌ‬ ‫وإخراج (الواو) عن العطف‬
‫ُ‬ ‫إثبات العطف هبا مع وجود (الواو)‪،‬‬
‫ُ‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪398h‬‬
‫أصلها‪ ،‬ففيها محذوران‪.‬‬
‫المح ين‪ :‬ف(الواو) بقيت على أصلها عاطفة‪ ،‬و(إما)‬ ‫ا‬
‫‪-‬أما على ق ل بعض د‬
‫ثبت لها هذا المعنى الذي جاءت له‪:‬‬
‫أصال أهنا من حروف العطف ف ُي ُ‬
‫ً‬ ‫لم يث ُبت‬
‫حرف تقسيم‪ ،‬أو غير ذلك‪.‬‬
‫ُ‬ ‫حرف إباحة‪ ،‬أو‬
‫ُ‬
‫‪-‬أما ابن مالك‪ ‬يف األلفية فاختار أي القولين؟ أهنا من حروف العطف‬
‫المحققين؟ عطف‪،‬‬
‫قول األكثرين‪ ،‬أم أهنا ليست من حروف العطف كقول بعض ُ‬
‫نعم‪.‬‬
‫الب‪.)00:11:16@( :‬‬
‫ال يخ‪ :‬ما هناك اجتها ٌد آخر؟ ماذا قال ابن مالك؟ قال‪َ " :‬و ام َْ دق َأو ال َ ْص اد إا َّما‬
‫ال ََّانا َي ْة"‪ ،‬ماذا يعني بقوله‪" :‬يف ال صد"؟ أي يف المعنى‪ ،‬يف المعنى‪ ،‬ولو أراد قول‬
‫الجمهور لكان يقول‪ " :‬د‬
‫ومَق أو يف ال صد والعطف إما الَانية"‪ ،‬فالجمهور‬
‫يقولون‪ :‬إن (إما) ك(أو) يف العطف والمعنى‪ ،‬واآلخرون يقولون‪ :‬ال‪ ،‬هي مثل (أو)‬
‫يف المعنى دون العطف‪ ،‬نعم‪.‬‬
‫فعرفنا هَا الخالف وعرفنا ما نبني عليه يف اإلعراب‪ ،‬نعُ‪ ،‬فإَّ قيق‪ :‬فإةا انت‬
‫إما عند ابن مالك ليست من حروف العطف فلماةا ة رها دهنا يف باب النسق؟‬
‫اب عن ةلك من أوجه‪:‬‬
‫فالَ د‬
‫‪-‬إما ل ج د الخالف‪.‬‬
‫‪-‬أو لُ ن ا يف المعنى َ(أو) فنبه على ةلك من باب العنبيه‪.‬‬
‫ثم انتقل بعد ذلك‪ ‬إلى حرف العطف اآليت وهو (لكن) الساكنة النون‪،‬‬
‫وحرف العطف (ال) فهما حرفان من حروف العطف لكن بسكون النون و(ال)‪،‬‬
‫قال فيهما‪:‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪399h‬‬
‫‪g‬‬
‫لللللرا ا‬ ‫ا‬ ‫و َأ ا ا‬
‫أو إ ْ َبا َللللل َلللللالَ‬ ‫نلللللدَ اء أو َأ ْم َ‬ ‫لللللن َن ْف َيللللل أو َن ْ َيللللل َواَ‬
‫ول لُ ْ‬ ‫َ‬
‫قال عن (لكن) يقول‪" :‬لُن َو َأ ا‬
‫ول َن ْف َي أو َن ْ َي "‪ ،‬هذه (لكن) وأما (ال) من‬
‫حروف العطف؟ قال‪( :‬ال) هذا الحرف يتلو النداء أو األمر أو اإلثبات؛ هذا معنى‬
‫البيت‪ ،‬إ ًذا فتكلم يف هذا البيت على حرفين (لك ْن) بسكون النون‪ ،‬وال تبدأ‬
‫ب(لكن)‪.‬‬
‫عطف به بعد اإلثبات‪،‬‬
‫عطف به بعد النفي أو النهي فقط‪ ،‬يعني ال ُي ُ‬
‫أما (لك ْن) ف ُي ُ‬
‫نفي أو ٍ‬
‫هني‪ ،‬أما إذا جاء بعد اإلثبات فال‬ ‫(ال) يكون حرف عطف إال إذا كان بعد ٍ‬
‫عمرو"‪:‬‬
‫ِ‬ ‫يكون حرف عطف‪ ،‬مثال ذلك أن تقول‪" :‬ما جاء ه دِ لُن‬
‫"ما جاء ه دِ "‪ :‬هذا منفي‪.‬‬
‫حرف عطف‪.‬‬
‫ُ‬ ‫"لُن"‪:‬‬
‫عمرو"‪ :‬معطوف‪ ،‬هذا بعد النفي‪.‬‬
‫ِ‬ ‫"‬
‫ل‪" :‬ا ارب ه دا لُن عمرا"؛ فهي من حروف‬ ‫ومَال ده بعد الن ي أَّ‬
‫العطف ولكن ما داللته؟ يدل على ماذا؟ يدُ ل على نفي الفعل عما قبله‪ ،‬وإثباته لما‬
‫عمرو"‪ :‬تثبت‪ ،‬ف(لكن) ينفي الفعل عما‬
‫ِ‬ ‫بعده‪ " ،‬ل ما جاء ه دِ " تنفي‪" ،‬لُن‬
‫قبله‪ ،‬و ُيثبته لما بعده‪.‬‬
‫وأنتم تعرفون أن (لكن) حرف استدراك؛ فعلى ذلك ماذا تقول عن (لكن) يف‬
‫ٍ‬
‫عطف‬ ‫حرف‬
‫ُ‬ ‫عمرو"‪ ،‬أعرب (لكن)؟ تقول‪:‬‬ ‫مثل هذا األسلوب "ما جاء ه دِ لُن‬
‫ِ‬
‫واستدراك‪ ،‬حرف عطف‪ ،‬يعني هذا عمله‪ ،‬واستدراك هذا معناه‪ ،‬كما تقول يف (لم)‬
‫حرف جز ٍم وهني وهكذا‪.‬‬
‫ُ‬ ‫حرف جز ٍم ونفي‪ ،‬وكما تقول يف (ال) الناهية‪:‬‬
‫ُ‬
‫الجمل األسمية‪،‬‬
‫(لكن) الثقيلة فهذه من أخوات (إن) ال تدخل إال على ُ‬
‫ًّ‬ ‫أما‬
‫المراد هنا ف(لك ْن)‬ ‫تدخل على ج ٍ‬
‫ملة فعلية‪ ،‬وال ُ‬ ‫يعني ال ُ‬
‫تدخل على ُمفرد‪ ،‬أما ُ‬ ‫ُ‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪400 h‬‬
‫هذه (لك ْن) ساكنة النون يأيت بعدها ُمفرد فتكون من حروف العطف؛ فإن جاء‬
‫بعدها ُجملة فتكون حرف ابتداء ال حرف عطف كما سيأيت‪.‬‬
‫إ ًذا فقلنا‪ :‬عن (لك ْن) إهنا تعطف بشرط أن ُتسبق ٍ‬
‫بنفي أو ٍ‬
‫هني دون إثبات‪،‬‬
‫ُ‬
‫شرتط‬ ‫ومعناها وداللتها ما ذكرنا من أهنا تنفي الفعل عما قبله‪ ،‬و ُتثبت ُه لما بعدها‪ ،‬و ُي‬
‫ننص عليه‪ُ ،‬يشرتط‬ ‫ٌ‬
‫شرط معروف لكن ُ‬ ‫لكوهنا عاطفة أن ال ُتسبق ب(الواو) هذا‬
‫لكوهنا عاطف ًة أن ال ُتسبق ب(الواو) فإن ُسبقت ب(الواو) فتكون (الواو) حرف‬
‫ٍ‬
‫استدراك فقط‪.‬‬ ‫العطف و(لك ْن) حرف‬
‫نحو‪" :‬ما جاء دمحمد ولُن مالد"‪" ،‬ما جاء دمحمدِ ولُن مالدِ "‪ ،‬كيف‬
‫يكون اإلعراب يف هذا األسلوب؟ نقول‪( :‬الواو) هو حرف العطف‪ ،‬و(لك ْن)‬
‫حرف استدراك فقط‪ ،‬حرف استدراك‪.‬‬
‫ُ‬

‫‪ -‬ومن ذلك قوله‪( :‬ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ‬


‫حرف العطف‬
‫ُ‬ ‫ﯯ ﯰ) [ا ح اب‪ ،]40:‬هل (لك ْن) هنا حرف عطف؟ ال‪،‬‬
‫فحرف استدراك‪ ،‬وعلى ذلك نقول‪ :‬إن (لك ْن) لم تأيت حرف‬
‫ُ‬ ‫(الواو) وأما (لك ْن)‬
‫ٍ‬
‫عطف يف القرآن الكريم‪ ،‬هناك سؤال؟‬
‫السبب‪ :‬ما ذكرناه من اتفاق النحويين‪ :‬أن حروف العطف ال ُ‬
‫يدخل بعضها‬
‫بعضها على بعض‪ ،‬فال ُيمكن أن تقول‬ ‫على بعض‪ ،‬كما أن حروف الجر ال ُ‬
‫يدخل ُ‬
‫لُن"‪ :‬حرف عطف‪ ،‬أيهما العاطف؟‬
‫يف "ولُن"‪ :‬ال او‪ :‬حرف عطف‪ ،‬و" ْ‬
‫كالهما عطفا؟ ما يصير‪ ،‬فاألول يبقى على أصله حرف عطف‪ ،‬ولكن يكون حرف‬
‫ثابت له‪ ،‬وأما العطف فيأيت ويزول‪.‬‬
‫معنى ٌ‬
‫ً‬ ‫استدراك وهذا‬
‫ٍ‬
‫عطف بشرط أن ُتسبق ب‬ ‫حرف العطف اآليت فهو (ال)‪ ،‬و(ال) تكون حرف‬
‫ُ‬ ‫أما‬
‫بنفي أو ٍ‬
‫هني عكس‬ ‫ٍ‬
‫عطف إذا ُسبقت ٍ‬ ‫ٍ‬
‫إثبات‪ ،‬يعني ال تكون حرف‬ ‫أمر‪ ،‬أو‬ ‫ٍ‬
‫نداء‪ ،‬أو ٍ‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪401 h‬‬
‫‪g‬‬
‫(لك ْن) تكون حرف عطف إذا سبقت بنداء أو أمر أو إثبات‪.‬‬
‫‪ -‬مثال ذلك أن تقول‪ " :‬ا محمدد ‪ ،‬ا مالدد عال"‪ " ،‬ا الب‪ ،‬العل اُ ا‬
‫الب المال أفلحت" هذا مثال ُه بعد النداء‪.‬‬
‫‪ -‬ومثال ُه بعد األمر أن تقول‪" :‬أ رم دمحمدا ا مالدا"‪.‬‬
‫‪ -‬ومثاله بعد اإلثبات يعني بعد الخرب اإلثبات كأن تقول‪" :‬جاء دمحمدِ ا‬
‫مالدِ "‪.‬‬
‫ف"جاء محمدِ "‪ُ :‬جمل ٌة ثابتة غير منفية‪.‬‬
‫ٍ‬
‫عطف ونفي‪.‬‬ ‫حرف‬
‫ُ‬ ‫ا‪ :‬نقول يف إعراهبا‬
‫مالدِ ‪ :‬جاء محمدٌ ال خالدٌ معطوف‪" ،‬أكرم محمدً ا ال خالدً ا"‪.‬‬
‫وما داللة هذا الحرف؟ داللته معناه يدُ ل على ماذا؟ يدُ ل على إثبات الفعل لما‬
‫ونفي‪ ،‬وهو كما رأيتم عكس‬‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫عطف‬ ‫قبله‪ ،‬ونفيه عما بعد ُه؛ فعلى ذلك يكون حرف‬
‫(لكن) يف الشرط‪( ،‬لكن) ال تعطف إال بعد ٍ‬
‫نفي‬ ‫ْ‬ ‫(لك ْن) يف الشرط والمعنى‪ ،‬عكس‬
‫أو ٍ‬
‫هني دون اإلثبات‪ ،‬و(ال) تكون حرف عطف إال بعد إثبات أو أمر أو نداء دون‬
‫النفي والنهي‪ ،‬والمعنى؟ المعنى متعاكس ف(لك ْن) تنفي عما قبلها و ُتثبت لما‬
‫ثبت لما قبله وينفي عما بعد ُه‪.‬‬
‫بعدها‪ ،‬و(ال) ُي ُ‬
‫أيضا لكوهنا عاطف ًة أن ال ُتسبق ب(الواو) فإن ُسبقت ب(الواو) كانت‬ ‫ُ‬
‫شرتط ً‬‫و ُي‬
‫(الواو) حرف العطف‪ ،‬وكانت (ال) حرف ٍ‬
‫نفي فقط‪.‬‬
‫نح ‪" :‬ما جاء محمدِ وا مالدِ " يف نعرب مَق ةلك؟ ن ل‪:‬‬
‫ال او‪ :‬حرف عطف‪.‬‬
‫حرف نفي‪.‬‬
‫ُ‬ ‫وا‪:‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪402 h‬‬
‫ومن ذلك قوله تعالى‪( :‬ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ) [الفا حة‪،]7:‬‬
‫الضالين‪ :‬معطوف على المغضوب‪ ،‬والعاطف حرف العطف‪( :‬الواو) فقط‪ ،‬وأما‬
‫فحرف نفي‪.‬‬
‫ُ‬ ‫(ال)‬
‫ُ انع ق ابن مالك‪ ‬إلى حرف العطف ا مير وه (بق) ف ال فيه‪:‬‬
‫لللن فاللللي َم ْر َبللللع َبللللق َ ْي َ للللا‬ ‫َ َلل ْ‬
‫لللُ أ د ل ْ‬ ‫لللح َب ْي َ ا‬
‫لللن َب ْعللللدَ َم ْصل د‬
‫ا‬
‫َو َبللللق َلُل ْ‬
‫الَ اللللي‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫لللُ ا َ َّو ال‬ ‫َوا ْن د للللق اب َ للللا لال ََّل ا‬
‫الم َْ َبلللت َوا َ ْملللر َ‬‫فلللي الخَ َبللل ار د‬ ‫لللاَّ دح ُْل َ‬
‫عطف هبا بعد اإلثبات واألمر‬
‫عطف هبا بعد النفي والنهي‪ ،‬ك(لك ْن)‪ ،‬و ُي ُ‬
‫(بل) ُي ُ‬
‫يعطف هبا بعد النفي والنهي‪ ،‬وبعد اإلثبات‬
‫ُ‬ ‫أوسع يف باب العطف‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ك(ال) فهي‬
‫نفي أو ٍ‬
‫هني صارت ك(لك ْن)‪،‬‬ ‫واألمر‪ ،‬و(لك ْن) معناها يختلف؛ فإن عطفت بعد ٍ‬
‫صارت ك(لك ْن) يف ماذا؟ يف الداللة يف داللتها على إثبات الفعل لما قبلها أو‬
‫بعدها‪ ،‬إثبات الفعل لما بعدها‪ ،‬ونفيه عما قبلها‪.‬‬
‫ٍ‬
‫عطف‪ ،‬ومالدا‪:‬‬ ‫حرف‬
‫ُ‬ ‫نحو‪" :‬لُ دأ رم دمحمدا بق مالدا"‪( :‬بق)‪ :‬هنا نقول‪:‬‬
‫إثبات الفعل لما بعدها ونفيه عما قبلها‬
‫ُ‬ ‫معطوف‪ ،‬وقد وقعت بعد ٍ‬
‫نفي‪ ،‬فداللتها‪:‬‬
‫ك(لكن)‪.‬‬
‫ومثالها بعد النهي أن تقول‪" :‬ا دُرم محمدا بق مالدا"‪ ،‬وهذا هو قول ابن‬
‫(لكن) ماذا‬
‫ْ‬ ‫مالك‪َ " :‬و َبق َلُا ْن َب ْعدَ َم ْص دح َب ْي َ ا" (بل) إذا وقعت بعد مصحوبي‬
‫ُيريد بمصحوبي (لك ْن) النفي والنهي؛ إذا وقعت (بل) بعد مصحوبي (لك ْن) فإهنا‬
‫تكون ك(لك ْن)‪( ،‬بل) ك(لك ْن) بعد مصحوبيها‪.‬‬
‫ٍ‬
‫مكان‬ ‫المثال‪ :‬قال‪َ َ " :‬ل ُْ أ ْدن فاي َم ْر َبع َبق َ ْي َ ا"‪ " ،‬لُ أ ن يف مربع"‪ :‬أي‬
‫ُمربع‪ :‬أي ربيع‪" ،‬بق ي ا"‪ :‬العي اء‪ :‬هي األرض القفر الخالية من النبات ومن‬
‫الربيع‪.‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪403h‬‬
‫‪g‬‬
‫أمر فتكون حرف‬ ‫ٍ‬
‫إثبات أو ٍ‬ ‫أمر‪ ،‬إذا عطفت بعد‬ ‫ٍ‬
‫إثبات أو ٍ‬ ‫وإذا عطفت (بل) بعد‬
‫الحكم لما بعدها‪ ،‬فتُثبت الفعل لما‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ُثبت ُ‬‫وإضراب‪ ،‬ومعناها ينعكس‪ ،‬فت ُ‬ ‫عطف‬
‫مسكوت عنه‪ ،‬حرف إضراب‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫ضرب عنه‬
‫ٌ‬ ‫بعدها‪ ،‬والذي قبلها؟ والذي قبلها ُم‬
‫ضرب عنه‪ ،‬يعني انتقل‬ ‫مسكوت عنه ُم‬
‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫حينئذ ُتثب ُت الحكم لما بعدها‪ ،‬والذي قبلها‬
‫ٌ‬
‫الكالم عنه‪ ،‬فال ُيثبت الفعل له وال ُينفى عنه‪.‬‬
‫ل‪" :‬جاء دمحمدِ بق مالدِ "‪ ،‬هذا يف اإلثبات‪.‬‬ ‫‪ -‬مَال ةلك أَّ‬
‫‪-‬ويف األمر‪" :‬أ رم محمدا بق مالدا" ما المعنى الذي ُيريده العربي يف مثل‬
‫الجملة‪" :‬أ رم محمدا بق مالدا"؟ (بل)‪ :‬هنا حرف إضراب‪ ،‬يعني أضرب‬
‫هذه ُ‬
‫عن الكالم السابق لم ينفه‪ ،‬لم يمنع منه وإنما أضرب عنه‪ ،‬يعني قال‪ :‬ال‪ ،‬أنا ال أريد‬
‫هذا الكالم‪ ،‬ال أريد هذا المعنى‪" ،‬بق مالدا" فالمطلوب أن ُتكرم خالدً ا‪.‬‬
‫أما دمحمد الَ قبل ا فمسُ َِ عنه دأ رب عنه‪ :‬يعني خالص انتقل الكالم‬
‫عنه مالي عالقة به‪ُ ،‬أضرب عنه‪ُ ،‬تريد أن ُتكرمه‪ ،‬أو ال ُتكرم ُه ما لي عالقة به؛ فهو‬
‫مثال ُتريد أن تقول‪" :‬أ رم‬
‫حرف إضراب‪ ،‬يعني حرف تجديد الكالم‪ ،‬يعني كأن ً‬
‫مالدا"‪ ،‬ثم ُقلت‪" :‬أ رم دمحمدا بق مالدا" يعني ُمحمد ما لك عالقة به‪ ،‬فأنت‬
‫أضربت عنه وسكت عنه‪.‬‬
‫الحكم‬ ‫ٍ‬
‫يعني أن (بل) حينئذ ليست ك(ال)؛ ألن (بل) ليست ك(لكن) يف إثبات ُ‬
‫ٍ‬
‫لما بعدها ونفيه عما قبلها‪( ،‬بل) أهنا حينئذ ُتثبت ُ‬
‫الحكم لما بعدها‪ ،‬وأما الذي‬
‫فمسكوت عنه‪ ،‬يعني انتقل الكالم عنه‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫قبلها‬
‫وهَا ه ق ل ابن مالك‪:‬‬
‫الَ الللي‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫لللُ ا َ َّو ال‬ ‫َوا ْن د للللق با َ للللا لال ََّل ا‬
‫فللي الخَ َبللرا د‬
‫الم َْ َبللت َوا َ ْمللر َ‬ ‫لللاَّ دح ُْل َ‬
‫ٍ‬
‫حينئذ؟ "ان ق ب ا‬ ‫يقول‪( :‬بل) إذا وقعت بعد خربٍ ُمثبت أو بعد أمر فما داللته‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪404 h‬‬
‫الحكم من األول إلى الثاين‪ ،‬تن ُقل ُ‬
‫الحكم عما قبلها‬ ‫للَاين دحُُ ا ا‬
‫ول" يعني تنقل ُ‬
‫الحكم إلى ما بعدها‪ ،‬الثاين إ ًذا نُقل إليه الحكم فثبت له‪،‬‬
‫إلى ما بعدها‪ ،‬نقلت ُ‬
‫وسكت عنه‪.‬‬
‫الحكم ُ‬
‫وسكت عنه‪ ،‬نُقل منه ُ‬
‫الحكم ُ‬
‫واألول؟ األول نُقل منه ُ‬
‫ٍ‬
‫عطف يف القرآن الكريم‪ ،‬وهذه األحرف الثالثة‪( :‬لكن‪،‬‬ ‫و(بل) لم ترد حرف‬
‫الجملة‪ ،‬يعني ُيشرتط لكي تكون حرف عطف‬
‫تعطف المفرد دون ُ‬
‫ُ‬ ‫وال‪ ،‬وبل) إنما‬
‫أن يقع بعدها ُمفر ٌد ال ُجملةٌ؛ فإن وقع بعدها ُجملة ماذا تكون؟ تكون أحرف‬
‫ابتداء‪ ،‬تكون حروف ابتداء استئناف‪ ،‬ابتداء كالم جديد‪ ،‬وليس حرف عطف‬
‫يعطف ما بعد ُه على ما قبله‪.‬‬
‫مَال ةلك أَّ ل‪" :‬ما جاء دمحمدِ لُن مالدِ جاء"‪" ،‬مالدِ جاء"‪ُ :‬جمل ٌة‬
‫اسمية إ ًذا ف(لك ْن) هنا ليست حرف عطف‪ ،‬ولكنها حرف استدراك‪.‬‬
‫ومثل ذلك أن تقول‪" :‬ما جاء دمحمدِ لُن جاء مالدِ "‪ :‬جملة فعلية‪ ،‬ومثل‬
‫ذلك أن تقول‪" :‬ما جاء دمحمدِ بق جاء مالدِ "‪ ،‬أو تقول‪" :‬ما جاء دمحمدِ بق مالدِ‬
‫حرف إضراب وابتداء‪ ،‬اإلضراب‬‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫حينئذ‬ ‫جاء" جملة اسمية أو ُجملة فعلية ف(بل)‬
‫راب وابتداء‪ ،‬وليس من حروف العطف‪.‬‬ ‫حرف إض ٍ‬
‫ُ‬ ‫دائما ندعو عليه ابتداء‪،‬‬
‫ً‬

‫ومن ذلك قول ُه تعالى‪( :‬ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ) [ال مرف‪،]76:‬‬


‫دخلت على قوله‪( :‬ﭢ ﭣ ﭤ)‪ ،‬جملة مع التنبه إلى أن (لك ْن) هنا اقرتنت‬
‫ب(الواو) (ﮡ)‪.‬‬

‫وقال تعالى‪( :‬ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔﮕ) [النساء‪( ،]166:‬ﮏ ﮐ)‬


‫للتخلص‬
‫ُ‬ ‫هذه (لك ْن) الساكنة‪ ،‬التقت بالساكن يف أول لفظ الجاللة؛ ف ُكسرت نوهنا‬
‫من التقاء الساكنين‪( ،‬ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔﮕ)‪ ،‬فاهلل يشهدُ ‪ :‬جمل ٌة اسمية‪،‬‬
‫ٍ‬
‫استدراك‬ ‫حرف‬
‫ُ‬ ‫حرف عطف‪ ،‬ولكن نقول‪ :‬إهنا‬
‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫حينئذ ال نقول‪ :‬إهنا‬ ‫ف(لك ْن)‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪405 h‬‬
‫‪g‬‬
‫ٍ‬
‫وابتداء فقط‪.‬‬
‫مثال‪" :‬جاء دمحمدِ ا مالدِ جاء"‪" ،‬أو جاء‬
‫ومثال ذلك مع (ال) أن تقول ً‬
‫نفي وابتداء وليس حرف عطف‪.‬‬ ‫حرف ٍ‬
‫ُ‬ ‫دمحمدِ ا جاء مالدِ "‪ ،‬فال‬
‫ٍ‬
‫عطف إال بشروط؛ ذكرناها من‬ ‫وهبذا يتبين لنا أن هذه األحرف ال تكون حرف‬
‫ً‬
‫إجماال‪:‬‬ ‫قبل واآلن نُجملها‬
‫(لُن) فعُ َّ حرف عطف بَال ة رو ‪:‬‬
‫ْ‬ ‫‪ ‬أما‬
‫ِ‬
‫المعطوف مفر ًدا ال ُجملة‪.‬‬ ‫‪-‬ا ول‪ :‬كون‬
‫‪-‬وال ر د الَاين‪ :‬أن ُتسبق ٍ‬
‫بنفي أو ٍ‬
‫هني‪.‬‬
‫‪-‬وال ر د الَالث‪ :‬أن ال ُتسبق بالواو‪.‬‬
‫يعني هذه الشروط اآلن بعد أن فهمنا الكالم عليها عرفنا أن هذه الشروط هي‬
‫تحصيل حاصل للشرح السابق‪.‬‬
‫‪ ‬أما حرف العطف (ا) فٌ اا ا ُ َّ حرف عطف إا بَال ة رو ‪:‬‬
‫ِ‬
‫المعطوف مفر ًدا‪ ،‬ال جملة‪.‬‬ ‫‪-‬ال ر ا ول‪ :‬كون‬
‫أمر‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫إثبات‪ ،‬أو ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بإيجاب‪ ،‬أو‬ ‫‪-‬ال ر الَاين‪ :‬أن ُتسبق‬
‫‪-‬ال ر د الَالث‪ :‬أن ال ُتسبق بالواو‪.‬‬
‫‪ ‬وأما (بق) فال ُ َّ حرف عطف إا ب ر ين‪:‬‬
‫‪-‬ا ول كون المعطوف مفر ًدا ال ُجملة‪.‬‬
‫نفي أو ٍ‬
‫هني‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫بإيجاب أو أمر أو ٍ‬ ‫‪-‬وال ر الَاين‪ :‬أن ُتسبق‬
‫ولماذا لم ُيشرتط يف (بل) أن ال ُتسبق بالواو كما اش ُترط ذلك مع (لكن)‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪406h‬‬
‫تسبق (بل)‪ ،‬وأما قول الناس اليوم‪" :‬جاء‬
‫و(ال)؟ فالجواب‪ :‬أن (واو) العطف ال ُ‬
‫أسلوب مولد؛ فلهذا يقولون‪( :‬بل و)‬
‫ٌ‬ ‫دمحمد بق ومالد"‪ ،‬ونحو هذا األسلوب فهو‬
‫يعني (بل) وبعدها (واو) بل و؛ ألن هذا األسلوب لم يرد‪.‬‬
‫إلى هنا ينتهي سر ُد ابن مالك‪ ‬لحروف العطف‪ ،‬ذكرها يف البداية ُمجمل ًة‬
‫ثم ذكرها بعد ذلك حر ًفا حر ًفا ُمبينًا معانيها وشي ًئا من أهم أحكامها ليبقي بعد ذلك‬
‫أبيات سيذكُر فيها أحكا ًما عام ًة ُمختلف ًة لباب العطف‪.‬‬
‫ٌ‬
‫ل‪ :‬ذكر ابن مالك أن (لكن) تكون حرف عطف بعد النفي والنهي؛‬ ‫ا خ‬
‫معنى ذلك أهنا ال تكون بعد اإلثبات؟‬
‫أال ُيقال يف اإلثبات‪" :‬جاء دمحمدِ لُن مالدِ " هل ُيقال هذا أو ال ُيقال هذا؟‬
‫هذا فيه خالف‪ ،‬فالجمهور يمنعه‪ ،‬وهم البصريون‪ ،‬والكوفيون أجازوه‪ ،‬فأجازه‬
‫بعضهم على أنه حرف عطف‪ ،‬ولم يشرتط أن ُيسبق ٍ‬
‫بنفي أو هني‪ ،‬وبعضهم أجازه‬
‫ٍ‬
‫استدراك وابتداء‪ ،‬والخرب محذوف‪.‬‬ ‫على أنه حرف‬
‫عمرو لُ َيء"‪ ،‬أو "جاء زيدٌ لكن لم يجيء‬ ‫ِ‬ ‫والتقدير‪" :‬جاء ه دِ لُن‬
‫فاعال؛ فتكون جملة فعلية‪ ،‬أو مبتد ًأ؛ فتكون ُجملة‬
‫ً‬ ‫عمرو" يعني إما أن ُتقدرها‬
‫ٌ‬
‫اسمية‪.‬‬

‫لُن عند الَم ر‪ :‬ال‪ ،‬هذه الجملة ما ُتسمى هبذه الطريقة‪ ،‬عند ُ‬
‫الجمهور ال‬
‫عمرو" ال ُيقال كذا؟ وإنما ُتستعمل (لك ْن) حرف عطف‬
‫ِ‬ ‫ُيقال‪" :‬جاء دمحمدِ لُن‬
‫بعد النفي والنهي فقط‪.‬‬
‫قلنا‪ :‬انتهى ابن مالك‪ ‬من سرد حروف العطف وبيان معانيها‪ ،‬بعد ذلك‬
‫يف أخر هذا الباب سيذكُر بعض األحكام لباب عطف النسق؛ فيبدأ بالكالم على‬
‫تعطف على الضمير؟ فقال‪:‬‬
‫ُ‬ ‫بيان العطف على الضمير‪ ،‬كيف‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪407h‬‬
‫‪g‬‬

‫المنْ َف اصللق‬ ‫لت َفا ْف اصللق با َّ ا‬


‫الاللم ْيرا د‬ ‫َع َط ْفل َ‬ ‫لللم ْيرا َر ْفللللع دمع اَّصللللق‬
‫وإا َّْ ع َلللللى َ ل ا‬
‫َ َ‬
‫فالللي اللللنَّ ْظ اُ َفا ا للل ْي َو َ للل ْع َف ده ا ْع َع ا لللدْ‬ ‫َأو َف ا‬
‫اصلللق َّملللا َوبالللالَ َف ْصلللق َ لللرا ْد‬
‫المتصل‪،‬‬
‫تكلم يف هذين البيتين‪ ‬على ُحكم العطف على ضمير الرفع ُ‬
‫لمتصل‪ ،‬وعرفنا من قبل‪ :‬أن ضمائر الرفع‬
‫ُحكم العطف على ضمير الرفع ا ُ‬
‫المتصلة ما هي؟ ستة‪:‬‬
‫ُ‬
‫خعن بالرفع‪ :‬وهي " اء المعُلُ"‪ ،‬و" د‬
‫ألف اإل نين"‪ ،‬و"واو‬ ‫د‬ ‫‪-‬ممس ِة‬
‫المخا بة"‪ ،‬و"ن َّ النس ة"‪ ،‬أحدُ الطلبة جمعها يف‪:‬‬
‫الَماعة"‪ ،‬و" اء د‬
‫" ا َّ"‪ ،‬يقول‪ :‬تجتمع يف " ا َّ" صح‪.‬‬
‫المعُلمين"‪ ،‬وهي تأيت للرفع وغير الرفع‪.‬‬
‫‪-‬والسادْ‪" :‬ناء د‬
‫ةهبت"‪ ،‬ثم تعطف‬
‫د‬ ‫فإذا أردت أن تعطف على ضمير رف ٍع ًمتصل كأن تقول‪" :‬‬
‫تعطف على (الواو)‪ ،‬أو " دمحمدد ةهب" ثم تعطف‬
‫ُ‬ ‫على (التاء)‪ ،‬أو "ةهب ا" ثم‬
‫المسترت يف‬
‫ةهب" ثم تعطف على الضمير ُ‬ ‫َ‬ ‫المسترت‪ ،‬أو "محمدِ‬
‫على الضمير ُ‬
‫المسترت كما ًقلنا أكثر من مرة من الضمير ُ‬
‫المتصل؛‬ ‫"محمدٌ ذهب"؛ ألن الضمير ُ‬
‫المتصل‬ ‫ٍ‬
‫فالحكم يف ذلك أنه يجب أن تفصل حينئذ بين الضمير‪ ،‬بين ضمير الرفع ُ‬
‫ُ‬
‫وبين المعطوف؛ تفصل بينهما بأي فاصل‪ ،‬كأن تفصل بالتوكيد‪:‬‬
‫‪ :‬النفس‪ ،‬والعين‪ ،‬وكل‪ ،‬وأجمع إلى أخره‪.‬‬ ‫‪-‬بالع يد المعن‬
‫‪-‬أو بالع يد اللفظي‪ :‬وعرفنا يف باب التوكيد أن الضمير إذا أردت أن تؤكد ُه؛‬
‫ةهبت أنا‬
‫د‬ ‫ومحمدِ "‪ ،‬البد "‬
‫ةهبت أنا د‬
‫د‬ ‫فإنما تؤكد ُه بضمير رف ٍع ُمنفصل‪ ،‬فتقول‪" :‬‬
‫ومحمدِ "‪:‬‬
‫ةهبت‪ :‬التاء فاعل‪.‬‬
‫د‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪408h‬‬
‫وأنا‪ :‬هذا توكيد‪ ،‬توكيد يف محل رفع‪ ،‬توكيدٌ للتاء يف محل رفع‪.‬‬
‫حرف عطف‪.‬‬
‫ُ‬ ‫وال او‪:‬‬
‫محمدِ ‪ :‬معطوف على التاء مرفوع‪.‬‬
‫د‬
‫الرجال ةهب ا هُ وأهل ُ"‪ ،‬وتقول‪" :‬محمدِ ةهب ه وأم ه"‪.‬‬ ‫وتقول‪" :‬‬

‫قال‪( :‬ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ)‬


‫مير الرفع‪ :‬تاء المتكلم‪ ،‬وهي اسم كان‪،‬‬ ‫[ا نبياء‪( ،]54:‬ﯚ ﯛ ﯜ)‪،‬‬
‫" نعُ" ثم عطف على العاء وهي اسم كان‪ ،‬ثم عطف على التاء‪( :‬ﯳ)‪،‬‬
‫المنفصل فقال‪( :‬ﯜ ﯝ‬
‫قال‪( :‬ﮘ)‪ ،‬ثم فصل بينهما بالتوكيد‪ ،‬بالضمير ُ‬
‫ﯞ)‪.‬‬

‫وقال‪ ‬ألبينا آدم‪( :‬ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ) [الب رة‪،]35:‬‬


‫(ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ) ‪:‬‬
‫اسُن‪ُ :‬‬
‫فعل أمر‪ ،‬وفاعل ُه مسترت وجو ًبا تقدير ُه أنت‪ ،‬ما معنى تقدير ُه أنت؟ هذا‬
‫المسترت ليس له لفظ‪ ،‬لم تضع‬‫فقط ُمجرد تقريب للفظ‪ ،‬وإال قلنا‪ :‬إن الضمير ُ‬
‫تقدير ُه أنت‪ ،‬وإنما نقول‪ :‬تقدير ُه أنت فقط للتوضيح‬
‫ُ‬ ‫العرب له لف ًظا لكي تقول‬
‫والتبيين‪ ،‬وإال فليس له لفظ‪.‬‬
‫وأنت‪ :‬المسكونة الملفوظة توكيدٌ لفظي‪.‬‬
‫معطوف على فاعل "اسُن" يعني‬
‫ٌ‬ ‫وهوجك‪ :‬الواو‪ :‬حرف عطف‪ ،‬وزوجك‬
‫على الضمير المسترت‪.‬‬

‫قال‪ ‬عن أصحاب موسى‪( :‬ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ)‬


‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪409h‬‬
‫‪g‬‬

‫[المائدة‪( ،]24:‬ﭛ ﭜ ﭝ)‪ ،‬وعلى ذلك‪ ،‬وهذا هو قول ابن‬


‫مالك‪:‬‬
‫المنْ َف اصلق‬ ‫ت َفا ْف اصلق با َّ ا‬
‫الالم ْيرا د‬ ‫َع َط ْف َ‬ ‫لللم ْيرا َر ْفللللع دمع اَّصللللق‬
‫وإا َّْ ع َلللللى َ ل ا‬
‫َ َ‬
‫افصل‪ :‬يعني بالتوكيد‪ ،‬سوا ًء توكيدً ا لفظ ًيا بالضمير المنفصل‪ ،‬أو توكيدً ا معنو ًيا‬
‫ةهبت نفسي ومحمدِ "‪" ،‬الرجال ةهب ا أنفس ُ وأهل ُ" قلنا‪ :‬البد‬
‫د‬ ‫كأن تقول‪" :‬‬
‫المتصل والمعطوف عليه‪ ،‬إما بالتوكيد‪ ،‬وإما بأي‬
‫من فاصل بين ضمير الرفع ُ‬
‫ةهبت بسرعة‬
‫د‬ ‫ومحمدِ " فصلت بالظرف‪ ،‬أو "‬‫ةهبت الي م د‬
‫د‬ ‫فاص ٍل آخر‪ ،‬كقولك‪" :‬‬
‫ومحمدِ "؛ ففصلت بشبه الجملة‪.‬‬
‫ومحمدِ "‪ ،‬أو "ةهبت إلى المسَد د‬
‫ةهبت وا دمحمدِ " فصلت بماذا؟ ب(ال) النافية يكفي‪.‬‬
‫د‬ ‫‪-‬أو تقول‪" :‬ما‬

‫‪-‬كقوله‪( :‬ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ) [ا نعام‪ ،]148:‬عطف‬


‫المتكلمين‪ ،‬فصل ب(ال) النافية‪.‬‬
‫آباؤنا على (نا) ُ‬
‫‪-‬وتقول‪" :‬محمدِ أ رمني وأم ه"‪ ،‬أين فاعل أكرمني؟ مسترت‪ ،‬و( اء)‬
‫المسترت‪ ،‬و ُفصل‬
‫معطوف على الضمير ُ‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫مفعول به‪ ،‬و(أم ه)‪:‬‬ ‫المتكلم يف أكرمني‪:‬‬
‫بينهما بالمفعول به‪.‬‬
‫ٌ‬
‫سائل منتبه‪-‬وكلكم ذلك‬ ‫د‬
‫الرجال أ رم ين وأوادهُ"‪ ،‬لو سأل‬ ‫تقول‪" :‬‬
‫المسترت؟ بعد الياء أم قبل‬
‫الطالب‪ -‬فقال‪ " :‬دمحمدِ أ رمني" أين نقدر الضمير ُ‬
‫الياء؟‬
‫قياسا قبل الياء‪ ،‬فلهذا نقول‪( :‬الياء)‬
‫قياسا قبل الياء‪ ،‬طب ًعا ما له لفظ‪ ،‬أي ً‬
‫ً‬
‫المسترت والمعطوف عليه‪ ،‬ومن أدلة ذلك أن الضمير لو ظهر –‬‫فصلت بين الضمير ُ‬
‫طب ًعا يظهر يف التثنية والجمع‪ -‬فإنك ستقول‪ :‬الرجال ماذا؟ "أ رم ين"‪ ،‬فتُظهر‬
‫المتكلم‪.‬‬
‫الضمير قبل (ياء) ُ‬
‫ومن أدلة ذلك أن األصل يف الفاعل أن يتصل بالفعل‪ ،‬والمفعول يتأخر عنه‪،‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪410 h‬‬
‫هذه فقط ملحوظة سريعة‪.‬‬

‫‪ -‬من ذلك قوله‪( :‬ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ) [الرعد‪،]23:‬‬


‫مفعول به‪( ،‬ﭬ) هذا عطف‪ ،‬ومن‬
‫ٌ‬ ‫(ﮍ ﮎ ﮏ) فاعل‪( ،‬ﯢ)‬
‫معطوف على ماذا؟ على واو الجماعة‪ ،‬والفاصل المفعول به‪.‬‬

‫‪ -‬وأما قوله‪( :‬ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸﭹ) [ا نعام‪،]91:‬‬


‫(ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ) هذه واو الجماعة فاعل‪( ،‬ﭵ ﭶ ﭷ ﭸﭹ)‪ ،‬أين‬
‫المعطوف على (واو) الجماعة؟ (ﭶ ﭷ ﭸﭹ)‪ ،‬آباؤكم‪ ،‬والفاصل التوكيد‪،‬‬
‫وال‪ ،‬هذه (ال) وليست (الالم)‪ ،‬التوكيد وال‪ ،‬وهذا هو قول ابن مالك‪َ " :‬أو َف ا‬
‫اصق‬
‫َّما"‪ ،‬أي فاصل‪.‬‬
‫د‬
‫الرجال ةهب ا وأهل ُ"‪،‬‬ ‫ةهبت ومحمدِ "‪" ،‬‬
‫د‬ ‫‪ -‬وعلى ذلك ال تقول‪" :‬‬
‫"محمدِ ةهب وأم ه"‪.‬‬
‫العطف على ِ‬
‫غير ضمير رف ٍع ُمتصل هل يلز ُم الفاصل؟ لو كان العطف‬ ‫ُ‬ ‫لو كان‬
‫على غير ضمير رف ٍع ُمتصل‪ ،‬هل يلز ُم الفاصل؟ الجواب‪ :‬ال يلزم‪ ،‬يجوز أن تفصل‬
‫ويجوز أن ال تفصل‪.‬‬
‫‪ -‬تقول‪" :‬ةهب مالدِ ومحمدِ "‪ ،‬المعطوف عليه‪" :‬ومحمدِ "‪ ،‬المعطوف‬
‫عليه‪ :‬اسم ظاهر‪ ،‬فلك أن ال تفصل‪" :‬ةهب مالدِ ومحمدِ "‪ ،‬ولك أن تفصل‪:‬‬
‫"ةهب دمحمدِ ه ومالدِ "‪ ،‬أو تفصل بغير ذلك‪.‬‬
‫د‬
‫الرجال وأهل ُ َلك"‪.‬‬ ‫‪ -‬وتقول‪" :‬ةهب‬
‫ومحمدِ " هل يلزم الفصل؟ "ما ةهب إا‬
‫‪ -‬طيب لو قلنا‪" :‬ما ةهب إا أنا د‬
‫أنا ومحمدِ "؟ هنا عطفنا على ماذا؟ أين المعطوف عليه؟ ضمير رفع‪ ،‬المعطوف‬
‫عليه‪" :‬أنا"‪ ،‬لكن ضمير الرفع ُمنفصل ال يلزم الفصل‪" ،‬ما ةهب إا أنا‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪411 h‬‬
‫‪g‬‬
‫ومحمدِ "‪" ،‬ما سافر إا أنعُ وأهلُُ"‪.‬‬
‫مثال‪" :‬أ رمع ده ومحمدا"‪ ،‬عطفت محمدً ا على الهاء فهل يلز ُم‬
‫‪ -‬لو قلنا ً‬
‫الفصل؟ ال‪ ،‬هذا ضمير نصب‪ ،‬سواء كان ُمتصل أو منفصل‪.‬‬

‫‪ -‬ومن ذلك قوله تعالى‪( :‬ﮬ ﮭ ﮮﮯ ﮰ ﮱ) [المرسالَ‪،]38:‬‬


‫عطف األولين على الضمير " ُ" بال فاصل‪.‬‬
‫ةهبت ومحمدا"‪ ،‬الزم الفصل ألنك لم تعطف‪ ،‬و(الواو) هنا‬
‫د‬ ‫‪ -‬لو قلنا‪" :‬‬
‫ٌ‬
‫مفعول معه هنا ال يلزم؛ فلهذا ُيذكر يف باب المفعول معه؛‬ ‫(واو) المعية‪ ،‬ومحمدً ا‬
‫ةهبت ومحمدا" أفضل من قولك‪:‬‬ ‫د‬ ‫أن النصب هنا ُمقدم على الرفع‪ ،‬تقول‪" :‬‬
‫ذهبت ومحمدٌ " يقول‪َ " :‬و َ ْع َف ده ا ْع َع ا دْ " هذا ضعيف‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ذهبت ومحمدٌ "؛ ألن "‬
‫" ُ‬
‫ُ‬
‫حيث الصناعة لكن البد من‬ ‫ةهبت ومحمدا"‪ ،‬فهذا ال إشكال فيه من‬
‫د‬ ‫أما "‬
‫ً‬
‫مفعوال معه‪ ،‬إن أردت أن‬ ‫النظر إلى المعنى هل تريد أن تعطف؟ أم تريد أن تأيت به‬
‫ةهبت ومحمدا"؛ فإن أردت أن تأيت به معطو ًفا‬
‫د‬ ‫ً‬
‫مفعوال معه تقول‪" :‬‬ ‫تأيت به‬
‫ةهبت أنا ومحمدِ " وذكرنا الفرق بينهما بين المعنيين يف باب المفعول‬
‫د‬ ‫فتفصل‪" :‬‬
‫فال نُعيد‪.‬‬
‫وأما قول ابن مالك‪ ‬بعد ذلك‪َ " :‬وباالَ َف ْصق َ را ْد فاي النَّ ْظ اُ َفا ا ْي َو َ ْع َف ده‬
‫عطف عليه‬ ‫المتصل‪ ،‬وما ُي ُ‬ ‫ا‬
‫ا ْع َع دْ "‪ ،‬فبعد أن قرر وجوب الفصل بين ضمير الرفع ُ‬
‫المتصل بال‬
‫العطف على ضمير الرفع ُ‬
‫ُ‬ ‫ذكر أنه جاء يف الكالم‪ ،‬ورد يف السماع‬
‫فاصل‪ ،‬هذا ورد يف السماع‪ ،‬نعم ورد يف السماع‪.‬‬
‫ٍ‬
‫فاش‪ ،‬ومن ذلك قول ُعمر‬ ‫كثير‬
‫أما يف النظم يف الشعر يف ضرورة الشعر؛ فهذا ٌ‬
‫بن أبي ربيعة‪:‬‬
‫للللفن رملللللال‬
‫نعلللللاجا الملللللال عسل َ‬ ‫لللر َ َ لللا َد‬ ‫لللت‪ ،‬إ ْة َأ ْق َب َل ْ‬
‫لللت َوه ْده ِ‬ ‫دق ْل د‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪412 h‬‬
‫وههر"‪ ،‬أقبلت‪ :‬الفاعل هي‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ت‪ ،‬إ ْة َأ ْق َب َل ْ‬
‫ت َوه ْده ِر َ َ ا َد "‪" ،‬أقبلت‬ ‫" دق ْل د‬
‫المسترت بال فاصل‪ " ،‬نعاجا المال"‪:‬‬
‫زه ٌر على ضمير الرفع المتصل ُ‬ ‫وزهر‪ :‬عطف ُ‬ ‫ٌ‬
‫ًّ‬
‫وطأن الرمل فغاصت أرجلهن فيها‪.‬‬ ‫عسفن رمال"‪ :‬أي‬
‫َ‬ ‫معروف‪" ،‬‬
‫‪-‬ومن ذلك قول الراعي النُميري‪:‬‬
‫دعللل ا لللا لُعلللب واعع نلللا لعلللامر‬ ‫فلملللللا لح نلللللا والَيلللللاد ع للللل ّية‬
‫ّ‬
‫فلما لح نا والَياد" لح نا‪ :‬الفاعل (نا)‪ ،‬والَيا دد‪ :‬عطف الجيا ُد على (نا)‬ ‫" ّ‬
‫فاش وكثير‪ ،‬وشواهد ُه كثيرة‪ ،‬وأما مجيئ ُه يف النثر‬ ‫ٍ‬ ‫دون فاصل فمجيئ ُه يف الشعر‬
‫قليل ضعيف‪.‬‬ ‫فقليل‪ ،‬وابن مالك يقول‪َ " :‬و َ ْع َف ده ا ْع َع ا دْ "‪ ،‬يعني ٌ‬

‫مررَ برجق‬
‫د‬ ‫ومن ذلك ما حكا ُه سيبويه‪ ‬عن بعض العرب أنه قال‪" :‬‬
‫س اء والعد دم"‪:‬‬
‫مررَ‪ :‬ف ٌ‬
‫عل وفاعل‪.‬‬ ‫د‬
‫جار ومجرور‪.‬‬
‫برجق‪ٌ :‬‬
‫ٍ‬
‫مستو‪ ،‬واسم الفاعل‬ ‫سواء هذا يف األصل مصدر بمعنى اسم الفاعل‬ ‫ٍ‬ ‫س اء‪:‬‬
‫ٍ‬
‫مستو يعمل عمل الفعل يعني البد له من فاعل‪ ،‬فأين فاع ُله؟ فاعل ُه مسترت‪ ،‬يعني‬
‫ٍ‬
‫مستو هو‪ ،‬يعني يستوي هو والعد ُم‪" ،‬مسع والعد دم"‪ ،‬فقول ُه‪" :‬والعدم"‪:‬‬ ‫ٍ‬
‫سواء هو‬
‫هذا عطف‪ ،‬عطف على الضمير المسترت دون فاصل‪.‬‬
‫ٍ‬
‫سواء هو‬ ‫مررت برج ٍل‬
‫ُ‬ ‫ولو جاء الكالم على الجادة وعلى الكثير كان يقول‪" :‬‬
‫والعد ُم"‪.‬‬
‫وعمر‪،‬‬
‫بُر د‬
‫د‬ ‫مرجت وأب‬
‫د‬ ‫وعمر‪،‬‬
‫نت وأب بُر د‬
‫وجاء يف صحيح ال ُبخاري‪ « :‬د‬
‫سمعت‬
‫د‬ ‫وعمر»‪ ،‬من رواية ٍ‬
‫علي◙‪ ،‬قال‪« :‬ا أحصي ما‬ ‫دملت وأب بُر د‬
‫د‬
‫دملت وأب‬
‫د‬ ‫وعمر‪،‬‬
‫بُر د‬
‫د‬ ‫مرجت وأب‬
‫د‬ ‫وعمر‪،‬‬
‫نت وأب بُر د‬
‫رس ل اهلل ‪ ‬يقول‪ « :‬د‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪413h‬‬
‫‪g‬‬
‫بُر و دعمر»‪.‬‬
‫دملت‪ :‬هذه فاعل‪ ،‬وأب ‪ :‬عطف أبو على‬
‫د‬ ‫دملت وأب بُر»‪:‬‬
‫د‬ ‫نت وأب بُر‪،‬‬
‫« د‬
‫ضمير الرفع المتصل بال فاصل‪ ،‬هذا يف النثر‪.‬‬
‫مررَ برجق س ا ِء والعدم"‪ ،‬هذا قليل‪.‬‬
‫د‬ ‫‪ -‬ما يف إا ق ل العرب‪" :‬‬
‫أما الحديث فأنتم تعرفون‪ ،‬االستشهاد بالحديث واإلشكال يف ذلك‪ ،‬ون ُ‬
‫ُمثل‬
‫هبذا الحديث‪ ،‬فهذا الحديث رواه اإلمام ال ُبخاري يف صحيحه يف أربعة مواضع‪،‬‬
‫نت وأب بُر و دعمر‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫بإسناد واحد يف جميع المواضع‪ ،‬جاء يف كل المواضع‪ « :‬د‬
‫نت وأب‬
‫وعمر»‪ ،‬ثم جاء يف موضع‪ « :‬د‬
‫مرجت وأب بُر د‬ ‫د‬ ‫بُر و دعمر‪،‬‬
‫د‬ ‫دملت وأب‬
‫د‬
‫دملت وأب بُر»‪ ،‬فماذا ُيقال يف ذلك؟‬
‫د‬ ‫بُر‪،‬‬
‫د‬ ‫مرجت وأب‬
‫د‬ ‫بُر‪،‬‬
‫ال ما قال المحد َّ أجمع َّ‪ :‬هذا من تصرف الرواة‪ ،‬الراوي ربما يرى‬
‫جواز ذلك؛ هذا من تصرف الرواة‪ ،‬الراوي ربما يرى جواز ذلك‪ ،‬هذه المشكلة‪،‬‬
‫هذه المشكلة يعني ليس الطعن فقط أنه أعجمي أو ال يعرف العربية؛ ال‪ ،‬قد يكون‬
‫عالما وعار ًفا بالعربية‪ ،‬لكنه ربما أنه يقول هذا القول من رأيه يعني هو يرى‬
‫الراوي ً‬
‫جواز هذا األمر؛ ف ُيغير بنا ًء على رأيه‪ ،‬فلهذا ال يجوز أن تؤخذ اللغة غال عن ُمحتجٍ‬
‫به‪ ،‬يعني إنسان ال يستطيع أن ُيخطئ يتكلم بالسليقة؛ هذا ُيحتج به‪.‬‬
‫أما إنسان يتكلم بعلمه حتى لو أتانا ابن مالك‪ ،‬ولو أتانا ابن هشام ما احتججنا‬
‫بكالمه؛ ألنه يتكلم بعلمه‪ ،‬فهو يرى جواز ذلك فيقول عليه‪ ،‬ويرى منع ذلك فال‬
‫بحجة‪.‬‬
‫يقول عليه فليس ُ‬
‫ال‪ ،‬طب ًعا ال خالف أن النبي ‪ ‬أفصح ال ُفصحاء‪ ،‬واهلل يكفي أنه‬
‫حتج بكالمهم؛ فكيف إذا كان أفصح الفصحاء يف العرب ال‬
‫من العرب؛ والعرب ُم ٌ‬
‫بحجة هذا ال يخالف فيه أحد‪ ،‬وإنما‬
‫شك فليس الخالف يف كونه ُحجة أو ليس ُ‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪414 h‬‬
‫الخالف هل هذا هو لفظه أم ال؟‬
‫وهكذا ُيقال يف بقية ما روي عن العرب؛ أي أمر مر بعيد عن العرب وال يث ُبت‬
‫حتج به؛ إال أن ما روي عن‬
‫نثرا‪ ،‬إذا لم يثبت عن العرب ال ُي ُ‬ ‫شعرا‪ً ،‬‬
‫ال ُيحتج به‪ً :‬‬
‫شعر ٍ‬
‫ونثر لم ُيجز أحد من الرواة روايت ُه بالمعنى‪ ،‬ال أحد ُيجيز أن يروى‬ ‫العرب من ٍ‬
‫مثال‪ ،‬أو المثل‪ ،‬أو الحكمة تروى بالمعنى؛ ال‪ ،‬القرآن لم ُيجز أحدٌ‬
‫الشعر بالمعنى ً‬
‫روايته بالمعنى‪.‬‬
‫المحدثين أجازوا الرواية بالمعنى؛ فلهذا ابن حجر ال‬
‫أما الحديث فجماهير ُ‬
‫ٍ‬
‫بشروط ال ُتنجي‪،‬‬ ‫ُتحصي يف فتح الباري قوله وهذا من تصرف الرواة؛ بشروط‪،‬‬
‫ٍ‬
‫بشروط ال ُتنجي–ال ُتنجي عند النحويين طب ًعا‪ -‬ألهنم كان تركيزهم على المعنى‪:‬‬
‫أن يكون عار ًفا بمعاين الكالم فال ُيحيل المعنى‪...‬إلى آخره‪.‬‬
‫ٍ‬
‫شيء ُيعيدوهنا إلى علم الراوي‪ ،‬ال ُيعيدوهنا إلى كون‬ ‫ولكن يبقى أنه كل‬
‫مثال‪-‬فقط ُمجرد مثال فقط‪ -‬لو أتى ٍ‬
‫راو وكذب‪ ،‬أتى‬ ‫آت ً‬ ‫الراوي حجة يعني لو أتى ٍ‬
‫ُ‬
‫أعرابي من العرب وكذب على النبي ‪ ‬وقال‪" :‬قال النبي َا‬
‫بحجة؟‬
‫و َا"؛ فهل هذا ُحجة أم ليس ُ‬
‫بحجة‪ ،‬يف اللغة ُحجة ألنه من كالم هذا‬‫يف الل ُغة ُحجة‪ ،‬يف الدين ليس ُ‬
‫األعرابي؛ ألن العرب ُحجة يف داخل جزيرة العرب إلى قبل‪ ،..‬إلى سنة (مائة‬
‫وخمسين) ُحجة يف كالمهم ألهنم ال يلحنوا‪ ،‬وال ُيخطئوا يف كالمهم؛ فلهذا اتفق‬
‫أهل اللغة والنحو على أن العربي إذا غير البيت؛ فالبيت ُحجة وتغيير العربي ُحجة‪.‬‬
‫ينسب‬
‫ُ‬ ‫المتقدمين أن تجد منهم من‬
‫فلهذا ال تجد أو يعني يندر يف النحويين ُ‬
‫البيت إلى قائله كسيبويه‪ ،‬سيبويه لم ينسب األبيات التي ذكرها؛ ذكر (ألف‬
‫قليال منها‪ ،‬قالوا‪:‬‬
‫ينسب شي ًئا منها‪ ،‬أو نسب شي ًئا ً‬
‫وخمسمائة) بيت من الشعر لم ُ‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪415 h‬‬
‫‪g‬‬
‫السبب يف ذلك‪ :‬اهنم يعلمون أن العرب غيرت يف هذه األشعار؛ فال يريد أن يقول‬
‫قال فالن وهو ُمغير؛ بل إن النحويين وسيبويه يف مواضع كثيرة جدً ا من كتابه‪،‬‬
‫يقول‪" :‬ومن ذلك قول العرب"‪ ،‬ثم يأيت ببيت من الشعر‪:‬‬
‫ا لللب أ لللنعا‬ ‫إةا لللاَّ ملللا ةا‬ ‫بنلللي أسلللد هلللق علمللل َّ بالءنلللا‬
‫ا ب‬ ‫وسمعت بعض العرب" يقول‪" :‬إةا اَّ ِم ةو‬ ‫د‬ ‫قال سيبويه‪" :‬‬
‫تغيير من هذا‬
‫ٌ‬ ‫أ نعا"‪ ،‬طيب هذا الذي قاله العربي هو الذي قاله الشاعر؟ أم‬
‫تغيير منه‪ :‬حسب لغته‪ ،‬حسب فصاحته‪ ،‬لكن الذي قاله الشاعر ُحجة‬ ‫ٌ‬ ‫العربي؟‬
‫باتفاق‪ ،‬والذي غير إليه العربي ُحجة باتفاق؛ ألن هنا يعني مناط االحتجاج باللغة‬
‫وليس بالمعنى‪ ،‬ليس بالمعنى‪.‬‬
‫بمناسبة ليس بالمعنى يف قصة ما ذكر ُتها أو لم أذكرها أو ذكرهتا يف مكان آخر‪:‬‬
‫سألني أحد األخوة المشايخ قال‪" :‬هل يأيت "فعيق وصفا"؟ صيغة ُمبالغة؟ هل‬
‫يأيت فعيل صيغة ُمبالغة؟ هل يأيت فعيل صيغة ُمبالغة؟ قلت‪" :‬نعم‪ ،‬لكنه ليس من‬
‫ٍ‬
‫وسكير‪ ،‬فضحك وتعجب!‬ ‫ٍ‬
‫كصديق‬ ‫الصيغ القياسية الكثيرة‪ ،‬قال‪ُ :‬‬
‫مثل ماذا؟ قل ُت‪:‬‬
‫قال‪ :‬كيف تجمع بين صديق وسكير؟! قلت‪ :‬أنا أنظر للغة‪ ،‬لم أنظر إلى المعنى‪.‬‬
‫فدعونا نُكمل يا إخوان؛ إ ًذا يف هذين البيتين تكلم ابن مالك على ماذا؟ على‬
‫المتصل ال‬
‫الحكم‪ ،‬أما ضمير النصب ُ‬
‫المتصل‪ ،‬عرفنا ُ‬
‫العطف على ضمير الرفع ُ‬
‫ُ‬
‫شرتط فيه شيء؛ تعطف بفاصل وبغير فاصل وبدون شرط‪.‬‬‫ُي‬
‫المتصل؟ هذا هو‬
‫المتصل‪ ،‬كيف تعطف على ضمير الجر ُ‬
‫بقي ضمير الجر ُ‬
‫الذي يذكر ُه ابن مالك يف البيتين التاليين فيقول‪:‬‬
‫للم ْيرا َم ْفللض ا اَه َملل َقللدْ دج اعللالَ‬ ‫َ ا‬ ‫َو َع ل دد َمللافاض َلللدَ َع ْطللف َع َلللى‬
‫فاللي الللنَّ ْظ اُ والنَّ َْللرا الص ا‬
‫للح ْيحا دم َْ َبعَللا‬ ‫و َلللليس اعنْل ا‬
‫للد ا اَه َمللل إا ْة َقلللدْ َأ َ لللى‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪416h‬‬
‫المتصل‪ ،‬أو كما قال‪" :‬ضمير الخفض‬
‫يتكلم عن العطف على ضمير الجر ُ‬
‫المتصل‪ ،‬الجر والخفض ُمصطلحان ُيقصدُ هبما شي ٌء واحد‪ ،‬فذكر أن أكثر‬
‫ُ‬
‫النحويين يوجب و ُيلزم إعادة الجار مع المعطوف‪ ،‬إذا عطفت على ضمير ٍ‬
‫جر‬
‫ُمتصل البد أن ُتعيد مع المعطوف الجار؛ الذي جر الضمير ُ‬
‫المتصل‪.‬‬
‫مررَ بك وه د"‪.‬‬
‫د‬ ‫مررَ بك وب د"‪ ،‬وال تقول‪" :‬‬
‫د‬ ‫‪-‬تقول‪" :‬‬

‫‪-‬قال تعالى‪( :‬ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ) [المؤمن َّ‪ ،]22:‬وال ُيقال‪" :‬وعلي ا‬


‫وال دفلك دحمل َّ"‪.‬‬
‫الُعاب لي وأمي"‪.‬‬
‫د‬ ‫الُعاب لي و مي"‪ ،‬وال تقول‪" :‬‬
‫د‬ ‫‪-‬تقول‪" :‬‬

‫‪-‬قال تعالى‪( :‬ﯧ ﯨ ﯩ) [فصلت‪ ،]11:‬وال ُيقال‪" :‬ف ال ل ا‬


‫وا ر ا "‪.‬‬
‫عاب أمي"‪ ،‬وال تقول‪" :‬هَا عابي وأمي"‪،‬‬
‫‪ -‬ل أ اا‪" :‬هَا عابي و د‬
‫المتكلم) أردت‬
‫عاب أمي" أين المعطوف؟ "هَا عابي"‪( :‬ياء ُ‬
‫"هَا عابي و د‬
‫أن تعطف أخاك عليك‪" :‬هَا عابي وأمي" أردت أن تعطف أخاك عليك لكن‬
‫(الياء) هنا ضمير جر ُمتصل البد أن ُتعيد مع المعطوف الجار‪ ،‬ما الذي جر (ياء)‬
‫المضاف كتاب البد أن ُتعيده‪" ،‬هَا عابي و د‬
‫عاب أمي"‪،‬‬ ‫المتكلم يف " عابي"؟ ُ‬
‫ُ‬
‫وال تقول‪" :‬هذا كتابي وأخي"‪.‬‬

‫‪-‬قال تعالى‪( :‬ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ) [الب رة‪ ،]133:‬وال تقول‪:‬‬


‫"نعبدد إل ك وآبائك"‪.‬‬
‫‪-‬وهَا ه ق ل ابن مالك‪:‬‬
‫للم ْيرا َم ْفللض ا اَه َملل َقللدْ دج اعللالَ‬
‫َ ا‬ ‫َو َع ل دد َمللافاض َلللدَ َع ْطللف َع َلللى‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪417h‬‬
‫‪g‬‬
‫فهذا هو قول البصريين وقول الجمهور‪ ،‬وذهب الكوفيون إلى جواز العطف‬
‫المتصل بإعادة العاطف وبعدم إعادته‪ ،‬واختار مذهبهم ابن‬
‫على ضمير الجر ُ‬
‫مالك‪ ،‬ونص على ذلك يف قوله‪:‬‬
‫فاللي الللنَّ ْظ اُ والنَّ َْللرا الص ا‬
‫للح ْيحا دم َْ َبعَللا‬ ‫َ َلللليس اعنْل ا‬
‫للد ا اَه َمللل إا ْة َقلللدْ َأ َ لللى‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬
‫د‬
‫والدليق على‬ ‫فَ ر أَّ إعادة الَار مع المعط ف ليس عنده واجبا وا اهما‪،‬‬
‫ةلك َر دة مَيسه يف النظُ‪ ،‬ويف النَر ما ة ر‪:‬‬

‫‪-‬فمن النثر قراءة حمزة وهي قراء ٌة سبعية‪( :‬ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨﭩ)‬


‫[النساء‪ ،]1:‬فقراءة الجمهور‪( :‬ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨﭩ)‪ ،‬العطف هنا‬
‫على لفظ الجاللة‪" ،‬اتقوا اهلل‪ ،‬واتقوا األرحا َم"‪ ،‬فالعطف على اسم ظاهر‪ ،‬ال‬
‫إشكال فيه‪" :‬اتقوا اهلل واتقوا األرحا َم" فالعطف على اسم ظاهر ال إشكال فيه‪.‬‬

‫وأما على قراءة حمزة‪( :‬ﭥ ﭦ ﭧ ﭨﭩ)؛ فاحتج هؤالء وقالوا عن‬
‫األرحام معطوف ٌة على الهاء يف (به) ومع ذلك عطف بال إعادة الجار‪ ،‬قال‪" :‬به‬
‫واألرحا ِم"‪.‬‬
‫ولو جاء الكالم على ما يوجب ُه الجمهور لكان ُيقال‪" :‬اتقوا اهلل الذي تساءلون‬
‫به وباألرحا ِم"‪ ،‬واآلية –أقصد القراءة‪ُ -‬خرجت على غير ذلك‪ ،‬فليس الدليل هبا‬
‫قائما‪ ،‬فقيل‪ :‬إن (الواو) واو القسم‪ ،‬وهلل أن ُيقسم بما شاء‪ ،‬أقسم‪ ‬هنا‬ ‫ً‬
‫باألرحام‪ ،‬إال أن االحتجاج باآلية يقويه –االحتجاج باآلية يقويه أن معناها سيكون‬
‫قري ًبا من معنى قراءة الجمهور‪ ،‬وجعلوا (الواو) واو القسم ُيبعدها عن معنى قراءة‬
‫الجمهور‪.‬‬
‫واهلل أعلُ وصلى اهلل وسلُ على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين‪.‬‬

‫‪¹‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪418h‬‬

‫الدرس احلادي والتسعون‬


‫﷽‬

‫الحمد هلل رب العالمين‪ ،‬والصالة والسالم على نبينا محمد‪ ،‬وعلى آله‬
‫وأصحابه أجمعين‪.‬‬
‫أما بعد‪:‬‬
‫فالسالم عليكم ورحمة اهلل وبركاته‪ ،‬وحياكم اهلل وب ّياكم يف ليلة اإلثنين‪ ،‬التاسع‬
‫ثالث وثالثين وأربعمائة وألف يف جامع‬ ‫ٍ‬ ‫من شهر جمادى اآلخرة من سنة‬
‫الراجحي يف مدينة الرياض‪ ،‬لنعقد–بحمد اهلل وتوفيقه‪ -‬الدرس الحادي والتسعين‬
‫من دروس شرح ألفية ابن مالك –عليه رحمة اهلل‪.-‬‬
‫متواصال على باب عطف النسق‪ ،‬الذي عقده ابن مالك‪‬‬
‫ً‬ ‫وال زال الكالم‬
‫يبق منها إال القليل‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫خمسة وعشرين بيتًا‪ ،‬وقد شرحنا أكثرها‪ ،‬ولم َ‬ ‫يف‬
‫سنبدأ بمواصلة الشرح لبيتين بدأنا بشرحهما يف الدرس الماضي‪ ،‬ثم نكمل‪-‬‬
‫إن شاء اهلل تعالى‪ -‬بشرح األبيات الباقية من هذا الباب‪ ،‬وهي أربعة أبيات‪،‬‬
‫فمجموع األبيات التي سنشرحها يف هذا الدرس إن شاء اهلل تعالى ستة أبيات‪ ،‬نبدأ‬
‫الدرس كالمعتاد بقراءهتا‪ ،‬قال ابن مالك‪ ‬يف ألفيته يف باب عطف النسق‪:‬‬
‫لللم ْيرا َم ْفللللض ا اَهمللللا َقللللدْ دج اعللللالَ‬ ‫َل ا‬ ‫َو َعلللل دد َمللللافاض َلللللدَ َع ْطللللف َع َلللللى‬
‫فالللي اللللنَّ ْظ اُ والنَّ َْلللرا الص ا‬
‫لللح ْيحا دم َْ َبعَلللا‬ ‫و َلللللليس اعنْل ا‬
‫للللد ا اَهملللللا إا ْة َقلللللدْ َأ َ لللللى‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪419h‬‬
‫‪g‬‬

‫َواللللل َ داو إة اَ َللللل ْب َس َو ْهل َ‬


‫لللي ا ْن َفل َ‬
‫لللر َد َْ‬ ‫لت‬‫ف َمل ْلع َمللا َع َط َفل ْ‬ ‫‪َ .561‬وال َفللا دء َقللدْ ْدحل َلَ د‬
‫َم ْع دم دلللللللل ده َد ْفعلللللللا لاللللللل َ ْهُ ا ا لللللللي‬ ‫لللف َع ااملللق دمللل َال َقلللدْ َب ا لللي‬ ‫‪.562‬باع ْط ا‬
‫َ‬
‫الفع ا ا‬ ‫ا‬ ‫للك ا‬ ‫َو َع ْط دف َ‬ ‫ف َم ْع دبللل بالللدَ ا دهنَلللا ْاسللل َعبا ْح‬ ‫‪َ .563‬و َحل ْ‬
‫للح‬
‫للق َص ّ‬ ‫للق َع َلللى ْ‬ ‫الف ْع َ‬ ‫للَ َ‬
‫َو َعُْسلللللا ْاسللللل َع ْع امق ا‬
‫ََلللللدْ ده َسللللل ْ ال‬ ‫ف َع َلى ْاسُ ا ل ْب اه فا ْعلق فا ْعلال‬ ‫‪َ .564‬وا ْعطا ْ‬
‫يف البيتين األولين تكلم‪ ‬على مسألة العطف على ضمير الجر‪ ،‬العطف‬
‫على ضمير الخفض‪ ،‬وهذه المسألة كنا بدأناها يف الدرس الماضي‪ ،‬وقلنا فيها‪ :‬إن‬
‫البصريين وتبعهم على ذلك كثير من المتأخرين أوجبوا إعادة العامل مع المعطوف‬
‫ٍ‬
‫وبزيد)‪،‬‬ ‫إذا عطفت على ضمير مجرور‪ ،‬أو على ضمير جر‪ ،‬فإذا قلت‪( :‬مررت بك‬
‫فيجب أن تعيد العامل يف ضمير الجر وهو الباء‪ ،‬فتقول‪( :‬مررت بك وبزيد)‪ ،‬وال‬
‫يجوز أن تقول‪( :‬مررت بك ٍ‬
‫وزيد)‪ ،‬فتعطف بغير إعادة العامل‪.‬‬
‫وكذلك يف الجر باإلضافة‪ ،‬لو قلت‪( :‬هذا الكتاب لي وألخي)‪ ،‬فإن كلمة أخي‬
‫أيضا أن تعيد‬
‫معطوفة على ياء المتكلم يف كتابي‪ ،‬وياء المتكلم ضمير جر‪ ،‬فيجب ً‬
‫الجار مضا ًفا‪،‬‬
‫ّ‬ ‫الجر‪ ،‬سوا ٌء أكان حرف جر‪ ،‬كقولك‪ :‬الكتاب لي وألخي‪ ،‬أو كان‬
‫كقولك‪( :‬هذا كتابي وكتاب أخي)‪ ،‬فالبد من إعادة الجار‪ ،‬وذكرنا على ذلك أمثلة‬
‫وشواهد متعددة يف الدرس الماضي‪ ،‬فهذا الذي أشار إليه ابن مالك‪ ‬يف‬
‫قوله‪:‬‬
‫لللم ْيرا َم ْفللللض ا اَهمللللا َقللللدْ دج اعللللال‬
‫َل ا‬ ‫َو َعللل دد َملللافاض َللللدَ َع ْطلللف َع َللللى‬
‫يعني أن البصريين جعلوا ذلك واج ًبا الز ًما‪ ،‬وأما الكوفيون فإهنم ال يوجبون‬
‫ذلك‪ ،‬ولكنهم يقولون‪ :‬إن األكثر واألحسن أن تعيد العامِل يف ضمير الجر إذا‬
‫ٍ‬
‫بواجب وال الزم‪ ،‬فعلى مذهبهم األحسن واألكثر أن‬ ‫عطفت عليه‪ ،‬ولكن هذا ليس‬
‫تقول‪( :‬الكتاب لي وألخي)‪ ،‬ويجوز أن تقول‪( :‬الكتاب لي وأخي)‪.‬‬
‫وتقول على األكثر واألحسن يف اإلضافة‪( :‬هذا كتابي وكتاب أخي)‪ ،‬ويجوز‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪420 h‬‬
‫عندهم أن تقول‪( :‬هذا كتابي وأخي)‪.‬‬
‫وصرح‪ ،‬وهذا قوله يف البيت‬
‫ّ‬ ‫واختار ابن مالك ‪ ‬قول الكوفيين يف ذلك‪،‬‬
‫الثاين‪َ :‬و َل ْي َس اعن اْد ا اَهما‪ ،‬ثم دلل على أن هذا ليس بالزم بقوله‪:‬‬
‫فالللي اللللنَّ ْظ اُ والنَّ َْلللرا الص ا‬
‫لللح ْيحا دم َْ َبعَلللا‬ ‫‪ .......................‬إا ْة َقلللللدْ َأ َ لللللى‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫يقول‪ :‬عدم إعادة العامل إذا عطفت على ضمير جر‪ ،‬هذا قد جاء يف النثر‪،‬‬
‫وجاء يف النظم أي الشعر‪ ،‬فهذا يدل على جوازه‪ ،‬وإن كان أحدهما أحسن وأكثر‬
‫من اآلخر‪.‬‬
‫من ال اهد العي جاءَ دال ًة على قول الكوفيين وابن مالك بعدم وجوب‬
‫إعادة العامل إذا عطفت على ضمير جر‪ :‬قراءة حمزة‪ ،‬وهي قراءة سبعية يف قوله‬
‫تعالى‪( :‬ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨﭩ) [النساء‪ ،]1:‬فإن الجمهور‪ ،‬جمهور‬
‫القراء قرأ بنصب‪ :‬واألرحا َم‪( ،‬ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨﭩ)‪ ،‬فهو عطف على‬
‫لفظ الجاللة‪ ،‬أي واتقوا اهلل واتقوا األرحا َم‪ ،‬وقرأ حمزة‪( :‬ﭨﭩ) بالجر‪،‬‬
‫فقالوا‪ :‬واألرحا ِم عطف على الهاء يف قوله‪ :‬به‪ ،‬وهو ضمير جر‪ ،‬بال إعادة العامل‪،‬‬
‫يعني لم يقل‪ :‬تساءلون به وباألرحام‪ ،‬والعرب كانت تتساءل بذلك‪ ،‬فتقول‪ :‬أسألك‬
‫باهلل والرحم‪.‬‬
‫وهذا دليل قد يتخرج على غير ما استدل به هؤالء‪ ،‬ولذلك أكثر من تخريج‪،‬‬
‫الجارة‪ ،‬اتقوا اهلل الذي‬
‫ّ‬ ‫القسم‬
‫من أشهرها‪ :‬أن الواو على قراءة حمزة هي واو َ‬
‫تساءلون به‪ ،‬ثم أقسم باألرحام فقال‪ :‬واألرحا ِم (ﭪ ﭫ ﭬ)‪ ،‬إلى آخره‪ ،‬فقوله‪:‬‬
‫قسم‪ ،‬وهلل أن يقسم بما شاء من مخلوقاته‪ ،‬كقوله‪( :‬ﯮ)‪،‬‬
‫واألرحام َ‬
‫(ﭬ)‪( ،‬ﭑ) [العصر‪ ،]1:‬إلى آخره‪.‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪421h‬‬
‫‪g‬‬
‫فهذا تخريج متجه‪ ،‬وال إشكال فيه‪ ،‬إال أن الذي قد يرجح التخريج األول‬
‫لقراءة حمزة هو أنه أقرب إلى معنى قراءة الجمهور‪ ،‬تخريج قراءة حمزة على أنه‬
‫عط ف على الهاء يف به أقرب إلى معنى قراءة الجمهور من التخريج اآلخر الذي‬
‫كثيرا عن معنى قراءة الجمهور‪ ،‬وتوافق القراءات على معنى واحد مقدم‬
‫أبعدها ً‬
‫منكورا‪.‬‬
‫ً‬ ‫على اختالفها‪ ،‬إال أن اختالفها ليس‬

‫قد ُتخرج القراءة على معنى وحكم‪ ،‬والقراءة األخرى لآلية نفسها قد ُت َ‬
‫خرج‬
‫معنى آخر وحكم‪ ،‬هذا وارد وال إشكال فيه‪.‬‬
‫ً‬ ‫على‬
‫ومن الشواهد على قول الكوفيين قول الشاعر‪:‬‬
‫فاةهللب فمللا بللك وا للام مللن عَللب‬ ‫فللللالي م قربللللت َ نللللا و للللعمنا‬
‫(فما بك واأليام)؛ فالكاف يف بك ضمير جر‪ ،‬ثم عطف عليه فقال‪ :‬واأليام بال‬
‫الجار (الباء)‪ ،‬ولو جاء على جادة الكالم لكان يقول‪ :‬فاذهب فما بك‬
‫ّ‬ ‫إعادة‬
‫وباأليامِ‪ ،‬وهذا شعر‪.‬‬

‫وخرج بعضهم على ذلك بعض اآليات‪ ،‬كقوله ‪( :‬ﭺ ﭻ ﭼ‬


‫ّ‬
‫ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ) [الب رة‪ ،]217:‬الواو يف (ﮀ) حرف‬
‫عطف‪ ،‬والمسجد معطوف مجرور‪ ،‬مجرور على ماذا؟ قال هؤالء المستدلون على‬
‫الجواز‪ :‬إنه عطف على الهاء يف قوله‪( :‬ﯮ) [الب رة‪ ،]15:‬وهو ضمير الجر‪ ،‬ولم‬
‫ُيعد الجار‪.‬‬
‫واآلية فيها تخريجات ُأخر‪ ،‬من أشهرها وأوضحها‪ :‬أن المسجد الحرام عطف‬
‫على سبيل اهلل‪ ،‬أي وصدٌ عن سبيل اهلل والمسجد الحرام‪.‬‬

‫أيضا على هذا القول‪ ،‬قوله ‪( :‬ﭳ ﭴ ﭵ‬


‫وخرج بعضهم ً‬
‫ّ‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪422h‬‬
‫ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ) [الحَر‪ ،]20:‬أين وجه االستشهاد يف اآلية؟ (ﭷ‬
‫ﭸ)‪ ،‬هذا حرف عطف‪َ ،‬من‪ :‬اسم موصول بمعنى الذي معطوف‪ ،‬معطوف على‬
‫ماذا؟ نعم‪.‬‬
‫الطالب‪)00:13:18@( :‬‬
‫ٍ‬
‫حينئذ‪ :‬جعلنا‬ ‫ال يخ‪ :‬و َمن لستم له برازقين‪ ،‬عطف على معايش‪ ،‬والمعنى‬
‫لكم فيها معايش‪ ،‬وجعلنا لكم فيها من لستم له برازقين‪ ،‬كالحيوانات وغيرها‪،‬‬
‫وهذا معنى متجه وتخريج ظاهر‪ ،‬وال دليل فيه على الجواز‪.‬‬
‫لكن االستشهاد هبذه اآلية على الجواز أهنم جعلوا ( َمن) معطوفة على (كم) يف‬
‫قوله‪( :‬ﯔ ﯕ) [ا عراف‪ ،]10:‬يعني جعلنا لكم فيها معايش‪ ،‬وجعلنا هذه‬
‫المعايش لمن لستم له برازقين‪ ،‬جعلنا هذه المعايش لمن؟ لكم ولمن لستم له‬
‫فمن على هذا عطف على ضمير الجر يف قوله لكم‪ ،‬فهذا تخريج‪ ،‬ولكنه‬
‫برازقين‪َ ،‬‬
‫به ااسعدال‪.‬‬ ‫ليس بالزم يف اآلية‪ ،‬فالدليق إةا طرق له ااحعمال س‬
‫وخاصة أن التوجيهات األخرى ليست متكلفة‪.‬‬
‫الم النح ين وابن مالك‪ ،‬ونحن بعا ل ُ‪ ،‬ن رر هَه المسٌلة فن ل‪ :‬إذا‬
‫عطفت على ضمير جر‪ ،‬فيجب أن تعيد الجار (العامل)‪ ،‬والمسألة السابقة التي‬
‫تكلمنا عليها يف الدرس السابق كانت العطف على ضمير الرفع المتصل‪ ،‬كقولك‪:‬‬
‫(جئت أنا ومحمد)‪ ،‬فيجب أن تفصل بين ضمير الرفع المتصل وما عطفته عليه‪،‬‬
‫ضميرا‬
‫ً‬ ‫هنا يف ضمير الجر‪ ،‬يف ضمير الخفض‪ ،‬لم يشرتط النحويون أن يكون‬
‫متصال‪.‬‬
‫ً‬
‫منفصال فال ُيشرتط فيه الفصل‪ ،‬يعني فيه فرق بين الضمير‬
‫ً‬ ‫ضمير الرفع إذا كان‬
‫المتصل والضمير المنفصل‪ ،‬ضمير الرفع المتصل البد من الفصل‪ ،‬وضمير الرفع‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪423h‬‬
‫‪g‬‬
‫المنفصل ال ُيشرتط فيه الفصل كالظاهر‪.‬‬
‫نه معصال؟ الَ اب‪ :‬ألن‬ ‫وماير الخفض‪ ،‬مير الَر‪ ،‬لماةا لُ ننن على‬
‫متصال‪ ،‬وهذا سبق يف باب الضمائر‪ ،‬فضمائر الرفع تكون‬
‫ً‬ ‫ضمير الجر ال يكون إال‬
‫متصلة‪ ،‬ومنفصلة‪ ،‬وضمائر النصب تكون متصل ًة ومنفصلة‪ ،‬أما ضمائر الجر‬
‫(الخفض) فال تكون إال متصلةً‪ ،‬فال حاجة الشرتاط ذلك‪.‬‬
‫ثم قال ابن مالك ‪:‬‬

‫َوالللللل َ داو اَ َلللللل ْب َس َو ْهل َ‬


‫للللي ا ْن َفللللل َر َد َْ‬ ‫للع َملللا َع َط َفل ْ‬
‫للت‬ ‫ف َمل ْ‬ ‫َوال َفلللا دء َقلللدْ ْدحل َ‬
‫للَ د‬
‫َم ْع دم دلللللللل ده َد ْفعلللللللا لاللللللل َ ْهُ ا ا لللللللي‬ ‫للللف َع ااملللللق دمللللل َال َقلللللدْ َب ا لللللي‬
‫باع ْطل ا‬
‫َ‬
‫بادَ ا دهنَا ْاس َعبا ْح‬ ‫َو َح َْ َ‬
‫ف َم ْع دب‬
‫فهذان بيتان وشطر‪ ،‬تكلم فيهما ابن مالك‪ ‬على الحذف يف هذا الباب‪،‬‬
‫الحذف يف باب عطف النسق‪ ،‬تكلم على حذف المعطوف وحرف العطف‪ ،‬وتكلم‬
‫على حذف المعطوف وحده‪ ،‬وتكلم على حذف المعطوف عليه وحده‪.‬‬

‫‪ ‬فنبدأ بالكالم على حذف املعطوف مع حرف العطف‪:‬‬


‫قد ُيحذف المعطوف مع حرف العطف‪ ،‬ويف ذلك يقول ابن مالك ‪:‬‬
‫ف َم ْع َما َع َط َف ْ‬
‫ت‪ ،‬الفاء هذا حرف العطف‪ ،‬قد ُتحذف مع ما عطفت‪،‬‬ ‫َوال َفا دء َقدْ ْدح ََ د‬
‫يعني المعطوف‪.‬‬
‫َواللللل َ داو‪.............................‬‬ ‫للع َملللا َع َط َفل ْ‬
‫للت‬ ‫ف َمل ْ‬ ‫َوال َفلللا دء َقلللدْ ْدحل َ‬
‫للَ د‬
‫يعني والواو كذلك قد ُتحذف مع ما عطفت‪ ،‬إة اَ َل ْب َس‪ ،‬هذا الشرط‪ ،‬فيَ ه‬
‫أَّ حَف المعط ف مع حرف العطف‪ ،‬ب ر ين ة رهما ابن مالك‪:‬‬
‫ا ول‪ :‬أن يكون حرف العطف الفاء أو الواو‪.‬‬
‫وال ر الَاين‪ :‬عدم اللبس‪ ،‬يعني وجود الدليل على المحذوف‪.‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪424h‬‬
‫فالحذف مع الفاء‪ ،‬حذف المعطوف مع الفاء هذا كثير‪ ،‬كقوله ‪:‬‬
‫(ﭿ ﮀ ﮁ ﮂﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈﮉ) [الب رة‪،]60:‬‬
‫(ﭿ ﮀ ﮁ ﮂﮃ)‪ ،‬عندما قيل له‪ :‬اضرب بعصاك الحجر‪ ،‬ما الذي‬
‫حدث؟ ما الذي فعل؟ انبجست؟ انفجرت وال ضرب ً‬
‫أوال؟ ضرب‪ ،‬لكن ما ذكر‬
‫الضرب يف اآلية‪( ،‬ﭿ ﮀ ﮁ ﮂﮃ ﮄ)‪ ،‬التقدير –واهلل‬
‫أعلم‪ :-‬فقلنا اضرب بعصاك الحجر فضرب فانفجرت‪.‬‬
‫إ ًذا ُحذف المعطوف‪ ،‬وحرف العطف‪ ،‬ألن المعنى واضح‪ ،‬عندما قال‪:‬‬
‫اضرب‪ ،‬هذا الدليل‪ ،‬فضرب‪ ،‬ومثل ذلك قوله ‪( :‬ﭗ ﭘ ﭙ‬
‫ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠﭡ ﭢ) [ا عراف‪،]160:‬‬
‫أي أن اضرب بعصاك الحجر فضرب فانبجست‪ ،‬فحذف حرف العطف‬
‫والمعطوف عليه‪.‬‬

‫وقوله ‪( :‬ﭹ ﭺ ﭻ) [النحق‪ ،]81:‬سرابيل جمع‬


‫سربال‪ ،‬معروف‪ ،‬الثياب‪( ،‬ﭹ ﭺ ﭻ)‪ ،‬يذكر ذلك ‪ ‬يف‬
‫تعداد النعم‪ ،‬نعمه على العباد‪ ،‬فقال‪( :‬ﭹ ﭺ ﭻ)‪ ،‬أي سرابيل‬
‫تقيكم الحر والربد؛ ألن الثياب سرابيل تقي الحر والربد‪ ،‬فعندما قال‪ :‬تقي الحر‪،‬‬
‫ُعرف أهنا تقي الحر والربد‪ ،‬هذا ما يتعلق باألحكام النحوية‪.‬‬
‫كثيرا ألهميته‪ ،‬نحن نتكلم اآلن على النحو‪ ،‬أما‬
‫نبهنا على ذلك‪ ،‬وننبه عليه ً‬
‫على البالغة‪ ،‬فهذا أعمق من النحو‪ ،‬يعني قلنا اآلن‪ :‬يجوز لك أن تحذف‬
‫المعطوف وحرف العطف‪ ،‬فمعنى اآلية تقيكم الحر والربد‪ ،‬هذا جائز يف النحو‪.‬‬
‫طيب‪ ،‬ما فائدته؟ ما الغرض من الحذف هنا؟ ما البالغة التي ُأضفيت على‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪425h‬‬
‫‪g‬‬
‫اآلية بسبب الحذف؟ هذه أشياء ُتبحث يف البالغة وهي أعمق من النحو‪ ،‬النحو‬
‫الدرجة األولى‪ ،‬فقط تبين لك األحكام‪ ،‬تفصل لك بين الخطأ والصواب‪ ،‬أما‬
‫البالغة فهي فوق ذلك‪ ،‬وكل ما قيل فيه يجوز الحذف‪ ،‬فهذا جواز نحوي‪ ،‬أما‬
‫البالغة فهي تبين ما الغرض من الحذف‪ ،‬لماذا ُحذف هنا ولم ُيحذف هناك؟‬
‫وهكذا‪.‬‬
‫ف د ال هنا مَال‪ :‬أنه نُص على الحر؛ ألن الخطاب كان للعرب‪ ،‬وبالدهم‬
‫حارة‪ ،‬فهذا أظهر يف بيان النعمة‪ ،‬وقد يقال غير ذلك‪.‬‬
‫اهد الحَف ق ل العرب‪ :‬راكب الناقة طليحان‪ ،‬طليحان‪ :‬مثنى طليح‪،‬‬ ‫ومن‬
‫والطليح هو الضعيف‪ ،‬كأنه قال‪ :‬راكب الناقة ضعيفان‪ ،‬على تقدير‪ :‬راكب الناقة‬
‫والناقة ضعيفان‪ ،‬ولكنه حذف الناقة وحرف العطف‪ ،‬لداللة قوله‪ :‬راكب الناقة‪.‬‬
‫ومن ذلك قول النابغة الذبياين‪:‬‬
‫أبللللللل دحَلللللللر إا ليلللللللال قالئل د‬
‫للللللق‬ ‫فمللا للاَّ بللين الخيللر ل ل جللاء سللالما‬
‫يقول ذلك للنعمان بن الحارث الغساين‪ ،‬يقول‪ :‬فما كان بين الخير لو جاء‬
‫جر يعني النعمان‪ ،‬إال ٍ‬
‫ليال قالئل‪ ،‬فما كان بين الخير وماذا؟ وبيني‪،‬‬ ‫سالما أبو ُح ٍ‬
‫ً‬
‫فما كان بين الخير وبيني‪ ،‬فحذف حرف العطف وما عطف‪.‬‬
‫فهذا ما يتعلق بحذف حرف العطف والمعطوف‪.‬‬
‫الص رة الَانية للحَف‪ :‬أَّ دحَف المعط ف وحده دوَّ حرف العطف‪ ،‬ويف‬
‫هذا يقول ابن مالك‪:‬‬
‫َو ْه َي ا ْن َف َر َد َْ‬
‫َم ْع دم دلللللللل ده َد ْفعلللللللا لاللللللل َ ْهُ ا ا لللللللي‬ ‫للللف َع ااملللللق دمللللل َال َقلللللدْ َب ا لللللي‬
‫باع ْطل ا‬
‫َ‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪426h‬‬
‫وهي يعني الواو انفردت هبذا الحكم‪ ،‬فالمعط ف د حَف ب ر ين‪:‬‬
‫ال ر ا ول‪ :‬أن يكون حرف العطف الواو‪.‬‬
‫عامال محذو ًفا بقي معموله‪ ،‬وعرفنا المراد‬
‫ً‬ ‫الَاين‪ :‬أن يكون‬ ‫وال ر‬
‫بالمعمول‪ ،‬معموله‪ :‬يعني مرفوعه أو منصوبه أو مجروره‪ ،‬هذا هو المعمول‪ ،‬أو‬
‫مجزومه‪ ،‬الذي عمل فيه‪ ،‬عمل فيه الرفع أو النصب أو الجر أو الجزم‪ ،‬ولذلك‬
‫أساليب قد تكون مضطردة‪ ،‬من ذلك قول الراجز‪:‬‬
‫حعللللللى لللللللعت همالللللللة عيناهلللللللا‬ ‫علفع للللللللا بنللللللللا ومللللللللاء بللللللللاردا‬
‫يعني دابته‪ ،‬أنه اهتم هبا وأكّلها وسقاها وأكثر من ذلك حتى دمعت عيناها من‬
‫كثرة األكل والشرب‪ ،‬علفتها تبنًا وما ًء بار ًدا‪ ،‬علفتها يعني أعطيتها عل ًفا‪ ،‬علفتها‬
‫تبنًا‪ ،‬التبن علف‪ ،‬ماشي‪ ،‬علفتها تبنًا وما ًء‪ ،‬الواو حرف عطف‪ ،‬وما ًء معطوف‪ ،‬هل‬
‫هو معطوف على التبن؟ لو كان معطو ًفا على التبن‪ ،‬فهو يقول‪ :‬علفتها تبنًا‪ ،‬فهل‬
‫علفها ما ًء؟ هل الماء من العلف لكي يعلفها ما ًء؟ يعني هل المعنى هنا يجيز أن‬
‫يكون الماء معطو ًفا على التبن؟ الجواب‪ :‬ال‪.‬‬
‫ولكن تقدير الكالم على وجود معطوف محذوف هو الذي نصب الماء‪،‬‬
‫ٍ‬
‫حينئذ من عطف الجمل‪ ،‬عطف جملة‬ ‫والتقدير‪ :‬علفتها تبنًا وسقيتها ما ًء‪ ،‬فالعطف‬
‫(سقيتها ما ًء) على جملة (علفتها تبنًا)‪.‬‬
‫ومن ذلك قول الشاعر‪:‬‬
‫وهجَللللللن الح اجللللللب والعيلللللل ََّ‬ ‫إةا مللللللا ال انيللللللاَ بللللللرهَّ مللللللا‬
‫زججن الحواجب‪ ،‬التزجيج‪ ،‬تزجيج الحواجب يعني تضييقها وتصغيرها‪،‬‬
‫وهذا إنما يكون للحواجب‪ ،‬وال يكون للعيون‪ ،‬العين ال ُتزجج‪ ،‬وإنما ُتكحل‪ ،‬إ ًذا‬
‫ال يصح من حيث المعنى أن نعطف العيون على الحواجب؛ ألهنا ال تشرتك معها‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪427h‬‬
‫‪g‬‬
‫يف العامل‪ ،‬يف التزجيج‪ ،‬وإنما على محذوف هو عامل يف العيون‪ ،‬والتقدير‪:‬‬
‫وكحلن العيون‪ ،‬فعطف جملة على جملة‪ ،‬ولم يعطف مفر ًدا‬
‫ّ‬ ‫وزججن الحوجب‬
‫(العيون) على مفرد (الحواجب)‪ ،‬لمنع المعنى من ذلك‪.‬‬

‫ومن ذلك قوله ‪( :‬ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ) [الح ر‪ ،]9:‬يعني‬


‫األنصار ◙‪( :‬ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ)‪ ،‬ما معنى تبوءوا؟ سكنوا‪ ،‬التبوء‬
‫هو السكنى واإلقامة‪( ،‬ﯦ ﯧ ﯨ)‪ ،‬يعني المدينة (طيبة) سكنوها وأقاموا‬
‫فيها‪( ،‬ﯦ ﯧ ﯨ)‪ ،‬ماشي‪( ،‬ﮥ)‪ ،‬هل اإليمان معطوف على الدار‬
‫متبو ٌء؟‬
‫أيضا َّ‬
‫فهو ً‬
‫الَ اب‪ :‬من حيث المعنى ال‪ ،‬لكن هناك عامل محذوف هو الناصب‬
‫ً‬
‫معموال مناس ًبا‪ ،‬يقدرونه على نحو‪ :‬والذين تبوءوا الدار وآثروا‬ ‫لإليمان‪ ،‬تقدره‬
‫اإليمان‪ ،‬فهو عطف جملة على جملة‪ ،‬ال عطف مفرد على مفرد‪ ،‬لمنع المعنى من‬
‫ذلك‪.‬‬
‫هذا قول جمهور النحويين‪ ،‬إن العطف هنا عطف جمل‪ ،‬وهناك معطوف‬
‫محذوف هو الناصب لهذا المعمول‪ ،‬والسبب الذي دعاهم إلى ذلك –كما عرفنا‪-‬‬
‫هو مراعاة ظاهر المعنى‪.‬‬
‫ويف هَه المسٌلة يف مَق هَا ا سل ب مالف على ال ة أق ال‪ :‬ال ل ا ول‪:‬‬
‫هو قول جمهور النحويين الذي ذكرناه قبل قليل‪ ،‬أن هناك معطو ًفا محذو ًفا هو‬
‫الناصب أو هو العامل يف المذكور‪.‬‬
‫وال ل الَاين‪ :‬قال به بعض النحويين والبالغيين‪ ،‬قالوا‪ :‬إن الواو يف مثل هذا‬
‫مفرد‪ ،‬فالعيون معطوفة على الحواجب‪ ،‬واإليمان‬ ‫ٍ‬ ‫عطفت مفر ًدا على‬
‫ْ‬ ‫األسلوب‬
‫معطوف على الدار‪ ،‬والماء معطوف على التبن‪ ،‬والتصرف والتوسع هنا حدث يف‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪428h‬‬
‫العامل األول‪ ،‬وهو قوله‪ :‬علفتها‪ ،‬توسعوا يف هذا العامل بما يسمى التضمين‪.‬‬
‫العامين مر بكم أكثر من مرة‪ ،‬من مشاهير مسائل النحو والبالغة‪ ،‬التضمين‪:‬‬
‫أن ُتضمن ً‬
‫عامال أو تضمن كلمة معنى كلمة أخرى‪ ،‬فتعاملها معاملة هذه الكلمة‪.‬‬

‫فع ّلفتها ّ‬
‫ضمنها معنى كلمة تعمل يف التبن والماء‪ ،‬كنحو‪ :‬أعطيتها تبنًا وما ًء‪ ،‬أو‬
‫أطعمتها تبنًا وما ًء‪ ،‬والطعام ُيطلق على المأكول‪ ،‬و ُيطلق على المشروب يف اللغة‬
‫ويف النصوص الشرعية‪ ،‬كقوله تعالى‪( :‬ﭟ ﭠ ﭡ) [الب رة‪ ،]249:‬عندما‬
‫مروا بالنهر؛ أي فمن لم يشرب منه‪.‬‬
‫َ‬
‫والعيون)‪ ،‬العطف عطف مفردات‪ ،‬والتصرف‬ ‫ويف قوله‪( :‬زججن الحواجب‬
‫حس َّن‬
‫جملن‪ّ ،‬‬
‫مثال‪ ،‬أو ّ‬
‫حس ّن ً‬
‫ضمن زججن كلمة ّ‬
‫صار يف العامل األول بالتضمين‪ّ ،‬‬
‫الحواجب والعيون‪ ،‬ونحو ذلك‪.‬‬

‫وكذلك يف اآلية‪( :‬ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ) [الح ر‪ّ ،]9:‬‬


‫التبوء هنا ُيضمن‬
‫ٍ‬
‫كلمة تصل إلى الدار واإليمان‪ ،‬فهذا هو القول الثاين‪.‬‬ ‫معنى‬
‫ال ل الَالث يف المسٌلة‪ ،‬أو يف هَا ا سل ب‪:‬‬
‫قالوا‪ :‬إن العطف عطف مفردات‪ ،‬والتوسع كان يف المعطوف‪ ،‬ففي قوله‪:‬‬
‫مجازا فشبهه‬
‫ً‬ ‫(ع ّلفتها تبنًا وما ًء)‪ ،‬الماء معطوف على التبن‪ ،‬إال أنه توسع يف الماء‬
‫بما ُيعلف‪ ،‬كأنه جعل الماء شي ًئا ُيع َلف‪ ،‬شبه الماء ألنه مما ُيطعم فشبهه بالعلف‪،‬‬
‫فقال‪( :‬ع ّلفتها تبنًا وما ًء)‪.‬‬
‫وكذلك (زججن الحواجب والعيون)‪ ،‬توسع يف العيون‪ ،‬فشبهها بما ُيزجج‪.‬‬

‫(ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ) [الح ر‪ ،]9:‬توسع يف اإليمان فشبهه بشيء‬


‫ُيسكن ويقام فيه‪.‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪429h‬‬
‫‪g‬‬
‫القول الثالث ٌ‬
‫قول للبالغيين‪ ،‬قريب من التضمين؛ ألنه يقوم على معنى‬
‫بالغي‪ ،‬إال أن التضمين كان يف العامل األول‪ ،‬والقول الثالث كان التوسع يف‬
‫المعطوف نفسه‪.‬‬
‫والقوالن الثاين والثالث وجيهان؛ ألهنما أنسب للمعنى من القول األول‪،‬‬
‫والقول األول هو أقرب إلى ظاهر الكالم‪ ،‬فهذه هي الصورة الثانية للحذف‪ :‬وهو‬
‫حذف المعطوف وحده‪.‬‬
‫الص رة الَالَة للعطف‪ :‬هو حذف المعطوف عليه وحده؛ أن تحذف‬
‫ف َم ْع دب بادَ ا دهنَا ْاس َعبا ْح‪،‬‬
‫المعطوف عليه وحده‪ ،‬ويف هذا قال ابن مالك‪َ :‬و َح َْ َ‬
‫فيجوز حذف المعطوف بشرط عدم اللبس‪ ،‬أو بشرط وجود دلي ٍل عليه‪ ،‬طب ًعا‬
‫وجود الدليل على المعطوف هذا شرط للحذف عمو ًما يف اللغة‪ ،‬أ محَوف يف‬
‫الل ة ف ر ه وج د الدليق عليه‪ ،‬وقد نص ابن مالك على هذا الشرط وهو وجود‬
‫الدليل على المعطوف يف قوله‪( :‬بدا) َو َح َْف َم ْع دب بادَ ا‪ ،‬يعني معطوف ظاهر يف‬
‫المعنى‪.‬‬
‫وحذف المعطوف عليه ال يكون إال بعد الواو والفاء‪ ،‬مثال ذلك لو قيل لك‬
‫وعمروا)‪ ،‬التقدير‪ :‬نعم‪ ،‬ضربت‬
‫ً‬ ‫(أضربت زيدً ا؟)‪ ،‬فتقول يف الجواب‪( :‬نعم‪،‬‬
‫َ‬ ‫مثال‪:‬‬
‫ً‬
‫وعمروا‪ ،‬فحذفت المعطوف عليه‪ ،‬فهذا أسلوب مضطرد‪ ،‬ومن ذلك قول‬ ‫ً‬ ‫زيدً ا‬
‫وأهال‬
‫ً‬ ‫العرب لمن قال لهم‪( :‬مرح ًبا)‪ ،‬فإهنم قد يقولون يف جواب ذلك‪( :‬وبك‪،‬‬
‫وسهال)‪ ،‬إذا قيل لهم‪ :‬مرح ًبا‪ ،‬يجيبون بإجابات متعددة‪ ،‬من ذلك أن يقولوا‪:‬‬
‫ً‬
‫وسهال‪.‬‬
‫ً‬ ‫وأهال‬
‫ً‬ ‫وسهال)‪ ،‬والتقدير‪ :‬ومرح ًبا بك‬
‫ً‬ ‫وأهال‬
‫ً‬ ‫(وبك‪،‬‬
‫وأهال‪ ،‬هذا معطوف‪ ،‬معطوف على ماذا يف قوله‪ :‬وبك‬
‫ً‬ ‫وأهال)‪ ،‬قوله‪:‬‬
‫ً‬ ‫(وبك‬
‫وأهال‬
‫ً‬ ‫وأهال‪ ،‬فقوله‪:‬‬
‫ً‬ ‫وأهال؟ معطوف على مرح ًبا المحذوفة‪ ،‬يعني‪ :‬ومرح ًبا بك‬
‫ً‬
‫معطوفة على مرح ًبا المحذوفة‪ ،‬والدليل‪ :‬قول المبتدئ‪ :‬مرح ًبا‪.‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪430 h‬‬
‫وسهال)‪ ،‬الواو األولى هذه ما هي؟‬
‫ً‬ ‫وأهال‬
‫ً‬ ‫أما الواو األولى يف قوله‪( :‬وبك‬
‫(وبك)‪ ،‬هذه الواو حرف عطف‪ ،‬لكن عطفت جملة على جملة‪ ،‬عطفت جملة‬
‫المتكلم على جملة المخاطِب‪ ،‬المخاطِب إذا قال لك‪ :‬مرح ًبا‪ ،‬أنت تقول‪ :‬وبك‬
‫وسهال‪ ،‬عطفت كالمك على كالمه‪ ،‬إ ًذا فالواو األولى عاطفة‪ ،‬لكن عطفت‬
‫ً‬ ‫وأهال‬
‫ً‬
‫جملة على جملة‪ ،‬جملة المتكلم على جملة المخاطِب‪ ،‬والواو الثانية‪( :‬وبك‬
‫وأهال على مرح ًبا المحذوفة يف كالم‬
‫ً‬ ‫وأهال)‪ ،‬هي وجه االستشهاد‪ ،‬عطفت‬‫ً‬
‫وأهال‪.‬‬
‫ً‬ ‫المتكلم‪ ،‬ومرح ًبا بك‬
‫أهال‪ ،‬ما فيها إشكال‪ ،‬عطف مفرد‬
‫(وسهال)‪ ،‬هذه معطوفة على ً‬
‫ً‬ ‫والواو الثالثة‪:‬‬
‫على مفرد‪.‬‬
‫وسهال) هما اسمان‪ ،‬ال مصدران‪ ،‬األهل‪ ،‬أهل اإلنسان‪،‬‬
‫ً‬ ‫(أهال‬
‫وقول العرب‪ً :‬‬
‫ٌ‬
‫مفعول به لفعل محذوف‪،‬‬ ‫أقاربه األدنون‪ ،‬والسهل‪ :‬المكان السهل‪ ،‬وإعراهبا‬
‫سهال‪.‬‬
‫وسهال‪ :‬يعني وطئت ً‬
‫ً‬ ‫أهال‪ ،‬يعني أتيت أهلك‪،‬‬
‫أهال‪ ،‬يعني قدمت ً‬
‫فقولهم‪ً :‬‬
‫بعض النحويين ُيمثل لحذف المعطوف عليه بنحو قوله ‪:‬‬
‫(ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ) [ال مرف‪ ،]5:‬اآلية مبدوءة هبمزة استفهام‪،‬‬
‫وبعد همزة االستفهام حرف العطف (الفاء)‪ ،‬قال‪ :‬التقدير‪ :‬أنمهلكم فنضرب‬
‫صفحا‪( ،‬ﮔ)‪ ،‬الفاء هذه عاطفة‪ ،‬عطفت ماذا على ماذا؟ قال‪:‬‬
‫ً‬ ‫عنكم الذكر‬
‫المعطوف عليه محذوف‪ ،‬يدل عليه المعنى‪ ،‬يعني أنمهلكم فنضرب عنكم الذكر‬
‫صفحا‪.‬‬
‫ً‬

‫وكقوله تعالى‪( :‬ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ) [سبٌ‪ ،]9:‬وهذا أسلوب كثير جدًّ ا‬


‫يف القرآن وكالم العرب‪ ،‬أفلم‪ ،‬همزة وبعده الفاء‪( ،‬ﭣ ﭤ)‪ ،‬الفاء عطفت ماذا‬
‫على ماذا؟ طب ًعا عطفت ما بعدها‪ ،‬لكن عطفته على ماذا؟ قال هؤالء‪ :‬عطفته على‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪431h‬‬
‫‪g‬‬
‫معطوف عليه محذوف مفهوم من المعنى‪ ،‬وتقديره‪ :‬أعموا فلم يروا إلى ما بين‬
‫أيديهم؟ أعموا من العمى‪ ،‬أعموا فلم يروا إلى ما بين أيديهم؟‬
‫ويف اآليتين األخيرتين‪ ،‬هذا األسلوب‪ ،‬خالف مشهور بين النحويين‪ ،‬فما‬
‫ذكرناه اآلن على مذهب الزمخشري‪ ،‬وهو خالف مذهب سيبويه والجمهور‪،‬‬
‫الذي سيأيت‪-‬إن شاء اهلل تعالى‪.-‬‬

‫‪ ‬فهذه ثالث صور للحذف ذكرها ابن مالك‪:‬‬


‫‪ ‬الص رة ا ولى‪ :‬حذف المعطوف مع حرف العطف‪.‬‬
‫‪ ‬والَانية‪ :‬حذف المعطوف وحده‪.‬‬
‫‪ ‬والَالَة‪ :‬حذف المعطوف عليه‪.‬‬
‫ب يت ص رة رابعة لُ َ رها ابن مالك‪ :‬وهي حَف حرف العطف وحده‪،‬‬
‫وسيأيت الكالم على هذه الصورة‪-‬إن شاء اهلل‪ -‬يف آخر الباب‪.‬‬
‫خاتما أبياته يف هذا الباب‪ ،‬قال‪:‬‬
‫ً‬ ‫ثم قال ابن مالك‪‬‬
‫الفع ا ا‬ ‫ا‬ ‫للك ا‬
‫َو َع ْط دف َ‬
‫للح‬
‫للق َص ّ‬ ‫للق َع َلللى ْ‬ ‫الف ْع َ‬ ‫‪.....................................‬‬
‫َو َعُ َْسلللل ْاسلللل َع ْع امق ا‬
‫ََللللدْ ده َسلللل ْ ال‬ ‫لف َع َلللى ْاسللُ ا لل ْب اه فا ْعللق فا ْعللال‬
‫َوا ْعطال ْ‬
‫تكلم يف هذه األشطر الثالثة على عطف الفعل على االسم‪ ،‬وعطف االسم‬
‫اسما على ٍ‬
‫اسم‪ ،‬هذا هو‬ ‫على الفعل‪ ،‬وذكر ذلك ألن األصل يف العطف أن تعطف ً‬
‫عمروا)‪،‬‬ ‫وعمروا‪ِ ،‬‬
‫أكرم زيدً ا أو ً‬ ‫ً‬ ‫األصل واألكثر وجادة الكالم‪ ،‬تقول‪( :‬جاء زيدٌ‬
‫فعال على‬
‫فعال على فعلٍ‪ ،‬وقد تعطف ً‬
‫ولكن العطف أوسع من ذلك‪ ،‬فقد تعطف ً‬
‫اسما على فعلٍ‪ ،‬وقد تعطف جمل ًة على جملة‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫اسم‪ ،‬وقد تعطف ً‬
‫وابن مالك يف هذه األشطر الثالثة تكلم على عطف الفعل على الفعل‪ ،‬وعلى‬
‫عطف الفعل على االسم‪ ،‬وعلى عطف االسم على الفعل‪ ،‬ولم يتكلم على عطف‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪432h‬‬
‫ك ا‬
‫الف ْع َق‬ ‫الجملة على الجملة‪ ،‬فدعونا نقف عند ذلك كله‪ ،‬فقال‪َ :‬و َع ْط دف َ‬
‫فعال على فعلٍ‪ ،‬كقولك‪( :‬ال‬ ‫الف ْع اق َ اص ّح‪ ،‬فيصح ويجوز يف اللغة أن تعطف ً‬
‫ع َلى ا‬
‫َ‬
‫تلعب وهتمل دروسك)‪ ،‬ال‪ :‬ناهية جازمة‪ ،‬تلعب‪ :‬فعل مضارع مجزوم بال الناهية‪،‬‬
‫ٍ‬
‫مفرد أم‬ ‫وفاعله مسترت تقديره أنت‪ ،‬والواو حرف عطف‪ ،‬عطفت مفر ًدا على‬
‫ٍ‬
‫جملة؟‬ ‫عطفت جمل ًة على‬
‫ننظر‪( ،‬ال تلعب وهتمل دروسك)‪ ،‬هتمل‪ :‬فعل مضارع مجزوم وعالمة جزمه‬
‫السكون‪ ،‬لماذا مجزوم؟ ما فيه ال ناهية قبله‪( ،‬ال تلعب وهتمل)؛ ألنه معطوف على‬
‫فعال (هتمل) على فع ٍل (تلعب)‪ ،‬ولم‬
‫مجزوم‪ ،‬العطف هنا عطف مفردات‪ ،‬عطفت ً‬
‫تعطف جملة على جملة‪.‬‬
‫ُ‬
‫وهتمل دروسك)؛ ألن‬ ‫ل‪( :‬ال تلعب‬ ‫ول عطفت جملة على جملة‪ ،‬لُنت‬
‫ٍ‬
‫حينئذ لم تعطف الفعل بعدها على ما قبلها‪ ،‬إ ًذا فهي واو استئناف‪ ،‬وهتمل‬ ‫الواو‬
‫ُ‬
‫(وهتمل دروسك)‪،‬‬ ‫مضارع لم ُيسبق بناصب وال جازم‪ ،‬فرتفع‬
‫ٌ‬ ‫على ذلك ٌ‬
‫فعل‬
‫ويصح يف مثل هذه الجملة الرفع والنصب والجزم‪ ،‬كما سيأيت يف إعراب الفعل‬
‫المضارع‪.‬‬
‫‪ ‬فالجزم على أن العطف عطف مفردات‪ ،‬عطفت هتمل على تلعب‪.‬‬
‫‪ ‬والرفع على أن الواو استئناف‪ ،‬عطفت جملة على جملة‪ ،‬فالمضارع‬
‫مرفوع‪.‬‬
‫‪ ‬والنصب على أن الواو واو المعية التي ينتصب الفعل بعدها بأن مضمرة‪،‬‬
‫َ‬
‫وهتمل دروسك)‪.‬‬ ‫تلعب‬
‫ْ‬ ‫(ال‬
‫والمعنى مختلف‪:‬‬
‫ْ‬
‫وهتمل دروسك)‪ ،‬هنيت عن األمرين‪ ،‬عطف مفردات‪.‬‬ ‫تلعب‬
‫ْ‬ ‫فإن جزمت‪( ،‬ال‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪433h‬‬
‫‪g‬‬
‫َ‬
‫وهتمل)‪ ،‬فأنت تريد المعية‪ ،‬يعني ال تلعب مع إهمال‬ ‫تلعب‬
‫ْ‬ ‫وإن نصبت‪( ،‬ال‬
‫دروسك‪ ،‬تنهاه عن اللعب المصاحب إلهمال الدروس‪ ،‬لكن ال تنهاه عن اللعب‬
‫اآلخر‪.‬‬
‫ُ‬
‫(وهتمل‬ ‫تلعب)‪ ،‬ثم أخربت عنه‪،‬‬
‫ْ‬ ‫وإذا رفعت‪ ،‬فقد هنيته عن األول فقط‪( ،‬ال‬
‫تلعب‪ ،‬ثم استأنفت وقلت‪ :‬وأنت هتمل دروسك‪.‬‬
‫ْ‬ ‫دروسك)‪ ،‬كأنك قلت‪ :‬ال‬
‫لم)‪ ،‬فالواو هنا‬
‫تجلس وتتك َ‬
‫َ‬ ‫ومن عطف الفعل على الفعل أن تقول‪( :‬أحب أن‬
‫ٍ‬
‫مفرد‪ ،‬فلهذا نصبته‪.‬‬ ‫فعال على فعلٍ‪ ،‬مفر ًدا على‬
‫ال شك عطفت ً‬
‫أيضا‬
‫تعصي والديك وتغض َبهما)‪ ،‬فالعطف هنا ً‬
‫َ‬ ‫ل‪( :‬احذر أن‬ ‫ومن ةلك أَّ‬
‫عطفت مفر ًدا على مفرد‪ ،‬وليس من عطف جملة على جملة‪ ،‬مع أنك ترى أن‬
‫(وتغضبهما)‪ ،‬وتغضب فعل‪ ،‬إ ًذا البد له من فاعل‪ ،‬تقديره أنت‪ ،‬وهما مفعول به‪،‬‬
‫ومع ذلك ال ُيعد هذا من عطف جملة على جملة؛ ألنك أردت أن تعطف الفعل‬
‫على الفعل‪.‬‬
‫واشرتط النحويون لصحة عطف الفعل على الفعل اتحادهما يف الزمان‪ ،‬يصح‬
‫عطف الفعل على الفعل إذا اتحدا يف الزمان‪ ،‬يعني كانا م ًعا يف الماضي‪ ،‬أو كانا م ًعا‬
‫يف الحال‪ ،‬أو كانا م ًعا يف االستقبال‪ ،‬بغض النظر عن الصيغة‪ ،‬هل الصيغة صيغت‬
‫َف َعل التي يسموهنا الفعل الماضي‪ ،‬أو صيغة يفعل التي يسموهنا الفعل المضارع‪.‬‬
‫فتقول‪( :‬من اجتهد استفاد)‪ ،‬تمام‪( ،‬من اجتهد استفاد ونجح بتفوق)‪ ،‬ونجح‪،‬‬
‫عطفت نجح على استفاد‪ ،‬وتقول‪( :‬من اجتهد استفاد وينجح بتفوق)‪ ،‬الواو حرف‬
‫(ينجح)‪ ،‬عطفته على محل استفاد‪،‬‬
‫ْ‬ ‫عطف‪ ،‬عطفت مفر ًدا على مفرد‪ ،‬فلهذا جزمت‬
‫ألن استفاد جواب الشرط‪ ،‬فعطفت مفر ًدا على مفرد‪.‬‬
‫وينجح بتفوق)‪ ،‬على أن الواو واو المعية‪،‬‬
‫َ‬ ‫ل‪( :‬من اجتهد استفا َد‬ ‫و َ ه أَّ‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪434h‬‬
‫والمضارع منصوب بأن مضمرة‪.‬‬
‫وينجح بتفوق)‪ ،‬على أن الواو استئناف‬
‫ُ‬ ‫ل‪( :‬من اجتهد استفاد‬ ‫و َ ه أَّ‬
‫على معنى‪ :‬من اجتهد استفاد وهو ينجح بتفوق‪ ،‬وهذا سيأيت يف إعراب الفعل‬
‫المضارع‪ ،‬يأيت يف باب الشرط‪ ،‬وهو يف إعراب الفعل المضارع‪.‬‬
‫قلنا‪ :‬و ل أ اا‪( :‬من يجتهد ينجح بتفوق‪ ،‬وأفاد أمته بعلمه)‪ ،‬فعطفت أفاد‬
‫على ينجح؛ ألهنما يف زمن واحد وهو زمن االستقبال‪ ،‬فصح ذلك‪ ،‬قال‬
‫‪( :‬ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ) [الفرقاَّ‪ ،]49:‬فعطف عطف‬
‫مفردات‪ ،‬مضارع على مضارع‪.‬‬

‫وقال‪( :‬ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ) [محمد‪،]36:‬‬


‫فعطف تتقوا عطف مفردات على تؤمنوا‪ ،‬وعطف يسأل عطف مفردات على يؤيت‪،‬‬
‫(يؤتكم) مجزوم بحذف حرف العلة (ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ) [محمد‪،]36:‬‬
‫فجزم يسأل؛ ألنه معطوف على يؤتكم‪.‬‬

‫وقال تعالى عن فرعون‪( :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖﭗ)‬


‫[ه د‪ ،]98:‬عطف الفعل الماضي أورد على الفعل المضارع (ﭑ) ألن زمنهما‬
‫واحد‪ ،‬وهو االستقبال‪ ،‬يف الزمن المستقبل‪.‬‬

‫وقال ‪( :‬ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ‬
‫ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ) [الفرقاَّ‪ ،]10:‬عن نبينا محمد ‪،‬‬
‫ٍ‬
‫ماض‪( ،‬ﯦ‬ ‫(ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ)‪ ،‬إن شاء ماذا فعل؟ (ﯤ ﯥ ﯦ)‪ ،‬فعل‬
‫ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ)‪ ،‬فعطف الفعل‬
‫الماضي يجعل عطف مفردات على الفعل الماضي جعل‪ ،‬جعل ما إعرابه؟ (ﯤ‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪435h‬‬
‫‪g‬‬

‫ﯥ ﯦ)‪ ،‬جواب الشرط‪ ،‬فمحله الجزم‪ ،‬فلهذا عطف بالجزم فقال‪( :‬ﯰ‬
‫ﯱ ﯲ)‪ ،‬قراءة بعض السبعة‪ ،‬بالسكون‪ ،‬هذه قراءة سبعية‪.‬‬

‫ويف قراءة سبعية أمر ‪( :‬ﯰ ﯱ ﯲ)‪ ،‬تبارك الذي إن شاء جعل لك‬
‫ٍ‬
‫حينئذ عطف جمل‪ ،‬هم يسموهنا‬ ‫قصورا‪ ،‬فالواو‬ ‫ُ‬
‫ويجعل لك‬ ‫خيرا من ذلك جنات‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ُ‬
‫فيجعل على ذلك مضارع‬ ‫استئنافية‪ ،‬يعني عطف جمل‪ ،‬عطفت جملة على جملة‪،‬‬
‫لم ُيسبق بناصب وال بجازم‪ ،‬فهو مرفوع‪ ،‬وعطف هذه الجملة على الجملة‬
‫السابقة‪.‬‬
‫هَا ما ععلق بعطف الفعق على الفعق‪ُ ُ ،‬لُ ابن مالك على عطف الفعق‬
‫على ااسُ‪ ،‬وعلى عطف ااسُ على الفعق‪ ،‬ف ال‪:‬‬
‫َو َعُْسلللللا ْاسللللل َع ْع امق ا‬
‫ََلللللدْ ده َسللللل ْ الَ‬ ‫لف َع َلللى ْاسللُ ا لل ْب اه فا ْعللق فا ْعللالَ‬
‫َوا ْعطال ْ‬
‫فعال‬ ‫فعال على ٍ‬
‫اسم يشبه الفعل‪ ،‬اعطف ً‬ ‫فعال على ماذا؟ اعطف ً‬
‫يقول‪ :‬اعطف ً‬
‫فعال على ٍ‬
‫اسم يشبه الفعل‪ ،‬ما األسماء التي تشبه‬ ‫على ٍ‬
‫اسم شبه فعلٍ‪ ،‬يعني اعطف ً‬
‫األفعال؟ هي األوصاف‪ ،‬األسماء المشتقة التي تعمل عمل الفعل‪ ،‬قلنا األوصاف‪،‬‬
‫جمع وصف وهي‪:‬‬
‫اسم الفاعل‪ ،‬ومن اسم الفاعل الصيغ المبالغة‪ ،‬واسم المفعول والصفة‬
‫المشبهة‪ ،‬واسم التفضيل‪ ،‬هذه األوصاف‪ ،‬األسماء التي تشبه األفعال‪.‬‬
‫يجوز أن تعطف الفعل عليها‪ ،‬ويجوز أن تعطفها هي على األفعال‪ ،‬والسبب‬
‫مشبها للفعل‪ ،‬ومن الشواهد على ذلك قوله تعالى‪:‬‬
‫ً‬ ‫يف ذلك كون هذا االسم‬
‫(ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ)‬
‫[العاد اَ‪ ،]4-1:‬فعطف الفعل (أثرن) على اسم الفاعل مغير (المغيرات)‪،‬‬
‫صبحا فالمثيرات نق ًعا‪ ،‬المعنى واحد‪ ،‬لكن‬
‫ً‬ ‫والمعنى واهلل أعلم‪ ،‬فالمغيرات‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪436h‬‬
‫المغيرات تعبير باالسم‪ ،‬الوصف‪ ،‬وأثرن تعبير بالفعل‪.‬‬

‫وقال تعالى‪( :‬ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝﮞ) [الملك‪ ،]19:‬فعطف‬


‫المضارع (يقبضن) على اسم الفاعل (ﯞﯟ)‪ ،‬والمعنى واهلل أعلم‪ :‬صافات‬
‫ٍ‬
‫وقابضات‪ ،‬قلنا هذه أحكام نحوية‪ ،‬هذا وصف نحوي‪ ،‬هذا جواز نحوي‪ ،‬البالغة‪،‬‬
‫ٍ‬
‫صافات؟ وع ّبر عن القبض بالمضارع‬ ‫لماذا ع ّبر عن الصف بالوصف‬
‫(ﮝﮞ)؟ لماذا لم يقل صافات وقابضات أو يصففن ويقبضن‪ ،‬أو يصففن‬
‫وقابضات؟ هذه بالغة‪ ،‬تعود فيها إلى أهل البالغة لتعرف البالغة يف ذلك‪.‬‬

‫وقال تعالى‪( :‬ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ)‬


‫[الحد د‪ ،]18:‬فعطف (أقرضوا) على (ﭔ)‪ ،‬والمعنى واهلل أعلم‪ :‬إن‬
‫المصدقين والمصدقات والمقرضين اهلل‪.‬‬

‫وقال تعالى‪( :‬ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟﭠ) [ا نعام‪ ،]95:‬فعطف‬


‫ُمخرج‪ ،‬اسم الفاعل على المضارع (ﮦ)‪ ،‬والمعنى‪ :‬يخرج الحي من الميت‪،‬‬
‫ويخرج الميت من الحي‪ ،‬كما يف ٍ‬
‫آيات أخرى‪.‬‬
‫قال الراجز‪:‬‬
‫قبلللللق الصلللللباو ةاَ مللللللق بلللللارجا‬ ‫لللللا ليعنلللللي ا‬
‫عل لللللت غيلللللر ملللللارجا‬
‫دارج‬
‫أم صبي قد حبا أو ا‬
‫ٍ‬
‫حاب أو دارجٍ ‪ ،‬فهذا عطف الفعل على‬ ‫صبي‬ ‫صبي قد حبا أو درج‪ ،‬أم‬ ‫أي أم‬
‫ٍّ‬ ‫ٍّ‬
‫الفعل‪ ،‬وعطف الفعل على االسم‪ ،‬وعطف االسم على الفعل‪ ،‬ولم يتكلم‪‬‬
‫صورا متعددة‪.‬‬
‫ً‬ ‫كثيرا وخرجنا عليه‬
‫على عطف الجملة على الجملة‪ ،‬وقد ذكرناه ً‬
‫ومن عطف الجملة على الجملة اسمية كانت أو فعلية أن تقول‪( :‬قام محمدٌ‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪437h‬‬
‫‪g‬‬
‫وجلس خالدٌ )‪ ،‬هنا ليست إال عطف جملة على جملة‪ ،‬جملة فعلية على جملة‬
‫جالس‪ ،‬عطفت جملة اسمية على جملة اسمية‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫قائم وخالدٌ‬
‫فعلية‪ ،‬وتقول‪ :‬محمد ٌ‬
‫وتقول‪( :‬الحمد هلل رب العالمين‪ ،‬والصالة والسالم على نبينا محمد)‪ ،‬عطفت‬
‫جملة اسمية على اسمية‪ ،‬ومثلها‪( :‬اهلل ربنا‪ ،‬ومحمدٌ نبينا)‪.‬‬
‫جالس‬
‫ٌ‬ ‫وتقول‪( :‬ال هتمل دروسك وال تلعب يف الشارع)‪ ،‬وتقول‪( :‬محمدٌ‬
‫وخالدٌ )‪ ،‬عطف مفرد على مفرد أم جملة على جملة؟ جملة على جملة‪ ،‬أي وخالد‬
‫كذلك‪ ،‬لكنك حذفت الخرب‪.‬‬

‫قال تعالى‪( :‬ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘﭙ) [ه د‪ ،]72:‬جملة اسمية على‬


‫جملة اسمية‪ ،‬وقال‪( :‬ﮏ ﮐ ﮑ ﮒﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ) [ال مر‪،]62:‬‬
‫وقال‪( :‬ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ) [الُافروَّ‪.]6:‬‬

‫(ﭽ ﭾ)‪ ،‬هذه اسمية أو فعلية أو مفرد؟ اسمية‪ُ ،‬قدم الخرب شبه الجملة‬
‫لكم‪ ،‬و ُأخر المبتدأ (ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ)‪.‬‬
‫قال الشاعر‪:‬‬
‫لللت الصللل اب وا أنلللا‬
‫ا أنلللت أدر َ‬ ‫للللق‬ ‫ِ‬
‫جللللدال با ِ‬ ‫للللا صللللاحبي هللللَا‬
‫(ال أنت أدركت الصواب)‪ ،‬جملة اسمية‪( ،‬وال أنا)‪ ،‬عطف مفرد على مفرد أم‬
‫أدركت الصواب‪.‬‬
‫ُ‬ ‫جملة على جملة؟ جملة على جملة‪ ،‬أي وال أنا‬
‫وهناك بعض العبارات تحتمل أن تكون من عطف المفردات‪ ،‬وأن تكون من‬
‫عطف الجمل‪ ،‬نعم حرف العطف يصح أن يكون من عطف المفردات وأن يكون‬
‫من عطف الجمل‪ ،‬كقولك‪( :‬محمدٌ قام وجلس)‪ ،‬يصح أن تقول‪ :‬جلس معطوف‬
‫على قام‪ ،‬ويصح أن تقول‪ :‬جلس هو معطوفة على قام هو‪ ،‬يعني جلس مع فاعلها‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪438h‬‬
‫معطوفة على قام مع فاعله‪.‬‬
‫م و َلس)‪ ،‬و َلك ق لك‪( :‬أحب أن تجلس وأن تتكلم)‪،‬‬ ‫ومَله‪( :‬محمدِ‬
‫فإن جعلت الواو من عطف الجمل‪ ،‬فتتكلم منصوب ٌة بماذا؟ أحب أن تجلس وأن‬
‫تتكلم فتتكلم منصوبة بأن التي قبلها‪ ،‬وأن تتكلم جملة معطوفة على أن تجلس‪،‬‬
‫َ‬
‫ويصح أن تجعل الواو من عطف المفردات‪( ،‬أحب أن تجلس وأن تتكلم)‪ ،‬الواو‬
‫عطف مفردات‪ ،‬فتتكلم منصوبة بماذا؟ منصوبة بأن األولى‪ ،‬تتكلم معطوفة على‬
‫تجلس‪ ،‬والمعطوف له حكم المعطوف عليه‪ ،‬وأن الثانية هذه زائدة للتأكيد‪.‬‬
‫قائم)‪ ،‬فيصح يف الواو أن تجعلها عطف‬
‫جالس وخالدٌ ٌ‬
‫ٌ‬ ‫وإذا قلت‪( :‬إن محمدً ا‬
‫قائم)‪ ،‬جملة اسمية‬
‫جالس وخالدٌ ٌ‬
‫ٌ‬ ‫مفردات فتستأنف ما بعدها فتقول‪( :‬إن محمدً ا‬
‫جالس)‪ ،‬وإن جعلت الواو‬
‫ٌ‬ ‫مبتدأ وخرب‪ ،‬عطفتها على الجملة السابقة (إن محمدً ا‬
‫قائم)‪ ،‬فخالدً ا معطوفة‬
‫جالس وخالدً ا ٌ‬
‫ٌ‬ ‫من عطف المفردات كنت تقول‪( :‬إن محمدً ا‬
‫وقائم معطوفة على خرب إن‪ ،‬والعطف قد يكون عطف‬
‫ٌ‬ ‫على اسم إن (محمدً ا)‪،‬‬
‫كلمة على كلمة‪ ،‬أو عطف كلمتين على كلمتين‪ ،‬أو عطف ثالث كلمات على‬
‫ثالث كلمات‪ ،‬ال إشكال يف ذلك‪.‬‬
‫لو جعلت الواو عطف جمل ستستأنف‪ ،‬ستجعل ما بعدها جملة اسمية مبتدأ‬
‫قائم)‪ ،‬جملة اسمية معطوفة على الجملة‬
‫جالس وخالدٌ ٌ‬
‫ٌ‬ ‫وخرب‪ ،‬فتقول‪( :‬إن محمدً ا‬
‫قائما)‪ ،‬إن جعلت الواو عطف جمل‬
‫جالسا وخالدٌ ً‬
‫ً‬ ‫السابقة‪ ،‬وتقول‪( :‬ليس محمدٌ‬
‫جالسا نفي‪ ،‬وخالدٌ‬
‫ً‬ ‫قائم)‪ ،‬فليس محمدٌ‬
‫جالسا‪ ،‬وخالدٌ ٌ‬
‫ً‬ ‫كنت تقول‪( :‬ليس محمدٌ‬
‫قائم إثبات‪ ،‬طب ًعا المعنى يختلف‪ ،‬فعطفت الجملة الثانية المثبتة على الجملة‬
‫ٌ‬
‫األولى المنفية‪.‬‬

‫جالسا وخالدٌ‬
‫ً‬ ‫وإن جعلت الواو عطف مفردات كنت تقول‪( :‬ليس محمدٌ‬
‫قائما)‪ ،‬فنفيت الجملتين‪ ،‬نفيت هذا ونفيت هذا‪ ،‬أنت تريد أن تنفي األمرين‪ ،‬تقول‪:‬‬
‫ً‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪439h‬‬
‫‪g‬‬
‫قائما)‪ ،‬نفيت هذا ونفيت هذا‪ ،‬نعم‪.‬‬
‫جالسا‪ ،‬وخالدٌ ً‬
‫ً‬ ‫(ليس محمدٌ‬
‫الطالب‪)01:08:06@( :‬‬
‫ال يخ‪ :‬نعم‪ ،‬اإلعراب يختلف والمعنى يختلف‪.‬‬
‫الطالب‪)01:08:08@( :‬‬
‫ال يخ‪ :‬قلنا العطف إما أن تجعله عطف مفردات أو عطف جمل‪ ،‬إن جعلته‬
‫قائما)‪،‬‬
‫جالسا وخالدٌ ً‬
‫ً‬ ‫عطف مفردات تجعل الثانية كاألولى‪ ،‬فتقول‪( :‬ليس محمدٌ‬
‫جالسا‬
‫ً‬ ‫وقائما معطوف على‬
‫ً‬ ‫قائما‪ ،‬فخالدٌ معطوف على محمدٌ ‪،‬‬
‫يعني وليس خالدٌ ً‬
‫عطف مفردات‪.‬‬
‫وإن جعلت الواو عطف جمل صار الذي بعده جملة مستأنفة جديدة‪ ،‬جملة‬
‫اسمية مبتدأ وخرب‪ ،‬الواو يقال عنها‪ :‬الواو حرف استئناف‪ ،‬عطفت جملة على‬
‫جالسا)‪ ،‬فنفيت عن‬
‫ً‬ ‫جالسا ثم تستأنف)‪ ،‬تقول‪( :‬وخالدٌ‬
‫ً‬ ‫جملة‪ ،‬تقول‪( :‬ليس محمدٌ‬
‫األول وأثبتت للثاين‪.‬‬
‫قائم)‪ ،‬فإن جعلت الواو عطف جمل‬ ‫ٌ‬ ‫جالسا وخالدٌ‬
‫ً‬ ‫وتقول‪( :‬أظن محمدً ا‬
‫قائم)‪،‬‬
‫جالسا)‪ ،‬ثم تثبت (وخالدٌ ٌ‬
‫ً‬ ‫فتظن األول وتثبت الثاين‪ ،‬تقول‪( :‬أظن محمدً ا‬
‫جالسا‬
‫ً‬ ‫وإن جعلت الواو عطف مفردات جعلت الثاين كاألول (أظن محمدً ا‬
‫قائما‪ ،‬فهذا ما يتعلق بأبيات ابن مالك ‪ ‬يف هذا‬
‫قائما)‪ ،‬يعني وأظنه ً‬
‫وخالدً ا ً‬
‫الباب باب النسق‪ ،‬وهناك تنبيهات يف آخر هذا الباب نقول منها ما تيسر‪.‬‬
‫العنبيه ا ول‪ :‬اختلفوا يف (أي التفسيرية)‪ ،‬يف نحو قولك‪( :‬لقيت الغضنفر أي‬
‫األسد‪ ،‬لقيت لي ًثا أي األسد)‪ ،‬فأي هذه يراها البصريون وجمهور النحويين على‬
‫أهنا حرف تفسير فقط‪ ،‬يقولون‪ :‬حرف تفسير‪ ،‬وما بعدها عطف بيان مما قبلها‪،‬‬
‫فتقول‪( :‬لقيت الغضنفر)‪ٌ :‬‬
‫فعل وفاعل ومفعول‪ ،‬أي‪ :‬حرف تفسير ال محل لها من‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪440 h‬‬
‫اإلعراب‪ ،‬األسد‪ :‬عطف بيان من الغضنفر‪ ،‬فهو ُمعرب مثله؛ ألن عطف البيان من‬
‫التوابع‪.‬‬
‫وقال الكوفيون إن (أي) التفسيرية من حروف العطف‪ ،‬فأثبتوها من حروف‬
‫العطف‪ ،‬فعلى ذلك تقول على مذهبهم (لقيت الغضنفر أي األسد)‪ ،‬أي حرف‬
‫عطف‪ ،‬واألسد معطوف على الغضنفر‪.‬‬
‫وقول البصريين يف ذلك هو الراجح ألنه المناسب للمعنى‪.‬‬
‫واهلل أعلُ‪ ،‬وصلى اهلل وسلُ على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين‪.‬‬

‫‪¹‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪441 h‬‬
‫‪g‬‬

‫الدرس الثاني والتسعون‬

‫بسُ اهلل الرحمن الرحيُ‪ ،‬الحمد هلل رب العالمين‪ ،‬والصالة والسالم على نبينا‬
‫محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين‪ ،‬أما بعد‪:‬‬
‫السالم عليكم ورحمة اهلل وبركاته‪ ،‬حياكم اهلل وب َّياكم يف هذه الليلة الطيبة؛ ليلة‬
‫اإلثنين السادس عشر من شهر جمادى اآلخرة من سنة ‪1433‬هـ‪ ،‬ونحن يف جامع‬
‫الراجحي بحي الجزيرة يف مدينة الرياض نعقد بحمد اهلل وتوفيقه الدرس الثاين‬
‫والتسعين من دروس شرح ألفية ابن مالك –عليه رحمة اهلل‪.-‬‬
‫ونحن اآلن يف أذيال يف عطف النسق‪ ،‬نختمها إن شاء اهلل –تعالى‪ -‬يف هذه‬
‫أيضا يف هذا‬
‫الليلة‪ ،‬ثم نبدأ بـ [باب البدل] الذي نرجو إن شاء اهلل –تعالى‪ -‬أن ننهيه ً‬
‫الدرس‪.‬‬
‫[باب عطف النسق] كنا قد انتهينا منه يف الدرس الماضي‪ ،‬ولكن هناك بعض‬
‫أحببت أن أذكرها يف هناية هذا الباب‪.‬‬
‫ُ‬ ‫التنبيهات والملحوظات التي‬
‫رَ من ا ملح ة وهي‪ :‬الكالم على (أي) التفسيرية والخالف فيها‪.‬‬
‫ة د‬
‫الملح ة الَانية‪ :‬إذا دخلت حروف العطف على جملة فأين تكون حروف‬
‫العطف حينئذ؟ يف أول الجملة أو يف أثنائها؟ إذا دخلت حروف العطف على‬
‫ٍ‬
‫جملة‪ ،‬فالجملة الثانية المعطوفة أين يقع منها حرف‬ ‫جملة‪ ،‬أي عطفنا جمل ًة على‬
‫العطف‪ ،‬قبلها أو يف أثنائها؟‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪442 h‬‬
‫الَ اب‪ :‬ال شك أنه قبلها؛ ألن المعطوف ال يتقدَّ م على حرف العطف‪ ،‬فنقول‬
‫وخيرا قال)‪ ،‬ال إشكال‪،‬‬
‫ً‬ ‫خيرا)‪ ،‬ونقول‪( :‬محمدٌ جلس‬
‫جلس وقال ً‬
‫َ‬ ‫مثال‪( :‬محمدٌ‬
‫ً‬
‫التقديم والتأخير يف نفس الجملة المعطوفة‪ ،‬ولم يتقدَّ م شي ٌء على (الواو)‪ ،‬ال‬
‫إشكال يف ذلك‪.‬‬
‫خيرا وقال)؛ ألن معنى ذلك أن شي ًئا‬
‫وا َ ه بحال أَّ ال‪( :‬محمدٌ جلس ً‬
‫من المعطوف تقدَّ م على حرف العطف‪ ،‬وهذا ال يجوز‪.‬‬
‫سكنت)‪ ،‬ال‬
‫ُ‬ ‫(سافرت ويف الفندق‬
‫ُ‬ ‫وسكنت يف الفندق)‪ ،‬أو‬
‫ُ‬ ‫(سافرت‬
‫ُ‬ ‫تقول‪:‬‬
‫وسكنت)؛ ألن شي ًئا من‬
‫ُ‬ ‫(سافرت يف الفندق‬
‫ُ‬ ‫إشكال‪ ،‬ولكن ال يصح أن يقال‪:‬‬
‫المعطوف تقدَّ م على حرف العطف‪ ،‬وهذا ال يجوز‪.‬‬
‫هذا األمر واضح‪ ،‬وكان ينبغي ّأال ننبه عليه إال من أجل هذه الملحوظة التي‬
‫سأذكرها‪ ،‬وهي‪ :‬إذا كان حرف العطف (الواو أو الفاء أو ثم) وكان يف أول الجملة‬
‫ٍ‬
‫حينئذ أن يبقى الشيء على‬ ‫المعطوفة همزة استفهام‪ ،‬القاعدة والقياس والجادة‬
‫أصله‪ ،‬أي‪ :‬أن يكون حرف العطف قبل كل هذه الجملة المبدوءة هبمزة استفهام‪،‬‬
‫إال أن العرب هنا خالفوا ذلك فقدَّ موا همزة االستفهام على حروف العطف الثالثة‬
‫(الواو والفاء وثم)‪.‬‬
‫قلت مَال‪( :‬هناك أناس يكذبون وال يرتدعون) عطفت جملة (ال‬
‫َ‬ ‫أ ‪:‬ل‬
‫يرتدعون) على جملة (يكذبون)‪ ،‬والواو جاءت يف أول الجملة المعطوفة‪ ،‬ال‬
‫إشكال يف ذلك‪ ،‬فإذا أردت أن تعطف جملة (إذا رأوا العقاب ارتدعوا) على ما‬
‫أناس يكذبون) هذه الجملة األولى‪ ،‬الجملة الثانية (إذا رأوا العقاب‬
‫سبق (هناك ٌ‬
‫ارتدعوا)‪ ،‬كيف تعطف الجملة الثانية على األولى؟‬
‫الجملة الثان ية مبدوءة هبمزة استفهام؟ كأن تقول‪( :‬أإذا رأوا العقاب ارتدعوا)‪،‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪443h‬‬
‫‪g‬‬
‫لكن لو لم يكن يف همزة استفهام كان (إذا رأوا العقاب ارتدعوا) كنت تقول على‬
‫القاعدة والقياس‪( :‬هناك أناس يكذبون وال يرتدعون وإذا رأوا العقاب ارتدعوا)‪،‬‬
‫أو (هناك أناس يكذبون وال يرتدعون فإذا رأوا العقاب ارتدعوا)‪( ،‬هناك أناس‬
‫يكذبون وال يرتدعون ثم إذا رأوا العقاب ارتدعوا)‪ ،‬كل ذلك على القياس‪.‬‬
‫لُن ل جعلنا يف أول الَملة الَانية هم ة اسعف ام‪ ،‬قلنا‪( :‬أإذا رأوا العقاب‬
‫ارتدعوا) هذه الجملة الثانية مبدوءة هبمزة (أإذا)‪ ،‬كيف نعطف الثانية على األولى‬
‫حينئذ؟ (هناك أناس يكذبون وال يرتدعون) هذه الجملة األولى‪ ،‬الجملة الثانية‬‫ٍ‬

‫(أإذا رأوا العقاب ارتدعوا)‪ ،‬كيف نعطف الثانية على األولى؟ ماذا نقول؟‬
‫لو بقينا على القياس وقدمنا حرف العطف يف أول الجملة المعطوفة كنا نقول‪:‬‬
‫(هناك أناس يكذبون وال يرتدعون وأإذا رأوا العقاب ارتدعوا)‪( ،‬فأإذا رأوا) (ثم‬
‫أإذا رأوا العقاب ارتدعوا)‪ ،‬لكن العرب ال تقول ذلك‪ ،‬وإنما تقدم همزة االستفهام‬
‫على حرف العطف هنا فتقول‪( :‬هناك أناس يكذبون وال يرتدعون َأوإذا رأوا‬
‫العقاب ارتدعوا)‪( ،‬أوإذا) أصلها (وإذا) (و) حرف العطف (إذا)‪ ،‬قدَّ م همزة‬
‫االستفهام على حرف العطف (الواو)‪( ،‬أوذا رأوا العقاب ارتدعوا)‪َ ( ،‬أثم إذا رأوا‬
‫العذاب ارتدعوا)‪( ،‬أفإذا رأوا العقاب ارتدعوا)‪.‬‬
‫هذا أسلوب عربي مطر ٌد كثير يف الكالم‪ ،‬قدموا همزة االستفهام يف الجملة‬
‫تنبيها على صدارة همزة‬
‫ً‬ ‫المعطوفة على حرف العطف يف هذا الموضع فقط‬
‫االستفهام‪.‬‬
‫وال اهد على ةلك كثيرة‪ ،‬هذا أسلوب كثير جدً ا يف اللغة‪ ،‬كقوله‬
‫‪ ( :‬ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ‬
‫ٌ‬
‫رسول بما ال‬ ‫ﯤ) [الب رة‪ ،]87:‬هذه اآلية يف األصل اللغوي (أكلما جاءكم‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪444 h‬‬
‫هتوى أنفسكم استكربتم)‪ ،‬جملة استفهامية توبيخية‪( ،‬أكلما) ثم دخلت فاء العطف‬
‫فأصبحت يف القياس واألصل (فأكلما)‪ ،‬ألنه ُقدِّ َمت الهمزة على أسلوب العرب‬
‫فقيل‪( :‬أفكلما)‪.‬‬

‫ومن ذلك قوله –تعالى‪( :-‬ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ) [ال مرف‪،]5:‬‬


‫(أفنضرب) أصل هذه اآلية يف األصل اللغوي (نضرب) وقدم همزة االستفهام‬
‫(أنضرب)‪ ،‬ثم دخلت الواو‪ ،‬ف ُقدِّ َمت همزة االستفهام‪ ،‬مع أن همزة االستفهام من‬
‫الجملة المعطوفة‪ ،‬فقدِّ َمت همزة االستفهام فقيل‪( :‬أفنضرب)‪.‬‬

‫قال ‪( :‬ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲﯳ) [ نس‪ ،]51:‬أصل اآلية يف‬


‫األصل اللغوي (أإذا وقع ءامنتم به) ثم دخلت (ثم)‪ ،‬ف ُقدِّ َمت الهمزة (ﯭ ﯮ ﯯ‬
‫ﯰ ﯱ ﯲﯳ) [ نس‪.]51:‬‬
‫أيضا يف آخر الكالم على باب عطف النسق‪.‬‬
‫هذا تنبيه كان ينبغي أن نذكره ً‬
‫ومن الملح اَ العي نَ رها يف آمر باب عطف النسق أ اا‪ :‬الكالم على ما‬
‫كثيرا ما يرد يف‬
‫يسمونه العطف على الموضع‪ ،‬أو العطف على المحل‪ ،‬وهذا ً‬
‫األعاريب‪ ،‬يقول‪ :‬هذا معطوف على المحل أو معطوف على الموضع‪ ،‬المعنى‬
‫واحد‪ ،‬والذي يقابل ذلك‪ :‬العطف على اللفظ‪.‬‬
‫الكلمة يف اللغة العربية إذا خضعت لإلعراب أما أن تتأثر بإعراهبا‪ ،‬تتأثر هبذا‬
‫المحل الذي وقعت فيه ككلمة (محمد) أخذنا كلمة محمد أين وضعناها؟‬
‫مثال يف محل الفاعل‪ ،‬ماذا سيكون لها؟ ستكون مرفوعة‪ ،‬محلها الرفع‪،‬‬
‫وضعناها ً‬
‫الفاعل ال شك أن محله الرفع‪ ،‬لكن هل الكلمة سرتتفع أم لن تقبل الرفع؟ إذا‬
‫كانت معربة فستقبل أثر الرفع (الضمة)‪ ،‬فتقول‪( :‬محمدٌ )‪.‬‬
‫وإذا وضعت (محمد) يف محل المفعول به‪ ،‬والمفعول به حكمه النصب‪ ،‬فهل‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪445 h‬‬
‫‪g‬‬
‫ينتصب أو ال ينتصب؟ أما كلمة (محمد) تنتصب؛ ألهنا تقبل أثر اإلعراب‪ ،‬أي‬
‫تقبل الفتحة (محمدً ا)‪.‬‬
‫وإن وضعتها يف محل الجر تنجر أو ال تنجر؟ (محمد) تنجر‪ ،‬تقبل أثر الجر‪،‬‬
‫ٍ‬
‫بمحمد)‪.‬‬ ‫(مررت‬
‫ُ‬ ‫فتقبل الكسرة‬
‫فاعال يف محل الرفع‪ ،‬ما محلها؟ أي‪:‬‬
‫ً‬ ‫إذن فكلمة (محمد) عندما وضعناها‬
‫مكاهنا يف الجملة‪ ،‬محلها يف الجملة رفع أو نصب أو جر‪ ،‬المحل الذي وقعت فيه‬
‫الرفع‪ ،‬إذن‪ :‬محلها الرفع‪ ،‬ولفظها؟ قبِل الرفع أو لم يقبل الرفع؟ قبِل الرفع‪ ،‬فإذن‪:‬‬
‫محال ولف ًظا‪ ،‬فإذن‪ :‬ليس لها إال إعرا ًبا واحدً ا‪.‬‬
‫فـ (محمد) مرفوعة ً‬
‫وهناك كلمات تضعها يف مح ٍل ما‪ ،‬محل رفع أو نصب أو جر فال تقبل أثر هذا‬
‫مثال‪ :‬األسماء المبنية‪ ،‬لو وضعنا‬
‫بسبب من األسباب‪ ،‬من أمثلة ذلك ً‬‫ٍ‬ ‫اإلعراب‬
‫فاعال أي‪ :‬جعلناها يف محل رفع‪ ،‬محلها اآلن يف الجملة رفع‪ ،‬هل‬
‫كلمة (هؤالء) ً‬
‫لفظها يقبل الرفع أو ال يقبل الرفع؟ ال يقبل الرفع‪.‬‬
‫إذن‪ :‬فمحلها رفع‪ ،‬هي واقعة يف محل رفع‪ ،‬يف موضع رفع‪ ،‬ولكن لفظها لم‬
‫يقبل الرفع‪ ،‬فهي مرفوع ٌة ً‬
‫محال فقط‪ ،‬لفظها هنا ليس له إعراب‪ ،‬لفظها يلزم البناء‪،‬‬
‫البناء ليس إعرا ًبا‪.‬‬
‫هناَ ص رة الَة‪ :‬لو قلنا‪( :‬ما جاءين ٌ‬
‫رجل) جاء‪ :‬فعل‪ ،‬وياء المتكلم العائدة‬
‫ٌ‬
‫فرجل محله ولفظه‬ ‫إليه مفعول‪ ،‬و(رجل) فاعل محله الرفع ولفظه مرفوع‪ ،‬إذن‪:‬‬
‫محال ولف ًظا‪ ،‬لكن لو قلت‪( :‬ما جاءين من رجلٍ) أين فاعل جاء؟ َمن‬
‫الرفع‪ ،‬مرفوع ً‬
‫الذي جاء؟ رجل‪ ،‬إذن كلمة (رجل) يف هذه الجملة (ما جاءين من رجلٍ) رجل‪:‬‬
‫فاعل؛ ألنه وقع يف محل الفاعل‪ ،‬محله رفع؛ ألنه فاعل‪ ،‬محله أي‪ :‬موضعه‬
‫جر بحرف الجر الزائد‪.‬‬
‫ومكانه‪ ،‬ولكن لفظه ٌ‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪446h‬‬
‫مرفوع‬
‫ٌ‬ ‫(رجل) يف (ما جاءين من رجل) لفظه خالف محله‪ ،‬فهو‬‫ٌ‬ ‫إذن‪ :‬فكلمة‬
‫مجرور لف ًظا‪ ،‬إذن‪ :‬فالكلمة الواحدة قد يتوافق محلها ولفظها‪ ،‬وقد يكون‬
‫ٌ‬ ‫محال‪،‬‬
‫ً‬
‫محال‬
‫ً‬ ‫لها محل فقط‪ ،‬وقد يكون لها لفظ ومحل‪ ،‬فإذا كانت الكلمة مرفوعة‬
‫ومحال‪ ،‬أي‪ :‬لفظها وافق محلها‪ ،‬فكيف تعطف عليها؟ كيف ُتتبِع عليها أي تابع؟‬
‫ً‬
‫ٍ‬
‫حينئذ‪( :‬جاءين‬ ‫نعت أو عطف‪ُ ،‬تتبِع على محلها ولفظها؛ ألهنما سواء‪ ،‬فتقول‬
‫محمدٌ الكريم)‪( ،‬جاءين محمدٌ وزيدٌ )‪ ،‬أتبعت على محمد‪ ،‬ومحمد مرفوع المحل‬
‫واللفظ‪ ،‬فليس لك إال الرفع‪.‬‬
‫لُن ل قلت‪( :‬ما جاءين من رجلٍ) ثم أردت أن تعطف على (رجلٍ) فتقول‪:‬‬
‫ٍ‬
‫امرأة) أم‬ ‫(وال امرأة)‪ ،‬هل تعطف على اللفظ فتقول‪( :‬ما جاءين من رج ٍل وال‬
‫تعطف على المحل (ما جاءين من رج ٍل وال امرأةٌ) أم يجوز الوجهان؟ هنا يجوز‬
‫لفظ ومحل‪ ،‬كلما كان للكلمة ٌ‬
‫لفظ ومحل جاز أن تراعي‬ ‫الوجهان؛ ألن الكلمة لها ٌ‬
‫المحل وجاز أن تراعي اللفظ‪ ،‬واألصل واألكثر يف الكالم أن تراعي اللفظ‪ ،‬ولكن‬
‫مراعاة المحل جائزة‪.‬‬
‫ٍ‬
‫بكاتب)‪ ،‬ليس ترفع اسمها وتنصب‬ ‫ل‪( :‬ليس محمدٌ‬ ‫من ةلك مَال أَّ‬
‫خربها‪ ،‬محمدٌ اسمها مرفوع‪ ،‬فأين خربها المنصوب؟ الخرب كلمة (كاتب) فقط‪،‬‬
‫ٌ‬
‫داخل على الخرب‪ ،‬وأصل الجملة (ليس محمدٌ كات ًبا) ثم‬ ‫والباء حرف جر زائد‬
‫دخلت الباء الزائدة وهذه درسناها يف باب (كان وأخواهتا) والحروف المشبهة هبا‪،‬‬
‫تدخل الباء الزائدة هنا‪.‬‬
‫ٍ‬
‫كاتب‪ ،‬ال تقول اسم مجرور؛ ألن حرف‬ ‫ٍ‬
‫بكاتب) أعرب‬ ‫فتقول‪( :‬ليس محمدٌ‬
‫ٍ‬
‫(كاتب)؟ تقول‪:‬‬ ‫الجر الزائد ال يغير اإلعراب‪ ،‬يغير اللفظ‪ ،‬فماذا تقول يف إعراب‬
‫مجرور لف ًظا بالباء الزائدة‪ ،‬فإذا أردت أن ُت ْتبِع عليه جاز‬
‫ٌ‬ ‫محال‪،‬‬
‫منصوب ً‬
‫ٌ‬ ‫خرب ليس‬
‫ٍ‬
‫شاعر)‪،‬‬ ‫بكاتب وال‬‫ٍ‬ ‫أن تراعي المحل‪ ،‬وجاز أن تراعي اللفظ‪ ،‬فتقول‪( :‬ليس محمدٌ‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪447h‬‬
‫‪g‬‬
‫شاعرا) وذكرنا ذلك يف حينه‪.‬‬
‫ً‬ ‫ٍ‬
‫بكاتب وال‬ ‫(ليس محمدٌ‬
‫ٍ‬
‫محمد؟ فاعل كفى‬ ‫ٍ‬
‫بمحمد شهيدً ا) ما إعراب‬ ‫من أمثلة ذلك أن تقول‪( :‬كفى‬
‫(كفى محمدٌ ) إال أن الباء اطردت زيادهتا يف فاعل كفى‪( ،‬ﭘ ﭙ ﭚ)‬
‫ٍ‬
‫بمحمد) فاعل مرفو ٌع‬ ‫ٍ‬
‫فمحمد يف قولنا‪( :‬كفى‬ ‫[الرعد‪ ،]43:‬أي‪ :‬كفى اهلل‪ ،‬إذن‪:‬‬
‫ٍ‬
‫بمحمد‬ ‫مجرور لف ًظا بالباء الزائدة‪ ،‬فإذا عطفت عليه جاز لك أن تقول‪( :‬كفى‬ ‫محال‬
‫ً‬
‫ٌ‬
‫ٍ‬
‫بمحمد وخالدٌ ) على المحل‪.‬‬ ‫وخالد) على اللفظ‪ ،‬وجاز أن تقول‪( :‬كفى‬‫ٍ‬

‫ومن أمَلة ةلك‪ :‬مسألة ذكرنا من قبل يف إعمال األسماء العاملة َع َمل أفعالها‪،‬‬
‫ٍ‬
‫محمد المعلمين)‬ ‫اسم الفاعل واسم المفعول والمصدر‪ ،‬لو قلت‪ُ ( :‬يعجبني إكرام‬
‫أصل الجلمة‪( :‬يعجبني أن يكرم محمدٌ المعلمين)‪ ،‬فإذا قلت‪( :‬يعجبني إكرام‬
‫فاعل ومفعول‪ ،‬أما المفعول‬ ‫محمد المعلمين) إكرام‪ :‬مصدر يعمل عمل فعله‪ ،‬له ٌ‬ ‫ٍ‬

‫به الذي وقع عليه اإلكرام فـ (المعلمين)‪ ،‬فأين فاعل إكرام؟ أين الذي فعل‬
‫اإلكرام؟ محمد‪ ،‬إال أنه ُأضيف إلى المصدر‪ ،‬والمصدر كما قلنا يجوز أن يضاف‬
‫إلى فاعله وهذا األكثر‪ ،‬ويجوز أن يضاف إلى مفعوله وهذا قليل‪.‬‬
‫فمحمد هنا‪ :‬هو الفاعل‪ ،‬إال أنه ُأضيف إلى المصدر‪ ،‬فإذا أردت أن ُت ْتبِع‬
‫(محمد) بمعطوف أو بنعت أو بغير ذلك جاز لك أن تراعي المحل وهو الرفع؛‬
‫ألنه فاعل‪ ،‬وجاز لك أن تراعي اللفظ؛ ألنه مضاف إليه مجرور‪ ،‬فتقول‪( :‬يعجبني‬
‫ٍ‬
‫محمد وخالدٌ المعلمين)‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫وخالد المعلمين)‪ ،‬أو (يعجبني إكرام‬ ‫ٍ‬
‫محمد‬ ‫إكرام‬
‫كالهما يجوز‪.‬‬
‫فهذه بعض المواضع التي سبق أن شرحناها من قبل أردنا أن نذكرها اآلن؛ ألن‬
‫التنبيه عليها يف آخر باب العطف مناسب‪.‬‬
‫آمر ملح ة و نبيه‪ :‬تكلمنا على الحذف يف هذا الباب (باب عطف النسق)‪،‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪448h‬‬
‫ُفصل ذلك فنقول‪ :‬الحَف يف هَا‬
‫حذف المعطوف والمعطوف عليه إلى آخره‪ ،‬ن ِّ‬
‫الباب على أربعة أن ا ‪:‬‬
‫حذف العاطف (حرف الجر) والمعطوف‪ ،‬وهذا ذكره ابن مالك يف قوله‪:‬‬
‫للللر َد َْ‬ ‫َوالللللل َ داو اَ َلللللل ْب َس َو ْهل َ‬
‫للللي ا ْن َفل َ‬ ‫للع َملللا َع َط َفل ْ‬
‫للت‬ ‫ف َمل ْ‬ ‫َوال َفلللا دء َقلللدْ ْدحل َ‬
‫للَ د‬
‫الَاين من أن ا الحَف‪ :‬حذف المعطوف وحده‪ ،‬وذكره ابن مالك يف‬ ‫الن‬
‫قوله‪:‬‬
‫َو ْه َي ا ْن َف َر َد َْ‬
‫َم ْع دم دللللللل ده َد ْف َعلللللل لالللللل َ ْهُ ا ا للللللي‬ ‫للللف َع ااملللللق دمللللل َال َقلللللدْ َب ا لللللي‬
‫باع ْطل ا‬
‫َ‬
‫الَالث من أن ا الحَف‪ :‬حذف المعطوف عليه وحده‪ ،‬وذكره ابن مالك‬ ‫الن‬
‫يف قوله‪:‬‬
‫الفع ا ا‬
‫ا‬ ‫للك ا‬
‫َو َع ْط دف َ‬ ‫باللللدَ ا دهنَللللا ْاسلللل َعبا ْح‬ ‫َو َحل ْ‬
‫للح‬
‫للق َص ّ‬ ‫للق َع َلللى ْ‬
‫الف ْع َ‬ ‫ف َم ْع دبلللل‬
‫لللَ َ‬
‫الرابع‪ :‬ولم يذكره ابن مالك‪ ،‬حذف العاطف وحده‪ ،‬أن تحذف حرف‬ ‫الن‬
‫العطف وحده‪ ،‬وتبقي المعطوف والمعطوف عليه‪ ،‬وابن مالك لم يتكلم على هذه‬
‫كثيرا يف ألفيته‪ ،‬حذف حرف العطف‪.‬‬
‫المسألة هنا مع أن ارتكب هذا األمر ً‬
‫جائز يف الشعر‪ ،‬من‬
‫وحذف حرف العطف ال يكون إال بـ (الواو) أو (أو)‪ ،‬وهو ٌ‬
‫ضرائر الشعر الجائزة‪ ،‬وأما يف النثر فهو يجوز جواز مطر ًدا إذا أردت العد‪ ،‬ويف غير‬
‫قليال‪.‬‬
‫العد ال يجوز يف النثر إال ً‬
‫نأخذ أمثلة وشواهد لما قلنا‪:‬‬
‫قلنا حذف حرف العطف يف الشعر جائز‪ ،‬كقول الشاعر‪:‬‬
‫ا‬
‫فلللؤاد الُلللر ُ‬ ‫مملللا لللرْ الللل َّد يف‬ ‫يلللللف أصلللللبحت يلللللف أمسللللليت‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪449h‬‬
‫‪g‬‬
‫أي‪ :‬كيف أصبحت وكيف أمسيت مما يغرس الود يف فؤاد الكريم‪.‬‬
‫ومثاله يف النثر إذا أردت العد أن تقول‪" :‬حروف الهجاء ألف با تا ثا جيم حا‬
‫خا دال‪ ،‬وهكذا‪ ،‬فت ُعدها عدً ا‪ ،‬أو تقول‪ ":‬األعداد‪ :‬واحد اثنان ثالثة أربعة خمسة‬
‫تمرا"‪ ،‬أنت اآلن‬
‫لحما ً‬
‫خبزا ً‬
‫ستة"‪ ،‬وهكذا‪ ،‬أو تقول‪ :‬قل ما تشاء‪" ،‬تفاحة برتقالة ً‬
‫فقط مجرد تعد عدً ا‪ ،‬ال تقصد أن تعطف شي ًئا على شيء‪ ،‬وإنما تقصد أن تعد عدً ا‪،‬‬
‫فحذف حرف العطف هنا جائز ال إشكال يف ذلك‪.‬‬
‫ِ‬
‫رجق من د ناره من‬ ‫ومن ذلك قوله ‪ ‬يف الحديث‪ « :‬صدَّ ق‬
‫درهمه من صا بره من صا مره»‪ ،‬يعدد األشياء التي يتصدق منها‪ ،‬ومن ذلك‬
‫إزار وقميص‪ ،‬يف ٍ‬
‫إزار وقباء"‪،‬‬ ‫إزار ورداء‪ ،‬يف ٍ‬
‫قول عمر ◙‪" :‬صلى رجل يف ٍ‬
‫درهما درهمين ثالث ًة"‪.‬‬
‫ً‬ ‫ومن ذلك قول العرب‪" :‬أعطه‬
‫وأما حَف حرف العطف يف النَر يف غير العد‪ :‬فقلنا هذا ال يجوز يف النثر إال‬
‫قليلٍ‪ ،‬أي‪ُ :‬س ِمع يف قليل من الكالم‪ ،‬ومن ذلك ما حكاه أبو زيد شيخ سيبويه عن‬
‫تمرا" يريد أنه أكلها جمي ًعا‪.‬‬
‫لحما ً‬
‫خبزا ً‬
‫أكلت ً‬
‫بعض العرب أنه قال‪ُ " :‬‬
‫هبذا نختم الكالم على باب [عطف النسق]‪ ،‬لندلف مباشرة إلى الباب التالي‬
‫باب البدل‬
‫هذا هو الباب األخير من أبواب التوابع األربعة‪ ،‬ذكرها ابن مالك متتابعة‪،‬‬
‫التوابع األربعة‪ :‬النعت والتوكيد والعطف بنوعيه‪ ،‬وقد شرحنا كل ذلك‪ ،‬واآلن‬
‫نشرح التابع األخير وهو البدل‪.‬‬
‫وقد ع ده ابن مالك ‪ ‬يف ألفيعه يف مانية أبياَ‪ ،‬قال في ا‪:‬‬
‫ا‬ ‫لللالح ُْ اُ باللللالَ‬
‫لللللمى َبللللللدَ ا‬
‫الم َسل َّ‬‫َواسلللللل َطة دهلللللل َ د‬ ‫الم ْ دصلللل دد بال د‬ ‫‪.565‬ال َّعللللابا دع َ‬
‫ع َلي ا‬
‫لللله د ل َفللللى َأو ََم ْع دطلللل ف با َبللللق‬ ‫‪ .566‬دم َطابا َ للل َأو َب ْع َاللل َأو َملللا َ ْ لللع اَمق‬
‫َ ْ‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪450 h‬‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫‪َ .567‬و َةا لاال ْ َر ا‬
‫ب‬ ‫وَّ َق ْصللللللد غَ َللللللل ِ بالللللله دسللللللل ْ‬ ‫َو دد َ‬ ‫ب‬ ‫اع د إا َّْ َق ْصدَ ا َصح ْ‬ ‫اب ْ‬
‫َوا ْع ار ْفلللل ده َح َّ لللل ده َو دمللللدْ َنلللل ْبال دمللللدَ‬ ‫‪ َ .568‬لللللل ْدر ده َمالاللللللدَ ا َو َقبللللللل ده ال َيللللللدَ ا‬
‫د ْب ادلللللللل ده إاَّ َملللللللا إا َحا َ لللللللة َجلللللللالَ‬ ‫للميرا الحا ا للرا ال َّظ ا‬
‫للاه َر اَ‬ ‫للن َ ْ َ‬
‫ا‬ ‫ا‬
‫‪َ .569‬وم ْ‬
‫لللللللك ْاسللللللللع ََمااَ‬‫َ‬ ‫اجل‬ ‫َ ا‬ ‫أو ا ْقع ََالللللى َب ْع َاللللل َأ او ا ْ لللللعا َمااَ‬ ‫‪ .570‬ا‬
‫لللللللك ا ْبع َ َ‬ ‫َّانل‬
‫ا‬
‫للللللللع ْيدِ َأ ْم َع اللللللللللي‬ ‫للللللللن َةا َأ َسل‬ ‫الم َال َّلم ان ال َ ْم ل َ َ الللي َه ْم ل َا‬
‫ْ‬ ‫ََمل‬ ‫‪َ .571‬و َبللدَ دل د‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫للق املللن ا‬ ‫ا‬
‫َصلللللق إا َل ْينَلللللا َ ْسلللللعَع ْن بانَلللللا د َعل ْ‬
‫للللن‬ ‫للن‬
‫للق ََمل ْ‬ ‫الف ْعل ا‬ ‫‪َ .572‬و د ْبلللدَ دل الف ْعل د َ‬
‫ذكر ‪ ‬يف هذه األبيات تعريف البدل‪ ،‬وأنواع البدل‪ ،‬وصور البدل‪،‬‬
‫والبدل من اسم االستفهام‪ ،‬وبدل الفعل من الفعل‪.‬‬
‫فبدأ ابن مالك ‪ ‬بتعريف البدل فقال‪:‬‬
‫ا‬ ‫لللللالح ُْ اُ بالللللالَ‬ ‫الم ْ دصللللل دد با‬
‫للللللمى َبللللللدَ ا‬
‫الم َس َّ‬ ‫َواسلللللل َطة دهلللللل َ د‬ ‫د‬ ‫العَّلللللابا دع َ‬
‫اس َطة)‪،‬‬ ‫(العَّاباع الم ْ ص د باالح ُْ اُ ابالَ و ا‬ ‫ة ر يف هَا البيت عر ف البدل‪ ،‬ف‬
‫َ‬ ‫د َ د د د‬
‫أج اء الععر ف ما روَّ ال ة‪:‬‬
‫ا ول‪ :‬ق له‪( :‬العَّابا دع)؛ فهذا يشمل كل التوابع‪ ،‬النعت والعطف والتوكيد‬
‫والبدل‪ ،‬قال التابع ولم يقل االسم ليخص االسم‪ ،‬فالتابع يشمل االسم والفعل‬
‫والجملة‪،‬‬
‫الح ُْ اُ)؛ أي‪ :‬الحكم والنسبة‪ ،‬الفعل متوجه يف الحقيقة‬‫الم ْ دص دد با د‬
‫الَاين‪َ ( :‬‬
‫ٍ‬
‫واحد منها كما عرفنا‬ ‫خرج النعت والتوكيد وعطف البيان؛ ألن كل‬ ‫إليه‪ ،‬وهذا ُي ِ‬
‫مكم ٌل للمتبوع‪ ،‬ال مقصو ًدا بنفسه‪ ،‬فإذا قلت‪( :‬جاء محمدٌ الكريم) أردت أن ُتسنِد‬ ‫ِّ‬
‫المجيء إلى محمد‪ ،‬ثم إنك كملته بذكر صفته‪ ،‬إذن‪ :‬فالمجيء مسند إلى محمد‬
‫وليس إلى (الكريم)‪.‬‬

‫وكذلك التوكيد‪( :‬جاء محمد نفسه)‪ ،‬وكذلك يف عطف البيان‪( :‬جاء محمدٌ‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪451 h‬‬
‫‪g‬‬
‫أخي)‪.‬‬
‫الثالث‪( :‬باالَ و ا‬
‫اس َطة)؛ هذا ُي ِ‬
‫خرج المعطوف عطف نسق‪ ،‬فإنك إذا قلت‪( :‬جاء‬ ‫َ‬
‫محمدٌ وخالدٌ ) فإنك أسندت المجيء وهو الحكم إلى محمد‪ ،‬وأسندته إلى خالد‪،‬‬
‫إذن‪ :‬فالحكم متجه هنا لالثنين إال أنه إلى األول مباشرة‪ ،‬وإلى الثاين بواسطة حرف‬
‫اس َطة)‪ ،‬فبذلك سلم الحد إلى البدل؛ ألنه أخرج‬ ‫العطف‪ ،‬فأخرجه بقوله‪( :‬باالَ و ا‬
‫َ‬
‫يبق إال البدل‪.‬‬
‫كل التوابع األخرى‪ ،‬فلم َ‬
‫وأشد صور عطف النسق العطف بـ (بل)‪ ،‬عندما تقول‪( :‬جاء محمدٌ بل خالدٌ )‬
‫هنا أسندت المجيء إلى خالد؛ ألن (بل) هنا إدراك‪ ،‬ومع ذلك نقول بواسطة‬
‫ضرب عما قبلها و ُيسنَد لما بعدها‪.‬‬
‫(بل)‪( ،‬بل) هي التي جعلت الفعل ُي َ‬
‫ُ ر ابن مالك ‪ ‬يف ة ر أن ا البدل‪ ،‬ف ال‪:‬‬
‫دم َطابا َ َأو َب ْع َا َأو َما َ ْ ع اَمق َع َل ْي اه د ل َفى َأو ََم ْع دط ف با َبق‬

‫يقول‪ :‬البدل ُيلفى على هذه األنواع األربعة‪ُ ،‬يلفى مطاب ًقا‪ ،‬و ُيلفى ً‬
‫بعضا‪ ،‬و ُيلفى‬
‫ٍ‬
‫كمعطوف بـبل‪.‬‬ ‫ما يشتمل عليه‪ ،‬و ُيلفى‬
‫ُ قال‪:‬‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫َو َةا لاال ْ ل َلر ا‬
‫وَّ َق ْصللللللد َغ َللللللل ِ بالللللله دسللللللل ْ‬
‫ب‬ ‫َو دد َ‬ ‫اب ا ْع ل د إا َّْ َق ْصللدَ ا َصللح ْ‬
‫ب‬
‫الرابع من أن ا البدل وه المعط ف ببق في ل على ن عين‪:‬‬ ‫أ ‪ :‬الن‬
‫‪ ‬إَّ اَّ المعط ف عليه م ص دا ف بدل إ راب‪.‬‬
‫‪ ‬وإَّ اَّ المعط ف عليه ليس م ص دا ف بدل غل ‪.‬‬
‫ثم م َّثل ذلك بقوله‪ َ ( :‬د ْر ده َمالادَ ا) هذا مطابق‪َ ( ،‬و َقبل ده ال َيدَ ا) هذا بعض‪،‬‬
‫( َوا ْعرا ْف ده َح َّ ده َو دمدْ َن ْبال دمدَ ) هذا اشتمال‪َ ( ،‬و دمدْ َن ْبال دمدَ ) هذا العطف ُ‬
‫المباين‪.‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪452h‬‬
‫هذه أبياته ‪ ،‬ون ل‪ :‬إَّ البدل على أربعة أن ا ‪:‬‬
‫ا ول‪ :‬البدل المطابق‪:‬‬ ‫الن‬
‫وهذا قوله‪( :‬مطاب ًقا)‪ ،‬ويسميه النحويين بدل كل من كل‪ ،‬أو بدل الشيء من‬
‫والمبدَ ل‬
‫المبدَ ل منه‪ ،‬إذا كان البدل ُ‬
‫الشيء‪ ،‬وهو ما كان البدل فيه يطابق ويساوي ُ‬
‫منه شي ًئا واحد‪.‬‬
‫نحو‪( :‬مررت بأخيك ٍ‬
‫زيد)‪:‬‬
‫زيد) أخوك‬‫مضاف إليه‪( ،‬أخيك ٍ‬
‫ٌ‬ ‫فعل وفاعل‪( ،‬بأخيك) جار ومجرور‬ ‫مررت‪ٌ :‬‬
‫متجها إليه‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫حينئذ؟ بدل إذا كان الحكم‬ ‫هو زيد‪ ،‬وزيدٌ هو أخوك‪ ،‬فما إعراب ٍ‬
‫(زيد)‬
‫ً‬
‫زيد) كأن قصدك أن تقول‪:‬‬ ‫أي‪ :‬إذا كان قصدك هبذه الجملة (مررت بأخيك ٍ‬
‫(مررت ٍ‬
‫بزيد)‪ ،‬ولكنك قلت‪( :‬بأخيك) تمهيدً ا وتوطئ ًة للكالم‪.‬‬ ‫ُ‬
‫(مررت ٍ‬
‫بزيد أخيك)‪ ،‬أخيك‪ :‬بدل‪ ،‬إذا كنت تقصد أن تقول‪( :‬مررت‬ ‫ُ‬ ‫أو تقول‪:‬‬
‫ٍ‬
‫(بزيد)‪.‬‬ ‫بأخيك) ثم قدمت‬
‫(مررت ٍ‬
‫بزيد أبي صالح)‪ ،‬اسمه زيد وكنيته أبو صالح‪ ،‬أبي صالح‬ ‫ُ‬ ‫وكقولك‪:‬‬
‫بدل من زيد؛ ألنه هو هو‪.‬‬
‫ومن ةلك ق لك‪( :‬جاء المجتهد محمدٌ )؛ جاء المجتهد‪ٌ :‬‬
‫فعل وفاعل‪ ،‬محمدٌ ‪:‬‬
‫بدل‪.‬‬
‫مع أنه يف النعت قلنا من أمثلة النعت‪( :‬جاء محمدٌ المجتهد) هنا نعت؛ ألن‬
‫المجتهد وصف‪ ،‬فيه معنى الوصف‪ ،‬لكن إذا قدَّ مت الصفة على الموصوف (جاء‬
‫المجتهد محمدٌ ) ينقلب إلى باب البدل‪.‬‬
‫علي‬
‫علي‪ :‬بدل‪ ،‬أما (أعجبني ٌ‬
‫علي)؛ ٌ‬
‫ومن ذلك قولك‪( :‬أعجبني الخطيب ٌ‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪453h‬‬
‫‪g‬‬
‫الخطيب) فنعت‪ ،‬ومن ذلك‪( :‬زرت عاصمة السودان الخرطو َم) الخرطوم‪ :‬بدل‪،‬‬
‫(زرت الخرطو َم عاصمة السودان) لكانت عاصمة نعتًا‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ولو قلت‪:‬‬
‫ومن ذلك مثال ابن مالك‪ْ َ ( :‬در ده َمالادَ ا)؛ تتكلم عنه‪ ،‬ما أخبار خالد؟ مريض‪،‬‬
‫متعب‪ ،‬لم أره منذ زمن بعيد‪ ،‬تتكلمون عن خالد فتقول لصاحبك‪( :‬زره خالدً ا)‪،‬‬
‫اسم ظاهر ٌ‬
‫بدل من هذا الضمير المتصل‪،‬‬ ‫زره‪ٌ :‬‬
‫فعل وفاعل ومفعول به‪ ،‬خالدً ا‪ٌ :‬‬
‫وسيأيت أن الظاهر قد ُيبدَ ل من الضمير‪.‬‬

‫وشواهد ذلك كثير ًة جدً ا كقوله ‪( :‬ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ‬


‫ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ) [الفا حة‪ ،]7-6:‬الشاهد يف‪:‬‬
‫(صراط الذين) بدل من الصراط األولى‪.‬‬

‫( ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ‬
‫ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ‬
‫ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ) [ال ر ‪ ]53-52:‬أين البدل؟‬
‫صراط اهلل‪ ،‬والمبدل منه‪ :‬صراط مستقيم‪ ،‬أبدلنا معرفة من نكرة؛ ألن البدل ال‬
‫ُيشرتَط فيه التوافق يف التعريف والتنكير‪.‬‬

‫قال –تعالى‪( :-‬ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆﮇ) [الب رة‪،]184:‬‬


‫طعام مسكين بدل من فدية؛ ألن إطعام المسكين هو الفدية‪.‬‬

‫قال –تعالى‪( :-‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ)‬


‫[ا عراف‪ ،]122-121:‬قال –تعالى‪( :-‬ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ)‬
‫[ُ‪ ،]56-55:‬ماذا لهم؟ جهنم هي شر المئاب‪ ،‬ما إعراب جهنم؟ بدل من شر‬
‫مئاب‪( ،‬شر مئاب) نكرة أضي َفت إلى نكرة‪ ،‬وأما جهنم‪ :‬معرفة ألهنا علم‪.‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪454 h‬‬
‫قال –تعالى‪( :-‬ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ) [مر ُ‪ ،]53:‬وقال –تعالى‪:-‬‬
‫(ﮒ ﮓ ﮔ) [غافر‪ ،]36:‬وقال –تعالى‪( :-‬ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ‬
‫ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙﯚ) [المائدة‪ ،]117:‬هذا أسلوب حصر أو يسمونه استفهام‬
‫قلت لهم ما أمرتني به‪ ،‬ماذا قال لهم؟ أين مفعول القول؟ (إال ما‬
‫مفرغ‪ ،‬أي‪ُ :‬‬
‫أمرتني) ما‪ :‬اسم استفهام بمعنى الذي مفعول به‪ ،‬قلت لهم الذي أمرتني به أن‬
‫اعبدوا اهلل ربي وربكم‪ ،‬ما إعراب (ﯕ ﯖ ﯗ)؟ أن‪ :‬حرف مصدري ناصب‬
‫مفعول به‪( ،‬ﯕ ﯖ‬
‫ٌ‬ ‫للمضارع‪ ،‬اعبدوا‪ :‬فعل أمر والواو فاعل‪ ،‬اهلل‪ :‬لفظ الجاللة‬
‫ﯗ) هذه مسبوقة أو مبدوءة بحرف مصدري (أن)‪ ،‬ما معنى حرف مصدري؟‬
‫ينصب ما بعده بمصدر‪ ،‬فيكون التقدير (عبادة اهلل)‪ ،‬ما قلت لهم إال ما أمرتني به أن‬
‫اعبدوا اهلل‪( ،‬ﯕ ﯖ ﯗ) بدل من (ﮱ ﯓ ﯔ)‪.‬‬
‫قلنا‪ :‬هذا البدل المطابق ُيشرتَط فيه الموافقة بين البدل والمبدل منه يف كل‬
‫شيء إال التعريف والتنكير‪ ،‬يف اإلعراب هذا األصل‪ ،‬البد منه اإلعراب ألنه تابع‪،‬‬
‫كذلك يف اإلفراد والتثنية والجمع‪ ،‬وكذلك يف التذكير والتأنيث‪ ،‬لكن يف التعريف‬
‫والتنكير ال يشرتط كالشواهد السابقة‪ ،‬وكقوله –تعالى‪( :-‬ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ‬
‫ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ) [العلق‪ ،]16-15:‬وقوله –تعالى‪( :-‬ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ‬
‫ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ) [ال م ة‪ ،]2-1:‬ما إعراب (الذي)؟ هل يصح أن نقول‬
‫أنه نعت؟ (الذي) صفة لهمزة؟ ال؛ ألن همزة نكرة‪ ،‬والذي‪ :‬اسم موصول معرفة‪،‬‬
‫والنعت البد من الموافقة يف التعريف والتنكير‪ ،‬فنقول (الذي) بدل؛ ألن البدل ال‬
‫يشرتط فيه الموافقة‪.‬‬

‫ومن الشواهد على البدل المطابق قوله ‪( :‬ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ‬


‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪455h‬‬
‫‪g‬‬

‫ﭨ) [ُ‪( ،]64:‬ﭣ ﭤ ﭥ) خرب ذلك‪( ،‬ﭦ ﭧ ﭨ) بدل‪ ،‬أبدل‬


‫المعرفة من النكرة‪.‬‬

‫قال ‪( :‬ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ‬
‫ٌ‬
‫رسول بدل من البينة‪،‬‬ ‫ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ) [البينة‪،]2-1:‬‬
‫من إبدال النكرة من المعرفة‪.‬‬

‫قال –تعالى‪( :-‬ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ) [ُ‪ ،]46:‬معنى اآلية –‬


‫ٍ‬
‫بخصلة خالصة وهي ذكرى‪ ،‬أي‪ :‬تذكُّر الدار‬ ‫واهلل أعلم‪ :-‬إنا أخلصنا هؤالء‬
‫اآلخرة‪( ،‬ذكرى الدار) بدل من (خالصة)‪ ،‬من إبدال المعرفة من النكرة‪.‬‬
‫إعراب‬
‫ٌ‬ ‫كثيرا من أن مثل هذه األساليب قد يجوز فيها‬
‫وننبه هنا إلى ما نبهنا إليه ً‬
‫آخر‪ ،‬ونحن إذا نقصنا على هذا اإلعراب البدل؛ ألن الباب هنا معقو ٌد ونحن‬
‫نشرحه‪ ،‬ولكن قد يجوز يف ذلك معارب أخرى‪ ،‬قد يجوز يف ذلك القطع‪( ،‬ﭣ‬
‫ﭤ ﭥ) [ُ‪ ،]64:‬إذا كان المقصود القطع الكالم‪ ،‬أي‪ :‬وقف الجملة وانتهائها‬
‫هنا‪ ،‬إن هذا لحق جملة‪ ،‬ثم (ﭦ ﭧ ﭨ) [ُ‪ ]64:‬جملة أخرى‪ ،‬وليست‬
‫من بقية الجملة السابقة‪.‬‬
‫والقطع كما تعرفون لك أن تقطع إلى الرفع على أنه خرب لمبتدأٍ محذوف‪ ،‬إن‬
‫لحق هو تخاصم أهل النار‪ ،‬أي‪ :‬إذا ُسئِل ما الحق؟ فيقال‪ :‬هو تخاصم أهل‬
‫ذلك ٌ‬
‫لحق (أعني أو أقصد أو أريد)‬
‫النار‪ ،‬أو تقطع إلى النصب على تقدير‪ :‬إن ذلك ٌ‬
‫ٍ‬
‫حينئذ يكون على جملتين‪.‬‬ ‫تخاصم أهل النار‪ ،‬ولكن الكالم‬
‫وإذا قلت‪ :‬إن الثاين بدل من األول‪ ،‬فمعنى ذلك أنك تجعل هذا الكالم كله‬
‫جمل ًة واحدة‪ ،‬وكذلك يقال يف بقية الشواهد كقوله –تعالى‪( :-‬ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪456h‬‬
‫ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ)‬
‫ٌ‬
‫رسول‪:‬‬ ‫[البينة‪ ،]2-1:‬قلت‪ :‬رسول بدل من البينة فهذه جمل ٌة واحدة‪ ،‬وإذا قلت‪:‬‬
‫منته قبله‪ ،‬أي‪( :‬ﭽ ﭾ ﭿ) انتهى الكالم‪ ،‬ثم‬ ‫خرب لمبتدأ محذوف‪ ،‬والكالم ٍ‬

‫بدأ جملة أخرى (هو رسول اهلل من اهلل) ثم حذف المبتدأ؛ ألن الذي قبله يدل عليه‬
‫فقال‪( :‬ﮁ ﮂ ﮃ) فتكون جمل ًة أخرى‪.‬‬
‫فهذه بعض الشواهد على النوع األول من البدل وهو البدل المطابق‪ ،‬ويف آخره‬
‫نقول‪ :‬ومن البدل المطابق البدل التفصيلي أو بدل التفصيل‪ ،‬كأن تقول‪( :‬جاء‬
‫وبكر) وهؤالء هم الضيوف‪ ،‬ضيوفك ثالثة‪ ،‬فقلت‪( :‬جاء‬
‫ٌ‬ ‫وعمرو‬
‫ٌ‬ ‫الضيوف زيدٌ‬
‫وعمرو‪:‬‬
‫ٌ‬ ‫وبكر؟ زيد‪ :‬بدل‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫وعمرو‬
‫ٌ‬ ‫وبكر) فما إعراب زيدٌ‬
‫ٌ‬ ‫وعمرو‬
‫ٌ‬ ‫الضيوف زيدٌ‬
‫وبكر‪ :‬معطوف على زيد‪ ،‬ويكون هذا من بدل التفصيل‪ ،‬وهو‬
‫ٌ‬ ‫معطوف على زيد‪،‬‬
‫من بدل الكل من كل‪.‬‬
‫ولو كان ضيوفك أكثر من ذلك‪ ،‬عشرة ولكن ما جاء إال هؤالء الثالثة‪ ،‬فقلت‪:‬‬
‫وبكر) فال يكون من البدل المطابق‪ ،‬وإنما يكون من‬
‫ٌ‬ ‫وعمرو‬
‫ٌ‬ ‫((جاء الضيوف زيدٌ‬
‫النوع الثاين وهو بدل البعض من كل‪.‬‬

‫ومن بدل التفصيل قوله ‪( :‬ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ)‬


‫عطف على الذكر‪ ،‬من البدل‬
‫ٌ‬ ‫[ال يامة‪ ،]39:‬الذكر‪ :‬بدل من الزوجين‪ ،‬واألنثى‪:‬‬
‫المطابق أو بدل التفصيل‪.‬‬
‫ومن ذلك قول كُثير عزة‪:‬‬
‫َّملللاَّ ف َ للل َّل ا‬
‫ت‬ ‫د‬ ‫َو ار ْجلللق َرملللى في لللا ال‬ ‫ْلت َ ل الَ ار ْج َلل ْي ان ارجللق صللحيحة‬
‫َو د ن د‬
‫رج ٍل ورجلٍ‪ :‬بدل تفصيل؛ ألهنما رجالن‪.‬‬
‫ومن ذلك قول ابن الرومي‪ ،‬وهذا تمثيل ال استشهاد؛ ألن ابن الرومي ال‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪457h‬‬
‫‪g‬‬
‫ستشهد بكالمه‪ ،‬لكنه مثال‪ ،‬قال‪:‬‬
‫َ‬ ‫ُي‬
‫والمطر‬
‫د‬ ‫حمد ا َج د ا‬
‫اَّ البحر‬ ‫جادَ لنا د ده لُ د َ‬
‫ْ‬ ‫إةا أب قاسُ‬
‫اءَ لنا أن ار غ ّدر ه َااءل النَّيراَّ ال مس وال مر‬
‫ْ‬ ‫ول أ‬
‫فالشمر والقمر‪ :‬بدل من النيران‪ ،‬فهذا النوع األول من أنواع البدل‪.‬‬
‫الَاين من أن ا البدل‪ :‬ه بدل بعض من ق‪:‬‬ ‫الن‬
‫وفرقنا من قبل أكثر من‬
‫المبدَ ل منه‪َّ ،‬‬
‫بعضا أو جز ًءا من ُ‬
‫وهو ما كان البدل فيه ً‬
‫(أكلت الرغيف ثلثه) أو (أكلت الرغيف نصفه) أو‬
‫ُ‬ ‫مرة بين البعض والجزء‪ ،‬نحو‪:‬‬
‫(أكلت الرغيف ثلثيه)‪ ،‬نريد أن البدل قد يكون أقل من المبدل منه‪ ،‬وقد يكون‬
‫ُ‬
‫مساو ًيا للمبدل منه‪ ،‬وقد يكون أكثر من المبدل منه‪ ،‬كل ذلك جائز‪.‬‬
‫وتقول‪( :‬نظفت البيت ُغ َرفه)‪ ،‬وتقول‪( :‬أعجبني زيدٌ وجهه)‪.‬‬
‫ومن ذلك مثال ابن مالك‪َ ( :‬و َقبل ده ال َيدَ ا) تقول‪ :‬هذا أبي فق ِّبل يده‪ ،‬فالتقبيل‬
‫مسندٌ إلى اليد‪ ،‬ولكنك ذكرت الهاء من باب التوطئة والتمهيد‪.‬‬

‫ومن الشواهد على بدل البعض من كل‪ :‬قوله ‪( :‬ﮬ ﮭ ﮮ‬


‫ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕﯖ) [آل عمراَّ‪]97:‬؛ من‪ :‬بدل بعض من الناس‪،‬‬
‫(ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕﯖ) عليهم جمي ًعا أو على‬
‫المستطيع؟ على المستطيع‪( ،‬ﮱ ﯓ ﯔ ﯕﯖ) فيكون المعنى واهلل أعلم‬
‫سبيال حج البيت‪ ،‬هذا بدل‪ ،‬يذكرونه من أنواع‬
‫ً‬ ‫إلى‪ :‬وهلل على َمن استطاع‬
‫المخصصات‪ ،‬البدل المخصص‪ ،‬هذا إعراب‪ ،‬ويف اآلية أعاريب أخرى‪.‬‬

‫قال اهلل ‪( :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ‬


‫ﭝ) [الم مق‪ ،]1:3 :‬فنصفه‪ :‬بدل من الليل‪ ،‬ومن ذلك قوله ‪( :‬ﯽ‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪458h‬‬
‫ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆﰇ) [الب رة‪( ،]126:‬ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ)‪:‬‬
‫فمن‪ٌ :‬‬
‫بدل من أهله‪ ،‬ارزق أهله‬ ‫أي‪ :‬ارزق من الثمرات أهل الحرم َمن ءامن منهم‪َ ،‬‬
‫لمن ءامن فقط دون غير المؤمنين‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫َمن ءامن‪ ،‬ويكون الدعاء حينئذ َ‬

‫قال ‪( :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ) [النبٌ‪ ،]32-31:‬حدائق‪:‬‬


‫مفازا‪ ،‬قال –تعالى‪( :-‬ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ)‬
‫ً‬ ‫بدل من‬
‫مثال‪.‬‬
‫رجال‪ :‬بدل من ً‬
‫[ال مر‪ً ،]29:‬‬
‫بعضا من كل) ُيشرتَط فيه أن يكون فيه ضمير يعود إلى‬
‫وهذا البدل (بدل ً‬
‫(أكلت الرغيف ثلثه)‪( ،‬ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ‬
‫ُ‬ ‫المبدَ ل منه كما رأيتم يف هذه األمثلة‪،‬‬
‫ُ‬
‫ﰁ ﰂ ﰃ) وهكذا‪.‬‬
‫المبدَ ل يف اإلعراب‪ ،‬كل التوابع البد أن توافق المتبوع يف اإلعراب‬
‫وهو يوافق ُ‬
‫ولكن ال ُيشرتَط فيه الموافقة يف غير اإلعراب‪ ،‬قد يخالفه يف التذكير والتأنيث‪ ،‬قد‬
‫يخالفه يف التعريف والتنكير‪ ،‬قد يخالفه يف اإلفراد والتثنية والجمع‪ ،‬كما رأيتم يف‬
‫بعض األمثلة السابقة‪.‬‬
‫(أكلت رغي ًفا نصفه)؛ فرغي ًفا نكرة ونصفه معرفة‪ ،‬تقول‪:‬‬
‫ُ‬ ‫يمكن أن تقول‪:‬‬
‫وعمروا اثنان‬
‫ً‬ ‫وعمروا) زيدً ا‬
‫ً‬ ‫(أكرمت الضيوف زيدً ا‬
‫ُ‬ ‫رجال وجهه)‪ ،‬وتقول‪:‬‬
‫(رأيت ً‬
‫والضيوف جمع‪ ،‬وهكذا‪ ،‬فهذا النوع الثاين من أنواع البدل‪.‬‬
‫الَالث من أن ا البدل‪ :‬ه بدل اا عمال‪:‬‬ ‫الن‬
‫وهو ما كانت العالقة فيه بين البدل والمبدل منه غير ٍ‬
‫كلية وال بعضية‪ ،‬إذا كانت‬
‫العالقة بين البدل والمبدل منه كلية يعني هو هو؛ فهذا بدل مطابق‪ ،‬وإذا كانت‬
‫العالقة بينهم بعضية أي‪ :‬البدل بعض المبدل منه؛ فهذا بدل بعض من كل‪ ،‬فإذا‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪459h‬‬
‫‪g‬‬
‫ٍ‬
‫حينئذ بدل اشتمال‪.‬‬ ‫كانت بينهما عالقة ولكن ليست كلية وال بعضية فالبدل‬
‫كقولك‪( :‬أعجبني زيدٌ علمه)؛ فعلمه‪ :‬بدل اشتمال من زيد‪ ،‬وما العالقة بين‬
‫ٍ‬
‫زيد وعلمه؟ ليست كلي ًة فمختلفان‪ ،‬وليست بعضيةً؛ ألن العلم ليس ً‬
‫بعضا وال‬
‫جز ًءا من زيد‪ ،‬بعض الجزء يمكن أن ُيق َطع و ُي َ‬
‫فصل‪ ،‬بينهما عالقة ليست كلية وال‬
‫بعضية يسموهنا اشتمال؛ ألن زيد يشتمل على هذا العلم‪.‬‬
‫أو تقول‪( :‬أعجبني زيدٌ صوته)‪( ،‬أعجبني زيدٌ خطبته)‪( ،‬أعجبني زيدٌ أخالقه)‪،‬‬
‫(أعجبني زيدٌ عائلته)‪( ،‬أعجبني زيدٌ كالمه)‪ ،‬وهكذا‪.‬‬
‫ومن ذلك مثال ابن مالك‪( :‬ا ْعرا ْف ده َح َّ ده)‪ ،‬كأن تتكلم ً‬
‫مثال عن األب‪ ،‬فتوصيه‬
‫باألب وتقول‪َ ( :‬وا ْع ار ْف ده َح َّ ده)‪ ،‬أي‪ :‬اعرف أباك حقه‪ ،‬فالفعل منصرف إلى الحق‪،‬‬
‫ولكنك ذكرهتا تمهيدً ا‪.‬‬

‫ومن ذلك قوله ‪( :‬ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳﭴ ﭵ ﭶ‬


‫ﭷ) [الب رة‪ ،]217:‬هم يسألون عن الشهر الحرام أم يسألون عن القتال يف الشهر‬
‫الح ُرم يعرفوهنا‪ ،‬فالسؤال متوج ٌه إليها‪ ،‬وإنما الحكم والنسبة‬
‫الحرام؟ األشهر ُ‬
‫الح ُرم تمهيدً ا‪ ،‬قال‪( :‬ﭮ ﭯ‬
‫الفعل متج ٌه إلى القتال‪ ،‬ومع ذلك قدَّ م األشهر ُ‬
‫ٍ‬
‫فقتال‪ :‬بدل‪ ،‬ولكنه بدل اشتمال؛ ألن القتال‬ ‫ﭰ ﭱ ﭲ ﭳﭴ ﭵ ﭶ ﭷ)؛‬
‫بعضا من الشهر‪.‬‬
‫ليس هو الشهر وليس ً‬

‫قال –تعالى‪( :-‬ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ) [البروج‪ ]5-4:‬نسمع‬


‫ٍ‬
‫اشتمال من‬ ‫بعض اآليات ربما ال نعرف المعاين‪ ،‬النار ما إعراهبا؟ قالوا‪ :‬بدل‬
‫األخدود‪ ،‬والمعنى واهلل أعلم‪ُ :‬قتِل أصحاب النار ثم قدَّ م األخدود تمهيدً ا‪،‬‬
‫والعالقة بين األخدود والنار عالقة اشتمال؛ ألن األخدود يشتمل على النار‪.‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪460h‬‬
‫قال –تعالى‪( :-‬ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ)‬
‫لمن يكفر بالرحمن‬
‫لمن‪ :‬اسم موصول بمعنى الذي‪ ،‬لجعلنا َ‬
‫[ال مرف‪َ ،]33:‬‬
‫لبيوهتم سق ًفا‪ ،‬قوله‪( :‬لبيوهتم) بدل من قوله (من يكفر بالرحمن)‪ ،‬والعالقة بين‬
‫البيوت وبين هؤالء ليست كلية وال بعضية‪ ،‬فنقول‪ :‬بدل اشتمال‪.‬‬

‫قال –تعالى‪( :-‬ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ) [ال مرف‪]66:‬‬


‫هذا أسلوب حصر يقوم على حذف (إال) وما تقدَّ م من ٍ‬
‫نفي أو استفهام‪ ،‬أي‪:‬‬
‫ينظرون الساعة أن تأتيهم بغتة‪ ،‬ما إعراب (ﮕ ﮖ ﮗ)؟ بد ٌل من الساعة‪،‬‬
‫(ﮕ ﮖ ﮗ) مفرد أم جملة؟ مفرد؛ ألنه اسم َّ‬
‫مؤل مسبوق بأداة مصدرية‬
‫(أن)‪( ،‬ﮕ ﮖ ﮗ) بمعنى بغتاهنا‪ ،‬هل ينظرون إال الساعة بغتاهنا‪.‬‬

‫وقال –تعالى‪( :-‬ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬﭭ) [الُ ف‪ ]63:‬يقول‪:‬‬


‫الشيطان أنسانيه أن أذكره‪ ،‬هو أنساه إياه أم أنساه ذكره؟ إذن (أذكره) بدل من الهاء‬
‫يف قوله (أنسانيه)‪ ،‬أي‪ :‬الشيطان أنساين ذكره‪ ،‬ثم قدَّ م الهاء‪ ،‬إال أن قوله (أن أذكره)‬
‫مؤل؛ ألنه مسبوق بحرف مصدري‪ ،‬أي‪ :‬أن الشيطان أنسانيه ذكره‪.‬‬
‫هذا اسم َّ‬
‫قال الشاعر‪:‬‬
‫إَّ الَن ب عظيم ِة لُنما باهلل رحمعه الرجاء معلق‬
‫فرحمته‪ :‬بدل من لفظ الجاللة‪ ،‬بدل اشتمال‪.‬‬
‫ٍ‬
‫بعض‬ ‫هذا ما يتعلق ببدل االشتمال‪ ،‬وبدل االشتمال من حيث الشرط كبدل‬
‫من كل‪ ،‬أي البد أن يكون فيه ضمير يربطه بالمبدل منه‪ ،‬ويوافقه يف اإلعراب‪ ،‬وال‬
‫تشرتط الموافقة بين البدل والمبدل منه فيما سوى ذلك‪ ،‬قد يختلفان يف التعريف‬
‫والتنكير‪ ،‬يف اإلفراد والتثنية والجمع‪ ،‬يف التذكير والتأنيث‪ ،‬كما رأيتم يف األمثلة‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪461h‬‬
‫‪g‬‬
‫السابقة‪.‬‬
‫المبا ان‪:‬‬
‫الرابع من أن ا البدل‪ :‬البدل د‬ ‫الن‬
‫وه ما اَّ البدل مبا نا للمبدل منه‪ ،‬فيُ َّ حينسَ بمعنى المعط ف بل (بق)‪،‬‬
‫وهَا ه المراد ب له‪َ ( :‬أو ََم ْع دط ف با َبق) وه على قسمين‪:‬‬
‫‪ ‬بدل اإل راب‪.‬‬
‫‪ ‬بدل ال ل والنسياَّ‪.‬‬
‫كأن تقول‪( :‬أعطني القلم الدفرت) أنت أردت أن تطلب منه القلم أو الدفرت؟‬
‫الدفرت‪ ،‬ولكنك قدَّ مت كلمة (القلم)‪ ،‬لماذا قدمتها؟ هل كنت تقصد أن تقول‪:‬‬
‫أعطني القلم ثم غ َّيرت رأيك فقلت‪ :‬الدفرت؟ إذن‪ :‬فقد كنت تقصد القلم ولكنك‬
‫رأي آخر‪.‬‬
‫غ َّيرت رأيك‪ ،‬هذا يسمونه بدل اإلضراب‪ ،‬أو بدل البداء‪ ،‬أي بدى لك ٌ‬
‫أم أنك غلطت‪ ،‬سبق لسانك فقلت‪ :‬القلم‪ ،‬وأنت ال تريد ذلك‪ ،‬فقلت‪ :‬الدفرت؟‬
‫فإن كان األمر كذلك يسمونه بدل غلط‪.‬‬
‫أم أنك أردت أن تقول‪( :‬أعطني القلم)‪ ،‬كنت تقول أنك تريد القلم نسيانًا ثم‬
‫تذكرت أنك ال تريد القلم وإنما تريد الدفرت فصححت الدفرت‪ ،‬فهذا يسمونه بدل‬
‫النسيان‪.‬‬

‫‪ ‬فالبدل املباين على ذلك ثالثة أنواع‪:‬‬


‫‪ ‬بدل اإل راب‪ :‬إةا نت صد ا ول ُ بدا لك أَّ عر ه و طلب غيره‪.‬‬
‫‪ ‬بدل ال ل ‪ :‬إةا اَّ السبب غل اللساَّ‪.‬‬
‫‪ ‬بدل النسياَّ‪ :‬إةا اَّ السبب غفلة ال لب‪.‬‬

‫واألمثلة واحدة‪ ،‬والمعنى هو الذي يتغير‪ ،‬ومن ذلك مثال ابن مالك‪َ ( :‬و دمدْ‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪462h‬‬
‫َن ْبال دمدَ )؛ ً‬
‫نبال الذي ُين َبل به‪ ،‬مدى‪ :‬جمع ُمد َية وهي السكين‪ ،‬إذا أراد أن يقول‪:‬‬
‫نبال) ثم غير رأيه وقال‪( :‬مدى) فبدل بداء أو إضراب‪.‬‬
‫خذ ً‬
‫(نبال) غلط وسبق لسانه فهذا بدل غلط‪.‬‬
‫نبال مدى) قال‪ً :‬‬
‫فإذا قال‪( :‬خذ ً‬
‫نبال) ثم‬
‫نبال مدى) لكنه نسي هذا األمر وقال‪( :‬خذ ً‬
‫وإن أراد أن يقول‪( :‬خذ ً‬
‫تذكر فقال‪( :‬مدى) فهذا هو بدل النسيان‪.‬‬
‫فالخالصة يف البدل المباين‪ :‬أن بدل اإلضراب بسبب تغير الرأي‪ ،‬وبدل الغلط‬
‫بسبب ذلة اللسان‪ ،‬وبدل النسيان بسبب غفلة القلب‪.‬‬
‫ف َه أن ا البدل م روحة بعد أَّ رحنا أبياَ ابن مالك‪ ،‬بعدها نَ ر بعض‬
‫الملح اَ المععل ة ب ا‪:‬‬
‫الملح ة ا ولى‪ :‬األمثلة التي ذكرناها يف البدل المطابق (مررت بأخيك ٍ‬
‫زيد)‬
‫بزيد أخيك) (مررت ٍ‬
‫بزيد أبي صالح) (زرت خالدً ا) إلى آخر ذلك‪ ،‬هذه‬ ‫(مررت ٍ‬

‫جوازا نحو ًيا أن‬


‫ً‬ ‫األمثلة ذكرناها يف أكثر من باب‪ ،‬وذكرنا من قبل أنه يجوز فيها‬
‫تكون من باب البدل كما شرحنا اآلن‪.‬‬
‫ويجوز أن تكون من باب عطف البيان كما شرحناه يف باب عطف البيان‪،‬‬
‫ويجوز أن تكون من باب القطع كما شرحناه يف باب النعت ويف باب عطف البيان‪.‬‬
‫(مررت بأخيك ٍ‬
‫زيد)؛ فإذا أردت أن تخربه بأنك مررت بأخيه‪ ،‬أردت أن تقول‬ ‫ُ‬
‫عمرو أو محمدً ا‪ ،‬فهذا من‬
‫ً‬ ‫(مررت بأخيك) ثم وصفت هذا األخ بأنه زيد وليس‬
‫ُ‬ ‫له‪:‬‬
‫(مررت‬
‫ُ‬ ‫نعت بالجوامد‪ ،‬تقول‪:‬‬
‫عطف البيان؛ ألن عطف البيان كالنعت إال أنه ٌ‬
‫بأخيك) فالكالم والحكم والنسبة متعلقة باألخ‪ ،‬ثم (زيد) جاءت كصفة‪.‬‬
‫(مررت ٍ‬
‫بزيد) ما أخبار‬ ‫ُ‬ ‫(مررت بأخيك ٍ‬
‫زيد) أردت أن تقول له‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫أما إةا قلت‪:‬‬
‫زيد؟ زيد طيب‪ ،‬أردت أن تخربه أنك مررت بزيد ولم تمر بغيره إال أنك قلت‪:‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪463h‬‬
‫‪g‬‬
‫(مررت بأخيك ٍ‬
‫زيد) فقدَّ مت كلمة (أخيك) من باب التمهيد فقط‪ ،‬وإال فإنك‬
‫أردت أن تخربه بأنك مررت بزيد‪ ،‬فهذا يكون من عطف النسق أو يكون من‬
‫البدل؟ من البدل؛ ألنه هو المقصود بالحكم‪.‬‬
‫ل له‪( :‬مررت بأخيك) وتقف وتسكت وينتهي الكالم‪،‬‬ ‫وإةا أردَ أَّ‬
‫المعنى انتهى هنا‪ ،‬ثم بعد أن قلت‪( :‬مررت بأخيك) ظهر لك أو بدا لك أنه غير‬
‫واضح له‪ ،‬فبدل أن يسأل َمن أخي وأنت تجيب‪ ،‬بادرت وقلت‪( :‬مررت بأخيك‬
‫ٍ‬
‫فحينئذ الكالم يكون على القطع‪ ،‬كأنك قطعت جملة ثم أتيت بجملة ثانية‪.‬‬ ‫زيد)‪،‬‬
‫(مررت بأخيك هو زيدٌ )‪ ،‬لو‬
‫ُ‬ ‫فإذا قطعت لك أن تقطع إلى الرفع على تقدير‬
‫قال‪َ :‬من هو؟ تقول‪ :‬هو زيدٌ ‪ ،‬لكن تختصر الكالم قبل أن يسأل وتجيب‪ ،‬فتقول‪:‬‬
‫زيدٌ وتحذف (هو)‪ ،‬فيكون خربًا لمبتدأ محذوف‬
‫ل‪( :‬مررت بأخيك زيدً ا) بالنصب‪ ،‬على معنى‪( :‬مررت بأخيك‬ ‫ولك أَّ‬
‫(أعني أو أريد أو أقصد) زيدً ا) ثم حذفت الفعل ووصلت الكالم بعضه على بعض‬
‫مع أهنما جملتان‪.‬‬
‫إذن‪ :‬فالمعنى هو الذي يختلف وهو الذي يحدد اإلعراب‪ ،‬أنت تريد األخ‬
‫فعطف بيان‪ ،‬تريد زيد فبدل‪ ،‬كنت أردت أن تقف ثم تأيت بجملة أخرى قطع‪.‬‬
‫واهلل أعلُ‪ ،‬وصلى اهلل وسلُ على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين‬

‫‪¹‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪464h‬‬

‫الدرس الثالث والتسعون‬

‫بسُ اهلل الرحمن الرحيُ‪ ،‬الحمد هلل رب العالمين‪ ،‬والصالة والسالم على نبينا‬
‫محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين‪ ،‬أما بعد‪:‬‬
‫السالم عليكم ورحمة اهلل وبركاته‪ ،‬حياكم اهلل وب َّياكم بعد هذه اإلجازة الطيبة‪،‬‬
‫نحن يف ليلة اإلثنين الثالث والعشرين من شهر شوال من سنة ‪ ،1433‬يف جامع‬
‫الراجحي بحي الجزيرة يف مدينة الرياض نعقد فيها بحمد اهلل وتوفيقه الدرس‬
‫الثالث والتسعين من دروس شرح ألفية ابن مالك –عليه رحمة اهلل‪.-‬‬
‫وكان الدرس الماضي يف شرح [باب البدل]‪ ،‬فشرحنا بعضه وبقي بعض نرجو‬
‫أن نشرحه إن شاء اهلل –تعالى‪ -‬يف هذه الليلة‪.‬‬
‫نبدأ الدرس بقراءة أبيات األلفية يف هذا الباب إذ عقده ابن مالك ‪ ‬يف‬
‫ألفيته يف ثمانية أبيات‪ ،‬قال فيها‪:‬‬
‫ا‬ ‫لللللالح ُْ اُ بالللللالَ‬ ‫الم ْ دصللللل دد با‬
‫للللللمى َبللللللدَ ا‬
‫الم َس َّ‬ ‫َواسلللللل َطة دهلللللل َ د‬ ‫د‬ ‫العَّلللللابا دع َ‬
‫لللله د ل َفلللللى َأو ََم ْع دطللللل ف با َبلللللق‬ ‫ع َليل ا‬ ‫دم َطابا َ لللل َأو َب ْع َالللل َأو َمللللا َ ْ للللع اَمق‬
‫َ ْ‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫َو َةا لاال ْ ل َلر ا‬
‫ب‬‫وَّ َق ْصللللللد َغ َللللللل ِ بالللللله دسللللللل ْ‬ ‫َو دد َ‬ ‫ب‬ ‫اب ا ْع ل د إا َّْ َق ْصللدَ ا َصللح ْ‬
‫َوا ْعرا ْفلللل ده َح َّ لللل ده َو دمللللدْ نَلللل ْبال دمللللدَ‬ ‫َللللللل ْدر ده َمالالللللللدَ ا َو َقبلللللللل ده ال َيلللللللدَ ا‬
‫د ْب ادلللللللل ده إاَّ َملللللللا إا َحا َ لللللللة َجلللللللالَ‬ ‫لللميرا الحا ا للللرا ال َّظل ا‬
‫لللاه َر اَ‬ ‫ا‬
‫لللن َ ل ْ َ‬
‫ا‬
‫َومل ْ‬
‫َ‬
‫للللللللك ْاسلللللللللع ََمااَ‬ ‫اجل‬ ‫َ ا‬ ‫أو ا ْقع ََالللللللى َب ْع َاللللللل َأ او ا ْ لللللللعا َمااَ‬ ‫ا‬
‫للللللللك ا ْبع َ َ‬ ‫َّانل‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪465h‬‬
‫‪g‬‬
‫ا‬
‫لللللللللع ْيدِ َأ ْم َع الللللللللللي‬
‫لللللللللن َةا َأ َسل‬ ‫للم ان ال َ ْمللل َ َ اللللي َه ْمللل َا‬
‫ْ‬ ‫ََمل‬ ‫َو َبلللدَ دل د‬
‫الم َال َّ‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫لللق امللللن ا‬ ‫و بللللدَ دل ا‬
‫َصلللللق إا َل ْينَلللللا َ ْسلللللعَع ْن بانَلللللا د َع ْ‬
‫لللللن‬ ‫لللن‬
‫لللق ََمل ْ‬‫الف ْعل ا‬ ‫َ‬ ‫الف ْعل د‬ ‫َ دْ‬
‫ذكر ابن مالك ‪ ‬يف هذه األبيات الثمانية يف [باب البدل] تعريف البدل‪،‬‬
‫وأنواع البدل‪ ،‬وصور إبدال الظاهر والمضمر‪ ،‬واإلبدال من اسم االستفهام‪ ،‬وبدل‬
‫الفعل من الفعل‪.‬‬
‫ففي البيت األول ذكر تعريف البدل‪ ،‬وهذا شرحناه يف الدرس الماضي‪ ،‬ويف‬
‫األبيات الثاين والثالث والرابع‪ :‬ذكر أنواع البدل‪ ،‬وهي‪ :‬البدل المطابق‪ ،‬وبدل‬
‫أيضا يف الدرس‬
‫المباين‪ ،‬وقد شرحنا ذلك ً‬
‫بعض من كل‪ ،‬وبدل االشتمال‪ ،‬والبدل ُ‬ ‫ٍ‬
‫الماضي إال أنه َب ِقى بعد أن شرحنا هذه األنواع كلها بعض الملحوظات التي نحب‬
‫أن نبدأ الدرس إن شاء اهلل –تعالى‪ -‬بذكرها‪ ،‬إذن فنبدأ الدرس بذكر بعض‬
‫الملحوظات التي تتعلق بأنواع البدل بعد أن شرحناها وذكرناها‪.‬‬
‫ٍ‬
‫بزيد‬ ‫(مررت‬
‫ُ‬ ‫فمن هَه الملح اَ‪ :‬أن قولنا‪( :‬مررت بأخيك ٍ‬
‫زيد) أو‬
‫ٍ‬
‫بخالد)‪ ،‬أو (زره خالدً ا)‪ ،‬فنحو‬ ‫(مررت‬
‫ُ‬ ‫(مررت ٍ‬
‫بزيد أبي صالح)‪ ،‬أو‬ ‫ُ‬ ‫أخيك)‪ ،‬أو‬
‫هذه األمثلة يجوز لك يف االسم الثاين نحو ًيا ثالثة أوجه‪:‬‬
‫‪ ‬ال جه ا ول‪ :‬البدل‪.‬‬
‫‪ ‬ال جه الَاين‪ :‬عطف البيان‪.‬‬
‫‪ ‬ال جه الَالث‪ :‬القطع‪.‬‬
‫نقول‪ :‬يجوز يف االسم الثاين (نحو ًيا) أي‪ :‬من حيث الصناعة النحوية‪ ،‬وال‬
‫يعني ذلك أن كل هذه األوجه متساوية‪ ،‬أو متحتمة‪ ،‬ولكن الذي يحدد الوجه‬
‫المراد هو المعنى‪ ،‬إال أهنا من حيث الصناعة ومن حيث الظاهر هذه األوجه‬
‫جائزة‪.‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪466h‬‬
‫والااب يف ةلك‪ :‬المعنى المراد‪ ،‬أنت ماذا تريد هبذه األمثلة؟ ماذا تريد‬
‫زيد)؟ ذكرت األخ‬ ‫باالسمين الذين ذكرهتما يف نحو قولك‪( :‬مررت بأخيك ٍ‬
‫ْ‬
‫أخرت‪.‬‬
‫وذكرت زيد‪ ،‬قدَّ مت أو َّ‬
‫‪ ‬فإن كنت تريد أن ُتخرب أنك مررت باألول من االسمين‪ ،‬ثم أردت بعد‬
‫ذلك أن توضحه وأن ُتب ِّينَه بالثاين‪ ،‬أنت أردت أن تخرب عن المرور باألول من‬
‫(مررت بأخيك ٍ‬
‫زيد)‪ ،‬فرتيد أن تخرب أنك مررت بـ (أخيك)‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫االسمين يف قولك‪:‬‬
‫فقلت‪ٍ :‬‬
‫(زيد)‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ثم بعد ذلك أردت أن ُتب ِّين ذلك األخ‪ُ ،‬تبينه وتوضحه وتصفه‬
‫ٍ‬
‫حينئذ‬ ‫يت به للتوضيح والتبيين‪ ،‬فهو‬
‫إذن‪ :‬فالمراد األول‪ ،‬وأما الثاين فإنما أو َ‬
‫عطف بيان؛ ألن عطف البيان كما سبق يف باب [عطف البيان] هو النعت بالجامد‪،‬‬
‫هو أن تنعت شي ًئا ساب ًقا لكن تنعته بجامد؛ ألنك إن نعته بمشتق ُسمي نعتًا‪ ،‬وإن‬
‫نعته بالجامد ُس ِّمي هذا الجامد عطف بيان‪.‬‬
‫‪ ‬وإن كنت أردت بمثل هذه األمثلة أن ُتخرب أنك مررت بالثاين‪ ،‬ولكنك‬
‫(مررت بأخيك‬
‫ُ‬ ‫ذكرت األول توطئ ًة وتمهيدً ا‪ ،‬فالثاين من االسمين بدل‪ ،‬إذا َ‬
‫قلت‪:‬‬
‫زيد)‪ ،‬أنت أردت أن تخربين بأنك مررت بزيد‪ ،‬إذن فأردت االسم الثاين يف‬ ‫ٍ‬

‫كالمك‪ ،‬ولكنك ذكرت قبل ذلك (األخ) من باب التوطئة والتمهيد‪.‬‬


‫ل‪( :‬مررت بأخيك) أن المعنى ال يتب َّين ويتحدد‪ ،‬فأردت‬ ‫ٌنك ظن عندما‬
‫(مررت ٍ‬
‫بزيد) لكنك أتيت بكلمة (األخ) قبل ذلك من باب التوطئة‬ ‫ُ‬ ‫أن تقول‪:‬‬
‫والتمهيد واإلثارة ونحو ذلك‪ ،‬إذن‪ :‬فالمراد الثاين وهذا هو البدل؛ ألن البدل هو‬
‫التابع المقصود بالحكم بال واسطة‪ ،‬وأما المبدل منه فإنه ُيقدَّ م من باب التوطئة‬
‫والتمهيد‪.‬‬
‫‪ ‬وإن أردت بمثل هذه األمثلة أن ُتخرب أنك مررت باألول‪ ،‬ثم أردت أن‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪467h‬‬
‫‪g‬‬
‫تسكت عن األول وأن تقطع الكالم وأن تنهي الكالم‪ ،‬ثم بدا لك بعد هذه النية (نية‬
‫ٍ‬
‫شيء من‬ ‫السكوت وقطع الكالم) بدا لك أن هذا االسم األول يحتاج إلى‬
‫التوضيح‪ ،‬بدا لك أن ستُسأل َمن هو؟ فأنت بادرت قبل أن ُتسأل فب َّينته‪.‬‬
‫فمعنى ذلك أنك أردت السكوت وقطع الكالم‪ ،‬لكن بسبب هذه النية واصلت‬
‫ٍ‬
‫فحينئذ يكون الثاين من االسمين يكون مقطو ًعا‪ ،‬هذا الذي يسمى القطع‪.‬‬ ‫الكالم‪،‬‬
‫ً‬
‫مفعوال به لفعل مقدر تقديره‬ ‫ونعرف أنك إذا قطعت فلك أن تنصب على أنه‬
‫نحو‪( :‬أعني أو أقصد أو أريد)‪ ،‬ولك يف االسم المقطوع أن ترفع على أنه خربٌ‬
‫لمبتدأٍ محذوف تقديره نحو (هو)‪.‬‬
‫(مررت بأخيك) وكنت تنوي وتقصد أن تسكت هنا‬
‫ُ‬ ‫ل لي‪:‬‬ ‫فإةا أردَ أَّ‬
‫وتقف‪ ،‬ثم تب َّين لك أن هذا سيسألك أو أنه لم يتضح له‪ ،‬فوصلت الكالم لكي‬
‫توضحه‪ ،‬فأنت وصلت بعد أن نويت القطع والسكوت‪ ،‬ولم ترد أن توضحه من‬
‫أول األمر لكي يكون عطف بيان‪.‬‬
‫إنما أردَ أَّ ف ٌنك قلت‪( :‬مررت بأخيك)‪ ،‬فكأنه قيل لك َمن هو؟‬
‫(مررت بأخيك زيدٌ ) إال‬
‫ُ‬ ‫فقلت‪( :‬هو زيدٌ )‪ ،‬ثم حذفت (هو) فماذا بقي من الكالم؟‬
‫أنك حذفت ووصلت الكالم‪ ،‬االرتجال يف الكالم يظهر هذا األمر‪ ،‬إنما يف الكتابة‬
‫ال يظهر‪ ،‬السكوت وطريقة الكالم ُتب ِّين هل أنت كنت تقصد أن تتكلم كالم‬
‫(مررت بأخيك‬
‫ُ‬ ‫زيد)‪ ،‬أم أردت أن تقف ثم وصلت‬‫(مررت بأخيك ٍ‬
‫ُ‬ ‫مسرو ًدا متتاب ًعا‬
‫زيد)‪ ،‬فيتبين القطع من عدم القطع‪.‬‬ ‫ٍ‬

‫وعلى ذلك فإذا جعلته ً‬


‫بدال أو عطف بيان فهو تابع‪ ،‬يتبع ما قبله يف الحكم‬
‫وجرا وجز ًما‪ ،‬أما إذا قطعته فلك يف هذا المقطوع النصب‬
‫اإلعرابي رف ًعا ونص ًبا ً‬
‫والرفع‪.‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪468h‬‬
‫فإذا قلت‪( :‬مررت بأخيك زيد) فلك يف البدل أن تقول‪( :‬مررت بأخيك ٍ‬
‫زيد)‪،‬‬
‫(مررت بأخيك زيدً ا)‪ ،‬و‬
‫ُ‬ ‫(مررت بأخيك ٍ‬
‫زيد)‪ ،‬ويف القطع‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫ويف عطف البيان‪:‬‬
‫(مررت بأخيك زيدٌ )‪.‬‬
‫وهَُا ال يف ب ية ا مَلة‪ ،‬ل قلت‪( :‬مررت ٍ‬
‫بزيد أخيك) هي الجملة نفسها‬
‫مع التقديم والتأخير‪ ،‬لكن المعنى هو الذي يتحكم يف اإلعراب‪:‬‬
‫بدال إذا أردت الثاين (مررت ٍ‬
‫بزيد أخيك)‪ ،‬أو عطف بيان إذا‬ ‫أما أن يكون ً‬
‫ٍ‬
‫فحينئذ تنصب أو‬ ‫(مررت ٍ‬
‫بزيد أخيك)‪ ،‬أو القطع إذا نويت السكوت‬ ‫ُ‬ ‫أردت األول‬
‫بزيد أخاك) أو (مررت ٍ‬
‫بزيد أخوك)‪.‬‬ ‫ترفع فتقول‪( :‬مررت ٍ‬

‫الملح ة الَانية‪ :‬بعض النحويين يسمي البدل المطابق بدل ك ٍل من كل‪،‬‬


‫ٍ‬
‫بعض من كل يسميه (بدل البعض‬ ‫أيضا بدل‬
‫يسميه (بدل الكل من الكل)‪ ،‬ويسمي ً‬
‫ٍ‬
‫(بعض)‪ ،‬ومثلهما يف‬ ‫دخل (ال) على كلمة (كلٍ) وعلى كلمة‬‫من الكل)‪ ،‬أي‪ :‬أنه ي ِ‬
‫ُ‬
‫الحكم كلمة ٍ‬
‫(غير)‪ ،‬فهذه ثالثة أسماء (كل‪ ،‬وبعض‪ ،‬وغير)‪.‬‬
‫فجمهور اللغويين والنحويين ال يرون إدخال (أل) على هذه األسماء (كل‪،‬‬
‫بعض‪ ،‬غير)؛ ألهنم يرون أن هذه األسماء من األسماء المالزمة لإلضافة‪ ،‬فهي ال‬
‫ٍ‬
‫مذكور أو ُمقدَّ ر‪.‬‬ ‫تنفك عن اإلضافة‪ ،‬إلى‬
‫(أكرمت ك ًُال)‪( ،‬ك ًُال) هنا‬
‫ُ‬ ‫فقلت لي‪:‬‬
‫َ‬ ‫(أكرمت ك ًُال) عندك ضيوف‬
‫ُ‬ ‫قلت‪:‬‬
‫فإذا َ‬
‫أكرمت كل الضيوف‪،‬‬
‫ُ‬ ‫(أكرمت ك ًُال) ماذا تريد؟‬
‫ُ‬ ‫كرم‪،‬‬
‫الم َ‬
‫معرفة؛ ألنك عرفت َمن ُ‬
‫فأنت عرفت المراد‪ ،‬فهي معرفة إال أن المضاف إليه محذوف؛ ألن كلمة (كل‬
‫وبعض) من المالزمات لإلضافة‪ ،‬ويجوز للمضاف إليه معها الذكر والحذف؛‬
‫ألهنا من الكلمات التي تتضح معانيها‪.‬‬
‫وتقول لو تنتظر أناس وعندك عزيمة‪ ،‬فتسأل ابنك عند وضع العشاء فيقول‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪469h‬‬
‫‪g‬‬
‫ابنك‪( :‬جاء ك ٌُل)‪ ،‬أي‪ :‬جاء كل الضيوف‪ ،‬أو جاء كل المعزومين‪ ،‬أو نحو ذلك‪.‬‬

‫قال –تعالى‪( :-‬ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ) [ س‪ٌ ،]40:‬‬


‫(كل) هنا معرفة‪ ،‬والمراد‬
‫كل المذكورات يف ٍ‬
‫فلك يسبحون عندما ذكر الشمس والقمر والنجوم‪ ،‬قال‪( :‬ﰀ‬
‫ﰁ ﰂ ﰃ) أي‪ :‬وكل المذكورات أو وكلها‪.‬‬
‫وبعض هؤالء الذين ي ِ‬
‫دخلون (ال) على كلمة (كل وبعض) هنا ينصون على‬ ‫ُ‬
‫يتسمحون‪ ،‬فيدخلون (ال)‬
‫َّ‬ ‫تسم ٌح منهم‪ ،‬يعلمون أن هذا ال يجوز‪ ،‬لكنهم‬
‫أن هذا ُّ‬
‫الزجاجي يف كتابه‬
‫تسمح َّ‬
‫وممن نص على أن هذا ُّ‬ ‫على كلمة (كل وبعض)‪َ ،‬‬
‫[الج ُمل يف النحو]‪ ،‬وهو من أفضل كتب النحو المختصرة‪.‬‬
‫ُ‬
‫ومع ذلك فإن بعض النحويين يرى جواز دخول (ال) على كلمة (كل وبعض)‬
‫ف‬‫علي الفارسي‪ ،‬فأجاز ذلك من باب أن الكلمة عندما ُح ِذ َ‬
‫قياسا ال سما ًعا‪ ،‬كأبي ٍ‬
‫ً‬
‫ٍ‬
‫حينئذ أما أ ن يبقى على قصد المضاف إليه فيبقى له حكم‬ ‫المضاف إليه‪ ،‬فالمضاف‬
‫التعريف‪ ،‬وأما أن ُيتناسى المضاف إليه فيصير كالمعدوم‪ ،‬فيعود المضاف نكرةً‪،‬‬
‫فعلى ذلك تدخل (ال)؛ ألن (ال) تدخل على النكرة‪ ،‬لكن هذا كما قلنا خالف ما‬
‫عليه جمهور اللغويين والنحويين‪.‬‬
‫ومن الملح اَ أ اا‪ :‬قولك‪( :‬نجح الطالب المجتهدون) ما إعراب‬
‫المجتهدون هنا؟ صفة‪ ،‬نعت‪ ،‬المجتهدون معرف بـ (ال)‪ ،‬من أضعف المعرفات‪،‬‬
‫فلهذا ُين َعت هبا‪.‬‬
‫وأما قولك‪( :‬نجح الطالب المجتهدون منهم) فهنا ال يكون نعتًا‪ ،‬وإنما يكون‬
‫ً‬
‫بدال أو عطف بيان أو مقطو ًعا؛ ألن قولك‪( :‬نجح الطالب المجتهدون) نس َبت‬
‫النجاح إلى الطالب المجتهدين‪.‬‬
‫وأما قولك‪( :‬نجح الطالب المجتهدون منهم) نس َبت النجاح إلى المجتهدين‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪470h‬‬
‫من الطالب‪( ،‬منهم) هم‪ :‬تعود إلى المجتهدين من الطالب‪ ،‬فالمجتهدون هنا‬
‫ليست نعت‪ ،‬وإنما على البدل إذا قصدت (نجح المجتهدون من الطالب) إذا‬
‫قصدت الثاين كما فصلنا قبل قليل‪ ،‬أو عطف بيان إذا كنت تقصد األول‪ ،‬أو‬
‫مقطوع‪ ،‬هذا من باب التجويز النحوي كما قلنا‪.‬‬
‫أما ما ناسب المعنى يف هَا المَال‪ :‬فهو البدل؛ ألن المعنى على إرادة الثاين‪،‬‬
‫قبال‬
‫على أن تنسب النجاح للثاين إلى المجتهدين من الطالب‪ ،‬ثم ذكرت الطالب ً‬
‫من باب التوطئة والتمهيد‪.‬‬
‫وبكر)؟‬
‫ٌ‬ ‫وعمرو‬
‫ٌ‬ ‫وبكر) فما إعراب (زيدٌ‬
‫ٌ‬ ‫وعمرو‬
‫ٌ‬ ‫وإذا قلت‪( :‬نجح الطالب زيدٌ‬
‫بدل أو عطف بيان أو مقطوع‪ ،‬كأنك قلت‪( :‬نجح الطالب) من باب التمهيد‪ ،‬أي‪:‬‬
‫أهنم طالب من باب التمهيد‪ ،‬ولكن قصدت أن تنسب النجاح إلى زيد وبكر‬
‫وعمرو‪ ،‬هذا بدل‪.‬‬
‫وأما إنك أردت أن تنسب النجاح للطالب ثم بينتهم ووضحتهم بأهنم زيد‬
‫وعمرو وبكر‪ ،‬أو أردت أن تقف على الطالب (نجح الطالب) ثم خشيت أن ُتسأل‬
‫َمن هؤالء الطالب فقلت‪( :‬زيد وبكر وعمر) هذا من حيث التجويز النحوي‪.‬‬
‫وعمرو)‬
‫ٌ‬ ‫وبكر‬
‫ٌ‬ ‫واألقرب إلى المعنى المراد يف مثل قولك‪( :‬نجح الطالب زيدٌ‬
‫وعمرو) ً‬
‫بدال‪ ،‬يضعف أن يكون مقطو ًعا؛ ألن اإلهبام هنا‬ ‫ٌ‬ ‫وبكر‬
‫ٌ‬ ‫أن يكون (زيدٌ‬
‫واضح جدً ا (نجح الطالب)‪ ،‬الفرق بين الطالب وبين (زيد وبكر وعمرو)‪ ،‬هنا‬
‫اإلهبام شديد‪ ،‬ال يكاد يقصده المتكلم‪.‬‬
‫فإةا قلنا‪ :‬إنه بدل فمن أ أن ا البدل؟‬
‫هل هو من البدل المطابق (كل من كل)‪ ،‬أم بعض من كل‪ ،‬أم اشتمال‪ ،‬أم‬
‫مباين؟ ليس مباينًا وال اشتمال‪ ،‬أما بعض من كل أو كل من كل‪( ،‬نجح الطالب‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪471h‬‬
‫‪g‬‬
‫وبكر)‪ ،‬ما العالقة بين هؤالء الطالب الناجحين وبين زيد وبكر‬
‫ٌ‬ ‫وعمرو‬
‫ٌ‬ ‫زيدٌ‬
‫وعمرو؟ (هم)‪ ،‬هذا بدل ك ٍل من كل‪.‬‬
‫ٍ‬
‫باسم ويسمونه (بدل التفصيل)‪ ،‬عندما‬ ‫كثير من النحويين المحققين‬
‫ويخصه ٌ‬
‫يتكلمون عن البدل المطابق (بدل الكل من الكل) يقولون ومنه‪( :‬بدل التفصيل)‪،‬‬
‫وبكر)‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫وعمرو‬
‫ٌ‬ ‫كقولك‪( :‬جاء إخوانك زيدٌ‬
‫من الملح اَ أ اا المععل ة بٌن ا البدل‪ :‬أن بعض النحويين كاإلمام‬
‫خامسا من أنواع البدل‪ ،‬سماه (بدل ك ٍل من بعض)‪ ،‬عندنا بدل‬
‫ً‬ ‫السيوطي ذكر نو ًعا‬
‫خامسا سماه‪ :‬بدل ك ٍل من‬
‫ً‬ ‫كل من كل‪ ،‬وبدل بعض من كل‪ ،‬وهو أضاف نو ًعا‬
‫بعض‪.‬‬

‫وم َّثل له بأمثلة منها قوله ‪( :‬ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ‬


‫ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨﯩ ﯪ ﯫ ﯬ‬
‫و(جنات) كل و (الجنة)‬
‫ٌ‬ ‫ﯭ) [مر ُ‪ ]61-60:‬قال‪ :‬فـ (جنات) ٌ‬
‫بدل من (الجنة)‪،‬‬
‫بعض‪ ،‬فهذا من بدل ك ٍل من بعض‪.‬‬
‫وم َّثل له بقول الشاعر‪:‬‬
‫بسَسلللللللعاَّ لحلللللللة الطلحلللللللاَ‬ ‫رحلللللللللُ اهلل أعظملللللللللا دفن هلللللللللا‬
‫قوله‪( :‬طلحة) هذا طلحة الفياض معروف بالكرم‪ ،‬طلحة‪ٌ :‬‬
‫بدل من أعظم‬
‫أعظما طلحة)‪ ،‬و(طلحة) كل و(أعظم) بعض‪ ،‬قال‪ :‬فهذا من بدل ك ٍل‬
‫ً‬ ‫(رحم اهلل‬
‫من بعض‪.‬‬
‫صباحا غدً ا) يمكن يف هذا المثال أن‬
‫ً‬ ‫وم ََّل ا له أ اا بنح ق لك‪( :‬سأسافر‬
‫صباحا (سأسافر غدً ا‬
‫ً‬ ‫صباحا)‪ ،‬هذا ال إشكال فيه‪ ،‬فما إعراب‬
‫ً‬ ‫تقول‪( :‬سأسافر غدً ا‬
‫ٍ‬
‫بعض من كل‪.‬‬ ‫صباحا)؟ بدل‬
‫ً‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪472h‬‬
‫عصرا اليوم)‪ ،‬ومن‬
‫ً‬ ‫صباحا غدً ا) أو قلت‪( :‬سأزورك‬
‫ً‬ ‫لكن لو قلت‪( :‬سأسافر‬
‫ذلك قول امرئ القيس يف معلقته‪:‬‬
‫ا‬
‫حنظللق‬ ‫راَ الحللي ا‬
‫نللاق د‬
‫ف‬ ‫لللد سللم ا‬ ‫للللٌين َغللللداة َ ال َبلللل ْي ان َ لللل ْ َم ََح َم ّللللل ا‬
‫َ ّ‬ ‫َ د‬
‫فقال‪( :‬كأين غداة البين يوم تحملوا)‪ :‬الغداة‪ :‬أول اليوم‪( ،‬يوم تحملوا) اليوم‪:‬‬
‫بعض من اليوم‪ ،‬قال‪ :‬فهذا من بدل ك ٍل من بعض‪.‬‬
‫كل‪ ،‬والغداة‪ٌ :‬‬
‫والص اب الَ عليه جماهير النح ين قد ما وحد َا‪ :‬أن ذلك من البدل‬
‫المطابق‪ ،‬من بدل ك ٍل من كل؛ لداللة المعنى‪.‬‬
‫ففي اآلية (جنات عدن) هي الجنة‪ ،‬أم أن الجنة جزء من جنات عدن؟ هي‬
‫هي‪ ،‬إال أن جنات عدن ُج ِم َعت على معنى المواضع‪ ،‬كل موضع يف الجنة فهو‬
‫جنة‪ ،‬ثم ُج ِمع فأصبح جنات‪ ،‬وإذا قيل (الجنة) فإنما ُأر َيد الجنس‪.‬‬
‫(أعظما)؟ أراد أن‬
‫ً‬ ‫أعظما طلحة) ماذا أراد بقوله‪:‬‬
‫ً‬ ‫و َلك يف البيت‪( :‬رحم اهلل‬
‫(أعظما)؟ هو أراد (رحم اهلل‬
‫ً‬ ‫الرحمة لعظامه فقط‪ ،‬أم أراد طلحة كله عندما قال‬
‫طلحة)‪ ،‬ذكر البعض وأراد الكل‪ ،‬فهذا من باب البالغة‪ ،‬ليس من باب النحو‪.‬‬
‫صباحا غدً ا)‪ ،‬لو قلنا‪ :‬إنه من بدل ك ٍل من‬
‫ً‬ ‫و َلك يف نح ق لك‪( :‬سأسافر‬
‫بعض النعكس المعنى الذي أراده المتكلم‪ ،‬المتكلم عندما يقول‪( :‬سأسافر‬
‫صباحا غدً ا)‪ ،‬عندما قال‪( :‬غدً ا) أراد زيادة إيضاح لك أم أراد زيادة تعميم؟ زيادة‬
‫ً‬
‫إيضاح‪ ،‬صباحا‪ ،‬أي صباح؟ صباح ٍ‬
‫غد‪.‬‬ ‫ً‬
‫(صباحا) هو قوله‪( :‬غدً ا) يف المعنى؛ ألن المقصود بالكالم (سأسافر‬
‫ً‬ ‫فقوله‪:‬‬
‫غد)‪ ،‬صباح ٍ‬
‫غد هو الصباح‪.‬‬ ‫صباحا غدً ا) المقصود به (سأسافر صباحا صباح ٍ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫فلهذا كان كالم جمهور النحويين يف هذه المسألة هو الراجح؛ ألنه المطابق‬
‫للمعنى‪ ،‬أما ما قاله السيوطي ‪ ‬وتبعه على ذلك بعض المتأخرين فهو ٍ‬
‫أخذ‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪473h‬‬
‫‪g‬‬
‫بالظاهر دون النظر إلى المعنى‪.‬‬
‫من الملح اَ أ اا‪ :‬من أنواع البدل؛ البدل المباين‪ ،‬وقلنا أنه نوعان‪ :‬بدل‬
‫إضر اب‪ ،‬وبدل غلط‪ ،‬قالوا‪ :‬لم يقع البدل المباين يف القرآن الكريم‪ ،‬وذكر كثيرون‬
‫المراجع‪ ،‬أما الكالم المر َت َجل‬
‫أنه ال يقع يف الشعر‪ ،‬ويقصدون الشعر الرزين ُ‬
‫المرتجل والشعر الوصفي والقصصي والمسرحي؛ فنحو ذلك‬ ‫َ‬ ‫وكذلك الشعر‬
‫يجوز أن يقع فيه البدل المباين‪ ،‬عن ٍ‬
‫قصد وعن غير قصد‪.‬‬
‫من ذلك قول الشاعر‪ ،‬أظنه أحمد شوقي‪:‬‬
‫فَرجلللللر يف لمائللللله حيلللللة حلللللبال‬ ‫حسلللس ليلللث ال لللاب ب لللي فر سلللة‬
‫حبال‪ٌ :‬‬
‫بدل مباين لقوله‪( :‬حيةً)‪.‬‬ ‫ً‬

‫ومن الملح اَ أ اا‪ :‬قوله ‪( :‬ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ‬


‫ﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋ‬
‫ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ‬
‫ﮜ) [الرعد‪ ،]23-22:‬يف قوله‪( :‬ج ُ‬
‫نات) قراءتان‪ :‬األولى بالرفع‪ ،‬والثانية‬
‫(جنات عدن) ففيها ثالثة تخريجات‪ :‬أما أن‬
‫ُ‬ ‫بالنصب‪ ،‬أما القراءة األولى بالرفع‪:‬‬
‫بدال من (عقبى الدار) ( َل د ُْ‬
‫يكون خربًا لمبتدأ محذوف على القطع‪ ،‬وأما أن يكون ً‬
‫دع ْ َبى الدَّ اار َجن د‬
‫َّاَ َعدْ َّ) أي‪ :‬لهم جنات عدن‪ ،‬وأما أن يكون عطف بيان‪.‬‬
‫ٍ‬
‫ملحوظة سابقة‪ ،‬جنات عدن هي عقبى الدار‪ ،‬شي ٌء واحد‪ ،‬فأما أن‬ ‫كما ذكرنا يف‬
‫نقول عن الثاين أنه بدل إذا كان هو المقصود‪ ،‬وأما أن نقول عطف بيان إذا كان‬
‫األول هو المقصود‪ ،‬وأما أن نقول أنه على القطع إذا ُق ِصدَ الوقف على األول‪،‬‬
‫فهذا تخريج قراءة الرفع‪.‬‬
‫ِ‬
‫(جنات عدن يدخلوهنا) ففيها تخريجان‪( :‬ﭹ ﭺ‬ ‫وأما قراءة النصب‪:‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪474h‬‬
‫ﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇ‬
‫ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕﮖ ﮗ‬
‫ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ) [الرعد‪:]23-22:‬‬
‫ا ول‪ :‬مفعول به لفع ٍل محذوف على القطع‪.‬‬
‫الَاين‪ :‬منصوب على االشتغال‪ ،‬أي‪ :‬لهم عقبى الدار‪ ،‬يدخلون جنات عدن‪.‬‬

‫آخر ملحوظة تتعلق بأنواع البدل‪ :‬يف قوله ‪ ‬يف سورة المدثر‪( :‬ﯜ‬
‫ﯝ ﯞ) [المد ر‪ ،]6:‬يف قوله (تستكثر) قراءتان‪ :‬الرفع وهي قراءة الجمهور‬
‫منهم السبعة بل العشرة‪ ،‬كلهم يقرأون ((ﯜ ﯝ ﯞ) [المد ر‪.) ]6:‬‬

‫وتخريج الرفع وهي قراءة الجمهور‪( :‬ﯜ ﯝ ﯞ) [المد ر‪ ]6:‬على أن‬


‫أن (تستكثر) ٌ‬
‫فعل مضارع‪ ،‬والفاعل أنت‪ ،‬والجملة حال‪،‬‬ ‫(تستكثر) حالية‪َّ ،‬‬
‫ُ‬ ‫الجملة‬
‫مستكثرا)‪ ،‬وال تمنن يف هذه الحالة‪.‬‬
‫ً‬ ‫والمعنى‪( :‬وال تمنن‬

‫ال راءة ا مر ‪ :‬الجزم (ﯜ ﯝ ﯞ) [المد ر‪ ،]6:‬وهذه قراء ٌة شاذة‪ ،‬أما‬


‫الجزم فعلى أن (تستكثر) ً‬
‫بدال من (تمنن)‪ ،‬أي‪ :‬ال تستكثر‪.‬‬
‫هبذا ننتهي من الكالم على أنواع البدل‪ ،‬ثم يتكلم ‪ ‬على صور إبدال‬
‫االسم الظاهر والمضمر‪ ،‬فقال ‪:‬‬
‫د ْب ادلللللللل ده إاَّ َملللللللا إا َحا َ لللللللة َجلللللللالَ‬ ‫لللميرا الحا ا للللرا ال َّظل ا‬
‫لللاه َر اَ‬ ‫ا‬
‫لللن َ ل ْ َ‬ ‫َومل ْ‬
‫ا‬
‫َ‬
‫للللللللك ْاسلللللللللع ََمااَ‬ ‫اجل‬ ‫َ ا‬ ‫أو ا ْقع ََالللللللى َب ْع َاللللللل َأ او ا ْ لللللللعا َمااَ‬‫ا‬
‫للللللللك ا ْبع َ َ‬ ‫َّانل‬
‫ذكر يف هذين البيتين صور ًة من صور إبدال االسم الظاهر واالسم المضمر‪،‬‬
‫وهي‪ :‬إبدال االسم الظاهر من ضمير الحاضر‪.‬‬
‫اهر اَ د ب ادله)؛ يقول‪ :‬ال ُت ِ‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫بدل االسم الظاهر من ضمير‬ ‫ْ د‬ ‫الحا را ال َّظ َ‬
‫( َوم ْن َ م ْيرا َ‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪475h‬‬
‫‪g‬‬
‫أو ا ْقع ََاى َب ْع َا َأ او ا ْ عا َمااَ)‪.‬‬
‫الحاضر (إاَّ َما إا َحا َ ة َجالَ ا‬

‫ونأخذ المسألة من أولها لكي يستبين األمر حتى نصل إلى المسألة الجزئية‬
‫التي تكلم عليها ابن مالك يف هذين البيتين‪ ،‬فالكالم هنا على صور إبدال االسم من‬
‫االسم؛ ألنه سيأيت إبدال الفعل من الفعل‪ ،‬وإبدال الجملة من الجملة‪ ،‬أما اآلن‬
‫فالكالم على إبدال االسم من االسم‪.‬‬
‫مضمرا‪ ،‬ما المراد‬
‫ً‬ ‫ظاهرا وأما أن يكون‬
‫ً‬ ‫واالسم كما نعرف‪ :‬أما أن يكون‬
‫ضميرا‪.‬‬
‫ً‬ ‫مضمرا؟‬
‫ً‬ ‫بقولنا‪:‬‬

‫‪ ‬صور إبدال االسم من االسم أربع صور‪:‬‬


‫الص رة ا ولى‪ :‬إبدال الظاهر من الظاهر‪:‬‬
‫هذه جائزة مطل ًقا‪ ،‬كقولك‪( :‬جاء زيدٌ أخوك)‪ ،‬فـ (أخوك) ٌ‬
‫بدل من (زيد)‪ ،‬وزيدٌ‬
‫ظاهرا من ٍ‬
‫اسم ظاهر‪.‬‬ ‫ً‬ ‫اسما‬
‫ظاهرا‪ ،‬أبدلنا ً‬
‫ً‬ ‫ظاهر وأخوك‬
‫الص رة الَانية‪ :‬إبدال الامير من الامير (إبدال ااسُ المامر من ااسُ‬
‫المامر)‪:‬‬
‫أيضا‬
‫(مررت بك أنت)‪ ،‬هذه األمثلة ذكرناها ً‬
‫ُ‬ ‫(قمت أنت)‪،‬‬
‫َ‬ ‫نحو‪( :‬رأيته إياه)‪،‬‬
‫يف باب التوكيد‪ ،‬وأن البصريين يجعلوهنا من باب البدل فيقولون‪ :‬أن الضمير الثاين‬
‫ٌ‬
‫بدل من الضمير األول؛ ألن باب البدل عندهم واسع‪ ،‬فلهذا نجد أن النحويين ال‬
‫المبدَ ل منه يف التعريف والتنكير‪ ،‬وال يف اإلفراد‬
‫يشرتطون يف البدل أن يوافق ُ‬
‫والتثنية والجمع‪ ،‬قد يخالفه‪.‬‬
‫وأما الكوفيون وتابعهم ابن مالك فإهنم يجعلون هذه األمثلة من باب التوكيد‬
‫لفظي للضمير األول‪ ،‬فهذه المسألة‬
‫ٌ‬ ‫اللفظي‪ ،‬فيقولون‪ :‬إن الضمير الثاين توكيدٌ‬
‫سبقت بالتفصيل‪ ،‬وبيان الخالف والرتجيح يف باب التوكيد‪.‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪476h‬‬
‫الص رة الَالَة‪ :‬إبدال الامير من الظاهر‪:‬‬
‫وهذا عند المحققين غير جائز‪.‬‬
‫إبدال الضمير من الظاهر كأن تقول‪( :‬جاء محمدٌ هو) وتجعل (هو) ً‬
‫بدال‪.‬‬
‫الص رة الرابعة‪ :‬إبدال الظاهر من الامير‪:‬‬
‫رة المعروفة‪ :‬أما ضمير متكلم‪ ،‬أو ضمير مخاطب‪ ،‬أو‬ ‫الامائر قسمع ا الم‬
‫ضمير غائب‪ ،‬ضمير المتكلم والمخاطب يسميان بضمير الحاضر؛ ألهنما‬
‫حاضران يف أثناء الكالم‪ ،‬وأما الغائب فال يسمى ضمير حاضر‪.‬‬
‫إذن‪ :‬فالضمائر من حيث الحضور نوعان‪ :‬ضمير حضور (ضمير المتكلم‬
‫دائما يف كثير من األحكام‪ ،‬وضمير الغائب‪ ،‬فلهذا‬
‫والمخاطب) ولهذا يشرتكان ً‬
‫عندما يتكلم على هذه الصورة (إبدال الظاهر من الضمير) سنقول إن اإلبدال هنا‬
‫على قسمين‪:‬‬
‫ال سُ ا ول‪ :‬إبدال الظاهر من مير ال ائب‪:‬‬
‫جائز مطل ًقا‪ ،‬كقولك‪( :‬زره خالدً ا)‪( ،‬رأيته أخاك)‪ ،‬هذه األمثلة ونحوها‬
‫وهذا ٌ‬
‫دائما نذكرها يف باب البدل ال يعني أهنا يجب أن تكون ً‬
‫بدال‪ ،‬يجوز أن‬ ‫نكرر وننبه ً‬
‫تكون عطف بيان‪ ،‬ويجوز أن تكون قط ًعا‪ ،‬لكن (@ د‪ )44:20:‬على أهنا بدل‪،‬‬
‫ً‬
‫مفعوال به‪ ،‬خالدً ا‪:‬‬ ‫(زره خالدً ا)‪ :‬زره‪ :‬فعل‪ ،‬والفاعل مسترت تقديره أنت‪ ،‬والهاء‬
‫ٌ‬
‫بدل من الهاء‪( ،‬بدل كل من كل)‪.‬‬
‫هنا أبدلت اسما اهرا من اسُ مامر‪ ،‬وهَا جائ ؛ َّ الامير هنا مير‬
‫غائب‪ ،‬واإلبدال منه جائ مطل ا‪ ،‬قال الفرهدق‪:‬‬
‫علللللى جلللل ده لاللللن بالمللللاء حللللا ُ‬ ‫عللللى حاللللة لللل أَّ يف ال للل م حا ملللا‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪477h‬‬
‫‪g‬‬
‫ِ‬
‫حاتم‪ٌ :‬‬
‫بدل من الهاء يف قوله (جوده)‪ ،‬كأنه قال‪ :‬على جود حاتم‪ ،‬فأبدل‬
‫جائز مطل ًقا‪ ،‬ولو جعل‬
‫ٌ‬ ‫(حاتم) من الهاء‪ ،‬والهاء هنا ضمير غائب‪ ،‬فاإلبدال‬
‫حاتم‪ ،‬وهذا جائز‪ ،‬لكن‬
‫ُ‬ ‫فاعال للفعل (ض َّن) لكان يقول‪ :‬لضن َّن بالماء‬
‫ً‬ ‫(حاتما)‬
‫ً‬
‫بدال من الهاء يف‬ ‫ِ‬
‫(حاتم) عرفنا أنه لم يرد أنه فاعل‪ ،‬وإنما أراد جعله ً‬ ‫عندما جر‬
‫(جوده)‪.‬‬
‫ومن ةلك أ اا –أقصد (إبدال الظاهر من ضمير الغائب)‪ -‬عند الجمهور‪:‬‬
‫(أسر)؟ واو‬
‫َّ‬ ‫قوله ‪( :‬ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ) [ا نبياء‪ ،]3:‬أين فاعل‬
‫الجماعة تعود إلى المتك َّلم عنهم‪( ،‬ﯪ ﯫ) النجوى‪ :‬مفعول به‪ ،‬الذين‬
‫غائب‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫ظلموا‪( :‬الذين) بدل من واو الجماعة‪ ،‬واو الجماعة هنا ُيراد هبا‬

‫ومن ةلك أ اا عند الجمهور قوله ‪( :‬ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ‬


‫و(كثير)‪ٌ :‬‬
‫بدل من‬ ‫ٌ‬ ‫ﭟﭠ) [المائدة‪( ،]71:‬عموا) أين فاعل َع ِم َي؟ واو الجماعة‪،‬‬
‫واو الجماعة‪ ،‬وهو بدل ظاهر من مضمر‪ ،‬وهذا المضمر للغائب‪.‬‬
‫يف اآليتين ٌ‬
‫قول آخر وهو قول ليس بقوي أن اآليتين من لغة (أكلوين الرباغيث)‬
‫لكن هذا ٌ‬
‫قول ضعيف‪.‬‬
‫مير‬ ‫ال سُ الَاين من إبدال الظاهر من الامير‪ :‬ه إبدال الظاهر من‬
‫الحا ر‪:‬‬
‫إبدال االسم الظاهر من ضمير الحاضر‪ ،‬وهذه المسألة هي التي تك َّلم عليها‬
‫ابن مالك هنا فقط؛ ألن كل الصور السابقة ال خالف فيها‪ ،‬جائزة وال إشكال فيها‪،‬‬
‫وإنما التفصيل هنا‪ ،‬فهنا يف شرط فأراد أن ينص عليه‪.‬‬
‫ظاهرا من ضمير الحاضر فهذا ال يجوز إال بشرط ذكره ابن‬
‫ً‬ ‫اسما‬
‫فإذا أبدلت ً‬
‫مالك يف قوله‪:‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪478h‬‬
‫د ْب ادلللللللل ده إاَّ َملللللللا إا َحا َ لللللللة َجلللللللالَ‬ ‫لللميرا الحا ا للللرا ال َّظل ا‬
‫لللاه َر اَ‬ ‫ا‬
‫لللن َ ل ْ َ‬
‫ا‬
‫َومل ْ‬
‫أو ا ْقع ََاى َب ْع َا َأ او ا ْ عا َمااَ‬
‫ا‬

‫يقول‪ :‬ال تبدل االسم الظاهر من الضمير الحاضر إال أن يكون بدل كل من ك ٍل‬
‫ٍ‬
‫بعض من كل‪ ،‬أو كان بدل اشتمال‪.‬‬ ‫يدل على اإلحاطة والشمول‪ ،‬أو كان بدل‬
‫فبدل ك ٍل من كل ُيراد به اإلحاطة والشمول نحو‪( :‬اللهم اغفر لنا حاضرنا‬
‫وغائبنا)‪ ،‬فقولك‪( :‬حاضرنا وغائبنا) ٌ‬
‫بدل من الضمير (نا)‪.‬‬
‫وق لك‪( :‬أ رمعدُُ بير ُ وص ير ُ)‪ ،‬وق لك‪( :‬سنسافر رجالنا ونساؤنا)‪،‬‬
‫أين فاعل سنسافر؟ واو الجماعة ال تدخل على ما فيه نون‪ ،‬فالفاعل ضمير مسترت‬
‫وجو ًبا تقديره (نحن)‪ ،‬وقلنا من قبل‪ :‬أن المضارع المبدوء بنون ال يكون فاعله إال‬
‫ضميرا مسترتًا وجو ًبا تقديره (نحن)‪ ،‬كما أن المضارع المبدوء بالهمزة ال يكون‬
‫ً‬
‫ضميرا مسترتًا وجو ًبا تقديره (أنا)‪ ،‬فعلى ذلك ال يجوز أن تقول أن‬
‫ً‬ ‫فاعله إال‬
‫الفاعل (رجالنا)‪ ،‬بل (رجالنا) بدل من الفاعل المسترت وجو ًبا‪.‬‬

‫قال ‪ ‬عن المائدة التي أنزلها ‪( :‬ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ‬


‫ﭠ) [المائدة‪ ،]114:‬فـ (أولنا وآخرنا) بدل ك ٍل من كل من (نا) يف قوله (لنا)‪،‬‬
‫وهذا ضمير متكلم حاضر‪.‬‬
‫فإن لم يدل بدل ك ٍل من كل على اإلحاطة والشمول لم يصح البدل‪ ،‬فال يجوز‬
‫بدال من الكاف‪ ،‬الكاف‪ :‬ضمير مخاطب‬ ‫أن تقول‪( :‬رأيتك زيدً ا) على أن (زيدً ا) ً‬
‫ظاهرا‪ ،‬ال تقول‪( :‬أكرمني محمدً ا) وأنت محمد‪ ،‬ف ُتبِدل‬
‫ً‬ ‫حاضر‪ ،‬ال ُتبدَ ل منه هنا‬
‫ظاهرا من ضمير متكلم ال يدل على اإلحاطة‪.‬‬ ‫ُبدل‬‫(محمدً ا) من ياء المتكلم‪ ،‬فت ِ‬
‫ً‬
‫ٍ‬
‫بعض من بعض) وقلنا هذا جائز‪،‬‬ ‫أما ُ‬
‫بدل الظاهر من ضمير الحاضر (بدل‬
‫يدي)‬
‫يدي‪ ،‬ثم قدَّ مت ضمير المتكلم (ربطني ّ‬
‫يدي) تريد ربط َّ‬
‫مثاله‪( :‬ربطني َّ‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪479h‬‬
‫‪g‬‬
‫(ضربني بطني) (أعجبته وجهي) أي‪ :‬أعجبه وجهي‪( ،‬سأقطعك يدك) أي‪ :‬سأقطع‬
‫يدك‪.‬‬
‫ا‬
‫بعض من ق‪:‬‬ ‫ومن ةلك (إبدال الظاهر من مير الحا ر)؛ وه بدل‬

‫قوله ‪( :‬ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ‬
‫َاَّ َ ْر دج اهللَ َوا ْل َي ْ َم ا ام َر) بدل‬
‫ﯻ ﯼ) [ا ح اب‪ ،]21:‬ما إعراب (لا َم ْن َ‬
‫لمن كان يرجو اهلل‬ ‫(منكم)‪ ،‬فالمعنى واهلل أعلم‪ :‬لقد كان يف رسول اهلل أسو ٌة حسنة َ‬
‫واليوم اآلخر‪ ،‬ثم قدَّ م قوله (لكم) توطئ ًة وتمهيدً ا‪ ،‬فصار الثاين ً‬
‫بدال‪ ،‬والبدل هنا‬
‫والم َبدل منه‪ :‬الضمير (الكاف) يف قوله‪:‬‬
‫قوله‪َ ( :‬من) االسم الموصول اسم ظاهر‪ُ ،‬‬
‫ٍ‬
‫بعض من كل‪.‬‬ ‫(لكم)‪ ،‬فهو من إبدال الظاهر من ضمير الحاضر‪ ،‬وهو بدل‬
‫أيضا قول الشاعر‪:‬‬ ‫ومن ذلك ً‬
‫ارج اللللللى َفراج اللللللى َ للللل َْنَ دة ا ْلمن ا‬
‫َاسللللل اُ‬ ‫َأوعلللللللدَ ناى بالسلللللللَ ان وا َد ا‬
‫اهللللللل اُ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫ْ َ‬
‫(سجنه َسجنًا)‪ ،‬أين يسجنه‬
‫َ‬ ‫والسجن‪ :‬الفعل‪ ،‬فتقول‪:‬‬ ‫َّ‬ ‫السجن‪ :‬هذا البناء‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫(سجن)‪.‬‬ ‫ِ‬
‫سجنًا؟ يسجنه َسجنًا يف السجن‪ ،‬فبالبناء (سجن) وفعله َ‬
‫(أوعلدَ ناى بالسَ ان وا َد ا‬
‫اه اُ ار ْج الى) أي‪ :‬أوعد رجلي‪ ،‬فـ(رجلي) بدل من ياء‬ ‫َ‬ ‫َّ ْ‬ ‫َْ َ‬
‫ٍ‬
‫بعض من كل‪.‬‬ ‫ظاهرا من ضمير الحاضر‪ ،‬بدل‬ ‫ً‬ ‫المتكلم‪ ،‬أبدل‬
‫وأما إبدال الظاهر من مير الحا ر بدل ا عمال‪ :‬فنحو قولك‪( :‬ر َّدين طلبي)‬
‫(سافرت خطبك يف كل مكان) أي‪:‬‬
‫َ‬ ‫(سافرت خطبي)‬
‫َ‬ ‫أي‪ :‬ر َّد طلبي‪ ،‬وقولك‪:‬‬
‫سافرت ُخ َطبك لكنك قدَّ مت الضمير (سافرت) على ضمير مخاطب حاضر‪.‬‬

‫ومن ذلك قول النابغة الجعدي ◙‪:‬‬


‫لللرا‬ ‫َوإ َّنللللا َل ْنر دجلللل َفلللل ْ َق َةلال َ‬
‫لللك َم ْظ َ ل َ‬ ‫للللما َء َم َْللللدد نَا َو دجللللدد و ددنَا‬
‫الس َ‬ ‫َب َل ْ نَللللا َّ‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪480h‬‬
‫ظاهرا من‬
‫ً‬ ‫(مجدنا) بدل من (نا) المتكلمين‪ ،‬أي‪ :‬بلغ مجدنا السماء‪ ،‬فأبدل‬
‫بعضا‬
‫كال من كل‪ ،‬وال ً‬
‫ضمير الحاضر‪ ،‬وما العالقة بين المجد والمتكلمين؟ ليس ً‬
‫من كل‪ ،‬وإنما هو بدل اشتمال‪.‬‬
‫ومن ذلك قول الشاعر‪:‬‬
‫ومللللللا ألفيعنللللللي حلمللللللي ماللللللاعا‬ ‫ةر نللللللي‪ ،‬إَّ أمللللللرَ لللللللن طاعللللللا‬
‫ال اهد يف ق له‪( :‬وما ألفيعني حلمي مااعا) أي‪ :‬وما ألفيتي حلمي مضا ًعا‪،‬‬
‫فأبدل (حلمي) من ياء المتكلم يف قوله (وما ألفيعني حلمي)‪.‬‬
‫اج َ‬
‫ك ْاسع ََمااَ)؛ أي‪ :‬إن‬ ‫وأما ابن مالك فم َّثل لبدل االشتمال بقوله‪ َ ( :‬ا‬
‫َّانك ا ْبع َ َ‬
‫ابتهاجك استمال القلوب‪ ،‬إال أنه قدَّ م كاف المخاطب فقال‪( :‬إنك ابتهاجك)‪،‬‬
‫فابتهاجك‪ :‬بدل اشتمال من كاف المخاطب‪.‬‬
‫ويف بعض النسخ‪( :‬كأنك ابتهاجك استماال) بفتح الهمزة‪ ،‬وهذا تحريف‪،‬‬
‫وصوابه (كإنك)؛ ألن الكاف هنا داخلة على المثال‪ ،‬المثال‪( :‬إنك ابتهاجك‬
‫استماال) فدخلت الكاف‪ ،‬وليست داخلة على (أن) فقط لكي ُتفتَح همزهتا‪.‬‬
‫(ابتهاجك) ٌ‬
‫بدل من الكاف بدل اشتمال‪ ،‬فهو (إنك ابتهاجك)‪.‬‬
‫ُ ن ل بعد ةلك أمرا ة رناه لُن نؤ د عليه‪ :‬فكل ما جاز يف ضمير الحاضر‬
‫أي‪ :‬ضمير المتكلم والمخاطب فهو يجوز يف ضمير الغائب‪ ،‬وقد ذكرنا من قبل أن‬
‫جائز مطل ًقا‪ ،‬فإذا كان يجوز مع ضمير الحاضر‬
‫ٌ‬ ‫إبدال الظاهر من ضمير الغائب‬
‫بشروط‪ ،‬فكل هذه األمثلة التي ذكرناها مع هذه التفاصيل‪ ،‬فكلها جائزة يف الغائب؛‬
‫ألهنا تجوز هي وغيرها يف الغائب‪.‬‬
‫فل َا َ ه أَّ ل‪( :‬زر ُتهم كبيرهم وصغيرهم) يف الغائب كما تقول‪:‬‬
‫(زرتكم كبيركم وصغيركم)‪ ،‬وتقول‪( :‬ضربته وجهه) ُف ِ‬
‫تبدل من ضمير الغائب‪.‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪481h‬‬
‫‪g‬‬
‫نأيت إلى ٍ‬
‫مثال أرجأته قبل قليل‪ :‬لو قلنا‪( :‬أعجبك أخالقه) تتكلم عن رج ٍل ما‬
‫ٌ‬
‫مفعول به‪ ،‬وأخالقه‪ :‬فاعل أم بدل؟‬ ‫فقلت‪( :‬أعجبك أخالقه)؛ الكاف‪:‬‬
‫ٍ‬
‫حينئذ أنه ٌ‬
‫فاعل‬ ‫فاعال‪ ،‬فنقول‬
‫ً‬ ‫‪ :‬يجوز أن يكون‬ ‫أما من حيث الَ اه النح‬
‫مجازي‪ ،‬فيجوز يف الفعل التذكير والتأنيث‪( ،‬أعجبك أخالقه) أو (أعجبتك‬
‫أخالقه) والتأنيث أكثر‪ ،‬عندما نقول أنه فاعل سنحتاج إلى تعليل‪.‬‬
‫و َ ه أَّ ن ل‪ :‬إن (أخالقه) بدل اشتمال من الفاعل المسترت‪( ،‬أعجبك هو)‪،‬‬
‫تتكلم عن رجل أعجبك فأقول‪( :‬أعجبك) أي أعجبك هو‪ ،‬ثم ُأ ِ‬
‫بدل (أخالقه) من‬
‫الفاعل المسترت (أعجبك أخالقه) فلهذا يف الكالم قد يبين المراد خالف‬
‫المكتوب‪ ،‬فلو قلت‪( :‬أعجبك أخالقه) فب ّين هنا أن الفاعل هو الضمير المسترت‬
‫العائد إلى المتك َّلم عنه‪ ،‬فهذه المعاين البد من النظر إليها عند اإلعراب‪.‬‬
‫الم ِ‬
‫عرب‪ ،‬يجوز كذا ويجوز‬ ‫أما قول النحو يجوز كذا ويجوز كذا وكذا لقول ُ‬
‫كذا أي‪ :‬من باب الجواز النحوي‪ ،‬لكن المراد ال ُيحدَ د إال مرا ًدا واحدً ا‪ ،‬إعرا ًبا‬
‫المفسر ربما يف التفسير‪ ،‬النحو ُيبيِن األوجه الجائزة‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫واحدً ا‪ ،‬لكن هذا من عمل‬
‫والمفسر هو الذي يحدد اإلعراب الذي يناسب المعنى المقصود‪.‬‬
‫صور‬
‫ٌ‬ ‫صور إلبدال االسم من االسم‪ ،‬وهناك‬
‫ٌ‬ ‫هذه الصور التي ذكرناها اآلن هي‬
‫أخرى للبدل منها‪ :‬إبدال الفعل من الفعل‪ ،‬وهذا سيذكره ابن مالك يف آخر الباب‪،‬‬
‫فسنرجأ الكالم عليه إلى آخر الباب‪.‬‬

‫ومن ص ر البدل‪ :‬إبدال الجملة من الجملة‪ ،‬كقوله ‪( :‬ﯸ ﯹ‬


‫ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ) [ال عراء‪( ،]133-132:‬ﯾ ﯿ‬
‫بدل من الجملة السابقة (ﯺ ﯻ ﯼ)‪.‬‬
‫ﰀ) هذه الجملة ٌ‬

‫ومن ذلك قوله ‪( :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ‬


‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪482h‬‬
‫ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ) [الب رة‪( ،]49:‬يذبحون) لم يقل‬
‫(ويذبحون)‪ ،‬فقوله‪( :‬ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ) بدل من قوله‪( :‬ﭑ‬
‫ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ) على معنى (ﭑ ﭒ ﭓ‬
‫ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ) واهلل أعلم‪.‬‬
‫ومن ذلك قول الشاعر‪:‬‬
‫وإا فُلللن يف السلللر والَ لللر مسللللما‬ ‫أقللل دل للللله ارحلللق ا ل َّ‬
‫للليمن عنللللدنا‬
‫أيضا جملة؛ ألنه‬ ‫فقوله‪( :‬ال تقيمن عندنا) جملة ٌ‬
‫بدل من قوله‪( :‬ارحل) وهو ً‬
‫مع فاعله يكون جملة‪.‬‬

‫‪ ‬وهناك صورةٌ أخرية‪ :‬وهي بدل اجلملة من املفرد‪:‬‬


‫نحن عندما نذكر هذه األنواع لكي تعلم أن هذه هي األنواع الواردة يف الكالم‬
‫الجائزة‪ ،‬فما سواها ال يجوز‪ ،‬ال تجد إبدال اسم من جملة؛ ألهنا ليست موجودة يف‬
‫هذه األنواع‪ ،‬ال تجد إبدال اسم من فعل‪ ،‬ونحو ذلك‪ ،‬فهذا فائدة التقسيمات‬
‫واألنواع؛ لتحصر الجائز والوارد‪.‬‬
‫قلنا الن ا مير‪ :‬هو بدل إبدال الجملة من المفرد‪ ،‬هذا موجود يف الكالم‬
‫ٍ‬
‫محمد أين ذهب؟)‬ ‫ٍ‬
‫محمد َمن أبوه) (أسألك عن‬ ‫وجائز‪ ،‬كأن تقول‪( :‬أسألك عن‬
‫محمد‪ :‬اسم مجرور بـ (عن)‪َ ( ،‬من أبوه؟) هذه جملة‬‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫محمد)‬ ‫(أسألك عن‬
‫استفهام‪ ،‬جملة أسمية مكونة من مبتدأ (أبوه) ومن خربٍ مقدَّ م ( َمن)‪ ،‬والجملة‬
‫أسلوب شائع وجائز باطراد يف الكالم‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫األسمية ( َمن أبوه) ٌ‬
‫بدل من (محمد)‪ ،‬وهذا‬

‫قال –تعالى‪( :-‬ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳﯴ) [ا عراف‪( ،]187:‬ﯲ‬


‫بدل من (الساعة)‪ ،‬قال –تعالى‪( :-‬ﮨ ﮩ ﮪ‬
‫ﯳﯴ) هذه جملة استفهام ٌ‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪483h‬‬
‫‪g‬‬

‫ﮫ ﮬ ﮭ) [ال ا ية‪]17:‬؛ إلى‪ :‬حرف جر‪ ،‬اإلبل‪ :‬اسم مجرور مفرد‪،‬‬


‫الج َمل االستفهامية‪،‬‬ ‫(كيف خلقت) هذه جملة‪ ،‬وعرفنا من قبل كيف ن ِ‬
‫ُعرب ُ‬
‫(خلقت) ُخلِق‪ :‬فعل‪ ،‬والتاء نائب فاعل‪ ،‬كيف‪ :‬حال‪ ،‬هذه جملة مكونة من فعل‬
‫ُ‬
‫ف دم ال َ ْ‬
‫ت) بدل من االسم‬ ‫ونائب فاعل وحال‪ ،‬وهذه الجملة االستفهامية ( َ ْي َ‬
‫المفرد (اإلبل)‪.‬‬
‫قال الشاعر‪:‬‬
‫يللللف لع يللللاَّ؟‬ ‫وبال للللام أمللللر‬ ‫إللللللى اهلل أ لللللُ بالمد نلللللة حاجلللللة‬
‫قوله‪( :‬كيف يلتقيان؟) هذه جملة استفهامية وهي ٌ‬
‫بدل من قوله‪( :‬حاجةً)‪.‬‬
‫ٍ‬
‫مسألة تتعلق‬ ‫ثم بعد ذلك ينتقل ابن مالك ‪ ‬يف البيت السابع ليتكلم على‬
‫بحكم اإلبدال من اسم االستفهام‪ ،‬كيف ُت ِ‬
‫بدل من اسم االستفهام‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫ا‬
‫لللللللللع ْيدِ َأ ْم َع الللللللللللي‬
‫لللللللللن َةا َأ َسل‬ ‫للم ان ال َ ْمللل َ َ اللللي َه ْمللل َا‬
‫ْ‬ ‫ََمل‬ ‫َو َبلللدَ دل د‬
‫الم َال َّ‬
‫ِ‬
‫اسم من‬ ‫ذكر يف هذا البيت حكم اإلبدال من اسم االستفهام‪ ،‬يقول‪ :‬إذا ُأبدل ٌ‬
‫اسم استفهام فيجب أن يكون يف البدل همزة استفهام‪ ،‬كقولك‪َ ( :‬م ْن َةا َأ َس اع ْيدِ َأ ْم‬
‫بدل من ( َمن)‪ ،‬هذه جملة استفهام‪ ،‬وعرفنا إعراب جملة االستفهام‬ ‫َع الي)؛ (سعيدٌ ) ٌ‬
‫من َقبل وأهنا بإعراب ما يقابلها يف الجواب‪.‬‬
‫(من ةا ه دِ )؛ ةا‪ :‬مبعدأ‪ ،‬وه د‪ :‬خرب‪ ،‬إذن ما إعراب (ذا) يف قولك ( َمن ذا؟)‬
‫َ‬
‫مبتدأ َّ‬
‫مؤخر؛ ألهنا تقابل ذا يف الجواب‪ ،‬لو قلت‪َ ( :‬من ذا؟) ستقول‪( :‬ذا سعيدٌ ) فـ‬
‫رب‬
‫(ذا) مبتدأ‪ ،‬إذن‪( :‬ذا) يف السؤال مبتدأ‪ ،‬فإذا كانت مبتدأ فما إعراب ( َمن)؟ خ ٌ‬
‫مقدَّ م يف محل رفع‪.‬‬
‫بدل من اسم االستفهام‬‫بدل من ( َمن)‪ٌ ،‬‬
‫ثم قلت‪( :‬أسعيدٌ أم علي؟) سعيدٌ ٌ‬
‫ٌ‬
‫عمن؟ وهو سعيد أو علي‪ ،‬فـ (سعيدٌ ) ٌ‬
‫بدل من ( َمن)‪،‬‬ ‫المستفهم منه‪ ،‬تستفهم َ‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪484h‬‬
‫فرتفعه؛ ألن ( َمن) خرب يف محل رفع فرتفع تابعه‪ََ ( ،‬م ْن َةا َأ َس اع ْيدِ َأ ْم َع الي)؛ أم‪:‬‬
‫علي‪ :‬معطوف على سعيد‪ ،‬هذا اإلعراب‪.‬‬ ‫حرف عطف‪ٌ ،‬‬
‫الحُُ الَ ورد يف هَا البيت‪ :‬هو أن البدل (سعيدٌ ) يجب أن يكون فيه همزة‬
‫(خيرا)‬
‫ً‬ ‫شرا؟)؛‬
‫أخيرا أم ً‬
‫بدل من اسم استفهام‪ ،‬فتقول‪( :‬ما تفعل؟ ً‬ ‫استفهام؛ ألنه ٌ‬
‫ٌ‬
‫بدل من قولك (ما) وهو اسم استفهام‪ ،‬فجب أن تأيت مع البدل هبمزة استفهام‪.‬‬
‫ُعرب اسم‬‫شرا؟)؛ ن ِ‬ ‫أخيرا أم ً‬
‫ً‬ ‫لماذا نصبنا البدل هنا؟ فقلنا‪( :‬ما تفعل؟‬
‫بدل من اسم االستفهام‪ ،‬فهو مثله يف اإلعراب‪ ،‬ما إعراب (ما) يف‬ ‫االستفهام؛ ألنه ٌ‬
‫ٌ‬
‫مفعول به‬ ‫خيرا‪ :‬مفعول به يقابل (ما)‪ ،‬إذن‪ :‬فـ (ما)‬
‫خيرا‪ً ،‬‬ ‫قولك‪( :‬ما تفعل؟) ُ‬
‫أفعل ً‬
‫شرا؟)‪.‬‬ ‫ِ‬
‫أخيرا أم ً‬
‫مقدَّ م‪ ،‬فتُبدل منه بالنصب‪( ،‬ما تفعل؟ ً‬
‫بدل من (متى) اسم استفهام‬ ‫غد؟) غدً ا‪ٌ :‬‬‫وتقول‪( :‬متى تأتينا؟ أغدً ا أم بعد ٍ‬
‫فيجب فيه الهمز‪ ،‬لكن ما إعراب (متى)؟ ِ‬
‫أجب‪( ،‬متى تأتينا؟) آتيك غدً ا‪ ،‬ما الذي‬
‫يقابل (متى) يف الجواب؟ غدً ا‪ ،‬إذن‪ :‬فإعرابه كإعراب (غدً ا)‪ ،‬فإعراب (متى) ظرف‬
‫زمان مقدَّ م‪ ،‬ثم ُت ِ‬
‫بدل منه بالنصب؛ ألنه ظرف زمان‪ ،‬فتقول‪( :‬متى تأتينا؟ أغدً ا أم‬
‫غد؟)‪.‬‬ ‫بعد ٍ‬

‫(متى تأتينا؟) ألنه اسم استفهام‪ ،‬واسم االستفهام يرتفع الفعل بعده‪( ،‬ما‬
‫شرا؟) هذه ضمة وليست واو جماعة؛ ألن أسماء االستفهام كلها‬
‫أخيرا أم ً‬ ‫ُ‬
‫تفعل؟ ً‬
‫ال تعمل شي ًئا فيبقى الفعل بعدها مرفو ًعا‪ ،‬بخالف ما لو كانت من أدوات الشرط‬
‫فإهنا تجزم كقولك‪( :‬ما ْ‬
‫تفعل ُت َ‬
‫جز به)‪.‬‬
‫قلنا الواجب يف االسم المبدل من اسم االستفهام أن يكون هبمزة استفهام‪،‬‬
‫الواجب الوجود ال الظهور‪ ،‬أي‪ :‬يجوز أن تحذفه من جهة االستفهام فتقول‪َ ( :‬من‬
‫علي؟)‪.‬‬
‫ذا؟ سعيدٌ أم ٌ‬
‫واهلل أعلُ‪ ،‬وصلى اهلل وسلُ على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين‪.‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪485h‬‬
‫‪g‬‬

‫الدرس الرابع والتسعون‬

‫بسُ اهلل الرحمن الرحيُ‪ ،‬الحمد هلل رب العالمين‪ ،‬والصالة والسالم على نبينا‬
‫محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين‪ ،‬أما بعد‪:‬‬
‫السالم عليكم ورحمة اهلل وبركاته‪ ،‬هذه الليلة هي ليلة اإلثنين مفتتح شهر ذي‬
‫القعدة من سنة ‪ 1433‬من هجرة المصطفى ‪ ،‬ونحن يف جامع‬
‫الراجحي بمدينة الرياض بحي الجزيرة‪ ،‬نعقد بحمد اهلل وتوفيقه الدرس الرابع‬
‫والتسعين من دروس شرح ألفية ابن مالك –عليه رحمة اهلل‪.-‬‬
‫أما يف هذا الدرس فسن ِ‬
‫ُكمل ما بقي من باب البدل‪ ،‬ثم ندخل بعد ذلك إلى‬
‫الباب التالي وهو [باب النداء]‪ ،‬بقي لنا يف [باب البدل] بيتان‪ ،‬أحدهما شرعنا يف‬
‫شرحه‪ ،‬نبدأ به‪ ،‬قال ‪ ‬يف آخر [باب البدل]‪:‬‬
‫ا‬
‫لللللللللع ْيدِ َأ ْم َع الللللللللللي‬
‫لللللللللن َةا َأ َسل‬ ‫للم ان ال َ ْمللل َ َ اللللي َه ْمللل َا‬
‫ْ‬ ‫ََمل‬ ‫َو َبلللدَ دل د‬
‫الم َال َّ‬
‫يف هذا البيت ذكرنا أن ابن مالك ‪ ‬ذكر حكم اإلبدال من اسم‬
‫حكم خاص وهو‪ :‬وجوب اقرتان‬
‫ٌ‬ ‫االستفهام‪ ،‬فإذا أبدلت من اسم استفهام فلذلك‬
‫همزة االستفهام مع البدل‪.‬‬
‫علي؟)‪ ،‬وقولك‪َ ( :‬من هذا؟) أسلوب‬
‫مَال ةلك أَّ ل‪َ ( :‬من هذا؟ أسعيدٌ أم ٌ‬
‫علي؟) فسعيد‪:‬‬ ‫ٌ‬
‫رب مقدَّ م‪ ،‬هذا‪ :‬مبتدأ مؤخر‪ ،‬ثم قلت‪( :‬أسعيدٌ أم ٌ‬
‫استفهام‪َ ،‬من‪ :‬خ ٌ‬
‫علي)‬ ‫ٌ‬
‫ستفهم عنه (أسعيدٌ أم ٌ‬
‫الم َ‬‫ستفهم عنه‪ُ ،‬‬
‫الم َ‬‫بدل من اسم االستفهام ( َمن)؛ ألنه ُ‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪486h‬‬

‫أحدهما‪ ،‬فوجب أن تأيت بالهمزة مقرتن ًة بالبدل (أسعيدٌ أم ٌ‬


‫علي؟)‪.‬‬
‫كرر معه العامل‬
‫وإنما نص ابن مالك على هذا الحكم؛ ألن البدل يف أصله ال ُي َّ‬
‫ظاهرا‪ ،‬فأنت يف البدل تقول‪( :‬جاء محمدٌ أخي) فـ (أخي) ٌ‬
‫بدل من (محمد)‪ ،‬وال‬ ‫ً‬
‫تقول‪( :‬جاء محمدٌ جاء أخي)‪ ،‬فإن قلت ذلك أي‪( :‬جاء محمدٌ جاء أخي) كان‬
‫ذلك أسلو ًبا آخر ليس على أسلوب البدل‪.‬‬
‫ظاهرا إال يف موضعين‪ ،‬ال ُيكرر معه شيء‬
‫ً‬ ‫كرر معه‬
‫أما البدل فإن العامل ال ُي َّ‬
‫المبدَ ل منه إال يف هذا الموضع وموضع آخر سيأيت‪ ،‬فلهذا نص ابن مالك على‬
‫من ُ‬
‫هذا الحكم‪.‬‬
‫شرا؟) وقولك‪( :‬ما ُ‬
‫تفعل؟) استفهام‪،‬‬ ‫أخيرا أم ً‬ ‫ومن ةلك أَّ ل‪( :‬ما ُ‬
‫تفعل؟ ً‬
‫ِ‬
‫يستوف مفعوله‪ ،‬فأبدلت من اسم‬ ‫مفعول به مقدم؛ ألن الفعل بعده ٍ‬
‫متعد لم‬ ‫ٌ‬ ‫(ما)‪:‬‬
‫شرا؟)‪ ،‬فنصبت؛ ألنك أبدلت من اسم االستفهام وهو‬
‫(أخيرا أم ً‬
‫ً‬ ‫االستفهام قولك‪:‬‬
‫يف محل نصب‪.‬‬
‫غد؟)‪ ،‬فقولك (متى تأتينا؟)‬ ‫ومن ةلك أَّ ل‪( :‬متى تأتينا؟ أغدً ا أم بعد ٍ‬
‫استفهام‪ ،‬فـ (متى) ظرف زمان‪ ،‬ثم أبدلت منها فقلت‪( :‬أغدً ا أم بعد ٍ‬
‫غد؟) فـ (غدً ا)‬
‫تقرن به همزة االستفهام‪.‬‬
‫بدل من اسم االستفهام (متى) إال أنه وجب أن ُ‬
‫وقولنا‪" :‬يجب أن تقرتن همزة االستفهام بالبدل" أي‪ :‬يجب أن تكون‬
‫موجودةً‪ ،‬وهكذا الحكم يف كل ما يقول فيه النحويون "يجب"‪" ،‬يجب كذا" أي‪:‬‬
‫ظاهرا أو ُمقدَّ ًرا‪ ،‬فعلى هذا يجوز أن تقول يف الكالم‪َ ( :‬من ذا؟ أسعيدٌ‬
‫ً‬ ‫يجب وجوده‬
‫علي؟)‪.‬‬
‫علي؟)‪ ،‬ويجوز أن تقول‪َ ( :‬من ذا؟ سعيدٌ أم ٌ‬
‫أم ٌ‬
‫لكن يف األسلوب الثاين يجب أن تقول إن هناك همز ًة محذوف ًة يف قولك‪:‬‬
‫كثيرا‬
‫(أسعيدٌ )؛ ألن الحكم هنا للهمزة‪ ،‬فهي موجودة إال أهنا محذوفة‪ ،‬وقد قررنا ً‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪487h‬‬
‫‪g‬‬
‫أن المحذوف موجود‪ ،‬وإال لم يقع عليه الحذف؛ ألن الحذف ال يكون على‬
‫ٍ‬
‫شيء موجود‪ ،‬فكل ما تقول فيه‪" :‬محذوف" معنى ذلك‬ ‫المعدوم‪ ،‬وإنما يقع على‬
‫ظاهرا‪.‬‬
‫ً‬ ‫أنه موجود إال أنه ُمقدَّ ر وليس‬
‫ل‪ :‬نحوه ال مثله‪ ،‬نحو هذا الحكم‪ :‬اإلبدال من‬ ‫ونح هَا الحُُ‪،‬‬
‫المجرور‪ ،‬لو أبدلت من مجرور فإنه يجوز أن تعيد الجار مع البدل‪ ،‬ويجوز أال‬
‫(مررت ٍ‬
‫بزيد‬ ‫ُ‬ ‫بزيد أخيك)‪ ،‬ويجوز أن تقول‪:‬‬‫(مررت ٍ‬
‫ُ‬ ‫تعيده‪ ،‬فيجوز أن تقول‪:‬‬
‫خاص يف المجرور‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫بأخيك)‪ ،‬فهذا‬

‫ومن ذلك قوله ‪ ،‬وقد تلوناه يف الدرس الماضي‪( ،‬ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ‬


‫ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ) [ا ح اب‪ ،]21:‬وقلنا‪ :‬إن قوله‬
‫َاَّ َ ْر دج اهللَ َوا ْل َي ْ َم ا ام َر) بدل من الضمير (الكاف) يف قوله‪َ ( :‬لُ ْدُ)‪.‬‬
‫(لا َم ْن َ‬
‫لمن كان يرجو اهلل واليوم اآلخر)‪.‬‬
‫والمعنى‪( :‬لقد كان يف رسول اهلل أسو ٌة حسنة َ‬
‫ومع ذلك أن نجد حرف الجر (الالم) دخل على المبدل منه ( َلُ ْدُ)‪ ،‬ودخل‬
‫ا‬ ‫على البدل (لا َم ْن َ‬
‫َاَّ َ ْر دج اهللَ َوا ْل َي ْ َم ا م َر)‪ ،‬فحرف الجر يجوز أن ُي َّ‬
‫كرر مع‬
‫البدل‪.‬‬

‫أيضا قوله ‪( :‬ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ)‬


‫ومن ذلك ً‬
‫أيضا تلوناه يف الدرس الماضي‪ َ ( ،‬دُ دَّ َلنَا اعيدا ا َ َّولانَا‬ ‫[المائدة‪ ]114:‬وهذا ً‬
‫آمرانَا) بدل من الضمير (نا) أي‪ :‬تكون عيدً ا ألولنا‬ ‫آمرانَا) عرفنا أن قوله‪ ( :‬ا َولانَا و ا‬
‫و ا‬
‫َّ َ‬ ‫َ‬
‫آمرانَا) وعلى‬ ‫وآخرنا‪ ،‬ونجد أن حرف الجر (الالم) قد دخل على البدل ( ا َولانَا و ا‬
‫َّ َ‬
‫جائز يف البدل‪.‬‬
‫المبدل منه (لنا)‪ ،‬فهذا ٌ‬
‫ثم إن ابن مالك ‪ ‬ختم هذا الباب [باب البدل] بقوله‪:‬‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫لللق امللللن ا‬ ‫و بللللدَ دل ا‬
‫َصلللللق إا َل ْينَلللللا َ ْسلللللعَع ْن بانَلللللا د َع ْ‬
‫لللللن‬ ‫لللن‬ ‫الف ْعل ا‬
‫لللق ََمل ْ‬ ‫َ‬ ‫الف ْعل د‬ ‫َ دْ‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪488h‬‬
‫ذكر يف هذا البيت إبدال الفعل من الفعل‪ ،‬وقد ذكرنا يف الدرس الماضي أن‬
‫صور ذكرناها يف الدرس الماضي‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫اإلبدال أنواع‪ ،‬إبدال االسم من االسم‪ ،‬وله‬
‫إبدال الفعل من الفعل‪ ،‬وقلنا‪ :‬إنه سيأيت يف آخر األلفية وهذا أوانه‪ ،‬وإبدال الجملة‬
‫من الجملة‪ ،‬وإبدال الجملة من االسم المفرد‪.‬‬
‫فهذا أوان الكالم على آخر صورة من صور اإلبدال وهو إبدال الفعل من‬
‫ا ا ا‬
‫الفع اق)‪ :‬أي‪ :‬يجوز أن ُت ِ‬
‫فعال من فعل‪ ،‬فكما أن‬‫بدل ً‬ ‫الفعل‪ :‬قال‪َ ( :‬و د ْبدَ دل الف ْع دق م َن ْ‬
‫االسم ُيبدَ ل من االسم والجملة ُتبدَ ل من الجملة‪ ،‬فإن الفعل ً‬
‫أيضا يجوز أن ُيبدَ ل‬
‫من الفعل‪.‬‬
‫بدال مطاب ًقا أو‬
‫والمسم من ةلك‪ :‬أي‪ :‬من إبدال الفعل من الفعل‪ :‬هو إبداله ً‬
‫بعض من‬‫ٍ‬ ‫بدل اشتمال‪ ،‬ثم إن النحويين أجازوا قياسا أن ُت ِ‬
‫بدل الفعل من الفعل بدل‬ ‫ً‬
‫كل‪ ،‬وبدل غلط‪ ،‬هذا من القياس السائغ الجائز على المسموع‪.‬‬
‫ومن ا مَلة على ةلك‪ :‬أي‪( :‬إبدال الفعل من الفعل)‪ :‬قول ابن مالك‪ََ ( :‬م ْن‬
‫َ اصق إا َل ْينَا َ ْسع اَع ْن بانَا د َع ْن)‪ ،‬يقول‪َ :‬من يصل إلينا ما جزاءه؟ َمن يصل إلينا ُي َعن‪.‬‬
‫ثم أبدل من قوله ( َ اصق إا َل ْينَا) قال‪َ :‬من يصل إلينا يستعين بنا ( د َع ْن)‪ ،‬كأنه قال‪:‬‬
‫َمن يستعن بنا ُي َعن؛ ألن البدل على نية حذف المبدل منه‪ ،‬فقوله‪ْ َ ( :‬سع اَع ْن) ٌ‬
‫بدل من‬
‫( َ اصق)‪ ،‬بدل مطاب ًقا أو بدل اشتمال؟ ما العالقة بين الوصول واالستعانة؟ بدل‬
‫اشتمال‪.‬‬

‫ومن ذلك قوله ‪( :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ‬


‫ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ‬
‫ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ) [الفرقاَّ‪َ ]69-68:‬من يفعل ذلك ما جزاؤه؟‬
‫(ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪489h‬‬
‫‪g‬‬

‫ﭡﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ‬
‫(يلق)‪ ،‬بدل‬
‫َ‬ ‫ﭰ) [الفرقاَّ‪ ،]69-68:‬فقوله‪( :‬يضاعف) ٌ‬
‫بدل من قوله‪:‬‬
‫اشتمال‪ ،‬فلهذا ُج ِز َم الفعل (يضاعف)؛ ألنه ٌ‬
‫بدل من جواب الشرط المجزوم‪.‬‬
‫ومن ذلك قول الشاعر‪:‬‬
‫ََلللد َحطبللل َجللل ا َونلللارا ٌََ َّجَلللا‬
‫ا‬ ‫دلملللللُ بانلللللا يف اد ا‬
‫ارنلللللا‬ ‫معلللللى ٌَ انلللللا ا‬

‫فالشرط (متى تأتنا)‪ ،‬والجواب (تجد حط ًبا)‪ ،‬ثم أبدل من فعل الشرط فقال‪:‬‬
‫ََد َحطب َج ا َونارا ٌََ َّجَا)‪ ،‬أتيتهم‪ ،‬ألممت هبم‬ ‫دلمُ بانا يف اد ا‬
‫ارنا ا‬ ‫(معى ٌَ انا ا‬

‫أي‪ :‬جئتهم‪ ،‬فالمعنى متقارب‪.‬‬


‫ومن ذلك قول الراجز‪:‬‬
‫ائعللللللا‬ ‫ؤمللللللَ رهللللللا أو َلللللل‬ ‫إَّ علللللللللللللللللى اهلل أَّ با عللللللللللللللللا‬
‫كرها‬
‫علي اهلل أن تؤخذ ً‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫فقوله‪( :‬تؤخذ) بدل من قوله‪( :‬تبايع)‪ ،‬والمعنى‪( :‬إن ّ‬
‫أو تأيت طائ ًعا)‪ ،‬فهو بدل مطابقة‪ ،‬وسميناه بدل تفصيل‪ ،‬قلنا‪ :‬إن من البدل المطابق‬
‫بدل التفصيل‪ ،‬أن تذكر أجزاءه‪.‬‬
‫فإن قال قائل‪( :‬قعد زيدٌ ) ماذا فهمتم؟ قام أم قعد؟ قعد‪ ،‬إذن‪ :‬فـ (قعد) بدل‬
‫سمع لكنه يجوز يف الكالم أن يقع‬
‫جائز يف الكالم‪ ،‬وإن لم ُي َ‬
‫غلط من (قام)‪ ،‬فهذا ٌ‬
‫ذلك‪.‬‬
‫يرحمك) فالجملة‪( :‬إن ِّ‬
‫تصل هلل يرحمك) ثم‬ ‫ْ‬ ‫وتقول‪( :‬إن ِّ‬
‫تصل تسجدْ هلل‬
‫يرحمك)‪ ،‬والسجود من الصالة‬
‫ْ‬ ‫أبدلت من فعل الشرط فقلت‪( :‬إن ِّ‬
‫تصل تسجدْ هلل‬
‫ُ‬
‫بدل بعض‪.‬‬

‫قال ‪( :‬ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳﯴ)‬


‫[ا نعام‪ ]151:‬البدل (ما ظهر منها) ما‪ :‬اسم موصول بمعنى (الذي ظهر منها)‪،‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪490 h‬‬
‫والمبدَ ل منه (الفواحش)‪ ،‬وهو بدل تفصيل من البدل المطابق‪.‬‬

‫قال ‪( :‬ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ) [ سف‪]20:‬‬


‫شروه‪ :‬أي‪ :‬باعوه‪ ،‬البدل‪( :‬دراهم) والمبدل منه‪( :‬الثمن)‪ ،‬والمعنى واهلل أعلم‪:‬‬
‫(وباعوه بدراهم معدودة)‪ ،‬البدل على نية حذف المبدَ ل منه إال أنه قدَّ م المبدل منه‬
‫توطئ ًة فقال‪( :‬ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ)‪.‬‬
‫وة رنا يف أول الُالم عن البدل أَّ مَق هَه ا ساليب َ ه في ا من حيث‬
‫الصناعة النح ة ال ة أ ياء‪:‬‬
‫‪ ‬أَّ ُ َّ بدا‪.‬‬
‫‪ ‬وأَّ ُ َّ عطف بياَّ‪.‬‬
‫‪ ‬وأَّ ُ َّ على ال طع‪.‬‬
‫وفصلنا ذلك يف الدرس الماضي‪ ،‬وميزنا متى تكون ً‬
‫بدال‪ ،‬ومتى تكون عطف‬
‫بيان‪ ،‬ومتى تكون على القطع‪ ،‬من حيث الجواز النحوي شي ٌء واحد‪ ،‬ومن حيث‬
‫بدال أو عطف بيان أو على‬ ‫ٍ‬
‫واحد منها‪ ،‬أما أن تكون ً‬ ‫المعنى فإن المعنى يقف على‬
‫القطع‪ ،‬فالمعنى يحتم إعرا ًبا واحدً ا‪.‬‬

‫قال ‪( :‬ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ) [ ه‪ ]30-29:‬البدل‪:‬‬


‫(وزيرا)‪ ،‬بدل ك ٍل من كل‪( ،‬أخي)‪ :‬الوصف بالجامد‬
‫ً‬ ‫(هارون)‪ ،‬والمبدل منه‪:‬‬
‫عطف بيان‪ ،‬فعطف البيان هو النعت بالجامد‪ ،‬العطف بالمشتق هو الذي يسميه‬
‫النحويون نعتًا‪ ،‬وأما النعت بالجامد فهو الذي يسميه النحويون عطف بيان‪.‬‬
‫والظاهر يف اآلية أنه عطف بيان‪ ،‬ويجوز يف الصناعة أن يكون ً‬
‫بدال وأن يكون‬
‫على القطع‪ ،‬فإن قلت‪ :‬إنه بدل فمعنى اآلية يعود إلى قولك‪( :‬واجعل لي أخي)‪،‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪491h‬‬
‫‪g‬‬
‫وإن قلت‪ :‬إنه عطف بيان فيعود معنى اآلية إلى قولك (واجعل لي هارون الذي هو‬
‫أخي) أي‪ :‬هارون ثم وصفه بأنه أخوه‪ ،‬فالمعنى سيختلف‪ ،‬يتضح يف اآلية أن‬
‫(وزيرا) نكرة‪.‬‬
‫ً‬ ‫(هارون) معرفة‪،‬‬
‫فلهذا لم نذكر يف البدل أنه ُيشرتَط أن يوافق المبدل منه يف التعريف والتنكير‪،‬‬
‫جوز توكيد النكرة‪ ،‬البد من‬
‫مثال أو النعت‪ ،‬وكذلك التوكيد عند َمن َّ‬
‫كعطف البيان ً‬
‫الموافقة يف التعريف والتنكير‪.‬‬
‫أما يف البدل فباتفاق أنه ال تشرتط الموافقة‪ ،‬لك أن ُت ِ‬
‫بدل معرفة من النكرة‪،‬‬
‫والنكرة من المعرفة‪ ،‬والمعرفة من المعرفة‪ ،‬والنكرة من النكرة؛ ألن البدل على نية‬
‫حذف المبدل منه‪ ،‬أي‪ :‬أن البدل هو المقصود بالكالم‪ ،‬والسابق ُذكِ َر تمهيدً ا‪ ،‬ليس‬
‫هناك عالقة تتعلق بالتعريف والتنكير‪ ،‬وإنما العالقة ارتباط بالحكم‪ ،‬أنت تريد أن‬
‫تقول‪( :‬واجعل لي هارون)‪.‬‬

‫وقال ‪( :‬ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ)‬


‫بدل مطابق من (الناصية)‪ ،‬قد ُأ ِ‬
‫بد َلت‬ ‫ٍ‬
‫(ناصية) ٌ‬ ‫[العلق‪ ،]16-15:‬هنا واضح أن‬
‫النكرة من المعرفة‪.‬‬

‫ثم نقف عند قوله ‪( :‬ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ‬


‫ٍ‬
‫(همزة لمزة)‪ ،‬لماذا ال نقول‬ ‫ﭪ) [ال م ة‪ ،]2-1:‬ما إعراب (الذي)؟ بدل من‬
‫اسم موصول معرفة‪ ،‬و (همزة لمزة) نكرة‪ ،‬فهنا ال‬
‫أنه نعت؟ ال يجوز؛ ألن (الذي) ٌ‬
‫يصح أن نقول‪ :‬أنه عطف بيان وال نعت‪ ،‬بل يجب أن تقول‪ :‬أنه بدل‪.‬‬
‫ويجوز أن يكون على القطع‪ ،‬القطع أسلوب بالغي‪ ،‬يبتعد عن النحو‪ ،‬هو‬
‫أسلوب بالغي إذا قصده اإلنسان‪ ،‬فالبد من معرفة نية المتكلم‪ ،‬فإذا لم نعرف فال‬
‫ٌ‬
‫يصاغ إلى القطع‪ ،‬وإنما يصاغ إلى أن الكالم األصل فيه االتصال‪ ،‬فلهذا نقول‪ :‬أنه‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪492h‬‬
‫بدل أي‪ٌ :‬‬
‫(ويل للذي جمع ً‬
‫ماال وعدده)‪.‬‬
‫قال الشاعر‪:‬‬
‫وملللن لللله الما لللياَّ السللليف وال للللُ‬ ‫يبللاَّ المَللد والُللرم‬ ‫للا مللن للله ا‬
‫البدل‪( :‬المجد والكرم) والمبدل منه (األطيبان)‪ ،‬وهو ٌ‬
‫بدل مطابق‪ ،‬أو بدل‬
‫تفصيل‪.‬‬
‫وقال اآلخر‪:‬‬
‫هلللللل اهَّ مَللللللق قللللللرَّ ا عاللللللب‬ ‫ورواح للا ر للت‬
‫َ‬ ‫إَّ السللي ف غللدوها‬
‫البدل‪( :‬غدوها ورواحها)‪ ،‬والمبدل منه (السيوف)‪ ،‬وهو ٌ‬
‫بدل مطابق أو بدل‬
‫تفصيل‪.‬‬
‫ورواحها تركت هوزان مثل قرن‬
‫ُ‬ ‫غدوها‬
‫ل المعُلُ‪ :‬إن السيوف ُّ‬ ‫و َ ه أَّ‬
‫ورواحها)‪ ،‬فإعراهبا يكون مبتدأ مرفو ًعا‪ ،‬والخرب‪:‬‬
‫ُ‬ ‫(غدوها‬
‫ُّ‬ ‫األعضب‪ ،‬فإذا رفعنا‬
‫جائز‬
‫ورواحها تركت) خربٌ لـ (إن)‪ ،‬وهذا ٌ‬
‫ُ‬ ‫(غدوها‬
‫ُّ‬ ‫(تركت)‪ ،‬ثم إن المبتدأ والخرب‬
‫دائما يف هذا األسلوب‪.‬‬
‫ً‬
‫وقال الشاعر‪:‬‬
‫أ َّنلللللللا وقيسلللللللا افينلللللللا لميعلللللللاد‬ ‫أبللللللم ربيعلللللة أعالهلللللا وأسللللللف َل ا‬
‫فقوله‪( :‬أعالها وأسفلها) بدل من (ربيعة) ٌ‬
‫بدل مطابق‪.‬‬
‫يف هناية الكالم على [باب البدل] نكون قد انتهينا من الكالم على التوابع‪،‬‬
‫وهي‪ :‬النعت والعطف والتوكيد والبدل‪ ،‬ذكرها ابن مالك سر ًدا؛ ألهنا توابع‪ ،‬لننتقل‬
‫وباب جديد وهو [باب النداء]‪ ،‬سينتقل إليه ابن مالك‬ ‫ٍ‬ ‫بعد ذلك إلى موضو ٍع جديد‬
‫باب فيه شي ٌء من الطول كما سرتون إن شاء اهلل –‬
‫إن شاء اهلل –تعالى‪ ،-‬وهو ٌ‬
‫تعالى‪.-‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪493h‬‬
‫‪g‬‬
‫النداء ول اح ه‪:‬‬ ‫م‬
‫عالَه ابن مالك يف ألفيعه يف أربعة وممسين بيعا؛ َّ النداء له ابع (ل احق)‪،‬‬
‫َّ‬ ‫يف أصل ا دمق يف باب [النداء]‪ ،‬لُن ا خعن بحُُ معين‪ ،‬فخص ا النح‬
‫بباب ماُ‪ ،‬فابن مالك عالج ق ةلك النداء ول احق النداء يف أربعة وممسين‬
‫بيعا يف مانية أب اب وفصق‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫‪[ ‬باب النداء] يف ا ني ع ر بيعا‪.‬‬
‫‪ِ ُ ‬‬
‫فصق وه يف ابع المناد يف سبعة أبياَ‪.‬‬
‫باب [المناد المااف إلى اء المعُلُ] يف ال ة أبياَ‪.‬‬
‫‪ِ ُ ‬‬
‫باب [أسماء اهمت النداء] يف ال ة أبياَ‪.‬‬
‫‪ِ ُ ‬‬
‫‪ ُ ‬باب [ااسع ا ة] يف ال ة أبياَ‪.‬‬
‫‪ ُ ‬باب [الندبة] يف سبعة أبياَ‪.‬‬
‫‪ ُ ‬باب [العرميُ] يف ا ني ع ر بيعا‪.‬‬
‫‪ ُ ‬باب [اامعصاُ] يف بيع ْين‪.‬‬
‫‪ ُ ‬باب [العحَ ر واإلغراء] يف ممسة أبياَ‪.‬‬
‫ٍ‬
‫أربعة وخمسين بيتًا‪ ،‬وهي من أوسع‬ ‫فمجموع كل ذلك ثمانية أبواب وفصل يف‬
‫إن لم تكن أوسع الموضوعات التي عالجها ابن مالك‪ ،‬ونبدأ بـ‬
‫باب النداء‬
‫الذي عقده ابن مالك يف ألفيته يف اثني عشر بيتًا‪ ،‬قال فيها ‪:‬‬
‫‪.573‬ولالم َنللللاد ال َّنللللاء َأو َال َّنل ا‬
‫َلللللللَا َأ َ للللللللا د ل َّ‬
‫لللللللُ َه َيللللللللا‬ ‫َ‬ ‫َو َأ ْ َوآ‬ ‫لللاء َ للللا‬ ‫َ د َ‬
‫للب‬ ‫َأو للا و َغيللر وا َلللدَ ا َّلل لباس ا‬ ‫‪.574‬وال مللل د لاللللدَّ اناي ووا لاملللن دنل ا‬
‫اجعدن ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ ْ د َ‬ ‫للد ْب‬ ‫َ َ َ ْ‬ ‫َ َ ْ‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪494h‬‬
‫لللر َفا ْع َل َملللا‬ ‫َجلللا دم ْسللل َع َ ا َ َقلللدْ د َع َّ‬ ‫للللمر َو َمللللا‬
‫للللر دمنْللللدد وب َو دم ْا َ‬ ‫‪َ .575‬و َغ ْي د‬
‫لللر َعا اة َللللل ْه‬
‫لللن َ ْمنَ ْعلللل ده َفان دْصل ْ‬
‫لللق َو َمل ْ‬ ‫َقل َّ‬ ‫الم َ ا‬
‫لار َلل ْه‬ ‫الَنْس َو د‬ ‫اَ فاي ْاس اُ ا‬ ‫‪َ .576‬و َة َ‬
‫لله َقلللدْ دع ا لللدَ ا‬ ‫للَ فالللي ر ْفعل ا‬ ‫ع َللللى ا َّلل ا‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫الم ْف َ‬
‫للر َدا‬ ‫د‬ ‫المنَللا َد‬
‫ف د‬ ‫للر َ‬‫الم َع َّ‬
‫‪َ .577‬وا ْبللن د‬
‫ا‬
‫للللر اة بانَللللاء دجللللد َدا‬ ‫للللر دم َْ َ‬ ‫َول دي َْ َ‬ ‫للق النللدَ ا‬ ‫‪َ .578‬وانْلل ا انْا َ‬
‫للما َم َمللا َبنَلل ا َق ْب َ‬
‫اد َمللللل امالَ َفلللللا‬ ‫و ا لللللب ه ان اْصلللللب ع ا‬
‫ْ َ‬ ‫َْ د‬ ‫َ‬ ‫الم َالللللا َفا‬
‫الم ْن دُللللل َر َو د‬ ‫الم ْفل َ‬
‫للللر َد َ‬ ‫‪َ .579‬و د‬
‫ا‬ ‫ا‬
‫للللن َسللللع ْيد اَ َ ا ْ‬
‫للللن‬ ‫ن َْحلللل ا َأ َه ْ للللدد ْب َ‬ ‫لللُ َوا ْفلللع ََح َّن م ْ‬
‫لللن‬ ‫‪َ .580‬ون َْحللل َ َه ْ لللد د َّ‬
‫للللُ َقلللللدْ دحعا َملللللا‬‫للللن َع َلل ِ‬
‫للللق اا ْبل َ‬ ‫َأو َ ل ا‬ ‫للن َع َل َملللا‬ ‫للُ َ ل ا‬
‫للق اا ْبل د‬ ‫الالللُ إا َّْ َلل ْ‬
‫‪َ .581‬و َّ‬
‫اق َ ل َ‬
‫للللُ دبينَلللللا‬ ‫َّم َملللللا َلللللل ده ْاسلللللعا ْح َ ِ‬ ‫ب َما ا ْ طا َرارا دن نَا‬ ‫ا‬
‫‪َ .582‬وا ْ دم ُْ َأ او انْص ْ‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫للع َ لللا َو َأل‬ ‫ا‬
‫الَ َملللللللق‬ ‫للللللع اهلل َو َم ْحُلللللللي د‬ ‫إاَ َمل َ‬ ‫للن َج ْمل د‬ ‫‪َ .583‬وباا ْ لللط َرار دمل َّ‬
‫للللُ فالللللي َقللللل ار اض‬ ‫َو َ ل َّ‬
‫للللَ بلللللا ال َّل د ل َّ‬ ‫للللللُ باللللللال َّع ْع ا ْ ض‬ ‫‪َ .584‬وا َ ْ ََ د‬
‫للللللر ال َّل د َّ‬
‫ٍ‬
‫شيء من روايات األبيات‪،‬‬ ‫فهذه أبيات باب النداء‪ ،‬نبدأ يف أولها بالكالم على‬
‫س ا‬
‫وغير‪ :‬بالنصب‪ ،‬اجتنب‪:‬‬
‫َ‬ ‫ب)‪:‬‬ ‫فقد جاء يف بعض النسخ‪َ ( :‬و َغ ْي َر َوا َلدَ ا َّللبا ا ْ‬
‫اجعَن ْ‬
‫(وغير)‬
‫َ‬ ‫بالبناء للفاعل‪ ،‬فعلى ذلك يكون قوله‪( :‬اجتَنِب) فعل ٍ‬
‫أمر‪ ،‬وفاعله (أنت)‪،‬‬
‫ٌ‬
‫مفعول به مقدَّ م‪.‬‬
‫ب) ٌ‬
‫فعل ماضي‬ ‫ِ‬ ‫وأما الرواية المشهورة‪( :‬و َغير وا َلدَ ا َّللباس ا‬
‫ب)‪ :‬فـ (اجتُن َ‬
‫اجعدن ْ‬
‫ْ‬ ‫َ ْد َ‬
‫رب للمبتدأ‬
‫مبني للمجهول‪ ،‬ونائب فاعله مسترت تقديره هو‪ ،‬والفعل ونائب فاعله خ ٌ‬
‫(غير)‪.‬‬
‫ُ‬
‫وجاء يف بعض النسخ‪َ ( :‬ول دي َْرا َم َْ َر )‪ ،‬والرواية المشهورة‪َ ( :‬ول دي َْ َر دم َْ َر )‪،‬‬
‫وقد أشرنا إلى مثل ذلك من قبل‪ ،‬فعلى رواية ( َول دي َْرا َم َْ َر ) يكون ً‬
‫فعال ثالث ًيا‬
‫ِ‬
‫(وليجر هو‬ ‫ضمير مسترت تقديره هو‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫جري) وفاعله‬ ‫(ج َرى َي ِ‬ ‫مبن ًيا للمعلوم‪ ،‬من َ‬
‫فعال رباع ًيا مبن ًيا‬
‫مجرى)‪ ،‬وأما الرواية المشهورة‪َ ( :‬ول دي َْ َر دم َْ َر ) فيكون ً‬
‫(وليجر هو‬
‫َ‬ ‫جر َي ُيجرى)‪ ،‬ونائب فاعله مسترت تقديره هو‬ ‫للمجهول‪ ،‬من ( ُأ ِ‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪495h‬‬
‫‪g‬‬
‫ُمجرى)‪.‬‬
‫ويؤخذ من الفعل الثالثي على ( َمفعل=مجرى)‪ ،‬ويؤخذ من الفعل الرباعي‬
‫على ( ُم ْف َعل= ُم َ‬
‫جرى)‪ ،‬هذا القياس‪.‬‬
‫وجاء يف بعض النسخ‪( :‬و َ الي اا ْب َن َع َل ُِ) بإثبات الياء يف آخر (يلي)‪ ،‬وجاء يف‬
‫بعض الشروح المطبوعة‪( :‬أو َ الي اا ْب َن َع َل ُِ) بـ (أو)‪ ،‬والرواية المشهورة (و َ اق‬
‫اا ْب َن َع َل ُِ)‪ ،‬بالواو وبحذف الواو من آخر (يلِ)‪.‬‬
‫فكيف يكون تخريج هذه الروايات؟‬
‫نبدأ بالرواية المشهورة يف النسخ‪( :‬و َ اق اا ْب َن َع َل ُِ)‪ :‬بحذف الياء من الفعل‬
‫حينئذ حرف عطف‪ ،‬فعطفت الفعل المضارع‬ ‫ٍ‬ ‫( َيل)‪ ،‬فالفعل مجزوم؛ ألن الواو‬
‫(يلي) على قوله‪( :‬إا َّْ َل ُْ َ اق اا ْب دن َع َل َما و َ اق اا ْب َن َع َل ُِ)‪ ،‬عطفت ً‬
‫فعال مضار ًعا‬
‫على فع ٍل مضارع فانجزم مثله‪.‬‬
‫ٍ‬
‫حينئذ‬ ‫وأما الروا ة ال ليلة يف بعض النسخ‪( :‬و َ الي)‪ :‬بإثبات الياء‪ ،‬فالفعل‬
‫علما والحال أن هذا االبن يلي‬
‫مرفوع‪ ،‬والواو حالية‪ ،‬أي‪ :‬يعني إن لم يلي االبن ً‬
‫علم‪ ،‬فالحكم كذا وكذا‪ ،‬وهذا جائز‪.‬‬
‫علما‪ ،‬أو يليه ٌ‬
‫ً‬
‫وأما الَ يف بعض ال روو المطب عة‪( :‬أو َ اق) بـ (أو) فهذا خالف المعنى؛‬
‫ألن شرط المسألة كما سيأيت‪ :‬اجتماع األمرين م ًعا‪ ،‬أن االبن يلي َع َل ًما‪ ،‬وأن يليه‬
‫َع َلم‪ ،‬أي‪ :‬يكون قبله َع َلم وأن يكون بعده َع َلم‪ ،‬البد من األمرين‪ ،‬ليس أحدهما‪ ،‬فـ‬
‫(أو) هنا على خالف المعنى‪.‬‬
‫ويف قوله‪َ ( :‬وباا ْ طا َرار دم َّن َج ْم دع َ ا َو َأل) جاء يف النسخ برفع (جمع) ونصبها‪،‬‬
‫وجاء يف بعضها بالرفع‪ ،‬وجاء يف بعضها بالنصب‪َ ( ،‬وباا ْ طا َرار دم َّن َج ْم دع)‪،‬‬
‫( َوباا ْ طا َرار دم َّن َج ْم َع)‪.‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪496h‬‬
‫فعال‬
‫ص) يكون ً‬ ‫فبالرفع على رواية ( َوباا ْ طا َرار دم َّن َج ْم دع َ ا َو َأل)‪ :‬فإن ُ‬
‫(خ َّ‬
‫فجمع هنا‪ :‬نائب فاعل مرفوع‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ماض ًيا مبن ًيا للمجهول‪،‬‬
‫ٍ‬
‫حينئذ‬ ‫ص)‬ ‫وأما على رواية النصب‪َ ( :‬وباا ْ طا َرار دم َّن َج ْم َع َ ا َو َأل)‪ :‬فـ ُ‬
‫(خ َّ‬
‫ٌ‬
‫مفعول به‬ ‫فعل أمر مثل (عُدَّ )‪ ،‬فهو فعل أمر وفاعله مسترتٌ تقديره (أنت)‪ ،‬وجمع‪:‬‬
‫منصوب‪.‬‬
‫كالهما وارد يف النسخ‪ ،‬ثم نعود بعد ذلك إلى األبيات‪ ،‬فن ل‪ :‬إَّ ابن مالك‬
‫‪ ‬يف هَه ا بياَ ة ر ممس مسائق‪:‬‬
‫المسٌلة ا ولى‪ :‬بيان أحرف النداء‪.‬‬
‫المسٌلة الَانية‪ :‬حذف حرف النداء‪ ،‬تك َّلم على حكم حذف حرف النداء‪.‬‬
‫المسٌلة الَالَة‪ :‬حكم المنادى األعرابي‪.‬‬
‫المسٌلة الرابعة‪ :‬حكم المنادى يف ضرورة الشعر‪.‬‬
‫المسٌلة الخامسة‪ :‬نداء ما فيه (أل)‪ ،‬كيف تنادي كلم ًة يف أولها (أل)‪.‬‬
‫هبذا الرتتيب‪ ،‬فقال ابن مالك ‪ ‬يف المسألة األولى‪ :‬بيان أحرف النداء‪:‬‬
‫ولالمنَاد النَّاء َأو َالن ا‬
‫َّاء َ ا َو َأ ْ َوآ َََا َأ َ ا د َُّ َه َيا‬ ‫َ د َ‬
‫ب‬ ‫وال م د لالدَّ اناي ووا لامن ن اددب َأو ا و َغير وا َلدَ ا َّللباس ا‬
‫اجعدن ْ‬
‫ْ‬ ‫َ َ َ ْ ْ َ َ ْد َ‬ ‫َ َ ْ‬
‫فَ ر‪ ‬يف هَ ن البيعين أحرف النداء وأن ا سبعة‪:‬‬
‫فا ول‪( :‬يا)‪ ،‬وهو أ ُّم الباب‪ ،‬كقولك‪( :‬يا زيد)‪.‬‬
‫والَاين‪( :‬أي)‪ ،‬كقولك‪( :‬أي زيدُ أقبِل)‪.‬‬
‫والَالث‪( :‬آ)‪ ،‬أي همز ٌة ممدودة‪ ،‬كقولك‪( :‬آزيد أقبِل)‪.‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪497h‬‬
‫‪g‬‬
‫الرابع‪( :‬أيا)‪ ،‬كقولك‪( :‬أيا زيدُ )‪.‬‬
‫الخامس‪( :‬هيا)‪ ،‬كقولك‪( :‬هيا زيدُ أقبِل)‪.‬‬
‫السادْ‪ :‬الهمزة المفردة‪ ،‬نحو‪( :‬أزيد أقبِل)‪.‬‬
‫السابع‪( :‬وا)‪ ،‬نحو‪( :‬وزيد أقبِل)‪ ،‬أو (وازيداه)‪.‬‬
‫فهذه األحرف التي ذكرها ابن مالك ويزيد النحويون حر ًفا ثامنًا وهو‪( :‬آي)‬
‫هبمزة ممدودة‪ ،‬فمعنى ذلك‪ :‬أن الهمزة من‬‫ٍ‬ ‫نحو‪( :‬آي زيدُ أقبِل)‪ ،‬هو (أي) لكن‬
‫حروف النداء مقصور ًة وممدودة‪ ،‬وأن (أي) من حروف النداء مقصور ًة وممدودة‪،‬‬
‫فهذه أربعة أحرف‪ ،‬مع بقية األحرف التي ذكرها ابن مالك‪.‬‬
‫أيضا يف هذين البيتين أن األحرف الخمسة األولى وهي‪( :‬يا‪،‬‬
‫وذكر ابن مالك ً‬
‫أي‪ ،‬آ‪ ،‬أيا‪ ،‬هيا) هذه الخمسة للمنادي النائي‪ ،‬أو المنادي الذي يف حكم النائي‪ ،‬أي‪:‬‬
‫المنادى البعيد أو الذي يف حكم البعيد‪ ،‬أي‪ :‬المنادى البعيد حقيق ًة أو ُح ً‬
‫كما‪ ،‬فهذه‬
‫األحرف الخمسة لنداء البعيد سوا ٌء كان بعيدً ا ُبعدً ا حقيق ًيا أم كان بعيدً ا ُبعدً ا‬
‫ُحكم ًيا‪.‬‬
‫ٍ‬
‫لمحمد إذا‬ ‫فالبعيد ُبعدً ا حقيق ًيا هو البعيد يف المكان‪ ،‬مكانه بعيدٌ عنك‪ ،‬تقول‬
‫كان بعيدً ا عنك (يا محمد) أو (أيا محمد) أو (هيا محمد)‪.‬‬
‫يف حُُ البعيد‪ :‬قالوا كالنائم وكالساهي وكذي المكانة‬ ‫الَ‬ ‫والمناد‬
‫كمي ال‬
‫الرفيعة‪ ،‬وكالبغيض البعيد عن القلب‪ ،‬فكل هؤالء لهم ُبعد ولكنه ُبعدٌ ُح ٌ‬
‫ُبعدً ا حقيق ًيا مكان ًيا‪ ،‬فلك أن تناديهم هبذه األحرف‪ ،‬أردت أن توقظ محمد من النوم‬
‫فلك أن تعامله معاملة البعيد؛ ألنه بعيدٌ يف انتباهه وإدراكه‪ ،‬فتقول‪( :‬يا محمد) أو‬
‫(أي محمد)‪ ،‬أو (أيا محمد)‪ ،‬قال األعشى‪:‬‬
‫بح للللك ا حرملللله الليلللللة اللحمللللا‬ ‫ف للللت هيلللا ربلللاه للليف وا َقلللر‬
‫فنادى ربه وهو أقرب إليه من حبل الوريد بحرف النداء للبعيد (هيا رباه)‪،‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪498h‬‬
‫ٍ‬
‫بشيء من هذه المعاين كعظمة المنزلة ونحو ذلك‪.‬‬
‫كما‪ ،‬ذكر أن حرف‬ ‫وبعد أن ذكر أن هذه األحرف الخمسة للبعيد حقيق ًة أو ُح ً‬
‫النداء (الهمزة) للقريب الداين‪ ،‬قال‪َ ( :‬وال َ ْم د لالدَّ اناي)‪ ،‬فنقول ً‬
‫أيضا للقريب حقيق ًة‬
‫كما‪ ،‬فتقول‪( :‬أمحمدُ ما رأيك يف كذا وكذا) إذا كان قري ًبا منك‪.‬‬ ‫أو ُح ً‬
‫المتوجع منه كما‬
‫تفجع عليه أو ُ‬
‫الم َّ‬
‫ثم ذكر ‪ ‬أن المنادى المندوب وهو ُ‬
‫سيأيت يف باب [الندبة] د سععمق معه حرفاَّ‪:‬‬
‫الحرف ا ول‪( :‬وا) مطل ًقا‪ ،‬كقولك‪( :‬وازيدُ ) أو (وازيداه)‪.‬‬

‫الحرف الَاين‪( :‬يا)‪ ،‬تقول‪( :‬يا زيدُ ما أرحمك للفقراء) إال أن (يا) ال ُت َ‬
‫ستعمل‬
‫مع المندوب إال بشرط أمن اللبس‪ ،‬ما معنى بشرط أمن اللبس؟ أي‪ُ :‬يع َلم أن هذا‬
‫المنادى مندوب‪ ،‬وال يلتبس بالمنادى الحقيقي‪ ،‬أن الحال والقرينة يف الكالم ما‬
‫حينئذ‪ ،‬فإذا حدث لبس وجب أن‬‫ٍ‬ ‫يدل على ذلك‪ ،‬فيجوز أن تستعمل (يا) يف الندبة‬
‫تستعمل (وا)؛ ألهنا خاصة للندبة‪.‬‬
‫هذا ما ذكره ابن مالك ‪ ‬يف هذين البيتين‪ ،‬ثم إننا نقول إن النحويين‬
‫ٍ‬
‫حرف من هذه األحرف‪ ،‬ماذا ُينادى به؟ القريب أم‬ ‫‪ ‬قد اختلفوا يف كل‬
‫البعيد؟ وبعض النحويين زاد منزل ًة ثالثة وهو المنادى المتوسط‪ ،‬فبعضهم يجعل‬
‫ٍ‬
‫خالف طويل يف‬ ‫(أي) للنداء المنادى المتوسط‪ ،‬ليس البعيد وال القريب‪ ،‬على‬
‫ذلك‪.‬‬
‫حكما‪ ،‬وأن (يا)‬
‫ً‬ ‫وأرجح األقوال يف ذلك‪ :‬أن (الهمزة) لنداء القريب حقيق ًة أو‬
‫لنداء الجميع‪( ،‬يا) أم الباب ُينادى هبا الجميع‪ ،‬القريب والبعيد والمندوب‪ ،‬و (وا)‬
‫خاص ٌة لنداء المندوب‪ ،‬وبقية األحرف لنداء البعيد حقيق ًة أو ُح ً‬
‫كما‪ ،‬هذا أرجح‬
‫ٍ‬
‫حرف من هذه األحرف‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫خالف طويل يف كل‬ ‫األقوال مع‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪499h‬‬
‫‪g‬‬
‫وال اهد على حروف النداء َيرة جدا‪ ،‬نذكر بعضها فقط من باب (@ د‪:‬‬
‫‪ )49:58‬الدرس‪ ،‬فمن النداء بالهمزة‪ :‬قول امرؤ القيس‪:‬‬
‫ت َص ْر امي َف َلٌ ْج ام الي‬
‫ْت َقدْ أهْمع ا‬
‫َ ْ‬
‫وإا َّْ د ن ا‬ ‫لللَا ال َّعللللدَ ل اق‬ ‫أفللللا ا َُ َم ْ للللال َب ْعل َ‬
‫لللض َهل َ‬
‫وقول جرير‪:‬‬
‫أعبدا َّ‬
‫حق يف د َعبي غر ب ألؤما ا أبا لك واغعرابا‬
‫فامرؤ القيس نادى بالهمزة المعرفة (أفا ُ)‪ ،‬المعرفة العلم‪ ،‬وجرير نادى‬
‫بذلك النكرة المقصودة (أعبدا)‪.‬‬
‫ويف الحديث‪« :‬أ رب»‪ ،‬فنادى بـ (أي)‪.‬‬
‫وقال الشاعر‪:‬‬
‫بَُللللللاء حمامللللللاَ َل للللللن ه ا‬
‫للللللد در‬ ‫ألُ سمعي أ ْ عبدَ يف رونلق الالحى‬
‫د َّ َ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫د‬
‫وقال الشاعر‪:‬‬
‫لللللت َأم دأم سللللللالا اُ‬
‫وبللللللين النَ للللللا َأ َأنل ا‬
‫ََ َ‬ ‫لللين دج ا‬
‫الجللللق‬ ‫ا‬
‫َأ للللا َ ب َيلللل َة ال َ عسللللاء َبل َ‬
‫فنادى بـ (أيا)‪.‬‬
‫وكذلك قول الشاعرة‪:‬‬
‫علللى ابللن ر للف‬ ‫ٌنللك لللُ َلل‬ ‫أ لللا لللَر الخلللاب ر ملللا للللك م رقلللا‬
‫وقال الشاعر‪:‬‬
‫هيا أم عمرو هق لي الي م عند ُ‬
‫وقال اآلخر‪:‬‬
‫و لللللل دل مل ْ‬
‫لللللن فللللللرو هيللللللا ر ّبللللللا‬ ‫أَّ َ ُدللللل ََّ َحيللللل‬ ‫َف َ‬
‫ٌصلللللاخَ َ ْر دجللللل ْ‬
‫فهذه المسألة األولى يف هذا الباب‪ ،‬وهي بيان أحرف النداء‪.‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪500 h‬‬
‫ُ نع ق ابن مالك ‪ ‬إلى المسٌلة الَانية يف هَا الباب‪ ،‬وهي‪ :‬حُُ‬
‫حَف حرف النداء‪:‬‬
‫فيقول يف ذلك‪:‬‬
‫لللر َفا ْع َل َمللللا‬ ‫َجللللا دم ْسلللل َع َا َ َقللللدْ د َعل َّ‬ ‫لللللمر َو َمللللللا‬ ‫َو َغ ْيل د‬
‫لللللر دمنْللللللدد وب َو دم ْال َ‬
‫للللر َعا اة َللللل ْه‬
‫للللن َ ْمنَ ْعلللل ده َفان دْص ْ‬
‫للللق َو َم ْ‬ ‫َق َّ‬ ‫الم َ ا‬
‫للار َللل ْه‬ ‫اَ فاللي ْاسلل اُ ا‬
‫الَللنْس َو د‬ ‫َو َة َ‬
‫فذكر ابن مالك ‪ ‬يف هذين البيتين حذف حرف النداء‪ ،‬وأَّ لحَفه ال ة‬
‫أح ال‪:‬‬
‫الحالة ا ولى‪ :‬يمتنع حذفه‪ ،‬أي‪ :‬يجب ذكره‪.‬‬
‫قليال‪ ،‬األكثر واألفضل ذكره إال أن حذفه جائز‬
‫الحالة الَانية‪ :‬يجوز حذفه ً‬
‫قليال‪.‬‬
‫جوازا ً‬
‫ً‬
‫الحالة الَالَة‪ :‬جواز حذفه مطل ًقا‪.‬‬
‫فنبدأ بالحالة ا ولى‪ :‬منع حَفه‪:‬‬
‫فذكر ابن مالك ‪ ‬أنه ال ُي َ‬
‫حذف يف ثالثة مواضع‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫‪ ‬إذا كان المنادى مندو ًبا‪.‬‬
‫ضميرا‪.‬‬
‫ً‬ ‫مضمرا‪ ،‬أي‪:‬‬
‫ً‬ ‫‪ ‬أو‬
‫‪ ‬أو مستغا ًثا به‪.‬‬
‫قال‪َ ( :‬و َغ ْي در دمنْدد وب)‪ :‬هذا المنادى المندوب‪َ ( ،‬و دم ْا َمر)‪ :‬هذا المنادى إذا كان‬
‫ضميرا‪َ ( ،‬و َما َجا دم ْس َع َا َ )‪ :‬أي‪ :‬المنادى ُ‬
‫المستغاث به‪ ،‬ما غيرها فإن المنادى قد‬ ‫ً‬
‫عرى من حرف النداء‪.‬‬ ‫ُي َّ‬
‫ع ا ول‪ :‬إذا كان المنادى مندو ًبا‪ ،‬كقولك‪( :‬وازيداه)‪ ،‬فإنه ال يجوز أن‬ ‫فالم‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪501 h‬‬
‫‪g‬‬
‫تقول‪( :‬زيداه)؛ ألن المنادى مندوب‪ ،‬قالوا‪ :‬ألن النُّدبة كما سيأيت يف باب [النُّدبة]‬
‫ٍ‬
‫صوت عليه‪ ،‬فالنُّدبة تقتضي مد‬ ‫تفجع ومد‬‫تفجع عليه فيه ُّ‬
‫والم َّ‬
‫تقتضي مد الصوت‪ُ ،‬‬
‫الصوت‪ ،‬والحذف ينايف ذلك‪ ،‬فلم يجز‪.‬‬
‫ضميرا‪ ،‬نحو قولهم‪( :‬يا إياك قد‬
‫ً‬ ‫مضمرا أي‪:‬‬
‫ً‬ ‫والم ع الَاين‪ :‬إذا كان المنادى‬
‫ك ُِفيت)‪ ،‬ال يجوز أن يقال‪( :‬إياك قد كُفيِت) وأنت تعني النداء؛ ألن المنادى ضمير‪،‬‬
‫يفوت الداللة على النداء‬
‫قالوا‪ :‬ألن الحذف هنا (حذف حرف النداء) مع الضمير ِّ‬
‫ٍ‬
‫شيء آخر‪ ،‬كيف ذلك؟‬ ‫مع الضمير؛ ألن المعنى سيذهب إلى‬
‫ٍ‬
‫أمثلة قليلة جدً ا‪،‬‬ ‫قليل‪ ،‬بل قيل‪ :‬شا ٌذ‪ ،‬ولم ِ‬
‫يأت إال يف‬ ‫ذلك ألن نداء الضمير ٌ‬
‫قلة أو شذوذ‪،‬‬‫فالعرب ال تعرف ذلك‪ ،‬ليس معرو ًفا ومشهورا عندها ذلك إال على ٍ‬
‫ً‬
‫فلهذا ال يجوز أن تنادي الضمير ثم تحذفه‪ ،‬وتقول‪ :‬أنا قصدته‪ ،‬كيف نعرف أنك‬
‫أصال قليل أو شاذ؟!‬
‫قصدت شي ًئا هو يف اللغة ً‬
‫يجب أن ُيع َلم أن نداء الضمير ٌ‬
‫قليل أو شا ٌذ‪ ،‬وهو على قلته أو شذوذه يكون‬
‫على صورة المنصوب‪ ،‬فتقول‪( :‬يا إياك تعال)‪( ،‬يا َ‬
‫إياك اسكت)‪ ،‬ويكون على‬
‫إلي)‪ ،‬قال‬ ‫َ‬
‫صورة المرفوع‪ ،‬تقول‪( :‬يا أنت ما أحسن ما تقول)‪( ،‬يا أنت تعال ّ‬
‫الراجز‪:‬‬
‫ل لللت حلللين ج علللت‬ ‫أنلللت اللللَ‬ ‫لللللا أبَلللللر بلللللن أبَلللللر لللللا أنلللللت‬
‫والم ع الَالث لمنع حَف حرف النداء‪ :‬أن يكون المنادى مستغا ًثا به‪،‬‬
‫ٌ‬
‫مستغاث‬ ‫ٍ‬
‫لخالد)؛ ألن المنادى‬ ‫ٍ‬
‫(لزيد‬ ‫ٍ‬
‫لخالد) فال يجوز أن تقول‪:‬‬ ‫كقولك‪( :‬يا ٍ‬
‫لزيد‬
‫به‪.‬‬
‫فإذا عرفت ذلك من كالم ابن مالك ‪ ‬كما يف هذا البيت‪ ،‬فاعلم أن‬
‫أيضا حذف حرف النداء‪ ،‬انتهينا‬
‫أيضا ثالثة مواضع يمتنع فيها ً‬
‫النحويين يضيفون ً‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪502h‬‬
‫من ثالثة مواضع‪.‬‬
‫ع الرابع من م ا ع منع حَف النداء‪ :‬إذا كان المنادى‬ ‫إةا‪ :‬ن ل ا َّ الم‬
‫بعيدً ا‪ :‬فإن حذف حرف النداء ممتنع‪ ،‬والعلة هنا واضحة؛ ألن المراد عند نداء‬
‫البعيد مد الصوت لكي يسمعك وينتبه لك‪ ،‬وحذف حرف النداء ينايف ذلك‪.‬‬
‫ٍ‬
‫جنس‬ ‫ع الخامس من م ا ع منع حَف النداء‪ :‬إذا كان المنادى اسم‬ ‫الم‬
‫المع َّين‪ ،‬أي‪ :‬يريد‬
‫غير معين‪ ،‬اسم الجنس أي‪ :‬النكرة‪ ،‬لكن نقول‪ :‬اسم الجنس غير ُ‬
‫غافال‬
‫النكرة غير المقصودة‪ ،‬فإن حذف النداء معها ممتنع‪ ،‬كأن يقول الخطيب‪( :‬يا ً‬
‫رجال خذ بيدي) فهنا‬
‫اذكر اهلل)‪ ،‬هنا ال تحذف حرف النداء‪ ،‬أو كقول األعمى‪( :‬يا ً‬
‫ال ُي َ‬
‫حذف حرف النداء‪.‬‬
‫الم ع السادْ من م ا ع منع حَف النداء‪ :‬مع لفظ الجاللة (اهلل)‪ ،‬تقول‪:‬‬
‫(يا اهلل اغفر لي)‪ ،‬وال تقول‪( :‬اهلل اغفر لي)‪ ،‬وسيأيت كالم أوسع يف آخر ٍ‬
‫بيت من‬ ‫ٌ‬
‫صورا عند العرب‪.‬‬
‫ً‬ ‫هذا الباب على نداء لفظ الجاللة (اهلل)‪ ،‬وأن له‬
‫فهذه الحالة األولى من أحوال حذف حرف النداء وهي حالة االمتناع‪ ،‬هنا‬
‫يمتنع حذف حرف النداء‪.‬‬
‫الحالة الَانية لحَف حرف النداء‪ :‬هي حَفه قليال‪:‬‬
‫جواز حذفه إال أن هذا الحذف قليل‪ ،‬أي‪ :‬أن ذكره أكثر يف كالم العرب‪ ،‬فذكره‬
‫قليال‪ ،‬أي‪ :‬ال ُيك َثر منه‪ ،‬إذا ُأكثِر منه‬
‫جوازا ً‬
‫ً‬ ‫جائز‬
‫أفضل‪ ،‬إال أن حذفه جائز‪ ،‬لكنه ٌ‬
‫وخروجا من حد الصواب‪ ،‬لكن لو أتى به اإلنسان أو‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫إخالال بالفصاحة‬ ‫كان هذا‬
‫المتك ِّلم أو الكاتب ً‬
‫قليال فال بأس به‪.‬‬
‫عين‪:‬‬ ‫وةلك يف م‬
‫ع ا ول‪ :‬إذا كان المنادى اسم إشارة‪.‬‬ ‫الم‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪503h‬‬
‫‪g‬‬
‫والَاين‪ :‬إذا كان المنادى اسم جنس‪.‬‬
‫ويف هَا قال ابن مالك‪:‬‬
‫الم َ ا‬
‫ار َل ْه َق َّق‬ ‫اَ فاي ْاس اُ ا‬
‫الَنْس َو د‬ ‫َو َة َ‬

‫أي‪ :‬أن الحذف قليل مع اسم الجنس والمشار له أي اسم اإلشارة‪ ،‬فأسماء‬
‫اإلشارة نحو‪( :‬يا هذا تعال)‪ ،‬أفضل وأكثر من قولك‪( :‬هذا تعال) مع جوازه‪،‬‬
‫وقولك‪( :‬يا هؤالء اجتهدوا) أفضل وأكثر من قولك‪( :‬هؤالء اجتهدوا) مع جوازه‪.‬‬
‫وأما اسم الجنس‪ ،‬قلنا اسم الجنس هو النكرة‪ ،‬لكن هنا نريد النكرة‬
‫المقصودة؛ ألننا ذكرنا النكرة الغير المقصودة يف مواضع االمتناع‪ ،‬فيكون المراد‬
‫المرادة‪ ،‬فقولك‪( :‬يا ليل متى تنقضي) كلمة‬
‫هنا بالنكرة‪ :‬النكرة المقصودة المعينة ُ‬
‫(ليل) هذا اسم جنس نكرة‪( ،‬يا ليل متى تنقضي) أكثر وأفضل من قولك‪ُ :‬‬
‫(ليل متى‬
‫ُ‬
‫(رجل‬ ‫تنقضي) مع جوازه‪ ،‬وقولك‪( :‬يا ُ‬
‫رجل ما أشجعك) أفضل وأكثر من قولك‪:‬‬
‫ما أشجعك) مع جوازه‪.‬‬
‫فإذا عرفنا ذلك نذكر أن النحويين ‪ ‬اختلفوا يف هذه المسألة‪ ،‬أعني‬
‫(حذف حرف النداء إذا كان المنادى اسم إشارة أو اسم جنس) على ق لين‪:‬‬
‫ٍ‬
‫حينئذ يكون ممتن ًعا؛‬ ‫ال ل ا ول‪َ :‬منع حذف حرف النداء‪ ،‬قالوا‪ :‬إن حذفه‬
‫لقلة ما ورد من ذلك‪ ،‬فال نقيس عليه‪ ،‬وهذا قول جمهور البصريين‪.‬‬
‫قليال‪ ،‬وهذا‬
‫جوازا ً‬
‫ً‬ ‫ٍ‬
‫حينئذ قليل‪ ،‬أي‪ :‬يجوز‬ ‫وال ل الَاين يف المسٌلة‪ :‬أن حذفه‬
‫قول الكوفيين وطائفة من العلماء‪ ،‬وكما ترون اختاره ابن مالك ‪ ‬يف هذا‬
‫اَ فاي‬
‫البيت‪ ،‬إذ قال‪َ ( :‬و َم ْن َ ْمنَ ْع ده َفان دْص ْر َعا اة َل ْه) مع أنه نص أنه قليل‪ ،‬فقالوا‪َ ( :‬و َة َ‬
‫ار َل ْه َق َّق) أنه جائز قليل‪ ،‬لكن َمن يمنعه ( َفان دْص ْر َعا اة َل ْه) إشارة‬ ‫الم َ ا‬ ‫ْاس اُ ا‬
‫الَنْس َو د‬
‫إلى قول جمهور البصريين الذي اختار خالفه‪.‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪504 h‬‬
‫والراجح واهلل أعلُ‪ :‬هو قول الكوفيين الذي نصره ابن مالك هنا‪ ،‬وهو جواز‬
‫قليال؛ ألن الشواهد التي وردت على ذلك ذوات عدد‪.‬‬
‫الحذف ً‬

‫فمن حَف حرف النداء مع اسُ اإل ارة‪ :‬قوله ‪( :‬ﭡ ﭢ ﭣ‬


‫ﭤ ﭥ) [الب رة‪ ،]85:‬قالوا‪ :‬المعنى واهلل أعلم‪ :‬ثم أنتم تقتلون‬
‫أنفسكم‪ ،‬و(هؤالء) نداء‪ ،‬أي‪ :‬يا هؤالء أنتم تقتلون أنفسكم‪ ،‬ثم أنتم يا هؤالء‬
‫قول يف اآلية‪ ،‬ويف اآلية أ ٌ‬
‫قوال أخرى‪.‬‬ ‫تقتلون أنفسك‪ ،‬فهذا ٌ‬

‫ومن ذلك قول الشاعر‪:‬‬


‫الللرأْ لليبا إلللى الصللبا مللن سللبيق‬ ‫ةا‪ ،‬ارعلللل اء‪ ،‬فللللليس بعللللد ا للللععال‬
‫(ذا) أي‪ :‬يا هذا‪( ،‬ارعوا أن)‪ :‬يأمره‪ ،‬أي‪ :‬يا هذا‪ ،‬فنادى اسم اإلشارة وحذف‬
‫حرف النداء‪.‬‬
‫قول آخر‪:‬‬ ‫ومن ذلك ٌ‬
‫لن َعلا َد َ‬
‫اَ َمخْ دلَوا‬ ‫ا‬ ‫لُ َف لبا ا ُْ‬ ‫ا‬
‫َه ََا ا ْععَصل ُْ َ ْل َلق َم ْ‬ ‫إَّ ا و َلللى َو َص ل دف ا َق ل ْ مي َل د ل ْ‬
‫َّ‬
‫يقول‪ :‬إن األُولى وصفوا‪ ،‬الذين ُو ِصفوا بالقوة والشجاعة‪( ،‬قومي لهم)‪ :‬أي‪:‬‬
‫يتصدون لهم‪( ،‬هبم) فبقومي اعتصم يا هذا‪ ،‬تلق َمن عاداك مخذوال‪ ،‬فقال‪( :‬فبهم‬
‫يا ذا اعتصم) أي‪ :‬يا هذا اعتصم‪ ،‬فنادى اسم اإلشارة وحذف حرف النداء‪.‬‬
‫قالوا‪ :‬وعليه قول المتنبي‪:‬‬
‫لللت ومللللا َ لللل َف ا‬
‫د للللُ اان ََنَيل ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫يت نَسيسللللا‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َلللت َرسيسلللا‬ ‫لللرهَ َلنلللا َف د‬
‫َهلللَ َب َ‬
‫أي‪( :‬يا هذي) مع أن المتنبي كما تعرفون ال ُيحتَج بشعره؛ ألنه متأخر‪.‬‬
‫فهذه شواهد على حذف حرف النداء مع اسم اإلشارة‪ ،‬أما حذف حرف النداء‬
‫مع اسم الجنس أي‪ :‬النكرة المقصودة‪ ،‬فمن شواهد ذلك ما جاء يف الحديث يف‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪505h‬‬
‫‪g‬‬
‫قصة موسى ♠ عندما هرب الحجر بثوبه فقال‪( :‬ثوبي حجر) المعنى‪ :‬ثوبي‬
‫حجرا معينًا‪.‬‬
‫ً‬ ‫يا حجر‪ ،‬وكلمة (حجر) اسم جنس نكرة مقصودة؛ ألنه يقصد‬
‫ِ‬
‫(افتد‬ ‫ليل) أي‪ :‬أصبِح يا ليل‪ ،‬ومن ذلك قولك‪:‬‬
‫(أصبِح ُ‬
‫ومن ةلك ق ل العرب‪ْ :‬‬
‫مخلوق) أي‪ :‬افتدي يا مخلوق‪ ،‬ومن ذلك قولهم‪( :‬أطلِق كَرى) أي‪ :‬أطلِق يا‬
‫كَرى‪.‬‬
‫كرى إن النعام يف القرى)‪ ،‬كرى‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المثال األخير‪( :‬أطلق كَرى) تمامه‪( :‬أطلق َ‬
‫تفخيما كما‬
‫ً‬ ‫نوع من الطيور‪ ،‬ثم ُح ِذ َفت النون‬
‫يريدون الكروان‪ ،‬أطلِق يا كروان‪ٌ ،‬‬
‫سيأيت يف باب التفخيم‪ ،‬ثم ُح ِذ َفت األلف تب ًعا لحذف النون‪ ،‬ثم ُقلِ َبت الواو أل ًفا‪،‬‬
‫ِ‬
‫أشرف منه‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫لمن يتك َّبر وقد تواضع َمن هو‬ ‫مثال َ‬
‫ضرب ً‬ ‫فصارت‪( :‬أ ْطلق كَرى)‪ُ ،‬ي َ‬
‫(أطلِق كَرى إن النعام يف القرى)‪.‬‬
‫ع الَالث لحَف حرف النداء‪ :‬الجواز المطلق‪ ،‬فيما سوى الحالتين‬ ‫الم‬
‫جائز وهو كثير‪ ،‬كقولك‪( :‬يا محمد تعال)‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫السابقتين فإن حذف حرف النداء‬
‫(محمد تعال)‪ ،‬قال –تعالى‪( :-‬ﯬ ﯭ ﯮ ﯯﯰ ﯱ ﯲﯳ ﯴ‬
‫ﯵ ﯶ ﯷ) [ سف‪ ،]29:‬وقال‪( :‬ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ)‬
‫[الرحمن‪ ،]31:‬وقال‪( :‬ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵﯶ) [الدماَّ‪ ]18:‬أي‪ :‬يا عباد اهلل‪،‬‬
‫وكقوله‪( :‬ﭽ ﭾ ﭿ) [ا عراف‪ ]151:‬أي‪ :‬يا رب اغفر لي‪.‬‬
‫فهذا ما يتعلق بالمسألتين األوليين يف هذا الباب‪ ،‬ن ِ‬
‫ُكمل إن شاء اهلل يف الدرس‬
‫القادم‪.‬‬
‫واهلل أعلُ‪ ،‬وصلى اهلل وسلُ على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين‬

‫‪¹‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪506h‬‬

‫الدرس اخلامس والتسعون‬

‫بسُ اهلل الرحمن الرحيُ‪ ،‬الحمد هلل رب العالمين‪ ،‬والصالة والسالم على نبينا‬
‫محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين‪ ،‬أما بعد‪:‬‬
‫سالم اهلل عليكم ورحمته وبركاته‪ ،‬حياكم اهلل وبياكم يف هذه الليلة الطيبة؛ ليلة‬
‫اإلثنين الخامس عشر من شهر ذي القعدة من سنة ‪ 1433‬من هجرة المصطفى‬
‫‪ ،‬يف مدينة الرياض يف جامع الراجحي‪ ،‬نعقد بحمد اهلل وتوفيقه‬
‫الدرس الخامس والتسعين من دروس شرح ألفية ابن مالك –عليه رحمة اهلل‪.-‬‬
‫ويف ال درْ ا مير نا ُلمنا يف آمره على باب [النداء] بعد أَّ انع ينا من قبق‬
‫من أب اب الع ابع‪ ُ ،‬رعنا بعد ةلك يف باب [النداء]‪ ،‬و ُلمنا يف باب النداء على‬
‫مسٌلعين وهما‪:‬‬
‫‪ ‬أحرف النداء‪.‬‬
‫‪ ‬حُُ حَف أحرف النداء‪.‬‬
‫وكان ذلك يف أربعة أبيات من أبيات هذا الباب‪ ،‬ليبقى لنا من أبيات هذا الباب‬
‫ثمانية أبيات‪ ،‬نقرأها الليلة إن شاء اهلل‪ ،‬ونشرح منها ما تيسر‪ ،‬وفيها يقول ابن مالك‬
‫‪ ‬يف باب [النداء]‪:‬‬
‫لللَ فالللي ر ْف ا‬
‫عللله َقلللدْ دع ا لللدَ ا‬ ‫ع َللللى ا َّل ا‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫الم ْفل َ‬
‫لللر َدا‬ ‫د‬ ‫المنَللللا َد‬
‫ف د‬ ‫لللر َ‬
‫الم َعل َّ‬
‫َوا ْبللللن د‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪507h‬‬
‫‪g‬‬
‫ا‬
‫للللر اة بانَلللللاء دجلللللد َدا‬ ‫للللر دم َْل َ‬ ‫َول دي َْل َ‬ ‫لللق النلللدَ ا‬ ‫َوانْللل ا انْا َ‬
‫لللما َم َملللا َبنَللل ا َق ْب َ‬
‫اد َمللللل امالَ َفلللللا‬‫و ا لللللب ه ان اْصلللللب ع ا‬
‫ْ َ‬ ‫َْ د‬ ‫َ‬ ‫الم َالللللللا َفا‬
‫المنْ دُللللللل َر َو د‬ ‫الم ْفل َ‬
‫للللللر َد َ‬ ‫َو د‬
‫ا‬ ‫ا‬
‫للللن َسلللللع ْيد اَ َ ا ل ْ‬
‫للللن‬ ‫ن َْحللللل ا َأ َه ْ لللللدد ْبل َ‬ ‫للللُ َوا ْفللللع ََح َّن م ْ‬
‫للللن‬ ‫َون َْحلللل َ َه ْ للللد د َّ‬
‫للللُ َقلللللدْ دحعا َملللللا‬
‫للللن َع َلل ِ‬‫للللق اا ْبل َ‬ ‫َأو َ ل ا‬ ‫للللن َع َل َمللللا‬ ‫للللُ َ ا‬
‫للللق اا ْب د‬ ‫الاللللُ إا َّْ َل ْ‬
‫َو َّ‬
‫اق َ َ‬
‫لللللُ دبينَلللللا‬ ‫َّم َملللللا َلللللل ده ْاسلللللعا ْح َ ِ‬ ‫لب َمللا ا ْ للطا َرارا دن َنللا‬ ‫ا‬
‫َوا ْ ل دلم ُْ َأ او انْصل ْ‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫للللع َ للللا َو َأل‬ ‫ا‬
‫الَ َملللللللق‬‫لللللللع اهلل َو َم ْحُلللللللي د‬ ‫إاَ َم َ‬ ‫للللن َج ْم د‬ ‫َوباا ْ للللط َرار دم َّ‬
‫لللللُ فالللللي َقللللل ار اض‬ ‫لللللَ بلللللا ال َّل د َّ‬‫َو َ َّ‬ ‫للللللللُ باللللللللال َّع ْع ا ْ ض‬
‫َّ‬ ‫َوا َ ْ ََ د‬
‫للللللللر ال َّل د‬
‫يف هَه ا بياَ الَمانية الباقية من باب [النداء] عُلُ ابن مالك –عليه رحمة‬
‫اهلل‪ -‬على ما ب ي من مسائق هَا الباب العي ة رناها يف الدرْ السابق‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫‪ ‬حُُ المناد اإلعرابي‪.‬‬
‫‪ ‬حُُ المناد يف رورة ال عر‪.‬‬
‫‪ ‬نداء ما فيه (أل)‪.‬‬
‫فلهذا سيبدأ ابن مالك ‪ ‬ببيان المسألة األولى من هذه المسائل‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫حُُ المناد اإلعرابي‪ ،‬ويف ذلك يقول‪:‬‬
‫لللَ فالللي ر ْف ا‬
‫عللله َقلللدْ دع ا لللدَ ا‬ ‫ع َللللى ا َّل ا‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫الم ْفل َ‬
‫لللر َدا‬ ‫د‬ ‫المنَللللا َد‬
‫ف د‬ ‫لللر َ‬
‫الم َعل َّ‬
‫َوا ْبللللن د‬
‫ا‬
‫للللر اة بانَلللللاء دجلللللد َدا‬ ‫للللر دم َْل َ‬‫َول دي َْل َ‬ ‫لللق النلللدَ ا‬ ‫َوانْللل ا انْا َ‬
‫لللما َم َملللا َبنَللل ا َق ْب َ‬
‫اد َمللللل امالَ َفلللللا‬ ‫و ا لللللب ه ان اْصلللللب ع ا‬
‫ْ َ‬ ‫َْ د‬ ‫َ‬ ‫الم َالللللللا َفا‬
‫المنْ دُللللللل َر َو د‬ ‫الم ْفل َ‬
‫للللللر َد َ‬ ‫َو د‬
‫ا‬ ‫ا‬
‫للللن َسلللللع ْيد اَ َ ا ل ْ‬
‫للللن‬ ‫ن َْحللللل ا َأ َه ْ لللللدد ْبل َ‬ ‫للللُ َوا ْفللللع ََح َّن م ْ‬
‫للللن‬ ‫َون َْحلللل َ َه ْ للللد د َّ‬
‫للللُ َقلللللدْ دحعا َملللللا‬
‫للللن َع َلل ِ‬‫للللق اا ْبل َ‬ ‫َأو َ ل ا‬ ‫للللن َع َل َمللللا‬ ‫للللُ َ ا‬
‫للللق اا ْب د‬ ‫الاللللُ إا َّْ َل ْ‬
‫َو َّ‬
‫اق َ َ‬
‫لللللُ دبينَلللللا‬ ‫َّم َملللللا َلللللل ده ْاسلللللعا ْح َ ِ‬ ‫لب َمللا ا ْ للطا َرارا دن َنللا‬ ‫ا‬
‫َوا ْ ل دلم ُْ َأ او ا ْنصل ْ‬
‫كل هذه األبيات يف حكم المنادى اإلعرابي‪ ،‬يف البداية يجب أن نعرف أن‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪508h‬‬
‫دائما‬ ‫ٌ‬
‫مفعول به‪ ،‬فلذلك كان حكمه ً‬ ‫المنادى من المفعول به‪ ،‬المنادى يف حقيقته‬
‫ٌ‬
‫مفعول به لهذا‬ ‫النصب‪ ،‬فأنت تقول‪( :‬يا عبدَ اهلل) أي‪ :‬أنادي عبد اهلل‪ ،‬فـ (عبدَ اهلل)‬
‫الفعل المحذوف‪.‬‬
‫ٍ‬
‫محذوف‬ ‫ٌ‬
‫مفعول به لفع ٍل‬ ‫أو ُتقدِّ ر أدعو (عبد اهلل)‪ ،‬أو أريد عبد اهلل‪ ،‬فالمنادى‬
‫وجو ًبا يف أسلوب النداء‪ ،‬وحرف النداء يدل على هذا الفعل‪ ،‬فأصل الكالم أنك‬
‫لمن تخاطبه‪ ،‬تقول‪( :‬أناديك)‪ ،‬فقولك‪( :‬يا عبد اهلل) كقولك لعبد اهلل‬
‫مثال َ‬
‫تقول ً‬
‫ٌ‬
‫مفعول به كما أن‬ ‫(أناديك)‪ ،‬فـ (أناديك) و (عبد اهلل) سوا ٌء يف المعنى‪( ،‬عبد اهلل)‬
‫ٌ‬
‫مفعول به‪.‬‬ ‫الكاف يف (أناديك)‬
‫أسلوب خاص عند العرب فلهذا خصوه ببعض األحكام‪ ،‬وهي‬
‫ٌ‬ ‫إال إن النداء‬
‫التي يذكرها النحويون يف هذا الباب‪ ،‬ومن ذلك أهنم يجعلون المنادى مر ًة منصو ًبا‬
‫نحو‪( :‬يا عبد اهلل)‪ ،‬ويجعلونه مر ًة مبن ًيا على الضم نحو‪( :‬يا محمدُ )‪.‬‬
‫ومنصوب يف المحل ال‬
‫ٌ‬ ‫فالمنادى المنصوب نحو (يا عبد اهلل) أمره واضح‪،‬‬
‫منصوب يف المحل‬
‫ٌ‬ ‫دائما‪ ،‬فهو‬
‫مفعول به فحكمه النصب ً‬ ‫ٌ‬ ‫شك‪ ،‬قلنا‪ :‬منادى‬
‫منصوب إال أنه‬
‫ٌ‬ ‫أيضا‬
‫ومنصوب اللفظ‪ ،‬وأما المنادى المبني نحو‪( :‬يا محمدُ ) فهو ً‬
‫منصوب المحل دون اللفظ‪ ،‬منصوب المحل مبني اللفظ‪.‬‬
‫ُ‬
‫وقبل أن ندخل يف تفاصيل الكالم على إعراب المنادى‪ ،‬وأقسامه‪ ،‬وحكم كل‬
‫عرب المنادى؟‬ ‫قسم‪ ،‬نريد أن ن ِّ‬
‫ُلخص سري ًعا إعراب المنادى‪ ،‬كيف ُي َ‬
‫قبق أَّ ن رو الم ابن مالك رحا علميا فن ل‪ :‬المناد ن عاَّ‪:‬‬

‫ا ول‪ :‬أن ُتنادي ُمع َّينًا‪ ،‬وهذا ُ‬


‫المع َّين اسمه كلم ٌة واحدة‪ ،‬فهذا تبنيه على ما‬
‫شخصا ُمعينًا بعينه بذاته‪ ،‬واسمه كلم ٌة‬
‫ً‬ ‫ُير َفع به‪ ،‬نحو‪( :‬يا محمدُ ) فأنت تنادي‬
‫مريم)‪.‬‬
‫واحدة‪( ،‬يا هندُ )‪( ،‬يا ُ‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪509h‬‬
‫‪g‬‬
‫مثال أخطأ يف‬
‫رجال معينًا‪ ،‬رجل أمامك ً‬
‫رجل) وأنت تقصد ً‬ ‫و َلك ق لك‪( :‬يا ُ‬
‫رجل ِ‬
‫اتق اهلل)‪ ،‬فقولك‪( :‬يا ُ‬
‫رجل) تريد‬ ‫شيء معين‪ ،‬فأنت تخاطبه هو فتقول‪( :‬يا ُ‬‫ٍ‬
‫ٍ‬
‫بكلمة واحدة‪،‬‬ ‫معينًا أو تريد أي رجل؟ تريد معينًا‪ ،‬وهذا المعين أنت اآلن سميته‬
‫إذن‪ :‬تبنيه على ما ترفعه به (يا ُ‬
‫رجل)‪.‬‬
‫منتبها معك‪،‬‬
‫ً‬ ‫مثال وليس‬
‫وكذلك لو خاطبت طال ًبا معينًا‪ ،‬طالب يعبث بالقلم ً‬
‫طالب)‪.‬‬
‫ُ‬ ‫طالب) ألنك ال ترد أي طالب‪ ،‬تريد طال ًبا معينًا‪( ،‬يا‬
‫ُ‬ ‫فتقول له‪( :‬يا‬
‫ٍ‬
‫حينئذ طالب معينين‪ ،‬تريد أن‬ ‫ولو كنت تريد جميع الطالب فأنت تريد‬
‫تخاطب كل الطالب يف الفصل‪ ،‬فهنا معينون وإن كانوا جماعة‪ ،‬ولكنك تريد‬
‫طالب ال‬
‫ُ‬ ‫جماعة معينة‪ ،‬وكلمة (طالب) أي ًضا كلمة واحدة‪ ،‬فكيف تناديهم؟ (يا‬
‫أيضا يدخل يف هذا الحكم‪.‬‬
‫تنسوا الواجب)‪ً ،‬‬
‫شخصا اسمه‬
‫ً‬ ‫الَاين‪ :‬ما سوى ذلك‪ ،‬أي‪ :‬كأن تنادي غير مع َّين‪ ،‬أو أن تنادي‬
‫نصب بعالمات النصب‪،‬‬
‫يتكون من أكثر من كلمة‪ ،‬فهذا كله حكمه واحد وهو أنه ُي َ‬
‫َّ‬
‫تقول‪( :‬يا عبدَ اهلل)‪ ،‬المنادى (عبدَ اهلل)‪ ،‬ناديته بكلمتين‪ ،‬فلهذا تنصب (يا عبدَ )‬
‫مضاف إليه‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫منادى منصوب وهو مضاف ولفظ الجاللة‬
‫ِ‬
‫المدرسة)‪ ،‬أنت ال تنادي أي‬ ‫كيف تنادي حارس المدرسة؟ (يا حارس‬
‫حارس‪ ،‬تنادي حارس المدرسة‪ ،‬إذن‪ :‬ناديته بقولك (حارس المدرسة) كلمتان‪،‬‬
‫حارس) منادى منصوب وهو مضاف والمدرسة مضاف إليه‪.‬‬
‫َ‬ ‫إذن تنصب (يا‬
‫ِ‬
‫العلم) كذلك؛‬ ‫طالب‬
‫َ‬ ‫طالب العلم)‪ ،‬وطالب العلم كيف تناديهم؟ (يا‬ ‫َ‬ ‫(يا‬
‫ألنك ناديتهم بكلمتين‪( ،‬يا طال ًبا للحق) تنصب أم تبني؟ تنصب؛ ألنك ال تنادي‬
‫أي طالب‪ ،‬تنادي طال ًبا للحق‪ ،‬إذن‪ :‬ناديته بأكثر من كلمة‪ ،‬ناديته بكلمة (طال ًبا) أو‬
‫ناديته (طال ًبا للحق)؟ أكثر من كلمتين‪ ،‬كقولك (يا طال ًبا للحق) كقولك (يا‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪510 h‬‬
‫طالب) أنت تريد طالب‬
‫ُ‬ ‫طالب)‪ ،‬هذا نداء‪ ،‬و(يا طال ًبا للحق) نداء آخر‪ ،‬فـ (يا‬
‫شخصا آخر لكن ناديته بأكثر من كلمة‪ ،‬فلهذا‬
‫ً‬ ‫معين‪ ،‬أما (يا طال ًبا للحق) ناديت‬
‫تنصب (يا طال ًبا للحق)‪.‬‬
‫معرف‬
‫بما أنه أكثر من كلمة فهو ينتصب‪ ،‬حتى قولك‪( :‬يا عبدَ اهلل) هذا علم َّ‬
‫باإلضافة‪ ،‬ومع ذلك تنصبه‪ ،‬معرفة‪ ،‬شخص معين فتنصب‪.‬‬
‫قلنا‪ :‬إذا أردت نداء نكرة غير معين أو ناديته بأكثر من كلمة‪ ،‬فإنك تنصب على‬
‫كل حال‪( ،‬يا طال ًبا للحق) قد تقصد هبا معينًا إذا كنت تخاطبه‪ ،‬وقد تقصد غير‬
‫مثال‪ ،‬لكنه منصوب على كل حال‪.‬‬
‫معين إذا كنت خطي ًبا ً‬
‫(يا طال ًبا بغير فائدة) تنصبه؛ ألنك ناديت هذا الطالب الذي بغير فائدة‪ ،‬لو‬
‫رجال ُخذ بيدي) يريد أي رجل‪ ،‬نكرة‪ ،‬الواعظ عندما يقول‪( :‬يا‬
‫األعمى قال‪( :‬يا ً‬
‫حاجا احفظ حجك) يريد‬
‫غافال اذكر اهلل) أي‪ :‬أي غافل‪ ،‬خطيب عرفة قال‪( :‬يا ً‬
‫ً‬
‫اجا معينًا أو يريد هذه الكلمة تعم كل الحجاج؟ هذه نكرة‪ ،‬تشيع يف كل‬
‫ح ً‬
‫الحجاج‪.‬‬
‫يف حفل المدرسة يقول األستاذ أو المتكلم أو المدير‪( :‬يا طال ًبا اجتهد) يريد‬
‫طال ًبا معينًا أو أهنا نكرة تسير يف كل الجنس؟ هذه نكرة غير مقصودة ال يريد هبا‬
‫معينًا‪ ،‬فلهذا ينصب‪.‬‬
‫بعد أن قدمنا هبذه المقدمة نعود إلى كالم ابن مالك ‪ ‬ونشرحه‪ ،‬فابن‬
‫مالك ة ر أ اا أَّ المناد قسماَّ‪:‬‬
‫الم ْف َر َدا)‪ :‬أي‪:‬‬
‫د‬ ‫المنَا َد‬
‫ف د‬ ‫القسم األول‪ :‬أن يكون معرف ًة مفر ًدا ( َوا ْبن د‬
‫الم َع َّر َ‬
‫يكون معرف ًة مفر ًدا‪ ،‬ما المراد بالمعرفة‪ ،‬وما المراد بالمفرد؟‬
‫نبدأ بالمعرفة‪ :‬كل ٍ‬
‫اسم دل على مع َّين فهذه هي المعرفة‪ ،‬كما شرحنا ذلك من‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪511 h‬‬
‫‪g‬‬
‫قبل يف باب المعرفة والنكرة‪ ،‬وخالف المعرفة؛ النكرة وهي كل اسم دل على غير‬
‫معين‪ ،‬أو كما يقولون‪ :‬كل ٍ‬
‫اسم شاع يف جنسه‪ ،‬وسبق الكالم على المعرفة والنكرة‪،‬‬
‫وأَّ المعرفة سبع دة أقسام‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫‪ -‬الامير‪.‬‬
‫‪ -‬العلُ‪.‬‬
‫‪ -‬واسُ اإل ارة‪.‬‬
‫‪ -‬وااسُ الم ص ل‪.‬‬
‫والمعرف بل (أل)‪.‬‬
‫َّ‬ ‫‪-‬‬
‫والمعرف باإل افة‪.‬‬
‫َّ‬ ‫‪-‬‬
‫‪ -‬والنُرة الم ص دة‪.‬‬
‫هذه هي المعارف‪ ،‬ما سواها من األسماء نكرات‪ ،‬هذا هو المراد بالمعرفة‪.‬‬
‫وما المراد بالمفرد؟‬
‫المراد بالمفرد يف هذا الباب باب [النداء] خالف المضاف‪ ،‬وسبق أن ذكرنا‬
‫ال ة‬ ‫ونعيده اآلن؛ ألن هذا موضع ذكره‪ ،‬أن مصطلح المفرد له يف النح‬
‫اسععمااَ‪:‬‬
‫ٌ‬
‫(رجل)‬ ‫ااسععمال ا ول‪ :‬أن ُيراد به خالف المثنى والجمع‪ ،‬فـ (محمدٌ ) و‬
‫جمع وليس‬
‫ٌ‬ ‫مفرد‪ ،‬و (محمدان‪ ،‬رجالن) مثنى وليسا مفر ًدا‪( ،‬المحمدون‪ ،‬رجال)‬
‫مفر ًدا‪ ،‬هذا هو أشهر استعماالت المفرد‪.‬‬
‫ااسععمال الَاين‪ :‬أن ُيراد به خالف الجملة وشبه الجملة‪ ،‬الجملة االسمية‬
‫والفعلية‪ ،‬وشبه الجملة (الجار والمجرور‪ ،‬وظرف الزمان‪ ،‬وظرف المكان)‪ ،‬ما‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪512h‬‬
‫أيضا ُيراد بالمفرد‪ ،‬فـ (محمد) على هذا االصطالح‬
‫سوى الجملة وشبه الجملة ً‬
‫مفرد‪( ،‬محمدان) مفرد؛ ألنه ليس جملة وال شبه جملة‪ ،‬و (المحمدون) مفرد‪ ،‬و‬
‫ٌ‬
‫ألفاظ مفردة‪.‬‬ ‫(قام) مفرد‪ ،‬و (قد) مفرد‪ ،‬هذه كلها‬
‫وقولك‪( :‬ذهب محمد) أو (محمدٌ ذهب) هذه جملتان‪ ،‬وليستا مفر ًدا‪،‬‬
‫وقولك‪( :‬يف الدار) أو (فوق الدار) هذه شبه جملة وليس مفر ًدا‪.‬‬
‫ااسععمال الَالث للمفرد‪ :‬أن ُيراد به خالف المضاف والشبيه بالمضاف‪،‬‬
‫والمضاف سبق شرحه يف باب [اإلضافة]‪ ،‬والشبيه بالمضاف سيأيت شرحه‪ ،‬فـ‬
‫(محمد‪ ،‬محمدان‪ ،‬محمدون) مفرد على هذا االستعمال؛ ألهنا ليست مضاف ًة وال‬
‫شبيه ًة بالمضاف‪( ،‬رجل‪ ،‬رجالن‪ ،‬رجال) كذلك‪.‬‬
‫مزجي على هذا االصطالح مفرد؛ ألنه ليس‬ ‫ٌ‬ ‫مركب‬
‫ٌ‬ ‫و (معدي كرب) هذا‬
‫مركب مزجي‪ ،‬والمركب المزجي يجعل‬ ‫ٌ‬ ‫شبيها بالمضاف‪ ،‬هذا‬
‫ً‬ ‫مضا ًفا‪ ،‬وال‬
‫اسما واحدً ا‪ ،‬أما المضاف والمضاف إليه فاإلضافة تجعل االسم ْين يف‬
‫االسم ْين ً‬
‫شيء واحد‪ ،‬أما المركب المزجي فيجعل‬‫ٍ‬ ‫حكم االسم الواحد؛ ألهنما يدالن على‬
‫مركب مزجي مفرد‪ ،‬كلها مفردات وليست‬
‫ٌ‬ ‫اسما واحدً ا‪( ،‬حضر موت) هذا‬
‫اسم ْين ً‬
‫مضافات‪.‬‬
‫علما) هذا‬
‫(طالب ً‬
‫ٌ‬ ‫(طالب ٍ‬
‫علم)؛ فمضافان وليسا مفرد ْين‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫(رجل ٍ‬
‫خير)‬ ‫ٌ‬ ‫أما‬
‫(طالب للعلم) شبي ٌه بالمضاف وليس مفر ًدا‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫شبي ٌه بالمضاف‪،‬‬
‫واالستعمال األخير‪ :‬وهو أن ُيراد بالمفرد خالف المضاف والشبيه بالمضاف‬
‫وأيضا يف ٍ‬
‫باب آخر من أبواب النحو وهو‬ ‫هو المقصود يف هذا الباب [باب النداء]‪ً ،‬‬
‫باب [ال النافية للجنس]‪ ،‬ال النافية للجنس ما حُُ اسم ا؟‬
‫شبيها‬
‫ً‬ ‫إذا كان مفر ًدا ُيبنى على الفتح (ال َ‬
‫رجل يف البيت)‪ ،‬وإذا كان مضا ًفا أو‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪513h‬‬
‫‪g‬‬
‫نصب (ال طالب ٍ‬
‫علم مذموم)‪( ،‬ال محمو ًدا فعله مذموم)‪ُ ،‬يراد به هذا‬ ‫بالمضاف ُي َ‬
‫االستعمال‪.‬‬
‫المعرف المفرد‪ ،‬ما حُُ هَا ال سُ؟ حُمه‪ :‬أنه‬
‫َّ‬ ‫ف َا ال سُ ا ول‪ ،‬المناد‬
‫معرب‪ُ ،‬يبنى على مثل‬
‫مبني ال َ‬ ‫َ‬
‫ُيبنى على ما ُيرفع به‪ ،‬أي‪ُ :‬يعامل كالمبنيات‪ٌ ،‬‬
‫عالمات الرفع‪ ،‬أي‪ُ :‬يبنى على الضم واأللف والواو‪ُ ،‬يبنى على الضم ولم نقل‬
‫الضمة‪ ،‬لماذا؟ إذا كانت عالم ًة للرفع يف المعرب ُسم َّيت ضمةً‪ ،‬والذي يماثلها يف‬
‫(حيث‪ُ ،‬‬
‫منذ) نسميها ضم‪ ،‬وهذا سبق يف باب المعرب والمبني يف‬ ‫ُ‬ ‫المبني ك‬
‫مصطلحات المعرب ومصطلحات المبني‪.‬‬
‫قلنا‪ :‬د بنى على ما د رفع به‪ ،‬أ ‪ :‬على مثل عالمات الرفع‪ ،‬أي‪ :‬الضم واأللف‬
‫والواو‪ ،‬بقي عالمة من عالمات الرفع لم يذكرها وهي‪ :‬ثبوت النون‪ ،‬ولم يذكرها‬
‫هنا؛ ألن ثبوت النون إنما يكون عالم ًة يف الفعل المضارع إذا كان من األفعال‬
‫خاص باألسماء‪ ،‬فلهذا ال حاجة‬
‫ٌ‬ ‫الخمسة‪ ،‬ونحن اآلن يف باب [النداء]‪ ،‬والنداء‬
‫لذكر هذه العالمة‪.‬‬
‫الم ْف َر َدا)‪ ،‬فهذا القسم‬
‫د‬ ‫المنَا َد‬
‫ف د‬ ‫الم َع َّر َ‬
‫ويف هذا قال ابن مالك ‪َ ( :‬وا ْبن د‬
‫عه َقدْ دع ا دَ )‪ :‬أي‪ :‬على مثل‬ ‫األول‪ :‬المعرفة المفرد‪ ،‬حكمه‪( :‬ع َلى ا َّل اَ فاي ر ْف ا‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫عالمات الرفع‪.‬‬
‫بعد ذلك نريد أن نط ِّبق الحكم الذي عرفناه لهذا القسم على كل المعارف‬
‫السبعة التي ذكرناها قبل قليل‪ ،‬ودرسناها بالتفصيل يف باب المعرفة والنكرة‪:‬‬
‫نبدأ بال َع َلُ‪ :‬ال َع َلم متى يدخل يف هذا القسم؟ يدخل يف هذا القسم إذا كان‬
‫مفر ًدا؛ ألن العلم قد يكون مفر ًدا (محمد) وقد يكون غير مفرد (عبد اهلل)‪ ،‬نحو‪( :‬يا‬
‫إبراهيم) هذه أجزاء من آيات‪.‬‬
‫ُ‬ ‫نوح‪ ،‬يا‬
‫مريم‪ ،‬يا ُ‬
‫محمدُ ‪ ،‬يا ُ‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪514 h‬‬
‫اهلل) لفظ الجاللة َع َلم‪ ،‬كما قررنا ذلك يف باب [العلم]‪ ،‬و(أل)‬
‫ومن ةلك‪( :‬يا ُ‬
‫معرف بال َع َلمية ألنه يدخل يف تعريف الع َلم‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫فيه زائدة‪ ،‬لكنها زائد ٌة الزمة‪ ،‬فهو‬
‫مبني على الضم يف محل‬ ‫عرب كما ُت ِ‬
‫اهلل) منادى ٌ‬
‫عرب (محمدُ )‪ ،‬فتقول‪( :‬يا ُ‬ ‫فلهذا ُي َ‬
‫نصب‪.‬‬
‫(الله َّم) ما أصلها؟‬
‫(اللهم) كما سنعرف يف آخر باب [النداء]‪ُ ،‬‬
‫ُ‬ ‫ومن هَا أ اا‪:‬‬
‫(الله َّم)‪ ،‬الهاء بقيت‬
‫ُ‬ ‫(يا اهلل) حذفنا حرف النداء (يا) وعوضنا عنه بـميم مشددة‬
‫مبني على‬ ‫الله َّم)‪ ،‬كيف ن ِ‬
‫(اهلل) منادى ٌ‬ ‫(الله َّم)؟ نقول‪ُ :‬‬
‫ُ‬ ‫ُعرب‬ ‫اهلل‪ُ ،‬‬
‫على ضمتها (يا ُ‬
‫مبني على الفتح ال محل له من‬ ‫ٍ‬
‫حرف تعويض ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫الضم يف محل نصب‪ ،‬والميم‪:‬‬
‫اإلعراب‪.‬‬

‫ومن ةلك أ اا – أ ‪ :‬من ال َع َلم المفرد‪( :-‬يا موسى‪ ،‬يا رامي) (ﮐ ﮑ‬


‫مبني على الضم‬ ‫ﮒ ﮓﮔ) [ال صن‪ ]31:‬فيكون إعراب (يا موسى) منادى ٌ‬
‫المقدَّ ر منع من ظهوره التعذر يف محل نصب‪( ،‬يا رامي‪ ،‬سامي‪ ،‬هادي) تناديه‬ ‫ُ‬
‫المقدَّ ر منع من ظهوره ال ِّثقل يف‬
‫فتقول‪( :‬يا رامي تعال) منادى مبني على الضم ُ‬
‫محل نصب‪.‬‬
‫ومن ال َع َلُ المفرد‪:‬‬
‫شبيها‬
‫ً‬ ‫لم مفر ُد على هذا االصطالح؛ ألنه ليس مضا ًفا وال‬ ‫(سيبويه) فهو َع ٌ‬
‫مبني على الكسر‪،‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫رحمك اهلل)؛ ألنه َعل ٌم ٌ‬ ‫سيبويه‬ ‫بالمضاف‪ ،‬فكيف تناديه؟ (يا‬
‫واالسم المبني ال يتأثر باإلعراب‪.‬‬
‫كيف نُعرب (يا سيبويه)؟ حرف النداء إعراهبا سبق من قبل نتذكره اآلن‪ ،‬يا‪:‬‬
‫مبني على‬ ‫حرف نداء مبني على السكون ال محل له من اإلعراب‪ ،‬سيبويه‪ٍ :‬‬
‫مناد‬
‫ٌ‬
‫المقدَّ ر منع من ظهوره حركة البناء األصلي (الكسر)‪ ،‬كذا يقال يف إعرابه‪،‬‬
‫الضم ُ‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪515h‬‬
‫‪g‬‬
‫وسينص عليه ابن مالك يف البيت التالي‪ ،‬ثم يقال يف محل نصب‪.‬‬
‫ومن المعارف‪ :‬اسُ اإل ارة‪:‬‬
‫متى تدخل يف هذا القسم من المنادى؟ كلها تدخل هنا؛ ألهنا ال ُتضاف كما‬
‫ذكرنا ذلك يف باب اإلضافة‪ ،‬قلنا‪ :‬أسماء اإلشارة ال ُتضاف‪ ،‬إذن‪ :‬فهي ً‬
‫دائما لفظها‬
‫مفرد ال ُيضاف إلى ما بعده‪.‬‬
‫تقول‪( :‬يا هذا ما أجمل كالمك)‪( ،‬يا هؤالء ال تنسوا الموعد)‪ ،‬كيف نُعرب (يا‬
‫مبني‬ ‫ٍ‬
‫هذا)؟ يا‪ :‬حرف نداء ال محل له من اإلعراب مبني على السكون‪ ،‬هذا‪ :‬مناد ٌ‬
‫على الضم المقدر منع من ظهوره السكون الذي ُبن َيت عليه الكلمة‪( ،‬يا هؤالء)‪:‬‬
‫منا ًد مبني على الضم المقدَّ ر منع من ظهوره حركة البناء وهي (الكسر)‪.‬‬
‫مبني على األلف–هذه‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫مشارا إليهما فتقول‪( :‬يا هذان اجلسا)‪ ،‬هذان‪ :‬مناد ٌ‬
‫ً‬ ‫ناد‬
‫الحركة الذي ُيبنى عليه ظاهر‪ ،-‬ألننا قلنا أنه ُيبنى على ما ُير َفع به‪ ،‬فهو كالمثنى‪،‬‬
‫المثنى ير َفع باأللف إذا كان معربا‪ ،‬وإذا كان مبنيا يبنى على األلف‪ ،‬فنقول‪ٍ :‬‬
‫مناد‬ ‫ً ُ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫مبني على األلف يف محل نصب‪ ،‬ومثله (يا هاتان)‪.‬‬ ‫ٌ‬
‫ومن المعارف‪ :‬الامير‪:‬‬
‫والضمير كله يدخل هنا؛ ألنه ال ُيضاف كما ذكرنا ذلك يف باب اإلضافة‪ ،‬إال أن‬
‫نداء الضمير قليل‪ ،‬العرب ال تنادي الضمير إال على قلة‪ ،‬ومع قلته فأكثر ما ُس ِمع‬
‫ضمائر النصب‪ ،‬إذا أرادوا أن ينادوا الضمير فإهنم ينادون بضمائر النصب‪.‬‬
‫شخصا أمامي بالضمير‪ ،‬واألصل أن تناديه باسمه أو‬
‫ً‬ ‫فإذا أردت أن أنادي‬
‫قائم)‪ ،‬هذا األصل‪ ،‬لكن‬
‫طالب‪ ،‬يا ُ‬
‫ُ‬ ‫بصفته فتقول‪( :‬يا محمدُ )‪ ،‬أو بصفته فتقول‪( :‬يا‬
‫قليال فإذا نادوا ينادوا بضمائر النصب‬
‫نداءه بالضمير هذا قليل‪ ،‬لم تفعله العرب إال ً‬
‫مثل‪( :‬يا إياك اجلس‪ ،‬يا إياك تعال)‪.‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪516h‬‬
‫ومن كالمهم القليل يف ذلك قولهم‪( :‬يا َ‬
‫إياك قد كُفيت)‪ ،‬دخل اثنان على بعض‬
‫ال ملوك فتكلم أحدهما‪ ،‬ثم أراد اآلخر أن يتكلم فقال له األول‪( :‬يا إياك قد‬
‫ُفيت)‪ ،‬وعلى ذلك تقول‪( :‬يا إياكم ال تلعبوا)‪( ،‬يا ِ‬
‫إياك تعالي)‪.‬‬ ‫ك َ‬
‫وهذا قليل‪ ،‬ينبغي َّأال تستعمله وإال تنادي كما تنادي العرب يف األكثر‪ ،‬تنادي‬
‫مثال إنسان شاعر استعمل ذلك مر ًة أو‬ ‫باالسم أو الصفة‪ ،‬لكن لو ُف ِعل هذا ً‬
‫قليال‪ً ،‬‬
‫مرتين ال يدخل يف حد الخطأ‪ ،‬أو أنه أ َّلف كتا ًبا يف مائة صفحة واستعملها مر ًة أو‬
‫حينئذ أخطأت؛ ألنك‬‫ٍ‬ ‫مرتين ال يدخل يف حد الخطأ‪ ،‬لكن لو أكثر نقول‪ :‬ال‪،‬‬
‫كثيرا فأخطأت‪،‬‬
‫قليال وأنت عملته ً‬
‫خالفت العرب‪ ،‬العرب لم تعمل ذلك إال ً‬
‫فاألفضل َّأال تستعمله‪ ،‬وإن استعملته فال تتجاوز به القلة‪.‬‬
‫قلنا‪ :‬ما أكثر ما نادت العرب الضمير بضمائر النصب‪ ،‬هذا قليل‪ ،‬وندَ ر نداء‬
‫أنت تعال‪ ،‬يا‬
‫الضمير بضمائر الرفع‪ ،‬فكيف ينادونه بضمائر الرفع؟ يقولون‪( :‬يا َ‬
‫أنتم انتبهوا) ومن ذلك قول األحوص‪:‬‬
‫للللت عللللا َم جععللللا‬
‫ل َ‬ ‫أنللللت ا َّلللللَ‬
‫َ‬ ‫لللن أبَللللر للللا أنعللللا‬
‫لللر للللا ابل َ‬
‫للللا أبَل د‬
‫قد أحسن اهلل وقد أسٌَ‬
‫عرف بل (أل)‪:‬‬
‫والم َّ‬
‫من المعارف أ اا‪ :‬ا سماء الم ص لة‪ ،‬د‬
‫وهذان ال يناديان مباشرةً؛ ألن فيهما (أل)‪ ،‬وسيأيت الكالم على حكم نداء ما‬
‫فيه (أل) يف آخر هذا الباب‪ ،‬وسنذكر ذلك إن شاء اهلل يف حينه‪.‬‬
‫من المعارف‪ :‬النُرة الم ص دة‪:‬‬
‫مثال أنت واقف‬
‫حاجا ً‬
‫لمعين‪ ،‬لو رأيت ً‬
‫حاج) ُ‬ ‫كأن تقول‪( :‬يا ُ‬
‫رجل) لمعين‪( ،‬يا ُ‬
‫حاج تفضل‪ ،‬يا‬ ‫حاجا ً‬
‫عطشا‪ ،‬ماذا تقول له؟ (يا ُ‬ ‫على باب الخيمة أو المخيم ورأيت ً‬
‫حاجا تفضل) لدخل‬
‫حاج اشرب ما ًءا) تخاطب هذا الحاج‪ ،‬ولو أنك قلت‪( :‬يا ً‬
‫ُ‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪517h‬‬
‫‪g‬‬
‫حاجا) أي‪ :‬أنك أشعت النداء‪.‬‬ ‫ِ‬
‫أهل منى كلهم؛ ألنك ناديتهم‪( ،‬يا ً‬
‫مهندسا‬
‫ً‬ ‫مهندس أصلِح سياريت) تخاطب‬
‫ُ‬ ‫طالب) لمعين‪ ،‬أو (يا‬
‫ُ‬ ‫أو تقول‪( :‬يا‬
‫طبيب ما عالجي؟) تخاطب طبي ًبا معينًا‪ ،‬وهكذا‪.‬‬
‫ُ‬ ‫معينًا‪ ،‬أو (يا‬
‫اصطالح فقط؛ ألن أصله النكرة‪ ،‬وتعريفه إنما حدث‬
‫ٌ‬ ‫وتسمية هذا نكر ًة‬
‫بالنداء‪ ،‬كل معرفة لها سبب لتعريفها‪( ،‬الطالب) التعريف بسبب (أل)‪( ،‬طالب‬
‫العلم) التعريف بسبب اإلضافة‪ ،‬أسماء اإلشارة التعريف بسبب الحضور‪ ،‬األسماء‬
‫الموصولة التعريف بصلتها‪ ،‬وهكذا‪.‬‬
‫أما النكرة المقصودة وهي التي ال تكون إال يف النداء‪ ،‬فتعريفها حدث بندائها؛‬
‫ألنك تنادي معينًا‪ ،‬فحدث بذلك التعريف‪ ،‬وإال فإهنا من المعارف اتفا ًقا‪ ،‬لم‬
‫يخالف يف ذلك أحدٌ من النحويين‪.‬‬
‫الهم‬
‫هما معينًا وهو ُّ‬
‫هم اذهب عني) يريد ً‬
‫ومن النُرة الم ص دة‪ :‬أن تقول‪( :‬يا ُّ‬
‫ِ‬
‫وقتك)‪ ،‬ومنه أن تقول‪( :‬يا رجالن‪ ،‬يا مهندسان‪ ،‬يا‬ ‫الذي ركبه‪( ،‬يا حسر ُة هذا‬
‫طبيبان) لمعين ْين‪ ،‬ومنه أن تقول‪( :‬يا طال ُب‪ ،‬يا ُ‬
‫عمال‪ ،‬يا مهندسون) لمعينين‪.‬‬
‫ومنه أن تقول‪( :‬يا مسلمون‪ ،‬يا مؤمنون‪ ،‬يا متسابقون) وأنت تريد جميع‬
‫هؤالء‪ ،‬جميع َمن يتصف هبذه الصفة‪ ،‬كأن تقول‪( :‬يا مسلمون اتحدوا) أنت ال‬
‫تريد مجموعة أو مجموعات معينة منهم‪ ،‬وإنما تريدهم كلهم‪ ،‬إذن‪ :‬تريد مجموعة‬
‫معينة‪ ،‬وإن كانت مجموعة كبيرة‪ ،‬ولكنك تريد مجموعة معينة‪ ،‬ال تريد مجموعة‬
‫فقط أي‪ :‬مجموع ًة منهم‪ ،‬الكالم لم يتجه إلى مجموعة منهم أو مجموعات منهم‪،‬‬
‫ال‪ ،‬أنت تريدهم كلهم‪ ،‬إذن‪ :‬فالمنادى معروف عندك‪ ،‬معين‪.‬‬
‫(يا مؤمنون اتقوا اهلل)‪( ،‬يا متسابقون استعدوا) فأنت تريد أناس معينين‪ ،‬فلهذا‬
‫هؤالء معينون‪ ،‬سـتأيت موازنة بين النكرة المقصودة وغير المقصودة عندما نصل‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪518h‬‬
‫إلى النكرة غير المقصودة‪.‬‬
‫عرف باإل افة‪:‬‬
‫الم َّ‬
‫المعرفة السابعة‪ :‬د‬
‫وهذا ال يدخل هنا؛ ألنه مضاف‪ ،‬وشرط هذا القسم اإلفراد‪.‬‬
‫بعد ذلك ذكر ابن مالك ‪ ‬مسأل ًة تتعلق هبذا القسم من المنادى‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫َوا ْن ا ان اْا َما َم َما َب َن ا َق ْب َق الندَ ا َول دي َْ َر دم َْ َر اة بانَاء دجد َدا‬
‫عرف إذا كان مبن ًيا قبل النداء نحو‪( :‬يا سيبويه‪ ،‬يا هذا)‬ ‫الم َّ‬
‫هذا يعني أن المفرد ُ‬
‫فإنك ُتقدِّ ر عليه حركة بناء النداء ( َوا ْن ا ان اْا َما َم َما َب َن ا َق ْب َق الندَ ا) إذا ناديت كلم ًة‬
‫مبنية قبل النداء‪ ،‬فتُقدِّ ر عليها حركة بناء النداء فتجعلها حرك ًة مقدرةً‪ ،‬هذه حركة‬
‫البناء للنداء وهي الضم تجعلها مقدرة‪ ،‬منعها من الظهور حركة البناء األصلي‪.‬‬
‫كما قلنا‪( :‬يا سيبويه)‪ :‬فهو مبني على الضم المقدر منع من ظهوره البناء‬
‫األصلي‪ ،‬حركة البناء األصلي وهي الكسر‪ ،‬وكذلك (يا هذا) مبني على الضم‪،‬‬
‫لكن منع من ظهور الضم السكون الذي ُبن َيت عليه الكلمة‪.‬‬
‫ُ بعد ةلك ة ر ابن مالك ‪ ‬ال سُ الَاين من المناد ‪ ،‬ف ال‪:‬‬
‫اد َمللللل امالَ َفلللللا‬
‫و ا لللللب ه ان اْصلللللب ع ا‬
‫ْ َ‬ ‫َْ د‬ ‫َ‬ ‫الم َالللللللا َفا‬
‫المنْ دُللللللل َر َو د‬ ‫الم ْفل َ‬
‫للللللر َد َ‬ ‫َو د‬
‫أي‪ :‬أن المنادى إذا لم يكن معرفة بل كان نكر ًة مقصودة‪ ،‬وإذا لم يكن مفر ًدا‬
‫ب) أي‪ :‬أنه‬ ‫ا‬ ‫بل كان مضا ًفا أو‬
‫شبيها بالمضاف؛ فإن حكمه النصب‪ ،‬قال‪( :‬انْص ْ‬ ‫ً‬
‫ب)‪ ،‬ولو قال‪( :‬افتح) لكان معنى‬ ‫ا‬
‫المعربات‪ ،‬قال‪( :‬انْص ْ‬
‫عرب؛ ألنه ع َّبر بمصطلح ُ‬
‫ُم َ‬
‫ب) فحكمه النصب بعالمات النصب‬ ‫ا‬
‫مبني على الفتح‪ ،‬ولكن قال‪( :‬انْص ْ‬
‫ذلك أنه ٌ‬
‫أيضا حذف النون ولكنه‬ ‫المختلفة‪ ،‬وهي‪ :‬الفتحة واأللف والياء والكسرة‪ ،‬وهناك ً‬
‫يف الفعل المضارع إذا كان من األفعال الخمسة‪ ،‬وهذا ال ُيتصور هنا؛ ألن النداء‬
‫خاص باألسماء‪.‬‬
‫ٌ‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪519h‬‬
‫‪g‬‬
‫وعند فصيق ما دمق يف هَا ال سُ نَده ال ة أ ياء ما ة رها ابن مالك يف‬
‫البيت‪:‬‬

‫الم ْف َر َد َ‬
‫المنْ دُ َر)‪ :‬أي‪ :‬النكرة المقصودة‪،‬‬ ‫ا ول‪ :‬النكرة المقصودة‪ ،‬قال‪َ ( :‬و د‬
‫غافال اذكر اهلل)‪،‬‬
‫رجال خذ بيدي)‪( ،‬يا ً‬‫م َّثلنا لذلك قبل قليل أن يقول األعمى‪( :‬يا ً‬
‫حاجا احفظ حجك) هذا من خطيب عرفة‪( ،‬يا طال ًبا اجتهد) يف حفلة الطالب‪.‬‬
‫(يا ً‬
‫ما رأيكم لو قال األعمى‪( :‬يا رجل ْين خذا بيدي)؟ نكرة غير مقصودة‪ ،‬فإذن‬
‫ينصب بالياء‪ ،‬لكنك لو كنت تخاطب رجل ْين معين ْين لكنت تقول‪( :‬يا رجلين اتقيا‬
‫رجال خذوا بيدي)‪ ،‬نكر ًة غير مقصودة‪ ،‬لو قال‬
‫ً‬ ‫اهلل)‪ ،‬ولو قال هذا األعمى‪( :‬يا‬
‫األعمى‪( :‬يا مسلمين خذوا بيدي) نكرة غير مقصودة‪ ،‬غير مقصودة‪ :‬أي جماعة‬
‫من المسلمين‪ ،‬نكرة مقصودة‪ :‬كل المسلمين‪.‬‬

‫‪ ‬موازنة بني النكرة املقصودة وغري املقصودة‪:‬‬


‫طالب ارفع هذا) أريد طال ًبا معينًا‪( ،‬يا طال ًبا ارفع هذا) أريد أي‬
‫ُ‬ ‫قلت‪( :‬يا‬
‫إذا ُ‬
‫طالب يقوم ويرفع هذا فهي نكرة غير مقصودة‪.‬‬
‫طالب ارفعوا هذا) فهي نكرة مقصودة أي‪ :‬أريدهم كلهم يقومون‬
‫ُ‬ ‫لو قلت‪( :‬يا‬
‫ويرفعون هذا‪ ،‬إذا قلت‪( :‬يا طال ًبا ارفعوا هذا) فهي نكرة غير مقصودة‪ ،‬أي‪ :‬أي‬
‫طالب منهم يقومون ويرفعون هذا‪.‬‬
‫دائما نكرة مقصودة أو غير مقصودة‪ ،‬حسب‬ ‫مثال (مسلمون) ليس ً‬ ‫لهذا ً‬
‫المعنى‪ ،‬إذا أردت جميع المسلمين فهي مقصودة (يا مسلمون اتحدوا‪ ،‬يا مسلمون‬
‫اتقوا اهلل ‪ ،‬يا مسلمون تمسكوا باإلسالم) فإنك تريد كل المسلمين‪ ،‬لكن لو أردت‬
‫جماعة منهم يعملون هذا األمر‪.‬‬
‫ر د إ فاء حر ق فعناد ُ فع ل‪( :‬يا مسلمون اطفأوا الحريق)؟ تنادي كل‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪520h‬‬
‫المسلمين يف العالم ليطفئوا الحريق أو تريد أي جماعة منهم يأتون ويطفئوا هذا‬
‫الحريق‪ ،‬فتقول‪( :‬يا مسلمين أطفئوا الحريق)‪ ،‬أي جماعة منكم تأيت وتكفي وتقوم‬
‫بالغرض‪ ،‬ألنك ال تخاطب اآلن كل المسلمين‪ ،‬معين‪ :‬تبني‪ ،‬غير معين‪ :‬تنصب‪.‬‬
‫ومن شواهد النكرة الغير مقصودة‪ ،‬قول مالك بن الريب المازين‪:‬‬
‫بنلللللي ملللللاهَّ والر لللللب أا القيلللللا‬ ‫لللللا را بلللللا إملللللا عر لللللت فلللللبل ن‬
‫وقصتهم مشهورة‪ ،‬كان فات ًكا مسر ًفا على نفسه ثم تاب بعد ذلك‪ ،‬وخرج يف‬
‫الغزو يف وقت عثمان ◙‪ ،‬حتى وصل إلى أواخر العراق فأدركته هناك الوفاة‪،‬‬
‫فقال لصاحبيه يف قصيدة جميلة جدً ا هذا البيت منها‬
‫لللالُ النَ ا‬
‫اجيللللا‬ ‫ال َاللللا دأهجللللي ال َ ل َ‬ ‫يت ا عر َهق َأبيلع ََّن َلي َللة با ََ ا‬
‫نلب‬ ‫َأا َل َ‬
‫للاب َليالايللا‬
‫يللت ال َاللا ما للى الر َ‬ ‫َو َل َ‬ ‫لب عر له‬ ‫الر د‬ ‫يت ال َاا َلُ َ َطل اع َ‬
‫َف َل َ‬
‫معروف الغضا يف ديار نجد‪ ،‬تحننًا إلى دياره‪ ،‬فأمر صاحبيه أن ينزاله هناك‪ ،‬ثم‬
‫قال هذا النداء ألي راكب؟ أي راكب أراد منه أن ُيبلِغ قومه أال تالقيا‪ ،‬والريب‪:‬‬
‫تحرفت بعد ذلك‬‫منطقة معروفة اآلن يسموهنا الناس الرين‪ ،‬فهي أصلها الريب ثم َّ‬
‫فأصبحت الرين‪.‬‬
‫فهذا هو األمر األول الذي يدخل يف القسم الثاين من المنادى‪ ،‬وهي النكرة‬
‫المقصودة‪.‬‬
‫دمق يف هَا ال سُ المنص ب‪ :‬المناد المااف‪:‬‬ ‫ا مر الَاين الَ‬
‫واإلضافة معروفة وشرحناها من قبل يف ٍ‬
‫باب كامل‪ ،‬كأن تقول‪( :‬يا عبدَ اهلل‪ ،‬يا‬
‫طالب العلم)‪( ،‬يا عبدَ اهلل) يا‪ :‬حرف نداء‬
‫َ‬ ‫طالب العلم‪ ،‬يا‬
‫َ‬ ‫حارس المدرسة‪ ،‬يا‬
‫َ‬
‫مبني على السكون ال محل له من اإلعراب‪ ،‬عبدَ ‪ :‬منا ًد منصوب وعالمة نصبه‬
‫الفتحة وهي مضاف‪ ،‬ولفظ الجاللة مضاف إليه مجرور وعالمة جره الكسرة‪.‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪521h‬‬
‫‪g‬‬

‫قال –تعالى‪( :-‬ﭫ ﭬ) [آل عمراَّ‪( ،]64:‬ﭴ ﭵ)‬


‫[ا عراف‪( ،]26:‬ﭮ ﭯ) [الُ ف‪ َ ( ،]86:‬ا َبناي آ َد َم)‪ :‬يا‪ :‬حرف نداء‪ ،‬بني‪:‬‬
‫ملحق بجمع المذكر السالم فهذه (بنون)‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫ٍ‬
‫مناد منصوب وعالمة نصبه الياء؛ ألنه‬
‫ممنوع من‬
‫ٌ‬ ‫مضاف إليه مجرور وعالمة جره الفتحة؛ ألنه‬
‫ٌ‬ ‫وهي مضاف‪ ،‬و (آدم)‪:‬‬
‫الصرف ( َع َلم أعجمي)‪.‬‬

‫منصوب وعالمة نصبه األلف؛ ألنه من‬ ‫(ﭮ ﭯ)‪ :‬يا‪ :‬حرف نداء‪ ،‬ذا‪ٍ :‬‬
‫مناد‬
‫ٌ‬
‫األسماء الستة‪ ،‬وهو مضاف‪ ،‬القرنين‪ :‬مضاف إليه مجرور وعالمة جره الياء‪.‬‬
‫دمق يف هَا ال سُ (المناد المنص ب)‪ :‬المناد ال بيه‬ ‫ا مر الَالث الَ‬
‫بالمااف‪:‬‬
‫ٍ‬
‫منصوب أو‬ ‫والمراد بالشبيه بالمضاف هو ما ارتبط به ما بعده من مرفو ٍع أو‬
‫مجرور‪ ،‬أن يأيت ٍ‬
‫مناد لكن الذي بعده يرتبط به‪ ،‬سوا ٌء كان مرفو ًعا أو منصو ًبا أو‬
‫مجرورا‪ ،‬فعلى ذلك يحتاج إلى أن تفهم المعنى‪.‬‬
‫ً‬
‫كأن تقول‪( :‬يا طال ًبا للحق) فأنت اآلن ال تنادي طال ًبا وإنما تنادي (طال ًبا‬
‫طالب تعال)‪ ،‬لكنك إذا قلت‪( :‬يا‬ ‫ُ‬ ‫ُعمم فتقول‪( :‬يا‬
‫للحق)؛ ألنك يمكن أن تنادي فت ِّ‬
‫طال ًبا للحق تعال) فأنت تنادي طال ًبا للحق إال أن قولك (للحق) ليس على سبيل‬
‫الحق) فهذا مضاف ومضاف إليه‪ ،‬وإنما (للحق)‬
‫طالب ِّ‬
‫َ‬ ‫اإلضافة‪ ،‬ليس كقولك‪( :‬يا‬
‫جار ومجرور ولكنه متعلق بالطلب‪.‬‬
‫ٌّ‬
‫ٍ‬
‫فائدة تعال)‪ ،‬أو تقول‪( :‬يا محمو ًدا فعله تعال)‪ ،‬نحاول‬ ‫أو تقول‪( :‬يا طال ًبا بغير‬
‫نوحد المثال لتعرف أننا ال ننادي محمو ًدا‪ ،‬وإنما ننادي محمو ًدا فعله‪( ،‬يا‬
‫أن ِّ‬
‫صالحا عمله تعال)‪( ،‬يا قو ًيا صوته تعال)‪ ،‬لكنك لو تنادي قو ًيا فقط فسيدخل يف‬
‫ً‬
‫قوي اجلس)‪.‬‬
‫القسم األول فتقول‪( :‬يا ُّ‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪522h‬‬
‫فإذا ناديت قوي الصوت فسيكون مضا ًفا‪ ،‬يدخل يف القسم الثاين ف ُي َ‬
‫نصب (يا‬
‫نصب‪.‬‬ ‫ِ‬
‫شبيها بالمضاف ف ُي َ‬
‫قوي الصوت)‪ ،‬فإذا قلت‪( :‬يا قو ًيا صوته) فقد جعلته ً‬
‫َّ‬
‫جالس قم) هذه‬
‫ُ‬ ‫جالسا ُمعينًا فتقول‪( :‬يا‬
‫ً‬ ‫كلمة (جالس) كيف تناديها؟ إذا أردت‬
‫نكرة مقصودة تدخل يف القسم األول فتبنيها على الضم‪ ،‬لكن لو علقت بكلمة‬
‫جالسا على الكرسي‬
‫ً‬ ‫جالس شي ًئا بعدها‪ ،‬جالس على الكرسي‪ ،‬فإنك تقول‪( :‬يا‬
‫شبيها بالمضاف‪.‬‬
‫قم) ألن هذا ً‬
‫ٍ‬
‫سليمة قم)‪( ،‬يا‬ ‫جالسا ِجلس ًة غير‬ ‫جالسا يف آخر الفصل قم)‪( ،‬يا‬ ‫وكذلك (يا‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫جالسا عند النافذة قم)‪ ،‬وهكذا‪ ،‬ومن ذلك قوله –‬ ‫جالسا بجوار ٍ‬
‫زيد قم)‪( ،‬يا‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫تعالى‪( :-‬ﭩ ﭪ ﭫﭬ) [ س‪.]30:‬‬
‫كل ذلك يجمعه قول ابن مالك ‪:‬‬
‫اد َمللللل امالَ َفلللللا‬
‫و ا لللللب ه ان اْصلللللب ع ا‬
‫ْ َ‬ ‫َْ د‬ ‫َ‬ ‫الم َالللللللا َفا‬
‫المنْ دُللللللل َر َو د‬ ‫الم ْفل َ‬
‫للللللر َد َ‬ ‫َو د‬
‫المفرد المنكور‪ ،‬النكرة المقصودة‪ ،‬بل النكرة الغير مقصودة‪ ،‬والمضاف‪ :‬أي‬
‫المنادى المضاف‪ ،‬وشبهه‪ :‬أي المنادى الشبيه بالمضاف‪ ،‬انصب‪ :‬هذا حكمه؛‬
‫اد َم امالَ َفا) أي‪ :‬أنه ال خالف يف ذلك بين النحويين‪.‬‬
‫معرب منصوب‪ ،‬وقوله‪( :‬ع ا‬
‫َ‬ ‫ٌ‬
‫سيذكر ابن مالك بعد ذلك شي ًئا من المسائل التي تتعلق بالقسم األول المبني‪،‬‬
‫مسألة مهمة‪ ،‬والحاجة إليها ماسة‪ ،‬وهي‪ :‬أن نسأل عن‬‫ٍ‬ ‫لكن قبلها أريد أن أقف عند‬
‫أسماء اهلل –جل جالله‪ -‬من أي القسم ْين‪( ،‬يا رحمن‪ ،‬يا رحيم‪ ،‬يا عزيز‪ ،‬يا كريم‪،‬‬
‫دائما أو ُت َ‬
‫نصب أو ما حكمها‬ ‫يا حي‪ ،‬يا قيوم) وهكذا‪ ،‬هل ُتبنى على الضم ً‬
‫بالتفصيل؟‬
‫فنقول يف الجواب عن ذلك‪ :‬أسماء اهلل –جل جالله‪ -‬كما تعرفون أعال ٌم‬
‫وصفات‪ ،‬فهي تكون أعال ًما هلل‪ ،‬ويف الوقت نفسه تدل على ما فيها من صفات‪،‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪523h‬‬
‫‪g‬‬
‫ٍ‬
‫صفة هلل –جل جالله‪.-‬‬ ‫فكل ٍ‬
‫اسم يدل على إثبات ما فيه من‬
‫ولذا يصح أن تكون َع َل ًما‪ ،‬ويصح أن تكون صفةً‪ ،‬فإذا كانت َع َل ًما عومِ َلت‬
‫معاملة األعالم‪ ،‬وإذا كانت صفة عومِ َلت معاملة النكرة المقصودة‪ ،‬وأسماء اهلل –‬
‫جق جالله‪ -‬يف هَا الباب [باب النداء] على ال ة أقسام‪:‬‬
‫ستعمل إال مضا ًفا‪،‬‬
‫ال سُ ا ول‪ :‬األسماء المضافة‪ ،‬بعض أسماء اهلل ‪ ‬ال ُي َ‬
‫نحو‪( :‬يا ذا الجالل واإلكرام)‪ ،‬فهذه منصوبة؛ ألهنا مضافة‪ ،‬ال إشكال فيها‪.‬‬

‫ال سُ الَاين‪ :‬ما يالزمه (ال) مالزم ًة دائمة وهو ٌ‬


‫اسم واحد‪ ،‬وهو‪( :‬اهلل) يف لفظ‬
‫الجاللة َع َلم على اهلل ‪ ،‬و (ال) فيه زائدة‪ ،‬ولكنها زائد ٌة الزمة‪ ،‬حتى يف‬
‫دائما‪ ،‬وال يحتمل غير ذلك؛‬
‫مبني على الضم ً‬
‫النداء ال تذهب‪ ،‬فلفظ الجاللة (اهلل) ٌ‬
‫ألنه َع َل ٌم مفرد ال ُيضاف‪.‬‬
‫ال سُ الَالث‪ :‬ما سوى ذلك‪ ،‬وهي أكثر األسماء‪ ،‬نحو‪( :‬يا رحيم‪ ،‬يا رحمن‪،‬‬
‫يا رب‪ ،‬يا عليم‪ ،‬يا عزيز)‪ ،‬ف َه على حال ْين‪:‬‬
‫الحالة ا ولى‪ :‬أن تكون مفردة‪ ،‬أي‪ :‬ليست مضافة وال شبيه ًة بالمضاف‪ ،‬فتُبنى‬
‫حي‪ ،‬يا قيوم‪ ،‬يا‬ ‫ٍ‬
‫كريم‪ ،‬يا ُّ‬
‫ُ‬ ‫عزيز‪ ،‬يا‬
‫رحيم‪ ،‬يا ُ‬
‫ُ‬ ‫رحمن‪ ،‬يا‬
‫ُ‬ ‫حينئذ على الضم‪ ،‬نحو‪( :‬يا‬
‫سميع)‪ ،‬هذا واضح ولكن السؤال من أي القسمين هي؟ إذا قلت‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫رب‪ ،‬يا‬
‫عليم‪ ،‬يا ُ‬
‫ُ‬
‫عزيز) من القسم األول‪ ،‬فهي مبني على الضم‪ ،‬لكن القسم‬‫سميع‪ ،‬يا ُ‬
‫ُ‬ ‫(يا رحم ُن‪ ،‬يا‬
‫األول المبني يشمل شيئ ْين‪:‬‬
‫ال َع َلُ المفرد‪ ،‬مَق‪( :‬يا محمد)‪.‬‬
‫طالب)‪.‬‬
‫ُ‬ ‫النُرة الم ص دة‪ :‬مثل (يا‬
‫سميع‪ ،‬ا ع د) من العلُ‬
‫د‬ ‫رحمن‪ ،‬ا‬
‫د‬ ‫(ا‬ ‫هق أسماء اهلل ‪ ‬يف هَا الن‬
‫المفرد أم من النُرة الم ص دة؟‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪524h‬‬
‫ٍ‬
‫وصفات‪ ،‬فإن جعلتها أعال ًما‬ ‫يجوز فيها الوجهان‪ ،‬قلنا‪ :‬أسماء اهلل تكون أعال ٍم‬
‫أي‪ :‬أسما ًء هلل ‪ ‬فهي أعال ٌم مفردة كقولك‪( :‬يا محمدُ )‪ ،‬إال أن (ال) ُح ِذ َفت‬
‫منها؛ ألن (ال) ال تجامع النداء كما سيأيت‪ ،‬و(ال) زائدة فتسقط يف النداء إال مع‬
‫لفظ الجاللة ال تسقط كما قلنا قبل قليل‪ ،‬فتقول‪( :‬يا رحم ُن) هذا َع َلم‪ ،‬ناديته‬
‫‪.‬‬
‫نكرات مقصودة؛ ألنك تنادي‬
‫ٌ‬ ‫ٍ‬
‫صفات هلل ‪ ‬فهي‬ ‫وإن جعلتها‬
‫كريم تصدَّ ق علي) أردت‬
‫ُ‬ ‫معينًا‪ ،‬كما لو ناديت مقصو ًدا وقلت له‪( :‬يا‬
‫كريما معينًا هلل المثل األعلى‪ ،‬فهذه الحالة األولى‪ :‬أن تكون مفردات‪.‬‬
‫إنسانًا ً‬
‫ٍ‬
‫فحينئذ‬ ‫الحالة الَانية ل َه ا سماء‪ :‬أن تكون مضاف ًة أو شبيه ًة بالمضاف‪،‬‬
‫رحيما بعباده‬
‫ً‬ ‫قلت‪( :‬يا‬
‫رحيم الدنيا واآلخرة)‪ ،‬ولو َ‬
‫َ‬ ‫ُت َ‬
‫نصب على كل حال‪ ،‬نحو‪( :‬يا‬
‫سميع الدعاء استجب لي) هذا مضاف‬
‫َ‬ ‫اغفر لي ذنوبي) فهذا شبي ٌه بالمضاف‪( ،‬يا‬
‫رب العالمين)‬
‫منصوب‪( ،‬يا سمي ًعا للدعاء استجب لي) هذا شبي ٌه بالمضاف‪( ،‬يا َ‬
‫أو (يا ربنا) مضاف منصوب‪.‬‬

‫ومن طبي اَ ةلك‪ :‬تطبيقات كثيرة كالبسملة (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ)‬


‫مضاف إليه مجرور‪ ،‬الرحمن‪ :‬صفة هلل‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫[الفا حة‪ ،]1:‬بسم اهلل‪ :‬لفظ الجاللة‬
‫إعراب صحيح وهو المتبادر‪ ،‬وعلى ذلك‬
‫ٌ‬ ‫والرحيم‪ :‬صف ٌة ثانية‪ ،‬أي‪ :‬نعت‪ ،‬هذا‬
‫تكون (الرحمن‪ ،‬الرحيم) صفتان من صفات اهلل ‪.‬‬
‫فإن جعلنا (الرحمن‪ ،‬الرحيم) علم ْين على اهلل ‪ ‬لم تكن نعتًا؛ ألنه‬
‫ال ينعت بالع َلم‪ ،‬فتكون بدل‪ ،‬كما لو قلت‪( :‬جاء محمدُ أبو ٍ‬
‫زيد)‪ ،‬محمد‪ :‬علم‪ ،‬أبو‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬
‫ٍ‬
‫لشيء واحد‪ ،‬فإن جعلتها أعال ًما فهي بدل‪ ،‬وإن جعلتها صف ًة‬ ‫زيد‪ :‬علم‪ ،‬كالهما‬ ‫ٍ‬

‫فهي نعتًا‪ ،‬والمتبادر أهنا صفات‪.‬‬


‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪525h‬‬
‫‪g‬‬

‫ومن ذلك قوله ‪( :‬ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ‬


‫ﯞ) [ال مر‪ ]46:‬اآلية (اللهم) قلنا‪ :‬هذا نداء‪ ،‬وأصله (يا اهلل) ثم ُح ِذ َفت‬
‫الياء وعوض عنها بالميم‪ ،‬فـ (اللهم) هذا منادى ال شك فيه‪َ ( ،‬فا ار السم ا‬
‫اَ‬ ‫َ َّ َ َ‬ ‫ِّ‬
‫َوا َ ْر ا ) يصح فيه إعرابان‪:‬‬
‫نصب على المحل‪ ،‬كما سيأيت يف الفصل‬
‫ا ول‪ :‬أن نجعله نعتًا للفظ الجاللة ف ُي َ‬
‫القادم الخاص بتابع المنادى‪ ،‬التابع يصح فيه النصب والرفع‪ ،‬يصح فيه النصب‬
‫دائما حكمه النصب‪ ،‬ويصح فيه الرفع مراعا ًة للفظ؛‬
‫على المحل؛ ألن المنادى ً‬
‫مبني على الضم‪.‬‬
‫ألنه ٌ‬
‫إعراب آخر‪ ،‬أن نُقدِّ ر حرف النداء‪( ،‬اللهم يا فاطر السماوات‬
‫ٌ‬ ‫الَاين‪ :‬يصح فيها‬
‫واألرض) فال تكون (فاطر) نعتًا صف ًة وإنما تكون منا ًد منصوب‪ ،‬فال يجوز فيها‬
‫ٍ‬
‫حينئذ إال النصب؛ ألنه منا ًد مضاف‪.‬‬
‫ُ ة ر ابن مالك ‪ ‬مسٌلع ْين ععل اَّ بال سُ ا ول من المناد وه‬
‫المناد المبني‪ ،‬ف ال ‪:‬‬
‫ا‬ ‫ا‬
‫للللن َسلللللع ْيد اَ َ ا ل ْ‬
‫للللن‬ ‫ن َْحللللل ا َأ َه ْ لللللدد ْبل َ‬ ‫للللُ َوا ْفللللع ََح َّن م ْ‬
‫للللن‬ ‫َون َْحلللل َ َه ْ للللد د َّ‬
‫للللُ َقلللللدْ دحعا َملللللا‬
‫للللن َع َلل ِ‬
‫للللق اا ْبل َ‬ ‫َأو َ ل ا‬ ‫للللن َع َل َمللللا‬
‫للللق اا ْب د‬ ‫الاللللُ إا َّْ َل ْ‬
‫للللُ َ ا‬ ‫َو َّ‬
‫اق َ َ‬
‫لللللُ دبينَلللللا‬ ‫َّم َملللللا َلللللل ده ْاسلللللعا ْح َ ِ‬ ‫لب َمللا ا ْ للطا َرارا دن َنللا‬ ‫ا‬
‫َوا ْ ل دلم ُْ َأ او انْصل ْ‬
‫فَ ر مسٌلع ْين‪:‬‬
‫المسٌلة ا ولى‪ :‬حكم العلم المبني يف نحو قولك‪( :‬يا زيد بن سعيد)‪ ،‬وهذا‬
‫كثير يف كالم العرب‪ ،‬أن تنادي الرجل منسو ًبا إلى أبيه‪( ،‬يا زيد بن سعيد)‪،‬‬
‫ٌ‬
‫وللمسٌلة الث رو ‪:‬‬
‫ال ر ا ول‪ :‬أن يوصف هذا ال َع َلم المبني بكلمة (ابن) (يا زيد بن)‪.‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪526h‬‬
‫ال ر الَاين‪ :‬أن تتصل كلمة (ابن) ب َع َل ٍم‪( ،‬يا زيد بن) ليس بينهما فاصل‪.‬‬
‫ال ر الَالث‪ :‬أن تضاف كلمة (ابن) إلى ٍ‬
‫علم بعدها (يا زيد بن سعيد)‪.‬‬
‫هذا هو األسلوب المشهور عند العرب الذي سبب هذا الحكم‪ ،‬فحكم ال َع َلم‬
‫ٍ‬
‫حينئذ والمقصود ال َع َلم األول (يا زيد) المنادى‪ ،‬جواز البناء على الضم على أنه‬
‫ٍ‬
‫سعيد)‪ ،‬وجواز البناء على الفتح‪ ،‬فتقول‪:‬‬ ‫َع َل ٌم مفرد‪ ،‬وهذا األصل فيه‪( ،‬يا زيدُ بن‬
‫(يا زيدَ ب َن سعيد)‪ ،‬قالوا‪ :‬إنما فعلت العرب ذلك طل ًبا للتخفيف لكثرته يف كالمهم‪،‬‬
‫ومعروف أن الفتح‬
‫ٌ‬ ‫طل ًبا للتخفيف بسبب طول االسم عندما ُو ِصف بـ (االبن)‪،‬‬
‫أخف من الضم‪.‬‬
‫مرارا‪ ،‬وقد ك ُثر هذا األسلوب عند العرب فأرادوا تخفيفه‪،‬‬ ‫وقد شرحنا ذلك ً‬
‫بن سعيد)‪( ،‬يا محمدَ ب َن عبد اهلل) توافرت الشروط‪ُ ،‬و ِصف بـ (ابن)‪،‬‬
‫نحو‪( :‬يا زيدَ َ‬
‫وليس بينهما فاصل (يا محمد بن)‪ ،‬و ُأضيف إلى علم (عبد اهلل)‪( ،‬يا عاصم بن‬
‫الفارق) من أبناء الفارق ◙‪ ،‬كذلك الفاروق َع َلم؛ ألن األعالم كما عرفنا يف‬
‫اسم وكني ٌة ولقب وللحديث بقية إن شاء اهلل‪.‬‬
‫[باب العلم] ٌ‬
‫واهلل أعلُ‪ ،‬وصلى اهلل وسلُ على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين‪.‬‬

‫‪¹‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪527h‬‬
‫‪g‬‬

‫الدرس السادس والتسعون‬


‫﷽‬

‫الحمد هلل رب العالمين‪ ،‬والصالة والسالم على نبينا محمد‪ ،‬وعلى آله‬
‫وأصحابه أجمعين‪.‬‬
‫َّأما بعد‪...‬‬
‫فسالم اهلل عليكم ورحمته وبركاته‪ ،‬وحياكم اهلل وبياكم يف هذه الليلة الطيبة ليلة‬
‫ٍ‬
‫وأربعمائة‬ ‫ٍ‬
‫ثالث وثالثين‬ ‫اإلثنين الثاين والعشرين من شهر ذي القعدة من سنة‬
‫وألف‪ ،‬نحن يف جامع الراجحي يف حي الجزيرة يف مدينة الرياض نعقد بحمد اهلل‬
‫وتوفيقه الدرس السادس والتسعين من دروس شرح [ألفية] ابن مالك‪،‬‬
‫وقد تكلمنا يف الدرس الماضي على باب النداء‪ ،‬وانتهينا إلى اآلن بحمد اهلل تعالى‬
‫من شرح سبعة أبيات يف هذا الباب‪ ،‬ويبقى يف هذا الباب خمسة أبيات‪ ،‬سنشرحها‬
‫ْ‬
‫إن شاء اهلل تعالى يف هذه الليلة‪.‬‬
‫قال في ا ابن مالك‪:‬‬
‫ا‬ ‫ا‬
‫للللن َسلللللع ْيد اَ َ ا ل ْ‬
‫للللن‬ ‫ن َْحللللل ا َأ َه ْ لللللدد ْبل َ‬ ‫للللُ َوا ْفللللع ََح َّن م ْ‬
‫للللن‬ ‫َون َْحلللل َ َه ْ للللد د َّ‬
‫للللُ َقلللللدْ دحعا َملللللا‬
‫للللن َع َلل ِ‬
‫للللق اا ْبل َ‬ ‫َأو َ ل ا‬ ‫للللن َع َل َمللللا‬ ‫للللُ َ ا‬
‫للللق اا ْب د‬ ‫الاللللُ إا َّْ َل ْ‬‫َو َّ‬
‫اق َ َ‬
‫لللللُ دبينَلللللا‬ ‫َّم َملللللا َلللللل ده ْاسلللللعا ْح َ ِ‬ ‫لب َمللا ا ْ للطا َرارا دن َنللا‬ ‫ا‬
‫َوا ْ ل دلم ُْ َأ او انْصل ْ‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫لللع َ للللا َو َأل‬ ‫ا‬
‫الَ َملللللللق‬‫لللللللع اهلل َو َم ْحُلللللللي د‬‫إاَ َم َ‬ ‫لللن َج ْمل د‬ ‫َوباا ْ للللط َرار دمل َّ‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪528h‬‬
‫لللللُ فالللللي َقلللللرا اض‬ ‫َو َ َّ‬
‫لللللَ لللللا ال َّل د َّ‬ ‫للللللللُ باللللللللال َّع ْع ا ْ ض‬
‫َّ‬ ‫َوا َ ْ ََ د‬
‫للللللللر ال َّل د‬
‫ذكَر ابن مالك‪ ‬يف ثالثة األبيات األولى مسألتين تتعلقان بالقسم األول‬
‫من أقسام المنادى وهو المبني‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫ا‬ ‫ا‬
‫للللن َسلللللع ْيد اَ َ ا ل ْ‬
‫للللن‬ ‫ن َْحللللل ا َأ َه ْ لللللدد ْبل َ‬ ‫للللُ َوا ْفللللع ََح َّن م ْ‬
‫للللن‬ ‫َون َْحلللل َ َه ْ للللد د َّ‬
‫للللُ َقلللللدْ دحعا َملللللا‬
‫للللن َع َلل ِ‬
‫للللق اا ْبل َ‬ ‫َأو َ ل ا‬ ‫للللن َع َل َمللللا‬
‫للللق اا ْب د‬ ‫الاللللُ إا َّْ َل ْ‬
‫للللُ َ ا‬ ‫َو َّ‬
‫اق َ َ‬
‫لللللُ دبينَلللللا‬ ‫َّم َملللللا َلللللل ده ْاسلللللعا ْح َ ِ‬ ‫لب َمللا ا ْ للطا َرارا دن َنللا‬ ‫ا‬
‫َوا ْ ل دلم ُْ َأ او انْصل ْ‬
‫فالمسٌلة ا ولى التي ذكرها هي حُُ العلُ المبني يف نحو قولك‪" :‬يا زيد بن‬
‫علما‪ ،‬ثم بعد ذلك نسبته إلى أبيه "يا محمد بن عبد اهلل"‪" ،‬يا‬
‫سعيد"‪ ،‬إذا ناديت ً‬
‫خالد بن سعيد" وهكذا‪ ،‬وهذه المسألة لها ثالثة شروط قبل ْ‬
‫أن نعرف حكمها‪،‬‬
‫ف رو هَه المسٌلة ال ة رو ‪:‬‬
‫‪ -‬ال ر ا ول‪ْ :‬‬
‫أن يوصف هذا العلم المبني بكلمة "ابن"‪.‬‬
‫أن تتصل به كلمة " ٍ‬
‫ابن" بال فاصل‪.‬‬ ‫‪ -‬وال ر الَاين‪ْ :‬‬

‫علم بعدها‪.‬‬ ‫أن ُتضاف كلمة " ٍ‬


‫ابن" إلى ٍ‬ ‫‪ -‬وال ر الَالث‪ْ :‬‬

‫علم مفر ٌد وهذا هو‬ ‫ٍ‬


‫وحكم العلم المبني حينئذ جواز البناء على الضم على أنه ٌ‬
‫األصل فيه‪ ،‬وجواز البناء على الفتح تخفي ًفا؛ بسبب الطول بالصفة التي كثر‬
‫استعمالها عند العرب؛ ّ‬
‫ألن الفتح‪-‬كما هو معلوم‪ -‬أخف من الضم‪.‬‬
‫فهذا األسلوب كثر عند العرب ْ‬
‫أن ينادوا الرجل وينسبوه إلى أبيه‪ ،‬فأرادوا‬
‫تخفيفه من الضم إلى الفتح نحو‪" :‬يا سعيدَ بل يا زيد بن سعيد"‪ ،‬لك يف هذا العلم‬
‫المنادى وهو زيد ْ‬
‫أن تفتحه "يا زيدَ بن سعيد"‪ ،‬أو تضمه "يا زيدُ بن سعيد"‪،‬‬
‫عاصم بن‬
‫َ‬ ‫وتقول‪" :‬يا محمدَ بن عبد اهلل‪ ،‬أو يا محمدُ بن عبد اهلل"‪ ،‬وتقول‪" :‬يا‬
‫عاصم بن الفاروق‪ ،‬وتقول‪" :‬يا محمدَ بن أبي بكر"‪ ،‬أو "يا‬
‫ُ‬ ‫الفاروق"‪ ،‬أو "يا‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪529h‬‬
‫‪g‬‬
‫محمدُ بن أبي بكر"‪.‬‬
‫قولنا‪" :‬يا محمد بن عبد اهلل"‪ ،‬الشروط متوافرة؛ ّ‬
‫ألن العلم محمد وصف بابن‬
‫بال فاصل‪ ،‬و قد أضيف إلى علم‪ ،‬عبد اهلل علم‪ ،‬وكذلك عاصم بن الفاروق كلمة‬
‫ابن أضيفت إلى علم وهو الفاروق‪ ،‬الفاروق لقب وقد عرفنا من قبق يف باب العلُ‬
‫أَّ العلُ ال ة أن ا ‪:‬‬
‫ّ‬
‫اسُ‪.‬‬
‫‪ِ -‬‬
‫ب‪.‬‬
‫‪ -‬ول ِ‬
‫‪ -‬و نيةِ‪.‬‬
‫وكلها أعالم‪ ،‬ومثل ذلك‪" :‬يا محمدَ بن أبي بكر"‪ ،‬وكلمة ابنة مع المؤنث‬
‫حكمها حكم كلمة ٍ‬
‫ابن مع المذكر؛ ّ‬
‫ألن ابنة مؤنث ابن‪ ،‬وهي المستعملة يف النسب‬
‫غال ًبا عند العرب‪ ،‬بخالف كلمة بنت فإهنا ال أثر لها يف هذه المسألة؛ ألهنا ال‬
‫قليال‪ ،‬وإنما ُتستعمل يف باب الصفة‪ ،‬ككلمة ولد‬
‫ُتستعمل يف النسب عند العرب إال ً‬
‫قليال‪.‬‬
‫ال تستعملها العرب يف النسب إال ً‬
‫فلهذا ال أثر لها يف هذه المسألة‪ ،‬تقول‪" :‬يا عائش َة ابنة الصديق‪ ،‬أو "يا عائش ُة‬
‫ابنة الصديق"‪ ،‬وتقول‪" :‬يا حفص َة ابنة عمر‪ ،‬أو "يا حفص ُة ابنة عمر"‪ ،‬وتقول‪" :‬يا‬
‫ٍ‬
‫سعيد"‪ ،‬كلمة ابن يف "يا زيد بن سعيد" هذه صفة‬ ‫ٍ‬
‫سعيد‪ ،‬أو "يا هندُ ابنة‬ ‫هندَ ابنة‬
‫نعت‪.‬‬
‫تابع للعلم‪ ،‬وحكم التابع سيأيت ْ‬
‫إن شاء اهلل يف الفصل القادم‪ ،‬الفصل‬ ‫إ ًذا فهي ٌ‬
‫الذي بعد هذا الباب عندكم هو ٌ‬
‫فصل يف حكم تابع المنادى‪ ،‬فسيأيت بيناه وسيأيت‬
‫بيان حكمه‪.‬‬
‫فإن قلت‪ :‬عرفنا اآلن ّ‬
‫أن هذا العلم إذا توافرت فيه هذه الشروط جاز فيه الفتح‬ ‫ْ‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪530h‬‬
‫تخفي ًفا والضم على األصل‪ ،‬فالسؤال‪ :‬ما المخعار من هَ ن ال ج ين أم هما‬
‫س اء؟‬
‫سماعا‬
‫ً‬ ‫وقياسا‪،‬‬
‫ً‬ ‫فالَ اب‪ :‬المختار هو الفتح عند جمهور النحويين سما ًعا‬
‫قياسا ما وجهه يف القياس يا إخوان؟‬ ‫ّ‬
‫ألن هذا هو أكثر المسموع‪ً ،‬‬
‫الطالب‪.]09:04@[ :‬‬
‫ال يخ‪ :‬ال‪ ،‬نحن قلنا هنا مفتوح مبني على الفتح‪ ،‬حتى لو قلت‪" :‬يا زيدَ بن‬
‫سعيد" فال تقل‪ :‬إنه منصوب‪ ،‬حتى يف اإلعراب تقول‪ :‬مبني على الضم المقدر‪،‬‬
‫منع منه الفتح المجلوب للتخفيف‪.‬‬
‫الطالب‪.]@09:21[ :‬‬
‫دائما حكمه النصب‪.‬‬
‫ال يخ‪ :‬هو المحل ً‬
‫الطالب‪.]@09:25[ :‬‬
‫ال يخ‪ :‬ال‪ ،‬ليس هذا التعليل‪.‬‬
‫لماذا العرب يف مثل هذا األسلوب فتحت وضمت؟ ضمت بقا ٌء على األصل‪،‬‬
‫ولماذا فتحت؟ طل ًبا للتخفيف‪ ،‬فعندما كان غرضهم من ذلك طلب التخفيف كان‬
‫قياسا تحقي ًقا لهذا الغرض‪.‬‬
‫الفتح هو األحسن ً‬
‫عندما تقول‪" :‬يا زيدَ بن سعيد"‪" ،‬يا زيدُ بن سعيد"‪ ،‬أنت جرهبا اآلن على‬
‫لسانك كررها أيهما أخف "يا زيدَ بن سعيد"‪ ،‬ومن ذلك قول الراجز‪:‬‬
‫سلللللر ااد دق ا ْلمَل ا‬
‫للللد َع َل ْيل َ‬
‫للللك َم ْملللللدد و ْد‬ ‫للن ا ْل ََللل دارو ْد‬ ‫لللا ح َُلللُ بلللن ا ْلمنْل ا‬
‫للَ ار ْبل ا‬
‫َ ْ‬ ‫د َ‬ ‫َ َ د ْ َ د‬
‫ْ‬
‫فإن اختلت هذه الشروط التي ذكرناها أو بعضها‪ ،‬فالواجب الضم أي يلزم‬
‫أن يبقى على أصله وهو البناء على الضم‪ ،‬نحو قولك‪" :‬يا ُ‬
‫رجل‬ ‫العلم الضم‪ ،‬يعني ْ‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪531h‬‬
‫‪g‬‬
‫علما‪ ،‬بل هو نكر ٌة مقصودة "يا‬
‫ألن المنادى ليس ً‬ ‫بن سعيد"‪ ،‬ال ُبدَّ من الضم؛ ّ‬
‫رجل بن سعيد"‪ ،‬وكذلك قولك‪" :‬يا زيدُ بن أخي"‪ ،‬كلمة ابن لم ُتضف إلى علم‪،‬‬ ‫ُ‬
‫سعيد" كذلك‪.‬‬‫ٍ‬ ‫حتى لو قلت‪" :‬يا زيد بن أخي‬
‫ٍ‬
‫سعيد"‪ ،‬فوصفته بالعلِم قبل ابن‪" ،‬يا زيدُ العالم بن‬ ‫لو قلت‪" :‬يا زيدُ العالم بن‬
‫سعيد"‪ ،‬ليس لك يف المنادى إال الضم؛ ألنك فصلت بينه وبين ابن بفاصل‪ ،‬لو‬ ‫ٍ‬

‫قلت‪" :‬يا زيدُ بن الشيخ سعيد" كذلك؛ ألنك لم تضف ابن إلى علم‪ ،‬لو قلت‪" :‬يا‬
‫ٍ‬
‫سعيد"‪ ،‬واضح؛ ألنك لم تصف العلم بابن‪ ،‬وإنما ابن هنا منادى‪ ،‬ولو‬ ‫زيدُ يا بن‬
‫مسافر‪:‬‬ ‫ٍ‬
‫سعيد‪ :‬مبتدأ‪،‬‬ ‫مسافر"‪ ،‬يا زيدُ ‪ :‬هذا منادى‪ ،‬بن‬ ‫ٍ‬
‫محمد‬ ‫قلت‪" :‬يا زيدُ بن‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫خرب‪.‬‬
‫إ ًذا فابن هنا ليس نعتًا‪.‬‬
‫إمالئي يتع َّلق هبذه المسألة‪ ،‬وهذه المسألة هي كتابة همزة‬
‫ٍ‬ ‫وهنا ننبه إلى ٍ‬
‫أمر‬
‫ابن‪ ،‬طب ًعا أول حرف من كلمة ابن همزة وليس أل ًفا‪ ،‬إذا أردنا الدقة األلف إنَّما هي‬
‫األلف المدية‪ ،‬وال تكون إال يف وسط الكلمة أو آخر الكلمة‪ ،‬ال تكون يف أول‬
‫الكلمة؛ ألهنا مالزم ًة للسكون‪ ،‬أما الذي يف أول الكلمة فال يكون إال همزة‪ ،‬همزة‬
‫ابن األصل فيها كبقية همزات الوصل ْ‬
‫أن‬ ‫قطع أو همزة وصل كهذه‪ ،‬وهمزة كلمة ٍ‬
‫تثبت‪ ،‬إال ّ‬
‫أن أهل اإلمالء حذفوها يف هذه المسألة‪.‬‬
‫إذا تحققت هذه المسألة حذفوها‪ ،‬فتقول‪" :‬يا زيد بن سعيد" تكتبها بالباء‬
‫والنون وتحذف الهمزة‪ ،‬ومتى ما اختلت هذه الشروط أو بعضها كاألمثلة التي‬
‫قلناها قبل قليل وجب ْ‬
‫أن تكتب الهمزة إمال ًء‪ ،‬هذا هو المعروف عند النحويين‬
‫الذي يذكرونه يف كتبهم‪ ،‬وخاص ًة المتقدمون منهم‪.‬‬
‫ما ة رنا من هَه ال رو ‪ ،‬وبعض‬ ‫َّ يف هَه المسٌلة س‬ ‫فال عر النح‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪532h‬‬
‫عر َّ ر ين إ افيين يف هَه‬ ‫المعٌمر ن وماصة من ا دباء وأهق اإلمالء‬
‫هم ة ابن‪:‬‬ ‫المسٌلة س‬
‫أن يكون العلم الثاين أب األول‪ْ ،‬‬
‫أن يكون العلم‬ ‫‪ -‬ال ر ا ول‪ :‬يقولون‪ْ :‬‬
‫الثاين وهو سعيد يف قولنا‪" :‬يا زيد بن سعيد" ْ‬
‫أن يكون أب األول‪ ،‬فهذا يخرج ما إذا‬
‫مثال‪ ،‬يف نحو قولك‪" :‬يا أحمد بن حنبل"؛ ّ‬
‫ألن الرجل قد‬ ‫كان الثاين جد األول ً‬
‫قديما وحدي ًثا‪" ،‬يا أحمد بن حنبل"‬
‫ً‬ ‫ُينسب إلى جده وهذا معروف عند العرب‬
‫فحنبل جده وليس أباه‪.‬‬
‫فعلى ذلك‪-‬يعني على هذا الشرط الذي ذكروه‪ -‬تكتب همزة ابن أو ال‬
‫تكتب؟ تكتب‪ ،‬وعلى قول النحويين ال تكتب وهو الصحيح؛ ّ‬
‫ألن الهمزة تتبع‬
‫حكم هذه المسألة‪ ،‬وكذلك‪" :‬يا أحمد بن تيمية"‪ ،‬فتيمية جده بل من أجداده‬
‫وليس أباه‪.‬‬
‫الطالب‪.]16:06@[ :‬‬
‫ال يخ‪ :‬نعم؟‬
‫الطالب‪.]@16:09-16:08[ :‬‬
‫ال يخ‪ :‬هم الذين اشرتطوا ذلك‪ ،‬هم قالوا‪ّ :‬‬
‫ألن اإلنسان أكثر ما ُينسب إلى‬
‫أبيه‪ ،‬نسبته إلى جده قليلة‪ ،‬لكن نسبته إلى جده قليلة بالنظر إلى عموم النسب‪ ،‬لكن‬
‫بالنظر إلى اإلمام أحمد فإنه ال يكاد ُينسب إال إلى جده‪.‬‬
‫الطالب‪.]16:35-@16:33[ :‬‬
‫ال يخ‪ :‬طب ًعا هذا يف الشرع أو يف‪.‬‬
‫وكذلك عندما يقولون‪ْ :‬‬
‫أن يكون الثاين أب األول‪ ،‬يخرج ما لو كان الثاين أم‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪533h‬‬
‫‪g‬‬
‫أيضا تثبت الهمزة‪ ،‬وعند النحويين‬ ‫األول‪ ،‬لو قلت‪" :‬يا زيد بن ٍ‬
‫هند"‪ ،‬فعندهم ً‬
‫تحذف الهمزة‪ ،‬وكذلك لو قلت‪" :‬يا عيسى بن مريم" وهكذا‪.‬‬
‫‪ -‬ال ر الَاين الَ ا عر ه هؤاء‪ :‬أال تقع كلمة ٍ‬
‫ابن يف أول السطر‪ْ ،‬‬
‫فإن‬
‫وقعت يف أول السطر أوجبوا كتابة الهمزة مطل ًقا‪ ،‬والنحويون المتقدمون ال‬
‫يذكرون مثل هذه الشروط‪.‬‬
‫قال ابن مالك‪:‬‬
‫ا‬ ‫ا‬
‫للللن َسلللللع ْيد اَ َ ا ل ْ‬
‫للللن‬ ‫ن َْحللللل ا َأ َه ْ لللللدد ْبل َ‬ ‫للللُ َوا ْفللللع ََح َّن م ْ‬
‫للللن‬ ‫َون َْحلللل َ َه ْ للللد د َّ‬
‫للللُ َقلللللدْ دحعا َملللللا‬
‫للللن َع َلل ِ‬
‫للللق اا ْبل َ‬ ‫َأو َ ل ا‬ ‫للللن َع َل َمللللا‬
‫للللق اا ْب د‬ ‫الاللللُ إا َّْ َل ْ‬
‫للللُ َ ا‬ ‫َو َّ‬
‫أن شرحنا فهمنا أنه يعني ّ‬
‫أن العلم المبني نحو زيد إذا وقع يف‬ ‫يعني بعد ْ‬
‫األسلوب المذكور نحو ( َأ َه ْدد ْب َن َس اع ْيد)‪ ،‬فضمه أو افتحه أي يجوز ضمه وفتحه‪،‬‬
‫ٍ‬
‫حينئذ ليست فتحة إعراب‬ ‫والحظ تعبيره بالفتح دون النصب؛ ألنه أراد ّ‬
‫أن فتحته‬
‫وال نصب‪ ،‬فليس معر ًبا منصو ًبا‪.‬‬
‫ثم ذكَر يف البيت الثاين شروط هذا األسلوب‪ ،‬والحكم إذا اختلت هذه الشروط‬
‫علم آخر بال فاصل‪ ،‬مع‬ ‫أن يلي لفظ ابن العلم األول بال فاصل‪ْ ،‬‬
‫وأن يليها ٌ‬ ‫فالشرط ْ‬
‫متفق عليه‪،‬‬ ‫ٌ‬
‫شرط ٌ‬ ‫أنه لم يذكر اشرتاط كون لفظ بصفة‪ ،‬هذا الشرط لم يذكره وهو‬
‫مثال كالمثال األخير الذي قلناه‪ ،‬أو مبتدأ "يا زيد‬
‫كون كلمة ابن صفة ليست خربًا ً‬
‫ٍ‬
‫سعيد مسافر"‪ ،‬هذا مبتدأ‪.‬‬ ‫بن‬
‫محتم واجب والفتح ممتنع‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫فإذا اختلت الشروط فالضم قد حتم‪ ،‬كما قال أي‬
‫أن قوله‪( :‬و َ اق اا ْب َن َع َل ُِ) بالواو ال بأو كما يف بعض النسخ‬
‫وعليه يتضح ّ‬
‫ألن المراد الجمع بين هذه الشروط ال ُبدَّ من توافرها جمي ًعا‪ ،‬أو ْ‬
‫أن‬ ‫المطبوعة؛ ّ‬
‫يتوافر بعضها؟ فال بد ْ‬
‫أن تتوافر جمي ًعا وكلها هم أو يعني واحدٌ منها يقع‪ ،‬وقد‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪534h‬‬
‫تكلمنا عندما قرأنا األبيات يف أول الباب ّ‬
‫أن هذا هو الموجود يف النسخ العالية‬
‫لأللفية‪ ،‬وليس فيها أو إال يف بعض الشروح المطبوعة‪.‬‬
‫ٍ‬
‫مالك‪ ‬المسٌلة الَانية العي ععلق بال سُ ا ول من المناد ‪،‬‬ ‫ثم ذكَر ابن‬
‫ما هذه المسألة؟ هي حُُ المناد المبني إةا ا طر ال اعر إلى ن نه‪ ،‬حكم‬
‫المنادى المبني نحو‪" :‬يا زيد" "يا محمدُ "‪ ،‬حكمه إذا اضطر الشاعر إلى تنوينه‪،‬‬
‫كيف ينونه بالضم؟ "يا زيدٌ " أم بالفتح "يا زيدً ا"؟ فَ َر‪ ‬أنه َ ه فيه حينسَ‬
‫وج اَّ‪:‬‬
‫‪ -‬ا ول‪ :‬ضمه منونًا‪ ،‬نحو‪" :‬يا زيدٌ "‪" ،‬يا ٌ‬
‫رجل"‪ ،‬سوا ًء يف العلم أو يف النكرة‬
‫المقصودة‪.‬‬
‫رجال"‪.‬‬
‫‪ -‬وال جه الَاين‪ :‬نصبه منونًا‪ ،‬نحو‪" :‬يا زيدً ا" "يا ً‬
‫الوجهان جائزان‪ ،‬وتلحظ أنه يف الوجه األول جعله مبن ًيا على الضم‪ ،‬ع َبر‬
‫بالضم ال بالرفع‪ ،‬معنى ذلك أنه ٍ‬
‫باق على بنائه على الضم‪ ،‬مع أنه منون "يا زيدٌ "؛‬
‫ّ‬
‫ألن التنوين ال ينايف البناء منافا ًة مطلقة‪ ،‬بل الذي ينافيه تنوين التمكين‪ ،‬تنوين‬
‫التمكين هو الذي ال يدخل على المبني‪ ،‬لكن مطلق التنوين قد يدخل‪ ،‬يعني‬
‫وواها"‪ ،‬وتقول‪" :‬جاء‬
‫ً‬ ‫صه‪ٍ ،‬‬
‫وأف‪،‬‬ ‫األنواع األخرى للتنوين كتنوين التنكير‪ ،‬نحو‪ٍ " :‬‬

‫نحوي‪ ،‬فالتنوين‬ ‫ٍ‬


‫وسيبويه آخر"‪ ،‬إذا أردت باألول العلم وبالثاين منكر يعني‬ ‫ِ‬
‫سيبويه‬
‫ٌ‬
‫ال ينافيه‪.‬‬
‫فلهذا نقول‪" :‬يا زيدٌ " مبني على الضم‪ ،‬والتنوين ضرورة‪ ،‬فإذا قال الشاعر‪" :‬يا‬
‫ٍ‬
‫ضرورة شعرية‪ ،‬أما على‬ ‫زيدٌ "‪ ،‬فالعلم ما زال مبن ًيا على الضم والتنوين تنوين‬
‫الوجه اآلخر "يا زيدً ا" فعرب فيه ابن مالك بالنصب‪ ،‬معنى ذلك أنه معرب‪ ،‬وإعرابه‬
‫النصب يعني منصوب‪ ،‬يعني خرج عن البناء إلى النصب‪ ،‬فإذا قال الشاعر‪" :‬يا‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪535h‬‬
‫‪g‬‬
‫ٍ‬
‫حينئذ أخرج من الضم البناء على الضم إلى النصب‪ ،‬فصار معر ًبا‬ ‫زيدً ا"‪ ،‬فالعلم‬
‫فعاد إليه التنوين؛ ّ‬
‫ألن المعرب ينون‪.‬‬
‫ْ‬
‫فإن قيل‪ :‬لماذا ال نجعله يف "يا زيدً ا" لماذا ال نجعله مبن ًيا على الفتح؟ لماذا‬
‫باق على الضم مبني‪ ،‬وعندما يقول الشاعر‬ ‫غايرنا بن األمرين قلنا‪" :‬يا زيدٌ " هذا ٍ‬
‫ويضطر‪" :‬يا زيدً ا"‪ ،‬فنقول‪ :‬ال‪ ،‬الشاعر أخرجه من البناء وأعاده إلى اإلعراب‬
‫والنصب "يا زيدً ا"؟‬
‫فالَ اب عن ةلك‪ :‬الجواب عن ذلك قياسي‪ ]@25:00[ ،‬عن القياس قبل‬
‫إجحاف‬
‫ٌ‬ ‫مبني على الفتح لكان يف ذلك‬
‫قليل‪ ،‬وهو أننا لو قلنا‪" :‬يا زيدً ا" إنه ٌ‬
‫بالكلمة‪ ،‬إجحاف إذ جمعت عليها أمرين خارجين عن القياس‪ ،‬مارجين عن‬
‫ا صق وهما‪:‬‬
‫إخراج له عن‬
‫ٌ‬ ‫‪ -‬إخراج العلم من البناء على الضم إلى البناء على الفتح‪ ،‬هذا‬
‫أصله‪ ،‬هَا اإلمراج ا ول‪.‬‬
‫‪ -‬والَاين‪ :‬إدخال التنوين عليه ضرورةً‪ ،‬فجمعت عليه أمرين خارج األصل‪،‬‬
‫أخرجته عن أصله من الضم إلى النصب‪ ،‬وأدخلت عليه التنوين‪.‬‬
‫إخراج واحد عن‬
‫ٌ‬ ‫معرب منصوب‪ ،‬فليس فيه إال‬
‫ٌ‬ ‫أما إذا قلنا‪ :‬إنه منصوب‬
‫األصل‪ ،‬وهو أنك أخرجته من البناء إلى اإلعراب‪ ،‬فلما أخرجته من البناء إلى‬
‫اإلعراب لحقه التنوين؛ ّ‬
‫ألن المعرب منون‪.‬‬
‫إةا " ا ه دا" إةا قلنا‪ :‬إنه منصوب ماذا فعل الشاعر فيه؟ فعل فيه شي ًئا واحدً ا‪،‬‬
‫أنه أخرجه من البناء إلى اإلعراب‪ ،‬والمعرب ينون أو ال ينون؟ ينون ما يف إشكال‪،‬‬
‫يعني كونه نونه ليست ضرورة المعرب ينون ما يف إشكال‪ ،‬هو أخرجه من البناء إلى‬
‫اإلعراب‪ ،‬والمعرب ينون فنونه‪.‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪536h‬‬
‫لكن لو قلنا‪ :‬ال‪ ،‬الشاعر أبقاه على البناء‪ ،‬ولكن أخرجه من البناء على الضم‬
‫إلى البناء على الفتح‪ ،‬ثم أضاف إليه تنوينًا يف الضرورة الشعرية‪ ،‬فقد أجحفنا به‬
‫عندما جمعنا عليه أمرين خارج القياس‪.‬‬
‫فل َا قال ابن مالك‪:‬‬
‫اق َ َ‬
‫لللللُ دبينَلللللا‬ ‫َّم َملللللا َلللللل ده ْاسلللللعا ْح َ ِ‬ ‫لب َمللا ا ْ للطا َرارا دن َنللا‬ ‫ا‬
‫َوا ْ ل دلم ُْ َأ او انْصل ْ‬
‫فإن سألت‪ :‬ما المختار من هذين الوجهين للشاعر ْ‬
‫أن يقول‪ :‬الشاعر‪ :‬يا زيدٌ أم‬ ‫ْ‬
‫يقول‪ :‬يا زيدً ا مع جوازهما؟‬
‫فالَ اب يف المسٌلة ال ة أق ال للنح ين‪:‬‬
‫‪ -‬ال ل ا ول‪ّ :‬‬
‫أن المختار الضم "يا زيدٌ "‪ ،‬وهو قول الخليل وسيبويه‪،‬‬
‫كثيرا الشاعر‪ ،‬هو فقط اضطر فأدخل‬
‫ووجه‪ :‬أنه أقرب إلى األصل‪ ،‬يعني ما أبعد ً‬
‫التنوين‪ ،‬هو نفس "يا زيدُ " نونه "يا زيدٌ " تنوين ضرورة انتهت المسألة‪.‬‬
‫‪ -‬ال ل الَاين‪ّ :‬‬
‫أن المختار النصب‪ ،‬وهذا قول أبي عمرو بن العالء وعيسى بن‬
‫عمر‪ ،‬وهما فحالن من فحول النحويين‪ ،‬أبي عمرو بن العالء وعيسى بن عمر‪.‬‬
‫‪ -‬ال ل الَالث‪ :‬هذا القول وجهه ّ‬
‫أن الشاعر عندما اضطر إلى تنوينه عدل به‬
‫من الثقل إلى الخفة‪ ،‬وقياس الوجه األول أقوى من قياس الوجه الثاين؛ ّ‬
‫ألن‬
‫اضطرارا فقط إلى التنوين‪ ،‬ولم يقصد بذلك تخفي ًفا وال ً‬
‫تثقيال‪،‬‬ ‫ً‬ ‫الشاعر إنَّما اضطر‬
‫وإنَّما اضطر للتنوين من أجل إقامة الوزن وهذا يكفيه ْ‬
‫أن ينونه وهو مضموم‪.‬‬
‫‪ -‬ال ل الَالث‪ :‬ماذا تتوقعون اختيار الضم أم اختيار الفتح ماذا بقي؟‬
‫الطالب‪.]@29:41[ :‬‬
‫ال يخ‪ :‬ال‪ ،‬الجواز متفق عليه‪.‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪537h‬‬
‫‪g‬‬
‫الطالب‪.]@29:46-29:44[ :‬‬
‫ال يخ‪ :‬ما يف بناء على الفتح قلنا‪.‬‬
‫‪ -‬ال ل الَالث‪ّ :‬‬
‫أن المختار الضم يف العلم‪ ،‬والنصب يف النكرة المقصودة‪،‬‬
‫علما فالمختار ضمه "يا زيدٌ "‪ ،‬وإذا كان المنادى نكر ًة‬
‫يقول‪ :‬إذا كان المنادى ً‬
‫رجال"‪ ،‬الضم يف العلم والنصب يف النكرة المقصودة‪،‬‬
‫مقصودة فالمختار نصبه "يا ً‬
‫وهذا قول األعلم وابن مالك‪.‬‬
‫ا لمسألة التي نتكلم عليها إذا ما اضطر الشاعر فنون‪ ،‬كيف ينون؟ قلنا‪ َ :‬ه له‬
‫ال ج اَّ‪:‬‬
‫أَّ اُ " ا ه دِ "‪.‬‬
‫‪ -‬إما ْ‬
‫أَّ نصب " ا ه دا"‪.‬‬
‫‪ -‬وإما ْ‬
‫رجال"‪ ،‬وذكرنا‬
‫أن ينصب "يا ً‬ ‫أن يضم "يا ٌ‬
‫رجل"‪ ،‬وله ْ‬ ‫فإذا نون "يا ُ‬
‫رجل" له ْ‬
‫الخالف يف المختار من ذلك‪ ،‬ومما جاء منه بالضم والتنوين قول األحوص وهو‬
‫يف العلم‪:‬‬
‫ا‬
‫السللللال دم‬ ‫يللللك للللا َم َط د‬
‫للللر َ‬ ‫لللليس َع َل َ‬ ‫َو َل َ‬ ‫َسللللللال دم ال َللللللله للللللا َم َطل ِ‬
‫لللللر َع َلي للللللا‬
‫اإل َلللللللل ده لا دمنُاحي لللللللا‬
‫دةنلللللل َب د دُ وللللللل َصلللللل ّل ا َوصللللللام ا‬ ‫للللللر ا‬
‫فلللللللال َغ َفل َ‬
‫ٍ‬
‫بامرأة كان يشبه هبا الشاعر‪ ،‬فقال له الشاعر‪:‬‬ ‫مطر هذا اسم رجل تزوج‬
‫سللللللالم ال َلل ا‬
‫السللللال دم‬ ‫يللللك للللا َم َط د‬
‫للللر َ‬ ‫لللليس َع َل َ‬
‫َو َل َ‬ ‫للللله للللللا َم َطلللللل ِر َع َلي للللللا‬ ‫د‬ ‫َ‬
‫مطر األولى اضطر‬
‫فيا مطر الثانية بقيت على األصل مبني على الضم‪ ،‬ويا ٌ‬
‫فنون‪ ،‬ولكنه نون بالضم‪ ،‬وقال كثير عزة وهو يف النكرة المقصودة قال‪:‬‬
‫للق‬ ‫للك ملللن ح ّيل َ‬
‫للاَ لللا َج َمل د‬ ‫فحلللي و حل َ‬ ‫ت‬ ‫ْللك َعلل َّ ة َب ْعللدَ ال َْللرا وان َْص َ‬
‫للر َف ْ‬ ‫َح َّيع َ‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪538h‬‬
‫هي جاءت حيت الجمل وذهبت ولم تحيه‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫للق‬ ‫للك ملللن ح ّيل َ‬
‫للاَ لللا َج َمل د‬ ‫فحلللي و حل َ‬ ‫ت‬ ‫ْللك َعلل َّ ة َب ْعللدَ ال َْللرا وان َْص َ‬
‫للر َف ْ‬ ‫َح َّيع َ‬
‫رج د‬
‫لللق‬ ‫جم ِ‬ ‫للت للللي فٌ ْ لللُ َدر َها‬ ‫للت الع ا‬
‫َّح َّيلللة َ َا َنل ْ‬
‫يلللت لللا د‬
‫لللق دح َّي َ‬ ‫مُلللاَّ لللا َ‬
‫َ‬ ‫ليل َ‬
‫رج دق)‪ ،‬مع أنه يف البيت السابق قال‪:‬‬ ‫جم ِق دح َّي َ‬
‫يت ا د‬ ‫مُاَّ ا َ‬
‫ال اهد يف ق له‪َ ( :‬‬
‫جم ِق) للضرورة‪ ،‬ولكنه أبقى االسم على‬ ‫( ا َج َم دق) على األصل‪ ،‬وهنا قال‪ ( :‬ا َ‬
‫الضم‪ ،‬ومما جاء منه بالناصب قول المهلهل واسمه عدي بن ربيعة وهو يف العلم‬
‫قال‪:‬‬
‫للللك ا َو ااقلللللي‬ ‫لللللت‬ ‫لللللا عل ا‬
‫للللد َّ ا َل َ لللللدْ َو َق ْعل َ‬
‫لللللي َو َقا َل ْ‬ ‫ا‬
‫ت َصلللللدْ َر َها إ َل َّ‬
‫َ َ‬ ‫َ َ‬
‫لللللر َب ْ‬
‫فقال‪ َ ( :‬ا َع اد َّ ا ) هي عدي ولكنه اضطر للتنوين ونصب‪ ،‬ومن ذلك قول جرير‬
‫وهو يف النكرة المقصودة‪:‬‬
‫ألؤملللللللا ا أبلللللللا للللللللك واغعرابلللللللا‬ ‫أعبللللللدا حللللللق يف للللللعبى غر بللللللا‬
‫رجال معينًا‪ ،‬ومن ذلك‬
‫يعني أجمعت بين األمرين‪ ،‬فقال‪( :‬أعبدا) وهو يقصد ً‬
‫جريرا الشاعر المشهور يف العلم والنكرة‬
‫ً‬ ‫قول السلطان العبدي وهو يخاطب‬
‫المقصودة قال‪:‬‬
‫للللر ولُللللن يف ليللللب ا للللع‬
‫جر ِ‬ ‫للللا للللاعرا ا للللاعر اليلللل م مَللللله‬
‫جريرا يقول له‪:‬‬
‫ً‬ ‫يخاطب‬
‫لللر‪..............................‬‬
‫جر ل ِ‬ ‫للللا للللاعرا ا للللاعر اليلللل م مَللللله‬
‫جرير وحذف حرف النداء‪ ،‬فقوله‪ ( :‬ا اعرا)‪ ،‬هذه النكرة المقصودة‬
‫ٌ‬ ‫يعني يا‬
‫جرير هذا العلم اضطر إلى‬
‫ٌ‬ ‫التي اضطر إلى تنوينها ونصب‪ ،‬وقوله‪( :‬جر ِر) أي‪ :‬يا‬
‫تنوينه فنون وأبقاه مضمو ًما‪.‬‬
‫ل ابن مالك‪:‬‬ ‫ُ بعد ةلك‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪539h‬‬
‫‪g‬‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫للللع َ للللا َو َأل‬ ‫ا‬
‫الَ َملللللللق‬
‫لللللللع اهلل َو َم ْحُلللللللي د‬
‫إاَ َم َ‬ ‫َوباا ْ للللط َرار دم َّ‬
‫للللن َج ْم د‬
‫َذكَر‪ ‬يف هذا البيت حكم نداء ما فيه (ال)‪ ،‬االسم الذي فيه (ال) ما حكم‬
‫ندائه؟ فقال‪ :‬االسم الذي فيه (ال) ال يجوز ْ‬
‫أن يباشره حرف النداء‪ ،‬فال تقول‪" :‬يا‬
‫الرجل‪ ،‬يا الطالب‪ ،‬يا العربي‪ ،‬يا القرشي‪ ،‬يا العتيبي"‪ ،‬هذا ال يجوز‪ ،‬ال يجوز ْ‬
‫أن‬
‫نباشر حرف النداء (ال)‪ ،‬وسبب المانع ّ‬
‫أن (ال) معرفة والنداء معرف‪ ،‬وال يجتمع‬
‫معرفان كما هو معلوم‪.‬‬
‫أَّ با ر حرف النداء (ال)‪:‬‬
‫ُ اسعَنى ف ال‪ :‬إا يف ال ة م ا ع فيَ ه ْ‬
‫ع ا ول‪ :‬ضرورة الشعر‪ ،‬وهذا واضح‪ ،‬ومن ذلك قول الراجز‪:‬‬ ‫‪ -‬الم‬
‫للللللللللرا‬
‫ّ‬ ‫أَّ ع بانللللللللللا‬
‫إ ّ ا مللللللللللا ْ‬ ‫فلللللللرا‬
‫ّ‬ ‫فيلللللللا ال الملللللللاَّ ا ّلللللللللَاَّ‬
‫ومن ذلك قول الشاعر‪:‬‬
‫للللت ال دعلللللال َعلللللدنَاَّ‬
‫للللت لللللل ده بيل َ‬
‫َع َرفل ْ‬ ‫للك المعللل ّ دج وا ّللللَ‬
‫للاْ لللا الملل د‬
‫عبل د‬
‫ومن ذلك قول الشاعر‪:‬‬
‫ا‬
‫وأنلللللللت بخيلللللللل ِة بلللللللال د عنلللللللي‬ ‫للك لللا العلللي يمل ا‬
‫للت قلبلللي‬ ‫ملللن أجلل ا‬

‫كل ذلك من ضرائر الشعر‪.‬‬


‫ع الَاين‪ :‬مع لفظ الَاللة اهلل نح ‪ :‬ا اهلل اغفر لي‪ ،‬ا اهلل اغفر لي‪،‬‬ ‫‪ -‬الم‬
‫و عليق ةلك وا ح ف د علل ه بٌمر ن‪:‬‬
‫‪ -‬ا مر ا ول‪ :‬كثرة االستعمال‪.‬‬
‫أن (أل) يف لفظ الجاللة زائد ٌة الزمة‪ ،‬ال ُتحذف منه بحال‪ ،‬هي‬
‫‪ -‬وا مر الَاين‪ّ :‬‬
‫معرف بالعالمية علم على ربنا‪-‬جل جالله‪ -‬وليس معر ًفا‬
‫ٌ‬ ‫زائدة؛ ّ‬
‫ألن هذا االسم‬
‫أن ُتحذف‬
‫ب(أل)‪ ،‬ف(أل) زائدة ليست معرفة‪ ،‬وزائد ٌة الزمة‪ ،‬يعني ال يجوز ْ‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪540 h‬‬
‫مثال‪ :‬الرحمن‪ ،‬الرحيم‪ ،‬العزيز‪ ،‬السميع‪،‬‬
‫بخالف بقية أسماء الرب‪-‬جل جالله‪ً -‬‬
‫البصير‪( ،‬أل) فيها جمي ًعا زائدة؛ ألهنا أعالم معرفة بالعالمية وليست معرف ًة‬
‫علما‪ ،‬قلت‪ :‬يا رحمن‪ ،‬يا رحيم‪ ،‬تنادي‬
‫ب(أل)‪ ،‬حتى لو حذفت (أل) منها تبقى ً‬
‫ربك فهي أعال ٌم عليه‪.‬‬
‫فإن (أل) مالزم ٌة له وال ُتحذف منه بحال‪ ،‬وعللوا ذلك قالوا‪:‬‬
‫أما لفظ الجاللة ّ‬
‫أن‬ ‫ٍ‬
‫محذوف يف الكلمة‪ ،‬وكأننا سبق ْ‬ ‫ٍ‬
‫حرف‬ ‫ألن (أل) عوض عن‬ ‫ال ُتحذف منه؛ ّ‬
‫تعرضنا ألصل كلمة لفظ الجاللة اهلل‪ ،‬اهلل هذا االسم الشريف ما أصله؟ من أين‬
‫خالف مشهور بين العلماء‪:‬‬
‫ٌ‬ ‫اشتق؟ من أين أخذ؟ يف المسألة‬
‫ارتجال عن الرب وهذا ٌ‬
‫قول‬ ‫ً‬ ‫‪ -‬قيق‪ :‬إنه مرتجل يعني ال أصل له‪ ،‬وإنما ارتجل‬
‫ضعيف‪.‬‬
‫قديما وحدي ًثا وهو الصحيح‪ :‬أنه‬
‫ً‬ ‫‪ -‬وال ل الَاين وهو قول جماهير العلماء‬
‫مشتق‪ ،‬وأصله كلمة اإلله‪ ،‬اإلله هي كلمة اهلل‪ ،‬إال ّ‬
‫أن الهمزة يف كلمة اإلله حذفت‬
‫تخفي ًفا فصارت اهلل‪.‬‬
‫أن تتأمل اإلله اهلل‪ ،‬هي نفس الكلمة الفرق بينهما فقط ّ‬
‫إن الهمزة سقطت‬ ‫ْ‬
‫والالم ُفخمت‪ ،‬فعندما أسقطت العرب الهمزة قالوا‪ :‬تخفي ًفا لهذه الكلمة التي هي‬
‫أكثر كلمة تدور يف كالم العرب‪ ،‬فطلبوا تخفيفها فأسقطوا الهمزة‪ ،‬فعندما أسقطوا‬
‫الهمزة جعلوا (أل) فيها الزم ًة ٌ‬
‫عوض عن هذه الهمزة المحذوفة‪.‬‬
‫فلهذا تجد العلماء عندما يذكرون معنى اهلل يف اللغة يقولون‪ :‬المألوف؛ ّ‬
‫ألن هو‬
‫اإلله‪ ،‬اإلله يعني المألوف‪.‬‬
‫ع الَالث مما َامع فيه (أل)‪ :‬حرف النداء من العلم المنقول من‬ ‫‪ -‬الم‬
‫خير"‪ ،‬سميت أي شيء ولدك أو أي شيء سميته الرب‬ ‫جملة‪ْ ،‬‬
‫كأن تسمي أحدً ا "الرب ٌ‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪541 h‬‬
‫‪g‬‬
‫خير اقبل"‪ ،‬وقد سبق يف باب العلم أنه يجوز‬ ‫خير‪ ،‬ثم أردت ْ‬
‫أن تناديه فتقول‪" :‬الرب ٌ‬ ‫ٌ‬
‫أن تنقل مما شئت من اللغة إلى باب العلم‪ ،‬يعني لك ْ‬
‫أن تسمي بما شئت‪.‬‬ ‫لك ْ‬
‫أن تسمي ابنك أو شركتك أو محلك أو اخرتاعك أو اكتشافك ْ‬
‫أن تجعل‬ ‫لك ْ‬
‫أن تسمي ولدك بوصف‪ ،‬فتسميه بصالح‬ ‫ٍ‬
‫شيء شئت من اللغة‪ ،‬لك ْ‬ ‫علما عليه أي‬
‫ً‬
‫أن تسميه بمصدر مثل‪ :‬فضل‪ ،‬ولك ْ‬
‫أن‬ ‫أو محمود أو حسن هذه أوصاف‪ ،‬ولك ْ‬
‫أن تسميه بحرف‪ ،‬ولك ْ‬
‫أن‬ ‫تسميه بفعل‪ ،‬تسميه بيزيد أو يشكر أو أحمد‪ ،‬ولك ْ‬
‫شاب قرناها‪ ،‬أو ْ‬
‫أن تسميه بنزل الخير‪.‬‬ ‫شرا أو َ‬
‫تسميه بجملة‪ ،‬مثل‪ :‬تأبط ً‬
‫تسمي ولدك أو تسمي شركتك‪ ،‬وهذا موجود اآلن يف شركات كثيرة‪ ،‬تجد‬
‫كأن تسميه‬ ‫ٍ‬
‫بجملة إسمية ْ‬ ‫اسمها مركب من أكثر من كلمة ال بأس بذلك‪ ،‬أو تسميه‬
‫ٍ‬
‫حينئذ ويف‬ ‫مثال‪ :‬االتفاق قوةٌ‪ ،‬فإذ ناديته‬
‫خير‪ ،‬أو تسميه ً‬
‫المنطلق زيدٌ ‪ ،‬أو تسميه الرب ٌ‬
‫حينئذ صارت جز ًءا من االسم‬‫ٍ‬ ‫خير اقبل"؛ ّ‬
‫ألن (أل)‬ ‫أوله (أل) ال بأس تقول‪" :‬الرب ٌ‬
‫ولم تكن حرف تعريف‪.‬‬
‫ْ‬
‫فإن قلت‪ :‬عرفنا ذلك‪ ،‬ولكن السؤال‪ :‬كيف أنادي االسم الذي فيه (أل) يف غير‬
‫هذه المواضع؟ هذه المواضع تناديه وفيه (أل)‪ ،‬فإذا أردت ْ‬
‫أن تنادي الرجل‬
‫الطالب العربي العتيبي‪ ،‬كيف تنادي االسم الذي فيه (أل)؟‬
‫ر عين‪:‬‬ ‫فالَ اب‪ :‬ناد ه يف العربية بإحد‬
‫‪ -‬الطر ة ا ولى‪ْ :‬‬
‫أن تحذف (أل) منه‪ ،‬ثم تناديه‪ ،‬فالرجل تناديه بقولك‪" :‬يا‬
‫رجل اجلس‪ ،‬يا رجل تعال"‪ ،‬والطالب "يا طالب اجتهد"‪ ،‬والعربي تقول‪" :‬يا‬
‫عربي"‪ ،‬تحذف (أل)‪ ،‬والعتيبي تقول‪" :‬يا عتيبي‪ ،‬يا قحطاين‪ ،‬يا قرشي" وهكذا‪،‬‬
‫والمعنى واحد؛ ألنك إذا قلت‪" :‬يا ُ‬
‫رجل" فهذه معرفة أم نكرة؟ معرفة‪ْ ،‬‬
‫وإن كانت‬
‫ُتسمى يف النحو نكرة مقصودة‪.‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪542h‬‬
‫ف ‪ ،‬لُن‬ ‫قلنا يف الدرْ الما ي‪ :‬النُرة الم ص دة هَا مصطلح نح‬
‫إَّ ما فيه (أل)‬
‫النُرة الم ص دة هَه " ا رجق" هي معرفة با فاق النح ين‪ ،‬قلنا‪ّ :‬‬
‫ر عين‪:‬‬ ‫يف غير هَه الم ا ع الَال ة د ناد بإحد‬
‫‪ -‬الطر ة ا ولى‪ْ :‬‬
‫أن تحذف أال)‪ ،‬فتقول‪" :‬يا رجل‪ ،‬يا عربي"‪ ،‬ومع ذلك‬
‫ألن التعريف ٍ‬
‫باق‪.‬‬ ‫المعنى واحد؛ ّ‬
‫‪ -‬الطر ة ا مر لنداء ما فيه (أل)‪ْ :‬‬
‫أن تفصل بين (أل) وحرف النداء بأيها‬
‫للمذكر وأيتها للمؤنث‪ ،‬فتقول‪" :‬يا أيها الرجل‪ ،‬يا أيتها المرأة‪( ،‬ﯓ ﯔ‬
‫ﯕ) [الب رة‪( ،]104:‬ﮜ ﮝ) [الب رة‪ ،]21:‬يا أيها القائم اجلس‪ ،‬يا‬
‫ِ‬
‫تعال‪ ،‬يا أيها المجتمعون‪ ،‬يا أيها المصليات‪ ،‬يا أيتها المصليات"‪،‬‬ ‫أيتها المشرفة‬
‫ٍ‬
‫حينئذ أي هذا اسم‪ ،‬معرفة أم نكرة؟ نكر ٌة مقصودة‪ ،‬هو نكرة ولكنه تعرف‬ ‫وإعرابه‬
‫بالنداء؛ ألننا ال نذكر أي يف المعارف‪ ،‬المعارف سبعة ليس منها إال المعرف‬
‫بالنداء‪.‬‬
‫يعني إذا دخل النداء على نكرة صار معرف ًة بالنداء‪ ،‬فأي نكر ٌة مقصودة يعرب‬
‫مبني على الضم يف محل نصب؛‬
‫إعراب النكرة المقصودة‪ ،‬نقول‪" :‬أي" منادى ٌ‬
‫ألنه نكر ٌة مقصودة أي‪ ،‬وأما ه فهو حرف تنبيه ُيعرب إعراب الحروف‪ ،‬إ ًذا نقول‪ :‬ه‬
‫مبني على السكون ال محل له من اإلعراب أي‪.‬‬
‫حرف تنبيه ٌ‬
‫فإن كان وص ًفا فهو نعت‪ ،‬وعرفنا المراد بالوصف كررناه‬
‫أما ما بعد أي وأيتها ْ‬
‫كثيرا‪ ،‬ذكرنا بالوصف يا أخي‪ ،‬ما المراد بالوصف وجمعه أوصاف غير الصفة‬
‫ً‬
‫وجمعها صفات؟ الصفة يعني نعت‪ ،‬وللوصف جمعه أوصاف‪.‬‬
‫الطالب‪ :‬أوصاف اسم فاعل‪.‬‬
‫ال يخ‪ :‬اسم الفاعل واسم المفعول وصيغ المبالغة والصفة المشبهة واسم‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪543h‬‬
‫‪g‬‬
‫حكم‬
‫ٌ‬ ‫ودائما لها‬
‫ً‬ ‫التفضيل‪ ،‬المشتقات العاملة عمل أفعالها هذه هي األوصاف‬
‫مستقل‪ ،‬فإذا كانت وص ًفا فهي ٌ‬
‫نعت‪ ،‬نحو‪" :‬يا أيها القائم‪ ،‬يا أيتها المشرفة‪ ،‬يا أيها‬
‫نعت ألي‪،‬‬
‫نعت ألي‪ ،‬المشرفة ٌ‬
‫المجتمعون‪ ،‬يا أيتها المصليات"‪ ،‬نقول‪ :‬القائم ٌ‬
‫نعت يعني تابع‪ ،‬والتابع تابع المنادى سيأيت الكالم عليه يف الفصل القادم كما نبهنا‬
‫على ذلك من قبل‪.‬‬
‫بدل أو عطف بيان‪ ،‬إذا لم يكن وص ًفا فهو ٌ‬
‫بدل أو‬ ‫ٍ‬
‫وصف فهو ٌ‬ ‫ْ‬
‫وإن كان غير‬
‫عطف بيان‪ ،‬نحو‪" :‬يا أيها الرجل‪ ،‬يا أيتها المرأة‪( ،‬ﯓ ﯔ ﯕ)‬
‫[الب رة‪( ،]104:‬ﮜ ﮝ) [الب رة‪ ،"]21:‬نقول‪ :‬الرجل يف "يا أيها الرجل"‬
‫أيضا من التوابع‪ ،‬فسيأيت الكالم على‬
‫هذا بدل أو عطف بيان‪ ،‬والبدل وعطف البيان ً‬
‫حكم التوابع يف الفصل القادم‪.‬‬
‫ُ معُ ابن مالك‪ ‬الباب ب له‪:‬‬
‫لللللُ فالللللي َقلللللرا اض‬ ‫َو َ َّ‬
‫لللللَ لللللا ال َّل د َّ‬ ‫للللللللُ باللللللللال َّع ْع ا ْ ض‬
‫َّ‬ ‫َوا َ ْ ََ د‬
‫للللللللر ال َّل د‬
‫القريض هو الشعر‪ ،‬ذكَر‪ ‬يف هذا البيت نداء االسم الشريف (ال َّل د َُّ)‪،‬‬
‫فنقول‪ :‬اللهم هو يا اهلل‪ ،‬إال ّ‬
‫أن العرب حذفت حرف النداء ياء وعوضت عنه بالميم‬
‫المشددة يف آخر االسم فقالوا‪ :‬اللهم‪ ،‬فلهذا نعرب اللهم كما نعرب يا اهلل‪ ،‬يا اهلل‪:‬‬
‫مبني على الضم يف محل نصب‪ ،‬كذلك‬
‫يا حرف نداء‪ ،‬ولفظ الجاللة اهلل منادى ٌ‬
‫اللهم‪.‬‬
‫اهلل نقول‪:‬‬
‫اهلل‪ ،‬ثم ميم ُ‬
‫اهلل هذا لفظ الجاللة ُ‬
‫انتبهوا الهاء يف اللهم مضمومة ُ‬
‫مبني على الضم يف محل نصب‪ ،‬والميم حرف تعويض مبني على‬
‫اللهم" منادى ٌ‬ ‫" ُ‬
‫الفتح ال محل له من اإلعراب‪.‬‬
‫كثير جدًّ ا‪ ،‬بل هو أكثر‬
‫ثم نقول توسي ًعا للفائدة‪ :‬نداء اسم اهلل‪-‬جل جالله‪ٌ -‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪544 h‬‬
‫النداء‪ ،‬فهو أعظم مطلوب وأرحم مسؤول‪ ،‬وأكثر َمن نداه خلقه‪-‬جل جالله‪،-‬‬
‫أن الشيء إذا‬ ‫ٍ‬
‫أوجه كثيرة على قاعدهتم ّ‬ ‫ولهذا تصرفت العرب يف هذا النداء على‬
‫كثر يف كالمهم كثر تصرفهم فيه‪ ،‬ولذا كان لنداء هذا االسم الشريف خمس صيغ‪،‬‬
‫كيف ُينادى هذا االسم الشريف اهلل؟ جاء يف الل ة نداؤه على ممس صيم‪:‬‬
‫‪ -‬الصي ة ا ولى‪ :‬اللهم‪ ،‬هذه هي أشهر الصيغ يف نداء هذا االسم الشريف‪،‬‬
‫وهو الذي ورد يف القرآن الكريم‪ ،‬كقوله‪( :‬ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ)‬
‫[المائدة‪( ،]114:‬ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ) [ا نفال‪( ،]32:‬ﮇ‬
‫ﮈ ﮉ ﮊ) [آل عمراَّ‪.]26:‬‬
‫‪ -‬ال جه الَاين أو الصي ة الَانية‪ :‬يا اهلل‪ ،‬بإثبات األلفين ألف حرف النداء يا‬
‫كثير‬
‫وهمزة اسم اهلل وقطعها‪ ،‬تقلب إلى همزة قطع‪ ،‬نحو‪" :‬يا اهلل اغفر لي"‪ ،‬وهذا ٌ‬
‫يف المسموع‪ ،‬وعليه ُتكتب همزة اسم اهلل همزة قطع‪ ،‬تكتب ياء ياء ألف‪ ،‬ثم همزة‬
‫قطع‪ ،‬ثم المين وهاء يا اهلل هكذا ُتكتب‪.‬‬
‫الطالب‪.]@53:01-53:00[ :‬‬
‫ال يخ‪ :‬األلف األولى ألف حرف النداء يا آخره ألف‪ ،‬والثانية‪ :‬همزة لفظ‬
‫الجاللة‪ ،‬لفظ الجاللة أليس يبدأ هبمزة؟‬
‫الطالب‪.]@53:16[ :‬‬
‫ال يخ‪ :‬إي‪ ،‬هذه ألف وهذه ألف‪ ،‬لكن الهمزة تقلبها إلى قطع‪.‬‬
‫‪ -‬الصي ة الَالَة‪ :‬يلله‪ ،‬بحذف األلفين بحذف ألف حرف النداء وبحذف همزة‬
‫اسم اهلل‪ ،‬نحو‪" :‬يلله اغفر لي"‪ ،‬وهذا مسموع عن العرب‪ ،‬وعليه ُتكتب ٍ‬
‫بياء‬ ‫ٌ‬
‫والمين وهاء "يلله اغفر لي"‪.‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪545h‬‬
‫‪g‬‬
‫‪ -‬ال جه الرابع‪" :‬يا هلل اغفر لي"‪ ،‬يا هلل بإثبات ألف حرف النداء وحذف همزة‬
‫اسم اهلل يا هلل‪ ،‬يا هلل اغفر لي‪ ،‬وعليه يكتب ٍ‬
‫بياء وألف ياء ثم المين وهاء من دون‬ ‫ُ‬
‫همزة لفظ الجاللة‪ ،‬كم ذكرنا من صيغة؟ أربع صيغ‪.‬‬
‫‪ -‬الصي ة الخامسة‪ :‬يا الهم‪ ،‬بالجمع بين ياء حرف النداء وميم التعويض وهذا‬
‫ٍ‬
‫خراش الهذلي يف سعيه بين الصفا‬ ‫ال يجوز إال يف ضرورة الشعر‪ ،‬كقول أبي‬
‫والمروة قال‪:‬‬
‫إَّ فللر اهلل لللُ فللر جمللا‬
‫وقللد أ مللا ْ‬ ‫إَّ لللُ أ مللله اهلل‬‫للامس ْ‬
‫للُ هلللَا مل ِ‬ ‫ا هل ّ‬
‫حادث ألُ أق ل لا ا هلُ لا‬‫ِ‬ ‫إين إةا ما‬ ‫وأ عبللللللللد لللللللللك مللللللللا ألمللللللللا‬
‫فجمع بين حرف النداء وميم التعويض‪،‬ا وإنما كان هذا من ضرائر الشعر‬
‫هللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللُ‬
‫قياسا فألنه‬
‫سماعا فلندرته وعدم وروده إال يف الشعر‪ ،‬وأما ً‬
‫ً‬ ‫وقياسا‪ ،‬أما‬
‫ً‬ ‫سما ًعا‬
‫جمع بين العوض والمعوض‪ ،‬وال اعدة‪ :‬أنه ال ُيجمع بين العوض والمعوض‪،‬‬
‫العوض الميم‪ ،‬والمعوض عنه حرف النداء‪ ،‬وسبق ذلك يف شرح الكلمة وأصلها‪،‬‬
‫هذا قول البصريين وجمهور العلماء وهو الصحيح‪.‬‬
‫وكثير من الكوفيين ال يرون ذلك‪ ،‬بل يرون ّ‬
‫أن أصل اللهم يقولون أصلها‪َ " :‬يا‬ ‫ٌ‬
‫هلل ُأ َّمنَا بِ َخ ْي ٍر"‪ ،‬ثم حذفت جملة ُأ َّمنَا بِ َخ ْي ٍر كلها وأبقيت الميم منها فقط‪ ،‬ولذا‬
‫َأ ُ‬
‫يجيزوهنم يف الكالم يعني يف النثر يجيزون ْ‬
‫أن ُيقال‪ :‬يا الهم وال يجعلونه ضرور ًة‬
‫جمع بين العوض والمعوض‪ ،‬وقولهم ضعيف؛ ألنه‬ ‫ٌ‬ ‫شعرية؛ ألنه ليس عندهم‬
‫أيضا حذف حرف النفي؟ وألنه لو كان هذا‬
‫ُيقال‪ :‬اللهم ال تأمنا بخير‪ ،‬فهل ُيقال ً‬
‫هو األصل بالفعل لكانت العرب تقول يف دعائها‪ :‬اللهم واغفر لنا‪ ،‬يعني اللهم أمنا‬
‫تكلف‬
‫ٌ‬ ‫بخير واغفر لنا‪ ،‬لكن العرب ال تقول ذلك‪ ،‬وهو على كل حال ٌ‬
‫قول فيه‬
‫ظاهر‪.‬‬
‫أيضا يضربون تخفيف هذا االسم عند‬
‫فإذا علمت كل ذلك اعلم أهنم ما زالوا ً‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪546h‬‬
‫كثيرا‪،‬‬
‫قليال ويف الشعر ً‬
‫النداء لكثرته‪ ،‬فيقولون يف‪ :‬اللهم ال هم‪ ،‬وهذا يرد يف الكالم ً‬
‫النبي ‪ ‬يف قصة‬
‫يقولون‪ :‬ال هم‪ ،‬ومن ذلك قول عبد المطلب جد ّ‬
‫أبرهة وهدم الكعبة المشهورة قال‪" :‬ال هم ّ‬
‫إن المرء يمنع رحله فامنع رحالك‪،‬‬
‫غدوا‬
‫وانصر على آل الصليب وعابديه اليوم آلك‪ ،‬ال يغلبن صليبهم ومحالهم ً‬
‫غدوا يريد غدً ا‪.‬‬
‫محالك"‪ً ،‬‬
‫ٍ‬
‫امرئ منك على‬ ‫ومن ذلك قول العجاج‪" :‬الهم ال أدري‪ ،‬وأنت الداري‪ ،‬كل‬
‫مقدار"‪ ،‬ومن ذلك قول الراجز‪:‬‬
‫للللاحج ٌ يلللللك بلللللي‬
‫ِ‬ ‫فلللللال للللل ال ل‬ ‫إَّ نلللللت قبللللللت حَعلللللي‬
‫اهلللللُ ْ‬
‫كثير‬
‫إَّ ُ)‪ ،‬فهذا ٌ‬
‫مامس ْ‬
‫ِ‬ ‫هُ هَا‬ ‫ٍ‬
‫خراش الهذلي‪( :‬ا ّ‬ ‫وسبق قبل قليل قول أبي‬
‫يف الشعر طل ًبا للتخفيف‪ ،‬و ُينطق بتخفيف الالم ال هم‪ ،‬والخالصة يف نداء هَا‬
‫ااسُ ال ر ف اهلل‪ّ :‬‬
‫أن اللهم هو األكثر يف ندائه وهو الوارد يف القرآن الكريم‪ ،‬وهذا‬
‫هو قول ابن مالك‪ ،‬واألكثر اللهم بالتعويض‪ ،‬يعني األكثر يف نداء اسم اهلل‪ْ ‬‬
‫أن‬
‫ُيقال اللهم بالتعويض‪.‬‬
‫كثير فصيح‪ ،‬ثم يلله وياهلل وهما قليالن صحيحان‪ ،‬ثم يا الهم‪،‬‬ ‫ثم يا اهلل‪ ،‬وهذا ٌ‬
‫وهو ضرور ٌة شعرية وأشار إليه ابن مالك بقوله‪َ ( :‬و َ ََّ ا ال َّل د َُّ فاي َقرا اض)‪ ،‬واهلل‬
‫أعلم‪.‬‬
‫وصلى اهلل وسلُ على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين‪.‬‬

‫‪¹‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪547h‬‬
‫‪g‬‬

‫الدرس السابع والتسعون‬


‫﷽‬

‫الحمد هلل رب العالمين‪ ،‬والصالة والسالم على نبينا محمد‪ ،‬وعلى آله‬
‫وأصحابه أجمعين‪.‬‬
‫َّأما بعد‪...‬‬
‫فسالم اهلل عليكم ورحمته وبركاته‪ ،‬وحياكم اهلل وبياكم يف هذه الليلة ليلة‬
‫ٍ‬
‫وأربعمائة وألف من هجرة‬ ‫اإلثنين الخامس من شهر المحرم من سنة أرب ٍع وثالثين‬
‫المصطفى‪ ،‬نحن يف جامع الراجحي بمدينة الرياض يف حي‬
‫الجزيرة لنعقد بحمد اهلل وبتوفيقه الدرس السابع والتسعين من دروس شرح [ألفية‬
‫ابن مالك]‪-‬عليه رحمة اهلل تعالى‪.-‬‬
‫ويف البداية لعلي أنبه إلى اسم هذا الشهر الكريم المحرم وهو شهر المحرم‪،‬‬
‫فالوارد عن العرب أنه بال شهر المحرم‪ ،‬وقول النَّاس‪ :‬شهر محرم بحذف أل هذا‬
‫لم يرد يف اللغة‪ ،‬كما أنك ال تقول‪ :‬شهر الرمضان وإنَّما تقول‪ :‬شهر رمضان‪ ،‬كما‬
‫سمع عن العرب تقول‪ :‬شهر المحرم؛ ألنه يف األصل اسمه شهر اهلل المحرم‪ ،‬ثم‬
‫اختصر فقيل‪ :‬شهر المحرم‪ ،‬فيجب ْ‬
‫أن تبقى األسماء كما هي دون تغيير‪.‬‬
‫يف آخر درس كنا تكلمنا على باب النداء‪ ،‬وشرحنا كل األبيات التي يف هذا‬
‫الباب‪ ،‬حتى شرحنا البيت األخير الذي قال فيه ابن مالك‪:‬‬
‫لللللُ فالللللي َقلللللرا اض‬ ‫َو َ َّ‬
‫لللللَ بلللللا ال َّل د َّ‬ ‫للللللللُ باللللللللال َّع ْع ا ْ ض‬
‫َّ‬ ‫َوا َ ْ ََ د‬
‫للللللللر ال َّل د‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪548h‬‬
‫إَّ اهلل‪-‬جق‬
‫وة رنا حينَاَ ما ععلق بنداء اللفظ الَليق العظيُ اهلل‪ ،‬وقلنا‪ّ :‬‬
‫جالله‪ -‬قد ن د يف الل ة بُُ صي ة؟ بخمس صيم‪:‬‬
‫‪ -‬أ رها‪ :‬اللهم وهي األكثر‪" ،‬اللهم اغفر لي"‪.‬‬
‫‪ -‬والصي ة الَانية‪ :‬يا اهلل بإثبات األلفين‪" ،‬يا اهلل اغفر لي"‪ ،‬وهذه كثير ٌة‬
‫فصيحة‪.‬‬
‫‪ -‬والَالَة‪ :‬يلله‪" ،‬يلله اغفر لي"‪ ،‬وهذه قليلة ولكنها واردة‪.‬‬
‫‪ -‬والرابعة‪ :‬يا هلل بإثبات األلف األولى ألف الياء وحذف همزة لفظ الجاللة‬
‫"يا هلل اغفر لي"‪ ،‬وهذه قليلة ولكنها مسموعة‪.‬‬
‫‪ -‬والخامسة‪ :‬يا ال هم بجمع ياء مع اللهم‪ ،‬وهذه قلنا خاص ًة بضرورة الشعر‪.‬‬
‫لكن بقي هنا كنكت ٌة علمية أحببت ْ‬
‫أن أذكرها يف هذه اللفظة اللهم‪ ،‬فهي يف أكثر‬
‫اللغة ندا ٌء هلل‪ ‬كما ذكرنا قبل قليل‪ ،‬إال أهنا ُتستعمل ً‬
‫أيضا استعمالين‬
‫آخرين يف غير نداء اهلل‪:‬‬
‫‪ -‬ااسععمال ا ول‪ :‬أهنا ُتستعمل لتمكين الجواب وتقويته وتحقيقه‪ْ ،‬‬
‫كأن‬
‫أقائم زيد؟" فتقول‪" :‬اللهم‪ ،‬نعم"‪ ،‬أو تقول‪" :‬اللهم‪ ،‬ال"‪ ،‬فاللهم هنا‬
‫يقول قائل‪ٌ " :‬‬
‫ليست لنداء اهلل‪-‬جل جالله‪ ،-‬لكن لتأكيد وتمكين الجواب‪ ،‬ومن ذلك الحديث‬
‫ك؟ ف َال‪ :‬ال َّل د َُّ َن َع ُْ»‪.‬‬
‫أعرابي إلى النبي ‪ ‬فقال له‪« :‬آهللد ْأر َس َل َ‬
‫ٌ‬ ‫المشهور عندما أتى‬
‫أن ُتستعمل ً‬
‫دليال على قلة الشيء‬ ‫‪ -‬وااسععمال الَاين‪ :‬اللهم يف غير نداء اهلل ْ‬
‫أن تقول‪" :‬سأزورك الليلة ْ‬
‫إن‬ ‫ٍ‬
‫حينئذ يف المعنى بمعنى إال‪ ،‬ك ْ‬ ‫وبعد وقوعه‪ ،‬وتكون‬
‫أن يحدث لي مانع‪ ،‬فهذا وار ٌد‬ ‫شاء اهلل‪ ،‬اللهم إذا لم يحدث لي مانع"‪ ،‬يعني إال ْ‬
‫أيضا يف اللغة‪ ،‬وليس المعنى على نداء اهلل‪ ،‬ولكن المعنى كما ذكرنا قبل قليل‪.‬‬
‫ً‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪549h‬‬
‫‪g‬‬
‫مثال‪،‬‬ ‫وهذا يكثر عند المؤلفين كقول المؤلفين‪" :‬اللهم ْ‬
‫أن ُيقال كذا وكذا" ً‬
‫أن ُيقال كذا وكذا"‪ ،‬كقولهم‪" :‬ال يجوز‬ ‫ٌ‬
‫مشكل وال جواب له‪" ،‬اللهم ْ‬ ‫وهذا األمر‬
‫أكل الميتة‪ ،‬اللهم ْ‬
‫أن يضطر إلى ذلك فيجوز"‪ ،‬فالمعنى إال‪.‬‬
‫فهذان أسلوبان الللهم واردان يف اللغة ال ُيقصد هبما حقيقة النداء‪ ،‬فهذا هناية‬
‫الكالم على باب النداء‪ ،‬لننتقل بعد ذلك إلى الفصل الذي عقده ابن مالك‪‬‬
‫تابع‬
‫فصق) فمعنى ذلك أنه ٌ‬ ‫فصق)‪ ،‬بما أنه عنونه بقوله‪ِ ( :‬‬
‫بعد هذا الباب فقال‪ِ ( :‬‬
‫للباب السابق‪ ،‬هي مسألة من مسائل باب السابق إال أهنا مسأل ٌة فيها تفصيل‪،‬‬
‫فخصها هبذا الفصل‪.‬‬
‫وهذا الفصل هو أول فص ٍل يرد يف [األلفية]‪ ،‬كل ما سبق هي أبواب‪ ،‬والفصول‬
‫ستكثر يف آخر [األلفية] بعد ذلك‪ ،‬إال أنه جاء يف بعض النسخ جعل باب ما وال‬
‫والت وإن المشبهات بليس تذكرونه الذي ذكرناه بعد باب كان وأخواهتا ذكر على‬
‫أنه باب‪ ،‬وهذا هو األظهر‪ ،‬لكن جاء يف بعض النسخ ( َف ْص ِق فالي َما َواَ َوا َََ َوإا َّْ‬
‫ا ْل دلم َ َّب َ اَ)‪.‬‬
‫ٍ‬
‫فحينئذ يكون هذا الفصل الذي عندنا يف النداء يكون هو الفصل الثاين‪ ،‬فهذا‬
‫فقط من تتبع ترتيب [األلفية]‪.‬‬
‫أما ا بياَ العي ة رها‪ ‬يف هَا الفصق ف ي سبعة أبياَ‪ ،‬قال في ا‪:‬‬
‫الح َيلللللق‬ ‫َأل ا مللللله نَصلللللب ٌََ َه لللللدد َةا ا‬ ‫وَّ َأل‬ ‫للاف دد َ‬‫الم َا َ‬ ‫‪َ .585‬للابا َع اة‬
‫ْ‬ ‫ْ د ْ َ‬ ‫الاللُ د‬ ‫َّ‬
‫دَم ْسلللللللللل َع ا ق ن ََسلللللللللل َو َبللللللللللدَ ا‬ ‫اج َعلالَ‬ ‫لب َو ْ‬
‫ا‬ ‫ا‬
‫‪َ .586‬و َما س َ ا ده ْار َف ْلع َأ او انْص ْ‬
‫َف افيل ا‬
‫لللللله َو ْج َ ل ا‬ ‫للح َب َأل َمللا ن ادسلل َ ا‬
‫للللللع د نْ َع َ لللللللى‬
‫للللللاَّ َو َر ْفل ِ‬ ‫ْ‬ ‫دللن َم ْص د‬‫‪َ .587‬وإا َّْ َ ُ ْ‬
‫الم ْعرا َفللللل ْه‬
‫َ‬ ‫للللالر ْف اع َللللللدَ اة‬
‫َ لللللل َ دم بال َّ‬ ‫لللح َب َأل َب ْعلللدد اصللل َف ْه‬
‫‪َ .588‬و َأ َ لللا َم ْص د‬
‫ا‬ ‫للللللَا َأ لللللللا ا َّلل ا‬
‫لللللرد‬
‫هلللللَا د َ‬ ‫َ‬ ‫لللللف َأ باسللللل َ‬
‫َو َو ْص د‬ ‫للللللَ َو َر ْد‬ ‫‪َ .589‬و َأ هل َ َ‬
‫الم ْعرا َفللللل ْه‬ ‫للللاَّ َْر د َ لللللا د اف ْيل د‬
‫للللت َ‬ ‫إا َّْ َ ل َ‬ ‫َللللٌ فاللللي الصلللل َف ْه‬ ‫للللارة َ‬ ‫‪َ .590‬و دةو إا َ َ‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪550h‬‬
‫ا‬ ‫ا ا‬ ‫‪.591‬فاي ن َْح ا َس ْعدَ َس ْعدَ‬
‫لللللُ َوا ْفللللللع ََح َأ َّوا دصل ْ‬
‫لللللب‬ ‫َ للللللاَّ َو د ل َّ‬ ‫لب‬
‫ااوْ َ نْعَص ْ‬
‫فهذه سبعة أبيات ذكرها يف هذا الفصل‪.‬‬
‫ٍ‬
‫لمسألة معينة يف باب النداء‪ ،‬ما هذه المسألة؟‬ ‫إ ًذا فهذا الفصل معقو ٌد‬
‫أحكام تابع املنادى املبني‪.‬‬
‫أن يكون مبن ًيا‪ ،‬وإما ْ‬
‫أن يكون منصو ًبا‪ ،‬وشرحنا ذلك‬ ‫المنادى‪-‬كما سبق‪ -‬إما ْ‬
‫ٍ‬
‫سؤال يرد‬ ‫بالتفصيل‪ ،‬وهذا الفصل معقو ٌد لبيان أحكام توابع المنادى المبني‪ ،‬فأول‬
‫لماذا كان هذا الفصل ألحكام توابع المنادى المبني؟ فأين الكالم على أحكام‬
‫توابع المنادى المعرب المنصوب؟‬
‫فالَ اب عن ةلك‪ّ :‬‬
‫أن توابع المنادى المعرب ال تحتاج إلى كال ٍم جديد‬
‫يختلف عن الكالم الذي ُيذكر يف باب أو يف أبواب التوابع‪ّ ،‬‬
‫فإن المنادى المعرب‬
‫ٌ‬
‫مفعول به يف‬ ‫منصوب يف المحل؛ ّ‬
‫ألن المنادى حكمه النصب؛ ألنه‬ ‫ٌ‬ ‫المنصوب هو‬
‫أيضا منصوب‪.‬‬
‫الحقيقة فحكمه محله النصب‪ ،‬وهو يف اللفظ ً‬
‫منصوب يف الحكم أي المحل‪ ،‬ويف اللفظ‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫فالمنادى المعرب المنصوب هو‬
‫إن اتبعت اللفظ فالنصب‪ْ ،‬‬
‫وإن اتبعت اللفظة‬ ‫ٍ‬
‫حينئذ إال النصب‪ْ ،‬‬ ‫فتابعه ليس فيه‬
‫مثال‪" :‬يا عبد اهللِ"‪ ،‬هذا منادى منصوب‪ ،‬اتبعه تقول‪" :‬يا عبد اهللِ‬
‫فالنصب‪ ،‬تقول ً‬
‫الشجاع تعال"‪" ،‬يا عبد اهللِ الكريم"‪" ،‬يا عبد اهللِ البطل تعال"‪ ،‬ليس لك إال ذلك‪.‬‬
‫طالب العلم المجتهد ابشر"‪" ،‬يا ربنا‬
‫َ‬ ‫طالب العلم" صفه باالجتهاد "يا‬
‫َ‬ ‫"يا‬
‫اغفر لنا"‪ ،‬صف ربنا بالعظيم "يا ربنا العظيم اغفر لنا"‪ ،‬ليس لك إال ذلك‪" ،‬يا‬
‫رسولنا الكريم صلى عليك اهلل وسلم"‪" ،‬يا صديقي العزيز سأزورك الليلة"‪ ،‬وهذا‬
‫الكالم يخص التوابع كلها إال البدل وعطف النسق‪ ،‬فحكمهما واحد بعد المنادى‬
‫المبني وبعد المنادى المعرب‪ ،‬وسنعرف ذلك عندما نصل إلى حكمهما هنا‪.‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪551h‬‬
‫‪g‬‬
‫وهَه فائدة م مة بين لك الفرق بين هَه الع ابع‪ :‬المنادى المبني‪-‬كما قلنا‬
‫قبل قليل‪ -‬حكمه محله يختلف عن لفظه‪ ،‬فحكمه النصب ولفظه إما ْ‬
‫أن ُيبنى على‬
‫الضم‪ ،‬أو ُيبنى على الواو‪ ،‬أو ُيبنى على األلف‪ ،‬إما ْ‬
‫أن ُيبنى على الضم كقولك‪" :‬يا‬
‫طالبات" حكمه النصب ولفظه مبني على الضم‪ ،‬أو ُيبنى على الواو "يا‬
‫ُ‬ ‫إبراهيم‪ ،‬يا‬
‫ُ‬
‫محمدون‪ ،‬يا مسلمون"‪ ،‬أو ُيبنى على األلف "يا محمدان‪ ،‬يا مسلمان"‪.‬‬
‫ومن المعلوم عندكم جمي ًعا ّ‬
‫أن التوابع هي‪ :‬النعت و ُيقال عنها الصفة‪،‬‬
‫والتوكيد‪ ،‬وعطف البيان‪ ،‬وعطف النسق‪ ،‬والبدل‪ ،‬هذه درسناها من قبل ومعروفة‪،‬‬
‫أن نشرح هذه األبيات أحب ْ‬
‫أن‬ ‫أن نبدأ بشرح الفصل‪ ،‬وقبل ْ‬
‫لكن نؤكد عليها قبل ْ‬
‫نثرا‪ ،‬وربما يصعب ْ‬
‫أن أتتبعها يف األبيات‬ ‫ألخص األحكام؛ ألهنا منثور ٌة يف األبيات ً‬
‫لكن نلخصها اآلن نضبطها نفهمها‪ ،‬ثم بعد ذلك ننظر يف كالم ابن مالك‪.‬‬
‫نٌمَ الع ابع ابعا ابعا‪:‬‬
‫‪ -‬أما البدل‪ :‬البدل حكمه حكم المنادى المستقل‪ ،‬تعامله كأنه هو المنادى‬
‫يعني تدخل عليه حرف النداء وتنظر كيف يكون الحكم‪ ،‬كقولك‪" :‬يا ُ‬
‫شيخ محمدُ‬
‫تعال"‪ ،‬كيف تنادي شيخك الذي اسمه محمد؟ تقول‪" :‬يا ُ‬
‫شيخ محمدُ أجب عن‬
‫ُ‬
‫شيخ‪ :‬هذا منادى مبني على الضم؛ ألنه نكر ٌة مقصودة‪ ،‬والنكرة‬ ‫سؤالي"‪ ،‬يا‬
‫شيخ محمدُ "‪ ،‬محمدُ هنا طب ًعا عرفنا من قبل ّ‬
‫أن الشيخ هو‬ ‫المقصودة معرفة‪" ،‬يا ُ‬
‫محمد ومحمد هو الشيخ‪.‬‬
‫بدال‪ ،‬ويصح ْ‬
‫أن تكون عطف بيان‪ ،‬عرفنا الفرق بينهما من‬ ‫إ ًذا فيصح ْ‬
‫أن تكون ً‬
‫حيث المعنى‪.‬‬
‫بدال تقول‪" :‬يا ُ‬
‫شيخ محمدُ "‪ ،‬فمحمدُ تجعلها مبني ًة على الضم‪،‬‬ ‫فإذا كانت ً‬
‫كثيرا‪ -‬على نية‬ ‫كأنك قلت‪" :‬يا محمدُ " كأنه منا ًدى مستقل؛ ّ‬
‫ألن البدل‪-‬كما كررنا ً‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪552h‬‬
‫تكرار العامل‪ ،‬ويقول بعضهم‪ :‬البدل على نية حذف المبدل منه‪ ،‬يعني ّ‬
‫أن البدل يف‬
‫الحقيقة هو الذي يلي العامل‪ ،‬هو الذي يتأثر بالعامل‪.‬‬
‫طالب خالدُ اسمع ما أقول لك"‪ ،‬يا‬
‫ُ‬ ‫ولو ناديت طال ًبا اسمه خالد تقول له‪" :‬يا‬
‫طالب‪ :‬منادى مبني على الضم‪ ،‬خالدُ ‪ :‬هذا بدل فتبنيه على الضم‬
‫ُ‬ ‫طالب خالدُ "‪ ،‬يا‬
‫ُ‬
‫خاضع لقاعدته أنه على نية‬
‫ٌ‬ ‫كأنك قلت‪" :‬يا خالدُ "‪ ،‬فهذا البدل‪ ،‬البدل أمره واضح‬
‫تكرار العامل‪.‬‬
‫‪ -‬وأما عطف النسق‪ :‬تعرفون عطف النسق هو العطف بحروف العطف‪،‬‬
‫وحروف العطف لها وظيفة ومعاين‪ ،‬وظيفتها‪-‬كما عرفنا من قبل‪ -‬أهنا تشرك ما‬
‫بعدها مع ما قبلها يف الحكم‪ ،‬تقول‪" :‬جاء محمدٌ وخالدٌ "‪ ،‬الواو ماذا فعلت ما‬
‫وظيفتها؟ أهنا جعلت الذي بعدها خالد كالذي قبلها محمد يف الفعل؛ ألهنما يف‬
‫الحقيقة كالهما عمل الفعل‪.‬‬
‫فأنت تقول‪" :‬جاء محمدٌ وخالد"‪ ،‬محمد فعل المجيء "جاء محمد"‪،‬‬
‫أيضا على نية تكرار العامل‪ ،‬وهذه‬
‫وخالد؟ كذلك فعل المجيء‪ ،‬فعطف النسق ً‬
‫ٍ‬
‫موال للعامل‪.‬‬ ‫دائما تراعي فيه أنه‬
‫أحكامه ً‬
‫ِ‬
‫فصيق على حالعين‪:‬‬ ‫قلنا‪ :‬وأما عطف النسق ففيه‬
‫‪ -‬الحالة ا ولى‪ :‬إذا لم يكن يف المنسوق يعني يف المعطوف (أل)‪ ،‬فحكمه‬
‫حكم المنادى المستقل‪ ،‬نحو‪" :‬يا زيدُ ومحمدُ تعاال"‪ ،‬تنادي زيدً ا ومحمدً ا‪ ،‬تقول‪:‬‬
‫رجل وخالدُ تعاال"‪ ]@19:006[ ،‬تقول‪" :‬يا ُ‬
‫رجل‬ ‫"يا زيدُ ومحمدُ تعاال"‪" ،‬يا ُ‬
‫ومحمدُ تعاال" كذلك‪.‬‬
‫‪ -‬الحالة الَانية لعطف النسق‪ْ :‬‬
‫أن يكون يف المعطوف (أل)‪ ،‬فيجوز فيه‬
‫الوجهان النصب والرفع‪ ،‬إذا كان فيه (أل) فيجوز لك فيه الوجهان النصب والرفع‪،‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪553h‬‬
‫‪g‬‬
‫كأن تنادي محمدً ا واألستاذ فتقول‪" :‬يا محمدُ واألستا ُذ تعاال"‪ ،‬أو "يا محمدُ‬
‫ْ‬
‫واألستا َذ تعاال"‪ ،‬يجوز لك الوجهان‪ ،‬أو تنادي زيدً ا والعامل الذي يعمل عنده‬
‫َ‬
‫والعامل اتفقا"‪ ،‬هذا عطف النسق‪.‬‬ ‫ُ‬
‫والعامل اتفقا" أو "يا زيدُ‬ ‫مثال‪ ،‬فتقول‪" :‬يا زيدُ‬
‫ً‬
‫ماذا يبقى من التوابع؟ يبقى النعت والتوكيد وعطف البيان‪ ،‬هذه الثالثة حكمها‬
‫ِ‬
‫فصيق على حالعين ب اَّ الحالعين الساب عين‪:‬‬ ‫واحد‪ ،‬وفي ا‬
‫إن كان مضا ًفا وليس فيه (أل) فيجب نصبه‪ ،‬نحو‪" :‬يا زيدُ‬
‫‪ -‬الحالة ا ولى‪ْ :‬‬
‫صاحب المح ِل بع بإخالص"‪" ،‬يا زيدُ صاحب المحل"‪ ،‬يا زيدُ ‪ :‬هذا المنادى‬
‫َ‬
‫صاحب المحل‪ ،‬أين التابع؟ صاحب‪ ،‬مضاف أم‬ ‫َ‬ ‫المبني‪ ،‬ثم وصفته ونعته بقولك‪:‬‬
‫ليس مضا ًفا؟ مضاف‪ ،‬كلمة صاحب فهيا (أل) أو ليس فيها (أل)؟ اليس فيها (أل)‪.‬‬
‫إ ًذا التابع هنا مضاف وليس فيه (أل) فيجب نصبه‪" ،‬يا زيدُ صاحب المحل"‪،‬‬
‫خالد وهو صديق فهد‪ ،‬تقول‪" :‬يا خالدُ صديق ٍ‬
‫فهد زرنا الليلة" وهكذا‪.‬‬
‫إن كان فيها (أل)‪ْ ،‬‬
‫إن كان فيها (أل) فيجوز فيها‬ ‫‪ -‬الحالة الَانية ل َه الع ابع‪ْ :‬‬
‫تجوز الرفع والنصب‪.‬‬
‫الرفع والنصب‪( ،‬أل) هذه ما شاء اهلل كريمة ِّ‬
‫الطالب‪.]@22:13[ :‬‬
‫لكريم تعال"‪ ،‬لك الوجهان‪ ،‬أو‬
‫ُ‬ ‫الكريم تعال"‪" ،‬يا زيدُ ا‬
‫َ‬ ‫ال يخ‪ :‬نحو‪" :‬يا زيدُ‬
‫الكريم ِ‬
‫األب التابع هنا‬ ‫َ‬ ‫الكريم ِ‬
‫األب تعال"‪ ،‬يا زيدُ ‪ :‬المنادى المبني‪،‬‬ ‫َ‬ ‫تقول‪" :‬يا زيدُ‬
‫ِ‬
‫األب‪ ،‬لكنها إضافة لفظية كما عرفنا يف باب اإلضافة‬ ‫الكريم وهو مضاف الكريم‬
‫الكريم‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫األب"‪ ،‬و"يا زيدُ‬ ‫الكريم‬
‫َ‬ ‫وفيه (أل) الكريم‪ ،‬فلك فيه الوجهان "يا زيدُ‬
‫ِ‬
‫األب"‪ ،‬فهذا هو تلخيص األحكام‪ ،‬لنعود بعد ذلك إلى ما قاله ابن مالك‪ ‬يف‬
‫ذلك ونشرحه‪.‬‬
‫قال‪:‬‬
‫َأل ا مللللله نَصلللللب ٌََ َه لللللدد َةا ا‬
‫الح َيلللللق‬ ‫وَّ َأل‬
‫للللاف دد َ‬
‫الم َا َ‬ ‫َللللابا َع اة‬
‫ْ‬ ‫ْ د ْ َ‬ ‫الاللللُ د‬
‫َّ‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪554h‬‬
‫دَم ْسلللللللللل َع ا ق ن ََسلللللللللل َو َبللللللللللدَ ا‬ ‫اج َعلللالَ‬ ‫للب َو ْ‬
‫ا‬
‫للع َأ او انْص ْ‬
‫ا‬
‫َو َمللا سلل َ ا ده ْار َف ْ‬
‫َف افيل ا‬
‫لللللله َو ْج َ ل ا‬ ‫لللح َب َأل َمللللا ن ادسلللل َ ا‬
‫للللللع د نْ َع َ لللللللى‬
‫للللللاَّ َو َر ْفل ِ‬ ‫ْ‬ ‫لللن َم ْصل د‬ ‫َوإا َّْ َ دُل ْ‬
‫لخص األحكام يف ثالثة أبيات‪ ،‬قال يف البيت األول‪:‬‬
‫الح َيلللللق‬‫َأل ا مللللله نَصلللللب ٌََ َه لللللدد َةا ا‬ ‫وَّ َأل‬
‫للللاف دد َ‬
‫الم َا َ‬ ‫َللللابا َع اة‬
‫ْ‬ ‫ْ د ْ َ‬ ‫الاللللُ د‬ ‫َّ‬
‫يقول‪ :‬تابع المنادى المبني إذا كان مضا ًفا وليس فيه (أل) فيجب نصبه ( َأل ا ْم ده‬
‫الح َيق) ال تحتال علينا ( َأ َه ْد)‪ :‬الهمزة‬ ‫الحيق)‪َ ( ،‬أ َه دد َةا ا‬‫نَصب )‪ ،‬نحو‪َ ( :‬أ َه دد َةا ا‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ‬
‫الح َيق)‪،‬‬ ‫حرف نداء‪َ ( ،‬أ َه دد )‪ :‬منادى مبني على الضم‪ ،‬وصفه ونعته بقوله‪َ ( :‬ةا ا‬
‫ْ‬
‫بمعنى صاحب الحيل‪ ،‬أين التابع؟ ( َةا)‪ :‬وهو مضاف وليس فيه (أل)‪ ،‬فليس لك‬
‫فيه إال النصب ( َأ َه دد َةا ا‬
‫الح َيق)‪ ،‬وال يجوز أزيدُ ذو الحيل‪.‬‬ ‫ْ‬
‫ومثل ذلك‪ :‬قولك‪" :‬يا محمدُ صاحب المحل"‪" ،‬يا خالدُ صديق ٍ‬
‫فهد"‪" ،‬يا‬
‫طالب كاتب الدرس تعال"‪" ،‬يا مسلمون أصحاب الحق اتحدوا"‪ ،‬يا مسلمون‪:‬‬
‫ُ‬
‫منادى مبني‪ ،‬ثم وصفتهم بأصحاب الحق‪ ،‬فليس لك فيه إال النصب‪" ،‬يا مسلمون‬
‫أصحاب الحق اتحدوا"‪.‬‬
‫"يا محمدان"‪" ،‬يا محمدان صاحبي ٍ‬
‫زيد تعاال"‪" ،‬يا زيدان"‪" ،‬يا زيدان ابني‬
‫ٍ‬
‫عمرو تعاال"‪ ،‬يا زيدان‪ :‬منادى مبني على األلف‪ ،‬ابني‪ :‬هذه صفة نعت وليس لك‬
‫فيها إال النصب‪ ،‬هذا يف النعت كل األمثلة‪-‬كما رأيتم‪ -‬يف النعت الصفة‪.‬‬
‫نريد أمثل ًة يف التوكيد‪ ،‬التوكيد‪-‬كما تعرفون‪ -‬نقصد به التوكيد المعنوي‬
‫كأن تقول‪" :‬يا‬ ‫ٍ‬
‫بألفاظ معينة كالنفس والعين وكل إلى آخره‪ ،‬أمثلة التوكيد‪ْ :‬‬ ‫ويكون‬
‫محمدُ نفسك تعال"‪ ،‬ويجوز لك ْ‬
‫أن تقول‪" :‬يا محمدُ نفسه تعال"‪ ،‬يف التوكيد عند‬
‫أن تأيت بأسلوب الخطاب أو بأسلوب الغيبة مع أنك تخاطب؛ ّ‬
‫ألن النداء‬ ‫النداء لك ْ‬
‫خطاب‪" ،‬يا محمدُ نفسك تعال"‪ ،‬أو "يا محمدُ نفسه تعال"‪.‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪555h‬‬
‫‪g‬‬
‫تميم كلهم تعالوا"‪ ،‬هذا مسموع وهذا‬
‫تميم كلكم تعالوا" أو "يا ُ‬
‫وتقول‪" :‬يا ُ‬
‫أن الواجب النصب؛ ّ‬
‫ألن التوكيد هنا مضاف وليس فيه أل‪ ،‬وأمثلة‬ ‫مسموع إال ّ‬
‫كأن تقول‪" :‬يا محمدُ أبى ٍ‬
‫زيد تعال"‪" ،‬يا محمدُ أبى زيد" محمد‪:‬‬ ‫عطف البيان‪ْ :‬‬
‫بدال ْ‬
‫وأن‬ ‫منادى مبني‪ ،‬أبى زيد‪ :‬هذا علم آخر‪ ،‬والعلم بعد العلم يجوز ْ‬
‫أن يكون ً‬
‫يكون عطف بيان وفيه أوج ٌه ُأخر‪.‬‬
‫ٍ‬
‫حينئذ أبى مضاف وليس فيه أل‪،‬‬ ‫فإذا جعلته عطف بيان لزم فيه النصب؛ ألنه‬
‫"يا محمدُ أبى ٍ‬
‫زيد تعال"‪" ،‬يا عثمان ذا النورين ما أعدلك!"‪ ،‬يا عثمان ذا النورين‬
‫وهذا كمثال ابن مالك أم يختلف عنه؟ يماثله يف الحكم ويخالفه يف النوع‪ّ ،‬‬
‫فإن ذا‬
‫الحيق)‪َ ( ،‬ةا ا‬
‫ا‬
‫ألن ( َةا‬
‫الح َيق) نعت أم عطف بيان؟ نعت؛ ّ‬ ‫يف مثال ابن مالك ( َأ َه ْ دد َةا َ‬
‫علما‪ ،‬إنما هو نعت‪.‬‬ ‫ا‬
‫الح َيق) ليس ً‬
‫أما قولك‪" :‬ذا النورين" هذا نعت أم علم؟ علم؛ ألنه لقب ونعرف ّ‬
‫أن العلم قد‬
‫علما‪ ،‬وكلها أعالم والعلم ال يوصف به؛ ألنه ال يتحمل‬ ‫يكون كني ًة أو لق ًبا أو ً‬
‫اسما ً‬
‫ما فيه من وصف‪ ،‬فهذا ما يتعلق بالنعت وعطف البيان والتوكيد‪.‬‬
‫‪ -‬وأما البدل وعطف النسق فسيخصهما ابن مالك بكال ٍم يف البيت التالي‪،‬‬
‫لكننا نسأل يف هذا البيت ونقول‪ :‬ما الذي نصب قوله‪َ ( :‬ابا َع)؟‬
‫َأل ا ْمللل ده ن َْصللل َب ‪.......................‬‬ ‫وَّ َأل‬
‫للللاف دد َ‬
‫الم َا َ‬
‫الاللللُ د‬
‫َّ‬ ‫َللللابا َع اة‬
‫( َابا َع) ما الذي نصبه؟‬
‫الطالب‪.]@29:21-29:10[ :‬‬
‫ال يخ‪ :‬يعني أنه منصوب على االشتغال‪ ،‬والتقدير‪.‬‬
‫الطالب‪ :‬ألزم تابع‪.‬‬
‫ال يخ‪ :‬ألزم هذا تابع النصب‪ ،‬دل عليه الفعل المذكور‪ ،‬هذا أسلوب االشتغال‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪556h‬‬
‫وشرحناه يف بابه‪.‬‬
‫ما إعراب قوله‪َ ٌََ ( :‬ه ْدد )؟ الكاف‪ :‬حرف جر‪.‬‬
‫الطالب‪.]@29:52[ :‬‬
‫ال يخ‪ :‬وهذا الحرف حرف الجر دخل على ماذا على مفرد أم على جملة؟‬
‫ٍ‬
‫جملة ال على مفرد‪ ،‬والجملة قولك أو قوله‪َ ( :‬أ َه ْدد )‪َ ( ،‬أ َه ْدد ) هذه جملة‬ ‫دخل على‬
‫عوضا عن الفعل‬
‫ً‬ ‫وهي جملة فعلية تقديرها أنادي زيدً ا‪ ،‬ثم ّ‬
‫إن حرف النداء جاء‬
‫( َأ َه ْدد )‪.‬‬
‫إ ًذا فالكاف دخل على جملة فلهذا لن يجر اللفظ‪ ،‬وإنما جر محل الجملة‪.‬‬
‫ُ قال ابن مالك‪ ‬يف البيت الَاين‪:‬‬
‫دَم ْسللللللللللل َع ا ق بلللللللللللدا ونسللللللللللل ا‬ ‫اج َعللالَ‬‫للب َو ْ‬
‫ا‬
‫للع َأ او انْص ْ‬
‫ا‬
‫َو َمللا سلل َ ا ده ْار َف ْ‬
‫ا‬ ‫ا‬
‫أن التابع إذا لم يكن مضا ًفا‬ ‫ب)‪ ،‬يعني ّ‬ ‫قوله‪َ ( :‬و َما س َ ا ده ْار َف ْع َأ او انْص ْ‬
‫دون (أل)‪ ،‬فيجوز لك فيه الرفع والنصب‪ ،‬التابع ليس مضا ًفا وليس خال ًيا من أل‪،‬‬
‫يعني ْ‬
‫أن يكون فيه أل‪ ،‬فيجوز لك الرفع النصب فيه‪ ،‬كقولك‪" :‬يا زيدُ الكريم"‪،‬‬
‫الكريم تعال"‪ ،‬والرفع "يا زيدُ‬
‫َ‬ ‫تابع لزيد نعت‪ ،‬فلك فيه النصب "يا زيدُ‬
‫فالكريم هنا ٌ‬
‫الكريم تعال"‪.‬‬
‫ُ‬
‫الكريم األب"‪ ،‬وصفت زيدً ا بأنه الكريم األب‪ ،‬والكريم هنا‬
‫َ‬ ‫وتقول‪" :‬يا زيدُ‬
‫الكريم األب تعال"‪،‬‬
‫َ‬ ‫مضاف لكن فيه (أل)‪ ،‬فلهذا يجوز لك فيه النصب "يا زيدَ‬
‫الكريم األب تعال"‪ ،‬هذا يف النعت‪.‬‬
‫ُ‬ ‫والرفع "يا زيدُ‬
‫قلنا‪ :‬إذا كان التابع ليس مضا ًفا خال ًيا من (أل)‪ ،‬فيجوز لك فيه الرفع والنصب‬
‫اج َعالَ دَم ْس َع ا ق نس ا وبدا)‪ ،‬فهذا‬
‫كاألمثلة السابقة‪ ،‬ثم إنه أكمل البيت فقال‪َ ( :‬و ْ‬
‫خاصا بالنعت والتوكيد وعطف البيان‪ ،‬فالذي تقدَّ م‬ ‫اإلكمال للبيت يجعل ما تقدَّ م ً‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪557h‬‬
‫‪g‬‬
‫خاص هبذه التوابع‪ ،‬فلهذا كنا نمثل هبا‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫هو‬
‫اج َعالَ دَم ْس َع ا ق نس ا وبدا)‪،‬‬
‫أما البدل وعطف النسق فخصهما بقوله‪َ ( :‬و ْ‬
‫يقول‪ :‬اجعل البدل وعطف النسق يف حكم المنادى المستقل‪ ،‬والعلة يف ذلك‪-‬ما‬
‫ذكرناه من قبل‪ -‬أهنما يف حكم تكرار العامل‪ ،‬أو يف حكم حذف المتبوع‪ ،‬فهما يف‬
‫الحقيقة متأثران بالتابع واليان له‪.‬‬
‫كأن تقول‪" :‬يا ُ‬
‫شيخ محمدُ "‪ ،‬فهو كقولك‪" :‬يا محمدُ "‪ ،‬وقولك‪" :‬يا‬ ‫فالبدل ْ‬
‫بدال‪ ،‬وعطف‬ ‫زيد تعال"‪ ،‬إذا جعلت أبى ٍ‬
‫زيد ً‬ ‫طالب خالد تعال"‪ ،‬أو "يا محمدُ أبى ٍ‬
‫ُ‬
‫أن تقول‪" :‬يا محمدُ وزيدُ تعال"‪ ،‬أو "يا محمدُ وأبى ٍ‬
‫زيد تعاال"‪ ،‬أبى وال‬ ‫النسق ْ‬
‫زيد تعاال" هذا نسق النسق يف حكم المنادى المستقل‪ِ ،‬‬
‫ناد‬ ‫أبو؟ "يا محمدُ وأبى ٍ‬

‫أبى زيد ماذا تقول‪ :‬يا أبى زيد‪.‬‬


‫أن تقول‪" :‬يا محمدُ وأبى زيد" وليس لك الرفع‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫حينئذ ْ‬ ‫إ ًذا يجب‬
‫رجل وزيدُ تعاال"‪" ،‬يا ُ‬
‫رجل وزيدُ تصالحا"‪ ،‬تبني زيدُ على الضم؛‬ ‫تقول‪" :‬يا ُ‬
‫خص هبذا الحكم البدل‬
‫ألنك تقول يف المنادى المستقل‪" :‬يا زيدُ "‪ ،‬وعندما َّ‬
‫وعطف البيان تبين ّ‬
‫أن ما سواهما حكمه الحكم السابق‪ ،‬فالحكم السابق يشمل‬
‫النعت والتوكيد وعطف البيان‪.‬‬
‫ُ قال‪ ‬يف البيت الَالث‪:‬‬
‫َف افيل ا‬
‫لللللله َو ْج َ ل ا‬ ‫لللح َب َأل َمللللا ن ادسلللل َ ا‬
‫للللللع د ْن َع َ لللللللى‬
‫للللللاَّ َو َر ْفل ِ‬ ‫ْ‬ ‫َوإا َّْ َ دُل ْ‬
‫لللن َم ْصل د‬
‫يقول‪ :‬إذا كان المعطوف يف عطف النسق فيه (أل)‪ ،‬فيجوز لك فيه الرفع‬
‫ُ‬
‫والعامل‬ ‫والنصب‪ ،‬كقولك‪" :‬يا زيدُ واألستا َذ" أو "يا زيدُ واألستا ُذ"‪" ،‬يا ُ‬
‫رجل‬
‫اصطلحا"‪ ،‬ومن ذلك قوله‪( :‬ﮊ ﮋ ﮌ ﮍﮎ) [سبٌ‪،]10:‬‬
‫والطير بالنصب‪( ،‬ﮊ ﮋ ﮌ ﮍﮎ) فهو من العطف بالنصب‪،‬‬
‫َ‬ ‫قرأ السبعة‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪558h‬‬
‫عطف بالرفع‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫والطير‪ ،‬فهذا‬ ‫ٍ‬
‫شاذة لألعرج‪ :‬يا جبال ِّأوبي معه‬ ‫ٍ‬
‫قراءة‬ ‫وجاء يف‬
‫ُ‬
‫وقوله يف آخر البيت‪َ ( :‬و َر ْف ِع د نْ َع َ ى) إشار ٌة إلى الخالف يف الراجح من هذين‬
‫أن اتفق النحويون على أ ّن هذين الوجهين جائزان‬ ‫الوجهين الجائزين‪ ،‬فبعد ْ‬
‫وفصيحان‪ ،‬اختلفوا يف األرجح منهما‪ ،‬ويف ةلك ق اَّ‪:‬‬
‫‪ -‬ال ل ا ول‪ّ :‬‬
‫أن الراجح الرفع‪ ،‬وهذا قول الخليل وسيبويه‪ ،‬واختاره ابن‬
‫مالك يف [األلفية] عندما قال‪َ ( :‬و َر ْف ِع د ْن َع َ ى) أي‪ُ :‬يختار‪ ،‬وقد حكى سيبويه‪‬‬
‫أن الرفع هنا هو األكثر يف كالم العرب‪.‬‬ ‫يف كتابه ّ‬
‫‪ -‬وال ل الَاين‪ّ :‬‬
‫أن الراجح النصب‪ ،‬وهذا قول أبي عمرو وعيسى ويونس‬
‫والجرمي‪ ،‬وهؤالء من جبال النحو قول أبي عمرو َمن أبو عمرو؟ أبو العالء‬
‫البصري القارئ السبعي من أعظم شيوخ سيبويه‪ ،‬وعيسى عيسى بن عمر‬
‫أيضا من شيوخ سيبويه المتقدمين‪ ،‬ويونس يونس بن حبيب البصري‬
‫الحضرمي ً‬
‫من شيوخ سيبويه‪ ،‬والجرمي أبو عمر الجرمي شيخ المربد‪ ،‬فهؤالء اختاروا‬
‫النصب‪ ،‬واحتجوا ّ‬
‫بأن قراءة السبعة يف اآلية بالنصب‪ ،‬وأما الرفع فقراء ٌة شاذة‪.‬‬
‫ْ‬
‫فإن سألت بعد ذلك كله‪ ،‬قلنا عرفنا الجائز وعرفنا الواجب يجب النصب‬
‫أحيانًا‪ ،‬وأحيانًا يجوز الرفع والنصب‪ ،‬السؤال‪ :‬النصب على ماذا؟ يعني ما توجيهه‬
‫وتخريجه؟ والرفع على ماذا يعني ما توجيهه وتخريجه؟‬
‫الطالب‪.]@39:06[ :‬‬
‫إتباع لمحل المبني‪.‬‬
‫إتباع للفظ المبني‪ ،‬والنصب ٌ‬
‫ال يخ‪ :‬الرفع ٌ‬
‫الحاكم يف ذلك هو السماع عن العرب‪ ،‬سمع عن العرب أحيانًا بالنصب‬
‫إتباع لمحل‬
‫وأحيانًا بالرفع‪ ،‬التخريج والتوجيه من النحويين قالوا‪ :‬أما النصب فهو ٌ‬
‫إتباع للمحل وهذا‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫مفعول به‪ ،‬فالنصب‬ ‫المبني؛ ّ‬
‫ألن محل المنادى النصب؛ ألنه‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪559h‬‬
‫‪g‬‬
‫إتباع للفظ المبني‪ ،‬وهذا من‬
‫واضح ال إشكال فيه‪ ،‬وأما الرفع فهو المشكل‪ ،‬الرفع ٌ‬
‫ٌ‬
‫المواضع القليلة جدًّ ا يف اللغة العربية التي يعترب فيها العربي بلفظ المبني‪.‬‬
‫المبني لفظ المبني يعني حركة البناء ال عالقة لها باإلعراب بتا ًتا‪ ،‬وال عالقة لها‬
‫بالمعنى بتا ًتا كما عرفنا ذلك يف باب المعرب والمبني‪ ،‬هي مجرد حركة بناء فقط‪،‬‬
‫فاألصل أهنا ال ُتراعى وال ُيلتفت إليها‪ ،‬هي فقط حركة بناء خاصة هبذه الكلمة‬
‫وينتهي األمر‪ ،‬إال ّ‬
‫أن العرب يف مواضع قليلة جدًّ ا اعتربوا هذه الحركة وأتبعوا بنا ًء‬
‫عليها طل ًبا للمشاكلة‪ ،‬ومن هذه المواضع البناء لكثرته يف الكالم‪ ،‬فطلب المشاكلة؛‬
‫ّ‬
‫ألن المشاكلة أخف من المخالفة‪ ،‬فهذا هو وجه الرفع‪ ،‬وهذا هو وجه النصب‪.‬‬

‫اج َعالَ‬
‫طالب منتبه وكلكم ذلك الطالب‪ :‬ابن مالك قال يف البيت‪َ ( :‬و ْ‬
‫ٌ‬ ‫ْ‬
‫فإن قال‬
‫ماض أم أمر؟ فعل أمر اجعل فعل أمر‬ ‫ٍ‬ ‫اج َعالَ)‪ :‬هذا ٌ‬
‫فعل‬ ‫ا‬
‫دَم ْس َع ق نس ا وبدا)‪ْ ( ،‬‬
‫وفعل األمر مبني على السكون إال ْ‬
‫إن كان يخاطب اثنين‪ ،‬وهنا ال يخاطب اثنين‬
‫اج َعالَ)؟‬
‫وإنما يخاطب طالب العلم‪ ،‬يخاطب واحدً ا‪ ،‬فلماذا قال‪ْ ( :‬‬
‫الطالب‪.]@41:53-41:50[ :‬‬
‫ال يخ‪ :‬يقول‪ :‬األلف لإلطالق والجواب خطأ‪ ،‬اإلطالق متى يأيت؟ اإلطالق‬
‫ال يأيت إال بعد الفتحة‪ ،‬يعني ْ‬
‫كأن تكون الكلمة المختومة بفتحة يف آخر البيت‪،‬‬
‫مثال‪ :‬جلس لو كانت يف آخر البيت تقول‪ :‬جلسا فتكون الكلمة مختومة بفتحة‪،‬‬
‫ً‬
‫وهذه األلف إطالق يعني إشباع للفتحة‪ ،‬لكن اجعل هذا فعل أمر مبني على‬
‫السكون‪ ،‬ليس هناك فتحة لكي تشبعها وتطلقها‪ ،‬فليس األلف هنا لإلطالق‪.‬‬
‫نعم يا إخوان‪ ،‬هذا األمر شرحناه أكثر من مرة‪ ،‬فلهذا ال تلموين ولستم تفعلون‬
‫ذلك عندما أكرر بعض المعلومات‪.‬‬
‫الطالب‪ :‬للتوكيد يا شيخ‪.‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪560h‬‬
‫ال يخ‪ :‬األلف هذه للتوكيد ما عالقتها بالتوكيد؟‬
‫الطالب‪ :‬تكرار للفعل أو كذا؟‬
‫ال يخ‪ :‬نعم‪.‬‬
‫الطالب‪.]@43:09-43:03[ :‬‬
‫اج َعالَ)‪.‬‬
‫اج َعالَ) يخاطب ( ْ‬
‫ال يخ‪ :‬ما قال‪ :‬اجعلهما هما قال‪ْ ( :‬‬
‫الطالب‪.]@43:18-43:15[ :‬‬
‫ال يخ‪ :‬أحسنت‪ ،‬نعم‪ ،‬فعل األمر هنا مؤكدٌ بنون التوكيد الخفيفة الساكنة‬
‫أن ُتقلب أل ًفا ( ْ‬
‫اج َعالَ)‪،‬‬ ‫اجعل ْن‪ ،‬ونون التوكيد الخفيفة عند الوقف عليها يجب ْ‬
‫أن تقول ذلك أو فهمت التوكيد‬ ‫فأنت اقرتبت من [‪ ،]@43:36‬يعني أنت أردت ْ‬
‫فقط من اللفظ‪.‬‬
‫الطالب‪.]@43:43-43:42[ :‬‬
‫كثيرا‬
‫ال يخ‪ :‬نعم‪ ،‬هو كذلك وشرحنا ذلك يف عدة أبيات‪ ،‬ابن مالك فعل ذلك ً‬
‫يف ألفيته‪ ،‬فكل ما سبق يف هذه األبيات لخصناه يف أول الدرس‪ ،‬ثم شرحناه يف هذه‬
‫األبيات‪.‬‬
‫بعد ْ‬
‫أن ذكر ابن مالك‪ ‬هذه األحكام لتوابع المنادى‪ ،‬ذكَر بعدها بعض‬
‫المسائل الجزئية التفصيلية يف توابع المنادى‪ ،‬هناك مسائل تفصيلية جزئية داخلة يف‬
‫أن انتهى من األحكام العامة‪ ،‬ف ال‪:‬‬ ‫توابع المنادى‪ ،‬فذكرها بعد ذلك بعد ْ‬
‫الم ْعرا َفللللل ْه‬
‫َ‬ ‫للللالر ْف اع َللللللدَ اة‬
‫َ لللللل َ دم بال َّ‬ ‫للللح َب َأل َب ْعلللللدد اصللللل َف ْه‬ ‫َو َأ َ لللللا َم ْصل د‬
‫ا‬ ‫ا‬
‫لللللرد‬
‫هلللللَا د َ‬ ‫َ‬ ‫لللللف َأ باسللللل َ‬
‫َو َو ْص د‬ ‫للللللللَ َو َر ْد‬ ‫للللللللَا َأ َ لللللللللا ا َّلل‬
‫َ‬ ‫َو َأ هل‬
‫تكلم‪ ‬يف هذين البيتين على نداء ٍ‬
‫أي‪ ،‬كلمة (أي) هذه ُتنادى ولها عند‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪561h‬‬
‫‪g‬‬
‫ندائها ال ة أساليب‪:‬‬
‫(أي) هذه المناداة "يا أيها‬
‫أي ُ‬‫‪ -‬ا سل ب ا ول‪" :‬يا أيها الرجل تعال"‪ ،‬يا ُ‬
‫الرجل تعال"‪.‬‬
‫‪ -‬ا سل ب الَاين‪" :‬يا أيها ذا تعال"‪.‬‬
‫‪ -‬ا سل ب الَالث‪" :‬يا أيها الذي جلس تعال"‪.‬‬
‫مبني على الضم اتفا ًقا؛ ألنه نكر ٌة‬ ‫ُ‬
‫أي هذا منا ًدى ٌ‬
‫الرجل" ُ‬ ‫فقولهم‪" :‬يا أيها‬
‫مقصودة‪ ،‬وها يف أي ها حرف تنبيه‪ ،‬إ ًذا يعرب ويعامل كالحروف نقول‪ :‬حرف‬
‫مبني على السكون‪ ،‬الرجل يف قولك‪" :‬يا أيها‬
‫تنبيه ال محل له من اإلعراب ٌ‬
‫نعت لماذا صف ٌة لماذا؟ ألي‬ ‫ُ‬
‫الرجل" المشهور عند النحويين أنه صفة أي نعت‪ٌ ،‬‬
‫المنادى‪ ،‬صف ٌة للمنادى‪.‬‬
‫أَّ‬
‫فلهذا أدخل ابن مالك هذه المسألة يف هذا الفصل توابع المنادى المبني‪ ،‬إا ّ‬
‫هَه الصفة (صفة أ ) هنا َب في ا أمراَّ‪:‬‬
‫‪ -‬ا ول‪ْ :‬‬
‫أن تكون بأل‪" ،‬يا أيها الرجل‪ ،‬يا أيها الجالس‪ ،‬يا أيها القائم"‪ ،‬يعني‬
‫أن تقول‪" :‬يا أيها محمدُ تعال" ال‬ ‫أن تقول‪" :‬يا أيها ُ‬
‫رجل تعال"‪ ،‬ال يجوز ْ‬ ‫ال يجوز ْ‬
‫تكون إال بأل‪.‬‬
‫ُ‬
‫الرجل" فال‬ ‫َب يف صفة أ ‪ْ :‬‬
‫أن تلزم الرفع‪" ،‬يا أيها‬ ‫‪ -‬ا مر الَاين الَ‬
‫الرجل تعال"‪( ،‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ)‬
‫َ‬ ‫يجوز النصب‪ ،‬فال تقول‪" :‬يا أيها‬
‫الناس"‪ ،‬إال ّ‬
‫أن أبى عثمان المازين أجاز‬ ‫َ‬ ‫[النساء‪ ،]1:‬وال يجوز النصب "يا أيها‬
‫النصب‪ ،‬وأبو عثمان المازين من كبار النحويين وهو من تالميذ األخفش سعيد بن‬
‫مسعدة تلميذ سيبويه‪.‬‬
‫إ ًذا فأبو عثمان المازين تلميذ سيبويه وهو من مشايخ المربد‪.‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪562h‬‬
‫فأبو عثمان المازين قال ً‬
‫قوال لم يسبقه إليه أحد‪ ،‬ولم يتابعه عليه أحد‪ ،‬فجوز‬
‫لم؟ ّ‬
‫ألن هذا‬ ‫سماعا‪ ،‬وقوله هذا يف غاية الضعف َ‬
‫ً‬ ‫قياسا ال‬
‫النصب هنا وجوزه ً‬
‫كثير عن العرب‪ ،‬وقد جاءت عليه شواهد كثير ٌة جدًّ ا من كالم‬‫أسلوب ٌ‬
‫ٌ‬ ‫األسلوب‬
‫العرب المحتج به‪ ،‬لم ِ‬
‫تأت عليه شواهد قليلة‪ ،‬شواهده كثير ٌة جدًّ ا ال تحصر‪ ،‬ومع‬
‫أن الرفع مقصود‪ّ ،‬‬
‫وأن النصب غير جائز‪،‬‬ ‫ذلك جاءت كلها بالرفع مما يدل على ّ‬
‫واللغة سماع‪.‬‬
‫سماع يف األخذ ويف الرتك‪ ،‬فما فعلته العرب‬
‫ٌ‬ ‫عندما نقول‪ :‬اللغة سماع أي‬
‫نفعله‪ ،‬وما علمنا أو ترجح لنا أهنا تركته يجب ْ‬
‫أن نرتكه‪ ،‬والذي لم يرد لم تفعله‬
‫وأمرا‬ ‫أمرا علمنا ّ‬
‫أن العرب أتته هذا جائز‪ً ،‬‬ ‫ولم ترتكه‪ ،‬هذا يخضع للقياس‪ ،‬لكن ً‬
‫أن العرب تركته قصدت تركه ْ‬
‫كأن يكون‬ ‫أن العرب منعته أو بان لنا بالقرائن ّ‬
‫علمنا ّ‬
‫كثيرا جدًّ ا يف كالمها‪ ،‬ومع ذلك جاء كل األسلوب بالرفع‪ ،‬أو جاء‬
‫هذا األسلوب ً‬
‫ٍ‬
‫حينئذ نعلم أهنم تركوا الثاين‬ ‫كل األسلوب بالنصب‪ ،‬يعني جاء على ٍ‬
‫باب واحد‪،‬‬
‫وقصدوا الرتك فنرتك‪.‬‬
‫من أمَلة ةلك مَال‪ :‬لفظ الشهادة "ال إله إال اهلل"‪ ،‬فكم عدد الشواهد التي‬
‫كثير جدًّ ا‪ ،‬وكلها جاءت برفع لفظ الجاللة "ال إله إال‬
‫جاءت فيها "ال إله إال اهلل"؟ ٌ‬
‫اهلل"‪ ،‬فلهذا قال جماهير النحويين ال يجوز هنا إال الرفع‪ ،‬مع ّ‬
‫أن القياس يجيز‬
‫النصب؛ ّ‬
‫ألن االستثناء هنا تا ٌم منفي‪ ،‬فلك فيه الرفع والنصب‪ ،‬لك فيه اإلتباع‬
‫أن العرب قصدوا ترك‬‫خضوعا لهذه القاعدة التي تبين لنا فيه ّ‬
‫ً‬ ‫والنصب‪ ،‬لكن‬
‫النصب‪.‬‬
‫قياسا‪،‬‬ ‫أن نرتك النصب وأال نأيت إليه‪ ،‬فاللغة سما ًعا قبل ْ‬
‫أن تكون ً‬ ‫إ ًذا علينا ْ‬
‫أن ُتخضع السماع للقياس‪.‬‬
‫والقياس له مجاله‪ ،‬وال يمكن ْ‬

‫فهذا الذي قلناه هو معنى البيت األول‪.‬‬


‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪563h‬‬
‫‪g‬‬

‫الم ْعرا َفللللل ْه‬


‫َ‬ ‫للللالر ْف اع َللللللدَ اة‬
‫َ لللللل َ دم بال َّ‬ ‫للللح َب َأل َب ْعلللللدد اصللللل َف ْه‬
‫َو َأ َ لللللا َم ْصل د‬
‫حل هذا البيت يف اللفظ حله‪ ،‬حله يعني شرحه اللفظي ليس شرحه المعنوي‪،‬‬
‫حله يف اللفظ "أيها مصحوب أل بعدها صف ٌة تلزم الرفع"‪.‬‬
‫الم ْعرا َفللللل ْه‬
‫َ‬ ‫للللالر ْف اع َللللللدَ اة‬
‫لللللل َ دم بال َّ‬ ‫للللح َب َأل َب ْعلللللدد اصللللل َف ْه‬
‫َو َأ َ لللللا َم ْصل د‬
‫جاء يف نسخ تلزم بالتاء تلزم‪ ،‬فالحل أيها ما باله ما خربه؟ مصحوب أل بعدها‬
‫صف ٌة له تلزم النصب‪ ،‬وهذا المعنى الذي ذكرناه قبل قليل وشرحناه‪ ،‬فأيها‪ :‬مبتدأ‪،‬‬
‫والخرب خربه‪ :‬مصحوب أل بعدها صف ٌة تلزم الرفع‪ ،‬فمصحوب أل‪ :‬مبتد ٌأ ٍ‬
‫ثان‪،‬‬
‫وأين خربه؟ مصحوب أل ما باله؟ مصحوب أل بعدها صفةٌ‪ ،‬فصفةٌ‪ :‬خرب المبتدأ‬
‫الثاين‪.‬‬
‫الر ْف اع)‪ ،‬ف( ل َ دم‬ ‫ا‬
‫الر ْف اع)‪ ،‬وصف هذه الصفة بقوله‪ ( :‬ل َ دم َّ‬
‫ثم قال‪( :‬ص َف ِة ل َ دم َّ‬
‫الر ْف اع) جملة جاءت صف ًة لقوله‪ ( :‬اص َف ِة)‪ ،‬وجاء يف بعض نسخ [األلفية] ( ل َ دم‬ ‫َّ‬
‫بالر ْف اع) فيكون الحل على ذلك أيها مصحوب أل بعدها صف ٌة‬
‫بالر ْف اع) بالياء‪ ( ،‬ل َ دم َّ‬
‫َّ‬
‫يلزم الرفع‪ ،‬فمصحوب أل‪ :‬مبتدأ وخربه صفة‪ ،‬مصحوب أل ما باله؟ صفةٌ‪ ،‬يلزم‬
‫الرفع‪ :‬خربٌ ٍ‬
‫ثان لمصحوب‪ ،‬مصحوب أل صفة يلزم الرفع‪.‬‬
‫بالر ْف اع) حرف ٍ‬
‫جر زائد‪،‬‬ ‫اهر من هَا الحق‪ّ :‬‬
‫أن الباء يف قوله‪ ( :‬ل َ دم أو ل دم َّ‬ ‫و ِ‬
‫الر ْف اع َلدَ اة‬
‫والمعنى يلزم الرفع أو تلزم الرفع‪ ،‬وقوله يف آخر البيت‪ ( :‬ل َ دم با َّ‬
‫الم ْعرا َف ْه) هذا ر ٌد لقول َمن؟ لقول المازين‪ ،‬طب ًعا فيه يعني ر ٌد‬
‫َ‬ ‫الم ْعرا َف ْه)‪َ ( ،‬لدَ اة‬
‫َ‬
‫شديد على المازين‪.‬‬
‫يقول القول الذي قاله المازين هنا بعيدٌ عن المعرفة والعلم‪ ،‬وهذا صحيح لما‬
‫شرحناه قبل قليل‪ ،‬و لكن لو قال‪ :‬قوله ضعيف أو مردود يعني لكان أفضل‪ ،‬لكن‬
‫القافية اضطرته إلى ذلك‪ ،‬وهذا مما اختلفت فيه النسخ إال ّ‬
‫أن اختالفها هنا سهل‪،‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪564h‬‬
‫مصحوب بالنصب‪ ،‬وهذا البيت من أكثر‬
‫َ‬ ‫مصحوب بالرفع‪ ،‬وبعضها‬
‫ُ‬ ‫فبعضها‬
‫األبيات التي اختلف الشراح يف إعرابه‪ ،‬اختلفوا اختال ًفا ً‬
‫كبيرا‪ ،‬والذي قلناه هو‬
‫الراجح الواضح يف البيت‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫ُ‬
‫الرجل؟ قلنا المشهور‬ ‫ُ‬
‫الرجل" ماذا قلنا يف إعراب‬ ‫ونحن عندما أعربنا "أيها‬
‫عند النحويين أنه صفة نعت‪ ،‬وقلنا المشهور عند النحويين ألهنم يف هذا الباب‬
‫(باب النداء) يقولون إنه نعت‪ ،‬كما يذكر سيبويه وغيره‪ ،‬إال أهنم عندما يتكلمون يف‬
‫يفصلون‪ ،‬كما شرحنا ذلك‬ ‫أبواب التوابع يف باب النعت ويف باب عطف البيان ّ‬
‫ودرسناه يف شرح أبواب التوابع‪ ،‬فيقولون‪ّ :‬‬
‫إن النعت الصفة إنما تكون بالمشتق‪ ،‬أو‬
‫ما هو يف معنى المشتق‪ّ ،‬‬
‫وإن عطف البيان إنما يكون بالجامد‪.‬‬
‫فالنعت وعطف البيان كالهما صفة نعت‪ ،‬إال أ ّن النعت صف ٌة بالمشتق‪،‬‬
‫وعطف البيان صف ٌة بالجامد‪.‬‬
‫إن التحقيق ْ‬
‫أن ُيقال يف صفة أي عند النداء يف قولك‪" :‬يا‬ ‫وبناء على ةلك ن ل‪ّ :‬‬
‫إن كان هذا التابع مشت ًقا فهو نعت صفة‪،‬‬
‫أن ُيقال ْ‬
‫الطالب" ْ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الرجل" أو "يا أيها‬ ‫أيها‬
‫السامع‪ ،‬يا أيها‬
‫ُ‬ ‫الراكض‪ ،‬يا أيها‬
‫ُ‬ ‫الجالس‪ ،‬يا أيها‬
‫ُ‬ ‫الطالب‪ ،‬يا أيها‬
‫ُ‬ ‫كقولك‪" :‬يا أيها‬
‫األفضل‪( ،‬ﭒ ﭓ)‬
‫ُ‬ ‫الحسن‪ ،‬يا أيها‬
‫ُ‬ ‫المضروب‪ ،‬يا أيها‬
‫ُ‬
‫[الُافروَّ‪ ،"]1:‬هذه صفات نعوت؛ ألهنا مشتقات‪.‬‬
‫ُ‬
‫الرجل‪ ،‬يا أيتها‬ ‫اسما جامدً ا فهو عطف بيان‪ ،‬كقولك‪" :‬يا أيها‬ ‫ْ‬
‫وإن كان التابع ً‬
‫المرأ ُة" ونحو ذلك‪ ،‬وهذا التفصيل حسن بل يكاد يكون الز ًما لما عرفناه من‬
‫الفرق بين النعت وعطف البيان‪ ،‬هذا البيت األول‪.‬‬
‫وأما البيت الَاين ف ال فيه ابن مالك‪:‬‬
‫ا‬ ‫ا‬
‫لللللرد‬ ‫َ‬
‫هلللللَا د َ‬ ‫لللللف َأ باسللللل َ‬
‫َو َو ْص د‬ ‫للللللللَ َو َر ْد‬‫للللللللَا َأ َ لللللللللا ا َّلل‬
‫َ‬ ‫َو َأ هل‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪565h‬‬
‫‪g‬‬
‫أَّ نداء أ الَ ورد فيه يف الل ة ال ة أساليب‪ :‬أسل باَّ مَ راَّ يف هَا‬
‫عني ّ‬
‫البيت‪ ،‬وا سل ب الَالث يف البيت الَ قبله‪ ،‬وقد ة رناها من قبق‪ ،‬وة رها ابن‬
‫مالك يف البيعين‪:‬‬
‫ُ‬
‫الرجل"‬ ‫فأي هنا وصفت بماذا؟ "يا أيها‬ ‫ُ‬
‫الرجل"‪ٌ ،‬‬ ‫‪ -‬ا سل ب ا ول‪" :‬يا أيها‬
‫محال بأل‪ ،‬وسبق الكالم على ذلك وعلى إعراهبا‪ ،‬وشواهد‬
‫ً‬ ‫ٍ‬
‫جنس‬ ‫وصفت باسم‬
‫أن نذكر شي ًئا منها‪ ،‬وقد ذكرناها من قبل‪.‬‬ ‫ُ‬
‫الرجل" كثير ٌة جدًّ ا ال يحتاج ْ‬ ‫"يا أيها‬
‫فأي هنا وصفت بماذا؟ "يا أي هذا‬
‫‪ -‬ا سل ب الَاين‪" :‬يا أي هذا تعال"‪ٌ ،‬‬
‫تعال" وصفت باسم إشارة وهذا مسموع‪ ،‬قال الشاعر‪:‬‬
‫ودعللللللانى واغللللللال فلللللليمن وغللللللق‬ ‫أ هللللللللللَاَّ للللللللللال ها َد دمللللللللللا‬
‫تابع السم اإلشارة‬ ‫ُ‬
‫الرجل تعال"‪ ،‬فالرجل هنا ٌ‬ ‫ولك هنا ْ‬
‫أن تقول‪" :‬يا أي هذا‬
‫تابع السم اإلشارة فما لنا عالقة به هنا‪ ،‬وهذا مسموع كقول الشاعر‪:‬‬
‫تابع ألي؟ ٌ‬
‫أم ٌ‬
‫ل لللليء نحعلللله عللللن د لللله الم للللادر‬ ‫أا أ هللللَا البللللامع ال جللللد نفسلللله‬
‫‪ -‬ا سل ب الَالث يف نداء أ ‪" :‬يا أيها الذي جلس تعال"‪ٍ ،‬‬
‫فأي هنا وصفت‬
‫محال بأل‪ ،‬كقوله تعالى‪( :‬ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ)‬
‫ً‬ ‫ٍ‬
‫موصول‬ ‫ٍ‬
‫باسم‬ ‫بماذا؟‬
‫[الحَر‪.]6:‬‬
‫ا‬
‫َ‬
‫هَا د َرد)‪ ،‬يعني ّ‬
‫أن أ ًيا يف النداء‬ ‫ف َأ باس َ‬
‫ثم قال ابن مالك‪َ ( :‬و َو ْص د‬
‫رجل تعال" أو "يا أيها محمدُ تعال" أو‬ ‫ال توصف بغير ما ذكرنا‪ ،‬فال ُيقال‪" :‬يا أيها ُ‬
‫"يا أيها َمن جلس تعال"‪ ،‬أو "يا أيها أخي تعال" ال ُيقال ذلك‪ ،‬وإنما صف بَال ة‬
‫أ ياء‪:‬‬
‫أن تقول‪" :‬يا أيها‬ ‫ٍ‬
‫وحينئذ يجوز لك ْ‬ ‫‪ -‬ا ول‪ :‬اسم الجنس المحلى بأل‪،‬‬
‫وأي يف‬ ‫ُ‬
‫الرجل" أو "يا أيها الرجالن" أو "يا أيها الرجال" مفرد‪ ،‬مثنى‪ ،‬جمع‪ٌ ،‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪566h‬‬
‫فإن أنثت الصفة فالمختار واألكثر ْ‬
‫أن تؤنث أي‪ ،‬فتقول‪:‬‬ ‫الجميع تلزم لف ًظا واحدً ا‪ْ ،‬‬
‫"يا أيتها المرأةُ‪( ،‬ﭡ ﭢ ﭣ) [الفَر‪."]27:‬‬
‫‪ -‬وا مر الَاين مما صف به أ ‪ :‬قلنا اسم اإلشارة‪ ،‬فلك ْ‬
‫أن تقول‪" :‬يا أي‬
‫ِ‬
‫هؤالء تعالوا" أو "يا أيتها ذي تعالي" أو "يا أي هذان‬ ‫هذا ذا تعال" أو "يا أي‬
‫تعاال"‪.‬‬
‫‪ -‬وا مر الَالث مما صف به أ ‪ :‬االسم الموصول المحلى بأل‪ ،‬فلك ْ‬
‫أن‬
‫تقول‪" :‬يا أيها الذي جلس" أو "يا أيها اللذان جلسا"‪ ،‬أو "يا أيها الذين جلسوا"‪،‬‬
‫وتقول يف التثنية‪" :‬يا أيتها التي جلست" أو "يا أيتها اللتان جلستا" أو "يا أيتها‬
‫الاليت جلسن" ‪ ،‬هذا آخر الكالم على ما تيسر من أبيات هذا الفصل‪ ،‬ليبقى بيتان‬
‫من هذا الفصل نشرحهما ْ‬
‫إن شاء اهلل تعالى يف الدرس القادم‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫وصلى اهلل وسلُ على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين‪.‬‬

‫‪¹‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪567h‬‬
‫‪g‬‬

‫الدرس الثامن والتسعون‬


‫﷽‬

‫الحمد هلل رب العالمين‪ ،‬والصالة والسالم على نبينا محمد‪ ،‬وعلى آله‬
‫وأصحابه أجمعين‪.‬‬
‫َّأما بعد‪...‬‬
‫فسالم اهلل عليكم ورحمته وبركاته‪ ،‬وحياكم اهلل وبياكم يف ليلة اإلثنين الثاين‬
‫ٍ‬
‫وأربعمائة وألف‪ ،‬نحن يف جامع‬ ‫عشر من شهر المحرم من سنة أرب ٍع وثالثين‬
‫الراجحي يف حي الجزيرة يف مدينة الرياض نعقد بحمد اهلل وتوفيقه الدرس الثامن‬
‫والتسعين من دروس شرح [ألفية] ابن مالك‪.‬‬
‫وكنا وما زلنا يف أبواب النداء‪ ،‬وقد شرحنا منها الباب األول الذي سماه باب‬
‫فصال‬
‫ً‬ ‫النداء‪ ،‬ثم انتقلنا بعد ذلك إلى الباب الثاين الذي قال عنه‪ِ ( :‬‬
‫فصق)‪ ،‬وجعله‬
‫خاصا بأحكام تابع المنادى المبني‪ ،‬وقد قرأناه من قبل وشرحنا خمس ًة من أبياته‪،‬‬
‫ً‬
‫وبقي منها بيتان نشرحهما ْ‬
‫إن شاء اهلل تعالى يف هذا الدرس‪ ،‬ونبدأ بقراءهتما قال ابن‬
‫مالك‪:‬‬
‫الم ْعرا َفللللل ْه‬ ‫للللاَّ َْر د َ لللللا د اف ْيل د‬
‫للللت َ‬ ‫إا َّْ َ ل َ‬ ‫فاللللللي الصلللللل َف ْه‬ ‫لللللارة َ ل َ‬
‫لللللٌ‬ ‫َو دةو إا َ ل َ‬
‫ا‬ ‫ا ا‬ ‫فاللي ن َْح ل ا َس ل ْعدَ َس ل ْعدَ‬
‫لللللُ َوا ْفلللللع ََح َأ َّوا دص ْ‬
‫لللللب‬ ‫َ لللللاَّ َو د َّ‬ ‫لب‬ ‫ااوْ َ نْعَصل ْ‬
‫ف َاَّ بيعاَّ ة َر في ما‪ ‬مسٌلعين مسٌلعين ععل اَّ بعابع المناد ؛ َّّ‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪568h‬‬
‫الفصق‪ -‬ما عرفنا‪ -‬يف بياَّ أحُام ابع المناد ‪:‬‬
‫‪ -‬المسٌلة ا ولى‪ :‬هي نداء اسم اإلشارة‪ ،‬وإذا أردت ْ‬
‫أن تنادي اسم اإلشارة‬
‫فلندائه حالتان‪:‬‬
‫‪ -‬الحالة ا ولى‪ْ :‬‬
‫أن تقصد نداء اسم اإلشارة‪ ،‬فتقول‪" :‬يا هذا اجلس"‪ ،‬و"يا‬
‫هؤالء تعالوا"‪ ،‬فإذا قلت‪" :‬يا هذا" وعرف المشار إليه‪ ،‬فمعنى ذلك ّ‬
‫أن النداء‬
‫متوج ٌه إلى اسم اإلشارة‪ ،‬فإذا كان األمر كذلك فيجوز ْ‬
‫أن تتبع اسم اإلشارة بتاب ٍع‬
‫أن تقول‪" :‬يا هذا تعال"؛ ألنك تشير‬ ‫ُ‬
‫الرجل تعال"‪ ،‬ويجوز ْ‬ ‫ْ‬
‫كأن تقول‪" :‬يا هذا‬
‫إليه‪.‬‬
‫فإذا كان األمر كذلك ّ‬
‫فإن النداء‪-‬كما قلنا‪ -‬متج ٌه إلى اسم اإلشارة فهو من‬
‫النوع األول من المنادى وهو المعرفة المفردة‪ ،‬فيكون من المنادى المبني‪ ،‬وتابعه‬
‫الطالب‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الرجل تعال"‪ ،‬أو يف قولك‪" :‬يا هذا‬ ‫وهو "الرجل" يف قولك‪" :‬يا هذا‬
‫تعال"‪ ،‬أو "يا هذا الجالس قم"‪ ،‬تابعه يجوز فيه الرفع والنصب لما ذكرنا من قبل‬
‫من ّ‬
‫أن النعت إذا كان فيه (أل) جاز فيه الرفع والنصب‪.‬‬
‫الجالس قم"‪ ،‬و"يا هذا‬
‫ُ‬ ‫فإذا كان هذا التابع مشت ًقا فهو نعت‪ ،‬كقولك‪" :‬يا هذا‬
‫النائم استيقظ"‪ ،‬وإذا كان التابع جامدً ا فهو بدل أو عطف‬
‫ُ‬ ‫الطالب تعال"‪ ،‬و"يا هذا‬
‫ُ‬
‫ُ‬
‫الرجل تعال"‪ ،‬و"يا هذه المرأ ُة تعالي" ونحو ذلك‪ ،‬فهذه‬ ‫بيان‪ ،‬كقولك‪" :‬يا هذا‬
‫متجها إلى اسم اإلشارة نفسه‪.‬‬
‫ً‬ ‫الحالة األولى لنداء اسم اإلشارة ْ‬
‫أن يكون النداء‬
‫أن تريد ْ‬
‫أن تنادي الرجل‪،‬‬ ‫أن تقصد بالنداء تابع اسم اإلشارة‪ْ ،‬‬
‫‪ -‬الحالة الَانية‪ْ :‬‬
‫ُ‬
‫الرجل تعال" بحيث لو لم تقل‪ :‬الرجل لما‬ ‫فتقول‪" :‬يا هذا الرجل تعال"‪" ،‬يا هذا‬
‫عرف المراد‪ ،‬وهذا األمر يعود إلى المعنى ال شك إلى القرائن إلى الحال‪ ،‬فإذا كان‬
‫متجها إلى تابع المنادى أنت تريد ْ‬
‫أن تنادي الرجل‪ ،‬ثم س َبقت هذا فهذا‬ ‫ً‬ ‫النداء‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪569h‬‬
‫‪g‬‬
‫ٍ‬
‫حينئذ صارت صلة صل ًة توصلك إلى المنادى الحقيقي‪.‬‬
‫ُ‬
‫الرجل"‪ ،‬يعني‬ ‫ُ‬
‫الرجل" كقولك السابق‪" :‬يا أيها‬ ‫ٍ‬
‫فحينئذ يكون قولك‪" :‬يا هذا‬
‫يصير اسم اإلشارة كأي‪ ،‬صلة إلى المنادى والمنادى يف الحقيقة ما بعده‪ْ ،‬‬
‫وإن كنا‬
‫ُ‬
‫الرجل" هذا‪ :‬هو المنادى وهو مبني‪ ،‬والرجل‪ :‬تابع‪ ،‬إال‬ ‫نقول يف اإلعراب‪" :‬يا هذا‬
‫حينئذ على هذا المعنى يكون كتابع أي‪ ،‬و ابع أ ‪ -‬ما سبق يف‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬
‫أن هذا التابع‬
‫الدرْ الما ي‪َ -‬ب فيه أمراَّ‪:‬‬
‫أن تحذفه؛ ألنه المقصود بالنداء وهو موضح‬ ‫ٍ‬
‫حينئذ ْ‬ ‫‪ -‬ا ول‪ :‬الذكر‪ ،‬فال يجوز‬
‫المعنى‪.‬‬
‫‪ -‬وا مر الَاين‪ :‬الرفع‪ ،‬وال يجوز فيه النصب؛ ألنه هو المسموح حينئذ‪.‬‬
‫ُ‬
‫الرجل‬ ‫والفرق بين الحالعين اللعين ة ر ما ا َّ‪ :‬أنك إذا قلت‪" :‬يا هذا‬
‫تعال"‪ ،‬فإذا كنت تريد نداء اسم اإلشارة فمعنى ذلك ّ‬
‫أن المشار إليه عرف قبل‬
‫قولك‪ :‬الرجل‪" ،‬يا هذا الرجل تعال"‪ ،‬فإذا عرف المشار إليه من قولك‪" :‬هذا"‬
‫ُ‬
‫الرجل انتبه"‪،‬‬ ‫مثال أقول‪" :‬يا هذا‬ ‫أن اإلشارة متجهة إلى هذا‪ْ ،‬‬
‫كأن ً‬ ‫فمعنى ذلك ّ‬
‫عرفتم المراد من قولي هذا أو من قولي الرجل؟ هذا أو أضع عليه يدي‪ ،‬أو بأي‬
‫ٍ‬
‫قرينة أخرى تبين اسم اإلشارة هذا‪.‬‬
‫إ ًذا فكلمة الرجل بعد ذلك هي زيادة يف المعنى‪ ،‬أما المعنى المراد فقد فهم من‬
‫ٍ‬
‫حينئذ يأخذ حكم التابع نعتًا أو‬ ‫قولي‪" :‬يا هذا"‪ ،‬فالنداء متج ٌه إلى هذا‪ ،‬فالرجل‬
‫بدال أو عطف بيان‪ ،‬أما إذا لم يتبين المشار إليه حتى أقول‪" :‬الرجل"‪ْ ،‬‬
‫كأن أقول‬ ‫ً‬
‫وسهال"‪،‬‬
‫ً‬ ‫أهال‬ ‫ُ‬
‫الطفل ً‬ ‫لكم‪" :‬يا هذا" ما تعرفوا َمن أريد‪ ،‬حتى أقول‪" :‬يا هذا‬
‫فعرفتم المشار إليه بقولي‪" :‬يا هذا" أو "بالطفل"؟ بالطفل‪.‬‬
‫إةا فالنداء معَه يف الح ي ة إلى هَا أم إلى لمة الطفق؟ إلى لمة الطفق‪ ،‬ف َا‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪570h‬‬
‫الَ نعنيه بالفرق بين المعنيين‪ ،‬والعبارة واحدة لُن المعنى خعلف واإلعراب‪-‬‬
‫ما عرف َّ‪ -‬وليد المعنى ومر ب ِ بالمعنى‪:‬‬
‫تابع كالتوابع يجوز‬
‫‪ -‬فالمعنى ا ول‪ :‬النداء متج ٌه إلى اسم اإلشارة‪ ،‬وما بعده ٌ‬
‫فيه الوجهان الرفع والنصب‪.‬‬
‫‪ -‬والمعنى الَاين‪ :‬النداء اتجه يف الحقيقة إلى التابع إلى الرجل‪ ،‬فصار‬
‫ألن أسلوب "يا أيها الرجل" المراد على كل حال هو‬ ‫ُ‬
‫الرجل"؛ ّ‬ ‫كأسلوب "يا أيها‬
‫التابع‪ ،‬أما أي فهو صلة على كل المعاين ال يمكن ْ‬
‫أن يتبين ما أريد إذا قلت‪" :‬يا‬
‫أيها" إال بما بعده‪" :‬يا أيها الجالس‪ ،‬يا أيها الراكض‪ ،‬يا أيها المصلي"‪ ،‬ما يتبين إال‬
‫بالتابع‪.‬‬
‫فهذه هي المسألة األولى التي ب َّينها البيت األول وهو قوله‪َ ( :‬و دةو إا َ َارة‬
‫كأي المناداة‬ ‫ٌََ َ فاي الص َف ْه)‪َ ( ،‬و دةو إا َ َارة) يعني‪ :‬اسم اإلشارة‪ ) ٌََ ( ،‬يعني‪ٍ :‬‬
‫المذكورة يف البيت السابق الذي شرحناه يف الدرس الماضي‪( ،‬فاي الص َف ْه) يعني‪ :‬يف‬
‫حكم التابع بعده‪.‬‬
‫الم ْعرا َف ْه)‪ ،‬يعني ْ‬
‫إن‬ ‫ت َ‬ ‫َاَّ َْر د َ ا د اف ْي د‬
‫كأي؟ قال‪( :‬إا َّْ َ‬
‫متى يكون اسم اإلشارة ٍ‬
‫عرف المراد باسم اإلشارة فهي المناداة حقيقةً‪ ،‬وما بعدها تابع من التوابع‪ْ ،‬‬
‫وإن لم‬
‫ٍ‬
‫حينئذ يعني معرفة‬ ‫ألن التعريف‬ ‫حينئذ كتابع أي؛ ّ‬‫ٍ‬ ‫يعرف المراد إال بالتابع‪ ،‬فالتابع‬
‫المعنى لم يقع إال بالتابع‪.‬‬
‫‪ -‬والمسٌلة الَانية العي ة رها‪ :‬هي حكم المنادى يف نحو قولك‪" :‬يا‬
‫سعدُ سعد األوس تعال" هذا أسلوب‪ ،‬يعني تستطيع ْ‬
‫أن تصوغ عليه ما شئت‪،‬‬
‫وسهال بك" وهكذا‪.‬‬
‫ً‬ ‫أهال‬
‫تقول‪" :‬يا محمدُ محمد الخير ً‬
‫ومنه قول الشاعر‪:‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪571h‬‬
‫‪g‬‬

‫ف‬ ‫لار ا‬
‫َو َ ا َسل ْعدد َسل ْعدد ا ْلخَ ل َْر اجي َن ا ْل َ َط ا‬ ‫َاصلرا‬ ‫ْلت ن ا‬‫ْ ْدن َأن َ‬ ‫أ َ ا َس ْعدد َس ْعدد ا َ ْو ا‬
‫مستعمل بكثرة عند العرب‪ ،‬ومنه قول جرير يهجو عمر بن لجأٍ‬ ‫ٌ‬ ‫أسلوب‬ ‫فهو‬
‫ٌ‬
‫التيمي فيقول‪:‬‬
‫ا‬
‫للللللللر‬
‫د‬ ‫ا د ل يللللللللنَُّ ددُ يف َسلللللللل َءة دع َم‬ ‫َلللليُ َعللللد ا َأ َبللللا َلُ د‬
‫دللللُ‬ ‫َ‬ ‫َلللليُ‬
‫َ‬ ‫للللا‬
‫َيُ َع اد )‪،‬‬ ‫َيُ َ‬ ‫يقول‪ :‬ال يغضبني عمر فأهجوكم هجا ًء يسوئكم‪ ،‬فقال‪ ( :‬ا َ‬
‫ومن ذلك قول عبد اهلل بن رواحة◙ لغال ٍم عنده اسمه زيد قال‪:‬‬
‫للللللك َفللللللا ْن ا ال‬ ‫للللا َه للللدد َه للللدَ ا ْللللليعمال ا‬
‫ََ الللللَ َّب اق‬
‫َ َط َ‬
‫للللللاو َل ال َّل ْي د‬
‫للللللق َع َل ْي َ‬ ‫ََْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫فهذا أسلوب‪ ،‬والكالم الكالم على إعراب االسم األول يف نحو قولك‪" :‬يا‬
‫سعدُ سعدَ األوس"‪ّ ،‬‬
‫فإن األول "يا سعد" يجوز فيه الرفع والنصب يا سعدُ ويا‬
‫سعدَ ‪ ،‬وأما الثاين "سعد األوس" فليس فيه إال النصب‪ ،‬أما الثاين سعد األوس‬
‫فليس فيه على النصب على القياس؛ ألنه منا ًدى مضاف‪ ،‬فهذا على القياس ال‬
‫إشكال فيه‪ ،‬ولكن األول يا سعد العرب تقول فيه‪ :‬يا سعدُ ويا سعدَ ‪.‬‬
‫إةا ف د مالف ال ياْ السابق الَ قلناه من قبق‪ ،‬قلنا‪ّ :‬‬
‫إن المنادى إذا كان‬
‫معرف ًة مفر ًدا بني على الضم‪ ،‬فعندما قالت العرب‪ :‬يا سعدُ ويا سعدَ هنا احتاج‬
‫النحويون إلى ْ‬
‫أن يفردوا هذه المسألة بالبحث ويتكلموا عليها‪ ،‬فقلنا يجب يف الثاين‬
‫النصب‪ ،‬وأما األول فيجوز فيه الضم‪ ،‬ويجوز فيه النصب‪.‬‬
‫نبدأ بالضم إذا ضممنا األول ماذا نقول؟ "يا سعدُ سعدَ األوس"‪ ،‬وهذا ال‬
‫مبني على الضم؛ ألنه‬ ‫إشكال فيه؛ ّ‬
‫ألن االسمين على القياس‪ :‬فاألول‪ :‬يا سعدُ‬
‫ٌ‬
‫معرف ٌة مفرد‪ ،‬والثاين‪ :‬سعدَ األوس بالنصب؛ ألنه منادى مضاف‪ ،‬فهذا ال إشكال‬
‫فيه‪ ،‬اإلشكال يف الوجه الثاين الجائز وهو النصب‪.‬‬
‫فعلى نصب ا ول ن ل‪" :‬يا سعدَ سعدَ األوس"‪ ،‬فكيف ِ‬
‫نخرج النصب‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪572h‬‬
‫ٍ‬
‫حينئذ؟ يا سعدَ مع أنه معرفة مفرد؟ يف خر َه يف هَا ا سل ب ق اَّ للنح ين‪:‬‬
‫‪ -‬ال ل ا ول‪ّ :‬‬
‫أن أصله "يا سعدَ األوس سعدَ األوس تعال"‪ ،‬ثم حذف‬
‫المضاف إليه األول أو الثاين؟ ثم حذف المضاف إليه األول لداللة الثاين عليه‪،‬‬
‫وبقي المضاف على لفظه‪ ،‬فقيل‪" :‬يا سعدَ "‪ ،‬ثم حذفنا المضاف إليه وأكملنا‬
‫الكالم "سعد األوس"‪ ،‬وهذا قول المربد وهذا واضح‪.‬‬
‫أيضا "يا سعد األوس سعد‬ ‫‪ -‬أما ال ل الَاين‪ :‬فهو قول سيبويه قال‪ّ :‬‬
‫إن أصله ً‬
‫األوس"‪ ،‬نفس التقدير‪ ،‬لكن ما الذي حدث عند سيبويه؟ قال‪ :‬فحذف المضاف‬
‫إليه الثاين لداللة األول عليه‪ ،‬فصار الكالم "يا سعدَ األوس سعدَ "‪ ،‬ثم ُق ِدم الباقي‬
‫من الثاين وهو "سعدَ " قدم وأقحم بين المضاف والمضاف إليه‪ ،‬فقيل‪" :‬يا سعدَ "‪،‬‬
‫ثم أتينا بالمتأخر وقدمناه "سعدَ "‪ ،‬ثم كملنا "األوس" على قول سيبويه يكون‬
‫األسلوب من أساليب الفصل بين المضاف والمضاف إليه‪ ،‬وهذا يضعف‬
‫تخريجه؛ ّ‬
‫ألن الفصل بين والمضاف إليه من األمور التي ال يلجأ إليها إال يف أضيق‬
‫الحدود‪.‬‬
‫فهذا يضعف قول سيبويه ولكن يقويه ّ‬
‫أن الحذف كان من األول أم من الثاين؟‬
‫كان من الثاين لداللة األول عليه‪ ،‬وهذه طريقة الحذف إعرابية‪ ،‬إذا أردت ْ‬
‫أن‬
‫تحذف [‪ ]@20:05‬إعرابية فإنك تحذف من التالي لداللة األول عليه‪ ،‬يكون‬
‫األمر قد ُذكِر ومر وعرف‪ ،‬ثم إذا ذكر مر ًة ثانية ُيحذف لداللة السابق عليه‪ ،‬وهذا‬
‫أن يجعل الحذف على طريقة إعرابية‪ّ ،‬‬
‫أن‬ ‫الذي أراده سيبويه من كل هذه اللفة‪ ،‬أراد ْ‬
‫المحذوف من الثاين لداللة األول عليه‪.‬‬
‫أما على قول المربد‪-‬وقد عرفناه‪ -‬فيقويه أنه ال فصل فيه بين المضاف‬
‫والمضاف إليه‪ ،‬ويقويه أنه ال تقديم فيه وال تأخير‪ ،‬لكن يضعفه ّ‬
‫أن الحذف فيه‬
‫حدث على غير الطريقة المعروفة يف العربية‪ ،‬وهو ّ‬
‫أن الحذف كان يف األول لداللة‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪573h‬‬
‫‪g‬‬
‫التالي عليه‪ ،‬ومع ذلك نقول‪ :‬نعم‪ ،‬ال شك ّ‬
‫أن الحذف يف العربية طريقته السالكة‬
‫الالحبة المتلئبة المعروفة الكثيرة المشهورة ّ‬
‫أن الحذف يكون من الثاين لداللة‬
‫السابق عليه‪ ،‬إال أنه جاء يف عدة مواضع باتفاق جاء الحذف من األول لداللة‬
‫الثاين‪.‬‬
‫أيضا يف‬
‫متفق على وجودها ً‬
‫فهذه الطريقة متفق على وجودها‪ ،‬وهذه الطريقة ٌ‬
‫أن طريقة سيبويه يف الحذف‪-‬يعني ّ‬
‫أن الحذف يكون من الثاين لداللة‬ ‫العربية‪ ،‬إال ّ‬
‫األول عليه‪ -‬هو الطريقة المعروفة األكثر يف العربية‪.‬‬
‫فعلى ذلك ال يكون قول المربد ضعي ًفا جدًّ ا‪ ،‬يكون ضعي ًفا جدًّ ا لو لم يكن له‬
‫نظير أبدً ا ف ُيضعف بعدم النظير‪ ،‬أي تخريج يذكر وليس له نظائر يف العربية فهذا‬
‫ضعيف مردود‪ ،‬لكن له نظائر لكنها أقل من نظائر تخريج سيبويه‪ ،‬والخالصة‪ّ :‬‬
‫أن‬
‫يف هذا األسلوب عند النصب تخريجان‪:‬‬
‫‪ -‬أحدهما للمربد وتابعه علماء‪.‬‬
‫مضعف وله ٍ‬
‫مقو‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫‪ -‬وا مر لسيبويه وتابعه علماء وكال القولين له‬
‫وهذه المسألة الثانية هي التي ذكرها ابن مالك‪ ‬يف البيت الثاين وهو‬
‫األخير يف هذا الفصل‪ ،‬حين قال‪:‬‬
‫ا‬ ‫ا ا‬ ‫فاللي ن َْح ل ا َس ل ْعدَ َس ل ْعدَ‬
‫لللللُ َوا ْفلللللع ََح َأ َّوا دص ْ‬
‫لللللب‬ ‫َ لللللاَّ َو د َّ‬ ‫لب‬
‫ااوْ َ نْعَصل ْ‬
‫يقول‪ :‬يف قولك‪" :‬يا سعدُ سعدَ األوس" الثاين ينتصب‪ ،‬الثاين منصوب‪،‬‬
‫واألول؟ األول ضمه أو افتحه تصب‪ ،‬فهذا ما يتعلق هبذا الفصل‪.‬‬
‫باب من أبواب النداء‪ ،‬وسماه ابن‬
‫أيضا ٌ‬
‫ننتقل إلى الباب التالي وهو ً‬
‫مالك‪‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪574h‬‬
‫املنادى املضاف إىل ياء املتكلم‬
‫عقده يف ثالثة أبيات قال فيها‪:‬‬
‫للللد عبللللدَ عبللللدَ ا عب ا‬
‫للللد َ ا‬ ‫للللد عب ا‬ ‫َ عب ا‬ ‫ف لا َيلا‬‫اج َعق دمنَاد َص َّح إا َّْ د َا ْ‬
‫َْ‬ ‫َْ‬ ‫َْ‬ ‫َْ‬ ‫َْ‬ ‫‪َ .592‬و ْ‬
‫ا‬ ‫‪َ .593‬و َفع ِْح أو َْس ِر َو َح َْ د‬
‫للُ اَ َم َفل ّ‬
‫للر‬ ‫للن َعل َّ‬ ‫للن أ َّم َ لللا ا ْبل َ‬
‫فلللي َ لللا ا ْبل َ‬ ‫ف ال َيا ْاسلع ََم ّر‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫لت» «أم ا‬ ‫‪.594‬وفاي الندَ ا «أب ا‬
‫َوا ْسل ْلر َأ او ا ْفلع َْح َومل َ‬
‫لن ال َيللا ال َّعللا عل َ‬ ‫لت» َع َلر‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫هذا الفصل تكلم فيه‪ ‬على مسألة من مسائل النداء‪ :‬وهي حُُ ااسُ‬
‫المناد إةا أ يف إلى اء المعُلُ‪ْ ،‬‬
‫فإن قلت‪ :‬ولماذا خصوه بحكم ومسألة؟ أين‬
‫المضاف إلى غير ياء المتكلم المضاف إلى كاف الخطاب هاء الغيبة واألسماء‬
‫المناداة المضافة األخرى؟‬
‫فالَ اب عن ةلك‪ّ :‬‬
‫أن ياء المتكلم لها خاصية تختص هبا عن بقية الضمائر‪،‬‬
‫فعال أو حر ًفا‪ ،‬فلهذا لو دخلت على‬
‫اسما أو ً‬
‫وهي أهنا توجب كسر ما قبلها أ ًيا كان ً‬
‫ٍ‬
‫اسم كسرت آخره‪ ،‬يف الجر‪" :‬قرأت يف كتابي"‪ ،‬أو الرفع‪" :‬هذا كتابي"‪ ،‬أو النصب‬
‫الكتاب لي"‪.‬‬
‫ُ‬ ‫"قرأت كتابي"‪ ،‬وكذلك الحرف تقول‪" :‬‬
‫فإن الفعل‪-‬كما تعرفون‪ -‬ال يقبل الجر؛ ّ‬
‫ألن الجر من‬ ‫فإذا دخلت على الفعل ّ‬
‫خصائص األسماء‪ ،‬وياء المتكلم توجب كسر ما قبلها فحدث إشكال‪ ،‬فحله‬
‫العرب بنون الوقاية‪ ،‬جعلوا نونًا بين هذين المتشاكسين‪ ،‬فالنون تحملت الكسر‬
‫فرضيت ياء المتكلم‪ ،‬وسلم الفعل هبا من الكسر فرضي الفعل‪.‬‬
‫أ اا ُعسب أحُاما خعن به‪،‬‬ ‫فل َا إةا ا صق المناد بياء المعُلُ ف‬
‫َّ يف هَا الباب‪ ،‬وااسُ المناد المااف إلى اء المعُلُ على‬ ‫ة رها النح‬
‫ال ة أن ا ‪:‬‬
‫وإن شئتم الدقة نقول‪ْ :‬‬
‫أن يكون آخره حرف‬ ‫معتال‪ْ ،‬‬ ‫‪ -‬ا ول‪ْ :‬‬
‫أن يكون آخره ً‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪575h‬‬
‫‪g‬‬
‫مثال‪" :‬يا قاضي"‪ ،‬و"يا فتى"‪ ،‬فآخر المنادى هنا حرف مد‪ ،‬فما‬
‫مد‪ ،‬كقولك ً‬
‫الحكم؟ الحكم وجوب ثبات ياء المتكلم مفتوحةً‪ ،‬وجوب ثبات ياء المتكلم ما‬
‫أن ُتحذف مفتوح ًة فال ُتسكن‪ ،‬فتقول يف‪" :‬يا فتى" إذا أضفته إلى ياء المتكلم‬
‫يجب ْ‬
‫"يا فتاي تعال" و"يا قاضي" "يا قاضي تعال"‪ ،‬وإذا قلت‪" :‬يا مسلمون"‪ ،‬ثم‬
‫أضفته إلى ياء المتكلم فاإلضافة ستحذف النون‪ ،‬فما الذي يلتقي؟ تلتقي الواو‬
‫عالمة الرفع بياء المتكلم وكالهما ساكن‪.‬‬
‫أن الواو عالمة اإلعراب ُتقلب إلى ياء‪ ،‬وياء‬
‫فما الذي يحدث؟ الذي يحدث ّ‬
‫مسلمي اتحدوا"‪.‬‬
‫َ‬ ‫مسلمي"‪" ،‬يا‬
‫َ‬ ‫المتكلم ُتفتح‪ ،‬فيزول الساكنان‪ ،‬فتقول‪" :‬يا‬
‫أن يكون االسم المنادى المضاف إلى ياء‬ ‫إ ًذا فالنوع األول أو الحالة األولى ْ‬
‫وأن ُتفتح‪.‬‬
‫أن تثبت ْ‬ ‫ٍ‬
‫حينئذ يف ياء المتكلم ْ‬ ‫المتكلم مختو ًما بحرف مد‪ ،‬فيجب‬
‫‪ -‬الحالة الثانية‪.‬‬
‫الطالب‪.]@29:41[ :‬‬
‫ال يخ‪ :‬نعم؟ قلنا‪" :‬يا فتى يا فتاي تعال‪ ،‬يا فتاي أقبل"‪.‬‬
‫مثال‪" :‬يا صديق‪ ،‬يا‬ ‫صحيحا‪ْ ،‬‬
‫كأن تقول ً‬ ‫ً‬ ‫أن يكون آخره حر ًفا‬
‫‪ -‬الحالة الَانية‪ْ :‬‬
‫حرف صحيح‪ ،‬وهذا الذي أشار إليه ابن مالك يف البيت‬ ‫ٌ‬ ‫بحر‪( ،‬ﭴ) " آخره‬
‫اج َعق دمنَاد َص َّح) يعني‪ :‬صح‬ ‫عندما قال‪( :‬واجعق منَاد صح إا َّْ َا ْ ا‬
‫ف ل َيا)‪َ ( ،‬و ْ‬ ‫د‬ ‫َ َّ‬ ‫َ ْ َ د‬
‫دائما ّ‬
‫أن الشبيه بالصحيح له حكم‬ ‫حرف صحيح‪ ،‬وتعرفون ً‬
‫ٌ‬ ‫آخره يعني آخره‬
‫الصحيح‪.‬‬
‫أن يكون صحيح اآلخر‪ ،‬وإما ْ‬
‫أن يكون‬ ‫أن يكون معتل اآلخر‪ ،‬وإما ْ‬
‫االسم إما ْ‬
‫شبيها بالصحيح‪ ،‬ما المراد بالشبيه بالصحيح؟ اسم شبيه بالصحيح هو المختوم‬
‫ً‬
‫بحرف ٍ‬
‫علة قبله سكون‪ ،‬يعني ليس مختو ًما بحرف مد‪ ،‬وإنما مختوم بحرف علة‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪576h‬‬
‫مثال‪" :‬يا ظ ْبي"‪" ،‬يا ظ ْب ُي" مختوم بياء والياء قبلها ساكن‪ ،‬أو‬
‫قبله سكون‪ ،‬كقولك ً‬
‫صفو "يا ص ْفو" مختوم بواو وقبلها سكون‪ ،‬الشبيه بالصحيح ً‬
‫دائما حكمه حكم‬
‫الصحيح‪.‬‬
‫وحكم هذا النوع إذا ناديته وأضفته إلى ياء المتكلم أنه يجوز فيه ستة أوجه‪ ،‬ما‬
‫شاء اهلل! كلما كثر الشيء عند العرب كثرت أوجهه‪ ،‬يجوز فيه ستة أوجه‪:‬‬
‫ِ‬
‫صديق تعال" تحذف ياء المتكلم وتكسر ما‬ ‫‪ -‬ال جه ا ول‪ْ :‬‬
‫أن تقول‪" :‬يا‬
‫عبد تعال"‪ ،‬قال تعالى‪( :‬ﮘ‬‫صديق تعال"‪" ،‬يا زمي ِل تعال"‪" ،‬يا ِ‬
‫ِ‬ ‫قبلها‪" ،‬يا‬
‫ﮙ) [ال مر‪ ،]16:‬يقولون‪ّ :‬‬
‫إن هذا الوجه هو األكثر يف كالم العرب ْ‬
‫أن تحذف‬
‫الياء وتكسر األخير‪ ،‬فإذا ناديت ربك تقول له‪" :‬يا ِ‬
‫رب إين أستغفرك"‪ ،‬وهذا هو‬
‫األكثر يف كالم العرب‪.‬‬
‫ربي إين‬
‫صديقي تعال"‪" ،‬يا ْ‬
‫ْ‬ ‫‪ -‬ال جه الَاين الَائ ‪ :‬إثبات الياء ساكنة‪" ،‬يا‬
‫أستغفرك"‪ ،‬وهذا وج ٌه جائز‪ ،‬وهو بعد األول يف كثرة االستعمال‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬
‫(ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ) [ال مرف‪.]68:‬‬
‫صديقي‬
‫َ‬ ‫‪ -‬ال جه الَالث‪ :‬إثبات الياء مفتوحةً‪ ،‬تثبت الياء وتفتحها تقول‪" :‬يا‬
‫ربي إين أستغفرك"‪ ،‬قال تعالى‪( :‬ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ)‬ ‫تعال"‪" ،‬يا َ‬
‫[ال مر‪.]53:‬‬
‫رب‬
‫‪ -‬ال جه الرابع‪ :‬حذف الياء وجعل الضم على آخر المنادى‪ ،‬فتقول‪" :‬يا ُ‬
‫صديق تعال" وأنت تنادي صديقك ال تنادي أي صديق‪ ،‬ومن‬
‫ُ‬ ‫إين أستغفرك"‪" ،‬يا‬
‫ذلك قوله تعالى‪( :‬ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ) [ سف‪ ،]33:‬هذا على المشهور‪،‬‬
‫إلي‪ ،‬ومن ذلك قوله تعالى‪ :‬وقل ربي أحكم‬
‫رب السجن أحب َّ‬
‫ويف قراءة‪ :‬قال ُ‬
‫رب أحكم بالحق‪.‬‬
‫بالحق على المشهور ويف قراءة وقل ُ‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪577h‬‬
‫‪g‬‬
‫‪ -‬ال جه الخامس‪ :‬قلب الياء أل ًفا وإثباهتا‪ ،‬فتقول‪" :‬يا صديقا تعال‪ ،‬يا ربا اغفر‬
‫لي"‪ ،‬قال تعالى‪( :‬ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ) [ال مر‪.]56:‬‬
‫‪ -‬ال جه السادْ‪ :‬قلب الياء أل ًفا وحذفها‪ ،‬فتقول‪" :‬يا صد َيق تعال" حذفت‬
‫رب إين أستغفرك"‪ ،‬قال الشاعر‪:‬‬
‫صديق تعال" "يا َ‬
‫َ‬ ‫األلف وبقيت الفتحة قبلها‪" ،‬يا‬
‫قلب الياء أل ًفا وحذفها‪ ،‬تقلب الياء أل ًفا "يا صديقا"‪ ،‬ثم تحذف األلف فتبقى‬
‫صديق تعال"‪ ،‬قال الشاعر‪:‬‬ ‫َ‬ ‫الفتحة "يا‬
‫لللللف َوا با َل ْيللللل َ‬
‫ت َوا َلللللل َ انلللللي‬ ‫َ‬ ‫با َل ْ‬ ‫للللاَ امنلللللي‬ ‫للللت َب ا‬
‫راجلللللع ملللللا َفل َ‬ ‫َو َل ْسل د‬
‫ليت‪ ،‬وال‬
‫لهف وال بقولي‪ :‬يا َ‬
‫َ‬ ‫يعني‪ :‬ولست براج ٍع ما فات مني بقولي‪ :‬يا‬
‫ربي‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫ربي إين‪ ،‬يا َ‬
‫بقولي‪ :‬ل َو إنِّي‪ ،‬ففتح كما ترون‪ ،‬وعلى ذلك تقول‪" :‬يا رب إين‪ ،‬يا ْ‬
‫ظبي‬ ‫رب إين"‪ ،‬وتقول يف الظبي‪" :‬يا ِ‬
‫ظبي قف‪ ،‬ويا ْ‬ ‫رب إين‪ ،‬ويا ُ‬
‫إين‪ ،‬ويا ربا إين‪ ،‬ويا َ‬
‫ظبي قف"‪ ،‬كل ذلك جائز‬ ‫ظبي قف‪ ،‬ويا ُ‬ ‫ظبي قف‪ ،‬ويا ْ‬
‫قف‪ ،‬ويا ظبييا قف‪ ،‬ويا َ‬
‫على هذا الرتتيب‪ ،‬األكثر واألحسن الحذف مع الكسر "يا ِ‬
‫رب إين"‪ ،‬وبعده إثبات‬
‫ربي إين"‪ ،‬وبعدها قلبها أل ًفا‬ ‫ِ‬
‫الياء ساكنة "يا رب ْي إين"‪ ،‬وبعده إثبات الياء مفتوحة "يا َ‬
‫رب إين"‪ ،‬ثم قلبها أل ًفا "يا‬
‫"يا ربا إين"‪ ،‬بل قبل ذلك حذفها وضم آخر المنادى "يا ُ‬
‫ربا إين"‪ ،‬ويف األخير حذف األلف "يا رب إين"‪.‬‬
‫‪ -‬الحالة الَالَة لالسُ المناد المااف إلى اء المعُلُ‪ْ :‬‬
‫أن يكون المنادى‬
‫األب أو األم‪ ،‬وال شك ّ‬
‫أن ندائهما أكثر من نداء غيرهما‪ ،‬فلهذا سيجوز فيهما أكثر‬
‫من غيرهما‪ ،‬فيجوز فيه عشرة أوجه‪ ،‬عشر لغات اللغات الستة السابقة كلها طب ًعا‬
‫أب تعال‪ ،‬يا أبا‬‫أبي تعال‪ ،‬يا ُ‬ ‫ستجوز فيها‪ ،‬تقول‪" :‬يا ِ‬
‫أب تعال‪ ،‬يا ِ‬
‫أبي تعال‪ ،‬يا َ‬
‫أب تعال"‪.‬‬
‫تعال‪ ،‬يا َ‬

‫أن تقلب الياء تا ًء مكسورة‪ ،‬فتقول‪( :‬ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ‬


‫والل ة السابعة‪ْ :‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪578h‬‬
‫ﮞ ﮟ) [مر ُ‪( ،]45:‬ﯦ ﯧ) تقلب الياء تا ًء مكسورة (ﯦ ﯧ)‪،‬‬
‫"يا ِ‬
‫أمت إين"‪ ،‬وهذه لغ ٌة كثيرة وواردة يف اآليات القرآنية ومشهورة‪ ،‬خاص ًة يف قصة‬
‫إبراهيم مع أبيه‪.‬‬
‫أمت إين"‪ ،‬وهذه‬
‫أبت إين‪ ،‬يا َ‬
‫الل ة الَامنة‪ :‬قلب الياء تا ًء مفتوحة‪ ،‬فتقول‪" :‬يا َ‬
‫أقل من اللغة السابقة‪.‬‬
‫الل ة العاسعة‪ :‬قلب الياء تا ًء مع زيادة ألف‪ ،‬تقلب الياء تاء وتجعل بعدها أل ًفا‪،‬‬
‫فتقول‪" :‬يا أبتا إين‪ ،‬ويا أمتا إين"‪ ،‬كل ذلك عليه أمثل ٌة وشواهد كثيرة‪ ،‬كقول الشاعر‬
‫بل الراجز‪:‬‬
‫للللللللا أبعللللللللا علللللللللك أو عسللللللللا ا‬ ‫لللللل ل بنعللللللي قللللللد أ للللللى أنا للللللا‬
‫كثير‪.‬‬
‫الل ة العا رة وهي ا ميرة‪ :‬هي قلب الياء تا ًء وجعل البناء عليها‪ ،‬يعني تاء‬
‫أمت إين"‪ ،‬هذه عشر لغات أو نقول عشرة‬
‫أبت إين‪ ،‬و"يا ُ‬
‫مضمومة‪ ،‬تقول‪" :‬يا ُ‬
‫أوجه جائز ٌة يف نداء األب واألم خاصةً‪.‬‬
‫أبت"‬
‫وأما قولهم‪" :‬يا أبتَي" بقلب الياء تا ًء وإثبات الياء‪ ،‬قلب الياء تا ًء "يا َ‬
‫وإثبات الياء بعدها "يا أبتي"‪ ،‬يقولون‪ :‬بالجمع بين العوض والمعوض‪ ،‬يف اللغة‬
‫المشهورة "يا ِ‬
‫أبت إين" التاء من أين أتت؟ من الياء‪ ،‬يعني عوض عن الياء‪ ،‬فإذا‬
‫قلت‪" :‬يا ِ‬
‫أبت إين"؛ ال إشكال ّ‬
‫ألن التاء عوض عن الياء مقلوبة من الياء ال إشكال‪،‬‬
‫فإذا قلت‪" :‬يا أبتي" فالتاء عوض عن الياء والياء نفسها موجودة‪ ،‬والقاعدة تقول‪:‬‬
‫ال ُيجمع بين العوض والمعوض‪ ،‬يعني ما يمكن ْ‬
‫أن يكون يف نائب مدير يعمل‬
‫عقال وال لغ ًة وال شر ًعا‪،‬‬
‫ويقوم بمهام المدير والمدير موجود‪ ،‬هذا ما يكون ال ً‬
‫العوض والمعوض ما يجتمعان‪.‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪579h‬‬
‫‪g‬‬
‫قليال يف‬
‫فل َا لُ ق العرب‪" :‬يا أبتي" إال ما جاء يف ضرورة الشعر‪ ،‬جاء ً‬
‫ضرورة الشعر كقول الشاعر‪:‬‬
‫مللللا دمللللت عائ للللا‬ ‫أمل ِ‬
‫لللق يف العللللي‬ ‫أ للللا أبعللللي ا هلللللت فينللللا فإننللللا لنللللا‬
‫تقولها البنت ألبيها الظاهر للحطيئة أو لألعشى‪ ،‬ومذهب البصريين ّ‬
‫أن هذا‪-‬‬
‫كما قلنا‪ -‬من ضرائر الشعر يعني ال يكون إال يف ضرورة الشعر‪ ،‬وذلك بسبب‬
‫الجمع بين العوض والمعوض‪ ،‬وأما الكوفيون فأجازوه يف النثر‪ ،‬فالكوفيون هنا‬
‫مثال يقرون ويعرتفون بأنه لم يرد عن العرب يف النثر‪ ،‬هم ال يخالفون يف ذلك‬
‫ً‬
‫جوزه يف النثر‬
‫يقولون العرب لم تقل ذلك يف النثر‪ ،‬وإنما قالوه يف الشعر‪ ،‬ثم إهنم َ‬
‫على قاعدهتم وهو القياس على القليل‪ ،‬وقياس النثر على الشعر‪.‬‬
‫الطالب‪.]@43:50[ :‬‬
‫ال يخ‪ :‬هذا قاعدهتم‪ ،‬وأما البصريون فإهنم ال يقيسون النثر على الشعر‪ ،‬وال‬
‫يقيسون على القليل ما دام ذلك مخال ًفا للقياس‪ ،‬البصريون ينظرون للقياس (قياس‬
‫كثيرا بما أنه موافق‬ ‫إن كان المسموع مواف ًقا للقياس لم يضر ً‬
‫قليال كان أو ً‬ ‫المسألة) ْ‬
‫للقياس‪ ،‬وإذا كان مخال ًفا للقياس نظروا إلى كثرته فقاسوا عليه‪ ،‬وإلى قلته فلم‬
‫ٍ‬
‫حينئذ بين الشعر والنثر‪.‬‬ ‫وفرقوا‬
‫يقيسوا عليه‪َّ ،‬‬
‫فاألمر إذا كان وار ًدا على القياس يكفي لجواز المسألة السماع القليل ولو كان‬
‫يف الشعر‪ ،‬وإذا كان مخال ًفا للقياس توقفوا وتشددوا فيه‪ ،‬يعني لو كان اآليت عن‬
‫مخالف لهذا الكثير‪،‬‬ ‫قليل‬ ‫ٍ‬
‫طريقة واحدة‪ ،‬ثم ورد ٌ‬ ‫كثيرا جدًّ ا وكله وار ٌد على‬
‫ٌ‬ ‫العرب ً‬
‫حينئذ يتشددون وينظرون يف هذا القليل هل هو يف الشعر فقط؟ فيجعلونه يف الشعر‬‫ٍ‬

‫مخالف للقياس؟ فال يجيزون القياس عليه وهكذا‪.‬‬


‫ٌ‬ ‫وال يجيزونه يف النثر‪ ،‬هل هو‬
‫مثال النسب إلى فعولة كيف ننسب إلى فعولة مثل قبيلة شنوءة؟ باتفاق‬
‫يعني ً‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪580h‬‬
‫البصريين ّ‬
‫أن النسب إليها بحذف الواو‪ ،‬ف ُيقال يف فعولة‪ :‬فعلي‪ ،‬شنوءة شنئي‪ ،‬يعني‬
‫بحذف الواو والقياس يف النسب ْ‬
‫أن يغير شي ًئا من المنسوب إليه أم أال يغير شي ًئا يف‬
‫المنسوب إليه؟ القياس أال يغير شي ًئا يف المنسوب إليه‪ ،‬ولم ُيسمع عن العرب يف‬
‫النسب إلى فعولة إال شنوءة وشنئي هذا المسموع الوحيد فقط لم ُيسمع غيره‪،‬‬
‫كثيرا‪.‬‬
‫مسموع قليل لم يضاد ً‬
‫ٌ‬ ‫فهذا‬
‫كثير عن العرب وهو مضا ٌد له‪ ،‬وإنما لم يرد عن العرب إال هذا‬ ‫ِ‬
‫يعني لم يأت ٌ‬
‫ٍ‬
‫ناحية أخرى‬ ‫القليل‪ ،‬ف ُيقاس عليه ما يف إشكال‪ ،‬هنا ال ما يف إشكال من ناحية‪ ،‬ومن‬
‫أيضا هو ال يخالف القياس‪ ،‬كيف ال يخالف القياس؟ ّ‬
‫ألن فعولة أخت فعيلة‬ ‫ً‬
‫و ُفعيلة‪ ،‬والنسب إلى فعيلة و ُفعيلة بحذف الياء‪ ،‬ف ُيقال ً‬
‫مثال يف قبيلة فعيلة قبلي ويف‬
‫ُفعيلة ُجهني‪ ،‬ففعيلة و ُفعيلة أمرهما معروف وعليه أدلة وشواهد بحذف الياء‪.‬‬
‫أن تكون كأختيها أم ال؟ قياسها ْ‬
‫أن تكون كأختيها‪،‬‬ ‫ثم جاءت فعولة فقياسها ْ‬
‫فجاء هذا المسموع القليل يكفي إلثبات أهنا على القياس‪ ،‬كيف وهو السماع‬
‫الوحيد الذي لم يخالف الكثير‪ ،‬فلهذا البصريون ال يمنعون القياس على القليل‬
‫دائما‪ ،‬وإنما يمنعونه إذا خالف الكثير‪ ،‬أو يمنعونه إذا خالف القياس‪.‬‬
‫ً‬
‫الطالب‪.]@47:40[ :‬‬
‫ال يخ‪ :‬القياس‪ ،‬نعم قياس باب أصل‪ ،‬نعم القياس يف األصل أنه على األكثر؛‬
‫اجتماعي ليست أحكا ًما شرعية يكفي‬ ‫أمر‬
‫أمر اجتماعي‪ ،‬اللغة يف أصلها ٌ‬ ‫ّ‬
‫ألن اللغة ٌ‬
‫ٌ‬
‫فيها النص الواحد‪ ،‬األمور الشرعية يكفي فيها النص الواحد إلثبات حرام أو‬
‫حالل؛ ّ‬
‫ألن ما فيها أبيض وأسود يا حالل يا حرام‪ ،‬يا مباح يا غير مباح‪.‬‬
‫فالدليل الواحد من المشرع يكفي‪ ،‬لكن األمور االجتماعية ما يكفي فيها‬
‫حكما‬
‫ً‬ ‫مثال ْ‬
‫أن تصدر‬ ‫الواحد وال االثنين وال الخمسة وال العشرة‪ ،‬يعني ما يصح ً‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪581h‬‬
‫‪g‬‬
‫مثال‪ :‬السعودي انكسار؛ ألنك تعرف‬
‫اجتماع ًيا عا ًما لوجود قالئل يفعلونه‪ ،‬ال تقل ً‬
‫انكسارا ما يصلح‪ ،‬وإنما الحكم على األكثر‪،‬‬
‫ً‬ ‫خمسة سبعة عشرة من السعودي‬
‫الحكم الذي يجري على األكثر‪ ،‬وهؤالء القليل لهم حكم خاص ما يخالف‬
‫الحكم األكثر وهكذا‪.‬‬
‫هكذا اللغة اللغة فيها أشياء جاءت على األكثر‪ ،‬يعني آالف الشواهد من القرآن‬
‫ٍ‬
‫طريقة واحدة‪ ،‬ثم جاءنا‬ ‫ونثرا كلها جاءت على‬
‫شعرا ً‬
‫من السنَّة من كالم العرب ً‬
‫شاهد أو اثنين أو ثالثة أو خمسة خالفت هذا الكثير‪ ،‬فنقول‪ :‬هذا المسموع عن‬
‫العين والرأس‪ ،‬المسموع عن العين والرأس؛ ألنه مسموع‪ ،‬لكن ال نقيس عليه‪.‬‬
‫مثال‪ :‬استبان واستقام‪ ،‬ال بد ْ‬
‫أن تقلب الواو إلى ألف استقام هذا‬ ‫مثال‪ :‬لو قلنا ً‬
‫ً‬
‫أن تقلب الواو أل ًفا هذا الحكم استقام‬
‫من قام يقوم واو أصله استقوم‪ ،‬فال بد ْ‬
‫واستبان‪ ،‬ثم قالت العرب‪ :‬استحوذ‪ ،‬وجاء يف القرآن (ﯸ)‪ ،‬قياسه‪ْ :‬‬
‫أن ُتقلب‬
‫الواو أل ًفا ف ُيقال‪ :‬استحاذ‪ ،‬لكن ورد هذا عن العرب استحوذ‪ ،‬فهذا العين والرأس‬
‫مقبول‪ ،‬لكن ما نقيس عليه‪ ،‬يعني ما نقول‪ :‬يجوز لك ْ‬
‫أن تقول‪ :‬استقوم واستبين‪،‬‬
‫وإنما الذي ورد عن العين والرأس وما سواه يبقى على القياس وهكذا‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫وصلى اهلل وسلُ على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين‪.‬‬

‫‪¹‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪582h‬‬

‫الدرس التاسع والتسعون‬


‫﷽‬

‫الحمد هلل رب العالمين‪ ،‬والصالة والسالم على نبينا محمد‪ ،‬وعلى آله‬
‫وأصحابه أجمعين‪.‬‬
‫َّأما بعد‪...‬‬
‫فالسالم عليكم ورحمة اهلل وبركاته‪ ،‬وحياكم اهلل وبياكم يف هذه الليلة الطيبة‬
‫ٍ‬
‫وأربعمائة وألف‪،‬‬ ‫ليلة اإلثنين التاسع عشر من شهر المحرم من سنة أرب ٍع وثالثين‬
‫نحن يف جامع الراجحي يف حي الجزيرة يف مدينة الرياض نعقد بحمد اهلل وتوفيقه‬
‫الدرس التاسع والتسعين من شرح [ألفية] ابن مالك‪-‬عليه رحمة اهلل‪.-‬‬
‫وال زلنا نتكلم على أبواب النداء‪ ،‬فقد توقفنا عند الباب الذي سماه ابن‬
‫ا‬
‫اف إ َلى َ اء د‬
‫الم َعَُل اُ)‪ ،‬وقلنا يف الدرس الماضي ّ‬
‫إَّ‬ ‫الم َا د‬
‫د‬ ‫المنَا َد‬
‫مالك‪ ( :‬د‬
‫المناد المااف إلى اء المعُلُ على ال ة أن ا ‪:‬‬
‫معتال‪ ،‬نريد ْ‬
‫أن يكون آخره حرف مد‪ ،‬والحكم‬ ‫ا ول‪ْ :‬‬
‫أن يكون آخره ً‬ ‫‪ -‬الن‬
‫فتاي يا رجل" أو "يا‬
‫فيه‪ :‬أنه يجب ثبات ياء المتكلم بعده مفتوحةً‪ ،‬فتقول‪" :‬هذا َ‬
‫فتاي اقبل"‪.‬‬
‫َ‬
‫شبيها بالصحيح‪،‬‬
‫ً‬ ‫صحيحا أو حر ًفا‬
‫ً‬ ‫أن يكون آخره حر ًفا‬
‫‪ -‬والن الَاين‪ْ :‬‬
‫وذكرنا أنه يجوز فيه ستة أوجه أفضلها وأكثرها‪ :‬حذف ياء المتكلم وكسر ما قبلها‪،‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪583h‬‬
‫‪g‬‬

‫كقوله تعالى‪( :‬ﮘ ﮙ) [ال مر‪.]16:‬‬

‫‪ -‬والَاين‪ :‬إثبات الياء ساكنة كقوله تعالى‪( :‬ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ)‬


‫[ال مرف‪.]68:‬‬

‫‪ -‬وال جه الَالث‪ :‬إثبات الياء مفتوحة‪ ،‬كقوله‪( :‬ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ‬


‫ﮩ) [ال مر‪.]53:‬‬

‫‪ -‬وال جه الرابع‪ :‬حذف الياء وجعل الضم على اآلخر‪ ،‬كقراءة (ﮉ ﮊ‬


‫ﮋ ﮌ ﮍ) [ سف‪.]33:‬‬

‫‪ -‬ال جه الخامس‪ :‬قلب الياء أل ًفا وإثباهتا‪ ،‬نحو‪( :‬ﯾ) [ال مر‪.]56:‬‬
‫‪ -‬وال جه السادْ‪ :‬قلب الياء أل ًفا وحذفها‪ ،‬كقول الشاعر‪:‬‬
‫لللللف َوا با َل ْي َ‬
‫لللللت َوا َلللللل َ انلللللي‬ ‫َ‬ ‫با َل ْ‬ ‫للللاَ امنلللللي‬ ‫للللت َب ا‬
‫راجلللللع ملللللا َفل َ‬ ‫َو َل ْسل د‬
‫‪ -‬والن الَالث من المناد المااف إلى اء المعُلُ‪ْ :‬‬
‫أن يكون األب أو‬
‫األم‪ ،‬فيجوز فيه حينئذ عشرة أوجه الستة السابقة‪ ،‬فتقول‪" :‬يا أبي تعال" و"يا ِ‬
‫أب‬
‫أب تعال"‪ ،‬وال جه‬
‫أب تعال"‪ ،‬و"يا أبا تعال" و"يا ْ‬
‫أبي تعال"‪ ،‬و"يا ُ‬
‫تعال" و"يا َ‬
‫أبت تعال"‪" ،‬يا ِ‬
‫أمت تعالي"‪.‬‬ ‫أن تقلب الياء تاء مكسورة "يا ِ‬
‫السابع‪ْ :‬‬
‫ً‬
‫أن تقلب الياء تا ًء مفتوحة‪ ،‬بل ْ‬
‫أن تقلب الياء تا ًء مفتوحة‪،‬‬ ‫‪ -‬ال جه الَامن‪ْ :‬‬
‫أمت تعالي"‪.‬‬
‫أبت تعال" و"يا َ‬
‫تقول‪" :‬يا َ‬
‫‪ -‬ال جه العاسع‪ْ :‬‬
‫أن تقلب الياء تا ًء‪ ،‬وتثبت بعدها األلف‪ ،‬فتقول‪" :‬يا أبتا ويا‬
‫أمتا"‪.‬‬
‫‪ -‬ال جه العا ر‪ْ :‬‬
‫أن تقلب الياء تا ًء وتجعل البناء على الضم عليها‪ ،‬فتقول‪" :‬يا‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪584h‬‬
‫أمت تعالي"‪.‬‬
‫أبت تعال‪ ،‬ويا ُ‬
‫ُ‬
‫كل ذلك ذكرناه يف الدرس الماضي‪ ،‬ثم ّ‬
‫إن النَّاس لكثرة نداء هذين االسمين‬
‫أكثروا التصرف‪ ،‬كما ّ‬
‫أن العرب‪-‬كما رأيتم‪ -‬أكثروا التصرف حتى أوصلوها إلى‬
‫عشرة أوجه‪ ،‬والنَّاس بعد ذلك‪-‬أقصد العامة‪ -‬تصرفوا فيها تصر ًفا ً‬
‫كثيرا يختلف‬
‫ٍ‬
‫بألفاظ كثيرة‪ ،‬كلها يف‬ ‫ٍ‬
‫زمان إلى زمان‬ ‫ٍ‬
‫مكان إلى مكان‪ ،‬وربما يختلف من‬ ‫من‬
‫ٍ‬
‫لشيء من هذه األوجه المذكورة‪.‬‬ ‫الحقيقة هي تحريفات يسير ٌة أو شديدة‬
‫وأما الذي لم نذكره يف الدرس الماضي وهو الباقي يف هذا الباب المنادى‬
‫ٍ‬
‫مضاف إلى‬ ‫المضاف إلى ياء المتكلم‪ :‬فهو حكم المنادى إذا كان مضا ًفا إلى ٍ‬
‫اسم‬
‫مضاف إلى ٍ‬
‫اسم وهذا االسم‬ ‫ٌ‬ ‫ياء المتكلم‪ ،‬ليس مضا ًفا إلى الياء مباشرة‪ ،‬وإنما هو‬
‫مضاف إلى ياء المتكلم‪ْ ،‬‬
‫كأن تقول‪" :‬يا ابن أخي"‪" ،‬يا ابن خالي"‪" ،‬يا صديق‬ ‫ٌ‬
‫اسما هذا االسم لم يضف لياء المتكلم‪،‬‬
‫جاري"‪" ،‬يا مستعير كتابي"‪ ،‬فاآلن ناديت ً‬
‫مضاف إلى ياء المتكلم فما حكم الياء يف‬
‫ٌ‬ ‫مضاف إلى ٍ‬
‫اسم وهذا االسم‬ ‫ٌ‬ ‫ولكنه‬
‫ٍ‬
‫حينئذ؟‬ ‫النداء‬
‫تفصيال‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫إجماال أو وجهان‬ ‫ٍ‬
‫حينئذ ال يجوز فيه إال وج ٌه واحد‬ ‫فالَ اب‪ :‬النداء‬

‫وهو إثبات الياء‪ ،‬ال يجوز فيه إال إثبات الياء ساكن ًة أو مفتوحةً‪ ،‬تقول‪" :‬يا ابن ْ‬
‫أخي‬
‫كتابي ارجع كتابي"‪ ،‬أو تقول‪" :‬يا ابن‬
‫ْ‬ ‫جاري تفضل‪ ،‬يا مستعير‬‫ْ‬ ‫أقبل‪ ،‬يا صديق‬
‫صديق جاري تفضل‪ ،‬واإلسكان كما عرفنا من قبل أكثر من فتح‬ ‫َ‬ ‫أخي تعال‪ ،‬يا‬
‫َ‬
‫الياء‪.‬‬
‫هذا الحكم إال يف قولهم‪" :‬يا ابن أم" و"يا ابن عم"‪ ،‬يف هاتين اللفظتين لكثرة‬
‫استعمالهما حذفت العرب ياء المتكلم‪ ُ ،‬إن ُ أجاهوا فيه وج ين بعد حَف‬
‫الياء‪:‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪585h‬‬
‫‪g‬‬
‫‪ -‬ا ول‪ :‬كسر ما قبلها وهو األكثر واألحسن‪ ،‬تقول‪" :‬يا ابن أ ِم تعال‪ ،‬يا ابن أ ِم‬
‫ال ترفع صوتك‪ ،‬يا ابن ِ‬
‫عم تفضل"‪.‬‬
‫‪ -‬وال جه الَاين‪ :‬بعد حذف الياء فتح ما قبلها‪ ،‬فتقول‪" :‬يا ابن أ َم تعال‪ ،‬يا ابن‬
‫عم تفضل"‪.‬‬
‫َ‬

‫وبالوجهين قرئ قوله‪ ‬عن هارون ألخيه موسى ‪( ‬ﮕ‬


‫ٍ‬
‫سبعية أخرى‬ ‫ٍ‬
‫قراءة‬ ‫ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ) [ ه‪ ،]94:‬قراء ٌة سبعية‪ ،‬ويف‬
‫( ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ) ‪.‬‬
‫وإن شئت قلت‪ :‬ثبوت الياء يف "يا ابن أمي‪ ،‬ويا ابن عمي" ّ‬
‫فإن‬ ‫وأما ثبات الياء ْ‬
‫القياس يجيزه إال أنه لم ُيسمع عن العرب إال يف الشعر‪ ،‬فلذا عده بعض النحويين‬
‫قياسا ال سما ًعا‪ ،‬ومن ذلك قول الشاعر‪:‬‬
‫من ضرورات الشعر‪ ،‬وبعضهم أجازه ً‬
‫أنللللللت مليعنللللللي لللللللدهر للللللد اد‬ ‫لللن دأمللللي و للللا لللل َيق نفسللللي‬
‫للللا ا ْبل َ‬
‫عما) أثبت الياء ولكنه‬
‫عما ا ل مي واهَعي)‪ ( ،‬ا ابنة ّ‬
‫وكقول اآلخر‪ ( :‬ا ابنة ّ‬
‫جائز فيها‪ ،‬وابن مالك‪-‬كما سبق‪ -‬ذكَر يف الباب ثالثة‬
‫أن هذا ٌ‬ ‫قلبها أل ًفا‪ ،‬وعرفنا ّ‬
‫أبيات‪ ،‬ف ال‪:‬‬
‫للللد عبللللدَ عبللللدَ ا عب ا‬
‫للللد َ ا‬ ‫للللد عب ا‬
‫َ عب ا‬ ‫للف لا َيلللا‬
‫للح إا َّْ د َال ْ‬
‫َْ‬ ‫َْ‬ ‫َْ‬ ‫َْ‬ ‫َْ‬ ‫اج َعلللق دمنَلللاد َصل َّ‬
‫َو ْ‬
‫فذكَر يف هذا البيت لغات االسم الصحيح اآلخر وم َّثل له‪ ،‬ولكنه لم يذكر فيه‬
‫إال خمسة أوجه‪-‬كما رأيتم‪ -‬والوجه السادس لم يذكره وهو يا عبدُ ‪.‬‬
‫ُ قال‪:‬‬
‫ا‬ ‫للر َو َحل ْ‬
‫للُ اَ َم َفل ّ‬
‫للر‬ ‫للن َعل َّ‬
‫للن أ َّم َ لللا ا ْبل َ‬
‫فلللي َ لللا ا ْبل َ‬ ‫ف ال َيلللا ْاسلللع ََم ّر‬
‫للَ د‬ ‫َو َفللع ِْح أو َ ْسل ِ‬
‫يقول يف هاتين اللفظتين‪ َ ( :‬ا ا ْب َن أ َّم) و( َ ا ا ْب َن َع َُّ) ( َح َْ د‬
‫ف ال َيا ْاسع ََم ّر)‪ ،‬يعني‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪586h‬‬
‫هو المطرد المسموع مع الفتح أو الكسر‪ ،‬وقد عرفنا من قبل ّ‬
‫أن الفتح والكسر بعد‬
‫حذف الياء جائزان‪ ،‬لكن ما األحسن منهما واألكثر الفتح أم الكسر؟ الكسر‪َ " ،‬يا‬
‫ا ْب َن أ َّم َيا ا ْب َن َع َّم ال تفعل كذا"‪ ،‬فلهذا انتقد بعضهم هذا البيت‪ ،‬وقال‪ :‬كان األحسن‬
‫تنبيها على أنه األحسن‬
‫فتح‪ ،‬فيقدم الكسر على الفتح ً‬
‫وكسر أو ٌ‬
‫ٌ‬ ‫بابن مالك ْ‬
‫أن يقول‪:‬‬
‫وأنه المقدم‪.‬‬
‫ُ قال‪:‬‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫َوا ْسل ْلر َأ او ا ْفلع َْح َومل َ‬
‫لن ال َيللا ال َّعللا عل َ‬ ‫للر‬
‫َوفلللي النلللدَ ا «أ َبلللت» « َّأملللت» َعل َ‬
‫تكلم على نداء األب واألم‪ ،‬وذكَر شي ًئا من األوجه الجائزة فيهما‪ ،‬وقد‬
‫أوصلناها من قبل إلى عشرة أوجه‪ ،‬وهنا‪-‬كما رأيتم‪ -‬ذكَر وجهين‪ ،‬وقوله يف آخر‬
‫أمت" عوض من‬ ‫البيت‪( :‬و امن اليا العَّا اع )‪ ،‬يقول‪ :‬التاء يف قولهم‪" :‬يا ِ‬
‫أبت‪ ،‬يا ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ َ‬
‫الياء يف "يا أبي‪ ،‬يا أمي"‪ ،‬وهذا واضح‪ ،‬فهذا آخر الكالم يف هذا الباب‪.‬‬
‫قال ابن مالك‪:‬‬
‫ِّ َ َ‬ ‫َ ْ َ ٌ ََ َ‬
‫ت النداء‬
‫أسماء الزم ِ‬
‫ة َر فيه ال ة أبياَ أ اا قال في ا‪:‬‬
‫للللللَا َوا َّ ل َ‬
‫للللللر َدا‬ ‫للللللاَّ َ ل َ‬
‫للللللاَّ َن َمل د‬
‫ؤمل ْ‬ ‫دل َ‬ ‫للض َمللا دخَ للن باالنللدَ ا‬ ‫‪َ .595‬و دف د‬
‫للق َب ْع د‬
‫للللللن الَالَ الللللللي‬ ‫وا َملللللللر ه َُل َ ا‬
‫للللللَا مل َ‬ ‫َ ْ د‬
‫‪ .596‬فاي سب ا ْن ََلى وه دَّْ لا َمب ا‬
‫لاث‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬
‫لللر فاللللي ال لللل ْعرا دفل د‬
‫لللق‬ ‫لللس َو دجل َّ‬
‫ا‬
‫َواَ َ ل ْ‬ ‫‪َ .597‬و َ للا َ فاللي َسللب الللَ د ار دف َعل دلق‬
‫‪ ‬ذكَر يف هذا الباب شيئًا من األمساء اليت ال تُستعمل إال يف النداء‪ ،‬وقد جعلها‬
‫ثالثة أقسام‪:‬‬
‫‪ -‬فال سُ ا ول من ا سماء العي ا دسععمق إا يف النداء‪ :‬هي أسما ٌء مسموعة‬
‫فل" و"يا ف ُل ُة"‪ ،‬وهما‬
‫ال تستعملها العرب إال يف النداء‪ ،‬ومن ذلك قولهم‪" :‬يا ُ‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪587h‬‬
‫‪g‬‬
‫رجال ال تعرف اسمه فتقول‪:‬‬
‫كنايتان عن نكرة بمعنى يا رجل ويا امرأة‪ ،‬لو رأيت ً‬
‫"يا ُ‬
‫فل تعال"‪ ،‬ولو رأيت امرأ ًة ال تعرف اسمها‪ ،‬أو أردت ْ‬
‫أن تحقر وال تعظم‬
‫فتجعله كالنكرة فتقول‪" :‬يا ُ‬
‫فل تعال" أو "يا فل ُة تعالي"‪ ،‬فهما كنايتان عن نكرة أو‬
‫ما هو كالنكرة‪.‬‬
‫أما لو كان المنادى معرفة تعرفه ّ‬
‫أن هذا محمد وهذا علي وهذه هند تعرف‬
‫أن تكني عنه فإنك تقول له‪ :‬يا فالن ويا فالنةُ‪" ،‬يا ُ‬
‫فالن تعال"‬ ‫اسمه‪ ،‬ولكن أردت ْ‬
‫و"يا فالن ُة تعالي"‪ ،‬فقولهم‪" :‬يا فالن ويا فالنة" كنايتان عن معرفة‪ ،‬وقولهم‪" :‬يا‬
‫ُ‬
‫فل ويا فل ُة" كنايتان عن نكرة‪ ،‬ومن األسماء المسموعة التي ال ُتستعمل إال يف‬
‫النداء قولهم‪" :‬يا لؤمان" يف نداء الرجل الكثير اللؤم "يا لؤمان ماذا فعلت؟"‪،‬‬
‫وكذلك قولهم‪" :‬يا نومان" للرجل الكثير النوم‪" ،‬يا نومان استيقظ"‪.‬‬
‫أن كلمة "فل" "يا ُ‬
‫فل" جاءت يف‬ ‫فهذه األسماء ال ُتستعمل إال يف النداء‪ ،‬إال ّ‬
‫ضرورة الشعر يف غير نداء‪ ،‬جاءت مجرور ًة يف قول الشاعر‪:‬‬
‫يف َل ََّللللة َأ ْم اس ْ‬
‫للللك دفالنللللا عللللن دف ا‬
‫للللق‬ ‫اَالللللللق منللللللل ده إابا اللللللللي با ْل َ ْ َجل ا‬
‫للللللق‬
‫مجرورا ولم يستعمله منادى‪ ،‬فقال بعض النحويين‪ :‬هذا‬
‫ً‬ ‫فكما ترون استعمله‬
‫ٍ‬
‫فالن‪ ،‬ثم حذف النون‬ ‫من ضرورة الشعر‪ ،‬وقال بعضهم‪ :‬بل أراد أمسك فالنًا عن‬
‫واأللف‪ ،‬وكالهما ضرورة ْ‬
‫إن قلنا باألول أو بالثاين فكالهما ضرورة‪.‬‬
‫‪ -‬والن الَاين من ا سماء العي ا دسععمق إا يف النداء اهمت النداء‪ :‬سب‬
‫فإن العرب إذا أرادت ْ‬
‫أن تسب‬ ‫األنثى عند ندائها على وزن ِ‬
‫فعال مبن ًيا على الكسر‪ّ ،‬‬
‫أن تناديها بالخبث‬ ‫فعال‪ ،‬فلو أرادت ْ‬ ‫ِ‬ ‫األنثى وتناديها نادهتا من فعلها على وزن‬
‫وإن قلت‪" :‬يا خبيث ُة"‪ ،‬فهذا ندا ٌء عام لكنه ال‬ ‫ِ‬
‫خباث ماذا فعلتي؟"‪ْ ،‬‬ ‫قالت لها‪" :‬يا‬
‫يلزم النداء‪.‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪588h‬‬
‫قد تقول‪" :‬يا خبيث ُة" أو تقول‪" :‬جاءت خبيث ٌة" أو "رأيت خبيث ًة" أو "مررت‬
‫ٍ‬
‫بخبيثة"‪ ،‬يعني ال تلزم النداء‪ ،‬لكن الذي يلزم النداء هو سب األنثى على وزن ِ‬
‫فعال‬
‫ِ‬
‫فساق"‪ ،‬أو "يا لكا ِع"‪ ،‬أو "يا‬ ‫ِ‬
‫خباث ماذا فعلتي؟"‪ ،‬أو تسبها بالفسق "يا‬ ‫"يا‬
‫ِ‬
‫كذاب"‪ ،‬ونحو ذلك‪.‬‬ ‫ِ‬
‫سراق" أو "يا‬ ‫ِ‬
‫غدار"‪ ،‬أو "يا‬
‫فهذا أسلوب من أساليب العرب إذا أرادت ْ‬
‫أن تسب األنثى من فعلها نادهتا من‬
‫قليال يف‬
‫فعال لسب األنثى ً‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فعال مبن ًيا على الكسر‪ ،‬وقد جاء وزن‬ ‫فعلها على وزن‬
‫أيضا من ضرورة الشعر‪ ،‬كقول الحطيئة‪:‬‬
‫غير النداء‪ ،‬وهذا ً‬
‫إلللللللللى بيللللللللت قعيد لللللللل ده لُللللللللا ا‬ ‫ف للللللُ ا‬
‫آو‬ ‫دأ لللللل د‬
‫ف مللللللا أ لللللل د‬
‫بيت قعيدته لكعة‪ ،‬ما يأيت هبا على وزن‬ ‫لو جاء على القياس لكان يقول‪ :‬إلى ٍ‬
‫ِ‬
‫فعال لكنه قال ذلك لضرورة الشعر لكي يستقيم البيت‪.‬‬
‫الَالث من ا سماء العي اهمت النداء وا دسععمق إا يف النداء‪ :‬سب‬ ‫‪ -‬الن‬
‫أيضا العرب من أساليبها أهنا إذا أرادت ْ‬
‫أن تسب‬ ‫الذكور عند ندائها على وزن ُف َعل‪ً ،‬‬
‫الذكر سبته من فعله على وزن ُف َعل‪ ،‬فقالت له‪" :‬يا ُل َكع" أو "يا ُف َسق"‪ ،‬أو "يا‬
‫ُغدَ ر" و"يا ُس َرق"‪ ،‬و"يا ك َُذب إن كالمك كله كذب" تأخذ من فعله على وزن‬
‫قليال يف غير‬‫فإن ُف َعل يف سب الذكور قد جاء ً‬ ‫حينئذ يلزم النداء‪ ،‬ومع ذلك ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ُف َعل‪،‬‬
‫الشعر‪ ،‬ومن ذلك الحديث المروي هبذه الرواية وفيه‪َ « :‬ا َ د دم َّ‬
‫السا َع دة َحعَّى َ دُ ََّ‬
‫َأ ْس َعدَ الن ا‬
‫َّاْ يف الد ْن َيا دلُ دَع ا ْب دن لُع»‪.‬‬
‫والخالصة‪ّ :‬‬
‫أن العرب ألزمت بعض األسماء أسلوب النداء‪ ،‬فال تستعملها إال‬
‫يف النداء وهي على ثالثة أنواع‪.‬‬
‫الباب العالي ه باب ااسع ا ة‪ ،‬وع ده ابن مالك‪ ‬أ اا يف ال ة أبياَ‪،‬‬
‫قال في ا‪:‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪589h‬‬
‫‪g‬‬

‫لم ْر ََاللللى‬ ‫باللللا َّلالَ ام َم ْف دع َحلللل َ َيللللا َل د‬ ‫للُ دمنَللاد دم اف َاللا‬ ‫ث ْاس ِ‬ ‫‪ .598‬إا َةا ْاسلل دع ا ْي َ‬
‫لللك باالُ َْسلللرا ائْعا َيلللا‬‫َوفالللي اسللل َ ةلا َ‬ ‫إَّ ََّر ْر ََ َ لا‬
‫ف ْ‬ ‫‪ .599‬وا ْفعَح مع المع ْط ا‬
‫َ ْ َ َ َ ْ‬
‫للللُ دةو َ َعَلللللب دألا ْ‬
‫لللللف‬ ‫َوم َْ دلللللل ده ْاسل ِ‬
‫ا‬ ‫للت َألال ْ‬
‫للف‬ ‫ث َعا َق َبل ْ‬ ‫‪َ .600‬واَ دم َملللا ْاسللل دع ا ْي َ‬
‫تكلم يف هذا الباب‪ ‬على أسلوب االستغاثة‪ ،‬وأسلوب االستغاثة من‬
‫أيضا عدة أساليب كلها تدخل‬
‫أساليب النداء‪ ،‬فلهذا ذكره بعد النداء‪ ،‬وسيذكر بعده ً‬
‫يف أساليب النداء كالنُدبة والرتخيم‪ ،‬وتعريف االستغاثة عند النحويين عندما نقول‪:‬‬
‫تعريف االستغاثة أي عندنا معاشر النحويين‪ ،‬وليست عند اللغويين أو عند‬
‫المفسرين أو عند أهل العقيدة‪ ،‬فكل علماء لهم اصطالحهم‪.‬‬
‫فععر ف ااسع ا ة‪ :‬هو ندا ٌء يوجه لمن يخلص من شدة أو يعين على دفع‬
‫أن تقع‬ ‫ٍ‬
‫بأسلوب معين سيأيت بيانه‪ ،‬واالستغاثة تكون بعد وقوع الشدة بعد ْ‬ ‫مشقة‬
‫الشدة تستغيث‪ ،‬وتكون قبل وقوع الشدة‪ ،‬يعني قبل ْ‬
‫أن تقع تستغيث؛ لكي يدفعها‬
‫جائز يف اللغة‪.‬‬
‫وال تقع‪ ،‬كل ذلك ٌ‬
‫ٍ‬
‫بأسلوب معين‪،‬‬ ‫فاالستغاثة يف النحو هي االستغاثة اللغوية‪ ،‬لكنها مربوط ٌة‬
‫كال بحسبه فيما يقدر عليه‪ ،‬لكن‬
‫االستغاثة اللغوية وهي مجرد طلب الغوث ً‬
‫ٍ‬
‫بأسلوب معين وهو األسلوب الذي سيأيت‪ ،‬فٌسل ب ااسع ا ة عُ َّ من ال ة‬
‫أر اَّ‪:‬‬
‫‪ -‬ا ول‪ :‬حرف النداء واالستغاثة‪ ،‬وهو ياء خاص ًة وال يجوز حذفها حينئذ‪،‬‬
‫وهو الحرف ياء خاصةً‪ ،‬نعرف أ ّن حروف النداء متعددة‪ ،‬لكن الذي ُيستعمل يف‬
‫ٍ‬
‫حينئذ‪.‬‬ ‫أسلوب االستغاثة هو حرف ياء فقط‪ ،‬وال يجوز حذفه‬
‫مجرورا بالالم المفتوحة‪.‬‬
‫ً‬ ‫‪ -‬الر ن الَاين‪ :‬المستغاث به‬
‫مجرورا بالالم المكسورة‪ ،‬نحو قول‬
‫ً‬ ‫‪ -‬والر ن الَالث‪ :‬المستغاث له‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪590h‬‬
‫عمر◙‪ " :‬ا هلل لالمسلمين"‪ ،‬فحرف النداء واالستغاثة ياء‪ ،‬والمستغاث به‬
‫مجرورا بالالم‬
‫ً‬ ‫مجرورا بالالم المفتوحة هلل‪ ،‬والمستغاث له المسلمون‬
‫ً‬ ‫لفظ الجاللة‬
‫المكسورة للمسلمين‪.‬‬
‫فاالستغاثة ال تكون إال هبذا األسلوب المعين‪ ،‬فلو قال قائل‪" :‬استغثت‬
‫ٍ‬
‫بمحمد" أو "استغثت باهلل"‪ ،‬هذا ال يدخل يف أسلوب االستغاثة عند النحويين‬
‫وإنما هي استغاث ٌة لغوية‪ ،‬أما االستغاثة يف اصطالح النحويين فهي االستغاثة التي‬
‫تكون هبذا األسلوب المعين‪.‬‬
‫ٍ‬
‫لمحمد"‪ ،‬تستغيث بزيد من أجل محمد‪ ،‬يعني‬ ‫أَّ ل‪" :‬يا ٍ‬
‫لزيد‬ ‫ومن أمَلع ا ْ‬
‫ٍ‬
‫لمحمد"‪ ،‬كأنك قلت‪:‬‬ ‫تنادي زيدً ا لكي يغيث ويساعد محمدً ا‪ ،‬إذا قلت‪" :‬يا ٍ‬
‫لزيد‬
‫إن أسلوب االستغاثة من أساليب النداء؛ ّ‬
‫ألن‬ ‫"يا زيد أغث محمدً ا"‪ ،‬فلهذا نقول‪ّ :‬‬
‫ٍ‬
‫لمحمد" أي‪ :‬يا زيد‪" ،‬يا هلل للمسلمين"‬ ‫المستغاث به يف الحقيقة منادى‪" ،‬يا ٍ‬
‫لزيد‬
‫أي‪ :‬يا اهلل أغث المسلمين‪.‬‬
‫لخالد ٍ‬
‫لهند"‪ ،‬وتقول‪" :‬يا للمدير للمشروع"‪ ،‬يعني يا أيها المدير‬ ‫ٍ‬ ‫وتقول‪" :‬يا‬
‫أغث المشروع‪ ،‬أدرك المشروع‪ ،‬ساعد المشروع‪ ،‬وتقول‪" :‬يا لناس للمظلوم"‪،‬‬
‫وتقول‪" :‬يا لرجال للمرأة المظلومة"‪ ،‬وتقول‪" :‬يا للمعلمين للطالب"‪ ،‬وتقول‪:‬‬
‫"يا هلل ألهل سوريا"‪ ،‬وتقول‪" :‬يا لربي لوطني"‪.‬‬
‫مجرورا بالالم المفتوحة‪ ،‬ثم تأيت بالمستغاث له‬
‫ً‬ ‫يا‪ ،‬ثم تأيت بالمستغاث به‬
‫أن تستغيث بغيرك لنفسك‪،‬‬ ‫مجرورا بالالم المكسورة‪ ،‬ويجوز يف هذا األسلوب ْ‬
‫ً‬
‫فتقول‪" :‬يا ٍ‬
‫لزيد لي"‪ ،‬يعني يا زيد أغثني أدركني ساعدين‪" ،‬يا ألخي لي"‪ ،‬ويجوز‬
‫أن تستغيث بنفسك لغيرك‪ ،‬فتقول‪" :‬يا لي ٍ‬
‫لزيد"‪" ،‬يا لي ألخي"‪،‬‬ ‫يف هذا األسلوب ْ‬
‫تنادي نفسك لمساعدة أخيك‪.‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪591h‬‬
‫‪g‬‬
‫لهند"‪ ،‬استغاثة بك لمساعدة هند‪" ،‬يا له ٍ‬
‫لهند" كذلك‪ ،‬ويجوز‬ ‫وتقول‪" :‬يا لك ٍ‬
‫ْ‬
‫أن تقول‪" :‬يا لك لي"‪ ،‬فتجعل المستغاث به والمستغاث له ضميرين‪" ،‬يا لك‬
‫لي"‪ ،‬يعني يا أنت ساعدين وأعني وأغثني‪ ،‬أو تقول‪" :‬يا له لي" وهكذا‪ ،‬ويجوز يف‬
‫رجال واحدً ا‪ ،‬تخاطب‬
‫لزيد"‪ ،‬وأنت تعني هبما ً‬‫لزيد ٍ‬
‫أن تقول‪" :‬يا ٍ‬
‫هذا األسلوب ْ‬
‫لزيد ٍ‬
‫لزيد"‪.‬‬ ‫زيدً ا وتقول له‪" :‬يا ٍ‬
‫ٍ‬
‫حينئذ أدعوك يا زيد لتنصف من نفسك‪ ،‬والشواهد على ذلك كثير ٌة‬ ‫والمعنى‬
‫قديما وحدي ًثا‪ ،‬قال الشاعر‪:‬‬
‫يف كالم العرب ً‬
‫ا ا‬ ‫ا‬ ‫َ َُنَّ َفنللللللللي ال د للللللللا دة َفل َ‬
‫َفيلللللللا ل َّلللللللله لل ا لللللللي د‬
‫المطلللللللا ا‬ ‫لللللللٌه َعَ ين‬
‫وقال اآلخر‪:‬‬
‫َ ن َفلللك بعلللث للللي َبعلللدَ الند لللى َ َربلللا‬ ‫ا‬
‫عللللاء َأمللللا‬ ‫جللللال لا َيلللل ام ا َر َب‬
‫ا‬ ‫للللا َل ّلر‬
‫وقال اآلخر المحدث‪:‬‬
‫بمخالللللللللب ا عللللللللداء وا بنللللللللاء‬ ‫لللللللا للرجلللللللال للللللللل ة مُل ملللللللة‬
‫إَّ المسع اث به يف أسل ب ااسع ا ة َر بالم مفع حة‪،‬‬
‫بعد ةلك ن ل‪ :‬ق لنا ّ‬
‫هَا ه ا صق‪ ،‬ولُنه َر بالم مُس رة يف حالعين‪:‬‬
‫ٍ‬
‫حينئذ ْ‬
‫أن ُيجر‬ ‫‪ -‬ا ولى‪ :‬إذا كان المستغاث به ياء المتكلم‪ ،‬يا لي ٍ‬
‫لزيد‪ ،‬فيجب‬
‫بال ٍم مكسورة‪ ،‬لماذا يا إخوان؟ ّ‬
‫ألن ياء المتكلم تكسر ما قبلها‪ ،‬فهذا الحكم‬
‫معروف‪ ،‬إ ًذا ما أتينا بجديد‪ ،‬لكن نبهنا إليه‪ ،‬إذا كان المستغاث به ياء المتكلم ف ُيجر‬
‫ٍ‬
‫حينئذ بال ٍم مكسورة‪.‬‬
‫وبعض النحويين يمنع وقوع ياء المتكلم مستغا ًثا به وبعضهم يجيزه؛ والسبب‬
‫مستغاث له‪ّ ،‬‬
‫وأن‬ ‫ٌ‬ ‫يف ذلك ّ‬
‫أن الذي ورد من ذلك أو جاء من ذلك يحملونه على أنه‬
‫المستغاث به محذوف‪ ،‬يقولون‪ّ :‬‬
‫إن المعنى على ذلك‪ ،‬ولكن القياس ال يمنع من‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪592h‬‬
‫نفس ساعدي‬ ‫أن تنادي نفسك إلغاثة غيرك‪ْ ،‬‬
‫كأن تقول‪" :‬يا ُ‬ ‫ذلك‪ ،‬القياس ال يمنع ْ‬
‫أخي" ‪ ،‬ليس هناك مانع من ذلك يف النداء الحقيقي‪ ،‬وكذلك يف االستغاثة؛ ألننا‬
‫نفس ساعدي زيدً ا‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫عرفنا ّ‬
‫أن االستغاثة يف األصل نداء "يا لي لزيد"‪ ،‬يعني يا ُ‬
‫‪ -‬والحالة الَانية‪ :‬التي ُيجر فيها المستغاث به بالالم المكسورة‪ ،‬إذا كان‬
‫لبكر"‪" ،‬يا ٍ‬
‫لزيد‬ ‫ٍ‬
‫ولعمرو ٍ‬ ‫المستغاث به معطو ًفا من دون تكرير يا‪ ،‬نحو‪" :‬يا ٍ‬
‫لزيد‬
‫ٍ‬
‫لزيد‬ ‫بكرا‪" ،‬يا‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫لبكر"‪ ،‬معنى ذلك أنك ناديت اثنين لكي يساعدوا ً‬ ‫ولعمرو‬
‫ٍ‬
‫حينئذ تكسر‬ ‫ولعمرو"‪ ،‬فإذا عطفت على المستغاث به عطفت من دون تكرير يا‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫الالم فتقول‪" :‬يا َل ٍ‬
‫زيد"‪ ،‬هذه مفتوحة ما لنا عالقة هبا‪ ،‬ثم يف المعطوف تقول‪:‬‬
‫ٍ‬
‫لعمرو هذا كله مستغاث به‪ ،‬ثم تقول‪ٍ " :‬‬
‫لبكر"‪ ،‬كأنك قلت‪ :‬يا زيد ويا‬ ‫"ول ِ ٍ‬
‫عمرو"‬
‫بكرا‪.‬‬
‫عمرو أغيثا ً‬
‫أما إذا كان المعطوف بتكرير ياء‪ ،‬فالحكم واحد‪ ،‬يعني مع األول والثاين‬
‫ٍ‬
‫لعمرو ٍ‬
‫لبكر"‪ ،‬وهذا يف الحقيقة‬ ‫كالهما تكون الالم مفتوحة‪ ،‬تقول‪" :‬يا ٍ‬
‫لزيد ويا‬
‫كان ال يحتاج إلى تنبيه؛ ألنك إذا كررت ياء فهي استغاث ٌة مستقلة‪ ،‬حكمها حكم‬
‫االستغاثة األولى‪ ،‬فهذا ما يتعلق بالمستغاث به الذي ُيجر بالالم المفتوحة إال يف‬
‫موضعين‪.‬‬
‫الطالب‪.]@35:42[ :‬‬
‫ال يخ‪ :‬وجو ًبا‪ ،‬كل كالمنا على الوجوب‪ ،‬وأما المستغاث له فإنه ُيجر‪-‬كما‬
‫ضميرا غير ياء المتكلم فإنه يجر بالالم‬
‫ً‬ ‫ذكرنا‪ -‬بالالم المكسورة‪ ،‬إال إذا كان‬
‫ٍ‬
‫لمحمد له"‪ ،‬أو تقول‪" :‬أهل‬ ‫المفتوحة‪ ،‬نحو‪" :‬يا َل ٍ‬
‫زيد لك"‪ ،‬أو تقول‪" :‬أخي يا‬
‫محتاج يا هلل لك"‪ ،‬والعلة يف ذلك‪ّ :‬‬
‫أن الضمائر‬ ‫ٌ‬ ‫فلسطين يا هلل لهم"‪ ،‬أو تقول‪" :‬أنت‬
‫أيضا كان ال يحتاج إلى‬
‫إنما تجر بالالم المفتوحة إال ما كان من ياء المتكلم‪ ،‬فهذا ً‬
‫تنبيه وإنما فقط ذكَرنا به‪.‬‬
‫‪f‬‬ ‫‪e‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪593h‬‬
‫‪g‬‬
‫ٍ‬
‫مالك‪‬‬ ‫أن لخصنا شي ًئا من أحكام االستغاثة نعود إلى كالم ابن‬‫فبعد ْ‬
‫وأبياته الثالثة التي قال فيها‪:‬‬
‫بالللللا َّلالَ ام َم ْف دع َحللللل َ َيلللللا َل د‬
‫لم ْر ََالللللى‬ ‫لللُ دمنَللللاد دم اف َاللللا‬ ‫إا َةا ْاسلللل دع ا ْي َ‬
‫ث ْاسل ِ‬
‫ٍ‬
‫باسم منادى فإنك تجره بال ٍم مفتوحة‪ ،‬ثم م َّثل‬ ‫ماذا يقول؟ يقول‪ :‬إذا استغيث‬
‫على ذلك بقوله‪ َ ( :‬ا َل د‬
‫لم ْر ََاى)‪ ،‬لُن ؤمَ من بيعه ف ائد‪:‬‬
‫أن المستغاث به منادى؛ ألنه قال‪( :‬إا َةا ْاس دع ا ْي َ‬
‫ث ْاس ُِ دمنَاد )‪ ،‬فهو‬ ‫‪ -‬من ا‪ّ :‬‬
‫منادى‪.‬‬
‫أن يكون بأل ومن دون أل‪ ،‬تقول‪" :‬يا ٍ‬
‫لزيد"‬ ‫أن المستغاث به يصح ْ‬ ‫‪ -‬ومن ا‪ّ :‬‬
‫لم ْر ََاى)‪ ،‬وقد عرفنا يف أحكام النداء من‬ ‫ٍ‬
‫لعمرو"‪ ،‬ومثاله‪ َ ( :‬ا َل د‬ ‫وتقول‪" :‬يا لرجل‬
‫أن يباشر حرف النداء ما فيه أل‪ ،‬ما تقول‪" :‬يا الرجل"‪ ،‬وإنَّما إما‬ ‫قبل أنه ال يجوز ْ‬
‫أن تحذف أل فتقول‪" :‬يا رجل"‪ ،‬أو ْ‬
‫أن تأيت بصلة وهي أي‪ ،‬تقول‪" :‬يا أيها‬ ‫ْ‬
‫الرجل"‪ ،‬لكن يف االستغاثة يجوز ْ‬
‫أن تأيت بأل‪ ،‬والسبب يف ذلك وجود الفاصل وهو‬
‫الالم حرف الجر الالم‪.‬‬
‫ث‬‫‪ -‬ومن الف ائد من البيت‪ :‬أنه قال يف حكم المستغاث به‪ :‬قال‪( :‬إا َةا ْاس دع ا ْي َ‬
‫ْاس ُِ دمنَاد ) فما حكمه؟ ( دم اف َاا باا َّلالَ ام َم ْف دع َح )‪ ،‬خفض يعني جر‪ ،‬فحكم عليه‬
‫باإلعراب أم بالبناء؟ فحكم عليه باإلعراب‪ ،‬المستغاث به ْ‬
‫وإن كان منا ًدى إال أنه‬
‫دائما معرب‪ ،‬وستأيت كيفية إعرابه ْ‬
‫إن شاء اهلل‪.‬‬ ‫يف االستغاثة ً‬
‫ث ْاس ُِ)‪ ،‬ولم يقل‪ :‬إذا‬‫‪ -‬ومن الف ائد يف هَا البيت‪ :‬أنه قال‪( :‬إا َةا ْاس دع ا ْي َ‬
‫باسم‪ ،‬فاالستغاثة يف اللغة تتعدى بنفسها يف األكثر‪ ،‬تقول‪" :‬استغثت زيدً ا‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫استغيث‬
‫استغثت اهلل‪ ،‬استغاثني زيدٌ فأغثته"‪ ،‬ويجوز ْ‬
‫أن تتعدى بالباء تقول‪" :‬استغثت باهلل‪،‬‬
‫واستغثت بزيد واستغاث بي"‪ ،‬قال تعالى‪( :‬ﭑ ﭒ ﭓ) [ا نفال‪]9:‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪594h‬‬
‫على الكثير‪ ،‬وابن مالك استعمل الكثير فقال‪( :‬إا َةا ْاس دع ا ْي َ‬
‫ث ْاس ُِ)‪ ،‬ولو قال‪ :‬إذا‬
‫ٍ‬
‫باسم لجاز على الوجه اآلخر‪.‬‬ ‫استغيث‬
‫ُ قال ابن مالك‪ ‬بعد ةلك‪:‬‬
‫لللك باالُ َْسللللرا ائْعا َيللللا‬
‫َوفاللللي اسلللل َ ةلال َ‬ ‫َللر ْر ََ َ للا‬
‫إَّ َّ‬
‫وا ْفللعَح مللع المع ْطلل ا‬
‫ف ْ‬ ‫ْ َ َ َ ْ‬ ‫َ‬
‫إَّ عطفت على المسع اث به فلك حالعاَّ‪:‬‬
‫ل‪ْ :‬‬
‫إن عطفت بتكرير ياء لم يتغير الحكم‪ ،‬وهو أنك تجر بالالم‬‫‪ -‬الحالة ا ولى‪ْ :‬‬
‫ٍ‬
‫لعمرو ٍ‬
‫لبكر"‪ ،‬قال الشاعر‪:‬‬ ‫المفتوحة‪ ،‬نحو‪" :‬يا ٍ‬
‫لزيد ويا‬
‫لللللا َل َ للللل ْ امي و َ لللللا مَلللللال قللللل مي‬
‫انلللللللللاْ دع دعللللللللل هُ يف اهد لللللللللاد‬
‫إن عطفت من دون تكرير ياء‪ ،‬فإنك تجر بالالم المكسورة ال‬ ‫‪ -‬والحالة الَانية‪ْ :‬‬
‫ٍ‬
‫ولعمرو ٍ‬
‫لبكر"‪ ،‬قال الشاعر‪:‬‬ ‫المفتوحة‪ ،‬نحو‪" :‬يا ٍ‬
‫لزيد‬
‫لللللا للُ للللل ل ولل ّ للللل ّباَّ للعَلللللب‬ ‫لللرب‬
‫بُيللللك نللللاء بعيللللد الللللدار م عل ِ‬
‫ك باالُ َْسرا ائْعا َيا)‪ ،‬يعني اجعل الالم‬ ‫وقوله يف الشطر الثاين‪َ ( :‬وفاي اس َ ةلا َ‬
‫مجرورا بالالم المفتوحة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫مكسور ًة يف غير ما ذكر من قبل‪ ،‬المذكور من قبل يكون‬
‫مق‬ ‫وما سوى ذلك يف أسلوب االستغاثة فإنه ُيجر بالالم المكسورة‪ ،‬وهَا‬
‫يسين‪:‬‬
‫ٍ‬
‫لعمرو"‪،‬‬ ‫‪ -‬ا ول‪ :‬المستغاث له فإنه يجر بال ٍم مكسورة‪ ،‬كقولك‪" :‬يا ٍ‬
‫لزيد‬ ‫ُ‬
‫ضميرا غير ياء المتكلم فإنه يجر بالالم المفتوحة‪.‬‬
‫ً‬ ‫وذكرنا ّ‬
‫أن المستغاث له إذا كان‬
‫مل ا هَا البيت‪ :‬إذا عطفت على المستغاث به دون‬ ‫‪ -‬والحالة الَانية العي‬
‫تكرير ياء‪ ،‬وسبق هذا بأمثلته‪.‬‬
‫فالخالصة‪ :‬الخالصة ّ‬
‫أن المستغاث به يجر بال ٍم مفتوحة‪ ،‬إال إذا كان ياء‬
‫المتكلم أو عطفت دون تكرير ياء‪ ،‬فإنك تجر بالالم المكسورة‪ ،‬وأما المستغاث‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪595h‬‬
‫‪g‬‬
‫ضميرا غير ياء المتكلم فإنه ُيجر بال ٍم‬
‫ً‬ ‫به فإنه ُيجر بال ٍم مكسورة‪ ،‬إال إذا كان‬
‫مفتوحة‪.‬‬
‫ُ قال‪:‬‬
‫لللللُ دةو َ َعَللللللب دألاللللللف‬ ‫ا‬
‫َوم َْ دللللللل ده ْاسل ِ‬ ‫للللت َألال ْ‬
‫للللف‬ ‫ث َعا َق َبل ْ‬ ‫َواَ دم َملللللا ْاسللللل دع ا ْي َ‬
‫ف)‪ ،‬يقول‪ :‬يجوز يف المستغاث به ْ‬
‫أن‬ ‫ت َألا ْ‬
‫ث َعا َق َب ْ‬‫قوله‪َ ( :‬واَ دم َما ْاس دع ا ْي َ‬
‫عوضا منها أل ًفا يف آخر‬ ‫تحذف منه الالم الالم التي قبله التي تجره تحذفها‪ ،‬وتضع ً‬
‫لزيد" حذفنا الالم‬ ‫لمحمد"‪ ،‬األسلوب األول "يا ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫المستغاث به‪ ،‬تقول‪" :‬يا زيدا‬
‫ثان من أساليب‬ ‫ٍ‬
‫لمحمد"‪ ،‬هذا أسلوب ٍ‬ ‫ووضعنا مكاهنا أل ًفا يف األخير "يا زيدا‬
‫ٌ‬
‫االستغاثة‪ ،‬وتقول‪" :‬يا ربا ألهل سوريا"‪ ،‬قال الشاعر‪:‬‬
‫وغنللللللللى بعللللللللد فاقللللللللة وهلللللللل اَّ‬ ‫لللللللا لللللللدا ملللللللق نيلللللللق عللللللل‬
‫وقال اآلخر‪:‬‬
‫ا‬
‫لللعائف‬ ‫الال‬
‫ََ َّ‬ ‫َفيللللا عَبلللل لال للللا اال ا‬ ‫جللللال باللللالَ َدم‬
‫َ‬ ‫َ للللعائا د‬
‫ف َ ْ لللل دع ْل َن الر‬
‫َ‬
‫الا ا‬
‫عائف)‪،‬‬ ‫ََ َّ‬ ‫( َفيا عَب ) هي األصل فيا للعجب‪ ،‬فقال‪ ( :‬ا عَب لال ا اال ا‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ت َألا ْ‬
‫ف)‪،‬‬ ‫ث) ما بالها؟ ( َعا َق َب ْ‬ ‫ف) يف البيت ما إعراهبا؟ ( َواَ دم َما ْاس دع ا ْي َ‬
‫وقوله‪َ ( :‬ألا ْ‬
‫طب ًعا األلف ساكنة من أجل البيت؛ ّ‬
‫ألن البيت هنا مقيد يعني مسكن اآلخر‪ ،‬فلو‬
‫كان مطل ًقا يعني تظهر عليه الحركة لتبين هو مرفوع أم منصوب‪ ،‬لكنه مقيد مسكن‬
‫منصوب أم يجوز فيه الوجهان؟ منصوب‪ ،‬منصوب على معنى‬
‫ٌ‬ ‫مرفوع أم‬
‫ٌ‬ ‫فهل هو‬
‫ً‬
‫مفعوال به‪ ،‬ويجوز‬ ‫الم ما استغيث عاقبت هي أل ًفا‪ ،‬نعم هذا معنًى صحيح‪ ،‬فتكون‬
‫ألف‪ ،‬فكالهما محتمل‬
‫فاعال على معنى والم ما استغيث عاقبتها ٌ‬
‫ً‬ ‫ْ‬
‫أن تكون‬
‫وصحيح يف المعنى؛ ألهنم ينصون على ّ‬
‫أن الالم قبل المستغاث به واأللف بعده‬ ‫ٌ‬
‫يتعاقبان‪.‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪596h‬‬
‫الطالب‪.]@47:53[ :‬‬
‫ال يخ‪ :‬يتعاقبان‪ ،‬فبما أهنما يتعاقبان يعني يتفاعالن‪ ،‬إ ًذا فكالهما فاعل‬
‫ومفعول‪ ،‬إذا قلت‪" :‬ضاربت زيدً ا أو قاتلت زيدً ا أو خاصمت زيدً ا"‪ ،‬فتقول يف‬
‫ٌ‬
‫مفعول به‪ ،‬لكن يف المعنى كالهما فاعل ومفعول‪،‬‬ ‫اإلعراب‪ :‬الفاعل التاء وزيدً ا‬
‫ألن كالهما قاتل و ُقتل‪.‬‬
‫ّ‬

‫الطالب‪.]@48:31[ :‬‬
‫تمييزا ال ال يستقيم‪.‬‬
‫ال يخ ال‪ ،‬أما كونه ً‬
‫ٍ‬
‫لعمرو" و"يا زيدا‬ ‫فعلى ذلك ذكر ابن مالك لالستغاثة أسلوبين‪" :‬يا ٍ‬
‫لزيد‬
‫ٍ‬
‫لعمرو"‪ ،‬وهناك وج ٌه ثالث يف االستغاثة قليل االستعمال لم يذكره ابن مالك ربما‬
‫ٍ‬
‫لعمرو" يعني يا‬ ‫أن ُتعامل المستغاث به معاملة المنادى‪ ،‬نحو‪" :‬يا زيدُ‬
‫لقلته وهو ْ‬
‫عمرا‪ ،‬قال الشاعر‪:‬‬
‫زيدُ أغث ساعد أعن ً‬
‫لألر لللللللب‬ ‫ولل فلللللللالَ علللللللر‬ ‫أا لللللا قللللل م للعَلللللب العَيلللللب‬
‫وقال اآلخر‪:‬‬
‫أا لللللللا قللللللل م لألملللللللر ال لللللللعاَ‬
‫ر نلللللا ق منلللللا ملللللن حلللللرب علللللام‬
‫فالمستغاث به ُع ِمل‪-‬كما ترون‪ -‬معاملة المنادى‪ ،‬والشطر الثاين من البيت‬
‫وهو قوله‪َ ( :‬و ام َْ دل ده ْاس ُِ دةو َ َعَب دألاف)‪ ،‬يقول‪ :‬المتعجب منه حكمه حكم‬
‫ٍ‬
‫حينئذ حكم‬ ‫المستغاث به‪ ،‬إذا ناديت المتعجب منه عند التعجب ّ‬
‫فإن حكمه‬
‫لزيد" ماذا تفعل إذا تعجبت منه ومن عمله؟ "يا ٍ‬
‫لزيد ما‬ ‫المستغاث به‪ ،‬تقول‪" :‬يا ٍ‬
‫تفعل!" ‪ ،‬إذا تعجبت من الداهية التي نزلت أو المصيبة تقول‪" :‬يا للداهية!" "يا‬
‫للمصيبة!" "يا للعجب!"‪" ،‬يا للكارثة!"‪ ،‬تقول‪" :‬يا لالختبار ما أسهله!"‪" ،‬يا‬
‫أيضا يف نداء الضمير‪ ،‬فأقول متعج ًبا‬
‫لألمطار ما أقوى جرياهنا!"‪ ،‬وتقول ذلك ً‬
‫كثير جدًّ ا يف كالم العرب‪.‬‬
‫منك‪" :‬يا لك من رجل!"‪" ،‬يا له من رجل!"‪ ،‬وهذا ٌ‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪597h‬‬
‫‪g‬‬
‫ومن ذلك قول امرؤ القيس يف معلقته المشهورة‪:‬‬
‫بُللللق م للللار الفعللللق للللدَ بيل ا‬
‫لللَبق‬ ‫لللٌَّ نَ ملللل ده‬ ‫لللك مللللن ليل ْ‬
‫لللق ل َّ‬ ‫للللا لل َ‬
‫يتعجب منه‪ ،‬وإذا قلنا‪ّ :‬‬
‫إن نداء المتعجب منه كنداء المستغاث به وقد أجزنا يف‬
‫أن نحذف الالم ونأيت باأللف وكذلك يف المتعجب منه يجوز فيه ْ‬
‫أن‬ ‫المستغاث به ْ‬
‫وأن تقول‪" :‬يا عجبا ٍ‬
‫لزيد!"‪ ،‬أو "يا عجبا لك"‪ ،‬قال‬ ‫تقول‪" :‬يا زيدا ما تفعل!"‪ْ ،‬‬
‫الشاعر‪:‬‬
‫هللللللق للللللَهبن ال بللللللاء الر لللللله‬ ‫للللللا عَبللللللا مللللللن هللللللَه الفلي لللللله‬
‫تعرفون معنى البيتين‪:‬‬
‫هللللللق للللللَهبن ال بللللللاء الر لللللله‬ ‫للللللللا عَبللللللللا ل للللللللَه الفلي لللللللله‬
‫هل تعرفون القوباء؟‬
‫الطالب‪.]@52:23[ :‬‬
‫ال يخ‪ :‬ال‪ ،‬ال‪ ،‬هذا مرض مرض جلدي يسميه النَّاس اآلن بالحزازة مثل‬
‫الحساسية كذا تكون دائرة كأهنا تأكل شي ًئا من الجلد‪ ،‬فقيل لهذا األعرابي ّ‬
‫إن‬
‫عالجها ْ‬
‫أن تضع عليها شي ًئا من ريقك يف الصباح عندما تستيقظ وتذهب‪ ،‬هذا أمر‬
‫معروف حتى اآلن عند النَّاس عند الحزازة هذه تضع عليها شي ًئا من الريق يف‬
‫الصباح‪ ،‬فيستغرب يقول‪( :‬هق َهبن ال باء الر ه)‪.‬‬
‫الطالب‪.]@53:07[ :‬‬
‫ال يخ‪ ( :‬ا عَبا من هَه الفلي ه)‪ ،‬فليقة‪ :‬يعني األمر المفلوق عجيب‪ ،‬الفليقة‬
‫بالالم‪( ،‬هق َهبن ال باء الر ه)‪ ،‬ويف رواية‪( :‬هق لبن ال باء الر ه)‪ ،‬ونداء‬
‫التعجب عندما تنادي يف التعجب نداء الععَب له سبباَّ‪:‬‬
‫عظيما عجي ًبا غري ًبا‪ ،‬فينادي جنسه ْ‬
‫كأن‬ ‫ً‬ ‫أمرا‬ ‫‪ -‬السبب ا ول‪ْ :‬‬
‫أن يرى اإلنسان ً‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪598h‬‬
‫للعشب!"‪" ،‬يا‬
‫َ‬ ‫مثال من العشب من كثرته أو من جماله‪ ،‬فتقول‪" :‬يا‬ ‫تتعجب ً‬
‫للربيع!"‪" ،‬يا للماء!"‪" ،‬يا للدواهي!"‪" ،‬يا للمصيبة" وهكذا‪.‬‬
‫عظيما فينادي َمن له عالق ٌة به‪ ،‬ال ينادي‬
‫ً‬ ‫أمرا‬ ‫‪ -‬والسبب الَاين‪ْ :‬‬
‫أن يرى اإلنسان ً‬
‫هو هذا األمر العظيم وإنما ينادي َمن له عالقة به‪ْ ،‬‬
‫كأن يقول‪" :‬يا العلماء!"‪ ،‬عندما‬
‫أمرا ينبغي ْ‬
‫أن يتصدوا له أو يبينوا الحكم فيه أو نحو ذلك‪ ،‬أو تقول‪" :‬يا ألهل‬ ‫يرى ً‬
‫العقول!"‪ ،‬أو "يا ألرباب المروءة والنجدة!"‪ ،‬أو تقول‪" :‬يا للعرب!"‪ ،‬هذا كله من‬
‫نداء التعجب‪.‬‬

‫‪ ‬وخنتم الكالم على باب االستغاثة بذكر بعض الفوائد املهمة‪:‬‬


‫أن أسلوب االستغاثة قد يأيت للمستغاث منه‪ ،‬نحن قلنا‬ ‫‪ -‬فمن هَه الف ائد‪ّ :‬‬
‫ٍ‬
‫لعمرو"‪ ،‬يعني يا زيد أغث ساعد‬ ‫االستغاثة تستغيث بشيء لشيء‪ ،‬تقول‪" :‬يا ٍ‬
‫لزيد‬
‫ٍ‬
‫وحينئذ ُيجر بمن‬ ‫عمرا‪ ،‬لكن قد يأيت أسلوب االستغاثة لالستغاثة من شيء‪،‬‬ ‫أدرك ً‬
‫ٍ‬
‫عمرو"‪ ،‬المعنى يعني يا زيد أغثني من عمرو‪،‬‬ ‫ال بالالم‪ ،‬كقولك‪" :‬يا لزي ٍد من‬
‫ٌ‬
‫مستغاث منه‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫حينئذ ليس مستغا ًثا له وإنما هو‬ ‫فعمرو‬
‫قال الشاعر‪:‬‬
‫لللُ اد ْ نَلللا‬ ‫ا بلللرو السللل َفه الم ا‬
‫لللرد َل د ْ‬
‫َ ْ َ د َّ د د ْ‬ ‫للن َن َفلللر‬ ‫للال َة او ا لبل ا ا‬
‫للاب مل ْ‬ ‫لللا َللر َجل ا‬
‫َ‬
‫يستغيث هبم من هؤالء النفر‪.‬‬
‫أن المستغاث له إذا كان معلو ًما‪ ،‬فيجوز حذفه على‬ ‫‪ -‬ومن الف ائد أ اا‪ّ :‬‬
‫القاعدة كل معلوم يجوز حذفه‪ ،‬كقول الشاعر‪:‬‬
‫والسللماوا ؟‬
‫َّ‬ ‫للن لالنَّللدَ‬
‫للا َل َ لل ْ مي! َم ْ‬
‫للا َل َ لل مي! مللن لا ْلعللالَ وا ْلم ا‬
‫سللاعي؟‬ ‫َ‬ ‫َ ْ د‬ ‫ْ‬
‫فهو اآلن ينادي ( ا َل َ ْ مي)‪ ،‬لكن ما يذكر مستغا ًثا له‪.‬‬
‫‪ -‬والفائدة ا ميرة يف هَا الباب عن كيفية إعراب أسلوب االستغاثة‪ ،‬وأنا‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪599h‬‬
‫‪g‬‬
‫أتوقع أنكم ستسألون عن ذلك كيف نعرب مثل هذا األسلوب "يا هلل للمسلمين"‪،‬‬
‫معرب على كل حال يف‬ ‫إن المستغاث به‬ ‫ٍ‬
‫لعمرو"‪ ،‬فنقول‪ :‬وقد ذكرنا ّ‬ ‫"يا ٍ‬
‫لزيد‬
‫ٌ‬
‫معرب على كل حال‬ ‫لزيد"‪ ،‬فتجره بكسرتين فهو‬‫االستغاثة؛ ألنك تقول‪" :‬يا ٍ‬
‫ٌ‬
‫وليس كالمنادى الذي ُيبنى يف حالة و ُينصب يف حالة‪ُ ،‬يبنى يعني يكون مبن ًيا ال‬
‫معر ًبا‪ ،‬و ُينصب ْ‬
‫أن يكون معر ًبا حكمه النصب‪.‬‬
‫دائما معرب‪ ،‬وإعرابه هبذه الطريقة‬
‫فإن المستغاث به ً‬ ‫أما يف أسلوب االستغاثة ّ‬
‫مبني على‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫"يا لزيد لعمرو"‪ ،‬يا‪ :‬حرف نداء واستغاثة ال محل له من اإلعراب ٌ‬
‫لزيد‪ :‬الالم الالم فيها للنحويين أربعة مذاهب أظهرها وأوضحها أنه‬‫السكون‪ٍ ،‬‬
‫لزيد" كقولك‪" :‬يا زيد" فالالم زائدة‪ ،‬وعلى ذلك‬‫جر زائد‪ ،‬فقولك‪" :‬يا ٍ‬ ‫حرف ٍ‬
‫ٍ‬
‫وزيد‪ :‬منا ًدى‬ ‫مبني على الفتح ال محل له من اإلعراب‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫نقول‪ :‬الالم حرف جر زائد ٌ‬
‫وال معرب؟ قلنا‪ :‬معرب اتفقنا على أنه معرب ليس مبن ًيا‪ ،‬والمنادى ما حكمه‬
‫اإلعرابي؟ الرفع أم النصب أم الجر؟ النصب‪.‬‬
‫إةا ن ل يف إعراب ه د‪ :‬منا ًدى منصوب‪ ،‬وعالمة نصبه الفتحة المقدرة منع من‬
‫أن حرف الجر‬‫ظهورها حركة حرف الجر الزائد‪ ،‬وال يخفى على شريف علمكم ّ‬
‫الزائد يؤثر يف اللفظ وال يؤثر يف اإلعراب‪ ،‬فإذا قلت‪" :‬هل جاء من رجلٍ؟"‪ ،‬فرج ٍل‬
‫محال مجرور لف ًظا‪ ،‬وإذا قلت‪" :‬هل رأيت من رجلٍ؟"‪ ،‬فرجلٍ‪:‬‬ ‫ً‬ ‫فاعل مرفوع‬
‫مجرور لف ًظا‪ ،‬ونبهنا على ذلك يف أكثر من مرة‪ ،‬ولهذا‬
‫ٌ‬ ‫محال‬
‫ً‬ ‫منصوب‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫مفعول به‬
‫أعربنا اإلعراب الذي سمعتموه‪.‬‬
‫جر أصلي مبني على الكسر ال محل له من‬ ‫ٍ‬
‫لعمرو"‪ :‬الالم حرف ٍ‬ ‫وقوله‪" :‬‬
‫اسم مجرور وعالمة جره الكسرة‪ ،‬ونحو ذلك لو قلت‪" :‬يا‬ ‫ٍ‬
‫وعمرو‪ٌ :‬‬ ‫اإلعراب‪،‬‬
‫ألن زيد وعبد اهلل يف أسلوب االستغاثة كالهما‬ ‫ٍ‬
‫لعمرو"‪ ،‬اإلعراب نفسه؛ ّ‬ ‫لعبد اهلل‬
‫معرب‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫وصلى اهلل وسلُ على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين‪.‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪600h‬‬

‫الدرس املائة‬

‫الحمد هلل رب العالمين‪ ،‬والصالة والسالم على نبينا محمد‪ ،‬وعلى آله‬
‫وأصحابه أجمعين‪.‬‬
‫َّأما بعد‪...‬‬
‫فسالم اهلل عليكم ورحمته وبركاته‪ ،‬وحياكم اهلل ويف هذه الليلة ليلة اإلثنين‬
‫ٍ‬
‫وأربعمائة وألف من‬ ‫السادس والعشرين من شهر المحرم من سنة أرب ٍع وثالثين‬
‫هجرة المصطفى‪ ،‬لنعقد يف هذا الجامع جامع الراجحي يف مدينة‬
‫وإن شئتم المتم المئة‪ْ ،‬‬
‫وإن شئتم المكمل‬ ‫الرياض بحي الجزيرة الدرس المئة‪ْ ،‬‬
‫المئة من دروس شرح [ألفية] ابن مالك‪-‬عليه رحمة اهلل‪.-‬‬
‫أن أتم الدروس إلى المئة‪،‬‬ ‫فنحمد اهلل‪ ‬ونثني عليه الخير كله ْ‬
‫ٍ‬
‫شيء قدير‪ ،‬أما شرح [األلفية]‬ ‫ونسأله‪ ‬حسن التمام والقبول‪ ،‬إنه على كل‬
‫فقد توقفنا عند‬
‫باب الندبة‬
‫إن شاء‬ ‫ٍ‬
‫مالك‪ ‬يف سبعة أبيات نبدأ بقراءهتا‪ ،‬ثم نشرحها ْ‬ ‫وقد نظمه ابن‬
‫اهلل تعالى‪.‬‬
‫قال في ا‪:‬‬
‫للللُ د نْلللللدَ ْب َواَ َملللللا دأ ْب ا َملللللا‬
‫للللر َلل ْ‬
‫ندُل َ‬ ‫اج َعق لا َمنْدد وب َو َملا‬
‫لمنَا َد ْ‬
‫ا‬
‫‪َ .601‬ما ل د‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪601h‬‬
‫‪g‬‬

‫للللن َح َفل ْ‬
‫للللر‬ ‫ا‬
‫للللر ه َْمللللل َم َ للللللي َوا َمل ْ‬ ‫َ با ْسل َ‬ ‫الم دص دل باا َّل اَ ا ْ َع َ ْر‬ ‫‪َ .602‬و د نْدَ دب َ‬
‫ف‬ ‫َلللللاَّ ام َْ َل لللللا ح ا‬
‫لللللَ ْ‬ ‫َم ْع دل َهلللللا إا َّْ‬ ‫ف‬ ‫وب اصلل ده ابلا َلا ْ‬ ‫المنْدد ا‬
‫د‬ ‫َ َ‬ ‫‪َ .603‬و دمنْ َع َ ى َ‬
‫لللت ا َ َمللللق‬ ‫لللن اصلللل َلة َأو َغ ْيرا َهللللا نالل َ‬‫مل ْ‬
‫ا‬ ‫لله ََملللق‬ ‫للَ بال ا‬ ‫اَ َ نْللل ا ن ا َّلل ا‬
‫ْ د‬ ‫للَ َ‬‫‪ َ .604‬ل َ‬
‫إا َّْ َ دُللللللن ال َفللللللع دْح بالللللل َ ْهُ اَبا َسللللللا‬ ‫‪َ .605‬وال َّ لُ َْق َحع َْم ل َأولال اله دم ََانا َس ل‬
‫المللللللدَّ َوال َ للللللا اَ َ لللللل ا ْد‬ ‫َوإا َّْ َ َ ل ْ‬
‫لللللٌ َف َ‬ ‫‪َ .606‬و َو ااق َف ل اه ْد َهللاء َس لُْت ْ‬
‫إَّ د لرا ْد‬
‫للن فالللي النلللدَ ا ال َيلللا َةا دسللل دُ َّ َأ ْبلللدَ‬
‫َمل ْ‬
‫للللللق واعبل ا‬
‫للللللد َ ا َوا َع ْبلللللللدَ ا‬ ‫ا‬
‫‪َ .607‬و َقائل ِ َ َ ْ‬
‫هذا الباب هو‬
‫باب الندبة وهو يف الحقيقة من أبواب النداء‪ ،‬ولذا ذكره ابن مالك‪ ‬بعد‬
‫عرف لنا‬
‫النداء‪ ،‬وابن مالك شرع مباشر ًة‪-‬كما سمعتم‪ -‬يف أحكام المندوب‪ ،‬ولم ُي ِّ‬
‫الندبة وال المندوب‪ ،‬فدعونا نبدأ بالكالم على تعريف المندوب‪.‬‬

‫‪ ‬املندوب شيئان وهما‪:‬‬


‫‪ -‬المعفَع عليه‪.‬‬
‫‪ -‬والمع جع منه‪.‬‬
‫هذا هو المندوب‪ ،‬المندوب هو المتفجع عليه كقولك‪" :‬وازيد" أو "وازيدا"‬
‫أو "وازيداه"‪ ،‬والمتوجع منه كقولك‪" :‬واضهر" أو "واضهرا" أو "واضهراه"‪،‬‬
‫فالمندوب هو المتفجع عليه إظهار الحزن عليه‪ ،‬أو المتوجع منه أي المتألم منه‪.‬‬
‫فالندبة على ذلك الندبة هي نداء المتفجع عليه أو المتوجع منه‪ ،‬ولذلك‬
‫كانت‪-‬كما قلنا‪ -‬من أبواب النداء‪ ،‬فالمندوب يف الحقيقة إ ًذا منادى‪ ،‬إا ّ‬
‫أَّ‬
‫المندوب خعلف عن المناد يف يسين ف ‪:‬‬
‫‪ -‬ا ول‪ :‬أنه ال ُيستعمل مع المندوب من أحرف النداء إال حرفان‪ ،‬األول‪:‬‬
‫"وا" "وازيد" وهو األصل واألكثر‪ ،‬والحرف الثاين ياء بشرط أمن اللبس أي أمن‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪602h‬‬
‫التباس الندبة بالنداء‪ ،‬يعني ْ‬
‫أن ُيعلم أنك تندب وال تنادي ندا ًء معتا ًدا‪ ،‬فهذا األمر‬
‫األول الذي يختلف فيه المندوب عن المنادى‪.‬‬
‫أن تزيد يف آخره أل ًفا‪ ،‬فلك ْ‬
‫أن تقول عند‬ ‫أن المندوب يجوز فيه ْ‬
‫‪ -‬ا مر الَاين‪ّ :‬‬
‫ندبة زيد‪" :‬وازيدُ غفر اهلل لك" "وازيدُ " تبني على الضم كالمنادى‪ ،‬ولك ْ‬
‫أن تزيد‬
‫أل ًفا يف آخره فتقول‪" :‬وازيدا غفر اهلل لك"‪ ،‬ويجوز ْ‬
‫أن تزيد بعد األلف ها ًء يسموهنا‬
‫خاص بحالة الوقف دون الوصل‪ ،‬فتقول يف ندبة زيد "وازيد" أو‬
‫ٌ‬ ‫هاء السكت وهذا‬
‫"وازيدا" أو "وازيداه" عند الوقف‪.‬‬
‫فهذان األمران اللذان يختلف فيهما المندوب عن المنادى‪ ،‬وما سوى ذلك‬
‫ّ‬
‫فإن األحكام أحكام المندوب والمنادى سواء‪ ،‬فلهذا نعود إلى أبيات ابن‬
‫مالك‪ ‬ونشرحها‪.‬‬
‫اج َعق لا َمنْدد وب)‪ ،‬يقول‪ّ :‬‬
‫إن‬ ‫ْ‬ ‫لمنَا َد‬‫ا‬
‫قال‪ ‬يف أول هذه األبيات‪َ ( :‬ما ل د‬
‫حكم المندوب مثل حكم المنادى‪ ،‬يعني أنه ُيبنى كما ُيبنى المنادى إذا كان مفر ًدا‬
‫واظهر"‪،‬‬
‫ُ‬ ‫معرفة‪ ،‬و ُينصب كما ُينصب المنادى فيما سوى ذلك‪ ،‬فتقول‪" :‬وازيدُ " "‬
‫واأمير المؤمنين" فتنصب‪ ،‬أو "واعبدَ الملك" فتنصب‪.‬‬
‫َ‬ ‫تقول‪" :‬‬
‫إ ًذا فتبني وتنصب المندوب كما تفعل ذلك مع المنادى؛ ّ‬
‫ألن أحكامهما سواء‪.‬‬
‫ُ قال ابن مالك‪:‬‬
‫للللُ د ْنلللللدَ ْب َواَ َملللللا دأ ْب ا َملللللا‬
‫للللر َلل ْ‬
‫ندُل َ‬ ‫َو َملللللا‪...............................‬‬
‫ا‬ ‫و نْلللدَ ب الم صللل دل باا َّل ا‬
‫للللن َح َفل ْ‬
‫للللر‬ ‫َ با ْسل َ‬
‫للللر ه َْمللللل َم َ للللللي َوا َمل ْ‬ ‫لللَ ا ْ للل َع َ ْر‬ ‫د َ د‬ ‫َد‬
‫ذكَر‪ ‬ما تجوز ندبته وما ال تجوز ندبته‪ ،‬فليس كل منا ًدى يجوز ْ‬
‫أن تندبه‪،‬‬
‫فذكَر‪ ‬أنه ال ُيندب االسم النكرة وال االسم المعرفة المبهم‪ ،‬فَ ر اسمين ا‬
‫د ندباَّ‪:‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪603h‬‬
‫‪g‬‬
‫منكرا‪ ،‬ال‬
‫ً‬ ‫‪ -‬ا ول‪ :‬االسم النكرة‪ ،‬األسماء المنكرة ال ُتندب‪ ،‬ال تندب ً‬
‫رجال‬
‫ألن هذا ينايف الغرض من الندبة‪ ،‬الندبة ْ‬
‫أن تتفجع على‬ ‫تعينه فتقول‪" :‬وارجل"؛ ّ‬
‫معين‪ ،‬هل تتفجع على غير معين؟ ال يكاد يتصور ذلك‪ ،‬فلهذا ال ُتندب النكرة‪،‬‬
‫وهذا هو قول ابن مالك‪َ ( :‬و َما ندُ َر َل ُْ د نْدَ ْب)‪.‬‬
‫‪ -‬والَاين‪ :‬الذي ال ُيندب هو االسم المعرفة المبهم‪ ،‬معرفة ومبهم‪ ،‬االسم‬
‫المعرفة المبهم هذا يطلقونه على نوعين من المعارف وهما‪ :‬أسماء اإلشارة‬
‫واألسماء الموصولة‪ ،‬فأسماء اإلشارة ال ُتندب؛ ألهنا مبهمة هذا‪ ،‬هؤالء‪ ،‬االسم‬
‫مثال‪ ،‬وإنَّما‬
‫مبهم ال يتعرف إال من خارجه‪ ،‬هو يتعرف لكن ال يتعرف بلفظه كالعلم ً‬
‫يتعرف من خارجه بالحضور باإلشارة هذا‪ ،‬وإال هو يف األصل فيه إهبام وال يتعرف‬
‫إال من خارجه‪.‬‬
‫فل َا قال ا أ اا‪ :‬ال ُيندب لعدم التعيين‪ ،‬ال تقول‪" :‬واهذا"‪ ،‬ال تقول‪:‬‬
‫"واهؤال َء"‪ ،‬وهذا هو قول ابن مالك‪َ ( :‬واَ َما دأ ْب ا َما)‪ ،‬والثاين الذي ال ُيندب قلنا من‬
‫أيضا يف حقيقته مبهم‬
‫األسماء المبهمة األسماء الموصولة‪ ،‬االسم الموصول ً‬
‫أيضا يتعرف بصلته‪.‬‬
‫"الذي‪ ،‬من‪ ،‬التي"‪ ،‬هو يتعرف ولكنه يتعرف من خارجه ً‬
‫أيضا ال ُتندب‪ ،‬ال تقول ً‬
‫مثال‪" :‬وا الذي أحبه"‪ ،‬أو تقول‪:‬‬ ‫فاألسماء الموصولة ً‬
‫"وا َمن أحبه"‪ ،‬إال أهنم استثنوا الموصول الخالي من (أل) إذا اشتهر بصلته‪،‬‬
‫مشهورا‬
‫ً‬ ‫الموصول الخالي من (أل) يعني ليست فيه (أل)‪ ،‬مثل‪َ " :‬من"‪ ،‬إذا كان‬
‫بصلته‪ ،‬يعني صلته ال تطلق إال على معين‪ ،‬كقولهم‪" :‬وا َمن حفر بئر زمزم"‪ ،‬الذي‬
‫حفر بئر زمزم معين ومعروف‪.‬‬

‫إ ًذا فقولك‪" :‬وا َمن حفر بئر زمزم"؛ جائز ألنه يف قوة قولك‪" :‬وا عبدَ‬
‫المطلب" وهو جد النبي‪ ،‬بخالف قولك‪" :‬وا َمن أحبه"‪ ،‬كلمة‬
‫أحبه هذه ال تتعين ال تطلق على معين‪ ،‬قد تطلقه على أي إنسان تحبه‪.‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪604h‬‬
‫إ ًذا ال ُيستثنى من األسماء المبهمة إال الموصول الخالي من (أل) إذا اشتهر‬
‫بصلته‪ ،‬وهذا هو قول ابن مالك‪:‬‬
‫ا‬ ‫و نْلللدَ ب الم صللل دل باا َّل ا‬
‫للللن َح َفل ْ‬
‫للللر‬ ‫َ با ْسل َ‬
‫للللر ه َْمللللل َم َ للللللي َوا َمل ْ‬ ‫لللَ ا ْ للل َع َ ْر‬ ‫د َ د‬ ‫َد‬
‫يعني ( َوا َم ْن َح َف ْر)‪ ،‬ثم تأيت بعدها تليها بقولك‪" :‬بئر زمزم"‪" ،‬وا َمن حفر بئر‬
‫أَّ ا سماء العي دندب ال ة‪:‬‬
‫زمزم"‪ ،‬والخالصة فيما ُيندب وما ال ُيندب‪ّ :‬‬
‫‪ -‬ا ول‪ :‬العلم‪.‬‬
‫‪ -‬والَاين‪ :‬المضاف إلى معرفة‪.‬‬
‫‪ -‬والَالث‪ :‬الموصول الخالي من (أل) المشتهر بصلته‪.‬‬
‫فهذه األسماء التي ُتندب؛ ّ‬
‫ألن مسمياهتا متعين ٌة هبا‪ ،‬وما سوى ذلك ال ُيندب‪ ،‬ما‬
‫سوى ذلك ماذا يشمل؟ يشمل النكرات‪ ،‬ويشمل المعارف التي لم يذكرها وهي‬
‫الضمائر ما ُتندب‪ ،‬وأسماء اإلشارة ال ُتندب‪ ،‬والمحلى بأل ال ُيندب والموصول‬
‫مشتهرا بصلته‪.‬‬
‫ً‬ ‫إذا لم يكن خال ًيا من (أل)‬
‫ُ قال ابن مالك‪:‬‬
‫ف‬ ‫َلللللاَّ ام َْ َل لللللا ح ا‬
‫لللللَ ْ‬ ‫َم ْع دل َهلللللا إا َّْ‬ ‫وب اصللللل ده باللللا َلا ْ‬
‫ف‬ ‫المنْللللدد ا‬
‫د‬ ‫َ َ‬ ‫َو دمنْ َع َ للللى َ‬
‫لللن اصلللل َلة َأو َغ ْيرا َهللللا نالل َ‬
‫لللت ا َ َمللللق‬ ‫مل ْ‬
‫ا‬ ‫للللَ بال ا‬
‫لللله ََملللللق‬ ‫اَ َ نْللللل ا ن ا َّلل ا‬
‫ْ د‬ ‫للللَ َ‬
‫َل َ‬
‫أن تليه ألف يسموهنا ألف الندبة‪،‬‬ ‫أن المندوب يجوز ْ‬ ‫ذكَر ابن مالك‪ّ ‬‬
‫أن تزيد بعد األلف ها ًء يسموهنا هاء‬ ‫أيضا يف الوقف ْ‬ ‫وسيذكر يف ٍ‬
‫بيت قادم أنه يجوز ً‬
‫السكت‪ ،‬فلهذا تقول‪ :‬يف قولك‪" :‬زيد" "وا زيدُ " تعاله معاملة النداء‪ ،‬أو تزيد أل ًفا‬
‫بعد آخره فتقول‪" :‬وا زيدا"‪ ،‬ولك عند الوقف ْ‬
‫أن تقول‪" :‬وا زيداه"‪ ،‬هذا يف‬
‫المتفجع عليه‪.‬‬
‫أن تزيد أل ًفا بعد آخره‬
‫ظهر"‪ ،‬ولك ْ‬
‫ل‪" :‬وا ُ‬ ‫أَّ‬
‫ويف المع جع منه الظ ر لك ْ‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪605h‬‬
‫‪g‬‬
‫فتقول‪" :‬وا ظهرا"‪ ،‬ولك ْ‬
‫أن تزيد هاء السكت عند الوقف فتقول‪" :‬وا ظهراه"‪،‬‬
‫وكذلك يف ندبة عبد الملك إنسان اسمه عبد الملك‪ ،‬لك ْ‬
‫أن تقول‪" :‬وا عبد‬
‫أن تزيد أل ًفا يف آخره فتقول‪" :‬وا عبد الملكا"‪ ،‬ولك ْ‬
‫أن‬ ‫الملك" كالمنادى‪ ،‬ولك ْ‬
‫تزيد ها ًء عند الوقف فتقول‪" :‬وا عبد الملكاه"‪ ،‬وكذلك يف ندبة أمير المؤمنين لك‬
‫أن تقول‪" :‬وا أمير المؤمنين‪ ،‬أو "وا أمير المؤمنينا" أو "أمير المؤمنيناه"‪ ،‬كل ذلك‬ ‫ْ‬
‫ف)‪.‬‬‫وب اصل ده ابا َلا ْ‬
‫المنْدد ا‬
‫جائز‪ ،‬وهذا قوله‪َ ( :‬و دم ْن َع َ ى َ‬
‫ثم بعد ذلك ذكَر‪ ‬أنه ُيحذف من أجل هذه األلف التي ُتزاد بعد آخر‬
‫المندوب شيئان‪:‬‬
‫‪ -‬ا ول‪ :‬األلف إذا وقعت يف آخر االسم المندوب‪ ،‬فرق بين قولنا‪ :‬يف آخر‬
‫وبعد آخر‪ ،‬إذا كان آخر االسم المندوب أل ًفا كقولنا‪" :‬موسى وليلى"‪ ،‬ثم أضفت‬
‫بعده ألف الندبة‪ ،‬طب ًعا سيجتمع ألفان وهما ساكنان فسنحذف األولى‪ ،‬فكيف‬
‫أن تقول‪" :‬وا موسى" على األصل‪ ،‬وإما ْ‬
‫أن تأيت بألف‬ ‫تندب موسى؟ ستقول إما ْ‬
‫الندبة "وا موسا" واللفظ واحد‪ ،‬أو تأيت بالهاء عند الوقف "وا موساه"‪ ،‬أما قولنا‪:‬‬
‫"وا موساه"‪ ،‬فهذا بسين وبعدها ألف واقفة وبعدها هاء‪ ،‬والوجه األول‪ :‬عندما‬
‫تقول‪" :‬وا موسى" كما تقول‪" :‬وا زيدُ "‪ ،‬فكيف نكتب األلف؟ نائمة أو بطة أو‬
‫مقصورة؛ ألهنا موسى‪ ،‬ثم بنيته على الضم المقدر‪.‬‬
‫لو أتيت بألف الندبة واجتمعت مع ألف موسى وحذفت ألف موسى‪ ،‬فقلت‪:‬‬
‫"وا موسا" فتكتب األلف واقفة‪ ،‬وكذلك ليلى تقول‪" :‬يا ليلى"‪ ،‬تقول‪" :‬وا ليلى"‬
‫َاَّ ام َْ َل َ ا دح اَ ْ‬
‫ف)‪َ ( ،‬م ْع دل َها)‬ ‫أو "وا ليال"‪ ،‬وهذا هو قول ابن مالك‪َ ( :‬م ْع دل َها إا َّْ َ‬
‫إن كان أل ًفا فإنه‬ ‫َاَّ ام َْ َل َ ا) يعني‪ْ :‬‬
‫يعني‪ :‬الذي تليه وهو آخر االسم المندوب‪( ،‬إا َّْ َ‬
‫ُيحذف يعني لاللتقاء الساكنين‪.‬‬
‫دحَف ل َه ا لف ألف الندبة‪ :‬التنوين‪ ،‬إذا كان يف آخر‬ ‫‪ -‬وا مر الَاين الَ‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪606h‬‬
‫المندوب تنوينًا فإنه ُيحذف للعلة السابقة وهو التقاء الساكنين؛ ّ‬
‫ألن ألف الندبة‬
‫ألف وهي ساكنة‪ ،‬والتنوين‪-‬كما تعرفون‪ٌ -‬‬
‫نون ساكنة ف ُيحذف التنوين‪ ،‬مثال ذلك‬
‫ْ‬
‫أن تندب صديق زيد‪ ،‬فماذا تقول يف ندبته؟‬
‫صديق ٍ‬
‫زيد"‪.‬‬ ‫َ‬ ‫‪ -‬على الص رة ا ولى‪" :‬وا‬
‫‪ -‬وعلى الص رة الَانية‪" :‬وا صديق زيدا"‪.‬‬
‫فتحذف التنوين وتأيت باأللف‪ ،‬وعند الوقف ال يجوز ْ‬
‫أن تقول‪" :‬وا صديق‬
‫زيداه"‪ ،‬وهذا هو قوله‪:‬‬
‫لللن اصلللل َلة َأو َغ ْيرا َهللللا نالل َ‬
‫لللت ا َ َمللللق‬ ‫مل ْ‬
‫ا‬ ‫اَ َ نْللللل ا ن ا َّلللللل اَ بال ا‬
‫لللله ََملللللق‬ ‫ْ د‬ ‫للللَ َ‬
‫َل َ‬
‫قوله‪ َ ( :‬نْ ا ْ دن ا َّل اَ با اه ََمق ام ْن اص َلة َأو غَ ْيرا َها)‪ ،‬أما التنوين الذي يف‬
‫الصلة فكقولك‪ ،‬التنوين الذي يف الصلة يعني أي صلة؟ صلة الموصول كقولك‪:‬‬
‫"وا َمن حفر بئر زمز ٍم"‪ ،‬الموصول َمن‪ ،‬وصلة الموصول‪ :‬حفر بئر زمزمٍ‪ ،‬والصلة‬
‫فيها تنوين زمزمٍ‪ ،‬فعندما تأيت باأللف تحذف التنوين‪ ،‬فتقول‪" :‬وا َمن حفر بئر‬
‫زمز ٍم" على الصورة األولى‪ ،‬وعلى الثانية مع األلف "وا َمن حفر بئر زمزما"‪ ،‬ولك‬
‫عند الوقف "زمزماه"‪ ،‬هذا التنوين الذي يف الصلة‪.‬‬
‫قال‪( :‬يف اص َلة َأو َغ ْيرا َها)‪ ،‬التنوين الذي يف غير الصلة كالتنوين الذي يف‬
‫زيد" فتقول يف ندبته‪" :‬وا صديق ٍ‬
‫زيد" أو‬ ‫المضاف إليه‪ ،‬كمثالنا السابق "صديق ٍ‬

‫"وا صديق زيدا" أو "زيداه"‪ ،‬ثم ختم البيت بقوله‪( :‬نا َ‬


‫لت ا َ َمق)‪ ،‬ما عالقة ذلك‬
‫بالباب؟ ال عالقة له بالباب‪ ،‬هذا يسمونه حشو إلكمال البيت‪ ،‬والحشو يف [ألفية]‬
‫ابن مالك ٌ‬
‫قليل جدًّ ا‪ ،‬وهذا مما تميزت به األلفية هذا منه‪ ،‬هذا حشو ال عالقة له‬
‫بالنحو وال بالبيت وال بالباب فقط إلكمال البيت‪.‬‬
‫الطالب‪.]@22:45[ :‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪607h‬‬
‫‪g‬‬
‫ال يخ‪ :‬هو ال بأس طب ًعا‪ ،‬لكن لو وضع يف حكم النحويين أفضل‪ ،‬ويدعو لك‬
‫ْ‬
‫إن شاء اهلل يف قلبه؛ ألنك ستحفظ أنت‪ ،‬يعني لو أكثر الحشو لزادت األلفية عن‬
‫ألف بيت فستحفظ أكثر وهكذا‪ ،‬لكن اختصر ثالثة آالف بيت‪-‬وهي أصل‬
‫األلفية‪ -‬يف ألف بيت‪ ،‬ومن قبل اختصر النحو كله يف ثالثة آالف بيت‪ ،‬ثم اختصره‬
‫يف ألف بيت‪.‬‬
‫مثال [ألفية] ابن معطي‪ ‬وقد‬ ‫فلهذا ما يمكن ْ‬
‫أن يأيت بحشو‪ ،‬بخالف ً‬
‫ذكرنا ذلك من قبل‪ ،‬ألفية ابن معطي أسهل من حيث اللفظ من ألفية ابن مالك‬
‫قليال‪ ،‬لكن أحكامها قليلة وفيها حشو‪ ،‬فلهذا الفائدة ليست كبيرة منها‪ ،‬فلهذا‬
‫ً‬
‫تركت واتجه النحويون بعد ذلك إلى ألفية ابن مالك‪.‬‬
‫ُ قال‪:‬‬
‫إا َّْ َ دُللللللن ال َفللللللع دْح بالللللل َ ْهُ اَبا َسللللللا‬ ‫للللله دم ََانا َسللللل‬
‫والفلللللعح حعْمللللل َأولا ا‬
‫َ َ‬
‫يعني‪ ‬أنك إذا زدت األلف بعد المندوب‪ ،‬واأللف‪-‬كما نعرف جمي ًعا‪-‬‬
‫مفتوحا‪ ،‬فهذا حكم المندوب تفتح ما قبل األلف أ ًيا ما كان‬
‫ً‬ ‫يجب ْ‬
‫أن يكون ما قبلها‬
‫مثال يف ندبة زيد‪" :‬وا زيدُ غفر اهلل لك"‪ ،‬فإذا أتيت‬
‫الذي قبل األلف‪ ،‬فأنت تقول ً‬
‫باأللف تقول‪" :‬وا زيدا"‪ ،‬أين ذهبت الضمة؟ غطتها الفتحة المجلوبة لمناسبة‬
‫األلف‪.‬‬
‫فل َا سيٌ ي يف ر ة اإلعراب عندما نعرب ن ل‪" :‬وا زيدا"‪ ،‬سنقول‪ :‬منا ًدى‬
‫مندوب مبني على الضم المقدر‪ ،‬إ ًذا فاأللف ال ُبدَّ ْ‬
‫أن تفتح ما قبلها وتغطي كل‬ ‫ٌ‬
‫مثال "وا َمن حفر بئر زمز ٍم" قلنا‪" :‬زمز َما" أذهبت التنوين‬
‫شيء‪ ،‬حتى كما رأيتم ً‬
‫وأذهبت الكسرة وفتح ما قبل األلف‪ ،‬هذا حكم األلف إذا زيدت‪ ،‬وهذا واضح‬
‫ومعروف ال داعي إلى ْ‬
‫أن ينص عليه‪.‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪608h‬‬
‫لكنه قال‪:‬‬
‫إا َّْ َ دُللللللن ال َفللللللع دْح ابلللللل َ ْهُ اَبا َسللللللا‬ ‫لللله دم ََانا َسللللل‬
‫وال َّ لللللُ َْق حعْمللللل َأولال ا‬
‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ٍ‬
‫حينئذ‬ ‫يقول‪ :‬إذا أتيت باأللف‪ ،‬ثم فتحت ما قبله‪ ،‬فأدي ذلك إلى لبس فيجب‬
‫أن تبقي الحركة التي قبل األلف على حالها ال تغيرها‪ ،‬تبقيها كما كانت ضمة أو‬ ‫ْ‬
‫إن كان ما قبلها مضمو ًما‪ ،‬أو‬ ‫ٍ‬
‫حينئذ إلى واو ْ‬ ‫كسرة‪ ،‬واأللف ألف الندبة ستنقلب‬
‫مكسورا؛ ّ‬
‫ألن اللبس يف اللغة مدفوع‪.‬‬ ‫ً‬ ‫تنقلب إلى ياء ْ‬
‫إن كان ما قبلها‬
‫ٍ‬
‫بشيء آخر‪،‬‬ ‫فنحو‪" :‬زيد وظهر‪ ،‬تقول‪" :‬وا زيدا‪ ،‬وا ظهرا" ال لبس‪ ،‬ما التبس‬
‫وكذلك أم زيد وعبد الملك‪ ،‬تقول‪" :‬وا عبد الملكا‪ ،‬وأم زيدا" ال لبس‪ ،‬أمي‬
‫وقلمي‪ ،‬تقول‪" :‬وا أما" أو "وا أميا" كما سيأيت يف آخر األبيات يف ندبة المضاف‬
‫إلى ياء المتكلم ال لبس‪.‬‬
‫لو أردت ْ‬
‫أن تندب أمك أي تخاطب المخاطب وتندب أمه أمك‪ ،‬كيف تندب‬
‫له؟ اندب أمك‪ ،‬أمك يعني أمك المضافة إلى كاف المخاطب يعني أم المخاطب‬
‫ليست أمك أنت‪ ،‬كيف تندب أم المخاطب أمك؟ نطبق إما ْ‬
‫أن تقول‪" :‬وا أمك"‬
‫"وا َ‬
‫أمك" بالفتحة بالفتح ما يف إشكال‪ ،‬فإذا أتيت باأللف وهذا كان كله على زيادة‬
‫األلف أ و الهاء‪ ،‬األلف والهاء حكمهما واحد‪ ،‬ستقول‪" :‬وا أمكا"‪ ،‬ال لبس‪ ،‬تقول‬
‫للمخاطب‪" :‬وا أمكا" ال لبس‪ ،‬حتى اآلن ال لبس ما يف لبس‪.‬‬
‫لكن اندب أم المخاطبة ِ‬
‫أمك‪ ،‬اندب أم المخاطبة لو بقينا على األصل وأتينا‬
‫بألف وفتحنا ما قبل األلف سنقول يف ندبة ِ‬
‫أمك "وا أم َكا" ألف واأللف تفتح ما‬
‫ٍ‬
‫وحينئذ حدث لبس مع ندبة "أمكا" للمذكر‪ ،‬فوجب إبقاء كسرة‬ ‫قبلها "وا أم َكا"‪،‬‬
‫أن تبقى هذه الكسرة؛ ّ‬
‫ألن قلبها فتحة يسبب اللبس‪ ،‬فيجب‬ ‫أمك" يجب ْ‬‫الكاف " ِ‬
‫وإن لم ِ‬
‫تأت هباء‬ ‫إبقاء كسرة الكاف‪ ،‬وقلب األلف بعدها يا ًء‪ ،‬فتقول‪" :‬وا أمكِي"‪ْ ،‬‬
‫السكت تقول‪" :‬وا أمكِي"‪.‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪609h‬‬
‫‪g‬‬
‫أمها"‪ْ ،‬‬
‫إن أتيت باأللف هي أمها مختومة‬ ‫اندب أم ال ائبة أم ا‪ ،‬سع ل‪" :‬وا َ‬
‫بألف‪ ،‬هات ألف الندبة "وا أمها"‪ ،‬سيجتمع ألفان تحذف األلف األولى "وا‬
‫أمها"‪ ،‬أو تأيت هباء السكت فتقول‪" :‬وا أمهاه" ال إشكال ال لبس هنا ما يف إشكال‪،‬‬
‫لكن اندب أم الغائب أمه جاك فالن وقال‪" :‬محمد ماتت أمه"‪ ،‬كيف تندب؟ ْ‬
‫إن‬
‫أمها"‪ ،‬وإ ْن‬
‫بقيت على األصل وأتيت باأللف‪ ،‬ثم فتحت ما قبلها أم ُه ستقول‪" :‬وا َ‬
‫أتيت هباء السكت "وأمهاه"‪ ،‬فالتبس بالغائبة‪.‬‬
‫واوا‪ ،‬فتقول‪:‬‬ ‫ٍ‬
‫فوجب حينئذ إبقاء ضمة هاء الغائب وتقلب األلف ألف الندبة ً‬
‫"وا أمهو"‪ْ ،‬‬
‫وإن حذفت الهاء تقول‪" :‬وأم ُه"‪ ،‬فهذا ما يتعلق بشرح هذا البيت‪ ،‬وكل‬
‫ذلك من حرص العربية على ْ‬
‫أن يكون اللفظ خاد ًما للمعنى وداف ًعا ألي لبس‪.‬‬
‫ف َا ه ق ل ابن مالك‪:‬‬
‫إا َّْ َ دُللللللن ال َفللللللع دْح بالللللل َ ْهُ اَبا َسللللللا‬ ‫لللله دم ََانا َسللللل‬
‫وال َّ لللللُ َْق حعْمللللل َأولال ا‬
‫َ َ‬ ‫َ‬
‫إ ًذا ماذا يريد بقوله‪َ ( :‬وال َّ ُ َْق)؟ يريد الحركة‪ ،‬الحركة يقول‪ :‬الحركة يتحتم ْ‬
‫أن‬
‫فتحا يلبس بل تبقها ضم ًة وتقلب األلف ً‬
‫واوا‪ ،‬أو‬ ‫إن كان قلبها ً‬ ‫توليها ما يجانسها ْ‬
‫تبقيها كسر ًة وتقلب األلف بعدها يا ًء‪.‬‬
‫ُ قال ابن مالك‪:‬‬
‫المللللللدَّ َوال َ للللللا اَ َ لللللل ا ْد‬ ‫َوإا َّْ َ َ ل ْ‬
‫لللللٌ َف َ‬ ‫َو َو ااق َفللللل اه ْد َهلللللاء َسلللللُْت ْ‬
‫إَّ د للللل ار ْد‬
‫يقول‪ :‬إذا جعلت يف آخر المندوب أل ًفا فيجوز لك عند الوقف عليه ْ‬
‫أن‬
‫تزيد بعده ها ًء‪ُ ،‬تسمى هاء السكت‪ ،‬والفائدة من هاء السُت‪ :‬أهنا تبين األلف الذي‬
‫حرف مبخوت ضعيف‪ ،‬نحو‪" :‬وا زيدا" تقول‪" :‬وا زيداه"‪" ،‬وا‬ ‫ٌ‬ ‫قبلها؛ ّ‬
‫ألن األلف‬
‫عبد الملكا" تقول‪" :‬وا عبد الملكاه"‪ ،‬وفهم من قوله يف البيت‪َ ( :‬و َو ااق َف )‪ّ ،‬‬
‫أن زيادة‬
‫أن تقول‪" :‬وا زيداه‬ ‫الهاء ال تجوز إال عند الوقف وال تجوز عند الوصول‪ ،‬ال يجوز ْ‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪610h‬‬
‫غفر اهلل لك"‪ ،‬وإنما تقول‪" :‬وا زيدا غفر اهلل لك"‪ ،‬وهاء السكت‪-‬كما هو‬
‫معروف‪ -‬ها ٌء ساكنة‪.‬‬
‫يقول‪ :‬ما الفرق بين هذه الصور‪ ،‬سوا ًء الصورة األولى "وا زيدُ " أو الثانية "وا‬
‫زيدا" أو الثالثة "وا زيداه؟ أما األولى فهي الندبة المعتادة‪ ،‬وأما زيادة األلف فيدل‬
‫ٍ‬
‫زيادة يف التوجع أو التفجع‪،‬‬ ‫على زيادة التفجع أو التوجع‪ ،‬وأما الهاء فال تدل على‬
‫ولكن يؤتى هبا لتبيين األلف كما قلنا‪.‬‬
‫إَّ د ار ْد) ّ‬
‫أن زيادة هاء السكت عند الوقف جائز ٌة ال واجبة‪،‬‬ ‫وفهم من قوله‪ْ ( :‬‬
‫أن تقول‪" :‬وا زيداه" جائز‪ ،‬وعلى ذلك يكون للمندوب عند‬ ‫يجوز لك يف الوقف ْ‬
‫الوصل كم صورة؟ صورتان‪" :‬وا زيدُ وا زيدا"‪ ،‬وعند الوقف ثالث صور بإضافة‬
‫هاء السكت الزائدة "وا زيداه"‪.‬‬
‫ُ معُ‪ ‬ا بياَ يف هَا الباب (باب الندبة) ب له‪:‬‬
‫للن فالللي النلللدَ ا ال َيلللا َةا دسللل دُ َّ َأ ْبلللدَ‬
‫َمل ْ‬
‫ا‬
‫للللللللللد َ ا َوا َع ْبللللللللللدَ ا‬ ‫ِ‬
‫للللللللللق َوا َع ْب‬ ‫و َقائا‬
‫َ‬
‫تكلم يف هذا البيت على ندبة االسم المضاف إلى ياء المتكلم‪ ،‬كقولك‪" :‬أمي‪،‬‬
‫صديقي‪ ،‬زميلي‪ ،‬أخي" ونحو ذلك‪ ،‬وقد سبق لنا يف باب النداء عندما تكلمنا على‬
‫نداء االسم المضاف إلى ياء المتكلم ْ‬
‫أن قلنا يف ندائه كم وجه؟ سعة أوجه‪:‬‬
‫ِ‬
‫صديق تعال" بحذف ياء المتكلم وكسر ما قبلها ما يف ياء‪.‬‬ ‫‪ -‬ال جه ا ول‪" :‬يا‬
‫صديق تعال" بحذف الياء وجعل الضم على آخر المنادى‬
‫ُ‬ ‫‪ -‬ال جه الَاين‪" :‬يا‬
‫أيضا‪.‬‬ ‫صديق تعال"‪ ،‬أي ّ‬
‫أن الياء ليست موجودة ً‬ ‫ُ‬ ‫"يا‬

‫صديق تعال" بقلب الياء أل ًفا وحذفها‪ً ،‬‬


‫أيضا ما يف ياء‬ ‫َ‬ ‫‪ -‬وال جه الَالث‪" :‬يا‬
‫المنقلبة إلى ألف‪.‬‬
‫‪ -‬وال جه الرابع‪" :‬يا صديقا تعال" بقلب الياء أل ًفا "يا صديقا تعال"‪ ،‬هذه‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪611h‬‬
‫‪g‬‬
‫أربعة أوجه‪ ،‬عند ندبة االسم المضاف إلى ياء المتكلم على هذه األوجه األربعة‬
‫نقول‪" :‬وا صديقا"؛ ّ‬
‫ألن االسم المضاف إلى المتكلم يف هذه األوجه ليس فيها‬
‫ياء‪ ،‬فتقول‪" :‬وا صديقا"‪ ،‬الوجه األول والثاين والثالث ما فيها ياء‪ ،‬والوجه الرابع‬
‫"يا صديقا" فيها ألف‪ ،‬لكن ستلتقي بألف الندبة‪ ،‬فستُحذف األلف األولى‪ ،‬فيكون‬
‫اللفظ واحدً ا "وا صديقا"‪.‬‬
‫‪ -‬ال جه الخامس من ا وجه يف نداء ااسُ المااف إلى اء المعُلُ‪" :‬يا‬
‫صديقي تعال"‪ ،‬وعند ندبته على هذا الوجه‬
‫َ‬ ‫صديقي تعال" بإثبات الياء وفتحها "يا‬
‫َ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫تقول‪" :‬وا صديقي"؛ ألنك تندب صديقي بياء ثابتة مفتوحة‪ ،‬فليس لك إال ْ‬
‫أن‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫صديقي"‪.‬‬
‫َ‬ ‫تقول‪" :‬وا‬
‫صديقي تعال" بإثبات الياء ساكنةً‪،‬‬ ‫‪ -‬ال جه السادْ يف ندائه‪ْ :‬‬
‫أن تقول‪" :‬يا‬
‫ْ‬
‫صديقي تعال"‪ ،‬إذا ندبناه سنضيف األلف‪ ،‬طب ًعا إذا ندبناه‬ ‫ٍ‬
‫حينئذ؟ "يا‬ ‫فكيف نندبه‬
‫ْ‬
‫من دون ألف "وا صديقي" هذا ال إشكال فيه‪ ،‬لكن لو أضفت األلف ستأيت األلف‬
‫ساكن ًة والياء على هذا الوجه ثابت ٌة ساكنة سيلتقي ساكنان‪ ،‬فكيف نتخلص من التقاء‬
‫الساكنين هنا؟ لك وج اَّ‪:‬‬
‫صديقي"‪.‬‬ ‫‪ -‬إما ْ‬
‫أن تتخلص بتحريك الياء بفتح الياء‪ ،‬فتقول‪" :‬وا‬
‫َ‬
‫صديق" كالهما جائز هنا‪.‬‬
‫َ‬ ‫‪ -‬وإما تتخلص بحذف الياء فتقول‪" :‬وا‬
‫والخالصة‪ّ :‬‬
‫أن ندبة االسم المضاف إلى ياء المتكلم يجري على القياس يف‬
‫صديقي"‪ ،‬فهذا هو الذي يحتاج‬
‫ْ‬ ‫جميع األوجه‪ ،‬إال على وجه إثبات الياء ساكن ًة "يا‬
‫صديقي" أو حذفها‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫حينئذ إثباهتا مفتوح ًة "وا‬ ‫إلى تنبيه‪ّ ،‬‬
‫وأن لك يف الياء‬
‫َ‬
‫مالك‪ ‬إال على هذا الوجه وترك البواقي؛ ألهنا على‬ ‫ٍ‬ ‫فلهذا لم ينبه ابن‬
‫القياس‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪612h‬‬
‫للن فالللي النلللدَ ا ال َيلللا َةا دسللل دُ َّ َأ ْبلللدَ‬
‫َمل ْ‬
‫ا‬
‫للللللللللد َ ا َوا َع ْبللللللللللدَ ا‬ ‫ِ‬
‫للللللللللق َوا َع ْب‬ ‫و َقائا‬
‫َ‬
‫يقول‪َ :‬من س َّكن ياء المتكلم عند نداء االسم المضاف إلى ياء المتكلم فقال‪:‬‬
‫"يا عبدي تعال"‪ ،‬جاه له يف ندبعه وج اَّ‪:‬‬
‫‪" -‬وا عبد َ " بإ باَ الياء مفع حة‪.‬‬
‫‪ -‬وا عبدَ " بحَف ا‪.‬‬
‫ف َا ما ععلق ب رو ا بياَ‪ ،‬ليب ى لنا بعد ةلك بعض الملح اَ الم مة‬
‫المععل ة ب َا الباب‪:‬‬
‫‪ -‬الملح ة ا ولى‪ :‬يف طريقة إعراب المندوب كيف نعرب المندوب؟ على‬
‫الصورة األولى‪" :‬وا زيدُ " ماذا نقول يف إعراب "وا" حرف ٍ‬
‫نداء وندبة‪ ،‬ما باله؟‬
‫مبني على السكون ال محل له من اإلعراب‪ُ ،‬يعرب كالحروف تبين نوعه حرف‬ ‫ٌ‬
‫مبني على السكون‪ ،‬حكمه اإلعرابي ال محل له من اإلعراب‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫نداء وندبة‪ ،‬حركته ٌ‬
‫مبني‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫مبني على الضم يف محل نصب‪ ،‬وإن شئت أن تقول‪ٌ :‬‬ ‫زيدُ ‪ :‬منا ًدى مندوب ٌ‬
‫على الضم الظاهر فال بأس‪.‬‬
‫الص رة الَانية بإ باَ ا لف ألف الندبة‪" :‬وا زيدا"‪ ،‬وا‪ :‬كإعراهبا السابق‪ ،‬زيدا‪:‬‬
‫مبني على الضم المقدر منع من ظهوره فتحة مناسبة األلف هي‬
‫منا ًدى مندوب ٌ‬
‫التي غطتها ومنعتها من الظهور فتحة مناسبة ألف الندبة‪ ،‬وألف الندبة ما إعراهبا؟‬
‫اعلموا أهنا حرف وباقي اإلعراب عليكم‪ ،‬إذا علمتم أهنا حرف معنى ذلك أنكم‬
‫ستعربون إعراب الحروف‪:‬‬
‫‪ -‬أوا‪ :‬نبين نوعها‪.‬‬
‫الطالب‪ :‬حرف‪.‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪613h‬‬
‫‪g‬‬
‫مبني على السكون ال محل له من‬
‫ٌ‬ ‫ال يخ‪ :‬إي‪ ،‬حرف ماذا؟ حرف ندبة‬
‫اإلعراب‪.‬‬
‫الص رة الَالَة‪" :‬وا زيداه" كاإلعراب السابق بقي الهاء هي هاء سكت حرف‪،‬‬
‫مبني على السكون ال محل له من اإلعراب‪ ،‬وإذا‬ ‫ً‬
‫إذا نقول يف إعرابه‪ :‬حرف سكت ٌ‬
‫الملك" فتقول يف اإلعراب‪ :‬وا حرف ٍ‬
‫نداء وندبة‪ ،‬عبدَ ‪ :‬منا ًدى‬ ‫ِ‬ ‫قلت‪" :‬وا عبدَ‬
‫مضاف إليه مجرور‬‫ٌ‬ ‫ِ‬
‫والملك‪:‬‬ ‫مندوب منصوب وعالمة نصبه الفتحة وهو مضاف‪،‬‬
‫وعالمة جره الكسرة‪ ،‬وعلى الوجه الثاين‪" :‬وا عبد الملكاه"‪ :‬عبد كإعرابه السابق‪،‬‬
‫مضاف إليه مجرور وعالمة جره الكسرة المقدرة منع من ظهورها فتحة‬
‫ٌ‬ ‫الملك‪:‬‬
‫مناسبة ألف الندبة‪ ،‬وألف الندبة وهاء السكت كإعراهبما السابق‪.‬‬
‫ملح ِة أمر ‪ :‬التفجع هو إظهار الحزن‪ ،‬ويكون على غيرك ويكون على‬
‫نفسك‪ ،‬يكون على غيرك وهذا هو األكثر كقولك‪" :‬وا زيدا"‪ ،‬كقول جرير يف رثاء‬
‫عمر بن عبد العزيز‪:‬‬
‫و دقم َ ا ا‬ ‫لت أمللرا َعظايم ل‬
‫للللٌمرا اهلل‪ ،‬للللا دع َم َ‬
‫للللرا‬ ‫للللت فيلللله با ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫فاص ل َط َب ْر ََ ل ل ده‬
‫ْ‬ ‫دح ّم ْلل َ‬
‫( ا دع َم َرا) ندب بأي حرف؟ بياء لعدم اللبس؛ ألنه يف رثائه ال يناديه وإنما‬
‫يندبه‪ ،‬فقال‪ ( :‬ا دع َم َرا)‪ ،‬ويكون بإظهار حزنك على نفسك عندما ُتخرب ٍ‬
‫بأمر محزن‬
‫يحزنك يمكن ْ‬
‫أن تنادي نفسك إلظهار هذا التفجع‪ ،‬كقول عمر بن‬
‫الخطاب◙ عندما أخرب بنزول الجدب يف جزيرة العرب فقال‪" :‬وا عمرا‪ ،‬وا‬
‫عمرا" إلظهار حزنه‪ ،‬وأما المتوجع منه أي المتألم منه فإنه قد يكون محل األلم‪،‬‬
‫تتوجع من محل األلم نفسه فتقول‪" :‬وا ظهرا" "وا رأسا"‪" ،‬وا رجال"‪ ،‬ومنه قول‬
‫مجنون ليلى‪:‬‬
‫وملللللللن عبلللللللراَ ملللللللال َن فنلللللللاء‬ ‫ف ا بلللدا ملللن حلللب َملللن ا حبنلللي‬
‫نعوذ باهلل من حاله‪ ،‬وقد يكون التوجع من سبب األلم ال من محله‪ ،‬نحو‪" :‬وا‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪614h‬‬
‫مصيبتاه‪ ،‬وا سفراه"‪ ،‬ومنه قول ابن قيس الرقيات‪:‬‬
‫واره َّ عا َيللللللللله‬
‫و للللللللل ل سللللللللللمى‪ :‬ا‬ ‫بُلللللللللي ُ اللللللللللدهماء دمع ا لللللللللللة‬
‫فهذا تنبيه إلى معنى التفجع والتوجع‪.‬‬
‫ب ي يف الباب ملح ِة أميرة ععلق ب اء السُت‪ ،‬فهاء السكت‪-‬كما قلنا وكما‬
‫هو معروف‪ -‬هي ها ٌء ساكنة تلحق االسم عند الوقف دون الوصل هذا حكمها‪،‬‬
‫ٍ‬
‫بضم يف‬ ‫وأن ُتحرك‬
‫أن تثبت هاء السكت يف الوصل ْ‬ ‫ولكن يجوز يف ضرورة الشعر ْ‬
‫ٍ‬
‫بكسر على األصل يف التخلص من التقاء الساكنين أو بالفتح للتخفيف‪.‬‬ ‫األكثر‪ ،‬أو‬
‫فمن ذلك قول الراجز‪:‬‬
‫وعمللللللللللللرو بللللللللللللن ال بيللللللللللللراه‬ ‫أا للللللللللللا عمللللللللللللرو عمللللللللللللراه‬
‫يرثي عمرو بن الزبير‪ ،‬ومن ذلك قول الراجز اآلخر‪:‬‬
‫إةا أ لللللللللللى قربعللللللللللله للسلللللللللللانية‬ ‫واه مرحبلللللللللاه بحملللللللللار ناجيلللللللللة‬
‫ومن ذلك قول مجنون ليلى‪:‬‬
‫لنفسللللي ليلللللى للللُ أنللللت حسلللليب ا‬ ‫فناد للللللت للللللا ربللللللاه أول سللللللؤلعي‬
‫ومن ذلك قول الحطيئة‪:‬‬
‫بح للللك ا حرملللله الليلللللة اللحمللللا‬ ‫ِ‬
‫للليف وا قلللر‬ ‫ف للللت هيلللا ربلللاه‬
‫وقد فعل ذلك أبو الطيب المتنبي يف قوله‪:‬‬
‫ومللللن بَسللللمي وحللللالي عنللللده درم‬
‫َ‬ ‫واحلللللر قلبلللللاه مملللللن قلبللللله لللللبُ‬
‫باب لطيف وجميل‪ ،‬ومثاله المشهور قولهم‪:‬‬
‫فهذا ما يتعلق هبذا الباب وهو ٌ‬
‫ٌ‬
‫داخل يف المتفجع عليه "وا إسالماه"‪ ،‬كذلك "وا‬ ‫أيضا‬
‫"وا إسالماه" فهو ً‬
‫معتصماه" إلظهار تفجعها‪ ،‬ال للتفجع عليه كما قلنا قبل قليل التفجع قد يكون‬
‫بإظهار حزنك على غيرك أو بإظهار حزنك أنت‪ ،‬فهذا من إظهار الحزن حزن‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪615h‬‬
‫‪g‬‬
‫اإلنسان "وا معتصماه"؛ ألهنا ال ترثيه‪ ،‬كقول عمر‪" :‬وا عمراه" ال يرثي نفسه‪،‬‬
‫وإنما يظهر حزنه‪.‬‬
‫بعض ال اهد نخعُ ب ا‪:‬‬ ‫هناَ ف‬
‫من ذلك قول الشاعر‪:‬‬
‫ا‬ ‫ف َن ْف اس َي َأ َّْ َان ْ‬
‫ا‬
‫َّلللللاْ َف ْ‬
‫اجع ََم َعلللللا‬ ‫لللللُ َأ ْم د‬
‫لللللر الن‬ ‫َو دأ ْحُ َ‬ ‫َت دأ دم در ددُ َ لعَّى‬ ‫َ ا َل ْ َ‬
‫ف َن ْف اس َي ) على الصورة األولى أو الثانية أو الثالثة؟ األولى ما أتى‬ ‫قال‪ َ ( :‬ا َل ْ َ‬
‫باأللف‪ ،‬ومن ذلك قوله‪:‬‬
‫بللللٌج د منللللك للللا عمللللر الَلللل ادا‬ ‫فملللا علللب ابلللن ماملللة وابلللن أرو‬
‫على أي صورة؟ األولى‪.‬‬
‫الطالب‪.]@48:50[ :‬‬
‫ال يخ‪ :‬الثانية‪ ،‬نعم الذي أظهر أهنا الثانية؛ ألنه جعل الصفة والموصوف شي ًئا‬
‫واحدً ا ( ا عمر الَ ادا)‪ ،‬ويمكن ْ‬
‫أن ُيقال إهنا من الصورة األولى ( ا عمر) والجواد‬
‫نعته‪ ،‬وقد سبق الكالم على أحكام توابع المنادى المبني فإذا كان فيه (أل) أي‬
‫التابع فيه (أل) جاز فيه الرفع والنصب وسبق ذلك‪.‬‬
‫ومن ذلك قوله‪:‬‬
‫إَّ للللاَّ حَللللي ناقصللللا‬
‫ووا ح نللللا ْ‬ ‫إَّ للللاَّ سللللعيي بللللا ال‬
‫فلللل ا أسللللفا ْ‬
‫يف موضعين‪.‬‬
‫ومن ذلك قول الشاعر القديم‪:‬‬
‫ومللا ل للاه مللن حاد للاَ الللدهر ب للداد‬ ‫وا لللليعة النللللاْ والللللد ن الحنيللللف‬
‫ب وأصلللللفاد‬
‫رأْ ال ليلللللد و علللللَ ِ‬ ‫للك وأحل ِ‬
‫للداث للليب ل لللا‬ ‫قعل ِ‬
‫للق وهعل ِ‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪616h‬‬
‫فما أشبه الليلة بالبارحة!‬
‫أريد ْ‬
‫أن تندبوا لي أحرار العالم‪َ ،‬من يندب؟ اتفضل يا أخي‪ ،‬اندب لي أحرار‬
‫العالم ماذا تقول؟‬
‫الطالب‪.]@50:13[ :‬‬
‫ال يخ‪ :‬ارفع صوتك أحرار العالم اندب لي هذه العبارة ماذا تقول؟‬
‫الطالب‪.]@50:23[ :‬‬
‫ال يخ‪ :‬أحرار العالم ال تغير شي ًئا أحرار العالم اجعل قبلها وا فقط‪.‬‬
‫الطالب‪.]@50:33-50:31[ :‬‬
‫ال يخ‪ :‬بس وا أحرار العالم‪ ،‬واجعلها على حكم المنادى ستبني على الضم أو‬
‫أحرار العالم" على الصورة األولى‪ ،‬على الصورة‬
‫َ‬ ‫تنصب؟ تنصب ألنه مضاف "وا‬
‫الثانية أضف أل ًفا يف األخير يف آخر المندوب يعني بعد العالم "وا أحرار العالما"‪،‬‬
‫وعند الوقف تزيد ها ًء فتقول‪" :‬وا أحرار العالماه"‪ ،‬كل ذلك جائز‪ ،‬غالء األسعار‬
‫َمن يندهبا لنا؟ اتفضل‪.‬‬
‫الطالب‪.]@51:15[ :‬‬
‫ال يخ‪ :‬كيف‪ ،‬نحن ندبناها وانتهينا لكن أنت اندهبا لغو ًيا‪.‬‬
‫الطالب‪ :‬وا غالء األسعار‪.‬‬
‫ال يخ‪ :‬نعم‪ :‬وا غالء األسعار‪ ،‬الصورة الثانية‪.‬‬
‫الطالب‪ :‬وا غالء األسعارا‪.‬‬
‫ال يخ‪ :‬نعم‪ ،‬وعند الوقف "وا غالء األسعاراه"‪ ،‬بلدي اتفضل‪.‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪617h‬‬
‫‪g‬‬
‫الطالب‪ :‬وا بلدي‪.‬‬
‫أيضا يجوز‬
‫ال يخ‪ :‬وا بلدي أو بإضافة األلف "وا بلدا" يجوز‪ ،‬وج ٌه آخر ً‬
‫بإثبات الياء‪.‬‬
‫الطالب‪.]@51:51-51:49[ :‬‬
‫بلدي"‪ ،‬سيارتك أي سيارة المخاطب‬
‫َ‬ ‫بلدي‪ ،‬أثبت الياء مفتوح ًة "وا‬
‫َ‬ ‫ال يخ‪ :‬وا‬
‫َمن يندهبا لنا؟ سيارتك َمن يندب سيارتك؟‬
‫الطالب‪ :‬وا سيارتك‪.‬‬
‫ِ‬
‫سيارتك‪.‬‬ ‫َ‬
‫سيارتك" أو "وا سيارتكا"‪،‬‬ ‫ال يخ‪" :‬وا‬
‫ِ‬
‫سيارتك‪.‬‬ ‫الطالب‪ :‬وا‬
‫ِ‬
‫سيارتك‪ ،‬أحسنت نعم جيد‪ ،‬أبو أبو الغائب‪ ،‬أبو َمن يفعل غيرك‬ ‫ال يخ‪ :‬وا‬
‫اتفضل "وا"‪.‬‬
‫الطالب‪" :‬وا أبو"‪.‬‬
‫ال يخ‪" :‬وا أبو" هذه الصورة األولى‪" ،‬وا أبوه" هذه الصورة األولى‪ ،‬أضف‬
‫أل ًفا يف آخر المندوب‪ ،‬ال ال آسف آسف الصورة األولى أعد الصورة األولى‪.‬‬
‫الطالب‪ :‬وا أبوه‪.‬‬
‫ال يخ‪ :‬ال‪.‬‬
‫الطالب‪ :‬وا أباه‪.‬‬
‫ال يخ‪ :‬أحسنت "وا أباه"‪.‬‬
‫الطالب‪]@53:07[ :‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪618h‬‬
‫ال يخ‪" :‬وا أباه" بالنصب؛ ألنه مضاف مضاف ومضاف إليه أبوه‪ ،‬فلهذا‬
‫تنصب تقول‪" :‬وا أباه"‪.‬‬
‫الطالب‪]@53:17[ :‬‬
‫ال يخ‪ :‬إي‪ ،‬نعم يف هاء‪ ،‬هاء‪.‬‬
‫الطالب‪.]@53:20[ :‬‬
‫ال يخ‪ :‬هذا هاء الضمير "وا أباه"‪.‬‬
‫الطالب‪ :‬وا أباه‪.‬‬
‫ال يخ‪ :‬أضف أل ًفا بعد المندوب‪.‬‬
‫الطالب‪ :‬وا أباها‪.‬‬
‫ال يخ‪ :‬وا أباها‪ ،‬أنت تندب اآلن أب مذكر أم مؤنث؟‬
‫الطالب‪ :‬مذكر‪.‬‬
‫ال يخ‪ :‬طيب‪ ،‬وإذا قلت "وا أباها" أال يلتبس بالمؤنث؟‬
‫الطالب‪ :‬وا أبا ُه‬
‫ال يخ‪ :‬وا أبا ُه عند الوقف‪" ،‬وا أبا ُه"‪ ،‬أو تأيت هباء السكت "وا أباه"‪ ،‬إما وا أبا ُه‬
‫أو وا أباه‪.‬‬
‫الطالب‪.]@54:04-54:00[ :‬‬
‫ال يخ‪ :‬الهاء الساكنة هذه الصورة األولى من دون زيادة ألف "وا أبا ْه"‪ ،‬أو تأيت‬
‫واوا ونبقي الضمة "وا أبا ُه" لك‬
‫لبسا فنقلب األلف ً‬
‫بألف لكن األلف ستحدث ً‬
‫الوجهان‪ ،‬هذا بسبب اإللباس‪.‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪619h‬‬
‫‪g‬‬
‫الطالب‪.]@54:25-54:24[ :‬‬
‫ال يخ‪ :‬يقول‪ :‬جلس مجموع ٌة من العلماء يتدارسون باب التمرين يف اللغة‪،‬‬
‫التمرين يعني تأيت بكلمات ال معاين لها فقط من أجل التمرين على الصياغة‪ْ ،‬‬
‫كأن‬
‫مثال‪ :‬هات من ضرب على وزن جعفر‪ ،‬ضرب اجعله على وزن جعفر تقول‪:‬‬
‫تقول ً‬
‫"ضربب"‪ ،‬اجعله على وزن فرزدق "فربرب"‪ ،‬هذا فقط من باب التمرين‪ ،‬فمر هبم‬
‫جاهل‪ ،‬فقال‪ :‬إهنم يسحرون الوادي‪ ،‬فذهب فأخرب الوالي‪ ،‬فجاء فأخذهم جمي ًعا‬
‫إلى السجن‪.‬‬
‫هذا ما يتعلق‪ ،‬والقصص يف ذلك كثيرة يقول إمام من األئمة أظنه النحاس‬
‫أيضا يأيت‬
‫صاحب [إعراب القرآن] و[معاين القرآن] معروف‪ ،‬وقف عند الوادي ً‬
‫ببعض هذه التمرينات فرآه جاهل‪ ،‬فظنه يسحر الوادي‪ ،‬يقول‪ :‬فرماه يف الوادي‬
‫فمات‪ ،‬يذكرون ذلك يف قصة وفاته‪ٌ ،‬‬
‫فويل للشجي من الخلي‪ ،‬وويل للعالم‬
‫من الجاهل‪ ،‬فلهذا نقف‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫وصلى اهلل وسلُ على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين‪.‬‬

‫‪¹‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪620h‬‬

‫‪o‬‬

‫الدرس الثالث والسبعون ‪5 .......................................................‬‬


‫باب أبنية المصادر ‪6 ............................ ................................‬‬
‫الدرس الرابع والسبعون ‪24 ......................................................‬‬
‫الدرس الخامس والسبعون ‪46 ...................................................‬‬
‫أبنية أسماء الفاعلين والمفع لين والصفة الم ب ة ب ا ‪46 ........................‬‬
‫الدرس السادس والسبعون ‪60 ...................................................‬‬
‫الص َف دة الم َّ ب دة بااس اُ ال َف ا‬
‫اع اق ‪60 ................. ................................‬‬ ‫د ََ ْ‬ ‫ّ‬
‫الدرس السابع والسبعون ‪79 .....................................................‬‬
‫ب ‪80 .................................... ................................‬‬
‫ال َّع َعَ د‬
‫الدرس الثامن والسبعون‪102 ....................................................‬‬
‫نا ْع َُ َوباس َْس َو َما َج َر َم َْ َر داه َما ‪102 .............. ................................‬‬
‫الدرس التاسع والسبعون ‪119 ...................................................‬‬
‫أ ْف َع دق ال َّع ْف اا ْي اق ‪119 ............................. ................................‬‬
‫الدرس الثمانون ‪139 ............................................................‬‬
‫ت ‪150 ..................................... ................................‬‬
‫النَّ ْع د‬
‫الدرس الحادي والثمانون ‪164 ..................................................‬‬
‫ت ‪164 ..................................... ................................‬‬
‫النَّ ْع د‬
‫الدرس الثاين والثمانون‪185 .....................................................‬‬
‫الدرس الثالث والثمانون‪204 ....................................................‬‬
‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬ ‫شرح ألفية ابن مالك‬
‫‪621h‬‬
‫‪g‬‬
‫الدرس الرابع والثمانون ‪228 ....................................................‬‬
‫باب الع يد ‪234 ............................... ................................‬‬
‫الدرس الرابع والثمانون ‪251 ....................................................‬‬
‫الدرس الخامس والثمانون ‪274 .................................................‬‬
‫الدرس السادس والثمانون‪294 ..................................................‬‬
‫العطف ‪296 .................................... ................................‬‬
‫الدرس السابع والثمانون‪321 ....................................................‬‬
‫ف الن ََّس اق ‪329 ............................... ................................‬‬
‫َع ْط د‬
‫الدرس الثامن والثمانون‪342 ....................................................‬‬
‫الدرس التاسع والثمانون ‪369 ...................................................‬‬
‫الدرس التسعون‪395 ............................................................‬‬
‫الدرس الحادي والتسعون ‪418 ..................................................‬‬
‫الدرس الثاين والتسعون‪441 .....................................................‬‬
‫باب البدل ‪449 ................................. ................................‬‬
‫الدرس الثالث والتسعون ‪464 ...................................................‬‬
‫الدرس الرابع والتسعون ‪485 ....................................................‬‬
‫باب النداء ‪493 ................................. ................................‬‬
‫الدرس الخامس والتسعون ‪506 .................................................‬‬
‫الدرس السادس والتسعون ‪527 .................................................‬‬
‫الدرس السابع والتسعون ‪547 ...................................................‬‬
‫أحُام ابع المناد المبني‪550 ................ ................................ .‬‬
‫الدرس الثامن والتسعون‪567 ....................................................‬‬
‫المناد المااف إلى اء المعُلُ ‪574 .......... ................................‬‬
‫شرح ألفية ابن مالك‬ ‫‪e‬‬ ‫‪f‬‬
‫‪g‬‬
‫‪622h‬‬
‫الدرس التاسع والتسعون ‪582 ...................................................‬‬
‫َأسماء اَهَم ا‬
‫ت الندَ ا َء ‪586 ....................... ................................‬‬ ‫ْ َ ِ َ‬
‫الدرس المائة‪600 ...............................................................‬‬
‫باب الندبة ‪600 ................................. ................................‬‬

‫‪¹‬‬

You might also like