Professional Documents
Culture Documents
عبرة وعظة
عناصر الخطبة
/1التأمل في مراحل حياة اإلنسان للعظة واالعتبار /2مرحلة الشباب أنضر المراحل وأهمها /3ضرورة اغتنام مرحلة الشباب /4
وجوب توقير ذي الشيبة المسلم /5التأمل في مراحل الحياة يقود لإليمان بالبعث والنشور /6وصايا للتمتع بالقوة في كل مراحل
الحياة
اقتباس
مرحلة الشباب ،أعُّز مراحل العمر ،والتي تَّت ِس م بالحيوية والعزيمة ،هي مصنُع النجاحاِت ،والمؤَّم ل أَّن صاِح َب ها ينفض عن كاهله
الكسَل والخموَل ،شاًّق ا العباب ،متوِّش ًح ا همًة تَّو اقًة للمعالي ،متخِّلًق ا بالترفع عن السفاسف والدنايا ،مكِّر ًس ا شبابه في طلب العلم
والعمل...
الخطبة األولى:
الحمد هلل ،أمَر نا بطاعته ،ونهانا عن معصيته ،وأشهد أاَّل إلَه إاَّل اُهلل وحَد ه ال شريَك له ،خَلق الَخ لَق لعبادته ،وأشهد أَّن سيَد نا ونبَّي نا
محمًد ا عبُد ه ورسوُله ،قاَد العباَد إلى ُس َّن ِت ه ،بُح ْس ِن ُخ ُلِق ه وِس يَر ِتِه ،صلى اهلل عليه ،وعلى آله وصحبه ،وَم ْن سار على هديه وُس َّن ِت ه.
أما بعُد :فأوصيكم ونفسي بتقوى اهلل ،قال اهلل -تعالى( :-اُهَّلل اَّلِذ ي َخ َلَق ُكْم ِم ْن َض ْع ٍف ُث َّم َج َع َل ِم ْن َبْع ِد َض ْع ٍف ُق َّو ًة ُث َّم َج َع َل ِم ْن
َبْع ِد ُق َّو ٍة َض ْع ًف ا َو َش ْي َب ًة )[الُّر وِم .]54 :
آيٌة في كتاب اهلل ،رسَم ت معالَم مسيرة اإلنسان في الحياة ،ومراحل تنُّق له فيهاَ ،ض ْع ف ثم قوة ،ثم َض ْع ف ،طفولة ،ثم شباب ،ثم
َش يبة ،نرى هذه المراحل فيمن حوَلنا ،وُن بصرها في أنفسنا ،وفي كل المراحل ،يالزم اإلنسان ضعف دائم ال ينفك عنه ،وال يغادره
مسيرته ،فهو ال يدرك مآالت األمور ،وال يضمن استقرار حياته ساعة من نهار ،أولى هذه المراحل :حين يكون فيها وليدا في المهد،
ال يقوى على القيام بشؤون نفسه ،وفهم محيطه ،ضعيف في بدنه وسمعه وبصره وعقله ،ثم يمده اهلل بالقوة شيًئ ا فشيئا ،يهيئ
أسبابها ،ويرسي بنيانها ،وهو -سبحانه -القادر على دوامها ،وَم ْن تأَّم ل حاَل الَّض ْع ف في مرحلة الطفولة أيَق ن أَّن ه يسير في الحياة
برعاية اهلل ،وِح فِظ ه وِم َن ِن ه ،وكمال حكمته ،ورحمته وإحسانه ،وِب ِّر ه وُلطِف ه -سبحانه ،-وفي فترِة نشوِة القوِة ،قد َي نسى المرُء هذه
الحقيقَة ،فيشَم خ بأنفه ،ويعتّد بُق َّو ته ،ويتباهى بَس طَو ِت ه.
ُ( ث َّم َج َع َل ِم ْن َبْع ِد َض ْع ٍف ُق َّو ًة )[الُّر وِم ،]54 :وهذه مرحلة الشباب ،أعُّز مراحل العمر ،والتي تَّت ِس م بالحيوية والعزيمة ،هي مصنع
النجاحات ،والمؤَّم ل أن صاحبها ينفض عن كاهله الكسل والخمول ،شاًّق ا العباب ،متوِّش ًح ا همًة تَّو اقًة للمعالي ،متخِّلًق ا بالترفع عن
السفاسف والدنايا ،مكِّر ًس ا شبابه في طلب العلم والعمل ،يبني عقله ،وُي نِّم ي فكره ،ويقوي إيمانه ،ويطيع ربه ،مستثمًر ا َم واِط ن
ُق َّو ِت ه ،وَم واِس م ُق درته؛ ليلقى ربه وهو راٍض عنه ،قال رسول اهلل -صلى اهلل عليه وسلم" :-اْغ َت ِنْم َخ ْم ًس اَق ْب َل َخ ْم ٍس َ :ش َب اَبَك َق ْب َل
َم ْو ِتَك " ،ومن استقام على أمر وشَّب عليه َه َر ِم َك َ ،و ِص َّح َت َك َق ْب َل َس َق ِم َك َ ،و َف َر اَغ َك َق ْب َل ُش ْغ ِلَك َ ،و ِغ َناَك َق ْب َل َف ْق َك َ ،و َح َي اَت َك َق ْب َل
ِر
اُهَّلل ِف ي ِظ ِّلِه َ ،ي ْو َم اَل ِظ َّل ِإ اَّل ِظ ُّلُه -ومنهم:- توفاه اهلل على ما عاش عليه من الخير ،قال صلى اهلل عليه وسلمَ" :س ْب َع ٌة ُي ِظ ُّلُه ُم
َو َش اٌّب َن َش َأ ِف ي ِع َب اَد ِة اِهَّلل ".
ومهما بلغ اإلنسان من القوة في شبابه ،فإن ذلك إلى زوال ،ودوام محال ،قال اهلل -تعالىُ( :-ث َّم َج َع َل ِم ْن َبْع ِد ُق َّو ٍة َض ْع ًف ا َو َش ْي َب ًة )
[الُّر وِم ،]54 :فهذه ُس َّنة اهلل في الكون ،وليس بعد اكتمال البدر إاَّل الهالل ،فعن أنس بن مالك -رضي اهلل عنه -قالَ" :كاَن ْت ناقٌة
لرسوِل اِهَّلل ُت سَّم ىالَع ْض باَء ،وكانْت ال ُت سَب ُق ،فجاَء أعرابٌّي على َق ُع وٍد لُه -أي :جمل -فسبَق ها ،فاشتَّد ذلَك على المسلميَن وقالوا:
سبقت العضباء .فقال رسوُل اِهَّلل صلى اُهَّلل عليه وسلم :إَّن حًّق ا على اِهَّلل أْن ال يرَف َع َش يًئ ا ِم ن الدنيا إاَّل َو َض َع ُه " أي :خفضه.
وَم ْن أدرك مرحلة المشيب أبَص ر حقيقة معناها ،ومنتهى مصير المسلم بعدها ،قال اهلل -عز وجلَ( :-أ َو َلْم ُن َع ِّم ْر ُكْم َم ا َي َت َذ َّكُر ِف يِه َم ْن
َتَذ َّكَر َو َج اَء ُكُم الَّن ِذ يُر )[َف اِط ٍر ،]37 :ومن الَه ْد ي والُه َد ى والوفاء إنزال َم ْن َكِب َر ِس ُّنُه ،وشاَب ْت لحيُت ه منزلته ،ومعرفة َق دِره ،وَغ مِر ه
بالرعاية والُح ّب ،قال صلى اهلل عليه وسلم" :إن من إجالل اهلل -تعالى -إكرام ذي الشيبة المسلم".
وَم ْن تأَّم ل في هذه اآلية ومراحل الحياة قاَد ه ذلك إلى اإليمان بحقيقة البعث والنشور ،هذا التقلب السريع ،يجعل المسلم يدرك
قصر الدنيا ،فالشباب ينتهي ،والعافية تذبل ،والقوة تزول ،وكل متع الدنيا تفنى ثم يأتي األجل ،قال اهلل -تعالىَ( :-و َلَق ْد ِج ْئُت ُم وَن ا
ُف َر اَد ى َكَم ا َخ َلْق َناُكْم َأ َّو َل َم َّر ٍة )[اَأْلْن َع اِم ،]94 :هذه القوة تتجمل وتزدان باالقتداء بأخالق النبي -صلى اهلل عليه وسلم -من الرجولة
والعَّف ة وقوة اإلرادة وكظم الغيظ وجهاد النفس ،ومن الَّض ْع ف ضعف الهمة ،واالتصاف بسيئ األخالق ،والجبن والكسل والتفريط
والحسد والتجسس ،وحال القوة من أعظم النعم التي يجب على المسلم الحفاظ عليها ،واستعمالها في مرضاة اهلل -تبارك
وتعالى ،-مستحِض ًر ا أن الشكر يزيد القوة قوة ،وُي َح ِّص نها من الزوال ،وأن كفران هذه النعمة سبب لسلبها وتبُّد ل األحوال.
باَر ك اُهلل لي ولكم في القرآن العظيم ،ونفعني وإَّي اكم بما فيه من اآليات والِّذ ْكر الحكيم ،أقول ُق وِل ي هذا ،وأستغِف ر اهلل
فاستغِف روه ،إَّن ه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد هلل ،ال تطيب القلوب إال بِذ ْكره ،وأشهد أاَّل إلَه إاَّل اُهلل وحَد ه ال شريَك له ،ال تستقيم الحياة إال بأمره ونهيه ،وأشهد أَّن سيَد نا
ونبَّي نا محمًد ا عبُد ه ورسوُله ،ال يسعد الناس إال بسنته وهديه ،صلى اهلل عليه ،وعلى آله وصحبه.
أما بعُد :فأوصيكم ونفسي بتقوى اهلل ،وَتْق َو ى نعمُة القوِة وتدوم بمالَز مة االستغفار ،والمباَد رة إلى التوبة عند الوقوع في الزالت،
قال اهلل -تعالى -على لسان نبيه هود -عليه السالمَ( :-و َي ا َق ْو ِم اْس َت ْغ ِف ُر وا َر َّب ُكْم ُث َّم ُت وُبوا ِإ َلْي ِه ُي ْر ِس ِل الَّس َم اَء َع َلْي ُكْم ِم ْد َر اًر ا َو َي ِز ْد ُكْم
ُق َّو ًة ِإ َلى ُق َّو ِت ُكْم َو اَل َت َت َو َّلْو ا ُم ْج ِر ِم يَن )[ُه وٍد ،]52 :وال ينسى المسلم وهو في مرحلة القوة من هو أقوى منه؛ وهو اهلل -تبارك
وتعالى ،-ولئن غابت القوة عن المسلم ظاهرًّي ا فإَّن ه -في حقيقة األمر -قوٌّي إِن استحَض ر معيَة اهلل القوي العزيز ،قال اهلل -تعالى:-
(َو اْذ ُكْر َع ْب َد َن ا َد اُو َد َذ ا اَأْلْي ِد ِإ َّن ُه َأ َّو اٌب )[ص.]17 :
أاَل وصُّلوا -عباَد اِهلل -على رسول اْلُه َد ى ،فقد أمَر كم اُهلل بذلك في كتابه فقالِ( :إ َّن اَهَّلل َو َم اَل ِئ َكَت ُه ُي َص ُّلوَن َع َلى الَّن ِب ِّي َي ا َأ ُّي َه ا اَّلِذ يَن
آَم ُنوا َص ُّلوا َع َلْي ِه َو َس ِّلُم وا َت ْس ِل يًم ا)[اَأْلْح َز اِب ،]56 :اللهم صِّل على محمد وعلى آل محمد ،كما صليَت على إبراهيم وعلى آل
إبراهيم ،إَّن َك حميٌد مجيٌد ،اللهم َباِرْك على محمد وعلى آل محمد ،كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ،إَّن َك حميٌد مجيٌد ،
وسَّلم تسليًم ا كثيًر ا ،اللهم وارَض عن الخلفاء الراشدين ،األئمة المهديين؛ أبي بكر ،وعمر ،وعثمان وعلي ،وعن اآلل والصحب
الكرام ،وعنا معهم بعفوك وكرمك وإحسانك يا أرحم الراحمين.
اللهم َأ ِع َّز اإلسالَم والمسلميَن ، ،وَأ ِذ َّل الكفَر والكافريَن ،ودمر اللهم أعداءك أعداء الدين ،واجعل اللهم هذا البلد آِم ًنا مطمئنا وسائَر
بالد المسلمين.
اللهم إنا نسألك الجنة وما قَّر ب إليها من قول وعمل ،ونعوذ بك من النار وما قَّر ب إليها من قول وعمل ،اللهم إنا نسألك من الخير
كله ،عاجله وآجله ،ما علمنا منه وما لم نعلم ،ونعوذ بك من الشر كله ،عاجله وآجله ،ما علمنا منه وما لم نعلم ،اللهم إنا نسألك
خشيتك في الغيب والشهادة ،وكلمة الحق في الغضب والرضا ،والقصد في الغنى والفقر ،نسألك نعيًم ا ال ينفد ،وقرة عين ال
تنقطع ،ونسألك لذة النظر إلى وجهك ،والشوق إلى لقائك ،في غير ضراء مضرة ،وال فتنة مضلة ،اللهم إنا نسألك خير المسألة،
وخير الدعاء ،وخير النجاح ،وخير الفالح ،وخير العمل ،وخير الدعاء برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم ال َت َد ْع لنا ذنًب ا إال غفرته ،وال هًّم ا إال فرجته ،وال َد يًنا إال قضيَت ه ،وال مريًض ا إال شفيَت ه ،وال مبتًلى إال عافيَت ه ،برحمتك يا
أرحم الراحمين.
اللهم احفظ رجال أمننا ،واحفظ حدودنا ،واحفظنا بحفظك يا رَّب العالميَن ،اللهم من أرادنا وأراد بالدنا وأراد اإلسالم والمسلمين
بسوء فأشغله بنفسه ،واجعل تدبيره تدميره يا رَّب العالميَن ،اللهم وفق ولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين لما تحب وترضى،
اللهم وِّف ْق ه لهداَك ،واجعل عمَله في رضاَك يا رَّب العالميَن ،ووفق ولي عهده لما تحب وترضى يا أرحم الراحمين ،ووفق جميع والة
أمور المسلمين للعمل بكتابك ،وتحكيم شرعك يا أرحم الراحمين.
َّل َل ْل َل َل َل َل َأ
َ( ر َّبَنا َظ ْم َنا ْنُف َس َنا َو ِإ ْن ْم َتْغ ِف ْر َنا َو َت ْر َح ْم َنا َن ُكوَن َّن ِم َن ا َخ اِس ِر يَن )[اَأْلْع َر اِف َ( ،]23 :ر َّبَنا اْغ ِف ْر َنا َو ِإِل ْخ َو اِن َنا ا ِذ يَن َس َب ُق وَن ا ِب اِإْل يَم اِن
َو اَل َت ْج َع ْل ِف ي ُق ُلوِب َنا ِغ اًّل ِل َّلِذ يَن آَم ُنوا َر َّبَنا ِإ َّن َك َر ُء وٌف َرِح يٌم )[اْلَح ْش ِر َ( ،]10 :ر َّبَنا آِت َنا ِف ي الُّد ْن َي ا َح َس َن ًة َو ِف ي اآْل ِخ َر ِة َح َس َن ًة َو ِق َنا
َع َذ اَب الَّناِر)[اْلَب َق َر ِة ِ( ،]201 :إ َّن اَهَّلل َي ْأ ُم ُر ِب اْلَع ْد ِل َو اِإْل ْح َس اِن َو ِإ يَت اِء ِذ ي اْلُق ْر َبى َو َي ْنَه ى َع ِن اْلَف ْح َش اِء َو اْلُم ْن َكِر َو اْلَب ْغ ِي َي ِع ُظ ُكْم َلَع َّلُكْم
َتَذ َّكُر وَن )[الَّن ْح ِل ،]90 :فاذكروا اهلل يذكركم ،واشكروه على نعمه يزدكمَ( ،و َلِذ ْكُر اِهَّلل َأ ْكَب ُر َو اُهَّلل َي ْع َلُم َم ا َت ْص َنُع وَن )[اْلَع ْن َكُب وِت .]45 :
/https://khutabaa.com